١٤٣٤ غمي ٢٠١٣ م لا يجوز نسخ أو استعمال أي جزء من هذا الكتاب في أي شكل من الأشكال أو بأية وسيلة من ا لوسائل سواء التصويرية أ و الالكترونية، بما في ذلك ا لنسخ الفوتوغرافي أ و سواه وحفظ ا لمعلومات واسترجاعها إلا بإذن خطي من ا لناشر . الفصل السادس القواعد الفقهية الكلية الصغرى ويشتمل على ثلاثة مباحث وهي: :∫hC’G åëѪdG القواعد الكلية المتعلقة بنظرية ا لضمان. ويتفرع إلى مطالب. :»fÉãdG åëѪdG القواعد الكلية المتعلقة بنظرية ا لملكية. ويتفرع إلى مطالب. :ådÉãdG å``ëѪdG القواعد الكلية المتعلقة بنظرية الإثبات، أو الخاصة بالقضاء وطرق ا لإثبات. ويتفرع إلى مطالب. ¢SOÉ°ùdG π°üØdG iô¨°üdG á«∏μdG á«¡≤ØdG óYGƒ≤dG q اقتضت طبيعة مادة هذا البحث تقسيم القواعد الفقهية إلى قواعد كلية كبرى، وهي التي يندرج تحتها قواعد فرعية لها علاقة بموضوعها، أما القواعد التي لم يتفرع عنها قواعد جزئية ولا يمكن إدراجها ضمن القواعد الكبرى ارتأيت أن أجعلها في فصل منفصل وسميتها قواعد كلية صغرى، وقد حاولت إيجاد علاقة موضوعية تربط بين هذه القواعد المتناثرة في الفروع الفقهية الإباضية فاهتديت إلى منهج أحسب أنه مناسب لتصنيف هذه القواعد، وذلك بأن تجمع تلك القواعد تحت نظريات فقهية مشهورة مثل: نظرية الضمان، ونظرية الملكية، ونظرية العقد، ونظرية الإثبات، وهناك قواعد تشترك في موضوع واحد كالحلال والحرام، أو السياسة الشرعية، أو الاجتهاد الفقهي، أما القواعد التي يتعسر الجمع بينها في وحدة خاصة أو موضوع خاص فيمكن جعلها في مبحث خاص يطلق عليه القواعد الكلية المتفرقة؛ لأنها تتناول موضوعات مختلفة ومتنوعة لا تربطها وحدة موضوعية وقابلة للزيادة، وهكذا استطعت بفضل الله أن أجمع في هذا الفصل بعض شتات القواعد الفقهية المتناثرة في المصادر الفقهية الإباضية، وقسمت هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث توزعت مادتها في عدة مطالب كما ي لي: المبحث الأول: القواعد الكلية المتعلقة بنظرية الضمان . الخراج ب الضمان » : المطلب الأول: قاعدة .« الغ » : المطلب الثاني: قاعدة ُ رم ب الغ ُ .« نم الخطأ لا يزيل الضمان ويرفع ا لإثم » : المطلب الثالث: قاعدة .« المباشر ضامن وإن لم ي تعمد والمتسبب » : المطلب الرابع: قاعدة ِ لا يضمن إلا ب التعدي .« كل صانع ب كراء عليه ضمان م ا أتلفه » : ومنه « (١) . المفرط » أو « لا ضمان إلا بالتعدي أو التقصير » : المطلب الخامس: قاعدة .« ضامن المؤتمن لا يضمن إلا ب التعدي » : المطلب السادس: قاعدة « (٢) . الأجر والضمان لا يجتمعان » : المطلب السابع: قاعدة .« جناية العجماء جبار » : المطلب الثامن: قاعدة .« الجواز الشرعي ينافي ا لضمان » : المطلب التاسع: قاعدة .« ِ المبحث الثاني: القواعد الكلية المتعلقة بنظرية الملكية. ِ .« اليد دليل ا لمل ك » : المطلب الأول: قاعدة لا يجوز التصرف في ملك الغير بلا إ ذن » : المطلب الثاني: قاعدة .« الأمر بالتصرف في ملك الغير ب اطل » : المطلب الثالث: قاعدة .« .« ليس ل ع رق ظالم ح ق » : المطلب الرابع: قاعدة َ ما حرم أخذه حرم إ عطاؤه » : المطلب الخامس: قاعدة « وما حرم فعله » حرم طلب ه، وما حرم استعماله حرم ا تخاذه .« من ملك شيئا » : المطلب السادس: قاعدة ً ملك ما هو من ضروراته « أو .« التابع تبع » لا يتم التبرع إلا ب القبض » : المطلب السابع: قاعدة .« (١) تضمين الصناع. (٢) .٣٢١/ يراجع: أطفيش: شرح النيل، ١٠ المبحث الثالث: القواعد الكلية المتعلقة بنظرية الإثبات(١) . .« البينة على المدعي واليمين على م ن أنك ر » : المطلب الأول: قاعدة َ البينة حجة متعدية والإقرار حجة ق اصرة » : المطلب الثاني: قاعدة .« المرء مؤاخذ ب إقراره » : المطلب الثالث: قاعدة « (٢) . الأمين مصد » : المطلب الرابع: قاعدة ﱠ .« ق باليمين الحدود تدرأ ب الشبهات » : المطلب الخامس: قاعدة .« (١) القواعد الكلية الخاصة بالقضاء وطرق الإثبات. (٢) وقد أشرت إليه عند الكلام عن .« لا إنكار بعد إقرار » : ويتفرع عنه قاعدة أو ضابط فقهي حكم الرجوع عن الإقرار. القواعد ا لكلّ يّة المتعلقة بنظرية الضمان :á«Yhô°ûªdGh ∞jô©àdG أولا ً : التعريف: الضمان لغة ً : مصدر ضمن الشيء ضمانا ً فهو ضامن، ومنه ضمنته المال: ّ ألزمته إياه، وأصله في اللغة: جعل الشيء في شيء يحويه، ومنه ضمنت الشيء إذا جعلته في وعائه، وتسمى الكفالة بذلك؛ لأنه إذا ضمنه فكأنه استوعب ّ ذمته، ومنه المضامين: ما في بطون الحوامل، وضمين: إذا كفل به، وقالوا: هو الالتزام، ويقال للملتزم بحق الغير فهو ضامن(١) . والضمان في اصطلاح الفقهاء يراد به أحد معنيين: الأول: الكفالة، وتسمى أ يضا ً الحمالة والزعامة، وهي ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في ا لمطالبة(٢) ، وذلك بأن يلتزم الشخص بتحمل ما في ذمة غيره من حقوق الناس، كأن يقول لمن له على آخر دي ْ ن حل ّ أجله ولم يقضه: أنظره وأنا كفيل به، ويسمى الشخص الذي يتحمل ذلك ضامنا ً وكفيلا ً وزعيما ً وحميلا ً ، وبمقتضى التزامه يكون مسؤولا ً عن ما في ذمة مضمونه (مكفوله) بحيث يجوز لصاحب الحق أن ي قاضيه(٣) . (١) . ٣٧٢ . الفيومي: المصباح المنير، ص ٤٩٧ / ابن فارس: معجم مقاييس اللغة، ٣(٢) . قلعة جي وقنيبي: معجم لغة الفقهاء، ص ٣٨٢ (٣) الروكي محمد: قواعد الفقه الإسلامي من خلال كتاب الإشراف على مسائل الخلاف = التزام دين لا يسقطه طلب من هو عليه » : وعرف ابن عرفه الضمان بقوله َ لمن ه ُ « و ل ه(١) . الثاني: الغ ُرم، وهو ما يتحمله الغارم عند تلف شيء برد مثله إذا كان مثليا ً ، ْ أو قيمة إذا كان ق يم ِ ِيا ً (أي: لا مثيل له) كضمان المتلفات مثلا(٢) ً ، وهذا هو ّ المعنى الذي ي همنا في هذا المبحث لا المعنى الأول، وعلى المعنى الثاني ّ تنبني نظرية الضمان في الفقه الإسلامي كما يظهر في كتابة العلماء القدامى والمعاصرين(٣) . والفقهاء لم يفردوا للضمان بهذا المعنى ف صلا ً خاصا ً كما فعلوا في الضمان بمعناه الأول، بل بثوا أحكامه في سائر الأبواب والفصول الفقهية؛ لأن دائرة موضوع الضمان كنظرية عامة واسعة ترتبط بمعظم الموضوعات الفقهية من عبادات ومعاملات وجنايات(٤) ، فهي تتعلق بالأموال في بيعها وإحرازها واستيداعها وغير ذلك مما هو مبسوط في أبواب المعاملات، وتتعلق أيضا ً بالأنفس من حيث حفظها وعدم التعدي عليها، وأرش ما يقع فيها من جنايات وغير ذلك مما هو مفصل في أبواب القصاص والجنايات. ّ = للقاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي، ط ١، نشر دار القلم، دمشق، مجمع الفقه الإسلامي، .١١٩/ جدة، ١٤١٩ ه/ ١٩٩٨ م، ص ٢٢٦ . شرح بشارة الفاسي على تحفة الحكام، ١(١) .١٥٥/ ابن عرفه: الحدود، ٢(٢) . قلعة جي وقنيبي: معجم لغة الفقهاء، ص ٣٨٥(٣) ٤ وما بعدها كل / ابن غانم البغدادي أ بو محمد، مجمع الضمانات في مذهب أبي حنيفة، ١ الكتاب يتناول موضوع الضمان علي الخفيف: نظرية الضمان في الفقه الإسلامي . الزحيلي وهبة: نظرية الضمان. محمد فوزي فيض الله: نظرية الضمان. ( نقلا ً من هامش كتاب محمد .( شبير: القواعد الكلية، ص ٣١١(٤) أما بالنسبة للعبادات فتتمثل في أحكام القضاء والكفارة وسائر م ا يسميه الفقهاء جوابر، أما المعاملات فهي حافلة بأحكام الضمان، وخصوصا ً في باب الغصب والإتلاف، أما الجنايات فهي في باب الاعتداء على مال الغير والقصاص والأروش وغيرها. k :á«Yhô°ûªdG :É«fÉK وقد شرع الضمان حفظا ً للحقوق، ورعاية للعهود، وجبرا ً للأضرار، وزجرا ً للجناة، وحدا ً للاعتداء. ووردت في أصل مشروعية الضمان آيات قرآنية وأحاديث نبوية كثيرة، من ذلك: أ من القرآن: قوله تعالى: ﴿ ¹¸¶µ´ ³² ﴾ )النحل :(١٢٦ . وقوله أ يضا ً : ﴿ <;=BA@?>﴾ )يوسف : (٧٢ ؛ أي: ضامن. ب من السن ﱠ ة: ﱡ ً ﺎﻣﻩﺍﻭﺭ ﺲﻧﺃﻦﺑ ﻚﻟﺎﻣ 3 :ﻝﺎﻗ ﺕﺪﻫﺃ» ﺾﻌﺑ ﺝﺍﻭﺯﺃﻲﺒﻨﻟﺍ ﷺ ﺎﻣﺎﻌﻃ - ﻲﻓ ،ﺔﻌﺼﻗ ﺖﺑﺮﻀﻓﺔﺸﺋﺎﻋ ﺔﻌﺼﻘﻟﺍ ﺎﻫﺪﻴﺑ ﺖﻘﻟﺄﻓﺎﻣ ،ﺎﻬﻴﻓ ﻝﺎﻘﻓ ﻲﺒﻨﻟﺍﷺ : ﻡﺎﻌﻃ ﻡﺎﻌﻄﺑ ﺀﺎﻧﺇﻭﺀﺎﻧﺈﺑ« (١) . ﺎـﻣﻭ ﻩﺍﻭﺭﺓﺮﻤـﺳ ﻦﺑ ﺏﺪﻨﺟ 3 :ﻝﺎﻗ ﻝﺎﻗ ﻝﻮـﺳﺭﷲﺍ ﷺ : ﻰﻠﻋ» ﺪﻴﻟﺍ - ﺎﻤﻛ ﺕﺬﺧﺃ ﻰﺘﺣ«ﻱﺩﺆﺗ(٢) ؛ :ﻱﺃ.ﻪﻧﺎﻤﺿ وقد وردت في هذه النظرية عدة قواعد فقهية ذكرها ا لإباضية وغيرهم في مصنفاتهم، وسأقتصر في هذا المبحث على أبرزها وأشهرها، مقسما ً لها إلى مطالب، كما يأتي: (١) رواه الترمذي، كتاب الأحكام، باب ما جاء في من يكسر له شيء، رقم ١٣٥٩ ، ورواه البخاري، كتاب المظالم، باب إذا كسر شيئا ً أو قصعة لغيره، رقم ٢٣٤٩ ، عن أنس. بلفظ مقارب. (٢) رواه الترمذي، كتاب البيوع، باب العارية مؤداة، رقم ١٢٦٦ ، وقال: حسن صحيح، ورواه روى » : أحمد، مسند الكوفيين، من حديث سمرة بن جندب، رقم ٢٠٠٩٨ ، قال ابن حجر الأربعة وصححه الحاكم من حديث الحسن عن سمرة رفعه على اليد ما أخذت حتى تؤديه فتح .« وسماع الحسن من سمرة مختلف فيه فإن ثبت ففيه حجة لقول الجمهور والله أعلم .٢٤١/ الباري، ٥ الخراج ب الضمان » : إن قاعدة « من القواعد المهمة في الفقه الإسلامي، إذ أنها تتعلق بكثير من أبواب المعاملات المالية؛ من بيع وإجارة، وكفالة ووكالة، ورهن وشركة، وغير ذلك، وهي ت عبر عن أهم المبادئ في المعاملات المالية، ّ وهو مبدأ العدل، وقد استعمل فقهاء ا لإباضية هذه الصيغة وصيغا ً أخرى قريبة منها، مثل: الغلة ب الضمان(٢) ، وفيما يلي بيان لحقيقة هذه القاعدة وأصلها وتطبيقاتها عند ا لإباضية : :IóYÉ≤dG ≈æ©e :’k hCGs الخراج في اللغة: مأخوذ من خرج يخرج خروجا ً ومخرجا ً ، وأصله النفاذ عن الشيء، ويطلق على الغلة والإتاوة(٣) ، فخراج الشيء غلته ومنفعته. قال ابن بركة البهلوي : « الخراج هو ما يستخرج من ا لغلة »(٤) . وقال ا لزمخشري : كل » ما خرج من شيء من نفعه فهو خراجه، فخراج الشجر ثمره، وخراج الحيوان « نسله ودره، والخراج والخرج ما يخرج من غلة ا لأرض(٥) . (١) ٩. الكندي / ٣٢٤ . الكندي م حمد بن إبراهيم: بيان الشرع، ٣٠ / ابن بركة: الجامع، ٢ ،٦٦/١١ .٣٠٢ ،٢٦٥/ ٧٩ . العوتبي: كتاب الضياء، ١٣ / أحمد بن عبد الله: المصنف، ٢٥ .٢٣١ ،٢٠٠/ ٢٦٥ . الشماخي: الإيضاح، ٣ ،٢٤٧ ،٢٤١/١٧ .٧١ (٢) .٩/ الكندي محمد بن إبراهيم: بيان الشرع، ٣٠(٣) .١٧٥/ ابن فارس: معجم مقاييس اللغة، ٢(٤) .٣٢٤/ ابن بركة: الجامع، ٢(٥) الزمخشري جار الله أ بو القاسم محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي: الفائق في غريب .٣٦٥/ الحديث، ١ والمراد بالخراج اصطلاحا ً : ما يحصل من غلة العين المباعة عبدا ً كان أو ِ أمة ً أو مل ْ كا ً « كل منفعة منفصلة حصلت من عين مملوكة » : ، وبعبارة أعم(١) . فالخراج الحاصل من الشيء إذا كان م نفصلا ً عن الشيء غير متولد منه، ككسب العبد وسكن الدار وأجرة ا لدابة. وخراج الشيء: ما حصل منه والذي يكون منه بمقابلة الضمان ما كان منفصلا ً غير متولد، كالكسب والأجرة والهبة والصدقة، فإنه يطيب لمن كان عليه ا لضمان(٢) . والضمان في اللغة: هو الكفالة والالتزام، والمراد به في القاعدة الغرم، وهو ما يتحمله الغارم عند تلف الشيء برد مثله إذا كان مثليا ً ، أو قيمته إذا كان ّ قيميا ً(٣) ، ويقصد به أ يضا ً : المؤونة، كالإنفاق والمصاريف وتحمل التلف ّ والهلاك والخسارة والنقص(٤) . وبعبارة أخرى، فالضمان يكون بمقابلة دخوله في ضمان من سل ﱢ م له خراجه، فما لم يدخل في ضمانه لم يسلم له خراجه، ُ (٦) « نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع ما لم يضمن » وقد(٥) . . (١) وتطبيقاتها، رسالة دكتوراه في الجامعة الأردنية: « الخراج بالضمان » : معابدة محمد نوح: قاعدة . ١٩٩٨ م، ص ٩(٢) الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، القاعدة الرابعة والثمانون، (المادة ٨٥ ) من المجلة . العدلية، ص ٤٢٩(٣) . شبير: محمد عثمان: القواعد الكلية، ص ٣١٢(٤) . هرموش محمود: معجم القواعد الفقهية الإباضية، ص ٢٤١(٥) رواه ابن حبان في صحيحه، كتاب العتق، باب الكتابة، رقم ٤٣٢٤ ، والنسائي في الكبرى، كتاب التدبير، باب الاختلاف على علي في المكاتب، رقم ٥٠٢٧ ، عن عبد الله بن عمرو. رواه الترمذي، كتاب البيوع، باب كراهية بيع ما ليس « ربح ما لم تضمن » : وروى بلفظ ، عندك، رقم ١٢٣٤ ، وأبو داود، كتاب الإجارة، باب الرجل يبيع م ا ليس عنده، رقم ٣٥٠٤ عن ابن عمرو. قال الترمذي: حسن صحيح. (٦) . الزرقا أحمد: المرجع السابق، ص ٤٢٩ المعنى الإجمالي للقاعدة: إن منفعة الشيء أو غلته يستحقها من يكون هلاك ذلك الشيء على ضمانه َ وحسابه، وبعبارة أخرى: أن م ن يضمن شيئا ً لو تلف فإنه ينتفع به في مقابلة َ الضمان حالة التلف، فالمشتري الذي له الحق في رد المبيع إلى البائع وأخذ الثمن بعيب لم ي بينه البائع، يستحق غلة المبيع قبل الرد ولا يجب عليه ردها ﱢ إلى البائع، لأنها ت ُجعل في مقابلة الضمان عليه فيما لو هلك المبيع وهو في َ الخراج ب الضمان » : يده. قال القطب أطفيش في بيان معنى هذه القاعدة : أعني ما خرج من غلة الأشياء فكما يكون للمشتري غل ّ ة المبيع ونماؤه، فعليه ضمانه، والمراد بالغلة م ا يترتب على الشيء مطلقا ً ، فتشمل الفائدة التي تظهر «... في الشيء بعد العقد قبل الوزن والكيل (١)وبناء عليه، فكل ما خرج من ً الشيء المبيع من غلة ومنفعة وعين، فهو للمشتري عوض م ا كان عليه من ِ ضمان ملك، فإنه لو تلف المبيع كان من ضمانه، فالغلة له ل تكون في مقابلة الغ » : الغرم، وهذه القاعدة تتضمن معنى القاعدة المشهورة ُ نم ب الغ ُ .« ر م الحاصل: أن ّ منافع الشيء يستحقها من يلزمه ضمانها إذا هلكت في يده وكان م ستندا ً في أخذه في حالة مشروعة، وأما الغاصب فإنه يضمن المغصوب ولا تباح له منفعته، كما أن الخراج غير ا لمتول ّ د الذي هو سبب من أسباب الملكية، فإن الضمان لا يقتضي تملك الضامن ولد الدابة ولبنها وصوفها(٢) . وقد أشار وغلته) إن كان شجرا )» : القطب أطفيش إلى هذا الملحظ فقال ً أو حرثا ً ودخل فيها النتاج إن كان حيوانا ً : أمة أو ناقة وما لزم من أفسد فيه كعقر أمة وأرش َ جرح ٍ وقيمة ما أفسد في الشيء المبيع (ونمائه كصوف ووبر ولبن وما يخرج (١) .٥١٥/ أطفيش أمحمد: شرح كتاب النيل لثميني، ٨(٢) . مدكور محمد سلام: مدخل الفقه الإسلامي، ص ١٢٣ ً ونحوها مما ي ُ منه، وكراء إن كان دارا م َ ن كان بيده) وهو مالكه الأول الذي باعه بالخيار سواء كان في الحال بيده أو كان في الحال بيد المشتري، وذلك فيما انفصل من ذلك، وأما ما اتصل بالمبيع ولم ينفصل ي حت َ ج إلى فصله فإنما يكون بيد من كان الشيء بيده في َُ الحال وهو المشتري كما هو القاعدة: المبيع ولو بخيار يكون بيد المشتري إلا إن اتفقا أن يكون بيد ا لمشتري «... (١) . ويؤكد أحد الفقهاء المعاصرين ما تقدم ذكره ويبن أ ن ّ هذه القاعدة تتعلق برد المبيع بعيب، ومعناها: أن المشتري له الحق في أن يرد المبيع إذا وجد به عيبا ً لم يبينه البائع وذلك رغم استفادته منه قبل علمه بالعيب؛ لأنه لو تلف في يده قبل رده لكان من ضمانه، فضمانه هذا هو الذي أعطاه شرعية خراجه(٢) . ويمكن أن يقال أ يضا ً : أن من يحمل الخسارة في شيء يحتمل الخسارة والربح فله ربحه؛ لأن النعمة بقدر النقمة، والنقمة بقدر ا لنعمة كما يقرر الفقهاء. كرى، أو دابة تكرى وحطب يكونان بيد k :IóYÉ≤dG π«°UCÉJ :É«fÉK يستدل ّ لهذه القاعدة بأدلة من ا لسن ﱠ ة والمعقول من ذلك: ﱡ أ من السن ﱠة: ﱡ م ا روتعائشة # قالت: إ ن ّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: الخراج بالض » ّ « ما ن(٣) . ّ (١) ٢٧٦/ أطفيش أمحمد: شرح النيل، ٩ - .٢٧٧ (٢) . الروكي محمد: قواعد الفقه الإسلامي، ص ٢٢٧ . البورنو: الوجيز في قواعد الفقه، ص ٣٦٦(٣) رواه الترمذي، كتاب البيوع، باب من يشتري العبد ويستغله ثم يجد به عيبا ً ، ، رقم ١٢٨٥ وأبو داود، كتاب الإجارة، باب من يشتري العبد ويستغله ثم يجد به عيبا ً ، رقم ٣٥٠٨ ، كتاب البيوع، رقم: ٣٥٠٨ - ٣٥١٠ ورواه أحمد في المسند، رقم: ٥٢١٧ . وأبو داود. والنسائي، كتاب ٢٥٤ ، وابن ماجه، كتاب التجارات، / البيوع، رقم: ٤٤٩٠ ، سنن النسائي مع تخريج السيوطي، ٧ رقم: ٢٢٤٢ - ٢٢٤٣ ، وابن حبان، رقم: ١١٢٦ . عن عائشة # . قال الترمذي: حسن صحيح. وقد ب ي ن ا لسيوطي درجة هذا الحديث فقال: هو حديث صحيح، أخرجه ّ الشافعي وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان من حديث عائش ة، وفي بعض طرقه ذ ُ كر سبب ورود الحديث، وهو م ا روي عن ُ عائشة # أن رجلا ً ابتاع عبدا ً فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم، ثم وجد به عيبا ً فخاصمه إلى النب ي صلى الله عليه وسلم ، فرده عليه، فقال الرجل: يا رسول الله قد استعمل غلامي، فقال: « الخراج بالضمان »(١) ، وبذلك قضى شريح . وجه الاستدلال: قال أبو عبيد (٢) : الخراج في هذا الحديث غل » ّ ة العبد، يشتريه ا لرجل ّ فيستغل ّ ه زمانا ً ، ث م يعثر منه على عيب دل ّ سه البائع، ف يرد ّ ه ويأخذ جميع ا لث ّ من، ّ ويفوز ب غل ّ ته كل ّ ها؛ لأن ّ « ه كان في ضمانه، ولو هلك هلك من ماله(٣) . وقال ابن ا لأثير : يريد بالخراج: ما يحصل من غل » ّ ة العين المبتاعة، عبدا ً كان أو أ مة ً أو ملكا ً ، وذلك أن يشتريه ف يستغل ّ ه زمانا ً ، ثم يعثر منه على عيب قديم لم يطلعه البائع عليه، أو لم يعرفه، فله رد ّ العين المبيعة وأخذ الثمن، ويكون للمشتري م ا استغل ّ ه؛ لأن المبيع لو كان تلف في يده لكان من ضمانه « ولم يكن على البائع شيء(٤) . فمثلا ً : لو رد ّ المشتري حيوانا ً بسبب عيب أخفاه البائع عنه أو لم يكن البائع عالما ً به، وكان قد استعمله مد ّ ة، لا تلزمه أجرته؛ لأنه لو تلف في يده قبل الرد، (١) رواه أ بو داود، السنن، كتاب البيوع، رقم: ٣٥١٠ . وابن ماجه، السنن، كتاب التجارات، . رقم: ٢٢٤٢ (٢) هو ا لمحد ّ ث الحافظ اللغوي المقرئ: أ بو عبيد القاسم بن سلام ( ١٥٠ - ٢٢٢ ه)، صاحب « الغريب المصنف في غريب الحديث » الذي أخذ منه ابن نجيم « المصنف » و « الأموال » و « الأمثال ». له. ينظر: السيوطي، الأشباه والنظائر، ص ١٧٨ . ابن نجيم: الأشباه والنظائر، الهامش، ص ١٧٧ (٣) .٢٨٧/ ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث والأثر، ١(٤) .٢٨٦/ ابن الأثير: المصدر نفسه، ١ ِ ما جاز له أن يرجع على البائع بثمنه، بل و لا بجز ئ من ثمنه؛ لأنه تلف وهو في ملكه، وقد حكم عمر بن عب دا لعزيز في هذه المسألة بالأجرة للبائع، ولكنه لما الخراج ب الضمان » : اطلع بعد ذلك على الحديث الشريف « نقض ا لحكم(١) . وخلاصة معنى الحديث كما أفاد الشيخ محمد طاهر الأتاس ي : أن » ّ الشيء الذي مؤنته على إنسان، وإذا تلف يكون تلفه عائدا ً عليه، يقال لذلك الشيء إنه في ضمانه، وبمقابل هذا تكون منافعه خاصة به، سواء انتفع بها « بنفسه أو تناول غلتها(٢) . ب من المعقول: من ملك شيئا » : القياس على الأصل ً ملك منافعه بجامع ضمان الهلاك في كل ﱟ فالعين المملوكة إذا هلكت تهلك على مالكها، والعين المشتراة قبل الرد ،« « بالعيب إذا هلكت تهلك على المشتري إذا كانت في يده فله منفعتها(٣) . :z¿ ɪq°†dÉH êGôîdG{ :IóYÉb π«∏ëJ :kÉãdÉK هذه القاعدة تتكون من الموضوع والحكم الكلي ومناط ا لحكم. ١ موضوع القاعدة: هو الخراج أو غل ّ ة العين المملوكة أو الزيادة الحاصلة في العين، وقد قسم الفقهاء هذه الزيادة إلى أربعة أ قسام(٤) : الأول: زيادة متصلة ومتولدة من الأصل، كسمن الدابة، ونماء الشجر. (١) . محمد بكر إسماعيل: القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه، ص ٢٠٧(٢) .٢٤١/ الأتاسي: شرح المجلة العدلية، ١(٣) . معابدة محمد نوح: قاعدة الخراج بالضمان، ص ٣٤(٤) ١٥٩ . الشربيني: مغني المحتاج، / ٢٨٦ . ابن رشد: بداية المجتهد، ٢ / الكاساني: البدائع، ٥ .٢٠٧/ ٦٢ . البهوتي: كشاف القناع، ٣ /٢ الثاني: زيادة متصلة بالأصل، ولكنها غير متولدة منه، وإنما تحصل بفعل الإنسان، كالبناء في الأرض وزراعة الأشجار، وصباغة الثوب، ودبغ الجلود. الثالث: زيادة منفصلة متولدة من الأصل، كثمار الأشجار، وأولاد الماشية، وغير ذلك. الرابع: زيادة منفصلة غير متولدة من الأصل، وإنما تحصل من المنفعة؛ كأجرة السيارة وأجرة الدابة وغير ذلك(١) . ٢ الحكم الكل ّ ي للقاعدة: ّ هو أن غلة ا لعين تملك لمن وجب عليه الضمان، ويشترط لذلك عدة َ شروط، وهي: الأول: أن تكون الغلة منفصلة عن الأصل سواء كانت متولدة عنه أو غير متولدة، أما إذا كانت الزيادة متصلة ف لا تدخل في ملك المشتري؛ إذا رد ّ المبيع ِ بالعيب؛ كالسمن والكبر؛ لأنها نماء وليست خراج. ِ الثاني: أن تكون الغلة حاصلة عن عين مملوكة ملكا ً شرعيا ً ؛ كالملك عن طريق البيع، ولو في مدة خيار العيب، أو مدة خيار الشرط، أو عن طريق الهبة، أو عن طريق الشراء، ولو كانت العين مستحقة للغير بالشفعة، فيكون الخراج لمن بيده العين بأحد تلك الطرق، أما إذا كانت الغلة حاصلة من عين غير مملوكة بطريقة شرعية،؛ كغلة المغصوب والمسروق ف لا يستحقها من وقعت تحت ي ده. َ الثالث: أن تكون الغلة حاصلة بعد وقوع سبب الملك؛ كعقد البيع، أما إذا كان قبل ذلك ف لا يستحقها من وقعت تحت يده؛ مثل لبن المصراة، فهو موجود في الشاة أو الناقة قبل البيع، فيضمنه المشتري، ويرد بدله صاعا من ت مر(٢) . (١) . شبير محمد عثمان: القواعد الكلية، ص ٣١٣(٢) ١٥٩ . الشربيني: مغني المحتاج، / ٢٨٦ . ابن رشد: بداية المجتهد، ٢ / الكاساني: البدائع، ٥ ٢٠٨ . شبير: القواعد الكلية، ٣١٣ / ٦٢ . البهوتي: كشاف القناع، ٣ /٢ - .٣١٤ ٣ مناط الحكم الكل ّي : ّ هو الضمان؛ حيث يتعلق الحكم بمن وجب عليه الضمان، فلما كان الإنسان بريء ا لذ ّمة غير مطالب ب أي التزام إ لا ّ بدليل أو سبب شرعي، فإن ّّ ّ أسباب الضمان هي(١) : أ السبب الأول: الإتلاف لمال الغير: إذا أتلف شخص مالا ً لغيره بالمباشرة أو التسبب، ضمنه، ومن الأمثلة على الإتلاف بالمباشرة هدم الدور وحرقها، وأكل الطعام المملوك، وشرب الماء المحوز، وغير ذلك. ومن أمثلة الإتلاف بالتسبب: إيقاد نار قرب زرع جاره، فتؤدي إلى حرقه، فهذا إتلاف بالتسبب؛ لأنه لم يتلف بالمباشرة، وإنما فعل ما من شأنه عادة أن يؤدي إلى ا لتلف(٢) . ب السبب الثاني: وضع اليد (القدرة على تصرف الشخص في الع َ ين): قسم الفقهاء الأيدي باعتبار الضمان وعدمه إلى: يد أمانة، ويد ضمان. ﱠ فيد الأمانة: هي التي قبضت العين لا بقصد التملك، بل نيابة عن المالك، َ فكان قبضها لمنفعة المقبوض منه؛ كالوديع، وعامل المضاربة، والوصي على ّ مال اليتيم، فأصحاب هذه الأيد لا يضمنون ما تلف تحت أيديهم إذا كان بدون تعد أو تفريط؛ لأن صاحب اليد قصد من القبض منفعة مالك العين. ويد الضمان: هي التي قبضت العين لمنفعة القابض نفسه، سواء أكان بإذن المالك وهي تسمى اليد المؤتمنة؛ كيد البائع على المبيع قبل التسليم، أم بغير إذن المالك، وهي تسمى اليد العادية ، كيد ا لغاصب(٣) أو السارق، فإن أصحاب (١) السيوطي: الأشباه والنظائر، ص ٣٦٢ . الزحيلي: نظرية الضمان، ص ٦٤ . محمد فوزي . فيض الله: نظرية الضمان، ص ١٩(٢) .٢٩٢/ ابن غانم البغدادي: مجمع الضمانات، ٣(٣) ٥٢/ البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، ٤ - .٥٣ هذه الأيدي يضمنون بمجرد القبض، ولو كان التلف بآفة سماوية، أو قوة قاهرة، فالضمان على الحائز؛ أي: أنه يتحمل تبعة الهلاك. ج السبب الثالث: العقد: العقد مصدر للضمان إذا ن ص فيه صراحة على شرط من الشروط، أو كان ّ الشرط مفهوما ً ضمنا ً حسب العرف والعادة، ثم أ خل ﱠ العاقد بما تقتضيه طبيعة العقد، أو يتطلبه الشرط، فلم يقم بتنفيذ التزامه على الوجه المتفق عليه. قال السيوطي : ما يضمن ضمان عقد ق طعا » ً هو: ما عين في طلب عقد بيع، أو سل َ « م، أو إجارة، أو صلح(١) . َ ِ ما يرد على هذه القاعدة من اعتراض: َ وقد ورد على هذه القاعدة سؤالان استشكل فيهما بعض ا لفقهاء: السؤال الأول: إذا كان الخراج في مقابلة الضمان فكان يجب أن تكون الزوائد قبل ق بض المبيع من قبل المشتري للبائع لا للمشتري ؛ لأن المبيع ْ قبل ق بض المشتري على ضمان البائع، ت م العقد أو انفسخ، لكونه من ضمانه، ّْ ومع ذلك لم يقل بهذا أحد؛ لأن الزوائد من حق المشتري هنا(٢) . فأجيب: إن علة جعل الزوائد هنا من حق المشتري أ ن ّ المبيع هنا أصبح ْ مملوكا ً للمشتري، فالزوائد هي زوائد ملكه، وأما بعد القبض فإن حق المشتري يتأكد في الزوائد بعلة الملك والضمان معا. واقتصر في الحديث على التعليل بالضمان؛ لأنه أظهر عند البائع وأقطع لطلبه، وأدفع لاستنكاره أن الخراج ل لمشتري. السؤال الثاني: إنه لو كانت علة الخراج بسب الضمان ل َ لزم أن تكون زوائد المغصوب للغاصب؛ لأن الغاصب يضمن ما غصب، وبهذا احتج (١) السيوطي: الأشباه والنظائر، ص ٣٦٢ . شبير محمد عثمان: القواعد الكلية، ص ٢١٤ - .٢١٥ (٢) .٥١٤/ القطب أطفيش: شرح كتاب النيل، ١ بعض الفقهاء وقالوا: إن الغاصب لا يضمن منافع المغصوب، فهو هنا مع ظاهر ا لحديث(١) . ِ والجواب على ذلك: أن رسو ل الله صلى الله عليه وسلم قضى بالخراج في ضمان ا لم لك ِ لا لمجرد الضمان وجعل الخراج لمن هو مالكه ف علا، ً إذا تلف على مالكه وهو المشتري، والغاضب لا يملك المغصوب، وبأن الخراج وهو: المنافع جعلها لمن عليه الضمان، ولا خلاف أن الغاصب لا يملك المنافع، بل إذا أتلفها فالخلاف في ضمانها عليه، والتعليل: إن الخبث إن كان لعدم الملك ِ فإن الربح لا يطيب، فربح الغاصب من المغصوب، والأمين من الأمانة من هذا ْ الباب، ف لا يحل للغاصب ولا للأمين، وأما إن كان الربح لفساد الملك كالبيع الفاسد، فإن الربح يطيب؛ لأن المبيع كان على ضمان ا لمشتري(٢) . :IóYÉ≤dG ´hôa :É°ùeÉNk الخراج » : وردت في بعض المصنفات ا لإباضية أمثلة تطبيقية لقاعدة نذكر منها: ،« بالضما ن ١ أن من اشترى عبدا « الجامع » ما نص عليه أب و محمد بن بركة في ً بثمن معلوم واستعمله واستغله، ثم وجد به عيبا ً رده بالعيب الذي كان فيه؛ إذا كتمه إياه البائع، ولم يعلم المشتري به مع الغلة والخدمة؛ لما روته عائشة # عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « الخراج بالضمان »(٣) ، وقد علل ابن ب ركة سبب استحقاق فإن قال » : المشتري للخراج دون غيره، وأنه مقابل ضمان تلف المبيع، فقال (١) .٥٥ - ٥٢/ البسيوي: الجامع، ٤ (٢) السيوطي: الأشباه والنظائر، ص ١٧٨ - ١٧٩ . ابن نجيم: الأشباه والنظائر، ص ١٧٧ . وقال: لم أجده منقولا ً عن مشايخنا (الحنفية). البورنو: الوجيز في قواعد الفقه، ص ٣٦٧ - .٣٦٨ ٥٢ وما بعدها. القطب أطفيش: شرح كتاب / البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، ٤ .٢١٦ - ٢١٥/ النيل، ٩(٣) تقدم تخريجه. قائل: فما هذا الضمان الذي أوجب أن يكون الخراج يجب به للمشتري دون ِ غيره؟ قيل له: ما ضمن من ثمنه، وأيضا ً فإن كسب العبد لم يكن ملكا ً للبائع؛ ِْ لأن العبد كان ملكا للمشتري، فلما ظهر على العيب كان له رده به، واسترجاع ما سل ّ « مه من الثمن، ولا يبرأ من ضمانه إن لم يكن سلمه(١) . ٢ ومنها: إذا رد ّ المشتري حيوانا ً أو سيارة ً أو شجرا ً مثمرا ً أو نحو ذلك، فما له غلة بخيار العيب، وكان قد استعمل هذه الأشياء وهو غير عالم بالعيب لا يلزمه رد الغلة؛ لأنها مقابل ضمانه لها لو هلكت في ي ده(٢) . وقد فرق القطب أ طفيش بين بيع الخيار والبيع بنية الاختبار، فأباح للمشتري رد ّ المبيع في مدة الخيار ما لم يتصرف في المبيع على صورة يظهر ِ فيها قبوله للبيع ولو ب عينة خاصة إذا انقضت مدة الخيار، وإذا رده ف لا يرد معه ّ الغلة والخراج؛ لأنه مقابل ضمانه في حالة التلف، أما إذا اشتراه على نية الاختبار والتجربة فيجوز له رده مع غلته، ورغم تقارب الصورتين إلا أن القطب فرق بينهما؛ فاشترط رد المبيع مع غلته في حالة البيع للاختبار، وعدم ردها في حالة رد المبيع للعيب في حالة بيع ا لخيار. يقول في هذا الصدد نقلا عن ا لثميني : من اشترى أ رضا » :« التاج » وفي ً َ على الخيار إلى مدة وبنى فيها أو عرضها للبيع، أو دابة فركبها، أو ث وبا ً فلبسه، فذلك ر ِض ً ى منه به ولزمه، وكذلك إن انقضت المدة ولم يرده فقد لزمه، إ لا ّ « إن صح أنه نقضه فيها، وكذا إن وطئ جارية فقد ل زمته(٣) . ّ ومن حلب دابة أو جز » : ويضيف في السياق نفسه ّ ها لم يجد ردها؛ لأن ُ ذلك رضى، وإن أ قيل لم يرد الغلة؛ لأنها بالضمان، وإن استخدم دابة أو عبدا ً (١) .٣٢٤/ ابن بركة: الجامع، ٢(٢) .٧٩/ الكندي أ حمد بن عبد الله: المصنف، ٢(٣) .٤٧٤/ الثميني: التاج، ٤ أو أمة بلا إذن بائع، لزمه البيع وله الغلة على قول: وإن اشترى على أن يختبر فلم يعجبه المبيع، رده وغلته، وإن اشترى أمة أو عبدا ً على أن ينظر شأن معيشة ذلك وأذن له، لم يلزمه رد الأجرة، وفوق ثلاثة أيام في الحيوان ضرر، وقيل له من الغلة ما أنفق، وإن حدث عيب بالمبيع فقيل له رده فيرد أرشه، وقيل « لا يرده إلا إن برئ في ا لمدة(١) . وقد يؤكد القطب أ طفيش جواز رد المشتري للمبيع في بيع الخيار إذا ظهر فيه عيب ولم يطلع عليه المشتري عند العقد، سواء علم به البائع وأخفاه عنه، أم نسيه، أم أخطأ فسلمه المبيع بعيبه، ومث ﱠ ل لذلك بالدابة التي تؤذي الناس بالعض والرفس، فإن البائع يضمن الأضرار الناجمة عنها؛ لأنها م ا زالت في ملكه ولم تنتقل إلى المشتري ن هائيا ً ، أما منفعتها فهي للمشتري مقابل الضمان إذا تلفت عنده حتى يردها ل صاحبها. وضمن بائع ما جره العيب الذي لم يخبر به » : يقول في هذا الصدد المشتري ولو لعدم اطلاعه، أو لنسيانه أو غلطه، وذلك فيما إذا جره العيب بعد قبوله ب الأر ُ ش(٢) ، ومطلقا عن قول التخيير والفسخ، وقيل: إن رآه المشتري ْ لم يلزم البائع ما جره، وهكذا بحسب الأقوال في الإخبار بالعيب، ووضع اليد ُ ِ عليه وعلم المشتري، فإذا لزم المشتري لم يضمن البائع م ا جر، بل يلزم ّ المشتري وإلا لزمه، مثل: أن يبيع دابة ت عض أو تضرب، فإنه يضمن ضربها أو ُﱡ « عضها ما لم يلتزمها المشتري ب القبول(٣) . ٣ أن من اشترى دابة فاستعملها ثم « الضياء » ومنها: ما ذكره العوتبي في علم أنها مسروقة، ف لا رد عليه في الغلة؛ لأنها مقابل الضمان إذا تلفت عنده(٤) . (١) .٢٨٦/ القطب أطفيش: شرح النيل، ٩(٢) التعويض عن الضرر. (٣) .٥٠٤/ القطب: شرح النيل، ٨(٤) .٦٦/ العوتبي سلمة بن مسلم الصحاري: كتاب الضياء، ١١ ٤ ومنها: ما ذكره محمد بن إبراهيم ا لكندي في معرض كلامه عن الشفعة بما وإذا اشترى رجل من رجل أ رضا » : نصه ً وادعى رجل أنها شفعته وأنكر المشتري ّ فعلى طالب الشفعة البينة أنها شفعة له، فإن صحت ا لبينة أنها شفعته حكم له بذلك، ﱢ وإن لم تصح ب ينته وأراد يمين المشتري حلف بالله أنه اشترى هذه الأرض ولم يعلم ﱢ أنها شفعة لهذا المدعي، ولا يعلم أن عليه له حقا ً من قبل ما يدعي أنها شفعة له، فإن أقر بها أو قامت بينته أنها شفعة له حكم له بها، وإن كان المشتري قد استغل منها غلة ف لا رد عليه في الغلة للشفيع؛ لأن الغلة ب الضمان « (١) . ٥ أنه إذا اشترى رجل من آخر ب ستانا « كتاب التمهيد » ومنها: م ا جاء في ً واعتنى به وأنفق عليه وفسل فيه صرما ً ، ثم نقض البيع لوجه يصح له فيه الخراج ب الضمان » النقض، فالحكم فيما أخذه من غلة هذا البستان أنها له؛ لأن « وقد كان في ضمانه. سئل المحقق ا لخليلي عن الحكم فيمن اشترى م الا ً وعنى فيه وغرم وفسل فيه صرما ً ، ثم نقض البيع بوجه يصح له فيه النقض، ما الذي له؟ قد قيل أن له عناه وغرمه وإخراج صرمه إن شاء، ولم يكن في » : فأجاب إخراجه على البائع ضرر، وإلا فليس له إلا القيمة كما هي نظر من له في عدله َ معرفة بقيمة مثله إن أدرك، وإلا فالقول للغارم مع يمينه إن رضي البائع بتركه .« فيما له، وإلا حكم عليه بزواله ِ قلت له: وما أخذ م ن غلة هذا المال ف أكله » : قال السائل َ أو بقي في يده أهو له أم لربه؟ وما أتلفه أ يرد له أم لا؟ َ الغلة ب الضمان » قال: ما أخذه فهو له؛ لأن « وما أنفقه فليس بشيء، وقيل: إن عليه غرم ما أتلفه ورد ﱡ ما بقي في يده، وله ما أنفق إن بقي له شيء أخذه لعلة، وإن بقي عليه سل ّ مه. (١) .٩/ الكندي محمد بن إبراهيم: بيان الشرع، ج ٣٠ قلت له: وما كان في المال من غلة مدركة أ ولا ً؟ ّ قال: قد قيل في المدركة إنها للمشتري وقيل للبائع، وأما غير المدركة فتتبع المال، و لا يبين لي فيها إلا هذا على حال. ﱢ قلت له: فإن كان البائع هو الذي نقض البيع ف غيره. ﱠ قال: قد قيل في المشتري إن له ما غرمه ولا رد عليه فيما أخذه من غلة في هذا ا لموضع. وقيل: فيه بمثل ما مضى من القول في التي من قبلها بما فيه من الرأي ِ والاختلاف بالرأي؛ لأن بعضا ف رق بينهما وبعضا ً لم يفرق في ذلك، وكله من ّ « قول المسلمين رأيا في هذا والله أ علم(١) . ٦ في رد ّ المبيع إلى صاحبه في حالة الاستحقاق دون غلته، وذلك إذا اشترى أحد شيئا ً من رجل على أنه له فخرج ذلك الشيء لغيره ب البي نة العادلة، ﱢ فالحكم فيه أن يأخذ صاحب الشيء شيئه ويرجع المشتري على البائع بالثمن، وهذا إذا خرج من يد صاحبه بالتلف أو بالغصب أو بالسرقة، وعند بعض أنه يدرك عليه المشتري الثمن الذي اشترى به ويرجع هو على البائع بما أعطى للمشتري، وأما إن كان ذلك الشيء في يد بائعه بالوديعة، أو بالعارية، أو بالكراء، أو باللقطة، أو بجميع الأمانات، فإنه لا يدرك ماله حتى يعطي للمشتري ما اشتراه به، ويرجع هو على البائع بما أعطى، وعند بعض: أنه يأخذ ماله ولا شيء عليه، ويرجع المشتري على البائع بما أعطاه له ف يأخذه(٢) . وعق ّ قوله حتى يعطي » : ب أب و ستة القصبي على هذا القول فقال للمشتري... إلخ هذا ظاهر إذا كان المشتري غير عالم بأنه حرام، وأما إذا علم «... فإنه يأخذه صاحبه من غير شيء قولا واحدا كما يدل عليه كلامه فيماي أتي(٣) . (١) ٧٤/ الخليلي سعيد بن خلفان (المحقق): كتاب تمهيد قواعد الإيمان، ٩ - .٧٥ (٢) .٤/ الشماخي: الإيضاح، ٦(٣) .٤/ القصبي أ بو ستة (المحشي): الحاشية على كتاب الإيضاح للشماخي، ٦ ولم يعتبر ا لشماخي العارية كغيرها من الأمانات في درجة واحدة في الحكم، فلو باعها مستعيرها ففي حكمها ثلاثة أ قوال: الأول: يأخذها من يد المشتري ويرجع المشتري على البائع ق ياسا ً على السرقة، واستدلوا على ذلك بما روي عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من سرق منه » ُ شيء أو ضاع منه فوجده في يد رجل قد اشتراه، أن ّ صاحبه أحق به، ويرجع « المشتري على البائع بالثمن(١) . الثاني: قالوا يأخذها من يد المشتري بثمن مثله. الثالث: قالوا: ليس له أن يطالب المشتري، لكن يطالب المستعير حتى يمكنه من ا لمشتري(٢) . وعلق الشارح أب و ستة على قول ا لشماخي في تخصيص العارية في الحكم لعل وجه تخصيص العارية بكونها فيها ثلاثة أقوال: قوة » : دون غيرها بقوله تسليط المعير للمستعير، حيث جعله متصرفا ً من غير مقابل، بخلاف الأمانة والمكري فإنه في الأول لا تصرف له أ صلا، ً وفي الثاني بمقابل، ف ضعف ُ « التسليط(٣) . وهل يستحق صاحب المال غلة ماله المستحق إذا وجده بيد ا لمشتري؟ قال ا لشماخي : وأما غلة الشيء المستحق فهي لصاحبه فيما بينه وبين الله، » وأما في الحكم فيمسكها المشتري؛ وذلك لأن الشيء المستحق لم يستحقه صاحبه إلا الوقت الذي استحقه فيه من يد المشتري؛ لأنه لا يخرج من يد « المشتري إلا كما دخل(٤) . (١) رواه ابن ماجه، كتاب الأحكام، باب من سرق له شيء فوجده، رقم ٢٣٣١ ، وأحمد، مسند الكوفيين، من حديث سمرة، رقم ٢٠١٥٨ ، عن سمرة بن جندب، قال الأرنؤوط: حسن. (٢) ٤/ الشماخي: المرجع نفسه، ٦ - .٥ (٣) ٤/ القصبي أ بو ستة: المرجع نفسه، ٦ - .٥ (٤) .٦/ الشماخي: الإيضاح، ٦ قال الشارح معقبا ً قوله وأما في الحكم فيمسكها... إلخ أي لعموم » : عليه قوله 0 : « الخراج بالضمان » ثم الظاهر أن المراد بالغلة التي يمسكها، الغلة التي لم تحضر الصفقة، وأما التي حضرت فالظاهر أنه يردها؛ لأنها لها قسط من الثمن، فلو أمسكها وأخذ الثمن كاملا ً كان قد أخذ أكثر من حقه، وخصوصا إذا كانت تلك الغلة موجودة حين خرج الشيء من يد مالكه، ويدل عليه قوله: ِ « لأن الشيء لا يخرج من يد المشتري إلا كما دخل » ، يعني: فإن دخل ب غل ّ ة فإن كانت موجودة ردها مع الشيء، وإن كانت قد استهلكت دفع قيمتها، وإن دخل « بغير غلة وحدثت عنده، كانت له لعموم الحديث والله أعلم (١) . هذا إذا وجد صاحب الشيء ملكه الذي خرج منه كما هو، فإن حصل فيه تغيير بأن نما وتطور وزاد في يد المشتري، فهل يتركه في حوزته، أم يأخذه صاحبه منه دون مقابل؟ أم يدفع قيمته للمشتري ويستلمه منه؟ وإن زاد فيه المشتري شيئا » : يقول ا لشماخي في هذا الصدد ً فهو له؛ لأن المستحق لا يستحق إلا ماله، ومثل ذلك إن اشترى أ رضا ً فغرس فيها غ ُ روسا ً ثم استحقها صاحبها، فإنه يمسك تلك الغروس التي غرس في تلك الأرض، ويأخذ صاحب الأرض أرضه، وكذلك إن اشترى ف سيلا ً فغرسها في أرضه، فاستحقت تلك ا لغ ُ روس في أرضه، فليمسكها الذي استحقها في تلك الأرض، «... ويرجع هو على البائع بالثمن فهذا مما وجد في ا لأثر(٢) . ٧ في رد ّ المرأة الصداق دون غ َل ّ ته عند ا لفداء: إذا تزوج » أنه :« كتاب النكاح » من فروع هذه القاعدة ما ذكره الجناوني في الرجل امرأة وأصدقها حيوانا ً أو دنانير أو أ شجارا ً ، فتناسل الحيوان، وأثمرت الأشجار في يدها، فاستغلت من الحيوان من أوبارها وأشعارها وأصوافها (١) .٦/ القصبي المحشي: الحاشية على الإيضاح، ٦(٢) .٧/ الشماخي: الإيضاح، ٦ وألبانها، أو أكلت ثمار الشجر، أو تجرت في الدنانير فربحت فيها، ثم افتدت من زوجها بصداقها، فليس عليها رد ّ ما أكلت من ثمار الشجر، ولا ما استغلت «... من الحيوان ولا ما ربحت من الدنانير في جميع م ا ذكرنا(١) . قال المحقق علي يحيى معمر معقبا ً على قول الجناوني استنادا ً إلى الخراج ب الضمان » لأن » : القاعدة « فما أكلته من الثمار في هذه الصورة، أو أكل هو من الغلال في الصورة التي بعدها، وما يشبه هذا ف لا رد ّ ؛ لأنه في مقابل ضمان الأصل، إذ لو هلك الأصل لضمنه، كما في المسألة السابقة التي تشدد فيها بعض الفقهاء حتى قالوا: إن المرأة إذا أضاعت الصداق ثم افتدت به من الزوج، فإنها تطالب بإحضاره، وإذا لم تحضره ت ُصف ّ د بالحديد، وعفا الله عن َ «؟ هؤلاء كيف طاوعتهم أنفسهم أن يضعوا الحديد في موضع ا لذهب(٢) ولكن هل ت رد ّ المرأة كل ما نتج عن الصداق من نتاج وغلال إذا كان حيوانا ً؟ اختلف الفقهاء في هذه المسألة، نقل ا لجناوني رأي ا لإباضية وأشار إلى وأما فسل الحيوان ففيه قولان، منهم من يقول ترده، » : الخلاف فيها فقال ومنهم من يقول لا ترده، وكذلك الأشجار التي أحدثها في تلك الأرض بعد النكاح، فمنهم من يقول هي للمرأة، ومنهم من يقول هي للزوج، وذلك في الأشجار التي غرست من الأغصان، وأما الفسائل فهي للمرأة، وتؤخذ بنزعها بعد الفداء إن طلب إليها ذلك الزوج بعد الفداء، ومن قال الأشجار التي غرست من الأغصان؛ إنها للمرأة ف لا يدرك عليها الزوج نزعها من تلك الأرض، وكذلك إن رجع ذلك الصدق الذي ذكرنا إلى الزوج بالفداء، فاستغل منه مثل ما ذكرنا في الثمار والربح والغلة، وحدوث النسل والغروس بعد الفداء، ثم رد الصداق على المرأة على المراجعة، فليس عليه رد شيء من (١) الجناوني: كتاب النكاح، تحقيق: علي يحيى معمر، ص ٢٧١ - .٢٧٢ (٢) . علي يحيى معمر: الحاشية على كتاب النكاح للجناوني، ص ٢٧٢ ذلك كله، إلا ما ذكرنا من الاختلاف في النسل الحادث من الحيوان عند الزوج بعد الفداء والغروس الحادثة عنده من الأغصان، وأما الفسائل فهي للزوج إذا أحدثها في تلك الأرض بعد الفداء، وتدرك عليه المرأة نزعها إن « طلبت إليه ذلك(١) . واستثنى الفقهاء من الخراج أو الغلة ما تناسل من الحيوان لما كان بيد المرأة صداقا ً ، وكذلك الفسائل من الأشجار، فيجب عليه ردها للزوج، وكذلك إذا كان الصداق بيد الرجل بعد الفداء، ثم رده للمرأة بعد إرجاع زوجته إلى عصمته؛ لأن الفقهاء اشترطوا في جواز أخذ الخراج إذا كان زيادة منفصلة غير متولدة من الأصل وتحصل من المنفعة، كأجرة السيارة، وكراء الدار، أما إذا كانت متصلة متولدة من الأصل، كزرعه الأشجار، وبناء المنزل، أو زيادة منفصلة متصلة بالأصل، كثمار الأشجار، ونسل الحيوان، فهي تابعة للأصل، وحكمها حكم الأصل، ت رد ّ مع أصلها إلى صاحبها(٢) . وذهب فقهاء ا لإباضية إلى أن تلك الزيادة لا ترد لصاحبها بل تبقى للمشتري أو المرأة، مقابل ضمان الأصل إذا تلف أو ضاع، ومقابل ما ينفق على الأصل لحفظه، كالعلف للحيوان، فيأخذ ما نتج عنه من لبن أو سمن أو شعر أو صوف، وهذا الحكم يختلف في المغتصب، فإنه يضمن الأصل وغلته؛ لأن يده على المال يد مغتصب، وليس يد مالكه الشرعي. ٨ في ا لإجارة: جامع ابن جعفر » ومن فروعها ما جاء في « وسألت عن رجل » : من غيره استأجر دارا ً من رجل بخمسين درهما ثم أ جرها بمائة، قالوا: لا يصلح ذلك ّ ولا يحل هذا، والفضل لصاحب الأصل دارا ً كانت أو غلاما ً ، وكذلك العامل (١) الجناوني: المرجع نفسه. (٢) . شبير محمد عثمان: القواعد الكلية، ص ٣١٣ ليس له فضل، قال أب و سعيد 5 : قد قيل: إذا أدخل في الدار شيئا ً من المنافع من بناء أو باب، أو سبب من الأسباب، أو أصلح صلاحا ً ، أ ن ّ له الزيادة، وقيل: إن الزيادة على حال؛ لأنه ثبتت له الأجرة، فله زيادته، وعليه نقصانه. وقيل: ليس له ذلك على حال، وأكثر ما يؤخذ من قول أصحابنا (الإباضية ( إن كان أصلح صلاحا ً ، كان له الزيادة من الأجرة، وإذا لم يكن قد « أصلح فيه، لم يكن له زيادة(١) . قال المحقق معل ّ قا ً أرى والله أعلم أن الزيادة لا تكون » : على هذا القول لصاحب البيت إلا إذا اشترط صاحب البيت، فهنا تنفيذ للشرط؛ لأن العقارات في عصرنا الحاضر اختلفت عن العصور الماضية، فهنا يقول المؤجر إلى ِ المستأجر: أنت ت ُ صلح كل شيء على حسابك الخاص، فلو كان المؤجر يتحمل ذلك ل َق ُ ولكن هنا الغرامة على المستأجر فقط، ومن ،« الغرم ب الغن م » : لنا حق المؤجر أن يرفع سعر المأجور إذا لم يكن هناك عقد يحدد المدة، أما إذا « كان هناك عقد يحدد المدة، فبعد انتهاء المدة، يجوز له زيادة ا لأجرة(٢) . وفي السياق نفسه سئل ا لشماخي عن حكم أخذ المستأجر زيادة في الأجرة إذا أعاد تأجير العين؟ وبعبارة أخرى، هل يجوز للمستأجر أن يؤجر العين التي أجرها بزيادة دون مقابل؟ فذكر أ ن ّ هذه المسألة محل ّ خلاف بين إذا أكرى رجل لرجل دارا » الفقهاء، ومما جاء في عبارته أنه ً بعشرة دنانير في السنة، أو دابة لحمل متاع معلوم إلى بلد معروف بعشرة دنانير، وما أشبه هذا، ثم إن المكتري أكرى الدار أو الدابة لغيره بخمسة عشر دينارا، ف لا تحل له تلك الخراج ب الضمان » الزيادة، وهو بمنزلة ربح م ا لم تضمن في البيوع؛ [لأن [ « إلا إن زاد في الدار شيئا ً من عنده من أداتها ومصالحها، نحو الباب، أو المفتاح، أو (١) ٢٢٠ . وينظر: الشماخي: الإيضاح، / ابن جعفر أ بو جابر محمد: جامع ابن جعفر، ٤ .٢٥٤ - ٢٥٠/٦(٢) .٢٢٠/ الفضيلات جبر محمود، الحاشية على كتاب جامع ابن جعفر، ٤ السرير، أو الفراش، أو طي ّن َ شيئا ً (رم ّ م)، أو زاد على الدابة شيئا ً من أداتها من: ر َ س َ ن أو خطام (زمام) أو سرج أو إكاف، ثم استأجر تلك الدابة، أو الدابة بما « زاد عليها، فله أن يحبس تلك الزيادة؛ لأنها مقابلة ما زاد من عنده(١) . وكذلك الخياط إن استأجره لخياطة معروفة بأربعة دراهم، ثم إن » الأجير استأجر أ جيرا ً غيره لخياطتها بأقل من ذلك، فليس له أن يحبس الزيادة وهي ل رب الثوب، إلا أن يكون زاد من عنده شيئا ً من الأداة التي يستعان بها ّ « على الخياطة، فله أن يحبس تلك الزيادة كما ذكرنا(٢) الخراج » ؛ لأن « الغرم بالغنم » و ،« بالضما ن . ومن الصور التي ذكرها الشماخي تطبيقا ً لهذه القاعدة أ يضا ً لو » : أنه استأجر رجل رجلا ً بمائتي دينار واتجر الأجير بتلك الدنانير قبل دخوله في ِ العمل، ف ربحها لرب العمل، وللأجير عناؤه، وإن عمل بعد ذلك العمل، فله أجرته والربح مردود لرب العمل، وإن اتجر بها بعد دخوله في العمل، فله من « الربح بقدر ما يقابل عمله من الأجرة، ولرب العمل م ا بقي(٣) . وبالجملة أن » : وبعد أن عرض ا لشماخي تلك الصور خلص إلى القول زيادة هذا الكراء ونماؤه لربه ما لم يدخل الأجير في العمل، ولذلك عليه نقصانه، وجناياته ونفقته وكسوته، فإذا دخل الأجير في العمل صار هو رب « العمل مشتركين في ذلك ا لشيء(٤) ؛ لأن كل منهما يملك جزءا من المال ًْ المستثمر في الشركة، فالعامل بماله الذي أخذه من رب العمل مقابل جهده وصاحب العمل بماله، وما داما يضمن كل منهما حصة من المال فله أخذ الخراج ب الضمان » الربح؛ لأن .« (١) .٢٥١/ الشماخي: الإيضاح، ٦(٢) الشماخي: المصدر نفسه. (٣) ٢٥١/ الشماخي: المصدر نفسه، ٦ - .٢٥٢ (٤) الشماخي: نفسه. ويزيد الشماخي توضيحا ً لو كان الكراء » : لهذا الأمر بصورة أخرى فيقول عبدا ً وليس مالا ً نقدا ً فإن المؤجر لا يملك العبد بل يملك منفعته، ولذلك تكون جميع أحكام العبد من النكاح والطلاق والعتاق والهبة والبيع وما أشبه ذلك بيد رب العمل؛ لأنه يملكه ويضمنه ولا يجوز للأجير فيه شيء مما ذكرنا ما لم يدخل في العمل، فإذا دخل في العمل صار هو رب العمل فيه شريكين بقدر عمله، ولا يجوز فيه لرب العمل بعد ذلك بيع ولا هبة ولا وصية ولا رهن، إلا في حصته، ولا يجوز نكاحه ولا طلاقه ولا مراجعته حتى يتفقا؛ ِ لأن ذلك مما لا يتجزأ، وإن أعتقه أحدهما عتق، وضمن لشريكه قدر حصته ُ لقول ه صلى الله عليه وسلم : من أعتق شقصا » ً له في عبد ق ُ« وم له(١) . ّ وإن كان الكراء دابة أو شجرة فما حدث في الدابة » : ويضيف في هذا الشأن والشجرة من النسل والثمار بعد عقد الكراء وقبل دخول الأجير في العمل فهو لرب العمل، وليس للأجير إلا رأس الشجرة أو رأس الدابة إذا عمل العمل، وإن دخل العمل قبل أن تطيب ثمرة الشجرة وقبل ولادة الدابة، فله عناؤه إذا ت م له ّ عمله، بنظر أهل العدل؛ لأن زيادة الكراء يوجب زيادة العمل، كما أن زيادة العمل توجب زيادة الكراء، وتلك الزيادة لم يتفقا عليها، فلذلك وجب أن يرد إلى عنائه، وإن كانت الثمرة على الشجرة، والدابة حاملة في وقت الكراء فهي « للأجير مع حملها، والشجرة مع ثمرها؛ لأن ذلك كله أجرة ا لعمل(٢) . :IóYÉ≤dG øe ≈æãà°ùj Ée :É°SOÉ°Sk الخراج ب الضمان » : قاعدة « عامة تشمل كل مبيع معيب يريد أن يرده َ المشتري، فهو له الحق في الرد واسترجاع ثمنه دون أن يكون عليه أي شيء، (١) رواه مالك، رواية الليثي، كتاب العتق والولاء، باب من أعتق شركا له في مملوك، ١٤٦٢ ، ورواه بلفظ مقارب البخاري، كتاب الشركة، باب الشركة في الرقيق، رقم ٢٣٦٩ ، عن ابن عمر. (٢) .٢٥٣ - ٢٥٤/ الشماخي: الإيضاح، ٦ مقابل خراج المبيع ا لمعي ن، ولا يستثنى إلا ما ثبت بالنص، لذلك يسري ّ مفعولها على كل مشمولاته من الجزئيات إلا في ا لمصراة(١) ، فإنها إذا ردت للبائع مع صاع تمر؛ لورود الحديث في ذلك، وهو قول ه صلى الله عليه وسلم : »لا ت ُصروا الإبل َﱡ والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن رضيها ْ أمسكها، وإن سخطها رد ّ ها وصاعا ً « من تمر(٢) . وليس معنى ذلك أن حديث: « الخراج بالضمان » محمول على حديث المصراة، بل هو كما تقدم عام لا يستثنى منه إلا هذه الجزئية المنصوصة، ِ بدليل أن الرجل إذا اشترى بقرة مثلا ً ووجد بها عيبا غير ا لت ﱠصرية فله أن ْ يردها بالعيب، ولا شيء عليه فيما استفاده من خراجها، فالصاع إ ذا ً إنما « يكون عوضا عن الخراج في حالة ا لتصرية(٣) . الخراج ب الضمان » : وينب ه ا لعوتبي إلى أن قاعدة « لا يعمل بحكمها في ّ جميع الفروع الفقهية، ويستثنى منها الوديعة والعارية والمضاربة، فيقول: « والخراج بالضمان إلا في الوديعة والعارية والمضاربة »(٤) . ولم يشر ا لعوتبي إلى علة استثناء هذه المسائل من القاعدة، ولعل ذلك يعود إلى أن المستودع والمستعير والمضارب لا يملكون ما في أيديهم من أموال، فهي ملك لغيرهم وهم أمناء عليها، لهم حق الانتفاع بها، ومن شروط (١)المصر ّ اة: اسم مفعول من التصرية، وهي تجميع اللبن في ضرع الحيوان، إ يهاما ً للمشتري أن الحيوان حلوب كثير اللبن. (٢) رواه البخاري، كتاب البيوع، باب النهي للبائع ألا يحفل الإبل، رقم ٢٠٤١ ، عن ابن مسعود. وروى مسلم الحديث في الشياه. (٣) ٢٥٥ . وهذا إذا قررنا أن الصاع عوض عن خراج المصراة، وإلا / ابن قدامة: المغني، ٤ فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أنه ليس عوضا ً في الخراج، بل ذهب الحنفية إلى أبعد من ذلك، فلم يقولوا برد الصاع أ صلا ً ،ا عتمادا ً على القياس. ينظر: الروكي محمد، قواعد الفقه . الإسلامي، ص ٢٢٨ (٤) .٧١/ العوتبي: الضياء، ١١ القاعدة ملك الشيء، وحرية التصرف فيه بدون إذن الغير، والمؤتمن لا يملك ذلك، ف لا يضمن إلا في حالة ا لتعد ّ ي، أو التقصير في حالة الاعتداء على الأمانة أو تضييعها، أو التسبب في إتلافها لعدم حفظها، ولأجل ذلك وضع المؤتمن لا يضمن إلا » : العلماء قاعدة أخرى تضبط مثل هذه التصرفات فقالوا وسيأتي شرحها لاحقا. ،« بالتعدي أو ا لتقصي ر أما ا لقطب فقد استثنى من القاعدة المال المغصوب، فلم يجعل للغاصب خراجه على الراجح، وبناء عليه، ف لا يجوز للغاصب الانتفاع بأصل المال ِ المغصوب ولا بغلته، وإنما يجب عليه رده لصاحبه مع غلته وما نتج عنه في يده، ولا عبرة بما أنفقه في حفظه وتنميته، ف لا يضمن له رب المال المغصوب ليس ل عرق ظالم ح ق » عناءه ونفقته؛ لأنه « كما يقرر ا لفقهاء. َ وجاز التقاضي فيما أكل الغاصب أو » : يقول ا لقطب في هذا المعنى السارق أو الغالط، وأراد بالأكل مجرد الإتلاف أ كلا ً أو غيره، (من غلته) كثمار الشجر والنخل والأرض، وصوف الحيوان ووبره وشعره ولبنه وسمنه، وما يتولد من ذلك، وأجرة كرائه، وكراء البيوت وغيرها، (واستخدامه) وذلك بتقويم، حيوانا ً كان أو غيرها، كسكنى البيوت وجميع ما جرى حد التقاضي المذكور من قضاء الجنس، أو الخلاف قبل البيع أو بعده قضاء متساو أو أقل لأكثر، وإن لم يتلف ذلك ف لا يقض كما لا يقضي أصله إذا بقي، وقيل يقضي إذا لم يصل إليه، وإنما صح له قضاء الغلة ونحوها؛ لأن حديث: « الخراج بالضمان » ، إنما هو لغير الغاصب على الراجح لقول ه صلى الله عليه وسلم : « ليس لعرق الغاصب حق »(١) «(٢) . (١) رواه الترمذي، كتاب الأحكام، باب ما ذكر في إحياء أرض الموات، رقم ١٣٧٨ ، وأبو داود، حديث » : كتاب الخراج، باب في إحياء الموات، رقم ٣٠٧٣ ، عن سعيد بن زيد، قال الترمذي حسن غريب وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم مرسلا .«ً (٢) ٢١٥/ القطب أطفيش: شرح النيل، ٩ - .٢١٦ هذا وقد وافق ا لقطب رأي جمهور الفقهاء من ا لشافعية والحنابلة وبعض ا لمالكي ة، خلافا ً للحنفية وجمهور ا لمالكية الذين لا يقولون برد منافع المال المغصوب وغلته؛ لأنها مال غير متقوم، ولذلك لا يضمنه ّ الغاصب أو ا لسارق (١) . (١) الروكي محمد: قواعد الفقه الإسلامي من خلال كتاب الإشراف على مسائل الخلاف .٢٣٤ - لعبد الوهاب البغدادي، ص ٢٣٣ بالرغم من أ ن ّ الخراج ب الضمان » هذه القاعدة عكس القاعدة السابقة « إلا أنها بمعناها؛ أي: أ ن ّ المستفيد بمنفعة الشيء هو أولى من غيره بتحمل خسارة ذلك الشيء، عملا ً بمبدأ العدل في المعاملات الذي قررته الشريعة الإسلامية. :IóYÉ≤dG ∞jô©J :’k hCGs أ الغ ُرم في اللغة: من غرم في تجارته إذا خسر، ويقال: أغرم إن أدى غرما ً ْ ومغرما ً وغرامة، ويتعدى بالتضعيف (بتشديد الراء)، فيقال: غر ّ مه وأغرمته، جعلته غارما ً ، وأصل الغرم في اللغة يدل على الملازمة، وهو ما يلزم المرء لقاء شيء، من مال أو نفس »(٢) . والغ ُ رم في الاصطلاح: ما يتحمله الغريم في ماله ت عويضا ً عن ضرر بغير ْ « جناية ولا خيانة(٣) . ب والغ ُن ْ م في اللغة: من غنمت ُ الشيء، أغنمه غنما أصبته غنيمة ومغنما ً ، وأصلة في اللغة يدل على إفادة شيء لم يملك من قبل، أو هو ا لربح(٤) . ِ والغ ُن ْ م في الاصطلاح: هو ما يحصل له من مرغوبه من ذلك ا لشيء(٥) . (١) .١٦٩/ ٧٧ . ج ٣٥ / ٣٤٥ . الكندي م حمد بن إبراهيم: بيان الشرع، ١٨ / ابن بركة: الجامع، ٢ .١٠٢/١١ .٦٣/ ١١٤ . العوتبي سلمة بن مسلم: الضياء، ١٧ / ج ٥٧(٢) ٤١٩ . الفيومي: المصباح المنير، ص ٦١٠ . الزرقا / ابن فارس: معجم مقاييس اللغة، ص ٤ . أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٤٣٧(٣) . قلعة جي وقنيبي: معجم لغة الفقهاء، ص ٣٠٣(٤) . ٣٩٧ . الفيومي: المرجع نفسه، ص ٦٢٢ / ابن فارس: المرجع نفسه، ٤(٥) . قلعة جي وقنيبي: المرجع نفسه، ٣٣٠ ج المعنى الإجمالي للقاعدة: كما أن المالك يختص ب الغ ُن ْ م ولا يشاركه فيه أحد، فكذلك يتحمل الغرم ولا يتحمل معه أحد، سواء كان المالك ف ردا ً أم جماعة، وبعبارة أخرى يمكن القول: إن الغرم هو نوع من الخسارة التي تلحق من له حق الانتفاع ب الغ ُن ْ م َ وهو المنفعة أو الربح الحاصل من ملك شيء أو استئجاره أو العمل فيه؛ لأن من ناله نفع شيء يجب أن يتحمل ضرره بقدر منفعته، ولذا قالوا بوجوب نفقة الفقير العاجز عن الكسب واجبة في بيت المال؛ لأنه وارث من لا وارث له، وحكموا بنفقة رد العارية على المستعير ورد الوديعة على ا لمودع. ولا فرق في الغرم بين أن يكون مشروعا ً ، كمؤونة تعمير الملك المشترك، فإنها عليهم بمقابلة انتفاعهم به انتفاع الملاك، وكمؤونة تعمير وإصلاح السواقي والأفلاج المشتركة، وتعمير حافاته وتطهير مائه، فإنه على الشركاء فيه بمقابلة انتفاعهم بحق الشرب والسقي، وكأجرة ا لق َس ام، والك َي ال، والوز ّ ان، ّّ فإنها على الشركاء والورثة؛ لأن نفع ذلك عائد لهم. أو يكون الغرم غير مشروع: كالتكاليف والغرامات التي تفرضها بعض الحكومات الجائرة على الأملاك، فإنها بمقابلة سلامة أملاكهم، وكالتكاليف التي تطرح على الأنفس فإنها بمقابلة سلامة أ نفسهم(١) . k :IóYÉ≤dG π«°UCÉJ :É«fÉK أ أصل هذه القاعدة حديث نبوي شريف وهو ق وله صلى الله عليه وسلم في شأن زيادة ِ الرهن ونمائه: لا يغلق الرهن، لصاحبه غ » ُ نمه وعليه غ ُ « رمه(٢) . (١) ٤٣٨ . شبير محمد عثمان: القواعد الكلية، ، الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٤٣٧ ص ٣١٦ . محمد بكر إسماعيل: القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه، ص ٢٠٨ . مدكور . محمد سلام: مدخل الفقه الإسلامي، ص ١٢١ (٢) ، رواه ابن حبان، كتاب الرهن، ر قم ٥٩٣٤ ، والحاكم في المستدرك، كتاب البيوع، ر قم ٢٣١٥ .« حديث صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي » : عن أبي هريرة، وقال وجه الاستدلال بالحديث: تعرض ابن بركةا لبهلوي إلى بيان مدلول هذا الحديث، وبين أقوال العلماء ِّ لا ي غل » : فما معنى قول ا لنبي صلى الله عليه وسلم » : فيه فقال َ ق الرهن، ل صاحبه غنمه وعليه ُ ؟« غرمهقيل له: هذا من ا لنبي صلى الله عليه وسلم تعريف لأمته؛ لأن الذي كان عليه ا لغ ُ رم قبل ذلك في معاملاتهم في الرهن باطلة، وذلك أن أحدهم كان يرهن الرهن ويشترط إلى وقت كذا وكذا، ويقول: فإن لم آتك فهو لك بحقك، فأبطل ذلك ا لنبي صلى الله عليه وسلم ِ وقال: « لا يغلق الرهن » ؛ أي: يبطل ملك صاحبه عنه بهذا الشرط، ولا يزول حقه عنه في الفكاك، وهذا مثل شرطين في بيع، أو شرط وبيع، والشرط لا يوجبه، ووجه آخر إذا مل ّ كه إياه في وقت قد كان على وجه البيع ف لا يجوز، كنحو قوله: إذا دخلت الدار فهو لك بحقك، وإذا نظرت إلى السماء فهو لك بكذا وكذا من الثمن، أو يقول: إذا كان رأس الشهر هذا فقد بعتك عبدي بكذا وكذا من الثمن، فالبيع متى وقع على هذا ونحوه من الشروط لم يجز لقول النب ي صلى الله عليه وسلم : له غنمه وعليه غرمه » « ، يعني والله أعلم له زيادته وعليه نقصانه؛ لأنه قال: « له غنمه وعليه غرمه » « ، والهاء راجعة إلى الرهن ن فسه(١) . وينبه ابن ب ركة إلى أ ن ّ هذا المفهوم هو ما عليه جمهور ا لإباضي ة، وذهب بعضهم إلى أن المقصود من ق وله صلى الله عليه وسلم: « له غنمه وعليه غرمه » ؛ أي: لصاحبه زيادة الرهن وعليه غرامة الدين، وبناء عليه، فالذي يذهب إلى هذا القول لا يسقط الحق مع ضياع الرهن؛ لأن المرتهن معهم أمين فيه، والرهن في يده ثقة بحقه لقاء تمكنه من استيفاء دينه منها، وذلك بمنزله الضامن على المضمون عليه، وأن الحق متعلق بالرهن، والرهن متعلق بالمرتهن، والراهن (١) ١٦٧ ،١٦٢/ ٣٤٥ . الكندي أ حمد بن عبد الله: الصنف، ٢٥ / ابن بركة: الجامع، ٢ - .١٦٨ .٢٤١/ الشماخي: الإيضاح، ٤ كالضامن، فالمرتهن ليس له تملك المرهون ولو لم يؤد الراهن ا لد ّ ين؛ لأن ْ حكم الرهن ليس بالملكية بل هو عبارة عن حبس المرهون لاستيفاء حقه، كذلك فهو وثيقة ب الدين(١) . ويخالف ابن ب ركة أصحاب هذا القول، ويختار رأي الجمهور ويصححه والتأويل الأول عندي أصح؛ لأن الشرط في الرهن والدين في الذمة، » : فقول وقوله 0 : « لا يغلق الرهن » معناه والله أعلم أن لا ينقطع من صاحبه من الفكاك؛ لأن العرب تقول فلان منغلق مفتون لا يروم الكلام، وكذلك أغلقوا «... الباب الذي لا يتعدون الوصول إ ليه(٢) . ب وذهب البعض إلى أن أصل هذه القاعدة مستفاد من مفهوم الحديث النبوي: « الخراج بالضمان » وقد جرى مجرى القواعد يقول الشاه ولي الله الدهلوي مشيرا ً ومن القواعد المبنية عليها كثير من » : إلى أصل هذه القاعدة الأحكام أن الغنم ب الغر م، وأصله ما قضى النبي صلى الله عليه وسلم أن ّ : « الخراج بالضمان »(٣) ومعناها: أن التكاليف والخسارة التي تحصل من الشيء تكون على من ينتفع (٤) به شرعا ً. k :É¡JÉ≤«Ñ£Jh IóYÉ≤dG ´hôa :ÉãdÉK ١ في ضمان عيوب المبيع: ومن فروعها: إذا اشترى أحد بضاعة ووجد فيها عيبا ً ، فله الخيار في قبولها، ويطالب البائع بالتعويض، وله رد المبيع بعيبه واسترجاع ثمنه؛ لأن التعويض والضمان مقابل الانتفاع بالثمن. ،« الغرم ب الغن م » (١) . ٣٤٥ . هرموش محمود: معجم القواعد الفقهية الإباضية، ص ٤٦٨ / ابن بركة: الجامع، ٢(٢) ٣٤٥/ ابن بركة: المصدر نفسه، ٢ - .٣٤٦ (٣) .١٦٩/ الدهلوي شاه ولي الله: حجة الله البالغة، مبحث القضاء، ٢(٤) .١٠٢٩/ الزرقا: المدخل الفقهي العام، ٢ صورا « شرح النيل » نقل القطب أ طفيش في ً كثيرة لعيوب المبيع ومما جاء وضمن بائع م ا جره العيب الذي لم يخبر به المشتري ولو لعدم » : فيه بنصه ِّ اطلاعه أو ل نسيانه أو غلطه، وذلك فيما إذا جره العيب بعد قبوله بالأرش، ومطلقا ً على قول التخيير والفسخ، وقيل: إن رآه المشتري لم يلزم البائع ما جره، وهكذا بحسب الأقوال في الأخبار بالعيب ووضع اليد عليه، وعلم المشتري، فإذا لزم المشتري لم يضمن البائع م ا جر، بل يلزم المشتري وإلا ّ لزمه، مثل: أن يبيع دابة ت عضأو تضرب، فإنه يضمن ضربها أو عضها ما لم ّ «... يلتزمها المشتري ب القبول(١) . ومن الصور التي استشهد بها ا لثميني ووضحها ا لقطب في هذا الباب أنه ِ يحق للمشتري رد المبيع إذا وجد فيه عيبا » ً : الرمان والجوز إذا فتحهما ووجد َّ حبه ف اسدا ً ، وكذلك البطيخ إذا وجده لم ينضج، وكذا البيض إذا وجده ف اسدا ً الغرم » أو ت فر خ ولا يمكن الانتفاع به، فله الحق في رده واسترجاع ثمنه؛ لأن ّ بالغنم « ومن اشترى ك (رمان أو جوز فكسره أو بعضه » : يقول في هذا المعنى ولم يجد به حبا ً ( أو وجد بها ح َب ّا ً فاسدا ً أو رديئا ً (رد ّ القشر) إلى البائع (وأخذ ثمنه) من البائع، (ولا يجد رد ّ بيض إن ت فر ّ خ) أو ت نج ّ س بك َو ْ ن أكثر من نصفه دما ً ممزوجا ً ، أو يكون قليل منه دما أحمر خالصا ً ، ( وك َف َ قوس ت مر ّ ر)؛ أي ب طيخا ً صار م ُر ّا ً (بعد كسر) متعلق بقوله لا يجد، (وله أرش) م ا تمر ّ ر من نحو فقوس، وأرش ما يكون داخل البيض، ويسقط عنه قشره إذا كان فيه نفع مقصود بالذات، كبيض على النعام، فإنه له ويعطيه البائع قيمة ما سواه، ويضمن له مقدار الفرخ من أبيض البيض على القول بأنه يجوز أكل ماعدا الفرخ من البيضة، فيكون ما عداه للمشتري؛ وأما إذا نجس بالدم وتفرخ، وقلنا بنجس ما كان مع الفرخ وهو المشهور، ولم يكن ن فع بالقشر أو ت مرر نحو الفقوس ٌّ (١) .٥٠٤/ أطفيش أمحمد: شرح كتاب النيل للثميني، ٨ حتى لا يمكن أكله، فالظاهر أنه يرجع بعد الكسر على البائع بالثمن كله؛ إذا لم تبق في ذلك منفعة، ا لل ﱠ هم إلا أن يقال إنه لو لم يكسر البيض ل حيي فرخها ﱠَ ولو لم يكسر الفقوس مثلا ً لطاب ولو بعد القطع من منبته، فتزول مرارته، ِ فبك َ«... سر المشتري ذلك لزمه لتفويته ذلك على ا لبائع(١) . ْ ٢ في تلف البضاعة: إذا تلف الشيء المبيع فهو من مال من هو في يده مشتريا ً كان أو ب ائعا ً ؛لأن له غ ُن ْ مه فعليه غ ُرمه، إلا إذا كان المشتري قبضه من بائعه، ثم رده إليه على ْ سبيل الأمانة والوديعة فتلف، فهو من مال المشتري لا البائع(٢) . قال ا لثميني في سياق حديثه عن بيع الخيار وأحكامه، ت طبيقا ً لهذه القاعدة ومؤونة البيع وجنايته في المدة على البائع، ورجع بها على المشتري » : ما نصه إن قبله، وقيل: لزم ذلك من شرطه، وغل ّ ته ونماؤه بيد من كان بيده، وتبعته في « رد وقبول(٣) . ِ ومؤونة البيع، من أكل وشرب، » : وشرح القطب ما أجمله الثميني فقال ٍ ولبس وسكنى، ومداواة، ورعي وسقي ودهن إن كان لا بد منه، وكل م ا يحتاج ْ إليه، (وجنايته)؛ أي: ما أفسد في غيره، كوقوع نخله أو جدار على مال ما من الأموال، أو على نفس مطلقا ً ، أو بعد الإقدام على ما في محله من الخلاف، وكإفساد الحيوان في مال أو نفس (في المدة) مدة الخيار على البائع، يؤخذ ِ بذلك كله ولا يترك، لئلا يضيع المال، ولتعل ّ ق حق المشتري به، وكان مشترط الخيار هو البائع؛ لأنه قد ي مضي البيع فيكون الشيء للمشتري، ولا سيما إن ُ كان الخيار للمشتري، ولاستصحاب الأصل؛ لأن أصله للبائع، فلم يخرج من (١) .٥٠٥ - ٥٠٤/ أطفيش: ٨(٢) .٣٤١/ الخليلي سعيد: (المحقق)، تمهيد قواعد الإيمان، ٨(٣) ٢٧٥/ أطفيش أمحمد: شرح كتاب النيل للثميني، ٩ - .٢٧٦ ملكه جزما ً بل ت عليقا ً ، فيحكم بحكم المالك ما لم يجزم البيع بالقبول، فكانت الجناية عليه، وإذا فعل تلك الأشياء ورجع بها على المشتري، لأنه قد انكشف أن الشيء للمشتري ولو لم يعلم بأنه قد جنى، وأن البائع قد ضمن، ولا أنه ِ صرف شيئا ً في مؤونة (إن ق َبله) ذلك المشتري، إذا كان الخيار للمشتري، أو ِ ق َبله البائع إذا كان الخيار للبائع... فيضمن المشتري للبائع ما صرف على الشيء من ذلك حتى الجناية، وذلك من مال المشتري إذا كان الشراء له، ومن مال غيره إذا كان الشراء لغيره، ولم يكن منه تقصير، وظهر له الصلاح في قبوله ولو بعد أن جنى إن أجاز له المنوب عنه، أو قائم المنوب عنه أن يشتري بخيار له أو بخيار عليه، وإن لم يصرف الجناية، أو ما لزم من أجرة سكنى، أو ِ أجرة رعي أو سقي أو نحو ذلك، ف لمن له ذلك الرجوع على البائع أو َ المشتري؟ أما البائع: فلأن ذلك كان قبل أن يجزم البيع وقبل أن ينفصل عن ملكه، وأما المشتري: فلصيرورة ذلك إليه، مع أنه قد تعلق إليه بالشراء ا لمعل ّ ق إلى رضاه أو رضى البائع أو غيرهما. وقيل: لزم ذلك من شرطه؛ أي: الخيار لتعلق البيع به وتعطله، بخلاف الآخر، فإن شرطه البائع لزمه على حد ما ذكر، وإن شرطه المشتري لزم «... المشتري، ورجع به على البائع إن لم يقبله ا لمشتري(١) . ويبي ن ا لقطب أن الغلة تكون للمالك الحقيقي وهو البائع في مدة الخيار، ﱠ ِ مقابل ما يجب عليه من غ ُ وغلته إن كان شجرا » : رم ما أفسد في المبيع فيقول ً أو حرثا ً ، ودخل فيها النتاج إن كان حيوانا ً كأمة وناقة، وما لزم من أفسد فيه َ كع َ قر أمة، وأرش جرح، وقيمة ما أفسد في الشيء المبيع، (ونمائه) كصوف ووبر، ولبن وما يخرج منه، وكراء إن كان دارا ً ونحوها مما يكرى، أو دابة تكرى، وحطب يكونان (بيد من كان بيده)، وهو مالكه الأول الذي باعه (١) أطفيش: المصدر السابق. بالخيار، سواء كان في الحال بيده، أو كان في الحال بيد المشتري، وذلك فيما انفصل من ذلك. ِ وأما ما اتصل بالمبيع ولم ينفصل لم يحتج إلى فصله، فإنما يكون ب يد من كان الشيء بيده في الحال، وهو المشتري كما هي القاعدة أ ن ّ المبيع ولو » وظاهره أن المراد ،« بخيار يكون بيد المشتري، إلا إن اتفقا أن يكون بيد البائع «... فيمن في يده: البائع أو ا لمشتري(١) . ٣ في زكاة المال المؤجر: إن استأجر رجل رجلا ً بألف دينار لمدة معينة ليعمل عنده، فزكاة ذلك المبلغ على رب العمل إذا حل ّ أجل زكاته، ما لم يدخل الأجير في العمل، فإذا دخل في العمل، فكلما عمل جزءا من العمل استحق جزءا من الأجرة ًً حتى يتم العمل، ولا يسقط رب العمل عند أداء الزكاة إلا ما استحقه الأجير فما دام تلك الأجرة لم يستحقها الأجير فهي ملكا ،« الغرم ب الغن م » بعمله؛ لأن ً للمؤجر، وتجب زكاته عليه حتى يخرجها من ماله، فتجب على المستأجر إذا بلغت ا لنصاب(٢) . ٤ في العقد المعل ّ ق: وإذا كان العقد م عل ّ قا ً كبيع أو هبة أو نكاح، فأوقع فيه أحد العاقدين فسادا، ضمن ذلك ما دام لم تنتقل ملكيته إلى غيره، وذلك مقابل انتفاعه به؛ لأن ِ الغرم ب الغنم » .« وأما إن أفسده ما علق إليه ب بيع » : يقول ا لثميني في هذا المعنى َِ أو هبة، أو ما علقه هو إلى غيره، فضمان ذلك ونفقته وما يحتاج إليه على من انتهى إليه وصار في ملكه، وكذا النكاح المعلق مثل: إن تزوج بهذا العبد أو (١) ٢٧٥/ أطفيش: شرح النيل، ٩ - .٢٧٦ (٢) .٢٥١/ الشماخي: الإيضاح، ٦ غيره من الحيوان بلا شهود؛ أي: جعل ذلك صداقا ً ، وقيل على الزوج ضمان ذلك حتى يستشهدا، وكذا فيما مر من البيع والهبة ضمانه على البائع والواهب ّ « حتى يقع القبول لذلك من مشتريه وموهوبه (١) . ٥ في المضاربة: ومن فروعها إن اقترض أحد بمال المسلمين وتاجر به، فالربح له، وعليه ضمان رأس المال، قال م حمد بن إبراهيما لكندي : « الربح له والضمان عليه »(٢) . ِ ٦ في الشركاء في الملك: إذا رغب أحد الشركاء في ملك الأرض أو العقار أن يجعل نصيبه لفائدة المساكين ينتفعون من غلته، ثم حدث فيه ضرر، فقد اختلف الفقهاء فيمن يتولى إزالة ذلك الضرر، هل يتحمله جميع الشركاء أم الذي جعل سهمه للمساكين؟ وأما الشركاء في » : يقول أب و العباس أحمد في بيان حكم هذه المسألة الأرض أو غيرها من الأصول إن جعل أحدهم سهمه للمساكين، فحدثت في تلك الأرض مضرة على غيره، فإن الشركاء ي ؤخذون على نزع ذلك جميعا ً ، ُ ومنهم من يقول لا يؤخذ على ذلك إلا الذي جعله للمساكين؛ لأنه قد ضمن « سهم شركائه(٣) . ِ والظاهر أ ن ّ الضرر يتحمله من أوقعه على ا لملك أو تسبب فيه، سواء كان ف ردا ً أو جماعة، إلا إن كان الضرر عاما لم يوقعه أحد منهم، وإنما حدث بسبب خارجي، كالأمطار والسيول والحرائق العامة، ففي هذه الحالة (١) . الثميني: الورد البسام، ص ٢٣٨(٢) .٧٧/ الكندي محمد بن إبراهيم: بيان الشرع، ١٨(٣) . أبو العباس أحمد: القسمة وأصول الأرضين، ص ٣٧٩ يتحمل جميع الشركاء نزع الضرر، وإصلاح الملك وترميمه، ليسهل عليهم الغ » الانتفاع به؛ لأن ُ رم ب الغ ُ.« نم ٧ في الرهن: َ ﻦـﻣﻭ:ﺎﻬﻋﻭﺮﻓ ﻥﺃ ﻦـﻫﺮﻟﺍ ﺍﺫﺇ ﻥﺎﻛ ﻪﻟﻏّﻠ ﺔ ﺀﺎﻤﻧﻭ ﻪﺘﻠﻐﻓ ﻩﺅﺎﻤﻧﻭ ؛ﻦﻬﺗﺮﻤﻠﻟ ﻥﻷ - ﻦـﻫﺮﻟﺍ ﻮـﻟ ﻚﻠﻫ ﻩﺪﻨﻋ ﻥﺎﻛ ﻪﻧﺎﻤﺿ ؛ﻪﻴﻠﻋ ﺀﺎﻘﻟ ﻪﻨﻜﻤﺗ ﻦﻣ ﺀﺎﻔﻴﺘـﺳﺍ ﻪﻨﻳﺩ ،ﺎﻬﻨﻣ ﺎﻤﻛ ﺐﺠﺗ ﻪﻴﻠﻋ ﺓﺮﺟﺃ ﺖﻴﺒﻟﺍ ﻱﺬﻟﺍ ﻆﻔﺤﻳ ﻪﻴﻓ ﻦﻴﻌﻟﺍ ،ﺔﻧﻮﻫﺮﻤﻟﺍ ﺓﺮﺟﺃﻭ ﺎﻬﻈﻓﺎﺣ ﻪﻨﻳ(١)َ ﻞﺑﺎﻘﻣ ﻪﻗﺎﻘﺤﺘﺳﺍ ﺎﻬﺒﺴﺣ ﺪﺑ. :ﺎﻬﻨﻣﻭ ﺍﺫﺇ ﻦﻫﺭ ﺺﺨﺷ ﺔﻌﻄﻗ ﺽﺭﺃ ﺎﻬﻋﺭﺰﻓ ،ﻦﻬﺗﺮﻤﻟﺍ ﺔﻋﺍﺭﺰﻟﺎﻓ ﻊﺒﺗ ،ﺽﺭﻸﻟ - ﻲـﻫﻭ ﻦـﻫﺍﺮﻠﻟ ﻊﻓﺮﺗ ﻦﻣ ،ﻖﺤﻟﺍ ﻪﻟﻮﻘﻟﷺ : ﻻ» ﻖـﻠﻐﻳ ،ﻦﻫﺮﻟﺍ ﻪﺒﺣﺎﺼﻟ ﻪﻤﻨﻏ ﻪﻴﻠﻋﻭ«ﻪﻣﺮﻏ (٣)(٢) . ً ﺎﻬﻨﻣﻭ ﺎﻀﻳﺃ. : ﺍﺫﺇ ﻦﻫﺭ ﺓﺎﺷ ﺝﺎﺘﻨﻟﺎﻓ ،ﻦﻫﺍﺮﻠﻟ ﻊﻴﻤﺟﻭ ﺔﻠﻏ ﻦﻫﺮﻟﺍﻦﻫﺍﺮﻠﻟ(٤) - (١) هرموش محمود: معجم القواعد الفقهية الإباضية، ص ٣٣٧ . الزرقا: شرح القواعد الفقهية، . ص ٤٣٧(٢) سبق تخريجه. (٣) .١٦٢/ الكندي أ بو بكر: المصنف، ٢٥(٤) .١٦٧/ الكندي: المصدر نفسه، ٢٥ : á«°VÉHE’G óæY IóYÉ≤dG áfÉμe :k’hCG تعتبر هذه القاعدة من القواعد العامة في نظرية الضمان، فقد اعتمدها الإباضية في فروعهم الفقهية المختلفة في مجال المعاملات والجنايات، وتقاربت عباراتهم حول مدلول هذه القاعدة، وصاغوها بصيغة متقاربة، ومن وإن أخطأ، لأنه أتلف مالا » : فقال « الجامع » ذلك ما صرح به ابن ب ركة في ً لغيره « بغير علم، والخطأ في الأموال لا يزيل الضمان(٢) . ويقول تلميذه أب و الحسن البسيوي أيضا ً : « والأموال مضمونة في الخطأ والعمد »(٣) . ونص عليها ا لشماخي ومع هذا التخصيص » : في معرض حديثه عن جزاء قتل الصيد في الحرم فقال أوجبوا الجزاء في العمد والخطأ، ولم يمتثلوا دليل الخطاب في هذه الآية، وهو بل يرفع الإثم ف قط « الخطأ لا يزيل الضمان » الشبه في هذا الوجه؛ لأن « (٤) . وأما كل » : ويؤكد هذا المعنى في موضع آخر في باب الإجارة فيقول ّ ما تلف ُ في أيدي ا لأجراء مما أتى على أيديهم من كسر أو قطع في المصنوع، فهم له الخطأ في الأموال لا يزيل الضمان » ضامنون؛ لأنهم هم الذين أفسدوه بأيديهم، و « (٥) . (١) ٣٧٣/ ٤٣٧ . الشماخي: الإيضاح، ٣ / ابن بركة: الجامع، ٢ - .٣٧٧ ،٣١٤/٦ .٣٧٤ ٢٣٠ . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، ،٢٣١/ الجيطالي، قواعد الإسلام، ٢ ٢١٥ . الثميني: الورد البسام، ٢٠٩ . القطب / ١٦٤ . الأصم عثمان: البصيرة، ١ /٤ .٧٤٣ ،٧٣٦ ،٦٦٨ ،٦٥٤ ،٥٤٨ ،٥٢٧/١٢ .٢٧٧/ أطفيش: شرح كتاب النيل، ٩ (٢) .٤٣٧/ ابن بركة: المصدر نفسه، ٢ (٣) .١٦٤/ البسيوي: الجامع، ٤ (٤) .٣٧٤ - ٣٧٣/ الشماخي: الإيضاح، ٣ (٥) .٣١٤/ الشماخي: المصدر نفسه، ٦ ويشير ا لجيطالي إلى هذا المعنى في سياق كلامه عن مظالم الأموال حيث يقسمها إلى ثلاثة أ قسام: الأول: العمد، وفيه الضمان والإثم. ِ والثاني: ما يلزم من ق بل الخطأ والنسيان، فهذه يلزمه فيه ا لغ ُ رم دون ا لإثم. والثالث: جناية العبيد والبهائم، ففيها الضمان على مالكها(١) . ومن تعمد » : كما عبر عثمان ا لأصم عن هذه القاعدة بعبارة صريحة فقال ّ على مال رجل فأتلفه، فإنه ضامن، فإن أخطأ أو غلط، فعليه الضمان؛ لأن ومن أعان على ظلم في قول أو مال آثم، وضمن ،« الخطأ في الأموال م ضمو ن »«... إن تلف على بدنه شيء(٢) . ويلاحظ من عبارات من ت َ قدم من ا لإباضية أنهم قصروا الضمان على َ الأموال دون الأنفس، بينما نجد الجيطالي والثميني يعممه على الأنفس والأموال، ولعل هذا أنسب ما دامت القاعدة تشملهما، جاء في شرح كتاب الخطأ في الأموال والأنفس لا يزيل الضمان » وقد مر أن » : ما نصه « النيل » « قال ّ القطب أطفيش معقبا ً والمراد بعدم إزالته الضمان في « بل يزيل الإثم » : عليه الأنفس عدمها فيما دون ثلث الدية، وأما ثلثها فصاعدا فيزيل الخطأ فيه ويذكر ا لشيخ » : ويضيف .« الضمان، وينقله إلى العاقلة(٣) الأنفس؛ لأن الكلام في الأموال؛ ولأن الأنفس فيها فيه تفصيل، وما فيه تفصيل لا يعترض بعدم « ذكره، والأولى ذكرها(٤) . (١) ٢٣٠/ الجيطالي إسماعيل: قواعد الإسلام، ٢ - .٢٣١ (٢) .١٨١/ الأصم عثمان: البصيرة، ١(٣) ويقصد بالشيخ: صاحب متن النيل عبد العزيز الثميني. (٤) ٢٧٣/ أطفيش: شرح النيل، ١٠ - ١٧٢/ ٢٧٤ . الجيطالي: قواعد الإسلام، ٢ - .١٧٣ k :IóYÉ≤dG ∞jô©J :É«fÉK الخطأ في اللغة: ضد ا لصواب(١) . وفي الاصطلاح : هو ا لذ َّن ْ ب الذي ليس للإنسان فيه قصد، وضده ُ الصواب(٢) . قال أ بو سعيد الكدمي : « الخطأ م ا أريد بشيء فأخطأ ب غيره »(٣) . ِ الخطأ: وهو أن يفعل ف علا » : وقال ا لسالمي في بيان مدلول الخطأ ً من غير أن يقصده قصدا تاما، وذلك أ ن ّ « إتمام قصد الفعل بقصد محله(٤) . وقد أشار عمروس بن فتح إلى ماهية الخطأ الذي يجب به الضمان، وسماه الخطأ المحض، وذكر له صورا ً وأما الخطأ المحض » : متنوعة، فقال الذي تعقله العاقلة فهو: أن يهوي الرجل بضربة أو رمية إلى صيد، أو دابة، أو إنسان، فيصيب غيره، أو يسقط منه شيء فيصيب إ نسانا ً ، أو يسقط هو بنفسه، أو يصيح فيقع إنسان من أجل صيحته، وما يشبه هذه الوجوه، فهو الخطأ « المحض الذي تعقله العقلة ب البينة(٥) . ِ ِ ِّ (٦) والضمان: عبارة عن رد ّ مثل الهالك إن كان م ث ْ ليا ً أو قيمته إن كان ق يميا ً . والإثم: هو ما يجب التحرز منه شرعا ً ، وهو المأثم، قال ا لراغب : وهو » والمراد به في القاعدة معنى العقاب ،« اسم الأفعال المبطئة عن الثواب والمؤاخذة ا لأخروية. المعنى الإجمالي للقاعدة: ومعنى القاعدة: أن الإنسان إذا أخطأ يترتب عليه ضمان مالي أو جزاء (١) . الرازي أ بو بكر: مختار الصحاح، ص ١١٨(٢) . البركتي: تعريفات البركتي، ص ٢٧٨(٣) .٢٨٣/ ابن جعفر: الجامع، ٤(٤) ٢٧٠/ السالمي: طلعة الشمس، ٢ - .٢٧١ (٥) . أبو حفص عمروس بن فتح النفوسي: أصول الدينونة الصافية، ص ١٣٣(٦) . البركتي: التعريفات، ص ٣٥٩ ّ خطأه هذا وإن كان يرفع الإثم والمؤاخذة الأخروية إلا أنه لا يزيل مادي، ف إن الضمان المالي، وعليه فمن أخطأ في مال الغير، فأتلفه بغير وجه حق وجب عليه ضمانه؛ لأن الخطأ في المال لا يسقط الضمان عن المخطئ، وكذلك من أصاب ن فسا ً خطأ ف تسبب في هلاكها أو تعطيلها، فعليه ضمانها، ويرفع عنه ّ الإثم ما دام غير قاصد و لا متعمد(١) . k :IóYÉ≤dG π«dO :ÉãdÉK الخطأ لا يزيل الضمان ويرفع ا لإثم » : ثبتت مشروعية قاعدة « وحجيتها في القرآن الكريم والسن ﱠ ة النبوية، من ذلك: ﱡ أ قال تعالى في جزاء قتل الصيد في الحرم: ﴿ ´¶µ ¸ ¾½¼»º¹ ﴾ (ال مائ دة: ٩٥ (. يعني متعمدا » : قال ا لشماخي في بيان وجه الاستدلال بالآية ً لقتله، ومع هذا التخصيص أوجبوا الجزاء في العمد والخطأ ولم يمتثلوا دليل الخطاب في بل يرفع « الخطأ لا يزيل الضمان » هذه الآية، وهو الأشبه في هذا الوجه؛ لأن « الإثم فقط(٢) . ب ورد في ا لسن ﱠ ة النبوية الشريفة حديث عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رفع عن » ﱡ ُ « أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه(٣) . (١) .٢٤٥ ، هرموش: معجم القواعد الفقهية الإباضية، ص ٢٤٣(٢) الشماخي: الإيضاح، طبعة ١٩٨٣ ، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع ُ مان، .٢٧٤ - ٢٧٣/٣ (٣) رواه ابن ماجه، كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي، رقم ٢٠٤٥ ، وابن حبان في صحيحه، كتاب إ خباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصحابة، باب فضل الأمة، رقم ٧٢١٩ ، عن ابن ينظر: ابن حجر، تلخيص .« حديث حسن » : قال النووي .« تجاوز » و « وضع » : عباس. بلفظ .٢٨١/ الحبير، ١ والمراد هنا رفع إثم » : قال ا لسالمي في بيان وجه الاستدلال بالحديث ِ الخطأ، والخطأ عذر يسقطا لوز ْ ر، وكذلك يسقط به الحد والقصاص، و لا يسقط ُ الخطأ شيئا ً « من حقوق الخلق، فيلزم من أخطأ في مال الغير ضمانه(١) . :IóYÉ≤dG ´hôa :É©HGQ ورد في المصادر الإباضية فروعا ً عديدة ت خر جت على هذه القاعدة، من ّ ذلك: ١ في الإجارة: من « الإيضاح » ومن فروع القاعدة في باب الإجارة ما ذكره الشماخي في صور للخطأ في الأموال يجب فيها الضمانا عتمادا ً الخطأ لا يزيل » : على قاعدة الضمان ويرفع ا لإثم « وأما كل » : فيقول ّ ما تلف في أيدي الأجراء مما أتى على أيديهم من كسر أو حرق أو قطع في المصنوع فهم له ضامنون؛ لأنهم هم الخطأ في الأموال لا يزيل الضمان » الذين أفسدوه بأيديهم و .« وفي الأثر: وكذلك الرجل يأمر رجلا ً أن يضرب له وتدا ً أو مسمارا ً في باب فانكسر الباب، فإنه إن كان الباب ضعيفا ً قبل ذلك ف لا شيء على النجار، وإن كان الباب ق ويا ً فهو غارم، وكذلك الرجل يدفع ث وبا ً إلى غسال ليغسله ّ فحرقه، إنه إن كان الثوب خل َ قا ً والحرق يسير فعلى ا لغس ال رفوه، وإن كان ُّ خرقا يهلك فيه الثوب كان عليه قيمته أو مثله، وكذلك الرجل يدفع جلدا ً إلى الحذاء ي حذ ّ ه ن علا ً ، فأفلتت الشفرة فقطعته إنه ضامن، وكذلك الجزار لو قيل له: انحر هذا البعير أو اذبح الثور أو انحره، أو اذبح هذه الشاة، فذبح ثم قطع منها هو أو غيره قبل أن تموت، حكمه أ ن ّ من قطع منها ضامن لقيمتها؛ لأنه أفسدها على أهلها، ولا يكلف قيمة ا لل ّ حم؛ لأنه ليس بلحم ولا قيمة الحي؛ (١) ٢٧٠/ السالمي: طلعة الشمس، ٢ - .٢٧١ لأنها قد زالت عن حال الحيوان وهي إلى الموتى أشبه منها بالحيوان، وأما م ن َ ترك التسمية عمدا ً فإنما عليه قيمتها وهي حية؛ لأنه تعمد فسادها، وكذلك ّ صاحب الفرن لو قيل له: اطبخ العجين بكذا وكذا فأفسده بحرق نار، وإنما «(١) عليه عجين مثله مرك ّ ب على الاختيار مختمرا ً أو ف طيرا ً . ٢ في تضمين الصناع: ومن صور إتلاف أموال الناس عند ا لصناع: أنه لو أتلف الخياط ث وبا ً فعليه ﱡ ضمانه ولو كان التلف بطريق الخطأ، نقل ذلك القطب أ طفيش عن بعض فقهاء من أعطى حياكا » : الإباضية فقال ً غزلا ً يعمله ث وبا ً فخرج رديئا ً ، فإن عدول َّ الصنعة ينظرونه وقيمة ما أفسده ويدفعها لربه معه، وقيل: ي خير في أحد ثوبه ّ وقيمة نقصه بالعدول، وفي رد ّ الثوب على الحياك، ورد مثل غزله منه، والكراء المأخوذ منه، والكراء المأخوذ منه، وكذا ما أشبه ذلك، وإن طلب النساج أ جلا ً يبيع فيه الثوب أو يرد ما لزمه أجل له أ جلا ً غير بعيد من خمسة أيام على ّ عشرة، فإذا انقضى لم يكن له عذر من شراء ما لزمه غرمه، ولا يبرح من السجن حتى يأتي بما يلزمه، وإنما يكون له الأجل لحال ما يطلب عند «... الحكم(٢) . واستثنى ا لإباضية بعض الأعمال اليدوية التي يحتاج إليها الناس ويصعب صناعتها لدقتها وحساسيتها، وقالوا: لا ضمان فيها على الصانع إلا إن تجاوزا شروط الصنعة وقواعدها المعتادة، فإذا ظهر أنه لم يلتزم بهذه الشروط المحددة فإنه يضمن إذا أحدث ت لفا ً بأموال ا لناس. يقول ا لشماخي في هذا الشأن معللا ً وإنما لم » : سقوط الضمان عليهم يوجبوا الضمان على هؤلاء فيما يوجبه النظر؛ لأن في أعمالهم ت غريرا ً ، وقد (١) ٣١٤/ الشماخي: الإيضاح، ٦ - ٢٧٥/ ٣١٦ . وينظر: الثميني مع القطب، شرح النيل، ١٠ - .٢٧٨ (٢) .٢٧٦/ أطفيش: شرح النيل، ١٠ ُ أمروا بذلك ف لا ضمان عليهم حتى يجاوزوا الحد الذي أمروا به، وكذلك على هذا المعنى فيما يوجبه النظر ثقب اللؤلؤ ونقش الفصوص وتقويم السيوف، واحتراق الخبز عند ا لفران؛ لأنه ربما أن يكون الفساد يلحق ذلك لاختلاف ّ المعمولات (المصنوعات) في ذاتها، ولو كان العمل واحدا ً ويظهر منه فساد « في معمول دون معمول(١) . ٣ في تضمين الخطأ غير المقصود: ومن فروع هذه القاعدة: الضمان مما نتج عن استعمال النار والسلاح أن من جلس إلى « الورد البسام » خطأ، ومن صور ذلك ما ذكره الثميني في حداد ينظر إليه كيف يضرب حديده فأصيب بشرارة، فعليه دي ة ما أصابت ّ مطلقا ً ، وقيل: إن جلس إليه بإذنه وإلا فلا، وقيل: إذا كان الحداد في منزله ودخله أحد بغير إذنه، ف لا يضمنه، وأما إن دخله بإذنه أو كان المصاب في محل أبيح له القعود فيه، فإنه يضمنه، وقيل: إن حذ ّ ر الناس من الشرر قبل أن يضرب الحديد بقدر ما يقومون ثم ضرب ف لا ضمان عليه، وكذا غيره من « الصناع، كالنجار والنساج(٢) . ّ وتجدر الإشارة في هذا الصدد أن مسؤولية الضمان تقع على الحداد، أو النجار، أو النساج في حالات التقصير والإهمال، وعدم مراعاة شروط العمل، أما إذا التزم بهذه الشروط وأخذ كل أسباب الحيطة والحذر ثم وقع منه شيء غير مقصود ف لا ضمان حينئذ. ويضيف الثميني صورا ً أخرى للضمان في حالة التعامل مع النار أو السلاح من أحرق » : فيقع بسببها تلف في الأنفس والأموال عن طريق الخطأ، مثل َ أجمة أو خشبا ً في أرضه أو داره، لم يضمن ما أحرقته النار، وقيل: إذا علت (١) .٢٧٥/ ٣١٥ . القطب أطفيش: شرح النيل ١٠ / الشماخي: الإيضاح، ٦(٢) . الثميني: الورد البسام، ص ٢٠٩ فأحرقت بلهبها مالا ً ضمنه إن كان ذلك بلا ريح أمالتها، وأما إن كان بها فلا، ومن أوقدها في صغار الفسيل له فتتابع الحرق حتى احترق نخل أو غيره لأحد، ف لا يضمنه، قيل: لأن ابتداء الإيقاد كان في مباح له، وقيل يضمنه «... ولا يزيل الضمان خطؤه في ذلك(١) . ٤ في الوديعة: ومن فروعها: ما نص عليه ابن ب ركة من أنه إذا استودع رجل رجلا ً وديعة، ثم ردها إليه، أو مات ربها، فدفعها ا لمستود َ ع إلى من سلمها إليه أو إلى وارثه إن كان قد مات، ثم صح للميت وارث آخر بشهادة عدل وصح أن ا لمستود َ ع كان غاصبا ً لها بعد أن ردها إليه، فذهب الكثير من ا لإباضية أن ا لمستود َ ع ضامن للوديعة؛ لأنه ردها إلى غير مالكها، أو كان سل ّ مها إلى وارث كان غيره أولى بها وإن أخطأ؛ لأنه أتلف مالا لغيره بغير علم والخطأ في الأموال مضمون(٢) . قالوا ولصاحب هذا المال الخيار في » : ويضيف ابن ب ركة في السياق نفسه المطالبة بين من صارت إليه الوديعة وبين المسلم لها، وقال قوم: لا ضمان على الوصي ولا المودع وهما أمينان لم يكن منهما في أمانتهما ما يخالف أمر الله لهما، ولم يكن منهما إلا أداء الأمانة كما قال الله تعالى، والضمان إما « يكون بالتعدي والجور وإنما تعبدنا الله بما عنده(٣) . ٥ في الوصية: ومن فروعها: ما ذكره ابن ب ركة في معرض كلامه عن قسمة الوصية من أخطأ في قسمتها، أو في نسب أحد من القرابة حتى فات » للأقربين أن (١) الثميني: المصدر نفسه. (٢) .٤٣٧/ ابن بركة: الجامع، ٢(٣) ابن بركة: المصدر ن فسه. ملاحظة: هذا النص الأخير يمكن استغلاله في قاعدة أخرى وهي المؤتمن لا يضمن إلا بالتعدي. الكل من يده، فقال بعضهم: لا غ ُ رم عليه ولا يكون بينه وبين أحد من القرابة ِ ممن لم يصل إليهم بشيء خصومة إذا اجتهد في ق َ سم ها، ولا ترجع إليهم مثل حصصهم؛ لأن ا لمتول ﱢ ي للقسمة أدى اجتهاده في الوقت، ف لا يرجع على من َُ تول ّ ى القسمة، ولا على من قسمها فيهم؛ لأنهم ملكوا من صار إليهم، وليس سبيل الوصية سبيل الأملاك التي يجب فيها الدرك، وقال آخرون بل عليه الضمان؛ لأنه أتلف لهم حقا بفعله، فعليه ضمانه كان متعمدا ً أو مخطئا ً ، والخطأ في الأموال لا يوجب زوال ا لضمان » « (١) . ٦ في الخطأ الطبي وما يترتب عليه: إذا عالج طبيبا ً مريضا ً فارتكب خطأ ً طبيا ً في حقه، كأن قطع له عضوا ً ، أو ترك شيئا ً داخله بعد الجراحة، أو تسبب في إعاقة مستديمة، كالعمى والشلل وغيرها، ف الإباضية يقولون لا يضمن إلا إذا تجاوز حدود الطب ولم يلتزم بالقواعد اللازمة للعلاج، فإنه يضمن، أما إذا التزم ذلك وحدث ف سادا ً فلا يتحمله الطبيب؛ لأنه قد يكون لسبب عارض لا علاقة له ب ذلك. وفي الأثر: وأما ا لمتطبب والبيطار والخت » : جاء في الإيضاح م ا نصه ّ ان ّ والحجام، وأمثال هؤلاء إذا أتلف أحد بمعالجتهم، ف لا ضمان عليهم حتى يعلم أنهم زادوا أكثر مما أمروا به، فإن زادوا فتلفت بذلك، فعليهما لق َو َ د (القصاص)، وإنما لم يوجبوا الضمان على هؤلاء فيما يوجبه النظر؛ لأن في أعمالهم ت غريرا ً « وقد أمروا بذلك، ف لا ضمان عليهم حتى يجاوزا الحد الذي أمروا ب ه (٢) . ويبدو مما سبق أن الفقهاء إذا استثنوا من الأجراء من يمارس الطب وما أشبهه، ولا يمكن الاستغناء عنهم، فلم يلزموهم بالضمان إذا التزموا شروط عملهم، فإن تجاوزوا حدود صنعتهم وزادوا فيها ضمنوا خطأهم، فالضمان (١) .٤٣٧/ ابن بركة: الجامع، ٢(٢) ٢٧٢/ ٣١٥ . القطب أطفيش: شرح النيل، ١٠ / الشماخي: الإيضاح، ٦ - .٢٧٤ يكون في حالة التجاوز، فهو مقيد بالزيادة على ما أمروا به كما يؤكد ذلك فالدية إن زادوا على ما أمروا به في الطب » : القطب في شرح النيل إذ يقول والصناعة، وإنما لم يضمنوا إلا إن زادوا؛ لأنهم أمرهم الشارع بالعمل، وقد علم ما فيه من الغموض والغرر، فلم يستحقوا أن يحمل عليهم وقد كان قصدهم الصلاح، ولم يزيدوا على ما أمر الشارع، فلما لم يزيدوا لم يحكم بأن الفساد منهم ق طعا ً « ، فتغريمهم ظلم ل هم(١) . ونقل القطب أ طفيش عن بعض العلماء أن الطبيب الذي ارتكب خطأ طبيا ً في حق المريض فمات من أجله، تجب عليه الدية إذا كان خبيرا ً في ّ الطب، أما إذا كان لا يعرف الطب أو غير متقن له، فإن عليه القود وهو القصاص إذا ت رت ّ وفي ل » : ب عنه إعاقة مستديمة، فيقول ُق َ ط أبي عزيز(٢) : كل طبيب يقطع ويكوي فعليه الدية، وإعتاق رقبة مؤمنة إن مات به المطبوب، وكان معروفا ً بالطب، وإن لم يعرف به فعليه القود؛ لأنه يتولد من القطع والكي وجوه كثيرة، كالموت، والبطلان، والعمى، والعرج، ونقصان العمل، «... وذهاب النسل، وإماتة ا لشهوة(٣) . (١) .٢٧٤/ أطفيش: شرح النيل، ١٠ (٢)إبراهيم بن أبي يحيى، أ بو غالي، أبو عزيز (ت: ٧٤٦ ه/ ١٣٤٥ م) من علماء جبل نفوسة بليبيا، من أسرة آل بارون، التحق بمدرسة أبي عيسى الطرميسي وتعل ﱠ م بها. ت ول ﱠ ى التدريس في عدد من المدارس في جبل نفوسة. وممن تتلمذ على يديه الشيخ أب و عبد الله محمد الباروني ﱠﱠ الذي نقل عنه كتاب اللقط . له م ؤل ﱠ فات في التراجم والفقه الإباضي، وله كتاب اشتهر وهو مجموع من السير والأخبار والفقه وفتاوى النوازل التي وقعت في ،« لقط أبي عزيز » بعصره. ولل ﱡ قط ترتيبان: ا لأول للشيخ ي وسف بن حمو بن عدون، والثاني للقطب أ محمد بن ﱠ ﱡﱡ ﱠ يوسف أطفيش. ينظر: أ بو عزيز: لقط أبي عزيز: الشماخي: السير * أمانة الإعلام والثقافة: دليل المؤلفين الليبيين، ١٦ . الجيطالي: تذكرة النسيان، ملحقة بدليل المخطوطات، فهرس إروان، ص ٣١٦ - ،٣٢٤ * جمعية التراث: دليل المخطوطات. (٣) أطفيش: المصدر نفسه. فهرس آل ي د ﱠ ر، فهرس الحاج سعيد.. وذكر ا لشماخي في السياق نفسه صورا ً أخرى للأخطاء الطبية يجب فيها ًِ وكذلك البيطار إن ضرب مسمارا في يد دابة أو رجلها فأبطلها » : الضمان فقال فعرجت من ذلك، فهو ضامن، وكذلك لو أن خت ّ انا ً ختن صبيا ً فأصاب حشفته أو بعضها، أنه ضامن، بلغنا ذلك عن عمر بن الخطاب « (١) . ويشير أب و العباس أحمد إلى الحالات التي يضمن فيها الأطباء إذا لم وأما الوجوه التي يطلب الرجل فيه الصلاح كلها » : يقصروا في واجبهم فيقول ِ مثل: الطبيب إن عالج أ حدا ً على وجه الصلاح من خ َ تن الرجل، أو حلق له شعر رأسه، أو نزع له ضرسا ً آذته، أو شيئا ً ضره، أو ما أشبه هذا كله، فتولد على فعله ذلك تلف النفس أو تلف عضو من أعضائه، فليس عليه إثم وعليه ضمان الدية، ومنهم من يرخص له في هذا كله إلا إن جاوز فيه مقدار العادة، ِ فإن جاوز فهو ضامن على كل حال إلا إن جعله في حل ّ من ذلك، وكل مما يجوز له أن يفعله ولم يجاوز فيه فتولد على ذلك الفساد أو تلف للعضو فقد اختلفوا فيه، منهم من يجعل دية ذلك كله على العاقلة، ومنهم من يجعلها في َ « بيت مال ا لمسلمين(٢) . ِِ ولا بأس بنزع س ن وظ فر وحل » : ويقول ا لثميني في السياق نفسه ْ ق ليتيم ّ إن أذاه ذلك، ويفعل له كل صالح له، والبالغ إن أمر أ حدا ً أن يقلع له ضرسه فغلط عليه بغيرها ضمنه، ومن أكره أحدا على ختنه أو نزع م ا ينزع منه ضمن، والبيطار والطبيب الذي يكوي أو يقطع ضامنا إن لم يصيبا (أي: أخطأ)، ور ُخ ﱢ ص لهما مطلقا ً ، وإن سقى لأحد دواء فمات به ضمنه، وإن ناوله إياه فشربه بنفسه فعليه ديته. (١) ٣١٦ . وينظر: الثميني والقطب أطفيش، شرح كتاب النيل، / الشماخي: المصدر نفسه، ٦ .٢٧٧ ،٢٧٦/١٠(٢) . أبو العباس أ حمد بن أبي محمد بن أبي بكر، كتاب أبي مسألة، ص ١٦٨ ِ ومن جرح ب رمح أو سهم فانكسر فيه، ف لا بأس عليه أن يقطع إليه حتى ِ ينزعه ولو من غير ما دخل ولا على من يقطع له، ومن وقع على حجر أو عود، فزاد في جرحه أو زادت فيه الأدوية، فهل لزم جارحه ذلك الزائد، أم «.. لا قولان(١) . ِ وفي السياق نفسه جاء في جامع ابن جعفر بيان ل حكم الخطأ في إصلاح اليتيم واليتيمة، فقد سئل أ بو سعيد الكدمي فيما يقول في امرأة معها يتيمة قائمة بمصالحها وليس لها ولي حاضر، فأرادت أن تقص لها ق صتها فقطعتها فقصت ّ الناصية، هل يلزمها أرش ذلك؟ معي إنه يشبه في معاني ما عندي أنه قيل: أنها إذا فعلت ذلك على » : قال وجه الصلاح والمباح، فأخطأت فعقرتها أنه لا ضمان عليها في بعض القول،؛ لأن ذلك كأنه يخرج من فعل غيرها في مثلها، ولا يكاد يتعرى من ذلك، فكان القصد إلى المباح أشبه زوال الضمان لهذا المعنى، كما قيل في الحجام ِ والختان أنه إذا مات أحدهم من ف علهم أو ت ول ّ د منه مضرة أنه لا ضمان عليه إلا أن يكون تعدى فعل مثله بالمعروف، ويخرج عندي في هذا ما يشبه معنى الضمان؛ لأنه إنما كان المباح ا لقصللشعر المحجور للبدن، وهذا هو الأغلب ّ من الأمر، فلما أرادت المباح فأخطأت بالمحجور وكان معنى الضمان على «... سبب الخطأ، وهذا يشبه الخطأ؛ لأن الخطأ ما أريد بشيء فأخطأ ب غيره(٢) . ومن خلال هذه الصور ي تبين أن الضمان يلزم الطبيب والبيطار في حالات ﱠ التجاوز، ويسقط عنهم في الحالات المعتادة الموافقة لشروط المهنة، ولا ريب أن ّ في مراعاة ظروف أصحاب الوظائف الدقيقة الحساسة ت شجيعا ً لهم على ممارسة هذه الصنائع حتى يتقنوها فتقل أخطاؤهم ولا ينفرون منها خشية تحمل المسؤولية. (١) ٢١٧ ، الثميني: الورد البسام، ٢١٥ - .٢١٨ (٢) .٢٨٣/ ابن جعفر: الجامع، ٤ ومن بأرضه ق صب زرع فأراد أن يحرثها فطرح » : وفي موضع آخر يقول َُ نارا ً في القصب في وقت لا هبوب فيه لريح، ثم هبت وحملت النار فأحرقت ّ ما يقرب أرضه من نخل أو غيره ففي لزوم الضمان وسقوطه عنه قولان، واستحسن أنه إن كان طرح النار في محل الأمن له من وقوع الضرر ف لا ضمان عليه، وكذا قيل فيمن سخ ّ ن ت ن ّ ورا ً (فرنا ً ( له وإن كان التنور م حدثا ً فوقعت النار في بيت جاره، فأحرقته، ف لا ضمان عليه إذا كان تسخينه كغيره عادة مما يؤمن «... به من ضرره وتولد الضرر من ذلك(١) . ومن كسر خلخالا » ً لشخص فإن كان يريد صنعه فعلى كاسره أن يصنعه «(٢) له، وإلا فعليه قيمته مصنوعا ً . ٨ في القتل الخطأ: ومنها: أن من وقع على طفل خطأ فقتله وجب عليه الضمان، قالا لثميني وإن غطت الأم ولدها بثوب لا يستطيعه، أو جعلت ثديها » : في هذا المعنى على فيه ف غم بذلك، أو انقلبت عليه في فراشها، أو أرضعته، أو أطعمته حتى ّ « ملأ فاه فقتله ذلك، ضمنته، وإن رفعته فسقط من يدها بلا عمد ف لا تضمنه(٣) . ومنها: لو أراد شخصا ً قتل طائر فأصاب إنسانا أو أتلف به مالا ً فقد وجب الضمان، قال ا لبسيوي : ولو أنه رمى طيرا » ً فأصاب إ نسانا ً فمات، فعليه الدية، وكذلك لو رمى إ نسانا ً فأصاب أ حدا ً ، ففيه الدية، وهي خطأ على « العاقلة(٤) . (١) . الثميني: الورد البسام، ص ٢٠٩(٢) . الثميني: المصدر نفسه، ص ٢١٥(٣) . الثميني: الورد البسام، ص ٢١٧(٤) ١٦٣/ البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، ٤ - .١٦٤ ™HGôdG Ö∏£ªdG ÖÑ°ùàªdGh ,óª©àj ºd ƒdh øeÉ°V ô°TÉѪdG{ :IóYÉb ’’EG øª°†j z …ó©àdÉH(١) ô°TÉѪdG ™ªàLG GPEG{ :IóYÉbh , z ô°TÉѪdG ≈dEG ºμëdG ±É°†j ÖÑ°ùàªdGh k :IóYÉ≤dG ≈æ©e :’hCG من باشر إتلاف شيء يتعلق ب حق الغير وجب عليه ضمان ما أتلفه، إما ّ بإصلاحه حتى يعود كما كان، وإما بالإتيان بمثله، وإما بدفع ثمنه سواء أخطأ في الإتلاف أم تعمد، وعلى هذا أكثر ا لفقهاء (٢) . قال ابن رشد الحفيد : وهل يشترط في المباشرة العمد أو لا يشرط؟ » فالأشهر أن الأموال تضمن عمدا ً « وخطأ(٣) ، وهو الذي اعتمدته مجلة الأحكام ( العدلية في قواعدها الفقهية، فقد جاء في القاعدة الحادية والتسعين ( المادة ٩٢ المباشر ضامن وإن لم ي تعمد » : ما نصه « (٤) . ووجه التسوية بين العمد والخطأ في المباشر للفعل، أن مجرد المباشرة ِ للإتلاف يكفي أن ينتهي موجبا ً للضمان، ب غضالنظر عن العمد والخطأ، فإذا ّ صاحب ذلك ت َعم د، ت رت ّ ب على المباشرة حينئذ ح ُ كمان، حكم على مباشرة ّ الإتلاف، وحكم على تعمده، فيكون آثما ديانة، وضامنا ً من جهة القضاء، أما في حالة الخطأ فليس عليه إلا الضمان؛ لأن الإثم يرتفع بالخطأ، ولذلك كان (١) .١٧/ ١٧ . العوتبي: الضياء، ١٤ / الكندي أ بو بكر: المصنف، ٤١(٢) . محمد بكر إسماعيل: القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه، ص ٢١٤(٣) .٣١١/ ابن رشد الحفيد: بداية المجتهد، ٢(٤) الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٤٥٣ . وابنه مصطفى الزرقا، المدخل الفقهي، .١٠٤٤ جزاء القاتل عمدا ً وعدوانا القصاص في الدنيا، والعقاب في الآخرة، بينما جزاء القاتل خطأ الكفارة والدية(١) . والمباشر للفعل في نظر الفقهاء: هو الذي يحصل التلف من فعله دون ِ من يتخلل بينه وبين التلف ف عل فاعل آ خر. أما المتسبب في الإتلاف فيختلف عن المباشر، فإنه لا يضمن إلا إذا كان معتمدا ً متعديا ً. والمتسبب للضرر هو الفاعل للسبب المفضي إلى إتلاف الشيء، ولم يكن السبب من شأنه أن يؤدي إلى هذا الإتلاف بذاته، ف لا يضمن ما أفضى إليه عمله من الضرر؛ لأنه بانفراده لا يصلح علة مستقلة للإتلاف إلا إذا كان م تعديا ً ، ويكفي في كونه م تعديا ً أن يتصل فعله في غير ملكه بما لا يسوغ له وكان فعله م قرونا ً بالتعمد، وقد اعتمدته مجلة الأحكام العدلية في قواعدها، فقد جاء في القاعدة المتسبب لا يضمن إلا ب التعدي » : الثانية والتسعين (المادة: ٩٢ ) قولها « (٢) . والفرق بين المباشرة والسبب هي أن المباشرة علة صالحة، وسبب مستقل للإتلاف قائم بذاته، ف لا يجوز إسقاط حكمها بحكم عدم التعمد، ولا يصلح هنا أن يكون عذرا ً مسقطا ً للحكم، وهو الضمان عن المباشر المتعدي، وبما أن السبب ليس علة مستقلة، وأن الحكم لا يضاف إلى السبب الصالح إلا بالقصد، لزم أن يقترن العمل فيه بصفة الاعتداء والتعمد؛ ليكون موجبا ً للضمان(٣) . وعلى هذا يجب على من أتلف شيئا ً بيده أو بيد شخص آخر متعديا ً ، أن يصلحه إن أمكنه إصلاحه، أو يأتيه بمثله، أو يدفع له ثمنه، ولا خلاف في ذلك بين الفقهاء. (١) . الروكي: قواعد الفقه الإسلامي من خلال كتاب الإشراف ل عبد الوهاب البغدادي، ص ٢٣٢(٢) الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٤٥٥ . محمد بكر إسماعيل: القواعد الفقهية، . ص ٢١٤(٣) ٤٥٥ . محمد بكر إسماعيل: المصدر نفسه. ، الزرقا أحمد: المصدر نفسه، ص ٤٥٣ مثال المباشر : رجل أعطاه أخوه ساعة فلبسها، فلما طلبها منه كسرها عمدا ً وعدوانا، أو وقع على شيء وضربه برجله عمدا ً ، ضمن كل ذلك. ومما يتعلق بحقوق الله، أنه لو اجتهد شخص في صرف زكاته فأعطاها لمن يعتقد أنه فقير، ثم تبين أنه غني، فإنه يضمن تلك الزكاة، ولا تبرأ منها ّ ذمته؛ لأنه باشر حق الله لمن لا يستحقه(١) . ومن زلقت به رجله فسقط على مال غيره بدون قصد وأتلفه، فإنه يضمنه؛ لأنه باشر الفعل، وكذلك من كان يتدرب على الرمي بالرصاص فأصاب حيوانا ً أو إ نسانا ً فقتله، فإنه يضمنه. أما المتسبب فمثاله: لو أحرق شخص أ عشابا ً جافة في أرضه، ف سرت ّ ََ النار إلى شيء لشخص فأحرقته، ف لا ضمان إلا إذا كان متعديا ً ، بأن كان أحرق الأعشاب في يوم شديد ا لريح. وكذا لو حفر إنسان ب ئرا ً في الطريق العام ولم يكن مأذونا بذلك من قبل ولي الأمر، فسقط في البئر حيوان وتلف، فيكون ضامنا ً بافتياته على م ا ليس فيه حق وتعديه، بخلاف ما لو استأذن لحفره، ف لا ضمان عليه(٢) . وكل ما فعل الرجل أو باشره من » : قال أب و العباس أحمد في بيان المباشرة ِ ذلك فهو ضامن ب موت، حيث يجب عليه القتل، وتجب عليه التوبة فيما لم يكن عليه فيه ضمان النفس والدية، ووجه المباشرة في ذلك: أن يباشر الرجل الآخر بما يقتله به مثل: السيف أو غير ذلك من السلاح، أو الحجر أو العصا أو أشباه ذلك، أو يلقي عليه م ا يقتله من الهوام، مثل: الأفاعي والعقارب، ومثل ذلك حتى يقتله، أو يلقيه على ذلك، أو يطعمه ا لسم مباشرة له به، فهذا يقتل ّ به إن كان ممن ق َ « تل ب ه(٣) . (١) .١٩١/ البغدادي عبد الوهاب: كتاب الإشراف في مسائل الخلاف، ص ١(٢) ١٨١ . محمد بكر إسماعيل: القواعد الفقهية، ص ٢١٤ / الأصم عثمان: البصيرة، ١ - .٢١٥ (٣) . أبو العباس أحمد: كتاب أبي مسألة، ص ١٦٧ أما غير المباشر : وهو المتسبب في الاعتداء على غيره، ويبي ن أب و العباس ﱢ والوجه الذي يجب به الدية وإلا يقتل به، فهو » : صورته وما يترتب عليه فيقول مثل من تركه ل لحية حتى قتلته، أو العقرب حتى لسعته، أو تركه ل لحر والبرد َّ ّ حتى هلك، أو تركه يأكل ا لسم، أو دل ّ عليه فأهلكه، فمات من هذا كله، فهو ّ « ضامن، وعليه الدية، ولا يقاد فيه(١) . ويشير أ يضا ً إلى وجه آخر وهو: إذا اجتمع المباشر والمتسبب فإنه يضاف الحكم إلى المباشر ويضاف الفعل إلى الفاعل لا الآمر ما لم يكن مجبرا ً ، والوجه الثالث الذي يكون عليه فيه الذنب والعصيان، ولا يكون عليه » : فيقول فيه القتل والدية، فهو: أن يأمر غيره أن يقتله، أو يعطيه الأجرة على قتله، أو أشباه ذلك، فعليه التوبة من هذا كله، وليس عليه الدية والقتل، إلا فيما ذكروا فيمن أمر عبده أو طفله، أو معل ّ ما أمر صبيانه، أو سلطانا ً أمر رعيته بقتل أحد ُ فقتلوه، فإنهم يقتلون به، ومنهم من يقول ب الد ّ ية في هذا كله، ومنهم من يقول في ا لمعل ّ م والسلطان ألا يكون عليهما إلا التوبة في هذا، واختلفوا فيمن سل ّ ط ُ عليه دابته فقتلته، منهم من يقول يقتل به، ومنهم من يقول عليه الدية، وأما تسليطه لدابة غيره، أو جميع م ن لا عقل له سلطه حتى قتله، فإنهم يوجبون َ عليه الدية، والغ ُ « رم في المال، والهلاك فيما بينه وبين ا لله(٢) . ولكن قد يجتمع المباشر للفعل والمتسبب له، ففي هذه الحالة يرى الفقهاء أنه يضاف الحكم إلى المباشر؛ لأن الفاعل هو العلة المؤثرة، والأصل في الأحكام أن تضاف إلى عللها المؤثرة لا إلى أسبابها ا لموصل ة؛ لأن تلك ِ أقوى وأقرب، إذ المتسبب هو الذي تخلل بين فعله والأثر المترتب عليه م ن ِ تلف أو غيره ف عل فاعل مختار، والمباشر هو الذي يحصل الأثر بفعله من غير (١) أبو العباس أحمد: المصدر نفسه. (٢) .١٦٨ - المصدر السابق، ص ١٦٧ أن يتخلل بينها فعل فاعل مختار، فكان أقرب لإضافة الحكم إليه من المتسبب، والسبب والمباشرة » : وقد أشار سلمة بن مسلم العوتبي إلى هذا المعنى فقال إذا اجتمعا فالحكم ل لمباشر ة، كمن حفر ب ئرا ً في أرض لا يملكها فدفع رجل إنسانا ً « فيها، فالضمان فيها على ا لدافع(١) . وقد اعتمدت المجلة العدلية هذه القاعدة في قواعدها الفقهية، فقد جاء إذا اجتمع المباشر والمتسبب يضاف » : في القاعدة التاسعة والثمانون قولهم « الحكم إلى المباشر(٢) . k :IóYÉ≤dG ´hôa :É«fÉK وردت في المصادر ا لإباضية فروع كثيرة تجسدت فيها هذه القاعدة، وأغلبها في مجال المعاملات والحقوق والجنايات نذكر منها: ١ في ضمان ضرر الحائط والمسك َ ن: لو كان لرجل حائط مائلا » : أنه « البصيرة » وصورة ذلك ما جاء في ً أو نخلة فخ ُوف منها على طريق، وق ُد ّ م عليه فلم يغيرها مع القدرة على ذلك، ضمن ّ ما تلف منها بعد التقدمة، قال بعض مخالفينا: يضمن ولو لم تتقدم عليه، وقال بعض أهل الخلاف أ يضا ً لا شيء عليه، ولو تقدم إليه في إزالته، وأجمعوا بأن لا ق َلأنه متسبب وليس مباشرا للفعل، ويضمن بسبب أنه ؛« ود عليه كذلك َ ط ُ لب منه إزالة الضرر فلم يلتزم ب ذلك. واشترط عثمان ا لأصم لتحمل مسؤولية الضرر ولزوم الضمان: أن ي حذ ّ ر ُ من خطره ويطلب منه إزالة الضرر حسب المستطاع، أما إذا لم يكن يعلم به، ُ ومن » : ولم يتقدم إليه أحد لأجله، ف لا يتحمل المسؤولية. يقول في هذا الصدد (١) .١٧/ العوتبي سلمة بن مسلم: الضياء، ١٤(٢) . الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٤٤٧ مال َ له جدار على طريق المسلمين فصرع على أحد، لم يضمن، وإن تقدم عليه في صرفه وكان مخوفا ً ، فلم يصرفه، فوقع على أحد، ضمن بعد التقدمة، ّ وكذلك إن كانت نخلة مائلة على الطريق أو شجرة، فتقدم على ربها في « صرفها، فوقعت على أحد فقتلته، ضمن ما أصاب من ذلك(١) فهو غير مباشر للحادث ولكنه تسبب ف يه. وينفيا لثميني الضمان عنا لمتسبب في الضرر إذا كان الحائط المتداعي ّ مبنيا ً في ملكه، إلا إن ط ُ لب منه ذلك فتأخر عن إزالة الضرر، ضمن ما تلف ومن مال حائطه قيل أو وه » : من الأنفس والأموال، وفي هذا المعنى يقول َ ى، َ فوقع في الطريق فقتل فيها إ نسانا ً ، ف لا يضمنه؛ لأنه بناء في ملكه، ولم ي حدث ُ في الطريق شيئا ً ، وما حدث فيه من ا لوه ْ ي والسقوط فهو شيء لم يكن من فعله، وإن تقدم إليه في نقضه فأخره حتى قتل أحد، فهو ضامن لديته، ولكنها «... على عاقلته(٢) . ومن عمل في » : ويؤكد عثمان ا لأصم هذا الحكم في السياق نفسه فيقول داره جناحا ً أو ميزانا ً على الطريق، ثم أخرجها من ملكه، ضمن ما أصاب من ذلك، ويلزم العملة (العمال) ما سقط من عملهم وقت العمل، وبعد الفراغ « رب الدار إن كان ذلك في غير ملكه(٣) . ِ وي ُح َم لا لثميني مسؤولية الضمان كل ّ من ألقى م ن داره شيئا ً على الطرقات، َّ كما يفعل اليوم سكان العمارات، فإن أصابت ن فسا ً أو مالا ً ضمن ولو كان الساقط شخصا ً ومن سقط من علا نخلة أو جدار على » : ، يقول في هذا الصدد أحد، فقيل إن كان م ا ذكر على الطريق، فالساقط ضامن له مطلقا، وقيل إن كان (١) ٢٣١ . أ بو العباس / ١٨٣ . الجيطالي: قواعد الإسلام، ٢ / الأصم عثمان: البصيرة، ١ . أحمد بن محمد بن أبي بكر الفرسطائي النفوسي: كتاب أبي مسألة، ص ١٧٠(٢) . الثميني: الورد البسام، ص ٢٠٦(٣) .١٨٢/ الأصم: المصدر نفسه، ١ جاسا ً من إعياء، أو مانع له من الانصراف، فأرجو أن لا ضمان عليه، وعندي فيه تأمل؛ لأن المناسب لهذا أن يكون الساقط هو الذي مات، ف لا يضمنه «... المسقوط عليه الجالس ل عذر(١) . ولا شك أن ما ذهب إليه ا لثميني بتأمله يتناسب مع العدل والقواعد الشرعية، وهو أن المعتدي هو الذي يضمن ولو كان خطأ. ويتابع ا لثميني في هذا السياق فيقول: ...» وكذلك إن سقط الحائط في الطريق على دابة، أو أفسد متاعا، فهي في ماله، ولا يضمن إلا مالك الحائط أو الدار، ولا يضمن المرتهن أو المستعير أو المستأجر، ولو ط ُ لب منهم كفاية .« الضرر؛ لأنه لا يملك العقار ويضيف ا لثميني في تحديد مسؤولية الأضرار الناجمة عن المنزل أو وإن كان الحائط مرهونا » : الحائط المتداعي ً فتقدم فيه على المرتهن، أو الراهن أو عليهما، فلم ينقضاه حتى أتلف ن فسا ً أو م الا ً ، فإن تقدم إليهما أو إلى الراهن، ضمن، لا إن تقدم إلى المرتهن؛ لأنه ليس بمالك له، ولا ضمان على المستعير «... والساكن وإن تقدم إ ليهما(٢) ولكن إذا كان صاحب الملك غائبا ً يجب على من ينتفع بالدار أن ي بل ّ غه بالخطر؛ حتى لا يكون متسببا ف يه. ٢ في ضمان حوادث الآبار والطرقات: من حفر ب ئرا » ذكر ابن ب ركة وغيره أن ً أو ألقى حجرا ً في غير حقه فمات به مسل م، لزمته الدية و لا ق َ ود عليه في إجماع هذه الأمة، وإذا وضع حجرا ً أو حفر ب ئرا ً في ملكه، لم يكن ضامنا ً لمن تلف به، قال أ صحابنا : إلا أن يكون ِ « صاحب البئر أ ذن للداخل فسقط في البئر ولم ي حذره(٣) . (١) . الثميني: المصدر نفسه، ص ٢٠٦ (٢) .٢٠٨ - الثميني: نفسه، ص ٢٠٦(٣) .٥٠١/ ابن بركة: الجامع، ٢ ويؤكد عثمان ا لأصم هذه الصورة، ويحمل مسؤولية الفعل للمباشر والمتسبب أ يضا ً ومن حفر ب ئرا » : إذا تعمد وتعدى فيقول ً في الطريق الأعظم أو ِ طريق المسلمين، ضمن ما وقع فيها فتلف من نفس أو مال، ومن حفر بئرا أو نهرا ً في غير حقه، ضمن ما عطب فيه، ومن حفر ذلك في حقه ف لا ضمان فيه لأحد عليه إن وقع في ذلك أحد؛ لأنه فعل ما هو جائز له، ومن حفر ب ئرا ً في منزله فدخل إنسان إليه بلا رأيه فوقع فيها، ف لا شيء عليه، وإن أدخل أ حدا ً في الليل فلم يدر، أو أدخل أعمى ولم يحذرهم ذلك، فإنه إن وقع فيه ضمن... ومن وضع في طريق حجرا ً فعبر فيه آخر فمات، كان الضامن على الذي ََ « وضع الحجر؛ لأنه هو المتسبب في موته بالاعتداء على الحق ا لعام(١) . ويؤكد ا لثميني في السياق نفسه حكم من تعتدى على الحق العام فتسبب َ في إتلاف النفس أو المال، فالمسؤولية تقع على المباشر والمتسبب إذا تعمدا ذلك، ويستوي في ذلك أن يكون الضرر بسبب ف رد أو جماعة، فيشتركان في ْ الضمان، سواء حدث ذلك عمدا ً أم خطأ، ف لا يسقط الضمان، وفي هذا المعنى ومن طرح في طريق أو فيما لا يملك حجرا » : يقول ً أو ماء، أو بنى فيه بناء، أو أبدع فيه كنيفا ً ، أو عمل فيه جناحا ً أو ميزابا ً أوصله بمنزله، أو وضع فيه جذعا ً ، ولا يحرمه ذلك م يراثا ً ممن تركه إن قتل به؛ لأنه ليس بقاتل له لا عمدا ً ولا خطأ، ِ وقيل: إنما يلزم العاقلة ف عل الخطأ باليد وهي فيما ذكر عليه ب خاصة... ومن عثر على آخر بذلك وماتا، فالضمان على م ن أحدث ذلك في الطريق َ أو نحوه، ومن حول ذلك عن موضعه إلى آخر من الطريق، فعليه ضمان ّ ِ ما عطب به، وسلم الأول، وقيل: فيمن نضح الطريق بماء أو توضأ فيه إنه َ يضمن ما عطب به أ يضا ً «... ، إلا إن كان لا يعطب بمثله عادة(٢) . (١) ١٨١/ الأصم عثمان: البصيرة، ١ - .١٩٣ ، ١٨٢ . الثميني: الورد البسام، ص ١٩١ (٢) . الثميني: الورد البسام، ص ١٩١ وفي ضمان حوادث الآبار يقول ا لثميني : ومن حفر ب ئرا » ً في طريق ثم حفر في أسفلها غيره، فعطب فيها أحد، ففي القياس قيل: لا يضمه الأول، ولكن يترك ويختار تضمينها معا ً «...(١) . وهنا نجد الثميني يحمل المسؤولية للأول والثاني ويقع عليهما الضمان ّ وهذا الرأي هو المختار عنده. وكذا إن حفرها أكثر من اثنين، كما إذا وسع » : ويضيف في هذا الشأن رأسها ثالث، فإنهم يغرمونه كما مر في نحو أ ثلاثا ً ، وهكذا في الأكثر، وإن ّ سد ّ « ها من حفرها وفتحها غيره وأظهرها، فعليه الضمان كما مر دون ا لأول(٢) ؛ َّ لأن الثاني هو المعتدي المجاوز لحقه، فهنا اجتمع المباشر والمتسبب يضاف الحكم إلى ا لمباشر . ويبي ن ا لثميني في السياق نفسه أ ن ّ من وضع حجرا » ً في الطريق وإلى جنبه ﱢَ بئر حفرها غيره، فغفل إنسان بالحجر ولم ينتبه إليه، فسقط في البئر ومات، ضمنه واضع الحجر؛ لأنه كالدافع له، وإن لم يكن له واضع فالضمان على حافر البئر، ومن وضع فيها كما مر حجرا ً أو حديدا ً أو عودا ً ، فوقع فيها أحد ّ فقتله ذلك، لزم حافرها؛ لأنه كالدافع له، واختير أنه عليهما معا ً «...(٣) . والظاهر أن ا لثميني اختار تحميل مسؤولية الضمان على المتسببين في القتل، وهما صاحب البئر وواضع الحجر بجانبه، فتسبب في سقوط أحد فيه، فالمسؤولية تقع على عاتق المتسبب؛ لأنه متعد بسبب التقصير في تغطية البئر، وكذلك تقع على الذي وضع الحجر في الطريق بجانب البئر فعثر فيه ا لهالك. ويوضح ا لثميني في موضع آخر أن مسؤولية الضمان يتحملها أ يضا ً كل م ن ت سبب في تعطيل حركة السير في الطرقات العامة، وذلك بوضع الأنقاض َّ (١) الثميني: المصدر نفسه. (٢) . الثميني: المصدر نفسه، ١٩٢(٣) الثميني: نفسه. ِ والنفايات فيها، أو بسبب الجلوس واللعب فيها، أو ب فعل التجارة فيها، فكل ذلك ي ؤدي إلى الإضرار بالطريق العام والمارة، فما يترتب على ذلك من ضرر ُ يتحمله من تسبب ف يه. وتلزم ق ائما » : يقول في هذا الصدد ً أو ق اعدا ً على قارعة الطريق جناية ِ ما أصاب مارا عليه به كما مر، إن لم يكن ذلك منه ل عياء أو حاجة، ويذهب ّّ َ من حينه، فإن قعد من إعياء ف لا يضمن، وتلزم ق اعدا ً فيه بلا عذر جناية عاثر به، ولو أصيب هو أ يضا ً ، ومن وضع متاعه في الطريق فعثر به إنسان، أو تلف به مال أو نفس، فإنه يضمن... وكذلك الشوك، فمن ألقاه في الطريق أو في «... غير حقه، ضمن لمن وقع فيه م ا أصابه(١) . ومن وضع ق ُل ّ ة ماء في طريق فعثر بها إنسان فانهرق الماء وانزلق به من َ مر عليه، ضمنه من ق ل َ بها لا من وضعها فيها، وضمن من بسط جلدا ً أو حصيرا ً ّ أو ت بنا ً أو سنبلا ً أو نحو ذلك في الطريق منزلقا ً به ف يها(٢) . ُ ومن اتخذ الطريق مأوى وملجأ يفترش الأرض وينام فيه، فيتسبب في ً إلحاق الضرر بغيره، يتحمل مسؤولية فعله، يقول ابن ب ركة في هذا الشأن: وإذا نام رجل في طريق المسلمين أو في موضع ليس له أن ينام فيه، فعثر »به رجل فماتا جميعا ً ، أو مات النائم دون صاحبه، أو مات الذي وقع على النائم، الجواب في ذلك على أصول أ صحابنا : أن النائم إن مات كان دمه هدرا ً ، وكأنه هو الذي جنى على نفسه، وإن مات العاثر ضمن النائم ديته في نفسه، وقال بعضهم: تكون على عاقلته ما ضمنه من ذاك على هذا الوجه، وإن ماتا جميعا ً ضمنت عاقلة النائم، وكان دم النائم هدرا ً ، كأنه في التقدير « قتل نفسه وصاحبه خطأ(٣) . (١) الثميني: الورد البسام، ص ١٩١ - ١٨٢/ ١٩٣ . الأصم عثمان: البصيرة، ١ - .١٨٣ (٢) الأصم: المصدر نفسه. الثميني: المصدر نفسه. (٣) .٥٠٨ ،٤٧١/ ابن بركة: الجامع، ٢ أما عمال النظافة وإصلاح الطرقات ف لا يضمنون ما يحدث للناس من ُّ ضرر إذا وضعوا في الطريق ما ينبههم للخطر، ويحذرهم من تجاوز ذلك، أما إن أهملوا ذلك فحدث بسببهم تلف في الأنفس والمال فإنهم يتحملون ولا يضمن كانس الطريق » : مسؤولية تقصيرهم، وقد صرح بذلك ا لثميني فقال ّ عطبا ً إن وقع بموضع كنسه... ومن ألقى في الطريق ت رابا ً وكبسه فيه ولم يبسطه َ ورش ﱠ ه بماء، وكان يعثر بمثله عادة فهو ضامن، ولو أراد صلاحه، كواضع « خشب والحجر ف يه(١) . أما ممارسة التجارة في الطرقات كما يفعله الباعة المتجولون فيقول فيهم: ِ والتاجر ا لطو اف والسماك ونحوهما إن قعدوا في الطريق ل يشتري منهم أهل » ّّ « البيوت، فالبائع والمشتري يضمنان من عثر عليهما، وليس ذلك منها ب عذر(٢) . ٣ في ضمان حوادث النار: وفي ضمان ما أحرقت النار بسبب فاعل غير مباشر يقول صاحب وكذلك من ألقى في الطريق ن ارا » :« البصيرة » ً فأصابت مالا ً أو ن فسا ً ، ضمن ما أصاب من ذلك، ومن وقعت منه جمرة ولم يعلم بها، فما أصابت تلك ِِ الجمرة ضمنه، وإن أتى آت فألقى عليها حطبا ً فأصابت ب لهبها وبزيادتها، فإن ذلك على الذي ألقى الحطب، وإن وضع في غير حقه نارا فحملت الريح اللهب إلى غيره لم يضمن، وإن وضع في غير حقه ن ارا ً فزادت على الناس وأحرقت أ موالا ً وبشرا ً « فإن ضمان ذلك عليه(٣) . ويؤكد ا لعوتبي هذا المعنى ويبين أن الضمان في مثل هذه الحالة يقع على ّ فلو أ ج ج ن ارا » ، المباشر دون المتسبب ً في أرض غيره فجاء آخر وألقى في ّ (١) . الثميني: الورد البسام، ص ١٩٣(٢) . الثميني: المصدر نفسه، ص ١٩٤(٣) .١٨٣/ الأصم عثمان: البصيرة، ١ النار إ نسانا ً أو حيوانا ً أو مالا ً ، فالضمان على من باشر الإلقاء وليس على المتسبب، والسبب والمباشرة إذا اجتمعا فالحكم ل لمباشرة «... (١) . أما إذا أشعل ن ارا ً في ملكه لحاجة، ثم انتقلت من محله فأحرقت أموال غيره، ف لا يضمن، وإن أوقدها بجوار أموالهم فأتلفتها، وجب عليه الضمان، وفي هذا المعنى يقول ا لثميني : ومن أوقد نارا في محل لحاجته فاشتعلت » حتى لا يقدر أن يطفئها فأحرقت أ موالا ً أو ن فوسا ً ، ف لا يلزمه ما قام عنها إن أوقدها حيث يجوز له، وإن أوقدها بالقرب من زروع الناس أو حيوانهم، أو بمحل ّ « اتصل فيه العشب، ضمن م ا أفسدت(٢) ؛ لأنه لم يتخذ لذلك ما يلزم من التدابير والاحتياطات اللازمة لمنع انتقالها إلى جيرانه. وتأكيدا ً للقاعدة: ذكر ا لثميني صورة أخرى لنفي المسؤولية عن المتسبب إلا ِ فمن وضع ث وبا » : بالتعدي فقال ً في مسجد ف حوله من مكانه غيره ليصل ّ ي فيه، ّ َُ ففسد بذلك ثوبه بنار أو بغيرها، أو فسد ما فيه من حب أو دراهم، ف لا يضمن ّ ذلك محوله، ولزمت ق يمت ُ ه من جعل النار في المسجد إن فسد بها، وإن حول ُّ ّ الثوب في غير المسجد ضمن ذلك ولو فيا لمصل ّ ى، ور ُخ ّ «... ص وإن في غيره(٣) . ٤ في ضمان ما يتلفه القاصر: وفي ت حمل مسؤولية القاصر وضمان ما يحدثه بسبب الغير يقول عثمان ّ الأصم : ومن قاد الأعمى فليحذره ما يلقاه به، فإن لم يحذره ضمن إن وقع » في متلفه... وإن أطلع صبيا ً نخلة أو عبدا ً بلا رأي مولى العبد ولا أبي الصبي فصرع، ضمن، وإن أطلع ب الغا ً «... وصرع لم ي ضمن(٤) وحكى ابن ب ركة إجماع ُُ (١) .١٧/ العوتبي سلمة بن مسلم: الضياء، ١٤(٢) . الثميني: المصدر نفسه، ٢٤١(٣) . الثميني: الورد البسام، ص ٢٤٠(٤) .١٨٢ ،١٨١/ الأصم عثمان: البصيرة، ١ الفقهاء على ت حمل المتسبب مسؤولية القاصر عند حدوث الضرر به أو بغيره ّ وأجمع الناس على تضمين من حمل صبيا » : فقال ً على دابة أو حمل عبدا ً « لرجل بغير إذن سيده ف رم ت ب ه(١) . ََ ٥ في ضمان جناية الحيوان: وإن حفر الرجل حول حرثه وداره » : جاء في جامع ابن جعفر ما نصه حفارا ً عن الفساد من غنم تربض حول الدار، أو تأكل الزروع، فأما ما كان في ماله ف لا ضمان فيما يؤدي ذلك، وأما م ا كان في غير ماله حول زرعه فهو .« ضامن وأخبرني محمد بن محبوب رحمهما الله عن ن زار » : قال(٢) وكان واليا ف» ب َرق « وأن مسعدة بن تميم(٣) رأى عليه الضمان قال: وأما محمد بن محبوب ْ رحمهما الله فقال: وأما الذي يعرفه فيمن حفر في غير ملكه كان عليه الضمان، وأما من حفر في ماله لم يكن عليه ضمان، قال: والذي أقول على حد الوجه أن البهائم لا تعقل، وإذا حفر في زرعه ف لا شيء عليه، وإذا حفر حول زرعه فإن كان الحفرة خفية فعليه الضمان، وإن كانت متبنية تنظره « الدواب والبشر ف لا ضمان عليه(٤) . (١) .٥٠١/ ابن بركة: الجامع، ٢(٢) لم نقف على ترجمته. (٣)مسعدة بن تميم النزوي (حي في: ٢٢٦ ه) عالم فقيه من علماء القرن الثاني الهجري. عاصر الإمام ا لمهنا بن جيفر ( ٢٢٦ - ٢٣٧ ه). أشار إليه العالم منير في كتاب نصح طويل للإمام غسان مع كوكبة من العلماء والصالحين، قصد الاستعانة بهم في القيام بمهام الإمامة وما تتطلبه من صبر وتضحية وغيرها. وللشيخ مسعدة رأي في إجازة شهادة أمين واحد في رد المطلقة، وهو خلاف ما عليه الإباضية. ينظر: السالمي: تحفة .٦٥/ ٤٣٣ . الكندي: بيان الشرع، ١ / ١٣١ . البطاشي: إتحاف الأعيان، ١ / الأعيان، ١ الفارسي: نزوى عبر الأيام، ٩٣ - .٩٤ (٤) .٢٢٧/ ابن جعفر: الجامع، ٤ وإن دخلت في غنمه شاة ف لا يضمنها إلا إن ردها فيها بعد أن خرجت » منها، أو دخلت فيها ب معنى تسبب فيه، وكذا الراعي إن رعى غنما ً أو إ بلا ً أو ً نحوهما وهو يظنها حلالا ً ثم ت بين له أنها حرام، يضمنها حتى يوصلها لربها. ّ وقيل: يتركها في مكانها وقت علمه بها، ورخص له أن يردها إلى من كانت ُ « بيده، وإن علم بأنها حرام فاسترعى لها فرعاها، ضمن بلا خلاف(١) . فالراعي في هذه الحالة ليس غاصبا ً ، ولكن لما علم بالغصب فرعى تلك الأغنام فهو متسبب ومتعد ّ .« المتسبب لا يضمن إلا ب التعد ي » ، و ّ ٦ في ضمان الحامل: ومن فروع القاعدة أنه: إذا أجهضت الحامل جنينها بسببها أو بفعل المباشر » غيرها، لزم ضمانه؛حيث يعتبر اعتداء على حياة الجنين؛ لأن ضامن ولو بغير عمد، والمتسبب لا يضمن إلا ب التعدي « يقول ا لثميني في وإذا رفعت ث قلا، » : هذا الشأن ً أو احتجمت، أو أكلت حارا ً مفرط، أو شربت ّ باردا ً كذلك، أو دواء مضرا، ضمنت إن أسقطت بذلك، أو بامتناع لزوجها ّ من جماعها، وإن لم تمتنع وجاء من عنف الزوج ضمن، وإن شربت دواء يتوهم منه السقوط ضمنت م طلقا ً ، وإن كان لا يتوهم منه ذلك فأسقطت به، ضمنت أ يضا ً إن علمت بالحمل وإلا فلا، ورخص لها ولو شربت متوهما ً ُ منه ذلك إن لم تعلم بالحمل، ومن سقاها متوهما ً منه السقوط على كره منها ولو كان زوجها ضمن، وإن راودها عن نفسها غيره فأبت، أو بغى عليها فضربها أو خوفها، فأسقطت بذلك، ضمن ولو كان الباغي والمخوف ّّ «... زوجها(٢) . ويضيف ا لثميني في بيان الأسباب الداعية للإسقاط والتي يلزم منها (١) . الثميني: الورد البسام، ص ٢٤١(٢) الثميني: المصدر نفسه. وإن اشتهت شيئا » : الضمان إذا نتج عنها الإجهاض فيقول ً فطلبته من عند أحد فلم يناوله إياها، ضمن إن أسقطت، وضمنت إن منعها الحياء من الطلب، وإن أرسلت أ حدا ً إلى من عنده ما تشتهيه فلم يأتها به، أو لم يعطه له صاحبه، َ ضمن الممتنع منهما إن علم بالحمل... وإن حضرتها الولادة ولم ترسل للقابلة، أو أبت أن تأتيها، أو الرسول أن يذهب إليها، أو منعهما أحد من الذهاب حتى هلكت هي أو ولدها، فالكل ضامن إن علم، وضمن من علم بولادة الحامل إن لم يأت لها بالقابلة، ولو لم ترسله، وإن قطعت القابلة فقصرت عن الأم أو الولد، ضمنت لمن قصرت له ما أصابه من أجل ذلك، ولا عليها إن لم يصبهما شيء، وإن ضيعت الولد حتى بلغ ما يقتله أو لم تعقد ّ ما يليه أو ما يلي أمه، أو قطعت مقابل وجهه حتى بلغ ما يقتله أيضا ً ، ضمنت «... في كل ذلك(١) . ٧ في ضمان حصة الشريك عند التصرف في سهمه: فيمن له حصة في مال مشاع من الأصول، » : سؤال « التمهيد » ورد في كتاب أو الأراضي أو الحيوان، أو ما يكون من المتاع، وأراد أن يبيعها على من شاء .«؟ أن يبتاعها منه، أيجوز له ذلك في غير ا لشركاء فأجاب المحقق ا لخليلي : إن الفقهاء اختلفوا إلى أقوال، قال بعضهم: » فنعم، إن كان ثقة، وعلى قول آخر: من الأمناء، وقيل لا يجوز إلا على شريك، وقيل بجوازه لغيره مطلقا ً ، وعلى قول من لم يجزه إلا بشرط الثقة أو ما دونها من الأمانة، فليس له فيمن عرفه بالخيانة، أو جهله، أو جاز عليه معه في حاله؛ لأن تلحقه التهمة بالتعدي على من يخالطه في ماله، إذ لا يجوز أن يوثق بأحد «... هؤلاء فيما يكون لغيرهم فيه من ا لأنصباء(٢) . (١) .٢١٧ - الثميني: المصدر نفسه، ص ٢١٦(٢) ٦٥/ الخليلي: قواعد الإيمان، ٩ - .٦٦ حجة المجوزين والمانعين بالتصرف في حصة الشريك: ّ أ دليل القائلين بالجواز: ِ أنه على ف رضثبوته في البيع » : ويبي ن ا لخليلي حجة القائلين بجواز البيع ﱢ فيجوز أن يأت على القضاء، والرهن والتولية والإقالة والقياض بما فيه من وجه في رأي جاز عليه، فيجزي في ا لن ﱢ حلة والهبة والعطية والصدقة والمنحة والوصية، فيكون في هذه من تلك أظهر في الأصل والعلة؛ لأن المخافة من تولد المضرة به على الشريك هي العلة الموجبة للمنع من جواز بيعها على من لم يؤمن منه كون وقوعها إلا لوجه آخر أعرفه في هذا المبيع، ولا غيره من معلولاتها... فإن صح جاز في النظر؛ لأن يخرج في ا لمساقات والقعادة ُ «... والمشاربة مع ما فيه الشفعة(١) . وإن لم تكن من المشاع م ا به يخشى من الضرر، فإنه هو الجامع لهذه الأنواع » كلها بما له من حكم بالمنع، إلا أن يكون على رأي من له الرأي في ماله من أهلها « فإنه لا يصح فيه إلا جوازه بالقطع، وما أشبهها من شيء فهو كمثلها(٢) . خلاصة القول: إنه لا يمكن أن يمنع الشريك من التصرف في ماله ببيع حصته لغير الشركاء؛ لأنه قد أباح له الشارع التصرف فيه بطرق أخرى مشروعة، كقضاء دينه برهنه، أو بالإقالة أو المقايضة، بمعنى له أن يتصرف في حصة بعوض، وكذلك له الحق في التصرف فيها بغير عوض، كأن يجعلها صداقا ً أو هبة أو عطية أو صدقة أو منحة أو وصية لغيره، ولا يمنع من ذلك، وقد يخرج حصته من منافع الأرض ويعطيها لغيره لينتفع بها، كالمساقاة والإجارة والمزارعة، ولا يمكن أن ي من َ ع من ذلك إلا من له حق الشفعة في ذلك. (١) الخليلي: المحقق المرجع نفسه. (٢) الخليلي: نفسه. وبالجملة فإن هو فعله في هذه المواضع، » : ثم خلص ا لخليلي إلى القول فخالف إلا ما قد نهى عنه لغيره ما به يعذر، فالبيع وما أشبهه في هذا المعنى لا يرد ّ ، وإن كان قد أتى ما ليس له، كالإيلاء والظهار في ثبوتهما مع ما بهما َُ « من إثم على من ف علهما(١) . ب دليل القائلين بالمنع: أما القائلون بمنع البيع فقالوا: إذا باع لغير الشريك أو الأمناء والثقات فهو آثم، وعليه الغرم والضمان للضرر الذي أحدثه المشتري بشريكه؛ لأن ما فعله به كان ظلما ً وعدوانا ً ، وإذا ثبت ذلك بالحجة والبينة، وبالأخص إذا كان يعلم وعلى » : أن المشتري سيلحق الضرر بشريكه. يقول ا لخليلي في هذا المعنى قول آخر: ما دل في البيع على رده فجاز أن يتعدى إلى تلك المذكورة من بعده، إلا وإن من ورائه في هذا المكان يكون الإثم في قول من يعلمه مع الغرم، لما يأتيه في حصة الشريك على وجه الظلم أو العدوان، هذا الذي أدخله عليه من شيء لا بد أن يلزمه ما به من الضمان متى ظهر له، فصح معه لحجة به لا بقول من له الحق وحده، فإنه في معنى الدعوى، فليس عليه شيء من قبوله، إلا أن يصدقه ويطمئن إلى قلبه فيتخلص إليه، وإلا فالبينة هي « الحكم ف يه(٢) . ولكن ا لخليلي اختار موقفا ً وسطا ً من هذه المسألة، فلم يمنع البيع لغير الشركاء والأمناء في كل الأحوال، ولم يجز البيع لهم مطلقا ً ، بل أجاز أن يبيع لغيرهم بشروط، رغم أنه يرى المنع في حالة ثبوت نية الإضرار بالشريك عند البيع. ويتساءل كيف يحكم على البائع بالإثم والتغريم، ولم يثبت عليه ظلم لشريكه، ولا قصد الإضرار به، في حين لو يمنعه من بيع حصته لغير شريكه (١) .٦٧/ الخليلي سعيد: التمهيد، ٩(٢) الخليلي: المرجع نفسه. عند الحاجة، فإنه سيلحقه بذلك ضررا ً كبيرا ً ، خاصة إذا أعطوه قيمة أقل من لا ضرر و لا ضرار » : مثله، والقاعدة الفقهية تقول .« غير أني وإن كنت على هذا لا أدري في » : يقول ا لخليلي في هذا الصدد المصرح به من القول في البيع على غير الأمين إلا المنع من جوازه، ولا فيما يظلمه من مال الشريك، فيصح معه إلا التضمين، فكأني في موضعه كون ُ الحاجة إليه لا أبعده من أن يجوز له، ولا تبعة عليه إن لم يبلغ الثمن من شريكه ولا المأمونين، ولم يجد من ينصفه في إخراجه له، ولا أقوى على تغريمه ف ضلا ً عما زاد عليه من تأثيمه، لا لأنه كالظالم المباشر، ولا الدال ولا الآمر ولا المعين، فأي موضع إثمه يكون مع عدم كون ظلمه، أو يجوز أن يصح في أحكامه أن لا يكون له من بعد أن أعرضه على الشريك، أو من يكون ّ مقامه حاضرا أو غائبا فلم يزده، أو قبل البيع إلا ب و ِ َ كس (نقص) من قيمته «... لعجز أو غيره، وأراد الزيادة إلى حد ماله من قيمته، فلم ي زده(١) . ِ وختم ا لخليلي قوله ب بيان رأيه المختار، وأرشد البائع إلى اتباع خطوات معينة قبل البيع لغير ا لمؤتمن، حتى لا يتحمل الأضرار الناجمة عن تصرفه، َ ويبدأ أولا: بعرض البيع على شريكه، فإن عجز عن الشراء يبيع لمن يرضى عنه الشريك، فإن لم يجد فيقدم أهل الثقة، فإن لم يجد يختار المؤتمن عن غيره، فإن لم يجد يعرض أمره على الحاكم أو من يقوم مقامه، فإن قدر على تقدير قيمة حصته وإخراجها من الملك المشترك فذلك هو المطلوب، وإلا باع لمن شاء عند الاضطرار لا الاختيار، وفي هذه الحالة يكون معذورا لا يأثم ولا يغرم، خاصة إذا كان في حاجة إلى إعالة أهله ومن يقوم عليهم، ف لا يجوز في هذه الحالة منعه من ممارسة حقه في التصرف في حصته حتى لا يلحقه الضرر، طبقا ً لا يزال الضرر بضرر مثله أو أ شد » : للقاعدة الفقهية ّ لأن في ؛« (١) .٦٧/ الخليلي: التمهيد، ٩ اشتراط الضمان عليه ضرر به، وفي منعه من البيع لغير الشريك ضرر أ يضا ً مقابل مراعاة مصلحة ا لشريك. والذي أحبه له فأختاره في بيع ماله أن » : يقول ا لخليلي في هذا المعنىلا يعدو الشريك إن أمكنه، فاتفق له، إلا برضاه في موضع جوازه منه وثبوته عليه، وإلا فالثقة إن وجده، فإن عز ّ عليه فذوا الأمانة بعده، وإلا ف لا يبيعه من خائن ولا مجهول عنده، ولكن يرجع إلى الحاكم أو إلى من يكون لعدمه من الجماعة بدلا منه. فإن أوصله إلى حقه فأخرجه له ث منا ً أو جزءا من أصله، ً ولا » : ثم ختم قوله ،« وإلا باعه لمن شاءه على ما به حال الضرورة إلى بيعه يمنعه من جواز حالة ضره، وربما دعاه إلى بيع على من جهله أو علمه بما هو به، وعليه من ضره بما قد نزل به في حالة من حق له، أو لمن يكون له ّ في لازم عوله من عياله، أو لله أو من عباده، فجاز له إن لم يجد من هو الأحق في ظاهر ماله من حكم يوجبه الحق بشرط الضرورة إليه، أو ما يكون في تركه من مضرة عليه، وإلا ف لا يدخله على شريكه فيه مختارا من أي جنس «... كان ن وعه(١) . مجمل القول: مما تقدم نستنتج أن البائع إذا باع لغير الشريك أو الثقة أو الأمين، وكان يقصد بذلك الإضرار بشريكه، فإنه آثم بفعله، ويلزمه ضمان الأضرار التي المتسبب لا يضمن » تلحق شريكه، فهو غير مباشر للضرر ولكنه تسبب فيه، و كمن يبيع حصته لأحذ فيجعلها ،« إلا ب التعد ي، والمباشر ضامن ولو لم يتعمد ملهى ومكانا ً للفساد والد ّ عارة، أو ورشة للحدادة أو النجارة، والظاهر أ ن ّ المالك له مطلق الحرية في التصرف في ملكه، وعليه يجوز أن يبيع حصته من المال المشاع بشرط انتفاء القصد والباعث ا لسيئ، وهو الإضرار بشريكه، ّ (١) ٦٩/ الخليلي: المصدر نفسه، ٩ - .٧٠ ولزوم البدء بشريكه؛ لأن له حق الشفعة، فإن عجز عن دفع ثمن المثل، أو بخس له حقه، فله أن يبيع لغيره، ولا يجوز للشريك أن يمنعه من ذلك، أما ما اشترطه الخليلي من جواز بيعه لأهل الثقة والأمانة قبل مجهول الحال أو الخائن، فهذا استحسان منه وليس واجبا، وأما اشتراطه ألا ببيع إلا في حالة الضرورة لا الاختيار، فهذا شرط فيه تعسف؛ لأنه المالك يده مطلقة فيما يملك، يتصرف فيه كيف يشاء، بالبيع أو الهبة أو الصدقة أو غير ذلك. ٨ في ضمان الوصية: ومن فروع هذه القاعدة أ يضا ً : أن الوصية يجب إنفاذها على من كانت بيده، سواء كان الوصي أو الوارث، فإن كان هذا الأخير فعليه أن يدفعها إلى الوصي حتى يوصلها إلى أصحابها، فإن ضيع أحدهما أو ف رط فيها ضمنها؛ لأن ّ ولزمه » : يقول القطب أ طفيش في هذا المعنى ،« المتسبب لا يضمن إلا ب التعد ي » أي: الوارث ولو كان في الورثة يتامى أو مجانين أو غياب (دفعه له)؛ أي: للخليفة، (ويبرأ منه)؛ أي: من ضمانه به، أي بالدفع، وإلا يدفعه له، بأن دفعه «... لغيره ممن ليس صاحب الشيء، أو أبقاه عنده (ضمنه) إن علم أنه وصية(١) . (١) .٦٦١/ أطفيش: شرح كتاب النيل، ١٢ k :IóYÉ≤dG ≈æ©e :’hCG من تعدى أو ف رط في حق من الحقوق المالية التي يجب فيها الضمان، َّ ِ وجب عليه ضمان م ا فرط أو تعدى فيه، وذلك ب رد ّ مثله إن كان مثليا ً ، أو قيمته ّ ِ إن كان ق يميا ً ، فمن أتلف مال غيره عمدا فهو ضامن، ومن ق صر في حفظ ماله ّ أو مال غيره فضاع أو تلف ضمنه. وهذه القاعدة مشهورة في جميع المذاهب الفقهية، ولها فروع في شتى أبواب الفقه، كالمعاملات والجنايات وغيرها، وقد اعتمدها ا لإباضية في اجتهاداتهم، وخرجوا عليها ف روعا ً كثيرة، وصرح بها ابن ب ركة في باب العارية ّ « فالضمان لا يجب إلا ب التعدي » : فقال(٢) وقال أ يضا ً والضمان » : في باب الوديعة «... إنما يكون بالتعدي والجور(٣) ولم يحصر الفقهاء هذه القاعدة في الضمان بالتعدي على الأموال فقط، بل عمموها على كل اعتداء، كالاعتداء على النفس ِ والعرض وغيرهما، سواء باشر الاعتداء بنفسه، أو ت سبب فيه فأنفذه غيره، ّ فالقاعدة شاملة للضمان لجميع ذلك(٤) . (١) ٢٩٧/ ابن بركة: الجامع، ٢ - .٣١/ ٢٩٨ . الكندي أ حمد بن عبد الله: المصنف، ج ٢٠ ٢٢٦ ،٢٠١/ ج ٢١ - ،١٥٧ ،١٢٣/ ١٧ . العوتبي: الضياء، ١٣ / ١١١ . ج ٤١ / ٢٢٨ . ج ٢٥ ،٤٨ ،٣٦/ ٦٥ . ج ٣٥ /١٦ .٢١٣ ،١١٦/ ١٩٠ . الكندي محمد إبراهيم: بيان الشرع، ٦ .٢٣/٤ .١٦٩/ ١٥٢ . الشماخي: الإيضاح، ٢ ،١٠٢ ،٨٥ ،٧٩ (٢) .٤٢٦/ ابن بركة: الجامع، ٢(٣) .٤٣٨/ ابن بركة: المصدر نفسه، ٢(٤) . أبو العباس أحمد: كتاب أبي مسألة، ص ١٦٦ k :É`¡JÉ≤«Ñ£Jh IóYÉ≤dG ´hôa :É«fÉK ١ في ضمان التعدي على الأموال بنفسه أو بمن تحت مسؤوليته: وأما ما يكون فيه الضمان في » : يقول أب و العباس أحمد في هذا الصدد الأموال فهو على وجوه: منه ما أفسده الرجل بنفسه، وما أفسده بماله، ومنه ما أفسده بأطفاله أو مجانينه، فما أفسده أطفاله وماله من عبيد وغيرهم من ِ الحيوان بأمر، أو بأسباب تكون من ق بله، فكل ما أفسده بنفسه وماله، فهو له ضامن، فمن ذلك: ما يكون فيه منه الأب، ومنهم من يقول: لا يثبت الحاكم « الخصومة في ذلك، ولكن يدرك ذلك على أ بيه(١) . ويقول ا لثميني في السياق نفسه عن حكم من اعتدى على نفس أو مال: فإن تعمد إ فسادا » ً في نفس أو مال لزمه الغرم والإثم، وإلا لزمه الغرم فقط إن علم به، ولا شيء عليه فيما لم يتعمده ولم يعلم به، وكذا كل ما كان بيده من ماله أو مال غيره إن تعمد إفساده أو ضيعه حتى أفسد غيره، يلزمه ذلك من ّ ماله، ولا يرجع به على رب الشيء إن كان لغيره، ويرجع عليه فيما أفسد ذلك ّ بلا عمد منه ولا تضييع إن غرم، وما أفسده حيوانه وإن بلا عمد ضمنه، ولو كان أكثر من قيمته، وما أفسده م ا عل ّ ق إليه ببيع أو هبة أو م ا عل ّ قه هو على غيره، فضمان ذلك ونفقته وما يحتاج إليه على م ا انتهى إليه وصار في مكانه، وكذا النكاح ا لمعل ّ ق مثل: إن ت زوج بهذا العبد أو غيره من الحيوان بلا شهود، ّ وقيل على الزوج حتى يستشهدا، وكذا فيما مر من البيع والهبة ضمانه على ّ «... البائع والواهب، حتى يقع القبول لذلك من مشتريه وموهوبه(٢) . وفي ضمان ما فسد في الزراعة يقول ا لثميني : وما أفسده فيما نبت من » الزراريع وغلة الأشجار قبل أن ي درك، يضمن قيمته إن كانت له قيمة، وإلا َُ (١) . أبو العباس أحمد: كتاب أبي مسألة، ص ١٦٨(٢) . الثميني: الورد البسام، ص ٢٣٨ ضمن ما بين قيمة الأرض عليها النبات وقيمتها خالية منه، وكذا الأشجار إن لم تكن لغلتها قيمة، فإنه يدرك ما بين قيمتها عليها غلة وبينها عارية منها، والفريك من الزرع والب سر والرطب إن أفسده غرم قيمته، وقيل ك َ يله، ومن ُﱡ ْ نزع ما ذك ﱠ ر به الشجر أو النخل قبل أن ي لق ﱠ ح منه، ضمن قيمته ما نزع الذك ّ ار «... لإفساد ا لغلة(١) . ٢ في ضمان المغصوب: تعرض فقهاء ا لإباضية إلى أحكام المغصوب وما يترتب عليه، وأشاروا أن « البصيرة » إلى اختلاف أحكامه من مال منقول ومال ثابت، فقد جاء في المغصوب على ضربين: ف غصب منقول، وغير منقول، فالغصب المنقول فهو » ْ المنقول من موضع إلى موضع، مثل المتاع والأثاث والدراهم والدنانير والحيوان وغير ذلك، ومغصوب لا ينقل عن موضعه، كالدور والعقار والأرضين، فالمنقول إذا تلف وجب على الغاصب مثله أو قيمته، سواء إن تلف من جناية الغاصب أو غيره، أو من قبل الله تعالى، ولا تنازع في ذلك. وإذا تلف ما لم ينقل من غير جناية الغاصب ف لا شيء عليه في البدل والقيمة، وإذا تلف بعض ما ينقل من غير جناية الغاصب أو من جنايته، كان « عليه ما نقص بالإجماع أنه ضامن، وإن لم يباشر ا لإتلاف(٢) . واختلف ا لإباضية وغيرهم في المال المغصوب إذا ت حول في يد الغاصب، ّ وذلك بزيادة أو نقصان، وقالوا كيف يكون ضمانه؟ هل يضمنه يوم اغتصبه أم يوم هلك وتلف؟ اختلف » : أشار ابن ب ركة إلى هذا الخلاف ورجح أحد الأقوال فقال أصحابنا في رجل اغتصب شيئا ً فزاده في يده، ثم هلك المغصوب، فقال (١) الثميني: المصدر نفسه. (٢) .١٤٥/ الأصم: البصيرة، باب في التعدي والغصب، ١ بعضهم: يضمن قيمته يوم غصبه. وقال أكثرهم: يضمن أفضل قيمته يوم غصبه، أو يوم هلك في يده، وهذا هو القول عندي؛ لأن الزيادة ي حكم له بها الحاكم َ إذا وجدها قائمة كما يحكم بما اغتصبه في وقته، وهذا دليل على أن ملك المغتصب منه ثابت في الجميع، ولما كانت الزيادة له وجب أن تكون مضمونة في كل وقت، وإلى هذا القول يذهب ا لشافع ي، وأما أب و حنيفة فلا يوجب الزيادة لصاحبها ولا يحكم بها للمغصوب؛ لأن المغتصب لم يكن زعم ملكها، « فتكون مضمونة ل ه(١) . وبين ،« مختصر الخصال » كما نقل أ بو إسحاق الحضرمي هذه المسألة في ّ حكم الزيادة التي طرأت على المغصوب، هل يستحقها الغاصب أم مالك الأصل المغصوب؟ ووضع لذلك ضابطا ً وكل من غصب شيئا » : يضبطها فقال ً ثم زاد في يده، لزمه رده بزيادة إلا في خصلتين: أحدها : أن يغصب شيئا ً ثم ي غيره عن حاله أو أصله من غير تلف، وينمو ّ ذلك عنده، فإنه لا يلزمه إلا مثله أو قيمته يوم غصبه إن أمكن له ا لمثل. الثاني: أن يزيد الشيء المغصوب في يده ثم يتلف وهو بحاله، فإنه لا يلزمه إلا قيمته يوم اغتصابه إن كان مما ليس له مثل، أو مثله إن كان « له مثل(٢) . ويضيف ق ائلا ً : وسائر ذلك يلزمه رده وقت مطالبة مولاه، أو عند تبريه من » غصبه، فإن نما عنده، أو أتلفه قبل المطالبة، لزمه إن كان له مثل ٌ أو ق يمة ٌ يوم أتلفه، إلا أن تكون قيمته أكثر من وقت غصبه، لزمه أكثر القيمتين إذا كان التلف من جنايته فيما له قيمة، والمثل في غير ذلك... ولا يلزمه أجرة إلا مع نقصان عينه، إن كان ممن ليس له مؤونة، وإلا فالأجرة لازمة مع عينه إذا كان (١) .٤٧٠/ ابن بركة: الجامع، ٢(٢) أبو إسحاق الحضرمي: مختصر الخصال، ص ١٤٩ - .١٥٠ ممن ليس له مؤونة، وإن تلف من غير جناية مثله إن كان له مثل، أو يوم غصبه « لا غير(١) . ولكن ما حكم المغصوب إذا نقص في يد ا لغاصب؟ يرى ا لإباضية أنه لو غصب رجل عبدا ً أو حيوانا ً فحبسه عنده إلى أن ق َل ّ ت ٍِ ٍ قيمته ب ك َ بر، أو مرضأو نحو ذلك، فعليه ضمان ما نقص من قيمته؛ لأنه تعدى بحبسه، ف مثلا :ً لو كانت قيمته قبل الغصب ألف دينار ثم صارت بعد الحبس مائة دينار، رد ّ ه إلى صاحبه مع تسعمائة دينار(٢) . وأشار إلى اختلاف ا لإباضية فيها « جامعه » نقل ابن ب ركة هذه المسألة في اختلف أ صحابنا في رجل اغتصب عبدا » : فقال ً قيمته مائة درهم فرباه وعلمه ِ وغذ ّ اه حتى بلغت قيمته إلى ألف درهم، ثم نقصت قيمته بمرض أو كبر أو غير ذلك حتى رجعت قيمته إلى مائة درهم، فقال بعضهم: لا شيء على المغتصب إذا رده إلى صاحبه، وقيمته لم تنقص عن قيمته في الوقت الذي أخذه فيه، وإن نقص عن قيمته الأولى ضمن النقصان، وقال بعضهم: إذا رده إليه زائدة قيمته أو ناقصة فقد رد العين التي كان غصبها إذا كانت قائمة جاهزة، ِ وليس معصية ب حبسه إياه يوجب عليه حكما ً غير رد ا لعين التي كان غصبها إذا َُ كانت ق ائمة... وقال بعضهم: إذا غصبه وهو يساوي مائة درهم، فزاد في يده بتعليم أو ِ غذاء فبلغ ألف درهم، ثم نقصت قيمته ب كبر أو مرض أو غير ذلك فرجعت إلى مائة درهم، أ ن ّ عليه رده وتسعمائة درهم؛ لأنه تعدى بحبسه إياه على صاحبه، فنقصانه يلزمه؛ لأنه أنقص ماله بالتعدي فلزمه ضمان النقصان، فألزمه « ضمان العين إذا تلفت قبل ردها إلى صاحبها(٣) . (١) . الحضرمي: المرجع نفسه، ص ١٥٠(٢) .٤٠٧/ ابن بركة: الجامع، ٢(٣) ابن بركة: الجامع، المصدر نفسه. ويوضح ابن ب ركة رأي ا لإباضية في ا لعين المغصوبة إذا تلفت قبل ردها َ واختلفوا إذا تلفت العين المغصوبة » : لصاحبها، زادت أو نقصت في يده، فيقول وقد كانت زادت قيمتها في يد الغاصب أو نقصت، فقال بعضهم: يضمن قيمته يوم هلك زادت قيمته أو نقصت، وقال آخرون: تلزمه قيمته يوم غصب، وقال آخرون: تلزمه قيمته يوم هلك إلا أن يكون نقصت عن قيمته يوم اغتصبه، فعليه تمام قيمته يوم اغتصبه، ولم يختلفوا أ ن ّ عليه التوبة إلى الله تعالى من ذنب « اغتصابه إن رده أو غرم(١) . في حكم غصب الحيوان واستغلاله: ْ يقول عثمان ا لأصم : ومن ت عد » ّ ى على دابة غيره وأخذها، فإنه ضامن لذلك، فإن استعملها فعليه ضمانها وكراء استعمالها، وإن تعدى وأخذها من المرعى ثم استعملها وعاد رد ّ ها إلى المرعى فهو ضامن لها؛ لأن المرعى ليس هو حفظا ً لربها، إن تلفت ضمنها، وعليه كراء استعمالها، فإن غصبها فعليه في كل حال ردها، وإن نقصت من غصبه، عليه أفضل قيمتها، وإن زادت فعليه ردها، ولا شيء له إن تلفت وقد زادت أو نقصت، فعليه لربها أفضل قيمتها يوم غصبها أو يوم أ تلفها... وإن غصب دابة فزادت وتناتجت فهي لربها المغصوب منه، وإن باع من الأنتجة شيئا ً كان قيمة ذلك عليه، وعليه ردها وأولادها، وإن استهلك ذلك ِ كان عليه أفضل قيمة ذلك إذا باعه أو أتلفه أو أكله، ولا عناء له و لا عرق في ذلك، وإن أنتجت الدابة أ نتجة ً ثم تلفت الأنتجة بموت، فقد قالوا لا ضمان « عليه في ا لأنتجة(٢) . (١) ٤٠٧/ ابن بركة: المصدر نفسه، ٢ - .٤٠٨ (٢) ١٤٦/ الأصم عثمان: البصيرة، ١ - .٤٠٨/ ١٤٧ . ابن بركة: المصدر نفسه، ٢ ولم ي سل ّ م عثمان ا لأصم بهذا القول بل عق ّ وفي نفسي من » : ب عليه بقوله « ذلك شيء(١) وكأنه يميل إلى تضمين الغاصب قيمة ما نسل منها، ولعل ٍ ما ذهب إليه هو القول الأعدل والأصوب؛ لأن المغتصب معت َد على الدابة، فيضمنها مع أولادها إن تلفت، ولعل الذين أسقطوا عليه الضمان اختاروا التيسير عليه حتى لا يجد مشقة في رد الدابة ا لمغتصبة. في السياق نفسه صورا « البصيرة » ويضيف صاحب ً أخرى يظهر فيها فإن غصب دابة وحمل عليها حمالا » : استغلال المغضوب، فيقول ً فعليه كراء استعمالها منذ غصبها إلا أن يردها، وإن كان غصب عبدا ً فاستعمله فعليه رده وكراء استعماله، وإن استغل منه غل ّ ة فعليه ردها، وإن استخدمه لزمه أجرة استخدامه، وإن نقص فعليه أن يرد ما نقص منه، في حبسه إياه عنه بعد أن « يرده، وإن زاد في القيمة ف لا شيء للغاصب فيه و لا عرق(٢) . ويشير ا لقطب إلى هذه المسألة في سياق حديثه عن كيفية استخراج ما أخذ من المال غصبا ً من المغتصب، وما تولد عنه من منافع، فيقول شارحا ً لمتن ا لثميني : وجاز) التقاضي (فيما أكل) الغاصب أو السارق أو )» الغالط، وأراد بالأكل مجرد الإتلاف أ ك ْلا ً أو غيره، (من غلته) كثمار الشجر والنخل والأرض، وصوف الحيوان ووبره وشعره، ولبنه وسمنه وما يتولد من ذلك، وأجرة كرائه، وكراء البيوت وغيرها، (واستخدامه)، وذلك بتقويم حيوانا ً كان أو غيرها، كسكن البيوت، وجميع ما جرى على حد التقاضي ٍ المذكور من قضاء الجنس، أو الخلاف قبل البيع أو بعده قضاء مساو أو أقل لأكثر، وإن لم يتلف ذلك ف لا يقض كما لا يقض أصله إذا بقي، وقيل: يقضي إذا لم يصل إليه، وإنما صح له قضاء ا لغل ّ ة ونحوها؛ لأن حديث: ّ (١) الأصم: المصدر نفسه. (٢) .١٤٧/ الأصم: ١ « الخراج بالضمان »(١) إنما هو لغير الغاصب على الراجح لقول ه صلى الله عليه وسلم : ليس » « لعرق غاصب حق(٢) «(٣) . في ضمان الأرض والزراعة المغتصبة: ومنها ما يقع من اعتداء الإنسان على أرض غيره فيأخذها عنوة دون رضى مالكها، ويزرع فيها م ا يشاء، أو يستغلها دون مقابل فيعجز صاحبها عن إخراجه منها، ويحرمه من استغلال أرضه ومائه، فما حكم فعله؟ وإذا أراد التوبة والتنصل من ذلك فماذا يجب عليه؟ بحث فقهاء ا لإباضية وغيرهم هذه المسألة وعالجوا هذا الأمر، وأوجبوا على المعتدي الضمان، وإزالة الأضرار الناجمة عن اعتدائه، ولعل أب و العباس أحمد يعد ّ من أحسن م ا وجدت ُ من الفقهاء ب يانا ً لحكم هذه المسألة، بأسلوب ُ وإذا غصب الرجل أ رضا » : واضح ورصين فيقول ً أو شجرا ً أو ماءا فيمنعه ً صاحبه حتى ذهب أو فسد، قال: كل ما ذهب أو فسد من ذلك بما جاء من ِ قبل الله فليس عليه منه شيء، وما تلف من سبب غيره فإنه يضمنه من أفسد َ بتضييعه من جميع ما منع لصاحبه من حفظه وإصلاحه، فهو له ضامن أ يضا ً ، سواء في التضييع الأصل بنفسه أو غل ّ ته، ومنهم من يقول في الأصل أن لا يضمنه، ويضمن الغلات إذا أدركت على كل حال، وإن لم تدرك ففيه اختلاف، منهم من يقول يضمنها، ومنهم من يقول لا يضمنها بما جاء من قبل الله، ويضمنها على كل حال ولا تبريه منه غير التبرئة منه لصاحبه، أو أبرأه «... صاحبه سواء حضر ذلك الأصل أو غاب، إذا وصلت التبرئة إلىا لغاضب (٤) . (١) تقدم تخريجه. (٢) تقدم تخريجه. (٣) ٢١٥/ أطفيش: شرح النيل، ٩ - .٢١٦ (٤) أبو العباس أ حمد بن محمد: كتاب أبي مسألة، ص ١٧٢ - .١٧٣ ولم يترك أب و العباس هذا المغتصب الظالم يتمادي في غيه بل أرشده إلى ّ وأما من غصب أ رضا » : التوبة، وبين له كيفية التخلص من ظلم غيره، فيقول ً ّ فغرس فيها الأشجار ثم تاب، فإن صاحب الأرض بالخيار، إن شاء أعطاه قيمة الغروس وإن شاء أمره بقلعها، ويدرك عليه ذلك، فإن لم يجد صاحب الأرض ذلك الغاصب، فليقلعها بنفسه ويأخذ منه عناء قلعه، وليس عليه شيء، مما أفسد من الغروس في قلعه إياها في كل م ا لا يصل إلى قلعه إلا به، ويدرك على الغاصب أ يضا ً ما أفسد على الأرض في حين قلعه الأشجار، ولو كان لا يصل إلى قلعها إلا بذلك. وليس على الغاصب غ َر م ما استغل من أشجاره ْ «... في تلك الأرض، ولكن يدرك عليه الفساد في الأرض والنقصان منها(١) . هذا، وقد تعرض أب و العباس أحمد إلى بيان حكم من يتعدى على أرض غيره فيحرثها بغير إذنه، فقال في شأنه في باب من حرث أرض غيره، بالتعدي: ومن حرث أرض غيره بغير إذن صاحبها، ف لا يحل له ذلك، ويكون متعديا » ً بذلك، ويمنعه صاحب الأرض، وكذلك الشريك يمنع من أراد أن يحرث أرضا ً قد اشترك فيها مع غيره، ومن كانت في يده أرض غيره يمنع من أراد أن يحرثها بغير إذن أصحابها، وإن حرثها المتعدي في هذه الوجوه التي ذكرناها فأتى صاحبها، فأراد أن يرد عليه بذره فله ذلك، وسواء في ذلك أبذرها أو لم يحرثها، أو حرثها ولم ينبت بذره، أو نبت بذره ولم يدرك، فإنه يعرض عليه بذره، فإن أراد المتعدي أخذه، وإن شاء تركه، ويكون الزرع لصاحب الأرض، ويدرك بذره متى شاء، ولا يعرض عليه صاحب الأرض إلا جنس بذره، وسواء في هذا زرارع الصيف أو زرارع الشتاء، ولا يدرك المتعدي على صاحب الأرض عناءه ولا عناء دوابه، ولا يدرك شيئا ً « سوى ب ذره(٢) . (١) أبو العباس أحمد: المرجع نفسه، ص ١٧٣ - ١٤٧/ ١٧٤ . الأصم عثمان: البصيرة، ص ١ - .١٥٠ (٢) . أبو العباس أحمد: القسمة وأصول الأرضين، ص ٢٧٨ أما إذا أراد المعتدي التوبة ورد الحقوق إلى أصحابها، فقد أرشده وإن تاب المتعدي، فإنه يطلب بذره » : أب و العباس كذلك إلى أقوم السبل فقال عند صاحب الأرض، فإن أعطاه له، فالزرع لصاحب الأرض، وإن لم يعطه له ولم يتبرأ له من بذره ف لا يأكل ذلك الزرع ويأكله الفقراء، وهذا إذا تركه حتى «... أدرك ولم يترادد البذر، ولم ي تحاللا(١) . وفي موضع آخر تعرض أب و العباس إلى توضيح حكم من تعدى على ومن حرث أرض غيره بالتعدي » : أرض غيره فحرثها ببذر صاحبها، فيقول فخرج البذر الذي بذره فيها لصاحب الأرض بالغلط أخذه، أو بالسرقة، أو سرقه على أنه لغير صاحب الأرض فإذا هو له، أو اشترى منه البذر فحرثه في أرض البائع بالتعدي فخرج بيعهم منفسخا ً ، فإن الزرع في هذا كله لصاحب الأرض، وليس للمعتدي عناءه، ولا يكون على المعتدي من تباعة ذلك الطعام شيء إن حصد منه صاحبه، مثل بذره أو أكثر منه، وكذلك إن برأه فليس عليه شيء، وأما إن لم يحصد منه شيئا ً أو حصد منه ب عضا ً فكل ما نقص من الزراعة الأولى بالتعدي فهو له ضامن، وإن ف ض َ ل من ذلك الزرع شيئا ً ، أو انتفع منه بقدر بذره الأول، فقد برأ المتعدي، وكذلك إن انتفع بذلك الزرع دوابه أو عبيده، أو أفسدوا منه بقدر البذر الأول، فالمعتدي في هذا ب ريء. أما إذا انتفع به طفله أو ما أفسده من ذلك الزرع أو اليتيم الذي استخلف عليه أو المجنون، فكل ما أفسد هؤلاء من ذلك الزرع ف لا يبرأ منه المتعدي، ويلزمه ضمان البذر، ويدرك صاحب الأرض على من أفسد ذلك قيمته ويمسكه «... لنفسه، ومنهم من يقول يتصدق ب ه (٢) . (١) أبو العباس أحمد: المرجع نفسه. هذا المثال يصلح للتطبيق في قاعدة: (لا يجوز التصرف في ملك الغير بغير إذن). (٢) أبو العباس أحمد: المصدر نفسه، ص ٢٩٣ - .٢٩٤ ومن جهة أخرى نجد أب و العباس يحمل المتعدي كامل المسؤولية على ّ ما صدر منه، أو من تحت مسؤوليته، ويلزمه تغريم الأضرار الواقعة على َ وإن أفسد المعتدي ذلك كله، فعليه » : صاحب الأرض لإصلاح ما فسد، فيقول البذر وقيمة ذلك الفساد، وكذلك مواشيه إن أفسدت ذلك كله، فعليه البذر وقيمة ذلك الفساد، وكذلك طفله فيكون عليه غرم قيمة الفساد مع البذر الأول... وما كان في يد المعتدي من مواشي غيره إن أفسدت ذلك الزرع، فكل ما يلزمه ضمانه فهو عليه، وما لا يلزمه فهو على صاحب المواشي، وأما ما أفسد الطفل الذي استخلف عليه أو المجنون أو مال الغائب الذي استخلف عليه فالمعتدي يؤخذ بهذا كله، ويغرمه من مال من أفسده من هؤلاء، وأما ما أفسد مما كان في يده من مال غيره بالرهن أو الوديعة أو العارية وأما أشبه ذلك فإنه يغرمه من ماله ويرجع به على صاحب المال، وأما إن مات صاحب «... الأرض والبذر، فورثة المعتدي وحده فقد برأ من ا لبذر(١) . ورغم أ ن ّ أبا ا لعباس يوجه المعتدي إلى التوبة ورد المظالم إلى أصحابها نجده ينقل إلينا ق ولا ً آخر يسقط فيه التبعة على المعتدي، إذا قصد التوبة ولم يستطع أن يرد المظالم إلى أصحابها، إذا خرجت من يده ولم يقدر عليها، وكل » : وبهذا يكون قد فتح باب التوبة على مصراعيه لمن أراد أن يتوب فيقول ما دخل يده بالتعدي ولو بوجه من وجوه الضمان كلها، فخرج من يده ولم يعلم له موضعا ً ، أو كان في موضع لا يصل إليه بوجه من الوجوه، فهو له ضامن، ويضمن عناءه وخدمته وصداقه، إن كان مما يكون له الصداق (كالمرأة)، وجميع غلاته ونمائه (إذا كان حيوانا ً أو أ شجارا ً ( ما لم يتب، فإن تاب فليس عليه شيء مما حدث بعد التوبة من جميع ما ذكرنا، ومنهم من يقول ضامن « لذلك كله ولو تاب ما لم يغرم صاحبه فيحط ذلك عنه(٢) . (١) . أبو العباس أحمد: القسمة وأصول الأرضين، ص ٢٩٦(٢) أبو العباس أحمد: كتاب أبي مسألة ١٧١ - .١٧٢ والظاهر مما تقدم أن ما ذهب إليه أب و العباس في تشجيع التائبين على التوبة، ورد المظالم لأصحابها هو م ا أميل إليه وأدعو إليه، ولعله الرأي الأنسب والأعدل، فإذا وجد التائب وسيلة لرد الحقوق ف لا يتردد في ذلك، أو يطلب من أصحابها التنازل عنها، حتى لا تبقى ذمته معل ّ قة ومشغولة، فإن عجز عن ذلك فيطلب المسامحة من أصحابها والله غفور رحيم، ويبقى لأصحاب الحقوق أن يساعدوهم على التوبة ويعفوا ويصفحوا عنهم، حتى لا يتعذبوا بذنوبهم ويحتسبون الأجر عند ا لله. ٣ في ضمان النفس عند الاعتداء عليها: نقل أب و العباس صورا ً عديدة لمن ي عرض نفسه للهلاك ويريد القضاء ّ ومن ترك اللباس حتى مات » : عليها، وحكم عليه بالهلاك، والضمان، فقال بالحر وبالبرد، أو أسلم نفسه لما يتلفها من مثل هذا، وهو قادر على أن يمنعها ّ منه حتى هلك، أو رمى نفسه في الحريق أو الغريق، أو تردى من الجدار الذي لا يطمع من الخلاص إن سقط منه، أو أسلم نفسه للسباع أو الهوام المؤذية كلها من الحيات والأفاعي والعقارب وأشباه ذلك من المتالف كلها، إن فعل هذا كله فمات من أجله، أو ذهب عضو من أعضائه فهو هالك ضامن نفسه، ِ فإن نجا من ذلك كله مع ذلك، فقد عصى ربه بتقدمه في ف عل م ا لا يحل له، ومن العلماء من يرخص في جميع م ا لا يلجئه إلى ذلك، إلا طمعا ً لخلاص «... نفسه أو طمعا لخلاص غيره مع خلاص ن فسه(١) . ٤ في تضمين المتسبب في ضياع حقوق الناس: ّ ومن صور تفويت مصالح الناس وتضييع حقوقهم المالية ما ذكره الثميني أخذ كتابا لأحد فيه ديون فقصد إلى إتلافها، لزمته الديون، وإن لم » عن الذي (١) . أبو العباس أحمد: كتاب أبي مسألة، ص ١٦٦ يقصده لزمه ضمان القرطاس دون ما فيه من الديون، وبعبارة أخرى ومن له كتاب فيه ديون عن الناس وشهادات فأخذه أحد، فأتلفه وذهبت الديون، فإن تعمد إتلافه وقد حفظ الشهود شهاداتهم وقاموا بها، ف لا يضمن إلا القرطاس، وإن ماتوا أو نسوا ما فيه، فإنه يضمنه وما فيه من الديون، ولو عرف ما فيه منها أو لم يكن يعرف أن فيه ديونا ً ، وإن استوفى صاحبه ما فيه منها، ضمن المتلف القرطاس فقط أ يضا ً ، وإن غرم الديون من عنده لزمها، فإنه يلتزم بها مداينه « بالرجوع عليهم ب ها(١) . سئل ابن جعفر عن رجل له كتاب فيه حساب ديون على الناس والشهادات، أخذها رجل فأتلف ذلك الكتاب، وذهبت الديون التي كانت على الناس، وقد عرف الآخذ بما في الكتاب أو لم ي عرف. فعلى م ا وصفت » : فأجاب َ ، فإن كان هذا الرجل أتلف الكتاب عمدا ً منه، فإن كان الشهود يحفظون شهادتهم التي في الكتاب وقاموا بها، فليس عليه إلا ضمان القرطاس، وإن كان الشهود لا يشهدون إلا على ما في هذا الكتاب كان على الرجل ضمان تلك الديون والقرطاس، عرف ما في هذا الكتاب من الديون أو لم يعرف، وإذا كان يعرف أ ن ّ في الكتاب د يونا ً للقوم وائتمنوه عليها، وإن كان الشهود يقولون لا نحفظ ما في الكتاب ولو حضر الكتاب، لم يشهدوا على ما فيه، لم يكن على الرجل إلا ضمان القرطاس، إلا أن يقول أصحاب الكتاب الذين لهم فيه الديون لا يحفظون ديونهم إلا بما في الكتاب، فنقول إن عليه ضمان الكتاب وما فيه من الديون لأصحاب الديون، إلا أن يستوفي أصحاب الكتاب من غرمائهم، فإنما على الرجل ضمان ا لقرطاس. وكذلك إذا أقرت الغرماء بما عليهم من الديون لأصحاب الديون مع الحاكم أو مع الشهود، لم يكن على الرجل إلا ضمان القرطاس، وإذا لزم (١) ٢٨٢/ الثميني: الورد البسام، ص ٢١٣ . ابن جعفر: الجامع، ٥ - .٢٨٣ ِ الرجل ضمان الديون فأداها إلى أهلها، ل َحق الرجل الغرماء بما أدى عنهم « من ا لديون(١) . ومن الصور التي ذكرها ا لثميني في ا لتسبب في ضياع أموال الناس، ﱡ ويعتبر الفاعل فيها مفرطا ً إذا رأى فسادا استقبل مال أحد فمنع ربه من » : ، أنه دفعه عنه حتى فسد، ضمنه، مثل: إن رأى ذ ئبا ً قصد غنمه، أو جملين أو غيرهما ََ يقتتلان، أو حيوانا ً آخر أشرف على هلاك فمنع ربه من ذبحه، ومن سرق لأحد ّ ِ لحما أو ت ينا ً أو ن بيذا ً أو ل بنا ً فأمسكه حتى ت غير عن حاله، ضمن النقص من ّ « قيمته، وإن فسد حتى لا ينتفع به، ضمنها كلها(٢) . ومن صور ا لتسبب في ضمان مال الغير أو تفويت منفعة على مالكه: ّ تنجيس ما ينتفع به طاهرا ً ومن ن ج » : ، يقول ا لثميني في هذا الصدد س ثياب ﱠ ِِ غيره أو إناءه أو ما من شأنه أن ي غسل، ضم ن ما بين قيمته طاهرا ً وبينها ن جسا ً ، ُ وقيل ما أنقصه الغ َ سل، وقيل ما يغسله به، ولا يدرك عليه ربه أن يغسله له إن ّ ِ أمره به، وإن غسله قيل بأمره ضم ن ما أنقصه الغ َ سل أ يضا ً ... ومن ن ج س زيتا ً بدم أو ميتة أو لحم خنزير، ضمن قيمته أو ك َ يله، وقيل ﱠْ ِ إن ّ رب ّ ه مخير في ذلك، وفي أخذ زيته منجوسا ً لينتفع به، وأخ ْ ذ ما بينه كذلك ﱠ وبينه طاهرا ً ، وقيل لا ينتفع بالزيت إن نجس... وم َ ن ن ج ﱠ س ب يت َ غيره، أو داره أو حيوانه أو شجره أو حيطانه، ضمن ُ أرش ذلك، وإن لم يغرمه حتى زال النجس بمرور الزمان، فهل زال عنه ضمانه « بذلك أم لا؟ ق ولان(٣) . ومن صور الاعتداء على المال العام أو الوقف، وما يلزمه من تغريم، وكيفية التعويض عن الضرر، ما ذكره الثميني فيمن يعتدي على المسجد أو (١) ابن جعفر: المصدر نفسه. (٢) . الثميني: الورد البسام، ص ٢٣٩(٣) . الثميني: المصدر نفسه، ص ٢٤٠ ومن أفسد شيئا » : بعض لوازمه، فيقول ً من حيطان المسجد أو سقوفه أو في حصره أو زيت مصباحه، أو في ق ُل َ له أو أزقاقه أو قناديله، أو في ماء يستقى منه، ضمنه، وكذا في كل م ا جعل للأجر، ويغرم قيمة حيطانه وسقفه لقائمه، ُ ولا يبرئه من ذلك إلا غرمه، وقيل يبرئه إصلاحه، ويغرم ما ذكر من الزيت والحصر والآنية وغيرها لقائمه أ يضا ً إن وجده، وإلا فليجعل في المسجد مثل ما أفسد فيه مما ذكر، ورخص في الزيت إن أهرقه من المصباح أن يرده فيه، ويبرأ به لا في إنائه كالخابية، وإن أراقه منها فليرده فيها، ولا يجزي مفسدا ً في هذه المعاني أن يجعل م ا أفسد فيها لغيرها، مثل إن أفسد في المسجد ف لا يجعل قيمة فساده في الحصر والمصابيح، وكذا لا يجزيه أن يجعل ما أفسده في الحصر للمصابيح، وقيل يجزيه أن يجعل قيمة كل ﱢ مما يكون في المسجد من الحصر وغيرها لحيطانه وسقفه، وإن أفسد في ماء الأجر لزمه أن يرد مثله في مكانه لمن يشرب منه، وقيل: ينفق قيمته ويجعل للمسجد ما نبت فيه، وقيل ينفقه، وكذا ما ثبت عليه أو في المصلى فيما كان للأجر، أو في نبات المقبرة أو حيطانها، وعليه أن يرد في حائط غير المسجد ما نزع منه، ويصلحه، وقيل «... يغرم قيمته لربه و لا عليه(١) . ٥ في تضمين الشاهد أضرار رجوعه عن الشهادة: وإذا شهد شاهد أمام القاضي أ ن ّ لفلان على آخر حقا ً فقضى القاضي به، ثم كذ َّ ب نفسه، ن ُ ق ض حكم القاضي وغرم الشاهد، لأنه اعتدى على غيره ُ بشهادته فضيع حقه، ولذلك يتحمل كل الأضرار الناجمة عن رجوعه في إذا شهد شاهدان » : شهادته، ويغرمها للمتضرر، وقد أكدا لعوتبي هذا الأمر فقال على رجل بمال، فقضى به القاضي ثم ادعى المشهود عليه أنهما رجعا عن شهادتهما، وأرادا أن يستحلفهما، قال أصحاب الرأي: لا يمين عليهما، في (١) . الثميني: نفسه، ص ٢٣٩ ذلك، وقال بعض الناس عليهما اليمين، وقال: ألا ترى أنهما أتلفا مال هذا الرجل، فإن حلفا وإلا ق ضيت ُ عليهما بالمال... وإذا رجع أحد الشاهدين ضمن جميع الذي تلف بشهادته، أما لو رجعا عن الشهادة قبل انقضاء القضاء « فلا شيء عليهما(١) . وأرى أن يعزرهما الحاكم حتى يكونا عبرة لمن تسول له نفسه بتضليل العدالة، أو التسبب في تضييع حقوق الناس، ولا يتقدم للشهادة إلا من ي تيق ّ ن من شهادته، ولا يبتغي من ورائها شيئا ً إلا إثبات الحق لصاحبه. وفي السياق نفسه، ذهب أهل العلم إلى أ ن ّ شاهد الزور إذا شهد زورا ً على آخر فأتلف بشهادته مالا، ً أو ن فسا ً أو عضوا ً أو دونه مما فيه قصاص، فإنه يقتص منه، وتعتبر شهادته من باب العمد، كما أ ن ّ كل من رجع عن شهادته على وجه السهو والنسيان، فإنه غارم ما أتلف مما لا قصاص فيه؛ لأن فيه تضييع لمصالح ا لناس(٢) . ومنها أ يضا ً : أن ّ الراجع عن شهادة الزنا بعد تمامها بالأربعة نفذ الحكم » ولم ي نفذ عليه ا لجل ْ د، وإن كان نفذ جلد وغرم، والراجع عن شهادة الزنى، َُ وقد بقي منهم، م ن ي تم الحكم، ف لا حد عليه ولا غرم، ومن ت م على شهادته َّ ﱠ بعد الحكم كذلك. وإن لم يتم الشهادة بالأربعة جلد من شهد... ومن رجع « من شهود الزنا لزمه ما أتلفه في الرجم والجلد(٣) . ويقرر ا لبسيوي هذا الأمر أ يضا ً ويحكم بتضمين الشهود إذا أضروا بغيرهم وإذا شهد أربعة بالزنا على محصن فرجم، ثم رجعوا » : بشهادة الزور، فيقول عن شهادتهم، أو رجع أحد منهم بعد أن حكم الحاكم بشهادتهم المشهود (١) .٤٦/ العوتبي سلمة بن مسلم الصحاري: كتاب الضياء، ١٢(٢) .٤٧/ العوتبي: المرجع نفسه، ١٢(٣) .٤٨/ العوتبي: نفسه، ١٢ عليه، فإن رجع أحد منهم فقال: غلطت أو سهوت في شهادتي، فعليه الحصة في الدية وحد ّ القاذف، ولا شيء على الثلاثة، وقد قيل: عليه الدية في المرجوم كاملة، لأن الخطأ لا يزيل الضمان « (١) . وإذا قال قد تعمدت عليه زورا، فعليه الحد ثم ا لق َ ود بالقذف، إلا أن َ يرضى أولياء المرجوم بالدية، وإن رجعوا كلهم وقالوا: تعمدنا زورا ً ، فعلى قول: لأوليائه أن يختاروا واحدا ً فيقتلونه، ويرجع أولياء المقتول على الآخرين بحصصهم من ا لدية. وإن شهد قوم على رجل بالزنا وشهد شاهدان بالإحصان، فرجم، ثم رجعوا عن الشهادة جميعا ً ، قال بعض: الدية عليهم جميعا ً نصفان، الذين شهدوا بالإحصان النصف، وقال آخرون لا شيء على من شهد بالإحصان، والدية على الذين شهدوا بالزنا، وقال آخرون: ليس عليهم كلهم ق ود، والدية َ عليهم جميعا ً ، كل واحد سدس الدية والكفارة، فإن قالوا ا شت ُ به علينا، فالدية على عاقلتهم؛ لأن الشبهة ترفع ا لحد . وقيل: إن الدية في أموالهم، وقد قيل أ يضا ً : إن قالوا تعمدنا فالقود يلزم » وهؤلاء قد تعدوا ،« الضمان لا يجب إلا ب التعدي أو ا لتفري ط » في ذلك؛ لأن « على غيرهم بتهمة ا لزنا(٢) . ومنها أ يضا ً : لو شهد اثنان بطلاق زوجة، ثم فرق القاضي بين هذه الزوجة وزوجها، ثم رجعا عن الشهادة، فإن القضاء ينتقض، ويغرمان المهر للزوج على قول من يقول إنها لا ترجع إلى زوجها، وعلى قول من يقول: « إنها ترجع إلى زوجها فليس عليهما غرم ا لصداق »(٣) . (١) ٨٣ . يصلح هذا المثال ت طبيقا / البسيوي: الجامع، ٤ ً فهو ،« الخطأ لا يزيل الضمان » : في قاعدة مناسب له. (٢) .٨٤/ البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، ٤(٣) .٤٨/ العوتبي: المرجع السابق، ١٢ :IóYÉ≤dG ∞jô©J :k’hCG هذه القاعدة من القواعد المتعلقة بنظرية الضمان في الفقه الإسلامي وهي مقتبسة من حديث رواه ا لدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لا ضمان على مؤتمن »(٢) . ليس على المستودع » وفي رواية ِ « ضمان(٣) . من ا ست » وفي رواية ُ « ودع وديعة ف لا ضمان عليه(٤) . وهو قول أبي عبيدة مسلم والربيع بن حبيب من علماء ا لإباضية(٥) . وهي من القواعد المشهورة المعتمدة في جميع المذاهب الفقهية، ولها (١) ٢٩٧/٢ .٦٢٦/ ابن بركة: الجامع، ١ - ،١٢٣/ ٤٣٧ ،. العوتبي: الضياء، ١٣ ،٤٢٦ .٢٩٨ ،٣٦/ ٦٥ . ج ٣٥ /١٦ .٢١٣ ،١١٦/ ١٩٠ . الكندي م حمد بن إبراهيم: بيان الشرع، ٦ ،١٥٧.١٧/ ١١١ . ج ٤١ / ١٥٢ . الكندي أ حمد بن عبد الله: المصنف، ج ٢٥ ،١٠٢ ،٨٥ ،٧٩ ،٤٨٢٢٦ ،٢٠١/٢١ .٣١/ ج ٢٠ - ٢٣ . الأصم /٤ .١٦٩/ ٢٢٨ . الشماخي: الإيضاح، ٢ .١٣٢ - ١٢٩/ عثمان: البصيرة، ١ (٢) ٢، عن عب دا لله بن عمرو بن العاص، والحديث رواه الدارقطني، كتاب البيوع، رقم : ٥٩٣ ١، عن عب دا لله بن حسن، والبيهقي، كتاب الوديعة، باب لا ضمان على مؤتمن، رقم: ١٨٨٤ عمرو بن العاص، والحديث حسن. (٣) ،٢ رواه ابن أبي شيبة، كتاب البيوع والأقضية في المضاربة والعارية الوديعة، رق م ١٠١٦ ليس على المستعير غير المغل، ولا على المستودع » : عن الزهري، ورواه الدارقطني بلفظ ٢، عن شريح بن الحارث بن قيس الكندي. قال كتاب البيوع، رقم ٥٩٦ ،« غير المغل ضمان . الحافظ: في إسناده ضعف، ينظر: ابن حجر: تلخيص الحبير، رقم ١٣٨٢ (٤) رواه البيهقي السنن الكبرى، كتاب الوديعة، باب لا ضمان على مؤتمن، حديث : ١١٨٨٥ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. (٥) .٢٥٢/ ابن جعفر: الجامع، ٤ فروع في شتى أبواب الفقه كالبيوع، والرهون، والوكالة، والوديعة، والأمانة، والعارية، واللقطة، والوصية، وغير ذلك من الأبواب كما سيأتي. وقد اعتمد فقهاء ا لإباضية هذه القاعدة في فروعهم الفقهية، ونص عليها وقال قوم لا ضمان على الوصي » : ابن ب ركة وغيره، فقال في باب الوديعة ولا المودع، وهما أمينان لم يكن منهما في أمانتهما ما يخالف أمر الله لهما، ولم يكن منهما إلا أداء الأمانة كما قال الله تعالى، والضمان إنما يكون بالتعدي « والجو ر، وإنما تعبدنا لله بما عنده(١) . وقال في ضمان المزكي: إذا ضاعت الثمار لطارئ قبل توزيعها على أصحابها، ...» وإن لم يكن منهم تفريط في تأخير الزكاة، والنظر يوجب عنده أن لا زكاة عليهم لأنهم أمناء لشركائهم من الفقراء، ولا ضمان عليهم إلا « بالتعدي فيها بخيانة تكون منهم بمنع أو ت أخير(٢) . ومعنى ا لمؤتمن: هو من اشتهر بالأمانة بين الناس فاستودعوه َ ما يخشون عليه من الضياع أو التلف. ولا يختص هذا الوصف بصاحب الأمانة فقط، بل يشمل كل من ائتمنه الناس على أماناتهم، كالوصي، والوكيل، والمرتهن، والمستودع، والمستعير، والكفيل، والمضارب، والأجير، وأصحاب الصناعات وجامع الزكاة وغيرهم، فكل هؤلاء أمناء في نظر الشارع لا يضمنون ما في أيديهم إلا عند التعدي أو التفريط في الحفظ المؤتمن لا يضمن إلا بالتعدي أو » : والرعاية، فهؤلاء تشملهم القاعدة فالمؤتمن غير ضامن لما اؤتمن عليه إذا ضاع منه أو تلف عنده، ،« التقصي ر أو نقص شيء منه، إلا إذا ثبت تفريطه في حفظه، أو تعدى عليه باستعماله، أو أعاره لغيره، فإن أودعه عند غيره من الأمناء لخوفه عليه، أو لضعفه عن (١) .٤٣٧/ ابن بركة: الجامع، ٢(٢) .٦٢٦/ ابن بركة: الجامع، ١ حفظه، أو لسفره، ثم تلف عند هذا الأمين، ف لا يضمنه هو و لا من أودعه َ عنده على الصحيح من أفراد ا لفقهاء(١) . ِ وأما ما كان عليه الضمان من ق بل » : وقال أب و العباس أحمد في هذا الشأن التضييع فهو جميع ما كان في يده من أموال الناس بالتعدي أو بالمعاملة، مثل الانفساخ في البيع، أو ما يكون في يده بالخلافة، أو الوكالة، أو الوديعة، ِ والعارية، أو غير ذلك من وجوه الأمانات كلها، وأما ف عل أطفاله ومواشيه وعبيده بغير أمره، وما لا سبب له فيه فليس عليه فيه إلا الغرم، وقد قيل في « الحيوان إلا يكون عليه من فعلهم أكثر من ق يمتهم(٢) . عليه الضمان في كل حال سواء فرط أو لم يفرط، ومن قال بذلك » : وقيل « عطاء والشافعي وأحمد وأشهب(٣) . ويعتبر الإباضية أن ّ حكم الوديعة هو حكم الأمانة في الحفظ والصيانة، يجب على المستودع الحفاظ عليها، ولا يضمنها إلا بالتعدي، ويؤكد ذلك والوديعة مثل الأمانة في الحفظ والاحتساب، والوديعة » : عثمان ا لأص م، فيقول أمانة مؤداة مودعة في حفظ من هي في يده حتى يدفعها إلى من دفعها إليه، َ «(٤) وعليه دفعها، ولا فرق بين الأمانة والوديعة معنا ً . هذا وقد حدد بعض الفقهاء الأسباب الموجبة لضمان الوديعة أو الأمانة فقال: ١ أن يودع عند غيره: أي: من استودعه فوضع هذه الوديعة عند آخر دون َ إذن المودع، ولغير عذر، فإن فعل ذلك ثم استردها فضاعت ضمن. ٢ نقل الوديعة من قرية إلى قرية إن كان بينهما مسافة، ضمن بالسفر. (١) .١٢٩/ الأصم عثمان: البصيرة، ١(٢) . أبو العباس أحمد: كتاب أبي مسألة، ص ١٦٩(٣) .٢٥٧/ القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ٥(٤) .١٣١/ الأصم: البصيرة، ١ ٣ خلط الوديعة بما لا يتميز عنه مما هو غير مماثل لها، كخلط القمح ٍ بالشعير، فإن خلطها بما تنفصل عنه كذهب بفضة لم يضمن. ٤ التقصير في دفع المهلكات. ٥ الانتفاع بالوديعة، فلو لبس الثوب، أو ركب الدابة دون إذن المودع فهلكت، ضمن. ٦ المخالفة في كيفية ا لحفظ(١) . وقد منع الفقهاء التصرف في الوديعة والأمانة دون إذن صاحبها، فقالوا: الوديعة حكمها حكم الأمانة، ف لا يجوز التصرف بها إلا بموافقة صاحبها، فإذا »تصرف فيها دون موافقة صاحبها، عليه الضمان إذا تلفت، وإذا لم يصبها شيء « فعليه أن يطلب ا لمسامحة(٢) . كما ب ين الفقهاء أحكام الوديعة ومتى يجب ضمانها؟ ومتى يسقط ذلك ّ على المستودع؟ يقول أب و العباس أحمد : والوديعة على وجهين: » أحدهما: ما أخذ الرجل بيده وقبضه من صاحبها، أو وكيله، أو صاحبه بإذنه في مكان معروف، فهذا عليه حفظه وحرزه من جميع ما يفسده، ويجعل فيه يده فينقلها من موضع إلى موضع، وينقضها إذا خاف فسادها، وإن لم يفعل هذا ِ وتركها حتى وصل إليها فهو ضامن، سواء هذا ما جاء من ق بل الله إذا استطاع ِ إصلاحه، وما جاء من ق بل غيره، فإن لم يستطع إصلاحه إلا بالأجرة، فليعطيها ٍٍ ويدركها على صاحبها، وينقلها من ب لد إلى ب لد، ويعطي الكراء ويدركه على صاحبها، ويبيعها أ يضا ً « إذا خاف فسادها، ويرفع ثمنها حتى يوصله صاحبها(٣) . والوجه الآخر: إذا وضعها صاحبها في بيت رجل بإذنه ولم يناولها إياه، » ولم يقبضها ولم يضعها بيده، فهذه لا يمسها، وليس عليه شيء فيما أصابها من (١)الفضي ْ .٢٩٣/ لات: محمود جبر (المحقق): الحاشية على كتاب الجامع لابن جعفر، ٥ (٢)الف ُ ضيلات: المرجع ن فسه. ْ (٣) أبو العباس أحمد: كتاب أبي مسألة، ص ١٢١ - .١٢٢ :IóYÉ≤dG ádOCG `` É«fÉK ِ قبل الله، مثل: السوس، والفساد الذي يلحقها من طول مكثها ومكانها، وليس عليه شيء في بيعها ونقلها من بلد إلى بلد، إلا إن انتقل بجميع ماله وعياله، فحينئذ لا يتركها لئلا يكون بمنزلة من أفسدها بنفسه، ويكون عليه إحاطتها من جميع من أراد فسادها من المخلوقين م ا وجد إلى ذلك سبيلا ً ، وإن لم يحفظها ممن ذكرنا حتى أفسدها، فهو ضامن. فإن جعل فيها يده على وجه الإصلاح فلا يضمنه، ويكون عليه أن يشهد، ويخبر ورثته بسبيلها أو صاحبها، فإن لم «... يفعل ذلك وتركها حتى ضاعت أو أكلها الورثة، فهو ضامن(١) . والحاصل: المؤتمن لا يضمن إلا بالتعدي أو ا لتقصير » أن « فإن تعدى على مال غيره ومن بيده » : فأفسده، أو فرط في حفظه فتلف ضمنه، ويؤكد ذلك ا لثميني فيقول (مال)، كوديعة أو عارية أو أمانة، أو (مال) بكراء، أو قراض، أو حرام، أو لقطة، فضيعه حتى فسد، أو أفسد هو فيه، فإنه يضمنه، ويخرج من الكل إن أوصى به، وكذا خليفة غائب، أو يتيم، أو مجنون، أو الجماعة، أو قاضيهم، أو وليهم، فيما يجب عليهم حفظه من الأموال، كمال اللقيط، ومن لا يعرف له «.... ولي من طفل أو مجنون، فإنهم يضمونه إن ضيعوه حتى ت لف(٢) . استدل الجمهور على صحة هذه القاعدة بأدلة من القرآن والسن ﱠ ة والإجماع: ﱡ أ من الكتاب: قال تعالى: ﴿ ½¼»º¹ ﴾ )المعارج :(٣٢ . وقال أ يضا ً : (١) . أبو العباس أحمد: المرجع السابق، ١٢٢(٢) الثميني: الورد البسام، ٢٣١ - .٢٣٢ ﴿ 3210 ﴾ )البقرة :(٢٨٣ . وقال 8 : ﴿ ©ª«¬® ¯°± ﴾ )النساء :(٥٨ . وجه الاستدلال: ِِ فوجب إتباع أمره وما أمر به » : قال عثمان الأصم عقب ذكر هذه الآيات َ رسو ل الله صلى الله عليه وسلممن أداء الأمانة، فمن اؤتمن على أمانة فعليه حفظها حتى يؤديها إلى أهلها، ولا يجوز تضييعها، فإن ضيعها ضمنها وإن أعارها ضمنها، وإن أخذ منها شيئا ً بلا رأي صاحبها ضمنه، وإن جعلها مع غير أمين فضاعت ضمنها، وإن ضاعت الأمانة من يده من غير ضياع منه ٍ لا يضمن، وإن سلمها وجعلها مع ث قة أمين، ومع من يؤتمن على ماله ِ فضاعت، لم يضمنها، وإذا غ ُلب عليها فأخذت منه أو سرقت، لم يضمنها، ُ قال الله تعالى: ﴿ wvuts ﴾ (الت و ب ة: ٩١ (. ب من السن ﱠة: ﱡ وردت أحاديث شريفة في باب الأمانة يستدل بها على هذه القاعدة، نذكر منها: ١ روي عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: »أد ﱢ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من « خانك(١) . ٢ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسو ل الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس » ِ « على المستعير غير المغل ضمان، ولا المستودع غير المغل ضمان(٢) . (١) ١، عن أبي هريرة، وقال الترمذي: رواه الترمذي، أبواب الجنائز عن رسول الله، رقم ٢٢٢ حسن غريب، وأبو داود، كتاب البيوع، أبواب الإجارة، باب في الرجل يأخذ حقه من تحت . ٩٧ ، حديث رقم ١٣٨١ / ٣، عن أنس. ينظر: ابن حجر: تلخيص الحبير، ٣ يده، رقم ٠٨٥ (٢) وهذا إسناد » : رواه البيهقي، كتاب الصلح، باب العارية، رق م ٣٧٧٢ ، عن أبي هريرة، وقال ٢، عن عب دا لله بن عمرو بن العاص، وفيه ورواه الدارقطني، كتاب البيوع، رقم ٥٩٤ .« ضعيف = وفي رواية بهذا السند سبق ذكرها أنه قا ل صلى الله عليه وسلم : ليس على المستودع » « ضمان(١) . « لا ضمان على مؤتمن » وفي رواية(٢) . ِ ٣ عمل ُ ه صلى الله عليه وسلم في مكة عندما ترك علي بن أبي طالب 3 بعد هجرته ل يرد ّ ُ على قريش ودائعها « (٣) . وهذا الحديث يؤيده ما روي عن جابر 3 أن أبا بكر ا لصديق » ، 3 قضى في وديعة كانت في جراب فضاعت من خرق الجراب، أن لا ضمان « فيها(٤) . ٤ وقد استودع عروة بن الزبير أبا ب كر بن عب دا لرحمن بن الحارث بن ٰ قال: فأصيب المال عند أبي ب كر أو » هشام مالا من مال بني مصعب بعضه، فأرسل إليه عروة : أن لا ضمان عليك إنما أنت مؤتمن، فقال ِ أب و بكر : قد علمت » ُ أن لا ضمان علي، ولكن لم تكن ل ت ُ حد ﱢ ث ق ريشا ً أن ﱠ « أمانتي قد خربت، ثم باع مالا له ف قضاه(٥) . = عمرو وعبيدة وهما ضعيفان، وإنما يروى عن شريح غير مرفوع. قال الحافظ ابن حجر: ينظر: ابن حجر: تلخيص .« إنما يروى هذا عن شريح غير مرفوع، وفي إسناده ضعيفان ». ٩٧ حديث رقم ١٣٨٢ / الحبير، ٣ (١) تقدم تخريجه. (٢) تقدم تخريجه. (٣) ٩٧/ ٢٢ . ينظر: ابن حجر: تلخيص الحبير، ٣ / ذكره ابن سعد في الطبقات، ٣ - ٩٨ حديث . رقم ١٣٨٤(٤) رواه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الوديعة، باب لا ضمان على مؤتمن، حديث: ١١٨٨٢ عن أبي بكر عب دا لله بن عثمان 3 . (٥) ذكره ابن سعد في الطبقات الكبرى، طبقات البدريين من الأنصار، الطبقة الثانية من أهل المدينة من التابعين، أب و بكر بن عب دا لرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة، حديث: ٰ ٥٩٠٥ . ينظر: محمد بكر إسماعيل، القواعد الفقهية، ص ٢١٧ - .٢١٨ ج من الإجماع: م ُ ة الإسلامية قاطبة على أ ن ّ ّ أجمعت الأ أداء الأمانة من علامات الإيمان، ومن عمل المؤمنين، وأما الخيانة فهي من علامات النفاق، وعمل الفساق، وأن ّ حسن الإيداع من سمات المؤمنين ا لصادقين(١) . وأجمع الناس أنه لا ضمان على مضارب » : قال ابن ب ركة في المضاربة ِ ِ ر َبح َ أو خسر َ إذا لم ي ت َع َد ﱠ « في شيء منها(٢) . وقال ابن رشد الحفيد بعد أن أورد ِ طرفا ً وبالجملة، فالفقهاء يرون ب أجمعهم أ ن » : من مسائل الوديعة ّ لا ضمان « على صاحب الوديعة إلا أن ي تعدى(٣) . وقال أب و بكر الجصاص : ما ائتمن عليه الإنسان فهو أمانة، فعلى المؤتمن » عليها ردها إلى صاحبها، فمن الأمانات الودائع، فعلى مودعها ردها إلى من أودعه إياها، ولا خلاف بين فقهاء الأمصار أن لا ضمان على المودع فيها إن « هلكت(٤) . : IóYÉ≤dG ´hôa :kÉãdÉK ١ الضمان في الوكالة: من فروع هذه القاعدة: أنه إذا دفع الموكل لوكيله مالا ً ليشتري له به عقارا ً أو منقولا ً ، فهلك المال بتفريط من الوكيل، ضمن الوكيل لتفريطه. قال ابن ب ركة في هذا المعنى: ...» وإذا دفع إلى الوكيل مالا ً ليشتري له به مالا ً ِ (بستانا ً ( أو غيره، فهلك ا لمل ْ ك بعد الشراء، ضمن الوكيل في قول جميع (١) .٢٩٢/ الفضيلات جبر محمود (المحقق): الحاشية على كتاب الجامع لابن جعفر الأزكوي، ٥(٢) .٣٧٠/ ابن بركة: الجامع، ٢(٣) .٣١١/ ابن رشد الحفيد: بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ٢(٤) محمد بكر إسماعيل: القواعد الفقهية، بين الأصالة والتوجيه، ص ٢١٨ نقلا ً عن أبي بكر الجصاص، ج؟ /؟. أصحابن ا، ويكون البيع للوكيل؛ لأنه ضامن لمخالفته الأمر والموكل، فكان عليه أن يعقد البيع على الثمن المأمور بالشراء به، وقال أب و حنيفة : البيع لمن «... اشتراه له، ويرجع على الموكل مثل ما كان دفع إليه من ا لثمن(١) . وينبه ابن ب ركة على أن الوكيل أمين في مال الموكل لا يضمن إلا إن وإذا وكل رجل رجلا » : خالف أوامره وتعدى في تصرفه، فيقول ً في شراء عبد ولم يدفع إليه الثمن، فاشترى له كما أمره وسلمه إليه، كان الثمن للبائع على الوكيل دون الموكل، وعلى الموكل للوكيل ذلك الحق الذي ضمنه الوكيل على الثمن، وإذا دفع الموكل الثمن إلى الوكيل فضاع من يده زال عن الموكل، وكان الغرم على الوكيل البائع العبد، ولو كان الوكيل قبض الثمن له قبل الشراء فضاع قبل الشراء، لم يضمن شيئا ً ؛ لأنه أمين في ذلك، وقبضه للثمن بعد الشراء قبض عن حق كان مقبوضا ً له، والأول كان أ مينا ً فيه، والوكيل أمين فيما وك ّ ل فيه من مال الموكل، إلا أن يخرجه التعدي، ف لا يكون ُ «(٢) على ما في يده أ مينا ً . ومن صور الضمان بالوكالة على التقصير في مجال الفلاحة والرعي: وكل م ا وك » : إذ يقول « الورد البسام » ما نص عليه ا لثميني في ﱢ ل َ على حفظه أو فعله في أوانه، كحصاد زرع، أو سقيه، أو درسه، أو تذكير نخل، أو صرم غلته، أو غلق باب، أو ربط دابة، ضمن ما ضيع من ذلك حتى تلد، وما لم ي ذك ﱠ ر من الغلة يضمن ما بين قيمتها مذكرة، وبين قيمتها غير مذكرة. وم ن أ ط ْ لق مواشيه أو مواشي كانت بيده، أو ضي ع ما كان بيده من غيرها َ َّ حتى أفسد شيئا ً ، فإنه يضمنه إن ضيع وإلا فلا، ويلزم ذلك ربها إن وجد، وإلا «(٣) فليغرمه من كانت بيده، ثم يرجع به على ربها إن وجده ي وما ً . (١) .٢٩٧/ ابن بركة: الجامع، ٢(٢) ابن بركة: المصدر نفسه. (٣) . الثميني: الورد البسام، ص ٢٢٤ ٢ في ضمان المضاربة: َ ومن فروع القاعدة في المضاربة، أ ن ّ المضارب في مال غيره لا خسران عليه، ولا يضمن من المال شيئا ً إلا إذا ف رط فيه، وإن اشترط عليه رب المال ّ وأجمع أنه » : الضمان فالشرط باطل، وحكى ابن ب ركة الإجماع في ذلك فقاللا ضمان على مضارب ربح أو خسر، إذا لم ي تعد ّ « في شيء منها(١) . ويشير ابن ب ركة إلى الخلاف الحاصل بين الفقهاء عند اشتراط صاحب المال على المضارب ضمان رأس ماله ويرجح القول الثاني، فيقول: واختلفوا في المضاربة إذا اشترط ربها على المضارب ضمانها، فقال »أكثرهم: يصح الشرط، ويكون المال ق َرضا ً على المضارب والربح له، وقال ْ الشرط باطل والمضاربة بحالها، وهذا القول أنظر؛ لأن المضاربة » : بعضهم أمانة في يد ا لمضار ب، وهذا القول أشبه بأصولهم في سقوط الضمان لأنها « في معنى ا لأمانة(٢) . ويقول أ يضا ً : واتفق الناس على إجازة شركة المضاربة وجواز ذلك » بالسنة، ولولا الاتفاق على جوازها لم تجز، لأنها أجرة غير معلومة، وهي ﱡ عندي ضرب من الإجارة، وحكمه حكم الأمين، وأجمعوا أن المضارب لا خسران عليه ولا يضمن من المال شيئا ً ما لم يتعد فيه، وإن اشترط عليه رب المال الضمان فالشرط باطل، قال بعض أ صحابنا : إذا اشترط رب المال على المضارب ضمان المال أو ضمان بعضه، أ ن ّ المضاربة باطلة، ويكون قرضا له على المضارب، والربح له بما ضمن، وقال بعضهم: إن تلف المال « لزم المضارب بالشرط، وإن ربح فالربح بينهما على ما تشارطا عليه(٣) . (١) .٣٦٨/ ابن بركة: الجامع، ٢(٢) .٤٢٧/ ابن بركة: الجامع، ٢(٣) ٣٦٨/ ابن بركة: الجامع، ٢ - .٣٦٩ والنظر يوجب عندي » : واختار ابن ب ركة رأي الجمهور ورجحه فقال ما قلنا: إن الشرط باطل والمضاربة صحيحة؛ لأن رب المال لم يقصد إلى إقراضه إياه، فيكون دينا ً له على ما ذهب إليه أصحاب القول الأول، ولم يتعد ْ « فيه المضارب، فيلزمه الضمان على ما ذهب إليه أصحاب القول ا لثاني(١) . كما تعرض ا لبسيوي إلى المضاربة في حالة فسخها، وبين كيفية تصفية ّ هذه الشراكة، وذكر أ ن ّ وإن كانت المضاربة منتقضة » : فيها ثلاثة أقوال فقال فإن المال وربحه لربه، وللمضارب عناؤه من ذلك وأجر مثله، ولا ضمان، وبعض يوجب الربح للمضارب، ولرب المال ورأس ماله، وأرجو أن فيها قولا ً ثالثا ً : أن الربح بينهما ولا يغرم فيه، ولكن هو أمين وله أجر مثله « والمال ل ربه(٢) . ويبدو أن ا لبسيوي اختار القول الأخير إ عمالا ً للقاعدة: أ ن ّ المضارب مؤتمن ولا ضمان عليه إلا بالتعدي أو ا لتقصير . ويلاحظ أن الذين قالوا بجواز اشتراط صاحب المال الضمان المضارب، أنهم بذلك الشرط أبطلوا المضاربة وانتقلوا إلى عقد جديد وهو القرض، فيصبح المضارب م الكا ً للمال المقترض، له ربحه وعليه ضمانه، وتسقط الشراكة بينه وبين صاحب ا لمال. ومن هنا ي تبين لنا أن ما ذهب إليه الجمهور في بطلان ضمان رأس المال ﱠ على المضارب هو الرأي الصحيح المعتمد عندا لإباضي ة؛ لأن أساس المضاربة يقوم على تحمل الطرفين للربح والخسارة، فالمضارب يخسر جهده، ورب المال يخسر ماله، ولا يمكن للمضارب أن يتحمل خسارتين، ورب المال يعفى منها ويكون الرابح الوحيد، ولا يضمن المضارب رأس المال إلا في حالة التعدي وتجاوز ما اتفق عليه في عقد المضاربة. (١) .٣٦٩/ ابن بركة: المصدر نفسه، ٢(٢) .٢١/ البسيوي: الجامع، ٤ ٣ في ضمان الإجارة: وردت فروع كثيرة في المصادر الفقهية ا لإباضية للقاعدة المقررة في باب الإجارة والكراء نذكر منها: إذا استأجر رجل خادما » أنه ً على شهر معلوم في عمل معلوم، وانقضت الأجرة لم يكن له أن يستعمله بعد ذلك، إلا بعقد ثان وأجرة مستقبلة، وإن استعمله ضمنه إن تلف، وضمن أ جرا ً مثله إلى وقت ما هلك، ولا يبعث به أن يسلم إلى سيده إلا أن يأذن له في ذلك، فإن أرسله بغير إذنه فهلك قبل أن يصل إلى سيده ضمنه؛ لأنه هلك في تعديه عليه، وإن هلك بعد انقضاء الأجرة في يده في حال حفظه كان سبيله سبيل الأمانة عنده، ولم يكن ضامنا ً « له(١) . وما قيل في ضمان الخادم يقال في ضمان الطفل قبل البلوغ إذا استعمله أحد في عمل بأجرة، فلو كلفه فوق طاقته فهلك ضمنه، وكذلك الدابة. ومن فروعها: في استئجار الراعي لرعي الغنم، ذكر ابن ب ركة أنه إذا استرعى الرجل رجلا ً بالغا ً ، فإن رعى بأجرة فهو ضامن، وإن رعى بغير أجرة فلا ضمان عليه إلا ب التضييع(٢) . وحكى ابن جعفر إجماع الفقهاء على هذا والراعي لا ضمان عليه إلا أن ت ق » : فقال ُ وم ب ينة أنه ضي ع، اجتمعنا على ﱢّ « هذا(٣) . والصحيح أن المسألة محل خلاف بعض الفقهاء، وإن كان الأجير ِ يرعى تلك الغنم في البرية فأتاه من يطالبه ب د َِم ِوليه، وقد قتله قبل ذلك عمدا ً ، ّ فإنه إن قتله فعليه أن يوصل الغنم إلى أربابها، وإن ضيع فما هلك منها أو ّ ما أفسدت من أموال الناس فهو له ضامن، إلا أن يكون رب الغنم علم أنه ّ قتل وليه ثم استرعاه لغنمه على ذلك الحال، فله قتله حيث ما وجده، (١) ٣٩١ . بتصرف / ابن بركة: الجامع، ٢(٢) .٣١١/ الشماخي: الإيضاح، ٦(٣) ٢٩١ . بتصرف بسيط. / ابن جعفر: الجامع، ٥ ولا ضمان عليه لما هلك من الغنم وأفسدته من أموال الناس؛ لأن رب الغنم ّ حين علم أنه قتل وليه فاسترعاه هو المضيع لغنمه، وإن قتل وليه بعدما كانت ّ الغنم في يده، فإنه لا يقتله حتى يؤدي الغنم إلى أربابها؛ لأن رب الغنم في هذا معذور غير عالم(١) . قلت: ورغم أن ولي المقتول قد أعطاه الشرع حق القصاص، لكنه لا يمكنه ّ أن ينفذه بنفسه ولو ت مك ّ ن من القاتل، وإنما يستعين بالحاكم في تنفيذ الحكم، وقد يسمح له بإلقاء القبض عليه وتسليمه للعدالة، حتى لا يتخذ ذلك ذريعة ُ إلى سفك الدماء، وكل من تجاوز في ذلك يتحمل مسؤوليته أمام ا لحاكم. ويؤكد ابن جعفر في موضع آخر أ ن ّ الراعي وكل أجير لا يعمل بيده وأما الراعي وكل أجير » : لا ضمان عليه، إلا أن ضي ع وفرط في عمله، فيقول ّّ لا يعمل بيده، فليس عليه إلا الاجتهاد، ولا يضمن حتى يضيع أو يزيل « ما استرعى إلى يد غيره ف يضيع(٢) . واستثنى عثمان ا لأصم من الضمان أ يضا ً بالإضافة إلى الراعي: الحارس إلا ا لشايف » : والحافظ والوكيل، ف لا يضمنون إلا بالتعدي، فيقول(٣) والراعي والحافظ والوكيل، فإذا ادعى أنه تلف لم يضمن، والقول قوله مع يمينه حتى يعلم أنه ضيع أو أتلف؛ لأنه ليس يعمل بيده إنما هو حافظ بعينه، فلم يلزموه «(٤) عنهم ضمانا ً . ٤ في ضمان الأمانة: ومن » : ومن فروع القاعدة في باب الأمانة ما نص عليه ابن ب ركة بقوله (١) ابن جعفر: المصدر نفسه. (٢) .٢١٣/ ابن جعفر: الجامع، ٤(٣) الشايف: هو الحارس أو المراقب الذي يطرد العصافير من الزرع والثمار، ولعله يقصد (الفز ّ اعة)، وهو تمثال رجل محشو بالقش ينصب وسط الزرع. (٤) .٢١٥/ الأصم عثمان: البصيرة، ١ خرج من حد ّ الأمانة بتعديه وجب أن يكون ضامنا ً لما تعدى فيه، وقال بعضهم: « لا ضمان عليه إلا فيما أخذ، والباقي هو على ملك صاحبه(١) . ومن صور ضمان الأمانة إذا ضاعت بالتعدي أو بالتقصير والتفريط في إن كانت معه أمانة وأراد الخروج » : حفظها ما ذكره عثمان ا لأصم في الأمين فليحملهما معه، أو يجعلها عند ثقة، وإن لم يفعل وتركها ضمن ذلك، وإن َ تركها مع القدرة ضمن ذلك لربها، وإن كان لا يقدر على دفعه من خوف على نفسه، وغ ُ لب عليها فغصبت مع ماله، لم يضمنها، وإن تركها فتلفت لم يضمن إلا ما أخذه، وإن اتجر بها فهي وربحها لربها، ولا شيء له فيها، وإذا أخذ منها شيئا ً لم يكن له رده، حتى تتخلص من ذلك إلى ربه المؤتمن... وإن كانت معه أمانة فغاب ربها، كانت في حفظه إلى أن يطلبها، وإن مات سل ّ مت إلى ورثته، وإن خاف تلفها وضياعها وكانت مما يتلف ُ ولا يبقى، فليجتهد في ذلك ويبيعها، ويحفظ الثمن لربها، وقد قيل: يضمن الثمن إن تلف، وقيل: لا ضمان عليه، وفيه قول: أنه لا يتعرض لها وتترك « بحالها(٢) . وقد حرص عثمان ا لأصم على تبيان أحكام الأمانة وما يلزم فيها، حتى ي حمل مسؤولية ضياعها أو تلفها للمؤتمن إذا تعدى عليها أو فرط َﱢ وإن دفعت إ لي أمانة فمات الدافع لها، وخل » : فيها، فيقول ﱠ ف ورثة أ يتاما ً ِّ وبالغين، فجاء الورثة من البالغين يطلبون الذي لهم ولليتامى، لم يسلمها إليهم حتى يحضروا جميعا ً أو وكلاؤهم، ثم يدفعها إليهم وقد برئ منها، ُ وإن سل ﱠ م إلى كل ذي حق حقه منها على وجه الجواز برئ منها، وإن أعطى البالغين وحبس لليتامى والأغياب حصصهم فضاع من يده ضمن وأسلم (١) .٤٣١/ ابن بركة: الجامع، ٢(٢) .١٣٠/ الأصم: عثمان البصيرة، ١ للبالغين منه حصة الأيتام أو الأغياب؛ لأن القسم غير جائز، وحصة اليتامى مبقاة في الذي سل ﱢ م حتى يصير إليهم حقهم، ولا ضمان عليه لأحد في الذي ُ « تلف من يده إذا لم ي ضيعه(١) . أما إذا تعرضت الأمانة للسرقة فعلى المؤتمن الدفاع عنها قدر طاقته ولا يسلمها للمغتصب لفداء نفسه، فإن فعل ذلك ضمن. ومن كان معه أمانة ف ل » : يقول ا لأصم في هذا الشأن َ قيه مغتصب ليأخذها، َ فإن فدى نفسه بما ضمنها، وأن غلب عليها ف لا ضمان عليه، وعليه المنع « والمحاربة عليها(٢) . وسئل ابن جعفر عن رجل اؤتمن بأمانة فغاب وتركها في بيته، أو خاف فعلى » : على بيته ف حولها إلى بيت رجل آخر فضاعت، هل يلزمه ضمان؟ فقال ّ ما وصفت فإذا تركها عند متاعه وجعلها حيث حول متاعه، أو جعلها حيث ﱠ « يرجو السلامة، أو مع من يؤمنه على متاعه فضاعت، ف لا يضمن عليه(٣) . وقيل في الأمين إنه لو جعل الأمانة في نعله وهي مثل دراهم، أو في حجره من مجلسه خارجا ً من داره في المسجد أو غير ذلك، إن ذلك ليس موضع الدراهم، وعليه أن يجعلها في ثيابه أو يصرها في ثوبه، أو يحرزها إحراز الدراهم، فإن لم يحرزها إحرازا مثلها وتركها في غير حرزها مثلها فتلفت، كان ضامنا ً لها، قيل له: وكذلك لو جعلها في منزله في غير موضع حرزها ثم تلفت، فعليه الضمان، وإذا جعلها حيث يأمن عليها فتلفت، فلا ضمان عليه، وقيل: لو جعل الدراهم تحت وسادة فتلفت ف لا ضمان عليه؛ لأن الناس قد يجعلون أشياءهم تحت وسادتهم، وإنما على الأمين أن يجعل أمانته حيث يأمن عليها بلا مخاطرة. (١) الأصم عثمان: البصيرة، نفسه. (٢) ١٣١/ الأصم: المصدر نفسه، ١ - .١٩٦/ ١٣٠ . ابن بركة: الجامع، ١ (٣) .٢٤٩/ ابن جعفر: الجامع، ٤ ومن صور حفظ الأمانة وصيانتها في الحالات الاضطرارية: ما ذكره ومن ائتمن بأمانة ثم وقع في البلد خوف » : بما نصه « البصيرة » الأصم في أو حرق أو غرق أو سلطان، فاكترى للأمانة إلى موضع يرجو لها السلامة ِ بثلث أو ربع أو ب كراء، لم يكن يحمله بمثله في الأمان في مثل ذلك؛ فإنه ِ إذا لم ي جز له صاحب الأمانة ذلك كان الكراء على الأمين خاصة، إلا أن ُ يكون وكيلا ً ، أو وصيا ً لليتيم، أو وكيلا ً لغائب، فإن الكراء في الأمانة، إلا َّ أن يكون الكراء يأتي على الأمانة كلها، ف لا يجوز ذلك في بعض قول « الفقهاء(١) . ٥ في ضمان الوديعة: ومن فروعها في باب الوديعة أنه: إذا أودع رجل رجلا ً مالا ً أو أمره أن يجعله في منزله دون غيره فخاف المستودع عليه التلف في المنزل، فله أن يعزله ويخرجه إلى بيت حيث يكون أحرز له، ولا ضمان عليه فيه إن تلف، والدليل على زوال الضمان عنه في ذلك؛ » : واحتج ابن ب ركة على ذلك بقوله أنه لو رأى البيت وهو يحترق بالنار وفيه ذلك المالا لمود َ ع، كان عليه تخليصه، وينقله إلى موضع يرجو أن ي سل َ م فيه، وإذا كان ق ادرا ً على تخليص ذلك المال من التلف ثم تركه حتى هلك، أنه يكون ضامنا ً«(٢) ؛ لأنه مفرط ومقصر في والمؤتمن لا يضمن إلا بالتعدي أو ا لتقصير » ، حفظه .« ويضيف أ يضا ً : وأن ينقله من حيث يخاف عليه التلف ويغلب على ظنه » إلى موضع يرجو سلامته فيه، كما يفعل في مال نفسه المتعبد بحفظه وترك إضاعته، وكل من قدر على تخليص مال المسلمين من تلف فتركه حتى هلك، َ أنه يضمنه. ولقد روى لنا عن أبي المنذر ب شير بن محمد بن محبوب 5 (١) ٤٣٥/ الأصم: المصدر السابق. ابن بركة: الجامع، ٢ - .٤٣٦ (٢) .٤٣٥/ ابن بركة: الجامع، ٢ قولا ً يدل على صحة ما قلناه: أخبرني الشيخ أب و مالك(١) كرم الله مثواه أن أبا المنذر ب شير بن محمد بن محبوب ^ أخبره جماعة من الناس كانوا في ِ طريق الحج أن رجلا ً مات فيما بينهم عن غير وصي، وخل ّ ف مالا ً فكره كل واحد منهم أن يتعرض لأخذه، ثم أخذوه فقال لهم أب و المنذر : لو تركتموه حتى يضيع ل َ زمكم ضمانه، قال الله تعالى: ﴿ ÂÁÀ¿﴾ )المائدة : (٢ . وقال 8 : ﴿ onml ﴾ )الحج :(٧٧ ، فمن ِ البر والتقوى التعاون على البر والتقوى، وفعل الخير، وإدخال السرور والنفع ﱢ « على الأخ المسلم في حفظ نفسه وماله(٢) . ومن فروعها أيضا ً: ما ذكره ابن جعفر في جامعه ل ا م سئل عن الذي ُّ أخلط الوديعة في ماله فضاع ماله مع الوديعة، أعليه ضمان لأنه لم يستأذنه في ذلك غير أنه يرى أنه أ سل َ فلا نرى عليه ضمانا » : م؟ قال ً حتى يخرجها من يده « إلى غيره(٣) . ومن غيره: وقال أبو علي الحسن بن أحمد (٤) ، وقد قيل: إنه إذا خلطها فيما لا يتجزأ منه ألا ي ق ْ سمه، كان عليه ا لضمان(٥) . َ ومن فروعها في الوديعة أيضا ً: إذا استودع رجلان رجلا ً مالا ً فغاب أحدهما، فطلب الحاضر منهما حصته منها، فقال البعض: لا يدفع منها إليه شيئا ً حتى يحضر شريكه، أو يصح أنه أمره بقبض حصته، أو تصح أنها للطالب لها، والعلة فيه أ ن ّ المؤتمن ليس بوكيل في القسمة، ولا تلزم الغائب أ يضا ً ِ قسمته، وهذا القول يوجب عند صاحب هذا الرأي التضمين لتعديه في أمانته (١) أبو مالك الصلاني شيخ ابن بركة، تقدمت ترجمته. (٢) ٤٣٥/ ابن بركة: الجامع، ٢ - .٤٣٦ (٣) .٢٩١/ ابن جعفر: الجامع، ٥(٤) تقدمت ترجمته. (٥) .٢٩٢/ ابن جعفر: المصدر نفسه، ٥ ما لم يؤذن له فيها، وقال البعض الآخر: عليه أن يدفع إلى الحاضر حصته منها إذا طلبها(١) . ومن فروعها أيضا ً: هذه الصورة الواردة في جامع ابن جعفر فقد سئل: ِ عن رجل ائتمن رجلا » ً على أمانة، فلما طلبها جحده ف ق َدر الرجل على شيء ِ بقد ْ ر ما كان له من النوع أو غيره، هل له أن يستوفي منه؟ قال: فله ذلك فيما ترى ول ْيعلمه أنه قد استوفى، وقال: كل مستودع ثقة أو ُ غير ثقة، وقال إذا أراد المستودع أن ي حل ﱢ فه هل له ذلك؟ قال: ف رأينا نحن َُ فيحلف. قال: فالذي عنده مال غيره وديعة أو وصية أو مضاربة أو يشبه ذلك، أو عليه دين، فبعث إليه صاحب المال أن ابعث الذي عليك لي والذي عندك، َْ ِ ولم يقل على ي دي من شئت أو قال، إلا أنه لم يقل على يد فلان، فبعث المال فضاع ولم يصل إلى صاحبه، أهو له لزم في هذا كله؟ أو قال على يد أمين، فبعث على يد من هو عنده أمين فضاع، قال: فإنا نأمره أن لا يبعثه إلا عند َ أمين، وإن لم يشترط عليه، فإذا بعث عند أمين اشترط عليه أو لم يشترط لم « يضمن؛ لأنه قد أمره أن يبعثه، وإن قال على يد فلان فبعثه مع غيره ضمن(٢) . ومن فروعها أ يضا ً ما نقله ابن جعفر في جامعه، في رجل أتى ببضاعة فاستودعها رجلا، ً فقال له صاحب المنزل: ضعها هناك، ووضعها صاحب المنزل، ثم حو ﱠ لها من بعد إلى غير المنزل حفظا ً منه لها، أو لحاجة عن َت ْ في موضعها فتلف المال، ف لا ضمان على صاحب المنزل، وإن كان صاحب البضاعة وضعها بأمره بلا أمر من صاحب الدار، ف حولها صاحب الدار ّ ولزمه ا لضمان(٣) . (١) .١٣٠/ ٤٣٤ . الأصم عثمان: البصيرة، ١ / ابن بركة: الجامع، ٢(٢) .٢٩٤/ ابن جعفر: الجامع، ٥(٣) .٢٤٦/ ابن جعفر: الجامع، ٤ ومن فروعها أيضا ً: إذا استودع رجل » : ما ذكره ابن ب ركة في جامعه أنه رجلا وديعة ثم ردها إليه أو مات ربها، فدفعها المستودع إلى م ن سل ّ مها إليه، َ أو إلى وارثه إن مات، ثم صح للميت وارث آخر بشاهد عدل، وصح أ ن ّ المستودع كان غاصبا ً لها بعد أن ردها إليه، قال كثير من أ صحابنا أن المستودع ضامن للوديعة؛ لأنه ردها إلى غير مالكها، أو كان سل ﱠ مها إلى وارث كان غيره الخطأ في الأموال » أولى بها، وإن أخطأ؛ لأنه أتلف مالا لغيره بغير علم، و مضمون « لا يزيل الضمان. وقالوا: ولصاحب هذا المال الخيار في المطالبة بين من صارت إليه الوديعة َ وبين ا لمسل ﱢ م لها، وقال قوم: لا ضمان على الوصي ولا المودع، وهما أمينان لم يكن منهما في أمانتهما ما يخالف أمر الله لهما، ولم يكن منهما إلا أداء الأمانة، كما والضمان إنما يكون بالتعدي والجور » ، قال الله تعالى « « وإنما تعبدنا لله بما عنده(١) . والنظر يقتضي أن لا ضمان على المستودع الذي وضعت عنده الأمانة؛ لأنه مؤتمن، ولا يجب عليه أن يسأل المستودع مصدر الوديعة، هل يملكها إن اغتصبها؟ لأن الأصل عند الناس البراءة ما لم تثبت عليهم ا لتهم ة، فلما تبين بعد أن رد ّ إليه أمانته أنه اغتصبها، ف لا ضمان عليه لصاحبها ما دام لم يتعد ولم يفرط في حفظها، الل ّ هم إلا إذا كان المستودع اشتهر بالسرقة والغصب ف لا يقبل منه ودائعه، فإن أراد أن يحفظها له، فعليه التأكد من مصدرها حتى لا يتحمل تبعة ذلك. ومن فروعها أيضا ً: ما ذهب إليه فقهاء ا لإباضية في منع الإنسان من فداء نفسه بالودائع ولو طلب منه ذلك مغتصبا ً أو جبارا ً ، فإن فعل ذلك ضمنها، فإن أخذه الجبار بمال ولم يكن عنده إلا » : يقول ابن ب ركة في هذا المعنى وديعة لغيره، هل كان عليه أن يفدي نفسه بها؟ قيل له: نعم ويضمن، فإن قال: فهل له أن لا يسل ّ مها حتى يقتل؟ قيل له: ليس له أن يقاتل عليها إذا كان عنده (١) .٤٣٧/ ابن بركة: الجامع، ٢ أنه ألا يتخلص من القتل، ويؤخذ ف لا يبقى ولا تبقى هي أ يضا ً ، وإنما يجوز له أن يقاتل عليها وعلى ماله، وإن كان بين الخوف والرجاء، فإن كان العدو عشرة وهو وحده، وليس في عادته عند القتال أن يغلب عند القتال اثنين منهم، كان محاربته إياهم ق تلا ً منه لنفسه، فهنا أباح له الشرع أن يحافظ على نفسه ويضحي « بالمال، ولكن مع ضمانه لأصحابه(١) . ٦ في ضمان العارية: ذهب فقهاء ا لإباضية إلى جواز العارية، وقد ثبتت مشروعيتها ب السن ﱠ ة ﱡ وقالوا: إن العارية إذا تلفت بغير ت عد ّ ، فسبيلها سبيل الأمانات لا ي َ لزم فيها إلا الحفظ، فإن تلفت بغير ت عد ّ لم يكن ضامنا ً ، فإن تعدى فيها كان ضامنا ً ، لا سيما إذا اشترط ربها على المستعير الضمان، ل قوله صلى الله عليه وسلم لصفوان : عارية مضمونة » « مؤداة(٢) . وقوله صلى الله عليه وسلم : كل يد ت » َ« رد ما قبضت(٣) . ﱡ (١) .١٣١/ ١٩٦ بتصرف. ينظر: عثمان الأصم، البصيرة، ١ / ابن بركة: الجامع، ١ (٢) رواه أ بو داود، كتاب الإجارة، باب في تضمين العارية، رقم ٣٥٦٦ ، والدارقطني في السنن، وأعل » : كتاب البيوع، رقم ١٦٠ ، عن ي على بن أمية. قال ابن حجر ّ بن حزم وابن القطان طرق .٥٣/ تلخيص الحبير، ٣ .« هذا الحديث (٣) لم أجده فيما بحثت من مصادر بهذه الصيغة. وورد في السنن ما يفيد معناه بلفظ مختلف، أخرجه الترمذي في سنن الجامع الصحيح أبواب الجنائز عن رسول الله أبواب البيوع عن رسو لا لله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء في أن العارية مؤداة حديث : ١٢٢٤ عن الحسن البصري عن سمرة بن جندب الفزاري، عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم قال: « على اليد ما أخذت حتى تؤدي » . قال قتادة: ثم نسي الحسن، فقال: فهو أمينك لا ضمان عليه، يعني: العارية. قال الترمذي: هذا حديث حسن، وقد ذهب بعض أهل العلم من أصحاب ا لنبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلى هذا، وقالوا: يضمن صاحب العارية، وهو قول الشافعي، وأحمد، وقال بعض أهل العلم من أصحاب ا لنبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: ليس على صاحب العارية ضمان إلا أن يخالف، وهو قول الثوري، وأهل الكوفة، وبه يقول إسحاق. وضعفه الألباني. ورواه ابن أبي شيبة مصنف، كتاب البيوع والأقضية، في العارية من كان لا يضمنها، حديث : ٢٠١٣١ بلفظ: « على اليد ما أخذت حتى تؤديه » . والنسائي في السنن الكبرى، كتاب العارية والوديعة المنيحة، حديث: ٥٦١٤ . قال أب و العباس أحمد : والعارية مضمونة مؤداة على الحفظ والحرز لها، » فإن ضيعها المستعير أو أضمنها صاحبها المستعير فهو ضامن على كل حال، ويجوز في جميع المقبوض من الأموال كلها، إلا ما يكون فيه ذهاب العين «... فلا يجوز فيه ا لعارية(١) . وقال ابن ب ركة : وقال أ صحابنا العارية لا تكون مضمونة إلا ب التعد ي، » وكان ش ُ ر يح ممن لا يرى تضمين العارية إذا ضاعت إلا بالتعدي فيها، والتضييع ليس على المستعير غير المغل ضمان، ولا على » ، لها، والمحفوظ من لفظه « المستودع غير المغل ضمان(٢) « ، يعني: ا لخائن(٣) . ويؤكد ذلك أ بو إسحاق الحضرمي فيقول: والعارية عندنا ( الإباضية ( غير مضمونة إلا في ثلاث خصال: أحدها: أن يستعير ما يكال أو يوزن ويعد ّ . َ الثاني: أن يتعدى فيها. الثالث: أن يقول عارية مضمونة(٤) أي (مردودة). واختلف فقهاء ا لإباضية في ضمان العارية، هل يجب باشتراط أحد الطرفين ذلك، أم يكون بدون شرط؟ وسبب الخلاف منشؤه اختلافهم في مفهوم الحديث المتقدم، أشار إليه اختلف الناس في قول النب ي صلى الله عليه وسلم » : ابنب ركة في سياق بيانه لأحكام العارية فقال : (١) . أبو العباس أحمد: كتاب أبي مسألة، ص ١٢٢ (٢) رواه عبد الرزاق الصنعاني في مصنف، كتاب البيوع، باب: العارية، حديث: ١٤٢٩٢ عن ،« ليس على المستعير، ولا على المستودع غير المغل ضمان » : شريح قال: سمعته يقول أخبرنا عبد الرزاق قال: سمعت هشاما ً المغل: » : يذكر، عن محمد، عن شريح مثله، وزاد ورواه الدارقطني: السنن، كتاب البيوع حديث : ٢٥٩٦ عن محمد، أن شريحا .« المتهم ً قال: .« ليس على المستعير غير المغل، ولا على المستودع غير المغل ضمان » (٣) ٤٢٦/ ابن بركة: الجامع، ٢ - .٤٢٨ (٤) .٤/ أبو إسحاق الحضرمي: مختصر الخصال، ١٤٩ . الشماخي: الإيضاح، ٦ « عارية مضمونة مؤداة » ، فقال أهل ا لعراق : ليس في قوله 0 : عارية مضمونة » « مؤداةما يوجب الضمان؛ لأن ّ ا قد علمنا أنها أمانة وأنه لا يملكها، وأن عليه أن يرد الأمانة إلى صاحبها، فإن تلفت بغير ت عد ّ فسبيلها كسبيل سائر الأمانات لا يلزمه فيها إلا الحفظ لها، وهذه إخبار عن التزامه لحفظها حتى يؤديها واستعماله لها بأمر صاحبها، فإن تلفت بغير تعد لم يكن ضامنا ً لها. وقال أهل ا لحجاز : معنى قوله 0 : « عارية مضمونة مؤداة » ، أي: أنا لها ضامن حتى أؤديها إليك، ولو لم تكن مضمونة بهذا القول كان فيه تقدير لصاحبها. وقال أصحابنا (الإباضية :( إذا اشترط لصاحبها الضمان لم يضمن إلا بالتعدي فيها، وعندهم أن المستعير متى شرط لصاحب العارية ردها أو شرط عليه ربها كان لها ضامنا، وقول أصحابنا أعدل وأشبه بظاهر ا لسن ﱠ ة، وإذا لم ﱡ يشترط لم يكن عليه ضمان إلا بالتعدي فيها؛ لأنها لم تنتقل عن ملك ربها. وبناء عليه: فمن أعار إ نسانا ً عارية إلى وقت معلوم لم يكن له أخذها قبل ً انقضاء المدة من طريق الديانة، وعلى صاحبها الوفاء للمستعير بوعده. قال الله تبارك وتعالى: ﴿ ^]\[Z ﴾ )المائدة : (١ . وقال في موضع آخر: ﴿ rqponmlk ❁ vut |{zyxw ﴾ (الصف: ٢ - ٣ (. وبعد أن عرض ابن ب ركة رأي الفقهاء في ضمان العارية وبين منشأ ّ الخلاف، رجح رأي ا لإباضية لأنه الأعدل والأنسب لموافقته لظاهر الحديث، وناقش من خالفه، ووجه الأدلة ت وجيها ً يتماشى مع رأي الجمهور، وبين موطن ّ فإن قال قائل: ما أنكرتم وجوب الضمان، يقول » : الضعف في استدلالهم فقال النب ي صلى الله عليه وسلملصفوان بن أمية : « عارية مضمونة مؤداة » ، وقوله عليه الصلاة والسلام: « كل يد ترد ما قبضت لها » قيل له: معنى ا لخبرين واحد، ونحن نقول بذلك أنه ُّ َْ يجب على المستعير رد ما استعاره، وعلى كل يد ترد ما قبضت إن كانت قادرة على ذلك، لا يقال لها ردي ما لم تقدري عليه، فإن قال قائل: ما أنكرتم أن يكون معنى ذلك أن الضمان يلزمه إذا ضاعت، قيل له: هذا غلط، وذلك أن النب ي صلى الله عليه وسلمإنما قال: ترد » ّ « ما قبضت ، والبدل فلم تقبضه، فيجب أن ترده، ُ والموجب عليه إخراج البدل بغير ت عد ّ محتاج إلى دليل، قال الله تعالى: ﴿ º ÄÃÂÁÀ¿¾½¼» ﴾ (ال ش ورى: ٤٢ (. وقال أ صحابنا : العارية لا تكون مضمونة إلا ب التعد ي، فإن شرط صاحبها على المستعير ضمانها ضمن، وقالوا: وإن شرط صاحب الأمانة الضمان على المؤتمن له لم يضمن، وكان شرطه ب اطلا ً ، فيجب ألا يكون في العارية ضمان وإن شرط فيها؛ لأن ما أصله غير مضمون لا يجب أن يكون الشرط لا يوجب ضمانه كما أن أصل ما كان مضمونا ً « لا يبطل ضمانه ب الشرط(١) . ولعل الفرق بين وجوب ضمان العارية إذا اشترط ذلك صاحبها، وصحة ذلك الشرط، وعدم ضمان الأمانة بدون ت عد ّ إذا اشترط ذلك، وبطلان الشرط، أن ّ العارية ينتفع بها المستعير، ومقابل ذلك يجوز لصاحبها أن يشترط عليه الضمان، أما الأمانة ف لا يجوز للمؤتمن الانتفاع بها إلا بإذن صاحبها، ولذلك لا يجوز له أن ي حمل ّ ه الضمان ما دام لم ي تعد ّ فيها، وإلا استنكف الناس عن حفظ ا لأمانات. ٧ في ضمان الوصية: وفي ضمان الوصية بالتفريط: ما ذكره أب و العباس أحمد في الضمان بسبب ويجب على الرجل إذا خاف على نفسه الموت أن » التقصير في تعيين الوصي يستخلف على وصيته وأولاده الأطفال والمجانين وماله إذا لم يحضر ورثته، أو حضروا وهم أطفال أو مجانين، فإن مات ولم يفعل فعلى العشيرة أن يستخلفوا للطفل والمجنون والغائب خليفة يحرز ماله، فإن لم تكن العشيرة (١) ٤٢٦/ ابن بركة: الجامع، ٢ - .٤٢٧ فعلى من حضر من الناس أن يستخلف لذلك كما تفعل العشيرة، فإن لم « يستخلفوا حتى ضاع المال فهم ضامنون ل ذلك(١) ؛ لأنهم أمناء على هؤلاء وقد ف رطوا في واجبهم، فوجب عليهم ا لضمان. ّ واختلفا لإباضية في كيفية تضمين من يجب عليه تعيين الخليفة أو الوكيل على الوصية، قال أب و العباس : واختلفوا في ضمانهم، منهم من يقول: كل » واحد ضامن لذلك كله، ومنهم من يقول: الضمان على رؤوسهم ولا تدخل ِ النساء ولا العبيد في الضمان إلا إن لم يكن غيرهم، فعليهم حرز ذلك المال، « وإن ضيعوه حتى تلف فهم ضامنون، أما الخلافة فليس عليهم شيء(٢) . ولكن إذا استخلفوا وصيا ً أو وكيلا ً على الوصية وكان غير أمين، فهل يضمون ذلك إذا ظهرت منه ا لخيانة؟ قال أب و العباس : وإن استخلفوا، فمنهم من يقول لا يستخلفون في هذا كله » إلا الأمين، وإن استخلفوا غير الأمين ف لا يبرؤون، ومنهم من يقول: إن استخلفوا غير الأمين فقد برئوا م ا لم تظهر الخيانة، وكان من ذلك م ا يفوق طاقته ولا يصل إلى حفظه وحياطته بمعنى من المعاني، فعليهم حينئذ أن يحرزوا ما قدروا عليه من ذلك، وإن ضيع الأمين فهو ضامن، وليس عليه من تضييعه شيء، وإن «... استخلف الميت غير الأمين على ولده وماله فليس عليهم شيء(٣) . ومنهم من يرخص أن يستخلفوا غير » ، وأضاف ا لقطب في نفس المعنى المتول ﱠ ى إذا كان أ مينا ً في المال على اليتيم وماله، ومال الغائب ولا شيء عليهم ما لم تظهر منه الخيانة، وكذا إن قام باليتيم أو ماله أو مال الغائب من تعنى َ بذلك ما لم تصلهم الضيعة وليا ً له، أو أ جنبيا ً من العشيرة أو غيرها حرا ً أو ّ (١) . أبو العباس أحمد: كتاب مسألة، ص ١٢٩(٢) .١٣٠ ، أبو العباس: المصدر نفسه، ص ١٢٩(٣) . المصدر نفسه، ص ١٣٠ عبدا ً ذكرا ً أو أنثى مع العشيرة، إن ضيع بأن امتنع عن الخلافة أو قبلها وضيع ّ وعلموا بتضييعه، أو ضيعوا الاستخلاف لو كان المال في يد غيرهم وهو ضامن معهم، بل هو الضامن؛ لأنه تلف المال بيده مضيعا له، وإن لم يغرم «... فعلى الورثة؛ لأنهم ضيعوا ا لاستخلاف(١) . ٨ في تضمين المزك ّ ي: ومن فروع القاعدة أ يضا ً : ما ذكره الإباضية في تضمين ا لمز َك ﱢ ي زكاة ماله ِ إذا ف رط في إخراجها، ب أن أ خ ّ رها وماطل فيها حتى ضاعت وتلفت، أو منعها ّ عن مستحقيها حتى ينتفع من غلاتها، ففي هذه الحالات قد تعدى وفرط، فإنه ّ لا يضمنها إلا إن أ عد ﱠ ها للإخراج فتلفت بأمر غالب عليه، ف لا يضمن عملا ً وقد تعرض ابن ب ركة إلى هذه ،« لا يضمن بالتعدي أو ا لتفري ط » : بالقاعدة اختلف أ صحابنا الإباضية في » : المسألة، ونقل فيها خلاف الفقهاء، فقال رجل ت سل ّ م زكاة ماله إلى رجل من العوام يؤديها عنه إلى أهلها وهو عنده ثقة فضيع الزكاة قبل أن تصل إلى الفقراء، فقال بعضهم: إذا أخرجها إلى ثقة وقبضها منه فقد زال عنه ضمانها قبل أن تصل إلى الفقراء، فضياعها بعد ذلك لا يوجب عليه الضمان، قالوا: كرجل دفع زكاة ماله إلى الساعي والقابض للزكاة بأمر الإمام، ثم تضيع قبل أن تصل إلى الإمام الحاكم . وقال آخرون: إذا دفعها إلى صاحب الإمام فتلفت، ف لا ضمان على أحدهما، وإذا دفعها إلى ثقة عنده فتلفت قبل أن تصل إلى الفقراء، فعلى المرسل بها الضمان؛ لأنه دفعها إلى أمين له، فكأنها فقدت في يده، وهذا القول أشبه وأقرب إلى النفس، وذلك أنه دفعها إلى ثقة فهو وكيل له في قضاء ما عليه، فلا يزول عنه ما عليه من حق، إلا أن يؤديه هو عن نفسه، أو يؤديه عنه وكيله، والإمام هو وكيل الفقراء في قبض حقهم من الزكاة فإذا تلفت من (١) .٧٦٥/ أطفيش: شرح كتاب النيل للثميني، ١٢ يده أو يد رسوله الذي قبض هو قبضه، فقد زال الضمان عن ا لمزك ﱠ ي؛ لأن «... قبض الوكيل والموكل سواء(١) . ومن فروعها في باب الزكاة أنه لو سل ّ م الزكاة إلى غير أمين، كفاسق أو ِ جبار، أو أخذها منه غصبا ً وعلم ب وصولها إلى الفقراء، أو لم يعلم بذلك، فهل ّ يضمن ذلك أم لا يضمن؟ فإن قال فإن دفعها إلى جبار أو فاسق من » : يقول ابن ب ركة في هذا الصدد ِ الرعية، هل يبرأ من ضمانها، علمت أنها صارت إليهم أو لم تصر إ ليهم؟ ُ قيل لهم: إن كان جعلهم رسلا ً له بها إلى الفقراء، فعلم أنهم قد أدوها ُُ عنه، فقد زال الضمان، وإن لم يعلم فالضمان باق عليه، فإن قال قائل: فإن ِ ِ وثب عليها جبار فأخذها بغير رأي صاحبها، و لا بطيب من نفسه فدفعها إلى الفقراء بحضرته وهو يرى ذلك، هل يبرأ من ضمانها؟ ِ قيل له: لا يبرأ ولا يزول عنه الضمان، فإن قال قائل: ول م ل م يزل عنه َ ُْ الضمان وقد زالت وصارت إلى ا لفقراء؟ قيل له لما وثب عليها الجبار فأخذها متعديا ً على أخذها منه كان عليه ضمانها لصاحبها، ف لا يجوز أن تكون لصاحبها ضمانها والفرض زائل عنه، فإن قال هل للفقراء أخذ الزكاة المأخوذة من غير أن يدفعها إليه من ا لمزك ﱢ ي؟ قيل له: لا، فإن قال أو ليس هي ل هم؟ قيل له: هي للفقراء وليست لقوم منهم دون بعض، ولا هي من المال شيء معلوم دون غيره، وأنها يزول فرضها عن صاحبها؛ بأن يقصد إلى ِ ؛« إخراجها(٢) فلما أخذها منه الجبار غصبا ،« الأمور ب مقاصده ا » لأن ً دون ر ضى المزك ﱢ ي، فهي في ذمته يضمنها؛ لأنه لم يقصد إخراجها، أما إن نوى ذلك (١) ٥٩٨/ ابن بركة: الجامع، ١ - .٥٩٩ (٢) .٦٠٠ ،٥٩٩/ ابن بركة: الجامع، ١ فأخذها منه الفاسق أو الجبار، وصرفها في مستحقيها، وعلم بذلك، برئت ذمته وسقط عنه ا لضمان. ٩ في ضمان الل ﱡق َ طة: اختلف الفقهاء في حكم اللقطة هل يجوز التقاطها والحفاظ عليها حتى يظهر صاحبها بعد تعريفها مدة عام؟ أم يتركها صاحبها في مكانها حتى لا يتحمل مسؤولية تلفها عنده؟ ١ ذهب جمهور الإباضية إلى جواز التقاطها وتعريفها، حتى يظهر صاحبها، ولا تسل ّ م له حتى يأتي بعلامتها لما ثبت عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم أنه سأله أعرابي عن اللقطة فقال له: عرفها سنة، فإن جاءك مدعيها بوصف عفاصها »(١) ، ﱢَ ووكائها(٢) « ، فهي له وإلا فانتفع بها(٣) . قالوا لا يجوز الانتفاع بها إلا إن كان ف قيرا ً ، فإن كان غنيا ً يصدق بها على الفقراء، وضمن قيمتها، فإن ظهر صاحبها سل ّ مها له. أما إباحة الرسول صلى الله عليه وسلم للأعرابي بالانتفاع بها بعد سنة، فيحتمل أن يكون الأعرابي (١) والعلامة التي سماها ا لنبي صلى الله عليه وسلم عفاصها » : قال ابن بركة في بيان معنى العفاص والوكاء ووكاؤها هو: معناها الذي فيه من خرقة أو جلدة أو غير ذلك يقوم مقامه أو يكون في معنى ذلك، وكذلك سميت العرب ما يشد به رأس القارورة عفاصها؛ لأنه كالوعاء، والصمام ﱠ ما يدخل في فم القارورة فهو يسد به رأسها، وليس ذلك عفاصها. (٢) الوكاء: هو الخيط الذي يشد به، يقال: أوكيت إكياء وعفصتها إ عفاصا ً إذا شد العفاص عليها، وإذا جعل لها الجاعل عفاصا فقال: ع َ فصت ُ .٢١٧/ ها. ينظر: ابن بركة، الجامع، ١ (٣) متفق عليه، رواه البخاري في كتاب اللقطة، باب إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها، حديث : ٢٣١٩ عن زيد بن خالد الجهني 3 جاء رجل إلى » : ، قال رسو لا لله صلى الله عليه وسلم ، فسأله عن اللقطة، فقال: اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة، فإن جاء » « صاحبها وإلا فشأنك بها ، قال: فضالة الغنم؟ قال: « هي لك أو لأخيك أو للذئب » ، قال: فضالة الإبل؟ قال: ما لك ولها، معها سقاؤها، وحذاؤها ترد الماء، وتأكل الشجر حتى » « يلقاها ربها . ، ورواه مسلم، كتاب اللقطة، حديث: ٣٣٣٣ التقط شيئا ً يسيرا ً ، ويحتمل أن يكون الأعرابي ف قيرا ً فأمره بالانتفاع بها، فهو إذا ً أحق بها ل فقره(١) . ٢ وذهب بعض ا لإباضية وغيرهم إلى عدم جواز أخذ اللقطة، وقالوا يجب على الملتقط أن يردها إلى مكانها ولا شيء عليه. ورد ّ وهذا عندي غلط من قائله؛ لأنها عرضها » : عليهم ابن ب ركة بقوله ﱠ للتلف، بإلقائه لها بعد أن صارت في يده وخلصت لصاحبها عنده، وخالف أمر النبي 0 « إياها بحفظها وتعريفها، ف أقل أحواله أنه ضامن ل ها(٢) . وحكى ﱡ ِ ابن ب ركة إجماع ا لإباضية على تضمين الملتقط ل ل ﱡ قطة إذا عر فها سن َ ة، سواء ﱠَ ظهر صاحبها أو تلفت بسببه، أو ت صد ﱠ واتفق » : ق بها على الفقراء، وهذا نصه أصحابنا على تضمين الملتقط اللقطة إذا عر فها حولا، ً وأمروه بالصدقة بها، ّْ ولم يسقطوا عنه الضمان بعد أن ي فرقها على الفقراء، ووافقهم على ذلك ّ الحسن البصري ... وأمروه بحفظها لصاحبها بأن يتصدق بها بعد ا لحول إذا لم ْ يعرف ربها، وألزموه بعد ذلك ضمانها، ولم يجعلوه إن س رقت خصما ً في ُ «... مطالبتها إذا وجدها مع سارقها (٣) . ونحن نطلب لهم الحجة في ذلك » : وخالفهم ابن ب ركة في هذا الرأي فقال ِ « إن شاء ا لله(٤) . ومقتضى كلامه أنه إذا غ ُصبت منه اللقطة ف لا يضمنها، ولا يطالب بها السارق؛ لأن هذا الأمر فوق طاقته، فهو فاعل خير لا مصلحة له في أخذها، ف لا نحمله تبعة ذلك ما دام لم يتسبب في ضياعها من ي ده. ّ وقد نظر ابن ب ركة إلى ملتقط اللقطة نظرة مقصدية، فحكم عليه بالضمان ِ باعتبار النية والقصد من أ خ ْذها حسب الاحتمالات التالية: (١) . ٢١٣ . الثميني: الورد البسام، ص ٢٤٩ / ابن بركة: الجامع، ١(٢) .٢١٤/ ابن بركة: الجامع، ١(٣) .٢١٤/ ابن بركة: المرجع نفسه، ١(٤) ابن بركة: نفسه. ﻞـﻫ ﻥﺎﻛ ﺪـﺼﻘﻳ ﻪـﻠﻌﻔﺑ ﺔﻧﺎﻴﺨﻟﺍ ﺯﺍﺮـﺣﺇﻭ ﻚﻠﻣ ﻩﺮـﻴﻏ ﻥﻭﺩ ،ﻖﺣ ﻥﻮﻜﻴﻓً ﺎﻳﺪﻌﺘﻣ.ﺎﻬﻴﻓ ١ـ ﻡﺃ ﺎـﻫﺬﺧﺃ ﺄﻄﺧ ﻥﻭﺩ ﺪﺼﻗ ﺔـﻧﺎﻴﺨﻟﺍ ﺀﺍﺪﺘﻋﻻﺍﻭ ﻰﻠﻋ ﻝﺎﻣ ،ﺮﻴﻐﻟﺍ ﻞﺑ ﻥﺎﻛًْﻼﻓﺎﻏّ ﻦﻋ ،ﺎﻬﻤﻜﺣ ﻪﻠﻌﻠﻓ ﻦﻈﻳﻥﺃ ﺎﻬﺒﺣﺎﺻﻻ ﺚﺤﺒﻳ ،ﺎﻬﻨﻋ ﻭﺃﻻ ﻱﺭﺪﻳ ﻥﺃ ﺎﻬﺒﺣﺎﺻﺎﻣ ﻝﺍﺯ ﻪﻘﺣ ﺎﻘﻠﻌﺘﻣ ،ﺎﻬﺑ ﺪﻗﻭ ﺎﻬﺒﻠﻄﻳ ﻪﻨﻣ ﻲﻓ ﻡﻮﻳ ،ﺎﻣ ﻚﻟﺬﻟﻭ ﺐﺟﻭ ﻅﺎﻔﺤﻟﺍ ﺎﻬﻴﻠﻋ .ﺎﻬﻧﺎﻤﺿﻭ ٢ـ ً ﺪـﻗﻭ ﻥﻮﻜﻳ ﺪـﻗ ﺎﻫﺬﺧﺃ ﺪﺼﻘﺑ ﻅﺎﻔﺤﻟﺍ ﺎﻬﻴﻠﻋ ،ﺎﻬﺒﺣﺎﺼﻟﺎﺒـﺴﺘﺤﻣ ﻚﻟﺬﺑً ﺎـﻫﺮﺟﺃ ﺪﻨﻋ ،ﷲﺍ ﻚـﻟﺬﻟﻭ ﻮﻬﻓ ﺮﻴﻏ ﺪﻌﺘﻣ ،ﻪﻴﻠﻋ ﻞـﺑﺎﻈﻓﺎﺤﻣ ﻝﺎﻤﻟ ﻪﻴﺧﺃ ﻦـﻣ ﻉﺎﻴﻀﻟﺍ ؛ﻒﻠﺘﻟﺍﻭ ﻪﻧﻷ ﻊﻗﻮﺘﻳ ﺭﻮـﻬﻇ ﺎﻬﺒﺣﺎﺻ ،ﺎﻬﺒﻠﻄﻴﻓﻼﻓ ﺎﻬﻨﻤﻀﻳ ﻥﺇ ﺎـﻫﺬﺧﺃ ﻪـﺴﻔﻨﻟ ﻮﻫﻭ ،ﺮﻴﻘﻓ ﻭﺃ ﻕﺪﺼﺘﻳ ﺎـﻬﺑ ﻰﻠﻋ ﺀﺍﺮﻘﻔﻟﺍ ﻥﺇ ﻥﺎﻛ ﺎﻴﻨﻏًً ﻭﺃﺎﻔﻔﻌﺘﻣ.ً(١) ؛ ﻪﻧﻷ ﻥﺎﻛ ﻪﻠﻌﻔﺑ ﻚﻟﺫﺎﻨﺴﺤﻣ ٣ـ ولا بأس أن نورد عبارة ابن ب ركة زيادة في الإيضاح وتفصيلا ً لما أجملنا، والقاصد إلى أخذ اللقطة لا يخلو بأن يكون تناولها » : يقول في هذا الصدد ِ لنفسه، أو تناولها ليحفظها لصاحبها، أو تناولها غافلا ً في أخذها لا ليخون ربها فيها، ولا محتسبا ً في أخذها لمالكها، فإذا كانت أحوال اللقطة لا تخلو من هذه الوجوه الثلاثة، والنظر يوجب عندي: إن كان قصد إلى أخذها لنفسه ثم عزم على ردها وتاب من نيته وفعله، فعليه الضمان في حال أخذه مال غيره بتعديه فيه، فالضمان الذي يلزمه بها لا يبرئه منها إلا الخروج إلى صاحبها منها. وإن كان أخذه لها غافلا ً في أخذها فالضمان أ يضا ً الخطأ في » يلزمه؛ لأن وأرجو أنه لا إثم عليه إذا لم يقصد إلى التعدي. ،« الأموال يوجب ا لضما ن (١) ٢١٤/ ابن بركة: نفسه، ١ - .٢١٨ ٣ وأما إن كان أخذها ليحفظها على ربها م حتسبا ً لأخيه المسلم في ماله وحفظه له م تأولا ً بذلك قول الله تبارك وتعالى: ﴿ ÂÁÀ¿ ﴾ (ال مائ دة: ٢ ( . ولئلا يكون قد قدر على حفظ مال أخيه المسلم فيدعه حتى يتلف، فهذا عندي أنه لا ضمان عليه؛ لأنه في الابتداء محسن، وإذا كان في ابتدائه محسنا ً لم يكن لها ضامنا ً ، قال الله تعالى: ﴿ wvuts ﴾ (التوبة: ٩١ ((١) . ولكن ما حكم الملتقط إذا أخذها على نية التعريف بها وحفظها لصاحبها حتى يتسلمها، ثم ضاعت منه دون ت عد ّ ، هل يجب عليه ا لضمان؟ والذي يوجبه النظر عندي ما تقدم ذكره » : يقول ابن ب ركة في هذا الصدد من اختياري فيها أ ن ّ الملتقط إذا التقط م ا يجب عليه تعريفها مما يعرف بوصف يوصل إلى معرفته، وهو عازم على أن يعرفه، ويقوم بحق الله فيه وحفظه لصاحبه، فضاع منه بغير خيانة كانت منه، لم يكن لها ضامنا ً ؛ لأنه لم يتعد فيه ولم يتعمد، وإنما فعل م ا أمره الله به من حفظ غيب مال أخيه المسلم، والحفظ عليه وما أمره النبي 0 « من التعريف ل ها(٢) . ثم يوضح ابن ب ركة أنه يجوز للملتقط المحتفظ ل ل ّ قطة مدة سنة بعد تعريفها أن ينتفع بها لحاجته، أو يأكلها إن كانت طعاما ً ، وإن كان غنيا ً تصد ﱠ ق بها على ّ الفقراء، ويضمن قيمتها لصاحبها في الحالتين، وهذا ما اختاره ابن ب ركة كما والذي نختاره أن الملتقط إذا قصد إلى أخذها محتسبا » : يفهم من عبارته ً لربها في حفظها عليه، غير متعد ّ فيها وكان ف قيرا ً فليأكلها، وهو أحق بها بعد تعريفه إياها سنة، إذا كانت مما ي وصل إلى معرفتها، وكانت مما تبقى إلى تلك المدة، َ وإن كان غنيا ً تصدق بها بعد المدة على الفقراء، وإن صح لها مالك رجع بقيمتها على الملتقط غنيا ً كان أو ف قيرا ً ، إلا أن يختار ربها ا لآخر... ّ (١) ٢١٤/ ابن بركة: الجامع، ١ - .٢١٥ (٢) .٢١٦/ ابن بركة: نفسه، ١ فإن قال قائل: لم حكمتم بوجوب الضمان عليه بعد أن برئت ذمته منها؟ ِِ قيل له: إنما حكمنا له بالرجوع عليه كما حكم لمن ملك مالا ً حلالا ً في َُ الظاهر، يأكله وينفق منه ثم يستحقه عليه بعد ذلك مستحق، ف لا يكون غاصبا ً فيما تقدم من فعله قبل ا لدرك، وهو مال الله تبارك وتعالى يحله لواحد وقتا ً ْ ويحرمه عليه وقتا ً « ، والضمان قد يلزمه بغير التعدي لعلة من طريق ا لتعدي(١) . ولعل اختيار ابن ب ركة يترتب عليه مشقة وحرج على الملتقط، خاصة إذا مرت سنة بعد تعريف اللقطة فانتفع بها أو تصدق بها على الفقراء، ثم نطالبه ّ بضمانها وتعويض مثلها أو قيمتها لصاحبها إذا طلبها، وهذا يتنافى مع مقاصد ِ الشريعة التي تدعو إلى رفع الحرج والمشقة عن الناس، ف الملتقط لم ي تعد ّ في ِ تصرفه، بل ت صرف وف ْ قا ً للمصلحة الشرعية وفي حدود طاقته، ولذلك فإنني ّ أجد نفسي لا تميل إلى رأي ابن بركة ومن وافقه من ا لإباضية وأخالفهم في الرأي وأقول: لا ضمان عليه إن لم يظهر صاحبها بعد مرور ا لحول، ولعل هذا ْ الرأي هو الأعدل والأنسب لموافقته لظاهر النصوص الثابتة في حكم اللقطة فهي تؤيده؛ حيث أباح ا لرسول صلى الله عليه وسلم للأعرابي أن ينتفع بها بعد تعريفها إن كان فقيرا، أو ي تصد ّ ق بها إن كان غنيا ً . وهذا الرأي هو م ا ذهب إليه ا لشافعي ومالك حيث قالا: إن وجد لها رب ّا ً بعد تعريفها سن َ ة ردها، وإلا فهي ل ه. وقد ر وي أ ن ّ ابن عمر مع زهده كان إذا مر بتمرة ساقطة التقطها ُّ ِ وأكلها(٢) ، وأما ابن عباس فروي عنه قوله: من وجد من سق ْط المتاع فلينتفع ُ (١) .٢١٨/ ابن بركة: المصدر نفسه، ١(٢) رواه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب اللقطة، باب م ا جاء في قليل اللقطة، حديث : ١١٣٠٧ قال البيهقي: رواه البخاري في « ومر ابن عمر بتمرة مطروحة في الطريق فأكلها » : قال ّ الصحيح عن قبيصة، وأخرجه مسلم من وجه آخر عن الثوري دون ابن عمر. وقد رويناه من حديث أبي هريرة عن النب ي صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه قال: إني لأدخل بيتي أجد التمرة ملقاة على » « فراشي ، وفي رواية: « ولا أدري أمن تمر الصدقة أو من تمر أهلي فأدعها » ، وذلك لا يتناول = به، كالسوط والنعلين والعصا وشيء من سائر ا لمتاع(١) . قال ابن ب ركة : وقد » ْ كان ي جوز ذلك كثيرا ً « من أصحابنا(٢) . َُﱢ ونقل ابن ب ركة الرأي المخالف له ثم رجع عن رأي جمهور ا لإباضية بعد أن ظهر له الصواب والحق في غيره، وقال بعدم تضمين الملتقط، إذا لم يقصد بفعله التعدي، أ م ا إ ن ْ تصدق بها على الفقراء بعد تعريفها واليأس من صاحبها، ﱠ ِ عملا ً بالقاعدة المشهورة كل مال ج ُهل صاحبه فسبيله الفقراء والمساكين(٣) . يقول ابن بركة موضحا ً وجهة نظره بعد عرض رأي ا لإباضية المجمع قالوا: فإن لم يجد ربها وعدم معرفة صاحبها تصدق بها ملتقطها على » : عليه الفقراء، وأجمعوا على تضمينه إياها بعد ذلك، وجعلوا الخيار لربها إذا جاء ِ يطلبها، وصح أنه كان مالكا ً لها إن شاء أخذ بدلها مالا ً مث ْ لها، أو القيمة، أو ِ الثواب والأجر الذي هو عوض عنها، ولم أعلم أن أ حدا ً من أهل الخلاف َ عليهم، أوجب الضمان على الملتقط لها إذا بالغ في طلب ربها ثم تصدق بها بعد سنة أو سنتين على ما جاء الخلاف بينهم، وقد وجدت أن لأبي أيوب َ = اللقطة. وقد ورد عنه ما يؤكد ذلك، فقد روي عنه أنه كان يدعو الناس إلى دفع اللقطة إلى ُ الحاكم ولم ينقل عنه جواز أكلها، من ذلك ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب البيوع عن حبيب بن أبي ثابت، قال: » : والأقضية في اللقطة م ا يصنع بها؟ حديث : ٢١١٧٧ ونصه وفي رواية أخرى عند ابن أبي شيبة في « ادفعها إلى الأمير » : سئل ابن عمر عن اللقطة، فقال المصنف، كتاب البيوع والأقضية في اللقطة ما يصنع بها؟ حديث : ٢١١٨٤ عن ابن عمر، ورواه البيهقي في السنن .« عرفها، لا آمرك أن تأكلها، لو شئت لم تأخذها » : قال في اللقطة الكبرى، كتاب اللقطة، باب اللقطة يأكلها الغني والفقير إذا لم تعترف بعد تعريف سنة . حديث : ١١٢٧٥(١) لم نعثر على هذه الرواية، وتوجد روايات أخرى تفيد هذا المعنى منها ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب البيوع والأقضية، ما رخص فيه من اللقطة، حديث : ٢١١٨٩ عن إبراهيم .« كانوا يرخصون من اللقطة في السير، والعصي والسوط » : النخعي، قال(٢) .٢١٨/ ابن بركة: الجامع، ١(٣) ٢٢٠/ ابن بركة: المصدر نفسه، ١ - .٢٢٣ وائل بن أيوب (١)(الحضرمي ( فيمن لزمه ضمان من مال الناس لا يعرفهم من تجارة أربى فيها، أو ضمان التجاهل في البيع والشراء ثم رغب في التوبة، أن عليه أن يتصدق بها على الفقراء إذا لم يعرف أرباب تلك الأموال التي ضمنها وأخذها، ولم يوجب عليه بعد الصدقة ضمانا، وقد شككت في قوله في اللقطة، وأظن أن سبيلها عنده في زوال الضمان بعد الصدقة بها سبيل ما جناه التاجر في تجارته وما لزمه من الضمان في معاملته، وعندي أن أمر اللقطة أيسر « في باب ا لعذر(٢) .. واحتج بسقوط الضمان عن المتلقط غير المتعدي دون غيره بما ورد عن ِ السلف الصالح، أنهم كانوا يتصدقون بالأموال التي جهل صاحبها كما فعل ُ الإمام عب دا لله بن يحيى ا لحضرمي(٣) والحجة » : طالب ا لحق وغيره، فقال (١)وائل بن أيوب الحضرمي، أ بو أيوب (حي في ١٩٢ ه) من أهل حضرموت باليمن. عالم فقيه، من الذين أخذوا العلم عن أبي عبيدة، وهو من الذين روى عنهم أ بو غانم مدونته، فقد كان من طبقة الربيع ثم خلفه على رئاسة الإباضية بعد وفاته، كان الكثير من طلبة أبي أيوب من العراق وحضرموت وخراسان، والحجاز. وكانت له مساهمات فعلية في إقامة إمامة طالب الحق باليمن، والإمامة ب عمان. وكانت له قدم راسخة في الفقه وعلم الكلام، حتى ُ أن أبا عبيدة الصغير، عندما يسأل يقول: عليكم بوائل فإنه آخر عهد بالربيع. وكان في فتواه يحب التسهيل ويقول: إنما الفقيه الذي يعلم الناس ما يسع الناس فيه مما سألوا عنه، وأما من يضيق عليهم، فكل من شاء أخذ بالاحتياط. من آثاره: مناظرة مع رجل من المعتزلة، وله سيرة مشهورة ضمن مجموعة سير علماء الإباضية، تنبئ عن رسوخ قدمه وسعة اطلاعه. وله .٩٧/ ٧٨ . الشماخي، سير، ١ / سيرة في اعتقاد الدين منشورة. ينظر: الدرجيني، طبقات، ٢ الباروني، مختصر تاريخ الإباضية، ٢٥ . ابن خلفون، الأجوبة، ١٠ ملحق. (٢) . ٢٢١ . الثميني، الورد البسام، ص ٢٤٩ ،٢٢٠/ ابن بركة: نفسه، ١ (٣) عب دا لله بن يحيى بن عمر الكندي، أ بو يحيى (طالب الحق) ( ت: ١٣٠ ه) إمام الشراة، وأحد أقطاب المذهب الإباضي في عهود تأسيسه. لم تشر إلى المصادر ظروف نشأته الأولى، بينما اهتمت بمناقبه وأعماله، والراجح انه ولد في حضرموت، وبها تلقى علومه الأولى. انتقل مع أبي الخطاب عب دا لأعلى بن السمح المعافري إلى البصرة، ليأخذ ممن عاصرهم من التابعين، وعلى رأسهم أ بو عبيدة مسلم بن أبي كريمة، وضمام بن السائب. ولما ملأ وطابه علما عاد إلى = توجب عندي أن اللقطة، إذا أخذها الآخذ لها على وجه التعدي أو الغفلة أن ّ سبيله في أمرها سبيل من يلزمه ضمان مال لأحد الناس لا يعرفه، إذا ت صد ّ ق به على الفقراء بعد إياسه لمعرفة صاحبه... وإذا تناول اللقطة وكان أخذه إياها ليحفظها لصاحبها من طريق الاحتساب والقربة إلى الله في ذلك، وأن لا يضيع ّ مال امرئ مسلم بين ظهراني المسلمين، وهم يقدرون على حفظه، لم يلزمه الضمان إذا ت صد ّ ق بها على الفقراء بعد إياسه من معرفة صاحبها، قال الله جل ِ ذكره: ﴿ wvuts ﴾ (الت و ب ة: ٩١ ( . واستند ابن بركة لترجيح رأيه بعدة أمور منها: ١ ويدل على صحة ما قلنا فعل عب دا لله بن يحيى ا لحضرمي لما » : قال ظهر على اليمن واستولى على خزائن السلطان الذي كان بها مما كان جباه على سبيل الخراج من أموال أهل ا ليم ن، واختلطت الأموال فلم يعرف لها ربا ً ، فتصدق بها على الفقراء ولم يرد الخبر أنه ألزم ضمان تلك الأموال، ولو ّ كان يعتقد أن ضمانها يلزمه لم يقصد إلى مال غيره ويتلفه على أربابه ويلزم نفسه الضمان، وكان ينبغي على هذا أن يكون في فعله ذلك متعديا ً حاشاه الله « مما لا يليق في صفته(١) . = بلده اليمن، فتولى منصب القضاء. أقام أول إمامة ظهور إباضية باليمن سنة ١٢٩ ه/ ٧٤٦ م، وبايعه أصحابه على ذلك، فاتجه إلى دار الإمامة بحضرموت، فعامل واليها أحسن معاملة، ثم استولى على صنعاء، حيث خطب في الناس خطبة أبان فيها دعوته ومنهجه في الدعوة إلى دين الله الحق، وإلى نبذ الحكم الجائر. أطنبت المؤرخون في ذكر صفاته الخلقية، فهو شيخ الزهد والورع، عادل في سيرته، متورع عن أموال المسلمين في خزائن بني أمية، إذ سارع ٨٦ . الشماخي، / إلى توزيعها على أصحابها من الفقراء والمساكين. الوسياني، سير (مخ)، ١ ٢٥٨/٢ ،١٨٧ ،٧٤ ،٧ ،٥/ ٩١ . الدرجيني: طبقات، ١ / السير، ١ - .٢٧٩ ،٢٦٥ ،٢٦٢ ٣٨٨/ ابن الأثير: الكامل، ٥ - ٣٦ . المسعودي: / ٣٣٩٢ . ابن كثير: البداية والنهاية، ١٠ ١٣٩/ ٢٥٩ . البطاشي: إتحاف الأعيان، ١ / مروج الذهب، ٣ - .١٥٨ (١) ٢٢٢/ ابن بركة: الجامع، ١ - .٢٢٣ :IóYÉ≤dG øe ≈æãà°ùj Ée ٢ واستدل أ يضا ً بما رواه ا لإباضية وغيرهم أ ن ّ علي بن أبي طالب 3 لما هزم طلحة والزبير ^ وقصد ما كان ج َبياه من أموال أهل البصرة على َ وجه الخراج، وأنهما يستحقان في حال تقدمهما عليه، عمد إلى تلك الأموال وفرقها بين أصحابه، وكان عددهم كبير(١) ، وعلق ابن ب ركة على ذلك بقوله: ﱠ ِ ولا يجوز أن يكون علي بن أبي طالب فرقها على أصحابه مع عل » ْ مه بأن ﱠ ِ أربابها ي وصل إلى معرفتهم، فلما جعلها الإمام علي كرم الله وجهه في عز ّ َّ دولته على سبيل م ا يجعل الزكاة التي هي صدقة للفقراء، فهذا يدل على أن هذه الأموال التي لا رب لها يعرف أ ن ّ سبيلها سبيل ما يتصدق به، ولم ير أحد ﱠِ ِ فيما علمنا أن عليا ً ألزم نفسه ضمانها، وكل مال أ يس من معرفة ربه أنه مصروف َّ « في الفقراء والمساكين، واللقط مال من هذه الأموال التي ذكرناها(٢) . تضمين الصن ّ اع: استثنى جمهور الفقهاء منا لإباضية وغيرهم من هذه القاعدة مسألة تضمين الصناع أو الأجير ا لمشترك، وصاغ بعضهم لذلك ضابطا ً فقهيا ً كل » : فقال ﱡَ ٍ ِ صانع ب كراء عليه ضمان م ا أتلفه « (٣) . وقد كان في صدر الإسلام أ ن ّ الصانع محسن يحافظ على أمانات الناس استجابة لقوله تعالى: ﴿ wvuts ﴾ (الت و ب ة: ٩١ ( لذلك لم » ؛ (١) لم نعثر على هذه الرواية، وتوجد رواية أخرى تشير إلى هذا المعنى، أخرجها ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب الجمل وصفين والخوارج، في مسير عائشة وعلي وطلحة والزبير، . حديث : ٣٧١٤٦ (٢) ٢٢٢/ ابن بركة: الجامع، ١ - .٢٢٣ (٣) ،٤٠٥/ ٢٠٦ وما بعدها. الكندي م حمد بن إبراهيم: بيان الشرع، ج ٤٠ / ابن جعفر: الجامع، ٤ ٢٩٨ وما بعدها. / ٤٧٢ . الشماخي: الإيضاح، ٦ ِ يكن على الصانع أو الأجير ضمان فيما أتلف، ل ق ُ رب العهد من عصر الرسالة، وما يلزم عنه من الأمانة والصدق، والنصح لله ورسوله، لكن لما فسد الزمن، وخربت الذمم، واتخذ ا لصناع من تصديقهم، وركون الناس لأمانتهم ذريعة ﱡ لأكل أموال الناس بالباطل، كان لا بد من تضمينهم. وفي زمن عمر 3 رأى أن هؤلاء الصناع لا يصلحهم إلا تضمينهم ما أتلفوه وأفسدوه، وقد وافق «(١) الصحابة الكرام على تدبير عمر القضائي فكان إ جماعا ً . وقد أشار بعض الفقهاء إلى الحكمة من تضمين الصناع، وعلل ذلك ِ لأنهم اشتهروا ب خ » : بقوله َ لف الوعد والإهمال فيما عندهم من الثياب والنعال وغيرها من الأدوات ا لدنية والراقية، فكان تضمينهم من باب التنكيل بهم، ّ ومعاقبتهم على خلفهم الوعد، وإهمالهم فيما يؤتمنون عليه، ويسند إليهم « إصلاحه أو ت صنيعه(٢) . وقد أعمل ا لإباضية هذه القاعدة في فروعهم، وأشار إليها بعضهم بعبارات متقاربة في الصياغة والمعنى، يقول محمد بن إبراهيم ا لكندي : كل عامل بيده » بالكراء فهو ضامن لما نقص من السلعة إذا كان ن قصانا ً لا يحتمله ما بين « المكاييل والموازين(٣) . فاعلم أ ن » : وقال في موضع آخر ّ كل صانع بكراء إذا احتج أنه ضاع، لزمه ضمان غرمه، إلا أن يصح السبب الذي عنا ه، مثل: غضب أو حريق أو « غرق أو سرقة، فعند ذلك يصدق أنه تلف ولا يلزمه غرم(٤) . وقد صرح عثمان ا لأصم بتضمين الصناع، ونص بعدم تصديقهم إذا (١) . هرموش: معجم القواعد الإباضية، ص ٣٩٠(٢) . محمد بكر إسماعيل: القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه، ص ٢١٩(٣) .٤٠٥/ الكندي محمد بن إبراهيم: بيان الشرع، ج ٤٠(٤) ٣١٣ . الأصم عثمان: البصيرة، / ٤٧٢ . الشماخي: الإيضاح، ٦ / الكندي: بيان الشرع، ج ٤٠ .٢١١/٢ وكل من عمل بالأجرة ثم ادعى » : ادعوا ضياع ما في أيديهم من متاع، وقال َ ضياع العمل لم ي صد ﱠ ق وعليه البينة وإلا غرم... والأجراء الذين يعملون بأيديهم كلهم جميعا ضامنون، إذا تلف لم يصدقوا إلا ما صح من ذلك أنه تلف من غير أن ي تلفوه، ف يصد ﱠ قوا ف لا ضمان فيه، وإذا لزمهم الضمان سقط ُ عنهم ق د ْ ر ما عملوا، وإذا لم يلزمهم الضمان ولم يسلموا العمل، وتلف لم « يكن لهم عناء(١) . ويشير بعض فقهاءا لإباضية إلى أحد أسباب تضييع الصناع لما في أيديهم، وذلك أنهم يحبسون مصنوعاتهم ومتاع الناس ضمانا لأجرتهم، فقد أجيز لهم ذلك حتى لا يضيع جهدهم إذا ما طلبهم الناس في دفع ما عليهم. ولكن يترتب على ذلك ضياع أموال الناس وتلفها إذا أهملت وتركت عندهم مدة طويلة، وحفاظا ً عليها يضمنون في كل ا لأحوال. وللأجراء منع الأشياء التي كانت في » : يقول ا لشماخي في هذا الصدد أيديهم حتى يأخذوا أجرتهم، وإن تلفت الأشياء في أيديهم وهي معمولة، فهم ضامنون لقيمتها مع أخذهم الأجرة في قول بعضهم. وقال بعضهم: إنما عليهم قيمتها وهي غير معمولة (مصنوعة) ولم تكن لهم الأجرة، وإن تلفت بأمر غالب من سرقة أو حرق أو غير ذلك ف لا ضمان عليه، وله أجرته ولا يذهب عمله باطلا؛ لأن المصيبة إنما نزلت بالمستأجر، وقد ذكر في الأثر: وإن أتى المستأجر بعذر من اللصوص، أو سلب أو مكابرة، وأقام على ذلك بينة، فلا ضمان عليه ولا كراء له، فلعل صاحب هذا القول إنما ذهب إليه؛ لأن الأجرة إنما استوجبت في مقابلة العمل، وإذا تلف العمل بتلف محله قبل أن « يدخل في يد مالكه يطلب الأجرة واشتركا في ا لمصيبة(٢) . (١) .٢١٥/ الأصم عثمان: البصيرة، ١ (٢) .٣١٤ - ٣١٣/ الشماخي: الإيضاح، ٦ « والقول الأول أ صح » : واختار ا لشماخي القول الأول وصححه وقال(١) ، وهو ما نميل إليه ونعتمده؛ لأنه الأعدل والأظهر من ا لأقوال. وأما إ ن » : ويضيف ا لشماخي في السياق نفسه ْ حبس الصانع ما في يده بعدما استوفى أجرته من غير عذر يحول بينه وبين المضي به إلى ربه، أنه ضامن له لكل حال ولو سرق أو حرق. وأما كل ما تلف في أيدي الأجراء مما أتى على أيديهم من كسر أو حرق أو قطع في المصنوع فهم له ضامنون؛ لأنهم هم الذين أفسدوا بأيديهم والخطأ في الأموال لا يزيل الضمان « (٢) . أدلة القائلين بتضمين الصن ﱠ اع: استدل القائلون على تضمين ا لصن ّ اع بأدلة كثيرة نذكر منها: ١ ما روي عن علي كرم الله وجهه أنه كان ي ضمن الأجراء، ويضمن ﱠ ّّ « لا يصلح للناس إلا هذا » : الصناع والصواغ ويقول(٣) . ّ (١) .٣١٤/ الشماخي: المصدر نفسه، ٦(٢) ٢١٥ . أطفيش أمحمد: شرح كتاب النيل / الشماخي: نفسه. عثمان الأصم: البصيرة، ١ .٢٧٢ - ٢٧١/ للثميني، ١٠(٣) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الإجارة، باب ما جاء في تضمين الأجراء، حديث: قد ذهب إلى تضمين القصار شريح، ف ضمن قصارا احترق » : ١، عن الشافعي قال ٠٨٩٥ ّ أرأيت لو احترق بيته كنت تترك » : بيته فقال: تضمنني وقد احترق بيتي، فقال شريح أخبرنا بهذا عنه ابن عيينة. قال الشافعي: وقد روي من وجه لا يثبت أهل «؟ له أجرك الحديث مثله أ ن ّ علي بن أبي طالب ضمن الغسال والصباغ وقال: لا يصلح الناس إلا ّ ذلك. أخبرنا إ براهيم بن أبي يحيى، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أ ن ّ عليا قال ذلك. قال: ويروى عن عمر تضمين بعض الصناع من وجه أضعف من هذا، ولم نعلم واحدا ً منهما يثبت قال: وقد روي عن علي من وجه آخر أنه كان لا يضم ن أ حدا ً من الأجراء ّ من وجه لا يثبت مثله. وثابت عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: لا ضمان على صانع، ورواه البيهقي في معرفة السنن والآثار، كتاب الصلح، باب تضمين .« ولا على أجير .٥ الأجراء، حديث: ٣٨٠٣ :IóYÉ≤dG äÉ≤«Ñ£J ﻪﻨﻼﻓ ﻞﻴﻟﺩ ﻪﻟ ﻻﺇ ،ﺔﺤﻠﺼﻤﻟﺍ ﺪـﺳﻭ ،ﺔﻌﻳﺭﺬﻟﺍ ﻝﺎﻗﻭ ﻦﺑﺍﺪـﺷﺭ : ﻦـﻣﻭ»ﻤﺿﱠ ٢ـ ﺍﻮـﻨ ﺍﻮﻧﺎﻬﺘـﺳﻻ ﺔﻈﻓﺎﺤﻤﻟﺎﺑ ﻰﻠﻋ ﻪـﺟﻭﻭ ﻩﺬـﻫ :ﺔﺤﻠﺼﻤﻟﺍ ﻢـﻬﻧﺃ ﻮﻟ ﻢﻟﻤﻀﻳّ ﺔﻌﺘﻣﺃ ﺱﺎﻨﻟﺍ ،ﻢﻬﻟﺍﻮﻣﺃﻭ ﻲﻓﻭ ﺱﺎﻨﻟﺍ ﺔﺟﺎﺣ ﺓﺪﻳﺪـﺷ ،ﻪﻴﻟﺇ ﺖﻧﺎﻜﻓ ﺔﺤﻠﺼﻤﻟﺍ . ﻲﻓ ﻢﻬﻨﻴﻤﻀﺗ ﺍﻮﻈﻓﺎﺤﻴﻟ ﻰﻠﻋﺎﻣ ﺖﺤﺗ «ﻢﻬﻳﺪﻳﺃ (١) ﻙ ﻥﻮـﻤﻀﻣ ،ﻪـﻴﻠﻋ ﻞـﻴﻟﺩﻭ ﻚـﻟﺫ ﻪﻧﺃ :ﺍﻮـﻟﺎﻗﻭ ﻥﺄـﺑ ﻞـﻤﻋ ﺮـﻴﺟﻷﺍﺮﺘـﺸﻤﻟﺍَِﻻ ﻖﺤﺘـﺴﻳ ﻌﻟﺍّ ﺽﻮ ﻻﺇ ،ﻞﻤﻌﻟﺎﺑﻥﺃﻭﺏﻮﺜﻟﺍ ﻮﻟ ﻒﻠﺗ ﻲﻓ ﻩﺯﺮﺣ ﺪﻌﺑ ﻪﻠﻤﻋَْ ٣ـ ﻢﻟ ﻦﻜﻳ ﺮﺟﺃ ﺎﻤﻴﻓ ﻞﻤﻋ ،ﻪﻴﻓ ﻥﺎﻛﻭ ﺏﺎﻫﺫ ﻪﻠﻤﻋ ﻦﻣ ،ﻪﻧﺎﻤﺿ ﺍﺫﺇﻭ ﻥﺎﻛ ﻪﻠﻤﻋٌ ً ﺎﻧﻮﻤﻀﻣﱠ ﻪﻴﻠﻋ ﺐﺟﻭ ﻥﺃ ﻥﻮﻜﻳ ﺎﻣﻟﻮﺗ ً ﺪ ﻦﻣ ﻞﻤﻌﻟﺍﺎﻀﻳﺃًﺎﻧﻮﻤﻀﻣ.ﻪﻴﻠﻋ ً ﻦﻣﻭ ﻢﻬﺘﻟﺩﺃﺎﻀﻳﺃّ ،ﻥﺃ ﻆﻔﺤﻟﺍ ﻖﺤﺘﺴﻣ ﻰﻠﻋ ﻊﻧﺎﺼﻟﺍ ﺫﺇﻻ ﻪﻨﻜﻤﻳ ﻞﻤﻌﻟﺍ ﻻﺇ ٤ـ ،ﻪـﺑ ﺍﺫﺈـﻓ ﻚﻠﻫ ﺐﺒـﺴﺑ ﻦﻜﻤﻳ ﺯﺍﺮـﺘﺣﻻﺍ ﻪـﻨﻋ ـ ﺐﺼﻐﻟﺎﻛ ﺔﻗﺮـﺴﻟﺍﻭ ـ ﻥﺎﻛ ﺮﻴﺼﻘﺘﻟﺍ ﻦﻣ ﻪﺘﻬﺟ ،ﻪﻨﻤﻀﻴﻓ ﺍﻮﺳﺎﻗﻭ ﻚﻟﺫ ﻰﻠﻋ ﺔﻌﻳﺩﻮﻟﺍ ﺍﺫﺇ ﺖﻧﺎﻛ ﺮﺟﺄﺑ ﻪﻧﺈﻓ ،ﻦـﻤﻀﻳ ﻥﺇﻭ ﺖـﻧﺎﻛ ﻦﻴﻌﻟﺍ ﻩﺪﻨﻋ ،ﺔﻧﺎﻣﺃ ﻚﻟﺬﻟﻭ :ﺍﻮـﻟﺎﻗﻻ ﻦﻤﻀﻳ ﺍﺫﺇ ﻚﻠﻫ ّ ﻖـﻳﺮﺤﻟﺎﺑ ﺐـﻟﺎﻐﻟﺍ ؛ﻩﺮـﻴﻏﻭ ﻥﻷّ ﺮﻴﺼﻘﺘﻟﺍ ﻢﻟ ﻦﻜﻳ ﻦﻣ ،ﻪـﺘﻬﺟﻥﻷﻭ ﻙﻼﻬﻟﺍ ٍ ﻞﺼﺣ ﺐﺒﺴﺑﻻ ﻦﻜﻤﻳ ﺯﺍﺮﺘﺣﻻﺍ.ﻪﻨﻋ ً ﺪﻨﺘـﺳﺍﻭ ﻢﻬﻀﻌﺑ ﺎﻀﻳﺃّ ﻲﻓ ﻪﻟﻻﺪﺘـﺳﺍ ﻰﻠﻋ ﻥﺎـﺴﺤﺘﺳﻻﺍ :ﺍﻮﻟﺎﻘﻓﻥﺇ ﻦﻴﻤﻀﺗ ٥ـ . ﺮﻴﺟﻷﺍ ﻙﺮﺘﺸﻤﻟﺍ ﻉﻮﻧ ﻥﺎﺴﺤﺘﺳﺍ ﺔﻧﺎﻴﺼﻟ ﻝﺍﻮﻣﺃﺱﺎﻨﻟﺍ (٢) ١ من فروع القاعدة : ما ذكره ابن جعفر في جامعه من جواب محمد بن أحمد السعالي (٣) : في رجل طرح إلى صقيل سيفا ً يصقله له بالكراء، وادعى (١) .٢٣٠/ ابن رشد: بداية المجتهد، ٢(٢) البغا مصطفى ديب، أثر الأدلة المختلف فيها في الفقه الإسلامي رسالة دكتوراه نشر . وتوزيع دار الإمام البخاري حلبوني، دمشق، د. ت، ص ٧٣ (٣)محمد بن أحمد السعالي النزوي، أ بو علي (ق: ٤ه) من الفقهاء، عاش في القرن الرابع = الصقيل أن بيته نهب، وأن السيف ذهب في ذلك النهب، ما يلزمه في ذلك؟ وإن كان يلزمه السيف وادعى أن عنده ب ينة، فعلى ما تشهد البينة على نهب ّ البيت أو على ذهاب ا لسيف؟ فالذي نأخذ به من القول: إن الذي يأخذ بالأجر على الأعمال إذا » : فأجابه ادعى ذهاب الشيء من يده بغصب أو سرق أو حرق، يلزمه البينة على دعواه، ِ وإلا فهو غارم له إذا أنكر صاحب الشيء أنه ما يعلم أنه غ ُصب أو سرق أو حرق من يد الصانع، وإذا شهدت ا لبينة بذهاب هذا السيف من يده بأحد ﱢ الآفات التي تعرضه للذهاب فيها، برئ من ضمانه، ولا نجيز بشهادة الشهود على نهب البيت؛ لأنه يمكن أن ينهب الشيء من البيت ويسلم السيف عن « القول الذي نأخذ ب ه(١) . ويعمم ابن جعفر هذا الحكم على جميع ا لصناع إذا ادعوا تلف أو ضياع ّ ما بأيديهم، فيجب عليهم ت حمل ذلك على حد ّ قلت: وكذلك النساج » : قوله ﱡ والصانع والحداد وأمثالهم ممن يعمل بيده إذا ادعوا أنها تلفت، هل عليهم ُ غرم؟ قال: فإذا كان بأجر فقد اختلف في ذلك، وأحب أن يضمن إذا كان صانعا ً « بيده ب الأجر(٢) . فإذا » : ويبين ابن جعفر في موضع آخر ما يلزم الصانع جراء تقصيره فيقول عمل هذا الصانع عملا ً ثم ضاع فله كراه فيما يلزمه فيه الضمان، وما لم يلزمه فيه ضمان لم يكن له في عمله كراء، وقيل إذا قرض الفأر الثوب من بيت القصار ضمن، وقال: وكان يجعله في صندوق؛ لأن البيت حصين من السارق ِ وليس بحصين من الفأر، وقال من قال من قومنا: إنه يضمن من كان من ف عل ْ = الهجري، من شيوخه: أب و عبد الله محمد بن الحسن بن الوليد السمدي. ينظر: فواكه العلوم، . ٤٣٤ . معجم أعلام الإباضية، ص ٣٧٤ / ٢٤٦ . البطاشي: إتحاف الأعيان، ١ /١(١) .٢٠٧/ ابن جعفر: الجامع، ٤(٢) ابن جعفر: المصدر نفسه. ِ نفسه، وأما ف عل غيره ف لا أرى، ورأي أ صحابنا أحب إ لي «(١) ، وهو الضمان ّْ ما دام الثوب في يده. ونقل أب و الحواري عن بعضهم أنه لم يكن يرى عليه ضمانا إذا قرضه الفأر من بينه، قال أب و سعيد : نعم قد قيل هذا، وقال من قال: »لا ضمان على أحد من أهل الصناعة إلا ما جنت أيديهم، وقال من قال يلزم «... الصناع الذين يصنعون ب أيديهم(٢) . ٢ ومن فروعها أيضا ً : ما ذكره أبو سعيد الكدمي جوابا ً عن » عن سؤال رجل يعمل للناس الثياب بالكراء، ف سل ّ م إليه الرجل ك ُب ّ ة غز ْ ل ليعملها له ث وبا ً بكراء معروف، فرفعها عند جيران له حيث يرفع غز ْ له أو غز ْ ل الناس، فوقع السلطان على جيرانه فنهبهم ونهب غزله وهذه ا لك ُ بة، فهل عليه غرم فيما نهبه ّ السلطان من غزل الناس وقد رفعها عند جيرانه؟ قال معي صفتك، فإذا جعل الغزل حيث يأمن عليه وظهر أخذ السلطان له « أو غيره من القاهرين، فليس عليه ضمان في ا لحكم(٣) . وإن أفسد ا لنس اج ا لثوب فله عمله، » : ويؤكد ا لأصم هذا الحكم بقوله ﱠْ وضمن الغزل ب رد ّ « مثله أو قيمته إلى ربه(٤) . ٣ ومن فروعها أيضا ً : ومن أتى » : ما نقله القطب في شرح النيل بما نصه ُِ بصوغ (من ذهب أو فضة) يلحمه فانكسر عند اللحام ضمن؛ لأنه أ مر ِ أن يلحمه لا أن يكسره، وإن شرط عدم الضمان ف لا ضمان إلا ّ إن ضيع، وإذا ق ل ّ ب ّ الصانع الشيء، ولم ير فيه شيئا ً ، ثم عمله فرأى فيه حرقا ً أو كسرا ً ونحو ذلك « مثل: أن ي قصر الثوب أو يغسله ضمن، إلا إن قال صاحب ذلك من عنده(٥) . ُﱢ (١) ٢٠٨/ ابن جعفر: الجامع، ٤ - .٢٠٩ (٢) ابن جعفر: المرجع نفسه. (٣) ٢٥٠/ الكدمي: الجامع المفيد، ٢ - .٢٥١ (٤) .٢١١/ الأصم عثمان: البصيرة، ١(٥) .٢٧٣/ أطفيش: شرح كتاب النيل، ١٠ ٤ ومنها : ما يحدث من نزاع واختلاف بين الصانع وصاحب السلعة إذا لم يلتزم أحدهما بشروط عقد الإجارة، ف يغير في صفته بزيادة أو نقصان، فإنه ّ يضمن، وقد عالج فقهاء ا لإباضية هذه المسألة، وبينوا حكمها وما يترتب عنها. وإذا اختلف صاحب السلعة والعامل فيها، » : يقول ابن ب ركة في هذا الشأن كان القول قول صاحب السلعة، مثال ذلك: أن يدفع رجل إلى خياط ث وبا ً ليقطعه ق ميصا ً أو ق ُباء أو سراويل، أو يدفع إلى صب اغ ث وبا ً ثم يختلفان، فالقول ّّ قول صاحب السلعة؛ لأنه لا خلاف بين العلماء من أهل الوفاق وأهل الخلاف أن ّ من أحدث حدثا ً في مال لا يملكه، أنه مأخوذ بحدثه، وأن الدعوى لا تنفعه، ً ِ والخياط مقر بأن الثوب لربه، وأنه أحدث فيه حدثا ً ، وادعى إ ذنه وإجازته عليه، فإن أقام ب ينة على دعواه، وإلا حل ّ « ف صاحبه وضم نه ما أحدث في ث وبه(١) . ّّ ويرشد الشماخي أيضا ً وإذا » : إلى كيفية حل هذا الخلاف ق ضاء فيقول ًّ اختلف الصانع ورب المصنوع في صفة الصنعة، مثل: إن قال الصانع أمرتني أن أقطع هذا الثوب سراويل، وقال له رب الثوب: بل أمرتك أن تقطعه ق ميصا ً ، فالقول قول رب الثوب، وعلى الصانع البينة؛ لأنه مد ّع َ ى عليه في شبيه، وقال آخرون: القول قول الصانع، وعلى رب الثوب البينة؛ لأنه حين أ قر للصانع ﱠ بالقطع صار مدعيا ً ، والقول الأول فيما يوجب النظر أصح. وكذلك أ يضا ً ، على هذا المعنى إن اختلف في صفة ا لصباغ، إن قال له رب الثوب: أمرتك أن ﱢّ « تصبغه أحمر، فقال له الصانع، بل أمرتني أن أصبغه أ سود(٢) . ويضيف الشماخي قائلا :ً وإن أتى الصانع بالبينة فليأخذ الشيء شيئه، وإن » لم تكن له بينة، حلف رب الثوب على قوله، ثم هو بعد بالخيار، إن شاء أخذ قيمة الثوب غير معمول ثم يكون للصانع، وإن شاء أخذ ثوبه بصباغه، ويعطي (١) .٣٩٤/ ابن بركة: الجامع، ٢(٢) .٣١٨/ الشماخي: الإيضاح، ٦ للصباغ قيمة ما نقصه ذلك عن قيمة ثوبه الأول. وإن ادعى الصباغ رد ﱠ ما في أيديهم وأنكر ذلك، أصحاب الأشياء، فالقول قول أصحاب الأشياء، وعلى « الصباغ البينة؛ لأنهم ضامنون لما في أيديهم ولا يبرئهم سوى ا لبيان(١) . قال صاحب الثوب للخياط: أمرتك » : ويؤكد ابن جعفر هذا المعنى فيقول ِ أن تعمله ق ميصا ً فع َملت َ ه سروالا ً ، أو قال للصابغ أمرتك أن تصبغ الثوب أصفر فصبغته أحمر، وكذلك الصابغ والنساج فيقول العامل: أمرتني أن أعمله كذا ّ وكذا، ويقول المعمول له بل أمرتك أن تعمله كذا وكذا، فالقول في كل هذا قول صاحب البضاعة، والعامل ضامن لقيمة ذلك لصاحبه وعمله ذلك له. وخالف أب و المؤثر ذلك فقال: العامل في الصناعة، وأما في الأجرة، فالقول « قول صاحب السلعة المعمول ل ه(٢) . ٥ ومنها: في كيفية الضمان إذا أفسد الصانع السلعة: يقول ابن جعفر : وكذلك النساج إذا عمل الثوب وأفسد عمله، كان عليه أن يضمن لصاحبه »مثل غزله، ويأخذ هو ذلك الذي عمله، إلا إن يتفقا أن يأخذه صاحبه، ويلحق العامل بما بقي عليه من قيمة ما لزمه، وأما ا لصباغ الذي صبغ الثوب بغير ّ ما أمره به صاحبه، لزمه ضمانه، فإذا طلب صاحب الثوب أن يأخذ ثوبه وطلب الصباغ كراءه، فإن الثوب ي قوم أبيض مصبوغا ً ، ثم للصباغ على صاحب الثوب ﱠ ما زاد الصبغ فيه. وإن كانت قيمته ناقصة على الأبيض قيل له: إن شئت ف د َ ع الثوب وخذ قيمته أبيض، وإن شئت فخذه وما نقص من قيمته ورد ّ الصباغ قيمة صبغه؛ لأنه في ثوبك وقال من قال: لا شيء للصبغ؛ لأنه أثر ليس بعين، « والعين ما قدر على إ خراجه(٣) . (١) ٣١٨/ الشماخي: المصدر نفسه، ٦ - .٣١٩ (٢) .٢١٣/ ابن جعفر: الجامع، ٢(٣) ٢١٣/ ابن جعفر: المرجع نفسه، ٤ - .٢١٤ هذه القاعدة مشهورة نصت عليها مجلة الأحكام العدلية العثمانية في المادة السادسة والثمانون(١) ، واعتمدها ا لإباضية في فروعهم الفقهية، وقد إذا استأجر دابة إلى » : نص عليها ا لشماخي في باب الإجارة وغيرها فقال ّ مكان فجاوز ذلك المكان، فقد ذكر في الأثر: فإن له الأجر فيما تسمى ولا أجر له فيما لم ي سم؛ لأنه قد خالف ويضمن، ولا يجمع الضمان ّ « والأجر فيما خالف(٢) . :IóYÉ≤dG ∫ƒdóe ¿É«H `` ’hCG الأجر: أي بدل ا لمنفعة. الضمان: هو الغرامة لقيمة الشيء أو ن قصانه.لا يجتمعان: إذا ا ت ﱠ حدت جهتهما، لأن الضمان إنما يكون بسبب التعدي، والتعدي على مال الغير غصب له، أو كالغصب. وعقد الإجارة لا يبقى مع صيرورة المستأجر ضامنا ً ، بل يرتفع، إذ ٍ لا يمكن اعتباره م ستأجرا ً أمينا ً ، وغاصبا ً ضمينا ً في آ ن واحد؛ لتنافيا لحالتين(٣) . ويشرط في عدم اجتماع الأجر والضمان اتحاد السبب والمحل فيهما، وإلا فالاثنان قد يلزمان في وقت معا ً. (١) علي حيدر أفندي، كتاب درر الحكام شرح مجلة الأحكام، دار الكتب العلمية، بيروت، ٧٨ . وينظر: الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، القاعدة الخامسة والثمانون، المادة /١ . ٨٦ ) ص ٤٣١ ) (٢) ٢٩٨/ الشماخي: كتاب الإيضاح، ٦ - .٢٩٩ (٣) . الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٤٣١ قال أحمد الزرقا : ليخرج ما إذا « إذا اتحدت جهتهما » : وقيدنا بقولنا » ﱠ اختلفت جهتهما، وذلك كما لو استأجر دابة لركوبه فركبها، وأردف وراءه ليستمسك بنفسه، وكانت تطيق حمل الاثنين، فعطبت بعد بلوغ المقصد، فعليه كل الأجر ويضمن نصف قيمتها، وذلك لعدم اتحاد جهة الأجر وجهة الضمان، « ولو كانت لا تطيق حمل الاثنتين ضمن كل ق يمتها(١) . وعليه فيلزم الأجر على المستأجر، لأنه قد استوفى المنفعة المرادة من استئجار ذلك الحيوان بوصوله للمكان المقصود، ويلزم ضمان نصف قيمة الحيوان، لأنه يكون قد تعدى ُ بإردافه شخصا خ َ لفه. والحاصل: أنه لما كان سبب لزوم الأجر، وسبب الضمان مختلفين، يلزمان في وقت معا ً ، ولا يقال بأن الضمان قد اجتمع مع الأجر، ف لكل ﱟ سبب غير سبب ا لآخر(٢) . والمعنى الإجمالي للقاعدة: أنه لا تجب الأجرة في الحالة التي يجب فيها الضمان ولا يجب الضمان في الحال التي يجب فيها الأجرة، وبعبارة أخرى فمن وجب عليه ضمان الشيء بمقتضى موجب شرعي؛ فإنه لا يلزمه أجر ما ينتفع به منه، فلو استأجر شخص دابة فهلكت بالتعدي أو الإهمال، فإنه يضمن قيمتها ويسقط عنه ا لأجر(٣) . ولو استأجر أ يضا ً سيارة فعطبت بلا ت عد ّ ، لا يضمن سوى الأجرة، وإذا غصبها فهلكت عنده، يضمن قيمتها ولا أجرة عليه، كيلا يجتمع عليه الأجر ْ والضمان. (١) . الزرقا: شرح القواعد الفقهية، ص ٤٣١(٢) ٧٩ . وينظر: محمود هرموش: معجم القواعد الفقهية / حيدر: شرح مجلة الأحكام، ١ . الإباضية، ص ٦٥(٣) مدكور محمد سلام: مدخل الفقه الإسلامي، ص ١٢١ - .١٢٢ وذهب ا لإباضية إلى أنه إذا استعمل السيارة أو انتفع بالعين المؤجرة مدة اغتصابه؛ فإنه يضمن للمغصوب أجر المنفعة مع ا لضمان(١) ، وهذا خلافا ً لما ذهب إليه غير ا لإباضية(٢) . :IóYÉ≤dG ´hôa `` É«fÉK ١ من فروع القاعدة ما ذكره الشماخي ف ي : ما لو استأجر رجل من رجل » بيتا ً شهرا ً فسكنه شهرين، أو استأجر دابة إلى مكان فجاوز ذلك المكان، فقد ذكر عب دا لله بن عب دا لعزيز (٣)أن ّ له الأجر فيما سم ى ولا أجر له فيما لم ي سم؛ ﱠّ لأنه قد خالف ويضمن، ولا يجتمع الأجر والضمان فيما خالف. وقال ا لربيع : ِ عليه الأجر فيما خالف أ يضا » ً إن سلمت الدابة، وإن لم تسلم فعليه الضمان، َ وليس عليه الأجر. وذهب أب و عبيدة مسلم إلى وجوب الضمان والأجر معا ً ِ مطلقا ً « ، سواء سلمت الدابة أو عطبت إذا تعدى المدة المتفق عليها فيا لعقد(٤) . مما تقدم يمكن القول أن جمهور ا لإباضية كأبي عبيدة وعب دا لله بن عب دا لعزيز والربيع بن حبيب وغيرهم من فقهاء ا لإباضية اتفقوا على أ ن ّ المستأجر يجب عليه الأجر المسمى في العقد مقابل الانتفاع بالسكن في المدة المحددة، وهي شهر، والانتفاع بالدابة إلى المكان المحدد، ولا ضمان على المستأجر، واختلفوا فيما إذا تعدى المستأجر ما اتفق عليه في عقد الإجارة، فزاد في مدة الإجارة وسكن شهرين، أو تجاوز المكان المحدد، ففي هذه الحالة، هل يجب عليه إيجار المثل للمدة والمسافة الزائدة؟ أم يضمن تلك المدة وتلك المسافة المضافة على المتفق عليه بسبب التعدي؟ وهل يجب (١) .١٤٦/ الأصم عثمان: البصيرة، ١(٢) . هرموش: معجم القواعد الفقهية الإباضية، ص ٦٤(٣) تقدمت ترجمته. (٤) .٣٠١ - ٢٩٨/ الشماخي: الإيضاح، ٦ عليه الضمان في حالة التلف والعطب؟ أم لا يجب عليه إذا سلمت العين المؤجرة من الأضرار؟ وهل يجب عليه أجر المثل إذا سلمت، ويضمن إذا عطبت وهلكت؟ أم عليه الضمان والأجر مطلقا ً؟ والحاصل في المسألة ثلاثة أ قوال: الأول: ذهب ابن عب دا لعزيز إلى أنه يجب عليه الضمان دون الأجر في فبالتعدي ؛« الأجر والضمان لا يجتمعا ن » المدة والمسافة المتجاوزة، لأن أصبح ملزما ً بالضمان، فإذا هلكت الدابة أو العين المؤجرة ضمن، وإلا فإنه لا يجب عليه إلا الأجر ا لمسمى. الثاني: وذهب ا لربيع بن حبيب إلى وجوب أجر المثل إذا تعدى وتجاوز مدة الإيجار أو المسافة المحددة إلى المكان المقصود، ولا يجب عليه الضمان إذا هلكت الدابة بعد التعدي، أو تضررت الدار بعد نهاية المدة المتفق عليها، الأجر » وهذا القول يتوافق مع قول ابن عب دا لعزيز في إعمال القاعدة، وهي أن .« والضمان لا يجتمعان الثالث: يرى أب و عبيدة أن الضمان والأجر يجتمعان م عا ً إذا تعدى المستأجر وجاوز المسافة المحددة، أو المدة المعينة في العقد، فيكون ذلك غير خارج عن القاعدة، فكأنه يقول الأجر والضمان يجتمعان في التعدي ولا يجتمعان عند عدمه(١) . ٢ ومن فروعها أيضا ً : أنه إذا اكترى رجل سيارة ليحمل عليها ع َش ْ ر قناطر من القمح، فحمل عليها أكثر من ذلك، فتعطلت السيارة بسبب تلك الزيادة؛ فمذهب ابن عبد العزيز في هذه الحالة أنه ضامن لقيمة الدابة أو السيارة بحساب ما زاد عنها، وعليه الأجرة تامة إذا كانت قد بلغت المكان، ويرى الربيع أن ّ عليه قيمتها تامة ولا أجر عليها(٢) . (١) ٢٩٩/ الشماخي: المصدر نفسه، ٦ - .٣٠٠ (٢) الشماخي: المصدر السابق. ما جاء في الأثر عن وائل (بن أيوب « الإيضاح » ونقل ا لشماخي في الحضرمي ( وفي ا لخ » : قال َب َ ا مشايخ من أهل حضرموت فقهاء علماء، فسألتهم عن رجل اكترى دابة إلى موضع معلوم فجاوز الموضع فتلفت الدابة، قال: فأجمعوا كلهم أنه ضامن، قال: قلت لهم ما تقولون في الكراء؟ قالوا: ما نرى عليه الكراء إذا ضمناه ثمن الدابة، قال: وكان أب و عبيدة غائبا ً أو ن ائما ً فاستيقظ، قال: وقال لي حاجب(١) : يا حضرمي سل ِ الشيخ عن المسألة قال: فسألته قال: َ ِ يضمن ثمن الدابة والكراء جميعا ً قال: فقال له محمد بن سلمة(٢): من أين يا « أبا عبيدة يضمن الكراء؟ قال: من حيث لا تعلم(٣) . (١)حاجب بن مودود الطائي، أ بو مودود (ت: حوالي ١٥٠ ه) من طي، أصله من البصرة، ومولده بها، عالم وفقيه وداعية، تلقى العلم عن أبي عبيدة مسلم، وكان ساعده الأيمن في نشاطاته. أوكل إليه مهمة الإشراف على الشؤون المالية والعسكرية، والمتابعة لسير الدعوة خارج البصرة، وكان منزل حاجب مجلسا ً للذكر، يحضره المشايخ والفتيان، ويقصدونه خفية وتسترا ً من ولاة الأمويين. جاوز أثره البصرة إلى حضرموت واليمن والمغرب. ويذكر أن حاجبا ً هو الذي جمع الأموال التي جهز بها أ بو حمزة الشاري جيشه لدخول مكة والمدينة وإنقاذها من جور الأمويين. إلى جانب ذلك كان ف قيها ً وخطيبا ً ومناظرا ً ، وله سيرة تدل على سعة علمه وغزارة فقهه. ولما مات قال الخليفة ينظر: أ بو زكرياء: .« ذهبت الإباضية » :( العباسي أ بو جعفر المنصور ( ت: ١٥٨ ه/ ٧٧٥ م ٤٨١ . ابن مداد: ،٢٧٦ ،٢٦٢ ،٢٥٢ ،٢٤٢/ ٦٤ . الدرجيني: طبقات، ٢ / السيرة، ١ ١٩ ،٩ ،٨ ، سيرة، ٦ - .٨٦ ،٨٤/ ٢٠ . الشماخي: السير، ١ (٢)محمد بن سلمة المدني ( ق: ٢ه) أحد تلاميذ أبي عبيدة، وأحد فقهاء الإباضية بالمدينة المنورة. له شأن كبير عند شيخه، حتى يذكر أن أبا عبيدة لم يكن يقوم من مجلسه لمن يأتيه إلا ل محمد بن سلمة، ومحمد بن حبيب المدنيين، احتفاء بهما، لأنهما من مدرسة رسو لا لله صلى الله عليه وسلم ، وكان يعتنقهما. لم تذكر المصادر شيئا ً عن وفاة الشيخ محمد بن سلمة ولا عن ولادته، رغم أن البعض يذكر أن من الممكن أن تكون وفاته في معركة وادي القرى .٢٤٢/ مع جيش أبي حمزة سنة: ١٣١ ه. ينظر: الراشدي: ٢٤١ . طبقات الدرجيني: ٢ .١٠٨/ ٩٠ . الباروني: الأزهار، ٢ / سير الشماخي: ١ (٣) .٣٠١ - ٣٠٠/ الشماخي: ٦ قوله » : وعلق أب و ستة المحشي على قول المشايخ وقول أبي عبيدة فقال ما نرى عليه الكراء، ينظر هل المراد أنه لا كراء عليه تعدى حيث ضمنها؟ يعني أما الحمل الذي يحكم عليه فيه بالضمان لا يحكم فيه بالكراء. ولا شك أنه لا يحكم عليه بالضمان إلا ما بعد التعدي، وأما الكراء السابق على التعدي فالظاهر أنه لازم بالاتفاق؛ لأنه لا ضمان معه، أو المراد أنه لا كراء عليه أصلا حين ضمن ثمن الدابة، وهو المتبادر من ظاهرة العبارة. والمناسب لقول ا لربيع : عليه قيمتها تامة ولا أجر عليها، والأول هو المناسب لما تقدم من الخلاف بين ابن عب دا لعزيز والربيع، فإن الظاهر أنه « في الزائد ف قط(١) . وحاول أب و ستة أن يوضح قول أبي عبيدة في إلزام المستأجر المعتدي الضمان والأجر معا ً قوله: ثمن الدابة والكراء جميعا » : ، فقال ً ، ينظر أ يضا ً هل المراد بالكراء الكراء المتفق عليه فقط، فيكون المشايخ يسقطونه عنه لأجل ضمان، وأبو عبيدة يوجبه لترتبه في ذمته قبل التعدي مثلا؟ ً أو المراد به المسمى مع كراء المثل أ يضا ً ؛ لأن جميع ما عملت الدابة مثلا ً قبل تلفها فهو لصاحبها، والضمان إنما جاء وقت التلف فقط، فيما إذا يسقط ما تقدم عليه. أو المراد كراء المثل فقط، وهو كراء التعدي، وذلك أن المشايخ رحمهم الله نفوا عنه كراء المثل، حيث أوجبوا عليه الضمان، وأبو عبيدة 5 أوجبه عليه ِ للعلة السابقة، وأما الكراء المسمى فهو محل الاتفاق ن ظرا ً إلى عل ّ ية ترتبه في « ذمته قبل ا لتعدي(٢) . ويبدو أن أبا ستة يميل إلى قول أبي عبيدة في الضمان والأجر معا ً عند « والظاهر قول أبي عبيدة » : التعدي، وهذا ما استظهره من الأقوال، فقال(٣) . (١) .٣٠١/ أبو ستة القصبي: الحاشية على كتاب الإيضاح للشماخي، ٦(٢) أبو ستة: المصدر السابق. (٣) المصدر نفسه. ّ ما ذهب إليه ابن عبد العزيز ولكن بعد النظر في الأقوال المتقدمة يظهر أن والربيع بن حبيب هو القول الأعدل والأقرب إلى الصواب؛ لتماشيه مع مقاصد الشريعة في رفع الحرج والمشقة عن الناس في معاملاتهم، وهو ما تقرره أيضا ً لا ضرر و لا ضرار » القاعدة الفقهية المشهورة .« :Ö°ü¨dG ÜÉH »a IóYÉ≤dG øe ≈æãà°ùj Ée إذا » : ومن فروعها ما ذكره ابن ب ركة في ضمان المغصوب مع الكراء أنه اغتصب رجل دارا ً أو دابة أو عبدا ً وهلك المغصوب في يد الغاصب، أ ن ّ عليه ضمان المغصوب والكراء إن كان يستعمل شيئا ً من ذلك، أو استعمله في مدة ِ ما كان في يده، فإن قال قائل ل م أوجبتم الضمان والكراء وقد خالفكم في َ إيجاب الكراء أهل العراق (الحنفي ة)؟ قيل له: قد أجمع أهل ا لعراق عند أهل ا لحجاز(١) عندنا على أ ن ّ رجلا ً لو اغتصب لرجل أمة فوطئها وماتت في يده، أ ن ّ عليه عقرها لسيدها، وضمان قيمتها، فإجماعهم معناه على هذا يوجب تصويبنا في ذلك، وغلط من خالفنا « فيما ف رق بين المغصوبات، وفي نسخة ا لمضمونات(٢) . ّ َ أما إن غصب أ مة فوطئها وبقيت حية عنده، فعليه عقرها وردها، وإن َ باعها فوطئها المشتري فولدت له، فأولادها للمغصوبة منه، ويرجع المشتري وإن كانت جارية » : على الغاصب بثمنها، يقول عثمان ا لأصم في هذا المعنى فوطئها فعليه عقرها وردها، وإن ولدت أ ولادا ً فعليه ردها، وهي وما ولدت ِ لمولاها الذي غصبت منه، وإن باعها فوطئها فولدت له أ ولادا ً فجاز بها فأخذها، فإنه يأخذها ويأخذها المشتري قيمة أولادها عبيدا ً ، ويأخذ من (١) لعله يقصد فقهاء المالكية والحنابلة. (٢) .٤٠٨/ ابن بركة: الجامع، ٢ المشتري عقرها، ويرجع المشتري على البائع الغاصب بمال أعطاه من ثمنها، َ « وما أخذ منه قيمة أولاده فيأخذه منه، وهذا كله إذا صح ذلك(١) . ولعل قائل يقول: لماذا نورد مثل هذه المسائل المنقرضة في هذا العصر، وقد مضى وول ﱠ ى زمن الإماء والعبيد؟ نقول: لا بد من معرفة أحكامهم، ولعل ما يزال في بعض البلاد من َ يحتفظون بهم، وربما يعود ي وما ً ، فيجدون حلولهم في التشريع الإسلامي؛ لأن الإسلام نظام وضعه الله ليكون صالحا لكل زمان ومكان. ومن جهة أخرى يمكن إسقاط هذا المال على من اغتصب حيوانا ً كناقة أو بقرة، فيجب على المغتصب رد المغصوب إلى صاحبه وما ت ول ﱠ د عنه، وإن باعه لغيره ضمنه، وإن وجده المغصوب منه عند المشتري أخذه منه مع ضمان قيمته للمشتري. ِ وهذه المسألة محل خلاف بين الفقهاء، هل ا لمستحق للمال يأخذه مباشرة ِ من المشتري؟ أم ي سل ﱠ م له مثله؟ أم يجمع ا لمستحق بين الغاصب البائع ُ والمشتري ثم يأخذه منه؟ مجمل القول: أنه من خلال م ا تقدم يظهر أن ا لإباضية يفرقون بين الضمان والكراء في حالة الإيجار، وبين الضمان والكراء في حالة الغصب، ففي الحالة الأولى وفي الحالة الثانية أن الأجر ،« الأجر والضمان لا يجتمعا ن » : يعملون بقاعدة والضمان يجتمعان، فالضمان يجب بالغصب، والكراء مقابل الانتفاع بغلة المغصوب وخراجه، وهذا خلافا ً لمذهب ا لحنفي ة، فهم لا يفرقون بين حالة الإيجار وحالة ا لغصب. وقد اعترض عليهم ابن بركة وبين أن قاعدتهم لم يعملوها في صورة ّ (١) .١٤٧/ الأصم عثمان: البصيرة، ١ اغتصاب الأمة وهلاكها، فهم متفقون مع ا لإباضية وغيرهم في وجوب العقر مقابل الغضب، والضمان مقابل هلاكها. ومن فروعها في باب غصب الحيوان واستغلاله: نقل عثمان ا لأصم في مصنفه ت وضيحا ً للصورة التي يجب فيها الضمان ومن تعدى على دابة غيره وأخذها؛ فإنه ضامن لذلك، فإن » : والإيجار فقال استعملها فعليه ضمانها وكراء استعمالها، وإن تعدى وأخذها من المرعى ثم استعملها وأعاد ردها إلى المرعى، فهو ضامن لها؛ لأن المرعى ليس هو حفظا ً لربها، إن تلفت ضمنها، وعليه كراء استعمالها، فإن غصبها فعليه في كل حال رد ّ ها، وإن نقصت من غصبه عليه أفضل قيمتها، وإن زادت فعليه ردها، ولا شيء له إن تلفت، وإن ْ زادت أو نقصت فعليه أفضل قيمتها يوم غضبها أو «... يوم أ تلفها(١) . ومن فروعها في الأرض المغصوبة وزراعتها: وقد اختلف العلماء في تضمين الغاصب مع » : يقول ا لبسيوي في هذا الشأن نقصان الأرض، فقال قوم: أن يجتمع عليه نقصان وضمان وأجرة، وقال آخرون: النقصان وأجر مثلها، وهذا القول قد قيل به إن أكثر الناس ما عندهم غير هذا أ ن ّ الزرع الذي نقصت منه، ليس هو للغاصب فيلزمه ضمان، ف لا يجب عليه أجر؛ ولأن الزرع ليس له، والزرع لصاحب الأرض، فإن كان الغاصب قد حصد الزرع وثمر الأرض، فإن عليه ر َد ﱡ تلك الزراعة كلها أو غلة المال جميعا ً ، وما استغل مضمونا ً عليه، كذلك إن استغل النخل فعليه رد الثمرة، وكذلك يرد ثمرة الشجرة ِ أو قيمة ذلك، ولا حق له في جميع ذلك، و لا عرق له و لا ع َ «... رق(٢) . (١) ١٤٦ . بتصرف بسيط. / الأصم: المصدر نفسه، ١(٢) ٥٤/ البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، ٤ - .٥٥ هذه القاعدة من القواعد المتعلقة بنظرية الضمان في الفقه الإسلامي، وفيها نفي الضمان عن الضرر الذي تسببه البهيمة من تلقاء نفسها، إذا كان صاحبها محافظا ً عليها وحارسا ً لها، أما إذا أهملها لزمه ا لضمان. وأصل هذه القاعدة حديث شريف ثبت عن أبي هريرة 3 أن ّ النب ي صلى الله عليه وسلم : قال: العجماء » ُ جرحها ج ُ « بار(١) وفي رواية: عن عبادة بن الصامت 3 إن من قضاء رسو ل الله صلى الله عليه وسلم » : قال : أن ّ المعدن جبار، والبئر جبار، والعجماء جرحها جبار «(٢) ، قال أ حمد بن حنبل : والعجماء: البهيمة ومعناه ما أتلفته » ، من الأنعام وغيرها، والجبار: هو الهدر الذي لا يغرم البهيمة هدر لا ضمان على صاحبها، وهذا إذا أتلفت البهيمة بنفسها بدون « تعد أو تقصير من صاحبها(٣) . k :IóYÉ≤dG ∫ƒdóe :’hCG الجناية: اسم لصورة الفعل الذي ينشأ منه التلف أو النقصان بالنفوس والأموال. (١) متفق عليه، رواه البخاري، كتاب الديات، باب: المعدن جبار والبئر جبار، حديث : ٦٥٣٠ ومسلم، « العجماء جرحها جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس » بلفظ كتاب الحدود، باب جرح العجماء، حديث: ٣٣١٢ عن أبي هريرة الدوسي 3 . (٢) . رواه أ حمد بن حنبل في المسند، مسند الأنصار، حديث عبادة بن الصامت، حديث: ٢٢١٨٥ وابن ماجه في السنن، كتاب الديات، باب الجبار، حديث : ٢٦٧١ . عن عبادة بن الصامت، قال الألباني صحيح بما قبله. (٣) .٤٤٤/ ابن بركة: الجامع، ٢ والعجماء: البهيمة لأنها لا تتكلم. جبار: معناه هدر لا ضمان فيه ولا مؤاخذة. وروي عن مالك بن أنس كان ُ يفسر ا لجبار: أنه لا دية فيه(١) . ُ جناية العجماء: أي ما تفعله البهيمة من الإضرار بالنفس أو بالمال. جبار: أي هدر، لا حكم له إذا لم يكن م نبعثا ً عن فعل فاعل مختار؛ كسائق ُ أو قائد أو راكب أو ضارب أو ناخس أو فاعل للإخافة، أما إذا كان منبعثا ً عن فعل فاعل مختار فقد بين الفقهاء حكمه(٢) . قال ابن ب ركة : وإنما يكون جرح العجماء هدرا » ً إذا كانت منفلتة ليس لها قائد ولا سائق، ولا عليها راكب، فإن كان معها واحد من هؤلاء الثلاثة فهو ضامن؛ لأن الجناية حينئذ ليس للعجماء، وإنما هي جناية صاحبها « الذي أوطأها ا لناس(٣) . k :ádOC’G ø«H ¢VQÉ©àdG »Øf :É«fÉK ينبغي التنبيه على أنه لا تناقض بين الحديث المذكور وحديث ا لبراء بن عازب 3 الذي يوجد فيه تصريح بقضاء رسو ل الله صلى الله عليه وسلم على أهل البساتين أو المزارع حفظها بالنهار، وعلى أهل الماشية ضمان ما أفسدته ماشيتهم بالليل. قضى على أهل الأموال حفظها بالنهار، وعلى » فقد روي أن رسو ل الله صلى الله عليه وسلم « أهل الماشية حفظها ب الليل(٤)؛ لأن حديث البراء يقتضي فقط أنه يجب على (١) .١٦٣/ ٤٤٤ . البسيوي: الجامع، ٤ / ابن بركة: الجامع، ٢ (٢) الكاندهلوي محمد زكرياء: أوجز المسالك إلى موط ّ أ الإمام مالك، دار الفكر بيروت، ١٠٣ . الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٤٥٧ . الندوي علي أحمد: القواعد /١٣. الفقهية، ص ٤٠٥ . مدكور محمد سلام: مدخل الفقه الإسلامي، ص ١٢٣ (٣) .٤٤٤/ ابن بركة: الجامع، ٢(٤) ٣، وأحمد، مسند رواه أ بو داود، أبواب الإجارة، باب المواشي تفسد زرع قوم، رق م ١١٥ ٢، وقد اختلف في إسناده عن الزهري الأنصار، حديث محيصة بن مسعود، رق م ٣٠٨٧ = المالك ضمان ما أتلفته البهيمة بالليل دون ا لنهار(١) ؛ ولأنه يجب على صاحبها أن لا يسيب دابته في ا لليل(٢) . ُّ أما جنايتها في النهار سواء كانت على النفوس أم الأموال فيما فعلته من تلقاء نفسها، ف لا يتقرر عليها الضمان ب ناء على حديث: « العجماء جرحها جبار » ً ُ ُ الذي أ صلت على أساسه هذه القاعدة، إلا إذا كان معها الراكب والسائق أو ﱢ القائد وداست شيئا ً للغير أو جرحت إ نسانا ً ، ففي هذه الحالة يعتبر ضامنا ً ، وقد وإن كان لها سائق وقائد وراكب » : أومأ ابن بركة والثميني إلى هذا المعنى فقالا لزمهم جميعا ً « ما أصابت(٣) . فيمكن » : وقد أكد ابن د قيق العيد هذا المعنى وقال أن يقال إن جنايتها هدر، إذا لم يكن ثمة تقصير من المالك، ومن تحت يده، وينز ﱠ « ل الحديث على ذلك(٤) . « اختلاف الحديث » هذا وقد بحث الإمام ا لشافعي هذه المسألة في كتابه وبين عدم مخالفة حديث ا لبر اء لحديث: « العجماء جرحها جبار » ، ثم قال: ّ ِ وفي هذا دليل على أنه إذا كان على أهل العجماء حف » ْ ظها، ضمنوا ما أصابت، فيضمن أهل الماشية السائمة بالليل ما أصابت من زرع، ولا يضمنونه بالنهار، = على أي حال كان فالحديث من مراسيل الثقات » : وكلهم أثبات ثقات، قال ابن عبد البر .« لان جميعهم ثقة وهو حديث تلقاه أهل الحجاز وطائفة من أهل العراق بالقبول والعمل ٢٠٥ . ورواه البيهقي في السنن الصغير، كتاب الأشربة، باب الضمان على / الاستذكار، ٧ البهائم حديث : ٢٧٤٩ عن ا لبراء بن عازب. ورواه عبد الرزاق الصنعاني في المصنف، كتاب العقول، باب العجماء، حديث : ١٧٧١٠ قال: ...» وكان أهل الجاهلية يضمنون الحي، ما أصابت بهائمهم، وآبارهم، ومعادنهم، فلما ذكر ذلك لرسو لا لله صلى الله عليه وسلم قال في ذلك الذي عن ي عقوب بن عتبة بن المغيرة الثقفي. .« قال من القضاء (١) .١٦٤/ البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، ٤(٢) ١٨٩/ ابن دقيق العيد: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، ٢ - .١٩٠ (٣) . ٤٤٤ . الثميني: الورد البسام، ص ١٩٤ / ابن بركة: الجامع، ٢(٤) .١٩٠/ ابن دقيق العيد: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، ٢ ويضمن القائد والراكب والسائق؛ لأن عليهم حفظها في تلك الحالة « ولا يضمنون لو ا نفلتت(١) . k :IóYÉ≤dG ´hôa :ÉãdÉK ١ ما تفسده البهائم من الزروع: هذه مسالة فيها تفصيل، وهي محل خلاف بين ا لفقهاء. قال ابن ب ركة : اختلف فيما تناهى إلينا عنهم في الدابة تأكل زرع إنسان أو » طعامه في الليل والنهار، في حال الإرسال والإطلاق والشد ّ والاستيثاق، فقال بعضهم: يضمن ربها أكلها، وما أتلفت على صاحب الطعام والزرع في الليل والنهار في حال الرعي أو ا لشد ّ ، وقال بعضهم: لا يضمن فعل النهار في رعي ِ أو شد ّ ، وقال بعضهم: لا يضمن فعل النهار منها على كل حال، وعلى صاحب الزرع والطعام حفظ زرعه وطعامه في النهار، وعلى صاحب الدابة حفظ دابته وشدها في الليل؛ لأنهم ينشغلون عن حفظ أموالهم براحة النوم والليل، وما يحجبهم من ظلمة الليل، وقال بعضهم: إذا أطلقها ربها في موضع الرعي والفلاة فرجعت في النهار فأكلت، ف لا شيء على ربها، وإن أطلقها ربها في القرية والعمارة وقرب المزارع، ضمن ما أكلت في النهار والليل. واختلفوا في أكلها في الليل إذا انطلقت من رباطها: فقال بعضهم: لا ضمان على صاحبها إذا لم يتعمد ويفر ط، وضم نه آخرون. ﱢ ََّ واتفقوا في عقرها ونطحها وإتلاف نفس أو مال بفعلها في حماية ربها ِ َ في منزله وحصنه، أنه لا ضمان عليه في شيء من ذلك، إلا أن يكون أ ذن للداخل وأسكنه في داره، وكتمه ما جرى من عادتها، فيكون عند ذلك ضامنا ً (١) دار « الأم » الشافعي محمد بن إدريس: كتاب اختلاف الحديث، الجزء الثامن من كتابه .٥٦٧ - المعرفة. ط ١، بيروت. ١٣٨١ ه/ ١٩٦١ م، ص ٥٦٦ لجنايتها إذا كانت معروفة بذلك؛ لأنه كالدال على المجني عليه والآمر به، ومن غ ﱠ ر غيره في أمر كان فيه تلف نفسه أو ماله ضمن، وإن أدخله على دابته أو س َ ب ْ عه وهما لا ي ُ عرفان ب أ ِ كل َ ولا عقر، ثم أخذت منهما في الداخل عليهما عقرا ً أو ن طحا ً « ، أنه لا ضمان على من أدخله عليهما من مالك أو غيره(١) . ولم يرجح ابن ب ركة بين هذه الأقوال، وفض ّ والله أعلم بأعدل هذه » : ل التوقف وقال « الأقوال(٢) ، ولعله تساوت عنده الأدلة ولم يظهر عنده وجه الصواب ف يرجحه. ٢ في انفلات الدابة من رباطها أو من صاحبها: وقد وجدت عن محمد بن » : يقول ابن ب ركة في بيان حكم هذه المسألة محبوب في الدابة المعروفة بالعقر أنها إذا انطلقت من وثاق ربها، فما أتلفت ّ وعقرت ف لا ضمان على ربها، إذا كان قد أوثقها بما يوثق به مثلها، وقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: جراح العجماء جبار، والبئر جبار، » « والمعدن جبار(٣) . وروي نحو ذلك عن علي بن أبي طالب وعبد الله أظنه ابن ُ « مسعود وشريح وغيرهم(٤) . (١) .٤٤٤/ ابن بركة: الجامع، ٢(٢) ابن بركة: المصدر نفسه. (٣) سبق تخريجه. (٤) رواه الدارقطني في السنن، كتاب الحدود والديات وغيره، حديث : ٢٨٩٧ عن عب دا لله بن مسعود. وأبو عوانة في المستخرج، كتاب الحدود، باب إسقاط الحكم في الدية عن أصحاب الدواب، حديث : ٥١٢٣ عن عب دا لله بن عباس. وابن ماجه في السنن، كتاب الديات، باب الجبار، حديث : ٢٦٧٠ عن عمرو بن عوف المزني. والنسائي في السنن الكبرى، كتاب الركاز، باب ذكر الركاز، حديث : ٥٦٦١ عن عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك العنزي. والبيهقي في معرفة السنن والآثار، كتاب الأشربة والحد فيها، باب الضمان على البهائم حديث : ٥٥٢٧ وكان شريح القاضي يضمن » : عن محيصة بن مسعود. قال البيهقي معقبا على هذا الحديث ما أفسدت الغنم بالليل، ولا يضمن ما أفسدت بالنهار، ويتناول هذه الآية: ﴿ hg tsrqponmlkji ﴾ ( (الأنبياء: ٧٨ = وأما البهائم » : ويؤكد ا لجيطالي في قواعده ما ذهب إليه ابن ب ركة فيقول فإن ضيع لزمه الضمان ق ليلا ً كان أو كثيرا ً ، وقيل: مقدار الرقاب، وإن لم ّ يضيع ف لا ضمان عليه، إذا أوثقها بما ي وث َ ق به مثلها فانفلتت ولم يقدر « عليها(١) . عن أبي عبد الله محمد بن محبو ب، قال: » « الجامع » ونقل ابن جعفر في وجدت في بعض الكتب أن الحيوان كله لا يضمن إلا أن يعلم أنه ضيع، قلت: ّ « فهل عندك حسن قال: ن عم(٢) . وأجمعوا على أن » : وحكى ابن ب ركة إجماع فقهاء ا لإباضية على ذلك فقال « الدابة لو انفلتت بنفسها من وثاق سيدها فقتلت رجلا ف لا شيء على ربها(٣) . التوفيق بين الأقوال: ولعل أعدل الأقوال في جناية العجماء أن يقال: إنها من الأحكام التي تتغير بتغير الأحوال والأعراف والأزمان، ففي الأماكن التي يتوفر فيها المرعى وتنتشر فيها الجنان، وتقل فيها الفلوات، وتكثر فيها الماشية إلى درجة يصعب على أصحاب الزروع حفظ زروعهم ل يلا ً ونهارا ً ، خاصة إذا كانت المزارع تفتقر إلى الأسوار والحواجز المانعة، بينما يسهل على أصحاب الماشية القليلة حفظ مواشيهم ل يلا ً ونهارا ً ، ففي مثل هذه الأحوال يتعين على أصحاب المواشي الحفظ، وعليهم الضمان بالتعدي والتفريط . = كان النفش بالليل ولا يجوز دعوى النسخ في حديث البراء بحديث: » : ويقول « العجماء جبار » من غير تاريخ ولا سبب يدل على النسخ والحكم في الحديثين على م ا قال صاحبنا 5 .«... ولم نعثر على رواية ل علي بن أبي طالب، ولعل ابن بركة اختلط عليه الأمر فتوهم ذلك. ينظر: . ٤٤٤ . وينظر: الثميني: الورد البسام، ص ٢٤٨ / ابن بركة: الجامع، ٢ (١) الجيطالي إسماعيل: قواعد الإسلام، تحقيق بكلي عب دا لرحمن، ٰ .٢١٣/٢(٢) .٢٩٠/ ابن جعفر: الجامع، ٥(٣) .٥٠٠/ ابن بركة: الجامع، ٢ وأما الأماكن التي تكثر فيها الفلوات، ويقل فيها الكلأ، وتكثر فيها المواشي، كالصحاري والبراري والبوادي، ففي تلك الأماكن يؤخذ بالقاعدة المتقدمة، ويكون على أصحاب الزرع حفظ زروعهم ن هارا ً ، وعلى أهل الماشية حفظ مواشيهم ل يلا ً . وبذلك قضى النبي عليه الصلاة والسلام: في ناقةا لبراء بن عازب 3 عندما أهلكت حائطا ً بدخولها عليه، فسأل ا لنبي صلى الله عليه وسلم عن عادة الناس في ذلك، فقالوا يا رسول الله: العادة هي أن على أهل المواشي حفظها في الليل، وعلى أهل الحوائط والزروع حفظ حوائطهم وزروعهم في النهار، فأخذ ا لنبي صلى الله عليه وسلم بالعرف والعادة، وأقرهم على ذلك، وهو قضاء داود 0 في ﱠ الزرع الذي نفشت فيه غنم ا لقوم(١) ، والنفش هو الخروج ل يلا ً ؛ فكان في هذا الحديث دلالة على أصلين عظيمين من أصول الشريعة، أما الأصل الأول: فهو اعتبار شرع من قبلنا شرع لنا » اعتبار العرف وحجيته، وأما الأصل الثاني: فهو َ « إذا لم يرد في شرعنا م ا ينسخه(٢) . ٣ في حكم عق ْ ر الدواب الضارة بالأموال: َ وقيل: إن الضواري بالأموال ي ت » : قال ا لثميني في بيان ذلك َ قدم إلى أهلها ُ ِ فإن هم كف ﱡ وها فذاك، وإلا عق رت، ولا ضمان على من عقرها في مزرع أو ُ تحته، وقيل تعقر، وقيل تعقر حيث أدركت، وقيل: إذا انطلقت المعروفة بالعقر ِ من وثاقها فأحدثت، ف لا ضمان على ربها إذا ربطها بما يوثق به مثلها عادة، ولا يعاقب أهل الدواب ب الت ﱡ « هم، ولكن بما صح وثبت(٣) . واشترط بعض الفقهاء لسقوط الضمان حالة هروب الدابة من عقالها أو من صاحبها، ألا يعدو خلفها أو يصيح عليها، قال ا لقطب : ولا ضمان عليه، » (١) النحاس أ بو جعفر: الناسخ والمنسوخ، سورة الأنبياء، حديث: ٣٧٣ عن عب دا لله بن عباس. (٢) هرموش محمود: معجم القواعد الفقهية الإباضية، ٢٠٥ - .٢٠٦ (٣) . الثميني: الورد البسام، ص ٢٤٨ فيما أفسدته الدابة حالة هروبها إن لم يتبعها يصيح... وإن اتبعها يصيح ضمن؛ لأنها تزيد هربا ً بالصياح، فإفسادها فيه دخل ل لصياح(١) ، وقيل: يرخص ذلك، «(٢) ومن اتبعها في الزروع ضمن ما فسد فيها برجله ور ُخ ﱢ ص أ يضا ً . ويؤكد أب و الحسن البسيوي العمل بحكم هذه القاعدة، وي بين أ ن ّ الدابة إذا ُ ِ هربت وكانت معروفة ب العق ْ ر فأصابت أحدا؛ فإن أطلقها صاحبها بعد أن علم ََ ولا قسامة في العبيد، ولا في » : بها ضمن وإلا فلا. يقول في هذا الصدد الأموال، ولا في الحيوان، وإنما يضمن ذلك لربه على من جناه إذا علم ذلك، فأما ما يحدث بالدواب من أ ك ْ ل أو قتل أو عقر، ف لا يلزم أربابهن شيء من ذلك، وقد جاء عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « حدث العجماء جبار »(٣) ، ومعناه هدر ِ إلا ما قالوا: إنه كان معروفا بذلك ف يقدم فيه على ربه، وأطلقه بعد التقدمة، ُ فأصاب أحدا بعقر أو قتل من نفس أو مال فيما يعرف به من ذلك؛ فإنه يضمن ِ ربه دية ذلك، و لا ق َ«... ود فيه، وفيه ا لدية(٤) . ََ إذا هجم واعتدى البعير على رجل » : أنه « الجامع » وذكر ابن جعفر في فخافه على نفسه فقتله، ف لا شيء عليه إذا جاء على ذلك ببينة، وأما بقوله فلا يصد ﱠ ق، وقال معمر(٥) عن ا لزهري : أنه ضامن ل لبعير(٦) ، قال أ بو معاوية ُ (عزان بن الصقر ( قد اختلف في هذا وأحب إلينا أن لا يضمن؛ لأنه ليس (١) أطفيش أ محم َ .٦٥٩/ د: شرح كتاب النيل للثميني، ١٢(٢) . الثميني: الورد البسام، ص ١٩٧(٣) سبق تخريجه. (٤) .١٦٣/ البسيوي أ بو الحسن: الجامع، ٤(٥) من رواة الحديث. (٦) ،١ رواه عبد الرزاق الصنعاني في المصنف، كتاب العقول، باب العجماء، حديث : ٧٧١٣ عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، قال: لو أن رجلا أراده فحل فقتله » : ونص الحديث الرجل قال: يغرمه الرجل قال: قلت للزهري: لم؟ قال: لأن رسو لا لله صلى الله عليه وسلم قال: العجماء » « جبار بجرحها . .« ومن أصاب العجماء بشيء غرم » : قال الزهري بمتعمد وإنما هو دفع عن نفسه إلا أن يكون الجمل يندفع بدون القتل فإنه يضمن. ومن غيره: قال: نعم، كذلك جميع الدواب ا لمخوفه فقد قيل: إذا اعتدت ﱢ فقتلت، فقد قيل: في ذلك بالضمان؛ لأنه لا حجة على العجماء إلا هو مطلق، « له أن يدفع عن نفسه وعن مال غيره(١) . أما إذا قتلها ا لمعتد » : وقال بعضهم َ ى عليه فهنا نقول: لا بد من البينة أنها « لا تندفع إلا بالقتل، وعلى صاحبها أن يحافظ عليه(٢) . ٤ حكم المتسبب في الأضرار التي تحدثها الدواب: ﱢ لو ربط شخصان فرسيهما في مكان معد ّ لذلك، فأتلف فرس أحدهما َُ ِ فرس الآخر، فليس من ضمان على صاحب الحيوان ا لمتل ف. ِ ومنها: لو أتلف هر طيرا لإنسان، أو نطحت جاموسة إنسانا آخر وتلف، ﱞ ط(٣) فلا ضمان على صاحبها إذا لم يفر . ﱢ ومنها: إذا انطلق جمل فأكل، ف لا ضمان إذا لم يقصر صاحبه. ومنها: أن البقرة إذا أكلت الثياب، ف لا ضمان عليها، قال ذلك محمد بن محبو ب، وقال غيره: إذا علم أنها تأكل الثياب وأرسلها على الناس، فهو حقيق أن يعلم، فإن لم يعلم منها ف لا يغرم(٤) . مجمل القول: مما تقدم ندرك أن جناية العجماء لا تكون هدرا ً في حالتي التقصير والتعدي من صاحبها؛ لأن عليه أن يأخذ بأسباب الحفظ، فيعقلها أو يغلق (١) .١٩٩/ ابن جعفر: الجامع، ٤(٢) .٢٠٠/ الفضيلات جبر محمود المحقق: الحاشية على جامع ابن جعفر، ٤(٣) .٨٣/١ ( حيدر علي: شرح مجلة الأحكام العدلية، المادة ( ٩٤(٤) .١٣٥/ العوتبي سلمة بن مسلم: كتاب الضياء، ١٨ عليها باب الزريبة، لا سيما في الليل عندما يكون أصحاب الزروع قد تخلو عن حراسة زروعهم. كما يضمن صاحب الدابة أو غيره ما تتلفه الدابة؛ إن تسبب في ذلك ِ بضربها أو نخسها، أو فعلت ذلك بأمر صاحبها، أو الراكب، أو من غيره. قال وتلزم ن اخسا » : الثميني في هذا المعنى ً لها أو ضاربا ً ولو واقفة ما أصابت بذلك، وإن سقط به راكبها على أحد ضمن الناخس أو الضارب ما أصابها، ِ وه ُ در قيل دمه إن رمحته أو قتلته، ولا يلزم راكبها شيء، وإن نخسها بأمره ِ وكانت تسير، فعليها م ا أصابت ولو كان هو ف علا للراكب، وإن سارت في حين ْ النخس من بعد نخسه وسوقه، فما أصابته فهو على الراكب دونه، ويكون عليها إ ن ْ أبعد في ا لسوق بعد النخس، وإن كان لها سائق وقائد وراكب لزمهم ﱠْ جميعا ً ما أصابت، وتلزم راكبا ما أصابته دابته ب مقد ّ مها لا ما أصابته بمؤخرها. ومن سار على بعير وعارضه إنسان بكلمة فذعر البعير بها وألقى راكبه، فهلك أو انكسر هو أو البعير، فإن ذعر به أو بكلامه وكان لا يعرف بالذعر، َُ ِ فالدية على عاقلته، وهدر دمه إن عرف البعير بذلك، وإن تعمد الإنسان ذلك ُ « فهي في ماله(١) . ِ ويؤكد ا لثميني أن المتسبب في الإضرار بالغير يتحمل ما ترتب على ف عله، سواء كان بنفسه أو بدابته، ولا يعفى من المسؤولية، إلا إن حدث ذلك دون تسب، ومن ذلك: ﱡ لو عثرت دابة مركوبة في الطريق بحجر أو دكان، أو زلقت بماء فتلفت، أو أتلفت غيرها، فضمان ذلك على جاعل ما ذكر في الطريق لا على راكبها. وكذا من أوقف دابة ولو مربوطة فيها، فما أصابت بيديها أو رجلها أو َ ِ ف َمها فقد لزمه إن لم تتحول عن مكانها، وإن تحولت عنه ولو غير مربوطة (١) .١٩٦ - الثميني: الورد البسام، ص ١٩٤ فلا يلزمه ما أصابت، وقيل يلزمه ولا يبطله تغيرها عن حالها كالمربوطة، إن ﱡ احتالت في ا لح َل ﱢ من غير حال ﱟ لها، ف لا يبرأ رابطها ب ذلك. وكذلك من ركب فرسه في الطريق فذب بذنبه، فهو ضامن لما أفسد به، ومن ساق دابة وعليها حمل فدفع حملها فيها أ حدا ً ممن كان فيها، ضمنه إن لم يخبرهم بذلك، وقيل مطلقا ً ، وكذا يضمن ربها ف اسدا ً برأسها، أو بجنبها، أو ببولها، أو روثها إن وضعته في الطريق فزلق به أحد، ورخص فيهما إن لم يتعمد ربها وضعهما فيها أن لا يضمن بهما. وإن ركبها اثنان ضمنا ما أفسدت بمقدمها أو مؤخرها، وقيل: الحاكم عليها منهما فقط، وكذا القائد والسائق واحدا كان أو متعددا، يضمنها الحاكم أمرها منهما(١) . ومن استعار دابة فتبعها ولدها أو ما ترضعه، ضمن ما أفسده الولد أو نحوه ولو لم ي ضيع، إلا إن قال لربه: رد ّ ه عني، ولا ضمان عليه إن تلف الولد ّ ولم يضيعه، وكذا لا يضمن إن اكتراها وتبعها الولد أو تلف، إلا إن أوصاه عليه ربها، وقيل: يضمن إلا إن قال له: رده عني، ولا يضمن في العارية إن أوصاه عليه ربه، وإن تبعها م ا لا ترضعه فإنه يلزم ربها م ا أفسد(٢) . وذكر الشماخي صورا ً إذا استأجر رجل رجلا » : أخرى لهذه القاعدة فقال ً ليرعى له غنمه، فما أفسدت من أموال الناس فهو ضامن له دون رب الغنم، وما هلك أ يضا ً فهو ضامن له إلا أن يكون أمر غالب، وقيل: إن الراعي إذا غلبه النوم وهو متكئ على عصاه، فليس عليه شيء مما هلك من تلك الغنم، « ولا فيما أفسدته في أموال ا لناس(٣) . (١) . الثميني: المصدر نفسه، ص ١٩٧(٢) الثميني. نفسه. (٣) ٦٠٦/ الشماخي: الإيضاح، طبعة دار الفتح بيروت ١٣٩١ ه/ ١٩٧١ م، ٣ - .٦٠٧ وفي موضع آخر، ي بي ن ا لشماخي أن القاصر لا يتحمل مسؤولية حفظ ﱢ الماشية ومنعها من إتلاف أموال الغير، وإنما يتحملها وليه أو سيده، ومثاله: إن استرعى رجل عبد رجل أو طفله بكراء أو بغير كراء، فإنه إن أتى به إلى »داره فاسترعاه هناك، أو استخدمه لغير ذلك مما اتفقا عليه، فما أفسدت تلك الغنم من أموال الناس فهو على صاحبها، أو ما هلك منها فليس على سيد العبد أو والد الطفل منها بشيء؛ لأن رب الماشية هو الذي يجب عليه حفظ ذلك كل حين، أخذ العبد أو الطفل لداره، وكذلك أ يضا ً إن أخذ السيد أو الأب الماشية فأتى بها إلى داره، فكان عبده أو طفله يرعاها هنا بكراء أو بغير كراء، فما هلك منها أو ما أفسدت في أموال الناس فهو على الأب والسيد، لأنهما هما اللذان وجب عليهما الحفظ فضيعوا إلا أن يكون « أمر غالب(١) . ومسؤولية حراسة البساتين والمزروعات مشتركة بين أصحابها، فإن ضيعوا ذلك ودخلتها الماشية في وقت النهار، ف لا يتحمل الرعاة مسؤولية ما أتلفت. يقول ا لثميني في هذا المعنى في معرض حديثه عن منع الضرر عن الناس: وأن لا يتركوا المواشي تدخل حرثا، أو بساتين، أو أجنة، أو كلها أو بعض » المواشي، ويجعل على ذلك قائما ينفق من بيت المال إن كان، وإلا فله أجرته « على أصحاب الأصول على قيمة م ا لكل(٢) . كما لا يجوز لأحد أن يأخذ أغنام غيره من المرعى أو الطريق على نية ولا » : حفظها لصاحبها مقابل أجرة، لأن ذلك تعد. يقول ا لثميني في هذا الشأن يسوق أحد مواشي وجدها في الخط إلى منزله إلا على حرز، فإن ساقها على أخذ الأجرة عليها ضمن ما تلف منها أو فسد، وكان متعديا ً ، ولا لهم أخذ (١) .٦١٣/ الشماخي: المصدر نفسه، ٣(٢) . الثميني: الورد البسام، ص ١٢١ شيء ممن دخلت مواشيه الخط، وإن استرعى لها ب الغا ً أو مراهقا ً أد ﱠ ب الراعي «... إن دخلت فيه ربها، إن استرعى لها طفلا أو أ عجم(١) . ّ ٥ في حكم تسميم الدواب المضرة بعد إعلام أصحابها: سئل المحقق سعيد ا لخليلي عن الحمير والغنم :« كتاب التمهيد » جاء في إذا أضرت بزروع الناس، أيجوز عقرهن وإطعامهن ا لسم بعد إقامة الحجة ّ على أربابهن، فلم يكفوها أو لا؟ فأجاب: ومن حق هذا أن يراعي القواعد الشرعية في ذلك، فيعلم بها » ﱢ مقتضى الأحكام في ذلك بحسب الوقت والموضع، حتى يضع كل شيء من هذا في موضعه، فإن كان إرسال الغنم أو الحمير من أربابها في موضع مباح في الأصل، فوقع الخراب منها في وقت لا يضمن أربابها في إجماع أو على قول من يراه في الحق كذلك، ف لا سبيل إلى هذا. وإن وقع في وقت يجب الضمان فيه على أربابها، فعليهم الغرم والعقوبة إن وجد الحكم والسبيل إليه، وإلا جاز له الانتصار من أموالهم في السريرة بقدر ما أتلفت عليه دوابهم إن قدر على ذلك، فإن توحشت فلم يقدر على قبضها وكفها فيتقدم على أربابها في حفظها وصرف أذاها، فإن فعلوا فقد أجيز له في الأثر في وقت م ا لا يباح إطلاقها لربها أن يثخنها بالجراح قدر ما يدفع « أذاها ويمنعها عن الاعتداء، فيعاقبها إن شاء إذا لم يقدر عليها إلا ب ذلك(٢) . ويفهم من عبارة ا لخليلي أنه لا يجيز معاقبة دواب الجيران على ما أحدثته جناية العجماء » من أضرار في أموال الناس، بل يتحمل ذلك أصحابها، لأن خاصة إذا كانت ترعى في الوقت المباح، أ ما إن كانت متوحشة ولم ،« جبا ر ّ يقدر صاحبها على إمساكها، فيجوز ل لمعتد َ ى عليه أن يستعمل كل الوسائل (١) . الثميني: المصدر السابق، ص ١٩٧(٢) .٣٠٩/ الخليلي سعيد: كتاب التمهيد، ٧ المتاحة لمنعها ولو بتعطيلها، حتى لا تتسبب في ضرر أكبر، ولو أدى ذلك إلى هلاكها، أما أن يضع لها سما ً لقتلها فلم يصرح ا لخليلي بجواز ذلك، كما ُّ يفعل بعض الناس لقتل الكلاب والقطط والطيور المتعدية انتقاما منها، فهذا مما لا يقره الشرع ولم يعضده دليل. ولا ريب أن ما ذهب إليه ا لخليلي هو الرأي الأعدل والأصوب لتوافقه مع النصوص الشرعية، والمقاصد العامة للتشريع الإسلامي، حيث أمرنا الشارع الحكيم بالرفق بالحيوان والمحافظة عليه ما دام نافعا ً. هذه القاعدة اعتمدها الفقهاء في تخريجاتهم الفقهية وعبروا عنها أ يضا ً ّ ولم يصرح فقهاء ا لإباضية بهذه ،« الإذن الشرعي لا يجتمع مع ا لضما ن » بصيغة القاعدة، ولكن فروعهم الفقهية تشهد اعتمادهم عليها، وقد أشار إليها بعضهم ومن حفر ب ئرا » : في معرض حديثه عن الضمان فقال ً أو ن هرا ً في غير حقه ضمن ما عطب فيه، ومن حفر ذلك في حقه ف لا ضمان فيه لأحد عليه، إن وقع في ذلك أحد؛ لأنه ف َ « عل ما هو جائز ل ه(١) . k :IóYÉ≤dG ∫ƒdóe :’hCG هو: كون الأمر مباحا « الإذن الشرعي » أو « الجواز الشرعي » ً ، ف علا ً كان أو تركا، والمراد به إذن الشارع المطلق. لما حصل بذلك الأمر الجائز المأذون فيه من التلف، « ينافي الضمان » فإذا تصرف الشخص تصرفا يقره الشرع فتنشأ عنه إتلاف مال، لا يضمنه .« ولا يغرم ثمنه فالمعنى الإجمالي للقاعدة: أن الإنسان لا يؤاخذ بفعل ما يملك أن يفعله شرعا ً ، ف إذن ُ الشارع يمنع المؤاخذة، ويدفع الضمان إذا وقع بسبب الفعل المأذون فيه ضرر ل لآخرين(٢) . فمن كسر لمسلم طبلا ً أو م زمارا ً ، أو قتل خنزيرا ً ، فلا يضمن على الأصح؛ لأن فعله بإذن الشرع، ولكن إذا كان هناك حاكم مسلم منفذ لشرع الله فله تعذيره، لافتياته على حق الحاكم في ذلك. (١) .١٨١/ الأصم عثمان: البصيرة، ١(٢) . البورنو: الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية، ص ٣٦٢ وكذلك إذا حد ّ القاضي فيما يوجب الحد، أو ع َز ّ ر ومات المضروب، فلا ضمان على القاضي للإذن ا لشرعي(١) . واشترط بعضهم لسقوط الضمان شرطين: أحدهما: أن لا يكون ذلك الأمر الجائز مقيدا بشرط ا لسلامة. ثانيهما: وأن لا يكون عبارة عن إتلاف مال الغير لأجل نفسه، وذلك لأن الضمان يستدعي سبق التعدي، والجواز يأبى وجوده ف تنافيا(٢) . ِ أما إذا كان الأمر المباح ف علا ً مثاله: لو حفر إنسان بئرا في ملكه الخاص ْ به أو في طريق العامة، ولكن بإذن ولي الأمر، فوقع فيها حيوان رجل، أو وقع فيها إنسان فهلك، لا يضمن حافر البئر شيئا ً الجواز الشرعي ينافي » ؛ لأن وتصرف المرء بملكه غير مقيد بشرط السلامة، أما لو تلف الحيوان ،« الضما ن في بئر حفره شخص في الطريق العام بدون إذن ولي الأمر، أو في ملك الغير، أو في الملك المشترك، فإنه يلزمه حينئذ ضمانه؛ لأنه لا يحق لأحد أن يحفر بئرا في أرض بدون مسو غ شرعي(٣) . ُّ وأما إذا كان الأمر المباح ت ركا ً ، فكما إذا امتنع الوكيل بالبيع أو بالشراء عن ْ فعل ما وك ّ ل به حتى هلك في يده أو الثمن، أو امتنع المضارب عن العمل في ُ رأس مال المضاربة بعد أن قبضه حتى هلك في يده، أو أ خ ّ ر إنسان عنده المال ِ المدفوع إليه ليوصله إلى آخر، أو ل يقضى به دين الدافع حتى هلك عنده، فإنه َْ ِ لا ضمان عليهم؛ لأن امتناع من ذ ُالجواز الشرعي ينافيا لضمان » كر جائز، و « (٤) . َ (١) الخادمي: شرح قواعد الخادمي، ص ٣٥ . الزرقا مصطفى: المدخل الفقهي العام، فقرة . ٦٤٨ . البورنو: الوجيز، ص ٣٦٣(٢) الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٤٤٩ . محمد بكر إسماعيل: القواعد الفقهية، . ص ٢١٠(٣) .١٨١/ الأصم عثمان: البصيرة، ١(٤) الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٤٤٩ - .٤٥٠ k :É¡JÉ≤«Ñ£Jh IóYÉ≤dG ´hôa :É«fÉK وعل ّ ل أحمد الزرقا سبب تقييد الفعل الجائز بشرط السلامة، ولا يكون إنما شرطنا لعدم » : إتلاف مال الغير لأجل نفسه حتى يسقط الضمان، فقال الضمان أن لا يكون الفعل الجائز م قيدا ً بشرط السلامة، وأن لا يكون عبارة عن إتلاف مال الغير لأجل نفسه، ليخرج ما لو تلف بمروره بالطريق العام شيء، أو أتلفت دابته بالطريق العام شيئا ً بيدها أو فمها، وهو راكبها أو سائقها أو قائدها، فيضمن؛ لأن مروره ذلك وإن كان م باحا ً لكنه مقيد بشرط .« السلامة وهناك حالات اضطرارية تبيح للإنسان التصرف في ملك الغير دون إذنه ِ لمنع ضرر خاص ل َحق به، ولكن يضمن ما يترتب عن فعله، وقد أشار إليها وليخرج المضطر لأكل طعام الغير؛ فإنه يضمن قيمته. » : أحمد الزرقا بقوله وليخرج ما لو هدم دار جاره وقت ا لحرق لمنع سريان الحريق بغير إذن ْ ولي الأمر، وبغير إذن صاحبها، فإنه يجوز له ذلك، ويضمن قيمتها معرضة « للحريق؛ لأنه فعل ذلك الهدم لأجل ن فسه(١) . يتفرع عن هذه القاعدة مسائل تتعلق بالإجارة، والأمانة، والهبة، والشركة، والوكالة، والحدود، وغيرها، نذكر منها: ١ ما قيل فيمن عليه زكاة ف ميزها عن ماله، وتركها في موضع يأمن ّ فيه عليها ينتظر بها أهل الفضل من الفقراء، فذلك جائز له شرعا ً ، فإذا تلفت قبل أن تصل إلى أهلها ف لا غرم عليه، لأنه لما جاز له ذلك انتفى « الضمان عنه(٢) . (١) الزرقا: المصدر نفسه، ص ٤٥٠ - ١٩٧ . الثميني: ،١٩٦/ ٤٥١ . ابن بركة: الجامع، ١ . الورد البسام، ص ١٩٧(٢) .١٣٦/ الخليلي سعيد: كتاب التمهيد، ٦ ٢ وذكر المحقق الخليلي أن ّ في شاري الإمام أو قاضيه أو نائبه أو واليه، جعل الإمام لكل واحد منهم الإذن في تأديب وضرب وتعزيز من يستحق ذلك، ثم رفع بعض الرعية على أحد منهم أنه ضربه أو قتل والده، وأقر الشاري أو القاضي أو الوالي بذلك، غير أنه قال: ضربته لتأديبه وزجره، أو قتلت والده لاستكباره عن الحق ومقاتلته لنا، ف لا ضمان عليهم إذا كان مأذونا ً لهم من قبل الإمام في ذلك، ولم ي تعد ﱡ وا فيه ما شرع لهم(١) . ٣ كما أجاز الشارع على الحاكم أ ن ّ ينف ّ ذ الحدود الشرعية على المجرمين متى ثبتت في حقهم، فإن حدث خطأ أثناء التنفيذ أو ت سبب في ّ الجواز » تلف عضو آخر، فضمانه على بيت المال، ولا يضمن المنفذ؛ لأن ِ ٍ ومن ذلك م ا ذكره البسيوي في م حصن زنى فوجب ،« الشرعي ينافي ا لضما ن ُ قد أخطأ الإمام ا لسن » : عليه الرجم فقتله الإمام بالسيف، فقال ﱠ ة، ولا شيء ﱡ على الإمام غير التوبة، فإن فعل ذلك والي الإمام أو قاضيه، فإنه لا يلزمه غير التوبة و لا ي ُقت َ د منه بما فعل، وإن فعل ذلك رجل بلا رأي الإمام من « سائر الناس فعليه ا لقصاص(٢) . وقد أشار أب و العباس أحمد إلى اختلاف الفقهاء فيمن يتحمل خطأ الإمام وكل مما يجوز له أن يفعله ولم يجاوز فيه، فتولد على ذلك » : أو القاضي فقال ِ الفساد أو تلف للعضو، فقد اختلفوا فيه، منهم من يجعل دية ذلك كله على « العاقلة، ومنهم من يجعلها في بيت مال ا لمسلمين(٣) . ٤ في ضمان الحامل، فلو استحقت الحامل للحد للشرعي وتسبب منفذ الحكم في إسقاط حملها، هل يضمنه أم يسقط عنه الضمان؟ وإذا لزمه فهل تتحمله عاقلته أم بيت المال؟ (١) ١٤٤/ الخليلي: كتاب التمهيد، ٧ - .١٤٥ (٢) .٨٦/ البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، ٤(٣) . أبو العباس: كتاب أبي مسألة، ص ١٦٨ ِ اختلف فقهاء ا لإباضية في حكم هذه المسألة ت بعا ً لعلم المنفذ بالحمل أو عدمه، وأثر ذلك في تنفيذ الحكم. ِ وكذا من إخراج الحق منها أو ا لحد » : يقول ا لثميني في هذا الصدد ّ ، ِ وأن يقطع اليد ضامن، قيل: وإن جهل بحملها، إلا إن علمت هي به ولم تخبره فتضمن، وقيل: لا يضمن من ذكر إن لم يعلم بالحمل كما م ر، ﱠ وليس عليهم غير دية السقط إن أسقطت، وعليهم الإثم أ يضا ً إن علموا، وإن ماتت بما ذكر من الحد وإخراج الحق ولم تسقط لم يضمنوها، وإن أسقطت ثم ماتت ضمنوا السقط، وعندي أن هذا إن لم يعلموا بالحمل، وأما إذا علموا به وتعمدوا ضربها فإنهم يضمنون ديتها أ يضا ً كما استظهرناه فيما م ر، وإن حل ﱠ فوها بمصحف فأسقطت، فهل يلزمهم الضمان أو لا؟ ﱠ قولان. ولا ت ُ قتل إن قتلت ن فسا ً حتى تضع كما مر، وكذا إن استوجبت ﱠ «... الرجم أو طعنت في ا لدين(١) . ٥ وذهب ا لإباضية إلى أنه يجوز لوكيل اليتيم أن ي سل ّ م له بعض ماله عند بلوغه، ليختبر به حاله في أخذه وعطائه وبيعه وشرائه، وليتأكد من صلاحه ورشده، وحسن تدبيره أو فساده، وسفهه وتبذيره، ولا ضمان على الوكيل في هذه العطية، ولو ظهر من اليتيم التبذير لها؛ لأنها خرجت على وجه جائز شرعا ً « الجواز الشرعي ينافي الضمان » مأذون فيه و(٢) . ٦ ومنها: إذا أباح شخص لآخر أن يأكل من طعامه، أو يشرب من مائه، أو يلبس من لباسه على سبيل الهبة، لا يجوز للواهب أن يطالب الموهوب له بثمن م ا أكله أو شربه، أو بثمن الثوب الذي لبسه، بل ولا يجوز له رد ّ الثوب إذا بقي على حاله عند أكثر الفقهاء لقول ه صلى الله عليه وسلم : لا يحل للرجل » (١) . الثميني: الورد البسام، ص ٢١٦(٢) .٢٧١/ الخليلي سعيد: كتاب التمهيد، ١١ أن يعطي العطية فيرجع، إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الرجل يعطي َ العطية ثم يرجع فيها، كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء، ثم رجع في « قيئه(٢)(١) . (١) رواه الترمذي، أبواب الولاء والهبة عن رسول الله، باب ما جاء في كراهية الرجوع في الهبة، ٢، وأبو داود، كتاب الإجارة، باب الرجوع في الهبة، رقم ٣٥٣ ، عن ابن عباس رق م ١٠٩ وابن عمر. قال الترمذي: حسن صحيح. (٢) .٤١٨/ ابن بركة: الجامع، ٢ القواعد الكلية المتعلقة بنظرية ا لملك تندرج نظرية الملك ضمن فقه المعاملات المالية، ولأهمية المال ودوره في حياة الناس فقد بحث الفقهاء أحكامه، وبينوا كيفية تملكه وتنميته، والتصرف فيه ضمن القواعد الشرعية، خاصة إذا تعلق به حق الغير، سواء كان عاما ً أو خاصا ً ، وبعد الاطلاع في المصادر الفقهية ا لإباضية عثرنا على بعض القواعد الفقهية المتعلقة بنظرية الملك فجمعناها ضمن هذا المبحث، وتسهيلا ً في دراستها سوف نبحث هذه القواعد في المطالب ا لتالية: اليد دليل » أو ،« اليد على الشيء دليل ملك ه » : المطلب الأول: قاعدة .« الملك لا يجوز التصرف في ملك الغير بلا إ ذن » : المطلب الثاني: قاعدة .« ليس لعرق ظالم حق » : المطلب الثالث: قاعدة .« من ملك شيئا » : المطلب الرابع: قاعدة ً ملك ما هو من ضروراته « أو .« التابع تابع » ما حرم أخذه حرم إ عطاؤ ه، وما حرم فعله » : المطلب الخامس: قاعدة حرم طلب ه، وما حرم استعماله حرم ا تخاذه .« لا يتم التبرع إلا ب القبض » : المطلب السادس: قاعدة .« من القواعد التي اعتمدها ا لإباضية في تخريجاتهم الفقهية قاعدة: اليد على الشيء دليل م لكه » « إن اليد دليل » : وعبر عنها ابن ب ركة بقوله ّ على الملك غير موجبة ل لملك « أما سعيد ا لخليلي فجاءت عنده بصيغة ذو اليد أولى بما في ي ده » « (٢) ، ولم يرد ذكرها في مجلة الأحكام العدلية، ولم نعثر عليها في المصنفات الخاصة بالقواعد الفقهية عند غير الإباضية (٣) ، ولعل ا لإباضية انفردوا بها، وإذا ثبت ذلك فهي من القواعد الخاصة بالمذهب. :IóYÉ≤dG ∫ƒdóe :k’hCG المراد باليد هنا: صاحبها، من باب إطلاق البعض وإرادة الكل، وعبر باليد ّ لأن بها الأخذ والإعطاء(٤) . والمعنى الإجمالي للقاعدة: أن من كان بيده مال وادعاه رجل آخر لنفسه، فالقول قول من في يده المال؛ لأنه ذو يد فيه حتى يثبت المدعي تملكه له (١) ،١٠/ ٨١ . ج ٣٠ / ٤٦٩ . الكندي محمد بن إبراهيم: بيان الشرع، ٧ / ابن بركة: الجامع، ٢ .٧١ ،٥٣/ ١٧٢ . العوتبي: الضياء، ١١ ،١٥٥ ،٩٠ ،١٧(٢) .١٤٢ ،١٣٩/ الخليلي سعيد: كتاب التمهيد، ٧(٣) ذكر الشهرزوري ن حوا ً وإن لم يكن لأحدهما » : منها في معرض الكلام عن الوقف، فقال ينظر: عثمان بن عب دا لرحمن بن عثمان الشهرزوي أ بو عمرو: أدب .« تاريخ فذو اليد أولى ٰ المفتي والمستفتي، تحقيق: د. موفق عبد الله عبد القادر، مكتبة العلوم والحكم، عالم الكتب، .٧٣٦/ بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٠٧ ه ، ٢(٤) . البورنو: الوجيز في قواعد الفقه، ص ٣٧٢ بالإقرار من المدعى عليه أوب ينة عادلة، وسواء كانت دعوى المدعي أن المدعى ﱢ عليه حازه منه أو من وارثه(١) . ومثاله: إذا تنازع اثنان في دار أو أرض فأقام كل واحد منهما ب ينة، وكان ﱢ المد ّ عى بيد أحدهما، فإن اليد مع ا لبينة دليل الملك، وأن اليد مع ا لبينة أثبت َ ﱢﱢ وأقوى فيما يوجب الحكم من بينة بغير ي د(٢) . k :IóYÉ≤dG π«°UCÉJ :É«fÉK ِ ودليل هذه القاعدة ما روى عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم أنه حكم ب بينة صاحب الفرس َ ِ الذي شهدت له ا لبينة أنه أ نتجه ا، فحكم له ب بينته وهي اليد، وأبطل ب ينة المدعي ﱢ ّﱢ الذي ليس معه يد في الفرس، فثبت بهذا أن اليد توجب ا لملك(٣) . كما حكم عمر بن الخطاب 3 بأحقية الدرع لليهودي على حساب علي بن أبي طالب 3 رغم ادعائه له؛ لأن يد اليهودي على الدرع ثابتة أما علي ف لا بينة له(٤) . (١) .١٤٢ ،١٣٩/ الخليلي سعيد: كتاب التمهيد، ٧(٢) . ٤٦٨ . هرموش محمود: معجم القواعد الفقهية الإباضية، ص ٥٨٤ / ابن بركة: الجامع، ٢(٣) رواه البيهقي في الكبرى، كتاب الدعوى والبينات، باب المتداعيان يتنازعان شيئا ً بيد أحدهما، رقم ٢١٠١٣ ، والدارقطني في السنن، كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري، رقم ٢١ ، ورواه الشافعي في مسنده، كتاب الأحكام، رقم ٦٣٧ ، كلهم عن جابر بن عبد الله. قال ابن حجر: .٢١٠/ تلخيص الحبير، ٤ .« إسناده ضعيف » (٤) ١٣٩/ ذكره الحاكم في الكنى، وأبو نعيم في الحلية، ٤ - ١٤٠ ، وابن الجوزي في الواهيات. قال الحاكم: منكر وأورده ابن الجوزي في العلل من هذا الوجه، وقال لا يصح » : ابن حجر تفرد به أ بو سمير. ورواه البيهقي من وجه آخر من طريق جابر عن الشعبي، قال: خرج علي إلى السوق فإذا هو بنصراني يبيع درعا فعرف علي الدرع فذكره بغير سياقه. وفي رواية له لولا أن خصمي نصراني لجثيت بين يديك وفيه عمرو بن شمر عن جابر الجعفي وهما ضعيفان وقال: ابن الصلاح في الكلام على أحاديث الوسيط لم أجد له إسنادا يثبت. وقال: .١٩٣/ تلخيص الحبير، ٤ .« ابن عساكر في الكلام على أحاديث المهذب إسناده مجهول k :ó«dG ™e áæ«ÑdG ¢VQÉ©J »a AÉ¡≤ØdG ÖgGòe :ÉãdÉK u اختلف الفقهاء منا لإباضية وغيرهم في اعتبارب ينة المدعي وبينة صاحب ﱢﱢ اليد، فذهب بعض الإباضية إلى اعتبار ب ينة صاحب اليد دليل » اليد؛ لأن ﱢ الملك .« وذهب آخرون ووافقهم ا لشافعي إلى أن ا لبي نة ب ينة المدعي، وعلى ﱢّ المدعى عليه اليمين لقول ه صلى الله عليه وسلم : البينة على المدعي واليمين على المدعى » ﱢ « عليه(١) . تخريج الحديث: وأشار إلى اختلاف الفقهاء في « جامعه » نقل ابن ب ركة هذه المسألة في فإن أصحابنا (الإباضية » : حكمها فقال ( يختلفون في قبول ا لبي ﱢ نة مع اليد فقال بعضهم: تجعل ا لبي نة بينة صاحب اليد؛ لأن اجتماع اليد مع ا لبينة أثبت وأقوى ﱢّ ﱢ ِ فيما يوجب الحكم من ب ينة بغير يده، وبعضهم حكم ب بينة المدعي الذي لا يد ﱢﱢ ِ له ولا تسمع بينة صاحب اليد، والذي لا يحكم ببينة صاحب اليد يحتج بظاهر ﱢ قول النب ي صلى الله عليه وسلم : « على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين »(٢) فجعل ا لبي نة بينة ﱢ ﱢﱢ اليد عنده دليل على ا لملك » المدعي، وأن « وليست بموجبة للملك. وأما من أوجب ا لبينة مع اليد فاحتج بما روي عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم أنه حكم ﱢ ِ ببينة صاحب الفرس الذي شهدت له ا لبينة أنه أنتجها، فحكم له ب بينته ﱢ ﱢﱢ وأبطل ب ينة المدعي الذي ليس معه يد في الفرس، فاحتج هؤلاء بأن اليد ّ توجب الملك. (١) رواه الترمذي، كتاب الأحكام، باب ا لبي ﱢ نة على المدعي، رقم ١٣٤١ ، عن ابن عمرو بن العاص، والربيع، كتاب الأحكام، رقم ٥٩٢ ، والنسائي في الكبرى، كتاب القضاء، على من اليمين، رقم ٥٩٩٤ ، عن ابن عباس، قال النووي في أربعينه: حديث حسن، رواه البيهقي وغيره وبعضه في الصحيحين وقد روي بألفاظ أخرى. ينظر: العجلوني كشف .٣٤١/ الخفاء، ١ (٢) تقدم تخريجه. وكذلك قال آخرون: إن ا لبينة لما كانت توجب الملك لم تحتج إلى ﱢ استماع ا لبينة معها، وكانت ا لبي نة بي إن اليد دليل » : نة المدعى لها، ولهذا قلنا ﱢ ﱢّ وكل من الفريقين قد تعلق بمعنى يسوغ له به ،« على الملك غير موجبة ل لمل ك الاحتجاج. وأما أب و حنيفة فيجعل ا لبينة بينة المدعي لا يسمع بين ﱢ ة صاحب اليد، وأما ﱢ الشافعي فيجعل ا لبي نة بينة صاحب اليد، ويحكم له ب بينته ويبطل ب ينة المدعي ﱢﱢ ﱢﱢ « الذي ليست له ي د(١) . k :É¡JÉ≤«Ñ£Jh IóYÉ≤dG ´hôa :É©HGQ ١ من فروع القاعدة : سؤال مفاده أن رجلا « التمهيد » ما ورد في كتاب :ً ضمن في يده مال وادعاه عليه رجل آخر أنه له، فقال الذي في يده المال: أنا »اشتريت ُ ه منك، هل القول قول من في يده المال أنه اشتراه؟ أم يكون مدعيا ً للشراء وعليه ا لبينة بما .«؟ ادعى ﱢ أجاب سعيد ا لخليلي : إن كان في يده فهو أولى به؛ لأن ذا اليد أولى » بما في يده، وقوله: أنا اشتريته من فلان لا يخرجه عن حكم اليد ولا يكون فيه «(٢) مدعيا ً . ٢ ومن فروعها : في رجل ادعى على آخر أنه « التمهيد » ما جاء في كتاب حاز له ماله الذي خل ّ فه له أبوه ميراثا ً ، فقال المدعى عليه: أنا م ا ح زت لهذا ُ مالا ً ، هذا المال اشتريته من فلان غائب من مدة خمس سنين، ومن تلك المدة أحوزه وأثمره، وشهد الشهود أ ن ّ هذا المال مما خلفه أ بو هذا المد ّ عي، لكن من مدة خمس سنين وجدناه يحوزه هذا المدعى عليه، والمدعي هذا يجيء (١) ٤٦٨/ ابن بركة: الجامع، ٢ - .٤٦٩ (٢) ١٣٨/ الخليلي سعيد: كتاب التمهيد، ٧ - .١٣٩ ِ البلد مرة بعد مرة ويعلم ب حوز هذا المال ولم ي غير، أترى له حجة في هذا ْ ُّ ِ المال؟ أم تبطل حجته بما صح من سكوته مع مشاهدته ل حو ز ماله؟ ْ فأجاب ا لخليلي : إن هذا المال أولى به من هو الآن في يده، وشهادة » الشهود أن هذا المال مما خل ّ ه أ بو هذا المدعي ليست بشيء، ف لا تفيد حك ْ ما ً ُ ِ بمجرد لفظها، وشهادتهم ب حوز هذا المدعى عليه إلى آخرها أقرب إلى تثبيته ْ له أ يضا ً ، وسكوته حجة عليه إذا كان يعلم بحوزه عنه وادعائه عليه، فلم يغيره « ولم ي نكره(١) اليد دليل ا لملك » لأن .« ٣ ومنها في الاختلاف في ملكية العقار : فلو اختلف رجلان في قطعة أرض كل ّ ف كل واحد منهما ا لبي نة على ما يد ّ عي، فإن عجزا عن ا لبينة كانت ﱢﱢ الأيمان بينهما، فإن حلفا على ذلك الموضع الذي يدعيانه وهو في أيديهما كان ذلك بينهما نصفين، فإن حلف أحدهما ونكل الآخر عن اليمين لم يكن له شيء، ومنعه الحاكم أن يعارض الآخر الذي حلف، وكذلك لو أقام كل واحد منهما البينة أن ّ ذلك الموضع كان له، كان بينهما نصفان بعد الأيمان، وإن كان ٍ لأحدهما فيه أثر من ف سل ٍ أو ب ناء وليس للآخر فيه أثر، كان للذي له فيه الأثر؛ ْ لأنه هو ذو اليد، وعلى الآخر ا لبي نة على ما يدعي(٢) . ﱢ ِ وينقل ابن ب ركة عن فقهاء ا لإباضية صورة أخرى في الاختلاف في ا لم لك تطبيقا ً لهذه القاعدة، وذلك أنه لو تنازع رجلان في دار أو أرض وهي في أيديهما، فادعى أحدهما الكل له، وادعى الآخر النصف و لا بينة لهما، ﱢ ويرشدهما إلى حل ّ فإنما ت » : مناسب لهذا النزاع فيقول ُق َسم بينهما نصفين بعد ّ أن يحلف من ادعى النصف لمدعي الكل على ما ادعى من الزيادة، فإن أقام كل واحد منهما شاهدي عدل على دعواه، فإن أ صحابنا يختلفون في قبول (١) .١٤٢/ الخليلي سعيد: المصدر نفسه، ٧(٢) .١٠/ الكندي: المصدر نفسه، ج ٣٠ البينة مع اليد، فقال بعضهم: تجعل ا لبي نة بينة صاحب اليد؛ لأن اجتماع اليد ﱢ ﱢّ مع ا لبينة أثبت وأقوى فيما يوجب الحكم من ب ينة بغير يده، وبعضهم حكم ﱢﱢ ِ ببينة المدعي الذي لا يد َ له، ولا تسمع بينة صاحب ا ليد. ﱢ َﱢ وبناء عليه، فعلى قول من جعل ا لبي نة بينة المدعي الذي ليست له يد، ً ﱢﱢ وجعل الكل ل مد ّ عيه؛ لأن الآخر قد اعترف له بالنصف، فإن ا لبينة له مطلوبة ُﱢ فيما في يده، ولا تسمع بينة لثبوت يده في النصف الذي فيه الدعوى، وأما من ﱢ جعل ا لبي نة بينة صاحب اليد فإنه يذهب إلى تقسيم الدار والأرض، ويحكم بها ﱢﱢ لهما على نصفين؛ لأن صاحب النصف قد شهدت له ا لبينة مع يده، وشهدت ﱢ بينة مدعي الكل على الكل، فيثبت له النصف ليده، وبي نته وبينة الآخر شهدت ﱢ ّّ «... على النصف الباقي بغير يد، فلذلك قلنا م ا قلنا(١) . ُ ٤ ومنها الاختلاف في الميراث : ما ذكره سعيد ا لخليلي في أ م وولد لها ّ يسكنان ب يتا ً واحدا ً ، ولهما بعض الأصول من النخل لم تعرف لمن منهما، ثم مات الولد قبل أمه، وحازت الأم المال وتمسكت به حتى ماتت، فحاز ورثة الأم المال، وباعوه فحازه مشتريه مدة من الزمان، ثم جاء ورثة ولد الأ م يد ّ عون ّ َّ أن ّ هذا المال ل مورثهم، وهو ولد الأم، وأنكر ذلك ورثة الأم، فيرى ا لخليلي ُّ أن ّ الحكم فيه في الأصل أ ن ّ المال لورثة الأم لكونهم ذوي يد فيه بتصرفهم فيه بالبيع، وعلى ورثة الولد البينة ا لعادلة. ولا بأس أن أنقل عبارة السائل مع جواب ا لخليلي زيادة في البيان وتأكيدا ً وعن امرأة وولدها في بيت واحد وعندهما مال لم يعرف » : للقاعدة، وهذا نصه لمن منهما، ومات الولد قبل أمه، وتمسكت الأم بالمال حتى ماتت فوصل على ورثة الأم، وتمسكوا بالمال فباعوه فحاز المشتري المال ما شاء الله من ِ الزمان، وادعى ورثة الولد أ ن ّ المال ل هالكهم ولد هذه المرأة فأنكرهم ورثة (١) ٤٦٨/ ابن بركة: الجامع، ٢ - .٤٦٩ ِ المرأة الهالكة وقالوا: المال مال ُ نا وجدناه في يد هالكتنا ف َب عناه وتصرف ْ نا فيه، ّ على م ن يكون ا لبينة؟ وعلى م ن منهما اليمين؟ وهل لا يعتبران ورثة الهالكة َ ﱢَ .«؟ في هذا المال ذو اليد َ فأجاب ا لخليلي : نعم تعتبر اليد إن لم يصح أنه لغيرهم؛ لأن اليد أ ولى » ْ « بما في يده حتى يصح أنه ل غيره(١) . ٥ ومنها الاختلاف في ملكية الأرض الميتة : العقد » ما ذكره السالمي في جوابا « الثمين ً في أرض م » عن سؤال وات لم يقربها نهر، وليس عليها جدار َ ظاهر، غير أنها تسقى بماء، ويدعيها أناس معروفون، ويتصرفون فيها م ا شاءوا، ويعطون منها من أرادوا بغير نكير أحد عليهم من أهل البلد، وقيل: إنها لأناس غياب لا يعلم لهم مكان، وهذه الأرض بالجملة أرض موات، أيجوز الأخذ من هؤلاء الذين يتصرفون بها كيف شاءوا من غير نكير إذا احتيج إلى هذه الأرض مثلا ً : كبناء منزل أو غير ذلك، وما ت َ رى قول من يقول: إنها لأناس .« غياب أيلتفت إليه أم لا؟ والقائل بذلك مثلا رجل ث قة إذا سقيت الأرض بالماء فليست بموات بل هي عمران، » : فكان جوابه ُ إذا كان ذلك الشيء لأجل إحيائها، ومن كانت بيده هذه الأرض ويدعيها ملكا ً له فهو أولى بها من غيره في الحكم الظاهر، ما لم يقم ب ينة بأنها لغيره، وقول ﱢ الثقة أو من يصدق من الناس أن الأرض لغياب يورث شبهة في تلك الأرض، « فينبغي لطالب السلامة التنزه عنها وأرض الله واسعة(٢) . ويفهم من عبارة ا لسالمي : أنه ما لم تثبت ب ينة عادلة على أ ن ّ الأرض ﱢ يملكها أناس غياب فهي ملكا ً اليد » لمن في يده؛ لأنه أحياها بعد مماتها، و دليل ا لملك « ولكن إذا ثبت أ ن ّ الأرض لغيرهم فمن الأحسن ترك التصرف (١) .١٤٧/ الخليلي سعيد: كتاب التمهيد، ٧(٢) .٣٠٧/ السالمي: العقد الثمين، ٤ فيها ببناء أو زرع للشبهة الحاصلة، خروجا ً من الخلاف وأحوط في الدين، ولعل هذا الرأي هو اختيار ا لسالمي ونرجحه ما دام الخبر قد نقله من يوثق به والله أعلم. ٦ في دعوى الزوجين في ملكية متاع البيت : ما جاء في ادعاء الزوجين أحقيتهما في متاع البيت بعد وفاة أ حدهما. واعتمد في إثبات حق كل منهما « جامعه » ذكر ابن ب ركة هذه المسألة في وإذا مات » : فقال ،« اليد على الشيء دليل ملكه » : في متاع البيت على قاعدة أحد الزوجين فادعى أحدهما ما في المنزل الذي كانا يسكنانه أيام اجتماعهما فيه، فإن القول في ذلك قول الحي منهما، مما ترك من حيوان ورقيق وأثاث وغير ذلك في قول أكثر أصحابنا (الإباضي ة)، وقال بعضهم: لا ي ُ صد ّ ق الحي منهما إلا فيما يملك من طريق العادة بين الزوجين، كأنه يذهب إلى أ ن ّ المرأة ت ُصد ﱠ ق فيما هو من آلة النساء في البيوت، نحو الطبلة وما تحويه، وي ُصد ﱠ ق ََ الرجل في السيف والجحفة والفرس وما يصلح للرجل، و لا يصد ّ ق كل واحد منهما فيما ليس من شأنه واتخاذه لنفسه، واحتج من قال يصدق الحي منهما: أن المرأة قد ترث من أبيها وأخيها مما يكون للرجال، ويشترى لمعونة ُ المحاربين، وقد يكون في يدها أمانة لغيرها، ومثل هذا يجوز، وأما صاحب « القول الآخر فيجري أمرها على العادة والعرف بين ا لناس(١) . لأن كلا منهما ؛« اليد دليل ا لمل ك » : ولكن ابن ب ركة رجح العمل بالقاعدة يدعي أحقيته في تملك ذلك، فمن كان في يده شيئا ً من متاع فهو ملكه، ومن والنظر يوجب عندي » : ادعى عليه خلاف ذلك فعليه ا لبينة، وهذا نص عبارته ﱢ أنهما مدعيان في سبيل ما يدعيانه سبيل ما يتداعاه الناس في الأملاك، ويدعي بعضهم على بعض، فمن كان في يده منهما شيء وفي قبضته، ودخل في (١) ٢٦٦/ ابن بركة: الجامع، ٢ - .٢٦٧ حوزته كان القول قوله فيه، ومن ادعى عليه دعوى ملك أو مشاركة كان عليه البينة لقول النب ي صلى الله عليه وسلم : ولو أعطي الناس بدعواهم لاستحل قوم دماء قوم » ﱢ « وأموالهم، ولكن البينة على من ادعى وعلى المنكر اليمين(١) . وهذا يدل على ﱢ « أن دعوى الحي منهما مع ورثة المالك كدعوى غيرها من ا لخصوم(٢) . ويلاحظ من عبارة ابن ب ركة أنه لم يرجح دعوى الحي على دعوى ورثة الهالك، بل جعلها كبقية الدعوات، واحتكم فيها إلى ا لبينة الظاهرة، فإن عدمت ﱢ وقاعدة: ،« اليد دليل ا لمل ك » : فاليمين، وقد تنازع في هذا الفرع قاعدتان: قاعدة فجمهور ا لإباضية رجح الأولى، بينما ذهب بعضهم إلى ،« العادة محكم ة »ترجيح الأخيرة. ٧ ومنها في دعوى نسبة الولد لأمه : فلو اختلفت امرأتان في ولد ولم تكن ثمة بينة تقطع بأنه لواحدة منهما، فمن كانت تحمل الطفل وتلقمه ثديها وهو في حجرها أولى به من الأخرى التي ليس لها إلا مجرد الدعوى؛ لأن وقد يكون الذي في يدها مرضعة له فقط، والأخرى أمه ،« اليد دليل ا لمل ك »من النسب، فعليها إثبات أمومتها بالبينة ا لعادلة(٣) . (١) تقدم تخريجه. (٢) .٢٦٨/ ابن بركة: الجامع، ٢(٣) . هرموش: معجم القواعد الفقهية الإباضية، ص ٥٥٨ هذه القاعدة لها صلة بنظرية الملك، فقد أوردها بكلي عب دا لرحمن في ٰ لا يجوز لأحد أن يتصرف في ملك » : للثميني بعبارة « النيل » ملحق كتاب الغير بلا إ ذن ه، الأمر بالتصرف في ملك الغير ب اطل « (١) وهذه الصيغة هي ما نصت عليه المجلة العدلية في مادتي الخامسة والسبعين والسادسة والسبعين(٢) ، وقد أدمجهما ا لبكري في عبارة واحدة، وعبر عنهما ابن ب ركة ّ بعبارة بليغة قريبة من هذا المعنى، وهي أ ن ّ : من أحدث حدثا » ً في مال َ لا يملكه، أنه مأخوذ بحدثه، وأن الدعوى لا تنفعه « (٣) ، ويمكن إعادة صياغة كل من أحدث حدثا » : هذه القاعدة بعبارة موجزة وهي ً في مال لا يملكه فهو مأخوذ ب حدثه .« وقد اعتمد فقهاء ا لإباضية على هذه القاعدة في فروعهم الفقهية، وخرجوا عليها مسائل عديدة في أبواب فقهية مختلفة(٤) ، ّ ِ ونشير في هذا الصدد إلى أن ابن ب ركة أضاف في هذه القاعدة ق يدا ً مهما ً ُّ وهو: إلزام الضمان لمن تصرف في ملك الغير بغير إذن، وهذا ما أغفلته المجلة العدلية. (١) بكلي عبد الرحمن: ٰ .١١٠٦/ ملحق القواعد الفقهية على كتاب النيل للثميني، ٣(٢) . الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٤٦١(٣) .٣٩٤/ ابن بركة: الجامع، ٢(٤) أبو العباس أحمد: كتاب القسمة وأصول الأرضين، تحقيق محمد ناصر والشيخ بالحاج ١٧٤/ بكير، ص ٢٧٨ . السالمي: معارج الآمال، ٢ - ١٨١ . عب دا لرحمن ،١٧٥ ٰ بكلي: ١١٠٦ . الخليلي سعيد: كتاب التمهيد، / ملحق القواعد الفقهية على كتاب النيل للثميني، ٣ .٣٣٠/٩ k :IóYÉ≤dG ∞jô©J :’hCG هذه القاعدة تمنع التصرف في ملك الغير بغير إذنه أو إذن الشرع، وقد ب ين ّ الفقهاء مدلولها اللغوي والشرعي كما يلي: التصرف لغة : التقل ّ ب في الأمور والسعي في طلب الكسب، يقال: صرف الشيء إذا أعمله في غير وجهه، وكأنه يصرفه عن وجه إلى وجه آخر، ومنه التصرف في ا لأمور(١) . والتصرف في الاصطلاح : ما يصدر عن الإنسان بإرادته، وي ُ رت ّ ب الشرع عليه أحكاما مختلفة، وبهذا المعنى يكون التصرف أ عم من الالتزام، إذ من ّ التصرف ما ليس فيه ا لتزام(٢) . لا يجوز لأحد: أي لا يحل له ولا يصح منه أن يتصرف ت صرفا ً فعليا ً أو قوليا ً في ملك الغير، سواء كان خاصا ً أو م شتركا ً بلا إذن سابق أو إجازة لاحقة، ليشمل إ ذ « بلا إذن » : وعبر مصطفى ا لزرقا بعبارة ْن َ المالك وإذن َ الشارع، فكما يجوز من المالك يجوز من الشارع أ يضا ً ، وكذلك إ ذن َ العرف. والإذن في اللغة: اسم من أذنت له في كذا: أطلقت له ف عله(٣) . والإذن قد يكون صريحا ً ، كمن يوكل شخصا ً ما في ماله، أو قد يكون دلالة، وذلك كما لو مرضت الشاة مع الراعي المستأجر في المرعى، وأشرفت على الموت فذبحها حتى لا تموت حتف أنفها ف لا يضمنها؛ أن ذلك مأذون فيه له دلالة(٤) ، ويقوم مقام إذن المالك: كل من له حق الإذن، كالولي، والوصي، والوكيل، والكفيل، والخليفة. ويرجع عدم جواز التصرف في ملك الغير بلا إذنه؛ إلى اعتبار ذلك اعتداء (١) . الفيومي: المصباح المنير، ص ٤٦٢ (٢).٤٥٦/ عبد العظيم محمود: معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية، ١(٣) . الفيومي: المصباح المنير، ص ١٣(٤) . الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٤٦٢ . البورنو: الوجيز، ص ٣٩١ ِ على حق المالك، وعدم جواز التصرف شامل لجميع أنواع التصرف، من استعمال، أو إعارة، أو إيداع، أو إجارة، أو صلح، أو هبة، أو بيع، أو رهن، أو هدم، أو بناء، أو تزويج، لكن م ا أجراه من عقود ت مليكا ً بعوض أو غيره الإجازة اللاحقة » يتوقف على إجارة المالك، فإن أجاز نفذ وإلا بطل؛ لأن « كالوكالة السابقة(١) . والمعنى الإجمالي للقاعدة: أن ّ من تصرف في مال الغير أو ملكه بغير إذنه فأتلفه، أو أحدث فيه عيبا، فإن عليه ضمان م ا أتلف(٢) . k :ô«¨dG ∂∏e »a ±ô°üàdG ´GƒfCG :É«fÉK التصرف في ملك الغير نوعان فعلي وقولي: ١ أما التصرف الفعلي في ملك الغير وذلك مثل: الأخذ، أو الاستهلاك، أو الحفر، أو الذبح، فكل من فعل ذلك دون إذن من مالكه يعتبر متعديا ً ، وفاعله ضامن؛ لأنه في حكم الغصب، فإن تقدمه إ ذن ٌ سابق يحل ويصح؛ لأن الإذن َ السابق ت وكيل. والتصرف الفعلي في ملك الغير لا يخلو من أن يكون غصبا ً بوضع اليد ْ فقط، أو ت صرفا ً بإحداث ذي أثر أو إتلاف، فإن كان غصبا ً فهو محظور يوجب رد ّ العين، ومضمون بالتلف، إلا إذا لحقته إجازة المالك وكانت العين المغصوبة قائمة، فإنها بالإجازة تنقلب أمانة. وإن كان التصرف بإحداث التصرف فعل ذي أثر في العين؛ كالحفر في ملك الغير بلا إذنه، فليس للمالك أن يجبر الحافر على ا لطم عند بعض ّ الفقهاء، بل يضمنه النقصان الحادث في الأرض، بخلاف الحفر في الطريق العام، فإن الحافر فيه يجبر على ا لطم اتفاقا، ويتحمل كل الأضرار الناشئة ّ (١) . الزرقا: شرح القواعد الفقهية، ص ٤٦١ . البورنو: الوجيز في إيضاح قواعد الفقه، ص ٣٩٠(٢) . هرموش: معجم القواعد الفقهية الإباضية، ص ٤٢٥ عن حفره، كسقوط إنسان أو حيوان في الحفرة وهلاكه، ويضمنها؛ لأنه متسبب متعد. وإن كان التصرف في ملك الغير إ تلافا ً ، كتشغيل جهاز كهربائي فتعطل بسببه، أو تحطيم ق ُ فل ٍ لفتح الباب فهو مضمون بكل حال، سواء أجازه المالك أو لا؛ لأن الإجازة لا تلحق الإتلاف(١) . ٢ وأما التصرف القولي في ملك الغير: يكون بطريق التعاقد، كالبيع، أو الهبة، أو الإعارة، أو الإجارة، وهو إما أن يكون ق وليا ً محضا ً ، أو يكون ق وليا ً يعقبه فعل كالتسليم، فإذا صاحب ذلك تنفيذ كان ت صرفا ً فعليا ً ، والمتصرف كان غاصبا بالتسليم، وضامنا ً ولو يعقبه تسليم، وعقده موقوف على إجازة المالك، فإذا لحقته إجازته بشرطها لزم العقد، وشرطها بقاء المالك، والعين المتصرف فيها والمتعاقدين، ويزاد في البيع قيام الثمن ولو بغير نقد، ويزاد في الإجارة بقاء المدة. وإن كان التصرف ق وليا ً محضا ً لم يعقبه تسليم فهو موقوف على إجازة المالك بشروطها، وهو سائغ صحيح مع توقفه؛ لأن الموقوف من قسم الصحيح. وبناء عليه ففي حالة التصرف الفعلي دون إذن المالك يكون معنى عدم ً الجواز المنع الموجب للضمان، وأما التصرف القولي فمعناه عدم ا لنفاذ(٢) . k :É¡JÉ≤«Ñ£Jh IóYÉ≤dG ´hôa :ÉãdÉK ١ في باب الوكالة: لو وك » : ما يفيد العمل بهذه القاعدة فقال « الجامع » ذكر ابن ب ركة في ّ ل غائبا جاز من قبل أن الوكالة كالإباحة للغائب مع الغيبة تصح، ألا ترى أنه لو (١) الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٤٦١ - .٤٦٢ (٢) الزرقا أحمد: المرجع نفسه. البورنو: الوجيز، ص ٣٩٠ . الكندي محمد: بيان الشرع، .١٢٥/ ٧٦ . ابن بركة: الجامع، ٢ /٣٥ أباح أكل طعامه لغائب جاز له أكله، ولو أذن لعبده وهو غائب أن يشتري له أو يبيع جاز، قال أب و حنيفة : وليس للوكيل أن يتصرف ما لم يعلم بالوكالة؛ لأن هذا عقد له الرجوع فيه، وللوصي أن يتصرف فيه قبل أن تبلغه «... الوصية(١) . وعقب ابن ب ركة على قوله: ولا يجوز عندنا أن يتصرف الوكيل ولا الوصي ولا غيرهما في مال أحد إلا بأمره، لقول النب ي صلى الله عليه وسلم : كل أولى بماله حتى » ﱞ « الوالد والولد(٢) . ٢ في باب الوصية: العمل بهذه القاعدة في باب « شرح النيل » ويؤكد القطب أ طفيش في الوصية، ويرى أنه لا يجوز للوصي أن يتصرف في مال الموصي إذا كان في يد الورثة إلا بإذنهم، وكذلك الوارث لا يجوز له التصرف في مال مورثه إذا كان في يد الوصي إلا بإذنه، فإن تعدى أحدهما على المال ضمنه. يقول القطب في هذا المعنى: (ولا يأخذ الخليفة الموصى به)، ت عي ّ ن للوصية أو لم تعين، ت عي ّ ن صاحبه أو لم يتعين (من الوارث)، أو من غيره أو من حيث كان، (إلا بإذنه)؛ لأنه أولى بمال المورث أن يتناوله الخليفة أو صاحبه؛ لأنه في يده، كما أنه لا يجوز لصاحب الحق أن يأخذه من مال من عليه الحق بلا إذن منه، ولا إدلال، إلا إن أنكر؛ لأن ذلك الشيء ليس ملكا للخليفة، ولأن للوارث أن يعطيه غير ذلك ينفذ به إن لم يعينه، وإن عينه وعين صاحبه فقيل: لا يجوز له أن يعطيه غيره، وقيل: يجوز، وما يفعله الإنسان فيخرج به من الخلاف أولى؛ (١) ٢٩٦/ ابن بركة: الجامع، ٢ - .٢٩٧ (٢) رواه الدارقطني في السنن، كتاب عمر، باب في المرأة تقتل ارتدت، رقم ١١٢ ، والبيهقي في الكبرى، كتاب النفقات، باب نفقة الوالدين، رقم ١٥٥٣١ ، عن حيان بن أبي جبلة، قال الذهبي في » : قال المناوي « كل أحد أحق بماله من والده وولده والناس أجمعين » : بلفظ .٩/ فيض القدير، ٥ .« المهذب فقال: قلت لم يصح مع انقطاعه ولأن الوارث لو أنفذ الوصية لجاز، ولا يحذر في ذلك إلا قيام الفتنة أو «... الحقد، وقيل: لا يجوز(١) . وأجاز الثميني والقطب للوصي خليفة الموصي أن يأخذ الوصية من التركة دون إذن الوارث، م ا دام له حق تنفيذ الوصية، وقد م ك ّ نه الموصي من التصرف في تركته، ولكن أبا العباس أحمد خالفهما في هذا الرأي إذا كان المال في غير يد ا لوصي. وجو )» : جاء في شرح النيل ما نصه ّ ز) للخليفة أخذه بلا إذن وارث؛ لأن الميت قد جعل له سلطانا ً على ذلك حيث جعله خليفة وأقامه مقام نفسه، وعلى ّ القول الأول يجري إذن وارث واحد؛ لأنه لو أنفذه أحد الورثة لجاز، وقال الشيخ أحمد (أبو ا لعباس :( لا يأخذ الخليفة من التركة جنس ما أوصى به ولا غيره إن لم يجعل المال بيده إلا بإذن الورثة، ورخص أن يأخذ الجنس الذي أوصى به بلا إذن ولا يأخذ من مال الوارث، وأما م ا لا يحتاج إلى التصرف والتبديل فلا يأخذ إلا بإذن، إلا إن جعل فيه الميت وصيته، فأمر الخليفة أن ينفذها، وكذا إن أمره أن ينفذ الوصية من ماله على هذا الوجه، وإن اقتسموا م ا عين للوصية ّ أخذ من كل منابه، ولا ينفذ من ماله شيئا ً الخليفة إلا إذا كان وارثا ً ، وإلا لم يجز الميت ولا إياه، ولا يضمن له الوارث، وقيل يجزيه لوصيته وإن لم يكن للميت «... مال أجزأ عنه ما أنفق الوارث أو غيره خليفة أو غيره(٢) . ٣ في باب العارية: وفي تصرف المستعير في العارية يرى فقهاء ا لإباضية أنه يجوز للمستعير الانتفاع بالعارية في الحدود المسموح بها، ولا يجوز له التصرف فيها ببيع أو إجارة أو رهن أو هبة، فإن فعل ذلك ضمن. (١) .٦٦٠/ أطفيش: شرح كتاب النيل، ١٢(٢) .٦٦١/ أطفيش: المصدر نفسه، ١٢ واختلفوا فيمن وجد عاريته أو وديعته عند شخص، وادعى أنه اشتراها من المستعير، فكيف يتصرف في هذه ا لحالة؟ وأشار إلى اختلاف ا لإباضية في ،« الجامع » نقل ابن ب ركة هذه المسألة في اختلف أ صحابنا فيمن استعار دابة أو » : حكمها، وصرح برأيه المختار فقال عبدا ً فوجدها قد باعها المستعير، فقال بعضهم: يأخذها ربها بالثمن الذي بيعت به، وقال بعضهم: ليس لربها أخذها، وله أن يأخذ المستعير حتى يمكنه من المشتري فيطالبه، وقال آخرون: لصاحبها أخذها بغير ثمن، ويرجع المشتري على البائع بالثمن، وهذا هو القول الذي يوجبه النظر، ويشهد لصحته الخبر، ولو لم يكن عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، والخبر والنظر متفقان معا ً في صحته، الدليل على ذلك: أ ن ّ كل مالك فملكه محبوس عليه إلا أن يزيله عن ن فس ه، وعليه فإذا كان البائع متعديا ً عليه في ماله وملكه، كان بيعه م ا لا يحل له فاعل م ا لا يحل له، فبيعه باطل؛ لأنه تصرف فيما لا يجوز التصرف فيه. وأيضا ً فيدل على صحة اختيارنا لهذا الرأي ما روى عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من سرق منه » ُ شيء أوضاع منه فوجده في يد رجل قد اشتراه أن صاحبه أحق به، ويرجع « على البائع بالثمن(١) «(٢) . ما يؤكد هذا المعنى يقول سعيد ا لخليلي في هذا « كتاب التمهيد » وجاء في ينبغي النظر في مسألة المستعير إذا باع العارية ووجدها صاحبها في » : الصدد يد من اشتراها منه، على ما جاز، فقال موسى بن علي : هي للمعير ويتبع المستعير البائع، وكأنه شبهها بالغضب على قول من يقول بذلك، وهو في ّ النظر كذلك؛ لأن بيع العارية بغير إذن ربها نوع من اغتصابها و لا ل ُبس في ْ ذلك، وقيل: ليس له أخذها إلا أن يدفع للمشتري الثمن؛ لأنه لا ت َوى على َ (١) رواه ابن ماجه، كتاب الأحكام، باب من سرق له شيء فوجده، رقم ٢٣٣١ ، وأحمد، مسند الكوفيين، من حديث سمرة، رقم ٢٠١٥٨ ، عن سمرة بن جندب، قال الأرنؤوط: حسن. (٢) .٣٣٣/ ابن بركة: الجامع، ٢ مال امرئ مسلم(١) ، وهذا قد أمكن المستعير من ماله، وهو يتبعه به، قيل: وقد عمل بهذا في زمن ا لجلند ي، وفي قول ا لربيع ليس له أخذها إلا أن يأتي البائع « فيمكن المشتري منه(٢) . وقاس أ بو محمد الخليلي حكم الأمانة والوديعة بالعارية إذا وقع التصرف (١) يشير إلى الحديث الذي أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الحوالة، باب من قال: ليس على مال امرئ مسلم » : يرجع على المحيل، حديث: ١٠٦٥٤ عثمان بن عفان قال يعني حوالة ورواه غيره عن شعبة مطلقا، ليس فيه يعني حوالة. قال الشافعي: في » .« توى رواية المزني في الجامع الكبير، احتج م حمد بن الحسن بأن عثمان بن عفان قال في الحوالة أو الكفالة: يرجع صاحبها، لا توى على مال مسلم، فسألته عن هذا الحديث، فزعم أنه عن رجل مجهول، عن رجل معروف منقطع، عن عثمان، فهو في أصل قوله يبطل من وجهين، ولو كان ث ابتا ً عن عثمان لم يكن فيه حجة؛ لأنه لا يدري أقال ذلك في الحوالة أو في الكفالة قال الشيخ: الرجل المجهول في هذه الحكاية خليد بن جعف، وخليد بصري لم يحتج به محمد بن إسماعيل البخاري في كتاب الصحيح. وأخرج م سلم بن الحجاج حديثه الذي يرويه معا لمستمر بن الريان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد في المسك وغيره، وكان شعبة بن الحجاج إذا روى عنه أثنى عليه، والله أعلم. والمراد بالرجل المعروف أ بو إياس معاوية بن قرة المزني، وهو منقطع كما قال، فأبو إياس من الطبقة الثالثة من تابعي أهل البصرة، فهو وأخرجه عبد الرزاق الصنعاني في المصنف، .« لم يدرك عثمان بن عفان، ولا كان في زمانه لا توى على مال » : ١، عن إبراهيم قال: كان يقال كتاب البيوع، باب الإحالة، حديث: ٤٦٧٦ مسلم يرجع على غريمه الأول، هذا في الإحالة قال: قلنا: وإن أخذ بعض حقه؟ قال: وإن وأخرجه الترمذي في سنن الجامع الصحيح، أبواب .« كان يقال: لا توى على حق مسلم الجنائز عن رسو لا لله صلى الله عليه وسلم أبواب البيوع عن رسو لا لله صلى الله عليه وسلم ، باب ما جاء في مطل الغني أنه ظلم، حديث : ١٢٦٧ . عن ابن عمر، عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم قال: مطل الغني ظلم، وإذا أحلت على » « مليء فاتبعه، ولا تبع بيعتين في بيعة . قال بعض أهل العلم: إذا » : وعلق عليه الترمذي بقوله توي مال هذا بإفلاس المحال عليه فله أن يرجع على الأول واحتجوا بقول عثمان، وغيره، حين قالوا: ليس على مال مسلم توى قال إسحاق: معنى هذا الحديث ليس على مال مسلم توي: هذا إذا أحيل الرجل على آخر وهو يرى أنه ملي، فإذا هو معدم فليس على مال مسلم .« توى (٢) ٢١٩/ سعيد الخليلي: كتاب التمهيد، ٩ - .٢٢٠ وما ثبت من هذا في العارية فيخرج أ يضا » : فيها بغير إذن صاحبها فقال ً في الأمانة والوديعة؛ لأنهن من باب واحد، والذي عندي في هذا كله، أ ن ّ كل موضع جاز له فيه أخذ ماله بغير شرط و لا غ ُ رم من يد المشتري من المغتصب أو للمستعير، ولم تقم له به حجة في الظاهر نزعه من يده، فيجوز له في ا لسر ّ إذا قدر على الأكل منه، والأخذ ل ه. وعلى قول آخر: لا يرى له أخذه إلا بغرم ثمنه، أو بإحضار البائع والجمع ُ بينهما، فهو ممنوع من ماله، لا يباح له أخذه، ولا الأكل منه في السر ولا في الجهر؛ لأنه ممنوع منه ولو قامت له به البينة العادلة حتى يأتي بما يبيحه له من « ثمنه أو من الجمع بينهما على ما في المسألة من أ قوال(١) . ويبدو من خلال الأقوال المقدمة أنه إذا وجد صاحب الأمانة، أو العارية، أو الوديعة في غير يد المستعير، أو الأمين، أو المودع ف لا يجوز أخذها منه إذا أثبت أنه اشتراها، وعليه ملاحقة المستعير والمؤتمن والمودع الخائن، ومطالبته بحقه حتى لا يكون تصرفه مناقضا ً لأنه ؛« لا يزال الضرر بضرر مثل ه » : للقاعدة لو أخذها من المشتري لأ َ لحق به ضرر بتلف ماله، وما دام لا يدري أن البائع مغتصبا تصرف في غير ماله. وبناء عليه، فإما يدفع للمشتري ثمن المثل ويأخذ حاجته ضمانا لحقه، ً وإما يجمع بين البائع الخائن والمشتري فيرد المبيع للبائع مقابل ثمنه ويستلمه منه، ولعل هذا الرأي هو الأوفق والأعدل والمختار من الأقوال، ويؤيده قول الربيع بن حبيب وابن ب رك ة، خلافا للمحقق ا لخليلي الذي أجاز أخذ ماله إذا قدر عليه في ا لسر . ّ ٤ في باب الإجارة: إذا اختلف صاحب السلعة » ومن فروعها ما نقله ابن ب ركة في باب الإجارة (١) .٢٢٠/ الخليلي سعيد: المصدر نفسه، ٩ والعامل فيها، كان القول قول صاحب السلعة وذلك مثل: أن يدفع رجل إلى خياط ث وبا ً ليقطعه ق ميصا ً أو قباء أو سراويل، أو يدفع إلى صباغ ثوبا ثم ّ يختلفان، فالقول قول صاحب السلعة؛ لأنه لا خلاف بين العلماء من أهل الوفاق وأهل الخلاف أ ن ّ من أحدث حدثا ً في مال لا يملكه أنه مأخوذ بحدثه، َ وأن الدعوى لا تنفع ه، والخياط مقر بأن الثوب لربه، وأنه أحدث فيه حدثا ً ، وادعى إذنه وإجازته عليه، فإن أقام بينة على دعواه، وإلا حلف صاحبه وضمنه « ما أحدث في ث وبه(١) ؛ لأنه لا يجوز أن يتصرف في مال الغير بلا إ ذ ن، والخياط في هذه الحالة قد تصرف في الثوب خلافا لما أذن له، وكذلكا لصباغ، ولذلك ّ وجب عليهما ضمان م ا فسد. ِ ٥ في باب المضاربة والقراض: ذهب جمهور فقهاء ا لإباضية إلى أنه لا يجوز للمضارب أو المقارض أن يتصرف في مال إن منعه صاحب المال من ذلك، فإن تصرف دون إذنه فتلف ضمنه، وكذلك الأمر لو مات المضارب وتسل ّ م ورثته إدارة محل التجارة، فلا يحل لهم ذلك، ويتحملون تبعة المال إن ضاع في أ يديهم. وإن منعه (المضارب) صاحب المال » : يقول ا لشماخي في هذا المعنى على التصرف في ماله، فإنه إن لم يكن الربح في المال ف لا يجوز له فيه التصرف بعد منع صاحبه، وإن كان الربح فجاز له التصرف، ويبيع ويوصل لصاحب المال ماله ومنابه من الربح، وكذلك إن لم ي تبين له أكان الربح في ﱠ المال أو لم يكن، يجوز له التصرف، وكذلك ورثة المقارض إن مات، لا يجوز لهم التصرف في ذلك؛ لأنهم ليسوا بمقارضين لصاحب المال، إلا أن يبيعوا ما يحتاج إلى البيع ويجمعوا المال، ويأخذوا سهم مورثهم من الربح إن كان، ويوصلوا المال إلى صاحبه ومنابه من الربح، ويدرك صاحب المال عليهم؛ (١) ٣٩٤/ ابن بركة: الجامع، ٢ - ٣١٨/ ٣٩٥ . الشماخي: الإيضاح، ٦ - .٣٢١ لأن عليهم ما لزم مورثهم قد اتجر، وإن اتجروا بالمال بعدما مات مورثهم، فإنه إن اتجر مورثهم بالمال أول مرة فلهم نصيبهم من الربح، كان الربح أول مرة أو لم يكن؛ لأن مورثهم قد اتجر به، فإن تلف المال فعليهم الضمان إن علموا بموت مورثهم؛ لأن صاحب المال لم يضاربهم بذلك المال، وإن لم يعلموا بموت مورثهم ف لا ضمان عليهم. وإن اتجر مورثهم أول مرة فاتجروا هم به بعد موته، فلهم أجر عنائهم إن لم يعلموا بموت مورثهم، ولا ضمان عليهم إن تلف المال، وإن علموا فعليهم الضمان، وليس لهم بشيء في الحكم، ولهم عناؤهم فيما بينهم وبين الله؛ « لأنهم اتجروا بمال بغير إذن مالكه(١) . وبعد أن ب ي ن ا لشماخي حكم المضارب وورثته إذا اتجروا في المال بعد ّ منع صاحب المال لهم، انتقل إلى بيان ما يترتب على المضارب وورثته إذا وكذلك أ يضا » : تصرفوا بالتجارة في المال بعد وفاة رب المال، فقال ً إن مات صاحب المال على هذا الحال، فإنه إن اتجر به أول مرة ثم اتجر به بعد موته، فله نصيبه من الربح حين اتجر به أول مرة، وإن تلف فهو ضامن إن علم بموته؛ لأنه حين مات انتقل الأمر إلى الورثة، واتجر في مالهم بغير رأيهم، وإن لم يعلم بموته ف لا ضمان عليه، وأما إن لم يتجر به قبل أن يموت صاحب المال ثم اتجر به بعد موته، فإن علم بموته فليس له شيء، ومنهم من يقول: له أجر عنائه؛ لأنه ليس بمتعد، وإن تلف المال فهو ضامن؛ لأن ذلك المال في « يده بمنزلة الوديعة، وإن لم يعلم بموته فله أجر عنائه، وليس عليه ا لضمان(٢) . ولعل سبب وجوب الضمان عند تلف المال على المضارب، أنه ت صرف ّ في مال غيره دون رضاه بعد منعه من ذلك، أما لو كان راضيا ً بالمضاربة (١) ١٧/ الشماخي: الإيضاح، ط ١، دار الفتح، لبنان، ١٣٩٤ ه/ ١٩٧٤ م، ٤ - .١٩ (٢) ١٩/ الشماخي: المصدر نفسه، ٤ - .٢٠ وحدثت خسارة في شركة المضاربة، ف لا يتحمل المضارب الخسارة، بل يتحمله صاحب المال وحده؛ لأن المضارب قد خسر عناءه، ف لا يتحمل الخسارة مرتين، والله أ علم. ٦ في باب قضاء الد ﱠ ين: ومن فروع هذه القاعدة ما ذهب إليه بعض فقهاء ا لإباضية في جواز قضاء ِ ِ الدائن دينه من مال الهالك المنقول سرا ً إذا لم ي وص به، ومنع آخرون ذلك؛ لأنه تصرف في ملك الغير دون إذن، وحكى بعضهم إجماع الفقهاء في جواز أخذ مثل ماله سرا ً إذا وجده ب عينه. وأشار إلى محل الخلاف بين ،« الجامع » نقل ابن ب ركة هذه المسألة في ِ اختلف علماؤنا في رجل مات وعليه د » : الإباضي ة، فقال َ ين لرجل، ولم ي وص إلى أحد من الناس، ولم يكن لصاحب الدين بينة على الميت، فقال بعضهم: إن قدر على شيء من مال الهالك من العروض والحيوان أخذه سرا ً وباعه، واستقضى منه وقبض حقه، ويقيم نفسه في ذلك مقام ا لحاكم. وقال آخرون: ليس له ذلك ويكون م تعديا ً في الظاهر والباطن؛ لأنه يفعل بغير أمر الله، لأنه ليس بوكيل فيم يبيع ولا وصي، فأجمعوا على أنه إذا وجد في مال الهالك مثل عين ماله من الجنس الذي له من الذهب والفضة، أو ما يضبط بالكيل والوزن ويتساوى ولا يختلف، أن ّ له ذلك إذ قدر عليه سرا ولا يأخذه جهارا ً ، ويواجه بأخذه ظاهرا؛ لأنه يكون متعديا ً في «... الظاهر(١) . وتعقب ابن ب ركة هذه الأقوال، وناقش أدلتها، وبين قوتها من ضعفها، ّ وقوله ليس بحجة في دعواه، فإن قال » : ومدى صلاحيتها للاحتجاج بها، وقال ِ قائل: أليس للحاكم أن يقضي عن الميت ا لد ّ ين من ماله، ف ل م لا يجوز لصاحب َ (١) ٢١٠/ ابن بركة: الجامع، ١ - .٢١١ الدين إن عدم ا لبينة، وعدم الحاكم، وقدر على أن يأخذ من مال الميت مما ﱢ خلفه فيبيع ذلك ويقضي دينه منه؟ قيل له: إن الحاكم هو الذي جعل لذلك ون ُ صب له، وليس ذلك للعوام، ولو جاز لرجل من العوام أن يقول فيبيع من مال الميت، ويقضي عنه دينه كما لا يجوز للحاكم. فإن قال: فإن جحده وقدر على شيء من ماله، هل له أن يأخذه من ماله؟ قيل له: إذا جحده أو هلك فكان ذلك سواء؛ لأنه لا يقدر على أخذه منه بالجحد والموت. فإن قال: لم ِ لا يأخذه ويقضي حقه من ماله ببيع أو قيمة، ويكون هذا اتفاق ب ينهم؟ قيل له: ليس له ذلك عند هذه الطائفة من أجل أ ن ّ عين ماله غير ما أخذه، َْ فلا يجوز أن يملك هذا المتاع إلا بشراء، ولا يجوز له أ يضا ً أن يتصرف بالبيع ِ في مال لا يملكه، إلا بوكالة، أو وصاية، أو ب ملك ت قد ّ « م له ف يه(١) . واستدل من ذهب إلى جواز قضاء ا لد ﱠ ين من مال المدين الهالك ولو بالبيع بما روي عن زوجة أبي سفيا ن، لما أذن لها رسو ل الله صلى الله عليه وسلم أن تأخذ من ماله ُ ما يكفها لنفقتها وعياله، ولا شك أن هذا الدليل لا يصلح الاحتجاج به في هذا المقام لكون المدعية زوجته، لها عليه حقوق، وقضاء ا لرسول صلى الله عليه وسلم لها بذلك باعتباره حاكما ً ومشرعا ً يجوز له ذلك. ولا بأس أن نورد عبارة ابن ب ركة في هذا ّ ِ فإن قال: أليس قد أ ذ ن رسول الله صلى الله عليه وسلم » : الصدد واعتراضه على هذا الدليل فيقول لهند بنت عتبة وقد شكت إليه من زوجها أبي سفيان بن حرب أنه قطع عنها وعن أولادها الكسوة والنفقة، فأمرها رسو ل الله صلى الله عليه وسلم أن تأخذ من ماله بغير إ ذنه ؟(٢) . (١) .٢١٢/ ابن بركة: المصدر نفسه، ١ (٢) متفق عليه، رواه البخاري، كتاب النفقات، باب إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير ٣، عن عائشة بنت علمه، رقم ٥٠٥٥ ، ومسلم، كتاب الأقضية، باب قضية هند، رق م ٣٢٠ أبي بكر الصديق. قيل له: ورد الخبر بأنه أذن لها أن تأخذ حقها وحق صبياتها من ماله، وليس في الخبر أنه أمرها أن تأخذ غير ما يجب لها، وتبيعه وتملكه عليه من حق منعها إياه سوى ما صار إليها، بل الذي يجب أن يكون ا لرسول صلى الله عليه وسلم أمرها أن تأخذ م ا يكفيها ويكفي صبيانها من ماله، وللمرأة على زوجها حقوق مختلفة م ن حب وتمر وأدم ودهن وثياب وصداق وغير ذلك، فكل شيء أخذته فهو َّ من جنس حق لها. وأيضا ً : فإنه إن صح أنه أذن لها أن تأخذ غير الذي لها وغير عين حقها َْ ِ عليه، فإنها أخذت بحكم حاكم، ومن حكم له حاكم ب أخذ حق له في مال َ «... غريمه جاز له خذه(١) . مجمل القول: وبعد النظر في أقوال الفقهاء وأدلتهم يظهر أن م ا ذهب إليه جمهورا لإباضية وابن ب ركة في عدم جواز أخذ الدائن دينه من مال المدين لقضاء حقه سرا ً أو جهرا، سواء كان حيا أو ميتا، دون إذنه أو علمه، هو الرأي الأعدل والأوفق، عملا ً لأنه ؛« لا يجوز لأحد أن يتصرف في مال الغير وملكه إلا ب إذ ن » : بالقاعدة مهما بدل من جهد في استيفاء حقه قد يتعدى ذلك فيلحق الضرر بغيره، ولذلك يجب عليه أن يطلبه من أصحابه، كالوصي، أو الورثة، إن كان المدين م يتا ً ، أو من الحاكم إن كان حيا ً ، خاصة إذا جحده حقه أو ماطله، وا لله أعلم. واختلف الفقهاء أ يضا ً فيمن اغتصب مالا ً ، أو كان عليه د َ ينا فجحده، وظفر صاحب الحق بماله أو بمال للغاصب أو المدين، هل يجوز له أن يأخذه منه، أو يتصرف فيه بالبيع، ويقضي به دينه أو حقه؟ وعرض أقوال الفقهاء ،« جامعه » نقل أب و الحسن البسيوي هذه المسألة في ومن غصب رجلا » : وأدلتهم فقال ً مالا ً من ماله، أو دينا ً كان له عليه فجحده (١) .٥٩/ ابن بركة: المصدر السابق. البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، ٤ إياه، فإن ظفر له بمال استوفى منه حقه فذلك له، وإن كان من جنس ما أخذ فذلك جائز له، والاختلاف بينهم إذا أخذ من غير الجنس الذي له عليه، قال قوم: جائز له، ويبيع ذلك ويستوفي، وقال قوم: إن أخذ من غير الجنس الذي له، كان ضامنا ً لما أخذ، وقال قوم: يأخذ من أمانته إذا ظلمه المؤتمن، وقال آخرون: لا يأخذ من أمانته، لقول النب ي صلى الله عليه وسلم : رد » ّ أمانتك إلى من ائتمنك « ولا تخن من خانك(١) . وفي كتاب الله تعالى: ﴿ © ª « ¬® ¯° ± ﴾( (النساء: ٥٨ ، يدل على ذلك، ف لا يأخذ من أمانته لهذا «... الخبر، وأما من غير ذلك فلعله ي أخذه(٢) . واحتجوا على جواز أخذ حقه من الغاصب أو الجاحد، دون إذنه بما ثبت في ا لسن ﱠ إن أبا سفيان رجل » : ة أن هند بنت عتبة شكت إلى ا لنبي صلى الله عليه وسلم فقالت ﱡ لئيم، لا ينفق علي ولا على أولادي أو عيالي فقال لها: خذي من ماله » ّ « ما يكفيك ويكفي عيالك بالمعروف ، أو قال: « بالقصد »(٣) «(٤) . فالذي يجيز لهذا أن يأخذ من الجنس » : ويضيف ا لبسيوي في السياق نفسه وغيره؛ لأن هن دا أمرها ا لنبي صلى الله عليه وسلم أن تأخذ، ولم يحدد لها شيئا ً بعينه، فأما من لم يجز الأخذ إلا من الجنس، فإن الحجة له أن هندا ً حكم لها ا لرسول صلى الله عليه وسلم بذلك من مال زوجها، ومن حكم له حاكم بشيء جاز له أن يأخذ بالحكم مما حكم ب ه. وكذلك قال: إن لها عليه حقوقا ً من نفقة وكسوة وصداق، وما أخذت من (١) رواه الترمذي، كتاب البيوع، رقم ١٢٦٤ ، وأبو داود، كتاب الإجارة، باب في الرجل يأخذ والغالب على .« حسن غريب » : حقه من تحت يده، رقم ٣٥٣٥ ، عن أبي هريرة. قال الترمذي لا يخفى أن وروده بهذه الطرق المتعددة مع تصحيح إمامين من » : تضعيفه. قال الشوكاني .« الأئمة المعتبرين لبعضها وتحسين أمام ثالث منهم مما يصير به الحديث منتهضا للاحتجاج .٢٩/ نيل الأوطار، ٦ (٢) .٥٩/ البسيوي: الجامع، ٤(٣) .١٧٢/ رواه البخاري عن عائشة، التجريد الصحيح لأحاديث الصحيح، كتاب البيوع، ١(٤) البسيوي: المصدر نفسه. ذلك حسب من حقها الذي يجب لها من ذلك، فأما من أقر له بحقه، فإنه ُ لا يأخذ بيده ول ْ يتقاضى غريمه حتى يعطيه، فأما إن جحده فله أن يأخذ حقه، وقد قيل: ي عرفه بينه وبينه أنه قد استوفى حقه لعله يتوب، فيعلم براءة ذمته، أو ّ يحضره الموت فيوصي له، فإذا عرفه لم يلزمه غير ذلك. ّ وقال البعض، فإن خافه واتقاه فيشهد أنه قد استوفى من فلان ما كان له عليه، ولا يطلبه بحق، فإن حضره الموت أوصى أنه قد استوفى، لعل الظالم يتوب ف لا يأخذ ورثته منه شيئا ً«(١) . ٧ في باب الاستئذان: ومن فروعها: أن الإسلام منع الدخول في بيوت الناس دون استئذان، وأوجب ذلك حتى على ذوي المحارم، لما روي عن عطاء بن يسار أن رجلا ً سأل ا لنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أستأذن على أختي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: نعم، » «!؟ أتحب أن تراها عريانة(٢) . ويرجع ا لسالمي سبب وجوب الاستئذان، وتحريم الدخول دون إذن عند الإباضية اعتمادا ً على هذه القاعدة، فيقول معللا ً : وظاهر كلام أ صحابنا أن » النهي إنما ورد لأجل جميع ذلك، فإنهم صرحوا بأن الاستئذان لم يشرع بخوف الاطلاع على العورات، ولا لئلا تسبق عينه على م ا لا يحل النظر إليه فقط، وإنما شرع لئلا يوقف على الأحوال التي يخفيها الناس في العادة عن غيرهم، ويتحف ّ ظون من إطلاع أحد عليها؛ ولأنه تصرف في ملك الغير، ف لا بد « من أن يكون برضاه، وإلا أشبه الغصب والقهر(٣) . (١) ٥٩/ البسيوي: جامع البسيوي، ٤ - .٦٠ (٢) ٢٢١/ البسيوي: المصدر نفسه، ٤ - .١٧٣/ ٢٢٢ . السالمي: معارج الآمال، ٢ . والحديث رواه البخاري في الأدب المفرد، كتاب الاستئذان، باب يستأذن على أخته، رقم ١٠٦٣ .٢٥/ فتح الباري، ١١ .« أسانيد هذه الآثار كلها صحيحة » : قال ابن حجر(٣) ١٧٣/ السالمي: معارج الآمال، ٢ - .١٧٤ ويذهب بعض فقهاء ا لإباضية إلى تعميم حكم الاستئذان على جميع البيوت دون استثناء، سواء كانت مسكونة أو خالية، ولو كان للمستأذن فيها ِ حاجة، وسواء كانت ملكا ً خاصا ً أو عاما ً ، واختار ا لقطب هذا الرأي وصححه خلافا ً للجمهور. وأما البيوت » : ويشير ا لسالمي إلى منشأ الخلاف في هذه المسألة فيقول التي تدخل بغير استئذان فهي ما ذكر الله تعالى في قوله عز من قائل: ﴿ ; < = EDCBA@?> ﴾ (الن ور: ٢٩ (.« قال أب و بكر » : ونقل ا لسالمي سبب نزول هذه الآية فقال 3 إن الله قد أنزل عليك آية في الاستئذان، وإنا نختلف في تجارتنا في هذه الخانات، أفلا ندخلها إلا بإذن؟. فنزلت ا لآية . وروي أنه لما نزلت آية الاستئذان قالوا: كيف بالبيوت التي بين مكة والشام على ظهر الطريق ليس فيها ساكن؟ فنزلت هذه الآية. وقيل: المراد جميع البيوت التي لا ساكن فيها؛ لأن الاستئذان إنما جعل لشيء لا يطلع معه على عورة، فإن لم ي خف ذلك جاز له الدخول بغير َ استئذان. والمراد بالمتاع في قوله تعالى: ﴿ EDC ﴾ (الن ور: ٢٩ ( . الاستمتاع والنفع، كدخولها للحر أو البرد أو غيرهما. وقيل: المراد بالمتاع المال، فإذا كان لك مال في بيت غير مسكون جاز دخوله بلا إ ذن. واختار ا لقطب تعميم الحكم على جميع البيوت فمنع من دخولها إلا بإذن ولو كان له فيها حاجته، وصححه فقال: والصحيح المنع إلا بإذن ما لم يمنعه « صاحب البيت من ماله(١) . (١) .٢٢٢/ ١٧٣ . البسيوي: جامع أبي الحسين البسيوي، ٤ / السالمي: نفسه، ٢ وخالف ا لسالمي رأي ا لقطب ولم ي سل ّ فقلت: » : م به وعقب عليه بقوله وهذا التصحيح إنما هو في المنازل التي لها أرباب ف وضعت َ فيها متاعك بإذن أربابها، فإنه لا يحل لك أن تدخلها لأخذ متاعك بغير إذنهم، ولو علمت أنه ليس فيها أحد، لأن ذلك تصرف في ملك الغير، وما أباحته الآية إنما هو في المنازل المعدة لذلك، أو المنازل التي علم من أصحابها أنه لا يسوؤه ذلك، بل يرضى به ويحبه، لقيام الدليل على منع التصرف في « ملك الغير إلا برضى أو إ ذن(١) . والحاصل: أنه يظهر من خلال ما تقدم من أدلة الفريقين أن ما ذهب إليه ا لسالمي والجمهور يتوافق مع مدلول الآية، فبعد أن ب ينت الحكم العام في دخول ّ البيوت خصصت هذا العموم بترك الاستئذان، إذا كانت البيوت غير مسكونة أو فيها متاع للناس. ولعل تعميم ا لقطب للاستئذان في كل البيوت حكم جانبه الصواب لمخالفته لمنطوق الآية، ومفهومها وما قرره ا لسالمي هو الرأي الأعدل والأوفق رفعا للحرج والمشقة، وتيسيرا ً على الناس، وقد أكده سبب نزول ا لآية. هذا وقد استدل ا لسالمي بهذه القاعدة أ يضا ً عند بيانه لصفة الإذن فقال: وهو إجازة الدخول، فيدخل المستأذن بما إذا سمع الإذن من البيت سواء كان »من أهل البيت أو من غيرهم. وقيل: لا يدخل إلا بإذن من هو من أهل البيت؛ لأن الدخول بغير إذنهم تصرف في ملك الغير بلا إ ذنه(٢) . (١) .١٧٥/ السالمي: معارج الآمال، ٢(٢) .١٨١/ السالمي: المرجع نفسه، ٢ ٨ في تصرفات الفضولي: المراد بالفضولي هو الذي يتصرف في شؤون الغير بغير إذنه ولا رأيه، فمن اشترى لغيره بغير إذنه ولا رأيه كان شراؤه في حق الغير ب اطلا ً ، ويصحح في حق نفسه، فبيعه موقوف على إذن صاحبه، وكذلك شراؤه، وكذلك لو عقد النكاح على يتيمة، فإن العقد موقوف على إمضائها بعد ا لبلوغ(١) ، وجميع تصرفاته بيعا وشراء، ونكاحا ً ، ورهنا ً ، وإجارة، وقضاء، وشركة وقراضا ً ، لا تصح عن الغير بغير إذنه و لا رأيه(٢) . ومن فروعها: ما ذكره الإباضية في حكم تصرفات الفضولي، فقد اعتبروها كلها موقوفة؛ لأنه تصرف بغير إذن؛ كمن يتبرع بقضاء دين غيره ْ دون إذنه، ف لا ضمان على المدين؛ لأنه تصرف بغير إذنه، ولا يجوز له المطالبة بالمثل، وقد ذكر محمد بن إبراهيم ا لكندي هذه المسألة وقال: وقد قال المسلمون من ت برع على إنسان بقضاء دين عليه فقضاه عنه بغير » ّ أمره، أو قضاه ليأخذ عوضه، إن الضمان يسقط على المقضي عنه ولا شيء « للقاضي عن المقضي عنه(٣) . وقال أ يضا ً : وليس له أن يأخذ من المقضي عنه مثل م ا قضى عنه؛ لأنه » قضى بغير رأيه ولا أمره... وتسمى هذه الدراهم التي قضاها عنه بغير رأيه « بمنزلة العطية ا لمقبوضة(٤) . فهنا قد أبطل ا لكندي تصرف الفضولي في حق الغير وصححه في حق نفسه، واعتبر الدراهم المدفوعة بمثابة العطية، فكأنه أعطى هذه الدراهم عطية مبتدأة من نفسه وليس دينا ً عن غيره؛ لأن تصرف الفضولي لا يصح عن ا لغير. ْ (١) ١٢٤/ ابن بركة: الجامع، ٢ - .١٢٥ (٢) هرموش: معجم القواعد الفقهية الإباضية، ص ١٨٢ - .١٨٣ (٣) .٧٦/ الكندي محمد إبراهيم: بيان الشرع، ج ٣٥(٤) الكندي: المرجع نفسه. :Ió`YÉ≤dG øe ≈æãà°ùj Ée استثنى بعض فقهاء ا لإباضية بعض الفروع من القاعدة لثبوت أدلة أخرى تخالف هذه القاعدة من ذلك: ١ التصرف في الرهن المغصوب ونحوه: ذكر ا لشماخي في باب الرهن أنه إذا ق د ّ م الراهن للمرتهن رهنا ً فظهر أنه مال حرام مغصوب، فإنه يتصرف فيه بغير إذن صاحبه، يقول في هذا الصدد: إذا رهن رجل لرجل رهنا » ً فإذا هو حرام، فإن المرتهن يرده لصاحبه دون الراهن، وكذلك الوديعة والعارية والبضاعة إذا كانت بيد رجل مسلم ثم علم أنها حرام، فإنما يرد جميع ذلك لمولاه دون الذي جعل ذلك في يده إذا علمه، وإن لم يعلمه فليبعه وينفق ثمنه، ولا يرد الذي جعله في يده؛ لأن ذلك تصرف في مال الغير بغير حق، ومنهم من يرخص في رد ذلك إلى الذي في يده إذا جاء معترفا وع ُ « لم منه الإنصاف؛ لأنه أعلم بذلك منه(١) . ٢ في ما يحل للوالد من مال ولده: اختلف فقهاء ا لإباضية في حكم تصرف الوالد في مال ولده، وما يحل له فيه، وما ي حرم، فمنهم من لم يعمل بالقاعدة، واستثنى منها حالة تصرف الوالد ُ في أملاك ولده، فأجاز ذلك مطلقا ً بعد حكم الحاكم له بذلك، ومنهم من منعه من التصرف في مال ولده في حالة اليسر والغنى، فإن فعل ذلك ضمن، ومنهم من أجاز ذلك وقيده بحالة إعساره ويسر ولده. وأشار إلى اختلاف ا لإباضية في « الجامع » نقل ابن ب ركة هذه المسألة في اختلف أ صحابنا في مال الولد، هل للأب أخذه في حياته، » : حكمها فقال ويتملكه عليه أو شيء منه في حال الإعسار أو غير الإعسار، فأجاز بعضهم للأب أخذ مال ولده وإن كان الأب موسرا، ويحكم له الحاكم بجواز ذلك (١) .٢١٧/ الشماخي: الإيضاح، ٧ الفعل، وقال بعضهم: لا يجوز ذلك الفعل له، إذا كان م وسرا ً ، فإن أخذ من مال ولده شيئا ً كان أخذه له ضامنا ً. وقال بعضهم: ما يأخذه الأب من مال ولده ا نتزاعا ً ، والانتزاع لا يكون إلا فيما يتلفه، وأما فيما عينه قائمة ينقلها إلى ملكه نحو الدور والأرضيين والنخيل، َْ فلا يصح الانتزاع فيه، والعين قائمة. وقال بعضهم: لا يجوز له أخذ شيء من مال ولده إلا لكسوته أو نفقته بفرض حاكم إذا كان م عسرا ً ، والابن م وسرا ً «...(١) . قلت لهما، فالرجل يأخذ من مال ولده » :« المدونة » وقال أب و غانم في ويتصدق ويهب؟ قالا جميعا ً : ذلك للوالد من مال ولده، يصنع في ذلك م ا أ َحب، إلا أ ن ّ ابن ﱠ عب دا لعزيز قال: ما لم يضر بولده وتجحف بماله ولاحقا ً بالضرر. قالا جميعا ً : ولا يحل للوالد أن يأخذ من مال ولده شيئا ً « إلا ب إذنه(٢) . قال أب و المؤرج : حدثني أب و عبيدة رفع الحديث إلى ابن عباس وإلى إن أطيب ما تأكلون من كسبكم وإن » : جابر بن زيد عن عائشة أنها قالت « أولادكم من كسبكم فكلوا من كسبكم(٣) . قلت لابن عب دا لعزيز : فلو أن رجلا محتاجا ً وابنه غني، إن هو بسط يده إلى مال ابنه حال ابنه بينه وبين الأخذ من ماله؟ (١) ٤٢٤ . العوتبي: / ٣٦٢ . الشماخي: الإيضاح، ط دار الفتح لبنان، ٤ / ابن بركة: الجامع، ٢ .٧٣/ الضياء، ١٤ ِ (٢) الخراساني أ بو غانم بشر، مدونة أبي غانم، تحقيق يحيى النبهاني ولعساكر إبراهيم، . ص ٢٨٥ (٣) ورد حديثا ً مرفوعا ً إلى رسول ا لله صلى الله عليه وسلم رواه الترمذي ( ١٣٥٨ ). وأبو داود ( ٥٣٣٠ ). والنسائي ٤٤٤٩ ). وابن ماجه ( ٢٢٩٠ ). وأحمد ( ٢٥٦٥٢ ). وابن الجارود ( ٩٩٥ ). وابن حبان )٤٢٥٩ ). والح ) ُ ميدي ( ٦٤٦ ). وإسحاق بن راهويه ( ١٦٥٦ ). وابن أبي شيبة ( ٣٦٢١٣ ) من وقال الحاكم في .« هذا حديث حسن صحيح » : حديث عائشة رضي اله عنها، قال الترمذي .« حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه » :( المستدرك ( ٢٢٩٤ قال: فليأت به إلى القاضي وليعلمه بحاجته وأنه حال بينه وبين الأخذ من ماله. قلت له: أفيعطيه القاضي إذا أتاه فأعلمه بما ذكر على أخذ ما أحب من ماله؟ قال: نعم يعطيه القاضي من مال ولده ما احتاج إليه، ويجيزه على ذلك، ويأخذ برزقه ونفقته وكسوته وكسوة عياله بالمعروف على قدر سعة الابن، غير مضار ولا مشرف(١) « عليه فيما لا يحل(٢) . قال أب و المؤرج : حدثني أب و عبيدة أن رجلا » ً أخذ من مال ولده في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق الابن إلى النبي 0 يشكوا بوالده، ويقول له: أخذ والدي من مالي، فقال النبي 0 : « اذهب أنت ومالك لأبيك »(٣) «(٤) . ويظهر مما تقدم أن الذين منعوا ت صرف الوالد في مال ولده بغير إذنه هو ﱡ الرأي الأعدل والأقرب للصواب، وذلك حتى لا يستغل الآباء سلطتهم فيحرمون أبناءهم من ممتلكاتهم، ويتعسفون في سلطتهم الأبوية خاصة إذا كان أبناؤهم بالغين وراشدين، ولعل هذا القيد الذي وضعه الفقهاء يحد من (١) مشرف: من الإشراف وهو الحرص والطمع، ومنه قول ا لشاعر: لقد علمت م ا الإشراف من طبعي أن الذي هو رزقي سوف يأتيني ِ (٢) الخراساني أ بو غانم بشر: مدونة أبي غانم الخراساني، تحقيق: يحيى النبهاني ولعساكر . إبراهيم، ص ٢٨٥ (٣) رواه أ يضا ً .( أبو داود ( ٣٠٦٣ ). وابن ماجه ( ٢٢٨٣ ). وأحمد ( ٦٦٠٨ ). وابن الجارود ( ٩٩٥ وابن أبي شيبة ( ٢٢٧٠٨ ). والطحاوي في شرح الآثار (باب الوالد هل يملك مال ولده أم ١٥٨ ). عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وأخرجه ابن حبان في صحيحه / لا؟ ( ٤ ٤١٠ ). عن عائشة ) # كما رواه ابن أبي خزيمة في صحيحه ( ٥٧٣١ ). وابن حبان في صحيحه ( ٤٦٦٢ ) وأبو يعلى في مسنده ( ٥٧٣١ ) من حديث ابن عمر، وللحديث طرق أخرى عن جابر بن عبد الله، وسمرة بن جندب، وعمر بن الخطاب، وابن مسعود. (٤) الخراساني: المصدر السابق. وهذا القول أنظر عندي » : جشعهم، وهذا ما مال إليه ابن ب ركة ورجحه إذ يقول « ة(١) وأدل ّ على موافقة تأويل ا لسن ﱠ . ﱡ واختلف فقهاء الإباضية أيضا ً في تصرف الوالد في مال ولده الكبير بالبيع، كاختلافهم في مال الولد القاصر، فمنهم من منع ذلك إلا بشروط، وذلك إعمالا ً للقاعدة، ومنهم م ن جوز تصرفه بشروط استثناء من القاعدة، باعتبار أن َّ الولد فرع منه وتابع له، وما يملكه ولده تابع له أ يضا ً التابع » : ، عملا بالقاعدة ولعل الذين منعوا ذلك عند الكبير دون الصغير استندوا إلى أ ن ،« تاب ع ّ تصرفات الولد الكبير في ماله نافذة لا تحتاج إلى إجازة الولي خلافا ً للصبي، فهي موقوفة على إجازته، فالأول يملك ملكية مطلقة والثاني ملكية مقيدة. اختلف » : نقل ابن ب ركة أقوال ا لإباضية وأدلتهم في هذه المسألة فقال أصحابنا في بيع الرجل مال ولده الكبير، فقال بعضهم: يجوز ذلك إذا كان فقيرا ً محتاجا ً إلى مال ولده، وإن كان غنيا ً فلا يجوز ذلك له، وأجاز بعضهم انتزاعه وتملكه عليه وهو غني أو فقير، وقال بعضهم: الانتزاع الذي يجوز للأب في مال ولده هو ما يأكله الأب من مال ولده، أو يقضيه في دين أخذ به لا يجد سبيلا ً إلى أدائه، وما يتلفه عليه، فأما ما كان يتملكه عليه ويكون ق ائما ً في يده فلا، وأما موسى بن علي كان ي سمي آكل مال الولد ل صا ً وعقب عليه ،« ُّ « وعندي أنه كان يريد بذلك من الآباء ا لأغنياء » : ابن بركة بقوله(٢) . وذهب بعض الفقهاء إلى جواز تصرف الوالد في مال ولده بالبيع أو غيره، ِ ولو أدى به إلى التلف، ولكن ي حق للولد أن يطلب من أبيه تعويض قيمة َّ ما أخذه أو أتلفه، فإن كان له مالا ً سدد له ذلك، وإن لم يكن له ف لا شيء عليه، وفي هذا المعنى يقول محمد ابن جعفر : وكلما باعه الوالد من مال » (١) .٤٢٤/ ٣٦٢ . الشماخي: الإيضاح، ٤ / ابن بركة: الجامع، ٢(٢) .٣٥٧/ ابن بركة: المصدر نفسه، ٢ ولده، أو أتلفه فهو جائز، فإن كان للوالد مال فإن الولد إذا طلب ذلك رجع عليه بقيمة ما أخذ عليه من ماله، وإن لم يكن له مال ف لا شيء عليه، وقال أبو علي 5 : إنما يلزم الوالد لولده قيمة ما أتلف من مال ولده يوم أتلفه، فينظر في ذلك لعل معناه أنه استفاد مالا ً من بعد لم يلزمه، وله أن يبرئ نفسه ِ ُ من حق ولده ويبرئ منه، إلا ما كان من ق بل ا لأرش فقيل لا يبرئ منه، ومن كان أبرأ نفسه من حق ولده وهو مريض ثم مات الولد، فقال من قال: يبرأ، « وقال من قال: لا يبرأ(١) . ويلاحظ من عبارة ابن جعفر أنه لم ي ميز بين تصرفات الوالد في مال ُّ ولده، سواء كان صغيرا ً أو كبيرا ً ، إلا أنه يفهم من كلامه أ ن ّ تصرفاته تختص بالولد الصغير دون الكبير، بدليل أنه صرح بجواز مطالبة الولد والده قيمة ما أخذه منه أو أتلفه من ماله، ولا يمكن أن يفعل ذلك إلا الولد الكبير؛ لأن تصرفاته نافذة خلافا ً للصبي فهي موقوفة على إجازة الولي، فله الحق في التصرف في ماله في حدود المصلحة، أما الكبير فيملك استقلالية في التصرف في ماله ببيع، أو هبة، أو رهن، ونحو ذلك. واحتج من أجاز للأب أخذ مال ولده وهو غني بقول النب ي صلى الله عليه وسلم : أنت » ّ « ومالك لأبيك(٢) فقالوا: قد مل ّ ك النب ي صلى الله عليه وسلمالأب مال ولده بظاهر هذا الخبر، والنظر يوجب عندي أن هذا الخبر لا يوجب » : ورد عليهم ابن ب ركة بقوله ِ تمليك المال، وأن ّ النب ي صلى الله عليه وسلمأراد به منزلة الأب وعظم حقه على ولده، وتعريف الولد أنه من والده وبضعة منه، وأن الولد من كسب الوالد، وقد قال الله تعالى: ﴿ ^_` cba ﴾ )المسد : (٢ . يعني: على ما قال فلما كان الولد مضافا » : أهل التفسير، والله أعلم ً إلى الأب وهو كسبه، جاز أن (١) .٣٤٣/ ابن جعفر: الجامع، ٤(٢) تقدم تخريجه. يكون كسب كسبه مضافا ً إليه أ يضا ً يعني: من « أنت ومالك لأبيك » : ، فقال أبيك؛ لأن أدوات الخفض ينوب بعضها عن بعض، فأرا د صلى الله عليه وسلمتعظيم شأن الوالد ورفع منزلته؛ أي: لو لم يكن هو لم تكن أنت أيها الابن و لا مال ُ ك؛ لأن الابن فرع للأب والمال فرع للابن، وقد روى عن النب ي صلى الله عليه وسلمفي أمر عمه ّ العبا س، وقد أخذ ناقته العضباء لبعض أسفاره مع النب ي صلى الله عليه وسلمفقال: أنا والعضباء » ُ « للعباس(١) ، حيث أ خبر أنه أخذها، وقا ل صلى الله عليه وسلم : « ردوا علي أبي » ، يعني: عمه ّ « العباس، وقد غاب في حملة حملها ف أبطأ(٢) . وأضاف ابن بركة قائلا ً : يوجب أن « أنت ومالك لأبيك » : ولو كان قوله » يكون مال الابن لأبيه، ما لم يكن الحاكم يفرض للأب على ولده النفقة إذا كان ف قيرا ً أو محتاجا ً ؛ لأن الحاكم لا يفرض لأحد النفقة في مال يملكه، وإنما « يفرض له في مال غيره، فهذا المعنى والخبر(٣) . مجمل القول: بعد التأمل في الأقوال المتقدمة يظهر أنه لا يجوز للوالد التصرف في مال ولده الكبير ما دام راشدا ً إلا بإذنه، ولا يحق له أن ينتزع منه شيئا ً إلا بالحق، وفي حالة الإعسار يجوز للحاكم أن يحكم له في ماله بالنفقة عليه حتى لا يتعرض لذل السؤال والحاجة، حفاظا ً على كرامته وردا ً للجميل، ولعل هذا الرأي هو الأقرب والأعدل والأوفق والأقرب للصواب والله أعلم. (١) لم أجده فيما بحثت من مصادر. (٢) رواه ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب المغازي، باب فتح مكة، رقم ٣٦٩٠٢ ، عن عكرمة. (٣) .١٥٠/ ٣٥٨ . العوتبي: الضياء، ١٤ ،٣٥٧/ ابن بركة: الجامع، ٢ :IóYÉ≤dG ∞jô©J : ِ هذه القاعدة الفقهية لها علاقة بنظرية ا لمل ْ ك، فهي أساس يبنى عليه تحقيق k ’hCG العدالة، ومنع العدوان على أملاك الغير، أ يا ً كان نوعه، وفي أ ي مكان كان، ّّ وفي أ ي زمان وقع، ومن أ ي شخص صدر منه. وهذه القاعدة جزء من حديث ّّ صحيح أ يضا ً وتعني في الأساس: أ ن ّ العدوان لا يكسب المعتدي حقا، فمن غصب أ رضا ً فزرع فيها، أو غرس أو بنى لا يستحق تملكها بالقيمة، أو البقاء فيها بأجر المثل، و لا يكسب تلك الأرض أو الدار أ يضا ً بالتقادم، ويقاس على ُ الأرض والدار غيرها من ا لمغصوبات(٢) . وقد وردت هذه القاعدة بهذه الصيغة في المصنفات ا لإباضي ة، واعتمدت في كثير من المسائل الفقهية المتعلقة بالغصب والتعدي على أملاك الغير، وذلك في مجال الزراعة والبناء، وامتلاك الحيوان واستغلاله، وعبر عنها ا لبسيوي ِّ لا ع رق ولا ع » : وغيره بعبارة قريبة من هذا المعنى وهي َ رق لغاصب أو ظالم « (٣) . ِ فالعرق بكسر العين يراد به عروق الشجر، والعرق بفتح العين يراد به الجهد ْ ََ الذي بذله الغاصب في تنمية المال والعناية به، والعناء الذي يتحمله في ذلك، (١) ٥١/ ٢٧٧ . البسيوي: الجامع، ٤ / ابن جعفر: الجامع، ٥ - ٥٤ . جناون بن فتى وعب دا لقهار بن خلف: أجوبة علماء فزان، ص ٨٠ - .٨١ (٢) ١٠٩ . الندوي أحمد: القواعد الفقهية، ص ٢٧٠ . البورنو: / الزرقا مصطفى: المدخل، ٢ . الوجيز، ص ٣٧٥ . محمد بكر إسماعيل: القواعد الفقهية، ص ٢٦٢ (٣) ١٤٦ . أ بو العباس أحمد: القسمة / ٥٣ . الأصم عثمان: البصيرة، ١ / البسيوي: الجامع، ٤ وأصول الأرضين، ص ٢٧٨ . القصبي أ بو ستة عمرو: الحاشية على كتاب الإيضاح . ١٨ . الثميني: الورد البسام، ص ٢٣٧ / للشماخي، ط ٢، دار الفتح لبنان، ١٩٧٠ م، ٤ لا عرق للغاصب و لا عناء » : وزاد عليها عثمان ا لأصم فقال « (١) . وكلها عبارات متقاربة تتضمن المعنى المرد من القاعدة وهو: أن الغاصب ظالم معتد لا يستحق بغصبه شيئا ً ، ولا يكتسب من ظلمه حقا ولو تقادم الزمن والعهد، وعناؤه وجهده هدر، لا تعويض له، وما عليه إلا رد المغصوب إلى صاحبه والتوبة من فعله. k :IóYÉ≤dG π«°UCÉJ :É«fÉK وردت هذه القاعدة في كتب ا لسن ﱠ ة وهي جزء من حديث نبوي نصه: من » ﱡ أحيا أرضا ً « ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق رواه أبو داود والترمذي (٢) ، ويحيى بن آدم ا لقرشي في كتاب ا لخراج(٣) ، وأبو ا لقاسم بن سلام في بحث إحياء موات الأرض من كتابه ا لأموال(٤) . وأخرجه البخاري تعليقا ً من أحيا أ رضا » باب « الحرث » في ً مواتا ً « فقال: وقال عمر » : من أحيا أ رضا ً ميتة فهي ل ه، ويروى عن عمرو بن عوف عن النب ي صلى الله عليه وسلم : أنه قال: في غير حق مسل م، « وليس لعرق ظالم فيه حق »(٥) . (١) .١٤٩/ الأصم: البصيرة، ٢ (٢) رواه الترمذي، كتاب الأحكام، باب ما ذكر في إحياء أرض الموات، رقم ١٣٧٨ ، وأبو داود، حديث » : كتاب الخراج، باب في إحياء الموات، رقم ٣٠٧٣ ، عن سعيد بن زيد، قال الترمذي حسن غريب وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم مرسلا .«ً (٣) . القرشي ي حيى بن آدم: كتاب الخراج، تعليق: أحمد محمد شاكر، ص ٨٤(٤) . أبو القاسم ( ت: ٧٠٢ ): كتاب الأموال، ص ٢٧٦(٥) ٩٠٧ ، قال الشوكاني /٣ ، رواه أ بو داود وإسناده حسن عن سبل السلام للصنعاني رقم ٨٤٤ حديث عروة سكت عنه أ بو داود والمنذري وحسن الحافظ في بلوغ المرام » : في نيل الأوطار ّ .( ٣٢٠ ذكر الحديث في سنن أبي داود، الخراج، باب، ٣٧ . والترمذي ( ١٣٧٨٠ /٣ ،« إسناده ١٤٢ ،٩٩/ والبيهقي، ٦ - ١٧٤ . ا بن حجر: / ١٤٨ . والهيثمي: مجمع الزوائد، ٤ ،١٤٣ ٢٤١ . الطبراني في / ٥٤ . العجلوني: كشف الخفاء ومزيل الإلباس، ٢ / تلخيص الحبير، ٣ ،٨٢٢/ ١٤ . ينظر: صحيح البخاري، طبعة دار القلم بيروت، ٢ /١٩ ،١٤/ المعجم، ١٧ .٧٠/ وطبعة المكتبة الإسلامية، القاهرة، مصر، ٣ وفي رواية عن عروة بن الزبير ^ قال: قال رجل من أصحاب رسو ل الله صلى الله عليه وسلم أن رجلين اختصما إلى رسو ل الله صلى الله عليه وسلم في أرض غرس أحدهما فيها ن خلا ً والأرض للآخر، فقضى رسو ل الله صلى الله عليه وسلم بالأرض لصاحبها، وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله وقال: ليس لعرق ظالم حق » « فلقد » : قال الراوي « رأيتها وأنها لتضرب أصولها ب الفؤوس(١) . وفي رواية عن رافع بن خديج 3 قال: قال رسو ل الله صلى الله عليه وسلم : من زرع في » « أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع بشيء وله نفقته(٢) . بيان معنى الحديث: العرق في اللغة: هو أحد عروق الشجر، والمراد الشجرة نفسها، وهو على ِ حذف المضاف؛ أي: ل ذي عرق ظالم، فجعل العرق نفسه ظالما ً والحق لصاحبه، ووصف العرق بالظلم مجاز والمراد ظلم صاحبه. ٍِ قال ابن ا لأثير : والرواية ل عرق بالتنوين، وهو على حذف المضاف؛ » ٍِْ ِ أي: لذي عرق ظالم، فجعل ا لعرق نفسه ظالما ً والحق لصاحبه، أو يكون ْْ ِ الظالم من صفة صاحب الحق، وإن روي عرق بالإضافة فيكون الظالم ِِ « صاحب ا لعرق والحق ل لعرق وهو أحد عروق ا لشجرة(٣) . وعليه ْ صفة للعرق على سبيل المبالغة، فإسناد الظلم إليه مجاز « ظالم » يكون يشير إلى ظلم من وضعه، وقد روي بالإضافة فيكون العرق منسوبا ً إلى الظالم. رواية الأكثر بتنوين ( عرق » :« الفتح » قال ابن حجر في ٌ )، وظالم نعت له، (١) رواه الترمذي، كتاب الأحكام، فيمن زرع أرض قوم بغير إذنهم، رقم ١٣٦٦ ، وأبو داود، كتاب البيوع، باب في زرع الأرض بغير إذن صاحبها، رقم ٣٤٠٣ ، عن رافع بن خديج. ذكر الترمذي .٢١٩/ عن البخاري أنه حديث حسن. ابن الأثير: النهاية في الحديث، مادة (عرق) ٣ (٢) .٥٣/ البسيوي: الجامع، ٤(٣) .٢١٩/ ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث والأثر، مادة (عرق) ٣ وهو راجع على صاحب العرق؛ أي: ليس لذي عرق ظالم أو إلى العرق؛ أي: ليس لعرق ذي ظلم، ويروى بالإضافة، ويكون الظالم صاحب العرق، ويكون « المراد بالعرق ا لأرض(١) . وسئل سفيان بن سعيد(٢) عن العرق الظالم فقال: هو المنتزي، والانتزاء هو النزو وهو الوثبان، يقال: انتزى على أرضه؛ أي: وثب عليها ف غصبها(٣) . ويبي ن الشوكاني أن ّ العرق قد يكون ظاهرا » ً وقد يكون ب اطنا ً ، فالباطن ﱢ ما احتفره الرجل من الآبار واستخرجه من المعادن، والظاهر بناؤه أو « غرسه(٤) . ومعنى العرق الظالم: أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها قبله رجل فيغرس فيها غرسا ً غصبا ً ، أو يزرع أو يحدث فيها شيئا ً ليستوجب به ا لأرض(٥) . ِِ و َق َال َ البعض: ا لظ ﱠالم م َن ْغ َر َس َأ َو ْز َر َع َأ َو ْب َن َى أ َو ْح َف َر َفي أ َر ْ ض غ َي ْره بغ َِي ْر ِح َق ّ ة (٦) ِ ولا َ شبه . وأنه إنما صار ظالما ً ؛ لأنه غرس في الأرض وهو يعلم أنها مل ْ ك َ َُْ لغيره، فصار بهذا الفعل ظالما ً غاصبا ً ، فكان حكمه أن يقلع ما غرس أو يهدم ما بنى؛ لأن الظلم لا يكسب الظالم حقا ً ، ولا يجوز لأحد أن يأخذ مال أحد (١) .١٩٢/ ابن حجر: فتح الباري، ٧ (٢)سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ( ٩٧ - ١٦١ ه/ ٧١٦ - ٧٧٨ م)، من بني ث ور بن عبد مناة، من مضر، أب و عبد الله: أمير المؤمنين في الحديث. كان سيد أهل زمانه في علوم الدين والتقوى. ولد ونشأ في الكوفة، وراوده المنصور العباسي على أن يلي الحكم، فأبى. وخرج من الكوفة سنة ١٤٤ ه ، فسكن مكة والمدينة. ثم طلبه المهدي، فتوارى. وانتقل إلى البصرة فمات فيها مستخفيا ً . كلاهما في الحديث. « الجامع الصغير » و « الجامع الكبير » : له من الكتب .١٠٤/ الزركلي: الأعلام، ٣ (٣) . القرشي ي حيى بن آدم، كتاب الخراج، ص ٨٦(٤) .١٥/ الشوكاني: نيل الأوطار، باب إحياء التراث، ط، إدارة البحوث العلمية، السعودية، ٦ .١٩٢/ ابن حجر: الفتح، ٧(٥) .٧٥١/ ابن منظور: لسان العرب، مادة (عرق)، طبعة دار لسان العرب بيروت (دت)، ٢(٦) ابن حجر: المصدر السابق. k :IóYÉ≤dG ´hôa :ÉãdÉK إلا بسبب شرعي(١) ، ولكن لو رضي صاحب الأرض ببقاء الغرس أو البناء، ويدفع للغاصب قيمة الشجر أو البناء فله ذلك(٢) . ١ في باب الغصب: ومن فروع القاعدة في باب غصب الأرض وزراعتها ما نقله عثمان الأصم ب نصه « البصيرة » في : وإن غصب أ رضا » ً وزرع فيها زرعا ً ، فالزرع لرب الأرض، ولا عرق للغاصب ولا عناء، وإن كان بذر فله مثل بذره، وإن كان فسل فيها فسلا، ً فالنخل لرب الأرض، ولا حق له في ذلك، وإن غصب ماء فسقى أرضه ً فعليه ضمان الماء والزرع للأرض، وعن غصب سماد َا ً فعليه ثمنه والزراعة للأرض، وإن سرق حبا فبذره فالزرع له وعلي قيمة الحب أو مثله، وقد قيل «... في مثل هذا الزرع الذي ليس له ولا لرب البذر وذلك الزرع فاسدل لفقراء (٣) . واستدل ا لبسيوي على بطلان حق الغاصب في الأرض المغصوبة، وما زرع فيها بما روي عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: »لا ع ِرق ولا ع َر َ « ق لغا صب(٤) ، على ْ هذا لا حق له فيما زرع في مال غيره ولا عرق له، وفي حديث آخر: ليس » لعرق الظالم حق « (٥) . وفي بعض القول: ليس لعرق ظالم ح ق، ليس له حق في » الزراعة وهو المعتدي فيها بالظلم، وعلى أربابها إذا زرع في أرض غيره ليس « له فيها حق(٦) . (١) . الخادمي: قاعدة من قواعده، ص ٣٢٩(٢) ٥٣/ البسيوي: الجامع، ٤ - . ٥٤ . البورنو: الوجيز، ص ٣٧٤ (٣) . ١٤٩ . أ بو العباس أحمد: كتاب القسمة وأصول الأرضين، ص ٢٧٨ / الأصم عثمان: البصيرة، ٢(٤) تقدم تخريجه. (٥) تقدم تخريجه. (٦) .١٥/ البسيوي: الجامع، ٤ ٍِ وسئل أبو يوسف و ريو ن بن الحسن (١) عن قوم أهل ب غ ْي وفساد غصبوا ٍ أرضا ً لقوم من المسلمين ف فسلوها(٢) ، فشكا أهلها إلى وال من ولاة المسلمين... هل ينبغي لسلطان المسلمين أن يقطع تلك النخيل التي اغتصبوها، وإنما ذلك الغصب مشهور يشهد بذلك أهل تلك البلدة الذين زعموا أنه غصب منهم، وقد مضت سنون عدة في يد ا لغاصبين. أما قولك أن يقطع النخيل، فكل ما غرس الغاصب أو زرع » : فأجاب فليس له إلا زريعته أو قيمة الأعواد التي غرس، وما نبت وأدرك فهو لصاحب الأرض، ألا ترى أن من حرث أ رضا ً محجورا ً عليها، ليس له إلا زريعته التي زرع، والزرع لصاحب الأرض، وليس لعرق ظالم حق . وقولك: مضت سنون « عدة والحق لا يبطله عدد ا لسنين(٣) . واختلف فقهاء ا لإباضية فيما ينفقه الغاصب على الأرض من بذور وفسائل وسماد، هل يضمنها صاحب الأرض له فيقدم له مثلها أو قيمتها، أم يأمره بقلعها ونزعها؟ أم هو بالخيار إن شاء أخذها وسلمه قيمتها، وإن شاء تركها ولا يضمن ذلك؟ إنه قد قيل: إن ثمرة الزراعة كلها لصاحب » : جاء في جامع البسيوي ما نصه (١)وريون بن الحسن، أ بو يوسف (أوائل ق: ٣ه/ ٩م) عالم عامل من علماء الإباضية، كان من القائمين بالأمر في مناطق ف زان، جنوب ليبيا. كان ي عين القضاة ويراقبهم. وهو صاحب العديد ﱠﱢ ِ من الأسئلة التي وجهت إلى علماء ف زان، فأجاب عنها ا لعالمان جناو ابن فتى، وعب دا لقهار بن ﱢﱠ ﱠ خلف. وقد حق ﱠ ق هذه الأسئلة والأجوبة الدكتور عمرو خليفة النامي، وأتمه الشيخ إبراهيم ﱠ طلا ﱠ أجوبة علماء ف ز » : ي، فطبعت تحت عنوان ﱠ ينظر: علماء ف ز .« ان ﱠ ان: أجوبة علماء ف ز ﱠ ان، كل ﱡ ه. البغطوري: سيرة (مخ). ا لشم ﱠ ١٦٥ . علي معم / اخي: ١ ﱠ ر: الإباضيَّة في موكب التاريخ، ٥٣ . ب ح / ح ٢ ﱠ . از: الدولة الرستميَّة، ٣٢١(٢) فسلوها: أي غرسوا فيها فسائل النخل، واحدتها: فسيلة، وهي الصغيرة من النخل، وأفسل .٥١٩/ الفسيلة: انتزعها من أمها واغترسها. ينظر: ابن منظور لسان العرب مادة (فسل). ١١ (٣)جناون بن فتى وآخرون، أجوبة علماء فزان، ص ٨٠ - .٨١ الأرض، وليس لصاحب الغصب عناؤه وبذره وقد أكلته الأرض، وقد قيل: له « بذره وأما العناء ف لا(١) . من سرق من رجل شجرة أو نخلة فغرسها في ماله » : وذكر ابن جعفر أن حتى كبرت فإنه يردها على صاحبها، وقال من قال: يرد مثلها، وقال من قال: يرد مثلها أو قيمتها، وقال من قال: قيمتها يوم يستحقها مفسولة بغير أرض، والقول الأول هو ا لأكثر. وقيل عن النب ي صلى الله عليه وسلم : « ليس لعرق ظالم حق » ، ولصاحبها الخيار إن شاء أخذها بعينها ويقلعها بترابها إلا تموت، ويرد على صاحب الأرض ت رابا ً مثل ما خرج فيها من التراب، وإن شاء أن يأخذ منه قيمتها اليوم حية ليس يوم أ خذها. وقيل إن ثمرة ،« ليس لعرق ظالم ح ق » وقال بعض في الحديث أنه ِ الزراعة كلها لصاحب الأرض، وليس للزارع عناء و لا رزي ة، وحبه الذي قد َّ َّ بذره قد أكلته ا لأرض. قال أب و الحواري : له بذره، وقال: من قال بل له أ يضا ً بذره وأما العناء فلا، وهذا في الغاصب، وأما الذي يزرع بسبب ينتقص فله عناؤه. ويبين ابن جعفر أن ّ الغاصب إذا فسل أ رضا » ً لرجل فصارت ن خلا ً فهي لصاحب الأرض، وللفاسل على صاحب الأرض ف س ل ما فسله يوم فسله، أو ْ « قيمة ذلك اليوم؛ لأنه قائم بعينه وليس له عناء(٢) .. ونقل ا لبسيوي أقوال ا لإباضية في هذه المسألة وأشار إلى رأي وسن أنه من اغتصب أ رضا » : الجمهور ومن خالفهم فقال ً فغرس فيها ُّ غرسا من نخل أو شجر ثم جاء رب الأرض فاستحق أرضه، أ ن ّ له أن ّ (١) .٥١/ البسيوي: الجامع، ٤(٢) ٢٧٦/ ابن جعفر: الجامع، ٥ - .٢٧٨ ،« وليس لعرق الظالم ح ق » ، يأخذ أرضه، ويقول للغاصب: اقلع مالك منها وهذا يوافق قول بعض المسلمين، وعلى الغاصب م ا نقص من قيمة الأرض إن كانت نقصت، فأما قول أكثر أ صحابنا من أهل عمان أن الزرع ُ ِ لرب الأرض، وكذلك النخل والشجر هو ل رب الأرض؛ لأنه لا عرق ّْ ليس لعرق الظالم حق » : ولا عر ق ل غاص ب، وفي قوله هو « يدل على م ا قلنا َ أنه لا حق له فيما غرس وبنى في أرض غيره، إلا أن بعض أ صحابنا قال: يحصي الغاصب قيمة النخل يوم فسلها في الأرض، وكذلك قيمة الشجر يوم غرسه، وليس فيما زاد في أرض من اغتصب منه؛ لأنه لا عرق ولا عرق لمغتصب ب الس نة، ولا لعرق الظالم حق، فوجب الأخذ بذلك ّ إنما له قيمة ما وضع يوم وضع في الأرض وغرسه، وذلك لصاحب « الأرض، وكذلك للزارع بذره لا غير ذلك(١) . ويضيف ا لبسيوي في سياق بيانه لموقف ا لإباضية ممن اغتصب أ رضا ً فزرع فيها زرعا ً ، ثم طلبها صاحبها وأراد استرجاعها من الغاصب، فما حكم ما زرع فيها، فيقول مؤكدا ً لما تقدم أ ن ّ : من اغتصب أ رضا » ً فزرع فيها زرعا ً ثم استحقها ربها أنه يأخذها، والزرع ونماؤه للغاصب، وعليه ما نقص للأرض إن كانت نقصت من زراعته للمغصوب منه قيمة ذلك، وإن أراد مثل ذلك ف لا شيء له، قال: وهذا قوله هو، وقد قال بمثله بعض أ صحابن ا، فأما أكثر قولهم وعليه فإن الزرع لصاحب ،« لا عرق ولا عرق للغاص ب » موافقة الخبر ومعناه، أنه الأرض في قول كثير من المسلمين، ولا شيء للغاصب في ذلك من العناء؛ لأنه لا عرق ولا عرق ولا شيء له، فأما ما بذر فقد قال قوم: له قيمة بذره، ولم يوجب له قوم شيئا ً من البذور، وأما غ َرم غرامة في الزرع لغير العرق فإنه ْ لا يرد عليه ذلك على قول بعضهم، وعندهم أن من ت عد ّ ى وزرع أرض غيره (١) .٥٣/ البسيوي: جامع أبي الحسن، ٤ بغير أمره أ ن ّ الزرع لرب الأرض والمعنى واحد؛ لأنه متعد، فيفعله على مال «... غيره بغير حق ولا سبب ولا إجارة منه(١) . ويؤكد عثمان الأصم ما ذهب إليه جمهور ا لإباضية في أ ن ّ الغاصب لا حق له في الثمرة، لأنها لصاحب النخلة والشجرة، والزرع لصاحب الأرض، بل يجب عليه أن يرد الغاصب الفسيلة المغتصبة إلى صاحبها وكذلك البذور، وإن سرق صرما » : ولا حق له في جميع ذلك، يقول في هذا الصدد ً فغرسه في ْ ِ أرضه، فالنخل لصاحب الصرم المقلوعة منه؛ لأنه قائم بعينه، و لا عرق لغاصب، ولرب الصرم الخيار إن شاء قلع صرمه، وإن شاء أخذ منه قيمته يوم ّ يستحق عليه في الحكم ن خلا ً بلا أصول (أرض) وإن أثمرت، فالثمرة لصاحب النخلة المغصوبة منه، وإن غصب ذ ُرة فغرسها في أرضه فالذرة لصاحبها َ وثمرها، ولا شيء للغاصب فيها من عناء ولا عرق؛ لأنها قائمة العين، وكذلك الكرم والقطن وما كان مثله. وإن غصب أ رضا ً فغرس فيها غرسا ً من كرم أو شجر فإن ذلك لرب الأرض، وله قيمة شجره يوم فسل ذلك في أرض الرجل، ولا عناء له ولا زيادة «... في أرض الرجل، وإن شاء رب الأرض قال: اقلع مالك فيها قبل ذلك(٢) . جامع ابن جعفر » ويؤكد ذلك ما جاء في « جوابا ً عن سؤال فيمن سرق صرمة أو ق ُ ورة كرم أو ق ُ ورة شجر من الأشجار، أما الصرمة فقد اختلفوا فيها، فمنهم من يقول عليه صرمة مثل الصرمة التي سرقها، ومنهم من يقول عليه قيمتها يوم تستحق، ومنهم من يقول لصاحب الصرمة الخيار إن شاء قلعها وإن قلت له أنا بعد ذلك، فما يعجبك أنت » : شاء أخذ قيمتها هذا اليوم، قال السائل من هذه الأقاويل؟ قال يعجبني أن يكون عليه قيمتها يوم سرقها، قال: وأما (١) .٥٤/ البسيوي: الجامع، ٤(٢) .١٥٠/ الأصم: البصيرة، ١ الأشجار فعليه أن يرد قيمتها يوم اقتلعها، وكذلك النبقة وغيرها من البذور يرد مثلها إذا كان مما يكال أو يوزن، ومعنا أن الأكثر من القول: أن الخيار لصاحب الصرمة يوم يستحقها، وكذلك أصحاب الأرض المفسول في أرضهم إن أرادوا « قيمتها يوم يستحقونها، وإن أرادوا قالوا لصاحبها أن ي قلعها(١) . مجمل القول: يستخلص من أقوال ا لإباضية المتقدمة أ ن ّ الغاصب لا يستحق شيئا ً بالغصب؛ لأنه ظالم، أما المال فهو للمغصوب منه سواء كانت أ رضا ً ، أو شجرا ً ، أو ن خلا ً ، أو ب ذرا ً ، وأما جهده ف لا يأخذ عليه مقابلا ً بل يذهب هدرا ً ، ويجب عليه التوبة ورد المظالم إلى أصحابها، وذهب بعض الفقهاء إلى ضمان صاحب الأرض ما أنفقه الغاصب في الأرض من بذر وأشجار وسماد، فإما يسل ّ مه مثلها أو قيمتها، أو يأمره بقلعها مع ضمان ما نقص من الأرض من تراب وغيره. ولا ريب أ ن ّ ما حكم به الفقهاء يستند إلى النصوص الشرعية، ويجسد العدل في إحقاق الحق وإبطال العدوان، ويتماشى مع مقاصد الشريعة التي جاءت أحكامها موافقة للعدل، ومنع الظلم والعدوان، وضمان حقوق ا لناس. ٢ في باب غصب الحيوان: ومن فروعها في باب غصب الحيوان وما نتج عنه: يرى الإباضية أن ّ من تعدى على دابة غيره وأخذها غصبا ً ضمنها، ووجب عليه ردها، وإن نقصت من غصبه وجب عليه أفضل قيمتها، وإن زادت فعليه ردها ولا شيء له إن تلفت، وإن زادت أو نقصت فعليه لربها أفضل قيمتها يوم غضبها أو يوم أتلفها، وإن غصب دابة فزادت وتناتجت فهي وما نتجت لربها المغصوبة منه(٢) . (١) .٢٧٩/ ابن جعفر: الجامع، ٥(٢) .١٤٦/ عثمان الأصم: البصيرة، ١ وتأكيدا ً لما سبق نقلا لبسيوي رواية عن الفقهاء أنه قال: وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم ّ أنه من اغتصب شيئا ً من الحيوان كائنا ما كان من البهائم أو من ولد آدم، فزاد في يده، ثم جاء المغصوب فاستحق ذلك، فهو له بزيادته ونمائه، لا عناء للغاصب ولا مؤونة(١) . وقد وافق في هذا أنه لا عرق للغاصب ومال » : وعقب عليه ا لبسيوي بقوله ُ ه ٍ أتلفه، ولا يلزم له شيء من المغصوب لربه؛ لأنه الغاصب، عليه في كل حال رد ﱡ ه، فصح ما رواه في معناه عند فقهائنا... وسن أنه ما كان في يدك من ُ الحيوان من نماء أو زيادة في النتاج والأولاد أن ذلك كله للمغصوب منه بزيادته ونمائه، ولاشيء للغاصب من نفقة ولا مؤونة، فقد وافق هذا القول أ ن ّ المغصوب لربه وزيادته له، وعلى الغاصب في كل حال رد ّ بزيادته، ولا عرق له ب السن ﱠ « ة، فوافق ما رواه أنه سنة(٢) . ﱡ ويضيف ق ائلا :ً وإن تلف من ذلك بعد نمائه وزيادته، فالغاصب ضامن » لقيمته على ما وصفت، وهذا القول منه صواب موافق للحجة؛ لأنه لربه « بزيادته، فإن أتلفه أو أتلف في يده ضمنه وقيمته يوم اغتصبه، أو يوم أ تلفه(٣) . وذكر ا لبسيوي أن في بعض قول ا لإباضية أن الزيادة والأولاد إن تلف في يد الغاصب، ثم استحق الحيوان المغتصب أنه لا ضمان على الغاصب في تلك الزيادة، وقال آخرون عليه ضمان ذلك ل ربه(٤) . هذا ما ذكره البسيوي وعثمان ا لأصم في حكم انتفاع الغاصب بالحيوان المغتصب وما تناسل عنه من نسل، ولكن ما الحكم إذا باع تلك الأنتجة، أو أتلفها أو أكلها؟ (١) .٥٢/ البسيوي: الجامع، ٤(٢) البسيوي: المرجع نفسه. (٣) البسيوي: نفسه. (٤) المصدر نفسه. يرى عثمان ا لأصم أن من باع من الأنتجة شيئا ً ، كان قيمة ذلك عليه إذا َ باعه أو أتلفه أو أكله، ولا عناء ولا عرق له في ذلك، أما إن أنتجت الدابة أنتجة ثم تلفت الأنتجة بموت، فقد قالوا لا ضمان عليه في ا لأنتجة. وفي » : ويبدو أن عثمان ا لأصم لم يرض بهذا الحكم، ولذلك صرح بقوله « نفسي من ذلك(١) ، ولعله بهذا القول يميل إلى تضمين الغاصب للأنتجة التي ت َ ول ّ دت عن الدابة المغصوبة، ثم تلفت في يده؛ لأنه يجب عليه ردها مع أولادها كما تقرر ذلك عند ا لفقهاء. واختلفوا » : ويشير ا لبسيوي إلى اختلاف الفقهاء في هذه المسألة فيقول أيضا ً إذا تناتج الحيوان، ثم هلكت الأنتجة مع الغاصب فقال قوم: يضمن قيمة ذلك، وقال آخرون: لا يضمن إلا ما غصب ولا ضمان في الأنتجة عليه، وأما « ما استغل فعليه ا لغلة(٢) . ٣ ومن فروعها أيضا ً: في غصب السكنى: قال الإباضية: لو غصب ِ دارا ً وأنفق عليها نفقة؛ ل ترميمها وصيانتها حتى تصير صالحة للسكن، فلا عناء له، وله ما أنفق عليها من مواد لإصلاحها إن شاء صاحب الدار. وإن غصب دارا » : يقول ا لأصم في هذا الشأن ً وجعل فيها خشبا ً وغرم غرامة، فإن له قيمة خشبه ذلك الذي قد ثبت في الدار بعينه يوم وضعه، أو يوم الحكم، وله ما غرم، ولا عناء له في الدار ولا عرق، وإن شاء رب ّ الدار أمره بإخراج ماله فيها، فذلك إليه، وإن سرق خشبة وجعل في داره، ُ فقد قيل أن لصاحب الخشبة أفضل قيمتها، وأحب أن له الخيار فيها أو ّ « في ق يمتها(٣) . (١) ١٤٦/ عثمان الأصم: البصيرة، ١ - .١٤٧ (٢) .٥٧/ البسيوي: الجامع، ٤(٣) .١٥٠/ عثمان الأصم: البصيرة، ١ ٤ في غصب المال واستثماره: ومن فروعها: أن ﱠ من اغتصب مالا ً وتاجر فيه، هل يجوز له أخذ الربح؟ قال ابن جعفر : وإن أخذ مالا » ً فتاجر به وربحه لصاحبه، وإن تلف الربح أو « تلف المال كله فإنه يضمن رأس ا لمال(١) . بيان حكم المتاجرة بالمال المغصوب، أو « الجامع » نقل ابن جعفر في التصرف فيه دون إذن صاحبه، عن أبي سعيد الكدمي مشيرا ً إلى اختلاف في رجل ي ت » : الفقهاء في هذه المسألة فقال ّ جر بمال غيره حتى ربح فيه بربح، فعندي أنه قد قيل في ذلك باختلاف، فقال من قال: الربح له والضمان عليه، وقال: من قال الربح والمال لربه وللمتجر عناؤه في ذلك، وقال: من قال الربح للفقراء، وله عناؤه والمال الأول لربه، وقال: من قال إن كان اشترى المال على نفسه كان له الربح والمال لربه، وإن اشترى المال صفقة واحدة كان المال ِ والربح لربه، وله عناؤه من ذلك، وقال: من قال من قومنا إن كان المال من ِ النقود وما يحكم ب مثله مما يكال أو ي وزن فسواء اشترى به صفقة أو على ُ نفسه، ف لا يكون الشر ي ت بعا ً للمال، وهو ل لمت ّ جر به، وعليه ضمان وله ربحه، ْ « واختار أب و سعيد هذا القول وحسنه فقال: وهو قول حسن عندي(٢) . في هذا إن كان أخذ المال على وجه الاغتصاب غير أنه » : وقال من قال اتجر به، ف لا عناء له ولا ربح له، وعليه الضمان، وإن كان ث َم سبب غير ّ «... الاغتصاب، فله عناؤه فيما مضى من القول الذي يرى له ا لعناء(٣) . ولا أرى له أبطل عناءه ممن يرى له العناء إلا » : وعقب عليه أب و سعيد بقوله إذا كان مغتصبا ً «... ، أما أصحابنا فلا يفرقون في ذلك عن نقد ولا غيره عندي(٤) . (١) .٢٧٨/ ابن جعفر: الجامع، ٥(٢) ابن جعفر: المصدر نفسه. (٣) ابن جعفر: نفسه. (٤) .٢٧٨/ ابن جعفر: الجامع، ٥ مجمل القول: ويستخلص من الأقوال المتقدمة أن المغتصب للمال يضمن المال المغتصب في كل الأحوال، أما الربح فمختلف فيه، فمنهم من يرى أ ن ّ له ربحه والمال لصاحبه، ومنهم من يرى أن المال وربحه لصاحب المال، وللتاجر المغتصب عناؤه على اعتبار أنه أجير فيه، ومنهم من يرى أن المال والربح للمغصوب منه، ولا شيء للمغتصب، وعليه الضمان، فقد سقط حقه في الربح أو الأجرة، ويجب عليه الضمان؛ لأنه مغتصب تصرف في مال غيره دون إذنه. ومنهم من جعل الربح للفقراء والمال لصاحبه، وللمغتصب عناؤه، ولم يصرحوا بتضمينه للمال، فقد جعلوا الربح للفقراء باعتبار أنه مال مشبوه جهل صاحبه؛ لأن تصرفه في المال فيه شبه، فيعطى للفقراء خروجا من ا لخلاف. والحاصل أنه بعد النظر في هذه الأقوال بدت أمامنا متكافئة وكلها محتملة لم يجانبها الصواب، ولكن من باب الاحتياط ينبغي أن يتعفف المغتصب من أخذ الربح، ويلزمه رد ّ المال لصاحبه، ولا يطالبه بأجرة المضاربة في ماله، عملا ً وأما صاحب المال فهو مخير ،« ليس لعرق ظالم ح ق » بالقاعدة الفقهية في هذا الأمر، إن شاء أخذ الربح لنفسه أو تصدق به للفقراء، وإن شاء ق د ّ م للتاجر المغتصب جزء منه إن وجده ت ائبا ً نادما ً من فعله، ت شجيعا ً له على التوبة، ومكافئة له على حفظ ماله واستثماره، ودعوة له بالمتاجرة بالمال الحلال بدل اللجوء إلى الاغتصاب، والله أعلم. ٥ ومن فروعها: فيمن حو ل شيئا ً عن حاله بسبب مخالفته شروط العقد ّ إذا عمل فيه، فهل يأخذ أجرة عنائه، وهل يضمن ما نقص منه؟ بحث ا لثميني وما يكال أو يوزن إن حوله أحد عن حاله، كدنانير إن » : هذه المسألة فقال ّ صاغها حليا ً ، أو ب ر إن طحنه، فربه مخير في أخذ دنانيره أو ب ره، وفي أخذ ُُّّّ ُ ما عمل من ذلك، وإن أخذ المعمول ف لا يدرك عليه المتعدي عناءه إذ لا عرق لغاص ب، وإن أحدث عيبا ً في حب أخذه ربه ون ُ قصه بالعيب. َّ وإن صبغ ثياب أحد، أخذها وغرم قيمة الصبغ للمعتدي، وإن شاء أخذ قيمتها، وإن سرق صوفا ً فصبغه، فربه مخير في أخذ وزنه أو أخذ صوفه بعينه، ّ وغرم قيمة الصبغ، وإن عمل منه ث يابا ً أخذها رب الصوف بلا عناء. ومن أخلط أ موالا ً بلا إذن أهلها حتى لا تفرز ضمن قيمتها لهم إن كانت مما لا يكال ولا يوزن، ولو كانت في يده، فإن غرمها أمسك الأشياء لنفسه، وإن كانت منها أخذ كل واحد كيله أو وزنه إن عرفه، وإلا فليتفقوا على أمر «... يصلح بينهم، ولا ضمان عليه إن أخلط م ا يفرز(١) . (١) . الثميني: الورد السام، ص ٢٣٧ ™HGôdG Ö∏£ªdG ¬∏©a ΩôM Éeh ,√Dh É£YEG ΩôM √òNCG ΩoônM Ée{ :IóYÉb z √PÉîJG ΩôM ¬dɪ©à°SG ΩôM Éeh , ¬Ñ∏W ΩôM (١) k :IóYÉ≤dG ∫ƒdóe :’hCG هذه القواعد الثلاث متقاربة المعنى، وكلها تفيد سد ّ أبواب الحرام أخذا وإعطاء، وفعلا ً وطلبا ً ، واستعمالا ً واتخاذا ً ، وتمنع من الاقتراب من المال الحرام بتملكه، أو استعماله، أو الانتفاع به، وإذا كان أخذ الشيء حراما ً ممنوعا ً على الناس فإعطاؤه حرام ممنوع أ يضا ً ، أي أ ن ّ الحرمة على كل ﱟ من الآخذ والمعطي، فهو ممنوع عليهما، ِ لذلك يترتب العقاب على ا لمعطي، كما يترتب على ا لمعط َ ى، وكذلك على الآخذ، وقد يترتب على المعطي الضمان أ يضا ً كما يترتب على ا لآخذ. كما أ ن ّ كل ما يحرم على المكلف أخذه لا يجوز أن يتصدق به، أو يهبه، أو يهديه لواحد من الناس، ولا يجوز له أن يتبرع به لجهة من الجهات الخيرية، وكذلك لا يجوز للناس إعطاؤه ما يحرم أخذه(٢) . ومن معاني هذه القواعد أ يضا ً : أن ّ ما حرم استعماله واقتناؤه لنجاسة أو لهو ٍ محرم، فإنه يحرم بيعه لخلوه عن أي قيمة أو فائدة مشروعة(٣) . فكل شيء ّْ خلا من منفعة أو قيمة في نظر الشرع لا يجوز تملكه و لا بد ْ ل المال فيه؛ لأن ذلك من إضاعة المال المنهي عنه(٤) . (١) ٥٥٦ ،٣٣٧/ ابن بركة: الجامع، ٢ - ٣٠٠ . الكدمي: المعتبر، / ٥٥٧ . ابن جعفر: الجامع، ١ ١٠٠/٣ - ٢٣/ ١٠٢ . الكندي محمد بن إبراهيم: بيان الشرع، ٣٥ - ٢٤ . الكندي أحمد: .٧٨ ،٦٧ ،٥٧/ المصنف، ٢٠(٢) .٣٠٠/ ١٠٠ . ابن جعفر: الجامع، ١ / الكدمي أ بو سعيد: المعتبر، ٣(٣) .١٠٢/ ٣٣٧ . الكدمي: المعتبر، ٣ / ابن بركة: الجامع، ٢(٤) ٢٣/ الكندي م حمد بن إبراهيم: بيان الشرع، ج ٣٥ - ٢٤ . الكندي أ بو بكر أحمد بن عبد الله: .٧٨ ،٦٨ ،٥٧/ المصنف، ج ٢٠ مما تقدم ي تبي ن أ ن ّ هذه القواعد الثلاث لها علاقة بنظرية التملك للمال ّ بطرق غير مشروعة، فيحرم على المكلف أن يحوز شيئا ً محرما ً عنده بأي سبب من أسباب التملك، بشراء أو هبة أو نحوهما، ولو لم يقصد استعماله؛ لأن وجوده في حوزته عامل ق وي يؤدي إلى استعماله، فإن اتخذه ولو لم ينو ّ استعماله حرام، وكل ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام(١) . والمعنى الإجمالي لهذه القواعد: أن ّ الشيء المحرم الذي لا يجوز لأحد أن يأخذه ويستفيد منه يحرم عليه أ يضا ً أن ي قد ّ مه لغيره، أو يعطيه إياه، سواء أكان على سبيل المنحة ابتداء أم على سبيل المقابلة؛ وذلك لأن إعطاءه للغير عندئذ يكون من قبيل الدعوة إلى المحرم أو الإعانة والتشجيع عليه، فيكون المعطي شريك الفاعل، ومن المقرر شرعا ً أنه كما لا يجوز فعل الحرام لا يجوز الإعانة والتشجيع عليه (٢) ، لقوله تعالى: ﴿ ÆÅÄÃÂÁÀ¿ ÈÇ ﴾ (ال مائ دة: ٢ (. كما أن ما حرم فعله حرم طلب ه، وكذا ما يكره فعله يكره طلب ه، فإن طلبه منه ت حريضا ً على فعله، كما أن السكوت على الحرام أو المكروه والتمكين منه حرام ومكروه، ولا شك أن ّ طلبه فوق السكوت عليه، والتمكين منه، فيكون مثله في أصل الحرمة، ب الأولى وإن تفاوتت الحرمتان ْ بالقوة(٣) ، وذلك كأخذ الرشوة، وشهادة الزور، وسرقة أموال الناس، وما إلى ذلك من الأفعال المحرمة، ف لا يجوز لشخص أن يقول لآخر ادفع (١) هرموش: معجم القواعد الفقهية الإباضية، ص ٤٩٢ - . ٥٠١ . البورنو: الوجيز، ص ٣٨٧ عزام عبد العزيز: قواعد الفقه الإسلامي، ص ٣٩٠ . شبير محمد عثمان: القواعد الكلية، . ص ٣٣٢ . الروكي: قواعد الفقه الإسلامي، ص ٢٤٨ (٢) . الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٢١٥ . المجلة العدلية، المادة: ٣٤٠(٣) . الزرقا أحمد: المرجع السابق، ص ٢١٧ . المجلة العدلية، المادة: ٣٥ ً رشوة، أو اشهد زورا به كان شريكه في ا لإثم (١) ، أو اسرق مال فلان، فإن قال له ذلك ففعل ما أمره . k :IóYÉ≤dG π«°UCÉJ :É«fÉK ثبت دليل هذه القاعدة بمبدأ سد الذرائع، وهو أصل معمول به في الشريعة الإسلامية، ودل عليه كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، من ذلك: أ من القرآن الكريم: قال الله تعالى: ﴿ ;:987654321 =< DCBA@?>﴾ (الأحزاب: ٣٢ (. وقال تعالى: ﴿ VUTSRQPON ^]\[ZYXW﴾ (النور: ٣٠ (. وقال سبحانه: ﴿ `fedcba u t sr q p o nm l k j i h g ~}|{zyxwv ے ¢¡ ±°¯® ¬«ª© ¨§¦¥¤£ ¿¾½¼» º¹¸¶μ ´³² Ï Î Í ÌË Ê É È Ç Æ Å Ä Ã Á À ÔÓÒÑÐ﴾ (النور: ٣١ (. وجه الاستدلال: إن ّ النظر إلى ا لمحرم من النساء وكشف العورات من أسباب فتنة الرجال ّ ِِ بالنساء، وضرب المرأة ب رجلها ذات الخلاخل ذريعة إلى النظر والافتتان، كما (١) . محمد بكر إسماعيل: القواعد الفقهية، ص ١٣٨ أن القول ا للين المنكسر ذريعة إلى ذلك فنهى الله عنه؛ لأنه يوصل إلى الزنا ّ المشتمل على ا لمفاسد. وإذا تتبعنا التكاليف الشرعية وجدنا الشارع الحكيم يعطي الوسيلة حكم فلا ينهى عن شيء إلا وينهى عن كل ،« للوسائل حكم ا لمقاص د » الغاية؛ لأن ما يوصل إليه؛ لأن ما يوصل إلى الحرام فهو حرام(١) . ب من السن ﱠ ة: ﱡ ١ ما روي عن ابن عمر أن ّ رسو ل الله صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله الخمر وشاربها » « وساقيها وبائعها ومبتاعها ومعتصرها، وعاصرها وحاملها والمحمول إليه(٢) . « وآكل ث منها » وزاد ابن ماجه(٣) . وفي رواية عنا لنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير » « والأصنام فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: « لا هو حرام » ، ثم قال رسو ل الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: قاتل الله اليهود، إن الله » 8 لما حرم عليهم شحومها أجملوه(٤) « ، ثم باعوه فأكلوا ثمنه(٥) . والضمير في ق وله صلى الله عليه وسلم: هو » « حرام يحتمل أن يكون عائدا على الانتفاع، ويحتمل أن يكون عائدا على البيع، فعلى الاحتمال الأول يكون الانتفاع بشحوم الميتة وما هو في حكمها (١) . البرديسي: أصول الفقه، ص ٣٥١ . عزام عبد العزيز: قواعد الفقه الإسلامي، ص ٣٩٠(٢) رواه أ بو داود، كتاب الأشربة، باب العنب تعصر للخمر، رقم ٣٦٧٤ ، عن ابن عمر. ابن .٧٣/ تلخيص الحبير، ٤ .« صححه ابن السكن » : حجر(٣) رواه ابن ماجه، كتاب الأشربة، باب لعنت الخمر على عشرة أوجه، رقم ٣٣٨٠ ، أحمد، مسند المكثرين من الصحابة، مسند عب دا لله بن عمر، رقم ٥٧١٦ . عن ابن عمر. (٤) أجملوه بالهمزة، وردت في رواية مسلم، وفي رواية أخرى (جملوه) وهما بمعنى واحد؛ أي: أذابوه حتى يصير ود َ كا ً. َ (٥) متفق عليه، رواه البخاري، كتاب البيوع، باب بيع الميتة والأصنام، رقم ٢١٢١ ، ومسلم، كتاب المساقاة، باب تحريم بيع الخمر والميتة، رقم ١٥٨١ ، عن جابر بن عب دا لله 3 . حراما ً ، وعلى هذا جمهور ا لفقهاء(١) ، وإذا كان الانتفاع بذلك حراما ً ، فحرمة بيعه أولى وأحرى. وعلى الاحتمال الثاني يكون الانتفاع مباحا ً والبيع محرما ً ، وهو ما ذهب إليه بعض الفقهاء كالشافع ي، وقد روي مثل ذلك أ يضا ً عن مالك وغيره من الفقهاء(٢) . ٢ كما يؤيد هذه القاعدة أ يضا ً قول ه صلى الله عليه وسلم : لعن الله آكل الربا وموكله، » « وكاتبه وشاهديه، وهم في الإثم سواء(٣) . ٣ « لعن رسو ل الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي » : وكذلك(٤) . k :IóYÉ≤dG ´hôa :ÉãdÉK ١ في تحريم بيع الخمر واستعمالها: ومن فروع هذه القاعدة م ا نقله ابن ب ركة أنه يحرم بيع الخمرة لكونها محرمة الاستعمال، ذكر ذلك في معرض حديثه عن قصة ا لرسول صلى الله عليه وسلم مع صديق له رواها عنه ابن عباس 3 كان لرسو ل الله صلى الله عليه وسلم صديق من دوس أو قال: » : فقال َْ ِ من ث قي ف، فلقيه ب مكة عام الفتح ب راوية خمر يهديها إليه، فقال رسو ل الله صلى الله عليه وسلم : « يا فلان أما علمت أن الله حرمها » ؟ فأمر ا لدوسي غلامه أن يذهب لبيعها، فقال َ له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «؟ بماذا أمرته » فقال: أمرته ببيعها. فقال 0 : إن الذي حرم » ّ « شربها حرم بيعها ، فأمر بها فأفرغت في بطحاء مكة(٥) . (١) .٤٢٥/ ١١ . وابن حجر، فتح الباري، ٤ / ينظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ٦(٢) .٣٠١/ كابن جرير الطبري، ينظر: النووي، المصدر نفسه. الأحوذي، عارضة الأحوذي، ٥(٣) رواه مسلم، كتاب المساقاة، باب لعن آكل الربا وموكله، رقم ١٥٩٨ ، عن جابر بن عب دا لله.(٤) رواه أ بو داود، كتاب الأقضية، باب في كراهية الرشوة، رقم ٣٥٨٠ ، عن ابن عمرو، والترمذي، كتاب الأحكام، باب الراشي والمرتشي في الحكم، رقم ١٣٣٦ ، عن أبي هريرة. وقال: حسن صحيح. (٥) رواه الدارمي في السنن، ومن كتاب الأشربة، باب النهي عن بيع الخمر وشرائها، = وعق ّ فالخمرة حرام شربها بهذا الخبر » : ب ابن ب ركة على هذا الحديث فقال والانتفاع بها، وثمنها محرم، وبيعها محظور، وشاربها عاص، وبائعها خرج(١) ، « ومشتريها آ ثم (٢) . اختلف فقهاء ا لإباضية وغيرهم في حكم الانتفاع بالخمر إذا تحولت إلى خل ّ ، فأجازه بعضهم وحرمه آخرون، ولكل فريق حجته، يقول ابن ب ركة في اختلف أ صحابنا في الخمر إذ غ » : هذا الصدد ُ يرت بشيء من الملح أو غيره ِ مما ي ُ رقها ويذهب شدتها ويصير بذلك خلا ًّ ، فقال بعضهم: إذا زالت الشدة بعلاج، بإلقاء الملح فيها أو غيره، جاز الانتفاع بها،؛ لأن التحريم عندهم لأجل الشدة، وقال آخرون: لا تحل أبدا ً ، ولا تنتقل خلا ًّ ، إ ذ ْ لو كان ذلك جائزا ً « ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقتها، وهو ينهى عن إضاعة ا لمال(٣) . قال مخالفونا وفرقة من » : ويؤكد هذا الحكم في موضع آخر فيقول أصحابنا : لا يجوز الانتفاع به لتحريم الله إياه، وإن نقل خلا ًّ بقدح من ملح أو غيره، واحتجوا بذلك بأن العين محرمة لا يجوز أن ت تحو ل حلالا، ً وأن الشريعة ّ قد أ قرت على حكم بعد النب ي صلى الله عليه وسلم «... (٤) . ّ ووافق محمد ا لكندي رأي ابن ب ركة في حرمة الانتفاع بالخمرة ما دامت باقية على أصلها ولم تتغير خصائصها، أما إذا تحولت إلى خل ّ فيجوز ذلك، = حديث : ٢٠٧٦ . ورواه أ حمد بن حنبل في المسند، ومن مسند بني هاشم، مسند عب دا لله بن ١عن ابن عباس العباس بن عبد المطلب، حديث: ٩٨٦ 3 وصححه الألباني. ورواه مسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب تحريم بيع الخمر حديث: ٣٠٤٢ بلفظ متقارب. (١) لعله يقصد خرج عن طاعة الله ورسوله في امتثال النهي. (٢) ٣٣٧ . وأضاف ابن بركة رواية أخرى للحديث وذكر أن صديق / ابن بركة: الجامع، ٢ الرسول من ثقيف ولم يشر إلى الدوسي، ولعل الراوي تردد بينهما فذكرها في الرواية السابقة .٥٥٧ ،٥٥٦/ معا. ينظر: ابن بركة: المصدر نفسه، ٢ (٣) .٣٣٧/ ابن بركة: الجامع، ٢(٤) .٥٥٦/ ابن بركة: المصدر نفسه، ٢ لا يجوز شراء الخمرة إلا إذا استحالت خلا » : يقول في هذا الشأن ًّ بنفسها، وقال من قال: لا يجوز تملكها ولو استحالت خلا ًّ ، ولا تتحول بعد الرجس طهرا ً ، ولا بعد الحرام حلالا ً ... وقالوا أ يضا ً : فإنه عليه الصلاة والسلام قال: « بعثت لكسر الصليب، وقتل الخنزير، وإراقة الخمر »(١) ، ولا يجوز للمسلم ُ « إمساكها عنه بعد علمه بتحريمها دون إ راقتها(٢) . ويرد ابن ب ركة على القائلين بمنع الانتفاع بالخمر ولو بعد تحولها وتغير يقال لهم هذا غلط منكم وتوه » : حالها، فيقول ّ م فيما ت أولتم، وذلك أن جلد ّ الميتة قد حرمه الله ورسوله كما حرم ومنع ذلك، فإذا جاز الانتفاع بعد الدباغ، وأجاز حبسه مع التحريم له على حال يعالج فيتغير حكمه فيصير حلالا ً ، كذلك الخمر يعالج حتى يتغير فيصير حلالا ً . وأيضا ً فإن جلد الميتة أصل متفق عليه، فيجب أن ي ُرد ّ عليه المختلف فيه من الانتفاع به من الخمر، كجلد َ « الميتة المحرم يجوز الانتفاع به بعد ا لدباغ(٣) . ويبدو من عبارة ابن ب ركة أنه يميل إلى الرأي الأول القائل بجواز الانتفاع بالخمر بعد تحولها إلى خل حلال ق ياسا ً على جلد الميتة النجس الذي ت حول ّّ (١) لم أجده فيما بحثت من مصادر، وثبت أن المسيح 0 سيأتي في آخر الزمان فيكسر الصليب ويقتل الخنزير. دون عبارة إراقة الخمر. متفق عليه، رواه البخاري، كتاب ٢عن أبي هريرة البيوع، باب قتل الخنزير، حديث : ١٣٠ 3 . ومسلم، كتاب الإيمان، باب نزول عيسى ابن مريم حاكما ً ٢، رواه الترمذي بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حديث : ٤٦ في سنن الجامع الصحيح، الذبائح، أبواب الفتن عن رسو ل الله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء في نزول عيسى ابن م ريم 0 عن أبي هريرة، أن رسو ل الله صلى الله عليه وسلم » : ، حديث : ٢٢١١ بلفظ قال: والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، فيكسر الصليب، » « ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد هذا » : قال الترمذي .« حديث حسن صحيح (٢) .٢٤/ الكندي محمد بن إبراهيم: بيان الشرع، ج ٣٥(٣) .٥٥٧/ ابن بركة: المرجع، السابق، ٢ بالدباغة إلى جلد طاهر جاز الانتفاع به، ومصداقا لقول ه صلى الله عليه وسلم : أيما إهاب دبغ » « فقد طهر(١) . وإذا قلنا بجواز الانتفاع بالخمر المخللة والجلد المدبوغ نكون بذلك ما حرم استعماله حرم ا تخاذه » قد خرجنا عن القاعدة الفقهية « أي ما حرم » شربه أو أكله حرم الانتفاع به، ويعتبر هذا الفرع استثناء من القاعدة، فنقول: يجوز الانتفاع بالمحرم بعد تحويله، ولعل هذا الرأي هو ما نرجحه ما دام يتوافق مع مقاصد الشريعة العامة الداعية إلى حفظ المال وصيانته، وتنهى عن إضاعته وإتلافه. ومن جهة أخرى وتطبيقا ً لهذه القاعدة نقول: إذا كان بيع الخمر والانتفاع بها حرام إلا إذا ت حولت عن حالتها الأصلية، وزالت عنها حالة الشدة والسكر، ّﱡ فما الحكم إذا استعملت لأغراض أخرى نافعة غير الأكل والشرب، كالعلاج والزينة دون البيع، فالفقهاء متفقون على تحريم ذلك عملا ً بالقاعدة المتقدمة ما حرم استعماله حرم ا تخاذه » .« سئل جابر بن » : جاء في جوابات الإمام جابر بن زيد عن عمرو بن هرم قال ِ ِ زيد هل يصلح لرجل أن يتدلك ب دردي(٢) الخمر، أو يتداوى منه بشيء في جراحه أو سواهما؟ قال لا، هو رجس أمر الله باجتنابه، قيل له: فهل تمتشط به المرأة؟ قال: لا يحل ذلك. نقل ذلك عمرو بن هرم عن الصحابة والتابعي ن، فقد روي عن عكرمة أنه قال: إن ابن عباس قال: إن أبا هريرة 3 سئل عن (١) ١، وقال: رواه الترمذي، أبواب اللباس، باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت، رق م ٦٩٥ وابن ماجه، كتاب اللباس، باب لبس جلود الميتة إذا دبغت، .« هذا حديث حسن صحيح »٣، والربيع، باب أدب الطعام والشراب، رقم ٣٨٩ ، عن ابن عباس. رق م ٦٠٧ (٢)الد ُ ردي بضم الدال الأول وكسر الثانية وسكون الراء ما رسب في أسفل الإناء من عكره، ودردي الخمر ما رسب في أسفل الإناء منه. ينظر: قلعة جي وقنيني، معجم لغة الفقهاء، ص ٢٠٨ . وينظر: أ يضا ً . الرازي أ بو بكر إيضاح مختار الصحاح، ص ١٣٣ ذلك فقيل له: إن النساء تمتشطن به، فقال: مز ّ ق الله رؤوسهن وأتفل(١) ريحهن، « (٢) فإن ّ ما كان حراما ً لا يصلح لرأس، ولا شفاء فيما حرم الله، ولكنه إثم وسقم . ٌّ وهكذا ي تبين من خلال عبارة الإمام جابر بن زيد مدى تشدد سلف الأمة ﱠ من الصحابة والتابعين في تحريم الانتفاع بالمحرمات، كالخمر والميتة وغيرهما سدا ً لذريعة الفساد، ما دام يوجد في المحللات مندوحة تسد حاجات الناس وتغنيهم عن الحرام، وذلك التزاما بترك ما حرم الله، ووقوفا عند حدوده. ٢ في حكم الانتفاع بالمطعومات المتنجسة: ومن فروعها: إذا تنجست المطعومات كالخبز والحبوب والباقلاء والأرز والقمح واللحوم والسمك بنجاسة فاختلطت بها، فما حكمها؟ وهل يصح الانتفاع بها؟ المسألة محل خلاف بين فقهاء ا لإباضي ة، ويمكن حصره في قولين: أ ذهب أكثرهم إلى تحريم الانتفاع بها؛ لأنها أصبحت في حكم الأشياء النجسة، ولا يجوز إعطاؤها للغير ولو كان إ نسانا ً غير بالغ أو حيوانا ً ، عملا ً ما حرم أخذه حرم إ عطاؤ ه، وما حرم استعماله حرما تخاذه » : بالقاعدة المقررة .« ويخرج في هذه المعاني كلها » : يقول أ بو سعيد الكدمي في هذا الصدد عندي في جميع المطبوخات المتنجسات بمعاني الطبيخ منه أو من غيره، أن ذلك متروك بنجاسته، ولا طهارة منه ولا له، وكذلك الخبز يلحقه معنى ذلك، ولعله أكثر م ا قيل أن هذه الأشياء كلها إذا تنجست وما أشبهها وما خرج بمعناها، أنه لا وجه إلى تطهيرها ويدفن، ولا يطعم شيئا ً من الدواب، و لا أحدا ً من الناس صغيرا ً ولا كبيرا ً ولا يباع، ولعله يخرج في معاني ذلك أنه لا يوهب؛ (١) لإمكان وقوع التصحيف من النساخ. « أتلف » هكذا في الأصل ولعل الصواب (٢)جابر بن زيد: من جوابات الإمام جابر بن زيد، جمع وترتيب الخروصي سعيد بن خلف، ط ١٤٠٤ ه/ ١٩٨٤ م، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع ُ مان، طبع بمطابع سجل .١٢١ ، العرب، مصر، ص ١٢٠ لأنه إذا ثبتت أن لا ينتفع بها بوجه يبطل بيعها وهبتها، وكانت لا تقع عليها « الأملاك، وهي باطل متروكة(١) . ب وذهب بعض ا لإباضية إلى جواز الانتفاع بالمطعومات إذا كان أصلها طاهر ثم تنجست بنجاسة خالطتها، وذلك بعد تطهيرها بوسائل التطهير المعتادة، كالماء والنار والشمس، وإذا جاز الانتفاع بها جاز بيعها وإعطاؤها للكبير والصغير والحيوان. وقد قيل في ذلك: أعني الخبز إذا تنجس » : يقول ا لكدمي في هذا الشأن العجين باختلاف فيه وتفصيل، فمعنى أنه قيل: لا يطهر على حال وهو متروك، وأحكامه أحكام النجاسة. وقيل: إنه ي غسل ويؤكل إذا ثبت معاني غسله عندي ُ لم يلزمه غسلا ً يضره، وكان إذا صب عليه الماء صبا ً بقدر ما يأتي عليه كله، ّّ دواخله وخوارجه كان ذلك معي طهارته... ومعي أنه قيل إن خبزه بالنار طهارته، بجميع ما خبز في تنور أو طابخ أو حصى، ومعي أنه قيل: إ ن ّ ذلك إنما هو في خبز التنور دون الحصى والطابخ وأشباهه، ومعي أن ذلك كله ِ سواء، وإذا ثبت معنى زوال رطوبة النجاسة بأي وجه من ا لمذهبات من أسباب ُ «... النار، فهو سواء، وثبت معنى طهارته على هذا المعنى عندي(٢) . يفهم من عبارة ا لكدمي أنه يميل إلى جواز الانتفاع بالخبز أو نحوه إذا أزيلت نجاسته بالماء أو النار، فيصبح ن افعا ً حفاظا ً على المال، وهذه بلا ريب نظرة مقصدية وجيهة تقرها أحكام الشريعة ومقاصدها ا لعامة. ويتابع ا لكدمي عرض الرأي الآخر القائل بجواز الانتفاع بالمطعومات إذا وأما السمك ا لممقور » : طهرت، مثل اللحوم والسمك، فيقول(٣) فمعي أنه قيل: (١) ٩٩/ الكدمي أ بو سعيد: المعتبر، ٣ - .٣٠٠/ ١٠٠ . ابن جعفر: الجامع، ١ (٢) .٩٨/ الكدمي: المعتبر، ٣(٣) السمك الممقور هو المملح، ولعله م ا يطلق عليه عند المصريين بالفسيخ، له رائحة نافذة ونتنة، ولا أظنه يشبهه لأنهم يخللونه في الماء والملح، أما الذي ذكره الكدمي لعله سمك = إذا تنجس بشيء من النجاسات بعد أن صار ب حد ّ م ا لا ينشف من النجاسات شيئا ً ؛ لأنه قد شرب من الماء الطاهر م ا لا يحتاج إلى زيادة من الماء النجس، فإنه يخرج في معاني القول فيه، أنه يغسل من حينه وتخرج معاني طهارته بذلك ا لغسل. وأما إذا كان يخرج في معاني الاعتبار له أنه قد شرب من الماء النجس ما ولج فيه بقدر م ا لا يبلغه في الاعتبار ذلك الغسل في الوقت، ولا يبلغه الماء الطاهر عند غسله، فإنه يخرج في معاني غسله أن يغسل ثم يجفف بالشمس، أو يشوى بالنار حتى تزول عنه معاني رطوبات النجاسة، ثم بعد ذلك ف إن ّ لا مضرة في غسله غ َ سلا ً ، وتلك طهارته في بعض ما يخرج من القول... وفي بعض ما يخرج أيضا ً من القول، أنه يجعل في الماء الطاهر؛ لأنه كان لا مضرة عليه بقدر م ا يبلغ الماء الطاهر، حيث بلغت النجاسة في الاعتبار، وتلك طهارته إذا صب منه ذلك الماء، وفي بعض القول أنه يصب منه ذلك ّ الماء ويغسل ثم تلك طهارته. ومعي أنه إن أمكن أن ي شوى بالنار حتى تذهب بمعاني رطوبات النجاسة ُ منه، كان ذلك بمرة واحدة من ا لشوي، وتخرج معاني طهارته على حسب ْ ما قد قيل، ولعله يخرج في بعض القول أن هذا بمنزلة المطبوخ من السمك «... وهو نجس متروك، إذا كان قد تنجس بنجاسة ت نشفها(١) . وبعد أن ب ي ن ا لكدمي طريقة تطهير السمك المتنجس ليصبح صالحا ّ للانتفاع به، وضع ضابطا ً عاما ً يضبط جميع الجزئيات المتشابهة، إذا تعرضت والقول عندي » : للنجاسة وخالطتها، فصعب الانتفاع بها على تلك الحالة، فقال في المطبوخ كالقول في هذا، إذا أمكن فيه ما أمكن في هذا من جميع الأشياء = صغير يجفف ويدخر ويستعمل في التغذية وقت الحاجة، خاصة في المناطق التي لا يتوفر فيها السمك الطازج. (١) ٩٨/ الكدمي: المرجع نفسه، ٣ - ٢٩٨/ ٩٩ . ابن جعفر: الجامع، ١ - .٢٩٩ التي أصلها طاهر، وإنما عارضتها النجاسة، فهذا عندي خارج من جميع الأشياء إذا احتملت هذه المعاني من اللحوم والسمك والحبوب من الباقلاء واللوبياج والأرز، وجميع ما خرج مخرج هذا، فكل هذا معناه عندي واحد إذا أحسن النظر فيه، وفي تطهيره بأحد معاني ما قد قيل فيه من هذه الأقاويل، «... ولا يختلف ذلك عندي في شيء يخرج مخرجه(١) . ولا شك أنه إذا ت مكن ّ ا من طهارة هذه المطعومات يجوز الانتفاع بها، ويمكن إعطاؤها إلى الدواب كعلف مغذي ما دامت قد زالت عنها النجاسة، ولكن ما الحكم لو تعذر تطهيرها وبقيت على حالتها؟ ذهب بعض فقهاء ا لإباضية إلى جواز الانتفاع بالمطعومات المتنجسة إذا تعذر تطهيرها، وذلك بأن يطعم بها الأطفال والدواب، ولعلهم يرون أ ن ّ لا إثم عليهم في أكلها؛ لأنهم غير مخاطبين بالأحكام الشرعية، ف لا يحاسبون بأكل الحرام والنجاسات م ا دامت نافعة غير ضارة بهم، وقد نقل ا لكدمي قولهم ومعي أنه قد قيل إنها وإن تنجست وثبت أنه لا وجه إلى طهارتها، أو » : فقال ما كان منها لا وجه إلى طهارته، فقد قيل إنه يطعم الدواب ولو كان نجسا؛ لأن الدواب لا إثم عليها، وليست هي في أكلها متعدية ولا آثمة، وكذلك المعين « على ذلك غير معين على إثم و لا عدوان(٢) . وأما القائلين بحرمة الانتفاع بها مطلقا ً سواء للإنسان أو الحيوان، فحجتهم يخرج من معنى قوله إن ذلك إثم محرم، ولا يطعم » كما نقلهاأ بو سعيد الكدمي المحرم أ حدا ً من ا لخ َل ْ ق، وأنه وإن كانت الدابة ليست آثمة، ولا النجاسة عليها محرمة فإن الإنسان محجور عليه الإثم والحرام أن ينتفع به، أو أن يعين على «... الانتفاع ب ه(٣) . (١) .٢٩٩/ ٩٩ . ابن جعفر: المرجع السابق، ١ / الكدمي: المعتبر، ٣(٢) .١٠٠/ الكدمي: المصدر نفسه، ٣(٣) الكدمي: المصدر نفسه. ويستنتج من عبارة ا لكدمي أنه يميل إلى جواز إعطاء الطعام المتنجس للأطفال والدواب، وكل من لا إثم عليه ما دام ينفعهم ولا يضرهم، فيقول: ومعي، أنه يخرج في معاني القول أنه يجوز أن يطعم ذلك الدواب والأطفال »من الناس، وكل من لا إثم عليه؛ لأن ذلك يقع لهم موقع النفع، وليس معي «... عليهم فيه مضرة ولا إثم عليه(١) . واختلف الإباضية أيضا ً في بيع المطعومات المتنجسة، فمنهم من منع ذلك مطلقا ً ، ولو أخبر المشتري بنجاسته، ومنهم من أجاز ذلك ما دام صالحا ً للانتفاع ب ه؟ ولا يبيعه البالغ » : نقل ا لكدمي أقوال الفقهاء في هذه المسألة وبسط أدلتها فقال ولا ينتفع بثمنه ولو أخبر بذلك وبنجاسته، وإذا ثبت أنه لا يبيعه فلا يبيعه لأهل الذمة ولا لأهل الإسلام، لأن ذلك مخالط للحرام، ولا يجوز بيع الحرام والحلال «... بصفقة واحدة، ولأن بيع الحلال والحرام في صفقة واحدة كله حرام(٢) . بينما ذهب بعضهم إلى جواز بيع الطعام المتنجس إذا أخبر به المشتري؛ ومعي أنه » : لأنها نجاسة عارضة وليست أصلية، يقول ا لكدمي في هذا الشأن ِ قيل يجوز أن يباع إذا علم بذلك المشتري، وإنما ذلك عيب معارض للحلال، َ وليس هو في الأصل من المحرمات، وإنما النجاسة له معارضة، ويجوز الانتفاع به إذا ثبت طعمه للدواب والأطفال، وجاز ذلك، ولو كان لا يجوز الانتفاع به بوجه من وجوه الحلال، ولا يجوز في الأصل اعتبار معانيه لم يجز بيعه بحال، ولو تراضيا على ذلك البائع والمشتري وعلما به؛ لأن في ذلك إدخال الضرر من المشتري على نفسه، وكل شيء من الضرر فهو غرر، وكل «... غرر فهو ب اط ل، ولا يجوز بيعه، وهو من ا لسحت(٣) . (١) الكدمي: نفسه. (٢) .١٠٠/ الكدمي: المعتبر، ٣ (٣) .١٠١ - ١٠٠/ الكدمي: المعتبر، ٣ ويشترط ا لكدمي لجواز بيع الطعام المتنجس أن يكون مما يمكن الانتفاع به وأما إذا كان يخرج في » : في الأكل أو الشرب ولو للدواب، ويمكن تطهيره فيقول معانيه أنه يلحق منه الانتفاع بما يجوز في الأصل، ويدرك في بعض القول تطهيره، أو ينتفع به لإطعام دواب أو أطفال، يلحق الانتفاع به في أكل أو شرب في بعض ما يجوز من قول أهل العلم، فالبيع له جائز والشراء له جائز، والبائع والمشتري فيه سواء، وهذا يخرج عندي إذا ثبت معاني الانتفاع به في أكل أو شرب لشيء من «... الدواب أو لشيء من الأطفال، أو المعنى من المعاني بحال من ا لحال(١) . أما إذا كانت النجاسة المحرمة في الشيء أصلية كالميتة، ولحم الخنزير، والدم المسفوح ونحوها، ف لا يجوز الانتفاع به، ولا يجوز إطعامه لأحد باتفاق مهما كان إلا في حالة ،« ما حرم أخذه حرم إ عطاؤ ه » الفقهاء عند الاختيار؛ لأن الضرورات تبيح ا لمحظورات » الضرورة و .« ولا يجوز عندي أن يكون مثل ذلك من » : يقول ا لكدمي في هذا المعنى الاختلاف في مثل الخمر والميتة ولحم الخنزير وما أشبهه، أن يطعم شيئا ً من الدواب ولا شيئا ً من الأطفال ولا يباع ولا ينتفع به بحال من الحال إلا م ا خصه « من ا لضرورات(٢) . ويؤكدا لكدمي هذا الأمر في موضع آخر عملا ً ما حرم استعماله » : بالقاعدة وأما ما خرج معناه من الأشياء أنه لا ينتفع بها من » : فيقول « حرم بيعه وشراؤه المحرمات إلا بمعاني الإثم، أو في حال الضرورات، ف لا يجوز بيعه ولا شراؤه، وذلك محجور محرم معي، بمعاني الاتفاق من كل ما كان أصله حراما ً أو ّ رجسا ً ، وليس الرجس معارضا ً له من رجس غيره، ولا أعلم في بيع هذا ولا شرائه اختلافا ً ، وذلك مثل الخمر والخنزير والميتة، وكل ما كان أصله حراما ً رجسا ً لا نفع به معاني الانتفاع في الجائز إلا بمعاني الضرورة أو الإثم؛ (١) الكدمي: المصدر نفسه. (٢) ١٠٢/ الكدمي: المصدر نفسه، ٣ - .٣٠٠/ ١٠٣ . ابن جعفر: الجامع، ١ لأنه لو أنه اضطر لمثل ذلك ليحي به نفسه من الميتة وأشباهها م ا لا يجوز التملك فيه لأهل القبلة، ما جاز لأحد منهم أن يبيع شيئا ً «... من ذلك(١) . ٣ حكم بيع مال البغاة: ومن فروعها: ما ذكره سعيدا لخليلي في حكم بيع مال البغاة وتملكه، فيرى أنه يحرم تملك مال البغاة الموحدين، وبناء عليه، يحرم بيع أموالهم أو شراؤها ً من غيرهم إن لم يكن وكيلا ً لهم في البيع والشراء، فمتى وجد القائم بالأمر أحدا ً يبيع أموال البغاة من أهل ا لقبلة بإقرار منه بغير وجه حق شرعي، وجب عليه الإنكار ومعارضة الفاعل؛ لأن ما حرم تملكه حرم بيعه وشراؤه وهبته(٢) . ٤ في حكم البيع بالغصب: ومنها أيضا ً: ما جاء في أجوبة المحقق ا لخليلي أنه إذا اشترى أحد من آخر مالا ً بيع َ خيار، أو أ صلا ً كعقار، ثم صح أ ن ّ المبيع أخذه بائعه بالغصب، أو بحكم باطل من يد مالكه، فهذا البيع باطل؛ لأن ما حرم تملكه حرم بيعه وشراؤ ه، ويطلب المشتري دراهمه من ا لبائع(٣) . ٥ ثبوت الدين في ذمة الكافر: ومن فروعها: ما ذكره محمد ا لكندي أنه لو كان لرجل حق على يهودي، ّ فمات اليهودي وخلف خمرا ً وخنازير، أو ثمن خمر أو ثمن خنزير، ف لا يجوز وما لم يجز الانتفاع به لم يصح » : أخذ ذلك والانتفاع به، وعلل ذلك بقوله « ملكه(٤) ، أو ما حرم أخذه حرم إ عطاؤه . (١) .١٠٢/ الكدمي: نفسه، ٣(٢) .٧٣/ الخليلي سعيد: كتاب التمهيد، ٧(٣) ١٢٨/ الخليلي: المرجع نفسه، ٩ - .١٢٩ (٤) .٢٣/ الكندي محمد إبراهيم: بيان الشرع، ج ٣٥ وفي السياق نفسه إذا أقرض مشرك مشركا ً خمرا ً أو خنزيرا ً ، ثم أسلم ِ المقر ض حرم عليه أن يقتضي الخمر والخنزير من ا لمشرك(١) . ُ ما يستثنى من القاعدة: نقل بعض فقهاء الإباضية في مصنفاتهم بعض الفروع خرجت عن مقتضى القواعد السابقة نذكر منها: ١ لا يجوز للحاج بيع لحم ا لن ﱡسك وشحومها باتفاق، وجائز الأكل منها، ُ وقد ثبت أ ن ّ ما كان جائزا أكله جاز ب يعه. ٢ ومنها: تحريم بيع لبن النساء في الأسواق محلوبا، لاشتراك الأطفال » فيه، واشتراكهم في الانتساب لهن، حيث يتفرقون، ف لا يعرف النسب، فتكثر الشبهة في النكاح، وأجازوا مع ذلك إجارة المرضعة للبنها، وهو بيع لبنها على من تغذي له به، ولو كان القياس كان بيعه وهو محلوب ظاهر، ي رى مقداره ُ وت ُ علم جملته، أولى بالجواز من بيعه غائبا ً أو غير محلوب ولا معلوم، فالتعبد «... بهذا وأمثاله طريق الخبر وليس طريق القياس والفعل(٢) . ورغم أن بيع ا لن ّ سك أو ا لهد ْ ؛« وما حرم بيعه حرم أكله وشرب ه » ، ي حرام ِ كالخمر والميتة، ومع ذلك أباح الفقهاء أكل ا لمحرم منه، وكذلك بيع لبن النساء يحرم بيعه في الأسواق خوفا ً من اختلاط الأنساب، ولكن قالوا بجواز إجارة المرضعة لبنها وهو نوع من بيع اللبن؛ ولكن في بيعه للعموم ينتج عنه شبهة، وفي إعطائه لرضيع معين تنفي الشبهة؛ لأن صاحبة اللبن معروفة َُّ والرضيع كذلك، وبذلك خرج الفرعين من ا لقاعدة. ٣ ويرى بعضا لإباضية أنه يجوز الانتفاع بالعذرة رغم أنها من النجاسات ما حرم اتخاذه حرم » المحرمة التي يحرم بيعها وشراؤها والانتفاع بها؛ لأن (١) .٢٤/ الكندي: المصدر نفسه، ٣٥(٢) .٥٤٦/ ابن بركة: الجامع، ٢ ومع ذلك قالوا بجواز بيعها إذا اختلطت بالتراب أو ،« إعطاؤه وبيعه وشراؤ ه الرماد أو الروث ا ستثناءا من ا لقاعدة. ً كما قيل في العذرة أنها من الحرام من » : يقول ا لكدمي في هذا الشأن ذوات النجاسة، ولا يخرج في معاني ذلك اختلاف، وأنها إذا اختلطت بالتراب أو غيره من الطواهر من رماد أو روث أو ب عر أو شيء من الطواهر، أن يبيعها ْ في جملة ذلك حلال جائز؛ لأن معنى الانتفاع بها ثابت في معاني الاعتبار، ولأن الشراء لها لا يقع موقع الضياع ولا إضاعة المال، وإنما يشتري الانتفاع «... بها بمعاني الجائز والحلال(١) . ٤ واستثنى بعض الفقهاء من القاعدة أ يضا ً : ما يدفعه الإنسان لتسوية أمره عند الحاكم، أو لمن يمنع الحق إلا بتسلم رشوة له؛ لكي يصل المعطي إلى حقه، فهنا ذهب بعض الفقهاء إلى جواز إعطائه ذلك، والإثم على الآخذ دون المعطي، وهذا خلافا لما اتفق عليه الفقهاء في أ ن ّ تعاطي الرشوة في الحكم حرام على الآخذ والمعطي بلا خلاف، لقوله تعالى: ﴿ $# ﴾ (ال مائ دة: ٤٢ ( ، فقد فسره الحسن وسعيد بن جبير وابن سيرين وقالوا: إنه الرشوة، وقالوا: إذا قبل القاضي الرشوة بلغت به الكفر، فإذا لم يجد المرء طريقا ً للوصول إلى حقه إلا بالرشوة، وقدم المعطي شيئا ً ليتوصل به إلى حق ضائع، أو يدفع عن نفسه ظلما ً ، ف لا بأس بذلك عند جابر بن زي د، نقله عنه ا لبغوي وابن ق دام ة، وقال بذلك أ يضا ً عطاء والحسن(٢) . ولكن مع ذلك أرى من الأفضل أن يصبر المظلوم، ويتحمل الأذى إن قدر عليه حتى لا يقع في شبهة الحرام، وسوف ييسر الله له طريقا ً آخر يصل به إلى (١) .١٠١/ الكدمي: المعتبر، ٣(٢) البغوي: شرح ا لسن ﱠ ٤٣٧ . بكوش يحيى: فقه جابر بن / ٨٨ . ابن قدامة: المغني، ١١ / ة، ١٠ ﱡ . زيد، ٥٢٤ حقه، وقد تساهل البعض في تعاطي الرشوة فاستعملوها في غير الضرورة أخذا ً بهذه الرخصة، فشاعت في تصرفاتهم خاصة في مجال التجارة والقضاء نسأل من الله العفو ا لعافية... وإذا ضعف الإنسان أمام الحاكمين، ولحقته مشقة وعنت وضرر بالغ، فيجوز الأخذ بالرخصة؛ لأن الجواز في نظري يجب أن يكون مقرونا ً بالعجز المحقق عن استيفاء حقه، أو دفع الضرر والظلم عن نفسه، وذلك بأن تعذر عليه إيجاد جهة حكومية أو وسيلة شرعية تستطيع أن تنصفه من ظالمه، أو وجدها لكنه لم تتعاون معه، فلحقه ضرر أكبر، فحينئذ يجوز له ذلك، عملا ً ورغم ذلك نقول: ما زال في الأمة شرفاء ،« ارتكاب أخف ا لضرري ن » : بالقاعدة ينصرون المظلوم فالأخذ بالعزيمة أ ولى(١) . ٥ ومن الفروع المستثناة: ما ذكره زهرانا لمسعودي أنه إذا تنازع شخصان في شفعة، ولم يكن لأحدهما سبب لأخذ الشفعة، ولم يقدر صاحب السبب للشفعة على الوصول إلى شفعته إلا بإعطاء بعض المال لهذا الخصم الذي لا سبب له في الشفعة، لأجل أن يكف عنه مخاصمته، فقيل يجوز له أن يعطيه ذلك المال ويحرم على الآخذ أ خذه(٢) . ُ والحاصل أن هذه المسائل المستثناة أجاز بعض العلماء فيها لمن أعطى المال أن يعطي مع الحكم بالحرمة على الآخذ، وكان الأصل حسب القاعدة أنه لا يجوز للمعطي أن يدفع إليه مالا ولو كان ظالما، ويحرم على الآخذ أخذ ذلك؛ لأنه سحت أخذه بغير حق. (١) الطريفي عبد الله بن عبد المحسن: جريمة الرشوة في الشريعة الإسلامية مع دراسة مكافحة . الرشوة في المملكة العربية السعودية، ص ٥٧(٢) بحث مرقون نسخة لدى الباحث، ،« ما حرم أخذه حرم إعطاؤه » : المسعودي زهران: قاعدة ص ١٢١ . ومعظم هذه القواعد استخرجها من كتاب التمهيد لسعيد الخليلي. ¢ùeÉîdG Ö∏£ªdG ™HÉàdG{ hCG z ¬JGQhô°V øe ƒg Ée ∂∏e kÉÄ«°T ∂∏e øe{ :IóYÉb ™HÉàdG{ hCG z ™HÉJ’z kGOƒ°ü≤e rôp°ünj ºd Ée ºμëdÉH OôØj (١) k :IóYÉ≤dG ∫ƒdóe :’hCG إن ما كان تابعا ً لغيره في الوجود حقيقة أو حكما ينسحب عليه حكم المتبوع، ف لا يفرد بالحكم، بل يدخل في الحكم مع متبوعه. والمراد بالتابع هنا: م ا لا يوجد مستقلا بنفسه، بل وجوده تابع لوجود غيره، فهذا لا ينفك حكمه عن حكم متبوعه، مثاله: إذا بيعت دابة وفي بطنها حمل، يدخل الحمل في البيع تبعا لأم ه، ولا يجوز إفراده بالبيع، وكذا الشرب والطريق أي: حق ّ المرور به يدخلان في بيع الأرض ت بعا ً ، ولا يفردان بالبيع، فعلى هذا كل ما جرى في العرف على أنه من مشتملات المبيع يدخل في البيع من غير ذكر(٢) . وكذلك ما كان في حكم جزء من أجزاء المبيع مما لا يقبل الانفكاك عن المبيع، نظرا إلى عرض المشتري، يدخل في المبيع بدون ذكر، ومثل الجنين ِ في الحكم كل ما كان اتصاله خل ْ قة، كاللبن في الضرع، واللؤلؤ في الصدف، والصوف على ظهر الغنم، والجلد على الحيوان، والنوى في التمر، ا لل ﱠهم إلا ُﱠ إذا صار التابع مقصودا ً ، فإنه يفرد بالحكم، كما يجوز بيع المفتاح دون القفل، والحمايل دون ا لسيف(٣) . (١) .١٥٤ ،٨٣/ ٣٥٥ . الكندي محمد إبراهيم: بيان الشرع، ٧ ،٣٥٠ ،٢٠٥/ ابن بركة: الجامع، ٢ ٢٥١/ ١٥ . العوتبي: الضياء، ١٧ / ٣٦ . الكندي أ بو بكر: المصنف، ج ٢٥ / ج ١٧ - .٢٥٣ ١٨٨/٧ .٢١٠/ الشماخي: الإيضاح، ٥ - ١٨٩ . المجلة العدلية، المادة ٤٧ - .٤٩ (٢) هرموش: معجم القواعد الفقهية الإباضية، ص ١٦٨ . البورنو: الوجيز، في إيضاح قواعد الفقهية الكلية، ص ٣٣١ . الندوي: القواعد الفقهية، ص ٤٠١ - .٤٠٢ (٣) . الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٢٥٧ k :IóYÉ≤dG ´hôa :É«fÉK ١ من فروعها في باب الطهارة: يرى جمهور الإباضية أن ّ جميع ما يخرج من الحيوانات البرية هو تبع وقد اختلفوا » : لها من حيث الطهارة والنجاس ة، يقول ا لكدمي في هذا الشأن في ميتة غير ذوات الدم، فقال قوم بطهارتها، وهو عندنا الأرجح؛ لأن التحريم في قوله تعالى: ﴿ !"# ﴾ (ال مائ دة: ٣ ( . من باب العام أريد به الخاص، فاستثنى البعض ميتة البحر، وعندي: أن جميع هذه الأشياء من ذوات الأرواح البرية من الطيور البرية والدواب من غير ذوات الدماء الأصلية، أنها طاهرة في الممات والحياة، وأن جميع ما خرج منها فهو تبع لها من فم أو دبر، ومن بول أو ب عر، أو ما أشبه ذل ك، ولا يثبت ولا يستقيم في هذا النوع من ْ «... ذوات الأرواح معنا معنى ا لاختلاف(١) . التابع ت ابع » : ويظهر من عبارة ا لكدمي أنه أ قر بقاعدة « وخرج عليها هذا ّّ الفرع، وهو أن جميع الحيوانات التي لا دم لها طاهرة، وما خرج منها كذلك تابع للأصل في حكمه . ومنها: ما ذكره محمد بن إبراهيم ا لكندي من طهارة شعر بني آدم ت بعا ً وعندي أن أشعار أهل ا لقبلة من بني آدم طاهرة... » : لطهارة جسده فيقول « وأشعارهم تبع ل هم(٢) . ٣ في باب الصلاة: تسري هذه القاعدة على من يتبع غيره في صلاته كالزوجة ونحوها، فالمرأة إذا خرجت مع زوجها في سفر كانت نيتها في القصر والإتمام تبعا لنية زوجها؛ (١) .١٨٤ ،١٨٣/ الكدمي: المعتبر، ٣(٢) .٨٣/ الكندي: بيان الشرع، ٧ التابع ت ابع » لأنها تبع له، و « (١) . ويلحق بعض الفقهاء إلى هذا الحكم: العبد مع سيده، وكل من تلزمه طاعة غيره، كالحاكم وقائد الجيش، يقول الكاساني في والمعتبر في النية هو نية الأصل دون التابع، حتى يصير العبد » : هذا المعنى مسافرا ً بنية مولاه، والزوجة بنية الزوج، وكل من لزمه طاعة غيره، كالسلطان وأمير الجيش؛ لأن حكم التابع حكم ا لأصل « (٢) . ٤ في باب الزكاة: إذا أسلم أحد والد َ ي الصبي فهو تبع لمن أسلم منهما، وتجب في ماله ْ الزكاة(٣) . ٥ في باب البيوع: إذا باع رجل لرجل أ رضا » : ومن فروع هذه القاعدة ما ذكره ابن ب ركة أنه ً بما فيها، دخل في البيع الشجر والخشب والنبات وما يعرف بها؛ لأنه تبع «... للبيع، وإذا باع أرضا ولم يذكر غير ذلك لم يكن له غيرها(٤) . إذا باع رجل أ رضا » : وذكر ابن جعفر في جامعه أنه ً له لرجل وقال: قد بعت له هذه الأرض، أو أوصى بها هالك، وفي الأرض نخل أو شيء من ِ شجر مثل سدرة أو غيرها، فإنما تقع الوصية أو البيع على الأرض وحدها ُ حتى يقول بما فيها، وإن قال: قد بعت له هذه القطعة أو أ وصي له بقطعة، فإنها تثبت ُ وما فيها من شجر ونخل ولو لم يفعل بما فيها، وكذلك إن كان بستان «... فإنه يثبت بما فيه من نخل أو شجر، وأثبت ذلك أن يقول بما ف يه(٥) . (١) .٢٩٤/ ١٣٧ . الخليلي سعيد: كتاب التمهيد، ٧ / الكندي: المصدر نفسه، ج ١٤(٢) .٢٩٠/ الكاساني: بدائع الصنائع، ١(٣) .٣٦/ الكندي: المصدر السابق، ١٧(٤) .٣٥٠ ،٢٥٠/ ابن بركة: الجامع، ٢(٥) .١٥٤/ ابن جعفر: الجامع، ٥ ومنها: من باع نخلة وتحتها صرم صغير وكبير، فالصغير منها تابع لها َ فهو للمشتري، والكبير المدرك للقطع غير تابع لها فهو ل لبائع(١) . ومنها: بيع الحمل مع أمه جائز مع أنه ليس بمرئي، وإنما جاز ت بعا ً لأمه؛ التابع لا يفرد بالحكم عن متبوعه ما لم يصر مقصودا » لأن ً .« يقول ابن ب ركة في فإن قال قائل ف بيع الحمل جائز مع أمه وقد عرى من ظهور عيبه » : هذا المعنى َْ وصفته، وقالوا له: البيع لا يقع على الحمل إذ ليس بمرئي ولا موصوف، وإنما جاز لمشتريأ ُم ّ ه باتفاق أنه ت ب َع ٌ للمبيع حيث لا يستثنى، فإذا استثني وقع الاختلاف «... بينهم، فإذا اختلفوا فالنظر يوجب عندي أن يبقى على أصل ا لملك(٢) . التابع ت ابع » ويستنتج من عبارة ابن ب ركة أنه يرجح العمل بقاعدة « ولو وقع الاختلاف في استثناء الحمل في البيع عن أمه، ويرى أنه تابع لها ومملوك للمشتري، ولا يجوز للبائع أن يمنعه عنه أو يطالب به؛ لأنه مجهول وغير مقدور على ت سليمه. ٦ في باب الرهن: ومن فروعها في هذا الباب: ما نقله الشماخي من اختلاف الفقهاء في منافع الرهن، هل تكون للراهن أم تابعة ل لرهن؟ فإن قال قائل: أرأيت إن لم يشترط الرهن والمرتهن » : يقول في هذا الصدد أن تكون هذه المنافع في الرهن، فلمن تكون؟ أتكون للراهن أو هي تابعة الرهن؟ أو يجوز اشتراط الراهن ل ها؟ قيل له: اختلف العلماء في ذلك، ففي الأثر: واختلفوا في غلات الرهن ونمائه، قال بعضهم: هي معقولة مع ا لرهن(٣) ، لا يذهب المال بذهابها، ومنهم (١) .١٤٨/ الخليلي سعيد: كتاب التمهيد، ٩(٢) .٣٥٥/ ابن بركة: الجامع، ٢(٣) قوله معقولة مع الرهن، يعني وليس منه ف لا تبيع ببيعه؛ لأنه حينئذ » : قال المحشي أ بو ستة .١٨٩/ يراجع: الحاشية على كتاب الإيضاح للشماخي، ٧ .« رهن سخري من يقول: هي مثل الرهن في جميع الوجوه، في البيع والذهاب والتقاضي، ولا يبيع العين المرهونة في ذلك الوجه ما وجد وفاء ماله في الغلات، وإنما النماء والشيء المرهون سواء، ومنهم من يقول في النماء والغلات هي لصاحبها، لم يدخل في الرهن، ولا يمنعه المرتهن، وعمدة من جعل الغلات َ والنماء مع الرهن، أ ن ّ الفروع تابعة للأصول فوجب لها حكم الأصل، وعمدة الفريق الآخر أن مادة الرهن لربه ونفقته عليه، ا ستنادا ً لقوله 0 : لا يغلق » « الرهن، لصاحبه غنمه، وعليه غرمه(١) ؛ أي: لصاحبه غل ّ ة الرهن وخراجه، وعليه غرامة الدين، أي افتكاكه عليه ومصيبته منه، وعلى مذهب الآخرين معنى « الحديث، أي لصاحبه زيادته، وعليه ن قصانه(٢) . وهكذا بعد أن عرض ا لشماخي مختلف الأقوال وحجتهم في اعتبار غلا ّ ت ُ الرهن، وزيادته ونقصانه تابعة له، أو غير تابعة له، وما يترتب عليه من أحكام، والذي يوجبه النظر، » : أخذ يناقش هذه الأقوال ويعقب عليها، ثم خلص إلى القول أن تفضيل غلة الرهن، ونمائه لا يخلو أن تكون متصلة أو منفصلة، فالمتصلة حكمها حكم الرهن، مثل نماء الأشجار والحيوان والغلات، وهي زيادة الشيء في ذاته، وكذلك فيما حدث في الرهن من الغلات، إذا كانت غير مدركة في وقت البيع، والحمل كذلك، وأما المنفصلة ف لا تخلو أن تكون من الشيء المرهون أو لا تكون منه، فإذا كانت منه ف لا تخلو أن تكون أصلها من خارج أو أصلها منه، فإذا كانت الغلة المنفصلة من الشيء المرهون وأصلها منه، فحكمها حكم الرهن، مثل غلاة الأشجار وثمارها، وألبان الحيوان وأصوافها، وإذا كانت الزيادة المنفصلة من الشيء المرهون وأصلها من خارج فهي معقولة مع الرهن؛ لأنها منه، ولا تباع معه؛ لأن أصلها من خارج، وذلك مثل فسيل الحيوان الحادث في ا لرهن. وأما الغروس والنقص الحادث في الرهن المرهونة إذا كان أصلها من (١) تقدم تخريجه. (٢) ١٨٨/ الشماخي: الإيضاح، ٧ - . ١٩١ . أ بو العباس أحمد: كتاب أبي مسألة، ص ١١٧ خارج فهو لمن أدخله، ولا يكون مع الرهن؛ لأن أصله معين أنه من خارج، فإذا كانت الزيادة في الرهن ليست منه، مثل كراء الدور والحوانيت، وخراج «... العبيد والدواب، ففيه م ا فيه(١) . الرأي المختار: ويبدو بعد هذا العرض المفصل للآراء الفقهية أ ن ّ ما ذهب إليه ا لشماخي من التمييز بين الأشياء التابعة لأصل الرهن، من حيث اتصالها به وانفصالها عنه قبل الرهن وبعده هو الرأي العدل والأقرب للصواب، ف لا يمكن الحكم على الشيء الفرعي إلا بالنظر إلى علاقته بأصله، فغلات الرهن، وزيادته ونقصانه مرتبطة بالأصل، فإن زادت في يد الراهن فهي تابعة للرهن، وإن زادت في يد المرتهن فهي منه، ف لا يتصرف فيها؛ لأنها من خارج الرهن، فهي لمن أحدثها على الرهن وهكذا. ٧ في حكم ذكاة الجنين: اتفق أهل العلم أن الجنين إذا خرج من الحيوان الحلال أكله حيا ًذ ُك ّي َّ ذكاة شرعية؛ لأنه لم يعد ت ابعا ً لأمه، فإن مات قبل أن يتمكن من تذكيته ففي جواز أكله وعدمه خلاف، واختلف الفقهاء في الجنين إذا خرج من أمه ميتا ً بعد موت أمه، نقل الشيخ أحمد الخليلي في فتاويه حكم ذكاة الجنين فقال: والجنين الذي يخرج بعد موت الأم إذا كان حيا » ً فلا خلاف في أنه ي ذك ّ ى، أما إذا كان ميتا ً فمذهب الإمام ا لشافعي وإمام مالك أن ذكاة الجنين ذكاة أ م ه، وهو كما أن ذكاة أمه ذكاته » : قول أصحابنا (الإباضي ة)، وصرح بذلك ا لشماخي فقال « إذا كان مما ي ذكى(٢) . وقد ورد عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم ما يؤكد ذلك: (١) .١٩٣ - ١٩١/ الشماخي: الإيضاح، ٧ (٢) .١٨٦ - ١٨٥/ الشماخي: الإيضاح، ٤ فعن أبي سعيد الخدري 3 قلنا يا رسول الله ننحر الناقة، ونذبح » : قال البقرة والشاة وفي بطنها الجنين، أنلقيه، أم نأكله؟ فقال: كلوه إن شئتم، فذكاته » « ذكاة أمه(١)التابع تابع ما لم يفرد بحكم مستقل » ؛ لأن .« وخالف أب و حنيفة الجمهور فيرى أن الجنين يذكى كما تذكى أمه، وحمل هذا الحديث مع قوله بصحته على التشبيه البليغ؛ أي: على حذف أداة التشبيه، فيكون المعنى: تذكية الجنين كتذكية أمه، واستدل لذلك بورود التشبيه البليغ في القرآن في قوله تعالى: ﴿ '*)(﴾ (آل ع مران: ١٣٣ (، فأداة التشبه محذوفة. ِ وقد ا عت ُرض على قوله هذا باعتراضات كثيرة منها: ّﻥﺃ ﻑﺬـﺤﻟﺍ ﻑﻼـﺧ ،ﻞﺻﻷﺍﻼﻓ ﺭﺎﺼﻳ ﻪﻴﻟﺇ ﻻﺇ ﻊـﻣ ﺔﻨﻳﺮﻘﻟﺍ ﻲﺘﻟﺍ ﻝﺪﺗ ﻪﻴﻠﻋ ﻲﺘﻟﺍﻭ ﻊﻨﻤﺗ ﻦﻣ ﺪﺼﻗ .ﻩﺮﻴﻏ ﺃ ـ ً. ﺍﺫﺇ ﻲﻘﺑ ﻲﻓ ﻢﺣﺭ ،ﻪﻣﺃ ﺎﻣﺃ ﺍﺫﺇ ﺕﺎﻣﻼﻓ ﻥﻮﻜﻳ ﺎﻨﻴﻨﺟ ً ﺎﻤﻛ ﻥﺃ ﻦﻴﻨﺠﻟﺍ ﻥﻮﻜﻳ ﺎﻨﻴﻨﺟ ﺏ ـ :ﺎﻬﻨﻣﻭ ﻥﺃﺎﻣ ﺝﺮﺧ ﻦﻣ ﻦﻄﺑ ﻪﻣﺃ ﻮﻫﻭ ﻲﺣﻼﻓ ﻑﻼﺧ ﻲﻓ ﻪﻧﺃ ،ﻰﻛﺬﻳ ﺍﺬﻫﻭ ﻢﻜﺤﻟﺍ ،ﻑﻭﺮﻌﻣﻼﻓ ﻪﺒﻨﻳ ﻪﻴﻠﻋ ﻝﻮﺳﺮﻟﺍﷺ . ﺝ ـ ً: ﻥﺃ ﺍﺬﻫ ﻒﻟﺎﺨﻳ ،ﺱﺎﻴﻘﻟﺍ ﻥﺈﻓ ﻢﻜﺣ ﻦﻴﻨﺠﻟﺍ ﻮﻀﻌﻛ ﻦﻣ ﻡﻷﺍ ﻲﻓ ﺎﻬﻨﻣﻭﺎﻀﻳﺃ ﻊﻴﻤﺟ ،ﻡﺎﻜﺣﻷﺍ ﻦﻣﻭ ﻚﻟﺫ ﻥﺃ ﺍﺪﺣﺃ ﻮﻟ ﻞﺘﻗ ﺓﺃﺮﻣﺍ ﻲﻓﻭ ﺎﻬﻨﻄﺑ ،ﻦﻴﻨﺟ ﺖﻘﻟﺄﻓً ﻦـﻴﻨﺠﻟﺍﺎـﺘﻴﻣ ﺪﻌﺑ ﻥﺃ ﺖﺗﺎﻣ ،ﻲﻫ ﻢﻜﺤﻓ ﻚـﻟﺫ ﻦﻴﻨﺠﻟﺍ ﻢﻜﺤﻛ ،ﻡﻷﺍ ﻲﻔﻜﺘﻓ ﺔﻳﺩ ﻡﻷﺍ ،ﻦﻴﻨﺠﻠﻟﻻﻭ ﻲﻄﻌﻳ ﻦﻴﻨﺠﻟﺍ ﺔﻳﺩ ؛ﺔﻠﻘﺘﺴﻣ ﻥﻷ ﻊﺑﺎﺘﻟﺍ»ﻊﺑﺎﺗ ،« ﻻﺇ ﺍﺫﺇً ﺝﺮﺧ ﺎﺘﻴﻣ ﻞﺒﻗ ﻥﺃ ﺕﻮﻤﺗ ﻡﻷﺍ ﻢﺛ ﺖﺗﺎﻣ ﻡﻷﺍ ﺪﻌﺑ ،ﻚﻟﺫ ﻭﺃ ﺝﺮﺧﺃ ﺎﻴﺣ ﺪﻌﺑﺎﻣ ﺖﺗﺎﻣ ﻡﻷﺍ ﻢﺛ .ﺕﺎﻣ ﺩ ـ (١) ١، وأبو داود، كتاب رواه الترمذي، أبواب الأطعمة، باب م ا جاء في ذكاة الجنين، رق م ٤٣٥ ٢، عن سعد بن مالك الأنصاري، قال الضحايا، باب ما جاء في ذكاة الجنين، رق م ٤٥٩ .« حسن » : الترمذي ومن ذلك أيضا ً: أن ّ أحدا لو أعتق امرأة وفي بطنها جنين، فحكم العتق ولو باع أحد دابة وفيها جنين فحكم ،« التابع ت اب ع » سرى عليه وهكذا؛ لأن البيع سرى عليه. وهكذا ي تبي ن أ ن ّ هذا الحكم وهو أ ن ّ ذكاة الجنين ذكاة أ مه شامل لما إذا ﱠ ُ كان الجنين بقي في بطن الأم ولم يخرج حتى أ خرج، أو خرج بعد ما ماتت « الأم، كان ميتا ولم يكن حيا(١) . ِ ويشير أحمد الخليلي إلى بعض ا لحكم والعلل الهامة من تحريم أكل وتحريم الميتة لما فيها من المضار، » : الميتة، ووجوب الذكاة الشرعية فيقول فإن الدورة الدموية إذا توقفت ترسبت في الجسم مفاسد من هذا الدم، وقد جعل الله سبحانه النحر والذبح إ هراقا ً لهذا الدم وإخراجا ً له، فيبقى الجسم نظيفا ً من هذه الترسبات التي تبقى في جسم الميتة، ولأجل ذلك كانت ذكاة « الجنين ذكاة أ م ه؛ لأن دم الجنين يخرج عادة مع دم ا لأم(٢) . ويقول المحشي أ بو ستة القصبي معقبا ً قوله كما أن » : على قول الشماخي ذكاة أمه ذكاته... إلخ، هذه العلة تقضي أن الحكم الجاري على الأم يجري على حملها مطلقا ً ، لا فرق بين العتق وغيره، فالأولى والله أعلم في الفرق بين العتق وغيره أن يقال: لأن الشارع م تشوق للحرية، ألا ترى أن أفعال المريض ّ « من البيع وغيره غير جائزة على الصحيح، إلا في العتق فإنه جائز ب اتفاق(٣) . التابع ت ابع » ولا ريب أن ما أشار إليه أب و ستة يتوافق مع القاعدة الفقهية « وهذا يسري مع الرهن ،« التابع لا يفرد بالحكم ما لم يصير مقصود ا » وأن (١) الخليلي أ حمد بن حمد: الفتاوى، الكتاب الخامس، نشر مكتب الأجيال للتسويق، روي مسقط سلطنة ع ُ ١٤٢٧ ه/ ٢٠٠٦ م، طبعة شركة مطبعة ع مان، ط ١ ُ مان ومكتبتها المحدودة، .٣٥٠ - سلطنة ع مان، ص ٣٤٩ ُ (٢) .٣٥٠/ الخليلي أحمد: الفتاوى، ٥(٣) ١٧٥/ القصبي أ بو ستة: الحاشية على كتاب الإيضاح للشماخي، ٤ - .١٧٦ والبيع والهبة والصدقة والوصية، وإن حدث استثناء فيكون مع العتق؛ لأن الشارع يشجع على ذلك ويدعو إلى تحرير العبيد، ولا شك أن في نظرته هذه رؤية مقصدية عميقة، أما الذين ذهبوا إلى جواز استثناء الراهن الحمل دون أمه باعتباره شيئا ً مخالفا ً للأم، ففي هذه الحالة خرجوا هذا الفرع على القاعدة ّ التابع لا يفرد بالحكم ما لم يصير مقصودا » المتفرعة عنها أن ً ، وفي هذه الحالة أصبح مقصودا في العقد، فيجوز استثناؤه في الحكم عن أ صله. ويقول ا لبسيوي في السياق نفسه مبينا ً حكم تصرف المريض في العتق: فأما المريض ف لا تثبت منه الوصية، وله أن يرجع فيها ما لم يمت، إلا ما قالوا » ّ ِ فيمن عل ّق عتق عبده عليه، أو قال في مرضه إذا مت ّ فغلامي حر ثم مات فهو «... حر، وإن صح ورجع ف لا رجعة له، فأما إذا مات عتقا لعبد(١) ، وهذا استثناء ّّ من القاعدة. (١) .١٨٨/ البسيوي: الجامع، ٣ k :IóYÉ≤dG ∞jô©J :’hCG هذه القاعدة من القواعد المتعلقة بنظرية الملك في الفقه الإسلامي، وتشمل كل تبرع، كالهبة، والصدقة، والعطية، والن ﱢ حلة، والهدية، والوصية، ويشترط بعض فقهاء ا لإباضية لتمامه أن ،« ولا يتم هذا التبرع إلا ب القب ض »يتقدمه قبول من المتبرع له أو الموهوب له، ولكن اختلفوا في كيفية القبض ووقته، ومن يتولى ذلك، وهل يجوز التراجع عن التبرع قبل القبض أو بعده؟ ومتى يكون ذلك؟ كل هذه الأسئلة أجاب عنها الفقهاء ب تفصيل(٢) . وقد وردت هذه القاعدة في المصنفات ا لإباضية المتقدمة والمتأخرة، كل العطايا لا تثبت إلا بالإحراز من ا لمعطي » : وعبر عنها بعضهم بقوله « (٣) . ّ والمقصود بإحراز العطية: هو أن يقبضها المعطى له أو يزيلها، أو يستعمل فيها أو نحو هذا(٤) . وصاغ بعضهم من عبارات المتقدمين هذه القاعدة بصياغة لا إحراز بغير ق بض » : مختصرة، بعد صقلها فقال « (٥) ، وهي تتضمن نفس معنى لا يتم التبرع إلا ب القبض » القاعدة المتداولة .« (١) ١٨٢/ ٤١٧ . الكندي أ بو بكر: المصنف، ١٦ / ابن بركة: الجامع، ٢ - ١٨٨/ ٢٠٠ . ج ٢٧ - .٢٠٠ .٤٠٤ - ٤٠١/ الشماخي: الإيضاح، ٤(٢) ٤١٧ وما بعدها. / ٣٦٣ وما بعدها. ابن بركة، الجامع، ٢ / ينظر: ابن جعفر: الجامع، ٤ ٦ وما بعدها. / ٤٠١ وما بعدها. أطفيش: شرح النيل، ١٢ / الشماخي: الإيضاح، ٤(٣) ٣٤٣ و ٣٤٥ . البسيوي، جامع أبي الحسن البسيوي، / ابن جعفر: المصدر السابق، ٤ .١٨٩ - ١٨٧/٣(٤) ابن جعفر: المصدر نفسه. (٥) المسعودي زهران: القواعد المستخرجة من كتاب تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل . الأحكام والأديان، بحث مرقون للمحقق سعيد ابن خلفان الخليلي، ص ٩٦ بيان معنى القاعدة: التبرع لغة ً: هو تمليك للحال والآجل مجانا ً بلا مقابل، فيشمل الهبة، والهدية، والصدقة، والوقف، والوصية. واصطلاحا ً: ليس لأحد تمليك غيره بلا رضاه(١) ، ف لا بد من رضا الموهوب له أو المهدى إليه، أو المتصدق عليه، أو الموصى له بما يعطى، وإنما يظهر ذلك ويتم بقبض ا لممل ﱠ ك وتسلمه في الحال أو ا لآجل(٢) . َُ k :´ôÑàdG áë°U •hô°T :É«fÉK للتبرع شرطان لا يتم إلا بهما: ١ لما كان التبرع ت مليكا ً في الحال في بعضه، كالهبة، والهدية، والصدقة، فلا يصح في هذه الأمور أن يكون معلقا بما ل َ ه خطر الوجود والعدم؛ أي: لا يعلق تنفيذه على أمر مستقبل بحدث أو لا بحدث، كقدوم فلان مثلا أو دخوله كما لا يجوز إضافته إلى وقت، كمل ّ كت ك غدا ً أو آخر ا لشهر. َُ سئل ا لسالمي عن اختلاف الفقهاء في العطية على شرط، هل تثبت أو لا؟ ذلك إن كان الشرط راجعا » : فقال ً إلى نفس العطية، كما إذا قال له: أعطيتك ِ الشيء الفلاني إن رضي فلان، وأعطيتك مال كذا إن عافى الله ولدي، أو إن قدم غائبي أو نحو ذلك، فهذا الشرط هو الذي يثبت فيه الخلاف، هل يهدم العطية أو لا؟ فأما القول بأنه يهدمها فلأنها لم تكن عطية جازمة، وما ليس كذلك ف لا ينقل المال عن أصله، وأما القول بأنه لا يهدمها، فلأن العطية كسائر « العقود الممكن توقيفها على الشروط، فإذا وجد الشرط تم العقد(٣) . ﱠ (١) . الزرقا مصطفى: المدخل الفقهي، الفقرة: ٧١٢(٢) البورنو: الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية، ص ٣٧٦ . الخادمي: قواعد الخادمي، . ص ٣٢٧(٣) ١١٤/ السالمي: العقد الثمين، ٤ - ١١٥ . بتصرف يسير. ٢ إن القبض شرط صحة التبرع، فلو لم يقبض لم يتم العقد؛ أي: لا يكتفي فيه بالإيجاب والقبول، بل لا بد من القبض والتسليم، ف لا يملك الموهوب أو ا لمهد َ ى أو المتصدق به قبل قبضه، وهذا الشرط أخذ به جمهور فقهاء ا لإباضية وغيرهم، فيرون أن القبض شرط صحة الهبة، وكذلك الهدية، بينما ذهب البعض إلى أنه شرط تمام، ولذلك تصح عندهم الهبة بدون قبض ويكفي ا لقبول(١) ، وهو رأي م ال ك، وفي رواية أحمد مثله(٢) . وذهب آخرون إلى أن الهبة تصح بدون قبض ولا قبول مثل الهبة ل لصبي. وزاد بعض الفقهاء شرطا ً آخر لصحة الهبة، وهو أن تكون معلومة ومقسومة: أي: غير مجهولة العين أو المنفعة، ومقسومة: أي غير مشاعة(٣) . والعلة في لزوم القبض: أ ن ّ إثبات ملك الموهوب له قبل القبض فيه إلزام المتبرع بما يتبرع به، فيثبت للموهوب له، والمهدى إليه، والمتصدق عليه، والموصى له، ولاية مطالبة المتبرع بالتسليم، فيصير عقد ضمان، وهذا تغيير المشروع ف لا يجوز. وعلى ذلك، إذا توفي الواهب أو الموهوب له قبل القبض تبطل الهبة، وللواهب أن يرجع عن هبته قبل القبض بدون رضاء الموهوب له، وكذلك ا لم هدي والمتصدق(٤) . ُ ولأهمية إدراك مدلولات الهبة، والصدقة، والهدية، والعطية، والوقف، والوصية، ف لا بأس من بيان معانيها لبيان مدى ارتباط معانيها ببعضها البعض، وللتمييز بين أنواع التبرعات والعطايا من حيث المدلول والحكم كما يلي. ١ الهبة في اللغة: هي التبرع بما ينتفع به الموهوب، وقيل أ يضا ً : إيصال الشيء لأحد بما ينفعه مالا ً كان أو غير مال. (١) .٤٠٧ ،٤٠٥/ الشماخي: الإيضاح، ٤(٢) . ٥٦ . ابن جزي المالكي: القوانين الفقهية، ص ٣٩٩ / ابن هبيرة: الإفصاح، ٢(٣) .٤٠٧/ الشماخي: الإيضاح، ٤(٤) . البورنو: الوجيز، ص ٣٧٧ وأما في الشرع: تمليك العين بلا عوض، ويقال لفاعله واهب، ولذلك ِِ المال موهوب، ول من ق َبله الموهوب ل ه(١) . والهبة قد تكون بعوض، وتسمى هبة ثواب، وهو كالبيع، والهبة لأجل ثواب الآخر، وتسمى أ يضا ً صدقة. ٢ وأما الصدقة: فعرفها بعضهم بأنها: تمليك بلا عوض للمحتاج لثواب ّ والفرق » : الآخرة. وقد أشار بعض الفقهاء إلى الفرق بين الهبة والصدقة فقال بين الصدقة والهبة أ ن ّ الهبة شرط لها ألا تكون شائعة قابلة للقسمة، وفي «(٢) الصدقة لا يشترط ذلك إذا كان بين اثنين، كما لو تصدق على اثنين مشاعا ً . ٣ والهدية هي: تمليك ما يبع ث غالبا ً بلا عوض، إكراما للمبعوث إ ليه(٣) . َُ ٤ والوصية هي: تمليك بلا عوض لما بعد ا لموت(٤) . وقيل: هي تمليك للآجل يجوز إضافته لما بعد الموت؛ لأنه لا يتم التسليم إلا بعد وفاته، وهي تبرع. ٥ وأما الوقف أو ا لحبس فهو أ يضا ً : تمليك منفعة بلا عوض(٥) . ُ فكل من الهبة، والصدقة، والهدية، والوصية، والوقف، يشتركان في معنى التمليك بلا عوض، إلا أنها تختلف في كيفية التمليك ونوعه، هل يتم ذلك بالقبول مع القبض، أم بأحدهما، أم بدونها؟ وهل يكون ذلك في الحال أم الآجل لما بعد ا لممات؟ فأما الهبة والهدية والصدقة والوقف يكون التملك في الحياة، أما القبول والقبض ففيه خلاف، وأما الوصية وأحيانا الوقف فهو تمليك لما بعد الموت. (١) ٥. هرموش: معجم القواعد الفقهية، ص ٥٦٢ . البركتي / أطفيش: شرح النيل، ١٢ . المجددي: تعريفات البركتي، ص ٥٥٠(٢) . الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٢٩٩(٣) .٦٢٥/ أطفيش: شرح النيل، ١٢(٤) .٤١٦/ ابن بركة: الجامع، ٢(٥) .٥/ أطفيش: المرجع نفسه، ١٢ ِ سئلا لسالمي عن معنى العطية والم نحة والن ﱢ حلة هل تتضمن معنى واحدا ً أم لكل واحد من هذه الأسماء معنى غير الآخر؟ وكذلك الهدية والهبة بمعنى واحد أو بينهما فرق؟ وهل هما نوع من العطية؟ وهل بين هذه الأسماء عموم وخصوص؟ كذلك ا لر قبى والعمرى والسكنى بمعنى واحد أم لا؟ ﱡَ َ فأجاب موضحا ً إن العطية والن » : مدلول هذه المصطلحات ﱢ حلة بمعنى واحد، وهو ما يعطى لغير عوض دنيوي، وأما المنحة فهي: ما يعطى لينتفع بثمرته، ثم يرجع إلى صاحبه، كالأرض يمنحها الرجل غيره ليستغل ويزرع ثم ترجع إليه، وكذلك الناقة، وأما الهبة فهي بمعنى العطية. وأما الهدية فهي ضرب من الهبة غير أنها مقرونة بما يشعر بإعظام المهدى إليه، فهي أخص من الهبة بهذا المعنى. وأما ا لعمرى: فهبة شيء مدة عمر الموهوب له أو الواهب، بشرط َُ ُْ الاسترداد بعد موت الموهوب له، مثل: أن يقول داري لك عمري، قال ُ الجرجاني : « فتمليكه صحيح وشرطه ب اطل »(١) . ِ وأما ا لرقبى: فهو أن يقول: إن م ت ﱡ قبلك فهي لك، وإن م ت ﱠ قبلي رجعت َ إلي ، كأن ّ «... كل واحد منهما يراقب موت الآخر وينتظر(٢) . ﱠ إعطاء منفعة البيت ليسكن فيه المعطى ثم يرجع إلى » : وأما السكنى فهي صاحبه، فهذه الأسماء مختلفة المعاني باختلاف العبارات، إلا العطية والنحلة « والهبة فإنها متفقة المعنى، والهدية أخص منها(٣) . وقد وضع بعض الفقهاء ضابطا ً للهبة متفرعا ً عن هذه القاعدة فقال: الهبة لا تثبت إلا ب القب ض، وقيل: لا تصح الهبة إلا بقبول وقبض(٤) . (١) . الجرجاني: التعريفات، ص ١٧٠(٢) . الجرجاني: المصدر نفسه، ص ١٢٣(٣) .١١٨/ السالمي: العقد الثمين، ٤(٤) ٤٠٢ . هرموش: معجم القواعد / ٤١٥ . الشماخي: الإيضاح، ٤ / ابن بركة: الجامع، ٢ . الفقهية الإباضية، ص ٥٦٢ k :¢†Ñ≤dG áë°U •hô°Th ΩÉμMCG :ÉãdÉK ومعنى هذا الضابط: أن من وهب لآخر هبة ثم حال دون قبض الهبة حائل، كأن أكره أحد الورثة الموهوب له على عدم قبضها أو نحو ذلك، لم يجر على المال الموهوب أحكام الهبة، بل يبقى مالا ً موروثا ً للورثة، والإثم على من حال دون قبضها، لأنه من ّ اع للخير معتد أ ثيم(١) . َ ولأن عقد التبرع لو ت م بدون قبض ؛« لا يتم التبرع إلا ب القب ض » : قال أهل العلم ّ لثبت للمتبرع عليه مطالبة المتبرع بالتسليم، فيصير عقد ضمان، وهو تغيير ل لمشروع. وقالوا أ يضا ً : ولا فرق في اشتراط القبض لتمام التبرع بين ما كان تبرعا ً ابتداء وانتهاء، كالهدية والصدقة والهبة بلا شرط عوض، وبين ما كان تبرعا ً ابتداء معاوضة انتهاء، كالهبة بشرط العوض، والقرض والرهن، فإن القبض شرط لتمام جميعها، فإذا وجد القبض م ستوفيا ً شروط صحته تمت تلك العقود التبرعية، وإلا ف لا(٢) . وقد وضع بعض الفقهاء شروطا ً لصحة القبض نذكرها كما يلي: ١ أن يكون إ ذن ُ المالك صريحا ً : نحو اقبضه أو أذنت لك بالقبض، أو رضيت، وما شاكل ذلك، فيجوز قبضه ولو بعد الافتراق، أو دلالة: وذلك أن يقبض العين في المجلس ولا ينهاه، إذا كانت العين لا تحتاج إلى الفصل عن غيرها، فلو تحتاج إلى الفصل عن غيرها كالثمر على الشجر، والصوف على ِ الغنم، والحل ْ ية على السيف، ففصلها وقبضها بدون إذنه الصريح، لم يجز القبض، سواء كان الفصل والقبض بحضرة المالك أو لا(٣) . (١) هرموش: المرجع نفسه. (٢) . الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٢٩٩(٣) الحضرمي أ بو إسحاق: مختصر الخصال، ص ١٥٤ . الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، . ص ٢٩٩ ٢ وأن يكون المقبوض غير مشغول وقت القبض بغيره، وإن كان شاغلا ً يصح، كما لو وهب الحمل على الدابة، أو الحنطة في الرحى، ونحو ذلك، فلو وهب دابة عليها حمل، أو دارا ً فيها متاع الواهب، وسلمها مع الشاغل، لم يجز القبض، بخلاف متاع غير الواهب فإنه لا يمتنع صحة القبض. ٣ أن لا يكون المقبوض متصلا ً بغيره اتصال الأجزاء؛ لأنه حينئذ في معنى المشاع، فلو وهب الزرع دون الأرض، أو الأرض دون الزرع، أو الثمر دون الشجر، أو الشجر دون الثمر، وسلمها جميعا ً لم يجز القبض. ٤ وأن يكون المقبوض محلا ً للقبض، فلو وهب ما في بطن غنمه أو ضرعها، أو سمنا ً في اللبن، أو زيتا ً في زيتون، أو دقيقا ً في حنطه، أو سمكا ً في ماء، لم يجز القبض، وإن سلطه على قبضه عند الولادة، أو عند استخراج ذلك، وذكر الشيخ أطفيش أن ّ م ن ن ح ل ما بما في بطن أمته فهو جائز، وقد ََ تعذر ا لقبض(١) . ٥ وأن يكون القابض أ هلا ً للقبض، ف لا يجوز قبض المجنون، والصغير الذي لا يعقل، نقل ا لقطب عن بعض الفقهاء أن الهبة على الصغير غير الوالد لا تحتاج إلى قبض، بل هي لازمة إن مات قبل البلوغ، فهي ل وارثه(٢) . ٦ وإن يكون هناك ولاية من يقبض بطريق النيابة، فيقبض للصغير أبوه، َ أو وصيه، أو جده أ بو أبيه، أو وصي جده، سواء كان الصغير في عيالهم أم لا، ويجوز قبض غير هؤلاء مع وجود واحد منهم إن كان الصغير عيال من يريد القبض، ولو زوجا ً لصغيره، ولا يجوز قبض من ليس الصغير في عياله ولو ذا رحم منه(٣) . (١) . ١١ . الحضرمي: مختصر الخصال، ص ١٥٤ / أطفيش: شرح النيل، ١٢(٢) أطفيش: المرجع نفسه. (٣) ٤٠٣/ ٤٢٠ . الشماخي: الإيضاح، ٤ / ابن بركة: الجامع، ٢ - ٤٠٤ . الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٢٩٩ - ٣٠٠ . بتصرف يسير. k :Ió`YÉ≤dG π«°UCÉJ :É©HGQ استدل فقهاءا لإباضية على هذه القاعدة بما ثبت منا لسن ﱠ ة والأثر والإجماع. ﱡ أ من السن ﱠ ة: ﱡ أ روي عنا لنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « لا تجوز الهبة إلا مقبوضة »(١) أي: لا تملك إلا بالقبض. ب من الأثر: اعتبر البعض أن أصل هذه القاعدة يرجع إلى أثر روي عن أبي بكر الصديق أنه وهب لابنته عائشة # ثمرة له بالمدينة في صحته، فلم تكن قد قبضت الوصية، فلما حضرته الوفاة قال لها: بن » َية إن ذلك المال لم ُّ « تكن قد قبضتيه وهو الآن مال للورثة(٢) . فصح بهذا أ ن ّ الهبة ما لم تقبض، فالم ِ لك فيها لا يصح للموهوب له، ويجوز للواهب الرجوع فيها أ يضا ً (٣) . وفي رواية أخرى عن أبي بكر الصديق 3 أنه وهب ل عائشة جذاذ ِ عشرين وسقا ً بنية » : من تمر فلم تقبضه حتى حضرت والدها الوفاة، فقال لها ّ « إنك لم تقبضيه وإنه الآن مال ل لوارث(٤) قال ابن ب ركة : فدل هذا على أن الهبة » ِ ما لم تقبض لم تنتقل عن ملك الواهب، فلو كانت هبة التبرع ت ملك قبل ُ القبض لكان المال لعائشة # « لا للورثة(٥) . (١) غريب ورواه عبد الرزاق من قول النخعي رواه في آخر الوصايا من مصنفه، » : قال الزيلعي فقال: أخبرنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم قال: لا تجوز الهبة حتى تقبض والصدقة .١٦٢/ نصب الراية، ٤ .« تجوز قبل أن تقبض (٢) رواه البيهقي، كتاب الهبات، باب شرط القبض في الهبة، رق م ١١١٦٦ ، عن عائشة، ومالك في الموطأ، ١، عن عب دا لله بن عثمان، بلفظ مقارب. كتاب الأقضية، باب م ا لا يجوز من النحل، رق م ٤٣٥(٣) .٤١٧/ ابن بركة: المصدر السابق، ٢(٤) كنت نحلتك جذاذ عشرين وس » : رواه مالك في الموطأ في القضاء بلفظ ِ ْ قا ً من مالي بالعالية، ينظر: الموطأ، دار الآفاق الجديدة، .« وإنك لم تكوني قبضتيه و لا حزتيه، وإنما هو مال الورثة ُ .٦٤٤ - ط ٢، ص ٦٤٣(٥) . البورنو: الوجيز، ص ٣٧٦ وروي عن أبي بكر وعمر وابن عباس ومعاذ بن جبل @ أنهم قالوا: « لا يتم الصدقة إلا ب القبض »(١) . ب من الإجماع: لما رجع أب و بكر في هبته لابنته عائشة عند موته، وكان ت ر ك ا لصحابة ْ الإنكار عليه ورد ّ حكمه تصويبا له، فصار الحكم منهم بذلك كالإجماع(٢) . k :Ió`YÉ≤dG ´hô`a :É°ùeÉN ١ في حكم قبض الهبة: اختلف فقهاء ا لإباضية في أحكام الهبة إذا كانت لغير الثواب وهي التي لم ي تبين سبيلها ، رغم أنهم اتفقوا على جوازها، فيرى بعضهم: لا تصح إلا ﱠ بالقبول والقبض، وذهب آخرون إلى ثبوتها دون قبول وقبض، وذهب آخرون إلى صحتها بالقبول دون القبض، وقد بحث بعض ا لإباضية هذه المسألة وأشاروا إلى سبب ا لخلاف. تنازع الناس في حكم الهبة، فقال بعضهم: » : يقول ابن ب ركة في هذا الشأن تصح بلا قبول ولا قبض، وقال آخرون لا تصح إلا بقبول ولو لم يقبض، وقال بعضهم: لا تصح الهبة إلا بقبول وقب ض، وهذا قول أ صحابن ا، والدليل على ما ثبت بنقل الناقلين أ ن ّ أبا بكر ا لصديق وهب ل عائشة ابنته ن خلا ً كانت له (١) رواه عبد الرزاق الصنعاني في المصنف باب لا تجوز الصدقة إلا بالقبض. والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الهبات باب شرط القبض في الهبة. وأبو يوسف في الآثار، باب عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، أنه قال في الهبة » : القضاء، حديث : ٧٤١ بلفظ وقال: لا أدري، كان إبراهيم لا يجيز حتى .« لا تجوز إلا مقبوضة معلومة » : والصدقة .« يعاين الشهود القبض أم لا (٢) .٤٢٠ ،٤١٦/ ابن بركة: الجامع، ٢ بالمدينة، فلما حضرته الوفاة جعله ميراثا ً ، فتكلمت عائشة في ذلك، فقال لها « أبوها: إنك لم تقبضيه وإنه الآن مال ل لوارث(١) . فلم ينقل أن أ حدا » : وعقب ابن ب ركة على هذا النص فقال ً عابه بذلك، ولا أنكر عنه، وفي تسليم الجميع له ترك الإنكار عليه دليل على صحة م ا ذهب « إليه أ صحابنا دون م ن خالفهم(٢) . َ ويبي ن الشماخي أن ّ من اشترط في الهبة تلازم القبول مع القبض فهي عنده ﱢَ لا تصح إلا بهما، ولا تجوز عنده هبة المشاع ولا هبة ما كان في الذمة؛ لعدم صحة القبض، إلا أن يكون وهب سهمه في المشترك لشريكه، ف لا بأس لوجود القبض في المشترك، وكذلك ا لد ﱠ ين للمديون ف لا بأس. وأما من اشترط فيها القبول دون القبض فهي عنده تصح بالقبول، وإن لم َ يكن القبض، كالبيع، ويجوز هبة المشاع كما يجوز بيعه، وقد أخذ بهذا القول جمهور ا لإباضي ة، وصرح بذلك ا لشماخي ونسبه إلى بعض ا لصحاب ة، فقال: « وهو المأخوذ به عندنا، وهو قول علي وابن مسعود لما ذكر في ا لأثر »(٣) . وقال البعض: إن الهبة جائزة بغير قبض، ونسب أ بو ستة القصبي هذا وهو » : القول إلى بعض ا لإباضي ة، ونفى ذلك ابن بركة والشماخي فقالا إغفال من قائله، والدليل على ذلك حديث أبي ب كر المتقدم، وهذا يدل من فعله مع ترك النكير والمخالفة عليه أن الهبة لا تصح إلا بقبض، وفي ذلك أيضا ً دلالة أن فعل المريض ليس جوازه كجواز فعل الصحيح في البيع ِ وغيره، وفي الرواية أن أبا ب كر قال ل عائشة : وددت لو أ نك قبضتيه وهو » « اليوم مال ل لوارث(٤) . (١) سبق تخريجه. (٢) .٤٠٢/ ٤١٥ . الشماخي: الإيضاح، ٤ / ابن بركة: الجامع، ٢(٣) .٤٠٢/ الشماخي: الإيضاح، ٤(٤) .٤٠٤/ ٤٢٠ . الشماخي: المصدر نفسه، ٤ / ابن بركة: المصدر نفسه، ٢ ورد ابن ب ركة على من جوز الهبة بدون قبض ق ياسا ً بالوصية، فإن قال ّ قائل: فلم جازت الوصية بغير قبض وهي هبة أ يضا ً؟ قيل له: إن الوصية تجب بعد الموت كالميراث، والهبة تجب في حياة الواهب، ألا ترى أن الوارث يجب له المال عن الميت ولو لم يقبض كذلك الوصية؟ فإن قال: فإن لم يقبل ا لموصى له، قيل له: أن يرجع ما أوصى له به إلى َ « الورثة، كما أن الوارث لو لم يقبل ميراثه رجع إلى سائر ا لورثة(١) . منشأ الخلاف: وسبب الخلاف بين الفقهاء في اشتراط القبض والقبول في الهبة والعطية يرجع إلى اختلافهم في مدلول الحديث الذي روي عن أبي ب كر في رجوعه ُ في هبته لابنته عائشة # ، هل يعتبر شرط القبض خاص بالوالد مع ولده، أم هو عام لكل هبة لا تصح إلا بالقبول والقبض؟ يقول القطب أ طفيش في هذا الصدد بعد أن أورد قصة أبي ب كر 3 مع ويبحث بأنه دليل خاص والمدعي عام؛ لأن هذه الهبة هبة أب لولد، » : ابنته والمد ّ عى أ ن ّ الهبة مطلقا لا تصح إلا بالقبض والقبول. فإنه تعليل ،« إنك لم تقبضيه » : ويجاب: بأن العبرة بعموم التعليل في قوله معنوي يفيد أن القبض شرط على الإطلاق، وعلى القول الأول، لا حكم للواهب فيها، إلا إن لم يقبل الموهوب له، فيؤخر إلى قبوله أو ر َد ﱢ ه. وعلى الثاني: هي في حكم الواهب إن رجع إليها قبل القبول والقبض، ولا يجبر الموهوب له على القبض أو الرد ومؤنتها وجنايتها من مال الواهب إذا كان في يده، وإن مات الموهوب له، فورثته يقومون مقامه، وإن قبل (١) .٤١٦/ ابن بركة: المصدر نفسه، ٢ بعض ٌ ورد ّ بعض فحتى يقبلوا جميعا ً أو يدفعوا جميعا ً ، وث َم من يقول: يأخذ ّ الذين قبلوا أنصابهم... وذلك فيما بينهم وبين الله لا في الحكم، وقيل: في الحكم أ يضا ً. واختلف فقيل أ يضا ً : يأخذ الموهوب له الكل أو يتركه، وقيل: له أن يأخذ « بعضا ويترك ب عضا(١) . وقيل: تصح الهبة بقبول فقط، وهو قول علي وابن مسعود والربيع بن حبيب في غير الأب، وهو اختيار ا لقط ب، كما أن البيع يصح بلا قبض، وكذا الرهن عند بعض، وكذا النكاح بلا حضور، وغير ذلك في غير هبة الأب لولده ذكرا أو أ نثى(٢) . ٢ في حكم هبة المشاع: ومن فروعها: أنه لا تصح هبة المشاع لعدم صحة القبض. يقول ا لثميني : قال الشيخ أ طفيش في شرح .« ولا تصح في شياع وما بذمة عند مشترطهما »أي: في مال شركة ذي شياع يتوصل فيه إلى ؛« ولا تصح في شياع » : هذه العبارة تحقيق سهامه وأهله؛ أي: ولا في ذي شياع جهلت فيه الأنصباء، إذ قد تجوز « فيه هبة الغلة ويحتمل أن يريد ما يشمل الشياعين(٣) . وقد أشار ابن ب ركة إلى هذه المسألة وبي ن أ ن ّ هبة المشاع محل خلاف بين ّ فقهاء ا لإباضي ة، فمنهم من اشترط القبول مع القبض، ومنهم من لم يشترط واختلف أ صحابنا في هبة المشاع، فقال بعضهم جائزة؛ لأن » : القبض فقال البيع بالمشاع جائز، وقال بعضهم: لا يجوز لعدم صحة القبض، والنظر يوجب صحة هذا القول، ويشهد بصحته ما رويناه من الخبر؛ لأن الخبر لا يصح في (١) .٦/ أطفيش: شرح النيل، ١٢(٢) ٩/ أطفيش: المصدر نفسه، ١٢ - .١٠ (٣) .١١/ المصدر نفسه، ١٢ المشاع؛ لأن ا لكل ّ « في يده أو يد شريكه أو في ي ديهما(١) ، فالوصول إلى قبض الحصة من الجملة متعذر عن الموهوب ل ه. ويؤكد ابن ب ركة في موضع آخر صحة هذا القول: وهو عدم جواز هبة واختلف » : المشاع لعدم صحة القبض، ويشير إلى أنه رأي أكثر ا لإباضية فيقول أصحابنا في هبة المشاع فلم يجزها أكثرهم لعدم صحة القبض لها، ولتعذر قبض الحصة من المشاع، وأجاز بعضهم ذلك ق ياسا ً «... على بيع ا لمشاع(٢) . ويرد ّ ابن ب ركة على من قال بجواز هبة المشاع ولو بدون قبض ق ياسا ً وأما م ا شبه أصحاب الرأي الأول الهبة بالبيع فغلط » : بجواز بيع المشاع فيقول ّ عندي؛ لأن المراد من البيع ثبوت الملك به، ولا يقال لا يصح البيع إلا .« بالقبض، والمراد من الهبة أن تكون مقبوضة فيصح ملكها وذهب البعض إلى جواز الهبة للشريك إذا كان واحدا فقط، فإن زاد عليه وتصح لشريك في مشترك، مثل أن » : فلا تصح، يقول ابن ب ركة في هذا الصدد يشترك اثنان في أصل أو عروض فيهب أحدهما سهمه للآخر إن لم يشترك ثالث معهما ف صاعدا ً ، وإلا لم تصح لبقاء شريك آخر أو شركاء لم تتميز «ٍ (٣) سهامهم لشياعها، ولوت ميزت التسمية ف لا قبض حينئذ . (١) عيسى يحيى الباروني كلمة « الجامع لابن بركة البهلوي » ملاحظة: أضاف محقق كتاب والنظر » : فصار كلامه متناقضا إذ يصبح هكذا ،« والنظر يوجب صحة » : (القبض) بعد قوله والنظر يوجب صحة » : لأن القبض لا يصح، بينما العبارة الصحيحة ؛« يوجب صحة القبض .٤١٧/ كما أشرنا، يراجع: ابن بركة: الجامع، ٢ « هذا القول؛ لأن القبض لا يصح في المشاع (٢) .٤١٧/ ابن بركة الجامع، ٢ (٣) ابن بركة: المصدر نفسه. القواعد الفقهية المتعلقة بنظرية ا لإثبات يتناول هذا المبحث دراسة بعض القواعد الخاصة بالقضاء وطرق الإثبات، وقد عثرت عليها لما كنت أتصفح الكتب الفقهية ا لإباضي ة، وقد بحثت عن رابط يربط بين هذه القواعد فوجدتها تتمحور حول فقه الأحكام القضائية، وطرق إثبات الحقوق، كالشهادة، والبينة، والإقرار، واليمين، وقرائن الأحوال، والجنايات، والعقوبات المترتبة عليها، كالحدود والتعازير، وإمكانية سقوطها بالشبهات، وما يترتب على ذلك من أحكام، وكل هذه المصطلحات لها علاقة بالقضاء والمرافعات، ووسائل الإثبات، وتدخل ضمن نظرية الإثبات، ولعل دراسة هذه القواعد تحت مسمى هذه النظرية أنسب وأشمل وأضبط للمسائل الفقهية، ولأجل ذلك سلكت هذا ا لمنهج. ولا تقتصر هذه النظرية على هذه القواعد فحسب، فقد نعثر على قواعد أخرى لها صلة بهذه النظرية فنضمها إليها تعميما للفائدة، ولأهمية هذه القواعد وارتباطها بالحياة العملية للناس، سنقوم بدراستها ت عريفا ً ، وتأصيلا، ً وتطبيقا ً ، ويكون تفصيلها في المطالب ا لتالية: البينة على المدعي واليمين على من أ نكر » : المطلب الأول: قاعدة .« البينة حجة متعدية والإقرار حجة ق اصرة » : المطلب الثاني: قاعدة .« المرء مؤاخذ ب إقراره » : المطلب الثالث: قاعدة .« الأمين مصد » : المطلب الرابع: قاعدة ﱠ .« ق باليمي ن ُ الحدود تسقط ب الشبهات » : المطلب الخامس: قاعدة .« ونشرع بعون الله في بيان هذه القواعد الهامة من هذا المبحث في المطالب التالية: k :É¡àfÉμeh IóYÉ≤dÉH ∞jô©àdG :’hCG هذه القاعدة من القواعد المهمة في باب القضاء، يعتمد عليها القضاة ومن يقوم مقامهم في أحكامهم للفصل بين المتخاصمين وفض النزاعات، وهي تتألف من مقدمتين ينتج من إحداهما الحكم في القضية، فالأولى منهما والثانية: تكون عند فقد ،« البينة على المدعي » : مقدمة على الأخرى وهي فالمدعي ي طال ،« اليمين على من أنكر » : البينة وهي َ ب بالبينة، والمدعى عليه إن أنكر ي طال َ ب ب اليمين(٢) . مكانة القاعدة عند الإباضية : وردت هذه القاعدة في المصنفات ا لإباضية المتقدمة والمتأخرة بالصيغة (١). ١٩٨ و ٢١١ / جابر بن زيد: من جوابات جابر بن زيد، ص ١٣٦ . ابن جعفر: الجامع، ٤ ٣٣٣ ٣٤٧/ ابن بركة البهلوي: الجامع، ٢ - ٤٥١ ،٣٧٠ ،٣٣٤ - ٤٦٧ ،٤٥٢ - .٤٦٩ ٢٠٦ . البسيوي: جامع أ بو الحسن البسيوي، / الكدمي أ بو سعيد: الجامع المفيد، ١ ١٩١ . الحضرمي أ بو إسحاق: مختصر الخصال، ص ١٩٩ . أ بو العباس أحمد بن /٣محمد الفرسطائي: القسمة وأصول الأرضين، ص ٣٨١ - ٣٩١ ،٣٨٣ - .٤٠٣ ،٣٩٧ ،٣٩٤ الجناوني أ بو زكرياء يحيى: ص ٥٤ - ١٧٧ ،٥٥ - ١٨١ . الهجاري أ بو زكرياء يحيى بن ١٧٧/ سعيد: الإيضاح في الأحكام، ٢ - ٤١ ،٢٢ ،١٦/٣ ،٢١٧ ،١٩٠ ،١٧٨ - ٤٢ . الأصم ٤٤٩ ،٣٩٣ ،٢٧٩ ،٢٠٦/ ٢١٣ . الشماخي: الإيضاح، ٣ / عثمان: البصيرة، ١ - ،٤٥٦ ،٤٥٠ ٣٩٧ . الثميني عبد العزيز: الورد ،٣٨٠ ،٣٠٣ ،١٣٦ ،١١٨ ،١١٣ ، ٣٢ و ١٠٨ /٤ ،٦٢٠البسام، ص ١٠٩ - ٣١٣ . الخليلي ،٣٠٩ ،٨٤ ،٥٣/ ١١٢ . السالمي: العقد الثمين، ٤ ١٣٤/ سعيد بن خلفان: تمهيد قواعد الإيمان، ٧ - ١٣٦ . بكلي عب دا لرحمن: ٰ ملحق القواعد .١١٠٠/ والضوابط الفقهية على كتاب النيل وشفاء العليل للثميني، ٣ (٢) . محمد بكر إسماعيل: القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه، ص ١٧٢ المعروفة، وبصيغ قريبة منها تتضمن معناها، ولا بأس بذكر بعضها حتى ندرك أصالة هذه القاعدة، ومدى تطورها وتجدرها عند ا لإباضية . أشار ابن جعفر الأزكوي في جامعه إلى هذه القاعدة في باب الإجارة وكذلك أصحاب الصناعات الذين يعملون بالكراء فعلى المدعي » : فقال م ا نصه من كان القول » وعلق المحقق ا لفضيلات على عبارته بأن «... البينة أنه أعاره « قوله فعليه ا ليمين(١) . ولعل أول من صرح بالقاعدة من فقهاء ا لإباضية المتقدمين أ بو إسحاق والبينة على من ادعى واليمين على المدعى عليه » : الحضرمي إذ قال « (٢) . واستشهد ابن ب ركة بهذه القاعدة أ يضا ً في سياق كلامه عن اختلاف المتبايعين في ثمن السلعة فقال معللا ً : لأن الثابت عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم أن ا لبينة على المدعي » ﱢ « وعلى المنكر ا ليمين(٣) . كما استند أب و زكرياء الجناوني في بيان ح كم ِ هدايا الزوجين قبل العقد ُ «... وإن أنكر فعليه اليمين إن لم تكن البينة للمدعي » : على هذه القاعدة فقال وعقب عليه المحقق علي يحيى معمر : جرت بينهما الخصومة على أسلوب » المحاكم في الإسلام: البينة على المدعي واليمين على ا لمنكر « (٤) . ويؤكد أب و زكرياء يحيى بن سعيد الهجاري حجية هذه القاعدة في باب الاختلاف في القرض جوابا ً فعلى ما وصفت فإذا لم » : عن سؤال بما نصه تكن مع المدعي بينة كانت اليمين على المدعى عليه أمره أن ي تسل ﱠ ف «... عليه(٥) . (١) .٢١١/ ابن جعفر: الجامع مع الحاشية للمحقق محمود جبر الفضيلات، ٤(٢) . الحضرمي أ بو إسحاق إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ١٩٩(٣) .٣٣٤/ ابن بركة البهلوي: الجامع، ٢(٤) .٥٥ ، الجناوني أ بو زكرياء يحيى: كتاب النكاح مع الحاشية لعلي يحيى معمر، ص ٥٤(٥) .٨٥/ الهجاري أ بو زكرياء: الإيضاح في الأحكام، ٢ وتجسد العمل بهذه القاعدة أكثر في كتاب الإيضاح، فقد علل ا لشماخي بها بعض الأحكام في مواضع عديدة، وأشار إلى مصدرها، يقول في سياق رد ّ الحيوان للعيب معللا ً : لأن الحديث أ ن » ّ البينة على من ادعى واليمين على من » « أنكر(١) . والقواعد الشرعية تقضي إن » : وجاء في حاشية الإيضاح ما نصه وجدت البينة ع ُ « مل بها، وإلا حلف المنكر منهما(٢) . فكل هذه النصوص وغيرها تؤكد مدى اعتماد فقهاء ا لإباضية على هذه القاعدة واستئناسهم بها في تعليل الأحكام الشرعية في المسائل المختلفة وهذا غيض من ف يض. مدلول القاعدة: المراد بالبينة في اللغة: الدليل والشهادة، والحجة الواضحة، قال تعالى: ﴿ }|{z ﮯ~ ¥¤£¢¡ ﴾ )البقرة :(٩٩ . وفي الاصطلاح: اسم لكل م ا يبين الحق ويظهره، وهي مخصوصة ُّ بالشاهدين أو الشاهد واليمين، وهي في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكلام ا لصحابة رضوان الله عليهم(٣) . وهي تارة تكون أربعة شهود كما في الزنا، وتارة ثلاثة كما في المفلس، وتارة تكون شاهدين كما في الحدود والنكاح والطلاق، وتارة تكون شاهدا ً واحدا ً ، كالطبيب المسلم، وتارة تكون امرأة واحدة كما في الرضاع، وتارة تكون ي مينا ً عند إنكار المدعي عليه، وتارة تكون خمسين ي مينا ً يحلفها أولياء المقتول على أن ف لانا ً قتل أخاهم، ولديهم أمارة على ذلك، لكن لا تقوم مقام البينة، وتسمى هذه الأمارة ( بالل ﱠوث) كالدم ونحوه مما يثير حول ْ (١) .٢٧٩/ الشماخي: الإيضاح، ٣٦(٢) .٢٠٦/ أبو ستة محمد بن عمر: الحاشية على الإيضاح للشماخي، ٣(٣) قلعة جي وقنيبي: معجم لغة الفقهاء، ص ١١٥ . سعدي أ بو جيب: القاموس الفقهي لغة . واصطلاحا، ص ٤٧ . العاملي ياسين عيسى: الاصطلاحات الفقهية في الرسائل العلمية. ص ٣٦ القاتل الشبه، وتارة تكون أربعة أيمان كما في اللعان، وهو أن ي د ّ عي الزوج أنه رأى امرأته تزني، أو ي د ّ عي أ ن ﱠ حملها ليس منه. وتجدر الإشارة إلى أن البينة والدلالة والحجة والبرهان، والآية والعلامة والأمارة كلها ألفاظ متفاوتة في المعنى، يسميها البعض قرائن وأدلة للإثبات، أو طرق الإثبات في ا لقضاء(١) . يقول ابن ا لقيم في هذا ومن خص البينة بالشهادة لم ي وف مسماها حقه، ولم تأت البينة » : المعنى ّ قط في القرآن مرادا ً بها الشاهدان، وإنما أتت مرادا ً بها الحجة والدليل والبرهان، مفردة ومجموعة... والشاهدان من البينة، ولا ريب أن غيرها من أنواع البينة قد يكون أقوى منها، كدلالة الحال على صدق المدعي، فإنها أقوى من دلالة إخبار الشاهد... فالشارع لم يلغ القرائن والأمارات ودلائل الأحوال، بل من استقرأ الشرع في مصادره وموارده وجده شاهدا ً لها بالاعتبار مرتبا ً « عليها ا لأحكام(٢) . واليمين في اللغة: تجمع على أيمن وأيمان وأيامن، ومعناها القسم، وفي الكتاب المجيد: ﴿ §¦¥¤£ ¨ «ª© ¬ ® ﴾ (ال مائ دة: ٨٩ (. وفي الاصطلاح: عبارة عن عقد قوي به عزم الحالف على الفعل أو الترك، وهي تشمل أ يضا ً التعليق، وهو ربط حصول جملة بحصول مضمون جملة أخرى، وهي أنواع: اليمين ا للغو(٣) ، واليمين ا لمنعقدة(٤) ، (١) . محمد بكر إسماعيل: القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه، ص ١٧٢(٢) ابن القيم الجوزية: الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، ص ١٤ بتصرف. (٣) اليمين اللغو: أن يحلف على أمر يظنه كما حلف عليه، فإذا هو على غير ذلك، أو يجري اليمين على لسانه من غير قصد له. (٤) اليمين المنعقدة: أن يحلف على أمر مستقبل أن يفعله أو لا يفعله، وتسمى عند بعض الفقهاء يمين النحلة. واليمين ا لغموس(١) ، ويمين ا لصبر(٢) ، ويمين ا لمضرة(٣) ، وغيرها. ويجوز اللجوء إلى الأيمان في كل شيء إلا في بعض الحالات المستثناة ذكرها بعض ا لإباضية . والأيمان بين الناس في كل » : جاء في الجامع المفيد شيء إلا الحدود، والنسب، والقذف، والشتم، فليس فيهن أيمان، وكذلك « النكاح لا يثبت بالأيمان ويجوز في الطلاق وغيره(٤) . وفصل أب و سعيد القول فيما أجمله عن الحالات التي لا يقبل فيها الأيمان أما الحدود قيل: ليس فيها يمين على حال، وأما الشتم الذي يجوز فيه » : فقال التعزير والعقوبة، فمعي أنه يختلف في اليمين فيه، ويعجبني ذلك من قول أصحابنا (١) اليمين الغموس: اليمين الفاجرة ن وهي أن يحلف على أمر وهو يعلم أنه كاذب، وهي بذلك تغمس صاحبها في الإثم، ثم في النار إن لم يتب، وقد يظهر من بعض النصوص اختصاصها باليمين على حق امرئ أو منع حقه كذبا ً ، وأثرها الشرعي فقط من ناحية الكذب، ولا ينعقد الكبائر: الإشراك » : اليمين الاصطلاحي بها. وقد نص عليها ا لنبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف رواه البخاري، كتاب الأيمان « بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس ٦، عن عب دا لله بن عمرو بن العاص. ينظر: أطفيش، والنذور، باب اليمين الغموس، رق م ٣٠٩ .٢٩٥/ شرح النيل، ٤ (٢) يمين الصبر عند الحنفية والشافعية والزيدية: هي التي يحلفها المرء متعمدا ً الكذب ق اصدا ً لإذهاب مال شخص آخر، وأصله حديث شريف روي عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من حلف » « على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان رواه البخاري، كتاب ْ الأيمان والنذور، باب قول الله تعالى: ﴿ ÄÃÂÁÀ¿ : Æ﴾ ... ، ٦، عن عب دا لله بن مسعود. والربيع في المسند، كتاب الأيمان والنذور، باب في رق م ٣١٠ الأيمان والنذور، رقم ٦٥٧ ، عن عب دا لله بن عباس. (٣) اليمين التي يقصدها الخصم ليغيظ صاحبه أو يهينه بها » يمين المضرة عند الإباضية: هي أو يشغله أو يتعبه، وأن يتهم الأمناء المدعي أنه إنما أراد أن ي حل ﱢ ف المدعى عليه على ينظر: سعدي أبوجيب: القاموس الفقهي لغة واصطلاحا .« ما ليس عليه فأراد بيمينه المضرة ً ، ٣٩٦ . قلعة جي وقنيبي: معجم لغة الفقهاء، ص ٥١٤ . العاملي ياسين عيسى: ، ص ٣٩٥ . الاصطلاحات الفقهية ولرسائل العلمية، ص ٢٣٥ (٤) .٤٤/ الكدمي: الجامع المفيد، ١ أنه لا يمين فيه، وأحسب في بعض قول قومنا أ ن ّ فيه اليمين، ويعجبني ذلك من « قولهم؛ لأن لو أقرهم به ثبت فيه الحق على الزوج والزوجة من النفقة والكسوة(١) . المعنى الإجمالي للقاعدة: أن ّ المدعي هو الذي يزعم خلاف الظاهر، فعليه الإثبات بالبينة، كما أفادته القاعدة: البينة لإثبات خلاف الظاهر، واليمين لإبقاء الأصل »(٢) . أما ا لمد ّع َ ى عليه فإنه بإنكاره متمسك بالحالة الأصلية، وهي براءة ذمته من المسؤولية، فيجب قبول قوله إلى أن يثبت شغل ذمته بسبب طارئ، ولكن لاحتمال كذب المدعى عليه في إنكار يوثق قوله باليمين إذا طلب المدعي تحليفه عند عجزه عن ا لإثبات(٣) . ويشير بعض الفقهاء إلى الحكمة من تشريع البينة بجانب ا لمد ّ عي واليمين إن الحكمة فيه: أ ن » : بجانب المدعى عليه فيقول ّ جانب المدعى ضعيف، لأنه يدعي خلاف الظاهر، فكانت الحجة القوية واجبة عليه ليتقوى بها جانبه الضعيف، والحجة القوية هي البينة، وجانب المدعى عليه قوي، لأن الأصل « عدم المدعى به، فاكتفي منه بالحجة الضعيفة وهي ا ليمين(٤) . وهذا أصل لا يعدل عنه حتى لو اصطلح المتخاصمان على أن المدعي لو حلف، فالمدعى عليه ضامن للمال، وحلف المدعى لم يضمن خصمه(٥) . ونشير في هذا الصدد إلى أن هذه القاعدة من القواعد الأساسية في طرق الإثبات في مجال القضاء والمرافعات، ولا يمكن تجاوزهما كما ورد في درر لا يعدل عنها مطلقا » الحكام أنه ً حتى لو ادعى شخص على آخر بمبلغ في (١) الكدمي: المصدر نفسه. (٢) .١٠٥٥/ المجلة العدلية العثمانية: المادة ٧٧ . الزرقا مصطفى: المدخل الفقهي العام، ٢(٣) .١٠٥٦/ الزرقا: المدخل الفقهي، ٢(٤) . الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٣٦٩(٥) الزرقا: المصدر نفسه. k :IóYÉ≤dG π«°UCÉJ :É«fÉK ذمته، وقال المدعى عليه للمدعي: إذا حلفت بأن هذا المبلغ يلزم ذمتي أدفعه « لك، فحلف المدعي اليمين، ف لا يلزم المدعى عليه دفع المبلغ ا لمذكور(١) . هذه القاعدة مشهورة عند الفقهاء والمح َد ّ ثين جرت على ألسنتهم كثيرا ً في أبواب الأقضية والشهادات، ومن الأدلة الثابتة على مشروعيتها م ا يلي: أ من السن ﱠ ة النبوية: ﱡ ١ استدلا لإباضية على ثبوت هذه القاعدة بحديث مشهور رواها لربيع بن حبيب عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال: قال رسو ل الله صلى الله عليه وسلم « البينة على من ادعى واليمين على من أنكر »(٢) . :« قوله البينة على من ادعى أي » : قال ا لسالمي في بيان معنى الحديث اليمين على من أنكر: أي أنكر الدعوى فإنه » : طلب الحق بدعواه أنه له. وقوله يحلف بعد حكم الحاكم عليه بذلك، فلو حلف قبل الحكم لم يجزه، وكذلك إذا حل ﱠ فه الحاكم قبل طلب المدعي فإنه لا يجزيه من لا يكون قاطعا ً لدعوى الخصم، فلو طلب أن ي حل ّ «... فه ثانية كان له ذلك(٣) . ُ ٢ وترجم ا لبخاري لهذه القاعدة ب ابا ً من أبواب الرهن فقال: باب إذا أتلف الراهن والمرتهن ونحوه، فالبينة على المدعي واليمين على المدعى علي ه، وساق فيه حديثين بإسناده. (١) .٦٦/ علي حيدر: درر الحكام شرح مجلة الأحكام العدلية، ١(٢) أخرجه ا لربيع بن حبيب في المسند: كتاب الأحكام، باب م ا جاء أن البينة على من ادعى .٢٥١/٣ ( واليمين على من أنكر، برقم ( ٨٣ (٣) السالمي أ بو محمد عب دا لله بن حميد بن سلوم ( ت: ١٣٣٢ ه): شرح الجامع الصحيح مسند الإمام ا لربيع بن حبيب بن عمرو الفراهيدي الأزدي، صححه وعلق عليه: عز الدين التنوخي، نشر مكتبة الاستقامة بمطابع النهضة، مسقط، سلطنة ع ُ .٢٥٢/ مان، ط (دت)، ٣ الأول: كتبت إلى ابن » : عن نافع مولى ابن عمر عن ابن أبي مليكة قال عباس فكتب إ لي أن النب ي صلى الله عليه وسلم : « قضى أن اليمين على المدعى عليه(١) . ّ الثاني: عن أبي وائل قال: قال عب دا لله 3 من حلف على يمين يستحق » بها مالا ً وهو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان، فأنزل الله تصديق ذلك: ﴿ ÄÃÂÁÀ¿ Å Æ فقرأإ لى: ﴿ ،« ﴾ Ø× Ù ﴾ )آ ل ع مران :(٧٧ . ثم إن ا لأشعث بن قيس خرج إلينا فقال: ما يحدثكم أب و عبد الرحم ن، قال: فحدثناه، قال فقال: صدق ل َ في والله نزلت، كانت بيني ٰ ﱠ وبين رجل خصومة في بئر فاختصما إلى رسو ل الله صلى الله عليه وسلم فقال رسو ل الله صلى الله عليه وسلم : « شاهدك أو يمينه » ، قلت: إنه إ ذا ً يحلف ولا يبالي، فقال رسو ل الله صلى الله عليه وسلم : من » ُ حلف على يمين يستحق بها مالا ً « وهو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان « فأنزل الله تصديق ذلك(٢) . ٣ وروى مسلم في صحيحه عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس 3 : ِ أن ا لنبي صلى الله عليه وسلم قال: لو ي » ُ عط َ ى الناس بدعواهم لاد ﱠ عى ناس دماء رجال « وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه(٣) . وروى أ يضا ً عن نافع مولى ابن عمر عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس أن رسو ل الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين على المدعى عليه(٤) . (١) ٢، عن رواه البخاري، كتاب الرهن، باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه، رقم : ٣٩٩ عب دا لله بن عباس. (٢) ٢، عن رواه البخاري، كتاب الرهن، باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه، رقم : ٤٠٠ .١١٦/ عب دا لله بن مسعود، ٣(٣) ٣، عن عب دا لله بن رواه مسلم، كتاب الأقضية، باب اليمين على المدعى عليه، رقم ٣١٤ .١٣٣٦/ عباس، ٣ (٤) ٣، عن عب دا لله بن رواه مسلم، كتاب الأقضية، باب اليمين على المدعى عليه، رقم : ٣١٥ ،« اليمين على المدعى عليه » عباس. ينظر: صحيح مسلم بشرح النووي: كتاب الأقضية، باب .٣/١٢ ٤ وروى ا لترمذي بسنده عن عب دا لله بن عمرو بن العاص 3 أن رسو ل الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه » « (١) . ﱢ وجه الاستدلال بالحديث: قال ا لنووي في شرح مسلم : هذا الحديث قاعدة شريفة كلية من قواعد » أحكام الشرع، ففيه أنه لا يقبل قول الإنسان فيما يدعيه بمجرد دعواه، بل يحتاج إلى بينة، أو تصدق المدعى عليه، فإن طلب يمين المدعى عليه فله ذلك... واستدل بالحديث لمذهب الجمهور في وجوب البينة على كل من ادعى، واليمين على كل من أنكر، فحملوا الحديث على عمومه في حق كل أحد سواء كان بين المدعي والمدعى عليه اختلاط أم لا، وقال م الك وأصحابه والفقهاء السبعة وفقهاء ا لمدينة : إن اليمين لا تتوجه إلا على من بينه وبينه خلطة، لئلا يبتذل السفهاء أهل الفضل بتحليفهم مرارا ً في اليوم الواحد، «... فاشترطوا الخلطة لدفع ا لمفسدة(٢) . وأشارا لنووي إلى الحكمة من رفضا لنبي صلى الله عليه وسلم منح الحق لمجرد الدعوى، ِ وقد ب ين صلى الله عليه وسلم » : واشترط البينة على ا لمدعي، واليمين على المدعى عليه، فيقول الحكمة في كونه لا يعطى بمجرد دعواه أنه لو أعطى بمجردها لادعى قوم دماء قوم وأموالهم، واستبيح ذلك، و لا يمك ّ ن المدعى عليه من صون ماله «... ودمه، وأما المدعى فيمكنه صيانتها ب البينة(٣) . (١) رواه الترمذي، كتاب الأحكام، باب البينة على المدعي، رقم ١٣٤١ ، عن ابن عمرو بن العاص، والربيع، كتاب الأحكام، رقم ٥٩٢ ، والنسائي في الكبرى، كتاب القضاء، على من اليمين، رقم ٥٩٩٤ ، عن ابن عباس، قال النووي في أربعينه: حديث حسن، رواه البيهقي ٢٥٢ ، وحس / وغيره وبعضه في الصحيحين من حديث ابن عباس ١٠ ﱠ ن إسناده الحافظ ابن .٣٤١/ ينظر: العجلوني: كشف الخفاء، ١ .« وقد روي بألفاظ أخرى » حجر في الفتح (٢) ٢٥٣ . ينظر: النووي: صحيح / السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند ا لربيع بن حبيب، ٣ .٣/ مسلم بشرح النووي، ١٢ (٣) .٣/ النووي: شرح صحيح مسلم، ١٢ ويضيفا لنووي : وقال جماعة من أهل العلم: الحكمة في ذلك: أن جانب » المدعي ضعيف؛ لأنه يقوم بخلاف الظاهر، ف ك ُل ّ ف الحجة القوية، وهي البينة؛ لأنها لا تجلب لنفسها ن فعا ً ولا تدفع ضررا ً ، فيقوى بها ضعف المدعي، وأما جانب المدعى عليه فهو قوي، لأن الأصل فراغ ذمته، فاكتفى فيه باليمين، وهي حجة ضعيفة؛ لأن الحالف يجلب لنفسه النفع ويدفع عنها الضرر، فكان ِ ذلك في غاية الحكمة، ولا مانع من اجتماع حكمتين أو أكثر في معنى واحد، على أ ن ّ الحكمة التي أشار إليها الحديث متعلقة بالمصالح العامة المترتبة على نفس القضاء، والحكمة التي استنبطها العلماء إنما هي مجرد مناسبة؛ لأنها تبين ِ « الوجه الذي لأجله اختص المدعي بالبينة والمنك ر ب اليمين(١) . :« براءة الذمة » ب من قاعدة ِ فالأصل أ ن ،« براءة الذمة » وقد ب نيت هذه القاعدة على أصل أصيل وهو ّ ُ المدعى عليه لا يتعلق في ذمته للمدعي ببرهان شرعي على صحة دعواه، ورجال القانون الوضعي يأخذون بهذه القاعدة التي نحن بصدد شرحها وإيضاحها، ويعملون أ يضا ً براءة » بالأصل الذي بنيت عليه هذه القاعدة وهو المتهم برئ حتى تثبت إ دانته » : فيقولون ،« الذمة « (٢) . nk :´Gõ`ædG »aôW ¿É«H »a :ÉãdÉK ِ وهما ا لمدع ي والمدع َ ى عليه، ويمثلان ركن َا ً القضاء، والركن الثالث هو الدعوى، وإن ّ تمييز القاضي بين المدعي والمدعى عليه من أهم الأمور؛ لأن الحكم يبنى على معرفة هذا التمييز، وبه يعرف القاضي من يطالبه بالبينة أو (١) النووي: شرح صحيح مسلم، ط ٢، نشر دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان، ١٣٩٢ ه/ ١٩٧٢ م. .٢٥٣/ ٣٠ . وينظر: السالمي شرح الجامع الصحيح مسند ا لربيع بن حبيب، ٣ /١٢(٢) . محمد بكر إسماعيل: القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه، ص ١٧٤ اليمين، وذلك كالطبيب إذا عرف علة المريض سهل عليه معرفة الدواء الموافق لذلك المريض، وإذا جهل تشخيص العلة كان الخطر عظيما ً إن وصف له دواء لا يتفق مع علته. من عرف المدعي والمدعى » : يقول سعيد بن المسيب في هذا المعنى ولهذا كانت صفة الفطنة في القاضي أهم من صفة ،« عليه عرف وجه ا لقضا ء العلم، وقالوا: القاضي إلى نظره أحوج منه إلى أ ثره . والأصل أ ن ّ الشريعة الإسلامية قررت على المدعي إحضار البينة التي تتثبت له صحة ما ادعاه، وعلى المدعى عليه اليمين لتأكيد إنكاره ل لدعوى. طرق التمييز بين المدعي والمدعى عليه: ومن الأمور اللازمة المهمة: التفريق بين المدعي والمدعى عليه، وتمييز أحدهما عن الآخر قد يشتبه أمرها في بعض الأحيان على القاضي، ف لا يعرف على وجه الدقة من هو المدعي ومن هو المدعى عليه، ومن هنا اختلف ََ الفقهاء في تعريف طرفي الدعوى على أقوال كثيرة منها، ولأجل ذلك وضع فقهاء ا لإباضية ضوابط خاصة للتمييز بين المدعي والمدعى عليه، ومن هذه الضوابط: ِ ١ أن ّ واليد دليل ا لملك » ، المدعي من يقول خلاف الظاهر :« فقد يكون هناك رجل قد وضع يده على شيء وادعى أنه له، وأنه يريد أن يتصرف فيه تصرف الملاك، فجاء رجل آخر وادعى أ ن ّ هذا الشيء له، ف ك ُلا ًّ منهما حينئذ يكون مدعيا ً ومدعى عليه في ظاهر الحال، وبما أن المدعي من يقول خلاف َ الظاهر، فواضع اليد في هذه المسألة هو المدعى عليه، والأجنبي هو ا لمدعي. ٢ أن ّ المدعي من تخالف دعواه الظاهر، والمدعى عليه م ن لا يخل ﱠ ى إذا ََ سكت(١) . (١) .٢٥٢/ السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند ا لربيع بن حبيب، ٣ وعقب ا لشوكاني على هذين التعريفين بأن الأول أشهر والثاني أ سلم(١) . واحتج ّ بعضهم على التعريف الأول بأن ا لم ُ ودع إذا ادعى ا لرد ّ أو التلف، فإن دعواه تخالف الظاهر، ومع ذلك فالقول قوله، لكن يمكن أن يجاب بأن الثقة في هذا ا لمودع من قبل من استودعه تجعل دعواه لا تخالف الظاهر، ُ ِ ومن الظلم أن تنعكس الأمور، فيطالب المدعى عليه بالبينة على ما في يده وتحت حوزته، كأن يدعي إنسان على آخر ب يت َ ه الذي بناه وسكنه، فيقال لمن «... في يده البيت: هات حجة على أن البيت ب يتك(٢) . ٣ النظر إلى الجاحد من ا لمتداعيين: وقد صرح أب و زكرياء يحيى بن َْ ِ فأصل معرفة المدعي من المدعى عليه أن ي » : سعيد بهذا الضابط فقال نظر إلى ُ ِ « المنكر منهما، فهو المدعى عليه، والمدعي ا لآخر(٣) . ُ ِ هذا وقد أشارا لسالمي إلى اختلاف العلماء في ضوابط التمييز بينا لمدعي واختلفوا في بيان » : والمدعى عليه، وأرشد إلى طريقة التفريق بينهما، فقال المدعي والمدعى عليه، فقيل: المدعي من ت ُ خالف دعواه الظاهر، والمدعى َ عليه بخلافه، وقيل: المدعي من إذا سكت ترك، والمدعى عليه م ن لا ي ُخ َل ّ ى ََ إذا سكت، وبمعناهما قيل: إن المدعي من لا يجبر على الخصومة، والمدعى ِ عليه م َ ن يجبر عليها، ورد ّ على الأول بأن ا لم ُ ودع إذا ادعى ا لرد ّ أو التلف، فإن «... دعواه تخالف الظاهر، ومع ذلك فالقول ق وله(٤) . (١) .٣٥٠/ الشوكاني: نيل الأوطار، ٨(٢) الحارثي خلفان بن محمد بن عبد الله (قاضي بمحكمة الاستئناف بمسقط سلطنة ع ُ مان) الفقه القضائي عند الإمام محمد بن محبوب، بحث قدمه في ندوة تطور العلوم الفقهية في عمان ُ خلال القرن الثالث الهجري، الإمام محمد بن محبوب أ نموذجا ً مراجعة سلطان بن سعيد ١٤٢٧ ه/ ٢٠٠٦ م. مطابع النهضة، مسقط سلطنة ع الهنائي، ط ١ ُ .١٧٤ - مان، ص ١٧٣(٣) ١٦ . محمد بن بكر ،١٥/ الهجاري أ بو زكرياء يحيى بن سعيد: الإيضاح في الأحكام، ٣ . إسماعيل: القواعد الفقهية، ص ١٧٤(٤) .٢٥٢/ السالمي: شرح الجامع الصحيح مسند ا لربيع بن حبيب، ٣ ووضع ا لمالكية ضوابط قريبة من هذه لتمييز المدعي من المدعى عليه، إذ هما ملتبسان، لأنه ليس كل طالب » : يقول البقوري المالكي في هذا الشأن مد ّ عيا ً ، ولا كل مطلوب مدعى عليه، وضابط المدعي والمدعى عليه للأصحاب ُ فيه عبارتان: إحداهما : أن المدعي هو أبعد المتداعيين سببا ً ، والمدعى عليه هو أقرب المتداعيين سببا ً. والعبارة الثانية: وهي توضيح الأولى المدعي من كان قوله على خلاف َ « أصل أو عرف، والمدعى عليه من كان قوله على وفق أصل أو عرف(١) . وإلى َُ ُ هذا المعنى ذهب ا لقرافي(٢) . وقال ابن شاش ا لمالكي : المدعي من تجردت دعواه عن أمر يصدقه، أو كان أضعف المتداعيين أ مرا ً في الدلالة على الصدق، أو اقترن بها ما يوهنها عادة، وذلك كالخروج عن معهود، والمخالف لأصل، وشبه ذلك. ومن ترجح جانبه بشيء من ذلك فهو ا لمد ّ عى عليه، وإذا ادعى أحدهما ما يوافق العرف، وادعى الآخر ما يخالفه، فالأول المدعى عليه، والثاني هو المدعي. وكذلك كل من ادعى وفاء ما عليه، أو رد ّ ما عليه من غير أمر يصدق دعواه، فإنه مد ّ ع . َ واختصر ذلك ابن ا لحاج ب، فقال: المدعي من تجرد قوله عن مصدق، والمدعى عليه من ترجح بمعهود أو أصل. قال ابن عب دا لسلام : المعهود هو َ شهادة العرف، والأصل استصحاب ا لحال . وقال أ بو عمر ابن عب دا لبر : إذا أشكل عليك المدعي من المدعى عليه، » فواجب الاعتبار فيه أن ينظر هل هو آخذ أو دافع، وهل يطلب استحقاق شيء (١) البقوري أب و عبد الله محمد بن إبراهيم ( ت: ٧٠٧ ه) ترتيب الفروق واختصارها، رتب فيه واختصر فروق شهاب الدين القرافي في القواعد الفقهية، تحقيق عمر ابن عباد، نشر وزارة .٢٢٤/ الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب، ط، ١٤١٦ ه/ ١٩٩٦ م، مطبعة فضالة المغرب، ٢ (٢) .٢٢٣/ البقوري: المصدر نفسه، ٢ ِ ً مد ّ ع، والدافع المنك ر مدعى عليه، فقف على على غيره أو ينفيه، فالطالب أ بدا كل من يريد الأخذ، أو يطلب البراءة من شيء » : وقال غيره ،« هذا الأصل وجب عليه فهو مد ّ « ع(١) . وكلامهم يحوم على شيء واحد وهو أن المتمسك بالأصل هو المدعى عليه، ومن أراد النقل عنه فهو ا لمدعي. وبيان ذلك بالمثال: أن » : وحاول ا لبقوري أن يوضح هذه الضوابط فقال اليتيم إذا بلغ وطلب ا لوصي بماله فإنه مدعى عليه، والوصي مد ّ ع، عليه البينة، ﱠّ لأن الله تعالى أمر الأوصياء بالإشهاد على اليتامى إذا دفعوا إليهم أ موالهم(٢) ، فلم يأتمنهم على الدفع بل على التصرف والإنفاق خاصة، وإذا لم يكونوا أمناء كان الأصل عدم الدفع، فهذا طالب واليمين عليه، لأنه مدعى عليه والوصي مطلوب، وهو مد ّ ع، وإنما قلنا: اليمين عليه، لقوله 0 : البينة على » ﱢ « المدعي، واليمين على من أنكر(٣) . ونظائر هذا كثير، فيكون الطالب فيها مدعى « عليه، ويعتمد أبدا الترجيح بالعوائد وظواهر الأحوال والقرائن(٤) . هل يقتصر القاضي أو الحاكم في الحكم على المتخاصمين بظاهر الحال، أم يعتمد على وسائل أخرى، كفطنته وخبرته المهنية وقرائن ا لأحوال؟ اختلف الفقهاء في هذه المسألة، فذهب أكثرهم إلى وجوب اعتماد القاضي على الأدلة الظاهرة المعروفة في الإثبات، كالشهود، والأيمان، والإقرار، ولا يجوز له أن يبني أحكامه على فطنته وخبرته ونظره، وقرائن (١) .٢٢٥/ ينظر: ابن عباد: الحاشية على ترتيب الفروق واختصارها للبقوري، ٢(٢) وذلك في قوله ت عالى: ﴿ àßÞÝÜÛÚÙØ× ﴾ ) ( النساء: ٦ . (٣) تقدم تخرجه. (٤) ٢٢٤/ البقوري: ترتيب الفروق واختصارها، ٢ - .٢٢٦ k :∫GƒMC’G øFGôb OɪàYG äÉÑKE’G πFÉ°Sh øe :É©HGQ الأحوال؛ لأنها أدلة ظنية خلاف الظاهر، وذهب بعضهم إلى جواز الأخذ بكل وسيلة تساعد القاضي في التوصل إلى ا لحقيقة. باب يتقي الله حاكم في حكمه ما قدر، » : جاء في كتاب النيل ما نصه «... ويأخذ ب الظاهر(١) علق المحقق بكلي عب دا لرحمن على هذا النص بقوله: ٰ ولا يتنافى ذلك أن يستنطق قرائن الأحوال، وما يجري به العرف، ويستعمل »فراسته وفطنته في استجلاء غامض الحكم، فكم للفراسة واستنطاق قرائن الأحوال، واعتبار العرف من تأثير في إصابة الحق، وإقامة قسطاس العدل، وليس كل م ا يدل عليه الظاهر حقا ً ، وقديما ً جاء إخوة ي وسف أباهم عشاء يبكون وهم غير صادقين، ومن تتبع أقضية ا لرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ومشاهير القضاة في الإسلام استبان ذلك جليا ً ، ثم لا يكون حكمه مع مراعاة ذلك إلا مبنيا ً على ا لظاهر. أما أن يحكم مقتصرا ً على ظاهر كلام الخصمين دون أن يبحث ويناقش ويقارن، ويفرق بين الصادق والكاذب، وبين الأمين والخائن، لا سيما في عصرنا المطبوع بطابع الكيد والاحتيال، وغاب فيه معين الثقة والأمانة، فهناك َ مزل ﱠ ة الأقدام، فإن وجه الحق كثيرا ً ما يخفى عن الحاكم، ومن وراء ذلك « إضاعة الحقوق، وفوات ا لعدل(٢) . الرأي المختار: وعند النظر في رأي عب دا لرحم ن ب كلي يظهر مدى وجاهته، وقوة حجته؛ ٰ لأن هدف القضاء هو إثبات الحقوق لأصحابها، ومعاقبة المعتدين عليها، ولا يهم الوسيلة التي يتوصل إليها ما دامت صحيحة، ولا تصادم الشرع، ولأجل ذلك يترجح هذا الرأي عندنا لأنه الأعدل والأقرب، للصواب والله أعلم. (١) .٧٩٥/ الثميني عبد العزيز: كتاب النيل وشفاء العليل، ٣ (٢) بكلي عبد الرحمن: ٰ ٧٩٥/ الحاشية على كتاب النيل للثميني، ٣ - .٧٩٦ :IóYÉ≤dG ´hôah äÉ≤«Ñ£J :É°ùeÉNk تجسدت هذه القاعدة في الفقه ا لإباضي وظهر أثرها في كثير من الأبواب الفقهية، خاصة عند الاختلاف، فيلجأ الخصوم إلى القضاء للفصل بينهم، فيحتاج القاضي إلى وسائل الإثبات، ويعتمد على هذه القاعدة لتجلية الحكم في القضايا المتنوعة، وسنذكر نماذج منها في الفروع التالية: :äÓeÉ©ªdG »a : k ’hCG ١ في الاختلاف في عقد البيع: حكم البيع بعد افتراق المتبايعان، وأشار إلى « الإيضاح » ذكر ا لشماخي في أن ّ الافتراق عند جمهور ا لإباضية يراد به افتراق الصفقة وليس افتراق الأبدان، ونقل قول من خالفهم من ا لإباضية وغيرهم، وحجتهم في ذلك حديث ابن مسعود : إذا اختلف البائعان وليس بينهما بينة، والبيع قائم، فالقول قول البائع » (٢) « أو يترادان ا لبيع(١) . . وعقب المحشي أب و ستة على رواية ابن مسعود 3 قوله: فالقول » : بقوله قول البائع: أراد والله أعلم مع يمينه، وهذا ظاهر إذا أنكر البيع، وأما إذا ادعاه البائع وأنكره المشتري ولم توجد البينة، فالظاهر أن القول حينئذ قول أن البيع ناظر إلى هذا، وإن كل واحد منهما « أو يترادان » : المشتري، ولعل قوله «... يرد ما أخذ من صاحبه(٣) . واختتم أب و ستة بيانه بتأكيد العمل بهذه القاعدة والاحتكام إليها عند والقواعد الشرعية تقضي إن وجدت البينة عمل بها، وإلا » : الاختلاف، فقال ِ «... حلف ا لمنك ر منهما(٤) . (١) تقدم تخريجه. (٢) .٢٠٥/ الشماخي: الإيضاح، ٣(٣) ٢٠٥/ أبو ستة محمد بن عمر القصبي: الحاشية على كتاب الإيضاح للشماخي، ٣ - .٢٠٦ (٤) .٢٠٦/ أبو ستة: المصدر نفسه، ٣ ٢ في الاختلاف في المضاربة: كما اعتمد ا لإباضية على هذه القاعدة في الحكم على الشريكين إذا اختلفا وإذا اختلف المضارب » : في ربح المضاربة، يقول ابن ب ركة في هذا الشأن ورب المال في الربح، كان للمضارب مثل ما يأخذ مثله في مثل تلك التجارة في ذلك البلد والموضع الذي يتجر فيه، قال بعض أ صحابنا له أجر مثله بقدر عنائه في ذلك المال وذلك البلد، فإن اختلفا في الربح وكان بينهما شرط واتفقا عليه، واختلفا في مقداره، وقال بعض أ صحابنا وأظنه محمد بن محبوب : إ ن ّ على رب المال اليمين بما يدعيه المضارب من الزيادة على ما يقر له به، وعلى المضارب البينة بالزيادة والشرط الذي ادعاه، وقال موسى بن علي : إذا اختلفا فيه فإني أردهما إلى أجرة مثله بعد أن يتحالفا، والذي ذكرناه في صدر هذا الفصل من وجوب ربح المثل أو لا شرط كان « بينهما، واختلفا فيه، أو غير شرط(١) . والحاصل: من خلال ما تقدم يتبن أن ابن ب ركة وغيره من فقهاء ا لإباضية البينة » استندوا في حكمهم على الشريكين في المضاربة على القاعدة المشهورة على المدعي واليمين على من أ نكر .« ٣ في الاختلاف في استيفاء الديون: ومن تطبيقات هذه القاعدة في المعاملات المالية أنه إذا اختلف الدائن والمدين في صفة الدين أو مقداره، أو في أجله، فالحكم يكون بناء على يقول ابن ب ركة في هذا ،« البينة على المدعي واليمين على من أنكر » أن وإذا ادعى رجل على رجل ألف درهم عاجلا » : الصدد ً ، وأنكر المدعى عليه، فأقام المدعي البينة عند الحاكم شاهدين، أحدهما يشهد بأنها عاجلة، (١) ابن بركة البهلوي: الجامع، ٢٣٧٠ - .٣٧١ والآخر يشهد بأنها آجلة إلى كذا وكذا، ففي ا لجامع(١) أن الشهادة جائزة، .«... ويكون الحق إلى ذلك ا لأجل والظاهر من عبارة ابن ب ركة أنه حكم بسقوط شهادة الشاهد بالآجل ولم والنظر يوجب عندي سقوط » : ويعلل ذلك بقوله ،« الجامع » يأخذ برأي صاحب شهادة الشاهد بالآجل، لأن المدعي أكذب شاهده بدعواه، ألا ترى أنه لو ادعى المدعي إلى ذلك الأجل؟ فشهد أحد الشاهدين إلى ذلك الأجل، وشهد ِ أحدهما أ ن ّ الحق عاجلا ً ، كانت شهادته غير جائزة من ق بل أن الشاهد يشهد له « بغير حقه(٢) . أما إذا عدمت البينة فيكون اليمين هي الوسيلة المناسبة للإثبات، ويطالب كل من المداينين أن يحلف على صدق دعواه، وهذا ما صرح به بعض الإباضي ة، يرى ابن ب ركة أنه إذا اختلف المقرض والمقترض وقال أحدهما أقرضته ب ُ را ً ، وقال الآخر أقرضني شعيرا ً ، فيجب عليهما اليمين، ويرد ّ المستلف ُ الثمن، لأنه أ قر بقبضه، وأنكر الدعوى إلا أن يصدقه خصمه، أو تقوم بينة ّ لأحدهما بصدق دعواه(٣) . فقد أرشد ابن بركة المدان َ يين إلى إثبات دعواهم بالأيمان ما دامت لم تتوفر لديهما البينة، لأن كلا منهما صار مدعيا ً ومنكرا ً للدعوى في آن واحد. ٤ الاختلاف في الإجارة على الصناعة: إذا كلف شخص رجلا ً محترفا ً في صناعة معينة، كالخياطة والطباعة والحدادة والنجارة، فاختلفا في صفة الصنعة، فالفقهاء يستندون في حل ّ ذلك (١) لعله يقصد كتاب الجامع لابن جعفر الأزكوي عاش في القرن الثالث الهجري، وتوفي في وما يزال مخطوطا « التقييد » بداية القرن الرابع وقد شرحه في كتابه ً. (٢) ٢٨٠/ ابن بركة: الجامع، ٢ - .٢٨١ (٣) .٣٤٧/ ابن بركة: المصدر نفسه، ٢ البينة على المدعي واليمين على من أ نكر » : الخلاف على قاعدة « جاء في وإذا اختلف الصانع ورب المصنوع في صفة الصنعة، مثل: إن قال » : الإيضاح الصانع: أمرتني أن أقطع هذا الثوب سراويل، وقال له رب الثوب: بل أمرتك أن تقطعه ق ميصا ً ، فالقول قول رب الثوب، وعلى الصانع البينة لأنه مدعى عليه في شبيه، وقال آخرون: القول قول الصانع، وعلى رب الثوب البينة؛ لأنه حين «(١) أقر للصانع بالقطع صار مدعيا ً . واختار ا لشماخي القول الأول وصححه « والقول الأول فيما يوجبه النظر أ صح » : فقال(٢) . وتابع المحشي أب و ستة الشماخي في اختياره وبين وجه التعليل فقال: ّ قوله: وقال آخرون إلخ... ذهب إلى هذا م الك وابن أبي ليلى وأحم د، والقول »الأول أصح قال شيخنا (٣) 5 لأنهما لو اختلفا في أصل الإذن كان القول قوله، فكذا في صفته، ولأن الخياط ونحوه معترفان بأنهما أحدثا ن قصا ً في الثوب، واد ّ «... عيا أنهما مأذون لهما، والأصل عدمه(٤) . َ وعرض الشماخي صورا ً أخرى في الاختلاف في مواصفات الصناعة، وكذلك أ يضا » : فقال ً على هذا المعنى إن اختلفت في صفة الصباغ إن قال له رب الثوب: أمرتك أن تصبغه أحمر، فقال له الصانع: بل أمرتني أن أصبغه أ سود... وإن أتي الصانع بالبينة فليأخذ صاحب الشيء شيئه، وإن لم تكن له بينة حلف رب الثوب على قوله، ثم هو بعد بالخيار إن شاء أخذ قيمة ثوب غير معمول، ثم يكون للصانع، وإن شاء أخذ ثوبه بصباغه ويعطي للصباغ قيمة (١) .٦٢٠/ الشماخي: الإيضاح، ٣(٢) الشماخي: المصدر نفسه. (٣) لعله يقصد القطب أ محمد بن يوسف أطفيش، أو سعيد السدويكشي وكان محشيا ً أيضا ً ، وربما يريد به الثميني الذي اختصر الإيضاح في كتاب النيل. (٤) .٦٢٠/ أبو ستة القصبي: الحاشية على الإيضاح، ٣ الصبغ، وفي المسألة الأولى أ يضا ً بالخيار، فإن أخذ السراويل أخذ قيمة «... ما نقصه ذلك عن ثوبه ا لأول(١) . ويضيف الشماخي صورا ً أخرى من الاختلاف في الإجارة على الصناعة وإن ادعى الصباغ رد » : فيقول ّ ما في أيديهم، وأنكر ذلك أصحاب الأشياء، فالقول قول أصحاب الأشياء، وعلى الصباغ البينة؛ لأنهم ضامنون لما في أيديهم ولا يبرئهم سوى ا لبيان... وإن اختلف أصحاب الثوب والصباغ فقال الصباغ: هذا ثوبك، وقال رب الثوب: ليس هو بثوبي، فقد ذكر في الأثر: أ ن ّ القول قول الصباغ مع يمينه، وعلى صاحب الثوب البينة، ويجزيه الخبر فيها، فإن أتى ببينة ليس هذا بثوبه، فليؤخذ الصباغ على أن يأتي بثوبه، وإن لم تكن له بينة، حلف الصباغ بأن هذا ثوبه، ثم يأخذ صاحبه، فإن أيقن أنه ثوبه فليأخذه أ يضا ً ما لم يتيقن أنه ليس « بثوبه، فليقضه له في ث وبه(٢) . وذكر الشماخي صورا ً أخرى ق ياسا ً على الصور المتقدمة يحتكم في وكذلك الغاصب إن اختلف مع » ، جميعها إلى هذه القاعدة عند الاختلاف المغصوب منه، والراهن مع المرتهن إذا اختلفا على حسب م ا في هذه المسألة، فالقول في ذلك قول الصانع والغاصب والمرتهن، وعلى رب الثوب البينة أن هذا ليس بثوبه، ومنهم من يقول في ذلك كله: القول قول رب الثوب مع والقول الأول هو ،« يمينه، وعلى الصباغ والغاصب والمرتهن البينة بأنه هو ثوبه والذي يوجبه النظر عندي القول » : المأخوذ به، ويرجح القول الثاني فيقول الثاني؛ لأن كل ثوب أتى به الصباغ، فيقول رب الثوب ليس هذا بثوبي، فيحتاج فيه إلى البينة على القول الأول، ويتسلسل ذلك إلى م ا لا نهاية له، لأن الصباغ (١) .٦٢١ - ٦٢٠/ الشماخي: الإيضاح، ٣ (٢) .٦٢٢ - ٦٢١/ الشماخي: الإيضاح، ٣ k :á«°üî°ûdG ∫GƒMC’G »a :É«fÉK ربما يتشاكل عليه الثوب ولم يعلمه، أو يتلف له ولم يعلم بذلك... وأما إن قال رب الثوب: هذا ثوبي، وقال الصباغ: لا، بل هذا؛ فالقول قول الصباغ، وعلى رب الثوب البينة، لأنه مد ّ ع لما في أيدي الصباغ في هذه المسألة، «... بخلاف ا لأولى(١) . مجمل القول: يمكن أن يستخلص مما تقدم أن الفقهاء يأخذون بقول المدعى عليه مع يمينه؛ لأن قوله يوافق الظاهر، أما المدعي فيطالب بالبينة؛ لأن دعواه تخالف ظاهر الحال، كما أنهم ينظرون إلى من في يده الشيء المتنازع عليه؛ لأن اليد دليل ا لملك وليست موجبة له كما تقرر عند الفقهاء. ١ الاختلاف في مقدار الصداق: ومن تطبيقات هذه القاعدة في هذا الباب أ يضا ً ما يقع بين الأزواج من خلاف على الصداق في مقداره أو قيمته، فيدعى أحدهما الزيادة وينكرها الآخر، أو حول تأخير المعجل منه، أو في تحديد صفة المهر ونحو ذلك، ْ فالمرجع غالبا ً في فض مثل هذه النزاعات إلى حكم هذه القاعدة. سئل عن رجل تزوج امرأة وأشهد أ ن » جابر بن زيد ّ ا تراضينا على كذا وكذا، ثم دخل الرجل بامرأته، ثم ادعى أبوها أ ن ّ .« ابنتي بكذا وكذا القول م ا قال الزوج من قليل أو كثير، فإن قالت المرأة لم » : قال يعطني ق ليلا ً ولا كثيرا ً ، فالبينة عليها، وما أ قر به زوجها، فالبينة عليه أنه قد ّ « برئ(٢) . (١) ٦٢٢/ الشماخي: المصدر نفسه، ٣ - .٦٢٣ (٢). جابر بن زيد: من جوابات الإمام جابر بن زيد، ص ١٣٦ وقال أ يضا ً : أيما رجل تزوج إلى قوم، وأشهدوا على ذلك المهر عاجله » وآجله، ثم دخل الرجل بامرأته، فادعت بعد ذلك أنه لم ي وف ّ ها العاجل، فليس لها ذلك، ويصدق الرجل فيما قال، إن قال: لم يدخلوني حتى أوفيتها حقها، فالبينة عليها أنه قد بقي عليه كذا وكذا، فأما ما لم يدخل بها، فالبينة عليه أنه « برئ من كذا وكذا(١) . ويؤيد هذا الحكم أ يضا ً ما تعارف عليه الناس في تسليم المهر قبل الدخول، ف لا تسلم الزوجة لزوجها حتى تقبض صداقها المتفق عليه في العقد. وسئل أ يضا ً : عن رجل زوج ابنته رجلا » ً ، فلما طلب إليها الصداق قال ّ الرجل: والله ما تزوجتها، فقالت المرأة: والله لقد وطئني ودخل علي مرارا ً ، ّ قال جابر .« وقال الرجل: والله ما قربتها : تجلد المرأة حد » ّ ين: حد الزنى وحد ّ « الفرية، وليس لها عليه مهر إلا ب بينة(٢) . ويمكن أن يستخلص من جواب جابر المتقدم أنه يعتمد في علاج الخلاف بين الزوجين في مسألة الصداق من حيث قيمته، أو تقسيمه إلى معجل ومؤجل، البينة على المدعي واليمين على » : أو تسليمه قبل الدخول أو بعده على القاعدة المدعى عليه « فمن استطاع إثبات حقه أخذه بالبينة أو اليمين. وفي الاختلاف في مقدار المهر أ يضا ً يقول أب و زكرياء الجناوني : وإذا تزوج الرجل امرأة وأصدقها نصف ماله في الأصل، ثم استشهدت »عليه عند الحاكم، فحكم الحاكم لها بذلك، فلما أرادوا القسمة، فقال الزوج: إني قد استفدت فدان كذا وكذا بعد هذا الصداق، فعليه البينة على ذلك، ويجزيه عن ذلك خبر الأمناء، فإن لم تكن له بينة ف لا يعين له ّ « عليها(٣) . (١)جابر بن زيد: المصدر نفسه. (٢) المصدر نفسه. (٣) . الجناوني: كتاب النكاح، ص ١١٣ ٢ في دعوى ثبوت الزوجية ونفيها من الآخر: ومن الدعاوى التي ترفع في القضاء: ادعاء امرأة أنها زوجة لرجل، وهو ينكر عليها ذلك، أو ادعاء رجل على امرأة أنها زوجته، فيطالبهما القاضي بالبينات لإثبات صدق دعواهما، فإن عجزا عنها يطلب من المدعى عليه وقد بحث ،« البينة على المدعي واليمين على من أ نك ر » : اليمين، عملا بالقاعدة بعض فقهاء ا لإباضية هذه المسألة، وبينوا الأحكام المترتبة عليها من نفقة وسكن ونسب، وما يتصل بذلك من حقوق وواجبات. وإذا استمسكت المرأة برجل فادعت أنه » : يقول ا لجناوني في هذا الصدد زوجها، فأنكر ذلك فعليها البينة، وليس لها عليه نفقة في الأجل الذي يؤجله « الحاكم أن تأتي فيه ببينتها، فإن لم تكن لها بينة، فعليه ا ليمين(١) ، لأن حق النفقة لا يجب على الزوج بالادعاء حتى تثبت الزوجية بينهما، فلو لم يشترط الفقهاء ذلك، لادعت كل امرأة طمعت في مال رجل أنها زوجته، فتظفر به من غير حق، ولأجل ذلك قالوا لا ينفق عليها خلال مدة المحاكمة التي يحددها القضاء، فإن تبين أنه زوجها، وأنكر علاقته الشرعية بها هربا ً من واجباته نحوها، يطالبه القاضي بالنفقة بأثر رجعي حفاظا على حقوق ا لزوجة. وقد يحدث العكس فيدعي الرجل على المرأة أنها زوجته وتنكر عليه وإذا ادعى رجل إلى امرأة أنها زوجته، فعليه » ذلك، يقول ا لجناوني في شأنه البينة، وعليه نفقتها حتى يأتي ببينته، فإن طلبت عليه حميلا ً (كفيلا ً ( فلها ذلك، وإن طلبت إلى الحاكم أن ي حل ّ فه بطلاقها ثلاثا إن لم يأت ببينة إلى ذلك الأجل الذي يؤجله الحاكم له، فلها ذلك، فإن لم يأت ببينة إلى ذلك الأجل، لزمه « ذلك الطلاق، وإن لم تكن له بينة، فعليها ا ليمين(٢) . (١) . الجناوني: كتاب النكاح، ص ١٧٧(٢) الجناوني: المصدر نفسه، ١٧٧ - .١٧٨ ويؤكد ا لجناوني في موضع آخر ما يترتب من أحكام إذا ادعى الرجل الزوجية من المرأة، وعجز عن البينة، واستمسكت هي بتلك الدعوى، وطالبته وإذا ادعى » : بحقوقها المترتبة عليه، فيلزمه القضاء بالوفاء بها، وهذا نصه الرجل إلى المرأة أنه قد تزوجها وأنكرت المرأة، فأوقف عليها البينة، ثم استمسكت المرأة به بعد ذلك على النفقة والكسوة، وغير ذلك من حقوقها، فإن الحاكم ينصب الخصومة بينهما على ذلك، وكذلك إن استمسكت به «... المرأة على الصداق وترث إذا مات(١) . ولا شك أن القاضي قد اعتمد في حكمه لحل ذلك النزاع على القاعدة المرء » : وعلى قاعدة ،« البينة على المدعي واليمين على من أ نك ر » المقررة فمن ألزم نفسه شيئا ،« مؤاخذ ب إقرار ه ً ألزمناه عليه. ويضيف ا لجناوني في السياق نفسه بيان حكم ادعاء الزوجية من وإذا ادعت » : المرأة، وما يترتب عليه من أحكام تتعلق بمولودها فيقول المرأة إلى رجل أنه زوجها، ف كل ّ فها الحاكم البينة على ذلك، ف أج ّ لها أ جلا ً تأتي فيه ببينتها، فأتت بولد فيما دون ستة أشهر من يوم أقامت فيه ب ينتها، ّ فلا يلزمه ذلك الولد، وإن أتت به من بعد ستة أشهر من يوم أقامت فيه بينتها، فهو لازم لذلك الرجل الذي ادعته المرأة، إذا أتت ب ينتها ثم أ رخ ّّ « تاريخها، فكان فيه أكثر من ستة أشهر من يوم تزويجها إلى يوم ا لولد(٢) ؛لأن في الحالة الأول لو أتت به قبل ستة أشهر قد يكون من غيره أو من ولد زنى، وإن جاءت به بعد الادعاء عليها بستة أشهر، فيلحق بنسبه، فلربما تزوجها ثم أنكر ذلك؛ لأن النسب يثبت إن ولد بعد ستة أشهر من ُ العقد مع إمكان الوطء. (١) . الجناوني: نفسه، ص ١٧٩(٢) . المصدر نفسه، ص ١٨١ ٣ في دعوى الطلاق: وقد يحدث أن ت َد ّ عي المرأة على زوجها أنه طلقها، فينكر ذلك عليها، فهل يثبت الطلاق بهذه الدعوى؟ وإذا لم يسمع القضاء لادعائها، فهل يثبت الطلاق في حقها ديانة، إذا ت يق ّ نت من طلاقها البات، وماذا يترتب على ذلك من أ حكام؟ وإذا ادعت المرأة إلى زوجها أنه طلقها، » : يقول ا لجناوني في هذا الشأن فلا يسعها المقام عنده، إذا أيقنت بالطلاق البائن، ف َل ْ تهرب وتفدي نفسها منه بما استطاعت من مهرها أو مالها، إن لم تكن لها بينة على ذلك، فإن كانت لها بينة وق ّ فتها عليه، وإن لم تكن لها بينة، فعليه اليمين، ولا يسعها المقام معه حتى ت ُ حل ﱢ فه، فإن حل ّ فته فليس له عليها بعد ذلك حقوق، ولا طاعة، وتنزله منزلة غيره من الناس ممن أراد البغي عليها، ولا تتزين له، وتمنعه من نفسها ما استطاعت، فإن لم تجد إلى الخروج من عنده سبيلا، ً فلها عليها النفقة «... والكسوة والسكن؛ لأنه قد عطلها ومنعها من ا لزواج(١) . ويؤكد ا لجناوني ثبوت الطلاق في حق المرأة إذا تيقنت ذلك، و لا يهم ُﱡ إنكار الزوج له، ولا عدد الطلقات التي ت ل َف ﱠ ظ بها، وهذا ما تدل عليه عبارته: وكذلك لو أ ن » ّ امرأة ادعت إلى زوجها أنه قد طلقها طلاقا ً بائنا ً أو ث لاثا ً ، فأنكر الزوج ذلك، ولم تكن للمرأة بينة، فحلفته، أو لم ت حل ّ فه، ثم استمسكت به بعد ذلك على النفقة، والكسوة، والصداق، فإن الحاكم ينصب الخصومة بينهما على ذلك، ولو قالت في ادعائها: أعطني حق ﱢ «... ي من ف لان بن فلان زوجي(٢) . ولعل ما يستنتج من عبارة الجناوني أن ّ حقوق المرأة تثبت على زوجها ما دام ينفي طلاقها، وهي أ يضا ً متمسكة به، وتفتقر للبينة التي تثبت الطلاق، (١) . الجناوني: كتاب النكاح، ص ١٧٩(٢) . الجناوني: المصدر نفسه، ١٧٩ ١٨٠ وخاصة إذا أقرت بأنه زوجها استصحابا ل لأص ل، وما دامت دعوى الطلاق وهو البقاء على ،« اليقين لا يزول بالش ك » طارئة ففي ذلك شك يحدث شبهة، و الزوجية، وإبطال الطلاق، ولذلك رخص لها الفقهاء البقاء معه، وتستفيد من حقوقها ا لمشروعة. ٤ في الاختلاف على قسمة الميراث: وقد يقع الخلاف على قسمة المال المشترك بين الورثة، كأن يدعي الأخ على أخته بعد زواجها ملكية جزء من الأرض الزراعية التي ورثتها من أبيها، فينازعها في حصتها، ويحاول أن يضمها إلى أرضه المتصلة بها، ففي هذه الحالة ما دام مدعيا ً ، فالقضاء يطالبه بإحضار بينته لإثبات صحة دعواه، يقول وكذلك الأخت إذا اقتسمت مع أخيها، فقال الأخ: » : الجناوني في هذا المعنى إني قد استفدت فدان كذا وكذا بعد موت والدنا، فعليه البينة، ويجزيه في ذلك خبر الأمناء، فإن لم تكن بينة ف لا يدرك اليمين على ا لأخت. وأما إذا ادعى أنه قد استفاده بعد خروجها إلى زوجها، وادعت الأخت أنه استفاده من قبل خروجها إلى زوجها، فعلى الأخ البينة أنه قد استفاده بعد خروجها إلى زوجها، وهو قول ا لشيخ (١) 3 . (١) المراد بالشيخ هو: سليمان بن موسى أبي هارون الملوشائي من علماء الإباضية بجبل نفوسة بليبيا (أبو الربيع) ( ق: ٤ه/ ١٠ م) أصله من تملوشايت. أخذ العلم عن الشيخ ي حيى بن سفيان، وغيره من علماء عصره، وكان عالما ً مفتيا ً ، وشيخا ً تقيا ً ، درس بمسجد إ بنَّاين بجبل ﱠ ََ نفوسة، ت خرج على يده العلامة أ بو زكرياء يحيى بن الخير الجناوني الذي كان رديفه في ﱠ سلسلة نسب الدين. ومن تلامذته أ يضا ً: أبو محم د وافي بن عمار الزواغي، وأبو محمد ﱠَﱠ ﱠ عبد الله المجدولي. ترك مراسلات فقهية وفتاوى إلى مختلف العلماء منهم أ بو يعقوب تالوف بن أحمد، وأبو زكرياء يحيى ابن إبراهيم الأمير على نفوسة. بالإضافة إلى م ا دونه ﱠ ف جل رواياته عنه. ضعف بصره في « النكاح » تلميذه أ بو زكرياء يحيى بن الخير، في كتابه ﱡ آخر عمره، ولم يمنعه ذلك من المطالعة الكثيرة الدؤوبة، و َل َ مَّا جاءته الكتب من ف َز ﱠ ان قال: فيقرأ عليه أحد طلبته حتى يفتر، ث ،« ياليتني أدركتها في شبيبتي » ُم يرجع الآخر فيدرس = َﱠ ﱠ وقال غيره: إ ن ّ على الأخت البينة بأنه قد استفاده من قبل خروجها « إلى زوجها(١) . k :á°UÉîdGh áeÉ©dG ¥ƒ≤ëdG »a ihÉYódG »a :ÉãdÉK ١ منهج الحاكم في الفصل بين الخصوم: سئل أ بو سعيد الكدمي عن منهج الحاكم في الحكم على المتخاصمين، فذكر أنه يعتمد أ ساسا ً البينة على المدعي » على القاعدة الفقهية المشهورة واليمين على من أ نكر .« وسألته عن الحاكم إذا حضره رجلان » : قال السائل يتنازعان، مد ّ ع ومدعى عليه، وتنازلا إلى اليمين، قال: فإن عجز البينة، فاليمين على المدعى عليه، احتج عليه الحاكم إن كانت له بينة، فإن شاء فليحضرها، وإن أبطأها أو أهدرها أو تركها استحلف له المدعى عليه، وإن لم يهدرها أمره الحاكم بإحضار بينته، فإن رد ّ المدعى عليه اليمين إلى المدعي، فقولنا: إ ن ّ على المدعي أن يحلف، فإن أبى لم يكن له شيء، واليمين لله، وقد قال بعض « بصدقهما يتنازعان ف يه(٢) . ويضيف الكدمي بيانا ً لمنهج القاضي في الفصل بين المتداعيين فيقول: إن » ّ فصل الخطاب في معنى الحكم هو: معرفة الحاكم عند الخصام موضع المدعي من المدعى عليه فيما ينطقان به معه ويتداعيان، فيلزم المدعى عليه، ولو لم يطلب ذلك خصمه، لقطع الحجة بين الخصمين، فإن أعجزها، قال = كذلك إلى آخر الليل. ينظر: البغطوري: سيرة أهل نفوسة (مخ) ٩ - ١١ ، أحال إليه عمرو النامي. ا لشم ّ ١/٢ ؛٢٥٢/ اخي: السير، ١ - ١٧٨ ،٤ - ١٨٢ . الباروني محم ،١٨٠ ﱠ د: نسبة الدين، ملحق بسير ا لشماخي، ٥٨٠ . القطب: الرسالة الشافية، ١٢٥ . الباروني أ بو الربيع: ّ ِِ . مختصر تاريخ ا لإبَاض يَّة، ٥٣(١) . الجناوني: كتاب النكاح، ص ١١٣(٢) .٤٢/ الكدمي أ بو سعيد: الجامع المفيد، ١ الحاكم للمدعي: لك اليمين على خصمك، لقطع الحجة بينهم وفصل الخطاب، فإن طلب يمينه ثبت عليه الحاكم في إهدار بينته، وأبطل حقه بما كان من اللفظ، فإن أهدرها حلف له خصمه المدعى عليه، وقطع حجيتها عن بعضهما بعض باليمين من المدعى عليه، وإهدار البينة من المدعي، وإن رد ّ المدعى عليه اليمين إلى المدعي ففي قول أ صحابنا أن عليه اليمين، إلا في أشياء لا يعرفها ولا يدعيها بمعرفة، فقد يكون من الأيمان ما يكون على «... المدعى عليه دون المدعي ولو ردها إليه، وذلك شيء واسع ينظر ف يه(١) . ومن هنا يتضح من عبارة ا لكدمي أن القاضي إذا أراد الفصل في الدعاوى ،« البينية على المدعي واليمين على المدعى عليه » : فعليه الاعتماد على قاعدة فإن أهدر المدعي البينية، يطالب المدعى عليه باليمين، وقد يمتنع عنها فيردها عليه إن شاء ذلك، وهو قول بعض ا لإباضية . ٢ في دعوى حيازة العقارات أو المنقولات: ذكر الإباضية صورا ً أخرى في دعوى حيازة العقارات والمقولات وكل طرف يدعي أنها ملكه، قالوا يجري القاضي عليهما حكم القاعدة المتداولة للفصل ب ينهما. « البينة على المدعي واليمين على من أنكر » إذا ادعى رجلان دارا » : جاء في كتاب الإيضاح في الأحكام ً وذكر كل واحد منهما أنها في يده، فكل واحد منهما مد ّ ع، وعلى كل واحد منهما البينة، فإن أقاما جميعا البينة، وشهدت بينة كل واحد منهما أنها في يده جعلت في يد كل واحد منهما نصفهما، فإن أقام كل واحد منهما البينة ق ُ ضيت بها له، وإن َ لم تقم لهما البينة وطلب كل واحد منهما يمين صاحبه ما هي في يده، فعلى كل واحد منهما أن يحلف ما هي في يده، فإن حلفا لم يجعلها القاضي في يد واحد منهما، وأيهما نكل عن اليمين لم يجعلها في يده، ونهاه أن يعرض الآخر (١) الكدمي: المصدر نفسه. فيها، وإذا وجدها القاضي في يد غيرهما لم ينزعها من يده بالذي أنقد من « هذين(١) اليد دليل ا لملك » ، لأن .« إذا ادعى رجل عبدا » ومنها: أنه ً في يد رجل، ودارا ً أو دابة أو أمة أو ث وبا ً ، ِ أو عرضا ً من العروض أو إجارة من ق بل فلان كائنا ً ما كان، فقال الذي في يده: ِ ليس هذا لي إنما هو في يدي وديعة من ق بل فلان، لا يصد ّ ق عليه فهو خصم، َُ وعلى المدعي البينة على دعواه، فإن أقام الذي في يده ذلك الشيء بينة على ما ذكر، لم يكن بينه وبين المدعي خصومة في شيء من ذلك، حتى يحضر ِ صاحب المتاع المؤجرة والمعيرة، فيكون هو الخصم في ذلك، وتكون الدعوى ُ ِ قبله، وعلى المدعي ا لبينة... وإذا كانت الدار في يد رجل فادعاها رجلا ً أنها له، وأنه أ جره إياها، وادعى ّ َ أحد أنها له، وأنه أ ودعها إياه، فكل واحد منهما مد ّ ع، وعلى كل واحد منهما ْ « البينة، فإن أقام كل واحد منهما البينة على م ا ذكرناه، فإنه يقضي بينهما ن صفين(٢) . ٣ دعوى الجنايات: أ في الجناية على النفس ودعوى الصلح: ومن فروع هذه القاعدة وتطبيقاتها في باب الجنايات على النفس والإصابة بالجروح في الأبدان، فقد يدعي البعض أن شخصا اعتدى عليه فأصابه في جسده فجرحه، فينكر ذلك المدعى عليه، فكيف يستطيع المدعي إثبات ذلك حتى يتحصل على القصاص أو التعويض عن الضرر؟ وكيف يمكن للمدعى عليه نفي التهمة عن نفسه إن كان حقا بريئا منها؟ بحث فقهاء ا لإباضية هذه القضية، وبينوا فيها الحكم الشرعي، وميزوا بين حالة العمد والخطأ، وبين الإصابة في النفس وما دونها، وتعددت أقوالهم (١) .٢٣ - ٢٢/ نفسه: ٣(٢) ٢٤/ الهجاري: الإيضاح في الأحكام، ٣ - .٢٥ وعللهم، وكان أساسها يقوم على القاعدة الفقهية المشهورة في القضاء وطرق البينة على المدعي واليمين على من أ نكر » الإثبات .« يقول صاحب كتاب ِ وإذا ادعى رجل » : في هذا الشأن « الإيضاح في الأحكام » ٌ ق بل رجل ٍ جراحة ِ عمدا ً أو خطأ، أو دما ً ، وجحد المدعى عليه ق بله ذلك، ف إن ّ على المدعي في ََ هذا الوجه البينة، وعلى المنكر اليمين، فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين، لزمه القصاص في قول بعضهم: في كل عمد دون النفس فيه القصاص، ولزمه الأرش في ما كان من خطأ في النفس أو دونها، وأما العمد في النفس فإن بعضا ً قال: أحبسه حتى ي قر، وفي ما دونها يقر أو يحلف، وقال بعضهم: عليه ّّ «... في العمد في النفس وفي ما دونها الدية ولا قصاص عليه(١) . ولكن قد يدعي المدعى عليه الصلح أو العفو عليه فيما أحدثه من إصابة في جسد المدعي بعد الجناية عليه، فهل ي صد ّ ق في دعواه، وماذا يشترط عليه ولو ادعى » : إن أنكر المصاب دعوى الصلح، أجاب أب و زكرياء على هذا فقال ِ قبله الجراحة، وادعى الصلح فيها والعفو كان في هذا الوجه هو المدعي، وكانت عليه البينة، فإن لم تكن له بينة، فعلى الآخر اليمين، فإن حلف أخذ حقه، وإن نكل عن اليمين لزمه ما ادعى الآخر من ا لصلح. وإذا أ قر الجارح بجرحه عمدا يخرج فيها القصاص، وادعى ذلك عليه، ّ وادعى الصلح، فإن المجروح في هذه المنزلة هو المدعي وعليه البينة، وعلى الجارح اليمين، فإن حلف برئ من المال، وإن نكل كان عليه القصاص، لأن « الآخر قد أبرأه منه، وإن نكل عن اليمين لزمه دعوى ا لمال(٢) . ب وفي دعوى الجناية على المال: وسئل ا لسالمي عمن ادعى على أهل قرية جميعا ً بأنهم أكلوا عليه مالا ً ، أو (١) ١٩/ الهجاري أ بو زكرياء: الإيضاح في الأحكام، ٣ - .٢٠ (٢) .٢٠/ الهجاري: المصدر نفسه، ٣ سرقوا عليه دابة، أتلزمهم اليمين إن كان لم ي عي ن أ حدا ً بعينه؟ وإذا وجدت دابة ّ مقتولة في قرية، أيلزم أهل القرية غرمها؟ هذه دعوى غير مسموعة حتى ي سمي المدعي واحدا » : فأجاب ً أو جماعة ﱢ مخصوصين، فحينئذ تكون البينة على المدعي واليمين على ا لمنك ِ « ر(١) . ٤ في دعوى التعدي على أملاك الجار: ومن المواضع التي طبق فيها ا لإباضية حكم هذه القاعدة: مجال الزراعة، ّ وما يحدثه الجيران فيما بينهم من أضرار على الأراضي والمزروعات، ثم ينكر بعضهم ذلك، فيلجأ المظلوم إلى القضاء طلبا ً في إنصافه، بعد أن يستنفذ مع جاره كل طرق الحوار لإماطة الأذى عنه. في باب إحداث الضرر بالجار ،« القسمة وأصول الأرضين » جاء في كتاب في الأصول كلها من الأرض والأشجار، والحيطان والمماصل، والسواقي والمجازات كلها والبيوت، يقول أ بو العباس أحمد : وأما من أحدث في أرضه » أو ما اتصل بها ما يكون مضرة لجاره، فاستمسك به من لا يعرف له شيء في َُِ ذلك بوجه من وجوه ا لملك، ولم ي عرف أن ذلك كان في يده بمعنى من َُ المعاني، ف لا يدرك عليه نزعها، ولا يستردده الحاكم، فإن تبين بعد ذلك أن تلك الأرض له بوجه من الوجوه، أو هي لمن ولي أمره، فإن الحاكم يأخذه بنزعها، وتنفعه دعوته الأولى، وإن لم يستمسك به حتى مكث مقدار ما تثبت فيه، ف لا يشتغل بدعوته، ولو صح أنها له، وكذلك إن ادعى أنه لم يعلم أنها له، فلا يشتغل بقوله، وكذلك إن ادعى أنه لم يعلم بحدث المضرة، ف لا يشتغل به أيضا ً ، وهذا كله إذا تبين عندنا في هذا الوقت أ ن ّ ذلك له، ولم يعلم أنها لأحد «... في وقت حدوث ا لمضرة(٢) . (١) ٣١٠/ ٣٠٩ . وينظر: المصدر نفسه: ٤ / السالمي: العقد الثمين، ٤ - .١١٣ (٢) أبو العباس أحمد: القسمة وأصول الأرضين، ص ٣٨١ - .٣٨٢ ويوضح أ بو العباس أحمد أن هذا الحكم يختلف حسب الأحوال والظروف، كحالة علمه بالمضرة وعدم علمه، وحالة دخول الأرض المتنازع عنها في ملكه، وعدم دخولها، أو كانت لغيره ثم انتقلت إليه، فحدث فيها وما عرف » : مضرة، يقول في بيان هذه المعاني وأحكامها وفق القاعدة المقررة ُ لغيره ثم دخل ملكه ولم يعلم به، فحدثت فيه المضرة في ذلك، فمنعها أو لم يمنعها، فمكثت مقدار م ا تثبت فيه أو أكثر من ذلك، فادعى أن ذلك له، فاستمسك بنزع تلك المضرة، فأتى بالبينة على أن ذلك له قبل حدوث ِ المضرة، فإنه يحكم له بذلك، ويحكم له بنزع المضرة، ولا تضره عمارة من أحدث فيه المضرة قبل أن يأتي بالبينة، وإن لم يستمسك بنزع المضرة بعد «... ما أقام البينة حتى مكث مقدار ما تثبت فيه، ف لا يشتغل بدعوته(١) . وفي موضع آخر يجسد أب و العباس العمل بهذه القاعدة، ويصرح بها في وإن ادعى من أحدث المضرة أن خصمه قد علم أ ن » : عبارة واضحة فيقول ّ ذلك له قبل أن يمكث مقدار ما يثبت فيه المضرة، فأنكره الآخر، فهو مدع ِ وعليه اليمين، فإن لم يأت حل ّ «... ف صاحبه ونزع مضرته(٢) . ويقرر الفقهاء أنه لا يشترط في مسؤولية الجار عن الأضرار التي تقع على أرض جاره أن يباشر فعلها بنفسه، بل يكفي في ذلك أن يكلف غيره فيحدثها، ولكن مسؤولية وقوع الضرر وإزالته تقع على عاتق المباشر وغير المباشر، المالك أو الآمر، ويلزم الجار المتضرر أن يثبت دعواه بالبينة، أو يطلب من جاره أن يحلف له ي مينا ً بعدم علمه بالمضرة، وعدم أمر غيره بإحداثها، يقول ِِ َ وأما من أذن لرجل أن يحدث فيه ما تكون فيه » : أب و العباس في هذا المعنى َ المضرة، فأحدثه، ثم أتى من ادعى أن ذلك الشيء له، فأقر الذي أذن له أن (١) . أبو العباس أحمد: المصدر نفسه، ص ٣٨٣(٢) المصدر نفسه. ذلك الشيء للذي ادعاه قبل أن يأذن فيه الآخر، فإنه إن صد ّ قهما في ذلك الذي أحدث المضرة، فليؤخذ بنزعها، وإن لم ي صد ّ قهما ف لا يجوز له قولهما ُ «... إلا ب البينة(١) . ولا يقتصر تحديد مسؤولية الضرر على من يحدثه، فكل من له صلة ََ بالحادث مسؤول عن فعله، سواء كان ف ردا ً أم جماعة، مباشرا ً أو غير مباشر، ويلزمه القضاء بإزالة الضرر إذا ثبت عليه ذلك. يقول أب و العباس في هذا ُ وإن كانت تلك المضرة إنما أحدثها رجلان أو ثلاثة، فأقر بعضهم » : الصدد وأنكر بعض، فإنه إن ت بي ن ما لكل واحد منهم، فلينزع م ن أ قر منهم ما ينوبه ّ َّ من تلك المضرة، وإن لم يتبين ما لكل واحد منهم، ف لا يدرك نزعها، ويدرك اليمين على من أنكره منهم على عدم علمه، فإن أقر الذي أحدث المضرة بدعوة من استمسك بنزع المضرة فأخذ بنزعها، فمنعه جاره من ذلك من أجل أنه كانت له المنفعة في ذلك، ولم ي جوز إقراره للذي استمسك به، فإن ّ القول قول جاره في منعه إياه، إلا إن أقاموا البينة على دعوتهم، ويدرك عليه «... اليمين أنه لم يعلم ب دعوته(٢) . ويتجسد العمل بمقتضى هذه القاعدة عند أبي ا لعباس في القضايا المتعلقة بإحداث الضرر في ملك الغير سواء كانت المضرة متصلة به أم منفصلة عنه، قلت: فقوم وجدوا مضرة في أرض رجل فاستمسك به » : فهذا سائل يسأله جاره بنزع تلك المضرة، اتصلت تلك المضرة بتلك الأرض أو لم تتصل، إن كان للقاضي أو الجماعة المسلمين أن يجبروه على ن زعها. فأجابه أب و العباس : كل ما اتصل بالأرض ف لا يجبروه على نزعه، وما لم » يتصل بها ف لا يدركون عليه نزعه، إلا ما قعد فيه صاحب الأرض فليأخذوه (١) . أبو العباس أحمد: القسمة وأصول الأرضين، ص ٣٨٣(٢) أبو العباس أحمد: المصدر نفسه. بنزعه، مثل: ما كان في بيته مما وصلت مضرته إلى جاره من الخشب الواقعة، « والحجارة المجموعة، ف ضر به صاحبها أو غير ذلك(١) . ّ ويحدد أب و العباسصاحب المسؤولية في رفع الضرر عن الجار، ولا يكفي عنده الادعاء، بل يلزم إثبات ذلك بالبينة على حد ّ وأما إن قال صاحب » : قوله الأرض إنما أحدث تلك المضرة رجل آخر، وليس لي فيها شيء، ف لا يشتغل ُ به، إلا إن كانت له البينة على ذلك، فإن كانت له البينة فليؤخذ بذلك من َ أحدثها، وإن لم تكن له بينة فأراد أن ي حل ّ فه على علمه أنه لم يعلم إنما أحدث « غيره، فله ذلك(٢) . ويوضح أب و العباس متى ي جبر المعتدي على إزالة الضرر فيقول السائل: ُ وإن استمسك به من حدثت فيه تلك المضرة، هل يؤخذ بنزعها، مثل: ما لم » َ .«؟ يتصل بالأرض، ولم ي عرف له، فادعى أن ذلك ل ه ُ فإنه إن أقر أن » : فيجيب ّ ذلك له أخذ بنزعه، وإن جحد فإنه يكلف بالبينة، ّ فإن أتى فليؤخذ من أتت عليه البينة بنزع ذلك، وإن لم يكن له بينة ف ليحل ّ فه، ِ ولا يدرك عليه غير ذلك، وإن قال المدعى عليه قد علم المدعي أ ن ّ هذا ليس َ لي فيه شيء، فإنه يدرك عليه اليمين، وإن نكل عن اليمين ف لا يدرك عليه هو أيضا ً اليمين، وإن حلف أنه لم يعلم أ ن ّ ذلك الشيء لغيره، ف ليحل ّ فه أنه ليس له في ذلك شيء، ولا يدرك عليه غير ذلك. وأما ما اتصل بالأرض من ذلك، وما قعد فيه ولم يتصل بالأرض مما يؤخذ بنزعه، إن ادعى أنه ليس له فيه شيء ولم يحدثه أ يضا ً ، فإنه يكلفه بالبينة، فإن أتى بها ف لا يدرك عليه شيئا ً ، وإن لم يأت بها فليؤخذ بنزعه، ويدرك اليمين على صاحبه أنه لم يعلم أنه ليس له فيه «... شيء، ولم يحدثه، أو لم يعلم أنه أحدثه غيره(٣) . (١) . المصدر نفسه: ص ٣٩١ (٢) نفسه. (٣) . أبو العباس أحمد: القسمة، ص ٣٩١ وقد يدعي الجار المتضرر أنه كان أثناء وقوع الضرر مشغولا ً بعذر شرعي، كالغياب عن المكان، أو فقدان الأهلية، فلم يتمكن وقتئذ تقديم دعوى التضرر إلى القضاء ضد جاره، وقد ّ م بنفسه أو بواسطة وليه أو وكيله ما يؤكد صدق ا دعائه. ومن أحدث لرجل مضرة فاستمسك به » : يقول أب و العباس في هذا المعنى َ ُ على نزعها، وادعى من أحدثت له أنه غائب في تلك الحال، أو مجنون، أو َ طفل، وقد عرف لهم ذلك، فعليهم البينة على ما ادعوا من ذلك، فإن لم تكن ّ لهم بينة حل ّ فوا الناكر على دعواتهم، وإن نكل عن اليمين أ ُ خذ بنزع م ا أحدث، وأما إن أحدث مضرة لطفل أو مجنون أو غائب، فادعى أن الطفل بالغ قبل أن ِ يحدث له، أو أفاق المجنون، أو ق دم الغائب قبل أن تحدث لهم المضرة، فعليه البينة، فإن لم تكن له بينة حلفوا على دعوته إن كانوا في حال يحلفون فيه، فإن «... لم يكونوا فيه، ف لا يدرك عليهم اليمين، ويؤخذ بنزع ذلك(١) . مجمل القول: وهكذا يتبين من خلال الصور التي ن ص عليها أب و العباس في باب التعدي ّ على الجيران، أنه لم يخرج في أحكامه على المتنازعين عن مقتضى القاعدة وأنه في حالة فقدان ،« البينة على المدعي واليمين على من أ نك ر » الفقهية المدعي للبينة يطالب ا لمعتد َ ى عليه باليمين، فإن رفض ذلك، تلزمه الدعوى، ويطالبه بإزالة الضرر عن المدعي المتضرر، وذلك كله ت حقيقا ً للعدل بين الناس، ورفعا للظلم عن ا لمظلومين. ٥ في دعوى النسب: ومن فروعها في باب النسب: أ ن ّ الذي يدعي نسبه بأحد مهما كان فعليه (١) . أبو العباس: المصدر نفسه، ص ٤٠٣ البينة، ومن ينكر ذلك فعليه اليمين، يقول حمد بن عبيد ا لسليمي(١) : وكل من » ادعى ن سبا ً من أحد، أ با ً كان أو غير أب، أو ا بنا ً أو أ خا ً ، أو ابن أخ، أو عما ً أو ّ ابن عم، أو جدا من أب أو أم، أو كانوا من ساير العصبة أو القرابة أو الرحم، وسواء كان المدعي في ذلك حرا ً أو عبدا ً ، أو نساء أو عبيدا ً ، ذكورا ً أو إ ناثا ً ، مسلمين كانوا أو مشركين، فهو مد ّع ٍ وعليه البيان، وعلى منكر النسب أو الولاء « أو النكاح ا ليمين(٢) . ٦ ظهور البينة بعد يمين المدعى عليه: اختلف فقهاء ا لإباضية في حكم الدعوى إذا عجز المدعي عن إثبات دعواه، فأهدر بينته وطلب من المدعى عليه أن يحلف له اليمين، وبعد أدائها جاء ببينة تؤكد دعواه، فهل يقبلها القضاء ويعتد ّ بها؟ أم يعتبرها مهدرة غير شرعية، لأنها قدمها بعد فوات وقتها وصدور ا لحكم؟ وكل من أقام البينة على دعواه » : يقول أ بو إسحاق الحضرمي في هذا الشأن سمع منه الحاكم، إلا في أربع خصال: أحدها: أن يدعي على أحد عند الحاكم (١)حمد بن عبيد بن مسلم ا لس ﱡ لي ْ مي، أ بو عبيد (ت: ١٣٩٠ ه)، مولده في وطنه الأول: سد ّ ي، من أعمال إزكي عام ثمانين ومائتين وألف ( ١٢٨٠ ه). فقيه دراكة حاذق، بصير في الأحكام الشرعية، ذو رأي وسياسة ودهاء. جمع في شخصه عدة أمور، فهو قاض، ومدرس، ومفت، شاعر. تتلمذ على يد العلامة الشيخ أ حمد بن سعيد الخليلي، ثم على يد الشيخ السالمي، فاستفاد منه كثيرا ً وعليه تخرج. ولي القضاء في ولايتي سمائل وبدبد للإمامين الخروصي ثم الخليلي. عمل مدرسا ً بمسجد الخور في عهد السلطان سعيد. واستمر على ذلك إلى أن ضعف هداية الحكام إلى منهج » و « الشمس الشارقة في علم التوحيد » : وتقدمت به السن. ومن مؤلفاته تبصرة » و « العقد الثمين في الدعوى واليمين » ٥ أجزاء. و « خزانة الجواهر في الفقه » و « الأحكام حول أسئلته وأجوبته الفقهية « قلائد المرجان » و « بهجة الحنان في وصف الجنان » و .« المهتدين نظما ً . . ٢٧٥ . معجم أعلام الإباضية بالمشرق، ص ١٠٧ / ينظر: شقائق النعمان: ٣ (٢) السليمي حمد بن عبيد السمائلي: العقد الثمين في أحكام الدعوى واليمين، ط ١٤٠٤ ه/ ١٩٨٣ م. . المطبعة العالمية، القاهرة، ص ١٧٠ :IóYÉ≤dG øe ≈æãà°ùj Ée دعوى، فيسأله الحاكم البينة على دعواه، فيقول: معي البينة ولكن قد أهدرتها ورضيت باليمين، ف يحل ّ ف الحاكم المطلوب على ذلك، فإن القاضي لا يسمع «... له بينة بعد ذلك على هذه ا لدعوى(١) . سئل أ بو زكرياء يحيى بن سعيد عن رجل ادعى على رجل حق ّا ً فسأله إنه ليس عنده بينة، وقال للحاكم: حل » : الحاكم البينة، فقال ّ فه لي، ولم يقل للحاكم قد أهدر بينته ولا هدمها، وحل ّ فه على ذلك، ثم أحضر بينة في هذا الحق الذي قد حل ّ فه له خصمه عليه، هل يسمعها الحاكم ويحكم له بما حلف خصمه عليه على هذا ا لوجه؟ قال: يخرج في معنى هذا القول أن يسمع بينة على ذلك، وقد انقطع الحكم ليمين المدعى عليه، ولأن البينة على المدعي واليمين على المدعى علي ه، وهو فصل الخطاب، وكان على المدعي لا يحل ّ ف خصمه ويطلب «... بينته(٢) . ويبين أب و زكرياء أن اليمين لم يجعل لها الشارع زمنا محددا، فيجوز وإذا وجب على الخصم يمين لخصمه، فليس يجوز » ، تقديمها أو تأخيرها للحاكم تأخيرها على الخصم حكما ً ، إلا أن يفسح الخصم في تأخيرها ِِ لخصمه، لأنا لنبي صلى الله عليه وسلم أمر باليمين علىا لمنكر، ولم يخص فيها بوقت، والأمر «... على الوجوب إلا ما خص به ا لأوقات(٣) . البينة على المدعي » : ذكر ا لإباضية فروعا فقهية تستثنى من حكم القاعدة (١) . الحضرمي أ بو إسحاق إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ص ٢٠٠(٢) .١٨٧/ الهجاري أ بو زكرياء: الإيضاح في الأحكام، ٢(٣) ١٩٠ . ينظر: زهران المسعودي، ابن بركة السليمي ودوره / الهجاري: المصدر نفسه، ٢ الفقهي في المدرسة الفقهية الإباضية، ص ٤٠٦ - .٤١٣ ورغم أن في الحالات العامة يكون العمل بمقتضى ،« واليمين على من أنكر هذه القاعدة، ولكن توجد حالات يسقط فيها اليمين على المدعى عليه، وأحيانا ي رد ّ المدعى عليه اليمين على المدعي، فهل يعتمد ذلك في القضاء، ُ وتكون وسيلة شرعية لثبوت الحق، وإنهاء ا لخصومات؟ نقل ابن ب ركة في جامعه رأي ا لإباضية ومن وافقهم، ورأي من خالفهم، واتفق أصحابنا » : وأشار إلى أدلتهم وتعليلاتهم، وعقب عليها وناقشها فقال ِ على القول ب رد ّ اليمين إذا طلب ذلك المدعى عليه، ووافقهم على ذلك مالك بن أن س، وأما ا لشافعي وأبو حنيفة فلم يريا رد ّ اليمين على المدعي إذا طلب المدعى عليه ذلك، إلا أن ا لشافعي أوجب اليمين على المدعي إذا شهد له شاهد على دعواه، وإن لم ي رد ﱠ المدعى عليه ذلك، فجعل يمين المدعي مع ِ شهادة شاهد، فإن قال قائل ممن لم يرد اليمين على المدعي، ف لم قلتم ذلك، َ والسن ﱠ ة دالة على خلاف قولهم، يقول النب ي صلى الله عليه وسلم : على المدعي البينة واليمين » ﱡ « على المدعى عليه(١) . قيل له: بل ا لسن ﱠ ة دالة على صحة ما قلناه، ومبينة لإغفالك، ونحن أولى ﱡ بموافقة ا لسن ﱠ ة والعمل بها، ومن أسقط بعضها، أو فائدة بعض أخبارها كان ﱡ خارجا عن حلها، يقول النب ي صلى الله عليه وسلم : البينة على المدعي واليمين على المدعى » ﱢ « عليه(٢) إذا اختار أن يحلف، وأما إذا رغب أن يحلف المدعي على ما يدعي من صدقه عند نفسه ويسلم إليه، استعفي من اليمين، لما روي عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم أنه لما اعتل ودخل عليه الناس يعودونه وكان شاد ّا ً رأسه بعصابة، فجلس، ٍ يا معشر الناس من يدعي علي حق » : وقال ّا ً أو مظلمة من مال يلزمني، أو حقا ً ّ فقال رجل أنا يا رسول الله أخذت ،« في يدي َ مني أو قال اقترضت مني (١) تقدم تخريجه. (٢) تقدم تخريجه. ثلاثة دراهم في سراويل اشتريتها، فقال 0 : أما أني أصدقك ولا أحل » ّ « فك (٢) وقال ل لفضل بن العباس : « ادفع إ ليه »(١) . . فهذا يدل على أ ن » : وعلق ابن ب ركة على هذا الحديث فقال ّ المدعى عليه أن يستحلف المدعي إذا لم يصدقه بدلالة قول النب ي صلى الله عليه وسلم ، وإن تصديق المدعى عليه للمدعي يسقط اليمين، فنحن قلنا بالخبرين جميعا ً ، وعلمنا بفائدتهما، وأنت أسقطت أحدهما، ومن احتج بخبرين كان دليله أهدى ممن أسقط « أحدهما(٣) . ولا ريب أن م ا ذهب إليه ابن ب ركة وجمهور ا لإباضية في جواز رد ّ المدعى عليه اليمين على المدعي هو القول الأعدل والأقرب للصواب؛ لأن الجمع بين الدليلين أولى من إهمالهما إذا جاز ذلك، كما تقرر عند الفقهاء، وما دام (١) رواه الحافظ ابن حجر العسقلاني في المطالب العالية، كتاب السيرة والمغازي، باب وفاة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما ً كثيرا ً حديث : ٤٤٣٠ . ونصه: عن ا لفضل بن عباس، قال: دخلت على ا لنبي صلى الله عليه وسلم في مرضه، وعنده عصابة حمراء، أو قال: صفراء، فقال: » ابن عم، » « خذ هذه العصابة، فاشدد بها رأسي فشددت بها رأسه، قال: ثم توكأ علي » « حتى دخلنا ّ المسجد، فقال: يا أيها الناس، إنما أنا بشر مثلكم، ولعله أن يكون قرب مني الرحيل من بين » أظهركم، فمن كنت قد أصبت من عرضه، أو من بشره، أو من شعره، أو من ماله شيئا ً ، فهذا عرض محمد، وشعره، وبشره، وماله، فليقم فليقتص، ولا يقولن أحد منكم: إني أتخوف من محمد العداوة والشحناء، إلا إنهما ليسا من طبيعتي، وليسا من خ ُ « لقي قال: ثم انصرف، فلما كان من الغد أتيته، فقال: ابن عمي، لا أحسب أن مقامي بالأمس أجزأ عني، خذ هذه » « العصابة فاشدد بها رأسي قال: فشددت بها رأسه، قال: ثم توكأ علي » « حتى دخل المسجد، ّ فقال مثل مقالته بالأمس، ثم قال: « إن أحبكم إلينا من اقتص » ، قال: فقام رجل، فقال: يا فأقرضتك ثلاثة «؟ من معه شيء يقرضنا » : رسول الله، أرأيت يوم أتاك السائل فسألك، فقلت دارهم فقال: قم يا فضل، أعطه، فأعطيته، ثم قال: « ومن غلب عليه، فليسألنا ندع له » قال: فقام رجل، فقال: يا رسول الله، إني رجل جبان كثير النوم، فدعا له، قال الفضل: فلقد رأيته أشجعنا، وأقلنا ن وما ً .« ، قال: ثم أتى بيت عائشة، فقال للنساء مثل ما قال للرجال(٢) ٤٥١/ ابن بركة البهلوي: الجامع، ٢ - .٤٥٢ (٣) ابن بركة: المصدر نفسه. القصد من ذلك إظهار الحق وإبطال الباطل، وإنصاف المظلوم، ونشر العدل بين الناس، وتلك من أهداف التشريع الإسلامي. ومن الحالات التي نص عليها بعض فقهاء ا لإباضية خرجت عن مقتضى القاعدة المقررة، جوزوا فيها إسقاط اليمين على المدعى عليه، ما ذكره ّ وكل م ا جاز فيه دعوى م د » : بما نصه « الورد البسام » عبد العزيز الثميني في ّ ع في نفس، أو مال، أو نكاح، أو طلاق، أو عتق، أو نحو ذلك، فإنه يدرك فيه اليمين على منكره، وليس في الحدود يمين أ صلا ً ، ولا فيما ادعى أحد على أنه وليه، ّ أو أ ن ّ له وليا ً أو عبدا ً يسمى ف لانا ً ليأتي به إلى الحاكم أن يأخذ منه حقه في كذا وكذا من التعديات، أو على وليه أ ن ّ له مالا ً لينفقه، ففي ذلك ونحوه لا يمين فيه على المدعى عليه، وكذا إن ادعى عليه دينا ً فادعى الإفلاس، فإن َْ لم ي بي نه ف لا يحلف المدعي عليه أن له مالا «...ً (١) . ّ وهذا الحكم قبل أن تصل الدعوى إلى القضاء، أما إذا بلغت، فالحكم ِ البينة على المدعي واليمين على من أ نكر » : يكون وفق القاعدة المقررة .« يقول وإذا وصلت الدعوى إلى الحاكم، وجازت عنده، » : الثميني في هذا المعنى فاسترد المدعى عليه الجواب، فأجاب بالإنكار، فعلى المدعي البيان، فإن لم يجده وطلب يمينا من المدعى عليه، حل ّ « فه له، وإن لم يطلبه فلا، إلا ب إذنه(٢) . ويشير أ بو إسحاق الحضرمي إلى هذه الحالات التي يسقط فيها اليمين والبينة على من ادعى، واليمين » : على المدعى عليه بشيء من التفصيل، فيقول على المدعى عليه، إلا في ثلاث عشر خصلة: ِ أحدها: أن تدعي عليه امرأته أنه طل ّ قها، أو آ لا َ منها ولم ي ف، أو خالعها، أو ظاهر منها، ولم ي كف ّ ر عنه حتى انقضت أربعة أشهر، فإن قامت بينة، وإلا فلا يمين على الزوج في ذلك، و لا رد ّ يمين. (١) . الثميني: الورد البسام، ص ١٠٩(٢) . الثميني: المصدر نفسه، ص ١٠٩ الثاني: أن ي د ّ عي أنه راجع امرأته، فإن أقام البينة، وإلا ف لا يمين عليها في ذلك. الثالث: أن يدعي أنه تزوج هذه المرأة، فإن أقام البينة على تزويجها أنه تزوجها ب ولي أو من يقوم مقامه، فإن أقام بينته، وإلا ف لا يمين عليها. ّ الرابع: أن يدعي العبد أن مولاه أعتقه، فإن أقام على ذلك بينة، وإلا فلا يمين على السيد. الخامس: أن يدعي شيئا ً بينه وبين أحد، فإن أقام بينة، وإلا ف لا يمين عليه في ذلك. السادس: أن يدعي على رجل أنه قد قذفه بالزنا، فإن أقام بينة، وإلا فلا يمين في ذلك. السابع: أن يدعي على القاضي أنه حكم عليه بباطل، ف لا يمين على القاضي في ذلك. الثامن: أن يدعي على الشاهد أنه شهد عليه بباطل، أو أشهده على أحد، فإن أقام بينة، وإلا ف لا يمين عليه. التاسع: إن أقام بينة على أهل الحدود، وإلا ف لا يمين في ذلك. العاشر: أن يدعي على صبي أو مجنون، ف لا يمين على الصبي حتى يبلغ، أو يفيق ا لمجنون. الحادي عشر: أن يدعي على أبيه، ف لا يمين عليه. الثاني عشر: أن يدعي سهما ً في الغنيمة، فإن أقام بينة، وإلا ف لا يمين. الثالث عشر: أن يدعي أن هذا عبد ٌ لي، ف لا يمين على هذا بنفسه إذا كان ْ « لا يعرف له مولى(١) . (١) الحضرمي أ بو إسحاق إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال: ص ١٩٩ - .٢٠٠ في دعوى الشفعة: ومنها: في الشفيع إن قال له المشتري: اشتريت مالك فيه شفعة كذا وكذا، يبين دعواه، وإلا حلف وأعطى له الشفيع ذلك أو ت ركها. ّ في دعوى الرهن: ومنها: في المرتهن إن قال للراهن: هذا رهنك الذي عندي، فأنكره ف ليبين ّ المرتهن، وإلا حلف أنه هو، وتركه(١) . في دعوى النسب: استثنى بعض الإباضية أيضا ً من القاعدة في ثبوت النسب بعض الحالات، يقول حمد ا لسليمي في معرض كلامه عن الحالات التي لا يثبت فيها النسب وقيل على المدعي في هذا ومثله البينة، وليس على المنكر » : للمدعي إلا بالبينة يمين في غالب المواضع، و لا رد ّ في يمين هنا، ولا بينة على خلاف مشهور ِ النسب، ولا على من كان أكبر سن ّا ً أو مساويا ً أنه ابنه، ولا يمكن أن يولد في «... عادة مثله(٢) . (١) الثميني: نفسه. (٢) . السليمي حمد بن عبيد: العقد الثمين في أحكام الدعوى واليمين، ص ١٧٠ k :IóYÉ≤dG ᫪gCG :’hCG تعد ّ هذه القاعدة من القواعد المعتبرة في باب القضاء والإثبات، وتميز بين البينة والإقرار من حيث درجتها وحدود استعمالها، وقد اعتمد عليها فقهاء الإباضية في تخريج فروعهم الفقهية، ولم ترد هذه القاعدة بتلك الصيغة، وإنما جاءت بصيغ أخرى قريبة منها تفيد معناها، من ذلك ما ذكره ابن ب ركة في باب إن الإقرار إذا تضمن حكما » : الإقرار ً على الغير لم يسمع، ويقبل ممن أقر به، « وهذا اتفاق بيننا وبينهم (١) . فإن قال قائل: » : وفي إقرار العبد على نفسه يقول ما الفرق بين إقراره والشهادة له؟ قيل له: الشهادة على الغير مقبولة، والإقرار « على الغير غير مقبول (٢)وقريبا ً . من هذا المعنى يشير ا لشماخي إلى القاعدة في سياق كلامه عن ثبوت ا لد ّ وقوله في ذلك مقبول أنه لحوائجهم إذا » : ين على الشركاء فيقول صح ا لد ﱠ « ين بالبينة، وأما إقراره بالدين فغير مقبول؛ لأنه إقرار عن ا لغير (٣) . k :IóYÉ≤dG ∫ƒdóe :É«fÉK البينة: هي الحجة الواضحة، أو الشهادة العادلة التي ت بي ن صدق دعوى ّ المدعي، ويقوم مقامها السند المكتوب الموثق، ونحوه من البراهين كما تقدم في القاعدة ا لسابقة (٤) . (١) .٢٧٦/ ابن بركة البهلوي: الجامع، ٢(٢) ابن بركة: المصدر نفسه. (٣) الشماخي: الإيضاح، ط مكتبة مسقط ع ُ .١٠٩/ مان ١٤٢٥ ه/ ٢٠٠٤ م، ٤(٤) البينة على » : محمد بكر إسماعيل: القواعد الفقهية، ص ١٧٦ . ينظر: تفصيل ذلك في قاعدة من هذا البحث. « المدعي واليمين على من أنكر الحجة: ما دل به على صحة الدعوى، وهي بينة عادلة، أو إقرار، أو نكول ِ عن يمين، أو قسامة، أو عل ْ م القاضي بعد توليته، أو قرينة ق اطعة(١) . ومعنى متعدية: أي مجاوزة إلى من قامت عليه، وملزمة ل ه. والحجة المتعدية: هي التي لا تقتصر قوتها الإثباتية على من أقيمت عليه، بل تتجاوزه إلى غيره، فهي تتجاوز المشهود عليه إلى كل من له صلة بالقضية، فالحكم المقضي به استنادا على بينة يكون شاملا لعموم الناس، أو شاملا لكل من ينطبق عليه ا لحكم(٢) . الإقرار في اللغة: الاعتراف، وفي الاصطلاح: خبر وجب حكم صدقه على قائله فقط، بلفظه أو لفظ نائبه، مثل: ا لقذف(٣) . ِ ومعنى قاصرة: لا يتعدى بها إلى غير ا لمقر، فهي حجة قاصرة على نفس ِّ المق ر لا تتجاوزه إلى غيره؛ لأن كونه حجة يبتنى على زعمه، وزعمه ليس بحجة على غيره(٤) . الإقرار حجة » : وهذا ما صرح به علي يحيى معمر في قوله على ا لمقر فقط، أما على غيره ف لا يكون حجة حتى يجتمع إليه م ا يقوي ه؛ كأن ّّ تكون من أمينين، أو من ثلاثة من أهل ا لجملة(٥) «(٦) . ويؤكد هذا المعنى (١) . البركتي: التعريفات، ص ١٨٧(٢) .١٠٧٣/ الزرقا مصطفى: المدخل الفقهي العام، ٢(٣) .٥٧٢/ أطفيش أمحمد: شرح كتاب النيل، ١٣(٤) الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٣٩٥ .. محمود هرموش: معجم القواعد الفقهية . الإباضية: ص ١٣٧ (٥) أهل الجملة: مصطلح إباضي في العقيدة يطلقونه على الموحدين من المسلمين، وقد يراد به غير الإباضية حسب السياق. ينظر: معجم مصطلحات الإباضية، مجموعة من الباحثين، ١٠٥٦ . الجناوني: / ١٤٢٩ ه/ ٢٠٠٨ م، نشر وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ٢ ، ط ١ .٣٨٥/ الوضع، ص ١٩١ هامش. الثميني: النور، ص ٢٤٧ . أطفيش القطب: شرح النيل، ١٦ .٦٥/ شامل الأصل والفرع: ١ (٦) . معمر علي يحيى: الحاشية على كتاب النكاح، ص ٢٣٣ k :QGôbE’Gh áæ«ÑdG ø«H ¥ôØdG :ÉãdÉK المرء يعامل في حق نفسه كما ق ر به، ولا يصدق » : أبو الحسن الكرخي بقوله ّ « على إبطال حق الغير، ولا بإلزام الغير حقا(١) . والحجة القاصرة: هي التي تقتصر قوتها الإثباتية على من أقر على نفسه، ولا تتجاوزه إلى غيره، بمعنى أن إقراره أمام القاضي لا يكون حجة إلا عليه(٢) . ووجه الافتراق بين البينة والإقرار يتمثل في أمرين: ١ أن ا لبي نة لا تصير حجة إلا بقضاء القاضي، وبما أن للقاضي ولاية عامة، ﱢ فينفذ قضاؤه في حق الجميع. ٢ أن الدلالة ب البينة كالدلالة بالحس شرعا ً ، وما يثبت من طريق الحس ﱢ والمشاهدة ينسحب حكمه على سائر الناس، فالحكم على أحد الورثة ِ ِ بد َ ين على مورثهم يتعدى إلى جميعهم. وأما ا لمقر فله ولاية على نفسه ُّ دون غيره، فتبقى هذه الحجة مقصورة على صاحبها مع ق وتها(٣) . وقد أشار ا لسالمي إلى هذين الأمرين، لما سئل عمن يكاتب، فكتب عليه له ّ صكا، أثبت هذا الصك شرعا ً ، وهل الإقرار كالشهادة هنا؟ ليس الإقرار في هذا كالشهادة، فلو أقر لولده بشيء ثبت عليه، » : فأجاب بخلاف ما إذا أشهد له بحق على الغير، وذلك أن الإقرار إثبات حق على النفس، وأما الشهادة فإثبات حق على ا لغي ر، ولهذا يكون الإقرار من الوالد «... على نفسه حجة، ولا يكون في الشهادة بأقل من عدلين(٤) . (١) الكرخي: أصول الكرخي مطبوع مع تأسيس النظر للدبوسي عبي دا لله بن عمر، مطبعة الإمام، القاهرة (دت). (٢) . شبير محمد عثمان: القواعد الكلية والضوابط الفقهية، ص ٣٥٠(٣) .٩٩/ ٢٢٢ . المحاسني: شرح المجلة العدلية، ١ / الأتاسي: شرح المجلة العدلية، ١(٤) .١٣٦/ السالمي: العقد الثمين، ٤ ولقد صاغ ا لحصيري(١) إن إقرار » : هذه القاعدة وذكر هذا الوجه فقال الإنسان حجة عليه لا على غيره، لقصور ولايته على نفسه، والبينة حجة على ﱢ الناس كافة، لأنها إنما تصير حجة ب القضاء « (٢) . ويقول أحمد ا لجندي في هذا النص الشرعي يقضي بأن الإقرار حجة ملزمة بنفسه لا يحتاج فيه إلى » . المعنى القضاء، وإطلاق اسم القضاء عليه مجاز؛ وإنما هو أمر بالخروج عما لزم « بإقراره؛ لأن الحق ثبت به بدون حكم لا بالقضاء(٣) . المعنى الإجمالي للقاعدة: إن ا لبينة حجة متعدية للغير، ومتجاوزة على غير من قامت عليه، وملزمة ﱢ له، ولا تكون حجة موجبة إلا بانضمام القاضي إليها، فتراعى شرائط كونها حجة القضاء، أما الإقرار فحجته قاصرة موجبة بنفسه، لا تتجاوز إلى غيره، ولا يشترط انضمام القاضي إليه، لكونه حجة، فمن أ قر على نفسه بعد الزنى ّ أقيم عليه الحد وحده، و لا يسأل عمن زنى بها، ولو ذ َكر من زنى بها، فإن َُ إقراره حجة قاصرة عليه، ولذلك لا يقام عليها الحد لا سيما إن كذبته(٤) . وبعبارة أخرى: إن ا لبينة إذا أقيمت على شخص كانت ملزمة له، وملزمة ﱢ لغيره من الناس؛ لأن ا لبينة برهان يكشف الواقع، ويوضحه بالنسبة إلى جميع ﱢ (١)محمود بن أحمد بن عب دا لسيد بن عثمان، أ بو المحامد، جمال الدين البخاري الحصيرى ٥٤٦) - ٦٣٦ ه/ ١١٥١ - ١٢٣٨ م): فقيه، انتهت إليه رياسة الحنفية في زمانه. مولده في بخارى، ونسبته إلى محلة فيها كان يعمل بها الحصير. سكن دمشق ودرس بالمدرسة النورية، خير مطلوب في » وتوفى بها من كتبه: التحرير في شرح الجامع الكبير، فقه، سبع مجلدات، و .١٦١/ ينظر: الزركلي: الأعلام، ٧ .« الطريقة الحصيرية » فقه، و « العلم المرغوب خ (٢) .٥٠٥/ الحصيري جمال الدين: التحرير في شرح الجامع الكبير، ٢ (٣) الجندي أحمد نصر: مبادئ القضاء الشرعي في خمسين عاما ً المبدأ « الإثبات » ، تحت عنوان ٣٤ . محمد بكر إسماعيل: / ٥٧ ) ط ٢، دار الفكر العربي ١٣٩٨ ه/ ١٩٧٨ م، القاهرة، ١ ) . القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه، ص ١٧٦ (٤) .٢٩٢/ الصدر الشهيد: شرح أدب القاضي للخصاف، ٢ الناس، وليس خاصا ً بشخص معين، فلذا كان الثابت ب البي ﱢنة ي ُحت َ ج به على سائر الناس. أما الإقرار حجته قاصرة على المقر وحد ه؛ لأن المقر لا ولاية له إلا على نفسه، فله أن يلزم نفسه بما يشاء، وليس له سلطة على إلزام غيره، ولأنه من المحتمل أن يكون المقر كاذبا في إقراره، ومتواطئا مع المقر له لإضاعة حق شخص ثالث، ف لا يسري إقراره على ا لغير (١) . k :IóYÉ≤dG π«°UCÉJ :É©HGQ استدل ا لإباضية على مشروعيه هذه القاعدة بأدلة من الكتاب والسن ﱠ ة ﱡ والإجماع: أ من الكتاب: قال الله تعالى: ﴿ے ª©¨§¦¥¤£¢¡ ¯®¬« °﴾ (آل عمران: ٨١ (. وقال الله 8 : ﴿ ! )( '&%$# " 76 54 3 2 10/ .-,+* =<; :98 > ﴾ (البقرة: ٢٨٢ (. وجه الاستلال بالآية: قال ا لسالمي : فإن الإملال هو الإملاء لمعنى » « المكتوب، وهو الإقرار ب عينه(٢) ب من السن ﱠ ة: ﱡ . ١ روي أن رسو ل الله صلى الله عليه وسلم قال: البينة على المدعي، واليمين على المدعى » ُ « عليه (٣) . (١) ١٠٧٣ . شبير محمد عثمان: القواعد الكلية، / الزرقا مصطفى: المدخل الفقهي: ٢ .٣٥١ - ص ٣٥٠(٢) .١٠٦/ السالمي: العقد الثمين، ٤(٣) تقدم تخريجه في الصفحات السابقة. ِ وجه الاستدلال بالحديث: أنه لو لم يكن الإقرار حجة لما كان ل يمين ِ المنك ر معنى(١) . ٢ روي عن وائل بن حجر أنه قال: جاء رجل من حضرموت ورجل ُ من كندة إلى ا لنبي صلى الله عليه وسلم فقال الحضرمي: يا رسول الله: إن هذا قد غلبني على أرض كانت لأبي، فقال الكندي: هي أرض في يدي أزرعها ليس له فيها حق، فقال ا لنبي صلى الله عليه وسلم للحضرمي: «؟ ألك بينة » قال: لا، ولكن يحلف بالله تعالى ما يعلم أنها أرضي غصبها مني أبوه، فتهيأ الكندي لليمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يقطع رجل مالا بيمين إلا لقي الله » 8 وهو عنه « غضبان(٢) ، فتركها الكندي. ٣ وروي عن أبي هريرة 3 أتى رجل إلى رسو ل الله صلى الله عليه وسلم وهو » : أنه قال في المسجد فناداه، فقال: يا رسول الله: إني زنيت، فأعرض عنه حتى رد ّ د عليه ِ أربع مرات، فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعاه ا لنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبك » «؟ جنون فقال: لا، قال: « فهل أحصنت » قال نعم، فقال النب ي صلى الله عليه وسلم : اذهبوا به » « فارجموه ، قال فرجمناه بالمصلى، فلما أذلقته الحجارة هرب فأدركناه بالحرة، « فرجمناه(٣) . ٤ جاء رجل إلى ا لنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنه زنى » : وروى سهل بن سعد قال « بامرأة سماها، ف دعاها صلى الله عليه وسلم فسألها عما قال، فأنكرت فحده وتركها(٤) . (١) .١٠٦/ السالمي: العقد الثمين، ٤(٢) رواه مسلم، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة ٢، عن وائل بن حجر الحضرمي. بالنار، رقم ٢٥(٣) ٦، عن أب ي هريرة. رواه البخاري، كتاب الحدود، باب لا يرجم المجنون والمجنونة، رقم ٤٤٥(٤) ،٢ رواه أحمد، مسند الأنصار، حديث أبي مالك سهل بن سعد الساعدي، رقم ٢٢٩٧ هذا إسناد » : ٨، عن سهل بن سعد، وقال والحاكم في المستدرك، كتاب الحدود، رقم ١٧٩ ووافقه الذهبي. « صحيح ولم يخرجاه ٥ وروى ابن عباس 3 قال: جاء رجل إلى ا لنبي صلى الله عليه وسلم فأقر أربع مرات أنه زنى بامرأة، فجلده مائة، وكان ب كرا ً ، ثم سأله ا لبينة على المرأة فقالت كذب ﱢ والله يا رسول الله، فجلده حد ّ الفرية ثمانين جلدة(١) . ٦ وروي أن ا لنبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا ً لما أقر على نفسه أربع مرات، ولم يتعد ّ الإقرار إلى غيره، ولم يسأله ا لنبي صلى الله عليه وسلم عمن زنى ب ها(٢) . ج من الإجماع: أجمعت الأمة الإسلامية قاطبة دون اختلاف على أن الإقرار حجة، ولم يقل ُّ أحد منهم فيما علمنا أنه ليس بحجة على نفس المقر، وأي شهادة أثبت على ّ ِ الإنسان من شهادة ل سانه، ومن المعلوم أنه لو لم يكن الإقرار حجة لما ثبت إسلام لمسلم، ولا كفر على كافر، ولا حق على أحد، إذ لا يتوصل إلى معرفة شيء من ذلك في أول الأمر إلا بالإقرار، ثم ت صد ُ ر عنه سائر الأفعال، إن كان الإقرار خيرا ً صدرت أفعال الخير، وإن كان العكس فالعكس، وقد عذر الله تعالى المقر بالكفر تقية، وشدد على من شرح به صدرا(٣) ، فقال عز من قائل: ﴿ M ّ ZYXWVUTSRQPON ]\[ ^_` dcba ﴾ )النحل :(١٠٦ . (١) ٣، والحاكم في المستدرك، رواه أ بو داود، كتاب الحدود، باب إذا أقر الرجل بالزنا، رقم ٨٩٥ هذا حديث صحيح الإسناد ولم » : ٨، عن عب دا لله بن عباس، وقال كتاب الحدود، رقم ١٨٠ فتح .« سكت عليه أ بو داود وصححه الحاكم واستنكره النسائي » : قال ابن حجر .« يخرجاه .١٤١/ الباري، ١٢ (٢) الرواية مختلفة في ماعز وهل طلبه الرسول أم جاءه، وفي موضوع سؤاله عمن زنى بها روى أن » : مسلم في كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنى، رقم ١٦٩٣ ، عن ابن عباس النبي صلى الله عليه وسلم قال ل ماعز بن مالك: أحق ما بلغني عنك ؟ قال: وما بلغك عني؟ قال: أن ﱠك َ و َق َع ْت َ بجارية آل فلان .« ، قال نعم قال فشهد أربع شهادات ثم أمر به فرجم (٣) .١٠٧/ السالمي: العقد الثمين، ٤ وكذلك اتفق العلماء على أن البينة حجة م تعدي ة، حكمها يتعدى إلى الغير، وتثبت بها الدعوى إذا كانت عادلة وواضحة لا يشوبها م ا يبطلها. :IóYÉ≤dG ´hôa :É°ùeÉNk البينة حجة متعدية والإقرار حجة ق اصرة » : تجسدت قاعدة « في كثير من الفروع الفقهية عند ا لإباضية وخرجوا عليها مسائل مختلفة شملت أغلب أبواب العبادات، والمعاملات، والأحوال الشخصية، والزراعة، والقضاء، والجنايات، وغيرها، وسوف نتعرض لأهمها فيما يلي بشيء من التفصيل حسب ما يقتضيه المقام: ١ في باب الصوم: ثبوت الصوم بشهادة العدل: أجاز فقهاء ا لإباضية شهادة العدل في وجوب صوم رمضان؛ لأنها إقرار منه على نفسه، يلزمه دون غيره، فمن رأى هلال شهر رمضان وجب عليه الصوم، ولا يجب على غيره إلا بالبينة، وهي شهادة عدلين(١) . يقول ابن ب ركة فإن قال قائل: أجزت شهادة العدل في الصوم، فأوجبته بقوله، » : في هذا المعنى ولم تقبل قوله في الفطر؟ قيل له: إنه في الابتداء شاهد على نفسه، وفي الفطر شاهد لنفسه، فإن قال: فما أنكرت ألا تقبل شهادة الشاهدين في الفطر على ما أصلت، لأنهما يشهدان لأنفسهما. ﱠ قيل له: إن شهادة الواحد في الابتداء إقرار منه على نفسه يلزمه دون غيره، كما قلنا إنه لا يلزم غيره قوله في الثاني، وشهادة الشاهدين جائزة، ويجب « العمل بها، ويفيدنا علم الظاهر والإجماع على ذلك(٢) . (١) ٢١ . الشماخي: الإيضاح، ط مكتبة مسقط، ع / ابن بركة: الجامع، ٢ ُ .٢٦٩/٢ ، مان، ٢٠٠٤(٢) ٢١/ ابن بركة: المصدر نفسه، ٢ - .٢٢ وأما الخبر، فإنهم اتفقوا » : ويؤكد الشماخي ما ذهب إليه ابن ب ركة فيقول إذا شهد عدلان أنهما رأيا الهلال، أنه يصام بهما، ويفطر بهما، لأنهما حجة، واختلفوا في الواحد العدل، هل يصام به أم لا؟ قال بعضهم: لا يصام به، « وذلك أنه عند هؤلاء لا يصام به كما لا يفطر(١) . وقال بعض: يصام بالواحد والدليل عندهم أن خبر الواحد يوجب حكما » ، العدل ولا يفطر به ً ولا يوجب ُ «(٢) علما ً . ولا شك أ ن ّ الذين قبلوا شهادة الواحد العدل في الصوم، ورفضوها في الفطر، ولا يوجبونه إلا بشهادة عد ْ البينة حجة متعدي ة، » : لين، يعملون بالقاعدة لأنه يشترط في البينة شهادة عدلين حتى يلزم الصوم ؛« والإقرار حجة ق اصر ة والفطر جميع المسلمين، أما شهادة الواحد فتلزمه في الصوم والفطر وحده دون غيره؛ لأنها حجة ق اصرة. ٢ في باب البيوع: أ الإقرار بالبيع: ومن فروعها: أنه لو أقر أحد أنه قد باع لفلان قطعة أرض معينة بقيمة كذا من الثمن، واستوفى منه الثمن، فالإباضية يقولون إقراره جائز عليه وعلى ورثته، والقطعة لمن أقر له ببيعها، وللورثة إن أرادوا أخذوا تلك القطعة، ويردون عليه الثمن الذي أ قر به، أو قيمة المال إن لم ي قر بالثمن، وذلك في ّّ المرض، فأما إذا أقر في الصحة فهو ث ابت(٣) ؛ لأن إقراره في المرض يكون فيه متهما بخلاف إقراره في الصحة؛ لأن في الصحة يتعدى حكمها للغير، وفي ُ المرض تكون حجة إقراره قاصرة عليه، ولا تلزم ورثته. (١) .٢٧٠/ الشماخي: الإيضاح، ٢(٢) .٢٠/ ابن بركة: الجامع، ٢(٣) .٣٤٨/ ابن جعفر: الجامع: ٤ ب الإقرار بالعيب في المبيع: إذا ت م البيع بين المبايعين بعد الخيار، ثم ظهر بالدار أو السيارة مثلا عيبا ً ّْ لم يطلع عليه المشتري وقت العقد، فأقر البائع، أو شهد بذلك عند جاره، فلما أراد المشتري أن يبيع ذلك أو يؤجره لغيره عزف عنه الناس، ورفضوا منه الشراء أو الإجارة، فلحق به الضرر، فهل يقبل هذا الإقرار، أو هذه الشهادة، ويؤخذ بهما أم لا؟ اختلف فقهاء ا لإباضية في حكم هذه المسألة، فذهب بعضهم إلى جواز هذا الإقرار، وهذه الشهادة المنفردة، ومنهم من منع ذلك، ولكل منهما حجته ودليله. يقول أ بو العباس أحمد الفرسطائي : ولا يجوز في ذلك إقرار البائع » على المشتري في كل م ا يضر به المشتري، ولا تجوز عليه شهادته، ولكن إذا ّ أراد المشتري أن يأخذه بإقراره وشهادته فليفعل، ومنهم من يقول: يجوز إقرار البائع على المشتري أن يأخذه بإقراره وشهادته فليفعل، ومنهم من يقول: يجوز إقرار البائع على المشتري فيما كانت فيه الخصومة قبل البيع، علم المشتري « بذلك أو جهل(١) . ولعل الذين رفضوا إقرار البائع للجار أو غيره دون موافقة المشتري اعتبروا ذلك ت دخ ﱡلا ً فيما لا يعنيه، ولو كان من باب النصيحة، ما دام يتضرر بذلك المشترى، وقد يتسبب البائع في إلحاق الضرر بالجار إذا باع لأحد عقارا ولم يخبره بعيوبه، فطلب الجار من المشتري رفع الضرر، وشهد البائع بوجود الضرر قبل البيع، فهل يأخذ الجار بإقراره؟ وهل يتحمل إزالة الضرر المشتري أم ا لبائع؟ من باع لرجل شيئا » : يقول أب و العباس في هذا الصدد ً مما تكون فيه مضرة على جاره، فاستمسك جاره ذلك بالمشتري أنه أحدث له المضرة، فأنكر المشتري، (١) أبو العباس أحمد: القسمة وأصول الأرضين، ص ٤٠٤ - .٤٠٥ وأقر البائع أن تلك المضرة قد حدثت في ذلك الشيء قبل أن يبيعه، ف لا يجوز ّ قوله على المشتري، ويكون المشتري على خصومته، وأما إن قال البائع إنما حدث ذلك عند المشتري، ويشهد بذلك، فشهادته جائزة عليه مع شاهد آخر، ومنهم من يقول: لا تجوز شهادته ولو كان معه غيره، وأما إن لم يكن معه شاهد « غيره، ثم بعد ذلك رجع ذلك الشيء إليه بالانفساخ، فإنه يؤخذ ب نزعها(١) . ويمكن أن يستنتج من عبارة أبي العباس أن ّ الذين قالوا ب رد ّ إقرار البائع وشهادته بالضرر بعد انتقال الملك إلى المشتري، اعتمدوا على القاعدة المقررة فتلزمه وحده دون غيره، ولا تتجاوزه، وفيه ضرر يلحق ،« الإقرار حجة ق اصر ة »بالمشتري، إلا إن شهد مع غيره بذلك، فبعض الفقهاء يقول بجواز إقراره؛ لأنه أصبح يملك بينة على م ا يد ّ أما لو شهد على وجود ،« والبينة حجة متعدي ة » عي الضرر بالعقار قبل البيع، فهذا الإقرار لا يؤخذ به، ومن حق المشتري رفع دعوى قضائية ضده. ولكن لو رجع ذلك العقار إلى البائع بسبب العيب أو الإقالة، أو الهبة، أو الميراث، فإنه يحاسب على إقراره، ومن حق الجار متابعته قضائيا، ومطالبته وفي هذا ،« المرء مؤاخذ ب إقرار ه » بإزالة الضرر عنه، عملا بالقاعدة الفقهية المعنى يقول أب و العباس : وأما إذا رجع ذلك الشيء في ملكه بالعيب، أو » بالهبة، أو بالبيع، أو الميراث، أو بغير ذلك، فاستمسك به من حدثت له « المضرة، فإنه يدرك عليه نزعها، ويكون عليه إقراره الأول حجة(٢) . ٣ في باب الشركة: ومن فروع هذه القاعدة: في باب الشركات، م ا ن ُ قل عن ا لإباضية أنه لو أ قر ّ الشريك ب الد ﱠ أما ،« المرء مؤاخذ ب إقرار ه » ين على نفسه يلزم بدفعه لغريمه، لأن (١) أبو العباس أحمد: القسمة، ٤٠٤ - .٤٠٥ (٢) . أبو العباس: المصدر نفسه، ص ٤٠٥ لو أقر ب د َ ين على غيره، ف لا يؤخذ بإقراره إلا ب البي نة، عملا ً بالقاعدة المقررة ﱢ البينة حجة متعدية والإقرار حجة ق اصرة » .« ﱢ وكذلك الشركاء إذا قعدت لهم الشركة، » : يقول ا لشماخي في هذا المعنى فكل ما جعله أحدهم من ذلك المال في منافعه خاصة، فإنه يدرك عليه شركاؤه حصصهم إذا ق سموا، وكذلك ما أخذه من د َ ين لمنافعه، فهو عليه إذا ت بين ذلك، ّﱠ وما أخذه لحوائجهم فعليهم جميعا ً ... وقوله في ذلك مقبول أنه لحوائجهم، إذا صح ا لد ﱠ « ين بالبينة، وأما إقراره بالدين فغير مقبول، لأنه إقرار على ا لغير(١) . وفي السياق نفسه لو أقر الشريك بالتصرف في حصته المشتركة مع غيره، جاز له ذلك، لأن إقراره حجة عليه، وأما إقراره بالتصرف في حصة شريكه بغير إذنه فغير مقبول، ولا يعتد بفعله، ولا يلزم به شريكه، ويضمن كل ما ترتب عليه من ضرر، ولو كان ذلك عن قصد حسن، أو لمصلحة تعود إليه بالنفع، يقول ا لثميني في سياق كلامه عن تحرير الشريك حصته من العبد: ِ وجاز إقرار شريك في مشترك ولو مقارضا » ً إن كان ربح، ولزمه غ ُ رم نصيب ُ شريكه فيه، وكل ما جاز له أن يعتق، جاز إقراره به عليه، والإقرار به على الغير لا يجوز، إلا من شريك على شريكه إن أعتق م ا اشتركاه، ويضمنا لمقر نصيب ّ « شريكه فيه لإقراره به عليه، وقيل: لا يضمنه(٢) . ٤ وفي إقرار كافل اليتامى: جعل الله الكفيل أو الخليفة لينوب الولي في رعاية اليتامى، فيجلب لهم ِ ما ينفعهم ويدفع عنهم ما يضرهم وف ْ ق الشريعة الإسلامية، ولكن لو ادعى شخص على اليتامى في أمر من الأمور، فهل ينوب والدهم في إقراراتهم وشهاداتهم إن كانوا قصارى؟ فيقر الكفيل للمدعي بما يضرهم، أو يشهد لهم (١) .١٠٩ - ١٠٨/ الشماخي (ت: ٧٩٢ ): الإيضاح، ٤(٢) . الثميني: الورد البسام، ص ٧٠ وعليهم، أو يحلف ي مينا ً نيابة عنهم إن كان مدعى عليهم؟ أثار بعض ا لإباضية هذه المسألة، وقالوا إقرار الكفيل على اليتامى لا يقبل، أما شهادته فيؤخذ بها البينة حجة متعدية والإقرار » لهم أو عليهم، لأنها بينة، عملا بالقاعدة المقررة ﱢ فلو أقر على نفسه ي قبل قوله، أما إن أقر على اليتامى ف لا يقبل ،« حجة قاصرة ُ إقراره، وتقبل شهادته. يقول أب و العباس في بيان الأحكام المترتبة على إقرار الكفيل على اليتامى: ولا يجوز على اليتامى إقرار الخليفة وحده، ولكن تجوز عليهم شهادته، »ويجوز لهم أ يضا ً شهادته، وإن لم تكن للمدعي بينة، ف لا يحلف الخليفة، ولكن يوقف ذلك إلى بلوغ اليتامى، فإن أراد أن ي حل ّ فهم فله ذلك، وإن أراد أن يحلف بعضهم دون بعض فله ذلك أ يضا ً ، ولو أنه لا يدرك عليه نزع ما نابه «... دون غيره من ا ليتامى(١) . ويؤكد أب و العباس رأي ا لإباضية في رد ّ إقرار الخليفة على اليتيم، أو الغائب، أو المجنون ونحوهم، ف لا يقبل منه إقراره عليهم، ولا يمينه نيابة ِ عنهم، إلا إن أحدث بنفسه الضرر في مال ا لمستخلف، وهذا ما تدل عليه وأما خليفة الغائب أو اليتيم أو المجنون أو كل ما كان في يد رجل » : عبارته بالأمانة؛ إن ادعى عليه رجل أنه قد كانت له عليه المضرة على واحد من هذه الوجوه، ولم تكن له بينة، ف لا يدرك اليمين على الخليفة في ذلك، ولا يجوز إقرار الخليفة أ يضا ً ، ويكون شاهدا ً على ذلك، إلا ما أتلف بنفسه مما يجوز له ِِ أن يتلفه من ذلك لمنافع من ا ستخلف عليه، فإن ف عله جائز، وكذلك إقراره ُْ ما دام ذلك في يده، وهو عليه خليفة، فإن زال ذلك من يده أو خرج من ِ « الخلافة، ف لا يجوز له فيه ف عل ولا قول(٢) . (١) أبو العباس أحمد: القسمة، طبعة مكتبة الضامري ع ُ . مان، ص ٤٠٦(٢) . أبو العباس أحمد: القسمة، ص ٣٨٤ ولا يقتصر رفض النيابة في الإقرار على اليتامى والغائبين ونحوهم، بل يشمل هذا الحكم كل وكيل أو شريك، ف لا يقر على موك ّ له ولا على شريكه، إلا إن كل ّ فه أو ف وضه في ذلك، لأن إقراره قاصر على نفسه دون غيره. ّ ولا إقرار خليفة على خصومة على » : يقول ا لثميني في هذا المعنى مستخلفه، إلا إن أجاز له أو ف وض إليه ما فعل فيها، ولا مقارض على رب ّ المال أ ن ّ عليه فيه كذا وكذا، ولا رب المال على المقارض فيه أ يضا ً ، إن كان ِ فيه ربح بعد خروجهم من ذلك، ولا إقرار أحد المتفاوضين بعد افتراقهما ْ ِ على صاحبه، وإن أقر أحدهما بما عليه من ق بل تعدية، أو م وروثة، أو صداق، َْ ِ جاز على نفسه لا على صاحبه، وعليهما إن كان من ق بل تجارة أو نحوها، وإقرار أحد المشتركين غيابا ً بما عليه فيما اشتركاه على صاحبه جائز، وغير المتفاوضين من الشركاء لا يجوز إقرار أحدهم على صاحبه في حال «... شركتهم ولا بعدها(١) . ٥ الإقرار في مرض الموت بالد ﱠ ين: ومن فروعها: أنه إذا أ قر العاقل في مرض غال َ ب الموت بسببه، وكان إقراره ّ لوارث أو لغيره، وكان لإقراره ابتداء أو استفاء، كالذي ي قر أنه استوفى حقه ّ ممن عليه له، فقد اختلف الفقهاء في حكم هذه المسألة، فمنهم من أبطل الإقرار مطلقا ً ، للوارث كان أو لغيره، ومنهم من أثبته مطلقا ً ، والمثبتون منهم م ن ق يده بعدم وجود التهمة، ومنهم من لم ير هذا التقييد، وهناك فريق ثالث َّ َ فصل في المسألة، فأثبته لغير الوارث، وأبطله إن كان للوارث، فهي تتلخص ّ في ثلاثة أ قوال: القول الأول: بطلان إقرار المريض مطلقا ً: إذا أ قر المريض مرض الموت ب د َ ين فيبطل إقراره سواء كان لوارث أو ّ (١) . الثميني: الورد البسام، ص ٨٠ لغيره، وهو قول بعض ا لإباضية(١) ، ووافقهم عليه ا لحنابلة(٢) والإمامية (٣) مع رجوع إقراره إلى ثلث التركة، وهم بهذا القول ضيقوا على أصحاب الثلث، فإذا ضاق عليهم المال لا بد من ا لمحاصصة. القول الثاني: ثبوت إقراره للوارث وغيره: وذهب بعض الفقهاء إلى ثبوت إقرار المريض مرض الموت لوارث أو لغيره، ولم ي قيد بعضهم إقراره، بل جعله مطلقا سواء كان مت ﱠ هما ً أم غير مت ّ هم، والبعض ّ ُُ قيده بعدم التهمة، ومن الذين يرون الإطلاق: ا لظاهرية(٤) والزيدية (٥) والشافعية (٦) ّ في أصح القولين، والصحيح عندا لإمامية(٧) ، وقول عندا لإباضية(٨) ، وهوا لمشهور. ويرى ا لإباضية ثبوت إقراره لو أقر بكل ماله العيني أو بجزء منه، وللورثة الخيار في دفع المال أو القيمة، على تقدير العدول كأن المال قضاه إياه عن حق ل زمه(٩) . (١) .١٣٧/ ١٢٠ . الصبحي سعيد بن بشير: كتاب الجامع الكبير. ٢ / الكدمي: الجامع المفيد، ٣(٢) .٢٧٥/ ابن قدامة المقدسي: المغني، دار الفكر بيروت، ١٤١٤ ه/ ١٩٩٤ م، ٥(٣) الحلي ي حيى بن سعيد: نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر ضمن سلسلة الينابيع .٣١٢/ الفقهية، ١٣(٤) ابن حزم الأندلسي: المحلى بالآثار: تحقيق: عبد الغفار سليمان البنداري دار الكتب العلمية .١٠٦/ بيروت، ١٤٢٢ ه/ ٢٠٠١ م، ٧(٥) .٤/ ابن المرتضى: البحر الزخار الجامع لمذهب علماء الأمصار، ٦(٦) العمراني ي حيى بن أبي الخيرين سالم العمراني: البيان في مذهب الإمام الشافعي شرح كتاب .٤٢١/ المهذب، ١٣(٧) العجلي الحلي أ بو منصور محمد بن إدريس ( ت: ٥٩٨ ه) السائر الحاوي لتحرير الفتاوى، .٢٧١/ ضمن سلسلة الينابيع الفقهية، ١٢ (٨) ١٦ . الحواري محمد: جامع أبي / المحيلوي سالم بن خميس بن سالم بن يجاد: فواكه البستان، ٢ .١١٨/١٣ ، ١٧٨ . البوسعيدي مهنا بن خلفان (ت: ١٢٥٠ ه): لباب الآثار ط ١ / الحواري، ٤(٩) ١٤٦ . السالمي: جوابات الإمام السالمي، ،٧٥ ،٧٥/ البوسعيدي مهنا: لباب الآثار ١٣ .١١١/٥ ومن النصوص المأثورة عن بعض ا لإباضية في ثبوت إقرار الرجل للوارث ولغيره مطلقا ً ، ما صرح به ابن ب ركة في جامعه، مشيرا ً إلى إجماع الإباضية لم يختلف أ صحابنا فيما علمت أن الحر البالغ المميز يثبت » : عليه، في قوله إقراره فيما أقر به على نفسه من دين أو غيره، صحيحا كان أو مريضا ً مما يعم َْ الإقرار م ال ُ ه أو يخص شيئا ً منه، لا فرق عندهم في ذلك، وسواء كان المقر له «... وارثا أم أ جنبيا(١) . وإذا أقر رجل لوارث في مرضه قبل » : ويؤكد ذلك في موضع آخر فيقول «... إقراره، ولا فرق بين الصحيح والمريض القريب والبعيد(٢) . ويبين ابن بركة أن ّ ما نقله عن ا لإباضية في جواز الإقرار للوارث وغيره ﱢ هو الرأي المشهور والمعتمد في المذهب، وعليه العمل، فيقول في عبارة والذي عليه جل » : صريحة ّ أصحابنا ومعتمد مذهبهم، وتجري به الأحكام بينهم ما ذكرنا في صدر المسألة؛ أ ن ّ الإقرار في الصحة والمرض للوارث وغير الوارث ثابت له، ويشارك ا لمقر له الغرماء فيما يثبت لهم بالبينة؛ إذ الإقرار ّ حق في الذمة، فإذا كان الإقرار في عين قائمة لم يشركه الغرماء ولم يشركهم، ويشارك الورثة فيما بقي من التركة بعد الدين والوصايا... ولا فرق عند أصحابنا أن يقر ب د َ ين في مرضه، وعليه دين يحيط بجميع ملكه، أو يقر في صحته؛ لأن الصحيح إذا كان عليه دين يحيط بجميع ملكه ق ُ بل إقراره، ولا فرق «... بين الصحيح والمريض(٣) . البينة حجة » : وتشير عبارة ابن ب ركة إلى مقتضى القاعدة الفقهية المقررة ﱢ ولذلك لا يكفي إقرار الرجل لغيره بدين أو وصية، ،« متعدية، والإقرار حجة ق اصر ة بل يحتاج إلى إثبات ذلك بالبينة من المستحق الغارم، وبخاصة بعد وفاة المقر. (١) .٢٨٣/ ابن بركة: الجامع، ٢(٢) .٦٠٠/ ابن بركة: المصدر نفسه، ٢(٣) .٢٨٣/ ابن بركة: نفسه، ٢ هذا وقد عق ّ ب ابن ب ركة على ا لحنفية في تمييزهم بين إقرارات الرجل في حالتي الصحة والمرض، حيث أثبتوا إقراره في الصحة وأبطلوه في المرض إلا قال أب و حنيفة إذا أقر لوارث بإقرار ثبت » : في حدود الثلث. ومما جاء عنه إقراره في الصحة، ويبطل في المرض، قال: وإن أقر لأجنبي في المرض ثبت «... ولم يشارك الغرماء، وإنما يدفع إليهم إن فضل بعده شيء دفع إليهم منه(١) . فإن » . وناقش ابن ب ركة أدلة ا لحنفية وحججهم وبين وجه ضعفها، فقال ّ ِِ قال: إن التهمة تلحقه في المرض بأن يدخل مع المستحقين ل ماله وإن شاركهم، قيل له: وكذلك إقراره في صحته يوجب مشاركتهم، فإن كانت العلة التي من أجلها منع من المشاركة، فيجب أن يجريها في الوجهين جميعا ً ، فإن أجمعوا على إجازة إقراره في صحته مع ما يضمن المشاركة بطل اعتلاله بالمشاركة، وقد قارب هذا المعنى قول أبي زياد(٢) وأبي معاوية في إقرار المريض للوارث (١) ابن بركة: المصدر السابق. (٢) لم يصرح ابن بركة باسم أبي زياد، لعله يقصد خلف بن عزرة، أ بو زياد (ق ٣ه) عالم فقيه. لعله نجل الشيخ علي بن عزرة من بني سامة بن لؤي وعم للعلامة م وسى بن علي بن عزرة ( ت: ٢٣٠ ه) من قرية إزكي. ومن علماء ومشايخ إزكي الأجلاء الفضلاء وقد عاصر أبي معاوية عزان بن الصقر ( ٢٦٨ أو ٢٧٨ ه). له جوابات من الشيخ م حمد بن محبوب. ٤٢٦/ ينظر: الكندي: بيان الشرع: ٦٨ - . ٤٥٧ . معجم أعلام الإباضية بالمشرق، ص ١٢٤ ويوجد أ يضا ً أبو زياد الوضاح بن عقبة النزوي، (حي في: ٢٣٧ ه) عالم فقيه، حمل العلم عن م وسى بن علي وغيره من الفقهاء. كان من رجال دولة الإمام المهنا ابن جيفر حكم ٢٢٦) - ٢٣٧ ه)، وكان من المبايعين للإمام ا لصلت بن مالك سنة ٢٣٧ ه. وكان إذا حضر في مجلس ارتضاه الناس كلهم وأطاعوه. وكان مصلحا مفتيا ً ناصحا ً في الله لا يخاف في الله لومة لائم. كان من العلماء الذين اجتمعوا في عهد الإمام المهنا، للفصل في قضية خلق القرآن، والتي كادت أن تؤدي إلى الفرقة بين المسلمين، فاتفقوا على أن م ا سوى الله مخلوق. وقد كان مع العلماء الذين نهوا عن الخوض في سيرة الإمام المهنا، إذ وقع الخلاف في ١٦٠ . ابن مداد: السيرة، ،١٥٨ ،١٥٤/ ولايته أو البراءة منه. ينظر: السالمي: تحفة الأعيان، ١ .٤٢٤/ ٢٥ . البطاشي: إتحاف الأعيان، ١ ،١١ بحق أنه لا يثبت له إلا أن يذكر وجه الحق المقر من أجله، فإذا لم يذكر الحق ِ «... ما هو ولا من ق بل ما هو، فإقراره ب اطل(١) . وينقل ابن ب ركة في موضع آخر رأي الحنفية مبينا ً مذهبهم ومناقشا ً ﱢ قال أب و حنيفة » : حججهم فيقول : لا يجوز إقراره في مرضه لوارثه، فإن احتج له محتج فقال: إن الوارث لا يزاد على ميراثه، ولو جاز له الإقرار لجازت له ا لوصية. قيل له: لسنا نقول أنه يملك بإقراره، وإنما إقراره يقع في شيء في ذمته له، فإن قال فإنما نمنع من ذلك لئلا يتوصل إلى الإثبات فوق م ا حد ّ له. ُ قيل له: هذا يفسد من جهات، أحدها: أن لو كان الأمر على ما ذكرت بالمنع عن إقراره له أ يضا ً في صحته، لأنه قد يتوصل به إلى أن يزيد على حد له، ولم يمنعه أحد من ذلك، ولو كان هذا الاعتلال شائعا ً لمنع بأن يقر للأجنبيين بإقرار يحيط بجميع ملكه، إذ ليس له أن يوصي للأجنبيين بأكثر من الثلث، وكما ليس له أن يوصي للوارث بشيء وإن ق ل ّ ، والوارث في قليل ما يوصي به للأجنبيين فيما عدا الثلث، كما ليس له أن يوصي للوارث، وفي إجماعهم أن إقراره مقبول للأجنبي، وإن أحاط بجميع ملكه دليل على إبطال ما اعتل به مخالفنا، وإن كان الأمر على م ا ذكرنا كانت الإقرارات مقبولة، «... محكوما بها غير مردودة إلى الوصايا كما تقدم ذكرنا ل ه(٢) . ومن الفتاوى المأثورة عن ا لإباضية في هذا الباب: أنه سئل أ بو الحسن ح ق ما صدق » : البسيوي عن الإقرار للوارث أو لغيره، هل يجوز ذلك؟ فقال ُﱠ الناس عند الموت، فمن أ قر بحق في مرضه، ثبت عليه، كان للوارث أو غيره؛ ّ لأن إقراره إخبار عن واجب، وحق متقدم، وهو متهم في إقراره... ومن قال: (١) ابن بركة: نفسه. (٢) ٦٠٠/ ابن بركة: الجامع، ٢ - .٦٠١ علي حق لفلان، فإن مت فله قطعة كذا وكذا من مالي، فقد قيل: إنها وصية؛ لأنه ّّ ﱡ « قال: علي حق ولم يبين كم، إلا أن يقول: هي له بذلك الحق بذلك ق ضاء(١) . ّْ التقييد بعدم التهمة والريبة: وقيد بعض الفقهاء إقرار المريض مرض الموت بعدم التهمة بحيث يكون ّ إقراره لمن أقر له غير م ُت ّ هم أنه يريد أن يصرفه عن الورثة، وهو قول عند الإباضية وعليه ا لثميني (٢)والقطب أطفيش (٣) ، وقال به الإمام م الك(٤) وهو المعتمد عند ا لمالكي ة، وقول عند الشيعة ا لإمامية(٥) إلا أنه يرد إلى الثلث إذا ومذهبنا أ ن » : عدم ا لبينة على إثبات حقه، جاء شرح النيل ّ الإقرار يصح لقريب ﱢ « وصديق وغيرهما في صحة أو مرض إلا أن ي ستريب(٦) . وفي المعيار المعرب: وقد نص أئمتنا على أن أصل قول مالك الذي يعتمد عليه في باب إقرار »« المريض اعتبار ا لتهمة(٧) . القول الثالث: ثبوت إقراره للأجنبي دون الوارث: وفصل بعض الفقهاء إقرار المريض مرض الموت بالنظر إلى من أ قر له من ّّ حيث أنه وارث أو غير وارث، فأثبتوا الإقرار لغير الوارث، وهو المقصود للأجنبي، وأبطلوا إقراره للوارث، وعلى هذا مذهب ا لحنفية(٨) ، وهو الصحيح (١) .٥٨٤/ ١٨٩ . وينظر: أطفيش: شرح النيل، ١٣ ،١٨٦/ البسيوي: جامع أبي الحسن، ٣(٢) . الثميني: عبد العزيز: الورد البسام، ص ٦٤(٣) .٥٧٥/ أطفيش أمحمد: شرح النيل، ١٣(٤) الونشريسي أ حمد بن يحيى ( ت: ٩١٤ ه): المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى .١٥/ علماء افريقية والأندلس والمغرب، دار الغرب الإسلامي، المغرب، ٦(٥) .١٤٤/ الطرابلسي عب دا لعزيز بن براج: المهذب، ضمن سلسلة الينابيع الفقهية، ١٢(٦) .٥٧٥/ أطفيش: شرح النيل، ١٣(٧) .١٧٣/ الونشريسي: المعيار المعرب، ٢(٨) .١٢٢٨/ السمرقندي محمد: تحفة الفقهاء، ٣ عند الحنابلة (١)وقول للشافعية (٢) والإمامية (٣) ، وقيده البعض منهم بأن يكون ماليا ً ، أو أقر دون الثلث، وإذا أجازه الورثة فإقراره ماض(٤) . مجمل القول: يمكن تقسيم إقرارات المريض مرض الموت إلى قسمين: أ مريض مرض الموت: لا تقبل إقراراته المالية لمن يتهم بهم من قريب أو صديق، وتسمى ديون المرض إذا لم تكن موثقة بالكتابة أو الشهود، وسواء كان وارثا ً أو غير وارث، إلا أن يجيزه الورثة. ب مريض مرض لا يعدم المسؤولية: إقراراته مقبولة؛ لأنه في حاجة تسمح له بذلك، وتسمى هذه الحقوق ديون ا لصحة(٥) . ٦ في الإقرار بالهبة والعطية للغير: بحث ا لإباضية إقرارات الشخص بالعطايا والهبات في حالة الصحة إقرارات » : والمرض، وبينوا حكمها سواء كانت للوارث أو للأجنبي، وقالوا الإنسان في حالة الصحة مقبولة، أما في حالة الحجر عليه لمرض أو إفلاس ففيها خلاف، فإن كانت ق بل الحجر ت ُ قبل، وإن كانت بعده ف لا تقبل، لأنها ْ مظنة تهمة، وإنما ثبتت في ذمته حتى ينتهي الحجر، ف مثلا ً : لو اعترف لأحد أصدقائه أو لزوجته بمائة ألف دينار جزائري عندما ح ُ جر عليه ل ف َِ لس، ٍ يقول القاضي: الحق يبقى في الذمة، ولكن من أ قررت َ له دون ب ي نة لا يأخذ شيء ّ (١) .٢٧٥/ ابن قدامة: الشرح الكبير على المقنع، ٥(٢) .١٩٧/ الغزالي: الوسيط، ٢(٣) ابن بابويه محمد بن الحسن القمي: ( ت: ٣٨١ ه) من الحضرة الفقهية، دار الأضواء، بيروت .٢١١/ ١٤١٣ ه/ ١٩٩١ م، ٤(٤) ، الراشدي أ حمد بن ناصر بن حميد: أثر الشبهة على الإقرار، دراسة فقهية مقارنة ط ١ ١٤٢٦ ه/ ٢٠٠٥ م. مكتبة الجيل الواعد، مسقط، ع ُ .٧٩ - مان، ص ٧٨(٥) .٢٢٤/ الفضيلات محمود جبر: الحاشية على كتاب الجامع ابن جعفر، ٥ مما حجر عليه من الأموال، وبعد انتهاء الحجر للمقر، له الحق في مطالبتك ،« الإقرار حجة قاصرة على المقر، والبينة حجة متعدي ة » بما أقررت له؛ لأن وإقرارات المريض مرض الموت، فما زاد على الثلث موقوفة، إن أجازها الورثة نفذت، وإن أبطلوها لا تنفذ، وإن عاد إلى صحته ونفاد أمره تنفذ « عليه(١) . وهكذا يتضح أن الفقهاء حكموا بنفاد إقراراته للغير في حدود الثلث وهو الحق الذي جعل له في الوصية لأنه في مرضه يكون متهما. ومن فروعها: لو أقر رجل بعطية أو هبة لغيره ثم مات، فهل تصح له ِ بالإقرار؟ أم تبقى موقوفة حتى ي ثبت ذلك ب البينة؟ ُ قيل في » : جاء في جامع ابن جعفر ما يوضح حكم هذه المسألة بما نصه رجل أ قر عند موته أني كنت أعطيت ف لان بن فلان قطعة كذا وكذا، وقد ّ أحرزها علي، فقال: أب و عبد الله محمد بن محبوب كان أب و علي يقول: ّ ِ « إقراره جائز عليه، وعلى ورثته من بعده، وذلك في ا لصحة(٢) . عن » : ويشير ابن جعفر في صورة مشابهة إلى حكم هذه القاعدة فيقول رجل أعطى رجلا ً عطية من ماله وأشهد على نفسه أنه قد أحرز عليه هذه العطية، قال: لا يجوز ذلك على ورثته حتى تقوم بينة ع َد ْ ل أنه قد أحرز، وإنما هو بمنزلة الرهن إذا أقر الراهن أن المرتهن قبض هذا الرهن، ثم رجع لم يجز عليه، ولا على ورثته حتى تقوم ب ينة عدل أن المرتهن قد قبض هذا الرهن، ﱢ وذلك عندنا إذا أقر عند الموت، فأما إذا أقر في الصحة فإقراره هذا جائز عليه، وإن مات جاز على ورثته، ويوجد عن أبي علي ا لحسن بن أحمد أنه كان يجيز إقراره بهذا في الصحة، ولو لم تصح بينة أنه أحرزه، وكذلك على قول من (١) .٣٧٤/ الفضيلات محمود جبر: الحاشية على كتاب الجامع لبن جعفر. ٤(٢) .٣٤٧/ ابن جعفر: الجامع، ٤ يرى أن لا يقبل ذلك عند الموت إلا ب بينة عدل أ ن ّ المعط َ ى قد قبل في صحة ﱢ ِ « ي(١) المعط . ومن فروعها أيضا ً: في الإقرار بالهبة للغير: ما ذكره السالمي في جواباته عن قولهم فيمن أقر بجميع ماله أو بشيء منه في المرض، فالورثة » : لما سئل بالخيار إن شاءوا أ عطوا القيمة، وإن شاءوا المال، بخلاف ما إذا كان الإقرار .«؟ في الصحة، فإنه يثبت ما أقر به خاصة، م ا وجهه قاسوا إقراره في مرضه على قضائه، غير أ ن » : فأجاب ّ الإقرار ثابت في نفسه، فلم يمكن إلغاؤه في نفسه، وجعلوا الورثة مخيرين بين دفع القيمة والمال، بيان ذلك: أنه إذا أقر أحد بماله في المرض، فكأنه قضاه إياه عن حق لزمه لما علموا أن المال ماله، وإذا شاء به القضاء في هذه الصورة خير الورثة ّ فيه، إما أن يسلموه تماما لما قضاه الهالك، وإما تسليم القيمة ن قضا ً لتصرف المريض، ولا يوجد شيء من هذا المعنى مع الإقرار في الصحة، فلذلك ثبت « ما أقر به(٢) . (١) .٣٤٩/ ابن جعفر: الجامع، ٤(٢) ١٠٩/ السالمي: العقد الثمين، ٤ - .١١٠ : á«°VÉHE’G óæY IóYÉ≤dG áfÉμe :k’hCG ِ هذه القاعدة تتعلق ب سيد الأدلة في القضاء والإثبات، وهو الإقرار،؛ لأنه ّ الفيصل في إنهاء النزاع، وإعفاء المدعي من عبء الإثبات، لعدم الحاجة إليه بعد إقرار المدعى عليه، وقد اعتمد ا لإباضية على هذه القاعدة في كثير من المجالات الحياتية، كالمعاملات، والأحوال الشخصية، والزراعة، والجنايات، والقضاء وغيرها، وتنوعت عباراتهم، فمنهم من صرح بها بصيغة قريبة تتضمن معناها، ومنهم من ألمح إليها في ثنايا حديثه، يقول الشيخ أحمد ا لخليلي في والإنسان مؤاخذ ب اعترافه » : سياق كلامه عن الطلاق « (٢) . وعبر عنها ا لسالمي من أقر على نفسه بشيء ألزمناه إ ياه » : بقوله « (٣) . وإذا رجعنا إلى النصوص المأثورة عن ا لإباضية المتقدمين نجد فيها ما يشير إلى هذه القاعدة، فقد روى ا لربيع عن ضمام عن أبي ا لشعثاء ّ ِِ ما أقر بها لم » : قال ُ كاتب من د َين أو حد ﱟ « لزمها لولد(٤) . وسئل أب و الحواري (١).٢٦٤ ،٢٥٨/ جابر بن زيد: من جوابات الإمام جابر زيد، ص ١٢٢ . ابن جعفر: الجامع، ٥ ٥٣٢ . الهجاري أ بو زكرياء يحيى بن سعيد: الإيضاح في ،٢٦٠/ ابن بركة: الجامع، ٢ ١٨٦ . أ بو العباس أحمد / ١٨ . البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، ٣ / الأحكام، ٣ ٤٠٢ . الثميني: الورد البسام، ٦٣ ، الفرسطائي: القسمة وأصول الأرضين: ص ٣٨٣ - .٧٩ .١٠٩/ ٥٧٥ . السالمي: العقد الثمين، ٤ ،٥٥٣/ أطفيش: شرح كتاب النيل، ١٣ (٢) . الخليلي أحمد: فتاوى النكاح، الكتاب الثاني، ص ٣٢٤(٣) .١٠٩/ السالمي: العقد الثمين، ٤ (٤)جابر بن زيد: من جوابات الإمام جابر بن زيد، باب الأحكام والشهادات والإقرار والديات . والجروح والحدود والفتنة، ص ١٢٢ إن إقراره » : عن إقرار الرجل بالصداق، ثم أنكره، أيجوز لها ذلك؟ قال « مأخوذ ب ه(١) . ومن مجموع هذه النصوص يتبين أ ن ّ هذه القاعدة كانت حاضرة في فقه الإباضية منذ مؤسس المدرسة الإباضية جابر بن زي د، حتى هذا العصر، ولا شك أن صيغة القاعدة مرت بمراحل الصقل والتحوير والتطوير حتى استقرت عندهم بالصيغة المعروفة المتداولة عند الفقهاء، كبقية القواعد في مختلف المذاهب. ولإدراك أهمية هذه القاعدة لا بد من بيان حقيقتها، وأدلتها، وتطبيقاتها. k :IóYÉ≤dG á≤«≤M :É«fÉK ولمعرفة حقيقة هذه القاعدة يستلزم بيان معناها اللغوي والاصطلاحي، وتحليل عناصرها كما ي لي: ١ معنى القاعدة: الإقرار في اللغة : من أقر بالشيء اعترف به، وأصل الإقرار في اللغة التمكن، يقال: ق ر واستقر، قال ابن ف ارس : ومن الباب عندنا وهو قياس » ّ « صحيح الإقرار ضد الجحود، وذلك أنه إذا أقر بحق أقره ق راره(٢) . والإقرار في الاصطلاح : « إخبار بحق لآخر عليه »(٣) . خبر وجب حكم صدقه على قائله فقط، بلفظه » : وعرفه القطب أ طفيش بأنه « أو لفظ ن ائبه(٤) . (١) .٢٦٤/ ابن جعفر: الجامع، ٥(٢) . ٧. الفيومي: المصباح المنير، ص ٦٨١ / ابن فارس: معجم مقاييس اللغة، ٥(٣) . الجرجاني: التعريفات، ص ٥٠(٤) .٥٧٢/ أطفيش أمحمد: شرح النيل، ١٣ فالإقرار في الشرع هو: عبارة عن الإخبار بما يلزم المقر من الحقوق لغيره، وهو ضد ا لجحود. والمؤاخذة : من آخذه بالشيء مؤاخذة حاسبه عليه، وآخذه بذنبه مؤاخذة » « عاقبه عليه، وآخذه بإقراره ألزمه إ ياه(١) . والمعنى الإجمالي للقاعدة: أن الشخص إذا أقر بشيء على نفسه، فإنه يلزم به، ولا ينفعه بعد ذلك ادعاؤه الخطأ في الإقرار، ولخص ا لسالمي هذا من أقر على نفسه بشيء ألزمناه إ ياه » : المعنى فقال « (٢) . ٢ تحليل القاعدة: تتكون هذه القاعدة من الموضوع، والحكم ومناطه. أ موضوع القاعدة: هو الإقرار الصادر من المرء على نفسه، ويشترط لصحته حتى يكون ملزما ً عدة شروط، بعضها يتعلق بالمقر، وبعضها بالمقر له، وبالمقر به، وبصيغة الإقرار، نذكرها بإيجاز كما ي لي: • يشترط في المقر: أن يكون ب الغا ً أو م ميزا ً للضرورة، عاقلا ً (غير مجنون)، مختارا ً (غير مكر َ ه)، غير م ُت ّ هم في إقراره، كإقرار المريض لوارثه بدين عليه(٣) ، معلوما ً (غير مجهول)، حرا ً (غير عبد)، وغير محجور عليه بحيث يمنع من نفاد التصرفات، جادا ً (غير هازل)(٤) . وقد أشارا لثميني إلى معظم هذه الشروط، وأجمعوا أ ن » : وحكى فيها الإجماع، فقال ّ إقرار الأحرار ا لبل ﱠ غ العقلاء جائز ُ (١) . الفيومي: المصباح المنير، ص ٩(٢) .١٠٩/ السالمي: العقد الثمين، ٤(٣) وهو رأي جمهور الفقهاء، ولم يقل بهذا الشرط من الإباضية غير الثميني والقطب أطفيش وأصحاب الديوان خلاف لبقية فقهائهم. ينظر: الثميني: الورد البسام، ص ٦٤ . أطفيش: .٥٧٥/ شرح النيل، ١٣(٤) .٥٧٥/ ٢٦٠ . أطفيش: شرح النيل:، ١٣ / ابن بركة: الجامع، ٢ عليهم ويؤخذون به، إلا إقرار ا لمكره والمحجور عليه في ماله والمفلس، َ ٍ فلا يجوز عليهم في أموالهم، ولا يجوز من عبد إلا إن جوزه ربه، ولا من ّ « طفل أو مجنون، ويجوز من أخرس بإيماء إن عرفت إ شارته(١) . • ويشترط في المقر له: أن يكون معينا (غير مجهول)، ذا أهلية للتمليك ولو المال، كالحمل، مصدقا ً لما أقر به المقر، وأن يكون مستحقا ً للمقر به عقلا ً وشرعا ً ، كمن أقر لحمل بألف دينار بسبب التعامل والإقراض، ف لا يقبل َ عقلا ً . قال ا لثميني : وجاز لجميع الناس، والخ » ُل ْ ف فيه للحمل إذا و لد حيا ً ، ُّ « ولا يجوز لغير الآدميين، وجاز للأموات منهم(٢) . • ويشترط في المقر به: أن يكون معلوما ً (غير مجهول)، وأن يكون م ِلكا ً للمقر، غير محال عقلا ً أو شرعا ً ، ولا يكذب به ظاهر الحال. يقول ا لثميني في ّ ُ وإن قال كذا وكذا درهما قبل أن أ خلق أو أن ت » : بيان ذلك ُ خلق الدنيا بطل « إقراره(٣) . • ويشترط في صيغة الإقرار: أن تكون جازمة (غير مفيدة للشك)، منجزة غير معلقة على ا لمستقبل(٤) . وإن أقر (الزوج) » : ووضح ا لثميني ذلك فقال بزيادة على أربع، أو بامرأة مع بنتها، أو أختها، أو بكل مال يصح اجتماعه « بطل إ قراره(٥) . واعتبر ا لسالمي هذه الشروط ضوابط كافية لصحة الإقرار وقبوله، فقد سئل عن ضابط الإقرار الثابت، هل هو إلا البلوغ والعقل والحرية من المقر، (١) . الثميني: الورد البسام، ص ٦٣(٢) ٥٧٣/ الثميني: الورد البسام، ص ٦٤ . ينظر: أطفيش: شرح النيل، ١٣ - .٥٧٤ (٣) . الثميني: المصدر نفسه، ص ٦٩(٤) ينظر: الثميني: المصدر نفسه، ص ٦٣ - ٦٤ . أطفيش: المصدر نفسه. شبير محمد عثمان: . القواعد الكلية، ص ٣٤٨(٥) . الثميني: المصدر نفسه، ص ٦٧ وكون لفظه ت اما ً مفهوم المراد، وكون المقر به معلوما، وكذا المقر له؟ فقال: الله أعلم، وأراه ضابطا » ً جامعا ً « لشروط الإقرار الصحيح ا لثابت(١) . هذا وقد ذكر أحمد ا لزرقا أغلب هذه الضوابط مجملة في عبارة وجيزة ِ المرء مؤاخذ ب إقراره إذا كان ب الغا » : بعد ذكر هذه القاعدة، فقال ً عاقلا ً طائعا ً ِ فيه، ولم ي ص ر مكذبا ً فيه بحكم الحاكم، ولم يكن محال من كل وجه عقلا ً أو َ شرعا، ولم يكن محجورا ً عليه، وأن لا يكون مما يكذبه ظاهر الحال، وأن لا يكون المقر له مجهولا ً « جهالة ف احشة(٢) . ثم شرع ا لزرقا في شرح بعض هذه الشروط م شيرا ً إلى المحترزات التي لو لو أقر صغيرا أو معتوها أو » اجتمعت مع الإقرار لأفسدته، ف لا يعتد به، وذلك مكرها، لا يعتبر إقراره، إلا في السارق إذا أقر مكرها ً فأفتى بعضهم بصحته، َ وكذا إذا صار مكذ ﱠ با ً بحكم الحاكم، بطل إقراره، كما إذا ادعى مشتري العقار أنه اشتراه بألف مثلا، وأثبت البائع أن الشراء كان بألفين، وقضى له، فإن الشفيع يأخذه بألفين، وإن كان المشتري أ قر بالشراء بألف، لأنه لما قضى عليه ّ بالبينة صار مكذبا بحكم الحاكم، وبطل إقراره... وكذا إذا كان المقر به محالا ً من كل وجه عقلا ً أو شرعا ً : فالأول: كما ُ ُ إذا أقر له ب أ رش يده التي قطعها وهي قائمة. والثاني: كما إذا أقر لوارث معه أن يستحق بطريق الإرث أكثر من حصته الشرعية كان ب اطلا .ً وكما لو أقر بالد ﱠ ين ّ بعد أن قبل إبراء الدائن منه، كان ب اطلا ً . وكما لو أقرت المرأة أ ن ّ المهر الذي ِ لها على زوجها، هو ل فلان أو لوالدها، فإنه لا يصح. وكما لو أقر لزوجته بنفقة « مدة ماضية كانت فيها ناشزة، فإنه لا يصح إقراره(٣) . (١) .١٠٨/ السالمي: العقد الثمين، ٤(٢) الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٤٠١ . ينظر: تفصيل هذه الشروط في كتاب وسائل . الإثبات لوهبة الزحيلي، ص ٢٨٤(٣) الزرقا أحمد: شرح القواعد الفقهية، ص ٤٠١ - .٤٠٢ ب حكم القاعدة الكلي: الحكم الكلي للقاعدة هو: إلزام المقر بإقراره، وإذا صدر أمام القاضي يلزم القاضي الحكم به؛ لأن الإقرار إذا صدر من الإنسان فإنه يظهر به الحق، والقاضي مكلف بالحكم بالحق. ج مناط الحكم: المرء مؤاخذ ب إقراره » : ومناط الحكم في قاعدة « أن الإنسان البالغ العاقل الحر له ولاية على نفسه في إلزامها بما يشاء من الحقوق والالتزامات، وهو ّ أدرى من غيره بما في ذمته من حقوق والتزامات، فيؤاخذ بما يقر على نفسه بجميع الحقوق من التعديات وغيرها، والمعاملات بالأمانات، والودائع، »« والعواري والقراضات، ونحو ذلك، ولو غير مضمونة(١) . وذلك إذا ،« المرء مؤاخذ ب إقرار ه » : يقول مصطفى ا لزرقا في هذا المعنى كان عاقلا ً كامل الأهلية؛ لأن المفروض أنه أعلم من غيره بما فعل من أسباب الالتزام، وبما عليه من حقوق، وأن ّ له ولاية على إلزام نفسه بما يشاء من طريق الإنشاء بالعقود وغيرها من الأسباب المنشئة، فله بل عليه شرعا ً أن يكشف الحجاب عن الالتزامات المستقرة عليه؛ لأن ّ كتمان حقوق الناس « وهضمها حرام (٢) . د حكم الرجوع عن الإقرار: قسم الفقهاء ألفاظ الرجوع عن الإقرار إلى ق سمين: الأول: الألفاظ الصريحة في الرجوع مثل قوله: رجعت عن إقراري، أو كنت مازحا أو مخطئا فيما أقررت به، وما أشبه ذلك من العبارات التي تدل على رجوعه عن إقراره. (١) .٥٧٣/ الثميني: الورد البسام، ص ٦٤ . ينظر: أطفيش: شرح النيل، ١٣(٢) ١٠٥٣/ الزرقا مصطفى: المدخل الفقهي العام، ٢ - .١٠٥٤ الثاني: كأن يردد في إقراره أو هروبه من الحد خلال تنفيذه، وهذا في الحدود كالرجم والجلد. ِ وبناء على ما تقدم، فإن حكم الإقرار يكون بالنظر إلى حالة ا لمقر عند ً ِ إقراره، وما يصدر عنه من ألفاظ، وكذلك بالنظر إلى نوع الحق ا لمقر به، فإن كان الإقرار متعلق بحق الله، مثل: الزنا والسرقة، فيقبل الرجوع فيه، ويدرأ عنه الحد، أما إذا تعلق الإقرار بحق العباد ف لا يقبل الرجوع عنه بعد الاعتراف؛ لأن الإقرار الناتج عن رضى وعدم كراهية إ قرار مقبول، ويعتبر ٌ ِِ سيد الأدلة، وقاصر على ا لمقر بالحق، ومتعلق بالذمة، على ا لمقر أن يؤدي ّ ما أقر به. والدليل على قبول الرجوع عن الإقرار في حق الله قصة الصحابي ماعز 3 ، ففي رواية ابن عباس 3 قال ا لنبي صلى الله عليه وسلم له: لعلك قب » ﱠل ْت َ أو غمزت َ «؟(١) قال: نعم، قال: « هل ضاجعتها » : وفي رواية «؟ فهل باشرتها » قال: نعم، قال: «؟ هل جامعتها » قال: ن عم(٢) . واستدلوا أ يضا ً بحادثة ماعز 3 عندما ف ر لما وجد مس الحجارة ومس ﱠّ ّ (٤) الموت، فقال رسو ل الله صلى الله عليه وسلم : « هلا تركتموه »(٣) . . المرء مؤاخذ ب إقراره » : وبناء على القاعدة المقررة « لو أقر أحمد ليوسف ً (١) رواه البخاري، كتاب الحدود، باب هل يقول الإمام للمقر: لعلك لمست أو غمزت، ٦، عن عب دا لله بن عباس. رق م ٤٥٢(٢) ٣، وأحمد، مسند الأنصار، رواه أ بو داود، كتاب الحدود، باب رجم م اعز بن مالك، رق م ٨٥٧ ٢، عن ن عيم بن هزال الأسلمي. حديث هزال، رقم ١٣٤٧(٣) هذا » : ١، وقال رواه الترمذي، باب م ا جاء في درء الحد عن المعترف إذا رجع، رق م ٣٨٦ ٨، عن أبي هريرة. ورواه الحاكم في المستدرك، كتاب الحدود، رقم ١٥٢ ،« حديث حسن(٤) ٧٨/ الفضيلات محمود جبر: سقوط العقوبات، ٢ - ٧٩ . ينظر: حاشيته على كتاب الجامع .٢٢٥ - ٢٢٤/ لابن جعفر: ٥ بمبلغ معلوم من الدنانير د ي َْ « مؤاخذ ب إقراره(١) . نا ً المرء » عليه، ثم ادعى الغلط والخطأ لم يقبل؛ لأن وكذلك إذا قبض المؤجر الأجرة، وبعد إقراره بذلك ادعى أن النقود التي تسلمها مزيفة، لا يقبل ادعاؤه(٢) . ٍٍ وكذلك من أقر بسبب موجب للضمان، ادعى البراءة عنه، لا يصد ّ ق إلا ّ بالبينة، أو بتصديق المدعى عليه(٣) . ويمكن تلخيص الموضوع بذكر ضوابط ﱢ كما يلي: ١ إقرار الإنسان العاقل على نفسه مقبول معتبر. ٢ ك ل م ن أ قر بشيء يضر به غيره ف لا يعتد بإقراره. َّ ٣ ك ل من أقر بشيء ثم رجع عنه فإنه لا يقبل رجوعه، إلا فيما كان حد ّا ً َ لله تعالى، عملا ً الحدود تدرأ ب الشبهات » بالقاعدة الفقهية « (٤) . وسوف تتضح معالم هذه القاعدة أكثر، وما يرتبط بها من ضوابط وقيود من خلال الفروع والتطبيقات الفقهية. k :IóYÉ≤dG π«°UCÉJ :ÉãdÉK الإقرار حجة شرعية ثبتت حجيته بالنقل والعقل. أ من القرآن: فمن الأدلة ا لنصية على هذه القاعدة إرشاد القرآن الكريم إلى توثيق ﱠ المداينة بالكتابة، كما جاء في قول الله تعالى: ﴿ <; => EDCBA@? ﴾ )البقرة :(٢٨٢ . فقد أمر الله تعالى المدين (١) .٢٢٧/ ينظر: الأتاسي: شرح المجلة العدلية، ١(٢) .٧٠/ ينظر: علي حيدر: درر الحكام، ١(٣) .٧٢/ ينظر: الحصيري: التحرير شرح الجامع الكبير، ٢(٤) . الزركشي: المنثور في القواعد، ١٨٧ . وينظر: الندوي علي أحمد: القواعد الفقهية، ص ٤١٩ ِ أن يملي على الكاتب ما عليه من حق للدائن، والإملال من المدين هو إقرار ُ واعتراف ب الد ﱠ ين والتزام به، فلو لم يكن الإقرار حجة عليه يؤاخذ به لما كان في الإملال فائدة، ولما أمر به، وكذلك لو لم ي قبل إقراره لما كان لإملائه َُ معنى؛ إذ الإملاء لا يتحقق إلا ب الإقرار(١) . وقال 8 : ﴿ utsrqponmlk ~}|{zyxwv ﮯ ¤£¢¡ §¦¥ ¨ ﴾ (آل ع م ران: ٨١ ( . أمرهم » : قال القطب أ طفيش في بيان مدلول الآية أن يعطوا الله الميثاق في الإيمان بمحم د صلى الله عليه وسلمفإذا لزمهم ذلك فأولى أن يلزم أممهم، والعهد مع المتبوع عهد مع التابع... ومعنى ﴿ ¡ ﴾ )آ ل ع مران :(٨١ . المراد حمل ُ المخاطب على الإقرار، ولذا أجابوا ب ﴿ ¨ ﴾ )آ ل ع مران :(٨١ . إنشاء، ِ « بل(٢) والتقدير: أقررنا بذلك وأخذنا إ صرك، فحذف للعلم به مما ق ُ . َ وقال جل ﱠ وعلا: ﴿ <;:9876 = ?> QPONMLKJIHGFEDCBA@ R ﴾ (الأع راف: ١٨٢ ( . قال ا لقطب في تفسير هذه الآية مشيرا ً إلى هذه القاعدة: » ﴿ A@? ﴾ (الأع راف: ١٨٢ ( . قال احملوا لي عليكم شهادة، ول ْي ُ شهد أيضا ً « بعضكم على بعض، وشهادة المرء على نفسه إ قرار(٣) . وكذلك قوله تعالى: ﴿ " &%$# ' )( ,+* ﴾ (الن س اء: ١٣٥ ( ، فيه توجيه إلى اعتبار هذه القاعدة. وقال تعالى: ﴿ !" &%$# ')( (١) ٣. شبير محمد عثمان: القواعد الكلية: / ينظر: الزيلعي: تبين الحقائق كتاب الإقرار، ٥ . ص ٣٤٧(٢) ، أطفيش: تسير تفسير القرآن الكريم، تحقيق وإخراج إ براهيم بن محمد طلاي، ط ١٩٩٣ .٣٧٨/ المطبعة العربية، غرداية، ٢(٣) .٢٢٧/ ١٤١٩ ه/ ١٩٩٨ م، ٥ أطفيش: تيسير التفسير، ط ١ ,+* -./ ﴾ )البقرة :(٨٤ . قال ا لقطب في بيان وجه أي اذكروا وقت أخذ العهد على آبائك، لا يقتل بعضكم » : الاستدلال بالآية بعضا ً ، أو لا يقتلون أمثالكم، ﴿ -﴾ )البقرة :(٨٤ . أي: اعترفتم بأن ذلك ِ ِ « الميثاق حق فقبلتموه، وم ن لاز م ما يقر به أنه حق أن ي قبل(١) . ُّ ُ ب من السن ﱠة: ﱡ استدل ا لإباضية على حجية هذه القاعدة بأحاديث نبوية تؤكد مسؤولية المقر على أقواله وأفعاله من ذلك: ١ روي عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إقرار الرجل على نفسه أكبر من الشهادة » « عليه(٢) . فهو يدل على أن الإقرار أقوى حجة على صاحبه من الشهادة عليه. ٢ عن أبي هريرة 3 أن رجلا ً من الأعراب أتى رسو ل الله صلى الله عليه وسلم فقال: ي ا رسول الله أنشدك الله ألا قضيت لي بكتاب الله، فقال الآخر وهو أفقه منه: فاقض بيننا بكتاب الله وائذن لي، فقال: « قل » ، قال: إن ابني كان عسيفا ً (٣) على ُ هذا، فزنى بامرأته، وإني أ خبرت أ ن ّ على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم فأخبروني أ ن ّ على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن ّ على امرأة هذا الرجم، فقال رسو ل الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لأقضين بينكما » بكتاب الله، الوليدة والغنم رد ﱞ عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد « يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها(٤) ، فهذا الحديث يدل على أن الإقرار حجة على صاحبه. (١) .١٦٥/ أطفيش: المصدر نفسه، ط، ١٤١٧ ه/ ١٩٩٦ م، ١(٢) لم أجده فيما بحثت من مصادر. (٣) العسف: بفتح فكسر، ج ع ُ سفاء: الأجير المستهان به لتفاهة عمله. ينظر: قلعة جي وقنيبي: . معجم لغة الفقهاء، ص ٣١٢(٤) متفق عليه، رواه البخاري، كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب من أمر غير الإمام بإقامة الحد غائبا ً ٦، ومسلم، كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه عنه، رق م ٤٤٦ بالزنى، رقم ١٦٩٧ ، عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني. ٣ وروي عن امرأة من جهينة أتتا لنبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنى فقالت: ُ يا رسول الله أصبت ﱡ حد ّا ً فأقمه علي فدعا نبي الله ول ّ يها، فقال: أحسن إليها فإذا » ّ « وضعت فأتني بها ، ففعل، فأمر بها رسو ل الله صلى الله عليه وسلم فشد ّ ت عليها ثيابها، ثم أمر بها ف رجمت ثم صل ّ ى عليها(١) . فهذا النص يدل على أ ن ّ الإقرار حجة، وإذا كان ُ الإقرار حجة في الحدود التي تدرأ بالشبهات ففي غيرها أولى. ٤ وفي رواية أخرى أ ن ّ امرأة من عامر أو غامد وصلت إلى ا لنبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله طه ﱢ رني قد زنيت ُ ، فقال: « ارجعي » ، ثم عادت إليه فقالت: أريد أن ت ُ طهرني، فقال: « حتى تضعي حملك » ، ثم أتته بعد ذلك، فقال: حتى » ﱢ « تفطميه ، ثم أتته بعد ذلك وبيده قطعة خبز، فأمر بها ف حفر لها حفرة إلى ُ صدرها، وأمر برجمها، فرجمها الناس حتى جاء خالد بن الوليد فرمى بحجر، فطار الدم من رأسها حتى نضح به فيها، فقال النب ي صلى الله عليه وسلم : يا خالد لقد تابت » توبة لو تابها صاحب مكس ل َغ ُ « فر له . فأمر ا لنبي صلى الله عليه وسلم أن ي صل ﱠ ى عليها وتدفن(٢) . قال ابن بركة معقبا ً على هذا الحديث: لا يقام الحد عليها حتى تنقضي وقت » « الرضاع لهذا الخبر، ولم يعتبروا فيه وجود مرضعة له(٣) . ِ ٥ وروي أ ن ّ رجلا ً اعترف على نفسه بالزنا فأمر ا لنبي صلى الله عليه وسلم بسو ط ف جلد ُْ به، ثم قال: يا أيها الناس قد آن » َ لكم أن تنتهوا عن حدود الله تعالى، فمن أصاب منكم شيئا ً من هذه القاذورات فليستتر بستر الله عليه، فإن أبدى صفحته إلينا أ َ قمنا عليه حد ﱠ « الله(٤) . (١) رواه مسلم، كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنى، رقم ١٦٩٦ ، عن عمران بن .٤٢/ حصين. وأخرجه الترمذي في السنن، كتاب الحدود باب ( ٩) وقال حديث حسن، ٤(٢) ٣، عن عمران بن رواه مسلم، كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنى، رقم ٢٩٥ حصين. (٣) .٥٢٦/ ابن بركة: الجامع، ٢(٤) ،٨ رواه الحاكم في المستدرك، كتاب الحدود، وأما حديث شرحبيل بن أوس، رقم : ٢٢٧ = ج من الإجماع: أجمع العلماء على أن الإقرار حجة على ا لمقر في التعامل بين الناس ُّ وأمام ا لقضاء(١) واتفق الجميع على أن كل » : ، ونقل ابن ب ركة هذا الإجماع فقال « بالغ حر عاقل أقر على نفسه بحق أخذ ب ه(٢) . فإن الأمة من » : ويؤكد ا لسالمي ثبوت حجية الإقرار من الإجماع بقوله ِ موافق ومخالف لم يختلفوا في الإقرار، ولم يقل أحد منهم فيما علمنا أنه َ ليس بحجة على نفس ا لم قر، وأي شهادة أثبت على الإنسان من شهادة ُﱡ لسانه، وأنت خبير أنه لو لم يكن الإقرار حجة لما ثبت إسلام لمسلم، ِ ولا ك ُ فر على كافر، ولا حق على أحد، إذ لا يتوصل إلى معرفة شيء من ذلك في أول الأمر إلا بالإقرار، ثم تصدر عنه سائر الأفعال، إن كان الإقرار خيرا ً صدرت أفعال الخير، وإن كان العكس فالعكس، وقد عذر الله تعالى المقر بالكفر تقية، وشد ّ د على من شرح به صدرا ً فقال: ﴿ UTS ُ `_^]\[ZYXWV dcba ﴾ ( (النحل: ١٠٦ «(٣) . د من المعقول: أما كون ُ القاعدة يساندها العقل، فإنه من المعلوم أ ن ّ الإنسان العاقل لا يقر ْ على نفسه كاذبا ً ، ولا يدفع نفسه متعمدا ً إلى ما فيه ضرر ب ين(٤) ، ولذلك اعتبره ّ = عن عب دا لله بن عمر، ومالك في الموطأ، كتاب المدبر، باب ما جاء فيمن اعترف على نفسه ١، عن زيد بن أسلم. العراقي: رواه الحاكم، وإسناده حسن. تخريج أحاديث بالزنا، رق م ٥٠٨ .١٠٦/ الإحياء، ٣ (١) .١٣٨/ ابن قدامة: المغني، ٥(٢) .٢٦٠/ ابن بركة: الجامع، ٢ (٣) .١٠٨ - ١٠٧/ السالمي: جوابات، ٥ (٤) .١٨٥ - ١٨٤/ السرخسي: المبسوط، ١٧ الشرع غير مت ّ هم فيما يقر به على نفسه، وإلى هذا المعنى أشار الله تعالى في قوله: ﴿ ÄÃÂÁÀ ﴾ (الق يا م ة: ١٤ (. كما أ ن ّ الإقرار يقاس على الشهادة بجامع أن ك ُلا ًّ منهما إخبار بحق لآخر، فلما كانت الشهادة حجة شرعية في الإثبات مع احتمال الكذب فيها، فالإقرار حجة ب الأو َ لى؛ لأن ت ُ همة الكذب في الإقرار أقل منها في الشهادة؛ لأن ْ الإنسان لا يكذب على نفسه، وإن كذب على ا لآخرين(١) . k :IóYÉ≤dG ´hôa :É©HGQ من خلال تتبع المصنفات الفقهية ا لإباضية عثرنا على جملة من الفروع تناولت قضايا مختلفة ،« المرء مؤاخذ ب إقرار ه » : الفقهية تخرجت على القاعدة في المعاملات، والأحوال الشخصية، والجنايات، والقضاء، وغيرها ونحاول عرض بعضها وتحليلها فيما ي لي: ١ في الذين يقبل إقرارهم ومن لا يقبل منهم: أجمع العلماء أ ن » : نقل القطب أ طفيش عن أصحاب الديوان ما نصه ّ إقرار الأحرار البالغين من الرجال والنساء جائز عليهم ومؤاخذون به، سواء في هذا الموحدون والمشركون، إلا إقرار المكروه والمحجور عليه في ماله والمفلس، فإنه لا يجوز عليهم إقرارهم في أموالهم، واختلفوا في إقرارهم ا لمعد َ م ب عد ما ُ قام عليه أصحاب الديون، وإقرار العبد لا يجوز إلا إن جوزه مولاه، ولا يجوز ﱠ إقرار الطفل والمجنون، ويجوز إقرار الأخرس بالإيماء إذا كانت له إشارة يعرف بها رضاه من سخطه، وأمره ونهيه، وقيل: لا يلزم بالإيماء شيء، ولا يجوز إقرار الناطق بالإيماء ويحكم على من أقر بالكتاب، وقيل: لا حتى َ (١) ٢٣٨ . النووي: المجموع شرح المهذب للشيرازي، / ينظر: الشربيني: مغني المحتاج، ٢ .٥٢٤/١٨ ينطق، ويجوز إقرار الإنسان للرجال والنساء، والأحرار والعبيد، والمجانين والأطفال، والأحياء والأموات، والإقرار للحمل منهم من أبطله، ومنهم من َ «... أجازه إن ولد حيا(١) . ولا يجوز الإقرار لغير » : ويضيف ا لقطب في بيان أحكام الإقرار وثبوته بني آدم، وجاز الإقرار بجميع الحقوق ولو مجهولة، أو بالخطأ، وبالأمانات، «... والعارية، والقراض، ونحو ذلك مما هو مضمون أو غير مضمون(٢) . ٢ حكم الإقرار عن التصرفات قبل البلوغ: ومن المسائل التي اختلف فيها فقهاء ا لإباضية : إقرار البالغ عن تصرفاته في مرحلة الصبا، قولية أو فعلية، نافعة أو ضارة، هل يؤخذ به ويحاسب عليها أم لا؟ وهل يؤخذ ب الغ » : تفطن ا لثميني لهذا الأمر فطرح هذا السؤال ٌ بإقراره بما فعل في طفوليته أو لا؟ إذا ت بين أنه فعله فيها وهو الأكثر ، قولان، وإن أقر على نفسه بقول أو ﱠ فعل فنسبه إلى طفوليته، فليؤخذ به إن لم يتبين صحة ما نسب، وقيل يؤخذ « بالفعل فقط، وقيل بهما معا، ولا يحكم عليه ب ذلك(٣) . ومن أقر بما فعل في » : وحاول ا لقطب توضيح م ا أجمله بعبارة بسيطة فقال الطفولية لم يؤخذ إن ت بين أنه فعل فيها، وقيل: يؤخذ، وإن أقر بقول أو فعل ّ ونسبه للطفولية، أخذ به، إلا إن ت بين أنه فعل أو قال فيها، وذكر في الكتاب أنه ّ «... يؤخذ بالفعل دون القول، وقيل: القول قوله فيهما، ولا يحكم عليه ب ذلك(٤) . (١) ٥٧٣ . وينظر: الثميني: الورد البسام، ص ٦٣ / أطفيش: شرح النيل، ١٣ - .٦٤ (٢) . أطفيش: المصدر نفسه. الثميني: المصدر نفسه، ص ٦٤(٣) . الثميني: المصدر نفسه، ص ٦٤(٤) ٥٧٣/ أطفيش: المصدر نفسه، ١٣ - .٥٧٤ مجمل القول: يبدو من عبارة ا لقطب أنه يميل إلى عدم مؤاخذة المقر عن تصرفاته في مرحلة الطفولة، واشترط أن يكون مباشرا ً لها، أما إذا أقر بالقول ثم ت بين عدم ﱠ الفعل، ف لا يؤخذ به، وقيل يحكم عليه حسب قوله وفعله إن ت بين صحة إقراره، ﱠ أما ا لثميني فالظاهر أنه لم يرجح أحد القولين وذكرهما معا، ولعل ذلك سببه تساوي الأدلة وصعوبة الترجيح بينها، والبحث يقتضي ذلك ما دام لا تتوفر أدلة تؤكد صدق المقر أو كذبه، فإن ثبت صحة م ا أقر به أخذ به، وإن لم يثبت ّ سقطت عنه ا لمسؤولية. ٤ في الإقرار في المعاملات: أ في الرجوع عن البيع: جواز الرجوع في البيع إذا أ قر المشتري بعدم معرفته لحقيقة المبيع. جاء ّ في جامع ابن جعفر أن ّ م َ ن اشترى ب ستانا ً من نخيل وأشجار، وأراد أن ي رد ّ ه لصاحبه بسبب ارتفاع ثمنه عن القيمة الحقيقية، فجمهور ا لإباضية يرون أ ن ّ له أن يرجع فيه إذا لم يعرفه، أو لم يعرف شيئا » الحق في ً من حدوده، أو لم يعرف حيث ينتهي بشيء من حدود ما اشترى إلى الحد الذي يواليه لغيره فيه، فله في كل هذا: الرجعة، فإن شهد على نفسه بالمعرفة لزمه ذلك؛ لأنه قد باشر البيع وهو محيط بكل تفاصيل ذلك البستان، فلم يشتر مجهولا. وقال من قال: إن شهد أنه عارف هذه الأرض التي اشتراها، ولم يقر بمعرفة حدودها، ثم احتج أنه غير عارف بالحدود، فله في ذلك الرجعة، وأما إن أقر بماله من أرض كذا وكذا لفلان، أو بماله كله لفلان ثم احتج أنه غير عارف بماله له، ف لا حجة له في ذلك؛ لأنه إقرار، وقد خالفنا في ذلك من « خالف، وكان هذا الرأي هو ا لأكثر(١) . (١) .٢٦٣/ المصدر نفسه، ٥ وبعد أن عرض ابن جعفر موقف الفقهاء من مؤاخذ المقر على إقراره صرح بأن ما ذهب إليه هو رأي جمهور ا لإباضي ة، وهناك من خالفهم. ب في الاختلاف في قيمة الدين المقر به: ﱠْ ومن فروعها: في هذا الباب: أنه قد ي قر شخص بمبلغ معين، ويستعمل ُّ ألفاظا ً غير صريحة تحتمل أكثر من معنى، فيلتبس الأمر على المقر له، ففي هذه الحالة يتدخل القاضي للفصل بين المقر والمقر له بما يستوضحه حسب الظاهر من عبارة المقر، ويذكر الفقهاء صورا ً من هذا القبيل. يقول وإذا أقر رجل لرجل بدرهم في دينار لم يكن » : ابن ب ركة في هذا الشأن عليه إلا الدرهم، إلا أن يريد درهما ودينارا، وعلى الحاكم أن يوجب على المقر ما أوجبه الحكم بظاهر لفظة المقر، ويسأله عما احتمل من كلامه ما أراد به، وإن قال علي له درهم ودرهم، فهو درهمان، وإن قال له علي ّّ درهم فدرهم، فهو درهمان، وإن قال درهم في درهم، كان درهما ً واحدا ً ، أو قال فوق درهم [أو تحت درهم] لم يكن إلا درهما ً واحدا ً ؛ لأنه يحتمل أن يعني فوقه من الجودة أو تحته في الزيادة، وعلى الحاكم أن يستفسره من الألفاظ وما يريد بها. ولو قال له: علي درهم مع درهم، كان درهم واحد؛ لأنه يحتمل أن ّ يكون مع درهم لغيره أو لنفسه، قال بعض أصحاب أبي حنيفة : هما درهمان، وكذلك لو قال: له علي درهم مع دينار، لم يكن عليه إلا درهم واحد؛ لأنه ّ يحتمل أن يقول مع دينار ل ي... ولو قال: علي له درهم قبله درهم أو بعده درهم، كان درهمان... ولو ّ قال: له علي دينار بقفيرين، كان عليه دينار، ولو قفيران باطل؛ لأنه اختار « عن ب يع(١) . (١) .٤٠٩/ ابن بركة: الجامع، ٢ ويتابع ابن ب ركة بيان الصور المحتملة في الاختلاف بين المقر والمقر له بسبب استعماله أ لفاظا ً تحتمل أكثر من معنى، مما يتوجب على المقر له أن يستفسر منه كلما التبس عليه الأمر، حتى لا يقع عليه الضرر، أو يحصل النزاع لو أقر له يوم السبت بدرهم، ثم أقر له يوم الأحد » : بينهما. ومن هذه الصور بدرهم، لم يكن عليه إلا درهم واحد. ولو قال: علي له يوم السبت درهم ويوم الأحد درهم، لزمه درهمان. ولو ّ قال: علي له درهم يوم السبت ويوم الأحد، لم يلزمه أكثر من درهم واحد. ّ ولو قال: علي درهم وديعة، فهو وديعة؛ لأنه وصل الكلام، ولو سكت ثم قال: ّ وديعة، لم يقبل منه، وهو إقرار؛ لأنه ادعى البراءة منه بعد أن ضمن «... بالإقرار(١) . وكذلك يورد الثميني صورا ً أخرى للإقرار بالنقود، وعبارة المقر وإن أقر له بدينار ونصف، فله ذلك، وقيل » : تحتمل أكثر من معنى فيقول الدينار فقط، وإن قال: بدينار ونصف دينار، كانا له ا تفاقا ً ، وكذا عشرة دنانير وعشرة دنانير، له بهما عشرون، وإن قال: عشرة دنانير وعشرة، فله العشرة دنانير ف قط. وإن قال علي : دينارا أو عشرة دنانير، حكم له بدينار، وقيل بالعشرة، وقيل: ُ ّ لا يحكم بها حتى ي تبين للحاكم معنى قوله ذلك. وإن قال علي هذا الدينار أو ﱠّ الجمل، أو غيرهما جاز إن حضر، وقيل لا يجوز مطلقا ً. وإن أقر بأن عليه كذا وكذا وديعة أو قراضا، أو نحوهما من الأمانات، جاز، وقيل: لا إلا إن قال عندي، وجاز في ا لد ﱠ ين أ يضا ً ، وقيل: لا يجوز فيه إلا « علي أو في ذمتي(٢) . ّ (١) ٤٠٩/ ابن بركة: المصدر نفسه، ٢ - ٤١٠ . ينظر: الثميني: الورد البسام، ص ٧٨ - .٧٩ (٢) .٨٠ - الثميني: الورد البسام، ص ٧٩ ٤ في الإقرار بالطلاق البائن: ومن فروعها في باب الطلاق: ما جاء في فتاوى ا لخليلي لما سئل فيمن إذا ركبت » : قال ْ زوجتي سيارة فلان في هذا اليوم فهي طالق بالثلاث، ولم تركب المرأة في ذلك اليوم، وإنما ركبت في يوم آخر، فظن الرجل أ ن ّ زوجته قد طلقت بذلك، فذهب إلى المحكمة وقال لهم: بأني طلقت زوجتي بالثلاث وأريد شهادة على ذلك، وقد مضى على ذلك عدة أشهر، ويسأل إن كان .«؟ الطلاق واقعا بهذا أم لا يركب أحدكم الأحموقة ثم يسعى إلى الناس في طلب » : فأجابه الشيخ ِ حلها، لم ت كتف بارتكابها أ و ّ ل مرة إذ علقت َ طلاق الثلاث على ركوب زوجتك السيارة في ذلك اليوم، والإنسان مؤاخذ ب اعتراف ه، أما من حيث الحكم فيما بينك وبين الله فالطلاق غير واقع إن لم ترد إنشاء طلاق باعترافك، وأما في الحكم الظاهر فأنت مؤاخذ باعترافك كما ق لت َ «...(١) . المرء » : ويلاحظ من جواب الشيخ أنه قد استند في فتواه على القاعدة حيث صرح بها وبين للسائل أ ن ،« مؤاخذ ب إقرار ه ّ الإنسان يحاسب على كل ّ ما يصدر عنه من إقرارات واعترافات على نفسه ولغيره، ويتحمل مسؤولية تصرفاته الطائشة، ومجاوزته للحدود الشرعية قضاء وديانة. ٥ في الإقرار بالولد بعد القذف: ومن فروعها : إذا قذف الرجل امرأته بالزنا ونفى ولدها، ثم أقر بعد اللعان لحق به نسبه؛ لأنه أقر بشيء كان أنكره، وقد كان يدعي عليها، وكذلك يلزمه في جميع الحقوق التي تدعى عليه إذا أقر بشيء منها بعد إنكاره لها لزمه المال، ولا يقع للمقر به ولا عليه في ذلك(٢) . (١) . الخليلي أحمد: فتاوى النكاح، الكتاب الثاني، ص ٢٢٤(٢) .٥٣٢/ ابن بركة: الجامع، ٢ ِ ويستخلص من هذا أ ن ّ المقر ق ُبل إقراره لما رجع عن قذف زوجته بالزنى، ون َف ْي ِ الولد منها، وأما وقد ظهرت منه التهمة حيث لم يلحق ولده به إلا طمعا ً في ماله، فإن إقراره غير مقبول ولا يعتد به. ٦ في الإقرار بالقتل والرجوع عنه: اختلف فقهاء ا لإباضية في حكم الرجوع عن الإقرار في الحدود عند الشبهة، كأن يرجع المقر بالقتل عن إقراره، فمنهم من أجاز مطلقا ً ، ومنهم من أجازه في حقوق الله، ومنعه في حقوق العباد، كالسرقة ونحوها. سئل الشيخ السالمي عما يوجد فيمن أقر بقتل رجل أ ن ّ له أن ينكر، ّ فلا يلزمه شيء، م ا معناه؟ معناه لا يلزمه شيء من ا لقود، وذلك على رأي من جعل ا لقو د حد » : فأجاب ّا ً ؛ ََ لأن الرجوع عن الحدود نافع؛ إذ لا تقام على شبهة، قال ب ريدة : وكنا نتحدث أ ن » ّ الغامدية وماعزا ً لو رجعا بعد اعترافهما، أو قال: لو يرجعا بعد اعترافهما لم َ « يطلبهما، وإنما رجمهما بعد ا لرابعة(١) ، وأما على قول من يرى ا لقو د حق ّا ً للعباد، َ فلا ينفع الرجوع بل يقاد بإقراره، والخلاف مصرح به في الأثر، وإن طلب أولياء المقتول منه الدية لزمته الدية في ماله، وقال العلامة ا لصبحي (٢)لا رجعة له في « حقوق العباد، وإنما الرجعة في حق الله على بعض القول، وقيل: لا رجعة له(٣) . (١) رواه أ بو عوانة: المستخرج، كتاب الحدود، باب بيان الإباحة للإمام أن يصلي على الزانية كنا نتحدث بيننا أصحاب » : ٥، قال بريدة بعد أن ساق قصة ماعز المرجومة، حديث : ٠٧٠ النبي صلى الله عليه وسلم أن ماعزا ً لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرات لم يطلب إنما رجمه عند وأخرجه أ بو عوانة أيضا « الرابعة ً في المستخرج، كتاب الحدود، باب بيان الإباحة للإمام أن ٥، عن ب ريدة بن الحصيب الأسلمي، وذكر قصة يصلي على الزانية المرجومة، حديث : ٠٧١ الغامدية ولم ي عل ّ ق عليها. (٢) تقدمت ترجمته. (٣) ١٠٧/ السالمي: العقد الثمين، ٤ - .١٠٨ ٧ في حكم الاستثناء في الإقرار: اختلف ا لإباضية في حكم الاستثناء في الإقرار فأجازه بعضهم، وأبطله ِ وإن أقر لأحد ب بستان إلا شجرة، جاز، » : آخرون. يقول ا لثميني في هذا الصدد ُ وقيل لا، وإن أقر له بمعصرة أو بحمام أو رحى، ف لا يأخذ الأداة، وإن أقر له بعين ماء، فله العين خاصة، وإن أقر له بمائها دون ب قعتها أو بالعكس، جاز، ُ وإن أقر له بطريق أو ساقية، أو ممصل له في أرضه، وعينه له، جاز وصح له ﱠ ذلك، وإن لم ي عينه فيها أخذ بإخراجه له في أ رضه... ُّ وكذا إن تشاكل عليه ذلك فيما بين حدود معلومة، فليؤخذ أ يضا ً بإخراجه له، وإن أقر له بشجر إلا ثماره أو بالعكس، جاز، وإن أقر له بشجر واستثنى غلة، لم تكن فيه، أو بدار إلا سكناه، فله الغلة والسكن، ِ كالشجر والدار، وإن أقر له بسكنى هذه الدار، أو ب غ َ لة هذه الأشجار، وهي لم توجد لم يجز إقراره، وإن أقر له بهذا البيت إلا ما فوقه من الهواء، أو « إلا بقعة، أو إلا ما فيه، جاز(١) . ُ وهكذا ي تبين أن ا لإباضية انقسموا في قبول الاستثناء في الإقرار إلى ﱠ فريقين، ولعل الذين قالوا ببطلانه يرون أن الأصل إذا استثني منه شيء تعسر الانتفاع به، ولذلك أوجبوا الإقرار به كاملا، ً وأما الذين أجازوه نظروا ّ إلى الشيء المقر به بأنه لا يخلو من منفعة، فقبول جزء منه خير من إبطاله كله، م ا دام المستثنى يمكن حصوله عقلا ً وشرعا ً ، عملا ً بالقاعدة المشهورة: ولعل هذا الرأي هو الصواب والراجح ،« ما لا يدرك كله لا يترك جل ه » عندنا لوجاهته وقوة ت عليله. وفي الاستثناء من الإقرار أيضا ً: سئل نور الدين ا لسالمي عن اختلاف الفقهاء في الاستثناء والشرط، فقيل (١) . الثميني: الورد البسام، ص ٧٥ إنه يبطله، وقيل: الشرط باطل ويثبت الإقرار، وقيل يصح الإقرار ويجوز الاستثناء، ما وجهه؟ نعم ثبت الخلاف في الشرط في الإقرار، فقيل يثبت الإقرار » : فأجاب والشرط، وقيل يفسدان معا ً ، وقيل يثبت الإقرار ويبطل الشرط، والاستثناء في هذا كله كالشرط، لأنهما بمعنى واحد، وهذا كله فيما إذا رجع الشرط إلى نفس الإقرار لا إلى المقر به، وذلك كما إذا قال علي لفلان ألف درهم إن شاء ّ الله، وإن قال: علي ألف درهم إن شاء فلان، أو قال: علي ألف درهم إن كان ّّ كذلك، وإن كان حقا لم يلزمه... وكذلك إن قال: علي ألف درهم إن دخل ّ الدار، أو إن أمطرت السماء، أو هبت الريح، أو تكلم، أو نام، أو قال: علي ّّ ألف درهم فيما لا أظن وفيما أرى، فهذه الشروط والاستثناءات كلها راجعة إلى نفس الإقرار، والخلاف فيها وارد على الثلاثة ا لأقوال: فأما الشرط والاستثناء الراجعان إلى المقر به لا إلى الإقرار، ك َعل َي مائة َّ درهم إلا درهما، أو علي له الدرهم الذي أخذته منه بالأمس، فهذا ثابت بلا ّ ِ خلاف نعلمه بين أحد من أهل ا لمل ّ ة، وإنما اختلفوا في استثناء الشيء من غير جنسه، كما إذا قال علي له ألف دينار إلا درهما ً أو إلا ث وبا ً ، فالدرهم والثوب ّ من غير جنس الدنانير، فمنهم من أثبت هذا الاستثناء وحط ّ عنهم الدرهم َ «... وقيمة ا لثوب(١) . والصحيح عندي اعتباره؛ لأن » : واختار ا لسالمي هذا القول وصححه وقال الدرهم والثوب يقضي عن الدنانير عند التراضي، وكذلك اختلفوا في استثناء الأكثر والمساوي، كعل َي له مائة درهم إلا تسعين درهما أو خمسين درهما ً ، ّ «(٢) والصحيح اعتباره فيهما أ يضا ً . (١) ١٠٨/ السالمي: العقد الثمين، ٤ - .١٠٩ (٢) .١٠٩/ السالمي: المصدر نفسه، ٤ وبعد أن عرض ا لسالمي أقوال الفقهاء المختلفة في حكم الاستثناء وإذا تحرر لك محل النزاع المتقدم، » : والشرط في الإقرار خلص إلى القول وأنه في الشرط العائد إلى نفس الإقرار دون الراجع إلى المقر به، فها هنا نقول: إن القائل بصحة الإقرار والشرط جعل الإقرار عقدا ً متوقفا ً ، والعقود ت ُ مك ﱠ ن فيهما الشروط، ومن ألغاهما معا ً جعل الشرط مفسدا ً للإقرار وهادما ً ؛لأن الإقرار عنده في حكم الإخبار عن الشيء، وإذا لم يكن الخبر جازما ً فلا يعقد به، ومن ألغى الشرط وأثبت الإقرار، فقد جعل الإقرار كالشهادة على نفسه بالحق؛ لأنه أخبر عن واقع، ولا معنى للشروط في هذا، بل يثبت إقراره ويلغى شرطه، وهذا القول عندي هو الصحيح؛ إذ لا معنى للتردد في الحقوق وإن كانت عليه، ولا معنى لإقراره وإن لم تكن عليه، والحكم لا يتلاعب به، فمن أقر على نفسه بشيء ألزمناه إ ياه « (١) . مجمل القول: يظهر من خلال ما بسطه السالمي من القول في حكم الاستثناء والشرط في الإقرار، وما رجحه وصححه منها أنه لا اعتبار للاستثناء والشرط في الإقرار، فإذا ثبتت الحقوق على المقر لزمه، وإن لم تثبت عليه ف لا يلزمه، والشرط لا يقد ّ م ولا يؤخر في الحكم، والشارع الحكيم لا يبني أحكامه على التردد والظن، بل على القطع واليقين، أو غلبة الظن، ولعل ما ذهب إليه السالمي وصححه هو م ا يختاره الباحث ويرجحه، لأنه الرأي الأعدل والأقرب للصواب للاعتبارات المتقدمة والله أعلم. (١) السالمي: نفسه. k :IóYÉ≤dG ᫪gCG :’hCG تعد ّ هذه القاعدة من القواعد الهامة التي تتعلق بنظام القضاء وطرق الإثبات، ف كثيرا ً ما يلجا إليها القضاة والمفتين في حل النزاعات، وفك الخصومات بين المتداعيين، وقد اعتمدها ا لإباضية في أحكامهم وفروعهم الفقهية، وتجسدت في مواضع عديدة خاصة في أبواب الأمانة، والوديعة، والعارية، واليمين، وصرح بها ابن جعفر ا لأزكوي(١) ، وابن بركة ا لبهلوي(٢) ، وأبو العباس أحمد ا لفرسطائي(٣) ، وسلمة ا لعوتبي(٤) ، وعامر ا لشماخي(٥) ، وسعيد بن خلفان ا لخليلي(٦) ، وغيرهم، كما اعتمدها غيرهم من الفقهاء، وظهر ذلك في مصنفاتهم(٧) . k :IóYÉ≤dG ∫ƒdóe :É«fÉK لعل المعنى الذي تدل عليه عبارة القاعدة أ ن ّ الأمين م صد ﱠ ق فيما ادعاه في ُ الأمانة والوديعة من التلف أو التصرف فيها بإذن ربها، أو أنها إذا أصابتها (١) ٢٥٢ ،٢٤٨/ ابن جعفر: جامع ابن جعفر، ٤ - .٣٠٠ ،٢٩٦ ،١٥٤/٥ .٢٥٣ (٢) ..٤٣٣ - ٤٣٢ - ٢٧٠/ ابن بركة: الجامع، ٢(٣) . أبو العباس أ حمد بن محمد الفرسطائي: القسمة وأصول الأرضين، ص ١٢٠(٤) .١٥٥ ،١٤٠ ،١٢٧ ،٤٤ ،٤٠ ،٣٧/ العوتبي سلمة بن مسلم: كتاب الضياء، ١٣(٥) الشماخي: كتاب الإيضاح، طبعة وزارة التراث ع ُ .١٩٩/ مان، ٧(٦) .٢٧٧/ الخليلي سعيد: كتاب التمهيد، ٩(٧) ١٤/ الكاسائي: بدائع الصنائع، مطبعة العاصمة، القاهرة، ٤ - ٢٠ . الزرقا أحمد: شرح ٥/ القواعد الفقهية، ص ٤٨٢ . الزرقا: المدخل الفقهي، فقرة ٨٣ - ٤، وكذلك مجلة . الأحكام العدلية، المادة: ١٧٧٤ جائحة من غير تقصير منه و لا ت َعد ﱟ ، ف لا ضمان عليه؛ لأنه محسن وما على َ المحسنين من سبيل(١) . ولكن هل يصدق الأمين في قوله من غير يمين؟ أم يلزمه ا ليمين؟ اختلف فقهاء ا لإباضية في ذلك إلى ثلاثة أ قوال: الأول: ذهب أكثرهم إلى وجوب اليمين على الأمين مطلقا ً سواء ط ُ لب منه أم لم يطلب، وسواء كان م ُ تهما ً في التضييع والتقصير أم لم ي ُت ّ هم، وسواء اشترط عليه ضمان الأمانة أو لم يشترط ذلك، وهو القول المشهور عند الإباضي ة، صرح بذلك أ بو ستة عمرا لقصب ي، إذ يقول م علقا ً على قولا لشماخي قوله: وقال بعضهم إن اتهم ...إلخ يؤخذ منه الخلاف في » :« الإيضاح » في المؤتمن، هل يحلف أو لا؟ والمشهور الذي عليه العمل في زماننا أنه يحلف ويقولون: الأمين أ مينا ً « وعليه اليمين(٢) . الثاني: وذهب البعض إلى عدم وجوب اليمين على الأمين ما دام أمينا ً ، فهو مصد ﱠ ق في قوله، والقول قوله ما لم يتعد ّ أو يفرط فيما ائتمن فيه، أما إن اتهم في تصرفه بالتضييع والتقصير وطلبت منه اليمين، فالقول قوله مع يمينه، نقل ذلك ابن جعفر والعوتبي ونسبا ذلك إلى أبي عبيدة م سل م، والربيع بن حبي ب، وعللوا ذلك: أن الأصل فيه الأمانة، والأمين مصدق(٣) . الثالث: وذهب آخرون إلى عدم وجوب اليمين على الأمين؛ لأنه مصد ﱠ ق، إلا إذا اتهم فيما يلزمه فيه الضمان، ف لا يصدق في دعواه إلا بالبينة؛ لإثبات براءة ذمته من العمد، أو الخطأ، أو التقصير، صرح بذلك ابن جعفر والعوتب ي، وإذا قال المستودع: إن صاحب المال أمره أن يتصدق به، فإنه ي صد » : فقالا ﱠ ق (١) . هرموش: معجم القواعد الفقهية الإباضية، ص ١٥١(٢) ١٩٩ . البسيوي: جامع / القصبي أ بو ستة عمر: الحاشية على كتاب الإيضاح للشماخي، ٧ .٢٥٢/ أبي الحسن البسيوي، ٤(٣) .٣٧/ ٢٥٢ . العوتبي: الضياء، ١٣ / ابن جعفر: الجامع، ٤ في ذلك؛ لأن الأصل أمانته والأمين مصد ق، وما كان أصل ضمان فإنه « لا يصدق إلا ب البينة(١) . الرأي المختار: بعد النظر في الأقوال السابقة وتعليلها يظهر أن القول الأول هو الراجح؛ لأن الأصل يصدق الأمين في قوله دون حاجة إلى يمين أو بينة، ولكن بعد أن ظهرت الخيانة في سلوك الناس، وخربت الذمم، وانخفض مستوى الأمانة في مجتمعاتنا المعاصرة، يترجح عندي لزوم اشتراط اليمين على الأمين حتى يصد ّ ق في دعواه، ولو كان غير م تهم ق طعا ً ، للشك والريبة، وعليه فما ذهب إليه ُ جمهورا لإباضية هو الأعدل والأقرب للصواب حتى يتأكد قول الأمين، ويكون دافعا ً لقبول صاحب الوديعة أو الأمانة ادعاءه التلف دون عمد منه أو تقصير، فيكون عفوه عن وديعته أو أمانته مبنيا على يقين، ف لا يعتريه شك ولا ريبة، ولا يحدث بينهما خصام، أو إعراض وهجران، والإسلام حريص على بقاء الألفة والمودة بين المسلمين، ولهذا نجده يسعى بتشريعاته الحكيمة إلى إزالة كل ما من شأنه إحداث الخصومة والنفرة في نفوس المسلمين، وسوء الظن والوسوسة المؤدية إلى التدابر والقطيعة، وفساد ا لعشرة(٢) . كما أن الشارع الحكيم لو حكم بتضمين الأمناء ما ضاع منهم أو تلف من غير تفريط؛ لوقع الظلم عليهم، ولكان لهم الحق في رفض كل وديعة يريد أن يستودعها عندهم مودع(٣) ، وكل هذا لرفع الحرج والمشقة عنهم، ف لا يضمنون ُﱠ إلا إن ثبت عليهم بالبينة العادلة تعمدهم في التلف، أو تقصيرهم وتضييعهم للأمانة، فإن استطاعوا في حالة التهمة إثبات عكس ذلك بالبينة الثابتة صدقوا ُ (١) ابن جعفر: المصدر نفسه. العوتبي: المصدر نفسه. (٢) . محمد بكر إسماعيل: القواعد الفقهية، ص ٢١٨(٣) محمد بكر: المرجع نفسه. في ادعائهم، وانتفت عنهم التهمة، وإن عجزوا عن ذلك، تحملوا الضمان، وذلك كله حفاظا ً على الأعراض والأموال التي هي من مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء. k :IóYÉ≤dG ´hôa :ÉãdÉK أ في باب الأمانة والوديعة: ١ أن ّ من استودع رجلا ً أمانة أو وديعة ف لا ضمان عليه، لما روي عن النب ي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « من استودع وديعة فلا ضمان عليه »(١) . وهو قول أبي عبيدة التميمي والربيع بن حبيب من ا لإباضية . وإذا قال المستودع: إن صاحب المال أمره أن يتصدق به، فإنه ي صد ّ ق؛ ُ والأمين م صدق » ، وذلك لأن الأصل اعتبار أمانته .« وقيل: وهذا إذا أقر المؤتمن أنه أمره أن يتصدق بها، وإن أنكر أنه لم يأمره، ف لا يصد ّ ق، وما كان أصله ُ ضمانا فلا يصد ّ ق إلا ب البينة(٢) . ٢ وفي تسليم الأمانة : في رجل » جاء في جواب أبي الحسن ا لبسيوي ِ عليه ل رجل حق، فقال له: سل ّ مه إلى رجل، فقال: إنه قد سل ّ مه وأنكر ذلك الآمر له، قال: إنه أمين، فالقول قوله مع يمينه لقد سل ّ مه إليه على ما أمره، وكذلك إن أمره أن يسلمه إلى يتيم فقال: إنه قد سل ّ مه إليه، كان القول قوله مع يمينه، وقال من قال: أنه لا يقبل قوله في ذلك إلا بالبينة؛ لأنه م د ّ عي إزالة ذلك عن نفسه إلا أن يكون ذلك أمانة في يده، فهو مصدق في ذلك، وأما الأول (١) روي الدارقطني الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسو لا لله صلى الله عليه وسلم أنه قال: « ليس على المستعير غير المغل ضمان ولا على المستودع غير المغل ضمان » ، السنن، كتاب وفي إسناده ضعيفان، قال الدارقطني: وإنما يروى هذا عن » : البيوع، رقم ١٦٨ . قال ابن حجر .٩٧/ تلخيص الحبير، ٣ .« شريح غير مرفوع، ورواه من طرق أخرى ضعيفة (٢) ٣٧ . بتصرف. / ٢٥٢ . العوتب: الضياء، ١٣ / ابن جعفر: الجامع، ٤ فلا يقبل قوله إلا أن ي صد ّ قه الذي أمر أن يدفعه إليه، أو يصح له ذلك ب البينة، ﱢ « أو يقر الآمر له ب ذلك(١) . ويفهم من عبارة أبي الحسن ا لبسيوي أن الفقهاء اختلفوا في حكم الأمين، فمنهم من يرى أن القول قول الأمين مع يمينه، إذا أنكر من ت سل ّ م له الأمانة، ومنهم من قال: لا يقبل قوله إلا بالبينة، أو يصدقه صاحب الأمانة، أو من سل ّ مها إليه، فلم يتفقوا على حكم واحد رغم أنه في الأصل أمين لم تثبت عليه خيانة، ولكن بعضهم اتهمه، وبعضهم صد ّ الأمين مصد » قه في ادعائه بالتسليم؛ لأن ّ ،« ق واكتفى البعض بتأكيد صدقه باليمين احتياطا، ولعل هذا القول أقرب للصواب وأدعى إلى نفي الريب والشك، وهو ما ينبغي العمل به عند فساد الزمان. ٣ وفي دعوى ضياع الأمانة: سئل السالمي عمن وضع عند رجل أمانة، ُ فادعى الأمين أنها سرقت منه، هل يقبل قوله إذا لم تكن سرقة ب ينة شاهرة، ُّ وماذا عليه؟ الأمين أمين على ما وضع معه، والقول قوله في بقائه وتلفه، فإن » : فأجاب اتهم فيه بتضييع، أو غير ذلك مما يلزمه فيه الضمان لصاحب الأمانة، عليه يمين، فيحلف بالله أنه م ا ضيع أمانته، أو نحو ذلك من أيمان القطع، خلافا ّ لمن زعم أن اليمين عن التهم يمين علم؛ لأن يمين العلم إنما تكون على فعل « الغير، وهذا إنما يتهمه على فعل نفسه، والأمين ينفي عن نفسه ذلكا لتضييع(٢) . ب في الوكالة: ١ رجل أمر » ورد في جامع ابن جعفر سؤال عن التوكيل بالشراء في رجلا أن يشتري له بضاعة من صحار أو غيرها من عنده، فلما رجع الرجل من ُ سفره قال له: قد اشتريت لك ما أمرتني به وتلف، وطلب إليه الثمن، قال: فإنه (١) .٢٥٢/ ابن جعفر: نفسه، ٤(٢) .٣٠٧/ السالمي: العقد الثمين، ٤ يلزمه الثمن إذا صح أنه اشترى له بضاعة وتلف، وأقر الآمر أنه أمره، فإن اتهمه وطلب يمينه، لزمه ا ليمين. ومن غيره قال أ بو علي (الحسن بن أحمد :( وإنما تلزمه اليمين إذا صح ّ أنه «(١) اشترى له، وأما دعواه ف لا تلزمه ذلك إلا أن يصدقه، ولا أعلم في هذا ي مينا ً . ٢ ومنها في الوكالة أيضا ً: « الإيضاح » ما نقله أبو زكرياء يحيى بن سعيد في عن بعض فقهاء الإباضية قائلا :ً ورجل د » َ فعت ْ إليه امرأة ذهبا ً أو فضة يدفعه إلى الصائغ يصوغ لها حل ّيا ً ، أو قالت: ادفعه إلى فلان الصائغ يصوغه، فقبضه ّ منها، ثم قال: قد دفعه إلى الصائغ الذي أمرته أن يدفعه إليه، ثم قال الرجل: فإن الصائغ ذهب منه، أو جحده الصائغ أنه لم يدفع إليه شيئا ً. قال أ بو سعيد الكدمي : فلا أرى عليه ضمانا ً ، والقول قوله مع يمينه لقد فعل كما أمرته وما خانها فيه. ِ قال غيره: نعم هو كذلك؛ لأنه أمين، وإن دفعه إلى صائغ سوى من أمرته َ ضمنه، وإن أمرته بدفعه إلى الصائغ يصوغه فدفعه هو برأيه، وقال: إني قد دفعته إلى صائغ فأنكر الصائغ، فالقول قوله، ولا ضمان عليه مع ي مينه. قال السائل: لو أنه هو طلب إليها ذلك، ففعلت ذلك سواء؟ قال: لا ضمان « عليه، قال غيره ن عم(٢) . ويظهر مما تقدم أن أبا زكرياء ا لهجاري اعتمد في فتواه على قاعدة: ِ الأمين مصد » ﱠ لأن هذا الوكيل المرسل إلى الصائغ تصرف ب أمر ؛« ق ب اليم ي ن تلك المرأة، وما أحدثه ذلك الصائغ من ت عد ّ على مالها لم ي تسبب فيه الأمين، ّ فهو عبارة عن رسول نائب عنها، خاصة إذا سل ّ م الأمانة إلى صاحبها، وحتى في حالة طلب الوكيل منها فعل ذلك فوافقت على طلبه، ف لا ضمان لما أحدث (١) .١٥٤/ ابن جعفر: الجامع، ٥(٢) .٧٤/ أبو زكرياء ي حيى بن سعيد الهجاري: كتاب الإيضاح في الأحكام، ٢ الصائغ؛ لأنه أمين مصدق مع يمينه:، والضامن هو الصائغ المتعدي، والفقهاء قرروا تضمين الصناع، عملا ً كل صانع بأجر يضمن م ا أتلفه » : بالقاعدة .« ج في حفظ الرهن: ١ ومن فروعها : ما ذكر أبو العباس أحمد في مسألة الاختلاف في الرهن أن ّ القول قول المرتهن في تلف الرهن، وكذلك في الشيء المرهون بعد » التلف، ويكون القول قوله أ يضا ً في المبيع وجميع الغلات والنماء، والقول قوله أ يضا ً في رهن الشيء في ا لد ﱠ ين كله، أو في بعضه إن اختلف مع الراهن في ذلك، وكذلك القول قوله فيما اتفقا عليه في جميع ما يدركه على الراهن من النفقات كلها، وعليه اليمين في هذا كله، ويكون القول قول الراهن في ِ كثرة ا لد ﱠي ن وقلته، وفي جنس الدين ما هو، وفي الأجل إن كان في عقد الرهن ْ « أو لم يكن، أو حلول الأجل بعد اتفاقهما عليه وأشباه ذلك(١) . وهكذا يظهر من عبارة أبي ا لعباس أنه جعل المرتهن أ مينا ً على الرهن محافظا ً عليه من التلف، ولا يتصرف فيه دون إذن الراهن، وعند الاختلاف الأمين مصد » يؤخذ بقوله مع يمينه؛ لأن ﱠ .« ق باليم ين٢ ومنها في الرهن أيضا ً : أنه لو اتفق الراهن مع المرتهن بأن يجعلا ٍ الرهن بيد أمين عد ْل يحافظ عليه، ويطل َ ق عليه عند الفقهاء ب المسل ﱠ ط أو ا لعد ْ ل، وهو رجل عد ْ ويجوز للراهن والمرتهن » : ل أمين. قال ا لشماخي في هذا الصدد إذا اتفقا على أن يجعلا بينهما رجلا ً عد ْلا ً يكون الرهن بيده، كما يكون رهنا ً بيد المرتهن... ويجوز أن يجعلاه في يد أمين أو غيره إذا تراضيا على ذلك... وأصل هذه الوكالة: كل من تصح فيه الوكالة يجوز لهما أن يسلطاه، ويدل على ذلك أنه إذا اتفق الراهن والمرتهن على المسلط فنزعاه من التسلط، فقد زال، ولا يزول بأحدهما دون صاحبه... (١) . أبو العباس أحمد: كتاب أبي مسألة، ص ١٢٠ وكذلك أ يضا ً على هذا المعنى، يجوز أن يسلطاه على بعض هذه الوجوه فقط، مثل أن يوكلاه على حرزه فقط، أو على بيعه فقط، أو قبض الثمن إذا بيع حتى يدفعه إلى المرتهن فقط، ف لا يتعدى م ا وك ّ ل عليه مما ق يد له إلى غيره، ّ وليس له من غير ما قيد له فعل لم يرجع إليه شيء غير ما قيد له، وإن ذهب الرهن على هذا المعنى في يد المسلط فهو من مال الراهن؛ لأنه لم يكن في «... يد المرتهن، وقال آخرون: هو من مال ا لمرتهن(١) . والمسل » : ويضيف ا لشماخي في السياق نفسه ّ ط مصدق في دعواه إذا ادعى ّ تلف الرهن أو ثمنه إذا باعه، أو الفضل الذي كان فيه عن حق المرتهن إذا باعه؛ لأنه أمين لهم، وقال بعضهم: إن اتهم في جميع هذه الوجوه التي ذكرنا « فعليه ا ليمين(٢) . ويفهم من عبارة الشماخي أن ّ من الفقهاء م ن لا يحم ل ا لمسل ّ ط الأمين َ ُُّ على الرهن ضمان تلفه؛ لأنه مصدق، ومنهم من لا يصدقه إلا باليمين؛ لأنه متهم بإتلاف الرهن، ولم يشر إلى الرأي القائل بتضمينه ما دام مت ّ هما، ُ وعليه البينة لإثبات صدقه، ولعله يميل إلى الرأي الأول وهو تصديق الأمين في دعواه بغير يمين، وعندي أن الأمين على حفظ الرهن مثل غيره مصد ﱠ ق بيمينه سواء كان متهما بالتضييع والتقصير أم غير متهم لنفي التهمة عن ن فسه. د في الإعارة: نقل ابن ب ركة في معرض حديثه عن إعارة الأرض للانتفاع بها، قول أبي في رجل طلب إلى رجل أ رضا » عبد الله محمد بن محبوب ً له يبني فيها بناء، ِ وما غ َر م ضمن له رب الأرض، على أن يكون البناء لرب الأرض؛ لأنه م صد ّ ق، َُ (١) ١٩٥/ الشماخي: الإيضاح، ط، دار الفتح بيروت، ٤ - .١٩٧ (٢) .١٩٩/ الشماخي: المصدر نفسه، ٤ والقول قوله في النفقة مع يمينه، وكذلك إذا أمره أن ينفق على عياله ويضمنه « له، أن القول قوله، وهما مدعيان على ا لغير(١) . وكيف جاز أن يقبل قولهما، » : واعترض ابن ب ركة على هذا القول وتساءل « في هذا ن ظر(٢) . ولعل اعتراض ابن بركة على قول ابن محبوب سببه أنه ي عتبر َ كل من أنفق على البناء من عنده، أو أنفق على أولاد غيره مدعيان للنفقة، ويطالبان بالتعويض، والمدعي لا يقبل دعواه إلا بالبينة، أو تصديق المدعى عليه لدعواه، ف لا يقبل قولهما إلا بذلك، أما ابن محبوب فيعتبرهما أمينان فيما استأمنهما فيه مالك الأرض وصاحب العيال، فيصدق قولهما في النفقة مع فلا حاجة إلى البينة ما داما غير م تهمين، ،« الأمين مصدق ب اليمي ن » اليمين؛ لأن ُ وما أنفقاه كان باتفاق ورضى ا لطرفين. ه في باب الكراء: عن رجل اكترى أ رضا » أشار ابن جعفر إلى المعنى المتقدم، فقال لما سئل ً بكراء معلوم إلى وقت معلوم، على أن يبني فيها، ويرفع عنه ما أنفق من الكراء الذي عليه، قال ذلك جائز، ومصد ّ « ق فيما أنفق مع ي مينه(٣) ؛ لأنه أمين في قوله الأمين مصدق ب اليمين » و .« (١) .٢٧٠/ ابن بركة: الجامع، ٢(٢) ابن بركة: نفسه. (٣) .٢٩٦/ ابن جعفر: الجامع، ٥ k :IóYÉ≤dG áfÉμe :’hCG تعد ّ الحدود تسقطب الشبهات » : قاعدة « من القواعد الفقهية الهامة والمشهورة في باب الحدود والجنايات، ولها علاقة وثيقة بنظرية القضاء وطرق الإثبات، فهي قاعدة جليلة في باب القضاء والأحكام والمرافعات، وتتجلى أهميتها في اعتماد مبدأ الاحتياط والتدقيق في تنفيذ العقوبات المقدرة، كالحدود والقصاص، وهي مقررة عند جماهير العلماء، ومستندة إلى سن ﱠ ة ا لنبي صلى الله عليه وسلم ُ القولية والفعلية، واشتهر تطبيقها في عصر الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين ومن بعدهم، وقد اعتمدها ا لإباضية كغيرهم من الفقهاء في الإفتاء، ِ والقضاء، لتحقيق العدالة، ومراعاة جانب المتهمين الذين هم في أشد الحاجة لالتماس الأعذار، والعقوبات المخففة، فظهر أثرها في فروعهم الفقهية، خاصة في باب الحدود والقصاص والتعزير، ويؤيد ذلك ما ذكره ابن ب ركة في إشارة والحد تراعى فيه الشبهة، فمن احتمل الشبهة سقط » : صريحة إليها إذ يقول بأمر النب ي صلى الله عليه وسلم « (١) . فمن هذا النص وغيره يظهر جليا ً مدى حرص الحاكم المسلم على حفظ ِ كرامة الإنسان، وأنه لا تستباح نفس و لا عرض بمجرد الشبهة، فقد درأ الرسول صلى الله عليه وسلم الحدود بأدنى شبهة، كما تؤكد ذلك ظواهر النصوص التي نذكرها لاحقا ً. فإذا ثبتت جاز ،« الحدود تسقط ب الشبها ت » ويعتبر فقهاء ا لإباضية أن لصاحب الحق أن يعفو عن الجاني، ويصطلحا قبل وصول أمرهما إلى الحاكم، (١) .٥٣٢/ ابن بركة: الجامع، ٢ k :IóYÉ≤dG ≈æ©e ¿É«H :É«fÉK فإن بلغ ذلك ف لا يجوز العفو عن الحدود، ولا الشفاعة فيها، يقول ا لبسيوي والحدود عند المسلمين تدرأ ب الشبها ت، وقد كانوا يتعارفون » : في هذا الشأن بينهم في الحدود ما لم يترافعوا إلى الحاكم، وإذا رفع إلى الحاكم لا تعطل « الحدود(١) . وقد وردت هذه القاعدة في المصنفات ا لإباضية بصيغ متقاربة، تتضمن معنى واحدا ً تدرأ الحدود ب الشبهات » ، وأشهرها « (٢) . وقريبا ً الحد يندفع » : منها « بالشبهة(٣) . الحد في اللغة: المنع، وسميت العقوبات حدودا ً لكونها مانعة من ارتكاب أ سبابها(٤) ، وقيل هو الحاجز بين شيئين(٥) . أما في الاصطلاح: فقد اختلفت عبارات الفقهاء في تعريفه، فقال بعضهم: عقوبة مقدرة شرعا ً ، وجبت حق ّا ً لله تعالى، لتمنع من الوقوع في مثلها. وقال آخر: عقوبة مقدرة وجبت على الجاني. وقال آخرون: الحدود هي: العقوبات (١) .٨١/ البسيوي: جامع أبي الحسن البسيوي، ٤ (٢) ٣٦٣ ،٢٦٩ ،١٦٥/ ١٨٥ . و ٢ / ابن بركة: المرجع السابق، ١ - ،٥٠٤ ،٤٧٧ ،٤٧٦ ،٣٦٤ ١٢٦ . والكندي ، ٥٥٠ . جابر بن زيد: من جوابات جابر بن زيد، ١٢٥ ،٥٣٢ ،٥٢٨١٥ . أ بو سعيد الكدمي: الجامع / ١٢١ و ٦٧ ،٩٧/ محمد بن إبراهيم: بيان الشرع، ج ٦٠ ٨٥ . الثميني: الورد ،٤٨ ،٢٦ ،٩ ،٦/ ٩٧ . الكندي أ بو بكر: المصنف، ٤٠ / المفيد، ٤ ٢٠٥/ ٤١٤ . وطلعة الشمس، ٢ ،٤٠٨/ البسام، ص ١٤٤ . السالمي: العقد الثمين، ٤ - .٢٠٦ جناون بن فتى وعب دا لقهار بن خلف وآخرون: أجوبة علماء فزان، ٦٩ - .٧٠ (٣) بكلي عبد الرحمن: ٰ ملحق القواعد والضوابط الفقهية، في كتاب النيل وشفاء العليل، للثميني، .١١٠١/٣(٤) ٢٨٤ . الشوكاني: نيل الأوطار، / الفيروز آبادي: القاموس المحيط، باب الدال فصل الحاء، ١ .٩٨/٧(٥) .١٦٠/ إبراهيم مصطفى وآخرون: المعجم الوسيط، ١ ِ الشرعية التي جعل الله لها مقدارا ً محددا، ومنه الحدود المقدرة في الشريعة، كالجلد والرجم ل لزاني(١) . ويدخل تحت الحدود العقوبات المقدرة لجرائم الحدود، كالزنا، وشرب الخمر، والقذف، والعقوبات المقدرة لجرائم القصاص والدية، كالقتل العمد، وشبه العمد، والجناية على ما دون النفس عمدا أو خطأ، أما العقوبات المقدرة لجرائم ا لتعازير (٢)فلا تعتبر حدودا ً ؛ لأنها عقوبات غير مقدرة، وجرائم التعازير غير محدودة، قد نصت الشريعة على بعضها، وهو ما يعتبر جريمة في كل وقت، كالربا، وخيانة الأمانة، والسب والرشوة(٣) . ّ الشبهة في اللغة: معناها الالتباس وعدم التميز، أي: لا يتميز أحد الشيئين من الآخر لما بينهما من التشابه عينا كان أو معنى. ومنه قوله تعالى: ﴿ < => ﴾ )البقرة :(٢٥ ؛ أي: يشبه بعضه ب عضا ً لونا ً لا طعما ً وحقيقة(٤) . وسميت شبهة؛ لأنها تشبه الحق، والجمع شبه وش ُ بهات، قال تعالى: ﴿ KJI ONML ﴾ (الن س اء: ١٥٧ ( . أي: م ُث ﱢ ل لهم من حسبوه إ ياه(٥) . (١) ٣٠٥ . الماوردي: / الجرجاني: التعريفات، ص ٩٧ . العنقري: الروض المربع وحاشيته، ٣ ٤٧ . العاملي ياسين عيسى: / الأحكام السلطانية، ص ٣٢١ . البهوتي: كشاف القناع، ٤ ١٤١٤ ه/ ١٩٩٣ م، ، الاصطلاحات الفقهية في الرسائل العلمية، دار البلاغة، بيروت، ط ١ . ص ٦٥ (٢) التعازير: جمع تعزير وهو في اللغة مأخوذ من فعل عزر، فنقول عزره؛ أي: منعه ورد ّ ه بمعنى أد ّ به، وفي الاصطلاح هو: التأديب دون الحد، كتأديب من شتم دون قذف، وقيل يطلق على ِ العقوبة المتروك تقديرها إلى الحاكم الشرعي مقابل الحد، وهو منوط ب ن َ ظر الحاكم، يراجع: . الجرجاني: التعريفات، ص ٨٥ العاملي ياسين: المرجع السابق، ص ٤٦ (٣) ٢٠٧ . البدوي يوسف أحمد: أحكام الاشتباه / عودة عبد القادر: التشريع الجنائي، ١ . الشرعية، ط ١، دار النفائس للنشر والتوزيع، الأردن، ١٤٢١ ه/ ٢٠٠١ م، ص ٢٧١(٤) الأصفهاني الراغب: المفردات في غريب القرآن، ط دار المعرفة، بيروت، ص ٢٥٧ . نديم . مرعشلي وإخوانه: إيضاح مختار الصحاح لأبي بكر الرازي، لفظ (ش ب ه)، ص ٢١٧(٥) . الأصفهاني: المصدر نفسه، ص ٢٥٨ k :á¡Ñ°ûdG ´GƒfCG :ÉãdÉK والشبهة في الاصطلاح: ما التبس أمره ف لا يدري أحلال هو أم حرام، وحق هو أم ب اطل(١) ، وقيل: هي ما يشبه الثابت وليس بثابت، أو هي وجود المبيح صورة مع عدم حكمه أو حقيقته، وقيل: هي ما لم يتيقن كونه حراما ً أو (٢) حلالا ً. والمعنى الإجمالي للقاعدة : أن ّ الحدود الشرعية تسقط على الجاني إذا ظهرت شبهة تمنع من تنفيذه، سواء كانت الشبهة في الفاعل، أو المحل، أو الملك، أو العقد، أو الطريق، فكل هذه الشبه صالحة لدرء الحد عن المتهم والجاني، وسببا ً كافيا ً لإسقاط الحد عنه. وبناء عليه، ف لا يجوز للقاضي أن يحكم بالعقوبة إلا بعد التثبت من أ ن ّ ً الجاني قد ارتكب الجريمة، وأن ّ النص ا لمجرم ينطبق على الجريمة، فإذا كان ّ ثمة شك في أن الجاني قد ارتكب الجريمة، كما إذا رجع الشهود عن شهادتهم أو في انطباق النص ا لمجرم على الفعل المنسوب للجاني، كمن تزوج بلا ﱢ شهود، أو بغير ولي وجب الحكم بالبراءة، أو تخفيف الحكم ونقله من الحد ِ إلى التعزير، فبهذا الشك يكفي لأن ْ يكون شبهة تسقط ا لحد(٣) . قسم الفقهاء الشبهة إلى أربعة أقسام: (١) سعدي أ بو جيب: القاموس الفقهي، ص ١٨٩ . قلعة جي وقنيبي: معجم لغة الفقهاء، ص ٢٥٧ . المرغيناني الحنفي أ بو الحسن علي بن أبي بكر عبد الجليل الراشدي: الهداية شرح بداية المبتدي، صححه طلال يوسف، ط دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان، .٣٤٤/ ١٤١٥ ه/ ١٩٩٥ م، ١ (٢) الجرجاني: التعريفات، ص ١٣٧ . عبد العزيز عامر: الأحوال الشخصية، ص ١٢٧ - ١٢٨ . . العاملي ياسين: الاصطلاحات الفقهية، ص ١١٤ (٣) عزام عبد العزيز: قواعد الفقه الإسلامي، ص ٣٦٩ - .٣٧٠ النوع الأول: شبهة في الفاعل أو الفعل: وتسمى شبهة الاشتباه، وهي تتحقق في حق من اشتبه عليه الحل والحرمة، فيظن غير الدليل دليلا ً ، ف لا بد فيها من الظن وإلا ف لا شبهة أصلا ً ، كمن يجد امرأة أجنبية نائمة في فراشه فيظنها زوجته فيأتيها، ثم ي تبين أنها ليست زوجته، ﱠ وكمن ت ُزف إليه امرأة على أنها زوجته فيدخل بها، ثم يظهر أنها ليست بزوجته، َﱡ أو يظن حل وطء جارية زوجته أو أبيه أو أمه، وهي ليست بشبهة في حق من لم يشتبه عليه، وكوطء المعتدة من طلاق الثلاث ظان ّا ً أنها تحل ل ه. ففي تلك الحالات وما شابهها لا حد عليه ولا تعزير؛ لأنه ف عل ٌ يعتقد وهذا إذا لم يكن مقصرا ،« الحدود تدرأ ب الشبها ت » إباحته بما يعذر مثله؛ لأن ً في معرفة من وطئها، أما لو قصر في معرفتها فإنه ي عز ّ ر. فأساس الشبهة هنا ظن الفاعل واعتقاده، بحيث يأتي الفعل وهو يعتقد أنه لا يأتي محرما ً ، بخلاف ما لو كان يعلم أنه يأتي ف علا ً محرما ً فلا شبهة له، ويقام عليه الحد، كمن يريد أن يطأ امرأة أجنبية فيطأ غيرها، فإن الحد يقام عليه؛ لأنه لا يعذر لهذا، فأشبه ما لو قتل رجلا يظنه ا بنه. وسميت شبهة فاعل؛ لأنها ترجع إلى الواطئ نفسه حيث يغلب على ظنه أنه ما قام به وقع في محله، حيث اشتبهت عليه ا لموطوءة(١) . النوع الثاني: شبهة في المحل: وتسمى الشبهة الحكمية، وشبهة ملك، وشبهة الدليل؛ أي: شبهة في حكم الشرع بحل المحل، وهي أن يظن المحل محلا ً فإذا هو ليس كذلك، وتتحقق بقيام الدليل النافي للحرمة في ذاته، ولا تتوقف على ظن الجاني واعتقاده. (١) ٩٢ . عزام عبد العزيز: المصدر السابق، / النووي: روضة الطالبين، دار العلمية، لبنان، ١٠ ٢٦٢ . الجرجاني: المرجع ، ص ٣٥١ . البدوي يوسف أحمد: أحكام الاشتباه، ص ٢٦١ . السابق، ص ١٣٧ . قلعة جي قنيبي: المعجم، ص ٢٥٧ وأهم الشبهات التي ترفع إلى المحل أن تكون لهذه الشبهة في الموطوءة ذاتها من حيث الحل والحرمة، كمن يطأ زوجته وهي حائض، أو يطؤها في دبرها، فالشبهة هنا قائمة في محل الفعل المحرم؛ لأن المحل مملوك له، ومن حقه مباشرة زوجته إلا أنه وقع في الدبر أو في القبل أثناء الحيض، ومن ث َم ّ لا يقام عليه الحد، سواء اعتقد الفاعل بحل الفعل أم بحرمته؛ لأن أساس الشبهة ليس الاعتقاد أو الظن، وإنما أساسها محل الفعل وتسلط الفاعل شرعا ً عليه، وسميت شبهة الملك أ يضا ً ؛ لأنه يملك من الشيء جزءا منه، كسرقة ً الشريك من مال الشركة، ووطء الأمة المشركة، أو يكون له فيه شبهة ملك، كسرقة الشخص من مال ابنه، لقول ه صلى الله عليه وسلم : « أنت ومالك لأبيك »(١) . النوع الثالث: شبهة العقد: وهي م ا وجد صورة العقد لا حقيقته، فهذه الشبهة تتحقق بأن توجد صورة العقد في الزواج مثلا ً : إذا تزوج امرأة وكانت حراما على الزوج حرمة ثابتة بالإجماع كأمه وأخته، فإذا وجد العقد فصورته تكون مسقطة للحد ولو كان التحريم على التأبيد؛ لأن صورة العقد من أهله إن لم يكن مثبتا ً للحل فهو مثبت للشبهة المسقطة للحد، وذلك يتحقق بوجوده صورة، إلا أن هذه الشبهة محل خلاف بين الفقهاء، فذهب الجمهور ومنهم ا لإباضية أن معنى العقد من الرجل على المرأة التي لا يحل له نكاحها لا يعتبر شبهة تدرأ الحد، بل الحد واجب ما دام يعلم ا لتحريم. وهنا نظر ا لإباضية إلى عاملين أساسين هما التعمد والعلم، واعتبروا من يفعل ذلك مستحلا ًّ ما حرم الله، فهو مثل المرتد يجب عليه حد القتل بالسب، (١) ٧٦٩ ، من حديث جابر بن عبد الله، بإسناد صحيح، ينظر: / أخرجه ابن ماجه، السنن، ٢ الزيلعي عب دا لله بن يوسف: نصب الراية لأحاديث الهداية، ط ٢، المكتبة الإسلامية، ١٩٧٣ م، . ٣٣٧ . السخاوي: المقاصد الحسنة، ص ١٠٠ /٣ وليس حد الزنا، أما إذا لم يتعمد ذلك فيسقط عنه الحد، ويجب عليه التعزير أو النكال، وهي عقوبة غير مقدرة(١) . وذهب أب و حنيفة والنووي وزفر إلى أن مجرد العقد على المرأة، وإن كانت لا تحل له بحال، يعتريه شبهة تدرأ الحد وإن قال: علمت ُ أنها علي ّ حرام(٢) . منشأ الخلاف في شبهة العقد: ومدار الخلاف عند الفقهاء في وجوب الحد أو عدم وجوبه على من َ عقد على امرأة لا تحل له ثم دخل بها، ناتج من أ ن ّ هذا العقد يوجب شبهة أو لا؟ فعند الجمهور: لا يوجب شبهة؛ لأن الوطء في هذه الحالة وطء في فرج امرأة مجمع على تحريمه من غير ملك ولا شبهة ملك، والواطئ من أهل الحد عالم بالتحريم ومتعمد في فعله، فيلزمه الحد، كما لو لم يوجد العقد، فيكون فعله هذا زنا حقيقة لعدم الملك والعقد(٣) ، وإليه أشار الله تعالى بقوله: ﴿ LKJIHGFEDCBA@ QPONM ﴾ )النساء :(٢٢ . (١) ٢٣١ . الجناوني: كتاب النكاح، ص ٣٢ . أطفيش: شرح / العوتبي: كتاب الضياء، ٨ ٤٣٤ . الصاوي أحمد: بلغة السالك، / ٣٨ . ابن رشد: بداية المجتهد، ٢ / كتاب النيل، ٦ ٢٦٠ . ابن عبد البر: الكافي في فقه أهل المدينة، ص ٢٤٠ . الشربيني الخطيب: مغنى /٢١٤٦ . ابن الهمام محمد بن عبد الواحد السواسي الحنفي، فتح القدير على / المحتاج، ٤ ٢٤٩ و ٢٥٣ . /٥ ، الهداية، ط ١، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر ١٩٧٠ ١٨٢/ ابن قدامة، المغني، ٨ - .١٨٣ (٢) ٢٣ . / ٢٥٣ . ابن عابدين: حاشية رد المحتار، ٤ ،٢٤٩/ ابن الهمام: فتح القدير، ٥ التفتازاني سعد الدين مسعود بن عمر: شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول .١٨٤/ الفقه، دار الكتب العلمية، بيروت، ٢ (٣) ٣٨ . الجناوني: ،٣٧/ ٢٠٦ . أطفيش، شرح النيل، ٦ / الكدمي أ بو سعيد: الاستقامة، ٣ ١٨٢ . ابن الهمام: المرجع السابق، / كتاب النكاح، ص ٣٢ . ابن قدامة: المغني، ١ . ٢٦٠ . ابن عبد البر: الكافي، ص ٢٤٠ / ٢٥٣ . الصاوي أحمد: بلغة السالك، ٢ /٥ بينما يعتبر أب و حنيفة وسفيان الثوري وزفر أن ّ هذا العقد يوجب شبهة، لقول ه صلى الله عليه وسلم : أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها » « المهر بما استحل من فرجها(١) ، فمع الحكم ببطلان النكاح أسقط الحد به، وهذا دليل على أ ن ّ صورة العقد مسقطة للحد، وإن كان باطلا شرعا(٢) . النوع الرابع: شبهة الطريق: المراد بالطريق المذهب، وهي كل جهة صححها بعض العلماء الذين يعتد برأيهم، وأباح الوطء بها، بينما حرمها آخرون، وهي تكون في الوطء نفسه، بأن يقع حلالا ً عند قوم وحراما ً عند آخرين، ويقيم كل فريق منهم الدليل على صحة دعواه، فتنشأ الشبهة من هذا التعارض. قال ا لنووي : وأما الشبهة في » الجهة، فقال الأصحاب: كل جهة صححها بعض العلماء وأباح الوطء بها، الأخذ فيها على المذهب، وإن كان الواطئ يعتقد التحريم، وذلك كالوطء في « النكاح بلا ولي، وبلا شهود، ونكاح ا لمتعة(٣) . وكذلك نكاح الزانية حرام وباطل عند ا لإباضية صحيح عند جمهور العلماء، والنكاح بلا شهود إذا أعلن عنه صحيح عند م الك باطل عند الجمهور، والنكاح بلا ولى صحيح عند أبي حنيفة وباطل عند الجمهور، ونكاح المتعة صحيح عند الشيعة ا لإمامية باطل عند الجمهور، وكل نكاح مختلف فيه ي عد ّ داخلا في هذا النوع من ا لشبهة(٤) . ولا يجب الحد بالوطء في » : يقول ابن قدامة ا لمقدسي في هذا الصدد (١) رواه الترمذي، كتاب النكاح، باب لا نكاح بلا ولي، رقم ١١٠٢ ، وأحمد، في مسند الأنصار، رقم ٢٥٣٦٥ ، عن عائشة. قال الترمذي: حسن. (٢) . ٨٥ . عزام عبد العزيز: قواعد الفقه، ص ٣٥٣ / السرخسي: المبسوط، ٩(٣) .٣١٢/ النووي: روضة الطالبين، ٧(٤) ٦٥ ،٤٣ ، ابن خلفون المزاتي: أجوبة ابن خلفون، ص ٣٥ - ، ٧١ . عزام عبد العزيز، ص ٣٥٤ .٣٦٠ نكاح مختلف فيه، كنكاح المتعة، والشغار، والتحليل، والنكاح بلا ولي ولا شهود، ونكاح الأخت في عدة أختها البائن، ونكاح الخامسة في عدة الرابعة البائن... وهذا قول أكثر أهل العلم؛ لأن الاختلاف في إباحة الوطء فيه شبهة، والحدود تدرأ ب الشبهات « (١) . ويستفاد مما تقدم أن ا لحنفية انفردوا بشبهة العقد، وأن الجمهور انفردوا بشبهة الطريق إلا إذا اعتبرنا أن شبهة العقد وشبهة الطريق داخلتان في شبهة المحل، أي الشبهة الحكمية، فيكون الفريقان قد اتفقا في شبهة المحل وشبهة الفاعل(٢) . هذا وقد ب ي ن ا لعز بن عب دا لسلام أن الشبهة في الفاعل قد درأت عن الواطئ ّ الحد؛ لأنه غير آثم لعدم تعمده للجريمة، وعدم هجومه عليها ق صدا ً ، وأن ّ الشبهة في المحل درأت الحد؛ لأن ما فيها من ملك الفاعل يقتضى الإباحة، وما فيها من ملك غيره يقتضي التحريم، ف لا تكون المفسدة فيه كمفسدة الزنا المحض، وأن الشبهة الثالثة وهي الشبهة في السبب والطريق قد درأت الحد لاختلاف العلماء، وإنما لتعارض أدلة التحريم والتحليل، وإنما غل ّ ب درء الحدود مع تحقيق الشبهة؛ لأن المصلحة العظمى في استيفاء الإنسان لعبادة ا لد ّ يان، والحدود أسباب محظرة، ف لا تثبت إلا عند كمال المفسدة وتمحضها(٣) . وإذا كان الفقهاء قد اتفقوا على درء الحدود بالشبهات إلا أنهم لا يتفقون على كل الشبهات كما بينا، فهناك ما يراه البعض شبهة صالحة للدرء، بينما لا يراه البعض الآخر شبهة(٤) . (١) ١٨٣/ ابن قدامة: المغني، ٨ - .١٨٤ (٢) . البدوي يوسف، أحكام الاشتباه، ص ٢٦٣(٣) ١٨٤ . القرافي: / ١٣٧ . وينظر: التفتازاني، التلويح، ٢ / ابن عبد السلام: قواعد الأحكام، ٢ .١٧٢/ الفروق، ٤(٤) .٢٠٩/ عودة عبد القادر، التشريع الجنائي، ١ k :IóYÉ≤dG π«°UCÉJ :É©HGQ هناك شواهد كثيرة تؤيد هذه القاعدة وتعززها في ا لسن ﱠ ة المطهرة، وآثار ﱡ الصحاب ة، وإجماع العلماء، نذكر منها: أ من السن ﱠ ة النبوية: ﱡ ١ يعتبر ا لإباضية وغيرهم أ ن ّ الأصل في هذه القاعدة قول الرسو ل صلى الله عليه وسلم : « أدرؤوا الحدود بالشبهات »(١) . وهذا الحديث روي بألفاظ مختلفة ومن طرق متعددة، لكنها لا تخلوا عن مقال في سندها(٢) . (١) ، رواه ابن ماجه، كتاب الحدود، باب الستر على المؤمن ودفع الحدود بالشبهات، رقم ٢٥٤١ رواه الترمذي وذكر أنه قد روى موقوفا » : عن أبي هريرة. قال الشوكاني ً وأن الوقف أصح، قال وقد روى عن غير واحد من الصحابة @ .١٥٦/ نيل الأوطار، ٧ .« أنهم قالوا مثل ذلك (٢) أدرؤوا الحدود بالشبهات واقبلوا الكرام » : أخرجه ابن عدي في جزء من حديث ابن عباس ينظر، كنز العمال، رقم ١٢٩٧٢ ، العجلوني إ سماعيل بن « عثراتهم إلا في حد من حدود الله محمد الجراحي، كشف الخفاء ومزيل الالتباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، وفي سنده من » : ٧٣ . قال ابن حجر / ط ٣/دار إحياء التراث العربي بيروت، ١٣٥١ ه ، ١وقال الشوكاني: الصواب أن الحديث موقوف، ينظر: الشوكاني، نيل الأوطار، طبعة « لا يعرف ١١٨ ، ولكن الحديث المذكور روي بلفظ / مصطفى البابي الحلبي، مصر، ٧ ادرؤوا الحدود » « بالشبهات في مسند أبي حنيفة للحارثي، عن ابن عباس مرفوعا ً . ينظر: الحديث الرابع، في ك، الحدود، ص ٣٢ من طبعة المتن، مطبعة شركة المطبوعات العلمية، ص ١٥٧ . من تنسيق النظام شرح الإمام للعلامة السنبهلي، ط، كراتشي)، فالظاهر أن هذا الإسناد صحيح فإن سنده ِِ فيه: عن مقسم عن ابن عباس، ومقسم ثقة، قال عنه أ حمد بن صالح المصري: ثقة ثبت لا شيء ِ فيه، وقال ا لع جلي: مكي تابع ثقة، ووث ّ قه ي عقوب بن سفيان والدار قطني أ يضا ً ، ينظر: ابن حجر، َ ٢٨٩ . وذكره الحافظ ابن ،٢٨٨/ تهذيب التهذيب، رقم ( ٥٠٧ )، ط، دار صادر، بيروت، ١٠ ٣٥٣ ، وفي مسند أبي حنيفة للحارثي من طريق م / حجر في تلخيص الحبير، ٢ ِ قسم عن ابن عباس بلفظ الأصل مرفوعا ً . أ ه ، وسكت عنه فهو حسن أو صحيح على أصله، إعلاء السنن، ٥٢٣ ، وقال ابن حجر ورواه أب و محمد بن حزم في ك، الإيصال من حديث عمر بن /١١الخطاب 3 مرفوعا ً عليه بإسناد صحيح. ينظر: العسقلاني أ حمد بن علي بن محمد بن حجر، .٥٦/ التلخيص في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، المكتبة الأثرية، باكستان، ٤ أخرجه ابن ماجه من حديث أبي هريرة 3 : ادفعوا الحدود » « ما استطعتم(١) . وقال مسدد في مسنده: حدثنا يحيى ا لقطان عن شعبة عن عاصم عن ابن وائل عن ابن مسعود 3 وهو .« ادرؤوا الحدود بالشبهة » : قال موقوف حسن ا لإسناد(٢) . وأخرجه ا لطبراني عنه موقوفا ً ادرؤوا الحدود والقتل » « عن عباد الله ما استطعتم(٣) . وأخرجه الترمذي والحاكم وغيرهم من حديث عائشة # : ادرؤوا » الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الإمام لأ َ « ن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في ا لعقوبة(٤) . (١) رواه ابن ماجه، كتاب الحدود، باب الستر على المؤمن ودفع الحدود بالشبهات، رواه الترمذي وذكر أنه قد روى م وقوفا » : رقم ٢٥٤١ ، عن أبي هريرة. قال الشوكاني ً وأن الوقف أصح قال وقد روى عن غير واحد من الصحابة @ .« أنهم قالوا مثل ذلك .١٥٦/ نيل الأوطار، ٧ (٢) قال الشوكاني: وأصح ما فيه عب دا لله بن مسعود موقوفا ً : ادفعوا القتل عن » ،« ادرؤوا الحدود » ١١٨ ، وفي فيض القدير للمناوي: / وينظر: الشوكاني، نيل الأوطار، ٧ « المسلمين ما استطعتم عب دا لله بن مسعود موقوفا ً وهو » : بلفظ الإفراد، قال ابن حجر « ادرؤوا الحدود بالشبهة » : بلفظ المناوي محمد عبد الرؤوف، فيض القدير شرح الجامع الصغير، .« موقوف حسن الإسناد .٢٢٧/ ط ٢، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت ١٣٩١ ه/ ١٩٧٢ م، ٢ (٣) ،٩ رواه الطبراني، المعجم الكبير، من اسمه عبد الله، عب دا لله بن مسعود الهذلي، رقم: ٥٣٨ عن عب دا لله بن مسعود، (الجامع للحديث النبوي). (٤) ، رواه ابن ماجه، كتاب الحدود، باب الستر على المؤمن ودفع الحدود بالشبهات، رقم ٢٥٤١ رواه الترمذي وذكر أنه قد روى م وقوفا » : عن أبي هريرة. قال الشوكاني ً وأن الوقف أصح قال وقد روى عن غير واحد من الصحابة @ ١٥٦ . رواه / نيل الأوطار، ٧ .« أنهم قالوا مثل ذلك ٢٥ . والحاكم في /٤ ،( الترمذي، كتاب، الحدود، باب ما جاء في درء الحدود رقم: ( ١٤٢٤ ٣٨٤ . رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب، الحدود رقم ( ٥٧٠١٧ ). قال / المستدرك، ٤ أخرجه البيهقي عن عمر وعقبة بن عامر ومعاذ بن جبل موقوفا » : السيوطي ً .« ينظر: السيوطي جلال الدين عب دا لرحمن، الأشباه والنظائر في قواعد وفروع الشافعية، المكتبة العصرية، ٰ . صيدا، لبنان، ص ١٦١ وجه الاستدلال بالحديث: أشار بعض الفقهاء إلى مدلول هذا الحديث وأهميته في باب القضاء وتنفيذ العقوبات، فذكر أن الناظر في حديث أم المؤمنين عائشة # يجده يفرض على القاضي عند النظر في القضية أن يلاحظ مبدأين أ ساسين: المبدأ الأول: درء الحد بالشبهة، وهو مأخوذ من الشق الأول من الحديث: .« ادرؤوا الحدود بالشبهات، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله » المبدأ الثاني: تفضيل الخطأ في العفو على الخطأ في العقوبة، وأساس هذا المبدأ هو الشق الثاني من الحديث: فإن الإمام لأ » َ ن يخطئ في العفو خير من « أن يخطئ في العقوبة . وفي مراعاة هذين المبدأين ضمان لتحقيق العدالة، ومراعاة لجانب المت ّ همين الذين هم في أشد الحاجة لالتماس الأعذار، وفيه كذلك بيان حرص الإمام على حفظ كرامة الإنسان، وأنه لا تستباح نفسه ولا عرضه بمجرد ا لشبهة(١) . هذا وقد يثبت في حق المتهم دليلان أحدهما يثبت عليه الجريمة، ويلزمه الحد، والآخر ينفي عنه ذلك، فالشارع الحكيم يرشد القائمين بتنفيذ الحدود إلى ترجيح الدليل المسقط للحد، لأجل تعارض الأدلة، وخوفا ً من الوقوع في ومنها أ ن » : الخطأ، ومراعاة لمصلحة المتهم، يقول ا لسالمي في هذا المعنى ّ (الخبر) الدال على درء الحد مقد ّ م على الدال على ثبوته؛ لأن الحدود تدرأ بالشبها ت، ولأن الخطأ في ترك الحد أ ه ْون من الخطأ في فعله، ولا شك أن َ الخبر المقتضي لسقوط ا لحد ّ يورث شبهة، فيسقط به الحد؛ ولأن مداخل « الخطأ والغلط في إثبات الحد أكثر منها في درء ا لحدود(٢) . (١) . عزام عبد العزيز: قواعد الفقه، ص ٣٦٨(٢) ٢٠٥/ السالمي: طلعة الشمس في الأصول، ٢ - .٢٠٦ ويضيف عبد العزيز عزام في السياق نفسه بيان أهمية مراعاة هذين المبدأين وهما: درأ الحد للشبهة، وتفضيل الخطأ في العفو، ف ضلا ً عما سبق بيانه، فإن ذلك يعني أمرين: ِ الأول: أنه لا يجوز للقاضي أن يحكم بالعقوبة إلا بعد التثبت م ن أ ن ّ الجاني قد ارتكب الجريمة، وأن النص المجرم منطبق على الجريمة، فإن كان ثمة شك في أن الجاني قد ارتكب الجريمة، كما إذا رجع الشهود عن شهادتهم، أو انطباق النص المجرم على الفعل المنسوب للجاني، كمن تزوج بلا شهود أو بغير ولي، وجب الحكم بالبراءة، فإن الحكم ببراءة المجرم في حال الشك خير للجماعة، وأدعى إلى تحقيق العدالة من عقاب البريء، وفي هذا تضييق لدائرة العقاب، وجعله رمزا ً مانعا ً بدل أن يكون عاما ً جامعا ً ، وحسب المؤمن ُ أن تكون هناك يد مقطوعة كل عام مثلا، ليكون ذلك مانعا ً زاجرا ً يجعل كل سارق يترقب مثل ما نزل بغيره، فيكون الامتناع عن السرقة، وحسب أرباب ُ الشهوات أن يكون بين أيديهم حد ّ يقام على الزنا يشهده طائفة من المؤمنين، حتى يتجهوا إلى الزواج، ويفروا من عار العقاب إلى أمن البراءة وطريق السلامة، فتنفيذ القليل من عقوبات الحد صالح للردع والزجر. الثاني: مبدأ تفضيل الخطأ في العفو، وينطبق على كل أنواع الجرائم، فهو ينطبق على جرائم الحدود، والقصاص، والدية، وجرائم التعزير، ففيه حماية المتهم لنفسه، وعرضه وماله، فيفسر بناء على هذا المبدأ كل شك لصالح المتهم(١) . وهذا يؤدي بالطبع إلى حمايته بتبرئته، أو تخفيف العقوبة عنه، ويوافق هذا ما عليه العمل في القوانين الوضعية الحديثة، فإن المحكمة إذا شك ّ ت في توافر ركن الجريمة كالقصد الجنائي في السرقة بالإكراه، ف ُسر هذا ﱢ الشك لمصلحة المتهم، واعتبرت الواقعة سرقة عادية، وعوقب عليها بعقوبة (١) .٣٧٠ - عزام عبد العزيز: قواعد الفقه، ص ٣٦٩ الجنحة ب دلا ً من عقوبة الجناية، وإذا شك ّ ت المحكمة في ثبوت الجريمة، أو في توافر ركن من أركانه حكمت ببراءة ا لمتهم(١) . ٢ أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة 3 قال: جاء رجل من بني فزارة إلى ا لنبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن امرأتي ولدت غلاما ً أسود فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هل » «؟ لك إبل قال نعم، قال: «؟ وما لونها » قال: حمر، قال: «؟ هل فيها من أورق »(٢) ُ قال: إن فيها ل ورقا ً ، قال: فأن » ّ «؟ ى أتاها ذلك قال: عسى أن يكون نزعه عرق(٣) ، قا ل صلى الله عليه وسلم : « عسى أن يكون نزعه عرق »(٤) . ٣ جرت بعض الوقائع والأحداث في عهد ا لنبي صلى الله عليه وسلم ترمز إلى اعتبار هذه القاعدة، ومدى أهميتها وخطورتها في باب الحدود، وقد أشار ا لكمال بن وفي تتبع المروي عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة ما يقطع » : الهمام إلى ذلك بقوله في المسألة، فقد علمنا أنه عليه الصلاة والسلام قال ل ماعز : لعلك قبلت، » ﱠ « لعلك لمست، لعلك غمزت(٥) ، كل ذلك يلقنه أن يقول: « نعم » بعد إقراره بالزنا، وليس لذلك فائدة إلا كونه إذا قالها ترك، وإلا ف لا فائدة... ولم يقل لمن اعترف عنده بدين لعله كان وديعة عندك فضاعت ونحوه... (١) بدوي علي: القانون الجنائي، ص ١٠٦ . كامل مرسي: شرح قانون العقوبات، .١١٥ - ص ١١٤ ِ (٢) الأوراق: هو الذي فيه سواد ليس ب صاف .ٍ (٣) المراد بالعرق هنا الأصل من النسب، ومعنى نزعه عرق أي اجتذبه إليه، وأظهر لونه عليه. . ينظر: عزام عبد العزيز، المرجع السابق، ص ٣٤٩ (٤) متفق عليه، رواه البخاري، كتاب الطلاق، باب إذا عرض بنفي الولد، رق م ٥٠٠٣ ، صحيح ٢، عن أبي هريرة. صحيح مسلم ١٧٨ . ورواه مسلم، كتاب اللعان، رقم ٨٣٤ / البخاري، ٦ .٧٢٥/ بشرح النووي، ٣ (٥) رواه البخاري، كتاب الحدود، باب: هل يقول الإمام للمقر: لعلك لمست أو غمزت، رقم: ٦، عن ابن عباس، بلفظ: لما أتى م اعز بن مالك ا لنبي صلى الله عليه وسلم قال له: ٤٥٢ لعلك قبلت، أو » «... غمزت، أو نظرت . .٢٥٠٢/ ينظر: صحيح البخاري، ٦ والحاصل: من هذا كله كون الحد يحتال في درئه بلا شك... فكان هذا ْ المعنى مقطوعا ً « بثبوته من جهة ا لشرع(١) . ب من الآثار: وردت عن ا لصحابة آثار كثيرة تدل على أ ن ّ درأ الحد بالشبهة عندهم ثابت عن رسو ل الله صلى الله عليه وسلم فهناك شواهد عديدة تؤيد هذه القاعدة وتعززها في ا لسن ﱠ ة ﱡ المطهرة منها: ١ ما روى عن عمر 3 لأن أخطئ في درء الحدود بالشبهات » : أنه قال « أحب إلى من أن أقيمها ب الشبهات(٢) . ّ ٢ أ ن « المطالب العالية » وذكر الحافظ ابن حجر في ّ أبا مطر (٣) قال: ُ رأيت عليا » ً أتي برجل فقالوا: إنه قد سرق جملا ً فلما جاء فقال: ما أراك َ سرقت! قال: بلى، قال فلعله شبه لك؟ قال: بلى قد سرق ت، قال: اذهب به يا ق ُ نبر فش ُد ّ إصبعه وأوقد النار وادع الجزار ليقطع، ثم انتظر حتى أجيء فلما قال له: أسرقت؟ قال: لا، فتركه، قالوا: يا أمير المؤمنين لم تركته وقد أ قر لك؟ قال ّ « آخذه بقوله، وأتركه ب قوله(٤) . ٣ وأخرج عب دا لرزاق في مصنفه عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن ا لمسيب قال: ذكروا الزنا ب الشام فقال رجل: زنيت ُ ، قيل: ما تقول، قال: أو (١) ابن الهمام: فتح القدير شرح الهداية. ينظر: الثميني: الورد البسام، ص ١٤٣ . وينظر: . الشيخ محمد عوامه: أثر الحديث الشريف في اختلاف الأئمة الفقهاء، ط ١، ص ١٠٨ (٢) ٢، عن رواه ابن أبي شيبة، المصنف، كتاب الحدود، في درء الحدود بالشبهات، رقم ٧٩١٧ ينظر: .« لئن أعطل الحدود بالشبهات أحب إلي من أن أقيمها » : عمر بن الخطاب، بلفظ .١١٨/ الشوكاني، نيل الأوطار، ٧ (٣) أبو مطر عمرو بن عبد الله البصري الجهني روى عن علي 3 روى عنه مختار بن نافع، وله ترجمة في لسان الميزان وفيها انه روى عنه أ يضا ً .١٩١/ معمر بن زياد. الجرح والتعديل. ٤(٤) .١١٩/ ابن حجر: المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، ٢ k :IóYÉ≤dG ´hôa :É°ùeÉN حرمه الله؟ قال: ما علمت أن الله حرمه؟ فكتب إلي عمر بن الخطا ب، فكتب: ّّ إن كان علم أن الله حرمه فخذوه، وإن لم يعلم فعلموه، وإن عاد ف خذوه(١) . ّ ولا شك أن فائدة الأحاديث والآثار المتعددة في هذا الباب بعد أن ثبت أن بعضها موقوف وبعضها مرفوع يقوي بعضها ب عضا ً في الإسناد، وتصير صالحة للاستدلال بها على هذه ا لقاعدة. ج من الإجماع: الحدود تسقط ب الشبهات » : قاعدة « قاعدة مقررة عند جماهير العلماء، وهي مستندة إلى سن ﱠ ة ا لنبي صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية، وقد اشتهر تطبيقها في عصر ُ الصحابة من غير نكير كما تقدم، وقد أجمع فقهاء الأمصار على أن الحدود تدرأ ب الشبهات . قال ابن ا لمنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن » الحدود تدرأ ب الشبهات « (٢) . وردت في المصنفات الفقهية ا لإباضية فروعا كثيرة تخرجت على هذه القاعدة من ذلك: أ في سقوط حد القذف بالشبهة: ١ ومن فروعها: ما ذكره ابن ب ركة في الرجل إذا قال لزوجته زنيت بفلان، فالحكم عند ا لإباضية يكون ق اذفا ً لها، فإن أقام بينة على دعواه، وإلا ح ُ د ّ للمقذوف، ولاعن الحاكم بينه وبين زوجته، وفرق بينهما، إلا أن يكون يكذب َّ نفسه فيسقط اللعان عنه، ويلزمه الحد لها، ويفرق بينهما ولا يجتمعان أبدا ً. (١) أورده عبد الرزاق الصنعاني: المصنف، كتاب الطلاق، باب لا حد إلا على من علمه، ٢٣٦ ، عن عمر بن الخطاب. / ٤٠٥ . والبيهقي: السنن، ٨ /٧ ،١ رق م ٣١٩٨(٢) .١٨٤/ ابن قدامة: المغني، ٨ فإن قال قائل: فلم » : احتج ابن ب ركة على من خالفه في هذا الحكم فقال فرقتم بينهما، وقد أكذب نفسه ورجوعه بعد وجوب الحكم بالفراق، ولا يسقط عنه ما أوجبه الحكم؟ والنظر يوجب عندي ألا يكون ق اذفا ً بغير زوجته؛ لأن قوله: ِ زنيت بفلان ق ذفا ً لها، وليس إذا كان ق اذفا ً بهذا القول يكون ق اذفا ً لها أ يضا ً ؛ لأنها ِ قد تزني به وهو غير زان بها من ق بل أن يكون مستكرها على زناها أو مغلوبا ً على عقله، والحد متى اعترضت فيه الشبهة سقط، لقول النب ي صلى الله عليه وسلم : ادرؤوا الحدود » « بالشبهات ما استطعتم(١) .. وإنما يكون ق اذفا ً لها لو قال لها: زنيت بفلان، وزنا بك، وكذلك لو قال: ز َ نى بك فلان، ولم يكن ق اذفا ً له دونها، فإن نفى ولدها وهي ِ زوجته لم يكن قاذفا لها، و لا لعان بينهما إلا أن يرميها بالزنا؛ لأنها قد تغلب على ِ الوطء بالاستكراه في حال النوم وحال زوال العقل بجنون أو ب رسام(٢) ، والحد َْ تراعى فيه الشبهة، فمن احتمل الشبهة سقط بأمر النب ي صلى الله عليه وسلم « (٣) . ٢ ومنها أ يضا ً ما جاء في جوابات الإمام جابر بن زيد رواية عن ا لربيع عن ضمام عن أبي ا لشعثاء في رجل قذف ابن الملاعنة قال: إنك لا َبن زانية َ َْ ِ عليه الحد. وقال الكوفيون لا حد » : ولست ب ابن فلان الذي لاعن أمه ، قال ّ « عليه؛ لأنه قذفها بمولود معطل النسب، فيدرأ عنه الحد ل لشبهة(٤) . (١) ، رواه ابن ماجه، كتاب الحدود، باب الستر على المؤمن ودفع الحدود بالشبهات، رقم ٢٥٤١ رواه الترمذي وذكر أنه قد روى م وقوفا » : عن أبي هريرة. قال الشوكاني ً وأن الوقف أصح قال وقد روى عن غير واحد من الصحابة @ .١٥٦/ نيل الأوطار: ٧ .« أنهم قالوا مثل ذلك (٢)الب ِ رسام: بكسر الباء لفظ معرب: ورم في الدماغ يتغير منه عقل الإنسان فيهذي، ويقال لمن ابتلى به مبرسم، وقال الرازي: البرسام بالكسر علة معروفة، وقيل: هو التهاب في الغشاء المحيط بالرئة. ينظر: قلجه جي وقنيبي، معجم لغة الفقهاء، ص ١٠٦ . نديم . مرعشلي وإخوانه: إيضاح مختار الصحاح، للرازي، ص ٣٢ (٣) ٥٣١/ ابن بركة: الجامع، ٢ - .٥٣٢ (٤)جابر بن زيد: من جوابات جابر بن زيد، جمع وترتيب سعيد بن خلف الخروصي، .١٢٦ ، ص ١٢٥ ٣ ومنها: في باب القذف باللواط أ يضا ً ما ذكره ابن ب ركة وأبو بكر أحمد الكندي : إن قال رجل لرجل يا ل » ُ وطي لم يكن قاذفا له؛ لأن الإضافة إلى لوط 0 وهو المدح أشبه، ولا يجب بذلك الحد؛ لأن نسبته إلى ذلك يحتمل أن يكون نسبة إلى الفعل، أو إلى لوط، فإذا اعترضت الشبهة سقط الحد عندها، وإلى هذا ذهب أ صحابنا « (١) . الإباضية . وقد تصدى ابن ب ركة إلى الاحتمالات التي اعترض بها من خالف رأي َ الإباضية في سقوط حد القذف على القاذف، وناقشهم بحججه الدامغة فقال: ولكن قالوا: إن كان قد قال له إنك تعمل عمل قوم لوط لزم الحد، وعندي »أن ا لحد ّ لا يجب هاهنا أ يضا ً ؛ لأن قوم لوط أعمالهم كانت مختلفة... فإن قال قائل: إنك تأتي الذكور في أدبارهم بغير الفرج، فإن الحد يلزمه، فإن قال قائل: لم تسقط الحد هاهنا أ يضا ً فقد يأتي الذكور في أدبارهم بغير الفرج؟ وقد لا يقوم بالفعل، ف لا يلزمه الحد عندك، قيل: أوجبنا ذلك بظاهر الكتاب فيما علمنا من قصة لوط وقومه: ﴿ ED GF ﴾ )الشعراء :(١٦٥ ، وإتيان الذكران لا يعرف إلا على هذا الوصف الذي يجب الحد ب ه. وإذا قال الرجل لجماعة لا يرميني منكم إلا ابن الزانية، فرماه واحد منهم، لم يلزمه الحد؛ لأن الحد لا يتعلق بالصفات. فإن قال رجل لرجل: بلغني عنك يا فلان إنك زان، لم يلزمه الحد بهذا القول: وعليه التعزير؛ لأنه مؤذ له بذلك، ومن قال: يا من وطئ ف رجا ً محرما ً عليه، لم يلزمه الحد؛ لأنه قد يطأ أجنبية من حيث لا يعلم على فراشه أو يطأ « زوجته وهي حائض ونحو ذلك(٢) . (١) .٨٥/ ٤٧٦ . الكندي، أ بو بكر أحمد بن عبد الله: المصنف، ٤ / ابن بركة: الجامع، ٢(٢) .٤٧٧/ ابن بركة: الجامع، ٢ وبعد مناقشة ابن ب ركة كل هذه الاحتمالات والاعتراضات، وضع ضابطا ً وكل » : يضبط العمل بهذه القاعدة عند احتمال الشك في قول القاذف، فقال لفظ يحتمل معنيين، وأمكن أن يكون قذفا، وأمكن أن يكون غير قذف، لم يحكم فيها بحكم ا لقذف « (١) ، ومث ّ والتعريض والشتم بالخيانة، » : ل لذلك بقوله َ وأك ْ ل ُ الربا وأكل الحرام، والخمر، والخنازير، ويا سكران، فليس على قائله « حد بإجماع الناس، ولكن يؤدب حتى يرتدع عن أذى ا لمسلمين(٢) . ب في سقوط حد الزنى بالشبهة: ومن فروعها: ما عرضه أبو الحسن البسيوي من صور وحالات يسقط فيها حد الزنى بالشبهة نذكر منها: ١ إذا شهد أربعة شهود على رجل أنه زنى بامرأة لا يعرفونها، فاحتج بأنها جاريته أو امرأته، فيدرأ عنه الحد لذلك، وكذلك لو ادعت هي أ يضا ً ولو ِ كان ولي ها ي نكر. ﱡ ٢ ومن شهد عليه أربعة أنه زنى بفلانة، وشهد شاهدان أنه استكرهها، فإن عليه الحد بالزنا، والصداق بالاستكراه، ويدرأ عنها الحد بذلك. ٣ يرى كثير من فقهاء الإباضية وغيرهم أن مقدمات الزنى لا يجب منها الحد ولو أقر الفاعل بذلك، أو ثبت ذلك بالشهادة ما لم يولج في المحل، ولكن يعزر الفاعل وحده إن فعل ذلك غصبا ً ، أما إن كان برضا المرأة تعزر ْ كذلك، وسقوط الحد كان للشبهة وعدم انطباق الفعل مع النص ا لمحرم. جاء في جامع ابن جعفر عن أبي علي موسى بن علي في رجل قامت عليه بينة، أو أقر أنه مس فرج امرأة بيده أو بفرجه، من غير أن يفضي إليها أو ّ ينظر بعينه، فما يلزمه من الحد؟ (١) ابن بركة: المصدر نفسه. (٢) المصدر السابق. قال: م ا يلزمه عندنا بمثل هذا حد ّ ، وإن رفع ذلك إلى الحاكم كان عليه عقوبة إن كان استكرهها، وإن طاوعته فعليهما جميعا ً ، وليس لها شيء إذا طاوعته، وإن اغتصبها حتى مس أو نظر، فالعقوبة عليه وحده، قال أب و الحواري : عليه صداقها ت اما(١) . ٤ ومن صور الزنى والوطء الحرام ما ذكره ابن ب ركة في من وطئ َ زوجة ابنه أو أمة ابنه، مع علمه بالحرمة معتبرا ً ذلك من حقه؛ لأن ابنه من كسبه وماله، وزوجته وأمته كذلك، وقد اعتبر بعض الفقهاء أن ذلك شبهة في المحل أو الدليل تسقط الحد، ويشير ابن ب ركة إلى اختلاف الفقهاء في هذه واختلفوا فيه إذا وطئ أم ولد ابنه مع علمه بحظرها عليه، » : المسألة فيقول فقال بعضهم: عليه الحد، وقال بعضهم: يسقط الحد عنه بالشبهة، واحتج أصحاب هذا القول الأخير في زوال الحد عنه بقول النب ي صلى الله عليه وسلم : أنت ومالك »« لأبيك(٢) فقالوا: ففي هذا تعلق شبهة في مال الولد للوالد، والشبهة إذا وقعت « في مواطأة بطل ا لحد(٣) . ولم ي سل ّ م ابن ب ركة بهذا القول واحتج على أصحابه وبين خطأهم، وناقش ُّ أدلتهم وحجتهم، وأشار إلى قصورها مما جعلها غير صالحة للاحتجاج والاستدلال بها، وأكد أنه ليس كل شبهة تصلح لأن تكون سببا ً لسقوط الحد وهذا عندي غلط في باب التأويل، ولعمري أن الشبهة إذا وقعت درئ » : فقال الحد بها، وليس كل من ادعى الشبهة قبلت منه، ألا ترى أن أبا حنيفة وأصحابه جعلوا العقد الفاسد على الأمهات والبنات مع العلم بحظرهن، والعقد عليهن لا يبيحهن لشبهة يدرؤون به الحد، فليس كل من ادعى شبهة قبلت منه إلا أن .«... يدل عليها بدليل (١) .٢٣٨/ ابن جعفر: المصدر نفسه، ٦(٢) سبق تخريج الحديث. (٣) .٣٦٣/ ابن بركة: الجامع، ٢ فإن قال من احتج بهذا الرأي لقول ا لنبي صلى الله عليه وسلم: « أنت ومالك لأبيك » ، قال: فقد أثبت ا لنبي صلى الله عليه وسلم معنى ف رق بينه وبين الأجنبي، يقال له: هذه تفرقة توجب عندك أ ن ّ ّ الشبهة وقعت في ماله لحال الوطء، وتكون شبهة وقعت في حال ث ان. فإن قال: إن الوالد يحكم له على ولده بالنفقة إذا ع ُ سر َ ويلزمه أن ي ُ عف ﱠ ه، فهذه هي الشبهة؛ لأنها تعلقت بماله، وأم الولد عندك أحكامها أحكام المماليك، ﱡ يقال له: ف أي شبهة ها هنا، ولم يقل أحد من الناس فيما علمنا أ ن ّ على الولد ّ أن ي عف أباه بأم ولده وبمن كان وطئها، وأما الشبهة التي يدرأ الحد بها هي ّ التي تقع بالواطئ فيحن إلى محظور لا يعلمه فيوافقه من طريق الجهل، فأما « من أقدم على محظور مع العلم بحظره ف لا شبهة هناك(١) . َ واعترض كذلك على أدلة القائلين بسقوط الحد على الوالد إذا وطئ أم ولد ابنه، واحتجوا بأن الله رفع من مقام الأب وألزم الولد طاعته، كما أن الولد من كسب الوالد، وأم ولد ابنه وماله يجوز له التصرف فيها كذلك. ْ فإن قال: فإن الله تعالى ب ين فضل الآباء وأوجب » : قال في الاعتراض الأول ّ حقوقهم على أولادهم، ورفع منازلهم عليهم، وإن كان الأمر على ما ذكرنا فالشبهة واقعة، قيل له: إذا رفع الله منزلة الأب على الابن ورفع مقداره، وألزم الولد طاعته وفضله عليه بالأبوة، لم يكن من حق من ألزم هذا أن يطأ حرمته، ّ ويتناول من ماله ما حرم الله عليه، إذ وط ْ ء الابن أبلغ في باب التحريم من الأجنبيات، وقد رفع الله منزلة الابن أ يضا ً حيث نهاه أن يطأ م َ ن وطئ (أباه)، وجعل لهذه المواطأة عليه من الحرمة ما لم يجعل لسائر الأجنبيات، وألحقها بالأمهات والبنات والأخوات تحريما مؤبدا، فالواجب أن يزاد في عقوبته؛ لأنه « تعرض لما لا سبيل له إلى وطئه لا بعقد نكاح ولا ملك يمين (٢) . (١) ٣٦٣/ ابن بركة: الجامع، ٢ - .٣٦٤ (٢) .٣٦٤/ ابن بركة: المصدر نفسه، ٢ فإن قال: فإن الله جل وعلا قال: » : وقال في الاعتراض الثاني ﴿ ^_ ` cba ﴾ )المسد : (٢ . والكسب ها هنا الولد في قول بعض المفسرين، قيل له: ليس لك فيما تعلقت به فائدة، غير أ نا ّ نسل ّ م أ ن ّ الكسب ها هنا، وإن كان كثيرا ً من أهل العلم بالتفسير عندهم أن الكسب في هذا الموضع ِ هي الأعمال التي يتقبلها الله تعالى؛ لأنها كانت لغيره، وبعد ف لم إذا كان الولد َ كسبا ارتفع الحد عنه؟ فإن قال: للإنسان أن يتصرف في كسبه، فلما رأيت الولد كسبا ً كان كسب ُْ الكسب أولى، يقال له: هذا اعتلال لا يتعلق به أهل العلم؛ لأن هذا الاستدلال لا يبيح له وطء أم ولد ابنه، وهذا ما لم ينقله أحد فيما علمنا، وليس كل ما سم ي كسبا ً جاز التصرف فيه، وارتفعت الحدود عند مواقعته، ألا ترى أ ن ّ َُّ ْ الابنة كسب الوالد، ولو وطئها لزمه الحد بإجماع الأمة، فلما كان وقع اسم ْ الكسب يرفع الحدود؛ لأن رفع الحد عن الزاني إذا زنا بابنته، فإذا كان الحد واقعا ً ، وأن كسبه لم يمنع وقوعه عن كسب كسبه، وقد أجمع الناس أ ن ّ قول الرسو ل صلى الله عليه وسلم : « أنت ومالك لأبيك »أن ّ هذه اللام ليست بلام تمليك، ولو كانت لام تمليك م ا حد ّ رجل في ابنته، والحد في الابنة واقع وإن أضيف إلى الأب، ُ «... والإضافة لا ترفع الحدود، وكذا ما كان ماله مضافا إليه لا يرفع الحد(١) . مجمل القول: بعد مناقشة ابن ب ركة أدلة القائلين بسقوط الحد على الأب للوطء الحرام، حدد المعنى الصحيح من الحديث المتقدم، وما ينبغي أن يفهم من مدلوله، وإن رجع في السؤال علينا فقال: فما فائدة » : وما يترتب عليه من أحكام، فقال هذا بذلك الخبر؟ قيل له: هذا خبر يجب أن يصرف إلى جهة لا يلحقها التناقض والكذب، ومن حمله على التمليك، ف الأم ُ ة دافعة له من ذلك، ونقول ّ (١) ٣٦٤/ ابن بركة: الجامع، ٢ - .٣٦٥ إن معنى قوله 0 : « أنت ومالك لأبيك » أراد بذلك والله أعلم إن احتاج إلى خدمتك فعليك أن تخدمه، ومال ُ ك إن احتاج إليه فعليك الإنفاق منه عليه، وهذا م ا لا تنازع فيه، وأما في الحال التي يكون فيها موسرا فالخبر ما يوجبها نحوه... فلما ق ال صلى الله عليه وسلم: « أنت ومالك لأبيك » فأجمع الناس أن ليس طريق هذا طريق التمليك، كان معناه أنت ومالك من أبيك؛ لأن الأب هو الأصل والولد هو فرعه، والمال فرع فرعه، فكأنه حثه من طريق الاستحباب في حال اليسر على زيادة بره، وألا يبخل عليه بماله إذا طلب إليه شيئا ً منه، وأراد بهذا القول « أن لولا هو لم تكن أ نت(١) . ج في سقوط حد السرقة بالشبهة: ومن فروعها: ما ذكره ابن ب ركة أنه: إذا سرق العبد من مال سيده، والزوجة إذا سرقت من مال زوجها، أو سرق الزوج من مال زوجته، سقط عنهم الحد للشبهة؛ ِ لأن بين هؤلاء من تعلق الحدود م ا لا يخفى، فأثبت ذلك شبهة دارئة ل لحد(٢) . ولا قطع على آخذ مما له فيه » : ويشير ا لثميني إلى هذا المعنى فيقول ّ ِِ شبهة، أو شركة، أو من بيت المال، أو من الغنيمة، ولا على الزوجين المتساكني ن، ولا على الوالد وولده أو عبده، ولا على سارق جملا ً من طريق، ْ ِ وقيل: يقطع إن أطلقه من قيده أو من عقاله، وقيل: لا يقطع آخذ دابة من غير حرز ولو أطلقها من وثاقها، والحرز قيل: هو م ا لا يقدر أحد أن ي تسوره حتى ّ يتعاون بيديه، وقيل: على الإمام أن يسأل من رفع إليه سارقا، هل له شريك أم َ لا؟ ولعله إن كان فربما عفا عنه، وإن رفع إليه سارقان وقد غاب أحدهما ُ «... فلا يقطع الحاضر حتى يحضر الغائب، ولعله يدعي أن المسروق متاعه(٣) . (١) ٣٦٥/ ابن بركة: المصدر نفسه، ٢ - .٣٦٦ (٢) .٤٧٣/ ابن بركة: نفسه، ٢(٣) . الثميني: الورد البسام، ص ١٤٧ . ينظر: الحضرمي أ بو إسحاق: مختصر الخصال، ص ١٨٩ ويستخلص من نص ا لثميني أن الشارع الحكيم يدعو إلى التريث في تنفيذ الحكم على الجاني، ويبحث عن الشبهة التي تدرأ الحد عنه، كمن سرق من مال ولده، ففيه شبهة لزوم النفقة على أبيه، وكذا سرقة الزوجة من مال زوجها، وذلك كله خوفا من الوقوع في الخطأ، وحفاظا على كرامة ا لمتهم. د في سقوط حد القتل بالشبهة: فزان » ومن فروعها ما ذكره بعض علماء ا لإباضية من « تطبيقا لهذه القاعدة في معرض حديثهم عن خطورة الاعتداء على دماء الناس، وتحذيرا ً من تنفيذ العقوبات لمجرد الشبهة، وقرروا أ ن ّ الحد يسقط إن وجدت الشبهة، وإذا ثبت فلا ينفذه إلا الحكام العادلون، يقول أ بو يوسف وريون بن الحسن(١) : إن » القتل من الحدود ولا يقيم الحدود إلا الأئمة العادلة، ولا يقاتل بالناس إلا من هو أولاهم بالله، لتكون كلمة الله هي العليا، ليعلو الحق على الباطل، ولا يجترأ على الدماء التي حرم الله بالقرآن إلا بتحليلها بالقرآن، بالحدث الذي جعل الله به السبيل على المجترحين، اعتبر ذلك بالحدود، إذا وقعت شبهة زال الحد، لقول ه صلى الله عليه وسلم : « ادرؤوا الحدود بالشبهات » فالدماء أشد ما يكون من الحدود، ولقد « يقال: لأن أترك دما حلالا أحب إ لي من أن أسفك دما حراما(٢) . ّ ويذكر الثميني أيضا ً في باب القصاص صورا أخرى لسقوط حد القتل روي أنه لا يقتل مسلم بكافر، ولا مجنون بعاقل، ولا طفل » : بالشبهة، فيقول ِ ببالغ، ولا حر قيل ب عبد إلا إن فتك به، وأن ّ العفو عفوان: عفو عن القتل بالرجوع إلى الدية، وعفو عنها وعن ا لق َو د معا... َ ومن قصد أ حدا ً بالضرب ب عصا ً ولم يرد قتله، لزمته (الدية) في ماله، ولا ق َ و َ د (قصاص) عليه، وقيل فيمن ض َ ر َ ب أحدا بما لا يقتل بمثله عادة (١) تقدمت ترجمته. (٢)جناون بن فتى وآخرون، أجوبة علماء فزان، ص ٦٩ - .٧٠ فمات، أ ن ّ على عاقلته ديته؛ لأنه مخطئ... ولا يقاد والد لولده، ويقاد لولد ابنه، واختير أنه لا يقاد الجد له، ولا قصاص بين الزوجين وكان بينهما « القود(١) . مجمل القول: ويستنتج من الحالات التي ذكرها الثميني أن ّ حد ّ القتل يسقط لوجود الشبهة، كزوال العقل في المجنون، أو نقصه في الصبي، ولحرمان العبد من الحرية، ولعدم التكافؤ بين المسلم والكافر، ولزوال قصد العمد عند الضرب، ووجود علاقة الأبوة والبنوة، فمثل هذه الأمور تصلح أن تكون شبهة مانعة من الحد، ولا شك أن الشارع الحكيم قد راعى بهذا التشريع جانب عدم التكافؤ في القدرات العقلية والاجتماعية، فخفف في الحكم، وجعل ذلك سببا ً لإسقاط الحد وتعطيله، فالكافر لا يساوي المسلم، والعبد لا يكافئ السيد الحر، والصبي لا يماثل البالغ الراشد، والوالد لا يكافئ الابن، ف لا يمكن أن يهمل هذا الجانب وينظر إلى ظاهر الأمور، فإن ذلك سيحدث خللا ً في المنظومة التشريعية الإسلامية؛ القائمة على العدل والمساواة في الحقوق والواجبات، ومراعاة أحوال الناس ومصالحهم. ه في سقوط الحد عن المرتد: ومن فروعها: كذلك ما ذكره بعض فقهاء ا لإباضية في باب الشهادة: أنها لا تكفي وحدها دليلا ً لتنفيذ حد القتل على المرتد، ف لا بد من التثبت من صحة الشهادة، ومن الأمر الذي جعلهم يحكمون عليه بالردة، يقول وإذا شهدت البينة على رجل بارتداده لم يجب » : ابن ب ركة في هذا الشأن قتله بذلك، وكذلك لو شهدوا بأنه كفر حتى يسألهم الإمام عن صورة الأمر (١) . الثميني: الورد البسام، ص ١٥٠ الذي شهدوا به، فإن بينوا أ مرا ً أو ف علا ً كان منه، ويجب عليه به إقامة الحد، وإلا لم يقم الحد عليه بظاهر الشهادة المحتملة للشبهة، ألا ترى أن الله تبارك وتعالى أمر بقتال الفئة الباغية، ومع ذلك لم ي َخ ْل ُ « من اسما لإيمان(١) ، لقوله تعالى: ﴿ rqponmlkji stuvwxyz }|{ ﴾ )الحجرات : (٩ ، فالأصل أن الأحكام على الظاهر، ف لا يحكم على الناس بالكفر أو النفاق ما دام لم يظهر منهم ما يخرجهم من حظيرة الإسلام، كأن يطعن بعضهم في القرآن، أو في أصحاب رسو ل اللهصلى الله عليه وسلم، أو في أحد زوجاته؛ لأن ذلك يلزم عنه تكذيب صريح القرآن، أو تكفير المسلمين، ورمي أهل التوحيد بالشرك، وفي هذه الأحوال يجب على القاضي أن يتأكد من صحة الشهادة، وعدالة الشهود؛ لأن ادعائهم أو خطأهم وارد، فإن ارتاب في شهادتهم، أو أنكر المتهم دعواهم، أو طلب منه التوبة فتاب ورجع عن موقفه، درأ عنه الحد؛ لأن ذلك يكفي أن يكون شبهة تسقط ا لحد. و في سقوط الحد عن شارب الخمر: ِ ومن فروعها أيضا ً: ما نقله ابن ب ركة عن الإباضية أن ّ من وجد منه رائحة » َُ الخمر لم يلزمه الحد؛ لأنه يمكن أن يكون مكروها، ويمكن أن يكون قد وضعه في فيه ثم تركه، والموجب عليه الحد من أ صحابنا محتاج إلى دليل مع « احتمال ا لشبهة(٢) . فهنا قد أسقطوا عنه الحد للشبهة، فما دام لا يوجد دليل قوي يثبت شربه الحدود تسقط » للخمر ف لا يمكن أن ي بنى الحكم على الشك والاحتمال؛ لأن ُ .« بالشبهات (١) .٥٠٤/ ابن بركة: الجامع، ٢(٢) .٥٥٠/ ابن بركة: المصدر نفسه، ٢ ز في سقوط الحد بالنكاح الفاسد: اختلف الفقهاء في حكم النكاح إذا وقع فاسدا، هل يعتبر زنى، ويترتب عليه الحد؟ أم يسقط الحد لشبهة العقد؟ وإذا انتفى الحد للشبهة، فهل تسقط العقوبة مطلقا ً ؟ أم يجب فيه التعزير والتنكيل؟ وهل تجب العقوبة في النكاح المتفق على فساده والمختلف فيه؟ أم تجب في أحدهما دون الآخر؟ وللإباضية في هذه المسائل عدة أقوال يمكن حصرها في قولين حسب نوع العقد. أولا :ً النكاح المتفق على فساده: يرى جمهور ا لإباضية أن العقد الفاسد المجمع على فساده إذا وقع فيه دخول فإن وجوب العقوبة الحدية تتقرر بناء على النظر في واقعة العقد نفسه، هل ت م العقد بعد العلم مع التعمد في الفعل أم غير ذلك؟ ّ أ في حالة العلم مع العمد: إذا وقع العقد ف اسدا ً وكان الرجل والمرأة عاقلي ن عالمين بالحرمة، أو ْْ أحدهما عالما ً وتعمد ذلك، ثم وقع الدخول بعده، وجب الحد عليه، ولا قيمة لذلك العقد؛ لأنه باطل من أصله، ولا عبرة بوجود صورته، ولا يصلح أن يكون شبهة يدرأ بها الحد؛ لأن العقد صار كالعدم، فيعتبر الدخول فيه زنى، ويجب عليهما حد الزنى وهو الرجم للمحصن، والجلد لغير المحصن، واختلفوا أ يضا ً في عقوبة من يتزوج ذات محرم منه عمدا ً َ وكان عالما ً بالحرمة أو جاهلا ً بها، ولكنه يعلم أنها محرمته، كأخته أو أمه أو َ َْ عمته، من النسب أو الرضاع. ١ يرى أكثرا لإباضية أنه إذا م س ذات محرم منه م طلقا ً عن طريق النكاح، ّ أو التسري، أو الزنى، يقتل بالسيف حدا ً لا قت ْ ل زجر وكفر، ولا تدفع عنه التوبة القتل، ولا فرق بين كونه م حصنا ً أو غير محصن؛ لأن ذلك ليس من باب رجم الزاني أو جلده، وإنما يلزمه ذلك لاعتدائه على حرماته، ومجاوزة حدود الله، ولو لم يدخل بها، أو لم يعلم بالتحريم؛ لأن ذلك مما يعلم من الدين بالضرورة، ولا يعذر جاهله ولو ادعى الجهل بالحكم، ف لا اعتبار لجهله(١) . ومن تزوج ذات محرم منه وقال حسبته جائز، » : يقول ا لعوتبي في هذا الصدد « فلا يمنع جهل ذلك، وعليه ا لحد(٢) . ٢ وذهب بعض فقهاء ا لإباضية إلى سقوط حد القتل وحد الزنى على من تزوج ذات محرم منه متعمدا ً ولو وقع الدخول والمس، ويعو ض عنهما ّ بالتنكيل أو التعزير حسب ما يقدره الحاكم أو نائبه، وتجري كذلك على من َ تزوج زوجة غيره، أو في العدة، أو أكثر من أربعة نسوة، أو مشركة، ويستوي في هذه العقوبة كل من الزوجين والولي والشهود(٣) . ن قلا « شرح النيل » وقد صرح القطب أ طفيش بهذا الحكم في ً عن أصحاب وينكل متزوج ذات زوج، أو في عدة، أو زوجة ابنه وإن سفل، أو » : الديوان فقال أبيه وإن علا أو محرمته وإن برضاع أو صهر، أو أكثر من أربع، أو امرأة وأختها، « أو مجوسية أو وثنية، وكذلك المرأة ومزوجها وشاهدها مع تعمد وعلم(٤) . ُّ ب في حالة انتفاء العمد: أما إذا وقع العقد فاسدا، وتم الدخول، وكان ذلك عن جهل أو خطأ أو ّ إكراه، فإن العديد من فقهاء ا لإباضية يذهبون إلى سقوط الحد بسبب شبهة العقد؛ لأن وجود الشبهة يمنع من إقامة ا لحد ّ ، لحديث رواه ا لبيهقي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أن ا لنبي صلى الله عليه وسلم قال: ادرؤوا الحدود » « بالشبهات، ولا ينبغي للإمام أن يعطل الحدود(٥) . (١) أرشوم مصطفى: النكاح صحة وفسادا ً وآثارا ً .٣٥٩ - في المذهب الإباضي، ص ٣٥٨(٢) .٢٣١/ العوتبي: الضياء، ٨(٣) . الجناوني: كتاب النكاح، ص ٣٢ . الثميني: الورد البسام، ص ١٣٢(٤) .٣٨/ أطفيش: شرح النيل للثميني، ٦(٥) رواه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الحدود، باب ما جاء في درء الحدود بالشبهات، = غير أنه مما يلاحظ في هذا المقام أ ن ّ جمهورا لإباضية قد غالوا في حكمهم لما ذهبوا إلى وجوب الحد في نكاح المحارم والمشركات، بصرف النظر عن توفر العمد والعلم أو عدمهما، وهو أمر يحتاج إلى تأمل وإعادة نظر، فليس الخطأ والجهل كالعلم والتعمد، لأنهما من أسباب التخفيف ا لمشروعة. وحتى تتضح وجهة نظر ا لإباضية بجلاء في الأثر المترتب على النكاح المتفق على فساده، إذا وقع عن جهل، أو خطأ، أو إكراه، فإننا سوف نذكر بعض النماذج من هذه الأنكحة الفاسدة كما يلي: ١ في الجمع بين المحرمين: ويرى فقهاء ا لإباضية أنه لا حد ّ على من جمع بين محرمين ولو عمدا ً إن ِِ لم يعلم تحريم ذلك، وهذا لشبهة حل ّ ية كل منهما إذا تزوجها منفردة. أما إذا جمع بين المرأة وأمها في عقد واحد ودخل بها، فقد اختلفوا في عقوبته، فذهب بعضهم إلى اعتبار ذلك من الزنى، ويجب عليه الحد، وذهب آخرون إلى سقوط الحد عنه للشبهة، وذلك إن كان جاهلا ً بالتحريم، كحديث عهد بالإسلام يعتقد حل ّ نكاح الأم وابنتها، أو كان غير عالم بالقرابة من أ صلها(١) . ٢ في نكاح المعتدة: اختلف فقهاء ا لإباضية في نكاح المعتدة، وذلك كأن يعقد الرجل على المرأة في عدتها من غيره من طلاق أو وفاة، ويدخل عليها متعمدا ً ، هل يجب عليه الحد أم يدرأ عنه؟ فذهب بعضهم إلى ثبوت الحد عليه؛ لأنه كان يعلم = وأخرجه .« قال البخاري ا لمختار بن نافع منكر الحديث » : رقم ١٦٨٣٧ ، عن علي. وقال ٢٨ ، وقال: وذكر البخاري في التلخيص أن في سند هذا / الصنعاني في سبل السلام، ٤ الحديث ا لمختار بن نافع وهو منكر، إلا أنه ساق المصنف عدة روايات موقوفة صحيح بعضها وهي تعاضد المرفوع وتدل على أن له أ صلا ً في الجملة، وفيه دليل على أنه يدفع .٢٨/ الحد للشبهة التي يجوز وقوعها لدعوى الإكراه. يراجع: المصدر نفسه، ٤ (١) ٣٥ . وينظر: أرشوم مصطفى: النكاح صحة وفسادا / أطفيش: شرح كتاب النيل، ٦ ً وآثارا ً . ، ص ٣٦٤ بالعدة، وحرمة النكاح منها، وتعمد ذلك، فزواجه في حكم الزنى، وذهب آخرون إلى سقوط الحد عنه لشبهة العقد، قال الشيخ أ طفيش في بيان ذلك نقلا ً ولا يثبت نسب متزوج في العدة عمدا » : عن ديوان الأشياخ ً ويحدان، « وقيل يثبت و لا يحدان(١) . واختار ا لبسيوي سقوط الحد على من نكح في العدة واكتفى بالتعزير ومن تزوج امرأة في عدتها ف » : فقال ُرق بينها، و لا حد ّ عليها في قولنا إلا الأدب َّ « والضرب في ذلك(٢) ، وقال شيخنا أحمد ا لخليلي بعد تبيان حكم عمر بن الخطاب 3 وقد علمت أن عمر » : فيمن تزوج المعتدة من غيره 3 لم يقم الحد الشرعي على ا لل ّ ذي ن ف رق بينهما فرقة أبدية؛ لتزويجهما في أثناء العدة، ّْ بل اكتفى ب تعزيرهما(٣) « للشبهة ا لحاصلة(٤) . ٣ في نكاح الكافر بالمسلمة: إذا تزوج المشرك أو الكافر بالمسلمة وكانا عالمي ن بالحرمة، أم غير عالمين ْ بالحكم، فهل يجب الحد عليهما أم لا؟ فالمسألة محل خلاف بين ا لإباضي ة، فذهب بعضهم إلى وجوب الحد مطلقا سواء كانا عالمين بالتحريم أم جاهلين به، ويرى آخرون وجوب الحد عند العلم بالحرمة مع التعمد، بينما يرى بعضهم سقوط الحد عليهما لوجود الشبهة. (١) .٣٨/ أطفيش: المصدر نفسه، ٦(٢) .٨٤/ البسيوي: جامع أبي الحسن، ٤(٣) لعله يشير إلى حديث رواه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب العدد، جماع أبواب عدة المدخول بها، باب الاختلاف في مهرها وتحريم نكاحها على الثاني، حديث : ١٤٤٨٨ عن عمر بن الخطاب 3 رفع إلى عمر بن الخطاب » : ، ونص الحديث 3 امرأة تزوجت في عدتها فقال لها: «؟ هل علمت أنك تزوجت في العدة » قالت: لا فقال لزوجها: «؟ هل علمت » قال: لا قال: « لو علمتما لرجمتكما » فجلدهما أ سياطا ً ، وأخذ المهر فجعله صدقة في سبيل .« الله قال: لا أجيز مهرا لا أجيز نكاحه، وقال لا تحل لك أبدا(٤) الخليلي أ حمد بن حمد: فتاوى النكاح، الكتاب الثاني، ص ١٥٣ - .١٥٤ وحرم على مسلمة موحدة نكاح » : قال القطب أ طفيش في هذا الصدد َُ ِ مشرك ولو كان كتابيا ً ، وإن فعلت لم يثبت النسب، ويحد إن ع َلمها موحدة، ولا صداق لها إن علمته مشركا ً وتحد ّ ، وقيل لا يحدان للشبهة ولا يترك ذو خصلة من الشرك أن يتزوجها، ولا صداق لها إن علمت، ولا نسب، وحرمت، ُّ « وقيل لا تحرم إن ت اب(١) . ثانيا ً : الأنكحة المختلف في فسادها: وهناك أنكحة مختلف في فسادها عند الفقهاء، كالنكاح بدون ولي، ونكاح ٌّ الزاني والزانية، ونكاح الشغار، ونكاح المتعة، ونكاح التحليل، فلو وقع العقد مع الإقرار بالفساد، فالفقهاء قد اختلفوا في وجوب الحد فيها وسقوطه إذا وقع الدخول، وإذا سقط الحد فهل يجب فيها التعزير أم تسقط العقوبة المادية م طلقا ً ؟ وهل ينظر إلى حالة العمد مع العلم، وحالة الجهل والخطأ لإثبات العقوبة أم لا؟ وحتى نطلع على وجهة نظر ا لإباضية في هذا النوع من الأنكحة نورد مثالين منها للتوضيح كما يلي: ١ في النكاح دون ولي : ّ اتفق ا لإباضية على أن ا لولي من أركان عقد الزواج، فإذا خلا منه بطل ّ العقد، ولا يصح العقد إلا بموافقة الولي، ولكن إذا وقع العقد دون ولي، وتعمد ّ الزوجان إبعاده عن النكاح، أو إخفاء الأمر عنه، سواء كانا عالمين بحرمة ذلك أم جاهلين، فهل يجب عليهما الحد؟ وإذا سقط الحد فهل يجب عليهما التعزير؟ أم تسقط العقوبة المادية مطلقا؟ وللإباضية في هذه المسألة ق ولان: القول الأول: سقوط الحد دون التعزير: ذهب جمهور فقهاء ا لإباضية إلى سقوط الحد في النكاح بلا ولي، ولكن ي عز ر كل من شارك في إنشاء هذا ﱠﱡ (١) .١١٩/ أطفيش: شرح النيل، ٦ عن » : العقد، كالزوج والزوجة، والشهود، والعاقد، نقل ابن خلفون في أجوبته أبي ا لمؤرج عن أبي عبيدة أنه إن وقع النكاح بغير ولي ف ُ رق بينهما، ويعزر ﱢ « الرجل والمرأة وا لشهود ومن أ نكحها(١) . واستند أصحاب هذا القول إلى ما ورد في الأثر من تعزير عمر بن الخطاب 3 للزوج والمزوج من غير رضى الولي، فقد أخرج ا لبيهقي عن ّ ٍ عكرمة بن خالد قال: جمعت الطريق ركبا ً فجعلت امرأة ث يب أمرها بيد رجل ّ غير ولي فأنكحها، فبلغ ذلك عمر 3 فجلد الناكح والمنكح ورد ّ نكاحها(٢) . وفي رواية ذكرها ابن جعفر بزيادة أ ن ّ الولي كان حاضرا ً معهم في السفر بلغني عن عمر بن الخطاب » : قال 3 أنه ضرب رجلا ً تزوج امرأة في طريق مكة زوجها به غير وليها بغير إذنه، ووليها في الرفقة، فلما رجعوا رفع ذلك ّّ إلى عمر بن الخطاب 3 وأمر بهما فضربا بسوط جميعا ً « المتزوج والمرأة(٣) . القول الثاني: سقوط العقوبة مطلقا: يروي عن عب دا لله بن عب دا لعزيز(٤) أنه ُ إذا وقع النكاح بغير ولي مع حضوره، ي فرق بين الزوجين، ولا يرى عليهما ّ حدا ولا تعزيرا(٥) . (١) ابن خلفون المزاتي: أجوبة ابن خلفون، ص ٦٨ - .٦٩ (٢) رواه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب النكاح، باب لا نكاح إلا بولي، رق م ١٣٤١٧ ، عن تلخيص .« فيه انقطاع؛ لأن عكرمة لم يدرك ذلك » : ١١١ . قال ابن حجر / عكرمة بن خالد، ٧ .١٦٠/ الحبير، ٣ (٣) .١٩٢/ ابن جعفر: الجامع، ٦ (٤) عب دا لله بن عبد العزيز أبو سعيد من فقهاء الإباضية (ق ٢ه) في البصرة، عالم وفقيه مجتهد، أخذ العلم عن أبي عبيدة مسلم وصالح الدهان، وصاحب الربيع ووائل بن أيوب وغيرهما، َ من الذين روى عنهم أ بو غانم الخراساني مدونته، كان شغوفا بالعلم وكتابته، كثير القياس، لديه نزعة للتحرر، ملتزما ً بالدليل، مما جعل الإباضية يعرضون عن آرائه ويأخذون برأي ٩٧ . الراشدي مبارك، أ بو عبيدة مسلم... / الربيع في الغالب، ينظر: الشماخي، السير، ص ١ .٢٣٢/ وآراؤه الفقهية، ص ٣٢ . ابن سعد: الطبقات، ٢ (٥) ابن خلفون: أجوبة ابن خلفون، ص ٦٨ - ٦٩ . ينظر: أ بو غانم الخراساني: المدونة الكبرى = ٢ في نكاح الزاني والزانية: إذا زنى الرجل بامرأة ثم عقد عليها ووقع الدخول، أو تزوج بزانية وتزوجت بزان، فما حكم هذا العقد؟ وهل تجب فيه عقوبة؟ أجمع ا لإباضية ولا نعلم فيه خلاف أن من تزوج بمزنيته ثم عقد عليها يفسخ العقد قبل الدخول وبعده؛ لأن الحرام عندهم يحرم الحلال، ولا نكاح بعد سفاح، ولكن لا يجب عليهما الحد لشبهة العقد، وإنما يجوز للحاكم أن يعزرهما لزجرهما ورع غيرهما، ويقيم عليهما حد الزنى إن ثبت عليهما الزنى قبل العقد، أما إذا تزوج بزانية مع غيره، أو تزوجت بزان مع غيرها، فقد اختلفوا في حكمهما، فأكثر ا لإباضية ذهبوا إلى فساد هذا العقد ووجوب فسخه قبل الدخول وبعده؛ لأن الحرام يحرم ا لحلا ل، أما الحد فيسقط عنهما للشبهة، والذي » : ويجب عليهما التعزير. قال أ بو إسحاق الحضرمي في هذا المعنى يوجب الوطء الحرام بزنا أو شبهة أو خطأ عشر خصال منها: أنه يوجب الحد « إذا لم تكن شبهة، أو التعزير إن وجدت شبهة(١) . وذهب بعض ا لإباضية إلى جواز نكاح الزاني والزانية إذا لم يقع بينهما وطء، وكان العقد بعد التوبة والصلاح؛ لأن الحرام عندهم لا يحرم الحلال، وهو رأي جمهور الفقهاء من غير ا لإباضية(٢) . = ١٤٢٨ ه/ ٢٠٠٧ م، ، بتعاليق القطب أ محمد بن يوسف أطفيش، تحقيق: مصطفى باجو، ط ١ نشر وزارة التراث والثقافة سلطنة ع ُ .٢٣٣/ مان، ٢(١) ٤٧/ ١٥٩ . أطفيش: شرح النيل، ٦ / الحضرمي أ بو إسحاق: مختصر الخصال، ٢ - .٤٩ (٢) ١٠٥ . الدسوقي: الحاشية على الشرح / الخرشي: حاشية الخرشي على مختصر خليل، ٥ ٢٥١ ، الأزهري: جواهر الإكليل، / الكبير لمختصر خليل لأحمد الدردير المالكي، ٢ ٤٧ . الكاساني: بدائع الصنائع في ترتيب / ص ٢٨٩ . الجعلي عثمان: سراج السالك، ٢ ٧٩ . الشربيني الخطيب: مغني المحتاج، / ٤٥٣ . البهوتي: كشاف القناع، ٥ / الشرائع، ٣ .٥٦٣/ ٣٨٨ . ابن قدامة: المغني، ٩ /٣ جاء في جامع ابن جعفر عن أبي الحسن ا لبسيوي في تزويج الزاني وقد اختلفوا فيمن رأى رجلا يزني، فقال قوم: لا يزوجه » : والزانية قوله ولا يشهد تزويجه، و لا يزو جه حرمته، وقال قوم: إذا رآه يزنيِ زنى ثم تاب ُّ ً وأصلح، ت و َ لاه وزو ّ جه ب ح ُ رمته، وصل ّ ى على جنازته، قال: لأن توبته تأتي على ذلك، وقول هذا يدل على أن التائب جائز له أن يتزوج المسلمة الحرة غير المحدودة، فأما المحدودة ف لا يتزوج لعلة عند أ صحابن ا، إلا محدودة ولو تاب « عندهم في ذلك(١) . مجمل القول: مما تقدم ي تبين أن فقهاء ا لإباضية لم يكونوا محل اتفاق في عقوبة من ّ تزوج امرأة متفق على تحريمها، كالأم والأخت، والمشركة، والمعتدة، فمنهم ّ من ذهب إلى وجوب الحد عليه؛ لأنه يعتبر في حكم الزنى ولا عبرة بالعقد، ولا يصلح شبهة دارئة للحد، وهو رأي أكثرهم، ومنهم من قال: يسقط عليه الحد، وتجب عليه عقوبة تعزيرية للشبهة الحاصلة، خاصة إذا كان جاهلا ً بالحرمة، واستثنى بعضهم المحارم، ومنهم من يرى سقوط الحد والتعزير لشبهة العقد، ولعل هذا الرأي أيسرهم وأرفعهم للحرج والمشقة، خاصة إذا انتفى عنصري العلم والتعمد، إلا أنني أرى أنه في حالة العلم والتعمد يثبت عليه الحد، وإن وقع الدخول مع الجهل بالحرمة يعزر ولا يحد، وفي حالة وقوع العقد دون الدخول مع انتفاء العلم والعمد، فمن المناسب سقوط العقوبة على الناكح أ صلا .ً أما النكاح المختلف فيه كالنكاح بلا ولي أو نكاح الزاني والزانية، فقد اتفق فقهاء ا لإباضية على سقوط الحد، واختلفوا في وجوب التعزير، وذلك لوجود شبهة العقد، فمنهم من أوجبه خاصة عند توفر عنصري العلم والعمد َْ (١) .٢٠٢/ ابن جعفر: الجامع، ٦ مع الدخول، ومنهم من يرى سقوط العقوبة إذا لم يقع الدخول، ومنهم من أسقط العقوبة مطلقا ً ، سواء توفر العلم والعمد والدخول أم لا، واتفقوا على ثبوت العقوبة لمن تزوج مزنيته؛ لأنهم أجمعوا على حرمته خلافا للجمهور، ولعل هذا القول هو الأعدل والأنسب في هذا الزمان، سد ّ ا لذريعة الفساد، وزجرا ً لمن ت سول له نفسه أن يزني بامرأة ثم يتزوجها، وتكفيرا ً لخطيئته؛ لأنه ّ لا نكاح بعد سفاح كما يقرر جمهور الإباضية والله أ علم. ح في الإكراه: ومن فروعها: ما ذكره محمد بن إبراهيم ا لكندي أنه لو أكره جبار رجلا ً على وطء امرأة بالقتل فغشيها، فعليه مهرها ولا حد عليه لشبهة ا لإكراه(١) . ولكني أرى أنه قد تتحرك نفس الرجل نحو المرأة مع الإكراه، فيفعل بها ما يفعل الرجل بزوجته في الأحوال العادية، فإن حدث ذلك معه، فقد ينجو من عقوبة الحد في الدنيا لشبهة الإكراه، ولكن لا يفلت من عقوبة الآخرة، لأن الله مطلع على ا لسرائر. ط إشارة الأخرس: إشارة الأخرس بما يوجب الحد عليه لا توجب عليه الحد للشبهة، فقد يقصد بها غير م ا ي فهم منه(٢) . ومثله الأعجم إذا زنى ف لا حد عليه، والعبد إذا ُ زنى ولم يحصن، ف لا حد عليه، وعليه ا لتعزير(٣) . ويفهم من هذه العبارة أن العاجز عن الكلام، كالأخرس والأعجمي يسقط عنهما الحد، لفقدهما حاسة النطق، وهذه شبهة تدرأ الحد، أما العبد غير المحصن فيسقط عنه للشبهة أ يضا ً ، ولكن يجب أن يعزر حتى يرتدع عن الفاحشة. (١) .١٢١/ الكندي محمد بن إبراهيم: بيان الشرع، ٦(٢) .٥٢٨/ ابن بركة: الجامع، ٢(٣) .٨٧/ البسيوي: الجامع، ٤ ي في شبهة الدليل: ذكر بعض فقهاء ا لإباضية أن المرأة إذا تزوجت برجل وهي في عصمة زوجها يفرق بينهما، ولا صداق لها، ويجب عليها حد الرجم إذا ثبت عليها العلم والتعمد، أما إن ظهر منها ما يدل على جهلها أو خطئها في فهم النص الشرعي المبيح للرجل تعدد النساء، وظنت أ ن ّ حكم النساء مثل الرجال في التعدد، يدرأ عنها الحد لشبهة ا لتأويل. ويدرأ الحد ب الشبهة حتى لو تزوجت ذات » : قال ا لثميني في هذا الصدد زوج بآخر بلا علمه، ي فرق بينهما، ولا صداق لها لخيانتها، وترجم إن لم ّ تعتذر وتق ُ ل: ظننت أ ن ّ زوجي مات، أو أنه جاز للمرأة ما جاز للرجل من الأربعة، وقد وري أ ن ّ امرأة تزوجت بغلامها ف رفعت إلى عم ر، فأراد أن يعاقبها ُ فقالت: بالله إنكم ليحل لكم ما ملكت أيمانكم، فنحن لا يحل لنا ما ملكت « أيماننا فدرأ عنها ا لحد(١) . وفي السياق نفسه، سئل الإمام ا لسالمي عن المرأة إذا ت سرت عبدها متأولة ّّ الآية الكريمة، لظنها الجواز، وعموم ذلك للرجال والنساء، فهل تحد على هذا المعنى؟ يوجد أن هذه المسألة وقعت في أيام أمير المؤمنين عمر بن » : فأجاب الخطاب 3 وأنه أمر بإقامة الحد عليها، فقالت: أيحل لكم ما ملكت (١) الثميني: الورد البسام، ص ١٤٤ . ورد هذا الأثر بلفظ قريب منه، رواه سعيد بن منصور في السنن، كتاب الوصايا، باب ما جاء في المرأة تزوج عبدها. حديث: ٦٨٨ ونص الحديث: عن ب كر بن عبد الله، أن عمر بن الخطاب أتي بامرأة قد تزوجت عبدا » ً لها فضربهما وفرق أليس الله » : بينهما. فقالت المرأة 8 يقول في كتابه أو ما ملكت أيمانكم؟ وكتب إلى أهل ابن أبي .« الأمصار: أي امرأة تزوجت عبدها أو تزوجت بغير بينة أو ولي، فاضربوها الحد ٢، عن عمر بن شيبة في المصنف، كتاب الحدود، في المرأة تزوج عبدها، حديث : ٨١٧٦ الخطاب 3 . فهذا .« دعوها فإنها متأولة » : أيمانكم ولا يحل لنا ما ملكت أيماننا؟ فقال ّ أمير المؤمنين قد درأ عنها الحد لشبهة التأويل، وقد قا ل صلى الله عليه وسلم : ادرؤوا » « الحدود بالشبهات(١) «(٢) . (١) سبق تخريجه. (٢) .٥١٢/ السالمي: جوابات، ٢ المصادر والمراجع • k ’hCG القرآن الكريم، برواية حفص عن عاصم . :áYƒÑ£ªdG ™LGôªdGh QOÉ°üªdG : ١ . إبراهيم أنيس وآخرون: المعجم الوسيط، ط ٢، نشر مجمع اللغة العربية، مطابع دار المعارف بمصر، ١٣٩٢ ه/ ١٩٧٢ م. ٢ . إبراهيم مدكور وآخرون: المعجم الفلسفي، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، القاهرة، ١٤٠٣ ه/ ١٩٨٣ م. ٣ . ابن الأثير ا لمبارك بن محمد الجزري: النهاية في غريب الحديث، تحقيق: محمود محمد الطناجي، دار الفكر، مصر، د.ت. ٤ . ابن الأثير مجد ا لدين بن الجزري ( ٦٠٦ ه): النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق: طاهر أحمد الزاوي، محمود الطانجي، ط ١، دار إحياء الكتب العربية، لعيسى البابي الحلبي وشركاه، مصر، ١٣٨٣ ه. ٥ . ابن الحاجب جمال الدين أ بو عمرو عثمان: مختصر منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل، تحقيق: نذير حمادو، دار ابن حزم، بيروت، ٢٠٠٦ م. ٦ . ابن السبكي تاج الدين عبد الوهاب بن علي ( ت: ٧٧١ ه): الأشباه والنظائر، تحقيق: عادل عبد الموجود، وعلي عوض، ط ١، دار الكتب العلمية، لبنان، ١٤١١ ه. ٧ . ابن السبكي تاج الدين عبد الوهاب بن علي ( ت: ٧٧١ ه): جمع الجوامع في شرح الجلال ا لمحل ّ ي حاشية العطار أبي السعادات حسن بن محمد، نشر دار الكتب العلمية، بيروت. ٨ . ابن السبكي تاج الدين عبد الوهاب بن علي ( ت: ٧٧١ ه): طبقات الشافعية الكبرى، تحقيق: عبد الفتاح الحلو، محمود الطناجي، طبع: عيسى البابي الحلبي بالقاهرة، ١٣٨٣ ه/ ١٩٦٤ م. ٩ . ابن العربي أ بو بكر: أحكام القرآن، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الفكر، د . ت. ١٠ . ابن العماد عبد الحي الحنبلي ( ١٠٨٩ ه): شذرات الذهب في أخبار من ذهب، طبعة القدسي بالقاهرة، ١٣٥٠ ه. ١١ . ابن الملقن عمر بن علي بن أحمد سراج الدين ( ٨٠٤ ه): الأشباه والنظائر، مخطوط مصور، مصدره استانبول، مكتبة أحمد الثالث، رقم ٧٥٢ ، أصول الفقه. ١٢ . ابن النجار، م حمد بن أحمد بن عبد العزيز الفتوحي الحنبلي ( ٩٧٢ ه): شرح الكوكب المنير، تحقيق: نزيه حماد ومحمد الزحيلي، منشورات مركز البحث العلمي بجامعة أم لقرى، مكة دت. ١٣ . ابن الوكيل محمد بن عمر بن مكي ( ٧١٦ ه): الأشباه والنظائر، مخطوط مصور من . مكتبة شستربتي رقم ٣٢٢٨١٤ . ابن بركة أ بو محمد عبد الله بن محمد البهلوي: كتاب التعارف، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، عمان، مطابع سجل العرب مصر ١٩٨٣ م. ُ ١٥ . ابن بركة أ بو محمد عبد الله بن محمد البهلوي: كتاب الجامع، جزأين حققه: عيسى يحيى الباروني، دار الفتح، بيروت، ١٣٩٤ ه/ ١٩٧٤ م. ١٦ . ابن تيمية تقي الدين أ حمد بن عبد الحليم ( ٧٢٨ ه): مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، جمع وترتيب، عبد الرحم ن محمد بن قاسم العاصمي الحنبلي ٰ بمساعدة ابنه محمد، أشرف على الطباعة والإخراج، المكتب التعليمي السعودي بالمغرب، ط ٢، طبعة مكتبة المعارف، الرباط المغرب، ١٤٠١ ه/ ١٩٨١ م. ١٧ . ابن تيمية تقي الدين أ حمد بن عبد الحليم ( ٧٢٨ ه): القواعد النورانية، تحقيق: معمر ١٤٠٤ ه ، نشر مكتبة المعارف، الرياض. ، حامد الفقهي، ط ٢١٨ . ابن جعفر أ بو جابر محمد الأزكوي، تحقيق: عبد المنعم عامر ومحمود جبر الفضيلات، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، ع مان، ج ١، ج ٢ مطبعة عيسى البابي الحلبي ُ وشركاؤه مصر دت، ج ٣ مطبعة الألوان الحديثة عمان ١٩٨٨ م ج ٤، المطبعة، العالمية ُ ع ُ مان، ١٤١٤ ه/ ١٩٩٤ م. ج ٥، شركة مطبعة ع ُ مان ومكتبتها المحدودة، ١٤١٥ ه/ ١٩٩٥ م. ج ٦، المطبعة الشرقية ومكتبتها، ع ُ مان، ١٤٢٢ ه/ ٢٠٠١ م. ١٩ . ابن حجر العسقلاني شهاب الدين أ بو الفضل أحمد بن علي ( ت: ٨٥٢ ه): الإصابة في تمييز الصحابة، نشر دار الكتب العلمية، بيروت. ٢٠ . ابن حجر العسقلاني شهاب الدين أ بو الفضل أحمد بن علي ( ت: ٨٥٢ ه): التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، تصحيح وتعليق: السيد عبد الله هاشم اليماني المدني، شركة الطباعة الفنية المتحدة، القاهرة، ١٣٨٤ ه. ٢١ . ابن حجر العسقلاني شهاب الدين أ بو الفضل أحمد بن علي ( ت: ٨٥٢ ه): فتح الباري شرح صحيح البخاري، تحقيق: م حمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب، َﱠ دار المعرفة، بيروت، ١٣٧٩ ه. ٢٢ . ابن حزم أ بو محمد علي بن أحمد بن سعيد الظاهري، مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والمعتقدات، ومعه نقد مراتب الإجماع لابن تيمية، ط ١، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت ١٩٧٨ م. ٢٣ . ابن حزم أ بو محمد علي محمد أ حمد بن سعيد:ا لمحلى، منشورات المكتب التجاري ّ للطبع والنشر والتصوير، بيروت. ٢٤ . ابن خلدون عبد الرحمن ٰ بن محمد الحضرمي المغربي ( ت ٨٠٨ ه): مقدمة ابن خلدون المسمى بكتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، دار العودة، بيروت د . ت.٢٥ . ابن خلفون أ بو يعقوب يوسف خلفون المزاتي: أجوبة ابن خلفون، تحقيق وتعليق: ١٣٩٤ ه/ ١٩٧٤ م. ، عمرو خليفة النامي، دار الفتح للطباعة والنشر، ط ١٢٦ . ابن رجبأ بو الفرج عبد الرحمن بن أحمد الحنبلي: القواعد، مراجعة: طه عبد الرؤوف ٰ سعد، ط ٢، دار الجيل، بيروت، ١٩٨٨ م. ٢٧ . ابن رجب أ بو الفرج عبد الرحمن بن أحمد الحنبلي: تقرير القواعد وتحرير الفوائد، ٰ ١٩٩٨ م. ، تحقيق: مشهور ابن حسن آل سلمان، دار ابن عفان، السعودية، ط ١ ٢٨ . ابن رجب أ بو الفرج عبد الرحمن بن أحمد الحنبلي: جامع العلوم والحكم في شرح ٰ خمسين حديثا ً من جوامع الكلم. ٢٩ . ابن رشد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد القرطبي أ بو الوليد (الحفيد): بداية المجتهد ونهاية المقصد ط ١، دار الكتب العلمية، بيروت ١٩٨٨ م. ٣٠ . ابن عابدين محمد أمين ( ١٢٥٢ ): مجموعة الرسائل، عالم الكتب، القاهرة، دت. ٣١ . ابن عاشور محمد الطاهر: مقاصد الشريعة، نشر المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، الشركة التونسية للتوزيع، تونس، ١٩٨٥ م. ٣٢ . ابن عبد البر: التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، تحقيق: سعيد أحمد إعراب، دط، الشؤون الدينية، المغرب، ١٩٨١ م. ٣٣ . ابن عبد السلام أبو محمد عز الدين السلمي، قواعد الأحكام في مصالح الأنام، تعليق: طه عبد الرؤوف سعد، ط ٢، دار الجيل، بيروت، ١٩٨٠ م. ٣٤ . ابن عبد الهادي: مغني ذوي الأفهام عن الكتب الكثيرة في الأحكام. ٣٥ . ابن فارس أ بو الحسن أحمد بن فارس بن زكرياء الرازي ( ت: ٣٩٥ ه): معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، ط ١، دار إحياء الكتب العربية القاهرة، سنة ١٣٧١ ه. ٣٦ . ابن فرحون أ بو إسحاق إبراهيم بن علي بن محمد اليعمري: الديباج ا لمذ َه ّ ب في معرفة أعيان علماء المذهب، تحقيق: علي عمر، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، ٢٠٠٣ م. ٣٧ . ابن قدامة موفق الدين أ بو محمد عبد الله بن أحمد المقدسي الدمشقي: المقنع في فقه إمام ا لسن ﱠ ة أ حمد بن حنبل الشيباني، دم، ١٩٧٣ م. ﱡ ٣٨ . ابن قدامة موفق الدين أ بو محمد عبد الله بن أحمد المقدسي الدمشقي: المغني الشرح الكبير على متن المقنع ل محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي، تحقيق: ابن التركي والحلو، مطابع هجر، القاهرة مصر ١٤١٠ ه. ٣٩ . ابن قدامة موفق الدين أ بو محمد عبد الله بن أحمد المقدسي الدمشقي: روضة الناظر ِ وج نة ا لمناظر في أصول الفقه على مذهب الإمام أ حمد بن حنبل، ومعها شرحها ُُ نزهة الخاطر العاطر، ل عبد القادر بن أحمد بن مصطفى بدران الدومي الدمشقي، ١٤٠٤ ه/ ١٩٨٤ م. ، مكتبة المعارف، الرياض السعودية، ط ٢ ٤٠ . ابن قيم الجوزية أب و عبد الله محمد بن أبي بكر ( ٧٥١ ه): إعلام الموقعين عن رب العالمين، حققه: عصام فارس الخرستاني وحسان عبد المنان، ط ١، دار الجيل، بيروت، ١٤١٩ ه/ ١٩٩٨ م. نسخة أخرى، ط ٢، مصابيح السعادة، مصر، ١٣٧٤ ه ، أخرى: مراجعة وتعليق: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت لبنان ١٩٧٣ م. ٤١ . ابن قيم الجوزية أب و عبد الله محمد بن أبي بكر ( ٧٥١ ه): بدائع الفوائد، تحقيق: هاني الحاج، المكتبة التوفيقية، القاهرة، دت. ٤٢ . ابن كثير أ بو الفداء إسماعيل القرشي: تفسير القرآن العظيم، ط ٣، مؤسسة المختار، القاهرة، ٢٠٠٢ م. ٤٣ . ابن منظور أ بو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ( ت: ٧١١ ه)، لسان العرب، ١٤٢٤ ه/ ٢٠٠٣ م. ، حققه عامر أحمد حيدر، دار الكتب العلمية،ب يروت لبنان، ط ١ ٤٤ . ابن نجيم زين الدين بن إبراهيم ( ت: ٩٧٠ ه): الأشباه والنظائر، تحقيق: عبد الكريم الفضيلي، ط ١، المكتبة العصرية، ب يروت لبنان، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٨ م. ٤٥ . ابن هبيرة ي حيى بن محمد، الإفصاح عن معاني الصحاح، شرح المسانيد العشرة والمشهود لهم بالجنة، تحقيق: فؤاد عبد المنعم أحمد، رئاسة المحاكم الشرعي، ١٩٨٥ م. ٤٦ . أبو البقاء: الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية، تحقيق: عدنان دروس ومحمد المصري، ط ٢، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤١٩ ه/ ١٩٩٨ م. ٤٧ . أبو السعود الحنفي، تفسير ابن السعود المسمى (إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم)، تحقيق: عبد القادر عطا، توزيع ونشر الرئاسة العامة للإفتاء بالسعودية ١٤٠١ ه. ٤٨ . أبو العباس أ حمد بن محمد بن بكر الفرسطائي النفوسي ( ت: ٥٠٤ ه): السيرة في الدماء، تحقيق: عبد الرحمن بن إبراهيم طباخ، نسخة مرقونة غير منشورة. ٰ ٤٩ . أبو العباس أ حمد بن محمد بن بكر الفرسطائي النفوسي ( ت: ٥٠٤ ه): القسمة وأصول الأرضين، كتاب في فقه العمارة الإسلامية، تحقيق:، ب كير بن محمد الشيخ بالحاج، ومحمد صالح ناصر، ط ٢، نشر جمعية التراث، القرارة، المطبعة العربية، غرداية، الجزائر ١٤١٨ ه/ ١٩٩٧ م. ٥٠ . أبو العباس أ حمد بن محمد بن بكر الفرسطائي النفوسي ( ت: ٥٠٤ ه): كتاب أبي مسألة، حققه وطبعه: محمد صدقي والسبع إبراهيم، دار البعث، قسنطينة، الجزائر ١٤٠٤ ه/ ١٩٨٤ م. ، ط ١ ٥١ . أبو المنذر ب شير بن محمد بن محمد بن محبوب: المستأنف، مخطوط ضمن مجموع السير ا لعمانية، محفوظ بمكتبة الإمام غالب بن علي الهنائي بالدمام، السعودية، ُ وتوجد نسخة مصورة منه لدى الباحثة منى بنت هلال الكندية، نزوى، سلطنة ع مان. ُ ٥٢ . أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي ( ٢٧٥ ه): سنن أبي داود بشرح عون المعبود، ط ٣، دار الفكر، بيروت، ١٣٩٩ ه/ ١٩٧٩ م. ٥٣ . أبو زهرة محمد: مالك وآراؤه الفقهية، ط دار الفكر العربي، القاهرة. ٥٤ . أبو ستة أب و عبد الله محمد بن عمرو القصبي المعروف بالمحشي ( ١٠٨٧ ه): حاشية الترتيب على الجامع الصحيح مسند الإمام ا لربيع بن حبيب الفراهيدي، تحقيق: إبراهيم طلاي، د ط، دار البعث، قسنطينة، الجزائر، ١٩٩٤ م. ٥٥ . أبو سنة أحمد فهمي: النظريات العامة للمعاملات في الشريعة الإسلامية، مطبعة دار التأليف، مصر، ١٣٨٦ ه/ ١٩٦٧ م. ٥٦ . الأبي صالح عبد السميع الأزهري: جواهر الإكليل شرح العلامة خليل في مذهب الإمام مالك، دار الفكر، بيروت، د.ت. ٥٧ . الأتاسي محمد خالد وابنه محمد طاهر الأتاسي الحمصي: شرح المجلة العدلية، ط ١، مطبعة حمص، سوريا، ١٤٢٩ ه. ٥٨ . إتبيرن مصطفى داود: المصلحة المرسلة عند الإباضية بين النظرية والتطبيق من خلال اجتهادات المتأخرين، رسالة ماجستير في الفقه وأصوله، نوقشت في جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، الجزائر، سنة ١٤٢٥ ه/ ٢٠٠٤ م. ٥٩ . أحمد بن عبد الله بن حميد: مقدمة تحقيق: كتاب القواعد لأبي عبد الله المقري. ٦٠ . أحمد زقور: القواعد الفقهية المستنبطة من المدونة الكبرى للإمام مالك بن أنس الصبحي برواية الإمام سحنون بن سعيد عن الإمام عبد الرحمن القاسم، ط ١، دار ٰ . ابن حزم بيروت، دار التراث، الجزائر، ١٤٢٦ ه/ ٢٠٠٥٦١ . أرشوم مصطفى بن حمو: القواعد الفقهية وعلاقتها بفقه المقاصد، بحث نشر في كتاب القواعد الفقهية بين التأصيل والتطبيق ضمن بحوث ندوة تطور العلوم الفقهية في ع مان ُ خلال القرن الرابع الهجري القواعد الفقهية أ نموذجا ً تنسيق ومراجعة، مصطفى باجو، بإشراف وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، سلطنة عمان، مطابع النهضة، ع مان، ٢٠٠٥ م. ُُ ٦٢ . أرشوم مصطفى بن حمو: النكاح صحة وفسادا ً وآثارا ً في المذهب الإباضي مقارنة بالمذاهب الإسلامية والقوانين الوضعية، ط ١، مطابع النهضة، روي، سلطنة ع مان، ُ ١٤٢٤ ه/ ٢٠٠٢ م. ٦٣ . إسماعيل علوان، القواعد الفقهية الخمس الكبرى والقواعد المندرجة تحتها، جمع ، ودراسة من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، دار ابن الجوزي، السعودية ط ١ ١٤٢٠ ه/ ٢٠٠٠ م. ٦٤ . الأشعري أ بو الحسن علي بن إسماعيل بن إسحاق البصري المتكلم الشهير (ت: ٢٢٤ ه) الفتح المبين. ٦٥ . الأشقر عمر سليمان: النيات في العبادات، ط ٣، دار النفائس، الأردن، ١٤١٥ ه/ ١٩٩٥ م. ٦٦ . ، الأصفهاني أ بو القاسم الحسين بن محمد الراغب: المفردات في غريب القرآن، ط ٤ دار المعرفة، بيروت لبنان، ١٤٢٦ ه/ ٢٠٠٥ م. ونسخة أخرى: مفردات ألفاظ القرآن الكريم، تحقيق: نديم مرعي، دار الفكر، بيروت. ٦٧ . الأصم أ بو محمد عثمان بن أبي عبيد الله، البصيرة، جزآن، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، عمان، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه، مصر، ١٩٨٢ م. ُ ٦٨ . أطفيش أ محمد بن يوسف، القطب ( ١٢٣٦ - ١٣٣٢ ه): تفسير القرآن المسمى هميان الزاد إلى دار المعاد، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع ُ مان، طبعة ١٤٠١ ه/ ١٩٨٠ م. ٦٩ . أطفيش أ محمد بن يوسف، القطب ( ١٢٣٦ - ١٣٣٢ ه): شامل الأصل والفرع، تصحيح أ بو إسحاق إبراهيم أطفيش، د ط، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع ُ مان، ١٤٠٤ ه/ ١٩٨٤ م. ٧٠ . أطفيش أ محمد بن يوسف، القطب ( ١٢٣٦ - ١٣٣٢ ه): شرح كتاب النيل وشفاء ١٤٠٥ ه/ ١٩٨٥ م. ، العليل، ١٧ مجلدا، نشر مكتبة الإرشاد، جدة، السعودية، ط ٣٧١ . أطفيش أ محمد بن يوسف، القطب ( ١٢٣٦ - ١٣٣٢ ه): كتاب النيات ضمن مجموع ثلاثة كتب. ٧٢ . ، الألباني محمد ناصر الدين: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، ط ٢ المكتب الإسلامي، ب يروت لبنان. د.ت. ٧٣ . الآمدي سيف الدين أبي الحسن علي بن أبي علي بن محمد، الإحكام في أصول الأحكام، د. ط، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٤٠٣ ه/ ١٩٨٣ م. ٧٤ . بابكر خالد: الباعث وأثره في العقود والتصرفات، رسالة ماجستير، نوقشت في الجامعة الإسلامية، قسنطينة الجزائر، في عام ١٩٩٤ م. ٧٥ . باجو مصطفى: أ بو يعقوب الوارجلاني وفكره الأصولي، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع ُ ١٤١٥ ه/ ١٩٩٥ م. ، مان، ط ١ ٧٦ . باجو مصطفى: القواعد الفقهية عند الإمام أبي سعيد الكدمي من خلال كتاب المعتبر، صدر في كتاب القواعد الفقهية بين التأصيل والتطبيق، بحوث ندوة تطور العلوم الفقهية في عمان خلال القرن الرابع الهجري، القواعد الشرعية أنموذجا، تنسيق ومراجعة، ُ مصطفى بن صالح باجو. نشر وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة ع مان، ٢٠٠٥ م. ُ ٧٧ . باجو مصطفى: منهج الاجتهاد عند الإباضية، ط ١، مكتبة الجيل الواعد، مسقط، ع ُ مان، ١٤٢٦ ه/ ٢٠٠٥ م. ٧٨ . الباجي أ بو الوليد سليمان بن خلف بن سعد ( ٤٧٤ ه): المنتقى شرح موطأ الإمام مالك، تحقيق: محمود شاكر، ط ١، دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان، ١٤٢٥ ه/ ٢٠٠٥ م. ٧٩ . الباحسين يعقوب: قاعدة الأمور بمقاصدها، ط ١، نشر مكتبة الرشد، الرياض، ١٤١٩ ه/ ١٩٩٩ م. ٨٠ . باز سليم رستم، شرح مجلة الأحكام العدلية، ط ٣، دار إحياء التراث العربي، لبنان، د . ت. ٨١ . البخاري أب و عبد الله محمد بن إسماعيل ( ٢٥٦ ه): الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله ژ وسننه وأيامه، دار الفكر، بيروت، ٢٠٠٣ م. ٨٢ . البخاري عبد العزيز صدر الشريعة ( ٧٣٠ ه): التوضيح بشرح التلويح. ٨٣ . البخاري عبد العزيز صدر الشريعة ( ٧٣٠ ه): كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي، ط ١، دار الكتب العلمية، ب يروت لبنان، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٧ م. ٨٤ . بدران أ بو العينين بدران: الفقه المقارن للأحوال الشخصية، دار النهضة العربية، بيروت. ٨٥ . البدوي يوسف أحمد: أحكام الاشتباه الشرعية، ط ١، دار النفائس للنشر والتوزيع، الأردن، ١٤٢١ ه/ ٢٠٠١ م. ٨٦ . البرهاني محمد هشام: سد الذرائع في الشريعة الإسلامية، مطبعة الريحاني. بيروت، الطبعة الأولى، ١٩٨٥ م. ٨٧ . البري زكرياء: الأحكام الأساسية للميراث. ٨٨ . البسيوي أ بو الحسن على بن محمد: جامع أبي الحسن البسيوي، ط ١، دار جريدة عمان للصحافة والنشر، سلطنة ع مان، ١٩٨٤ م. ُُ ﻱﻮﻴـﺴﺒﻟﺍﻮﺑﺃ ﻦـﺴﺤﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﻦﺑ :ﺪﻤﺤﻣ ﺮﺼﺘﺨﻣ ،ﻱﻮﻴـﺴﺒﻟﺍ ﺮـﺸﻧ ﺓﺭﺍﺯﻭ ﺙﺍﺮﺘﻟﺍ ﻲﻣﻮﻘﻟﺍ ٨٩ . ﻥﺎﻤ.ﺕ.ﺩ ،ﺔﻓﺎﻘﺜﻟﺍﻭ ﺔﻨﻄﻠﺳ ﻋُ ﻱﺮـﺼﺒﻟﺍﻮﺑﺃ ﻦﻴـﺴﺤﻟﺍ ﺪﻤﺤﻣ ﻦﺑ ﻲﻠﻋ ﻦـﺑ :ﺐﻴﻄﻟﺍ ﺪﻤﺘﻌﻤﻟﺍ ﻲﻓ ﻝﻮـﺻﺃ ،ﻪﻘﻔﻟﺍ :ﻖﻴﻘﺤﺗ ٩٠ . ﺪﻤﺤﻣ ﺪﻴﻤﺣ ،ﻥﻭﺮﺧﺁﻭ ﺔﻌﺒﻄﻤﻟﺍ ،ﺔﻴﻜﻴﻟﻮﺛﺎﻜﻟﺍ ﻖﺸﻣﺩ ـ ،ﺎﻳﺭﻮﺳ .ﻡ١٩٦٤/ـﻫ١٣٨٤ ،ﻥﺎﻤ ﻲـﺷﺎﻄﺒﻟﺍﻒﻴـﺳ ﻦﺑ ﺩﻮﻤﺣ ﻦﺑ :ﺪﻣﺎﺣ ﻑﺎـﺤﺗﺇ ﻥﺎﻴﻋﻷﺍ ﻲﻓ ﺦﻳﺭﺎﺗ ﺾـﻌﺑ ﺀﺎﻤﻠﻋﻋُ ،ﻥﺎﻤ.ﻡ٢٠٠٤/ـﻫ١٤٢٥ﻁ ،٢ ٣) (ﺀﺍﺰﺟﺃ ﻊﺑﺎﻄﻣ ،ﺔﻀﻬﻨﻟﺍ ،ﻂﻘﺴﻣ ﺔﻨﻄﻠﺳ ﻋُ ﺓﺭﺎـﻤﻌﺑ ،ﻰـﺴﻴﻋ ﻦﻣ ﻒﻴـﺷﺭﺃ ،ﺏﺍﺰـﻴﻣ ﺕﺎﻴﻗﺎﻔﺗﺍ ﺲـﻟﺎﺠﻤﻟﺍ ﺔﻣﺎﻌﻟﺍ ،ﺏﺍﺰـﻴﻤﻟ ﻪﻌﺒﻃ ﺭﺍﺩ ٩١ .٩٢ . ،ﺏﺎﻬﺸﻟﺍ .ﺔﻨﺗﺎﺑ .ﻡ١٩٨٥/ـﻫ١٤٠٥ ﻱﺩﺍﺪﻐﺒﻟﺍ ﺪﺒﻋﺏﺎﻫﻮﻟﺍ ﻦﺑ ﻲﻠﻋ ﻦﺑ ﺮﺼﻧ ﻱﺩﺍﺪﻐﺒﻟﺍ:ﺕ) :(ـﻫ٤٢٢ ﻑﺍﺮﺷﻹﺍ ﻰﻠﻋ ﻞﺋﺎﺴﻣ ،ﻑﻼﺨﻟﺍ ﺔﻌﺒﻄﻣ ،ﺓﺩﺍﺭﻹﺍ ،ﺏﺮﻐﻤﻟﺍ ﺔﻌﺒﻄﻟﺍ .ﻰﻟﻭﻷﺍ ٩٣ . ﻱﺮﻜﺒﻟﺍ :ﺪﻤﺤﻣ ﺀﺎﻨﺘﻋﻻﺍ ﻲﻓ ﻕﻭﺮﻔﻟﺍ ﺀﺎﻨﺜﺘﺳﻻﺍﻭ ﻪﺗﺮﺸﻧ ﺭﺍﺩ ﺐﺘﻜﻟﺍ ﺔﻴﻤﻠﻌﻟﺍ ،ﻥﺎﻨﺒﻠﺑ :ﻪﻘﻘﺣ ٩٤ . ﻝﺩﺎﻋﺪﺒﻋ ﺪﻴﺠﻤﻟﺍ ﻲﻠﻋﻭ .ﺽﻮﻌﻣ :ﻦ ﻯﻭﺎﺘﻓ ،ﻱﺮﻜﺒﻟﺍ :ﻖـﻴﻘﺤﺗ ﺔﺒﻴﻗﺭﻮﺑ ،ﺩﻭﺍﺩﻁ ،١ .ﻡ٢٠٠٣/ـﻫ١٤٢٣ ﻲـﻠﻜﺑﻤﺣﺮﻟﺍ ﺪﺒﻋٰ ﺔﺨﺴﻧﻭ ،ﻯﺮﺧﺃﻁ ،١ .ﻡ١٩٨٢/ـﻫ١٤٠٢ ﺵﻮـﻜﺑ :ﻰـﻴﺤﻳ ﻪﻘﻓ ﻡﺎـﻣﻹﺍﺮﺑﺎﺟ ﻦﺑ ،ﺪـﻳﺯﻁ ،٢ ﺔـﻌﺒﻄﻤﻟﺍ ،ﺔﻴﺑﺮﻌﻟﺍ ﺔـﻳﺍﺩﺮﻏ ـ ،ﺮﺋﺍﺰﺠﻟﺍ ٩٥ .٩٦ . .ﻡ١٩٨٨/ـﻫ١٤٠٨ ﻲﻧﺎﻨﺒﻟﺍ :ﺪﻤﺤﻣ ﺔﻴـﺷﺎﺣ ﻲﻧﺎﻨﺒﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﺡﺮـﺷ ﻞﻴﻠﺨﻟﺍ ﻰﻠﺤﻤﻟﺍ ﻰﻠﻋ ﻊﻤﺟ ﻊﻣﺍﻮﺠﻟﺍﻁ ،١ ٩٧ . ﺮﺼﻣ .ﻡ١٩١٣/ـﻫ١٣٣١ ﻲـﺗﻮﻬﺒﻟﺍﺭﻮﺼﻨﻣ ﻦﺑ ﺲﻧﻮﻳ ﻦﺑ ،ﺲﻳﺭﺩﺇ ﻑﺎـﺸﻛ ﻉﺎﻨﻘﻟﺍ ﻦﻋ ﻦـﺘﻣ ،ﻉﺎﻨﻗﻹﺍ ﻪﻌﺟﺍﺭ ﻖﻠﻋﻭ ٩٨ . ﻪﻴﻠﻋ ﻝﻼﻫ ﻲﺤﻠﻴﺼﻣ ﻰﻔﻄﺼﻣﻭ ،ﻝﻼﻫ ﺮﺸﻧ ﺔﺒﺘﻜﻣ ﺮﺼﻨﻟﺍ ،ﺔﺜﻳﺪﺤﻟﺍ ،ﺽﺎﻳﺮﻟﺍ .ﺕ.ﺩ ﻮـﻧﺭﻮﺒﻟﺍ ﻲﺑﺃ ﺙﺭﺎﺤﻟﺍ ﺪـﻤﺤﻣﻲﻗﺪﺻ ﻦﺑ ﺪﻤﺣﺃ ﻦﺑ ﺪﻤﺤﻣ :ﻱﺰﻐﻟﺍ ﺰﻴﺟﻮﻟﺍ ﻲﻓ ﺡﺎﻀﻳﺇ ٩٩ . ﺪﻋﺍﻮﻗ ﻪﻘﻔﻟﺍ ،ﺔﻴﻠﻜﻟﺍﻁ ،٥ ﺔﺴﺳﺆﻣ ،ﺔﻟﺎﺳﺮﻟﺍﺕﻭﺮﻴﺑ ـ ،ﻥﺎﻨﺒﻟ .ﻡ٢٠٠٢/ـﻫ١٤٢٢ ١٠٠ . بوساق محمد مدني، التعويض عن الضرر في الفقه الإسلامي، نشر دار إشبيليا ١٤١٩ ه/ ١٩٩٩ م. ، الرياض، السعودية، ط ١ ١٠١ . البوسعيدي مهنا بن خلفان بن محمد ( ١٢٥٠ ه): كتاب لباب الآثار ( ١٤ مجلدا) تحقيق: عبد الحفيظ شلبي، د. ط، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع مان، ُ ١٤٠٤ ه/ ١٩٨٤ م. ١٠٢ . البوطي محمد سعيد، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، ب يروت لبنان، ١٤٠٨ ه/ ١٩٨٨ م. ١٠٣ . البيضاوي القاضي عبد الله بن عمر ( ت: ٦٨٥ ه): تفسير البيضاوي المسمى أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ط ١، دار الكتب العلمية، د.ت. ١٠٤ . التاجي هبة الله: التحقيق الباهر على الأشباه والنظائر، مخطوط. ١٠٥ . التفتازاني سعد الدين ( ٧٩٢ ه)، التلويح على التوضيح شرح التنقيح، ضبطه وخرج آياته ّ وأحاديثه زكرياء عميرات ط ١، دار الكتب العلمية، ب يروت لبنان، ١٤١٦ ه/ ١٩٩٦ م. ١٠٦ . التلاتي عمرو بن رمضان الجربي ( ١١٨٧ ه): رفع التراخي في مختصر الشماخي ١٣٧ ورقة) نسخ عمر بن موسى ت.ن. ١٢٦٤ ، مكتبة الحاج صالح لعلي، بني )يزجن غرداية الجزائر. ١٠٧ . التهانوي محمد بن علي بن محمد الفروقي (كان حيا ١١٥٨ ه): كشاف اصطلاحات الفنون، حققه لطفي عبد البديع، وراجعه أمين الخولي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، شركة خياط للكتب والنشر بيروت، ١٣٥٣ ه/ ١٩٦٣ م. ونسخة أخرى: نشر دار صادر، بيروت. ١٠٨ . الثميني ضياء الدين عبد العزيز بن الحاج إبراهيم ( ت: ١٢٢٣ ه): الورد البسام في رياض الأحكام، تحقيق: م حمد بن صالح الثميني، المطبعة التونسية، تونس ١٣٤٥ ه. ١٠٩ . الثميني ضياء الدين عبد العزيز بن الحاج إبراهيم ( ت: ١٢٢٣ ه): كتاب النيل وشفاء العليل، تحقيق وتعليق: بكلي عبد الرحمن بن عمر، ٣ أجزاء، ط ٢، المطبعة العربية ٰ لدار الفكر الإسلامي، الجزائر، ١٣٨٧ ه/ ١٩٦٨ م. ١١٠ . الثميني عبد العزيز بن الحاج إبراهيم، التاج المنظوم من درر المنهاج، اختصره من كتاب منهج الطالبين وبلاغ الراغبين لخميس الشقصي ا لعماني، وكل من الكتابين ُ مطبوعين، والأول حققه: محمد بابا عمي بن موسى ومصطفى بن محمد شريفي، ١٤٢١ ه/ ٢٠٠٠ م. ، ط ١ ١١١ . جابر بن زيد: رسائل جابر بن زيد، ترتيب كروم أ حمد بن حمو وبازين عمر بن أحمد، مخطوط مصور. ١١٢ . جابر بن زيد: من جوابا ت الإمام جابر بن زيد، ترتيب سعيد بن خلف الخروصي، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع ُ مان، ط ١٤٠٤ ه/ ١٩٨٤ م. ١١٣ . الجرجاني علي بن محمد: التعريفات، ط ١، دار الكتاب اللبناني، بيروت دار الكتاب المصري، القاهرة، ١٤١١ ه/ ١٩٩١ م. ١١٤ . الجصاص أ بو بكر أحمد بن علي الرازي ( ٣٨٠ ه): أحكام القرآن، تحقيق: محمد . الصادق قمحاوي، ط ١، دار اإحياء التراث العربي، بيروت لبنان، ١٤١٢ ه/ ١٩٩٢١١٥ . الجعبيري ف رحات بن علي: البعد الحضاري للعقيدة عند الإباضية، نشر جمعية التراث، القرارة، المطبعة العربية، غرداية الجزائر، ١٩٩١ م. ١١٦ . جعفر جواد الفضل: بحث الأصل براءة المتهم في الشريعة الإسلامية، بعنوان المتهم وحقوقه في الشريعة الإسلامية.، من مجموعة بحوث الندوة العلمية الأولى للمركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب في الرياض ١٤٠٢ ه/ ١٩٨٢ م. ١١٧ . الجعلي عثمان بن حسين بري: سراج السالك شرح أسهل المسالك لأبي ب كر بن حسن الكشناوي، مؤسسة العصر، الجزائر، ١٩٩٢ م. ١١٨ . ، جمعية التراث، لجنة البحث العلمي: معجم أعلام الإباضية قسم المغرب، ط ١ المطبعة العربية، غرداية، الجزائر، ١٩٩٩ م. ١١٩ . جناون بن فتى، وعبد القهار بن خلف: أجوبة علماء فزان، من علماء القرن الثالث الهجري. حققها عمرو خليفة النامي وأكمل تحقيقها وأشرف على طبعها إبراهيم طلاي، طبع بمطابع دار البعث، قسنطينة، د.ت. ١٢٠ . الجناوني أ بو زكرياء يحيى بن الخير بن أبي الخير: كتاب الصوم، مكتبة الضامري للنشر والتوزيع، السيب، سلطنة ع ُ مان، ١٤١١ ه/ ١٩٩١ م. ١٢١ . الجناوني أ بو زكرياء يحيى بن الخير بن أبي الخير: كتاب النكاح، تعليق: علي ، يحيى معمر، أعده للنشر سليمان أحمد عون الله ومحمد ساسي زعرود، ط ٢ المطابع العالمية، روي سلطنة ع مان، ١٩٨٨ م. ُ ١٢٢ . الجناوني أ بو زكرياء يحيى بن الخير بن أبي الخير: كتاب الوضع مختصر في الأصول والفقه، تحقيق: أ بو إسحاق إبراهيم أطفيش، ط ١، د. ت، مطبعة الفجالة الجديدة، مصر. ١٢٣ . الجوهري إ سماعيل بن حماد ( ٤٠٠ ه): الصحاح، تحقيق: د. أحمد عبد الغفور عطار، مطابع الكتاب العربي، القاهرة، طبعة سنة ١٣٧٧ ه. ١٢٤ . الجيطالي أ بو طاهر إسماعيل بن موسى ( ٧٥٠ ه): قناطر الخيرات؛ القنطرة الثالثة، قنطرة الصلاة ووظائفها من الطهارات، تحقيق وتعليق: هيئة طلبة قسم الشريعة، معهد عمي سعيد، غرداية، الجزائر، ط ١، المطبعة العربية، غرداية، الجزائر، ١٤١٩ ه/ ١٩٩٨ م. ١٢٥ . الجيطالي أ بو طاهر إسماعيل بن موسى ( ٧٥٠ ه): قواعد الإسلام، تحقيق وتعليق: بكلي عبد الرحمن بن عمر، ط ١، المطبعة العربية، غرداية، ١٩٧٦ . ونسخة أخرى ٰ مذيلة بحاشية لأبي عبد الله محمد بن عمر بن أبي ستة الجربي ( ١٠٨٨ ه/ ١٦٧٨ م) تحقيق وتعليق: ب شير بن موسى الحاج موسى. ط ١، المطبعة العربية، غرداية، الجزائر، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٨ م. ١٢٦ . حسن أحمد مصطفى، الشك وأثره في العبادات، رسالة ماجستير نوقشت بكلية دار العلوم، القاهرة. ١٢٧ . الحسيني محمد أمين المعروف بأمير بادشاه، تيسير التحرير شرح على كتاب التحرير في أصول الفقه الجامع بين اصطلاحي الحنفية والشافعية لابن الهمام، ١٣٥٠ ه ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر. ، ط ١ ١٢٨ . الحصري أحمد محمد: القواعد الفقهية للفقه الإسلامي، مكتبة الكليات الأزهرية القاهرة، ١٤١٣ ه/ ١٩٩٣ م. ١٢٩ . الحصني أ بو بكر تقي الدين محمد بن عبد المؤمن (ت: ٨٢٩ ه): كتاب القواعد، تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الله الشعلان، ط ١، نشر مكتبة الرشد وشركة الرياض ٰ للنشر والتوزيع، الرياض، السعودية، ١٤١٨ ه/ ١٩٩٧ م. ١٣٠ . الحضرمي أ بو إسحاق إبراهيم بن قيس: مختصر الخصال، ط ١، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع ُ مان، طبع دار نوبار للطباعة مسقط، ١٤٠٣ ه/ ١٩٨٣ م. ١٣١ . الحطاب م حمد بن محمد بن عبد الرحمن ٰ ٩٥٤ ه): مواهب الجليل شرح مختصر ) خليل، بهامشه التاج والإكليل مختصر خليل لأبي عبد الله العبدري الشهير بالمواق ٨٦٧ ه) ط ٣، دار الفكر، بيروت، ١٤١٢ ه/ ١٩٩٢ م. ونسخة أخرى ط مكتبة ) النجاح، طرابلس ليبيا. ومطبعة السعادة، مصر، ط ١، سنة ١٣٢٩ ه. ١٣٢ . الحكيم محمد تقي الدين: الأصول العامة للفقه المقارن مدخل إلى دراسة الفقه المقارن، ط ٣، دار الأندلس، ١٩٨٣ م. ١٣٣ . الحموي أحمد: غمز عيون البصائر شرح الأشباه والنظائر لابن نجيم الحنفي، ط ١، دار الكتب العلمية، لبنان، ١٤٠٥ ه/ ١٩٨٥ م. ١٣٤ . حيدر علي: درر الحكام شرح مجلة الأحكام، تعريب فهي الحسني. ١٣٥ . الخراساني أ بو غانم بشر بن غانم: المدونة الصغرى، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع ُ مان، ١٤٠٤ ه/ ١٩٨٤ م. ١٣٦ . الخراسانيأ بو غانم بشر بن غانم: المدونة الكبرى، النسخة المصورة من المخطوط، طبعه دار اليقظة العربية، بيروت لبنان. ١٣٧ . الخصاف: كتاب أدب القاضي بشرح الجصاص، مخطوط. ١٣٨ . الخطابي أ بو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم: معالم السنن، (مطبوع مع مختصر سنن أبي داود للمنذري) تحقيق: محمد حامد الفقي، مصر، مطبعةا لسن ﱠ ة المحمدية، ١٣٦٨ ه. ﱡ ١٣٩ . الخليلي أ بو محمد سعيد بن خلفان بن أحمد (المحقق)، كتاب تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان من جوابات أبي محمد سعيد بن خلفان بن أحمد الخليلي، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، عمان، مطابع سجل ُ ١٤٠٧ ه/ ١٩٨٦ م. ، العرب، مصر، ط ١١٤٠ . الخليلي أ حمد بن حمد: الفتاوى الكتاب الثاني: الصلاة والزكاة والصوم والحج، راجعه قسم البحث العلمي بمكتب الإفتاء وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة ع ُ ١٤٢١ ه/ ٢٠٠١ م. ، مان، نشر المكتبة الفني للأجيال ط ١١٤١ . الخليلي أ حمد بن حمد: الفتاوى، الكتاب الأول، طبع شركة مطبعة ع مان ومكتبتها ُ المحدودة سلطنة ع ُ ١٤٢٣ ه/ ٢٠٠٣ م. ، مان، ط ٣ ١٤٢ . الخليلي أ حمد بن حمد: فتاوى المعاملات، الكتاب الثالث، نشر مكتب الأجيال، سلطنة عمان، إعداد ومراجعة قسم البحت العلمي بمكتب الإفتاء بوزارة الأوقاف ُ والشؤون الدينية، سلطنة ع ُ ١٤٢٢ ه/ ٢٠٠١ م. ، مان، ط ١ ١٤٣ . الخليلي، أ حمد بن حمد، فتاوى النكاح، المكتب الفني للأجيال، شركة مطبعة ع ُ مان ومكتبتها، ع ُ ١٤٢٣ ه/ ٢٠٠٣ م. ، مان، ط ٣ ١٤٤ . الدبوسي أ بو زيد عبيد ا لله بن عمر ( ت: ٤٢٠ ه): تأسيس النظر، تعليق وتصحيح: مصطفى القباني الدمشقي، نشر دار ابن زيدون، بيروت بالاشتراك مع مكتبة الكليات الأزهرية، مصر. ١٤٥ . دداش سعد الدين، القواعد الأصولية والفقهية من كتاب الفروق، بحث تقدم به لنيل درجة الدكتوراه في الفقه وأصوله من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة الجزائر. ١٤٦ . الدردير أ بو البركات أحمد، الشرح الصغير على مختصر أقرب المسالك، مؤسسة العصر، الجزائر، ١٩٩٢ م. ١٤٧ . الدريني محمد فتحي: بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي وأصوله، ط ١، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤١٤ ه/ ١٩٩٤ م. ١٤٨ . الدريني محمد فتحي: نظرية التعسف في استعمال الحق، د ط، مطبعة جامعة دمشق، ١٩٦٧ م. ١٤٩ . الدسوقي محمد عرفة، الحاشية على الشرح الكبير لمختصر خليل لأحمد الدردير المالكي، وبهامشه تقريرات عليش، تحقيق: محمد عبد الله شاهين، دار الكتب العلمية، بيروت ١٩٩٦ م. ١٥٠ . الرازي فخر الدين م حمد بن عمر بن الحسين ( ٦٠٦ ه): التفسير الكبير ومفاتيح الغيب، دار الفكر، بيروت، ١٩٨٣ م. نسخة أخرى، المطبعة الأميرية، القاهرة، ١٩٠٥ م. ١٥١ . الرازي فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين ( ٦٠٦ ه): المحصول في علم أصول الفقه، تحقيق: طه جابر فياض العلواني، ط ٣، مؤسسة الرسالة، سنة ١٤١٨ ه/ ١٩٩٧ م. نسخة أخرى، ط، دار الكتب العلمية، بيروت ١٤٠٨ ه/ ١٩٨٨ م. ١٥٢ . الراشدي أ بو الحسن سفيان بن محمد: كشف الغوامض في فن الفرائض، صححه: الشيخ أ حمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان، نشر معهد القضاء الشرعي ُ والوعظ والإرشاد، ط ٢، طبع بالمطابع الذهبية، سلطنة ع ُ مان، ١٤١٢ ه/ ١٩٩١ م. ١٥٣ . الراشدي سفيان بن محمد بن عبد الله: جواهر القواعد من بحر الفرائد تحقيق: ، محمد بن يحيى بن سفيان الراشدي، نشر مكتبة الاستقامة، سلطنة ع مان، ط ١ ُ ١٤٢٥ ه/ ٢٠٠٥ م. ١٥٤ . ، الراشدي مبارك بن عبد الله: نشأة تدوين الفقه واستمراره عبر العصور: ط ١ ١٤٢٢ ه/ ٢٠٠١ م. ١٥٥ . الربيع بن حبيب: آثار الربيع، مخطوط مصور. ١٥٦ . الرحموني محمد الشريف: الرخص الفقهية من القرآن والسن ﱠ ة النبوية، مؤسسة ﱡ عبد الكريم، تونس، ١٩٩٢ م. ١٥٧ . رفيق يونس المصري: الخطر والتأمين، هل التأمين التجاري جائز شرعا؟ ط ١، نشر دار القلم، دمشق، والدار الشامية، بيروت، ودار البشير جدة، ١٤٢٢ ه/ ٢٠٠١ م. ١٥٨ . الرملي شمس الدين: نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، الناشر المكتبة الإسلامية لصاحبها الحاج رياض الشبح، دت، وكذا طبعة ١٢٩٦ بمطبعة حسين بك حسني. ١٥٩ . الرواحي ن اصر بن سالم بن عديم أ بو مسلم: نثار الجوهر في علم الشرع الأزهر، طبعة مصورة من المخطوط الأصلي بخط المؤلف، سلطنة ع مان. ُ ١٦٠ . الروكي محمد: القواعد الفقهية من خلال كتاب الإشراف على مسائل الخلاف ١٤١٩ ه/ ١٩٩٨ م. ، للقاضي عبد الوهاب البغدادي المالكي، دار القلم دمشق، ط ١ وطبعة دار البحوث للدراسات دبي، الإمارات العربية المتحدة، ٢٠٠٣ م. ١٦١ . الروكي محمد: نظرية التقعيد الفقهي أثرها في اختلاف الفقهاء، تقديم فاروق حمادة، دار الصفاء الجزائر، دار ابن حزم، بيروت لبنان، ١٤٢١ ه/ ٢٠٠٠ م. ١٦٢ . الزبيدي محب الدين ( ١٢٥٠ ه): تاج العروس من جواهر القاموس، ط ١، مطبعة الخيرية مصر، منشوراتدار مكتبة الحياة، بيروت لبنان. ١٦٣ . الزحيلي وهبة: الفقه الإسلامي وأدلته، ط ٢، دار الفكر المعاصر، ١٩٨١ م. ١٦٤ . الزحيلي وهبة: نظرية الضرورة الشرعية مقارنة مع القانون الوضعي، ط ٥، مؤسسة الرسالة بيروت، ١٩٩٧ م. ١٦٥ . الزرقا أ حمد بن محمد ت: ١٣٥٧ ه/ ١٩٣٨ م، شرح القواعد الفقهية، تحقيق: مصطفى أحمد الزرقا دار القلم، دمشق سوريا، الطبعة الخامسة ١٤١٩ ه/ ١٩٩٨ م. ١٦٦ . الزرقا مصطفى أحمد: المدخل الفقهي العام، مطبعة طبرية، دمشق ١٣٧٨ ه/ ١٩٦٨ م. نسخة أخرى، ط ٢، دار القلم، دمشق، ١٤٢٥ ه/ ٢٠٠٤ م. ١٦٧ . الزرقا مصطفى أحمد: نظام التأمين حقيقته والرأي الشرعي فيه، ط ٤، نشر مؤسسة الرسالة، بيروت لبنان، ١٤١٥ ه/ ١٩٩٤ م. ١٦٨ . الزركشي بدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله ( ٧٩٤ ه): البحر المحيط في أصول الفقه، ط ٢، دار الصفوة للطباعة والنشر، مصر، ١٤١٣ ه/ ١٩٩٢ م. ١٦٩ . الزركشي بدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله ( ٧٩٤ ه): المنثور في القواعد، تحقيق: تيسير فائق أحمد محمود، ط ١، مؤسسة الخليج للطباعة والنشر، الكويت، ١٤٠٢ ه/ ١٩٨٢ م. ١٧٠ . الزركشي بدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله ( ٧٩٤ ه): تشنيف المسامع بجمع الجوامع، تحقيق: عبد الله ربيع، سيد عبد العزيز، ط ٢، مؤسسة قرطبة والمكتبة المكية، ١٤١٩ ه/ ١٩٩٩ م. ١٧١ . الزمخشري جار الله محمود بن عمر ( ت: ٥٢٨ ه): تفسير الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، ط ١، مطبعة مصطفى محمد التجارية الكبرى، مصر، ١٣٥٤ ه. ونسخة أخرى، تحقيق: محمد مرسي عامر، نشر دار المصحف، شركة مكتبة ومطبعة عبد الرحمن محمد، القاهرة مصر، د.ت. ٰ ١٧٢ . الزنجاني شهاب الدين محمود: تخريج الفروع على الأصول، تقديم، محمد سلام مذكور، تحقيق: محمد أديب الصالح، ط ٥، مؤسسة الرسالة، سوريا بيروت، ١٤٠٧ ه/ ١٩٨٤ م. ١٧٣ . زيدان عبد الكريم: المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، ط ١٦ ، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٩٩٩ م. ١٧٤ . الساعاتي أحمد عبد الرحمن البنا: الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أ حمد بن ٰ حنبل، مطبعة الفتح الرباني، القاهرة، د.ت. ١٧٥ . الساعاتي أحمد عبد الرحمن البنا، بدائع المتن في جمع وترتيب مسند الشافعي ٰ والسنن، ط ١، دار الأنوار للطباعة والنشر، ١٣٦٩ ه. ١٧٦ . السالمي أ بو محمد عبد الله بن حميد بن سلوم ( ١٣٣٢ ه): العقد الثمين نماذج من فتاوى نور الدين فخر المتأخرين وسابق المتقدمين، تحقيق وتعليق: سالم بن حمد بن سليمان الحارثي، أربعة أجزاء، دار الشعب، القاهرة، ١٣٩٣ ه. ١٧٧ . السالمي أ بو محمد عبد الله بن حميد بن سلوم ( ١٣٣٢ ه): جوابات الإمام السالمي، تنسيق ومراجعة عبد الستار أبو غدة، نشر مكتبة الإمام السالمي بإشراف عبد بن محمد السالمي، بدية، ع ُ ١٤٢٢ ه/ ٢٠٠١ م. ، مان، ط ٣ ١٧٨ . السالمي أ بو محمد عبد الله بن حميد بن سلوم ( ١٣٣٢ ه): شرح طلعة الشمس على الألفية، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، مطبعة الألوان الحديثة، سلطنة ع ُ مان. ١٤٠١ ه/ ١٩٨١ م. ونسخة أخرى محققة بعنوان: طلعة الشمس شرح شمس الأصول، تحقيق: عمر حسن ا لقيام، نشر مكتبة الإمام السالمي، بدية، سلطنة ّ ٢٠٠٨ م طبع دار الراشد، بيروت لبنان. ، ع مان، ط ١ ُ ١٧٩ . السالمي أ بو محمد عبد الله بن حميد بن سلوم ( ١٣٣٢ ه): معارج الآمال على مدارج الكمال بنظم مختصر الخصال لأبي إسحاق الحضرمي، تحقيق: محمد ، محمود إسماعيل، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، ع مان ط ١ ُ ١٤٠٣ ه/ ١٩٨٣ م. وطبعة أخرى تحقيق: سليمان بابزيز وإبراهيم بولرواح وآخرون ٢٠٠٨ م. ، نشر مكتبة الإمام السالمي، بدية، عمان، دار الرشيد، بيروت لبنان، ط ١ ُ ١٨٠ . السبكي تاج الدين عبد الوهاب بن علي: الأشباه والنظائر، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد عوض، دار الكتب العلمية، بيروت. ١٨١ . السبكي علي بن عبد الكافي ( ٧٥٦ ه): الإبهاج في شرح المنهاج، تحقيق وتعليق: شعبان محمد إسماعيل مطبعة أسامة، ط، القاهرة ١٤٠٢ ه/ ١٩٨٢ م. ونسخة أخرى تعليق: جماعة من العلماء، نشر دار الكتب العلمية، بيروت. ١٨٢ . السدلان صالح بن غانم: القواعد الفقهية الكبرى وما تفرع عنه، دار بلنسية، الرياض، السعودية، ١٩٩٦ م. ١٨٣ . السدلان صالح بن غانم: النية وأثرها في الأحكام الشرعية، مطابع الفرزدق للنشر والتوزيع مكتبة الخريجي، الرياض، ١٤٠٢ ه/ ١٩٩١ م. ١٨٤ . السدويكشي أ بو محمد عبد الله بن سعيد: الحاشية على كتاب الإيضاح للشماخي أبو ساكن عامر بن علي، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع مان، ُ ١٤٠٤ ه/ ١٩٨٣ م. ١٨٥ . السرخسي شمس الدين: المبسوط، دار المعارف، لبنان، ١٩٨٩ م. ١٨٦ . سعدي أ بو جيب، القاموس الفقهي لغة واصطلاحا، ط ٢، دار الفكر، دمشق، ١٩٨٨ م. ١٨٧ . السعدي عبد الرحمن الناصر: بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح ٰ جوامع الأخبار، تعليق: أ بو الحارث نادر بن سعيد آل مبارك التعمري، دار بن حزم، ٢٠٠٣ م. ١٨٨ . السنهوري عبد الرزاق أحمد: مصادر الحق في الفقه الإسلامي، مطابع دار المعارف، ١٩٦٨ م، ونسخة أخرى ط ٢، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت لبنان، ١٩٨٨ م. ١٨٩ . سوار وحيد الدين: التعبير عن الإرادة في الفقه الإسلامي، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، طبعة ١٩٧٩ م. ١٩٠ . سيد قطب: في ظلال القرآن، ط العاشرة، دار الشروق بيروت والقاهرة، ١٤٠٢ ه/ ١٩٨٢ م. ١٩١ . السيوطي جلال الدين عبد الرحمن ٰ بن أبي بكر ( ٩١١ ه): الإكليل في استنباط التنزيل، تحقيق: سيف الدين عبد القادر، بيروت، دار الكتب العلمية، ١٤٠١ ه. ١٩٢ . السيوطي جلال الدين: الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية، تحقيق: عبد الكريم الفضلي، ط ١، نشر المكتبة العصرية، لبنان، ١٤٢١ ه/ ٢٠٠١ م. ١٩٣ . السيوطي جلال الدين: الحاوي في الفتاوي، ط ٣، المكتبة التجارية، القاهرة، ١٩٥٩ م. ١٩٤ . الشاطبي أ بو إسحاق إبراهيم بن موسى: الموافقات في أصول الشريعة، تحقيق: عبد الله دراز، دار الفكر، بيروت، دت. ١٩٥ . الشافعي محمد بن إدريس: الأم، تحقيق: رفعت فوزي عبد المطلب، ط ٣، دار الوفاء المنصورة، ٢٠٠٥ م. ١٩٦ . الشال إبراهيم: القواعد والضوابط في المعاملات المالية عند ابن تيمية، إشراف عمر سليمان الأشقر، دار النفائس، عم ان، ٢٠٠٢ م. َّ ١٩٧ . ، شبير محمد عثمان: القواعد الكلية والضوابط الفقهية في الشريعة الإسلامية، ط ١ دار الفرقان للنشر والتوزيع، الأردن، ١٤٢٠ ه/ ٢٠٠٠ م. ١٩٨ . الشربيني شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب ( ٩٧٧ ه): مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، مطبعة الباي الحلبي، القاهرة، طبعة سنة ١٣٧٧ ه. ١٩٩ . الشقصي خميس بن سعيد بن علي بن مسعود الرستاقي: منهج الطالبين وبلاغ الراغبين، تحقيق: سالم ب نحمد بن سليمان الحارثي، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، عمان، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه، مصر، ١٩٨١ م. ُ ٢٠٠ . شلبي محمد مصطفى: المدخل في التعريف بالفقه الإسلامي وقواعد الملكية والعقود فيه، دار النهضة العربية، بيروت، ١٩٨٥ م. ٢٠١ . الشماخي أ بو ساكن عامر بن علي الشماخي ( ٧٩٢ ه): كتاب الإيضاح، مع حاشية أبي محمد عبد الله بن سعيد السدويكشي ( ١٠٦٨ ه)، على الجزأين الأول والثاني، وحاشية ل محمد بن عمر بن أبي ستة القصبي الجربي ( ١٠٨٨ ه) على الجزأين الثالث والرابع، ط ٢، نشر دار الفتح، لبنان، ١٣٩٤ ه/ ١٩٧٤ م. نسخة أخرى، ط ٥، نشر مكتبة مسقط، ع ُ مان، ١٤٢٥ ه/ ٢٠٠٤ م. ٢٠٢ . الشوكاني محمد بن علي بن محمد: إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، دار الهدى، عين مليلة، الجزائر، ١٩٩٨ م. ونسخة أخرى: تحقيق: أبو مصعب محمد سعيد البدري، ط ٢، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، ١٩٩٣ م. ونسخة أخرى: طبعة دار الطباعة المنيرية بمصر ١٣٤٧ ه. ٢٠٣ . الشوكاني محمد بن علي: فتح القدير، دار المعرفة، بيروت. ٢٠٤ . الشوكاني م حمد بن علي، نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد ومصطفى محمد الهواري، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، دت. ٢٠٥ . الشيخ بالحاج محمد بن بابه: أصول الجمع وكليات الوفاق بين المذهبين الإباضي والمالكي مع تخريج بعض الفروع الخلافية، مطابع دار البعث، قسنطينة، ١٩٩٢ م. ٢٠٦ . الشيخ بالحاج محمد بن بابه: الاجتهاد في المذهب الإباضي، دون بيانات الطبع والنشر. ٢٠٧ . الشيخ بالحاج محمد بن بابه: مميزات الإباضية: نشأة وتأصيلا وتفريعا وسلوكا، دار البعث، قسنطينة، ١٩٩١ م. ٢٠٨ . الشيرازي أ بو إسحاق إبراهيم بن علي: المهذب في فقه الإمام الشافعي، دار الفكر، بيروت، دت. ٢٠٩ . الصنعانيأ بو بكر عبد الرزاق بن همام: المصنف، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، ١٩٧٢ م. ٢١٠ . الطبري أ بو جعفر محمد بن جرير ( ٣١٠ ه): جامع البيان في تفسير القرآن ومعه تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان، ا لحسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري، دار الفكر، بيروت ١٩٧٨ م. ٢١١ . ملحق « لا ضرر ولا ضرار » الطوفي نجم الدين أب و ربيع بن سعيد: شرح حديث بكتاب المصلحة في التشريع الإسلامي لمصطفى زيد، تعليق: محمد يسري إبراهيم، دار اليسر، مصر، د.ت. ٢١٢ . الطوفي نجم الدين أب و ربيع بن سعيد: شرح مختصر الروضة، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، ط ٢، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٩٩٨ م. ٢١٣ . العاملي ياسين عيسى: الاصطلاحات الفقهية في الرسائل العلمية، دار البلاغة، ١٤١٤ ه/ ١٩٩٣ م. ، بيروت، ط ١٢١٤ . عبد المنعم محمود: معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية. ٢١٥ . عبد الوها ب بن عبد الرحمن ٰ بن رستم ( ت: ٢٥٠ ه)، كتاب مسائل نفوسة، تحقيق وترتيب: إبراهيم محمد طلا ّ ي، المطبعة العربية، غرداية، الجزائر، ١٩٩١ م. ٢١٦ . العدوي عبد الرحمن، الوسيط في الفقه. ٰ ٢١٧ . عزام عبد العزيز محمد: قواعد الفقه الإسلامي، مطبعة مكتب الرسالة الدولية للطباعة والكمبيوتر، الشرقية مصر، ١٩٩٨ م. ٢١٨ . عزام عبد العزيز: النظام القضائي في الإسلام. ٢١٩ . ، العسكري أ بو هلال: الفروق في اللغة، تحقيق: لجنة إحياء التراث العربي، ط ٧ دار الآفاق الجديدة، ١٩٩١ م. ٢٢٠ . عفيفي أ بو العلاء: المنطق التوجيهي، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، ١٩٥١ م. ٢٢١ . العلائي: خليل بن كيكلدي، تلقيح الفهوم في تنقيح صيغ العموم، تحقيق: عبد الله بن محمد إسحاق آل الشيخ، إدارة البحوث العامة، السعودية، ١٩٨٣ م. ٢٢٢ . عمر عبد الله كامل، الرخصة الشرعية في الأصول والقواعد الفقهية، نماذج تطبيقية في فتاوى شرعية لبعض المعاملات المالية، دار ابن حزم، بيروت، ١٩٩٩ م. ٢٢٣ . عمروس بن فتح النفوسي، أ بو حفص (ت: ٢٨٣ ه): كتاب أصول الدينونة الصافية، تحقيق: حاج أ حمد بن حمو كروم، مراجعة م صطفى بن محمد شريفي، ومحمد بن موسى بابا عمي، نشر وزارة التراث القومي والثقافة ا لعمانية، مطبعة عمان ومكتبتها ُُ المحدودة، مسقط سلطنة ع ُ ١٤٢٠ ه/ ١٩٩٩ م. ، مان، ط ١ ٢٢٤ . العوتبي سلمة بن مسلم بن إبراهيم الصحاري: كتاب الضياء، نشر وزارة التراث القومي والثقافة ا لع ُ مانية، مطبعة الألوان الحديثة، سلطنة ع ُ مان، ١٤١١ ه/ ١٩٩٠ م. ٢٢٥ . عودة عبد القادر، التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي، دار الكتب العلمية، بيروت، ٢٠٠٥ م. ٢٢٦ . الغزالي أ بو حامد محمد بن محمد ( ٥٠٥ ه): إحياء علوم الدين، دار قتيبة، دمشق بيروت، ١٩٩٢ م. ٢٢٧ . الغزالي أ بو حامد محمد بن محمد ( ٥٠٥ ه): المستصفى في علم الأصول، ط ٢، دار الكتب العلمية، بيروت، ١٩٨٣ م. ٢٢٨ . الغزالي أ بو حامد محمد بن محمد ( ٥٠٥ ه): المنخول من تعليقات الأصول، تحقيق: محمد حسن هيتو، دار الفكر، بيروت، ١٩٨٠ م. ٢٢٩ . الفاداني محمد ياسين أ بو الفيض: الفوائد الجنية حاشية المواهب السنية شرح الفرائد البهية في نظم القواعد الفقهية، دار البشائر، بيروت، ١٩٩٦ م. ٢٣٠ . الفاسي علال: مقاصد الشريعة ومكارمها: ط ٥، دار الغرب الاسلامي، لبنان. ١٩٩٣ م. ٢٣١ . الفضيلات محمود جبر: حاشية على كتاب الجامع لابن جعفر الأزكوي، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة ع ُ مان، الجزء الرابع ١٤١٤ ه/ ١٩٩٤ م، طبع بالمطبعة العالمية، روي، ع ُ مان. الجزء الخامس ١٤١٥ ه/ ١٩٩٥ م، طبع بشركة مطبعة ع ُ مان ومكتبتها المحدودة، الجزء السادس ١٤٢٢ ه/ ٢٠٠١ ، طبع بالمطبعة الشرقية ومكتبتها، سلطنة ع مان. ُ ٢٣٢ . الفيروز آبادي مجد الدين محمد بن يعقوب ( ت: ٧١٧ ه): القاموس المحيط، مؤسسة الحلبي وشركاه، القاهرة، تصوير، د.ت. ٢٣٣ . الفيومي أ حمد بن محمد بن علي المقري ( ٧٧٠ ه): المصباح المنير في غريب الشرح الكبير الرافعي، المكتبة العلمية، بيروت. ٢٣٤ . القاسمي محمد جمال الدين: محاسن التأويل، تص: م