‫‪---‬‬ ‫سرح‬ ‫وويررروروروورهويوررررم‬ ‫‪..‬‬ ‫‪١٣ |-‬‬ ‫دكتور ‪ /‬محمد قرقش‬ ‫<‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫المدخل إلى ‪:‬‬ ‫تاريخ الإسلام فى إفريقيه‬ ‫مع دراسة للدور القماني‬ ‫تأليف‪:‬‬ ‫دكتور ‪ /‬محمد قرقش‬ ‫ا لموزع مكتبة ا بن كثير‬ ‫( جمبع الحقوق محفوظة للمؤلف )‬‫‪٤ :‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫الفصل الأول ‪:‬‬ ‫( ‪) ٥٩ - ١٣‬‬ ‫مقدمة جغرافية‬ ‫ا ‪ -‬الملامح الطبيعية ‪.‬‬ ‫؟ ‪ -‬السكان‪.‬‬ ‫الإقتصاد‪.‬‬ ‫‏‪٣‬‬ ‫الفصل الثانى ‪:‬‬ ‫( ‪) ١٤٦١-١٦١٠‬‬ ‫ملامح التاريخ الإفريقى القديم‬ ‫ا ‪ -‬ملامح‬ ‫عصور ما قبل التاريخ في إفريقية ‪.‬‬ ‫؟ ‪ -‬إفريقية في سياسات العالم القديم ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬مالك إفريقية قدمة‪.‬‬ ‫ا‪-‬نخجخاةإفريقية‪.‬‬ ‫الفصل الثالث ‪:‬‬ ‫( ‪٤٣‎ - ١٤٧‬؟ )‬ ‫إفريقية فى العصر الإسلامى‬ ‫‏‪ -١‬العرب وإفريقية‪.‬‬ ‫‪-‬افذيقية في عصر الرسول والخلفاء الراشدين‬ ‫‏‪ - ٣‬إفريقية في السياسة الأموبة‪.‬‬ ‫‏‪ - ٤‬أوضاع إفريقية في العصر العباسي ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٥‬حركة التجار الإفريقية في العصر الإسلامي ‪.‬‬ ‫الفصل الرابع ‪:‬‬ ‫امتداد الإسلام إلى جنوب الصحراء الكبرى (‪٤٤‬؟‪)٨٨١-‬‏‬ ‫ا ‪ -‬السودان الشرقي والقرن الإفريقي ‪.‬‬ ‫؟ ‪ -‬انسياب الإسلام إلى السودان الأوسط ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬انتشار الإسلام في السودان الفربي ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٤‬أهم مراكز الحضارة الإسلامية في السودان الغربي ‪.‬‬ ‫الفصل الخامس ‪:‬‬ ‫الإسلام والثقافة العربية فى شرق إفريقية ووسطها ‪.‬‬ ‫(الدور العماني المميز والميستمر) ( ؟‪٣٨‬‏ ‪ -‬؟‪٤٨‬‏ )‬ ‫ا ‪ -‬المحيط الهندي يتحول إلى محيط إسلامي ‪.‬‬ ‫؟ ‪ -‬خصوصية الدور العماني مع شرق القارة ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬مراحل‪:‬الإنتشار العماني والإسلامي في شرق إفريقية ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٤‬توجه التيار الإسلامي إلى وسط إفريقية ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٥‬جارة شرق إفريقية ‪ :‬السلع والأخطار‪.‬‬ ‫الجاتمة ‪...‬‬ ‫لم تلق قارة من قارات العالم ‪ .‬قديمة وحديثة ‪ .‬تجاهلا وإهمالا وإعراضأ‬ ‫مثلما عانت قارة إفريقية ‪ .‬الأمر الذي يتبرم منه الباحشون والمنصفون‬ ‫في كل مكان ‪.‬‬ ‫ربرغم إمكانيات القارة الهائلة ‪ .‬ومساهمتها الحضارية الواضحة ‪ .‬ودورها‬ ‫الكبير في مسيرة التاريخ والحضارة البشرية ‪ .‬فإنها وجدت نفسها في النهاية‬ ‫مرتبطة بالتخلف والديون ‪.‬والفقر والجوع ‪.‬وكأن العالم أراد لها أن تكون قارة‬ ‫الهموم ‪ .‬وحتى يكتمل الأمر طمست المكتبة التاريخية ‪.‬هي الأخرى ‪ .‬إنجازات‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ .‬ضم نطاق بعيد‬ ‫القارة عبر العصور ‪..‬ووضعت حضارة وادي النيل ‪ .‬الفرعونية‬ ‫وهو الشرق الأدنى ‪ .‬حتى تبتعد القارة عن صفة الحضارة والمدينة ‪ .‬رغم ان مياه‬ ‫النبل تجري على أرض إفريقية ‪ .‬وأن مصر هي هبة النيل ‪ .‬وكان الهدف هو أن‬ ‫يكون الفضل الأول لإكتشاف القارة وبنائها يرجع لأورويا وليس لغيرها ‪.‬‬ ‫ومن أجل إبراز ملامح الشخصية التاريخية الإفريقية ‪ .‬وتوضيح أهمية القارة‬ ‫للبشرية في المصور االةلندية ‪ .‬ونهضتها في العصور الإسلامية ‪ .‬والتي تمثل العصور‬ ‫الذهبية للقارة الإذريقية ‪.‬قدمنا هذا العمل ‪ .‬بعد أن أصبح واضحا أن الإسلام هو‬ ‫من أداء‬ ‫‪ .‬وعدلت‬ ‫الديانة الرحيدة التي طورت القارة وفجرت إمكانيات سكانها‬ ‫أهلها ‪.‬ظهرت بفضله ممالك ودول وسلطنات كانت من أهم القوى في عصورها ‪.‬‬ ‫وما كانت لأهل عمان دورهم المميز مع مسيرة القارة ‪ .‬والذي لا يمكن أن‬ ‫يتجاهله الباحث المنصف ‪.‬فإننا قدمنا دراسة ملامح هذا الدور أيضا حيث إرتبطت‬ ‫إفريقية بعالم المحيط الهندي على سفن أهل عمان ‪ .‬واستمر هذا الدور الواضح‬ ‫باستمرار عبر الهجرات العمانية المستمرة والأداء العماني الهام الذي ترتب عليه نشر‬ ‫الإسلام وحضاراته وثقافته في شرق ووسط القارة ‪.‬ومازالت تلك الإنجازات محل‬ ‫تقدير‪ .‬من الباحثين والمهتمين ‪.‬‬ ‫المقدمة‬ ‫تناست الدراسات التاريخية قديمها وحديثها تاريخ قارة إفريقية ‪ .‬بصورة عامة‬ ‫وتاريخ الإسلام بها بصورة خاصة ‪ .‬واكتفت أرفف المكتبة التاريخية الإفريقية على‬ ‫دراسات لأهمية الدور الأوروبي ورواده وبعثاته وقواته ‪ .‬حتى ساد بين الباحثين أن‬ ‫تاريخ القارة يبدأ مع الرجل الأبيض وإنبازاته ‪ .‬وأن الفترة التي تسبق ذلك ما هي‬ ‫إلا إمتداد للعصور الحجرية والعقائد الوثنية ‪ .‬الأمر الذي يحمل الباحشون جهدا‬ ‫كبيرا لإبراز الحقيقية ‪ .‬بعيد عن الدوافع الاستعمارية ‪.‬‬ ‫لقد أدت إفريقية دورها بأمانة وإخلاص في المسيرة الحضارية العاملية عبر‬ ‫العصور التاريخية ‪ .‬ففي المراحل الحجرية شهدت القارة كيانات حضارية لا تقل في‬ ‫مستواها عن مثيلاتها في قارة آسيا أو أوروبا ‪ .‬ومازالت الدراسات التي يقوم بها‬ ‫رجال الآثار على مشارف الصحراء الكبرى تشير بأهمية القارة في العصور الحجرية‬ ‫القديمة والحديثة (‪١‬؛‏ والدليل على أهميتها في تلك الفترة خروج جماعات بشرية منها‬ ‫صوب وادي النيل ‪ .‬بعد التغيرات التي طرأت على المناخ في المصور‬ ‫الحجرية الحديثة ‪.‬‬ ‫وجاءت العصور التاريخية القديمة لتقدم للعالم حضارة هامة إفريقية المولد‬ ‫‪ .‬والتي قدمت‬ ‫الفرعونية في مصر‬ ‫‪ .‬وهي الحضارة‬ ‫‪ .‬عالمية الانتشار‬ ‫والنشأة‬ ‫إني زات شاملة في كافة مجالات الحضارة وأثرت بشكل واضح في أوضاع غرب‬ ‫اسيا وصوب البحر المتوسط في المجالات العقائدية والسياسية والإقتصاديةا"'‪ .‬ويبدو‬ ‫أن تلك الحضارة قد شملت في محيطها الحيوي مناطق وادي النيل وشمال إفريقية‬ ‫ومنطقة السودان الشرقي والسودان الأوسط والسودان الفربي(؟ا بل ان هناك من‬ ‫يدلل بوجود تأثيرات مباشرة لها على سواحل شرق إفريقية المطلة‬ ‫‪.. 0‬ل‬ ‫م ‪:‬‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫‪, .\ . . .3,1970‬‬ ‫‏(‪(١‬‬ ‫(‪ )٢‬فخري ‪ .‬أحمد‪ ٠ ‎‬دكتور ‪ .‬دراسات في تاريخ الشرق الأدنى القديم ‪ .‬ص‪ ١٢١ : ‎‬القاهرة‪. ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬أطلق العرب على نطاق السافانا الإفريقية جنوب الصحراء الإفريقية الكبرى اسم بلاد السودان‬ ‫‏‪ ٠‬نسبة إلى اللون ‪ .‬وييتد هذا الحيزام من ساحل مورينانيا والسنفال غربا على المحيط‬ ‫الأطلسي ‪ .‬حتى السودان الحالي وأرتيريا على البحر الأحمر شرقا ‪ .‬وينقسم هذا الحزام إلى‬ ‫ثلائة مناطق ‪ :‬السودان الغربي ويشمل غرب الحزام ‪ .‬والأرسط حول بحيرة تشاد ‏‪ ٠‬والسودان‬ ‫الشرقي وهو السودان الحالي ‪.‬‬ ‫‪-. ٤‬‬ ‫على الحيط الهنديأ"ا‪ .‬ومازال الدور الهام الذي قامت به الحضارة الفرعونية‬ ‫الإنرينية محل إهتمام كبير للمؤسسات الثقافية العالمية ‪ .‬وجاءت مرحلة جديدة في‬ ‫تاريغ القارة القديم على يد أهل قرطاج ‪ .‬الذين يرجعون إلى أصول فينيقية ‪ .‬حيث‬ ‫كان لهم دورهم الهام في حضارة البحر المتوسط بصورة عامة قبل ظهور روما كقوة‬ ‫عالية ‪ .‬واستمر هذا الدور لأكثر من ألف عام تقريبا واستغلت قرطاجنة دورها الهام‬ ‫بين إفريقية من جهة ‪ .‬وعالم البحر المتوسط لتنقل للعالم القديم إمكانيات القارة‬ ‫الإنريقبة من السلع والمواد الخام ‪ .‬عبر دروب صحراوية شاقة إلى مناطق السافانا‬ ‫الفنية جنوب الصحراء ‪.‬ريفضل الإمكانيات الإفريقية استمر أداء الدور القرطاجني‬ ‫في العالم القديم لفترة زمنيةطويلة ‪ .‬وأحرزت انتصارات متتالية على مدينات‬ ‫أوروبا الوليدة ‪ .‬وازدهرت مدن وموانيء إفريقية في هذا العصر مثل ‪ :‬قايس ‪ .‬لمط‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬سوسة ‪ .‬بنزرت ‪ .‬عنابة ‪ .‬بجاية ‪ .‬الجزائر ‪( .‬المدينة) وغيرها ‪.‬‬ ‫وأرست ترطاجنة في شمال إفريقية حضارة أبدعت في المجال الإقتصادي ‪.‬‬ ‫حيث أصبحت المنطقة قبلة للتجار ‪ .‬وفي المجال السياسي ‪ .‬وفي المجال الثقافي‬ ‫والديني أيضا واستمرت تلك الشخصية الحضارية في المنطقة حتى العصر الروماني ‪.‬‬ ‫كما اندمجت مناطق البربر في عالم البحر المتوسط ‪ .‬وتعرفت بفضلها إلى مدنيات‬ ‫‪.‬‬ ‫الشرق رحظاراته‬ ‫وساهمت إفريقية كذلك في عالم المحيط الهندي ‪ .‬مثلما ساهمت في عالم‬ ‫البحر المتوسط ‪ .‬حتى أن المراقبين لاحظوا إرتباطأً واضحا منذ القديم بين مناطق‬ ‫‪ .‬كانت جزء من ‪:‬‬ ‫أن شبه الجزيرة العربية‬ ‫غرب آسيا وجنوبها مع شرق إفريقية ‪.‬بل‬ ‫قارة جندوانا الإفريقية ‪ .‬ثم انفصلت منذ ملايين السنيين وأصبح إتصال شرق القارة‬ ‫مع منطقة شبه الجزيرة العربية أمرأ متواصلا عبر العصور التاريخية ‪ .‬وأسست‬ ‫شعوب عربية قدمة ممالك لها ومستعمرات على سواحل إفريقية الشرقية ‪.‬منها ممالك‬ ‫اليمنيين على سواحل‬ ‫أهل أرسان‬ ‫‪ .‬ومستعمرات‬ ‫بلاد بونت على ساحل الصرمال‬ ‫موزمبيق الحالية ‪ .‬وربما يكون الأحباش هجرة من اليمن الى مناطق الهضبة الحبشية‬ ‫‏(‪ )١‬الناصري ‪ .‬سيد أحمد علي ‪ .‬دكتور ‪ .‬المصريون والعرب وعلاقاتهم بإفريقية في العصور‬ ‫القديمة ‪ .‬جامعة القاهرة ‪ .‬‏‪ . ١٩٩٠‬ص ‪ :‬‏‪. ٤ . ٣‬‬ ‫)!( جوليان ‪ .‬شارل ‪.‬أندريه ‪ .‬تاريخ إفريقية الشمالية ‪ .‬من البدء إلى الفتح الإسلامي ‪ .‬تعريب‬ ‫محمد مزالي ‪ .‬والبشير بن سلامة ‪ .‬الطبعة الخامسة ‪ .‬الدار التونسية للنشر يونيو ‏‪. ١٩١٨٥‬‬ ‫ص ‪ :‬‏‪. ١١٩ - ٨٤‬‬ ‫عبر باب المندب والتي ترتب عليها فيما بعد ظهور أكسوم الحبشية("‪ .‬والتي‬ ‫استمرت حتى ظهور الإسلام تؤدي دورها الهام إلى ارجاء العالم القديم(')‪.‬‬ ‫وأصبحت إفريقية ‪ .‬بحق المجال الحيوي للجماعات العربية من شبه الجزيرة‬ ‫‪ .‬عبر‬ ‫‏‪ ٠‬على الأراضي الإفريقية‬ ‫الألف الأول ‏‪ ٠‬قبل الميلاد‬ ‫العربية والتي ‪7‬‬ ‫منافذ عديدة أه‪.‬ها ‪ :‬شبه جزيرة سيناء من الشمال ‪ .‬وباب المندب من الوسط ‏‪٠‬‬ ‫وسواحل شرق القارة من الجنوب ‪ .‬واستمر التوغل العربي مستمرأ نحو داخل القارة‬ ‫‪ .‬كما شهدت السواحل والأراضي العربية هي الأخرى هجرات إفريقية مضادة ‪ .‬كان‬ ‫أهمها احتلال الأحباش لليمن وجنوب الجزيرة العربية الغربي ‪ .‬حتى ظهور الإسلام ‪.‬‬ ‫ويذلك ارتبطت القارتين الآسيوية والإفريقية معأ عبر بلاد العرب ‪.‬‬ ‫وجاء القرن السابع الميلادي لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ العالم العامة ‏‪٠‬‬ ‫ومنطقة غرب آسيا وشبه جزيرة العربية وإفريقية خاصة ‪ .‬ذلك أن رسالة الإسلام‬ ‫التي ظهرت بأنوارها من منطقة الحجاز ‪ .‬كان لها وقعها السريع داخل القلب والجسد‬ ‫الإفريقي ‏‪ ٠‬واعتمدت رسالة الإسلام على رصيد العلاقات العربية الإفريقية السابق‬ ‫لتضيف إليه أبعادأ ساممييةة وإنسانية راقبة للقارة الإفريقية ‪ .‬ورغم الإحتلال والنفوذ‬ ‫‪ .‬إلا أن القارة كانت مشدودة إلى شبه جزيرة العرب ‏‪٠‬‬ ‫الروماني في شمال إفريقية‬ ‫فتلقفت رسالة ا لإسلام منأيامُها الأولى ‪.‬حتى أن الأحباش قدموا جميلا سيظل‬ ‫خالدا في تاريخ الإسلام ‪ .‬حينما وفروا الحماية للمهاجرين الأوائل ‪ .‬في وقت الرفض‬ ‫قر ي هش(‪.)'٢‬‏‬ ‫قبل كفار‬ ‫من‬ ‫والتعنت‬ ‫ويدأت صفحات التاريخ الإفريقي تحمل ملامحها الخاصة في العصر الإسلامي‬ ‫حتى اعترف الباحثون أن إفريقية هي قارة الإسلام ‪ .‬وأن الإسلام هو الديانة الملائمة‬ ‫للأفارقة في فطرته وتسامحه ومبادئه ‪ .‬بعد تجارب المؤسسات غير الإسلامية داخل‬ ‫القارة في العصر الحديث ‪ .‬ذلك أن ينتصف القرن الأول الهجري ‪ .‬وقبل أن ينتهي‬ ‫‏(‪ )١‬يوجد في اليمن جبل يسمى "حبيش" انطلق منه مهاجرون عبر باب المندب إلى الهضبة المقابلة‬ ‫وسكنوا تلك المنطقة التي عرفت باسمهم ‪.‬‬ ‫انظر ‪ :‬علي ‪ .‬جواد ‪ .‬دكتور ‪ .‬المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج‪٣‬‏ ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪٥٢‬‬ ‫ومابعدها‪ .‬بيروت ‪ .‬الطبعة الثانية ‪٩٧٨ .‬ام‏ ‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬العارف ‪ .‬ممتاز ‪ .‬الأحباش بين مأرب وأكسوم ‪ .‬المكتبة المصرية ‪ .‬بيروت ‪ .‬ص‪:. ٨٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬انظر ‪:‬الفصل الثالث من الكتاب‪.. ‎‬‬ ‫القرن السابع الميلادي ‪ .‬فتحولت شمال إفريقية إلى دولة الإسلام ‪ .‬ويدأ البربر في‬ ‫التعرف على الديانة الجديدة التي قبلوها منذ البداية بلا تردد ‪ .‬وأصبحوا عونأ مع‬ ‫إخوانهم العرب‬ ‫في مواجهة بقايا الوجود الروماني والجرماني ‪.‬‬ ‫ومع خبرات العرب في اجتياز الصحراء فقد بدأت منذ البدايات الأولى ‏‪٠‬‬ ‫أدلة تاريخية على تمكن العرب من التوغل في الصحراء الإفريقية والإمساك بشبكة‬ ‫الطرق والدررب الصحراوية عبر الصحراء ‏‪ .٠‬وهي‪ .‬شبكة واسعة ‪:‬تمتد من شرق القارة‬ ‫إلى غربها ومن شمالها إلى نطاق السافانا ‪ .‬وبالفعل تمكن العرب من الوصول‬ ‫بسرعة إلى الحزام السوداني ‪ .‬وتحسين شبكة الدروب الصحراوية في عصرهم ‪ .‬فعبر‬ ‫واحات سيوة والكفرة وفزان ومرزوق وغداس وتوات ‪ .‬تمكن العرب مع جماعات البربر‬ ‫من تنظيم شبكة طرق صحرارية لربط شمال القارة بوسطها بطريقة فعاله وامنة ‪.‬‬ ‫ولأول مرة برزت القارة الإفريقية تساهم بإمكانياتها في مسيرة الحضارة‬ ‫الإسلامية فوصلت مبادي الإسلام إلى أهلها فأقبلوا عليه ‪.‬ظنا منهم أن الإسلام هو‬ ‫الحضارة والرقي والأمن والسلام ‪ .‬بعد ما لمسوه من أتباعه الذين وصلوا إليهم ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫سلطنة ما لي ‪ .‬وسلطنة صنفي‬ ‫وعرفت إفريقية دولا وسلطنا ت إسلامية قوية مثل‬ ‫وسلطنة كانم وبرنو ‪ .‬وإمارات الحوصة وغيرها من سلطنات ومشيخات السودان‬ ‫الشرقي ‪.‬وازدهرت طرق الصحراء الإفريقية بنور الإسلام لربط شمال القارة بوسطها‬ ‫الطلاب الذين قصدوا‬ ‫‏‪ ٠‬نتتابع تدفق قوافل التجار بين الجهتين وكذلك جماعات‬ ‫جامعات الإسلام في الأزهر والزيتونة والقيروان ‪ .‬وكذلك جماعات العلماء‪. .‬كما‬ ‫بدأت تلك السلطنات الإسلامية تقيم علاقات وثيقة مع أقطار وأقاليم العالم‬ ‫الإسلامي في مصر والحجاز والعراق بالإضافة إلى المغرب والأندلس ‪.‬‬ ‫ووصلت إفريقية تمة مجدها مع عصر الإسلام ‪ .‬فوصلت دولها الإسلامية إلى‬ ‫مرحلة هامة من التنظيم والتدبير الإداري والرقي الفكري والثقافي بشكل لم تشهده‬ ‫القارة من قبل أو من بعد ‪.‬واستغل الإسلام طاقات أهلها ‪ .‬وفجرها لصالح بلدانهم‬ ‫فنهض الأنارقة في بناءأوطانهم والنهوص بها ولم تشهد القارة استنزاف لالكانيانها"‬ ‫بل ظل الأمر مرتبطا بالتبادل التجاري المتوازي بينها ويين بلدان العالم الإسلامي‬ ‫أصبح حاكم مملكة مالي الإسلامي من أعظم أربعة‬ ‫الأخرى ‪.‬نتقدمت دولها ‪.‬حتى‬ ‫حكام في عصره مع حكام بغداد والقاهرة ‪ .‬وظهرت في القارة جامعات في مالي ‪.‬‬ ‫قبل أن تعرفها قارة أوروبا بعدة قرون ‪.‬‬ ‫وإذا‬ ‫كان الإسلام قد نفذ مع جيوشة من الشمال ‪ .‬رتباره عبر الصحراء إلى‬ ‫الوسط فإن شرق القارة مازال يدين بالدور الكبير لأهل عمان عرب الخليج واليمن‬ ‫بالدور الهام لنشر الإسلام وحضارته في مناطقه ‪.‬‬ ‫لقد وصلت سفن أهل عمان إلى الشرق الإفريقي ‪ .‬ونزلت بره وجزره‪ ..‬لتجد‬ ‫جماعات إفريقية موغلة في البدائية والتخلف ‪ .‬فاستقرت بجوارها وأخدت بيدها‬ ‫على دروب الحضارة حتى ظهرت على سواحل الزنج إمارت وممالك إسلامية ‪ .‬بلغت‬ ‫هي الأخرى درجة هامة من الرقي والتقدم ‪ .‬بعد أن توافدت عليها جماعات من‬ ‫البحرين وشيراز واليمن ‪ .‬واخترق المسلمون من هذا الجانب حاجز الغابات الإستوائية‬ ‫الكثيفة لتصل جماعات التجار إلى بحيرة فيكتوريا وتنجانيقا وإلى حوض نهر‬ ‫الكونغو ومملكة بوغندة ‪.‬‬ ‫وبذلك تكامل الدور العماني من الشرق مع الدور العربي والبربري من الشمال‬ ‫لتتحول القارة الإفريقية إلى مرحلة هامة داخل المجتمع العالمي ‪ .‬فانفنتحت على‬ ‫العالم بإمكانيات أهلها وطاقاتهم ‪ .‬وخيرات أرضها وغاباتها ‪ .‬وتمكن الإسلام من‬ ‫إرساء حياة راقبة لأول مرة داخل القارة ‪.‬‬ ‫وبدت العصور التاريخية الحديثة ‪ .‬مع نهضة وقوة أوروبا ‪ .‬وحملت تلك‬ ‫العصور منذ بدايتها شرا وظلما للقارة ‪ .‬فبدأت عمليات الإلتفاف حول الفريسة في‬ ‫رحلات البرتغال حتى تمكن باثلميودياز قبل أن ينتهي القرن الخامس عشر الميلادي‬ ‫من الدوران حول رأس الرجاءالصالح ‪ .‬وتبعته حملات فاسكودي جاما ‏‪ ٠‬والبوكيرك‬ ‫وغيرها وبدأت تدخل القارة فترة جديدة من التخبط والظلم والتخلف والجهل ‏‪ ٠‬وذلك‬ ‫مة ه"" وبدأت‬ ‫أن الأوروبيين جميعا ‪ .‬اعتبروا القارة "أراضي لأصحاب لها مما‬ ‫مرحلة جديدة من استنزاف لطاقات القارة بشريا وماديا وفكريا ‪ .‬حتى فقدت القارة‬ ‫من طول تلك الفترة وقساوتها هويتها الإفريقية وتمزقت وسط ثقافات متعددة ‪.‬‬ ‫بعيدة عن بيئتها وثرائها ‪.‬‬ ‫خ‬ ‫«‬ ‫»‬ ‫ومع تفحصنا للأوضاع الإذريقية الحالية نلاحظ أمورأ هامة منها ‪:‬ما يلي ‪:‬‬ ‫الأمر الأول ‪:‬أن قارةإفريقية مازالت تمثل المجال الحيوي للعالم الإسلام‬ ‫عامة ‪ .‬والعالم العربي خاصة ‪ .‬فقد قدمت تجربة العلاقات العربية الإفريقية‬ ‫والإسلامية نموذجا حضاريا راقيا بعيدأ عن الإستغلال والقهر والظلم ‪ .‬والمنفعة المادية‬ ‫‪ .‬في مقابل الآثار المريرة للتجربة الأوروبية داخل القارة والتي يستنكرها المنصفون‬ ‫‪7‬‬ ‫من الفرب أيضا ‪.‬‬ ‫الأمر الثاني ‪ :‬تواجه الإجازات العربية والإسلامية داخل القارة الإفريقية‬ ‫‪ .‬ني العصر الحديثة تزاحمأ وتجاهل من قبل المصالح الغريية ‪ .‬اعتقاد من أصحاب‬ ‫المصالع المادية أن الإسلام ومبادنه يمثلان ثورة‪ .‬ضد أطماعهم ‪ .‬وذلك فإن مقاومة‬ ‫الإسلام ‪ .‬من وجهة نظهرهم حماية مصالحهم ومآربهم ‪ .‬حتى أن هؤلاء حملوا معهم‬ ‫جماعات التنصير لوقف عمليات المد الإسلامي ‪.‬‬ ‫الأمر الثالث ‪ :‬تعد إفريقية امتدادأ جغرافيا طبيعيا للعالم العربي‬ ‫والإسلامي ‪ .‬ومازالت تتوالي دولها في الإنخراط في أسرة الجامعة العربية ‪ .‬حرصا‬ ‫منها على إحياء مجدها السابق المرتبط بالعروبة والإسلام ‪ .‬وتحتوي البلدان الإفريقية‬ ‫اللمة على حوالي عشرة مليون ‪/‬كنم ‪ .‬ذات إمكانيات هائلة رعويل ومعدنيا‬ ‫وزراعياً ‪ .‬ويشكل المسلمون في قارة إفريقية حوالي ‏‪ ٥٧ .٢‬من سكانها ‪ .‬وحوالي‬ ‫‏‪ ٠‬من سكان العالم الإسلامي عامة ‪ .‬مما يشير إلى تدني الكثافة السكانية في‬ ‫القارة الإفريقية وإمكانية إستغلال ذلك والإستفادة منه إسلاميا وعربيا ‪.‬‬ ‫الأمر الرابع ‪ :‬مازالت مسئولية العالم الإسلامي تجاه إفريقية كبيرة ‪ .‬وذلك‬ ‫‏‪ ٣٨‬من‬ ‫أن هناك جماعات وثنية تنتشر بين سكانها لتصل في بعض الأحيان إلى‬ ‫جملة بعض دول غرب إفريقية ‪ .‬كما أن مناطق عديدة تعاني من الجهل والفقر‬ ‫والجوع والمرض ‏‪ ٠‬وخاصة المناطق الإسلامية ‪ .‬لأسباب عديدة مفروضة على أهل تلك‬ ‫‪.‬‬ ‫المناطق من خارجها‬ ‫الأمر الخمس ‪ :‬تتزايد الإهتمامات العالمية من قبل القوى الكبرى بالقارة‬ ‫في الأرنة الأخيرة بسبب ‪ :‬مخزونها الإستراتيجي الهائل من المعادن الهامة مثل‬ ‫الماس ‪ .‬الذي تحتكرة القارة ‪ .‬والبترول ‪ .‬واليورانيوم ‪ .‬والكروم ‪ .‬والنيكل ‏‪٠‬‬ ‫والنحاس ‪ .‬والذهب ‪ .‬بالإضافة إلى إمكانياتها الزراعية من نخيل الزيت والفول‬ ‫والكاكاو والقطن والبن ‪ .‬وسلعها الأخرى ‪ .‬وستظل القارة أكبر الاسواق العالمية‬ ‫للصراعات الدولية من قبل الشركات الرأسمالية الكبرى للفوز بحصص أكبر فيها ‪.‬‬ ‫الأمر السادس‪ :‬أصبحت القارة الإفريقية تتخبط بإستمرار وسط أيدلوجيات‬ ‫حديثة متنافسة تتجازب القارة ‪ .‬فقد تخاطفتها أطماع البرتغال وبلجيكا وألمانيا‬ ‫وفرنسا وبريطانيا حتى الحرب العالمية الأولى ‪ .‬ثم حلت محلها أيدلوجيات السوفييت‬ ‫والأمريكان ‪ .‬بسبب أهميتها ‪ .‬وأخيرا عادت عمليات الجذب الياباني والأوروبي بعد‬ ‫‪_٩ -‬‬ ‫تفكك الإتحاد السوفيتي ‪ .‬ويمكن إعادة إبراز النموذج الإسلامي كأفضل النماذج‬ ‫‪.‬‬ ‫والتجارب‬ ‫من هنا فقد قمنا بإعداد هذا العمل لتحديد ملامح القارة عبر المصور‬ ‫التاريخية من أجل إبراز أهمية العصر الإسلامي بها ‪ .‬ودور الإسلام في بناء الكيان‬ ‫والذاتية الإفريقية وتفجير طاقات أهلها ‪ .‬ومحاولة إظهار دور العناصر العربية في‬ ‫هذا المجال خاصة أهل عمان ‪.‬‬ ‫وقمت بتقسيم الكتاب إلى سبعة فصول ‪ :‬جاء الفصل الأول منها يلقي‬ ‫صورة من جغرافية فاستعرضت فيه ملامح القارة الطبيعية ‪ .‬والسلالات البشرية ‪.‬‬ ‫والملامح العامة الإقتصادية للقارة ‪ .‬أما الفصل الثاني فتد جاء مشتمل على‬ ‫‏‪٨‬‬ ‫إفريقية القديمة واستعرضت فيه ملامح عصرر ما قبل التاريخ بالقارة‬ ‫ملامح تاريخ‬ ‫ومكانة إفريقية في سياسات العالم القديم وقواه الكبرى التي حرصت على الوصول‬ ‫إلى إمكانيات القارة لأهميتها في بناء مدينات العالم القديم ‪ .‬كما استعرضت في‬ ‫هذا الفصل أهم الممالك الإفريقية القديمة التي ظهرت في الشمال وجنوب الصحراء‬ ‫ومختلف أنحاء القارة ‪ .‬وذلك همن أجل إثبات مكانة القارة وعمق دورها الحضاري !‬ ‫واستعرضت كذلك على عجل أهم جوانب التجارة الإفريقية للعالم القديم ‪.‬‬ ‫جاء الفصل الثالث من الكتاب لتحديد الدور الإسلامي والعربي في القارة‬ ‫‪ .‬وجعلت عنوانه "إفريقية في العصر الإسلامي" على أساس أنه عصر مميز بين‬ ‫أطماع أجنبية قديمة وحديثة ‪ .‬وحاولت إبراز أهمية الدور الإسلامي لإبراز الهوية‬ ‫الإفريقية الحقيقية واكتشاف طاقات شعوبها ‪.‬فتحدثت فيه عن علاقات العرب‬ ‫بالأفارقة ‪ .‬وؤتتبعت أوضاع القارة وعلاقاتها بالمسلمين عبر عصور ‪:‬الرسول ‪.‬صلى‬ ‫الله عليه وسلم و‪.‬الخلفاء الراشدين ‪.‬والعصر الأموي ‪ .‬وأوضاع إفريقية في المصر‬ ‫العباسي ‪.‬وأشرت إلى حركة التجارة والنشطة في القارة خلال العصر الإسلامي وأهم‬ ‫سلعها ومراكزها ‪.‬‬ ‫أ ما رابعهم فجاء مستعرضا لانساب الإسلام وامتداده إلى إفريقية جنوب‬ ‫الصحراء ‪ .‬أو ما يسمى ببلاد السودان ‪ .‬فتتبعت إمتداد الإسلام في السودان‬ ‫الشرقي والقرن الإفريقي ‪ .‬وأهم الدول الإسلامية التي ظهرت في ‪1‬‬ ‫الإسلام في ظهور شخصية سودان الشرقي ‪( .‬السودان الحالي) ‪ .‬كما تحدثت عن‬ ‫أهم مظاهر الحضارة الإسلامية في السودان الشرقي والقرن الإفريقي متتبعاً ذلك حتى‬ ‫الوقت الحاضر ‪.‬ثم استكملت ذلك بالحديث عن انسياب الإسلام إلى منطقة‬ ‫‪- ١ .‬‬ ‫بحيرة تشاد ‏‪ ٠‬أو ما يعرف بالسودان الأوسط ‏‪ .٠‬مع تحديد الظروف الجغرافية‬ ‫والتاريخية لذلك ‪ .‬وتحدثت عن ممالك كانم ويرنو والإمارات التي ظهرت في تلك‬ ‫النواحي ‪ .‬ومظاهر الحياة الإسلامية في تلك الأرجاء ‪ .‬مع الإشارة إلى دور الهجرات‬ ‫اللستمرة ومصادرها ‪.‬‬ ‫ومن أهمية هذا الفصل فقد احتوى على دراسة لأهمية الإسلام في نهوض‬ ‫منطقة السودان الغربي ‪ .‬دول غرب إفريقية ‪ .‬فإستعرضت لأهم ممالكها من الناحية‬ ‫السياسية والتاريخية والإنتصادية ‪ .‬مع دراسة لأهمية ودور كل مملكة في نشر‬ ‫الإسلام والحفاظ على الهوية الحضارية الإسلامية الجديدة من خلال الإتصال بالعالم‬ ‫الإسلامي ورحلات الحج المستمرة ‪ .‬فتحدثت عن مملكة غانا ‪ .‬ومالي ‪ .‬وصنغي ‪ .‬ثم‬ ‫تحدثت عن مظاهر الحياة الإسلامية بها حتى بداية العصور الحديثة ‪ .‬مع الإشارة إلى‬ ‫دخول الأطماع الغربية إلى تلك النواحي ويداية تدهور أوضاع المنطقة حديثا ‪ .‬بعد‬ ‫عصر الإزدهار الإسلامي كما تحدثت في هذا الفصل عن أهم‪ .‬المراكز الحضارية في‬ ‫السودان الغربي ‪ .‬لتوضيح الفرق بين الصورتين الحالية والإسلامية السابقة ‪.‬‬ ‫جاء الفصل الأخير مقتصرا على عمليات إتشار الإسلام والثقافة العربية‬ ‫في شرق القارة الإذريقية ووسطها ‪ .‬ولا كان لأهل عمان الدور الهام في تلك‬ ‫النواحي من القارة الإفريقية فقد جاء الفصل الأخير مرتبطا في أغلبه بتوضيح دورهم‬ ‫الحيري والفعال والمستمرة ‪ .‬لقد شاركت عناصر عربية وفارسية وهندية في نشر‬ ‫الإسلام على ذلك الساحل ‪ .‬لكن تلك العناصر لم تصل إلى درجة قوة الدور‬ ‫العماني بسبب قدمه وإستمرايته وفعاليته الواضحة حتى الوقت الحاضر ‪ .‬فتحدثت‬ ‫عن العوامل التاريخية والبشرية والطبيعية التي أدت إلى زيادة الدور العماني في‬ ‫منذ‬ ‫‏‪ ١‬لسياسية‬ ‫وا لظروف‬ ‫‏‪ ١‬لموقع‬ ‫ا‬ ‫وخاصة‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‏‪ ١‬لقارة‬ ‫في شرق‬ ‫ا لإسلام‬ ‫نشر‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫العصر الأموي‬ ‫كما إستعرضت في هذا الفصل تتابع الهجرات العربية والفارسية عامة ‪.‬‬ ‫والعمانية خاصة ‪ .‬إلى شرق القارة مع تحديد فتراتها ودوافعها واثارها في نشر‬ ‫الإسلام وثقافته في شرق إفريقية ‪ .‬وصور ومراحل التحول الإفريقي إلى الإسلام‬ ‫ومظاهر ذلك ‪ .‬وأشرت كذلك إلى أهمية وفعالية التجارة والتجار ودور‬ ‫المواني التجارية التي أصبحت بثابة منارات الإسلام وثقافته داخل القارة الإفريقية ‪.‬‬ ‫فتحدثت عن منظومة الموانيء والجزر وصلاتها بحركة المد الإسلامي ‪.‬‬ ‫‪-_ ١١ -‬‬ ‫وتحدثت بالتفصيل عن مملكة كلوة التي ظلت قانمة حتى قدوم الفزو‬ ‫البرتغالي ‏‪٠‬في بداية القرن السادس عشر الميلادي ب‏‪٠‬عد اكتشاف رأس الرجاء‬ ‫الصالح ووصول سفن البرتغاليين إلى المياه العربية وبداية تدهور وإنتهاء عصر‬ ‫السيادة العربية والعمانية على البحار ‪ .‬حتى ظهور دولتي يعاربة والبوسعيد ‪.‬فيما‬ ‫‪ .‬وأثر تلك المرحلة في إمتداد النفوذ العربي العماني إلى قلب القارة الإفريقية‬ ‫في أ وغنده والكونغو ومنطقة البحيرات ‪ .‬وتحدثت كذلك عن وصول الأطماع‬ ‫الأوروبية الحديثة إلى المنطقة ويداية تسللها ووضعها العراقيل أمام الوجود العربي‬ ‫والإسلامي مع الإشارة إلى آثار دولة البوسعيد في شرق القارة وإنجازاتها الشاملة ‪.‬‬ ‫هذا وقد قمت بجمع ولملمة مصادر ومراجع تاريخ القارة الضحلة من مكتبات‬ ‫مصر وسلطنة عمان ومعارض الكتب ‪ .‬ويذلت قصاري جهدي في سبيل توضيح‬ ‫اهمية دور الإسلام في إستغلال طاقات القارة المادية والشرية من أجل وضع أسس‬ ‫الشخصية الإفريقية ‪.‬خاصة وأن الباحثين قد أدركوا "أن الإسلام هرو الديانة السامية‬ ‫الوحيدة التي أدت إلى تقدم وتطور قارة إفريقية الواسعة" ونتمني أن يكون هذا‬ ‫العمل بداية لأعمال أخرى تضاف إلى إبراز الدور الهام لإفريقية في مسيرة الحضارة‬ ‫العالمية الذي قدمته بفضل الإسلام ‪.‬‬ ‫٭‬ ‫ج‬ ‫‏‪٨‬‬ ‫ولا يسعني إلا أن أتقدم بخاص شكري وإمتناني إلى أستاذي الأستاذ‬ ‫الدكتور ‪ /‬أحمد عبد الحميد الشامي ‪.‬وإلى العالم المحقق الشيخ ‪ /‬سالم بن حمد‬ ‫الحارثي ‪.‬وإلى الأخ الفاضل الشيخ ‪ /‬أحمد بن سعود السيابي ‪ .‬مدير عام الإفتاء‬ ‫‏‪ ٠‬بوزارة العدل والأوقاف والشئون الإسلامية بسلطنة عمان ‪ .‬على ما قدموه لنا من‬ ‫خدمات أثنا ه إنحباز هذا العمل ‪ .‬وأتقدم بالشكر الخالص إلى الشيخ ‪ /‬صالح بن‬ ‫راشد المعمري ‏‪ ٠‬مدير معهد السلطان قابوس للدراسات الإسلامية التابع لديوان‬ ‫البلاط السلطاني بصحار ‪ .‬على ما وفره لنا من مناخ 'علمي وتربوي خلال تدريينا‬ ‫لهذا المنهج لطلاب الفصل الثامن ‪ .‬من السنة الرابعة ‪ .‬المرحلة الجامعية ‪.‬‬ ‫هذا ‪ ....‬وعلى الله قصد السبيل ‪.‬‬ ‫دكتور ا مجمد قرقش‬ ‫‪. ١٢ -‬‬ - ١٣ ‎‫۔‬- ‫‪(١١‬‬ ‫‪ :‬الملا مح الطبيعية‪‎‬‬ ‫تؤثر الملامح الطبيعية بصورة واضحة على شخصية ومسيرة أية منطقة‬ ‫جغرافية من مناطق العالم ‪.‬ومازالت المدرسة الحتمية الجغرافية تجد لها أنصار حول‬ ‫هذا الأمر ‪ .‬وهي التي تبرز أثر الظروف الطبيعية على المستوى الحضاري للإنسان‬ ‫وألوان نشاطه ‪ .‬رغم تقدم البشرية وتمكن الإنسان من السيطرة على العديد من‬ ‫الظواهر الطبيعية والتحكم فيها ‪ .‬والتوصل كذلك إلى جوانب عديدة من نواميس‬ ‫الكون وظواهره ‪.‬‬ ‫ويتضح هذا الأمر جليا في القارة الإفريقية ‪.‬فهي تبدو أشبه بعنقود من‬ ‫العنب يتدلى من الشمال صوب الجنوب ‪ .‬ويتصل بقارتى آسيا وأوروبا من الشمال‬ ‫الشرقي ‪ .‬والشمال ليسبح في الجنوب بين مياه المحيط الهندي والمحيط الأطلسي ‪.‬‬ ‫وقد مكنها هذا الإمتداد والموقع الهام من التحكم في المرات المائية التي تصل بين‬ ‫الشرق وبين الغرب عبر العصور ‪ .‬كما تتنوع فيها البيانات الجغرافية نظرآ لإمتدادها‬ ‫الهائل بين دوائر العرض\‪١‬ا‪.‬‏ فهناك الأقاليم المعتدلة والجافة والمدارية والإستوانية ‪.‬‬ ‫وتنفرد القارة بظاهرة تكرار تلك الأقا ليم بين شمالها وبين جنوبها ‪ .‬بسبب مرور خط‬ ‫الإستواء في وسطها ‪ .‬فمناخ البحر المتوسط يتكرر في الظهور في جنوبها ‪ .‬على‬ ‫سبيل المثال ‪.‬‬ ‫وأدى هذا التنوع البيئي للقارة إلى تنوع النشاط البشري من جهة وتعدد‬ ‫إمكانيات القارة وسلعها من جهة ثانية ‪ .‬الأمر الذي يضيف جهدا للباحشين في‬ ‫ضرورة الإهتمام بكل إقليم من أقاليمها حسب ظروفه وإمكانياته مع الأخذ في‬ ‫‪ .‬فلم تقف الحواجز الطبيعية من صحاري‬ ‫الاعتبار الهوية الموحدة للقارة بصورة عامة‬ ‫وغابات وأدغال وأنهار في سبيل التواصل الحضاري بين مناطق القارة بل تمكنت كل‬ ‫جماعة من التكيف في محيطها والتغلب على مشاكلها وإنشاء شبكة من دروب‬ ‫الإتصال حسب إمكانياتها ‪ .‬فلم تكن الصحراء الإفريقية مجهولة إلا إلى الذين لا‬ ‫يعرفونها ‪ .‬حيث كانت تدب فيها الحياة عبر العصور القديمة والوسطى بصورة‬ ‫(‪ )١‬بدران ‪ .‬شارل ‪ .‬أطلس العالم ‪ .‬لندن ‪ .‬بدون تاريخ ‪ .‬ص‪. ٣ : ‎‬‬ ‫‪_- ١٤‬‬ ‫أوضح من الوقت الحاضر(‪.)١‬‏‬ ‫ومن حيث إمكانيات الموقع والموضع للقارة ‪ .‬فهي تعد ثاني أكبر قارات‬ ‫العالم القديم مساحة ‪ .‬بعد قارة آسيا ‪ .‬إذ تثمل على ما يزيد عن ثلاثين مليون‬ ‫من الكيلومترات المريعة ‪ .‬من اليابس العالمي ‪ .‬وهي بذلك تستحوذ على ما يقرب‬ ‫من خمس اليابس ‪ .‬الذي يبلغ حوالي ‪/١٤٨‬مليون‏ كم (!'وتشمل تلك المساحة‬ ‫الهائلة أقاليم جغرافية هامة تحتوي على عشرات الملايين من الأفدنة الصالحة للزراعة‬ ‫تمتد في وديان أنهار النيل والكونغو والنيجر والسنغال ‪ .‬وغيرها من الأودية‬ ‫المحصورة بين الجبال أو النحدرة صوب السواحل ‪ .‬كما تشمل على مساحات هائلة‬ ‫من المراعي خاصة في نطاق السافانا والمناطق الجبلية ‪ .‬ومازالت منتجات المراعي‬ ‫مثل قطاعا لإتتصاد دول غرب ووسط وشرق القارة("‪ .‬كما تضم الأراضي الإفريقية‬ ‫أهم مناجم الثروة المعدنية في العالم من ذهب وماس ونفط ونحاس وفوسفات‬ ‫وقصدير وغير ذلك ‪ .‬الأمر الذى جعل القارة محطا لأنظار الدول الإستعمارية منذ‬ ‫البداية ومجال لتنافس الشركات الكبرى حتى الوقت الحاضر ‪.‬‬ ‫كما تضم السواحل الإفريقية إمكانيات هائلة من حيث توفر الظروف المناسبة‬ ‫لإنامة سلسلة نشطة من الموانىء التجارية ‪ .‬قامت بدور كبير في تحبارة العالم حتى‬ ‫الوقت الراهن ‪ .‬سواء على المحيط الهندي ‪ .‬أو المحيط الأطلسي ‪ .‬أو البحر الأحمر‬ ‫أو البحر المتوسط ‪ .‬كما تؤثر سواحل القارة في حركة الإتصال بين الشرق والغرب‬ ‫عبر تلك الموانيء والمضايق والممرات الإفريقية ‪ .‬من جهة ثانية وفرت القارة بتنوعها‬ ‫الناخي احتياجات أروريا ‪ .‬بصورة كبيرة ‪ .‬بسلع ومنتجات الأقاليم المدارية‬ ‫والإستوائية ‪ .‬وتتضح إمكانيات موقع القارة وأهميتها الحالية في الإهتمامات ۔‬ ‫العالمية بالقارة القطبية الجنوبية والتي تتداخل مع مياه القارة من الجنوب ‪.‬‬ ‫وإذا نظرنا إلى أقاليم القارة الداخلية ‪ .‬وامكانياتها ‪ .‬فإننا نجد أن قارة‬ ‫إفريقية عبارة عن كتلة مندمجة من المتناقضات الطبيعية ‪ .‬فمن القمم المرتفعة‬ ‫‪ .‬فهمي ‏‪ ٠‬زكي ‪.‬‬ ‫‏‪٩‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ص‬ ‫‪.‬‬ ‫بيروت‬ ‫'‬ ‫{‬ ‫هاشم ‏‪ ١‬لحسي ‪.‬ن‬ ‫‏‪ ٠‬ترجمة‬ ‫التجارة‬ ‫‏‪ ٠‬تاريخ‬ ‫‏‪ ٠‬جورج‬ ‫‏) ‪ ( ١‬لرفران‬ ‫العامة‬ ‫الهيئة المصرية‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫وا لفرب‬ ‫بين الشرق‬ ‫الدولية ومحطاتها‬ ‫التجارة‬ ‫‏‪ ٠‬طرق‬ ‫نعيم دكتور‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٨٥‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫للكتاب‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٣‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬المرجع السابق‪‎‬‬ ‫(‪ (\٢‬بدران‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫م‪‎‬‬ ‫‪١ ٩٩‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫القاهرة‪‎‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪٢٥٦‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫اليوم‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬العالم الإسلامي‬ ‫‪ ٠‬دكتور‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬عادل‪‎‬‬ ‫(‪ (٢‬يرنس‪‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪١٥‬‬ ‫‪-‬‬ ‫والهضاب العالية في مرتفعات أثيوبيا والتي تبلغ في بعض المناطق إلى ‪ .‬‏‪٤٦.‬‬ ‫مترأ وجبل الكاميرون الذي يصل إرتفاعه إلى ‏‪ ٤.٧٠‬مترا ‏‪ ٠‬إلى أعلى قمة إفريقية‬ ‫‏‪ ٥٨٩٥‬مترا(ا وتتداخل تلك المرتفعات مع‬ ‫في جبل كلمنجارو والتي تبلغ حوالي‬ ‫نطاقات الغابات والأدغال متجهة صوب خط الإستواء مكونة حزاما من الغابات‬ ‫الكثيفة ‪ .‬مشكلة مجالا بيئياأ حول خط الإستواء ‪ .‬حيث تقل طولا وكثافة لتنتهي‬ ‫إلى سهول السافانا التي يسهل التحرك فيها واستغلالها والتحكم في مواردها ‪.‬‬ ‫وبالتالي أصبح هذا النطاق هو أهم أقاليم القارة الداخلية نشاطأ وحيوية منذ القدم ‪.‬‬ ‫فظهرت عليه أهم حضاراتها ومديناتها منذ القدم ‪ .‬وبلغ درجة من الحضارة في‬ ‫العصر الإسلامي ‪ .‬كما شكل نطاق السافانا نقطة إلتقاء بين !لنطاقات الصحراوية‬ ‫الجافة التي تقع إلى شماله وبين الأقاليم الإستوائية التي تقع إلى جنوبه ‪ .‬وشهدت‬ ‫ارضه ظهور مراكز تجارية هامة منذ العصور القديمة ‪ .‬ومازالت الحفريات التي تتم‬ ‫حول بحيرة تشاد ‪ .‬داخل هذا النطاق ‪ .‬تشير إلى نشاط تجاري هام بين حضارة‬ ‫الفراعنة في وادي النيل وبين حزام السافانا وأواسط إفريقية ‪ .‬منذ الألف الثالث‬ ‫قبل الميلاد ‪ .‬ويؤكد هذا الأمر النشاط التجاري الهام عبر درب الأربعين"‬ ‫ينساب هذا النطاق الحيوي في القارة حتى يتلاشي في الصحراء الإفريقية‬ ‫الكبرى ‪ .‬والواقع أن تلك الصحراء هي التي تتحمل القسط الأكبر في شطر القارة‬ ‫إلى تسمين لكل منها شخصيته المتميزة وأوضاعه الخاصة ‪ .‬ذلك أن الصحراء تمتد‬ ‫على شكل حزام يحزم القارة من الشرق إلى الغرب لتنشأ إفريقية الشمالية ‪ .‬والتي‬ ‫‏(‪ )١‬ترتبط الثلوج في قمم الجبال العامية عامة ‪ .‬والإفريقية خاصة ‪ .‬بإرتفاع معين إذ أن عملية‬ ‫التناطق الرأسي للنبات ودرجة الحرارة تعتمد على عوامل أخرى أهمها القرب أو البعد عن‬ ‫خط الإستواء ‪ .‬فيوجد خط الثلح الدائم عند القطب الشمالي عند درجة عرض ‏‪ ٥٧‬شمالا‬ ‫على إرتفاع صفر ‪ .‬ثم يرتفع كلما اتحجانها جنوب ليصل ذورة إرتفاعه في النطاق المداري ‪.‬‬ ‫بسبب الجاف ‪ .‬حيث يزيد إلى ‏‪ ٥٠٠٠‬مترأ ‪ .‬ثم يعود إلى الإنخفاض لبعض الأمتار حول‬ ‫خط الإستواء بسبب تكون الرطوبة المستمرة والأمطار الغزيرة ‪ .‬كما تعتمد عمليات إستغلال‬ ‫المرتفعات على عوامل مواجهتها للرياح المحملة بالأمطار ‪ .‬وكذلك المواجهة لأشعة الشمس ‪.‬‬ ‫فإذا كانت أوروبا تميل إلى إستغلال سفوح الجبال المواجهة لأشعة الشمس ‪ .‬فالأمر عكس ذلك‬ ‫في قارة إفريقية ‪.‬‬ ‫انظر ‪ :‬طريح ‪ .‬عبد العزيز ‪ .‬الجغرافية المناخية ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ ١٥٨‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫خ‪,! ‎‬‬ ‫خ ع ‪ 0‬ن‬ ‫م‬ ‫‪, . .8‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‪- ١٦١ -‬‬ ‫تشكل القسم الإفريقي من الوطن العربي ‪ .‬ثم تنشأ لنا إفريقية أخرى هي إفريقية‬ ‫المدارية ‪ .‬والتي تقع إلى جنوب الصحراء الكبرى ‪ .‬ومازالت الدراسات المتخصصة‬ ‫تفصل بشكل واضح بين الطرفين الإفريقيين ‪ .‬مع االاحتفاظ لمنطقة جنوب إفريقية‬ ‫بظروفها المحلية ‪.‬حتى وصل الأمر إلى ضم إفري يقية الشمالية إلى حوض البحر‬ ‫التوسط وتياراته الحضارية أو إلى إقليم الشرق الأوسط(" ‪ .‬وحصر المفهوم الإفريقي‬ ‫في إفريقية المدارية جنوب الصحراء ‪ .‬والواقع أن هذا التقسيم يضر بمسيرة القارة‬ ‫الحضارية وإنبازاتها التاريخية ‪ .‬حيث يؤدي ذلك إلي عمليات تسرب لرصيدها‬ ‫الحضاري عبر خطوط حضارية أخرى‬ ‫وبرغم غلبة الجفاف على إفريقية الشمالية إلا أنها ضمت ظروفنا بيثية مناسبة‬ ‫لإقامة نظم حضارية ووفرت لها بإستمرار أسباب الإستقرار والتطور والديناميكية ‪.‬‬ ‫ذلك أن هذا الحزام الشمالي لإفريقية يضم أودية لأنهار هامة مثل نهر النيل الذي‬ ‫جلب معه من قلب القارة سبل الحياة إلى شمالها ‪.‬كما يضم أودية أنهار صغيرة‬ ‫تستفيد من أمطار جبال أطلس فتشكل في النهاية أودية خصبة صالحة لإقامة‬ ‫حضارات وتجمعات بشرية ‪.‬كما تتلقى السواحل الشمالية كميات لا بأس بها من‬ ‫الأمطار العكسية التي تسقط عليها في فصل الشتاء بسبب تحرك متاطق الضغط‬ ‫فوق البحر التوسط تجاه الجنوب من الشمال الأوروبي الرطب والمرتفع الآزوري في‬ ‫الحيط الأطلسي ‪ .‬الأمر الذي هيأ منطقة الشمال الإفريقي لإنتاج كميات كافية‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫غذاء على مر العصورا"ا‪ .‬بل أنها أدت دورها في تصدير ما تحتاجه‬ ‫لسكانها من ال‬ ‫حضارات حوض البحر المتوسط ‏‪ ٠‬حتى أنها أصبحت سلة للغلال للحضارات المجاورة‪.‬‬ ‫‪ .‬أدت أدوار‬ ‫وترتب على ذلك أن شهدت إفريقية الشمالية حضارات عالمية‬ ‫هامة في محيطها الإقليمي والعالي ‪.‬مثل الحضارة الفرعونية ‪ .‬وحضارة قرطاج ‏‪٠‬‬ ‫‏(‪ )١‬ينقسم العالم إلى أقاليم سياسية عدة حسب ظروفها الطبيعية والحضارية ‪ .‬وبعد إقليم الشرق‬ ‫الأرسط من أهم تلك الأقاليم ‪ .‬وهو يعد إمتداد لدور منطقة الشرق الأدنى القديم ‏‪ ٠‬ويمتد‬ ‫هذا الإقليم جغرافيا ليشمل منطقة شمال إفريقية وحتى منطقة افغانستان في أوسط آسيا ‪.‬‬ ‫ويضم بذلك غرب آسيا وإفريقية شمال الصحراء ‪ .‬وييثل هذا الإقليم أهمية خاصة في رصيده‬ ‫الحضاري وموقعه الإستراتيجي وإمكانياته الإقتصادية‪ .‬ويتميز القسم الإفريقي من هذا الإقليم‬ ‫بقلة تضرسه وإستواء سطحه ‪ .‬رغم وجود جبال أطلس ومرتفعات تبتسي والهضاب المصرية ‪.‬‬ ‫(!) هيبة ‪.‬أحمد عبد السلام ‪ .‬دكتور ‪ .‬الإنتاج الغذائي في الوطن الإسلامي ‪.‬ص ‪ :‬‏‪. ٢٤‬‬ ‫القاهرة ‪٩٨٠‬م‏ ‪.‬‬ ‫‏‪ ١٧‬۔‬ ‫وممالك بربرية مثل مملكة الموريين وماسولة ومازيولة ‪ .‬وهي الممالك التي أطلق عليها‬ ‫اليونان والرومان اسم النوميديين ‪ .‬وهي لفظة مأخوذة من لهجة البلاد في تلك‬ ‫العصور التاريخية القديمة (!'وقد نشأت علاقات إقتصادية بين مناطق الشمال من‬ ‫جهة وبين حوض البحر المتوسط وممالك الشمال من جهة ثانية بسبب توفر المواد الخام‬ ‫في هذا الحزام‪)"١‬‏‬ ‫وإلى الجنوب من إفريقية الشمالية تمتد الصحراء الإفريقية الكبرى التي تمتد‬ ‫على شكل حزام عريض يمتد من الشرق إلى الغرب ‪ .‬حتى يتوقف عند نطاق‬ ‫السافانا الذي يقف خلفه من الجنوب نطاق الغابات الإستوائية ‪.‬‬ ‫وحفلت الصحراء الإفريقية الكبرى هي الأخرى بأسباب الحياة والنشاط ‏‪ ٠‬بعد‬ ‫الظروف المناخية الجديدة التي كانت تسودها في العصور المطيرة خلال حقبة العصور‬ ‫الحجرية والتي انتهت بتغير المناخ وسيادة الجفاف بها‪ .‬ما أدى إلى نزوح الإنسان‬ ‫عنها إلى مناطق الأنهار والأمطار ‪ .‬ورغم تفير المناخ وسيادة الجفاف فإن تلك‬ ‫الصحراء ظلت تحوي محطات حضارية هامة في نقاط متباعدة بين رمالها وهي‬ ‫الوحات الشهيرة في صحراء مصر الغربية وليبيا مثل واحة سيوة وواحات الداخلة‬ ‫والخارجة والفرافرة ومرزوق والكفرة وفزان وأغاديس وموار ‪ .‬بالإضافة إلى واحات‬ ‫المغرب الأقصى(" كما لاخط الرحالة والجغرافيون المسلمون توفر سبل الحياة في تلك‬ ‫الواحات وإنتاج بعضها لأنواع من الفاكهة والحبوب“'‪ .‬كما اشتهرت بوجود أنواع‬ ‫عديدة من الثروات المعدنية أيضا بها أو بالمناطق الصحراوية المحيط بها(‘'‪ .‬وبذلك‬ ‫أصبحت تلك الواحات عبر الصحراء الكبرى بمثابة محطات ومراكز تجارية يكن‬ ‫الوصول إلى الواحة تلو الأخرى عبر طرق ودروب شاقة في الصحراء أصبح لأهلها‬ ‫خبرتهم الطويلة بها بمرور الزمن ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬جوليان ‪ .‬شارل ‪ .‬أندرية ‪ .‬تاريخ إفريقية الشمالية ‪ .‬تعريب محمد مزالي والبشير بن سلامة‬ ‫الطبعة الخامسة ‪ .‬ص‪ ٢٢ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫(‪ )٢‬الجوهري ‪ .‬يسري ‪ .‬دكتور ‪ .‬شمال إفريقية ‪ .‬ص‪. ١..-٨٩ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬ريموند موني ‪ .‬طرق التجارة عبر الصحراء تبل الفتح العربي ‪ .‬مجلة البحوث التاريخية‪. ‎‬‬ ‫ليبيا‪ . ١٩٨١ . ‎‬العدد الأول ‪ .‬ص‪١١٩١‎ : ‎‬۔‪. ١٠٢-‬‬ ‫‪ )٤( ٠‬راجع ‪ :‬رحلة ابن بطوطة ‪ .‬وابن حرقل في صورة الأرض‪. ‎‬‬ ‫‏(‪ )٥‬ابن سعيد المغربي ‪ .‬أبو الحسن على بن موسى (القرن السابع الهجري‪/‬الثالث عشر الميلادي)‬ ‫‪ .‬كتاب الجغرافيا ‪ .‬تحقيقي اسماعيل العربي ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ ٩٦١-٨١‬بيروت ‪٨٩٧٠ .‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪-_ ١٨ -‬‬ ‫وقد قامت الصحراء الإفريقية بدور هام في عمليات التبادل التجاري‬ ‫الحضاري في تاريخ إفريقية خاصة والعالم القديم والوسيط بصورة عامة ‪ .‬يفوق‬ ‫دورها في العصور الحديثة ‪ .‬ذلك أنها كانت الممر الوحيد الذي لا بد من إجتيازه‬ ‫من أجل الوصول إلى نطاقات السافانا وإفريقية الإستوائية قبل عمليات الكشوف‬ ‫الجغوافية التي وقعت في العصور الحديثة وما ترتب عليها من اكتشاف سواحل‬ ‫إفريقية الغربية المطلة على المحيط الأطلسي وريط إفريقية من تلك الجهات شبكة‬ ‫المواصلات البحرية العالمية عبر المحيط الأطلسي ‪ .‬في الوقت الذي إرتبطت مناطق‬ ‫السودان التي تقع إلى الجنوب منها بإنتاج سلعة إستراتيجية هامة منذ القدم ‪ .‬وهي‬ ‫الذهب السوداني الذي سال عليه لعاب اليونان والرومان وغيرهما ‪ .‬واصبحت‬ ‫بالتالي مشقة الرحلة عبر الصحراء الكبري تقابلها عوائد هائلة من ذهب النطاق‬ ‫السوداني ‪ .‬فتتابعت الرحلات عبر الصحراء الكبرى ودبت فيها الحياة ‏‪ ٠‬وصارت‬ ‫معابر مستمرة نشطة ‪ .‬وقد أدت الصحراء أيضا دورها الهام في التاريخ الإفريقي‬ ‫العاصر ‪ .‬حيث كانت جماعات المجاهدين ضد الإستعمار الإيطالي في ليبيا ‏‪٠‬‬ ‫والفرنسي في الجزائر وتونس ومراكش تتخد من واحاتها معاقل لرجالها ‪ .‬وعبر تلك‬ ‫الواحات ارتبطت حركة تحرير الجزائر بجيرانها لمساعدتها ضد الإستعمار الفرنسي ‪.‬‬ ‫بل عبر الصحراء الكبرى تمت أكبر عمليات الإنصهار المبكرة بين الشعوب‬ ‫الحامية والزنجية ‪ .‬ومن خلال واحاتها أتمت عمليات الإشعاع الحضاري المستمرة لحزام‬ ‫السافانا الذي كان يعاني من عشرات حضارية من جزاء عزلته بين الصحراء‬ ‫والغابات ‪ .‬فعبر الصحراء نفذت المؤثرات الفرعونية واليونانية والرومانية والفينيقية‬ ‫‪ .‬ومن خلالها إنساب الإسلام إلى إفريقية المدارية (ا؛! ومن قبل إحتضنت الصحراء‬ ‫لإفريقية المسيحية من إضطهاد أباطرة الرومان وولاتهم ‪ .‬حينما فر إليها رجال‬ ‫ا‬ ‫المسيحية ومعتنقيها ‪ .‬ورلدت في الصحرء المصرية أول نظم ‏‪ ١‬لأديرة العالمية والرهينة‬ ‫على يد باخوميوس ‪.‬‬ ‫وإلى الجنوب من الصحراء الإفريقية تمتد أراضي السافانا لتبدأ ما يعرف‬ ‫بإسم "إفريقية المدارية" أو "إفريقية جنوب الصحراء" وهي عبارة عن مناطق مرتفعة ‏‪٠‬‬ ‫حيث يقع معظمها على إرتفاع ‏‪ ٤٠٠‬مترأً ‪ .‬وتوجد أعلى هضاب القارة في شرق‬ ‫وجنوب إفريقية على إرتفاع يتراوع مابين ‏‪ ١٣٠٠‬مترا إلى ‏‪ ٣٠٠٠‬مترا خاصة‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‏‪ ١‬لعرب‬ ‫للاعلا‬ ‫‪ ١‬لزهرا ْ‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫ومابعدها‬ ‫‏‪٢٥.‬‬ ‫الفات‬ ‫‏‪ ٠‬الاسلا‬ ‫‏‪ ٠‬دكتور‬ ‫‏‪ ٠‬حسن‬ ‫‏) ‪ \ ١‬مزنص‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫‪-2‬‬ ‫القارة ‪ .‬‏‪. ١٩٨٧‬‬ ‫‏‪- ١٩ -‬۔‬ ‫‏‪ ١٠٠٠-٥0٠٠‬مترأ فقط ‪.‬‬ ‫الحبشة وزيمبابوى وزامبيا ‪ .‬وإن كان إرتفاعها يتراوح بين‬ ‫وتصبح تلك الهضاب ذات أهمية بيئية لسكان القارةأ‪'١‬‏‬ ‫بإنتشار الأحواض الداخلية‬ ‫تتميز إفريقية المدارية من الناحية الجغرافية‬ ‫العديدة والضخمة ‪ .‬ومعظم تلك الأحواض ذات تصريف داخلي ‪ .‬حيث تنتهي‬ ‫الأودية إلى مناطق منخفضة تتجمع فيها المياه التي لا تصل إلى منفذ على بحر‬ ‫خارجي كما هو الحال في نهر النيل ونهر النيجر ‏‪ .٠‬حيث ينتهي الأول في البحر‬ ‫المتوسط ‪ .‬والثاني في المحيط الأطلسي ‪ .‬واحتفظت تلك الأحواض بكميات هائلة‬ ‫من المياه أصبحت كفيلة بسد حاجيات الجماعات البشرية التي اعتمدت عليها ‪.‬‬ ‫وتعد بحيرة تشاد نموذجا من تلك الأحواض الإفريقية الداخلية ذات التصريف‬ ‫الداخلي"ا‪ .‬حيث تنتهي عندها عدة أودية قادمة من الجنوب والشرق والغرب وتلقى‬ ‫مياهها ورواسبها في منخفضاتها الواسع ‪ .‬الأمر الذي كون بممنطقتها تربة منقولة‬ ‫متجددة من الرواسب عبر الأودية ‪ .‬ورغم أن بحيرة تشاد لا تعتبر مركز تصريف‬ ‫تلك الأودية التي تصرف مياهها جوفياً نحو واحات بوركو ‏‪ '"'8014٥‬إلا أن منطقة‬ ‫بحيرة تشاد أصبحت مركزا هاما لنشاط إقتصادي وحضاري في حزام السافانا ‪.‬‬ ‫المعروف باسم بلاد السودان ‪ .‬وشكلت على إمتداد خمسمائة ميل من الشرق إلى‬ ‫الفرب قسما جغرافيا وتاريخيا عرف باسم "السودان الأوسط" وقدم هذا القسم‬ ‫حضارات ونشاطات حضارية لها صفة الاستقلالية الحضارية ‪ .‬كما ساهمت في‬ ‫الإتصال الحضاري بين شرق بلاد السودان وغربه والعكس ‪ .‬ويين بلاد السودان‬ ‫وشمال إفريقية والعكس من جهة ثانيةا'‪ .‬وإن كان هذا الإقليم قد فقد أهميته‬ ‫الإستراتيجية حاليا ‪.‬‬ ‫وتعد إمبراطورية البرنو والكانم من أهم إفرازات هذا الإقليم حضاريا ‪ .‬بحيث‬ ‫عدت من أهم إمبراطورية العالم في نهاية العصور الوسطى‪١‬ثا‪.‬‏ حتى ظهرت في كتب‬ ‫(‪ )١‬أبوعيانة ‪ .‬فتحي محمد ‪ .‬دكتور ‪ .‬الجغرافية الإنليمية ‪ .‬ص‪ ٢٨١ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫بيروت‪ ١٧٩٨٦ . ‎‬م‪ )٢( ‎.‬الجوهري ‪ .‬يسري ‪ .‬دكتور ‪ .‬إفريقية الإسلامية ‪ .‬ص‪. ٢٤٣ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬أبوعيانة ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٨٢ : ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬طرخان ‪ .‬إبراهيم ‪ .‬دكنور ‪ .‬إمبراطورية البرنو الإسلامية ‪ .‬ص ‪ :‬ه‪١٥‬‏ ‪ .‬عبد الجليل ‪ .‬الشاطر‬ ‫‪ .‬تاريخ حضارات السودان الشرقي والزوسط ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ ٣٢٥‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫(‪ )٥‬تاريخ الفتاش في أخبار البلدان والجيوش وأكابر الناس ‪ .‬باريس‪ . ١٩١٣ ‎‬ص‪. ٢١ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٢. -‬۔‬ ‫وخرائط الفرب من بداية العصور الحديشة ( واستفادت تلك الامبراطورية من‬ ‫إمكانات الموقع والبيئة التي توفرت حول بحيرة تشاد بما لديها من تربة خصبة‬ ‫ومساحات شاسعة للمراعي ‪.‬‬ ‫تمتلك إفريقية المدارية أيضأ مجموعة هامة من الأنهار ‪ .‬ناتجة عن كميات‬ ‫الباه الجارية من الأمطار الموسمية أو الإستوائية ‪ .‬وهي أمطار غزيرة خاصة تلك‬ ‫التي تسقط في شرق القارة أو وسطها ‪ .‬ورغم أن نهر النيل ينبع من هذا النطاق‬ ‫إلا أنه يسرع مياهه إلى خارجه لتستفيد منه مناطق الإقليم الجاف في الشمال‬ ‫وتعتمد عليه بصورة أساسية في حياتها ‪ .‬كما ‪.‬أن النطاق السوداني يستفيد منه‬ ‫أيضا في خطوط تصريفه السفلي(")‪.‬‬ ‫أما نهر الكرنفو ‪ .‬الذي يعتبر من أهم أنهار القارة ‪ .‬بل والعالم القديم على‬ ‫الإطلاق ‪ .‬من حيث ضخامة كمية‪ .‬مياهه ‪ .‬وطول مجراه ‪ .‬وتشعب خطوط تصريفه ‪.‬‬ ‫فإن هذا النهر يتميز بثبات التصريف المائي ‪ .‬بسبب غزارة الأمطار في مناطقه‬ ‫وثبات منسوب البحيرات التي تنبع منها العديد من روافده ‪ .‬كما يتميز باتساع‬ ‫مجراه ‪ .‬حتى يصل في بعض القطاعات إلى ستة عشر كيلو متر ‪ .‬ولا يتفوق‬ ‫عليه في هذا المجال سوى مجري الأمازون في أمريكا الجنوبية ‪ .‬ولذلك يعد هذا‬ ‫النهر من أهم أنهار العالم في إمكانيات الطاقة الكهربائية ‪ .‬التي يمكن الحصول‬ ‫عليها منه ‪ .‬رغم أن المستفل منها حاليا قدر ضئيلا‬ ‫وتبلغ مساحة حوض نهر الكونغو حوالي أربعة ملايين من الكيلومترات المربعة‬ ‫وبالتالي فإنه يشمل معظم مساحة إفريقية الإستوائية والمدارية جنوب خط الإستواء ‪.‬‬ ‫ولم تتمكن الجماعات الإفريقية من إستغلال إمكانيات تلك المساحة بسبب صعوبة‬ ‫الظروف البيئية من كثافة الغابات وصعوبة الحركة داخل هذا النطاق ‪ .‬الأمر الذي‬ ‫جعل غالبية تلك الجماعات الزنجية تعتمد على نظام الجمع والصيد والزراعة البدائية‬ ‫في حياتها الإقتصادية ‪ .‬ومازالت تقوم بتلك الأنشطة البدائية جماعات وقبائل‬ ‫‪.‬ع‬ ‫‪ 0‬خ ‪,‬‬ ‫‪, !. : 2, . : 84‬‬ ‫‏(‪ )١‬راجع ‪:‬‬ ‫‪ -‬وإن كان اسم برنو أو بارنو تعرف به طبقة المحاربين ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ينبع النهر من الإقليم المداري ‪ .‬ويشق الصحراء لمساقة طويلة ‪ .‬ويبلغ طوله حوالي ‏‪ ٦٤٠٠‬كم‬ ‫‪ .‬من الجنوب إلى الشمال ‪ .‬وتعترضه ستة جنادل ‪ .‬وعلى الرغم من قلة مياهه مقارنة بمياه‬ ‫نهر الكونغو ‪ .‬فإنه يعد مصدر حضارات هامة ظهرت معتمدة عليه في الوسط وفي الشمال ‪.‬‬ ‫‪_ ٢١ -‬‬ ‫في تلك المنطقة ‪.‬كما أن دولة زائير الحالية التي تشمل معظم مساحة الحوض تمتلك‬ ‫أكبر شبكة خطوط طيران داخلي في قارة إفريقية للتغلب على صعوبة التنقل‬ ‫والإتصال على الأرض ‪ .‬وقد أصبحت تلك المناطق ذات أهمية لإمتداد الأقاليم‬ ‫المجاورة بمنتجات وسلع الأقا ليم الإستوائية من العاج والجلود وغير ذلك ‪.‬‬ ‫وفي غرب القارة يوجد نهر النيجلا' وينبع هذا النهر من الجنوب أيضا من‬ ‫مرتفعات سيراليون وغينيا حيث تغزر الأمطار ‪ .‬فتتجه المياه صوب الشمال ثم‬ ‫تتحرف نحو الجنوب الشرقي حيث يتصل برافده الرئيسي في بينو صلاه قبل أن‬ ‫ينتهي إلى البحر في نيجيرياا"'‪ .‬كما يوجد إلى الشمال الشرقي منه نهر السنفال‬ ‫الذي يتجه صوب المحيط الأطلسي ‪.‬‬ ‫وقد شهدت منطقة حوض نهر النيجر وحوض نهر السنغال أهم مدنيات‬ ‫وحضارات السودان تاطبة ‪ .‬بما توفرت لديها من ثروات إقتصادية هامة من تربة‬ ‫صالحة للزراعة ومراعي شاسعة صالحة للرعي وثروات معدنية هائلة من الذهب‬ ‫فظهرت فيها مدينات هامة منذ العصور القديمة ‪ .‬وبدأت تظهر فيها ممالك إسلامية‬ ‫مثل مملكة غانة ‪ .‬ومملكة مالي ‪ .‬ومملكة صنفي ‪ .‬وأصبحت مدنها أهم مراكز‬ ‫الإشعاع الحضاري لإفريقية جنوب الصحرا ‪ . .‬وارتبطت مراكز تلك المنطقة بشبكة من‬ ‫الطرق البرية أو الطرق النهرية عبر نهر النيجرا")‪.‬‬ ‫أما نهر الزمبيزي فيوجد في جنوب القارة ‏‪ .٠‬ويتصف بتذبذب جريانه وتعدد‬ ‫منابعه وإعتراض العديد من الشلالات مجراه ‪ .‬كما توجد أنهار في القارة لعب دورأ‬ ‫هاما في حياة شعوبها مثل نهر الأورانج في الجنوب ‪ .‬عند سفالة الزنج ‪ .‬على‬ ‫ساحل إفريقية الشرقي ‪ .‬ويقع حاليا في دولة جنوب إفريقية ‪ .‬وعلى طول الساحل‬ ‫الشرقي لإفريقية حتى منطقة الصومال شمالا توجد سواحل خصبة تكونت منه دالات‬ ‫‏(‪ )١‬ظلت تسميته في العصور القديمة والوسطي باسم نهر النيل ‪ .‬حيث استمرت المصادر الإسلامية‬ ‫تذكره باسم "النيل" إعتقادأً منهم بوجود صلة بينه وبين نيل مصر والسودان من حيث المنبع أو‬ ‫الإتصال ‪ .‬خاصة وأن منابع النيجر ظلت مجهولة لفترة طويلة ‪.‬‬ ‫انظر ‪ :‬ابن سعيد ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ ٨٠‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬أبوعيانة ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٤٥٧‬‬ ‫‏(‪ )٣‬راجع ‪ :‬طرخان ‪ .‬إبراهيم ‪ .‬دكتور ‪ .‬مملكة مالي الإسلامية ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ ٤٧‬ومابعدها ‪ .‬الهيئة‬ ‫المصرية العامة للكتاب ‪.‬‬ ‫_ ‪_ ٢٢‬‬ ‫الأنهار الصغيرة التي تتجه صوب ساحل المحيط الهندي في الشرق ‪.‬‬ ‫كما توجد أيضا ظاهرة "المانيروف" وهي الأراضي التي تكونت بفعل زحف‬ ‫النباتات على مياه البحر وتكون طبقات من الرواسب فوقها بمرور الزمن وقد استغلت‬ ‫‪.‬‬ ‫السكان‬ ‫قبل‬ ‫من‬ ‫القدم‬ ‫منذ‬ ‫وتوجد كذلك أنهار عديدة أخرى مثل نهر الفولتا في الغرب ضمن مجموعة‬ ‫أنهار السودان الفربي ‪ .‬ونهر اللمبويو في الجنوب ‪ .‬وتأتي أهمية أنهار القارة‬ ‫الإفريقية في أنهار وفرت مجالا حيويا لسكانها ووسطا بيئيا مناسبا معيشتهم‬ ‫مجاري‬ ‫تعترض‬ ‫عقبات‬ ‫وجود‬ ‫ووفرت لهم عناصر الإستقرار منذ ا لقدم ‪. .‬ويا لرغم من‬ ‫تلك الأنهار فإن معظمها أصبح عنصرا فعالا في عمليات الإتصال بين الشعوب‬ ‫الإنريقية ‪ .‬خاصة نهر النيجر في غرب القارة ‪ .‬كما تشكل الأنهار الإفريقية ثروة‬ ‫هامة في الوقت الحاضر بجانب مياهها حيث تمتلك حوالي ‏‪ ٤٠‬من إجمالي الطاقة‬ ‫الائية في العالم ‪ .‬الأمر الذي يعوضها عن تقص الفحم في الشمال ‪ .‬والبترول‬ ‫ني الجنوب(‪١‬ا‏‬ ‫ومن ناحية أخرى فقد أثر مناخ إفريقية في تنوع أنشطة الحضارة بها ‪.‬‬ ‫حيث تقسم القارة إلى أقاليم مناخية ثلاث ‪ :‬الأول صحراوي في الشمال ‪ .‬وهو‬ ‫إقليم جاف وشبه جاف ويتمثل هذا الإقليم المناخي في إفريقية الشمالية ‪ .‬كما يسود‬ ‫في صحراء ناميبيا وصحراء كلهاري في الجنوب ‪ .‬بالإضافة إلى صحراء الصومال‬ ‫في الشرق ‪ .‬أما سواحل البحر المتوسط الإفريقية فإنها تتلقى كميات من المطر‬ ‫تكني لحياة الجماعات في مناطقها ‪ .‬ويتميز هذا الساحل بأنه حار جاف صيفا ‏‪٠‬‬ ‫ودافئ ممطر شتاء ‪ .‬ويرتبط بعناصر الضغط الجوي وحركة التيارات الهوائية بين‬ ‫الحيط الأطلسي من الغرب ‪ .‬وأواسط آسيا من الشرق ‪ .‬وبين تيارات أوروبا الرطبة‬ ‫‪ .‬ويتمثل هذا الإقليم المناخي‬ ‫من الشمال ‪ .‬وإفريقية المدارية الجافة من الجنوب‬ ‫السواحل الشرقية والجنوبية ‪.‬‬ ‫الثاني أيضا في مساحات من جنوب إفريقية تمتد على‬ ‫أما الإنليم الثالث فيمتد في معظم القارة من الشرق إلى الغرب وهو الإقليم‬ ‫الداري والإستوائي المحصور بين المدارين ويشقه خط الإستواء في الوسط ‪.‬‬ ‫ويتميزبأمطاره الغزيرة طوال العام في الوسط ‏‪ ٠‬ثم تقل كلما اتجهنا شمالا أو جنوبا‬ ‫‪ .‬وبالتالي تقل كثافة الغابات حتى تنتهي بالحشائش في إقليم السافانا ثم تختفي‬ ‫() أبوعيانة ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٤٨٣‬‬ ‫۔‪- ٢٣ ‎‬‬ ‫الصحراء ‪ .‬في الشمال أو في الحنوب‪!١‬‏‬ ‫ضض أجزائها مناخ المرتفعات المعتدل الدافيءالممطر صيفا‬ ‫ويسود القارة فبيعبع‬ ‫هذا النمط بصورة واضحة في منطقتين ‪:‬الأولى ‪:‬هضبة جنوب إفريقية‬ ‫ويتمثل‬ ‫اي يتراوح إرتفاعها ما بين ‏‪ ٢٠٠٠-٢٣٠٠‬مترأ فوق مستوى سطح البحر في‬ ‫المنطقة المعروفة باسم "الفلد العليا" والتي ينخفض معدل الحرارة بها عما جاورها من‬ ‫أراضي بسبب عامل الإرتفاع ‪.‬والمنطقة الثانية هي هضبة الحبشة في الشرق حيث‬ ‫تتميز المناطق القليلة الإرتفاع بها بمناخ معتدل دافيء مع سقوط أمطار غزيرة في‬ ‫فصل الصيف بسبب الرياح الموسمية ‪ .‬بينما تنخفض الحرارة في المناطق المرتفعة‬ ‫‏‪ ٥٠٠٠‬متر ‪.‬‬ ‫حتى أن الثلوج قد تتكون بصورة مستمرة فيما فوق إرتفاع‬ ‫وقد وفرت الظروف البيئية من سطح ومناخ وتربة إمكانيات إقتصادية هائلة‬ ‫للقارة الإفريقية عبر عصورها التاريخية ‪ .‬فتضم غابات إفريقية المدارية التي تنمو‬ ‫في الأقاليم المناخة المطيرة تنوعا هائل من الثروات الحيوانية والنباتية ‪ .‬فبجانب‬ ‫أشجار الأبنوس القيمة ‪ .‬توجد أنواعها عديدة من الحيوانات مثل القردة والتماسيح‬ ‫والنمور والأسود في نطاق السافانا ‪.‬كما نم إستئناس الأغنام والأبقار للرعي في‬ ‫تلك المساحات الشاسعة ‪.‬‬ ‫وإذا كانت تلك الإمكانيات قد استغلت من قبل سكانها ‪ .‬نإنها ساهمت في‬ ‫إمداد سكان العالم القديم والوسيط والحديث ببا يحتاجه من تلك السلع الهامة ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬أبوعيانة ‪ .‬المرجع نفسه‪. ‎‬‬ ‫‪- ٢٤ -‬‬ ‫الشنكان‬ ‫يقدر عدد سكان قارة إفريقية حسب الإحصائيات العالمية الأخيرة بحوالي‬ ‫‏‪ ٣٠‬مليون نسمة( يعيش ربع السكان في إفريقية الشمالية ‪ .‬والباقي بإفريقية‬ ‫القارة ‪ .‬بسبب‬ ‫في غرب‬ ‫جنوب الصحراء ‪ .‬وتتركز نسبة كبيرة من تلك الإعداد‬ ‫من جملة سكان‬ ‫ظروف تاريخية وجغرافية ‪ .‬ويمثل سكان إفريقية حوالي‪ .‬‏‪١‬‬ ‫العالم"ا‪ .‬مع تميز القارة بإرتفاع معدلات الوفيات والمواليد ‪ .‬التي تعتبر من أعلى‬ ‫العدلات الحالية ‪ .‬وإن كنا نلاحظ أن عدد السكان لا يتوزع بانتظام على سطح‬ ‫القارة ‪ .‬تصل أدنى مستوياتها في مناطق الغابات والصحاري ‪ .‬ولكن تتميز‬ ‫إفريقية بصورة عامة بجالها الجيوي الكبير لسكانها حيث أنها تشمل أكثر من‬ ‫‏‪ ٢‬من اليابس العالمي ‪.‬‬ ‫والواقع أن أكثر قارات العالم تضرسا من حيث السلالات والأجناس البشرية‬ ‫هي قارة إفريقية ‪ .‬إذ تضم خليطا متنوعا ومتضارياً من السلالات البشرية ‪ .‬بحيث‬ ‫يوجد بها أكثر من ‏(‪ )٢..‬لغة ‪ .‬مما يدل على أهمية دراسة تاريخ القارة بصورة‬ ‫موضوعية من أجل تعقب الموجات البشرية التي دخلت القارة ‪ .‬والجماعات العرقية‬ ‫التي تشكلت عبرها ‪ .‬أو الأجناس التي تنقلت بين مناطقها ‪ .‬وتدل الدراسات‬ ‫الأرلية على أن إفريقية قد غمرتها موجات بشرية متعاقبة ‪ .‬وأن كل موجة كانت‬ ‫تدفع سابقتها نحو الداخل ‪ .‬وتوجد اليوم أدلة على تلك النتائج حيث توجد‬ ‫جماعات منزوية في صحراء كلهاري دفعتها جماعات أقوى واحدث قدمت عليها من‬ ‫نطاق السافانا ‪ .‬ويلاحظ هذا الأمر داخل نطاق الغابات أيضا ‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬حيث توجد‬ ‫الشمال‬ ‫صروب‬ ‫وتعتبر إفريقية بحق منزل كبير وجهته الأصلية‬ ‫ثلائة أبواب رئيسة هي ‪ :‬الأول عبر بوغاز جبل طارق في الشمال الغربي للقارة ‪.‬‬ ‫وهو بوغاز ضيق في بعض اجزائه يصل إلى عشرة أميال ‪ .‬وعبر هذا البوغاز تمت‬ ‫‪. .‬‬ ‫م ‪.‬‬ ‫م ع‬ ‫‪, ,1983 . .47‬‬ ‫‏(‪(١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬في حين أن نسبة سكان إفريقية المدارية ‪ .‬التي تقع جنوب الصحراء تشمل ‏‪ ٨‬من سكان‬ ‫العالم ‪ .‬أنظر ‪ :‬أبوعيانة ‪ .‬الجغرافية الإقليمية ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٤.٧‬‬ ‫‪_ ٢٥ -‬‬ ‫التأثيرات المبكرة بين القارة الإفريقية والقارة الأوروبية كما كان له دوره الكبير في‬ ‫تمكن المسلمين من إقتحام القارة الأوروبية بعد أن استعصت عليهم من جهة الشرق‬ ‫عبر مضايق البوسفور والدردنيل ‪ .‬حيث أسوار القسطنطينية ‪ .‬والتي أنهارت أخير‬ ‫عام ‏‪ ١٤٣٥‬م أما محمد الفاتح العثماني ‪ .‬وظلت عمليات التأثيرات بين الطرفين‬ ‫حتى العصور الحديثة ‪ .‬حتى أن أوروبا قد وضعت خططها‪ :‬للاعتماد على هذا‬ ‫المضيق أمام الخطر النوري السوفيتي السابق( للانسحاب إلى الأمان الإفريقي(؟)‪.‬‬ ‫أما المنفذ الثاني فكان عبر باب المندب ‪ .‬وهو ذلك المضيق الذي يصل بين‬ ‫البحر الأحمر وبين المحيط الهندي ‪ .‬وبجانب ضيقه الذي لا يتعدي بضعة أميال‬ ‫تنتشر به الجزر العديدة التي سهلت عملية الإنتقال بين الجانبين الآسيوي والإفريقي ‪.‬‬ ‫حيث قام هذا المضيق بدور هام في العصور القديمة في تاريخ القارة الإفريقية فخلاله‬ ‫استمرت عمليات تدفق الجماعات السامية عبر مياهه إلى الأراضي الإفريقية ‪.‬‬ ‫وخاصة حينما تدهورت الأحوال المناخية في شبه الجزيرة العربية منذ العصور الحجرية‬ ‫واستمرت الجماعات السامية تبحث عن أماكن جديدة للاستقرار ‪ .‬فاتجه البعض إلى‬ ‫الشمال حيث الهلال الحصيب ‪ .‬ويم البعض الآخر وجهته صوب مصر عبر سيناء ‪.‬‬ ‫وعبر البعض الآخر باب المندب إلى قارة إفريقية ‪ .‬وكان قيام مملكة أكسوم الحبشة‬ ‫في القرن الرابع الميلادي وضمها ضفتي باب المندب تحت سيطرة مركزية واحدة‬ ‫تتويجا لهذا التواصل التاريخي بين الجانبين العربي والإفريقي ‪.‬‬ ‫ويبدو أن هذا المنفذ قد ظهرت أهميته في أنه يقع على منفذ مستودع الجنس‬ ‫السامي في شبه الجزيرة العربية ‪ .‬وخاصة الجنس العربي ‪ .‬الذي تعرض لكارثة‬ ‫انهيار سدمأرب وفشل محاولات ترميمة وإعادته إلى طاقاته القديمة"‪ .‬فاتجهت‬ ‫قبائل عديدة إلى القارة الإفريقية قبل الإسلام وفي العصور الإسلامية ‪ .‬واستمر في‬ ‫ضخ هجرات عديدة إلى القارة الإفريقية لتغزيز الوجود العربي السابق ‪ .‬حتى انه من‬ ‫الصعب دراسة تاريخ ومسيرة القرن الإفريقي وشرق القارة دون فهم تاريخ حنوب شبه‬ ‫الجزيرة العربية واهمية باب المندب ‪.‬‬ ‫ونظر لاتصال اليابس الآسيوي باليابس الإفريقي لأول مرة عبر سيناء ‪ .‬فقد‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪١‬م‬ ‫‏‪٩١٧٥‬‬ ‫القاهرة‬ ‫‪٠‬‬ ‫‏‪٤٧٢‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ص‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫التاريخية‬ ‫الجغرافية‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫دكتور‬ ‫‪.‬‬ ‫محمل‬ ‫‪.‬‬ ‫الديب‬ ‫‏) ‪( ١‬‬ ‫)( ومازالت هناك موضوعات حول شق نفق بين أوروبا وإفريقية تحت مياه مضيق جبل طارق ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬فخري ‪ .‬أحمد ‪ .‬دكتور ‪ .‬دراسات في تاريخ الشرق الأدنى القديم ‪ .‬القارهرة‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٢٢٧‬‬ ‫‪_- ٢٦ -‬‬ ‫أصبحت سيناء أهم منفذ في حجم التدفق البشري بين الجانبين ‪ .‬فعبر سيناء تمكنت‬ ‫جماعات سامية من دخول منطقة شمال إفريقية ووادي النيل والتوغل لمسافات طويلة‬ ‫منذ العصور القديمة ‪ .‬حتى غلب الطابع السامي على منطقة سيناء وشرق مصر‬ ‫لفترات زمنية متقطعة ‪ .‬رغم وجود قوة مركزية على بوابة إفريقية ‪ .‬وهي‬ ‫الإمبراطورية الفرعونية التي تمكنت من حماية تلك البوابة لفترة زمنية طويلة(‪.'١‬‏ غير‬ ‫انه في بعض الفترات تسللت بعض الجماعات لتستقر على حدودها الشرقية ثم‬ ‫عاودت التحرك صوب الداخل ‪ .‬حتى أدرك الفراعنة أن حماية أمن تلك البوابة لا‬ ‫يتأتى إلا عبر إمتداد نفودهم لمسافات طويلة في بلاد الشام ‪ .‬من هنا فقد وقعت‬ ‫المعارك الهامة في قادش ومجدو وغيرها من مواقع بلاد الشام ‪ .‬من اجل حماية‬ ‫مصر وإفريقية من قوى غرب آسيا ‪.‬‬ ‫واستمر هذا الباب مفتوحا على مصراعيه منذ فتح مصر على يد عمر بن‬ ‫‪ .‬فيعد التنصر العسكري الحاسم‬ ‫‏‪ ٢١‬ه ‪ .‬في خلافة عمر بن الخطاب‬ ‫الماص سنة‬ ‫للمسلمين تدفقت القبائل العربية إلى مصر لتستقر في الوادي والدلتا وتنساب عبره‬ ‫إلى داخل إفريقية عبر وادي النيل وواحات الصحراء المصرية مستفيدة بخبرتها‬ ‫السابق في اجتياز الصحراء ورصيدها السابق في مصرا©؟'‪ .‬ولما تمكن العرب من‬ ‫الفتح لمصر امسكوا بذلك برأس القارة الإفريقية وربطوها لأول مرة بغرب آسيا عبر‬ ‫سيناء والبحر الأحمر ‪ .‬وشكلت منطقة غرب آسيا وشمال إفريقية وحدة حضارية‬ ‫واحدة عرفت ساسم الوطن العربي ذات اللغة الواحدة والدين الواحد والآمال المشتركة‬ ‫‪ .‬بل أن سيناء أصبحت في الوقت الحاضر همزت تواصل بين قارات العالم بعد حفر‬ ‫قناة السويس ‪ .‬ولم تتأثر كثيرا بنتائج الكثوف الجغرافية وظهور ممرات اخرى ‪.‬‬ ‫وبجانب تلك المنافذ الثلاث شهدت القارة الإفريقية قدوم عناصر وافدة إليها‬ ‫عبر مياه المحيط الهندي لتستقر على سواحلها وجزرها ثم تتوغل في د اخلها ‪.‬‬ ‫وترجع هذه العناصر إلى أصول ماليزية وملايوية ودرافيدية من منطقة جنوب آسيا‬ ‫وحنوبها الشرقي ‪ .‬وإن كانت تلك الموجات قد عادت في العصور الحديثة تحت‬ ‫نشاط شركة الهند الشرقية البريطانية وغيرها من الشركات الإستعمارية ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ومابعدها‬ ‫‪ :‬‏‪١٢٣‬‬ ‫‏‪ ٠6‬ص‬ ‫‏‪ ٠‬تاريخ سيناء‬ ‫‏‪ ٠‬نعوم‬ ‫‏) ‪ (١‬شقير‬ ‫‏(‪ )٢‬كان تحول الشمال الإفريقي إلى الإسلام والثقافة العريية أسرع خطى من بلاد النوبة وسودان‬ ‫ووادي النيل بحيث بدأ تحول المصريين إلى الإسلام والعربية أسرع من غيرهم ‪.‬‬ ‫‪- ٢٧‬‬ ‫‪-‬‬ ‫وتبدو تلك المجموعات في جزر موريشيوس ومدغشقر (ملاجاشي) وجزر القمر‬ ‫ودول إفريقية الشرقية حتى دولة جنوب إفريقية ‪ .‬الأمر الذي زاد من تعقيد الأصول‬ ‫والأجناس العرقية لقارة إفريقية ‪.‬حتى أصبحت عملية تعقب دخول تلك الأجناس‬ ‫فايلنسيج الإفريقي تنم عن عملية شاقة ‪.‬‬ ‫ومن أجل فهم الملامح الأساسية للسلالات الإفريقية الرئيسية ومصدرها‬ ‫وتحركاتها ‪ .‬فإننا لابد أن نقر أن هناك تقسيما أرليأ يعتمد على أسس‬ ‫انثرويولوجية وتاريخية ذات معايير محددة تبرز شكل الراس واجزائها ‪ .‬ولون البشرة‬ ‫‪ .‬والشعر والقامةاا‪ .‬رغم أننا يجب أن نؤمن أنه من الصعب العثور على جماعات‬ ‫خالصة في صغاتها الجنسية بسبب عمليات الإختلاط والمعاشرة المستمرة بين‬ ‫الجماعات البشرية في القارة ‪ .‬والصراعات الطويلة بين الجماعات البشرية"‬ ‫ومع إقرارنا بأن الجنس الزنجي يعتبر أقدم الأجناس الإفريقية إلا أنه أنزوي‬ ‫في وسط القارة وعلى حافات غاباتها وفي صحرائها لفترة طويلة بسبب قدوم‬ ‫العناصر القوقازية التي عبرت إلى القارة في وقت أحدث ‪ .‬وتمكن هذا العنصر‬ ‫الأخير من السيطرة على مناطق وادي النيل والقرن الإفريقي وشمال إفريقية ‪.‬‬ ‫‪( ٣).‬‬ ‫وتضم السلالات القوقازية معظم الجماعات غير الزنجية مشل الحاميين‬ ‫والساميين التي تتمركز في شمال وشرق القارة ‪ .‬والتي أصبحت تضم تراثا حض ريأ‬ ‫ميز لها يمتد من مصر إلى ساحل المحيط الأطلسي ‪ .‬عبر برقةوطرابلس وبلاد‬ ‫المغرب ‪ .‬وتضم الجماعات الحامية مجموعات داخلها مثل الطوارق والتيبو في‬ ‫الصحراء الكبرى وجماعات الجوانش في جزر كناريا بالمحيط الأطلسي ‪.‬كما تضم‬ ‫أيضا جماعات الليبيين المنتشرة فايلصحراء الواسعة غرب مصر ‪ .‬والذين تركوا‬ ‫كثيرا من الأخبار مدونة حولهم فايلآثار الفرعونية ‪ .‬ومازالت الدراسات الأثرية‬ ‫القارة الإفريقية ‪ .‬وأنهم هاجروا إليها في‬ ‫الحديثة تؤكد أن تلك الأجناس من ا‬ ‫عصور تاريخية قديمة وشكلوا حضارات على أرض إفريقية مثل جماعات الليبيين ‏‪(٤١‬‬ ‫(‪ )١‬محمد ‪ .‬محمد عوض ‪ .‬دكتور ‪ .‬الشعوب والسلالات الإفريقية ‪ .‬سلسلة دراسات إفريقية‪. ‎‬‬ ‫‪ .‬ص‪. ٢٢ : ‎‬‬ ‫القاهرة ‪ .‬العدد‪)١( ‎‬‬ ‫‪ .‬ص‪. ١١٢١ : ‎‬‬ ‫(‪ )!٢‬محمد ‪ .‬المرجع السابق‬ ‫المجموعات غير الزنجية التي تعيش في شمال إفريقية وجنوب الصحراء‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬يطلق لفظ حامي على‬ ‫السايق ‪ .‬ص‪. ٣٢ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬محمد عوض ‪ .‬المرجع‬ ‫‪_- ٢٨ -‬‬ ‫والواقع أن تاريخ الشمال الإفريقي يعد أشد مناطق العالم القديم تلاطما‬ ‫باباموجات البشرية ‪ .‬وظلت منطقة وادي النيل في ركنه الشرقي ‪.‬تتمتع الفترات‬ ‫رالتأ; ثير الحضاري في محيطها الإفريقي بما يحمله من تنوع عرقي ‪.‬‬ ‫بعنصر التصدير‬ ‫أ منطقة شمال إفريقية التي تمتد من طرابلس وحتى سواحل المحيط الأطلسي فقد‬ ‫أصبحت عرضة لتأثيرات وافدة عليها من خلال عناصر أجنبية حتى سميت باسم‬ ‫"جزيرة المغرب"("'‪ .‬فمنذ أوائل عصور التاريخ استقرت ببلاد المغرب شعوب مختلفة‬ ‫شديدة التنوع العرقي والحضاري ‪ .‬فمن اللآئين واليهود والفينيقيين والوندال واليونان‬ ‫والزنوج وغيرهم من الجماعات التي وفدت إلى منطقة الشمال الإفريقي إما هرويا‬ ‫أمام جماعات أقوى أو طمعا في ثروات إفريقية وموقعها ‪.‬‬ ‫ويبدو أن تلك الهجرات الوافدة قد تركت آثارها على حضارة الشمال‬ ‫الإفريقي وامتزجت نسبيأ من السكان الأصليين ‪ .‬ولكن لفترات محددة تلاشي بعدها‬ ‫هذا الأثر ‪ .‬في المحيط البربري الذي يمتد جنوبا ‪.‬أما العرب فكانوا أكثر تاتلك‬ ‫الجماعات تأثيرا في دماء شمال إفريقية على الإطلاق ‪ .‬منذ العصور القديمة ‪.‬حتى‬ ‫اليوم ‪ .‬ذلك أن الجيوش التي تحركت عبر مصر إلى الشمال الإفريقي ضمت أعداد‬ ‫كبيرة خلال عصر الخلفاء الراشدين والعصر الأموي ‪ .‬بقدره البعض بأكثر من‬ ‫‪.‬ه مقائل ‪.‬بالإضافة إلى مجموعات التجار العرب والأسر العربية والقبائل‬ ‫الني تدفقت إلى تلك المناطق منذ البداية ليصل العدد إلى ما يقرب من ثلث مليون‬ ‫‪.‬وما كان هذا العنصر هو الفاتحوالمنتص("'‪ .‬فقد استقر في الأماكن الإستراتيجية‬ ‫والتي توفر فيها الظروف ‪ 7‬الحسنة ‪.‬فأصبح لهم الغلبة في كل مجالا" ‪.‬‬ ‫انصهرت في بوتقتهم العناصر الأخرى على مر الزمن ‪.‬‬ ‫ويبدو أن هجرات القبائل العربية ‪ .‬قد أدت في بعض الأحيان ‪ .‬إلى تفهقر‬ ‫العنصر البربري صوب الجنوب!‪٠‬ا‪.‬‏ ليختلط بعناصر زنحجية أو عناصر منعزلة في‬ ‫الواحات ‪ .‬الأمر الذي أدى إلى تنوع عرقي كبير في دماء العنصر البربري وظهور‬ ‫تقسيمات علماء الأنثربولوجيا ‪.‬فقد قام برتولون ‪٥00‬ا‪٥0‬اع‏ وشانتر ع‬ ‫بتقسيم سكان البربر في أقاليمهم الشرقية إلي ثلاثةأصناف هي ‪:‬‬ ‫(‪ )١‬جوليان ‪ .‬تاريخ إفريقية الشمالية ‪ .‬ج‪ .١ ‎‬ص‪. ٦٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الجوهري ‪ .‬يسري ‪ .‬الإنسان وسلالاته ‪ .‬ص‪. ٣٦٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬جوليان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٦٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬جوليان ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٦٢٨ : ‎‬‬ ‫‪- ٢٩ -‬‬ ‫الأول ‪ :‬قصير القامة ‪ .‬مستطيل الرأس ‪ .‬متوسط الأنف ‪ .‬أسود الشعر ‪.‬‬ ‫في الشرق ‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬قصير القامة ‪ .‬بيض الرأس ‏‪ ٠‬وفيق الأنف ‪ .‬أسود الشعر‪ .‬وأطلقا‬ ‫في الوسط ‪.‬‬ ‫"جربة"‬ ‫عليه صنف‬ ‫الثالث ‪ :‬طويل القامة ‪ .‬مستطيل الرأس ‪ .‬دفيق الأنف ‪ .‬أشقر الشعر ‪ .‬وله‬ ‫صلات بالجنس المتوسطي في الشمال والزنجي في الواحات الصحراوية ‪ .‬وينتمي إليه‬ ‫الطوارقأ‪'١‬‏‬ ‫عنصر‬ ‫كما أن هناك تقسيما حضاريا آخر يقسم البربر إلى تسمين همأ"؛‬ ‫البترا"! وهم جماعات البدو والرحل من البربر وهم الجمالة أصحاب الترحال‬ ‫‪ .‬ومن أشهر قبائلهم ‪ :‬أداسة في هوارة ‪ .‬ومن بطونها سفارة ونفوسة ‪ .‬ومن بطونها‬ ‫بنو زمور ‪ .‬وينو مسكور ‪ .‬وماطوسة ‏‪ ٠‬وقبيلة نفزاوة ‪ .‬ومن بطونها ولهماصة‬ ‫وغساسة وزهيلة وسوماته ورسيف ومرترة وزاتمة وركول ومرنيسة وردغروس وردين ‪.‬‬ ‫وقبيلة لوات ومن بطونها اكوره عتروزة وبنو ماصلة ‪ .‬ومزات وفعاغمة وجدانة‬ ‫وسدراتهغ'‪ .‬بالإضافة إلى قبيلة زناته ‪.‬‬ ‫‪ .‬وا وروبة ‏‪٠‬‬ ‫‪ .‬ومصمودة‬ ‫‏‪ ٠‬ورزد ا جة‬ ‫‪ .‬مطماطة‬ ‫أهم قبائلهم‬ ‫‪ :‬ومن‬ ‫ا لبرا نس‬ ‫‘ وأوريغة ‏(‪.)٥‬‬ ‫‪ .‬وصهاجة‬ ‫وعجيسة وكتا مة‬ ‫غير أننا لا نوافق ابن خلدون فيما وصل إليه من هذا التقسيم وإقرار‬ ‫الباحثين له ‪ .‬فمن الصعب اعتبار قبائل البتر من البربر بدو رحلا والبرانس حضرا ‪.‬‬ ‫ذلك أن جانبا كبيرأ من زناته التي تنتمي إلى البتر كانوا رحلا ‪ .‬وكلهم كانوا‬ ‫يعملون في مجال التجارة الصحراوية بما يمتلكون من إبل وخبرات للطرق الصحراوية‬ ‫‪ .‬وحققوا من وراء ذلك مكاسب هامة من النواحي الإقتصادية والحضارية ‪ .‬كما أن‬ ‫(‪ )١‬جوليان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٧٠/٦٩ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬تقسيم تقريبي يعتمد على النمط الإقتصادي والمستوي الحضاري‪. ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬نسبة إلى الفروق في الملابس ‪ .‬فالبتر جمع أبتر وهو الثوب المقطوع ‪ .‬عكس البرانس ‪ .‬جمع‬ ‫برنس وقلانس ‪ .‬وهو ما عرف باسم "أهل الوبر" وأهل "المدر" ‪.‬‬ ‫‪ .‬ص‪ ١٣٨ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬ابن خلدون ‪ .‬تاريخ ‪ .‬ج‪١‬‬ ‫(‪ )٥‬اين خلدون ‪ .‬المصدر السابق‪. ‎‬‬ ‫قبانل نفوسة من البتر أيضا استقروا في أودية طرابلس وحقولها عملوا بالزراعة‬ ‫كفلاحين مستقرين وساهموا بدور كبير في أحداث طرابلس واقتصادها وحياتها‬ ‫السياسية ‏(‪)١‬‬ ‫من جهة ثانية اعتبرت صنهاجة من البرانس وهم أكثر قبائل المغرب الأقصى‬ ‫تنقل بين الشمال والفرب عبر الصحراء ‪ .‬حتى عرفوا بسكان الصحراء ‪ .‬حتى أن‬ ‫دولتهم التي أسسوها فيما بعد ضمت الصحراء المغربية ‪ .‬كما أن هوارة البرانس‬ ‫اشتملت على بدو رحل وحضر معا رغم اشتراكهم في نسب واحد ‪.‬‬ ‫وبذلك فإننا نرى أن الفتح العربي لبلاد المغرب قد أضاف أوضاعا حضارية‬ ‫جديدة إلى السكان البربر استفاد منه البربر من البرانس والبتر معا ‪ .‬وأدى هذا‬ ‫الأمر إلى استفادة البربر من الأوضاح الجديدة والتخلي عن أنماط الحياة السابقة‬ ‫لديهم بحيث أن القبيلة الواحدة من البربر قد شملت كل الأغاط الإجتماعية في‬ ‫الغالب ‪ .‬حتى أن عملية الإمتزاح قد تمت بصورة سريعة وشاملة بين كافة قبائل‬ ‫البربر وبين العنصر العربي الجديد ‪ .‬مما أحدث تغيرات جديدة في بناء البرير‬ ‫الإجتماعي مع الإحتفاظ بالقالب القبلي بحيث أن رجال البربر قد ساهموا منذ البداية‬ ‫مع العرب في عمليات الفتوح خاصة في بلاد الآندلس ‏‪ .٠‬رغم حداثة إسلامهم‪.)"١‬‏‬ ‫ينتمي أيضا إلى عنصر البربر جماعات الشاوية وهم يقطنون جبال أوراس‬ ‫من جبال أطلس وقبائل الشلوع ‪ .‬وهم سكان جبال أطلس أيضا ‪ .‬كما يمكننا اعتبار‬ ‫جماعات الطوارق أو "الملثمون"("'‪ .‬من جماعات البربر ‪ .‬وهي الجماعات التي مازالت‬ ‫محتفظة ببنائها السابق حتى العصور الحديثة في الصحراء الإفريقية بين موريتانيا‬ ‫والجزائر ومالي ‪ .‬كما يعتبر سكان جزر كناريا في المحيط الأطلسي وسكان الفولاني‬ ‫في غرب إفريقية من أصول بربرية ‪ .‬وكذلك جماعات عديدة من سكان السودان‬ ‫الأوسط والسودان الشرقي أيضا من خلال هجرات البربر الكبرى أمام غارات بني‬ ‫هلال ربني سليم في أعقاب تحركهم نحو الغرب ‪.‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫ا ليهود‬ ‫جما عات‬ ‫من‬ ‫مستمرة‬ ‫هجرات‬ ‫! فريقية‬ ‫شمال‬ ‫منطقة‬ ‫شهدت‬ ‫كما‬ ‫(‪ )١‬جوليان‪ ٠ ‎‬تاريخ إفريقية الشمالية ‪ .‬ع ‪ .‬ص‪. ٢٧/٢٦ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬أرنولد ‪ .‬الدعوة إلى الإسلام ‪ .‬ص‪. ١٣٥ : ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣٢‬أطلق المرب على الطوارق اسم الملثمين ‪ .‬نظر لاستعمالهم اللثام علىا وجوه رجالهم ‪ .‬فلا‬ ‫يحترم أي رجل سافر منهم ‪ .‬ويتسارى في ذلك السادة والعبيد ‪ .‬حتى أنهم يرتدون =‬ ‫_ ‪_ ٣١‬‬ ‫والتي بدأت منذ القرن الثالث ق‪.‬م ‪ .‬واستمرت حتى القرن السادس عشر الميلادي ‏‪٠‬‬ ‫في أعقاب طرد المسلمين من الأندلس ‪ .‬وسكنت جماعات اليهود الأولى الأجزاء‬ ‫الداخلية من بلاد المغرب ويسمون أنفسهم باسم "الشيتيم" بينما سكنت العناصر‬ ‫اليهودية الحديثة والتي وفدت إلى الشمال إفريقية من الأندلس ‪ .‬المدن والجهات‬ ‫الساحلية(''‪ .‬وفي ظل الإسلام تمتع اليهود بحرية كبيرة فساهموا بدور واضح في‬ ‫النشاط الإقتصادي في بلاد المغرب ‪.‬‬ ‫شهدت منطقة وادي النيل هي الأخرى مع ساحل البحر الأحمر الإفريقي‬ ‫تفيرات عرقية ‪ .‬خاصة بعد عصر الدولة الحديثة ‪ .‬حيث بدات جماعات سياسية في‬ ‫التدفق على وادي النيل والاستقرار في صحراء مصر ووادي النيل ‪ .‬كما بدأت‬ ‫جماعات يونانية ثم رومانية تستقر في مصر ‪ .‬خاصة في الشمال ‏‪ ٠‬واختلطت تلك‬ ‫الجماعات بالشعب المصري وانصهرت في بوتقته!"'‪ .‬كما وفدت على مصر ‪ .‬منذ‬ ‫القرن العاشر الميلادي هجرات بربرية من كتامة وزويلة وغيرها ‪ .‬واختلطت تلك‬ ‫‪:‬‬ ‫الجماعات بالدماء المصرية داخل اسفنجة وادي النيل"'‪.‬‬ ‫وإلى الجنوب من مصر ‪ .‬وعلى امتداد وادي النيل توجد مجموعات النوبة‬ ‫وهي عناصر استقرت على ضفاف نهر النيل ‪ .‬وارتبطوا بالنهر منذ القدم ‪ .‬رغم‬ ‫ضيق الوادي في تلك المواطن من بلادهم ‪ .‬وعلى امتداد هذا الشريط النيلي‪ :‬الضيق‬ ‫كون النوبيون حضارتهم الشهيرة التي ارتبطت بيئتهم رغم وجود الرائحة الفرعونية‬ ‫الواضحة في لمساتها ‪ .‬ورغم التأثيرات العرقية إلى غزت المنطقة النوبية إلا أن‬ ‫نسب النوبي مازال واضحا‪_‘١‬‏‬ ‫= اللثام ليلا ونهار وينامون به ‪ .‬ولا يرفعون إلا وقت تناول الطعام ‪ .‬وحتى في هذه الحالة يضع‬ ‫الفرد منهم يده على فمه ‪ .‬واللثام عبارة شريحة طويلة من القماش يلتف حول الفم والأنف‬ ‫حتى العينين ‪ .‬حيث يوجد به شق يبلغ طويله بوصة لفتحه العين ويلبس لشام أسود والعين‬ ‫لثام أبيض في شمال الصحراء ‪ .‬أما النسوة نتتمتعن بحرية كاملة فلا يقمن بارتداء اللثام ‪.‬‬ ‫رغم مخالفتهن للرجال‪.‬‬ ‫‪ .‬الإنسان والسلالات ‪ .‬ص‪. ٣٨٩٢ : ‎‬‬ ‫الجوهري‬ ‫(‪)١‬‬ ‫عوض ‪ .‬الشعوب والسلالات الإفريقية ‪ .‬ص‪. ٣٢٢٦ : ‎‬‬ ‫محمد ‪.‬‬ ‫(‪)٢‬‬ ‫‪ .‬سيدة ‪ .‬دكتور ‪ .‬مصر في نبر الإسلام ‪ .‬ص‪. ٤٧١ : ‎‬‬ ‫الكاشف‬ ‫(‪)٣‬‬ ‫عوض ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٨٤ : ‎‬‬ ‫محمد ‪.‬‬ ‫(‪)٤‬‬ ‫_۔‪_- ٢٣٢ ‎‬‬ ‫كان الوطن النوبي الأصلي ‪ .‬على ما يذكر الأثريون ‪ .‬في شمال كردفان ‪.‬‬ ‫ولما تكاثر النوبيون بدأوا في الإنتشار خارج أوطانهم ضمن محيط وادي النيل منذ‬ ‫النصف الثاني من الألف قبل الميلاد ‪ .‬فتدفقوا نحو الشمال ‪ .‬حتى وصلوا إلى‬ ‫حدود جيرانهم الليبيين من الغرب والشمال عبر الواحات المصرية ‪ .‬ودرب الأربعين ‪.‬‬ ‫أما الكثرة فقد استقر بها المقام جنوب مصر وجعلت تلك المنطقة مستقرا لها ومقاما‬ ‫‪ .‬ورغم إحاطة الصحراء بمواطنهم الجديد من الشرق ومن الغرب ‪ .‬إلا أنهم تعرضوا‬ ‫لهجات مستمرة من الجنوب ومن الغرب من الجماعات الزنجية ‪ .‬ولذلك فقد عاشت‬ ‫أجيالهم في حالة حرب مستمرة ‪ .‬وأصبحوا مهرة في فنون القتال ‪ .‬ومن أهم قبائلهم‬ ‫‪ :‬الحس ‪ .‬العذيجا في وادي حلفا ‪ .‬والدناقلة والسكوت!‬ ‫لقد ظل الليبيون لفترات طويلة في التاريخ القديم مصدرا للقلق لحكومات‬ ‫وادي النيل في مصر وبلاد النوبة ‪ .‬ويبدو أن هؤلاء كانو امتداد لجماعات البربر‬ ‫قدموا من جبال أطلس"! وحاولوا عدة مرات غزو مصر والإستقرار في وادي النيل‬ ‫ولكن ملوك مصر كانوا لهم بالمرصاد ‪ .‬خاصة زمن رمسيس الثاني بعد أن تمكن من‬ ‫صد هجماتهم القوية في أوائل القرن الثالث عشر الميلادي ق‪.‬م ‪ .‬لكنهم ظلوا‬ ‫يترقبون فترات الإضطراب والخلل في الإدارة المركزية الفرعونية ‪ .‬كما اتجهوا إلى‬ ‫‏‪ ١٢٢٧‬ق‪.‬م ‪ .‬وفي‬ ‫شعوب البحر وتخالفوا معهم ضد حكومات وادي النيل خاصة‬ ‫النهاية اضطر رمسيس الثالث ‏‪ ١١٨٩‬قم ‪ .‬أن يسمح لهم بالإستيطان في منطقة‬ ‫الدلتا رغم انتصاره العسكري عليهم غرب منف ‪ .‬فنزلت آلاف منهم في دلتا مصر‬ ‫ثم انتشروا في البلاد فيما بعد"ا‪.‬‬ ‫ويبدو أن العنصر الليبي مكن من بسط سيادته على المنطقة الممتدة من حدود‬ ‫بلاد المغرب الأد نى حتى دلتا مصر ‪ .‬وتمكن من فرض نفوذه من خلال قوته‬ ‫العسكرية فتوغل في وادي النيل إلى مصر الوسطى ‪ .‬وساد هذا العنصر لفترة‬ ‫زمنية على مصر خاصة في الشمال والوسط وظهر نتيجة ذلك تحول في لون الحضارة‬ ‫الفرعونية في تلك الفترة ‪ .‬كما ظهر من بينهم زعيم حاكم يسمى شيشنق الأول‬ ‫الذي أسس الأسرة الثانية والعشرين الليبية في مصر في حوالي سنة‬ ‫وع‬ ‫(‪ )١‬محمد ‪ .‬عوض ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٣٠٢ : ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬بدلبل تشابه اسماء قوادهم مع أسماء النوميديين الواردة في تاريخ نوميديا القديم ‪ .‬بالمغرب‬ ‫الأرسط ‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬جوليان ‪ .‬تاريخ إفريقية الشمالية ‪ .‬جا ‪ .‬ص‪. ٧١ : ‎‬‬ ‫_ ‪_- ٣٢٣‬‬ ‫‏‪ ٩٥٠‬ق‪.‬م‪ .‬حيث ظهر حكام الأسرة كرجال حرب وغزو خلافا لسيرة الفراغنة من‬ ‫قبلااا‪ .‬وهم الذين ذكروا في النصوص الفرعونية باسم "تهينو ا‪٥‬عع‪"7‬‏ وبذلك‬ ‫زادت عمليات الانصهار بين العناصر الإفريقية ني الشمال ‪ .‬في بوتقته‬ ‫دلتا نهر النيل ‪.‬‬ ‫وعلى حافات البحر الأحمر من الجهة الإفريقية عاشت عناصر مستقلة في‬ ‫خصائصها العرقية هم "البجة" والتي تمتد أوطانهم من مصر حتى الحبشة عبر‬ ‫أراضي السودان ‪ .‬وينقسم البجة إلى جماعات عديدة أهمها ‪ :‬العبابدة والبشاريون‬ ‫والهدندوة وجماعات بني عامر على حدود أربتريا ‪ .‬ورغم انتشار اللغة العربية بينهم‬ ‫بعد ظهور الإسلام إلا أن لهم لغتهم الحامية المسماة "البتداوي"ا"'‬ ‫اتصل البجة منذ القدم مع المصريين منذ العصر الفرعوني والبطلمي كما‬ ‫اختلطوا بالأحباش ‪ .‬جنوب مواطنهم ‪ .‬خاصة وأن دولة أكسوم قد بسطت سيطرتها‬ ‫لفترة طويلة على مواطنهم الجنوبية ‪ .‬كما احتكوا بالنوبيين ‪ .‬ونظرا لاتصالهم بالبحر‬ ‫الأحمر فقد أصبح اختلاطهم بالعرب أمرأ جلي عبر مياه بحر الأحمر ‪ .‬أو من خلال‬ ‫وفود قبائل عربية وجماعات تار عبر باب المندب إلى وادي النيل ‪ .‬بحيث انهم‬ ‫تحولوا إلى الإسلام ولغته بصورة عامة ‪.‬‬ ‫وإلى الجنوب من البحر الأحمر توجد منطقة الحبشة ‪ .‬التي تعد من أعقد‬ ‫مناطق القارة الإفريقية من الناحية العرقية ‪ .‬بسبب اتصالاتها وموقعها بين‬ ‫الجماعات السامية ‪ .‬والعربية خاصة ‪ .‬والحامية الزنجية ‪ .‬بحيث أن انتشار اللفة‬ ‫الأمهرية تعبر حدا ثقافيا للبقاع التي شهدت الغزو والتأثير السامي القادم من شبه‬ ‫‪.‬‬ ‫الجزيرة العربيةا"'ء عبر باب المندب منذ القدم ‪.‬‬ ‫)‪(٥‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪.‬‬ ‫خضعت الحبشة أيضا لتأثيرات جماعات اليهوداغ'‪ .‬والصوماليين والجالا ‏‪٠‬‬ ‫(‪ )١‬فخري ‪ .‬أحمد ‪ .‬دكتور ‪ .‬دراسات في تاريخ الشرق القديم ‪ .‬الانجلو المصرية‪. ‎‬‬ ‫الطبعة الثانية ‪ .‬القاهرة ‪ .‬ص‪. ٤٦١ : ‎‬‬ ‫‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٤٤ : ‎‬‬ ‫‪ .‬عوض‬ ‫‪ (٢١‬محمد‬ ‫(‪ )٣‬محسن ‪ .‬على ‪ .‬من لهجات مهرة وآدابها ‪ .‬ص‪ ٥٤ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬عرفو عند الأحباش باسم الفلاشا ‪ .‬أى الغرباء‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬جماعات سكنت أعالي النيل الأزرق ومدت نفوذها حتى الحبشة‪. ‎‬‬ ‫‪- ٢٣٤ -‬‬ ‫وتعد العناصر الحبشة أكثر الجماعات الإفريقية تأثيرأ في تاريخ شبه الجزيرة العربية‬ ‫ا لهضبة ا لحبشية ووا د ي‬ ‫شهدت‬ ‫) ‏‪ ١‬كما‬ ‫ما تبل ‏‪ ١‬لإسلام‬ ‫ني عصرر‬ ‫‏‪ ١‬لنيل ‏‪ ١‬ستقرار‬ ‫جماعات عربية استمرت في تقدمها حتى وصلت إلى جنوب مصر ا‪.)٢‬‏‬ ‫ج‬ ‫ه‬ ‫‪1‬‬ ‫وإلى الجنوب من الشمال الإفريقي تمتد الصحراء الإفريقية الكبرى ‪ .‬وقد‬ ‫احتضنت تلك الصحراء هي الأخرى جماعاتها العرقية المميزة داخل رمالها ‪ .‬لها‪.‬‬ ‫عاداتها وظروفها رغم أن الإسلام قد انتشر بينها وهذب من سلوكها ‪ .‬فبجانب‬ ‫قبائل حسان التي تعيش على الأطراف الشمالية للصحراء ‪ .‬والتي كان لها دور في‬ ‫تعريب البرير ونشر الإسلام بينها توجد في الواحات الجماعات التالية ‪:‬‬ ‫‏‪ - ١‬قبائل الطوارق ‪ :‬التي يبدو أنها اتجهت إلى التكيف مع الصحراء‬ ‫في بداية العصور الميلادية وواصلوا تحركهم جنوبا حتى وصلوا إلى أعالي نهر النيجر‬ ‫وشكلوا خطرأ على ممالك السودان الغربي زمن غانة وصنغفي ‪ .‬وأصبحوا قوة في‬ ‫أحداث تلك المنطقة منذ القرن السادس عشر الميلادي ‪ .‬ويتركزون بمنطقة الهكار وفي‬ ‫اير "ه ويلتزمون بالنظام القبلي ‪ .‬لكل قبيلة زعيم أو شيخ يدعى "أمانوكال" ‪.‬‬ ‫ولكل قبيلة بعض الأرقاء والأتباع يعملون في رعي قطعان ساداتهم ‪ .‬كما يوجد‬ ‫مجموعات من الزنوج للعمل الصناعات الحرفية مثل النجارة والحدادة ‪ .‬ولغتهم‬ ‫وهي لهجة بربرية أما لهجة "التيفناغ ‪.٥‬و‪4‬ا؟‪"7‬‏‬ ‫تسمى "التاماشيك معآ"‬ ‫فتنتشر بين عدد كبير منهم ‪ .‬ويسبب اعتمادهم على الغزو فإنهم في سبيلهم إلى‬ ‫الانقراض‪.)٢١‬‏‬ ‫‏‪ - ٢‬قبائل التوبو ا‪٥‬تالا‪٥‬آ‏ والتي تستقر في وسط الصحرا۔ في منطقة أير‬ ‫والسهول المجاورة التى تمتد من فزان شمالا وحتى بحيرة تشاد جنوبا ‪ .‬وتنقسم‬ ‫إلى مجموعتين ‪ :‬التدا فى الشمال والدازا فى الجنوب ‪ .‬وبسبب امتداد أطان التوبو‬ ‫لمساحات وأقاليم صحراوية شاسعة تتنوع فيها التضاريس من هضاب ‪.‬‬ ‫وجبال وأود ية وواحات وصحراء ‪ .‬بالإضافة إلى عيشتهم في منطقة قارية‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٥ ١ ١‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ص‬ ‫ج‪٠ ٣‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫الإسلام‬ ‫قبل‬ ‫العرب‬ ‫‏‪ ٠‬المفصل في تاريخ‬ ‫‏‪ ٠‬دكتور‬ ‫‏‪ ٠‬جواد‬ ‫‏) ‪ ( ١‬علي‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٧٨‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ص‬ ‫‪.‬‬ ‫العصور الوسطى‬ ‫والنوبة في‬ ‫‏‪ ٠‬الإسلام‬ ‫‏‪ ٠‬دكتور‬ ‫‏‪ ٠‬مصطفى‬ ‫‏) ‪ ( ٢‬مسعد‬ ‫(‪ )٣‬قداح ‪ .‬نعيم ‪ .‬حضارة الإسلام وحضارة أروريا في إفريقية الغربية ‪ .‬بيروت ‪ .‬ص‪. ٢٥ : ‎‬‬ ‫‪ ٣٥ -‬۔‪‎‬‬ ‫الأمر الذي أدى إلى تنوع الأنشطة بالنسبة لهم وتنوع أوطانهم ‪ .‬مع التطرف في‬ ‫مناخ تلك المنطقة من برد قارس وحر شديد ‪ .‬فعملوا في التجارة والرعي والزراعة ‏‪٠‬‬ ‫بحيث يمتلك الفرد منهم عدة حقول في مناطق متنوعة ‪ .‬وتستمر هجراتهم الفصلية‬ ‫حتى حدود بحيرة تشاد ‪ .‬ما أدى إلى اختلاطهم بالزنوج ‪ .‬كما احتكوا بصورة‬ ‫‪.‬‬ ‫مع جماعات الطرارق خاصة جهة الغرب‬ ‫مستمرة‬ ‫استطاعت جماعات التوبو أن تعطى لسكان منطقة بحيرة تشاد من بلاد كانم‬ ‫قوتها العسكرية خاصة في نهاية العصور الإسلامية ‪ .‬واختلطوا بالعناصر الزنجية ‪.‬‬ ‫مما أدى إلى قيام ممالك جديدة جنوب الصحراء تحمل دماء وأعراق جديدة مختلطة ‪.‬‬ ‫بحيث أصبحت المجموعة النشادية العرقية تتألف من اختلاط هائل بين الزنوج‬ ‫والتويو مع العرب بالإضافة إلى عناصر أخرى(‬ ‫م‬ ‫‪3‬‬ ‫ه‬ ‫وبالنسبة لحزام السافانا الذي يطلق عليه اسم "السودان""'‪ .‬فقد انتشرت فيه‬ ‫الجماعات العرقية التالية ‪( :‬من الفرب إلى الشرق وهي جماعات يغلب عليها‬ ‫العنصر الزنجي)‬ ‫‏‪ - ١‬شعب الولوف ‪٤‬ةا‪/٧‬أا‪٥‬ا‪0‬‏ المنتشر فى حوض السنغال ‪ .‬ويميز هذا‬ ‫الشعب الطويلة وشعره الأسود الفاحم وذكانه المتوقد ‪ .‬وتد اختلط مع البربر ومع‬ ‫العرب ولذلك فقد وصل إلى مستويات حضارية راقية منذ القرن الثاني‬ ‫المجري‪/‬الثامن الميلادي ‏‪ ٠‬وينقسم إلي شعب السرير ‏‪ 5٢٤٢‬الذي يستقر إلى الجنوب‬ ‫منه سواحل المحيط الأطلسى(")‪.‬‬ ‫‏‪ - ٢‬أما شعب التكرور فيستقر في شمال حوض السنغال الأسفل ‪ .‬وقد‬ ‫عرفت المنطقة الواسعة في غرب السودان باسم هذا الشعب نظرأ لنشاطه ودوره وكان‬ ‫يسيطر على ضفتي نهر السنغال حتى تمكن البربر من طرده من جهة الشمال ‏‪ ٠‬ثم‬ ‫مد نفوذه ونشاطه حتى بلاد النيجر ‪ .‬ونشروا لفتهم بين قطاعات كبيرة من سكان‬ ‫‪. ١١‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ (١‬قداح ‪ .‬المرجع السابق‬ ‫‏(‪ )٢‬هو الحزام الذي ينحصر في قارة إفريقية بين الصحراء شمالا والفابات المدارية والإستوانبة‬ ‫جنوياً ‪ .‬ونسب إلى لون وبشرة السكان ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ ٥٢‬رمابعدها‪‎‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪ .‬الشعوب والسلالات‬ ‫‪ .‬عوض‬ ‫)‪ (٣‬محمد‬ ‫‪- ٣٦ -‬‬ ‫نطقة‬ ‫غرب السودان!(‪.'١‬‏ ويشكل جماعات‬ ‫الولوف والتكرور البنية السكانية‬ ‫الأساسية لشعب السنغال رغمبيا الحاليةا"'‬ ‫‏‪ - ٣‬شعب الماندجو"أو الماند" الذي ينتشر من منطقة السنغال الأعلى صوب‬ ‫الشرق حول حوض النيجر وفروعه ‪ .‬ويعد هذا الشعب من أهم الشعوب تأثير في‬ ‫تاريخ غرب إفريقية ‪ .‬وعلى جهودهم قامت دولة مالي الإسلامية القوية في غرب‬ ‫السودان ‪ .‬وارتبط هذا الشعب بدوره كوسيط تجاري بين شعوب الصحراء الإفريقية‬ ‫وشمالها ‪ .‬وبين الجماعات الزنجية في غابات إفريقية ‪ .‬ولذلك فقد ارتبط بالتجارة‬ ‫والثراء حتى أنهم سيطروا على تجارة غرب السودان لفترة تاريخية طويلة ‪ .‬وترتب‬ ‫على ذلك انتشار لغتهم بين شعوب عديدة من غرب السودان(‪'٣‬‏‬ ‫ويسود هذا الشعب مناطقة واسعة غمبيا وغينيا ومالي وسيراليون وليبيريا‬ ‫‏‪ 5٥٥‬واختلط هذا الفرع‬ ‫وساحل العاج ‪ .‬ويندرج ضمن فروعه فرع السونينكة‬ ‫وانتشر هذا الفرع في وادي النيجر‬ ‫بدماء بربرية مثل شعب البولا والبامبارة ةاةظ‬ ‫‪ .‬وينتمي رليهم أيضاً جماعات الديالونكي الذين يعملون في زراعة جوز الكولا ‪.‬‬ ‫كما أن الشعب الصوصو والديولا يتبع المانجو أيضا ‪ .‬ويذلك تتلقى عدة فروع في‬ ‫غرب السودان ضمن شعب الماندنجر‪١‬ے'‏ ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٤‬شعب الهوسا "الحوصة ‪ "!45503‬وانتشر هذا الشعب في شرق وادي‬ ‫وساطة‬ ‫من‬ ‫قدمه‬ ‫ما‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫ب‬ ‫وشعمو‬ ‫‏‪ ١‬لشنيجر‬ ‫تاريخ‬ ‫في‬ ‫الأثر‬ ‫أكبر‬ ‫له‬ ‫وكان‬ ‫‏‪ ١‬لنيجر(‪٠ )٨‬‬ ‫(‪ )١‬قداح ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٨ : ‎‬‬ ‫)!( توجد في منطقة السنغال وغمبيا أكثر من ‏‪ ١٣‬لهجة أو لغة ‪ .‬بسبب تنوع القبانل والشعوب‬ ‫‪ .‬وتأتي لفة الولوف في المقدمة ويشكلون حاليأ نصف سكان المنطقة ‏‪ ٠‬ويتحرك بلغتهم حاليا‬ ‫حوالي ‏‪ ٩٠‬من السكان ‪ .‬وتأتي بعدها لفة التكرور ‪ .‬وكانت تكتب تلك اللفات بحروف‬ ‫عربية ‪ .‬إلا أن بعد الإستغلال ‪١٩٦٠‬م‏ ‪ .‬قرر الرئيس السففال ليويول سنجور أن تكتب‬ ‫حروف لفة الولوف بحروف لاتينية ‪ .‬ورغم ذلك مازالت لفات السنغال وغمبيا تحتوي على‬ ‫أكثر من ‏‪ ٢٥‬مفرداتها ترجع إلى اللغة العربية ‪ .‬مجلة العربي ‪ .‬العدد ‪ :‬‏‪. ٤٣٦‬‬ ‫مارس ‏‪. ١٩٩٥‬‬ ‫(‪ )٣‬قداح ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٩١ : ‎‬‬ ‫(ا) محمد ‪ .‬عرض ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ ٥٩‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫(‪ )٥‬قداح ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٩١ : ‎‬‬ ‫‪_ ٢٧ -‬‬ ‫حضارية بين حضارات غرب السودان الأوسط عبر مدنة التجارية ‪.‬‬ ‫مثل سوكوتو وكاتسينا وكانو وزارياأا'‪ .‬ويسطر رجال الهوسا على مساحات‬ ‫‪ .‬بل رصل‬ ‫تشاد‬ ‫بحيرة‬ ‫ولفتهم حتى‬ ‫نفوذ هم التجا ري‬ ‫واسعة من ا لصحرا ء وفرضوا‬ ‫نفوذ تحجارهم حتى القاهرة والحجاز والشام والقسطنطينية ‪ .‬ولذلك فقد خالطوا دماء‬ ‫عربية ‏(‪٢‬‬ ‫بحروف‬ ‫لغتهم تكتب‬ ‫‏‪ ٠‬فأصبحت‬ ‫بربرية عربية‬ ‫ه ‪ -‬جماعات زنجية خالصة في غرب السودان ‪ :‬مثل جماعات الكوا ‏‪٧4‬‬ ‫التي تختلط بها شعب الكرو لاا والينوب ‪ .‬والأكان ‪ .‬وشعوب اليوربا ‪ .‬والأشانتي‬ ‫وقبائل داهومي ‪ .‬كما توجد قبائل التيف ‪¡١‬آ‏ بين شعوب الهوسا وشعوب والفولاني‬ ‫في الفرب""'‪.‬‬ ‫‏‪ - ٦‬الفولاني ‪ :‬ظهرت شخصيته في نهاية العصور الوسطى كأقوى شعوب‬ ‫غرب القارة بعد ضعف الشعوب الأخرى ‪ .‬وتظهر فيه الملامح الحامية والبربرية ‪.‬‬ ‫وقام هذا الشعب بعمليات غزو مستمرة لشعوب ودويلات غرب السودان ولبسط‬ ‫نفوذه على مساحات واسعة حتى السودان الأوسط ‪ .‬وكان عاتق أمام تقدم‬ ‫الأوروبيين في جهات إفريقية الغربية ‪ .‬ومازالت لفتهم تمثل اللغة الثانية في منطقة‬ ‫السنغال بعد لغة الولوف ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٧‬البوهل ‪ :‬ينتمي إلى مجموعة الشعوب الحامية التي هاجرت إلى‬ ‫السودان عبر الصحراء ويبدو أنهم استقروا لفترات في منطقة برقة الليبية ومنطقة‬ ‫تومبكتو ‪ .‬حتى استقر بهم المقام في السودان الفربي ‪ .‬لقد ظهرت بينهم الصفات‬ ‫الزنجية ‏‪ ٠‬وبدأوا في الإنتشار في السودان الغربي والأوسط ‪ .‬وتمتد أوطانهم من‬ ‫السنغال غربا وحتى السودان الأوسط ‪ .‬واستفردا في مواطن كثيرة بين الزنوج‬ ‫واختلطوا ‪7‬‬ ‫ج‬ ‫‏‪٣‬‬ ‫ئ‬ ‫وإلى الجنوب من نطاق السافانا فإننا نجد مجموعات زنجية داخل نطاق‬ ‫الغابات المدارية والإستوائية أو على حافاتها واختلطت تلك الشعوب بشعوب بلاد‬ ‫(‪ )١‬سنقدم دراسة مفصلة عن إمارات الهوسا في الفصول القادمة من هذا الكتاب‪. ‎‬‬ ‫‪.٠‬‬ ‫المرجع السابق‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫قداح‬ ‫) ‪( ٢‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪٢ ١‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬المرجع السابق‪‎‬‬ ‫قداح‪‎‬‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٣٣٧‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬المرجع السابق‪‎‬‬ ‫عوض‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫محمد‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫‪- ٢٨ -.‬‬ ‫السودان الغربي والأوسط ‪ .‬بسبب أهمية ثرواتها الطبيعية من الذهب والجلود العاج‬ ‫والحيوانات وغير ذلك ‪ .‬ومن تلك الشعوب ما يلي ‪:‬‬ ‫‏‪ ٥66‬الذي يستقر في منطقة الفولتا من الشمال‬ ‫‏‪ - ١‬شعب الموشى‬ ‫وحتى الغابات جنوبا ويلحق بهذا الشعب أعداد كبيرة من الشعوب الزنجية الوثنية‬ ‫التي ظلت على وضعها المتردي حضاريا حتى العصور الحديشة ‪ .‬وقد سبب شعب‬ ‫الموسي كثيرأ من المشاكل لممالك مالي وصنغي والهوسا بسبب اعتداعاته المتكررة‬ ‫على مناطق ومدن السودان الفريي التي وصلت إلى مستويات حضارية راقبة‬ ‫بالإضافة إلى تحكمه ني كثير من مناجم الذهب(‪.'٧‬‏‬ ‫‪ .‬وشعب‬ ‫مالي‬ ‫في جنوب‬ ‫الهابة ع‬ ‫التابعة للموشي شعب‬ ‫ومن الشعوب‬ ‫البوبو ‏‪ ٥٥‬في شمال ساحل العاج والفولتا العليا ‪ .‬بالإضافة إلى جماعات‬ ‫السينوفو ‪٥‬انا"ع‪5‬‏ ‪ .‬واللوبي اناا ‪ .‬والكوروماةنةد‪٥‬تا‏ إلى الشمال من داهومي‪١‬؟'‏‬ ‫‏‪ - ٢‬شعب الكرو المنتشر في ساحل العاج وساحل الكاميرون وليبيريا‬ ‫ويتميز بالقامة القصيرة رالصنعات الزنجية الخالصة ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬الأشانتي نا‪٨5٥08‬‏ والفون وهي التي تستقر جنوب نطاق السافانا وكان‬ ‫لها دور هام في تجارة الرقيق حتى العصور الحديثة("‬ ‫‪ -٤‬كما توجد جماعات المانحجبوتو على حدود الكونغو‪. ‎‬‬ ‫٭‬ ‫‏‪٨‬‬ ‫ج‬ ‫وتعد قبائل البانتوا'‪ .‬أكثر القبائل الإفريقية الزنجية انتشار في القارة‬ ‫جنوب خط الإستواء ‪ .‬ولذلك فقد قسم الباحثون البانتو إلى ثلاثة أقسام رئيسة‬ ‫أوطانهم وهم ‪:‬‬ ‫حسب‬ ‫(‪ )١‬طرخان ‪ .‬إبراهيم ‪ .‬دكتور ‪ .‬مملكة مالي الإسلامية ‪ .‬الهيئة المصرية العامة ‪ .‬القاهرة‪٠ ١٩٧٢٣ ‎‬‬ ‫ص‪. ١١٩ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬قداح ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪ )٢( . ٢٣ : ‎‬محمد ‪ .‬عوض ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٣٣٧ : ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬كانوا أكثر الجماعات والشعوب الإفريقية احتكاكأ بالهجرات العربية والإسلامية المتجهة إلى‬ ‫شرق إفريقية على طول ساحلها من الشمال إلى الجنوب ‪.‬‬ ‫‪- ٣٩ -‬‬ ‫‪ - ١‬البانتو الجنوبيون‪: ‎‬‬ ‫تمتد أوطانهم من مصب نهر الزمبيزي إلى مصب نهر كوينتي على المحيط‬ ‫الأطلسي(‪.'١‬‏ وبذلك تمثل أوطانهم معظم دول جنوب القارة من النصف الجنوبي من‬ ‫موزمبيق ثم روديسيا الجنوبية بالإضافة إلى دولة جنوب إفريقية ‪ .‬برغم من وجود‬ ‫مستوطنين جدد بينهم من أوروبيين وهنود ‪ .‬في الوقت الحاضر ‪ .‬ولكن مازالت‬ ‫نسبتهم تصل إلى أكثر من ‪٨٥‬إ‏ في تلك المناطق"!‬ ‫وتضم جماعات البانتو الجنوبيين مجموعات أربعة داخلها هي ‪:‬‬ ‫(أ ) شعب الشونا ‏‪ 5٦003‬المنتشر في روديسيا الجنوبية وموزمبيق ‪ .‬ويتكون‬ ‫من قبائل عديدة ‪ .‬كانت لهم حضارة مزدهرة في العصور القديمة والوسطى حتى‬ ‫القرنين الحادي عشر والثاني عشر للميلاد ‪ .‬وتوفرت في مواطنهم مناجم النحاس‬ ‫والحديد والذهب ولذلك كانت تلك المناطق أهمية في تجارة إفريقية الخارجيةا"'‪ .‬حتى‬ ‫أن مدينة سفالة أصبحت ميناء هاما في تجارة المحيط الهندي على اعتبار أنها منفذ‬ ‫لحوض نهر الزمبيزي ومنطقة موزمبيق ‪ .‬وظلت هي الميناء الوحيد لتصدير الذهب‬ ‫الإفريقي حتى بعد قدوم البرتغاليين(غ'‬ ‫وتدل آثار هذا الشعب الخالدة في منطقة روديسيا فيما بين نهري الزمبيزي‬ ‫صل ‪١٨٧١‬م‏ ‪ .‬على أن‬ ‫واللمبويو ‪0‬م‪0‬م‪¡1‬ا ‪ .‬التي اكتشفها آدم رندرز ع‬ ‫هناك حضارة راقبة قبل الميلاد ‪ .‬حيث كانت تصل إليهم سفن العرب لحمل الذهب‬ ‫من أوفيرث'‪ .‬وكانت سلع حضارة روديسيا سببا من أسباب شهرة أهل اليمن في‬ ‫تحبارة العالم القديم ‪ .‬حيث استقرت جاليات يمنية على هذا الساحل لتأمين حمل تلك‬ ‫السلع إلى بلادهم ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬محمد ‪ .‬عوض ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٧١ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬محمد ‪ .‬عوض ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٨٦ : ‎‬‬ ‫&‬ ‫‪,‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪, . : .685‬‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫‏(‪ )٤‬الحويري ‪ .‬محمود ‪ .‬دكتور ‪ .‬ساحل شرق إفريقية من فجر الإسلام حتى الغزو البرتغالي ‪ .‬ص‬ ‫‏‪ . ١٢٦ :‬دار المعارف ‪ .‬القاهرة ‪٩٨٦١ .‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٥‬حوراني ‪ .‬جورج ‪ .‬العرب والملاحة في المحيط الهندي ‪ .‬ص ‪٨/١٢٧ :‬؟‪١٢‬‏ ‪ .‬ترجمة د‪ .‬السيد‬ ‫يعقوب بكر ‪ .‬مراجعة د‪ .‬يحيى الخشاب ‪.‬‬ ‫ومازالت الدراسات مختلفة حول تحديد موقع أوفير ‪.‬‬ ‫‪. -‬ع‪٤‬‏ ۔‬ ‫‪ :‬النجوني منوة‪.‬‬ ‫(ب) القسم الثاني من البانتو الجنوبيين هم شعوب‬ ‫والتسونجا ‪ . 39100537‬والسوزاى ‏‪ .٠‬وشعب الزولو لالا ‪ .‬ويعد شعب الزولو من‬ ‫أشهر شعوب وجماعات هذا القسم ‪ .‬بسبب ظهور شخصية هامة من بينهم يدعى‬ ‫شاكا ‪ .‬تمكن هذا الزعيم من غزو المناطق المجاورة وقام بتوسيع حدود ومواطن شعبه‬ ‫خاصة صوب الجنوب ‪ .‬حتى أصبح الزولو وجها لوجه أمام زحف المستوطنين الجدد‬ ‫من الأوروبيين لتلك المناطق ‪ .‬خاصة الهولنديين (البوير) والانجليز(‪'١‬‏‬ ‫‏‪٧‬‬ ‫(ج) أما القسم الثالث من البانتو الجنوبيين فهم جماعات الفندا‬ ‫وجماعات نبراتو وتوانا ‪.‬‬ ‫والسوتو ‪1‬‬ ‫(د) وني الجنوب الغربي لإفريقية توجد جماعات الهريرو ‪٥‬ع‪:‬عا!‏ ‪ .‬وهي تمثل‬ ‫القسم الرابع من البانتو الجنوبيين ‪ .‬ومع ذلك تلك الجماعات في أغلبها ترتبط‬ ‫بحرفها القديمة والمتمثلة بالرعي والزراعة البدائية ‪ .‬بالإضافة إلى الصيد والجمع‬ ‫لتوفير حاجياتهم ‪ .‬وتنتشر بينهم العقائد الوثنية البدائية ‪ .‬ومع ذلك فالقبيلة هي‬ ‫البناء الإجتماعي الأساسي عندهم("‪.!٢‬‏‬ ‫‪ - ٢‬البانتو الغربيون‪: ‎‬‬ ‫ويمتد أوطا نهم من الكاميرون شمالا حتى روديسيا ونامبيا جنوبا ‪ .‬وتمثل‬ ‫أوطانهم الأراضي المطلة على المحيط الأطلسي والغابات الكثيرة ‪ .‬وكانت تلك‬ ‫المواطن غنية بثرواتها الطبيعية ‪ .‬وقد دلت الآثار على وجود حضارة قديمة في تلك‬ ‫المواطن حيث قامت دويلات مثل لندا ‪٥30‬اا‏ ‪ .‬كما ظهرت في منطقة نهر الكونغو‬ ‫دولة بوشنجو ‪091‬نا‪8٥‬ن‪8‬‏ التي أسستها قبيلة مبالي ‪ .‬حيث كانت تتمتع بنظمها‬ ‫الإدارية والقضائية والتشريعية المستقلة بالإضافة إلى وجود قوة عسكرية كافية‬ ‫لحمايتهاا"' وقد لاحظ ذلك العديد من الرحالة الأجانب الذين وصلوا إلى تلك المناطق‬ ‫في العصور الوسطى والحديثة ‪.‬‬ ‫وتعد جماعات الفانج ونة آخر جماعات البانتو الغربيين صوب الشمال ‏‪٠‬‬ ‫حتى تتداخل أوطانهم مع قبائل الفولاني في غرب إفريقية ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ :‬‏‪٨٦‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪ ٠‬المرجع السابق‬ ‫‏‪ ٠٥‬عروض‬ ‫محمد‬ ‫) \ (‬ ‫‏(‪ )٢‬الجوهري ‪ .‬الإنسان وسلالاته ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٤٣٢‬‬ ‫‪ :‬‏‪. ٤٣٨‬‬ ‫‏(‪ )٣‬الجوهري ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‬ ‫‪_- ٤١ -‬‬ ‫‏‪ - ٣‬البانتو الشرقيونأ'‪:‬‬ ‫وهم أعقد جماعات البانتو دراسة بسبب امتداد أوطانهم مساحات كبيرة‬ ‫وكثرت الإحتكاكات بينهم وبين الأمم الأخرى في داخل القارة وخارجها"'‪ .‬ولذلك‬ ‫فقد قسمنا مواطنهم إلى ثلاثة أقسام لتحديد شعوب كل قسم منهم كما يلي ‪:‬‬ ‫(أ) المنطقة الشمالية ‪ :‬التي تمتد بين البحيرات الإفريقية وجنوب منابع وادي‬ ‫النيل وتعد تلك المنطقة من أكشر مناطق القارة الإفريقية تعرضا لغزو وتسلل‬ ‫الجماعات الأجنبية منذ القدم ‪ .‬ورغم تباينها إلا أن المنطقة تتمتع بتجانس ثقافي ‪.‬‬ ‫ومن اشهر جماعات البانتو بها باجشو ؛ وباينولي ‪ 0‬وباسميد ‪.‬‬ ‫'(ب) المنطقة الوسطى ‪ :‬تعيش جماعات الكيكويو ‪0‬لرلاا التي تنتشر‬ ‫‪.‬‬ ‫مرتفعات كينيا ‪ .‬وقبائل الكامبا إلى الجنوب منها ‪ .‬وقبائل الجاندا ‪36‬‬ ‫وقبائل البوجندا في دولة أوغندا ‪ .‬والشاجا ‏‪ ©0٢3993‬في مرتفعات كليمانجارو ‪ .‬أما‬ ‫في منطقة تنزانيا فتنتشر قبائل الجوجو ‪ . 0906‬والتورو النيامويزي ‏‪ ٠‬والإيراكوا"'‪.‬‬ ‫وعلى الساحل الشرقي للقارة توجد قبائل شينيانجا زصةرمن{) ‪ .‬وجماعات‬ ‫‏‪ 31٧‬التي تمتد أوطانهم حتى بحيرة نياسا ‪ .‬وقبائل البيسا ‪8‬وا‪. 8‬‬ ‫المارفي‬ ‫واللالا ‪3‬اةا ‪ .‬وجماعات الوزي في الزمبيزي الأوسط‪ .‬وكذلك الباروتسي ع‪5‬ا‪0‬؟‪. 38‬‬ ‫أما جماعات التوتسي فاناآ والهوتو لالالا فيننشرون في منطقة أعالي نهر‬ ‫جماعات التوتسي رغم قلة عددها‬ ‫كاجيرا في منطقة رواندا وبورندي ‪ .‬وتشكل‬ ‫ارستقراطية في المنطقة ‪ .‬في مقابل أغلبية من الهوتو (‪٨.٠‬ز)(;)‏‬ ‫(ج) أما المجموعات الجنوبية من البانتو الشرقيين فهي شعوب التشاجا التي‬ ‫تعيش بجوار كليمانجارو على الحدود الشمالية لتنزانيا ‪ .‬وكذلك قبائل النجوتي التي‬ ‫تشمل فئات عديدة من جماعات متناثرة ومنتشرة بين جبال داركنزبرج وساحل المحيط‬ ‫الهندي ‪ .‬ويجاور تلك المجموعات من جهة الفرب جماعات البوشمن‬ ‫‏(‪ )١‬تنتشر حاليا ني أوغندا وكينيا وبورندي ورواندا وزامبيا وتنزانيا وملاري وبعض مناطق شرق‬ ‫القارة الإفريقية ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬محمد ‪ .‬عوض ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٨٩ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬محمد ‪ .‬عوض ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٩٠ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬الجوهري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٤٤. : ‎‬‬ ‫‪_ ٤٢ _-‬‬ ‫والهوتنتوت('‪ .‬وهي جماعات مازالت تعيش في مرحلة بدائية ‪ .‬وهي مرحلة الجمع‬ ‫‏‪٧‬‬ ‫والصيد(" وتعيش غالبيتها في انجولا حاليا ‪ .‬كما توجد قبائل الأناما‬ ‫في الكيب ‪ .‬إلى الجنوب من جماعات البانتو الشرقيون ‪.‬‬ ‫وكورانا ‪010‬‬ ‫وإلى الشمال من جماعات البانتو ‪ .‬تعيش جماعات النيليين في المنطقة‬ ‫المتدة من بحيرة فكتوريا جنوبأ وحتى الخرطوم شمالا ‪ .‬وتشمل جماعات النيليين‬ ‫ثلاث مجموعات هي ‪:‬‬ ‫‏‪ - ١‬المجموعة الشمالية ‪ :‬الدنكا والنوير والشلك في السودان ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٢‬المجموعة الوسطى ‪ :‬وهي الأشولي في أوغندا والألوار واللانحجو ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬المجموعة الجنوبية ‪ :‬وهي جماعات اللو ‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫أغلب مناطقها!"'‪.‬‬ ‫وبسبب الموقع والأهمية والحضارية أصبحت جماعات البانتو الشرقيين هم أكثر‬ ‫الأمم الإفريقية ‪ .‬جنوب خط الإستواء ‪ .‬رقيا وتطور ‪ .‬حيث اختلطوا بصورة‬ ‫مستمرة بالأمم والشعوب التي قدمت إلى أوطانهم من العرب والفرس والهنود‬ ‫اللغة السواحلية(‪'٢‬‏‬ ‫وغيرهم ‪ .‬ونتج عن هذا ظهور لفة جديدة علي ساحلهم تسمى‬ ‫التي تعتمد أساسا علي لغة البانتو والتي أصبحت الرياط القومي الذي يضم مناطق‬ ‫الجوهري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٤٤٦ : ‎‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫رهي جماعات في طريقها إلى الإنقراض ‪ .‬بسبب عزلتها الطويلة ‪.‬‬ ‫)!(‬ ‫محمد ‪ .‬عوض ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪ ١٤٢ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪)٣‬‬ ‫هي اللفة التي نشأت على ساحل إفريقية الشرقية منذ البداية المصور الوسطى ‪ .‬نتيجة‬ ‫‏(‪)٤‬‬ ‫الإتصال والهجرات المستمرة من منطقة شعب الجزيرة العربية والخليج العربي إلى تلك الأوطان‬ ‫التي يسكنها البانتو ‪ .‬ويعتقد أنها في الأصل بنيت على أصول لغة قبيلة جرياما ‪-‬أ‬ ‫‪ .‬التي تعيش إلى الشمال من ممباسا حيث تم الإتصال المبكر مع الهجرات والجماعات‬ ‫و‬ ‫المربية ‪ .‬وأخذت تلك اللفة تنتشر شينأً فشينا نحو الشمال ونجو الجنوب وصوب الداخل ‪.‬‬ ‫رتعد اللفة السواحلية من أهم اللفات التي تمكنت من إبراز الوحدة الثقافية الحضارية لمنطقة شرق‬ ‫القارة في ظل التباين السياسي والعرقي ‪ .‬حيث تمكنت تلك اللفة من جمع ترات تلك المنطقة‬ ‫‪ .‬رتعد اللفة الأساسية في مجال الدراسات الإفريقية ‪ .‬وتمثل على عدد كبير من المصطلحات‬ ‫العربية بالإضافة إلى دخول كلمات أوروبية بها حديثا ‪.‬‬ ‫‪-‬۔‪- ٤٣ ‎‬‬ ‫وشعوب البانتو في شرق القارة ‪ .‬حيث أصبحت لغة التعامل اليومي والمعاملات‬ ‫والثقافة بين شعوب وقبائل البانتو وغيرها من الجماعات الوافدة التي نزلت أرضها‬ ‫وعلى سواحلها وجزرها ‪ .‬وانزوت أمامها لفات كالانكولي والسكاما والبمبا والتونجا‬ ‫‏‪ ٤٠‬لغة‬ ‫بالاضافة إلى اللفات الفرعية العديدة ‪ .‬ففي زاير وحدها يوجد ما يزيد عن‬ ‫‏‪ ١٠٠‬لهجة‬ ‫فرعية ‪ .‬وأربع لفات رئيسية ‪ .‬وني تنزانيا نفي الشرق يوجد أكثر من‬ ‫ولغة(‪ .‬بل توجد داخل المدينة الواحدة في بعض الأحيان أكثر من ثلاثين لفة ‪.‬‬ ‫الأمر الذي يعطى أهمية خاصة للغة السواحلية ‪ .‬من أجل دمج الجزر اللغوية‬ ‫والثقافية المتناثرت في إفريقيةا"“‬ ‫ج‬ ‫ج‬ ‫ج‬ ‫وتعد منطقة جنوب إفريقية ذات أوضاع عرقية خاصة بالنسبة للقارة ‪ .‬ذلك‬ ‫لأنها شهدت تطورات حديثة منذ العصور التاريخية الحديثة ‪ .‬بسبب أهميتها علي‬ ‫خطوط المواصلات الحديثة ‪ .‬بعد اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح بها ‪ .‬منذ‬ ‫نهاية القرن الخامس عشر الميلادي ‪ .‬فاستقرت بها جماعات اوروبية ‪ .‬خاصة وان‬ ‫مناخها وظروفها البيئية أقرب إلى الوسط البني لأوروبا ‪ .‬فقد وصلتها مجموعة من‬ ‫المستوطنين الإنجليز ‪١٦٥٢‬م‏ ‪ .‬لتأسيس محطة إمداد وتموين للسفن الإيليزية العاملة‬ ‫في المحيط الهندي بعد تزايد المصالح البريطانية هناك في أعقاب تأسيس شركة‬ ‫الهند الشرقية البريطانية ‪١٦٠٠‬م‏ ‪ .‬والتي اتخذت من بومباي بغرب الهند مركزا لها‬ ‫‪ .‬ومنذ ذلك الحين تدفقت الجماعات الأوروبية للاستقرار في المنطقة من هولنديين‬ ‫وفرنسيين وأمان وانجليز ‪.‬‬ ‫وفي نهاية القرن الثامن عشر اضطرت الجماعات الأوروبية إلى الإستقلال‬ ‫بأقاليم خاصة لكل جماعة بعد ظهور النزاعات بينها ‪ .‬فانسحب المستوطنون الأوائل‬ ‫من البوير "أي الفلاحين" غالبتهم من أصل هولندي ‪ .‬إلى الاتجاه صوب الداخل ‪.‬‬ ‫واحتلال الأجزاء الشرقية من هضبة جنوب إفريقية على حساب جماعات البانتو‬ ‫‏(‪ )١‬تعد إفريقية من أشد مناطق العالم تعقيدا من الناحية اللفوية ‪ .‬وتقدر خريطة مدرسة اللغات‬ ‫الشرقية بجامعة لندن عدد اللغات الإفريقية بحوالي ‏‪ ١٥٠٠‬لفة فضلا عن اللفات الأوروبية‬ ‫الحديثة التي دخلت القارة ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪١٣٩١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪١٣٥ :‬‬ ‫‪ ٠6‬ص‪‎‬‬ ‫افريقية‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬تضايا‬ ‫‪ ٠‬دكتور‪‎‬‬ ‫الفني‪‎‬‬ ‫عبل‬ ‫‪ 4٠‬محمد‬ ‫سعرودي‪‎‬‬ ‫(‪( ٢‬‬ ‫الكريت‪. ١٩١٨٠ ‎‬‬ ‫‪- ٤٤‬‬ ‫‪-‬‬ ‫من السكان الأصليين ‪ .‬وأسسوا مقاطعتى أورانجالحرة والترنسفال بينما استقرت‬ ‫الجماعات الإنجليزية ‪ .‬بتشجيع من حكومتها في الأجزاء الحضبة في الشرق لمستمرة‬ ‫الكاب وإقليم الباني إمة‪5‬اه ‪ .‬كما تدفقت جماعات إنجليزية إلي إقليم ناتال('‪.‬‬ ‫ويدأ الإنجليز في التدفق أيض صوب الداخل ‪.‬‬ ‫ظهر الصراع بين الجماعات الأوروبية في القرن لتاج عشر ‪١٨٦٧‬م‏ ‪.‬‬ ‫ظهور الذهب في إقليم الترنسفال ‪ .‬والماس في كمبرلي ونشبت الحرب الطاحنة ' بينهم‬ ‫‏‪ ٩١.‬‏م‪١‬‬ ‫وهي التي عرفت باسم "حرب البوير" والتي انتهت بهزيمة ة البوير ‪ .‬وفي‬ ‫‪.‬أغلبت بريطانيا قيام اتحاد جنوب إفريقية تحت التاج البريطاني ‪ .‬لكن الاتحاد‬ ‫انسحب من الكومنولث البريطاني ‪١٩٦١‬م‏ ‪ .‬وأعلن استقلاله وقيام جمهورية جنوب‬ ‫فريقية المستقلة ‪.‬‬ ‫انعكست تلك التطورات على الأوضاع العرقية والثقافية في جنوب إفريقية‬ ‫وأصبحت المنطقة تضم أنواع عديدة من المستوطنين الوافدين من مناطق إفريقية بعيدة‬ ‫‪ .‬فالنسبة للأوروييين فهم قسمان هما ‪:‬‬ ‫ومن الهند ومن الأوروبيين‬ ‫‏‪ - ١‬البوير ‪ :‬ويتحدثون لغة تسمى الأفريكانز و‪٢03‬أه‏ ‪ .‬يتحدث بها‬ ‫من الأوروبيين ‪ .‬وهي مبنية على أصول لغوية هولندية ‪ .‬ومعترف‬ ‫حوالي ‪ :‬‏‪٦١‬‬ ‫بها رسميا ‪.‬‬ ‫وهي السائدة‬ ‫‪.‬‬ ‫ا لاإنيليزية‬ ‫اللفة‬ ‫‪ :‬يتحدوث‬ ‫ا أوروبيين‬ ‫‪ -‬بقية‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫في الدولة ‏‪!"١‬‬ ‫وبالنسبة لجماعات البانتو من الزولو والإكسواز والسوتو والتسوانا ‏‪ .٠‬فقد‬ ‫ظلت لهم لغاتهم الخاصة ومناطقهم وإنه كانت في الغالب مناطق فقيرة"'‪ .‬خاصة‬ ‫وأن أفراد قبيلة الهوتنتوت قد فرت إلى الصحراء كلهاري وناميبيا ‪ .‬بعد سياسة‬ ‫العنف والقسوة التي اتبعها الجماعات الهولندية تجاهها ‪.‬‬ ‫() أبوعيانة ‪ .‬فتحي ‪ .‬الجغرافية الإقليمية ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٥٢٠‬‬ ‫(‪ )!٢‬أبوعيانة ‪ .‬الرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٤٥٦ : ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬يبلغ عدد السكان الدولة حاليا حوالي ‏‪ ٤‬مليون نسمة ‪ .‬تبلغ نسبة المسحيين بينهم حوالي‬ ‫‏‪. ٥‬بينما يبلغ عدد المسلمين حوالي نصف مليون فقط ‪.‬معظمهم من أصل آسيوي ‪.‬‬ ‫خاصة من شبه القارة الهندية ‪.‬‬ ‫ع‪- ‎٥‬‬ ‫ظهر عنصر آسيوي جديد في جنوب القارة ‪ .‬خاصة في منطقة كيب تاون ‪ .‬وهو‬ ‫العنصر الماليزي ‪ .‬القادم من جنوب شرق آسيا ‪ .‬وقد حافظ هذا العنصر على‬ ‫هويته الإسلامية وثقافته الآسيوية ‪ .‬وأصبحوا رمزا للوجود الإسلامي بها ‪ .‬كما‬ ‫وفدت جماعات هندية سواء للعمل في مزارع البيض أو في ظل اتحاد الكومنولث‬ ‫البريطاني ‪ .‬وتركزوا في إقليم ناتال والمدن الرئيسية مثل بورت اليزابيت‬ ‫وجوهانسبرج ‪.‬‬ ‫وبدأت شعوب البانتو تعاني من سياسة العزل والإضطهاد من جانب حكومة‬ ‫جنوب إفريقية ‪ .‬حيث وضعوا في معازل حكومية تعرف باسم "إدارة البانتو"(‪١‬ا‪.‬‏‬ ‫وبدأت الدولة في تطبيق التفرقة العنصرية والفصل العنصري ل¡ع‪٥‬اةمه‏ ‪ .‬كما‬ ‫ظهرت توجهات لإقامة دويلات سياسه للبانتو مثل ‪ :‬بانتوستان ‪ .‬الترانسكاى ‏‪١‬‬ ‫لكن تلك السياسة أثارت حفيظ المجتمع الدولي ومؤسسات العالمية والإقليمية ‏‪٠‬‬ ‫فاتضح أن البض لاييمثلون سوى ‏‪ ١٧١.٥‬من السكان بينما يشكل البانتو حوالي‬ ‫‏‪ ٨٠‬من سكان الدولة ‪ .‬وانتهى الأمر في النهاية إلى إلغاء تلك السياسات ‪ .‬بل‬ ‫أجرت الحكومة انتخابات حرة ‪٩٩٣‬ام‏ ‪ .‬أتت بأحد الملونين وهو نيلسون مانديلا‬ ‫ليكون أول رئيس إفريقي للدولة ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬أبوعيانة ‪ .‬المرجع السابق‪. ‎‬‬ ‫‪- ٤٦ -‬‬ ‫‪(٣‬‬ ‫الإقتصاد‪‎‬‬ ‫يختلف الوضع الإقتصادي للقارة الإفريقية ‪ .‬ودورها في التجارة العالمية‬ ‫حاليا عن أوضاعها ودورها في العصور القديمة ‪ .‬ذلك أن وقوع الإنقلاب الصناعي‬ ‫في أوروبا منذ القرن السابع عشر الميلادي ‪ .‬جعل من القارة الإفريقية مخزنا للمواد‬ ‫الخام اللازمة مصانعها ‪ .‬وسوقاً لتصريف منتجاتها ‪ .‬وظهرت نظريات إقتصادية‬ ‫جديدة في أوروبا تنادي دولها بأن قوة الدولة يكن فيما تمتلكه من مستعمرات‬ ‫وأراضي واسعة("‪ .‬ولذلك ظلت القارة الإفريقية منذ العصور الحديثة نهبا بين الدول‬ ‫الأوروبية ‪ .‬التي أبقت على أوضاع القارة المتردية والبدائية ‪ .‬بل زادت في معاناة‬ ‫شعوبها وانسدت مجالهم البيني الطبيعي!"'‪ .‬فلم يعد الإفريقي قادر حتى داخل‬ ‫قارته من ممارسة أنشطته البدائية مثل حرفة الجمع والصيد والقنص وغيرها بعد‬ ‫انتشار الأسلحة الحديثة والتركيز على أنواع معينة من الحيوانات في عمليات الصيد‬ ‫من اجل الإنتفاع مخلفاتها ‪.‬‬ ‫أما الدور الإفريقي في مجال التجارة العالمية في العصور القديمة والوسطى‬ ‫فقد كان دور إيجابيا فعالا على المستوى العالي ‪ .‬ذلك أنها قدمت للمدنيات‬ ‫المجاورة لها في الهند والعراق وفارس وشبه الجزيرة العربية وحوض البحر المتوسط ‏‪٠‬‬ ‫ما تحتاجه من السلع والمنتجات المدارية والإستوائية والغابيةا"'‪ .‬وغيرها من السلع‬ ‫‏(‪ )١‬شقير ‪ .‬لبيب ‪ .‬دكتور ‪ .‬تاريخ الفكر الإقتصادي ‪ .‬القاهرة ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ . ٢٤٢‬لوفران ‪ .‬تاريخ‬ ‫التجارة ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ١٤‬‬ ‫‏(‪ )٢‬أدى انتشار الأسلحة النارية في القارة على أيد الأوروبيين إلى استخدامها بنطاق واسع في‬ ‫عمليات الصيد من قبل الجماعات الإفريقية ‪ .‬فانقرضت حيوانات معينة مما أضر بالمجال‬ ‫الحيوي في القارة ‪ .‬فمثلا أدى اصطياد التماسيح بكثرة من أعالي النيل للحصول على‬ ‫جلودها ‪ .‬إلى ظهور أنواع معينة من الأسماك السفاحة ‪ .‬وهذه الأنواع من الأسماك تتغذي‬ ‫على الأسماك الأخرى التي يعتمد عليها السكان في غذانهم ‪ .‬وكانت التماسيح تتعقب تلك‬ ‫الأسماك السفاحة ‪ .‬كما أدى قلة أعداد الفهود إلى زيادة نسبة النسانيس والخنزير البري في‬ ‫الغابات والمراعي ‪.‬‬ ‫‪.‬ل‪, ‎‬‬ ‫ح‬ ‫‪ 0‬ل‬ ‫‪. : 411 .‬م ‪ ,‬س‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫‏‪- ٤٧ -‬۔‬ ‫وفي المقابل حصل الأفارقة على ما يحتاجون من المواد الخام والصناعات‬ ‫اللازمة لهم من العالم الخارجي ‪ .‬وظهرت مدينات متقدمة في القارة الإفريقية ‪.‬‬ ‫خاصة في العصور الإسلامي ب وصلت إلى مراحل متقدمة عن نظيراتها في القارة‬ ‫الأوروبية المعاصرة لها في تلك الفترة ‪ .‬ووصل الأمر إلى ظهور شبكة من الطرق‬ ‫العالمية عبر الصحراء الإفريقية لربط تلك الحضارات الإفريقية بالقوى المعاصرة لها(‪'١‬‏‬ ‫وظهر التأثير الإتتصادي الإفريقي في الإقتصاد العالمي بارتباط حركة الذهب‬ ‫وتأمين مصادره على قارة إفريقية أكثر من غيرها ‪ .‬فلجأات حكومات العصور‬ ‫الوسطى إلى تأمين أرصدتها بالذهب دون غيره من المعادن ‪ .‬وأصبح ضرب العملة‬ ‫الذهبية علامة على الاستقلال الإقتصادي ودرجة نقاوة العملة علامة أخرى على‬ ‫الرخاء الإقتصادي ‪ .‬فنشطت قوافل التجارة لحمل هذه السلعة من إفريقية")‬ ‫وكان تحكم المسلمين في تجارة الذهب الدولية في العصور الوسطى عاملا من‬ ‫عوامل قوتهم الإقتصادية ‪ .‬ذلك أنهم وضعوا أيديهم على طرق تجارة قوافل الذهب‬ ‫الإفريقي ‪ .‬سواء القادمة من غرب القارة جنوب الصحراء ‪ .‬أو من بلاد النوبة‬ ‫والسودان الشرقي وكذلك من شرق القارة ‪ .‬وأصبح تدفق الذهب من مناجمه مرتبطا‬ ‫بالتاجر المسلم رغم أن عمليات الإنتاج داخل المناجم كانت تتم بيد أهل منطقتها‬ ‫وفي صورة سرية خونا من وصول الأطماع الخارجية إلى تلك المناطق ‪ .‬وعرفت بلاد‬ ‫السودان في تلك الفترة باسم "بلاد التبر"("!‪.‬‬ ‫ومنذ القرن الثاني الهجري ‪ /‬الثامن الميلادي أصبح ذهب إفريقية من أسس‬ ‫الإستقلال الإقتصادي في العالم عامة والإسلامي خاصة ‪ .‬ذلك أن عمر بن الخطاب‬ ‫ومن بعده عبد الملك بن مروان اتجه إلى ضبط وتنسيق أوزان العملات الفضية‬ ‫والذهبية للعالم الإسلامي ‪ .‬فصدرت عملات على النسق الفارسي والبيزنطي ‪ .‬مع‬ ‫إيراز الطابع الإسلامي الجديد ‪ .‬بسبب الإرتباط السابقة بين الجانبين ‪ .‬فكان الدينار‬ ‫الذهبي يعادل عشرين درهم ‪ .‬وكان لتدفق الذهب الإفريقي أكثر الأثر لإتمام عملية‬ ‫‏(‪ )١‬الجنحاني ‪ .‬الحبيب ‪ .‬دكتور ‪ .‬المغرب الإسلامي ‪ .‬الحياة الإنتصادية والإجتماعية في القرنين‬ ‫الثالث والرابع الهجريين ‪ /‬التاسع والعاشر الميلاديين ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ . ٣٤‬تونس‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬آشتور ‪ .‬التاريخ الإتتصادي للشرق الأوسط ‪ .‬ترجمة عبد الهادي عبلة ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٩٦١‬‬ ‫‏(‪ )٣‬لمبارد ‪ .‬موريس ‪ .‬الجغرافية التاريخية للعالم الإسلامي خلال القرون الأربعة الأولى ‪ .‬ترجمة‬ ‫‪ :‬‏‪. ١٤٨١‬‬ ‫الدكتور ‪ /‬عبد الرحمن حميدة ‪ .‬دمشق ‪ .‬ص‬ ‫‪_- ٤٨ -‬‬ ‫الإستقلال النقدي الإسلامي ‪ .‬وكان لازدهار العالم الإسلامي اقتصاديا سببا في‬ ‫ازدياد عمليات تبادل النقد الذهبي ‪ .‬حيث أصبحت أراضي المسلمين محطة تجارية‬ ‫هامة بين الشرق والفرب ‪ .‬فتطورت عمليات ضرب العملة وتعددت دور سكها‬ ‫وتطورت الأنظمة التجارية للوفاء بمتطلبات المرحلة الإسلامية الجديدة ‪.‬‬ ‫ازدهرت مراكز التجارة البرية والبحرية على طرق تجارة ذهب السودان‬ ‫الإفريقي ودبت الحياة في الصحراء الإفريقية الكبرى من خلال نمو واحاتها حضاريا‪.‬‬ ‫للوفاء بمتطلبات قوافل التجارة التي بدأت تتردد على غرب السودان لحمل الذهب‬ ‫إلى الشرق الإسلامي وشمال إفريقية وحوض البحر المتوسط ‏‪ ٠‬حيث كان سكان البحر‬ ‫المتوسط والشرق الإسلامي في حاجة إلى سلع السودان من الذهب وغيرهأ'‪ .‬ويبدو‬ ‫أن الصراع الذي دار على منطقة الشمال الإفريقي في العصور الإسلامية كان من‬ ‫‪ .‬بعد زيادة الطلب عليه بعد‬ ‫أسباب التحكم في خطوط تجارة ذهب السودان‬ ‫استنزاف ذهب الشرق الذي استنزف في عصور ما قبل الإسلام ‪.‬‬ ‫وأدي سيطرة المسلمين على مناجم الذهب العالمية وعلى الطرق المؤدية إليها‬ ‫إلى أنهم أصبحوا سادة التجارة والنقد العالميينا"'‪ .‬ومكن ذلك العالم الإسلامي من‬ ‫التحكم في نظام العملات العالمية والتجارة أيضا ‪ .‬بسبب تمتع العملة الإسلامية‬ ‫بالنقة الدولية لما يتوافر لها مخزون ذهبي ضخم ‪ .‬ولم ينافس المسلمون في هنا‬ ‫المضمار إلا الأسبان والإنجليز في العصور الحديشة حينما تمكنوا من الوصول إلى‬ ‫مناجم الذهب في العالم الجديد ‪ .‬وبدأت حقبة جديدة في الإقتصاد العالمي ‪ .‬حيث‬ ‫توجهت الأنظار إلى المراكز الجديدة صوب الغرب ‪.‬‬ ‫اتجهت قوافل الذهب إلى العواصم الإسلامية في بغداد ودمشق والقاهرة‬ ‫وغيرها واستأثرت مصر ومدنها على نسبة كبيرة من الذهب الإفريقي'؟'حتى أن‬ ‫الطولونيين حكام مصر من قبل العباسيين كانوا يرسلون ‏‪ ٣٠٠ .٠٠٠‬دينار ذهبي‬ ‫سنريا للخليفة العباسي في بغدادا‘'‪ .‬وأدى ذلك إلى بلوغ العملة المصرية والإسلامية‬ ‫درجة فائقة من النقاوة تصل إلى أكثر من ‪٩٩‬إ‏ ومازالت القارة الإفريقية تتأثر‬ ‫(‪ )١‬لوفران ‪.‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٤٤ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الجنحاني ‪ .‬المرجع السابق ‪.‬ص‪. ٣٤٣ : ‎‬‬ ‫‪ .‬ص‪. ١١! : ‎‬‬ ‫بق‬ ‫امرجع‬ ‫س‪ .‬ال‬ ‫لتور‬‫(‪ )٣‬آش‬ ‫ا‬ ‫;خ‪, ‎‬‬ ‫‪ . : 64‬ح‬ ‫‪ , 4691.‬م‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫‪- ٤٩ -‬‬ ‫بنسبة كبيرة في تجارة الذهب العالمية تصل إلى ‏‪ ,٦٨‬من الذهب العالي ‪ .‬ويلفت‬ ‫شهرة ذهب غرب إفريقية أن أطلق على إحدى دولة اسم ساحل الذهب وهي‬ ‫‪(١١‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‏‪-‬‬ ‫‪.‬‬ ‫دولة غانا'‬ ‫وبجانب الذهب انتجت إفريقية للعالم القديم والوسيط معادن أخرى مثل‬ ‫النحاس الذي ارتبط انتاجه بساحلها الشرقي ‪ .‬وكان للنحاس الإفريقي شهرة هامة‬ ‫‪ .‬حيث كان يحمل خاما لإستخدام في الصناعات النحاسية الإسلامية كصناعة‬ ‫الأواني والأدوات المنزلية وكذلك العملة"‪ .‬كما توجد في إفريقية كميات هائلة من‬ ‫الماس يصل إنتاج الماس الإفريقي إلى حوالي ‪٢٩٥‬إ‏ من انتاج الماس العالميا"'‪.‬‬ ‫أما الحديد فقد اعتمدت مدينات المحيط الهندي ‪ .‬خاصة على حديد إفريقية‬ ‫‪ .‬ونشطت سفن أهل عمان في حمل خام الحديد من إفريقية إلى الهند ‪ .‬وبعد ذلك‬ ‫تتم عمليات التصنيع واعادة التصدير في شكل سيوف أو أدوات أخرى ‪ .‬ونظرا‬ ‫لأهمية هذا المعدن في مدينات العالم القديم والعالم الإسلامي فقد لعبت التجارة‬ ‫الإفريقية دورها الكبير في هذا المجال حيث أصبحت منطقة ساحل موزمبيق وسفالة‬ ‫الزنج من أهم المراكز العالية في المصور القدية والوسطى في تصدير خام الحديد‬ ‫بصورة منطقة مما أدى إلى قيام مراكز صناعية تعتمد على الخام الإفريقي خاصة في‬ ‫شبه القارة الهندية والشرق الأدنى ‪.‬‬ ‫ونظر لعدم وجود خبرة ملاحية إفريقية في مجال التجارة العامية ‪ .‬فلم تتو‬ ‫دراسة وافرة عن أهمية هذا الخام الإفريقي فارتبط مناطق أخرى ‪ .‬تعتمد ذاتها على‬ ‫الحديد الإفريقي مثل الهند ‪ .‬التي اشتهرت بانتاج الصناعات الحديدية وتصديرها‬ ‫للعالم الإسلامي كما أنتج هذا الخام من غرب إفريقية أيضا ‪.‬‬ ‫وإلى جوانب الثروة المعدنية الإذريقية ساهمت القارة بثرواتها وامكانياتها‬ ‫والنباتية والحيوانية ‪ .‬مثل العاج الذي ارتبط بإفريقية سواء من جهةتبارة المحيط‬ ‫‪. ١٢١٨:‬‬ ‫(‪ )١‬حوراني ‪ .‬العرب والملاحة في المحيط الهندي ‪.‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬يرتبط انتاج النحاس حاليا بدولة زامبيا‪. ‎‬‬ ‫‏‪ 3٤‬وتنتج إفريقية من‬ ‫‏(‪ )٣‬تنقسم تجارة الماس إلى قسمين ‪ :‬الأول ماس الزينية ‪ .‬لة(‬ ‫‏‪ 03٥0‬‏ا‪٦‬لالةااأ‪4‬ا وتنتج‬ ‫‏‪ ٩٣‬من الإنتاج المالي ‪ .‬والثاني وهو الماس الصناعية‬ ‫إفريقية من حوالي ‏‪ ,٨٨‬من الإنتاج العالمي ‪.‬‬ ‫ر ‪.7.‬‬ ‫الهندي أو تجارة حوض البحر المتوسط والطرق البرية ‪ .‬وأصبح العاج سلعة هامة من‬ ‫سلع العالم الإسلامي لاستخدام في صناعات الزينة ‪ .‬بعد أن ظهرت جوانب الترف‬ ‫على الحياة العامة الإسلامية ‪ .‬وكانت كميات العاج تحمل بكميات كبيرة من ساحل‬ ‫إفريقية الشرقي صوب منطقة الخليج العربي والعالم الإسلامي(ا'‪ .‬بل حملت الفيلة‬ ‫مع بعض الطيور والحيوانات الإفريقية إلى المشرق الإسلامي ومدينات البحر المتوسط‬ ‫‪ .‬حتى العصور الحديثة ‪.‬‬ ‫كما حملت مع التجارة السلع النباتية الإفريقية مثل الذرة"'‪ .‬وكان القمح‬ ‫هو أهم محصول للحبوب مثل سيادة الذرة الإفريقي ‪ .‬الذي انتشرت زراعته بعد‬ ‫ذلك على سواحل المحيط الهندي والبحر المتوسط!"'‪ .‬وتم تحسين نوعيته في أقاليم‬ ‫العالم الإسلامي الشرقية ‪ .‬ثم ظهر هذا المحصول الإفريقي جنوب فرنسا وأسبانيا في‬ ‫القرن الحادي عشر الميلادي ‪ .‬واستمرت لإفريقية أهميتها في تصدير هذا المحصول‬ ‫طيلة العصور الوسطى ‪.‬‬ ‫أما القمح الإفريقي ‪ .‬فقد لعب دورأ هاما في تاريخ العالم القديم والوسيط‬ ‫بحيث أصبحت مدينات وحضارات البحر المتوسط منذ اليونان والرومان تعتمد على‬ ‫القمح الوارد إليها من مصراءغ'‪ .‬وشمال إفريقية ‪ .‬واستمر الدور الإفريقي أيضا في‬ ‫العصر الإسلامي بعد ذلك ‪ .‬إذ قامت أودية وادي النيل من مصر ‪ .‬وسهول نهر‬ ‫مجردة وأنهار بلاد المغرب وأوديتها بهذا الدور ‪.‬‬ ‫فكانت باجة ترسل يوميا كميات من الحبوب إلى بلدان العالم الإسلامي‬ ‫ويبدو أن تلك الكمية الكبيرة كانت تتجمع من المناطق المحيط لها في المغرب‬ ‫الأدنى ‪ .‬كما كانت قسنطينة تصدر كميات كبيرة من الحبوب أيضا خاصة القمح ‪.‬‬ ‫ويبدو أن كميات من هذا المحصول قد حملت إلى بعض واحات الصحراء الإفريقية‬ ‫(‪ )١‬حوراني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٢٨ : ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬أكد الباحثون على أن الذرة يعتبر من النباتات ذات الأصل الإفريقي ‏‪ ٠‬حيث إتضح أن أول‬ ‫زراعتها قد تم ني أقاليم السافانا الإفريقية ‪ .‬حيث تم زراعتها في منطقة تشاد وحزام‬ ‫السودان ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬واطسون ‪ .‬أندرية ‪ .‬الإبداع الزراعي في بدايات العالم الإسلامي ‪ .‬ترجمة د‪ / .‬أحمد الأشقر‬ ‫‪ .‬مراجعة د‪ / .‬محمد نذير سنكري ‪ .‬جامعة صلب ‪١٩٨٥ .‬م‏ ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ . ,٢٣‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬علي ‪ .‬عبد اللطيف ‪ .‬أحمد ‪ .‬مصر والإمبراطورية الرومانية ‪ .‬ص‪. ٦١٣ : ‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٥١‬‬ ‫بعد أن زادت أعدادها البشرية من جراء ازدهارها بسبب وساطتها التجارية وهجرة‬ ‫قبانل بربرية وعربية نحوها ‪.‬‬ ‫وظلت منطقة شمال البحر المتوسط تعتمد على القمح الإفريقي كنتاج للسياسة‬ ‫الرومانية السابقة التي ارتبط شعوب أوروبا بهذا المحصول القادم من إفريقية ‪ .‬حيث‬ ‫لجأ الرومان منذ القرن الأول الميلادي إلى فرض زراعة القمح في منطقة شمال إفريقية‬ ‫لسد حاجة سكان إيطاليا خاصة( وبدأت موانيء تونس والجزائر والمغرب الأقصى‬ ‫تقوم بهذا الدور في العصور الوسطى وبداية العصور الحديثة ‪.‬‬ ‫ارتبطت إفريقية أيضا بحصول زيت الزيتون ‪ .‬المستخرج من شجرة زيت‬ ‫الزيتون التي يشتهر بها إقليم حوض البحر المتوسط وكانت السواحل التونسية اهم‬ ‫مراكز انتاجه ‪ .‬وامتدت زراعته إلى بلاد المغرب الأتصى ‏‪ ٠‬خاصة منطقة فاس‬ ‫ومكناس ‪ .‬حتى أصبحت تجارته تجارة إفريقيةا"ا‪ .‬وبعد ذلك دخلت أسبانيا ودول‬ ‫أخرى في البحر المتوسط مجال المنافسة في تجارته ‪.‬‬ ‫ومنذ العصور القديمة ارتبط زيت الزيتون الإفريقي بشهرة واسعة ليس في‬ ‫مجال الطعام فقط ولكنه استخدم أيضا في مجال التجميل والإضاءة ‪ .‬وعرف لدى‬ ‫الرومان باسم "زيت البرير×"'واعتقد الرومان بوجود فوائد طبية هامة لزيت الزيتون‬ ‫‪ .‬ورغم انتاج اسبانيا لهذا المحصول وزيته إلا أنه أجود‬ ‫القادم من بلاد البربر‬ ‫اصنافه كانت من شمال إفريقية ‪ .‬وغت تجارته في العصور الإسلامي أصبح رمزا‬ ‫للثروة في مجال الزراعة والتجارة ‪ .‬كما ازدهرت زراعة الكروم أيض مع حقول‬ ‫ومناطق انتاج الزيتون وزيته ‪.‬‬ ‫وفي مجال المنتجات الترابية والحجرية ساهمت القارة الإفريقية بدوركبير في‬ ‫‏(‪ )١‬عجزت روما عن توفير حاجيات سكانها الغذائية بعد أن وصلوا إلى مرحلة الترف والبذخ كما‬ ‫انتشرت المستنقعات في أراضي إيطاليا ‪ .‬الأمر الذي أدى إلى البحث عن مصدر ثابت لهذ‬ ‫السلعة الهامة للفذاء من القمح ‪ .‬وكانت إفريقية هي التي اتجهت إليها الأنظار لتوافر‬ ‫إمكانيات زراعة هناك ‪ .‬وكان كل ‏‪ ٢٠٠ .٠.٠‬روماني يستهلكون مليون مد شهريا في زمن‬ ‫الإمبراطور أغسطس ‪ .‬انظر ‪ :‬جوليان ‪ .‬تاريخ إفريقية الشمالية ج ‏‪ . ١‬ص ‪ :‬‏‪. ٢٠٦‬‬ ‫(‪ )٢‬لومبارد ‪ .‬الجفرافية التاريخية ‪ .‬ص‪. ٣٢١٢ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬جوليان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ج‪ .١ ‎‬ض‪. ٢٠٩ : ‎‬‬ ‫_‬ ‫‪٥٢‬‬ ‫‪-‬‬ ‫توفير المواد اللازمة للبناء وصناعة الخزف وصناعة الزجاج ‪ .‬فقد بينيت بها مدن‬ ‫عظيمة على وادي النيل وعلى سواحل البحر المتوسط مثل الإسكندرية ومن قبلها‬ ‫قرطاج ‏‪ .٠‬وكان لا يمكن تدشين تلك المدن منذ البداية دون أن يكون هناك الكميات‬ ‫الكافية من مواد البناء من أحجار وتربة طيبة صالحة للحرق لصناعة قوالب من‬ ‫الطين المحروق ‪ .‬حتى أن مدينة قرطاجنة كانت عبارة عن مخزن هائل للأحجار التي‬ ‫حملت منها لبناء مدن جديدة مثل القيروان ‪ .‬ومدينة الزهراء الأندلسية ‪ .‬في العصر‬ ‫الإسلامي ‪ .‬حيث كانت السفن تحمل الأحجار ‪ .‬بعد خلعها ثم ترصها في السفن‬ ‫التي تقصد مدن أسبانيا(‪.'١‬‏‬ ‫ونافست شمال‪ :‬إفريقية مدن فارس والمشرق الإسلامي في صناعة الخزف‬ ‫وامدت مناطق العالم الإسلامي ‪ .‬حيث كانت المدن الإسلامية في حاجة إلى كميات‬ ‫كبيرة من الخزف المستخدم كأواني للطعام وأواني للزينة والبناء ‪ .‬واستهلكت مدن‬ ‫شمال افريقية والأندلس كميات كبيرة من تلك السلعة ‪ .‬حتى بات هذا الفن حاليا‬ ‫مرتبطا بالمغاربة ا" الذي حازوا على سمعة دولية في الوقت الحاضر في هذا الفن أن‬ ‫نقلة الإيطاليون عنهم ‪.‬‬ ‫كما صدرت بلاد المغرب نوعا من الزجاج يسمى الكريستال الصخري ‪.‬‬ ‫الذي كان يستخدم في صناعة الأباريق كبيرة والأحواض التي يوجد بعضها في‬ ‫المتاحف الإسلامية حاليا ‪.‬‬ ‫‪(٣١‬‬ ‫ث‬ ‫وارتبطت السواحل الإفريقية المطلة على البحر المتوسط بانتاج المرجان"‬ ‫وكانت لعمليات انتاجه نظما وقواعد تشبه عمليات انتاج اللؤلؤ في منطقة الخليج‬ ‫العربي ‪ .‬من حيث تنظيم عمليات الفرص والصيد والجمع والتجارة والسمسرة ‪.‬‬ ‫بالإضافة إلى لحاجة لسفن وأساطيل للصيد ‪ .‬واستخدم مرجان إفريقية في صناعة‬ ‫الحلي والأطواق وغيرها من أدوات الزينة ‪ .‬وصدرت إلى أسبانيا وأوروبا والمشرق‬ ‫الإسلامي معظم كميات المرجان(‪)٤‬‏‬ ‫على ا لمحيط‬ ‫المطلة‬ ‫سواحلها‬ ‫‏‪ ٠‬سوا ه من‬ ‫‏‪ ١‬لصدف‬ ‫إفريقية أيضا‬ ‫وصدرت‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٣١٥‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‪ .‬الجغرافية التاريخية‬ ‫لومبارد‬ ‫‏) ‪(١‬‬ ‫‏‪. ٣٤٨‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ .‬ص‬ ‫‪ .‬المرجع نفسه‬ ‫‏(‪ )٢‬لومبارد‬ ‫‪.‬‬ ‫‪١‎ ٩٦١ .‬م‬ ‫القاهرة‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٣٧ :‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬المسالم والممالك‪‎‬‬ ‫)‪ (٣‬الإصطخري‪‎‬‬ ‫‪.٠‬‬ ‫‪٣٥‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪.‬المرجع السابق‪‎‬‬ ‫لومبارد‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫‪٥٢٣‬‬ ‫الهندي أو البحر المتوسط ‪ .‬كما صدرت العنبر ‪ .‬الذي كان يصدر معظمه إلى منطقة‬ ‫الخليج العربي والبحر المتوسط ‪ .‬وكان تجار منطقة الخليج العربي يحرصون على جلب‬ ‫العنبر من سواحل إفريقية الشرقية خاصة من سفالة الزنج ‪ .‬وحمله إلى العراق‬ ‫واشتهر في ذلك أهل عمان بصورة خاصةا‪١‬ا‪.‬‏‬ ‫على أن أهم السلع التي ارتبطت بالقارة قدي وحديشأ كانت سلعة تجارة‬ ‫العبيد لاستخدامهم كقوى بشرية للعمل في مجالات مختلفة في مدينات العالم‬ ‫القديم والعصر الإسلامي وحتى العصور الحديثة ‪ .‬حتى ارتبطت تلك السلعة وتجارتها‬ ‫بصور غير إنسانية على أيد الأوروبيين حديثا ‪ .‬وقد أثر عمليات حمل العبيد‬ ‫الأفارقة بصورة كثيفة إلى استنزاف موارد القارة البشرية وفقد هويتها ‪ .‬وبالتالي‬ ‫ضمور عناصر الإنتاج في القارة الأمر الذي أثر سلبا على تكوين الشخصية‬ ‫الإفريقية في ظل ثراث طويل من المعاناة من هذا الأمرا"ا‪.‬‬ ‫فهاهم اليونان والرومان يعتمدون على عبيد إفريقية في مجالات حياتهم وفي‬ ‫جيوشهم ‪ .‬بحيث يقدر البعض أن عدد السكان ايطاليا قد بلغ أربعة عشر مليون‬ ‫نسمة كان من بينهم أربعة ملايين من العبيد معظمهم من الأفارقة الذين عملوا لدى‬ ‫ساداتهم الرومان في المنازل وفي المزارع ومجالات أخرى"'‪ .‬بحيث شكل هؤلاء‬ ‫العبيد القوة المنتجة للإقتصاد الروماني بصورة عامة ‪.‬‬ ‫وفي العصور الإسلامية زادت الحاجة إلى الرقيق الإفريقي ‪ .‬خاصة وأن الدولة‬ ‫توافرت لها عوامل اقتصادية حسنة هيأت لقطاعات كبيرة من السكان امتلاك العبيد‬ ‫‪ .‬واستخدم العبيد السوداني على نطاق واسعة في استثمارات القطاع الزراعي في‬ ‫العراق ‪ .‬بعد استغلال أراضي البطائع في الجنوب(ث۔ كما استخدم العبيد في الموانع‬ ‫الإسلامية للقيام بعمليات الشحن والتفزيع بعد ازدهار التجارة بها ‪ .‬كما استخدم‬ ‫في قطاعات البناء والتشييد منذ العصر الأموي ‪ .‬وزاد استخدامه في هذا القطاع‬ ‫في العصر العباسي ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬المسعود ي ‪ .‬مروج الذهب ‪ .‬ج‪ . ١ ‎‬ص‪ ١٠٨ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬توجد دراسة كاملة عن تلك التجارة في الفصل الثالث من الكتاب‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬جوليان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ج‪ . ١ ‎‬ص‪. ٢٠٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬سنقدم دراسة عن هذا الموضوع في الفصل الثالث أيضا‪. ‎‬‬ ‫‪٥٤‬‬ ‫وكان التجار المسلمون أكثر فئات المجتمع الإسلامي امتلاك لاعداد كبيرة من‬ ‫هؤلاء الرقيق ‪ .‬لما تتلطبه أعمالهم من حراسة ونقل وغير ذلك ‪ .‬حتى كان للواحد‬ ‫منهم أكثر من ألف عبد أحيانااا'‪ .‬كما امتلكت الفثات الثرية من المجتمع الإسلامي‬ ‫أعدادأ من العبيد للأعمال المنزلية وأعمالها الخاصة في الزراعة وغير ذلك ‪.‬‬ ‫وظهرت أهمية العبيد الإفريقي بشكل آخر في المجال العسكري ‪ .‬حتى أصبح‬ ‫لهم وزن في الحياة السياسية بعد ذلك ‪ .‬منذ القرن الثلث الهجري ‪ /‬التاسع الميلادي‬ ‫فقد بلغ عبيد الفسطاط في مصر في العصر الطولوني أريعون ألفاً من عبيد‬ ‫السودان ‪ .‬بالإضافة إلى أربعة وعشرين ألفا من العبيد الترك("'‪ .‬واعتمدت دويلات‬ ‫الفرب الإسلامي هي الأخرى على العبيد الأفارقة في المجالات الإقتصادية‬ ‫والعسكرية أيضا سواء دولة سجلماسة الصفرية ‪ .‬وإماته تاهرت الرستمية بالإضافة‬ ‫إلى الأدارسة والمرابطين والموحدين أيضا‪"١‬؛‏‬ ‫وكان الأغالبة أكثر من اتجه إلى ذلك ‪ .‬خاصة لظروف دولتهم واحاطة‬ ‫الأعدا‪٠‬‏ من كل اتجاه ‪ .‬فاتخذ إبراهيم بن الأغلب (‪١٨٤‬ه‏ ‪٨٠٠ /‬م)‏ حرسه الخاص‬ ‫من العبيد السودان ‪ .‬ودخل العبيد السود كافة قطاعات حبشة ‪ .‬وجاء الفاطيون‬ ‫بعد ذلك فاقتفوا أثر جيرانهم في بلاد المغرب في هذا المجال ‪ .‬حيث اتخذ عبدالله‬ ‫الهدي أثر بيعته في رقادة ‪٢٩٧‬ه‏ ‪٢١. /‬م‏ أعدادآ هائلة من العبيد السود ‪.‬‬ ‫بالإضافة إلى العبيد البيض أيضا ‪.‬‬ ‫ويبدو أن العبيد الأفارقة قد ارتبط بهم بشكل خاص النهضة الإقتصادية‬ ‫التي عمت دول شمال إفريقية والمشرق الإسلامي منذ القرن الثاني الهجري ‪ /‬الثامن‬ ‫البلادي حيث اعتمدت عليهم المجتمعات الإسلامية في كافة قطاعات الحياة من‬ ‫زراعة وتجارة وصناعة ويظهر ذلك من وجود فنات منهم مرتبطة بأعمال حرفية لدى‬ ‫سكان مالي الحالية والنيجر وموريتانيا ‪ .‬كما اعتمدت عليهم الطبقات العسكرية في‬ ‫حروبها وفي قطاعاتها وفي كافة أعمالها(‘'‪ .‬وأصبح العبيد أهم أركان الحياة‬ ‫الإتتصادية وأهم مقومات الإقتصاد في تلك العصور ‪ .‬ولذلك فقد شكلوا شريحة‬ ‫‪١٩٤٨‎ .‬م ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬ابن عذاري ‪ .‬البيان الغرب ‪ .‬ج‪ .١ ‎‬ص‪ . ١٥١٠ . ٩٣ : ‎‬بيروت‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن عذاري ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ج‪ .١ ‎‬ص‪. ١١٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬ابن عذاري ‪ .‬المصدر نفسه ‪ .‬ج‪ .١ ‎‬ص‪. ٢٣٨ . ١٥6 : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬الجنحاني ‪ .‬المغرب الإسلامي ‪ .‬ص‪. ٣٩ .: ٣٨ : ‎‬‬ ‫لا يستهان بها في المجتمعات‬ ‫وقد أدى عدم الإهتمام والإلتفاف إلى مطالب هذا القسم من المجتمع‬ ‫الإسلامي إلى بدايات للتصدع والصراعات الإجتماعية("‪ .‬في كثير من مناطق العالم‬ ‫الإسلامي منذ القرن الخامس الهجري ‪ /‬الحادي عشر الميلادي ‪ .‬وكان هذا الصراع‬ ‫الإجتماعي عائقا للتقدم الحضاري الواسع والشامل الذي شهده العالم الإسلامي قبل‬ ‫ذلك ‪.‬فظهرت في وسط جماعات العبيد والفئات التي تتساوى معها اجتماعيا‬ ‫[ فكار معينة تولدت بعدها تنظيمات مهنية وسياسية اسفرت فايلنهاية عن صراع‬ ‫دموي من أجل تغيير أوضاعها ‪.‬‬ ‫وظهرت للعبيد السود بصمات واضحة على الأوضاع السياسية في المشرق‬ ‫الإسلامي أيضا ‪ .‬حيث أدت عمليات تجميعهم بأعداد كبيرة فايلجنوب العراقي في‬ ‫قطاع الاستثمار التجاري والزراعي إلي قيامهم بثورتهم الكى ني بداية النصف‬ ‫الثاني من القرن الثالث الهجري ‪ .‬وجعلوا لأنفسهم دولة استمرت أربعة عشر عاما‬ ‫‪ .‬واتخذوا لهم عاصمة هي " المختارة" وتسببت ثورتهم عن كساد إقتصادي لمنطقة‬ ‫شمال الخليج وجنوب العراق طيلة النصف الثاني من القرن الثالث الهجري"'‪.‬‬ ‫وإذا كان العالم الإسلامي قد تمكن تنظيم شبكة من الطرق البرية والصحراوية‬ ‫والبحرية لحمل عبيد إفريقية إلي مدنه وأقاليمه سواء من غرب إفريقية أو من شرق‬ ‫القارة أيض‪)"٦‬‏ ‪ .‬وكانت عمليات حملهم ونقلهم تتم في صورة عمليات منظمة رواسعة‬ ‫من بلاد التكرور وغانة وكانم والزنج حتى امتلأت بهم قطاعات المجتمع الإسلامي ‪.‬‬ ‫لكن هؤلاء العبيد أصبحوا من الكثرة حتى اعتمد عليهم بشكل أساسي في جوانب‬ ‫الحياة المختلفة وأصبح الإستغناء عنهم أمرأ مستحيلا ‪.‬كما أنهم أصبحوا من الكثرة‬ ‫حتى غلبوا على منابلق معينة ‪ .‬وأصبح بالتالي من السهولة توجيه طاقات هؤلاء‬ ‫خاصة في ظل شعارات تحمل طابع الإسلام ومبادئه ‪ .‬فسرعان ما يتحولوا إلى أداه‬ ‫‪.‬‬ ‫هدم ودمار‬ ‫‏(‪ )١‬حيث تجمعت الثروات والمكاسب المالية في يد فئات معينة خاصة جماعات التجار على حساب‬ ‫طبقة العبيد في ظل مجتمع إسلامي بؤمن بببادىء معينة ‪ .‬وخاصة بعد تحول هؤلاء المبيد‬ ‫إلى الإسلام ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪١٦٣‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪٩‬‬ ‫‪ ٠‬ج‪‎‬‬ ‫الرسل والملوك‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬تاربخ‬ ‫الطبري‪‎‬‬ ‫‪(٢١‬‬ ‫(‪ )٣‬المغربي ‪ .‬أبوسعيد ‪ .‬كتاب الجغرانيا ‪ .‬ص‪. ٩١ . ٩٠ : ‎‬‬ ‫_ ‪- ٥٦ -‬‬ ‫وكانت عمليات نقل العبيد الأفا رقة تتم بصورة هائلة ‪ .‬بدون وضع ضوابط‬ ‫وقوانين وتنظيمات بداية لتدهور أقاليم إفريقية ‪.‬خاصة مناطق الوسط‪ .‬وهي‬ ‫مناطق الحزام السوداني حيث فرغت من القوى البشرية التي يكن أن تقوم باستغلال‬ ‫اراضيها وكانت التنظيمات القبلية والسياسية الموجودة في هذا الحزام غير مدركة‬ ‫للنتائج السلبية المترتبة علي ذلك ‪ .‬وانبهرت بالمقابل الزهيد التي تحصل عليه ‪.‬‬ ‫لتستغله في بعض الأحيان لفرض نفوذها الوهمي علي محيط فارغ من القوى‬ ‫البشرية ‪.‬‬ ‫ساهم العامل الإتتصادي الإفريقي على تغذية كيانات سياسية وليدة رغبت‬ ‫ني تأسيس دول لها مستقلة عن دار الخلافة الإسلامية ‪ .‬بسبب خلافات سياسية أو‬ ‫فكرية ‪.‬ووجدت في بلاد المغرب والشمال الإفريقي تربة حضبة لتحقيق آمالها ‪.‬‬ ‫حيث اتخذت من واحات الصحراء الإفريقية وكذلك من الحزامالسوداني ظهيرا‬ ‫اتتصاديا لها ‪ .‬ومجالاأ حيويا لأنشطة سكانها ‪.‬فأنهالت عليها المكاسب‬ ‫الإتتصادية وتوفرت لديها البنية التحية لنهضتها الشاملة ‪ .‬وكان العرب قد أدركوا‬ ‫موارد إفريقية الإنتصادية فسارعوا بتأسيس حاضرة لهم سنة ‪٥٠‬ه‏ ‪ /‬‏‪ ٠‬‏‪١"'.‬م‪ ٧٦‬في‬ ‫القيروان ‪ .‬واحتلت مكانة سياسية وعسكرية واجتماعية واتتصادية هامة في تاريخ‬ ‫إذريقية والبحر المتوسط لفترة طويلة قاربت الأربع قرون ‪ .‬ومكنها الظهير الإفريقي‬ ‫من الوقوف أمام حملات البزنطيين‪'"١‬‏‬ ‫وأصبحت القيروان عاصمة إفريقية بحق لفترة طويلة من جراء موقعها‬ ‫الإذريقي وتحكمها في شبكة المواصلات البرية التي تتجه صوب القلب ا لإفريقي‬ ‫لتعود بالذهب والرقيق والحيوانات فمن خلال الوصف الذي دونه المعاصرون نلاحظ أن‬ ‫أسراتها تعددت وتخصصت ‪ .‬وأصبحت عملية الأسعار غير مستقرة بسبب الإرتباط‬ ‫بالقلب الإذريقي ‪ .‬وكانت عملتها من أجود العملات العالمية نقاء بسبب إقتصادها‬ ‫الزدهر وثراء أهلها!'‪ .‬وكانت تؤمها يوميا عشرات القوافل حسب اتجاهها ‪.‬‬ ‫أي حوالي‬ ‫وتنوعت الأسوا ق ‏‪ ٠‬حتى بلغ سماط سوق القيروان ميلين وثلثا‬ ‫ثلائةكيلومترات ونصف”؟'‪ .‬وتنوعت الأسواق حسب المهن من سوق البزازين وسوق‬ ‫‏(‪ )١‬الجنحاني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٣٦١‬‬ ‫)!( ابن عذاري ‪ .‬البيان المغرب ‪ .‬ج ‏‪ . ١‬ص ‪ :‬‏‪. ٢١‬‬ ‫‏(‪ )٣‬الجنحاني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٥١‬‬ ‫‏(‪ )٤‬البكري ‪ .‬المسالك ‏‪ ٠‬ص ‪ :‬‏‪ )٥0( . ٣٦‬البكري ‪ .‬المصدر نفسه ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٥٦‬‬ ‫‪_ ٥٧ -‬‬ ‫السراجين وسوق النحاسين وسوق الزجاجين وسوق الخرازين وغير ذلك ‪ .‬أو سميت‬ ‫باسماء معينة مثل سوق اسماعيل وسوق ابن هشام وسوق اليهود ()‬ ‫ويبدو أن الأباضية قد تمكنوا من بسط سيطرتهم على قطاع كبير من قبائل‬ ‫البربر منذ البداية القرن الثاني الهجري ‪ /‬الثامن الميلادي ‪ .‬بعد المجهودات الكبرى‬ ‫التي بذلها الدعاة في سبيل فكرهم ‪ .‬وكانت تجربتهم الأولى في طرابلس ‪ .‬داعيا‬ ‫إلى أن يعيدوا النظر والتدبر في بناء إمامة لهم معتمدين على أرض إفريقية غنية‬ ‫بإمكانياتها ‪ .‬وكانت تاهرت التي تقع بالمغرب الأوسط قبلة للقوافل التجارية‬ ‫الصاعدة من الصحراء صرب الشمال محملة بثشروات السودان وذهبه ‏‪ ٠‬فنمت المدينة‬ ‫بصورة سريعة ومقصدها التجار من كل ميم حتى سميت باسم "بصرة الفرب" أو‬ ‫"البصرة الصغرى"""'‪ .‬وانعكس هذا الثراء الإقتصادي على جوانب الدولة الوليدة‬ ‫فظهرت القصور والمساجد والضياع محل الغابات والأحراش"! ومت فيها نهضة‬ ‫عملية وثقافية يدل عليها التراث الهائل الذي خلقته أباضية تاهرت حتى الوقت‬ ‫الحاضر ‪ .‬برغم ما صل بها من دمار على يد الفاطميين ‪ .‬وبناء على الإمكانيات‬ ‫الإتتصادية أصبح للأباضية حيزهم العامي لفترة طويلةاث'‪ .‬إذ ارتبطت حكومة تاهرت‬ ‫بجمالك السودان في الجنوب ويجيرانها في القيروان وسجلماسة(‪.'١‬‏ وفاس وحتى في‬ ‫قرطبة بالأندلس ‪ .‬وكذلك بمصر والمشرق الإسامي ‪.‬‬ ‫جاءت الصفرية هي الأخرى لتزرع في الأرض الإفريقية دولتها متخذة من‬ ‫سجلماسة عاصمة لها سنة ‪١٤.‬هھ‏ ‪٢٥٨-٧٥٧ /‬م‏ ‪ .‬حينما قام أبوالقاسم سمكو بن‬ ‫واسول ‪ .‬بعد أن انتشر فكر عكرمة مولى بن العباس ‪ .‬أول داعية صفري ينزل‬ ‫بإفريقية(‪.٦‬‏ وأصبحت سجلماسة مدينة التجارة في الركن الشمالي الغربي من إفريقية‬ ‫‪ .‬وهاجر التجار إليها من المشرق وبلاد المدرب ومن الأندلس حتى أصبحت مركزا‬ ‫(‪ )١‬ابن عذاري ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ج‪ . ١ ‎‬ص‪. ٧٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الإدريسي ‪ 6‬نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ‪ .‬ص‪. ٨٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬ابن عذاري ‪ .‬البيان المغرب ‪ .‬ج‪ . ١ ‎‬ص‪ ٢٤ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬بكير ‪ .‬بحاز إبراهيم ‪ .‬الدولة الرسمية ‪ .‬الجزائر‪ . ١٩٨٥ . ‎‬ص‪ ١١٠ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬ياقوت الحموي ‪ .‬معجم البلدان ‪ .‬ج‪ .٢ ‎‬ص‪ ٧ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬ابن الصغير ‪ .‬أخبار الأنمة الرسمية ‪ .‬ص‪. ١٣ : ‎‬‬ ‫(‪ )٦‬البكري ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ١٤٥ : ‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٥٨ -‬‬ ‫تبا ريا عالية" ‪ .‬لمدة قرن ونصف قرن تقريبا ‪ .‬وأصبح أهلها من أغنى الناس ذلك‬ ‫‪ .‬حتى أن هذا الخط‬ ‫أنها أصبحت منفذ ذهب غانة في غرب إفريقية عبر ‪:7‬‬ ‫التجاري الذي ينتهي بغانة في الجنوب وسجلماسية في الشمال كان من أنشط خطوط‬ ‫‪.‬‬ ‫التجارة العالية بسبب كميات الذهب الإفريقىي المحولة عبره‬ ‫وهكذا أصبحت الإمكانيات الإفريقية مصدر القوة المالية والعسكرية والمكانة‬ ‫الإقتصادية للدول الإسلامية التي قامت في منطقة الشمال الإفريقي واستفادت منه‬ ‫موقعها على خطوط التجارة الإفريقية القادمة من حزام السافانا ‪ .‬حيث الذهب‬ ‫‪ .‬لكن الصراع المذهبي والسياسي اهنك قواها وعجل بها ‪.‬‬ ‫والعبيد والجلود عصرها‬ ‫وقد ترتب على هذا النشاط التجاري الكثيف في العصر الإسلامي صوب‬ ‫القلب الإفريقي استقرار جاليات تجارية وهجرات بريرية وعربية في مناطق السافانا‬ ‫العررف باسم بلاد السودان ‪ .‬في عجل بنقل المؤثرات الحضارية والإسلامية إلى تلك‬ ‫المناطق وظهور ممالك إفريقية خالصة مرتبطة ببيئتها الإفريقية ‪ .‬بعد أن تمكن الإسلام‬ ‫من تفجير إمكانياتها من أجل اصلاح مناطقها ويلدانها ‪.‬فظهرت مملك غانة التي‬ ‫تحولت في النهاية إلى الإسلام ‪ .‬ثم ظهرت مملكة مالي الشهيرة ‪ .‬وأخيرا‬ ‫ملكة صنغي‪'"١‬‏‬ ‫وضحت جوانب الترف الإفريقي للعالم منذ القرن الحادي عشر الميلادي حتى‬ ‫بداية العصور الحديثية من خلال الرحلات التي كان يقوم بها ملوك الدولة الإسلامية‬ ‫الذهب‬ ‫تحمله قوفلهم من كميات‬ ‫‪ .‬روما كانت‬ ‫‪ .‬خاصة‬ ‫الشمال للحج‬ ‫الإفريقية صرب‬ ‫هؤلاء‬ ‫والهدايا والعبيد ‪ .‬فبدأت أعين التجار البنادقة وغيرهم من الأوروبيين أمحق‬ ‫‪ .‬حتى ظهرت لأول مرة خرائط أ وروبية بادية فيها دول إفريقية الفنية ‪ .‬ويدأت‬ ‫مرحلة جديدة من الأطماع الأوروبية الى تلك المناطق ‪.‬‬ ‫وكان الذهب الإفريقي والعاج والعبيد من أهم محركات الأطماع الأوروبية في‬ ‫فترة الكشوف الجغرافية ‪ . ,‬اوأنهالت جماعات المغامرين الأوروبيين صوب تلك الأماكن‬ ‫جيوش أوروبا ت‪:‬تنتشر الشر والدمار في القارة ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪١ ٩ ٢‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ص‬ ‫‪٠‬‬ ‫‏‪٣‬‬ ‫«‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ١‬لسا بق‬ ‫ا لمصدر‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‏‪ ١‬لحموي‬ ‫يا توت‬ ‫‏) ‪( ١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ابن حوقل ‪ .‬صورة الأرض ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٩٦١‬‬ ‫‏(‪ )٣‬سنتحدث عن ذلك في فصل خاص ‪.‬‬ ‫‪_ ٥٩‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫ملا مح عصور ماقبل التاريخ‪‎‬‬ ‫في افريقية‪‎‬‬ ‫بدأت الحياة الإنسانية بظهور آدم ‪ .‬عليه السلام ‪ .‬كما نص القرآن الكريم ‪ .‬لكن‬ ‫الدراسات تعاني من قصور حول تلك البداية ‪ .‬وتعاني الدراسات الجيولوجية والبلنتلوجية‬ ‫والإنثروبولوجية والأثرية الإفريقية هى الأخرى ضعفا عاما في حصيلة عملها من جهة ‪.‬‬ ‫وفي النتائج التى توصلت إليها من جهة ثانية ‪ .‬باستثناء شمال وادي النيل لظروفها‬ ‫الخاصة ‪ .‬ذلك أن الدراسات الحضارية والتاريخية تهمل مساهمة القارة لعصور ماقبل‬ ‫التاريخ والعصور التاريخية القديمة ‪ .‬وتركز تلك الدراسات على مراكز حضارية معينة في‬ ‫تلك الفترات مثل مصر والهند والصين وفارس وغيرها ‪ .‬الأمر الذي جعل منظمة‬ ‫اليونسكو العالمية تشير للباحثين أن تلك المراكز الحضارية ليست كل حضارات وتراث‬ ‫الإنسان القديم ‪ .‬وأن لكل منطقة في العالم حضارتها ومساهمتها ‪.‬‬ ‫ورغم ذلك فقد أشارت النتائج الأولية لبعض علماء الحفريات لعصور ما قبل‬ ‫التاريخ إلى أنه من المرجح أن تكون إفريقية هى مهد الإنسان الأول ‪ .‬خاصة وأنها كانت‬ ‫متصلة اتصالا مباشرا بآسيا ‪ .‬وأن حركة الإنسان كان ميسرة بين القارتين ‪ .‬وقد تم‬ ‫اكتشاف جمجمة حفرية لنوع بشري ترجع إلى ما يقرب من مليونى سنة في منطقة شرقي‬ ‫ريشية خة ‪٩‬م‏ ‪ .‬كما تم العثور على عظام حيوانات تم اصطيادها لإنسان ذلك‬ ‫وعثرت على أدوات مستخدمة لإنسان إفريقية في هذا العصر ‪ .‬تدل على تقنيات‬ ‫عالية بالنسبة لفترته ‪ .‬حيث وجدت آلات حجرية بجوار الجمجمة ‪ .‬مما يدل على ان‬ ‫الإنسان الإفريقي أسبق من غيره بعشرات الآلاف من السنين ("" ‪ .‬ونظرا لقدم تلك‬ ‫الجماجم وتعددها فقد تم التمييز بين أنواع الجماجم البشرية ‪ .‬فالحفريات الأولى أطلق على‬ ‫‪ .‬م‬ ‫ع م ا‬ ‫ح‬ ‫‪,‬‬ ‫‪: .353‬‬ ‫‏(‪(١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬جوليان ‪ .‬تاريخ شمال إفريقية ‪ .‬ج‪١‬‏ ‪ .‬ص ‏‪. ٤١‬‬ ‫‪_ ٦١١‬‬ ‫نوعيتها إنسان كاسر البندق ‪ .‬والثانية أطلق عليها اسم الإنسان الصانع ‪ .‬فالأول كان‬ ‫يتميز بضخامة ضروسه التى يستعملها في طحن وكسر الأشياء الجافة ‪ .‬والثاني تمكن من‬ ‫التوصل إلى صناعة آلات متقدمة معتمدا على تقدمه التقنى والعقلي بالنسبة لعصره ‏(‪'١‬‬ ‫وفي شمال إفريقية تشير الدراسات الجيولوجية إلى أن تلك المنطقة كانت مناسبة‬ ‫لإقامة الإنسان منذ عشرات الآلاف من السنين ("" حيث عثر على أقدم إنسان فيها يرجع‬ ‫إلى حوالى مليون سنة تقريبا"("' وأنه كان يعيش في تجمعات بشرية ‪ .‬ويطلق عليه اسم‬ ‫‏‪ .0٥‬أو صاحب الحضارة الأشولية ‪ .‬وعثر على‬ ‫الإنسان المنتصب القامة ‪5‬لاا‪ 2‬ع‬ ‫نظائر تلك الحضارة في جاوة ‪ .‬في جنوب شرقي آسيا ‪ .‬وغيرها من جهات إفريقية ‪.‬‬ ‫ويعتبر بعض الباحثين أن شرق إفريقية أفضل نموذج لهذا العصر‪ .‬ويبدو أن إنسان هذا‬ ‫العصر قد توصل إلى استخراج الخامات الطبيعية ‪.‬‬ ‫الأمر الذي يعطى أهمية حضارية لهذا العصر للحزام الحضاري الممتد من شرق‬ ‫إفريقية إلى جزر جنوبي شرقي آسيا عبر جنوب شبه القارة الهندية ‪ .‬ويرجح دوره الحضاري‬ ‫الكبير في مسيرة البشرية لفترة عصور ماقبل التاريخ ‪ .‬رغم ضعف الدراسات المتخصصة‬ ‫في هذا المجال بتلك المناطق ‪.‬‬ ‫وتشير الآثار التى عثر عليها في كينيا ‪ .‬بشرق إفريقية ‪ .‬إلا العثور على أكوام من‬ ‫الصخور في كثير من المواقع يبدو أنها كانت تستخدم كمصدات للرياح أو يأوي إليها‬ ‫الإنسان من شدة عوامل الطبيعة ‪ .‬واعتمد انسان تلك المواقع على توفير قوته اليومي عن‬ ‫طريق الصيد والجمع والإلتقاط ‪ .‬وقد تمكن من اصطياد الحيوانات الكبيرة ‪ .‬الأمر الذي‬ ‫يدل على تقدم ذهني وتقني في صناعة آلاته ‪ .‬كما تمكن في تلك الفترة من التحكم في‬ ‫النيران ‪.‬‬ ‫بين وسط‬ ‫حضا ري‬ ‫ا لبيئية مناسبة لاتصال‬ ‫وفي شما ل ووسط إفريقية كا نت ‏‪ ١‬لظروف‬ ‫() كل هذه الدراسات في عصر البليستوسين ‪ .‬أما مرحلة ماقبل الإنسان فهى عصرى الميوسنين والبلوسين‬ ‫منذ حوالى ‏‪ ١٥‬مليون سنة تقريبا ‪.‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‏‪٤ ١‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ ٠‬ص‬ ‫‪ « .‬‏‪١‬‬ ‫‏‪ ٠‬ا مرجع ‏‪ ١‬لسا بق‬ ‫‏) ‪ ( ٢‬جوليا ن‬ ‫‏‪. ١٢‬‬ ‫‪ .‬ا مرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫‏)‪ (٣‬سعودي‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٦٢‬‬ ‫القارة وشمالها ‪ .‬حيث كانت الصحراء الإفريقية عبارة عن أودية وسهول خصبة تتحرك‬ ‫فيها الجماعات البشرية والحيوانات (" ‪ .‬وكانت تلك المناطق من أفضل مناطق الاستقرار‬ ‫البشري في تلك الحقبة ‪ .‬وخاصة مع فترة التغيرات المناخية التى سادت العالم وإنخفاض‬ ‫درجة الحرارة ‪ .‬وإزدياد حجم وامتداد الغطا مات الجليدية شمالا" وجنويا ‪ .‬وبالتالى‬ ‫أندنعت الجماعات البشرية إلى التوجه إلى إفريقية ‪ .‬ما فيها الصحراء حيث توجدالظروف‬ ‫البيئية الملانمة "" ‪.‬‬ ‫وألقت بعض الإكتشافات الحديثة أضواء بالغة الأهمية على مسيرة البشرية في تلك‬ ‫الحقبة ‪ .‬في منطقة الرباط بالمغرب الأقصى ‏‪ ٠‬حيث عثر ‪١٩٣٣‬م‏ على شاب صغير عمره‬ ‫حوالي ‏‪ ١٦‬سنة تقريبا ‪ .‬يتضح من دراسة هيكله ‪ .‬أنه إنسان متطور حضاريا ‪ .‬حتى أنه‬ ‫يعتبر أقدم زمنيا" من إنسان النياندرتال ‪ .‬كما أكتشفت حفريات في منطقة طنجة بالقرب‬ ‫من المنطقة السابقة ‪ .‬وفي منطقة المونستير ‪ .‬بتونس ‪ .‬تؤكد لنا الدور الهام لافريقية في‬ ‫َ‬ ‫تلك العصور ‪'" .‬‬ ‫واتضحت حاليا من الحفريات التى تمت في إفريقية الشمالية والوسطى ‪ .‬والتى‬ ‫مكنت الباحثين من دراسة مايقرب من ثلاثين نموذجا ‪ .‬أن إنسان إفريقية كان معتدل‬ ‫القامة مديدها (حوالى ‪١٧٢‬سم)‏ مستطيل الرأس أو متوسطه ‪ .‬طويل الأعضاء ويبدو أن‬ ‫هذا الجنس البشرى كان نشطا بدليل وجود نظائر له ولأنشطة في منطقة حوض البحر‬ ‫للتوسط ("" ‪ .‬وحتى جزر الكناري بالمحيط الأطلسي ‪.‬‬ ‫وفي سنة ‏‪ ١٩٢٧‬اكتشف هيكل لإنسان في منطقة أعالى نهر النيجر ‏‪ ٠‬بغرب‬ ‫إفريقية ‪ .‬وهو التلمصسى ‪ .‬وله وجوه تشبه إنسان شمال إفريقية ©" ‪ .‬مما دفع بعض‬ ‫العلماء إلى الإعتقاد بوجود اتصال طبيعي بين الشمال والغرب ‪ .‬قبل ظهور المحيط‬ ‫الصحراوي من صحراء إفريقية الكبرى ‪ .‬ليعرقل عمليات الاتصال ويعوقها في فترات‬ ‫(‪ )١‬جوليان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪. ٤٤ ‎‬‬ ‫‪ .‬ن‬ ‫م ع‬ ‫حن‬ ‫‪,, . .13‬‬ ‫‏(‪(٢‬‬ ‫‏(‪ )٣‬حوليان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ج‪١‬‏ ‪ .‬ص ‏‪. ٤٦١‬‬ ‫‪. ٤٦‬‬ ‫‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٤‬جوليان ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ج‪١‬‬ ‫(‪ )٥‬جوليان ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪. ٤١ ‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٦٢٣‬‬ ‫كثيرة بعد ذلك ‪.‬‬ ‫وفي الفترة المحصورة بين ‏‪ ٧٠‬ألف سنة إلى ‏‪ ٤٠‬ألف سنة ‏‪ ٠‬قبل الميلاد تمكن‬ ‫الإنسان الإفريقي من التغلب على قسم كبير من مشاكله البيئية ‪ .‬وبدا تطور ذهنى‬ ‫وعقلى وتقنى واضح ‪ .‬يتبين من الآثار التى أكتشفت في مواقع الحفريات ‪ .‬ويطلق على‬ ‫إنسان هذه الفترة اسم إنسان "روديسيا" ‪ .‬اا" حيث تتميز أدوات هذا الإنسان بتطورات‬ ‫تقنية هامة تختلف عن الفترة التى سبقته ‪ .‬خاصة في دخول خامات جديدة من الأحجار ‪.‬‬ ‫وخامات أخرى مثل عظام الحيوانات والعاج ‪ .‬وكان لكل قطعة من تلك الأدوات استخدام‬ ‫معين فهناك المكاشط والحراب والمدي ونصال السيوف ‪ .‬وكانت لتلك الأدوات فعاليتها‬ ‫الكبيرة في الحفر والصيد والقطع ‪ .‬كما ظهرت بدايات للصناعات الجلدية من أنواع‬ ‫الحيوانات التى اصطادها ‪.‬‬ ‫وتدل آثار النوبة ‪ .‬جنوب مصر ى وآثار برقة ‪ .‬غرب مصر ‪ .‬وفى منطقة روديسيا‬ ‫بجنوب إفريقية ‪ .‬وفى أنجولا ‪ .‬بغرب القارة ‪ .‬وفي شمال القارة وجنوبها‪ .‬على صور هامة‬ ‫لتطور إنسان تلك الفترة في إفريقية ‪ .‬الأمر الذي جعل علماء الأنثروبولوجيا يؤكدون‬ ‫وجود جوانب إجتماعية لانسان هذا العصر ‪ .‬حيث بدا في التوجه نحو إقامة كيانات‬ ‫إجتماعية ‪ .‬عرف فيها بدايات الأسرة ‪ .‬وأدرك أهمية التعاون للدفاع عن نفسه وعن‬ ‫منطقته ضد الجماعات الأخرى ‪ .‬ومقاومة صعوبات الطبيعة ‪ .‬والتغلب عليها ‪.‬‬ ‫ويمكننا تتبع الأوضاع والمظاهر الحضارية في مراحل العصور الحجرية (" في قارة‬ ‫افريقية كما يلي ‪- :‬‬ ‫أولا ‪ :‬العصور الحجرية القديمة ‪:‬‬ ‫‏‪ - ١‬العصر الحجري القديم الأسفل ‪:‬‬ ‫وهى المرحلة التى يطلق عليها اسم مرحلة جمع الطعام ‪ .‬وتبدأ منذ ظهور آدم ‪.‬‬ ‫ح م ن ‪ .‬ن‬ ‫‪, . .12‬‬ ‫‏(‪(١‬‬ ‫‏(‪ )١‬أطلق عليها أسم العصور الحجرية لأن الحجر شكل المادة الخام الأساسية فى صناعة أدوات الإنسان‬ ‫سواء من الحجر العادي أو حجر الصوان شديد الصلابة ‪ .‬وتم تقسيم تلك الفترة الحجرية إلى أقام‬ ‫طبقا للتقنية التى أدخلت على صناعة الحجر العاذي ثم حجر الصوان ‪ .‬وقد أدرك الإنسان صلابة تلك‬ ‫المادة وتوفرها في كل بيثاته ‪.‬‬ ‫‪٦٤‬‬ ‫عليه السلام ‪ .‬وحتى حوالى ‏‪ ٢٧٥ ٠٠٠٠‬ق ‪.‬م تقريبا ‪ .‬وقد تختلف من منطقة لأخرى ‪.‬‬ ‫ويعتبر اكتشاف الفأس اليدوي ‏‪ ٣300 ٨×٥‬الأثر المميز لتلك المرحلة الحضارية ‏‪.'١‬‬ ‫وتعد آثار المغرب الأقصى ومصر وكينيا أهم الأدلة على وجود نشاط حضاري‬ ‫لإنسان إفريقية في تلك المرحلة فقد عثر على الفؤوس اليدوية ني‪ .‬مصر في منطقة أبيدوس‬ ‫والفيوم وقنا وفي منطقة العباسية ‪ .‬شرقالقاهرة ‪ .‬وقد أنتشرت آثار الإنسان على‬ ‫الهضاب والأردية وني داخل الكهوف والمغارات ‏‪ ٠‬لأن الإنسان كان يتجه في تلك المناطق‬ ‫إلى الاحتماء بتلك الأشكال الطبيعية لحماية نفسه من تقلبات الأحوال المناخية ‪ .‬وأيضا‬ ‫من الأخطار التى تهدد حياته ‪ .‬وفى المناطق السطحية كان الإنسان يلجا إلى إقامة‬ ‫السدود والأسوار التى تشبه المصدات لحماية نفسه من الأحوال الطبيعية أيضا ‪.‬‬ ‫القديم الأوسط‪: ‎‬‬ ‫العصر الحجري‬ ‫‪- ٢‬‬ ‫حيث ظهرت آثار تقنية بشرية على صناعة الأدوات الحجرية ‪ .‬حينما تمكن الإنسان‪‎‬‬ ‫من تهذيبها وتنويع أشكالها وأحجامها ‪ .‬وبدأت تلك الأدرات والآلات تستخدم في‪‎‬‬ ‫الأغراض التى صنعت من أجلها سواء فايلقطع أو الصيد ‪ .‬وكان الإنسان في تلك المرحلة‪‎‬‬ ‫مازال في مرحلة جمع الطعام والصيد والقنص‪("". ‎‬‬ ‫ويبدو أن منطقة شمال إفريقية كانت تشكل مع منطقة الشرق الأدنى أهم مناطق‬ ‫العالم ملاسة لاستقرار الإنسان ‪ .‬حيث تميز المناخ بالدفىء ‪ .‬بينما سادت المناطق الشمالية‬ ‫من الكرة الأرضية الثلوج والمناخات الباردة ‪ .‬فاتجه الإنسان إلى إفريقية حيثالمناخ أفضل‬ ‫‪ .‬لكنه كان يلجأ إلى الكهوف لحمايته من البرودة أو الحرارة ‪.‬ويدل النشاط الحضاري‬ ‫للانسان في تلك الفترة على خروجه من عزلته السابقة ‪ .‬ويداية اتصالات مع تجمعات‬ ‫أخرى ‪ .‬وتدل النظائر الأثرية في مصر وتونس والمغرب وكينيا على ذلك ‪.‬‬ ‫وأهم المواقع الأثرية التى تنتمي إلى هذا العصر في إفريقية آثار بئر العاتر في‬ ‫‏(‪ )١‬لذلك لا يمكن التقليل من أهمية ونتائج اكتشافات الإنسان في تلك المرحلة حيث مازالت الفأس تمثل‬ ‫أهم أدوات الإنسان الحالي في مجالات الزراعة رغم التقدم الكبير الذى أحرزه ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬توينبي ‪ .‬تاريخ البشرية ‪ .‬ترجمة نبيه فارس ‪ .‬بيروت ‪ .‬ج‪١‬‏ ‪ .‬ص ‏‪ ١٢٣‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫۔‬ ‫‏‪٦٥‬‬ ‫جنوب تونس (" ‪ .‬وآثار منطقة الواحات الخارجة في صحراء مصر الغربية ‪ .‬بالإضافة‬ ‫إلى آثار غرب كينيا ‪ .‬وليبيا ‪ .‬وتدل تلك الآثار على أن بيئة الصحراء الإفريقية كانت‬ ‫رطبة ‪ .‬ومناسبة لاستقرار الإنسان وحركته قبل أن يحل بها عصر الجفاف ‪.‬‬ ‫‪ - ٣‬العصر الحجرى القديم الأعلى‪: ‎‬‬ ‫وتتميز تلك الفترة الحضارية بقدرة الإنسان على الوصول إلى تقنية عليا في صناعة‬ ‫الحجر‪ .‬حتى سميت بالمرحلة "الحجرية الدقيقة " وأصبح من السهل على الإنسان حمل عدة‬ ‫أنواع منها ‪ .‬والانتقال بها من مكان لآخر ‪ .‬كما أصبحت تلك الأدوات لها نصل حاد‬ ‫وبالتالى أصبحت فعاليتها قاطعة ‪ .‬وكان لذلك أثره في تغلب الإنسان على ظروف البيئة‬ ‫بقدر المستطاع ‪.‬‬ ‫ويبدو أن الظروف المناخية قد أخذت في التغير في تلك المرحلة (" ‪ .‬حيث بدأت‬ ‫مظاهر الجفاف تظهر في مناطق من جنوب الشمال الإفريقي ‪ .‬وبدأ زحف النطاقات الباردة‬ ‫‪.‬صوب الشمال‪,‬يلاحظ الباحشون أنتماء عظام الحيوانات إلى ظروف وبيئات المناخ الجاف‬ ‫مثل الغزلان والنعام وغيرهما ‪ .‬وفي هذا العصر وصل الإنسان إلى مرحلة حضارية متقدمة‬ ‫‪ .‬إذ يبدو أنه تفرغ لذاته قليلا واتجه إلى التعبير عن همومه وظروفه بحفر ورسم أشكال‬ ‫على جدران الكهوف والمغارات ‪ .‬كما بدأ يعتقد بقوى خفية تتحكم في ظواهر كونه ‪.‬‬ ‫فاتجه إلى محاولة استرضاء تلك القوى للأطمثنان على كيانه ومستقبله بين عناصر كونه‬ ‫‏‪. (٣١‬‬ ‫المجهولة بالنسبة له‬ ‫ومن أهم المواقع الأثرية التى تنتمي إلى هذا العصر في إفريقية آثار بلدة السبيل‬ ‫بجوار مدينة كوامبو ‪ .‬في جنوب مصر ‪ .‬وآثار قفصة ووهران ببلاد المغرب ‪ .‬وتعد آثار‬ ‫قفصة أشهر المواقع ‪ .‬حيث عثر في قفصة ‪ .‬بجنوب تونس ‪ .‬على آثار يتضح منها تمكن‬ ‫(‪ )٢‬جوليان ‪ .‬المرجع السابق ‪.‬ج‪ . ١ ‎‬ص‪. ٥٢‎‬‬ ‫(‪ )٣‬جوليان ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٥٣‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬الناضوري ‪ .‬رشيد ‪ .‬دكتور ‪ .‬المدخل في التحليل الموضوعي المقارن للتاريخ الحضاري والسياسي في‬ ‫جنوب غربي آسيا وشمال إفريقية ‪ .‬الكتاب الأول ‪ .‬مرحلة التكوين والتشكيل الحضاري والسياسي‬ ‫من العصر الحجري الحديث حتى نهاية الألف الثالث قبل الميلاد ‪ .‬ص ‏‪ . ١٠٥ /١٠٥‬بيروت ‪ .‬بدون‬ ‫تاريخ ‪.‬‬ ‫‏‪ ٦٦١‬س‬ ‫الإنسان من الاستغلال الأمشل ‪ .‬حسب ظروفه ‪ .‬لبيئة ‪ .‬ووجدت آثار تدل على إمتداد هذا‬ ‫النشاط إلى الصحراء الإفريقية جنوبا وإلى قسنطينة في الجزائر غريا ‪ .‬وعثر على بدايات‬ ‫لتجمعات قرى قديمة ‪ .‬من خلالا لتراكم العقد للهياكل البشرية ‪ .‬ويعلل الباحشون على‬ ‫صلات وثيقة بين اثار السبيل في جنوب مصر وبين قفصة في جنوب تونس ‪ .‬حيث كانت‬ ‫مناطق شمال الصحراء الإفريقية مازالت رطبة ("‪.‬‬ ‫وتقوى تلك الآثار من الآراء القائلة بالأهمية الحضارية لقارة إفريقية في مسيرة‬ ‫الإنسان في مرحلة جمع الطعام والصيد والقنص ‪ .‬وان بدايات الثورة الحضارية صوب‬ ‫التحول إلى الزراعة المستقرة ‪ .‬قد بدأت هى الأخرى داخل القارة الإفريقية ‪ .‬ولم يكن‬ ‫توصل الإنسان في هذه المنطقة إلى هذا المستوى العالي من التفكير والإنتاج منبعثا من‬ ‫تفوقه البشري ‪ .‬بل كان نابعا من تجاربه المحلية الطويلة للانسان الذي سبقه في تلك‬ ‫المنطقة أيضا ‪ .‬بالاضافة إلى ظروفه الجيدة ‪ .‬التى يسرت له في كثير من الأحيان الوقت‬ ‫الكافي للنأمل ‪ .‬وماكادت الألف الخامسة تبدأ في الظهور إلا وإنسان إفريقية قد بدأ‬ ‫سبيله صوب حياة مستقره ‪ .‬فبدأ في بناء تجمعات أشبه بقرى مستقرة ‪ .‬ويبدو آن وجود‬ ‫آثار مرحلة الاستقرار في شمال القارة كانت مرتبطة بعمليات زحف الجفاف عبر حزام‬ ‫الصحراء ‪ .‬فبدأ الإنسان يتجه إلى أماكن الأنهار والأودية وحول البحيرات ‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬العصر الححري الحديث ‪:‬‬ ‫ترتب على التغيرات البيئية الكبري التى شهدتها افريقية منذ نهاية العصر الحجري‬ ‫القديم ‪ .‬تغيرات حضارية جديدة ‪ .‬ذلك أن الجفاف أتجه شمالا ‪ .‬وحلت فترات الجفاف في‬ ‫المناطق المطيرة وهددت تلك الفترات الجافة مناطق الأودية والسهول والبحيرات ‏‪ .٠‬ويعتبر‬ ‫هذا الأمر تحديا للإنسان وتهديدا لكيانه ‪ .‬مما أدى إلى قيام الإنسان بالعمل المتواصل من‬ ‫أجل التحكم ‪ .‬بقدر ما ‪ .‬في ظروفه البيئية أو ما يعرف بنظرية التحدي والإستجابة‬ ‫(" وعلى ذلك فقد بدأ الإنسان محاولاته الأولى في‬ ‫لمة واح‪.‬‬ ‫إنشاء القنوات والسدود ‪ .‬وأدى ذلك إلى أن الإنسان بدأ يلمس عمليات الإنبات الجيدة‬ ‫للمناطق الطينية التى تتكون على ضفاف السدود والقنوات ‪ .‬فظهرت بدايات الاتجاه نحو‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫‪ ٠‬ص‬ ‫‪.‬ا مرجع اللا بق ‪ « .‬‏‪١‬‬ ‫‏) ‪ ( ١‬جوليا ن‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‏) ‪ ( ٢‬توينبي ‏‪ ١ ٠‬مرجع ا لسا بق‬ ‫_‬ ‫‪٦٧‬‬ ‫الزراعة والتحول الحضاري الجديد الذي تبع ذلك من ضرورة الاستقرار حول النبات ومتابعة‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫الإنتاج‬ ‫الجمع إلى نظام‬ ‫من نظام‬ ‫‏‪ ٠‬والتحول‬ ‫موه‬ ‫وكانت منطقة وادى النيل في مصر ‪ .‬في الركن الشمالي الشرقي لقارة إفريقية ‪.‬‬ ‫هى التى يشير إليها العلماء بأنها حملت أول ثورة حضارية لهذا العصر بسبب انتظام‬ ‫عمليات جريان النهر من الجنوب إلى الشمال في معظم الفترات ‪ .‬مما أدى إلى هجرات‬ ‫مستمرة للجماعات البشرية من الجنوب ومن الغرب والجنوب الفريي للإستقرار على‬ ‫ضفاف نهر النيل (' الذي يحمل كل عام كميات هائلة من الطين كافية لتجديد خصوبة‬ ‫ضفتيه ‪ .‬الأمر الذى لمسه الإنسان الذي أستقر على تلك الضفاف ‪ .‬كما لاحظ الإنسان‬ ‫انتظام كثير من الظواهر الطبيعية ‪ .‬وبدأت خبرة الإنسان تزداد في تلك المناطق حينما‬ ‫تابع كثير من تلك الظواهر مثل فصل الفيضان والجفاف وغير ذلك ‪.‬‬ ‫وفي منطقة بلاد المغرب بشمال إفريقية اتجه الإنسان الإفريقي إلى الرعى بسبب‬ ‫اختلاف الظروف البيئية ‪ .‬حيث لا تتوفر لديه أودية كبيرة للإستقرار ‪ .‬أو مساحات من‬ ‫الأراضي المستوية "' واعتمد الإنسان في تلك المنطقة على السكنى في الكهوف‬ ‫والمغارات وإن كانت تتم في أماكن متقاربة ‪ .‬ومن أهم المراكز الأثرية التى تنتمي إلى تلك‬ ‫المرحلة ‪ .‬في بلاد المغرب كهف دار السلطان في نواحى الرباط بالمغرب الأقصي ‪ .‬وموقع‬ ‫أفتيح في الجبل الأخضر في برقة ‪ .‬وقرية وادبهت في المغرب الأقصي ‪.‬‬ ‫وترك الإنسان آثارا هامة في تلك المنطقة تنتمي إلى العصر الحجري الحديث مثل‬ ‫الأواني الفخارية المصقولة المزينة وكذلك الأجران ومدقاتها والرحى والأسلحة الحجرية ‪.‬‬ ‫كما عثر على كثير من النقوش التى سجلها إنسان هذا العصر على صخور المضاب‬ ‫والكهوف والجبال ‪ .‬وهى نقوش تعبر عن أفكار الإنسان وتأملاته وظروفه الحياتيه المحيطة‬ ‫به ‪ .‬وتوجد في تلك النقوش تأثيرات متداخلة لمواقع هذا العصر ‪ .‬خاصة من قبل الإنسان‬ ‫الذي عاش على ضفاف وادي النيل "'‪.‬‬ ‫(‪ )١‬تقابل تلك المرحلة الحضارية ‪ -‬عمليات الإستقرار والتحول إلى الأنتاج في حضارة بلاد الرافدين‪. ‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪١ ٥٣‬‬ ‫‪ ٠‬المرجع السابق‪ ٠ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫) ‪ ( ٢‬الناضررى‪‎‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫ا‪١ 0٥ ‎‬‬ ‫‪ ٠‬المرجع السابق‪ ٠ ‎‬ص‬ ‫)‪ ( ٣‬الناضوري‪‎‬‬ ‫_‬ ‫‪٦٨‬‬ ‫ويبدو أن البربر (" كانوا قد تمكنوا من الاستيطان في منطقة الشمال الإفريقي‬ ‫ضمن عائلة من عائلات الشعوب الحامية التى اختلطت بالشعوب السامية ‪ .‬ويدأت في‬ ‫ذلك في منطقة شمال إفريقية منذ العصر الحجري القديم الأعلى والعصر الحجري الحديث ‪.‬‬ ‫وهذا الأمر يعتبر ثورة عرقية جديدة لشمال إفريقية مازالت آثارها حتى اليوم ‪.‬‬ ‫ومازالت مراكز الدراسات الأثرية تهتم أهتماما خاصا بالصخور المنقوشة في‬ ‫منطقة شمال افريقية لما لها من أهمية في كشف مراحل العلاقات بين حضارات الشرق‬ ‫الأدنى القديم وإفريقية من جهة وبينها ويين أوروبا من جهة ثانية ("' ويلفت من كثرتها‬ ‫في منطقة شمال افريقية أن الأهالي يسمونها " الحجرات المكتوبة " أو“الحجارة المكتوبة "‬ ‫ومن أهم الباحشين في هذا المجال ‪ .‬فلمون ‏‪ 30٢0‬‏‪٣‬ا الذى قضى في هذا المجال أربعين‬ ‫سنة ‪ .‬وقونيه ؟‪٥‬الا‪.)0‬‏ ويروى األاعا‪ .‬ومونود ‪ .00001‬وغيرهم ‪ .‬وقد تخصصت كل‬ ‫مجموعة منهم ضمن مناطق معينة في بلاد البربر "" ‪.‬‬ ‫ومثل نقوش حجر الصوان أقدم مرحلة من مراحل النقش على الحجارة ‪ .‬وهى تأخذ‬ ‫شكل خطوط عريضة وعميقة (‘'‪ .‬كما كانت صور الإنسان تحمل في طياتها توصل‬ ‫الإنسان إلى صناعة ملابس تفيه البرد أو الحر وتستر عورته ‪ .‬وكانت تلك الثياب‬ ‫مصنوعة من جلد الحيوان ‪ .‬وبعض الرسومات تحمل صورا فيها غطاء للرأس من الريش ‪.‬‬ ‫‏‪."٨‬‬ ‫كما ظهرت الأسلحة الحديثة مثل القوس والسهام والعصى والتروس‬ ‫ويدأت منذ تلك المرحلة بدايات الاعتقادات في العالم الآخر ‪ .‬وكانت مصر من أسبق‬ ‫المناطق الحضارية توضيحا لتلك العقيدة فقد خلد الإنسان في مصر اعتقاده في هذا الصدد‬ ‫تخليدا فانقا أكثر من أى منطقة أخرى في العالم ‪ .‬حيث ترك مقابر خاصة للمتوفى تفوق‬ ‫عمارتها عمارة المنازل ‪ .‬وتطورت في تلك الفترة عمارة القبور تطورا كبيرا‪ .‬وكانت‬ ‫(‪ )١‬يسمون أنفسهم الأمازيغ أى الأحرار‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬جوليان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪. ٥٨ ‎‬‬ ‫)‪ (٣‬جوليان المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٥٩ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬أكثر الأشكال رسوم لحيوانات ضخمة مثل الجاموس أو الفيلة‪. ‎‬‬ ‫‪. ١٥٣‬‬ ‫(‪ )٥‬الناضوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫_‬ ‫‪٦٩‬‬ ‫العقيدة لها أهمية خاصة في البيئة المصرية أكثر من المناطق الأخرى فقد كان الخلود من‬ ‫حق الآلهة والبشر عند المصريين ‪ .‬بينما كانت من حق الآلهة فقط عند أصحاب الحضارات‬ ‫الأخرى (''‪ .‬ويدأ ظهور الرموز في الاعتقادات الدينية حيث رمز اللون الأحمر إلى جريان‬ ‫الام واستمرار الحياه ‪ .‬ومع تلك الاعتقادات بدات عمليات نمو المجتمعات على ضفاف‬ ‫وادي النيل وتنظيم أمور الدفاع ضد التسللات السامية التى بدات تلوح من الصحراء‬ ‫ومن الشرق ‪.‬‬ ‫ما قبل ا لتاريخ "‬ ‫تكرين عصر‬ ‫مرحلة عصر الحجر وا لنحاس"‬ ‫ثالغا"‪:‬‬ ‫يحدد العلماء تلك المرحلة بالتطور الذي طرأ على الإنسان حينما قام بمد نشاطه‬ ‫الاتتصادي خارج إقليمه وحدود قريته ‪ .‬وأنشأ علاقات مع التجمعات البشرية المجاورة ‪.‬‬ ‫وبدأت في تلك المرحلة أيضا إمكانيات صهر المعادن ‪ .‬حيث تم التوصل إلى صهر معدن‬ ‫النحاس في منتصف الألف الخامسة قبل الميلاد ‪ .‬وقد بدأ ظهور هذا الخام مستوردا في‬ ‫كثير من المواقع من خارج تلك المواقع ‪ .‬الأمر الذي يدل على قيام علاقات اقتصادية‬ ‫نشطة بين الأقاليم والتجمعات البشرية ‪.‬‬ ‫وأهم المواقع الأثرية الدالة على تلك المرحلة في إفريقية هى حضارة البداري وحضارة‬ ‫الفيوم ‪ .‬حيث طرأ تقدم في صناعات الفخار والأشكال العظمية ‪ .‬وقد تعرضت منطقة‬ ‫وادى النيل في تلك الفترة إلى هجرات وتسللات بشرية منذ نهاية المصر الحجري الحديث‬ ‫‏(‪ )١‬احتفظت الآثار المصرية القديمة بجانب كبير من الأمور المرتبطة بالدين أكثر من رتباطها بالجوانب‬ ‫الدينية سواء من المقابر والأهرامات والمومياه ‪ .‬وقد أستخدم الفراعنه في إقامة مبانيهم الدينية مواد‬ ‫أفضل من تشييد بيوتهم ‪ .‬كما شيدوها في أماكن جافة صحراوية بعيدة عن السكان والأرض‬ ‫الزراعية ‪ .‬وكان الهرم أفضل وسيلة لكي يحقق الفراعنة الدوام لقبورهم ضمن فكرة الخلود ‪ .‬وكان أول‬ ‫هرم هو هرم الملك زوسر من الأسرة الثالثة الذي صممه المهندس أمنحوبت ‪ .‬وهو أول بناء حجرى ضخم‬ ‫يشيد في تاريخ البشرية ‪ .‬وكان المصريون يدفنون موتاهم قبل ذلك في بناء من الطوب يسمى‬ ‫مصبطة حاليا ‪ .‬مما جمل فكرة أول هرم مدرج يتكون من عدد من المصاطب ‪.‬‬ ‫وقد عدل تصميم الهرم في الأسرة الرابعة إلى الهرم الحقيقي ‪ .‬وأشهر الأمثلة على ذلك أهرامات‬ ‫خوفو ‪ .‬وخفرع ‪ .‬ومنقرع التى توجد في الجيزه ‪ .‬ويبدو أن عبادة الشمس هى التى أوحت إلى الفراعنة‬ ‫بهذا لشكل المخروطي ‪ .‬التى تم محاكته في بناء الأهرامات ‪ .‬وقد ارتبط هرم خوفو ‪ .‬كغيره من‬ ‫الأهرامات ‪ .‬بأنه بعد الموتى ‪ .‬تقام فيه عبادة الملك الميت ‪ .‬وهناك مر من الحجر يؤدى من هذا =‬ ‫‪.‬سواء من جهة الفرب أو الشرق أو الشمال أو الجنوب ‪ .‬حيث بدأت هجرات واسعة‬ ‫النطاق للجماعات البشرية خاصة في منطقة حوض البحر المتوسط ومنطقة غرب مصر ‪.‬‬ ‫ويمكن تنبع ذلك من يقايا الهياكل والجماجم التى عثر عليها في المقابر والتى تبين‬ ‫دراستها تلك الفوارق البشرية وصراعاتها في تلك المرحلة ("‪.‬‬ ‫وبالنسبة لمنطقة شمال إفريقية وبلاد المغرب ‪ .‬فقد تأخر ظهور تلك المرحلة في تلك‬ ‫المناطق إلى الألفين الثالثة والثانية قبل الميلاد وحسب قرب المناطق وموقعها الحضاري من‬ ‫حضارات وادي النيل ‪ .‬وخاصة منطقة ليبيا التى شهدت علاقات عسكرية وتجارية مع‬ ‫فراعنة مصر منذ الألف الرابع ق ‪.‬م ‪ .‬مما حدا بالليبيين إلى تطوير أسلحتهم ونظامهم با‬ ‫يقترب من التطور المصري ‪ .‬ويذلك أمتد نفوذ حضارة وادي النيل إلى شمال إفريقية‬ ‫صوب الغرب ‪.‬‬ ‫ونظرا لظروف البيئة في معظم قارة إفريقية فإن الإنسان لم يتمكن من التوصل إلى‬ ‫مرحلة إقامة تجمعات بشرية وقرى إلا في مناطق محددة تتسم بموقعها وانبساط أراضيها‬ ‫‪.‬وظلت معظم التجمعات الرعوية تعتمد على سكنى الكهوف أو استخدام خيام ‪ .‬وأنشأ‬ ‫البربر في شمال إفريقية ملاجىء لحمايةثرواتهم من النهب يحرسها رجال مسلحون ‪.‬وظل‬ ‫= إلى حافة الصحراء حيث يقع معبد الوادي الذي يستقبل جثمان الملك ويقيم له الطقوس الواجبة قبل‬ ‫أن ينتقل عبر الممر إلى الهرم ‪.‬‬ ‫ومن ثم فالهرم في جوهره قبر هائل يستهدف حفظ جثمان الملك الميت من الناحية المادية‬ ‫والروحية على السواء ‪ .‬وتتجمع حول الأهرامات قبور حاشية الملك من النبلاء على هيئة مصاطب ‪.‬‬ ‫وظهرت في نهاية الدولة القديمة في مصر العليا نوع جيد من المقابر على أساس قابلية الحفر في‬ ‫المنحدرات الصخرية الصلبة ‪ .‬وينحت هيكل في الصخرة العليا يؤدى إلى ممر رئيسى ‏‪ ٠‬يؤدى بدوره‬ ‫إلى حجرة الدفن ‪ .‬وقد استخدمت سمات معمارية متعددة في دفن فراعنة الدولة الحديثة فيما بعد‬ ‫‪.‬وأحدث هذه القبور المنحوته في الصخر هو قبر سيتي الأول الذي يمتد حوالى ‏‪ ٢١٠‬مترا' ‪ .‬وكان‬ ‫المصريون القدماء يعتقدون أن الملك الميت يصحب آله الشمس في رحلة لكي يشرق معه من جديد ‪.‬‬ ‫أنظر ‪ :‬بارندر ‪ .‬جفري ‪ .‬المعتقدات الدينية لدى الشعوب ‪ .‬ترجمة الدكتور إمام عبدالفتاح ‪.‬‬ ‫مراجعة الدكتور عبدالفتاح المكاوى ‪ .‬عالم المعرفة ‪ .‬العدد ‏‪ . ١٧٢‬ص ‏‪. ٤٠/٣٨‬‬ ‫‏(‪ )١‬الناضوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ١٦١٨‬‬ ‫_‬ ‫‪٧١‬‬ ‫هذا النموذج حتى قدوم الفينيقيين ليأسسوا مدنا هامة على سواحل افريقية الشمالية‬ ‫المطلة على البحر المتوسط‪ .‬‏‪'١١‬‬ ‫وعبد سكان شمال إفريقية آلهة عدة من الحجر والحيوان ‪ .‬ثم ظهرت تأثيرات لآلهة‬ ‫مصرية وفينيقية ورومانية ‪ .‬وظلت لهم حتى بداية العصر الروماني آلهة محلية تسمي ‪.‬‬ ‫أفريكا" رأسها مغطى بجلد فيل ‪ .‬وكانوا يعبدونها في المغارات أو في الأماكن العالية أو‬ ‫بالقرب من العيون والأشجار ‪ .‬ويدفنون موتاهم في قبور على شكل مصاطب ‪ .‬بعد أن‬ ‫ظهرت عندهم فكرة الإيمان باليوم الآخر "'‪.‬‬ ‫‪ :‬عصر ما قبل الأسرات ‪:‬‬ ‫رابعا"‬ ‫وهى المرحلة التى حدثت فيها الدفعة الإنتقالية الهامة نحو العصر التاريخي ‪.‬‬ ‫وبدأت فيها عملية تكوين أساسية للتقاليد الثقافية والدينية والسياسية في منطقة شمال‬ ‫شرق إفريقية وغرب اسيا ‪ .‬حيث وقع اندماج حضاري وترابط اقتصادي وتشابه بيئي بين‬ ‫منطقة غرب آسيا ومنطقة وادى النيل من إفريقية ‪ .‬حتى أصبح واضحا للباحثين أن‬ ‫الإنسان في كل من مصر والعراق هو صاحب الدور الرئيسي في تللك المرحلة ""‪.‬‬ ‫وقدمت إفريقية في تلك المرحلة نموذجا سياسيا تمثل في بوادر الوحدة السياسية التى‬ ‫عرفها الإنسان لأول مرة بعد عمليات معقدة من توحيد الأنماط العقائدية والحروب الطويلة‬ ‫التى دارت بين مملكة شمال مصر وجنوبها ‪ .‬كما يستدل على ذلك من المقابض والنقوش‬ ‫ويظهر فيها انتصار الجنوب ‪ .‬كما بدأت بعد عمليات التوحيد في مصر اتساع صلاتها‬ ‫الخارجية التجارية والحضارية خاصة مع منطقة غرب آسيا وشمال إفريقية ‪ .‬وبدأت‬ ‫عمليات إرسال الحملات والقوافل التجارية من أجل توفير متطلبات مدن الدولة وسكانها‬ ‫وكذلك متطلبات معابدها في المقام الأول ‪ .‬وكانت منطقة شرق افريقية من أهم الجهات‬ ‫التى تتجه صوبها قوافل تجار مصر ‪.‬‬ ‫وفي المجال الثقافي والديني بدأ توصل الإنسان إلى بدايات الكتابة ‪ .‬ليبدأ بها‬ ‫‏‪. ٥٨‬‬ ‫‏‪١٠‬لمرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫() جوليان‬ ‫‏(‪ )٢‬جوليان ‪ .‬المرجع نفسه ‪.‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‏‪٢ ١ ٦‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪ ٠‬ا مرجع ‏‪ ١‬لسا بق‬ ‫‏) ‪ ( ٣‬ا لنا ضوري‬ ‫المصر التاريخي في الألف الرابعة ق‪.‬م ‪ .‬وتمثل ألواح " مينا " مرحلة أولية في الكتابة‬ ‫الهيروغليفية ‪ .‬فقد نظر المصريون إلى الإله حوت ‪ 707‬كاتب الآلهة على أنه مخترع‬ ‫‏‪ 555٨7‬التى يعهد إليها‬ ‫الكتابة ‪ .‬وربطوا بين وظيفته ووظيفة زميلته الإلهه سشات‬ ‫بأرشيف الحوليات الملكية ‪ .‬ولاشك أن الكتابة هامة في مسألة الطقوس الدينية ‪ .‬ولاشك‬ ‫أن الكهنة كانوا يقرأون من نصوص مكتوبة على أوراق البرادى ‪ .‬ووجدت نقوش تحمل‬ ‫أسماء وتعاويذ للموتى ‪ .‬ثم حدث تطور في فنون الكتابة في نقوش أهرامات الأسرة‬ ‫الخامسة والسادسة في سقارة ‪ .‬وأدى استخدام أوراق البردي في الكتابة إلى ابتكارات‬ ‫لغوية أبعد مدى ("" ويدأ عصر جديد من الحضارة العالمية من وادي النيل في إفريقية‬ ‫وهى مرحلة العصور التاريخية ‪.‬‬ ‫ورغم تمكن الإنسان الإفريقي في منطقة وادي النيل وشمال إفريقية من التوصل إلى‬ ‫مراحل حضارية متقدمة أثرت في مسيرة البشرية في المجالات السياسية والدينية‬ ‫والثقافية فإن القارة الإفريقية مازالت تشهد حتى بداية العصور التاريخية الحديثة نماذج‬ ‫من مدنيات تنتمي إلى عصور متأخرة حضاريا رغم أن بعض تلك الأماكن كان لها‬ ‫نشاطها الحضاري الواضح في العصور الحجرية ‪.‬‬ ‫ويبدو أن عامل العزلة وظروف الموقع بالإضافة إلى الظروف البيئية القاسية من‬ ‫صحراء عازلة وسواحل مجهولة الإتصال وغابات كثيفة عالية وأحراج ومستنقات كان لها‬ ‫أكبر الأثر في عزل بعض الجماعات الإفريقية ("" ‪ .‬من مناطق جنوب الصحراء لتظل على‬ ‫مستوياتها الحضارية التى كانت عليها حتى وصلها الإسلام فعدل من سلوكها وهذب من‬ ‫عاداتها وارتفع بمستواها واستغل طاقات أبنائها ‪ .‬حتى ظهرت لنا في النهاية دول حديثة‬ ‫متطورة ‪ .‬لكن مازالت هناك مناطق ظلت على نمطها القديم حتى بداية العصور الحديثة ‪.‬‬ ‫وكانت منطقة النوبة ‪ .‬جنوب مصر ‪ .‬ومنطقة تشاد في وسط إفريقية ‪ .‬من أهم‬ ‫مناطق القارة ارتباطا بالمسيرة الحضارية الفرعونية ‪ .‬فالأولى لعلاقاتها الوثيقة مع‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٤ ٢‬‬ ‫‏‪٠ ٤ ١‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫المرجع السابق‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‏) ‪ ( ١‬بارندر‬ ‫‏(‪ )٢‬حتى أن هناك مناطق مازال الإنسان يعيش في مرحلة جمع الطعام والصيد الآمر الذى يؤدى إلى‬ ‫تناقض واضح بين المستويات الحضارية للقارة وصعوبة وضع جدول أو سلم حضاري لها ‪.‬‬ ‫‪٧٢‬‬ ‫الفراعنة وأعتمادها على شريان واحد هو نهر النيل مما أدى إلى تشابه كبير في الجوانب‬ ‫والظروف الحضارية ‪.‬‬ ‫أما منطقة تشاد فقد ارتبطت بمصر عبر منطقة الواحات ودرب الأربعين بعلاقات‬ ‫وثيقة ‪ .‬ويظهر من الإكتشافات الحديثة تأثر التشاديين بالآلهة الفرعونية ‪ .‬كما أن سكان‬ ‫منطقة تشاد وصلوا إلى مرحلة متقدمة حضاريا في عصر الحجر والنحاس ‪ .‬حينما تجمع‬ ‫الإنسان حول بحيرة تشاد بعد سيادة الجفاف في شمال البحيرة ‪ .‬وظهرت مدينات راقية‬ ‫في تلك الأماكن ‪ .‬واتبعوا تقاليد دينية متأثرة بالفراعنة في دفن الموتى وفى صنع أدواتهم‬ ‫وأشكال آلهتهم ‪ .‬وكانت لهم حيواناتهم المقدسة ‪ .‬إذ كان لكل مدينة حيوانات مقدسة‬ ‫يقوم على خدمتها كهنة ‪ .‬كما كانت الأشحار الكبيرة موضعا للتقديس أيضا ‪ .‬لما لها من‬ ‫تأثير في عمليات الخصوبة والنمو ا" ‪.‬‬ ‫وفي منطقة ساحل خليج غينيا ‪ .‬حيث الغابات الإستوائية ‪ .‬عرفت شعوب تلك‬ ‫المناطق مظاهر عصر المعادن في فترة متأخرة ‪ .‬وخاصة تعدين خام الحديد والذهب ‪ .‬وظلت‬ ‫تلك المناطق مرتبطة بتلك السلع حتى العصور الحديثة ‪ .‬وظلت شعوب تلك المناطق بعيدة‬ ‫عن الاستقرار الجماعي في شكل مدن وقرى حتى مرحلة تاريخية متقدمة ‪ .‬ولم تعرف تلك‬ ‫المدينات الاستقرار إلا في العصور الحديثة في غالب الأمر ‪ .‬ويتضح أيضا وجود تأثيرات‬ ‫قديمة وصلت من وادى النيل إلى تلك المناطق ‪ .‬ويبدو أن البرتغاليين قد لاحظوا على‬ ‫ساحل غينيا مناطق تؤله ملوكها وتعتقد أنه سليل السماء "" ‪.‬‬ ‫كما ظلت قبائل الأشانتي في ساحل العاج وغانا وقبائل الموسى على بدائيتها حتى‬ ‫بدايات العصور الحديثة ‪ .‬ولم يتمكن من الإفلات من التخلف إلا الجماعات التى احتلت‬ ‫بالمسلمين في الشمال في العصور الوسطى ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬قداح ‪ .‬نعيم ‪ .‬حضارة الإسلام وحضارة أوروبا في افريقية الغربية ‪ .‬ص‪. ٦١٠ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬قداح ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٦١٢ ‎‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫إفريقية في سياسات العالم القديم‪‎‬‬ ‫تمخضت التطورات الحضارية الشاملة التى شهدتها منطقة الركن الشمالي الشرقي‬ ‫من إفريقية منذ العصر الحجري الحديث ى وما تبع ذلك من عصور ما قبل الإسلام ‪ .‬عن‬ ‫نتائج حضارية هامة جعلت منها مركزا مبكرا لبداية العصور التاريخية ‪ .‬حيث ارست‬ ‫الحضارة المصرية القدمة نماذج حضارية جديدة قبل غيرها من المناطق الحضارية الأخرى ‪.‬‬ ‫ونظرا لضخامة التراث الأثري التى تركته تلك الحضارة ‪ .‬وانكباب العديد من‬ ‫الهيئات والمؤسسات المتخصصة على دراسته وتحليله ‪ .‬وكذلك لظهور العديد من المؤلفات‬ ‫والدراسات حول تلك الحضارة واستمرارها ‪ .‬فإننا لن نتبع تلك الحضارة في عصورها ‪.‬‬ ‫ولكن نركز على الأثر الذي تركته في منطقة‪,‬افريقية وحوض البحر المتوسط والشرق‬ ‫الأدنى‪.‬‬ ‫فعلى الرغم من التقدم الحضاري الفرعوني في عهد الدولة القديمة ‪ .‬فقد بدأت‬ ‫مظاهر تحول جديدة في الحضارة المصرية إلى الأمام ‪ .‬لعدة أسباب منها ما يتعلق بالجوانب‬ ‫الإنتصادية والسياسية والإجتماعية والثقافية ‪ .‬ذلك أن مظاهر الإنتاج المادي الذي‬ ‫توصلت إليه التجربة المصرية فى كافة جوانب الحياة الإقتصادية وفي المشروعات المدنية‬ ‫والحربية ‪ .‬قد أثر على القيم المصرية ‪ .‬حيثاستنزفت طاقات من قدرات الدولة ‪.‬كما‬ ‫‪ .‬مما أدى إلى إنقلاب في‬ ‫بدأت الجماعات السامبة تتحرشبالدولة وتتأهب للتسلل (‬ ‫المفاهيم المصرية القديمة من حيثكونها تعتمد على توقير الملك الإله للأمن والطمأنينة‬ ‫للوطن والمواطن ‪ .‬وبدأت بوادر التحرر من حرفية تلك القيم ‪ .‬وتطور الأمر !إلى مرحلة‬ ‫ثورة اجتماعية جديدة ‪ .‬يبدو أنها الأولى من نوعها في تاريخ البشرية ‪ .‬حيثث بدأت قيم‬ ‫جديدة تظهر لدى المواطن من المطالبة بالمساواة بين كافة أفراد المجتمع في الحقوق المدنية‬ ‫")‬ ‫والدينية والأخروية‬ ‫(‪ )١‬فخرى ‪ .‬أحمد ‪ .‬دراسات في تاريخ الشرق القديم ‪ .‬ص‪. ٤١ ‎‬‬ ‫‪. ٣ ٢ .‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١ ٠‬مرجع ا لسا بق‪‎‬‬ ‫) ‪ ( ٢‬ا لنا ضرري‪‎‬‬ ‫س‬ ‫‏‪٧٥‬‬ ‫وتعتبر هذ المرحلة التى وصل إليها الإنسان في وادي النيل من أخطر مراحل التاريخ‬ ‫الإنساني المبكر ‪ .‬ومن حيث أنها أول محاولة إنسانية تهدف إلى تحقيق العدالة‬ ‫الإجتماعية في مجتمع أشبه بجزيرة حضارية آنذاك ‏‪."١‬‬ ‫ونتيجة لتلك التجارب الطويلة بالنسبة للشعب وحكومته ‪ .‬نشأت الحكومات‬ ‫المستقرة ‪ .‬وظهرت التشكيلات الاجتماعية والسياسية والإقتصادية ‪ .‬وتمكنت القارة‬ ‫الإفريقية ممثلة في حضارة وادي النيل من إرساء بدايات التقدم العلمي في العلوم‬ ‫الرياضية والفلكية والهندسية والطبية ‪ .‬كما شملت جوانب التقدم المجالات الإقتصادية‬ ‫من زراعة وصناعة وتجارة ‪ .‬وبدأت مرحلة تالية من التوسع في المناطق المجاورة وخلق ما‬ ‫يعرف بالمجال الحيوي ‪ .‬وبدأت مراحل الصراع الحضاري والعسكري بين حضارات وادي‬ ‫النيل الإفريقية ‏‪ ٠‬مع حضارات بلاد الرافدين الآسيوية خاصة في المصرين البابلي‬ ‫والآشوري ‪ ""( .‬وقد أثر هذا الصراع الطويل بين القطبين السابقين على أوضاع منطقة‬ ‫سوريا وفلسطين ‏‪. '"١‬‬ ‫وشمل التنافس الحضاري بين بلاد الرافدين وبين وادي النيل طيلة الألف الثالث ق‬ ‫‪.‬م ‪ .‬إلى أن دخلت قوى جديدة في هذا الإطار خلال الألفين الثاني والأول ق ‪.‬م ‪ .‬حينما‬ ‫ظهرت قوى الفينيقيين والحيثيين والفرس ‪ .‬ثم ظهرت قوى الاغريق والرومان ‪.‬‬ ‫وهكذا ظلت الحضارة الفرعونية طيلة عصورها خير ممثل لإفريقية في التنانس‬ ‫الحضاري سواء في منطقة الشرق الأدنى أو فى منطقة حوض البحر المتوسط ‪ .‬كما تمكنت‬ ‫تلك الحضارة لفترات زمنية طويلة من حماية قارة إفريقية من جهة الشمال الشرقي ‪ .‬وهى‬ ‫الجهة الوحيدة التى تتصل بالبابس الآسيوى عبر سيناء ‪ .‬تمكنت من حماية إفريقية من‬ ‫موجات الجماعات السامبة والهندوأوروبية التى كانت في حركة مستمرة في منطقة شبه‬ ‫الجزيرة العربية والهلال الخصيب ‪ .‬وحتى الجماعات القليلة التى تمكنت من التسلل سرعان‬ ‫ما ذابت في أتون حضارة المصريين ‪.‬‬ ‫‪ )١‬ولسن ‪ .‬الحضارة المصرية ‪ .‬ترجمة د ‪ /‬أحمد فخري ‪ .‬ص‪. ٢٠٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الناضوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٣٤٤ ‎‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪ 0‬ن‪‎‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪: .78‬‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫‪٧٦‬‬ ‫ورغم حالة الضعف التى ألمت بالحضارة الفرعونية في بداية الألف الأول ق ‪ .‬م فإن‬ ‫منطقة الشرق الأدنى قد شهدت حالة جديدة من الانتعاش الحضاري خاصة منذ القرن‬ ‫السابع ق‪.‬م ‪.‬بل أن تلكالنهضة شملت العالم ‪ .‬حيث انتشرت تعاليم كونفوشيوس ‪.‬‬ ‫وفلاسفة الهند (" ‪ .‬وإنتشرت الديانة الجينية في جنوب وجنوب شرق آسيا ‪ .‬ويدأت ديانة‬ ‫زرادشت فى الإنتشار في إيران وأقاليم الإمبراطورية التابعة لها ‪ .‬وأخذت اليونان تتقدم‬ ‫بخطى سريعة كمقدمات لظهور قوة المقدونيين ‪.‬‬ ‫وتأثرت مصر وإفريقية بهذا الوضع ‪ .‬فظهرت نهضة فرعونية جديدة منذ الأسرة‬ ‫السادسة والعشرين ‪ .‬ولعب ملوك تلك الأسرة دورهم بجدارة في مرحلة التنافس الحضاري‬ ‫الجديد ‪ .‬حيث كان التنافس والصراع التجاري قد بلغ أشده بين القوى العالمية الجديدة ‪.‬‬ ‫خاصة للوصول إلى تجارة إفريقية وتجارة المحيط الهندي ‪ .‬فظهرت دراسات مصرية جديدة‬ ‫زمن الملك نكاو الثاني لمحاولة إعادة تنفيذ المشروع الإستراتيجي الجديد ‪ .‬الذي بدأ منذ‬ ‫ملوك الأسرة الثانية عشر ‪ .‬من حيث وصل البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر بواسطة‬ ‫نهر النيل عبر حفر قناة في شرقالدلتا على مقرية من البحيرات المرة التى تمر بها قناة‬ ‫السويس الحالية ‪.‬لكن الحكومة اضطرت إلى وقف المشروع نزولا على مشورة كهنة هيكل‬ ‫مدينة بوتو ‪ .‬لأنهم أدركوا أ ن تنفيذ هذا المشروع سيجعل من مصر وأرضها معبرا‬ ‫للشعوب الأخرى التى كانت في صراع فيما بينها في معظم الوقت "" ‪.‬‬ ‫ويبدو أن شعوب البحر المتوسط كانت تواقه للوصول مباشرة إلى مياه المحيط‬ ‫الهندي لجلبسلع وتجارات إفريقية من سواحلها الشرقية ‪.‬وكان الفينيقيون أكثر تلك‬ ‫الأمم حرصا على هذا الأمر ‪.‬وخاصة بعد سيطرتهم على تجارة البحر المتوسط فى الآلف‬ ‫الأول ق ‪.‬م وأنشائهم سلسلة من المستعمرات والمراكز التجارية على سواحل البحر المتوسط‬ ‫‪ .‬وكان أهمها قرطاخبة ‪ .‬‏‪'٢‬‬ ‫بدأت السفن الفينيقية تحاول الوصول إلى مياه المحيط الهندي بخبرتها الخاصة من‬ ‫القيام بمحاولات للالتفاف حول سواحلرافريقية من الغرب إلى الشرق ‪ .‬او من الشرق إلى‬ ‫‏(‪ )١‬تاريخ العالم ‪ .‬تأليف مجموعة من المؤرخين السوفيت ‪.‬ج‪١‬‏ ‪ .‬ص ‏‪. ١١٧١‬‬ ‫‏‪..٨‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‪ .‬ا مرجع السا بق‬ ‫‏) ‪ ( ٢‬فنخرى‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪١٣‬‬ ‫‪ ٠‬ص‬ ‫‪ .‬تا ريخ ا فريقية الشما لية ‪ .‬ج ‏‪١‬‬ ‫‏) ‪ ( ٣‬جوليا ن‬ ‫_‬ ‫‪٧٧‬‬ ‫الفرب ‏‪ .٠‬حيث توجد أدلة دامغة على النشاط البحري الفينيقي على سواحل إفريقية‬ ‫الشمالية المطلة على المحيط الأطلسي ‪ .‬كما ظهرت أدلة أخرى من قبل نصوص الفراعنة‬ ‫تؤكد وجود تعاون بين الفراعنة ويين الفينيقيين على أساس الاشتراك في محاولة للالتفاف‬ ‫حول سواحل إفريقية ‪ .‬واكتشاف مجهولات تلك السواحل ‪ .‬وقد تمت تلك المحاولة زمن‬ ‫الملك نكاو الثاني ‪'( .‬حيث أبحرت عدة سفن فينيقية عبر البحر الأحمر مستفيدة من‬ ‫نفوذ مصر في تلك النواحي منذ الأسرة الثانية ‪ .‬في الدولة القديمة وقد عادت تلك الحملة‬ ‫البحرية الفينيقية بعد ثلاث سنوات بعد أن دارت حول رأس الرجاء الصالح ‪ .‬ثم دارت‬ ‫حول سواحل إفريقية الغربية ودخلت إلى البحر المتوسط عبر بوغاز جبل طارق "' ‪ .‬وهو‬ ‫الأمر الذي يدلل على الدور البحري السابق للفراعنة والفينيقين في إفريقية قبل ظهور‬ ‫الأساطيل الأوروبية في العصور الحديثة ‪.‬‬ ‫لقد كانت مصر حريصة على علاقاتها مع إفريقية منذ البداية ‪ .‬لأسباب استراتيجية‬ ‫وإقتصادية ‪ .‬فمصر عبارة عن صحراء جافة حولتها مياه النيل إلى جنة خضراء ‪ .‬كما ذكر‪.‬‬ ‫هيرودوت من أن مصر " هبة النيل " ‪ .‬من هنا فقد بدأ حكام مصر في البحث عن مصادر‬ ‫مياه نهر النيل والتوصل إلى معرفة أسباب الجفاف والفيضان ‪ .‬ويدأت محاولات جادة‬ ‫لاختراق قلب القارة الإفريقية في عصر الدولة القديمة ‪ .‬في عصر " خع سخموى " آخر‬ ‫"فراعنة الأسرة الثانية ‪ .‬والملك " زوسر " ‪ .‬أول ملك للأسرة الثالثة ‪ .‬كما واصل الملك‬ ‫ساحورع " من الأسرة الخامسة عشرة هذا الدور ‪ .‬حتى أن العلماء ينسبون إليه وضع المسار‬ ‫البحري الثابت بين مصر وسواحل إفريقية الشرقية خاصة منطقة القرن الإفريقي ‪ .‬‏‪'"١‬‬ ‫وبذلك وضع الفراعنة أسس العلاقات بين عالم البحر المتوسط وبين شرق إفريقية‬ ‫حيث نشطت سلسلة الموانىء المصرية المطلة على البحر الأحمر عبر دروب صحراء مصر‬ ‫الشرقية ث ويدأت أحلام سكان البحر المتوسط تتحقق في الوصول إلى سلع المحيط الهندي‬ ‫وإفريقية الشرقية والحصول عليها ‪ .‬لما لها من أهمية كبيرة لديهم خاصة في الجوانب‬ ‫(‪ )١‬فخري ‪ .‬المرجع السابق‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬فخرى ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٤٨ ‎‬‬ ‫‏‪ () ٠‬الناصري ‪ .‬سيد أحمد ‪ .‬دكتور ‪ .‬دور مصر التاريخي بين شبه الجزيرة العربية وإفريقية ‪ .‬جامعة‬ ‫‏‪. ٥‬‬ ‫القاهرة ‪ .‬ص‬ ‫_‬ ‫‪٧٨‬‬ ‫الدينية (" وظهرت قوة أهل كريت في الوساطة بين البحر المتوسط ويين البحر الأحمر ‪.‬‬ ‫فكانوا يحملون من مصر البقول والسلع الإفريقية مثل العاج والجواهر والذهب لبيعها في‬ ‫مناطق إفريقية ‪ .‬وينقلون إليها زيت الزيتون والنبيذ وأخشاب لبنان ‪ .‬حتى أن الفراعنة‬ ‫‏‪٨206‬‬ ‫سمحوا لهم بإنشاء ميناء الهم على أرض مصر في شمال الدلتا في فاروس‬ ‫وكان بمثابة مكتب لهم في أرض مصر وإفريقية ‪'"( .‬‬ ‫ومن خلال تتبعنا لمحاولات التوغل المصري في القارة الإفريقية برا ويحرا يمكننا‬ ‫تحديد طابع العلاقات بين الطرفين وجوانب ب التأ ثيرات المصرية في القارة ‪ .‬خاصة منطقة‬ ‫جنوب الصحراء الإفريقية ‪ .‬المعروفة بالحزا م السوداني ‪ .‬حيث أصبحت الحضارة المصرية‬ ‫في معظمها نتاج القارة الإفريقية ‪ .‬من هنا نقد كثرت محاولات التوغل وإرسال العديد‬ ‫من الحملات إلى النوبة وكانت رحلة الرحالة " حرخوف " أهم تلك الرحلات ‪ .‬زمن الفرعون‬ ‫"مرترع " والذي وصل فيها إلى وسط القارة عبر بلاد النوبة (" ومازالت النصوص‬ ‫الفرعونية تحمل أخبارا عديدة حول تلكالرحلات ‪ .‬وتفصيلات عن أخبار شعوبها وأهم‬ ‫سلعها ‪.‬‬ ‫وأصبح لتلك المحاولات المصرية الأثرالكبير في كشف القارة الإفريقية ووصلها‬ ‫مركز مدينات العالم القديم في الشرق الأدنى وحوض البحر المتوسط ‪ .‬بالإضافة إلى حمل‬ ‫ا ‪.‬ولذلك ازدهرت‬ ‫سلع ومنتجات إفريقية وتزويدها بما تحتاجه من المواد التى تنقصها‬ ‫الملاحة النهرية في إفريقية لتشكل مع الدروب الصحراوية والطرق البرية سلسلة هامة من‬ ‫طرق التجارة في التاريخ القديم ‪.‬ورعى الحكام بأنفسهم أمن التجارة والتجار في تلك‬ ‫العصور ‪.‬وكانت تلكالفترة " الفترات التى أيقظت الشعوب والجماعات الإفريقيةث" ‪.‬‬ ‫ووصلت التأثيرات الفرعونية إلى أواسط إفريقية وغربها عبر درب الأريعين ويلاد‬ ‫النوبة وعبر بحيرة تشاد ‪ .‬التى كانت مركزا حضاريا هاما لوسط القارة ‪ .‬واستمرت‬ ‫‪. ٦١٧‬‬ ‫(‪ )١‬حوراني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬لوفران ‪ .‬تاريخ التجارة ‪ .‬ص‪. ١٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الناصري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬زاهر رياض ‪ .‬كشف القارة الإفريقية ‪ .‬ص‪ .١١ / ٩ ‎‬القاهرة‪. ١٩٦٩ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬الزياتي ‪ .‬وصف إفريقية ‪ .‬ص‪. ٤٩١‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٧٩‬‬ ‫قوافل المصريين في التوغل في خط السافانا حتى وصلت إلى نهر النيجر ومنطقة‬ ‫السنغال" ‪ .‬كما توجد أدلة حالية على وجود تأثيرات مصرية فرعونية عند شعوب‬ ‫منطقة الكونغو وداهومى والكاميرون ‪ .‬تدل على علاقات مزدهرة بين الطرفين في السابق‬ ‫‪ .‬ومازالت جوانب كثيرة من العقائد الوثنية والعادات الإجتماعية عند تلك الشعوب‬ ‫تحتوي على سمات للحضارة الفرعونية ‪ .‬كما لاحظها الباحثون "" ‪.‬‬ ‫ولما كانت رحلة " حرخوف " قد تمكنت من الوصول إلى بلاد السودان الشرقي ‪ .‬بعد‬ ‫أن استفادت من رحلات الفراعنة السابقة ‪ .‬حيث وصفت تلك الرحلة ظروف بلاد إفريقية‬ ‫الوسطى من وجود حشائش وأشجار قصيرة وأحراش ‪ .‬وهو نطاق السافانا ‪ .‬ثم توغلت‬ ‫جنويا إلى الغابات الإستوائية ‪ .‬حيث هال أفرادها مارأوه من تشابك الفابات وعظمتها‬ ‫وكشافتها ‪ .‬ثم شقوا طريقهم من خلالها إلى أن أعياهم الاستمرار بين تلك الفابات‬ ‫الكثيفة ذات الأشجار الضخمة كما وصفت الحملة أقوام الأقزام وعاداتهم وأحوالهم "" ‪.‬‬ ‫وتوغلت حملات أخرى صوب الغرب حتى وصلت عبر بحيرة تشاد إلى بلاد السودان‬ ‫الغربي حيث توطدت العلاقات بين ممالك غرب السودان ويين الفراعنة ‪ .‬ويذكر البعض‬ ‫بوجود تأثيرات فرعنونية في ثقافة أهل غانة من الأشانتي وأن هناك هجرات من المصريين‬ ‫كانت تتجه إلى تلك الجهات وأن الطرق التجارية كانت نشطة بين الطرفين (""‪.‬‬ ‫عادت العلاقات بين المصريين وأواسط القارة في الأزدهار من جديد منذ المصر‬ ‫البطلمي منذ منتصف القرن الرابع ق ‪.‬م ‪ .‬بعد فترة توقف أبان الغزو الفارسي وغزوات‬ ‫الإسكندر الأكبر لمنطقة الشرق الأدنى ومصر ‪ .‬نظرا لأهميتها ‪ .‬نقد شهد بداية العصر‬ ‫البطلمي في مصر حركة كشوفات جغرافية وعلمية عالمية أختص القسم الأكبر منها بالقارة‬ ‫الإفريقية ابتداء من سواحل البحر الأحمر حتى سواحل إفريقية الشرقية ‪ .‬وكانت لبعثات‬ ‫البرية مستمرة أيضا إلى أعماق القارة الإفريقية سواء عن طريق وادى النيل وروافده ‪ .‬أو‬ ‫‪. ٥‬‬ ‫‪ 4‬ا مرجع السا بق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )١‬النا صري‬ ‫(‪ )٢‬قداح ‪ .‬نعيم ‪ .‬حضارة الإسلام وحضارة أوروبا في إفريقية الغربية ‪ .‬ص ه‪ ١‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫‪.٠ ٥ ٢‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١‬لإفريقية‪‎‬‬ ‫‪ ١‬لقا رة‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬كشف‪‎‬‬ ‫ريا ض‪‎‬‬ ‫) ‪( ٣‬‬ ‫(‪ )٤‬رياض ه المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٥٥ ‎‬‬ ‫عن طريق الطرة‪ ,‬البرية ‪ .‬الأمر الذى أعطى البطالة نفوذا عالميا توارت أمامه باقى أجزاء‬ ‫الإمبراطورية الهلينسية التى تركها الإسكندر الأكبر ‪ .‬وذلك بفضل إمكانيات البطالمة من‬ ‫‏(‪.'١‬‬ ‫مصر وموارد إفريقية من الحديد والنحاس والذهب والعاج والعبيد‬ ‫وقد دفع هذا بطالمة مصر الى العمل على تكوين إمبراطورية عالمية ‪ .‬تمتد جذورها‬ ‫عبر قارة إفريقية ‪ .‬وأصبحت الإسكندرية عاصمتهم ‪ .‬مركز المال والتجارة العالمية "" ‪.‬‬ ‫وأصبحت أشبه ببورصة للأسعار العالية ‪ .‬وأنهالت عليها استثمارات تبار العالم القديم ‪.‬‬ ‫من أجل توظيف أموالهم في سلع المحيط الهندي وشرق افريقية ووسطها ‪ .‬فنشطت‬ ‫تحبارة الشرق الأدنى القديم وإفريقية ‪ .‬وإزدهرت حركة الملاحة البحرية عبر البحر الأحمر‬ ‫إلى المحيط الهندي وشرق إفريقية ‪ .‬كما شهدت قوافل التجارة البرية عبر دروب الصحرا ء‬ ‫إلى قلب القارة الإفريقية ‪ .‬التى زاد الطلب العالمي على سلعها ومنتجاتها في تلك‬ ‫الفترةأ"'‬ ‫وإمعانا في زيادة الإعتماد البطلمي على إفريقية ‪ .‬رسم البطالمة في مصر سياستهم‬ ‫الحربية على أساس الإعتماد على سلاح الفيلة‪ .‬الذي أصبح نموذجا للجيوش الحديثة منذ‬ ‫عصر الإسكندر الأكبر ‪ .‬خاصة وأنها أصبحت تقوم بدور يشبه المدرعات في الجيوش‬ ‫الحالية وحرص رجال الدولة على الإهتمام بالمجال الإفريقي لتوفير الأعداد الكافية من‬ ‫الفيلة اللآزمة جيوشهم خاصة وأن منافسيهم من السلوقيين ‪ .‬في سوريا ‪ .‬كانوا يعتمدون‬ ‫على أنواع جيدة التدريب من الفيلة الهندية عبر طريق الخليج العربي ‪ .‬الأمر الذي دفع‬ ‫البطالمة إلى تشجيع الملاحة في البحر الأحمر لمواجهة تزايد النفوذ السلوقي في مياه‬ ‫المحيط الهندي ‪ .‬وقاموا من أجل ذلك بإرساء أسس للتعاون التجاري بينهم وبين تجار‬ ‫جنوب شبه الجزيرة العربية ()‬ ‫ورغم ذلك ظل النشاط والنفوذ البطلمي منحصرا في الجانب الإفريقي والعربي من‬ ‫مياه المحيط الهندي ‪ .‬حتى تمكنوا من إحتكار تجارة إفريقية الشرقية لفترة طويلة‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫(‪ (١‬لوفرا ن ‪ .‬تا ريخ ‏‪ ١‬لتجا رة ‪ .‬ص‬ ‫‏‪.‬‬ ‫‏‪٠.‬‬ ‫‏‪ ٠ ١٧٥‬بيروت‬ ‫‏ا)‪ (٢‬لعبا د ي ‪ .‬تا ريخ ا لمرب ا لقديم ‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪٠ ٩٦‬‬ ‫‏) ‪ ( ٣‬حورا ني ‪.‬ا مرجع ‏‪ ١‬لسا بق ‪ :‬ص‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٥ ٩‬‬ ‫‏‪ ١ ٠‬لخليج ‏‪ ١‬لعربي ‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏) ‪ ( ٤‬قلمجي ‏‪ ٠‬قدري‬ ‫_‬ ‫‪٨١‬‬ ‫وأصبحت موانىء البحر الأحمر وشرق إفريقية تعج بالحركة والنشاط في العصر البطلمي ‪.‬‬ ‫ولما ككاانت الفيلة قد استحوزت على جانبكبير من السياسة البطلمية المصرية في‬ ‫القارة الإفريقية ‪.‬فإن أعداد القوافل التجارية المخصصة لذلك زاد عددها ‪ .‬من أجل توفير‬ ‫أعداد كافة من الفيلة الإفريقية ‪ .‬التى لا ترقى كفاءتها القتالية إلى المستوى الهندي ‪.‬‬ ‫ولذلك فقد استدعى هذا الأمر اجراءات جديدة في السياسة البطلمية في إفريقية منها‬ ‫مايلي ‪- :‬‬ ‫‏(‪ )١‬تشجيع القبائل والجماعات الإفريقية في مناطق الغابات والأحراش على‬ ‫الأهتمام بصيد الفيلة ‪ .‬بحيثبدأت قوافل التجار البطالمة بتدريب الأفارقة على هذا‬ ‫العمل ‪ .‬وكذلك وضع مكافأت مجزية لهم ‪ .‬وتزويديهم بالأسلحة من خلال رجال الجيش‬ ‫البطلمي ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٢‬تأمين طرق التجارة البرية عبر بلاد النوبة وعبر الدروب الصحراوية إلى روافد‬ ‫النيل للوصل إلى منطقة الغابات ‪ .‬وقد أوكلت تلك المهام إلى وحدات من الجيش البطلمي‬ ‫وقبائل تابعة لهم ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬إنشاء مراكز لتدريب الفيلة الإفريقية في منف أ ‪ .‬وكانت تلك المراكز تضم‬ ‫خبراء عسكريين ‪ .‬وكانت تلك الفيلة تصل إليهم من مراكز تجميع داخل إفريقية وجنوب‬ ‫مصر ومازالت هناك مراكز في جنوب مصر ترتبط بتلك الطرق القديمة لتصدير الفيلة ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٤‬زيادة النفوذ العسكري والتجاري البطلمي على سواحل شرق القارة ‪ .‬خاصة‬ ‫الصومال ومنطقة القرن الإفريقي ‪.‬بعد الصعوبات التى واجهوها على الطرق البرية (‪٢‬ا‏ ‪,‬‬ ‫وكان هذا النفوذ ‪ .‬من وجهة نظرهم كفيلا" بتأمين مصالحهم داخل القارة الإفريقية "" ‪.‬‬ ‫وخاصة وأن نهاية القرن الرابع ق ‪ .‬م قد شهدت صراعات دولية في منطقة البحر الأحمر‬ ‫والمحيط الهندي لأغراض تبارية بحته ‪.‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪١٦١‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫المرجع السابق ‪.‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫(‪ (١‬الناصري‪‎‬‬ ‫‪,‬‬ ‫ك‪‎‬‬ ‫س‬ ‫س‬ ‫!‪,‬‬ ‫‪: .156‬‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫خ‪,, ‎‬‬ ‫‪ 0‬ر‬ ‫ج‬ ‫‪,‬‬ ‫‪. ,2 : .513‬‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫‪٨٢‬‬ ‫وتدل أسما التحصينات والنقاط التجارية التى أقامها البطالمة في شرق إفريقية‬ ‫على نفوذهم واهتماماتهم هناك ‪ .‬ومن أهم تلك التحصينات والمواقع ‪ :‬حصن جزيرة‬ ‫سترابون ‪ .‬وحصن ديمتريوس ‪ .‬ومذبح كانون ‏‪ . 0200٢‬وميناء انتيفيلوس ‪ .‬وقلعة‬ ‫كورهاجوس ‪ ""( .‬ويتضح من تلك الأسماء أنها مأخوذة من أسماء القادة المسكريين‬ ‫والرواد البطالمة لتلك المناطق من إفريقية ‪ .‬كما وجدت موانىء اخرى على الساحل‬ ‫الإفريقي باسم بطليموس الثاني مثل ميناء بطوليمايس لصيد وتجميع االفيلة ("" ‪ .‬ويقع‬ ‫بالقرب من ميناء سواكن ‪ .‬وأصبحت تلك المنطقة من أشهر موانىء إفريقية فيما بعد ‪.‬‬ ‫كما وجد ميناء آخر هو ميناء بطيموس ثيرون ‏‪ . 7٣6٤10٢0‬وأسس بطليموس الثالث ميناء‬ ‫برنيكى "" على ساحل البحر الأحمر ‪.‬‬ ‫ويبدو أن البطالمة قد حرصوا على الأهتمام بالطرق البرية المؤدية إلى موانىء البحر‬ ‫الأحمر الجنوبية أو الوسطى ‪ .‬بعيدا عن منطقة شمال البحر الأحمر بسبب الصراع المستمر‬ ‫بينهم وبين الأنباط في تلك النواحي ‪ .‬بالإضافة إلى وجود مشاكل ملاحية أيضا ‪ .‬ولذلك‬ ‫فقد عملوا على توسيع ميناء برنيكي وجعلوا منه قاعدة عسكرية وتحبارية في البحر‬ ‫الأحمر ‪ .‬لفترة طويلة ‪ .‬كما زاد اهتمامهم بالنقل النهري عبر نهر النيل‪ .‬‏‪6٨١‬‬ ‫ونتيجة لهذا الأهتمام العالمي بالقارة الإفريقية حتى نهاية القرن الأول ق ‪.‬م ‪ .‬فقد‬ ‫حفلت النقوش اليونانية ‪ .‬لغة العصر ‪ .‬بأخبار هامة عن أحوال التجار داخل قارة افريقية‬ ‫والعجائب التى شاهدوها ‪ .‬وعلاقاتهم مع زعماء القبائل هناك والثروات التى تحتوى‬ ‫عليها مناطق القارة الأمرالذي أدى إلى زيادة أعداد المغامرين اليونان لدخول القارة ‪.‬‬ ‫وخاصة عبر مناطق النوبة ("‪ .‬التى ازدهرت في تلك الفترة ‪ .‬وأصبحت منفذ تحبارة‬ ‫‪٠‬‬ ‫‏‪١٧‬‬ ‫ص‬ ‫‪ .‬المرجع السابق ‪.‬‬ ‫‏) ‪ ( ١‬الناصري‬ ‫‏(‪ )٢‬ورغم ذلك فقد فشلت استراتيجية البطالمة المسكرية المعتمدة على الفيلة الإفريقية ‪ .‬أمام الفيلة‬ ‫الهندية ‪ .‬التى أعتمد عليها السلوفيين وتمكنوا من هزيمة البطالمة سنة ‏‪ ١٩٨‬ق ‪ .‬م ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬نسبة إلى والدته ‪ .‬النعيم ‪ .‬نورة ‪ .‬الوضع الإقتصادي في الجزيرة العربية من القرن الثالث ق ‏‪ ٠‬م‬ ‫وحتى القرن الثالث م ‪ .‬ص ‏‪. ٢١٨‬‬ ‫‪. ٥٧‬‬ ‫(‪ )٤‬حوراني ‪ .‬العرب والملاحة في الحيط الهندي ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫المعدن بها أو لمرور قوافل‬ ‫قديم ‪ .‬مشتق من نوبو بمعنى الذنغب لتوفر هذا‬ ‫‏( ‪ ( ٥‬كلمة نوبة ‏‪ ٠‬اسم مصري‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٣‬‬ ‫‏‪١‬‬ ‫الإفريقية ‏‪ ٠‬ص‬ ‫‪ .‬والسلالات‬ ‫‏‪ ٠‬الشعوب‬ ‫‏‪ ٥‬عوض‬ ‫محمد‬ ‫تحبارة الذهب عبرها ‪.‬‬ ‫_‬ ‫‪٨٢٣‬‬ ‫إفريقية إلى مصر والإسكندرية ‪ .‬بالإضافة إلى موانىء البحر الأحمر ‪.‬‬ ‫وعجت موانىء البحر الأحمر هى الأخرى ‪ .‬وموانىء شرق افريقية بالمغامرين والتجار‬ ‫اليونان ‪ .‬خاصة منطقة جزيرة سوقطري ‪ .‬التى أصبحت مركزا تجاريا هاما بين عالم‬ ‫المحيط الهندي والبحر الأحمر وميناء عدول ‪5‬أانالا‪٠‬‏ وفجأة وقبل أن ينتهى القرن الأول ق‬ ‫‪ .‬م تمكن أحد البحارة اليونان ويدعى ‪5‬لااةممأ من التوصل إلى سر الرياح الموسمية‬ ‫الشمالية التى تهب على شمال المحيط الهندي ("'‪ .‬وكان لهذا الإكتشاف أثره الكبير‬ ‫على زيادة جرأة الملاحين لارتياد سواحل شرقي إفريقية وسواحل شمال المحيط الهندي ‪.‬‬ ‫حيث كانت الملاحة قبلها تتم بصورة عشوائية ‪ .‬كما بدأت تنظم رحلات تجارية تتفق مع‬ ‫مواسم الرياح ‪ .‬الأمر الذي يسر الحركة الملاحية مع شرقي افريقية خاصة ومع موانىء‬ ‫الحيط الهندي بصورة عامة ‪.‬‬ ‫ونظرا للنشاط الكبير في منطقة مدخل البحر الأحمر والقرن الإفريقي حتى بداية‬ ‫العصور الميلادية ‪ .‬فإن هناك قوة محلية إفريقية الميلاد قد ظهرت ‪ .‬لما توفر لها ولبيئتها‬ ‫من إمكانيات ‪ .‬وهى دولة أكسوم ‪ .‬وقد شاركت تلك القوة بثبات فى أحداث العالم‬ ‫القديم حتى ظهور الإسلام ‪ .‬الأمر الذي يؤكد المساهمات الإفريقية في مجال السياسة‬ ‫العالمية ‪.‬‬ ‫كما ظهر الأفارقة ‪ .‬كأشخاص ‪ .‬في موانىء ومدن العالم القديم ‪ .‬من حيث كونهم‬ ‫تجار في الإسكندرية ومنف وطيبة ‪ .‬وفى قرطاجنة من خلال أعمال الموانىء كالشحن‬ ‫والتفريغ ‪ .‬كما ظهروا كعمال وكقوة إنتاج هامة منذ تلك الفترة في حوض البحر المتوسط‬ ‫‏(‪ )١‬تعتمد حركة الملاحة في النصف الشمالي من المحيط الهندي على هبوب الرياح الموسمية الصيفية من‬ ‫الجنوب ‪ .‬في فصل الصيف والرياح الموسمية الشتوية من الشمال ‪ .‬في فصل الشتاء ‪ .‬وهي التى‬ ‫عرفت باسم الرياح التجارية لأهميتها في دفع السفن صوب موانىء إفريقية والهند وقد استفاد‬ ‫البحارة من الرياح الصيفية في دفع سفنهم صوب الشمال والدخول في موانىء الخليج العربي أو البحر‬ ‫الأحمر ‪ .‬أما الرياح الشتوية فقد كانت عظيمة الأهمية في دفع السفن من تلك الجهات الشمالية‬ ‫صوب جنوب سواحل المحيط الهندي ‪ .‬وتهب إلى الرياح الشمالية من القلب الآسيوي شديد البرودة‬ ‫شتاء ‪.‬‬ ‫انظر ‪ :‬أبوالعينين ‪ .‬حسن ‪ .‬دكتور ‪ .‬آسيا الموسمية ‪ .‬ص ‏‪. ١٧١‬‬ ‫_ ‪٨٤‬‬ ‫وظهرت صور الأفريقي وملامحه وشهره الأجعد ولونه الأسود كموضوع يرمز إلى الكفاح‬ ‫وقوة التحمل لدى فناني العصر الهلينستي ‪ .‬ا‬ ‫وإذا كانت مصر تمثل قوة من قوى الشرق الأدنى القديم وحوض البحر المتوسط‬ ‫بالإضافة إلى كونها قوة إذريقية فإنها قامت بدور كبير ومؤثر في القارة الإفريقية في‬ ‫العصور القدمة ‪ .‬وبالإضافة إلى تلك القوة فإن هناك حضارة أخرى من حضارات الشرق‬ ‫الأدنى القديم قد لعبت دورا في تاريخ قارة إفريقية لا يقل عن الدور المصري القديم وهى‬ ‫حضارة الفينيقيين (" ‪.‬واستمر الدور لفترة زمنيةطويلة وكان له سماته الخاصة‬ ‫واتحباهاته المعنية ‪.‬‬ ‫فمن سواحل شرق البحر المتوسط انطلق البحارة الفينيقون يجويون سواحله من‬ ‫الشمال والجنوب والغرب ‪ .‬حتى أصبحوا أمهر ربابنته وتحجاره ‪ .‬وأصبحوا رجال تحبارة‬ ‫وسلام لا عرفوا من حبهم للسلام ونقل التجارات والحضارات ‪.‬وبدأوا في تأسيس‬ ‫مستعمرات تجارية وحضارية تحمل طابعهم على سواحل البحر المتوسط من أجل تسهيل‬ ‫عمليات التبادل التجاري والحضاري ‪.‬فأسسوا مستعمرة أوتيكا ‪]3‬أالا سنة ‏‪ ١١١٠‬ق ام‬ ‫بنزرت وسرت ‪ .‬وكانت قرطاجنة أهم تلك المستعمرات حينما أسسها تجار من صور‬ ‫وفى‬ ‫سنة ‏‪ ٨١٤‬ق ‪ .‬م ‪ .‬كما استمر هذا النشاط الفينيقي في انشاء مستعمرات على سواحل‬ ‫المحيط الأطلسي القريبة من مدخل البحر المتوسط ‪.‬‬ ‫(‪ )١.‬الناصري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪ . ٢٢ ‎‬نقلا عن نقولا زيادة‪. ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬برغم ظهورهم كقوة متوسطية منذ الألف الثاني ق ۔م ‪ .‬إلا أن معظم المصادر تشير إلى كونهم أصلا‬ ‫من منطقة جنوب الجزيرة العربية ‪ .‬وخاصة سواحل عمان المطلة على المحيط الهندي ‪ .‬حيث كانت تلك‬ ‫السواحل تشهد حركة تجارية نشطة في فترة ازدهار الوجود السامي في شبه الجزيرة العربية ‪ .‬لكن‬ ‫أدت تفير الظروف والأحوال إلى هجرات مستمرة من جماعات الساميين وكان من بين المهاجرين‬ ‫الفينيقيين الذين تركوا موطنهم الأصلى وإتحجهوا إلى سواحل بلاد الشام المطلة على البحر المتوسط‬ ‫وأسسوا هناك عدة دويلات مدن مثل جبيل ‪ .‬صور ‪ .‬صيدا ‪ .‬بيروت ‪ .‬عكا وغيرها ‪ .‬وكانت رحلتهم‬ ‫عبر منطقة الخليج العربي ‪ .‬والأدلة على ذلك كثيرة من الآثار ومن تسمية ميناء صور تيمنا بميناء‬ ‫صور القديم على ساحل عمان ‪.‬‬ ‫انظر ‪ :‬قلمجي ‪ .‬الخليج العربي ‪ .‬ص ‏‪. ٦٥‬‬ ‫_‬ ‫‪٨٥‬‬ ‫ومنذ تلك الفترة نشط الجهد الفنيقي داخل إفريقية وحولها ‪ .‬وخاصة بعد إنشاء‬ ‫مستعمرة قرطاجنة ‪ .‬قد أشرنا إلى تعاون استرا تبجي بين الفينيقيين والفراعنة لاكتشاف‬ ‫سواحل إفريقية الجنوبية والغربية والإلتفاف حولها من الجنوب ‪ .‬وبالفعل فقد قام البحار‬ ‫الفينيقي حانون ‪ 0021‬بقيادة مجموعة سفن والالتفاف حول إفريقية إلى أن وصل إلى‬ ‫خليج غانا وسواحل غرب إفريقية ‪ .‬كما تذكر المصادر الفينيقية أن رجلا من أهل قرطاجنة‬ ‫يدعى ماجو‪ 093‬تمكن من عبور الصحراء الكبرى ووصل إلى وسط وغرب إفريقية ثلاث‬ ‫مرات!" ‪ .‬كما تمكن الفينيقيون من إكتشاف جزر المحيط الأطلسي الغربية من السواحل‬ ‫الشرقية مثل ماديرا والكناري والآزور ‪.‬‬ ‫ويبدو أن الفينيقيين قد تمكنوا من الوصول إلى سواحل المحيط الأطلسي في غرب‬ ‫إفريقية منذ نهاية الألف الثانية ق‪.‬م للوصول إلى ذهب إفريقية وفضة وقصدير اسبانيا‪.‬‬ ‫وكان هذا النشاط الفينقي في حاجة إلى ترسيخ رحلاته ‪ .‬بعد أن إكتشفوا إمكانيات قارة‬ ‫إفريقية الهائلة من الذهب والعاج ‪ .‬وكان الوجود الفينيقي حتى هذه اللحظة عبارة عن‬ ‫مراكز تجارية بسيطة لا ترقى إلى مستوى مستعمرات ‪ .‬إلى أن بدأوا في إنشاء‬ ‫مستعمرات خاصة بهم ‪ .‬وكانت قرطاجنة أهمها على الإطلاق ‪.‬‬ ‫وقد لعبت قرطاجنة (""‪ .‬دورا" هاما في تاريخ حوض البحر المتوسط من جهة ونى‬ ‫تاريخ إفريقية بشكل عام ‪ .‬فبرغم تبعيتها أول الأمر لصور ‪ .‬ودفعها الأتاوات لليبيين‬ ‫اول الأمر طيلة ثلاثة قرون ونصف دون إنقطاع أ" ‪ .‬فإنها سرعان ما فرضت هببتها‬ ‫ونفوذها على البحر المتوسط وإفريقية ‪ .‬وذلك بفضل هيبة طبقتها الإرستقراطية ومهارة‬ ‫سكانها ‪ .‬وخاصة ما اتصفت به عائلة ماغون القوية من روح المغامرة ‪ .‬وقد ساعدها على‬ ‫تحقيق مكانتها الكبيرة ما يلى ‪:‬‬ ‫‏‪ - ١‬تدهور وانحطاط دور صور التجاري‪ :‬في البحر المتوسط ‪ .‬فبدأت قرطاجبة في‬ ‫‏(‪ )١‬وايدنر ‪ .‬تاريخ إفريقية جنوب الصحراء ‪ .‬ط‪١‬‏ ‪ .‬ص ‏‪ ٢٢‬ومابعدها ‪ .‬ترجمة على أحمد‪ .‬وشوقى‬ ‫عطاالله ‪.‬‬ ‫بمعنى المدينة الحديثة تمييزا لها عن أوتبكا التى أسست تبلها وكانت تسمى المدينة‬ ‫ة‬ ‫ب‬ ‫خ‬ ‫ا‬ ‫ط‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫‏(‪ )٣‬سميت‬ ‫القديمة ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬بيروت‬ ‫‏‪ ٦٥‬ومابعدها‬ ‫‏‪ ٠6‬ص‬ ‫‏‪ ٠‬اللان ا لفينيقية‬ ‫‏‪ .٥‬دكتور‬ ‫‏‪ ٠‬محمد‬ ‫‏)‪ ( ٣‬عصفرو ر‬ ‫‪_ ٨٦١‬‬ ‫فرض حمايتها ونفوذها على المان والمستعمرات الفينيقية في المنطقة ‪ .‬ثم مالبث أن‬ ‫سيطرت عليها ‪ .‬وكان ضعف صور مترتبا على امتداد النفوذ الفارسي صوب سواحل‬ ‫الشام منذ القرن السادس ق ‪.‬م ‪ .‬ثم احتلال الإسكندر لها بعد ذلك (" ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٢‬اتبعت قرطاج سياسة دبلوماسية مرنة مع قوى البحر المتوسط ‪ .‬خاصة بين‬ ‫القوى المجاورة لها ‪ .‬فقد حالفت الليييين لفترة حتى تمكنت من فرض نفوذها على جزر‬ ‫كورسيكا وجزر البحر المتوسط الأخرى مثل صقلية ‪ .‬رغم محاولة اليونان السيطرة على‬ ‫صقلية وأعتمدت على سياستها الخارجية على قوتها العسكرية وتوازن القوى‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬شهرة سكانها في مجال التجارة والمغامرة البحرية ‪ .‬وخبرتهم السابقة في هذا‬ ‫المجال واستغلالهم للإمكانيات الإفريقية في تدعيم نفوذهم ونشاطهم في المنطقة ‪.‬‬ ‫امتد نفوذ قرطاجنة إلى المناطق المجاورة لها أفي إفريقية ‪ .‬ووقفت أمام اليونان‬ ‫حينما أرادوا مد نفوذهم في المنطقة المجاورة لها في الشرق في إفريقية ‪ .‬ويدأت في‬ ‫تأسيس عدد من المستعمرات لها على سواحل ليبيا ‪ .‬كما أرسلت حملة بقيادة عبد ملقرط‬ ‫البرقي لفتح الأندلس ‪ .‬حيث توجد مناجم الفضة الشهيرة ‪ .‬وأنشأ مدينة هناك تسمى‬ ‫"أكر الانكى" ومات هذا القائد بعد أن ترك لقرطاجنة مناجم لا تنفذ من الفضة ‪ .‬ومن بعده‬ ‫أسس عزر بعل في أسبانيا مستعمرة جديدة تسمى قرطاج الجديدة "' ‪.‬‬ ‫لقد غت قرطاج على تراب إفريقي ‪ .‬فإذا كانت خبراتها فينيقية ‪ .‬فإنها نبتت في‬ ‫بيئة إفريقية ‪ .‬فقد ساعدها موقع مينا ءها الممتاز المتصل بالبحر المتوسط من جهتين‬ ‫وأصبح توجهها بحريا كما احتفظت بنفوذها السياسي في إفريقية ‪ .‬فإذا كانت مساحتها‬ ‫صغيرة نسبيا فقد ضمنت لنفسها سواحل البربر المطلة على البحر المتوسط والمحيط‬ ‫الأطلسي ‪ .‬وأنشأت قرطاجنة أسواق شهيرة في إفريقية مثل ‪ :‬لبدة ‪ .‬وينزرت ‪ .‬وعنابة ‪.‬‬ ‫وسكيكدة ‪ .‬وقبة سيدى ابراهيم ‪ .‬ومالقة ‪ .‬وسكسى ‪ .‬كما أنشأت العديد من تلك المراكز‬ ‫على السواحل الأوروبية المطلة على البحر المتوسط إيضا ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬جوليان ‪ .‬تاريخ شمال إفريقية ‪ .‬ط‪ . ١‬ص‪. ١٢١٠ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الجوهري ‪ .‬يسري ‪ .‬دكتور ‪ .‬شمال إفريقية ‪ .‬ص‪ ٢٨٥ ‎‬الإسكندرية ‪ .‬سنة‪ ١٩٧٦ ‎‬م‪‎.‬‬ ‫‏‪ ٨٧‬سو‪.‬‬ ‫إن موفع قرطاجنة جعلها منفذا لتجارة إفريقية مع حوض البحر المتوسط وأوروبا‬ ‫وكان دورها يتم بصورة أساسية في تجميع المواد الأولية في تلك المراكز في القيام بدور‬ ‫جديد في توزيعها ‪ .‬الأمر الذي دفع بحارتها إلى مسافات بعيدة لم يصلها بحارة الشرق‬ ‫الأدنى أو البحر المتوسط من قبل ‪ .‬ففى سبيل بحث تجارها عن الأسواق أندفعوا بجرأة‬ ‫ومغامرة في مياه المحيط الأطلسي ‪ .‬ففي أواسط القرن الخامس تمكن " جيملكن " من‬ ‫الإتباه شمالا مع السواحل الأندلسية حتى وصل إلى الجزر البريطانية وواصل طريقه شمالا‬ ‫ا حتى وصل إلى أيرلندة نفسها ‪.‬كما اندفع " حنون "إلى سواحل المحيط الأطلسي الجنوبية‬ ‫)مصحوبا" بستين سفينة ‪ .‬ونزل في العديد من جزر الكناري والخالدات ("‪.‬‬ ‫لقد مكنت سلع إفريقية من الذهب والجلود والعاج والعنبر والعبيد بالإضافة إلى‬ ‫زيت الزيتون والحبوب أساسا اقتصاديا متينا للتجارة الفينيقية ‪ .‬وكان لابد للبحث عن‬ ‫أسواق تلاءم تلك الإمكانيات الجديدة ‪ .‬خاصة وأن أهلها أدركوا قمة تلك السلع في‬ ‫العالم القديم كما أنهم أصبحوا بين قونين اقتصاديين ‪ :‬الأولى تعتمد على تصدير‬ ‫صناعاتها وتقع في حوض البحر المتوسط ‪ .‬والثانية تعتمد على تصدير حاصلاتها من‬ ‫المواد الخام وهى إفريقية ‪ .‬ولذلك كانت الشعوب والقبائل الإفريقية ترغب في اقتناء‬ ‫الصناعات مثل الزجاج والمنسوجات والخرز أكثر من اقتنائها للعملة ""‪.‬‬ ‫وقد انعكس هذا الوضع على هوية الحضارة الفينيقية حيث أصبحوا رجال تجارة‬ ‫واهتموا بكل ما يتصل بها من قريب أو بعيد وأهملوا بقية الجوانب الأخرى ‪ .‬فقد كانوا‬ ‫يحسنون عدة لفات ليس منأجل الثقافة بل مأنجل التفاهم مع الشعوب ‪ .‬حتى أنهم لم‬ ‫يتركوا آثارا في الأدب والعلم ("" ‪ .‬واقتصروا في ميدان الفن على تقليد النماذج المصرية‬ ‫والإفريقية ‪ .‬بل جلبوا العديد من الفنانيين إلى مدنهم ‪.‬‬ ‫‪. ١٢٢‬‬ ‫(‪ )٣‬جوليان‪ ٠ ‎‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن بطوطة ‪ .‬الرحلة ‪ .‬ص‪. ٦١٥٤ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬وإن كانت الأبجدية الفينيقية هى التى سادت العالم النامي قبل أن تبعثالابجدية اليونانية‬ ‫واللأنينية ‪.‬ويبدو أن اختراع الفينيقيين للأبجدية راجع من تحدثهم بلفات عدة ‪.‬‬ ‫انظر ‪:‬موسكاني ‪.‬سبتينو ‪ .‬الحضارات السامية القديمة ‪ .‬ترجمة د ‪.‬السيد يعقوب بكر ‪ .‬ص ‏‪٠ ١٧٢١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫بيروت‬ ‫وسرعان ما إندمجت بلاد البرير في حضارة قرطاجنة في وعالم البحر المتوسط ‏‪٠‬‬ ‫كما اتحبهت قرطاجنة إلى الإهتمام بالطرق البرية والدروب الصحراوية التى تصلها يتجارة‬ ‫إفريقية جنوب الصحراء والتى مثلت لها أهمية خاصة ‪ .‬فانتشرتعملتها البرونزية‬ ‫والفضية ‪.‬كما انتشرت اللغة الفينيقية بين قطاعات من سكان شمال افريقية" ‪.‬‬ ‫لقد اعتمد أهل قرطاج على إمكانيات إفريقية لبناء قوتهم الإقتصادية والسياسة‬ ‫في البحر المتوسط ‪ .‬حيث عملوا منذ البداية على استغلال الأراضي الإفريقية خاصة وأنها‬ ‫تقع توجد في أراضي خصبة """ ‪ .‬وأعانهم هذا الأمر على الصمود أمام خصومهم من‬ ‫اليونان أو الرومان ‪ .‬حيث أمنت لهم الأرض الخصبة الطعام وقت الخطر والحروب المستمرة‬ ‫‪ "".‬ولم تنجح محاولات اليونان أو الرومان في البداية من إلحاق هزيمة نهائية بقرطاجنة‬ ‫بسبب وجودها في مجال حيوى إفريقي غني وفر لها استراتيجية إقتصادية وأمنية كا‪.‬‬ ‫كان مركز قرطاج هام جدا من ناحية أخرى للقلب الإفريقي ‏‪ ٠‬حيثكان يتصل‬ ‫بسهولة عبر أودية بلاد المغرب ‪ .‬ثم إلى واحات الصحراء حتى يصل إلى خط السافانا ‏‪6٨١‬‬ ‫وخاصة وأن البربر قد وفروا لهم سبل الإتصال ببلاد السودان ووضعوا خبراتهم السابقة مع‬ ‫هؤلاء المستوطنين الجدد على السواحل الإفريقية ‪ '`.‬على الرغم من أن نفوذ قرطاج‬ ‫السياسي لم يتجاوز الأراضي التونسية ‪.‬بالإضافة إلى مراكز ساحلية مرتبطة بها ‪.‬لكن‬ ‫نشاطها شمل أجناس كثيرة فقد استعانوا بالليبيين في تكوين جيوشهم ‪.‬كما استعانوا‬ ‫بالبرير والزنوج في أعمالهم وتجاراتهم ‪.‬حتى أن التأ‪:‬ثير الثقافي والإجتماعي لقرطاجنة‬ ‫كان كبيرا في بلاد المغرب والمناطق التى تتصل بها ‪.‬فقد بهرت أمراء البرير مدينة‬ ‫النبيلة وسموا أ بناءهم بأسماء قرطاجنة ‪ .‬ومنحوا‬ ‫قرطاجنة فتزوجوا من بنات طبقتها‬ ‫مدنهم دساتير على نمط دساتير المستعمرات الساحلية القرطاجية ‪ .‬وعبدوا الآلهة السامية‬ ‫(‪ )١‬جوليان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ج‪ . ١ ‎‬ص‪. ١٢١٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬جوليان ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪. ١٣٦ ‎‬‬ ‫‪,‬‬ ‫خ‪‎‬‬ ‫ع ‪0‬‬ ‫‪: 0‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪: .01‬‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫(‪ )٤‬عصفور ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٨١ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬الجوهري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٩٧١ ‎‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪ 0‬م‪‎‬‬ ‫‪ 5‬ن‬ ‫‪0‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪: .92‬‬ ‫(‪(٦‬‬ ‫‪٨٩‬‬ ‫التى حملها أهل قرطاج معهم ‪ .‬حتى أن نفوذ قرطاج لم يزل بزوالها ‪ .‬فالمددية الرومانية لم‬ ‫تتوطد أركانها أول وهلة في المملكات القرطاجية أو البربرية وظلت المدنيه القرطاجية‬ ‫سائدة هناك حتى عصور لاحقة ‪ .‬لقد تركت قرطاجنة اثارا عميقة في إفريقية من الجوانب‬ ‫الدينية بحيث ظلت التأثيرات الدينية القرطاجية حتى ظهورالإسلام عبر العصور الرومانية‬ ‫‪ .‬كما بقيت النفوذ في بعض المدن الإفريقية تحمل كتابات قرطاجية مع أسماء أباطرة‬ ‫روما‪ .‬ومثل الذهب أهم لسلع الإستراتيجية الإفريقية في الألف الأول ق ‪ .‬م التى ارتبطت‬ ‫بالمساعي القرطاجية في إفريقية ‪ .‬وغيرها من القوى الكبرى في العالم وقد ظهرت أهمية‬ ‫تلك السلعة في الدور الفنينيقي في التجارة العالمية في العصور القديمة ‪.‬‬ ‫فمنذ بداية الألف الأول ق ‪.‬م حفلت نصوص التوارة باستيراد مملكة اليهود لكميات‬ ‫من الذهب الخالص ‪ .‬وكان ذلك زمن الملك شاؤل ( ‏‪ ١٠١٠ - ١٠٣٠‬ق ‪.‬م ) والملك‬ ‫هائلة‬ ‫‏‪ ٩٧٠ - ١٠١٠١‬ق‪.‬م) وزادت عمليات الإستيرد زمن سليمان ‏(‪ - ٩٧٠‬‏ق‪. ١٣٩٢‬م‬ ‫داؤد‬ ‫‪ .‬وهى الفترة التى شهدت امتداد نفوذ وسيطرة اليهود على قسم كبير من بلدان‬ ‫) ("‬ ‫الأدنى ‪ .‬وما ترتب على ذلك من بناء أماكن للعبادة اليهودية احتلت مكانة هامة‬ ‫شرق‬ ‫في الفن والبذخ مثل هيكل سليمان ‪ .‬الذي أنفق في بنائه حوالى أربع مانة وستون قنطارا‬ ‫من ذهب أوفير ‪ .‬بالإضافة إلى ألف وستون قنطارا من الفضة "' ‪.‬‬ ‫واعتمدت مناطق ودول ومدينات العالم القديم على ذهب إفريقية بصورة أساسية‬ ‫فإذا كانت ممالك بنى اسرائيل اعتمدت على السفن الفينيقية في استيراد ذهب إفريقية‬ ‫حينما ورد في أخبار اليوم الثاني " وحمل رجال حيرام وسليمان ذهبا" من أوفير " ‏‪ "٨١‬ولما‬ ‫كانت حركة تجارة ذهب البحر المتوسط مرتبط بوضوح بمصدر الإفريقي ‪ .‬سواء الكميات‬ ‫التى حملها قرطاجنة ‪ .‬أو قوافل التجار إلى مصر " فإن إفريقية ساهمت بور كبير في‬ ‫تجارة ذهب المحيط الهندي ‪.‬‬ ‫() التوراة ‪ .‬ص ‏‪. ٤١٩١‬‬ ‫(‪ )٢‬القنطار‪ ٣٤٢٧٢ = ‎‬جراما من الذهب‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬التوارة ‪ .‬أخبار الأيام الأول ‪ .‬اليوم‪ . ٢٩ . ٢٨ ‎‬ص‪. ٥٢٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬التوارة ‪ .‬أخبار الأيام الثاني اليوم‪ . ٩ . ٨ ‎‬ص‪. ٥٣٤ ‎‬‬ ‫ذلك أن أوفير(‪'١‬‏ الذي تردد ذكرها بتصدير الذهب في العالم القديم ظلت مشكلة‬ ‫تشغل بال الجغرافيين والمؤرخين منذ ألفي سنة وحتى الآن ‪ .‬دول التوصل إلى حل قاطع‬ ‫إلى مكانها المحدد ‪ .‬وقد انحصرت الآراء حول موضوعها إلى ثلاثة ‪ :‬الأول يحددها على‬ ‫ساحل الهند الغربي ‪ 0‬والثاني يحددها على ساحل إفريقية الشرقي ‪ .‬والثالث يجعلها في‬ ‫أحدى مواضع ساحل جنوب شبه الجزيرة العربية ‪ .‬‏‪!٢‬‬ ‫ونرجح الرأى القائل بأن " أوفير " أهم مراكز الذهب في العالم القديم ‪ .‬كانت تقع‬ ‫على سواحل شرقي إفريقية وذلك للأسباب التالية ‪- :‬‬ ‫‏‪ - ١‬مازالت توجد منطقة تقع على أحدى البحيرات الإفريقية الداخلية ‪ .‬في جنوب‬ ‫تنزانيا وتسمى أوفير ‪ .‬بالقرب من الوجيجي "" ‪ .‬ومازالت مرتبطة بإنتاج الذهب ‪ .‬كما‬ ‫أن دول شرق إفريقية مثل تنزانيا وموزمبيق تنتج كميات كبيرة من الذهب العالمي والذي‬ ‫يمثل نسبة هامة من تجارة الذهب العالمية ‪ .‬بالإضافة إلى مناجم الذهب الشهيرة في الاجزاء‬ ‫الشرقية من دولة جنوب إفريقية (" ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٢‬كانت السفن القادمة من أونبرمحملة بسلع أخرى مثل العاج والقرود‬ ‫والطواويس وهذه السلع لاتوجد بصورة أساسية سوى في إفريقية ‪ .‬حيث ارتبطت تجارة‬ ‫العاج منذ القدم بإفريقية أو حتى العصور الحديثة بالإضافة إلى القردة والطواويس ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬كانت السفن المتجهة إلى أوفير سنفن محيطية ضخمة ‪ .‬كما كانت تواجه‬ ‫صعوبات هائلة أثناء رحلتها البحرية الطويلة ‪ .‬ثم تعود بعد ثلاث سنين حاملة الذهب‬ ‫والعاج والقردة والطواويس (" ‪ .‬مما يدل على أنها أبعد مكانا من جنوب الجزيرة العربية ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٤‬يحتمل أن تكون رحلة ملكة سبأ إلى بلاط سليمان قد ترتب عليها تدعيما‬ ‫(‪ )١‬وردت أوفير كاسم للإين الحادي عشر من أبنا ء قحطان ‪ .‬كما ورد في سفر التكوين‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬راجع ‪ :‬حوراني ‪ .‬العرب والملاحة في المحيط الهندي ‪ .‬ص‪ ١١٦ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬المغيري ‪ .‬جهينة الأخبار ‪ .‬ص ‏‪ . ٢٢٢‬طبعة وزارة التراث القومي والثقافة‬ ‫هب من أقاليمها الشرقية فقط‪. ‎‬‬ ‫ذ من‬‫ل كج‬ ‫‪٦١٦١٢٥٠٠‬‬ ‫(‪ )٤‬تنإتجف جرنويبقية حاليا‪ ‎‬ا‬ ‫(‪ )٥‬أخبار الأيام الثاني‪. ٢١ : ٩ ‎‬‬ ‫_‬ ‫‪٩١‬‬ ‫للعلافات التجارية بين الطرفين ‪ .‬وكان أهل سبا واليمن أكثر سكان المنطقة خبرة بسواحل‬ ‫شرقي إفريقية وبالتالى أصبحت منطقة اليمن محطة هامة للانطلاق إلى شرق إفريقية‬ ‫وخاصة المنطقة الجنوبية من ساحل افريقية الشرقي الذي سيطرت عليه في الألف الأول قبل‬ ‫الميلاد جاليات من أهل اليمن (" وأن اليهود قد منحوا امتياز امتياز استغلال الذهب في‬ ‫أوفير م أهل سبأ ("'‪.‬‬ ‫‏‪ - ٥‬هناك فريق من العلماء يرى أن أوذير هى منطقة زمببابوي ‪ .‬حيث أطلال‬ ‫روديسيا الجنوبية ‪ .‬وهى منطقة تقع بين نهرى الزمبيزى واللمبوبو ‪ .‬وقد كشفت على يدى‬ ‫آدم رندرز سنة ‪٨٦٨‬ا‪١‬م‏ "" ‪ .‬وقد أكد الآثريون الذين عملوا في تلك المنطقة أن العرب‬ ‫كانوا يستمدون كميات وفيرة من الذهب منها ‪ .‬وأن هؤلاء العرب كانوا على صلة بكل‬ ‫من تجار مصر وتجار اليمن والتجار الفينيقيين ‪ .‬وقد أكدت الدراسات على أن تلك المنطقة‬ ‫تعيش بها جالية كبيرة من أهل حمير وسباً ‪ .‬وأن السبئيين كانوا أه حاب الكلمة العليا‬ ‫هناك في نهاية الألف الثاني ق ‪.‬م ‪ .‬وكانت كميات الذهب تستخرج بكميات كبيرة (""‪.‬‬ ‫‏‪ - ٦‬هناك ترجمة في التوارة لكلمة " أوفير " بأسم " سوفارا " ولم يرد هذا الأمر‬ ‫عبثا في إحدى ترجمات التوارة ‪ .‬ولكن كان ينم عن أسمها القديم الذى أطلقه العرب على‬ ‫تلك المنطقة الجنوبية من الساحل الشرقي لإفريقية باسم سفالة ‪ .‬وظل هذا الاسم ساريا‬ ‫حينما قدم البرتغاليون إلى المنطقة في بداية القرن السادس عشر الميلادي ‪ .‬ولايزال حتى‬ ‫الآن يطلق على أحدى الموانىء (" ‪ .‬ولذلك فإن تلك الترجمة السبعينية للتوراة تؤكد أن‬ ‫اوفير ساحل إفريقية ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٧‬هناك رأى يرى بأنها على ساحل إفريقية الفربي ‪ .‬وأن اليهود تحالفوا مع‬ ‫الفينيقيين خاصة أهل صور ‪ .‬من أجل استثمار خبرات أهل صور وعلاقتهم بقرطاجنة‬ ‫ومستعمرات الفينيقيين في غرب البحر المتوسط لعبور جبل طارق إلى ساحل إفريقية‬ ‫(‪ )١‬بافقيه ‪ .‬تاريخ اليمن القديم ‪ .‬ص‪. ٧١! ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬حوراني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٢٧١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬حوراني ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ١٢٩ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬حوراني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٣٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬حوراني ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ١٣٥ ‎‬‬ ‫_‬ ‫‪٩٢‬‬ ‫الغربي جنوبا" ('' ‪ .‬ويرى أصحاب هذا الرأى أن اليهود لم يكن في مقدورهم شراء الذهب‬ ‫أو مقايضتة ‪ .‬ولذلك فقد اهتموا بالوصول إلى مناجمه هناك ‪.‬‬ ‫من هنا فقد أصبحت إفريقية تدخل في نطاقين لتجارة الذهب العالمي في العصور‬ ‫القديمة ‪:‬‬ ‫‪ -‬النطاق الأول ‪ :‬عالم البحر المتوسط ‪ :‬حيث المدنيات الشهيرة والحضارات‬ ‫العريقة في مصر وفي اليونان وعلى ساحل بلاد الشام وساحل آسيا الصغري بالإضافة إلى‬ ‫مدينات أوروبا الصاعدة ‪ .‬وقد قام بهذا الدور لفترة طويلة أهل قرطاجنة الذين وفروا تلك‬ ‫السلعة الإفريقية في هذا المحيط الحضاري الهام ‪.‬‬ ‫النطاق الثاني ‪ :‬عالم المحيط الهندي ‪ .‬ويشمل مدينات وادي السند والهند ‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ومدتات بلاد الرافدين من السومريين والبابليين والآشوريين وسواحل الخليج العربي‬ ‫وفارس ‪ .‬وقد قام بهذا الدور من الوساطة التجار سقن التجار العرب من اهل الخليج‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫العربي ومن اهل اليمن خاصة اهل اوسان وسبا وحممر ثم اهل عمان‬ ‫جاء العصر الروماني ليحمل أهمية جديدة للقارة الإفريقية في العالم القديم ‪ .‬ذلك‬ ‫أن الرومان تمكنوا من احتلال شمال إفريقية ‪ .‬وانهوا السيادة القرطاجية بها وسادوا دول‬ ‫البربر وغيرها من قوى الشمال الإفريقي وتمكنوا من التغلب على ثوراتها ‪ .‬وإن كان‬ ‫الرومان قد اقتصروا حتى القرنين الأول والثاني الميلاديين على احتلال السواحل الافريقية‬ ‫ومراكزها التجارية ‪ .‬حيث بقى قسم من التلال الجزائرية ومعظم الصحرا‪ .‬الليبية والمغرب‬ ‫الأقصى خارجا عن تلك السيطرة ‪ .‬واقتصرت السياسة الرومانية في تلك الفترة على بناء‬ ‫سلسلة من القلاع والتحصينات ‪ .‬وشق طرق لربط مراكز الرومان في تلك المناطق مع‬ ‫كما بدأوا في إرسال حملات لإستكشاف منابع النيل منذ القرن الأول‬ ‫بعضها البعض "ا‬ ‫الميلادى ‪.‬‬ ‫ثم بدأ الرومان في العمل على الزحف صوب جنوب الساحل والوصول إلى نقاط‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫‪ ٠6‬ص‪‎‬‬ ‫) ‪ ( ١‬موسكاني‪ ٠ ‎‬المضارات السامية‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٢٢٢٣‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪‎‬ط‪١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ ٠‬المرجع السابق‪‎‬‬ ‫)‪ (٢‬جوليان‪‎‬‬ ‫‪٩٢٣‬‬ ‫التجارة مع إفريقية الداخلية ‪ .‬حيث توطد النفوذ الروماني زمن هادريان ‪ .‬ثم استأنف‬ ‫عمليات مع النفوذ إلى الجنوب ‪ .‬لتأمين النفوذ الروماني من هجمات البرير " ‪.‬‬ ‫والإمساك ببداية خطوط الدروب الصحراوية التى تعبر الصحراء إلى إفريقية الغربية ‪.‬‬ ‫أصبحت إفريقية تشكل أساسا فى الاقتصاد الروماني ‪ .‬لوجود مساحات كبيرة من‬ ‫الأراضي الخصبة بها ‪ .‬بالإضافة إلى توفر الأيدي العاملة بها ‪ .‬ولذلك أصبحت إفريقية‬ ‫سلة غذاء روما بحق ‪ .‬بحيث كان أى تذبذب في كميات القمح الإفريقي ونقصه يؤدى إلى‬ ‫حدوث مجاعات في مناطق الإمبراطورية الرومانية الواسعة ‪ .‬وقد حاولت روما تفادي‬ ‫حدوث أزمة في انتاج هذا المحصول حينما لجأت إلى زيادة المساحة المنزرعة من القمح على‬ ‫حساب المحاصيل الأخرى مثل الكروم والزيتون ‪ .‬إلى الحد الذي جعل بعض الأباطرة يقرر‬ ‫منع زراعة الكروم حفاظا على أنتاج أكبر كمية من القمح الإفريقي ‪.‬‬ ‫كما كانت إفريقية مصدرا هام لتزويد عالم البحر المتوسط الروماني بزيت الزيتون‬ ‫والكروم حيث بدأت تنمو زراعة تلك المحاصيل إلى الجنوب من خط الساحل في العصر‬ ‫الرماني ‪ .‬وكانت إفريقية بالرغم من وفرة سكانها تنتج ما كان يجعلها في مأمن من‬ ‫المجاعات التى أنهكت باقى أجزاء الإمبراطورية الأخرى ‪.‬‬ ‫وإذا كان الاهتمام الروماني بالشمال الإفريقي قد أنصب على الجانب الزراعي في‬ ‫المقام الأول ‪ .‬بالإضافة إلى اهتمامات أخرى تجارية وسياسية ‪ .‬فإن الرومان قد أهتموا‬ ‫بصورة مبكرة بالتجارة مع شرق إفريقية منذ البداية ‪ .‬ذلك أن أنتشار حالة الأمن‬ ‫والإستقرار الروماني في حوض البحر المتوسط أدى إلى نمو مدنه وأقاليمه وإقبال الناس‬ ‫على شراء السلع الكمالية التى كانت إفريقية وعالم المحيط الهندي هى مصدرها الأساسي‬ ‫‪ .‬ولذلك فقد قام الإمبراطور أغسطس ‏(‪ ٢١‬ق ‪.‬م ‪ -‬‏‪ ١٤‬م ) بالاهتمام بتأمين الطرق‬ ‫التجارة وعبر البحر الأحمر ومصر المتجهة إلى تلك الجهات ‪ .‬رقد استمر ازدهار ميناء‬ ‫الإسكندرية بنفس الدرجة في العصر الهلينستي ‪ .‬كما استمر أداء هذا الميناء بقوة‬ ‫اقتصادية أشمل في العصر الروماني!"' ‪.‬‬ ‫‪. ٢٢٥‬‬ ‫‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪ .‬ط‪١‬‬ ‫(‪ (١‬جوليا ن ا مرجع نفسه‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٥‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ .‬تا ريخ‪ ١ ‎‬لتجا رة‪‎‬‬ ‫) ‪ ( ٢‬لوفرا ن‬ ‫‪٩٤‬‬ ‫واستمرت الاهتمامات الرومانية بتجارة إفريقية الشرقية من أجل تأمين تجارة‬ ‫الذهب والقصدير والنحاس والبرونز ‪ .‬فقام الرومان باحتلال ميناء عدن زمن الإمبراطور‬ ‫كلاوديوس ‏(‪ - ٤١‬‏م‪ . ) ٤٥‬وفي عهد الأباطرة تراجان وهادريان اهتم الرومان بالمواصلات‬ ‫البرية والبحرية الموصلة إلى المحيط الهندي حيث سواحل شرق إفريقية ‪ .‬بحيث امتد‬ ‫النفوذ الروماني جنوبا" في بلاد العرب حتى أصبحت دولة النبط ولاية رومانية ‪ .‬كما‬ ‫أنشأ تراجان طريقا بريا من أيلة إلى ظفار على ساحل المحيط الهندي عبر الحجاز ‪ .‬واتجه‬ ‫الرومان إلى إصلاح القناة القديمة التى تصل ميناء الإسكندرية بالبحر الأحمر عبر نهر‬ ‫النيل ‪ .‬حتى سميت قناة تراجان "(" وأرسلت الإدارة الرومانية سفنها الحربية لحماية مياه‬ ‫البحر الأحمر من القراصنة ‪ .‬وقد ترتب على تلك السياسة ازدهار الملاحة في البحر الأحمر‬ ‫حتى أنه نافس في هذا المجال الحركة التجارية في الخليج العربي ‪.‬‬ ‫وصلت البعثات الرومانية إلى جنوب ساحل إفريقية الشرقي وإلى داخل القارة ويدأ‬ ‫الرومان يتعرفون على جبال كلمنجارو ورويتزوري ‪ .‬وبحيرات فكتوريا وأ لبرت في وسط‬ ‫القارة كما ظهرت معالم القارة الإفريقية على خرائط الرومان لأول مرة ويدأت سفن‬ ‫الررمان تصل إلى مناطق بعيدة على ساحل شرقي إفريقية ‪ .‬فقد وصلت إلى رهابتا‬ ‫زنجبار بالقرب من دلتا الزمبيزي "' ‪.‬‬ ‫جنوب‬ ‫وفي محاولة رومانية لاختراق‪,‬افريقية والوصول إلى قلبها عبر وادى النيل أرسل‬ ‫الررمان بعثات لاستكشاف منابع النيل سنة ‏‪ ٦٦‬م ‪ .‬ووصلت تلك البعثات حتى النيل‬ ‫الأبيض ‪.‬جنوب الخرطوم الحالة‪ .‬غير أن وجود الستنقعات والأحراش أعاقت طريق الرحلة‬ ‫إلى داخل القارة الإفريقية ‪.‬وظلت مصر هى محور اهتمام الرومان للتوجه إلى داخل القارة‬ ‫الجاليات الإفريقية في مصر‬ ‫الإفريقية ‪ .‬ومن أجل ذلك فقد حاول الرومان استرضاعء‬ ‫والإسكندرية ن‪.‬قاموا على سبيل المثال ‪.‬ببناء المعابد للجاليات الحبشية في مصر ‪.‬كما‬ ‫رمم معابد‬ ‫شيداالأمبرا طور أغسطس معبدا في كلابشة للرب ا لنوبي مندوليس ‪.‬كما‬ ‫النوية لاسترضاء أهلها ‪.‬حتى أن الرومان حافظوا على طرق الاتصال المصرية القديمة‬ ‫بإفريقية ‪ '"!.‬ودخلت الكنيسة فى تلك الأهتمامات حيث نشطت في نشر رسالتها إلى‬ ‫‏(‪ )١‬حوراني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪ . ٤٦‬ص ‏‪. ٤٩‬‬ ‫‏‪. ٤٠‬‬ ‫‪.‬ص‬ ‫يفقية‬ ‫فركش‬‫اريخ‬‫‏(‪ )٢‬الجمل ‪ .‬تا‬ ‫‏(‪ )٣‬الجمل ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ٦٧‬‬ ‫م‬ ‫‏‪٩٥‬‬ ‫الأفارقة عبر تلك الطرق وأصبحت النوبة والحبشة من أهم معاقل الكنيسة في قارة إفريقية‬ ‫‪ .‬بعد ذلك ‪.‬‬ ‫وزادت الاهتمات الرومانية بمنفذ وادي النيل للوصول إلى داخل القارة بعد أن‬ ‫اضطربت أحوال الشمال الإفريقي والإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس ‪ /‬م ‪ .‬بعد‬ ‫سلسلة النكسات التى تعرضت لها ‪ .‬وكان أهمها في إفريقية قيام قبائل الوندال ‏‪٠ "١‬‬ ‫بالنزول إلى الساحل الشمالي لإفريقية وتكوين مملكة لهم هناك ‪ .‬بعد أن تمكنوا من‬ ‫السيطرة على بعض مناطق من جنوب أوروبا ‪ .‬فقد تمكن القائد الوندالي جيسريك سنة‬ ‫‏‪ ٩‬م من عبور مضيق عمودي هرقل (جبل طارق بعد ذلك) ونزل إلى الساحل الإفريقي‬ ‫مستغلا تدهور أوضاعه وانقسامات رجال كنيسته وثورة سكانه من البربر ‪.‬‬ ‫ويدأ فى الانتشار في تلك المناطق والحاق الهزائم بالرومان في إفريقية ‪ .‬وتحالفوا مع‬ ‫البربر ضد القائد الروماني بونيفاس ‪ .‬وتمكنوا من إنزال الهزيمة به ‪ .‬ثم مع الوندال سلطانهم‬ ‫على شمال إفريقية بعد ذلك وعلى جزر البحر المتوسط مثل كورسيكا وسردينيا والبليار ‪.‬‬ ‫وحتى جزر بحر ايجه من الشمال الشرقي للبحر المتوسط ‪ .‬وبدأ الوندال في مواجهة‬ ‫القتسطنطينية ‪ .‬بعد أن أصبحوا سادة البحر المتوسط وشمال إفريقية ‪.‬‬ ‫استغل الوندال إمكانيات قارة إفريقية من السلع الزراعية والتجارات القادمة عبر‬ ‫الصحراء ‪ .‬وحققوا أرباحا" استفادوا بها في تقوية جيوشهم وزيادة نفوذهم حتى تمكنوا‬ ‫‏(‪ )١‬الوندال ةا‪٧3002‬‏ من الشعوب الجرمانية الشرقية شأنها في ذلك شان البرجنديين ‪ .‬غادروا ساحل‬ ‫بحر البلطيق‪.‬ئم توجهوا إلى بوهيا في بداية القرن الأول الميلادي ‪ .‬وبعد ذلك انقسموا إلى قسمين ‪:‬‬ ‫‪}.‬‬ ‫القسم الأول تحرك صوب هنغاريا وعرفوا باسم الوندال الأسدنجيين ‏‪٠‬‬ ‫والفريق الثاني ظل بالقرب من بوهيميا وعرفوا باسم الوندال السلينجين ‪'.‬وبعد قدوم جماعات الهون انضم‬ ‫الوندال إلى الآلان وأتحجهوا إلى داخل الإمبراطورية الرومانية بوصفهم معاهدين ‪ .‬لكنهم أحسوا‬ ‫بضعف الوجود العسكري الروماني في منطقة الراين ودخلوا إلى مناطق الإمبراطورية الرومانية كغزاة‬ ‫سنة ‪٤٠٦‬م‏ وعاثوا في تلك المناطق فسادا ‪ .‬حتى ظهر بينهم قاند عظيم هو جيسريك الذي نظم‬ ‫صفوفهم وقادهم صوب الساحل الإفريقي ‪.‬‬ ‫‪ -‬توينبي ‪ .‬تاريخ البشرية ‪ .‬ترجمة نقولا زيادة ‪ .‬۔ ‏‪ . ٢‬ص ‏‪. ٣٧ ٠ ٣٦‬‬ ‫\‬ ‫‪٩٦١‬‬ ‫سنة ‏‪ ٤٥٥‬م من النزول على الأراضي الإيطالية ومحاصرة روما ودخولها ثم تدميرها‬ ‫وحرقها وأصبح جيسريك الوندالي حاكما لحوض البحر المتوسط حتى وفاته سنة ‪.٤٧٧‬ا‪'١‬‏‬ ‫لكن الوندال عاشوا أغرابا مع أهل افريقية بسبب اعتناقهم المذهب الأريوسي‪.‬‬ ‫المخالف للمذهب الأثناسيوسي لروما ‪ .‬والمذهب الروماني المنتشر بين سكان إفريقية ‪ .‬كما‬ ‫أنهم ظلوا مرتبطين بأورويا في أحلامهم وتطلعاتهم ولم يعملوا على مد نفوذهم إلى داخل‬ ‫القارة الإفريقية ‪ .‬وبدأت دولتهم تعاني من الخلافات والضعف حتى جاء القرن السادس‬ ‫‪/‬م لتبدأ الإمبراطورية البيزنطية تخطط لطردهم من الشمال الإفريقي ‪ .‬ففي سنة ‏‪ ٥٣٣‬م‬ ‫أرسل الإمبراطور جسبتيان الأول ‏(‪ - ٥٢٧‬‏م‪ ) ٥٦٥‬قائده بليزاريوس على رأس حملة‬ ‫كبيرة إلى إفريقية بسبب الخلافات التى وقعت داخل القيادة الوندالية في إفريقية فاستغل‬ ‫القائد البيزنطي إنشغال الوندال في قمع ثورة جزيرة سردينيا فنزل بقواته على الساحل‬ ‫وتمكن من احتلال قرطاجنة ‪ .‬وهزم الوندال في معركتين (" ‪ .‬وعادت شمال إفريقية إلى‬ ‫النفوذ الروماني من جديد حتى الفتح الإسلامي ‪ .‬بعد ذلك بقليل ‪.‬‬ ‫كانت شمال إفريقية قد بدأت في التغير الإجتماعي منذ نزول الرومان بها ‪ .‬وحتى‬ ‫قدوم الوندال ‪ .‬حيث استقر بها العديد من الرومان الذين ارتبطوا بالسياسات الرومانية‬ ‫على الجانب الآخر من البحر المتوسط ‪.‬خاصة المستثمرين في مجال الزراعة والتجارة ‪.‬‬ ‫امتلكوا أراضي واسعة من الأراضي الإفريقية الخصبة ‪.‬في حين بدأت قبائل البربر‬ ‫حيبت‬ ‫في التوجه صوب الجنوب في مناطق الوديان والجبال ("' ‪.‬ويدأوا في تجميع صفوفهم‬ ‫نهم‬ ‫وتوجيه ضربات متكررة ضد القوات والإدارات الرومانية في الشمال الإفريقي ‏‪٠‬حتى‬ ‫اعتنقوا المذهب الروماني المناسب لظروفهم ‪ .‬كما تعاونوا ماعلوندال في بدايةالأمر الأمر‬ ‫ظنا منهم بأنهم سيخلصونهم من الوضع الروماني ‪.‬‬ ‫دخلت القارة الإفريقية أيضا كعنصر أساسي في مجال المنافسة الدولية في العالم‬ ‫(‪ )١‬عمران ‪ .‬محمود سعيد ‪ .‬دكتور ‪ .‬معالم تاريخ أوروبا في العصور الوسطى ‪ .‬ص‪. ٧٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬عمران ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٧٩١ ‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪١٣٢‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪‎‬ج‪١‬‬ ‫‪ ٠‬المرجع لسابق‪٠ ‎‬‬ ‫)‪ (٣‬حوليان‪‎‬‬ ‫‪٩٧‬‬ ‫القديم ‪ .‬ذلك أن الفرس ('' الذين تزعموا نفوذ القوى الشرقية منذ منتصف الألف الآول ق‬ ‫‪.‬م ‪ .‬بدأوا في توجيه سياستهم صوب الاستفادة من ثروات إفريقية في محاولة لاحتكار‬ ‫تحبارة العالم القديم ‪ .‬وكانت سياسة الفرس تجاه إفريقية من جبهتين ‪:‬‬ ‫الجبهة الأولى ‪ :‬مصر والبحر الأحمر ‪ :‬حيث تمكنوا من الوصول إلى مصر‬ ‫وإخضاعها فترة من الزمن لنفوذهم بعد أن احتلوا مناطق الشرق الأدنى القديم ("" ‪ .‬وبدأوا‬ ‫في تنفيذ سياسات اقتصادية لتجارة مصر والبحر الأحمر وإفريقية ‪ .‬وبذلك تحقق حلمهم‬ ‫القديم في احتكار تحبارة الشرق ‪ .‬برية وبحرية ‪ .‬المتجهة إلى حوض البحر المتوسط حيث‬ ‫أعدادهم اليونان ثم الرومان ‪ .‬وقد أزعج هذا الأمر بالفعل اليونان والرومان ‪.‬‬ ‫الجبهة الثانية ‪ :‬الخليج العربي وسواحل شبه الجزيرة العربية وشرقي إفريقية ‪ :‬حيث‬ ‫‪.‬‬ ‫بدأوا في السيطرة على سواحل الخليج العربي ‪ .‬خاصة في العصر الساساني ‪ .‬اتخدوا من‬ ‫طيسفون على دجلة عاصمة لهم ‪ .‬وأصبحت السواحل العربية الغربية من الخليج تححعت‬ ‫السيطرة الفارسية لفترات طويلة من الزمن ‪ .‬وكان لسكان تلك السواحل علاقات ومصالح‬ ‫تجارية مع شرقي إفريقية وسواحل المحيط الهندي ‪ .‬وقد أستغل الفرس تلك الخبرات‬ ‫والعلاقات وبدأوا في توسيع نفوذهم نحو شرقي إفريقية ‪ .‬ومن أجل احتكار تجارة المحيط‬ ‫الهندي حاولوا السيطرة على اليمن ‪ .‬ودار صراع طويل بينهم ويين الأحباش استمرت حتى‬ ‫ظهور الإسلام ‪ .‬وحاول الرومان دعم الأحباش للوقوف في وجه الفرس في المنطقة ‪.‬‬ ‫زمن الملك الفارسي الساساني‬ ‫الفارسي في إفريقية الشرقية بوضوح‬ ‫ظهر النفوذ‬ ‫‪1‬‬ ‫اردشير الأول ( ‏‪ - ٢٢٥‬‏م‪٢‬؟‪ ) ١٤‬الذي عمل على النهوض بالملاحة في منطقة الخليج‬ ‫‏(‪ )١‬بدأ عصر إيران الذهبي منذ القرن السادس تبل الميلاد ‪ .‬حينما ظهرت الدولة الأخمينية ‪ .‬التى‬ ‫أصبحت أعظم امبراطوريات وحضارات العالم القديم ‪ .‬ودانت لها أمم الشرق ‪ .‬وظهرت شخصية‬ ‫حاكم الفرس الشجاع " قورش " عام ‏‪ ٥٥٩‬ق ‪.‬م وإستطاع بعد ثلاث سنوات من حكمه أن يكون سيدا‬ ‫على المنطقة ‪ .‬وتميز بالشجاعة والخبرة في حروبه ‪ .‬حيث تمكن من القضاء على القوى المجاورة له رغم‬ ‫تحالفها ضده ‪ .‬ومات سنة ‏‪ ٥٣٠‬ق‪.‬م ‪ .‬بعد أن أسس امبراطورية واسعة للفرس ضمت بلدان الشرق‬ ‫الأدنى القديم ‪ .‬وخلفه قمبيز على عرش البلاد الذي أطلق عليه من قبل الإعزيق " الطاغية " ‪ .‬فخرى‬ ‫‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ٢١٦/ ٢١٤‬‬ ‫(‪ )٢‬تمكن قمبيز من دخول مصر زمن الملك " بسماتيك الثالث " في بداية حكمه‪. ‎‬‬ ‫_‬ ‫‪٩٨‬‬ ‫والمحيط الهندي ‪ .‬فأنشأ عدة موانىء بحرية وتعقب القراصنة ‪ .‬وترتب على ذلك ازدهار‬ ‫العلاقات الفارسية الإفريقية في المجالات التجارية خاصة تجارة الذهب والرقيق والحديد‬ ‫والعاج وغير ذلك من سلع الساحل الإفريقي ‪.‬‬ ‫زند‬ ‫‪ ٢ -‬‏م‪ ( ٠٣‬بعقد معاهدة مع‬ ‫‏(‪٢٩٢‬‬ ‫نفي نهاية القرن الثالث الميلادي قام نرسي‬ ‫ملكالزنج على ساحل إفريقية الشرقي الشمالي ‪..‬في الصومال ‪ .‬وفرض‬ ‫أفريك شاه‬ ‫الفرس نفوذهم في تلك الفترة على جزيرة سوقطري التى أصبحت مركزا فارسيا أمام‬ ‫السواحل الإفريقية ‪ .‬وتواري أمامها الوجود اليوناني والروماني في الجزيرة ‏‪ . "٧‬وتم بنا‬ ‫معابد فارسية بها ‪ .‬نظرا لوجود جالية فارسية كبيرة بين سكان الجزيرة ‪ .‬ويدات السفن‬ ‫الفارسية منها تدخل موانىء البحر الأحمر الإفريقية أو تتجه صوب ساحل إفريقية الشرقي‬ ‫جنويا ‪.‬ومكن لهم هذا الوضع مع القوة ا لإنريقية الناشئة في الحيشة عند مدخل البحر‬ ‫الأحمر الجنوبي وهى دولة أكسوم التى ظهرت كقوةعالمية منذ القرن الرابع الميلادي ‏"‪. ٦‬‬ ‫وأصبحت حليفة مع الررمان لاعتبارات دينيةوثقافية ‪.‬وكان وجود تلك القوة الإفريقية‬ ‫هاىلأمل الوحيد أمام الرومان للوصول إلى تيارات إفريقية والمحيط الهندي بعد أن‬ ‫استحكمت العداوة ماعلفرس الذين سددوا منافذ التجارة الشرقية أمامهم ‪.‬‬ ‫اتخذ الرومان سلسلة من الإجراءات لدعم الأحباش في أكسوم سياسيا ودينيا‬ ‫وعسكريا أمام الفرس ‏‪ ٠‬فقد أرسل الإمبرطور الروماني جستنيان وفدا إلى مملكة أكسوم ‪.‬‬ ‫عارضا خدمات الرومان العسكرية والإقتصادية للأحباش مقابل أن يؤمن الأحباش لهم‬ ‫تحبارة المحيط الهندي وإفريقية ‪ .‬وقد تمكن الأحباش من القيام بهذا الدور ‪ .‬حيثاستغلوا‬ ‫الأحوال الأقتصادية السيئة التى تمر بها منطقة جنوب الجزيرة العربية ‪ .‬ومدخل البحر‬ ‫الأحمر ‪.‬حينما انتكست تجارة اللبان والبخور ‪ .‬بعد تحول سكان البحر المتوسط إلى‬ ‫السيحية وضعف إقبال الناس على تلك السلع التى أصبحت من موروثات النظام الوثنى‬ ‫‏‪ ٠‬ففرضتم لنفوذهم على منطقة اليمن واتجهت شمالا صوب الحجاز من أجل مدنفوذهم‬ ‫شمالا ‪.‬ودار صراع طويل بينهم ‪ .‬بينهم ويين الفرس من أجل التحكم في اليمن ومدخل‬ ‫البحر الأحمر ‪ .‬واستمر هذا الصراع مستمر انتهى الأمر في القرن السابق الميلادي بظهور‬ ‫‪. ٢ ١ ٨‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫) ‪ ١ ( ١‬لنعيم‪ ١ ٠ ‎‬مرجع‪ ١ ‎‬لا بق‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪١ ٤ ٣‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١‬مرجع‪ ١ ‎‬لسا بق‪‎‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫فخري‪‎‬‬ ‫) ‪( ٢‬‬ ‫الإسلام ‪ .‬وزوال القوى العالمية التقليدية التى كانت تتحكم في إفريقية والعالم القديم ‪.‬‬ ‫وهكذا ظل لإفريقية خصوصياتها الهامة في السياسة العالمية بين قوى العالم القديم‬ ‫‪ .‬وكان منبع الأهتمام بسبب أهمية موقعها وثرواتها الهامة ‪ .‬وإن كانت تلك الأهتمامات‬ ‫قد انصبت على مصالح تلك القوى دون الإلتفات إلى ظروف ومصالح الأفارقة أنفسهم ‪.‬‬ ‫الأمر الذي ميز الدور الإسلامي الجديد في القارة ‪.‬‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫ممالك إفريقية قدبمة‪‎‬‬ ‫البربر ‪ -‬الأحباش‪‎‬‬ ‫أولا" ‪ :‬ممالك البربر في شمال إفريقية في العصور القديمة ‪:‬‬ ‫تخلو المكتبة التاريخية في الشرق والغرب عن دراسات جادة عن تاريخ ممالك البربر‬ ‫ولم يظهر البربر بين صفحات تاريخ العالم القديم إلا حينما أصيح لهم احتكاك بنفوذ‬ ‫القوى الخارجية في إفريقية مثل اليونان والرومان وقرطاجنة ‪ .‬ولذلك فقد ظل الباحثون‬ ‫على جهل تام بحركة القبائل البربرية ‪ ,‬انتشارها أو انهيارها والأحداث التى واجهتها ‪.‬‬ ‫لكنه تم تجميع أخبار عن الممالك والإمارات البربرية التى كانت معاصرة لمرحلة التوسع‬ ‫الررماني في إفريقية ‪ .‬على أساس أنها تمثل قوى محلية عرقلت الأنتشار الروماني‬ ‫فوصلت أخبارها إلى مؤرخى الإمبراطورية ‪ .‬ومن هذه الممالك ثلاث ممالك هى كما يلي ‪:‬‬ ‫‪ - ١‬مملكة الموريين " " بالمغرب الأقصى ‪ -‬مراكش حاليا‪: ‎‬‬ ‫تأسست منذ القرن الثالث قبل الميلاد على أساس تحالف كبير من القبائل البربرية ‪.‬‬ ‫ومدت نفوذها إلى منطقة جدالة فى الجنوب ‪ .‬حيث مملكتى ماسولة ومازيسولة ‪ .‬وفي‬ ‫الشرق وصلت حدودها إلى نهر ملوية السفلى ‪ .‬وفى نهاية القرن الثالث تمكنت من توسيع‬ ‫حدودها حتى وصلت إلى مصب نهر المساقة ‪ .‬في الشمال الغربي لقسنطينية (" ‪.‬‬ ‫ويبدو أن قبائل الموريين كانت لها دورها الإقتصادي في زراعة سهول المغرب‬ ‫الأقصى قبل الميلاد‪ .‬وظلت تلك القبائل لامثل أهمية على المستوى الأولى ‪ .‬حتى تمكنت‬ ‫من توحيد نفسها في حلف منذ القرن الثالث حيث عثر على نفوذ تعود إلى القرن الأول‬ ‫قبل الميلاد تشير إلى حركة واسعة لشراء القمح من تلك المناطق مما يدل على خبرة أهلها‬ ‫في هذا المجال ‪ .‬وكانت الممالك والقبائل البربرية المجاورة لها مثل ماسولة ومازيسولة‬ ‫تتحرك في الأراضي القرطاجية الواقعة إلى الشرقيين الموريين ‪ .‬في المنطقة التي تسمى‬ ‫‪.٠‬‬ ‫‪\٣١ :‬‬ ‫‪ ٠6‬ص‪‎‬‬ ‫« ‪١‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪.‬ا لمرجع‪ ١ ‎‬لسا بق‪‎‬‬ ‫) ‪ ( ١‬جوليا ن‬ ‫‏‪ ١.١‬س‬ ‫س‬ ‫نوميديا ويدو أن هذا الاسم مأخوذ من لهجة البلاد ويبدو أن تلك القبائل كانت من منطقة‬ ‫من المورييم ‪.‬‬ ‫‪ - ٢‬مملكة مازيسولة " في منطقة الجزائر حاليا‪" ‎‬‬ ‫ظهرت بوضوح في أحداث القرن الثالث قبل الميلاد ‪ .‬ومدت حدودها شرقا إلى‬ ‫المسافة ورأس تريتون ‪ .‬شمال قنطصسة ‪ .‬وكانت سيرته (قنطصية ) قسما من تلك‬ ‫المملكة وشكلت هى وصاغة (تقع شرق نهر ملوية ) عاصمتين لها ‪.‬‬ ‫وأتخذت مازيسولة عاصمتها في منطقة استراتيجية يصعب الوصول إليها ‪ .‬حيث‬ ‫تقع العاصمة على مرتفع صخري ومحاطة بمنحدرات وعرة ‪ .‬يجري من بينها نهر المساقة‬ ‫فى شكل خور ليس له شواطىء ‪ .‬ولذلك ظلت المدينة منيعة فترة طويلة من الزمن ‪ .‬كما‬ ‫أن المنطقة الصخرية المحيطة بها حفظت مياه الأمطار في مسامها ليستفيد منها السكان‬ ‫في وقت الجفاف ‪.‬‬ ‫واحتلت مملكة مازيسولة أهم مناطق بلاد المغرب خصوبة ‪ .‬حيث الأرض الخصبة بين‬ ‫الأودية ‪ .‬والمياه المتوفرة من الأنهار والأمطار ‪ .‬حتى ضرب بسنابل قمحها المثل فى الطول‬ ‫‪ .‬كما أن أهلها كانوا لا يبذلون جهدا" كبيرا" في زراعة الأرض بسبب خصوبتها بحيث‬ ‫كانت تدر عليهم أضعاف ماتدره أراضي جيرانهم من نفس المحصول ‪.‬‬ ‫ومن أهم زعماء تلك المملكة البربرية " سيفاكس " حيث تمكن من تجميع قوى مملكة‬ ‫‪ .‬وأصبح زعيما أقليميا هاما ‪ .‬كان من الصعب على القوى المجاورة أن تغفل دوره‬ ‫فمدت إليه قرطاجنة يدها ‪ .‬وتزوج من فتاة قرطاجبة ‪ .‬لكن هذا الزعيم واجهته المشاكل‬ ‫من الزعيم البربري المجاور وهو مسينا الذي يمكن من ضم مملكة مازيسولة إلى مملكته‬ ‫البربرية التى تعرف بأسم مملكة فاسولة " (!‬ ‫‪:‬‬ ‫مملكة ماسولة‪‎‬‬ ‫‪- ٣‬‬ ‫ظهرت تلك المملكة على حدود ممالك البربر الشرقية ‪ .‬وتقلصت حدودها أمام التوسع‪‎‬‬ ‫القرطاجي منذ البداية ‪ .‬ولذلك كان لها أهميتها في الحرب البونية التى نشبت في المنطقة‪‎‬‬ ‫‏‪. ١٣٢‬‬ ‫() جولبان ‪.‬ا مرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫‪-‬‬ ‫‪١.٢‬‬ ‫بل ورثه أخوه‬ ‫ومن أهم رجالها "غايا "("" الذي لم يخلفه في الحكم ابنه الأكبر "مسينسا‬ ‫ظهر زمن ضعف المملكة في القرن الثالث ق ‪ .‬م وسرعان‬ ‫مسينسا‬ ‫ثمم ابن أخيه ‪.‬لكن‬ ‫وتقف‬ ‫‏‪ ٠‬وبدأ يجمع قوى مملكته حتى تمكن من‬ ‫لمملكة ماسولة‬ ‫البطل زعيما‬ ‫ما أصبح هذا‬ ‫حتى نهر ملويه ‪ .‬وشرقا حتى توسكة‬ ‫زحف مازيسولة المجا ورة ‪ .‬ووسع حدود مملكته غريا‬ ‫‪ .‬بالقرب من طبرقة ‪ .‬وكوت جيشا قويا وأسطولاا كبيرا ‪.‬‬ ‫بدأ مسينسا يحاول صهر شعبة البربري في دولة موحدة ‪ .‬لكن المصالح الرومانية‬ ‫وقفت عائقا أمام هذا الزعيم الماسولي ‪ .‬ولم يتمكن من تحقيق أحلامه ‪ .‬لكنه ترك آثارا‬ ‫هامة في تاريخ ومدينة البربر تطور النظم القبلية إلى نظم عامة‪ .‬ومن أجل توفير موارد‬ ‫مالية لدولته سعى إلى ضرائب على جماعات البدو في دولته ‪ .‬كما شجع الزراعة ‪ .‬ونشر‬ ‫الأمن والإستقرار في ربوع مملكة البربرية ‪ .‬وترتب على هذا الاستقرار ازدهار الزراعة‬ ‫والتجارة وإحياء الأراضي البور ‪.‬‬ ‫ولذلك فإنه صاحب أول " ثورة اقتصادية “"' تقع في تاريخ بلاد المغرب بين‬ ‫سكانها البربر ‪ .‬فأزدهرت البلاد في عصره ‪ .‬حتى أنه ترك لكل واحد من أبنائه ‏‪٨٧٤‬‬ ‫هكتارا" مجهزة بالآلات الزراعية اللازمة للاستغلال ‪ .‬وظهرت في عصره القرى كبداية‬ ‫للاستقرار من قبل الفلاحين والرعاة ‪ .‬كما أصدر لدولته دستورا على غرار قوانين قرطاخبة‬ ‫يعتمد على حكام يُنمون الأسباط ‪ .‬وظهرت شخصية حضارية جديدة لبلاد المغرب في‬ ‫‪.‬‬ ‫عهده‬ ‫وقد أضفى مسينسا على معتقدات البربر مسحة جديدة ‪ .‬فقد ظهر في اصلاحاته‬ ‫وظهرت في عهده عبادة الإله الملك ‪ .‬رعد مرور عشر سنوات من وفاته‬ ‫في مظهر إله ‪.‬‬ ‫أقيم له معبد في توقة ( دقة) ا"'‪ .‬وكان مولعا بالفكر والثقافة اليونانية ولذلك فقد‬ ‫حرص على أن يتلقى أبناؤه تربية يونانية ‪ .‬وظهرت آثار الفكر اليوناني عنده حينما جعل‬ ‫في دستوره قانونا يجعل الخلافة من بعده لأكبر الأبنا ء مشلما هو الشأن في المدن‬ ‫‏(‪ )١‬جولبان ‪ .‬نفس المرجع ‪ .‬ص‏‪. ١٣٣‬‬ ‫‏(‪ )٢‬جوليان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ١٣٥١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬على أساس استغلال أراضي افريقية من قبل أهلها ‪ .‬دون الاعتماد على الرومان وغيرهم في‬ ‫استغلال إمكانيات إفريقية ‪.‬‬ ‫‪- ١.٢‬‬ ‫اليونانية‪.‬‬ ‫وظهرت على يد مسينسا نظريته الجديدة التى تنادي بأن " إفريقية للإفريقيين "‬ ‫وكان من شأن تلك النظرية أن تجمع قبائل البربر حوله من كل مكان وتسحر رعاياه الميالين‬ ‫بطبعهم إلى كره الأجانب ‪ .‬ومن هنا فقد وضع في خططه الإستيلاء على قرطاجنة قبله‬ ‫بلاد البربر الحضارية ‪ .‬كما بدأ يفكر في إخضاع بلاد المغرب حتى ساحل المحيط الأطلسي‬ ‫‪.‬تحت سيطرته ‪ .‬ولذلك فإن روما بدأت تخشى من طموحها في منطقة الشمال الإفريقي‬ ‫وخاصته أن كان يرفى إلى تكوين إمبراطورية بربرية جنوب البحرالمتوسط ‪ .‬ومات مسينسا‬ ‫سنة ‪١٤٨‬ق‏ ‪.‬م ‪ .‬وكان الزعيم البربري من بين أهم شخصيات تاريخ إفريقية عامة والبربر‬ ‫خاصة ‪ .‬الأمر الذي جعل بلاد البربر من جيد إلى نفوذ القوى الخارجية ‪.‬‬ ‫ويعد موته وزع مملكة مسينسا ببن أبنانه الثلاثة ‏(‪ . '١‬حسب مصلحة روما‪ .‬خوفا‬ ‫من وجود خليفة قوى من بعده يسير على دربه في توحيد بلاد البربر ‪ .‬وبالتالي اغلاق‬ ‫الأبواب الإفريقية أمام المصالح الرومانية ‪.‬‬ ‫ويعد موته بقليل وقعت تطورات خطيرة في تاريخ إفريقية ‪ .‬حيث سقطت قرطاج‬ ‫أمام روما بعد فترة طويلة من الصراع بينهما ‪ .‬وقررت روما سنة ‏‪ ١٧٤٦‬ق ‪.‬م تحويل‬ ‫قرطاجنة وممتلكاتها في الشمال الإفريقي وحوض البحر المتوسط إلى مقاطعة رومانية باسم‬ ‫المقاطعة الإفريقية أوةحأاأ ‪4‬أ[‪٦‬أاح‪٢‬م‏ ولاية إفريقية ‪.‬‬ ‫وعهدت روما إلى حكم إفريقية إلى قاض أو رتبة مساعد قنصل ‪ .‬ويعين لمدة سنة ‪.‬‬ ‫ثم طور هذا المنصب بعد ذلك إلى درجة وال مثل بقية الولاة ‪ .‬وكان هذا الوالي مكلفا‬ ‫بالدفاع عن الحدود ضد البربر من البر والقراصنة من البحر ‪ .‬والمحافظة على الأمن‬ ‫الداخلي بواسطة جيوش يعين مجلس الشيوخ كل سنة عدد جنودها ‪ .‬ولكن هذا الوالي كان‬ ‫يستعين بالحلفا ء من الإمارات الإفريقية المجاورة وقت الخطر ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬وهم ‪ :‬الأبن الأكبر " ميسبسا " الذى تولى الإدارة في العاصمة سيرته ‪ .‬والابن الثاني " غلوسة‪" ‎‬‬ ‫الذي تولى قيادة الجيش ‪ .‬والأبن الثالث " مستنبعل " الذى تولى القضاء وبعد وفاة الأخوين غلوسة‪‎‬‬ ‫ومستنبعل انفرد ميسبسا بالحكم ‪ .‬وبدأت روما تلاحقه بالعديد من الالتزامات‪. ‎‬‬ ‫‏‪ ١.٤‬س‬ ‫وتحولت أراضي قرطاجنة وشمال إفريقية إلى أملاكرومانية ‪.‬وكان على الرعايا‬ ‫الذين بقيت أملاكهم في حوزتهم بصفة وقتيةأن يدفعوا ضريبة ‪.‬وكان الوالى مهتما في‬ ‫المقام الأول بتأمين جمع الضرائب وتأمين أعمال رجال التجارة ‏(‪ '١‬و‪.‬لذلك أهتم الررمان‬ ‫ني أفريقبة بالجوانب الإتتصادية أكثر من أهتماماتهم الفكرية والثقافية ‪ .‬حيث تركوا‬ ‫التأثيرات الحضارية القديمة بين البربر من الحضارة القرطاجية أو اليونانية أو الحضارة‬ ‫المصرية من قبل ‪.‬‬ ‫وتعرضت منطقة نوميديا ويلاد المغرب الأقصى ‪ .‬موريتانيا ‪ .‬لعدد كبير من‬ ‫الخلافات الداخلية والأطماع الخارجية ‪ .‬وأصبحت البلاد ساحة لتصفية حسابات الزعماء‬ ‫والشيوخ في روما ‪ .‬فتدهورت أحوال البلاد وفرضت روما سيطرتها على مساحات واسعة‬ ‫في الشمال الإفريقي ‪ .‬وحينما توجه قيصر إلى إفريقية في منتصف القرن الأول تمكن من‬ ‫السيطرة على مساحات واسعة ‪ .‬ويدأ ينظم البلاد من جديد ‪ .‬وقد تواصلت الهيمنة‬ ‫الرومانية على إفريقية ‪ .‬واستمر البربر في القيام بثورات ضد الرومان ‪.‬‬ ‫ومن أهم الثورات التى وقعت في إفريقية ضد الرومان ثورة البربر بقيادة "‬ ‫تكفاريناس ‪24¡٦6‬أ‪28‬آ"‏ الذي تمكن من تنظيم صفوف البربر في زمن الأمبرطور‬ ‫الروماني تيبريوس ‪.‬وتمكن هذا القائد البربري من دحر الجيوش الرومانية لمدة سيع ستوات‬ ‫‪.‬وكان مركزه منطقة نوميديا (الجزائر) ‪ .‬حيثاستغل طاقات البربر وخلق منهم جيشا من‬ ‫الفرسان على غرار الجيوش الرومانية الجيدة التدريب ‪ .‬وأمتدت حركة تكفاريناس إلى‬ ‫الغرب حتى وصلت إلى بربر مورتانيا ‪ .‬وسيرته في الشرق ‪ .‬كما امتدت صوب جنوب‬ ‫حيث قبائل بدو البربر ‪ .‬وفي سنة ‏‪ ١٧‬م هزم تكفاريناس أمام جيش روماني‪'"١‬‏‬ ‫ويعد هزيمته اضطر للانسحاب صوب الصحراء فايلجنوب ليعيد تنظيم صفوفه‬ ‫ويعاود الهجوم من جديد ‪ .‬واستمر في سياسته القائمه بالجر الخطف والسريع ضد‬ ‫الرومان ‪ .‬فعجز الرومان عن إلقاء القبض على عدوهم ‪.‬وفي النهايةألقى القبض عليه‬ ‫أثناء حصار حصنه فرمى بنفسه وتخلص من الأسر ومات ‪.‬وقد استغل الرومان اختفائه‬ ‫ليزحفوا بجيوشهم صوب الجنوب ‪ .‬وفى هذا التوجه الجديد صوب منطقة الشطوط دلالة‬ ‫على أهمية إفريقية للرومان ‪ .‬حيث بدأ الرومان في محاولة تأمين مستعمراتهم بها‬ ‫(‪ )١‬جوليان ‪ .‬المرجع السابق ‪.‬صص‪ )٢( . ١٥٤ ‎‬جوليان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٧١٥ ‎‬‬ ‫م‬ ‫‏‪١.٥‬‬ ‫واستغلال أراضيها ‪.‬‬ ‫كما نشبت ثورات عدة في منطقة مورتيانيا ‪ .‬في القرن الثاني الميلادي ‪ .‬اضطر‬ ‫حالة أ لقلاتل‬ ‫من جيوشهم ا لعا ملة ني سوريا ومصر وا ستمرت‬ ‫‏‪ ١‬لروما ن ا لى طلب ا لنجدا ت‬ ‫تسود افريقية حتى قدوم الوندالأ'" ‪.‬لكن هذا لم يمنع قيام الرومان بمحاولة الاستفادة من‬ ‫أراضى المنطقة في الزراعة وكذلك في الوساطة التجارية بين محاصيل إفريقية وبين سلع‬ ‫افريقية جنوب الصحراء من جهة وبين مراكز الإمبراطورية الرومانية في حوض البحر‬ ‫المتوسط وحققوا أرباحا طائلة من وراء تلك الوساطة ‪ .‬ولذلك لم يفرط الرومان فيها رغم‬ ‫الأطماع الخارجية والثورات الداخلية ‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬أكسوم ‪ ...‬قوة افريقية في البحر الأحمر والمحيط الهندي ‪.‬‬ ‫وعلى الجانب الشمالي الشرقي للقارة الإفريقية ‪ .‬وفى مواجهة حضارات الشرق‬ ‫الأدنى القديم العريقة ‪ .‬ظهرت أكسوم ممثلة افريقية بين قوى العالم القديم ‪ .‬حينما تمكنت‬ ‫فرض نفسها على الساحة الدولية وإيجاد موقع هام لها في مجال المنافسات العالمية‬ ‫القديمة ‪.‬‬ ‫ذلك أنه في القرن الرابع الميلادي شهدت في منطقة الحبشة مملكة إفريقية " هى‬ ‫مملكة أكسوم ‪ .‬بعد أن بدأت في الظهور من القرون الأولى للميلاد ‪ .‬وساعدتها الظروف‬ ‫الإقتصادية والسياسية السيئة التى شهدتها منطقة جنوب الجزيرة العربية والبحر الأحمر ‪.‬‬ ‫منذ القرن الأول للميلاد وحتى بداية القرن الرابع ‪ .‬فقد أدت الخلافات والصراعات‬ ‫الداخلية في اليمن منذ القرن الأول للميلاد إلى حدوث فراغ سياسي بها نمدت أكسوم‬ ‫نفوذها إلى اليمن وأصبحت طرفا في الصراع الداخلي ‪.‬فقد تحالفت مع همدان ضدحميرا"'‪.‬‬ ‫حتى جاء الوقت لتفرض سيطرتها القوية على اليمن وتحولها إلى أحدى أقاليمها‪.‬‬ ‫‪. ١٨٠‬‬ ‫(‪ )١‬جوليان ‪ .‬المرجع نفسه ‪.‬ص‪‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬تشير كثير من الدراسات إلى أن أهل تلك المملكة يرجع أصولهم إلى عناصر عربية يمنية هاجرت من‬ ‫اليمن عبر باب المندب إلى منطقة الهضبة الحبشية وكونت لها إمارة هناك ت فيا بعد لتصبح دولة‬ ‫أكسوم الحبشية ‪ .‬وبعض النظر عن ذلك فإن معظم العناصر العرقية في الحبشة ترجع إلى أصول‬ ‫سامية ‪ .‬لكننا نشير إلى أنها مت وترعرت في أرض إفريقية ‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬بافقيه ‪ .‬تاريخ اليمن القديم ‪ .‬ص‪ . ١٩٧١ ‎‬طبعة بيروتسنة‪. ١٩٨٥ ‎‬‬ ‫‪_ ١.٦١‬‬ ‫وقبل أن ينتهى القرن الرابع الميلادي وقعت تطورات في العالم القديم ‪ .‬استفادت‬ ‫منها دولة الأحباش ‪ .‬فقد بدأت الديانة المسيحية تنتشر بين سكان وأقاليم البحر المتوسط‬ ‫والشرق الأدنى القديم ‪ .‬مما أدى إلى تخلى الناس عن العادات الوثنية وخاصة في مجال‬ ‫الدفن التى كانت تستهلك مقادير كبيرة من البخور واللبان ‪ .‬وهما من أهم سلع تجارة‬ ‫الشرق ‪ .‬ا"فاننكست تجارة البخور واللبان وغيرها من السلع التى كانت في المعابد‬ ‫لأغراض العقائز الوثنية وفقدت منطقة جنوب الجزيرة العربية أهميتها في هذا المضمار ‪.‬‬ ‫وتدهور أحوال مملكة شبوة وتيماء ومأرب وغيرها من المناطق التى كانت تستفيد من تلك‬ ‫التجارة ‪ .‬كما تدهورت منطقة ظفار‪ .‬التى تعتمد بصورة كبيرة في إنتاج اللبان‬ ‫‪.١‬‬ ‫‏‪7‬‬ ‫(‪ )١‬قلعجي ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٦٢ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ارتبطت منطقة ظفار في جنوب عمان بانتاج اللبان منذ القدم ‪ .‬وقد أخفى أهل ظفار أن تكون بلادهم‬ ‫مرطنا لانتاج اللبان حتى لاتتعمرض بلادهم للغزو الخارجي ‪ .‬حيث شكل اللبان سلعة استراتيجية في‬ ‫العالم القديم ‪ .‬وينتج اللبان في ظفار من شجرة برية في منطقة الأودية الداخلية من ظفار ويتم ذلك‬ ‫بأن يجرح جسم الشجرة في عدة مواضع ‪ .‬حيث يبدأ سائله اللبان في النزول ‪ .‬وتسمى تلك العملية‬ ‫باسم التوقبع ‪ .‬وعمليات الجمع بأسم السعف ‪ .‬فالجمع الأول يسمى السعف الأول وهكذا ‪ .‬وأجود‬ ‫الأنواع منه هى التى يتم جمعها في المرات الثانية والثالثة ‪.‬‬ ‫يتم تجميع اللبان في مراكز داخلية مثل واحة أندهور ر اون ‪ .‬أو موانىء ساحلية مثل ميناء سمهرام ‪.‬‬ ‫ويبدأ تصديره ‪ .‬كما كانت هناك ممالك يمنية قامت من أجل خدمة تبارة اللبان مثل مملكة تيماء ‪ .‬شبوة‬ ‫‪ .‬مأرب ‪ .‬حيث ير منها قوافل تجارة اللبان إلى منطقة البحر الأحمر وبلاد الشام عبر الحجاز ‪ .‬والبحر‬ ‫المتوسط ومديناته ‪.‬‬ ‫مثل اللبان أهمية عامة عند حضارات العالم القديم ‪ .‬فالبنسبة للفراعنة استخدموه في التحنيط ‪ .‬حيث‬ ‫عثر على كميات منه في مقبرة توت عنخ آمون ‪ .‬كما استخدموه في الطب والإستطباب وعند اليونان‬ ‫استخدم في المعابد رفي الطب والعلاج أيضا ‪ .‬كما أن الرومان استهلكوا كميات كبيرة منه في‬ ‫معابدهم وفي احتفالاتهم وفي عادات الدفن الوثنية ‪ .‬خاصة زمن الإمبراطور نيرون الذي استهلك‬ ‫كميات كبيرة أثناء دفن جثمان زوجته بوبايا ‪ .‬وإستخدم اللبان أيضا عند اليهود والنصارى لتطهير‬ ‫صفوف المسلمين ‪ .‬أما الإسلام فقد نهى عن استخدام عادات حرق اللبان والبخور في المساجد‬ ‫باعتبارها عادة وثنية ‪ .‬أى لم يجعلها عادة وقد استخدم الأطباء المسلمون اللبان في علاج كثير من‬ ‫الأمراض مثل الرب والتهاب الكلي والمفاصل وغير ذلك ‪ .‬أنظر ‪ :‬الفساني ‪ .‬عبدالقادر ‪ .‬ظفار أرض‬ ‫اللبان ‪ .‬ص ‏‪ ٢٥‬ومابعدها ‪ .‬حوراني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪ . ٩٠‬ص ‏‪. ١٧٤‬‬ ‫‏‪ ١.٧‬س‬ ‫في الوقت نفسه زادت شوكة المسيحين في الإمبراطورية الرومانية بعد إعلان ميلانو‬ ‫باعتبار المسيحية ديانة شرعية فوقعت اضرابات في الإسكندرية بين اليهود والثونيين‬ ‫والمسيحيين مما أدى إلى اضطراب أحوال تجارة البحر الأحمر ‪ .‬باعتبار الإسكندريةة ‏‪.0١‬‬ ‫أهم منافذ التجارة في البحر الأحمر في العصور القديمة منذ إنشائها على يد الإسكندر‬ ‫المقدوني ‪ .‬فتدهور أوضاع تجارة البحر الأحمر ‪ .‬وتحولت التجارة الى مناطق أواسط آسيا‬ ‫إلى القسطنطنية عبر فاس وآسيا الصغري ‪ .‬كما ترتب على قرار الإمبرطور الروماني‬ ‫قسطنطين نقل العاصلمة الإمبراطورية من روما إلى القتسطنطنية سنة ‪٣٣٠‬م‏ ‪ .‬تحول طرق‬ ‫التجارة العالمية من البحر إلى الطريق البري عبر أواسط آسيا والأناضول إلى القسطنطنية‬ ‫‪ .‬العاصمة الجديدة ("" ‪ .‬حيث تعتبر تلك الطرق هي الأقرب في الإتصال بين القسطنطينية‬ ‫ويين تحبارات الصين ‪.‬‬ ‫ويذلك انتكست تجارة المحيط الهندي ‪ .‬وتدهورت أحوال جنوب الجزيرة العربية‬ ‫اقتصاديا وسياسيا في القرن الرابع الميلادي بصورة واضحة ‪ .‬الأمر الذي أدى إلى ازدياد‬ ‫نفوذ الأحباش في منطقة مدخل البحر الأحمر الجنوبي وفي منطقة جنوب الجزيرة العربية ‏‪٠‬‬ ‫حيث استغلوا تلك الأوضاع السيئة وفرضوا سيطرتهم على اليمن وتطلعوا للتحرك شمالا‬ ‫لاستكمال السيطرة على الطرق التجارية البرية القدمة عبر الحجاز ‪ .‬كما أنهم أصبحوا‬ ‫سادة النشاط التجاري البحري في شمال المحيط الهندي ‪ .‬فقد اعتمدوا على'حلفائهم من‬ ‫التجار العرب وخاصة اهل ظفار في جلب ما يحتاجونه من تجارة الهند والصين وجنوبي‬ ‫شرق اسيا التي يعتمد عليها شعوب ومدنيات البحر المتوسط خاصة في الجوانب الدنية‬ ‫والنواحي الطبية والإحتفالات العامة‬ ‫ومد الأحباش نفوذهم في تلك الفترة حتى حدود مصر شمالا ""حيث فرضوا‬ ‫سيطرتهم على قبائل السودان الشرقي والبجة والجالا وغيرهم ‪.‬وعبر السودان الشرقي‬ ‫أمتد النفوذ الحبشي حتى وصل إلى السودان الغربي (“'‪ .‬حيثظهرت علاقات تجارية بين‬ ‫(‪ )١‬راجع عبدالحميد ‪ .‬رأفت ‪ .‬دكتور ‪ .‬الدولة والكنيسة ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪ ٦٢ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬لوفران ‪ .‬تاريخ التجارة ‪ .‬ص‪. ٢٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬حينما أسقطوا مملكة مروي النوبية في شمال بلاد السودان الشرقي‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬العارف ‪ .‬ممتاز ‪ .‬الأحباش بين مأرب وأكسوم ‪ .‬ص‪ ٤٣ ‎‬ومابعدها ‪ .‬بيروت‪. ١٩١٧٥ . ‎‬‬ ‫‏_ ‪ ١.٨‬س‬ ‫ملكة أكسوم وبين مملكة غانة الوثنية ‪ .‬وهو الأمر الذي يدل على أن مملكة أكسوم الحبشية‬ ‫فقلت أهم قوة سياسية وعسكرية في إفريقية وشمال المحيط الهندي الغربي وفي منطقة‬ ‫مدخل البحر الأحمر الجنوبي ‪.‬‬ ‫ويفضل الروابط العقائدية والتاريخية القديمة اعتمد الرومان في تلك الفترة على‬ ‫التحالف مع دولة أكسوم لتأمين وصول تبارة الهند والصين وشرقي إفريقية إليهم ‪.‬‬ ‫وأصبح بذلك الأحباش امتدادا للنفوذ الروماني عند مدخل البحر الأحمر الجنوبي وفي مياه‬ ‫المحيط الهندي ‪ .‬بل وفي داخل القارة الإفريقية ‪ .‬وهو الأمر الذي كان يحلم به الرومان‬ ‫منذ فترة طويلة ‏(‪.'١‬‬ ‫وانتقلت حلبة الصراع الدولي من منطقة الهلال الخصيب وشرق البحر المتوسط إلى‬ ‫منطقة القرن الإفريقي وجنوب الجزيرة العربية ومدخل البحر الاحمر ‪ .‬ذلك آن الفرس‬ ‫باعتبارهم القوة الشرقية الأساسية المنافسة للرومان ‪ .‬كانوا قد تمكنوا من يسط سيطرتهم‬ ‫على الطرق التجارية العالمية من أجل احتكار تجارة العالم القديم التى تمر بأاراضيهم أو‬ ‫بالقرب منهم ‪ .‬وظهرت تلك السياسة التجارية الإحتكاريه بوضوح في زمن الأسرة‬ ‫‏‪ ٢٢٥‬م (" ‪ .‬ومقكنت من مد نفوذ الفرس إلى مناطق‬ ‫الساسانية التى ظهرت منذ سنة‬ ‫جديدة بالقوقاز والأناضول بل ويسطوا سيطرتهم من جديد على سواحل الخليج العربي‬ ‫الغربية ("‪ .‬ومن أجل اتمام سياسة إحتكار التجارة العالمية تطلع الفرس نحو البحر الأحمر‬ ‫باعتباره المنفذ التجاري على المحيط الهندي الذي لا يخضع لسيطرتهم ‪.‬‬ ‫ويدأ الأحباش يقفون بالمرصاد لمحاولات الفرس التدخل في منطقة اليمن وجنوب‬ ‫البحر الأحمر وإفريقية ‪ .‬خاصة وإن الوجه العقاندى للصراع بينهما قد أضيف إلى الوجوه‬ ‫السياسية والإقتصادية بعد أن تحول ملوك أكسوم إلى المسيحية وتعصبوا لها ‪ .‬وظل‬ ‫البحر الأحمر وإفريقية تقدم للرومان وسكان البحر المتوسط حاجياتهم من سلع إفريقية‬ ‫‪ .‬وتحرك التجار الرومان بحرية في‬ ‫والمحيط ا لهندي ولم يتأثروا بسياسة ا لإحتكا ر ضدهم‬ ‫(‪ )١‬العارف المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٤٤ ‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫\ ‪٢٦‬‬ ‫‪ ٠6‬ص‪‎‬‬ ‫‪.‬ا مرجع‪ ١ ‎‬لسا بق‪‎‬‬ ‫فخري‬ ‫) ‪(٢‬‬ ‫(‪ )٣‬قلمجي ‪ .‬الخليج العربي ‪ .‬ص‪. ٤٥ ‎‬‬ ‫‏‪ ١.٩‬س‬ ‫موانىء البحر الأحمر وفي اليمن ‪.‬‬ ‫كان لمملكة أكسوم الإفريقية الحبشية أثرها في تاريخ الرومان وسياستهم في إفريقية‬ ‫من جهتين هما ‪- :‬‬ ‫الأولى ‪ :‬عدم تأثر الرومان بسياسة أعدائهم الفرس في احتكار طرق التجارة‬ ‫العالمية برية وبحرية ‪ .‬اعتمدوا على الأحباش في القيام بهذا الدور ‪.‬‬ ‫الثانى ؛ بدأ الرومان في محاولات جديدة لاسترجاع نفوذهم القديم في البحر‬ ‫المتوسط والشرق الأدنى وشمال إفريقية ‪ .‬فمن القسطنطنية بدأ أباطرتها في إرسال‬ ‫جيوشهم وأساطيلهم نحو شمال إفريقية لطرد الوندال وغيرهم من الجماعات التى أسست‬ ‫لها نفوذا في إفريقية وجزر البحر المتوسط ‪ .‬بل أن الرومان بدأوا في إرسال السفارات‬ ‫والمراسلات إلى ادوليس لرسم استراتيجية حبشية رومانية في المنطقة لمد النفوذ الروماني‬ ‫هناك وتدعيم النفوذ الحبشى في اليمن ضد الفرس ‪ .‬ولكن أحوال اليمن غير المستقرة‬ ‫أجلت هذه المشاريع في المنطقة (ا'‪.‬‬ ‫فقد أدت مجريات الأحداث في اليمن إلى عكس التصور البيزنطي في تلك الفترة‬ ‫حيث احتدمت الخلافات القبلية في اليمن ولم يتمكن الأحباش من توطيد مركزهم فيها ‪.‬‬ ‫كما أن أبرهة الذي تولى حكم اليمن للأحباش سنة ‪٥٢٥‬م‪.‬‏ عمل على الإستقلال بشئون‬ ‫اليمن لنفسه وأصبح حاكمها المستقل ‪ .‬حيث وفدت إليه الرسل من الملوك والأباطرة ‪.‬‬ ‫وكان أبرهة قد توترت العلاقات بينه وبين نجاشى الحبشة بسبب ممارساته في اليمن‬ ‫= رغم هزائم حمير أمام الأحباش وانتكاسة اليهود باليمن ‪ .‬فإن أهل اليمن قد تعرضوا في بعض الأحيان‬ ‫لمضايقات التجار الرومان أو القوافل التجارية المتجهة إليهم ‪ .‬وتذكر بعض الروايات أن أحد زعماء‬ ‫حمير قد أسر قافلة تجارية حبشية متجهة شمالا" نحو الروم وأمر بقتل أفرادها ما أدى إلى ارسال‬ ‫مساعدات عسكرية عاجلة من الإمبراطور زينون إلى الأحباش لتمكينهم من فرض سيطرتهم على‬ ‫منطقة اليمن وجنوب الجزيرة العربية ‪ .‬وظل اليمنيون يترقبون الظروف حتى تسمح لهم بشن محاولات‬ ‫لطرد التجار الرومان والأحباش من اليمن ‪.‬‬ ‫الناصري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ٤٥‬‬ ‫(‪ )١‬جواد على ‪ .‬المعضل في تاريخ العرب قبل الإسلام ‪.‬ح‪ . ٣.‬ص‪ ٤٧٢ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫_‬ ‫‪١١ .‬‬ ‫وسياسات القمع والشدة ضد أهلها ‪ .‬لكن نباشي الحبشة لم يتمكن إرسال قواته العسكرية‬ ‫إلى اليمن لحساسية أوضاعها الدولية ‪.‬‬ ‫‪ .‬ذلك أن أبرهة استمر في ترسيخ‬ ‫مملكة حبشيهة إفريقية‬ ‫اليمن تأسست‬ ‫وعلى أرض‬ ‫أقدامه في اليمن وأمعن في الاستقلال عن نجاشي الحبشة ‪.‬فتلقب بالقاب الملكالتي كان‬ ‫يتلقب ملوك اليمن "ملك سبأوذي ريدان وحضرموت وغيت وأعرابها في النجاد وفي‬ ‫المنخفضات " واستهل هذه الألعاب بعبارة " يحول الرحمن ومسيحه " ‪ .‬ويدأ بالفعل في‬ ‫نشر مسيحيته بين أهل اليمن ‪ .‬فاشتهر ببناء الكنانس ‪ .‬وكان أشهرها كنيسة بناها من‬ ‫حجارة قصر بلقيس بمأرب ‪ .‬وجلب إليها الأخشاب والفضة والعاج من الهند وإفريقية ‪.‬‬ ‫حتى أصبحت بهجة للناظرين ‪ .‬وموضوعا لروايات الإخباريين والرحالة ("‪.‬‬ ‫ومن أرض اليمن حاول أبرهة تحقيق حلم الإسكندر القديم في ربط تارة المحيط‬ ‫الهندي بالبحر المترسظ مباشرة ‪ .‬وهو الحلم الذي لم يتمكن الإسكندرأ"' من تحقيقه بصورة‬ ‫نهائية لوفاته ‪.‬فتوجه أبرهة ‪ .‬إلى الحجاز على رأس حملة عسكرية كبيرة سنة ‪٥٧٠‬م‏ (‬ ‫)ا‪ .‬حتى أن تلك الحملة روعت أهل مكة لما سمعره عن أبرهة من قسوة‬ ‫‏‪ ٧١‬‏م‪٥‬‬ ‫أو سنة‬ ‫وظلم "' لكن هذا الجيش منى بهزيمة قاسية (" ‪ .‬فعاد إلى اليمن ‪ .‬وبعد تلك الهزيمة‬ ‫بدأت الأحداث تتحرك في منطقة جنوب الجزيرة العربية واليمن ضد مصالح الأحباش ‪.‬‬ ‫بعد فشل محاولات اليمنيين الثورة والتخلص من الظلم الحبشي ‪ .‬بدأوا يفكرون في‬ ‫الاستعانة بقوة خارجية لمساعدتهم ضد الأحباش ‪ .‬وكان زعيم هذا الرأي هو الزعيم‬ ‫الحميري سيف بن ذي يزن الذي اكتسب شهرة عظيمة بين أهل اليمن منذ ذلك ا لوقت ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬جواد على ' الرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٤٩١٠ ‎‬‬ ‫)( حينما أرسل حملاته من الخليج المربي للأنتفاف حول سواحل الجزيرة العربية إلى البحر الأحمر‬ ‫وإرساله حملات كذلك عبر نهر السند إلى المحيط الهندي ‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬تاريخ الطبري ‪ .‬ج!‪ .‬ص‪. ١٣١ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬هناك تعليلات أخرى غير مقنعة لحملة الأحباش على مكة " أصحاب الفيل " منها قيام رجل عربي‬ ‫بتدنيس الكنيسة التى بناها أبرهة في مأرب فأقسم الأخير على هدم الكعبة انتقاما لذلك ‪.‬‬ ‫وقد عرف هذا العام باسم " عام الفيل" وقد ولد الرسول ‪ .‬صلى عليه وسلم ‪ .‬في هذا العام ‪.‬‬ ‫انظر تفسير ابن كثير ‪ .‬ج‪٤‬‏ ‪ .‬ص ‏‪ . ٥٤٨‬تفسير القرطبي ‪ .‬ج‪٢‬‏ ‪ .‬ص ‏‪. ١٩١٩٤‬‬ ‫‏‪ ١١١‬س‬ ‫خاصة وأنه ينتمي إلى أشراف حمير ‪ .‬وله اتصالات مع الأمراء والملوك المجاورين ‪.‬‬ ‫وبالفعل بدأ سيف في التوجه إلى كسري ‏‪ "١‬طالبا العون لطرد الأحباش من بلاده‬ ‫‏‪ ٠‬فلقى ‏‪ ١‬لزعيم ‏‪ ١‬ليمني كل حفا وة وتكريم ني ا لبلاد الفا رسي ‪ .‬نكانت زيا رته وطلبه فرصة‬ ‫كان الفرس يبحثون عنها منذ القدم ‪ .‬تحقق تلك الحلم الفارسي القديم بالوصول إلى مياه‬ ‫البحر الأحمر ومنطقة القرن الإفريقي ‪ .‬دخلت القوات الفارسية اليمن سنة ‪٥٧٥‬م‏ ‪.‬‬ ‫بدأ الفرس في عمليات تحويل النشاط التجاري الإفريقي واليمن صوب فارس عبر‬ ‫مناطق ودروب شبه الجزيرة العربية او السواحل الجنوبية لشبه الجزيرة العربية ‪ .‬حتى انهم‬ ‫جعلوا من ميناء صحار العماني ("' أهم مراكز التجارية البحرية قاطبة ‪ .‬كما أتخذ الفرس‬ ‫سلسلة من الإجراءات في اليمن لإحكام قبضتهم عليها ‪ .‬فقد أصبح وهرز قائد القوات‬ ‫الفارسية صاحب الكلمة العليا في البلاد ‪ .‬وتولى من بعده ابنه المرزيان بونهرز ‪ .‬ومن‬ ‫‏(‪ )١‬من الروايات الشانعة عن المؤرخين والنصابة عن سبب لجوء سيف بن ذي يزن إلى الفرس الرواية التى‬ ‫تقول ‪ :‬أن أبرهة كان قد أنتزع ريحانة من زوجها أبي مرة وهو والد سيف ‪ .‬ففر زوجهيا إلى العراق ‏‪٨‬‬ ‫حيث التجأ إلى ملك الحيرة عمرو بن هند ‪ .‬وظل عنده بينما بقى سيف واسمه " معد يكر بن أبى مرة‬ ‫‪.‬‬ ‫مع امه عند أبرهة ‪.‬‬ ‫في الوقت نفسه تمكن أبرهة من التمكن من ريحانة فأحيب منها ولدا" سمى سنطورق وسماه‬ ‫العرب المسروق ‪ .‬ونشب حقد بين الأخوين ‪ .‬حيث بدأ معديكر في التفكير فى الإنتقام من الأحباش‬ ‫وطردهم من البلاد ‪ .‬وأدرك منذ البداية صعوبة الاعتماد على القبائل العربية في تحقيق ذلك ‏‪٠‬‬ ‫وأهتدى إلى ضرورة البحث عن قوة عالمية تكون معادية للأحباش ‪ .‬وتجنب التوجه إلى الفرس الذين‬ ‫تقاعسوا عن نصرة والده في البداية ‪ .‬وكذلك لم يتوجه إلى الروم لصداقتهم مع الأحباش ‪.‬‬ ‫وفي النهاية أدرك ضرورة التوجه صوب الفرس ‪ .‬وكان واسطة في ذلك النعمان بن المنذر ملك‬ ‫الحيرة الذي رتب له لقاء كسري في طيسفون ‪ .‬فوافق كسري على ذلك وأرسل قوة فارسية إلى اليمن‬ ‫بقيادة بقيادة وهرزن الكامجار ‪ .‬وقكنت من تحقيق النصر على الأحباش وفرضت جزية عن أهل‬ ‫‏‪ ١٣٤١‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫البطري ‪ .‬ج‪٢‬‏ ‪ .‬ص‬ ‫اليمن ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬ويلكنسون ‪ .‬صحار ‪ .‬تاريخ وحضارة ‪ .‬ص‪ ٥ ‎‬ومابعدها ‪ .‬طبعة وزارة التراث القومي والثقافة‪- ‎‬‬ ‫`‬ ‫سلطنة عمان‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬مونيك ‪ .‬كافران ‪ .‬مدينة صحار العالمية وعلاقتها بطريق الحرير البحرية ‪ .‬الندوة الدولية لطرق الحرير ‪.‬‬ ‫جامعة السلطان تابرس ‪٩٩. .‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪_ ١١٢‬‬ ‫بعده حفيده البنجان بن المرزيان ‪ .‬وأخيرا أصبح بازام ‪ .‬الذي عين من قبل كسرى حتى‬ ‫وصلت رسالة الإسلام إلى أهل اليمن ‪.‬‬ ‫ورغم تلك الأحداث ظلت العلاقات الإفريقية اليمنية مستمرة ‪ .‬حيث ظل تجار اليمن‬ ‫وقريش وغيرهم من تحبار العرب مرتبطين بالنشاط التجاري في موانىء البحر الأحمر‬ ‫الحبشية ‪ .‬وهو الأمر الذى أدى إلى الهجرة الأولى للمسلمين إلى الحبشة ‪ .‬حيث كان تجار‬ ‫العرب على علم بتلك النواحي ‪ .‬وكان مينا ۔ي الجار والشعيبة بمنطقة الحجاز أهم موانىء‬ ‫ساحل البحر الأحمر الشرقي صلة بميناء عدول (أوليس ) الحبشي وكان الأحباش بينهم‬ ‫وبين العرب مودة وتعاطف ‪.‬‬ ‫ومع القرنين السادس والسابع الميلادين تعرضت أكسوم لعدة أخطار أدت إلى‬ ‫ضعفها وإنكماشها ‪ .‬ومن تلك الأخطار مايلى ‪:‬‬ ‫‏(‪ )١‬زحف قبائل البجة من الشمال وتهديد تجارة أكسوم الحبشية مع قارة إفريقية‬ ‫يراء وقد هددت تلك القبائل الموانىء والمدن والقرى الحبشية وعكرت صفو الامن‬ ‫والإستقرار في البارد ‪ .‬وبذلك خسرت أكسوم مواردها الهامة من العاج والذهب ‪ .‬الذي‬ ‫يصلها عبر طرق ودروب برية مع إفريقية ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬الفوضى الداخلية ‪:‬فقد بدأت قبائل عفر وساهو وغيرهما في التمرد على‬ ‫سلطة دولة أكسوم ‪ .‬فضاعت هيبةالمملكة ‪ .‬وانهارات قواها العسكرية وتشتت مواردها‬ ‫العسكرية والأقتصادية ‪.‬فتحولت المدن والقرى المزدهرة إلى خراب وأنقاض وتحولت المزارع‬ ‫إلى أراضي قاحلة ‪ .‬وتلاشى مفهوم الدولة في تلك النواحى ‪.‬وانقطعت صلة الأحباش‬ ‫بالعالم الخارجي ‪ .‬وبدأت القبائل المتمردة تشق البلاد من الشرق إلى القرب ومن الجنوب‬ ‫إلى الشمال ‪.‬وإرتدت كثير من القبائل إلى الوثنية عن النصرانية ‪ .‬وكانت قبائل أجاو‬ ‫في مقدمتها ‪ .‬وهى قبائل صاحبة نقود وسطوة فايلهضبة ‪.‬‬ ‫وانزورت أكسوم لتصبح فيما بعد قريةومكا نا مقدسا وذكرى عند الأحباش وتركت‬ ‫تلك الدولة آ ثارا عظيمة من كنانس ومسلات وقصور ومدن وغيرها ( ‪.‬لقد كانت أكسوم‬ ‫نموذج للدولة الأفروآسيوية في التاريخ القديم ‪ .‬ذلك أن معظم الدراسات الحديثة تشير إلى‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٥ ٩‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١ ٠‬لمر جع ا لا بى‪‎‬‬ ‫‪ ١‬لما رف‪‎‬‬ ‫‪( ١ ١‬‬ ‫‪١١٢‬‬ ‫أصول تلك الدولة السامية ‪ .‬وأنها هجرة قديمة من اليمن إلى أراضي الهضبة الحبشية ‪.‬‬ ‫بعد أن اشتهرت اليمن بهجراتها المستمرة في التاريخ القديم بسبب تغير أحوالها‬ ‫وأوضاعها من عصر لآخر ‪ .‬فقد نقل هؤلاء المهاجرون إلى أرض الحبشة إليهم " المقه" رب‬ ‫القمر عند السبئيين اا"‪ .‬وكذلك قرص الشمس ى وتفاعلت رموز الدياناتالمربية مع‬ ‫الديانات الإفريقية في البنية الحبشية ‪ .‬كما كانت لغة أكسوم مثل دينها ‪.‬كمزيج من‬ ‫اللفات السامية العريية مع اللهجات الإفريقية ‪ .‬ومع مرور الزمن تطورت اللغات العربية‬ ‫في الحبشة ‪ .‬حتى أصبحت لغة أكسوم متميزة عن اللفات العربية وكذلكالإفريقية"' ‪.‬‬ ‫وإذا كانت أكسوم قد شاركت في حلبة المنافسات الدولية سياسيا فإنها ساهمت‬ ‫بدور في الصراع العقائدى الذي شهده العالم قديا ‪ .‬قبيل ظهور الاسلام ‪ .‬ذلك أن‬ ‫اليهودية كانت قد تمكنت من الانتشار بين قطاعات كبيرة من سكان اليمن وأصبح زعما ء‬ ‫حمير يعتنقون تلك الديانة ‪ "" .‬منذ زعيمهم أبوكرب أسعد كامل ‏(‪ - ٣٨٥‬‏م‪) ٠٢٤‬‬ ‫وكانت تلك العقيدة اليهودية التى وصلت إلى اليمن تحمل حقدا دفينا ضد الرومان‬ ‫الذين نكلوا باليهود في أرض فلسطين مرتين الأولى سنة ‪٧١٠‬م‏ على يد الإمبراطور تيتوس‬ ‫والثانية سنة ‪١٣٢‬م‏ على يد ها هادريان ‪ .‬الذي غير رسم أورشليم إلى اسم روماني هو‬ ‫اليا‪.‬‬ ‫وتحمس ملوك اليمن الحميريين لليهودية ضد المسيحية ووقفوا أمام أية محاولات‬ ‫لنشر المسيحية في بلادهم ىحتى أصبح لليهودية نفوذها الكبير على يد ذونواس ‪.‬وقد‬ ‫أدى ذلك إلى التعرض للمصالح الرومانية التجارية في منطقة جنوب شبه الجزيرة العربية‬ ‫ومدخل البحر الأحمر ‪.‬‬ ‫في الجانب الإفريقي المقابل تحولت الحبشة إلى المسيحية منذ القرن الرابع البلادي‬ ‫ب‬ ‫حكم صلاتها القوية مع كنيسةا للإسكندرية ني مصر ‪ .‬كما وصلت المنطقة ارساليات‬ ‫(‪ )١‬جواد على ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٤٧٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬جواد على ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٤٨٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬بافقيه ‪ .‬تاريخ اليمن القديم ‪ .‬ص‪. ١٩١٢١ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬جواد علي ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٤٥٢ ‎‬‬ ‫‏‪ ١١٤‬س‬ ‫تبشيرية من بلاد الشام أيضا ‏‪ . 0١‬وكان المبشر السكندري فر منتيوس هو أول من وصل‬ ‫‏‪ ٠‬‏م‪ . ٣٣‬واصبح عيزنا اول ملك حبشي يعتنق المسيحية ‪ .‬وانشا هذا الملك‬ ‫الحبشة في سنة‬ ‫‏‪ ١‬لاخير‬ ‫هذا‬ ‫اصبح‬ ‫‏‪ ٠‬وقد‬ ‫فرمنتيوس‬ ‫‏‪ ١‬اسقف ‏‪ ١‬لسكندري‬ ‫كنيسة في بلاد ‏‪ ٥‬وجعل عليها‬ ‫يحمل أسما عربيا هو " أبو سلامة " واستغل عيزانا نفوذه الكبير في إمبراطورية لنشر‬ ‫المسيحية ‪.‬‬ ‫وكان أى إنحسار للنفوذ الحبشي من اليمن يعقبه موجة من القتل والإبادة الجماعية‬ ‫لنصارى اليمن ‏‪ !"١‬وقد وقع ذلك في نجران على يد الملك الحميري ذونواس ‪ .‬ويبدو أن‬ ‫الزعيم اليمني كان يدرك الصلة بين أنتشار المسيحية وبين الرومان الذين أعانوا الأحباش‬ ‫على غزو بلاده ‪ .‬وظل هذا الصراع حتى ظهور الإسلام ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬توجه إلى الحبشة رهبان من طائفة السوربان فرارا" من خلاقاتهم الرومان بعد أن رفضوا قرارات‬ ‫مجمع خلقدونية وأنسوس ‪ .‬وقد عمل هؤلاء الرهبان على نشر المسيحية بين الأفارقة ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬وهم الذين عرفوا‪:‬في القرآن الكريم باسم " أصحاب الأحدود " وهناك روايات عديدة حول أعدادهم‪. ‎‬‬ ‫ويبدو أنها كانت تمثل عمليات إبادة جماعية للنصاري في اليمن‪. ‎‬‬ ‫انظر ‪ :‬تفسير القرطبى ‪ .‬ح‪.١٩.‬‏ ص ‏‪. ٢٨٧٢‬‬ ‫‏‪.١٠٥‬‬ ‫تاريخ الطبري ‪.‬ج! ‪.‬ص‬ ‫‏‪_ ١١٥‬۔‬ ‫۔‬ ‫(‪)٤‬‬ ‫نجارة إفريقبة‪‎‬‬ ‫شاركت إفريقية بدور هام في تجارة العالم القديم شرقه وغربه ‪ .‬حيث ساهمت في‬ ‫تجارة المحيط الهندي من خلال منافذها الطويلة عليه من القرن الإفريقي حتى جنوب سفالة‬ ‫‪ .‬كذلك ساهمت بدورها الهام في تجارة البحر المتوسط والشرق الأدنى ‪.‬‬ ‫وانتشرت السلع الإقريقية من الذهب والعاج والجلود والحديد والنحاس وغيرها من‬ ‫النباتات والحيوا نات الإنريقية في مدن وموانىء العالم القديم ‪ .‬واصبحت تهفو إليها‬ ‫نفوس العالم القديم ‪ .‬حيث كانت لتلك السلع أهمية عند سكان الهند القديمة حفل حضارة‬ ‫هارابا وماهنجودارو بالسند وحضارات الفرس وحضارات بلاد الرافدين وغيرهم من‬ ‫حضارات الشرق الأدنى والبحر المتوسط ("" ‪ .‬في المقابل لم تشكل الواردات الإفريقية‬ ‫سوى نسبة ضئيلة من اقتصادها ‪ .‬حيث كانت معظم مناطق إفريقية ‪ .‬باستثناء مصر‬ ‫وقرطاجنة ‪ .‬تعيش في مرحلة حضارية ترتبط بالاكتفاء الذاتي في أغلب الأحيان ‪ .‬وكانت‬ ‫الموارد تفوق حاجة السكان ‪.‬‬ ‫وحرصت الأمم القديمة على الوصول إلى التجارة الإفريقية في منابعها الأصلية ‪.‬‬ ‫فقد سارع اليونان والعرب والفرس والفينيقيين بتأسيس مراكز تجارية لهم على‬ ‫ولذلك‬ ‫إفريقية ومن خلال تلك الموانىء البحرية يتم تجميع السلع الإفريقية وإرسالها إلى‬ ‫سواحل‬ ‫‪ .‬وكانت الإسكندرية ‪ .‬المركز الحضاري اليوناني ‪ .‬أهم تلك المراكز في العصور‬ ‫بلادهم‬ ‫‪ .‬وكانت عملية إنشائها من قبل الإسكندر الأكبر تنم عن استراتيجية إفريقية مع‬ ‫القديمة‬ ‫يونانية في الشرق الأدنى ‪ .‬وبالفعل فقد ظلت الإسكندرية أهم مركز تجاري إفريقي‬ ‫أهداف‬ ‫على الإطلاق ‪ .‬وظلت لفترة طويلة في العصور القديمة تتحكم في عمليات تحديد أسعار‬ ‫السلع والمنتجات العالمية ("" ‪ .‬وأصبحت أهم مركز للتجار والمستثمرين في العصور القديمة‬ ‫وكانت قارة افريقية تمثل لها ظهيرا قاريا مستمرا‬ ‫‏‪. ٥‬‬ ‫‪ .‬تا ربخ ‏‪ ١‬لتجا رة ‏‪ ٠‬ص‬ ‫لوفرا ن‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪١٧٥‬‬ ‫‏‪ ٠6‬ص‬ ‫‪ .‬تا ريخ ‏‪ ١‬لمرب قبل ‏‪ ١‬لإسلام‬ ‫با ‏‪ ٥‬ي‬ ‫_ ‪_ ١١٦١‬‬ ‫ونظرا" للروابط التاريخية القديمة بين العرب وبين افريقية ‪ .‬ويحكم القرب الجغرافي‬ ‫كان العرب أكثر الأمم القدمة مشاركة في مجال التجارة الإفريقية ‏‪ . "١‬كما كانوا أنشط‬ ‫الأمم القديمة في تأسيس مراكز تجارية لهم على السواحل الإنريقية وعبر مناطقها من‬ ‫الشمال إلى الجنوب ومن الشرق وحتى الوسطه وكانت إفريقية تشكل لهم المجال الحيوي‬ ‫بصورة مستمرة ‪ .‬حتى قدوم الإستعمار الغربي الذي سد تلك المنافذ أمام المرب وأثار‬ ‫حفيظة الأفارقة ضدهم ‪.‬‬ ‫فمنذ القرن السادس ق‪.‬م هاجر السبأيون إلى منطقة القرن الإفريقي المواجهة لبلادهم‬ ‫وأسسوا مراكز لهم على ساحل أرتيريا والحبشة سميت بأسم " تعزية " كما استقر‬ ‫الأوسانيون أيضا في منطقة أزانيا ‪ .‬التى تقع على الساحل الإفريقي المقابل لجزيرة بمبا‬ ‫وزنجبار ‪ .‬وتوغلوا بعد ذلك إلى الجنوب ‪ .‬وظل النفوذ العربى واضحا في منطق الساحل‬ ‫الشرقي لافريقية حتى القرن الأول ق ‪.‬م من سبأ وحتى حمير (" ‪ .‬كما تدل النقوش القديمة‬ ‫على هجرات مستمرة من قبائل سبئية وحميرية من اليمن إلى السواحل الافريقية خاصة‬ ‫السواحل الأرتيرية والحبشية ‪ .‬وكانت أهم تلك الهجرات هجرات قبلية " الأجاعز " إلى‬ ‫مرتفعات أرتيريا ‪ .‬وتبع تلك‪.‬الهجرة هجرات أخرى عربية سميت باسم " حبشاتآ وفى‬ ‫مناطقها ظهرت مملكة أكسوم الحبشية ‪.‬وقد نقل العرب معهم تحبريتهم الحضارية في‬ ‫مجال التجارة والملاحة والفلاحة والعمارة "'‪.‬‬ ‫وتبع ذلك نجاح تلك الهجرات في استغلال إمكانيات إفريقية الزراعية والرعوية‬ ‫والطبيعية الأخرى ‪.‬فقد نقلوا معهم أساليب التحكم في المياه وتنظيم استغلالها ‪.‬كما‬ ‫نقلوا معهم آلات زراعية هامة مثل المحراث وغير ذلك ‪ .‬فأحدث ذلك انقلابا إقتصاديا‬ ‫في إفريقية ويدأت مناطق إفريقية تصدر حاصلاتها من موائنها على ساحل البحر‬ ‫الأحمر(' (‬ ‫وكان عرب الخليج أيضا من أهم الأمم القديمة نشاطا بين إفريقية ومراكز العالم‬ ‫(‪ )١‬دإندسون ‪ .‬بازل ‪.‬إفريقية تحت أضواء جديدة ‪ .‬ص‪. ٢٢٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬العارف ‪.‬أرتيريا بين احتلالين ‪ .‬ص‪. ١٣‎‬‬ ‫(‪ )٣‬العزيز ‪ .‬حسين ‪ .‬موجز تاريخ العرب والإسلام ‪ .‬ص‪. ٥٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬العارف ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٤ ‎‬‬ ‫‏‪ ١١٧‬س‬ ‫الحضارية الأخرى ‪ .‬وقد ساعدهم على ذلك خبراتهم الملاحية الطويلة في مجال الإبحار‬ ‫ومعرفة مواقيت هبوب الرياح الموسمية التى تهب على شمال المحيط الهندي وكان لها‬ ‫أثرها الكبير في دفع السفن ذهابا وإيابا بين الخليج وبين سواحل المحيط الهندي صيفا‬ ‫وشتاء ‪ .‬كما ساعدهم أيضا موقعهم الهام بين حضارات العالم القديم من جهة وبين‬ ‫السواحل الإفريقية من جهة أخرى أى موقعهم بين مناطق العرض ومناطق الأستهلاك‬ ‫والطلب في الهند وفارس والعراق والشام (" ‪.‬‬ ‫فزادت رحلاتهم إلى سواحل افريقية منذ العصور القديمة ‪ .‬وأسسوا لهم مراكز تجارية‬ ‫هناك وتزعموا حركة التجارة بين إفريقية وبين سواحل المحيط الهندي الأخرى أ"" ويذكر‬ ‫البعض عن وجود علاقات تجارية مباشرة بين أهل سومر وبابل وآشور وبين سواحل إفريقية‬ ‫الشرقية ‪ .‬حيث قام أهل تلك الحضارات برحلات مستمرة إلى إفريقية الشرفية ‪ .‬دلت‬ ‫على ذلك التنقيبات الآثرية ‪ .‬ووجود تشابه بين طراز البناء والعادات والمعتقدات وبين ما‬ ‫كان سائدا عند السومريين والآشوريين والبابلين ‪ .‬منها استخدام رسم القرن للدلالة على‬ ‫القوة والسيطرة "'‪.‬‬ ‫ويمكننا أهم منافذ ومراكز التجارة الإفريقية في العصور القديمة ‪ .‬كما يلى ‪:‬‬ ‫أولا ‪ :‬المنافذ والطرق الشمالية المطلة على البحر المتوسط ‪:‬‬ ‫‪:‬‬ ‫عنابة‬ ‫((‬ ‫أهم المراكز التجارية لتصدير حاصلات منطقة نوميديا من صوب القمح والزيتون‬ ‫وكذلك المواد الأولية الأخرى مثل خشب السندورس العسلي ذو النواتيء الملتفة الجميلة‬ ‫الصالحة لصنع الموائد الممتازة ‪ .‬وكذلك تصدير الأحجار الكرية والنباتات الطبية‬ ‫مستخدمة في صناعة العقاقير ‪ .‬وكان الرومان حريصون على جلب المرمر من نوميديا ‪.‬‬ ‫واصبحت عنابة اهم مراكز تصدير حاصلات أقاليم غرب افريقية ‪ .‬وهى منطقة نوميديا ‪.‬‬ ‫وإفريقية ‪ .‬ولذلك فقد تحولت من بلدية إلى مستعمره زمن أغسطس ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬أبو العلا ‪ .‬محمد ‪ .‬مرقع عمان الجغرافي وعلاتها السكانية ‪ .‬ص‪. ٣٦ ‎‬‬ ‫ا‬ ‫خ‬ ‫ع ‪0‬‬ ‫أ ئ‬ ‫‪,‬‬ ‫م‬ ‫‪: .10‬‬ ‫‏(‪(٢‬‬ ‫(‪ )٣‬النوري ‪ .‬تاريخ الإسلام في إفريقية جنوب الصحراء من القرن الرابع إلى العاشر الهجريين‪-١٠ / ‎‬‬ ‫م‪ . ‎٦١‬ص‪. ٦٤ ‎‬‬ ‫‏‪ ١١٨‬س‬ ‫وقد أكتشفت آثار في منطقة الحجار بجنوب الجزائر ‪ .‬تدل على ازدهار العلاقات‬ ‫التجارية بين الرومان وبين شعوب الصحراء الإفريقية وجنوبها ‪ .‬وترجع تلك الآثار إلى‬ ‫القرنين الثالث والرابع الميلاديين ‪ .‬ما يدل على توغل النفوذ الروماني إلى داخل إفريقية‬ ‫وحرص الرومان على ضبط أحوال الأمن في نوميديا وإفريقية لتأمين وصول السلع‬ ‫الإفريقية إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط ‪ .‬ومن أجل ذلك فقد أهتم الرومان بأشغال‬ ‫الري وهندسة حفر الآبار ومقاومة التصمر والمحافظة على المراكز الصحراوية التجارية ‪.‬‬ ‫وتشهد الآبار الرومانية والقنوات والصهاريج والأنابيب ‪ .‬التى عثر عليها حاليا ‪ .‬على‬ ‫ادراك الرومان لأهمية مراكز التجارة ومحطاتها اا" ‪.‬‬ ‫كما أهتم الأفارقة الذين سكنوا تلك المراكز بتجميل منازلهم ومدنهم ‪ .‬الآمر الذي‬ ‫يعكس مشاركة الأفارقة للعناصر الأجنبية في مجال التجارة ‪ .‬إذ كانوا يزينون منازلهم‬ ‫بالفسيفساء ‪ .‬كما ظهرت في تلك المواني الإفريقية مثل عناية وغيرها قصور ومباني‬ ‫أرستقراطية لأثرياء الرومان المكلفين بإدارة المناطق ‪ .‬أو كبار المستثمرين الرومان ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬طرابلس‪: ‎‬‬ ‫كانت منطقة طرابلس أهم منافذ تجارة إفريقية الشمالية ولم ينافسها سوى قرطاجنة‪‎‬‬ ‫‪ .‬وكانت طرابلس تقع على ساحل سيرتا ‪ .‬وتوجد بجوارها مراكز تجارية هامة أيضا مثل‪‎‬‬ ‫صبرا ته في المغرب ‪ .‬ولبدة فايلشرق ‪.‬ويدل وجود قوس النصر الروماني ‪ .‬ذو ا لأربع‪‎‬‬ ‫أكتشف رجال الآثار‪‎‬‬ ‫واجهات على أهمية تلك الرينة في العصر الزوماني ك‬ ‫‪ .‬وتم الكشف أيضا‪‎‬‬ ‫الإيطاليون كنانس ومعابد ومسارح في منطقة طرابلس وصبراته‪١ ‎‬‬ ‫عن ميناء طرابلس وأرصفته‪. ‎‬‬ ‫وتدل الأعداد الكبيرة من الآبار والحمامات العامة على أهمية طرابلس الحضارية‬ ‫والتجارية في منطق شمال إفريقية ‪ .‬وأهميتها كذلك للمصالح الرومانية في القارة ‪ .‬حيث‬ ‫كانت ترتبط بمناطق إفريقية ومصر وإفريقية جنوب الصحراء عبر واحات تقع إلى الجنوب‬ ‫‏‪(٤١‬‬ ‫"'‪.‬‬ ‫منها‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٢.‬‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪١‬‬ ‫‏‪ ٠‬تاريخ إفريقية الشمالية ‪ :‬ط‬ ‫جوليان‬ ‫‏) ‪( ١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٢١.‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪ ٠‬المرجع نفسه‬ ‫‏) ‪ ( ٢‬جوليان‬ ‫(‪ )٤‬جوليان ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص ‏‪. ٢٣٢‬‬ ‫‏(‪ )٣‬جوليان ‪ .‬المرجع اللابق ‪ .‬ص ‏‪. ٢٣١‬‬ ‫‪_ ١١٩١٩‬‬ ‫(‪ )٣‬صفاقس‪: ‎‬‬ ‫ميناء هام بالقرب من المهدية وقرطاجنة ‪ .‬ازدهرت في العصر الروماني وجعل منه‬ ‫تراجان مستعمرة ولقبها ؟أ‏‪٤٢2‬ولا]آ" اا" إشارة إلى خصب أريافها ‪ .‬وكان مينائها القديم‬ ‫ثلاثة أحواض ‪ .‬أحدهم داخلي ‪ .‬وكانت صفاقس تصدر إلى الرومان الكروم والزيتون‬ ‫وغيرها من حاصلات المناطق القريبة منها ‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫بنزرت‬ ‫(‬ ‫‪5‬‬ ‫خليج هادى‬ ‫وجود‬ ‫مينا ‪ .‬هام لافريقية على البحر المتوسط ‏‪ ٠‬ساعد على ازد هاره‬ ‫وجميل يحميهم من ا لرياح والتيارات البحرية ‪ .‬ولذلك فقد قصدتها سفن كثيرة في العصر‬ ‫الروماني من البحر المتوسط "" ‪.‬‬ ‫(‪ )٥‬مدن وادى مجردة ووادي المليان‪: ‎‬‬ ‫ومن أهمها مدينة حيدرة والكاف التى تسيطر على المواصلات البرية التى تربط بين‪‎‬‬ ‫أراضي نوميديا في الغرب وبين سواحل البحر المتوسط في الشمال ‪ .‬وكذلك بأراضي‪‎‬‬ ‫افريقية من الشرق ‪ .‬وتحتل هذه المدن أهمية خاصة في تجارة الحبوب والزيوت والكروم‪‎‬‬ ‫‪.‬وتوجد كذلك في تلك المنطقة مدينة هنشير وهى التى أسسوا أغسطس وبلفت أوج‪‎‬‬ ‫ازدهارها بعد ذلك ‪ .‬وتوجد بها معابد وأسواق وحمامات كثيرة‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٦‬سيرته وميناء القالة‪: ‎‬‬ ‫وكانت سيرته أهم المراكز الإدارية الرومانية في إفريقية ‪ .‬حيث أصبحت عاصمة‬ ‫المستعمرات الرومانية الأربع في شمال إفريقية نظرا" لأهميتها ‪ .‬كما كان يقع إلى الجنوب‬ ‫منها عدة مراكز برية هامة كمركز لتجارة مناطقها منها خنشلة التى تشرف على الطرق‬ ‫المؤدية إلى الجنوب الصحراوي وتقع شرق جبال الأوراس ‪ .‬ومدينة لمباز وتيمتاد التى كانت‬ ‫تحتل الإشراف العسكرى على منطقة جنوب نوميديا ‪ .‬وأصبحت مدينة لقدماء الجند ‪ .‬ثم‬ ‫مدينة جميلة التى تقع وسط أراضي زراعية تغطيها سنابل القمح وتنتشر بها الغابات ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٢٢٣ ٣‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‪ .‬نقسه‬ ‫‏) ‪ ( ١‬جوليا ن‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‪ .‬تا ريخ ‏‪ ١‬لتجا رة‬ ‫‏) ‪ ( ٢‬لوفرا ن‬ ‫‏‪ ١٢.‬س‬ ‫‪:‬‬ ‫)‪ (٧‬شرشال‪‎‬‬ ‫تقع على ساحل المغرب الأوسط وتزدحم بها الآثار ‪ ,‬كدليل على أهميتها في العصر‪‎‬‬ ‫الررماني حيث كانت تتصل بالنجد النوميدي بسهولة ويسر إلى الجنوب منها ‪ .‬وكانت‪‎‬‬ ‫قريبة من موانىء الأندلس ‪.‬‬ ‫() موانىء نوميديا الأخرى مثل ‪:‬‬ ‫حيجلى ‪ .‬بجاية ‪ .‬ماتيفو ‪ .‬دلس ‪ .‬تبازة ‪ .‬وهى موانيء هامة لعبت أدوار في تجارة‬ ‫البحر المتوسط حسب أهمية المنطقة الخلفية منها واستقرار الأمن بها ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٩‬طنجة‪:‬‬ ‫أصبحت أهم المواني الفربية في إفريقية الشمالية زمن الإمبرطور كلوديوس ‪.‬‬ ‫وأصبحت عاصمة لإحدى الفترات ‪ .‬حيث تربطها بداخل مراكش ‪ .‬بطرق إلى مدن بسلا‬ ‫ووليلي حيث السهول الغنية بالزراعة التى يحتلها الرومان (" ‪ .‬وقد دلت الآثار على‬ ‫ازدهارها منذ القرن الخامس قبل الميلاد ‪ .‬أى قبل الأحتلال الروماني ‪ .‬أى منذ النفوذ‬ ‫القرطاجنى بالمنطقة وكذلك النفوذ اليوناني ‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬الطرق الدروب الشمالية الإفريقية ‪:‬‬ ‫وهى الطرق التى سيطرت عليها الإدارات المصرية في العصر الفرعوني والبطلمي‬ ‫وربطت مصر ومنطقة الشرق الأدنى بإفريقية الشمالية والوسطى والشرقية ‪ .‬وهذه الطرق‬ ‫هى ‪:‬‬ ‫‏(‪ )١‬الطرق والدروب الصحرارية ‪:‬‬ ‫الأربعين ‪:‬‬ ‫درب‬ ‫‪-‬‬ ‫أ‬ ‫ومثل أهم خطوط التجارة الإفريقية وأنشطها بين الشمال ويين الوسط ‪ .‬على‬ ‫الإطلاق ‪ .‬حيث يمثل الطريق الهام بين سكان شمال وادي النيل في مصر ويين منطقة بلاد‬ ‫السودان الشرقي والأوسط والغربى كذلك ‪ .‬فيبدأ شمالا من منف أو المراكز المصرية‬ ‫الشمالية ثم ينحرف عبر خط الواحات المصرية الموازية لنهر النيل في صحراء مصر الغربية‬ ‫حتى يصل إلى جنوب الواحات ثم يتجه اتباها جنوبيا غربيا إلى القرب من مرتفعات ‏‪٠‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٢ ٣ ٧‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١ ٠‬مرجع‪ ١ ‎‬للا بق‪‎‬‬ ‫) ‪ ( ١‬جوليا ن‪‎‬‬ ‫‏‪ ١٢١‬س‬ ‫‏‪ . 0١‬ويستكمل رحلته صوب الشرق عبر‬ ‫تبيستي‪ .‬أو يهبط مباشرة على دارنوز وكردفان‬ ‫واحة تشاد‪ .‬ازدهر هذا الدرب زمن الفراعنة ‪ .‬والبطالمة ‪ .‬واعتمدت عليه الإدارات المصرية‬ ‫القديمة في جلب سلع وتجارات السوان من الذهب والعاج والرقيق والجلود وغيرهم ‪ .‬كما‬ ‫كان هذا الطريق يمثل أهمية خاصة لحركة القبائل العربية التى هبطت من مصر إلى السودان‬ ‫‪ .‬وقد اتصل بهذا الطريق عدة طرق فرعية منها ما يتصل بموانىء نهرية على وادى النيل‬ ‫أو مدن مصرية في الصعيد المصري مثل خط قوص ‪ .‬أو يتصل شمالا بخط سيوة‬ ‫الصحراوى المتجه للصحرا ‏‪ ٠‬الليبية صوب الغرب ("' وقد ساعد على ازدهار هذا الطريق‬ ‫وجود آبار ومياه جوفية وواحات وفرت الأمن للرحلة الطويلة ‪ .‬وقد تعرض بعض الأحيان‬ ‫لفارات الليبين قديما ‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬الطرق الموازية لنهر النيل ‪:‬‬ ‫وهى الطرق التى كانت تلتزم برحلتها مع نهر النيل على ضفتيه الشرقية أو الغربية‬ ‫‪ .‬وفى بعض المناطق تستخدم السفن النهرية ‪ .‬ومثل أهميته لتبادل السلع داخل منطقة‬ ‫وادى النيل ويتفرع من هذا الطريق عدة طرق نحو سواحل البحر الأحمر الإفريقية عبر‬ ‫"' عند عيذاب أو برنسيس أو القصير ‪ .‬كما يتفرع منه طريق‬ ‫صحراء مصر الشرقية‬ ‫وادي العلاقي الذي أعتمد عليه الفراعنة في التوجه صوب البحر الأحمر فترة طويلة في‬ ‫تأمين تجارة الذهب ‪ .‬القادمة عبر لبحر الأحمر أو صحراء مصر الشرقية ‪.‬‬ ‫وقد تعرضت الطرق التى تخترق صحراء مصر الشرقية لاعتدا ات مستمرة من قبل‬ ‫القبائل التى تسكن عليها أو بالقرب منها خاصة قبائل البجة ‪ .‬ما دفع فراعنة مصر منذ‬ ‫زمن بيبي الثاني إلى إنشاء مراكز مستمرة لمراقبته ‪ .‬وقامت الأسرة الثانية عشرة‬ ‫الفرعونية بحفر قناة ‪ .‬عند الشلال الأول لتسيير الملاحة والتجارة إلى البحر الأحمر ‪ .‬كما‬ ‫أنشأت إدارة حكومية للإشراف على منطقة الشلالات وحتى النوبة ‪ .‬ويبدو أن انتشار‬ ‫الحضارة الفرعونية عند أهل النوبة وازدهار المنطقة حضاريا بعد ذلك ساعد على ازدهار‬ ‫تلك الطرق التجارية ‪.‬‬ ‫‪ ),‬س‬ ‫ن‬ ‫‪ 0‬ل‬ ‫ب‬ ‫‪,‬‬ ‫‪: .42‬‬ ‫‏(‪(١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬فخري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٣٧‬‬ ‫‏(‪ )٣‬عوض ‪ .‬الشعوب والسلالات الإفريقية ‪ .‬ص ‏‪. ٢٩٢٩٨‬‬ ‫‏‪ ١٢٢ -‬س‬ ‫القوية المنتشرة انتشارا واسعا في صحراء البحر الأحمر‬ ‫‪7‬‬ ‫وهضابه من حدود أرتيريا وحتى شمال البحر الأحمر في صحراء مصر ‪ .‬هي صمام الأمن‬ ‫لتلك الطرق حيث خضعت موانىء طوكر وسواكن ويورسودان ودنجوناب وعيذاب بصورة‬ ‫مستمرة لنفوذهم ‪ .‬وكذلك منطقة وادي العلاقي حيث ترتبط تلك المناطق بظروف طبيعية‬ ‫صعبة ‪ .‬بالإضافة إلى فقرها ‪ .‬ومهارة افراد البجة في ركوب الإبل ودرايتهم بدررب‬ ‫الصحراء والمنطقة ‪ .‬خاصة وأنهم يعتبرون تلك المناطق مجالهم الحيوي ولايسلمون بأي‬ ‫سلطة أخرى فيها بسهولة ‪.‬‬ ‫واحتلت مسألة البجة حيزا في سياسة الفراعنة ("" ‪ .‬وكذلك في العصر البطلمي‬ ‫الذى زاد اعتماده على تجارة البحر الأحمر ‪ .‬وأنشأ عدة موانىث ‪ .‬أصبحت معظمها تحت‬ ‫رحمة البجة ‪ .‬خاصة أن البطالمة اعتمدوا فى جلب الفيلة من إفريقية برا وبحرا ‪ .‬وظلت‬ ‫تلك المشكلة في العصر الروماني ‪ .‬خاصة وأن البجة ظلوا على وثنيتهم ‪ .‬وشكلوا عائقا‬ ‫بين لمصالح الرومانية في مصر والمصالح الرومانية في جنوب البحر الأحمر والحبشة ‪ .‬حيث‬ ‫دولة أكسوم حليفتهم ‪ .‬عدا بعض الجماعات القليلة منهم التى خدمت قوافل التجارة‬ ‫ج ‪ -‬الدروب والطرق البرية عبر صحراء مصر الشرقية ‪:‬‬ ‫وهى الدروب والطرق التى خضعت لاعتدا ات جماعات البدو ‏‪ .٠‬حيث كانت قوافل‬ ‫التجارة تحمل سلعا غالية الثمن من الهند وشرق إفريقية مثل العاج والبخور والتوابل‬ ‫(‪ )١‬تمتد مواطن البجة قديما" على طول سواحل البحر الأحمر شرقا" ونهر عطبرة ثم النيل الأكبر غريا"‪. ‎‬‬ ‫ومن المنحدرات الشمالية للهضبة الحبشية في الجنوب إلى نهاية الثلث الأول من النيل داخل الأراضي‪‎‬‬ ‫المصرية عند حدود قنا تقريبا ‪ .‬وهى منطقة كبيرة المساحة متنوعة التضاريس من جبال وهضاب‪‎‬‬ ‫وسهول وصحاري ‪ .‬وهم ينقسمون إلى أربعة أقسام ‪ .‬لكل منها زعيم يسمى ناظر وهم ‪ :‬البشاريون‪‎‬‬ ‫في الشمال ذات البينة الفقيرة ‪ .‬الأمرار ني اتجاه بورسودان ‪ .‬ثم الهدندوة من سواكن حتى سنار في‪‎‬‬ ‫أراضى السودان ‪ .‬وأخيرا تشكل جماعة بنى عامر المجموعة الرابعة منهم وتمتد أوطانها من طوكر إلى‪‎‬‬ ‫داخل حدود دولة أرتيريا ‪ .‬ولغة البجة لفة حامية وهى المسماة البتداوي ‪ .‬وإن كان أكثرهم يتحدث‪‎‬‬ ‫العربية‪. ‎‬‬ ‫انظر ‪ :‬عوض ‪ .‬الضعوب والسلالات الإفريقية ‪ .‬من ص ‏‪ ٢٤٦‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬عرفوا عند المصريين القدماء بأسم المازوي أو الماجوي‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬عوض ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٥١ ‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪١٢٢٣‬‬ ‫والطيب واللبان وكانت تلك المناطق تمثل حاجزا بين وصول تلك السلع ويين مناطق الكثافة‬ ‫السكانية في دلتا النيل ‪ .‬وبدأ التفكير منذ البداية في إنشاء قناة ‪ .‬خاصة زمن‬ ‫الإمبراطور الروماني تراجان" ‪.‬‬ ‫د ‪ -‬موانىء البحر الأحمر الإفريقية ‪:‬‬ ‫(‪ )١‬ميناء برنيكى‪: ‎‬‬ ‫وهو الميناء الرنيسي لتجارة البطالمة على البحر الأحمر ‪ .‬حيث كان قريبا من الموانىء‬ ‫العربية المقابلة له وقد أسسه بطيموس الثاني وسماه باسم والدته "" ‪ .‬ويصل بين هذا‬ ‫الميناء وبين قفط طريق برى مجهز بمحطات القوافل ‪ .‬حيث يبعد عنها مسافة ‏‪ ١٢‬يوما‬ ‫وقد جذب هذا الميناء التجار العرب من ميناء لويكى كوما على الساحل الزبي‪'"( .‬‬ ‫(‪ )٢‬ميناء بطولومايس " جزيرة الريح‪" ‎‬‬ ‫أصبح المركز الرئيسي لتجميع الفيلة الإفريقية قبل إرسالها إلى مراكز التدريب في‬ ‫مصر عند منف ( ‪ .‬كما يوجد بالقرب منه ميناء القصير الذي ازدهر فترة في العصر‬ ‫الفرعوني لارتباطه بوادى العلاقي من خلال عدة دروب صحراوية تعتبر آمنة (" ‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬ميناء ميوس هورموس‪: ‎‬‬ ‫ورد في كتاب " الطواف حول البحر الأرتيري ‏"‪ "١‬وازدهر هذا الميناء في المصر‬ ‫البطلمي ‪ .‬ويقع شمال البحر الأحمر ‪ .‬وعرف باسم ميناء أفروديت بينه وبين ميناء‬ ‫السويس الحالى حوالى ‏‪ ٣٠ ٠‬ميل تقريبا ‪ .‬وقد استخدمه اليوجاليوس عند عودته من‬ ‫حملته إلى مصر ‪ .‬بينه ويين قنا على النيل حوالى شهر عبر صحراء مصر الشرقية ‪ .‬كما‬ ‫‪ .‬م‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫( ‪0‬ح‬ ‫‪,‬‬ ‫‪: .31‬‬ ‫‏(‪(١‬‬ ‫(‪ )٢‬النعيم ‪ .‬نورة ‪ .‬الوضع الإقتصادي في الجزيرة العربية ‪ .‬ص‪. ٢٦١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الناصري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢١ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬اعتمد البطالمة في تحديث جيوشهم على الفيلة الإفريقية ولذلك نقد استوردوا كميات كبيرة منها برا‬ ‫وبحرا لمنافسة جيوش منافسيهم من السلوفيين الذين اعتمدوا على الفيلة الهندية ‪.‬‬ ‫(‪ )٥‬فخرى ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٣٣‎‬‬ ‫(‪ )٦‬الناصري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٣٢ ‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪١٢٤‬‬ ‫ارتبط بطريق آخر يتجه جنوبا إلى قفط بجنوب مصر ‏(‪'١‬‬ ‫(‪ )٤‬عدول" أدوليس‪" ‎‬‬ ‫أشهر ميناء على البحر الأحمر حتى ظهور الإسلام ("'‪ .‬وأشتهر هذا الميناء في‬ ‫العصر البطلمي ‪ .‬وأصبح ميناء إفريقية علي مدخل البحر الأحمر والمحيط الهندي ‪ .‬كما‬ ‫كان مركزا للتجار من الحجاز واليمن والخليج العربي وغيرها ‪ .‬حتى أصبح مركز تجارة‬ ‫العرب والأفارقة والهنود والمصريين واليونان ثم الرومان ‪ .‬كما كان مركزا لتجميع سلع‬ ‫إفريقية من العاج والجلود والذهب والرقيق ‪ .‬ارتبطت سمعة هذا الميناء عالميا بظهور مملكة‬ ‫أكسوم كقوة عالمية في القرون الأولى للميلاد ‪ .‬بحيث انتقلت إليه أهمية الموانىء العربية‬ ‫الآسيوية على الجانب الآخر من الجزيرة العربية ‪.‬‬ ‫ونظرا لتعرض منطقة مدخل البحر الأحمر لهجمات القراصنة الذين كانوا يتركزون‬ ‫أحيانا في جزيرة سوقطري أو مواقع في المحيط الهندي ‪ .‬فإن حكام أكسوم كانوا يجردون‬ ‫منه الحملات المستمرة ضد القراصنة الذين يهدون الملاحة في البحر الأحمر ‪ .‬ولذلك فقد‬ ‫قصده الكثير من التجار لحمايته من القراصنة "' ‪.‬‬ ‫(‪ ()٥‬أفيالتس‪: ‎‬‬ ‫ميناء يقع عند مدخل البحر الأحمر الجنوبي ‪ .‬ارتبط بتوفر السلع الإفريقية والسلع‪‎‬‬ ‫الهندية والعربية فيه‪. ‎‬‬ ‫وبالإضافة إلى تلك الموانىء الإفريقية على البحر الأحمر وجدت موانىء على‬ ‫الساحل الشرقي من البحر الأحمر في الجانب الأسيوي وارتبطت بتجارة إفريقية ومنها ‪:‬‬ ‫(‪ )١‬النعيم ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٦١ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ياقوللشاعر طرفه بن العبد مفيعلقته‪. ‎‬‬ ‫خلايا سفين بالنراصف من دد‪‎‬‬ ‫‪..‬‬ ‫كأن حدوج المالكية غدورة‬ ‫يجور بها الملاح طورا ويهتدى‪‎‬‬ ‫عدولية أو من سفين بن يامن ‪..‬‬ ‫(‪ )٣‬حوراني ‪ .‬العرب والملاحة في المحيط الهندي ‪ .‬ص‪. ٩٤ . ٧٧ ‎‬‬ ‫س‬ ‫‏‪١٢٥‬‬ ‫[ ‪ -‬ميناء ليكى كومي ‪:‬‬ ‫وهو ميناء صغير ترسو به السفن الشراعية الصغيرة التى تفرغ حمولتها في الميناء‬ ‫لتحمل على ظهور الإبل إلى الطريق البرى عبر الحجاز ‪ .‬وازدهر فترة في العصر الروماني‬ ‫حينما تمكن الإمبراطور تراجان من تأمين تجارته على الطرق البرية والبحرية عبر البحر‬ ‫الأحمر وشرق شبه الجزيرة العربية للوصول إلى المحيط الهندي ‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬ميناء الجار ‪:‬‬ ‫وهو ميناء يقع على ساحل البحر الأحمر القريب من الحجاز ‪ .‬أصبح ميناء المدينة ‪.‬‬ ‫وهو قريب من ميناء ينبع الحالى ‪ .‬كان بينه وبين المدينة سفر ليلة ‪ .‬وبينه وبين ايلة في‬ ‫الشمال عشر محطات ‪ .‬ورغم صعوية الظروف في الميناء إلا أنه كان مدخلا لدخول بضاعة‬ ‫مصر والحبشة إلى المدينة ‪ .‬نزل به المسلمون المهاجرون حينما عادوا من الحبشة سنة ‪٧‬ه‏ ‪.‬‬ ‫وظل هذا الميناء مزدهرا طوال عصر الخلفاء الراشدين ‪ .‬خاصة بعد فتح مصر زمن عمر بن‬ ‫الخطاب ‪ .‬حيث كانت ترسو به السفن القادمة من مصر ‪ .‬استقر به طوائف من التجار من‬ ‫الدرب وغيرهم ‪ .‬لكنه أهمل في العصر الأموى وبعد ذلك ‪ .‬حيث انتقلت مراكز الخلافة‬ ‫الإسلامية إلى مناطق أخرى ('‪.‬‬ ‫ج ‪ -‬ميناء الشعيبة ‪:‬‬ ‫هو ميناء مكة على البحر الأحمر ‪ .‬ومنه بدأت رحلة المهاجرون المسلمون إلى الحبشة‬ ‫بعد أن أشتد أذى كفار قريش ضدهم ‏‪ . (٢‬وظلت للميناء أهمية حتى أنشأ ميناء جده في‬ ‫خلافة عثمان بن عفان ‪ .‬فتدهورت اهمية ميناء الشعيبة ‪.‬‬ ‫ومن الملاحظ أن تلك الموانىء التى تقع على السواحل الشرقية أو الغربية للبحر‬ ‫‪ .‬الأحمر ‪ .‬في العصور القديمة ‪ .‬مثلت أهم فترات تجارة البحر الأحمر ‪ .‬ولم تظهر في البحر‬ ‫الأحمر حركة ملاحية فيما بعد تضاهى تلك الفترة لانتقال مركز الأحداث إلى البحر‬ ‫المتوسط أو الخليج العربي فيما بعد"' ‪.‬‬ ‫م ع‪, ‎‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪: .301‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪. ٥‬‬ ‫)‪ (٢‬ياقوت ا حموي ‪ .‬معجم البلدان ‪ .‬ج‪ . ٢‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الناصري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٣٥ ‎‬‬ ‫‪_ ١٢٦١‬‬ ‫الثا‪ :‬الطرق والدروب عبر الصحراء الكبرى إلى بلاد السودان ‪:‬‬ ‫(‪ )١‬طريق غرب مصر حتى ولاته في السودان الغربي‪" ‎‬‬ ‫يبدأ هذا الطريق من صحراء مصر الغربية عبر درب الأربعين ‪ .‬ثم يتجه صوب‬ ‫الغفرب عبر مرتفعات تبستى جنوب ليبيا ‪ .‬مخترقا الواحات التى تقع جنوب الصحراء‬ ‫الكبرى ‪ .‬ويمثل هذا الطريق البديل لطريق الشمال الإفريقي الصحراوى ‪ .‬وبعيدا عن‬ ‫الإضطرابات والقلاقل التى يتعرض لها هذا الطريق الشمالي ‏‪ '١(.‬ويتصف هذا الطريق‬ ‫الصحراوي بطوله ‪ .‬حتى أنه يعتبر أطول الطرق الإفريقية على الإطلاق ‪ .‬ولكنه يير على‬ ‫سلسلة عديدة من الواحات التى تتوفر فيها الماء ‪ .‬ويصل حتى ولاته في الشمال الغربي‬ ‫لبلاد السودان الغربي (" ‪ .‬وقد وجدت آثار في منطقة شمال بحيرة تشاد تشير إلى‬ ‫وجود تأثيرات للحضارة الفرعونية في تلك الأنحاء ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬طريق شمال الصحراء الإفريقية الكبرى‪: ‎‬‬ ‫يبدأ من غرب مصر حيث واحة سيوة ويتصل بواحات ليبيا وهى الكفرة وفزان وإلى‬ ‫الفوط وتوات وتفازة "" وقد يتفرع إلى عدة أفرع صوب الشمال ‪ .‬حيث يدخل برقة‬ ‫وطرابلس وسجلماسة وغيرها من مراكز الشمال الإفريقي على البحر المتوسط ‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬طرق الصحراء الليبية إلى بحيرة تشاد (“' ودارفور جنوبا‪: ‎‬‬ ‫صوب الكفرة أو مرزوق وواحة أير ويصل‪‎‬‬ ‫ويبدأ من الشمال الإفريقي ويتجه جنوبا‬ ‫(‪ )١‬الزياتي ‪ .‬وصف إفريقية ‪ .‬ص‪. ٤١ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬العمري ‪ .‬ابن فضل الله ‪ .‬مسالك الأبصار ‪ .‬ص‪. ٦١٦ ‎‬‬ ‫‪. ٣٦١٥‬‬ ‫(‪ )٣‬عوض ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬بحيرة تشاد تمثل منخفضا داخل القارة الإفريقية ‪ .‬تتكون ترتبها من التربة الحصبة ‪ .‬حيث يصب‬ ‫فيها العديد من الأردية من المرتفعات الإفريقية المحيطة بها ‪ .‬مثل نهر شاري والأنهار الأخرى ‪.‬‬ ‫ونسبة التبخر فيها عالية‪ .‬وظهرت أهمية تلك البحيرة في أنها توفر المياه اللآزمة للجماعات‬ ‫الإفريقية التى تعيش حولها منذ القدم ‪ .‬كما أن طرق الوصول إليها يسيرة بسبب الأودية التى تؤدى‬ ‫إليها ‪ .‬وأصبحت منطقة بحيرة تشاد تمثل مركزا حضاريا هاما ومركز لقاء بين العرب والبربر والزنوج‪.‬‬ ‫انظر ‪ - :‬أبو عيانة ‪ .‬الجغرافية الإقليمية ‪ .‬ص إ‪٤٨‬‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬إبراهيم ‪ .‬محمد ‪ .‬إفريقيا من السنغال إلى نهر جويا ‪ .‬القاهرة ‪ .‬ص ‏‪. ٤٧‬‬ ‫_‬ ‫‪١٢٧‬‬ ‫الى مرتفعات تبستى التى يتوفر بها المياه الجوفية ‪ .‬حتى يصل إلى منطقة بحيرة تشاد ‪.‬‬ ‫أو يتجه شرقا صوب منطقة كردفان ودارفور حيث يلتقى بدرب الأربعين القادم من‬ ‫الصحرا‪ .‬المصرية ‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬طريق نوميديا حتى مالي‪: ‎‬‬ ‫ويبدأ من المراكز التجارية والحضارية في منطقة الجزائر ‪ .‬حاليا ‪ .‬ويتجه جنوبا عبر‬ ‫الصحراء الكبرى مارا بتوات وتفازه حتى يصل إلى ولاته ويتجه إما إلى تمبكتو أو إلى‬ ‫أودغشت (" وكان هذا الطريق أقصر الطرق الصحراوية إلى بلاد السودان الغربي والتى‬ ‫أشتهرت بانتاج الذهب وجلب العبيد للرومان ومن قبلهم لليونان والفينيقيين"' ‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬الطريق الغربي الموازي لسواحل المحيط الأطلسي‪: ‎‬‬ ‫ويبدأ من طنجة ومراكز المغرب الأقصي الشمالية وينحدر جنوبا حتى يصل إلى‬ ‫باغمات ثم يصل ألى أودغشت عبر وادى درعة ‪ '".‬وقد ازدهر هذا الطريق بفضل اهتمام‬ ‫القرطاجانيين به لإكتشاف سواحل المحيط الأطلسي ‏‪'٨(.‬‬ ‫(‪ )٥‬طرق السودان الشرقي‪: ‎‬‬ ‫وهى الطرق التى تبدأ من مواني ء البحر الأحمر أو روافد النيل وتتجه صوب الغرب‬ ‫إلى منطقة دارفور وكردفان وقد سلكتها قبائل عربية عديدة قبل الإسلام وبعده ‪ .‬من خلال‬ ‫تدفقها عبر البحر الأحمر أوياب المندب صوب الساحل الإفريقي ‪ ""( .‬ومازالت معظم‬ ‫قبائل السودان الشرقي والسودان الأوسط ترتبط بأنسابها القديمة إلى الحميرين خاصة إلى‬ ‫سيف بن ذي يزن «" ‪ .‬الأمر الذي يدل على أن هناك طرق تجارية نشطة عبر باب المندب‬ ‫والهضبة الحبشية أو ساحل أرتيريا ثم تعبر روافد النيل وتتجه غربا صوب منطقة تشاد‬ ‫(‪ )١‬قداح ‪ .‬حضارة الإسلام وحضارة أورويا في إفريقية الغربية ‪ .‬ص‪. ١٧٤٠ ‎‬‬ ‫(‪. )٢‬ابراهيم ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٧١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الزياتي ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٤١ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬قداح ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٤. ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬نوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٣٦١‎‬‬ ‫‪. ٣١٦١‬‬ ‫(‪ )٦‬عوض ‪ .‬الشعوب والسلالات ‪.‬ص‪‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪١٢٨ -‬‬ ‫أودا رفور وكردفان ‪ .‬وقد ساهم هذا الطريق منذ القدم بتغذية إفريقية بالدماء السامية‬ ‫حينما تغيرت الظروف المناخية في شبه الجزيرة العربية ‪.‬‬ ‫ويتضح في محطات تلك الطرق اختلاط واضح فى الأعراق ‪ .‬حيث تم امتزاج دماء‬ ‫الساميين والحاميين والزنوج السونان والقرطاجانيينوالرومان وغيرهم من الأمم التى‬ ‫‪.‬ومازالت آثار هذا الإختلاط واضحا في العصور‬ ‫ساهمت واتصلت بالتجارة الإفريقية‬ ‫الحالية كما يلاحظ الباحثون ‪.‬‬ ‫رابعا" ‪ :‬الموانىء الإفريقية على الساحل الشرقي للقارة ‪:‬‬ ‫واهىل مجننوب إلى الشمال كما يلي ‪:‬‬ ‫(‪ )١‬مدغمشقارل"اجاشي حاليا‪` ‎‬‬ ‫أصبحت جزيرة مدغشقر أو قنبلوا" محطة تجارية هامة للسفن العربية خاصة‬ ‫المتجهة إلى سواحل إفريقية الشرقية ‪ .‬وأستقرت بها منذ البداية جاليات عربية وآسيوية‬ ‫اسم شبه القارة الأفروآسيوية ("" ‪ .‬حيث تتنوع أصول‬ ‫مما جعل البعض بطلق م‪:‬‬ ‫فهم أمم مختلفوا الأشكال ‪ " .‬نهم يرجعون إلي أصول‬ ‫سكانها ولهجاتهم وثقا‬ ‫عربية وهندية وزنية ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬جزيرة كبيرة تقع إلى الجنوب الشرقي من إفريقية ني مياه المحيط الهندي ‪.‬وهى دولة مستقلة حاليا‬ ‫‪ .‬عاصمتها تاتاريف ‪.‬يفصلها عن اليابس الإفريقي مضيق يسمى مضيق موزمبيق بعرض حوالى‬ ‫سا سنة ‏‪ ١٩٦٠‬م ‪ .‬تمتد على شكل‬ ‫نعن‬ ‫رلت‬ ‫فستق‬ ‫س ‪.‬احتها ‪ ...‬‏‪ ٨٥٧.‬‏‪٢‬مك ‪.‬ا‬ ‫مكم‬ ‫و‏‪٤.٠‬‬ ‫مستطيل من الشمال إلى الجنوب ‪ .‬وأقصى طول لها حوالى ‪١٦٠ .‬كم‏ ‪ .‬وأعظم إتساع لها ‪٦٠ .‬كم‏ ‪.‬‬ ‫وأهم قبائلها ‪:‬التانالا ‪.‬الأنتانكارانا ‪ .‬الساكالانا ‪ .‬والهوفا ‪ .‬والانتيمورونا ‪ .‬ويبدو تأثير الوجود‬ ‫‏‪١‬‬ ‫العربي في المجموعة الأخيرة ‪.‬‬ ‫راء ‪ .‬ص ‏‪. ٨٩‬‬ ‫حوب‬ ‫ص جن‬‫لقية‬ ‫افري‬ ‫انظر ‪ - :‬نبم الدين ‪ .‬أحمد ‪ .‬ا‬ ‫‪ -‬أبعويانة ‪ .‬الجغرافية الإقليمية ‪.‬ص ‏‪. ٦١٠٣ - ٥٩٦‬‬ ‫(‪ )٢‬أبرعيانة ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٥٩٧ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬المسعودى ‪ .‬أخبار الزمان ‪ .‬ص ‏‪ . ٥٩‬طبعة بيررت‬ ‫‏‪٠ ٢٤٤‬‬ ‫داندسون ‪ .‬افريقية تحت أضواء جديدة ‪ .‬ص‬ ‫‪١٢٩‬‬ ‫وتدل الآثار المكتشفة على أن السفن العربية قد وصلت تلك الجزر منذ المصور‬ ‫القديمة خاصة سفن أهل اليمن وعمان ‪ .‬ويبدوا أن تطور الظروف السياسية في منطقة‬ ‫الخليج العربي قد أدت إلى هجرات مستمرة جاليات عربية من المنطقة إلى جزيرة‬ ‫غشقرأ' ‪ .‬كما أن تدهور الظروف الإقتصادية والأمنية في منطقة اليمن وجنوب‬ ‫الجزيرة العربية أدت إلى هجرات يمنية مستمرة إلى منطقة مدغشقر ‪ .‬فقد وندت إليها‬ ‫أعداد كبيرة من منطقة صلالة ‪ .‬التى تقع جنوب عمان ‪ .‬بحيث أنهم سموا مدينتهم‬ ‫الجديدة بأسم " سالالا " تينما بأسم صلالة العمانية الأولى ‪ .‬ويدعى البعض بأن مدينة‬ ‫مسلج الواقعة على خليج بويني في مدغشقر ‪ .‬هى تحريف الإسم مسقط العمانية أيضا ‪.‬‬ ‫وقد لاحظ المسعودي خلال رحلاته لتلك الجزيرة سنة ‪٣٠٤‬ه‏ ‪٨٢١٦١ /‬م‏ في مركب‬ ‫سيرافي أن هناك نشاطا مزدهرا للسفن العربية في المنطقة ‪ .‬خاصة سفن أهل عمان التى‬ ‫توجد بأعداد كبيرة ‪ .‬كما أشار إلى نشاط سفن أهل سيراف أيضا ‪ .‬بينما أغلبية أهلها‬ ‫كانوا وثنيون من الزنوج ‪6"(.‬‬ ‫ورغم الظروف الصعبة القاسية التى تواجه السفينة التجارية المتجهة إلى مدغشقر‬ ‫من قسوة الأحوال المناخية والحرارة العالية والأمطار الفزيزة والأمواج العالية العاتية ‪.‬‬ ‫الذى يقول عنها المسعودي " موجه عظيم كالجبال الشواهق وموجه لاينكسر" ("' لكن‬ ‫السفن اتحبهت إليها لجلب سلعها الهامة ‪ .‬‏‪6٧١‬‬ ‫(‪ )٢‬جزر القمر ‪ " :‬الكومور‪6٢١ " ‎‬‬ ‫عبارة عن أرخبيل من الجزر البركانية بين أقصى الحافة الشرقية لافريقيا والساحل‪‎‬‬ ‫(‪ )١‬المسعودي ‪ .‬المصدر نفسه‪. ‎‬‬ ‫)( المسعودي ‪ .‬مروج الذهب ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪. ١٠٧١‎‬‬ ‫(‪ )٣‬آورد المسعودي في ذلك شعرا‪‎‬‬ ‫بربري وجفوني ‪ ..‬وموجك المجنون‪‎‬‬ ‫جفوني وبربري ‪ :.‬وموجها كما ترى‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬حوراني ‪ .‬العرب والملاحة في المحيط الهندي ‪ .‬ص‪. ١٧٢٣‎‬‬ ‫(‪ )٥‬مساحتها‪٢‎ .٢٣٦ ‎‬كم‪٢) ٨٦٣( ٢‬ليم‪ . ‎‬العربي ‪ .‬العدد‪ . ٤٣٣ ‎‬ص‪ ٣٢ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫_ ‪_ ١٢٣.‬‬ ‫جزر رئيسية هى ‪:‬‬ ‫الغربي لجزيرة مدغشقر ‪ .‬وهى تقع في مضيق موزمبيق وتضم‬ ‫‪ -‬هنزوان (انحجوان) وأشهر مدنها متسمودو ‪ .‬وهى أكبر الجزر قي الأرخبيل مساحة‬ ‫والثانية سكانا في الوقت الحاضر ‪.‬‬ ‫‪ -‬انحباريجة (القمر الكبرى ) وأشهر مدنها موروني (العاصمة الحالية ) وإيكوني‬ ‫وميساميهولى ‪ .‬ويها النشاط السياسي في الوقت الحاضر ‪.‬‬ ‫‪ -‬مايوته (ماهوري أومايوت ) أقرب الجزر إلى مدغشقر ‪ .‬وأرضها خصبة وكانت‬ ‫‏‪.٠‬‬ ‫مركز للبلاد والنشاط الإتتصادي‬ ‫‪ -‬موالي ( مهيلى أو الجزيرة الخضرا۔) أصغر الجزر مساحة وأقلها سكانا وأهم‬ ‫مدنها خمبوني ‪.‬‬ ‫وقد وفد إلى تلك الجزر عناصر من أجناس شتى من العرب وجنوب شرقى آسيا‬ ‫والهند بفرض التجارة ‪ .‬ويقال أن أول من وصل إليها وفد من الحبش الماليزى ‪ .‬ثم وصل‬ ‫العرب وحدث اختلاط بين تلك الأعراق فنتج عن ذلك ما يعرف يالجنس القوموري الحالي ‪.‬‬ ‫وقد نزلها العرب قبل الإسلام بدليل ظهور كتابات عن وجود عربي بها بكثرة في بداية‬ ‫عصر الإسلام ("" ‪ .‬كما كان سكانها على صلات قوية بالتجار العرب في منطقة الساحل‬ ‫الشرقي لافريقية ‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬سفالة الزنج " سوفالا‪" ‎‬‬ ‫ظلت منطقة سفالة التى تقع عند نهر الزمبيزي (" ‪ .‬آخر المحطات الهامة للرحلات‬ ‫التجارية التى تصل إليها‪:‬السفن التجارية القادمة من منطقة اليمن وعمان والخليج العربي‬ ‫وغيرها ‪ .‬ويرجع ذلك إلى عوامل مناخية (" ‪ .‬حيث يميل المناخ إلى التغير بشكل يختلف‬ ‫عن المنطقة العربية أو منطقة شمال المحيط الهندي التى يتركز فيها النشاط التجاري‬ ‫‏(‪ )١‬المسعودي ‪ .‬خروج الذهب ‪ .‬ج‪١‬‏ ‪ .‬ص ‏!‪. ١٢٣/١٢‬‬ ‫‏(‪ )٢‬حوراني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ١٢١٩١‬‬ ‫‏(‪ )٣‬الحويري ‪ .‬ساحل شرقفريقية ‪ .‬ص ‏‪. ١٢٢‬‬ ‫‪_ ١٢٣١‬‬ ‫وحركة التجار ‪ .‬كما أن المنطقة التى تقع إلى الجنوب منها خالية تقريبا من السكان ‪ .‬ولم‬ ‫تعمر إلا في المصور الحديثة على يد عناصر البوير الأوروبية التى شكلت عنصرا من‬ ‫عناصر دولة جنوب إفريقية الحالية ‪.‬‬ ‫و ارتبطت تلك المحطة الإفريقية التجارية بتجارة الذهب منذ العصور القديمة ‪ .‬ولعلها‬ ‫كانت ضمن مراكز لحضارة قديمة في تلك المنطقة ‪ .‬وأصبحت منفذ تلك الحضارة على‬ ‫العالم الخارجي ‪ .‬ولذلك كانت مقصدا للسفن التجارية العربية منذ المصور القديمة وحتى‬ ‫بداية العصور الإسلامية " وغاية مقاصد السفن القادمة من عمان وسيراف وينتهى بحر‬ ‫الزنج في بلاد سفالة وفي بلاد الواق واق ‪ .‬وهى بلاد تنتج التبر بكثرة ومناخها دافىء‬ ‫وتربتها خصبة "(" ‪ .‬وقد تعددت شهرة سفالة بالذهب النقي أ"" عند البيروني والادريسي‬ ‫وياقوت الحموي وغيرهم ‪.‬‬ ‫وبجانب الذهب الذي ارتبطت به سفالة على ساحل المحيط الهندي ‪ .‬فإنها اشتهرت‬ ‫أيضا بتصدير خام الحديد ويكثرة ‪ .‬وشكل هذا الخام أهمية خاصة لحضارات المحيط‬ ‫الهندي خاصة الهند وبلاد الرافدين في العصور القديمة ‪ .‬وهى حضارات كانت قد بلفت‬ ‫مستوى هام من التقدم التقنى وينقصها عناصر من المواد الخام ‪ .‬وبذلك اعتمدت صناعة‬ ‫الحديد الهندية في العصور القديمة والوسطى على حديد سفالة بالدرجة الأولى من خلال‬ ‫التجار العرب وأهل الخليج العربي!"' ‪.‬‬ ‫كانت الطريقة المتبعة عن عمليات التبادل التجاري بين ذهب أهل سفالة وبين سلع‬ ‫التجار من أ قمشة وعملات وغير ذلك ("‪ .‬تتم عن طريق المقايضة ببا يعرف باسم "‬ ‫(‪ )١‬المسعودي ‪ .‬مروج الذهب ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪. ١٢١٥ ‎‬‬ ‫ه‪, ‎‬‬ ‫‪ 0‬ر‬ ‫‪ : .521‬م ‪,‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‏(‪ )٣‬يبدو أن أهلها كانوا يعيشون في مرحلة إكتفاء ذاتى ‪ .‬ولم تظهر عندهم الحاجة إلى استخراج الذهب‬ ‫‪ .‬وقد دأب التجار الأجانب على حث أهلها على استخراج الذهب وكانوا يستخرجونه بطرق بسيطة‬ ‫بسبب قربه من سطح الأرض وتوفره في الأودية القريبة من سفالة من جهة الخلف ‪ .‬وذلك بحفر حفر‬ ‫يتجمع إليها الماء جارفا معه الذهب ‪ .‬وقد ذكر البرتغاليون مناطق هامة لذهب سفالة التى تسمى "‬ ‫ماتوكا "‬ ‫(‪ )٤‬المسعودي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪٥١٢١ ‎‬ه ‪.‬‬ ‫‪_ ١٢٢‬‬ ‫"التجارة الصامته " بأن توضع كميات السلع التى يحملها التجار قريبة من كميات الذهب‬ ‫المراد استبدالها وتتم عملية الفحص من قبل الزنوج ‪.‬فإن رضوا يتم قرع الطبول بطريقة‬ ‫معينةعلى أساس الموافقة على الصفقة وتحمل كميات الأقمشة ويعودوا إلى مناطقهم ‪.‬‬ ‫بينما يحمل التجار ذهبهم إلى سفنهم عائدين إلى بلدانهم ‪.‬وقد ظلت سفالة أهم منفذ‬ ‫للذهب الإفريقي في العصور القديمة وفي العصور الوسطى وفي العصور الحديثة ‪ .‬حيث‬ ‫كان ذهبها من عوامل توجه البرتغاليين إلى شرق إفريقية واسقرارهم هناك ‏(‪.'١‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ ()٤‬موزمبيق‪‎‬‬ ‫من المراكز التجارية الإفريقية الهامة التى تقع جنوب ساحل إفريقية الشرقي ‪ .‬وقد‬ ‫كانت امتدادا أيضا لحضارة المنطقة في العصور القديمة ‪.‬وارتبطت بتصدير الذهب لفترة‬ ‫من الفترات ‪.‬وقد ترددت عليها السفن ‪.‬خاصة من العرب لحمل الذهب منها مقابل‬ ‫توفير التوابل والملابس واللآلىء والياقوت لسكانها ‪ .‬وهى سلع كانت لا تتوفر في تلك‬ ‫المنطقة ‪ .‬وكانت عمليات التجارة بها تأتميضا عن طريق المقايضة في العصور القديمة ‪.‬‬ ‫وكانت منطقة سفالة إحدى أقاليم موزمبيق منذ العصور القديمة ‪ .‬ويبدو أن التجار‬ ‫قد ارتبطوا بمحطة أخرى جنوب سفالة وتعرف موزمبيق وكانت الرحلة إلى سفالة وموزمبيق‬ ‫شاقة وطويلة ولذلك كانت تحتاج إلى نوع كبير من السفن التجارية ("" ‪ .‬لخطورة الرحلة‬ ‫وطولها ‪.‬فقد استقرت بها جاليات عرييةكبيرة قبل الإسلام ("' ‪.‬وفي العصور الإسلامية‬ ‫تحول أهلها إلى الإسلام ‪ .‬بحيث أصبحت مرتبطة بالنشاط الإسلامي في إفريقية ‏(‪.'٧‬‬ ‫‪© :‬ا‬ ‫‏(‪ )٥‬كلوة‬ ‫مركز تجاري إفريقي على المحيط الهندي ‪ .‬ظهر بوضوح بعد ذلك فص العصور‬ ‫(‪ )١‬جيان ‪.‬وثائق ‪.‬ص‪- ٣٢٣٨ - ٣٣٧ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬حوراني ‪.‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٤١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬حوراني ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٢٦٢٦ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬اندهش البرتغاليون في العصور الحديثة حينما شاهدوا حاكمها مسلم وحوله رجاله ومستشاروه من‬ ‫العرب ‪ .‬ولذلك فقد قامت موزمبيق نزول البرتغاليين إلى أراضيها منذ البداية ‪.‬‬ ‫(‪ )٥‬حاليا مدينة بنفس الإسم على ساحل دولة تنزانيا‪. ‎‬‬ ‫‪_ ١٢٣٢‬‬ ‫لموقعه المتوسط على ساحل إفر يقية الشرقي ‪.‬وقد قصدته سفن عديدة‬ ‫الرسطى ‪.‬نظرا‬ ‫من ن أاهل الخليج العربي ومنطقة شيراز ا"من إيران ‏‪ ٠‬حتى أصبح هؤلاء الشيرازيين هم‬ ‫حكام المنطقة في المصور‪ .‬ا لرسطى ‏‪ ٠‬ونظر لامكانيات الإقليم ومنطلقته فقد تمكن من‬ ‫تكوين إمبراطورية شملت معظم الساحل الشرقي لافريقبة اعتمدت في نشاطها الأساسي‬ ‫(‪٢‬ا‏ ‪.‬‬ ‫على التجار‬ ‫كما كانت منطقة كلوة مركزا هاما من مراكز قبائل البانتو الزنجية ‪ .‬حيث اتحبهت‬ ‫إلى الاستقرار بالقرب من الساحل لاتمام عمليات التبادل التجاري وكثيرا ما وقع نزاع بين‬ ‫تلك الجماعات الزنجية وجماعات التجار ‪ .‬وكانت تلك المنطقة مركزا هاما لتجار عدن‬ ‫وتبار منطقة ساحل الحجاز قبل الإسلام وبعده (" ‪ .‬حيث كانت مصدرا لتصدير العاج‬ ‫والجلود والذهب وغير ذلك من سلع إفريقية ‪ .‬ومازالت طراز الأبنية فيها تشابه مع غط‬ ‫العمارة الخليجية العربية من قلاع واسوار ‪.‬‬ ‫(‪:١"' )٦‬اسابمم‪‎‬‬ ‫أدى توافر ميناء الصالح لاستقرار السفن بمنطقة ممباسا ‪.‬ويبدو أنها كانت مركزا‪‎‬‬ ‫لإمارة قديمة ‪ .‬تسمى "أمفيت " معنى حرب (" ‪.‬ثم أخذت اسمها الحالي من اسم قائد‪‎‬‬ ‫برتغالي يسمى "منفسة "وقد شهدت ممباسا هجرات مستمرة من التجار العرب وخاصة‪‎‬‬ ‫من أهل عمان واليمن ‪ .‬كما كانت مركزا لانتاج الحبوب وتصديره وكذلك العاج والذهب‪‎‬‬ ‫ويصدر منها تلك السلع إلى موانىء المحيط الهندي‪ "٠ ‎‬كما اشتهرت بتصدير الحديد‪‎‬‬ ‫والنحاس والجلود إلى موانىء الهند ‪ .‬حتى ظهر فيها فيما بعد طائفة من الصناع المهرة‪‎‬‬ ‫(‪ )١‬عاصمة إقليم فارس في إيران قديما وحتى العصور الوسطى‪. ‎‬‬ ‫‪. ٣٨٠‬‬ ‫ياقوت الحموي ‪ .‬معجم البلدان ‪.‬ج‪. ٣‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬أحمد على ‪ .‬كلوة تاريخها وحضارتها من القرن العاشر حتى القرن الخامس عشر ‪/‬م ‪ .‬رسالة‪‎‬‬ ‫‪ .‬جامعة القاهرة ‪ .‬ص‪. ٥٦‎‬‬ ‫وررة‬ ‫ش غي‬ ‫نير‬ ‫مجست‬‫ما‬ ‫(‪ )٣‬ابن بطوطة ‪ .‬الرحلة ‪ .‬ص‪. ٢٦٦ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬ميناء كيني على ساحل المحيط الهندي‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬المغيري ‪ .‬جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار ‪ .‬ص‪. ٨٣‎‬‬ ‫(‪ )٦‬عثمان ‪ .‬شوقي ‪ .‬تبارة المحيط الهندي ‪ .‬ص‪. ١٦١٨ ‎‬‬ ‫‏‪ ١٢٤‬س‬ ‫في صناعة المعادن ‪ .‬وظلت على نفس شهرتها حتى قدم إليها البرتغاليون في العصور‬ ‫الحديثة وجعلوا منها عاصمة لهم لمنطقة شرق إفريقية ‪.‬‬ ‫(‪: (١‬‬ ‫زنجبار‪‎‬‬ ‫)‪(٧‬‬ ‫شكلت موقع تباري هام على ساحل إفريقية الشرقي ‪ .‬حيث أصبح موقع الجزيرة‪‎‬‬ ‫القريب من الساحل الإفريقي استراتيجيا‪ .‬فأصبحت في مأمن من اعتدا ات جماعات‪‎‬‬ ‫الزنوج على التجار ‪ .‬كما اشتهرت بخصوبة أرضها وتوفر كميات المياه بها ‪ .‬وأصبحت‪‎‬‬ ‫مقصدا لتجار شبه الجزيرة العربية والهند للوصول إليها وحمل سلعها وقد أستقر بها‪‎‬‬ ‫العرب منذ القرن الأول ق ‪.‬م ‪ .‬كما وفدت عليها قبائل عربية من منطقة حضرموت واليمن‪‎‬‬ ‫‪ .‬حتي تحولت إلى مركز إسلامي تحباري في العصور الوسطى وحتى العصور الحديثة "'‪.‬‬ ‫ساعدت الرياح الموسمية التى تهب على شمال المحيط الهندي على انتظام الرحلات‬ ‫البحرية بين منطقة الخليج العري وشبه الجزيرة العربية من جهة وبين زنجبار جنويا من جهة‬ ‫ثانية ‪ .‬فتبدأ السفن العربية رحلتها في فصل الخريف لتصل إلى ساحل الصومال وتسير‬ ‫محاذاة ساحل شرق إفريقية حتى تصل إلى زنجبار بعد أن تعبر أرخبيل لامو ‪ .‬وتستغل‬ ‫السفن أيضا الرياح الصيفية الموسمية في العودة إلى سواحل جنوب الجزيرة العربية‬ ‫والخليج العربي () ‪,‬‬ ‫وتتناثر حول جزيرة زنجبار عدد من الجزر الصغيرة أهمها ‪ :‬أنغوما ‪ .‬كهاتي ‪.‬‬ ‫مونغوه ‪ .‬ومكاتي ‪ .‬اميلا ‪ .‬وخميس ‪ .‬انغومية ‪.‬أوسوبي ‪ .‬ككوتا ‪ .‬كاشاني ‪ .‬انجاو ‪.‬‬ ‫وهي جزر قليلة السكان أو خالية ‪ .‬لكن ترجع أهميتها إلى توفر المياه العذبة بها ‪ .‬وكذلك‬ ‫وجود أشجار النارجيل بكثرة (" ‪ .‬وقد ظهرت أهمية زنجبار بعد ذلك في المصور‬ ‫فزناجرسية ‪ .‬وأصلها السواحيلي‬ ‫‏(‪ )١‬يتكون اسمها متنسمين هما ‪ :‬زنج ‪.‬يار ‪ .‬معبنىا برل ال‬ ‫"أنفوجاء " بمعنى امتلأ المنسف ‪ .‬وتقع قبالة ساحل تنزانيا على بعد ‏‪ ٢٥‬ميلا فيها ‪ .‬وبينها وبين‬ ‫‏‪ ٢٥٠٠‬ميل بحري ‪.‬‬ ‫مسقط ‏‪ ٢٢٠٠‬ميل بحري ‪ .‬وبينها وبين ساحل غرب الهند في جوجيرات‬ ‫‏‪. ١٦١‬‬ ‫‏‪ . ١٥‬ص‬ ‫‪ .‬وتشكل مع تنجانيقا اتحاد دولة تنزانيا ‪ .‬انظر المغيري ‪ .‬جهينة الأخبار ص‬ ‫(‪ )٢‬زكريا ‪ .‬والعقاد زنجبار ‪ .‬ص‪. ٥ ٠ ٤ ‎‬‬ ‫(‪ !٣‬محمد أباولعلا ‪ .‬موقع عمان الجغرافي وعلاقتها المكانية ‪ .‬ص‪. ٣٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬المغيري ‪ .‬المصدر السابق‪. ١٦١ . ‎‬‬ ‫‪_ ١٢٥‬‬ ‫‪ .‬حيثث أصبحت‬ ‫‪ .‬وفي ا لعصور الحديثة خاصة زمن دولة ا لبوسميد في عمان‬ ‫‏‪ ١‬لاسلامية‬ ‫أهم مراكز شر د أفريقية اقتصاديا وسياسيا على الاطلاق ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٨‬بات" باتا"‬ ‫هى احدى جزر أرخبيل لامو ‪ .‬أصبحت مركزا للهجرات العربية من الخليج المربي‬ ‫واليمن في صدر الإسلام مما يدل على وجود علاقات سابقة ‪ .‬منذ المصور القديمة بينها‬ ‫وبين منطقة الخليج العربي واليمن والهند وفارس وأصبحت منطقة باب مركز المجرات‬ ‫العربية والإسلامية المبكرة في صدر الإسلام ‪ .‬ومنها بدأت عمليات المد الإسلامي ‪ .‬ولذلك‬ ‫فقد أصبحت مركز التجارة الإفريقية في المحيط الهندي في تلك الفترة ‪ .‬حيث كان‬ ‫المهاجرون الجدد معظمهم من التجار وعلى دراية بسلع إفريقية وأهميتها ‪ .‬حيث جعل منها‬ ‫المهاجرون من أهل عمان منذ القرن السابع الميلادي المركز الأول لنشاطهم ‪ .‬وكانت عمان‬ ‫أهم الوسطاء في تجارة إفريقية المتجهة إلى الهند أو إلى بلاد الرافدين "‪.‬‬ ‫(‪ )٩‬مقديشو ‪( :‬وبلاد بونت القريبة منها‪) ‎‬‬ ‫أول المراكز التجارية لساحل شرق إفريقية المطل على المحيط الهندي من جهة الشمال‬ ‫وتأتي أهميتها من قربها من مدخل البحر الأحمر الجنوبي حيثالحركة التجارية النشطة‬ ‫باستمرار في العصور القديمة لخدمة التجارة البرية أو البحرية المتجهة شمالا صوب الشام‬ ‫أو مصر حيث مدينات العالم القديم في البحر المتوسط ‪.‬كما تأتى أهميتها في قربها من‬ ‫السواحل العربية في جنوب الجزيرة العربية من أهل اليمن وجنوب عمان ‪ .‬وهم من أنشط‬ ‫جماعات التجار قديما كما أنها كانت على صلات وثيقة بتجارات مواني الحبشة ‪.‬‬ ‫وأصبحت المدينة مركزا للتجار من كل صوب فيصفها ياقوت الحموي بقوله " أول‬ ‫بلاد الزنج جنوب اليمن على ساحل البحر ‪ .‬وأهلها كلهم غرباء ليسوا بسودان ولا ملك‬ ‫لهم إنما يدبر أمورهم المتقدمون علي إصلاح لهم أ"" ‪ .‬ومنذ القدم نزلت سواحلها جماعات‬ ‫التجار من المصريين واليونان والفينقبين ومن العرب والهنود وغيرهم من الزنوج ‏‪.'"١‬‬ ‫‪,‬حنح‬ ‫ع‬ ‫ح‬ ‫‪0‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪. ,3 .198:‬‬ ‫‏(‪(١‬‬ ‫‏‪. ١٧٣‬‬ ‫‏‪ . ٥‬ص‬ ‫‏(‪ (٢‬معجم البلدان ‪.‬ج‬ ‫‏(‪ )٣‬جيان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪.١٨٦١‬‬ ‫_ ‪_ ١٢٣٦‬‬ ‫ويبدو أن رحلات الفراعنة التى أرسلت إلى منطقة ساحل الصومال الشمالي وهى‬ ‫منطقة بونت ‪ .‬كانت تحتل تلك المنطقة مكانة هامة في تجارة إفريقية والمحيط الهندى منذ‬ ‫الألف الثالث ق ‪.‬م ‏‪ "١‬وتحوى النصوص والآثار المصرية على أول رحلة أرسلت إلى بلاد‬ ‫بونت هى البعثة التى أمر بإرسالها الملك ساحورع مانلأسرة الخامسة (حوالى ‏‪ ٠ ٠‬‏م‪.‬ق‪٥٢‬‬ ‫) ‪ .‬وقد وصلت تلك الرحلة إلى تلك البلاد ‪ .‬ودونت أخبارها على جدران معبد أبو صير ‪.‬‬ ‫كما ورد ذكر لتلك المنطقة من أرض الصومال في نصوص حجر بالرمو ‪ .‬وفيه تفصيل لا‬ ‫عادت به الحملة من خيرات بلاد يونت من جلود الحيوانات والعاج وريش النعام وبعض‬ ‫الأحجار نصف الكريمة ‪ .‬إلى جانب سلع ومواد المعابد من البخور والعطور والتى كانت من‬ ‫أهم أسباب تلك الرحلات إلى تلك المناطق البعيدة ‪ .‬كما وجد فى أحدى مقابر أسوان أن‬ ‫أحد الموظفين يذكر أن ذهب مع سيده إلى تلك البلاد إحدى عشرة مرة "' ‪.‬‬ ‫ونظرا لأهمية موقع بلاد بونت على ساحل الصومال وأهمية السلع التجارية التى‬ ‫تحبلب منها فقد أهتم ملوك الأسرة الحادية عشر ( حوالى ‏‪ ٢١٠٠‬ق ‪ .‬م) بالتجارة مع تلك‬ ‫المنطقة من ساحل الصومال ‪ .‬حيث أرسل الملك منتوحتب الرابع مدير خزانته واسمه "حننو"‬ ‫لإحضار البخور ‪ .‬فذهب ومعه ثلاثة آلاف رجل جنويا حتى البحر الأحمر عن طريق وادى‬ ‫الحمامات ‪ .‬ونجح في مهمة ‪ .‬كما وردت صعوبات الإيحار إلى بلاد بونت في نصوص‬ ‫فرعونية أخرى مثل قصة الملاح الفريق (""‪.‬‬ ‫وكانت أشهر رحلات المصريين وتجاراتهم مع ساحل الصومال زمن الملك حتشبسوت‬ ‫في الأسرة الثامنة عشر ‏(‪ ١٤١٠‬ق‪.‬م) حيث أمرت الوزير " نحسى" بالتوجه إلى بونت‬ ‫وأعدت سفنا كثيرة كبيرة الحجم لتلك الرحلة التى غادرت طيبة في النيل ‏‪ .٠‬وريما تكون قد‬ ‫غادرت النيل إلى البحر الأحمر عبر قناة وادى الطميلات المستخدم في هذا العهد ‪.‬‬ ‫ووصلت إلى بلاد بونت ‪ .‬وعادت محملة بخيرات بونت من البخور والعطور والأخشاب‬ ‫وحيوانات إفريقية كما أحضرت الرحلة إحدى وثلاثين شجرة من أشجار المناطق الموسمية‬ ‫والإستوائية لزراعتها في حديقة معبد آمون بالدير البحري ("" وقد أهتم المصريون بتدوين‬ ‫‏(‪ )١‬فخري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪.١٣٧١ .٦٦١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬فخري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ١٣٧١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬فخري ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‏‪. ١٣٨‬‬ ‫‏(‪ )٤‬حوراني ‪ .‬العرب والملاحة في المحيط الهندي ‪.‬ص ‏‪. ١٥٨ . ١٢٧‬‬ ‫‏‪ ١٢٧‬س‬ ‫أخبار تلك الرحلة ومراسم استقبال مندوب الملكة لزعماء بونت والهدايا التى قدمها لهم ‪.‬‬ ‫كما رسموا أيضا القديمة الساحلية التى رسوا عندها ‪ .‬وكذلك رسموا أنواع الأسماك التى‬ ‫شاهدوها أثناء الرحلة البحرية ‏(‪.'١‬‬ ‫ومهما يشار حاليا من اختلاف حول تحديد موقع بونت فإنها تقع على ساحل‬ ‫الصومال بالقرب من مقديشو الحالية ‪ .‬على أساس أن ملامح أهل المنطقة التى وجدت‬ ‫على جدران الدير البحري تشبه كثيرا جنس المصريين ‪ .‬وكذلك معظم السلع التى حملتها‬ ‫الرحلات والبعثات تشبه وتتفق مع منتجات إفريقية من الحيوانات والجلود والعاج‬ ‫والأحجار والأخشاب ‪ .‬ولكن الخلاف يقع حول اللبان والبخور الذي حملته تلك الرحلات ‪.‬‬ ‫علي أساس اشتهار منطقة ظفار في جنوب عمان وجنوب الجزيرة العربية بتلك السلع‬ ‫الهامة للعام القديم ‪ .‬مما يدل على أن تلك المنطقة كانت مركزا لتجمع تجار من ظفار وبلاد‬ ‫الشحر واليمن وجزيرة سوقطري ‪ .‬بالإضافة إلى هجرات من تلك الجهات إلى الساحل‬ ‫الصومالي وتعميره ‪ .‬الأمر الذي يؤكد منطقة الصومال في تجارة إفريقية وتجارة العالم‬ ‫القديم (‪٢‬ا‪,‬‏‬ ‫وفي العصور الوسطى أصبحت مقديشو ‪ .‬التى بناها مهاجرون حرت من منطقة‬ ‫الخليج العربي سنة ‪٢٩٥‬ه‏ ‪٨٢٠٧/‬م‏ مركزا هاما!" لتجارة الذهب والعاج ا ‪ .‬من خلال‬ ‫منافذ ودروب لها داخل القارة الإفر يقية مما دار عل أهلها وتحيارها أموالا طائلة ظهرت‬ ‫‪.‬وأصبحت‬ ‫في جمال عما رة منازلها ‏‪ ١‬لتي كان تت تتكون من عدة طوابىق ‏‪(٥‬‬ ‫بوضوح‬ ‫مقديشو بحق مركزا لتجمع تجارات المحيط الهند وإفريقية والبحر الأحمر وشبه الجزيرة‬ ‫العربية ‪ .‬حتى قصدتها سفن أهل الصين والهند ‪.‬فهناك آثار تدل على آرسال أسرة تانغ‬ ‫‏‪.١‬‬ ‫الصينية بعثةتجارية إليها سنة‪٣٤٩‬ھ‏ ‪٦٠ /‬م‏ ‪.‬ووجدت بها عدة عملات صينية‬ ‫(‪ )١‬حوراني ‪ .‬المرجع نفسه‪. ٣٢٩ . ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬قدري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٣٩١ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سنوضح ذلك مع الفصل القادم بالتفصيل‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬متز ‪ .‬آدم ‪ .‬الحضارة الإسلامية في القرن الرابع ه ‪ .‬تعريب الدكتور محمد عبدالهادي أبو ريدة‪. ‎‬‬ ‫ج! ‪ .‬ص‪.٤٣٦ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬حيان ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٢٥٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٦‬بدر الدين الصيني ‪ .‬العلاقات التجارية مع العرب ‪ .‬ص‪. ١٦٦١ ‎‬‬ ‫_ ‪_ ١٢٣٨‬‬ ‫ويبدو من دراستنا لموانىء ساحل إفريقية الشرقي أن هناك ملاحظات منها ‪:‬‬ ‫‏‪ -١‬اعتمدت حركة النشاط التجاري مع شرق إفريقية ومراكز المحيط الهندي‬ ‫التجارية وكذلك البحر الأحمر على هبوب الرياح الموسمية ‪ .‬وأوقات هبؤيها صيفا أو شتاء‬ ‫‪ .‬حيث كانت السفن شراعية تحت رحمة الرياح ‪ .‬وساعد اكتشاف مواعيد هبوب تلك‬ ‫الرياح على يد هيبالوس اليوناني إلى زيادة حركة الملاحة وتنظيم الرحلات مع موانىء شرق‬ ‫إفريقية ‪ .‬حيث ارتبطت بمواعيد للذهاب والإياب ‪ .‬وكان التجار العرب أقدر تجار العالم‬ ‫القديم في هذا المجال ‪.‬‬ ‫‏‪ -٢‬رغم عدم وجود ذكر واضح يتلامم مع النشاط ا ليوناني في منطقة شرق‬ ‫إفريقية إلا أن اليونان والرومان قد تركزوا في محطة تجارية هامة مقابلة لساحل إفريقية‬ ‫الشرقي من جهة الشمال وهى جزيرة سوقطري والتى أصبحت مركزا هاما لليونان حتى‬ ‫العصور الوسطى وظل لهم نفوذهم التجاري عدة قرون في الجزيرة (" ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬ترتب على سيادة العنصر العربي على ساحل شرق إفريقية من الشمال إلى‬ ‫الجنوب بسبب عوامل طبيعية وحضارية ‪ .‬ظهور لغة جديدة استخدمت بصورة اساسية في‬ ‫مجال المعاملات التجارية "" وهى اللغة السواحيلية التى أصبحت صورة عن تنوع أصول‬ ‫التجار على الأرض الإفريقية "' من عرب وفرس وهنود بالإضافة إلى أصحاب الأرض من‬ ‫الزنوج ‪ .‬وأنضم لها حديثا اللفات الأرروبية الحديثة (گ' ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٤‬إذا كانت منطقة شرق القارة الإفريقية قد وفرت لمدينات العالم القديم كميات‬ ‫من الذهب والعاج والحديد والنحاس والجلود وغير ذلك من مواردها الطبيعية ‪ .‬فإنها }‬ ‫قدمت عنصرا بشريا من عناصر الإنتاج في العالم القديم والوسيط وهو الرقيق ‏‪ ٠‬حيث‬ ‫بدأت السفن التجارية تحمل أعدادا كبيرة منهم بعد ذلك ("‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الحارثى ‪ .‬والسالى ‪ .‬اليسرى في إنقاذ جزيرة سوتطري ‪ .‬ص‪ ٢٤ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫)!( عوض ‪ .‬الشعوب‪ .‬والسلالات الإفريقية ص ‏‪. ١٠١‬‬ ‫(‪ )٣‬العقاد وزكريا ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬محمود ‪ .‬حسن ‪ .‬الإسلام والثقافة العربية في إفريقية ‪ .‬ص‪. ٣٨٢ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٥‬أصبحت الأعداد الكبيرة من هؤلاء الرقيق يمثلون القوى البشرية العاملة خاصة في منطقة جنوب‬ ‫العواق والخليج العربي ‪.‬‬ ‫‪_ ١٢٩‬‬ ‫‏‪ - ٥‬لم تكن السواحل الإفريقية الشرقية ‪ .‬في حاجة إلى سلع مقابلة من التجار أ‬ ‫نقود مقابل سلعها الهامة بقدر ما كانت في حاجة إلى نظم حضارية من قبل الجاليات التى‬ ‫استقرت بأرضها من أجل تطوير تلك المناطق ‪ .‬وهو الأمر الذي ظل مفقودا" لفترات طويلة‬ ‫حيث كان معظم التجار همهم الأول والأخير حمل سلعهم والعودة إلى بلادهم آمنين غانمين‬ ‫بغض النظر عن أوضاع الأفارقة ومستوياتهم الحضارية ‪ .‬ولم تتبدل تلك الصورة إلا في‬ ‫المصر الإسلامي على يد المسلمين الذين تركوا بصمات واضحة في حضارة الأفارقة ‪.‬‬ ‫وأنتهي هذا الدور الإسلامي من جديد على يد المصالح الأوروبية في العصور الحديثة وهى‬ ‫ردة حضارية بمعنى الكلمة ‪.‬‬ ‫هذا ‪ .‬وهناك عدة موانىء على سواحل شبه الجزيرة العربية والخليج العربي ارتبطت‬ ‫بصورة أسا سية مع تجارة شرق إفريقية ‪ .‬يمكننا أن نوجز دورها في التجارة الإفريقية فيما‬ ‫يلي أهمها ‪:‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ )١‬عدن‪‎‬‬ ‫احتلت عدن مكانة مرموقة في تجارة العالم القديم والوسيط والحديث حتى أصبحت‬ ‫بحق ‪« ":‬هيلز الصين وفرضة اليمن وخزانة المغرب ومعدن التجارات ‏"(‪ '١‬وذلك بسبب‬ ‫موقعها المتوسط بين البحر الأحمر والمحيط الهندي من جهة ويين اليابس الآسيوي واليابس‬ ‫الإفريقي من جهة ثانية ‪ .‬فارتبطت أيضا بحضارات الهلال الخصيب من خلال طريق اليمن‬ ‫الشام عبر الحجاز البري ("" ‪ .‬ويبدو أن صلاتها القديمة مع إفريقية وجزيرة سوقطري وبلاد‬ ‫الحبشة جعلت كدامي مؤرخيها يعتقدون أن اليابس العماني كان متصلا بتلك النواحي‬ ‫‏)‪(٣‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ .‬۔ ۔‬ ‫الإفريقية من قديم الزمن " " ‪.‬‬ ‫وأصبحت عدن بالفعل هدفا" لليونان وتجارهم من أجل تأمين الوصول إلى تجارة‬ ‫وسلع الهند وقد أ هتم بها الإسكندر من خلال إرسال حملات هيرون الصولي للالتفاف حول‬ ‫سواحل الجزيرة العربية والوصول إلى مدخل البحر الأحمر الجنوبي من أجل ربط تجارة‬ ‫المحيط الهندي مع تجارة البحر المتوسط ‪ .‬كما يذكر مؤرخوها القدامي اهتمامات لملوك‬ ‫‏(‪ )١‬المقدسي ‪ .‬أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ‪ .‬ص ‏‪ . ٨٤‬طبعة بيروت ‪.‬‬ ‫‏‪. ١٠٥‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ابن الفقيه ‪ .‬البلدان ‪ .‬ص‬ ‫‏(‪ )٣‬أبو مخرمة ‪ .‬أبر محمد عبدالله الطيب ‪ .‬تاريخ ثغر عدن ‪ .‬ص ‏‪ . ٢٥‬مكتبة مدبولي ‪ .‬القاهرة ‪.‬‬ ‫‏‪ ١٩٩١١‬م ‪.‬‬ ‫‏‪ ١٤١١‬ه ‪ .‬سنة‬ ‫الطبعة الثانية ‪ .‬سنة‬ ‫‪١‬ا‪- ‎.٤‬‬ ‫‪-‬‬ ‫اليهود وخاصة سليمان بتجارة عدن وسلعها الهندية والإفريقية (" ‪.‬‬ ‫وقد حملت إليها السلع الإفريقية من الجلود والعنبر واللؤلؤ والأخشاب والعاج‬ ‫والرقيق كما نزلت بها بضائع الهند من التوابل والأعشاب الطبية والحرير والمنسوجات‬ ‫الأخرى ("" ‪ . .‬بالإضافة إلى سلع مصر والبحر الأحمر من المرجان والأصباغ والزئبق‬ ‫والمنسوجات والزجاج ‪ .‬حتى أصبحت أهم مراكز شمال المحيط الهندي التجارية وطارت‬ ‫إليها أفندة التجار حتى قيل عنها " من يذهب إليها بألف درهم يرجع بألف دينار ‪ .‬ومن‬ ‫ذهب إليها بكندر يرجع بمثله كافور ("'‬ ‫(‪ )١٢‬سرقطظري‪: ‎‬‬ ‫برغم دورها القديم في تجارة إفريقية والمحيط الهندي باعتبارها بوابة إفريقية‪‎‬‬ ‫ومحطة التجار ‪ .‬إلا أنها ازدهرت بصورة واضحة في العصر الهلينستى ‪ .‬حتى سماها‪‎‬‬ ‫التجار اليونان باسم " الجزيرة السعيدة "("" لأهميتها لتجار الإسكندرية ومصر والبحر‪‎‬‬ ‫المتوسط في تجميع تجبارات إفريقية والجزيرة العربية والهند ‪ .‬فاستقرت بها اعداد كبيرة‪‎‬‬ ‫من التجار العرب واليونان والأفارقة والهنود ‪ "!.‬وغلبت على سكانها الثقافة اليونانية‪‎‬‬ ‫وتبدو أهمية الجزيرة في بعدها عن‪‎‬‬ ‫بسبب وجود جالية كبيرة بين سكانها من اليونان ‪' .‬‬ ‫الساحل العربي والإفريقي ‪ .‬مما هيأ لها تجنب الإضرابات والقلاقل السياسية التى كانت‪‎‬‬ ‫تتعرض لها موانىء عدن وشرق إفريقية والتى كانت تهدد التجار وتحباراتهم ‪ .‬كما كانت‪‎‬‬ ‫تعد مركزا" لاستراحة المسافرين والتجار والتزود بالمؤن والمياه ‪.‬‬ ‫هذا ‪ .‬وقد ارتبطت سوقطري بسلع افريقية مثل العنبر والصمغ والجلود وغير ذلك ‏‪٠‬‬ ‫(‪ )١‬أبموخرمة ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٢٦‎‬‬ ‫(‪ )٢‬اليعقوبي ‪ .‬البلدان ‪ .‬ص‪. ٨٠ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬المقدسي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٩! ‎‬‬ ‫ا‬ ‫‏(‪ )٤‬ترجمة لاسم السنسكريتي الهندي القديم وهو ‪7 :‬‬ ‫انظر ‪ :‬حوراني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ٦١٢‬‬ ‫(‪ )٥‬المسعودي ‪ .‬مروج الذهب ‪.‬ج!‪. ٢‬ص‪. ٢١٩١ ‎‬‬ ‫‪. ١٠٠‬‬ ‫(‪ )٦‬حوراني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪١٤١‬‬ ‫كما ارتبطت بوجود سلع خاصة بها مثل المر والصمغ والصبر ("" ‪ .‬ويبدو أنها تدهورت منذ‬ ‫القرن الرابع الميلادي أثنا ه التغيرات السياسية والإقتصادية التى شهدتها منطقة جنوب‬ ‫الجزيرة العربية في تلك الفترة وتدهور تجارة البخور واللبان ‪ .‬وامتداد دولة اكسوم الحبشية‬ ‫‪ .‬حتى أصبحت فيما بعد مركزا للقرصنة على مستوى البحر الأحمر والمحيط الهندي ‪.‬‬ ‫حينما اتخذ منها القراضة الهنود مركزا لشن غارات علي سفن التجار في البحر والموانىء‬ ‫‪ .‬حتى اصبح التجار يتفادون المرور عليها او بالقرب منها ‪ .‬ويحرصون على الالتزام‬ ‫بالساحل الغربي ‪ .‬أو السواحل الإفريقية ‪ .‬حتى لايتعرضوا لاعتداءات القراضة ‪'".‬‬ ‫وهؤلاء كانوا ينتشرون في شمال المحيط الهندي منذ منطقة الديبل في غرب الهند ويكون‬ ‫انتشارهم انتشارا منظما على شكل قوارب سريعة تتباعد عن بعضها البعض بمسافات‬ ‫معينة على شكل دائرة تمتد لعدة أميال قد لاتنجو سفينة تجارية من تلك الدائرة في شمال‬ ‫المحيط الهندي في أغلب الأحيان ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬ظفار ‪ :‬أو ميناء سمهرام‬ ‫ميناء جنوب عمان ‪ .‬وهو أيضا إقليم واسع يمثل النمط الموسمى في جنوب الجزيرة‬ ‫العربية مع منطقة اليمن ("" ‪ .‬ظهرت أهمية تلك المنطقة منذ العصور القديمة بسبب شهرتها‬ ‫في إنتاج وتصدير اللبان والبخور وهى سلع هامة للعالم الوثني ‪ .‬وتدل الآثار على أهمية‬ ‫ميناء سمهرام القديم في منطقة ظفار في تجارة اللبان حيث مثل أهم السلع الإستراتيجية‬ ‫للعا لم ا لقديم ‏(‪ ٠ (٤‬وتصديره وتصدير سلع إفريقية هامة من خلال ارتبا ط أهل ظفار‬ ‫بالساحل الإفريقي منذ العصور القديمة وحتى العصور الحديثة ‪.‬‬ ‫واتضح دور أهل ظفار في تحبارة افريقية وا لعالم ‏‪ ١‬لقديم ‪ .‬حينما تدهورت أحرال‬ ‫المنطقة قبل الإسلام ‪ .‬وفرضت دولة أكسوم الحبشية سيطرتها على جنوب الجزيرة العربية ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬عبارة عن نبات مثل السوسن الأخضر ‪ .‬غير أن ورق الصبر أطول وأعرض وأسمك ‪ .‬وهو كثير الماء‬ ‫تستخدم عصارته للعلاج ‪ .‬وكان يتم جمعه وتجفيفه على جلود ثم تصديره ‪.‬‬ ‫انظر الحميري ‪ .‬الروض المعطار ‪ .‬ص ‏‪. ٣٢٨‬‬ ‫(‪ )٢‬حوراني ‪ .‬المرجع لسابق ‪ .‬ص‪. ٢٣٠ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬حميدة ‪ .‬آسيا الموسمية ‪ .‬ص‪. ٣٧٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬الغساني ‪ .‬ظفار أرض اللبان ‪ .‬ص‪ ١٢‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫‏‪ ١٤٢‬س‬ ‫فاستغلت وجود أهل ظفار في شرقيها لجلب تجارة الهند والصين إليها اا" ‪ .‬ثم تصدير‬ ‫تلك السلع إلى حلفائهم الرومان ‪ .‬كما أهتم الرومان منذ القرن الأول الميلادي بالارتباط‬ ‫بتجارة ظفار ‪ .‬حيث عقد الإمبراطور تراجان معاهدة صداقة مع حاكم ظفار ‪ . '"( .‬جنوب‬ ‫عمان واهتم بطرق البرية عبر الحجاز للوصول إليها ‪.‬‬ ‫ورغم الإكتشافات الهامة التى اكتشفت في المنطقة حديثا ‪ .‬فإنه قد تم إكتشاف‬ ‫مدينة إرم القديمة لقوم " عاد" في المنطقة ‪ .‬وتم الاستعانة يصور جوية من الأقمار‬ ‫الصناعية وأتضح منها أهمية تلك المنطقة في العصور التى سبقت التاريخ ‪ .‬ولم تبدأ بعد‬ ‫الحفريات لتلك المدينة الهامة التى يعلق الكثير الآمال حول كشف حقائق عن تاريخ المنطقة‬ ‫وحضارتها في التاريخ القديم والفترة التي سبقته ‪.‬‬ ‫(ا‪)٤‬‏ جزيرة مصيرة ‪:‬‬ ‫جزيرة أمام ساحل عمان الشرقي ‪ .‬كانت محطة هامة لسقن الخليج المتجهة من شمال‬ ‫المحيط الهندي إلى شرق إفريقية "' وكانت مركزا للتجار وتنقلاتهم بين موانى۔ سواحل‬ ‫عمان واليمن والهند وشرقي إفريقية ‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ )٥‬صور‪‎‬‬ ‫ميناء هام يقع على الساحل العماني عند منطقة رأس الحد ‪ .‬ارتبط أهل صور‪‎‬‬ ‫بالمهارة في ركوب البحر والوساطة التجارية بين سلع إفريقية من الذهب والعاج والجلود‪‎‬‬ ‫وغيرها وبين الهند التى كانت تحتاج بعض خامات إفريقية ‪ .‬وارتبط اهلها منذ القدم‪‎‬‬ ‫(‪ )١‬بدر الدين الصيني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٣٨‎‬‬ ‫(‪ )٢‬وردت في كتب التراث موضعين لاسم ظفار هما‪: ‎‬‬ ‫‪ -‬الأول في اليمن قرب صنعاء ‪ .‬وهى التى ينسب إليها ملوك حمير " من دخل ظفار حمر‪" ‎‬‬ ‫‪ -‬الثاني ‪ :‬في جنوب عمان ومازالت تسمى باسم ظفار وعاصمتها صلالة ‪ .‬وتقع خلفها رمال‪‎‬‬ ‫الأحقاف من صحراء الربع الخالى‪. ‎‬‬ ‫انظر ‪ :‬البكري ‪ .‬معجم مااستعجم ‪-.‬د! ‪ .‬ص‪. ٩٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬أشار ابن بطوطة إلى نشاط أهلها فى هذا المجال‪. ‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫الرحلة ‪ .‬ص‪. ٥٨٠ ‎‬‬ ‫‪_ ١٤٢‬‬ ‫بالمغامرة الوصول إلى موانىء بعيدة في شرق إفريقية ‪ .‬ويبدو أنهم وصلوا قبل غيرهم من‬ ‫عرب عمان إلى جزر القمر ومدغشقر ‪ .‬كما يذكر المغيري اسماء لجماعات من تجار صور‬ ‫وصلوا حتى مناطق بعيدة داخل إفريقية (" ‪ .‬ونظرا لنشاط هؤلاء التجار فقد أصبحوا‬ ‫أشبه بفينيقي البحر المتوسط ‪ .‬حتى يمكن تسميتهم بفينيقي المحيط الهندي ‪.‬‬ ‫ومازالت الدراسات تؤكد وجود صلة قدية بين أهل صور وبين الفينيقيين إذيحتمل‬ ‫أن يكون الفنينقين هجرة سامية من منطقة جنوب الجزيرة العربية ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٦‬ميناء صحار‪:‬‬ ‫ظهرت أهمية الميناء العماني منذ إنشائه على يد الفرس في القرن الثالث الميلادي‬ ‫ليصبح أشهر ميناء في تاريخ الخليج العربي ‪ .‬ذلك لأن الفرس أدركوا حاجتهم إلى ميناء‬ ‫يصلهم مباشرة بسواحل إفريقية وجنوب الجزيرة العربية ‪ .‬يمكن ان يستفيدوا من خلاله من‬ ‫خبرة أهل عمان في الملاحة ومعرفة نواحي إفريقية والهند وغيرها ("" ‪ .‬ومن أجل تحصين‬ ‫هذا الموقع بن الفرس مركزا عسكريا يسمى " دستجرد " (" ويبدو أنه كان لحماية الميناء‬ ‫من القبائل المجاورة وحماية حركة التجارة فيه ‏(‪. '٨‬‬ ‫وقد خدمت الظروف الطبيعة الميناء من حيث وجوده في أخصب منطقة في عمان‬ ‫زراعيا وهى منطقة الباطنة واتصاله المباشر بمناطق الظاهرة عبر أودية عديدة ‪ .‬الأمر الذي‬ ‫جعل الميناء يستقبل أعدادا هائلة من التجار وتجاراتهم لتوفر خدمات التجار فيه واتساعه‬ ‫فأصبح بحق أعمر مكان بالشرق وخزانة الهند والصين ‪ .‬وأصبح هذا الميناء منطلقا لسفن‬ ‫المنطقة المتجهة الى شرق أفريقيا ‪ .‬وكثيرا ماكانت السفن تحمل منة سلع أفريقية المكدسة‬ ‫به بدلا من ان تتحمل مشاق الرحلة الى أفريقية ‪ .‬وبلغ أوج إزدهارة في القرن الرابع‬ ‫المجري في العصر العباسي‪.‬‬ ‫(‪ )١‬جهينة الأخبار ‪ .‬ص‪. ٢٠ ‎‬‬ ‫‪ ٥‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫ويلكنسون‪ ٠ ‎‬صحار تاريخ وحضارة‪‎‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫(‪ )٣‬ويلكنسون ‪ .‬المرجع السابق‪. ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬حيث كانت المنطقة تشهد سراعا بين النفوذ الفارسي المتزايد في العصر الساساني على السواحل‬ ‫العربية ‪ .‬وظلت تلك ا لأوضاع حتى ظهور الإسلام ‪.‬‬ ‫‏‪ ١٤٤‬س‬ ‫(‪ )٧١‬ميناء التيز ‪ ( :‬ميناء إقليم مكران‪) ‎‬‬ ‫ميناء يقع على ساحل مكران المطل على ساحل بحر العرب ارتبط هو الأخر بتجارة‬ ‫المحيط الهندي وافريقية ‪ .‬حيث يمثل واجهة مكران ومنطقة بلوشستان على المحيط‬ ‫الهنديأ'" ‪ .‬ومنفذا" لدخول السلع الإفريقية إلى تلك النواحي ‪ .‬وأصبح هذا الميناء ميناء‬ ‫مكران الأساسي (""‪ .‬لاستيراد سلع المحيط الهندي ‪ .‬وقام التجار المرب بدور كبير في‬ ‫حركة هذا الميناء التجاري في العصور القديمة ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٨‬الد يبل ‪ ( :‬ميناء السند)‬ ‫ميناء هام على دلتا نهر السند عند مصبة في بحر العرب ("" ‪ .‬أصبح منفذا لتجارة‬ ‫إقليم السند الزراعي الغني بزراعته ‪ .‬ونظرا لخبرة العرب بهذا الميناء فقد حملوا سلع‬ ‫إفريقية ‪ .‬واستقرت فية جاليات‪ .‬عربية كثيرة قبل الإسلام ‪ .‬حتى أصبح كلام سكانة‬ ‫(سندي عربي ) وهي اللغة التي عرفت بالأوردية ‪ .‬فيما بعد ‪ .‬ويذلك وصلت سلع إفريقية‬ ‫إلى السند عبر ميناء الديبل ‪.‬‬ ‫لكن هذا الميناء تأثر بنشاط جماعات القراصنة الذين يعرفون باسم (الميد) حيث كان‬ ‫مركزهم في المياة التي تقع بالقرب منة في مثلث جوجيرات ( ‪ .‬وقد أرسلت الحكومة‬ ‫الساسانية حملاتها المستمرة ضد هؤاد ه القراصنة واستمر‪ .‬هذا الوضع في العصر الإسلامي‬ ‫حيث كانت حملة الحجاج بن يوسف الثقفي لفتح السند ‪ .‬والتي قادها محمد بن القاسم‬ ‫الثقفي سنة ‪٩٢‬ه‏ هدفها الأول القضاء على القراصنة في تلك النواحي وتأمين حركة‬ ‫السفن التجارية في بحر العرب ‪ .‬ولم تيهر الملاحة العربية في العصور الوسطى إلا بعدتلك‬ ‫الحملة التي وضعت حدا للقرصنة ‪.‬‬ ‫كما وجدت مواني على ساحل الهند الغربي ارتبطت هي الأخرى بحركة التجارة‬ ‫‏(‪ )١‬مجهول ‪ .‬مخطوط في علوم البحار ‪ .‬قم ‏‪ ٢٥١٦١‬عام ‪٣٨ /‬ك‏ خاص ‪ .‬ورقة ‏‪ .٤٧‬المديرية العامة‬ ‫للوثائق والمخطوطات ‪ .‬وزارة التراث القومي والثقافة ‪ .‬سلطنة عمان ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬المقدسي ‪ .‬أحسن التقاسيم ‪ .‬ص‪. ٣٦١٠ ‎‬‬ ‫)( يقع بالقرب من ميناء كراتشي الباكستاني حاليا ‪.‬‬ ‫() شوقي ‪ .‬تبارة الحيط الهندي ‪ .‬ص ‏‪. ١٨٩١‬‬ ‫_‬ ‫‪١٤٥‬‬ ‫والسلع الإفريقية منها ‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫موا ني ‏‪ ٠‬جوجيرا ت‬ ‫وهي ‪ .:‬بروح ( بروحي ) ى تانة ( بومباى حاليا" ) ديو ‪ .‬سفالة الهند ‪ .‬سندان ‪.‬‬ ‫سومنات ‪ .‬حيمور ‪ .‬كمباى ‪ .‬كمكم ‪.‬‬ ‫موانيء ساحل مليبار ‪:‬‬ ‫‪ .‬صندا بور ‏‪٠‬‬ ‫شا ليات‬ ‫‏‪ ٠‬تريفندوم ‪ .‬سندا بور ‏‪ ٠‬سيل‬ ‫‪ :‬ألبي ‏‪ ٠‬بونا ى‬ ‫وهى‬ ‫‏‪ ٠‬منجرور ‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬كنوز ‏‪ ٠‬كيسن ‪ .‬هيلي ‪ .‬كوشن ‏‪ ٠‬سوا رت‬ ‫كا ليكوت‬ ‫وقد ساهم العرب بدورهم الكبير في حركة النقل والإتصال بين تلك المواني ‪ .‬وبين‬ ‫ساحل إفريقية الشرقي ‪ .‬فكانت سلع الهند وصناعتها تصل إلى شرق أفريقية على ظهر‬ ‫السفن العربية وتعود تلك السفن محملة بسلع إفريقية وموادها الخام ‪ .‬وقد حقق المرب‬ ‫من تلك الوساطة أرباحا طائلة جعلنهم يتجهون بكل نشاطهم الى البحر بعيدا عن قسوة‬ ‫بلادهم ‪ .‬وقد عبر عن ذلك شاعر معاصر من الخليج (" ‪:‬‬ ‫أواه ياأرض الحرائق والسموم‬ ‫البحر أحنى من صفافك والشراع ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬أنظر أبو العلا ‪ .‬جغرافية الخليج العربي ‪ .‬ص‪. ٢٢٠ : ‎‬‬ ‫‪_ ١٤٦‬‬ ‫لذلةمسنتال ( [كقاانة‬ ‫إشررختي فبي التكحبر القصي‬ ‫‪- ١٤٧ -‬‬ ‫(‪()١‬‬ ‫العرب وافربقية‪‎‬‬ ‫الصلات بين منطقة شبه الجزيرة المربية وبين القارة الإفذريقية صلات قدمة‬ ‫ووثيقة‪ ".‬ومن الصعب تحديد بداية لها‪ .‬ذلك أن منطقة شبه الجزيرة العربية كانت تشكل‬ ‫جزء من قارة جندوانا القديمة التي شكلت إفريقية فيما بعد‪ .‬ثم انفصلت عنها بظهور‬ ‫أخدود البحر الأحمر‪ .‬الذي يمتد داخل القارة الإفريقية حتى الوقت الحاضر‪ .‬ومازالتْ‬ ‫الظواهر الجغرافية على الساحلين الشرقي (العربي) والغربي (الإفريقي) للبحر الأحمر‬ ‫متشابهة تماما ("'‪ .‬وأصبحت بذلك الشعوب التي ظهرت في الدرع العربي (شبه الجزيرة‬ ‫العربية) مرتبطة بالقارة الإقريقية"'‪.‬‬ ‫ورغم تفير الظروف في منطقة شبه الجزيرة العربية وحلول الجفاف بها‪ .‬وقيام ‪,‬‬ ‫الجماعات السامية التي سكنتها بالتحرك في كل صوب للبحث عن مواطن جديدة للعيش‬ ‫والإستقرار‪ .‬فمنها ما اتجه صوب سواحلها المطلة على الخليج العربي ومارس أنشطة جديدة‬ ‫بجانب الزراعة والرعي مثل الملاحة‪ .‬ومنها ما اتجه شمالأ صوب بلاد الشام وأقام فترة‬ ‫على حدود مالكها‪ .‬ثم دخلها في فترات ضعف تلك الممالك‪ .‬ومنها ما اتجه إلى بلاد‬ ‫الرافدين‪ .‬الأمر الذي أزعج حكام سومر وبابل وأكاد وآشور‪ .‬مما حدى للبعض منهم إلى‬ ‫إنشاء تحصينات عسكرية على حدوده الجنوبية الغربية مع الصحراء العربية لحمايته من‬ ‫غارات القبائل العربية‪ .‬ومنهم من أرسل حملات ضد مراكز تلك القبائل في شمال شبه‬ ‫الجزيرة العربية ‏(‪.'٨‬‬ ‫حتى بدأ العصر الفارسي الساساني في بلاد الرافدين وظهرت فيه إجراءات شديدة‬ ‫ضد غرو القبائل العربية‪ .‬فقد قام سابور بحفر خندق طويل يمتد من كاظمة حتى هيث على‬ ‫طول الصحراء ليمنع القبائل العربية من الإغارة المستمرة على القرى الجنوبية‪ .‬وقد سمى‬ ‫‏(‪ )١‬قلعجي ‪ .‬الخليج العربي ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٦٧‬‬ ‫‏(‪ )٢‬متولي ‪.‬وأبو العلا ‪ .‬جغرافية الخليج العربي ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ١٧٢‬‬ ‫; ‪,‬ح‬ ‫ح‬ ‫‪ : ,19‬م ‪,‬‬ ‫‪, .1973‬‬ ‫‏)‪(٣‬‬ ‫; ‪,‬‬ ‫| ‪0‬م‬ ‫‪,‬‬ ‫‪: ,67‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏(‪(٤‬‬ ‫‪١٤٨‬‬ ‫هذا الخندق باسمه خندق سابور (ا'‪ .‬كما قام سابور بإرسال حملات تأديبية ضد قبائل‬ ‫البحري‬ ‫ن فنكل بهم ودمر مياههم وثقب أكتاف الأسري منهم ‏‪ ٠‬حتى سمى باسم « سابور ذي‬ ‫الأكتاف» ("'‪.‬‬ ‫وأنشأ الفرس إمارة عربية على حدودهم مع شبه الجزيرة العربية هى إمارة‬ ‫الحيرة كنقطة مراقبة لأوضاع الصحرا ء العربية‪.‬‬ ‫ورغم ذلك ظهرت الجماعات السامية في بلاد الرافدين وأسست لها كيانات منذ‬ ‫القدم‪ .‬وجعلت من منطقة الشام والعراق مناطق ذات دماء سامية عبر المصور‬ ‫التاريخية!"'‪ .‬وقد ظهرت نتائج ذلك بصورة واضحة في انسياب الجيوش العربية‬ ‫الإسلامية في تلك المناطق بعد هزيمته جيوش الفرس أو الرومان‪ .‬وسماهم العرب باسم‬ ‫« أبناء العمومة»‪.‬‬ ‫من هنا أصبحت افريقية هى المجال الحيوي للجماعات السامية خاصة العربية منها‬ ‫للأسباب التالية ‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬۔ عدم وجود حكومات مركزية قوية على الحدود الافريقية الآسيوية باستثناء‬ ‫حكومة مصر‪ .‬والتي كانت تتركز في الوادي والدلتا للنيل وتبتعد عن نقطة‬ ‫الإتصال عبر البحر الأحمر أو شبه جزيرة سيناء‪ .‬مما أعطى مجالا لتلك‬ ‫الجماعات للزحف جنوب مصر من سيناء أو البحر الأحمر ثم التمركز في‬ ‫الصحراء الشرقية حتى إذا آنسوا من أنفسهم قوة ومن المصريين ضعفا تسللوا‬ ‫إلى داخل البلاد"‪ .‬حتى سادوا مناطق في شرق مصر قبل عمليات الفتح‬ ‫الإسلامي‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬۔ الظروف الطبيعية القاسية التي كانت تتعرض لها مناطق جنوب الشام وشبه‬ ‫الجزيرة العربية في الوقت نفسه تمتعت منطقة وادي النيل باستقرار نسبي في‬ ‫((‪ )١‬قلعجي ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٦٢٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬قلعجي ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٦١٩١ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬البدر ‪ .‬سليمان ‪ .‬منطقة الخليج العربي خلال الألفين الثاني والأول ق‪.‬م ‪ .‬ص‪. ٦٤ : ‎‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪0‬‬ ‫م‪‎‬‬ ‫‪,‬م‬ ‫‪: .761‬‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫(‪ )٥‬فخري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪١٢١ : ‎‬‬ ‫‪_ ١٤٩‬‬ ‫مجال الزراعة والتحكم في إنتاج الغذاء‪ .‬مما جعل الجماعات السامية ترتبط‬ ‫بها وتسعى للاقامة على أرضها ('‪.‬‬ ‫‏‪ ٣‬۔ تعتبر اليمن الموطن الأصلي للشعوب العربية‪ .‬وقد تمكن العرب بها بعد فترة‬ ‫الجفاف التي سادت شبه الجزيرة العربية‪ .‬من تنظيم مصادر المياه والتحكم نيها‬ ‫من خلال ما ارتبطوا به من تشييد السدود كسد مأرب ("'‪ .‬لكن وقعت تفيرات‬ ‫في تلك النظم منذ الألف الثاني ق‪ .‬م جعلت الشعوب العربية تفكر هى الأخرى‬ ‫في الرحيل والبحث عن أوطان جديدة للاستقرار ‪ .‬وبحكم الموقع الجغرافي‬ ‫أصبحت القارة الإفريقية هى المتنفس الهام لتلك الجماعات عبر البحر الأحمر أو‬ ‫(‪ )١‬أحمد ‪ .‬خليفة ‪ .‬دراسات في تاريخ وحضارة الشعوب السامية ‪ .‬ص‪. ١٩١ : ‎‬‬ ‫‪ .‬في كتابه الكريم " © لقد كان لسبأ في مسكنهم آبة جنتان عنه مين وشمال كلوا‬ ‫لى‬ ‫عالاالله‬ ‫‏(‪)٢‬ق‬ ‫ت‬ ‫من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ©‪ .‬فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم‬ ‫بجنتيهم جنتين ذواتى أكل خمط وأنل وشيء من سدر قليل © ذلك جزيناهم ببا كفروا وهل بازي‬ ‫لسورة سبا ‪ :‬‏‪. )!١- ١٥‬‬ ‫إالالكفور ©"‬ ‫تعد قصة دمار سد مأرب من أكثر المواضيع التي تناولها المفسرون والباحثون والأثربون في‬ ‫تاريخ العرب القديم ‪ .‬ونسبوا أسباب عديدة إلى أسباب خراب السد يصل بعضها إلى حد الأسطورة‬ ‫‪ .‬وتدل معظمها على أنه سبب الخراب جاء من الفثران التي أتت على حجارة السد فايلنهابة ‪.‬‬ ‫وإذا حاولنا دراسة هندسة البناء وأهميته ‪ .‬فإننا نجد أن إنشاء السد كان ضرورة منطقة تتلقى‬ ‫كميات كبيرة من الأمطار الموسمية ‪ .‬تقع في شرق اليمن ‪ .‬وتسير سيولها إلى منطقة قرب مارب‬ ‫حيث تدخل بين الجبال في مخوات تعرف باسم جبل بلق ‪ .‬ويعرف الوادي النهاني الذي تصب فيه‬ ‫السيول قبل الفتحة باسم وادي ذنة ‪ .‬وجبل بلق ‪ .‬ذو صخور بركانية وارتفاعه ‪٣٠٠‬م‏ ومتوسط‬ ‫الفتحة حوالي ‪٢٣٠‬م‏ ‪ .‬من هنا إختار أهل سبأ هذا الموقع لبناء السد فبنوا جدارا قويأ أمام الوادي‬ ‫لوقفه ‪ .‬وبنوا جدران قوية جعلوا لها فتحات متعددة يخرج منها الماء لكل تناة تسير لرى ناحية‬ ‫معينة ‪ .‬وكان هذا السد يحقق أهداف منها ‪:‬‬ ‫‏‪ - ٢‬تخزين المياه أمام السد ‪.‬‬ ‫‏‪ - ١‬السيطرة على مياه السيول الفزيرة ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬تأمين رى منطقة مأرب الجافة وذات الأرض المرتفعة ‪.‬‬ ‫ويبدو أن السد قد تعرض للانهيار أكثر من مرة حتى كانت آخر محادلة لإصلاحه ‏‪ ٥٤٢‬م زمن‬ ‫يه وسلم ‪.‬‬ ‫للله‬ ‫عى ا‬‫أبرهة الحبشي ‪ .‬كما كان سيل العرم قبيل ميلاد الرسول ‪ .‬صل‬ ‫‪_ ١٠٥ .‬‬ ‫عبر باب المندبا خاصة بعد انهيار سد مأرب ‪.‬‬ ‫لقد حفلت أخبار العصور القديمة بتعرض أوطان الساميين إلى فترات عديدة من‬ ‫الجفاف والجدب‪ .‬مما اضطرهم إلى الخروج من تل كك الأوضاع والتوجه صوب وادي النيل في‬ ‫إفريقية‪ .‬في أغلب الأحيان‪.‬بل أن هجوم المكسوس('' الكاسح على مصر كان ‪ .‬من‬ ‫أوضاع اقتصادية متردية ة أصابت غرب آسيا في القرن الثامن عشر ق‪ .‬م‪ . .‬ويلفت قمة‬ ‫الأوضاع المتردية منطقة شبه الجزيرة المربية في المصور القديمة في القرن السادس ق‪.‬م‪.‬‬ ‫حيثبدأت جماعات عربيةوسامية أخرى في التوجه صوب إفريقية للاستقرار بها‪.‬‬ ‫ومن دراستنا لمعابر عبور الجماعات العربية إلى قارة افريقية قبيل الإسلام‪ .‬وفي‬ ‫‪:‬‬ ‫يمكننا تحديدها‬ ‫صلر الاسلام‪.‬‬ ‫المعبر الأول ‪ :‬سيستاء ‪:‬‬ ‫حيث كانت أهم المعاير وأنشطها عبر عصور التاريخ‪ .‬بحيث كانت عمليات الفتح‬ ‫الاسلامي لشمال القارة عبر هذا المنفذ وحده‪ .‬وبحكم ارتباط سيناء بشبه الجزيرة العربية‬ ‫في ظروفها الجغرافية وأوضاعها القبلية واتصالها البري المباشر مع غرب آسيا وشبه‬ ‫الجزيرة العربية بالإضافة إلى استواء سطحها ووجود الكثبان الرملية التي تحتفظ بكميات‬ ‫كبيرة من المياه الجوفية ا"‪ .‬كل هذه العوامل جعلت من سيناء معبر العرب الأساسي إلى‬ ‫إفريقية‪.‬‬ ‫وشهدت سيناء استقرار جماعات عربية وسامية فيها قبل الإسلام"'‪ .‬كما عبرتها‬ ‫قبائل عربية في طريقها إلى مصر‪ .‬فقد استقرت قبائل قضاعة في صحراء مصر الشرقية‪.‬‬ ‫واستقرت جماعات من الأزد في مصر أيضا بعد عمليات انهيار سد مأربس ونزل بها‬ ‫جماعة من العباسية ("" بحيث أن جيش عمرو بن العاصي لم يجد مقاومة وهو في طريقة‬ ‫(‪ )١‬ظل حكمهم محصورا في شمال محصرو ‪.‬الى قرن ونصف حتى طردهم أحمس الأول‪. ‎‬‬ ‫فخري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٤٢ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬شقير ‪ .‬نقوم ‪ .‬تاريخ سيناء ‪ .‬ص‪. ٤٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬التوراة ‪ .‬سفن التكوين ‪ .‬الإصحاح الثاني عشر‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬ابن عبدا لحكيم ‪ .‬نتوح مصر والمغرب ‪ .‬ص‪ ١٤ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫س‬ ‫‏‪١٥٠١‬‬ ‫إلى العاصمة عبر سيناء‪ .‬إذ كانت قواته تتحرك وسط قبائل عربية في غالبيتها‪ .‬وبمجرد‬ ‫فتح مصر سنة ‪٢١‬ه‏ تدفقت تلك القبائل نحو الفسطاط ودلتا مصر وصعيدها ("‪ .‬فقد‬ ‫نزل بالفسطاط في السنوات الأولى للفتح حوالي أربعون ألفا‪ .‬بالإضافة إلى القبائل التي‬ ‫تحركت صوب الصعيد جنوبا‪ .‬أو التي انتشرت في قرى الدلتا ركفورها‪ .‬وفي‬ ‫الاسكندرية‪.‬‬ ‫وخلال القرنين الأول والثاني الهجريين أصبحت مصر أشبه بمستودع كبير للجماعات‬ ‫العربية التي بدأت في الانتشار في قارة إفريقية بفعل عوامل سياسية أو اقتصادية‪.‬‬ ‫بحيث أن عملية اختيار والي مصر شكل أهمية لدى الأمويين ثم العباسيين لما يمتلك من‬ ‫موارد بشرية هائلة من العرب بالإضافة إلى الإمكانيات الإقتصادية‪ .‬واستمرت عمليات‬ ‫تدفق القبائل العربية على مصر حتى القرن الخامس الهجري‪ /‬الحادي عشر الميلادي‪ .‬حيث‬ ‫تحولت لغة وثقافة مصر إلى العربية رغم عراقتها وجذورها العميقة‪ .‬وإن كانت الثقافة‬ ‫المصرية قد ظلت واضحة المعالم في الثقافة العربية الجديدة‪.‬‬ ‫وبعد تمكن الوجود العربي من مصر باعتبارها بوابة إفريقية الرئيسية‪ .‬بدأ يتطلع‬ ‫صوب الغرب ‪ .‬وقد حدث ذلك بعد الفتح مباشرة‪ .‬بل أن بطل الفتح نفسه وهو عمرو بن‬ ‫العاص قد تحرك بقواته صوب الغرب واخترق برقة وطرابلس (""‪ .‬لكنه عاد بسبب أوضاع‬ ‫مصر‪.'"١‬‏ وفي خلافة عثمان بن عفان‪ .‬بدأ الاستعداد لإرسال حملة‪ .‬هي الأولى من نوعها‬ ‫لفتح افريقية‪ .‬وقد ضمت تلك الجلة في معظمها أصحاب رسول الله‪ .‬صلي الله عليه‬ ‫وسلم‪ .‬وسميت بجيش إفريقية‪ .‬وبلغ عدد هذا الجيش عشرون الفا‪ .‬وتمكن هذا الجيش من‬ ‫تحقيق تقدم جديد على جيهة إفريقية الشمالية‪ .‬فقد ثم هزيمة الروم في معركة سبيطله (""‪.‬‬ ‫لكن أحداث الفتنة التي شملت العالم الإسلامي أدت إلى انسحاب الجيش إلى مصر‪ .‬وهى‬ ‫الفتنة التي وقعت منذ السنوات الأخيرة للخليفة عثمان بن عفان وانتهت بمقتله‪ .‬واستمرت‬ ‫أحدالهف حتى في خلافه الإمام على بن أبي طالب‪ .‬حيث استمرت سيون المسلمين ضد‬ ‫بعضها البعض حتى ‪ .‬‏‪.٤‬‬ ‫(‪ )١‬ابن عبد الحكيم ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢١٧ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن عبد الحكبہ ‪ .‬فتوح مصر ‪ .‬ص‪. ١٩١٤ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬محمود ‪ .‬حن ‪ .‬الوإسالالمثقافة العربية في إفربقبة ‪ .‬ص‪. ٨٦١ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬مؤنس ‪ .‬فتح الع‪ ,‬للمغرب ‪ .‬ص‪. ٨٧ . ٨٦ : ‎‬‬ ‫‪١٤٢‬‬ ‫ومن أجل إزالة المرارة من نفوس العرب من جراء الطريقة التي وصل بها الأمويون‬ ‫إلى الخلافة‪ .‬ومن أجل استغلال طاقات العرب الحربية في الفتح والجهاد بدلا من الفتنة‬ ‫سارع معاوية إلى إرسال الجيوش لفتح افريقية بقيادة معاوية بن حديج (‪ .‬وأصبح‬ ‫للعرب خبرتهم بأرض إفريقية الشمالية ومسوا التعامل مع أهلها مباشرة‪ .‬فتمكن معاوية‬ ‫ابن حديج من التوغل في إفريقية حتى وصل حضرموت (سوسة) واقتحم حصونها‪ .‬ثم‬ ‫قفل راجعا إلى مصر محملا بالغنائم (""‪.‬‬ ‫واستمرت عمليات الزحف الإسلامي في العصر الأموي ثم التراجع صوب مصر على‬ ‫جهة شمال إفريقية مستمرة طيلة المصر السفياني‪ .‬حتى جاء إلى عمليات الاستقرار‬ ‫النهائي في شمال افريقية زمن عبد الملك بن مروان وابنه الوليد‪ .‬ويدأت لأول مرة إدخال‬ ‫جماعات بريرية في خدمة الجيوش الإسلامية كان لها دورها الهام في عمليات الفتح‬ ‫الإسلامي لأسبانيا سنة ‪٩٢‬ه‏ بقيادة طارق بن زياد‪ .‬وأخذت عمليات الإنصهار الكبيرة بين‬ ‫العرب والبربر‪ .‬كما أن الأعداد الكبيرة التي حملت من الجواري والغنائم البربرية إلى‬ ‫الشام‪ .‬كانت‪ .‬رغم مايحيط بها من تفسيرات‪ .‬هجرة قسرية إلى المنطقة العربية‪.‬‬ ‫المعبر الثاني ‪ :‬باب المندب ‪:‬‬ ‫احتل أهم المعابر العربية إلى القارة الافريقية‪ .‬قبل الإسلام‪ .‬ولم يتخل عن مكانته‬ ‫إلا حينما بدأت تتحرك الجيوش الإسلامية إلى داخل إفريقية الشمالية عبر مصر وسينا ‪..‬‬ ‫ذلك أن اليمن كانت مركز للجنس العربي في العصور القديمة (""‪ .‬وبفعل عامل القرب‬ ‫المكاني أصبحت الحبشة ومنطقة القرن الإفريقي هي أقرب المناطق المناسبة للاستقرار‬ ‫والخروج من الأوضاع المتردية التي بدأت منطقة اليمن تتعرض لها ‏(‪.'٨‬‬ ‫تمكت من‬ ‫» كوش » حيث‬ ‫المربية مستمرة عبر باب ا لمندب ! لى أرض‬ ‫ظلت الهجرات‬ ‫‏(‪ )١‬ابن تميم ‪ .‬أبو العرب ‪ .‬كتاب طبقات علما ‏‪ ٠‬إفريقية ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ .٢٦٠٢٥‬دار الكتاب اللبناني بيروت‪.‬‬ ‫بدون تا ريخ ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬جوليان ‪ .‬تاريخ إفريقية الشمالية ‪ .‬ج ‪ .‬ص‪. ١٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬قلعجي ‪ .‬الخلبج العربي ‪ .‬ص‪. ٤٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬بافقبة ‪ .‬تاريخ اليمن القديم ‪ .‬ص‪.١٦١ : ‎‬‬ ‫س‬ ‫‏‪١0٥٢٣‬‬ ‫وضع أساسس الحضارة الحبشية‪ .‬حتى ظهرت مملكة أكسوم التي بلفت درجة كبيرة على‬ ‫المستوى العالمي كممثلة للقبائل والجماعات الإفريقية حتى نهاية العصور القديمة ("‪ .‬ومنذ‬ ‫ذلك العهد لم تنقطع صلات المرب بالحبشة بل أن لفتهم وكتاباتهم ليست إلا الكتابة‬ ‫منتشرة في تلك الفترة‪ .‬ويبدو أن هناك صلات بين ملوك‬ ‫واللفة الحميرية التي كانت‬ ‫أكسوم الحبشية وبين اليمن‪ .‬فبمجرد ظهور أكسوم كقوة افريقية مدت سيطرتها مباشرة‬ ‫ألقاب هزلاء الملوك «ملكك أكسوم وحمير وريدان وسلحين'("'‬ ‫على اليمن‪ .‬وأصبحت‬ ‫ورغم تحول الأحباش إلى المسيحية وتعصبهم لها‪ .‬إلا أن أبناء عمومتهم في اليمن‬ ‫ظلوا على عبادة القمر والشمس والكواكب الأخرى‪ .‬ونشطت بيزنطة فإيرسال مبشرين‬ ‫لنشر المسيحية من أجل تدعيم نفوذها السياسي والاقتصادي في اليمن وجنوب الجزيرة‬ ‫العربية‪ .‬وفي منتصف القرن الرابع الميلادي كانت هناك في عدن كنيسة‪ .‬وفي أرض حمير‬ ‫كنيستان‪.‬لكن ظلت منطقة نبران على وثنيتها إلى آخر القرن الخامس الميلادي ولبمنج‬ ‫‪ .‬إلا راهب سوري اسمه « فميون»‪ .‬ولذلك تصادمت الديانتان اليهودية‬ ‫بالتبشير بها‬ ‫والمسيحية على أرض اليمن‪ .‬خاصة نجران‪ .‬حينما تهوّد الملك الحميري «ذو نواس» وأعلن‬ ‫الحرب والإضطهاد على المسيحيين‪ .‬حتى وقعت مذبحة الأخدود سنة ‪٥٣٣‬م‏ ("'‪.‬‬ ‫واهتم الروم والأحباش بأحداث اليمن في تلك الفترة فأرسل الإمبراطور جستينان‬ ‫إلى النجاشي جيشأ لمساعدة مسيحي اليمن قوامه ‏‪ ٧٠ .٠٠٠‬مقاتل‪ .‬وبعد حرب دامت‬ ‫عامين‪ .‬وجد ذو نواس أنه لا أمل ل في التفلب على أعدائه ففضل الانتحار والفرق ني‬ ‫‏(‪ ,'٨‬وأصبح للأحباش ‏‪ ٠‬زمن أبرهة‪ .‬اليد الطولي‬ ‫البحر‪ .‬حينما ألقى نفسه فيه مع جواده‬ ‫‏‪ ٥٤٣‬م ‏‪ ٠‬وبنيت‬ ‫في ‏‪ ١‬ليمن جميعها فبدأ ت خطط حبشية لاصلاح وترميم سد مآرب سنة‬ ‫(‪ )١‬فخري ‪ .‬دراسات في تاريخ الشرق القديم ‪ .‬ص‪. ١٤٢ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬جواد علي ‪ .‬المفصل ني تاريخ العرب قبل الإسلام ‪ .‬ص‪ ٤٤٩ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬ورد ذكرها في القرآن الكريم‪: ‎‬‬ ‫"والسماء ذات البروج © واليوم الموعود © وشاهد ومشهرد © قتل أصحاب الأخدود © النار ذات‪‎‬‬ ‫الوقود © إذ هم علبها قعود © وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود © ورما نقموا منهم إلا أن‪‎‬‬ ‫‪)٨-١‬‬ ‫(سورة البروج‪: ‎‬‬ ‫يزمنوا بالله المزبز الحميد © "‬ ‫(‪ )٤‬جواد علي ‪ .‬المرجع السابق‪. ‎‬‬ ‫‪١٥٤‬‬ ‫كنيسة كبيرة في صنعاء عرفت عند العرب باسم «القليس!'» بالغ الأحباش في عمارتها‬ ‫وزخرفتها لجذب أنظار القبانل العربية إلى المسيحية‪.‬‬ ‫ومهما يكن من أمر فقد أصبحت منطقة اليمن والحبشة أهم مناطق الصراعات‬ ‫الدولية قبل الإسلام وامتد هذا الإهتمام إلى الحجاز أيضا‪ .‬ذلك أن الرومان ركزوا‬ ‫سياستهم على تلك المناطق للوصول إلى خيرات وتبارات المحيط الهندي‪ .‬بعد أن فشلت‬ ‫حملتهم في القرن الأول ق‪.‬م‪ .‬وبعد السياسات التي وضعها الإمبراطور تراجان‪ .‬من أجل‬ ‫الاهتمام بتجارة ظفار واليمن والحجاز لضمان وصول تجارة المحيط الهندي برأ وبحر إلى‬ ‫البحر المتوسط""'‪ .‬وكان الأحباش بالفعل أداة لتنفيذ تلك السياسة في المنطقة‪ .‬ولم يعكر‬ ‫صفو هذا التحالف الروماني الحبشي على ارض اليمن‪ ..‬إلا حينما لجا سيف بن ذي يزن‬ ‫إلى الفرس لتخليص بلاده من الأحباش‪ .‬وعلى أرض اليمن بدأت مرحلة جديدة من‬ ‫الصراعات الدولية حتى ظهور الإسلام‪ .‬فتغيرت الأوضاع من جديد‪.‬‬ ‫ومن جهة ثانية امتدت العلاقات العربية واليمنية إلى الفراعنة أيضا عبر البحر‬ ‫الأحمر وعبر سواحل غرب البحر الأحمر‪ .‬كامتداد لأوضاع الحبشة والمنطقة‪ .‬حيث استخدم‬ ‫اليمنيون والعرب الطرق الموصلة بين البحر الأحمر والنيل ومنها طريق وادي الحمامات‬ ‫للتوجة شمالا إلى دلتا النيل‪ .‬ويبدو أن هناك تأثيرا عقانديا ظهر في العقائد الفرعونية‬ ‫من عرب جنوب الجزيرة العربية‪ .‬ذلك أن الإله حورس‪ .‬كان رمزا اتخذته إحدى القبائل‬ ‫كمعبود لها على هيئة الصقر وأنه جاء مع المهاجرين إلى مصر في الألف الثالث ق‪.‬م‪.‬‬ ‫ووصف ني نصوص الأهرام بكلمات تحمل معنى الشرق""‪ .‬ولذلك فإن هناك إشارات عن‬ ‫موطنة الأصلي في بلاد بونت التي توجد عند جنوب البحر الأحمر‪ .‬كما ان اسمه حورس‬ ‫في اللفة العربية مع نفس أرصاف الصقر‪ .‬وقد أوردها في مادة «حر» (“اويتضح أن‬ ‫العرب قد حملوا معهم إلههم حورس إلى الشمال الشرقي لافريقية عبر ساحل البحر الأحمر‬ ‫وارتيريا وهى مناطق كانت تابعة لنفوذ الحضارة الفرعونية‪.‬‬ ‫(‪ )١‬أصلها "أكليسا" بمعنى كنيسة ‪ .‬ثم صرفها العرب إلى القليس‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬حوراني ‪ .‬العرب والملاحة في المحيط الهندي ‪ .‬ص‪. ٧٢ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬فخري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٣٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬الدمبري ‪ .‬كمال الدين ‪ .‬حياة الحيوان الكبرى ‪ .‬مادة حر ‪ .‬مادة صقر‪. ‎‬‬ ‫‪١0٥٥‬‬ ‫س‪‎‬‬ ‫ويذلك أصبحت منطقة القرن الإفريقي وأرتيريا وساحل البحر الأحمر الافريقي ذات‬ ‫ودماء عربية منذ العصور القديمة‪ .‬رغم امتداد الهيمنة السياسية والعسكرية‬ ‫خصائص‬ ‫على اليمن وجنوب الجزيرة العربية‪ .‬حتى فرص العرب نمط حياتهم وحضارتهم‬ ‫للأحباش‬ ‫المناطق("‪ .‬من خلال استمرار تدفق الجماعات العربية إلى تلك المناطق الإفريقية‬ ‫على تلك‬ ‫ومن منطقة ظفار في جنوب عمان‪.‬‬ ‫من اليمن‬ ‫وتؤكد الدراسات الإفريقية الحديثة‪ .‬على أن العرب‪ .‬خاصة القحطانية منهم‪ .‬هم‬ ‫الذين مونوا السواحل الإفريقية الشرقية بالعناصر الحضارية التي ساهمت في تطوير القارة‬ ‫الإفريقية منذ البداية‪ .‬من خلال هجراتهم واختلاطهم بالسكان الأفارقة‪ .‬رغم ممارضات‬ ‫القوى القديمة من البطالمة والرومان أ"‪ .‬وامتد هذا التأثير غربا عبر وادي النيل إلى منطقة‬ ‫بحيرة تشاد‪ .‬كما ساهم أهل الحجاز في تنشيط المراكز الإفريقية المواجهة لهم ني ساحل‬ ‫البحر الأحمر وأدوليس‪ .‬حيث كانت حركة ميناء الشعيبة والجار من أنشط موانئ وسط‬ ‫البحر الأحمر للتجارة الإفريقية‪ .‬الأمر الذي أظهر أهمية العلاقات العربية الإفريقية القديمة‬ ‫في دعم انتشار الإسلام ومساندته‪ .‬وكانت عمليات الهجرة الأولى من المسلمين إلى‬ ‫الحبشة حينما اشتد أذي قريش تحمل في مضمونها الكثير من متانة العلاقات العربية‬ ‫الإفريقية قبل الإسلام‪ .‬ومدي مايكنه الأفارفة من تقدير واحترام للعرب‪ .‬رغم وجود‬ ‫علاقات عربية وثيقة مع أمم أخرى من فرس وغيرهم‪ .‬الأمر الذي يدل على أن الدور‬ ‫الحضاري العربي في إفريقية قبل الإسلام كان دورا ايجابيا ومقدرأ من قبل الأفارفة "'‪.‬‬ ‫حتى أن تلك العلاقات كتب لها الاستمرارية والدوام طوال فترات تاريخية طويلة‪ .‬ولم‬ ‫يعسكر صفوها إلا حينما وصلت الأطماع الفربية حديثا إلى تلك الجهات‪.‬‬ ‫المعبر الثالث ‪ :‬سواحل افريقية الشرقية وجزرها ‪:‬‬ ‫اندمج العرب بصورة أوثق مع الأقارقة ني جيهة ثالثة من القارة ‪ .‬وهى منطقة‬ ‫الساحل الشرقي لإفريقية منذ العصور القديمة‪ .‬ذلك أن العرب تكونت لديهم معارف‬ ‫راسخة عن الملاحة البحرية في المحيط الهندي‪ .‬وامتلكوا ميزات هامة في هذا المضمار‬ ‫‪ :‬‏‪. ١٥١‬‬ ‫‏(‪ (١‬الفنيمي ‪ .‬حركة المد الإسلامي ‪ .‬ص‬ ‫‪ -‬بافقية ‪ .‬تاريخ اليمن القديم ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٢٢‬‬ ‫‏(‪ )٢‬جراد علي ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٤٥٩‬‬ ‫‪ :‬‏‪. ٧٢‬‬ ‫‏)‪ (٣‬مسمرودي ‪ .‬قضايا افريقية ‪ .‬ص‬ ‫س‬ ‫‏‪١٥٦‬‬ ‫بحكم رصيد خبرتهم وعلاقتهم مع إفريقية والهند‪ .‬ورغم توضيح المصادر اليونانية‬ ‫لأوضاع الملاحة في المحيط الهندي وشرقي إفريقية‪ .‬إلا أن العرب كانت لديهم معارفهم‬ ‫الأقدم في هذا المجال وكانوا يتوار ثونها ويخفونها عن الأمم الأخرى‪ .‬الأمر الذي يؤكد‬ ‫سيطرة العرب على الملاحة في المحيط الهندي قبل أن يصل هيبالوس كناا‪3‬مم¡‪٣‬‏ اليوناني‬ ‫‪.‬في ال ‪-‬ق۔رن ‪ .‬الإيأو!ل ۔ق‪.‬م (ا‪(١‬‏ ("‪.‬‬ ‫وكان للعرب لهم تجربتهم في بناء السفن بما يتلاءم مع رحلاتهم الطويلة التي ينطلق‬ ‫بها البحارة إلى الهند والصين وإلى جنوب سواحل افريقية الشرقية‪ .‬وهى السفن التي يشد‬ ‫ألواحها بليف أو خيوط من ليف ولا يدخل في تركيبها مسمار واحد‪ .‬واتضح أن تلك‬ ‫السفن لها القدرة على السير لمسافات طويلة في البحار المتلاطمة الأمواج دون أن تتفكك‬ ‫ألواحها أثناء رحلتها الطويلة‪ .‬وتسمى تلك السفن باسم « السفن المجلفطة»‪'"١‬‏ ويذلك فإن‬ ‫العرب كانت لهم رحلاتهم البحرية الطويلة إلى سواحل شرق إفريقية حتى سفالة الزنج "'‪.‬‬ ‫وكان لأهل عمان دورهم الكبير في هذا المضمار في العصور القديمة‪ .‬حيث اعتمد‬ ‫عليهم حكام بلاد الرافدين في جلب سلع افريقية إليهم‪ .‬واصبحت «سقن مجان » هي‬ ‫الوسيط الهام بين إفريقية وبين مناطق الشرق الأدنى وحضاراته‪ .‬كما كان لأهل عمان‬ ‫دورهم الكبير في تطوير فنون الملاحة في المحيط الهندي في العالم القديم‪ .‬من جراء‬ ‫رحلاتهم المستمرة إلى شرق إفريقية‪ .‬الأمر الذي يفسر لنا توجه هجراتهم وحكامهم إلى‬ ‫شرق إفريقية في صدر الإسلام‪ .‬بعد ذلك‪.‬‬ ‫وبحكم تلك الروابط العربية الإفريقية الوثيقة قبل الإسلام‪ .‬فقد حدثت هجرات‬ ‫(‪ )١‬حوراني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪ ٧١٠ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬هي السفن التي لا يدخل في تركيبها مسمار واحد ‪ .‬وتشد ألواحها إلى بعضها البعض بخيوط من‬ ‫ليف من ثقوب بتلك الألواح ثم تطلى بمادة زيتية وتدهن ‪ .‬وهي التي عرفت باسم السفن المجلفة أو‬ ‫‪٢‬عاأا‪3‬ا‏ الغربية ‪.‬‬ ‫المذسرة ‪ .‬ويشق منها كلمة‬ ‫انظر ‪ :‬الشامي ‪ .‬أحمد ‪ .‬دكتور ‪ .‬العلاقات التجارية ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ ١٩١‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬يطلق العرب ‪ .‬حتى اليوم ‪ .‬على المناطق الجنوبية اسم سفالة ‪ .‬وتوجد في مناطق عديدة من بلاد‬ ‫العرب وسواحل الهند وكذلك على ساحل شرقي إفريقية ‪.‬‬ ‫حوراني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ١٢٧١‬‬ ‫س‬ ‫‏‪١٥٧‬‬ ‫س‬ ‫عربية مستمرة إلى مناطق شرق إفريقية من سواحل أو جزر‪ .‬وكان أهل سبأ أوأوسان أهم‬ ‫الجماعات العربية التي استقرت بكثرة على السواحل الإفريقية اا‪ .‬ووصلت إلى مسافات‬ ‫بعيدة جنوب سواحل إفريقية (""‪ .‬واستقرت جماعات من عمان ومن أهل أوسان في جزيرة‬ ‫بمبا وجزيرة زنجيارا"'‪ .‬وقد لاحظ ذلك التجار اليونان الذي ظهروا في المحبط الهندي في‬ ‫المصر الهلينستي‪ .‬وأصبحت منطقة بمبا وزنجبار أهل المحطات التي استقرت بها‬ ‫الجماعات العربية للتجارة ‏(‪ .'٨‬وحق أن يسمى شمال المحيط الهندي باسم «بحر العرب»‪.‬‬ ‫وأصبحت للرحلات العربية القديمة إلى شرق إفريقية دورأ هامأ في حمل ثروات‬ ‫إفريقية الإستوائية إلى المناطق التي تحتاجها في الشرق الأدني القديم والبحر المتوسط‪.‬‬ ‫وأصبح طرفي الرحلة العربية الطويلة إلى بلاد الصين وجنوب شرقي آسيا تسمى « واحد‬ ‫الواق» وإلى أقصى جنوب افريقية تسمى أيضا «واق الواق» (" وحتى أصبحت الثانية‬ ‫تسمى باسم واق واق اليمن دلالة على أصل التسمية والنشاط التجاري العربي‪.‬‬ ‫ا لعربية ‏‪ ١‬لافريقية تبل ا لإسلام نلاحظ ما يلي ‪:‬‬ ‫تتبعنا للعلاقا ت‬ ‫ومن‬ ‫‏‪ - ١‬كانت العلاقات ترتكز أساسا على الجوانب التجارية دون التدخل أو المساس‬ ‫بالجوانب السياسية أو غيرها‪ .‬وكان دور التاجر العربي دورأ نزيهأ بعيدأ عن‬ ‫الإنتهازية والإستغلال وقد كان لهذا الأمر دوره في مكانه العربي في نفوس‬ ‫الأفارفة وما كان يكنه الأخير للعربي من الإحترام والتقدير‪.‬‬ ‫‏‪ - ٢‬تعتبر منطقة القرن الإفريقي أهم مناطق التواجد العربي في القارة الإفريقية‪.‬‬ ‫وذلك بفضل عوامل تاريخية وجغرافية‪ .‬حتى اعتبر البعض منطقة القرن‬ ‫الإفريقي مستودعا للجماعات السامية " خاصة العربية للقارة الإفريقية‪.‬‬ ‫ومن هذه المنطقة تحركت الجماعات العربية صوب داخل القارة في كل اتجاه‪.‬‬ ‫(‪ )١‬العبادي ‪ .‬محاضرات في تاريخ اليمن قبل الإسلام ‪ .‬ص‪. ١٧٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬باقية ‪ .‬المرجع السابق‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬حوراني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٨٢٠٢٤ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬حوراني ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٢٣١ : ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬حوراني ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٢٣١ : ‎‬‬ ‫طة فريحلته ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٧٠ ٠‬مانعدها‬ ‫طاتوابن‬ ‫باهد‬‫‏(‪ )٥‬لاحظ مش‬ ‫‪_ ١٥٨‬‬ ‫_‬ ‫شمالا وغربا وجنوبأ‪ .‬وكان لهذا أثره في عمليات انتشار ا لإسلام فيما بعد‪.‬‬ ‫حيثكانت تلكالقبائل العربية على صلة بأخبار قبانلها الأم في شبةالجزيرة‬ ‫العربية أ وجيوشها التي تحركت لنشر الإسلام‪ .‬وكانت هزة الجيوش الرومانية‬ ‫كفيلة بإظهار الصورة الحقيقية مجتمع ما في إفريقية ودمائه العربية‪ .‬وحتى‬ ‫المناطق التي لم تصلها الجيوش الإسلامية‪ .‬فقد تحول أهل إلى العربية والإسلام‬ ‫دون أن يدروا ربالتدريج وكانت قبائل البجة خير دليل على ذلك‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬نقل العرب إلى أوطانهم الإفريقية أمراضهم العصبية‪ .‬فظهرت العصبية القبلة‬ ‫بشكل مباشر أو غير مباشرين عرب إفريقية‪ .‬فإذا كان العرب يقسمون إلى‬ ‫عصبيتين هما ‪ :‬عرب الشمال (العدنانية‪ .‬النزارية‪ .‬القيسية) وعرب الجنوب‬ ‫(القحطانية‪ .‬اليمنية) فإننا وجدنا عرب السودان الشرقي‪ .‬يظهر بينهم تلك‬ ‫الصبية في صورة جديدة‪ .‬فحرف عرب الشمال عندهم باسم الجعليين أو‬ ‫العباسيين‪ .‬وعرب الجنوب ياسم الجهينيين ا‪.'١‬‏ حتى أن هذين الفرعين كانا‬ ‫يمثلان تسعة أعشار العرب في السودان ("'‪.‬‬ ‫‏‪ - ٤‬تميز الدور العربي في التجارة الإفريقية العالمية بالوصول إلى منابع الإنتاج‬ ‫للسلع الإفريقية‪ .‬والمساهمة‪ .‬أحيان في عمليات الإنتاج مع السكان المحليين‪.‬‬ ‫عكس الدور المربي في التجارة العربية مع الهند او مع الصين؛ حيث كانت‬ ‫المراكز التجارية على سواحل الهند أو الصين تتكدس فيها السلع المنتجات‬ ‫انتظارأ مرور السفن العربية لتتم عمليات التبادل والشرا‪ .'"( .‬وكا‬ ‫الجاليات العربية على سواحل الهند أو الصين أو فيما بينهما تعيش في تلك‬ ‫المراكز التجارية‪.‬‬ ‫‏‪ - ٥‬رغم تغير ظروف العلاقات التجارية بين العرب وإفريقية بين الإزهار أحيانا‬ ‫والتندهور أحيانا أخرى السبب مواقف القوى الخارجية أو الداخلية في القارة‬ ‫الإنريقية مثل البطالمة أو الرومان‪ .‬إلا أن نشاط الجماعات العربية استمر في‬ ‫(‪ )١‬عوض ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢١٦ : ‎‬‬ ‫‪ ٣٢٠‬رمابعدها‪. ‎‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ .‬الرجع نفسه ‪.‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬عوض‬ ‫)( آلت ر ‪.‬التاريخ الاإتتصادي والإجتماعي ‪ .‬ص‪. ١١٩ : ‎‬‬ ‫‪١٥٩‬‬ ‫التنقل داخل القارة الإفريقية‪ .‬كما كانت عمليات التفاعل مستمرة مع‬ ‫الأفارقة‪ .‬فبرغم وجود ممالك في النوبة وفي منطقة السودان الشرقي والأوسط‬ ‫بأن الجماعات العربية ظلت في حركتها وراء تجارتها أو مراعيها‪ .‬حتى إذا ما‬ ‫آنست من نفسها قوة‪ .‬تظهر ذلك في شكل سياده على منطقتها‪.‬‬ ‫‏‪ - ٦‬تمثل الدور الإنساني والحضاري للتاجر العربي في إفريقية في القناعة التي‬ ‫التزم بها في تحديده للعاند من سلعة الإفريقية أو السلع التي حملها من أماكن‬ ‫أخري إلي الأفارقة اا" فبرغم ما تكلفة عمليات الشحن والتفريغ والملاحة‬ ‫والحراسة والمؤن ‪.‬فإن ربحه كان في الغالب لا يتعدي ضعف سعر السلعة وهو‬ ‫سعر مناسب للتكاليف التي تتكلفها السلعة ‪.‬والمشاق التي يواجهها ‪ .‬أهمية‬ ‫ذلك الدور وإنسانيته ‪ .‬حينما تبرم الأوروبيون في نهاية العصور الوسطي‬ ‫وبداية المصور الحديثة من استغلال تجار البندقة وجنوة وغيرهم من تجار‬ ‫إيطاليا من الأسعار المرتفعه لتلك السلع التي حملتها سفنهم إلي أوربا من‬ ‫مواني المسلمين القربية منهم ‪ .‬والتي كانت تصل إلي الأوروبيين بعد أن‬ ‫يحصل تجار إيطاليا علي أكثر من عشر أمثال السلعة رغم قرب المسافة ‪.‬‬ ‫وبساطة الحصول عليها ‪.‬بل كان هذا الامر سببا في اهتمام حكام البرتغال‬ ‫وأسبانيا بالكشوف الجفرافية والملاحة البحرية للوصول إلي منابع تلك السلع‬ ‫وكسر احتكار البنادقة وغيرهم من تجار المدن الايطالية ("" ‪.‬‬ ‫‏‪ -٧‬ظل الذهب هو السلعة الأساسية التي ظلت تتدفق من إفريقية في كل اتجاه‬ ‫‪.‬وعبر كل العصور فقد حملته قوافل التجار الفراعنة والفينيقيين واليونان‬ ‫والرومان ‪ .‬كما نقلته سفن أهل اليمن وعمان ‪ .‬وكان للذهب الإذريقي دوره‬ ‫الكبير في الإستقرار الإقتصادي ثم النقدي في العالم القديم '"' ‪ .‬ثم تأتي من‬ ‫المواد الخام كالحديد والنحاس وهي مواد هامة للتطور الحضاري في العالم‬ ‫القديم ‪ .‬بحيث اعتمدت مدنيات الهند وبلاد الرافدين علي تلك السلع الهامة‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫‪0‬‬ ‫!‬ ‫‪ : 54.‬م ح‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‏‪. ٦٨‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪ ٠‬تاريخ التجارة‬ ‫‏) ‪ ( ٢‬لوفران‬ ‫‏(‪ )٣‬آشتور ‪ .‬التاريخ الإتتصادي والإجتماعي للشرق الأرسط بي العصور الوسطى ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٩٨‬‬ ‫لها واعتمدت روما وغيرهم من قوي البحر المتوسط علي تلك السلع أيضا ()‬ ‫في المقابل شكل الملح أهم السلع التي اتجهت إلي داخل القارة الإفريقية ‪.‬‬ ‫خاصة في المناطق الإفريقية التي تقع علي خط السافانا وتبتعد عن الساحل ‪.‬‬ ‫ذلك أن الجماعات التي تعامل معها تجار البربر وشمال إفريقية في منطقة‬ ‫جنوب الصحراء كانوا من سكان منطقة السافانا المحصورة بين الرمال في‬ ‫الشمال والغابات في الجنوب ‪.‬كانوا يلجأون إلي طرق معقدة ويدائية في سبيل‬ ‫استخلاص الملح من النباتات ‪.‬وأصبح للملح أهمية ني الحياة اليومية للانسان‬ ‫‪ .‬خاصة في المناطق الحارة ‪.‬من هنا أصبحتتلك السلعة بالنسبة للزنوج‬ ‫تساوي قيمةالذهب بالنسبة لسكان البحر المتوسط‪.‬‬ ‫‏‪ - ٨‬ظلت إفريقية مرتبطة بسلع هامة في مجال التجارة العالمية عبر العصور القديمة‬ ‫"واستمرت مرتبطة بها أيضا في العصور الوسطي ‪.‬ولم يقع التغير الكبير في‬ ‫مجال السلع الإفريقية إلا بعد قدوم الأوروبيين إلي تلك القارة ‪ .‬ووقوع‬ ‫الإنقلاب الصناعي ‪.‬حيث انطلق الأوروبيون للبحث عن كنوز جديدة للقارة‬ ‫ومعادن جديدة تفيد آلاتهم الجديدة ‪ .‬فبينما ظل الذهب والحديد والنحاس‬ ‫والرقيق أهم السلع التي تخرج من القارة للعالم القديم والعالم الوسيط ("'‬ ‫تفير الأمر في عصر الإنقلاب الصناعي حيث احتاجت الآلات الأوربية إلي‬ ‫خامات جديدة ‪.‬كما أصبحت تلكالآلات تعارض تجارة الرقيق علي أساس أن‬ ‫الآلة حلت محل الأيدي العاملة ‪ .‬في العالم الجديد ‪.‬فبدأت نظريات جديد ةفي‬ ‫أوربا تعمل علي وقف تجارة الرقيق تحت شعارات إنسانية براقة ‪ .‬ولكن‬ ‫اللقصود كان هو إخلاء سوقالعمل أمام الآلآت الآرربية لتسويقها ‪.‬والمتتبع‬ ‫لتلك الآراء يجب أنها لم تؤيد من حكوماتها إلا بعد الإنقلاب الصناعي‪.‬‬ ‫‏‪ - ٩‬ساهم الأفارقة أيضا ‪.‬من جنوب الصحراء ‪.‬في مجال التجارة العالمية ‪.‬وذلك‬ ‫أن الإمارات والجماعات الزجية التي ظهرت علي سواحل إفريقية الشرقية ‪.‬‬ ‫المعتمدة في حياتها علي التجارة ‪.‬ذلك‬ ‫أوجنوب الصحراء الإفري يقية الكبري‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٦ ٨‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ ٠‬ص‬ ‫‪١‬‬ ‫«‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‏‪ ٠‬تا ريخ ا ذريقية ا لشما لية‬ ‫‏) ‪ ( ١‬لوفرا ن‬ ‫‪ :‬‏‪. ٣١٣‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪ ١.4‬لتا ريخضية‬ ‫‏‪ ١ ٠‬لجغرا نية‬ ‫‏) ‪ ( ٢‬لومبا رد‬ ‫‪ ١٦١‬س‬ ‫‏_‬ ‫أن تلك الجماعات شكلت وسيطابين مناطق الغابات الإفريقية والأدغال‬ ‫والأحراش وبين مراكز التجارة العالمية ‪ .‬وكانت بحكم بئيتها علي صلة بقبائل‬ ‫الزنوج داخل الغابات والمناطق التي من الصعب علي التاجر الأجنبي الوصول‬ ‫إليها ‪.‬ولذلك فقد حدث اختلاط بين الأفارقة جنوب الصحراء ويين سكان‬ ‫شمال إفريقية في بلاد المغرب ومصر ‪ .‬حيث كان هؤلاء في حالة حركة دائمة‬ ‫بين الشمال وبين الجنوب بعد زحف الجفاف علي مناطقهم منذ الألف الأول قبل‬ ‫الميلاد‪.‬‬ ‫وقد استمدت الجماعات الإفريقية قوتها الاتتصادية من نشاطها التجاري‬ ‫ووساطتها بين نطاق الفابات الإفريقية وبين السواحل الإفريقية الشمالية‬ ‫والشرقية ("‪ .‬ولكن لم تورخ لتلك النشاطات في العصور القديمة وظلة غامضة‬ ‫مجهولة حتي بداية دخول الإسلام إلي تلك المناطق وظهورهم علي مسرح‬ ‫أحداث العالم الاسلامي ‪.‬وإن كان الباحث بلاحظ وجود عناصر زنحجية ضمن‬ ‫أحداث حضارات البحر المتوسط في العصور القديمة وغيرها من حضارت العالم‬ ‫القديم ‏‪. (٢١‬‬ ‫‏‪ -١٠.‬ظلت الطرق البحرية عبر المحيط الهندي والبحر المتوسط هي المستخدمة لنقل‬ ‫تحيارة إفريقية إلي حضارات العالم القديم ومدنياته عبر منافذ بحرية محدرة‬ ‫‪.‬إلا أن هذين المعبرين قد تبادلا الأهمية في نقل تجارة إفريقية ‪.‬فقد ظلت‬ ‫مياة المحيط الهندي هي التي تشهد حمل السلع الإفريقية إلي حضارات‬ ‫السند والهند وفارس وبلاد الرافدين ‪ .‬خاصة من خلال التجارة العرب الأمر‬ ‫الذي أد ي إلي اهتمام ملوك وحكام سومر وبابل وآشتور وأكاد وفارس‬ ‫بأوضاع سواحل الخليج العربي « البحر المر » أو«البحر السفلي» فهو الممر‬ ‫الأساسي لحمل تلك السلع الهامة إليهم كما اصبحت تلك المنطقة تشهد‬ ‫امتداد الاطماع الدولية القديمة إليها "" ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ :‬‏‪ ٢٥٦‬رمابعدها‬ ‫‏‪ ٠ ١‬ص‬ ‫‪.‬ج‬ ‫جوليا ن ‪٠‬ا‏ لمرجع السا بق‬ ‫((‬ ‫‏(‪ )٢‬البدر ‪ .‬الخليج العربي نى الألفين الثاني والأول قبل الميلاد ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ ٧٥‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬لوفران ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪.١٨‬‬ ‫‏‪ ١٦٢‬س‬ ‫وبظهور الرومان كقوة عالمية في حوض البحر المتوسط ‪.‬أصبح البحر المتوسط «بحر‬ ‫الروم »يفوق في اهميته المحيط الهندي في حمل السلع القادمة من إفريقية لأهميتها في‬ ‫حياتها اليومية والعامة وفي الجوانب الدينية ‪.‬‬ ‫ويظهور الإسلام أصبح المنفذين البحريين ‪ :‬المحيط الهندي والبحر المتوسط علي‬ ‫أهمية واحدة علي اساس أن الدولة الإسلامية الجديدة شملت اليابس العالمي شماله المحيط‬ ‫بقلب القارة الإفريقية كما أصبح البحر المتوسط والمحيط الهندي ‪.‬خاصة شمال ‪.‬بحارا‬ ‫عربية إسلامية ‪ .‬وقد تمكن بذلك الإسلام من ربط الطرق العالمية القديمة البرية والبحرية‬ ‫لأول مرة في التاريخ ‪.‬وهو الأمر الذي فشل منه قبل الإسكندر الاكبر المقدوني (" ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬تلعجي ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٣٦ : ‎‬‬ ‫‪_ ١٦٢٣‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫إفريقية في عصر‬ ‫الرسول والخلفاء الراشدين‬ ‫منذ بداية العقد الثالث من القرن السابع الميلادي شهدت منطقة شرق إفريقية وغرب‬ ‫آسيا تطورت جديدة أثرت علي التاريخ ومسيرة البشرية منذ ذلك الوقت ‪.‬ذلك أن ظهور‬ ‫رسالة الإسلام في منطقة الحجاز ودعوتها إلي نظام إنساني عالمي سماوي جديد جعلت‬ ‫من القارة الإفريقية موقعا علي مستوي الأحداث العالمية منذ البداية ‪.‬وبدأت مرحلة جديدة‬ ‫وهامة في التاريخ الإفريقي ‪.‬‬ ‫لقد استفادت الدعوة الإسلامية منذ البداية من رصيد العلاقات العربية الإفريقية‬ ‫‪.‬وأصبحت إفريقية علي دراية بنبض منطقة مكة والمدنية وعلي علم بأحداث الحجاز ‪.‬‬ ‫حيث كانت حركة السفن التجارية مستمرة بين الطرفين عبر البحر الأحمر ( ‪ .‬وكانت‬ ‫حركة الأفراد والجماعات بين الطرفين مستمرة بين الساحلين العربي والإفريقي للبحر الأحمر‬ ‫‪.‬فكان ميناء الشعبية وميناء الجار في أوج ازدهارهما التجاري مع ميناء عدول‬ ‫"أدوليس" الحبشي ("" ‪ .‬كما كانت الحركة التجارية نشطة في ذلك الوقت بين موانيء عدن‬ ‫والمكلا وقنا وسمهرام وغيرها من مواني الجزيرة العربية من مواني الحبشة والقرن الإفريقي‬ ‫‪ .‬بالإضافة إلي تبعية جنوب البحر الأحمر للنفوذ الحبشي بعد استنجاد اليمنيين بالفزس ‪.‬‬ ‫ويبدو أن الأحباش قد نشطوا أيضا علي السواحل العربية في تلك الفترة للتجارة‬ ‫وفي مجالات الأعمال الأخرى ‪.‬ووصل إلي عرش الحبشة في تلك الفترة شخصية تربت‬ ‫على أرض العرب ‪.‬فتذكر الروايات أنه ظهر صراع علي عرس الحبشه بين ملكين من‬ ‫ملوكها ‪.‬الأول يدعي « أبحر »مع ابنه ويسمي « أصحمة»'"' ‪ .‬وكان الأخير معاصرا للرسول‬ ‫صلي الله علية وسلم ‪ .‬وثار الأحباش علي أبحر وقتلوه ‪.‬وأبعدوا ابنه أصحمة ‪.‬ووصل إلي‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‏‪ ١‬آ‬ ‫‪:‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫العربية‬ ‫ني الجزيرة‬ ‫الرضع الاتتصادي‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‏‪ ٠‬نورة‬ ‫النعيم‬ ‫‏) ‪( ١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ :‬‏‪٨‬‬ ‫‏‪ ٠6‬ص‬ ‫‏‪ ٠‬الرجع السابق‬ ‫‏(‪ ( ٢‬الناصري‬ ‫‪ :‬‏‪ ٧٢‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬عابدين ‪ .‬بين الحبشة والعرب ‪ .‬ص‬ ‫‪_ ١٦٤‬‬ ‫كرسي الك ملك مفتصب حينما توفي الملك المغتصب ‪.‬لم يكن له ولد يحلفة علي العرش‬ ‫فاستدعي الأحباش أصحمة ‪.‬بعد أن كانوا قد باعوه إلي تاجر عربي ‪ .‬فحمله معه إلي‬ ‫بلاده يرعي له الغنم ‪ .‬وحنيما عاد أصحمة إلي كرسي الملك لم ينس المعاملة الحسنة التي‬ ‫لاقاها في بلاد العرب ‪.‬فظل متعاطفا مع العرب ومع قضاياهم ‪.‬‬ ‫وكان أصحمة علي موعد مع الدين الجديد ‪.‬فتدل الروايات علي أن الأحباش ملوكا‬ ‫وأفرادا كان لديهم الإحساس بظروف بلاد العرب وتطورات أحداثها ‪.‬كما كانت بلاد‬ ‫المرب أيضا تحس هي الأخرى بنوايا أهل الحبشة ومايكنة ملوكها من تقدير للعرب ‪ .‬من‬ ‫هنا بدأت افريقية تشارك منذ البداية في نحباج الدعوة الاسلامية ‪.‬وسبقت بذلك مناطق‬ ‫أخرى ‪.‬ذلك أنه حينما اشتد أذي كفار قريش للمسلمين ‪.‬أصبحت أرض الحبشة هي الأمل‬ ‫الوحيد أمام المسلمين للخروج من دائرة الاضطهاد والبلاء من المشركين وقد أخبر الرسول‬ ‫‪.‬صلي الله عليه وسلم ‪.‬أصحابة بالأمل الجديد بقوله «لو خرجتم إلى أرض فإن بها ملكا‬ ‫لايظلم عنده أحد ‪.‬وهي أرض صدق ‪.‬حتي يجعل الله لكم فرجا مما أنتم » (" ‪.‬‬ ‫وبذلك شهدت إفريقية‪ .‬ممثلة في أرض الحبشه ‪.‬أول هجرة في تاريخ الإسلام ‪.‬وهو‬ ‫أمرله مدلولاته الجديدة ‪.‬وأمن المهاجرون من المسلمين الأوانل علي أنفسهم في جوار نحباشي‬ ‫الحبشة ("'‪.‬وكان أول من خرج من المسلمين إلى أرض الحبشة مهاجرا ‪ .‬عثمان بن عفان‬ ‫(‪ )١‬ابن هشام ‪ .‬أبو محمد عبد الملك (ت‪ ٢١٣‬ه‪ . ).‬السيرة النبوية ‪ .‬تحقيق طه عبد الرؤف سعد‪. ‎‬‬ ‫ج‪ .١ ‎‬ص‪ . ٢٨ : ‎.‬بيروت‪٩٨٧ ‎‬ام ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬قال عبد الله الحارث حينما أحسن النجاشي جواره وجوار من معه من المهاجرين‪: ‎‬‬ ‫ببطن مكة مقهور ومفتون‪‎‬‬ ‫كل أمرى" من عباد الله فصطهد ‪..‬‬ ‫إنا وجدنا بلاد الله واسعة ‪ ..‬ينجي من الذل والمخزاة والهون‪‎‬‬ ‫اة وخز ‪ ..‬ى في الممات وعيب غير مأمون‪‎‬‬ ‫ي ذل‬‫ح على‬ ‫لموا‬ ‫ا تقي‬ ‫فلا‬ ‫وقال أيضا ‪:‬‬ ‫جر‬ ‫حمدين‬ ‫لاد و‬‫ات ع‬ ‫وهجد‬ ‫‪ ..‬كما‬ ‫وتلك قريش تجحد الله حقه‬ ‫من الأرض بر ذو قضاء ولا بحر‬ ‫‪...‬‬ ‫فإن أنالم أبرهة نلا يسعني‬ ‫بأرض بها عبد الإله محمد ‪ ..‬أبين مافي النفس إذ بلغ النقر‪.‬‬ ‫ابن هشام ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ج ‏‪ . ١‬ص ‪ :‬‏‪. ٢٨٧/٢٨٦‬‬ ‫‏‪ ١٦٥‬س‬ ‫وزوجته رقية بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم ‪.‬وأبو حذيفة بن عقبة بن ربيعه وامرأته‬ ‫سهلة بنت سهيل بن عمرو ‪.‬والزبير بن العوام ‪.‬ومصعب بن عمير ‪.‬وعبد الرحمن بن عوف‬ ‫‪.‬وبلغ عدد هؤلاء الأوائل من المهاجرين إلي الحبشه عشرة ‪.‬ثم خرج جعفر بن أبي طالب ‪.‬‬ ‫وتتابع المسلمون حتي اجتمعوا بأرض الجبشة بأعداد كبيرة فكثروا بها ‪ .‬فمنهم من خرج‬ ‫بأهلة ‪.‬ومنهم من خرج بنفسه لاأهل معه ("‪.‬‬ ‫ويذكر ابن هشام في سيرته أعدادا كبيرة من المهاجرين حسب قبائلهم ‪.‬فمنهم من‬ ‫بني هاشم ‪.‬ومن بني عبد شمس ‪ .‬ومن بني نوفل ومن بني أسد ‪.‬ومن بني عبد قصى ‪.‬ومن‬ ‫بني عبد الدار بن قصى ى ومن بني زهرة ‪ .‬ومن بني هذيل ‪.‬ومن بني تميم ‪ .‬ومن بني‬ ‫مخروم ‪ .‬ومن بني جمح ‪.‬ومن بني سهم ‪.‬ومن بني عدي ‪ .‬ومن بني عامر ‪ .‬ومن بني‬ ‫الحارث ‪ .‬حتي أحصاهم ثلاثة وثمانين رجلا ‪.‬سوي أبنائهم الذين خرجوا معهم صغارا ‪.‬أو‬ ‫أولادهم الذين ولدوا بها ‪.‬‬ ‫لقد كان قرار الرسول ‪.‬صلي الله عليه وسلم ‪.‬بخروج المسلمين من مكة إلي أرض‬ ‫افقد جعل مقدمة المهاجرين عشرة من المسلمين ‪.‬وكانوا بمثابة‬ ‫الحبشة يدل علي حكمة‬ ‫استطلاع للموقع الجديد ‪.‬واختبارا لنوايا النجاشي واستعداداته ‪ .‬كانوا في غالبيتهم من‬ ‫التجار الذين ترددوا علي موانيء الحبشة قبل ذلك ولهم دراية بأحوالها ‪ .‬وقد أقام هذا‬ ‫بأهلهم علي الأرض الجديدة ‪.‬التي جعلها الله وطنا جديدا للمسلمين الأوائل ا"‪ .‬وكان‬ ‫لذلك الأمر أثره علي مسار الدعوة الإسلامية في خطوتها الأولي ومتنفسا من اضطهاد‬ ‫كفار قريش وعنادهم ‪.‬حيث تربي علي تلك الارض الإفريقية جيل في بيئة متسامحة ‪.‬‬ ‫واحتلت الأرض الإفريقية ؛الممثلة في أرض الجبشة ‪ .‬وزعيمها النجاشي مكانة هامة‬ ‫في التاريج الإسلامي ‏‪. '"١‬حتي الآن افقد وجد المسلمون علي أرضه بيئة آمنة ‪.‬وأحسوا‬ ‫(‪ )١‬الناصري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٥٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن هشام ‪ :‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٢٩٢ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬روى عن الرسول أحاديث كثيرة تثنى على هذا الموقف‪. ‎‬‬ ‫كما روت عائشة آلا مات النجاشي كان يتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور“‪‎‬‬ ‫ابن هشام ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٢٩٢ : ‎‬‬ ‫‪- ١٦٦١‬‬ ‫بالأمان علي عقيدتهم ‪.‬فكان ذلك نصرا هاما للإسلام وأتباعه ‪.‬‬ ‫أحس كفار قريش بخطورة موقف نجاش الجبشه علي موقفهم من الاسلام الذي يرمي‬ ‫إلي القضاء علي الإسلام والإجهاض علي دعوته ‪ .‬خاصة بعد هزة بدر ‪.‬فقرروا إرسال‬ ‫رجلين من زعمائهم إلي النجاشي لاستدراك ذلك الأمر ‪.‬وهما ‪:‬عبد الله بن أبي ربيعة‬ ‫وعمرو بن العاص ‪ .‬وكان لهما سبقا في التردد علي الحبشة ‪.‬ويعثت قريش معهما هدايا‬ ‫كثيرة للنجاشي ‪.‬ولرجال الدين المسيحيين في مملكتة من البطارقة ‪ .‬ولم يتركوا بطريقا إلا‬ ‫أهدوا له هدية ‪.‬حتي يثيروا رجال النجاشي ضده وضد المسلمين ‪.‬لعلمهم بموقف النجاشي‬ ‫‪.‬‬ ‫()‬ ‫‏‪ ١‬ن‬ ‫وتاييدة لا‬ ‫وصل الوفد وبدأ اتصالات برجال الكنيسة والإدارة في الحبشة ‪ .‬وبينوا لهم أن‬ ‫هؤلاء المهاجرين خطرا عليهم ‪.‬وأنهم رافضون لدين أهل الحبشة من المسيحية ‪.‬وعمقدت‬ ‫مفاوضات بين وفد قريش وبين نحباشي الحبشة ‪ .‬حتي أنه قرر أن يقاوض ويواجه هؤلاء‬ ‫المهاجرين بنفسه لمعرفة الحقيقة ‪ .‬وانتهت تلك المفاوضات بنصر جديد للاسلام علي أرض‬ ‫إفريقية تمثل فيما يلي ‪:‬‬ ‫للمسلمين‬ ‫في توفير ‏‪ ١‬لحماية‬ ‫‏‪ ٠‬وا لاستمرار‬ ‫‪-١‬ا‏ قتناع ‏‪ ١‬لنجاشي بمبادي ‪ .‬الإسلام‬ ‫المهاجرين ورنض تسليمهم لقريش بعد اقتناعه بآراتهم وأفكارهم ‪.‬‬ ‫ا لنجاشي‪٠ ‎‬‬ ‫بشكل واضح عتد‬ ‫‪.‬عليه‪ ١ ‎‬لسلام‬ ‫عيسي أ بن مريم‬ ‫صورة‬ ‫‪ - ٢‬اتضحت‬ ‫فمن خلال النقاش مع المهاجرين المسلمين عدل النجاشي فكره ومعتقده ‪ .‬حينما سمع صدرا‪‎‬‬ ‫من صورة مريم ‪ .‬من القرآن الكريم ‪.‬حيث شهد بأن عيسي ابن مريم عبد اله ورسوله‪‎‬‬ ‫وروح مند ‪.‬وكلمة القاها إلي مريم‪. ‎‬‬ ‫‏(‪ )١‬أرسل الرسول صلى الله علبه وسلم ‪ .‬كتابا إلى النجاشي أوضح له فيه مدى ثقته بموقفه مع المسلمين‬ ‫‪ .‬بقوله ‪ .‬صلى الله عليه وسللم ‪:‬‬ ‫"أما بعد فكأنك من الرقة علينا فما ‪ .‬وكأنا من الثقة بك منك‪"..‬‬ ‫‪ -‬الأحمدي ‪ .‬علي بن حسين ‪ .‬مكاتيب الرسول ‪ .‬ج ‏‪. ١‬ص ‪ :‬‏‪ ٠١٣١ .١٢١‬بيروت‪ .‬بدون تاريخ ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ابن هشام ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٢٩٢٤‬‬ ‫‪_ ١٦٧‬‬ ‫‏‪ - ٣‬انتهي الأمر بتحول النجاشي إلي الإسلام ‏‪ ٥‬وإعلان ذلك ‪٩ .‬ه‏ ‪ .‬وحتي أن‬ ‫الرسول ‪.‬صلي الله عليه وسلم ‪ .‬نعاه حينما علم بوفاته ‪.‬وصلي عليه بالبقيع واستغفر له ‪.‬‬ ‫وكان تحول النجاشي للإسلام بعد تلك المناقشات مترتبا علي رسائل الرسول ‪.‬صلي الله‬ ‫عليه وسلم ‪.‬له والتي أوضحت له أهمية وحقيقة الدين المستقيم ‪.‬‬ ‫فقد أوردت المصادر نص رسالة الرسول ‪.‬صلي الله عليه وسلم ‪.‬إلي النجاشي ‪.‬والتي‬ ‫جا مفيها «بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله ‪ .‬إلي النجاشي الأصحم ‪.‬ملك‬ ‫الحبشه ‪.‬سلام عليك ‪.‬فإني أحمد الله الملك القدوس المؤمن المهيمن ‪ .‬وأشهد أن عيسي ابن‬ ‫مريم روح الله ‪ .‬وكلمة ألقا ها إلي مريم البتول ا لطيبة الحصينة ‪ .‬فحملت بعيسي فخلقه‬ ‫من روحه ونفخه ‪ .‬كما خلق ادم بيدة ونفخه ‪ .‬واني ادعوك إلي الله وحدة لاشريك له ‪.‬‬ ‫والمولاة علي طاعته ‪ .‬وأن تتبعني فتؤمن بي ‪ .‬وبالذي جائني فإني رسول الله ‪ .‬وقد بعثت‬ ‫إليكم ابن عمي جعفرا ومعه نفر من المسلمين ‪ .‬فإن جاؤك فأقر ودع التجبر ‪ .‬وإني أدعوك‬ ‫وجنودك إلي الله ‪:‬عز وجل ‪.‬وقد بلفت ونصحت ‪ .‬فاقبلوا ‪" .‬السلام علي من اتبع‬ ‫المدى(" ‪.‬‬ ‫ويتضح من محتويات الرسالة الشريفة أنها توضح النهج الصحيح الذي يجب أن‬ ‫ينهجه النجاشي ‪ .‬كما تحدد له مفهوم المسيحية الصحيح ‪.‬ورسالة الإسلام ‪ .‬باعتبارها‬ ‫خاتمة الرسالات ‪ .‬ورغم وجود نصوص أخري للرسالة‪ .‬إلا أنها تتفق في كل النصوص حول‬ ‫تصور الرسول ‪.‬صلي الله عليه وسلم ‪ .‬لعيسي ابن مريم ‪.‬كما وصلت رسائل أخري من‬ ‫السلمين وصحابة الرسل ‪.‬صلي الله عليه وسلم ‪ .‬وممن لهم علاقة بنجاشي الحبشة "'‪.‬‬ ‫توطدت العلاقات بين نجاشي الحبشه ‪ .‬ويين الرسول ‪ .‬صلي الله عليه وسلم ‪.‬حيث‬ ‫(‪ )١‬الأحمدي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ١٣١ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬كتب أبو طالب رسالة إلى النجاشي ‪ .‬يوصيه بجعفر وأصحابه ‪ .‬يقول فيها‪: ‎‬‬ ‫‪ .‬نبوياكملوسمىسيح بن مريم‪‎‬‬ ‫تعلم مليك الحبش أن محمد‬ ‫إتى بالهدى مثل الذي أتيانه ‪ ...‬وكل بحمد الله يهدي ريعصم‪‎‬‬ ‫‪ ..‬بصدق حديث لا حديث المرجم‪‎‬‬ ‫كم‬ ‫ب في‬ ‫اونه‬‫ككهتتتل‬‫وإن‬ ‫مس‪‎‬‬ ‫لق لي‬‫ظ الح‬ ‫بطري‬ ‫‪ ..‬فإن‬ ‫فلا عنما للوهاندسالموا‬ ‫انظر ‪ :‬الأحمدي ‪ .‬ا نرجع السابق ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ١٢٥‬‬ ‫‪_ ١٦٨‬‬ ‫‪ .‬كما‬ ‫سلع بلاده‬ ‫وغيرها من‬ ‫والطيب‬ ‫الي الرسو ل منها الثياب‬ ‫النجاشي بهدايا كثيرة‬ ‫بعث‬ ‫أرسل النجاشي إلي المدنيه المنورة وفدا من رجال الكنيسة للإطلاع علي عقيدة الاسلام ‪.‬‬ ‫وقد أ سلم هؤلاء القساوسة ‪.‬وتدل مجريات الأحداث في الحبشه علي ظهور صراع بين رجال‬ ‫الدين من ناحية وبينهم وبين النجاشي من ناحيه ثانيه ‪.‬‬ ‫ومن أجل تامين طرق الاتصال بين المدنيه المنورة وبين الحبشة ‪ .‬حيث كان طريق البحر‬ ‫الأحمر هو المتبع في الاتصال مع ميناء أدوليس الحبشي ‪ .‬أرسل الرسول ‪.‬صلي الله عليه‬ ‫وسلم ‪ .‬قوة من المهاجرين بقيادة حمزة بن عبد المطلب ووجهها إلي سيف البحر في ثلاثين‬ ‫راكبا من المهاجرين ‪.‬فلقي أبا جهل بن هشام علي الساحل في ثلاثمائة راكب من أهل‬ ‫مكة ‪.‬ولم يقع بين الطرفين قتال بسبب وساطة مجدي بن عمرو الجهيني ‏(‪.'١‬‬ ‫وتدل تلك المواجهة علي اهتامات الرسول ‪.‬صلي الله علية وسلم ‪.‬يالتجارة مع‬ ‫إفريقية ‪.‬فإذا كانت مواجهة بدر تعود إلي أسباب استراتيجية لتجارة قريش مع الشام‬ ‫نظرا لوقوع المدنية المنورة علي الطريق البري بين مكة والشام ‪ .‬فإن الرسول ‪.‬كان يدرك‬ ‫بن‬ ‫عقدا لرايية اإلي حمزة‬ ‫علي البحر الأحمر ‪.‬ولذلك‬ ‫إفريقية‬ ‫أهمية تحبارة قريش مع مواني‬ ‫عبد المطلب ‪.‬ورغم عدم وقوع مواجهة مع رجال قريش ‪.‬إلا أن كير حجم أعداد رجال قريش‬ ‫المترديين علي تلك المواني العربية المطلة علي البحر الاحمر والمتصلة بالتجارة الإفريقية‬ ‫تدل جحم النشاط التجاري الكبير بين الحجاز وإفريقية ‪.‬‬ ‫وإذا كان تجار قريش ‪ .‬المعاندين للادعوة الإسلامية ‪ .‬ظلوا مسيطرين علي مواني‪.‬‬ ‫الحجاز التصلة بالتجارة الإفريقية‪.‬فإن الرسول ‪.‬صلي الله عليه وسلم ‪.‬اعتمد علي‬ ‫المراسلات المستمرة بينه وبين المهاجرين في الحبشة ‪.‬حيث اعتمد الرسول علي شخصية لها‬ ‫درايتها بالبحر الأحمر والحبشة وهو عمرو بن أمية الضمري ‪.‬الذي تربطه بنجاشي الحبشة‬ ‫علاقة طيبة ‪.‬حيث اقام النجاشي عنده ‪.‬حينما كان مطرودا من ارضه ‪ .‬وقد وصل عمرو‬ ‫ابن أميه الضمري إلي الجبشة في زيارة أخيرة ‪.‬وبدأ في تجميع المسلمين لحملهم إلي‬ ‫المدنية‪ .‬بعد أن تمكن المسلمون من تكوين دولتهم في المدنية ‪ .‬وقدم المهاجرون علي‬ ‫سفينتين ‪.‬ونزلوا ميناء الحجاز علي البحر الأحمر ‪ .‬وكان ذلك يوم فتح خير ("'‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٢ ٣ ٢‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ ٠ ٢‬ص‪‎‬‬ ‫«‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪ ١ ٠‬لسيرة‪‎‬‬ ‫‪ ١‬بن هشا م‪‎‬‬ ‫) ‪( ١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٢٣ ٣ :‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫لمصد ر نفسه‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫) ‪ ١ ( ٢‬بن هشا م‬ ‫‪_ ١٦٩‬‬ ‫ويبدو أن هناك صراعا دار علي السلطة في الجبشة انتهي بنهاية النجاشي كما بدأ‬ ‫الإسلام ينتشر بين أهلها من خلال المجموعات التي استقرت بين أهلها من المهاجرين‬ ‫وإقامتهم هناك لعدة سنوات تمكنوا خلالها من توضيح الإسلام لأهلها ‪.‬خاصة وأن هؤلاء‬ ‫المهاجرين ‪.‬كان معظمهم علي دراية بأحوال منطقة الحبشة ورجالها ‪.‬وشئون قبائلها‪.‬‬ ‫وامتد التأثير الإسلامي المبكر أيضا للساحل الإفريقي المقابل لمنطقة الجحاز ‪.‬وهو‬ ‫ساحل البحر الاحمر الإفريقي ‪.‬والذي يقع تحت نفوذ قبائل البجة ا‪.'١‬حيث‏ وقع تحول‬ ‫تدريجي لسكانها نحو الإسلام ‪.‬استمر حتي ظهر اثره في العصر العباسي رغم استمرار‬ ‫تلك القبانل علي حياتها ونمطها القديم ‪.‬‬ ‫ويبد أن الأحداث كانت قد بدأت تتجه إلي العزلة في منطقة الحبشة والقرن الإفريقي‬ ‫‪.‬منذ طرد الأحباش من اليمن وتعرض دولتهم لمشاكل داخلية وصراعات قبلية ‪.‬ولم يكن‬ ‫لنشاط المهاجرين الأوائل من المسلمين الدور الكبير لإخراج أهل الحبشة من عزلتهم‬ ‫وتوجيههم للمشاركة في أحداث العالم الجديدة التي ترتبت علي ظهور الإسلام ‪ .‬وظلت‬ ‫انوار الإسلام تصل إلي تلك المنطقة علي يد التجار الذين ظلوا يترددون علي مواني‬ ‫الحبشة ‪.‬بينما السلطة المركزية فيها غائبة بسبب غارات قبائل "أجاو"الوثنية ""‪.‬‬ ‫وأصبحت جزر البحر الأحمر الجنوبية والوسطي والشمالية تحت هي الأخرى نفوذ‬ ‫التجار المسلمين ‪ .‬وكذلك الموانئ والمراكز الساحلية ‪.‬ومن هذة المراكز بدأ الإسلام يشق‬ ‫يقة إلى داخل الهضبة الأثبوبية ومنطقة أريتريا وبلاد السودان ‪.‬ويدأ هذاالمنفذ يقوم‬ ‫بدوره الكبير في نشر الحضاره الإسلامية في إفريقية منذ القرن الثامن الميلادي ‪ .‬وانتهز‬ ‫التجار المسلمو ن ‪.‬وكذلك القبائل العربية خلو منطقة جنوب البحر الأحمر الإفريقية من قوة‬ ‫مركزية سياسية لتمد نفوذها إلي داخل إفريقية ‪ .‬فقد فقدت أكسوم جزر دهلك وغيرها من‬ ‫جزر البحر الأحمر ‪.‬وتركتها تحت نفوذ القبائل العربية والتجار العرب الذين حولوها إلي‬ ‫مراكز للعبور إلي داخل القارة الإفريقية وبلاد السودان ""‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬قبائل إفريقية تسيطر على سواحل البحر الأحمر الإفريقية من شمال أرتبريا جنوب ‪ .‬حتى سواحل‬ ‫جنوب مصر على البحر الأحمر شمالا ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬العارف ‪ .‬الأحباش ‪ .‬بين مأرب ‪ .‬وأكسوم ‪ .‬ص‪. ٧٧ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬العارف ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٧٨ : ‎‬‬ ‫‪١٧.‬‬ ‫وترتب علي النشاط الإسلامي المبكر علي يد التجار والقبائل العربية ظهور مراكز‬ ‫إسلامية داخل الهضبة الحبشية مثل مملكة "أوفات" في إقليم شوا والتي مدت نفوذها حتي‬ ‫بلفت ميناء زيلع حيث الطرق البرية إلي البحر الاحمر ‪.‬كما ظهرت إمارت أخري إسلامية‬ ‫في تلك المنطقة من القارة الإفريفية مثل مملكة "عدل "ومقرها ‪. 17‬وكانت تلك المراكز‬ ‫الإسلامية ببثابة نقاط حضارية لنشر الإسلام داخل القارة الإفريقية ‏(‪.'١‬‬ ‫علي أن أعظم المراكز الإسلامية العربية التي ظهرت منذ عصر الرسول والخلفاء‬ ‫الرشداين هي سلطنة "هرار"فوق الهضبة الشرقية ‪.‬ويبدو أنها تأسست منذ القرن السابع‬ ‫الميلادي حتي أصبحت بحق مركز هام للعرب والمسلمين يعد ذلك ‪.‬ثم مت وتوسعت لموقعها‬ ‫التجاري داخل الهضبة ‪.‬ومازالت تحتفظ هرار بلغة خاصة تسمي لغة "هدارة" ترجع إلي‬ ‫أصول سامية ""‪ .‬ومن تلك المراكز بدأ الاسلام يثبت خطاه في الحبشة وبلاد السودان‬ ‫الشرقي وقلب القارة ‪.‬‬ ‫من جهة ثانية استقبلت القارة الافريقية رسالة أخرى ‪.‬من الرسول ‪.‬صلي الله علية‬ ‫وسلم ‪ .‬من نافذة ثانية ‪.‬فقد أرسل الرسول رسالة إلي والي مصر من قبل ‪ .‬البيزنطيين ‪.‬‬ ‫وهو المقوقس ‪.‬جاء فيها بسم الله الرحمن الرحيم ‪ .‬من محمد بن عبد الله ‪.‬إلي المقوقس‬ ‫عظيم القبط ‪.‬سلام علي من اتبع الهدي ‪.‬إما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام ‪.‬اسلم تسلم‬ ‫‪.‬يؤتكالله أجرك مرتين ‪.‬فإن توليت فإنما عليك إثم القبط (ويا أهل الكتاب تعالوا إلي‬ ‫كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيتا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا‬ ‫من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون (""‪.‬‬ ‫ويتضح من تفحص الروايات والمصادر أن المقوقس أكرم وفد الرسول ‪.‬صلي الله‬ ‫عليه وسلم ‪.‬إليه ورد علية بلطف ‪.‬وأهدي إلية الكثير من الهدايا ‪.‬من تلك الهدايا جارية‬ ‫اسمها مارية ‪.‬وهي التي أنجبت للرسول ابنه إبراهيم ‪.‬وجارية أخري اسمها سيرين ‪ .‬وثالثة‬ ‫سوداء ‪ .‬وبغلة شهباء ‪ .‬وفرسا ‪.‬وحمارا أشبها ‪.‬‬ ‫‪ 7‬ه‬ ‫ع م ا‬ ‫‪, . : .152‬‬ ‫‏(‪(١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬عوض ‪ .‬الشعوب والسلالات ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٢٥٣‬‬ ‫‏(‪ )٣‬الأحمدي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ج ‏‪ .٣‬ص ‪ :‬‏‪. ٩٧١‬‬ ‫_‬ ‫‪١٧١‬‬ ‫ورغم أهمية المعبر المصري لدخول الإسلام إلى القارة الإفريقية ‪.‬وخاصة ‪.‬منذ خلافة‬ ‫عمر بن الخطاب ‪.‬وبعد القضاء علي حركات الردة في شبه الجزيرة العربية ‪.‬في خلافة أبي‬ ‫بكر ‪.‬وبدايةتوجيه الجيوش لمواجهة الحواجز التي تعرقل وصول الإسلام إلى الشعوب‬ ‫المجاوره والممثلة في جيوش الروم والفرس ‪.‬فقد بدأ هناك اتصال بين القوي المعارضة‬ ‫للإسلام في مصر مع تلك القوي في الحبشة ‪ .‬واستمر ذلك عبر مراحل التاريخ حتي حل‬ ‫محل هذا الإتصال ظهور القوي الأوربية الحديثة ‪.‬‬ ‫وانعكس هذا الصراع بين التحالف الحبشي مع أعداد الإسلام في مصر اعلي تهديد‬ ‫وجود المسلمين في مصر ذاتها ‪.‬وقد ظهر ذلك في محاولة تهديد تدفق مياه النيل من‬ ‫روافده في الحبشة إلي مصر ( ‪.‬وكثيرا ماكانت السلطات الإسلامية في مصر توسط‬ ‫الكنيسة في الإسكندرية لوقف تلك الاعمال ورفع الأذى ‪ .‬وخاصة في المصر الفاطمي‬ ‫حينما قام الخليفة الفاطمي المنصور بالله بطلب بطريرك كنيسة الإسكندرية ‪ .‬وأرسله الي‬ ‫الحبشة لمنع حكامها من التعرض لياه النيل ‪ .‬وكذلك رفع الأذي عن المسلمين بها ‪.‬ولكن‬ ‫تلك التحالفات لم تؤثر في التحول الجارف لسكن وادي النيل إلي الإسلام ‪.‬‬ ‫وتدل أ وضاع إفريقية زمن الرسول صلي الله عليه وسلم ‪ .‬علي دلالات تاريخة‬ ‫هامة للباحثين منها مايلي ‪:‬‬ ‫‏‪- ١‬أن مكاتيب الرسول ‪.‬صلي الله عليه وسلم ‪ .‬التي أرسلها بعد صلح‬ ‫الحديبيةا"' ‪.‬لدعوة أمراء وحكام المناطق المجاورة للإسلام القيت صدرا رحبا في‬ ‫إفريقية ‪.‬أكثر مما قاقبلته في مناطق أخري مثل فارس ويلاد الروم ‪.‬وقد وردت‬ ‫احاديث كثيرة تثني من قبل الرسول علي موقف النجاشي ‪.‬وعلى أن هناك خيرا‬ ‫ينتظر الإسلام في أرض مصر ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬العارف ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٨١ : ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬هو الوثيقة التي وقعت بين الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ .‬وبين سهيل بن عمرو ‪ .‬مثل كفار مكة في‬ ‫‏‪ / ٦‬‏م‪ . ٨٢٦‬حينما منعت قريش المسلمين من دخول مكة للحج ‪ .‬وقد احتوى على شروط قبلها‬ ‫الرسول ‪ .‬واستفاد منها الرسول في بداية تحويل دعوة الإسلام إلى جهات أخرى غير الجزيرة العربية‬ ‫‪ .‬وقد نزلت سورة الفتح عند الإنصراف من الحديبية‪.‬وفيها وعد من الله للمسلمين بفتع قريب لمكة‪.‬‬ ‫‏_ ‪ ١٧٢‬س‬ ‫‏‪ -٢‬كان ظهور الدعوة الإسلامية وسط ثلاث قوي عالمية قوية ‪.‬تحيط بمنطقة الدعوة‬ ‫الإسلامية في ا لجحاز وهي ‪:‬قوة الفرس الساسانين وقوة ا لروم البيزنطيين وقوة‬ ‫أكسوم الحبشية وكانت تلكالقوى تتحكم في سياسات العالم‪ .‬القديم لفترة‬ ‫طريلة ‪ .‬وشبه الجزيرة العربية خاصة ‪.‬ومع ظهور الإسلام بدأ زوال القوة‬ ‫الإفريقية ممثلة في دولة أكسوم وجنوحها صوب العزلة والصراعات الداخلية‬ ‫القبلية والعرقية ‪.‬وقد أدي ذلك إلي تركيز خلفاء الرسول ‪.‬صلي الله عليه‬ ‫وسلم ‪.‬علي مواجهة القوتين الباقيتين في فارس والروم لتبليغ رسالة الإسلام‬ ‫إلي شعويهما وكسر الحاجز العسكري للقوتين ‪.‬‬ ‫‏‪ -٣‬أدي انهيار مملكة أكسوم الحبشية مع ظهور الإسلام ‪.‬بسبب عوامل داخلية‬ ‫وصراعها مع الفرس ‪.‬إلي الاعتماد علي دور التجار والهجرات القبلية في نشر‬ ‫رصيد‬ ‫علي‬ ‫‏‪ ١‬لعرب‬ ‫‏‪ ١‬لتجار‬ ‫‏‪ ١‬عتملدل‬ ‫‏‪ .٠‬وقد‬ ‫الافريقية‬ ‫‏‪ ١‬منفذ للقا رة‬ ‫من هذا‬ ‫‏‪ ١‬لإسلام‬ ‫العلاقات الطويلة مع الأحباش قبل الإسلام ‪.‬وكان هذا الدور يوازي دور‬ ‫الجيوش الإسلامية في شمال إفريقية ‪ .‬بل أن هذا المنفذ ‪ .‬فيما بعد ‪.‬بالدور‬ ‫الإسلامي في القارة في منطقة الوسط والغرب ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٤‬وصلت إفريقية رسائل من الرسول ‪.‬صلي الله علية وسلم ‪ .‬تشير علي توجيهة‬ ‫لأنظار المسلمن إلي إفريقية باعتبارها المجال الأرحب للدعوة الاسلامية‬ ‫‪.‬وبالفعل لم يكد ينتهي القرن الاول الهجري ويداية الثامن الميلادي ‪.‬حتي‬ ‫أصبحت منطقة شمال افريقية جزء من دولة الإسلام ‪.‬وساهم سكانها في نشر‬ ‫الإسلام مع إخوانهم المرب وخاصة فتوحات الاندلس ‪.‬واعترف الباحشون‬ ‫الفربيون حديثا علي ان الإسلام هو الديانة السامية الوحيدة التي تتناسب مع‬ ‫الافارقة وادت الي تطوير وتقدم القارة الإفريقية الواسعة ‪.‬بل ويدأ عصر‬ ‫إفريقية التاريخي مع الإسلام ‪.‬‬ ‫بدأت عمليات الفتوحات الإسلامية الكبري فى القارة الإفريقية منذ حلافة عمر بن‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٧‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪ ٠‬مملكة ما لي‬ ‫طرخا ن‬ ‫‏) ‪( ١‬‬ ‫‏‪ ٨ ٠‬وما بعد ها ‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪ ١‬لغرب‬ ‫مصر ربلاد‬ ‫‏) ‪ ١ ( ٢‬بن عبد ‏‪ ١‬لحكيم ‏‪ ٠‬نتوح‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ١.٤:‬وما بعد ها‬ ‫‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫‪« .‬‬ ‫‪ .‬تا ريخ أ لرسل وا للرك‬ ‫‏‪ ١‬لطبري‬ ‫‪١٧٢٣‬‬ ‫الخطاب (‪١٣‬ه‪٢٣-‬ها)‪.‬‏ وقد بدأت تلك العمليلت تأخذ اتجاهين ‪:‬بري وبحري ‪.‬حيث كان‬ ‫لابد من الاستفادة من سواحل مصر الطويلة علي البحر الاحمر الربطها بالحجاز خاصة‬ ‫وأن الروم ظلوا يهددون السواحل المصرية المطلة علي البحر المتوسط في تلك الفترة‪.‬‬ ‫وبدأت أحداث الفتح الإسلامي لمصر منذ سنة ‪١٩‬ه‪/‬‏ سنة ‪٦٤٠‬م‏ ‪ .‬حينما توجه‬ ‫عمرو بن العاص جنوب مصر بعد فتح بيت المقدس وانهيار الوجود البيزنطي في الشام في‬ ‫أعقاب معركة اليرموك ‪ .‬ظل عمروين العاص في التوجة جنوبا حتي وصل إلي الفرما ‪ .‬ثم‬ ‫توجه منها إلي الفرب ‪ .‬ملتزما بالطريق الشمالي في سيناء لدخول مصر ‪.‬ومتفاديا‬ ‫الطريق الساحلي ‪ .‬حتي وصل إلي شرق الدلتا في منطقة بلبيس المواجهة بين الطرفين‬ ‫وتمكن عمروين العاص من دخول حصن بابليون وهزيمة الروم‪.‬‬ ‫اتجه عمرو إلى الشمال ليضم العاصمة الثانية لمصر وهي الإسكندرية ‪.‬والتي كانت‬ ‫تمثل أهمية خاصة في عالم البحر المتوسط والشرق الأدني ‪.‬بالإضافة إلى وجود أسطول‬ ‫بيزنطي قوي بها ‪.‬وكان مع عمرو قوة قواتها عشرون الفا ‪.‬بينما كانت الحامية البزنطي في‬ ‫الإسكندرية تزيد عن خمسين ألفا‪ .‬وأسطول حربي كبير يتكون من عدد كبير من السفن‬ ‫الحربية ‪.‬وتقدم عمرو بجنودة وضرب الحصار علي مدينة الإسكندرية من الخلف وقاومت‬ ‫المدينة لفترة طويلة ‪.‬حتي استسلمت في النهاية وعقدت معاهدة الفتح مع عمروا'‬ ‫سنةا‪٢‬ه‏ ‪ .‬وبذلك أصبحت مصر جزعمن العالم الإسلامي ‪.‬ومدخلا هاما لفتخ إفريقية‪..‬‬ ‫ا لتي وردت في المصادر والمرا جع حول‬ ‫ومهما يكن من تفصيلات المعارك الحربية‬ ‫عمليات فتح مصر ثم الامتداد إلي شمال إفريقية ‪ .‬فإن هناك ظروفا كانت مناسبة في‬ ‫مصر وإفريقية أدت إلى نجاح التقدم الإسلامي وساعدت علي تحول تلك الشعوب إلى‬ ‫الإسلام وتمسكها به ‪.‬ومن تلك الظورف والعوامل مايلي ‪:‬‬ ‫‏‪ - ١‬كانت جبهة مصر وشمال إفريقية حتي المحيط الأطلسي تعتبر ‪ .‬في نظر العرب‬ ‫‪ .‬جبهة واحدة ‪ .‬حيث كانت خاضعة للنفوذ البيزنطي وكان انتصار المسلمين في‬ ‫اليرموك وفي الشام وفلسطين لايتم تأمين ذلك إلا بإزاحة الوجود البيزنطي من‬ ‫(‪ )١‬ابن عبد الحكيم‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٨ : ‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪١٧٤‬‬ ‫سواحل شمال إفريقية ("‪ .‬وقد عاني ولاة الشام الكثير من هجمات الأساطيل‬ ‫البيزنطي فكان لابد من حسم هذا الشريط الساحلي الذي يشمل شرق وجنوب‬ ‫البحر المتوسط وكانت مصر أهم المعاقل في هذا الشريط الساحلي لوجود‬ ‫قاعدة ضخمة للأسطول البيزنطي في الإسكندرية‪.‬‬ ‫‏‪ - ٢‬اعتمد عمرو بن العاص ‪ .‬بعد مؤتمر الجابية ‪.‬علي القبائل اليمنية في التحرك‬ ‫جنوب مصر وهي القبائل التي لها خبرتها في قتال الحصون واختطاط المدن‬ ‫والزراعة والصناعة ‪ .‬وقد ساعدته تلك القبائل في التحرك بين القرى والمدن‬ ‫المصرية ‪ .‬ومواجهة القلاع والحصون البيزنطية بها ‪.‬‬ ‫‏‪ -٣‬لما كانت منطقة سيناء وشرق مصر مسرحا لكثير من القبائل العربية البدوية‬ ‫منذ قرون سابقة ‪ .‬كما ذكرنا ‪.‬فقد اتصل العرب بتلك القبائل التي تضم علي‬ ‫حدرد مصر ولها نفوذها في شرق الدلتا حصوصا قبائل لخم وراشدة ("'‪.‬وقد‬ ‫انحاز هؤلاء العرب إلي أبناء عمومتهم وقدمت تلك القبائل خدمات هامة‬ ‫لجيش عمرو في استكشاف الطرق وحماية مؤخرة الجيش ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٤‬كان الانتشار العسكري البيزنطي يعتمد علي التمركز في المدن الهامة في‬ ‫الدلتا والصعيد مما أدى إلي فراغ عسكري في الجوانب الشرقية والفربية من‬ ‫البلاد ‪ .‬وأصبح من السهل كسر هذا الإنتشار من وسطه عند حصن بابليون‬ ‫وبالتالي يتم عزل قوات الدلتا عن الصعيد ‪.‬وقد اعتمد العرب في دخولهم‬ ‫مصر علي الخطة الفارسية القديمة ‪.‬التي ترمي إلي احتلال حصن بابليون ‪.‬وعزل‬ ‫قوات الجنوب ثم التحرك لحصار الإسكندرية من الخلف ‪.‬وقد استعان العرب في‬ ‫ذلك ببعض الجنود ا لفرس ا لذي لهم خبرة بعمليات مصرا لعمسكرية في‬ ‫‪.‬‬ ‫السانقة"'‬ ‫(‪ )١‬فررخ‪ .‬عمر ‪ .‬تاريخ صدر الإسلام والدولة الأموية ‪ .‬ص‪ . ١١٤ : ‎‬دار العلم للملايين‪. ‎‬‬ ‫(‪ )!٢‬فيصل ‪ .‬شكري ‪ .‬الامجلتمإعاستلامية في القرن الأول الهجري ‪ .‬ص‪ ١٢٥ : ‎‬ومابعدها ‪ .‬دار العلم‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬محمود ‪ .‬حسن ‪ .‬الإسلام والثقافة العربية فإيفريقية ‪ .‬ص‪. ٨٤ : ‎‬‬ ‫۔‬ ‫‏‪١٧٥‬‬ ‫ولما أشرق العرب علي رمال إفريقية من غرب مصر ‪ .‬لم يجدوا أمامهم قوات‬ ‫معادية منظمة ‪.‬خاصة بعد أن دخلوا الإسكندرية ‪.‬وقد حرص الخليفة عمربن‬ ‫الخطاب علي أن يكون التوجة غربا منظما ‪ .‬خشية من تفرق جنودة وسط تلك‬ ‫الصحراء الواسعة والسهول المترامية والسواحل الطويلة ا''‪.‬ولذلك اكتفى عمر‬ ‫ابن العاص بتأمين حدود مصر الغربية ‪ .‬رغم أن قواته واصلت التقدم غربا حتي‬ ‫برقة وطرابلس ‏‪."١‬‬ ‫‏‪ - ٥‬رغم تبعية مصر وشمال إفريقية للإمبراطورية البيزنطية ‪.‬وتحول سكانهم إلي‬ ‫الديانة المسيحية ‪.‬التي أصبحت الديانة الرسمية للإمبراطورية منذ نهاية القرن‬ ‫الرابع الميلادي ‪.‬الاان كنيسة مصر وكنيسة شمال إفريقية أصبح لهما فكرهما‬ ‫الخاص المرتبط بحضارة وظروف كل منهما ولذلك فقد عانى أتباع المسيحية في‬ ‫مصر وشمال إفريقية ألوانا من الإضطهاد المذهبي والآهوتي حتي ظهور الإسلام‬ ‫‪.‬وتطور الأمر إلى الحركة اضطهاد ديني "' للكنيستين وأتباعهما ‪.‬فقد تكتل‬ ‫الشعب المصري خلف كنيستة التي ظهرت متأثرة بتعاليم مدرسة الإسكندرية‬ ‫القديمة ومذاهب فلاسفتها‪ .‬وآمنت بالطبيعة الواحدة للمسيح ‪.‬وبذلك استقلت‬ ‫بالرأي عن كنيسة الدولة البيزنطية ‪ .‬وترجم الإنجيل إلى اللفة القبطية‬ ‫وأصبحت الكنيسة المصرية امتداذا للحضارة المصرية القديمة في نظامها‬ ‫وتقاليدها ‪.‬وكان هذا الأمر يتعارض مع سيادة بيزنطية ‪.‬ولذلك وجد قبط مصر‬ ‫في الفتح العربي رحمة بهم من اضطهاد بيزنطية لهم (""‪.‬‬ ‫أما البربر وسكان شمال إفريقية فقد قاموا الانتهازية الكاثوليكية وارستقراطية‬ ‫روما ‪ .‬وناهضوا تحالف الولاة الرومان مع الأساقفة والملاكين والتحار في المنطقة ‪.‬من أجل‬ ‫تحقيق مكاسب علي حسابهم ‪ .‬فاعتنقوا المذهب الدرناتي ‪.‬وقد لاتي أتباع هذا الذهب‬ ‫المناهض للكاثوليكية الوانا عديدة من الاضطهاد علي يد أباطرة روما وبيزنطية خاصة‬ ‫(‪ )١‬جوليان ‪ .‬تاربخ إفريقية الشمالية ‪ .‬ج ! ‪ .‬ص‪. ١٦١ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬مؤنس ‪ .‬حسين ‪ .‬فتح العرب للمفرب ‪ .‬ص‪. ١٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬بكر ‪ .‬فتح العرب لمصر ‪ .‬ص‪ ٦ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬أرنولد ‪ .‬الدعوة إلى الإسلام ‪ .‬ص‪. ٧٢ : ‎‬‬ ‫_ ‪_ ١٧٦١‬‬ ‫بعد وقوع أعمال عنف بين أتباع المذاهب علي أرض شمال إفريقية (" ‪.‬وكان آخرها سياسة‬ ‫الإمبراطور جستنيان الذي عمل علي إعادة الأحوال إلي ماكانت علية قبل غزو الوندال‬ ‫لشمال إفريقية وزوال سيادة الرومان عليها ‪.‬ولذلك أنزل أشد الاضطهاد لسكان إفر‬ ‫من البربر والوننيين منذ سنة ‏‪ ٥٣٣‬م أ""‪ .‬واضطهد أتباع المذهب الدوناتي ‪.‬من هنا فقد‬ ‫أسلم البربر أيديهم الى العرب لتخليصهم من هذا الاضطهاد والظلم ووجدوا فيهم مخلصين‬ ‫من هذا العهد ‪.‬‬ ‫ومنذ عهد عمر بن الخطاب وضع الأساس الأول في سياسة الدولة الإسلامية في‬ ‫إفريقية علي أساس اعتبار مصر هي المنطلق والمركز الأساسي للتوغل داخل القارة‬ ‫الإفريقية ‪ .‬وبالفعل بدأت القبائل المربية في التدفق علي مصر والاستقرار بها ‪.‬‬ ‫وأصبحت تلك القبائل بمثابة الاحتياطي الاستراتيجي لاستمرار عمليات الفتح والتوغل‬ ‫صوب الغرب والذي بلغ مداه في العصر الأموي ‪.‬‬ ‫ولما كان عمر بن الخطاب حريصا علي أمن البحر الأحمر ‪ .‬خاصة بعد فتج مصر‬ ‫وحرصه علي سلامة السفن العاملة بين موانيء الحجاز ومواني۔ مصر والتي اصبحت تحمل‬ ‫القمح وغيره من سلع مصر ومنتجاتها ‪ .‬فإن الخليفة عمر اضطر إلى ارسال قوة بحرية‬ ‫تتكون من عدة سفن بقيادة علقمة بن مجزز (""‪ .‬وأرسلت تلك القوة إلى ساحل الحبشة‬ ‫وكان لها هدفان هما‬ ‫الهدف الأول ‪ :‬حماية التجار المسلمين المقمين علي الساحل الإفريقي وموانيء الحبشة من‬ ‫اعتدا مات الاحباش وتدعيم الوجود الإسلامي هناك ‪.‬‬ ‫الهدف الثاني ‪ :‬مواجهة خطرانتشار القراصنة في مياة البحر الأحمر الجنوبية ‪ .‬خاصة بعد‬ ‫خلو تلك المنطقة من قوة مركزية بعد زوال مملكة أكسوم ‏‪.'"١‬‬ ‫ج‪. ٢ ‎‬ص‪. ٣٤ : ‎‬‬ ‫‪ .‬المرجع السابق ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬جوليان‬ ‫العصور الوسطى ‪.‬ص‪. ١٢٥ . ١٢٤ : ‎‬‬ ‫‪ .‬تاريخأوروبا في‬ ‫(‪ )٢‬عمران‬ ‫‪. ١١٢/١١٢ :‬‬ ‫‪.‬تاريخ ج‪ .٢ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الطبري‬ ‫ص‪. ٨٤ : ‎‬‬ ‫‪ .‬المرجع السابق ‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬العارف‬ ‫‏‪ ١٧٧‬س‬ ‫أرسلت تلك الحملة سنة ‏‪ ٠‬‏‪/‬ه‪ ٢‬‏‪.‬م‪1٤٦‬اةنس ولكنها منيت بهزيمة وخسائر جسيمة ‏‪٠‬‬ ‫حيث غرقت السفن كلها ‪ .‬الأمر الذي جعل عمر بن الخطاب يفكر مليا في عمليات البحر‬ ‫اا أوعمليات التوغل في غرب إفريقية ‪ .‬ويبدو أن الخليفة عمر بن الخطاب كان يهدف‬ ‫إلى تدعيم الوجود الإسلامي في البحر الأحمر والمياة الشمالية من المحيط الهندي من‬ ‫أعمال القراصنة التي انتشرت في تلك السواحل وتهدد حركة السفن العربية والإسلامية ‪.‬‬ ‫وكان تأخر الخليفة عمر عن الرد علي تلك الخسائر البحرية يدل علي بعد نظره حيث أنه‬ ‫كان يركز أساسا علي الجبهات الشمالية التي تتركز فيها قوات الفرس وقوات الرومان‬ ‫‪.‬وكان لتلك السياسة آثارها الناجحة فيما بعد ‪ .‬حيث تم في خلاقة عمر حسم الوضع‬ ‫‏(‪ )١‬مازالت قضية ركوب العرب البحر ‪ .‬وغزو المسلمين للبحر زمن عمر بن الخطاب لم توضح من قبل‬ ‫الباحشين حيث رددت معظم الدراسات بأن العرب أمة بعيدة عن غزو البحر ‪ .‬حتى خلافة عثمان بن‬ ‫عفان ‪ .‬وقد استندت تلك الآراء على أمرين هما ‪:‬‬ ‫‪ -‬الأول أن حياة العرب قبل الإسلام ارتبطت بالصحراء ‪ .‬وأنهم نشطوا في مجال التجارة البرية عبر شبكة‬ ‫الطرق التي تمر ببلادهم ‪ .‬واشتهروا بذلك فلما امتدت فتوحاتهم في عصر الإسلام وشملت سواحل‬ ‫هابوا البحر لفترة طويلة ‪.‬‬ ‫‪ -‬الثاني ‪ :‬رسالة عمر بن الماص في وصف البحر التي أرسلها لعمر بن الخطاب ‪ .‬وذكر له فيها أن‬ ‫"البحر خلق عظيم وأن الناس فيه دود على عود" فأقسم عمر بن الخطاب ألا يحمل فيه مسلما أبدا‪..‬‬ ‫لكننا نرى أن المرب أكثر الامم القديمة خبرة في البحر والملاحة قبل الإسلام وحتى في خلافة‬ ‫عمر بن الخطاب ‪ .‬فعرب عمان والبحرين واليمن لهم دورهم الواضح في تجارة العالم القديم البحرية‬ ‫وفي الملاحة في المحيط الهندي قبل الإسلام ‪ .‬واستمر هذا الدور بوضوح حتى المصر الإسلامي‬ ‫الجديد ‪ .‬كما كانت هجرات المسلمين مستمرة في العصر المكي إلى الحبشة عبر مياه البحر الأحمر ‪,‬‬ ‫وكذلك كانت حركة التجارة مستمرة عبر موانيء البحر الأحمر في صدر الإسلام ‪.‬‬ ‫وتعد الحملة البحرية الكبرى التي أرسلها الخليفة عمر بن الخطاب بقيادة واليه على الخليع‬ ‫المربي عثمان بن أبي الماص الثقفي على سواحل الهند الغربية وسواحل السند وقد ضمت تلك‬ ‫الحملة عربا من عمان وغيرهم ممن لهم الخبرة في تلك المياه ‪ .‬وكان ذلك ‪١٥‬ه‪٦٣٦/‬م‏ كما قام‬ ‫عثمان بحملة أخرى بحرية على سواحل فارس بإذن من الخليفة عمر بن الخطاب بعد معركة جلولاء‬ ‫‏م‪١‬ا‪ /٧٢‬مما يدل على النشاط البحري الواضح للعرب والمسلمين في صدر الإسلام وفي خلافة‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫عمر بن الخطاب ‪.‬‬ ‫انظر ‪ :‬خليفة بن خياط ‪ .‬تاريخ ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ ١٥١‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‪ -‬البلاذري ‪ .‬فتوح البلدان ‪ .‬ج ‏‪. ٢‬ص ‪ :‬‏‪. ٥٣‬‬ ‫_‬ ‫‪١٧٨‬‬ ‫العسكري لصالح المسلمين أمام الفرس والروم ‪.‬‬ ‫بدأت خلافة عثمان بن عفان (‪٣٢٥-٢٣‬ه)‏ بتطور جديد على جبهات القتال في‬ ‫إفريقية وسواحل البحر الأحمر ‪ .‬وذلك أن زمام المبادرة البحرية انتقلت لأول مرة إلى أيدي‬ ‫المسلمين بعد انتصارهم في معركة ذات الصواري ‪.‬أمام سواحل الإسكندرية سنة ا‪٣٤‬ه‏‬ ‫‪/‬سنة ‪٦٥٥‬م‪.‬‏ حيث أن البيزنطين خططوا لاسترجاع الإسكندرية من جديد ‪ .‬فهاجموها‬ ‫بخمسانة مركب أو أكثر ‪ .‬فنتصدي لهم واليها عبد الله ين أبي السرح ‪ .‬من قبل الخليفة‬ ‫عثمان وجمع لمواجهتهم أسطولا كبيرا ‪.‬ودارت معركة كبري عرفت بذات الصواري لكثرة‬ ‫أشرعة السفن بها اا" ‪.‬‬ ‫وقد ترتب علي تلك المعركة البحرية انقلاب موازين القوي في البحر المتوسط وشمال‬ ‫إفريقية لصالح الدولة الإسلامية ‪.‬ويدأت النواة الأولى للقوات البحرية الإسلامية في البحر‬ ‫المتوسط ‪.‬رالتي سيكون لها دورها الهام في السيطرة علي جزر البحر المتوسط والمساهمة‬ ‫في تامين السواحل الشمالية لقارة إفريقية والمساعدة علي غزو سواحل أوربا الجنوبية ‪.‬‬ ‫وعلى الجبهة الإفريقية بدأعبد الله بن سعد في الاستعداد لغمزو إفريقية والتوجة‬ ‫غربا‪ .‬ووصلته الإمدادات من المدينة ‪ .‬حيث ضم جيشة العديد من الصحابة منهم عبد‬ ‫الرحمن ابن أبي بكر ‪ .‬وعبد الله بن الزبير ‪ .‬وعبد الله بن عمر ‪ .‬كما انضم إليه مروان بن‬ ‫الحكم ‪.‬وتوجه الجيش إلي بلاد المغرب الأدني حيث يوجد البطريق جرجير يقود تحالفا من‬ ‫القبائل البربرية وقوة رومانية ‪ "".‬واتخذ من سبيطلة مركزا له ‪.‬ويدأ عبد الله بن سعد‬ ‫يتعرف علي جنوب المنطقة ثم عاد لينقض برجالة علي الجيش البيزنطي في سهل سبيطلة‬ ‫ويتمكن من إنزال الهزيمة السريعة به ‪ .‬وقتل جرجير علي يد عبد الله بن الزبير ‪.‬في الوقت‬ ‫نفسه عرض عليه البيزنطيون في السواحل دفع جزية مقابل ارتحالة عن منطقة المزاق ("' ‪.‬‬ ‫ورغم أن حملة عبد الله بن سعد لم تستمر أكثر من عام إلا أنها مكنت من كسر‬ ‫(‪ )١‬ابن عبد الحكيم ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٩٠ : ‎‬‬ ‫‪ -‬الطبري ‪ .‬ج ‏‪ . ٤‬ص ‪ :‬‏‪ ٨٨‬ومابعدها ‪ .‬وإن كان الطبري قد جعل تلك المعركة ضمن أحداث ‏‪ ٣١‬ه‬ ‫‏(‪ )٢‬مؤنس ‪ .‬فتح العرب للمفرب ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٩٢‬‬ ‫‏(‪ )٣‬جوليان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ج ! ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ١٧١‬‬ ‫‪_ ١٧٩‬‬ ‫الهيمنة البزنطية علي شمال إفريقية ‪ .‬وكما تعرف المسلمون علي طبعية البلاد وقبائلها ‪.‬‬ ‫وتحسسوا جيوب المقاومة بها ‪ .‬لكن أحداث الفوضي والفتنة التي حلت بالعالم الإسلامي‬ ‫منذ الفترة الأخيرة من سني الخليفة عثمان بن عفان ‪ "(.‬وكانت مصر طرفا فيها ‪ .‬الأمر‬ ‫الذي عرقل وأخر عمليات إتمام الفتح لمنطقة شمال إفريقية ‪ .‬وتحولت القوات عن حبهاتها‬ ‫إلي المواجهة في معركة رهيبة ‪.‬تعد أول صورة من صور الحرب الأهلية في العالم الإسلامي‬ ‫‪ .‬ومثل مهزلة كبرى في التاريح الإسلامي ‪ .‬لما ترتب عليها من انقسامات بين المسلمين‬ ‫مازالت لها آثارها حتي الان ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬حدثت انقسامات بين الصحابة ويعض المسلمين حول سياسة الخليفة عثمان بن عفان في سنى حكمه‬ ‫الأخيرة ‪ .‬حيث اهتمه البعض بأن قرب أقاربه من بني أمية وحظى بعضم بجز‪٠‬‏ كبير من خراج‬ ‫الولايات خاصة إفريقية ‪ .‬كما اعترض البعض على يمبينه لبعض الولاة الذين يمتون إليه بصلة ‪.‬‬ ‫فنتجمعت خيرط المعارضة في المدينة وانتهت بحصار دار الخليفة عثمان بن عفان لفترة طويلة‬ ‫استمرت أربعين يوما وانتهت الأمور بقتل الخليفة عثمان بن عفان في داره على أيدي الثوار الذين‬ ‫قدموا من البصرة والكرفة ومصر مطالبين بتصحيح الأرضاع في ولاياتهم ‪.‬‬ ‫ورغم سرعة انتقال السلطة إلى الإمام علي بن أبي طالب سنة ‏‪ ٣٥‬ه إلا أن العملية التي تم بها‬ ‫قتل الخليفة عثمان أدت إلى ظهور تيارات جديدة تحاول الثأر من قتله ‪ .‬واتخذها البعض الفرصة‬ ‫وهكذا سادت الفوضي والفتنة العالم الإسلامي‬ ‫للوثوب إلى الخلافة‬ ‫انظر ‪ :‬بيضون ‪ .‬التيارات السياسية ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ ٦٥‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‏‪ ١٨.‬س‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫إقربقية في السياسة ال عموببة‪‎‬‬ ‫حظيت إفريقية باهتمام كبير في السياسة الإسلامية طيلة العصر الأموي ‪ .‬ذلك أن‬ ‫موقع عاصمة الأمويين في دمشق جعل الإهتمام الأكبر للأمويين يتجه صوب حوض البحر‬ ‫المتوسط ‪ .‬حيث تشكل السواحل الإفريقية خيرا كبيرا فيه ‪.‬‬ ‫لقد انتهت الأزمنة السياسية التي تعرض لها الإسلامي منذ مقتل الخليفة عثمان بن‬ ‫معاوية بن أبي سفيان إلى‬ ‫عفان سنة ‏‪ ٣٥‬ه حتي مقتل الإمام علي سنه ‪٤ .‬ه‏ بوصول‬ ‫الجديد يشمر سواعده لدفع‬ ‫الخلافة ‪ .‬بعد أحداث معركة صفين المريرة (" ‪.‬وبدأ الخليفة‬ ‫لإزالة المرارة التي علقت في‬ ‫العرب نحو استئناف حركة الفتوحات الإسلامية من جديد‬ ‫إلى الخلافة ‪.‬ومن أجل شغل‬ ‫نفوس المسلمين من أحداث الفتنة ‪ .‬وطريقة وصول الأمويين‬ ‫العرب بالجهاد وتوجيه حماسهم نحو نشر الإسلام "'‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬هي المعركة التي وقعت بين الإمام على من جهة وبين والي الشام معاوية ين أبي سقيان ‪ .‬وصفين‬ ‫قرية صغيرة على الحدود العراقية السورية ‪ .‬ذلك أن معاوية علق البيعة للامام علي بعد تسليمه }‬ ‫قتلة الخليفة عثمان ‪ .‬وهي مهمة الخليفة ‪ .‬الأمر الذي أثار عليه الإمام علي والمسلمون معتبرين عدم‬ ‫البيعة للإمام على خروجا عن الصف الإسلامي ‪ .‬وينبغي رد الخارج باليف ‪ .‬فتحرك الإمام علي‬ ‫من الكوفة بعد أن كان قد فرغ من معركة الجمل واتحبه إلى الشمال الشرقي لملاقاة جيوش معاوية‬ ‫من الشاميين ودارت بين الطرفين معارك متتالية في صفين كاد النصر أن يكون للامام علي لولا‬ ‫نصيحة عمرو بن العاص لمعاوية برفع المصاحف على أسنة الرماح طلبا للتحكيم ‪ .‬وانتهى الأمر‬ ‫وتحوله لصالح معارية بعد ذلك ‪.‬‬ ‫بتجميد الموقف‬ ‫وقد أحدث هذا الأمر انقساما بين جند الإمام لم يتمكن من رأب صدعه ‪ .‬ذلك أن وجد نفسه بين‬ ‫تيارين من جنده أحدهما يرفض التحكم والآخر يقبله ‪ .‬وحينما تأكد أن الإمام أرسل وفدا للتحكم‬ ‫خرج من جيشه جماعة المحكة الرافضين للتحكيم رافعين شعار لاحكم إلا لله وعرفوا بالمحكمة‬ ‫وأصبح في العالم الإسلامي ثلاث قيادات ‪ :‬الإمام علي ‪ .‬المحكمة ‪ .‬معاوية ‪ .‬ويعد قتل الإمام‬ ‫علي سنة ‪ .‬اه صار الأمر لمعاوية ‪.‬‬ ‫‪. ٧١‬‬ ‫(‪ )٢‬بيضون ‪.‬ا مرجع البابق ‪ .‬ص‪: ‎‬‬ ‫_‬ ‫‪١٨١‬‬ ‫ويمكننا تقسيم النشاطات الإسلامية علي الجبهة الإفريقية إلي مرحلتين هما ‪:‬‬ ‫لمرحلة الاولي ‪ :‬مرحلة العصر السفياني ‪:‬‬ ‫وقد استمرت تلك المرحلة ما يقرب من ربع قرن تميزت خلالها العمليات الإسلامية‬ ‫بالمد والجزر ‪.‬ثم تاسيس حاضرة جديدة للإسلام لأرل مرة في القيروان ‪.‬‬ ‫المرحلة الثانية ‪ :‬مرحلة العصر المرواني ‪:‬‬ ‫وتميزت باستقرار أوضاع المنطقة الإفريقية لصالح المسلمين ‪ .‬وبدأت مراحل الاندماج‬ ‫بين العرب والبربر ومشاركة البربر في أحداث العالم الإسلامي ‪.‬‬ ‫بدأ معاوية بالاهتمام بفتح إفريقية فأرسل جيشا كبيرا يضم مشاهير المسلمين منهم‬ ‫عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وغيرهما ‪ .‬وجعل علي رأس الجيش معارية بن حديج‬ ‫سنة ‪٤٥‬ه‪/‬سنة‪٦٦٥‬م‏ ( ‪.‬في الوقت الذي لم تستغل فيه المراكز البيزنطية في إفريقية‬ ‫فترة توقف الفتوحات لتجميع صفوفها ‪ .‬بل زادت القسطنطينية في سياسة الاضطهاد‬ ‫للفرق الدينية المخالفة لها فأصدار الإمبراطور قنسطانز الثاني ‏(‪ -٦٤٢‬‏)م‪ ٨٦٦‬مرسوما‬ ‫جديدا اسمه النموذج ع(‪7‬آ عا يقضي بإنزال صارم المقاب علي كل من لايتبع الرموز‬ ‫القديمة من دون إشارة إلي اصحاب المشيئة الواحدة او المشيئة المزدوجة ‪ .‬واثار عليه بذلك‬ ‫المسيحيين الأرثوذكس في شمال إفريقية ‪'"(.‬‬ ‫تحرك جيش معاوية بن حديج صوب الفرب حتي وصل إلي بنزرت ‪ .‬وبدأت أول‬ ‫المواجهات بينه وبين البيزنطيين ‪ .‬ومن تلك المنطقة وجه معاوية بن حديج قوة بحرية من‬ ‫قبله صوب جزيرة صقلية يقودها عبد الله بن قيس عادت بغنائم كثيرة (" كما أرسل‬ ‫قوات من جيشه نحو الداخل يقودها عقبة بن نافع الفهري سنة ‪٤٦‬ه‏ توعلت في الداخل‬ ‫صوب واحة فزان ووصلت إلى غدامس واتجهت إلي قفصة وقسطيلية بالمغرب الأدني من‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ :‬‏‪٢٦‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪ ١‬لحكم ‪ .‬لمصد ر النا بق‬ ‫عبد‬ ‫‏) ‪ ١ ( ١‬بن‬ ‫‪ :‬‏‪. ١٩١‬‬ ‫‏‪ .٢‬ص‬ ‫(آء) جوليان ‪ .‬ا مرجع السايق ‪ .‬ج‬ ‫‏(‪ )٣‬ابن عبد الحكم ‪ .‬المصدر نفسه ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٢٦١‬‬ ‫_‬ ‫‪١٨٢‬‬ ‫جهة الخلف ‪.‬وكانت تلك العمليات بمثابة التفاف حول خطوط الرومان وتحصيناتهم ‏(‪ '١‬في‬ ‫الوقت نفسه تمكن معاوية ومعه القوة الأساسية من الجيش من هزيمة جيش بيزنطي في‬ ‫تلك‬ ‫"سوسة" وا قتحم حصن جلوبي مذكة ثم عباد إلى مصر بعد أن كانت‬ ‫حضرموت‬ ‫المناطق قد استسلمت له ‪.‬‬ ‫حملت حملة معاوية بن حديج معها إلي إفريقية أهم شخصية إسلامية أثرت في‬ ‫تارج الإسلام وثقافتة في إفريقية وهو عقبة بم نافع ‪.‬الذي استفاد من تجربته السابقة‬ ‫في تلك المنطقة منذ أن كان مع والده ‪ .‬وبالإضافة إلى أعمال عقبة بن نافع العسكرية‬ ‫الموفقة في إفريقية ضد الروم والبربر ‪.‬فإن سياسة عقبة وأعماله بإفريقية قد تخص عنها‬ ‫نتانع هامة أهمها ‪:‬‬ ‫‏‪ - ١‬أنشاء قوة بحرية للمسلمين لمواجهة القوة البحرية البيزنطية التي تتخذ من‬ ‫صقلية مركزا لها ا" ‪ .‬والتي كانت تهدد دائما الوجود الإسلامي بإفريقية‬ ‫وخاصة سواحلها والمدن الشمالية بالمنطقة ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٢‬أنشاء حاضرة للإسلام في إفريقية في سهل فسيح متصل بالداخل وقريب من‬ ‫الساحل ‪.‬وهي القيروان ‪.‬التي أصبحت عزا للعرب والإسلام حتى الوقت‬ ‫الحاضر ‪ .‬كما رأى عقبة ‪ .‬وتمكنت تلك المدبنة من تأمين خطوط الاتصال بين‬ ‫قوات المسلمين في مصر وإفريقية ("'‪ .‬وأصبحت المدينة منذ سنة ‏‪ ٥ ٠‬ه‪ /‬سنة‬ ‫‪٠‬ام‏ منارة للإسلام وثقافتة وحضارته ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬التقرب إلى البربر ‪ .‬سكان البلاد الأصيليين ‪.‬وكان من نتيجة ذلك انصهار‬ ‫العرب مع البربر ويداية التحول الجماعي للبربر إلى الإسلام والمشاركة في‬ ‫أحداث‪ :‬العالم الإسلامي ‪ .‬وأصبحت شخصية عقبة أول الشخصيات التي‬ ‫ترتبط بوجدان البربر من القادة العرب المسلمين حتي اليوم ‪.‬‬ ‫‪ :.:‬‏‪. ٢٦٢‬‬ ‫(ا\( ابن عبد الحكم ‏‪ ٠‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫‪ :‬‏‪. ٨٦‬‬ ‫‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫‏(‪ (٢‬حسن محمود‬ ‫‏‪١٦٥‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ .‬الملحتمعات الاإبلامية ‪ .‬ص‬ ‫‏)‪ (٣‬شكري‬ ‫‪.‬‬ ‫‪١ ٦ ٧‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫نفسه‪‎‬‬ ‫‪ ١‬ر جع‬ ‫‪٠‬‬ ‫شكري‪‎‬‬ ‫) ‪( ٤‬‬ ‫‪١٨٢‬‬ ‫‏‪ - ٤‬آصبحت إفريقية تحت قيادة عقبة بن نافع تحتل حيزا هاما في السياسة الأموية‬ ‫‪.‬ولذلك فقد أصدر الخليفة معاوية بن أبي سفيان قرارا بفصل ولاية إفريقية‬ ‫عن ولاية مصر ‪.‬وجعل علي إفريقية عقبة بن نافع ‪ .‬بينما على مصر واليه‬ ‫معاوية بن حديج ‪ .‬وهي خطوة هامة نحو ترسيخ الإدارة الإسلامية في إفريقية‬ ‫‪.‬لكنة عاد فجمعها وعزل عقبة وولي مكانه أبا المهاجر دينار ‪ .‬مولي بني‬ ‫بعد ‪1‬أن عين ‪ .‬علي مصر واليا جديدا ‪.‬‬ ‫‪١‬‬ ‫مخ ‏‪.‬زوم (‬ ‫بعد انتصار ات عقبة الأولى بدأ يفكر في إنشاء معسكر جديد لقواتة وللعرب في‬ ‫إفريقية لتخفف عنهم طول طرقها وتسهل التعامل مع ظروفها ‪ .‬واختار منطقة تشبه إلى‬ ‫حد كبير بيئة العرب التي ألفوها في شبه الجزبرة العربية ‪.‬كما أنها كانت بعيدة عن البحر‬ ‫بمسافة تمكنها من الاستعداد لأي خطر قادم منه ‪ .‬بالإضافة إلي ذلك فإنها تقع علي الطرق‬ ‫البرية للقوافل المتجهة إلى الواحات الصحراوية وإفريقية جنوب الصحراء‪ .‬كما أنها تقع‬ ‫علي الطرق البرية التي تربط بين مراكز شمال إفريقية ‪.‬ويعد تخطيط المدينة الجديدة‬ ‫وتأسيس المسجد الجامع بها أقبل الناس علي السكني بها وزاد عدد سكانها‪.‬‬ ‫ورغم تقلب الأحوال الإدارية في إفريقية في سنوات حكم معاوية وابنه يزيد ‪ .‬إلا أن‬ ‫إنشاء القيروان حمل في طياته خطوة إدراية هامة للعرب في القارة الإفريقية ‪ .‬فأصبحت‬ ‫القيروان مدينة الإسلام ومقر الولاة والعمال ‪ .‬وإليها اتجهت قوافل التجار ‪ .‬وتصدها‬ ‫العرب ومختلف الأجناس ‪ .‬وأصبحت مطمعا لكثير من ولاة بني أمية لتزايد مواردها ‪.‬‬ ‫بعد أن كانت الأنظار موجهة صوب مصر ‪.‬وأصبحت القيروان قبلة الغرب وإفريقية‬ ‫ومشعل الحضارة وكعبة العلماء '"' ‪ .‬ونفذ تأثيرها إلى إفريقية جنوب الصحراء ‪.‬بل‬ ‫قصدها علماء من المشرق ومن مصر‪.‬‬ ‫كان للقيروان الفضل الأول في تثبيت الإسلام بين البربر وسكان إفريقية ‪ .‬ونشر‬ ‫الحضارة العربية والإسلامية بينهم ‪.‬بعد أن ظلوا يتقلبون بين العرب وبين الروم لمرات عديدة‬ ‫فأسلموا ايديهم وقلوبهم للاسلام بصورة نهائية وأصبحت مدينة هامة للإسلام في غرب‬ ‫البحر المتوسط وإفريقية ‪ .‬وقاعدة عسكرية للزود عن الإسلام وعقيدته في تلك الأنحاء‬ ‫() ابن عبد الحكم ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٢٦٥‬‬ ‫‏(‪ (٢‬شكري‪ .‬المرجع البابق ‪.‬ص ‪ :‬‏‪. ١٦٨‬‬ ‫_‬ ‫‪١٨٤‬‬ ‫"فلولا قاعدة القيروان لقضي عن زهير بن قيس البلوي وجيشه حينما ارتد البربر وهبوا‬ ‫لمساندة الروم وانقضوا على الجيش الإسلامي ‪'(.‬‬ ‫ونظرا لبعد نظر عقبة في سياسته بإفريقية أصدر الخليفة يزيد بن معاوية قرارا‬ ‫بإعادة عقبة إلى افريقية ثانية سنة ‪٦٢‬ه‪/‬‏ سنة ‏‪ ١‬‏‪.‬م‪ ٨٦-٢٨1٦‬فعاد من جديد ليستفل‬ ‫إنحبازاته السابقة ويشن غاراته علي البربر والروم وانطلق نحو الفرب حتي وصل إلى طنجة‬ ‫‪.‬بمد أن هزم الروم والبربر في باغماية ولاماباز وتاهرت (" وأضاف القائد المربي إلى‬ ‫أحضان الدولة الإسلامية مساحات جديدة وأوصل حدود الدولة الإسلامية حتي سواحل‬ ‫المحيط الأطلسي لأول مرة ‪ .‬وتمكن من كسر مقاومة البربر خاصة قائدهم كسيلة ("' وشل‬ ‫تحالفهم المستمر مع الروم ‪.‬بعد هزيمتهم في اكثر من معركة ‪.‬‬ ‫وأثنا ه عودة عقبة بن نافع بوغت في منطقة بسكرة عند رجوعه بغارة شديدة قام‬ ‫بها جمع من البربر والروم ‪.‬بعد ان كان قد قسم جيشه إلى ثلاثة فيالق واتجه هو على رأس‬ ‫كتيبة إلى جنوب الأوراس ‪.‬لكن كسيلة ‪ .‬وهو قائد بربري من قبيلة أوروية ‪.‬كان قد عرف‬ ‫خط سيره وانسلغ عنه في مكان مجهول ووحد القبائل البريرية مع الروم وحاصر عقبة‬ ‫وهجموا علية في حدود الصحراء قرب تهودة علي مصب الوادي الأبيض وقتل قتيبة مع‬ ‫رجاله سنة‪٦٣‬ه‏ ‪/‬سنة ‏‪ ٦٨٣‬مأ ‪ .‬وكان هذا الأمر بمثابة كارثة حلت بجهود المسلمين في‬ ‫إفريقية ‪ .‬إذ دخل كسيلة القيروان ويقي فيها لمدة ثلاث سنوات ‪ .‬واصبح صاحب السلطة‬ ‫الحقيقية على إفريقية وبلاد المغوب أ" وظهرت حركات ردة بين البرير من جديد ‪.‬وانسحب‬ ‫المسلمون إلى برفة بقيادة حنش الصنعاني ‏«‪. '١‬‬ ‫جاء العصر المرواني بدماء عربية وإسلامية جديدة إلى إفريقية ‪.‬وذلك أن عبد الملك‬ ‫(‪ )١‬حسن محمود ‪ .‬المرجع السابق ‪.‬ص‪. ٧١ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬جوليان ‪ .‬تاريخ إفريقية الشمالية ‪ .‬ج‪ . ٢ ‎‬ص‪. ٢٠ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣٢‬مؤنس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٨٤ : ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬دفن جثمان عقبة في مسجد الواحة التي تحمل اسم "سيدي عقبة" على بعد خمسة كيلومترات جنوب‬ ‫تهودة تحت قبة متواضعة البناء يفد إلبها السلمون من بلاد المغرب ‪.‬‬ ‫(‪ )٥‬مؤنس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٨٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )٦١‬ابن عذاري ‪ .‬البيان المغرب ‪ .‬ج‪ ٠.١ ‎‬ص‪. ١٢١ : ‎‬‬ ‫۔‬ ‫‏‪١٨٥‬‬ ‫ابن مروان ‏(‪٦٨ -٦٥‬ه ‪ -٦٨٥/‬‏نأدعب)م‪ ٥٠٢‬وطد نفسه في الشام ومصر سارع إلى‬ ‫إرسال جيش كبير إلي شمال إفريقية سنة‪٦٩‬ه‏ يقودة زهير بن قيس البلوي ؛ ووصل الجيش‬ ‫إلى القيروان واشتبك مع كسيلة ‪.‬وتمكن الجيش من هزيمة كسيلة وجمرعه وقتله في المعركة‬ ‫‪.‬ولكن زهير قتل بعد ذلك أمام جموع جديدة من الروم وصلت إلي منطقة برقة ‪.‬حيث أنه‬ ‫ترك قوة بالقيروان واتجه صوب برقة حيث قتل ‏‪. "١‬‬ ‫ويعد أن أخمد الخليفة عبد الملك ثورة ابن الزبير في الحجاز والعراق ‪.‬تفرع لأوضاع‬ ‫إفريقية فأعاد تجهيز جيش من جديد إليها بقيادة حسان بن النعمان ‪ .‬وقد بادر القائد‬ ‫الجديد إلي انتهاج سياسة عسكرية جديدة في إفريقية ‪ .‬حيث اتجه إلى إزالة الوجوه‬ ‫البيزنطي من قرطاجنة سنة ‪٧٥‬ه‏ ‪.‬واتجه بقواته صوب جبال الأوراس حيث مركز المقاومة‬ ‫البربرية بقيادة الكاهنة "دهية "‪ .‬وقبل أن يشتبك معها أمن نفسه من البحر بهزية‬ ‫تعزيزات بيزنطية وصلت المنطقة من جديد ‪ .‬وجعل من مدينة تونس مركزا للصناعة‬ ‫البحرية الإسلامية على البحر ‪ .‬ويدأت الخطوات الأولى للسيطرة الإسلامية النهائية على‬ ‫مياه البحر المتوسط وسواحله وجزره ("" ‪.‬‬ ‫كانت الظروف السياسية قد استقرت نهائيا للأموبين في المشرق الإسلامي والعراق ‏‪٨‬‬ ‫فأمد الخليفة مروان جيش حسان بتعزيزات جديدة وصلته قبل الاشتباك النهائي مع الكاهنة‬ ‫ودرات المعركة الحاسمة بين جيش حسان وجيش الكاهنة عند منطقة تسمى بئر الكاهنة‬ ‫وانتهت بمقتل الكاهنة وهزيمة البربر "" ‪ .‬وبذلك خلصت منطقة شمال إفريقية بصورة نهائية‬ ‫للمسلمين سواء المدن أو القرى أو سكان الجبال والصحراء ‪.‬‬ ‫استدعى حسان الى دمشق وحل محله موسي بن نصير سنة ‪٨٦‬ه‪.‬‏ ني ولاية إفريقية‬ ‫‪.‬التي استقلت نهائيا عن ولاية مصر ‪.‬ويدأ الوالي الجديد يعد العدة لتوسيع نطاق ولايته‬ ‫‪ .‬فأخضع قبائل المغرب الأقصى حتي المحيط الأطلسي وتوغل إلى سجلماسة ودخل طنجة‬ ‫وهي اهم مراكز قبائل البربر خاصة قبيلة صنهاجة ‪ .‬كما فرض نفوذه على قبائل عمارة‬ ‫(‪ )١‬جوليان ‪.‬ا مرجع السابق ‪ .‬ج‪ .٢ ‎‬ص‪. ٢٥ : ‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٢٦ :‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫‪ .‬ج‪‎‬‬ ‫‪.‬ا مرجع نفسه‬ ‫) ‪ ( ٢‬جوليا ن‬ ‫‪. ٣٠‬‬ ‫‪ ١٠‬مرجع السابق ‪.‬ج‪ . ٢ ‎‬ص‪: ‎‬‬ ‫)( جوليان‪‎‬‬ ‫‪_ ١٨٦١‬‬ ‫‏‪ (١‬وبدأت أعدا د من تلك القبائل تنخرط في خدمة الجيش‬ ‫وبرغوانة ومكناسة وهسكورة‬ ‫الإسلامي ‏(‪, )٢‬‬ ‫وجاءت أولى مساهمات البرير الواضحة في التاريخ الإسلامي في ولاية موسى بن‬ ‫نصير منذ سنة ‪٨٦١‬ه‏ مع بدا ية عهد الخليفة الأموي الجديد الوليد بن عبد الملك ‏(‪-٨٦‬‬ ‫‏‪/٥.٧-‬ه‪ ٦٩‬‏‪).‬م‪١٧‬ه ذلك ان موسى جعل من مدينة طنجة مركزا اساسيا للبربر في‬ ‫منطقة الغرب ‪ .‬وأسكن منهم حوالي سبعة عشر ألفا ‪ .‬وولى عليهم طارق بن زياد ‪.‬‬ ‫وبدأت عمليات فتح الأندلس سنة ‪٨٩٢‬ه‪/‬سنة ‏‪ ٧١١‬م‪ .‬تتقدمها حملة طارق بن زياد‪.‬الذي‬ ‫تمكن من النزول بجنده على الساحل الأندلسي في المكان المعروف باسمه الآن ‪.‬ودارت‬ ‫المعارك الهامة في فتح الأندلس بينه وبين القوط وكان أهمها معركة "وادي لكة" التي‬ ‫انتصر فيها طارق وجيشه علي الملك لزريق ("'‪.‬‬ ‫وأصبحت معركة "وادي لكة" التي انتصر فيها القائد المسلم طارق بن زياد توازي‬ ‫في أهميتها معركتي القادسية مع الفرس ‪ .‬واليرموك مع الروم ‪ .‬لما أسقر عنها من انهيار‬ ‫جبهة القوط في الأندلس أمام المسلمين ويدأت مدنهم تتهاوى أمام جيوش المسلمين‬ ‫فسقطت مالقة وغرناطة وطليطلة ‪ .‬وانساحت الجيوش العربية في أرض الأندلس في كل‬ ‫اباه ‪ .‬وكان للبربر دورهم الكبير في تلك الفترة ‪ .‬حيث كانت لهم خبرة سابقة بالسواحل‬ ‫الإفريقية والأندلسية ‪ .‬وقد شكل البربر معظم الحملات الأولى للفتح الإسلامي للأندلس‬ ‫‪.‬كما شاركوا في حملة موسى بن نصير التي عبرت إلى الأندلس عبر اشبيلية وساحل باجة‬ ‫‪ .‬والتقي في النهاية مع طارق في طليطلة ‏(‪.'٨‬‬ ‫وأضافت سياسة موسى بن نصير انبازات إسلامية أخرى في إفريقية وأوساط البربر‬ ‫تضاف إلى إنجازات عقبة بن نافع وحسان بن النعمان ‪ .‬لقد أسس مراكز خاصة للبربر ‪.‬‬ ‫وقربهم إليه ‪ .‬وحببهم في الإسلام وعرفهم بمبادئه ‪ .‬وأشركهم في جيشه ‪ .‬فأحس البربر‬ ‫بنظام جديد في بلادهم وروح حضارية سامية لم يألقوها من قبل فاقبلوا علي الإسلام!‬ ‫‪ :‬‏‪. ٣٢١‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫السابق ‪ .‬ج‪٢‬‬ ‫‏‪ ٠‬الرجع‬ ‫‏(‪ (١‬جوليان‬ ‫‪. ١١٤‬‬ ‫(‪ )٢‬محمد علي دبوز ‪ .‬تا ريخ المعرب الكبير ‪ .‬ج‪ . ٢ ‎‬ص‪: ‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٢ ٧ ٥:‬‬ ‫‪ ١‬لسا بق‪ ٠ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫) ‪ ( ٣‬ا بن عيد ا لحكم‪ ١ ٠ ‎‬لمصدر‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -.‬بيروت‪‎‬‬ ‫‪ .٢٨٥‬د‪ ١ ‎‬ر صا در‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫‪ .‬ج‪‎‬‬ ‫‪ .‬تا ريخ‪ ١ ‎‬ليعقوبي‬ ‫) ا‪ ١ ( ‎‬ليعقومي‪ ٠ ‎‬أحمد بن أ بي يعقوب‬ ‫‪١٨٧‬‬ ‫وأرسل لهم من يعلمهم دينهم الجديد فرسخت مبادنه في عقولهم وقلوبهم ‪ .‬وبدأت ثقافة‬ ‫الإسلام تسري بين دماء البربرأا'‪.‬‬ ‫وكانت سني حكم عمر بن عبد العزيز (‪١٠١-٩٩‬ه)‏ أيضا ذات أثر كبير في‬ ‫ترسيخ الإسلام بين البربر وسكان إفريقية ‪ .‬حيث عمل واليه اسماعيل بن أبي المهاجر علي‬ ‫استمالة البربر إلي الإسلام والدعوة إليه بين قبائلهم ومناطقهم "' ‪ .‬وامده الخليفة عمر بن‬ ‫عبد العزيز بعدد من التابعين يعلمون الناس أمور دينهم ويفقهون اهل إفريقية منهم‬ ‫‪:‬موهب بن حد المعافري ‪.‬الذي مات بإفريقية ‪ .‬وحبان بن أبي جبلة‪ .‬واسماعيل بن عبيد‬ ‫الله ‪.‬وطلق بن جايان‪.‬ويكر بن سوادة ‪.‬وعبد الرحمن بن رافع التنوخي ‪ .‬الذي تولى قضاء‬ ‫إفريقية ‪ .‬وأبو عبد الرحمن الحبلي ‪.‬واسمه عبد الله بن يزيد ‪ .‬الذي مات بإفريقية وله‬ ‫مسجد بها يعرف باسمه ‪.‬وسعيد بن مسعود ا لتجيبي ‏)‪. (٣‬وقد تمكن هؤلاء الدعاة وهم من‬ ‫خيار الفقهاء والتابعين من نشر الإسلام بين أهل إفريقية وتحريم المنكرات التي كانت سائدة‬ ‫بين أهلها مثل الخمر (" ‪ .‬وانتشر هؤلاء الدعاة في مضارب البرير وقراهم وأوديتهم ‪.‬‬ ‫حتى ساد الإسلام بين قطاعات واسعة من سكان شمال افريقية ‪.‬‬ ‫ورغم تلك الجهود الايجابية من قبل معظم قادة الأمويين في إفريقية فإن هناك‬ ‫مارسات من قبل بعض الولاة وقعت في بلاد البربر ‪ .‬لاتمت بصلة إلي الإسلام ‪ .‬وأصبحت‬ ‫تقلق عمليات الاستقرار الإسلامي والعربي في إفريقية منذ بداية القرن الثاني الهجري ‪.‬‬ ‫فقد حرص بعض ولاة بني أمية على جمع الأموال من البربر بطرق غير مشروعة ‪ .‬الأمر‬ ‫الذي أحدث صدمة في نفوس البربر المسلمين الذين لاحظوا أن هناك بونأ شاسعا بين‬ ‫مباديء وبين ممارسات هؤلاء الولاة ‪ .‬كما عانى البربر من عدم مساواتهم مع العرب ‪.‬‬ ‫خاصة أثناء اشتراك البربر في عمليات عسكرية مع العرب ‪.‬‬ ‫ويدأ البرير يتبرمون من تلك السياسة ‪.‬الأمر الذي جعلهم يتقبلون فكر إسلامي حمل‬ ‫(‪ )١‬حسن محمود ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٨٩ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬حسن محمود ‪ .‬المرجع نفسه‪. ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬ابن تميم ‪ .‬أبو العرب محمد بن أحمد كتاب طبقات علماء إفريقية ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ . ٢١‬دار الكتاب اللبناني‬ ‫‏‪ ٠‬بيروت ‪ .‬بدون تاريخ ‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬ابن تميم ‪ .‬المصدر نفسه ‪ .‬ص‪. ٢٢ : ‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪١٨٨‬‬ ‫إليهم مع دعاة المعارضة الأموية سواء من قبل جماعات المحكمة ( أومن قبل فرق‬ ‫الشيعة ‪.‬وأ صبح البربر هم حماة تلك الأفكار ورجالها ‪ .‬وقدموا في سبيل نصرتها الكثير‬ ‫‪ .‬حيثوجدوا في كثير منها بساطة الإسلام وعدالته ‪.‬الأمر الذي فقدره‬ ‫منا ض‬ ‫ني بعض عصور ولاة بني أمية ‪.‬ومازالت تلك المنطقة متأ; ثره بتاريخ تلك الفرق وأفكارها‬ ‫وآثارها حتي الوقت الحاضر ‪.‬خاصة جماعة الأباضية التي ينتشر أ تباعها في طرابلس‬ ‫وجبل نفوسة وجريةووادي ميزاب ويعتبر الموقع الأخير أهم مراكزها ‪.‬‬ ‫لقد عانى سكان الغرب في بعض فترات ولاة بني أمية من أمور أهمها ما يلي ‪:‬‬ ‫‪:‬‬ ‫زراءء الغنائم ني بلاد البربر‬ ‫عضض القواد‬ ‫بع‬‫‪-.١‬۔‏ سعي ب‬ ‫فقد عانا لبربر همن سلوك بعض الولاة في ‏‪ ١‬لسعي للحصول علي الذهب والجواري‬ ‫البربريات ‪.‬كما قام بعضهم بإرهاق السكان بالجبايات ‪ .‬معتبرين إفريقية دار حرب حتي‬ ‫بعد اعتناقهم للإسلام ‪:‬الأمر الذي لايتقق مع الشرع الإسلامي ‪ .‬بحجة المحافظة علي‬ ‫مصادر تمويل الجيوش والأموال التي ترسل إلي دارالحلافة وبيت المال ‪.‬خاصة زمن الوالي‬ ‫‪ )( .‬أطلق على تلك الجماعة أسماء كثيرة منها ‪ :‬المحكمة ‪ :‬لرنعهم شعار لاحكم إلالله ورفض التحكم ‪.‬‬ ‫أو الحرزرية نسبة إلى قرية حروراء ‪ .‬أو الوهبية نسبة إلى عبد الله بن وهب ‪ .‬أو الخوارج لخروجهم‬ ‫من جيش الإمام علي ‪.‬أي أنهم الجماعة التي خرجت من جيش الإمام علي ‪ .‬حينما قبل وقف القتال‬ ‫مع معاوية وإلى الشام وقبل التحكم معه وأرسل ممثلا له في التحكيم والتفاوض ‪ .‬فخرجت تلد‬ ‫الجماعة وعرفت باسم المحكمة لأنها رفعت شعار لا حكم إلا الله" أي لا يجوز الحكم في أمر سبق‬ ‫فيه حكم الله ‪ .‬واستقرت فترة في حروراء بالقرب من الكوفة ‪ .‬ثم اتجهت إلى النهروان وبايعت عبد‬ ‫الله بن وهب الراسبي إماما عليها ‪ .‬وبعد فشل التحكم وقعت بينهم وبين الإمام علي معركة شديدة‬ ‫في النهروان قتل فيها معظمهم وإمامهم عبدالله بن وهب الراسبي ‪ .‬ثم قام أحد رجالاتهم وهو أبو‬ ‫بلال مرداس بن أوية التيمي وأخذ يدعو إلى فكر جماعة سرأ في البصرة فانضم إليه الكثير ‪ .‬لكنه‬ ‫تمرض للاضطهاد ‪.‬وقتل أيضا سنة ‏‪ ٦١‬ه في آسك ‪.‬‬ ‫بعد قتل أبي بلاد زعيم المحكمة (أو الخوارج) فايلبصرة انقسمت جماعة إلى فريقين هما ‪:‬‬ ‫‪ -‬فريق متطرف ‪:‬ويعرف بامم الأزارقةوالنجدات وأسسوا دول في الأهواز واليمامة ‪.‬‬ ‫‪ -‬فريق معتدل ‪ :‬ويمرف باسم القعدة المعتدلة وهم ‪ :‬الأباضية ولهم إمامات في عمان وبلاد المغوب‬ ‫‪ .‬كما ظهرت لهم إمامة في حضرموت واليمن والحجاز ‪ .‬والصفرية ولهم نفوذ في الموصل‪ .‬وقد تمكن‬ ‫الفريق المعتدل من تأسس دول في بلاد المغرب ‪.‬‬ ‫‪_ ١٨٩‬‬ ‫يزيد بن أبي مسلم الذي وصل إلي المغرب ليطبق سياسة الحجاج في المشرق بفرض الجزية‬ ‫علي الموالي ‪ .‬رغم إسلامهم وقد أوقف هذا العمل في خلافة عمر بن عهد العزيزفيما بعد ‪.‬‬ ‫وأدى هذا الأمر إلى شعور البربر بالمهانة في كثير من الحالات فقد أحسوا أن هم‬ ‫هولاء الولاة والتتادة هو الحصول علي الإماء والجواري والمهيد والخصيان والذهب والمال‬ ‫كما شعر البربر بالمرارة حينما وجدوا آذان الخلفاء والولاةلاتصغي إلي شكواهم‪ .‬رغم‬ ‫إسلامهم وبلاتهم من أجل الإسلام ‪ .‬فلمسوا الفرق الواضح بين مباديء الإسلام وبين‬ ‫ممارسات هؤلاء الولاة مما أدي إلى ميلهم إلى أفكار جماعات المحكمة أر الشيعة ‪.‬رغم أن‬ ‫بلاد المغرب كانت أكثر الولايات الإسلامية طاعة وخضوعا للأموبين حتي خلافة هشام بن‬ ‫عبد الملك (‪١٢٥-١٠٥‬ه)‪.‬خاصة‏ حينما فشلوا في عرض شكواهم علي الخليفة سن خلال‬ ‫الوفد الذي أرسلوه من بينهم وتركوا رسالتهم عند الوزراء ‪ .‬وهي تتلخص في التشرقة‬ ‫بينهم وبين الجند العرب في الغنائم ‪.‬ويأن جند البربر يكونون دائما في المقدمة ‪.‬وقيام‬ ‫بعض الولاة بسبي بناتهم ويقر ماشيتهم بحثا عن الفراء الأبيض ‏«‪٠ '٨٧‬‬ ‫بدأت أولى ثورات البربر العارمة سنة ‪١٢٢‬ه‏ ‪.‬بقيادة ميسرة المطغري ‪ "".‬وعمت‬ ‫أرجاء كثيرة من إفريقية ‪.‬حتي سميت ثورة البربر "' واستمرت فترة من الزمن ‪.‬حيث ‪.‬‬ ‫انضمت إليه قبائل عدة من البربر ‪.‬وتمكن ميسرة من دخول طنجة والسوس وقتل ولاة عبيد‬ ‫الله بن الحبحاب ‪.‬الوالي الأموي ‪.‬واتبه إلى القيروان ‪ .‬لكن الوالي ابن الحبحاب كان قد‬ ‫استعد له يجيش كبير قسمه تسمين ‪ :‬الأول بقيادة خبيب بن أبي عبيدة ‪.‬والثاني بقيادة‬ ‫خالد بن أبي حبيب الفهري لكن ميسرة اضطر إلى الانسخاب والتراجع غربا صوب طنجة‬ ‫‪.‬حيث وقعت الخلانات بين جيشه فعزل وقتل ‪ .‬وبويع مكانه خالد بن حميد الزناتي ‪.‬‬ ‫بدأ خالد بن حميد في تحجميع صفوف من البربر أمام الجيش الأموي الكبير الذي‬ ‫‏(‪ )١‬راجع فان فلوتن ‪ .‬السيادة العربية والشيعية والإسرانيليات في عصر بن أمينة ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ ٠ ١٤‬ترجمة‬ ‫د‪ .‬حسن ابراهيم حسن ‪ .‬ومحمد زكي ابراهيم ‪ .‬الطبعة الثانية ‪ .‬القاهرة ‪ .‬سنة ‪٩٦٥‬ام‏ ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬الرقيق ا لقيرراني‪ ٠ ‎‬تاريخ إفريقية وامفرب ‪ .‬ص‪ . ١٠١ : ‎‬تحقيق الجني الكمبي‪٠ ‎‬‬ ‫تونس‪٩٦٧ ‎‬ام ‪.‬‬ ‫‪. ٥ ٢‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪١‬‬ ‫«‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫السابق‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬المصدر‬ ‫)‪ (٣‬ابن عذاري‪‎‬‬ ‫_ ‪_ ١٩.‬‬ ‫حاصره ووقعت بين الطرفين معركة حامية سميت باسم "غزوة الأشراف" ‏(‪ '١‬لكثرة من قتل‬ ‫فيها من فرسان العرب وأبطالهم ‪.‬ويبدو أن تلك الثورة‪ .‬كانت تخضع لأفكار جماعة‬ ‫الصفرية منذ البداية ""وهي التي نشرت فكرها في تلك النواحي منذ نهاية القرن الأول‬ ‫الهجري‪ .‬ووجدت في حالة البربر فرصة لتكوين إمامتها ‪ .‬ويالفعل ظلت هذه المنطقة لفترة‬ ‫طويلة مرتبطة بنفوذ الصفرية والقبائل البربرية الموإلي لها ‪ .‬حتي المصر العباسي‬ ‫الثاني "'‪ .‬وتمكنت من تكوين دول مستقلة لها بسواعد البربر ‪.‬‬ ‫‪ -٢‬الصراعات القبلية والعصبية‪: ‎‬‬ ‫عانت بلاد المغرب أيضا من الصراعات القبلية والمصبيات التي سادت بين العرب‬ ‫طيلة العصر الأموي ‪ .‬حيث أدى الصراع بين المنتصر القحطاني والعنصر النزاري إلى‬ ‫انصراف الولاة عن شئون البربر وتركيز همهم في أغلب الأحيان على تقوية نفوذهم القبلي‬ ‫وتصفية الخصومات القبلية علي حساب البربر ‪.‬وهو الأمر الذي لم تدرك خطورته الخلاقة‬ ‫الأموية رغم علمها بالأمر ونظرتها إليه نظرة قاصرة من وجهة نظرها ومصلحتها ‪ .‬وقد‬ ‫وضع ذلك جليا زمن موسى بن نصير ("‪ .‬وهو من زعماء اليمنية ‪.‬الذي وصل إلى المنطقة‬ ‫في فترة سيادة العنصر القحطاني ‪ .‬وحينما عزل سنة ‪٨٩٦‬ه‪/‬سنة‏ ‪٧١١٥‬م‪.‬‏ وعين الخليفة‬ ‫سليمان بن عبد الملك (‪٩٩‬ه‪/‬‏ ه‪٧١٥‬م)‏ محله محمد بن يزيد ‪.‬وهو من القيسية‪.‬أخذ الوالي‬ ‫الجديد يعمل على القضاء علي نفوذ اليمنية ‪ .‬وتقوية مكانة القيسية في إفريقية ‪ .‬لكنه‬ ‫لم يلبث أن عزل وذاق من نفس المصير ‪ .‬علي يد الوالي الجديد يزيد بن أبي مسلم الذي‬ ‫وصل إلي إفريقية سنةا‪١٠١‬ه‪/‬‏ سنة ‪٧٢٠‬م‏ ليقبض على الوالي القيسي السابق ‪ .‬ويشبعه‬ ‫تعذيبا ‪ .‬واستمرت القيسية تعاني من الاضطهاد فترة طويلة ‪.‬ث‪6‬‬ ‫وقد أهملت في تلك الفترات أحوال البربر وبلادهم ‪ .‬وأصبح شغل هؤلاء الولاة‬ ‫إرضاء خلفائهم من الغنائم وتقوية نفوذهم القبلي ‪ .‬دون النظر إلى أهمية المشاركة البربرية‬ ‫(‪ )١‬الرقيق القيرواني ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ١١١ : ‎‬‬ ‫(‪ )!٢‬محمود اسماعيل ‪ .‬الخوارج في بلاد المغرب ‪ .‬ص‪ ٨٥ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬فلهوزن ‪ .‬تاريخ الدولة العربية ‪ .‬ص‪ ٢٧٢ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬ابن القوطية ‪ .‬تاريخ افتتاح الأندلس ‪ .‬ص‪. ٣٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬اليعقوبي ‪ .‬تاريخ ‪ .‬ج ! ‪ .‬ص‪. ٢٤٣ : ‎‬‬ ‫_ ‪_ ١٩٦٩١‬‬ ‫الجديدة في الإسلام والاهتمام بهذا العنصر الجديد الذي انضم بطاقاته وحماسته إلى‬ ‫الإسلام ‪ .‬بمد أن وجد منذ البداية في الإسلام ومبادئه مخرجا من معاناته في الماضي‬ ‫فأسلم يده للمسلمين ‪ .‬لكنه شعر بالمرارة من جراء سياسة بعض هؤلاء الولاة ('‪.‬‬ ‫من هنا فقد نشطت دعاة المحكمة والشيعة بين أهل إفريقية من قبائل البربر موضحة‬ ‫لهم صورة الإسلام الحقيقية من أجل الوصول بأفكارها إلي إعلان إمامات إسلامية ‪.‬ومنذ‬ ‫سنة ‪٩٥‬ه‏ ‪/‬سنة ‪٧١٥‬م‏ خرج من سجن الحجاج في البصرة المديد من الدعاة من رجال‬ ‫المحكمة ووصل منهم شخصيتان كان لهما دور كبير في تاريخ إفريقية وهما ‪:‬‬ ‫الحضرمي ‏‪.٠‬‬ ‫بن صعد‬ ‫‪ -‬سلمة‬ ‫‪ -‬عكرمة مولي ابن العباسي ‪.‬‬ ‫وتذكر المصادر أنهما وصلا إلى بلاد الرب علي بعير واحد بعد سنة‬ ‫‪٥‬ھ‪'"(.‬واستقر‏ الأول في جبل نفوسة ‪ .‬ونشط في الدعوة الأباضية بين قبائل البربر وقال‬ ‫عبارته الشهيرة "وددت أن يظهر هذا الأمر ‪.‬يعني إمامة للأباضية ‪ .‬بالمغرب يوما واحدا‬ ‫من غدوها إلى الليل فما أبالي ضرية عنقي"("' ‪ :‬وبالفعل انضم إليه الكثير من البربر‬ ‫‪.‬حيث أصبح زعماء الحركة الإباضية من بعده من البربر ‪ .‬وترددوا لأخذ العلم والنصيحة‬ ‫من الإمام بالبصرة وهو أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة ‪ .‬وانتشرت المدراس السرية للفكر‬ ‫الأباضي ‪ .‬لتتوج تلك الجهود بإعلان إمامات أباضية كان أهمها إمامة تاهرت الرستمية‬ ‫سنة ‪١٦٢‬ه‏ ‪.‬وكانت القبائل البربرية هي وقودها وسندها وحماتها ‪.‬‬ ‫وإلي الغرب ‪ .‬وفي القيروان ‪ .‬استقر عكرمة ‪ .‬مولي ابن العباس ‪.‬ليجعل منها‬ ‫ومن بلاد المغرب الأوسط والأتصي بيئة خصبة لفكر الصفرية ‪.‬حيث اتصل بقبائل البربر‬ ‫مثل مطغرة ومكناسة وبرغواط وزناتة ‪ .‬وسادت أفكاره بين تلك القبائل ‪.‬حيث ظهرت‬ ‫دولتهم الصفريه الكبري في سجلماسة (""‪.‬‬ ‫(‪ )١‬ابن عبد الحكم ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٢٦٩ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬أبو زكريا ‪ .‬كتاب السيرة وأخبار الأمة ‪ .‬ص‪. ٤٠ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬أبو زكريا ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٤٢ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬محمود اسماعيل ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٧٨ : ‎‬‬ ‫‪_ ١٩٢‬‬ ‫ومهما يكن من أمر ‪.‬فإن دعاة الأباضية والصفرية والشيعة ‪.‬قدموا خدمات هامة‬ ‫للإسلام في إفريقية في العصر الأموي ‪.‬ذلك أنهم حافظوا علي الطابع الإسلامي الجديد‬ ‫في تلك البيئة ‪ .‬وضموا البربر إلي الصف الإسلامي ‪.‬في وقت عصيب من تململ البربر من‬ ‫انحراف بعض الولاة ‪.‬وإن كان دعاة الأباضية قد لقوا ترحيبا أوسع بين صفوف البربر‬ ‫بسيب ما يتميز به فكرهم من الفطرة والبساطة التي تلامم فكر البربر وتتفق مع روح‬ ‫الإسلام ‪ "(.‬وأحس البربر أن الإسلام ليس مقصورا علي ولاة بني أمية فقط ‪.‬‬ ‫جهة ثانية كانت هناك عوامل أخري ساهمت في عمليات التحول الشامل‬ ‫‪ "7‬مصر وإفريقية إلي الإسلام منها سياسة التسامح التي ظهرت في معاملات‬ ‫المسلمين مع أهل الذمة ‪.‬وكذلكعمليات تعريب الدواوين ‪.‬واشتراط تعلم اللغة العربية‬ ‫لتولي تلك الوظائف ‪ .‬ثامشترط الإسلام [ يضا في خلافة عمر بن عبد العزيز ‪ .‬وكانت‬ ‫تلك الدواوين تضم العديد من سكان البلاد الاصلين ‪.‬‬ ‫وإلى جانب ذلكأصبحت مصر وإفريقية مسرحا لهحرات عربية كبيرة ‪ .‬وفدت إليها‬ ‫بر سيناء من شبه الجزيرة العربية ‪ .‬واستقربها لمقام ني مصر وإفريقية ‪ .‬واتعذت تلك‬ ‫الأوطان الجديدة مقرا ومقاما ‪.‬فاختلطت بالسكان الأصليين ‪.‬وشاركتهم حياتهم العامة ‪.‬‬ ‫فكانت عاملا هاما في التعريب ونشر الإسلام ‪ .‬وقد تميزت أغلبية تلك القبائل خلال‬ ‫العصر الأموي بعدم الاستقرار فكانت في حالة حركة وتنقل بين مناطق مصر وإفريقية ‪.‬‬ ‫وكانت القبائل القحطانية اليمنية لها الغلبة والسيادة علي معظم نواحي مصر لزيادة‬ ‫عدد أفردها حتي استقدم أحد ولاة مصر سنة‪٤٣‬ه‏ نحوا من اثني عشر ألفا من عرب‬ ‫الشمال خوفا من سيادة عرب الجنوب واستبدادهم بنفوذ مصر ‪.‬وكذاك من أجل تحقيق نوع‬ ‫من التوازن القبلي الذي يميز السياسة الأموية ‪.‬وحتي سنة ‏‪ ٠٩‬‏ه‪ ١‬قدمت إلى مصر آلاف‬ ‫‏‪. (٢‬حتي كثر عدد القيسية النزارية‬ ‫من قبيلة قيس ‪.‬ونزلت في منطقة بلبيس بشرق مصر‬ ‫في مصر ليصل عددهم في نهاية العصر الأموي إلى حوالي أربعون ألف أسرة عربية‬ ‫معظمهم من عرب الشمال ‪.‬كما بدأت العديد من القبائل العربية تزحف للاقامة في برقة‬ ‫(‪ )١‬جهلان ‪ .‬عزون ‪ .‬الفكر السياسي عند الأباضية من خلال آراء الشيخ محمد بن يوسف أطفيش‪. ‎‬‬ ‫ص ‪ :‬‏‪ ٤٢‬جمعية التراث ‪ .‬الجزائر ‪ .‬بدون تاريخ ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬الكندي ‪ .‬الولاة والقضاة ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٧٦‬‬ ‫‪_ ١٩٣٢‬‬ ‫‪ .‬وكان استقرار ‏‪ ١‬لعرب في المدن‬ ‫مناطق إفريقيةا لشمالية‬ ‫وغيرها من‬ ‫وطرابلس وا لقيروان‬ ‫أكثر من الريف والقرى حتي مطلع القرن الثاني الهجري ‪ .‬حيثبدأت بعض القبائل تتجه‬ ‫نحو الريف ‪ .‬وبدأت عمليات اختلاط واسعة بينهم وبين السكان الأصليين ("‪.‬‬ ‫كما يمكننا اعتبار قتضقيضةية السبي ‪.‬رغم مايحيط بها ‪.‬هجرة مضادة إلي المنطقة‬ ‫والقلب العربي في الشام وشبه الحزيرة العربية ‪.‬خاصة الحجاز ‪.‬حبث تميز سبي المغرب‬ ‫بأعداده الكبيرة حتي أنها كانت تماثل في عددها أعداد القبائل العربية المتحهة إلي منطقة‬ ‫إفريقية ‪.‬فيذكر أن مروان بن موسى بن نصير قد عاد بسبي بلغ مائة ألف ‪ .‬وبعثوالده‬ ‫جيشا آخر بقيادة ابنه فأصاب مائة ألف أيضا ("‪ .‬وكان لتلك الهجرات القسرية إلى بلاه‬ ‫العرب نتانح هامة في نشر الإسلام والثقافة العربية بين البربر ‪.‬‬ ‫وتراحعت الثقافة اليونانية واللآتينية في إفريقية أمام الثقافة العربية الإسلامية‬ ‫وانحصرت فترة من الزمن في ترانيم الكنائس ‪ .‬كما انفرضت اللهجات واللفات المحلية‬ ‫أمام اللفة العربية "'‪ .‬التي أصبحت لغة الدين والحكومة والإدراة والتعامل والحياة‬ ‫الدنية بين الناس في مصر وإفريقية حاملة بعض المصطلحات من اللفات القديمة ‪.‬‬ ‫الأندلس من البر الأرروبي ‪ .‬ومشاركقالبرير‬ ‫ومع امتداد الفتوحات الإسلامية إلى‬ ‫إفريقية ومركزها جز من العالم الإسلامي ‪.‬‬ ‫الفعالة في أحداث العالم الإسلامي ‪.‬أصبحت‬ ‫العصر اليوناني والروماني ‪.‬واتجه البربر مع‬ ‫بعد أن كانت تعيش على هامش الأحداث في‬ ‫إلي مناطق جديدة من قارة إفريقية ‪.‬‬ ‫العرب صوب الجنوب لعبور الصحراء للوصول‬ ‫وهكذا فإن العصر الأموي قد أدى إنجازات هامة علي مستوي القارة الإفريقية في‬ ‫صهر البربر في بوتقة الإسلام وترسيخ الحضارة الإسلامية بين مناطق إفريقية لأول مرة ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬أحمد لطفي السيد ‪ .‬قبائل العرب في مصر ‪ .‬ص‪ ٥٥ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن عبد ا لحكم ‪ .‬المدر السابق ‪ .‬ص‪. ٢٥٤ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬شكري ‪ .‬المجتمعات الإسلامية ‪ .‬ص‪. ١٧٨ : ‎‬‬ ‫‪_ ١٩٤‬‬ ‫(‪)٤‬‬ ‫اوضاع إفريقية في العصر العباسي‪‎‬‬ ‫ورث العباسيون ‏(‪ '١‬الخلافة الإسلامية سنة ‏‪/ ١٣١‬سنة ‪٧٤٩‬م‏ ‪ .‬بعد الأمويين‬ ‫‪.‬وبحكم طبيعة دعوتهم والعناصر التي ساندتهم فإنهم اتجهوا منذ بداية عصرهم إلى‬ ‫الإهتمام بأقاليم المشرق الإسلامي ‪ .‬بحكم اعتبارات سياسية واتتصادية ‪ .‬فبعض النظر‬ ‫عن الدعم الكبير الذي قدمته الأقاليم الشرقية لنصرة الثورة العباسية ضد الأمويين ‪.‬‬ ‫ويفض النظر عن الجوانب الحضارية التي تميز الأقاليم الفارسية ‪ .‬فإن العباسيين أدركوا‬ ‫منذ البداية أهمية استغلال موقع ومكانة العالم الإسلامي للسيادة الحضارية علي العالم ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬ينحدر العباسيون من نسل العباس بن عبد المطلب ‪ .‬عم الرسول ‪ .‬صلى الله عليه وسلم ‪ .‬وقد ادعوا‬ ‫أحقيتهم في الخلافة ‪ .‬وأحقيتهم في إرت الرسول ‪ .‬بقولهم أن المصب يحجب البنت ‪ .‬وقد قوى‬ ‫حزبهم حينما ادعوا أن ولاء الكيسانية قد انتقل إليهم سنة ‏‪ ٩٨‬ه ‪/‬سنة ‏‪ ٧١٦‬م ‪ .‬في خلاقة‬ ‫سليمان بن عبد الملك الأموي ‪ .‬ذلك أن أباهاشم بن محمد بن علي بن أبي طالب أوصى بحقه في‬ ‫الإمامة إلى على بن عبد الله بن عباس وابنه محمد ‪ .‬وأمده بأسماء داعي دعاة الكوفة ‪.‬‬ ‫وقد ظلت الدعوة العباسية سرية ونظمت بصورة جيدة في زمن محمد العباسي الذي اتخذ واجهة‬ ‫دينية باسم " آل البيت" وبعد وفاة محمد بن على العباسي سنة ‪١٢٥‬ه‪/‬سنة‏ ‪٧٢٤٣-٧٤٢‬م‏ أوصى‬ ‫إلى ابنه إبراهيم بأن يكون إماما للدعوة العباسية ‪ .‬فاختار إبراهيم اللون الأسود شعارآ للعباسيين ‪.‬‬ ‫ذلك أن راية الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ .‬كانت سوداء أثناء فتح مكة ‪ .‬كما كانت راية على بن‬ ‫أبي طالب ‪ .‬وبدأت ثورة المباسيين في خراسان بفضل نشاط الدعاة والأتباع وضعف السلطة‬ ‫الأموية هناك‪ .‬وتحولت الدعوة إلى ثورة كبرى ‪ .‬ورفع أبو مسلم الخراساني الرايات السوداء ‪.‬‬ ‫وكانت الغلبة للعباسيين وزحفت جيوشهم صوب العراق والشام وتمكنت من احراز انتصارات‬ ‫عسكرية حاسمة علي الأمويين وهرب آخر خليفة أموي أمامهم وهو مروان الثاني ‪ .‬لتدخل جيوشهم‬ ‫دمشق سنة ‏‪ ١٣٢‬ه وبوبع أبو العباس السفاح في الهاشمية كأول خليفة عباسي في نفس العام ‪.‬‬ ‫ويقسم المؤرخون العصر العباسي إلى فترتين هما ‪ :‬الأولى تمثل سيادة العنصر العربي في القرن الأول‬ ‫العناصر الفارسية والتركية ‪.‬‬ ‫سيادة‬ ‫دولتهم ‪ .‬والثانية‬ ‫من‬ ‫‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ ٩٢‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‪ .‬ج ‏‪٢‬‬ ‫اليعقوبي ‪ .‬تاريخ‬ ‫‪- :‬‬ ‫انظر‬ ‫‪ .‬ج ‏‪ . ٢‬ص ‪ :‬‏‪ ١٨٢‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫الذهب‬ ‫المسعودي ‪ .‬مروج‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ .‬الدولة الإسلامية في العصر العباسي ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ ١٦١‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫دكتور‬ ‫الشامي ‪ .‬أحمد ‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪ ١٩٥‬س‬ ‫ولذلك فإن عصرهم يعد من أخصب مراحل التاريح الإسلامي بصورة عامة ‪ .‬لما تمخض عن‬ ‫إنجازات حضارية مازالت تبهر البشرية حتي الوقت الحاضر ‪.‬‬ ‫وكان اختيار العباسيين لحاضرتهم الجديدة في بغداد يحمل اهتمامات اتتصادية‬ ‫عالمية واهتمامات إفريقية أيضا (''‪.‬ذلك أن الخليفة للنصور ‪.‬ثاني الخلفاء العباسين بدأ‬ ‫في العمل لبناء حاضرة عباسية تليق بمركزهم ‪ .‬وجعل من شروطها أن تكون مشرعة الدنيا‬ ‫ومركز التجارة ‪.‬تفد إليها قوافل أواسط آسيا ‪ .‬وسفن عمان والبحرين القادمة من الصين‬ ‫والهند وإفريقية ‪.‬وافتحت المدينة سنة ‪١٤٦‬ه‏ "" لتصبح أهم مركز حضاري عالمي لفترة‬ ‫طويلة ‪ .‬وطارت شهرة بغداد بين شعوب العالم ‪.‬‬ ‫أدي قيام الخلافة العباسية وتوجهها إلى المشرق وتأسيس عاصمة لها في بغداد إلى‬ ‫آثار هامة علي الساحة الإفريقية نحصرها فيما يلي ‪:‬‬ ‫‪-١‬زيادة‏ اهتمام العباسيين بأوضاع الخليج العربي لتأمين مصالحهم التجارية في‬ ‫المحيط الهندي بحكم خبرة أهل الخليج وعلاقاتهم التجارية‪ .‬وأصبحت منطقة شرق إفريقية‬ ‫تمثل حيزا هاما في تجارة المحيط الهندي ‪ .‬ولها سلعها الأساسية التي لايمكن الاستغناء‬ ‫عنها في فترة ازدهار العالم الإسلامي ‪.‬‬ ‫ولذلك نشطت الحركة التجارية بين عاصمة العباسيين وبين شرق إفريقية عبر الخليج‬ ‫العربي ‪.‬وحملت السفن الخليجية المزيد من سلعها سواء من العاج أو الرقيق ‪ .‬في فترة‬ ‫الحاجة إلي أيدي عاملة جديدة من رقيق إفريقية للعمل في موانيء البصرة والخليج ‪.‬‬ ‫اراضي البطائح في منطقة شط العرب ‪ .‬وقد ا متلأت تلك المناطق‬ ‫والقيام با ستصلاح‬ ‫عرضة‬ ‫ظروف ا نسانية صعبة واصبحوا‬ ‫وسط‬ ‫بعمشرا ت الالاف من العبيد ا لذين عاشوا‬ ‫للانفجار ضد الخلافة العباسية للمطالبة بتحسين أحوالهم "'‪.‬‬ ‫‏‪ -٢‬علي الصيعد السياسي أدى إهمال الإدراة العباسية شئون إفريقية الشمالية إلى‬ ‫قوة نفوذ والي الأمويين السابق عبد الرحمن بن حبيب ‪,‬الذي شكل إمارة له هناك معتمدا‬ ‫‏‪٠ ٤ ٠‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ :‬آ‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏) ‪ ( ١‬بدرالدين الصيني ‏‪ ٠‬العلاقات التجارية‬ ‫‪.‬‬ ‫آ‬ ‫‪:‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫دولة بني المباس‬ ‫‏‪ ٠‬دكتور‪.‬‬ ‫شاكر مصطفى‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٣٧‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫البلدان‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫اليعقوبي‬ ‫‪(٢‬‬ ‫‏)‬ ‫‏(‪ )٣‬علي ‪.‬أحمد ‪ .‬ثورة العبيد ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ ٦٨‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‪_ ١٩٦‬‬ ‫علي نفوذه القبلي وانتمائه إلى بيت عقبه بن نافع ‪.‬وكذلك إلى وقوع حركات تمرد ونهب‬ ‫من قبل قبائل البربر (" وإلى زيارة قوة نفوذ أتباع حركات المعارضة من الأباضية‬ ‫والصفرية ‪.‬الأمر الذي هدد بانفصال هذا الجزء عن العباسيين ‪.‬ولما كانت منطقة ساحل‬ ‫فريقية الشرقي قد ارتبطت حضاريا بدور الوسيط العماني والخليجي والتي سنحاول‬ ‫توضيحها في الفصول القادمة ‪ .‬فإننا نحد أن العباسيين بدأو ينتبهوا إلى خطورة إهمالهم‬ ‫لشئون إفريقية في البداية ‪ .‬وظهرت منذ خلاقة المنصور بعض الاهتمامات التي قد‬ ‫لاتتناسب مع حجم وحيز إفريقية على الساحة الإسلامية والدولية‪.‬‬ ‫ذلك أنه بدأ يعالج امتداد نفوذ عبد الرحمن بن حبيب ‏‪ ٠‬وازد ياد نفوذ إمامات‬ ‫المحكمة والبربر خاصة وأن هناك خلافة أ مويةظهرت علي طرف إفريقية الشمالي الغربي‬ ‫في ‏‪ ١‬لأندلس ‪ .‬وبد أت إفريقية الشمالية مطمعا للخلافتين في مدادد ‪,‬وفي قرطبة ‪.‬ولقد‬ ‫أحس العباسيون منذ البداية أن ابن حبيب ‪,‬الذي أعلن ولاس للعباسبين ("يهكن أن يمثل‬ ‫خطرا علي العبايسين بعد دوره في حماية بعض أفراد بني أمية الذين هربوا إلى الأندلس‬ ‫او دخلوا إفريقية بل أنه لم يوافق علي فرض نفوذ العباسيين في مناطقه ‪.‬كما رفض‬ ‫مطالبهم المالية منذ البداية ‪.‬ونشل والي مصر العباسي صالح بن علي في القضاء على ابن‬ ‫حبيب من خلال الحملات التي أرسلها بقيادة أبي عون الأزدي ‪.‬أو الحملات البحرية علي‬ ‫سواحل إفريقية "ا‪ .‬خاصة بعد ضم إفريقية لولاية مصر سنة ‪١٣٦‬ھ‏ ‪٤٧٢٥٣/‬ێ‪٧٥‬‏ م‪.‬‬ ‫ورغم ذلك فقدد لقي ابن حبيب مصرعه علي يد أحد أفراد أاسرته (“'رأصبحت إفريقية‬ ‫‪.‬‬ ‫المحكمة أو ا لشيعة‬ ‫‏‪ ٥‬ول مستقلة جديدة تتبع أ فكار‬ ‫ساحة واسعة لنفوذ‬ ‫ويبدو أن المنصور وغيره من خلفاء بني العباس لم يتفهموا ظروف إفريقية وسكا نيا‬ ‫وتطلعات رجالها ‪ .‬واستمروا علي منوال الأمويين في تغير الولاة وتجريد الجيوش‬ ‫ظهرت لهم بها حاجة‪ .‬فبدلا من الاعتماد على نفوذ عبد الرحمن بن حبيب ومكانة‪.‬‬ ‫بين البربر على أساس أنه من نسل عقبة بن نافع ‪.‬وما تحتله تلك الأسرة من مكانة في‬ ‫مجال التعامل الإفريقي ‪ .‬حرضوا أفراد أسرته عليه ‪ .‬ليقتل وتنتهي مركز الأسرة من بعده‬ ‫(‪ )١‬جوليان ‪ .‬تاريخ شمال إفريقية ‪ .‬ج‪ . !٢ ‎‬ص‪. ٣٩/٣٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬دبوز ‪ .‬تاريخ المغرب الكبرى ‪ .‬ج‪ . !٢ ‎‬ص‪. ٦١ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬فاروق عمر ‪ .‬الخلافة العباسية ‪ .‬ص‪. ١٢٩١ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬ابن عذاري ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ج‪ . ١ ‎‬ص‪ ٦٣ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫_ ‪_ ١٩٧‬‬ ‫‪ .‬وتخلو بذلك الساحة من زعامات عربية لفترة طويلة (‪.'١‬خاصة‏ وأن العباسيين كانوا‬ ‫في تلك المرحلة في حاجة إلى الجند علي جبهات المشرق ومنطقة الخليج المربي وهي‬ ‫جبهات ذات مساس بالأمن العباسي مباشرة ‪ .‬وكان ابن حبيب يمكن أن يكفيهم بمجرد‬ ‫الاعتراف به وبنفوذه وتقوية مركزه وسط بحر متلاطم من أفكار المعارضة وآمال قبائل‬ ‫البربر‪ .‬ويعتبر المنصور أهم شخصية عباسية يحاول البحث عن حل لقضية إفريقية ‪ .‬لكن‬ ‫محاولاته ظلت تعتمد علي القوة العسكرية ‪ .‬فبعد أن أعلنت إمامات أباضية وصفرية بين‬ ‫البربر‪ .‬سارع المنصور إلى إرسال حملة عسكرية بقيادة محمد بن الأشعث الخزاعي سنة‬ ‫‏‪ ٤٣‬ه‪ /‬سنة ‪٧٦٠‬م‏ ‪.‬وتمكن هذا القائد العباسي من إحراز نصر عسكري علي إمامة‬ ‫طرابلس الأباضية التي أعلنت منذ سنة ‏‪ ١٤٠‬ه أ""‪ .‬وقتل الإمام الأباضي أبو الخطاب‬ ‫عبد الأعلي بن السمح المعافري ‪.‬ورغم ذلك ظلت المنطقة علي ولائها للأباضية ‪ .‬بعد‬ ‫هزيمتهم في معركة تاورغا سنة ‪١٤٤‬ه‪/‬‏ سنة ‪٢٦١‬م‏ أمام ابن الأشعث "'‪ .‬فلم يحاول‬ ‫الوالي العباسي الجديد كسب ود البربر بل انتهح سياسة قاسية نحوهم فظل السكان‬ ‫مرتبطين بفكرهم الأباضي ("'‪.‬‬ ‫وقعت في تلك الظروف منازعات بين أتباع العباسيين في إفريقية ‪ .‬فاضطر المنصور‬ ‫إلى تعيين الحسن بن حبيب الكندي واليا ‪ .‬رغم شكوكه في إخلاصة لهم في المنطقة‪ .‬ورغم‬ ‫‪٥١‬ه‪/‬‏ سنة ‪٢٦٨‬م‏ بقيادة عمر بن حفص العتكي ("‪ .‬وهو ينتمي إلى بيت المهلب بن‬ ‫أبي صفرة ‪.‬من أزد عمان ‪ .‬وقد عرف هذا البيت بشدة كراهيته للأمويين بعد الخسائر التي‬ ‫لحقت بهم منذ ولاية الحجاج للعراق واضطهاده للمهالبة ‪ .‬ثم النكبات التي حلت بالمهالبة‬ ‫في خلافة يزيد بن عبد الملك خاصة هزيمتهم في العقر سنة ‪١٠٢‬ه‪.‬‏ ولذلك استعان‬ ‫العباسيون برجال هذا البيت لاستقرار الأوضاع في إفريقية ‪.‬‬ ‫تمكن أول ولاة الأزد ‪.‬من التوغل في إفريقية بين مناطقها وقبائلها ‪ .‬دون أن يحاول‬ ‫التقرب أو الاندماح مع البربر أو يعير انتباها للقبائل العربية المستقرة هناك ‪ .‬مما أثار‬ ‫(‪ )١‬جوليان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ج‪ . ٢ ‎‬ص‪. ٣٩٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬خليفات ‪ .‬نشأة الحركة الأباضية ‪ .‬ص‪. ١٠٩ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬ابن الأثير ‪ .‬الكامل ‪ .‬ج‪ . ٥ ‎‬ص‪. ٣١٧ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬أبو زكريا ‪ .‬كتاب السيرة ‪ .‬ص‪. ٧٢ : ‎‬‬ ‫‪_ ١٩١٨‬‬ ‫كراهية السكان له ‪ .‬وانتهي الأمر بوقوع ثورة كبرى ضده ‪ .‬تمكن خلالها البربر من احتلال‬ ‫القيروان ‪ .‬وقتل نائب الوالي ‪ .‬فسارع عمر بن حفص بطلب تعزيزات جديدة من بغداد ‪.‬‬ ‫لكنه قتل أيضا قبل أن تصله النجدة سنة ‪١٥٤‬ه‏ ‪ /‬سنة ‪٧٧‬ام‏ ‪ .‬الأمر الذي أقلق‬ ‫الصور من مصير إفريقية ‪.‬‬ ‫ومن أجل الحفاظ علي هيبة الخلافة العباسية في إفريقية ‪ .‬أعلن المنصور الجهاد‬ ‫ضد البربر ‪ .‬وأرسل جيشا جرارا يقوده قائد مهلبي جديد هو يزيد بن حاتم المهلبي ‏('‪٨‬‬ ‫وتحرك القائد المهلبي في خمسين ألف مقاتل من عرب الشام والجزيرة ‪ .‬ليواجة قوات‬ ‫بربرية منتشرة في مناطق واسعة من إفريقية ‪ .‬ولإبراز أهمية تلك الحملة أنفق عليها‬ ‫الحليفة أموالا طائلة بلفت حوالي ثلاث و ستين ألف ألف درهم ("'‪ .‬كما رافق الخليفة‬ ‫الحملة حتي وصلت بيت المقدس في سنة ‪١٥٤‬ه‪/‬‏ سنة ‪٢٧١‬م‏ ‪.‬‬ ‫وصل جيش يزيد المهلبي إلى إفريقية ‪ .‬وأحرز سلسلة من الانتصارات علي جماعات‬ ‫الأباضية قي منطقة طرابلس ‪ .‬حيث كانت أول مراكز المعارضة في الشمال الإفريقي من‬ ‫جهة حدود مصر ‪ .‬وقتل الإمام الأباضي أبوحاتم الملزوزي سنة ‪١٥٥‬ه‏ ‪/‬سنة‪٧٧٦٢‬م‪.‬‏ وقد‬ ‫أثرت تلك المعركة علي الوجود الأباضي في طرابلس ‪ .‬حيث اتحهت الأنظار إلى البحث‬ ‫عن مكان آمن آخر في إفريقية لتأسيس إمامة أباضية يكون بعيدا عن خط الجيوش بين‬ ‫مصر والقيروان ‪ .‬فأصبحت تاهرت هي المركز الأساسي لهم في إفريقية ‪ .‬ورغم ذلك ظلت‬ ‫منطقة جبل نفوسة وطرابلس تشكل مقاومة ضد العباسيين ‪ .‬حيث انسحب يعض افراد‬ ‫القبائل البربرية إلى الجبال وأعادوا تنظيم صفوفهم ‪ .‬وبدأوا في شن هجمات ضد القوات‬ ‫العباسية ‪ .‬أوالقيام بثورات مثل ثورة أبي يحيي بن قرياس ‪ .‬في طرابلس سنة ‪١٥٦‬ه‏ "ا‬ ‫في الوقت نفسه بدأت جماعات الصفرية تنسحب هي الأخرى إلى خطوط الواحات‬ ‫بالصحراء بعيدا عن مركز القيروان والساحل ا لتي يتمسك بها العباسيون ‪ .‬واصبحوا قوة‬ ‫في الصحراء وواحاتها '‪..'٨‬وشكلوا‏ مع الفرق المعارضة الأخرى حزاما حجب ساحل إفريقية‬ ‫عن صحرائها من الناحية السياسية ‪.‬‬ ‫‪. ٧ ٩‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪ ١‬لسا بق‪. ‎‬‬ ‫‪ ٠‬ا لمصدر‪‎‬‬ ‫‪ ١‬بن عذا ري‪‎‬‬ ‫) ‪( ١‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‏‪١ ٣ ١‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪ ١‬لعباسية‬ ‫‏‪ ٠‬ا لخلافة‬ ‫عمر‬ ‫‏) ‪ ( ٢‬فا رون‬ ‫‏‪.٤٨:‬‬ ‫‏‪ .٢‬ص‬ ‫(‪ )٤‬جوليان ‪ .‬تا ريخ إفريقية الشمالية ‪ .‬ج‬ ‫‏(‪ )٣‬ابن خلدون ‪ .‬العبر ‪ .‬ج ‏‪ .٦‬ص ‪ :‬‏‪. ١٢٣‬‬ ‫‪_ ١٩٩‬‬ ‫لقد كان هذا التعامل القاسي من قبل العباسيين للأفارقه ‪ .‬سببا ني تحول البربر‬ ‫بصورة كبيرة إلى اعتناق الأفكار المعارضة للعباسيين ‪ .‬وسارع زعماء تلك الأفكار إلى‬ ‫إرسال دعاتهم إلى قبائل البربر يعرضون عليهم أفكارهم في صورة سهلة وبسيطة ‏‪٠‬‬ ‫وتأسست بين قبائل البربر مدارس سرية لتلك الأفكار لتخريج الدعاة الذين نشطوا بين‬ ‫قبائلهم ‪ .‬وتفلغلت تلك الأفكار بين البربر ودافعوا عنها اقتناعا بأفكارها وإعحابا بالتزام‬ ‫قادتها ‪ .‬أو كتوع من البروز بشكل مستقل عن الخلافة العباسية ويسبب سوء سياسة‬ ‫العباسيين في إفريقية من الناحية السياسة والعسكرية ‪ .‬فقد بدأت علاقات البربر مع‬ ‫الخلافة العباسية والمشرق الإسلامي تتحة إلى التباعد ‪ .‬حتي فقد البربر العديد من الروابط‬ ‫التي شدتهم إلى المشرق الإسلامي منذ دخولهم الإسلام ‪ .‬فمنذ اواسط القرن الثاني‬ ‫المجري ‪ /‬القرن الثامن الميلادي ‪ .‬إذ غمرت منطقة الشمال الإفريقي موجتان انحدرت‬ ‫احداهما من الصحراء الغربية ‪ .‬وهي قبائل البربر خاصة صنهاجة ‪ .‬والثابية قدمت من‬ ‫الشرق وهم بني هلال ‏(‪ .'١‬وحاول الأفارقة لأول مرة في التاريخ تشكيل دول لهم على‬ ‫النمط الشرقي ‪ .‬مرتبطين في تأسيس تلك الدول بالأساس الإسلامي ‪.‬‬ ‫لقد كانت زحفة يني هلال ويني سليم من مصر نحو المغرب ‪ .‬وبأمر من الخليفة‬ ‫الفاطمي ‪ .‬بعد أن بدات مناطق البربر تسترجع شخصيها وتراثها البربري القديم الكامن‬ ‫في اعماقها في ظل استقلالها السياسي عن المشرق الإسلامي وسلطة العباسيين في بغداد‬ ‫ثم سلطة الفاطميين في القاهرة ‪ .‬الآمر الذي أغضب الخليفة الفاطمي ورمي بهم ببني هلال‬ ‫عقابا لهم ‪ .‬ومنذ منتصف القرن الحادي عشر الميلادي ساد عرب بني هلال إفريقية‬ ‫الشمالية وآزاحوا كيانات البربر وتنظيماتهم ونشروا لفتهم العربية وغطهم الشرقي من‬ ‫جديد ‪.‬في وقت كاد أن يدير البربر ظهرهم للعرب ‪ .‬وإن كان هذا لايعفي تلك الزحفة من‬ ‫أعمال السلب والنهب والتدمير التي حدثت خلالها ‪ .‬ومازالت واضحه الأثر بين صفحات‬ ‫التاريخ الإفريقيي ‏(‪. )٢‬‬ ‫وإذا حاولنا تحديد أهم الدول العربية والبربرية التي شهدتها منطقة الشمال الافريقي‬ ‫منذ القرن الثالث الهجري ‪ /‬التاسع الميلادي فهي كما يلي ‪:‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‪ ٢٣٢‬ومابعدها‬ ‫‪٠ ١‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‪.‬‬ ‫إفريقية‬ ‫والثقافة الإسلامية في‬ ‫‏‪ ٠‬الإسلام‬ ‫معحمرد‬ ‫‏) ‪ ( ١‬حمن‬ ‫‏‪. ٥٣‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫‏(‪ )٢‬جوليان‬ ‫‪:‬‬ ‫أولا‪ :‬دولة ‏‪ ١‬لأد ا رسة‬ ‫تنسب تلك الدولة إلى إدريس بن عبد الله ‪ .‬الذي ينتسب إلى آل البيت ‪ .‬وقد جاء‬ ‫إلى طنجة سنة ‪٢٨٨‬م‏ هاربا من المشرق بعد فشل ثورة من ثورات العلويين ضد‪ .‬العباسيين‬ ‫وواصل رحلته بصحبة مولاه راشد حتي بلغ طنجة البعيدة عن نفوذ الخلافة العباسية ‪.‬ونزل‬ ‫بين قبيلة اوربة في منطقة وليلي ‪.‬وهي منطقة بربرية ‪ .‬ولما زاد نفوذه في المنطقة بعد تاييد‬ ‫قبيلة أوربة له ‪ .‬بدأيفكر في جعل منطقة المغرب الاقصي منطلقا له في تاسيس درلة له ‪.‬‬ ‫وشرع يؤسس مدينة سماها فاس (" واخذ يوسع دولته معتمدا علي تاييد قبائل بربرية‬ ‫عديدة من شمال المغرب ‪ .‬وأخذ يهاجم تامسنا واحتل تلمسان ‪.‬‬ ‫توني إدريس سنه ‪٢٩٢‬م‏ ‪ .‬وتولي من بعده ابنه إدريس الذي تربي في أحضان‬ ‫البربر من أم بربرية تدعي ((كنزة)) وسط رعاية بربرية وتقدير باعتباره منأحفاد آل‬ ‫البيت ‪ .‬وأدخل دولته دماء عربية من الأندلس‪ .‬وتخلص من زعيم بربري منافس له وهو‬ ‫أبوليلي رأس قبيلة اوربة ‪.‬وأخذ يعمر مدينةفاس التي أسسها والده‪.‬فبني بها المسجد‬ ‫الجامع وقصرا وسوقا وأسكن فيها أعوانه من العرب ‪.‬واستقل الأدا ربة موقع مدينتهم‬ ‫الجديدة علي الطريق بين سهول جبال الأطلس وبين المغرب الاوسط ‪ .‬حيث تتحكمم في‬ ‫الطريق بين طنجة وتفيلالت "'‪.‬‬ ‫وعلي يد الأدارسة تأسست أول حاضرة إسلامية في الركن الشمالي القربي من‬ ‫افريقية حيث توافد عليها القبائل والجماعات والتجار من القيروان وقرطبة ومختلف‬ ‫نواحي إفريقية ‪ .‬واستتربها جماعات لها خبرتها الحضارية وفنونها الراقية "'‪ .‬وأصبحت‬ ‫المدينة مركزا إسلاميا جديدا في بلاد البربر ينافس القيروان ‪ .‬وقدمت إليها وفود طلاب‬ ‫العلم والعلماء حيث مسجد القرويين‪ ( .‬كما تمكن الأدارسة من توحيد قبائل البربر في‬ ‫تلك الأنحاء تحت زعامة اسلامية ودولة مركزية ‪.‬‬ ‫لكن تلك الدولة ضعفت بعد وفاة ادريس سنة ‪٨٢٨‬م‏ حيث تتازع اولاده العشرة فيما‬ ‫(‪ )١‬جوليان االمرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٥٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬اليعقوبي ‪ .‬تاريغ ج‪ . ١‬ص‪. ١٩١٤/١٩٢ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬البكري ‪ .‬المغرب ‪ .‬ص‪. ١٧٤٣ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬ابن عذاري ‪ .‬البيان المغرب ‪ .‬ج‪ .١‬ص‪. ٢٣٦ : ‎‬‬ ‫‪- ٢.١‬‬ ‫بينهم وتداعي صرح الأدارسة السياسي ‪ .‬لكن ظلت فاس تقوم بدورها الكبير في الإشعاع‬ ‫ا حضاري علي مستوي القارة الافريقية ‪ .‬سواء الشمال أو في غرب إفريقية جنوب‬ ‫الصحرا م‪.‬وظلت دولة الآد ارسة تتداعي حتي سنة ‪٩٢ ١‬م‏ حيحنينما وصلتها جيوش الفاطميين‪.‬‬ ‫ثأمسقطت نهائيا سنة‪٨٩٧٢٤‬م‏ علي يد أحد قواد قرطبة ‪ .‬‏‪'٧١‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬دولة الأغالبة‪:‬‬ ‫أسسها‪,‬ابراهيم بن الأغلب أحد ولاة العرب في إفريقية من قبل العباسيين ‪ .‬حيث‬ ‫‏(‪ ١٧١٠‬‏‪/٦٨٧-٩٠٨‬ه‪ -٣٩١-‬م) إليه بولاية إفريقية لقاء خراج‬ ‫عهد هارون الرشيد‬ ‫سنوي قدره أربعون الف دينار ‪.‬وقد تمكن الأغالبة من فهم المحيط الإفريقي المحيط بهم‬ ‫فاستغلو ثورات البرير لصالحهم ‪.‬في الوقت نفسه لم يقطعوا صلتهم بخلافة بغداد ‪ .‬بل‬ ‫أنهم استمدوا من ثقة الخليفة العباسي مزيدا من الشرعية والهيبة في منطقة متناحرة‬ ‫متلاطمة ا لتيار ت والمذاهب واستغلوا ظروف إفريقية وموقع إمارتهم ليفرضوا سيطرتهم‬ ‫البحرية علي وسط البحر المتوسط بعد آن كونوا أسطولا كبيرا لهم فرضوا سيطرتهم‬ ‫بواسطته علي صقلية وجنوب ايطاليا ("'‪ .‬وجعلوا لآول مرة من افريقية دولة بحريةلها‬ ‫نفوذها القوي في أحدا ث البحر المتوسط وجنوب أوربة ‪.‬‬ ‫ذلك أن الأغالبة أدركوا صعوية التوسع في الأقاليم الافريقية المتاخمة لهم ‪ .‬وأصبح‬ ‫البحر هو المجال الحيوي لهم ‪.‬حاصة وأنهم تمكنوا من بناء جيش واسطول قويين من را‬ ‫عربية ويريرية ‪.‬ورغم أن صقلية كانت صعبة المنال علي المسلمين منذ البداية ‪,.‬الا أن زيادة‬ ‫الله تمكن من إرسال أسطول قوي تحت قيادة القاضي أسد بن الفرات وقام باحتلال بالرمو‬ ‫(‪ )١‬جوليان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٥٩ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الدوري ‪ .‬صقلية ‪ .‬علاقاتها بدول البحر المتوسط الإسلامية من الفتح العربي حتى الغزو النورمندي‪٠ ‎‬‬ ‫بغداد ‪ .‬ص‪ ١٦٢ : ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫لمين منذ سنة ‪١٠٦١‬م حينما احتلوا مسينا ‪ .‬ثامحتلوا بالرمو سنة‪ ‎‬م‪!٢٧٠١‬‬ ‫منسمن‬ ‫انولرما‬ ‫(‪ )٣‬احتلها ال‬ ‫بسبب الخلافات القائمة يين القادة المسلمين في تلك الفترة واستطاع روجرز النورماندي أن بتلك‪‎‬‬ ‫الجزيرة باستثناء مدينتين قصريانة وجرجنت حتى استسلما سنة‪ ‎‬م‪. ١٩٠١‬‬ ‫‪ -‬جوليان ‪ .‬تاريخ إفريقية الشمالية ‪ .‬ج‪ .٢‬ص‪. ١٤١ : ‎‬‬ ‫‪ -‬عمران ‪ .‬تاريخ أورويا في العصور الوسطى ‪ .‬ص‪. ٢٨١ . ٢٨٠ : ‎‬‬ ‫‪٢.٢‬‬ ‫عاصمة صقلية ومسينا ‏‪ ٠‬وني سنة ‪٨٤٣‬م‏ احتلوا يلفيديو وهي بالجزيزة أيضا ‪ .‬ويعد أن‬ ‫"اكمل الأغالبة احتلال إفريقية عبروا البحر واحتلوا تورمينا رغم تدخل لويس الثاني‬ ‫الكارولنجيء وجمهوريات ايطاليا التحارية مثل البندقية ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬الفاطميون في المغرب ‪:‬‬ ‫يرجع الفضل في تأسيس الدولة الفاطمية في بلاد المغرب إلى عبيد الله الشيعي ‪.‬‬ ‫الذي فر من المشرق واستند إلى قبيلة كتامة البربرية ‪.‬ويرحع الفا طميون إلى الدعوة‬ ‫الإسماعيلية الشيعية ‪ .‬التي بدأت الامامة بإسماعيل زثم ابنه محمد ‪ .‬الذي أصبح الامام‬ ‫السابع ‪.‬واستترالأئمة الاسماعيليون ‪ .‬بينما تولى المستورين الذين كانوا يسيرون في‬ ‫البلاد سرا ‪ .‬ويظهرون الدعاة جهرا ‪ .‬وذلك حسب معتقداتهم ('‪.‬‬ ‫وقد لجأ أئمة الاسماعيلية إلى نشر دعوتهم في الخفاء وفي بلاد بعيدة عن مركز‬ ‫الدولة العباسية ليتجنبوا اضطهاد العباسيين ("" ‪.‬واتحذ أئمة الإسماعيلية مدينة سلمية‬ ‫بالشام مركزا لنشر هذه الدعوة ‪ .‬وكانوا يبعثون من هذه المدينة الدعاة إلى كافة الاقطار‬ ‫الإسلامية ويعهدون في تنظيم الدعوة إلى كبار الدعاة الذين كان يطلق عليهم في هذا‬ ‫الدور وهو دور الستر ‪.‬نواب الأنمة آو الحجج‪ .‬وهؤلاء يبعشون دعاة لنشر المذهب‬ ‫الإسماعيلي في أرجاء العالم الاسلامي ("'‪ .‬وقد عاش في تلك المدبنة التاريخية الأنمه‬ ‫الأربعة المستورون من ولد اسماعيل بن جعفر الصادق ‪ .‬وهم الذين خططوا للدولة الفاطمية‬ ‫التي ظهرت في المغرب وشمال إفريقية ومصر ‪ .‬كما أوجدوا الحركة الإسماعيلية القرمطية‬ ‫في الشام والعراق والبحرين وفارس واليمن ‪.‬‬ ‫تختلف الدعوة السرية التي لجأت إليها الإسماعيلية عن التقبة عند الشيعة‬ ‫الإمامية التي ترمي إلى مكاتمة المخالفين لهم وترك مظاهرتهم وستر اعتقاداتهم ‪ '“(.‬وقد‬ ‫(‪ (١‬الل والنمل ‪.‬ص‪. ١٩٢١ : ‎‬‬ ‫بما فترة ة طوبلة ‪. .‬‬ ‫‪ .‬وظل مختض‬ ‫محمد أب‬ ‫اسولبصبع "‬ ‫‏(‪ )٣‬حسن إبراهيم ‏‪ ٠‬تاريخ الدولة الفاطمية ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪٤٠‬‬ ‫‏(‪ )٤‬المظفر ‪ .‬عقائد الإمامية ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٨٥‬‬ ‫‪_ ٢.٢‬‬ ‫بدأت الدعوة الاسماعيلية بجهود ميمون القداح وابنه عبد الله ‪ .‬وكان ميمون هذا مولى‬ ‫للامام جعفر الصادق ‪ .‬ودخلت تلك الدعوة طورا جديدا علي يد عبد الله بن ميمون ‏(‪'١‬‬ ‫وأصبحت الأهواز مركزا لنشاطه ومنها أرسل الدعاة إلى أماكن متفرقه ‪ .‬وكان يخفي‬ ‫دعوته وراء ستار التشيع والعلم ‪ .‬ثامرتحل الي البصرة ‪ .‬واستقر به المقام في سليمة ""‪.‬‬ ‫حيث رزق بابنه احمد ‪ .‬ا لذي خلف والد‪ .‬في الدعوة ‪ .‬حيثظهر حمدان قرمط بن الأشعث‬ ‫في تلك الفترة ‪.‬ويعد موت أحمد خلفه ابنه الحسين بن أحمد بن عبد الله بن ميمون "‬ ‫‪ .‬الذي بعثداعيتين من دعاته إلى المغرب وهما ‪:‬أبو عبد الله الحسين بنأحمد بن محمد‬ ‫وأخية أبو العباسي محمد ‪.‬‬ ‫غير أن بذور الشيعة الاسماعيلية أخصبت في أرض المغرب ‪ .‬إخضابا غير متوقعا ‪.‬‬ ‫ووجدت في قبيلة كتامة البربرية سمادا لنموها وترعرعها ‪ .‬وكانت قبيلة كتامة تستقر في‬ ‫منطقة القبائل الصغري شرقي جبال بابور بين جيجلي وتسنطينة ‪ .‬وهي منطقة ذ ات موقع‬ ‫متوسط ‪ .‬لها اهميتها الإستراتيحية منذ العصور القديمة ‪ .‬كما أن العباسيين والآغالبة لم‬ ‫يتمكنوا من بسط سلطانهم علي تلك المنطقة "'‪.‬‬ ‫وكان أفراد قبيلة كتامة علي علاقة غير موفقة بالولاة العرب منذ البداية ‪ .‬ما أدي‬ ‫إلى احتضان تلك القبيلة للأفكار المعادية للأمويين والعباسيين منذ القرن الثاني الهجري‬ ‫‪ /‬الثامن الميلادي من خلال وصول الدعاة إلى مناطقهم أو التعرف علي تلك الافكار من‬ ‫خلال موسم الحج ‪ .‬حيث اتصل الداعي أبو عبد الله ‪ .‬الذي أصبح له دور في الدعوة في‬ ‫بلاد المغرب ‪ .‬واتصل بحجاج كتامة واصطحبوه إلى بلادهم سنة ‪٨٩٢‬م‏ واستقر بينهم في‬ ‫حصن منيع في منطقة القبائل الصغري ("'‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬وكون منهم‬ ‫الاسماعيلية‬ ‫مع باقي دعاة‬ ‫كلمة كتامة‬ ‫توحيد‬ ‫تمكن أبو عيد الله من‬ ‫جيشا قوياً هجم ببه علي افريقية ‪ .‬فاستولي على المسيلة سنة ‪٩٠٢‬م‏ ‪.‬ثم سطيف سنة‬ ‫‏‪ .٤‬م ‪ .‬واحتل كل الآماكن الهامة المؤدية إلى إفريقية ‪.‬فاحتل رقادة سنة‪٢٠٩‬م‏ ‪.‬وبدأ‬ ‫(‪ )١‬عارف تامر ‪ .‬القرامطة ‪ .‬ص‪. ٨٦ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬مدينة صغيرة بالشام قرب حماة في شرقي نهر العاصي ‪ .‬أصبحت مركز الدعوة الاسماعيلية‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬جوليان ‪ .‬تاريخ إفريقية الشمالية ‪ .‬ج‪ .٢ ‎‬ص‪. ٧٣٢/٧٢ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬الليثي ‪ .‬سميرة ‪ .‬جهاد ‪ .‬الشيعة‪. ٢٤١ . ‎‬‬ ‫‪٢.٤‬‬ ‫يستميل الناس اليه بأن أسقط كل الضرائب غير المنصوص عليها في القرآن الكريم ‪ .‬وامر ‪.‬‬ ‫بضرب العملة ‪ .‬وعين قاضيا شيعيا ‪ .‬وبدأ يفرض تعاليم فكره علي الناس ‏(‪'١‬‬ ‫وبعد تلك الانتصارات أخذ يبحث عن المهدي ‪ .‬الذي يدعو باسمه ‪ .‬في الوقت الذي‬ ‫أدرك عبيد الله المهدي أن سلمية لم تعد مكانا مناسبا ملاحقة العباسيين له ‪ .‬فاتجه الي‬ ‫بلاد اللفرب عبر مصر وطرابلس ‪ .‬متحفيا في ذي تاجر ‪ .‬واحتمي بيني مدرار في‬ ‫سجلماسة ‪ .‬ويبدوا أنه أودع السجن ‪ .‬وتمكن جيش كتامة من تخليصه من الأسر ‪ .‬ودخل‬ ‫عبيد الله مدينة رقادة سنة‪٩١ .‬م‏ في موكب عظيم ‪ .‬وتلقب رسميا بالمهدي ‪ .‬وسمي بأمير‬ ‫المؤمنين ("" ‪ .‬وبذلك ظهرت للاسماعيلية إمامتهم الرسمية في المغرب الأقصى ‪.‬‬ ‫ولاشك أن تتويج عبيد الله في مدينة رقادة التي كانت تابعة للأغالية وسط حشد‬ ‫من قوات بربرية من رجال كتامة ‪ .‬قد حمل معاني كثيرة منها مايلي ‪:‬‬ ‫‏‪ -١‬وضع حد للنفوذ العربي في المنطقة ‪ .‬وظهور قيادات بربرية شاركت في صنع‬ ‫أحداث المرحلة الجديدة ‪ .‬وأصبحت السلطة في شمال افريقية بيد القبائل البربرية ‪ .‬لابيد‬ ‫القوات المتحركة من الشرق او من مصر ‪ .‬وظهور بدايات لصراعات مذهبية جديدة في‬ ‫المنطقة ‪ .‬كانت امتدادا لخلافات ظهرت من الشرق ‪.‬‬ ‫‪-٢‬نبتت‏ وترعرعت خلافة جديدة نافست الخلافة العباسية في أرض البربر ‪ .‬وعلي‬ ‫كوا هل رجالها ‪ .‬وزحفت بوقودها البربري الي مصر والشام ‪.‬‬ ‫‏‪ -٣‬كان مغامرات قبيلة كتامة في العصر الفاطمي أثر كبير في انفراضها ‪ .‬حيث‬ ‫استنزفت قواها وأثرت فيها معارك المغرب ومصر وصقلية ‪ .‬وضعف نفوذها فيما بعد بين‬ ‫قبائل البربر ‪.‬حيث أن المهدي كان يعتبر المغرب ليس غايته القصوي ‪ .‬بل يعتبره نقطة‬ ‫انطلاق بوصفة الحاكم الشرعي للعالم الاسلامي ‪ .‬من وجهة نظرة ‪.‬‬ ‫عموما ‪ .‬ما أن استقام الامر للمهدي في إفريقية وقضي علي ثورات البربر‬ ‫‪. ٧٣ :‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫مرجع ا لسابق ‪ .‬ج‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫)‪ (١‬جوليا ن‬ ‫(‪ )٢‬جوليان ‪.‬ا مرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٧٤ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٢,٥‬س‬ ‫۔‬ ‫والأغالبة وأطاح بدويلات المغرب ‪ .‬حتي بدأ يوجه أنظارة صوب مصر ‪ .‬رقد استفاد من‬ ‫فشل حملاته الاولي التي أرسلها منذ سنة ‪٢١٣‬م‏ في احتلال الإسكندرية والفيوم و تهديد‬ ‫الفسطاط ‪ .‬ومنذ سنة ‪٨٢٦٩‬م‏ تمكن جوهر زمن المعز من دخول مصر علي رأس جيش يزيد‬ ‫عن مائة الف رجل واختط عاصمة جديدة للفاطميين هي القاهرة ‪ .‬ولحق به المعز حاملا معه‬ ‫أثاث قصوره ومخلفات أجداده مؤكدا عزمه علي ترك إفريقية نهائيا والاستقرار بمصر ‏(‪'١‬‬ ‫وظلت مصر تحت النفوذ الفاطمي لمدة قرنين من الزمان ‪ .‬وترك المعز لرجال صنهاجه حكم‬ ‫المغرب ‪ .‬بعد أن رحلت معه بطون كتامة إلي مصر ‪.‬‬ ‫ويبده أن البلاد قد نهضت علي يد أمراء صنهاجة ‪ .‬حيث بدأت مرحلة جديدة من‬ ‫تاسيس مدن مغربية علي الطراز الشرقي الإسلامي مثل عاصمتهم أشير ‪ .‬ومدينة الجزائر‬ ‫ومليانة والمدية ‪ .‬وأصبحت أشير ‪ .‬عاصمة صنهاجة بحق مركز المبادلات التجارية لفترة‬ ‫طويلة بين السهول والجبال والصحراء ‪ .‬وكذلك قبلة الفقهاء والعلماء وتردد علي بلاطهم‬ ‫العلماء والشعراء والآدباء ‪ .‬ويرجع ذلك إلى الازدهار الاقتصادي الذي شهدتة إفريقية ‪.‬‬ ‫فعمت المزروعات معظم مناطقها ‪ .‬وكانت باجة تحتاج في كل يوم إلى ألف من الابل لحمل‬ ‫الحبوب ‪ .‬وقت الحصاد ("'‪ .‬لكن التمرد الذي وقع في المغرب علي سلطة الفاطميين دفع‬ ‫الخليفة الفاطمي بتوجيه عرب بني هلال وبني سليم إليهم لتأديبهم ‪.‬‬ ‫رابعا ‪ :‬دولة الصفرية (بني واسول) ‪:‬‬ ‫نحبح دعاة الصفرية في نشر فكرهم بصورة كبيرة بين قبائل المغرب الأقصي مثل‬ ‫مطغرة ومكناسة وزناتة وبرغواط ‪ .‬كما انتشر ببن قطاعات كبيرة من الآفارقة السود‬ ‫الذين عاشوا في تلك المناطق بحكم العلاقات الحضارية بين شمال إفريقية وإفريقية جنوب‬ ‫الصحراء ويذلك سمحت الظروف بظهور أول إمامة لجماعات المحكمة بلاد الغرب‬ ‫سنة‪١٤ .‬ه‏ سنة‪٧٢٥٧‬م‏ كما قاموا بثورتهم من قبل منذ سنة ‪١٢١‬ه‏ ‪ /‬سنة ‪٧٣٩‬م("'‪.‬‏‬ ‫وكانت قبيلة مكنا سة هي العصبية التي ارتكزت عليها دولة بني مدرار الصفرية ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬جوليان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٧٧ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬جوليان ‪ .‬نفسه ‪ .‬ص‪. ٧٩ : ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬وهي إمامة الظهور ‪ .‬التي المرحلة التي يتمكن فيها رجال المحكمة من تأسيس دولة وتنصيب خليفة‬ ‫أو إمام يطبق الشرع ويقيم الحدود ‪.‬‬ ‫‪_ ٢.٦‬‬ ‫وتنتشر القبيلة في وادي ملوية ‏(‪ . '١‬الذي يصيب'في البحر المتوسط ‪ .‬وتقع مدينة‬ ‫سجلماسة فأيعلاه ‪ .‬كما تسكن بعض بطونها في نواحي تازا وتسول بالمغرب الأقصي‪'"١‬‏‬ ‫‪.‬ومن بطون مكناسة ‪:‬صولات وبوحات وبنو ورفلاس وتيصا رة وورقطنة وورصطف ‪ .‬وهم‬ ‫من البربر البتر من سكان الصحراء ‪ .‬كما ساهمت عناصر اخرى من سكان سجلماسة في‬ ‫قيام دولة الصفرية من بربر صنهاجة وزويلة وزناتة ‪ .‬وجماعات من الآفارقة من جنوب‬ ‫الصحراء الكبري الذين استقروا في تلك النواحي ‪ .‬خاصة في إقليم تافيللت ‪ .‬بعد‬ ‫اعتناقهم المذهب الصفري علي يد أبي القاسم سمكو بن واسول ("'‪ .‬حتي أن اول من تولى‬ ‫الإمامة في الدولة كان سودانيا يدعي عيسي بن يزيد الأسود ‪ .‬ويرجع السبب في ذلك إلى‬ ‫أهمية موقع سجلماسة علي الطرق الصحراوية المتحهة إلي بلاد السودان الغربي ‪.‬‬ ‫حيث تقع سجلماسة في منطقة تافيللت علي طرف الصحراء ‪ .‬وتبعد عن مدينة‬ ‫فاس في اتحباه الجنوب الشرقي حوالي ‪٣١٥‬كم‏ ‪ .‬كما تقع في الجهة المقابلة تاهرت عاصمة‬ ‫الرستميين ‪ .‬وتعد سجلماسة آخر مرحلة في اتجاه الطريق الصحراوي بين افريقية الشمالية‬ ‫وإفريقية جنوب الصحراء وتصل القوافل التحارية إلى نطاق السافانا في بلاد السودان‬ ‫الغربي في حوالي شهرين أ وهي نفس المدة الزمنية التي تقطعها القوافل التجارية بين‬ ‫سجلماسة والقيروان في الشمال الافريقي عن طريق نفزاوة وقسطيلية ‪ .‬ونظرا لازدهار‬ ‫سجلماسة علي يد بني مدرار ‪ .‬فإن الطرق التي كانت تربط شمال إفريقية ‪ .‬ببلاد‬ ‫السودان جنوب ‪ .‬خط الصحراء ‪ .‬أصبحت تتجة معظمها نحو المرور بسجلماسة حتي‬ ‫الطرق التي كانت تربط بين مصر وبلاد السودان اهملت في تلك الفترة واتجهتالقوافل‬ ‫نحو الفرب إلى سجلماسة ‏(‪.'٨‬‬ ‫وأصبحت سجلماسة ني مطلع القرن الثالث الهجري مدينة متسعة الأرجاء ‪ .‬ذات‬ ‫في ضوا حيها‬ ‫‏‪ ٠‬وا نتشرا ت‬ ‫علي ا‪:‬انى عشر با با‬ ‫‪ 1‬حيا ه مختلفة يحيط بها سور يحتوي‬ ‫القري الزارعية والحدائق علي مد البصر ‪.‬وتحدث الرحالة والزوار عن بيوتها الرفيعة‬ ‫(‪ )١‬ابن خلدون ‪ .‬ج‪. ٦‬ص‪. ١٢٩ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬البعقربي ‪ .‬البلدان ‪ .‬ص‪. ١٣٠ : ‎‬‬ ‫(‪ ).٣‬ابن خلدون ‪ .‬المصدر السابق‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬البكري ‪ .‬المصدر السابق ‪.‬ص‪. ١٤٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬الجنحاني ‪ .‬المفرب الإسلامي ‪ .‬ص‪. ١٥١ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٢.٧‬س‬ ‫س‬ ‫وأبنيتها الرائعة ‪ .‬وقصورها العالية ‪ .‬وأسواقها العامرة (ا'‪.‬‬ ‫ولذلك فقد اتحجهت سياسة يني مدرار إلى الحفاظ علي هوية المنطقة ومصالحها‬ ‫الانتتصادية مع الحفاظ علي الاستقلال السياسي والمذهبي ‪ .‬وتد ساعدهم على ذلك موقع‬ ‫دولتهم في اقصي بلاد المغرب ("‪ .‬وهي المنطقة التي أسقطها ولاة بني العباس من‬ ‫حسابهم ‪ .‬واكتفى الطرفان الصفري والعباسي في شمال افريقية على الإكتفاء بمناطق‬ ‫نفوذه ‪ .‬حيث اقتطع هذا الجزء نهائيا عن النفوذ العباسي واستقل به أمراء بني مدرار ‪.‬‬ ‫وأصبحت دولتهم مركزا للنشاط الصفري ‪ .‬وهم الذين ينكرون خلافة العباسيين والأموبين‬ ‫من قبلهم ("'‪ .‬واستفاد بنو مدرار من نكبات الصفرية السابقة عألييدي العباسيين في‬ ‫الجزيرة والموصل وابن كاوان ‏(‪ .'٨‬في المشرق الإسلامي ‪ .‬ولذلك فقد اضمروا العداء‬ ‫للعباسيين وعمالهم وأقاموا علاقات مع ألد أعدائهم وهم بنو أمية بالأندلس ‪ .‬لكنهم لم‬ ‫يقدموا علي تجهيز الجيوش لمحاريتهم في إفريقية ‪.‬‬ ‫لكن بتي مدرار واجهوا أمراء الأغالبة ووقفوا أمام تزايد نفوذهم ني الشمال‬ ‫الإفريقي حيث هادنوا حكام تاهرت الرستميين وحالفوا خلفا ء الأندلس الأمويين ‪ .‬وشكلوا‬ ‫تحالفا ضد النفوذ الأغلبي والعباسي ‪ .‬الأمر الذي أعطي لهم نوعا من الاستقرار وحفظا‬ ‫لتوازن المصالح الاقتصادية وأمن لمرور قوافل التجارة في بلادهم ‪.‬‬ ‫ورغم تكون حلف جديد بين إمامات الصفرية والأباضية في بلاد المغرب وبين حكام‬ ‫الاندلس إلا آن هذا التحالف لم تظهر آثاره الواضحة إلا في صورة علاقات ودية ‪ .‬والكف‬ ‫عن التدخل في شئون بعضهم البعض ‪ .‬فقد فشل هذا التحالف في حماية بلدانهم من‬ ‫الخطر الشيعي الذي تمكن من اسقاط دولتي الصغرية والأباضية ‪ .‬دون أن يتم القيام بعمل‬ ‫مشترك من أمراء الصغرية والأباضية وأموي الأندلس ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬ابن حوقل ‪ .‬صورة الأرض ‪ .‬ص‪. ٩٠ : ‎‬‬ ‫ايد المغرب ‪ .‬ص‪. ١٢٨ : ‎‬‬ ‫لج ف‬ ‫بوار‬ ‫(‪ )٢‬اسماعيل ‪ .‬الخ‬ ‫(‪ )٣‬البفدادي ‪ .‬الفرق بين الفرق ‪ .‬ص‪. ٢٧٢ : ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬جزيرة في الخليج العربي ‪ .‬وقد أطلقت على احدى جزر البحرين في العصور الإسلامي ‪ .‬اتجه إليها‬ ‫الصفرية في نهاية العصر الأموي ‪ .‬لكن العباسيين ارسلوا حملة بقيادة خازم بن خزمة التبمي تمكن‬ ‫من هزيمتهم ‪.‬‬ ‫‪٢.٨‬‬ ‫خامسا ‪ :‬الأباضية ‪ :‬ودورها المميز في تاريخ القارة الإفريقية ‪:‬‬ ‫مازالت الدراسات التاريخية ‪ .‬قديمها وحديثها ‪ .‬قاصرة عن وضع تصور شامل لدور‬ ‫رجال الأباضية في تاريخ افريقية ‪ .‬سواء في شمال القارة أو في شرقها او في وسطها ‪.‬‬ ‫وكان ظهور دراسات من بعض رجالها عن دورهم في بلاد السودان ‪ .‬حاليا ‪ .‬يعد بداية‬ ‫هامة لتتبع هذا الدور ("‪.‬‬ ‫ذلك أن الفكر الأباضي كان أنسب الأفكار الاسلامية التي وصلت إلي بلاد البربر‬ ‫لشرح حقيقة الإسلام وماهيته ‪.‬بعد فترة طويلة مر بها البربر بين مد وجزر خلال العصر‬ ‫الأموي ‪.‬منذ بداية القرن الثاني المجري ‪ /‬القرن الثامن الميلادي ‪.‬وانتشرت افكار‬ ‫الاباضية بين قبائل البربر بعد أننجح سلمة بن سعد الحضرمي في نشرها بين سكان جبل‬ ‫نفوسة ‪ .‬ولاقت الدعوة نباجا منقطع النظير ‪ .‬واقترنت بساطتها بفطرة البربر واصبحت هي‬ ‫الصورة العبرة عن إسلام المديد من قبائل البربر لفترة طويلة ‪ .‬خاصة وأنها جا مت في‬ ‫فترة الممارسات القاسية من قبل بعض ولاة بني أمية ويني العباس ‪.‬‬ ‫لقد اقبلت قبائل هوارة ولماية وزناتة وسدراته ولواته وزواغة ونفوسة ‪.‬علي اعتناق‬ ‫الفكر الأباضي ‏‪ !٢‬و‪.‬نظرا لنشاط تلكالقبائل واتساع مجالها الحيوي في مناطق إفريقية‬ ‫والمغربين الأدنى والأوسط ‪.‬وقدمت تلك القبائل رجالها من أجل نصرة الحركة وانتشارها ‪.‬‬ ‫حيثحملت أسماء بعثةالعلم الأولى إلي البصرة أسماء هؤلاء البربر منذ البداية ‪.‬ونشط‬ ‫رجال البربر ني الدعوة للفكر ا لأباضى في مناطقهم وأسسوا مدارس سريةعلي غرار‬ ‫مدرسة الإمام أبوعبيدة مسلم بن أبي كريمة في البصرة ("'‪.‬‬ ‫() تقوم مكتبة الضامري للنشر والتوزيع ‪ .‬بسلطنة عمان بنشر العديد من تلك الأبحاث في الآونة‬ ‫الأخيرة ‪ .‬من قبل بعض علماء تونس والجزائر وغيرهم ‪ .‬وأهمها ‪:‬‬ ‫‪ -‬الوجود الأباضي بالأندلس ‪ .‬للأستاذ يحبى محمد بكوش ‪.‬‬ ‫‪ -‬دور فقهاء الأباضية في إسلام مملكة مالي ‪ .‬للدكتور أحمد إلياس حسين ‪.‬‬ ‫‪ -‬دور الأباضية في نشر الإسلام بغرب إفريقيا ‪ .‬للادكتور محمد ناصر ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ابن خلدون ‪ .‬ج ‏‪ . ٦‬ص ‪ :‬‏‪. ٢٤٣‬‬ ‫‏(‪ )٣‬أبو زكريا ‪ .‬كتاب الأمة ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ ٥٧‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‪_ ٢.٩‬‬ ‫وأصبح لرجال تلك القبائل تصورهم الخاص لاخراج شمال إفريقية من حالة الفوضي‬ ‫والصراعات التي ظهرت في المنطقة منذ نهاية العصر الآموي ‪.‬وكان هذا النظام الجديد قد‬ ‫وضعت أسسه منذ البداية من الامام أبو عبيدة بالبصرة ‪ .‬حيثعادت بعثةة حمل العلم من‬ ‫البصرة ومعها صلاحيات وارشارات ونصائح للخروج بالمنطقة من أوضاعها والتحولإالي‬ ‫نظام الامامة ‪.‬وأخذ هؤلاء الدعاة يهيئون القبائل للثورة ويتشاورون مع زعمائها حول‬ ‫أنسب الطرق لتحقيقها (ا' ‪.‬‬ ‫ومنذ بداية المصر العباسي نبح الأباضية فإيعلان إمامة ظهور لهم في طرابلس‬ ‫وامتدت تلك الامامة سنة‪١٤ .‬ه‏ لتشمل جبل نفوسة وطرابلس ودمر وجزيرة جرية وقابس‬ ‫وسرت ‪ .‬بل أن الامام أبو الخطاب عيد الأعلي بن السمح المعافري تمكن من دخول القيروان‬ ‫وإعادة الأمن والاستقرار إليها وطرد قبائل ورفجومة منها "'‪ .‬وبذلك حققت الأباضية أهم‬ ‫مكاسبها السياسية في إفريقية بضم القيروان لها لما تشكله القيروان من أهمية خاصة ني‬ ‫تارخ إفريقية الإسلامية " كما اتضح للبربر صورة جديدة من صور التسامح الإسلامي‬ ‫علي يد رجال الأباضية خلال ماصدر عنهم من سيرة حسنة وممارسات ملتزمة ‪ .‬حتى قال‬ ‫أحدهمم ((وأين مثل أبي الخطاب في عدله وفضله ‏))(‪'٨‬‬ ‫أد ركت خلافة العباسيين خطورة اتساع نفوذ الاباضية في إفريقية ‪ .‬وا نتشار‬ ‫أفكارهم بين البربر ‪.‬فسارع المنصور إلى إرسال جيش كبير بقيادة محمد بن الأشعث‬ ‫الجيش الأباضي ‏‪ ٠‬بعد ا تباع‬ ‫علي‬ ‫الانتصار‬ ‫من‬ ‫وتمكن‬ ‫الى طرابلس‬ ‫‏‪ ٠‬توجه به‬ ‫الخزاعي‬ ‫أساليب الخداع ‪.‬وقتل المام الأباضي أبو! الخطاب في المعركة سنة ‪١٤٤‬ه‏ ‪ /‬سنة‬ ‫‏‪ ١‬‏‪.‬م‪"٦٧‬ا وبعد معركة تاورغا تمكن ابن الأشعث من دخول القيروان ‏‪ ٠‬وأخذ بتعقب رجال‬ ‫الاباضية ‪ .‬ولكن بعد آنن كان الفكر الآباضي قد ترسخ بين البربر وانتشر بين قطاعات‬ ‫كثبرة منهم ‪ .‬ولم يتمكن الأغلب بن سالم التميمي أو عمر بن حفص ‪ .‬ولا حت يزيد بن‬ ‫من وقف الانتشار للفكر الآباضي في المنطقة ‪.‬‬ ‫حاتم ام‬ ‫(‪ )١‬أبو زكريا ‪ .‬المصدر السابق ‪.‬ص‪. ٥٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬خليفات ‪ .‬نشأت الحركة الأباضية ‪ .‬ص‪. ١٢٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬ابن الأثير ‪ .‬الكامل ‪ .‬ج‪ . ٥ ‎‬ص‪. ٣١٦ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬أبو زكريا ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٦٩ : ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬ابن عذاري ‪ .‬البيان ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪. ٧٢ : ‎‬‬ ‫ذلك أن العباسيين ركزوا جهودهم علي الشريط الساحلي لإفريقية ‪ .‬واقتصرت جهود‬ ‫ولاتهم ‪ .‬في أغلب الأمر علي ضمان استتباب سياسة ونفوذ العباسيين في تلك المناطق ‪.‬‬ ‫فاستغل دعاة الاباضية طبيعة إفريقية وبلاد المغرب من سهول وجبال وأودية وصحراء‬ ‫وانسحبوا إلى مناطق الجبال وواحات الصحراء نحو الجنوب ‪ .‬وهي مناطق نفوذ القبائل‬ ‫البربرية ‪ .‬ولها خبرتها ونفوذها في تلك الرجاء البعيدة عن الساحل ‪.‬‬ ‫واستغل أحد قيادة الأباضية هذه الظروف ليحقق نصرا جديدا للأباضية وللإسلام في‬ ‫العمق الإفريقي نحو الجنوب ‪ .‬خاصة بعد مقتل الإمام الأباضي الجديد وهو أبو حاتم‬ ‫الملزورزي‪ .‬حيث بدأ عبدالرحمن بن رستم (ا' في استغلال امتداد نفوذ القبائل البربرية‬ ‫الموالية لفكر الأباضية نحو الجنوب‪ .‬في إقامة إمامة أباضية جديدة تكون مركزا له‬ ‫ولأتباعه‪ .‬فاتجه صوب الجنوب مخترقا الجبال والوديان واستقر به المقام في تاهرت ‪.‬وأخذ‬ ‫يخطط في بناء مدينة جديدة في منطقة المغرب الأوسط‪ .‬بعيدا عن القيروان‪ .‬مستغلا‬ ‫موقع المكان وإمكانياته المائية وخصوبة أرضه ‪.‬‬ ‫وبالإضافة إلي ذلك فإن هذا المكان توافرت فيه عوامل أساسية ليكون مركزا‬ ‫‏(‪ )١‬هو عبد الرحمن بن رستم بن بهرام ‪ .‬من أصل فارسي ‪ .‬قدم مع أبوه إلى مكة للحج ‪ .‬فتوفى والده‬ ‫هناك ‪ .‬فتزوجت أمه برجل من أهل القيروان ‪ .‬وكان عبد الرحمن صغيرا ‪ .‬فحملته أمه معها إلى‬ ‫القيروان ‪ .‬وفي القيروان بدأ حياة علمية جادة نتعرف على سلمة بن سعد الحضرمي ‪ .‬وأصبح من‬ ‫رجال الأباضية ‪ .‬أرسل ضمن بعثة العلم الأولى إلى البصرة للتتلمذ على يد الإمام أبي عبيدة‬ ‫مسلم بن أبي كرمة ‪.‬‬ ‫بعد عودة عبد الرحمن من البصرة ساهم بدور كبير في ثورات الأباضية في منطقة شمال‬ ‫إفريقية فاشترك في ثورة طرابلس ‪ .‬وعين قاضيا لأبي الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري على‬ ‫القبروان سنة ‏‪ ١٤.‬ه ‪ .‬ثأمصبع وااليلاقعليىروان سنة ‪١٤١‬ه‏ بعد أن دخلها الإمام أبو الخطاب‬ ‫عبد الأعلى ‪ .‬ويعد هزة الأباضية في تاورغا سنة ‪٤‬ا‪١٤‬ه‏ وماتم بعد ذلك من ملاحقة العباسيين‬ ‫للأباضية في المنطقة أدرك عبد الرحمن بن رستم أن المغرب الأدنى أصبح غير مناسب لإقامة إمامة‬ ‫أباضبة ‪ .‬فاته نحو المفرب الأوسط ليزسس إمامة أباضية منذ سنة ‪١٦٠.‬ه‏ ‪ .‬وكان للإمامة‬ ‫الرستميين في تاهرت دورأ هاما في تاربخ المنطقة ‪.‬‬ ‫انظر ‪ :‬أبو زكريا ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪ ٨٥‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫ابن عذاري ‪.‬ج‪١‬‏ ‪.‬ص ‪ :‬‏‪. ٧٣‬‬ ‫‏‪ ٢١١‬س‬ ‫للأباضية‪ .‬ومن تلك العوامل مايلي ‪:‬‬ ‫‏‪ -١‬يتناسب موقع تاهرت مع الامتداد الكبير لنفوذ القبائل البربرية الموالية‬ ‫للأباضية ‪ .‬والتى يمتد نفوذها من المغرب الأدنى إلى المغرب الأرسط ‪.‬وكان لابد من‬ ‫اختيار موقع يتناسب مع هذا الامتداد الجغرافي لأتباع الحركة‪ .‬خاصة وأن الصفرية قد‬ ‫أسسوا عاصمة لهم في جوف الصحراء في سجلماسة‪ .‬أصبحت مركزا لاتباعهم في بلاد‬ ‫للغرب ‪.‬وأصبحت تاهرت هى مركز الأباضية الجديد في منطقة شمال افريقية ‪.‬اأولمعسكر‬ ‫البارك " (" لهم‪ .‬كما تذكر مصادرهم ‪.‬‬ ‫‏‪ -٢‬وجود قبائل بربرية موالية لعبدالرحمن بن رستم في المنطقة‪.‬مثشل لاية ولواتة‬ ‫وهوارة ‪.‬ونفوسة التى رحل بعض أفرادها إلى الموقع فيما بعد‪ .‬حتى أصبح لكل قبيلة‬ ‫منهم درب أوحى ارتبط باسمهم مثل‪ :‬عدوة نفوسة‪ .‬ودرب النفوسية‪ .‬وأصبح من السهل‬ ‫على الرسمتيين تشكيل قوة عسكرية للدفاع عن كيانهم من تلك القبائل ‪.‬‬ ‫‏‪ -٣‬كان موقع تاهرت"' يشكل أهمية كبرى كعامل من عوامل اختيارها منذ‬ ‫البداية‪ .‬وكعامل من عوامل تطورها وازدهارها فيما بعد‪ .‬حتى أصبحت المدينة قصبة‬ ‫الغرب‪ .‬فوفدت إليها الوفود من كل الأمصار من المشرق والمغرب والسودان‪ .‬حتى أطلق‬ ‫عليها اسم عراق المغرب لازدهارها ولكثرة السكان الكوفيين والبصريين والفرس بها‪.‬‬ ‫وابتنى الناس القصور والدور‪ .‬وظهرت فئة اجتماعية جديدة من اندماج هؤلاء الفئات‬ ‫أصبحت تتمتع بقدر كبير من الثروة والنفوذ واتسع عمران المدينة حتى وصلت حدودها إلى‬ ‫(‪ )١‬أبو زكريا ‪.‬المصدر السابق‪ .‬ص‪.٨٨ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬أسس ابن رستم عاصمة بالقرب من مدينة قديمة تسمى تاهرت‪ .‬يبدو أنها كانت عاصمة لمملكة أهلية‬ ‫للمنطقة في العصر الروماني‪ .‬حتى أنها كانت تعتبر من المدن الهامة في بلاد المغرب عند الفتع‬ ‫الإسلامي‪ .‬ويبدو أنها لعبت دورا هاما في التحالف البيزنطي البربري ضد عمليات الفتح الإسلامي‬ ‫الأولى خاصة زمن عقبة بن نافع‪ .‬وكانت منطقة تاهرت كثيفة السكان قبيل الفتح الإسلامي‪ .‬ولكنها‬ ‫هجرت بعد الانتصارات التى حققتها الجيوش الإسلامية‪ .‬وقد كره ابن رستم أن ينزل في مدينة‬ ‫بيزنطية واتبع سبيل السلف في اختيار موضع جديد لعاصمة مستفيدا من نفس المزايا القديمة لتاهرت‬ ‫السابقة‪ .‬ويبدو أن تاهرت القديمة هى تاهرت الحالية‪.‬‬ ‫الجنحانى ‪.‬المرجع السابق‪ .‬ص ‏‪.١٠٦‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٢٧١٢‬‬ ‫مسافات بعيدة في الغابات والصحراء ‪.‬‬ ‫كانت أهمية تاهرت منذ البداية ترتكز على جوانب اقتصادية هامة‪.‬أدت إلى‬ ‫أهميتها الاستراتيجية فيما بعد‪ .‬وكان أول تلك الجوانب الاقتصادية أنها تقع في منطقة‬ ‫خصبة من الناحية الزراعية بحيث تمكنت من توفير احتياجات سكانها في المستقبل زمن‬ ‫الازدهار ‪.‬فهى تقع على نهرين أو ثلاثة أنهار‪ .‬كما تميزت المدينة بمناخ جيد من حيث كثرة‬ ‫الفيوم" وغزارة ‪ .‬الأمطار ‪.‬‬ ‫وبذلك كان عبدالرحمن بن رستم موفق في اختيار تلك المنطقة كمركز مناسب لإعلان‬ ‫إمامته ("‪ .‬وإذا كان ابن رستم واجه في البداية تحديات اقتصادية في بداية تأسيسه‬ ‫للمدينة‪ .‬فإنه استفاد بعد ذلك من أهمية مركزها الإستراتيجي‪ .‬وأصبحت مدينة تاهرت‬ ‫قصبة بلاد المغرب الأوسط ("'‪ .‬ومركزا للاتصال بين شمال افريقية وبين بلاد السودان ‪.‬‬ ‫فقصدتها جماعات التجار من كافة الأجناس والمناطق (“'‪ .‬وتدفقت حولها العديد من‬ ‫القبائل البربرية للاستقرار بها أو حولها‪ .‬وازدهرت المدينة حتى شبهت بعراق المغرب أو‬ ‫ببصرته ‪(.‬ه'‬ ‫وساعد على ازدهار المدينة أيضا سياسة الرستميين الملتزمة بالشورى وإقامة العدل‬ ‫والحرص على الاهتمام بالنواحي الفكرية ورعاية العلماء وحماية التجار‪ .‬فبالرغم من‬ ‫الاعتماد على العصبية القبلية في بداية تكوين دولتهم‪ .‬فإن القضايا السياسية والجوانب‬ ‫الاتتصادية والاجتماعية التزمت بالأساس الإسلامي‪ .‬وتوارث الخلافات أمام الزود عن هذا‬ ‫الأساس ‪ .‬ورغم أن معظم القبائل التى أيدت الرستميين ترجع إلى الأصل البربري البتري‬ ‫(‪ )١‬يقول الشاعر‪: ‎‬‬ ‫ما خلق الرحمن من طرفه ‪ ..‬أشهى من الشمس بتاهرت‪‎‬‬ ‫(؟) يقصد بكلمة تاهرت في اللفة البربرية‪ :‬محطة أإوقامة“‪‎‬‬ ‫بكير‪ .‬بحاز‪ .‬الدولة الرستمية‪ .‬دراسة في الأوضاع الإقتصادية والحياة الفكرية ‪.‬الجزائر‪ .‬سنة‪‎‬‬ ‫‪ .٨٥‬ص‪.١٩. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الجنحاني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٢٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬ابن الصغير‪ .‬المصدر السابق‪ .‬ص‪.٣٢ ‎‬‬ ‫‪.١٠٥‬‬ ‫(‪ )٥‬اليعقوبي‪ .‬البلدان‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪_ ٢١٢‬‬ ‫فإنها ارتقت فكريا وسياسيا بفضل إخلاصها لفكرها والدفاع عنه‪ .‬نعمت الحياة السياسية‬ ‫سيرة حكا مها وعدلهم حتى طار خبرهم نبلغ‬ ‫‏‪ ١‬لمذهب وا لاتحبا ‏‪ .٥‬وا شتهرت‬ ‫وحدة‬ ‫في تا هرت‬ ‫(‬ ‫‏‪١‬‬ ‫)‬ ‫‪-‬‬ ‫آ‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫مشرق‪‎‬‬ ‫وا‬ ‫مغرب‬ ‫‪١‬‬ ‫ومهما يكن من أمر‪ .‬فإن الدور الذي قامت به تاهرت في بلاد الغرب خاصة‪.‬‬ ‫وإفريقية عامة قد تعرض لتجاهل وصمت من قبل العديد من الكتابات تديها‬ ‫وحديثها("'‪ .‬الأمر الذي يجعل المؤرخ أو الباحث المنصف يعمل بقدر استطاعته‬ ‫وموضوعيته أن يحدد الإسهام الأباضي في تاريخ المغرب وافريقية ويبرز الدور الحقيقي‬ ‫لرجالهم في الاتصال الحضاري بين أقاليم افريقية من جهة وبين مناطق العالم الإسلامي من‬ ‫جهة ثانية ‪.‬‬ ‫لقد نهض الرستميون بأقاليمهم واستغلوا بصورة جيدة إمكانياتها الفلاحية والرعوية‬ ‫والتجارية والسياسية والاستراتيجية ("' ‪ .‬بصورة لم تشهدها تلك المنطقة من المغرب‬ ‫الأوسط بعد ذلك وحتى الوقت الحاضر ‪.‬‬ ‫فمن المعروف أن منطقة تاهرت والمناطق المحيطة بها هى مناطق انتاج للحبوب‬ ‫والثمار المتنوعة بسبب خصوية الأرض وتوفر الظروف المناسبة لذلك‪ 6‬وانعكس الوضع‬ ‫الاقتصادي المزدهر على استغلال مساحات واسعة من الأراضي المحيطة‪ .‬وظهور ضياع‬ ‫عديدة وبساتين متنوعة ("‪ .‬وهى صورة جديدة لم تكن موجودة قبل تأسيس دولة الأباضية‬ ‫في تاهرت ‪ .‬خاصة وأن إدارة تاهرت والمناطق المحيطة بها قد نظمت عملية استغلال المياه‬ ‫من الأنهار وشقت قنوات جديدة وامتدت عمليات الاستغلال إلى الجبال المحيطة‬ ‫بتاهرت وأزيلت العديد من الغابات لاستغلالها في السكنى ‏‪'٨(.‬‬ ‫من جهة ثانية حافظ الرستميون على قطاع الرعى الذي تشتهر به المنطقة سابقا‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الكماك‪ .‬موجز التاريخ العام للجزائر‪ .‬ص‪.١٨٢ ‎‬‬ ‫‪ .٢٢.٩١‬الجزائر‪ .‬سنة‪١٩٩١ ‎‬م‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬بكير بن سعيد‪ .‬حركة أهل الدعوة والاستقامة‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬لومبارد ‪ .‬المرجع السابق ‪.‬ص‪.٢١٣ ‎‬‬ ‫‪.٨٧‬‬ ‫(‪ )٤‬الادريسي‪ .‬نزهة المشتاق‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٥‬ابن خرداذبة‪ .‬المسالك والممالك‪‎ . ‎‬ص‪.٣٤‬‬ ‫‪٢٧١٤‬‬ ‫وطوروا عملية استغلاله‪ .‬ذلك أن المناطق التى امتد نفوذ الأباضية فيها كانت مجالا‬ ‫للقبائل البربرية البترية وهم يعتمدون على التنقل والترحال للرعى وراء الماء والعشب‬ ‫والكل‪ .‬ولذلك فقد أصبحت تاهرت زمن الرستميون أهم مناطق تصدير الدواب والماشية‬ ‫والغنم والبغال والأصوافأ''‪ .‬ويصدر منها تلك الأصناف إلى مناطق المغرب وبلاد‬ ‫الأندلس لرخصها وجودة لحومها ويبدو أن نمو قطاع الزراعة والرعى قد وفر أساسا‬ ‫اقتصاديا قويا لزيادة سكان مدينة تاهرت ونموها المستمر في الفرنين الثاني والثالث‬ ‫المجريين‪ .‬بحيث لم تعاني المدينة في نقص في المواد الفنائية بكافة أنواعها‪ .‬كما أن‬ ‫رجال التجارة بها قد استثمروا جز كبيرأمن عوائد تحبارتهم في قطاع الزراعة وتربية‬ ‫الماشية والرعى‪ .‬يدل ذلك على حاجة السكان لأعداد كبيرة من العبيد في تلك المجالات ‪.‬‬ ‫‪ .‬وكانت تاهرت تشهد تجارة إقليمية بين قبائل البربر الرحل الذين يفدون إليها في‬ ‫ايام محددة لبيع ماشيتهم وشراء ما يحتاجونه من الحبوب والتمور ويضاعة الشرق‬ ‫والمنسوجات الصوفية التى تصنع بها‪ .‬كما كانت تتحرك منها قوافل تحبارية للوصول إلى‬ ‫موانى البحر المتوسط لتصدير سلعها إلى الأندلس‪ .‬التى ارتبطت بها بعلاقات حميدة‪.‬‬ ‫رغم الاختلاف ‪ .‬المذهبي بين الطرفين ‪ .‬وكان ميناء تنس هو المنفذ لذلك‪" .‬‬ ‫وقد أدى هذا الأمر إلى تغيرات حضارية وديوغرافية في المنطقة‪ .‬فقد ظهرت أعداد‬ ‫كبيرة من العجم في المنطقة وأصبح لهم دورأ في مجريات الأحداث الأجتماعية‬ ‫والسياسية‪ .‬بالاضافة أيضا إلى عنصر العرب‪ .‬كما ظهرت عشرات الألوف من العديد‬ ‫الذين حملوا من جنوب الصحراء من بلاد السودان الغربي والأوسط للحاجة إليهم في‬ ‫الأعمال المنزلية والتجارية وقطاعات الزراعة والرعى والحراسة‪ .‬وكان هذا عاملا حاسما‬ ‫لتحول أعداد كبيرة من السودان إلى الإسلام‪ .‬وإزدهار الواحات والقرى في المغرب‪'“(.‬‬ ‫كما غيرت القبائل البربرية من البتر أغاط حياتها لتتكيف مع الأوضاع الجديدة‪.‬‬ ‫فتحولت إلى حياة الإستقرار وبدأت ترتبط بالأرض وتمارس الزراعة مع تربية الماشية‬ ‫() ابن حوقل‪ .‬صورة الأرض‪ .‬ص ‏‪.٨٦‬‬ ‫(‪ )٢‬الطالبى‪ .‬محمد‪ .‬دكتور‪ .‬العلاقات بين إفريقية والأندلس في القرن الثالث الهجرى‪ .‬ص‪.١٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الاصطخري‪ .‬المصدر‪ ‎‬السابق‪.‬ص‪.٨٣‬‬ ‫(‪ )٤‬طبقات الدرجينى‪.‬ج‪ .١‬ص‪.٧٢ ‎‬‬ ‫_‬ ‫‪٢١0٥‬‬ ‫والأغنام وتؤسس قرى وحواجز جديدة‪ .‬ويعمل بعض أفرادها في قطاع التجارة‪ .‬حيث‬ ‫لمست تلك القبائل الأمن والإستقرار من قبل حكام تاهرت فركنت إلى الاستقرار بعد حياة‬ ‫التنقل والابتعاد عن المراكز والمدن لتكون في مأمن من بطش الحكام‪!(.‬‬ ‫ومن أجل استغلال الرستميين لامكانيات الجاليات المتنوعة التى استقرت على‬ ‫أرضهم فإنهم نهضوا بقطاع الصناعة أيضا ‪ .‬فظهرت في تاهرت طوائف متعددة من‬ ‫الصناع سواء من الحدادين والدباغين والنساجين والنجارين وغيرهم من الصناعات‬ ‫التكميلية مثل صناعة الأصباغ التي اشتهر بها اليهود ‪ .‬وبلغت الصناعات الرستمية جودة‬ ‫عالية فى عصرها خاصة صناعة المنسوجات‪ .‬وكذلك صناعات أدوات الزراعة من الفؤوس‬ ‫والمناجل والمحرايث وآلات الحصاد وعصر الزيوت وطحن الغلال‪ .‬حتى ظهر في تاهرت باب‬ ‫يسمى باب المطاحن وتعددت جنسيات الصناع الذين وفدوا إلى دولة بنى رستم من كوني‬ ‫وبصرى وفارسي واندلسي وقروي وغيرهم ( ‪ .‬كما تعددت عقائدهم ومللهم‪.‬‬ ‫وأصبحت بالتالى تاهرت قوة اقتصادية هامة في بلاد المغرب والشمال الافريقي‪.‬‬ ‫الأمر الذى حتم عليها الدخول في علاقات نشطة من القوى المجاورة من أجل تصريف‬ ‫فائض انتاجها واستيراد ما يلزمها من المواد الخام‪ .‬وخاصة وأنها كانت تتوسط قوى‬ ‫اقتصادية متنوعة ‪ .‬سواء في بلاد المغرب أو في حوض البحر المتوسط أو مع واحات‬ ‫الصحراء الافريقية ويلاد السودان ("‪ .‬وساعد على ذلك الاستقلال النقدي للرستميين‬ ‫حينما قاموا بضرب عملات خاصة بهم من الدرهم والدينار‪ .‬الأمر الذى أعطاهم شخصية‬ ‫‪.‬‬ ‫اقتصادية مستقلة ومميزة‬ ‫وتشير كثير من الدلائل إلى قيام الرستميين بضرب نقود ذهبية من الدنانير‪.‬أو‬ ‫برونزية من الدراهم‪ .‬خاصة وأن عبدالرحمن بن رستم قد سبق وأن ضرب نقودا في‬ ‫القيروان‪ .‬قبل أن ينتصف القرن الثاني الهجري‪ .‬وقد عثر على بعض منها (“'‪ .‬وقد ساعد‬ ‫الرستميون في ذلك عدة عوامل منها الازدهار الاقتصادي والاستقرار السياسي في‬ ‫مناطقهم‪ .‬خاصة في عصورهم الأولى‪ .‬بالاضافة إلى توافر مقادير كبيرة من الذهب المصدر‬ ‫(‪ )١‬بكير‪ .‬الدولة الرستمية‪ .‬ص‪.١٥٧ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن الصغير ‪.‬أخبار الآنمة‪ ‎.‬ص‪ )٣( .١٣‬دبوز‪ .‬المغرب الكبير ‪.‬ج‪ .٣‬ص‪. ٣٨٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬حسن‪ .‬ورقات عن الحضارة العربية بافريقية‪ .‬القسم الأول ‪ .‬ص‪.٢٢٥ ‎‬‬ ‫‏‪ ٢١٦‬س‬ ‫إليهم من بلاد السودان ‪ ".‬ويعتبر هذا الذهب هو العنصر الأساسي في الاستقرار النقدي‬ ‫في بلاد المغرب وفي غرب البحر المتوسط في العصور الوسطى‪ .‬وتميزت تاهرت بقربها من‬ ‫مراكز انتاج هذا المعدن الاستراتيجي‪ '"(.‬الأمر الذي أعطي الرستميين أهمية في حركة‬ ‫تبادل الذهب وتحرك قوافله‪ .‬وقدادرك الفاطميون‪ .‬بعد ذلك‪ .‬أهمية احتكار تجارة هذا‬ ‫الذهب‪ .‬وحقق لهم ذلك أساسا قوي في بناء دولتهم وتوسعها ‪.‬حيث ترتب على امتلاك‬ ‫الثروات الذهبية لتلك الدول التمتع بسمعة عالية واعتراف دولي‪'".‬‬ ‫‏‪٠ ١ ٥‬‬ ‫‏) ‪ ( ١‬لومبارد ‏‪ ٠‬الجغرافية التاريخية ‪.‬صه‪٥‬‬ ‫‏(‪ )٢‬آشتور‪ .‬التاريخ الاقتصادي والاجتماعي‪ .‬ص ‏‪. ٩١‬‬ ‫‏‪. \١ ٥٧‬‬ ‫ص‬ ‫‏‪ ٠‬المرجع السايق‪.‬‬ ‫‏)‪ (٣‬لومبارد‬ ‫‪- ٢٧١٧‬‬ ‫‏( ‪) ٥‬‬ ‫حركة التجارة الافوبقية في العصر الإسلامي‬ ‫أدي استقرار العرب وغيرهم من الجماعات الإسلامية في الشمال الافريقي‪ .‬وعلى‬ ‫طول السواحل الشرقية‪ .‬إلى قيام مراكز حضارية إسلامية نشطة أصبحت مركزا للإشعاع‬ ‫الحضاري على مستوى القارة‪.‬ومن أهم تلك المراكز الفسطاط والقيروان وسجلماسة وفاس‬ ‫وتاهرت وغيرها‪ .‬وتمكن المسلمون من اختراق الحاجز الصحراوي الافريقي الذي شكل عقبة‬ ‫لفترات زمنيةطويلة‪ .‬وأصبحت ا لصحرا هعامل وصل بعد أن كانت عامل فصل وتطع في‬ ‫‏‪ ١‬ماضي ‪ .‬وأصبحت الصحرا ء الافريقية تشهد حركة ونشاط بصورة مستمرة لأول مرة في‬ ‫تاريخ القارة‪ .‬وتمكن المسلمون من ربط افريقية جنوب الصحراء ووسط القارة مع سواحلها‬ ‫‏‪(١١‬‬ ‫اشبه بشرا يبن للقارة‪.‬‬ ‫بعدة طرق ومسالك ودروب ‪ .‬اصبحت‬ ‫ويمكننا تحديد أهم تلك المسالك والطرق كما يلى ‪:‬‬ ‫أولا ‪ :‬الطرق والمسالك التى تربط الصحراء وواحاتها من الشرق إلى الغرب ‪.‬‬ ‫وهي الطرق البرية التى تخرج من القيروان أو تاهرت أو سجلماسة أو فاس نحو‬ ‫مصر ويلاد الشام والعراق والحجاز‪ .‬بغرض التجارة أو تأدية فريضة الحج وحتى لتحركات‬ ‫الجيوش العسكرية‪ .‬وازدهر هذا الطريق بدرجة كبيرة زمن الأغالبة ("'‪ .‬وأصبحت القيروان‬ ‫لفترة زمنية طويلة هى مركز تلك الطرق‪ .‬حيث ارتبط تحديد المراحل والمسافات بين‬ ‫محطات تلك الطرق مع القيروان‪ .‬فقد حدد الجغرافيون المسافة والرحلة بين تاهرت‬ ‫والقيروان في حوالى خمسة وعشرين يومأ تقطع في عدة مراحل عبر قسطيلية وقفصة‪.‬‬ ‫كما ان هناك عدة طرق تريط بين تاهرت والقيروان‪ .‬وكانت تسلكها القوافل حسب ظروف‬ ‫معينة‪ .‬وارتبط ازدهار الطرق بين تلك المحطات في الشمال الافريقي حسب الظروف‬ ‫السياسية وعلاقات القوى السياسية في بلاد المغرب ‪.‬‬ ‫وارتبطت هذه الطرق والدروب بسلسلة من الموانيء الشمالية التى تطل على البحر‬ ‫التوسط‪ .‬حيث تصلها الطرق من الصحراء أو تربط بين الطرق الساحلية بعضها بالبعض‬ ‫‏‪.٢٥٧‬‬ ‫ص‬ ‫‏) ‪ )١‬لومبارد ‪ .‬الجغرافية التاريخية‪.‬‬ ‫الم لك والممالك ‪ .‬ص‪.٨٧‬‏‬ ‫‏(‪ (٢‬ابن خرداذبة‪.‬‬ ‫‪٢١٨‬‬ ‫الآخر‪ .‬وقد حرصت كل دول الشمال الافريقى على الارتباط بالموانى۔ الساحلية للبحر‬ ‫المتوسط(" باعتباره أهم مراكز الحضارات والفعاليات السياسية ‪.‬‬ ‫وقد أكد الأئمة الرستميون على هذا الاعتبار في بناء عاصمتهم تاهرت؛ حيث‬ ‫حرصوا على أن تتصل عاصمتهم بجميع البلدان من مشرق ومغرب بالتجارة والدررب‬ ‫وأن يتوافد إليها الناس من كل الأقطار "" ولذلك فقد حرصوا على توفير كافة الضمانات‬ ‫الأمنية مرور القوافل التجارية أو اقامة التجار‪ .‬وكان هذا الاهتمام موجها من قبلهم صوب‬ ‫جهتين بصورة أساسية ‪:‬أولاهما صوب موانىء البحر المتوسط شمالا‪ .‬والآخر صوب‬ ‫على توفير‬ ‫‪ .‬وعمل ‏‪ ١‬لأنم ةة ا لرستميون‬ ‫طريلة وشا تة‬ ‫ا لصحرا ‪ .‬في ا لجنوب‪ . .‬وهى طرق‬ ‫الراحة للقوافل بعاصمتهم حتى ظهر فيها باب يسمى باب المنازك‪.‬‬ ‫أيضا‬ ‫العراق‬ ‫ومدن‬ ‫أيضا بموانىء الشام وحواضره‬ ‫وارتبطت تلك الشبكة الافرييقية‬ ‫العراق‪.‬‬ ‫عبر الفسطاط ثثم رفح والرملة وطبرية ودمشق وحلب ‪ .‬أ و تتجه صوب الأنبا ر في‬ ‫وتقدر المسافة بين القيروان وبغداد بحوالي ثلاثة آلاف ميل‪ .‬تقطع على مراحل‪.‬‬ ‫ومن جهة ثانية ارتبطت المراكز الحضارية في الشمال الافريقي بالأندلس‪ .‬حيث كانت‬ ‫تلك الحواضر في صراع مستمر مع العباسيين باستثناء الأغالبة‪ .‬فتلاقت اهدافهم‬ ‫السياسية مع أموي الأندلس؛ خاصة حكام تاهرت وسجلماسه‪ .‬فاعتمد الأمويون على‬ ‫حواضر الشمال الافريقي في توفير سلع بلاد السودان لهم‪ .‬وخاصة من الذهب ‪ .‬فيذكر‬ ‫لومبارد أن ا لأمويين في ا لأندلس ظلوا يضربون عملات فضية حتى ضمنوا بصورة مستمرة‬ ‫تدفق ذهب السودان إليهم‪ .‬فتحولت عملاتهم إلى العملات الذهبية‪ .‬التى رمزت إلى‬ ‫الخلافة وحملت لقب "أمير المؤمنين ‪ "(.‬وبذلك وضع الأمويون في الأندلس أساسا قويا‬ ‫لرصيد عملتهم من الذهب الإفريقي ‪.‬‬ ‫سه لضما ن تدفق سلع‬ ‫‏‪ ١‬لى تحيار تا هرت ‪7‬‬ ‫ولذلك حا ول ا لأمريون ‏‪ ١‬لرصول‬ ‫‏‪.٨٤‬‬ ‫‏‪ ٠‬المصدر السابق ‪ .‬ص‬ ‫‏) ‪ ( ١‬ابن خرداذبة‬ ‫‏‪.١٣‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ابن الصغير‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‬ ‫‏(‪ )٣‬ابن الصغير المصدر نفسه‪.‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‏‪\٥٧‬‬ ‫ص‬ ‫‏‪ ٠‬الجغرافية التاريخية‪.‬‬ ‫‏‪ ( ٤١‬لومبارد‬ ‫‪_ ٢١٩‬‬ ‫السودان وافريقية‪ .‬ونشطت جزيرة جرية وميناء تنس ومرسى وهران ‏(‪ '١‬في تصدير سلع‬ ‫افريقية إلى الأندلس ومراكز البحر المتوسطه في المقابل نشط ميناء اشكوبرش على‪:‬‬ ‫الساحل الأندلسي لاستيعاب حركة التجارة مع إفريقية ‪ .‬ومع موانىء أوروبا شمال البحر‬ ‫المتوسط ""‪.‬‬ ‫في الوقت نفسه نشطت التجارة وحركة القوافل بين حواضر شمال افريقية وواحاتها‬ ‫رغم الإختلافات السياسية والمذهبية‪ .‬وازدهرت القرى والمزارع والواحات التى تمر بها تلك‬ ‫الطرق‪ .‬وكان الرستميون أنشط من غيرهم في الربط بين الوحات الجنوبية وبين حواضر‬ ‫الشمال الإفريقي‪ .‬حتى أنهم تمكنوا من تشكيل منظومة طرق برية واسعة لفترة زمنية‬ ‫طويلة امتدت حتى نهاية القرن الثالث الهجري‪ .‬فوفدت إليها الوفود والتجار من كافة‬ ‫الأجناس والملل‪ .‬وحملت أليها ألوان وأنواع متعددة من التجارات والسلع مثل المرجان‬ ‫والعنبر والذهب والزيوت والحرير والزئبق والزعفران‪ .‬ووصلت إليها قوافل التوابل‬ ‫والبهارات والعطور‪(.‬‬ ‫ونظرا لظروف انتشار جماعات الأباضية على مستوى العالم الإسلامي‪ .‬فقد أتاح‬ ‫هذا الأمر امتدادا لحركة تبارة تاهرت إلى موانىء البحر الأحمر واليمن وسواحل عمان‬ ‫والبصرة‪ .‬وكان ارتباط تاهرت بالمشرق الإسلامي يتم عبر مصر من خلال طريقين إما‬ ‫الساحلى الشمالى‪ .‬أو طرق الواحات الصحراوية‪ .‬ومن مصر تتجه قوافل تجارة تاهرت عبر‬ ‫البحر الأحمر إلى الحجاز واليمن“'‪ .‬وامنليمن يتم الاتصال بعمان إما بحرا عبر موانىء‬ ‫اليمن وعمان المطلة على بحر العرب" أو برأ عبر الطريق البري الذي يربط حضرموت‬ ‫بنزوي‪ .‬بداخلية عمان‪ .‬ويتجه شمالا صوب البحرين وكاظمة والبصرة‪ .‬وقد نشطت في‬ ‫تلك الفترة واحات فزان وزويلة وسيوه ‪ .‬وموانىء البحر الأحمر‪.‬‬ ‫وساعد على هذا النشاط التجاري لتاهرت‪ .‬أن قبائلها البربرية كانت من التبر ولها‬ ‫‏‪ .١٠٥‬اين حوقل ‪ .‬صورة الأرض‪ .‬ص ‏‪. ٧٨‬‬ ‫‏(‪ )١‬اليعقوبي‪ .‬البلدان ‪ .‬ص‬ ‫‏(‪ )٢‬بكير‪ .‬الدولة الرستمية ‪ .‬ص‪.١٩٣‬‏‬ ‫‪ .٢٤٥‬وما بعدها ‪ .‬اليعقوبي‪ .‬المصدر السابق‪ .‬ص‪.١٠٩ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬المقدسي‪ .‬صورة الأرض ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪. ٥٧٧٢‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.‬تحقيق حمل الجاسر‪.‬‬ ‫مناسك الحج‬ ‫(‪ ( ٤‬الحربي‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٢.‬س‬ ‫خبرتها بالصحراء فامتد نشاطها عبر مسافات طويلة من صحراء افريقية ‪.‬وأصبح لقبائل‬ ‫ماية وهوارة ومزاته وتفوسة ونفزاوة دور في انسياب التجارة الافريقية عبر سلسلة الواحات‬ ‫‪ .‬وبلغ الأمر أن بعض أهل نفوسة قد حفظوا القرآن الكريم وتعلموا أصول الدين الإسلامي‬ ‫من وجوهم على طرق التجارة التى ترد عليها أعداد كبيرة من القوافل التجارية‬ ‫الإسلامية‪ .‬الأمر الذي يدل على النشاط التجاري الكبير لمناطق الشمال الافريقي‪ .‬وازدهار‬ ‫القرى والمدن التى تقع على تلك الطرق‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬الطرق الصحرواية مع بلاد السودان (جنوب الصحراء الكبرى) ‪.‬‬ ‫كان للتجربة العربية في معرفة طرق اجتياز الصحراء أثرها الكبير في ازدهار الطرق‬ ‫الصحرواية للتى تشق الصحراء الكبرى إلى بلاد السودان‪ .‬وساعد على نجاح تلك العملية‬ ‫تحول قبائل البربر إلى الإسلام واندامجهم مع العرب‪ .‬فأضيفت الخبرة البربرية مع التجربة‬ ‫المريبة للوصول إلي بلاد السودان‪ .‬وقدمت صنهاجه دورا كبير على طرق الصحراء‬ ‫الغربية إلى بلاد السودان الغربي‪ .‬على سبيل المثال‪ .‬وكذلك كان لقبيلة زويلة البربرية‬ ‫دورأ موازيا للسيطرة على الطرق الصحرواية الطرق الصحراوية إلي بلاد السودان الأوسط‬ ‫وبحيرة تشاد‪ .‬والى بلاد كوكو وماحولها من بلاد النيجر‪.‬‬ ‫‪.‬ييكن تحديد أهم الطرق والدروب التى ربطت بين شمال افريقية وبين يلاد السودان‪.‬‬ ‫عبر الصحراء الأفريقية الكبرى ما يلى‪:‬‬ ‫‏(‪ )١‬طريق سجلماسة إلى بلاد السودان الغربى عبر أودغست ‪:‬‬ ‫وهو الطريق الذي يبدأ من عاصمة بنى واسول الصفرية من سجلماسة ويتجه صوب‬ ‫الجنوب في الصحراء الكبرى لمسافات طويلة حتى يصل إلى أوردغست في مدة تقترب من‬ ‫الشهرين تقريبا ‏‪ ."١‬وبعد أودغست تدخل القوافل التجارية مملكة غانا بعد عشرة ايام‬ ‫تقريبا ‪ .‬ورغم انتشار القبائل البربرية على طول هذا الطريق فإن قبيلة صنهاجه كان لها‬ ‫اليد الطولى عليه لفترات زمنية طويلة (""‪ .‬حتى أودغست نفسها تعتبر من مناطق نفوذ‬ ‫قبلية صنهاجة ‪ .‬كما زستقرت على طول هذا الطريق قبائل مكناسة ولواته وزناته ونفوسة‬ ‫وغيرها بجوار صنهاجة‪.‬‬ ‫(‪ )١‬ابن حوقل ‪ .‬صورة الأرض‪ .‬ص‪. ١٠٠ - ٩٩ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬اليعقوبى ‪ .‬المصدر السابق‪ .‬ص‪.١١٠ ‎‬‬ ‫‪- ٢٢١‬‬ ‫ويتفرع طريق سجلماسة آودغست إلى فرعين اثنين هما ‪:‬‬ ‫[ ‪ -‬طريق سجلماسة تفازي ‪ -‬تيشيت جهة الجتوب الشرقي إلى أودغست ‪ .‬وتأتى‬ ‫أهمية هذا الطريق إلى أن يلتقى عند تفاذي بالطرق الصحراوية القادمة من‬ ‫وارجلان وبلاد الجريد من الشمال‪ .‬وقد نشط زمن الدولة الرستمية (" وتعتبر‬ ‫تغازي أهم محطاته ‏(‪.'٨‬‬ ‫ب ‪ -‬طريق سجلماسة ‪ -‬الوير إلى أودغست جهة الجنوب الغربي‪ .‬وهو يقنرب من‬ ‫بلاد التكرور والطريق الساحلى من المغرب الأقصى‪.‬‬ ‫وبالفعل فإن مدينة أودغست " الصحراوية أصبحت رمزأ في تايريخ افريقية للمدن‬ ‫الإسلامية التى ظهرت وتطورت نتيجة التوغل الإسلامي من العرب والبربر صوب‬ ‫الصحراء إلى بلاد السودان ‪ .‬واستمدت أهميتها وقوتها من موتعها الاستراتبجي على‬ ‫طريق القوافل بين الشمال الافريقي وبين بلاد السودان‪ .‬وكان أى تغير أو تذبذب في تلك‬ ‫الطرق كفيلاً بطظمسها وتدهورها ‪١.‬ؤ‘‏ وساعد على ازدهار أودغست قيام دول بلاد المغرب‬ ‫المستقلة في الشمال مثل دولة الصفرية في سجلماسة ‪ .‬دولة الأباضية في تاهرت ‪.‬‬ ‫ومرور الزمن تحولت أودغست من مجرد مركز عبور واستراحة للقوافل التجارية إلى‬ ‫مدينة تحبارية عالمية من جراء قيامها بدور الوسيط التجاري بين سلع ومنتجات الشمال‬ ‫الإفريقي وحوض البحر المتوسط ويين سلع ومنتجات بلاد السودان وجنوب الصحراء ‪.‬وكان‬ ‫مؤشر هذا الدور يتمثل في سلعتين هامتين متقابلتين هما الملح المتجه من الشمال إلى‬ ‫(‪ )١‬البكري ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪.١٥٨ ‎‬‬ ‫)!( على بعد خمسة وعشرين يومأ من سجلماسة ‪( .‬رحلة ابن بطوطة‪ .‬ص ‪ :‬‏‪)٦٧٤‬‬ ‫‏(‪ )٣‬أودغست ‪ :‬مدينة تقع على حافة الصحراء الكبرى من الجنوب ‪ .‬وتقع بين جبلين ‪ .‬ولذلك شبها معظم‬ ‫الجغرافيين بمكة‪ .‬إلى الجنوب من سجلماسة ‪ .‬وتمكن سكانها من استغلال الأمطار التى تسقط على‬ ‫جبالها ‪ .‬وتنظيم أمور الرى في الوادى الذى امتدت على ضفاف المدينة ولذلك فقد انتشرت فيها‬ ‫مزارع النخيل ‪.‬‬ ‫وهي تقع حاليا في جمهورية موريتانيا‪.‬‬ ‫انظر ‪ :‬ابن حوقل‪ .‬صورة الأرض‪ .‬ص ‏‪ . ٩١‬ياقوت الحموى‪ .‬معجم البلدان ‪ .‬ط‪ .‬ص ‏‪.٢٧٢٧‬‬ ‫(‪ )٤‬الجنحاني‪ .‬المرجع السابق‪ .‬ص‪.٢١٢ ‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٢٢٢‬‬ ‫الجنوب والذهب المتجه من الجنوب إلى الشمال‪ "!.‬وكان تغير مسلك إحدى هاتين‬ ‫السلعتين كفيلا بتهديد مركز أود غست‪.‬‬ ‫حملت القوافل الهابطة من الشمال إلى بلاد السودان عبر أودغست مواد غذائية‬ ‫مثل التمر والزييب والزيوت والقمح والمنسوجا ت والنحاس والخرز‪ .‬ويحمل من أودغست‬ ‫الذهب الذي أعتبرأجود ذهب أهل الأرض وأصحه كما يحمل منها العبيد ‪ .‬كما تصدر‬ ‫أودغست إلى بلاد الأندلس الصمغ الذي يستخدم في صناعة الديباج وغيره ‪ .‬وصدرت‬ ‫أيضا أنواع جيدة من الجلود ‪ .‬ونظرا لازدهارها الكبير فقد تعاملت بالذهب الخالص أو‬ ‫الدينار السجلماسي الذي كان شانعأ على طول تلك المحطا‪ .‬‏‪'٢١‬‬ ‫وتستأنف أغلب القوافل التجارية رحلتها إلى مملكة غانة إلى الجنوب من أودغست‬ ‫وعلى بعد عشرة أيام ‪ .‬وإلى مملكة غانة هفت نفوس التجار وتحملوا من أجل الوصول‬ ‫إليها المشاق‪ .‬وذلك لتوفر الذهب بها ورخص أسعاره‪ .‬حتى ذكر البعض أن الذهب كان‬ ‫يلمع ليل من كثرته‪ .‬إذا حسرت المياه الزاندة عن الرمال ‪ .‬حتى سميت منطقتها باسم‬ ‫إقليم التبرً ""وظهرت في غانة منذ البداية بدايات استقرار جماعات التجار المسلمين من‬ ‫أجل تأمين حمل تلك السلعة وخدمة قوافل التجار‪ .‬حتى ظهرت فيها منذ القرن الثاني‬ ‫المجرى ‪/‬التاسع الميلادى حوالى إثنا عشر مسجدأ‪ .‬وكثرت فيها أحياء التجار المسلمين‪.‬‬ ‫رغم أن ملوكها ظلوا على وثنيتهم فترة طويلة‪"(.‬‬ ‫ومن غانة تتجه بعض القوافل شرقا إلى إمارات ومناطق نهر النيجر‪ .‬أو إلى بلاد‬ ‫جوجو(كوكو)‪ .‬لحمل سلعها من الجلود والعبيد‪ .‬ولكن كانت غانة هى المقصد الأساسي‬ ‫للقوافل التجارية‪ .‬ولم يتم تنظيم خطوط تجارية إلى الجنوب منها على يد البربر والمسلمين‬ ‫إلا بعد تحول جزء كبير من سكان غانة إلى الإسلام فيما بعد‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الحميرى‪ .‬الررض المعطار‪ .‬ص‪. ٥٩١ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن بطرطة‪ .‬ص‪.٦١٨١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬أبو سعيد المغربي‪ .‬كتاب الجغرافيا‪ .‬تحقيق اسماعيل العربي‪ .‬ص‪.٩٣ .٩٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬البكري‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪.١١٨١ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٢٢٣‬‬ ‫ويسبب أهمية طريق سجلماسة ‪ -‬أودغست ‪ -‬غانة التجاري في العصر الإسلامي‬ ‫فقد استقرت عليه المديد من الجماعات المختلفة الأجناس والعقائد والمذاهب‪ .‬ولذلك نقد‬ ‫شهدت مراكز هنا الطريق صراعات ببن تلك الجماعات‪ .‬فمثلا كان لنشاط ومكانة تجار‬ ‫تاهرت من الأباضية على مراكز الطريق في الشمال أثرأ في شك حكام سجلماشه من‬ ‫الصفرية في هؤلاء التجر‪ .‬حتى أن أمراء بنى مدرار اعتبروا هؤلاء التجار أهم عقبة‬ ‫أمامهم (ا'‪ .‬فبطشوا بهم خوفا من وثوبهم إلى السلطة‪ .‬رغم وجود أقليات صفرية ني‬ ‫تاهرت ورغم وجود احتكارات كبيرة في معظم سلع السودان في يد تهار الأباضية إلا ان‬ ‫تلك الجوانب لم تؤثر على علاقة تاهرت بسجلماسة من الناحية السلبية ‪.‬حيث أن كلاهما‬ ‫يعيش في محيط معادى له‪ .‬وقد توجت العلاقات الحسنة بين حكام تاهرت وحكام‬ ‫سجلماسة بالمصاهرة بين مدرار بين اليسع من أروى بنت عبدالرحمن بن رستم‪.‬‬ ‫ويتضح من هذا الأمر سيطرة تبار الأباضية على تلك المراكز التجارية منذ القرن‬ ‫الثالث الهجري‪ .‬بحيث أصبحت لهم ‪ .‬اشارات واضحة عند الجغرافيين الذين زاروا المنطقة‬ ‫فيما بعد‪ .‬كما ظهر لهم أثر واضح في نشر الإسلام في بلاد السودان‪ .‬دون التركيز على‬ ‫الجوانب المذهبية‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬طريق نول لمطة الساحلى إلى بلاد التكرور‪: ‎‬‬ ‫ازدهر طريق نول لمطة الموازي لساحل المحيط الأطلسي منذ القرن الثالث الهجرى بعد‬ ‫ظهور دول مستقرة في المغرب الأقصى ويعد ترك القوافل لطرق غانة مصرعبر الصحراء‬ ‫بسبب طوله وكثرة عواصفه الرملية‪ .‬وأصبحت نول لمطة من مراكز تجارة الذهب القادم من‬ ‫بلاد السودان وكذلك الملح‪ .‬ولذلك فقد ارتبطت بعلاقات وثيقة مع مدينة فاس شمالا‬ ‫وموانىء سبتة ومليلة وجزر البحر المتوسط‪ .‬وانعكس هذا الازدهار الاقتصادي في امتداد‬ ‫العمران بها رغم إحاطتها بالصحراء وتحول سكانها من البداوة إلى الاستقرار‬ ‫(‪ )١‬البرادي‪ .‬الجواهر المنتقاة ‪ .‬ورقة‪.٩٢ ‎‬‬ ‫‪.١٦٠‬‬ ‫أبوزكريا ‪ .‬المصدر السابق‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ناصر‪ .‬محمد‪ .‬دكتور‪ .‬دور الأباضية في نشر الإسلام بغرب افريقيا‪ .‬ص‪ .٢٨ ‎‬ومابعدها‪ .‬مكتبة‪‎‬‬ ‫الضامري‪ .‬مسقط‪‎.‬‬ ‫‪٢٢٤‬‬ ‫والتحضر‪ '(.‬وتخصص هذا الطريق نيما بعد في حمل تجارة العنبر والرقيق‪ '"!.‬وأصبح له‬ ‫اهمية سياسية بجانب اهميته الاقتصادية في زمن دولة المرابطين‪.‬‬ ‫وبجانب قصر هذا الطريق‪ .‬بالنسبة للطرق الأخرى الموازية له‪ .‬فإن جماعات‬ ‫التكرور‪ .‬كان لهم دور في تأمين وصول القوافل التجارية إلى أقاليمهم‪ .‬خاصة وأنهم‬ ‫تحولوا مبكرأ إلى الإسلام! وكانت لهم سيطرة واسعة على أقاليم عديدة في غرب‬ ‫ا ‏‪(\٣.‬‬ ‫ںل‪٠‬‏‬ ‫السود‬ ‫(‪ )٣‬طريق تاهرت ‪ -‬وارجلان ‪ -‬إلى كوكو‪: ‎‬‬ ‫لعبت تاهرت في عصر الرستميين دور هامأ في التجارة الافريقية مدة طويلة حيث‬ ‫أصبحت عقدة طرق تجارية تمتد إلى الجنوب وإلى الشرق وإلى الغرب‪ .‬فالى الشرق تتجه‬ ‫منها القوافل صوب القيروان وبلاد الجرير وطرابلس ومصر‪ .‬وإلى الفرب تتجه الطرق‬ ‫جهتين‬ ‫صوب فاس وسواحل المغرب الأقصى‪.‬أما إلى الجنوب فتتجه منها القوافل إلى‬ ‫هما ‪:‬‬ ‫الأولي ‪ :‬صوب الجنوب الشرقي إلى وارجلان ثم إلى الصحراء الكبرى حتى تصل‬ ‫القوافل إلى بلاد السودان‪.‬‬ ‫الثانية ‪ :‬إلى سجلماسة ثم غانة‪ .‬وقد فصلنا هذا الأمر‪.‬‬ ‫وبالنسبة لطريق تاهرت وارجلان المتجه إلى بلاد السودان عبر الصحراء الكبرى؛‬ ‫فإنه شهد نشاطا تجاريا عظيما بحكم وجود مدينة وارجلان عليه ذات الأهمية‬ ‫الدينيقوالاتتصادية والسياسية في بلاد المغرب‪ .‬وكذلك وجود تاهرت المرتبطة بالنجاح في‬ ‫إدارة الصفقات التجارية الكبيرة ‪.‬وكانت وارجلان بحكم موقعها على شمال الصحرا ء‬ ‫الكبرى ملتقى المسافرين القادمين من الشمال الافريقي إلى واحات الصحراء وإلى بلاد‬ ‫‏‪.٨٤‬‬ ‫ص‬ ‫السابق‪.‬‬ ‫المصدر‬ ‫ابن حوقل‪.‬‬ ‫‏) ‪( ١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬أبو سعيد‪ .‬المصدر السابق ‪.‬ص‪.٢١‬‏ لومبارد ‪ .‬الجغرافية التاريخية‪ .‬ص‪.٢٦٦‬‏‬ ‫‏(‪ )٣‬مؤنس‪ .‬الإسلام الفاتح‪ .‬ص ‏‪.١٠٤‬‬ ‫ناصر‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٨‬‏‬ ‫س‬ ‫‏‪٢٢0٥‬‬ ‫السودان‪ " '.‬وكانت مركزأ لتحركات القوافل في كل اتجاه‪ .‬حتى خرج منها أو التقى بها‬ ‫أكثر من عشرين اتحباها‪ .‬من الشمال ومن الجنوب‪ "(.‬وإنعكس هذا الأمر في ارتفاع‬ ‫مستوى معيشة قبائلها‪ .‬وأصبح أهلها من الأغنياء وتجارها من أشهر التجار‪. ".‬‬ ‫وشهردت المدينة نهضة شاملة‪.‬‬ ‫وبجانب أهمية وارجلان احتلت تاهرت نفس الأهمية في التجارة مع بلاد السودان‬ ‫عبر الصحراء‪ .‬ولعبت القبائل البربرية التى ساندت الدعوة الأباضية دورا كبيرأ في‬ ‫السيطرة على الطرق التى تتجه أو تخرج من وارجلان وتاهرت مثل هوارة ونفوسة‬ ‫وغيرهما‪ .‬وامتد نفوذ تلك القبائل في الصحراء جنوبا‪ '"'.‬وإلى طرابلس والقيروان صوب‬ ‫الشمال الشرقي‪ .‬وأصبحت معظم منطقة الشمال الإفريقي مرتبطة بنشاط القبائل الأباضية‬ ‫المتمركزة في تاهرت ووارجلان والخاضعة لنفوذ الرستميين ‏‪ ."٨١‬وزاد من أهمية هذا الأمر‬ ‫أن القيروان التى تعتبر حاضرة افريقية الإسلامية أصبحت ضمن تلك المنظومة من الطرق‬ ‫التجارية ‪.‬التى امتدت إلى واحة فزان وغيرها من واحات الشمال الإفريقي ‪ ".‬وإلى‬ ‫الأودية التى تمتد في تلك المناطق مثل وادي ريغ الفسيح الذي كان يستريح فيه التجار‬ ‫ودوابهم‪ .‬وقد سيطر على طرق هذا الوادي جماعة من بني برزال ‪.‬وهم من الأباضية ‪.‬‬ ‫وكانت مدينتهم المسيلة التى تبعد عن تاهرت حوالى ستة أيام وعن وارجلان اثنى عشر‬ ‫يوما عبر وادي ريغ ‪ .‬وقد أدى تبعية هذا الوادى إلى جماعة بنى برزال الأباضية إلى‬ ‫تأمين خروج القوافل من الصحرا ء صوب تاهرت ووارجلانأ`'‪ .‬وإذا كانت وارجلان هى‬ ‫البوابة الكبيرة لإفريقية ا‪'٧‬‏ جنوب الصحراء فإن وادى ريغ أصبح هو صمام الأمان لها ‪.‬‬ ‫تتجه القوافل طريقها صوب الجتوب إلى بلاد كوكو (جوجو) ومنطقة شمال نهر‬ ‫النيجر‪ .‬ويتم التوقف عدة مرات في الطريق في محطات للاستراحة مثل محطة تادمكة‪.‬‬ ‫() الإدريسي‪ .‬نزهة المشتاق‪ .‬ص‪.١١‬‏‬ ‫‏(‪ )٢‬الإدريسي‪ .‬المصدر نفسه‪ .‬ص‪.١٢‬‏‬ ‫‏(‪ )٣‬اليعقوبي ‪ .‬البلدان‪ .‬ص ‏‪.١٠ ٣‬‬ ‫‏(‪ )٤‬ابن خلدون‪ .‬ج‪.٦‬‏ ص‪.٩٣‬‏‬ ‫‏(‪ )٥‬حسين‪ .‬أحمد ‪ .‬دور فقهاء الأباضية في إسلام مملكة مالي‪ .‬ص ‏‪.١٦١‬‬ ‫‏(‪ )٦‬ابن خلدون ‪ .‬المصد السابق ‪.‬‬ ‫‪.٨٦‬‬ ‫‪ ٠6‬ص‪‎‬‬ ‫الأازض‪‎‬‬ ‫‪ .‬صورة‬ ‫(‪ (٧‬ابن حوقل‬ ‫‪_ ٢٢٦‬‬ ‫كما ترتب عمليات التحرك لتجنب حرارة الشمس ‪ .‬فيكون السير في آخر النهار‪ .‬وآخر‬ ‫الليل اتقاء حرارتها‪ .‬ومن تادمكة يبدأ التجار الاستعداد لدخول بلاد السودان حيث توجد‬ ‫مدينة كوكو على بعد تسعة أيام من تادملة‪ .‬وهى مدينة مزدهرة بأسواقها ومتاجرها ‪.‬‬ ‫ومركز هام للتجار من كافة أنحاء العالم الإسلامي‪ .‬وأصبحت كوكو‪ .‬أهم مراكز تجارة‬ ‫الذهب الافريقي في العصور الإسلامية‪'١(.‬‏‬ ‫وظل طريق وارجلان ‪ -‬تادمكة ‪-‬كوكو هو أنشط الطرق التجارية لتجارة الذهب‬ ‫وسلع بلاد السودان لفترة طوبلة ‪ .‬خاصة أيام الدولة الرستمية في تاهرت‪٠‬‏ والتى حرص‬ ‫أنمتها على تدعيم علاقاتهم وروابطهم بمراكز هذا الطريق ويتجار وحكام كوكو‪ .‬حتى أن‬ ‫أفلح بن الإمام عبدالوهاب قد فكر في زيارة بلاد كوكو‪ .‬زمن والده‪ .‬وحقق هذا الأمر في‬ ‫زمن حكمه حينما بعث سفارة على مستوى عال إلى تلك البلاد برئاسة محمد بن عرفة‬ ‫محملة بالهدايا‪ .‬‏(‪ '٢‬ونجحت تلك السفارة في تدعيم العلاقات التجارية بين مراكز تاهرت‬ ‫ووارجلان مع بلد كوكو وبلاد السودان‪ .‬وقد حفلت السير والروايات الأباضية بأسماء‬ ‫عديدة من تحبارهم ورجالها كان لهم الدور الهام في الوساطة التجارية بين بلاد السودان‬ ‫والعالم الإسلامي ("‪ .‬وقد قام هؤلاء التجار بدور بارز في نشر الاسلام في تلك‬ ‫المناطق(“'‪ .‬وتردد أيضا ذكرهم في مختلف المصادر‪.‬‬ ‫ونظرا لارتباط أغلبية التجار المسلمين بحكام كوكو وإجراء صفقات الذهب عن‬ ‫طريقهم ‪ .‬فإن كوكو قد أصبحت أعظم مدن وأقاليم السودان العربي والأوسط‪ .‬وتمكنت من‬ ‫الروج عن سلطان ملوك غانة وتوقفت عن دفع الجزية‪ .‬ويدأت في بسط نفوذها على‬ ‫(‪ )١‬ابن سعيد ‪ .‬كتاب الجغرافيا‪ .‬ص‪.٨١١ ‎‬‬ ‫‪ -‬ياقوت الحموى ‪ .‬معجم البلدان ‪ .‬جا‪ .‬ص‪.٤١٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن الصغير‪ .‬أخبار الآنمة‪ .‬ص‪.٣١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬ناصر‪ .‬المرجع السابق‪ .‬ص‪ ١٢ ‎‬ومابعدها‪‎.‬‬ ‫(‪ )٤‬من هؤلاء أبو موسى الذي قصد غانة وأنشأ حلقة للدراسة بمساعدات مالية من تبار الأباضية‪. ‎‬‬ ‫والشيخ على بن يخلف الذي لفت نظر ملك مالى بإسلامه ودينه‪‎.‬‬ ‫انظر ‪ :‬سير الشماخى‪‎ . ‎‬ج‪.٥١٧ .!٢‬‬ ‫‪ -‬ناصر ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪ ١٣ ‎‬ومابعدها‪‎.‬‬ ‫‪- ٧٢٢٧ -‬‬ ‫مناطق واسعة من الأقاليم المجاورة لها ‏(‪ . '١‬وفرضت الجزية على عدة ممالك مجاورة ‪.‬‬ ‫وظهر فيها بوضوح نفوذ التجار المسلمين الذين اختلطوا بأهلها وتشبهوا في ملبسهم بزى‬ ‫السودان‪ .‬وانتهى الأمر بإسلام ملك كوكو في القرن الرابع الهجري ""‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬طرق طرابلس وجبل نفوسة إلى السودان‪: ‎‬‬ ‫وهى الطرق التى تربط شمال إفريقية ببلاد السودان جنوب الصحراء ‪ .‬خاصة‬ ‫السودان الأوسط والجزء الغربي من السودان الشرقي‪ .‬وكان طريق طرابلس إلى بلاد الكانم‬ ‫هو أقصر الطرق التى تربط شمال إفريقية بالسودان الأوسط ويبدا هذا الطريق من مراكز‬ ‫الأباضية في طرابلس وجبل نفوسة ‪ .‬ويتجه صوب الجنوب نحو زويلة بعد ثلاثة عشر يومأ‬ ‫‪ .‬وقد أصبحت زارية أهم مراكز هذا الطريق ومركز تجارته ومحط قوافله "'‪ .‬ومن كثرة‬ ‫الرحلات التجارية على هذا الطريق غلب السكان البربر عليه‪ .‬خاصة بعد وفود العديد‬ ‫منهم على شكل هجرات مستمرة واستقروا في واحاته ومراكز!" وامتزجوا بسكانه‪.‬‬ ‫واستخدم هذا الطريق في جلب أعداد كبيرة من العبيد إلى طرابلس حيث يتم توزيعهم إلى‬ ‫مصر والمشرق الإسلامي‪ .‬وكانت واحة فزان أهم محطات هذا الطريق ‪ .‬حيث توسطت‬ ‫الرحلة بين طرابلس ويين بلاد كانم‪.‬‬ ‫كما يتوجه طريق اخر من طرابلس إلى واحة غدامس وإلى بلاد كوكو صوب الجنوب‬ ‫الغربي‪ .‬حيث يبدأ من جبل نفوسة ومن مدينة شروس‪ .‬ويتجه جنوبا إلى غدامس بعد‬ ‫مسيرة سبعة أيام في الصحراء‪ .‬ويلتقى بعد فترة بطريق وارجلان المتجه إلى تادملة بعد‬ ‫مسيرة أ ربعين يوما‪ .‬وقد ازدهرت غدامس كمركز تجاري هام بسبب وقوعها على هذا‬ ‫الطريق الذى يتصل بتجارات السودان الغربي الهامة خاصة من الذهب ‪.‬‬ ‫‪. ٢٢‬‬ ‫(‪ )١‬اليعقوبي‪ .‬المصدر السابق‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪.١١‬‬ ‫(‪ )٢‬الإدريسي‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٩٨‬‬ ‫(‪ )٣‬اليعقوبى ‪ .‬المصدر السان ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٢٢٧‬‬ ‫(‪ )٤‬الجنماني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪. ١٢٢‬‬ ‫(‪ )٥‬ابن خلدون ‪ .‬العبر ‪ .‬ج‪ . ٧٫‬ص‪‎‬‬ ‫_‬ ‫‪٢٢٨‬‬ ‫هذا‪ .‬وقد واجهت القوافل التجارية العاملة بين شمال إفريقية وبلاد السودان العديد‬ ‫من الصعوبات الطبيعية والصعوبات السياسية ‪ .‬نذكر منها ما يلي‪:‬‬ ‫أولا ‪ :‬الصعوبات الطبيعية ‪:‬‬ ‫‪ - ١‬ندرة المياه في الصحراء الواسعة‪. ‎‬‬ ‫فمن المعروف أن منطقة الصحراء الإفريقية الكبرى تعد من أشد مناطق العالم‬ ‫جفافا‪ .‬خاصة العروض الوسطى من الصحراء‪ .‬فتندر بالتالى الحياة النباتية والحيوانية ‏(‪.'١‬‬ ‫وهى عملية شاقة للتجار والمسافرين ودوابهم‪ .‬قد تعرضهم للموت عطشأآ ‪ .‬ويسبب خبرة‬ ‫العرب والبربر في تلك الصحراء فإنهم قاموا بحفر آبار على طول الطرق التى تخترق‬ ‫الصحراء ‪ .‬في المسافات التى تبتعد عن الواحات ("'‪ .‬لكن ظلت مسالة السيطرة على‬ ‫تلك الآبار محل نزاع مستمر بين القبائل البربر من أجل الاستفادة من عوائد التجارة‬ ‫المارة‪ .‬كما أن التجار أهتموا بتلك المسألة أيضا فاصطحبوا معهم الأدلاء لمعرفة الطرق‬ ‫والآبار ‪ .‬كما أنهم خصصوا نسبة كبيرة من الدواب لحمل المياه ("'‪ .‬قد تصل إلى النصف‪.‬‬ ‫‏‪ - ٢‬البرودة القارسة‪:‬‬ ‫فمن المعروف أن مناخ الصحاري الداخلية مناخ متطرف قاري ‪ .‬حيث يميل المدى‬ ‫الحرا ري إلى الارتفاع وقد يزيد متوسط هذا المدى عن ثلاثين درجة في اليوم والليلة ‪.‬‬ ‫الأمر الذي يجعل فصل الشتاء على تلك الطرق في غاية البرودة‪ .‬وتتعرض قوافل التجارة‬ ‫للبرودة ليلا ‪ .‬كما أن واحات الشمال الافريقي مثل وراجلان وتاهرت("'‪ .‬وفزان تدخل‬ ‫أيضا في نطاق البرودة الشديدة في فصل الشتاء‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬أبو عانة ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪ ٤٤٩‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬مثل واحة كوار وفزان وغيرهما‪.‬‬ ‫أبو سعيد ‪ .‬كتاب الجغرافيا‪ .‬ص ‏‪ ١١٤‬ومابعدها‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬الادريسي ‪ .‬نزهة المشتاق ‪ .‬ص‪.١١ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬يقول الشاعر القاهرتي أبوبكر بن حما في ذلك‪: ‎‬‬ ‫ما أطول البرد وريمانه ‪ ..‬وأطرف الشمس بتاهرت‬ ‫من تحت‬ ‫تبدو من الغيم إذا مابدت ‪ ..‬كأنما تنشر‬ ‫‪ ...‬تبري بنا الربع على السمت‬ ‫فنحن في بحر بلاالجة‬ ‫‪ -‬ياقوت الحموى ‪ .‬معجم البلدان ‪ .‬ج‪٢‬‏ ‪ .‬ص ‏‪. ٨‬‬ ‫‪_ ٢٢٩‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ - ٣‬الحرارة الشديدة‪‎‬‬ ‫فبسبب وقوع منطقة الصحراء الكبرى الافريقية ضمن العروض المدارية الجافة بين‬ ‫خط الاستواء ومدار السرطان شمالا‪ ..‬ترتفع درجة الحرارة ارتفاع شديدأ خاصة فى فنصل‬ ‫الصيف حتى تصل إلى ‏‪ ٥٨‬درجة في يعض مناطقها ‪ .‬حيث سجلت تلك الدرجات حديثا‬ ‫فى إحدى واحات ليبيا ‪ .‬ويساعد على اشتداد درجة الحرارة قارية المكان وبعدها في‬ ‫الداخل عن المسطحات المانية ‪ .‬وقد أدى ذلك إلى قيام التجار وقوانلهم بالتحرك ني‬ ‫ارواح‬ ‫وقد ادت تلك الحرارة إلى إزهاق‬ ‫اوقات مقفيب ا لشمس عند الفجر وبعد العصر‪.‬‬ ‫العديد من دواب القوافل وأفرادها ‪.‬‬ ‫‪ -٤‬العواصف والرياح والزوابع الرملية‪6١ : ‎‬‬ ‫تتعرض الصحراء عموما للزوابع والعواصف من حين لآخر بسبب تحرك مناطق‬ ‫الضغط الجوي‪ .‬ويساعد على شدتها تفلك التربة وعدم وجود غطاء نباتي ‪ .‬الأمر الذي‬ ‫يساعد على شدتها وسرعتها ‪ .‬وقد تؤدى برمالها الناعمة إلى طمس الطرق والدررب‬ ‫وإلى إتلاف أمتعة المسافرين وإلى نفور الإبل والدواب‪ .‬وقد تؤدي أحيانا إلى هلاك قوافل‬ ‫تبارية كاملة ‪.‬‬ ‫ه ‪ -‬التعرض لهوام الأرض والحيوانات المفترسة ‪:‬‬ ‫تعبر القوافل في رحلتها الطويلة مناطق واحات ومرتفعات وغابات وهى بيئة مناسبة‬ ‫لوجود أعداد كبيرة من هوام الأرض والحيوانات المفترسة مثل النمور والأسود ‪ .‬خاصة في‬ ‫المناطق الخالية من السكان ‪ .‬ولذلك كانت القوافل التجارية تسير في أعداد كبيرة بصل‬ ‫بعضها إلى أكثر من اثنى عشر ألف راحلة حتى تتمكن من مواجهة تلك الأخطار ‪ .‬وتروي‬ ‫المصادر الأباضية أن موضع مدينة تاهرت التى بناها عبدالرحمن بن رستم كان مرتعا‬ ‫لأنواع من السباع والوحوش داخل الغابات الكثيفة ‪ .‬بحيث اقتضت الضرورة اقتلاع ذلك‬ ‫كله وانتهى الأمر بحرق الغابة وتسوية الأرض وتمهيدها للبناء ‪ .‬وكذلك كانت معظم‬ ‫مناطق وأودية إفريقية الشمالية ("'‪.‬‬ ‫الهرمتان ني ليبيا‪ .‬السيرركو‬ ‫‪ :‬الخماسين في مصر‪.‬‬ ‫بأبما ه محلية في كل منطقة بالصحرا‬ ‫‏(‪ (١‬تعرف‬ ‫في الجزائر‪.‬‬ ‫‪ .‬‏‪. ٢٣‬‬ ‫ب‬ ‫‪ .‬ص‬ ‫‏‪٢‬ج‬ ‫‏‪ .٦‬البلادري ‏‪٠‬‬ ‫‪ ٠‬ص‬ ‫ج‪٢‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫الرياضية‬ ‫‏(‪ ( ٢‬الباروني ‏‪ ٠‬الأزهار‬ ‫‪_ ٢٢.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬الصعوبات السياسية والأمنية ‪:‬‬ ‫رغم وجود دول إسلامية واضحة الحدود والمعالم في الشمال الإفريقي ‪ .‬فإن منطقة‬ ‫الصحراء وبلاد السودان لم تعرف نظمأ سياسية متمكنة من فرض هيبتها ونفوذها الواضح‬ ‫على أقاليمها وشعوبها داخل حدود واضحة المعالم ‪ .‬حتى أن الباحث يلاحظ تعددأ في‬ ‫أنظمة حكم بلاد السودان وحكام الأقاليم بين مصدر وآخر ‪ .‬الأمر الذي عرض منطقة‬ ‫السودان لفزوات مستمرة من قبل جماعات بعضها ضد البعض الآخر في أغلب الأحيان‬ ‫فكل جماعة أو قبيلة من قبائل بلاد السودان عاداتها وتقاليدها ونظمها ‪ .‬وبمجرد شعور‬ ‫إحدى تلك القبائل بقوتها فإنها ما تلبث أن تمد نفوذها على المناطق المجاورة لها ‪.‬‬ ‫انعكس هذا الأمر بصورة سلبية على حركة القوافل التجارية المتجهة إلى بلاد‬ ‫السودان ‪ .‬حيث كان من الصعب على تلك القوافل التعامل بصورة محددة مع نظام‬ ‫سياسي معينا حتى بداية العصور الحذيثة ‪ .‬الأمر الذي جعلها تعتمد على جاليات عربية‬ ‫او بربرية داخل نطاق تلك المناطق ‪ .‬يتم الاتفاق معها عبر شبكة من الوسطاء البربر‬ ‫والعرب يقومون بتلك المهام ‏‪ . "١‬مهمتهم الأساسية تسهيل وصول القوافل إلى بلاد‬ ‫السودان وترتيب نزولهم ‪ .‬وكانوا يجنون من وراء ذلك أرباحا كبيرة لأهميتهم في التعامل‬ ‫بين الطرفين‪:‬وتفادي وقوع العديد من المشاكل ‪.‬‬ ‫ورغم ذلك فقد واجهت القوافل التجارية المتجهة إلى بلاد السودان العديد من‬ ‫الصعوبات الأمنية ‪ .‬فكثيرا ما تعرضت لجماعات زنجية مهاجرة من الغابات الإستوائية‬ ‫صوب الشمال ‪ .‬وكان من الصعب التفاهم مع تلك الجماعات ‪ .‬ويعض تلك الجماعات‬ ‫وصف بأنهم من أكلة لحوم البشر ‪ .‬مما أدى إلى قيام القوافل بإسناد مهمة حماية أمنها‬ ‫وتحركاتها إلى قبائل بربرية لها خبرتها في تلك المناطق ‪.‬‬ ‫لكن تلك الصعوبات العديدة التى كانت تعترض التجارة ‪ .‬كان يهون أمامها‬ ‫العوائد الكبيرة التي كانت تبنيها من تجارة بلاد السودان حينما تعود تلك القوافل محملة‬ ‫بالذهب والأحجار الكريمة والعنبر وريش النعام ‪ .‬وغيرها من سلع بلاد السودان ‪ .‬وهي‬ ‫سلع لها أهميتها عند شعوب البحر المتوسط وأوروبا في تلك الفترة ‪ .‬وارتبطت شهرة‬ ‫‏‪.٦٨٧١‬‬ ‫() ابن بطوطة ‪ .‬الرحلة ‪ .‬ص‬ ‫‪_ ٢٢١‬‬ ‫وارجلان (" وتاهرت وسجلماسة وغيرها بتلك السلع ‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫ج‬ ‫قضية تارة الرقيق الإفريقي ‪:‬‬ ‫ورغم شهرة بلاد السودان بالذهب ‪ .‬إلا أنها ارتبطت في التاريخ بصورة عامة بتجارة‬ ‫الرقيق ("" حتى العصور الحديثة ‪ .‬وكان لابد علينا أن نوضح مفهوم تجارة الرتيق في‬ ‫العصور الإسلامية بعيدا عن الصورة التى ترددت في المصادر الغربية‬ ‫لقد نشطت تجارة الرقيق الإفريقي في العصر الإسلامي ‪ .‬خاصة في عصور الخلافة‬ ‫العباسية بفعل عوامل اقتصادية وإجتماعية وسياسية ‪ .‬وتمكنت قوافل التجار من جلب‬ ‫أعدادأ كبيرة منهم عبر دروب الصحراء الشاقة ‪ .‬لتمتلأ بهم أسواق تاهرت والقيروان‬ ‫وفاس وسجلماسة ووارجلان وطرابلس والفسطاط وغيرها من موانىء افريقية الشرقية ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬يقول أحد علماء وارجلان وشعرائها وهو أبو يعقوب ‪ .‬يوسف ‪ .‬من القرن السادس الهجرى في وصف‬ ‫سلعها وخيراتها وأخطار تجارتها ‪:‬‬ ‫به بلدا عن طالب الخير سائر‬ ‫‪..‬‬ ‫جزى الله وارجلان خير ماجزى‬ ‫ممعدن تبر غانة والدنانر‬ ‫‪..‬‬ ‫هو جنة الدنيا وأبواب مكة‬ ‫يجد سبلها رحباأ وخفرة خافر‬ ‫‪.:.‬‬ ‫فمن كان يبغى ا لحج فليأات وارجلان‬ ‫ولا مال إلا ما أتى بالتاجر‬ ‫‪.:.‬‬ ‫فلا وجود للدنيا لمن قل ماله‬ ‫من جميع المخاطر‬ ‫وقد سرقوها‬ ‫‪.‬‬ ‫ويفتخر الجال بالمال رالنلدا‬ ‫يجوب الهوامي نحو غانة صابر‬ ‫ولن يكسب المال الحلال سوى أمرء ‪.:.‬‬ ‫ولا الشمس ولا الظلماء ذات الدياجر‬ ‫‪.:.‬‬ ‫وليس يهاب الحر والقر والشوا‬ ‫ولو أنها أمثال وخزالخنازر‬ ‫‪.:.‬‬ ‫ويستصغر الأهوال من حيث أقبلت‬ ‫‏‪. ٢٢٢/٢٢٣‬‬ ‫انظر بكير ‪ .‬الدولة الرستمية ‪ .‬ص‬ ‫‏(‪ )٢‬وصف رقيق السودان عند الجغرافيين المسلمين بقولهم ‪:‬‬ ‫الخدم السود الذين يباعون في بلدان الإسلام فهم ليسوا بنوبة ولا بزنج ولا بحبشة ولا من البجة‪ .‬إلا‬ ‫أنهم على حدة أشد سوادا من الجميع‬ ‫أنظر ‪ :‬الاصطخري ‪ .‬المسالك والممالك ‪ .‬ص ‏‪. ٣٥‬‬ ‫‪_ ٢٢٣٢‬‬ ‫واستأنفت تلك الأعداد طريقها إلى مناطق عديدة من العالم الإسلامي ('' مشرقه ومغربه‬ ‫وشماله الى جنوبه ‪.‬‬ ‫ورغم تجاهل صفحات التاريخ الإسلامي لدورهم في الحياة الإقتصادية والاجتماعية‬ ‫إلا أن هناك إشارات واضحة على تأثيراتهم في المجالات الاقتصادية والإجتماعية‬ ‫السياسية وظهرت ثوراتهم في التاريخ الإسلامي منذ القرن الأول الهجري ‪ .‬حينما تحولت‬ ‫أعداد كبيرة منهم إلى الإسلام ولمسوا مبادئه وعدالته "' ‪.‬‬ ‫ففي سنة ‏‪ ٧١‬ه ظهرت إشارات إلى ثورة منهم في البصرة ‪ .‬في أواخر أيام مصعب‬ ‫ابن الزبير في العراق‪ .‬حينما اجتمع منهم عدد كبير وشرعوا في الثورة والتمرد ‪ .‬فانبري‬ ‫والى البصرة خالد بن عبدالله بحربهم "'‪ .‬وفي زمن الحجاج بن يوسف الثقفى على العراق‬ ‫‪ .‬ثار الزنج وولوا عليهم رجلا منهم يسمى رياح أو رباح ‪ .‬ولقب بشير زنجي ‪ .‬أى أسد‬ ‫الزنج‪ .‬لكن الحجاج أرسل إليهم زياد بن عمرو الذى أرسل ابنه من قبله على رأس جيش‬ ‫لقتالهم ‪ .‬فلما هزموه ‪ .‬أرسل زياد جيشا آخر أباد الزنج ‪6(.‬‬ ‫ومع الثورة الحضارية التي شملت العالم الإسلامي في العصر العباسي ‪ .‬وما ترتب‬ ‫على ذلك من ازدهار الحياة الاقتصادية لمناطق الخليج العربي والعراق بصورة خاصة ‪.‬‬ ‫والعالم الإسلامي بصورة عامة ‪ .‬أصبحت هناك حاجة ماسة لاستقدام أعدادا كبيرة من‬ ‫الرقيق للأعمال المختلفة في مدن ومراكز العالم الإسلامي ‪ .‬وتنوعت مصادر جلب هؤلاء‬ ‫الرقيق لكن رقيق بلاد السودان كان أهم هؤلاء الرقيق أثرا على مستوى العالم الإسلامي‬ ‫‪.‬وقد تنوعت المصطلحات التى أطلقت على رقيق السودان ‪ .‬أو عبيد افريقية ‪ .‬فقد‬ ‫سماهم ابن حاقان باسم الزنج وأطلق عليهم أبو حامد الفرناطى اسم بنى قوقو‪ .‬ونعتهم‬ ‫ابن القطان باسم جناوة“ وهو الاسم الذي ورد عند ياقوت الحموي في معجمه‪ .‬كما ظهر‬ ‫لهم في بعض المصادر ااسملمماليك (""‪ .‬وقد أدى الإكثار من الرقيق إلى عوامل منها ‪:‬‬ ‫(‪ )١‬ابن حوقل ‪ .‬صورة الأرض ‪ .‬ص‪. ٩٧ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬علبي ‪ .‬أحمد ‪ .‬الزنج ‪ .‬صلبان التاريخ الإسلامى ‪ .‬مجلة العربي ‪ .‬العدد ‏‪ . ٢٤٦٢‬‏م‪ . ٩٨٧٨١‬ص‬ ‫‏‪ ١٥٥‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬ابن الأثير ‪ .‬الكامل ‪ .‬ج‪ .٤‬ص‪ )٤( .٣٨٨ ‎‬ابن خلدون ‪ .‬العبر ‪ .‬ج‪ . ٣‬ص‪. ٩٨ ‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪١ ٤ ٢‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫« ‪٥‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪ ١‬لريا ض‪‎‬‬ ‫‪ ١ ٠‬زها ر‪‎‬‬ ‫‪ ١‬لمقري‪‎‬‬ ‫) ‪( ٥‬‬ ‫‪_ ٢٢٢‬‬ ‫‪ - ١‬حاجة قصور الحكام والأثرياء إليهم في خدمات البلاط أو القصور‪. ‎‬‬ ‫‏‪ - ٢‬تحول مجتمعات ومدن بلاد المغرب إلى الاستقرار وحياة الترف منذ نهاية‬ ‫القرن الثاني المجري ‪ .‬مما أدى إلى الإعتماد على الرقيق في الأعمال المنزلية من مختلف‬ ‫فئات المجتمع المغربي ‪ .‬وكذلك الأندلس ومعظم مناطق العالم الإسلامي‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬حدوث نهضة اقتصادية خاصة في مجال الزراعة وعمليات استصلاح الأراضي‬ ‫في المرتفعات وإزالة الغابات ‪ .‬مما استدعى الاستعانة بأيدى عاملة جديدة في‬ ‫‏‪.٠‬‬ ‫الزراعة‬ ‫قطاع‬ ‫‏‪ -٤‬استغلال أعداد كبيرة من الرقيق كقوات حربية من قبل الدول المتعددة التى‬ ‫ظهرت في منطقة شمال المغرب ‪ .‬وهى دول متنافرة سياسيا ومذهبيا من‬ ‫اغالبة سنة في القيروان ‪ .‬ورستميين اباضنية في تاهرت ‪ .‬ومدراريين صفرية‬ ‫في سجلماسة‪ .‬وادارسة شيعة في فاس ‪ .‬ورغم عدم نشوب حروب طويلة بين‬ ‫تلك الأطراف إلا كل طرف كان حذرأ من الأطراف المحيطة به ‪.‬‬ ‫‪ - ٥‬استخدام الرقيق كحراس وأدلاء للقوافل التجارية‪. ‎‬‬ ‫‪ - ٦‬الاستعانة بهم في عمليات تحميل وتفريغ القوافل والبضائع التى تجلبها‪. ‎‬‬ ‫لقد كانت منطقة غرب افريقية ‪ .‬منجم لثروات بلاد المغرب ‪ .‬فقد تأسست ثروات‬ ‫دول المغرب على انتفاعها بالتجارة مع غرب افريقية عبر الصحراء ‪ .‬وجنوا من وراء ذلك‬ ‫الثروات الطائلة وتطورت مدنهم وقرارهم فبنوا القصور وتحول سكان مدنهم إلى مرحلة‬ ‫الترف فاكتظت دور وقصور الحكام ورجال الدولة بالرقيق خاصة الكتاب والوزراء والقضاة‬ ‫والولاة‪ .‬حتى أصبحت عادة امتلاك ‪ .‬العبيد من الأمور العادية عند أهل المغرب والأندلس‬ ‫‪ .‬كما امتلك هؤلاء مساحات واسعة من الأراضي الزراعية أو الصالحة للزراعة وكان لابد‬ ‫من الاعتماد على أعداد كبيرة من هؤلاء الرقيق في تلك المزارع والبساتين لفلاحتها(_'‪.‬‬ ‫(‪ )١‬أبو حامد الغرناطي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٤٣ ‎‬‬ ‫‪٢٢٤‬‬ ‫واستخدم أيضا الرقيق في الأعمال الدفاعية والحرفية ‪ .‬فقد تميزوا بالشجاعة والقوة‬ ‫في الحروب وتحمل أهوالها ‪ .‬وأثبت بعضهم تفوقا في العمليات الحربية وفي تسديد‬ ‫الضربات ضد الأعداء ‏‪ .١‬حتى جاءت دولة المرابطين بعد ذلك لتعتمد عليهم بصورة‬ ‫أجبر الأمير على بن يوسف رعيته على تقديم عدد من السودانيين الذين‬ ‫كثيفة ‪ .‬بحيث‬ ‫يعملون كخدم في المنازل إلى جيشه ‪ .‬مع ضرورة الانفاق على تسليمهم وتوفير مايلزمهم‬ ‫من المؤن والعتاد من أجل تكوين جيش كبير ضد القوى المسيحية التى تهدد الأندلس ‪.‬‬ ‫وظهر الاعتماد عليهم في مجال خدمات القوافل من حيث أعمال التحميل والتفريغ‬ ‫وأعمال الحراسة والدلالة ‪ .‬وهي أعمال كانت مناسبة لهم ‪ .‬خاصة في ظل ازدياد أعمال‬ ‫القوافل المتجهة إلى غرب افريقية وزيادة نشاطها ‪ .‬ويذكر أحد الجغرافيين صورة لتجار‬ ‫أودغشت أن لهم أموال عظيمة ورقيق كثير كان للرجل منهم ألف خادم أو أكثر“("' كما‬ ‫زادت الأعمال المرتبطة بالتجارة في مدن وأسواق بلاد المغروبس وكان لابد لتلك القوافل من‬ ‫توفير حراسة لها في ظروف صعبة عبر الوديان والصحاري والقفار ‪ .‬وكان لهؤلاء أيضا‬ ‫خبرة في معرفة دروب إفريقية جنوب الصحراء ‪.‬‬ ‫لكن الأعداد الكبيرة منهم ظلت مرتبطة بالخدمة في البيوت ‪ .‬حتى كثرت أعدادهم‬ ‫بصورة واضحة وأصبحوا عبثا ثقيلا في بعض الأحيان ‪ "(.‬واشتهرت بعض السودانيات‬ ‫باتقان أصناف من الحلوى مثل القطائف والهريسة وغيرها من صنوف الطعام ‪ .‬كما ظهرن‬ ‫في البيوت والقصور كجوارى لجمالهن ‪.‬‬ ‫وبعد فترة ظهرت ني بلاد المغرب شكلا جديدا من أشكال الرقيق ‪ .‬الذى ترتب على‬ ‫الحملات لعسكرية ضد ممالك الأندلس المسيحية منذ نهاية القرن الرابع الهجري ‪.‬‬ ‫حتى أن الأمير المرابطي على بن يوسف رجع من إحدى حملاته العسكرية سنة‬ ‫‪٥٣٢‬ھ‏ مصحوبأ بسبعة آلاف من السبى ‪ .‬وقد انخفض سعر بيع العبيد في تلك الفترة‬ ‫نتيجة لكثرة السبى في المعارك ‪ .‬ومن الرقيق البيض والسود امتلأت بيوت أهل المغرب‬ ‫‪. ١ ٦ ٨‬‬ ‫) ‪ ١ ( ١‬مغرب‪ ٠ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫)( المهدر السابق ‪ .‬ص ‏‪. ١{٨‬‬ ‫ا‪٤‬ا=‪.‬ه‪.٥‬‏‬ ‫آ‬ ‫‏) ‪ ١ ( ٣‬للقطلى ‏‪ ٠‬رسا لة ني ا لحسبة ‪ .‬ص‬ ‫‪_ ٢٢٥‬‬ ‫حتى بيوت الفتات المتوسطة والشعبية أحيانا‪.‬‬ ‫ويتضح أن أوضاع عبيد بلاد المغرب في زمن دولة الرستميين وما بعدها كانت‬ ‫حسنة ‪ .‬حتى أننا لم نسمع في المصادر على ثورات ضد أسيادهم ‪ .‬كما وقع في منطقة‬ ‫البصرة ‪ .‬في القرن الثالث الهجري ‏‪ ٠‬فقد كان العبيد يتصرفون بحرية بين ايدى اسيادهم‪.‬‬ ‫ويذكر النويري أن أحد القضاء اتصل بعبد ليتوسط له عند سيدته زوجة أحد الأمراء من‬ ‫دولة المرابطين من أجل رده إلى منصبه الذي عزل منه("‪.‬‬ ‫كما حالف الحظ بعض العبيد وحصلوا على حريتهم ‪ .‬وقد تمددت المناسبات‬ ‫والفرص التى كانت مدعاة لعتقهم ‪ .‬سواء من الكفارة التى دعت إليها الشريعة الإسلامية‬ ‫‪ .‬أو الانتصار في معركة من المعارك ‪ .‬ففي معركة الزلافة تم عتق الآلاف من الرقاب ‪.‬‬ ‫وكذلك كان بإمكان بعض العبيد أن يحصلوا على حريتهم بعد أن يثبتوا بالدليل والحجة‬ ‫حريتهم ‪ .‬فكان بمقدور العبد الحصول على حريته بالمال ‪ .‬أو بوصية من مولاه ‪.‬‬ ‫ويبدو من تفحص بعض النصوص أن هناك أعدادأ منهم عاشت في ظروف اجتماعية‬ ‫وصحية بائسة‪ .‬فقد سخر البعض في الأعمال المنزلية بلا انقطاع ‪ .‬كما أصبح البعض‬ ‫عرضة للأمراض الفتاكة التى أودت بحياة معظمهم ‪ .‬وخاصة في ظروف الاضطرابات‬ ‫السياسية التى شهدتها بلاد المغرب في نهاية القرن الثالث الهجري ‪ .‬وكذلك في نهاية‬ ‫عصر دولة المرابطين ‪ .‬حتى أن عبدا في الأندلس قد أقدم على قتل أحد الفقهاء ‪'".‬‬ ‫وبالنسبة لبقية أرجاء العالم الإسلامي فإن الرقيق السوداني‪ .‬قد ظهر بدوره بعد‬ ‫انتهاء العمليات العسكرية في الفتوحات الأولى التى تمت بصورة أساسية في القرن الأول‬ ‫الهجري ‪ .‬ولم يكن من السهل تمويل العالم الإسلامي بالأعداد المطلوبة منهم ‪ .‬في ظل‬ ‫تسامح الشريعة الإسلامية ‪ .‬الأمر الذى أدى إلى انصهارهم في المجتمع الإسلامي‬ ‫وذويانهم بين طبقاته بمرور الزمن ‪.‬‬ ‫وأصبحت مناطق بلاد السودان ‪ .‬واقريقية جنوب الصحراء‪ .‬هى المنجم الأساسي‬ ‫(‪ )١‬نهاية الأرب ‪ .‬ج‪ .٢٤‬ص‪ . ٢٦٢٦ ‎‬القاهرة‪. . ‎‬ما‪‎٣٨٩‬‬ ‫(‪ )٢‬ابانلحاج ‪ .‬النوازل ‪ .‬ص‪. ٢٤ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٢٣٦‬‬ ‫لحليب الأعداد المطلوبة منهم بصورة مستمرة ‪ .‬قبل أن تظهر مصادر أخري للرقيق في بلاد‬ ‫الصقالبة ومناطق القوقاز ‪'(.‬‬ ‫وييكننا تقسيم معابر تجارة الرقيق الإفريقيإلى العالم الإسلامي كما يلي ‪:‬‬ ‫أولا ‪ :‬معابر الصحراء الكبرى إلى شمال افريقية‬ ‫وهو منفذ جلب الرقيق الإفريقي من بلاد غرب السودان ووسط السودان ‏‪ ٠‬إلى‬ ‫أسواق تاهرت ووارجلان والقيروان وطرابلس وسجلماسة وفاس والأندلس ("' ‪ .‬حيث توجد‬ ‫مراكز تجميعهم في عواصم ومدن شمال افريقية ‪ .‬بعد جلبهم من بلاد التكرور والنيجر‬ ‫الأعلى ‪ .‬واعتمد حكام غانة وجاو ومالى على قبائل افريقية بدائية تخصصت في التوغل‬ ‫في الغابات والأدغال وتوفير الأعداد المطلوبة من العبيد بكافة الحيل‪ .‬وكانت أسواق‬ ‫تاهرت أشهر أسواق الرقيق الإفريقي على الإطلاق ‪ .‬بسبب تحكم تبار الأباضية في مراكز‬ ‫جلبه وتجارته ‪ .‬واعتماد هؤلاء التجار على قبائل بربرية موالية لهم لتأمين تحبارته ‪ .‬وقد‬ ‫وصل نفوذهؤلاء التجار في كثير من الأحيان إلى أسواق مصر عبر برقة ‪'"(.‬‬ ‫ونتيجة لذلكأصبح للعبيد الأفارقة دور واضح في مجالات الحياة في دول بلاد‬ ‫المغرب خاصة دولة بنى واسول الصفرية ‪ .‬وتاهرت الرستمية وكان لهؤلاء العبيد دور في‬ ‫التخفيف من ضغط القبائل البربرية والعناصر العربية التى ساهمت في بروزكيانات‬ ‫سياسية في الشمال الإفريقي ‪ .‬حيث تم الاستعانة بهم كجند وحرس للولاة والحكام ‪.‬‬ ‫بجانب أعمالهم الأخرى في الأعمال التجارية والمنزلية وأعمال الفلاحة والمهن الأخرى‬ ‫‪:‬‬ ‫النوبة ‪ =-‬مصر‬ ‫ثانيا ‪ :‬معبر‬ ‫حيث يتم جلب أعداد كبيرة من الرقيق من مناطق أعالي التيل وبلاد البجة ومناطق‬ ‫السودان الشرقي والبحيرات التى تقع إلى جنوبه ‪ .‬وكان هذا الطريق هو المعبر الاساسي‬ ‫لدخول النوبيين والأحباش إلى مصر منذ البداية بالإضافة إلى اشتراك بعض موانيء البحر‬ ‫(‪ )١‬لومبارد ‪ .‬الجغرافية التاريخية ‪ .‬ص‪.٢٦٥ ‎‬‬ ‫‪. ٣.‬‬ ‫)‪ (٢‬الجنحاني ‪ .‬الغرب الاسلامي‪ ٠ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫‪. ٦٦‬‬ ‫‪ ٠‬المرجع نقه‪ ٠ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫)‪ (٣‬لومبارد‪‎‬‬ ‫‪_ ٢٢٣٧‬‬ ‫الأحمر لمساندة هذا الطريق في بعض فترات التوتر والاضطراب في بعض مناطقه‪.‬‬ ‫وقد لعبت الأديرة القبطية في مصر ‪ .‬في عصر ما قبل الإسلام ‪ .‬دورأ في انتشار‬ ‫عمليات إخصاء العبيد (" ‪ .‬التى انتشرت بعد ذلك على نطاق واسع ‪ .‬وساهم فيها تجار‬ ‫الرقيق خاصة العبيد العاملين في المنازل ‪ '"(.‬كما اشتهر هذا الطريق بجلب أعداد النوبيين‬ ‫حسب معاهدة البقط‪ .‬منذ اتفاق عبدالله بن أبي السرح من حاكم النوبة ‪ .‬وما اشتملت‬ ‫عليه من إرسال اعداد محددة من أبنائهم كل عام إلى والي مصر ‪'"(.‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬موانىء البحر الأحمر والقرن الإفريقي ‪:‬‬ ‫حيث يجلب منها العبيد من مناطق السودان الشرقي والحبشة والصومال إلى مدن‬ ‫وموانىء الحجاز واليمن ‪ .‬وقد اشتهر ميناء زيلع بهذا الأمر في العصور الإسلامية ‪ .‬بعد‬ ‫تجميع العبيد في منطقة بريرة ‪ .‬واعتبر ميناء عدن أهم الموانىء التى يتم استقبال العبيد‬ ‫من تلك المناطق بها ‪ .‬حيث أصبح هناك أسواق مخصصة في الميناء للعبيد ‪.‬‬ ‫ونظرا لشهرة أسواق عدن المتخصصة ببيع العبيد والجواري ‪ .‬فقد قدم إليها التجار‬ ‫من الإسكندرية وموانىء البحر الأحمر والمحيط الهندي لجلب الجواري والعبيد منها‪.‬‬ ‫واصبح هناك نظما متبعة للبيع والعرض ‪(.‬ے)‬ ‫‏(‪ )١‬تتم عملية الإخصاء للعبيد ببتر الأعضاء التناسلية للعبد‪ .‬وذلك على مرحلتين الأولى بشق الصفن‬ ‫لاستخراج الخصيتين ‪ .‬ثم بتر القضيب بعد ذلك على لوح خشبى مع وضع أنبوب رصاصى أجوف‬ ‫للحفاظ على فتحة البول بعد التحام الجرح ‪ .‬وقد انتشرت تلك العملية في العصور الوسطى‪ .‬ومن‬ ‫أشهر الحصيان كافور الاخشيد الذي حكم مصر ‪ .‬وأسس الدولة الاخشيدية بها ‪ .‬وفيه يقول المتنبى ‪:‬‬ ‫‪ ..‬فالحر مستعبد والعبد معبود‬ ‫صار الخصى إمام الآبقين بها‬ ‫ومن المعروف أن هناك تغيرات فسيولوجية ونفسية تطهر على العبد بعد إجراء تلك العملية تجعل‬ ‫العبد يفقد العديد من صفات الرجولة والذكورة‪.‬‬ ‫‏‪( ٢٦٥‬هامش)‬ ‫‪ -‬لومبارد ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫(‪ )٢‬لوميارد ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٢٦٢٦ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬سيتم تفصيل ذلك في الفصل الرابع من الكتاب‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬وذلك بأن تبخر الجارية وتطيب وتعدل ويشد وسطها بممئزر ‪ .‬ويأخذ المنادي بيدها ويدور بها‪= ‎‬‬ ‫‪_ ٢٢٨‬‬ ‫‪ :‬سواحل افريقية الشرقية ‪:‬‬ ‫رابع‬ ‫أصبحت تلك السواحل أهم منافذ تجارة الرقيق الإفريقي للمشرق الإسلامي‪ .‬منذ‬ ‫بداية العصر العباسي ‪.‬واصبحت موانىع الخليج العربى هى اهم الطرق لحمل الرقيق إلى‬ ‫مناطق العراق والمشرق الإسلامي‪ .‬رغم ظهور أهمية لتلك السواحل منذ العصر الأموي ‪.‬‬ ‫إلا أن الإزدهار الاقتصادي الكبير الذي عم العالم الإسلامي في العصر العباسي زاد من‬ ‫حاجة سكان المدن الإسلامية لجلب أعداد جديدة من العبيد بصورة مستمرة ‪ .‬لاستخدامهم‬ ‫في استصلاح الأراضي البور ‪ .‬البطائع‪ .‬وكذلك في أعمال الموانىء مثل الشحن والتفريغ‬ ‫وأصبح ميناء البصرة أهم مركز لتجمع الأعداد الكبيرة من الرقيق الإفريقي‪ .‬الذي‬ ‫أصبح عصب الحياة الإقتصادية في العالم الإسلامي ‪ .‬وأدت كثافة الرقيق في البصرة إلى‬ ‫قيامهم بشورتهم الشهيرة العارمة في جنوب العراق والتي استمرت حوالى أربعة عشر عاما‬ ‫‏(‪ ٢٧٠ - ٢٥٥‬‏‪/٨٦٨-‬ه ‏(م‪ ٣٨٨‬وتمكنوا خلالها من احتلال جنوب العراق ‏(‪ .'١‬واتخذوا‬ ‫لأنفسهم عاصمة تسمى المختارة‪ .‬وأصبحوا قاب قوسين أو أدنى من بغداد ‪ .‬حتى تمكن‬ ‫‏‪(٢‬‬ ‫الخليفة العباسي المعتضد من مواجهتهم‪.‬‬ ‫وقامت سفن أهل عمان("'‪ .‬بدور كبير في هذا المجال نظرا لانتشارهم الواضح على‬ ‫سواحل إفريقية الشرقية‪ .‬ودورهم الملموس بين أهل البصرة ‪.‬بالإضافة إلى موقع بلادهم‬ ‫المتوسط بين الجانبين ‏‪'٠(.‬‬ ‫ومع بداية العصور الحديثة نشطت السفن الأوروبية في شحن أعداد هائلة من العبيد‬ ‫= وينادي عليها ويحضر التجار يقلبرنها ويتم تحديد السعر بعد ذلك ‪ .‬وإن حدث بينهما خلاف يتم إحالة‬ ‫الوضوع عند الحاكم‪.‬‬ ‫انظر ‪ :‬ابن مخرمة ‪ .‬أبو محمد عبدالله الطيب بن عبدالله ‪ .‬تاريخ ثغر عدن ‪ .‬ص ‏‪ ٠٦٦١‬مكتب مدبولي‪.‬‬ ‫‪١‬ه‪/‬سنة ‪ ٩٩١‬‏‪.‬م‪١‬‬ ‫‏‪٤١١‬‬ ‫‪ .‬سنة‬ ‫الطبعة الثانية‬ ‫القاهرة‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٦٦٣‬‬ ‫ص‬ ‫‏‪ ٠‬ج‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬تاريخ‬ ‫(( الطبري‬ ‫‏(‪ )٢‬علبي ‪ .‬أحمد ‪ .‬ثورة العبيد في الإسلام ‪ .‬ص ‏‪ ١٠٠‬وما بعدها ‪ .‬بيروت ‪ .‬‏‪.١٩٨٥‬‬ ‫‏(‪ )٤‬أبو العلا ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ٨‬‬ ‫‪_ ٢٢٩‬‬ ‫إلى العالم الجديد ‪ .‬وشهدت البشرية أفظع صور القسوة في عمليات جمع العبيد وترحيلهم‬ ‫وشحنهم عبر المحيط الأطلسي‪ .‬حتى قدرالبعض أن عمليات تفريغ للقوى البشرية قد قت‬ ‫في تلك الفترة ‪ .‬الأمر الذي أفقد الشخصية الإفريقية هويتها في ظل صور الرعب‬ ‫والإهانة التى ألحقت بها على يد تحبار أوروبا ‪ .‬ورغم ذلك ظهرت دعوات جديدة في أوروبا‬ ‫بتحريم تجارة الرقيق لأسباب إنسانية ‪ .‬وسارعت دول أوربية لتأييد تلك الآراء من أجل‬ ‫تحقيق مكاسب اقتصادية ‪ .‬خاصة بعد وقوع الإنقلاب الصناعي وحرص دول أوروبا على‬ ‫تفريغ السوق أما تصدير الآلات التى تنتجها مصانعها ‪.‬‬ ‫ومنذ القرن التاسع عشر بدأت بريطانيا في مطاردة سفن التجار التى تتردد على‬ ‫موانىء شرقي افريقية لحمل العبيد إلى مناطق العالم الإسلامي الأخرى ‪ .‬وقد اتخذت‬ ‫بريطانيا من هذا الأمر وسيلة لبداية فرض نفوذها على شرقي إفريقية‪"(.‬‬ ‫وإذا كان الدور الإسلامي قد ظهر بجلاء في احترام للقيم الإنسانية في مسألة‬ ‫التجارة الأفريقية وحرصه على الأمانة في المعاملات ‪ .‬حتى وصف لومبارد تجار الأباضية‬ ‫في بلاد السودان الغربي بأنهم خبرتهم التجارية " حاذقة وشريفة في المعاملات كما ظهرت‬ ‫إنسانية الدور الإسلامي في تيارة الرقيق الإفريقية ‪ .‬أمام الصورة البشعة التى اقترنت‬ ‫بتلك التجارة على يد الأورويين حديثا‪ .‬‏("‪'٢‬‬ ‫من جهة ثانية أفسح المسلمون المجال في التجارة الإفريقية أمام فئات التجار من‬ ‫مختلف الأصقاع والأديان في ظل حرية التجارة ونزاهة المعاملات ‪ .‬وكان التجار اليهود "'‬ ‫أكثر التجار من غير المسلمين نشاطا في مجال التجارة الإفريقية ‪ .‬في ظل تسامح حكام‬ ‫الدول الإسلامية التى تتحكم في منافذ وطرق التجارة مع بلاد السودان ‪ .‬خاصة حكام‬ ‫وقرطبة ‪.‬‬ ‫من ‏‪ ١‬لاباضية ‪ .‬وحكا م سجلماسة وفاس‬ ‫تاهرت‬ ‫ومن مظاهر هذا التسامح والحيوية التى تمتع بها التجار والوسطاء اليهود في ظل‬ ‫(‪ )١‬العقاد ‪ .‬زكريا ‪ .‬زنجبار ‪ .‬ص‪.٩١ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬قداح ‪ .‬نعيم ‪ .‬حضارة الإسلام وحضارة أورويا في افريقيا الغربية ‪ .‬ص ‏‪ ٢٠٣‬ومابعدها ‪ .‬الطبعة‬ ‫الثانية ‪ .‬الجزائر ‪ .‬سنة ‪١٩٧٥‬م‪.‬‏‬ ‫(‪ )٣‬كان الأساس الذي أدى إلى انتشار اليهود منذ عصور ما قبل الإسلام على خطوط التجارة‪= ‎‬‬ ‫الدول الإسلامية ‪ .‬ظهور جاليات يهودية كبيرة في معظم مراكز التجارة في إفريقية ‪.‬‬ ‫وقيامهم بدور هام في مجال التجارة والمياه الإقتصادية ‪ .‬حتى أن بعض تلك الجاليات قد‬ ‫تمكنت من احتكار بعض التقنيات الصناعية في بعض المراكز مثل تصنيع المعادن ‪.‬‬ ‫الثمينة والصياغة والدباغة وصناعة الزجاج ‪ .‬وازدهر دور تلك الجالبات مع ازدهار‬ ‫الحياة الاقتصادية ‪ .‬ففي القيروان أصبح لليهود سوق بها ودكاكين خاصة يحرفهم ‪.‬‬ ‫واخذوا مع النصارى في الإلمام بتجارة الزيت في المدن الساحلية بإفريقية وجزر البحر‬ ‫المتوسط (''وفى تاهرت الرستمية ‪ .‬التى شكلت قلبا للتجارة الإفريقية ‪ .‬فكان لليهود‬ ‫درب خاص بهم في المدينة يعرف بدرب“الرهادنة "' وكانوا يسافرون من المغرب إلى‬ ‫= هو الضربات التى نالتهم على يد حكام بلاد الوافدين مثل بنوخذ نصر البابلي وسرجون الآشوري ‪.‬‬ ‫بالإضافة إلى الضربات القرية التى نالتهم من الرومان فيما بعد‪ .‬بعد أن وصلت مكانتهم إلى المجد‬ ‫زمن داود وسليمان‪ .‬نتشتت اليهود في البلاد على شكل جاليات استقرت على طرق التجارة البرية‬ ‫والبحرية ‪ .‬فوصلت مجموعات منهم إلى موانىء شمال إفريقية والأندلس وإلى موانىء البحر الأحمر‬ ‫والخليج العربي والمحيط الهندي ‪ .‬كما نزحت جاليات منهم واستقرت على الطرق البرية التى تربط‬ ‫أواسط آسيا والمشرق بمناطق أوروبا ‪ .‬وكذلك على الطرق البرية بين شمال افريقية وبلاد السودان ‪.‬‬ ‫وبمرور الزمن تمكنت تلك الجاليات من إحكام سيطرتها حركة مرور السلع ‪ .‬رغم ظروفها السياسية‬ ‫الصعبة ‪.‬‬ ‫وني عصر الرومان زاد اضطهاد الأباطرة الرومان لليهود ‪ .‬فأدى ذلك إلى الضغط عليهم‬ ‫واتجاههم إلى مراكز صحراوية في جزيرة العرب وإلى عبورهم باب المندب للاستقرار على الهضبة‬ ‫الحبشية وساحل أرنيريا ‪ .‬كما سلكت جماعات يهودية طرق الصحراء واستقرت داخل الواحات‬ ‫الإفريقية الممتدة من غرب مصر إلى بلاد والمغرب الأقصى‪.‬‬ ‫ولم يشهد اليهود تسامحا وأحترامأ من قبل الدول والحكومات القديمة مثلما شاهدره على يد‬ ‫المسلمين الذين التزموا في علاقاتهم معهم بالشريعة الإسلامية ‪ .‬فعاش اليهود في ظروف حسنة ‪.‬‬ ‫وانطلقوا إلى المساهمة في الإنشطة التجارية والإقتصادية والمشاركة في مجالات الحياة الإسلامية‬ ‫العامة ‪.‬‬ ‫انظر ‪ :‬الملليبارى ‪ .‬تحفة المجاهدين ‪ .‬ص ‏‪ ٤٨‬ومابعدها ‪ .‬المكتب الثقافي الهندي ‪ .‬بيروت ‪ .‬سنة ‪١٩٨٥‬م‏‬ ‫‪ -‬لومبارد ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ٢٧٣ - ٢٧٠‬‬ ‫‏‪٩١١/٩١.‬‬ ‫‏(‪ (١‬الحنجاني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫‏(‪ )٢‬هم اليهود الذين يتكلمون اللفات العربية والفارسية والرومية وغيرها‪.‬وأصولهم غير إفريقية ‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٤١‬س‬ ‫المشرق في حرية وأ مان ويجلبون سلع المشرق إلى المغرب ويحملون سلع المغرب من الخدم‬ ‫والجواري والديباج والجلود إلى المشرق وأورويا جريا وراء الربح والتجارة اا"‪ .‬كما شاركهم‬ ‫نفس الدور التجاري النصارى في تاهرت والقيروان وسجلماسة وغيرها من مراكز التجارة‬ ‫الإفريقية ‪.‬‬ ‫وقكنت تلك الجاليات من كسب ثقة التجار والحكام في مجال التعاقدات التجارية‬ ‫وعمليات الإقراض ى وتمكن اليهود من خلق تنظيم تحباري وإجتماعي يؤلف بينهم ويقوى‬ ‫مركزهم ‪ .‬يتألف هذا التنظيم من كقلاء ومراسلين وبيوتات تجارية ذات فروع عديدة‬ ‫وتتمتع تلك التنظيمات برعاية حكام دول المغرب الإسلامي ‪ .‬لما مسه هؤلاء الحكام من‬ ‫دور اليهود في مجال التجارة الخارجية وانسياب حركة السلع التجارية كما كان لدى‬ ‫اليهود نظما متقدمة في مجال التسويق والإئتمان ‪ .‬فلديها ساع مهمته إعلامها بسرعة‬ ‫وصول القوافل التجارية مع تقرير عن حمولة القافلة وسلعها وعدد أفرادها وإمكانياتها‬ ‫بالتحديد ‪ .‬ويشرف على العقود والأسواق ‪ .‬وعملاء لايواء التجار والمسافرين في فنادق‬ ‫ونزل ‪ .‬وحكام للفصل في المنارعات التجارية ومعقب لافتداء الأسرى ‪ .‬الأمر الذى أعطى‬ ‫لليهود مكانة بارزة في اقتصاد تلك الدول الإسلامية ‏‪'"١.‬‬ ‫ومهما يكن من أمر فإن هذا الجو الإسلامي المتسامح هو المناخ الذي استغله اليهود‬ ‫لتحقيق تلك المكاسب والنظم بعد أن لمسوا عدالة المسلمين وتسامحهم ‪ .‬بعد أن ذاقوا‬ ‫الآلام والاضطهاد في ظل الحكومات والأمم الأخرى ‪.‬‬ ‫واستغل اليهود المناخ الإسلامي ليحتكرروا تجارة السلع المربحة مثل المنسوجات‬ ‫الحريرية وتجارة الحبوب بالجملة من مصر ؛ وتجارة السكر من الشرق خاصة من العراق‬ ‫والهند ‪ .‬وتجارة التوابل من ساحل مليبار بغرب الهند ‪ .‬بالإضافة إلى الذهب الإفريقي‬ ‫والمعادن الثمينة ‪ .‬كما سيطروا على تجارة الرقيق والجواري ("'وتحكموا في بعض الأحيان‬ ‫‪. ١٥٤-١٥٣‬‬ ‫(‪ )١‬ابن خرداذبة ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬لومبارد ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٢٧٦ ‎‬‬ ‫‏(‪ )١‬حقق الوسطاء اليهود أرباحا كبيرة من تبارة الرقيق السوداني والمغربي ‪ .‬فقد كان يتم شراء العبد أو‬ ‫الجارية بسعر زهيد ويتم بيعه بأسعار غالية في مصر والمشرق الإسلامي‪ .‬ورغم تذبذب أسعار تجارة‬ ‫الرقيق من مكان لآخر ومن عصر لآخر فإن القرن الثالث الهجري قد شهد ارتفاعا في أسعار =‬ ‫‏‪ ٢٤٢‬س‬ ‫في الصرافة وحركة النقود والعملات وارتباط التجار اليهود في نفس الوقت بشبكة تجارية‬ ‫عالمية تمتد من الهند وفارس إلى المغرب والأندلس والراين في قلب أورويا ‪ .‬وأصبحت‬ ‫إفريقية نقطة هامة في تلك المنظومة التجارية ‪ .‬وحققت مراكزها ازدهار تجاريا كبيرا ‪.‬‬ ‫وسعى سكانها وراء التجارة والمكاسب المادية وتفيرت أنماط حياة القبائل البربرية بها ‪.‬‬ ‫وأصبح سكان المدن الإفريقية على درجة كبيرة من الثراء ‪ .‬وظهرت مظاهر للترف واللهو ‪.‬‬ ‫الأمر الذى أدى إلى ظهور تيار من علماء المدن الإفريقية يذكر الناس بعواقب الانشغال‬ ‫بالدنيا ولهوها وحصادها والبعد عن الحياة الإساسية في المفهوم الإسلامي‪.‬‬ ‫إن تجربة التجارة العربية عبر المعابر الصحراوية التى أضافها العرب بعد الفتح‬ ‫للخبرة البربرية في إفريقية أدى إلى نشاط الجاليات الأخرى التى ساهمت مع العتصرين‬ ‫البربري والعربي ويداية وضع مناطق إفريقية جنوب الصحراء في مستوى الحضارة العالمية‬ ‫لأول مرة وفتحت بلدانهم ومناطقهم لتيارات الحضارة الإسلامية ‪ .‬وأصبحت عمليات‬ ‫التبادل التجاري بين بلاد السودان والعالم الخارجي تتم بصورة متوازنة حسب الميزان‬ ‫التجاري والحضاري ‪ .‬فحققت إفريقية أرباحها من وراء سلعها وكسبت جوانب حضارية‬ ‫جديدة انعكست عليها بظهور دول ومراكز حضارية راقية في العصور الوسطى ومازالت‬ ‫تلك التجربة الإفريقية موضع اعجاب من قبل الباحثين المنصفين من الأوروبيين ومن أهل‬ ‫القارة الإفريقية أيضا ‪.‬‬ ‫ومهما يكن من أمر فإن العرب والمسلمين كان لهم الفضل الكبير في تهيئة هذا‬ ‫المناخ التجاري الذى ارتبط به العرب منذ العصور التي سبقت الإسلام واستمر في التطور‬ ‫والرزدهار في العصر الإسلامي واستفاد منه الأفارقة ‏‪. "١‬‬ ‫= الجواري بلفت في بعض الأحيان حوالى ألف دينار ‪ .‬خاصة إذا كانت الجارية من المغنيات أو ذات جمال‬ ‫وأدب ‪ .‬في الوقت الذى كان يباع فيه العبد بأقل من عشرة دنانير‪.‬‬ ‫المقريزي ‪ .‬اتعاظ الحنفا ‪ .‬ج‪.١‬‏ ص‪.١٠٠‬‏‬ ‫‏(‪ )١‬كان للعرب خبرتهم القديمة في تنظيم القوافل وحركتها عبر الصحراء الطويلة وخلال المراكز التجارية‪.‬‬ ‫وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في بعض آياته الكرية ‪ .‬فقد كان لهاشم بن عبدمناف‪ .‬جد الرسول ‏‪٠‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪ .‬أكبر خبرة في تنظيم القوافل ‪ .‬واستطاع تبار قريش عقد اتفاقيات مع القبائل‬ ‫والقوى المجاورة لهم والتى تمر خلالها قوافل التجارة وقد عرف ذلك باسم الإيلاف ‪.‬‬ ‫‪- ٢٤٢‬‬ ‫‪١‬‬ ‫و‬ ‫جوج‬ ‫‪.‬‬ ‫لامتلاك (‬ ‫ال‬ ‫)‬ ‫‪٢٤٤‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫في السودان الشرقي‪‎‬‬ ‫برغم اتصال مناطق السودان الشرقي المبكر بشبه الجزيرة العربية منذ القدم ‪ .‬إلا أن‬ ‫تحول مناطقها إلى الإسلام استغرق فترات زمنية طويلة ‪ .‬امتدت حتى بداية المصور‬ ‫التاريخية الحديثة ‪ .‬ولا يرجع هذا الأمر إلى إعراض أهلها بقدر ما يرجع إلى تنوع‬ ‫أقاليمها وتباين تضاريسها واختلاف أنحانها وتغير أحوالها بسبب الهجرات المستمرة‬ ‫التى توالت في المرور بأقاليمها ‪.‬‬ ‫وتحدد مراحل انتشار الإسلام في السودان الشرقي في أربعة مراحل وهي ‪:‬‬ ‫الأولي ‪ :‬مرحلة الإشعاعات الإسلامية المبكرة من مصر بعد الفتح الإسلامي لها ‪.‬‬ ‫الثانية ‪ :‬اختراق الهجرات العربية لمناطق السودان ‪ .‬ودور التجار المسلمون‪.‬‬ ‫الثالثة ‪ :‬ظهور الكيانات السياسية في السودان الشرقي وجهودها لنشر الإسلام‬ ‫والثقافة العربية حسب امكانياتها وظروفها‪.‬‬ ‫الرابعة ‪ :‬الغزو المصري زمن المماليك ثم محمد علي ‪.‬‬ ‫لقد شهد السودان هجرات عربية مستمرة في أراضيه منذ عصور ما قبل الإسلام ‪.‬‬ ‫ورغم ذلك ظلت عملية اختراق الجيوش الإسلامية لمناطق السودان في عصر صدر الإسلام‬ ‫أمرأ شاق‪ .‬فبعد أن تمكن عمرو بن العاصي من فتح مصر ووجه أنظاره صوب غربها حينما‬ ‫أرسل حملة إلى برقة ‪ .‬فإنه بالتالي أراد أن يؤمن حدوده من الجنوب فوجه حملة إلى أرض‬ ‫النوبة ("‪ .‬إلا أن تلك الحملة لم تمكن من تحقيق هدفها ‪ .‬وأدرك المسلمون منذ تلك الفترة‬ ‫خطورة تلك المنطقة على حدود مصر من جهة الجنوب ‪ .‬وفي خلافة عثمان بن عفان ‪ .‬عاود‬ ‫‏(‪ )١‬ظهرت مملكتان في أرض النوبة جنوب مصر هما ‪ :‬مملكة الشمال وتتكون من مريس والمقرة وعاصمة‬ ‫تلك المملكة دنقلة ‪ .‬ثم مملكة علوة وتجاورها الحبشة من الجنوب وعاصمتها سويا وكانت تلك الممالك‬ ‫مرتبطة عقائديا وحضاريا بمصر منذ القدم ‪.‬‬ ‫‏‪.١٩١ .١٩٠‬‬ ‫المقريزي ‪ .‬الخطط ‪ .‬ج‪.١‬‏ ص‬ ‫‪ -‬الإدريسي ‪ .‬نزهة المشتاق‪ .‬ص ‏‪. ٣٣٥‬‬ ‫‪_ ٢٤٥‬‬ ‫واليه علي مصر عبدالله بن سعد بن أبى السرح غزو بلاد النوبة من جديد مستفيدا من‬ ‫‏‪٢ ٠‬ه ‪ ٤١ /‬‏م‪. ٦‬‬ ‫حملته السابقة سنة‬ ‫‏‪ ٥‬‏م‪ . ٦‬ووصلت تلك الحملة إلى دنقلة في‬ ‫‪٣١‬ه‪١/‬‬ ‫وكانت تلك المحاولة الجديدة سنة‬ ‫الوسط ("" ‪ .‬ولكنها لم تتمكن من أحراز نصر حاسم على أهل النوبة ‪ .‬وعادت بخسائر‬ ‫منى بها أفرادها حتى أن أهل النوبة سموا رماة الحدق من شدة الدقة في التصويب‬ ‫بالسهام‪ .‬وإصابة العديد من المسلمين في اعينهم ‪.‬‬ ‫انتهى الأمر بين الطرفين الإسلامي والنوبي إلى توقيع معاهدة سميت بمعاهدة‬ ‫البقط"‪ .‬وكانت تلك المعاهدة فاتحة خير لبداية تدفق الإشعاعات الإسلامية الإسلامية‬ ‫البكرة إلى أراضي جديدة وبصورة هادئة منذ أواسط القرن الأول الهجري‪ .‬ذلك أنها‬ ‫احتوت على بنود كانت من كل جهة في صالح الاسلام وثقافته ‪ .‬حيث جاء فيها ‪:‬‬ ‫‏‪ - ١‬أن يحفظ نصارى النوبة من ينزل بلدهم أو ير بطرقهم من المسلمين المعاهدين‬ ‫حتى يخرج عنهم‪ .‬وأن يردوا كل من خرج إليهم من عبيد المسلمين إلى أرض‬ ‫إالى ‏‪ ١‬ن ينصرف‬ ‫لمسلم قصده وجاوره‬ ‫عليه ‪ .‬ولا يتعرضوا‬ ‫ا لإسلام ولا يستولوا‬ ‫‪.‬‬ ‫عنه‬ ‫‏‪ - ٢‬أن يحفظوا المسجد الذي ابتناه المسلمون بمدينتهم ولا يمنعوا مصليأ وعليهم‬ ‫تكرمته ‪( .‬وهو المسجد الذي بناه المسلمون من قبل في دنقلة ‪).‬‬ ‫‏‪ - ٣‬يدفع ملك النوية أملك مقرة الشمالية إلى بيت المال في مصر ثلاثمائة واثنين‬ ‫وستين رأسا من الرقيق من أبناء مملكته كل عام ‪ .‬وإلى والى مصر أربعين‬ ‫رأسا كل عام ‪ .‬وإلى حاكم كورة أسوان عشرين رأسا ‏‪ '"٫‬وإلي مندوب‬ ‫الوالى ومبعوثة خمسة من الرقيق‬ ‫(‪ )١‬عابدين ‪ .‬تاريخ الثقافة العربية في السودان ‪ .‬ص‪ . ٣١ : ‎‬بيروت ‪ .‬سنة‪. ١٩٦١ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬البقط ليست أسم جنس وإنما هي مشتقة من الكلمة اليونانية ‪0‬الاا‪2‬ة أى معاهدة أو اتفاقية‪. ‎‬‬ ‫حيث كانت الثقافة اليونانية منتشرة بين أهل النوبة ومرتبطة بطقوس كنانسها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬لأن حاكم النوبة المسلم هو الذي يتولى عمليات التسليم والتبادل للمواد الأخزى‪. ‎‬‬ ‫‪_ ٢٤٦‬‬ ‫‏‪ - ٤‬يتولى المسلمون امداد النوبة بألف أردب من القمح سنويا ‪ .‬وثلاثمائة إلى‬ ‫السفراء ‪ .‬ويرسل المسلمون كميات من العدس ومن الأقمشة إلى ملك النوبة ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٥‬يتم تنظيم التعاون بين كنيسة النوبة ‪ .‬وبين الكنيسة المصرية الأرثوذكسية في‬ ‫الأسكندرية ‪ .‬وهى الكنيسة الأم‪ .‬التى تشرف على تعيين البطارقة والكهنة‬ ‫في كنانس النوبة ‪ "(.‬للارتباط اللآهوتي بينهما ‪.‬‬ ‫وحملت تلك المعاهدة في بنودها العوامل والوسائل الكفيلة بنشر الإسلام وثقافته في‬ ‫مناطق النوبة والسودان الشرقي ‪ .‬ذلك أن منطقة النوبة كانت هي صمام الأمان ‪ .‬ومدخل‬ ‫السودان الشرقي من جهة مصر التى أصبحت مركزا هاما من مراكز الإسلام وثقافته ‪ .‬لقد‬ ‫فتحت تلك المعاهدة منطقة النوبة ومناطق السودان الشرقي على مصراعيها أمام حركة‬ ‫التجار المسلمين وقوافلهم ‪ .‬في ظل احترام معتقداتهم ومساجدهم ‪ .‬فكثر عدد التجار‬ ‫المسمين المترددين على تلك الجهاد ونشطت حركة التبادل بين الطرفين حتى أصبحت تلك‬ ‫المناطق مسلمة دون أن يشعر حكامها بذلك إلا في النهاية ‪6"(.‬‬ ‫فمن مصر وصوب الجنوب اتجهت القوافل التجارية إلى بلاد السودان الشرقي عبر‬ ‫أسوان وكرسكو إلى صحراء العتمور وإلى أبى حمد ‪.‬وصارت مناطق النوبة شمالها‬ ‫وجنوبها معبرا لمرور تلك القوافل ‪ .‬حيث يتم الإقامة في بلدانها للاستراحة والتزود‬ ‫وللتبادل ‪ .‬ومن كثرة هؤلاء التجار أسس المسلمون مسجدا في دنقلة ‪ .‬الأمر الذي يدل‬ ‫على أن عدد المسلمين أخذ في التزايد في تلك المرحلة المبكرة ("' ‪ .‬وكانت معاهدة البقط‬ ‫قد ضمنت حرية حركة هؤلاء التجار وانتشارهم في بلاد النوبة وأثبتت لهم بذلك حقوق‬ ‫تواجد وإقامة ‪ .‬وتمكن المسلمون بذلك من الإستفادة من موارد النوبة من الذهب ومن‬ ‫الجلود ومن الموارد الزراعية التى تشتهر بها أراضي النوبة الخصبة في الجنوب ‪ "(.‬والتى‬ ‫تقع بين النيلين الأبيض والأزرق ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬انظر ‪ :‬المقريزي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪.١٩١١ : ‎‬‬ ‫‪ -‬ابن خرداذبة ‪ .‬المسالك والممالك ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ١٢‬‬ ‫‪,‬‬ ‫م سا‬ ‫‪, . : .59‬‬ ‫‏(‪(٢‬‬ ‫‏(‪ )٣‬عوض ‪ .‬الشعرب والللالات ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٣١٤‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪٣ ١ 0 :‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١ ٠‬مرجع نفسه‪‎‬‬ ‫عوض‪‎‬‬ ‫) ‪( ٤‬‬ ‫‏‪ ٢٤٧‬س‬ ‫جهة ثانية احتوت معاهدة البقط على نقطة هامة في العلاقات السياسية‬ ‫والدينية ب نين الطرفين حيث أشارت إلى اعتراف ملكالنوبة بسيطرة المسلمين على كنيسة‬ ‫الإسكندرية ويالتالى أصيح هناك نفوذا لهم داخل النوبة بسبب تبعية كنيسة النوبة‬ ‫للإسكندرية من حيثحركة التعيينات والترقيات في السلك ا للآفوتي بها ‪.‬وبذلك تحكم‬ ‫السلمون في إدارة كنائس النوبة بإخضاعهم سلطة كنيسة الإسكندرية (" ‪.‬كما أخضوا‬ ‫النوبة لهم اقتصاديا بالتحكم بتوريد الحبوب من القمح والعدس لهم سنويا ‪.‬مما زاد من‬ ‫نفوذالتجار المسلمين في بلاد النوبة "ا‪.‬‬ ‫ويبدوا أن الكتاب المسلمين ‪ .‬القدامى ‪ .‬لم يدركوا أهمية تلك المعاهدة أو آثار‬ ‫شروط البقط بسبب تأخر ثمارها الطيبة في نشر الإسلام في السودان الشرقي ‪ .‬حيث‬ ‫وصفوها بأنها موادعة النويةً وأنها ليست بجزية ولا خراج (""‪ .‬وهى معاهدة صلح‬ ‫ليتمكن كل طرف من حماية حدوده في ظل حركة التغيرات المتلاحقاةلتى شهدها العالم‬ ‫في القرنين السابع والثامن الميلاديينأبان حركة المد الإسلامي ‪.‬‬ ‫لكن تلك المعاهدة قد جعلت النوية والسودان الشرقي أراضي إسلامية بصورة غير‬ ‫مباشرة (“'‪ .‬فبجانتبحكم المسلمين إداريا وإقتصاديا في بعض جوانب الحياة فايلنوبة ‪.‬‬ ‫فإنه مع مرور الزمن والتزام النوبيين بتسليم الأعداد الكبيرة من أبنائهم سنويااال والى‬ ‫مصر فإن تلك الأعداد كانت تعود بعد فترة إلى أوطانها مشبعة بالثقافة الإسلامية‬ ‫العربية ‪ .‬وأصبحت تلك الأعداد بمثاية عناصر لنشر الإسلام وحضارته ‪ .‬ذلك لأنها كانت‬ ‫تعمل بعد وصولها وسط محيط إسلامي كبير فعادت مرتبطة بعقيدته وتعمل على نشرها‬ ‫في أوطانها ‪ .‬حتى أن أهل النوية فيما بعد كانوا يتسابقون في تسليم أبنائهم ضمن‬ ‫أعدا د كل عام ليضمنوا لهم مستويات حضارية متقدمة ‪.‬‬ ‫وأصبحت بعض الجماعات العربية التى بدأت في الاستقرار في مصر ‪ .‬في التوجه‬ ‫جنوبا صوب أ رض النوبة والسودان الشرقي ‪ .‬بسبب ضغوط سياسية واقتصادية ‪ .‬فيما‬ ‫(‪ )١‬حسن محمود ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٢٨٣ : ‎‬‬ ‫(‪ )!٢‬حسن محمود ‪ .‬المرجع نفسه‪. ٣١٥ . ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬ابن خرداذبة ‪ .‬المصدر السابق‪‎ . ‎‬ص‪.١٢‬‬ ‫‪.٢٨٤‬‬ ‫(‪ )٤‬حسن محمود ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪٢٤٨‬‬ ‫بعد‪ .‬حيث فقدت بعض تلك القبائل امتيازاتها السياسية والعسكرية فاتجه بعضها‬ ‫للانتشار فى الريف المصري أو إلى بلاد السودان الشرقي ‪ .‬كما أن سكان مصر بدأوا في‬ ‫التحول إلى الإسلام ولفته حتى أن اللغة العربية اقتحمت أسوار الكنائنس لتتلى بها‬ ‫صلواتهاوطقوسها وشعائرها‪.'( .‬‬ ‫وقامت الكنيسة المصرية ‪ .‬دون أن تدرك ذلك ‪ .‬بدور كبير في تقوية الوجود‬ ‫ا لإسلامي في النوبة ‪ .‬حينما قام رجالها بتلطيف العلاقات بين ا لطرفين النوبي والإسلامي‬ ‫التوتر واعادة‬ ‫تتتوسط لإزالة اسباب‬ ‫ما كانت‬ ‫التوتر بين الجانبين ‏‪ ٠‬وكثيرا‬ ‫‏‪ ٠‬أ ثناء فترات‬ ‫‏‪ ٠‬في االوقت ا لذي سيطر فيه ولاة مصر على بطريرك‬ ‫‏‪ ١‬لأمن وا لاإستقرا ر بين أ لجاز نبين‬ ‫الكنيسة المصرية وسيطروا على ا سة الكنيسة الخارجية ("'‪.‬‬ ‫ومهما يكن من مزايا شروط معاهدة البقط في انسياب إشعاعات ا لإسلام مبكرة‪.‬‬ ‫! لا أ نها أعطت مزايا هامةللتجار المسلمين بأراضي النوبة حيثجعلت مسئولية أ منهم في‬ ‫‏‪ ١‬لنوبة على عا تقى ملكها وضمنت حفظ أ موا لهم وسلامة بضا عتهم أ ثناء مرورهم فى أ را ضي‬ ‫النوبة ‪ :‬كما ضمنت للمسلمين حرية في إقامةشعائرهم الإسلامية داخل أ راضي النوبة‬ ‫‏‪'٢".‬‬ ‫وكان بناء مسجد دنقلة دليلا على ذلك مند البداية‬ ‫من هنا فقد بدأت القوافل التجارية الإسلامية ‪ .‬خاصة من مصر ‪ .‬في التحرك‬ ‫بأمان وثقة بين مناطق النوبة ‪ .‬حتى أنها بلفت من الكثرة والتنوع إلى أنها أدت إلى‬ ‫شهرة ة بلاد النوبة وسلعها في مصر وا لشام وا لعراقى وا مغرب ‪ .‬وأصبحت كميات ذ هب مصر‬ ‫ا‪ .‬الأمر الذي يؤكد أهمية النوبة في‬ ‫وعاجها ورقيقها مرتبطة بخطوط التجارة ماعلنوبة‬ ‫اقتصاد العالم الإسلامي في مرحلة صدر الإلاه ‪.‬كما ترددت جماعات من تجار النوبة‬ ‫على أسواق مصر والعالم الإسلامي ‪ .‬وعاد هؤلاء حاملين صور جديدة عن حضارة الإسلام‪.‬‬ ‫كما حملت قوافل التجارة مع النوبة سلعة هامة ‪ .‬كانت بمثابة عامل سريع المفعول‬ ‫‏(‪ )١‬مؤنس ‪ .‬الإسلام الفاتح ‪ .‬ص ‏‪.٢٢/٢١‬‬ ‫‏‪.١٩‬‬ ‫‪٠‬ا‏ مرجع اللا بق‪ .‬ص‬ ‫‏)آ‪ (٢‬مسعد‬ ‫‏‪.١٤٨١‬‬ ‫)( مسعد‪ .‬ا لمرجع السا بق ‪ .‬ص‬ ‫‏‪.١١‬‬ ‫‪.‬ا مرجع نفسه ‏‪ ٠6‬ص‬ ‫‏(‪ )٤‬مسعد‬ ‫‪_ ٢٤٩‬‬ ‫لتحول أهل النوية وبلاد السودان الشرقي إلى الإسلام ‪ .‬وهي سلعة الرقيق ‪ .‬حيث كان‬ ‫خط القوافل عبر النوبة من خطول تجارة الرقيق ‪ .‬وكان يمون بصورة أساسية طلبات وأسواق‬ ‫الرقيق في مصر ‪ .‬في ظل الإزدهار الاقتصادي الذي عم مصر والعالم الإسلامي بصورة‬ ‫كبيرة منذ القرنين الثالث والرابع الهجريين ‪ .‬وما ترتب على ذلك من زيادة الطلب على‬ ‫أعداد جديدة من الرقيق ‪ .‬فزادت أعداد هؤلاء الرقيق في بيوتات المسلمين وفي مجالات‬ ‫الحياة الاقتصادية الأخرى ‪.‬‬ ‫زادت من أهمية الطلب على الرقيق السوداني إلى مصر عبر النوبة ‪ .‬التطورات‬ ‫السياسية التى حدثت في مصر في العصر العباسي ‪ .‬حيث أصبح ولاة بنى العباسى لا‬ ‫يركنون غالبا إلى القبائل العربية بسبب طموحاتها السياسية ‪ .‬وإتجهت الإدارات المصرية‬ ‫إلى جلب أعداد كبيرة من هؤلاء الرقيق للاعتماد عليهم كقوة عسكرية اا"‪ .‬خاصة زمن‬ ‫الطولونيين وزمن الإخشيد ‪ .‬بعد أن ثبت لدى هؤلاء صعوية الأعتماد على القبائل العربية‬ ‫لدورها في عمليات التمرد والفتن ‪ .‬وزاد إقبال أهل النوبة على تزويد قوافل التجارة بتلك‬ ‫الأعداد من أجل الاستفادة بمزايا الإزدهار الاقتصادي الإسلامي في مصر(‪'٢‬‏‬ ‫وتطور هذا الأمر لتزايد الطلب على رقيق النوية زمن الفاطميين في مصرا حيث‬ ‫زادت أعداد النوبيين والسودان العاملين في الجيوش الفاطمية في القرن الخامس الهجري ‏‪١‬‬ ‫بجانب القبائل البربرية التى شكلت دعامة جيوشهم منذ البداية ‪ .‬وكان لجند النوبة‬ ‫والسودان دور كبير في حفظ الأمن والاستقرار في مصر ومناطق النفوذ الفاطمي ‪ 0‬وبرز‬ ‫منهم قيادات هامة في مصر وإدارتها ‪.‬‬ ‫وأصبحت القاهرة وأحيائها تعج بأعداد كبيرة من أهالي النوبة ومناطق السودان‬ ‫الشرقي‪ .‬وكانت تلك الأعداد تتزايد أمام انحسار وجود القبائل العربية على الساحة‬ ‫السياسية في مصر وتحرك القبائل العربية خارج القاهرة ومدن مصر الكبرى والبحث عن‬ ‫مناطق أخرى للعيش ‪ .‬حتي انتهى الأمر باسقاط العرب من العطاء ‪ .‬وظلت الدول التى‬ ‫حكمت مصر تكثر من هؤلاء الرقيق والجند لإقصاء العرب عن مجريات الأمور في القاهرة‬ ‫‏‪.٢٨٧‬‬ ‫ب‪ .‬ص‬ ‫‪ .‬المرجع السابق‬ ‫محمرد‬ ‫‏) ‪ (١‬حسن‬ ‫)!( حسن محمود ‪ .‬المرجع السابق ‪.‬‬ ‫وفي الاتجاه المضاد حدثت هجرات عربية معاكسة لطرق حمل الرقيق النوبي من‬ ‫السودان ‪ .‬حيث ظلت بعض القبائل العربية في التحرك جنوبا للبحث عن أوطان جديدة ‏‪٠‬‬ ‫ووصلت إلى منطقة وادى حلفا ‪ .‬على الحدود الشمالية للنوبة ‪ .‬وكان هذا الإقليم يعتبر‬ ‫جزء من مملكة دنقلة النوبية ("‪ .‬وبمرور الزمن انسلخ هذا الجزء عن جسم النوبة وأصبحت‬ ‫القبائل العربية تهمين على اموره وامتد نفوذ القبائل العربية لتشمل منطقة إمارة‬ ‫"ريس!" ‪ .‬وأصبحت الكلمة العليا في شمال النوبة للقبائل العربية التى أخذت تتجول‬ ‫في شمال السودان وصحراء العتمور ‪'"(.‬‬ ‫جاء خطر آخر من جهة الشرق لممالك النوبة ‪ .‬حيث أخذت قبائل البجة التى تسيطر‬ ‫على مواطن واسعة تمتد من أرتيريا في الجنوب وحتى جنوب مصر على طول السواحل‬ ‫الغربية للبحر الأحمر ‪ .‬أخذت تلك القبائل في التحول إلى الإسلام واللغة العربية بحكم‬ ‫علاقاتها التاريخية القديمة مع سواحل شبه الجزيرة العربية ‪ .‬ويدأت التأثيرات العريية تبدو‬ ‫بينهم منذ القرن الثاني الهجري ‪/‬التاسع الميلادي ‪ .‬وظهر ذلك من‪.‬اسم عظيمهمً كنون ابن‬ ‫عبدالعزيز » الذي فاوض والي مصر العباسي عبدالله بن الجهم زمن الخليفة العباسي‬ ‫المأمون ا ‪ .‬ولكن ظلت المصادر تشير إليهم بحذر بسبب مناونتهم للسلطة المركزية في‬ ‫مصر منذ البداية ‪ .‬كعادة قبائل البدو الذين يرفضون في الغالب الخضوع للسلطات‬ ‫المركزية الأجنبية عنهم ‪.‬‬ ‫وكانت معاهدة البجة مع والى مصر العباسي تشبه في شروطها ومرماها معاهدة‬ ‫البقط بين النوبة ويين والى مصر للخليفة عثمان بن عفان ‪ .‬حيث نصت تلك المعاهدة على‬ ‫شروط مشابهة لمعاهدة البقط السابقة منها ‪:‬‬ ‫‪ - ١‬إلزام زعماء البجة على حماية المساجد الإسلامية التي بنيت في مناطقهم‪٠ ‎‬‬ ‫وعدم التعرض للمسلمين في بلدانهم ‪ .‬وكان عددهم في تلك الفترة كبيرا‪. ‎‬‬ ‫(‪ )١‬عوض ‪ .‬الشعرب والسلالات ‪ .‬ص‪.٣١٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬كلمة قبطية معناها الجنوب‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬صحراء في شرق مملكة دنقلة تباه البحر الأحمر‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬المقريزي ‪ .‬الخطط ‪ .‬ج‪ .١‬ص‪. ٣١٣ ‎‬‬ ‫‪٢٥١‬‬ ‫‏‪ - ٢‬يسهل عظيم البجة دخول عمال أمير المؤمنين إلى بلاده مجمع الصدقات لمن‬ ‫أسلم من قومه ويقية المسلمين ‪ .‬ويبدو أن عددهم كان كبيرا بدليل حرص‬ ‫الطرف الإسلامي على تفصيل هذا البند لما له من أهمية في زيادة موارد بيت‬ ‫المال عند المسلمين ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬يضمن عظيم النوبة أ من وحرية العابرين ه إأراضيهم من المسلمين ‪ .‬أو‬ ‫اللقيميين في مناطقة ‪.‬أ‪'١‬منهم‏ وخاصة جماعات التجار ‪.‬‬ ‫وقد قام بترجمة المعاهدة إلى لغة البجة ("" رجلان من سكان الحجاز هما ‪ :‬زكريا ابن‬ ‫صالح المخرومي من سكان جدة ‪ .‬وعبدالله اسماعيل القرسي ‪ .‬الأمر الذي يشير إلى‬ ‫العلاقات القديمة بين الطرفين منذ عصور ما قبل الإسلام‪ .‬وإلى تواجد تأثيرات ثقافية بين‬ ‫الطرفين ‪.‬وقد أدت تلك المعاهدة إلى تحول جماعي إلى الرسلام بين جماعات البجة رغم‬ ‫ارتباطهم بعاداتهمونظمهم القديمة بعد ذلك لفترات طويلة ("" ‪.‬كما أنالبجة باعتبادهم‬ ‫الحد الشرقي للنوية أصبحوا عاملا لتسهيل انهيار ممالك النوبة المسيحية والتحول بين‬ ‫مناطق السودان الشرقي إلى الإسلام ‪ .‬حيث أن البجة كانوا دائمي الحركة والتجول في‬ ‫مجالهم باستمرار حسب طبيعتهم ‪.‬‬ ‫ويبدو أن الأمر الذي دفع العباسيين إلى الإهتمام بمنطقة البجة والنوبة ‪ .‬هو وجون‬ ‫قبائل عربية ذات نفوذ في تلك الجهات بالإضافة إلى أن تلك المناطق أصبحت ملجا‬ ‫لهروب الكثير من المناوئين للعباسيين بما فيهم أفراد من البيت الأموى منهم آاللغمربن‬ ‫يزيد بن عبدالملك بن مروان الذي هرب إلى جبال الفونج وأسسوا أسرة حكمت المنطقة فيما‬ ‫بعد (" كما هرب إلى تلك المناطق عبدالله بن مروان بن محمد آخر رجال بني أمية('‪ .‬مما‬ ‫ثار‪.‬مخاوف عباسية من نجاح في المستقبل للنفوذ الأموي في أرض البجة والسودان‬ ‫نفسه‬ ‫‏) ‪ ( ١‬المقريزي ‪ .‬المصدر‬ ‫التبداويُ أو بداويت وتحترى على مفردات عديدة من العربية‪. ‎‬‬ ‫البجة لغة حامية تسمى‬ ‫(‪ )٢‬يتحدث‬ ‫(‪ )٣٢‬عوض ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٣١٦ ‎‬‬ ‫‪١‎ ٩١٥٨‬م‪.‬‬ ‫‪ .‬سنة‪‎‬‬ ‫‪ .٩‬القاهرة‬ ‫في العالم‪ ٠ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬المسلمون‬ ‫(‪ ( ٤‬عبدالرحمن زكي‪‎‬‬ ‫(‪ )٥‬عابدين ‪ .‬المرجع السابق ‪.‬ص‪. ٢٣ : ‎‬‬ ‫_‬ ‫‪٢٥٢‬‬ ‫س‪‎‬‬ ‫الشرقي خاصة وأن تلك الجهات تملك أمكانيات وموارد اقتصادية هامة للعالم الإسلامي ‪.‬‬ ‫دفعت تلك الشكوك الإدارة العباسية في مصر إلى دفع جيش قوي بقيادة الوالى‬ ‫عبدالله بن الجهم ضد قبائل البجة ولتأمين تلك الجهات وضمان تبعيتها للعباسين ‪ .‬كما‬ ‫أصبحت العلاقات المصرية النوبية في تلك المرحلة العباسية في غاية التوتر بسبب تلك‬ ‫الشكوك والمخاوف العباسية ‪ .‬ولكنها كانت ذات أثر حسن لانتشار الإسلام وزيادة‬ ‫التفاعل بين المسلمين وأهالى تلك المناطق ‏‪'١(.‬‬ ‫تدهورت العلاقات بين بعض القبائل العربية وولاة العباسيين في مصر ‪ .‬فاضطرت‬ ‫إلى اللحاق بغيرها إلى أراضي جنوب مصر والنوبة ‪ .‬وتعمقت بعضها في المناطق النوبية‬ ‫حتى تمكنت قبائل عرب ربيعة ‪ .‬فيما بعد ‪ .‬من تأسيس إمارة عربية بزعامة أبي مروان‬ ‫بشر بن إسحق ‪ .‬وامتدت تلك الإمارة إلى الجنوب من إمارة مريس ‪ .‬داخل بلاد النوبة"'‪.‬‬ ‫وقد اعترفت بتلك الإمارة الخلافة الفاطمية فيما بعد ‪ .‬حتى أن الفاطميين اعتمدوا عليها‬ ‫في بعض المهام في تلك النواحي لتأمين مصر من الجنوب وضمان طرق القوافل ‪ .‬ومنح‬ ‫الخليفة الفاطمى الحاكم بأمر الله‪ .‬أحد زعمائها وهو أبو المكارم هبة الله لقب كنز الدولة“‬ ‫("انظير القبض على أحد المتمردين عليه ‪ .‬وعرف بنو ربيعة فيما بعد باسم ينو كنز‬ ‫وأصبحت منطقة النوبة ومناطق السودان الشرقي أشبه باسفنجة تمتص الهجرات‬ ‫العربية ‪ .‬خاصة الوافدة إليها من مصر ‪ .‬كما أصبحت للقبائل العربية بها تأثير واضح في‬ ‫مجرى الأحداث السياسية والعسكرية في القاهرة ‪ .‬ذلك أن تلك القبائل أصبحت لها‬ ‫أهميتها في ضمام أمن الدول التى تحكم مصر من جهة الجنوب ‪ .‬كما تورطت بعضها في‬ ‫الأحداث السياسية في القاهرة ‪ .‬حيث حاول بنوكنز الإطاحة بالأيوبيين وإعادة الأمير‬ ‫الفاطمي داؤد بن العاضد كخليفة من جديد ‪ .‬لكن تلك المحاولة فشلت وتمكن صلاح الدين‬ ‫الأيوبي من الأطاحة بها سنة ‪١١٧٦‬م‪.‬‏ وانتهت بقتل زعيم المحاولة وآلاف من رجال‬ ‫قبيلته من بني كنز بأرض النوبة ‪ .‬مما اضطر تلك القبيلة إلى تلك القبيلة إى مد اوطانها‬ ‫‪.٠ ١‬‬ ‫‪١‬‬ ‫‪١ / ١ ١‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ ١‬لصحرا‪‎‬‬ ‫في‪ ١ ‎‬فريقية جنوب‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬تا ريخ‪ ١ ‎‬لإسلام‬ ‫نوري‪‎‬‬ ‫) ‪( ١‬‬ ‫(‪ )٢‬المقريزي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪. ١٩١٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬المقريزي ‪ .‬المصدر نفسه‪. ‎‬‬ ‫_‬ ‫‪٢٥٢٣‬‬ ‫من جديد صوب الجنوب ‪ "(.‬والتوغل في أراضي السودان الشرفي ‪.‬‬ ‫عادت العمليات العسكرية من جديد بين المسلمين بين ممالك النوبة اللسيحيةخي‬ ‫العصر الأيوبي‪ .‬ذلك أن الصراع بين الأيوبيين والصليبيين ("" ‪ .‬بلغ أشده منذ البداية ‪.‬‬ ‫وأصبحت مصر أهم مركز لمواجهة الخطر الصليبي في المنطقة بعد استيلاء الصلبيين على‬ ‫إمارات الرها وأنطاكية وطرابلس وبيت المقدس ‪ .‬فعبأت مصر والبلاد الإسلامية المجاورة‬ ‫للخطر كل قواها وإمكانياتها واشترك في ذلك المسلمون والنصاري ‪ .‬لكن ملوك النوبة‬ ‫أظهروا روح التشفي من المسلمين فانغمسوا في محاولات للتعاون مع القوى الصليبية‬ ‫وتحبلى ذلك في أمرين واضحين هما ‪:‬‬ ‫‪ :‬القيام بسلسلة من الهجمات على جنوب مصر ‪ .‬في وقت انشغالها وتوجيه‬ ‫الأول‬ ‫جيوشها على جبهة الصليبيين في الشمال ‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬التعرض لقواقل التجارة الإسلامية التى نشطت عبر أراضي النوبة‬ ‫والسودان وصحراء العتمور ‪ .‬والتى ترتبط بميناء عيذاب الواقع على البحر‬ ‫الأحمر ("" ‪:‬وذلك لتفادي أعمال الصلبيين في شمال البحر الأحمر ‪ .‬خاصة‬ ‫زمن حاكم حصن الكرك أرناط ‪ .‬الذي هدد الملاحة في خليج العقبة وشمال‬ ‫البحر الأحمر ‪.‬‬ ‫الأمر الذي دفع الأيوبيين إلى إرسال حملات قوية ضد النوبة ‪ .‬إلا أن تلك الحملات‬ ‫لم تتمكن من ضم مناطق بلاد النوية إلى دائرة النفوذ الأيوبي ‪ .‬لانشغال الأيوبيين بالحرب‬ ‫المستمرة مع الصليبيين في الشام وعلى الأراضي المصرية‪.‬‬ ‫() المقريزي‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص ‏‪ ١٩٩‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬بدأت الحملات الصلبية بعد مؤتمر كليرمونت بفرنسا‪ .‬حيث دعا البابا أوربان الثاني إلى تسيير‬ ‫حملات صلبية من الفرب بحجة حماية المسلمين في الشرق وتخليص بيت المقدس ‪ .‬وقد بدأت تلك الحملات‬ ‫منذ ‪١٠٩٥‬م‏ واستمرت حوالى قرنين من الزمان لينتهي الوجود الصليبى بالشرق سنة ‪١٢٩٢‬م‏ على يد‬ ‫المماليك ‪ .‬وقد واجه هذا الخطر الفاطميون ثم الأيوبيون ثم المماليك وكان الصليبيون قد تمكنوا من‬ ‫تكوين أريع إمارات صلبية في الشرق هي الرها وأنطاكية وطرابلس وبيت المقدس ‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬حسن محمود ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٩٢ ‎‬‬ ‫_‬ ‫‪٢٥٤‬‬ ‫جاء المماليك ‏(‪ )١٥١٧١-١٢٥٠‬ليضعوا نقطة تحول في الوجود الإسلامي في النوبة‬ ‫والسودان الشرقي وفي تاريخ وادي النيل الذي تحول بشكل رسمي إلى الإسلام لأول مرة‬ ‫في تاريخه ‪ .‬فقد بدأت الإدارة المملوكية في تحريك أعداد كبيرة من قواتها صوب تلاد‬ ‫النوبة ‏‪ . "١‬وكانت تلك الحملات تضم آلاف المقاتلين من القبائل العربية ‪ .‬منهم أبناء‬ ‫القبائل العربية في الجنوب والتى كان لها خبرة في ارض النوية وبلاد البجة والسودان‬ ‫الشرقي منذ بداية العصور الإسلامية ‪.‬‬ ‫ففي سنة ‪١٢٧٦‬م‏ أرسل الظاهر ببيرس حملة قوية تمكنت من التوغل جنويا في‬ ‫أراضي النوية لأول مرة منذ صدر الإسلام‪ .‬وأجبرت تلك الحملة ملك النوية على الهرب ‪.‬‬ ‫وانتهت إلى عقد معاهدة بين الطرفين ""‪ .‬حصل فيها المسلمون على مكاسب جديدة‬ ‫بأرض النوبة والسودان ‪ .‬وفتحت مجالات جديدة للقبائل العربية التى حرص المماليك على‬ ‫إبعاد نفوذها من مصر منذ البداية ""‪ .‬وفى سنة ‪١٢٨٨‬م‏ تحرك جيش مملوكي قوى زمن‬ ‫السلطان المنصور قلاوون ‪ .‬وانضمت إليه أعداد كبيرة من قبائل أبي بكر ويني عمر وبني‬ ‫شريف وبنى شيبان وبني كنز ويني هلال ("" وتوغلت تلك الحملة داخل أراضي جديدة من‬ ‫النوبة والسودان الشرقي ‪ .‬وفي السنة التالية خرجت جموع عربية من صعيد مصر يمحة‬ ‫وجهها صوب بلاد النوبة لتستقر بها ‪ .‬وتتخذها مقر ومقاما ‪.‬‬ ‫وانتهى الأمر بسقوط مملكة النوبة أمام المماليك وانساح العرب في أراضي النوبة‬ ‫وأقاليم السودان الشرقي ا‪ .‬ويدأت صورة جديدة في الظهور على أرض النوية والسودان‬ ‫تنبع العالم الإسلامي ‪ .‬وهي بداية ظهور ممالك إسلامية على أرض النوية والسودان “'‬ ‫وكانت تلك الإمارات والمشيخات والممالك الإسلامية منسجمة مع النسيج السوداني رغم‬ ‫(‪ )١‬نوري ‪ .‬تاريخ الإسلام في إفريقية ‪ .‬ص‪.١١١ ‎‬‬ ‫‪ ٣٢٥‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬المقريزي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ج‪ .١‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬نوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١١١ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬لاحظ التقسيمات القبلية في السودان تختلف في مسمياتها عن التسميات الواردة في الأنساني‬ ‫العربية ‪ .‬راجع الفصل الأول ‪.‬‬ ‫(‪ )٥‬عابدين ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٣١ ‎‬‬ ‫(‪ )٦‬يوسف فضل ‪ .‬مقدمة في تاريخ المملك الإسلامية في السودان ‪ .‬ص‪ .٢١٣ ‎‬السودان‪ .‬سنة‪.١٩٧٢ ‎‬‬ ‫ارتباطاتها القبلية ‪ .‬ولذلك كانت عاملا كبيرا في تحول سكان السودان الشرقي إلى‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫شاملة‬ ‫وثقافته بصورة‬ ‫الإسلام‬ ‫ورغم ما يذكر من محاولة توظيف طاقات القبائل العربية المناوئة للأبوبيين‬ ‫وللمماليك في غزو النوبية والتوغل في السودان لتفريغ طاقاتها القتالية بعيدا عن‬ ‫أطماعها في مصر ‪ .‬إلا أن المماليك نجحوا لأول مرة في ضم جزع جديد إلى العالم‬ ‫الإسلامي ‪ .‬ففرضت الجزية على من بقى على دينه من أهالى النوبة ‪ .‬وأنشأ المماليك‬ ‫ديوان خاصا لديهم لمراجعة متعلقات النوية المالية ‪ .‬وأصبح ملك النوبة صاحب النوبة من‬ ‫رعايا مصر والعالم الإسلامي ويخطب في جميع بلاده بأسم الخليفة المسلم وحاكم مصر ‪.‬‬ ‫كما عين نائبا لسلطان مصر المملوكى في مدينة دنقلة النوبية ("‪ .‬وبدأت القبائل العربية‬ ‫في الإستقرار في ربوع البلاد بصورة آمنة دون أن تشعر بخطر يتهددها ("'‬ ‫وصلت القبائل العربية جنوياًأ على حدود علوة النوبية الجنوبية واقتربت من سوبا ‏‪٠‬‬ ‫عاصمتها ‪ .‬على النيل الأزرق ‪ .‬وهى مدينة مزدهرة تفوح منها الرياحين والبساتين وكانت‬ ‫قد احتلت اهمية كبرى في نظر القبائل العريية لإمكانياتها الزراعية والرعوية ‪ .‬وكذلك‬ ‫لأهميتها في انتاج الذهب والجلود كما بدأت بعض العناصر النوبية الهاربة من العرب‬ ‫والمسلمين في الشمال في التوجه داخل مملكة علوة ‪ .‬واعتصم بعضها في جبال النوبة "'‬ ‫في الوقت نفسه فتحت مملكة علوة أبوابها منذ فترات سابقة أمام قوافل التجارة‬ ‫العربية لحمل مواردها واستيراد ما يلزمها من الخيول العربية ‪ .‬التى أعتمد على‬ ‫استيرادها من الخارج على التجار العرب ‪ .‬حتى أن تلك الخيول وصلت لأول مرة إلى تلك‬ ‫المناطق ‪ .‬وأصبحت لها مكانة هامة في حياة النوبيين ‪ .‬وذلك منذ القرن الثاني‬ ‫الهجري(‪ .‬وأصبح التواجد التجاري العربي يحتل أهمية في مملكة علوة ‪ .‬حتى أن هؤلاء‬ ‫(‪ )١‬المقريزي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ج‪ .١‬ص‪. ٣٢٦ ‎‬‬ ‫(!)حسن محمود ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪.٢٩٨٤‬‬ ‫‏(‪ )٣٢‬مازالت جماعات نوبية قديمة تعيش في جبال النوبا ‪ .‬وترتبط ‪ .‬بثقافتها القدية وغطها القديم‬ ‫وديانتها المسيحية المتوارثة ‪.‬‬ ‫‪ -‬الجوهري ‪ .‬يسري ‪ .‬افريقية الإسلامية ‪ .‬ص ‏‪.١٨٧‬‬ ‫‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬عوض ي المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٣١٧ ‎‬‬ ‫التجار المسلمين أقاموا لأنفسهم رباطا أشبه ببستعمرة إسلامية ينزلون فيه في عذوهم‬ ‫‪ .‬وأصبحوا صورة حسنة‬ ‫ورواحهم ويؤدون فيه فرائض دينهم وسط بيئة غريبة عنهم‬ ‫للإسلام وحضارته وثقافته في مملكة علوة وأقاليمها ‪.‬‬ ‫وتحت ضغط القبائل العربية على حدود مملكة علوة خاصة قبيلة جهينة التى ظهرت‬ ‫على الساحة السياسية ‪ .‬وهى إحدى قبائل قضاعة‪ .‬حيث تمكنت من بسط سلطانها على‬ ‫مناطق واسعة في جنوب مصر والنوبة وشرق السودان وغربه ‪ .‬وأصبحت أهم رموز العرب‬ ‫والمسلمين في السودان الشرقي على الاطلاق لفترة طويلة ‪ .‬وخاصة العرب القحطانية ‪.‬‬ ‫في مقابل الجماعات العدنانية التى تكتلت في التحالف الجعلي في السودان ‪.‬‬ ‫كان انتشار قبائل جهنية في أقاليم السودان الشرقي يتمحور في محورين هما ‪:‬‬ ‫الحور الشرقي ‪ :‬ويضم إقليم البطانة في السودان بين عطبرة والنيل الأزرق ورقليم‬ ‫الجزيرة ‪ .‬بالإضافة إلى أوطانها الممتدة إلى الشرق نحو البحر الأحمر ومع‬ ‫مواطن قبائل البجة ‪ .‬ويبدو أن تلك المجموعات قد وفدت من مصر ومن‬ ‫ا بلحربحر الأحمر الاحمر ‏‪'"٢١.‬‬ ‫‏(‪ )١‬الرباط ‪ :‬لفة مصدر رابط يرابط بمعني أقام ولازم المكان ‪ .‬وهو من السبل التى أت إلى انتشار‬ ‫الإسلام في بلاد السودان ‪ .‬وللرباط أهمية عند جماعات الصوفية والفقهاء وعند طلاب العلم‬ ‫والحجاج خاصة في بلاد السودان والصحراء الشاقة ‪ .‬بسبب صعوبة السفر وطول الرحلة في تلك‬ ‫الأماكن ‪.‬وقد عرفت بلاد المغرب الربط منذ الفتح الإسلامي بسبب تعرض سواحلها لغارات الأسطول‬ ‫البيزنطي ‪ .‬ثم تطورت الربط إلى مراكز للعلماء والفقها ء وللدعوة الإسلامية ‪.‬‬ ‫وظهرت أهمية الربط من تاريخ بلاد السودان الغربي في نجاح عبدالله بن ياسين من تأسيس‬ ‫رباط ني منطقة التكرور في القرن الخامس الهجري ‪/‬الحادى عشر م‪ .‬تمكن به من نشر الإسلام في‬ ‫تلك الأرجاء وترسيخه في مناطق جديدة ‪ .‬حتى أطلق على دولتهم اسم دولة المرابطين والتي لعبت‬ ‫دورأ هامأ في الدفاع عن الإسلام ونشره ‪.‬‬ ‫استمر تأسيس الربط في بلاد السودان لتأمين طلاب العلم ورحلاتهم وكذلك الحجاج المسلمين عبر‬ ‫تلك الطرق الطويلة ‪ .‬كما أصبحت مركزأ للتجار المسلمين أثناء إقامتهم في بيئات بعيدة عن أوطانهم‬ ‫أنظر ‪ :‬محمد الهيلة ‪ .‬الزاوية وأثرها في المجتمع ‪ .‬المجلة التونسية للعلوم الإجتماعية ‪ .‬العدد (‪ .‬‏‪)٤‬‬ ‫‏‪. ٣٢٢‬‬ ‫‏(‪ )٢‬عوض ‪ .‬الدلالات ‪ .‬ص‬ ‫المحور الغربي ‪ :‬وهي مجموعات جهنية التي يث وجهتها صوب السودان من جهة‬ ‫صحراء مصر الغربية عبر درب ا لأربعين ‏(‪ . '١‬وانتشر ت في مناطق أ م‬ ‫درمان وكروفان ودارفور ‪.‬‬ ‫ومن التوزيع الجغرافي لانتشار قبائل جهنية في السودان ‪ .‬فإننا لا نوافق الأستاذ‬ ‫الدكتور ‪/‬حسن محمود فيما ذهب إليه من القول بأن هجرات جهنية بدأت من شمال النوبة‬ ‫وتوغلت صوب الجنوب من أجل البحث عن مراعي جديدة لها!"'‪ .‬ذلك أن الجماعات‬ ‫أراضي النوبة بعد الانتصارات التى حققتها‬ ‫العربية بدأت في التوجه بكثافة نحو‬ ‫الجماعات العربية السابقةمثل بني كنز ‪.‬وقبيل تلك الفترة كانت عربية قد عبرت البحر‬ ‫الأحمر ونزلت على سواحل البحر الحمر الغربية ونزلت مواطن البجة واختطلت بهم منذ‬ ‫القرن الحادي عشر الميلادي‪ .‬وكان لهم دور في تحول المزيد من أهل البجة إلى الإسلام‪.‬‬ ‫بدأت تلك القبائل تستغل عمليات انهيار ممالكالنوبية للتوجه صوب الغرب للاستقرار في‬ ‫ضي النيل ("'‪ .‬في نفس الوقت الذي بدأت فيه جهنيةتظهر بقوة على مسرح الأحداث‬ ‫ف و الشوا الشرقي من جل إبراز كيان جديد لها وسط حطام ممالك متهالكة ‪.‬حتى أن‬ ‫ملكعلوة أضطر إلى مصاهرة زعماء جهنية لحمايته من غزوات جماعات الزعاوة القادمين‬ ‫من الغرب ‪ .‬بعد أن أحس بقوة وترابط قبائل جهنية (ف'‪.‬‬ ‫جاءت مرحلة الانهيار النهائي لمملكة النوبة الجنوبي في سوبا ‪ .‬مع بداية القرن‬ ‫السادس عشر الميلادي‪ .‬حينما تحالف العرب في مملكة علوة وفي وسط السوان مع‬ ‫جماعات افونج القادمين من الجنوب وتمكنوا من دخول العاصمة سويا! '‪ .‬بعد أن جلس‬ ‫العرب على عرش مملكة مقرة في القرن الرابع عشر الميلادي من قبل ‪ .‬وبذلك أصبحت بلاد‬ ‫السودان الشرقي تحت النفوذ العرب ويدأت مرحلة جديدة في تاريخ وادي النيل الجنوبي‬ ‫من الإنصهار بين العرب والسكان الأصليين ‪ .‬رغم استمرار العصبية القبلية التى حضلها‬ ‫العرب معهم ‪ .‬وما ترتب عليها من طهور صور من الصراعات حول مواطن الرعي ومناطق‬ ‫(‪ )١‬الجوهري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٩٨ ‎‬‬ ‫‪.٢٩٥‬‬ ‫(‪ )٢‬الإسلام والثقافة العربية في إفريقية ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الشاطر بصيلي ‪.‬معالم تاريخ سودان وادي النيل ‪ .‬ص‪ ٢٢ ‎‬وما بعدها‪. ‎‬‬ ‫‪.٣١٨‬‬ ‫(‪ )٤‬عوض ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٤٢٦‬‬ ‫(‪ )٥‬ابن خلدون ‪ .‬تاريخ ‪ .‬جه ‪.‬ص‪‎‬‬ ‫النفوذ‪ .‬وهي صور من الصور السلبية في الحياة العربية ‪.‬‬ ‫ورغم الدور الذي قامت به الدول العربية الإسلامية في السودان ‪ .‬إلا أن الصورة‬ ‫العامة التى طبعت الإسلام وثقافته في السودان الشرقي اتخذت طابعا سلميا خالصا حيث‬ ‫قام العلماء والدعاة واتباع الطرق الصوفية بدورهم الهام والبارز في نشر الإسلام بين‬ ‫القبائل الوثنية وسط ظروف صعبة ‪ .‬وكان أول من أشتهر من هؤلاء العلماء رجل اسمه‬ ‫غلام الله بن عائد اليمني ا" الذي قدم من اليمن في أواسط القرن الرابع عشر ‪/‬م واتحبه‬ ‫إلى دنقله وأتخذها مقر ومقاماً ويدأ في إنشاء المدارس لتعليم الأولاء مبادىء الإسلام‬ ‫وقراءة القرآن الكريم ‪ .‬كما ظهر في القرن الخامس عشر الشيخ حمد أبو دنانة صهر الشيخ‬ ‫عبدالله الجزولي الشاذلي ‪ .‬كما أتجه بعض الفقهاء إلى دعوة إتباعهم لحمل السلاح في‬ ‫المناطق التي ينتهك فيها حرمة الإسلام خاصة في مناطق جبال النوبا بسبب غارات أهل‬ ‫جبال النوبا على المسلمين مما دفع الفقيه بدوي أبو صفية البدري إلى مجاهدة هؤلاء‬ ‫المعتدين ‪!"(.‬‬ ‫وفي القرن السادس عشر الميلادي ‪ .‬قدم من مصر الشيخ ‪/‬محمود العركي زمن‬ ‫دولة الفونج‪ .‬الذي قام بدور كبير في سبيل نشر الإسلام في السودان ‪ .‬كما أسهم الشيخ‬ ‫إبراهيم البولاد بن جابر بن غلام الله بن عائد في نشر الإسلام على مذهبه المالكي ‪ .‬وتولى‬ ‫من بعده أولاده الأربعة إتمام تلك المهمة ‪ .‬وكان لهم دورهم الكبير في تأسيس قواعد‬ ‫التعليم الديني في مختلف أرجاء السوان الشرقي ‪ .‬وكانت أختهم فاطمة لا تقل عنهم‬ ‫تفانياً في هذا الدور‪ .‬وقد خلفها في دورها الكبير ابنها محمد الذي تفقه على يد اخواله‬ ‫‪ .‬وتأسست من بعدها أسرة دينية نشطة في نشر الإسلام بكل طاقاتها في السوان الشرقي‬ ‫!"'‪ .‬وكان هؤلاء العلماء والفقهاء يينحون‪ .‬امتيازات واسعة من الحكام ‪ .‬ولهم مكانة عالية‬ ‫في نفوس الشعب ('‪ .‬حتى أن سلطان دارفور لم يتمكن من القبض على الفقيه سراج‬ ‫حينما وشي به عند السلطان عبدالرحمن الرشيد ("‪.‬‬ ‫(‪ )١‬فضل ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٢٣ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬عبدالمجيد عابدين‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪ ٥٦‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬النوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‏‪.١١٢١‬‬ ‫‏(‪ )٤‬نعوم شقير ‪ .‬تاريخ الصوان ‪ .‬ج! ‪ .‬ص ‏‪.٧٧١‬‬ ‫(‪ )٥‬حسن محمود ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٣٤٤٠ ‎‬‬ ‫واتحيه المديد من العلماء إلى مناطق كردفان ودارفور لنشر الإسلام ني المناطق‬ ‫الغربية للسودان الشرقي ‪ .‬ومن هؤلاء الشيخ ‪ /‬التمر ‪ .‬والغلاني ‪ .‬والشيخ حسين عماري‬ ‫الأزهري‪ .‬والشريف ‪ .‬وانتشرت على أيديهم المساجد والخلوات ‪ .‬وذكر الرحالة الأوربيون‬ ‫أنهم شاهدوا أعدادأ كبيرة من الصبية يترددون دائما على خلوات العلماء ومساجد القرى‬ ‫لأخذ العلم على يد العلماء والفقهاء ("‪ .‬كما كانت القبائل ترسل أبنائها إلى تلك‬ ‫الأماكنت للتعلم ‪ .‬واشتهرت مراكز بهذا الأمر مثل دنقلة ودامر والضاشر ‪ .‬وكانت أعظم‬ ‫تلك المراكز في ديار الفونج ""‪.‬‬ ‫قدمت الطرق الصوفية هى الأخرى جهود طيبة في سبيل نشر الإسلام وثقافته في‬ ‫بلاد السودان الشرقي ‪ .‬وتمكنت تلك الطرق من ترسيخ الإسلام في نفوس الشعب وفني‬ ‫عمليات نشر الإسلام في أقاليم جديدة بالسودان ‪ .‬وتمكنت تلك الطرق من مزج الشعب‬ ‫السوداني في قالب إسلامي واحد بغض النظر عن العرف أو القبيلة وقربت الطرق الصوفية‬ ‫بين الأجناس والقبائل ‪ .‬وإندمج الناس في ريطهم زواياهم ا‪.‬‬ ‫وكانت مملكة الفونج أكثر من غيرها تشجيعا لشيوخ الصوفية ‪ .‬ووجد هؤلاء الدعاة‬ ‫في أنحا لمملكة التربة الخصبة لنشر تعاليم طرقهم تحت رعاية زعماء الفونج الذين‬ ‫إالى ديار الفونج‬ ‫لهم الرعاية والتقدير ‏)‪ . (٤‬وكان أول القادمين‬ ‫واعانوهم ووفروا‬ ‫شجعوهم‬ ‫من رجال التصوف هو الشيخ ‪/‬تاج الدين البهاري البغدادي الذي وصل إلى السودان في‬ ‫بداية الربع الأخير من القرن السادس عشر ‪ .‬وتمكن من نشر الطريقة القادرية المنسوبة إلى‬ ‫الشيخ‪ /‬عبدالقادر الكيلاني (ث'‪ .‬وكان قد سبقه لنفس الفرض في السودان الشرقي‬ ‫‏(‪.)١٦٥١ -١٥٠٧‬‬ ‫الشيخ إدريس ود الأرباب‬ ‫وقد دخلت السودان أيضا طرق صوفية قادمة من المغرب ومن الحجاز ومن مضر !‬ ‫وكان من اشهرها الطريقة القادرية التى أسسها عبدالقادر الجيلاني في القرن الثاني عشر‬ ‫‪,‬‬ ‫آ ل‪‎‬‬ ‫‪. .27-7‬م‪, .‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪.٨٤‬‬ ‫(‪ )٢‬عابدين ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪ .‬ص‪.٣٤٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬حسن محمود ‪ .‬المرجع السابق‬ ‫‪.١١٣‬‬ ‫(‪ )٤‬النوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١٧٤١‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬عابدين ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫= ‪- ٢٦٠.‬‬ ‫الليلادي ‪ .‬ودخلت السودان منذ سنة ‏‪ ٥٤٠‬‏م‪ (". ١‬ثم الطريقة الشاذلية المنسوبة إلى أبي‬ ‫الحسن الشاذلي في القرن السادس عشر الميلادي ‪ .‬ثم رسخت في السودان الشرقي على‬ ‫يد الشيخ خوجلي عبدالرحمن المحسى فيما بعد ‪.‬‬ ‫وأصبحت الصوفية لها اليد الطولى في المجتمع السوداني في العصر الحديث ‪ .‬ولها‬ ‫سلطتها الأجتماعية والسياسية والإدارية في البلاد ‪ .‬وكانت كلمتهم مطاعة حتى لدى ‪.,‬‬ ‫الحكام والمشايخ وإن كانت قد إتحجهت بعضها إلى الخرافة والشعوذة في بعض الأحيان ‪.‬‬ ‫خاصة في المناطق التى لا يتوافر بها مدارس وفقهاء على درجة من العلم لتوضيح جوانب‬ ‫الدين الإسلامي الحقيقية "'‪.‬‬ ‫ومهما‪ .‬يكن من جهود العلماء والفقهاء ورجال الطرق الصوفية في السودان الشرقي‬ ‫من أجل نشر الإسلام ‪ .‬وما سبق ذلك من دور للتجار العرب ‪.‬والمسلمين ‪ .‬فإن قيام ممالك‬ ‫وإمارات إسلامية على أرض السودان الشرقي كان تتويجا لتلك الجهود ‪ .‬وثمرة من‬ ‫ثمرات الكفاح الإسلامي السابق منذ فتح مصر‪.‬‬ ‫ويمكننا استعراض أهم تلك الدول والممالك والمشيخات ودورها في ترسيخ الإسلام‬ ‫يلي ‪:‬‬ ‫‏‪ ٠‬كما‬ ‫وثقافته ونشره‬ ‫ا لإسلامية ‪:‬‬ ‫‪ :‬دولةا لفونج‬ ‫أولا‬ ‫اتخذت تلك الدولة من سنار عاصمة لها في شرقي السودان‪ .‬وقد ظهرت على‬ ‫أنقاض مملكة علوة النوبية المسيحية منذ أوائل القرن السادس عشر ‪/‬م سنة ‪١٥٠٥‬م‪.‬‏‬ ‫ويرجع الفضل في۔ظهورها إلى زعيم الفونج عمارة دونقس وإلى عبدالله جماع شيخ عرب‬ ‫القواسمة الجهني ا"'‪ .‬وامتدت تلك الدولة من سواكن شرقا إلى النيل غربا ‪ .‬ومن جبال‬ ‫‪.١٤٤‬‬ ‫‪ ١٠‬مرجع نفسه ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ ( ١‬عابدين‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬فضل‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٢١ ‎‬‬ ‫‪١٩٦‎ ٠‬م‪.‬‬ ‫‪ .٢٠٦‬القاهرة ‪ .‬سنة‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬مسعد‪.‬ا لإسلام والنوبة في العصور الوسطى ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫= ‪= ٢٦(٫{١‬‬ ‫فازوغلي جنوبا إلى الشلال الثالث شمالا ‪ .‬وعرفت باسم السلطنة السوداء"" أو السلطنة‬ ‫الزرقاء لوقوعها على النيل الأزرق‪.'" .‬‬ ‫وكلمة فونج اصطلاح سياسي وليس قبلي يقصد به السيادة على سنار والمناطق‬ ‫الواسعة التى خضعت لها‪ .‬ذلك أن الظروف السياسية والفراغ السياسي الذي ساد‬ ‫السودان ا لشرقي بعد هزائم ملوك النوية وتفلفل الوجود العربي والإسلامي في المناطق‬ ‫السودانية ادى إلى ضرورة قيام نظام سياسي وإداري جديد يتناسب مع الظروف الجديدة‬ ‫في السودان ‪ .‬كما أدى تدهور العلاقات بين حكام مصر في العصرين المملوكي ومن قبل‬ ‫في العصر الأيوبي مع شيوخ وزعماء القبائل العربية في النوبة والسوداء إلى ضرورة‬ ‫تكتل تلك القبائل في شكل سياسي جديد لتنسيق علاقاتها مع مصر والقوى الخارجية ‪.‬‬ ‫وبالفعل كان ظهور دولة الفونج شكلا من التكتل بين الفونج والقواسمة (! ‪,‬‬ ‫وتنحصر النظريات التى دارت حول أصول الفونج في ثلاثة هي ‪:‬‬ ‫النظرية الأولي ‪:‬‬ ‫ترى أن الفونج يرجعون إلى أصول عربية من سلالة بنى أمية حينما هربت من وجه‬ ‫العباسيين بعد هزيمة مروان الثاني ‪ .‬وترجع تلك النظرية أصولهم إلى آل الغمر بن يزيد بن‬ ‫عبدالملك بن مروان حيث هريت جماعة إلى الحبشة سنة ‪١٣٢‬ه‪.‬‏ كما يرجع البعض من‬ ‫اصحاب تلك النظرية اصولهم إلى سليمان بن عبدالملك بن مروان ‪ .‬حينما دخلت الحبشة‬ ‫جماعة من أهله وسكنت بها ثم توجهت إلى جبال الفونج ‪ .‬كما يذهب البعض الآخر من‬ ‫أصحاب تلك النظرية إلى إرجاع أصول الفونج إلى عبدالله بن مروان آخر بني أمية الذي‬ ‫هرب الى السودان ‪ .‬ومهما يكن من تعدد الأصول العربية لتلك الأسرة التى حكمت مملكة‬ ‫الفونج فإنها تجمع على أن عمارة دنقس يرجع أصله إلى أصول عربية أموية ‪ .‬وأن هذه‬ ‫‏(‪ )١‬يرى الكثير من الباحشين أن أصل الفونج من الزنوج ‪ .‬حيث تمكن هؤلاء الزنوج من اجتياح مناطق‬ ‫نفوذ بعض القبائل العربية ‪ .‬لكننا نرى أن أصل الفونج خليط من الوجود العربي من الزعماء المحليين‬ ‫‪ .‬وإن كان وقع اختلاف في أصل الأسرة الحاكمة للدولة ‪.‬‬ ‫أنظر ‪ :‬عوض ‪ .‬السودان الشمالي ‪ .‬ص ‏‪.٢٧٢‬‬ ‫‏(‪ )٢‬نوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪.١٨٤‬‬ ‫‏(‪ )٣‬حسن محمود ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪.٣١٨‬‬ ‫‪- ٢٦٢‬‬ ‫_۔‪‎‬‬ ‫الأصول قدمت من الحبشة إلى السودان واستقرت بها ('‪.‬‬ ‫النظرية الثانية ‪:‬‬ ‫ترجع تلك النظرية أصول حكام الفونج إلى أصول البرنو الذي قدموا من الفرب‬ ‫صوب السودان وتمكنوا من التغلب على بعض أجزاء مملكة النوبة وأسسوا دولة قوية في‬ ‫سنار ‪ .‬وتبع ذلك توافد أعداد كبيرة من البرنو إلى تلك المنطقة ونزلوا على النيل الأبيض‬ ‫في قرية يسكنها الشلك ثم توسعوا بعد ذلك على حساب العرب والنوبيين‪ .‬حيث كانت‬ ‫القبائل العربية حتى تلك الفترة على درجة كبيرة من التفكك ‪ .‬كما كانت مناطق مملكة‬ ‫علوة النوبية على درجة كبيرة من الإنهيار والتفكك ‪ .‬ولم يتمكن الطرفان العربي أو‬ ‫النوبي من وقف زحف وتوسع البرنو "‪.‬‬ ‫النظرية الثالثة ‪:‬‬ ‫ترجع أصولهم إلى الزنوج من جماعات الشلك بالجنوب على ضفاف النيل الأبيض ‏‪٠‬‬ ‫وأنهم كانوا قد تقدموا صوب سنار وهزموا العرب أمامهم سنة ‪١٥٠٤‬م‏ ‪ .‬وإن كان هذا‬ ‫"ا‬ ‫الرأي لم يثبت صحته‬ ‫وإن كنا نميل إلى أصول الفونج ترجع إلى أصول عربية بعض النظر عن انتمائها إلى‬ ‫إلى البيت الأموى أو غيره من بيوتات العرب الهامة التى دأبت الأسر الجديدة التى ظهرت‬ ‫في مناطق السوان عامة على الإنتماء إليها من أجل‪.‬إضفاء نوعا من الشرعية القبلية‬ ‫على سلطتها ‪ .‬وأن تلك الأصول العربية التى يرجع إليها الفونج قد أختطلت وذابت في‬ ‫المحيط السوداني الواسع التى عاشت فيه فترة طويلة من قبل ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬عابدين ‪ .‬تاريخ الثقانات العربية في السودان ‪ .‬ص‪. ٥٠/٤٩١ ‎‬‬ ‫‪ -‬أرنولد ‪ .‬الدعوة إلى الإسلام ‪,‬ص‪. ١٠٠ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬عابدين ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٥٤ ‎‬‬ ‫‪ -‬أرنولد " المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٠٠ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬فضل ‪ .‬حسن ‪ .‬مقدمة في تاريخ الممالك الإسلامية في السودان الشرقي ‪ .‬ص ‏‪ . ٢٤‬الخرطوم سنة‬ ‫‏‪ -- ٢‬عوض ‪ .‬السوان الشمالي ‪ .‬ص ‏‪.٢٧٢‬‬ ‫= ‪- ٢٦٢٣‬‬ ‫بعد ظهور عمارة دونقس وتحالفه مع الشيخ عبدالله جماع ‪ .‬بدأت مرحلة جديدة في‬ ‫تاريخ السودان الشرقي ‪ .‬حيث اتفق الطرفان على الإندماج السياسي والعسكري (‪.‬‬ ‫ويدأت عملياتهما في القضاء على نصارى سنار ‪ .‬وغيرها من المناطق المناوئة‪ .‬وبدأ عمارة‬ ‫‏‪ ٥٠٥‬‏م‪. ١‬واتجه عبدالله جماع إلى مدينة‬ ‫في بناء عاصمة لدولة في سنار سنة ‪٩١٠‬هھ‏ ‪-‬‬ ‫قرى عند جبال الرويات في الشرق وجعلها عاصمة لملكه وللعرب ‪ .‬واستمرت سنار عاصمة‬ ‫للدولة حتى دخلها الجيش المصري سنة ‪١٨٢١‬م‏ زمن محمد علي ‪ .‬وحكمها خمس وعشرين‬ ‫‪ .‬ا لذي اسس مجد دولته وشهرتها ووضع أسسها ا لإدارية‬ ‫سلطا نا أولهم هو عما رة دونقس‬ ‫في صورة بعيدة عن المركزية ‪.‬‬ ‫خلف عمارة ابنه عبدالقادر الذي شهدت الدولة ازدهارا وتوسعا في عهده حيث‬ ‫امتدت جنويا إلى أرض الحبشة ‪ .‬وإلى كردفان في الغرب ‪ .‬وفي عهد السلطان بادي أبو‬ ‫‏(‪ -١٦٤٥‬‏)م‪ ٠٨٦١‬شهدت سلطنة الفونج عصرها الذهبي حيث هزم الفونج قبائل‬ ‫دقن‬ ‫الشلك التى تسيطر على النيل الأبيض ‪ .‬وسيطر الفونج على طرق القوافل والطرق‬ ‫المسكرية"' في المنطقة ‪.‬‬ ‫كما دخل الفونج في صراع مع جيرانهم من ملوك مملكة تقلى الإسلامية وفرضوا‬ ‫الجزية عليها كما استمرت علاقاتهم متوترة مع حكام الحبشة ‪ .‬وتمكن خلالها الفونج من‬ ‫إلحاق هزائم متعددة بالأحباش ‏(‪.)٢‬‬ ‫وأصبحت دولة الفونج أهم سلطنات الشرق الإفريقى خلال القرنين السادس عشر‬ ‫والسابع عشر الميلاديين‪ .‬وأمتد نفوذها حتى السودان الأوسط إلى بحيرة تشاد‪ .‬كما أثرت‬ ‫‏(‪ )١‬كان عبدالله جماع هو الذي أسس دولة العبدلاب العربية في السودان ‪ .‬وكانت حدودها تمتذ من‬ ‫أربجي في الجنوب حتى الشلال الثالث في الشمال ‪ .‬أي أنها شمال أرض الفونج ‪ .‬وكان له نفوذ‬ ‫واسع على القبائل العريية والبجة والبدو ‪ .‬لكن حدث صدام بينه وبين عمارة دونقس انتهى بهزيمة‬ ‫عبدالله جماع في معركة أريجي سنة ‪١٥٠٤‬م‪.‬‏ وتقرر بعض المعركة الاندماج بين الدولتين وأن يكون‬ ‫عبدالله نائباأ عن عمارة في حكم منطقة الشمالية ‪ .‬ثم اتفقا على محاربة أعدائهما سويا‪.‬‬ ‫فضل ‪ .‬تاريخ الممالك الإسلامية في السودان ‪ .‬ص‪ -٢٤‬‏‪.٣٧‬‬ ‫(‪ )٢‬فضل ‪ .‬المرجع السابق‪ .‬ص‪.٦١٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬فضل ‪ .‬المرجع نفسه ‪.‬ص‪.٧٠ ‎‬‬ ‫= ‪= ٢٦٤‬‬ ‫في أحداث القرن الإفريقي ‪ .‬لكن نفوذهم بدأ ينحسر في القرن الإفريقي بعد وصول‬ ‫الكشوف الجغرافية الأوروبية إليها وبداية دعم النظام الحبشي ضد جيرانه ‏‪6١(.‬‬ ‫لكن النزاعات الداخلية داخل أقاليم امبراطورية الفونج الواسعة وانفصال بعضها عن‬ ‫سلطة سنار‪ .‬ووصول بعض الوزراء من الهمج إلى إدارة الدولة ‪ .‬كما أن العبدلاب كانوا‬ ‫قد انفصلوا عن الفونج منذ فترة ووقعت بين الطرفين معارك كان آخرها معركة كركوج سنة‬ ‫م والتى أنتهت بهزية العبدلان وانفصالهم عن الفونج ‪ .‬وقد شجع هذا الإنفصال‬ ‫عدة قوى للتمرد عن جسم الدولة مثل جماعة الشايقية ‪ .‬وانتهى الأمر بخضوعها لمحمد‬ ‫على أ""‪ .‬حينما أخذت جيوشه تجتاح المنطقة ‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬مملكة العبدلاب‬ ‫ملكة عربية ظهرت علي يد الشيخ عبدالله جماع ‪ .‬وقامت في شمال مملكة الفونج‪.‬‬ ‫على أساس تحالف مع الفونج‪ .‬واتخذت من قرى ("' عاصمة لها ‪ .‬وكان قيامها يرجع إلى‬ ‫الأصول السياسية التى عمت السودان بعد زوال ممالك النوبة وسيادة النفوذ العربي‬ ‫والإسلامي بها‪ .‬ويعد انفصالها عن الفونج بدأت في تنظيم أصول مناطقها ‪ .‬لكنها‬ ‫أصيبت بالضعف والتدهور منذ نهاية القرن الثامن عشر ‪/‬م ‏(‪'٨‬‬ ‫ثالثا‪ :‬علكة تقلي ‪:‬‬ ‫ارتبطت منذ بداية ظهورها بالمناخ الإسلامي الذي ساد منطقة كردفان غرب السودان‬ ‫‪ . .‬ففى القرن السادس عشر ‪/‬م‪ .‬وفي منطقة جبال النويا بكردفان تمكن رجل من زهاد‬ ‫الجعليين استقر به المقام في تلال تقلي من اجتذاب الناس بورعه وتقواه وزهوه ‪ .‬حتى‬ ‫وصل إلى زعامة المنطقة بعد مصاهرته زعيم الإقليم ليصبح ابنه جيلي ملكا سنة ‪١٥٧٠‬م‏‬ ‫‪ .‬وبدأ في مد نفوذه على المناطق المجاورة شرقا ‪ .‬وتكونت مملكة طلت واضحة المعالم حتى‬ ‫القرن التاسع عشر (‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬نوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪.١٨٩‬‬ ‫‏(‪ )٢‬نعوم شقير ‪ .‬تاريخ السودان ‪ .‬ج‪٢‬؟‪.‬‏ ص ‏‪.٧٢٣‬‬ ‫‏(‪ )٣‬مدينة على النيل الأبيض ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٤‬نعوم شقير ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ه‪١‬‏ ‪.‬‬ ‫‏‪. ٣٠٨‬‬ ‫‏(‪ )٥‬حسن محمود ‪ .‬المرجع الضابق ‪ .‬ص‬ ‫‪‎ -‬ه‪- ٢٨٢٦‬‬ ‫‪:‬‬ ‫رابعا ‪ :‬سلطنة دارفور‬ ‫ظهرت كمملكة إسلامية مستقلة في الشمال الغربي للسودان ‪ .‬ويرجع الفضل الكبير‬ ‫لذي تمكن من تأسيس أركان نظا مها وتوتها‬ ‫‪.‬‬ ‫سولون‬ ‫ني ظهورها إلى ا لزعيم ‪/‬سليما ن‬ ‫في المنطقة لتصبح علامة بارزة في تاريخ السودان الشرقي منذ القرن الخامس عشر‪'( .‬‬ ‫ويبدو من دراسة جغرافية وتاريخ منطقة كردفان ودارفور أنها كانت تمثل أهمية‬ ‫خاصة في تاريخ منطقة افريقية جنوب الصحراء‪ .‬وبين مناطق السودان الشرقي والأوسط‬ ‫وواحات الصحراء الإفريقية ‪ .‬حيث كانت ملتقى للطرق الصحراوية القادمة من درب‬ ‫الأربعين في صحراء مصر الغربية ومن جنوب مصر ‪ .‬وكذلك الطرق الصحراوية القادمة‬ ‫من واحات ليبيا من طرابلس وجبل نفوسة ‪ .‬وأصبحت تلك المنطقة لشبكة هامة من الطرق‬ ‫من الشمال والغرب والشرق ‪.‬‬ ‫ومنذ القرن الثاني عشر الميلادي شهدت منطقة الشمال الغربي للسودان هجرات‬ ‫جديدة من عناصر بريرية قدمت إليها من خطوط الواحات الصحراوية ‪ .‬وكانت تلك‬ ‫جماعات الطنجورً التى اندفعت إلى منطقة دارفور على إثر غارات قبائل بنى هلال وبنى‬ ‫سليم على بلاد المغرب وخالطت تلك الجماعات جماعات بربرية سابقة عليها مأنلراجو‬ ‫وصاهروهم ‪ .‬لكن جماعات الطنجور أصبح لهم السيادة في المنطقة حيث أصبح أحمد‬ ‫‪. .‬وقد نتج عن هذا الإختلاط عنصر جديد في تاريخ السودان‬ ‫العقورً("' زعيما للمنطقة‬ ‫هو عنصر شعب الفور ‪.‬‬ ‫وصلت منطقة دارفور أيضا دماء عربية جديدة قادمة عبر أراضي وسهول السودان‬ ‫من جهة الشرق ‪ .‬واستقرت إلى جوار شعب الفور ‪ .‬وحدث اختلاط واندماج بين العنصرين‬ ‫العربي والفوري ‪ .‬وترتب على هذا الإندماج وصول العرب إلى زعامة المنطقة حينما أصبع‬ ‫سليمان سولونَ (‪ .‬‏‪ -١٤٤‬‏)م‪ ٦٧٤١‬هو حاكم المنطقة والمؤسس الحقيقي لسلطنة دارفور"'‬ ‫‪ .‬وبدا يعمل على صبغ المنطقة بصبغة عربية‪ .‬وتمكن من القضاء على تمرد جماعات الفور‬ ‫‪.٠ ٢‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ج‪٢‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ ١ ٠‬مرجع‪ ١ ‎‬لسا بق‬ ‫) ‪ ( ١‬شقير‪‎‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪ ١‬مرجع نقسه‪‎‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫) ‪ ( ٢‬شقير‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٥‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١ .‬مرجع‪ ١ ‎‬لسا بى‪‎‬‬ ‫محمود‪‎‬‬ ‫) ‪ ( ٣‬حسن‬ ‫‪- ٢٦٦‬‬ ‫_۔‪‎‬‬ ‫الذين لجأوا إلى جبال مرة ‪ .‬وبدت الصبغة الصبغة الإسلامية تظهر أيضا في المنطقة بفضل‬ ‫أعمال سليمان سولون وخلفائه من بعده ‪ .‬ومدت سيطرتها إلى منطقة كردفان خاصة زمن‬ ‫السلطان يراب في القرن الثاني عشر ‏‪."١‬‬ ‫بلفت سلطنة دارفور أقصى اتساعها ومجدها زمن السلطان عبدالحميد الرشيد الذى‬ ‫حكم في نهاية القرن الثامن عشر الميادي‪ .‬ونقل عاصمة إلى الناشر ‪ .‬حيث أهمية‬ ‫الاستراتيجية لطرق القوافل التجارية ‪ .‬واتصل بالسلطان العثماني ‪ .‬الذى اعترف‬ ‫بسيادته ‪ .‬ومنحه لقب" الرشيد" وامتدت دولة في زمنه من بئر النطرون في الصحرا ء‬ ‫الكبرى شمالا حتى بحر الغزال جنوبا ‪.‬‬ ‫ومن نهر النيل شرقا وحتى منطقة وادى غربا ("" وكان من الممكن توسيع حدود‬ ‫مملكته لولا بداية وصول القوات المصرية ‪ .‬حيث كان يمثل ظهوره بداية تدهور معظم القوى‬ ‫الإقليمية في السودان‪. ".‬‬ ‫خامسا ‪ :‬ممالك ومشيخات وإمارات أخرى ظهرت حتى الفتح المصري في‬ ‫السودان الشرقي ‪:‬‬ ‫‪ - ١‬مشيخة خشم البحر ‪ :‬شرق النيل الأزرق‪. ‎‬‬ ‫‪ - ٢‬مشيخة الحمدة‪. ‎‬‬ ‫‪ - ٣‬مملكة الجعليين ‪ :‬في شندي‪. ‎‬‬ ‫‪ -٤‬مملكة الشايقية‪‎‬‬ ‫‪ - ٥‬مملكة الميرافات‪. ‎‬‬ ‫‪٠.‬ا مرجع نفسه‪. ‎‬‬ ‫(‪ )١‬حسن محمود‬ ‫‪. ٣٢٧‬‬ ‫‪ ١ ٨‬مرجع البا بق‪ ٠ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫محمرد‪‎‬‬ ‫) ‪ ( ٢‬حسن‬ ‫‪٠ ٨ ٤‬‬ ‫) ‪ ( ٣‬شقير‪ ١ ٠ ‎‬لمرجع ا لسا بق‪ ٠ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫= ‪=- ٦٢٦٧‬‬ ‫قامت الجماعات العربية والدول والإمارات والمشيخات الإسلامية بدور كبير في‬ ‫سبيل نشر الإسلام والثقافة العربية في بلاد السودان الشرقي وأرجائه ‪ .‬حيث بدأت منذ‬ ‫نهاية المصور الوسطى مرحلة جديدة من الإنصهار بين الجماعات العربية والبربرية‬ ‫وجماعات البرنو وغيرها من جماعات البجة والجماعات السودانية الأصلية ‪ .‬وبدأت‬ ‫الدماء العربية تذوب في تلك الدماء مشكلة دماء إسلامية جديدة ("‪ .‬فقد انصهر‬ ‫الكواهلة مع جماعات البجة في الشرق ‪ .‬واندمج الفور مع العرب في الفرب ‪ .‬كما‬ ‫انصهرت الجماعات الجديدة مع جماعات زنجية أخرى ‪ .‬وظهر جبل جديد من المولدين‬ ‫مرتبط بالدين الإسلامي ‪ .‬ومتحدثا باللغة العربية ‪ .‬وظهرت لأول مرة بدايات لوحدة‬ ‫قومية لأقاليم السودان الشرقي تحت راية الإسلام وثقافته ‪ .‬بعد أن ظل لقرون طويلة ممزق‬ ‫بين الجماعات العرقية المتباينة والمتناحرة ("'‪.‬‬ ‫ويدأت على أرض السودان الشرقي تظهر علامات لحياة حضارية جديدة مستمرة من‬ ‫روح الإسلام ‪ .‬وذات صبغة مشتركة ‪ .‬بعيدة عن التنوع الجنسي والإقليمي وأقبل أبناء‬ ‫الجماعات السودانية على تحصيل الثقافة الإسلامية ‪ .‬فتأسست عندهم المساجد‪ .‬التى‬ ‫أصبحت أول مراكز الإشعاع الحضارى الإسلامي ‪ .‬وظهرت الكتاتيب ‪ .‬والزوايا والربط‬ ‫والمدارس ‪ .‬واحتلت تلك المؤسسات الشقافية الإسلامية مكانة بارزة في نفوس أهل‬ ‫السودان ‪ .‬ويدأ أبنا مهم يرتحلون لطلب العلم من مراكزإسلامية خارج أوطانهم ‪ .‬فتوجهت‬ ‫منهم أعداد إلى الأزهر ‪ .‬وأصبح لهم في الأزهر مكانة هامة وشهرة في علوم الفقه وغيره‬ ‫من العلوم الإسلامية ("'‪.‬‬ ‫وتشكلت قاعدة كبرى من العلماء والفقهاء والمثقفين من أهل السودان ‪ .‬وكان‬ ‫لهؤلاء دور كبير في العمل على نشر الإسلام في بقية أرجاء البلاد وخاصة مناطق الجبال‬ ‫والمناطق المنعزلة‪ .‬حيث بدأ كل واحد منهم ينتهج نهجا خاصا في سبيل نشر الإسلام‪.‬نفي‬ ‫منطقة الفونج ظهر الفقيه بدوي أبو صفية ‪ .‬الذي ركز جهوده على جبال النويا فكان يأتى‬ ‫ببعض أهل النويا يعلمهم القرآن الكريم ومعالم الفقه والتوحيد ‪ .‬ثم يعيدهم الى بلادهم‬ ‫ليتولوا نشر الإسلام بين ذويهم ‪ .‬وهو بذلك ييثل مدرسة للدعوة الإسلامية في غرب‬ ‫‪. ٣٢٥‬‬ ‫‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )١‬حسن محمود‬ ‫(‪ )٢‬ممتاز العارف ‪ .‬الأحباش بين مأرب وأكسوم ‪ .‬ص‪ ٨ ‎‬ومابعدها ‪.‬وقيادة حركة‪‎‬‬ ‫‪- ٢٦٨‬‬ ‫_۔‪‎‬‬ ‫السودان الشرقي ‪ .‬حيث كانت هناك جيوب للوثنية ‪ .‬حيث أفتى العلماء بحرب هؤلاء‬ ‫الوثنيين الذين كانوا يشنون حملات إبادة ضد المسلمين ‪ .‬حتى يؤمنوا بالله ‪.‬‬ ‫ويتضح من دراسة أوضاع نشر الإسلام وثقافته في القرنين السابع عشر والثامن‬ ‫عشر أن الروح الصليبية التى سادت العلاقات بين المسلمين وأورويا في بداية المصور‬ ‫الحديثة من جراء التوسع والكشوف الجغرافية وما أصاب العالم الإسلامي من خسائر ‪.‬‬ ‫نت تلك الأوضاع قد أثرت بالفعل على مجرى الأحداث في السودان حيث تعرضت‬ ‫حدوده الجنوبية والشرقية لضريات من قبل ملوك الحبشة ‪ .‬الذين تحالفوا مع القوى‬ ‫الأرروبية لتوجيه ضربة إلى المسلمين في السودان والبحر الأحمر ‪ .‬لكن ممالك السودان‬ ‫خاصة سلطنة الفونج وزعامات عدول ومصوع على البحر الأخمر تمكنت من رد تلك‬ ‫الضربات والحفاظ على مكتسباتها الإسلامية ‪.‬‬ ‫وكانت سلطنة الفونج أهم دول السودان الشرقي في الإسهام لنشر الإسلام الجهاد‬ ‫الإسلامي في أرجاء السودان وحماية حدوده الجنوبية والشرقية من الإحباش‪ .‬وصهر‬ ‫أجناسه في بونفة الإسلام والعروبة ("‪ .‬كما أصبحوا يمثلون حركة الجهاد الإسلامي ضد‬ ‫الإمتداد الصليبيى الذي ظهر في الحبشة وتمكنوا من إلحاق هزيمة نكراء بالأحباش سنة‬ ‫‪٧٤٤‬ام‏ رغم التدريب والمعدات الأجنبية المتوفرة لقواتهم ‪ .‬وكان لهذا النصر دوى هائل في‬ ‫أنحاء العالم الإسلامي من المغرب ومصر والشام وحتى الهند" ‪ .‬ووصلت وفود التهاني‬ ‫للفونج على هذا الإنجاز ‪ .‬وأحتلت دولتهم سمعة دولية كبرى ‪.‬‬ ‫اتصل زعماء الفونج بالتيارات والمؤسسات الثقافية في العالم الإسلامي فكانت لهم‬ ‫صلات بعلماء الأزهر الشريف وعلماء الحجاز وعلماء العراق والشام وفقهاء المغرب ‪.‬‬ ‫ووجهوا دعوات لكثير منهم لزيارة بلادهم ‪.‬كما رحبوا بهم في أى وقت وأحا طوهم‬ ‫برعايتهم وحمايتهم في السودان ‪ .‬الأمر الذي جعل للعلم والعلماء مكانة هامة في نفوس‬ ‫أهل السودان ‪ .‬كما أسس زعماء الفونج العديد من المساجد الكبرى في سنار وفي غيرها‬ ‫من المدن والتى اصبحت بمثابة مراكز جديدة للثقافة الإسلامية ‪.‬‬ ‫‏‪ ١.٢‬وما بعدها ‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫مرجع ‏‪ ١‬لا بق‬ ‫‪.‬‬ ‫‏) ‪ ( ١‬العا رف‬ ‫‪٠‬‬ ‫‏‪٨ ١‬‬ ‫‪ 0‬ص‬ ‫‏‪ ٠‬ا مرجع ‏‪ ١‬للا بق‬ ‫‏) ‪ { ٢‬شقير‬ ‫= ‪- ٢٦٩‬‬ ‫اهتم زعماء الفونج ايضا ومشايخ المنا طق الآخرى بإرسال أبنائهم لتلقى العلم في‬ ‫الأزهر وأرسلوا بعشات من أبنائهم لهذا الغرض ى وبلغ من كثرتهم أن أنشىء لهم رواق‬ ‫خاص بالأزهر سمى رواق دارفور كما بدأ علماء من الأزهر في التوجه إلى السودان لنشر‬ ‫العلم والدعوة الإسلامية ‪ .‬كما حرص ملوك الفونج على المساهمة في المناسبات الإسلامية‬ ‫الكبرى‪ .‬فكان لهم مشاركة في موكب محمل الحرمين‪ .‬الذي كان يحمل من مصر ى حيث‬ ‫كان الفونج يرسلون مساهمتهم من ريش وعاج وخيرات بلادهم ‪ .‬ثم تباع تلك السلع‬ ‫وترسل أثمانها في صرة إلى الحجاز مع موكب الحج المصرى‪ .‬‏(‪'١‬‬ ‫من جهة ثانية حرص زعماء المسلمين وسلاطين الدول الإسلامية ني السودان على‬ ‫تطبيق الشريعة الإسلامية في بلادهم ("'‪ .‬ففى مجال الأحوال الشخصية طبقت تعاليم‬ ‫الإسلام في الزواج وغير ذلك ‪ .‬وفي جوانب أحكام الإسرة‪ .‬كما كانت عمليات جمع الزكاة‬ ‫والعشور تتم بصورة تنسجم مع الشرع الإسلامي ‪ .‬كما أقيمت الحدود الشرعية ‪ .‬رغم أن‬ ‫سلاطين تلك الممالك قد أقروا العديد من صور التراث والبيئة السودانية المحلية والتى‬ ‫لاتتعارض مع الإسلام ومبادنه ‪ .‬وخاصة فيما يتعلق بجفلات التتويج للزعماء وملابس‬ ‫السلاطين ويعض الإحتفالات الوطنية المتوارثة ‪ .‬وإن كان الكثير منها قد بدأ يتلاشى مع‬ ‫مرور الزمن بفضل الدعاة ورجال الطرق الصوفية والعلماء ‪ .‬كما ظهرت تأثيرات من البنية‬ ‫السودانية في تطبيق بعض الحدود مثل مسألة حد السارق "' وفدية القتل ‏‪.٨‬‬ ‫وفي خلال العصر العشماني وما شهدته الثقافة الإسلامية من ركود ‪ .‬تأثرت‬ ‫الأوضاع الثقافية في السودان بهذا الأمر ‪ .‬حيث اتجهت مؤسسات الفكرية إلى العزلة ‪.‬‬ ‫وبرزت مناطق السودان الشرقي كأهم مراكز الصوفية ‪ .‬وصار الكثير من العلماء‬ ‫والمفكرين يعتقدون أن علم الباطن هو أساس علم الظاهر ‪ .‬وفضل الكثير منهم علم الباطن‬ ‫دون غيره وسادت الحياة الثقافية في السودان طرق عدة للجماعات الصوفية لكل ادابها‬ ‫(‪ )١‬حسن محمود‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٣٢٨ ‎‬‬ ‫‪.١٤١‬‬ ‫(‪ )٢‬شقير ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬ارتبطت عملية التطبيق مع ظروف البيئة السودانية ‪ .‬ذلك أن القوانين في مسألة حد السرقة في‬ ‫بعض مناطق الغرب في السودان الشرقي أصبحت تقضي بدفع ست بقرات أو ما يعادلها ثمنا وإذا لم‬ ‫يدفع يتم الحبس‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬اصبحت فدية القتل مائة بقرة في الغالب ‪ .‬انظر ‪ :‬شقير ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٤٥ ‎‬‬ ‫=‬ ‫=_= ‪.‎‬ب‪٦٢×٧‬‬ ‫ونظمها وأزكارها وأعلامها وكراماتها (ا'‪ .‬واحتل بعض رجالها منزلة التقديس أحياء‬ ‫وأمواتا‪.‬‬ ‫وكان للمغاربة دور في تغذية تيار الصوفية في السودان ‪ .‬فقد شهدت أرض‬ ‫السودان رحيل عدد من رجال العلم بالمغرب منذ القرن الحادي عشر الميلادي ‪ .‬مشل الشيخ‬ ‫التلمساني‪ .‬الذي نزل على الشيخ‪ /‬محمد بن عيسى سوار الذهب‪ .‬واشتغل بالتدريس في‬ ‫علوم القرآن وعلم الكلام ‪ .‬ونزل من بعده إلى أرض السودان بعض متصفة المغارية مثل‬ ‫سؤساي والليدي (")‪ .‬كما ظهرت تأثيرات للصوفية عبر وادي النيل بين مصر والسودان‬ ‫رغم استمرارية رواق سنار ورواق دارفور في تخريج علماء من الأزهر ‏‪)٢(.‬‬ ‫ومهما يكن من أمر في مسألة التدهور الفكري الذي واكب سيادة الطرق الصوفية‬ ‫على المناخ الثقافي السوداني وعلى الحياة الثقافية في أقاليمه ‪ .‬حيث عادت من جديد‬ ‫بعض الأساطير والخرافات على سطح الحياة الإجتماعية إلا أن الطرق الصوفية تمكنت من‬ ‫صهر المجتمع السوداني في صبغه إسلامية واحدة من خلال توحيد نظمها وأورادها‬ ‫وفكرها‪ .‬وتمكنت الصوفية من طمس الوثنية بأساليب سمية هادئة ‪ .‬فقد كشف الصوفي‬ ‫دور الساهر في المجتمع الوثني القديم (" ‪ .‬وكانت أكثر الطرق الصوفية نباحا في‬ ‫العصور الحديثة هي الطريقة القادرية التي دخلت السودان مع القرن السادس عشر‪/‬م‪.‬‬ ‫وقد أدى هذا الأمر إلى لون جديد من الزعامات الشعبية في السودان توارث أمامها‬ ‫الزعامات القبلية أو السياسية ‪ .‬فكان لزعماء الطرق الصوفية مكانة هامة في نفوس‬ ‫الناس وكانت لديهم القدرة على فض النزاعات الكبرى بين الأحياء والقبائل بما يحتلونه‬ ‫من مكانة هامة في نفوس الناس ‪ .‬وكان بإمكان تلك الزعامات أن تعيد توحيد السودان‬ ‫الشرقي في ظل التناحر الإقليمي وتنوع الإمارات ‪ .‬خاصة بعد أن تمكنت من توحيده‬ ‫فكريا ووجداني وإجتماعيأ ‪ .‬كما كان باستطاعتها أن توفر له الأمن والإستقراروتحفظ له‬ ‫(‪ )١‬حسن محمود ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪٣٣٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬عابدين ‪ .‬تاريخ الثقافة العربية في السودان ‪ .‬ص‪.٨٢ ‎‬‬ ‫شقير ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٧٦١ ‎‬‬ ‫)( حيث ارتبط هؤلاء الملما ء رالخريجيين ممذاهب معينة كالمالكية والشافعية مثلا‪‎‬‬ ‫‏‪.٢‬‬ ‫ف‪٨‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪ ٠‬ا مرجع ‏‪ ١‬لبا بق‬ ‫محمرد‬ ‫‏) ‪ ( ٤‬حسن‬ ‫‪٢٧١‬‬ ‫توازنه الإقليمي والقبلي ‪ .‬لكن تلك الزعامات الجديدة نزلت إلى مستوى الصراعات‬ ‫القبلية والطائفية والإقليمية وانحدر معظمهم إلى مستوى ثقافي متدني ‪ .‬حتى أن الناس‬ ‫لم يعد بإمكانهم أن يفرقوا بين الخرافة والإيمان الحقيقي ("‪.‬‬ ‫وظهرت جوانب أخرى ظلت مستمرة في تغذية المجتمع السوداني الإسلامي بالفكر‬ ‫السليم متمشلة في معاهد العلم من مساجد ومدارس وخلوات وكتاتيب خاصة في الدامر‬ ‫مركز الجعليين وسنار والفاشر وقري ‪ .‬وكان معظمها تحت إشراف حكومي أو زعامة‬ ‫سياسية أو قبلية ‪ .‬كما كان لبعض الفقهاء مساجد صغيرة قرب منازلهم ‪ .‬وكان الفونج‬ ‫أشهر الزعامات السودانية تشجيعا للحركة الفكرية منذ البداية ‪.‬‬ ‫ومع التغيرات الجديدة التي وقعت في العالم الإسلامي بظهور محمد على كقوة‬ ‫جديدة على أرض مصر وما أرتبط به من أحلام في تكوين إمبراطورية في المنطقة على‬ ‫حساب الدولة العثمانية ‪ .‬اتجهت أنظاره إلى جنوب النيل فبدأ يخطط لغزو السودان‬ ‫والاستفادة من إمكانية البشرية والإقتصادية ("' الأمر الذي أنعكس على الأوضاع‬ ‫الثقافية والفكرية ‪.‬‬ ‫بأت طلائع الجيش المصري في الوصول إلى بلاد النوية سنة ‪٨٢.‬ا‪١‬م‏ وتمكنت من‬ ‫دخولها في ظل قوات عصرية التدريب‪ .‬ثم إتجهت إلى سنار ‪ .‬عاصمة الفونج ‪ .‬فدخلتها‬ ‫سنة ‏‪ ٨٢١‬‏‪.‬م‪ ١‬وفازوغلي سنة ‪١٨٢٢‬مي‏ وكردفان سنة ‪٨٢١‬ا‪١‬م‏ ‪ .‬وأخضعت شرق السودان‬ ‫وغربه واصبح السودان جزء من دولة محمد على منذ سنة ‪١٨٢٥‬م‪.‬‏ وتلاشت الزعامات‬ ‫المحلية امام قوات محمد على ومشاريعه ‪ .‬ويدا السودان يرتبط مباشرة بأحداث البحر‬ ‫للتوسط والشرق الإسلامي ‪.‬‬ ‫بدأت حركة إصلاحات جديدة في السودان زمن محمد على؛ من أجل النهوض‬ ‫بالبلاد وخدمة مصالح دولته الكبرى ‪ .‬فأدخل نظم الحضارة الغربية إلى البلاد ‪ .‬وطور نظم‬ ‫التعليم على النسق الغربى ‏‪ ٠‬وبدأ في تكوين بعثات من أبناء السودان للالتحاق ببعثاته‬ ‫التى تعود إرسالها إلى أوروبا ‪ .‬وأسس مدارس عصرية مثل مدرسة الزراعة وغيرها ‪.‬‬ ‫‪.٣٤٧‬‬ ‫‪ .‬ا مرجع نفسه ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )١‬حسن محمود‬ ‫‪.٠ ٩‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١‬لمرجع‪ ١ ‎‬لسا بق‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫شقير‪‎‬‬ ‫) ‪( ٢‬‬ ‫‪٢٧٢‬‬ ‫مصر مثل مدرسة قصر العيني ومدرسة الألسن ‪ .‬حتى أن مدرسة المبتديان كان بها وحدها‬ ‫اكثر من مائة طالب سوداني ‪١(.‬ا‏‬ ‫كان على محمد علي أن يختار مركزا جديدا لإدارته في السودان فأنشأ مدينة‬ ‫الخرطوم ("" وجعلها مركزأ لحكمه في السودان منذ سنة ‪١٨٣٠‬م‏ ‪ .‬وأقامت بها حامية‬ ‫عسكرية كبيرة ‪ .‬وتلاحقت بها المؤسست الإدارية والثقافية مما أدى إلى زيادة عدد سكانها‬ ‫خلال فترة وجيزة ‪ .‬بل أنها أصبحت قبلة للعلم والثقافة من كافة إرجاء السودان الشرقي‪.‬‬ ‫وقع تطور ثقافي جديد على أرض السودان في عهد خلفاء محمد على حينما قرر‬ ‫عباس الأول إنشاء مدارس في الخرطوم ومدن السودان وجعل رفاعة الطهطاوي مشرفا‬ ‫عليها ‪ .‬واقبل طلاب دنقلة وسنار وغيرها على الإنضمام للدراسة في تلك المدارس ‪ .‬وكان‬ ‫ذلك أول عهد السودان بالنظم الفكرية والتعليمية الحديشة ‪ .‬وإن كانت ظلت تابعة‬ ‫وتقييم‬ ‫وا لقيا س‬ ‫وخطط ‏‪ ١‬لتدريس ونظم ‏‪ ١‬لإمتحا نات‬ ‫من حيث ‏‪ ١‬لبرا مج‬ ‫للاإشرا فا مصري‬ ‫المؤهلات وإستخدمت الحكومة المصرية في السودان العديد من ابناء تلك المدارس والمعاهد‬ ‫للعمل في إداراتها وأجهزتها ‪.‬‬ ‫كما أصبحت كسلا مركزا للثقافة وقبلة للعلم في ذلك العهد بالنسبة لشرق السودان‬ ‫منذ سنة ‪٨٤٠‬ام‏ ‪ .‬وأصبحت مركزا لنشر اللغة العربية وعلومها ("'‪ .‬كما رحل بعض‬ ‫العلماء المصريين إلى أرض السودان مع الجيش المصري فقد صحب إسماعيل بن محمد‬ ‫معه نخبة من رجال العلم مثل القاضي محمد الأسيوطي الحنفي ‏‪ ٠‬والسيد احمد البلقي‬ ‫والشيخ السلاوي ‪ .‬وتزايد وفود هؤلاء العلماء المصريين إلى أرض السودان في ظل إدارة‬ ‫محمد علي وأولاده ‪ "(.‬وأوقفت الأوقاف للمساجد ودور العلم والمدارس ومنح المشتغلون‬ ‫بالثقافة والفكر منح وهبات كبيرة‪.‬‬ ‫(‪ )١‬حسن محمود‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٣٥٥ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬أصبح سكانها أكثر من ‏‪ ٥٥‬ألفأ بعد مرور حوالى نصف قرن على إنشائها بعد أن كانت لا تزيد عن‬ ‫خمسمائة منزل سنة ‪١٨٣٩‬م‏ أثناء زيارة محمد على للسودان‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬شقير المرجع السابق ‪ .‬ج‪ .٣‬ص‪.٢٧ ‎‬‬ ‫‪,‬‬ ‫\ م ا‪‎‬‬ ‫‪, . : .122-412‬‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫‪٢٧٢‬‬ ‫وترتب على هذا العهد انتشار واسع للغة العريية والدماء العربية في كافة أرجاء‬ ‫السودان‪ "( .‬واستكملت مجهودات الفونج من قبل‪ .‬وأسقطت الحواجز السياسية‬ ‫والأقليمية تحت قوة الحاميات العسكرية واندمجت المشيخات والإمارات والأحياء العربية‬ ‫في وطن سوداني واحد ومستقر ‪ .‬وعم الأمن والاستقرار وأصبحت القبائل العربية تتحرك‬ ‫في أمن بلا حواجز عرفية وتمضي وراء المرعى في أى إتجاه ونفذ بعضها إلى أقصى الشرق‬ ‫صوب البحر الأحمر أو إلى أقصى الغرب صوب بحيرة تشاد ‪ .‬واختطلت الدماء من جديد‬ ‫بصورة عامة وتهيأ الجو لظهور سودان جديد ذات ملامح جغرافية وثقافية وحضارية محددة‬ ‫وهو السودان الحالي ‪6"(.‬‬ ‫وشجعت الإدارة المصرية بعض الطرق الصوفية التى لاحظت ارتباط أهل السودان‬ ‫بها ‪ .‬فظهرت الطريقة السامانية التى دخلت السودان سنة ‏‪ ٠‬‏م‪ ٠٨١‬على يد أحمد الطيب‬ ‫تلميذ الشيخ محمد بن عبدالكريم السوداني وإنتشرت بين عرب الكواهلة ‪ .‬كما نشطت‬ ‫أفكار السيد أحمد بن إدريس الفاسي المصلح الديني الذي تأثر بالأفكار الوهابية ‪.‬‬ ‫وتتلمذ على يديه رجال من السودان مثل محمد المجذوب الصغير‪ .‬والشيغخ‪ /‬ابراهيم‬ ‫الرشيدي ‪ .‬وكان ذلك في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي‪ .‬وشجع محمد‬ ‫على الطريقة السعدية وهى فرع من الرفاعية والطريقة الرحمانية وهى فرع من الدرقاوية ‪.‬‬ ‫الأمر الذي يسر جهود الإدارة المصرية في السودان وأعانها على نشر الفكر والثقافة‬ ‫العربية والإسلامية ‪ .‬ويدأ النفوذ المصري يتجاوز حدود السودان صوب أوغندا ومنطقة‬ ‫البحيرات خاصة زمن الخديوى اسماعيل من أجل إكتشاف منابع النيل ووصل النفوذ‬ ‫المصري بالفعل إلى منطقة البحيرات عبر السودان وعبر زنجبار ‪ .‬وتم معاهدة مع ملك‬ ‫أوغندا سنة ‪١٨٧٤‬م‏ يعترف فيها بالحدود السودانية المصرية ‪'".‬‬ ‫ويسبب استخدام الإدارة المصرية في السودان ومنطقة البحيرات العديد من الرحالة‬ ‫والمستكشفين الأوروبيين ‪ .‬الذين قدموا للعمل مع الحكومة المصرية وعمل معظمهم ني‬ ‫الإدارة والجيش والتعليم ‪ .‬ومن هؤلاء ‪ :‬فردريك كايو ‏(‪ )١٨٢٢ -١٨١٩‬ويريم ‏(‪١٨٤٧١‬‬ ‫‏‪ . )١٨٥٣ -‬وكومب ‏(‪ .)١٨٤٦‬وييكر ‪ .‬وأدى ذلك الى ظهور العديد من الدراسات‬ ‫(‪ )١‬عابدين ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٩٨ ‎‬‬ ‫‪.٥٥٨٩‬‬ ‫‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫محمود‬ ‫(‪ (٢‬حسن‬ ‫‪( .٣٦١‬نقلا عن‪‎‬‬ ‫‪ ٠.‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬حسن محمود‪‎‬‬ ‫‪٢٧٤‬‬ ‫والبحوث الميدانية عن السودان وعاداته وثقافاته وظروفه وإمكانياته في المكتبات‬ ‫الأوروبية لأول مرة بالتفصيل ‪ .‬فأدى ذلك إلى توجيه أنتباه الفرب إلى إمكانيات تلك‬ ‫المناطق من اذريقية‬ ‫أرض السودان ظهور ثورة ذات صيغة‬ ‫ترتب على الظروف الجديد التى حدثتعلى‬ ‫صوفية شعبية اهليحركة المهدية التى تنتسب إلى محمد أحمد ‪ .‬المولود في جزيرة مزار‬ ‫التابعة لدنقلة سنة ‪١٨٤٣‬م‪.‬‏ أخذت تلك الثورة شكلا سياسيا جديدا ترمي إلى الدعوة‬ ‫لتخليص شعب السودان من ظلم الإدارة الجديدة "ودعت إلى طرد الأجانب ‪ .‬وتمكنت تلك‬ ‫الثورة من توحيد الشعب السوداني ‪ .‬وتطور الأمر إلى إعلان الجهاد لتحرير البلاد من‬ ‫الإحتلال ‪ .‬وتمكنت خلال تلك الظروف الصعبة من الحفاظ على الهوية الإسلامية والعربية‬ ‫للسودان ‪ .‬رغم تحالف حكام مصر مع الإنجليز لمواجهةالثورة المهدية ‪.‬‬ ‫لقد كانت المهدية نوع من التغييز الجديد يتلاءم مع ظروف السودان وطبيعة تطوره‬ ‫بل أنها استكملت الدور الذي قام به الجيش المصري بحقهم فإذا كان محمد على وأبنائه قد‬ ‫أزالوا الفوارق السياسية والأقليمية للسودان ‪ .‬وقام المهدي بثورته زمن الخديوى توفيق‬ ‫فإنه بدأ يحاول أن يزيل المذاهب المتعددة في السودان ويجمع السودان على دين واحد‬ ‫ومذهب واحد وطريقة واحدة ‪.‬فألفى المذاهبالأربعة ‪ .‬وروض الناس على الزهد في الدنيا‬ ‫ومجاهدة النفس حسب نهج صوفي واع ‪ .‬وأحرق كل كتب الفقه والتفسير ‪.‬ولم يبق في‬ ‫السودان إلا الكتاب والسنة وكتب التصوف للاستنباط ‪.‬‬ ‫وبدأ أن يطبق الحدود الشرعية من قطع يد السارق‪ .‬ورجم الزاني ‪ .‬ويعاقب على‬ ‫ترك الصلاة‪ .‬وصلت أحيانأ إلى القتل ‪.‬كما فعل المرابطون في المغرب‪ .‬وفي نفس الوقت‬ ‫فتح باب الجهاد في سبيل الدين ‪ .‬وحصل على البيعة لقيادة الناس للجهاد وأقام حكومة‬ ‫سلفية صرفة فأنشأ بيت المال وفرض الزكاة والعشور ‪ .‬وقسم رايات الجيش‪'"(.‬‬ ‫‏(‪ )١‬حيث أحس السودانيون بوطأة الحكم المصري ‪ .‬الذي أدى إلى تغيير سريع في بنية المجتمع السوداني‬ ‫وعاداته ‪ .‬وخرجت في كثير من قرارتها عن المألوف ‪ .‬كما أنها فرضت الضرائب على الناس نقدأ رغم‬ ‫ما تعارف عليه أهل السودان بنظم أخرى غير النقد وكانت الحكومة تقرب فى بعض الطوائف على‬ ‫هواها ‪ .‬ولم تلتزم بالعدالة في حكمها ‪ .‬لذلك ردد المهدي ني منشوراته بهذه المفاسد‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬نقوم شقير ‪ .‬ج‪ .٣‬ص‪.١٣٩١ ‎‬‬ ‫_‬ ‫‪٢٧٥‬‬ ‫س‪‎‬‬ ‫وطارت المهدية إلى الافق العالمي حيث وجدت لها انصارا ومتعاطفين في مصر‬ ‫والحجاز وفي المغرب وفي كافة ارجاء العالم الإسلامي ‪ 0‬واعتبرت بحق حركة إسلامية‬ ‫‪,‬اصلاحية ناجحة تلامت مع ظروف بيئتها في النشأة ثم انطلقت إلى الأفق الإسلامي‬ ‫العالمى الرحب (""‪ .‬وقد اهتزلها المسلمون جميعا ‪ .‬ورأوا فيها رغبة مخلصة لاصلاح أحوال‬ ‫السلمين في السودان وفي غيره من مناطق العالم ‪ .‬وتوجهت الوفود إلى السودان‬ ‫لباركتها ‪ .‬بل بدأت تتجه المهدية من السودان إلى تحرير مصر من الإنجليز‪ .‬وإلى فتح‬ ‫باب الجهاد في الحبشة في الجنوب ‪.‬‬ ‫لكن الإنجليز وحكومة مصر تحالفا ضد المهدية وعملا على قهرها رغم انتصارات‬ ‫المهدية في البداية ("'‪ .‬وأعقب ذلك امتداد النفوذ الإنحبليزي المباشر والقوي في السودان‬ ‫واخذ يمتد إلى ارجاء اخرى من افريقية ‪ .‬وحرمت الساحة الإسلامية من حركة إسلامية‬ ‫فعاله في السودان‪'(.‬‬ ‫ومن دراستنا لعملية الانتشر العربي والإسلامي في السودان الشرقي نلاحظ مايلي‪:‬‬ ‫‏‪ -١‬أن الجيوش الإسلامية دخلت السودان في وقت متأخر‪ .‬بعد مراحل طويلة من‬ ‫المزج والانصهار بين العرب وسكان السودان الأصليين ‪ .‬فتمت عمليات المزج‬ ‫والانصهار والتغير ورسم أوضاع جديدة ‪ .‬فلما دخلت الجيوش بعد انتصار‬ ‫سريع وجدت السودان أشبه ما يكون بقطعة من العالم الإسلامي ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٢‬مازالت الدراسات التى كتبت عن السودان قديمها وحديثها يغلب عليها طابع‬ ‫الوصف والاستكشاف ‪ .‬الأمر الذي يؤدى إلى طمس دور هذا البلا في مسيرة‬ ‫الحضارة العالمية والإسلامية ‪ .‬ويؤدى إلى ركاكة الوجود العربي ‪ .‬الأصيل‬ ‫والمثمر بأرضه ‪ .‬وهذا ما يهدف إليه أعداء الإسلام ‪.‬‬ ‫' وكذلك طبيعة‬ ‫نشر ا لإسلام وثقا نفته في ‏‪ ١‬لسود ا ن‬ ‫لايمكن فصل عمليا ت‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٣‬‬ ‫تركيب المجتمع السوداني الحالي عن الطرق الصوفية ‪ .‬التى مازالت تمثل‬ ‫‏‪.١٢٨‬‬ ‫() عابدين ‪ !.‬مرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫‏‪.١٣١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬شقير ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫‏‪.٣٧٢‬‬ ‫‪ .‬ص‬ ‫ا مرجع السا بق‬ ‫محمود‪.‬‬ ‫‏)‪ (٣‬حسن‬ ‫‪_ ٢٧٦‬‬ ‫انحبازا سوداني حيا لنجاحهم المستمر في صهر مجتمع متلاطم من النواحي‬ ‫العرفية والسياسية والحضارية حتى أن محمد على وخلفائه ‪ .‬رغم ايمانهم‬ ‫بالتطور والعصرية ‪ .‬أدركوا خطورة مقاومة الطرق الصوفية ‪ .‬ولم ينكروا‬ ‫دورها بل وفروا لها الحماية والرعاية ‏(‪٨'١‬‬ ‫‏‪ - ٤‬تمكنت القبائل العربية التى توجهت في البداية إلى أرض النوبة والسودان‬ ‫تحت ضغوط سياسية وعسكرية الانتشار في ربوعه ‪ .‬واستغلال إمكانياته‬ ‫حسب كل منطقة استقرت فيها القبائل ‪ .‬سواء للرعى إو التجارة او الزراعة‬ ‫أو التعدين ‪ .‬وكان انتشارها فاتحة خير لاستغلال أراضي هذا الإقليم الواسع‬ ‫‪ .‬ومازالت السودان تتميز عن غيرها من الدول العربية والإسلامية بالانتشار‬ ‫العادل للكثافة السكانية والتى تبلغ ‏‪ .٩‬‏"مك‪ ٩/‬لعدد سكان يبلغ حوالي‬ ‫‏‪ ٥‬مليون نسمة علي مساحة هائلة تقدر بحوالى مليونين ونصف من الكيلو‬ ‫مترات المربعة ‪ .‬ومازالت المدن السودانية الرنيسية حتى الوقت الحاضر لا‬ ‫تعاني من ضغوط سكانية ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٥‬اذا كان غرض محمد على وأولاده خيرا للاستعانة من الأوروبيين في تطوير‬ ‫السودان إلا أن ذلك كان بداية اهتمامات غربية بالسودان وتوجيه أنظارهم‬ ‫نحو احتلاله واستغلال إمكانياته الزراعية والرعوية والغابية الغنبة‪٠'"(.‬‏ إذ‬ ‫تبلغ مساحة السودان الشرقي حوالي مساحة دول غرب ووسط أورويا تقريبا ‪.‬‬ ‫ومازالت الإهتمام الأوروبى قائمأ نحو السودان رغم تغير الظروف والأحوال‪.‬‬ ‫‏‪ -٦‬لا صحة إطلاقا لما يتردد حول غلبة الدماء الزنجية على السودان ‪ .‬ممازالت‬ ‫الدماء العربية تمثل ‏‪ /٦٥‬من دماء البلاد عامة ‪ .‬والقبائل الحامية والزنحجية‬ ‫‏‪ ٠ 7 ٢٥‬والجماعات النوبية حوالي ‏‪ . 7 ٤‬ولم تم‬ ‫مجتمعة لا يزبد وضعها عن‬ ‫‏(‪ )١‬مثال ذلك ‪ :‬أم درمان في الفرب عدد سكانها ‏‪ ٥٥٠‬ألف نسمة‪ .‬وسكان ميناء بورسودان حوالى‬ ‫‏‪ ٠‬ألف نسمة‪ .‬ووادي مدني حوالي ‪ .‬‏‪ ١٤‬ألف ‪ .‬والأبيض حوالى ‏‪ ١٢٠‬ألف نسمة ‪ .‬وجويا حوالى‬ ‫‪ .‬ألف نسمة ‪ .‬أما الخرطوم ورغم أنها العاصمة نسكانها حوالى نصف مليون نسمة فقط‪.‬‬ ‫‏‪ .٩٧ .٤٨‬طبعة ابن سينا بالقاهرة ‪.‬‬ ‫‪ -‬انظر عادل يونس ‪ .‬العالم الإسلامي اليوم ‪ .‬ص‬ ‫‏(‪ )٢‬انظر أطلس العالم ‪ .‬شارل بدران‬ ‫‪٢٧٧‬‬ ‫‪ .‬الأمر‬ ‫فصل الدماء الحامية عن الدماء الزنجية لتدنت الزنوجية إلى ‏‪٥‬‬ ‫الذى يؤكد عروبة السودان قلبا وقالب ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٧‬سيظل السودان‪ .‬رغم ما يتعرض له حاليا ‪ .‬هو الأمل المعقود للعالم‬ ‫الإسلامي لحل مشكلة الأمن الغذائي العربي والإسلامي ‪ .‬وأنه يمثل حقيقة‬ ‫سلة الغذاء الآمنة والطبيعية للعرب والمسلمين ‪ .‬ويرجع ذلك إلى إمكانياته‬ ‫الهائلة ‪ .‬فمساحة الأراضي الزراعية تبلغ حوالي ‏‪ ٢٥٠‬مليون هكتار من‬ ‫الأراضي الزراعية ‪ .‬لا يزرع منها حاليا سوى ‏‪ ٧‬مليون هكتار ‪ .‬ويوجد به‬ ‫‏‪ ٥‬مليون هكتار من الغابات الطبيعية ‪ .‬بالإضافة إلى ‏‪ ٢٥‬مليون هكتار‬ ‫من المراعى المستديمة ‪ .‬كما أنه لا يعاني من قلة في موارده المائية أو اضطراب‬ ‫في ظروفه المناخية‪ .‬ولا يحتاج إلا إلى إمكانيات مادية وبشرية لاستغلال‬ ‫طاقاته ‪ .‬ورغم ذلك فإن ظروف ارتباطه بالمجاعة وعدم الاستقرار ترجع إلى‬ ‫‏‪(١١‬‬ ‫ظروف عايرة‬ ‫‏‪ - ٨‬مهما يقال عن التجربة المصرية في السودان منذ محمد على‪ .‬فإنها ساهمت في‬ ‫استمرارية السيادة العربية وحماية الثقافة الإسلامية ‪ .‬وسيادة الدم العربي ‪.‬‬ ‫لكنها لم تتفهم ظروف السودان بصورة واقعية وفتحته أمام الأجانب الذين‬ ‫حملوا تقاريرهم إلى دولهم حول ثرواته وأسراره ‪ .‬مما جعل قلوب الناس هناك‬ ‫تربط بين الدور المصري والإنجليزي ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٩‬كان للسودان منذ القدم أثرا في حماية الدويلات الإسلامية الصغيرة التى‬ ‫قامت على ساحل ا لبحر الأحمر في ارتيريا وزيلع وغيرها ‪ .‬فقد وفرت لها‬ ‫عمقا عربيا وإسلامياً أمام عمليات الإبادة التي تعرض المسلمون لها في تلك‬ ‫الإرجاء على يد حكام الأحباش خاصة منذ العصور الحديثة ‪ .‬واستمرت‬ ‫عمليات تحول الناس إلى الإسلام في تلك المناطق ‏‪'"١.‬‬ ‫‏(‪ )١‬تحتوى صادرات حكومات السودان الحالية نسبة كبيرة للمواد الغذائية ‪ .‬الأمر الذي يخلق شكوك‬ ‫حرل الظروف الصعبة التى تواجه السودان حاليا‪.‬‬ ‫‪ -‬انظر أحمد هيبة ‪ .‬الإنتاج الغذائي في الوطن الإسلامي ‪ .‬ص ‏‪ ٣٥‬وما بعدها‪ .‬القاهرة ‪ .‬‏‪.١٩٨٠‬‬ ‫‏‪.٨٤‬‬ ‫‏(‪ )٢‬العارف ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫_ ‪_ ٢٧٨‬‬ ‫وقبل أتننتهى من تتبع عمليات انتشار الإسلام في السودان الشرقي ‪ .‬كان علينا‬ ‫‪.‬‬ ‫از نشير إلى أوضاع المسلمين على ساحل البحر الاحمر الإفريقي الجنوبي ‪ .‬ومناطق‬ ‫الحبشة ‪ .‬وهى المناطق التى شهدت هجرات عربية وإسلامية مبكرة ‪ .‬الأمر الذي أدي إلى‬ ‫ظهور كيانات إسلامية متعددة على يد التجار والدعاة ("‪ .‬وقد وفد النفوذ الإسلامي إلى‬ ‫تلك الأرجا ء عبر منفذين هما ‪:‬‬ ‫الأول ‪ :‬من مصر والسودان عبر الشريط الساحلى لبلاد البجة ‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬من اليمن والحجاز عبر البحر الأحمر ‪ .‬‏‪‘"١‬‬ ‫وقد تمكنت الجماعات العربية المهاجرة إلى سواحل أرتيريا والحبشة ومدخل البحر‬ ‫الأحمر الإفريقي الجنوبي من الحفاظ على هويتها ‪ .‬دون أن تستعين بجيوش إسلامية‬ ‫‏‪ ٠‬رسمية منذ البداية وأصبحت بلاد عفر والدناقل أرضا إسلامية ‪ .‬حيث تمكن التجار العرب‬ ‫من إتخاذ عيذاب ‪ .‬كرأس معبر من الحجاز إلى إفريقية واستولوا على زيلع وهرر‬ ‫ليتمكنوا من الوصول إلى أعالى هضبة الحبشة ‪ .‬ومرور الزمن ظهرت إمارات ومشيخات‬ ‫إسلامية صغيرة ‪ .‬وبدأ الإسلام ينتشر من قبانل حبشية مثل سوامة وماحولها من قبائل‬ ‫البدو ‪ .‬ودخل الإسلام كذلك بلاد كوش مثل فتجر وداورة وهدية ويلي واصبحت تلك‬ ‫الملشيخات حاجزا لامتداد النفوذ الحبشي فيما بعد ‪.‬‬ ‫الأمر الذي أدي إلى استمرارية الصراع بين تلك المشيخات ‪ .‬ويين حكام الحبشة حتى‬ ‫العصور الحديثة ‪ .‬وكانت الحرب سجالأ بين الطرفين ‪ .‬حتى تمكن أحد القادة المسلمين وهو‬ ‫الإمام أحمد الجرافى من فتح الحبشة وإزالة ملكها سنة ‪١٥١٢٧‬م‏ ‪ .‬ومنذ القرن السادس‬ ‫عشر أصبحت لقبائل الجالا دورا هامأ في الوجود الإسلامي في أراضي الحبشة ‪'".‬‬ ‫وخلال القرن التاسع عشر تحولت قبائل الجالا إلى الإسلام على يد التجار المسلمين‬ ‫ودعاتهم واشترك معهم رجال الطرق الصوفية وأصبحت القبائل الساكنة في حوض نهر‬ ‫جبة إسلامية مثل ‪ :‬جما وجيرة وليمو وحيمة وأبا جفار ‪ .‬كما حدث في القرن التاسع عشر‬ ‫أيضا تحول معظم قبائل أرتيريا إلى الإسلام ‪ .‬وكانت من قبل مسيحية ‪ .‬ومن أهمها‬ ‫(‪)١‬غيث‏ ‪ .‬فتحي ‪ .‬الإسلام والحبشة ‪ .‬ص ‏‪.٨٢‬‬ ‫‏‪. ١١١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬نوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫‏‪.١٨٠/١٧٩١‬‬ ‫‏(‪ )٣‬مؤنس ‪ .‬الإسلام الفاتح ‪ .‬ص‬ ‫‪_ ٢٧٩‬‬ ‫قبائل ماريا وبيلين وأبو غغوص ومانسا ويورك ‪ .‬وقد ذابت تلك القبائل في الإسلام‬ ‫والعروبة ‪ .‬ويدأت تلك المناطق تدخل في صراع شديد مع حكام الحبشة منذ نهاية القرن‬ ‫التاسع عشر وبداية القرن العشرين ‏‪'١(.‬‬ ‫وهناك أريع مناطق في تلك النواحي من مدخل البحر الأحمر الإفريقي ينتشر فيها‬ ‫الإسلام وهي ‪:‬‬ ‫‏‪ - ١‬منطقة الساحل الإفريقي للبحر الأحمر ‪ .‬وسكانها من أهل حاقي ‪ .‬مثل زيلع‬ ‫وثقافتها عربية ‪ "(.‬واستمرت منطقة الجزيرة العربية تمدها بالدماء العربية‬ ‫والثقافة الإسلامية باستمرار وتنتشر الجاليات الإسلامية كقوة أساسية في‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫بنادرها‬ ‫‪ - ٢‬منطقة الهضاب العليا الوسطى التى تسيطر عليها إداريا الحبشة المسيحية‪. ‎‬‬ ‫ويسكن فيها جماعة الجبرتيه المسلمون وقبائل الجالا وهم مسلمون أيضا‪. ‎‬‬ ‫‏‪ - ٣‬السهول الشرقية الجنوبية وهضبة هرر ‪ .‬وهناك منازل للبدو من قبائل عفر‬ ‫‪ 6‬وهى منطقة‬ ‫قبا ئل الجالا في تلك ا لجها ت‬ ‫وا لصوما ليين وتستقر بعض‬ ‫إسلامية بالكامل ‪ .‬رغم تعدد اللهجات واللغات الحامية فيها ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٤‬منطقة جنوب غربي الحبشة وهى منطقة الجيبة حيث دخلت الإسلام جماعات‬ ‫من سكان سدامة والميشاجللو ("'‪ .‬وقد دخل الإسلام إلى تلك الجهات بشكل‬ ‫هادىء وبطىعء بسبب ظروفها الجغرافية ‪.‬‬ ‫وأهم الكيانات التي ظهرت هناك هكيما يلي ‪:‬‬ ‫أولا ‪ :‬مملكة الشوا الإسلامية ‪.‬‬ ‫وهى مملكة ظهرت في إقليم شوا داخل أراضي الحبشة ‪ .‬وكونت لنفسها كيانا‬ ‫(‪ )١‬العارف ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪ ٧٢٢ ‎‬وما بعدها‪. ‎‬‬ ‫‪.٠‬‬ ‫‪١ ٨ ١‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫نقسه‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫مونس‬ ‫) ‪(٣‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪١ ٨‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١ .٠‬مرجع ا لسا بى‪‎‬‬ ‫مؤنس‪‎‬‬ ‫) ‪( ٢‬‬ ‫‪٢٨.‬‬ ‫سياسيا مستقلا نسب إلى اسم منطقتها ‏(‪. '١‬وكان حكامها من العرب من بنى مخزوم‬ ‫[" ‪ .‬الذي ينتمي إليهم خالد بن الوليد ‪.‬‬ ‫ظهرت تلك الدولة منذ سنة ‪٨٩٦‬م‏ ‪ .‬فى ظل ظروف صعبة حيث أنها تكونت وسط‬ ‫بيئة معادية فى الهضبة الحبشية ‪ .‬وقد استمرت حوالى أربعة قرون في جو معزول عن‬ ‫العالم الإسلامي والعالم الخارجي ‪ .‬وقد تمتعت خلال تلك الفترة الطويلة بنوع من الإكتفاء‬ ‫الذاتي بسبب مواردها الزراعية والرعوية الكبيرة وملاسمة مناخ الهضبة للاستقرار ‪.‬‬ ‫انتهت دولة الشوا الإسلامية بسبب عوامل تفكك داخلية من خلال الصراع بين‬ ‫مناطقها ‪ .‬مما أدى إلى وقوعها تحت يد عناصر جديدة ودول فئية مثل دولة أيفات التى‬ ‫كانت قد بدأت في الظهور وأخذت في التوسع الخارجي فاصطدمت بدولة شوا واحتلتها‬ ‫سنة ‪٢٨٩‬ام‏ بعد عدة معارك بين الجانبين ‪ .‬‏‪6٢١‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬مملكة وفات ‪:‬‬ ‫وتسمى أحيانا جبرة ‪ .‬وإليها ينتسب الجبرتي‪ .‬وقامت على ساحل البحر الأحمر شرق‬ ‫الحبشة‪ .‬وكانت تضم العديد من القرى الزراعية المتصلة الغنية ‪ .‬وقد امتلكت جيشأ قويا‬ ‫بلغ عدده خمسة عشر ألفأ من الفرسان ‪ .‬وعشرون ألفا من المشاة ‪ .‬ويتبع تلك المملكة‬ ‫‏‪ ١‬لإقليم منذ‬ ‫‪ .‬وا لتى كانت نوا ‏‪ ٥‬للتوسع ‏‪ ١‬لعربي وا لإسلامي في‬ ‫مدينة زيلع ‏‪ ١‬لتجارية | لشهيرة‬ ‫البداية ‪ .‬وانتشرت في قرارها المعالم الإسلامية من المساجد وغيرها ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬ملكة هدبة‪:‬‬ ‫تلي ملكة أوفات من الجنوب ‪ .‬وطولها ثمانية أيا م وعرضها تسعة أيا م ‪ .‬وملكها‬ ‫من اقوى ملوك المنطقة إذ يملك قوة عسكرية قوامها نحو اربعين الف فارس ‏‪ .٠‬سوى‬ ‫الرجالة ‪.‬‬ ‫ما بعدها ‪.‬‬ ‫‪..‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‪.‬ا مرجع السا بق‬ ‫العا رف‬ ‫()‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪١ ٩ ٢‬‬ ‫‏‪ ٠6‬ص‬ ‫‏‪ ١ ٠‬مرجع ‏‪ ١‬لا بق‬ ‫‏) ‪ ( ٢‬نوري‬ ‫)( غيث ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪ ٨٥‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٨١‬س‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ :‬مملكة داوارو‬ ‫رابعأ‬ ‫تلى مملكة أوفات ‪ .‬سابقة الذكر ‪ .‬ويها قوة عسكرية من الفرسان والمشاة ‪.‬‬ ‫خامسا ‪ :‬مملكة أرابيني ‪:‬‬ ‫هي مملكة مربعة المساحة ‪ .‬يبلغ طولها أربعة أيام في أربعة كذلك ‪ .‬ولديها قوة‬ ‫(‪١‬ا‪.‬‏‬ ‫كة‬ ‫سادسا ‪ :‬مملكة شرحا‪:‬‬ ‫وهى تلى مملكة هدبة ولديها قوة عسكرية ‪.‬‬ ‫سابعا ‪ :‬علكة بالي ‪:‬‬ ‫تلى مملكة شرحا وطولها عشرون يوما وعرضها ستة أيا م ‪ .‬وهى من أخصب الممالك‬ ‫السابقة وأطيبها هواء ‪.‬‬ ‫داره ‪ ,‬‏‪(٢‬‬ ‫ثامنا ‪ :‬ملكة‬ ‫هى أضعف الممالك السابقة من حيث الرجال والمساحة ‪.‬‬ ‫ويبدو أن الممالك كنت تتبع في السيادة إلى سلطان وحاكم الحبشة الذي كانت لديه‬ ‫السلطة في تغيير حكامها عدا مملكة شوا ‪ .‬أما مملكة أوفات فقد كان لها الزعامة عليهم‬ ‫بسبب إمكانياتها الإقتصادي والعسكرية ‪ .‬ويبدو أنها بدأت تتعرض للإزالة في العصور‬ ‫الحديثة على يد ملوك الحبشة بعد ظهور التعاون الصليبي الحبشي في منطقة القرن‬ ‫الإفريقي وجنوب البحر الأحمر ‪"( .‬‬ ‫وفي القرن العشرين استمرت عمليات التدهور لأحوال المسلمين في الحبشة ‏‪."٨١‬‬ ‫(‪ )١‬النوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٩٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬القلقشندى ‪ .‬صبح الأعشى ‪ .‬ج‪ . ٥‬ص‪ ٣٢٢ ‎‬وما بعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬غيث ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٨٧ ‎‬‬ ‫‪ ١٥‬ومابعها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬العارف ‪ .‬المرجع الابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‏‪ ٢٨٢‬س‬ ‫حيث استمرت عمليات النقل والإبادة وارتكاب المذابح كان أشهرها مذبحة هرر سنة‬ ‫‏‪ ٤٧‬م ‪ .‬حينما حاول شعب هرر المسلم المطالبة بحقوقه ومساواته بالطوائف الأخرى ‪.‬‬ ‫‏‪ ١٩٤٤‬م ‪ .‬وفي‬ ‫سنة‬ ‫كما وتعت مذا بح ا خرى في كمباشا وفي جرسم وفي سلطنة ا وسا‬ ‫مقاطعة القرافي ‪ .‬وبين قبائل دايا سنة ‪١٩٤٢‬م‏ ‪.‬‬ ‫تاسعا ‪ :‬قضية أرتيريا ‪:‬‬ ‫تقع أرتبريا في الجزء الجنوبي الفربي من ساحل البحر الأحمر الإفريقي ‪ .‬وتتصل‬ ‫بحدودها مع السودان والحبشة والصومال ‪ .‬ومساحتها حوالي ‏‪ ٤٥‬ألف كم‪٢‬‏ ‪ .‬وعدد‬ ‫‏‪ ٢٠‬من السكان والباقي‬ ‫سكانها حوالي ثلاثة ملايين ‪ .‬يبلغ عدد المسمين بينهم حوالي‬ ‫من المسيحيين ‪ .‬ظلت مركزا إسلاميأنشطا طوال تاريخها الوسيط ‪ .‬وفى العصور الحديثة‬ ‫أصبحت تابعة للدولة العثمانية منذ سنة ‏‪ ٥٥٧‬‏م‪ . ١‬إلى ‪١٨٦٤‬م‏ ‪.‬‬ ‫انتقلت إدارة ساحل أرتيريا إلى حكومة مصر زمن ‪١٨٦٤‬م‏ ‪ .‬ثم اتجهت إليها‬ ‫الأطماع الأوروبية حيث سيطرت عليها الحبشة سنة ‪١٨٨٩‬م‪.‬‏ وظلت تحت الحكم الإيطالي‬ ‫حتى سنة ‪١٩٤١‬م‏ ‪ .‬حيث نقلت إدارتها إلى بريطانيا بعد هزيمة ايطاليا في الحرب العالمية‬ ‫الثانية ‪ .‬وإمتدت السيادة البريطانية على طول الساحل الغربي للبحر الأحمر من الشمالي‬ ‫‪.‬‬ ‫إلى الجنوب ‏‪'١(.‬‬ ‫وفي زمن السيادة البريطانية نشطت عمليات المضايقات ضد مسلمي أرتيريا ‪.‬‬ ‫وظهرت أحزاب في الحبشة تنادي بضم أرتيريا إلى الحبشة ‪ .‬وصدر قرار الأمم المتحدة في‬ ‫هذا الشأن بعد عمليات مقاومة من جانب المسلمين ‪ .‬حيث أصدرت الأمم المتحدة قرارها‬ ‫سنة ‏‪ ٠‬‏ما‪ ٥٩‬بإنشاء حكومة أرتيريا تتمتع باتحاد فيدرالي مع أثيوبيا ‪ .‬وفي سنة ‪١٩٥١٢‬م‏‬ ‫تقدمت القوات الأثيوبية لتمثل أرتيريا وتحولها مديرية أثيوبية يحكمها ممثل عن‬ ‫الإمبرطور ‪ .‬وكان هذا عملا قاسيا ضد الوجود الإسلامي‪ .‬حيث بدأت عمليات النزوح‬ ‫والهجرة للمسلمين بعد أعمال العنف ضدهم ‪ .‬الأمر الذي أدى إلى انخفاض عدد ونسبة‬ ‫المسلمين إلى النصف ليلة الإستقلال سنة ‪١٩٩٢‬م‪.‬‏ وطمست الشخصية الإسلامية في‬ ‫المنطقة وتدهورت أحوال المنطقة ‪ .‬حتى لاحظ ذلك المراقبون الذين زاروها في يوم الإستقلال‬ ‫‏(‪ )١‬مسعود ‪ .‬جمال ‪ -‬جمعه ‪ .‬وناء ‪ .‬إفريقية التى يراد لها أن تموت جوعا ص ‏‪ ١١٤‬ومابعدها ‪.‬دار‬ ‫‪.‬‬ ‫مصر‬ ‫‪.‬‬ ‫المنصورة‬ ‫الوفا ‪.‬‬ ‫‪_ ٢٨٢‬‬ ‫‪.‬حيث ظلت المناصب الكبري والإمتيازات لغير أهل أرتيريا وحولت الساحل إلى مصالع‬ ‫أثيوبية دون النظر إلى مصالح المنطقة وهويتها الحضارية ('' وحرمت السلطات الأثيوبية‬ ‫تدريس اللفات الرسمية في أرتيريا وهما اللغة العربية واللفة التقرينية ‪ .‬ومنعت‬ ‫استعمالها في المكاتب والإدارات الحكومية ‪ .‬كما أغلقت المدارس العربية ومنعت دخول‬ ‫الكتب والمجلات العربية إليها ‏‪'"١.‬‬ ‫وبعد تشكيل جبهة التحرير الأتيرية استمرت عمليات الكفاح المنظم لاستعادة حرية‬ ‫البلاد واستقلالها وتكبدت في سبيل ذلك العديد من التضحيات ‪ .‬حتى أنتهى الأمر‬ ‫بحصول البلاد على الاستقلال سنة ‪١٩٩٢‬م‏ ‪ .‬وأصبحت عضوا في الأمم المتحدة ‪ .‬ومازال‬ ‫أمام أهلها طريقا طويلا من أجل البناء وإعادة هوية المنطقة إليها قبل دخول الأوروبيين‬ ‫والأحباش اليها ‪ .‬وممارساتهم ضد الإسلام وثقافته ‪.‬‬ ‫اتوهت أعدا د كبيرة من أها لي أرتيريا للعيش خارج حدود بلاد هم بمد عمليات‬ ‫الدمج بالقوة مع اثيوبيا سنة ‪١٩٦٢‬م‏ حينما صدر قرار الغاء الإتحاد الفيدار إلى ودمجها‬ ‫كاملا كأحدى أقاليم أثيوبيا في فبراير سنة ‏‪ .١٩٦٢‬فهرب العديد من أصرار أرتيريا منهم‬ ‫الشيخ‪ /‬عمر قادر ‪ .‬والشيخ ابراهيم وولدياب ماريام ‪ .‬بعد عمليات الإبادة الأثيوبية ‪.‬‬ ‫وإن كانت أعداد منهم قد بدأت في العودة إلى أرتيريا من الدول الإسلامية المجاورة ‪.‬‬ ‫‪.١١٨‬‬ ‫‪ .‬ا مرجع نفسه ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )١‬مسعود‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ ٣ .٤‬وما بعدها‪‎‬‬ ‫‪ ٠.‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١ ٠‬لمرجع‪ ١ ‎‬لسا بق‪‎‬‬ ‫) ‪ ١ ( ٢‬لعا رف‪‎‬‬ ‫_‬ ‫‪٢٨٤‬‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫انسياب الإسلام قي السودان‬ ‫‪ -‬الأوسط ‪-‬‬ ‫‪:‬‬ ‫أولا ‪ -‬كانم وبرنو‬ ‫تمتد منطقة السودان الأوسط حول بحيرة تشاد ‪ .‬وإلى الجنوب مباشرة من خط‬ ‫الصحراء بين طرابلس وجبل نفوسة إلى بحيرة تشاد‪ .‬وعلى امتداد دوائر المرض مع بلاد‬ ‫السودان الشرقي والغربي ‪ .‬أى أنها تمثل منطقة القلب المتوسط بين بلاد السودان الشرقي‬ ‫والفربي من جهة ‪ .‬وبين واحات الصحرا ء في الشمال وغابات وأدغال افريقية في الجنوب‬ ‫‪ .‬ويسبب هذا الموقع المتميز فإنها أصبحت أسرع من غيرها في تلقي المؤثرات الإسلامية‬ ‫منذ البداية ‪.‬‬ ‫تقع منطقة بحيرة تشاد وسط عدة أودية من معظم الجهات تحمل إليها المياه العذبة‬ ‫والتربة المتجددة باستمرار ‪ "( .‬مما أدى إلى استمرارية مركزها الاتتصادي ‪ .‬ووفدت إليها‬ ‫جماعات عديدة للاستقرار حولها والاستفادة من مميزاتها ‪ .‬كما أصبحت تلك الأودية بمثابة‬ ‫معابر مستمرة للجماعات وقوافل التجارة بين أجزاء بلاد السودان ‪ .‬حتى أعتقد البعض‬ ‫أن تلك المنطقة قد شهدت أعرق الحضارات الإفريقية منذ عصور الحجرية وقبل أن يحل‬ ‫عصر الجفاف ‪ .‬وكان من أهم شعوبها شعب صاوً أو ساو صاحب الحضارة ‪ .‬المواطن الذي‬ ‫ينتسب إليه شعب كانم الحالي ‪ .‬وشعب التوجو ‪ .‬وهم لاينسبون انفسهم إلى العرب او‬ ‫البربر أو الطوارترأو المصريين ‪ .‬مما يدل على أصالتهم في المنطقة "‪.‬‬ ‫بدأت طلائع العرب والمسلمين إلى السودان الأوسط منذ منتصف القن الأول الهجري‬ ‫‏‪ ٨‬ففي سنة ‏‪ ٤٦‬‏م‪/٦٦٦‬ه وصلت قوات المسلمين بقيادة عقبة بن نافع إلى إقليم كاوار "'‬ ‫وهو الإقليم الذي يصل بين طرابلس في الشمال وبين كانم في السودان الأوسط في الجنوب‬ ‫(‪ )١‬أبو عيانة ‪ .‬الجغرافية الإتليمية ‪ .‬ص‪ .٢٤٩ ‎‬الجوهري ‪.‬رافريقية الإسلامية ‪ .‬ص‪.٣٤٤ ‎‬‬ ‫‪.٠‬‬ ‫‪١ ٤١‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫الفاتح‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬الإسلام‬ ‫مؤنس‪‎‬‬ ‫(‪( ٢‬‬ ‫(‪ )٣‬واحة بها مدن وقرى وأسواق شهيرة ‪ .‬ياقوت الحموي ‪ .‬معجم البلدان ‪ .‬ج‪ .٤‬ص‪.٤٣٣ ‎‬‬ ‫_‬ ‫_ ‪٢ ٨ ٥‬‬ ‫‪ .‬وأصبح هذا‪ .‬الطريق منذ ذلك الوقت يحمل المؤثرات الإسلامية الهامة إلى السودان‬ ‫الأوسط ‪ .‬ومن قبل عقبة ‪ .‬وصل والده نافع بن عبدالقيس الفهري إلى منطقة فزان في‬ ‫خلافة عثمان بن عفان ‪ .‬الأمر الذي يدل على خبرة عقبة بن نافع في تلك النواحي ‪.‬‬ ‫ويسبب خبرة عقبة بن نافع أصبحت أعماله لها دورها الكبير في إرساء الأسس‬ ‫لنشر الإسلام في الواحات الصحراوية والسودان الأوسط ‪ .‬فقد استفاد يزيد بن معاوية من‬ ‫جديد من خبرة عقبة ‪ .‬وعمل على تثبيت الإسلام في مناطق الواحات وإقليم كوار الممتد‬ ‫جنوبا حتى السودان الأوسط ‪ .‬وهى البلاد التى تقصدها قوافل التجار باستمرار لجلب‬ ‫الشب والعبيد والذهب ‪ .‬خاصة تجار جبل نفوسة وطرابلس ‪ .‬في مقابل تصدير القمح من‬ ‫سهول إفريقية ووديانها ‏‪'١(.‬‬ ‫وقد أدى التداخل عمليات التجارة وحركة القوافل المستمرة بين شمال إفريقية وبين‬ ‫بلاد كانم ‪ .‬إلى اضطراب الروايات حول تحديد فترة بعينها لدخول الإسلام إلى تلك البلاد‬ ‫‪ .‬فيذكر البعض أنه قد حدث في بداية القرن الثاني الهجري ‪/‬الثامن الميلادي ‪ .‬في خلافة‬ ‫عمر بن عبدالعزيز ‏(‪ -٩٩‬‏‪/١٧١٧-‬ه‪ ١٠١‬‏م‪ ) ٠٢٢‬حينما قدم بعض جنوده إلى السودان‬ ‫الأوسط ونشروا الإسلام هناك ‪ .‬وهناك من يذكر أن الإسلام وصل إلى بحيرة تشاد على يد‬ ‫رجل يدعى أبن يزيد القزاري قدم من واحة فزان أو من وادي النيل في القرن الأول الهجري‬ ‫‪ .‬وارتبط اسمه باسرة هناك فيما بعد ("‪ .‬أى أن الإسلام قد وصل إلى تلك الجهات مبكرا‬ ‫مع خطواته الأولى في الشمال الإفريقي بسبب قوة الارتباط بين الطرفين عبر الصحراء‬ ‫الكبرى ‪ .‬وإن كنا نرجح الرأى القائل بوصول الإسلام إلى تلك النواحي مع خلافة عمر بن‬ ‫عبدالعزيز ‪ "".‬خلال عمليات التبادل التجاري النشط عبر واحات الصحرا ‪ .‬‏‪'٨١.‬‬ ‫ولما كانتا لطرق ا لبرية ا لصحرا وية ا لتى تربط وا حا ت مصر ووا حات شما ل إفريقية‬ ‫تتجه إلى وسط السودان ‪ .‬من خلال ارتباط واحات سيوه وفزان وبلما ‪ .‬فإن حركة القبائل‬ ‫‪.٢٦١‬‬ ‫(‪ )١‬عبدالكريم ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪,‬ام‬ ‫‪5‬س‬ ‫‪,‬‬ ‫‪: .39‬‬ ‫‏)‪(٢‬‬ ‫‪.٦٦‬‬ ‫(‪ )٣‬طرخان ‪ .‬امبرطورية البرنو ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٤‬كاني ‪ .‬مظاهر الاتصالات الفكرية والثقافية بين شمال إفريقية ووسط السودان ‪ .‬ص‪. ١٢ ٠١٢١ ‎‬‬ ‫مجلة البحوث التاريخية ‪ .‬العدد الأول ‪ .‬السنة الثالثة ‪'.‬ليبيا ‪ .‬سنة‪.١٩٨١ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٨٦‬‬ ‫العربية التى كانت تحدث في مصر وفي شمال افريقية أصبح لها صدى سريع ومؤثر في‬ ‫السودان الأوسط ‪ .‬الأمر الذي أدى إلى اختلاطات عرفية سريعة في منطقة كانم منذ‬ ‫البداية بين العرب ويين البربر ويين الزنوج ‪ .‬فقد اتجهت إلى بحيرة تشاد جماعات عربية‬ ‫بسبب عوامل اقتصادية وسياسية ‏‪'١(.‬‬ ‫وقد ترتب على تلك الموجات المهاجرة منذ البداية في منطقة كانم ظهور شعب جيد له‬ ‫سماته الخاصة ‪ .‬ترجع معظمها إلى العنصر العربي ‪ .‬وتمكن هذا الجيد من هزيمة الجماعات‬ ‫الوثنية خاصة جماعات الزغاوة ("'‪ .‬وأصبح هذا الجزع من السودان الأوسط يمثل صورة‬ ‫جديدة من صور التأثيرات الإسلامية في المنطقة ‪ .‬وظلت الجماعات الإسلامية في المنطقة‬ ‫تعيش وسط محيط وثنى لفترة طويلة حتى انتهى الأمر بإسلام أول حاكم في بورنو وهو‬ ‫الماى هيوم حلمي ‏(‪ - ١٠٨٦‬‏‪).‬م‪ ٧٩٠١‬الذي أصدر دستورا عن الإسلام لخلفانه ‪.‬‬ ‫يتضمن كيفية دخول الإسلام إلى السودان الأوسط ("'‪.‬‬ ‫وكان للفقيه المسلم والداعية محمد بن ماني الدور الكبير في تحول ملوك وزعماء‬ ‫البرنو إلى الإسلام وقد عاش هذا الداعية عمرأ مديدأ بلغ حوالى مائة وعشرين عاما ‪.‬‬ ‫وارتبط بعلاقات ‪ .‬حسنة مع زعماء وملوك البرنو حتى أصبح المعلم الروحي لهم ‪ .‬فكان‬ ‫‏(‪ )١‬ياقوت الحموي ‪ .‬معجم البلدان ‪ .‬جا‪ .‬ص ‏‪( .٢٦٠٠‬مادة كانم)‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬قبائل الزغاوة من الشعوب التى تجمع بين الصفات الزنجية والحامية ‪ .‬وتكتب أحيانا زواوة أو زوارة‬ ‫‪ .‬هاجرت من شرق المغرب الأوسط إلى واحات فزان ‪ .‬ثم هاجرت أغلب جماعاتها صوب الجنوب إلى‬ ‫دارفور ‪ .‬وكان ظهورهم شرق بحيرة تشاد حوالى سنة ‪١٨٤‬ه‏ ‪٨٠٠/‬م‏ ‪.‬‬ ‫‏‪.٦٢‬‬ ‫‪ -‬عبدالكريم ‪ .‬جودت ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫(‪ )٣‬نص دستور جلي على ما يلي‪: ‎‬‬ ‫‪ - ١‬أن أول بلد يدخله الإسلام في السودان هو بلاد البرنو وقد دخلها على يد الفقيه محمد بن ماني‪‎‬‬ ‫الذي عاصر خمس سنوات من حكم الماى بولووست سنوات من حكم آركى وأربع سنوات من حكم الملك‪‎‬‬ ‫كاداي هوامي وأربع عشرة سنة من حكم هيوم جلي‪. ‎‬‬ ‫‪ - ٢‬أن الملك هيوم جلي قد قام بنشر الإسلام مع الفقيه محمد بن ماني لدى عدد من القبائل والأسر‪‎‬‬ ‫التى أسلمت ‪ .‬وبعد إسلامها أوصى الملك هيوم جلي بحرمة أموالها ودمائها ودعا على من يتعدى‪‎‬‬ ‫على حرمتها بنار جهنم ‪ .‬وأنهى دستوره بالسلام ‪ .‬كما بداه بالبسملة والحمد الله‪. ‎‬‬ ‫‏‪.٦٨‬‬ ‫‪ -‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫‪٢٨٧ -‬‬ ‫يعلمهم مبادىء وأسس الإسلام والقرآن الكريم ويدرسهم بعض سوره ‪ .‬فقد أقرأ الملك بولو‬ ‫الجزء بين الأخيرين من القرآن الكريم ‪ .‬أما الملك أوكى فقد قرأ بعد سورة يس إلى نهاية‬ ‫سورة الناس ‪ .‬في حين قرأ الملك هيوم القرآن الكريم كله ‪ .‬كما درس السيرة النبوية‬ ‫الشريفة على يد هذا الفقيه ‪.‬‬ ‫وانعكست عملية إسلام حكام برنو على سياستهم الداخلية والخارجية فقد قاموا‬ ‫بنشر الإسلام ومبادنه وشجعوا القبائل على دخوله ‪ .‬كما أسسوا العديد من المساجد‬ ‫والتزموا بالكف عن شن الحروب على القبائل المسلمة ‪ .‬وحرموا أموال الأسر المسلمة لذلك‬ ‫‪.‬أصبحت مناطق السودان الأوسط هدفا لهجرات العديد من القبائل العربية والبربرية‬ ‫المسلمة منذ القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلادين عبر دروب الصحراء المصرية‬ ‫وواحات الصحرا ء الليبية حتى غلبت معظمها على جماعات الزغاوة أيضا في مناطق شرق‬ ‫بحيرة تشاد جهة منطقة دارفور ‪ .‬وظلت قبائل الزغاوة بين مد وجزر للتحول إلى الإسلام‬ ‫حتى انتهى الأمر بإسلامها ‏(‪ '١‬كما كان للتجار العرب دور كبير في نشر الأسلام في تلك‬ ‫الجهات ‪ .‬خاصة تبار طرابلس عبر واحات ليبيا وإقليم كوار "' ‪.‬‬ ‫أى أن عملية التواجد الإسلامي في السودان الأوسط كانت قائمة منذ القرن الأول‬ ‫المجرى‪ /‬نهاية السابع الميلادي ‪ .‬بدليل ازدهار عمليات التبادل التجاري بين الطرفين منذ‬ ‫البداية وترد العديد من تجار العرب والبربر المسلمين على بلاد كانم واستقرار البعض منهم‬ ‫هناك ("" ‪ .‬ولكن كانت عملية إسلام الملك هيو جلي هى التى لفتت أنظار الناس جميعا‬ ‫إلى الإسلام ويد التحدث عن الدين الإسلامي بصورة واضحة ("'‪ .‬فبدأت تغيرات تحدث‬ ‫في أسماء ملوك كانم ويرنو تحمل في بداياتها أسماء إسلامية ‪ .‬وعمد آخرون منهم إلى‬ ‫تبديل أسمائهم الوثنية إلى أسماء وألقاب عربية وإسلامية‪'٨(.‬‏‬ ‫ومنذ القرن السادس الهجري ‪/‬الثاني عشر الميلادي بدأ حكام برنو يتلقبون بألقاب‬ ‫(‪ )١‬مقلد ‪ .‬حركة المد الإسلامي في غربي افريقية ‪ .‬ص‪ .١٢٥ ‎‬جامعة القاهرة‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬القلقشندى ‪ .‬صبح الأعسنى ‪ .‬جه ‪ .‬ص‪.٢٨١ ‎‬‬ ‫ئ‪, ‎‬‬ ‫‪,, : .61‬‬ ‫‪(٣‬‬ ‫(‪ )٤‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٦١٩١ ‎‬‬ ‫‪.١٠٥‬‬ ‫(‪ )٥‬نوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪٢٨٨‬‬ ‫إسلامية مثل أمير المؤمنين ا" كما أضيفت أعمال إلى هؤلاء الحكام قبل ذكر إسمانهم‬ ‫مثل ‪ :‬أنه أول من حطم المعبد الوثني الضخم الذي كان في كانم حيث لم يجرؤ أحد من‬ ‫الملوك قبله على تحطيمه‪ .‬وكان أول من تلقب بلقب أمير المؤمنين الماي دوغة‪.‬‬ ‫‏(‪ - ١٢٥٩‬‏“)م‪ ٨٧٢١‬نشطت الدعوة الإسلامية‬ ‫وفي عهد الكملاكداىعبدالقديم‬ ‫‏(‪ ٠ - ١٢٧٩‬‏)م‪١‬ا‪ ٠٣‬الذي لقب عند العرب‬ ‫كما نشطت في عهد خلفه عثمان بن زينب‬ ‫باسم الهادي العثماني ‪ .‬والذي ينسب إلى عثمان بن عفان ‪ .‬وقد تسمى بخليفة‬ ‫المسلمين ("" وجعل ترتيبه في الخلافة بعد الخليفة عمر ين عبدالعزيز الأموي ‪'"(.‬‬ ‫ومع بداية القرن السادس الهجري قام حكام برنو بأداء فريضة الحج ‪ .‬ويدا منذ ذلك‬ ‫الرتت يتردد اسم حكامهم من بين حكام الدول الإسلامية في العواصم الكبرى للعالم‬ ‫الإسلامي ‪ .‬ويدأت برنو ترتبط بعلاقات فكرية وحضارية مع العالم الإسلامي في مصر‬ ‫والحجاز وشمال إفريقية ‪ .‬كما ارتبطوا بعلاقات سياسية مع حكومات تلك المناطق لأهمية‬ ‫تلك الدول على دروب الحج من السودان الأوسط إلى الحجاز (ك'‪ .‬وأول ملك من البرنو قام‬ ‫بهذا الأمر هو الملك دونامة الذي خلف الملك هيوم جلي في الحكم‪ .‬ويذكر أن هذا الملك قد‬ ‫قام الملك بأداء تلك الفريضة أكثر من مرة ‪ .‬وبرجع إليه الفضل في أنه بنى أول مسجد‬ ‫كبير في بورنو في مدينة بالاك في شرق كانم ث"‪.‬‬ ‫ونتيجة لذلك فقد ازدهرت الطرق التجارية البرية عبر صحراء مصر الغربية وجنوبها‬ ‫إلى بلاد برنو ‪ .‬وأصبحت القوافل من الجانبين تسلكها ذهابأ وإيابأ ‪ .‬خاصة وأن حكام‬ ‫برنو بدأوا يرتبطون بتجارات مصر مباشرة ‪ .‬وبدأوا في التنسيق مع حكام مصر للقضاء‬ ‫على جماعاتسالبدو وقطاع الطرق الذين يتهددون قوافل التجارة «”' ‪ .‬وازدهرت في تلك‬ ‫‪. ٧٠‬‬ ‫(‪ )١‬طرخان ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٧١‬‬ ‫(‪ )٢‬طرخان ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬كاني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٣ ‎‬‬ ‫‪ -‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٧٦ ‎‬‬ ‫‪, ..‬‬ ‫‪ : .26‬م‪, ‎‬‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫(‪ )٥‬كاني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٧٤ ‎‬‬ ‫‪.١١٥‬‬ ‫(‪ )٦‬القلقشندي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫_‬ ‫‪٢٨٨٩ -‬‬ ‫الفترة مراكز تجارية مثل مدينة قوص في جنوب مصر ‪ .‬التى أصبحت مركز للقوافل‬ ‫المتجهة أو القادمة من السودان الأوسط عبر درب الأربعين ثم الاتجاه مع نهر النبل وأصبح‬ ‫يوجد في تلك المدينة نقابات تمثل تجار كل سلعة او جهة ولهم تنظيماتهم المعترف بها في‬ ‫العصر الأيوبي والعصر المملوكي ‪ .‬وقد نمت تلك المدينة بفضل تجارتها مع السودان‬ ‫الأوسط نموا ملحوظ وازدادت المدينة مساحة وكثافة لتصبح مخزنا لسلع السودان الأرسط‬ ‫وإمارات الهوسا المتجهة إلى مصر ‪.‬‬ ‫وانتشرت اللغة العريية في المعاملات التجارية بين تجار وأهالي برنو وكانم ‪ .‬كمظهر‬ ‫من مظاهر انتشار الإسلام ‪ .‬وأمتزجت التقاليد الإسلامية مع تقاليد وعادات البرنو حتى‬ ‫سهل انتقال تلك المناطق إلى مرحلة الحضارة الإسلامية ("" وأنصهرت لغات القبائل في‬ ‫لغة واحدة هي اللغة العربية باعتبارها لغة الدين الإسلامي والقرآن الكريم ‪ .‬بجوار بعض‬ ‫اللهجات المحلية ‪ .‬وأصبحت اللغة العربية هى لغة التعامل والثقافة "'‪.‬‬ ‫كما بدأت اهتمامات رسمية بالثقافة العربية من قبل ملوك كانم وبرنو ‪ .‬فقد حرص‬ ‫هؤلاء الملوك على تنشأة أبنائهم تنشأة إسلامية سليمة ‪ .‬فقد استدعى الملوك إلى بلا نهم‬ ‫علماء لهذا الفرض منهم العلامة ديلن بن بكروً الذى أشرف على تربية ابن السلطان سلما‬ ‫"'‪ .‬وقام بتدريس مبادىء الإسلام ثم العلوم الإسلامية‬ ‫في بداية القرن السابع الهجري‬ ‫وقرأ عليه العديد من الكتب والمصادر في هذه العلوم‪ .‬حتى أصبحت قصور حكام كانم‬ ‫منارة للعلوم الإسلامية ‪ .‬الأمر الذي يجعل البعض يعتقد بأن لفظ كانم يرجع إلى كانوري‬ ‫أى حملة النور (' وانتشرت اللغة العربية في البلاد وطبعت البلاد بالطابع الإسلامي منذ‬ ‫القرن الثالث عشر الميلادي ‪ .‬كما يلاحظ ذلك على شواهد القبور التى ترجع إلى تلك‬ ‫الفترة ‪.‬‬ ‫ويدأت أفواج من شباب كانم ويرنو تتوجه إلى مراكز الثقافة الإسلامية في القيروان‬ ‫والقاهرة وطرابلس للدراسة للتتلمذ على يد العلماء والفقهاء ‪ .‬وكانت أكثر تلك البعثات‬ ‫السابق ‪ .‬ص‪. ١٢٩ ‎‬‬ ‫‪ .‬المرجع‬ ‫(‪ )١‬مقلد‬ ‫‪ .‬الإسلام والثقافة العربية ‪ .‬ص ‏‪. ٢٣٨٢‬‬ ‫محمود‬ ‫)!( حسن‬ ‫السابق ‪ .‬ص ‏‪.١٢٩‬‬ ‫‪ .‬المرجع‬ ‫‏(‪ )٣‬مقلد‬ ‫نفسه ‪ .‬ص‪. ١٣١ ‎‬‬ ‫‪ .‬الرجع‬ ‫(‪ )٤‬مقلد‬ ‫_ ‪_ ٢٩.‬‬ ‫تتجه صوب القيروان الأمر الذي أدي إلى ارتباط أهل كانم وبرنو بالمذهب المالكي ‪ .‬كما‬ ‫اتبه البعض للدراسة في الأزهر (" ‪ .‬كما اتصل علماء كانم وبرنو بالحركة الإسلامية‬ ‫العامة التى سادت بلاد السودان من الغرب إلى الشرق منذ القرن الخامس عشر ‪ .‬فاتصوا‬ ‫بعلماء تنبكتو وجنى ومالى وسنار وكردفان ‪ .‬وساهموا في عمليات نشر الإسلام وثقافته‬ ‫‪ .‬في ظل حماية ورعاية حكامهم ‪.‬‬ ‫وأصبحت مدينة يحيمي ً عاصمة البلاد من أهم مراكز الحضارة الإسلامية في‬ ‫السودان الأوسط‪ .‬وانتشرت المساجد العديدة ومراكز العلم من كتاتيب ‪ .‬وانزوت بذلك‬ ‫العادات والتقاليد الوثبية وتغيرت صورة المجتمعات في بلاد البرنو وكانم "" ‪.‬‬ ‫وإذا حاولنا تتبع أحوال امبرطورية البرنو "" وكانم في ظل الإسلام ‪ .‬فإننا نلاحظ‬ ‫أن الإسلام قد أضاف للنظام السياسي في المنطقة قوة ونفوذا وأصالة في التنظيمات‬ ‫الإدارية بفضل علاقات حكام المنطقة مع النظم الإسلامية والإنظمة المجاورة في العالم‬ ‫الإسلامي ‪ .‬كما أضاف الإسلام تماسكا في بنيان المنطقة بعد عصور التفكك العرقي‬ ‫والقبلي ‪ .‬فأصبحت البرنو بفضل الإسلام من أقوى دول السودان ‪ .‬كما ازدهرت تلك‬ ‫الدولة ثقافيا واقتصاديا من خلال علاقاتها الوثيقة بالعالم الإسلامي ‪ .‬وأصبح سلطان‬ ‫البرنو من أحد سلاطين الدنيا الأربع‪ .‬ووضعه مؤرخو السودان إلى جانب خليفة بغداد‬ ‫وسلطان مصر وسلطان امبرطورية مالى المجاورة ‪ .‬ونتيجة لذلك فقد ظهرت على خرائط‬ ‫الجغرافيين قبل غيرها من ممالك السودان ‪ .‬عند الأوروبيين ‪ .‬السودان‪ .‬عند الأوروبيين ‏‪٠‬‬ ‫حيث ظهرت منذ القرن الرابع عشر الميلادي ‏(‪ '٨‬وعرفت دولتهم باسم دولة أورجانا ‪ .‬نسبة‬ ‫إلى اركانا اى رئيس قبيلة ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬يبدو أن طلاب كانم وبرنو لم يكن مخصص لهم رواق باسمهم بل كانوا يدرسون في رواق التكرور‬ ‫بالأزهر ‪ .‬وهو الإسم الذي أطلقه المصريون على كل نواحى بلاد السودان ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬مقلد ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ١٣٥ ‎‬‬ ‫‪ -‬مؤنس ‪ .‬الإسلام الفاتح ‪ .‬ص ‏‪. ١٧٤١‬‬ ‫‏(‪ )٣‬تقع البرنر في بداية الأمر غرب بحيرة تشاد ‪ .‬وفي فترات الازدهار تتوسع صوب الشرق حتى وصلت‬ ‫أحيانا إلى بلاد النوبة ‪ .‬ريرجع شعبها إلى عناصر الزنوج والصو ثم العرب والبرير‪.‬‬ ‫‪ -‬دائرة المعارف الإسلامية ‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٩١‬‬ ‫ويتضح من مدلول كلمة برنو ('" أن قبائلها كانت لها شهرة حربية واسعة منذ القدم‬ ‫‪ .‬حيث ارتبطت قبائل الكافوري التى عرفت بالبرنو بالشجاعة في لحروب ‪ .‬وقد مكنت‬ ‫تلك القبائل من السيطرة على طرق القوافل التجارية التى تربط بين غرب السودان وبين‬ ‫شرقه وبين الواحات في الشمال وبين مناطق الغابات الإستوائية ‪ .‬وأضافت الظروف‬ ‫الطبيعية والمناخ عوامل مساعدة لامتداد سيادة تلك القبائل حيث توافرت في مناطقها‬ ‫المياه والأرض الخصبة المنبسطة ‪ .‬مما ساعد على قيام مراكز تجارية نشطة وقرى زراعية‬ ‫عريقة ‪ .‬وجذبت تلك العوامل قبائل أخرى للهجرة إلى مناطق البرنو‪:‬‬ ‫وكانت قبائل الصو من أشهر القبائل التى هاجرت إلى غرب بحيرة تشاد ‪ .‬حينما‬ ‫تركوا مواطنهم في واحة بلما في إقليم كاوار في القرن الثاني الهجري ‪/‬الثامن الميلادي ‪.‬‬ ‫ووفدت أيضا جماعات من قبائل البربر‪ .‬ومن هذا الخليط ظهرت قبائل الكاغبو الذين‬ ‫أسسوا امبراطورية البرنو‪ .‬بالإضافة إلى قبائل الكافوري الذين اختلطوا بالبربر أيضا ‪.‬‬ ‫وينقسم تاريخ دولة البرنو إلى قسمين اثنين هما ‪:‬‬ ‫‪:‬‬ ‫العصر الكاغمي‬ ‫‪:‬‬ ‫الأول‬ ‫ويمتد من بداية ظهور دولة البرنو حتى القرن الثامن الهجري‪ /‬الرابع عشر م‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫الثاني ‪ :‬العصر البرنوي‬ ‫ويمتد من أواخر القرن الثامن الهجري ‪/‬الرابع عشر م ‪ .‬وحتى القرن الثالث عشر‬ ‫الهجري ‪ /‬التاسع عشر م ‪ .‬وفيه تمكنت برنو من إخضاع كانم لسيطرتها ‪'" .‬‬ ‫ويبدو أن بداية ظهور البرنو كقوة سياسية في غرب بحيرة تشاد حتى إمارات‬ ‫الهوسا غربا قد بدأ مع القرن الثامن الميلادي ‪ .‬حيث كانت تضم مجموعة من القبائل التى‬ ‫ترجع أصولها إلى الزنوج والتبو والليبيين ‪ .‬استقروا حول بحيرة تشاد بعد حياة التنقل‬ ‫والترحال الطويلة في الصحراء ‪ .‬وقد أمتد نفوذ تلك القبائل تدريجيا ‪ .‬ومن هذه القبائل‬ ‫‏(‪ )١‬أطلقت كلمة برنو على قبائل الكافرري وهي تحريف لكلمة باران أو بارام التى تغني في لغة‬ ‫الصحرا ء الرجال أو المحاربون ‪.‬‬ ‫‏‪١٦٣‬‬ ‫نوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫‪.١٦٦١‬‬ ‫(‪ )٢‬نوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪_ ٢٩٢‬‬ ‫ظهرت قبائل الزغاوة التى أسست في البداية دولة البرنو الأولى في إقليم كانم في الشرق‬ ‫‏‪ ٧‬والتى شملت نفوذها أراضي الصو ‏(‪.'١‬‬ ‫وفي القرن التاسع الميلادي تمكنت أسرة جديدة قدمت من الشمال تنتسب إلى أصول‬ ‫عربية وخاصة إلى سيف بن ذي يزيد الحمبري من الوصول إلى حكم البرنو والتغلب على‬ ‫الزغاوة وأتخذ حكامها لقب“ماى‘ أى الملك ‪ "" .‬وأنزوى الزغاوة في بعض مناطق جنوب‬ ‫كانم ومناطق أخرى حول بحيرة تشاد ‪ .‬وقد حكم البرنو حوالى أحد عشر ملكا من سلالة‬ ‫سيف بن ذى يزن ‪ .‬كما تذكر رواياتهم ‪ .‬وكان آخرهم عبدالجليل بن شو الذي عرف باسم‬ ‫سالما وقد حكم حتى سنة ‏‪6٢١ .١.٧٥‬‬ ‫واتخذ هؤلاء المايات من جيمي عاصمة لهم ‏‪ ٠‬ثم نقلوا عاصمتهم إالى مدينة سامينا‬ ‫عند الزغاوة ويعتبر دجو بن إبراهيم الملقب باسم الماى دوجو برمي أهم حاكم من تلك‬ ‫السلالة مكن من توسيع حدود امبرطورية البرنو بعد سلسلة من الانتصارات الحاسمة على‬ ‫جيرانه ‪ .‬ومن بعد حكم تسعة مايات هم ‪ :‬أرشو بن دجو ‪ .‬كانوري بن أرشو ‪ .‬بيومان بن‬ ‫كانوري ‪ .‬بولو بن بيوما ‪ .‬أركو بن بولو‪ .‬شو بن أركو ‪ .‬جيل بن شو (سالما) ثم حكم‬ ‫الملك هيو الذي بدأت منذ عهده ارتباط الدولة بالاسلام ‪ .‬والطابع الإسلامي في كافة‬ ‫مظاهرها ‪.‬‬ ‫بلغت قوة البرنو في زمن الملك هيوم في نهاية القرن الحادي عشر الميلادي ‪ .‬وذلك‬ ‫لتمكنه من تحقيق انتصارات حاسمة على قبائل البولالا (' التى غارت على دولته‬ ‫وكانت تلك القبانل وثنية ومدعومة من قوى وثنية مجاورة ‪ .‬ويعد الانتصار البرنوى‬ ‫عليهم في المخاطق الجنوبية من البلاد أحبرهم الملك على دفع الجزية ‪ .‬وقد أعطى هذا العمل‬ ‫شهرة وسمعة للملك هيوم ولدولة وقواته العسكرية ‪.‬‬ ‫‪,‬ا‬ ‫‪ : .288‬م ‪,‬‬ ‫‏(‪(١‬‬ ‫(‪ )٢‬طرخان ‪ .‬امبرطورية البرنو ‪ .‬ص‪. ٥٣ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬يبدو أن سيف بن ذي يزن الحميري اليمني قد تزوج من نساء السودان الأوسط بدليل ترد اسمه هناك‬ ‫‪ .‬واصرار رواياتهم على الإرتباط ‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪ ٥٣ ‎‬ومابعده‪. ‎‬‬ ‫‪_ ٢٩٢‬‬ ‫‏(‪ )١١٥١١ - ١٠٩٨‬في الاهتمام بقراته العسكرية‬ ‫استمر خليفة وابنه دو منه‬ ‫وحماية حدود امبراطورية من القبائل الوثنية التى تتحرش به من جهة الجنوب (""‪ .‬فأخذ‬ ‫يتتبع تلك القبانل حتى تمكن من القضاء عليهم ودخلت بعضها الإسلام وأجبر البقية على‬ ‫دفع الجزية ‪ .‬وقد بلغت القوات البرنوية في هذا العهد حوالى ربع مليون مقاتل منهم مائة‬ ‫ألف مارس بالاضافة إلى جنود مرتزقة من القبائل الأخرى ‪ .‬ولذلك زادت شهرة قبائل‬ ‫البرنو وأصبحت أقوى قوة عسكرية في إفريقية جنوب الصحرا۔‪'" .‬‬ ‫وظل اهتمام ملوك البرنو منصبا على الجيش وعلى تنظيم العلاقات مع القبائل‬ ‫اللجاورة حيث أنهم يعيشون في حالة حرب مستمرة من جراء الخطر الوثيني التابع في‬ ‫الجنوب ‪ .‬فقد اهتم الملك عبدالله بكر وسالما بن بكر (عبدالجليل) ‪ .‬بهذا الأمر ‪ .‬ومقكنت‬ ‫تلك القوات من الحفاظ على هيبة البرنو وتوسيع حدودهم إلى إمارات الهوسا في الفرب ‪.‬‬ ‫"ا ونتيجة لذلك فقد طارت سمعة حكام البرنو إلى شمال افريقية وغيرها من مناطق‬ ‫العالم الإسلامي ‪ .‬فقد توثقت علاقات البرنو مع الدولة الحفصية في تونس ومع حكام‬ ‫مصر ‪ .‬حيث وصلت حدودهم إلى جنوب مصر وإلى غرب كردفان وإلى حوض النيجر ‪.‬‬ ‫وإلى واحة نزان شمالا ‪.‬‬ ‫ويبدو أن حكام البرنو قد رفعوا راية الجهاد ضد القبائل الوثنية في الجنوب وفي‬ ‫الشرق وفي الغرب حتى تمكنوا من تحويل بلاد السودان الأوسط إلى الإسلام وأصبحت‬ ‫بلادهم مركزا هاما من مراكز الإسلام وثقافة ‪ .‬وتمكن هؤلاء الملوك من الوقوف حاجزأ أمام‬ ‫المد الوثني من قبائل الجنوب التى طمعت في خبرات مدن وأقاليم البرنو المزدهرة ‪ .‬أو‬ ‫أرادت تقويض الوضع الإسلامي في المنطقة ‪ .‬‏(‪'٨‬‬ ‫ومنذ القرن الرابع عشر الميلادي ظهرت المنافسات الداخلية ‪ .‬وزادت عمليات‬ ‫التحرش الخارجية من القبائل المعادية من الجنوب والشرق ‪ .‬والتى كان الملوك السابقين قد‬ ‫تمكنوا من هزيمتها وإبعاد خطرها ‪ .‬مما أدى إلى إعادت تشكيل إدارة الإمبراطورية من‬ ‫‪, . .‬م‬ ‫‪,‬‬ ‫‪: .156‬‬ ‫‏(‪(١‬‬ ‫‏‪.١٦٦١‬‬ ‫‏(‪ )!٢‬نوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫(‪ )٣‬حسن محمود ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٣٥ - ٢٣٤ ‎‬‬ ‫‪. ٦٤‬‬ ‫(‪ )٤‬طرخان ‪ .‬المرجع السايق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪_ ٢٩٤٧‬‬ ‫جديد بعد الماى عثمان بن زينب ‪ .‬فقد نقلت العاصمة من جيمي إلى بيرني في المغرب‬ ‫وكان ذلك زمن الماي على بن زينب الملقب بالغازي ‏(‪.'١‬‬ ‫كما بدأت تظهر حركة منازعات خطيرة داخل البيت الحاكم فقد قتل الماي ابراهيم بن‬ ‫بيري ولده‪ .‬ثم قتل هو أيضا بعد ذلك ‪ .‬كما حارب الماي داود بن فاطمة ‏(‪- ٣٧٦‬‬ ‫‏)م‪ ٦٩‬ابنه وظلت الحرب بينهما فترة طويلة ‪ .‬في الوقت نفسه زادت اعتداءات قبائل‬ ‫البولالا والصو على أقاليم الامبراطورية ‪ .‬وبدأت قبائل الصو ترفع راية العصيان ضد‬ ‫حكام برنو وترمي إلى الإستقلال بأقاليمها ‪.‬‬ ‫كانت قبائل البولالا هى الخطر الأول على الامبراطورية الإسلامية وتمكنت تلك‬ ‫القبائل من قائدا عبدالجليل بن سيوكوما من إجراء انتصارات على البرنو ‪ .‬بعد أن تمكن‬ ‫من قتل العديد من حكام البرنو ومن جيوشهم ‪ .‬وتمكن البولالا في النهاية من احتلال‬ ‫إقليم كانم حتى منتصف القرن السادس عشر‪ .‬حينما تمكن إدريس بن على سنة ‪١٥٢٦‬م‏‬ ‫‪.‬‬ ‫لذ‬ ‫استعادتها‬ ‫من‬ ‫وقد اعتبر عصر الماى على بن زينب ‏(‪ )١٥١ ٠٣ - ١٤٧٦‬بسبب محاولاته إعادة‬ ‫هيبة البرنو لدى جيرانها في الفرب والشرق والجنوب ‪ .‬وخاصة منطقة الهوسا الذين‬ ‫تعرضوا لحلفائه ‪ .‬كما اتجه هذا الماى إلى إحياء معالم الجهاد الإسلامي في منطقة السودان‬ ‫الأوسط لإعادة وحدة امبراطورية برنو الموحدة ‪ .‬حتى لقب بالغفازي ‪ .‬ومن زمن الماى‬ ‫إدريس بن على (ابن عائشة) تطورت قدرات الجيش البرنوي في المنطقة وتمكن من إحراز‬ ‫انتصارات على القبائل الوثنية في نهاية القرن السادس عشر "" ‪ .‬وكذلك أمن حدود‬ ‫دولته من الغرب بانتصاراته على الهوسا ‪ .‬وخصص الكثير من وقته لحرب القبائل الوثنية‬ ‫في الجنوب وخاصة قبائل "تلال التى كانت تسكن جزائر بحيرة تشاد ‪ .‬وكانت تلك القبائل‬ ‫أشد خطرا على المسلمين بسبب وجودها داخل أاراضي البرنو ‪ .‬وقد نجح الماى إدريس من‬ ‫تشريدهم وطردهم إلى المستنقعات ‪ .‬‏(‪'٨‬‬ ‫‪, . .‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪: 213.‬‬ ‫((‬ ‫‪,‬‬ ‫‪: 228.‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫)( طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪.١١٨‬‬ ‫‏(‪ )٤‬طرخان ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص ‏‪. ١٢١‬‬ ‫‪٢٦٩0‬‬ ‫وقد اهتم الماى إدريس بالحركة الثقافية في بلاده ‪ .‬فقد آمر ببناء العديد من المساجد‬ ‫‏‪ ٠‬من الطين اللين بعد أن هدم المساجد القدية المبنية من القش ("" ‪ .‬واعتبر عصره عصر‬ ‫إيمان وقوة للمسلمين ‪ .‬وبوفاته دب الضعف في أوصال البرنو ‪ .‬حيث بدأت القوى الوثنية‬ ‫التى كانت تتربص بالبرنو في التحالف مع الأوروبيين وتحصل على ما تحتاجه من السلاح‬ ‫منها كما تعرضت أقاليم البرنو للجفاف والمجاعات وكان آخر تلك المجاعات الشهيرة زمن‬ ‫الماى محمد بن الحاج حمد في منتصف القرن الثامن عشر‪ ..‬كما ظهرت اضطرابات في‬ ‫كافة أقاليم الدولة من غارات البربر والطوارق الأمر الذي أنهك قوى البلاد ‪ .‬‏‪'"١‬‬ ‫اضطر سلاطين البرنو في النهاية إلى الإستعانة بقائد يدعى محمد الكانغي كان‬ ‫يعيش في القاهرة ‪ .‬فتوجه صوب بلاده وحاول إعادة مجد البرنو ولكن الوقت قد أنتهى‬ ‫حيث سيطرت إمارات الهوسا على أجزاء من البرنو من الغرب وأصبح سلاطين البرنو لا‬ ‫حول لهم ولا قوة ‪ .‬وتوفى محمد الكانمغي سنة ‏‪ ١٨٣٥‬دون أن يحقق هدفه ‪ .‬كما تعرضت‬ ‫أقاليم البرنو لغارات من السودان الشرقي ‪ .‬حينما تمكن رانج بن الزبير سنة ‪١٨٩٣‬م‏ من‬ ‫احتلال باجيرمي وشرق برنو ‪ .‬وظل هناك حتى طرده الفرنسيون سنة ‏‪ ١٩١٠٠‬منها ‪.‬‬ ‫تأثرت البلاد بالحركات الاصلاحية التى ظهرت في الصحراء الليبية من قبل رال‬ ‫السنوسية فأنتشرت فيها الزوايا ‪ .‬وكثر نشاط الدعاة للحفاظ على الأرضاع الإسلامية‬ ‫من زحف الوثنية ‪ .‬كما تأثرت بالأفكار التى ترددت عن المهدية بالسودان الشرقي ‪ .‬لكن‬ ‫الأستعمار الفرنسي الذي وصل إلى البلاد عمل على التعدى لكل تلك التيارات الإسلامية‬ ‫‪ .‬بل أنه عمل على الحفاظ على وضع القبائل الوثنية (""‪ .‬وعملت فرنسا على إضعاف‬ ‫سلطة سلاطين البرنو ‪ .‬ويدأت عمليات استغلال خيرات البلاد خارج حدودها لصالح‬ ‫المستعمر الجديد ‪.‬‬ ‫كان سلاطين برنو قد أصبحوا تابعين لسلطان كانم منذ سنة ‏‪ ١٧٨١١‬م وانتهت بذلك‬ ‫امبراطورية البرنو وعادت مدينة صغيرة مقرها العاصمة وتابعة لحكام كانم ‪ .‬وتبع سلطان‬ ‫‪.٠‬‬ ‫‪١٢٩١‬‬ ‫‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫المرجع السابق‬ ‫‪.‬‬ ‫(‪ )١‬طرخان‬ ‫‪, . .‬ام‪‎‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪: .542‬‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫‪. ١٨‬‬ ‫‪ ٠4‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬المرجع السابق‪‎‬‬ ‫)‪ (٣‬نوري‪‎‬‬ ‫‪_ ٢٩٦‬‬ ‫كانم بعد ذلك للنفوذ الفرنسى ("‪.‬‬ ‫وتشغل حاليا دولة تشاد معظم مساحة امبراطورية كانم والبرنو السابقة وهى دولة‬ ‫داخلية حبشة ‪ .‬تقع في وسط إفريقية بين دائرتي عرض ‏‪ ٥٣ - ٨‬شمالا ومساحتها‬ ‫‏‪ ١,٢٨٤ .٠‬‏‪٢‬مك ‪ .‬ويبلغ عدد سكانها حوالى خمسة ملايين نسمة ومازال إقليم كانم‬ ‫في تشاد أهم أقاليمها الزراعية الحالية ‪ .‬ويقع شرق بحيرة تشاد‪6" .‬‬ ‫تصل نسبة المسلمين في تشاد الحالية إلى حوالى ‏‪ ٨٥‬من السكان "' ‪ .‬كما تبلغ‬ ‫نسبة الأقلية المسيحية حوالى ‏‪ . ٦‬ا" بينما مازال ‏‪ ٩‬من السكان على وثنيتهم وأهم‬ ‫اللفات المستخدمة في تشاد هي اللغة الفرنسية التى فرضت في عصر الاستعمار الفرنسي‬ ‫على الإدارة الحكومية والحياة الفكرية والثقافية ‪ .‬وبالإضافة إلى ذلك توجد اللغة العربية‬ ‫ولغة الهوسا ولغة الكانيمو ‪ .‬ويشكل العرب ‏‪ ٣٠‬ز من سكان تشاد من الناحية العرقية ‪.‬‬ ‫والقبائل السودانية حوالى ‏‪.'٨( ٢٥‬‬ ‫(‪ )١‬طرخان ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ١٣٩١ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬أبو عيانة ‪ .‬الجغفرافية الإقليمية ‪ .‬ص‪ ‎‬إ‪. ٤٨‬‬ ‫(‪ )٣‬عادل يونس ‪ .‬العالم الإسلامي اليوم ‪ .‬ص‪. ٧٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬ظهروا بعد عمليات التنصير خلال العصر الاستعماري الأوروبي‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬عادل يونس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٨٦ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٩٧‬‬ ‫‏‪(١١‬‬ ‫الهوسا ‪:‬‬ ‫إمارات‬ ‫ثانبا ‪-‬‬ ‫شكلت الهوسا أو الحوصة إقليما ممتدا بين جبال العير وبين شرق النيجر ‪ .‬حينما‬ ‫استمر الصراع بين قوتين من قوى السودان هما ‪ :‬امبراطورية البرنو من الشرق وملوك‬ ‫مالي وصنغي من الغرب ‪ .‬ويالإضافة إلى قوى البربر والطوارق من الشمال والقوى الوثنية‬ ‫المتحفزة من الغابات في الجنوب ‪ .‬فظهرت في تلك المنطقة إمارات الهوسا‪.‬‬ ‫ساعدت الظروف الاقتصادية المنتعشة التى عمت بلاد السودان منذ القرن الخامس‬ ‫الهجري ‪ /‬الحادي عشر الميلادي ‪ .‬على ظهور إمارات الهوسا السبع بين السودان الأوسط‬ ‫والسودان الغربي على حدود البرنو من القرب ومالى وصنفي من الشرق ‪ .‬بفضل موقع‬ ‫إماراتها المتميز على خطوط تجارة القوافل وحركة القبائل بين بلاد السودان ‪ .‬أي أن‬ ‫شعوب تلك الإمارات عبارة عن خليط من شعوب السودان والبربر والزنوج قدموا إلى شرق‬ ‫نهر النيجر سعيا وراء الاستفادة من أعمال التجارة ‪ .‬أو البحث عن مراعى جيدة في‬ ‫منطق السهول الفسيحة التى تمتد نحو الشرق ("'‪.‬‬ ‫وفي تلك الفترة وفرت جماعات عديدة من البربر تحت ضغط قبائل بني هلال وبني‬ ‫سليم من الشمال من واحة اير "" وإتحجهت للاستقرار في منطقة إمارات الهوسا ‪ .‬وبدأ‬ ‫اختلاط واسع منذ البداية بين تلك العناصر غا ‪ .‬الأمر الذي أعطى لشعب الهوسا صورة‬ ‫إسلامية مبكرة قبل غيره من كيانات السودان الأوسط والغربي ("" ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬تتكون من مقطعين هما ‪ :‬هاو ‪ :‬بمعنى راكب ‪ .‬وسا بمعنى ثور ‪ .‬أى راكبي الثبران وهى كلمة تطلق‬ ‫على شعوب إفريقية منتشرة بين السودان الأوسط والسودان الغربي ‪ .‬وهى حاليا تعنى لغة تسود بين‬ ‫العديد من سكان الكاميرون ونيجيريا وتشاد والنيجر ويتحدث بها حوالي ثمانون مليونأ من سكان‬ ‫تلك الدولة ‪ .‬ويرى البعض أن اسمها مشتق من الشرق ‪.‬‬ ‫‪ -‬عادل يونس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ٧٧١‬‬ ‫(‪ )٢‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٧٧ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬واحة تقع إلى الشمال مباشرة من إمارات الهوسا في الصحراء الكبرى ‪ .‬وكانت مركزأ لجماعات‬ ‫عديدة من البربر ‪.‬‬ ‫‪ -‬انظر الخارطة بالملاحق ‪.‬‬ ‫(‪ )٥‬مؤنس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٧٤٨١ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬مؤنس ‪ .‬الإسلام الفاتح ‪ .‬ص‪. ١٤٢٧ ‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٢٩٨‬‬ ‫وترتب إمارات الهوسا كما يلي ‪ :‬كانو ‪ .‬كاتسينا ‪ .‬زارية ‪ .‬رانو ‪ .‬صوبير ‪ .‬بيرم ‏‪٨‬‬ ‫"" ويبدو أنها كانت قرى صغيرة تعتمد على الزراعة والرعى ‏‪ ٠‬ثم تحولت إلى‬ ‫دارا‬ ‫مراكز تجارية هامة بسبب موقعها ‪ .‬وأصبحت مطمعا للعديد من الجماعات للهجرة إليها‬ ‫فزادت مساحتها وعدد سكانها في فترة وجيزة ‪ .‬وتطورت حضاريا بفضل إلتقاء العديد‬ ‫من العناصر على أرضها ‪ .‬ثم تطورت سياسيا وأصبح لكل منها إدارته السياسية‬ ‫ومكانته الإقليمية ‪ .‬ثم أصبح لها قوتها العسكرية للحفاظ على تلك المكاسب ‪ .‬‏‪!"١‬‬ ‫والحق أن إمارات الهوسا السبع أصبحت متنفسا للضغوط التى تواجهها الجماعات‬ ‫المسلمة في مالي وصنفي ‪ .‬في الفرب ‪ .‬قبل تحول حكامها إلى الإسلام ‪ .‬وكذلك‬ ‫للمسلمين في الشرق تبل تحول ملوك البرنو إلى الإسلام أيضا ‪ .‬كما كانت متنفسا‬ ‫للضغوط التى تعرضت لها منطقة شمال افريقية أيان هجرات بني هلال ويني سليم نحو‬ ‫الفرب "" ‪ .‬ولذلك ظهرت فيها مظاهر الحياة الإسلامية منذ البداية خاصة في الإمارات‬ ‫الشرقية المجاورة لحدود البرنو ‪ .‬وهى الإمارات التى خضعت كشيرأ لتقود حكم ملوك‬ ‫البرنو ‪ .‬كما كان ملوك البرنو بعد اسلامهم يشجعون الدعاة وعمليات نشر الإسلام في‬ ‫تلك الإمارات ‪.‬‬ ‫وكان لقبائل الونقارة الفضل الكبير في انتشار الإسلام بصورة عامة بين إمارات‬ ‫الهوسا وقد قدمت تلك القبائل إلى إقليم كانوا ‪ .‬كما قصدها العديد من العلماء من‬ ‫شمال إفريقية للاعوة إلى الإسلام ونشره بين أهلها ‪ .‬وأسسن بعضهم مراكز لهذا الفرض‬ ‫بدعم من التجار ‪ .‬الذين كانت لهم مراكز عبر تلك الإمارات ‪ .‬فأنتشر فيها المذهب‬ ‫المالكي الذي أخذ يدرس بين أهلها ‪ .‬غا‬ ‫ولما كانت تلك الإمارات تمثل دولة حاجزة بين قوى السودان الأوسط والغربي ‪ .‬فإنها‬ ‫تعرضت باستمرار لعمليات غزو من الجانبين ‪ .‬حتى أنها كانت في كثير من الأحيان‬ ‫منقسمة بين نفوذ القوتين الشرقية والغربية ‪ .‬الأمر الذي دفع أمراء الهوسا إلى توحيد‬ ‫(‪ )١‬مقلد ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٥٢ ‎‬‬ ‫‪.٠‬‬ ‫‏‪١‬‬ ‫‏‪ ٨‬ا‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫مرجع ا لسا بق‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫مؤنس‬ ‫‏) ‪( ٢‬‬ ‫‏‪. ٩٨‬‬ ‫‏(‪ ) ٣‬جوليا ن ‪ .‬تاريخ إفريقية الشمالية ‪ .‬ص‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪١‬‬ ‫‏‪٠ ٦‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫في ا نربقية‬ ‫‏‪ ١‬لإسلام‬ ‫‏‪ ٠‬تا ريخ‬ ‫‏) ‪ ( ٤‬نوري‬ ‫‪_ ٢٩٩‬‬ ‫جهودهم لصد هذه الأخطار ‪ .‬وقد وقعت بينهم وبين البرنو معارك خاصة زمن الماى إدريس‬ ‫الذي احتل إمارة كانو ‪ .‬‏(‪'١‬‬ ‫ويبدو أن ظروف ظهور إمارات الهوسا دفعت حكامها وسكانها نحو الإهتمام‬ ‫بالأنشطة التجارية للاستفادة من خيرات بلادهم ‪ .‬ولتجنب الصدام المستمر مع القوى‬ ‫لمجاورة ‪ .‬فأشتهرت تلك الإمارات بنشاطها التجاري المميز ‪ .‬حيث ارتبطت بشهرة في‬ ‫الوساطة التجارية وعقد الصفقات بين التجار " ‪ .‬بل أن زعمائها أرتبطوا بعمليات‬ ‫التحكيم التى كانت تدور بين القبائل الإفريقية لإنهاء حالات الحرب والتوتر وإقرار السلم‬ ‫في المناطق المجاورة ‪ .‬وأرتبط أهلها بالحكمة والتجرية والفكر ‪'" .‬‬ ‫حتى أن الرقيق الذى كان يجلب من تلك الإمارات تميز عن غيره من الرقيق‬ ‫السوداني فارتبط بالذكاء والبراعة والحكمة واتقان العمل ‪ .‬لدرجة أن الأوروبيين حينما‬ ‫دخلوا أراضي تلك الإمارات وجدوا سكانها على درجة كبيرة من الوعى الحضاري أكثر من‬ ‫غيرهم من سكان‪ ,‬البلدان المجاورة ‪.‬‬ ‫وفي ظل تلك الأوضاع المميزة للإمارات انتشر التعليم والثقافة الإسلامية وظهرت‬ ‫الحركات الإصلاحية خاصة منذ القرن الخامس عشر على أيدى زعماء مثل ‪ :‬محمد‬ ‫رونقات ومحمد كوارد ‪ .‬ومحمد رابو وهم حكام إمارات كانو وكاتسينا وزارية ‪ .‬كما‬ ‫وصلت مجموعة من العلما ء للدعوة إلى ا لإسلام وترسيخ مفاهيمه ببن الناس ومن اشهرهم‬ ‫محمد بن عبدالكريم المغيلي ‪ .‬الذي لاقت أفكاره شهرة ورواجا بين سكان الإمارات ‏‪ ٠‬وتد‬ ‫عاصر هذا العالم حاكم كانو وهو محمد رونقا ‪ .‬الذي تبني المديد من آراء التلمساني‬ ‫الإصلاحية والتى كان أثرها في النواحي الإجتماعية والسياسية في إمارته ‪ .‬كما ألف‬ ‫عنها الكثير العالم المصري جلال الدين السيوطي ‏(‪ - ١٤٤٥‬‏)ماه‪ ٥.‬الذي ألف عن‬ ‫ممالك السودان وأهتم بإمارات الهوسا ‪ '(.‬فترة جديدة وأهتم حكام الإمارات بإنشاء‬ ‫‪. ١٧٥‬‬ ‫(‪ )١‬نوري ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )!٢‬مقلد ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١١٧ ‎‬‬ ‫‪. ١٠٦١‬‬ ‫(‪ )٣‬نوري ‪ .‬ا مرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٤‬نوري ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪١٠٧ . ١٠٦ ‎‬‬ ‫المدارس وبناء المساجد ونشر التعليم بين سكان إماراتهم ‪ "( .‬واستضافوا العديد من‬ ‫العلماء فبدأت نهضة ثقافية شاملة عند الهوسا برز على أثرها العديد من العلماء من‬ ‫أبناء البلاد الذين قادوا حركة الاصلاح في بلادهم ‪ .‬كما كان لهم تآثير في نشر الإسلام‬ ‫في المناطق المجاورة ("" ومن أهمهم العالم محمد ‪ .‬ابن محمد الكاتسنياوى في القرن‬ ‫الثامن عشر ‪ .‬وكذلك العالم المصلح الشهير عثمان بن محمد بن فودى "" الذى تمكن في‬ ‫القرن التاسع عشر من نشر أفكاره الاصلاية ودعا إلى قيام نظام الخلافة الإسلامية وحماية‬ ‫الإسلام في بلاد السودان من أعدائه ‪ .‬وقد تبنى مبدأ الخلافة الإسلامية على أرض الهوسا‬ ‫وعرفت باسم خلافة سوكوتو" (' وبسبب أوضاع امارات الهوسا المختلفة وما تتمع به كل‬ ‫إمارة من ظروف داخلية أثرت في عمليات نشر الإسلام بها وفي تطورها الحضاري ‪ .‬فإننا‬ ‫سنحدد ظروف كل إمارة وأوضاع الإسلام والمسلمين بها كما يلى ‪:‬‬ ‫(‪ )١‬مؤنس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪١٤٧‎‬‬ ‫(‪ )٢‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٧٦١ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬ولد عثمان سنة ‪٧٥٤‬ام‏ وتربى وشب على حب الإسلام والتبحر في علوم وثقافته ‪ .‬واشتهر بالنقوى‬ ‫والورع والزهد ‪ .‬مما أدى إلى إجتماع الناس حوله ‪ .‬فأسلم على يده العديد من سكان المناطق الوثنية ‪.‬‬ ‫وصار لأتباعه تدر هاما في المنطقة ‪ .‬فلما استوثق من قوة اتباعه أعلن الجهاد الإسلامي سنة‬ ‫‏‪ ٤‬م وانضم إليه الكثير من سكان المنطقة والمناطق المجاورة له واتخذ لنسه لقب الشيخ وأمير‬ ‫المزمنين وأخضع عددأ من إمارات الهوسا نها جديد وكاتسينا وزارية ونويه وكبه وأنشأ بذلك سلطنة‬ ‫إسلامية واسعة جعل من سوكوتو عاصمو لها ‪.‬‬ ‫اته عثمان بعد ذلك شرقا لضم بلاد البرنو فتصدى له قاند يدى محمد الكانغي استدعى من‬ ‫قبل حكام برنو للاستفادة منه ضد غزو عثمان ‪ .‬وانتهى الأمر باتفاق الجانبان على التصالح ووقف‬ ‫القتال ‪.‬‬ ‫اتجهت قوات عشمان بعد نشر الإسلام في الغرب جهة النيجر منذ سنة ‪١٨١١‬م‏ وأعلن على‬ ‫الوثنين حرب طويلة وتمكن من نشر الإسلام في مناطق الغابات حتى الكاميرون ‪ .‬وكان ذلك بفضل‬ ‫قانده آو إدماوة الذي توفى سنة ‪١٨٤١‬م‏ وكان عثمان قد توفى سنة ‪١٨١٨‬م‏ وإنقسمت سلطنة إلى‬ ‫قسمين بين أخيه عبداله (عبداللاى) وابنه محمد ‪ .‬الأول في الولايات الشرقية والثاني في الغرب ‪.‬‬ ‫‪ -‬انظر مؤنس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫‪ -‬انظر مؤنس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ١٣١ .١٣٠‬‬ ‫(‪ )٤‬كاني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢١ - ٢٠ ‎‬‬ ‫‪٢.١‬‬ ‫(‪ )١‬إمارة كاتستيا‪: ‎‬‬ ‫من أهم إمارات الهوسا من الناحية التجارية ‪ .‬حيث كانت مركزأ تباريأ هام بين‬ ‫تجارة لسودان الغربي من جهة وتجارة السودان الأوسط ومصر من جهة ثانية ‪ .‬خاصة زمن‬ ‫مالي وصنغي ‪ .‬فقد كان الطريق التجاري الرئيسي الذي يبدأ من البهنسا في صعيد مصر‬ ‫ويتجه إلى الجنوب الغربي نحو الفرافرة والواحات المصرية ثم واحات الصحراء الليبية ‪.‬‬ ‫يصل هذا الطريق إلى مالي عن طريق كاتسينا ‪.‬الأمر الذي جعل الإسلام يظهر فيها قبل‬ ‫غيرها من إمارات الهوسا ‪ .‬وخاصة منذ القرن الرابع الهجري ‪ .‬وإكنان أول من أسلم من‬ ‫حكامها هو الساركن محمد كورا في سنة ‏‪ ٠‬‏م‪« ٠٣١‬‬ ‫استقر بتلك الإمارة مجموعة من العلماء والدعاة كان لهم فضل هام في نشر الإسلام‬ ‫في تلك الإمارة وماحولها ‪ .‬حيث كان يتم عقد حلقات التدريس في المسجد الكبير‬ ‫للامارة ‪ .‬كما بدأت في تلك الإمارة عملية نسخ الكتب الإسلامية ‪ .‬مما جعلها مركزا من‬ ‫مراكز تطوير الحركة العلمية في افريقية الغربية والوسطى ‪ .‬وقد زارها جلال الدين‬ ‫السيوطي "' من القاهرة وأقام بها فترة للتدريس ‪ .‬وكان السيوطي صديقا لأميرها ‪.‬‬ ‫الساركن ابراهيم ماجي ‪ .‬وألف السيوطي فيها كتابا بناء على طلب الساركن وأهاه إليه‬ ‫بعنوان رسالة الملوك وهذا اعتراف من السيوطي بمكانة تلك الإمارة ‪.‬‬ ‫‪. ١٤٧‬‬ ‫(‪ )١‬مؤنس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‏) ‪ )٢‬هو عبدالرحمن بن أبي يكر بن محمد سابق الدين السيوطي ‪ .‬لقب بجلال الدين ‪ .‬إمام ومؤرخ‬ ‫وحافظ وأديب تريو مؤلفاته على الستمائة مجلد ‪ .‬ولد في القاهرة سنة ‏‪ - ٨٤٩‬‏ما‪ ٥٤٤‬رنشأ يتيم‬ ‫‪ .‬فمات أبوه وعمره خمس سنوات ‪ .‬فلما بلغ الأربعين اعتزل الناس وخلا بنفسه في روضة المقياس‬ ‫على النيل منزوياًأ عن أصحا به جميعا‪ .‬ومن ثم كانت الفرصة مواتية له لاجراج هذا الوحيد الضخم من‬ ‫المزلقات ‪.‬‬ ‫حفظ القرآن الكريم دون ثماني سنين ‪ .‬وحفظ أهم مصادر الحديث والفقه واللغة ‪ .‬وأخذ العلم عن‬ ‫مشاهير لمصر ‪ .‬ويدأ في التبحر في علوم التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع ‪.‬‬ ‫وأشتغل طول عمره بالتدريس والفتيا ‪ .‬ثم أعتزل التدريس والفتيا وألف كتابه النفيس في الاعتذار‬ ‫عن الفتيا والتدريس ‪.‬‬ ‫توفي القاهرة سنة ‪٩١١‬ه‏ ‪ -‬‏‪ ٥١٠٥‬ام ‪.‬‬ ‫‏‪ ١٨٨‬ومابعدها !‬ ‫‪ .‬ص‬ ‫‪ -‬انظر حسن المحاضرة ‪ .‬ج‪١‬‏‬ ‫‪_ ٢.٢‬‬ ‫ونستخلص من تاريخ الإمارة أن حكامها كانوا يشجعون العلم ويبذلون لأهله وطلابه‬ ‫‏‪ ٠‬ويرحبون بالعلماء الذين قدموا إليهم من مصر والقيروان وبلاد المغرب ‪ .‬ويغرقون عليهم‬ ‫الهبات والمنح ‪ .‬فأستقر بها العديد منهم ‪ .‬كما استقرت بها جاليات إسلامية من التجار‬ ‫العرب والبربر لانحباز معاملاتهم في المنطقة ‪.‬‬ ‫ويمكن تحديد العوامل التى أدت إلى النشاط الإسلامي في الإمارة وسرعة تطورها‬ ‫الحضاري قبل غيرها من إمارات الهوسا ما يلي ‪:‬‬ ‫‏(‪ )١‬موقع الإمارة على دروب التجارة عبر نطاق السافانا ويين دروب الصحرا ء‬ ‫الشمالية وطرق الغابات والأدغال في الجنوب ‪ .‬فكانت همزة وصل بين أقاليم‬ ‫متنوعة واخباس شتى ‪ .‬فسارع العديد من التجار المسلمين إلى الاستقرار بها‬ ‫منذ البداية واسسوا مساجدهم ومارسوا حياتهم الإسلامية ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬قرب الإمارة من بلاد البرنو من جهة الشرق ‪ .‬وهى البلاد التى أصبح حكامها‬ ‫من أهم حماة الإسلام ورسالته في بلاد السودان قبل غيرهم من حكام المناطق‬ ‫المجاورة وعمل حكام البرنو على نشر الإسلام في المناطق المجاورة ومنها‬ ‫إمارات الهوسا وبالتالي استفادت كاتسينا من هذا الأمر (ا'‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬اضطراب أحوال التجار المسلمين في مدينة تمبكتو في القرن السادس عشر‪. ‎‬‬ ‫ويالتالي هجرة العديد من تيارها وعلمائها وفقهانها إلى كاتسينا ‪ .‬واتخذوا‪‎‬‬ ‫مقرا ومقاما ‪ .‬كما بدأت ‪ .‬وفود من التجار العرب والبربر تتوجه للاقامة بها‪‎‬‬ ‫بعد أن أصبح الإسلام عاما بين سكانها‪. ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬اهتمام أمراء كاتسينا ورعايتهم للحركة الإسلامية بها ومباركتهم نشر الإسلام‬ ‫وثقافته بين سكانها وبين سكان القبائل المجاورة لهم ‪ .‬واحترام العلماء الذين‬ ‫قدموا إليها فقد تولى رجل من العرب الذين قدموا إليها من برنو منصب‬ ‫رئيس القضاة في إمارة كاتسينا سنة ‪١٥٢٠.‬م‏ ويدعى محمد بن أحمد "ا‪.‬‬ ‫وكان لهذا المنصب أهمية في الإمارة‪.‬‬ ‫(‪ )١‬مقلد ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١١١ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬مقلد ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪.١٦٠ ‎‬‬ ‫‪_ ٢.٢‬‬ ‫‪:‬‬ ‫بيرم‪‎‬‬ ‫إمارة‬ ‫(‪( ٢‬‬ ‫ترجع أهميتها إلى أنها أول إمارات الهوسا التى استقرت بها شعوب الهوسا قبل‬ ‫ظهورهم كقوة اقتصادية وسياسية في المنطقة بين السودان الشرقي والسودان الغربي ‪.‬‬ ‫كانت في بداية عهدها قرية صغيرة ‪ .‬تطورت ونمت بفضل وحدة قبائلها لتصبح قوة ني‬ ‫املنطقة خاصة وأنها كانت تقع وسط محيط زراعي ‪ .‬ويتوافر حولها أراضي زراعية خصبة‬ ‫شزق نهر النيجر مما أتاح ظروفا مناسبة لنموها ‪ .‬بالإضافة إلى استفادتها من أهمية‬ ‫موقعها التجاري بين إمارات الهوسا ‏‪'١(.‬‬ ‫ويسبب بعدها النسبي عن طرق التجارة الإقليمية بين مناطق السودان وبين بلاد‬ ‫البربر ‪ .‬واقتصار دورها على تجارة إمارات الهوسا ‪ .‬فقد لاحظ الرحالة تأخر ظهور‬ ‫الإسلام بها‪ .‬حيث ظل غالبية سكانها على الوثنية حتى منتصف القرن الرابع عشر‬ ‫الميلادي ("'‪ .‬وإن هذا الأمر لم يمنع وجود جماعات مسلمة بها من بين سكانها الأصليين‬ ‫وكانت أهم مؤثرات نشر الإسلام وثقافته بها قادمة إليها من إمارات الهوسا‬ ‫المجاورة ‪ .‬خاصة مع بداية القرن الخامس عشر ‪ .‬وبدأ تحول شعبها إلى الإسلام وأصبح لهم‬ ‫دور في الحياة الثقافية لإمارات الهوسا ‪ .‬وقد مس أهلها الأثر الكبير الذي انعكس على‬ ‫حياتهم بعد اعتناتهم الإسلام ‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫)‪ (٣‬إمارة جوبير‪‎‬‬ ‫تقع في شمال إمارات الهوسا ‪ .‬أدى قربها من مواطن الفولانيين "' إلى سرعة‬ ‫انتشار الإسلام بين سكانها‪ .‬حيث أصبح الفولانيون أهم دعاة الإسلام في غرب السودان‬ ‫(‪ )١‬ابن بطوطة ‪ .‬الرحلة ‪ .‬ص‪. ٧٠٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن بطوطة ‪ .‬الرحلة ‪ .‬ص‪. ٧٠٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الفولانيون شعب من الرعاة موطنه حوض السنغال ‪ .‬ثم انتشر حتى وصلت مواطنه إلى بحيرة تشاد‪, ‎‬‬ ‫واشتهر منهم أربعة فروع في السنغال وغينيا والهوسا ونيجيريا وقد دخلوا الإسلام على أيدى‪‎‬‬ ‫المرابطين منذ القرن الحادي عشر وأصبحوا عماد الإسلام في بلاد السودان الفربي حتى أصبحت‪‎‬‬ ‫مراكزهم في الغرب أهم مراكز الإشعاع الإسلامي في بلاد السودان الغربي ‪ .‬وأصبحوا حلفاء‪‎‬‬ ‫للمرابطين ‪ .‬وقد تمكنوت من حماية السودان القربي من هجمات الطوارق من الشمال وتبائ‪= ‎‬‬ ‫‪٢.٤‬‬ ‫منذ نهاية العصور الوسطى ‪ .‬وتحولوا إلى قوة إسلامية واضحة منذ القرن السادس عشر ‪.‬‬ ‫فأصبحت إمارة جوبير من أهم مراكز الإسلام في إمارات الهوسا‪.‬‬ ‫ظهر بها الداعية عثمان بن محمد بن فودي ‪ .‬وصول شعبها إلى قوة إسلامية قوية‬ ‫في المنطقة وجعل منها ركزأ لأفكاره ومبادنه ‪ .‬وقاد حركة الجهاد الإسلامي في المنطقة‬ ‫فتغيرت أنماط الحياة في الإمارة وبعدت عن التقاليد الوثنية ‪ .‬وأصبحت الإمارة يغلب‬ ‫عليها عنصر الفولانيين منذ القرن التاسع عشر حيث استقروا بها وامتزجوا بسكانها ثم‬ ‫صارت لهم الغلبة عليها ‪ .‬وهو الأمر الذي عمل بانهيار اتحاد إمارات الهوسا ‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬إمارة دارا‪: ‎‬‬ ‫تقع إلى الشرق من حوض نهر النيجر ‪ .‬ظلت على وثنيتها حتى العصور الحديثة‬ ‫حينما تمكن الفولانيون من تحويل شعبها إلى الإسلام بعد إخضاعها سنة ‏‪. ١٨٠٥‬م بعد‬ ‫انتصارا ت زعيم الفولانيين إبراهيم سايرو في النيجر ‪ .‬ولم تنجح محاولات اميرها‬ ‫لاستعانة بالسلطان أحمد بن دونامفة سلطان برنو ‪.‬‬ ‫تمكن الفولانيون بفضل إعلانهم راية الجهاد الإسلامي ‪ .‬واستقرا رهم في الإمارة من‬ ‫تحويل شعبها ‪ -‬إلى الإسلام في القرن التاسع عشر ‪ .‬وأصبح شعبها جز من خلافة عثمان‬ ‫بن محمد الإسلامية ‪ .‬وزالت عاداته الوثنية ‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‏) ‪ ( ٥‬زاريبة‬ ‫إمارة تقع إلى الجنوب من إمارات الهوسا ‪.‬قرب خط الاستواء والفابات‬ ‫الإستوائيةأا' كاكت في البداية قرية صغيرة من قرى الهوسا‪.‬تسرب إليها الإسلام عن‬ ‫= الموشي الوثنية من الجنوب ونفي منتصف القرن الثامن عشر استقرت جماعة منهم في إمارة جوبير‬ ‫‪ .‬بعد أن تمكن زعيم منهم وهو إبراهيم سايدور من أن يبسط سلطان على وسط النيجير ‪ .‬ويمد‬ ‫سلطانهم إلى شرق النيجر وإمارات الهوسا‪ .‬وأصبح بذلك الفولانيون أنشط جماعات السودان في‬ ‫المصور الحديثة ‪ .‬وقد ولد من بينهم في إمارة جوبير المصلح والزعيم عثمان بن محمد بن فوديو ‪.‬‬ ‫وظلت إمارة جوبير مركزا هاما لأفكار عثمان وأتباعه ‪.‬‬ ‫‏‪. ١٣٠ ٠١٢٩‬‬ ‫‪ -‬انظر ‪ :‬مؤنس ‪ .‬المرجع السابق ص‬ ‫‏(‪ )١‬طرخان ‪ .‬دولة مالي الإسلامية ‪ .‬ص ‏‪.١٠٤‬‬ ‫‪_ ٢.٥‬‬ ‫طريق التجار الذين قدموا إلى مناطق الغابات ‪ .‬وكان تحول أهلها إلى الإسلام تحولا بطينا‬ ‫بسبب وجودها في محيط الجنوب الوثني ‪.‬‬ ‫ويسبب موقعها وفدت إليها جماعات من البربر والتجار المسمين واستقروا بها‬ ‫واختلطوا بسكانها مما أدى إلى تحول سريع بين أهلها إلى الإسلام ‪ .‬وبدأ أبناء الإمارة‬ ‫التوجه إلى المراكز الإسلامية في الشمال من أجل التعرف على الرسلام وثقافته من مراكز‬ ‫إمارات الهوسا الأخرى مثل كانو وكاتسينا ‪ .‬كما توجه البعض منهم للدراسة في الأزهر‬ ‫والتحقوا برداق التكاررة حيث درسوا المذاهب المالكى المنتشر في بلاد السودان عامة‪ .‬‏‪"١‬‬ ‫ويتضح أهمية إمارة زاريا كمركز متقدم من مراكز الهوسا والحضارة الإسلامية نحو‬ ‫‪ .‬حيث تقع الى الجنوب من بلاد السودان بالقرب من المناطق '‬ ‫خط الغابات الإستوائية‬ ‫الوثنية ‪ .‬وقد دعم مركزها وفود العديد من العلماء لنشر الإسلام في المناطق المجاورة لها‬ ‫وكانت زارية همى مركز هذا النشاط ‪ .‬وقد أدى هذا النشاط إلى تحول قبائل الصو‬ ‫والجوكون والسكورافا الوثنية إلى الإسلام ‪.‬‬ ‫(‪ )٦‬رانو‪: ‎‬‬ ‫إمارة تقع بالقرب من إمارة كاتسينا وإمارة كانو " ‪ .‬بدأت تشهد تطورا على‬ ‫أرضها منذ بداية العصور الحديثة ‪ .‬لأهمية موقع بلادها على طرق التجارة بين إمارات‬ ‫الهوسا ومناطق السودان الغربي والسودان الأوسط ‪.‬‬ ‫وفد إليها العديد من العلماء والدعاة والفقهاء من برنو وكانو ومالى وصنفي‬ ‫للدعوة ونشر الإسلام بين سكانها ‪ .‬الذين ظلوا على وثنيتهم ‪ .‬كما أصبحت مركزا‬ ‫لاستقرار العديد من التجار المسلمين ‪.‬ومنذ القرن السادس عشر أصبحت مركزأ من مراكز‬ ‫الحضارة الإسلامية بعد تحول شعبها إلى الإسلام واتصاله بمراكز الحضارة الإسلامية‬ ‫المجاورة وأصبح لهم دور في نشر الإسلام في مناطق الوثنية الأخرى ("'‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪١ ٦‬‬ ‫‏‪١‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪ ١‬لمد ‏‪ ١‬لإسلامي‬ ‫‪.‬‬ ‫‏) ‪ ( ١‬مقلد‬ ‫‏(‪ )٢‬انظر الخارطة بالملاحق‬ ‫‏‪.١٤٧‬‬ ‫‏(‪ )٣‬مؤنس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫‪_ ٢.٦١‬‬ ‫‏(‪ )٧‬كانو‪:‬‬ ‫هى أكبر وأهم إمارات الهوسا على الإطلاق من حيث المساحة والنشاط السياسي‬ ‫والدور الإسلامي في المنطقة ‪ .‬وقد استفادت الإمارة من إمكانياتها الاتتصادية وموقعها‬ ‫الاستراتيجي على طرق التجارة الرئيسية بين بلاد السودان ‪ .‬كما استفادت من موقعها‬ ‫على حدود بلاد البرنو ‪ .‬حيث تقع إلى الشرق من إمارات الهوسا ‪ .‬ولذلك فهى تعتبر من‬ ‫أقدم إمارات الهوسا تحولا إلى الإسلام ‪ .‬كما تحتل مركزا بارز في الأنشطة الإسلامية‬ ‫لبلاد الهوسا‪.‬‬ ‫أصبح لإمارة كانو أهمية خاصة في بلاد الهوسا وبلاد السودان عامة ‪ .‬بحيث أصبح‬ ‫علمازها ورجالها من أبرز مثقفى ورواد الحركة الفكرية لبلاد السودان وتوازي مكانتهم‬ ‫مكانة علماء تمبكتو وصنغي ومالى وبرنو وغيرها (ا' الأمر الذي عجل بتحول حكامها‬ ‫إلى الإسلام ‪ .‬وكان أول من أسلم من حكامها هو باجودا ‪.‬‬ ‫أخذت مظاهر الحياة الإسلامية في كانو مظهرا نشطأ فقد ارتحل شبابها لطلب العلم‬ ‫إلى مراكز الحضارة الإسلامية في الدول المجاورة من بلاد السودان وإلى القاهرة وإلى‬ ‫القيروان وإلى بلاد المغرب الأقصى ‪ .‬كما واظب ملوكها على الخروج لأداء فريضة الحج‬ ‫عبر طرق القوافل التجارية إلى مصر ثم إلى الحجاز ‪ .‬كما اتصل حكامها بحكام الدول‬ ‫الإسلامية المعاصرة لهم ‪'"(.‬‬ ‫انتشرت المساجد في ربوع كانو ومن أمثلتها المسجد الجامع في الإمارة والمساجد‬ ‫الأخرى ‪ .‬وكان لتلك المساجد دورها في ازدهار الحركة الإسلامية ونشر اللغة العربية التى‬ ‫اصبحت اللغة الرسمية في المعاملات اليومية والرسمية وفي الإدارات الحكومة ‪ .‬واجتذبت‬ ‫تلك الإمارة أعدادأ كبيرة من العلماء إليها للتدريس في مسجدها الجامع ("' الذي كان لا‬ ‫يقل أهمية عن جامع تمبكتو وجامع جاو‪.‬‬ ‫(‪ )١‬مقلد ‪ .‬ص‪.١٥٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬مقلد ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٦١١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬من هؤلاء العلماء الذين قدموا إليها وأقاموا بها‪‎:‬‬ ‫لقهكى ‪ .‬مخلوف بن على‪‎.‬‬ ‫اتمبلكتيمفياالف‬ ‫‪ -‬أحمد بابا ال‬ ‫‪-‬ع مبحدمدالقادر المغفيلي من واحة توات ‪- .‬عبدالرحمن زيت من مالى‪. ‎‬‬ ‫‪_ ٢ ٠ ٧‬‬ ‫_‬ ‫ارتعلت أيضا جماعات من التجار للاقامة في كانو بعد مالمسوا مظاهر الاستقرار‬ ‫والأمن بها ومارسوا من خلالها عملياتهم التجارية في مناطق الهوسا ‪ .‬وكان لهؤلاء‬ ‫التجار دورهم البارز في تشجيع النهضة الثقافية ‪ .‬ونشر العادات الإسلامية وتعديل‪.‬‬ ‫سلوك الجماعات الوثنية بالإمارة من خلال تعاملاتهم معهم ‪ .‬ومع بداية القرن الخامس‬ ‫عشر الميلادي أصبحت كانو أهم مركز الحضارة الإسلامية في بلاد الهوسا والسودان‬ ‫الفربي حول منحي نهر النيجر ‪ .‬واستمرت تؤدى دورها الهام حتى القرن التاسع عشر‬ ‫الميلادى ‪.‬‬ ‫وبذلك تمكن الإسلام من استغلال طاقات الشعوب الوثنية في منطقة الهوسا وشرق‬ ‫نهر النيجر وتمكن من توجيه خطاها الحضارية ودفها نحو الإمام لتستجيب لنظم الحضارة‬ ‫الإسلامية التى بدأت تشع على بلاد السودان المجاورة أوسطه وغربه‬ ‫وفجر الإسلام طاقات شبابها وإمكانيات أرضها وميزات موقعها ‪ .‬وما أصبحت‬ ‫تلك الإمارات علامة من علامات الحضارة الإسلامية ‪ .‬حتى قدمت إليها الأطماع‬ ‫الإستعمارية لتردها من جديد إلى أوضاعها القديمة المتردية وتتصدى لمسيرة التيار‬ ‫الإسلامي بها ‪.‬ومازالت آثار الحضارة الإسلامية واضحة هناك في نماذج العمارة التى‬ ‫دخلت إليها من مصر والمغرب والإندلس (" وفي التراث الكبير للحياة الثقافية للعضر‬ ‫الإسلامي في بلاد الهوسا ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬مقلد ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٦٥ ‎‬‬ ‫‏‪ ٢.٨‬س‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫انسياب الاسلام إل السودان‪‎‬‬ ‫[‬ ‫ا لغربي‪‎‬‬ ‫ارتطت منطقة غرب السودان جنوب الصحراء الكبرى بمنطقة الشمال الأفريقي لأول‬ ‫مرة على يد المسلمين ‪ .‬وأصبحت تمثل جزم مؤثر في تاريخ ومجريات بلاد المغرب ‪ .‬بعد‬ ‫أن كانت تلك المناطق التى تقع جنوب الصحراء تمثل عالما منفصلا عن شمال إفريقية ‪.‬‬ ‫وكانت عمليات الإتصال بين الطرفين شاقة ومحفوفة بالخاطر ‪ .‬بسبب بحر الرمال الكبير‬ ‫الذي يفصل بين الطرفين ويصل في بعض الأجزاء ثلاثة آلاف كيلو متر إتساعا بين الشمال‬ ‫والجنوب ‪.‬‬ ‫ومنذ القرن الأول المجرى ‪ /‬السابع الميلادي نبح العرب في تنطيم شبكة عالية‬ ‫للطرق الصحراوية مع جنوب الصحراء وبلاد السودان الغربي معتمدين على خبرتهم في‬ ‫ريادة الصحراء حتى أصبحت منطقة غرب السودان جزء من العالم الإسلامي قبل غيرها‬ ‫من مناطق السودان الأخرى ‪ .‬الأمر الذي جعل البعض يقول بأن العصر التاريخي لإفريقية‬ ‫السوداء يبدأ مع الإسلام أ"" لما ترتب على ذلك من نقل دول ومناطق جنوب الصحراء‬ ‫الإذريقية إلى درجات التقدم الحضاري ‪ .‬وتعد دولة مالي الاسلامية التى ظهرت في‬ ‫السودان الغربي النموذج على آثار الإسلام ونظم في تلك النواحي ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬يطلق على إقليم السودان الفربي حاليا اسم دول غرب إفريقية الناطقة بالفرنسية ‪ .‬وهى الدول التى‬ ‫خضت غالبيتها في العصور الحديثة للاستعمار الفرنسي ‪ .‬ويضم هذا الإقليم حوالي ‏‪ ١٤‬دولة هي ‪:‬‬ ‫" مالي ‪ .‬بوركينا فاسو ‪ .‬النيجر ‪ .‬السنغال ‪.‬غامبيا ‪.‬غينيا بيساو‪ .‬غينيا ‪ .‬سياليون‪ .‬ليبيريا ‪.‬‬ ‫ساحل العاج‪ .‬غا ‪ .‬توجو ‪ .‬بنين ‪ .‬نيجيريا ‪ .‬كما تعتبر منطقة جنوب مورتيانيا جزأ من هذا الإقليم‬ ‫وتبلغ مساحة دولة حوالي خمسة مليون كم‪٢‬‏ أي حوالى ضعف مساحة دول غرب ووسط أورويا ‪.‬‬ ‫وتضم دولة حوالى ‏‪ ٢٠٠‬مليون نسمة معظمهم من المسلمين ‪ .‬وأكثر دولة سكانا هي نيجيريا وأقلها‬ ‫سكانا غينيا بيساو ‪ .‬وأكبر دولة مساحة هى النيجر وأقلها مساحة هى غميبيا ‪.‬‬ ‫‏‪ ٣٩٥‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫= انظر ‪ :‬أبو عيانة ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫(‪ )٢‬طرخان ‪ .‬دولة مالي الإسلامية ‪ .‬هى‪.٧ ‎‬‬ ‫‪_ ٢.٩‬‬ ‫وللباحث أن يقارن بين آثار الإسلام الماضية وبين أحوال دول غرب القارة في الوقت‬ ‫الحالي بعد تخلصها من حقبة الاستعمار ليتضح للباحث الفرق الواسع بين بناء الإسلام‬ ‫لغرب السودان وبين تدهور أوضاعه على يد الإستعمار (''‪ .‬الأمر الذي يثير العديد من‬ ‫التساؤلات والاستفسارات عن حقيقة الدور الغربي في افريقية ‪ .‬ويكفى أن تكون مدينة‬ ‫كوبى صالح عاصمة غانة ‪ .‬إحدى مراكز الحضارة في الفرب السوداني ‪ .‬أصبحت اليوم‬ ‫أطلال ‪ .‬بعد أن كان بها نهضة علمية وثقافية تنبعث من اثنى عشر مسجدا في سنة ‪٦٠‬ه‏‬ ‫‪٦٧٩ -‬م‏ ‪.‬‬ ‫كان صوت الإسلام قد وصل صداه إلى السودان الغربي منذ بداية ظهوره في شمال‬ ‫افريقية في بداية النصف الثاني من القرن الأول المجرى وساهم العرب والبربر في البداية‬ ‫في حمل شعلة ‪ .‬ثم تلقفتها شعوب المنطقة من الفولانيين ("" والتكرور الذين أصبحوا‬ ‫عماد الإسام ورسالته في غرب القارة حتى العصور الحديثة وظهر منهم وعادة ومصلحون‬ ‫عملوا على نشر الإسلام ورسالة باعتباره المنقذ من التخلف والفوضي ‪.‬‬ ‫كما ساهم الهوسا والسوننكة في تلك العمليات في غرب القارة ‪ .‬وجمعت بين تلك‬ ‫الشعوب اللغة العربية والدين الإسلامي رغم وجود لهجات محلية عديدة منتشرة بين‬ ‫قبائلهم ‪ .‬إلا أن اللفة العربية شكلت الأساس في المعاملات منذ القرن الثاني الهجري ‪.‬‬ ‫وأصبح ظهور أي شعب في السودان الغربي يتحتم عليه الارتباط باللغة العربية من أجل‬ ‫‏(‪ )١‬يحتوى هذا الإقليم الذي يسمى غرب إفريقية في الوقت الحالى على أفقر دول افريقية والعالم‪ .‬بل‬ ‫أنه الإقليم الوحيد الذي يضم دول عديدة تحت خط الفقر ‪ .‬حيث يحتوي على أكثرمن دولة تصنف في‬ ‫مجموعة الدول الفقيرة جدأ من مجموع ‏‪ ٤٩‬دولة على مستوى العالم فى هذا التصنيف ‪ .‬يطلق‬ ‫خبراء المنظمات الدولية والأمم املتحدة على دول غرب افريقية اسم منطقة الفقر الجهنمية“ حيث يوجد‬ ‫ترابط بين مشاكل الجوع والفقر وقيمة الحياة ويصل متوسط دخل الفرد السنوي في بعض الدول إلى‬ ‫حوالى مائة دولار ‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٩‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‪ -‬انظر عادل يونس ‪ .‬العالم الإسلامي ‪ .‬ص‬ ‫‏‪ ٢٢‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫أبو عيانة‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫‏(‪ )٢‬يدعي الفلانيرن أنهم من أصل عريى فيذكر البعض منهم أنهم قدموا من صعيد مصر ‪ .‬والبعض‬ ‫الآخر أنهم من سلالة عقبة بن نافع ولكنهم عموم من الشعوب السودانية ‪.‬‬ ‫سدلامي ‪ .‬ص ‏‪.٧٤‬‬ ‫‪ -‬مقلد ‪.‬احرلكةإالم‬ ‫‪_ ٢١.‬‬ ‫السيادة ‪ .‬باعتبارها لفة العصر والحضارة ‪ .‬وقد حدث ذلك حينما ظهر شعب الصنفي‬ ‫على ضفاف نهر النيجر ‪.‬‬ ‫ويكفى أن نذكر مدى الدور الذي قام به مسلموا السودان الغربي في أحداث العالم‬ ‫الإسلامي حينما قامت الشرارة الأولى لدولة المرابطين من بين جماعات التكرور‪'١‬‏ بحوض‬ ‫السنغال‪.‬الأمر الذى يؤكد لنا أهمية الوجود الإسامي في بلاد السودان منذ البداية‪.‬‬ ‫ومهما يكن من أمر فإن تمكن الإسلام من قلوب البربر في شمال افريقية وواحات‬ ‫الصحراء الإفريقية ابتداء من عهد عقبة بن نافع وحتى عهد موسى بن نصير ‪ .‬جعل هؤلاء‬ ‫البربر مع إخوانهم العرب يتجهون صوب الجنوب بعد ان كسر الإسلام جميع الحواجز‬ ‫السابقة في المنطقة وأعاد الأمن والاستقرار إلى ربوعها ‪ .‬بل أن هناك من يذكر أن جيوش‬ ‫عقبة بن نافع وموسى بن نصير قد وصلت إلى عاصمة مملكة غانة الوثنية في الجنوب ("" ‏‪٨‬‬ ‫ولكن دون أن تقدم لنا أدلة على ذلك ‪ .‬ويبدو أن تلك القوات كانت طلاتع من جيوش‬ ‫‏(‪ )١‬التكرور اسم شعب يسكن إحدى أقاليم غرب السودان في منطقة نهر السنغال ‪ .‬وقد أطلق هذا‬ ‫الإسم عليهم من قبل جيرانهم من شعوب الجولف المجاورة لهم في حوض السنغال ‪.‬‬ ‫ترجع أصول التكرور إلى هجرة جماعات من واحات إقليم فزان بالصحراء الليبية وهاجروا عبر‬ ‫السودان الأوسط إلى موطنهم الحالى ‪ .‬وأختلطرا بالشعوب الزنجية ‪ .‬ويعتبر التكرور من أنشط‬ ‫وأسبق الجماعات السودانية في حمل الإسلام ولفته ‪ .‬حتى أن مؤرخى العصور الوسطى من المسلمين‬ ‫يطلقون كلمة تكرور على كل شعوب السودان الأوسط العربي لشهرة هذا الشعب في حمل الإسلام في‬ ‫تلك الجهات‪.‬‬ ‫قام عبدالله بن ياسين بدور كبير في ترسيخ الإسلام بين شعب التكرور ‪ .‬وتمكن من خلق قوة‬ ‫جديدة من بينهم حينما اعتصم بينهم وكون جماعته التى سميت باسم" المرابطين" ومن بلاد التكرور‬ ‫بدأت أشهر دول الإسلام في المغرب وهى دولة المرابطين التى امتدت نحو الشمال واتخذت من المغرب‬ ‫الأقصى مركزأ لها وعبرت جبل طارق لتعيد مجرى الإسلام إلى شبه جزيرة الإندلس ‪ .‬وقد زادت قوة‬ ‫المرابطين بمساندة قبانل صنهاجة لها ‪.‬‬ ‫وبعد انقسام دولة المرابطين أصبح التكرور هم عماد القسم الجنوبي الذي قاده أبوبكر بن عمر وغزا‬ ‫به غانة ‪.‬‬ ‫‪ -‬حسين مؤنس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص إ‪٩‬‏ ومابعدها ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬القلقشندي ‪ .‬صبح الأعشى ‪ .‬جه ‪ .‬ص ‏‪.٢٨٤‬‬ ‫‪_ ٢٣١١‬‬ ‫المسلمين الأمر الذي يدل على ارتباط السودان الغربي بأحداث شمال افريقية منذ البداية‬ ‫‪.‬ومنذ بداية القرن الثاني الهجري ‪ /‬الثامن الميلادي بدأت العلاقات تزدهر بين شمال‬ ‫الصحراء وبين جنوبها من بلاد السودان ‪ .‬حيث كانت الحملات تتعرف على أخبار البلاد‬ ‫وتعود محملة بكميات من الذهب ‪ .‬ويبدو أن هناك أفراد من تلك الحملات قد استقرت في‬ ‫مناطق السودان الغربي بدليل الإشارات المتكررة في المصادر حول أصول عربية مبكرة في‬ ‫ملكة غانة (" ‪.‬وقد مهدت تلك الحملات الطرق التجاريه أمام القوافل ‪ .‬حيث بدأ التجار‬ ‫السلمون في تنظيم تلك الرحلات التجارية وكان معظم هؤلاء التجار من الشام والعراق‬ ‫ومصر ‪ .‬فقد توافد إلى تلك البلاد تحبار البصرة والكومة ويغداد وغيرها بعد ماسمعوا عن‬ ‫أخبارها وإرباح تجارتها ونقاوة ذهبها (""‪ .‬حتى ذكر ابن حوقل بأنه شاهد بأكثر من أربعين‬ ‫ألف دينار في أودغست "'‪ .‬الأمر الذي يدلل على كثرة وكثافة العمليات التجارية بين‬ ‫المسلمين ويين بلاد السودان الغربي ‪.‬‬ ‫كما لاحظ الرحالة انتشار العلماء المسلمين على طول مراكز الصحراء خاصة‬ ‫أودغست التى أصبحت مركزا بين شمال إفريقية وبين مملكة غانة في السودان الغربي("‪.‬‬ ‫وقد أصيح هؤلاء العلماء والتجار أشبه بمستشاپن للأمراء والحكام في بلاد السودان‬ ‫الغربي خاصة عند حكام غانة ("‪ .‬كما اعتمد ملك غانة على الجالية الإسلامية في بلاده‬ ‫لتطوير ‪ 1‬وجه الحياة في مملكته ‪ .‬حتى ا ن هؤلاء المسلمبن أسسوا لهم حيا مستقلا ني‬ ‫العاصمة مقابل الحى الوثنى الذي وقد أشتمل هذا الحى الإسلامي على عدد من المساجد‬ ‫بلفت أكثر من اثنى عشر مسجدا بالاضافة إلى المسجد الجامع الذي تقام فيه الجمعة ‪.‬‬ ‫ورغم تطور الأحداث في منطقة السودان الغربي في القرن الرابع المجرى‪ :‬إلا أن‬ ‫المسلمين ظل لهم ظل لهم وضعهم الإجتماعي المميز في بلاد السودان الغربي وأصبحوا‬ ‫قدوة حسنة لشعوب السودان الأخرى حتى أقبلت تلك الشعب على اعتناق الإسلام‬ ‫‪.‬وانتتهى الأمر بقيام العديد من الدول والإمارات الإسلامية في تلك المناطق من قبل‬ ‫شعوب المنطقة ومن أهمهما ‪:‬‬ ‫(‪ )١‬ابن عبدالحكم ‪ .‬فتوح مصر والمغرب ‪ .‬ص‪.٢٦٠ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬نورى‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٨١ ‎‬‬ ‫‏‪.٩٢‬‬ ‫)( صورة الأرض ‪ .‬ص‬ ‫(‪ )٤‬القزويني ‪ .‬آثار البلاد وأخبار العباد ‪ .‬ص‪ )٥( .١٩١ ‎‬ابن حوقل ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪.٩٩١ ‎‬‬ ‫_ ‪_ ٢١٢‬‬ ‫أرلا‪ :‬علكة غانةا!‪:‬؛‬ ‫تعد مملكة غانة أول مملكة من بلاد السودان الغربي ترد في المصادر العربية ‪ .‬وتمتد‬ ‫حدودها حسب تلك المصادر من جنوب موريتانيا الحالية وغرب مالي الى ساحل المحيط‬ ‫الاطلسى ونهر السنغال ("" غربا ‪ .‬كما تمتد جنوب حتى نطاق الغابات الإستوائية حيث‬ ‫كان لحكامها نفوذهم وتعاملاتهم القوية مع كيانات تلك الغابات ‪ .‬بحيث ان الحصول على‬ ‫سلع تلك الغابات كان يتم بترتيب مع حكام غانة ‪ .‬وفى بعض الأحيان مدت تلك المملكة‬ ‫نفوذها حتى الصحراء الكبرا ء شمال لتضم بعض واحاتها("' ‪.‬‬ ‫وقد وردت عبارات تدل على عظمة ونظام وثراء تلك المملكة فى المصادر الإسلامية‬ ‫فيقول عنها ابن حوقل ‪ ..‬إن ملكها ايسر من على وجه الارض مما لدية من الاموال المدخرة‬ ‫من التبر المثار ! ‪ .‬كما وصف ابن خلدون ملوكها بانهم كانوا اعظم ملوك المنطقة (" ‏‪٠‬‬ ‫وذلك بقوله أنه ما نتحت افريقبة والمغرب دخل التجار بلاد المغرب فلم يجدو فيهم أعظم‬ ‫‏(‪ )١‬ليس المقصود بمملكة غانة ‪ .‬موضوع حديثنا ‪ .‬دولة غانة الحالية ‪ .‬بل كانت منطقة شمال غانة تمثل‬ ‫جزث صغيرا من مملكة غانة القديمة ‪ .‬ويبو أن اسم غانة أطلق حديثاجد الاستقلال على دولة ساحل‬ ‫الذهب ‪ .‬وهو ااسم الذي أطلقة الأوربيون على تلك الدولة لأمميتها في تصدير الذهب من أقاليم ملكة‬ ‫ويتركز المسلمون فى غانة‬ ‫غانة ‪ .‬وولة غانة الحية ثة دلة صغيرة المساحة ( حوالى ‪٢٣/٥٣٨‬كم‪)٢‬‏‬ ‫في المناطق‌الشمالية ‪.‬‬ ‫انظر ‪ :‬أبو عيانة ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ٤٥٥‬‬ ‫الجوهري ‪..‬افريقية الإسلامية ‪ .‬ص ‏‪.٣٣٧‬‬ ‫‏(‪ )٢‬اسم نهر السنتال مشتق من قبيلة صنهاجة القوية والتى تمكنت من بسط سيطرتها على ارجا ء واسعة‬ ‫من جقنوب المغرب الاتصى رحتى نهر السنغال اةوع‪٦‬ع‪5‬‏ فاشتق اسم النهر منها ‪ .‬وقد أطلق‬ ‫البرتغاليون على الهر اسم صنهاجال ‪ .‬وتردد في المراجع الغربية اسم سنغال ‪ .‬اما المصادر الاسلامية‬ ‫فقد ذكرت بإسم نهر غانة ‪.‬‬ ‫انظر ‪:‬ابن سعيدكتاب الجغرفيا ‪ .‬ص ‏‪. ٩٢‬‬ ‫‏‪. ٩٦١/٩٥‬‬ ‫‪ -‬مؤنس الاسلام الفتح ‪ .‬ص‬ ‫(‪ )٣‬انظر الخرائط في الملاحق‪. ٣١٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬صورة الارض ‪ .‬ص‪ . ٩٨ ‎‬طبعة بيروت‪. ‎‬‬ ‫‪.٤١١‬‬ ‫(‪ )٥‬تاريخ ابن خلدون ‪ .‬ج‪ . ٦ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫‪_ ٢١٢‬‬ ‫من ملك غانة ‪ .‬كانو ا ‪ .‬مجاورين للبحر المحيط من جانب الغرب ‪ .‬وكانوا أعظم أمة‬ ‫ولهم أضخم ملك ‪ .‬وحاضرة ملكهم غانة ‪ .‬مدينتان على حافتى النيل (" ‪ .‬من أعظم‬ ‫مدائن انعالم وأكثرها معتمر ("" ‪.‬‬ ‫وارتبطت تلك الدولة عند المسلمين بانتشار العدل نى ربوعها ‪ .‬لما شاهده التجار‬ ‫السلمون والرحالة من التسامح والعدل والإنصاف الذي يتميز به حكامها أمام الرعية ‏‪٠‬‬ ‫وقد صاحب هذا العدل انتشار الحرية والأمن والاستقرار مماشجع قدوم العديدمن التجار من‬ ‫كافة انحاء العالم الإسلامى البحر المتوسط اليها‪'".‬‬ ‫وهناك أسباب ساعدت هذه المملكة على طول فترة حكامها واستقرارها مما يلى ‪:‬‬ ‫من‬ ‫ات‬ ‫قهموتلك‬ ‫لكنت‬‫اقرم‬‫‏‪ - ١‬وجود قوات عسكرية كافية لدى ملوك غانة ‏‪ ٠‬و‬ ‫التصدى للقبائل الزنجية في الجنوب ‪ .‬وقمع حركات التمرد من قبل الشعوب‬ ‫والقبائل لتى تتبع الممكة ‪ .‬وكان ملوك غانة دائمى الإنفاق على هذا المجال ‪.‬‬ ‫قد بلغ تعداده حوالى ‪٢٤٠‬ألفاً‏ من قبيلة الملك ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٢‬الإنفتاح والحرية التجارية التى طبقها ملوك غانة ‪ .‬حيث استطاعوا ن تفتحوا‬ ‫حدود بلادهم من كل اتجاه امام التجار ‪ .‬ونظموا لذلك السبل التى تكفل‪,‬‬ ‫حمايه التجر وتحجارتة ‪ .‬كما استفادوا بذلك من امكانيات المناطق والدول‬ ‫المجاورة مقابل تصدير لسع والمنتجات التى تنتجها بلأدهم ‪.‬‬ ‫كما نظموا جباية الضرئب من قوافل التجارة ‪ .‬فكانوا يجبون على كل حمل‬ ‫من لملح يدخل دينار ذهبيا ‪ .‬وعلى الحمل الذى يخرج دينارين ‪ .‬بالإضافة إلى‬ ‫ضرائب أخرى حسب نوع كل سلعة ‪ .‬‏(‪'٠‬‬ ‫‏(‪ )١‬ذكر الجغرافيون والرحالة المسلمون اسم نهر النيل على نهر النيجر ونهر السنفال ‪ .‬اعتقادأ منهم ان‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ٥‬ومابعدها‬ ‫النهر النيل يصل إالى تلك الجهات ‪" .‬انظر ‪ :‬ابن صعيد المصدر السابق ‪ .‬ص‬ ‫‏(‪ )٢‬ابن خلدون ‪ .‬المصدر السابق ‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬سنة‬ ‫‏‪ ٠‬الجزائر‬ ‫‏‪ ٢ ١‬ومابعدها‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫افريقية الفربية‬ ‫في‬ ‫أوروبا‬ ‫وحضارة‬ ‫الإسلام‬ ‫ة‬ ‫‏)‪ ( ٣‬نعيم قداح ‏‪ ٠‬حضار‬ ‫‏‪ ٩٥‬‏م‪١‬‬ ‫(‪ )٤‬نوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٤٥ ‎‬‬ ‫‪_ ٢١٤‬‬ ‫‏‪ - ٣‬سياسة ملوك غانة مع الرعية وما اتسمت بة تلك السياسة من العدل ‪ .‬الأ مر‬ ‫الذى اشاع ‪ .‬الأمن والإ ستقرار في ربوع المملكة لفترات طويلة ‪ .‬وادي لك‬ ‫الى ازدهار البلأ وغوها وسط محيط بدائي ‪ .‬وقد انعكس هذا الأمر في‬ ‫‪ .‬أشكال الإحتفالات الملكية ومواكب الملك بين ر عيتة وجلوس الملك في سرادقه‬ ‫الكبيرة ليستمع الملك إلى مطلب الشعب "" كما تمتع التجار بحرية كاملة‬ ‫في ممارسة شعائر دينهم ‪ .‬فقد كان يوجد مسجد لهم بجوار المعابد والهياكل‬ ‫الوثنية ‪ .‬كما كان لكبار التجار أحياء خاصة في العاصمة ‪.‬‬ ‫ورغم صمت المصادر والمراجع عن تحديد تاريخ معين لظهور مملكة غانة في السودان‬ ‫الغربي إلا أن المصادر الإسلامية تردد أن عدد ملوكها حتى سنة ‪١٥٣‬ه‏ ‪ -‬سنة ‪٧٢٧١٠‬م‏ م‬ ‫بلغ أربعة وأريعون ملكا ‪ .‬أى أن التاريخ التقريبي لبداية ظهورها فهو منذ القرن الثاني‬ ‫للميلاد حينما مكنت جماعات من البربر من سكان شمال إفريقية من اختراق الصحرا ء‬ ‫والنزول في غرب السودان ‪ .‬والأمتزاج مع شعوب زنبية أخرى مثل شعب الماندنيو "ا‪.‬‬ ‫ومكنت تلك الجماعات من تكوين نطام سياسي وإدارى جديد ظهر بقوة في الفرنين الثالث‬ ‫والرابع الميلاديين وأستمر حتى العصور الحديثة ‪ "(.‬ويؤرخ البعض الآخر لبداية ظهورها‬ ‫القرن الرابع الميلادي ("‪.‬‬ ‫كان الفانيون ‪ .‬مثل غيرهم من القبائل الإفريقية حتى العصور الإسلامية ‪ .‬وثنيون‬ ‫وتقوم الوثنية عندهم على تقديس القوى الطبيعية كالأشجار الضخمة والحيوانات القوية‬ ‫المفترسة ‪ .‬ويدل هذا الأمر على ارتباط المجتمع بالبيئة الطبيعية وبالأجداد القدماء ‪ .‬حيث‬ ‫يعتقدون أن الميت قد يعود في شكل شجرة أو حيوان ‪ .‬واحتلت الحيات المكانة المقدسة‬ ‫عند أهل غانة ‪ .‬حتى أنهم اعتقدوا أن الحيات تخرج كل عام من جحورها تحتفل بعيد‬ ‫تتويج الملك وأن التعرض لها يعرض مصير البلاد للخطر ‪ .‬ومازالت تلك المعتقدات لها‬ ‫صداها في بعض المجتمعات الإفريقية ‏‪6٨(.‬‬ ‫(‪ )١‬نعيم تداح ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٦١٧١ ‎‬‬ ‫‪,‬‬ ‫ح‪‎‬‬ ‫‪, 0‬‬ ‫!‬ ‫‪, .. . .02,8‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫(‪ )٣‬دافيدسون‪ .‬إفريقية تحت أضواء جديدة ‪ .‬ص‪.١٨٣ ‎‬‬ ‫‪.١٤٤‬‬ ‫(‪ )٤‬نوري المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‏(‪ )٥‬قداح ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪( ٦٩١‬هامش)‬ ‫‪_ ٢١٥‬‬ ‫وعلى قمة هذا النظام الوثني كان يتريع الملك الفاني على أساس أنه ممثل الآله بين‬ ‫الرعية ‪ .‬وانه واسطة بين الرعية والآله ‪ .‬وهو مصدر الرزق للشعب وكان هذا الملك ينتمي‬ ‫إلى أقوى القبائل كما يشترط فيه القوة ‪ .‬التى هى عنصر مقدس في تلك المجتمعات ‏(‪'١‬‬ ‫ويعيش الملك في قصر مبنى من الحجارة تحيط به بيوت حاشيته وأهله وخدمه ‪ .‬ثم تأتى‬ ‫بيوت السكان من اللبن والمسقوفة بالقش ‪ .‬وكان جيش البلاد من قبيلة الملك ‏‪ ٠‬ومن‬ ‫المرتزقة ويتولى قيادة الملك ‪.‬وللملك احتفالات في مناسبات خاصة يلبس فيها أقراطه‬ ‫وقلانده وقبعاته المطرزة ويحيط به الحرس والخدم ‪ .‬واستمرت تلك الأنظمة حتى تحول‬ ‫المملكة إلى الإسلام ‪"(.‬‬ ‫وكان النظام الإجتماعي لغانة يقوم على القبيلة التى تنحدر من أب واحد وينتمى‬ ‫معظم شعب غانة إلى قبيلة الساراكوله ‪ .‬وهى تتفرع إلى عدة عشائر أهمها عشيرة‬ ‫سيسيه التى ينحدر منها الملك والعائلة المالكة ‪ .‬كما ترتبط تلك القبيلة بالقبائل الأخرى‬ ‫بقرابة شديدة ‪ .‬وقبل الإسلام ساد مبدأ التخصص بين القبائل ‪ .‬فهناك قبيلة تختص‬ ‫بصناعة الحديد وهى تشكل مع عشائرها وحدة لتلك الحرفة ‪ .‬وكانت تلك هى قبيلة‬ ‫كوروما التى شكلت أهمية كبيرة في غانة لأهمية المجتمع إلى تلك الصناعة قدي ‪ .‬كما‬ ‫توجد عشائر أخرى تعمل في مجال الزراعة أو الرعى أو الصيد ‪ .‬وكان الملك وقبيلته يمثل‬ ‫قمة هذا النظام من كافة النواحى ‪ .‬وهو يتمتع بالاحترام والتبجيل الكامل ‪ .‬حيث يقابله‬ ‫الشعب بالإنحاء ووضع التراب على رؤسهم دلالة على خضوعهم له ‪ .‬وقد شاهد ذلك‬ ‫التجار والرحالة المسلمون ‪'"{.‬‬ ‫وبجانب هذا النظام الصارم في غانة امتلكت أقاليم المملكة إمكانيات اقتصادية‬ ‫هامة حيث سيطرت غانة على أقاليم شاسعة في غرب السودان ‪ .‬تحتوي على إمكانيات‬ ‫زراعية بفضل الأنهار والأودية ‪ .‬وكذلك على مراعي شاسعة ‪ .‬حتى أنها كانت تكتفى‬ ‫ذاتيا في مجال المواد الغذائية من بساينها ومزارعها ومصائد أنهارها ‪ .‬وكان أهم‬ ‫محاصيلها من الحبوب والقطن ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬قداح ‪ .‬نفسه ‪ .‬ص‪. ٦١٩١ ‎‬‬ ‫‪.٠ ٦ ٩‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ ١‬مرجع‪ ١ ‎‬لسا بق‬ ‫‪٠‬‬ ‫قداح‪‎‬‬ ‫) ‪( ٢‬‬ ‫‪.٦٤‬‬ ‫(‪ )٣‬مقلد ‪.‬ا مرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫_ ‪_ ٢١٦١‬‬ ‫وتد اكتسبت تلك المملكة أهميتها منذ التاريخ القديم بسبب توفر معدن الذهب‬ ‫بأرضه وبكميات وفيرة ‪ .‬حتى أن ملك غانة كان يسمى كايامانمان أى ملك الذهب لأنه‬ ‫يجلس على عرش ذهبي ‪ .‬كما يوجد المعدن في أرضه بكميات كبيرة ويأنعار رخيصة‬ ‫أثارت لعاب التجار من كافة الأنحاء ‪ .‬فتحملوا المشاق وراء ذلك‪'١(.‬‏‬ ‫وبسبب ذلك أصبحت غانة مركز هاما لبلاد السودان تقدم أليها القوافل من كافة‬ ‫الأرجاء من الجنوب محملة بالرقيق ومنتجات الغابات الإستوائية ‪ .‬ومن الشمال تفد‬ ‫القوافل العربية والبربرية محملة بالمنسوجات والملح والتمر والمصنوعات الأخرى وتعود‬ ‫محملة بالذهب والرقيق والعاج وبيض وريش النعام والصمع والجلود وجوز الكولا ‪ .‬وقد‬ ‫زرع صيتها فى أرجاء العالم بعد أن وصل المسلمون إلى بلاد المغرب‪'"(.‬‬ ‫ومنذ البداية استقرت جماعات من الجنود والتجار المسلمين في بعض مناطق مملكة‬ ‫غانة من جهة الشمال ‪ .‬بسبب سمعتها وازدهار أوضاعها وكذلك للعمل في مجال التجارة‬ ‫والتبادل التجاري ‪ .‬والدليل على ذلك أن هناك مدنا إسلامية ظهرت في القرنين الثالث‬ ‫والرابع الهجريين وأن بعضها كان يبلغ في تعداد حوالى ‏‪ ٣٠ ٠‬ألف نسمة حل سكانه من‬ ‫المسلمين وأصبح مدن وأقاليم غانة الشمالية يسودها العنصر العربي والبريري ("'‪ .‬بحيث‬ ‫جاء القرن الرابع الهجري ليشهد محاولات من جماعات الطواراق لفتح مملكة غانة ‪ .‬لكنها‬ ‫لم تتم ‪.‬‬ ‫ولدواعى خدمة القوافل التجارية ولدت مدينة على حدود مملكة غانة الإسلامية وهى‬ ‫مدينة أودغست التى أصبحت أهم مراكز التجارة قاطبة في القرنين الثالث والرابع‬ ‫الهجريين واستمرت تؤدى دورها كذلك عدة قرون‪ ".‬وكانت عبارة عن قرية صغيرة‬ ‫تطورت وأصبحت مدينة عامة بالسكان العرب والبربر والزنوج العاملين في مجال التجارة‬ ‫والتبادل بين السودان وشمال إفريقية ‪ .‬وانتشرت فيها المساجد الإسلامية والزوايا وقصدها‬ ‫العديد من العلماء والفتهاء ‪ .‬وحدثت نهضة اقتصادية شاملة للمناطق المحيطة بها من‬ ‫عباس‬ ‫‏‪ .٦٣‬تحقيق دكتور احسان‬ ‫عبدالمنعم ‏‪ ٠‬الرورض المطار‪.‬‬ ‫‪ .‬محمل‬ ‫‏) ‪ (١‬الحميري‬ ‫‏‪.٧٢‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫المرجع السابق‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫قداح‬ ‫‏(‪(٢‬‬ ‫‏‪.٦٩‬‬ ‫‏‪ ٠‬المرجع السابق ‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏)‪ (٣‬مقلد‬ ‫‪.٩١‬‬ ‫‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٤‬ابن حوقل ‪ .‬صورة ا لارض‬ ‫‪_ ٢١٧‬‬ ‫أجل إمدادها بما تحتاجه من المواد الغذائية وحاجات التجار والمسافرين وكانت تلك المدينة‬ ‫متصلة المسالك مع مدن شمال إفريقية ويلاد غانة ‪ .‬‏‪6١‬‬ ‫المدينة بصورة عامة بفضل سكانها من المسلمين واتضح هذا الإزهار‬ ‫وقد ازدهرت‬ ‫ني الجوانب الآتية ‪:‬‬ ‫‏‪ - ١‬الاتساع والامتداد العمراني فقد زادت أحيائها رغم إحاطتها بالجبال من‬ ‫جهتين ‪ .‬وأصبحت المدينة تضم أحياء متصلة ذات مباني حسنة ومنازل راقية‬ ‫(‪٢‬ا‪,‬‏ لأول مرة في تاريخ الصحرا ء‬ ‫‏‪ - ٢‬تنوع الأسواق بها ‪ .‬وتنوع سلعها ومواد تجارتها ‪ .‬حتى وصف سوتها بأنها‬ ‫عامرة الدهر كله لايسمح الرجل فيها كلام جليسه لكثره جمعه وضوضاء‬ ‫أهلها"'‬ ‫‏‪ - ٣‬ثراء أهلها‪ .‬حتى بلغ الأمر أن أهلها كانوا لايتعاملون إلا بالدنانير الذهبية‬ ‫وأصبح مع الشخص الواحد من أهلها ألف خادم أو أكثر (" وأن هؤلاء العبيد‬ ‫كانوا يمثلون القوة المنتجة في المدينة سواء في الزراعة أو تربية الحيوان أو‬ ‫حراسة القوافل وفي مجالات الحرف الأخرى ‪ .‬كما اشتهرت بحسن جواريها‬ ‫التى ضرب بهن المثل في الجمال وفي المهارة في العمل(" ‪ .‬كما كان يحمل‬ ‫منها العنبر" الوارد إليها من المحيط الأطلسي القريب من جهة الغرب ‪.‬‬ ‫ويسبب موقع المدينة الهامة فإنها أصبحت مركزأ لتجار المسلمين القادمين من‬ ‫‪ .‬ولذلك أصبحت ا لمدينة عبا رة عن مدينة إسلامية‬ ‫وا رجلات وتا هرت وسجلما سة وفا س‬ ‫(‪ )١‬الجنحاني ‪ .‬المغرب الإسلامي‪.٢٠٩ . ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬البكرى ‪ .‬المغرب ‪ .‬ص‪.١٥١٨ ‎‬‬ ‫‪.١٥٨‬‬ ‫(‪ )٣‬البكري ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٤‬البكري ‪ .‬المصدر نفسه‪. ١٥٩ . ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬الحميري ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪.٦٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٦‬الحميري ‪ .‬المصدر نفسه ‪ .‬ص‪.٦٤ ‎‬‬ ‫‪_ ٢١٨ -‬‬ ‫ممتدة على حدود بلاد السودان ‪ .‬وهو الأمر الذي كان يخشاه كثيرا ملوك وحكام مملكة‬ ‫غانة من ظهور أطماع لزعامات أودغست داخل أراضي مملكة غانة وخاصة من قبائل‬ ‫البربر القوية والسيطرة على الأقاليم المتاخمة لمملكة غانة مثل لمتونة وهم من الملثمين ‪.‬‬ ‫وفروع قبائل صنهاجة ‪ .‬وكانت تحكم بالفعل من قبل شيوخ صنهاجة ‪ .‬الذين مدوا‬ ‫سلطانهم بالفعل إلى أقاليم غانة الشمالية ‪ .‬حيث كان يؤدى له الجزية حكام شمال مملكة‬ ‫غانا ‪ .‬حتى قام ملك غانة في القرن العاشر الميلادي بغزو المدينة وتعين حاكم وثنى من‬ ‫قبله عليها ‪ .‬وظلت خاضعة له حتى منتصف القرن الحادي عشر الميلادي ‏(‪'١٧‬‬ ‫وتدل عملية المد والجزر على السيادة على أودغست بين المسلمين ويين مالك غانة‬ ‫على نباح المد الإسلامي داخل مملكة غانة ذاتها بسبب ما يلي ‪:‬‬ ‫‏‪ - ١‬كان غزو ملك غانة للمدينة يهدف إلى إبعاد نفوذ قبائل الطوارق والملثمين‬ ‫الذين كانوا في خركة دائمة لاختراق الصحراء ودخول مملكة غانة وكانت لهم‬ ‫جهود واضحة لنشر الإسلام في الواحات الصحراوية ومناطق شمال غانة ‪.‬‬ ‫حتى أحس بذلك ملك غانة من خلال حدوث تمرد بين حكام أقاليم على‬ ‫سلطانه ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٢‬لم يتعرض ملك غانة بأي أذى للتجار ولحركة القوافل التجارية داخل بلاده‬ ‫وخاصة الإسلامية منها فقد أصبح اقتصاد الدولة مرتبطا بالتجارة ‪.‬ومواردها‬ ‫وكان هؤلاء التجار يتجولون في كافة أرجاء المملكة في حرية تامة وأمن‬ ‫وأمان ‪ .‬كانوا خير سفراء للإسلام في أى مكان أقاموا فيه ‪ .‬حيث كانت لهم‬ ‫حرية ممارسة شعرائهم الإسلامية علانية ‪ .‬فقاموا ببناء المساجد في مملكة منذ‬ ‫القرن الثاني الهجري ‪ /‬الثامن الميلادي ‪ .‬واتخذ مستشارين لادارة ملكه‪ .‬‏‪'٢‬‬ ‫وظلت أودغست كمنطقة حاجزة ‪ .‬بين نفوذ الشمال الإسلامي ‪ .‬وبين نفوذ ملوك‬ ‫غانة الوثني ‪ .‬حتى أنتهى الأمر بضمها إلى عبدالله بن ياسين سنة ‏‪ ٥٤٤٦‬‏م‪/٤٥٠١‬‬ ‫موسس دولة ا لمرابطبن ‪ .4‬وضمت نهائيا للنفوذ ‏‪ ١‬لإسلامي ‏‪ ٠6‬ويسبب هذا ا لصراع ‏‪ ١‬لطويل حول‬ ‫‏‪١٦٨‬‬ ‫اليسا بق ‪.2‬‬ ‫‪.‬ا لمصدر‬ ‫‏) ‪ ( ١‬أ لبكرى‬ ‫‏(‪ )٢‬مقلد ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪ ٩٠‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‪_ ٢٦١٩‬‬ ‫المدينة تحوىت مكانتها الهامة في مجال التجارة إلى مدينة ثانوية ‪ .‬وبدأت تفقد أهميتها‬ ‫السابقة وأخذت القوافل التجارية تبحث عن طرق أخرى آمنة غير طريق أودغست ‏‪ ٠‬ففي‬ ‫القرن السادس الهجري زراها الإدريسي ووضعها بأنها مدينة صغيرة بين جبلين شبه مكة‬ ‫في صحراء ماؤها قليل ‪ .‬وعامرها قليل ‪ .‬وليس بها كبير تبارة“‪6١‬‏‬ ‫ورغم ذلك فقد أتاح سيطرة دولة المرابطين على أودغست "" ومراكز التجازة‬ ‫الصحراوية الأخرى ‪ .‬سيطرتهم على موارد هامة من عوائد النجارة ‪ .‬خاصة من الملع‬ ‫والذهب والرقيق وأصبحت طرق التجارة القادمة من دول الشمال الإفريقي تحت رحمتهم ‪.‬‬ ‫الأمر الذي أضاف لهم نفوذ سياسيا عاليا ‪ .‬وموردأ إقتصاديا لا ينضب ‪ .‬بحيث أصبحت‬ ‫أهم منافذ الذهب العالمي وهو ذهب السودان العربي تحت رحمتهم ‪ .‬وقد أتاحت تلك‬ ‫الموارد قوة واضحة لدولتهم فظهرت دولة المرابطين منذ البداية على أسس اقتصادية ثابتة‬ ‫وموارد مالية متجددة ‪ .‬ومواقع استراتيجية ‪ .‬وأصبحت دولتهم من أعظم دول عصرها‬ ‫منذ القرن الخامس الهجري ‪/‬الحادي عشر الميلادي ‪ .‬كما احتلت عاصمتهم مراكش مركزا‬ ‫هاما بين مدن العالم الإسلامي وحوض البحر المتوسط ‪.‬‬ ‫ويبدو أن اهتمام الباحثين بالشق الشمالي لدولة المرابطين قد ترتب عليه إهمال‬ ‫تفاصيل الجهاد ونشر الإسلام في السودان الغربي ‪ .‬حيث أتجه زعماء القسم الجنوبي من‬ ‫دولة المرابطين إلى اعلان الجهاد على الوثنية في بلاد السودان الغربي ‪ .‬حتى أن أصبح من‬ ‫المقبول تقسيم تاريخ انتشار الإسلام وثقافته في بلاد السودان الغربي إلى قسمين هما ‪:‬‬ ‫الأول ‪ :‬قبل عصر المرابطين (من القرن الأول الهجري إلى القرن الخامس الهجري)‪.‬‬ ‫وفيه كانت عمليات امتداد الإسلام تتم بيسر وهدوء من خلال جهود التجار والدعاة‬ ‫(‪ )١‬نزهة المشتاق ‪ .‬ص‪.٣٢ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬بعد اعلان الجهاد من قبل ابن ياسين وتوحيد كلمة صنهاجة تحت زعامته وانضمام قبائل جدالة ومتونة‬ ‫وسوفة وتارجا وبنى وراث إليه ‪ .‬قسم ابن ياسين قواته إلى إتجاهين ‪:‬‬ ‫‪ -‬الأول أتحبه شمال صوب قبيلة زناثه فأزالها عن المغرب الأقصى وضم المغرب الأقصى‪.‬‬ ‫‪ -.‬الثاني جنوبي صوب مملكة غانة ويدأ يحتل معظم أراضيها ‪ .‬انطلاقأ من حوض السنغال في‬ ‫الشمال الغربي لغانة ‪.‬‬ ‫‪_ ٢٢.‬‬ ‫والعلماء والفقهاء ‪ .‬ومن خلال العلاقات النشطة بين دول شمال افريقية كالرستميين‬ ‫والصفرية والأدارسة والأغالبة مع حكام غانة وأمراء مناطقها ( وإن كان هناك مراكز‬ ‫تحبارية غلبت عليها الصفة الإسلامية قبل عصر المرابطين ‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬عصر المرابطين وما بعدهم ‪:‬‬ ‫فقد بدأ زحف المرابطين إلى أودغست سنة ‏‪ .٥٥‬ام ثم اتجهوا صوب الجنوب ("' حتى‬ ‫تمكنوا من دخول مدينة كومبي صالح (غانة) العاصمة سنة ‪١٠٧٦‬م‏ ("' وأنتهى بذلك‬ ‫عصر الوثنية بها وبعد تحول شامل بين سكانها نحو الإسلام ‪ .‬وقفت جيوش المرابطين على‬ ‫أبواب الغابات الإستوائية في الجنوب ‪ .‬وبدأ العلماء والفقهاء الذين توافدوا على غانة في‬ ‫جماعات‬ ‫نشر الإسلام بن مدنها وقبائل ‪ .‬وظلت غانة تحت نفوذ ا لمسلمعت حتى ‪4‬‬ ‫الصوصوا من سكان حوض النيجر ‪ .‬الإغارة عليها ودخلوها ‪٦٠ .‬ه‏ ‪٢٠٣/‬ا‪١‬م‏ ‪ .‬فاتجهت‬ ‫جموع كثيرة من مسلمى غانة إلى الشمال هرياأ من جماعات الصوصو ‪ .‬فظهرت مراكز‬ ‫تحبارية جديدة في الشمال مشل ولاته‪.‬‬ ‫بدأت قبائل غانة في تحمل جهود نشر السلام بين الجماعات الوثنية المجاورة حتى‬ ‫أن بعض القبائل تخصصت بكامل أفرادها في عمليات نشر الإسلام خاصة في جهة الغرب‬ ‫حيث إمارة وارام الوثنية وجهة الشرق بين جماعات حوض النيجر الوثنية ‪ .‬وكذلك جهة‬ ‫الجنوب ‪ .‬حيث قبائل الموش الوثنية ‪ .‬وشهدت منطقة غرب إفريقية تحولا عن عاداتها‬ ‫الوثنية القدمة إلى الإسلام وحضارته وثقافته (""‪ .‬وفي العصر الإسلامي حدث تحول أيضا‬ ‫في الحياة السياسية فقد اندمجت المناطق كلها تحت سيطرة مركزية واحدة ‪ .‬بعد ان تمتعت‬ ‫الأقاليم في السابق بنوع من التبعية الرمزية لحكام غانة الوثنيين ‪ .‬وانتشر الأمن‬ ‫والعدل(" ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬مقلد ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪ ٨٢ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬مؤنس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٠٠ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬كانت عبارة عن مدينتي على ضفتى نهر ‪ .‬وهى أكبر مدن السودان الغربي ‪ .‬ويها أغنى التجار في‪‎‬‬ ‫بلاد السودان‪‎.‬‬ ‫‪ -‬الحميري ‪ .‬الروض المعطار ‪ .‬ص‪.٤٢٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬الحميري ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪ )٦١( . ٤٤٦ ‎‬الحميري ‪ .‬المصدر نفسه ‪ .‬ص‪.٤٢٥ ‎‬‬ ‫‏‪ ٢٢١‬س‬ ‫وفي مجالات انتشار اللفة العربية حدث تطور جديد ‪ .‬فقد أصبحت اللغة العربية‬ ‫لغة التفاهم بين طبقات أهل السودان وقبائلهم بالإضافة إلى كونها لغة المعاملات التجارية‬ ‫والمراسلات فظهرت الحاجة إلى العلماء من أجل تدريسها في المساجد ‪ .‬وظهرت المؤسسات‬ ‫الخاصة بتعليمها ‪ .‬وقد انبرى العديد من العلماء لتلك المهام منهم هاررن بن أبى‬ ‫عمران!''‪ .‬وهو من شيوخ الأباضية من زناته اتجه صوب الجنوب إلى غانة عابرأ الصحراء‬ ‫وتوغل إلى أبعد نقطة يصلها المسلمون صوب الجنوب وهى غيارو ‪ .‬التى وضعها البكري‬ ‫بأن بها أفضل الذهب من بلاد غانة ("'‪ .‬وكان غرض هذا العالم هو الدعوة ونشر الرسلام‬ ‫واللغة العربية بين القبائل الوثنية ‪ .‬وقد استمر حتى توفى ودفن هناك ‪.‬‬ ‫كما كان كثيرا من التجار والمشتغلين بالتجارة من أهل العلم ‪ .‬فلم يكن قد تم‬ ‫ترتيب أرزاق للعلماء والفقهاء بصور منتظمة ‪ .‬ومن هؤلاء فلحون بن اسحق من بنى‬ ‫واسين وكان مستقرا ببلاد الجريد ثم اتحبه إلى غانة وبالذات إلى مدينة غيارو وأستوطن‬ ‫بالمدينة ("'‪ .‬وبفضل جهود التجار والعلماء والحكام في تلك الفترة أصبح المسلمون في‬ ‫غانة يتحكمون في تجارة الذهب ‪ .‬فازدهرت غانة وأقاليمها ‏(‪.'٨‬‬ ‫وقد أثار هذا الإزدهار والحيوية التى دبت في أقاليم مملكة غانة الحقد من قبل حكام‬ ‫الأقاليم الوثنية المجاورة من الشرق والجنوب طمعا في الإستفادة من هذا الإزدهار والثراء‬ ‫الذي ميز تلك الدولة على يد المسلمين ‪ .‬فقام ملك الصوصو ‪ .‬وهو سومانفرو كانتيه‬ ‫بحشد قوات عديدة من قبائل الصوصو ودخل العاصمة كومبي صالح سنة ‪١٢٠٣/٠٦٠٠‬م‏‬ ‫‪ .‬وأشاع الفوضى والدمار في بعض المناطق التى هاجر سكانها من المسلمين صوب‬ ‫الشمال" ‪ .‬إلا أن الوجود الإسلامي بها تمكن بفضل القبائل المحلية التى أسلمت من طرد‬ ‫ملك الصوصو سنة ‪٥٦٣٨‬ه‪١٢٤٠/‬م‏ وعادت غانة إلى الحياة الإسلامية ‏«‪.'١‬‬ ‫(‪ )١‬ناصر ‪ .‬محمد ‪ .‬دكتور ‪ .‬دور الأباضية في نشر الإسلام بغرب إفريقيا ‪ .‬ص‪ ١٤ ‎‬مطبعة الضامري‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬البكري ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪.١٧٦١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬ناصر ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬الحميري ‪ .‬كتاب الجغرافيا ‪ .‬ص‪. ٩٠ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬طرخان ‪ .‬امبراطورية غانة ‪ .‬ص‪.٥٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٦١‬قداح ‪ .‬حضارة الإسلام وحضارة أوروبا في إفريقية المربية ‪ .‬ص‪. ٣٢١ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٢٢‬‬ ‫وهكذا فإن الزعيم المرابطي أبو بكر عمر يرجع إليه الفضل في التحول السياسي‬ ‫الجديد الذي وتع في غرب السودان ‪ .‬حيث حول تلك المناطق إلى الحضارة الإسلامية‬ ‫وضمها إلى خارطة الدولة الإسلامية وأبعدها عن الوثنية ومحيطها وأوصل الإسلام إلى‬ ‫حدود الغابات الإستوائية ‪ .‬ويوازي هذا العمل في أهميته ‪ .‬إن لم يفوق ‪ .‬دور القسم‬ ‫الشمالي من دولة المرابطين الذي عبر زعيمهم يوسف بن تاشفين ليوقف المد المسيحي في‬ ‫الأندلس ‪ .‬وأنقذ الأوضاع المتردية للمسلمين هناك ‪'(.‬‬ ‫ورغم ما قام به الصوصو من اعتدا ءات على مملكة غانة الإسلامية ‪ .‬إلا أن الإسلام‬ ‫قد انتشر بينهم بعد ذلك ‪ .‬كما ان قبائل من بلاد السودان التى اسلمت قد بدات في‬ ‫النصدي لمحاولات الوثنيين وتمكنوا من طردهم ثانية صوب الشرق والجنوب «"' وبدأت‬ ‫قبائل الماندنجو المسلمة تعمل من أجل الحفاظ على المكاسب الإسلامية التى تحققت وتبني‬ ‫دولة إسلامية جديدة هي دوة مالي التى سيكون لها دور بارز في ترسيخ الهوية الإسلامية‬ ‫في السودان الغربي حتي العصور الحديثة ("'‪.‬‬ ‫وكانت عملية انفتاح الحدود بين ممالك المسلمين في السودان القربي مع الجماعات‬ ‫الوثنية المجاورة لها من الجنوب ‪ .‬ووجود جيوب وثنية داخل اقاليم السودان العربي جعلت‬ ‫عملية الجهاد الإسلامي مستمرة ضد تلك القبانل حتى العصور الحديثة ‪ .‬فمنذ دخول‬ ‫المرابطين غانة وحتى ظهور مملكة مالى وصنغي ظلت للوثنية وجودها في الجنوب ‪ .‬ولكن‬ ‫كانت عمليات تحولها إلى الإسلام تتم بصورة مستمرة حتى انحصرت في جيوب صغيرة‬ ‫صوب الجنوب ‪ .‬لكن تلك المناطق بدأت تقوى من جديد بعد وصول الأوروبيين إلى غرب‬ ‫افريقية واتخاذهم مراكز لهم في الجنوب حيث الساحل ‪ .‬وجعلوا أنهم ركيزة لمناهضة ووقف‬ ‫المد الإسلامي في تلك الجهات ‪ .‬كما أن الدول الإسلامية قد بدأت تعاني من التفكك‬ ‫‏("‪.'٨‬‬ ‫‪.‬والإنقسام والدخول في حلقات مستمرة من الصراعات‬ ‫وكانت قبائل الفانتى التى تمتد أوطانها صوب الجنوب ‪ .‬يغلب عليها الطابع الوثني‬ ‫‏(‪ )١‬مؤنس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪.١٠١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬طرخان دولة مالى ‪ .‬ص ‏‪.٣٢‬‬ ‫‏‪.٦‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪ ١٠‬مرجع نفسه‬ ‫‏) ‪ (٣‬طرخا ن‬ ‫‏‪ ١٩٥‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٤‬طرخان ‪ .‬مالي ‪ .‬ص‬ ‫‪_ ٢٢٢‬‬ ‫حتى بداية القرن العشرين ‏‪ ٠‬وحينما قدم الإنجليز وفرضوا الحماية على تلك المناطق سنة‬ ‫‏‪ ٩١‬م جعلوا كل منطقة ساحل الذهب تخضع لتلك القبيلة رغم قلة عدد المسلمين‬ ‫بهااا'‪ .‬من أجل تحقيق مصالحهم ‪.‬‬ ‫وفي غينيا الإستوائية يتمتع الوثنيون والجماعات التى تحولت إلى المسيحية بعد‬ ‫عمليا ت ا لتتصير في ا لقرن ا لعشرين ‏‪ ٠‬با متيا زا ت واسعة ‪ .‬فللمسيحيبن هناك ح‬ ‫الاعتراض على الموازنة والتوزيع المالي في البلاد للميزانية ‪'".‬‬ ‫كما تحباهلت الدول الاستعمارية الثقافة الإسلامية التى ترسخت في المنطقة ‪ .‬وكذلك‬ ‫اللغة العربية التى كانت تمثل اللغة الأساسية في التعامل بجانب اللفات المحلية للقبائل ‪.‬‬ ‫فمنعوا تدريس اللغة العربية ‪ .‬ومازالت الكتب العربية التى بدأت بعد عصر الإستقلال‬ ‫تتم بصور فردية لا تستند إلى أى دعم حكومي ‏(‪, '٢‬‬ ‫‏(‪ )١‬ضناوي ‪ .‬محمد على ‪ .‬دكتور ‪ .‬الإقليات المسلمة في العالم ‪ .‬ص ‏‪ ١٧١٢‬ومابعدها ‪ .‬مؤسسة الريان‬ ‫‪ .‬بيروت ‪١٩٩٢ .‬م‪.‬‏‬ ‫(‪ )!٢‬ضناوي ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪.١٧٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬طعيمة ‪ .‬صابر ‪ .‬دكتور ‪ .‬محنة الأقليات المسلمة ‪ .‬ص‪ ٧٠ ‎‬ومابعدها ‪ .‬بيروت سنة‪١٩٨٨ ‎‬م‪.‬‬ ‫‪- ٢٢٤‬‬ ‫‏‪(١‬‬ ‫ثا نيا ‪ :‬علكة ما لي ‪,‬‬ ‫تعد مملكة مالي أولى الكيانات السياسية الإسلامية التى ظهرت منذ البداية باسم‬ ‫الإسلام في بلاد غرب السودان منذ بدايتها ("' ‪ .‬وهى أهم الدول الإسلامية التى تركت‬ ‫أثرأ واضحا لحضارة الإسلام وثقافته في غرب إفريقية حتى الوقت الحاضر ‪ .‬يتجلى ذلك‬ ‫في تراث علمائها الضخم باللغة العربية في علوم القرآن الكريم والعلوم الإسلامية الأخرى‬ ‫كما تشهد بذلك آثارها الإسلامية المتواجدة في دول غرب افريقية ‪.‬‬ ‫يرجع ظهور مملكة مالي إلى قبائل الماندنحجو التى سادت المنطقة الفسيحة الممتدة من‬ ‫(‪ )١‬أخذت مالي تسميتها من تلك القبائل التى عرفت بالمالنك أو الماندنجو وهو تحريف لكلمة ماندي‪. ‎‬‬ ‫وتد يقصد بها الماصمة عند قبائل السوننكة ‪ .‬أو الرعايا عند جماعات القولانيين وقد ظهرت مالي‪‎‬‬ ‫بأسماء عديدة لدى كتاب العصور الوسطى منها ‪ :‬مل أو ميليت أو مايلي‪: ‎‬‬ ‫وليست مالى الحديثة هى مملكة مالي التى ظهرت على أنقاض علكة غانة ‪ .‬فمالي الحالية جزه‬ ‫من مملكة مالي السابقة ‪ .‬وهى الآن دولة قارية حبيسة ‪ .‬لا تطل على أية مسطحات مائية ‪ .‬وتشغل‬ ‫الصحراء معظم مساحتها ‪ .‬رغم كبر مساحتها التى تصل إلى مليون وربع من الكيلو مترات المربعة ‪.‬‬ ‫وعاصمتها الحالية هى باماكو ‪ .‬أما مدينة تمبكتو الشهيرة في الماضي نقد فقدت أهميتها وأصبحت‬ ‫مدينة صغيرة متواضعة ‪.‬‬ ‫بينما كانت مملكة مالي منذ القرن الثالث عشر الميلادي أكبر مساحة في دول بلاد السودان فقد‬ ‫امتدت حدودها حتى وسط إمارات الهوسا في الشرق ‪ .‬وإلى سواحل المحيط الهندي ويلاد التكرور‬ ‫في الفرب ‪ .‬كما أخضعت معظم واحات الصحرا ‪ .‬ومراكز التجارة الشمالية لنفوذها وأمتد نفوذها في‬ ‫الجغوب حآتلىغابات الإستوائية ‪ .‬وأصبح ملكها من أعظم ملوك عصره بجانب خليفة بغداد وسلطان‬ ‫مصر ‪.‬‬ ‫انظر مؤنس ‪ .‬الإسلام الفاتح ‪ .‬ص‏‪. ١٠٣‬‬ ‫طرخان ‪ .‬دولة مالي ‪ .‬ص ‏‪.٣٠‬‬ ‫أبو عيانة ‪ .‬الجغرافية الرقليمية ‪ .‬ص ‏‪ . ٤٥١‬ص ‏‪. ٤٥٢‬‬ ‫الجوهري ‪ .‬افريقية الإسلامية ‪ .‬ص ‏‪. ٣٣٠ . ٣٢٨٩‬‬ ‫‏(‪ )٢‬يعتبر أبو سعيد في كتابه الجغرافيا من أهم من كتب عن بلاد السودان بوصفه الرقيق وللقرى والمدن‬ ‫والقبائل والجزر ‪ .‬لكنه لم يتمكن من تحديد الكيانات السياسية وحدودها ‪.‬‬ ‫انظر ‪ .‬ص ‏‪ ٨٨٩‬ومابعدها (الأقليم الأول )‪.‬‬ ‫‪_ ٢٢٥‬‬ ‫نهر النيجر شرقا وحتى نهر السنغال في الغرب ‪ .‬وقد قدمت تلك القبائل من الشرق زمن‬ ‫ملوك غانة الوثنيين وخضعوا لهم ‪ .‬إلا أنهم أخذوا يعملون على توحيد صفوفهم وأنتهى‬ ‫الأمر بظهور إمارة لهم جديدة في إقليم كانبايا منذ القرن السابع الميلادي ‪.‬‬ ‫الأول ‪ :‬الزعامات الشمالية ‪:‬‬ ‫التى ظهرت في منطقة كيري بأعالي نهر السنغال بزعامة أسرة التراور (" ‪.‬‬ ‫جو وشكلت مملكة عرفت بأسم مملكة دو ويطلق على‬ ‫وكونا تي ‏‪ ١‬لتى سا د ت في دودو‬ ‫المملكتين الشمالتين أسم دوني كيري أاأكا ‏¡‪ 0-٢‬۔ وكان للزعامة الشمالية دور كبير في‬ ‫نشر الإسلام في الأجزا ء الشمالية والغربية من السودان الغربي حتى العصور الحديثة ‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬الزعامات الجنوبية ‪:‬‬ ‫وهى المرتبطة بأسرة ‪42‬ا¡ع والتى تربط نسبها ببلال‪ .‬مؤذن الرسول‪ .‬صلى الله عليه‬ ‫وسلم ‪ .‬وظهرت عظمة مالي كامبراطورية عالمية على يد تلك الزعامة خاصة زمن ماري‬ ‫جاطة وخلفائه ‪ .‬وكانت بداية تلك الإمبراطورية في إقليم كانحجايا ‪ .‬وبدأت عاصمة تلك‬ ‫الزعامة من مدينة جارب بهذا الإقليم ‪.‬‬ ‫يعتبر بداية العصر الذهبي لامبراطورية مالي عصر ماري جاطة ("' الذي اتجه صوب‬ ‫الجنوب بعد هزة أسرته أمام الصوصو ‪ .‬فأعاد تنظيم قومه وجمع حوله بقايا جماع‬ ‫الماندنجو والقبائل الصديقة وأعلن الجهاد المقدس ضد الصوصو ‪ .‬وكون إمارة جديدة‬ ‫للماندنجو في سانكاران وياولي ‪ 4‬ومنها بدأ يشق طريقه صوب الشمال بجيش حسن‬ ‫التدريب والتنظيم بلغت فرقه المحاربة حوالي اثنتي عشرة فرقة ‪ .‬بالإضافة إلى طوائف من‬ ‫الفدائيين الذين كان لهم دور في حفظ الأمن والاستقرار في دولته ""‪.‬‬ ‫(‪ )١‬اعتنق مؤسس تلك الإسرة الإسلام ويسمى منسا نوكن تراورا‪. ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬اسمه سندياتا ‪ .‬وهو الابن الثاني عشر لنادي فاغمان الذي دخلت بلاده قبائل الصوصو واحتل إقليم‬ ‫كانبابا أثناء ضعف مملكة مالي وقد عمد الصوصو إلى قتل كل أفراد الأسرة الحاكمة للأقليم ولم‬ ‫ينجو سوى سندياته الذى قاد قومه إلى الصوصو وتحرير بلاده ‪.‬‬ ‫ابن خلدون ‪ .‬تاريخ ‪ .‬ج‪.٦‬‏ ص ‏‪.٤١٣‬‬ ‫(‪ )٣‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٤١ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٢٦‬‬ ‫‪ ٣‬ھ ‪٢٣٥/‬ام‏ تمكن الماندنجو بزعامة ماري جاطة من‬ ‫‏‪٢٦0‬‬ ‫وفى معركة كيرنيا‬ ‫انزال هزيمة ساحقة بالصوصو ‪ .‬وتمكن الماندنغجو من فتح إقليم كانياجا (ا' وهو المركز‬ ‫الرئيسى لدولة الصوصو ‪ .‬وإقليم سانسانديح وإقليم سيجو ‪ .‬وأقاليم أخرى لتصبح‬ ‫جماعات الماندنجو أقوى جماعات ودول بلاد السودان ‪.‬‬ ‫ومزقت جماعات الصوصو في أقاليم السودان الغربي ‪ .‬فاتجهت جماعات منها‬ ‫صوب ارض حوض السنغال ‪ .‬حيث اصطدموا بجماعات الولف هناك ‪ .‬حتي قضي عليهم‬ ‫الولف في القرف الرابع عشرالميلادي ‪ .‬كما اتجهت جماعات منهم صوب الشرق والشمال‬ ‫‪ .‬واتجهوا بعد ذلك إلى الدخول في الإسلام ‪ .‬وخلوا في جماعات اخري ‪0"( .‬‬ ‫تابع ماي جاطة انتصاراتة ليضم جني ‪ .‬كأحد المراكز التجارية علي النيجر الزعلى‬ ‫‏‪ ٠‬والتى تتحكم في تارة مدينة ولاتة الصحراوية ‪ .‬وفي سنة ‏‪ ٦٣٨‬ه سنة ‪١٢٤٠‬م‏ دخل‬ ‫ماري جاطة مدينة كومبي صالح ‪ .‬والتي كان هجرها العلماء والتجار إلي ولاته نحو‬ ‫الشمال منذ إجتياح الصوصو لها منذ سنة ‪١٢٠٣‬م‏ ‪ .‬وأصبحت مالي امبراطورية تتحكم‬ ‫في احداث غرب السودان وفي تحهارتة ‪ .‬وتمتد اقاليمها حتى حوض نهر السنغال غربا‬ ‫وإلى حدود الصحراء شمالا ‪.‬‬ ‫ومن أجل اكتمال الشكل الجديد لامبراطورية مالي قام ماري جاطة بتأ سيس‬ ‫عاصمة جديدة له تليق بمركز الماندنجو وياتساع حدودهم وبقوتهم ‪ .‬وهي مدينة نياني ("'‬ ‫علي إحدى فروع نهر النيجر ‪ .‬وهي التي اشتهرت باسم مالي أو ملي ‪ .‬صار اسمها علما‬ ‫علي دولة الماندنجو ‪ .‬وأصبحت من أهم مراكز السودان الغربي التجاريه حيث اصبحت قبلة‬ ‫للقوافل التجاية لفترة طويلة ‪ .‬ومركز هامأ للتجار من كافة الأنحاء ‪ .‬كم قصدها العلماء‬ ‫والفقهاء والدعاة ‪ .‬وهي أول مدينة توّسس في غرب السودان علي النمط الإسلامي‬ ‫وبالروح الإسلأمية (" ذلك لأن الماندنجو عرفوا الإسلام قبل ان تبني إمبراطوريتهم بقرون ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬قداح ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٤٨ ‎‬‬ ‫(‪) ٢‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٤١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬زكي ‪ .‬تايخ الدول الإسلامية‪ .‬ص‪. ٩٧٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬قداح ‪ .‬المرجع السابق‪‎ . ‎‬ص‪. ٥٠‬‬ ‫‪_ ٢٢٧‬‬ ‫توفى ماري جاطة سنة ‏‪ ٦٥٣‬ه‪/‬سنة ‪٢٥٥‬ا‪١‬م‏ بعد أن قام ببناء امبراطورية إسلامية‬ ‫واسعة في بلاد السودان الغربي لأول مرة ‪ .‬وتحمل مع قومة عبا الدفاع عن الإسلام ضد‬ ‫الجماعات الوثنية خاصة في الجنوب (( ‪ .‬وأعاد تلك الجماعات الوثنية إلى الانحسار‬ ‫والانكماش داخل نطاق الغابات أو الجزر المنعزلة في مناطق المستنقعات ‪.‬‬ ‫تولى بعد ماري جاطة في حكم مالي منسا ولى سنة ‪٢٥٥‬ا‪١‬م‏ ‪ .‬ويذكره القلقشندي‬ ‫باسم منسا علي ("" ويعد منسا علي من أعظم سلأطين القرن الثالث عشر في إفريقية‬ ‫جنوب الصحرع ‪ .‬فقد استفاد من خدمات قادة أبية ماري جاطة‪ .‬حيث تمكن عدد من هؤلاء‬ ‫القادة من تأسيس إمارات تابعة لمملكة مالي ومنها مملكة بانبوك التي أسسها القائد‬ ‫سرماكيتا ‪ .‬ومملكة سانحباران التي أسسها القائد ساني نيانيا وهومن سلالة أسرة‬ ‫التروريين التى تأسست في الشمال ("" ‪ .‬ويذلك بسطت مالى سيطرتها التابعة على حقول‬ ‫الذهب ومنابعه‪.‬‬ ‫كما تمكنت مالي في هذا العصر من بسط سلطانها على دويلة صنغي الناشئة في‬ ‫حوض النيجر الأوسط ‪ .‬غير أن جاو ‪ 033‬استعصت على جيوش مالي وقد أخذ منا على‬ ‫رهائن من صنغى ليضمن خضوعها واستسلامها وكان ملكها هو زاياسبي ‪ .‬وكان ولداه‬ ‫على كولسن وسليمان نار من الرهائن لدى مالي ‪6'( .‬‬ ‫ويعد وفاة منسا على بن ماري جاطة تعرضت البلاد لفترة من الفوضى حتى نهاية‬ ‫القرن الثالث عشر ى أي من سنة ‪١٢٧٠‬م‏ وحتى سنة ‏‪ ٠‬‏م‪ . ٠٢١‬وقد تولى في هذه الفترة‬ ‫ملوك هم منسا ولى ‪ .‬ثم أخوه خليفة الذي ثار عليه الرعية وقتلوه سنة ‪١٢٧١٥‬م‪.‬‏ ثم حكم‬ ‫من بعده أبوبكر بن بنت ماري حاطة حتى ‪١٢٨٥‬م‏ ‪ .‬وفى هذه الفترة خرج رهائن صنفى‬ ‫وهما على كولسن وسلمان نار وأعادا توحيد قومهما ‪ .‬ومن بعد أبو بكر تولى سێكره‬ ‫وهى من موالي أسرة كينا ‪ .‬وقد تمكن من إخضاع صنفى من جديد ودخول العاصمة‬ ‫الصنفية جاو ‪ .‬وفتح كوكو ووصل ملكه حتى ساحل المحيط الأطلسي وهابته امم السودان‬ ‫‪. ١٠٢‬‬ ‫(‪ )١‬زكي ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬القلقشندي ‪ .‬صبح الأعشى ‪ .‬جه ‪ -‬ص‪. ١١٣ ‎‬‬ ‫‪.٦٤‬‬ ‫(‪ )٣‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٤‬الإدريسى ‪ .‬نزهة المشتاق ‪ .‬ص‪.٢١٣ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٢٨‬‬ ‫‪ .‬وقام بأدا ث فريضة الحج سنة ‏‪ ٠‬‏م‪ ٠٣١‬زمن السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلادون ‪.‬‬ ‫وخلال عودته قتل على أيدى الدناقل سنة ‏‪'. (٠١٣٠ ٠‬‬ ‫‪ ١ ٣ .٠.٥‬م (‬ ‫‪-‬‬ ‫‪١ ٣‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫)‬ ‫حا طة‬ ‫تولى ا لحكم فيها منسا قو بن ما ري‬ ‫سيكره‬ ‫ربعد موت‬ ‫‏‪ ١٣١٠‬م( ثم تولى من بعده شخص‬ ‫‏(‪ ١٣ ٠٥‬۔‬ ‫ثم خلفه من بعده ابنه هامادوا (محمد)‬ ‫يدعى أبابكر من نسل أخت ماري جاطة لمدة سنتين حتى سنة ‪١٣١٢‬م‏ ‪.‬‬ ‫ومنذ سنة ‪١٣١١‬م‏ تولى الحكم في مالى أعظم سلاطين مالى على الإطلاق وهو‬ ‫السلطان موسى (‪١٣١٢/.٧١٢‬۔‪٧٣٨‬ه‪١٣٣٧.‬م)‏ ‪ .‬واشتهرت مالي في زمنه‬ ‫واصبحت ذات ثروة وعظمة وقوة ونفوذ في إفريقية والعا لم ‏‪ ١‬لإسلامي ‪ .‬وقد وصفه اين‬ ‫بطوطه بأنه يحب البيض ويحسن إليهم ("' وأشتهر بثقافته وورعه وإجادته للغة العربية ‪.‬‬ ‫وفتح بلاده للاجئين من مسلمي الأندلس وعلمائهم من الإضطهاد المسيحى ‪ .‬وتوافدت‬ ‫على بلاده ومن ثم أعداد كبيرة من التجار والعلماء ‪.‬‬ ‫يبدو أن نفوذ ما لي قدا ستتب زمن موسي ‪ .‬فقد تمكن من اخماد تمرد صنغفى ا لأخير‬ ‫سنة ‪١٣٢٥‬م‪.‬‏ ودخل جاو‪ .‬وتنبكتو سنة ‪١٣٢٩‬م‏ ‪ .‬وبنى في الأخيرة دارا للحكم ‪ .‬وقد‬ ‫تعرضت تلك المدينة لغزو قبائل الموشي الوثنية سنة‪٣٠ .‬ام‏ لكن مالي اعادتها من جديد‬ ‫‪ .‬وفرض موسي الجزية على دولة جنى " ‪ .‬وبذلك أصبحت مالى تتحكم في طرق القوافل‬ ‫شرقا وشمالا ‪ .‬وفي مناجم الملح والنجاح والذهب ‪ .‬وأصبحت مالى تضم أربع عشرة مملكة‬ ‫أو إقليم هي ‪:‬‬ ‫غانة ۔ زون ‪ -‬ترنكا ‪ -‬تكرور ‪ -‬سنغانة ‪ -‬بانبغو ‪ -‬زرنطانيا ‪ -‬بيرا ‪ -‬دامورا ‪-‬‬ ‫زمن‬ ‫مسا حة ما لى بمساحة ‏‪ ١‬وروبا‬ ‫‏‪ ٠‬كوكو ‏‪ ٠‬ما لي ‪ .‬حتى قدرت‬ ‫‏‪ ٠‬برا غود ى‬ ‫كابرا‬ ‫‪-‬‬ ‫زا غا‬ ‫(‪ )١‬القلقشندي ‪ .‬المصدر السابق ‪.‬ص‪. ٢٢٤ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬عرف السلطان موسى بأسم ‪ :‬منساكنكن موسى ‪ .‬أو كونكور موسى ‪ .‬وقد استخدم هذا اللقب من‬ ‫قبل الفرنسيين ‪ .‬وكنكن كلمة منسوبة إلى أم السلطان وهى نانا كانحجو بينما عرف عن أهل مالى‬ ‫باسم كى مل أو مل كى كنكن موسئ أى معنى حاكم مالي ‪.‬‬ ‫‪ -‬انظر ‪ :‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪ . ٧٢٤ .٧٣‬رحلة ابن بطوطة ‪ .‬ص ‏‪.٦٩١٤‬‬ ‫(‪ )٣‬السعدي ‪ .‬تاريخ السودان ‪ .‬ص‪.٢٤ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٢٩‬‬ ‫كنكن موسى (‪ .‬وأصبحت أعظم امبراطوريات القرن الرابع عشر ‪/‬م أ"" ‪.‬‬ ‫تولى من بعد السلطان موسى ابنه مغان الأول (محمد) (‪١٣٣٧‬۔‏ ‪١٢٤١‬م)‏ رقد‬ ‫من قبل قبائل ‏‪ ١‬لمرش ا لرثنية ‏‪ ٠‬وقا مت تلك‬ ‫مستمرة‬ ‫لفا را ت‬ ‫تعرضت ‏‪ ١‬لدولة في عصره‬ ‫القبائل بأعما ل نهب وتخريب فهاجمت تنبكتو وإحرقتها ‪ .‬كما هربت رهائن صنفى ونجح‬ ‫الأميران الصنغيان من انتزاع جاو ‪ .‬وأخذا يترقبان الفرصة لاستعادة بقية أراضي‬ ‫إماراتهما ‪.‬‬ ‫‪٣٦٠‬ا‪١‬م)‏ الذي نجح ني‬ ‫تولى عرش مالي بعد محمد عمه سليمان (‪١٣٤١‬۔‏‬ ‫فشل فى استرجاع جاو‬ ‫استرجاع بعض المناطق التى فقدت زمن ابن أخيه السابق ‪ .‬لكنه‬ ‫فعني بإقامة المساجد ‪.‬‬ ‫عاصمة صنغي ‪ .‬وانصرف السلطان سليمان إلى الإصلاح الداخلي‬ ‫‪ ("".‬وفي عهده زار ابن‬ ‫وجلب إلى بلاده العلماء والفقهاء ‪ .‬وأدى فريضة الحج سنة ‏‪١٣٥١‬‬ ‫بطوطه مالى مرسلاً من قبل سلطان بني مرين في مراكش ‪ .‬وهو أبو عفان فارس المتوكل‬ ‫بن على (‪١٣٤٨/٠٧٤٩‬م۔ ‏‪ ٥٧٥٩‬‏)م‪ . /٨٥٣١‬وذلك بهدف تنشيط التبادل التجاري بين‬ ‫الطرفين ‪ .‬وقد بدأت الرحلة أواخر سنة ‪٧٥٢‬و‪.‬‏ ‪٣٥١‬ام‏ ‪ .‬ودخل مالي سنة ‪٧٥٣‬ه‪/‬‏‬ ‫‪٥٢‬ام‪.‬‏ وغادرها سنة ‪٧٥٤‬ه‏ ‪ /‬سنة ‪١٣٥٣‬م ‏)‪(٤‬‬ ‫ويرجع الفضل الكبير لحكام مالي وأمرائها في ترسيخ الإسلام ونشر الثقافة‬ ‫الإسلامية بين سكان بلاد السودان القربي ‪ .‬فقد كان الحكام من أكثر الناس تمسكا‬ ‫ا‪ .‬ويلغ من عدل ملوكها مايرون‬ ‫‪ .‬فأصبح دين مملكتهم الرسمي‬ ‫بالإسلام وتحمساً لنشره‬ ‫حينما نزل على مسنى سليمان أثناء رحلة من أن الملك المالى كان دائم ينبه أمراء البلاد‬ ‫بالبعد عن الظلم والفساد بقوله إنى برىء من الظلم ومن ظلم منكم عاقبته ‪ .‬ومن علم‬ ‫بظالم ولم يعلمني به ‪ .‬فذنوب ذلك الظالم في عتقه ‪ .‬والله حسيبه وسائله ‪ .‬كما ان منسا‬ ‫سليمان عزل والى مدينة ولاته التجارية الشهيرة بسبب حصول الوالى على مبلغ من أحد‬ ‫(‪ )١‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٧٩ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬زكي ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١١٠ ‎‬‬ ‫)(‪٣‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٩١٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬انظر الرحلة ‪ .‬ص‪ ٧ ‎‬ومابعدها‪‎.‬‬ ‫‏(‪ )٥‬حسين ‪ .‬أحمد إلياس ‪ .‬دور فقهاء الأباضية في إسلام مملكة مالي ‪ .‬ص ‏‪ ٠٩٢‬ندوة العلماء الأفارقة‬ ‫التجار بطريقة غير مشروعة ‪ .‬فرد إليه الملك ماله وعزل واليه ‪ .‬وكان صاحب الحاجة يدخل‬ ‫مباشرة على الملك المالى ‪'(.‬‬ ‫وبلغ المسجد مكانة هامة في حياة ونفوس سكان مالي ‪ .‬فقد كان الخائف عندهم‬ ‫يستجير بالمسجد او بدار الخطيب ‪ .‬وقام المسجد بدور كبير في حياة الناس هناك فبجانب‬ ‫تأدية الصلاة به ‪ .‬فقد كان عقد مجالس العلم وتدريس مختلف علوم الدين ‪ .‬وخاصة كتب‬ ‫الفقه المالكي ‪ .‬وقد قام ملوك مالي ببناء العديد من المساجد في مختلف مدن المملكة‬ ‫خاصة المدن الكبرى مثل ملى وجاو وتنبكتو وكوكو ‪ .‬وتوافدت أعداد كبيرة من العلماء‬ ‫إلى تلك المساجد للتدريس بها ونشر الإسلام واللغة العربية ‪.‬‬ ‫واحتل العلماء والفقهاء مكانة هامة لدى ملوك غانة ويين جميع طبقات المجتمع‬ ‫المالى المسلم وكان لهم دور في القضاء على المفاهيم الوثنية القديمة وإصلاح أحوال المجتمع‬ ‫المالى وإنتشرت طاهرة بناء المساجد على النظم المعمارية الإسلامية حيث بدأ نماذج العمارة‬ ‫المغربية والإندلسية والمصرية تدخل إلى السودان الغربى ‪ .‬فانتشرت حلقات العلم في‬ ‫المساجد وأصبح حفظ القرآن مفروضا على كل أبناء مالي من قبل آبائهم ‪ .‬حتى أنهم‬ ‫كانوا يضعون قيدأ في رجل من لم يحفظ القرآن من أولادهم ‪ "(.‬ويفضل جهود العلماء‬ ‫والفقهاء أصبح أهل مالى أشد سكان بلاد السودان تمسكا بالدين الإسلامية‪.‬‬ ‫وكان لسكان مالي من قبائل الماندنبو الفضل في تحويل قبائل الهوسا ‪ .‬في الشرق‪.‬‬ ‫إلى الإسلام في القرن الثالث عشر ‏‪ . '"١‬فقد كان علماء مالي ودعاتها يتجهون بأعداد‬ ‫كبيرة نحو أراضي الشرق إلى إمارات الهوسا معهم كتبهم يعلمون بها أهل الهوسا أسس‬ ‫الإسلام وأحكام الشريعة الإسلامية ومبادىء اللغة العربية ‪ .‬حتى أنه وجد في مدينة جني‬ ‫أثناء خضوعها لمالي حوالى ‪ .‬‏‪ ٤٢٠‬عالم ‪.‬‬ ‫وقد التزم دعاة الماندنحجو بالحكمة الموعظة الحسنة حتى أنهم ألفوا قلوب القبائل‬ ‫الوثنية حولهم ‪ .‬فإذا دخل داعية منهم إلى قرية وثنية التف حوله الناس‪ .‬وتميز هؤلاء‬ ‫(‪ )١‬الرحلة ‪ .‬ابن بطوطة ‪ .‬ص‪.٧٠١ ‎‬‬ ‫‪.٧ ٠ ٣‬‬ ‫) ‪ ( ٢‬ا بن بطرطة‪ ٠ ‎‬ا لرحلة‪ ٠ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫‪.. ٥‬‬ ‫‪ ٠6‬ص‪‎‬‬ ‫‪.‬ا مرجع البا بق‪‎‬‬ ‫ن‬ ‫) ‪7 (٣‬‬ ‫‪_ ٢٢١‬‬ ‫الدعاة أيضا بالتفاني في نشر الإسلام ‪ .‬بالإضافة إلى خبرتهم في تلك النواحي ‪ .‬فكانوا‬ ‫يمتزجون بسكان المناطق التى يفدون إليها ‪ .‬حتى أن الإسلام في تلك المناطق الجديدة لم‬ ‫يؤثر على نمط الحياة اليومية بل أدى إلى تعديل سلوكهم ‪ .‬فاكتسبت تلك الأقاليم أغاط‬ ‫جديدة متقدمة دفعتهم إلى الأمام ‪.‬‬ ‫ولاحظ من زار تلكالمناطق أن أهالى مالي أصبحوا أكثر الناس ارتباطا بأخلاق‬ ‫أفعالهم قلة الظلم بينهم ‪.‬فهم أبعد الناس عنه ‪ .‬وسلطانهم لا‬ ‫الإسلام ومبادئه ‪ .‬فمن‬ ‫يسامح أحدا في شيء منه ‪.‬وقد ترتب على ذلك انتشار الأمن والاستقرار ني بلادهمُ نلا‬ ‫يخاف المسافر فيها ولا المقيم من سارق أو ظالم أو غاصب‪"١‬‏ حتى أن الناس هناك‬ ‫لايتعرضون لال من يموت في بلادهم من الأجانب ‪ .‬فإما يعود المال إلى أهله وبلده‪٧‬‏ أو‬ ‫يدفن بجواره ‪ .‬إذ كان مجهولا ‪.‬ولاحظ الرحالة أن مساجدهم تكون مكثفة بالمصلين يوم‬ ‫الجمعة حتى أن الإنسان إذا لم يبكر في الذهاب إلى المسجد يوم الجمعة لا يجد‬ ‫مكانا له"'‪.‬‬ ‫وإلى جانب دور العلماء والفقهاء والدعاة من أهل مالي قام الأباضية تجارا وعلماء‬ ‫بدور بارز في نشر الإسلام وثقافته في بلاد السودان العربي خاصة بعد سقوط الإمامة‬ ‫الرستمتية في نهاية القرن الثالث الهجري على يد الفاطميين الشيعة ‪ .‬وقد عرف هؤلاء‬ ‫الأباضيين عند أهل مالي باسم صنغنغو؛ بينما يطلق على علماء المالكية من البيض اسم‬ ‫‪( ٣‬‬ ‫)‬ ‫‪.‬‬ ‫م‪‎‬‬ ‫وقد نشط تجار الأباضية في التردد على بلاد السودان الغربي منذ القرن الثاني‬ ‫المجري ‪/‬الثامن الميلادي ‪ .‬وأصبحت مراكزهم في طرابلس وجبل نفوسةووارجلان وتاهرت‬ ‫من أهم المراكز التجارية مع بلاد السودان ‏‪ ٨‬وأحتفظت زعاماتهم بعلاقات حسنة مع أمرا ‪.‬‬ ‫جنوب الصحراء ‪ .‬ولذلك سيرة القوافل بكثرة بين الجانبين ‪.‬ولذلك فقد كان لهؤلاء دور‬ ‫في ترسيخ الإسلام ونشر ثقافية بين أقاليم مالي ‪ .‬مثلما الحال في غانة من قبل‪.‬‬ ‫‏‪٠ ٦ ٩ ٤‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‪ .‬ا لرحلة‬ ‫‏) ‪ ١ ( ١‬بن بطوطه‬ ‫‏‪. ٧. ٣‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‪ 5‬لمصد ر نفسه‬ ‫‏) ‪ ( ٢‬ا بن بطوطة‬ ‫‏(‪ )٣‬ابن بطوطة ‪ .‬الرحلة ‪ .‬ص ‏‪.٦٨٧١‬‬ ‫_ ‪_ ٢٢٢‬‬ ‫ومن أوائل رجال الأباضية الذين سافروا إلى مملكة مالي العالم على بن يخلف‬ ‫المزاتي التاجر النفوسي سنة ‪٥٧٥‬ھ ‏‪ . ١١‬وانتهى به المقام إلى مدينة مالى ‪ .‬فأكرمه ملك‬ ‫مالى ‪ .‬وكان الملك قلما يجلس مجلسا إلا أحله معه إكراما له وأعجابا به وبيخلقه وسيرته‬ ‫‪ .‬وكان لهذا العالم الأباضي دور في إسلام ملك مالي ‪ .‬وعلمه أصول الدين الإسلامي‪..‬‬ ‫وصلى بالناس صلاة الاستسقاء حينما أصحاب البلاد جفاف شديد ‪ .‬وأخذ العالم الأباضي‬ ‫يعلم سكان المدينة الإسلام والقرآن وشرائع الدين "" ويبدو أن على بن يخلف قد تمكن من‬ ‫تحويل زعامة من مالي إلى الإسلام وليس ملك مالي نفسه ‪'"(.‬‬ ‫وقد لاحظ ابن بطوطة أثناء رحلاته في مملكة مالى وجود أتباع للأباضية في زاغري‬ ‫(زغاري) يسمون من قبل أهل مالي باسم صنغنغوً وهو الأمر الذي يدل على قدم الجهود‬ ‫الأباضية في بلاد السودان الفربي حتى آنتهى الأمر بظهور أتباع لهم في أحد المراكز‬ ‫التجارية في مالي ‪ .‬ويدل أيضا على أن تجار الأباضية الذين قدموا من وارجلان وتاهرت‬ ‫وسجلماسة كانوا يقيمون بالقرب من مواقع استخراج الذهب في ذلك الوقت‪.‬‬ ‫كما نشطت صلات رجال الأباضية مع مركز تباري آخر بالسودان الغربي وهى مدينة‬ ‫تادمكت التى تقع عل الطريق التجاري بين واجلان في الشمال وبين كوكو وغيرها من‬ ‫مراكز السودان الغربي ‪ .‬وقد ازدهرت علاقات تبار الأباضية معها منذ العهد الرستمي في‬ ‫تاهرت ا‪ .‬وقد استقر بعض تجار الأباضية ووصل بعض إلى درجة كبيرة من الثرا ء‬ ‫بسبب أهمية المدينة في تجارة الذهب السوداني ‏‪!٨٢١‬‬ ‫على أن المذهب الذي ساد على السودان كان المذهب المالكي `' وذلك بفضل‬ ‫(‪ )١‬ناصر ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪ ١٧١ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الدرجيني ‪ .‬الطبقات ‪ .‬ج؟‪ . ٢‬ص‪.٥١٧١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬إلياس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٥٧ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬ناصر ‪ .‬المرجع السابق‪ .‬ص‪.٢٦ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٥‬ذكر أن أبانوح سعيد بن يخلف وصل إلى تادمكت ودخل بيت تملي حيث شاهد أكياسا مركومة من‬ ‫الذهب ‪ .‬وكان تملي يبعث كل عام إلى بلاد والجريد بثمانية آلاف دينار زكاةماله ‪ .‬بعد أن كان فقيرا‬ ‫قبل سفره ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٦‬اتباع مالك بن أنس (‪٨٩٣‬ه‏ ‪٧٩ -‬ا‪١‬م)‏ الذي نشأ بالمدينة وتعلم بها ‪ .‬كان مشهورا يتقيده بالقرآن‬ ‫والحديث وابتعاده عن التاويل وقلة القباس ‪.‬‬ ‫_ ‪_ ٢٢٢‬‬ ‫الروابط التاريخية والحضارية الوثيقة التى تربط بين القيروان وشمال افريقية وبين جنوب‬ ‫الصحراء ‪ .‬كما أن استمرارية تدفق هجرات القبائل وجموع العلماء والفقهاء من مراكز‬ ‫شمال إفريقية كان لها دورها الكبير في هذا الإطار‪.‬‬ ‫ازدهرت الحركة العلمية والثقافية بين مدن مالى وأقاليمها ‪ .‬وقام سلاطين مالى‬ ‫بدعوة العديد من العلماء من بلاد المغرب ومن مصر ومن الأندلس ‪ .‬وخاصة بعد تلاحقت‬ ‫الكوارث على مسلمى الأندلس ففرت أعداد كبيرة من علمائها وفقهائها إلى بلاد السودان‬ ‫‪ .‬حيث وجدوا هناك ترحيبا كبير من حكامها وأهلها ‪ .‬ولذلك فقد كان هجرة المسلمين من‬ ‫أسبانيا خيرآ لبلاد السودان الغربي ‪ .‬وانتعشت المراكز التجارية تقع على طرق القوافل ‪.‬‬ ‫حيث استقر بها اعداد من العلماء أيضا وسط سكانها ‪ .‬ويفضل رعاية حكام مالى‬ ‫ازدهرت العلوم والفنون الإسلامية ‪ .‬ونظمت رواتب شهرية ثابتة للعلماء والفقهاء والخطباء‬ ‫‪ .‬بل ازدهرت مهنة نسخ الكتب وتبارتها ‪ .‬حتى كانت تجارة الكتب في عصر ملوك مالي‬ ‫تدر دخلا كبيرا لإقبال الناس على اقتنائها والانتفاع بها ‪ .‬كما تدل على كثرة المتعلمين‬ ‫بالدولة وتقدير الناس للعلم وأهله ‏‪'١(.‬‬ ‫وساعد على ازدهار الحركة العلمية بمالي اضطراب الأحوال السياسية والأمنية في‬ ‫الشمال الافريقي منذ القرن إالحادي عشر الميلادي‪ .‬وقدوم العديد من علماء المسلمين من‬ ‫مختلفالمذاهب للاستقرار في مدن مالى واتخاذها مقرأ ومقاما ‪ .‬فازدهرت اللغة العربية بين‬ ‫سكان أقاليم مالي وترسخت المفاهيم الإسلامية وانزوت العادات الوثنية من الحياة العامة‬ ‫‪ .‬وأصبحت العربية لغة الثقافة والفكر والتخاطب والمراسلات "' بل أنها أصبحت لغة‬ ‫التخاطب بين القبائل الإفريقية ‪ .‬وكان الخط العربي المستخدم هو الخط المغربي ‏‪ '"١‬وزاد‬ ‫من انتشار العربية اتجاه العديد من أبنائها لتحصيل العلم من مراكز الحضارة الإسلامية‬ ‫في الأزهر والقيروان وفاس ومراكش ‏(‪)٤‬‬ ‫وقد واصلت العربية انتشارها ببن اللهجات المحلية ولاسيما لهجات جماعات‬ ‫‏‪.١٤٨‬‬ ‫‏(‪ )١‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫‏‪.٢٢٩‬‬ ‫‏(‪) ٢‬حسن محمود ‪ .‬المرجع السابق ‏‪ ٠‬ص‬ ‫(‪ )٣‬القلقشندي ‪ .‬صبح الأعشى ‪ .‬جه‪ .‬ص‪..٢٩٨ ‎‬‬ ‫‪.٢٤٤‬‬ ‫‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٤‬حسن محمود‪ .‬ا مرجع نقه‬ ‫‪_ ٢٢٤‬‬ ‫الهوسا والماندنجو والفولاني ‪ .‬فاستخدمت الحروف العريية في كتابة اللغة الفولانية ولغة‬ ‫الهوسا ‪ .‬ولاتزال قبائل الفولاني تستخدمها حتى العصور الحديثة ‪ .‬كما دخلت العربية بين‬ ‫اللهجات المحلية في صورة آلاف المصطلحات خاصة في المجالات الدينية والثقافية‬ ‫والإقتصادية والسياسية ونظم الإدارة ‪ .‬وفي أسماء الأعلام والمدن والحيوانات والنباتات ‪.‬‬ ‫ومازال الكثير من أهالى دول غرب افريقية يعتز بأصوله العربية عبر مخطوطات مدونة‬ ‫بالعربية تتناقلها الأجيال ‏(‪'١‬‬ ‫وبينما كانت مدن غرب السودان تعج بالحركة العلمية والثقافية ‪ .‬كانت أورويا قد‬ ‫بدأت في الخروج من عزلتها وتبحث عن ذهب السودان ‪ .‬وكانت مدنها تنقصها الكثير من‬ ‫استقرار وازدهار مدن غرب السودان في مالي ‪ .‬فكان في تنبكتو مسجد سنكري الذي‬ ‫أصبح جامعة شهيرة تدرس العلوم الإسلامية ‪ .‬وقدم للتدريس فيه علماء من العرب‬ ‫والبربر ومنهم المؤرخ الفقيه أحمد بابا صاحب كتاب تاريخ السودان ‪ .‬ومنهم الفقيه الحاج‬ ‫عبدالرحمن بن أبي بكر الذي تولى القضاء آخر دولة مالي ‪ .‬أما مدينة مالي ‪ .‬العاصمة ‏‪٠‬‬ ‫فقد كانت تضم طائفة كبيرة من العلماء من كافة الأقطار الإسلامية منهم الفقيه محمد‬ ‫الجزولى وشمس الدين النقوشي المصري والفقيه القرى ‪ .‬عبدالواحد ‪.‬‬ ‫وانتشرت المدارس في مالي في جميع المدن والأقاليم تؤدى رسالتها الثقافية بجانب‬ ‫المساجد ودور العبادة الإسلامية ‪ .‬مثل مدارس زاغة ‪ .‬وقد لاحظ ابن بطوطة إقبال أهل‬ ‫تلك المدينة على العلم بقوله ولهم ديانة وطلب علم فأنتشرت اللغة العربية حتى أصبحت‬ ‫اللفة الرسمية في بلاد السودان ‪ .‬وهكذا لم تكتفى قبائل مالى بدخول الإسلام ‪ .‬بل‬ ‫انصهرت في المحيط الهندي ‪.‬‬ ‫ورغم الروح الإسلامية العربية التى طبعت الثقافة الإسلامية في السودان الغربي ‪.‬‬ ‫فإننا نلاحظ أنها ذات طابع مغربي بحث ‪ .‬بسبب الدور المغربي الواضح في نشر الإسلام‬ ‫وثقافته في تلك المناطق من افريقية ("" فقد غلبت التقاليد المالكية من حيث المذهب‬ ‫وكلها تدور حول فقه الإمام مالك والعلوم المساعدة الأخرى التى تخدم هذا الفقه ‪.‬‬ ‫والمصادر التى توضحه للناس ‪ .‬وقد حملت تلك المؤلفات من القيروان مع البريروالتجار‬ ‫(‪ )١‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٥٤ ‎‬‬ ‫‪٠ ٢ ٤ ٤‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١ ٠‬مرجع‪ ١ ‎‬لسا بق‪‎‬‬ ‫حسن محمرد‪‎‬‬ ‫) ‪( ٢‬‬ ‫‪_ ٢٢٥‬‬ ‫إلى غرب السودان حتى غلبت المالكية على الفقه والثقافة والتراجم ومعظم جوانب الإنتاج‬ ‫والتأليف الفكري في دولة مالي وغرب السودان ‪ .‬حتى أن المدارس الثقافية هناك لاتعدو‬ ‫أن تكون مدارس مغربية بحتة ‪ .‬فكأن العالم والفقيه هناك لا تختلف مٹهجتيه عن زميله‬ ‫في فاس أو مراكش أو القيروان في الأسلوب وحتى في الخط المستخدم ‏‪'١.‬‬ ‫ويذلك ارتبطت المناهج وطرق التدريس في مملكة مالي مع مناهج ونظم التعليم‬ ‫المالكية المغربية والأندلسية ‪ .‬مثل كتب القاضي عياض وسحنون وشروح ابن القاسم‬ ‫وخليل ‪ .‬وموطاً مالك ‪ .‬والمدونة وغير ذلك‪.‬‬ ‫أما التأثيرات الأندلسية فقد وصلت بصورة سريعة خلال ثلاثة معابر هى ‪:‬‬ ‫‏(‪ )١‬تحبار سجلماسة وتاهرت وهى مراكز كانت مرتبطة بعلاقات حسنة مع حكرمات‬ ‫الأندلس الأموية وتجمع بينها العداء مع العباسيين في الشرق ‪'".‬‬ ‫‏(‪) ٢‬ارتباط الأندلس ببلاد المغرب زمن المرابطين والموحدين ‪ .‬وبالتالى دخلت‬ ‫الأندلس أعداد كبيرة من سكان مالي وغرب السودان كجند في الجيوش أو‬ ‫تجار ‪ .‬كما رحل إلى بلاد السودان العديد من علماء المغرب الذين أثروا‬ ‫وتأثرو بالثقافة الأندلسية ‪.‬‬ ‫‏(‪) ٣‬هجرة العديد من علماء الأندلس أمام المد المسيحي في الأندلس فرحلت أعداد‬ ‫كثيرة منهم إلى بلاد المغرب ومدن مملكة مالي خاصة تنبكتو (""‪.‬‬ ‫وصلت تأثيرا ت ثقافية من مصر من خلال رحيل العديد من أبنا ء مالى للدراسة في‬ ‫زا ر حا لي‬ ‫‪ .‬ووصلت ا لتأليف ا للمصرية معهم ومن خلالهم ‪.‬كما‬ ‫ا لأزهر في روا ق ‏‪ ١‬لتكرور‬ ‫ومناطق الهوسا علماء من مصر مثل السيوطي ‪ .‬كما حرص ملوك مالي أثناء رحلة الحج‬ ‫‏‪. ٢ ٤ ٥‬‬ ‫‏‪ ١ ٠‬مرجع نقسه ‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏) ‪ ( ١‬حسن محمود‬ ‫‏(‪ )٢‬بكوش ‪ .‬يحيى محمد‪ .‬الوجود الأباضي بالأندلس ‪ .‬ص‪٢‬‏ ‪ .‬محاضرة في دار العلم بغرداية سنة‬ ‫‪ .‬والجزائر ‪.‬‬ ‫‪٥٤‬م‏‬ ‫‪.٢٤٥‬‬ ‫‪ .‬ا مرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬حسن محمود‬ ‫‪_ ٢٢٣٦‬‬ ‫على زيارة الأزهر وإصطحاب العديد من العلماء من مالي للأضطلاع على ما تحتويه‬ ‫مكتبته ومؤلفاته ‏(‪.'١‬‬ ‫لقد كانت رحلات الحج التى يقوم بها ملوك مالي فرصة هامة للأضطلاع على‬ ‫اللستويات الحضارية في بقية أنحاء العالم الإسلامي إبتداء من السودان الأوسط وحتى‬ ‫بلاد الجاز عبر مصر ومسترياتها الحضارية ‪ .‬فكانت تلك الرحلة فرصة لاقتباس آخر ما‬ ‫وصلت إليه تلك البلاد من تقدم ثقافي وفني وإجتماعي ("' وكانت أشهر رحلات الحج‬ ‫التى قام بها ملوك مالي رحلة منسي موسي سنة ‪٧٢٤‬ه‏ ‪/‬سنة ا‪١٣٢٤‬م‏ ("‪ .‬وتدل‬ ‫الأوصاف التى وردت في المصادر والمراجع لها على أنها كانت أشبه بموكب ملكي يليق‬ ‫بمدى ما وصلت إليه إمبراطورية مالي من غنى وثراء وازدهار ‪ .‬فقد كان بالموكب ستون‬ ‫ألف جندي وعشرات العبيد والجواري ‪ .‬ومائة جمل من الذهب ‪ .‬وكانت لتلك الرحلة أثرها‬ ‫في انخفاض أسعار الذهب في مصر ‪ .‬حتى لقب منسي موسى بملك الذهب ولم بترك‬ ‫منسى موسى صاحب وظيفة إلا وبعث إليه بهديته من الذهب (' ورغم ما فيها من مبالغة‬ ‫إلا أنها تدل على مقدار ماوصل إليه ملوك مالي من ثراء ‪ .‬وما بلغته دولتهم من ازدهار‬ ‫‪ .‬وقد أدهشت تلك الرحلة الأوروبيين المتواجد في مصر فبدأوا في التفكير في الوصول‬ ‫إلى مالي ومناجم ذهبها ‪.‬‬ ‫كانت رحلات الحج التى يؤديها ملوك مالي فرصة للاستفادة من تحارب بقية أقطار‬ ‫العالم الأسلامي من خلال إجتماع المسلمين وزعمانهم في موسم الحج‪ .‬فقد استفاد منسى‬ ‫موسى من إحدى رحلات حجه باصطحاب المهندس المعماري القرطي ابي اسحق إبراهيم‬ ‫الساحلي الذي قدم معه إلى مالى وأشرف على تأسيس عدة نماذج معمارية جديدة منها‬ ‫عمارة مساج جاو وتنبكتو (" حيث أدخل البناء بالطوب المحروق ‪ .‬وبنى قتاعة‬ ‫الإجتماعات بقصر مانسى موسى في مالي من الحجر والجبس وزخرفتها بالخشب المطعم‬ ‫بالذهب والفضة ‪ .‬وأدخل نظام السقوف المسطحة للمنازل والمآذن الهرمية الشكل" وكانت‬ ‫(‪ )١‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٥٠ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬مقلد ‪ .‬المد الإسلامي ‪ .‬ص‪.١٠١ ‎‬‬ ‫‪.٨٠‬‬ ‫(‪ )٣‬مؤنس ‪ .‬الإسلام الفاتح ‪ .‬ص‪ )٤( .١٠٧ ‎‬السعدي ‪ .‬تاريخ السودان‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٥‬وهى المساجد التى أصبحت جامعات إسلامية فيما بعد في مالى وتنبكتو وتادمكة‪‎‬‬ ‫‪.١٥٥ .١٥٤‬‬ ‫(‪ )٦‬طرخان‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪_ ٢٢٧‬‬ ‫تلك المباني غير معروفة في مالي من قبل ‪.‬‬ ‫وعلى مستوى العادات والتقاليد لدى قبائل مالي فإنها قد توارت أمام الفكر‬ ‫الإسلامي الذي أبقى على العادات والتقاليد التى لا تتعارض معه‪ .‬وإن كانت هناك بعض‬ ‫المراسم ظلت لدى أهل مالي متبعة حتى العصر الإسلامي ‪ .‬منها ما لاحظه ابن بطوطة من‬ ‫انهم يرمون انفسهم بالتراب على رؤسهم واجسادهم اثناء حديثهم مع الملك كنوع من‬ ‫المضوع والإجلال لشخصه (ا'‪.‬وإن كانت هذه الظواهر قد بدأت في التغير أمام جهود‬ ‫العلماء والدعاة ‪.‬‬ ‫فقد ترتب على تحول العديد من سكان بلاد السودان ‪ .‬خاصة في مالي ‪ .‬الحاجة إلى‬ ‫العديد من الدعاة والعلماء والفقهاء ليبينوا للناس مبادىء الدين الإسلامي وشعائره ‪,‬‬ ‫الأمر الذي أدى إلى خلط بين تعاليم الإسلام وبعض العادات الوثبية ففي منطقة روفسيك‬ ‫على ساحل المحيط الأطلسي (البحر المحيط الغربي) توجد قبيلة ليبو التى تعمد أفرادها‬ ‫على الصيد البحري ‪ .‬رجالها متدينون مسلمون بينما النسوة وثنيات في كشير من‬ ‫أنعالهن ‪ .‬حيث يقدمن القرابين للمحاريب في البيوت ‪ .‬كما أن هناك اعتقاد واسع ني‬ ‫مالي بالسحر والتعاويز والخوف من الشيطان ‪ .‬ومازالت بعض قبائل وادي النيجر في‬ ‫مالي تنتشر بينهم رقصة المطر ‪ .‬خاصة قبائل السوزاى والجرما ‪ .‬وذلك للتقرب إلى إله‬ ‫لمطر بالأنغام والرقص""' ‪.‬‬ ‫ورغم ذلك فهناك آثار هامة للإسلام في إفريقية في مجال القضاء على كثير من‬ ‫عادات الوثنية وإصلاح مظاهر إسلامية محلها فأصبحت طقوس الدفن إسلامية في كل‬ ‫الجهات في مالي ‪ .‬وأصبح الإسلام يمثل أهم روابط تجمع بين سكان غرب السودان ‪ .‬ليقلل‬ ‫من الرباط القبلي الذي يقوم على العصبية ‪ .‬وأصبح أنتماء أبناء مالي إلى الإسلام‬ ‫يشعرهم بالفخر !"' وأصبحت الصلاة أهم مظهر من مظاهر الحياة الإسلامية في مالي‬ ‫فالجميع يسارع إلى الصلاة في أوقاتها‪ .‬خاصة يوم الجمعة ‪ .‬من هنا انتشرت آلاف‬ ‫‏(‪ )١‬الرحلة ‪ .‬ص ‏‪ .٦٩٣‬ومابعدها‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬قداح‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١١٤ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬وهنا تتضح عظمة الإسلام للامة كل إنسان ني أى مستوى وأى زمان مكان فقد وجد فيه الإفريقي‬ ‫بساطة وفطرته فأتخذه ثويأ وعقيدة ومنهجأا‪.‬‬ ‫‪_ ٢٢٨‬‬ ‫المساجد في المدن والقرى وحتى على الطرق العامة حيث انتشرت مصلياتً عبارة عن دوائر‬ ‫رملية من الحجارة ‪ .‬أوكوخ كبير من القش ‪ .‬حتى وجد في مدينة جني ثلاثمانة مسجد‬ ‫عدا المسجد الجامع لها ‪ .‬‏(‪'١‬‬ ‫كما يحتفل فى مالى بالمناسبات الإسلامية كعيد الفطر وعيد الأضحى وليلة الإسراء‬ ‫والمعراج في احتفالات ضخمة ‪ .‬ويذهب الملك لحضور صلاة العيد في موكب رسمي ‪ .‬وتعد‬ ‫فريضة الحج من اشق فرائض الإسلام عند اهل مالي بسبب بعد الديار عن الحجاز ‪ .‬ورغم‬ ‫ذلك ظل بعض أهل مالي يتحملون المشاق في سبيل تأديتها ‪ .‬حتى أصبح الفقراء منهم‬ ‫يذهبون إلى الحج مشيأ على الأقدام "'‪.‬‬ ‫ورغم ذلك فقد كانت عملية التغيير الإجتماعي لدى أهل مالي عمليه متدرجة ‏‪٠‬‬ ‫وكان لأهل مالي قابلية لتغييرها بمجرد علمهم مخالفتها للشريعة الإسلامية وقد ضرب‬ ‫منسي موسى بنفسه مثالا على ذلك ‪ .‬ففى أثناء رحلته إلى الحج ‪ .‬ظهر منه تصرف غير‬ ‫شرعي وحينما علم بعدم شرعية هذا التصرف أنكره مباشرة ‪ .‬وكان رده“ والله ماكنت أعلم‬ ‫‏‪1 (٣‬‬ ‫ذلك‬ ‫دخلت تقاليد شرقية إلى مملكة مالي مع تحولها إلى الإسلام ومن تلك التقاليد ظهور‬ ‫الأعلام والرنوك كشعارات للسلطان ‪ .‬وظهور ملوك مالى للجلوس في أوقات محددة ‪١.‬ك'‏‬ ‫واتخاذ المواكب السلطانية ‪ .‬واتخاذ السلطان قبة للجلوس فيها‪ .‬وظهور العلماء والفقهاء‬ ‫في مجالس السلطان ومواكبه ‪.‬‬ ‫أدى ارتباط مملكة بالعالم الإسلامي إلى تغيرات اقتصادية على أرضها وني منطقة‬ ‫(‪ )١‬قداح ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪.١١١ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬قداح ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١١٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬القلقشندي ‪ .‬صبح الأعشى ‪ .‬جه ‪ .‬ص‪.٢٩٦ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬ابن بطوطة ‪ .‬الرحلة ‪ .‬ص‪.٧٠٠ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬عند جلوس السلطان يخرج ثلاثة من العبيد يدعون نانبه الفرارية وهم الأمرا ‏‪ ٠‬ثم يأتي الخطيب‬ ‫والفقها ‏‪ ٠‬فيقعدون أمام السلحدارية‪.‬‬ ‫‪ -‬ابن بطوطة ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٧٠٠‬‬ ‫‪_ ٢٢٩‬‬ ‫غرب إفريقية قاطبة ‪ .‬فقد تمكنت مملكة إقليمية من استغلال إمكانيات السودان الزراعية‬ ‫والمعدنية والغابية والحيوانية‪ .‬كما استفادت من سيطرتها على طرق التجارة العالية ‪.‬‬ ‫فانعكس ذلك بالنمو والثراء على المنطقة‪ .‬وحقق اقتصاد إقليم افريقي لأول مرة في ظل‬ ‫الإسلام تحولا في ميزانه التجاري لصالحه‪ .‬حيث حققت صادراته أرباح هائله حسب‬ ‫أسعارها الدولية‪ .‬وأصبح ملك مالى يلقب ب "لورد الزنوج" (" حينما وصلت شهرتهم‬ ‫ودرجة ومكانت وازدهار بلادهم إلى تجار أورويا ‪ .‬وكان ذلك منذ زمن منسي موسي ‪.‬‬ ‫فقد قامت مملكة مالي في منطقة خصبة تتوافر بها عدد من أفرع الأنهر‪ .‬المتصلة‬ ‫بنهر النيجر والسنغال ‪.‬بالإضافة إلى عدد من الأودية التي تحمل مياة لأمطار الوفيرة ‪.‬‬ ‫فأنتجت أقاليم مالى العديدة من المحاصيل مثل الحبوب ‪ .‬التى كانت رخيصة بسبب‬ ‫توافرها ‪ .‬كما زرع أهلها القطن ‪ .‬والخضروات ‪.‬وانتجت بلادهم نبات يسمى الفرني‬ ‫يطحن ويعمل منه خبز‪ .‬واستغل أهلها مراعبهم لتربية الحيوانات كالأغنام والجمال والبغال‬ ‫وكان لهذا الجانب اثره في الإكتفاء الذاتي الذي تمتعت به معظم مدن وأقاليم مالي ‪.‬وكان‬ ‫ذلك مراعاة لإنتشار الإستقرار في ربوع امالي وصورة حسنة لجذب التجار للاستقرار بها‬ ‫وإدارة أعمالهم منها ‪ .‬وقد استوردت مملكة مالي الصناعات التي تحتاجها من العالم الإ‬ ‫سلامي مثل ‪ :‬السيوف والمنسوجات خاصة الحرير ‪ .‬والخيول ‪ .‬التي كانت أثمانها مرتفعة‬ ‫‪ .‬وكانت اهم سلعهم هي الصناعات النسيجية التي تردد تجار مالي لإستيرادها من مصر‬ ‫كما استوردوا الزجاج والملح ‪ .‬‏‪(٢‬‬ ‫على أن أهم صادرات مالي والتي شكلت عصب الحياة الاقتصادية بها كانت‬ ‫سلعتى الذهب والرقيق ‪.‬وقد ساعد موقع مالي وامتدادها علي السيطرة علي تجارة تلك‬ ‫السلع فضمت أقاليمها أهم مناجم الذهب في بلاد السودان الفريي ("" ‪ .‬كما أنمملكة‬ ‫مالي كانت تمثل المنفذ التجاري للقبائل الوثنية البدئية والمنتشرةفي الغابات التي تقع الي‬ ‫يى‬ ‫الا ستوائ‬ ‫النطاةى‬ ‫مالي من‬ ‫جنوب‬ ‫كان لتجار مالي طرقهم الخاصة لجلب العبيد من الغابات إلي مراكز بيعهم‬ ‫‏(‪ )١‬نوري ‪ .‬تاريخ الإسلام في إفريقية‪.‬ص ‏‪.١٤٩‬‬ ‫(‪ )٢‬طرخان المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٦٧ ‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪١\٤.‬‬ ‫‪.٩‬‬ ‫‪ ٠6‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬المرجع نفسة‪‎‬‬ ‫طرخان‪‎‬‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‏‪ ١‬لاتتصاية‬ ‫الحياة‬ ‫عماد‬ ‫مالي ‏‪ ٠‬وأصبحوا‬ ‫أعدادهم ني مدن‬ ‫كثرت‬ ‫وجميعهم ‏‪ ٠‬بحيث‬ ‫فهم جند في الجيش ‪ .‬وعمال في الحرف ‪ .‬وزراع في المزارع ‪ .‬وخدم في المتاجر ‪ .‬وقد‬ ‫اعتمدت الإدارة السلطانية علي كثير من العبيد المحررين ‪ .‬فوصل بعضهم إلى درجة قائد‬ ‫في الجيش والحرس المالكي اا" ‪ .‬وأصبح لهم رئيس يسمي ‪ .‬صندكي أى رئيس العبيد ‪.‬‬ ‫ولقبت طبقة العبي د االمحررين باسم ( البولا) من هنا فقد أصبحت تجارة الرقيق لها نظمها‬ ‫‪.‬‬ ‫وتقاليدها في مم‪:‬جتمع مالي المسلم ‪ .‬حي ثت احتفظ للعبد بح قققووققةة ومكانتة‬ ‫ومن مالي توجهت قوافل الرقيق بأعداد كبيرة إلى مدن بلاد المغرب وإلى الأندلس‬ ‫وإلى مصر وإلى كافة أرجاء العالم الإسلامي ‪ .‬حاملة معها الجواري الحسان والخادمات‬ ‫التي يجدن أنوع متعددة من الطعام (" ‪.‬ولذلك وفد التجار من مختلف الأقطار إلى‬ ‫أسواق تاهرت وسجلماسة ‪.‬فيقول ب حوقل عن جنسيات تجار سجلماسة ‪ ..‬وسكنها أهل‬ ‫العراق وتجار البصرة ومكة والبغداديون الذين كانوا يقطعون ذلك الطريق ‪ .‬فهم واولأدهم‬ ‫وتجارا تهم دائرة ومفردتهم دائمة وقوافلهم غير منقطعة إلى أرجاح عظيمة وفوائد‬ ‫جسيمة ونعم سابغة كلما يدانيها التجار في بلأد الإسلام سعد حال ‏("'‪٠.‬‬ ‫هذا وقد تباينت أسعار الرقيق من مكان لآخر ‪ .‬ومن فثة إلى أخرى ‪ .‬حسب حاجة‬ ‫المنطقة وميزات العبد أو الجارية ‪ .‬ومهما كان رخص تلك السلعة في اقاليم مالي فإنها قد‬ ‫بلفت أسعارا غالية في بلاد الملشرق ومصر والأندلس ‪ .‬فقد بلغ ثمن الجارية النظيفة في‬ ‫أغلب الأحيان حوالي مانة دينار ‪ .‬بينما كان سعر الغلام عشرة دنانير والخادم أقل من‬ ‫ثلاثين ‪ .‬أما اذا ربيت الجارية تربية خاصة إلى جانب جمالها وادبها نقد يصل سعرها إلى‬ ‫ألف دينار ‪ .‬فقد وجهت أم الأمراء زوجة المعز لدين الله الفاطمي بصبية ريتها مع أحد‬ ‫الوكالاء لها لتباع في مصر فطلب فيها ألف دينار ‏‪. "٨١‬‬ ‫سيطرت مملكة مالي علي مناجم النحاس والذهب في غرب السودان ‪ .‬فقد توافرت‬ ‫من‬ ‫‪ .‬حيث كان يستخرج‬ ‫كميا ت كبيرة من ا لنحاس ‏‪ ١‬لأحمر الجيد في حقول منطقة تكدة‬ ‫(‪ )١‬الأدريس ‪ .‬نزهة المشتلق ‪ .‬ص‪. ٩٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬القادري إبراهيم ‪ .‬الإسلام السري في بلاد الغرب ‪.‬ص‪.٢١٤ ‎‬‬ ‫‪.٩.‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫الارض‪‎‬‬ ‫صرره‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫‪ .‬اتعاظ الحنفا‪‎. ‎‬ج‪.١‬ص‪. ٦١٠٠‬‬ ‫(‪ )٤‬المقريزي‬ ‫‪_ ٢٤١‬‬ ‫مناجم خارج المدينة ثم ينقل إلى المدينة ليتم صهرة في شكل قوالب (" ‪ .‬ويصهر في شكل‬ ‫قضبان مختلفة الأشكال إلى مملكة برنو المجاورة وإلى بلاد المغرب ومصر وحوض البحر‬ ‫للتوسط ‪ .‬كما كان يصدر منة كميات صوب الغابات الإستوئية حيث يتم استبداله بأعداد‬ ‫من العبيد ‪ .‬وكان معدن النحاس غالي الثمن حيث يباع بثلثي وزنه ذهبا‪ .‬أى أنة كان‬ ‫موردأ هاماأ من موارد مالي لتوفير أعداد العبيد وكميات الذهب من المناطق المجاورة التي‬ ‫تستبدل النحاس بالذهب ‪.‬‬ ‫ظل الذهب الاستراتيجية التى يعتمد عليها اقتصاد مالي المزدهر ‪ .‬حيث أصبح‬ ‫ذهب مالي بمثابة السلعة النقد الدولية في حوض البحر المتوسط ‪ .‬خاصة الجزء الغربي منه‬ ‫‏‪ ٠‬من هنا فإن عمليات استخراج الذهب كانت تتم بصورة سرية ومنظمة ‪ .‬وكان لدى الملك‬ ‫المالي أجهزة خاصة للإشراف على استخراج الذهب وتحجميعه وتصديره‪ '"!.‬وكان وراء هذا‬ ‫النظام خوف حكومة مالي على مبابع الذهب ‪ .‬وقد حاول بعض التجار القادمين إلى البلاد‬ ‫أن يتعرفوا على مراكز استخراج الذهب فقبضوا على أحد العبيد العاملين في هذا المجال‬ ‫وعزيوه حتى مات ‪ .‬ولم يصرح لهم بشىء عما أرادوا "'‪.‬‬ ‫وقد ظهرت لدى حكومة مالى اعتقاد بأن الذهب يختفى إذا ماتحولت منطقة إلى‬ ‫الإسلام ولذلك فقد جعلوا عمليات الاستخراج والمبادلة في يد الوثنيين من العبيد ‪ .‬فيقول‬ ‫القلقشندي ولكن ملوك هذه المملكة قد جربوا أنه إذا ما فتحت مدينة من هذه المدن ونشا‬ ‫بها الإسلام ‪ .‬ونطق بها داعى الآذان إلا قل بها وجود الذهب ثم يتلاشي حتى يعدم ويزداد‬ ‫فيما يليه من بلاد الكفار ‪ .‬فرضوا منهم ببذل الطاعة وحمل مقرر عليهم (" ولذلك ظلت‬ ‫عمليات الاستخراج والصهر لهذا المعدن في يد الوثنيين من رعايا ملك مالي ‪ .‬حتى اشار‬ ‫ابن بطوطة إلى تخوف سلطان مالي من امتداد أيدي المسلمين إلى مناجم الذهب حتى لا‬ ‫‏(‪ )١‬برعت مملكة مالي في تقنية استخراج النحاس والذهب ‪ .‬فقد أوكلت عمليات استخراج الخام للعبيد‬ ‫خاصة الوثنيين ‪ .‬وكان يتم عزل التجار عن معرفة مواقع المناجم حتي تظل ثروات البلاد في مأمن من‬ ‫الاطماع الخارجية ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن بطوطة ‪ .‬الرحلة ‪ .‬ص‪. ٦١٩٩ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٢٩ ‎‬‬ ‫‪.٢٩٤‬‬ ‫(‪ )٤‬القلقشندي ‪ .‬صبح الأعسن ‪ .‬جه ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪٢٤٢‬‬ ‫كانت عمليات تجارة الذهب تتم عن طريق ما يعرف باسم « التجارة الصامته ۔‬ ‫(‪]602‬آ ‪٤٥-‬از‪)5‬‏ التى كانت سمة عامة لمعظم السلع الإفريقية ‏‪ "١‬فكان العاملون في‬ ‫حقل الإنتاج لايتصلون بالتجار بل تتم عمليات المقايضة من على بعد‪ .‬فيتم تجميع‬ ‫كميات الذهب في أكياس في مكان بعيد متفق عليه‪ .‬ثم يحضر التجار بالسلعة المراد‬ ‫الاستبدال بها‪ .‬ويحضر زعيم من السودان فينظر في كمية السلعة ويتم التراجع إلى الخلف‬ ‫عدة مرات من قبله فإن وافق على الصفقة تقرع الطبول‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫أصبح ذهب مالي السلعة العامة في تجارة إفريقية الشمالية حتي وقت قريب ""‬ ‫فقد أصبحت دول أوروبه الحديثة تنظر إليهدكنوع من توفير الأمن ا لنقدي لها ولسمعة‬ ‫‪ .‬وقد سميت‬ ‫عملتها واستمرت حكومة مالي في الحفاظ على مناجمه في منطقة ونقارة (‬ ‫بأرض الذهب ‪.‬كما وجدت كميات كبيرة منه ني تفازي ‏)‪ (٤‬ع‪.‬لى حدود الصحراء الكبرى‬ ‫‪ .‬وهى المنطقة التى توافرت بها كميات الملح أيضا ‪ .‬حيثث كان يسسششتتخخررج منها على هيئة‬ ‫ألواح صلبة ‪(١.‬ث'‏‬ ‫وقد وفرت هيبة حكومة مالي في منطقة غرب السودان نوعا من الأمن والإستقرار‬ ‫بما تمتلكه من قوات عسكرية نظامية ومدربة ‪ .‬كانت في حالة استعداد مستمر لمواجهة‬ ‫اعتداءات القبائل الوثنية أو القبائل الطامعة في خيرات البلاد أو الأقاليم التى تحاول‬ ‫التمرد على سلطنها أ" وأصبحت طرق التجارة من مالي وإليها آمنة في أغلب الأحيان ‪.‬‬ ‫كما كانت تحركات القوافل تتم في أمن وسلام ‪.‬ولم يعكر صفو هذا النظام سوى‬ ‫اعتداءات القبائل التى تتمركز نحو الشمال في الصحراء ‪ .‬فكثيرا ماكانت تنتهز فرصة‬ ‫انشغال مالي بمشاكلها الداخلية لتنقض على قوافل التجارة ‪.‬كما استغل الطوارق ضعف‬ ‫(‪ )١‬لوفران ‪ .‬تاريخ التجارة ‪ .‬ص‪.١٤ ‎‬‬ ‫‪.١٠١‬‬ ‫(‪ )٢‬آشتور ‪ .‬التاريخ الأنتصادي ‪.‬ص‪‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬تضم منطقة ونقارة أربعة أقاليم هى ‪:‬بامبوك في السنغال الأعلى ‪ .‬ويورعلى النيجر الأعلى ‪ .‬ولوبي‬ ‫على نهر الفولتا ‪ .‬وأشانتا شمال غانة الحالية‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬اليعقوبي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪.٨٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬زكي ‪ .‬تاريخ الدول الاسلامية ‪ .‬ص‪.١١٠ ‎‬‬ ‫(‪ )٦‬طرخان ‪ .‬دولة مالي‪‎ . ‎‬صه‪.١١٥‬‬ ‫_ ‪_ ٢٤٢‬‬ ‫مالي في العصور الحديثة ‪ .‬وهددوا الطرق التجارية ومراكز التجارة ‏(‪'٢‬‬ ‫ومنذ القرن الخامس عشر الميلادي بدأت عوامل الضعف والتدهور تظهر في مملكة‬ ‫مالي ‪ .‬فضعفت سلطة الحكام ‪ .‬ويدأت مظاهر الإنقسام الداخلية بين أفراد الأسرة الحاكمة‬ ‫‪ .‬في وقت بدأت فيه الدول الأوروبية تضع الخطط للانقضاض على إفريقية الفربية‬ ‫وتخطط للوصول إلى ثروات مملكة مالي (" ‪ .‬بل وصل الأمر إلى طلب ملوك مالي العون‬ ‫من البرتغاليين لحمايتهم من القوى المجاورة ‪ .‬وكان هذا الطلب حجة شرعية للتدخل‬ ‫البرتغالي والأوروبي في أقا ليم مالي في خفم الكشوف الجغرافية الأوروبية ‪.‬‬ ‫ومن تلك الأخطار الأخيرة التى تعرضت لها مملكة منذ بداية العصور الحديثة وأدت‬ ‫إلى زوالها مايلي ‪:‬‬ ‫‏)‪(٣‬‬ ‫‪:‬‬ ‫الطوارق‬ ‫‏) ‪( ١‬‬ ‫قام الطوارق بشن غارات من جهة الشمال على إمارات وإقاليم ملكة مالي ‪ .‬خاصة‬ ‫‪.١١٠‬‬ ‫(‪ )١‬طرخان ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬طرخان ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪.٨٩ .٨٨ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬الطوارق ‪ :‬شعب قوى وعريق'ينتمى إلى أصول بربرية ‪ .‬ونسبوا إلى إحدى قبائل صنهاجة الصحراء‬ ‫التى تسمى تارجا أو تارك ‪ .‬حيث هاجر بعضها إلى نواحي تلمسان في العصر المرابطي ربقى‬ ‫معظمهم في الصحراء في مواطنهم الأولى في المنطقة التى تمتد من وادى درغة جنوبي المغرب الأقصى‬ ‫ووادى السنغال ‪ .‬وامتدت منهم فروع ناحية الشرق ‪ .‬ثم تفرقت في نواحي الصحراء الكبرى ‪.‬‬ ‫خينما لحق الهاربون من بنى عمومتهم من بقايا قبائل صنهاجة الصحراء أثناء هروبهم أمام‬ ‫الوحدين فتزايدت أعدادهم وازدادت قوتهم وسادوا معظم الأقاليم الصحراوية حتى قلب الصحرا‪.‬‬ ‫الكبرى وأصبح يطلق على هؤلاء الصحراويين جميعا اسم تارجا أو تاركا ‪ .‬وقد عرب هذا الاسم‬ ‫ليصبح إلى طارق والنسبة إليه طارقي وجمعه طوارق ‪.‬‬ ‫وأصبح شعب الطوارق من أكثر شعوب أفريقية دراية بالصحراء الكبرى في العصر الحديث وقد‬ ‫اشتهروا باسم الملثمين نسبة إلى لشام يغطون به وجوههم ‪ .‬ويملابسهم الزرقاء ‪ .‬وأصبحوا القوة‬ ‫الإسلامية التى وقفت أمام المد الفرنسي في الصحراء الكبرى حديثا ‪ .‬ولم يتمكن الفرنسيون من‬ ‫بسط سيطرتهم عليهم وعجزوا عن دخول واحاتهم وأراضيهم فهادنوهم وسموهم بأسم أمراء الصحرا ء‬ ‫الزرق وإليهم يرجع الفضل في المحافظة على الصحرا ء أمام بعثات التبشير التي قدمت مع الأرروببين‬ ‫‪- ٢٤٤‬‬ ‫أودغست ومبكتو وولاته ‪ .‬وتمكنوا من احتلال ولاته سنة ‏‪ ٨٢٧‬‏م‪ . /٣٣٤١‬ووضعوا‬ ‫ايديهم على مركز تجاري هام مع مملكة مالي ‪ .‬كما دخلوا مدينة تمبكتو الشهيرة‬ ‫واستباحوها وبذلك سيطروا على منافذ التجارة الصحراوية الشمالية مع مملكة مالي‬ ‫وهددوا استقرارها وزعزعوا اقتصادها ‪ .‬وأصبحت القوافل التجارية غير آمنة في رحلاتها‬ ‫إلى مالى‬ ‫وحينما ظهرت مملكة صنفى كقوة على أنقاض مملكة ما لي ‪ .‬أصبح الصراع محتدما‬ ‫بين الطوا رق وبين صنفى على عدد من الاقاليم في مالي واصبحت حركاتهم تشمل معظم‬ ‫الأقاليم الشمالية لمملكة صنغي ‪ .‬وإن كانت مملكة صنغفي قد تمكنت من إخراجهم من‬ ‫الإقاليم السابقة وألحقت بهم العديد من الهزائم ‏(‪.'١‬‬ ‫‪: ٥055‬‬ ‫(‪ )٢‬قبائل الموشى‪‎‬‬ ‫وهى القبائل التى تقيم جنوبي منحنى نهر النيجر في منطقة فولتا العليا وهم أهم‬ ‫قبائل تلك المنطقة و تمتد سيادتهم داخل الغابات الإستوائية في الجنوب ‪ .‬ظلت سيادتهم‬ ‫على أقاليم جنوب مالي ومن قبلها غانة منذ القرون الأولى ‪ .‬حتى ظهرت لهم مملكة كبرى‬ ‫في القرن الرابع عشر الميلادي ‪ .‬وظلوا في حالة حرب مستمرة مع ملوك مالي ‪ .‬حيث ظل‬ ‫الملوشى على وثنيتهم لمدة طويلة ثم أرسلموا أخيرأ ‪ .‬واشتهروا بالغزو والنهب وبالعلاقات‬ ‫العدائية ضد جيرانهم وخاصة مالى ‪ .‬ويلقب ملوك الموش بأسم موغونابا؟ ‏‪"٢١‬‬ ‫وقد بدأ الصراع شديدا بين الموشى وملوك مالي بسبب الاختلافات العقائدية بينهم ‪.‬‬ ‫حيث ظل الموشى يكنون حقدا ضد المسلمين حتى أسلموا‪ .‬كما ظل الموشى يطمعون في‬ ‫خيرات مملكة مالي ويحاولون الإنقضاض على مراكزها الحضارية المزدهرة ("' ‪ .‬وتمكن‬ ‫ملوك مالي زمن قوتهم من إلحاق الهزائم بالموشى ‪ .‬لكن الموشى ظلوا يهددون مدن مالي‬ ‫حتى تمكنوا سنة ‏‪ ٠‬‏م‪ ٠٤١‬من غزو منطقة بحيرة دبو ‪ 0580‬في النيجر وهى منطقة هامة‬ ‫على طرق التجارة في مالي ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٦١ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬مازال هناك العديد من أصحاب الثروة والنفوذ في جمهورية بوركينا فاسوو ينتمون إلى حكام الموشى‬ ‫القدماء ‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬طرخان‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٩١٠ .١٦٧١ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٣٤٥‬‬ ‫‪(١‬‬ ‫‪:‬‬ ‫)‪ (٣‬الفولانيون‪‎‬‬ ‫تمكنت الجماعات الفولانية من تهديد سلطة ملوك مالي في الشمال وفي الفرب ‏‪٠‬‬ ‫وذلك بفضل سيطرتهم على تلك الأنحاء وكثرة قبانلهم ‪ .‬ومنذ القرن العاشر الهجرى ‪/‬‬ ‫السادس عشر الميلادي أنهى الفولانيون نفوذ مالي في أعالى نهر السنغال حينما احتلوا‬ ‫بامبوك ("'‪ .‬وأبادوا أعداد كبيرة من الماندنجو في حوض نهر فاليم ‪ .‬أحد روافد نهر‬ ‫السنغال ‪ .‬وكان لتلك الأعمال أثرها في إنهاء سلطة مالى في أقاليم الغرب ‪.‬‬ ‫الفولانيين المستمر على الماندنجو اضطرت مالى إلى‬ ‫حتى أنه بسبب ضغط‬ ‫الأستغاثة مرة أخرى بالبرتغاليين سنة ‪١٥٣٤‬۔‏ "!‬ ‫صنغى‪(٤( , ‎‬‬ ‫لنابقا)‪٤‬ا(‪‎‬‬ ‫ظل ملوك مالي حذرين في علاقتهم بقبائل صنفى ‪ .‬ولذلك استمروا يحتفظون‬ ‫برهاننهم في قصورهم بمالى ‪ .‬حتى تمكن الأخوان على وسليمان من الفرار من مالى ‪.‬‬ ‫واعادة قوة صنغفى وحصل أمراء صنغى منذ القرن الرابع عشر على لقب شى أو أوشنُ‬ ‫أى خليفة السلطان فتحرروا من سيطرة مالي وأسقطوا الجزية‪ .‬ث"‬ ‫بدأت سياسة حكام صنغى تتجه صوب التركيز على الهجوم المستمر على مملكة‬ ‫مالي وعلى مدنها المجاورة لهم من الغرب ‪ .‬وواصلوا أعمالهم حتى دخلوا العاصمة مالي‬ ‫‪ .‬وقاموا بأعمال وحشية ضد أقاليم ومدن مالي ‪ .‬رغم أنهم كانوا على الإسلام أيضا ‪.‬‬ ‫ومنذ سنة ‪٨٦٩‬ه‪٤٦٤/‬ا‪١‬م‏ تمكن سن على من تأسيس إمبراطورية صنفى ‪ .‬حينما‬ ‫‏(‪ )١‬شعب من الرعاة موطنهم الأصلى حوض السنغال في الغرب وقد أنتشرت جماعتهم في كافة أرجاء‬ ‫السودان القربي ويلاد الهوسا وحتى الكاميرون في الجنوب ‪ .‬دخلوا الإسلام منذ القرن الحادي عشر‬ ‫الميلادي بفضل المرابطين ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن خلدون ‪ .‬تاريخ ‪ .‬ج‪ .٦‬ص‪ ٢٠٢ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٦١٧١ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬سيرد تفصيل لأصلها وتطور نفوذها فى الصفحات القادمة‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١١ ‎‬‬ ‫‪- ٢٣٤٦‬‬ ‫قام باحتلال تنبكتو سنة ‏‪ ٨٧٢‬‏م‪١‬ا‪ . /٨٦٤‬وهى مدينة لها مركزها التجاري الهام في‬ ‫المنطقة ‪ .‬ثم دخل جنبي سنة ‪١٤٧٧‬م‏ ‪ .‬وأصبحت صنغى سيدة حوض النيجر الأوسط ‪ .‬ثم‬ ‫مكن من إخضاع مالي ‪ .‬واتفق الطرفان على أن تحتفظ مالي باستقلالها الإسمي وتدفع‬ ‫(ا\(‬ ‫صن‪..‬في‬ ‫ملوك‬ ‫اللجزييةة‬ ‫وبسبب هذا الضغط المستمر من قوات صنغى اتجه ملوك مالي إلى الاتصال بالقوى‬ ‫الإسلامية الكبرى ‪ .‬فاتصلوا بالعثمانيين الذين ظهروا كقوة إسلامية كبرى على سواحل‬ ‫بلاد المغرب والبحر المتوسط ‪ .‬ويدأت السفارات البرتفالية تصل إلى بلاط مالي‬ ‫لمساعدتها في كبوتها ولدراسة المنطقة التى طالما حملت بالوصول إليها قوى أوربية منذ‬ ‫القدم ‪ .‬وكانت تلك السفارات البرتغالية تقوم بدراسة الطرق والإمكانيات وظروف مالي ‪.‬‬ ‫ورغم تمكن حكام صنفى من دخول مالي عدة مرات إلا أن الباحث يلاحظ ترد اسم‬ ‫مالي وحكامها في ظل اسم امبراطورية صنفى ‪ .‬وحتى بعد دخول اسكيا الحاج محمد‬ ‫مالى سنة ‏‪. '٢"١ .١٤٩٢‬ثم دخولها مرة أخرى سنة ‏‪٠ ١‬هام وتخريبها وفرار ملك مالي‬ ‫إلى مدينة زلن الجنوبية ‪ .‬والسبب في ذلك يرجع إلى آن من عادة ملوك السودان ان يبقوا‬ ‫على الحكام الوطنيين في مناطقهم بشرط الولاء ودفع الجزية ‪ .‬وظل اسم مالي رغم انسلاخ‬ ‫أقاليمها لحساب مملكة صنفى ‏‪'٢١‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ )٥‬خطر التكرور‪‎‬‬ ‫وهم جماعات مختلفة من المهاجرين البربر والزنوج ‪ .‬في حوض نهر السنغال ‪.‬‬ ‫تحالفوا مع الفولانيين !" ووجهوا ضريات ضد قبائل الماندنجو سنة ‪١٥١٣٠‬م‏ ‪ .‬مما افقد‬ ‫مالي زعامتها في الأقاليم الغربية لدولتهم ‪ .‬واتجهوا للاستنجاد بالبرتغاليين على أثر‬ ‫عمليات الإبادة ضد جماعات الماندنجو من قبل الفولاني والتكرور ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬نوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٥٣‎‬‬ ‫(‪ )٢‬زكي ‪ .‬المرجع السابق‪ .‬ص‪.١٢٦/١٢٥ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬اسم عام أطلقه الوب على معظم سكان السودان الغربي ‪ .‬بينما أطلق التكرور على أنفسهم اسمُ‬ ‫فوتا نكوبي أى سكان فوتا ‪.‬‬ ‫‪ -‬ياقوت الحموى ‪ .‬معجم البلدان ‪.‬ج! ‪ .‬ص‏‪. ١٢٨١‬‬ ‫(‪ )٤‬يتحدث التكرور اللفة الفولانية‪. ‎‬‬ ‫‪_ ٢٤٧‬‬ ‫حاول ملوك مالي تنظيم قواتهم من جديد في منتصف القرن السادس عشر على يد‬ ‫محمد الثاني ‪ .‬لكنه هزم وهرب ‪ .‬وفقدت مالي أراضي جديدة سنة ‪٩٧٨‬ه‏ ‪/‬سنة ‪١٥٧٠‬م‏‬ ‫وفي سنة ‪٩٩٩‬ه‏ ‪١٥٩٠/‬م‏ وصلت قوات الغزو المراكشي للبلاد من تسل سلطان مراكش‬ ‫الشريف مولار أحمد الذهبي بقيادة جودر باشا ‪ .‬وقضى بذلك على امبراطورية صنفى ‏‪٠‬‬ ‫حينما دخلت القوات المراكشية مدن مالي وصنغي ‪ .‬وأصبح لقب سلطان مراكش" سلطان‬ ‫مراكش وجاو وتنبكتو وجني‬ ‫كما حاول ملوك مالي التحالف مع الفولانيين سنة ‏‪ .١‬‏ه‪ .١‬‏ماه‪ . /٨٩‬حيث قام‬ ‫حمد آمنة من الفولانيين بدعم من أمراء مالي بمهاجمة جيش المراكشيين في جني ‪ .‬لكنهم‬ ‫هزموا أمام أسلحة الجيش المراكشي المتطورة الحديثة ‪ .‬وسارع بعض أمراء مالي المهزومين‬ ‫بالاستقرار في باماكو التى أصبحت عاصمة دولة مالي الحالية ‪.‬‬ ‫وفي بداية القرن التاسع عشر أظهرت حركة إسلامية إصلاحية على يد أحد رجال‬ ‫قبيلة الفولاني ويدعي عشمان دون فوديو(' الذي تمكن من تكوين إمارة إسلامية في‬ ‫جنوب مالى ‪ .‬ثم قام الحاج عمر سنة ‪١٨٣٨‬م‏ ("' بمحاولة تكوين دولة إسلامية حديثة لكن‬ ‫الفرنسيين تصدوا لمحاولة إحيا ه الحركة الإسلامية في المنطقة وقاموا قواته ‪ .‬وبعد وفاته‬ ‫فإنهم استغلوا فترة الانقسامات في المنطقة ومدوا سلطانهم إلى شمال وادى النيجر وبدأوا‬ ‫في إنشاء خطوط جديدة لربط السودان الغربي بخليج غانا نحو الجنوب وتفيرت وجهة‬ ‫البلاد صوب الجنوب بعد أن كانت صلاتها صوب الشمال مع العالم الخارجي ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سبق الحديث عن حركته‪. ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬اسمه عمر سيد وتال ‪ .‬ولد ‪٧٩٧‬ا‪١‬م‏ ببلدة بودور في إقليم الفوتافور(السنغال) من جماعات التكرور‬ ‫‪ .‬ونشأ نشأة إسلامية صحيحة ‪ .‬وقضى حياته في العلم والتعرف على رجال الإصلاح في المنطقة‬ ‫نلقى عثمان دون فوديو وحماد والشيخ ‪ .‬ثم ذهب للحج ‪ .‬وعاد ليصبح خليفة الطريقة التيجانية في‬ ‫السنغال ‪ .‬وأشتهر بورعة وتدينه فتجمع الناس حوله ‪ .‬ووثق صلاته مع علماء المسلمين وزعمائهم في‬ ‫السودان الأوسط الغربي ‪ .‬وما خاف زعماء البلاد من نفوذه أتجه إلى جبال الفوتاجالون وهناك تجمع‬ ‫حوله الأنصار وتزايدت أعدادهم باستمرار ‪ .‬كون الحاج عمر جيشأمن التكرور وهاجم الماندنجو (مالي)‬ ‫والبمبارة ‪ .‬وانتزع منهم بلدة فيورو ‪ .‬ثم سيطر على حوض السنغال بجيش قوامه ‏‪ ٤٠ .٠٠٠‬مقاتل ‪,‬‬ ‫لكنه اصطدم بالفرنسيين فتراجع وأتجه شرقأ ليحتل بلدة سيجو ثم تنبكتو ومات سنة ‪١٨٦٤‬م‪.‬‏‬ ‫‪_ ٢٤٨‬‬ ‫ظهرت محاولة أخرى في نهاية القرن التاسع عشر لإحياء الوجود الإسلامي‬ ‫بالسودان الفربي وتكوين دولة إسلامية بزعامة ساموريغؤ على انقاض دولتي مالي‬ ‫وصنفى ‪ .‬لكنه نهض في وقت كانت القوات الفرنسية قد رسمت خططها لبسط سلطاتها‬ ‫الكامل على غرب افريقية ‪ .‬ورغم مواجهة ساموري القوية للفرنسيين إلا أن القوات‬ ‫الفرنسية أرغمته على الإنسحاب إلى المرتفعات وإتبه إلى فولتا العليا ‪ .‬تم أتجه إلى‬ ‫ليبيريا وحيثما أسر نفى إلى الجابون ومات سنة ‏‪ ٠‬‏م‪ . ٠٩١‬ويموته أنتهى أمر الدول‬ ‫الإسلامية في غرب افريقية وبسط الاستعمار سلطانه عليها (" ‪.‬‬ ‫ظلت الطرق الصوفية تقوم بدورها بالحفاظ على الهوية الإسلامية في السودان‬ ‫الفري ضد محاولات التنصير ‪ .‬وكان أهمها طريقتان هما ‪ :‬القادرية ‏‪( ٢‬المريدية)‬ ‫مكنت تلك الطرق المسلمين هناك روحا جديدة ‪ .‬وظلت تلك الطرق‬ ‫والتيجانية " ‪ .‬حيث‬ ‫تعمل ضد الوثنية حتى الوقت الحاضر رغم ظروفها الصعبة التى تواجها منذ سيطرة‬ ‫الاستعمار الفرنسي على مقاليد الأمور في غرب إفريقية ‪ .‬كما تحاول تلك الطرق الحفاظ‬ ‫على جوهر الدين وترسيخ الإسلام بين الأفارقة ‪.‬‬ ‫جا مت الطريقة السنوسية (“' هى الأخرى إلى الساحة الإسلامية في غرب السودان ‏‪٠‬‬ ‫وتمكنت منذ بداية القرن العشرين من القيام بمجهودات فائقة في محاربة البدع والرجوع إلى‬ ‫(‪ )١‬مؤنس الإسلام الفاتع ‪ .‬ص‪. ١٣٧١ ‎‬‬ ‫)( تأسست في العراق وانتشرت في شمال إفريقية في القرن الثاني عشر ثم وصلت إلى تنبكتو في‬ ‫القرن الخامس عشر ‪ .‬وانتشرت حتى الآن بين سكان غرب افريقية ‪ .‬وفي مطلع القرن العشرين أصبح‬ ‫الشبخ عبدالله سيديا زعيم القادرية مهادنا للفرنسيين ‪ .‬الأمر الذى أفقدها شعبيتها واتخذت شكلا‬ ‫جديدا في الطريقة المريدية ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬نشأت في الجزائر على يد أحمد بن محمد التيجاني ‏(‪ /١٨١٥ - ١٧٣٧‬ثم انتقلت إلى فاس وعبرت‬ ‫الصحراء إلى غرب السودان وكان لها أسلويان في العمل ‪ :‬الأول سلمى ‪ .‬والثاني ‪ :‬بالجهاد لدعم‬ ‫الأفكار وحفظ الدين ‪ .‬وهى من أكثر الفرق الصوفية تأثير في غرب افريقية في العصور الحديثة ‪.‬‬ ‫وكان آخر دعاتها سامورى نوري فى أعالى النيجر ‪ .‬وكان هدفه القضاء على الوثنية ومقاومة‬ ‫الإستعمار الفرنسي ‪ .‬وإن كانت الفرقة قد انقسمت إلى فرق عديدة ‪.‬‬ ‫‏‪.٩١ -٨٩‬‬ ‫قداح ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫(‪ )٤‬تنسب إلى محمد بن على السنوسي ‪ .‬وهو فقيه جزائرى من مستغانم ولد سنة‪١٧٨٧ ‎‬م =‬ ‫‪_ ٢٤٩‬‬ ‫فكر الإسلام الصحيح ‪ .‬وكانت فرنسا أسبق الدول الأوروبية إدراك لخطورة تلك الفرقة‬ ‫على نفوذها في الجزائر فاضطر زعيمها محمد بن على إلى أن يستقر في واحة جغبوب ‪.‬‬ ‫وحينما مات المؤسس كانت الطريقة قد انتشرت في الصحراء الكبرى ‪ .‬ومنها إلى‬ ‫بلاد السودان الغربي والأوسط ‪ .‬وكانت الحركة السنوسية قد دعمت الطوارق في شمال‬ ‫النيجر ‪ .‬فوصلت دعوتهم إلى مالي وحوض النيجر ويقية مناطق غرب إفريقية اا" وكان‬ ‫لهم الفضل مع الفرق الأخرى في عمليات نشر الإسلام في إفريقية الإستوائية ‪ .‬حيث‬ ‫الغابات الكثيفة التى وقفت حائلا منذ البداية أمام المد الإسلامي ‪ .‬فقد جاء الدعاة إلى‬ ‫تلك المناطق لنشر الإسلام واللغم العربية في القرن العشرين‪ .‬وأسسوا مدارس لهذا الفروض‬ ‫‪ .‬فترسخ الإسلام بفضلهم في السيراليون وداهومي وفي توجو وليبيريا ‪ .‬كما تمكنوا من‬ ‫نشر الإسلام بين الزنوج العائدين من أمريكا ‪ .‬وتحولت قبائل الأشانتي إلى الإسلام ‪.‬‬ ‫وكان للسنوسية الفضل في مقاومة تجارة الرقيق وتحويلها إلى وجه إيجابي ‪ .‬ذلك‬ ‫أن الجماعة كانت تشترى الرقيق ويعلمونهم في الزوايا القرآن الكريم وأصول الدين‬ ‫الإسلامي والفقه مع منهجية الدعوة الإسلامية ‪ .‬ثم يحررونهم ليصبحوا دعاة متحمسين‬ ‫للإسلام ‪ .‬ولم تتمكن فرنسا بقواتها من مواجهتهم أو ملاحقتهم ‪ .‬وشكلوا أهم دعاة‬ ‫للاسلام في مواطنهم في دول افريقية الاستوائية ‪)".‬‬ ‫ورغم جهود الفرنسيين ويعشاتهم التبشرية في غرب افريقية فإن نسبة المسيحيين‬ ‫التى ولدت بين الجماعات الوثنية لم تزد عن ‏‪ ٢٠‬من السكان في مالى "'‪ .‬بينما‬ ‫مازالت الوثنية تضم ‏‪ ٥‬من السكان ( ‪.‬ومازالت جماعات الماندنجو تمثل ‏‪ ٥٠‬من‬ ‫السكان في مالي حاليا‪ .‬بينما الصنفى حوالى‪٢‬إ‏ ‪.‬والفولاني ‏‪ (٧‬من السكان ‪ .‬أما‬ ‫الطوارق فيمثلون ‏‪ ٦‬ب ‪ .‬والبربر ‏‪ ٦‬أيضا‪ .‬بالإضافة إلى عرقيات أخري من الديولا والمور‪.‬‬ ‫= وتوفي سنة ‪١٨٧٩‬م‏ ‪ .‬درس في جامعة القرويين وفي الأزهر ‪ .‬تأثر بفكر القادرية والوهابية وبدأ بنشر‬ ‫مذهبه بالجزائر سنة ‪١٨٣٧‬م‏ ‪ .‬ويقوم على أساس إصلاح أحوال المسلمين والرجوع بهم إلى الإسلام‬ ‫الحقيقي ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬قداح ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪ )٢( . ٩٢ ‎‬قداح ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٩٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬عادل يونس ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪.٤٨‎‬‬ ‫(‪ )٣‬عادل يونس ‪ .‬العالم الإسلامي المعاصر ‪ .‬ص‪.٤٨‎‬‬ ‫(‪ )٥‬يبلغ عدد الشعب الفولاني في كل دول غرب إفريقية حوالي خمسين مليون نسمة‪. ‎‬‬ ‫نغے ‪7‬‬ ‫مملكة ص صة‬ ‫ثالثا‪:‬‬ ‫كانت قبائل الصنفى تعيش على امتداد وادى نهر النيجر الأوسط ‪ .‬ثم اضطرت في‬ ‫القرن الرابع الهجري ‪/‬التاسع الميلادي إلى التمركز حول منطقة جاو ‏(‪ . '١‬ويسبب أهمية‬ ‫موقع جاو على طرق قوافل التجارة ‪ .‬فقد أصبحت مركزأ من مراكز استقرار التجار‬ ‫المسلمين والدعاة ‪ .‬مما أدى إلى تحول العديد من قبائل صنغى إلى الإسلام ‪ .‬حتى أصبح‬ ‫حكامها من المسلمين منذ القرن الخامس الهجرى ‪/‬الحادي عشر الميلادي ‪ .‬وأول من أسلم‬ ‫من حكامها مسلم دام ‏)‪(٢‬‬ ‫ظلت صنغى تابعة مملكة غانة اسميا حتى القرن السادس الهجري ‪/‬الثاني عشر‬ ‫الميلادي‪ .‬ثم خضعت لملوك مالي حتى القرن الرابع عشر الميلادي ‪ .‬من خلال دفع الجزية ‪.‬‬ ‫وبعد ذلك بدأت صنغى في إعلان استقلالها وسيادتها وأصبحت إمبراطورية كبرى في‬ ‫السودان الغربي وقد تحولت شعوب صنغى إلي الإسلام قبل تكوين دولتهم المستقلة وذلك‬ ‫بسبب موقع مدنهم في وسط بلاد السودان الغربي والتى أصبحت معبر للتجار المسلمين ‏‪٠‬‬ ‫كما أسلم الكثير من الصنفى وأصبحوا دعاة للإسلام في مواطنهم ‪ .‬وأصبحت مدينتهم‬ ‫جنى أهم مراكز لانتشار الإسلام في بلاد السودان الغربي منذ القرن السادس الهجري ‪.‬‬ ‫بحيث كان بها في هذا القرن ما يقرب من ‏‪ ٤٢٠٠‬عالم من علماء المسلمين‪ .‬وقد نذز‬ ‫ملكها "" وعلمائها حياتهم في خدمة الإسلام بالمنطقة ‪ .‬وقاموا بجهود كبيرة ضد القبائل‬ ‫الوثنية المجاورة وأصبحت المدينة في حالة جها ومستمر ضد الأعداء ‪ .‬وأصبحت مراكز‬ ‫قبائل الصنفي الأخرى أهم مراكز نشر الدعوة الإسلامي في السودان الغربي مثل مدينة‬ ‫ولاتة (“اتنبكتو (" التى هاجر إليها العديد من علماء المسلمين ودعاتهم‪ .‬حتى اصبحت‬ ‫‏(‪ )١‬جاو ‪ :‬من المراكز التجارية على نهر النيجر ‪ .‬أصبحت مركزا لتجارة الذهب والرقيق ‪ -‬انظر الزياتى‬ ‫‪ .‬وصف افريقيا ‪ .‬ص‏‪. ٥٤٤ . ٥٤٣‬‬ ‫(‪ )٢‬السعدي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬كان ملكها يسمي كنبرو‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬انظر السعدى ‪ .‬المصدر نفسه ‪ .‬ص‪. ٢ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬زادت أهميتها بعد اضطراب الأحوال في مدينة أودغست التجارية الشهيرة‬ ‫‪ ٥٦٠٠‬وأصبحت أعظم مدن مالى وصنفى‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬تأسست سنة‪‎‬‬ ‫‪-‬الزياتي ‪ :‬وصف افريقيا ‪ .‬ص‪. ٥٤٤٠ - ٥٣٨٩ ‎‬‬ ‫‪٢٣٢٥١‬‬ ‫تنبكتو المدينة الأم لنشر الدعوة الإسلامية في ظل أعداد المسلمين بها وأعداد علمانهم‬ ‫وفقهائهم ‪ .‬الأمر الذي جعل الصنغي حماة للإسلام وتعاليمه منذ بداية دولتهم ‪.‬‬ ‫ويبدو أن زعامة الصنغي في البداية ترجع إلى أصول بربرية ا" قدمت من طرابلس‬ ‫عبر واحات الصحراء ‪ .‬ثم انتقل الحكم الى عائلة سن في القرن الرابع عشر الميلادي ‪.‬‬ ‫وهي أيضا فرع من العائلة الأمازيغية السابقة التى قدمت من طرابلس ‪ .‬وقد حكم من‬ ‫تلك الأسرة ثمانية عشر حاكما كان آخرهم الملك على بير ‏(‪ - ١٤٦٥‬‏م‪ ) ٢٩٤١‬حتى جاء‬ ‫الأسكيا محمد الكبير ليقود ثورة ضد عائلة "سن" وأقام عائلة حاكمة جديدة هى حكومة‬ ‫الأسكيبن السوننكية ‪.‬‬ ‫كان ظهور دولة صنغي في وقت تعج فيه بلاد السودان الغربي بالقوى من كل جانب‬ ‫فمن الشرق ظهرت جماعات الطوارق القوية التى تلوذ بالصحراء ومن الصعب ملاحقتها‬ ‫في صحرائها الواسعة ‪ .‬ومن الفرب توجد جماعات الماندنجو القوية عماد امبراطورية مالي‬ ‫القوية والتى تسيطر على معظم أقاليم السودان الغربي ‪ .‬ومن الشرق تتصل حدودهم مع‬ ‫إمارات الهوسا ومملكة البرنو ‪.‬‬ ‫ويسبب ما تميز به الصنغى من التماسك والتنظيم الداخلي لقبائلهم‪٠‬‏ منذ القرن!‬ ‫السابع أصبح الصنغى أهم القوى المؤثرة في أمن واستقرار حوض النيجر ‪ .‬بحيث تمتعوا‬ ‫بالاستقلال الإسمي زمن مملكة غانة ثم زمن ملكة مالي ‪ .‬ويدأ الصنفى في توسيع حدودهم‬ ‫صوب الجنوب في نطاق الغابات وفي الشرق في نطاق السافانا في أقاليم الهوسا ‪ .‬ونظرا‬ ‫لأهمية أقاليم في حركة التجارة في المنطقة فقد اختلطوا بالعرب والبربر منذ البداية ‪ .‬كما‬ ‫استقرت في مدنهم جاليات عديدة من المسلمين من التجار والدعاة والعلماء ‪ .‬الأمر الذي‬ ‫أعطى للصنغى أهمية في نشر الإسلام قبل إعلان دولتهم ‪ .‬‏‪'"١‬‬ ‫‏(‪ )١‬مازالت الدراسات قلقة حول تحديد أصول الصنغي ‪ .‬فهناك رأي يزعم بأنهم هجرة من جنوب مصر‬ ‫اتجهت إلى النيجر‪ .‬بدليل أنهم جلبوا معهم فنون معمارية مصرية إلى وطنهم الأخير بالنيجر ورأى آخر‬ ‫يرى بأنهم هجرات عربية قدمت إلى السودان الغربي ‪.‬‬ ‫وإن كنا نرى أنهم خليط من أصول بربرية وعربية مع زنجية ظهرت في السودان الفربي ‪.‬‬ ‫‏‪.١٠٩١‬‬ ‫‏‪ . ٢١٥‬مؤنس ‪ .‬الإسلام الفاتح ‪ .‬ص‬ ‫‪ -‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫الحميري ‪ .‬الروض المعطار ‪ .‬ص‪. ٥٠٢ ‎‬‬ ‫كوو)‬ ‫و جا‬ ‫كاصة‬ ‫(‪)٢‬خ‬ ‫(‬ ‫‏‪ ٢٣٢٥٢‬س‬ ‫تزامت ظهور قوة الصنفى مع قوة مملكة مالي ولذلك ظلت العلاقات بين الطرفين في‬ ‫على إخضاع‬ ‫‏‪ ١‬لصنغفي ‪ .‬وحرصوا‬ ‫مدن‬ ‫مالي بغزو‬ ‫قا م ملوك‬ ‫فقد‬ ‫وجزر مستمربن‬ ‫حالة مد‬ ‫حكامهم وأخذ رهائن من أمرائهم ‪ .‬فيما أخذ الصنغفى يترقبون عوامل الضعف والتفكك‬ ‫التى تعترى مملكة مالي ليحاولوا الإفلات من سيطرتها ‪ .‬ففي ‪٧٥٦‬ه‏ ‪٣٣٥/‬ا‪١‬م‏ تمكن‬ ‫على كلن من الهروب من بلاط مالى وقام بإعادة تجميع شعبه من جديد وتوحيد مناطق‬ ‫الصنفى ‪ .‬وطرد الحاميات العسكرية لمالي المرابطة منها خاصة جاو( كما انتهزت صنفى‬ ‫فترة تعرض مالي لأخطار خارجية من الطوارق والفولاني والتكرور والموشى ‪ .‬لتحول‬ ‫نفسها إلى إمبراطورية إسلامية في السودان الغربي ‪.‬‬ ‫بدأت فترة التوسع والفتوحات الصنغية زمن الإسكيا محمد الكبير ("" لتشمل كل‬ ‫وادي النيجر والمناطق الساحلية واتجهت قواته إلى الشرق لتضم عدد من مدن بلاد الهوسا‬ ‫سنة ‏‪ ٥١٧‬‏م‪ . ١‬وتوغلت قواته صوب الشمال لتتعقب جماعات الطوارق وتفرض عليها‬ ‫بقواته صوب الجنوب حيث قبائل الموشى‬ ‫جزية سنوية تؤديها لصنفي واتجه الإسكيا محمد‬ ‫الصنغى اجتيازها بسهولة فأعلن ملك‬ ‫الوثنية ‪ .‬التى تقطن مناطق يصعب على الجيش‬ ‫تلك القبائل وتمكن من تحقيق انتصارات‬ ‫الصنغي الإسكيا ("' محمد الجهاد الإسلامي ضد‬ ‫‪ .‬كما ضمت أملاك دولة مالي إلى مملكة‬ ‫عليها ‪ .‬فاتسعت رقعة الامبراطورية نحو الجنوب‬ ‫الصنفي ‪.‬‬ ‫توفي الإسكيا محمد سنة ‪٩٤٩‬ه‏ ‪١٥٥٢/‬م‏ ‪ .‬وتولى ابنه موسى محله قبل وفاة‬ ‫الإسكيا محمد فحكم موسى (‪٨٩٣٥‬ھ‏ ‪١٥٢٨/‬م‏ ‪٩٣٨ -‬ه‏ ‪١٥٣١/‬م)‏ ثم أعقبه سبعة‬ ‫(‪ )١‬نوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٥١٥ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬كان إسكيا محمد الكبير ضابطا في الجيش الصنفى قبل أن يتولى الحكم ‪ .‬ولذلك فقد تمكن من‬ ‫اصلاح الخلل الذي كان يقري الجيش فألغي النظام القبلي في الجيش وجعله جيشا نظاميا يقوم به‬ ‫أفراد تحت الخدمة باستمرار وجعل الانضمام إليه ممكنا من كل أهل صنفى ‪ .‬وأصبحت قوات صنفي‬ ‫زمنه أفضل قوات نظامية في بلاد السودان ‪.‬‬ ‫‪ .‬ص ‏‪. ٢٢٦‬‬ ‫‪ -‬السعدي ‪ .‬المصدر السابق‬ ‫الثانية من حكام صنغي وأدلهم محمد أبوبكر الطوري وزير سن على‬ ‫‏(‪ )٣‬لقد تلقب به حكام الأسرة‬ ‫المغتصب ‪ .‬حيث أطلق عليهم من بنات سن على ‪.‬‬ ‫ومعنى اسكيا في لغتهم أى‬ ‫‏‪. ١٨٢‬‬ ‫طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫_‬ ‫‪٢٣٥٢٣‬‬ ‫ملوك تسموا جميعا با لإسكيا كان آخرهم الإسكيا اسحق الثاني ‏‪ ٩٩٧‬ه ‪٥٨٨ -‬ام‏ ‪-‬‬ ‫‪ ...‬اه ‪١!٥٩١.‬م)‏ ‪ .‬حيث بدأت إمبراطورية صنغي في التدهور والانحلال ‪.‬‬ ‫والواقع أن هناك عوامل عجلت بزوال مملكة صنغي سريع منها مايلي ‪:‬‬ ‫(‪ )١‬الصراع بين أفراد الأسرة الحاكمة‪: ‎‬‬ ‫خاصة بعد وفاة الإسكيا محمد ‪ .‬فقد عزله أبناءه ونصبوا محله إبنه الكبير موسى ‪.‬‬ ‫وظهرت صور عديدة للصراع على كرسي ا لحكم حيث كانا لأخ يقتل أخاه ‪ .‬كما ظهرت‬ ‫ثورات متعددة في البلاط ‪ .‬وأصبح الأساكي في حالة شك مستمرة ممن حولهم منأمرائهم‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ا مستمرة‪‎‬‬ ‫‪ (٢١‬الحروب‬ ‫ضد القبائل الوثنية المجاورة والدول المجاورة لها مما أنهك قواها العسكرية وشتت‬ ‫برامجها في الأزدهار ‪ .‬وشغلب حكامها عن الإصلاحات الداخلية(‪'١‬‏‬ ‫(‪ )٣‬الأطماع في ثروات مملكة صنغى الهامة من الذهب‪: ‎‬‬ ‫فقد تمكن الصنغي من احتلال مراكز انتاج الذهب التى كانت من قبل خاضعة لمالي ‪.‬‬ ‫وأصبحت صنغي بذلك هدفا لقوى بلاد السودان وقرى أوروبا الناشئة ‪ .‬وبدأت تلك القوى‬ ‫تتحين الفرص للأنقضاض على صنفي("'‬ ‫(‪ )٤‬الثورات الداخلية في الأقاليم‪: ‎‬‬ ‫فقد ثارت مدن ‪ .‬صنغي ‪ .‬خاصة الواقعة في أطراف الدولة من أجل الاستقلال ‪.‬‬ ‫ففى تنبكتو ثار ثائر من عائلة الأساكي ضد الأسكيا أسحق الثاني ‪ .‬وقد كلف تمرد‬ ‫تنبكتو الإسكيا اسحق الكثير من المال والرجال مما أدى إلى تدهور أوضاع البلاد وانتشار‬ ‫الفوضى في كثير من الأقاليم ‪.‬‬ ‫‏‪.١١٧‬‬ ‫‪ .‬ص‬ ‫ى‬ ‫‏‪ ١‬لصحرا‬ ‫ني ا فريقية جنوب‬ ‫‪ .‬تا ريخ ‏‪ ١‬لإسلام‬ ‫‏) ‪ ( ١‬نوري‬ ‫‏(‪ )٢‬زكي ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ١٤١‬‬ ‫_‬ ‫‪٢٥٤‬‬ ‫(‪ )٥‬الغزو السعدي من المغرب‪. ‎‬‬ ‫بدأ المنصور الذهبي(" مالديه من قوات حديثة التدريب والتسليح في الزحف نحو‬ ‫الجنوب بعد أن أمن نفسه مع القوى المحيطة به في الشمال الافريقي وأورويا بعد شهرته‬ ‫إثر انتصاراته في معركة وادي المخازن على البرتغاليين ‪ .‬فأرسل جيشه لاحتلال تفازي‬ ‫وفرضت قواته مثقال من الذهب على كل حمل يخرج منها إلى السودان ("' ‪ .‬فتوثرت‬ ‫علاقاته مع حاكم صنغي الذي كان يعتمد على داردات الملح من تغفازي ‪ .‬وقد ساعد‬ ‫المنصور في هذا الأمر بعض المنشقين على اسكيا اسحق "' الذين قدموا خدمات للجيش‬ ‫المغربي أثناء توجهه نحو الجنوب ‪ .‬وأحوال صنفي وما كانت عليه من الإنقسام والتدهور ‪.‬‬ ‫وتطور الأمر إلى تدهور العلاقات بين المنصور الذهبى واسكيا اسحق الذي رفض إعلان‬ ‫التبعية له ‪ .‬مما دفع المنصور إلى إعلان الحرب ‪ .‬وأعد لذلك جيشا كبير تحرك سنة ‪٦٩٩‬ه‏‬ ‫وقد فوض المنصور جودر باشا قائدأ عليها‪ .‬واجتازت الصحراء ووصلت إلى نهر النيجر‬ ‫بعد أن قطعت مسافة تقدر بحوالى ألفى كيلو متر قطعتها في أربعة أشهر ‪.‬‬ ‫وقعت مواجهة شديدة بين القوات المغربية وقوات صنغي بالقرب من جاو انتصرت‬ ‫فيها القوات المغربية المسلحة بالأسلحة النارية الحديثة (‪ .‬بينما كانت قوات صنغفي‬ ‫تعتمد على السيوف والرماح والقسي ‪ .‬ودخلت القوات المغربية العاصمة جاو بعد أن فر‬ ‫سكانها إلى المدن المجاورة ‪.‬‬ ‫وكانت تلك الحملة المغربية لها آثارها السلبية على أوضاع المسلمين في السودان‬ ‫الغريي‪.‬فقد انشغل قوات المغاربة بجمع كميات الذهب والعاج التى سترسل إلى مراكش(‘'‬ ‫(‪ )١‬هو السلطان أبي العباس أحمد المنصور بالله بن أبي عبدالله ‪ .‬ولد في فاس سنة‪ ‎‬ه‪ ٦٥٩‬م‪‎/٨٤٥١‬‬ ‫وبويع بالإمامة سنة ‪٩٨٨٦‬ه ‪٥٧٨/‬ا‪١‬م بعد انتصاره على البرتغاليين في معركة وادي المخازن سنة‪‎‬‬ ‫‪٨٦‎‬ھ ‪ ٥٧٨ /‬ام وتمكن من تدمير معظم قواتهم ‪ .‬وقد عاصر السلطان العثماني مراد بن سليم‪. ‎‬‬ ‫وعاهد ملك أسبانيا املك فيليب الثاني ‪ .‬وقد تونى سنة‪١‎ ٠١٢ ‎‬ه ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬نوري ي المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٥١٩١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬طرخان ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪ .١٤٠ ‎‬مؤنس‪ .‬الإسلام الفاتع ‪ .‬ص‪ ١١٦١ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬مؤنس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١١٧١ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬نوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٥٩١ ‎‬‬ ‫‏‪ ٢٥٥‬۔‬ ‫وتدهورت أوضاع الأمن في صنغى والسودان الغربي ‪ .‬مما شجع القبائل الوثنية على‬ ‫العودة إلى السلب والنهب والتعرض للمسلمين ‪ .‬وأصبحت قوافل التجارة نادرة خوفا من‬ ‫الاضطراب الذي عم البلاد ‪ .‬وتدهورت الأوضاع الثقافية والمسيرة الفكرية في البلاد ‪.‬‬ ‫‪ .‬ودفع بآلاف من سكان البلاد نحو الشمال كعبيد ‪.‬‬ ‫ومهما يكن من أمر ‪ .‬فإن عهد ملوك صنغي كان يمثل مدأ للإسلام ونفوذه في بلاد‬ ‫السودان الغربي‪ .‬لقد كانت صنغى أول دولة إسلامية في غرب السودان تمد نفوذها بصورة‬ ‫رسمية نحو الجنوب داخل نطاق الغابات التى تقطنها جماعات وثنية بدانية ‪ .‬وقد عجز‬ ‫عن تحقيق هذا الأمر ملوك غانة ومالي من قبل ‪ .‬حيث الأمطار الكثيفة والرطوبة العالية‬ ‫والحرارة المرتفعة والأشجار والأدغال المتشابكة ‪ .‬كما مد صنغي نفوذهم داخل الصحراء‬ ‫وواحاتها شمالا ‪ .‬وفرضت الأتاوات على قبائل الطوارق هناك ‏(‪'١‬‬ ‫لقد أصبحت مدن جاو وتنبكتو وغيرها منارات للإسلام بفضل دعم وتشجيع حكام‬ ‫صنفي ‪ .‬فقدم إلى مدنهم العديد من علماء بلاد المغرب وشمال إفريقية ومصر ‪ .‬ونهض‬ ‫حكا م صنغي بتقديم الرعاية للعلم والعلماء والطلاب ‪ .‬فبنوا اللسا جد وأرسلوا‬ ‫البعثات!"'إلى جامعة فاس والقرويين والزيتونة والأزهر للوقوف على آخر الإنتاج العلمى‬ ‫والفكرى في تلك الجامعات ‪.‬‬ ‫كما حرص حكام صنغي على الإستفادة من خبرات الدول الإسلامية المجاورة في‬ ‫المجالات التنظيمية والإدارية ‪ .‬وأطلعوا على نظم الإدارة والحكم في المغرب الأقصى وفي‬ ‫مصر أثنا ء عصر المماليك ‪ .‬وكانت رحلة الحج التى قام بها “إسكي محمد ‏(‪- ١٤٩٣‬‬ ‫‏)م‪ ٨‬فرصة هامة ليستفيد من الخبرات والنظم التى وصلت إليها الشعوب الإسلامية‬ ‫التى مر بها أثناء رحلته ‪ .‬كما اصطحب معه العديد من العلماء ورجال الدول لهذا الفرض‬ ‫‪[ .‬قرة]‬ ‫ويبدو أن ملوك صنغي كانوا يدركون الخطر المحدق بالمسلمين في السودان الغربي ‪,‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪١‬‬ ‫‪١ ٢‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬المد الإسلامي‪‎‬‬ ‫مقلد‪‎‬‬ ‫) ‪( ١‬‬ ‫‪٠ ١ ٥‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١‬مرجع‪ ١ ‎‬لسابق‪‎‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫ناصر‪‎‬‬ ‫) ‪( ٢‬‬ ‫‪.٠‬‬ ‫‪١‬‬ ‫‪١ ٤‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١‬مرجع‪ ١ ‎‬لسابق‪‎‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫مؤنس‪‎‬‬ ‫) ‪( ٣‬‬ ‫‪٢٥٦‬‬ ‫حينما أحسوا بالتحركات الأوروبية نحو بلادهم ‪ .‬ولذلك فقد عملوا على تشكيل جبهة‬ ‫إسلامية ضد تلك الأخطار ‪ .‬نلاحظ ذلك من خلال حرص اسكى محمد على لقاء الخليفة‬ ‫العباسي بالقاهرة حيث خلع عليه الخليفة لقب الخليفة الأول في السودان الغربي كما وثق‬ ‫علاقاته مع أمراء الحجاز ببا لهم من مكانة في نفوس المسلمين ‪ .‬فاشترى أرضا ومباني في‬ ‫مكة المكرمة والمدينة المنورة ليجعل منها مقرا لبعثات الحج التى سترسل من بلاده في‬ ‫المستقبل ووفر بها سبل الراحة للحجاج ‪.‬‬ ‫استحدث حكام صنغي تطورا علميا وفكريا جديد في بلادهم حينما أنشاوا جامعة‬ ‫سنكرئ ني مدينة تنبكتو ‪.‬وهى بذلكأول جامعة إسلامية في غرب إفريقية ‪.‬بل أنها‬ ‫سبقت معظم جامعات أوروبا الشهيرة ‪ .‬وكان إنشاء تلك الجامعة الإسلامية متمشيأ مع‬ ‫الحركة العلمية النشطة في بلاده وزيادة عدد المتعلمين والطلاب المتخرجين من مساجد المدن‬ ‫الكبرى ‪ .‬ووجود أعداد كبيرة من مشاهير العلماء والفقهاء في دولة ‏(‪ '١‬وقد أنفق إسكى‬ ‫محمد على تلك الجامعة أموالا طائلة ‪ .‬واعتنى بعلمائها وأوقف الرواتب والأعطيات لهم‬ ‫‪ .‬وأصبحت تلك الجامعة قبلة العلم والطلاب في السودان الغربي ‪ .‬وساعدت تلك الجامعة‬ ‫على ترسيخ الإسلام ومبادئه بين شعوب السودان وصبغ المنطقة بالصبغة الإسلامية ودمجت‬ ‫الجميع تحت مظلة الإسلام بعيدأ عن العصبيات القبلية ‪.‬‬ ‫وكانت تلك خطوة هامة نحو عمليات التعريب التى تواصل على تأديتها العلما ء‬ ‫والدعاة والتجار منذ البداية ‪ .‬فبدأت المناهج تدرس باللغة العربية في كل المعارف‬ ‫والعلوم(" وصارت العربية هى الكتابة والتدوين وا لتفاهم ‪ .‬حتى اصبحت تجارة الكتب‬ ‫من حيث البيع والنسخ تفوق مرابح تجارة الذهب ‪ .‬واصبحت المصاحف والكتب الدينية‬ ‫العربية موضع فخر بين الناس ‪ .‬وكانت ثروة الرجل تقدر بعد مالديه من الكتب العربية‬ ‫بخزائنه وعدد الخيل في مرابطه ‪.‬‬ ‫وأفاض حكام صنفي بأموالهم على العلماء والفقهاء ‪ .‬رغم مشاكلهم الداخلية‬ ‫والخارجية ‪ .‬وكان العلماء في أروقة المساجد والمعلمون في قاعات الدروس وتحت‬ ‫الشجر"' بينما كان الملوك والأمراء يتحاربون ‪ .‬وكان ملوك صنغي قد حاولوا عزل العلماء‬ ‫‏‪. ١ ٢ ٢‬‬ ‫ب ص‬ ‫‏‪ ١ ٠‬مرجع نفسه‬ ‫‏) ‪ ( ١‬مونس‬ ‫(‪ )٢‬مؤنس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ١٢٣‬‬ ‫‏(‪ )٢‬تداح ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪.٩٢‬‬ ‫‏‪ ٢٥٧‬س‬ ‫صنفي العلماء حا ملبن معهم‬ ‫مشاكلهم وحرويهم فها جر الى مدن‬ ‫لفكرية عن‬ ‫وا ليا ة‬ ‫مؤلفا تهم وفنونهم وعلومهم ‪ .‬حتى في ا لطلب وا لصيدلة وقد تخرج على ‏‪ ١‬بدى هزلا ‪ 5‬لعديد‬ ‫من العلماء من أهل صنغي «"‪.‬‬ ‫وقد ذكر أحمد بابا التنبكتى في كتابه نيل الابتهاج بتطرير الديباج“ !"" عددأ‬ ‫كبيرأ من أبناء صنغي الذين وصلوا إلى درجات علمية راقية وكانت لهم مهارة في‬ ‫عمليات الجراحة فقد كان أطباء صنغي يجرون عمليات استخراج حصى المثانة‪.‬وماء العين‬ ‫‪ .‬كما ظهر منهم مهندسون بارعون في مجال العمارة خاصة عمارة المساجد("'‪ .‬ومازالت‬ ‫اثار تلك المساجد في مدن بلاد غرب إفريقية تشهد بذلك ‪.‬‬ ‫ومثلت مساجد صنغى الكبري وجامعة سنكري قمة الهرم التعليمي بالبلاد ‪ .‬نقد‬ ‫كان على طلاب العلم القادمين من المناطق البعيدة والذين تلقوا مبادىء العلم بلهجات‬ ‫مناطقهم ‪ .‬عليهم أن يجيدوا اللغة العربية إذا أرادوا استثناف دراساتهم في المراحل العليا‬ ‫في جامعة سنكرى ‪ .‬الأمر الذي جعل بلاد السودان الفربي تصل إلى أعلى مستويات‬ ‫التعريب على يد حكام صنفي ‪ .‬ولم تصل إلى تلك المرحلة من قبل أو من بعد ‪ .‬حيث‬ ‫بدات المناهج تختلف في العصر الاستعماري فانحصرت العربية من جديد ‪ .‬وصلت‬ ‫الفرنسية عى لغة الإدارة والحكومة محل العربية ‪.‬‬ ‫وكان لتلك النهضة الفكرية آثارها في المجالات السياسية الاقتصادية والاجتماعية‪.‬‬ ‫ففي المجال السياسي ظهرت دولة صنغي بمظهر إسلامي قوى بين قوى العالم الإسلامي‬ ‫المعاصرة لها وأقاموا علاقات قوية مع الدول الإسلامية في بلاد المغرب ومصر والعراق‬ ‫والحجاز ونشطت البعثات والوفود بين صنغي ودول العالم الإسلامي الأخرى ‪ .‬وأصبحت‬ ‫غرب السودان تحس لأول مرة ينبض الحياة السياسية في العالم الإسلامي الواسع‬ ‫الأرجا۔‪١‬غ'‏‬ ‫وفي المجال الثقافي والفكري نشطت بعشات الطلاب ‪ .‬من أقاليم صنفي ‪ .‬في‬ ‫(‪ )١‬نوري ‪ .‬تاريخ الإسلام ‪ .‬ص‪.١٥٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬قام بتحقيقه ناطق صالح مطلوب ‪ .‬للحصول على درجة الماجستير من كلية الآداب ‪ .‬جامعة القاهرة‪. ‎‬‬ ‫سنة‪ )٣٢( . ١٩٧٢ ‎‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٤٧ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬مقلد ‪ .‬المر الإسلامي ‪ .‬ص‪. ١٢١٠ ‎‬‬ ‫_‬ ‫‪٢٣٢٥٨‬‬ ‫الالتحاق بالجامعات الإسلامية في مصر والمغرب وتونس والعراق ‪ .‬ووفدت أعداد كبيرة‬ ‫من العلماء من مصر ويلاد المغروب؛ وأصبحت مدن صنفي تضم جاليات كبيرة من علماء‬ ‫وفقهاء الدول الإسلامية ‪ .‬وضم رواق التكرور في الجامع الأزهر أعدادأ كبيرة من طلاب‬ ‫السودان ا لفربي زمن صنفي ‏‪ ٠‬ومكن طلابها من ا لوصول ‏‪ ١‬لى درجات متقدمة من‬ ‫التحصيل العلمي بالأزهر ‪ .‬حتى وصل أحد طلابها إلى درجة التدريس في الجامع الأزهر‬ ‫وهو الفقيه المعتز عبدالرحيم وحرص أهل صنفي على اقتناء آخر مؤلفات العقلية‬ ‫الإسلامية في بلاد المشرق ومصر وبلاد المغرب ‪ .‬وأصبحت غرب إفريقية جزء من الحركة‬ ‫العلمية في العالم الإسلامي (‪.‬‬ ‫وأصبحت الحركة العلمية في بلاد صنغي ترتوى بأضواء منارات العلم الإسلامية في‬ ‫بقية مراكز العالم الإسلامي ‪ .‬حتى أصبح من الصعب على الباحث في تلك الفترة أن يميز‬ ‫بين مستويات الفكر الإسلامي في تلك الأنحاء وغيره من مناطق العالم الإسلامي الأخرى‬ ‫في كافة مجالات العلوم والفنون الإسلامية ("'‪.‬‬ ‫وفي المجال الإجتماعي ‪ .‬تمكن الإسلام من إحداث صحوة جذرية بين شعوب وقبائل‬ ‫السودان الغربي ‪ .‬وفجر طاقات شعوبها من أجل بناء بلادهم على نظم جديدة مستندة إلى‬ ‫رسالة سماوية ‪ .‬وعمل الإسلام منذ البداية على إلغاء العصيبات والفوارق الإجتماعية‬ ‫التى ترتبط بالفكر الوثني البدائي السابق ‪ .‬وأعاد الإسلام للمرأة في المجتمع السوداني‬ ‫قيمتها وكيانها وأصلح من شأنها ‪ .‬كما بدأ الإسلام يحدد مكانة وحقوق الرقيق في‬ ‫اللجتمع الصنفي على أساس عادل ‪ .‬ويذلك انهارت كل أركان الوثنية أمام التفوق‬ ‫الإسلامي وأمام سمو فكر عقيدة الإسلام وشريعة ‪ .‬ففي الإسلام تأخذ الحقائق شكلا‬ ‫حقيقيا ملموسأ بعيد عن الغيبية التى تميز القصائد الوثنية ‪ .‬وبالتالى اخترق الإسلام‬ ‫الأذهان الإفريقية على كل المستويات الإجتماعية بسهولة مما حمل الإفريقيين على الإقبال‬ ‫عليه ‪ .‬وفسر له الكون تفسيرأ بسيطا فطريأ وأعطى لكل إنسان أهمية في تعمير هذا‬ ‫الكون حسب الدور المكلف به "" وبذلك ائتلف الإسلام مع الفطرة السودانية ودافع عن‬ ‫محرماته مثل تحريم الحمر دفاعا مقنعا ‪ .‬وأبقى تعدد الزوجات الذي كان يسود الحياة‬ ‫‪ ٢٥‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫‪ .‬الإسلام والثقافة العربية في إفريقية ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )١‬حسن محمود‬ ‫‪.٠‬‬ ‫‪١ ١ ٥‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١‬مرجع‪ ١ ‎‬لبا بق‪‎‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫مؤنس‪‎‬‬ ‫) ‪( ٢‬‬ ‫(‪ )٣‬قداح ‪ .‬حضارة الإسلام ‪ .‬ص‪ ١٠٢ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫‏‪ ٢٥٩‬س‬ ‫الإفريقية سابق ‪ .‬حسب حدود معينة ‪ .‬وضيق الإسلام على المشتغلين بتجارة الحرقي ‪.‬نما‬ ‫أعطى للعبد حقوقا ‪ .‬وفتح أبواب عديدة لتحريره (" وكانت تجربة الدعوة السنوسية احدى‬ ‫التجارب الإسلامية لذلك ‏‪'٢(١‬‬ ‫وكا نت دعوة ‏‪ ١‬لإسلام للمسا وا ة ومحا ربته ‏‪ ١‬لتمييز ا لعرتقي وا لعنصري ومسا وا ته في‬ ‫جوانب الحياة والعدالة والحكم عاملا هاما على تحمس الأفارقة له ‪ .‬بل أنهم أصبحوا‬ ‫دعاته وحماته من أجل الحفاظ عليه والدفاع عنه ‪ .‬ولا يزال الأفارقة السلمون يعتبرون‬ ‫وظل | لإسلام يكتسب‬ ‫ا لإسلام هو كيا نهم وذ أ اتهم رغم جعلهم بكثير من شرائعه ومبادئه‬ ‫‪ .‬حي ثت اةتضح رسوخ‬ ‫نظرا تلو الآخر في اإففررييقية حتى ا لعصور الحديثة بعد دخول الاستعمار‬ ‫الإسلام بين أهالى السودان الفربي رغم السياسة الثقافية القاسية التى انتهجتها‬ ‫السلطات الفرنسية ضد المسلمين ("" بل تطور الأمر إلى اعتقاد الزنجي أن الإسلام دين ‪.‬‬ ‫السود حيث وجد فيه الخلاص والأمل في الدنيا والأخرة ورغم ما في هذا الاعتقاد من‬ ‫الإفريقي وجد ني الإسلام‬ ‫جمعا ى لكن‬ ‫الإنسانية‬ ‫‏‪ ٥‬ين‬ ‫‏‪ ١‬لإسلام‬ ‫أن‬ ‫‪ .‬على أساس‬ ‫مفالطة‬ ‫‪.‬‬ ‫ويمجتمعه‬ ‫فخرا بذا ته وبأ سرته‬ ‫وكان تبني حكام صنغي فكرة إعلان الجهاد الإسلامي ثمرة من ثمرات صهر المجتمع‬ ‫الإفريقي تحت راية الإسلام للحفاظ على مكتسباته والدفاع عنه ضد أخطار القبائل‬ ‫الوثنية وكانت تلك الدعوة بمثابة رباط اجتماعي (“' صهر جميع طبقات المجتمع السوداني‬ ‫في بوتقه الإسلام ‪ .‬إلا أن قدوم الإستعمار أخيرا حاول اشعال نار العصبية من جديد من‬ ‫اجل القضاء على فكرة الجهاد الإسلامي‪.‬‬ ‫لقد كان للإسلام الفضل الأول والأخير في بناء حضارة إنسانية على أرض السافانا‬ ‫الإفريقية ‪ .‬وتدوين أخبارها بصورتها المحلية الواقعية ‪ .‬وأبعد عنها أشباح الأساطير‬ ‫والخرافات ‪ .‬فلم تعرف غرب افريقية أدب مكتوب قبل عهد صنفي (" ‪ .‬ومازالت أجزاء‬ ‫(‪ )١‬مؤنس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٢٧‎‬‬ ‫‪. ٩٥‬‬ ‫(‪ )٢‬قداح ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬طعيمة ‪ .‬صابر‪ .‬محنة الأقليات الإسلامية‪ .‬ص‪.٤٧١ . ٤٦١ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬نوري ‪ .‬تاريخ الإسلام في افريقية جنوب الصحراء ‪ .‬ص‪.)١٦( ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬قداح‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪..١١٢١ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٦.‬‬ ‫من مملكة صنغي السابقة تحرص على مكتسباتها السابقة في الأد ب والشعر ‪ .‬ويكفي ما‬ ‫وصل إليه أدباء موريتانيا والسنغال ومالي ‪ .‬حاليا‪ .‬من درجة كبيرة في النبوغ في العلوم‬ ‫والدراسات الإنسانية بفضل مكتسباتهم السابقة عن الإسلام ‪.‬‬ ‫‪٨‬‬ ‫‪٨‬‬ ‫‪٨‬‬ ‫ومع نهاية القرن العاشر الهجري‪ /‬نهاية القرن السادس عشر الميلادي ‪ .‬تعرضت‬ ‫غرب إفريقية ومملكة صنفي لأخطار خارجية أودت بها ويكافة الكيانات السياسية‬ ‫المجاورة لها في المنطقة أمام الأجتياح المراكشي لبلادهم ‪ .‬فأختفى الأمن والأستقرار‬ ‫وعادت بلاد السودان الغربي إلى التمزق من جديد وتعرضت اقاليمها إلى انتكاسات‬ ‫اتتصادية وسياسية وإجتماعية وثقافية ‪.‬‬ ‫ويحدد أستاذنا الدكتور ‪/‬حسين مؤنس أن هذه الفترة التى بدأت بالقرن الحادي‬ ‫عشر الهجري‪ /‬السابع عشر الميلادي ‪ .‬وكانت نهاية للدول الإسلامية الكبرى في المشرق‬ ‫الإسلامي وفى الغرب (" ففي الشرق استغل نادر شاه قواته الكبيرة العدد والجيدة في‬ ‫التسليح لتجتاح مدن الهند الإسلامية وتخريب دلهي ‏‪٠‬لينتهى بذلك مجد الإسلام في‬ ‫الهند ("" وتبدأ الهند مرحلة جديدة مع الإستعمار البريطاني ("" كما التفت نادر شاه غربا‬ ‫إلى العراق ‪ .‬ودخل في صراع مرير مع العثمانيين‪ .‬انتهى هذا الصراع باختفاء قوة‬ ‫المماليك بعد أن قدمت خدمات مجيدة للإسلام أمام المغول والصليبين ‪ .‬وأخيرا في الغرب‬ ‫صرب السعديون فوهات بناد قهم الحديثة في صدور مسلمي غرب السودان وتحملت‬ ‫ا‪ .‬واختفى أمامهم مجد‬ ‫جيوشهم قساوة الصحراء من أجل أحمال الذهب والعاج‬ ‫الإسلام في غرب السودان ‪ .‬وهكذا اصبح المسلمون باسهم بينهم شديد ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الإسلام الفاتع ‪ .‬ص‪.١١٦١ ‎‬‬ ‫‏‪ ٣٩٢‬ومابعدها ‪ .‬المزبة الجامعية للدراسات‬ ‫‏(‪ )٢‬النمر ‪ .‬عبدالمنعم‪ .‬تاريخ الإسلام في الهند ‪ .‬ص‬ ‫والنشر ‪ .‬بيروت ‪ .‬‏‪.١٩٨١‬‬ ‫‏‪ ٤٣٨‬ومابعدها ‪ .‬جامعة‬ ‫‏(‪ )٣‬الساداتي ‪.‬أحمد محمود ‪ .‬تاريخ المسلمين في شبه القارة الهندية ‪ .‬ص‬ ‫القاهرة ‪.‬الطبعة الثالثة ‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬لقب السلطان أحمد المنصور السعدي بالذهبي لوفرة كميات الذهب التى حملت إليه من صنفي‪. ‎‬‬ ‫‪_ ٢٦١‬‬ ‫لقد كانت للحملة المغربية آثارها السلبية على مملكة صنغي وأوضاع المسلمين بها‬ ‫من النواحي التالية ‪:‬‬ ‫‏(‪ )١‬أنها شغلت حكام صنغي والمسلمين هناك عن حالة الجهاد الإسلامي ضد‬ ‫الجماعات الوثنية وأعداء الإسلام بالمنطقة حيث أصبحت عملية المواجهة مع‬ ‫الجيش المراكشي هى شغل صنغي الشاغل ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬عادات الفوضى السياسية تدب في أنحاء غرب إفريقية بين شعوب المنطقة‬ ‫التى بدأت تتألف حول الإسلام ‪ .‬فعادات إلى التمزق من جديد ‪ .‬وخاصة أن‬ ‫معظمها كان حديث العهد بالإسلام ‪ .‬وضاعت جهود حكام صنغي في توحيد‬ ‫تلك المناطق والقبائل ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬أصبحت مناطق الواحات الشمالية ومراكز التجارية تحت رحمة جماعات‬ ‫الطوارق ‪ .‬وأصبحت تلك المنطقة منفصلة عن جسم مملكة صنفي ‪ .‬فانقطعت‬ ‫قوافل التجارة وتدهورت حوال البلاد الإقتصادية ‪.‬‬ ‫وبالرغم من نجاح حملة السعديين عسكريا على صنغى سنة ‪٥٩٩١‬ام‏ ‪ .‬إلا أن‬ ‫السعديين أدركوا صعوية سيطرتهم على مناجم ذهب السودان التى تقع في الجنوب ‪.‬‬ ‫وكانت عملية السيطرة عليها تحتاج إلى جهود كبيرة ‪ .‬فتدهورت العلاقة بين سلطان‬ ‫مراكش وقوائده جودر باشا فعين محله محمود زرجون ‪ .‬ثم عزل القائد الجديد اا" وسادت‬ ‫حالة من عدم الإنضباط بين جند المراكشيين حتى أن الجند نزلوا إلى المدن والقري واندمجوا‬ ‫مع سكان صنغي وأتجهوا للعمل في مجالات أخرى ‪ .‬وتطور الأمر إلى استغلال ولاة غرب‬ ‫السودان عن حكومة السعديين سنة ‪ .‬‏‪ .١٦٢‬وأصبح هؤلاء الولاة لعبة في أيدى الجند ‪.‬‬ ‫وأصبح هؤلاء جميعا شغلهم الأول والأخير الذهب والمال فعاثوا في أقاليم صنفي فسادا‬ ‫ونهبوا البلاد والتجارات وسادت حالة من الفوضى في غرب السودان بحيث تولى ‏‪١٤٩‬‬ ‫واليأ في الفترة من سنة ‏‪ ٠‬‏م‪ ٢٦١‬حتى سنة ‏‪ ٠‬‏م‪١‬ا‪ ٥٧‬حتى اقتصرت ولاية بعضهم على بضع‬ ‫‏‪.'"١‬‬ ‫ساعات واضطربت أحوال البلاد‬ ‫‏(‪ )١‬ولى مكانه قائد يسمى منصور ‪ .‬وأمر السلطان القائد الجديد بالقبض على زرجون وفتله أو أرساله‬ ‫قلبلاً بالحديد مع نفر كبير من فقهاء تنبكتو لأنه اتهم بخيانته ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬نوري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص (۔‪.)١٦١‬‏‬ ‫‪- ٢٦٢‬‬ ‫وظهرت طبقة اجتماعية جديدة وليدة عن هذا الغزو وهى طبقة أرماى أو الأرما‬ ‫فتجهت عن اختلاط جند الحملة المراكشية مع أهالى السودان ‪ .‬وهى تحريف لكلمة الرماة‬ ‫لأن جند الحملة كانوا يجيدون الرمى بالسهام والبنادق ‪ .‬وقد أصبحت تلك الطبقة‬ ‫ارستقراطية جديدة في غرب السودان ‪ .‬وتدنت طبقات الماندنجو والصنفي في بلادهم ‪.‬‬ ‫بعد مشوار طويل مع الكفاح الإسلامي ‪ .‬وهيأت تلك الوضاع الظروف المناسبة للمد‬ ‫الأوروبي في المنطقة بخطى ثابتة وقوية في ظل غياب النظام والأمن ‪.‬‬ ‫٭‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫تشغل دولة النيجر (" حاليا معظم أقاليم صنغي ‪ .‬وتعرضت للغزو منذ القرن‬ ‫التاسع عشر ‪ .‬وفى سنة ‪١٨٩٠‬م‏ ثم عقد اتفاقية بين بريطانيا وفرنسا بشأن تحديد الحدود‬ ‫بين النيجر ونيجريا‪ .‬وبعد ذلك أصبحت المنطقة خاضعة لفرنسا بصورة عامة حتى سنة‬ ‫‏‪ .٢‬ويدأ الفرنسيون يوجهون جهودهم منذ البداية لمقاومة الروح الإسلامية في المنطقة‬ ‫واستقدمت العديد من بعثات التنصير إلى البلاد لمساندة جهودهم العسكرية والسياسية ‪.‬‬ ‫‏‪ / ١‬فقط من الجماعات‬ ‫ورغم ذلك فلم تتعدى نسبة المسيحية بين جماعات النيجر عن‬ ‫الوثنية أصلا ‪.‬‬ ‫استقلت النيجر عن فرنسا سن ‪١٩٦ .‬م‏ ‪ .‬ويشكل المسلمون أكثر من ‏‪ ٩١‬من‬ ‫السكان ومازالت الوثنية منتشرة ببن ‏‪ ٨‬من السكان ‏‪ .'"١‬وتحاول الدولة بعث الحياة‬ ‫الإسلامية من جديد بعد سنوات الطمث السابقة ‪ .‬ومن مظاهر ذلك الاتصال بالمراكز‬ ‫والهيئات والمنظمات الإسلامية‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬دولة داخلية في غرب افريقية تطل على بحيرة تشاد الداخية ‪ .‬مساحتها ‪١.٢٦٧ ....‬كم‪٢‬‏ يشكل‬ ‫الصنفي أهم عناصرها العرفية ثم جماعات الهوسا في الشرق ‪ .‬وللصنفي عاصمة هي نيامي وللهوسا‬ ‫عاصمة في زندر‪.‬‬ ‫‪ -‬فتحي عيانة ‪ .‬الجغرافية الإقليمية ‪ .‬ص ‏‪. ٤٥٣‬‬ ‫(‪ )٢‬عادل يونس ‪ .‬العالم الإسلامي ‪ .‬ص‪.١٨١ .٧٨ ‎‬‬ ‫_ ‪_ ٢٦٢‬‬ ‫( والتكرور ‪:‬‬ ‫رابع ‪ :‬البامبارة‬ ‫(محاولات بعث وسط ركام الممالك الإسلامية)‬ ‫يعد الضربات التى حلت بمملكة مالي ومملكة صنفي ‪ .‬نهض فريق من الماندنجو في‬ ‫القرن السابع عشر محاولا إحياء مجد الماندنجو من جديد ‪ .‬بعد ماحل بحكام صنغفي‬ ‫وشعبها ‪ .‬وبعد انهيار امبراطورية مالي ‪ .‬وكان هذا الفرع يسمى البامبارة اا" وكانت‬ ‫جماعات البامبارة قد انتشرت في وديان نهر النيجر وفروعه العليا منذ القرن الثالث عشر‬ ‫البلادي ضمن مملكة مالي ‪ .‬وبعد هزائم مالي أمام صنفي تمكن البامبارة من الاستقلال‬ ‫بشئونهم وكونوا إمارة صغيرة حول سيجو ‪ .‬وهى الإمارة التى انطلقت منها امبراطورية‬ ‫البامبارة القوية بعد ذلك ‪".‬‬ ‫وبعد انهيار سلطان مالي وصنغفي أصبحت القوى السياسية في غرب السودان‬ ‫في قوتين هما ‪:‬‬ ‫تنحصر‬ ‫‪ - ١‬التكرور في الغرب في حوض السنغال‪. ‎‬‬ ‫‪ - ٢‬البامبارة في الوسط على فروع النيجر العليا‪. ‎‬‬ ‫وبجوار البامبارة وجدت جماعات الفولاني والهوسا لكن البامبارة أصبحت أهم تلك‬ ‫""‪ .‬لدعم جذورهم ‪ .‬وذلك في مرحلة‬ ‫القوى ‪ .‬ويد البامبارة يحيطون أنفسهم بالأساطير‬ ‫تأسيس إمارة سيجو ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬البامبارة من شعوب الماندنحيو ‪ .‬خضعوا لسلاطين مالي وعملوا تحت لوانهم ‪ .‬ثم صنفي ‪ .‬وفي زمن‬ ‫الفزوة المراكشية استقلوا عن باشوات تنبكتو المراكشيين ‪ .‬وفي القرن السابع عشر ظهرت قوتهم‬ ‫واندفعوا وسط القراع السياسي في غرب السودان إلى التوسع ‪ .‬واضطر حكام تنبكتو إلى دفع الجزية‬ ‫لهم ‪.‬‬ ‫‪ -‬حسن محمود ‪ .‬الإسلام والثقافة العربية ‪ .‬ص ‏‪. ٢٥٩‬‬ ‫‏(‪ )٢‬هناك أسطورة محلية عن أصل البامبارة تقول أنه كان للبامبارة أخوين هما‬ ‫‪:‬برمانحجولو ‪ .‬ونيانجولا ‪ .‬هربا أمام الأعداء ‪ .‬وقفزا في أحد الأنهار حيث أنقذتهما سمكة إلى الشاطى‪.‬‬ ‫الأخر ‪ .‬فلقب الأخوين باسم كولوبالى أى الناجون ‪.‬‬ ‫‏‪. ١٧٢‬‬ ‫‪ -‬طرخان ‪ .‬دولة مالي ‪ .‬ص‬ ‫‪_ ٢٦٤‬‬ ‫وبعد تخلص البامبارة من سلطة باشوات مراكش ‪ -‬بدأوا يتطلعون في السيطرة على‬ ‫المناطق المجاورة لهم ‪ .‬كما أخضعوا طبقة الأرما الأرستقراطية لهم ‪ .‬التى كانت تحتل قمة‬ ‫الهرم الأجتماعي بعد زوال صنفي ‪ .‬وفي سنة ‪١٦٧٠‬م‏ بدأت جيوش البامبارة تكتسح‬ ‫وديان النيجر وتخضع بقية شعوب الماندنجو لها ‪ .‬واتجهت البامبارة شمالأ لتخضع‬ ‫إمارات غرب السودان حتى حدود الصحراء ‪ .‬كما أخضعت أقاليم الجنوب حتى الغابات‬ ‫‏‪(١١‬‬ ‫الإستوائية }‬ ‫اشتهر أمر مملكة البامبارة ‪ .‬وأصبحت أهم العوامل المؤثرة في أحداث غرب افريقية‬ ‫‏‪ ٠‬حيث لجأ إليها على بن حيدر خوفا من حاكم مراكش ‪ .‬لكنها سقطت سريعا سنة‬ ‫‪٨٦١‬م‏ على يد الحاج عمر أ"" ورجاله من التكرور بعد أن شكل جماعة مسلحة لتطبيق‬ ‫فكره الإسلامي كخليفة للطريقة التيجانية ‪ .‬فتمكن برجاله من هزيمة البامبارة ودخول‬ ‫عاصمتهم ‪.‬‬ ‫ويعد ذلك أتجه الماندنجو إلى الزعامات الصوفية فظهر من بينهم شخصية هامة في‬ ‫هذا المجال هو ساموري الطورى الذى تمكن من ملا الفراغ السياسي في المنطقة لفترة طويلة‬ ‫وعرقل التقدم الأوروبي للمنطقة ‪'" .‬‬ ‫وكان المسا ("' أبوبكر أشهر حكام البامبارة ‪ .‬ذلك أنه تمكن من توسيع حدودهم‬ ‫لتضم اقليم كنجوى وياكونو ‪ .‬وكان اخر ملوكهم هو المساكانديان ‪.‬‬ ‫ويعتبر سامورى الطوري آخر صوت للإسلام يرتفع ضد ا لاستعما ر الفرنسي إذ تمكن‬ ‫الفرنسيون من بعده من بسط سيطرتهم على غرب إفريقية (ث" ‪ .‬ويدأت مرحلة جديدة من‬ ‫‏(‪) ١‬كان للبامبارة فرعان فرع في منطقة كاآرتا شمال نهر باخوي ‪ .‬أحد فروع نهر النيجر ‪ .‬والثاني في‬ ‫سيجو ‪ .‬وكان التفوق للفرع الأخير ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬سبق الحديث عن حركته‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬سبق الحديث عن حركته‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬مسا ‪ :‬بمعنى ملك أو سلطان‪. ‎‬‬ ‫‏(‪ )٥‬كانت دولة غينيا هى آخر معاقل المقاومة ضد الفرنسيين ‪ .‬بسبب دورها النشط في مساندة الحركات‬ ‫الإسلامية ‪ .‬كما كانت أول دولة في المنطقه نحصل على إستقلالها من فرنسا سنة ‪٩٥٨‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪- ٣٦٥‬۔‬ ‫‏‪-‬‬ ‫محاولات الاستعمار الغربي لتشويه التجربة الإسلامية الطويلة في المنطقة وسلغ دول‬ ‫المنطقة عن حضارتها الإسلامية ‪ .‬ومازالت دول غرب السودان تعاني من تلك السياسة في‬ ‫مرحلة مابعد الاستقلال ‪ .‬لما قامت الهيئات الأوروبية من إبعاد المسلمين هناك عن هويتهم‬ ‫القومية وتحجربتهم الإسلامية ‪.‬‬ ‫‪- ٣٦٦ -‬‬ ‫(‪(٤‬‬ ‫أهم مراكز الحضارة ازا‪ .‬سا! مة‪‎‬‬ ‫كي السودان الغربي‪‎‬‬ ‫مزدهرة أدت‬ ‫على أرض السود ان الغربي في العصر الإسلامي مراكز حضارية‬ ‫ظهرت‬ ‫دورها الهام في خدمة المنطقة ‪.‬وكان لكل مركز ظروفه وأوضاعه وأهميته ودوره الخاص‬ ‫ومن أهم تلك المراكز مايلي ‪( :‬حسب الترتيب الأبجدي)‬ ‫۔‪( ‎‬‬ ‫) ‪ 1‬ود ‪.-‬‬ ‫‪(١(.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫" أ ود غست‬ ‫تعد مدينة أودغست مثالا واضحا للمراكز الإسلامية التى ظهرت وتطورت على‬ ‫طرق التجارة والتبادل بين شمال إفريقية وغرب السودان عبر الصحرا ء الإفريقية الكبرى‬ ‫فكان ظهورها مرتبطا بالنشاط التجاري وحركة القوافل على تلك الطرق ‪ .‬كما كان‬ ‫تدهورها مرتبطا بفقد تلك الطرق أهميتها أو تحولها لأسباب سياسية وأمنية ‪.‬‬ ‫فقد كان ظهور مراكزحضارية في إفريقية الشمالية مشل تاهرت وسجلماسة ومن‬ ‫قبلها القيروان بداية لانتتعاش اقتصادي كبير لمنطقة الشمال وكان من أسباب هذا‬ ‫الانتعاش ارتبط تلك المراكز بتجارة بلاد السودان جنوب الصحراء واستغلت تاهرت‬ ‫وسجلماسة موقعها على الطرق التجارة المتجهة إلى بلاد السودان لتحقق تفوقا اقتصاديا‬ ‫ملموسا لفترة طويلة وأصبحت مراكز الشمال تعج بحركة القوافل التجارية المترددة على‬ ‫بلاد السودان لحمل سلعها الهامة من الذهب والرقيق والجلود والعاج "" ‪.‬‬ ‫وكان لابد من إنشاء مراكز على طرق الصحراء الطويلة والشاقة يتمكن فيها التجار‬ ‫ومشقة ا لطرق‪.‬‬ ‫طول‬ ‫با لماء وا لطعا م وا لاسترا حة من‬ ‫وا لمسا فرون من استبدا ل ‏‪ ١‬وا بهم وا لتزود‬ ‫وكانت أودغست "" من تلك المراكز التى أصبحتتمثل رأس مثلث تجارى قاعدته في‬ ‫(‪ )١‬تقع اليوم في جمهورية موريتانيا ‪ .‬وا كتشف اطلالها سنة ‪١٩٣٩‬م الباحث الأثرى لافورج‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ياقوت الحموي ‪ .‬معجم البلدان ‪ .‬ج‪١‬ا ‪ .‬ص‪ ٢٧٢٧ ‎‬ومباعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬ابن حرقل ‪ .‬صورة الأرض ‪ .‬ص‪. ٩٨ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٦٧‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ (١‬ويتجه نحو ا لسودا ن وأود غغست‬ ‫‏‪ ١‬لأقصى‬ ‫لسوس‬ ‫عند سجلما سة وبلاد‬ ‫ا لشمال‬ ‫ومهما يكن أمر فإن المدينة كانت قائمة قبل العصر الإسلامي ‪ .‬إلا أن ازدهارها‬ ‫ونموها الكبير وشهرتها في المنطقة ترجع إلى العصر الإسلامي إذ أصبحت مركز التبادل‬ ‫الأساسي بين بضاعة الشمال الأساسية المتجهة صوب السودان وهى الملح ‪ .‬بضاعة‬ ‫السودان الأساسية المتجهة إلى الشمال و‪ +‬الذهب‪.‬وحققت المدينة ثروتها الضخمة لفترة‬ ‫طويلة من وساطتهابين تلك السلعتين لفترة طويلة وأصبحت المدينة نقطة إلتقاء قوانل‬ ‫وارجلان وتاهرت وسجلماسة المتجهة إلى خط السافانا في الجنوب ‪ .‬حيث كانت تبعد عن‬ ‫سجلماسة حوالى ‏(‪ )٥١‬مرحلة وعن القيروان حوالى ‏(‪ )١١٠‬مرحلة "'‪.‬‬ ‫وقد أدت أهمية الإرتباط بأودغست وتجارة الذهب من السودان عبر أودغست إلى‬ ‫حدوث تقارب بين قوى الشمال الإفريقي رغم الإختلافات المذهبية والسياسية ‪ .‬من أجل‬ ‫مراعاة المصالح التجارية وقعت علاقة مصاهرة بين الرستميين في تاهرت والصفرية في‬ ‫سجلماسة ‪ .‬حيث تزوجت أروى بنت عبدالرحمن بن رستم من مدرار بن اليسع ا"' ‪ .‬وكانت‬ ‫تلك المصاهرة تحمل في طياتها محاولة الأسرتين الحفاظ على مداخل الطرق التجارية من‬ ‫الشمال مع أودغست حيث سلع بلاد السودان الهامة‪ '".‬حيث تعتبر أودغست المدخل‬ ‫الأساسي لتجارة السودان ‪ .‬وكان أهلها أيسر أهل الأرض ‪!© .‬‬ ‫كانت المدينة تقوم في وادبين جيلين ‪ .‬أى أنها تشبه من حيث تضاريسها مكة‬ ‫المكرمة ‏‪ "١‬وقد تمكن أهلها من تنظيم أمور الرى لأراضيهم من خلال التحكم في مجرى‬ ‫‏(‪ )١‬التيجاني ‪ .‬المغرب الإسلامي ‪ .‬ص ‏‪. ١٩١٥ . ١٩٤‬‬ ‫‪ -‬بكير ‪ .‬الدولة الرستمية ‪ .‬ص ‏‪. ٢٠٩‬‬ ‫‪ -‬لومبارد ‪ .‬الجغرافية التاريخية ‪ .‬ص ‏‪. ٢٥٨‬‬ ‫‏(‪ )!٢‬تختلف مسافة المرحلة من منطقة لاخرى حسب التضاريس وظروف الطقس والمناخ والعوامل الأخرى‬ ‫التى تساعد تسهيل أو صعوبة حركة القوافل ‪.‬‬ ‫‏‪.٢٦٨‬‬ ‫‏(‪ )٣‬ابن خلدون ‪ .‬الصبر ‪ .‬ج‪٦‬‏ ‪ .‬ص‬ ‫‏(‪ )٤‬الجنحاني ‪ .‬المغرب الإسلامي ‪ .‬ص ‏‪. ١١٥‬‬ ‫‏(‪ )٥‬البكري ‪ .‬المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب ‪ .‬‏‪. ١٥٨‬‬ ‫‏(‪ )٦‬ياقوت الحموي ‪ .‬معجم البلدان ‪ .‬ج‪.!٢‬‏ ص ‏‪. ١٢٥‬‬ ‫‪_ ٢٦٨‬‬ ‫الوادي ‪ .‬وبذلك أصبحت المنطقة تمتلك إمكانيات هامة تكفى أي زيادة في كشافة سكان‬ ‫المدينة ‪ .‬حتى أنها كانت تكتفى ذاتيا من السلع الغذائية والخضروات وغيرها‪ .‬وأصبحت‬ ‫المدينة أشبه بواحة في الصحراء ‪ .‬ففيها النخيل والبساتين والآبار العذبة ‏(‪.'١‬‬ ‫كان للتجار دور هام في تحول المدينة وأهلها إلى الإسلام منذ القرن الثاني الهجري ‪.‬‬ ‫بحيث اشارت كتابات الجغرافيين والمؤرخين والرحالة إلى وجود مظاهر عديدة للحياة‬ ‫الإسلامية بها منذ البداية من مساجد عديدة ومسجد جامع وأنها آهلة بالمعلمين للقرآن ‪.‬‬ ‫وبها عدد من العلماء والفقها ء ‪.‬الأمر الذى يدل على تحول أهلها إلى الإسلام منذ القرن‬ ‫الثاني الهجرى ‪ /‬الثامن الميلادي ‪.‬وقد وفدت للاستقرار في المدينة عناصر عديدة من‬ ‫الزنوج والبربر والعرب وسائر الأمصار ‪.‬‬ ‫ومنذ القرن الثاني الهجري حدث تطور ديموغرافي وعمراني في المدينة ‪ .‬فإزدهرت‬ ‫أسواق المدينة وأستمر هذا الأزدهار حتى القرن الخامس الهجرى ‪ /‬الحادث عشر الميلادي ‪.‬‬ ‫‏‪ / ٥٤٤٦‬‏م‪. ٤٥٠١‬‬ ‫حينما فتحت عنوة على يد عبدالله ياسين مؤسس دولة المرابطين سنة‬ ‫إذ ترتب على ذلك أن أصبحت أوغست مركزأ ثانويا لتجارة بلاد السودان بعد تحول الطرق‬ ‫التجارية عنها بعد أن كانت مركزا لقبيلة صنهاجة القوية وعاصمة لزناته ‪ .‬إحدى بطون‬ ‫صنهاجة ‪ .‬وتمكنت أن تبلغ قمة ازدهارها على يد تين بروتان بن ويستوب نزار الصنهاجى‬ ‫الذي دان له أكثر من عشرين ملكأ من ملوك السودان ‏(‪. '٨‬‬ ‫ورغم تأثير غزو المرابطين للمدينة ‪ .‬إلا أن هناك عوامل أخرى أدت إلى تدهورها‬ ‫منذ القرن الخامس الهجري ‪ .‬منها ما يلي ‪:‬‬ ‫‏(‪ )١‬تدهور أوضاع دول بلاد المغرب والتى ارتبطت في تموها ومكا نتها بعلاقاتها‬ ‫التجارية مع بلاد السودان ‪.‬ومن أهم تلكالدول الرسستتممييين في تاهرت‬ ‫والصفرية في سلجماسة وكانت تلك الدولة تمثل منفذا لتجارة أودغست‬ ‫ومخرجأ لصادراتها "' ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬ابو حوقل ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪ )٢( .٦٢ ‎‬البكرى المصدر السابق ‪ .‬ص‪.١٦٤‎‬‬ ‫(‪ )٣‬ياقوت الحموي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪ .٢٧٨ ‎‬بكير ‪ .‬الدولة الرستمية ‪ .‬ص‪ ٢٠٥ ‎‬ومابعدها‪‎‬‬ ‫‪-‬اسماعيل ‪ .‬محمود ‪ .‬الخوارج ‪ .‬ص‪ ١٧٧ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫‪_ ٢٣٦٩‬‬ ‫‏(‪ )٢‬تغير الطرق التجارية الصحراوية إلى طرق أخرى بديلة عبر واحات الصحراء‬ ‫الليبية إلى واحات كوار ‪ .‬أو إلى مركز تادمكة (' بالنسبة إلى بلاد الغرب‬ ‫الأوسط وإلى طريق نول لطة على ساحل المحيط الأصلسي بالنسبة لبلاد‬ ‫الغرب الأقصى ‪ .‬كما أن أودغست أصبحت بعيدة عن مراكز الحكم والسياسة‬ ‫في زمن مالي وصنغى \ بينما قريبة من مدينة كومبي صالح ‪ .‬زمن‬ ‫امبراطورية غانة ‪:‬‬ ‫كانت القوافل التجارية القادمة من الشمال إلى بلاد السودان عبر أودغست تحمل‬ ‫المواد الغذائية خاصة منذ القرن الثالث الهجري حينما زاد عدد سكان المدينة ‪ .‬والنسوجات‬ ‫والنحاس المصنوع والخرز والزجاج بالأضافة إلى الملح ("" وتعدد القوافل من أودغست‬ ‫محملة بالذهب والرقيق ‪ .‬حتى ضرب المثل بذهب أودغست في تلك الفترة في أنه اجود‬ ‫ذهب أهل الأرض وأصحه ("' كما كانت بعض القوافل تستأنف الرحلة منها إلى غانة في‬ ‫الجنوب أو إلى بلاد التكرور في الغرب ‪ .‬كما اشتهرت مدينة أودغست بتصدير الصمغ‬ ‫خاصة إلى الإندلس ‪ .‬كما كان الملح يستخرج بالقرب منها ليباع في بلاد السودان ‪ .‬كما‬ ‫اشتهرت بتصدير العنبر القادم إلى أسواقها من ساحل المحيط ‪.‬‬ ‫وهكذا قامت أودغست بدور كبير في مجال الحركة التجارية والعلاقات الدولية بين‬ ‫منطقة شمال افريقية وحوض البحر المتوسط من جهة الشمال ويين غرب السودان من جهة‬ ‫الجنوب وساعدها على أداء دورها موقعها الاستراتيجي للطرق البرية الصحراوية القادمة‬ ‫من المغرب خاصة من سجلماسة و وليلى بالمغرب الأقصى (‪ .‬وكذلك قربها من غانة في‬ ‫الجنوب وأصبحت منذ القرن الثاني الهجري مركزا متقدما للاشعاع الحضاري الإسلامي‬ ‫إلى داخل غرب السودان فعمرت المدينة بالمساجد والجوامع والكتاتيب والمدارس وأصبحت‬ ‫قبلة للعديد من العلماء والفقهاء الذين قدموا إليها من شمال إفريقية والأندلس ‪" .‬‬ ‫‏(‪ )١‬تعتبر أنشط مراكز التجارة الصحراوية المنافسة لطريق أودغست بسبب قربها من وارجلان من الشمال‬ ‫وقربها من الجنوب من حوض النيجر ‪.‬‬ ‫(‪ )!٢‬الجنحاني ‪ .‬المغرب الإسلامي ‪ .‬ص‪. ٢٠٩ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬البكري ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ١٥٩١ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬ناصر ‪ .‬دور الأباضية ‪ .‬ص‪.٢٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬مقلد ‪ .‬المد الإسلامي ‪ .‬ص‪.١٢٢ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٧.‬‬ ‫ويرجع إلى تلك المدينة الفضل في ترسيخ عمليات التحول إلى الإسلام بين أهل غانة‬ ‫منذ البداية ‪ .‬إذ كانت تضم عددأ من الرعاة كان لهم دورهم في هذا المجال ‪ .‬ولكن تغير‬ ‫الظروف في المنطقة والصراع الذي دار بين المرابطين ودولة غانة عليها ‪ .‬ثم دخول المرابطين‬ ‫المدينة غير من أهميتها وقلل من دورها الهام في غرب افريقية (‪ .‬لتعود من جديد‬ ‫مركزا متواضعا كما كانت ‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ثا نيا ‪ :‬تذتهنبكتمه‬ ‫مدينة تقع على ضفاف نهر النيجر الأعلى ‪ .‬ظهرت منذ القرن الخامس الهجري‬ ‫كمحة تجارية هامة بين بلاد السودان وبين الشمال الإفريقي ‪ .‬خاصة زمن دولة صنفي حيث‬ ‫جعل منها السلطان كنكن موسى أعظم مدن السودان الغربي ("' وتعد أهم مدن السودان‬ ‫استمرارية في الأزدهار الاقتصادي والعمراني ‪ .‬بحيث بلغت قمة مجدها الفكري‬ ‫والتجاري في القرن السادس عشر الميلادي ‪ .‬ومازالت قصورها ومساجدها الباقية تدل‬ ‫على عظمة دورها في غرب السودان ‏‪'٢١.‬‬ ‫ويبدو أن تدهور الأوضاع الأمنية أودغست وغانة منذ ظهور دولة المرابطين وظهور‬ ‫الصراع بينها وبين ملوك غانة قد أدت تلك الأوضاع إلى نمو تتبكتو كمركز للتجار‬ ‫المسلمين في المنطقة ‪ .‬فبدأت المدينة تنمو بفضل وفود أعداد كبيرة من التجار إليها كما‬ ‫وفد إليها أعداد كبيرة من العلماء والدعاة ‪ .‬وأخذت المدينة تتبوأ مكانتها كأهم مراكز‬ ‫الحضارة الإسلامية في غرب إفريقية بفضل تشجيع ملوك مالى وغنفي رعايتهم لنهضتها‬ ‫فأقاموا بها العديد من المساجد والقصور ‪(.‬ؤ'‬ ‫كان ظهور تنبكتو منذ البداية امتداد للتخطيط الإسلامي للمدن فهى عبارة عن‬ ‫عدة أحيا ء‪ .‬لكل هى مسجد جامع وعدد من المساجد ويستقر في كل حي تجار بلد معين‬ ‫‪ .‬كما ظهرت فيها أحياء الحرفيين ودكاكين وحوانيت الصيادلة والحدادين ومختلف‬ ‫‏‪. ٢٠٣‬‬ ‫() الجنحاني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫(‪ )٢‬الزياتي ‪ .‬وصف إفريقية ‪ .‬ص‪. ٥٤٢ - ٥٣٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬السعدي ‪ .‬تاريخ السودان ‪ .‬ص‪.٢٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬الزياتي ‪ .‬المرجع السابق‪. ‎‬‬ ‫‪_ ٢٧١‬‬ ‫الصناعات ‪ .‬حتى أصبح للمدينة مينا ها الخاص على نهر النيجر لملاحقة عملية التصدير‬ ‫والإستيراد إلى بقية بلاد السودان ‪.‬وكان هذا الميناء هو ميناء كابيارا اا" حيث أصبحت‬ ‫المدينة القلب التجاري لمملكة مالي وغرب السودان في القرنين الرابع عشر والخامس ‏‪(٢١‬‬ ‫وبسبب هذا الازدهار الذي عم المدينة وسكانها تكالبت عليها القوى المجاورة ‪.‬فقد‬ ‫أصبحت فترة محل صراع بين ملوكمالى وصنفى ح‏‪٠‬تى قام السلطانكنكن موسى‬ ‫بتشييد قصر حكمه بها سنة ‪١٣٢٩‬م‏ أ"" كما أصبحت هدفا للفزو من قبل جماعات‬ ‫الطوارق في الشمال ‪ .‬وجماعات الموشى من الجنوب ‏‪ ٠‬حتى أنها خربت عدة مرات من قبل‬ ‫قبائل الموشي الوثنية ‪.‬‬ ‫ازدهرت المدينة بصورة واضحة تحت سلطان حكام صنغي ‪ .‬حيث ركزوا اهتماماتهم‬ ‫بعمارتها ونهضتها ‪ .‬وساعد عاملإلأمن والاستقرار الذي ساد دولة صنفي في البداية على‬ ‫توافد أعدد كبيرة من العلماء للأستقرار بها‪ .‬وأنشأت بها المكتبات الضخمة التى حرص‬ ‫على تجهيزها العلماء والفقهاء ‪ .‬وأصبحت المدينة أهم مركز لنشر الإسلام في غرب‬ ‫السودان قاطبة حتى العصور الحديثة ‪ .‬وازدهرت فيها حركة نسخ الكتب العربية وبيعها ‪.‬‬ ‫بحيث نافست تجارة الكتب في العائد تجارة الذهب ("" وكان لبعض علمائها مكتبات‬ ‫تحتوي على أكثر من ستة آلاف كتاب مثل أحمد بابا التنبكتي ‪ .‬كما أنشأت فيها‬ ‫مكتبات من قبل حكام صنغفي لخدمتحركة العلم والثقافة بها ‪ .‬حتى أصبحت المدينة ثقانية‬ ‫على المستوي العالي تتبابع الحركة العلمية في القاهرة والقيروان وفاس وغيرها من المراكز‬ ‫الإسلامية المعاصرة لها ‏(‪.'٨‬‬ ‫وخرجت المدينة أعداد كبيرة من العلما ء لايقلون في مستواهم واستعدادهم ومكانتهم‬ ‫عن إخوانهم في المغرب أو المشرق ‪ .‬وعرفوا بالإخلاص الشديد والحرص على العلم‬ ‫والتعليم واقتنوا المكتبات ‏(‪ .'١‬وأنفس الكتب ووتفوها على المتعلمين ‪ .‬فأصبحت تنبكتو‬ ‫أهم سوق للكتب في بلاد السودان تنسخ فيها الكتب وتوزع على البلاد المجاورة "'‬ ‫(‪ )١‬مقلد ‪ .‬المد الإسلامي ‪ .‬ص‪ )٢( .١٣٩ ‎‬مقلد‪ .‬المرجع السابق‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬نوري ‪ .‬تاريخ الإسلام في إفريقية جنوب الصحراء ‪ .‬ص‪. ١٠٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬السعدي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٤٦ .٣٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬حسن محمود ‪ .‬الإسلام والثقافة العربية ‪ .‬ص‪ ٢٤٥ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫‪. ٢٤٦‬‬ ‫‪ .‬المرجع السابق ‪.‬ص‪‎‬‬ ‫)( حسن محمود‬ ‫‪. ١٤٠‬‬ ‫(‪ )٦‬مقلد ‪ .‬المد الإسلامي ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪_ ٢٧٢‬‬ ‫ووصل علماء تنبكتو وغرب السودان في تلك الفترة مكانة علمية هامة فقد روي أن فقيها‬ ‫اسمه عبدالرحمن التميمي جاء من الحجاز إلى تنبكتو بصحبة السلطان كنكن موسى فأقام‬ ‫الفقيه الحجازي زمنأ فى تنبكتو ولما رأى رجالها يتفوقون عليه غادرها إلى فاس (" ‪.‬‬ ‫كما اتجه العديد من أبناء تنبكتو للدراسة في الأزهر والزيتونة والقرويين وحتى فى بغداد‬ ‫والأندلس وغيرها من المؤسسات الثقافية الإسلامية ‪.‬‬ ‫توجهت مكانة المدينة الثقافية بإنشاء أول جامعة إسلامية بها في غرب إفريقية‬ ‫وهى جامعة سانكري ("' التى أصبحت منارة إسلامية هامة على خط السافانا وحدود‬ ‫الغابات الإستوائية فقد أتخذ من أحد مساجدها الكبيرة وهو مسجد سانكري مركزا‬ ‫للدراسات الإسلامية وغيرها وسميت بأسم جامعة سانكري ‪ .‬ويعتبر هذا الحدث أهم حدث‬ ‫في تاريخ إفريقية جنوب الصحراء من الناحية الحضارية ("' حيث نظمت أحوال الدراسة‬ ‫حسب أحدث نظم الجامعات العالمية الإسلامية ‪ .‬حيث استعان حكام مالي بعلماء من‬ ‫مختلف الدول لهذا الفرض خاصة من جامعة الأزهر وكان إنشاء الجامعة في مدينة تنبكتو‬ ‫دلالة على تزايد أعداد الدراسين والمدرسين والعلماء بها ‪ .‬وأصبحت الجامعة مؤشرا على‬ ‫نبض تبنكتو من الناحية العلمية ‪.‬‬ ‫وبدأ الطلاب يفدون إلى مدينة تنبكتو من مختلف أقاليم السودان الغربي للالتحاق‬ ‫يجامعتها بعد أن يكونوا قد حفظوا أجزاء من القرآن في مدراسهم وكتاتيبهم الأقليمية ‪.‬‬ ‫فإذا أتموا تلك الدراسة شدوا الرحال إلى تنبكتو وأقاموا بها حتى يتم تعليمهم في المراحل‬ ‫العليا ( وكانت اقامة هؤلاء الطلاب ميسرة بسبب الإنفاق عليهم من قبل الحكام ومن‬ ‫قبل التجار ‪ .‬كما أن مسجد سانكرى كانت له أوقاف ينفق منها على الطلبة الوافدين‬ ‫إلى الجامعة ‪ .‬ولم تكن الدراسة في الجامعة محددة بعدد من السنوات بل كانت تتوقف‬ ‫على استعداد الطالب وقدرته على التحصيل ‪ .‬فإذا أتم الطالب دراسة حصل على الإجازة‬ ‫المطلوبة ورحل إلى بلده حيث يعمل في الخطابة أو الإمامة أو القضاء ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬السعدي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٥١ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬السعدي ‪ .‬المصدر نفسه ‪ .‬ص‪.٣٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬مقلد ‪ .‬المد الإسلامي ‪ .‬ص‪.١٤١ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬حسن محمود ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٢٤٩ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٧٢‬‬ ‫ويرزت في المدينة طبقة هامة من علماء جامعة سانكري أصبحوا يمثلون رمز للعلم‬ ‫والفقه والتقوى بين الناس منهم الحاج جد القاصى عبدالرحمن بن أبي بكر الذي تولى‬ ‫القضاء في أواخر دولة مالي ‪.‬ثم العالم عمر الساكن الذي تولى القضاء في زمن إسكى‬ ‫وأبوعبدالله بن محمد بن عثمان ‪ .‬وأبو جعفر عمر بن محمد أتيت الذي ترك أكثر‬ ‫‪7‬‬ ‫من سبعمائة مجلد ‪ .‬ومخلوف بن على بن صالح ‪ .‬كما رحل عدد علماء تنبكتو وجامعتها‬ ‫للأضطلاع على النهضة العلمية في مراكز إسلامية أخرى فقد رحل محمد بن أحمد‬ ‫النازختى إلى مصر واتصل بعلمانها مثل القلقشندى وابن أبي الشريف وعبدالحق‬ ‫السنباطي ثم رحل إلى الحجازا وعاد إلى تنبكتو ليدرس ماحصله من علم جديد‬ ‫ة(ا' ‪.‬‬ ‫ومعرفة‬ ‫كما قدم إلى تنبكتو عدد علماء مصر والمغرب مثل الإمام السيوطي الذي كان وثيق‬ ‫الصلة بعلماء وحكام تنبكتو وكانت له صلة قوية مع سلطان صنفي الشهير اسكى محمد‬ ‫‪ .‬كما قدم إلى تنبكتو علماء من مصر ومن القيروان ومن المغرب الأقصي ‪ .‬إنعكست‬ ‫خدمات سنكري بالخير على التراث السوداني والحركة العلمية بها ‪ .‬فقد تخرج منها علماء‬ ‫كان لهم دور في خدمة مجتمعات بلادهم من أمثال محمود بن عمران ومحمد بن الفقيه‬ ‫المختار وعبدالرحمن محمود ‪ .‬وكان لعلمائها دور في ظهور مؤلفات ومدونات خاصة ببلاد‬ ‫السودان من حيث تاريخها وقبائلها وطبيعتها وحضارتها وعاداتها ‪ .‬ما أضاف الجديد‬ ‫إلى المعرفة الإنسانية ‪ .‬ومن أمثلة هؤلاء العلماء عبدالرحمن السعدى (" ومحمود‬ ‫كعت""' وأحمد بابا التنبكي (“'‪ .‬كما ظهر منها العديد من الدعاة الذين ارتحلوا لنشر‬ ‫الإسلام بين القبائل الوثنية في السودان الغربي والأوسط والشرقي ‪ .‬غير أن هذا التراث‬ ‫الضخم لتلك الجامعة قد تعرض للدمار والضياع خلال الحملة المراكشية وبعدها ‪.‬‬ ‫كانت تنبكتو وجا معتها ‏‪ ١‬لكبرى بمثابة منا رهة للإسلام وسط محيط وثني ‪ .‬ولذلك‬ ‫كانت أهميتها بالغة لترسيخ الإسلام وثقافته بين تلك القبائل حديثةالعهد بالإسلام ‪ .‬كما‬ ‫(‪ )١‬السعدي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪ ٣٧ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬كتابة تاريخ السودان نشره المستشرق الفرنسي هو داس في باريس سنة‪٨٩٨ ‎‬ام ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬كتابة تاريخ الفتاش في أخبار البلدان والجيوش وأكابر الناس نشره مع ترجمة فرنسية المستشرق هو‬ ‫‏ما‪. ٣٦٩‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‏‪ ٠‬في باريس‬ ‫داس‬ ‫‏(‪ )٤‬له كتاب تكملة الديباج المذهب لابن فرجون وعاصر الغزو المراكشي لتنبكتو‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٧٤‬س‬ ‫كانت أهميتها تأتي من نشر العلم والإسلام وسط القبائل الوثنية والبدائية في منطقة‬ ‫اللستنقعات والغابات ‪ .‬وكان حرص ملوك مالي وصنغي على ضرورة أن تتمتع تلك المدينة‬ ‫بالأمن والسلام ا" من أجل أن تؤدى دورها الحضاري على أتم وجه في المنطقة خاصة وأن‬ ‫سلاطين مالي وصنفي كانوا في حالة حرب مستمرة مع القبائل الوثنية المجاورة ‪.‬‬ ‫ومازالت آثار جامعة سانكري واضحة في انتشار اللفة العربية وعلومها بين سكان‬ ‫غرب السودان ‪ .‬حتى أدخل هذا الأمر الفرنسيين ‪ .‬كما توجد مفردات عديدة من اللغة‬ ‫العربية في اللهجات المحلية في المنطقة ‪.‬‬ ‫وهكذا أدت تنبكتو دورها الكبير في المجال الثقافي لبلاد السودان ‪ .‬كما كانت‬ ‫حلقة وصل تباري بين بلاد السودان من جهة وواحات لصحراء من جهة ثانية ‪ .‬وظلت‬ ‫تؤدى دورها حتي تدهورت الأحوال الأمنية في بلاد السودان الغربي منذ القرن السابع‬ ‫عشر لتصبح المدينة محلا للصراع والفوضي ‪.‬‬ ‫جنة ً‬ ‫‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬جنى‬ ‫مدينة تأسست سنة ‏‪ ٣٣ / ٤٣٥‬ام ‪ .‬أى قبل ظهور تنبكتو (" سماها التجار‬ ‫الأفارقة باسم جنة بسبب ازدهار وأهميتها التجارية وتراثها ‪ .‬تقع على بعد حوالى ‪ .‬‏‪٦‬‬ ‫كم من تنبكتو على نهر النيجر إلى الجنوب ‪ .‬وتتحول المدينة إلى جزيرة اثناء فيضان نهر‬ ‫النيجر (‬ ‫ونظرا لموقع جني وسط بلاد السودان الغربي فقد أصبحت مركزا تحبارياً هام مع بلاد‬ ‫المغرب في الشمال عبر تنبكتو ومع بلاد السودان الغربي ‪ .‬حيث أنها أصبحت قريبة من‬ ‫مواقع الذهب في الجنوب ‪ .‬وقد طبى تجارها أرباحا طائلة من وراء ذلك ‪ .‬وكانت ترتبط‬ ‫بخطوط تجارية مع السودان الأوسط ومع واحات الصحراء الإفريقية ‪ .‬ومن كثرة التجار‬ ‫بها تحول حكامها إلى الإسلام منذ القرن الخامس الهجري ‪ /‬الحادي عشر الميلادي بعد أن‬ ‫‪٠ ٦ ٩ ١‬‬ ‫) \ ( ‪ ١‬بن بطوطة‪ ٠ ‎‬أ لرحلة‪ ٠ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٢٢٤‬‬ ‫(‪ )٢‬زكي ‪ .‬تاريخ الدول الإسلامية ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٥٣٧‬‬ ‫)‪ (٣‬الزياتي ‪ .‬رصف افريقية ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪_ ٢٧٥‬‬ ‫كان بها أكثر من أربعة آلاف من العلماء المسلمين ‏‪'١(.‬‬ ‫من جهة ثانية ظهرت أهمية جنى كمركز اقليمي في نطاق السافانا ‪ .‬حبث أنها‬ ‫تعتبر مثتقى القبائل الرعوية في حوض النيجر ومنطقة السافانا مع نطاق الفابات‬ ‫الإستوائية ‪ .‬فأصبحت بذلك ملتقى الزراع والرعاة والتجار ورجال الغابات ‪ .‬وأصبحت‬ ‫أهم مراكز بلاد السودان في حركة التجارة الصامته التى تقوم على التبادل ("'‪.‬‬ ‫يرجع الفضل في ازدهار جنى وتطور سمعتها إلى جماعات السوننكة من الماندنجو‬ ‫الذين جعلوها مركزا لهم ‪ .‬وحرصوا بعد ذلك على تحويلها إلى مركز إسلامي بعد تحولهم‬ ‫الى الإسلام ‪ .‬فبنى حاكمها مسجدها الجامع على نسق المسجد الحرام في مكة ا" ‪ .‬وكان‬ ‫الإسلام قد بدأ في الانتشار بين سكانها منذ القرن البداية ‪ .‬حيث استقرت بها جماعات‬ ‫عديدة من التجار المسلمين من العزب والبربر ‪ .‬وكان لهم دورهم الهام في نشر الإسلام في‬ ‫مدينة جنى ومناطق النيجر المجاورة متخذين من جنى مركزا لهم بفضل ماتمتعت به من أمن‬ ‫واستقرار فترات طويلة ‪ .‬وتوافد معهم العلماء والدعاة ‏‪'٨١.‬‬ ‫ونظرا لموقع فإنها قامت بدور كبير في نشر الإسلام في المناطق الوثنية المحيطة بها‬ ‫خاصة في الجنوب وفي الشرق وانتشرت بها المساجد ووفدت إليها أعداد كبيرة من العلماء‬ ‫والفقهاء الذين ساهموا في نشر الإسلام واللغة ‪ .‬وظلت الحركة العلمية بها مستمرة حتى‬ ‫ظهرت تنبكتو كمركز ثقافي كبير فخطفت من جني الأضواء ‪ .‬وأصبحت جنى تابعة لها‬ ‫من الناحية الفكرية ‏(‪.'٨‬‬ ‫ورغم مكانة تنبكتو العالمية ومجاورتها لجني ‪ .‬إلا أن جني ظلت موطنا لعدد من‬ ‫العلماء منهم ‪ :‬موري حاجا ‪ .‬الذي كان يدرس في المسجد الجامع بها ‪ .‬وكانت له شهرة‬ ‫كبيرة في العلوم الفقهية ‪ .‬كما اشتهر قاضي المدينة محمد سانو الذي احتل مكانة كبري‬ ‫(‪ )١‬السعدي ‪ .‬تاريخ السودان ‪ .‬ص‪.١٢ .١١ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬انظر الخارطة في الملاحق‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬حسن محمود ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٢٥٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬السعدي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪.١٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬مقلد ‪ .‬المد الإسلامي ‪ .‬ص‪. ١٤٣ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٧٦‬‬ ‫بين سكانها وكانت له مكانة عند حكام الماندنجو ‪ .‬وكذلك محمد برمابورد ‪ .‬وأحمد‬ ‫بمكا نتها‬ ‫ظلت محتفظة‬ ‫طورقو ‏‪ ٠‬وغيرهم من مشا هير علما۔ا لسودان ا لغربي ‪ .‬كما‬ ‫السياسية والعلمية بعد زوال صنفي وتدهور أحوال السودان القربي ‏(‪.'(١‬‬ ‫مثلت جني أهم مراكز نشر الإسلام في نطاق الغايات الإستوائية بسبب قربها منها ‪.‬‬ ‫كذلك في مناطق المستنقعات التى تتواجد بها الكثير من القبائل البدائية الوثنية ‪ .‬وكان‬ ‫لجني الدور الهام في نشر الإسلام بين تلك المناطق الصعبة "'‪.‬‬ ‫(غأو) ‪:‬‬ ‫رابعا ‪ :‬جاو‬ ‫مدينة هامة تقع على منابع نهر النيجر العليا ‪ .‬وترجع أهميتها إلى توسطها بين‬ ‫مدن ‪ :‬تكده في الشرق وبين مدينة تنبكتو في الغرب ‪ .‬وكذلك بين طرق التجارة القادمة‬ ‫من خطوط الواحات الصحراوية في الشمال والمتجهة إلى بلاد السودان وبين بلاد‬ ‫السودان" ولذلك أصبحت المدينة محطة استراتيجية هامة للقوافل بين أقاليم بلاد‬ ‫السودان وبين الطرق التجارية القادمة من الشمال ‪ .‬وزادت أهميتها زمن مالي وصنغي ‪.‬‬ ‫ظهرت جاو منذ البداية بقوة وسلطان صنغي في المنطقة ‪ .‬وكانت مركزهم الهامه‬ ‫أثناء صراعهم المستمر مع ملوك مالي ‪ .‬ومنها كانت حركات التمرد من قبلهم ضد مالي ‪.‬‬ ‫كما بدأت منها البداية‬ ‫كبداية لتكوين امبراطورية صنفي حينما هرب على كلن وسليمان نار من نياني‬ ‫عاصمة مالي وتمكتا من تجميع قوى صنغي من جاو" ‪ .‬وبالفعل بدأ الصنغي يعتمدون‬ ‫على أهمية جا و في المنطقة لتحقيق مركزهم وتوسيع امبراطورية (" وكانت أهمية جاو‬ ‫تعتمد على اهميتها الثقافية في نشر الإسلام وحضارته في المنطقة وفي موقعها‬ ‫(‪ )١‬السعدي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪.١٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬مقلد ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٤٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬انظر الخارطة في الملاحق‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬القلقشندي ‪ .‬صبح الأعشى ‪ .‬جه ‪ -‬ص‪. ٢٩٨٩٧ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬قداح ‪ .‬حضارة الإسلام وحضارة أوروبا في إفريقية الغربية ‪ .‬ص‪.٦١٧ ‎‬‬ ‫_‬ ‫‪٢٧٧‬‬ ‫الاستراتيجي على الطرق التجارية ‏‪6١(.‬‬ ‫بدأت المؤسسات التعليمية الإسلامية تظهر في المدينة على يد حكام مالي ‪.‬حينما‬ ‫أقام السلطان موسى مينا ء مسجدها الكبير على إثر عودته من الحج سنة‪١٣٢٥‬م‏ ا وقد‬ ‫أشرف على بناء هذا الجامع المهندس القرطبي أبو اسحق إبراهيم الشاطبي ‪ .‬وتمكن المهندس‬ ‫القرطبي من تنفيذ بناء المسجد بطريقة جديدة لم تكن معروفة من قبل في بلاد السودان ‏‪٨‬‬ ‫حينما استخدم الطين المحروق ‪ .‬وجعل للمسجد مئذنة هرمية الشكل ‪ .‬وكان هذا أول طراز‬ ‫معماري للمساجد الإسلامية في غرب إفريقية ‪ .‬حيث تم بناء مسجد سانكري في تنبكتو‬ ‫بعد ذلك على نفس الطراز ‪ "(.‬وقد عمر هذا المسجد فترة طويلة استمرت حوالى ثلاثة‬ ‫قرون ولاتزال أطلاله موجودة حتى الآن في مدينة جاو ‪.‬‬ ‫كان مسجد جاو أهميته الكبرى في نشر الإسلام وثقافته في المنطقة بفضل رعاية‬ ‫حكام الصنغي وأمرائهم للنهضة الالعلمية بالمدينة ‪.‬وقدم للتدريس به علماء من تنبكتو‬ ‫صنغي الكثير من الأعطيات على العلما ء وطلاب العلم في‬ ‫حكام‬ ‫‪ .‬ويذل‬ ‫المغرب‬ ‫بلاد‬ ‫ومن‬ ‫المدينة كما وفروا سبل الراحة للطلاب الذين قدموا للدراسة في جاو وفي مسجدها الجامع ‪.‬‬ ‫وأصبح هذا المسجد يضم العديد من الكتب والمخطوطات اللآزمة للدراسة في المسجد "'‪.‬‬ ‫ومنذ القرن السادس عشر أصبحت جاو تفوق في أهميتها مدينة تنبكتو الشهيرة في‬ ‫المنطقة وذلك يرجع إلى نواحي الأمن التى تمتعت بها جاو من قبل حكام صنغي وبعدها عن‬ ‫الأخطار ‪ .‬فقامت عن تنبكتو مساحة وسكانا وازدهارا وثراء ‪ .‬وأصبحت المركز الأول في‬ ‫بلاد السودان الغربي ‪ .‬إذ وفدت إليها السفارات من بلاط السعديين وغيرهم ؛ وضعها‬ ‫المعاصرون في تلك الفترة بأنها المدينة العظيمة حيث بلغ عدد سكانها في القرن السادس‬ ‫عشر حوالى خمسة وسبعون ألف نسمة ‪ .‬وعدد دورها يزيد عن ‏‪ ٧٢٦٢٦‬منزلا ‏(‪'٨‬‬ ‫واستمرت جاو تؤدى دورها الكبير في المنطقة حتى تلاحقت الهزائم بحكام صنغي‬ ‫فاصبحت مدينة عادية من مدن افريقية ني زمن الاستعمار ا لفرنسي ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬نوري ‪ .‬تاريخ الإسلام ‪ .‬ص‪.٩٨ ‎‬‬ ‫‪. ١٥٥ .١٥٤‬‬ ‫(‪ )٢‬طرخان ‪ .‬دولة مالي ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬السعدى ‪ .‬تاريخ السودان ‪ .‬ص‪. ٨٢٧ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬مقلد ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٤٩١ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٧٨‬‬ ‫(غمانة)‬ ‫خامسا ‪ :‬كرمبى صالح‬ ‫هي المدينة العاصمة لغانة منذ عصور ماقبل الإسلام ‪ .‬وكانت أول المراكز الحضارية‬ ‫الهامة التى أشار إليها المسلمون في السودان الغربي ورددوا أسماء ملوكها وكانت مقصدأ‬ ‫هامأ لتجار شمال إفريقية عبر طريق أودغست أو نول لمطة الساحلي ‪.‬‬ ‫شكلت المدينة أهمية كبرى بسبب موقعها الهام على طرق التجارة القادمة عبر‬ ‫الصحراء إلى بلاد السودان ‪ .‬وكانت تقع بالقرب من تلك الطرق من الشمال ‪ .‬كما تقع‬ ‫بالقرب من مراكز هامة في بلاد السودان مثل تنبكتو ‪ .‬التي ظهرت فيما بعد ‪ .‬وكذلك‬ ‫‏‪)٢<١‬‬ ‫أودغست ‪ .‬وولاته ‏(‪ '١‬كما تقع بالقرب من جنى ونياني وجاو‬ ‫ظل ملوك كومبي صالح على وثنيهم فترة طويلة ‪ .‬رغم وجود جاليات كبيرة من‬ ‫التجار المسلمين في المدينة وانتنشارهم في أرجاء مملكة غانة ‪ .‬حتى كان لهم مساجدهم‬ ‫الخاصة يؤدون فيها صلاتهم ويعقدون اجتماعاتهم ‪ .‬واتخذ ملوكها من هؤلاء التجار‬ ‫مستشارين لهم فانتشر الإسلام بين أهلها والمناطق المجاورة لها "" ‪.‬‬ ‫كانت المدينة عبارة عن مدينتان في آن واحد إحداهما ‪ :‬للملك والعامسرن معه ‪.‬‬ ‫والثانية لعامة الناس والتجار ‪ .‬وكانت أكثر مدن غرب السودان إزدهارا في البداية حيث‬ ‫امتد عمرانها لمسافة ستة أميال ‪ .‬وقدم إليها التجار من مختلف الأقطار ‪ .‬وتأسس بها‬ ‫المسجد الحاج ومساجد عديدة ‪ .‬خاصة بعد تحول ملوك غانة إلى الإسلام ‪ .‬وتخرج من‬ ‫مساجدها ‪ .‬العديد من العلماء والدعاة ساهموا في نشر الإسلام كمنذ البداية في المناطق‬ ‫المحيطة بهم وظهرت المساجد في مدينة الملك بعد ذلك أ" ووفدت إليها وفود العلماء ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬لا يعرف بالضبط تاريخ تأسيسها ‪ .‬ولكنها ظهرت قبل ظهور تنبكتو ‪ .‬وكانت مركز تجاريا هاما في‬ ‫بلاد السودان من القرن الثالث عشر الميلادي ‪ .‬وقد هاجر إليها العلما ء والتجار بعد أحداث أودغست‬ ‫‏‪ ٠‬تم هجرها أهلها إلى تنبكتو بعد ذلك! فتدنت أهميتها ‪.‬‬ ‫أنظر الزياتي ‪ .‬وصف افريقية ‪ .‬ص ‏‪. ٥٣٥‬‬ ‫‏(‪ )٢‬مقلد ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ١٤٨١‬‬ ‫‏(‪ )٣‬انظر الخارطة في الملاحق ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٤‬الحميري ‪ .‬الروض المعطار ‪ .‬ص ‏‪. ٤٢٦‬‬ ‫‪_ ٢٧٩‬‬ ‫ترجع أهمية كومبي صالح من الناحية التجارية أيضا إلى قربها من مناجم استخراج‬ ‫الذهب في منطقة غياروً التى كانت تابعة لملك غانة ‪ .‬كما أصبحت كومبي صالح مركزا‬ ‫كبيرأ لتجارة الرقيق ‘ قبل ظهور غيرها من المراكز من المراكز الأخرى (" فأصبحت مركزا‬ ‫هاما لبلاد السودان الغربي من الناحية التجارية حيث صبت فيها سلع وتبارات إقليم‬ ‫السنغال والأقاليم الأخرى المجاورة كما ترتب على أهميتها ظهور مدينةأودغست إلى‬ ‫الشمال منها ناحية الصحراء ‪.‬‬ ‫ظلت المدينة منذ القرن الثاني الهجري ‪ /‬الثامن الميلادي تقوم بدورها الهام في نشر‬ ‫الإسلام في غرب السودان قبل تحول ملوكها إلى الإسلام فقد كانت المدينة هى مدخل بلاد‬ ‫السودان الغربي منذ البداية ولولاها لتعذر على التجار والدعاة دخول إقاليم غرب السودان‬ ‫"' وإذا كان التجار الذين قدموا لحمل الذهب منها ("' قد استقروا بها فإنهم استغلوا‬ ‫حالة الأمن بالمدينة وإحترام ملوك غانة لهم وتقديرهم فأسسوا المساجد وعلموا الناس أمور‬ ‫الدين الإسلامي وتمتعوا بتلك الحرية في كافة أرجاء مملكة غانة ‪.‬‬ ‫جاء التحول النهائي للإسلام في مدينةة كوبي صالح وأقاليم غان ةة ني القرن الحادي‬ ‫عشر على يد جماعة المرابطين الذين ظهرت قوتهم من حوض السنغال المجاور ‪ .‬رأصبحت‬ ‫لدولة المرابطين جبهتين ‪:‬‬ ‫‪ -‬جبهةالشمال نحو المغرب الأقصي‬ ‫‪ -‬جبهة الجنوب نحو غانة ‪.‬‬ ‫وتمكن المرابطون من تحقيق انتصارات في حوض السنغال ودخلوا مدينة غانة ‏‪"٧١‬‬ ‫ومدن تنبكتو وولاته وجنى ويذلك وضعوا أ يديهم على مناجم الثروة والذهب وعلى طرق‬ ‫‏(‪ )١‬الحميرى ‪ .‬المصدر نفسه‬ ‫(‪ )٢‬ياقوت الحموي ‪ .‬معجم البلدان ‪ .‬جا‪ .‬ص‪. ١٨٤ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬يصف البكري كثرة الذهب في غانة بكثرته في أيدى الناس حتى يتدخل ملوك من أجل المحافظة‬ ‫على ندرته وقيمته‬ ‫‏‪.١٧٥ .١٧١٤‬‬ ‫‪-‬المغرب ‪ .‬ص‬ ‫(‪ )٤‬مؤنس ‪ .‬الإسلام الفاتح ‪ .‬ص‪. ٩٩١ ‎‬‬ ‫‪- ٢٨.‬‬ ‫التجارة ‪ .‬وتحولت كوبي صالح وغيرها من مدن غانة إلى مراكز إسلامية خالصة فأصبح‬ ‫حكامها مسلمون من اهلها‪ .‬ورغم ضعف سلطان المرابطين في غانة بعد موت زعيم‬ ‫المرابطين في الجنوب أبويكر بن عمر فإن الإسلام ظل متماسكا وقويا في مدن غانه ‪.‬‬ ‫وهكذا ظهرت بفضل الإسلام مراكز حضارته إفريقية نيتت من أرضها وغت‬ ‫وازدهرت بفضل ابنائها وكان ذلك تحت رعاية الإسلام وتسامحه ‪ .‬وفيما تدهورت تلك‬ ‫المراكز وتراجعت عن أداء دورها عادت منطقة غرب إفريقية من جديد إلى التخلف ‪.‬‬ ‫وتحاول حكومات الدول الإفريقية الحالية بعث تلك النهضة من جديد من خلال إحياء تراثها‬ ‫الإسلامي والإتصال بمراكز الثقافة في العالم الإسلامي ‪.‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪١ ٠ ١‬‬ ‫‪ ١ ٠‬مرجع‪ ١ ‎‬لسا بق‪ ٠ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫مؤنس‪‎‬‬ ‫) ‪( ١‬‬ ‫‪_ ٢٨١‬‬ ‫([لتخجختصمال رلاكارب"سر‬ ‫العالم واتخخاقت التكوبيةة لني‬ ‫ك‪ & ,‬شيعت روم‪×:.‬سبها‬ ‫التحور االهملاتى الميز الالسكهمر‬ ‫‪- ٢٨٢‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫المحبط الهندي يتحول إلي محيط إسلامي‪‎‬‬ ‫بفضل التجار العرب من أهل عمان وسواحل شبه الجزيرة العربية دبت الحركة‬ ‫والنشاط التجاري المستمر‪ .‬عبر المصور التاريخية ‪ .‬في منطقة المحيط الهندي ‏(‪'١‬‬ ‫وسواحله ‪ .‬بحيث أصبحت تلك السواحل عربية الطابع والحركة ‪.‬‬ ‫فمن المعروف أن البشرية لم تعرف محيطا حتى العصور الحديثة سوى المحيط‬ ‫الهندي أ"" ومثل هذا المحيط في العصور القديمة قاموسآ للسلع والمنتجات بفضل التنوع‬ ‫والاختلاف في منتجاته ‪ .‬واحتلت تلك المنتجات أهمية خاصة في العالم القديم ‪/‬الوثني‬ ‫بسبب أهميتها في طقوس المعابد والعادات الوثنية ‪ .‬فتكالبت القوى الكبرى من يونان‬ ‫وفرس ورومان للوصول إلى سواحل الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية كخطوة نحو‬ ‫الوصول لسلع المحيط الهندي ‪ .‬وتحركت سفن الإسكندر الأكبر والرومان نحو مياهه وسط‬ ‫صعوبات عديدة وشهدت السواحل العربية منذ القدم تحركات دولية هدفها الوصول إلى‬ ‫سواحل هذا المحيط ‪.‬‬ ‫كانت سواحل المحيط الهندي بحق مخزنا لسلع وإحتياجات حضارات العالم القديم‬ ‫ويمكننا تقسيم تلك السواحل إلى ثلاثة أقسام لكل خصائصه وإمتيازاته كما يلي‪:‬‬ ‫القسم الأول ‪ :‬سواحل الهند الغربية ‪:‬‬ ‫والتى تبدأ من الجنوب المقابل لجزيرة سيلان مع جزر ملديف ولكاديف ‪ .‬حتى ساحل‬ ‫الديبل وساحل مليبار وكوجيرات ‪ .‬وقد أمدت تلك السواحل العالم القديم بسلع هامة مثل‬ ‫‏(‪ )١‬لم يعرف هذا المسطح المانى هذا الاسم إلا في العصور الحديثة ‪ .‬حيث أطلق عليه أسماء عديدة من‬ ‫‏‪ ٥388٥‬‏‪٢٤.‬لا أو البحر المحيط وفي العصور الإسلامية أطلق‬ ‫أهمها قديا ‪ :‬البحر الأريترى ‪365‬‬ ‫عليه البحر الحبشي ‪ .‬أو المحيط ‪ .‬وفي نهاية العصور الإسلامية ذكر بأسم البحر الهندي في بعض‬ ‫المصادر ‪ .‬ويحتل البحر العربي الجزء الشمالي منه ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬لم تعرف المحيطات الأخرى مثل ‪ :‬الأطلسي والهادي ‪ .‬والمتجمد الشمالي ‪ .‬والمتجمد الجنوبي ‪ .‬إلا‬ ‫بعد الكشوف الجغرافية ‪.‬‬ ‫‪_ ٢٨٢‬‬ ‫الفلفل والتوابل والعود والعنبر‪ .‬بالإضافة إلى صناعات الهند القديم خاصة من المنسوجات‬ ‫والسيوف وغيرها‪ .‬وكانت تلك السواحل الغربية للهند هى نافذة على العالم القديم ‪ .‬حيث‬ ‫انعزلت الهند عن العالم بسلاسل جبال الهميلايا مع وسط آسيا وجبال الفات الشرقية‬ ‫والغربية على المحيط الهندي ‪ .‬ومن خلال دروب عبر سلاسل الفات نفذت صادرات الهند‬ ‫إلى العالم الخارجي ‪.‬‬ ‫القسم الثاني ‪ :‬السواحل الجنوبية من شبه الجزيرة العربية ‪:‬‬ ‫وتشمل سواحل اليمن وعمان ‪ .‬ومثلت أهمية خاصة للعالم القديم في تصدير سلعة‬ ‫اللبان الهامة للعالم الوثني من جنوب عمان وارتبطت بتلك التجارة اليمن‪ .‬حتى ظهرت‬ ‫ممالك في اليمن لخدمة تلك التجارة مثل ‪ :‬شبوة وتيماء ومارب ( ‪ .‬كما صدرت عمان‬ ‫للعالم القديم النحاس والأحجار ("" ‪ .‬وأصبح هذا القسم ‪ :‬أنشط جزء على سواحل المحبط‬ ‫المندي قاطبة ‪ .‬وقام سكانه بالدور الكبير في تحمل عمليات التصدير والنقل عبر الأقسام‬ ‫الأخرى ‪ .‬بل وإلى مراكز العالم التى في حاجة إليه ‪ .‬كما سنرى فيما بعد ‪.‬‬ ‫القسم الثالث ‪ :‬السواحل الشرقية من القارة الإفريقية ‪:‬‬ ‫ورغم قلة الأبحاث حول دورها إلا أنها كانت أهم أقسام السواحل في إمكانياتها‬ ‫الطبيعية ‪ .‬بحيث كانت منجما للمواد الخام للأقسام الأخرى أو دنيات العالم القديم في‬ ‫الوقت التى ضنت المصادر عن ذكر أهميتها ‪ .‬لقد حمل الذهب والحديد من إفريقية إلى‬ ‫الهند ‪ .‬وقامت عليهما صناعات هامة صدرتها الهند لحضارات العالم في العصور القديمة‬ ‫والوسطى ‪ .‬كما صدرت سواحل شرقي افريقية خامات النحاس والتصدير والعاج‬ ‫والأخشاب إلى العالم القديم والوسيط ‪ .‬بالإضافة إلى آلاف الأيدى العاملة التى خرجت‬ ‫من تلك السواحل في صورة رقيق ‪.‬‬ ‫ورغم أهمية سواحل المحيط الهندي ‪ .‬خاصة سواحل شرقي إفريقية ‪ .‬فإن الباحث‬ ‫تنتابه الدهشة والحيرة ‪ .‬حينما يدرك أن العالم حتى العقود الأخيرة من القرن العشرين ‪.‬‬ ‫كان يجعل حقيقة تلك السواحل وإمكانياتها ‪ .‬فخط سواحل المحيط الهندي ‪ .‬ببا فيها‬ ‫سواحل شرقي افريقية والسواحل العربية من المعرفة العلمية أقل بكثير من أى بحر من‬ ‫‏(‪ )١‬انظر الفساني ‪ .‬عبدالقادر ‪ .‬عمان أرض اللبان ‪ .‬ص ‏‪ ١٣‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬البدر ‪ .‬الخليج العربي خلال الألفين الثالث والثاني ق ‪.‬م ‪ .‬ص ‏‪. ٥٧‬‬ ‫‪- ٣٨٤ -‬‬ ‫البحار الأوروبية الصغيرة مثل بحر الشمال أو بحر البلطيق ‪ .‬رغم أن هذا المحيط يغطي‬ ‫مساحة تقدر بحوالي ‏‪ ٧٣٠٥‬مليون كم‪٢‬‏ من مساحة الكرة الأرضية ‪ 6‬ورغم دوره الكبير‬ ‫في إمداد العالم القديم والوسيط بمعظم المواد الخام والسلع الضرورية ‏(‪.'١‬‬ ‫والواقع أنه لا ييكننا دراسة عمليات انتشار الإسلام والثقافة العربية علنى سواحل‬ ‫شرقي إفريفية دون النظر إلى طبيعة المحيط الهندي وسواحله ‪ .‬ذلك لأن الباحث يدرك من‬ ‫النظرة الأولى أن هذا المحيط يشكل مثلثاً قاعدته صوب الجنوب مع المحيط المتجمد‬ ‫الشمالي وقمته مع السواحل العربية لعمان واليمن ‪ .‬بينما تشكل السواحل الإفريقية‬ ‫ضلعه الأيمن ‪ .‬من الشمال والسواحل الهندية ضلعه الأيسر ‪.‬‬ ‫ويذلك أصبحت السواحل العربية بحكم موقعها من جهة وبحكم استفادتها من‬ ‫تضاريس المحيط الهندي من جهة ثانية هى النقطة الهامة في حركة النقل والمواصلات‬ ‫البحرية عبر مياه المحيط وسواحله منذ القدم ‪ .‬وأصبحت لتلك السواحل الريادة على‬ ‫الملاحة في المحيط قديما حديش ‪'"(.‬‬ ‫‏(‪ )١‬من أجل ذلك فقد قامت الأمم المتحدة بإرسال البعثة الدولية للمحيط الهندي والتى استمرت ستة‬ ‫سنوات من ‏‪ . ١٩٦٥ - ١٩٥0٩‬بهدف استكشاف دراسة تضاريس المحيط الهندي وظواهره وسواحله‬ ‫وإمكانياته خاصة السواحل الإفريقية ‪ .‬حيث أدركت أنه أكثر المحيطات والمسطحات المانية غموضا‬ ‫‪ .٠‬رغم دوره الكبير في تاريخ البشرية والحضارات الإنسانية وأهميته الحالية‪. ‎‬‬ ‫وأدركت البعثة أهمية المعرفة العلمية لدور البحر العربي والبحار والخلجان المتصلة به في فهم‬ ‫إمكانيات العالم القديم والحديث ‪.‬‬ ‫وقد عملت تلك البعشة على إيقاظ الدوائر العلمية في دول المحيط الهندي ‪ .‬خاصة إفريقية ‪.‬‬ ‫وفي العالم أجمع ‪ .‬وأهمية المساهمة في برامج تخدم دول المحيط من أجل إستغلال إمكانيته الهائلة‪.‬‬ ‫بعد أن أدرك العالم أن البحر المربي ‪ .‬وهو الجزء الشمالي من هذا المحيط ‪ .‬كان الشريان الهام‬ ‫للملاحة العامية في العصرين القديم والوسيط ‪ .‬وأن أصول الملاحة العالمية نيتت من سواحل البحر‬ ‫العربي ‪.‬‬ ‫انظر بيرمان ‪ .‬اقتحام المجهول الأعظم ‪ .‬البعثة الدولية للمحيط الهندي ‏(‪.٠)١٩٦٥ - ١٩٥٨٩‬‬ ‫ترجمة شعبة الترجمة العربية باليونسكو والدكتور أنور عبدالعليم ‪ .‬مراجعة شعبة الترجمة العربية‬ ‫باليرنسكو والدكتور مكرم أمين جرجس ‪ .‬اليونسكو ‪١٩٨٦ .‬م‏ ‪ .‬ص ‏‪ ٥‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬الفندي ‪ .‬جمال الدين ‪ .‬طبيعيات البحر وظراهره ‪ .‬ص ‪ .‬‏‪ ١٦١‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‪- ٢٨٥‬‬ ‫لقد استفادت تلك المنطقة العربية ‪ .‬خاصة عمان ‪ .‬من حركة التيارات البحرية في‬ ‫الحيط ‪ .‬ومواسم هبوب الرياح ا موسمية في تنظيم رحلات بحرية مستمرة ‪ .‬كان لها دورها‬ ‫في الجوانب الحضارية بغض النظر عن أرباحها المادية ‪ .‬وكان دور الملاح والبحار العربي ‪.‬‬ ‫خاصة العماني ‪ .‬في المحيط الهندي ‪ .‬لايقل أهمية عن دور الفارس العربي على جبهات‬ ‫فارس أو شمال إفريقية ‪ .‬إن لم يكن دور الملاح العربي والعماني يفوق ذلك ‪.‬‬ ‫ويندهش الباحث حينما يدرك من خلال الإحصائيات الأخيرة ‪ .‬أن دور البحار المسلم‬ ‫من أهل الخليج خاصة ‪.‬يفوق في مجال نشر الإسلام عن دور الجيوش الكثيفة التى خرجت‬ ‫إلى جبهات القتال في الشام والعراق وفارس وشمال إفريقية ‪ .‬والتى أبلت بلاء حسنا في‬ ‫سبيل نشر الإسلام وتحملت المشاق في سبيل إعلاء كلمة الحق والإسلام ‪.‬‬ ‫ويمكننا استخدام تلك الحقائق للرد على من يحاول أن يربط بين انتشار الإسلام‬ ‫والسيف حيث تمكن التاجر والبحار العربي ‪ .‬من دعوة ما يزيد عن نصف عدد المسلمين‬ ‫في العالم إلى الإسلام عن طريق الموعظة والقدوة الحسنة ‪ .‬حيث كان التاجر يمثل سفيرا‬ ‫للإسلام من خلال سلوكيات وأمانته والتزامه ‪ .‬حتى صار قدوة في كل محطة بحرية ينزلها‬ ‫‪ .‬ولم يكن التاجر يحرص على إى شىء بقدر حرصه على مبادىء الإسلام ومثله فأتبل‬ ‫الناس يتعرفون على عقيدته ‪ .‬حتى صاروا مسلمين‪( .‬‬ ‫لقد نشرت إحصائيات أخيرة عن منظمة المؤتمر الإسلامي ‪ .‬والتى يبلغ أعضازها ‏‪٤١‬‬ ‫دولة مسلمة ‪ .‬اتضح منها أن عدد مسلمي العالم حتى نهاية سنة ‪٩٨٩‬ام‏ بلغ حوالى‬ ‫‏(‪ )١٢٢٠.‬مليون مسلم ‪ .‬بما فيهم المسلمون الذين يعيشون كأقليات أ"" ‪ .‬واتضح أن عده‬ ‫المسلمين في العالم يتركز حول ساحل المحيط الهندي والدول المطلة عليه من قارتي آسيا‬ ‫وإفريقية ‪ .‬وأن سبل دخول هؤلاء إلى الإسلام في البداية كان عن طريق التجارة الدعوة‬ ‫بالموعظة والقدوة الحسنة ‪.‬‬ ‫فبالنسبة لساحل إفريقية الشرقي شرق إفريقية توجد الأعداد التالية ‪:‬‬ ‫‪ -‬الصومال ‏(‪ ٨ . ٤‬مليون مسلم) ‪ -‬جيبوتي ‏(‪ ٠٠ ٣٣‬مليون مسلم) ‪ -‬تنزانيا‬ ‫(‪ )١‬مؤنس ‪ .‬الإسلام الفاتح ‪ .‬ص‪.١٢ ‎‬‬ ‫‪٠.٥٠‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫لعا لم ا لإسلامي‪ ١ ‎‬ليوم‬ ‫) ‪ ( ٢‬عاد ل يونس ‪.‬‬ ‫‪_ ٢٨٦‬‬ ‫(‪ ١٤.٨‬مليون مسلم) ‪ -‬جزر القمر‪ ٠ .٤٣( ‎‬مليون مسلم ) ‪ -‬كينيا (ے مليون مسلم)‪- ‎‬‬ ‫أوغندة‪ ٤.٥( ‎‬مليون مسلم ) ‪ -‬موزمبيق‪ ٥( ‎‬مليون مسلم) ‪ -‬مدغشقر‪ ٢.٩( ‎‬مليون‪‎‬‬ ‫(‪٠,٣٨‬‬ ‫(‪ ١,٧٥‬مليون مسلم ) ‪ -‬يورندي (مليون مسلم) ‪ -‬رواندا‪‎‬‬ ‫مسلم) ‪ -‬ملاهي‪‎‬‬ ‫مليون مسلم) ‪ -‬زائير(‪ ٢ ‎‬مليون مسلم في الأقاليم المجاورة لتنزانيا والبحيرات‪. (" ) ‎‬‬ ‫أى أن دول شرق إفريقية هى دول إسلامية ‪ .‬تضم حوالي خمسين مليون مسلم‪. ‎‬‬ ‫مع العلم أن تلك الدول أو المناطق في شرق إفريقية لم تبرد إليها الخلافة الإسلامية‬ ‫فى أي عصر من عصورها حملة بحرية أو برية بل كان نشر الإسلام فيها والدعوة إليه‬ ‫مرتبطة بالتجار في المقام الأول ‪ .‬وعن طريق هؤلاء التجار عرفت منطقة شرقي إفريقية‬ ‫الإسلام والحضارة والتقدم ‪.‬‬ ‫وبالنسبة لسواحل المخيط الهندي الآسيوية (غير الهندية) توجد الأعداد التالية ‪- :‬‬ ‫‏‪٩٧١‬‬ ‫‏(‪ ١١٥‬مليون مسلم) ‪ -‬بنجلاديش‬ ‫‏(‪ ١٠٧‬مليون مسلم ) ‪ -‬الهند‬ ‫‪ -‬باكستان‬ ‫مليون مسلم) ‪ -‬جزر ملديف ‏(‪ ٠.٢‬مليون مسلم ) ‪ -‬أندونسيا ‏(‪ ١٦٧١‬مليون مسلم) ‪-‬‬ ‫ماليزيا ‏(‪ ٨.٦‬مليون مسلم) ‪ -‬برونى ‏(‪ .٢٠٥‬مليون مسلم) ‪ -‬سيرلانكا ‏(‪ ٢‬مليون‬ ‫مسلم ) ‪ -‬تايلاند ‏(‪ ٧١٠ ٥‬مليون مسلم ) ‪ -‬بورما ‏(‪ ٣‬مليون مسلم ) ‪ -‬الفلبين ‏(‪ ٦‬مليون‬ ‫مسلم ) ‪ -‬سنغافورة ‏(‪ ٠.٤٤٠‬مليون مسلم ) ‪ -‬فيتنام ‏(‪ ١.٧١٥‬مليون مسلم ) ‪ -‬الصين‬ ‫‏(‪ ١٢١.‬مليون مسلم) "' مع الأخذ في الاعتبار دور الحملات في الهند والسند ‪.‬‬ ‫وبذلك يبلغ عدد مسلمى آسيا المطلة على المحيط الهندي ‪ .‬والتى وصلت مبادىء‬ ‫الإسلام مع السفينة العربية حوالي ‏‪ ٦٣٠‬مليون مسلم ‪ .‬وإذا أضفنا إليهم مسلمى شرقي‬ ‫إفريقيا فيبلغ العدد ‏‪ ٦٨٠‬مليون مسلم ‪ .‬كان الفضل في تحويل مناطقهم إلى الإسلام‬ ‫يرجع في المقام الأول للتاحر العربي وسفينته ‪ .‬أى ما يزيد عن نصف مسلمى العالم حاليا‬ ‫'‬ ‫‪ .‬وبالتحديد حوالى ‏‪ ٥٦,٦‬إز من عدد المسلمين العام ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬وصلت التأثيرات الإسلامية إلى أوغندا ورواندا أو بورندي وزاثير عن طرق أهمها طريق ساحل شرقي‬ ‫إفريقية حيث جماعات التجار ‪.‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪٤ ٧‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬ا مرجع‪ ١ ‎‬لسا بقى‪‎‬‬ ‫يونس‪‎‬‬ ‫) ‪( ٢‬‬ ‫‪- ٢٨٧ -‬‬ ‫رغم أن سواحل هذا المحيط يعد من أشد مناطق العالم تعقيد من النواحى العقائدية‬ ‫‪ .‬حيث تعيش على سواحله حتى الآن كل عقائد الإنسان قديمها وحديثها ‪ .‬وأصحاب‬ ‫الديانات السماوية الثلاث ‪ .‬فعلى السواحل الإفريقية توجد حتى الآن اتباع للمقائد‬ ‫الوثنية البدائية ‪ .‬وعلى السواحل الهندية توجد أعداد كبيرة من أتباع الهندوسية والبوذية‬ ‫‪ .‬وما استجد منهما من أفكار جديدة ‪ .‬بالإضافة إلى جيوب من البوذية في دول جنوب‬ ‫شرقي آسيا ‪ .‬كما توجد أعداد من أتباع المسيحية واليهودية (ا' أيضا ‪ .‬الأمر الذي يشير‬ ‫إلى قوة الدور الذي قام به التاجر وسط هذا التلاطم من العقائد والملك ‪.‬‬ ‫استمرت أهمية التاجر العربي في العصر الإسلامي أيضا ‪ .‬حيث اعتمدت شعوب‬ ‫العالم الإسلامي على تار الخليج العربي في حمل سلع ومنتجات المحيط الهندي ‪ .‬خاصة‬ ‫في فترة ازدهار الدول الإسلامية في العصر العباسي ‪ .‬واعتمد التاجر الخليجي والعربي‬ ‫على خبرته السابقة في الوصول إلى تلك المناطق ليحمل منها ما تحتاجه مدنيات العالم‬ ‫في العصر الوسيط ‪ .‬والتى لا غنى للعالم عنها ‪ .‬حتى وصف ابن الفقيه المحيط الهندي‬ ‫بقوله إنه قاموس السلع ("" فقام التاجر العربي بحمل سلع سواحله وجزره ‪ .‬ولكنه في‬ ‫نفس الوقت كان يحمل امانة سماوية راقية إلى سكان تلك السواحل وهى الإسلام ‪.‬‬ ‫استفاد العرب من التجربة التاريخية الطويلة للأمم والشعوب التى حاولت الوصول‬ ‫إلى تجارة المحيط الهندي وشرقي إفريقية ‪ .‬فمن محاولات وعلاقات الفراعنة مع منطقة‬ ‫القرن الإفريقي وشرقي إفريقية منذ الألف الزابع قبل الميلاد "' إلى النشاط الفينيقي في‬ ‫المنطقة ‪ .‬قبل هجرتهم إلى سواحل البحر المتوسط (" ‪ .‬إلى محاولات اليونان ‪ .‬زمن‬ ‫الإسكندر المقدوني ‪ .‬ويعده لريط تجارة تحبارة المحيط الهندي والقرن الإفريقي بتجارة البحر‬ ‫‏(‪ )١‬خاصة في منطقة ساحل مليبار قدياً ‪ .‬بسبب أهمية المنطقة في تحبارة التوابل والبخور والفلفل‬ ‫وموقعها على طرق التجارة‬ ‫‪ -‬انظر المليباري ‪ .‬تحفة المجاهدين ‪ .‬ص ‏‪ . ٤٥‬المكتب الثقافى الهندي ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ابن الفقيه الهمذاني (القرن الثالث ه‪ /‬العاشر ) مختصر كتاب البلدان ‪ .‬ص ‏‪ . ١١‬بيررت سنة‬ ‫‏‪. ١٨٨‬‬ ‫(‪ )٣‬فخري ‪ .‬أحمد ‪ .‬دراسات في تاريخ الشرق الأدني القديم ‪ .‬ص‪.١٥٧١ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬وهى الهجرة التى حدثت في الألف الثاني قبل الميلاد‪. ‎‬‬ ‫‪_ ٢٨٨‬‬ ‫المتوسط ‪ .‬ليتمكنوا بذلك من السيطرة على تجارة العالم القديم (" ‪ .‬ومحاولات الرومان‬ ‫في القرن الأول قبل الميلاد ‪ .‬وأخيرأ محاولات الساسانيين الفرس احتكار تجارة العالم‬ ‫القديم البرية والبحرية ‪.‬‬ ‫انصهرت كل تلك المحاولات في التجرية البحرية العربية ‪ .‬حيث تمكن العرب من‬ ‫تحقيق سيادة ملاحية على سواحل المحيط الهندي ‪ .‬حتى أصبحت تلك السواحل عربية ‏‪٠‬‬ ‫قبل ظهور الإسلام ‪ .‬وقد أعطى ذلك أرضية صالحة خصبة لنجاح الدعوة الإسلامية‬ ‫وانتشار الإسلام وثقافته على تلك السواحل لقد عرف العرب حركة التيارات البحرية‬ ‫ومواعيد هبوب الرياح الموسمية وإمكانيات كل منطقة من مناطق المحيط الهندي وجزره ‪.‬‬ ‫فنظموا لذلك رحلاتهم وفق أساليب علمية ‪ .‬وصنعوا أدواتهم وسقتهم حسب تلك التجربة‬ ‫والأساليب ‪ .‬فظهرت لديهم السفن المقلفطة التى لا يدخل في تركيبها مسمار واحد ‪ .‬حتى‬ ‫تتناسب مع ظروف الإبحار الطويل وطبيعة المحيط الهندي "'‪.‬‬ ‫واعتمدت مدنيات وحضارات ا لعالم القديم على العرب في جلب سلعهم‬ ‫واحتياجاتهم من منطقة المحيط الهندي ‪ .‬فاعتمد السومريون والبابليون والآشوريون على‬ ‫رب الخلية العربي في هذا الصدد ‪ .‬كما اعتمد عليهم اليونان حتى زمن الإسكندر ‪.‬‬ ‫واعتمد الفرس كذلك ‪ .‬رغم سيطرتهم على السواحل العربية الخليجية ‪ .‬حيث اصبح‬ ‫العرب هم العنصر الفعال في المحيط الهندي ‪.‬‬ ‫وبدأ الدرب في دمج سواحل المحيط الهندي ‪ :‬الإفريقية والهندية والفارسية في‬ ‫منظومة حضارية متقاربة ‪ .‬وظهرت على طول تلك السواحل صور من التآلف الحضارى‬ ‫فلمس ذلك في ظهور التأثيرات العربية من الناحية اللغوية على كوجيرات والسند في‬ ‫ظهور‪ .‬اللغة الأوروبية ‪ .‬وكذلك في ظهور تأثيرات عربية على السواحل الإفريقية وظهور‬ ‫اللفة السواحيلية ‪ .‬وكان هذا التقارب بين المدرب وغيرهم من سكان سواحل المحيط‬ ‫الهندي ضرورة طبيعة لكل جانب فالعرب على سواحلهم لم يجدوا سوى البحر كمورد هام‬ ‫لهم ‪ .‬بعد أن أدركوا قسوة الصحراء وفقرها ‪ .‬كسا كان الهنود على سواحل الهند معزولون‬ ‫‏(‪ )١‬حاول الإسكندر ربط تجارة المحيط الهندي رإفريقية بتجارة البحر المتوسط عبر الخلية العربي والبحر‬ ‫‪.‬‬ ‫الأحمر ولكن محاولاته فشلت‬ ‫‏(‪ ()٢‬سيتم تفصيل ذلك فيما بعد ‪.‬‬ ‫‪_ ٢٨٩‬‬ ‫عن داخل بلادهم بسلاسل جبال الغات ‏‪ . '١(١‬وكذلك كان سكان سواحل إفريقية الشرقية‬ ‫يجدون صعوية في الإتصال بداخل قارتهم ‪ .‬من هنا التقت كل الأجناس التى سكنت على‬ ‫ساحل المحيط الهندي في وحدة حضارية تحت زعامة العرب ‪.‬‬ ‫وتزعم العرب هذا الإندماج بفضل نشاطهم التجاري وحركتهم المستمرة على طول‬ ‫سواحل المحيط خاصة الإفريقية فانتشرت الجاليات العربية على ساحل القرن الإذريقي‬ ‫خاصة من سكان اليمن ومنطقة ظقار من جنوب عمان ‪ .‬وعلى طول سواحل الصومال‬ ‫وشرقي إفريقية وجزرها ‪ .‬وكذلك على ساحل مكران والدليل وكوجيرات ومليبار والدليل‬ ‫على تزعم العرب وريادتهم لشعوب وحضارات سواحل المحيط الهندي الإفريقية والهندية‬ ‫ما يلى ‪- :‬‬ ‫‏(‪ )١‬انتشار الجاليات العربية على طول تلك السواحل ‪ .‬وانتشار اللفة العربية‬ ‫ومفرادتها بين مناطق كثيرة من سواحل المحيط الهندي قبل الإسلام ا" خاصة‬ ‫سواحل الحبشة والصومال "" ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬اختلاف الباحثين والأثريين حتى الآن حول موقع بونت‘ وانقسامهم إلى‬ ‫نظريتين الأولى عربية ‪ .‬والثانية افريقية ‪ .‬وظهور نظرية ثالثة تحاول التوفيق‬ ‫بين النظريتين السابقتين تقول بوجود عناصر عربية على ساحل الصومال تمكنت‬ ‫من السيطرة على تارة اللبان والبخور والصمغ منذ الألف الرابع قبل الميلاد ‪.‬‬ ‫وان العرب هم الذين احتكروا تجارة تلك السلع في المحيط الهندي بغض النظر‬ ‫عن مصدر تلك السلع أو أماكن انتاجها في أي موتع من مواقع المحيط‬ ‫‏‪.'_١‬‬ ‫الهندى‬ ‫‏(‪ )٣‬الاختلاف حول تحديد موقع أوفير الذي اشتهر بتصدير الذهب وتردد ذكره في‬ ‫التوراه وإنقسام الآراء إلى ثلاثة نظريات ‪ :‬الأولى ‪ :‬إفريقية ‪ .‬والثانية ‪:‬‬ ‫‪ ٤٣٢‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )١‬حميدة ‪ .‬جغرافية آسيا الموسمية ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬جواد علي ‪ .‬المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ‪ .‬ج‪.٣‬‏ ص ‏‪ ٤٥ ٠‬ومابعدها‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬آل حفيظ ‪ .‬على بن محسن ‪ .‬من لهجات مهرة ‪ .‬ص ‏‪.٦٤‬‬ ‫(‪ )٤‬فخري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٣٧ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٩.‬‬ ‫عربية ‪ .‬والثالثة هندية ‪ .‬وتحاول كل نظرية من الثلاث تأكيد الموقع في المكان‬ ‫التى تشير إليه ‪ .‬ولكنها تتفق جميعها على أن موقع أوفير يقع على سواحل‬ ‫‏‪(١١‬‬ ‫المحيط الهندي‬ ‫وهكذا تمكن العرب من تحويل سواحل المحيط الهندي إلى وحدة حضارية متقاربة‬ ‫بغض النظر عن أصولها العرقية أو إنتما ءاتها السياسية أو أوضاعها الحضارية ‪ .‬وأصبح‬ ‫النفوذ العربي واضحا على تلك السواحل والجزر الإفريقية كانت أو الهندية ‪ .‬حتى أصبح‬ ‫هذا المحيط أشبه ببحيرة عربية ‪ .‬وقد سهل هذا الأمر عمليات انتشار الإسلام وثقافته‬ ‫فيما بعد ‪ .‬على اساس ان العرب الذين تحملوا تبعات ومهام نشره في البداية ‪.‬‬ ‫وكان العمانيون بحق أنشط العناصر العربية منذ البداية في أداء ونجاح الدور‬ ‫العربي قبل الإسلام وبعده ‪ .‬وكان لأهل عمان الدور الهام في ترسيخ الثقافة العربية ونشر‬ ‫الإسلام في منطقة شرقي إفريقية ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬حوراني ‪ .‬العرب والملاحة في المحيط الهندي ‪ .‬ص‪ ١٢١ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫‪_ ٢٩١‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫العماني‪‎‬‬ ‫خصوصية الدور‬ ‫مع شرقى إفريقية‪‎‬‬ ‫كانت عمان الدولة الوحيدة التى توجت الجهود العربية السابقة في المحيط الهندي‬ ‫في التاريخ الحديث حينما تمكنت من تكوين إمبراطورية بحرية شملت سواحل المحيط‬ ‫الهندي الإفريقية والعمانية واحتفظت بنفوذ لها على سواحل مليبار ومانحبلور وبانيلور‬ ‫وبمباى وديو وجوادر ومكران‪ .‬وعلى مناطق أخرى على الساحل الإيراني والبحرين ‪.‬‬ ‫وأعادت تلك الإمبراطورية إلى أذهان الباحثين حديثا ‪ .‬مدى أهمية الدور الذى قام‬ ‫به العرب عامة‪ .‬وأهل عمان خاصة ‪ .‬في تحويل منطقة الساحل الشرقي الإفريقي إلى‬ ‫منطقة حضارية تابعة للنفوذ والإسلامي منذ بداية ظهور الدعوة الإسلامية ‪ .‬بعد أن ظلت‬ ‫تلك السواحل الإفريقية مرتبطة بالسواحل العمانية منذ عصور ما قبل الإسلام ‪ .‬ولذلك‬ ‫فقد انساب الإسلام في سهولة ويسر مع حركة السقن والتجار العرب والعمانيين في شرقي‬ ‫إذريقية ‪ .‬وظلت عمليات الانتشار مستمرة حتى وصلت أساطيل الدول الأوروبية إلى‬ ‫شرقي إفريقية حديثا ‪.‬‬ ‫لكن ‪ ..‬ماهى عناصر القوة في هذا الدور العماني ؟ أو ما المقومات التى أعطت‬ ‫للدور العماني تميزه وإستمراريته على السواحل الشرقية لإفريقية ‪.‬‬ ‫يمكننا تقسيم تلك المقومات إلى مايلي ‪- :‬‬ ‫المقومات الطبيعية ‪.‬‬ ‫أولا ‪:‬‬ ‫‏(‪ (١‬شكل الساحل وطبيعة امتداده ‪- :‬‬ ‫فمن النظرة الأولى على خارطة العالم والمحيط الهندي ‪ .‬نجد أن عمان تشكل شريطا‬ ‫ساحليا طوليا يمتد من ا لخليج ‏‪ ١‬لعربي شمالا وحتى منطقة حضرموت جنوبا ‪ .‬مسافة تزيد‬ ‫عن ‏‪ ١٧٠٠‬كم (حاليأ) ‪ .‬ورغم أن مساحتها حوالي ‏‪ ١/٣‬مليون كم‪٢‬‏ ‪ .‬أى أنها من الدول‬ ‫‪_ ٢٩٢‬‬ ‫متوسطة المساحة ("" فإنها تمتلك سيادة طويلة على جزء كبير من سطح المحيط الهندي ‪.‬‬ ‫حيث النطاق الماني لعمان حوالى ‪ ,...‬‏‪ ٥٦٢‬‏‪٢‬مك ‪ .‬أى نطاقها المائي يبلغ ضعف‬ ‫مساحتها البرية ‪ .‬وهو أمر يميزها في هذا النطاق عن كل أقطار الشرق الأدنى والوطن‬ ‫العربي بل وعلى المستوى الدولي ("'‬ ‫وتأتى أهمية الدولة في إستغلال نطاقها المائي ‪ .‬بما يتوافر لدى شعبها من قدرات‬ ‫وإمكانيات ‪ .‬وقد تمكن أهل عمان من استغلال تلك المميزات الطبيعية فبرعوا في حرفة‬ ‫صيد الأسماك "' والفوص عن اللؤلؤ (“' وأصبحوا من أشهر تجار اللؤلؤ خاصة في العصر‬ ‫العباسي ‪ .‬حيث نتشرت مغاصات اللؤلؤ على ساحل تؤام وصور ومسقط ‪ .‬ومن أشهرها‬ ‫الدرة التوممية المنسوبة إلى تؤام بعمان (ث' ‪ .‬كما اشتهرت من لآلىء عمان الدرة التيمية‬ ‫التى استخرجت من عمان في أوائل العصر العباسي ‪ .‬واشتراها هارون الرشيد بسبعين‬ ‫ألف درهم ‪.‬كما ا شتهرت لآلى ء عما ن في مكة ودمشق وسمرقند ‪.‬‬ ‫كما برع العمانيون في ركوب البحر وتفننوا في السيطرة عليه منذ القدم ‪ .‬وأصبحوا‬ ‫أصحاب خبرة في هذا المجال ‪ .‬فا لسواحل طويلة ومنفتحة مباشرة على مياه المحيط‬ ‫الهندي مما أعطى الحرية لكل منطقة من مناطق عمان أن تطور قدراتها البحرية حسب‬ ‫إمكانياتها وظروف ظهيرها القاري ‪.‬‬ ‫حتى اعتقد البعض أن دور الريادة البحرية العمانية جا ث مع قدوم أزد عمان بقيادة‬ ‫مالك بن فهم ‪ .‬حينما بدأت سلسلة انهيارات سد مأرب ‪ .‬إلى عمان عبر الطرق البرية‬ ‫حيث أن قدوم الأزد إلى عمان عمق من توجيه أنظار العمانيين صوب شرقي إفريقية بسبب‬ ‫‏(‪ )١‬وهى الدول التى تنحصر مساحتها فيما بين ‏‪ ٢٥٠‬ألف كم‪٢‬‏ وحتى ‏‪ ٦٥ ٠‬ألف كم‪٢‬‏ ‪ .‬والأقل من تلك‬ ‫المساحة تعد دول صغيرة المساحة ‪ .‬بينما تعد الدول التى تمتلك ما يزيد عن ‏‪ ٦٥ ٠‬ألف كم‪٢‬‏ كبيرة‬ ‫المساحة ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬راجع محاضرة الأستاذ الدكتور ‪ /‬صبحي عبدالحكيم ‪ .‬نادي الصحافة ‪ .‬الموسم الثقافي سنة‪ ‎‬م‪٢٩٩١‬‬ ‫‪ .‬وزارة الإعلام العمانية ‪ .‬عن عبقرية المكان لعمان ‪ -‬شخصية عمان‪" ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬وارتبط العمانيون بتصديره مجفف عبر العصور الإسلامية والحديثة‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬المسعودي ‪ .‬روج الذهب ‪ .‬ج‪ .١‬ص‪ . ١٤٨ ‎‬ابن حوقل ‪ .‬صورة الأرض ‪ .‬ص‪. ٥٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬شيخ الربوة ‪ .‬ص‪ . ٢١٨ ‎‬الإدريسي ‪ .‬نزهة المشتاق ‪ .‬ص‪( ٤٠ ‎‬جزيرة العرب)‪. ‎‬‬ ‫‪_ ٢٩٢‬‬ ‫الخبرة الكبيرة التى حملها الأزد من مواطنهم الأصلية من اليمن إلى عمان ‪ .‬حيث كانت‬ ‫تربطهم علاقات وثيقة مع شرقي إفريقية ‪ .‬ويرد هذا أصحاب هذا الرأي أن قوة العلاقات‬ ‫العمانية الإفريقية قبل عصور ا لإسلام وحتى العصور الحديثة مرور بالعصور الإسلامية‬ ‫ماهى إلا استكمال لحلقات الدور اليمني القديم مع منطقة القرن الإفريقي وشرقي إفريقية‬ ‫منذ سيادة اهل اوسان على شرقي إفريقية وسميت المياه الافريقية من المحيط الهندي‬ ‫بالبحر الأوساني " في إحدى فترات التاريخ القديم " ‏(‪6١‬‬ ‫وإن كنا نرى أن هذا الارتباط بين الدورين اليمني والعماني في شرقي إفريقية لا‬ ‫يصل إلى هذا الأمر ‪ .‬وأن هناك عوامل أخرى فرضت قوة في الدور العماني في شرقي‬ ‫إفريقية ‪ .‬وأن هجرة مالك بن فهم وجموعه من الأفراد إلى عمان وما تلاها من هجرات من‬ ‫وسط شبه الجزيرة العربية من النزارية ‪ .‬أو ماسبقتها من هجرات قحطانية ("' إنما تعود‬ ‫لظروف خاصة باليمن ‪ .‬وحينما وصلت تلك الهجرات إلى عمان وتمكنت الهجرة الثانية من‬ ‫تعريبها بدأ العرب يستغلون قدرات عمان وإمكانيات شكلها وطبيعتها حسب ظروفهم‬ ‫الإقليمية وخبرة الجماعات التى سبقتهم ولكنهم صبغوا ذلك بصفة عربية جديدة ‪.‬‬ ‫ويبدو أن أهل عمان قد تمكنوا ‪ .‬بعد بسط نفوذهم على سواحل الخليج العربي ‪ .‬أن‬ ‫يمدوا نفوذهم إلى ميناء عدن عبر سواحل حضرموت ‪ .‬بحيث ظهرت نتائج لهذا الارتباط‬ ‫(‪ )١‬انظر ‪ - :‬شكري محمد سعيد ‪ .‬العلاقات بين اليمن وعمان في العصرين القديم والوسيط‪٠ ‎‬‬ ‫‪. ١٩٩٤‬‬ ‫‪ . ٤ . ٣٠٢‬ندوة عمان في التاريخ ‪ .‬سنة‪‎‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪ -‬شهاب ‪ .‬حسن صالح ‪ .‬أضواء على تاريخ اليمن البحري ‪ .‬ص‪ . ٥٨ ‎‬بيروت ‪ .‬ط‪ .‬الثانية‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬تنقسم موجات الهجرات العربية إلى عمان قبل الإسلام إلى ثلاث موجات هي‪: ‎‬‬ ‫‪ -‬الأولي ‪ :‬من العرب القحطانية ‪ .‬بزعامة يعرب بن قحطان ‪ .‬وفرضت سيادتها على جنوب عمان‪‎‬‬ ‫‪ -‬الثانية ‪ :‬من الأزد بقيادة مالك بن فهم الذى قاد جموعه نحو الشمال وأحرز انتصارا" عسكريا"‪‎‬‬ ‫على الفرس في سلوت تمكن بعده من تعريب عمان لأول مرة في تاريخها ووسع نفوذ العرب في منطقة‪‎‬‬ ‫الخلية العربي‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬الثالثة ‪ :‬موجات من النزارية قدمت من شرق ووسط الجزيرة العربية في القرنين الرابع والخامس‪‎‬‬ ‫الميلاديين واستقروا خاصة في الظاهرة والباطنة من عمان‪. ‎‬‬ ‫‪ . ١٨١‬طبعة وزارة التراث القومي والثقافة‪. ‎‬‬ ‫انظر ‪ -‬العوتبي ‪ .‬الأنساب ‪ .‬ج‪ . ٢‬ص‪‎‬‬ ‫‪ -‬السالمى ‪ .‬تحفة الأعيان ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪ . ١٢١ ‎‬طبعة وزارة التراث القومي والثقافة‪. ‎‬‬ ‫‪_ ٢٩٤‬‬ ‫في بداية العصر الإسلامي حينما ارتبط أهل عمان اليمن بالفكر الأباضي ‪ .‬بل أن هناك‬ ‫من يشير إلى أن أهل عمان ساهموا في إمامة حضرموت واليمن سنة ‪١٢٩‬ه‏ ‪ .‬وعادوا‬ ‫إلى أوطانهم في عمان بعد نجاحها ‪ .‬وأن انتشار هذا الفكر بين أهل حضرموت واليمن كان‬ ‫دلالة ها‪٠‬ة‏ على ارتباط أهل عمان وحضرموت واليمن ضمن النشاط التجاري البحري‬ ‫الذي قام به أهل عمان في منطقة المحيط الهندي ‪ .‬ولذلك ارتبط أهل عمان مع جيرانهم‬ ‫من ساحل شبه الجزيرة العربية في رباط عقائدى جديد وهو فكر أهل الدعوة الذي كلل‬ ‫بالنجاح أولا في حضرموت سنة ‪١٢٩‬ه‏ ‪ .‬ثم في عمان ‪١٣٢‬هھ‏ (" ‪.‬‬ ‫وبذلك ساعد شكل الساحل العماني وامتداد ‪ .‬على سيادة عمان على منطقة بحر‬ ‫العرب وسواحل شرقي افريقية منذ عصور ما قبل ‪ .‬واستمر هذا الأمر في المصور‬ ‫الإسلامية والعصور الحديثة ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬تضاريس عمان وجغرافيتها‪: ‎‬‬ ‫دفعت طبيعة التضاريس العمانية ("' أهلها منذ البداية إلى التوجه البحري ‪ .‬فطول‬ ‫السواحل العمانية ‪ .‬واحتوائها على عدد كبير من الموانىء الصالحة للملاحة أو الصالحة‬ ‫لبناء السفن ‪ .‬خاصة في صحار ومسقط وصور ‪ .‬أعطت لتلك الموانىء وأهلها دور‬ ‫الوساطة في المناطق التى تقع على جانينها ‪ .‬كما جعلت من تلك الموانىء محميات امنة‬ ‫للطريق البحري الطويل بين سواحل شرقي افريقية وسواحل المحيط الهندي والخليج‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫(‪ )١‬مقابلة مع الشيخ ‪ /‬سالم بن حمد الحارثي ‪ .‬بالقابل‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬شكري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٤ . ٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬تنقسم التضاريس العمانية إلى ثلاثة أقاسم هي‪- : ‎‬‬ ‫‪ -‬السواحل رهى التى تنحصر بين مناطق الجبال وبين مياه البحر ‪ .‬وهى تنقسم إلى سواحل شمالية‪‎‬‬ ‫وسواحل جنوبية ‪ .‬لكل ظروفه وطبيعية‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬الجبال ‪ :‬وهى سلاسل جبال حجر عمان التى تعد امتدادا لسلاسل جبال زاجروس في إيران ولكنها‪‎‬‬ ‫انفصلت عنها بهبوط مضيق هرمز ‪ .‬وسلاسل جبال القرا في الجنوب وهى امتداد لجبال البحر الأحمر‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬الصحاري ‪ :‬وهى التى تقع إلى الخلف من السلاسل الجبلية وتقطعها عدد من الأودية‪. ‎‬‬ ‫انظر شولتز ‪ .‬فريد ‪ .‬إطلس سلطنة عمان ‪ .‬ج‪ .. ٢‬ص‪ ٦١ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫_ ‪_ ٢٩٥‬‬ ‫كما أصبح لكل ميناء من تلك الموانىء ظهيره القاري ‪ .‬أى المنطقة التى تعتبر‬ ‫بمثابة المجال الحيوي لسكان الميناء والمنطقة حيث يتم فيها تصريف جزء من الواردات ‏‪٠‬‬ ‫مثل الماء وكانت الباطنة‬ ‫وتجهيز ما يلزم التجار وعمال الشحن من المواد الغذائية وغيرها‬ ‫أودية أهمها وادي الجزي‬ ‫هى الظهر القاري لميناء صحار بالإضافة إلى منطقة الظاهرة عبر‬ ‫صور ‪ .‬وأصبحت المنطقة‬ ‫‪ .‬كما كانت المنطقة الشرقية هى الظه ير القاري والحيوي لميناء‬ ‫منطقة ظهير اقاريا لميناء‬ ‫الداخلية هى الظهير القاري لميناء مسقط ‪ .‬فيما بعد ‪ .‬وكذلك‬ ‫الموانىء العمانية حسب‬ ‫مرباط أو ميناء سمهرام ‪ .‬قبل ذلك ‪ .‬وتكاملت بذلك منظومة‬ ‫مختلف مناطق عمان ‪.‬‬ ‫ولذلك فقد ساهمت عمان في حركة التصدير والإستيراد داخل نطاق المحيط الهندي‬ ‫وموانىء إفريقية من خلال تصديرها للعديد من المحاصيل ‪ .‬فصدرت إلى شرقى إفريقية‬ ‫محاصيل هامة مثل التمور المتنوعة (" ‪ .‬وكذلك الرمان والتين والعنب والنبق والسفرجل‬ ‫وقصب السكر ‪ .:‬ونباتات طبية مثل اللبان "" ‪ .‬كما صدرت عمان إلى إفريقية منتجات‬ ‫تلك الأقاليم التى تقع خلف الموانىء في عمان مثل المنسوجات العمانية الشهيرة ‪ .‬وكانت‬ ‫صحار أهم مراكز صناعة النسيج في عمان ("' ‪ .‬كما صدرت من نزوى أقمشة حريرية‬ ‫جيدة (" ‪ .‬كما تخصصت المناطق المحيطة بالموانىء في زراعة معظم أنواع الفاكهة‬ ‫والحبوب اللآزمة لأى نمو سكاني أو عمراني لتلك المناطق ‪ .‬مما جعلها تكتفي ذاتيا‬ ‫باحتياجات سكانها ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬ذكر المقدسي أنواع عديدة من تمور عمان مثل‪: ‎‬‬ ‫الفرض ‪ .‬الحبوت ‪ .‬التبي ‪ .‬البلمق ‪ .‬ومعين عمان‪. ‎‬‬ ‫أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ‪ .‬ص‪. ٩٨ ‎‬‬ ‫‪. ٤١‬‬ ‫(‪ )٢‬انظر ‪ -‬الإدريسي ‪ .‬نزهة المشتاق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪-‬الأصطخري ‪ .‬مسالك الممالك ‪ .‬ص‪. ٢٥ ‎‬‬ ‫كرت')‪ ‎(٣‬الرسول صلي الله عليه وسلم ‪ .‬بعد وفاته إزارا عمانيا ‪ .‬كما كفن صلى الله عليه وسلم في‪‎‬‬ ‫ثلائة أثواب ثوبين صحاريين وكفن سعد بن معاذ بثلاثة أثواب صحارية‪. ‎‬‬ ‫انظر ‪ - :‬السيرة النبوية ‪ .‬ج‪ . ٤‬ص‪. ٢١٣ ‎‬‬ ‫‪. ٥٢٧‬‬ ‫‪ -‬الواقدي ‪ .‬المغازي ‪ .‬ج‪ . ٢ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٤‬ياقوت الحموي ‪ .‬معجم البلدان ‪ .‬ج‪ . ٤‬ص‪. ٧٧٦ ‎‬‬ ‫‪_ ٢٩٦‬‬ ‫وهكذا وهبت الجغرافية تضاريسا متكاملة لعمان ‪ .‬ترتب عليها انسجاما في أداء‬ ‫الدور العماني واستمراريته في وظيفته وكان مبعث ذلك الأختلاف بين تضاريس عمان مما‬ ‫أدى إلى تناسق بين مخرجاتها ‪ .‬كما أعطى للسفينة العمانية دورا راسخا وقويا بين‬ ‫موانىء المحيط الهندي وشرقي إفريقية ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬اللرقع الجغرافي‬ ‫تقع عمان في الركن الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العريية ‪ .‬وعلى البوابة‬ ‫الرئيسية للخليج العربي ‪ .‬كما أنها تعد أقصى امتداد لليايس العربي داخل مياه المحيط‬ ‫الهندي مما أعطى لها امتيازات هامة في الملاحة البحرية ("‪ .‬حيث أصبحت أهم نقطة على‬ ‫سواحل المحيط في مجال التبادل ‪.‬التجاري والتأثير الحضاري ‪.‬وتفوقت على مواقع‬ ‫تحبارية أخرى تميزت بالقرب من السواحل الإفريقية مثل سواحل حضرموت والىمن ‪.‬‬ ‫ويتضح ذلك أيضا في الفرق بين النشاط البحري في الخليج العربي والبحر الأحمر ‏‪٠‬‬ ‫وهما الزرعان البحرييان المتفرعان شمالا من المحيط الهندي ‪.‬ورغم قرب البحر الأحمر من‬ ‫حوض البحر المتوسط عبر الأراضي المصرية ‪.‬إلا أن الخليج العربي ‪ .‬باعتباره الذراع الأيمن‬ ‫من المحيط صوب الشرق الأدني قد فاق أهمية البحر الأحمر بفضل نشاط أهل عمان وأهل‬ ‫الخليج في هذا المضمار ‪ .‬ولم يتمكن اليمنيون أو المصريون وغيرهم في منافسة الدور‬ ‫العماني في مياه المحيط الهندي وشرق إفريقية ("" ‪.‬بل أن بقية منطقة الخليج العربي‬ ‫ارتبطت بشرقي إفريقية فيما بعد وأصبحت مركزا لهجرات مستمرة صوب شرقي إفريقية‬ ‫معتمدة على الرصيد العماني في التعامل مع تلك المناطق ‪.‬‬ ‫وأصبحت صحار وصور ومرباط من موانىء عمان مخزنا للسلع الإفريقية التى‬ ‫حملتها سفن أهل عمان بصورة مستمرة إلى منطقة الخليج ‪ .‬وظلت جماعات التجار تفد‬ ‫إلى موانىء عمان لحمل السلع الإفريقية وغيرها (" ‪ .‬وكانت قوافل اهل عمان تسير‬ ‫‪ . ٢١‬ومابعدها ‪ .‬دار النهضة العربية‪. ‎‬‬ ‫(‪ )١‬أباولعلا ‪ .‬محمد ‪ .‬دكتور ‪ .‬موقع عمان الجغرافي ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬أبوالعلا ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٥ ‎‬‬ ‫القاهرة ‪ .‬سنة‪ ١٩٨٥ ‎‬م‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬انظر ‪ -‬المسري ‪ .‬حسين ‪ .‬العلاقات بين العراق ومنطقة الخليج العربي ‪ .‬ص‪.١٧١٥ ‎‬‬ ‫‪ -‬العاني ‪ .‬عمان في العصور الإسلامية الأولى ‪ .‬ص‪ ١٣٤ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫‪_ ٢٩٧‬‬ ‫بصورة مستمرة إلى شرقي إفريقية في شكل قوافل ‪ .‬يتضح ذلك في حديث أحد النواخذه‬ ‫من أنه قال ‪« :‬دخلت بلاد الزنج سنة ‏‪ ٣٣٢‬ه فقال لي بعض أهلها كم أنتم مركبا قلت‬ ‫ستة عشر مركبا فقال يسلم منها إلى عمان خمسة عشر مركبا وينكسر واحد» «" ‪.‬‬ ‫وقد تمكنت السفن العمانية من الانتشار على سواحل شرقي إفريقية وحملت‬ ‫إمكانيات وصادرات كل جزء منه وخاصة النحاس والحديد والذهب وحملتها إلى موانئها‬ ‫في عمان ثم إلى الهند ("" لتكمل الدور الحضاري في المنطقة ‪ .‬ولولا هذا الدور العماني‬ ‫لتفيرت ظروف شبه القارة الهندية والشرق الأدنى القديم ‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى فإن موقع عمان بين دائرتى عرض ‏‪ ١٦١,٤.‬درجة ‪ .‬إلى ‏‪٢٦.!٢٠‬‬ ‫درجة شمال خط الاستواء (" أعطى لها ميزة هامة في أن تكون حلقة وصل بين محاصيل‬ ‫وموارد المناطق المدارية والإستوائية في الجنوب ويين موارد وسلع المناطق الساخنة والباردة‬ ‫في الشمال ‪ .‬فاعتمدت مناطق الشرق الأدنى على أهل عمان في استيراد ما يلزمها من‬ ‫منتجات الساحل لإفريقي الشرقي التى كانت في حاجة إليها مثل العاج والذهب والنحاس‬ ‫والحديد والأخشاب وغير ذلك ‪ .‬كما حملت السفن العمانية صناعات منطقة الشرق الأنى‬ ‫إلى ساحل إفريقية الشرقي ‪.‬‬ ‫كما أدى موقع عمان بين مناطق حضارية متباينة في المستوى الحضاري إلى أهمية‬ ‫هذا الدور في الاتصال الحضاري بين تلك المناطق ‪ .‬فقد تمكنت منطقة العراق من احراز‬ ‫تقدم حضاري وإزدهار اقتصادي في التاريخ القديم زمن السومريين والبابليين‬ ‫والآشوريين (“' وكذلك أصبحت مركزا للخلافة الإسلامية طيلة العصر العباسى ‪ .‬وكانت‬ ‫(‪ )١‬بزرك ‪ .‬عجائب الهند ‪ .‬ص‪. ١١٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬شيخ الربوة ‪ .‬ص‪. ٥٤ ‎‬‬ ‫‪ -‬حصاد ندوة الدراسات العمانية ‪ .‬المجلد السابع ‪ .‬ص‪ ٨١ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬بالنسبة لخطوط الطول تقع عمان بين خط طول‪ ١٥ , ٥ ‎‬درجة إلى‪ ٥٩٠٤٠ ‎‬درجة شرقا‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬انظر ‪ :‬مسقط الحضارة والحاضر ‪ .‬ص‪٩١ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬البدر ‪ .‬الخليج العربي خلال الألفين الثالث والثاني ق ‪ .‬م ‪ .‬ص ‏‪ ٥٧‬ومابعدها ‪.‬وقد ربطت حضارات‬ ‫أهل العراق تلك السلع بأهل عمان فسموها أسماء مختلفة حسب نوع كل سلعة ‪ .‬كما حارل بعض‬ ‫ملوك البابليين السيطرة على سواحل عمان نظرا لأهميتها التجارية ‪.‬‬ ‫‪_ ٢٩٨‬‬ ‫تلك المنطقة تعتمد على أساس أهل عمان بصورة كبيرة في استيراد ما يلزمها من عالم‬ ‫المحيط الهندي وافريقية ‏‪ ٠١‬ولذلك أصبحت البصرة ‪ .‬وهى ميناء العراق الهام على‬ ‫الخليج ‪ .‬عمانية برجالها وعلمائها وتحبارها ‪.‬‬ ‫وكان أهل إفريقية من جهة ثانية في وضع حضاري لا يمكنهم من معرفة مناطق‬ ‫العالم الأخرى التى تحتاج إلى سلعهم المكدسة حولهم ‪ .‬والتى لايدركون أهميتها ‪ .‬حتى‬ ‫وصلت السفن العمانية لتحمل سلعهم بأرباح عالية يستفيد منها التاجر ومالك السلعة ‪.‬‬ ‫بحيث أصبح الأفارقة يتجمعون في المناطق التى ينزل بها تجار عمان ‪ .‬وصارت تلك‬ ‫الأماكن أهم المراكز التجارية على ساحل شرقي إفريقية ‪ .‬وكانت تلك المراكز بمثابة منافذ‬ ‫للتجارة الإفريقية مع العالم الخارجي ‪ .‬وشارك الأفارقة التجار العمانيين في تلك العملية‬ ‫فيما بعد ‪.‬‬ ‫كما تمكنت السفن العمانية من ربط سواحل الهند مع سواحل شرقي إفريقية ‪.‬‬ ‫وشارك الهنود العمانيين في بعض العمليات التجارية التى كانت تتم في شرقي إفريقية‬ ‫في العصر الإسلامي زاد دورهم في العصر الحديث في شرقي إفريقية ‪.‬‬ ‫ساعد موقع عمان أيضا على استمرارية الدور العماني مع شرقي إفريقية ‪ .‬خاصة‬ ‫في العصور الإسلامية ‪ .‬فمنذ العصر الأموى أصبحت منطقة الخليج العربي تشهد حركات‬ ‫تمرد وثورة ضد الأمويين مثل ثورات الأزارقة في الأهواز وتهديدهم للبصرة في العقدين‬ ‫الثامن والتاسع م‪! :‬نقرن الأول الهجري ‪ .‬وكذلك ثورة نجدة بن عامر الحنفي في اليمامة‬ ‫وامتداد نفوذه إلى ساحل الخليج العربي ‪ .‬وظهور ثورات روكات في البحرين مثل حركة‬ ‫في‬ ‫ا ملاحة وحركة التجارة‬ ‫هدد‬ ‫‏)‪ (٢‬الأمر الذي‬ ‫بن أبي زبيدة‬ ‫‏‪ ٠‬حركة مسعود‬ ‫أبي طالرت‬ ‫شمال الخليج العربي لفترة طويلة وأصبحت القوافل التجارية غير امنة على حركتها‬ ‫ومرورها ‪.‬‬ ‫وأدى بعد عمان عن مراكز تلك الفتن إلى أنها أصبحت مركزا لتوقف السفن القادمة‬ ‫‏‪ ١٧١‬رمابعدها‬ ‫‏‪ ٠‬المرجع السابق ‏‪ ٠6‬ص‬ ‫‪ -‬المسيري‬ ‫‏) ‪( ١‬‬ ‫‪ -‬العاني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ١٧٤١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ .‬‏‪ ١٧٥‬ومابعدها‬ ‫قلعجي ‏‪ ٠‬الخليج العربي‬ ‫‏) ‪ ( ٢‬قدري‬ ‫_ ‪_ ٢٩٩‬‬ ‫من إفريقية لتفرغ حمولتها وتعود إلى استئناف رحلة أخرى مع إفريقية ‪ .‬بدلا من الدخول‬ ‫إلى مناطق القلق والإضطراب في شمال الخليج العربي ‪ .‬ويدأ سكان البصرة والبحرين في‬ ‫‏‪.٠‬‬ ‫لحمل مايحتاجونه من سلع إفريقية وغيرها‬ ‫عمان‬ ‫على موانىء‬ ‫التردد‬ ‫وفي العصر العباسي اضطريت منطقة الخليج العربي اضطرابا شديدا زمن ثورة الزنج‬ ‫التى وقعت في البصرة وجنوب العراق في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري ‪ .‬بعد‬ ‫أن مدوا سيطرتهم على سواحل البحرين واتخذوا لأنفسهم عاصمة في جنوب العراق هى‬ ‫اللختارة فتدهورت الأحوال الأمنية لمدة أربعة عشر عاما وهجر الأهالى مدنهم ‪ .‬كما‬ ‫تعرضت منطقة شمال الخليج إلى اضطرابات أخرى بسبب غزو القرامطة للمنطقة ‪ .‬ورغم‬ ‫امتداد نفوذهم إلى عمان فترة من الزمن إلا أن انفتاح السواحل العمانية على المحيط‬ ‫الهندي جعلعملية تدفق السلع الإفريقية يتم بصورة عادية وسلسلة ‪ .‬وإن كان يتم تحجيميع‬ ‫تلك السلع في موانىء عمان خاصة صحار التى بلغت أقصى ازدهارها في القرن الرابع‬ ‫المجرى رأصبحت أهم موانىء ومدن العالم الإسلامي كما ذكر الرحالة والجغرافيون الذين‬ ‫زاروها في تلك الفترة ‪ .‬وأصبحت مركزا لتجارة الدنيا ('‪.‬‬ ‫وأصبحت عمان أهم مخازن تجارة إفريقية في العصر العباسي ‪ .‬ولم تنافسها محطة‬ ‫تجارية أخرى إلا هرمز الذي عمل أميرها على فرض سيادته على موانىء عمان لاحتكار‬ ‫موارد التجارة إلى جزيرته ‪ .‬فهدد ميناء صحار وصور وقلهات وقريات ‪ .‬ورغم ذلك‬ ‫استمرت العلاقات العمانية الإفريقية بصورة جيدة ‪ .‬حتى ظهرت دولتى اليعاربة ثم‬ ‫البوسعيد في عمان‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬المقومات التاريخية والسياسية ‪:‬‬ ‫كون العمانيون بسبب ظروفهم الجغرافية شخصية مستقلة رفضت الخضوع والتبعية‬ ‫لأية قوة من القوى السياسية التى ظهرت في منطقة الشرق الأدنى في التاريخ القديم ‪.‬‬ ‫فقد‪ .‬رفضوا الخضوع للهيمنة الفارسية ‪ .‬رغم احتلال الفرس لبلادهم ‪ .‬إلا أن هذا الاحتلال‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٦٩ ٣‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪ ٠‬أ حسن ا لتقا سيم‬ ‫‪ ١ -‬مقدسي‬ ‫‏‪٣٨‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪ ١‬لأرض‬ ‫‏‪ ٠‬صررة‬ ‫‪ ١‬بن حوقل‬ ‫‏) ‪( ١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٤٤ ٩.‬‬ ‫‏‪١.٨‬‬ ‫‪ ٠6‬ص‬ ‫‪ .‬ج ‏‪١‬‬ ‫‏‪ ١‬لذ هب‬ ‫‏‪ ٠‬مروح‬ ‫‏‪ ١‬مسعود ي‬ ‫۔‬ ‫اتتصر على الساحل بينما ظل العمانيون يتمتعون بحريتهم في داخل بلادهم (" ‪ .‬ونفى‬ ‫تلك الفترة من السيطرة الفارسية جعل اهل عمان من دبا مركزا لنشاطهم البحري ‪ .‬حتى‬ ‫الفارسي للتجارة العالمية ‪.‬‬ ‫الحصار والإحتكار‬ ‫يتفادوا‬ ‫وكان ظهور الإسلام ومسارعة أهل عمان من خلال قبول جيفر وعبد لرسالة الرسول ‏‪٠‬‬ ‫‪ .‬حتى حملها عمرو بن العاصى وأبو زيد الأنصارى ("' نصرا جديدا‬ ‫صلى الله عليه وسلم‬ ‫لإعادة الدور العماني من جديد إلى سيادته على عمان وعلى الملاحة في الخليج العربي‬ ‫وشرقي إفريقية ‪ .‬إذ تم طرد الفرس من عمان ‪ .‬الذين رفضوا الدعوة ‪ .‬في البداية‪.‬‬ ‫ظهرت المساهمة العمانية في عمليات الفتوحات الإسلامية ونشر الإسلام بصورة‬ ‫جلية في مساهمة القبائل العمانية في فتوحات فارس والعراق والشام ومصر وشمال‬ ‫إفريقية ‪ .‬وجزر البحر المتوسط ‪ .‬ونستدل على هذا الدور من مكانة المهلب بن ابي صفرة‬ ‫التى وصل إليها في العصر الأموى من خلال إنجازات أزد عمان في العمليات العسكرية‪.‬‬ ‫وفي مجال الملاحة البحرية ساهمت السفن العمانية وملاحيها في استمرارية نقل سلع‬ ‫الحيط الهندي من الهند وشرقي إفريقية إلى العراق وغيره من مراكز المنطقة ‪ .‬بحيث لم‬ ‫يهتم أحدا من الخلفاء الراشدين بتوجيه حملات عسكرية إلى شرق إفريقية ‪ .‬باستثناء‬ ‫حملة عمر بن الخطاب إلى الحبشة ‪ .‬حيث لم يحدث انقطاع في عمليات نقل منتجات‬ ‫إفريقية إلى العالم الإسلامي ‪.‬‬ ‫وظلت عمان تقوم بدورها الكبير في تأمين الجبهة الإسلامية من الجنوب ‪ .‬حيث‬ ‫ساهم أهل عمان في ملاحظة فلول الفرس التى تجمعت عند اصطخر بعد معركة‬ ‫جلولاء "" ‪ .‬واشتركوا مع عثمان بن أبي العاصى في انزال الهزة بالفرس ‪ .‬كما أصبحوا‬ ‫القوة الأساسية فى الحملات البحرية التى شنها عثمان بن أبي العاصى على معاقل‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫الحربر‬ ‫الدولية لطرق‬ ‫الندوة‬ ‫‏‪ ٠‬حصاد‬ ‫‏‪ ٨٦‬رمابعدها‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫العمانية‬ ‫‏‪ ٠‬مدينة صحار‬ ‫مونيك كافران‬ ‫‏) ‪( ١‬‬ ‫‏‪.‬م‪١‬‬ ‫‪٩٩١‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫قابرس‬ ‫جامعة السلطان‬ ‫(‪ )٢‬العرتبى الأنساب ‪ .‬ج‪ . ٢‬ص‪. ٢٦٢ . ٢٥٩ ‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ ٣٢٤‬ومابعدها‪‎‬‬ ‫‪‎‬ج‪ .٠ ٢‬صر‪‎.‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫السابق‪‎‬‬ ‫المصدر‬ ‫)‪ (٣‬العموتبى‪٠ ‎‬‬ ‫‏‪ ٤.١‬س‬ ‫القراصنة في المحيط الهندي بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب ‪ .‬ويذلك كان للدور العماني‬ ‫أثره في فرص الهيبة والسيادة الإسلامية على مياه المحيط الهندي وسواحله ‪ .‬‏(‪'٨١‬‬ ‫وفى العصر الأموى ‪ .‬ورغم عوامل التوتر بين أهل عمان والخلافة الأموية ‪ .‬فإن أهل‬ ‫عمان استمروا في جهودهم في نقل سلع إفريقية إلى العالم الإسلامي عبر الخليج العربي ‪.‬‬ ‫كما حملوا رسالة الإسلام إلى سواحل إفريقية الشرقية وجزرها معتمدين على رصيدهم‬ ‫الكبير في تلك النواحي فكانوا سفراء للدين الجديد ‪.‬‬ ‫وكان لعوائد التجارة أثرها الكبير في نجاح فكر أهل الدعوة الذي انتشر بين أهل‬ ‫عمان منذ زعامة جابر بن زيد للجماعة ‪ .‬وكان تيار أهل عمان يبذلونالكثير لرجال الدعوة‬ ‫ويقومون لهم الأموال لمساندة فكرهم في كل مكان ‪ .‬مثلما قدموا الرجال لهم ‪ .‬وأصبحت‬ ‫الدعوة الأباضية مرتبطة منذ البداية بأهل عمان وإمكانيات أهلها ‪ .‬ونظرا لأهمية عمان‬ ‫في منطقة الخليج والمشرق الإسلامي فإن الجميع سارع إلى إرسال حملات لضمها لسيطرة‬ ‫الأمويين ‪ .‬وتمكنت تلك الحملات في النهاية من دخول عمان وضمها بقيادة مجاعة بن‬ ‫شعوة المزني ‪ .‬‏‪(٢‬‬ ‫أدى التدخل والضغط الأموي على أهل عمان إلى خروج أمراء عمان إلى شرقي‬ ‫إفريقية باعتبار تلك المنطقة مجالهم الحيوي ‪ .‬فخرج سعيد وسليمان ابنا عباد بن عبد بن‬ ‫المندي وأهليهما إلى ساحل إفريقية‪ .‬ويدأت منذ تلك الفترة الصورة الرسمية للوجود‬ ‫العماني الإسلامي على شرقي إفريقية ‪ .‬إذ نقل أنظمة إدارية معهما إلى شرقي إفريقية‬ ‫باعتبارهما حكام لعمان ‪ .‬كما تم صبغ مناطق من شرقي إفريقية بالصبغة الإسلامية‬ ‫العامة لأول مرة في تاريخ منطقة شرقي إفريقية خاصة في منطقة أرخبيل لامو ‪.‬‬ ‫وبدأت مرحلة جديدة من انتشار الإسلام وترسيخ ثقافة بين زنوج إفريقية من خلال‬ ‫(‪ )١‬الحميدى ‪ .‬سعيد ‪ .‬دكتور ‪ .‬عرب عمان في أحداث ثفر الهند في القرنين الأول والثاني الهجرين‪. ‎‬‬ ‫ندوة عمان في التاريخ ‪ .‬مسقط ‪ .‬سنة‪٩٩٤ ‎‬ا‪١‬م ‪.‬‬ ‫(‪ )!٢‬عبدالحليم ‪.‬رجب ‪ .‬دكتور ‪ .‬العمانيون والملاحة والتجارة ونشر الإسلام ‪ .‬ص‪ ١٩٩ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫م‪.٠ ‎‬‬ ‫‪١ ٩ ٨ ٩‬‬ ‫مسقط سنة‪‎‬‬ ‫‏‪ ٤.٢‬س‬ ‫اختلاط العمانيين المهاجرين (ا'‪ .‬حيث كانت تلك بمثابة هجرة وليست عملية تجارة وتبادل‬ ‫‪ .‬فوقع انصهار بين الطرفين ‪ .‬كما أن هجرة سعيد وسليمان إلى شرقي إفريقية أدت إلى‬ ‫بداية عصر حضاري جديد لتلك المناطق البدائية ‪ .‬فملأوا الفراغ السياسي الذي كان يخيم‬ ‫على تلك الأرجاء وأخذوا بيد أهلها نحو آفاق حضارية جديدة ‪ .‬فازدهرت تلك المناطق‬ ‫وأصبحت هدفا" لجماعات أخرى للهجرة إليها إذا اضطرها الأمر ("' ‪.‬‬ ‫ومع استمرارية السياسة العباسية مع العمانيين على نفس النمط الأموي السابق ‏‪٠‬‬ ‫دون ان يبدى العباسيين تفهما لقضايا اهل عمان ‪ .‬بدات الهجرات العمانية في التدفق‬ ‫على شرقي إفريقية من داخل عمان ‪ .‬خاصة بعد سقوط الإمامة الأباضية الأولى في عمان‬ ‫سنة ‏‪ . ١٣٤‬ثم ظهور صراعات ني عمان ‪ .‬بدعم من العباسيين ‪ .‬وما أعقب ذلك من‬ ‫حملة محمد بن نور على عمان زمن الخليفة المعتضد ‪ .‬وما أحدثه من دمار وخراب في‬ ‫عمان حتى لقبه أهل عمان بابن بور "" فاستمرت الهجرات العمانية في التدفق على‬ ‫شزقي إفريقية وكونت لها مراكزها ورسخت من أنشطتها لتصبح هناك مستعمرات عربية‬ ‫عمانية ‪.‬‬ ‫ونتيجة للضغط العباسي على عمان وتعرض عمان خلال الفترات اللاحقة لغزوات‬ ‫القرامطة والبويهيين والمغول زادت الجماعات العمانية المهاجرة إلى شرقي إفريقية ‪ .‬وزاد‬ ‫عدد سكان المستعمرات العمانية فى شرق افريقية حتى أصبحت تلك المناطق امتدادا‬ ‫طبيعيا مشكلات عمان ‪ .‬في الوطن الأم ‪ .‬فظهرت إمارات عمانية امتدت على ساحل‬ ‫إفريقية الشرقي ‪ .‬وأصبحت السفن العمانية تحمل كل موسم أعدادا" هائلة من أهل عمان‬ ‫(‪ )١‬النقيرة ‪ .‬محمد ‪ .‬دكتور ‪ .‬انتشار الإسلام في شرق إفريقيا‪ .‬ص‪ . ٨٥ ‎‬الرياض ‪ .‬سنة‪ ‎‬م‪. ٢٨٨٩٧١‬‬ ‫(‪ )٢‬هاجرت جماعات من عرب عمان من سامة بن لؤى إلى منطقة الهند أيضا رسموا باسم " العلافيين‪" ‎‬‬ ‫وكان ذلك زمن حملات الحجاج أيضا ‪ .‬ركانت لهم خطوة عن الملك داهر ملك الهند وبين الهنود‪. ‎‬‬ ‫وتقابل هجرتهم فترة خروج سعيد وسليمان إلى شرقي إفريقية بعد هزيمتهم في النهاية‪. ‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -‬الحميدى ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٩ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬بعد انهزام النزارية في عمان في وقعة القاع خرج محمد بن القاسم ويشير بن المنذر إلى البحرين‪‎‬‬ ‫واستنجدوا بالوالى العباسى هناك وهو محمد بن نور ‪ .‬فسمح له الخليفة المعتضد بالتوجه إلى عمان‪‎‬‬ ‫‪ -‬العوتبي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ج‪ . ٢‬ص‪. ٣٢٣ . ٣٢٢ ‎‬‬ ‫‪_ ٤.٢‬‬ ‫إلى شرقي إفريقية ‪ .‬فظهرت مناطق عديدة على الساحل بمظهر إسلامي في فترة مبكرة من‬ ‫تاريخ الإسلام ‪ .‬فظهر الفقهاء والعلماء من أهل عمان في تلك المراكز ‪ .‬كما أسس‬ ‫العمانيون مؤسسات إسلامية لتعليم أبنا ءهم القرآن الكريم وأصول الدين الإسلامي‪'١١‬‏‬ ‫ومنذ ذلك الوقت ارتبطت شرقي إفريقية حضاريا"ووجدانيا بسواحل عمان وأهلها‪'"١‬‏‬ ‫‪ .‬وأصبحت آلام أهل عمان يحس بها إخوانهم في شرقي إفريقية ‪ .‬كما كانت منطقة‬ ‫شرقي إفريقية نصرا جديدا للدور العماني في نشر الإسلام ‪ .‬وكسبا تجاريا في المجال‬ ‫الأتتصادي ومازالت التجربة العمانية في شرق إفريقية تعد تجربة طويلة ولا يكن تجاهلها‬ ‫عند دراسة تاريخ شرقي إفريقية أو وسطها ‪ .‬وكذلك عند دراسة تاريخ سواحل المحيط‬ ‫الهندي وجزره ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬النقيرة ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٢٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬السيابي ‪ .‬عمان عبر التاريخ ‪ .‬ج‪ . ٢‬ص‪. ١١ ‎‬‬ ‫‪٤.٤‬‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫مراحل الإنتشار العماني والا‪ .‬سلا مي‪‎‬‬ ‫كي شرقي إقربقية‪‎‬‬ ‫بالرغم من النشاط الملاحي والتجاري الذي قام به تجار عمان ويحارتها في أرجاء‬ ‫المحيط الهندي وسواحله ‪ .‬والذي أمتد حتى سواحل الصين ‪ .‬وحتى سفالة الزنة ‪ .‬إلا أن‬ ‫الوجود العماني تركز منذ البداية بصورة واضحة على سواحل شرقي إفريقية وساعده في‬ ‫ذلك عوامل هامة منها مايلي ‪:‬‬ ‫‏(‪ )١‬الفراغ السياسي ‪ :‬فقد كانت منطقة شرق القارة الأفريقية تشهد فراغا" من‬ ‫القوى السياسية ‪ .‬وأنحصرت في تكتلات قبلية شهدت صراعاة مريرة بينها ‪.‬‬ ‫‏(‪.'٨‬‬ ‫خاصة أثناء زحف جماعات البانتو من الداخل صوب الساحل‬ ‫‏(‪ )٢‬أهمية السلع الإفريقية وندرتها ‪ :‬احتلت سلع إفريقية من الذهب والحديد‬ ‫والنحاس أهمية كبرى لدى مدينات العالم القديم والعالم الإسامي ‪ .‬كما أحتل‬ ‫العاج المتوفر في المنطقة بوفرة أهمية خاصة في‪.‬الجالم الإسلامي ‪ .‬وكانت تلك‬ ‫السلع تمثل الأساس لكثير من الصناعات في عالم العصور الوسطى ("" ‪.‬‬ ‫بالإضافة إلى الجلود والأخشاب والعنبر ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬استقرار جاليات عمانية كبيرة هناك ‪ :‬من أجل خدمة عمليات التجارة والتبادل‬ ‫والتجميع استقرت منذ البداية جاليات عمانية على ساحل شرق إفريقية ‪.‬‬ ‫زادت تلك الجاليات عددا" وكثافة منذ العقد الثلمن من القرن الأول الهجري ‏‪٠‬‬ ‫بسبب حملات الحجاج المستمرة ضد أهل عمان وهجرة حكام عمان إلى شرق‬ ‫‏‪(٣‬‬ ‫إفريقية‬ ‫(‪ )١‬الادريسي ‪ .‬نزهة المشتاق ‪ .‬ص‪. ٢٩٢ ‎‬‬ ‫‪ -‬المسعود ي ‪ .‬مروج الذهب ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪. ١٤ . ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬آشتور ‪ .‬التاريخ الإنتصادي ‪ .‬ص‪. ١١١ . ٩١ ‎‬‬ ‫(‪ )١‬كما بدأت عمان تتعرض من قبل لهجمات النجدات ‪ .‬حينما أرسل نجدة بن عامر الحنفي قائده‪= ‎‬‬ ‫س‬ ‫‏‪٤.٥‬‬ ‫وبالرغم من وجود جاليات عربية وعمانية في مناطق شرق القارة منذ العصور القديمة‬ ‫‪ .‬إلا ان العصور الإسلامية شهدت هجرات هامة إلى شرقي إفريقية تمكنت تلك المجرات‬ ‫من تكوين كيانات سياسية ‪ .‬وأحدث تغيرات اقتصادية واجتماعية في منطقة شرقي‬ ‫إفريقية ‪ .‬وتمكنت من ربط شرق إفريقية بجسم العالم الإسلامي رغم المحيط الذي تعيش‬ ‫فيه ‪.‬‬ ‫وتعدد عمليات الانتشار العماني ‪ .‬وغيره في شرق إفريقية عبر الهجرات والمراحل‬ ‫‪.‬‬ ‫التالية ‪:‬‬ ‫أولا" ‪ :‬هجرة ا لأخوين سعيد وسليمان ابنا عبا د بن عبد ‪:‬‬ ‫بعد أحداث الفتنة التى تعرض لها العالم الإسلامي وانتهت بمقتل الخليفة عثمان بن‬ ‫عفان ‪ .‬ومبايعة الإمام على بن أبي طالب سنة ‏‪ ٣٥‬ه ‪ .‬تعرض العالم الإسلامي إلى‬ ‫أحداث عنيفة أودت بإمكانياته حينما التقت سيوف المسلمين في معركة صفين المريرة‬ ‫والتى أدت إلى توقف عمليات المد الإسلامي وإنقسام الأمة الإسلامية إلى ثلاث زعامات‬ ‫متباعدة ‪ :‬إحداهما في الشام حيث أنصار معاوية ‪ .‬والثانية ‪ :‬في الكوفة حيث الإمام‬ ‫على الذي بويع من قبل كإمام للأمة ‪ .‬والثالثة في النهروان حيث عبدالله بن وهب الراسبي‬ ‫إمام جماعة المحكمة‪ .‬التى ولدت في أعقاب مهزلة التحكيم (ا' ‪ .‬وانتهى الأمر في سنة‬ ‫‏‪ ٤.‬ه إلى انفراد معاوية بخلافة المسلمين بعد مقبل الإمام على ‪ .‬ومن قبله عبدالله بن‬ ‫وهب الراسبي ‪ .‬ثم تنازل الإمام الحسن عن الخلافة (" ولذلك سمى عام ‏‪ ٤١‬ه بعام‬ ‫الجماعة ‪.‬‬ ‫= عطية بن الأسود لغزو عمان سنة ‏‪ ٦٧‬ه ‪ .‬وتمكن ابن الأسود من هزيمة أهل عمان وقتل عباد ابن عبد ‪.‬‬ ‫لكن أهل عمان تجمعوا من جديد بقيادة سعيد وسليمان ابنا عباد وطردوا ابن الأسودومن معه ‪.‬‬ ‫ووسط هذا التدهور الأمني في منطقة الخليج العربي والمشرق الإسلامي في العصر الأموي حاول أهل‬ ‫عمان الحفاظ على هويتهم وعلى استقلالهم ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬عن تلك الفترة راجع‪: ‎‬‬ ‫‪ -‬الطبري ‪ .‬تاريخ الرسل والملوك ‪ .‬جه ‪ .‬ص‪ ١٣٢٠ ‎‬ومابعدهها ‪ .‬طبعة دار المعارف‪‎.‬‬ ‫‪ ٨٠‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫ينب‪.‬‬ ‫طلدي‬ ‫خب ا‬ ‫ل مح‬ ‫ايق‬ ‫‪ .‬تحق‬ ‫وناسم‬ ‫قم‬‫لاصم‬ ‫اعو‬ ‫‪ .‬ال‬ ‫ربي‬ ‫لكرعبن‬‫ا ب‬ ‫‪ -‬أبو‬ ‫‪. ١٠٥‬‬ ‫(‪ )٢‬فضل الله ‪ .‬محمد جواد ‪ .‬صلح الإمام الحسن ‪ .‬أسبابه ونتائجه ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‏‪ ٤.٦‬س‬ ‫كان لأهل عمان موقفا مستقلا إزاء تلك التطورات فقد ساندوا الإمام على منذ‬ ‫البداية ‪ .‬واتجهت قبائل عمان ‪ .‬خاصة الأزد ‪ .‬إلى مساندة فكر المحكمة المعتدل اا ‏‪٠‬‬ ‫حيث كان للأزد مكانة في العراق والمشرق الإسلامي ‪ .‬وظهر من بينهم جابر بن زيد الذي‬ ‫أصبح زعيما للفريق المعتدل من المحكمة والذي عرف باسم جماعة المسلمين أو أهل الدعوة‬ ‫أو أهل الإستقامة ‪ .‬ورفض أهل عمان منذ البداية أحداث الفتنة فلم يشاركوا فيها ‪ .‬كما‬ ‫أنهم رفضوا بعد ذلك الطريقة التى وصل بها الأمويون إلى الخلافة منذ البداية ‪ .‬وأيدوا‬ ‫وجهة النظر الداعية إلى الاعتماد على الشورى في اختيار الحاكم للمسلمين ‪ .‬وهى الفكرة‬ ‫الأساسية لدى جماعة المحكمة المعتدلة ‪.‬‬ ‫من هنا نقد ظل أهل عمان يرفضون التبعية للأمويين من خلال واليهم على البصرة‬ ‫أو من خلال أى مظهر آخر ‪ .‬وأصبح ولاة عمان من بين أهلها ‪ .‬رغم أن أهل عمان وقبائلها‬ ‫ظلت لهم الفعالية في أحداث العالم الإسلامي من خلال الإنبازات التي حققها المهلب بن‬ ‫أبي صفره وقبيلة بن أزد عمان على جبهة فارس والتركستان منذ استثناف عمليات الفتوح‬ ‫الإسلامية في خلافة معاوية ‪ .‬كما أن المهلب تمكن من إعادة الأمن والاستقرار إلى البصرة‬ ‫بعد أن أفزع أهلها هجمات الأزارقة العنيفة وخلافة يزيد بن معاوية وحتى خلافة عبدالملك‬ ‫بن مروان ‪ .‬مرورا" بعهد ابن الزبير في العراق ‪ .‬حتى سميت البصرة ب " بصرة المهلب ‏(‪'٢‬‬ ‫وانشغل الأمويون بمشكلاتهم الداخلية عن الأوضاع في عمان ومنطقة الخليج العربي‬ ‫‪ .‬حتى قدم إلى المننطقة الحجاج بن يوسف الثشقفى واليا" من قبل عبدالملك بن مروان على‬ ‫العراق والمشرق الإسلامي منذ سنة ‪٧٥‬ه‏ ‪ .‬ويدأ الحجاج في محاولة إعادة سيطرة الآموبين‬ ‫على تلك المناطق بما فيها منطقة الخليج العربي ‪ .‬فوطد سيطرة الأمويين على العراق بكافة‬ ‫الوسائل وأعاد النشاط العسكري لجبهة التركستان وأواسط آسيا ‪ .‬وبعد أن أخمد ثورة‬ ‫عبدالرحمن بن الأشعث التى هددته سنة ‪٨١‬ه‏ ‪ .‬بدأ يتطلع إلى ضم عمان إلى سلطنه ‪.‬‬ ‫كانا لأمويون ووا ليهم ‏‪ ١‬لحجاج يدرك أ همية موقع عمان على طرق التجارة البحرية‬ ‫‏(‪ )١‬انقسمت المحكمة بعد مقتل أبي بلال في آسك سنة ‪٦١‬ه‏ إلى تسمين ‪ :‬متطرف ‪ .‬معتدل ‪ .‬وكان هذا‬ ‫الانقسام بعد افتراق زعامتها بعد عودتهم من مكة سنة ا‪٦٤‬ه‏ ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬سلطان ‪ .‬عبدالمنعم ‪ .‬دكتور ‪ .‬المهلب بن أبي صفرة ‪ .‬ص ‏‪ ١٠‬ومابعدها ‪ .‬بحث مقدم إلى ندوة عمان‬ ‫في التاريخ ‪ .‬وزارة الإعلام العمانية ‪ .‬سنة ‪١٩٩٤‬م‏ ‪.‬‬ ‫‏‪ ٤.٧‬س‬ ‫القادمة من المحيط الهندي إلى البصرة والعراق والشام ‪ .‬وكانوا يدركون أهمية سلع‬ ‫إفر يقية للعالم الإسلامي ‏‪ ٠‬من هنا بدأ الحجاج يجهز حملاته من البصرة قاصدة عمان ‪.‬‬ ‫فأرسل حملته القوية بقيادة القاسم بن شعوة ة المزني ‪ .‬لكن أهل عمان تصدوا لها وهزموها‬ ‫وقتلوا القاسم ‪ .‬فأعاد الحجاج حملاته من جديد من قبائل قيسية وعلى رأسها مجاعة ابن‬ ‫شعوة المزني وأرسل في أعقابها إمدادات شامية ‪ .‬وقسمها إلى قسمين برى وبحري من‬ ‫أجل أن يثير الإرتباك بين قوات أهل عمان ‪ .‬‏(‪'١‬‬ ‫أدرك سعيد وسليمان ابنا عباد بن عبد أنهما لا قبل لهما بمواجهةالحملات المستمرة‬ ‫من الحجاج على بلادهما ‪.‬فاتجها إلى شرقي إفريقية ("" ‪ .‬ولحق بهما العديد من أهل‬ ‫عمان بعد أن عين الحجاج على عمان الخيار بن سيرة المجاشعي الذي أخذينكل بأهل عمان‬ ‫‪ .‬ويدأت منذ تلك الفترة الهجرات العمانية الكبرى إلى شرقي إفريقية ‪ .‬خاصة وأن الوليد‬ ‫بن عبدالملك (‪٨٦‬ه‏ ‪٧٠٥/‬م‏ ‪٩٦ -‬ه‏ ‪٧١٥/‬م)‏ قد أقر الخيار ببن سبرة المجاشعي واليا‬ ‫على عمان ("'‪ .‬وفي خلال تلك الفترة استمرت عمليات الاضطهاد ضد أزد عمان في‬ ‫المشرق الإسلامي وفي البصرة وفي عمان من قبل الحجاج بن يوسف الثقفى وعماله ‏‪'٨'.‬‬ ‫ا ني لوقت ننةفسه كانت منطقة شرق إفريقية مهيأة لا ستقبال تلكك الأعداد من عرب‬ ‫عائد مادي وحضارى فإنتشر ت إما راتهم اومراكزهم على الساحل الإنريقي من الشمال الى‬ ‫الجنوب ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬القيسى ‪ .‬المقتبس عن كشف الغمة ‪ .‬ص‪ . ٤٥ ‎‬طبعة وزارة التراث القومي والثقافة‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬تاريخ أهل عمان ‪ .‬ص‪ ٤٧ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬كان اختيار الحجاج بن يوسف الثقفي للخيار بن سيرة ليكون واليا له على عمان امتدادا للكراهية‬ ‫والحقد الذي كان يكنها الحجاج ضد أزد عمان في المشرق الإسلامي وفي عمان ‪ .‬وكان الخيار تبل‬ ‫نه يزيد من بعده ‪ .‬لكنه أصبح عينا عالىل آملهلب‬ ‫انبجند‬ ‫ذلك من جند المهلب بن أبي صفره ‪ .‬وم‬ ‫للحجاج ‪ .‬واستعمله بعد ذلك على عمان عداوة لبني المهلب ‪ .‬واستمر بعمان حتى أصبح واليها زياد‬ ‫ابن المهلب قبض على الخيار وبسط عليه العذاب وقتل الخيار ‪.‬‬ ‫‪ -‬انظر العوتبي الانساب ‪ .‬ج ‏‪ . ٢‬ص ‏‪ ١٤٢‬ومابعدها ‪ .‬طبعة وزارة التراث القومي ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٤‬بورد الدكتور رجب عبة الحليم أسبايا وظروفا لثورة الأخوين ‪ .‬وإن كنا لا نوافقه في عرضه لهذا الأمر‬ ‫حيث أنها لاتسمى ثورة ‪ .‬فهما أميران من قبل قومهما على بلدهما عمان خلفا لوالاهما ‪:‬‬ ‫‏‪ ٤.٨‬۔۔‬ ‫نزلت سفن أهل عمان ومعهم سعيد وسليمان ابنا عباد إلى الساحل العماني في‬ ‫منطقة لامو سنة ‪٨٣‬ه‏ ‪٧٠٢ /‬م ‏‪ .٠‬وعرفت هذه الهجرة " ب هجرة الأخوين" أو "هجرة بني‬ ‫الجلندى " وهى أكثر مناطق شرق القارة الإفريقية مناسبة للتمركز فيها من قبل هجرة كبيرة‬ ‫‪ .‬ويقابلها عدد من الجزر‬ ‫من عرب عمان ‪ .‬فهى تتكون من مناطق صالحة لاقامة موانىء‬ ‫في المحبط كما كانت تتوسط الساحل الإفريقي الشرقي ‪ .‬بالإضافة إلى خلوها من النفوذ‬ ‫القبلي لجماعات البانتو ‪ .‬وبدت المنطقة في نظرهم أشبه بالفردوس ‪.‬‬ ‫وبدأت السواحل الإفريقية تشهد ظهور أول إمارة إسلامية عليها ‪ .‬فقد بدأ سعيد‬ ‫وسليمان في تنظيم جماعتهما من أهل عمان وإقامة أسس ونظم لها‪ .‬فأنشأت القلعة‬ ‫لحمايتهم من أى هجوم من قبل القبائل الوثنية الطامعة ‪ .‬وهو أمر يدل على وجود عماني‬ ‫سابق في المنطقة ‪ .‬بحيث تم إنشاء الاستحكامات العسكرية في أول الأمر ‪ .‬ثم بد أهل‬ ‫عمان في بناء قرية ‪ .‬وبلغت تلك القرية وها حينما قدم للاستقرار فيها أو حولها‬ ‫جماعات العرب والعمانيين السابقة عنت هجرة الأخوين ‪ .‬ويدات القرية تتسع لتشمل‬ ‫عناصر عديدة ‪ .‬وتتعدت فيها أوجه النشاط الإقتصادي من زراعة وحيد وتحيارة وظهرت‬ ‫فيها طبقة التجار بوضع متميز لدورهم في اقتصاد المركز الجديد ‪ .‬حيث تطورت موارد‬ ‫القرية وغت لتصبح مدينة ومركز تجاري هام في شرقي إفريقية ‪ .‬حيث ارتبطت بخطوط‬ ‫تحبارية داخل القارة ‪ .‬وجلبت إليها مختلف السلع الإفريقية مثل الحديد والذهب والعاج(‪'١‬‏‬ ‫وأدت مظاهر التبادل التى حدثت بين المستوطنة العمانية الجديدة ويين الأفارقة إلى‬ ‫تغيرات إجتماعية وعقائدية بين الجانبين ‪ .‬حيث بدأت عمليات الزواج من نسوة افريقيات‬ ‫= عباد بن عبد ‪ .‬وكل ما في الأمر أن أهل عمان رفضوا التبعية للأمويين منذ البداية على أساس عدم‬ ‫إتتناعهم بالطريقة التى وصل بها معاوية إلى السلطة وظلت أمور عمان بين أهلها حتى جا‪ .‬الحجاج‬ ‫الذي حاول فرص سيطرة الأمويين على أقاليم الدولة الإسلامية السابقة ‪.‬‬ ‫ومن جانب آخر اصطدم الحجاج بنفوذ آل المهلب القوي والواضح في المشرق الإسلامي وأدرك أن‬ ‫هناك جذورا" لهذا النفوذ في عمان ‪ .‬ولذلك كان يذكر يزيد بن المهلب في مجلسه باسم " المزوني " أى‬ ‫العماني ‪ .‬كما كانت هناك اعتبارات قبلية بين القيسية واليمنية ‪ .‬ويدأ الحجاج يربط بين ضم عمان‬ ‫لسلطنه وإخضاع آل المهلب ويين سيادة نفوذه انظر ‪ :‬العمانيون والملاحة والتجارة ونشر الإسلام ‪ .‬ص‬ ‫‏‪ ٢.١‬رمابعدها ‪.‬‬ ‫‪. ١٢٨‬‬ ‫(‪ )١‬النقيرة ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪_ ٤.٩‬‬ ‫تنتشر في تلك الفترة التى كان أغلب المهاجرين من عمان من الرجال ‪ .‬وإن كانت تلك‬ ‫الظاهرة التى تفشت فايلمجتمع الجيد قد أدت إلى ذوبان العنصر المربي الوافد في‬ ‫الحيط الزنجي بصورة متتالية ‪.‬كما أدت عمليات نزوج الأفارقة إلى إمارة لامو العمانية‬ ‫واستقرارهم داخلها أو بجوارها أدى ذلك أيضا إلى ذوبان العرب داخل مستوطنتهم‬ ‫الجديدة ‪.‬خاصة وأن تلك الفترة كانت تشهد حركات مستمرة لجماعات البانتو في المنطقة‬ ‫وقد بدأ بعض هؤلاء الأفارقة في اعتناق الإسلام من خلال تعامله مع العرب خاصته‬ ‫وأن تحبار عمان وأهلها كسبوا ثقة الأفارقة من خلال عمليات البيع والشراء ‪.‬كما أصبح‬ ‫تعلم العربية يساعد على تقوية علاقات الإفارقة مع حكام إمارة لامو وأهلها‬ ‫المحافظة على نقا وة ‏‪ ١‬لعنصر ‏‪ ١‬لعربي لسكان‬ ‫‏‪ ١‬ينا عباد‬ ‫وحا ول سعيد وسليمان‬ ‫مستوطنتهم الجديدة ويتجلي ذلك من أمرين هما ‪- :‬‬ ‫الأول ‪ :‬حرص العمانيين على جلب نساء عربيات أو غير افريقيات على أيدى‬ ‫التجار رغم أثمانهن الباهظة ‪ .‬حتى قيل أنه دفع لزوجة قوقازية مائة من‬ ‫الرقيق الذكور الأقوياء ثمنا لها ‏(‪. '١‬‬ ‫‏‪ ١‬لثاني ‪ :‬استمرار تشجيع عمليات تدفق الهجرات العمانية والعربية إلى منطقتهم‬ ‫لامو مكسبا للتجا ر وغيرهم من العرب ‪.‬‬ ‫الهجرة إلى منطقة‬ ‫حيث أصبحت‬ ‫‏‪ ١‬لذي عم أرجا ء لامو ‪ .‬وصا ر العماز نيون‬ ‫‏‪ ١‬لثروة وا لترف‬ ‫أ ن لمسوا‬ ‫بعد‬ ‫يشاركون أفراد تلك الهجرات الجديدة في عملياتهم التجارية ومشاريعهم في‬ ‫المنطقة ‪.‬‬ ‫واستمرت إما رة لامو العما نية تؤدى دورها ا لهام في نقل منطقة وسط شرق القارة‬ ‫الإفريقية إلى مراتب عليا للحضارة وتعمل على استغلال إمكانياتها بصورة مفيدة‬ ‫لسكانها وأهلها ‪ .‬مما أدى إلى ارتباط ظهور عظمة تلك المنطقة بالأخوين سعيد وسليمان‬ ‫وكانت رؤيتهم وحكمتهم السياسية وراء ظهور إمارة لامو كاهم مراكز الحضارة في شرق‬ ‫‏‪. ٢٠٨‬‬ ‫() رجب عبدا لحليم ‏‪ ٠‬العمانيون ‪ .‬ص‬ ‫القارة الإفريقية ( وتمكنا من دمج إمارات المسلمين السابقة في المنطقة في إمارة مركزية‬ ‫قوية تحت قيادتهم ‪ .‬خاصة وأن سعيد وسليمان قد تمكنا من إخضاع الجاليات التى‬ ‫‪.‬‬ ‫(!‬ ‫لمهن‬ ‫في المنطقة من ال‬ ‫سبقت‬ ‫ويذلك كانت هجرة الأخوين أول الهجرات الكبرى إلى شرقي إفريقية في العصر‬ ‫الإسلامي ("' وقد تمكنت من إرساء نظم جديدة من المدينة والإدارة والتنظيم في المنطقة ‪.‬‬ ‫وكانت بداية لارتباط قوى نشأ بين ساحل شرقي إفريقية ويين العالمين العربي والإسلامي‬ ‫إذ بدأت عمليات التدفق المربي والإسلامي تصل إلى المنطقة في أمن وأمان ‪ .‬معتمدة‬ ‫على رصيدها السابق من إنحبازات العمانيين ‪.‬‬ ‫ونتيجة لهذه الانحبازات وفدت جماعات عربية إلى الإمارة كما قدمت إليها جماعات‬ ‫من العرب من اليمن والشام ومن الهند ‪ .‬وهيمنت تلك الجماعات على موانىء مجا ‪.‬رة من‬ ‫الشمال ومن الجنوب ‪ .‬وأصبحت منطقة ساحل إفريقية تشهد العديد من المستوطنات‬ ‫الإسلامية على أراضيها منذ القرن الثاني الهجري ‪/‬الثامن الميلادي ‪ .‬وقد قام هؤلاء‬ ‫القادمون الجديد بالإستعانة بخبرة العمانيين السايقين ‪.‬‬ ‫ونظرا لمكانة حكام عمان في منطقة الأخبيل فقد تم مبايعة حفيدهم الحاج ‪/‬سعيد‬ ‫بالزعامة على مدنهم ومراكزهم ( في سبيل خلق تكتل وتجمع إسلامي وسط هذا المحيط‬ ‫الوثني الذي يحيط بهم ‪ .‬وكذلك للإستفادة من خبرات زعماء عمان السابقة من قوى شرق‬ ‫إذريقية ‪ .‬كما أن أهل عمان أصبح لهم مكانتهم الهامة في التجارة والملاحة مع شرقي‬ ‫(‪ )١‬حسن محمود ‪ .‬الإسلام والثقافة العربية ‪ :‬ص‪. ٣٨٩٧ ‎‬‬ ‫‪,‬اح‬ ‫ئ‬ ‫‪,‬‬ ‫‪: .22‬‬ ‫‏(‪(٢‬‬ ‫‏(‪ )٣‬لايوجد دليل على ماذكره أستاذنا الدكتور ‪/‬حسن محمود من وجود تفاصيل عن هجرة وقعت في‬ ‫القرن السابع الميلادي سنة ‪٦٩٥‬م‏ من أهل الشام إلى المنطقة هروبا من بطش الحجاج ‪ .‬ذلك إن الحجاج‬ ‫لم يتولى ولاية الشام ‪ .‬بل أن الشام كانت مركز الخلافة الأموية ‪ .‬وأن الحجاج كان واليا على الحجاز‬ ‫ثم نقلت أعماله إلى العراق ‪.‬‬ ‫‪ -‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ٣٨٦‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪ 0‬م‪‎‬‬ ‫ئ‬ ‫‪,‬‬ ‫‪: .17‬‬ ‫(‪. )٤‬‬ ‫‪٤١١‬‬ ‫إفريقية ‪ .‬حتى احتكروا في أغلب الأحيان الرحلات الملاحية من وإلى شرق القارة من خلال‬ ‫خبراتهم في الشحن والتوزيع وطرق الملاحة وظروف المنطقة الإفريقية ‪ .‬وساتمرت تلك‬ ‫الزعامة لفترة طويلة فيما بعد باعتبارها أسبق الهجرات ‏‪'١١‬‬ ‫أدخل الحاج ‪ /‬سعيد نظما إسلامية في إدارته في المنطقة بعد أن حصل على البيعة‬ ‫من سكان المدن والموانىء المجاورة ‪ .‬فأنشا مجلسا استشاريا يتكون من وجهاء الأحياء ‪.‬‬ ‫يشاركه في إتخاذ القرار وإدارة البلاد ‪ .‬وكان هذا المجلس بشابة هيئة للإطلاع على‬ ‫مشكلات المستوطنين وحل مشكلاتهم ("" ‪ .‬كما ظهرت هيئة قضائية من العلما ء والفقهاء‬ ‫طبقوا أمور الشرع الإسلامي بين الناس ‪ .‬ويبدو أن هؤلاء من الوافدين وبدأت في ظلال‬ ‫الإستقرار ا لذي عم المنطقة إقامة مؤسسات تربوية إسلامية تمثلت ني ظهور كتاتيب لتعليم‬ ‫أولادهم مبادىء الدين الإسلامي وتحفيظهم القرآن الكريم ‪.‬‬ ‫وتوالت الهجرات الإسلامية إلى إمارة لامو من المناطق العربية ومن مناطق الخليج‬ ‫العربي الأخرى ‪ .‬وكذلك من مناطق المحيط الهندي المرتبطة بالمصالح التجارية مع الهند‬ ‫مثل منطقة ساحل الهند الفربي ‪ .‬من مليبار وجو جيرات ‪ .‬ومن ساحل السند رنفارس‬ ‫بدأت الإمارة العمانية في الإشعاع الحضاري ونشر الإسلام وثقافته في المحيط الإذريقي‬ ‫المجاور لها نحو الشمال أو الجنوب أو صوب الداخل خاصة من خلال أمرين الأول عمليات‬ ‫التبادل التجاري مع الأفارقة ‪ .‬حيث أدرك الأفارقة أهمية فهم الدين الجديد أو الدخول فيه‬ ‫‪ .‬لما لمسوه من قدوة حسنة عند المسلمبن ‪ .‬والثاني ‪ :‬وفود دعاة من المسلمين من مناطق‬ ‫العالم الإسلامي الأخرى وقيامهم بالدعوة إلى الإسلام بالحسنى بين الأفارقة بحيث‬ ‫أصبحت هناك جماعات من سكان المدن من الأفارقة المسلمين ‪ .‬حيث أصبحوا أعضا ث ني‬ ‫الأسرة الإسلامية ‪"(.‬‬ ‫‏‪ ٤‬طبعة وزارة التراث‬ ‫إفريقيا ‪ .‬ص‬ ‫وشرق‬ ‫‏‪ ٠‬عمان‬ ‫‏‪ ٠‬أحمد بن حمود‬ ‫‏) ‪ ( ١‬المعمري‬ ‫‏(‪ )٢‬عبدالحليم ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‏‪. ٢٠٨‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪١٢٨‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫المرجع السابق‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‏)‪ (٣‬النقيرة‬ ‫‪٤١٧٢‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬الشيعة الزيدية ‪ :‬‏‪‘١١‬‬ ‫حيث وقعت انقسامات بين فرق الشيعة ‪ .‬فاضطرت الجماعات الزيدية إلى الهروب‬ ‫والاتجاه إلى ساحل شرقي إفريقية سنة ‏‪ . ") .٧٢٩‬واستقروا في شنجايا "' ‪ .‬ورغم أن‬ ‫تلك الهجرة لم يكن لها تأثيرها الكبير في المحيط الإفريقي ‪ .‬ذلك أنها قدمت مهاجرة‬ ‫إلى أرض غريبة عنها ‪ .‬ولم يكن لهولاء المهاجرين خبراتهم الملاحية أو التجارية في المنطقة‬ ‫‪ .‬نسرعان ماتلاشت في المحيط الإفريقي ‪ .‬لكنها ساهمت في تشر الإسلام على الساحل ‪.‬‬ ‫وخاصة في منطقة شمال الساحل الإفريقي الشرقي ‪ .‬وهى المناطق التى نزلت فيها‬ ‫جماعات الزيدية في البداية ‪6‘( .‬‬ ‫النا" ‪ :‬هجرة أهل صحار والباطنة في القرن الثالث الهجري ‪:‬‬ ‫رغم وصول أهل عمان إلى مرحلة إعلان إمامتهم الأياضية الأولى سنة ‪١٣٢‬ه‏ ‪ .‬ثم‬ ‫الثانية سنة ‪١٧٧‬ه‏ ‪ .‬إلا أنهم أصبحوا هدفا لحملات مستمرة من قبل العباسيين ‪ .‬لقد‬ ‫أدرك العباسيون خطورة وجود إمامة أباضية مخالفة لهم في عمان ‪ .‬حيث تتمتع عمان‬ ‫وأهلها بمكانتهم التجارية والبحرية عبر الطرق البحرية إلى شرقي إفريقية وإلى الهند‬ ‫والصين ‪ .‬وخاصة وأن عمان وتبارها ونواخذتها أصبحوا يتحكمون في الطرق البحرية‬ ‫‏(‪ )١‬أتباع الإمام زيد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب ‪ .‬ترى بحصر الخلافة والإمامة في سلالة‬ ‫الحسن والحسين أولاد على ‪ .‬وتقر تلك الفرقة بخلافة أبي بكر وخلافة عمر ‪ .‬وهى بذلك تخالف فرق‬ ‫الشيعة الأخرى ‪ .‬كما ترى بجواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل ‪ .‬وهى تقترب أو تتقابل مع فرق‬ ‫السنة في كثير من آرائها وإجتهادات علمائها ‪.‬‬ ‫وحاليا معظم اتباعها في جمهورية اليمن ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬مدينة ونفورد الحالية‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬المعمري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٤٤ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬كانت الرحلات البحرية تلتزم بالساحل العربي ثم تتجه صوب سوقطرى ‪ .‬ومن سوقطرى تعبر إلى‬ ‫الساحل الشرقي لإفريقية ‪ .‬من هنا نقد احتلت سوقطري أهمية كبرى في الإرتبط بين منطقة شبه‬ ‫الجزيرة العربية وساحل شرقي إفريقية ‪ .‬ثم أصبحت منطقة مقديشو وشمال الساحل الإفريقي الشرقي‬ ‫أكثر المناطق كثافة في التواجد الإسلامي ‪ .‬بينما ظل التواجد العماني منذ البداية مرتبطا بالوسط‬ ‫عند ارخبيل لامو وزنجبار ‪.‬‬ ‫‪- ٤١٣‬‬ ‫القادمة عبر الخليج العربي والتى تؤثر بدور هام على ازدهار العراق وحاضرتهم بغداد ‪ .‬بعل‬ ‫أن تخير المنصور موقعها لتكون قريبة من تجارة الصين والهند وإفريقية وعمان ("‪.‬‬ ‫فحينما أحس العباسيون بخطر وجود نظام مستقل في عمان ‪ .‬سارعوا إلى إرسال‬ ‫حملات ضد أهل عمان ‪ .‬كانت في مهامها أشد على أهل عمان من حملات الأموبين ‪.‬‬ ‫فقد سارع أبو جعفر المنصور بإرسال حملة خازم بن خزيمة التميمي ضد أهل عمان ولإستاط‬ ‫إمامة الجلندى بن مسعود ‪ .‬وتمكن القائد العباسي من إنجاز مهمة في معركة جلفار الثانية‬ ‫سنة ‪١٣٤‬ه‏ ‪ .‬وبدأ العباسيون في خلق ثيارموال لهم بين سكان المنطقة ‪ .‬وبالفعل بدأت‬ ‫عمان تتعرض صراعات قبلية من جديد ‪ .‬ويظهر على سطحها السياسي قرى سياسية‬ ‫متنافرة ‪ .‬وأنتهى الأمر بوحدة جديدة وظهور إمامة ثانية سنة ‪١٧٧١‬ه‏ ‪ .‬وبدأت التوى‬ ‫السياسية العمانية تتجه صوب نزوى ‪ .‬بعد أن أدركت سهولة دخول الساحل من قبل‬ ‫العباسيين ‪.‬‬ ‫سارعت القيادة العباسية بإرسال حملة جديدة ضد أهل عمان هى حملة عي« ابن‬ ‫جعفر في خلافة هارون الرشيد ‪ """.‬وتمكن أهل عمان من هزية وقتله في صحار لكن عمان‬ ‫بدأت منذ القرن الثالث الهجري ‪/‬التاسع الميلادي ‪ .‬لكن عمان بدأت تتعرض لموجة جديدة‬ ‫من الصراعات القبلية ‪ .‬أسفرت عن وقوع معارك طاحنة بين أهلها ‪ .‬كان من أهمها وتعة‬ ‫القاع (‪٢٧٨‬ه‏ ‪٨٨٩١ /‬م‏ ) في منطقة الخيام من عوتب ا وقد وقعت في يوم الإثنين‬ ‫السادس والعشرين من شوال سنة ‪٢٧٨‬ه‏ ‪ .‬زمن الإمام عزان ابن تميم الخروصى ‪'"(.‬‬ ‫(‪ )١‬من دراسة توجهات السياسة العباسية منذ البداية نحبد أنها إنقسمت إلى ثلاثة ميادبين هما‪: ‎‬‬ ‫‪ -‬ميدان الهند وشرقي إفريقية وجنوبي شرقي آسيا‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬ميدان التركستان وأراسط آسيا‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬ميدان الشام وآسيا الصغرى والبحر المتوسط‪. ‎‬‬ ‫‪ .‬أى أن تلك السياسة تركزت نحو المحيط الهندي حيث ثروات إفريقية الشرقية والهند وجزر‬ ‫جنوبي شرقي آسيا ‪ .‬وكان هذا هو السبب في اختيار موقع عاصمتهم بغداد ‪ .‬لكنهم فؤجئوا بأن‬ ‫مدخل عاصمتهم من الخليج تحت رحمة أهل عمان ولذلك حاربوا ظهور أية قوة بها ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬السامى ‪ .‬تحفة الأعيان ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪. ١١٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬العوتبي ‪ .‬الأنساب ‪ .‬ج‪ . ٢‬ص‪. ٣٢٠ ‎‬‬ ‫‪٤١٤‬‬ ‫حيث قدم الأهيف بن حمحام الهنائي إلى صحار لحرب الحواري بن عبدالله السلوتي‬ ‫والفضل ابن الحواري السامي ‪ .‬ومن معهما من جموع النزارية ‪ .‬في أعقاب مقتل موسى‬ ‫بن موسى بإزكى ومن معه من قومه ‪ .‬وندب الإمام عزان بن تميم للأهيف لحرب الحواري‬ ‫ومن معه والتقى الطرفان في معركة شديدة وارتفع الغبار ليستر الشمس ‪ .‬وانجلت المعركة‬ ‫عن قتلى كثيرة ‪ .‬وبدأت الهزيمة تلحق بمعسكر النزارية وهربت جموعهم إلى البحرين وإلى‬ ‫شمال عمان ‪.‬‬ ‫خرج زعماء النزارية الذين هزموا في المعركة إلى البحرين للاستنجاد بواليها‬ ‫العباسي محمد بن نور ‪ .‬من قبل الخليفة المعتضد العباسي ‪ .‬فأراد الوالى العباسى أن‬ ‫يستوثق من زعماء عمان فوجههم إلى الخليفة في بغداد ‪ .‬فامر محمد بن نور بالتوجه‬ ‫على راس حملة كبيرة إلى عمان ‪ .‬وكانت قواته من النزارية ومن بنى طىعء من الشام ‪.‬‬ ‫وبلغت قواته حوالى خمسة وعشرين ‪ .‬وثلاثة آلاف وخمسمائة فارس ‪.‬‬ ‫اتصل الخبر بأهل عمان فزادت الأمور اضطرابا في كل مكان ‪ .‬وانفض الناس عن‬ ‫الإمام عزان بن تميم ‪ .‬وعم الخوف وعدم الإستقرار في عمان ‪ .‬فخاف أهل صحار وماحولها‬ ‫من منطقة الباطنة على أنفسهم ("" ‪ .‬فخرجوا بأموالهم وذراريهم إلى سيراف والبصرة‬ ‫وهرمز وإلى مناطق أخرى مثل شرق إفريقية ("' ‪ .‬ويدأت السفن في حمل الناس وأمتعتهم‬ ‫خارج صحار ومون الباطنة ‪.‬‬ ‫ويبدو أن تلك الهجرة الجديدة من عمان إلى شرقي افريقية قد اتجهت إلى إمارة لامو‬ ‫العمانية السابقة ‪ .‬خاصة وأن صحار كانت في تلك الفترة تمثل مركز القادمة من شرقي‬ ‫إفريقية ‪ .‬وأن ملكية السفن العاملة بينها وبين شرقي إفريقية كانت لتجار صحار‪.‬‬ ‫وبالتالى كانت معرفة أهل صحار والباطنة وثيقة بمنطقة شرقي إفريقية ‪ .‬وكان القرن‬ ‫الثالث الهجري ‪/‬التاسع الميلادي تمثل عصر ازدهار الملاحة والتجارة في الخليج العربي‬ ‫عبر صحار وساحل الباطنة العمانى ‪ .‬الأمر الذي يشير إلى وجود مصالح مشتركة بين اهل‬ ‫صحار والباطنة والجماعات العمانية في شرقي إفريقية ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬العوتبي ‪ .‬المصدر السابق‪. ‎‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪٣ ٢ ٣‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫نفسه‪‎‬‬ ‫‪ ١ ٠‬لمصد ر‬ ‫ا لعوتبي‪‎‬‬ ‫) ‪( ٢‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٢٩‬‬ ‫‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ٢‬ج‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ .‬التحفة‪‎‬‬ ‫لمى‬ ‫) ‪) ٣‬الىا‬ ‫س‬ ‫‏‪١٥‬‬ ‫رابعا" ‪ :‬هجرة ا لأخوة الحرث (‪١‬ا‏ ‪:‬‬ ‫وقعت تلك الهجرة منذ نهاية القرن الثالث الهجري ‪ .‬حيث اجتاحت القرامطة مناطق‬ ‫العراق والخليج وأصبحت منطقة الأحساء أهم مراكزهم ‪ .‬فتعرضت القبائل المتواجدة في‬ ‫الاحساء لضغط شديد من قبل جماعات القرامطة ومنها الحرث ‪ .‬فاضطر الحرث إلى‬ ‫الهجرة إلى شرقي إفريقية سنة ‪٢٩١‬ه‏ ‪٨٢٠٣/‬م‏ "" ‪.‬‬ ‫ويبدو أن هؤلاء الحرث كانت تربطهم علاقات سابقة مع سكان شرقي إفريقية من‬ ‫السلمين ‪ .‬أو أنهم قد سمعوا عن تلك البلاد وإمكانياتها من الجند الزنوج الذين كانوا‬ ‫بجيوش القرامطة ‪ .‬والذين يرجع أصلهم إلى شرقي إفريقية "" ولكن مهما يكن فإن‬ ‫ساحل الخليج العربي اندمج منذ هجرات القبائل العربية إليه في وحدة عربية واحده ويبدو‬ ‫أن النفوذ العماني كان قويا على منطقة البحرين في عصور ماقبل الإسلام ("" ثم أصبحت‬ ‫‏(‪ )١‬ترتب على اشتداد نار الصراعات القبلية في عمان بعد سقوط الإمامة الأباضية الأولى ‪ .‬وفي خلال‬ ‫الأئمة الذين حكموا بعد إعلان الإمامة الثانية ‪ .‬عودة الصراع بين القبائل اليمنية والنزارية في عمان‬ ‫في منطقة إبرا وفي منطقة الباطنة ‪ .‬وفي بعض مناطق الأخرى ‪ .‬ركانت وقعة القاع في عوتب من‬ ‫صحار من توابع تلك الانقسامات العصبية ‪ .‬حيث ترتب عليها خروج العديد من الجماعات النزارية‬ ‫إلى خارج عمان ‪.‬‬ ‫وكانت البحرين من المناطق التى تتجه إليها أنظار القبائل العمانية خاصة من النزارية ‪ .‬وذلك‬ ‫بفضل الروابط القبلية بين الطرفين في الماضي ‪ .‬كما أن البحرين على الطريق بين البصرة والعراق من‬ ‫جهة وبين عمان من جهة ثانية ‪ .‬فاتجهت إليها جماعات من أهل عمان ‪.‬‬ ‫وكان الحرث من الجماعات التى تركت مواطنها في عمان وتحركت شمالا صوب البحرين خاصة‬ ‫بعد أحداث وأعمال محمد بن نور في عمان وانعدام الأمن والإستقرار في البلاد ‪.‬‬ ‫ولانؤيد الدكتور عبدالحليم فيما ذهب إليه في كتابه العمانيون والملاحة والتجارة ونشر الإسلام من‬ ‫وجود صراعات مذهبية كانت سببا في هجرة الحرث من عمان حيث يذكر أنهم كانوا "سنة " في حالة‬ ‫كونهم نزارية (ص ‏‪ )٢( . )٢١٣‬المغيري بمهنة الأخبار ‪ .‬ص ‏‪. ١١‬‬ ‫ميزون ‪ .‬هجرات الحرث إلى أواسط القارة الأفريقية ‪ .‬ص ‏‪ ٥‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬عبدالحليم ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ٢١٦‬‬ ‫‏(‪ )٤‬مد مالك بن فهم نفوذه إلى البحرين واستمرت البحرين تابعة لعمان فترة طويلة‬ ‫‪ -‬العوتبي ‪ .‬الأنساب ‪ .‬ج‪.٢‬‏ ص ‏‪. ٢٤٦‬‬ ‫‪_ ٤١٦‬‬ ‫البحرين في العصر العباسي خاضعة لإدارة البصرة ‪ .‬الأمر الذي يؤكد أن أصول جماعات‬ ‫الحرث التى هاجرت إلى البحرين ترجع إلى عمان ‪.‬‬ ‫تحركت الهجرة الجديدة من الحرث من مواطنها في الأحساء إلى شرقي إفريقية ‪ .‬في‬ ‫ثلاثة سفن كبيرة يتزعمها سبعة أخوة ‪ .‬ويعد رحلة طويلة عبر الخليج العربي والمحيط‬ ‫الهندي نزلوا ساحل الصومال في منطقة مقديشو ‪ .‬ويبدو أن الحرث كانوا مستعدين قبل‬ ‫رحيلهم استعدادا عسكريا‪ .‬حيث تمكنوا من النزول على الساحل الإفريقي بقوة منذ البداية‬ ‫وأزاحوًا الجماعات السابقة عليهم من الزيدية إلى داخل البلاد ‪ .‬بعد أن ألحقوا بهم الهزائم‬ ‫وهدموا قلاعهم وحصونهم ‪ .‬وامتد نفوذهم مسافات طويلة على ساحل الصومال ‪ .‬ويدأت‬ ‫لهم دولتهم المستقلة ‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪٢٩٥‬ه‏ ‪ /‬‏‪ ٠٧‬‏م‪ ٢‬ب‪.‬دأ الحرث في بناء مراكز لهم تليق بنفوذهم في المنطقة‬ ‫فأسسوا مدينة مقديشو ‪ .‬كأول مدينة عربية في تلك المناطق الشمالية من ساحل شرقي‬ ‫إفريقية ‪ .‬في العصر الإسلامي ‪ .‬ثم أسسوا مدينة براوة سنة ‪٣٦٥‬ه‏ ‪٦٢٧٥/‬م‏ ‪ .‬ومدنا‬ ‫أخرى مثل ‪ :‬وقرفادة ‪ .‬والنجا ‪ .‬وبذونة ‪ .‬وماندا ‪ .‬وأعوزي ‪ .‬وشاكة (‪ .‬واستمرت تلا‬ ‫المدن تحت سيطرتهم مترابطة تحت زعيمهم في مقديشو ‪ .‬وإن كانت في بعض الفترات قد‬ ‫تمتعت بإستقلال ذاتي ‪ .‬إلا أن حكام تلك المدن ظلوا من سلالة الأخوة السبعة من الحرث‬ ‫حتى العصور الحديثة ‏‪'٢(.‬‬ ‫أصبحت مدن الحرث تعج بالحركة والنشاط التجاري في شرقي إفريقية نظرا ‪.‬‬ ‫لامتدادها الكبير على ساحل إفريقية الشرقي ‪ .‬وموقعها بالقرب من مدخل البحر الأحمر‬ ‫الجنوبي ‪ .‬ومن الساحل اليمني فبدأوا في الاستفادة من إمكانيات وسلع شرق القارة ‪.‬‬ ‫وخاصة الذهب الذين ارتحلوا إلى كل مكان بشرق القارة جلبه ‪ .‬حتى وصلوا إلى سفالة‬ ‫الزنج وأصبحت لهم تجارة مع الهنود والصين ("'‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬جيان ‪ .‬وثائق ‪ .‬ص‪. ٨٥ ‎‬‬ ‫(‪ )١‬حسن محمود ‪ .‬الإسلام والثقافة العربية ‪ .‬ص‪. ٢٩٢٩٨ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬يذكر المؤرخ الصيني بدر الدين ‪ :‬أن سفن الصين كانت تتردد في نهاية المصور الوسطى ويداية‬ ‫العصور الحديثة على بنادر الصومال لحمل منتجات إفريقية من العاج والذهب إلى الصين ‪ .‬وتحمل‬ ‫إلى الصومال المنتجات الصينية التى كان الأفارقة في حاجة إليها‪.‬‬ ‫‪ -‬العلاقات بين العرب والصين ‪,‬ص ‏‪. ٢٦٥‬‬ ‫‪٤١٧٧‬‬ ‫ازدهرت منطقة ساحل الصومال وينادره ازدهارا ملحوظا وعمت نواحى الترف‬ ‫والثروة التى حققتها المدن الصومالية نواحى الحياة ‪ .‬فزادت ثروة الناس ‪ .‬وظهرت الأحياء‬ ‫المنظمة في المدن ‪ .‬وحلت المنازل المشيدة من الطراز العربي من الحجر ‪ .‬محل البيوت القدمة‬ ‫البينة من القش وجزوع الشجر ‪ .‬وظهرت في مقديشو منازل عالية تتكون من أربع أو‬ ‫خمس طوابق ‪ .‬منذ القرن التاسع الهجري ‪ /‬الخامس عشر الميلادي ؛ وجذبت مقديشو‬ ‫بمركزها التجاري والإقتصادي تجار شبه الجزيرة العربية ومصر وبقية مراكز شرق القارة‬ ‫الإفريقية ‪ .‬وصارت مركزا إقتصاديا وحضاريا هاما في شرق إفريقية ‪ .‬حتى أعتبرت‬ ‫العاصمة الثقافية لساحل الزنج ‪ .‬ومنها بدأ التيار الإسلامي يتدفق إلى داخل البلاد‬ ‫ليشمل المناطق التى تقع خلفه حتى الهضبة الحبشية ‪ .‬وإلى داخل القارة حتى مملكة أوغنده‬ ‫ووسط إفريقية (" ‪.‬‬ ‫وهكذا تمكنت هجرات الحرث من البحرين أن ترسخ الوجود الإسلامي السابق في‬ ‫منطقة القرن الإفريقي وساحل الصومال وأن نتمكن من تحويل المنطقة إلى الإسلام والثقافة‬ ‫العربية بصورة نهائية مع بداية العصور الحديثة ‪ .‬رغم ما تعرضت له من هجمات من‪.‬نيل‬ ‫القبائل الوثنية من الخلف ‪ .‬ويمرور الزمن اصبحت تلك المنطقة منطقة إسلامية على‬ ‫الساحل الإفريقي الشرقي ‪ .‬وأصبحت منطقة الصومال جزء من العالم الإسلامي وتحمل كل‬ ‫مقوماته الثقافية ‪.‬‬ ‫‏‪ (٢‬إلى كلوة‪:‬‬ ‫الشيرازيبن‬ ‫خامسا" ‪ :‬هجرة‬ ‫وهى هجرة من مسلمي شيراز ‪ .‬توجهت إلى منطتة الخليج العربي واتجهوا على على‬ ‫ظهر سفن عبر الخليج والمحيط الهندي إلى شرقي إفريقية ‪ .‬وفر هؤلاء أمام اجتياح طغرل‬ ‫هؤلاء الهاجررن الجده من‬ ‫‪ .٥0٥‬‏م‪ . ١‬وكان‬ ‫‏‪/ ٤٤٧١‬‬ ‫سنة‬ ‫بك ‏‪ ٠‬السلجوفي مدينة شيراز‬ ‫‏)‪(٣‬‬ ‫۔‬ ‫ا ش‬ ‫وصلت تلك الهجرة إلى شرقي إفريقية في فترة قوة الحرث وامساكهم ببنادر ومدن‬ ‫(‪ )١‬أرنولد ‪ .‬الدعوة إلى الإسلام ‪ .‬ص‪. ٣٧٨ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬مدينة في إيران تقع إلى الخلف من ميناء سيراف السابق على الخليج ‪ .‬وهى مدينة داخلية ‪ .‬اعتمدت‬ ‫في شهرتها على الوساطة بين تجارة الخليج العربي ويين إيران وبين العراق والأهواز وجنوبي إيران ‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬حسن محمود ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٣٩٨ ‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٤١٨‬‬ ‫شمال الساحل الإفريقي ‏‪ .٠‬فلم يتمكن الشيزازيون الجدد من النزول على الساحل الشمالي‬ ‫لشرق القارة واتجهوا صوب الجنوب لتبدأ عمليات الإستقرار والإنتشار من كلوة في‬ ‫‪00‬‬ ‫الجنوب والتى أصبحت عاصتهم‬ ‫وكان خروج الشيرازيين بقيادة سبعة من أهل شيراز يقودهم أبوهم حسن بن على‬ ‫وتفوقوا على ساحل شرقي إفريقية من الجنوب ‪ .‬ونزل كل واحد منهم بلدة معينة على‬ ‫الساحل منزل الأول بلاد مندخة بلاد شوغ‪ .‬والثالث دخل بلاد ملنة ‪ .‬والرابع دخل بلاد‬ ‫منفسة ‪ .‬والخامس دخل الجزيرة الخضراء ‪ .‬والسادس دخل بلاد كلوة ‪ .‬والسابع دخل بلاد‬ ‫هنزوان وهو أبوهم حسن بن على ("'‪.‬‬ ‫وتورد معظم المصادر قصة أقرب إلى الخيال في أسباب توجه حسن بن على وبنيه‬ ‫إلى شرقي إفريقية من أن السلطان حسن بن على رأى في يوم من الأيام فأرة خرطومها من‬ ‫حديد وهى تقرض الجدران بخرطومها ‪ .‬فظن بذلك خراب بلادهم ‪ .‬فلما تحقق ظنه اخبر‬ ‫أولاده بما رأى مزكدا لهم أن بلاهم ستخرب في القريب العاجل ‪ .‬فقرروا الإنتقال إلى بلا‬ ‫آخر ‪ .‬وأحتالوا على الناس بأن أتفق مع ولده لمطه أمام الناس حتى يغضب الوالد ‪ .‬ويجد‬ ‫سببا في الخروج من البلد ‪'"(.‬‬ ‫فاستعد السلطان للخروج من أهل بيته وبعض أمرانه ووزرانه وبعض رعيته وتوجهوا‬ ‫برا إلى إحدى موانىء الخليج العربي وركبوا سبعة مراكب متوجهين إلى أى بلد ‪ .‬فتفرقت‬ ‫بهم المراكب ودخل كل مركب في البلاد التى ذكرناها ‪ .‬فلما وصل أهل مركب كلوة‬ ‫وجدوها جزيرة محاطة بالماء ‪ .‬ولكنها متصلة بالبر حينما يهبط البحر ‪ .‬فوجدوا رجلا من‬ ‫المسلمين ومعه أولاده ومسجدا فأخبرهم بأحوال الجزيرة وحاكمها ‪.‬‬ ‫‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.٢١٩ ‎‬‬ ‫(‪ )١‬عبدالحليم‬ ‫‪ .‬عبدالله بن مصبح ‪ .‬السلوة في أخبار كلوة ‪ .‬ص ‏‪ . ٢٧‬طبعة وزارة التراث القومى‬ ‫‏(‪ )٢‬الصواني‬ ‫سنة ‪٩٨٥‬ام‏ ‪.‬‬ ‫والثقافة ‪.‬‬ ‫‪ .‬جهينة الأخبار ‪ .‬ص‏‪. ٣٨‬‬ ‫‪ -‬المغيري‬ ‫‏(‪ )٣‬تشبه هذه القصة ماأورده العوتبى في سبب وكيفية خروج مالك بن فهم الأزدي من اليمن ‪ .‬من كافة‬ ‫الجوانب ‪ .‬الأنساب ‪ .‬ج‪٢‬‏ ‪ .‬ص ‏‪ . ١٨٨‬طبعة التراث ‪.‬‬ ‫‪_ ٤١٩‬‬ ‫فلما التقوا بعد آيام بحاكم كلوة الكافر ‪ .‬دار بينهما حوار ‪ .‬وكان المسلم المذكور هو‬ ‫الترجمان وأظهر الواصل رغبته في السكن في الجزيرة وشرائها ‪ .‬فاشترط الكافر أن يتم‬ ‫البيع بشرط أن يحيط المشترى البلاد بثياب ملونة ‪ .‬فقبل الشيرازيون ذلك ‪ .‬فأداروا‬ ‫الجزيرة الثياب وغادرها ‪ .‬واحتاط الشيرازيون من‬ ‫الجزيرة بالقماش الملون ‪ .‬وأخذ صاحب‬ ‫جديد ‪ .‬فقاموا بحفر المنطقة التى يتم فيها الجزر‬ ‫عودة حاكم كلوة الإفريقي وقواته من‬ ‫من العودة إليها ‪ .‬وهكذا صارت في يد أهل شيراز‬ ‫وحينما عاد حاكمها السابق لم يتمكن‬ ‫سنة حتى مات ‪ .‬وكان ذلك في القرن الثالث‬ ‫وظل الواصل يحكمها مدة أربعين‬ ‫المجرى("‪.‬‬ ‫والواقع أننا لانوافق الصوافي فيما أورده في السلوة في أخبار كلوة حول تلك‬ ‫الأسباب والظروف التى أدت إلى خروج حسن بن على وأولاده من شيراز إلى شرقي‬ ‫إفريقية ‪ .‬والتى رددتها عدة مصادر ومراجع من بعده للأسبب التالية ‪- :‬‬ ‫‏‪ -١‬أن قصة خروج حسن بن على من شيراز ومعه أولاده ‪ .‬لم تردد في المصادر‬ ‫الفارسية المحلية ‪ .‬ولكنها مأخوذه نصا وروحا" من قصة خروج الزعيم الأزدي‬ ‫مالك ابن فهم من اليمن إلى عمان "" ‪ .‬مما يدل على سيادة العمانيين‬ ‫بثقافتهم وتراثهم في تلك المنطقة قبل وصول أهل شيراز ‪ .‬ثم اقتبسها الفرس‬ ‫بعد ذلك من أجل إثبات عراقة نسبهم منذ البداية وأنهم كانوا حكاما في‬ ‫بلادهم ‪ .‬كما ان هجرة مالك كانت قبل ظهور الإسلام بعدة قرون ‪ .‬وهى‬ ‫محفوظة في صدور أهل عمان حتى الآن ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٢‬أن كلوة التى تركز فيها النفوذ الشيرازي ‪ .‬كانت امتدادا" للتأثير العماني‬ ‫في شرق القارة ‪ .‬فهى تقع إلى الجنوب من زنجبار بحوالى مائتين كيلو‬ ‫مترا("'‪ .‬والدليل على ذلك أن أهل شيراز قابلوا في كلوة رجلا" من المسلمين‬ ‫وبعد أولاده فأخبره بظروف كلوة واسم حاكمها الإفريقي وعادات حاكمها ‪١‬ے'‪:‬‏‬ ‫(‪ )١‬الصوافي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪ ٢٨ ‎‬ومابعدها‪ )٢( . ‎‬العوتبي ‪ .‬المصدر الابق ‪ .‬ج؟ ‪ .‬ص‪. ١٨٨ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬تركز الوجود العماني في الشرق الإفريقي في منطقة أرخبيل لامو زنجبار ويدأ في الامتداد شمالا"‬ ‫صوب مباسا ماليندي‪ .‬وإلى الجخوب صوب كلوة وحتى سفالة الزنج ومدغشقر ‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬ذكره الصوافي بأسم مرر وير‪. ‎‬‬ ‫‏‪ - ٣‬لا يقبل العقل أن يتم الإتفاق بين السلطان حسن بن على وأولاده للخروج مز‬ ‫شيراز ثم ينفرد كل واحد منهم بسفينة بعد ذلك ‪ .‬دون أن يتم تحديد الوجهة‬ ‫التى سيتم التوجه إليها وقصدئها وكيف يترك الأولاد والدهم وحده في تلك‬ ‫الظروف ؟ وكيف يتم التجمع بهذه الصورة على الساحل الإفريقي ويهذا‬ ‫الوضع من الانتشار المنظم والمرتب ‪ .‬ولابد أن هناك اتفاق بين هؤلاء الفرس‬ ‫قبل خروجهم من بلدتهم إلى شرقي إفريقية ‪ .‬خاصة وأن أهل سيراف وموانىء‬ ‫الحليج العربي الذي خرجوا منه كان لهم دراية بالساحل الإفريقي وظروفه ‪.‬‬ ‫وأنه كان هناك اتفاق منذ البداية وتحديد للوجهة التى قصدها أهل شيراز ‏(‪٠‘١‬‬ ‫‏‪ - ٤‬تثير كميات الأقمشة التى قدمها الواصل إلى صاحب الجزيرة الإفريقي ‪ .‬إلى‬ ‫شكوك في كيفية تحميل تلك الكمية الكبيرة من الثياب التى تم إحاطة‬ ‫الجزيرة بها حسب شرط البيع ‪ .‬كما أن عملية حفر الخور الكبير الذي يربط‬ ‫كلوة بالساحل الإفريقي ‪ .‬تثيرها الأخرى شكوكا جديدة حول القدرة والكيفية‬ ‫التى تم بها ذلك ‪ .‬رغم أنهم كانوا قلة ‪ .‬وكان من المعروف في تلك الفترة أن‬ ‫المستوطنات العربية والإسلامية كانت تتركز على الساحل بعيدا عن المحيط‬ ‫الإفريقي ‪ .‬لتأمين نفسها ضد غارات القبائل الإفريقية ‪ .‬ولذلك تم نسج قصة‬ ‫حفر الخور بنفس الصورة التى تسود في المنطقة ("" ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٥‬بعد المؤكد أن تكون تلك الهجرة في القرن الخامس الهجري ‪ .‬وليس في القرن‬ ‫الثالث الهجري ‪ .‬كما ذكر صاحب أخبار كلوة ‪ .‬حيث بدأت في تلك الفترة‬ ‫انقسامات في صفوف الشيعة ‪ .‬كما تعرضت منطقة شيراز إلى غارات من‬ ‫قبل السلاحقة ‪ .‬وهذه هى الظروف المقبولة والمناسبة لخروج جماعات الشيعة‬ ‫‪.‬‬ ‫‏(‪(٣‬‬ ‫م‪.‬نإط۔ق‪-‬ة ‪.‬شيرا ‪,‬ز‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫من إيران من‬ ‫أصبحت كلوة مركزا للجماعات الإسلامية التى استقرت على طول الساحل الإفريقي‬ ‫(‪ )١‬راجع المغري ‪ .‬جهينة الأخبار ‪ .‬ص‪.٦٠ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬لم يتم بنا ث مدن عربية إسلامية داخل البر الإفريقي إلا زمن السيد سعيد بن سلطان بعد ذلك في‬ ‫العصور الحديثة ‪ .‬وظل الوجود الإسلامي على الساحل ‪.‬‬ ‫‪.٠‬‬ ‫‪٣٨٨‬‬ ‫‪ ٨٥‬الإسلام والثقافة العربية ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫محمرد‪‎‬‬ ‫)‪ (٣‬حسن‬ ‫‪٤٢١‬‬ ‫الشرقي من جنوب زنجبار ‪ .‬وصارت أهم مدن شرق افريقية قاطبة ‪ .‬وقكنت من فرض‬ ‫نفوذها على معظم المراكز الساحلية حتى العصور الحديثة وشكلت بذلك إمبراطورية عرفت‬ ‫بأسم " مملكة كلوة" أو "مملكة الزنج" ‪ .‬وبدأت منذ القرن الحادى عشر ترتبط بتجارة السلع‬ ‫الإفريقية خاصة الذهب المستخرج من سفالة الزنج ‪ .‬وأصبحت منافسة لإمارة مقديشو في‬ ‫الشمال في هذا الأمر (" ‪ .‬وبلغت المملكة أوج ازدهارها الإقتصادي والتجاري في القرنين‬ ‫الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين ‪.‬‬ ‫انعكست حالة الرخاء الاقتصادي لكلوة على أوضاعها العمرانية ومعيشة سكانها‬ ‫‪ .‬فبنى ملوكها القصور الفخمة والمباني المتقنة الرائعة في كافة أرجاء من مملكتهم والجزر‬ ‫التابعة لهم ‪ .‬ولازالت آثار تلك المباني ماثلة حتى الآن ""‪ .‬أما كلوة العاصمة فقد‬ ‫أصبحت أهم مراكز الحضارة في شرق القارة حتى قدوم الغزو البرتفالى إليها في نهاية‬ ‫القرن الخامس عشر الميلادي فظهرت فيها الوان جديدة من الهندسة المعمارية لم تكن‬ ‫معروفة من قبل مثل القباب والعقود وظهرت جوانب تلك العمارة في القصور والمخازن‬ ‫والمساجد ‪ .‬كما استخدم الحجر وأنواع جديدة من الأخشاب الصلبة في البناء "' وقد‬ ‫أعجب ابن بطوطة بمظاهر تلك العمارة (“' بقوله " ومدينة كلوا من أحسن المدن وأتقنها‬ ‫عمارة وكلها بالخشب والأمطار بها كثيرة " ‪.‬‬ ‫ويبدو أن مملكة كلوة كانت تضم جماعات عديدة من المسلمين يعيشون في حرية تامة‬ ‫بعيدا عن التعصب المذهبي الذي ظهر في بعض مناطق العالم الإسلامي ‪ .‬ويتضح ذلك من‬ ‫عبارة ابن بطوطة بقوله " وهم شافعية المذهب " اي يقصد ان غالبية المسلمين بها ‪ .‬فتوجد‬ ‫جماعات شيعية وجماعات من أباضية عمان ( ‪ .‬حيث تناسى المسلمون تلك المسائل‬ ‫الخلافية أمام مشكلاتهم ومتطلبات بقائهم في المحيط الزنجي الوثني ‪ .‬الأمر الذي يجعلنا‬ ‫(‪ )١‬عبدالرحمن زكي ‪ .‬الإسلام والمسمون في شرق إفريقية ‪ .‬ص‪. ١٢٤ ‎‬‬ ‫ال(‪)٢‬مغيري ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٦١٦ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الحويري ‪ .‬ساحل شرق إفريقية ‪ .‬ص‪. ١٢٠ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬الرحلة ‪ .‬ص‪. ٢٠١ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬ويورد المغيري بعض الأسماء لعلماء الأباضية منهم العالم ‪ :‬الوليد بن سليمان بن مبارك الكلري‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬حهينة الأخبار ‪ .‬ص‪ ( ٦٣ ‎‬نقلا" عن كشف الغمة‪. ) ‎‬‬ ‫‪- ٤٢٢‬‬ ‫لانقبل وجود صراعات مذهبية على أرض الساحل الإفريقي في تلك الفترة من فترات‬ ‫الامتداد الإسلامي ‪.‬‬ ‫ورغم الأخطار التى تواجه أهل كلوة من قبل جيرانهم الوثنيين وأن أهلها ظلوا في‬ ‫حالة جهاد مستمر لحماية بلادهم من غزو الجماعات الإفريقية الطامعة في خيرات‬ ‫بلادهم!" ‪ .‬فإن حكام كلوة وأهلها ارتبطوا بعلاقات وثيقة مع مناطق العالم الإسلامي‬ ‫خاصة منطقة اليمن والحجاز وكان هذا الإرتباط في العلاقات ذات جوانب ثقافية وتبارية‬ ‫‪ .‬حيث أراد حكامها مسايرة الأوضاع الثقافية في بلاد الحجاز وغيرها من مراكز العالم‬ ‫الإسلامي ‪ .‬فقد إلى المنطقة العديد من أهل الحجاز وشبه الجزيرة العربية لتدريس أصول‬ ‫الدين الإسلامي ("" ‪ .‬والعمل في الكتاتيب والمدارس التى أنشأت في المنطقة ‪ .‬كما‬ ‫صدرت كلوة إلى منطقة الحجاز منتجات منطقة الساحل الإفريقي من الذهب والجلود‬ ‫والعاج والرقيق ‪.‬‬ ‫وارتبطت كلوة بالنشاط التجاري السائد أيضا في منطقة المحيط الهندي ‪.‬‬ ‫وأصبحت سوقا تجاريا مزدهر للسلع القادمة من الصين وجنوبي شرقي آسيا والهند ‪.‬‬ ‫فكان التجار يجلبون إليها الخزف الصيني والخرز والتوابل والفلفل والمنسوجات‬ ‫والمصنوعات الهندية ‪ .‬ولذلك ظهرت لدى سلاطين كلوة عملات نقدية بدلا" من عمليات‬ ‫التبادل ‪ .‬أو استخدام الودع الذي كان معمولا" به قبل ذلك ("'‬ ‫ظلت مملكة كلوة تؤدى دورها في نشر الإسلام والثقافة الإسلامية ويتضح ذلك من‬ ‫إعلان الجهاد ضد القبائل الوثنية وأن أهلها كانوا في حالة حرب مع الوثنين وكانوا يهدون‬ ‫‏(‪ )١‬يذكر ابن بطوطة ‪.‬‬ ‫" وكان سلطانها في عهد دخولي إليها أبو المظفر حسن وكان كثير الغزو إلي أرض الزنج يغير عليهم‬ ‫ويأخذ الفنائم فيخرج خمسها ‪ .‬ويصرفه في مصارفه المعنية في كتاب الله تعالى"‬ ‫الرحلة ‪ .‬ص ‏‪. ٢٠٠‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ويذكر أيضا ابن بطوطة ذلك بقوله " وكان الشرفاء يقصد من العراق والحجاز وسواها ‪ .‬ورأيت عنده‬ ‫من شرفاء الحجاز جماعة " ‪.‬‬ ‫الرحلة ‪ .‬ص ‏‪. ٢٠٠‬‬ ‫‏(‪ )٣‬الحويري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ١٢١‬‬ ‫‪- ٤٢٢٣‬‬ ‫سلطانهم على كثير من مراكز تلك المناطق الإفريقية حتى انتشر الإسلام بين أهلها بعد‬ ‫ذلك ‪ .‬وظهرت في المنطقة مؤسسات تربوية أدت رسالتها بفضل رعاية سلاطين كلوة‬ ‫وحرصهم على استقدام العديد من علماء الإسلامي للتدريس بها ‪ .‬حتى أصبحت اللغة‬ ‫العربية منتشرة في تلك الأرجاء ‪ .‬وأورد المغيري العديد من علماء وأشراف الحجاز الذين‬ ‫استقروا على ساحل افريقية وكان لهم مجهودات في نشر الإسلام في تلك النواحي‬ ‫وترسيخ التوجه الإسلامي للمنطقة ‪.‬‬ ‫ومنذ منتصف القرن الخامس عشر تعرضت كلوة لأخطار داخلية وخارجية حيث‬ ‫ظهرت صور من النزاع على السلطة في الداخل (" ‪ .‬وطمع بعض الوزراء في الوصول إلى‬ ‫السلطة بصور غير شرعية ‪ .‬وظهرت بجوار كلوة مدن قوية على حساب تدهور اوضاع‬ ‫ة" مثل مدينة بات من الشمال (" ‪ .‬كما ضعفت سيطرة كلوة على منطقة سفالة في‬ ‫الجنوب وهى التى تمثل لكلوة العمود الفقري في اقتصادها بسبب ما تشتهر به من‬ ‫استخراج الذهب بكميات كبيرة (" ويذلك فقدت كلوة أهم مقومات شهرتها الإنتصادية ‪.‬‬ ‫فقل إيراد سلاطينها ‪ .‬ويدأ العرب يتجهون إليها من ماليندي ويكونون قوة جديدة داخل‬ ‫كلوة ‪ .‬اصبحت لها السيطرة في بعض الفترات ‪ .‬وسرعان ما وقعت في ايدى البرتغاليين‬ ‫في نهاية القرن الخامس عشر حيث كان ذهب سفالة الذي لا ينضب كان العامل الأساسي‬ ‫في تحركات البرتغاليين في شرق إفريقية وفي عمليات الكشوف الجغرافية ‪.‬‬ ‫وقد أصيب البرتغاليون بالدهشة لما لمسوه من تقدم حضاري وعمراني في مدن كلوة‬ ‫التى سقطت في أيديهم !" ‪ .‬بعد مالمسوه من تخلف على سواحل إفريقية المقابلة لهم من‬ ‫الفرب ‪ .‬وقد استحوذت منطقة سفالة ومدن كلوة على اهتمام الملك البرتفالى عمانويل‬ ‫الذي أمر ببناء المديد من القلاع والحصون للحفاظ على مصالح بلاده في تلك الأراضى‬ ‫التربة ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الحويري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٢٢ ‎‬‬ ‫‪. ١٢٥‬‬ ‫(‪ )٢‬زكي ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬المسعوي ‪ .‬مروج الذهب ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪. ١٢٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬حيث شاهدوا المنازل العالية المبنية من الخشب والحجر والمساجد ‪ .‬ونظافة المدن وثراء أهلها‪. ‎‬‬ ‫أحمد شلبي ‪ .‬موسوعة التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ‪ .‬ج‪ . ٦‬ص‪. ٣٩٦ ‎‬‬ ‫‪- ٤٦٢٤‬‬ ‫سادسا" ‪ :‬هجرة النبهانيين من عمان ‪:‬‬ ‫حدثت تلك الهجرة في القرن السابع للهجرة ‪ /‬الثالث عشر الميلادي ‪ .‬واتحجهت من‬ ‫عمان إلمىنطقة وسط الساحل الإفريقي الشرقي ‪ .‬وهو النطاق الذي أصبح مقتصرا‬ ‫النفوذ العماني حتى العصور الحديثة ‪.‬‬ ‫ينتسب النباهنة إلى قوم من العتيك من أزد عمان ( أقاموا دولة استمرت مايقرب‬ ‫‪.‬من خمسة قرون في عمان (" ونظرا لظروف عمان التي كانت تمر بها في تلك الفترة ‪ .‬فقد‬ ‫تعرضت عمان إلى انقسامات عنيفة بين قبائلها ومناطقها ‪ .‬كما تعرضت لغزو مستمر من‬ ‫المدن الفارسية ‪ .‬وبالإضافة إلى ذلك حدة صراع داخلي بين أسرة النبهاهنة الحاكمة ‪ .‬وقد‬ ‫أدت تلك الظروف والأحوال إلى هجرة أحد أمراء النبهاهنة إلى شرقي إفريقية ليؤسس‬ ‫هناك إمارة عمانية جديدة استمرت حتى العصور الحديثة ‪.‬‬ ‫اتفقت معظم المصادر والمراجع على أن الزعيم النبهاني الذي هاجر من عمان إلى‬ ‫شرقي إفريقية هو سليمان بن سليمان بن مظفر بن نبهان ("" ‪ .‬وكانت هجرته للظرف التي‬ ‫تمر بها أسرته وعمان ‪ .‬واتجهت تلك الهجرة إلى منطقة بات في أرخبيل لامو من بداية‬ ‫القرن السابع الهجري ‪ /‬بداية القرن الثالث عشر الميلادي ‪ .‬وقد أسسوا إمارتهم المستقلة‬ ‫في بات ونسبوا إليها حيث بدأ يظهر لقب البتاوي في آخر أسمائهم ‪ .‬ويبدو أن هجرة‬ ‫هؤلاء إلى شرق القارة الإفريقية كانت مثابة دماء عمانية جديدة لتغذية الوجود العماني‬ ‫في السابق في الأرخبيل منذ القرن الأول الهجري ‪ .‬والذي ظل متواجدا بصورة واضحة‬ ‫حتى مد سلاطين كلوة نفوذهم إلى مناطق النفوذ العماني سنة ‪٥٦٥‬ه‏ ‪١١٧٠ /‬م‏ على يد‬ ‫سلطان كلوة (‪٤‬ا‏ ‪.‬‬ ‫السلطان سليمان حسن‪.‬‬ ‫‪. ٢٥٥‬‬ ‫(‪ )١‬السيابي ‪ .‬سالم بن حمود ‪ .‬العنوان عن تاريخ عمان ‪.‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬يقسم سالم بن حمود السيابي دولة بني نبهان في عمان إلى نترتين هما‪: ‎‬‬ ‫‪ -‬الإولي ‪ :‬من أواخر القرن السادس الهجري ‪ .‬وحتى القرن الثامن الهجرى‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬الثانية من القرن العاشر الهجري وحتى قيام دولة اليعاربة في الربع الأول من القرن الحادي عشر‪‎‬‬ ‫‪. ٢٥٥٠‬‬ ‫المرجع السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫الهجري ‪.‬‬ ‫‪. ١٣٠‬‬ ‫(‪ )٣‬الفارسي ‪ .‬عبدالله ‪ .‬البوسعيديون حكام زنببار ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪ -‬حسن محمود ‪ .‬الأسلام والثقافة ‪ .‬ص‪. ٣٩٩ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬عبدالحليم ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٢٦ ‎‬‬ ‫‪٤٢‬‬ ‫ورغم وجود الأرضية العمانية السابقة في المنطقة التى استقر بها الأمير النبهاني إلا‬ ‫أنه أراد أن يغزز من سلطته ومكانته بين سكان المنطقة فتزوج أميرة سواحيلية هى ابنة‬ ‫اسحق حاكم بات ‪ .‬وعن طريقها وصل إلى حكم بات باليراث ‪ "\( .‬وأصبح أول حاكم‬ ‫نبهاني لبات ‪.‬ويدأ الأمير العماني الجديد يقوئ مركزه ويستعد لتوسيع نفوذه خاصة نحو‬ ‫حكام كلوة الشيرازيين ‪.‬وقام يتلك المهام خلفائه ‪.‬ففى زمن محمد الثاني النبهاني‬ ‫(‪٦٩.‬ھ‏ ‪٢٩١ /‬ا‪١‬م‏ ‪٧٣٢-‬ھ‏ ‪٢٣١/‬ام‏ ) اتجه النبهانيون لتوسيع نفوذهم صوب الشمال'‬ ‫حيث فرضت بات نفوذها شمالا على الإمارات الساحيلية حتى مقديشو ("" وخاصة أن‬ ‫مقديشو قد بدأت أحوالها الاقتصادية في التدهور بعد حرمانها من موارد الذهب التى‬ ‫كانت تعتمد عليها في تجارتها من منطقة سفالة الزنج ‪ .‬بسبب سياسة ملوك كلوة ‪.‬‬ ‫ويبدو أن محمد النبهاني قد تمكن من ذلك بسهولة لاعتماده على تأيبد الجماعات‬ ‫العمانية والعربية في المنطقة التى إرتبطت به منذ البداية وحالفته ‪ .‬وعين الزعيم النبهاني‬ ‫حاكما من قبله على كل مدينة ضمها ‪ '".‬ولقب محمد الثاني النبهاني بلقب ‪٥0‬الا‪.‬‏ أى‬ ‫رئيس قبلية باللغة السواحيلية ‪ .‬وهذا يدل على حرص النبهاهنة في أى يظلوا في مظهرهم‬ ‫عريا وشيوخ قبائل ‪.‬‬ ‫وفي زمن عمر بن محمد (‪٧٣٢‬ه‏ ‪١٢٣١ /‬م‏ ‪٧٦٠. -‬ه‏ ‪٢٥٨/‬ام‏ ) اتحبهت سياسة‬ ‫الجنوب لتضم مناطق شانحجا وفازا ‪ .‬وهما من توابع بات نحو‬ ‫التبهاهنة نحو التوسع صرب‬ ‫الجنوب ‪ .‬وكذلك تمضم الجزر المجاورة مثل ماندا ‪ .‬ومنطقة أوزي ‪ .‬ودولة شاكا وأصبح‬ ‫الزعيم النبهاني يمثل أقوى قوة على الشمال الشرقي لإفريقية في مننتصف القرن الرابع‬ ‫عشر الميلادي ‪ .‬فبدأت تصله الهدايا المديدة من حكام المناطق المجاورة من إفريقية أو‬ ‫الإمارات الساحلية (" كما بدأت مناطق أخرى تدفع له الجزية ‪ .‬وأصبحت معظم مدن كلوة‬ ‫تخضع لنفوذه ‪ .‬وخضعت ماليزي وحمبشة وميا ولندي وكيرما ‪ .‬وراس دلجادو ‪ .‬أو سلطنة‬ ‫كلوة التى ضعفت فقد بدأت تفقد الكثير من هبتها في المنطقة ‪ "!.‬وفرض سلاطين بات‬ ‫(‪ )١‬حسن محمود ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٣٩٩ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ترمنجهام ‪ .‬الإسلام والثقافة العربية في شرق إفريقيا ‪ .‬ترجمة محمد النواوي‪‎ . ‎‬ص‪. ٤٥‬‬ ‫)( ترمنجهام ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٤٦١ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬عبدالحليم ‪ .‬العمانيون والملاحة ‪ .‬ص‪. ٢٢٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬عبدالحليم ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٢٢٩ ‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٤٢٦‬‬ ‫عليها مناصب لعرب من سلطنة بات خاصة ‪ .‬وظيفتى الأمير والوزير وبدأ مواطني بات‬ ‫في التحرك صوب الجنب في نطاق كلوة (" ‪.‬‬ ‫أصبحت الحركة التجارية في شرق إفريقية منذ القرن الرابع عشر في يد سلاطين بات‬ ‫‪ .‬وخاصة أن حركة الملاحة كانت في يد العمانين باستمرار ‪.‬وقد نتج عن ذلك ازدهار رواج‬ ‫اقتصادي بين مدن بات وجزرها ‪ .‬وانعكس ذلك على اهل بات ومدنها فظهرت مظاهر‬ ‫الثراء والترف ("" ‪ .‬وأنشأ أهلها منازل كبيرة ‪ .‬وجملوها بلمبات نحاسية وصنعوا سلألم‬ ‫مزينة بالفضة ‪ .‬وزينت اعمدة المنازل يماسمير من الفضة والذهب الخالص ‪.‬كما ظهرت‬ ‫لديهم الأبواب المنقوشة ‪ .‬حيث أدخل العرب فايلنقش والحفر والنحت إلى تلك المناطق ‪.‬‬ ‫ظهر أ هلها بمنظر نظيف ملابسهم‬ ‫وا لنظا م كما‬ ‫في ‏‪ ١‬لتنا س‬ ‫روعة‬ ‫ممباسة‬ ‫بيوت‬ ‫وأصبحت‬ ‫‏ا‪, (٢‬‬ ‫الفاخرة‬ ‫‏‪- . ١٠‬‬ ‫أرسي البنهاهنة أسسا إدارية متقدمة في المنطقة من اجل ربط المدن والجزر المتناثرة‬ ‫تحت سلطانة في بات ‪ .‬خاصة وان دولتهم اصبحت تضم شريطا طويلا متناثر من المدن‬ ‫والجزر تفصل بينهامئات الأميال (' ‪ .‬وقام البنهاهنة بتعين عامل أو وال علي كل مدينة‬ ‫أو جزيرة يعرف باسم ( ماجومب ) أى التابع ‪.‬وتم انشاء مجلس استشاري يسمى‬ ‫(جومب) حيث الإدارة المركزية ‪.‬وكان هذا المجلس يعاون الحاكم في اتخاز القرار وفي‬ ‫الفصل بين الراعية ‪ .‬واتخذ الأمير النبهاني لقب ( بوانا فو مادي ) أو ( فومولوتي ) أو‬ ‫(فوم لوط ) بمعنى سلطان او ملك ‏‪."٨١‬‬ ‫ويقسم الهرم الإداري لسلطنة النبهاهنة في شرق إفريقية إلى ما يلي ‪.:‬‬ ‫‏(‪ )١‬الملك او السلطان ‪ :‬وهو من النباهنة ‪ .‬له السلطة العليا المطلقة علي المناطق‬ ‫‪. ٤٥‬‬ ‫(‪ )١‬ترمنجهام ‪ .‬المرجع السابق ‪.‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن بطوطة ‪ .‬الرحلة ‪ .‬ص‪. ٢٠٧ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬حسن محمود ‪ .‬لمرجع السابق ‪ .‬ص‪.٤٢٨ ‎‬‬ ‫‪.٤٢٨‬‬ ‫(‪ )٤‬حسن محمرد ‪ .‬المرجع نفسة ص‪‎‬‬ ‫‪.٨٩‬‬ ‫(‪ )٥‬المغيري ‪ .‬جهينة لأخبار ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫الفارسي ‪ .‬البرسعيديون‪.١١٧ . ‎‬‬ ‫‪٤٢٧‬‬ ‫الخاضعة لة ‪ .‬وتحيط به أرستقراطية عربية ‪ .‬وزعامات قبائل البانتو الإفريقية‬ ‫‪ .‬ومقرة في بات ‪ .‬وتصب فيها دخل السلطنة ‪ .‬رقد ساعد بات في احتفاظها‬ ‫بهذا المركز توسطها لمدن السلطنة النبهانية اا" ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬الولاة ‪ :‬ويتم تعين وإلى من قبل القصر في بات علي كل مدينة من مدن‬ ‫السواحل التابعة للنبهاهنة‪ .‬وهو نائب السلطان في مدينته ‪ .‬ويختار عادة من‬ ‫بين الزعامات المحلية أو العربية حيث يكون له القدرة علي السيطرة علي أمور‬ ‫مدينتة ‪.‬‬ ‫‪ .‬ريعارن الملك‬ ‫‏‪ ٠‬ومقرة بات‬ ‫‏) ‪ ١ (٣‬لهيئة ا لتشريعية ‪ :‬ويمثلها ‏‪ ١‬ملجلس ا لاستشاري‬ ‫في إصدار القرارت ‪ .‬وله السلطة في فض المنازعات ‪ .‬وتحضير مشروعات‬ ‫القوانين ‪ .‬وقد شملت تلك الهيئة كبار التجاروزعماء القبائل العريية والمحلية‪.‬‬ ‫احبه النباهنة أيضا إلى تنظيم الجوانب الإقتصاية للسلطنة كما يلي ‪.:‬‬ ‫(‪ )١‬في مجال التجارة‪: ‎‬‬ ‫نشطت الحركة التجارية مع بقية مراكز الساحل الإفريقي الشرقي ‪ .‬وقد نشط التجار‬ ‫العرب لحمل تجارة إفريقية من العاج والذهب والرقيق والجلود إلى أسواق العالم الإسلامي‬ ‫‪ .‬وبلدان المحيط الهندي ‪ .‬وقد شارك سلاطين النبهاهنة أنفسهم في هذا النشاط التجاري‬ ‫‪ .‬وحققوا من وراء ذلك ثراء كبيرا ("" وفرضت الدولة ضرائب على عمليات التجارة‬ ‫‏‪/. ١٠‬‬ ‫لاتتعدى‬ ‫‪ - ٢‬في مجال الزراعة‪: ‎‬‬ ‫نشطت الزراعة في البلاد ‪ .‬حيث تم زراعة أراضي جديدة خصبة ‪ .‬وتم استغلال‬ ‫العديد من العبيد في مزارع المدن ‪ .‬ووزعت أراضي عليهم ‪ .‬كما اهتم العرب بالمراعى‬ ‫هناك وتم إدخال تربية الإبل والخيول في المنطقة بجانب الماشية والأغنام‪ .‬وأدخلت محاصيل‬ ‫(‪ )١‬انظر الخارطة في الملاحق‪. ‎‬‬ ‫وخاصة انها كانت مركز للهجرات العمانية منذ البداية ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬عبدالحليم ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ٢٣٢‬‬ ‫‏‪ ٤٢٨‬س‬ ‫جديدة في البلاد ( ‪ .‬وفرضت ضريبة على الزراعة مقدارها وسقين أو حملين على كل‬ ‫عشرين وسقا تنتجها جماعة العبيد في الزراعة ‪ .‬وهى ضريبة العشور ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬الصناعة‪:‬‬ ‫عرفت مدن الساحل الإفريقي صناعات هامة مثل صناعة المنسوجات وخاصة مدن‬ ‫الشمال ‪ .‬كما كانت لديهم خبرتهم في صيانة السفن وصناعتها ‪ .‬حيث تتوفر الأخشاب‬ ‫الأزمة لتلك الصناعة في المنطقة ‪ .‬كما أن الرحلة البحرية كانت طويلة وتحتاج إلى‬ ‫أحواض لصيانة السفن قبل عودتها ‪ .‬كما صنعت سفن صغيرة تستخدم بين الموانىء‬ ‫الإفريقية ""‪.‬‬ ‫ونتيجة لقوة التأثير العماني على وسط سواحل شرق القارة الإفريقية فقد ولدت لغة‬ ‫جديدة للتعامل بين مختلف الأجناس هى اللغة السواحيلية في منطقة زنجبار والمناطق‬ ‫المقابلة وامتدت لتشمل مناطق الساحل الإفريقي الشرقي مع تطاق من داخل القارة‬ ‫الافريقية ‪ "" .‬وهى عبارة عن أصول من لغة البانتو الإفريقية مع اللغة العريية وأصبحت‬ ‫تلك اللفة هى لغة التفاهم على طول الساحل‪ .‬ولغة التجارة والتعامل اليومي ‪ .‬وتميزت‬ ‫تلك اللغة بمرونتها وحيويتها ‪ .‬ويدأت فى إحتواء العديد من المصطلحات الإسلامية‬ ‫داخلها بمعني أنها نشأت نشأة إسلامية منذ البداية (" ‪.‬‬ ‫كانت اللفة السواحيلية هي الرباط القومي والثقافي الذي تمكن من ربط منطقة‬ ‫الساحل الإفريقي من الشمال حتى الجنوب مع الجزر المتناثرة في المحيط ‏‪ ٠‬بعد ان عجزت‬ ‫معظم القوى العربية والإسلامية التي وصلت إلى المنطقة من تكون دولة واحدة مركزية‬ ‫‪ .‬وترتب على ذلك ظهور ثقافة‬ ‫على طول الساحل منذ البداية وحتى العصور الحديثة‬ ‫متقاربة على الساحل ذات أصول إسلامية ‪ .‬وظلت تلك اللغة تكتب بحروف عربية حتى‬ ‫(‪ )١‬رأفت غنيمي الشيخ ‪ .‬إفريقية في التاريخ المعاصر ‪ .‬ص‪. ٣٢٩ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬وهى محاصيل ترجع أوصلها إلى شبه القارة الهندية وتم نقلها إلى عمان ومنطقة الخلية في المصور‬ ‫الإسلامية الأولى ‪ .‬مثل قصب السكر والقطن وغيرهما مثل البرتقال والأرز والفلفل ‪.‬‬ ‫‪ .‬ص‪. ١٨٧ ‎‬‬ ‫فمرفييشرققية‬ ‫إسلا‬ ‫(‪ )٣‬النقيرة ‪ .‬الإ‬ ‫‪. ١١٢‬‬ ‫(‪ (٤‬عوض ‪ .‬الشعوب والسلالات ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪_ ٤٢٩‬‬ ‫دخول الإستعمار الأوروبي إلى المنطقة فبدأت تكتب بحروف لاتينية محل الحروف العربية‬ ‫وأصبحت بالتالي تضم مصطلحات أوروبية جديدة في بنائها " ‪.‬‬ ‫ومع اللغة السواحيلية نفذ الإسلام بقوة إلى داخل القارة الإذريقبة عبر البحيرات‬ ‫والمرتفعات إذ أصبح من اليسير على الأفارقة فهم العديد من جوانب الدين الإسلامي‬ ‫بغض النظر عن مستواهم الفكري ‪ .‬وتمكنت تلك اللغة مع التجار الذين بدأوا في شق‬ ‫طريقهم إلى الداخل من تكوين روابط حضارية جديدة بين الساحل وبين الداخل ‪ .‬حيث‬ ‫ظهرت بوادر ظهور شعب جديد ذات لغة واحدة وقيم مشتركة (""‪.‬‬ ‫ساهم النباهنة بدور بارز في رعاية التوجه الثقافي الجديد للمنطقة في ظل الإسلام‬ ‫ولغته ‪ .‬فعملوا على انشاء العديد من المساجد والكاتيب والمدارس واستقدموا الفتهاء‬ ‫والمدرسين ‪ .‬ووفدت أعداد كبيرة من الأفارقة إلى مدنهم الساحلية للدراسة وحفظ القرآن‬ ‫الكريم ودراسة اللغة العربية وأصول الدين الإسلامي‪ .‬حيث لاحظ الأفارقة مدى ماتوفره‬ ‫تلك الثقافة لهم من مكانة اجتماعية وادبية راقية في مجتمعاتهم ‪ .‬وبدا جيل جديد من‬ ‫الأفارقة في حمل رسالة الإسلام داخل بلادهم وبين قبائلهم ‪.‬‬ ‫ويذلك تمكن العمانيون من الاحتفاظ بامكاسب الإسلامية على الساحل الشرقي‬ ‫لإذريقية حتى تمكنوا من ضمها ‪ .‬في العصور الحديثة ‪ .‬إلى دولتهم منذ زمن اليعاربة ‪.‬‬ ‫خاصة وأنهم قد انتشروا على مدن الساحل انتشارا ملحوظا ‪ .‬بعد أن أصاب الساحلين‬ ‫العماني والإفريقي خطر واحد هو الخطر البرتغالي ‪.‬‬ ‫فقد ظل التواجد العماني حتى قدوم البرتغاليين قويا في ممبسة ‪ .‬حيث وجدت‬ ‫جماعة من قبيلة المناذرة العمانية ‪ .‬وكانت بينهم وبين عمان مراسلات زمن الإحتلال‬ ‫البرتغالي ‪ .‬كما احتفظ العمانيون بنفوذهم في تانغة بالقرب من ممبسة "' وانتشرت قبائل‬ ‫(‪ )١‬عبدالحليم ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٣٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬جيان ‪ .‬وثائق ‪ .‬ص‪. ٣٢١ ‎‬‬ ‫(‪ - )٣‬أحمد على ‪ .‬كلوة ‪ .‬ص‪. ١٩١١ ‎‬‬ ‫‪ -‬المغيري ‪ .‬المصدر السابق ‪.‬ص ‏‪. ١٠٥‬‬ ‫‪٢.‎‬؛ _‬ ‫عمان من الجنبة والسعديين والمعمري والريامي والحارثي على طول الساحل الشرقي «ا' ‪.‬‬ ‫وكذلك انتشر العمانيون في مالندي منذ تأسيسها في القرن الثاني عشر الميلادي ‪.‬‬ ‫وقد تحمل هؤلاء العرب من أهل عمان خاصةاعبا المقاومة الإسلامية والمحلية ضد‬ ‫الفزو البرتغالي الجديد للمنطقة ‪ .‬بعد أن أحسوا بمدى خطورة الخطر البرتغالي على دينهم‬ ‫وعلى تحبارتهم وأوضاعهم ‪ .‬ولذلك أخذت تلك الصدامات روح الجهاد الإسلامي المقدس‬ ‫ضد البرتغالين منذ البداية ‪ .‬على أساس أنها استمرار للحرب الصلبية ضد المسلمين ‪.‬‬ ‫ويدل مسارعة اليعاربة ("" في إنقاذ مناطق الساحل الشرقي لافريقية منذ النصف الثاني‬ ‫من القرن السابع عشر في إمامة سلطان بن سيف اليعربي وسيف بن سلطان على أن‬ ‫الإرتباط واضح بين الطرفين ‪ :‬العماني والإفريقي وأن الآمال ووالآلام كانت واحدة بين‬ ‫الساحلين ‪ .‬بعد ان احسوا ان التواجد البرتغالي في مياه المحيط الهندي يهدد اواصر‬ ‫التبادل والإتصال بين الطرفين ‪. .‬مازالت العادات العمانية في الملبس والمأكل والمشرب‬ ‫ومختلف نواحى الحياة اليومية على الساحل الإفريقي ‪ .‬الشرقي عمانية بعض النظر عن‬ ‫الدولة والإقليم الذى تتبعه جماعات السكان حاليا‪.‬‬ ‫امتد الوجود الإسلامي بفضل العمانيين إلى أقصى جنوب الساحل الإفريقي ليصل‬ ‫إلى موزمبيق ومناطق جنوب الساحل الإفريقي (" حيث ارتبطت سواحل موزمبيق بتوفر‬ ‫خامات الحديد والذهب بها ‪ .‬وأصبحت المنطقة تعج بالنشاط التجاري والحركة منذ نهاية‬ ‫العصور الوسطى‪ .‬وإزدهرت على أيدى تحيار عمان حتى أندهش فاسكودي جاما حينما‬ ‫() المفيرى ‪ .‬المصدر نفسه ‪ .‬ص ‏‪. ٢٣٧ . ٧٩ .٧٧‬‬ ‫‏(‪ )٢‬اليعاربة ‪ :‬دولة أسسها في عمان الإمام ناصر بن مرشد اليعربي بعد أن بويع له سنة ا‪١٦٢٤‬م‏ واتخذ‬ ‫من الرستاق عاصمة له ‪ .‬ويرجع إليه الفضل في توحيد عمان من الداخل وإزالة الخطر البرتفالي من‬ ‫الساحل واستأنف خليفته سلطان بن سيف استكمال عمليات طرد البرتفاليين من قلعة مطرح ومسقط‬ ‫‪ .‬ربدأ في ملاحقتهم في شرق إفريقية‬ ‫‏(‪ )٣‬ذكر سماحة الشيخ ‪ /‬أحمد بن حمد الخليلي ‪ .‬مفتى عام السلطنة ‪ .‬أن هناك جالية عمانية تعمل في‬ ‫التجارة في جنوب إ فريقية ‪ .‬قدر العدد المسجل منها في المكتب التجاري العماني حوالى الفين ‪ .‬مع‬ ‫احتمال أن تكون هناك أعداد أخرى كبيرة ‪.‬‬ ‫‪ -‬محاضرة عن صور ومكانتها التاريخية ‪.‬‬ ‫‪_ ٤٢١‬‬ ‫وصل إليها في مارس سنة ‪١٤٩٨‬م‏ من وجود منازل أنيقة بها مبنية من الخشب ‪ .‬ومساجد‬ ‫مبنية من الحجر ‪ .‬وكذلك بيوت أخرى من الحجر ‪ .‬ويلبس أهلها الملابس (" الحريرية ‪.‬‬ ‫وتدل أشكال ملابس أهلها وعاداتهم على التأثير العماني بالمنطقة‪.‬‬ ‫وامتد الانتشار الإسلامي إلى مدغشقر"ملاجاشي"حيث أكدت التنقيبات الأثرية أن‬ ‫العرب كان لهم نشاط بها منذ عصور ما قبل الإسلام ‪ .‬وتدل وجود عملات رومانية ترجع‬ ‫إلى القرن الرابع الميلادي ‪ .‬زمن الإمبراطور قسطنطين ‪ .‬على وصول تجار عمان والجزيرة‬ ‫العربية إلى تلك الأنحاء ‪ .‬وتأكد هذا الوجود العماني بها بعد أن ثبتت أقدام المهاجرين‬ ‫العمانيين على الساحل الشرقي لإفريقية منذ العقد الثامن من القرن الأول الهجري ‪.‬‬ ‫وتوجد أدلة هامة على قوة الوجود العماني والعربي بالجزيرة ‪ .‬ففي شمالها توجد‬ ‫مدينة هامة تسمى سلالا ‪ .‬وهى إمتداد لنفوذ ساحل ظفار ومدينة صلالة العمانية هناك‪'"١‬‏‬ ‫والتى ساهم أهلها بدور كبير في التجارة الرومانية والحبشية منذ القرن الرابع البلادي‬ ‫حينما فرضت أكسوم هيمنتها على منطقة جنوب الجزيرة العربية أثنا ءإنتكاس تجارة‬ ‫المنطقة وتحول الطرق التجارية عنها ‪ .‬وقد أعتمد الرومان على الأحباش الجلب تجارة‬ ‫المحيط الهندي وشرق إفريقية إليهم وأعتمد الأحباش بدورهم على أهل ظفار وصلألة على‬ ‫جلب مايحتاجون من جزر وسواحل شرق افريقية وسواحل المحيط الهندي ‪ .‬وقد تأكد ذلك‬ ‫بوجود عملات رومانية في مدغشقر في تلك الفترة ‪ .‬وكانت سلالا مركز التجار مركزا‬ ‫لتجار ظفار العمانية في شمال الجزيرة "' ‪.‬‬ ‫وبدأت عمليات التواجد الإسلامي في الجزيرة منذ الثلث الأول من القرن الثاني‬ ‫المجري ‪ .‬حيث تحولت قبيلة الإنكارا إلى الإسلام ‪ .‬وبدأت تظهر ملامح إسلامية عامة في‬ ‫الجزيرة ‪ .‬وترسخ الوجود العربي بها حينما تكونت إمارة عربية إسلامية قرب بوينى تسمى‬ ‫"مسلج ع‪93‬اع‪ "!/551‬حيث تمكنت جماعة عربية مهاجرة من بات من التوجه جنوبا صوب‬ ‫مدغشقر والاستقرار في المنطقة وتكوين تلك الإمارة ‪ .‬الأمر الذي يعزز الدور العماني في‬ ‫نشر الإسلام بالجزيرة ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٩‬‬ ‫‪ .‬ا مرجع البا بق‪ ٠ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ (١‬جيا ن‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٢٥‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪٢٥‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬المرجع السابق‪‎‬‬ ‫(‪ (٢‬عبدالحكيم‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬ستودارد ‪ .‬حاضر العالم الإسلامي ‪ .‬ترجمة وتعليق شكيب أرسلان ‪ .‬ج‪ .٣ ‎‬ص‪١٢٩ ‎‬‬ ‫‪_ ٤٢٢‬‬ ‫وأصبحت الخطوط الملاحية عبر المحيط الهندي والمتجه إلى مدغشقر تحت سيطرة‬ ‫البحارة والنواخذة العمانيين ياصة في عصور إزدهار الملاحة بين افريقية والخليج العربي‬ ‫المسعودي إلى ذلك بقوله " إن أهل المراكب من العمانيين‬ ‫في العصر العباسي ‏‪٠‬و‪.‬قد أشار‬ ‫من بحر الزنج وأنه ركب من عمان إلى هذه الجزيرة وعاد‬ ‫يقطعون الخليج إلى جزيرة قنبلو‬ ‫(ا' ويتضح من تقاطيع أهلها وأشكالهم وجود أشكال‬ ‫إلى عمان سنة ‪٣.٤‬ھ‏ ‪٢١٦/‬م‏‬ ‫الأعمال بها يدعون أن أصولهم عمانية ("" ‪.‬‬ ‫عربية ‪.‬ومازال العديد من رجال‬ ‫ويفضل تلك الجهود العمانية أصبحت هناك أعداد من أهلها يعتنقون الإسلام وغلب‬ ‫عليهم الدين الإسلامي منذ القرن الرابع ‪ .‬حيث أشار الإدريسي في القرن السادس للهجرة‬ ‫‪ /‬الثاني عشر الميلادي إلى غلبة الإسلام على أهلها ("' بحيث انتشرت المساجد في‬ ‫مدنها المختلفة ‪ -‬وانتشرت بينهم التقاليد والأسماء العربية ‪ .‬كما تنتشر بينهم عادة ختان‬ ‫الأطفال حتى المسيحيين منهم في العصور الحديثة ‪ .‬كما توجد كثير من المفردات العربية‬ ‫في اللغة الملاغيشية ‏(‪.'٨‬‬ ‫امتد التأثير الإسلامي والنشاط التجاري العماني أيضا صوب الجنوب ليصل إلى‬ ‫جزر القمر ! حيث وصلت سفن أهل عمان إلى تلك الجزر منذ البداية وارتبطت بالتواجد‬ ‫الكبير لتجار عمان ‪.‬ذلك أن تلكالجزر تمثل مراكز تمثل مراكز تجارية ذات موقع هام‬ ‫بالنسبة لساحل شرقي إفريقية وبربرة مدغشقر ‪.‬كما أنها تتميز بالبعد عن مشاكل‬ ‫‏‪. ٥١٤‬‬ ‫() جيان ى وثائق ‪ .‬ص‬ ‫(‪ )٢‬مروج الذهب ‪.‬ج‪ . ١‬ص‪. ١٠٦١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬نزهة المشتاق في إختراق الآفاق ‪ .‬ص‪. ٣٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬عبدالحكيم ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٦٤ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٥‬تعد حاليا جمهورية إسلامية ذات اتحاد فيدرالي ‪ .‬وتقع في موزمبيق بين ساحل إفريقة الشرقي وبين‬ ‫جزيرة مدغشقر من جهة الشمال وتضم أربع جزر أربع رئيسية كبرى ‪ .‬بالإضافة إلى عدد كبير من‬ ‫الجزر المرجانية الصغيرة والخالية ‪ .‬ومساحتها الإجمالية حوالي ‏‪ .٢٣٦‬‏‪٢‬مك‪ ٢‬وعاصمتها موروني ‪.‬‬ ‫واللفة الرسمية فيها حاليا العربية ثم الفرنسية ‪. .‬وهى عضو في جامعة الدول العربية (‪١٩٩٢٣‬م)‏‬ ‫ومنظمة المؤتمر الإسلامي سنة ‪١٩٧٦‬م‏ ‪ .‬وأهم جزرها ‪:‬‬ ‫هنزوان (إنحجوان) ‪ .‬القمر الكبري ويها العاصمة ‪ .‬مايوته (ماهوري) ‪ .‬موالى (مهيلي ) ‪ .‬ورغم‬ ‫التأثيرات الماليزية السابقة على الجزر إلا أن العنصر العربي تمكن من السيادة عليها حتى الآن ‪.‬‬ ‫‪- ٤٢٢٣‬‬ ‫وصراعات الساحل الإفريقي وأشتهرت مدينة صور العمانية بصلاتها القوية بتلك الجزر ‪.‬‬ ‫وقد ذكر المغيرى أن أسرة عربية أقامت في بلدة شنشعوني عاصمة جزيرة أنجوان ‪ .‬كما‬ ‫وصل إليها تيار من مسقط في القرن الرابع المجري ‪ /‬العاشر الميلادي ‪ .‬وأقاموا ني‬ ‫‪.‬‬ ‫جزيرة انحجزيجه ‪.‬‬ ‫كما تم الاختلاط بين عرب عمان وبين سكان جزر القمر ‪ .‬وبدأ أهل جزر القمر‬ ‫يشاركون أهل عمان في أعمالهم على الساحل الإفريقي خاصة في زنجبار حيث ظهر منهم‬ ‫أعدادا كبيرة في مجال التجارة ‪ .‬ومنطقة بات ‪ .‬وكان للعمانيين السيادة على الجزر حتى‬ ‫قدوم البرتغاليين ‪.‬‬ ‫ومازالت مظاهر الحياة الإسلامية واضحة ني ملابس الناس وعاداتهم ‪.‬كما تدل‬ ‫كثير منها على الأثر العماني في الحياة العامة للجزر حتى الوقت الحاضر ‪ .‬كما تنتشر‬ ‫المساجد الإسلامية والتى يبلغ تعدادها حوالى ‏(‪ )٦٢١٠‬مسجدا وتنتشر بجوارها الكتاتيب‬ ‫والمدارس التى تحتوي على مناهج عربية وإسلامية ‪ .‬ومازالت اللفة العربية هى لفة‬ ‫الدواوين والحكومة والمعاملات اليومية ‪ .‬وإن كانت السواحيلية تظهر في عمليات التجار‬ ‫‪ .‬ويرتبط أهل جزر القمر حتى الآن رغم بعد ديارهم بالعالم الإسلامي في جميع المناسبات‬ ‫الدينية ‪ .‬عما يدل على عمق الأثر الإسلامي الذي تركه التجار والمستوطنون بين سكان‬ ‫تلك الجزر منذ البداية ‏(‪'١‬‬ ‫واذا كانت جماعات الزيدية قد تمكنوامن نشر الإسلام على سواحل إفريقية الشرقية‬ ‫من جهة القرن الإفريقي ومن بعدهم استمر الحرث لفترة طويلة فإن أهل عمان أصحاب‬ ‫السيادة على سواحل إفريقية الشرقية انطلأق من أرخبيل لامو ومنطقة بات ‪ .‬وساغدهم‬ ‫في ذلك توسط تلك المنطقة على ساحل إفريقية الشرقي ى بالإضافة الى خبرتهم الملاحية‬ ‫العالية على مياة المحيط الهندي وسواحلة ‪ .‬وانتشارهم الواسع على تلك السواحل ‪.‬‬ ‫فأصبح أهل عمان بحق هم الوسيلة التي تم بها التوصل بين سواحل المحيط الهندي ‪ .‬او‬ ‫بين شرق إفريقية والعالم الإسلامي ‏‪. '"١‬‬ ‫‪. ٤٤‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ج‪.٣‬‬ ‫(‪ (\١‬ستودارد‬ ‫‪. ١٤٥‬‬ ‫(‪ )٢‬ستودارد ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪- ٤٣٤‬‬ ‫‪-‬۔‪‎‬‬ ‫وقد حمل أهل عمان راية الإسلام مع سلعهم ‪ .‬فنشروا الدين الجديد بين الناس في‬ ‫كل مكان ‪ .‬وكان ذلك بالحسنى والقدوة الحسنة ‪ .‬ولم يزاحموا أحدا في مذهبه ‪ .‬أو‬ ‫يجبروا أحدأ على الدخول في دينهم ‪ .‬وكان لذلك أكبر الأثر في انسياب الإسلام بين‬ ‫الملايين من شرق إفريقية ‪ .‬وشاركهم أيضا إخوانهم من عرب الخليج العربي واليمن‬ ‫والحجاز والهند وفارس‪ .‬ولكن دورهم كان بارز ومميزأ ومستمر عن باقي الأدوار الأخرى ‪.‬‬ ‫ولقد أحس الأفارقة بنعمة الدين الجديد فقاموا بحمل دينهم الإسلامي إلى إخوانهم‬ ‫داخل القارة ‪ .‬مع إخوانهم من تيار المرب ويدأ انسياب الإسلام صوب قلب القارة ‪.‬‬ ‫ومازال مستمرا بعد آن حمل رايته أهل القارة الإفريقية وأحسوا أن فية كل الخير لهم (" ‪.‬‬ ‫‪٠ ١ ٨ ٦‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١‬لفا تح‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬ا لإسلام‪‎‬‬ ‫مؤنس‪‎‬‬ ‫) ‪( ١‬‬ ‫‪_ ٤٢٥‬‬ ‫(‪)٤‬‬ ‫توجة التباو الاسلامي إلى وسط إفريقية‪‎‬‬ ‫ظل الساحل الشرقي لإفريقية أشبة برصيف طويل لشحن سلع إفريقية‪ .‬وعلى طول‬ ‫هذا الساحل من الشمال الى الجنوب انتشرت مراكز ومستوطنات كان مهمتها الأساسية‬ ‫تجميع سلع إفريقية وتجهيزها للشحن الى بقاع أخرى ‪ .‬وبالتالي ارتبطت تلك المراكز‬ ‫الساحلية بوسط القارة الإفريقية عبر طرق ودروب شاقة ‪.‬‬ ‫كان الاعتماد على وصول السلع الإفريقية إلى المراكز الساحلية يعتمد على جهود‬ ‫القبائل الإفريقية من جماعات البانتو ‪ .‬حيث ادركت تلك الجماعات اهمية عوائد تلك‬ ‫الوساطة التجارية ‪ .‬ومع قدوم الجماعات العربية وجاليات التجار ‪ .‬بدأت عملبات انشاء‬ ‫مستوطنات ‪ .‬حيث تم فيها الا ختلاط مع جماعات الزنوج ‪ .‬وبدأت جماعات عربية أر‬ ‫إسلامية تتجة إلى مصدر السلعة ومنبع إنتاجها تحت تأثر البحث عن ربح أوفر ‪ .‬او تحت‬ ‫ضغط جماعات أقوى على الساحل ‪ .‬ومع نهاية العصور الوسطى بدأت أواسط القارة‬ ‫الإفريقية تشهد نشاطات وتحركات لجماعات عربية ظهرت آثارها في العصر الحديث ‪.‬‬ ‫وكانت منطقة البحيرات التي تقع الى الفرب تنجانيقا من أهم المناطق التي شهدت‬ ‫توغل التجار العرب والمسلمين منذ البداية من منطقة شرق القارة ‪ .‬فمنذ مطلع القرن الأول‬ ‫للميلأد شهدت منطقة البحيرات هجرات مستمرة من قبائل البانتو الإفريقية ‪ .‬واستمر‬ ‫نزوحهم عبر تلك البحيرات صوب الشرق فيما بعد ‪ .‬فيما عرف باسم جماعات البانتو‬ ‫الشرقيين ‪ "( .‬واستقروا في مناطق رواندا وبوروندي ‪ .‬وشكلوا في تلك مناطق الجديدة‬ ‫وحدات قبلية وسياسية عديدة ‪ .‬وأصبحت أوطانأ لهم ‪ .‬وخلأل تلك الفترة من التاربغ‬ ‫القديم استمرت جماعات البانتو في العمل في مجال الصيد البحري والزراعة وفي مجال‬ ‫التعدين ‏‪. ٢١‬‬ ‫وقبل العصور الوسطى وفدت أيضأ عناصر جديدة إلى منطقة البحيرات كان‬ ‫‪..‬‬ ‫‪٤‬‬ ‫والقبا نل‪ ٠ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫‪ .‬ا لشعوب‬ ‫(‪ (\١‬عوض‬ ‫‪.‬‬ ‫رما بعدها‪‎‬‬ ‫‪٥‬‬ ‫‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١4‬لإنسا ن وسلالاتة‬ ‫ا)‪ ‎(٢‬جوهري‪‎‬‬ ‫‪- ٤٣٦‬‬ ‫مصدرها من الشمال من مناطق جنوب السودان من مناطق البحيرات الإستوائية ‪ .‬حيث‬ ‫قدمت إلى منطقة البحيرات مجموعات من العنصر النيلي الحامي قادمين من منطقة بحر‬ ‫الغزال ‪ .‬وتركزت على الناطق المرتفعة ولذلك عملت في مجال الرعي في المراعي الخصبة ‪.‬‬ ‫وتسمى تلك العناصر في رواندا باسم الباتوس ‪ .‬وتمكن هؤلاء النيلين من تكوين ممالك‬ ‫وإمارات في صور إقطاعية في المنطقة ‪ .‬بجوار جماعات البانتو ‪.‬‬ ‫أصبحت المراكز الساحلية العربية والإسلامية مرتبطة مع الإمارات والمملك الزنجية‬ ‫للجماعات البانتوية والنيلية بمصالح تجارية ‪ .‬وتطورت تلك المصالح والعلاقات بين‬ ‫الطرفين في توجة العيد من الأفراد من البانتو والنيلين للإقامة في المراكز الساحلية‬ ‫والعمل في مجال التجارة والتبادل ‪ .‬كمابدأت جماعات عربية في التوجة صوب الداخل‬ ‫وتأسيس مستعمرات عربية وإسلامية للتجارة مثل ‪ :‬تابورا ‏‪ . 74٥٢‬وأوجيجي وولا‬ ‫وكاسنغو ‪ .090053‬وهي المركز التي ظلت مرتبطة بالوجود الإسلامي والعربي في شرق‬ ‫القارة الإفريقية ‪ .‬حيث شكلت تلك المراكز نقاط متقدمة في القلب الإفريقي ‪ .‬لكنها ظلت‬ ‫مرتبطة في وجودها وأمنها بأوضاع الساحل رالظروف المحيطة بة ‪.‬‬ ‫ظل التقدم الإسلامي إلى داخل القارة الإفريقية يواجه بالعديد من الصعويات من‬ ‫أهمها خطرين هما ‪.‬‬ ‫الأول ‪ :‬الأخطار الطبيعية ‪:‬‬ ‫نطاقات كبيرة من الغابات الكثيفة خلف خط الساحل تتخللها‬ ‫وتتمثل في وجود‬ ‫الأحراش والأنهار ‪ .‬كما توجد مناطق المرتفعات ومساقط المياه ‪ .‬وهى ظواهر لم يألفها‬ ‫الرب من قبل في أوطانهم الأصلية ‪ .‬كما أن مناخ الفابات يختلف عن مناخ‬ ‫الصحاري!" وقد سببت تلك الظواهر عوائق صعبة أمام توغل جماعات العرب نحو الداخل‬ ‫"" ‪.‬‬ ‫‪ .‬واستمرت عمليات التقدم في صور فردية ومغامرات للجماعات‬ ‫(‪ )١‬أبوعيانة ‪ . .‬الجغرافية الإقليمية ‪ .‬ص‪. ٤٥٩ ‎‬‬ ‫‏‪ ١٨٩‬وما بعدها ‪ .‬عالم الفكر ‪ .‬المجلد الآول ‪ .‬العدد‬ ‫‏(‪ )٢‬زكريا ‪ .‬دور العرب في كشف إفريقيا ‪ .‬ص‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬الكريت‬ ‫الرابع‬ ‫‪_ ٤٢٧‬‬ ‫‪, :‬‬ ‫الثاني ‪ :‬القوى القبلية‬ ‫انتشرت في مناطق الغابات وحول البحيرات وداخل جزرها قوى قبلية ذات‬ ‫إمكانيات قتالية مناسبة لظروف بيئتها ‪ .‬ولها دراية بطبيعة المنطقة ‪ .‬وكثير ما قامت‬ ‫بشن هجمات قوية على الإمارات والسلطنات الإسلامية ‪ .‬وفشلت محارلات عديدة‬ ‫لإستمالتها نحو إمارات الساحل لكنها كانت تنزع الي الإستقلال باستمرار ‪ .‬كما كانت‬ ‫متأهبة للحرب والعدوان ‪ .‬وكثير ماهددت العرب والمسلمين المتجهة ار العائدة من الداخل‬ ‫‪ .‬وكثيرا ما عرضت حياه التجار للخطر ‪ .‬وكانت سببأ في إرهاق الوجود العربي على‬ ‫الساحل لفترات طويلة ‪ .‬واتجاهه إلى التوسع شمالا أو جنوبا دون التوجة صوب الداخل ‪.‬‬ ‫وكانت تلك القوى ذات آثا ر سلبية على عملية الوجود الإسلامي والعربي على‬ ‫الساحل ‪ .‬إذ كثير ما وقع نزاع بين القوى الإسلامية الساحلية بسبب تمركزها على خط‬ ‫واحد وكثافة زعاماتها في بعض المناطق مع فشلها في توحيد كلمتها ‪ .‬وكثير مالجأت‬ ‫بعض الزعامات الساحلية صوب الداخل للاستعانة ببعض القوى القبلية الإفريقية لتصفية‬ ‫حساباتها مع قوى أخرى مجاورة لها على الساحل ‪ .‬وكان ذلك سببا في عدم ظهور وحدة‬ ‫قومية على الساحل الإفريقي الشرقي ‪.‬‬ ‫ومنذ بداية القرن السادس عشر اضطرت الجماعات العربية والإسلامية الساحلية إلى‬ ‫الفرار والتوجه صوب الداخل ‪ .‬ورغم علمها بصعوية الجهات التي تقصدها ‪ .‬إلا أنها‬ ‫اضطرت أمام بشاعة اعمال البرتغالين في المناطق التي تخضع لهم "" ‪ .‬خاصة وأنهم‬ ‫وجدو الساحل الشرقي الإفريقية يخضع للمسلمين وأن المحيط الهندي أشبه ببحيرة‬ ‫إسلامية ؛ فتفننوا في القضاء على المسلمين بشتى الطرق والوسائل "'‪.‬‬ ‫بدأت الجماعات العربية والإسلامية في شق طريقها صوب الداخل عبر عدة طرق‬ ‫ودروب صعبة أهمها ‪:‬‬ ‫‏(‪ )١‬طريق مدينة باجيموي ومدينة تانجها ‪ 09027‬إلى شمال غرب بحيرة فيكتوريا‬ ‫‪ .‬ويمتد هذا الطريق إلى الشمال حتى يصل إلى دولة أوغندا ومنابع النيل الإستوائية ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬المغيري ‪ :‬جهينة الأخبار‪ ١٨٧١ . ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )!٢‬مسعود ‪ .‬جمال ‪ .‬جمعة ‪ .‬وفاء ‪ .‬إاففررييقيا التى ييرراا‪‎‬د لها أن قوت جوعأ‪ ‎‬ص‪. ٢٠٢‬‬ ‫‪_ ٤٢٨‬‬ ‫‏(‪ )٢‬طريق تابورا ‪ :‬المتجه إلى تنجانيقا حتى يصل إلى أوجيجى ‪ .‬ويتجه بعد ذلك‬ ‫صوب الشمال إلى رواندا ويورندي ‪ .‬وأصبح هذا الطريق هو المألوف لحركة القبائل‬ ‫العمانية‪ .‬حيث ذكر المغيري أسماء عددا من القبائل العمانية تمكنت من اختيار هذا‬ ‫الطريق صوب قلب القارة الإفريقية هروبا من البرتغاليين أو بحثا عن مناطق جديدة للعاج‬ ‫والذهب والجلود (' وانتشرت على طول هذا الطريق عدة مراكز ومستوطنات عربية‬ ‫وخاصة من العمانيين ‪ .‬وعبر هذا الطريق اتبه التاجر العماني حميد محمد المرجبي الملقب‬ ‫ب " تيبو تيب" من الوصول إلى حوض نهر الكونغو ‪.‬‬ ‫‪ .‬وا قليم بوسوقا دا خل القا رة‬ ‫إقليم كليمنجا رو‬ ‫صوب‬ ‫‏) ‪ ( ٣‬طريق ممبسة ويتجه‬ ‫الإفريقية كما كان يتصل بأوغنده صوب الشمال الغربي ‪.‬‬ ‫وبسبب انتشار القبائل الزنجية على الطرق السابقة وحولها ‪ .‬فقد كانت عملية‬ ‫التوغل في القارة محفوفة بالمخاطر بصورة مستمرة ‪ .‬خاصة وأن منطقة رواندا ويوروندي‬ ‫قد خضعت لسيطرة ملوك أقوياء كانوا لا يسمحون لأى قوى خارجية سلمية أو غير سلمية‬ ‫بالمرور عبر أراضيهم ومناطق نفوذهم ‪ .‬بما في ذلك التجار العرب الذين كانت لهم مصالح‬ ‫تحبارية في الداخل ‪ .‬وكان بعض هؤلاء التجار يفضل الوصول إلى الداخل للتفاوض على‬ ‫السلعة أو جمعها لما يدر عليه ذلك من أرباح ‪ .‬وكان هؤلاء يغامرون بأرواحهم في كثير‬ ‫من الحالات رغم الهدايا التى يحملونها معهم ‪ .‬حتى يتفادون الصدام بتلك القوى"'‪.‬‬ ‫كان تحرك التجار العرب والعمانيين صوب الداخل ‪ .‬قد بدأ في التحسن بصورة‬ ‫‏‪ 2٢9٧٤‬في غرب تنزانيا‬ ‫بطيئة ‪ .‬حينما أنشأ التجار مستوطنة لهم في منطقة كارجوى‬ ‫‪ .‬وبدأ هؤلاء التجار المسلمون ني دخول مملكة روندا ويوروندي ‪ .‬وكانت المملكة في أ دح‬ ‫قوتها في زمن الملك روا بقيري الذي مد نفوذه وسلطته لمسافات كبيرة في قلب القارة‬ ‫الإفريقية ‪ .‬ومن تلك المراكز التى أسسها التجار العرب في شرق تلك المملكة ‪ .‬بدا التجار‬ ‫العرب في اختراق حواجز مملكة روابقيرى وأقاموا علاقات مع زعماء المنطقة ‪ .‬رغم رفض‬ ‫الملك إقامة علاقات مع أى قوى خارجية ‪ .‬وتردد مثل بينهم يقول " إنه من السهل الدخول‬ ‫(‪ )١‬جهينة الأخبار ‪ .‬ص‪ ٢٢٢ ‎‬رمابعدها‪. ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬القائد ‪ .‬محمد سليمان ‪ .‬تصة دخول الإسلام إلى رواندا ‪ .‬مقال بمجلة كلية الدعوة الإسلامية ‪ .‬ليبيا‬ ‫‏‪ . ١٩٩٠ .‬ص ‏‪ ٥٣٨‬رمابعدها ‪.‬‬ ‫‪_ ٤٢٣٩‬‬ ‫إلى رواندا ولكنه من الصعب الخروج منها " ولذلك فشلت المحاولات الأولى ‪ 4‬ولكن في‬ ‫النهاية بدأت بعض الشخصيات العربية في المرور بالمملكة ا" ‪.‬‬ ‫ومع نهاية القرن التاسع عشر الميلادي فتحت رواندا حدودها للتبادل التجاري المباشر‬ ‫بعد أن كانت هناك مجموعات من التجار المسلمين قد تسللوا داخل أراضيها ‪ .‬وكان هذا‬ ‫الإنفتاح مترتبا على وصول حملة عسكرية ألمانية معتمدة على قوات عربية من الساحل‬ ‫لمعرفة البلاد ‪ .‬وبدأت جماعات التجار في التوافد على أراضي رواندا وبوروندي من‬ ‫أراضي تنزانيا والمراكز الساحلية ومن الشمال عبر أوغندة ‪.‬‬ ‫ويدأت عمليات انتشار الإسلام داخل تلك المناطق في القرن العشرين ‪ .‬حيث بدأت‬ ‫المستوطنات التجارية تؤثر في المحيط الزنجي الوثني المحيط بها ‪ .‬كما قام التجار العرب‬ ‫بإقامة مدن جديدة مثل كيجالي (العاصمة الحالية) وتم بناء أول مسجد بها سنة ‪١٩١٤‬م‏‬ ‫‪ .‬في حى بنارامبو ‏‪ .'"١‬رغم موقف الجماعات الأوروبية وفرق التنصير ‪ .‬التى كانت‬ ‫نشطة في تلك الأنحاء ‪.‬‬ ‫وكانت سرعة انتشار الإسلام في قلب القارة يرجع إلى الجهود السابقة لجماعات‬ ‫التجار العرب داخل القارة الإفريقية منذ العصور الوسطى وماتركوه من أثر حسن في‬ ‫نفوس الأفارقة عن الإسلام ومثله ومبادئه ‪ .‬كما كان هؤلاء التجار على علم بعادات‬ ‫وتقاليد تلك المناطق من قبل بسبب العلاقات السابقة معهم ‪ .‬وقد أزعج هذا الأمر الألمان‬ ‫فيقول أحد المبشرين " إن السواحيليين والتجار الهنود والجنود من السودان والعرب الذين‬ ‫يعلمون القرآن كانوا يلاحقون في كل مكان موظفي السلطات الإستعمارية وني ظل الألمان‬ ‫بدأ الإسلام يكسب كل يوم أراضى جديدة ("'‪.‬‬ ‫ورغم التعاون الذي حدث في بادىء الأمر بين بعض الأفراد العرب وبين الأوروبيين‬ ‫فإن العرب قد استغلوا ذلك في نشر الإسلام ‪ .‬وقد أدرك الأوروبييون هذا الأمر ‪ .‬ذلك أن‬ ‫الألمان قد استعانوا بالمسلمين في منطقة البحيرات على أساس أنهم أكثر خبرة وثقافة‬ ‫(‪ )١‬المغيري ‪ .‬جهينة الأخبار ‪ .‬ص‪. ٢٢١ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬القاند ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٥٣٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬القاند ‪ .‬نفس المرجع‪. ‎‬‬ ‫وتبرية مناطق القارة ‪ .‬وأنشأت حكومة ألمانيا آلاف الوظائف لهم في وسط إفريقية ‪ .‬لكن‬ ‫هؤلاء الموظفون استغلوا هذا الأمر في نشر الإسلام بين سكان المناطق الإفريقية التى‬ ‫يعملون بها۔ ‪ .‬في الوقت الذي بدأت فيه الحكومة الألمانية تعمل على شق طرق ممهدة جديدة‬ ‫وآمنة ‪ .‬وبناء شبكة مانلسكك الحديدية ‪.‬‬ ‫وبذلك سايرت حركة المد الإسلامي داخل القازة مراحل التدخل الأوروبي فيها وكان‬ ‫لعرب عمان دور ذلك حيث طهرت منهم أسماء كان لها الدور الكبير في نشر الإسلام‬ ‫داخل القارة في تلك الفترة ‪ .‬وبدأت السلطات الإلمانية تتنبه إلى عمليات انسياب التيار‬ ‫الإسلامي داخل القارة ‪ .‬في الوقت الذي كانت تلك السلطات مشغولة بإشعاع نهمها‬ ‫المادى من ثروات إفريقية ‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪١٩١٠‬م‏ عقد في مدينة برلين مؤتمر أوروبي ‪ .‬تم فيه مناقشة التحديات‬ ‫التى يواجهها الأوروبيون في القارة الإفريقية ‪ .‬وتم مناقشة عمليات انتشار الإسلام بين‬ ‫الأفارقة وتم وضع الحلول والوسائل لمواجهة هذا المد ‪ .‬وكان من تلك الحلول تقديم‬ ‫المساعدات المالية والعسكرية الفعاله للإرساليات المسيحية خصوصا في مجال التعليم‬ ‫والصحة ‪ .‬وأخذت السلطات الأوروبية تناقش أوضاعها في القارة في ضوء تلك‬ ‫التطورات الجديدة واتخذت من وسائل لمنع انتشار الإسلام بين الوثنيين ‏(‪.'١‬‬ ‫من جهة ثانية أخذت البعثات المسيحية تناقش برامج أعمالها الجديدة في المستقبل‬ ‫لتضييق الخناق على عمليات المد الإسلامي ‪ .‬وبدأت تعقد الإجتماعات فيما بينها من‬ ‫أجل التنسيق في الجهود ‪ .‬بعض النظر عن إنتماعاتها الكنسية واللآهوتية ‪ .‬واتخذت‬ ‫قراراتها بالتعاون مع السلطات الإستعمارية من أجل قطع الطريق على عمليات التحول‬ ‫الإسلامي ‪ .‬وكانت البعثات البروتستانية من أنشط تلك البعثات ‪ .‬حيث كان لها نشاط‬ ‫قوى في المناطق الإستوائية في أوعندا ورواندا ويورندي وزائير ‏‪6٢١‬‬ ‫كانت أولى تلك الخطوات اتباع سياسة العزل العنصري ‪ .‬حيث ترتب على ذلك أن‬ ‫انحصرت الجماعات المسلمة داخل الغابات والأحراش في ظروف بيشية صعبة وأمام‬ ‫(‪ )١‬القائد ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٥٤٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬مسعود ‪ .‬وفاء ‪ .‬إفريقيا التى يراد لها أن قوت ‪ .‬ص‪. ٧٨ ‎‬‬ ‫‪٤٤١‬‬ ‫الحيوانات المفترسة بينما تمتعت المناطق التى تديرها البعثات المسيحية بكافة مستلزمات‬ ‫وإمكانيات التنمية والخدمات ‪.‬كما ربطت السلطات الإستعمارية بين الإسلام وبين‬ ‫العنصر السوا حيلي بحيثكان يلحق بالعنصر السوا حيلي أشد معاني الإزدراء‬ ‫‪ ٠‬والاحتقار(" ‪.‬على أساس دوره النشط في نشر الإسلام في قلبالقارة‪. ‎‬‬ ‫أقدمت السلطات الأوروبية في رواندا وبورندي على خطوة جديدة حينما عملت على‬ ‫منع تحركف ا لعناصر‪ ,‬‏‪١‬العريية و لإسلامية داداخل ممدن روا ندا وبوروندي ‏‪ ٠‬وحصرت !اقا متهم‬ ‫حتى أن الملك‬ ‫‏‪ ٠‬وكانت تسم ىى باسم " الحى السوال‬ ‫في المدن الأخرى‬ ‫ف‬ ‫أحيا ‪ .‬خاصة‬ ‫الرواندي موسنيقا أ قدم على إصدار قرار تحت تأثير السلطات الاستعمارية الألمانية يمنع‬ ‫الميش مع أسرهم أو عشائرهم ‪.‬‬ ‫من‬ ‫‏‪ ١‬لجده‬ ‫ا لروا ندين‬ ‫‏‪ ١‬لمسلمين‬ ‫بمقتضاه‬ ‫وامتدت السيطرة الاستعمارية لدول وسط القارة لتشمل المؤسسات التعليمية التى‬ ‫خضعت لإشراف الكنيسة ‪ .‬وحرم المسلمون من تكوين مؤسسات تعليمية لهم بحيثبدأت‬ ‫تتدنى نسبة المتعلمين بينهم وتسود بينهم مظاهر الجهل والفقر والمرض ‪ "" .‬وأصبحت‬ ‫‏‪ /٨,٥‬من مجموع السكان ‪.‬بينما ارتفعت‬ ‫نسبة المسلمين في رواندا حاليا لاتتعدى‬ ‫‪٠‬والبروتستانت إلى ‪١٤,٨‬إ‏ مع وجود ‪٢٩.٣‬إز‏ من‬ ‫نسبة الكاثوليك إلى ‏‪٤٧ .٤‬‬ ‫سكان المنطقة على الوثنية ‪.‬‬ ‫وعلى صعيد آخر استمر تدفق الهجرات العمانية والعربية داخل قلب القارة عبر‬ ‫طرق أخرى شمال البحيرات في منطقة " انينمونرية " "' حيث كان مرا" للتجار العرب‬ ‫إلى الداخل وأسس العرب هناك مركزا" تجاريا" في بلدة "تبورة" وأصبحت مركزا" لنشلطهم‬ ‫‪ .‬حيث كان هذا المركز يتفرع منه طرقا" هى ‪- :‬‬ ‫‪.‬‬ ‫أوغندة‬ ‫صروب‬ ‫‪ :‬شمالا‬ ‫الذول‬ ‫‪7‬‬ ‫(‪ )١‬القاند ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٥٤٣‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬قامت ليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة بانشاء مسجد ومدرسة ثانوية ومكتبة ومعهد إسلامي في‬ ‫رواند سنة ‏‪ ١٩٨١‬م ‪.‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪٢ ٢ ٥‬‬ ‫السابق ‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬المصدر‬ ‫)‪ (٣‬المغيري‪‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٤٤٢‬‬ ‫‪ -‬الثاني ‪ :‬جنوبا صوب الجنوب إلى أوجيجي ورواندا ويورندي ‪.‬‬ ‫‪ -‬الثالث ‪ :‬غريا صوب الكونغو‬ ‫‪ -‬الرابع ‪ :‬إلى بلاد أوروري جنوبا ‪.‬‬ ‫وكانت معظم الطرق السابقة تتمركز في بنادر باج مويو ‪ .‬وينغالي « ولذلك‬ ‫لقربهما من زنجبار التى أصبحت عصب الحياة السياسية والإقتصادية في الشرق الإفريقي‬ ‫في العصور الحديثة ‪ .‬كما كانت المركز الهام لحركة التصدير وحركة تداول المال في المنطقة‬ ‫‪ .‬ولم تهمل تلك المراكز إلا حينما اتخذت المانيا دار السلام عاصمة لمستعمراتها الإفريقية‬ ‫‪ .‬كما أقامت بها محطة كبرى للسكك الحديدية ‪ .‬فتعطلت ياج مويو وينفاني وفقدتا‬ ‫مركزهما وانتقل منها التجار إلى دار السلام "'‪.‬‬ ‫ومهما يكن من أمر فإن الفضل الكبير في عمليات إمتداد النفوذ الإسلامي‬ ‫والعربي إلى داخل القارة الإفريقية يرجع إلى العمانيين حينما تمكنوا من ضم شرق إفريقية‬ ‫بصورة رسمية إليهم في زمن دولة اليعاربة ثم دولة البوسعيد ‪ .‬حيث أصبحت لأهل عمان‬ ‫في المنطقة نفوذ واضح وقوة رادعة أمام أى خطر من الداخل ‪ .‬ويفضل هذا الأمر بدأت‬ ‫عمليات زحف التجار إلى داخل القارة ‪.‬‬ ‫ويعتبر عام ‏‪ ٠‬‏م‪ ٤٨١‬أهم علامة في عمليات انسيان الإسلام داخل القارة الإفريقية ‪.‬‬ ‫وذلك أن السيد ‪ /‬سعيد بن سلطان البوسعيدي ‪ .‬أدرك مدى أهمية الساحل الشرقي‬ ‫لإذريقية في موارد واقتصاد إمبراطوريته التى أصبحت تسيطر على أهم مراكز التجارة‬ ‫في الخليج العربي والمحيط الهندي ‪ .‬ولذلك قرر جعل زنجبار عاصمة ثانية لملكة ‪ .‬وكان‬ ‫لهذا القرار اثار ايجابية على التواجد العربي والإسلامي لشرق القارة الإفريقية ووسطها ‪.‬‬ ‫حيث بدأت عمليات استغلا واسعة للأراضي الزراعية في شرق إفريقية ووفدت جماعات‬ ‫عديدة من التجار ورجال الأعمال إلى المنطقة وانتعشت شرق القارة اقتصاديا وحضاريا‬ ‫وذلك بفضل السياسة الحكيمة التى انتهجها السيد ‪/‬سعيد بن سلطان مع القوى المحلية‬ ‫في القارة والمجاورة له ‪ .‬ومع القوى العالمية الكبرى "'‪.‬‬ ‫‪.٢ ٢ ٥‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ١‬لبا بق‪‎‬‬ ‫) ‪ ١ ( ١‬لمغفيري‪ ١ ٠ ‎‬لمصدر‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٢ ٢ ٦‬‬ ‫) ‪ ١ ( ٢‬لغيري‪ ١ ٠ ‎‬لمصد ر نفسه‪ ٠ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )١‬صغيرون ‪ .‬المؤثرات الحضارية العمانية في شرق إفريقيا في ظل دولة البوسعيد ‪ .‬ص‪.١٤ : ‎‬‬ ‫‪٤٤٢‬‬ ‫ويفضل تلك الأوضاع الجديدة بدأت قوافل التجار العمانية تشق طريقها إلى مناطق‬ ‫جديدة داخل إفريقية (" حتى وصلت سنة ‏‪ ١٨٤٣‬إلى مملكة يوغندة ‪ .‬وإلى شاطىء بحيرة‬ ‫فيكتوريا سنة ‪١٨٤٣‬م‏ أيضا ‪ .‬ويدأت لأول مرة اتصالات بين قوى شرق القارة الإفريقبة‬ ‫وبين قوى شمال إفريقية والبحر المتوسط وهى مصر ‪ .‬التى كانت بدأت تخطط في التوغل‬ ‫في المناطق الإستوائية ومد النفوذ المصرى هناك ‪ .‬واستمرت تلك السياسة زمن محمد علي‬ ‫وأبنائه ‪ .‬فبدأت تتسع مجالات العلاقات بين محد على وبين الإدارة العمانية في زنجبار ‪.‬‬ ‫ويدأت لأول مرة في تاريخ القارة الإفريقية ربط سواحلها الشرقية بسواحلها الغربية‬ ‫بطريق مباشر عبر الأدغال والغابات ‪ .‬يبدأ من قبالة زنجبار ويتجه غربا" حتى يصل‬ ‫‏‪ ٦9٧٤3‬على الساحل الإفريقي المطل على المحيط الأطلسي ه عبر بحيرة‬ ‫ينقويلا‬ ‫تنجانيقا سنة ‪١٨٥٢‬م‏ ‪ .‬ووصلت بالفعل في هذا العام أول قافلة عمانية من الساحل‬ ‫الإفريقي المطل على المحيط الهندي إلى الساحل الإفريقي المطل على المحيط الأطلسي ‪.‬‬ ‫وبدأت أسماء عمانية تلعب دورها البارز في نشر الإسلام والعروبة والاحتفاظ‬ ‫بالمصالح العربية في داخل القارة الإفريقية ‪ .‬ومن الذين طبقت شهرتهم الآفاق ‪ .‬التاجر‬ ‫العماني حميد بن محمد المرجبي ‪ .‬ووكيله الشيخ‪ /‬محمد بن خلفان البرواني ‏‪ . '"١‬فقد‬ ‫تمكن التاجر العماني من التوغل داخل القارة صوب الكونغو ‪ .‬وقام بتأسيس إمارة عمانية‬ ‫ذات طابع عربي وإسلامي في أعالى الكونغو " ‪ .‬وبسطت تلك الإمارة نفوذها على‬ ‫الحركة التجارية في قلب القارة الإفريقية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر حيث‬ ‫ازدهرت تجارة العاج على يد المرجبي وأعوانه من السواحيلين ‏‪."٨١‬‬ ‫قام المرجبي ومن معه من تجار عمان بتأسيس مدن جديدة في كل من كاسنجو‬ ‫وينانجوى ‪.‬على نفس النمط المعماري العربي على ساحل إفريقية الشرقي ‪ .‬وأصبحت‬ ‫كاسنجو عاصمة المرجبي ومن معه من السواحيليين ‪.‬وقدمت إليها عناصر عربيةفزاد‬ ‫عدد سكانها إلى ثلاثين ألفا" من العرب والإفارقة ‪ .‬وامتد فيها العمران إلى المناطق‬ ‫(‪ )١‬حسن محمود ‪ .‬الإسلام والثقافة ‪ .‬ص‪. ٤٥٠ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬المغيري ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٢٢٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬صغيرون ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪.١٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬المغيري ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٢٢٣ ‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٤٤٤‬‬ ‫المجاورة ‪ .‬وأصبحت بمثابة منارة حضارية في وسط القارة الإفريقية ‪ .‬حيث قدم إليها رجال‬ ‫الأعمال من عمان وغيرها وأخذوا في استغلال أرضها الزراعية وأدخلوا إليها محاصيل‬ ‫زراعية جديدة مثل ‪ :‬قصب السكر والأرز والذرة وأنواع عديدة من الفاكهة ‪ .‬وقد أنتجت‬ ‫تلك المزارع كميات وفيرة من الحبوب والفاكهة ‪ .‬درت على تجار عمان والساحل أرباحا"‬ ‫وفيرة في ظل رخص الأيدي العاملة فيها ‪.‬‬ ‫وانعكس الازدهار الإقتصادي لإمارة كاسنجو في عمارة بيوتها العالية الواسعة‬ ‫والمنظمة ‪ .‬كما قام المرجبي بتأسيس إدارة لها وتشكيل مجلس للشورى بالإمارة التى زاد‬ ‫عدد سكانها ‪ .‬وكان هذا الإزدهار قد أثار حقد البلجيك فاتججهوا صوب إمارة المرجبي ‪.‬‬ ‫وعاد المرجبي إلى الساحل من جديد وتوفي في زنجبار سنة ‪١٩٠٥‬م‏ ‪ .‬بعد أن ساهم برجاله‬ ‫في نشر الإسلام وثقافته داخل القارة الإفريقية ووضع الأسس في استغلال إمكانيات تلك‬ ‫المناطق البدائية وفق أساليب عصرية ‪.‬‬ ‫ساهمت عناصر من تبار عمان أيضا في تعمير الداخل الإفريقي ونشر الإسلام‬ ‫والعروبة في أماكن بعيدة نحو الكونغو ‪ .‬وكان من هؤلاء الرواد العمانيين سعيد بن محمد‬ ‫العميسري ‪ .‬وحبيب بن سالم العفيفي ‪ .‬وهما أول من دخل الكونغو من أهل عمان ‪ .‬ثم‬ ‫ناصر بن سيف المعمري ‪ .‬وعيسي بن عبدالله الخروصي ‪ .‬وعبيد الله ين سالم الخضوري ‪.‬‬ ‫وقد نزلوا الكونغو أيضا ونزل بها أيضا من تجار عمان جمعة بن سالم البكري (( وقد‬ ‫كان لهؤلاء دور هام في تنشيط تلك المناطق الجديدة ونشر الإسلام لأول مرة بين سكانها ‪.‬‬ ‫وقد كان لهؤلاء الفضل في شق وتمهيد طرق جديدة بين شرق القارة الإفريقية ويين‬ ‫وسطها مثل طريق مامي وكسنغاني بوسط إفريقية ‪ .‬وتحملوا العديد من العقبات والمشاق‬ ‫والمخاطر من غابات موحشة وجبال عالية وسباع ضارية وفيلة متوحشة عظيمة الحجم ‪.‬‬ ‫بالإضافة إلى مشاكل القبائل الوثنية ومنها أكلة لحوم البشر التى تردد ذكرها من قبل‬ ‫الرحالة والتجار ‪ .‬ويذكر المغيري أن من هؤلاء التجار من مر بمناطق بدائية موغلة في‬ ‫التخلف أهلها عراة ‪ .‬ولما رأوا هؤلاء التجار العمانيين وعليهم اللباس الجيد والملون‬ ‫اعتقدوا أن هؤلاء الناس قد هبطوا عليهم من السماء "" ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٢٧‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‪.‬ا لمصد ر السا بق‬ ‫‏) ‪ ١ ( ١‬مغفيري‬ ‫‏(‪ )٢‬المغيري ‪ .‬المصدر نفسه ‪ .‬ص ‏‪. ٢١٨‬‬ ‫‪٤٤٥‬‬ ‫وقد ساهم هؤلا ‪ .‬التجار في تعمير تلك المناطق البدائية ‏‪ ٠‬حتى رصلت اليها يد‬ ‫الإستعمار البلجيكي ‪ .‬فقام الملك البليجكي ليوبولد الثاني بإنشاء الرابطة الدولية‬ ‫لاستغلال ثروات الكونغو ‪ .‬كانت لها أثر فيما بعد في نهب ثروات الكونغو خارج القارة‬ ‫وعودة أهلها إلى الفقر والجهل والتخلف‪ '( .‬بعد أن كان تجار عمان قد وضعوها على‬ ‫بداية سلم الحضارة والتقدم ‪ .‬حتى وصلت جهود أهل عمان إلى جزر البحيرات الإفريقية‬ ‫مثل جزيرة أوفير بالقرب من أوجيجي والتى استقر بها ناصر بن سيف المعمري (""‪.‬‬ ‫توغل العمانيون إلى داخل الكونفو ‪ .‬حيث وصل حبيب بن سالم العفيفي ‪ .‬ومحمد‬ ‫ابن سعيد العيسري إلى منطقة تسمى وردة داخل الكونغو ‪ .‬حيث تتوافر كميات كبيرة‬ ‫من الذهب " ومن خلال تلك القدرات العمانية وصلت تلك المناطق إلى درجات متقدمة‬ ‫في المضمار الاقتصادي ‪ .‬حيث ارتبطت عبر طرق برية بساحل إفريقية الشرقي وأصبحت‬ ‫سلع عالمية ‪.‬‬ ‫كان لأهل عمان دورهم الكبير في تطور أساليب الحياة والتعامل داخل القارة فيرجع‬ ‫إليهم الفضل الأول في إستخدام التداول النقدي على ساحل القارة في العصور الوسطي‬ ‫وفي داخل القارة في العصور الحديثة ‪ .‬بعد أن كانت العمليات التجارية تتم عن طريق‬ ‫التبادل وما يعرف في بعض الأحيان بالتجارة الصامته في المناطق البدائية المتخلفة ‪.‬‬ ‫فاستخدمت العملات الإسلامية والعمانية والهندية ثم دخلت عملات أوروببة متنرعة ‪.‬‬ ‫لتظهر في منطقة شرق إفريقية ووسطها مسلة متنوعة من العملات تذبذت أسعارها‬ ‫وقيمتها ‪ .‬حتى جاء السيد ‪ /‬سعيد بن سلطان ‪ .‬فاستورد كميات كبيرة من القطع‬ ‫المعدنية النحاسية وضرب عليها اسمه ("" ‪ .‬مما أدى إلى استقرار الوضع النقدي‬ ‫والإقتصادي في المنطقة ‪ .‬حيث تمتعت عملة السيد ‪/‬سعيد بالثقة في السوق العالية‬ ‫بسبب متانة الاقتصاد العماني في عصره ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬مسعود ‪ .‬وفاء ‪ .‬إفريقيا التى يراد لها أن توت جوعا ‪ .‬ص‪.٧٩١ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬المغيري ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٢٢٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬المغيري ‪ .‬المصدر نفسه ‪ .‬ص‪. ٢٢٦ . ٢٢٥ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬مصليحي ‪ .‬محي الدين ‪ .‬النشاط التجاري في شرق إفريقيا في القرن التاسع عشر حتى بداية‬ ‫السيطرة الأوروبية على المنطقة ‪ .‬ص ‏‪ . ١٨١ - ١٧٩‬القاهرة ‪.‬‬ ‫‪- ٤٤٦‬‬ ‫ازدادت الاستثمارات العمانية والعربية في شرق إفريقية وفي داخلها ‪ .‬حيث وصلت‬ ‫سنة ‪١٨٧٣‬م‏ إلى ‏‪ ١,٦١٠ ٠,٠٠٠‬دولار ‪ .‬بعد أن وصلت أرياح السيد ‪ /‬سعيد بن سلطان‬ ‫‏‪ ٥.,‬دولار سنويا "‬ ‫مزارعه إلى ‪...‬‬ ‫‏‪ ٠‬ومن‬ ‫‪ ١ ..,‬دولار سنويا"‬ ‫‏‪٠.٠‬‬ ‫من تحبارته إالى‬ ‫فضلا عن موارد الجمارك والضرائب ( ‪ .‬وكانت الأموال قد كثرت في يد الناس في هذا‬ ‫العصر من الزراعة والتجارة ‪ .‬وكانت قوافل العرب نشطة على طول خط الساحل الشرقي‬ ‫لإفريقية رانحة وغادية ‪ .‬وتتردد في داخل إفريقية للبيع والشراء ‪ .‬وتعود بأموالها الوفيرة‬ ‫‪ .‬وأصبحت معيشة الناس غاية في اليسر‪ .‬حتى أن اللحم والأرز واللبن لايكاد يباع بثمن‬ ‫‏‪ ٨‬والفني والفقير سواء في الحصول الحصول على أساسيات الحياة "" ‪.‬‬ ‫وأجتذبت شرق القارة ووسطها العديد من العرب والمسلمين من كافة الأجناس فقد‬ ‫قدمت إليها عناصر إسلامية من حضرموت والشحر والمكلا وعملوا في وظائف دولة‬ ‫البرسعيد وفي جيوشهم وفي مناصب علمية ‪ .‬كما وفدت إلى المنطقة جماعات من الهنود‬ ‫ومن البلوش ‪ .‬وساد يين الناس عدم التعصب في العرق أو الدين ‪ .‬كما وفد العديد من‬ ‫أهل فارس وعملوا في الإدارة والتجارة ("' ووسع السيد‪ /‬سعيد هؤلاء جميعا بسياسته‬ ‫وأفقه الواسع ‪ .‬حيث أصدر أوامره لعماله بعدم التعرض للمذاهب الدينية ‏("‪. '٨‬‬ ‫وبفضل هذا الازدهار الكبير الذي عم شرقي إفريقية بفضل سياسة أهل عمان ‪ .‬فإن‬ ‫الجهود كانت واضحة لبشر الإسلام والثقافة العربية في المنطقة وفي وسط القارة ‪ .‬حيث‬ ‫ساد استعمال اللغة العربية في مدن ومراكز الساحل ووفد العديد من العلماء والفقهاء من‬ ‫اليمن وحضرموت وعمان وغيرها للإستقرار في المنطقة ‪ .‬وبلغت تلك النهضة شهرة عالية‬ ‫طبقت الآفاق بحيث ربط القوى الإفريقية بين الإسلام وبين التطور والمدينة والحضارة ‪.‬‬ ‫ونجد في حادثة ملك أوغنده موتيا في داخل القارة مثالا على ذلك ‪ .‬فقد أعجب الملك‬ ‫الأوغندي موتيا بالإسلام وأهله ‪ .‬وتمنى أن يكون في دولته رجال من علماء المسلمين‬ ‫يقومون بهداية شعبه إلى الإسلام ‪ .‬وتعريفه هو شخصيا بالإسلام ‪ .‬ومن اجل ذلك بعث‬ ‫‏(‪ - ١٨٦٥‬‏)م‪ ٢٨٨١‬يطلب منه أن‬ ‫الك الأوغندي إلى الخديوى اسماعيل حاكم مصر‬ ‫(‪ )١‬صغيرون ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٠ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬المغيري ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ١٨١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬المغيري ‪ .‬المصدر نفسه ‪ .‬ص‪. ١٦١٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬المغيري ‪ .‬المصدر نفسه ‪ .‬ص‪. ١٧٥/ ١٧٤ ‎‬‬ ‫‪٤٤٧‬‬ ‫يبسط نفوذه على أرضه في أوغندا ‪ .‬وأن يبعث باثنين من العلماء المسلمين لهمدايته‬ ‫وهداية شعبه إلى الإسلام ‪ .‬وقد أرسل الخديوى بعض الدعاة من مصر ‪ .‬وكان لهم أثر ني‬ ‫نشر الإسلام في أوغندا ‪ .‬غير أن الخديوى اسماعيل ارتكب خطأ حينما عهد إلى ضابط‬ ‫انحبليزى ليقوم بخطوات ضم أوغندا إليه اا" وقد تكررت نفس المآسي مع طلب حكومات‬ ‫‏(‪. )٢‬‬ ‫أخرى‬ ‫ويفضل الجهد العماني أصبحت منطقة أوغندا مهيأة لنشر الإسلام ‪ .‬إذ اننشرت‬ ‫فيها جماعات التجار ‪ .‬وأنتشرت بين سكانها وقبائلها اللفة العربية واللفة السواحيلية ‪.‬‬ ‫رغم بعدها من الساحل الإفريقي "" ‪ .‬ويفضل هؤلاء التجار العمانيين بدأت عمليات‬ ‫استغلال مناطق أوغندا وقد صحب العمانيون في عمليات التردد على منطقة أوغنده‬ ‫جماعات من الهند من منطقة كوجيرات ‪ .‬وقد أصبحت لتلك الجالية وجود واضح في‬ ‫الحياة الإقتصادية الأوغندية فيما بعد حيث وصل نسبتهم حاليا إلى (‪١‬إ;)‏ من‬ ‫السكان(ؤ) ‪.‬‬ ‫وكان تجار عمان ببشابة دعاة للإسلام ببا تحلوا به من الرفق والسماحة والكرم‬ ‫والدبلوماسية في التعامل مع الشعوب والقبائل الإفريقية بغض النظر عن مستوياتها‬ ‫الحضارية ‪ .‬وكان لاعتمادهم على أعداد كبيرة من الزنوج في إدارة أعمالهم الأثر الكبير‬ ‫(‪ )١‬ضناوي ‪ .‬الأقليات المسلمة ‪ .‬ص‪ ٢٨ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬وفي بداية القرن المشرين طلب امبراطور اليابان من السلطان العثماني‪ ‎‬عبدالحميد(‪- ١٨٧١٦‬‬ ‫)م‪ ‎٨‬أن يرسل إليه دعاة مسلمين لإبلاغه والشعب الياباني بمبادىء الإسلام فاستدعى السلطان‪‎‬‬ ‫عبدالحميد جمال الدين الأفغاني واستشاره في الأمر ‪ .‬فحذر جمال الدين الأنفاني السلطان عبدالحميد‪‎‬‬ ‫من مستوى علماء المسلمين في عصره وأنهم ليسوا على المستوى المطلوب ‪ .‬وطلب منه أن تدرب‪‎‬‬ ‫جماعة أخرى من العلماء على الدعوة في مثل تلك البلاد ‪ .‬فامتنع السلطان عبدالحميد وأرسل برد‪‎‬‬ ‫ودي على امبراطور اليابان مصحويا" بهدية ووعد بتلبية رغبته‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬السامرائي ‪ .‬الدعوة الإسلامية في اليابان ‪ .‬ص‪. ١٢٩ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬تسود في أوغندا حاليا اللفات التالية ‪ :‬الإنجليزية ‪ .‬السواحيلية ولفات محلية ‪ .‬ونسبة المسلمين بها‬ ‫‏‪ . ٦‬بينما ‪ .‬المسيحية حوالي ‏‪ " ٣٠‬والوثنية ‏‪ ٣٠‬من السكان ‪.‬‬ ‫‪ -‬يونس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ٧٩٢ . ٧٤‬‬ ‫(‪ )٤‬يونس ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٧٩١ ‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٤٤٨‬‬ ‫في تحول هؤلاء إلى الإسلام لارتباطهم بأعمال المسلمين ‪.‬‬ ‫ومازالت الأدلة عديدة تشير إلى الدور العماني الكبير في تطوير شرق القارة‬ ‫ووسطها فأنتشرت الأزياء العربية العمانية بين أغلب مناطق شرق إفريقية ‪ .‬من العبارات‬ ‫العربية والهمائم وارتدت النساء الإفريقيات العباءات العربية أيضا الخاصة بالنساء‬ ‫وانصهرت أسر إفريقية عديدة داخل البيوتات العمانية مكونة مجتمعا إسلاميا لايعرف‬ ‫العصبية وأصبحت قيم تلك الأسر جزء من العادات والقيم الإسلامية والعمانية ('‪.‬‬ ‫وكان لتجار عمان أيضا الفضل في القضاء على كثير من العادات والتقاليد الوثنية‬ ‫على مستوى القبانل والحكام ‪ .‬ومن ذلك ماوقع للتاجر العماني الشهير الذي تردد على‬ ‫أوغنده وهو الشيخ‪ /‬أحمد بن إبراهيم العامري ‪ .‬فقد واجه عادات أوغندية وثنية لاتتفق‬ ‫مع الإسلام ‪ .‬تتمثل في بعض ممارسات الملك الأوغندي والتى لاتتفق مع الرسلام ‪ .‬حيث‬ ‫عكيك الملك على شعبه سلطات تبيح له سفك دماء الأبرياء تمشيا مع الطقوس الوثنية في‬ ‫بلاده والتى تعرف عندهم باسم " لوباري ‏‪3 31٥‬لا] " وكانت منتشرة في البلاد "" ‪.‬‬ ‫ففي إحدى المناسبات حضر الشيخ ‪ /‬العامري ‪ .‬ويدا الملك "الكباكا" أثناء الإحتفال‬ ‫يصدر أوامره بإجراء مذبحة ‪ .‬فقام العامري وسط الحضور متحديا" الملك وسلطاته ‪ .‬التى‬ ‫تعد جزغا" من عقيدة الشعب والحضور ‪ .‬وأظهر للملك خطأ تلك الطقوس وتعارضها مع‬ ‫شريعة السماع ومبادىء الإسلام ومع تكريم الله للإنسان ‪ .‬وقال للملك "يامولاى إن هؤلاء‬ ‫الرعايا الذين تفسك دماءهم كل يوم بغير حق إنما هم مخلوقات الله سبحانه وتعالى الذي‬ ‫خلقك وأنعم عليك بهذه المملكة " وأخذ العامري يرد كلمة ‪ :‬الله أكبر ‪ .‬الله أكبر ‪ .‬الواحد‬ ‫الأحد ) ‪1‬‬ ‫فأعجب الملك والحضور من العامري ‪ .‬وانشرح صدر الملك الأوغندي الكباكا إلى‬ ‫‏‪ ١‬لكبير‬ ‫لذلك أثره‬ ‫‏‪ ٠‬وكان‬ ‫الإسلامي‬ ‫‏‪ ١‬لدين‬ ‫أن يعلمه أصول‬ ‫‪ .‬وطلب من العامري‬ ‫الإسلام‬ ‫في تحول جماعي إلى الإسلام بين القبائل الأوغندية من جماعات البانتو ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬المغيري ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ١٦١١ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬صغيرون ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٩ ‎‬‬ ‫‪ ٠‬نفس‪ ١ ‎‬مرجع‪. ‎‬‬ ‫) ‪ ( ٣‬صغير مرن‪‎‬‬ ‫‪_ ٤٤٩‬‬ ‫ساهم تجار العرب وعمان أيضا في إنشاء مؤسسات تربوية إسلامية في شرق القارة‬ ‫وفي وسطها ‪ .‬فبغض النظر عن المساجد ودورها الكبير في نشر الإسلام وإقامة شعائر‬ ‫الإسلام ومن أشهر تلك المساجد مسجد جوفا في زنجبار ‪ .‬وقام بتأسيس مدرسة أحد‬ ‫أفراد أسرة آل جمل الليل ‪ .‬وهى من الأسر المعروفة بالعلم والفضل في القارة الإفريقية ‪.‬‬ ‫ومن أشهر علمائها الذين درسوا في زنجبار العلامة السيد عبدالرحمن بن أحمد جمل الليل‬ ‫‪ .‬والعلامة السيد حسن بن محمد جمل الليل «ا'‪.‬‬ ‫كما ساهم تجار عمان في عملية تسهيل نشر الثقافة والعلم في مناطق شرقي القارة‬ ‫ووسطها ‪ .‬حيث أنشأت مطبعة في زنجبار لتسهيل عمليات طبع الكتب والصحف ‪ .‬وهى‬ ‫المطبعة السلطانية ‪ .‬وذلك زمن السيد‪ /‬برغش بن سعيد ‪ .‬وكان لتلك المطبعة آثارها‬ ‫الحضارية الهامة في المنطقة ‪.‬‬ ‫وهكذا أدى الدور العماني والعربي والإسلامي في الشرق الإفريقي دورا هاما في‬ ‫حمل تيار الإسلام وثقافته إلى تلك المناطق ‪ .‬التى استيقظت من ثباتها المميق على‬ ‫"'‪.‬‬ ‫مبادىء الإسلام ونظمه‬ ‫(‪ )١‬المغيري ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪. ٢٣٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬انظر الخرانط بالملاحق‪. ‎‬‬ ‫‪ .‬‏؛‪ ٥‬س‬ ‫‏( ‪(٥‬‬ ‫نجارة شرق إقربقية‬ ‫السلع والأخطار‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ :‬ا للسلع ا لتجاربة ‪:‬‬ ‫أولا"‬ ‫اتبهت جماعات التجار العرب والمسلمين إلى شرق القارة الإفريقية منذ القدم من‬ ‫أجل الحصول على إمكانياتها الوفيرة من سلع هامة كان العالم القديم وحضاراته في حاجة‬ ‫إليها ‪.‬كما استمر الطلب على تلكالسلع باستمرار في العصور الاسلامية ‪ .‬في الوقت‬ ‫الذي غت فيه مناطق العالم الإسلامي حضاريا ‪ .‬وأزدهرت إقتصاديا فإزداد الاقبال"على‬ ‫السلع الإفريقية خاصة في العصر العباسي ‪ .‬واستمرت سلع إفريقية تشد إليها جميع‬ ‫القوى حتى الوقت الحاضر ‪.‬‬ ‫ونظرا لامتداد الساحل الإفريقي الشرقي من الشمال إلى الجنوب لمسافات طويلة‬ ‫على المحيط الهندي ‪ .‬ويعد هذا الساحل عن مراكز الحضارات في العالم القديم والعالم‬ ‫الإسلامي ‪ .‬فقد بدأ التجار في إقامة مستوطنات لهم ومراكز (" ‪ .‬تقوم بعمليات تجميع‬ ‫السلع وتجهيزها للتصدير ‪ .‬كما تكون بمثابة استراحة من الرحلة البحرية الطويلة والشاقة‬ ‫للسفن عبر مياه المحيط الهندي ‪.‬‬ ‫وكانت تلك السلع تتميز بأنها في صورتها الأولية الخام ‪ .‬حيث قامت عليها‬ ‫صناعات وفنون عديدة في أماكن أخرى مثل الهند والعراق وحوض البحر المتوسط ‪ .‬كما‬ ‫أصبحت تجارة الرقيق بمثابة عنصر من عناصر الأنتاج لكثير من الدول والمناطق التى‬ ‫وصلتها تجارة الرقيق "" ومن أهم السلع الإفريقية مايلي ‪:‬‬ ‫(‪ )١‬الذهب‪: ‎‬‬ ‫شكل الذهب أهم المعادن في حضارات العالم القديم والعصور الوسطى وتأتى‬ ‫أهميته في ندرته وفي استعماله بعد ذلك في عمليات تقدير القيمة للسلع بسبب ارتفاع‬ ‫(‪ )١‬ترمنجهام ‪ .‬الإسلام في شرق إفريقيا ‪ .‬ص‪. ٣٢ ‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪١ ٨ ٥‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫جهية‪ ١ ‎‬ل خبا ر‪‎‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪ ١‬مغير ي‪‎‬‬ ‫) ‪\ ٢‬‬ ‫‪_ ٤٥١‬‬ ‫إثمانه وقوة الطلب عليه "ا‪ .‬وأصبح الذهب في العصر الإسلامي بمثابة الواجهة‬ ‫الاقتصادية للدول ‪ .‬واحتل الذهب الإفريقي أهمية خاصة لحضارات الفراعنة واليمن‬ ‫وحضارات الهنود وكذلك بالنسبة لمدنيات العراق في العصور القديمة ‪ .‬وفى المصور‬ ‫الإسلامية ولذلك ظلت عمليات تحركات التجار في شرق إفريقية ترتبط بالبحث عن‬ ‫الذهب ‪ .‬خاصة بعد نصوب مناجم الذهب الفارسية التى كانت تعتمد عليها مناطق المشرق‬ ‫الإسلامي وأصبح الذهب القادم من شرق القارة الإفريقية هو العمود الفقري للتداول الذهب‬ ‫في الخليج العربي والهند والعراق "'‪.‬‬ ‫كما زاد الطلب على الذهب في العصر الإسلامي لأنه أصبع القاعدة في ضرب‬ ‫الدينار وصناعة صياغة الحلى ‪ .‬فكانت الورش العاملة لحساب القصور في الشام والعراق‬ ‫ومصر وفي المدن نشطة جدا‪ .‬وكان الذهب الإفريقي يتدفق بكميات غزيرة على العالم‬ ‫الإسلامي عبر البحر الأحمر‪ .‬والخليج العربي ‪ .‬حيث قام التجار ورجال الأعمال‬ ‫باستثمارات كبيرة كبيرة في منطقة سفالة الزنج في شرق إفريقية "' ‪ .‬وكان يتم نقل‬ ‫الذهب على رؤوس الحمالين من الداخل حتى الوكالات التجارية على الساحل ‪ .‬ثم ينقل‬ ‫إلى مراكز آمنة أخرى على الساحل الإفريقي أو يصدر على ظهور السفن مباشرة ‏‪. "١‬‬ ‫وزادت رحلات السفن المحملة بالذهب إلى العراق وإلى الديبل وسواحل الهند ‪.‬‬ ‫وأعتمدت الهند حتى العصور الحديثة على الذهب الإفريقي بسبب فقر أرضألهند في هذا‬ ‫الخام ونظر الكثافة السكانية ‪ .‬وأصبحت السفن تتجه إلى بومباى في العصور الحديثة‬ ‫بعد إنشاء شركة الهند الشرقية البريطانية هناك سنة ‏‪ ٠‬‏م‪ . ٠٦١‬وفي البداية كانت‬ ‫عمليات تبادل الذهب مع الزعماء الأفارقة تتم عن طريق التجارة الصامته أو التبادل ‪ .‬ثم‬ ‫تطورت في العصور الإسلامية إلى دفع عملات نقدية ‪ .‬وكان ذهب سفالة (" سببا في‬ ‫إزدهار مدن عديدة على الساحل الإفريقي مثل مقديشو ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬آشتور ‪ .‬التاريخ الاتتصادي ‪ .‬ص‪. ١١١ ‎‬‬ ‫‏‪. ١٤‬‬ ‫‪ -‬لوفران ‪ .‬تاريخ التجارة ‪ .‬ص‬ ‫‏‪. ١١٠‬‬ ‫‏(‪ )٢‬آشتور ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫‏(‪ )٣‬لومبارد ‪ .‬الجغرافية التاريخية ‪ .‬ص ‏‪. ٢٣٢٢‬‬ ‫‏(‪ )٤‬المسعودي ‪ .‬مروج الذهب ‪ .‬ج ‏‪ . ٢.‬ص ‪ :‬‏‪. ٦١‬‬ ‫‏(‪ )٥‬لومبارد ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٢٣٢‬‬ ‫‏‪ ٤٥٢‬س‬ ‫كما ازدهرت مدن مملكة كلوة أيضا بسيب تجارة الذهب ‪ .‬وكان سببا في صراعات‬ ‫عديدة بين تلك المدن ‪ .‬كما اصبح ذهب روديسيا في العصور الحديشة ‪ .‬اهم عوامل‬ ‫الكشوف الجغرافية البرتغالية ‪ .‬وأهم أهداف الأساطيل الأورويية التى قدمت بعد ذلك إلى‬ ‫سواحل شرق القارة ‪ .‬حيث ترددت أقوال في أوروبا بأن " ذهب سفالة الزنج لاينضب "«('‬ ‫ومازالت مناطق موزمبيق وجنوب إفريقية تتحكم في إنتاج الذهب العالمي حتى الوقت‬ ‫‏‪ ٢٥‬من إنتاج الذهب‬ ‫الحاضر ‪ .‬حيث تنتج جنوب إفريقية من مناجمها الشرقية حوالى‬ ‫العالي ("" حيث بلغ انتاجه ‪٦٦١٢٥٠‬كچ‏ سنة ‪١٩٨٢‬م‏ ‪ .‬بالإضافة إلى ذهب موزمبيق‪.‬‬ ‫ومازالت إفريقية تحتوي على العديد من مناجم الذهب بسبب تركيبها الجيولوجى ‏‪ ٠‬فهى‬ ‫تحتوى على صخور بللورية ومتحولة قديمة والتى تعد من أنسب الصخور الحاوية‬ ‫للتكوينات المعدنية ‪ .‬ومازالت رؤس الأموال العالمية تتدفق على القارة خاصة جنوب‬ ‫إفريقية ‪ .‬من الجهة الشرقية لاستغلال مناجم الذهب خاصة"" ‪.‬‬ ‫‪ (٢١‬العاج‪: ‎‬‬ ‫بالرغم من وجود فيلة في مناطق أخرى من العالم مثل الهند ‪ .‬إلا أن التواجد‪‎‬‬ ‫الكثيف لها كان في إفريقية ‪ .‬وكانت القبائل الإفريقية لاتقدر العاج من الفيلة بأى ثمن‪‎‬‬ ‫‪ .‬إلا حينما أدركت ذلك فيما بعد ‪ .‬فقام الزنوج بعمليات قتل واسعة للفيلة وأخذ أنيابها‪‎‬‬ ‫وبيعها لتجار عمان ‪ .‬ثم تكدس الكميات المحمولة من العاج على الساحل حيث يتم‪‎‬‬ ‫حملها إلى العراق والمشرق الإسلامي وإلى الهند والصين ‪ .‬وهى مناطق كانت لديها قتون‪‎‬‬ ‫قائمة على صناعة التحف المعتمدة على العاج (“' ‪.‬كما كان الهنود يستهلكون كميات‪‎‬‬ ‫كبيرة من العاج حيث يستخدمونها في صناعة تماثيلهم وبناء أجزاو من معابدهم وهياكلهم‪‎‬‬ ‫‪ .‬وبذلك احتلت تلك السلعة أهمية خاصة عند الشعوب الهندوسية والبوذية في الهند‪‎‬‬ ‫والصين وجنوب شرقي آسيا ‪.‬‬ ‫"() الحويري ‪ .‬ساحل شرق افريقية ‪ .‬ص ‏‪. ١٢٦‬‬ ‫‏(‪ )٢‬أبو عيانة ‪ .‬الجغرافية الاقليمية ‪ .‬ص ‏‪.٥٣٣‬‬ ‫‏(‪ )٣‬حيث يعتبر حقل الراند جول مدينة جوهانبرج أهم حقول الذهب في العالم قاطبة ‪ .‬ويد انتاجه سنة‬ ‫‪٨٦‬م‏ ‪.‬‬ ‫‏‪. ٨٥‬‬ ‫‏(‪ )٤‬صالح العلي ‪ .‬التنظيمات الإقتصادية في البصرة في القرنين الأول والثاني الهجريين ‪ .‬ص‬ ‫ومابعدها ‪.‬‬ ‫‪٥٢٣‬‬ ‫ويذكر المغيري أن الفضل الأول يرجع إلى تجار أهل عمان في بيان أهمية العاج‬ ‫للقبائل الإفريقية ‪ .‬حيث ارتبطت بالعمانيين تلك التجارة في البداية ‪ .‬وحتى قدمت‬ ‫عناصر أخرى وشاركتهم في تلك التجارة خاصة من تجار الفرس والهنود ا"‪.‬‬ ‫وقد افتخر أهل البصرة على أهل الكوفة بأن مدينتهم مركزا للعاج بقولهم " نحن‬ ‫أكثر منكم ساجا وعاجا وديباجا """ حيث كانت البصرة مركزا هامة للتجار من أهل عمان‬ ‫‪ .‬بل أن الفيلة بدأت تحمل من إفريقية لتظهر في بغداد عند الاحتفالات التى كانت تقام‬ ‫بها في العصر العباسي "" ‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ ) ٣‬الحديد‪‎‬‬ ‫كانت مناطق العالم الإسلامي ‪ .‬والهند أيضا ‪ .‬فقيرة في خام الحديد منذ البداية ‪.‬‬ ‫رغم ماله من أهمية في الصناعات بصورة عامة ‪ .‬وفي صناعة أدوات الحرب والقتال‬ ‫بصورة خاصة ‪ .‬وعلى ذلك بدأ العالم الإسلامي يعتمد في تمويله بتلك الخامات على‬ ‫مناطق مجاورة له ‪ .‬وأصبحت منطقة القوقاز ‪ .‬خاصته داغستان ى من مناطق توريد‬ ‫الحديد إلى العالم الإسلامي من جهة الشمال ‪ .‬لكن العالم الإسلامي أعتمد بصورة أكبر‬ ‫على الحديد وصناعاته المستوردة من الهند ‪ .‬حيث تمكنت الهند من تحقيق نجاحات مبكرة‬ ‫في الصناعات الحديدية وكانت شهرتها منذ بداية عصور الميلاد بصناعة السيوف ‪ .‬وقد‬ ‫تزايدت الطلبات من العالم الإسلامي على الحديد والفولاذ الهندي باستمرار ‪.‬‬ ‫والواقع أن خامات الحديد الهندية قد نضبت مناجمها في المصور القديمة ‪ .‬وبدأت‬ ‫عمليات استيراد واسعة النطاق لخامات الحديد من شرق إفريقية عبر المحبط الهندي ‪.‬‬ ‫وقام بدور الوسيط التجار العرب خاصة أهل عمان الذين استقروا بكثافة في مدن الهند‬ ‫الساحلية لدورهم في تلك التجارة ‪ .‬وكانت فلزات خامات الحديد من شرق إفريقية تعتبر‬ ‫أكثر جودة من غيرها (‪٤‬ا‪,‬‏‬ ‫(‪ )١‬المغيري ‪ .‬جهينة الأخبار ‪ .‬ص‪. ٣٠٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬االعلي ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٨٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬المسعودي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ج‪ .٢‬ص‪. ١٣‎‬‬ ‫(‪ )٤‬لومبارد ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٣٤ ‎‬‬ ‫س‬ ‫ع ‏‪٥‬‬ ‫كان يتم استخراج الحديد من شرق إفريقية من مناطق سفالة الزنج خاصة جنوب‬ ‫مناجم الذهب(" وكانت عمليات الاستخراج تتم بطرق بدائية للغاية على أيدى العمال من‬ ‫وصناعتها‬ ‫الزنوج‪ .‬ثم تحمل إلى الساحل لتصدر إلى الهند ‪ .‬ثم يعاد صهرها وتشكيلها‬ ‫وتصدر إلى العالم الإسلامي ‪ .‬وكان الفولاذ الذي يصنع منه السيوف في الهندموضرب‬ ‫الأمثال والشهرة في الأدب العربي لمكانتها وحدة شفرتها ومرونتها‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬المنتجات البحرية‪: ‎‬‬ ‫وكان أهمها السلاحف التى يصدر صدنها ‪ .‬وترسل إلى مناطق العالم الإسلامي في‬ ‫مصر والعراق والشام ‪ .‬حيث يوجد الصناع المهرة والمتخصصون في صناعة أدوات الصدف‬ ‫‪ .‬أما العنبر الذي يعتبر إفرازا“ لحوت العنبر ةاا[‪ )©23‬فكانت منطقة شرقي إفريقية من‬ ‫أهم مراكز إنتاجه في العالم الإسلامي ‪ .‬وكانت القطع المقذوفة تجمع على وجه التحديد ثم‬ ‫تصدر بأثمان غالية ‪ .‬وكان العنبر يدخل في صناعات العطور المختلفة ‏‪. "٦‬‬ ‫(‪ )٥‬المنتجات والسلع الغابية‪: ‎‬‬ ‫وهى المنتجات التى ترتبت على امتداد الساحل الشرقي لإفريقية امتدادا" هائلا" من‬ ‫الشمال إلى الجنوب عبر دوانر عرض عديدة ‪ .‬مما أدى إلى تنوع في الظروف المناخية ‪.‬‬ ‫بالإضافة إلى وجود نطاق كبير من شرق القارة ضمن الغابات المدارية والإستوائية حيث‬ ‫الغابات الكثيفة التى تحتوي على العديد من الأشجار العالية ذات الأخشاب الصلبة ‪.‬‬ ‫والتى يكن استخدامها في صناعات خشبية عديدة مثل خشب الأبنوس ("'‪.‬‬ ‫كما احتوت تلك الغابات ومناطق السافانا على العديد من الحيوانات المفترسة‬ ‫والتى كان يتم اصطيادها واستغلال جلودها في صناعات جلدية هامة في العالم الإسلامي‬ ‫اا واحتلت افريقية الشرقية مكانة هامة في تصدير الجلود إلى العالم الإسلامي وإلى شبه‬ ‫(‪ )١‬الحويري ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٢٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬لومبارد ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪ . ٢٤٩ ‎‬المسعودي ‪ .‬مروج الذهب ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪. ١٦٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬حوراني ‪ .‬العرب والملاحة ‪ .‬ص‪ ٢٣١ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬كالقردة والفيلة وغيرهما‪. ‎‬‬ ‫المسيرى‪ .‬العلاقات التجارية ‪ .‬ص‪. ١٧٤ ‎‬‬ ‫س‬ ‫‪٥٥‬ع‏‬ ‫القارة الهندية ‪ .‬بل صدرت بعض حيوانات الغابة إلى العالم الإسلامي على سبيل‬ ‫‏‪(١‬‬ ‫لية‬ ‫اله‬ ‫(‪ )٦‬الرقيق‪: ‎‬‬ ‫ترتب على النمو السكاني الهائل في مدن العالم الإسلامي ‪ .‬وإزدهار مناطقه الحاجة‪‎‬‬ ‫إلى أيدى عاملة للعمل في المنازل وفي الصناعات والحرف الأخرى ‪ .‬كما بدأت أنظمة‪‎‬‬ ‫جديدة في العالم الإسلامي تعتمد على العبيد كجند يعتمد عليهم خوفا" من أطماع‪‎‬‬ ‫القبائل العربية وتطلعاتها وكانت مدن العراق الجديدة التى مصرت زمن الخليفة عمر بن‪‎‬‬ ‫الخطاب وهما البصرة والكوفة من أهم مراكز استيراد العبيد ‪ .‬كما ظهرت مدن أخرى مثل‪‎‬‬ ‫واسط ويغداد وغير ذلك من أسواق العبيد الأخرى‬ ‫وأصبحت سفن أهل عمان والخليج العزبي هى الوسيط الذي وفرتلك السلعة إلى‬ ‫مراكز احتياجها وأصبحت مناطق شرق إفريقية هى مناجم التصدير لتلك السلعة والتى‬ ‫أصبحت أهم السلع في العصر العباسي ‪ .‬كما أن النمو الإنتصادي الذي شهدته منطقة‬ ‫الخليج العربي ترتب إليه حاجة موانىء الخليج العربي إلى أعداد كبيرة من الرقيق لعمليات‬ ‫التفريغ والشحن للسفن وعمليات تكديس البضائع في الموانىء ‪ .‬من هنا أصبحت منطقة‬ ‫الخليج العربي من أهم مراكز استيراد الرقيق من شرق قارة إفريقية ‪.‬‬ ‫ويدأت السفن العمانية تحمل الآلاف من هؤلاء العبيد إلى منطقة الخلبج العربي‬ ‫والعراق للعمل في مدينة البصرة والكوفة وواسط ‪ .‬وكانت مدينة البصرة التى شهدت نمواث‬ ‫مضطرا وإتساعاً في أحيائها سوقا هامة لتلك السلعة حيث كانت تستخدم أعداد منهم‬ ‫في استصلاح الأراضي المالحة " البطائح" في الجنوب ("" ‪ .‬وقد عاشت تلك المجماعاٹ من‬ ‫العبيد في ظروف اجتماعية صعبة ‪ .‬الأمر الذي جعلهم عرضة للانفجار والاستغلال من‬ ‫قبل أفكار معارضة ‪ .‬كما حدث في ثورات الزنج في العصرين الأموي والعباسي "' ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬المسعودي ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ج!‪ . ٢‬ص‪. ٩٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬البلاذزي ‪ .‬فتوح البلدان ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪.١٩ ‎‬‬ ‫‪ -‬علبي ‪ .‬المرجع السايق ‪ .‬ص ‪ :‬‏‪. ٢٩‬‬ ‫‏(‪ )٣‬علبي ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص ‏‪ ٣٦‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‪- ٤٥٦‬‬ ‫فقد وقع التمرد في صفوفهم زمن ولاية مصعب بن الزبير سنة ا‪٧٤‬ه‏ ‪ .‬كما قاموا‬ ‫بشورة في ولاية الحجاج سنة ‪٧٦‬ه‏ ‪ .‬وتفاضت السلطات في العراق عن سماع أصوات‬ ‫هؤلاء الزنوج الذين أصبحوا يعدون بعشرات الآلاف (" ‪ .‬وأصبحوا قوة مؤثرة في العراق‬ ‫‪ .‬وفي العصر العباسي قاموا بثورتهم الشهيرة سنة ‪٢٥٥‬ه‏ بزعامة على بن محمد " ملهم‬ ‫الزنج " "" ‪ .‬الذي تمكن من تجميع عشرات الآلاف من زنوج البصرة حوله ‪ .‬وقاموا بثورة‬ ‫عارمة هددت أمن منطقة شمال الخليج العربي وجنوب العراق وحتى بغداد ‪ .‬بعد أنه‬ ‫أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من دخولها ‪ .‬وهددت الخلافة العباسية لمدة أربعة عشر‬ ‫يوما"(‪'٢‬‏ وشكلوا دولة لهم ضمت البصرة وواسط والنعمانية ‪ .‬وجعلوا عاصمتهم في‬ ‫المختارة ‪ .‬بعد أن خربوا مناطق عديدة في جنوب العراق ‪ .‬وهرب التجار ‪ .‬وهجر الناس‬ ‫‏‪ ١‬حنطة ثمنه مائة وخمسبن‬ ‫أصبح سعر كر‬ ‫وأرتفنعت ا لأسعا ر حتى‬ ‫‪.‬‬ ‫مينا ‪ .‬ا لبصرة‬ ‫‪.‬دينارا"(' وارتفع سعر كر الشعير إلى مائة وعشرين دينارا" ‪ .‬بعد أن توقفت عمليات‬ ‫التجارة تماما ‪ .‬حتى تمكن الخليفة العباسي المعتضد من القضاء على ثورتهم سنة‬ ‫(‪(٥‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‏‪'"'.‬ه‪٢‬ا‪.٧‬‬ ‫والواقع أن الوساطة العمانية والعربية كانت نزيهة في عمليات تحبارة الرقيق ‪ .‬ذلك‬ ‫ان عمليات جلب العبيد من داخل الغابات كان يقوم بها قبائل البانتو الإفريقية ثم يتم‬ ‫تجميعهم إلى الساحل حيث التجار العمانيين وغيرهم (`'‪ .‬كما شهد العديد من الرحالة‬ ‫على حسن معاملة العمانيين تجارا وحكاما ومواطنيين للعبيد حيث كانوا يجالسونهم‬ ‫ويشركونهم معهم في المأكل والمشرب ‪ .‬حتى أدى ذلك إلى تحول العديد من العبيد إلى‬ ‫الإسلام ‪ .‬كما عملوا في جيوشهم ومنازلهم ‪ .‬وقد ذكر ذلك الرحالة الأوروبيين ومنهم‬ ‫(‪ )١‬السامر ‪ .‬فيصل ‪ .‬ثورة الزنج ‪ .‬ص‪. ٣٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ابانلأثير ‪ .‬اللباب ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪.٤٤٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬المسعودي ‪ .‬التنبيه والإشراف ‪ .‬ص‪. ٣١٩١ ‎‬‬ ‫‪ -‬الطبري ‪ .‬تاريخ ‪ .‬ج‪ . ٦‬ص‪. ٤٧٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬الذهبي ‪ .‬سير أعلام النبلاء ‪ .‬ج‪ . ١٣‬ص‪. ١٢٣٠ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬ابن كثير ‪ .‬البداية والنهاية ‪ .‬ج‪ . ١١‬ص‪. ٣١ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٦‬كما كانت هناك حروب مستمرة بين القبائل الإفريقية ‪ .‬وكانت القبائل المنتصرة تجد في القبائل‬ ‫المنهزمة مصدر هاما للدخل حيث تقوم بأسر أفراد القبائل المنهزمة وتقوم ببيعها بصورة مهينة وقد‬ ‫استمرت تلك العمليات حتى العصور الحديثة بتشجيع من بعض الأوروبيين‪.‬‬ ‫_‬ ‫‪٤ ٥٧‬‬ ‫اسمى وسميث من قبل شركة الهند الشرقية البريطانية ‏‪.١١‬‬ ‫ورغم أن الرقيق الذين وصلوا إلى أيدي التجار العرب والعمانيين ‪ .‬كانوا في‬ ‫أوضاع متدنية بين القبائل الإفريقية من كافة النواحي ‪ .‬فإنهم شهدوا تكريا" لهم‬ ‫ولإنسانيتهم على أيدى المسلمين ‪ .‬حتى تزوج منهم بعض المسلمين ‪ .‬وكم صار من هؤلاء‬ ‫الزنوج ملاك في أموال أسيادهم وشركاء في أعمالهم ‪ .‬وازدهرت الحاجة إلى اقتناء العبيد‬ ‫في شركة إفريقية بسبب إزدهار مراكزها الساحلية ‪ .‬كما ان بعض مناطق الداخل الإفريقي‬ ‫كانت تتعرض المجاعات يترتب عليها فرار العديد من القبائل أو بيع أولادهم بازهد‬ ‫الأسعار ‪.‬‬ ‫ورغم الدور الذي قام به المرب وأهل عمان في مجال تجارة الرتيق في صورها‬ ‫الإنسانية ‪.‬كما نص عليها الدين الإسلامي ‪ .‬فإن حجة تجارة الرقيق أصبحت الوسيلة التى‬ ‫اتخذها الأوروبيون للتدخل في شرق إفريقية ‪ .‬وخاصة بعد سنة ‪١٨٢٢‬م‏ مع حكومة‬ ‫مسقط ‪ .‬ويدأت بريطانيا تعمل على فرص حمايتها على شرق إفريقية وجزرها بحجة‬ ‫مكافحة تبارة الرقيق ‪ .‬وكانت دوافع تلك الدول دوافع اقتصادية بعيدة عن الجانب‬ ‫الإنساني الذي أختفت خلفه ‪ .‬كما أن ماضيهم في تجارة الرقيق لم يلتزم بأى قيم إنسانية‬ ‫أو أخلاقية ("" ‪.‬‬ ‫ويدأت بريطانيابريطانيا بالفعل تعمل على استغلال مسألة تجارة الرقيق لصالحها‬ ‫الخاصة دون النظر إلى مصالح العبيد أنفسهم ‪ .‬حيث أنشأت لهم مستعمرات بحجة‬ ‫تكوين ملاذات آمنة للرقيق المحررين ‪ .‬وبدأت بريطانيا تستفيد من تلك الستعمرات ‏‪٠‬‬ ‫فقد تولى إدارتها شزكات بريطانية ‪ .‬أى أن عائد تلك المستعمرات كان يصب في بريطانيا‬ ‫وليس للرقيق ‪ .‬حتى أن أجورهم كانت زهيدة ‪ .‬وأقل في كثير من الأحيان من أجور‬ ‫عملهم عند سادتهم في السابق ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬العقاد ‪ .‬وزكريا ‪ .‬زنجبار ‪ .‬ص‪. ١٢٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬مسعود ‪ .‬وفاء ‪ .‬افريقيا ‪ .‬ص‪. ٩٧ .٩٦‎‬‬ ‫في الوقت الذي حفلت فيه الممارسات الأوروبية تجاه الرقيق الأفارقة بأساليب وحشية مازالت ماثلة‪‎‬‬ ‫في أزهاق الأفارقة وعند الأدباء والكتاب الأفارقة والأوروبيين وتظهر من حين لآخر في كثير من‪‎‬‬ ‫الأعمال الأدبية‪. ‎‬‬ ‫_‬ ‫؛ع‪‎٨٥‬‬ ‫_‬ ‫كما ظهر مشروع بريطاني آخر يدعو إليه " بوكستون " ويرى أن تقوم بريطانيا‬ ‫بإنشاء سلسلة من المراكز البريطانية التجارية على طول ساحل إفريقية الشرقي يكون‬ ‫الهدف منه توزيع المنتجات البريطانية وحمل السلع الإفريقية والمواد الخام من ذهب وعاج‬ ‫ومعادن وسلع أخرى ‪ .‬باستغلال هؤلاء العبيد ‪ .‬تحت دعوى أنهم محررين ‪.‬‬ ‫ويذلك استغلت بريطانيا ودول أوروبا قضية تجارة العبيد لتحيق هدفين هما ‪:‬‬ ‫الأول ‪ :‬الحد من التوغل العماني والإسلامي داخل القارة الإفريقية ‪ .‬ومواجهة‬ ‫عمليات التحول إلى الإسلام بين الجماعات الإفريقية في الداخل ‪ .‬حيث أد ركت أن النظام‬ ‫الإقتصادي والإجتماعي في شرق القارة مرتبط بالعمانيين والمسنب‪ . :.‬حتى أن حوالي‬ ‫‏‪ ٩٠‬من سكان شرق القارة الإفريقية كانوا يعملون لدي العرب في مزراعهم أو متاجرهم‬ ‫أ و منا زلهم ‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬هو التغلفل إلى داخل القارة بحجة ملاحقة التجار ‪ .‬وإنشاء مراكز‬ ‫بريطانية هدفها توزيع بضائع شركة الهند الشرقية البريطانية ‪ .‬وتجميع سلع إفريقية من‬ ‫الداخل ‪ .‬ويذلك تتمكن بريطانيا وضع يدها على منابع السلع الإفريقية دون اللجوء إلى‬ ‫وسيط تحباري ‪.‬‬ ‫وهكذا تمكنت بريطانيا اتخاذ مسألة الرقيق حجة ضد الوجود الإسلامي والعربي في‬ ‫شرق القارة ‪ .‬وانتهى الأمر ببذر بذور الفتنة بين العرب والأفارقة ‪ .‬لينتهى الأمر إلى صور‬ ‫جديدة من المأساة ‪.‬‬ ‫حملت السفن العمانية والعربية إلى الأفارقة السلع التى يحتاجونها مثل ‪ :‬الموز‬ ‫الذي يحمل من منطقة ظفار ‪ .‬والذى يتميز بذوقه الطيب وكبر حجمه ‪ .‬كما حملوا إلى‬ ‫شرق القارة التمور العربية الشهيرة ¡ والتى كانت تحظى بأهمية عند الأفارقة ‪ .‬وكذلك‬ ‫المنسوجات المتنوعة والبخور والعطور والصناعات الزجاجية والحديدية والتوابل ‪ .‬والأرز‬ ‫واللبان ‏‪'١١(.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫‪ ٠‬ص‪‎‬‬ ‫‪٥‬‬ ‫العمانية‪٠ ‎‬‬ ‫الدراسات‬ ‫ندوة‬ ‫) ‪ ( ١‬حصاد‬ ‫_‬ ‫‪٥٩‎‬ع‬ ‫‪:‬‬ ‫والعربات‬ ‫الأخطار‬ ‫‪:‬‬ ‫ثانيا"‬ ‫ارتبطت منطقة إفريقية بخطوط ملاحية تربطها بسواحل المحيط الهندي والعالم ث‬ ‫الإسلامي ومن أهم تلك الخطوط الملاحية مايلي ‪:‬‬ ‫شرق إنريقية‪- : ‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫(‪ )١‬صحار‬ ‫تبدأ غالبية رحلات السفن العمانية من ميناء صحار على خلب عمان ‪ .‬حيث‬ ‫المركز التجاري للمنطقة ومن صحار إلى ساحل الزنج تمر السفينة بمحاذاة ساحل شبه الجزيرة‬ ‫العربية الجنوبي حتى سوقطرى عبر المحطات التالية ; ‏‪6٧١‬‬ ‫صحار ‪ -‬العوينات ‪ -‬خور الحمام ‪ -‬الجعاريف ‪ .‬بنى خالد ‪ -‬الخابورة ‪ -‬بندر ‪-‬‬ ‫السو ‏‪.‬يق ‪ -‬ودام ‪. - ٨‬المصنعة ‪ -‬رأس السوادي ‪ .-‬بركاء ‪ - ٢‬الجرادي ‪ -‬الرميس ‪ -‬بندر السيب‬ ‫‪ -‬الفحل ‪ -‬الشطيفي ‪ -‬مطرح ‪ -‬ريام ‪ -‬مسقط ‏‪'"١.‬‬ ‫ومن مسقط إلى سداب ‪ -‬البستان ‪ -‬الحصبة ‪ -‬يتى ‪ -‬الخيران ‪ -‬سيفة ‪ -‬الشيخ‬ ‫مسعود ‪ -‬رأس بوداود ‪ -‬قريات ‪ -‬دغمر ‪ -‬فنس ‪ -‬طيوي ‪ -‬رأس قلهات ‪ -‬السنبلة ‪-‬‬ ‫حتى تصل الى راس الحد وصور ‪. .‬‬ ‫ومن رأس الحد إلى مصيرة (“' تتجه السفن إلى جزر الحلانيات ‪ .‬حتى ساحل ظفار‬ ‫وميناء مرباط ثم تتجه إلى ساحل الشحر ومنها إلى ميناء عدن ‪ .‬أو تتجه إلى سوقطرى‬ ‫من ساحل عمان مباشرة إلى بر الزنج ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬مخطوط نفحة الأزهار في علوم البحار ‪ .‬ورقم ‏‪ .٨٣٠٨٢ . ٨١ .٨٠ . ٧٩١ .٧٢٨ .٧٢٢ .٧٦‬وزارة‬ ‫التراث القومى والثقافة ‪ .‬المديرية العامة للوثائق والمخطوطات ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬الحميري ‪ .‬الروض المعطار ‪ .‬ص ‏‪.٥٥٩‬‬ ‫‏(‪ )٣‬عثمان ‪ .‬تجارة المحيط الهندي ‪ .‬ص ‏‪ ٨٩‬ومابعدها ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٤‬يقول أحمد بن ماجد ‪:‬‬ ‫‪ ..‬فيا ملغيسبهيل كن ذي بصيرة‬ ‫ومن الحد أجر إلى مصيرة‬ ‫رب‬ ‫قأنام‬‫ع" لل‬ ‫لحبحا‬‫اى ص‬‫‪ ..‬مجر‬ ‫جوررب‬ ‫مة خ‬‫اصير‬ ‫ين م‬‫وم‬ ‫‪ -‬النونية الكبرى ‪ .‬تحقيق حسن صالح شهاب ‪ .‬وزارة التراث القومي والثقافة ‪.‬‬ ‫_ ‪_ ٤٦.‬‬ ‫ومن حافوني (جفوني ) تمر السفن عبر موانىء شرق إفريقية حتى سفالة الزنج عبر‬ ‫‏‪ ٠‬مباسا ‪ .‬زنجبار ‪ .‬كلوة حتى‬ ‫‪ .‬براوة ‪ .‬ويمبا ‪ .‬لامو ‪ .‬ماليندى‬ ‫المحطات التالية ‪ :‬مقديشو‬ ‫تصل إلى قنبلو ‪ .‬وقد تتجه إلى جزر القمر ومدغشقر صوب الجنوب الشرقي ‪.‬‬ ‫وكانت السفن العمانية تقوم بتجارة الترانزيت في أغلب الأحيان في اتجاهها إلى‬ ‫شرق إفريقية ‪ .‬وكانت السفن تعتمد على نظام دقيق للإبحار ‪ .‬حيث ترتبط مواعيدها‬ ‫بالرياح الموسمية التجارية ‪ .‬وريح الصبا وريح الدبور ‪ .‬كما كانت السفن تستأنف رحلتها‬ ‫في العودة في أحيان كثيرة إلى البصرة ‪ .‬كما كانت السفن تقصد الهند باتجاه ساحل‬ ‫مكران ‏‪ .‬والديبل (‪( (١‬ا'‪.‬‬ ‫وكانت السفينة العمانية المتجهة إلى البصرة تلتزم بأوقات معينة لرحلتها ‪ .‬حيث‬ ‫كانت البصرة مركزا“ لتجارة العراق ‪ .‬وكان لأهل عمان دور تجاري نشط فى أسواق البصرة‬ ‫في تلك الفترة بسبب تواجدهم الواضح في الميناء منذ البداية ‪ .‬ويسبب موقع بلادهم‬ ‫وخبرتهم الملاحية التجارية مع سواحل المحيط الهندي ‪ .‬وقد أشار المسعودي وغيره إلى‬ ‫دور بحارة عمان في هذا المجال ("' ‪ .‬وذكر المسعودي بأن توجه إلى شرق إفريقية في سفن‬ ‫يملكها عمانيون ‪ .‬وكانت سفنهم في رحلات مستمرة بين الخليج العوبي ويين بر الزنج وحتى‬ ‫(‪ )١‬من صحار إلى البصرة تمر السفينة باملحطات التالية على ساحل الخليج العربي القربي ‪ :‬مجيس‪. ‎‬‬ ‫لوى ‪ .‬مرمول ‪ .‬الحميري ‪ .‬القراقير ‪ .‬شناص ‪ .‬البليده ‪ .‬الخضراوية ‪ .‬خطمة ملاحة ‪ .‬كلباء ‪ .‬جبل‪‎‬‬ ‫حتى ‪ .‬مسندم ‪ .‬جزيرة الفنم ‪ .‬خصب ‪ .‬خور الرمس ‪ .‬جلفار‪ .‬جبل هيلي ‪ .‬غوابي ‪ .‬لمحيان ‪ .‬بدع‪‎‬‬ ‫قطر ‪ .‬جزيرة عالي ‪ .‬الحويلة ‪ .‬الزبارة ‪ .‬رأس عشيرج ‪ .‬البريجية ‪ .‬دوحة سلوى ‪ .‬جزيرة بني صالح‪. ‎‬‬ ‫جزيرة البحرين ‪ .‬الرفاع ‪ .‬المحرق ‪ .‬دوحة الدهان ‪ .‬الرمام ‪ .‬لنجوة ‪ .‬سيهات ‪ .‬القطيف‪ .‬تاروت‪. ‎‬‬ ‫رأس تنورة ‪ .‬رأس الجميلية ‪ .‬جزيرة الجريد ‪ .‬جزيرة رأس بو على ‪ .‬منيعة ‪ .‬جزيرة حرقوص ‪ .‬السنانية‪‎‬‬ ‫‪ .‬خور الخفجي ‪ .‬جزيرة أم المرادم ‪ .‬لزور ‪ .‬جزيرة قاروة ‪ .‬الشعيبة ‪ .‬الفحيحيل ‪ .‬قصر الفتيطس‪. ‎‬‬ ‫‪ .‬خور‪‎‬‬ ‫لةنإممل ‪.‬كاظمة ‪ .‬جزيرة فيلكة ‪ .‬جزيرة سمعان ‪ .‬جزيرة بوبيان ‪ .‬معرقبةدخوارلله‬ ‫اير‬‫جز‬ ‫البصرة‪. ‎‬‬ ‫مع العلم أن هناك طريق بحري آخر محاذي للساحل الإيراني يلتقى بهذا الطريق في ميناء البصرة‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬مخطرط نفحة الأزهار ‪ .‬ورقة‪. ٧٨ .٧٢٧ .٧٦ ‎‬‬ ‫‪. ١٠٨‬‬ ‫(‪ )٢‬مروج الذهب ‪.‬ج‪ ١‬و ص‪‎‬‬ ‫‪_ ٤٦١‬‬ ‫سفالة الزنج رغم العديد من الصعوبات التى تواجه السفن(" ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬طريق عدن واليمن إلى شرق القارة الإفريقية‪- : ‎‬‬ ‫عبر موانىء القرن الإفريقي وحتى ميناء مقديشو وموانىء شرق القارة التى ذكرناها‪‎‬‬ ‫سابقا ‪ .‬وإن كان معظم سفن أهل عدن تتجه إلى موانىء شمال الصومال وأرتيريا‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬طريق السويس إلى شرق إفريقية‪- : ‎‬‬ ‫‪ ٠‬بربرة‪‎‬‬ ‫‪ ٥.‬شذران‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬رأس محمل‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬ا لقلزم‪‎‬‬ ‫من‪ ١ ‎‬لسويس فالعقير‪ ٠ ‎‬مغطس فرعون‪‎‬‬ ‫فتبدأ‬ ‫‪ .‬مصوع ‪ .‬زقر ‪ .‬حتى منطقة القرن الإفريقي‪."" ‎‬‬ ‫وكانت تلك الطرق البحرية التى تؤدى إلى البر الإفريقي محفوفة بالخاطر سواء في‬ ‫البحر الأحمر أو الخليج العربي بالإضافة إلى صعوبات الملاحة في المحيط الهندي ‪ .‬رهى‬ ‫صعوبات تدل على أن السلع الإفريقية التى كان مردودها وفيرا‪ .‬كانت أخطارها عديدة ‪.‬‬ ‫فلم تكن الرحلة ‪ .‬بل حفلت بالعديد من صور الآلام والمعاناة ‪ .‬نالسفينة العربية‬ ‫الخشبية البسيطة المقلفطة تسير عبر محيط هائج " تئن ‪ .‬وتنط ‪ .‬وتتقعقع وتتتعتع ‪.‬‬ ‫المسافرين مشدودة إلى السماء ‪ .‬كل يصلى إلى جهة على تدر معبوده " ‪.‬‬ ‫وأبصار‬ ‫صفحات عديدة من مصادر التراث العربي تحرى على عدد من الآم التى‬ ‫ومازالت‬ ‫البحارة في رحلتهم عبر المحيط الهندي حتى شبه العرب الخروج من البحر بالخروج‬ ‫يواجهها‬ ‫‪.‬‬ ‫من القبر‬ ‫وكان الملاح العربي يخرج من بره مستلما لقوى البحر والريح ‪ .‬رابطا مصيره‬ ‫ومصير من معه تلك الألواح التى تشكل سفينة البسيطة ‪ .‬ويتنقل بين قبضات الربع‬ ‫العاصفة والبحار الزاخرة ‪ .‬والأمواج الهائلة ‪ .‬وظلت عمليات الإبحار تواجه العديد من‬ ‫اللصاعب حتى ذكر البعض أن سفن المحيط الهندي كان يلاقي العديد منها الفرق بسبب‬ ‫ظواهر المحيط الغامضة التى لا يتمكن الملاح العربي من مواجهتها ‪.‬‬ ‫‪٩٨‬‬ ‫‪. ٦‬‬ ‫ى ص‪‎‬‬ ‫‪ ١‬لذهب‪٢ ٠ ‎‬ج‪‎‬‬ ‫(‪ (١‬مروج‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن ماجد ‪ .‬المصدر السابق ‪ .‬ص‪ ١٢٧١ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫‪- ٤٦٢‬‬ ‫ومن كثرة الرحلات البحرية عند العرب قديما ("‪ .‬كون الملاح العربي تحبرية طويلة في‬ ‫التعامل مع العديد من الظواهر الطبيعية التى اعترضته ‪ .‬ومنها مايلى ‪- :‬‬ ‫(‪ )١‬الصعوبات الطبيعية في الخليج العربي‪- : ‎‬‬ ‫رغم أن الخليج العربي يعتبر جزء من المحيط الهندي ‪ .‬إلا أنه يشكل مسطحا مائيا‬ ‫ومشاكله ومنها ما يلي ب‪- :‬‬ ‫له ظروفه وظواهره‬ ‫مستقلا‬ ‫أ‪-‬الرمال المتحركة‪- :‬‬ ‫يذكر الجيولوجيون والجغمرافنون أن الخليج العربي في سواحله الغربية ‪ .‬العربية ‪.‬‬ ‫يفتقر إلى رف قاري حقيقي (""‪ .‬ومازالت السواحل الغربية مستمرة في عمليات التكوين‬ ‫من خلال الرمال التى تحملها الأودية المنحدرة إلى ساجله من داخل الصحراء العربية‬ ‫باستمرار ‪ .‬وقد ترتب على ذلك تكوين عدد من الأخوار والبحيرات الشاطئية ‪ .‬سهلت‬ ‫بالفعل حركة الإتصال بالبحر ‪ .‬لكنها خلقت مشكلة ملاحية ‪ .‬وهى وجود الرمال المتحركة‬ ‫‏(‪ )١‬يدل النشاط العربي الملاحي في المحيط الهندي على الرد حول ما يردده البعض من أن عرب عمان‬ ‫والخليج العربي والجزيرة العربية مالوا إلى المزلة بسبب ظروف بلادهم القاسية ‪ ..‬وأن معلومات‬ ‫العرب الجغرافيا البحرية كانت تعتمد على التراث البحري اليوناني القديم ‪ .‬وقد ردد ذلك الدكتور‬ ‫‪ /‬أنور عبدالعليم ‪ .‬وجورج حوراني ‪ .‬والرد على ذلك نورده فيما يلي ‪:‬‬ ‫‪ -‬كانت صحراء الربع الخالي بمثابة حاجز لأى توجه عماني صوب الغرب ‪ .‬ولذلك أصبح منفذ عمان‬ ‫الوحيد صوب البحر ‪ .‬فركبوه وأجادوا امتطانه ‪ .‬وأكتسبوا خبرة طويلة مازالت مصادر الملاحة تشيد‬ ‫بتلك الخبرة التى بنيت عليها الملاحة الحديثة في المحيط الهندي ‪.‬‬ ‫‪-‬يشير موقع عمان وتاريخها على أن أهلها قاموا بدور كبير في مجال الأتصال بين مراكز وعالم‬ ‫المحيط الهندي ‪ .‬وكانت إمبراطورية البوسعيد دليلا" حيا لذلك حينما تمكنت من ربط الساحلين‬ ‫الآسيري والإفريقي للمحيط الهندي ‪.‬‬ ‫‪ -‬أنظر حوراني ‪ .‬جورج ‪ .‬العرب والملاحة ‪ .‬ص ‏‪. ٢٦‬‬ ‫‏‪. ٦١١‬‬ ‫عبد العليم ‪ .‬أنور ‪ .‬الملاحة وعلوم البحار ‪ .‬ص‬ ‫‏(‪ )٢‬متولى ‪ .‬محمد ‪ -‬أبو العلا ‪ .‬جغرافية الخليج العربي ‪ .‬ص ‏‪.٧٢‬‬ ‫‪ -‬كاون ‪ .‬روبرت ‪ .‬البحار وما فيها ‪ .‬ترجمة الدكتور عبدالحافظ حلمي ‪ .‬ص ‏‪.١٩٥‬‬ ‫‪_ ٤٦٢٣‬‬ ‫زاحفة تمتد أحيانا إلى موانىء الملاحة التى تتردد عليها السفن ‪ .‬ونلاحظ بالفعل تلاشي‬ ‫موانىء بحرية خليجية كانت مزدهرة في فترة من اافترات ‪ .‬وكان لها شهرتها الهامة ني‬ ‫الملاحة في منطقة الخليج العربي في فترة من الفترات ‪ .‬ومع قلة إمكانيات السيطرة على‬ ‫البحار قديما لم يكن في مقدور الملاحين معالجتها ‪.‬‬ ‫(ب) قلة العمق وعدم وجود رصيف قاري ‏‪; !١١‬‬ ‫فمن المعروف أن منطقة الخليج العربي تتميز بعدم وجود عمق ‏‪ ٠‬سوى في منطقة‬ ‫هرمز ‪ .‬حيث انكسار هناك نتج عنه انفصال جبال زاجروس عن جبال عمان ‪ .‬وتبدو أعمق‬ ‫نقطة هناك حوالي ‏‪ ٠‬‏م‪ . ٠١‬أما بقية الخليج فإن عمقه لايتعدى بضعة أمتار ‪ .‬ما يشكل‬ ‫خطورة لحركة السفن في دخولها إلى الميناء "" ‪.‬‬ ‫(ج) كثرة وجود الأخوار ‪'"( :‬‬ ‫إذا كانت الأخوار يمثل أماكن للحماية الطبيعية للسفن من الأمواج والرياح ‪ .‬إلا‬ ‫أنها كانت تشكل في كثير من الأحيان ملجأ للقراصنة الذين يتسللون إلى داخل الخلبج‬ ‫العربي من المحيط الهندي ‏‪ ٠‬ويقومون بشن هجماتهم على السفن التجارة العاملة في‬ ‫الخليج العربي ‪ .‬وكثيرا ما ادت تلك الهجمات إلى توقف الملاحة فكيثشير مانلموانىء‬ ‫‏(‪. (٤‬‬ ‫وفي الخليج‬ ‫(د) الشعاب المرجانية ‪ :‬ه‪6‬‬ ‫وهى من الظاهرات البحرية التى تنتشر في البحار الدافئة ‪ .‬والمياه الصافية ‪ .‬قليلة‬ ‫‏(‪ )١‬تقوم دول الخليج العربي بعمل غاطس في مواقعها لكي تتمكن السفن العملاقة وناقلات الننط من‬ ‫دخول موانئها والخروج منها بآمان ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬متولى ‪ .‬محمد ‪ .‬حوض الخليج العربي ‪ .‬ج‪ . ١‬ص‪ .٢٥ ‎‬ص‪. ٣٦١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الخور ‪ :‬لسان من المياه يتوغل في اليابس‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬حوراني ‪ .‬العرب والملاحة في المحيط الهندي ‪ .‬ص‪. ٢٠٦ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٥‬تتميز مياه منطقة الخليج العربي بأنها مياه دافئة ‪ .‬بسبب وجود منطقة الخليج العربي ني أشد جهات‬ ‫العالم ‪ .‬كما تتميز تلك المياه بصفائها السبب ندرة أمطارها الشتوية ‪ .‬ولذلك تنتشر فيها الشعب‬ ‫المرجانية ‪ .‬ولا يكاد يخلو قطاع من قطاعات الساحل منها ‪ .‬سواء الإيراني أو العربي ‪.‬‬ ‫‪- ٤٦٤‬‬ ‫تعرقل الملاحة‬ ‫الحركة ‪ .‬وتنتشر تلك الشعاب في منا طق عديدة من ا لخليج ا لعربي ‪ .‬وقد‬ ‫في حالة هبوب رياح تجبر السفن على التوجه إلى مناطقها ‪.‬‬ ‫(ه) الرطوبة العالية والحرارة المرتفعة ‏(‪: '١‬‬ ‫يعتبر الخليج العربي خليجا صعيرا نسبيا ‪ .‬وبالتالى فإن مسطحه المائي لايؤثر في‬ ‫خفضه الحرارة للسواحل المجاورة له ‪ .‬بل على العكس من ذلك فإنه يؤدى إلى زيادة نسبة‬ ‫الرطوبة ‪ .‬وارتباط الحرارة بالرطوبة ‪ .‬تجعل العمل في منطقة الخليج العربي في فصل‬ ‫الصيف أمرا شاقا“ ‪ .‬كما أن الخليج العربي يقع في أكثر مناطق العالم جدي“‪'"١‬‏ ‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(و) الدردور‬ ‫ظاهرة بحرية تنتشر في الخليج العربي وخليج عمان ‪ .‬وهى عبارة عن حركة التفاق‬ ‫في متا طق‬ ‫ما غرقت سفننا‬ ‫‪ .‬وكثيرا‬ ‫الماء ودورانه مما يهدد ا لسفن ا لتى تقع ضمن نطاقه‬ ‫من ا لسرعة لا يتمكن فيها ‏‪ ١‬لبحا رة من‬ ‫‏‪ ١‬لدرد ور حيث تبلغ سرعة الما ث ود ورا نه د رجة‬ ‫‪.‬‬ ‫الخروج‬ ‫(ز) ضيق المدى البحري في الخليج ‪:‬‬ ‫من المعروف أن الخليج العربي ضيق في اتساعه ‪ .‬ولذلك فإن ظاهرة المد والجزر تكون‬ ‫عنيفة ‪ .‬عما يترتب عليه صعوبة الدخول والخروج من أى ميناء من موانىء الخليج إذا‬ ‫وقعت تلك الظاهرة ‪ .‬ولذلك كان البحارة على علم بمواقيت المد والجزر ‪ .‬حتى يتمكنوا من‬ ‫الدخول والخروج من موانىء الخليج العربي ‪ .‬ويبلغ أعلاه في مناطق الخلجان والأخوار التى‬ ‫تكون مخارجها من ناحية البحر ‪ .‬وتضيق كلما توغلنا في اليابسة فيبلغ في مسقط ‏‪٧ ,٦‬‬ ‫قدما" ‪ .‬وفي البحرين ‏‪ ٦٤‬قدما على سبيل المثال "'‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الكليب ‪ .‬عبدالملك ‪ .‬مناخ الخليج العربي ‪ .‬ص‪. ٧١ ‎‬‬ ‫)!( مساحة الخليج العربي ‪ :‬‏‪ ٩!. ٥٠٠‬‏‪٢‬ليم ‪ .‬أى ‪ ....‬‏‪ ٢٣٩‬‏‪٢‬مك‬ ‫‪ -‬متولى ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ٧٠‬‬ ‫‏(‪ )٣‬السيرافي ‪ .‬أخبار الهند والصين ‪ .‬ص ‏‪( ٩٧٢‬نشر في مجلة الموسم اللبنانية)‬ ‫‪ -‬المزيني ‪ .‬الكويت وتاريخها البحري ‪ .‬ص إ‪.٩‬‏‬ ‫‪- ٤٦٥‬‬ ‫وقد تعرض الجغرافيون كثيرا إلى دراسة تلك الظاهرة ‪ .‬ولكن الآراء الصحيحة هى‬ ‫التى تربطها بالقمر ‪ .‬التى تؤثر جاذبيته في تلك الظاهرة البحرية ‪ .‬حيث تستجيب مياه‬ ‫البحار لجذب القمر لكونه أقرب الأجرام السماوية إلى الأرض ‪ .‬ويكرن لتلك الظاهرة‬ ‫عنصران ‪ :‬أفقى ورأسي‪ .‬‏‪'١‬‬ ‫(ج) التيارات البحرية ‪:‬‬ ‫التى تندفع من الجنوب عبر خليج عمان صوب الخليج العربي عبر مضيق هرمز ‏‪١‬‬ ‫وذلك للتعويض نقص مياه الخليج العربي بسبب البحر الشديد وقلة موارده المائية ‪ .‬وتسير‬ ‫تلك التيارات البحرية شمالا" بمحاذاة الساحل الإيراني حتى تصل إلى رأس الخلبج العربي‬ ‫‪ .‬فتأخذ اتجاها معاكسا“ من الشمال إلى الجنوب بمحاذاة الساحل العربي ‪ .‬ولابد للبحارة‬ ‫من معرفة تلك التيارات حتى لاتعترض من الرحلة البحرية "'‬ ‫(‪ )٢‬الصعويات الملاحية في خليج عمان والمحيط الهندي‪: ‎‬‬ ‫)( ‪ -‬التيارات البحرية العظمي ; "'‬ ‫منطقة خليج عمان وشمال المحيط ا لهندي تيارات بحرية مستمرة ‪ .‬مرتبطة‬ ‫تسود‬ ‫بالمسطح الهائل للمحيط الهندي وتضاريسه ‪ .‬كما تؤثر فيها الرياح الموسمية التى تفير‬ ‫اتتياها من موسم لآخر (" ‪ .‬وبالتالي تمثل تلك التيارات عقبة للسفن املتجهة إلى شرق‬ ‫‏(‪ )١‬كما أن تغير المسافة بين الشمس والقمر يترتب عليها تغير القوى المحدثة للمد ‪ .‬فمن هذا أن مدار‬ ‫القمر حول الأرض ومدارها حول الشمس بيضاريان ‪ .‬وهذا يجعل المسافات بين الأرض والقمر ‪.‬‬ ‫والأرض والشمس تختلف في المواضع المختلفة على مدار النقط الفلكية كما توجد عوامل محلية‬ ‫تؤثر في المد والجزر مثل التضاريس المحلية ‪.‬‬ ‫‪ -‬الفندي ‪ .‬محمد جمال الدين ‪ .‬طبيعيات البحر وظواهره ‪ .‬ص ‏‪ . ١٧٣‬مكتبة النهضة المصرية سنة‬ ‫‏‪ ٩٦٠‬ام ‪ .‬طربوش ‪ .‬أمين ‪ .‬الجغرافيا الفلكية ‪ .‬ص ‏‪ . ٧٨٢‬دمشق ‪.‬‬ ‫(‪ - )٢‬متولي ‪ .‬محمود أبوالعلا ‪ .‬جغرافية الخليج العربي ‪ .‬ص‪ .٢١ ‎‬المزيني؛المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٩{ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬وهى حركة المياه في المحيط الهندي ‪ .‬وتبدأ من المدارين وتسير منحرفة حتى تصطدم بشراطىء‬ ‫القارات ‪ .‬ويؤثر فيها عامل التضاريس والرياح ‪ .‬الفندي ‪ .‬طبيعيات البحر وظواهره ‪ .‬ص ‏‪. ١٢٧.‬‬ ‫(‪ )٤‬كاون ‪ .‬البحار ومافيها ‪ .‬ص‪. ٢٢٨ ‎‬‬ ‫‪_ ٤٦٦ -‬‬ ‫إفريقية والقادمة من الخليج العربي ‪ .‬ولابد من ضبط التوقيت من قبل البحارة لمعرفة‬ ‫موعد تلك الرياح واتجاهاتها‪ .‬وقد علل الجغرافيون المسلمون تلك التيارات إلى اتساع‬ ‫المسطح المائي للمحيط الهندي ‪ .‬وهو تفسير مقبول حاليا(" ‪.‬‬ ‫(ب) الأمواج ‪:‬‬ ‫تشتدأمواج المحيط الهندي في منطقة اتصال بحر عمان بالمحيط الهندي ‪ .‬بسبب‬ ‫عدم تحبانس الظروف السائدة بين المسطحين ‪ .‬وغالبا ما تكون أمواجا عالية عاتية قد‬ ‫تشكل عائقا كبيرا للسفن المتجهة إلى شرق إفريقية ‏"‪.'٨‬‬ ‫(ج) الرياح العاتية ‪:‬‬ ‫رغم أن الرياح (" تعد العامل الأساسي في عمليات الملاحة البحرية ‪ .‬والتنقل بين‬ ‫الموانىء ‪ .‬حيث يترتب عليها السفينة وبداية الرحلة ونهايتها ‪ .‬ورغم عدم فهم العرب‬ ‫الكامل لأنواع الرياح ومصادر هبوبها (" إلا أنهم تمكنوا من القيام برحلات بحرية ناجحة‬ ‫إلى شرق إفريقية وسواحل المحيط الهندي البعيدة اعتمادا على عنصر المغامرة في البداية‬ ‫ثم معرفة الرياح الموسمية الصيفية (الكوس ) والموسمية الشتوية (التجارية) (" ‪ .‬بحيث‬ ‫أصبحت معرفتهم بالرياح الموسمية هى أساس عمليات الإبحار ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬القرويني ‪ .‬عجائب المخلوقات ‪ .‬ص‪. ١٠٩١ ‎‬‬ ‫ابن الفقيه ‪.‬كتاب ‪ .‬البلدان ‪ .‬ص‪. ١٤‎‬‬ ‫‏(‪ - )٢‬شهاب ‪ .‬حسن صالح ‪ .‬شرح وتحقيق لمخطوطتين في فن الملاحة البحرية ‪ .‬ص ‏‪ . ١٠٩‬الكويت سنة‬ ‫‏‪ ٧٦‬مم ‪ .‬كاون ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ٢١‬‬ ‫‏(‪ )٣‬كان هناك اعتقاد عند العرب قديما بأن الرياح مصدرها قاع المحيط من حيوان ضخم يسمى " الوال"‬ ‫‪ -‬الفندي ‪ .‬المرجع السابق ‪.‬ص ‏‪. ٩٩١‬‬ ‫‏(‪ )٤‬تحسنت معرفة الإنسان حاليا" حول معرفته بالرياح وإتحياهاتها ومناطق هبوبها بعد ظهور‬ ‫الأقمارالصناعية التى تمكنت من دراسة الغلاف الجوي وحركة التيارات الهوائية ‪.‬‬ ‫‏(‪ (٥‬الرياح التجارية ‪ :‬هى الرياح الموسمية الشتوية الجافة التى تهب من وسط آسيا صوب المحيط الهندي‬ ‫بسبب تركز مناطق الضغط الجوي في فصل الشتاء على وسط آسيا فتتحرك الرياح من وسط آسيا‬ ‫القاري صوب المحيط الهندي ‪ .‬وتكرن جافة لأنها لا تمر على مسطحات مائية ‪ .‬ولكنها سميت‬ ‫بالتجارية لدورها الفعال في عمليات التجارة في الخليج والمحيط الهندي ‪.‬‬ ‫‪_ ٤٦٧‬‬ ‫لكن الرياح الموسمية تكون عنيفة في بعض الأحيان الأمر الذي يعرض أشرعة‬ ‫السفن وصواريها إلى أضرار جسيمة قد تؤثر على سلامة الرحلة ومسارها ‪ .‬ومن العرو‬ ‫أن الرياح الصيفية تكون عنيفة قد تصل سرعتها إلى عشرات الأميال في الساعة ‪ .‬وقد‬ ‫كانت تلك الأخطار من جانب الرياح فيما يلى‪:‬‬ ‫‏(‪ )١‬قد تكون الرياح مصحوية بالمواصف والأمواج العالية ‪ .‬وكثيرا ما عجزت‬ ‫السفن البسيطة عن مواجهة اخطارها ‪ .‬فتكون مصير تلك السفن الفرق‬ ‫والهلاك ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬لا توجد موانىء أو جزر آمنة خلال الخط الملاحي البحري الطويل من منطقة‬ ‫الخليج إلى شرق إفريقية ‪ .‬وكثيرا ما كانت الجزر مأرى للقراصنة ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬تؤثر الأمطار على حمولة السفن ‪ .‬وذلك أن السفن العربية كانت مكشرنة‬ ‫ليس لها ظهور ‪ .‬وكثيراماأتلفت الأمطار الغزيرة بضاعّها وحمولتها ‪.‬‬ ‫ورغم ذ لك فا ن هنا ك رياح تؤثر على ‏‪ ٥‬رجة ‏‪ ١‬لحرا رة في ا لخليج وحركة ا للاحة بسبب‬ ‫جركة الضغط الجوي بين البحر المنوسط وآسيا ‪ .‬وهى ريح الصبا(‪'١‬‏ وريح الدبور "" ‪.‬‬ ‫(د ) الأعاصير والعواصف ‪:‬‬ ‫تنتشر على السواحل الإفريقية ظاهرة ` الأعاصير المدارية'وهى أخطر الظواهر‬ ‫البحرية للرحلة البحرية المتجهة إلى إفريقية من الخليج العربي على الإطلاق وتظهر في‬ ‫الشمال من سواحل شرق إفريقية ‪ .‬وقد تتحرك داخل اليابس لمسافات قليلة ويبلغ قطر‬ ‫‏(‪ )١‬ريح الصبا ‪ :‬وهى الرياح الشمالية ‪ .‬التى تأخذ انحرافا غربيا ‪ .‬مصدرها هضبة الأناضول وأرمينيا‬ ‫وهى جافة وياردة ومنعشة ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ريح الدبور ‪ :‬رياح جنوبية تأخذ إنحرافا شرقا تكون غالبا مصحوبة بالرطوبة لأن مصدرها المحبط‬ ‫الهندي حيث مصدر الرطوية ‪.‬‬ ‫‪ -‬المسعودي ‪ .‬مروج الذهب ‪ .‬ج‪٤‬‏ ‪ .‬ص ‏‪. ١٧٤٧‬‬ ‫‪ -‬القزويني ‪ .‬عجائب المخلوقات ‪ .‬ص ‏{‪ .٩‬ص ‏‪. ٩١‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٤٦٨ -‬‬ ‫الإعصار المدارى من ‏‪ ٠‬‏مك‪ ٠١‬إلى ‏‪ ٠‬‏مك‪(". ٥٢‬‬ ‫وتتولد تلك الأعاصير على المياه الساخنة في المحيط الهندي قرب خط الإستواء أو‬ ‫داخل نطاق الرياح التجارية وتسير معها من الشرق إلى الفرب ‪ .‬ونظرا لتوافر الظروف‬ ‫المواتية للأعاصير في بحر العرب ‪ .‬فإن تلك المنطقة تشهد أعنف الأعاصير في المحيط‬ ‫سرعة‬ ‫‪ .‬تكون‬ ‫ويدور حولها في دائرة كبيرة‬ ‫الهوا ‪ .‬في منطقة الاعصار‬ ‫‪ .‬إذ يتحرك‬ ‫الهندي‬ ‫حركتها حوالى ‪٥ . .‬كم‏ ‪ /‬في الساعة ("'‪.‬‬ ‫وكان العرب يسموتها "منطقة النكباء " أو "ريح الخب" ويتبر الملاحون العرب تلك‬ ‫المناطق من أشد ؤأقصي عقبات الرحلة البحرية إلى شرق إفريقية ‪ .‬حيث تؤدى في العادة‬ ‫إلى إغراق السفن وهلاكها ‪ .‬وقد تقوم السفن في محاولة للإفلات منها بإلقاء حمولتها‬ ‫للتخفيف ‪ .‬ويرجع الفضل للقزوينى في وضع أول تفسير علمي للاعصار في تاريخ‬ ‫البشرية في تعريفه بالربح التى تدور حول نفسها في شكل شبه منارة "'‪.‬‬ ‫(ه) ظاهرة انعكاس التيار في بحر العرب ‪:‬‬ ‫تتداخل مراحل عديدة بجانب الرياح في حركة التيارات البحرية في شمال المحيط‬ ‫الهندي ‪ .‬ومنها أشكال التضاريس في قاع المحيط الهندي وشكل سواحله“'‪ .‬وتؤدى تلك‬ ‫العوامل إلى تغيير إتجاه التيارات البحرية في فصل الشتاء عنه في فنصل الصيف ‪.‬‬ ‫فيتجه التيار من الشرق إلى الفرب في فصل الشتاء بفعل الرياح المنوسمية ‪ .‬وعندما‬ ‫يصل إلى شرقي إفريقية ينحرف بعد خط الإستواء ليغير مساره من الفرب إلى الشرق ‪.‬‬ ‫أما في فصل الصيف فتنعكس دورة التيار ‪ .‬حيث يندفع من الغرب إلى الشرق ‪ .‬ويكون‬ ‫() أبو العينين ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏‪. ١٧٣‬‬ ‫(‪ - )٢‬شرف ‪ .‬عبدالعزيز طريح ‪ .‬الجغرافيا المناخية والنباتية ‪ .‬ص‪ . ١٥٨ ‎‬الطبعة الثامنة‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬الفندي ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٦٢ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬ورغم ذلك فقد حصل العالم الأوروبي "بروكن " على جائزة نويل للسلام حول وضعه تعريف للاإعصار‬ ‫مطابق لتعريف القزويني ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬هذا ‪ .‬وقد انتهت الدراسات العلمية الحديثة إلى إستخدام أجهزة "اللونار " والأسديك " للحصول‬ ‫على مخطط كامل لقاع المحيط الهندي ‪ .‬يفيد في تحديد مسار التيارات البحرية ‪.‬‬ ‫‪ -‬روسكو ‪ .‬لكن ‪ .‬استكشاف البحار ‪ .‬ص ‏‪ . ٤٣‬ترجمة الدكتور إلياس شمعون ‪ .‬ايطاليا‪.‬‬ ‫‪_ ٤٦٩‬‬ ‫للسواحل الإفريقية أثرها الكبير في هذا الأمر" ‪.‬‬ ‫كثرة الرحلات البحرية العربية إلى شرق إفريقية فقد تمكن المرب من‬ ‫وبسبب‬ ‫التعامل معها في رحلاتهم إلى شرق إفريقية ‪ .‬وفهموا سرها حيث ربطوا بينها وبين ظاهرة‬ ‫هبوب الرياح الموسمية أ""‪.‬‬ ‫(و) التألق الضوئي لماء البحر ; ‏‪'"١‬‬ ‫بظواهر عجيبة ‪ .‬منها ظاهرة الإضاة البيولوجية وهى‬ ‫حفلت مناطق المحيط الهندي‬ ‫والبلانكتون وقناديل البحر وبعض الحيوانات اللانقاربة‬ ‫ترجع إلى ظهور عدد من البكتريا‬ ‫جلود تلك الحيوانات عند الأصيل ‪ .‬فيصبح لون ماء‬ ‫حيث تنعكس أشعة الشمس على‬ ‫عند المسافرين والبحارة ‪ .‬وكان لتلك الظاهرة تفسيران‬ ‫البحر أحمرا مما يسبب خوفا وهلعا‬ ‫هما ‪- :‬‬ ‫الأول ‪ :‬خرافى ‪ :‬ويربطها بوجود عفريت من الجن يهدد سكان الجزر إذا لم يتم‬ ‫تقديم القرايين إليه كل شهر ‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬تفسير ابن ماجد ويرجعها إلى سقوط المطر والطل على البحر ليلا أإولى‬ ‫ظهور حياة ‪ .‬وقد فسرها ابن بطوطة بأنها تقع أول كل شهر قمري ‪ .‬وترتبط‬ ‫بالقمر(ے'‬ ‫(‪ )١‬الفندي ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٧١٠ ‎‬‬ ‫(‪ - )٢‬المسعودي ‪ .‬أخبار الزمان ‪ .‬ص‪ . ٦٠ ‎‬طبعة بيروت‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬ابن خرداذ بة ‪ .‬المسالك والممالك ‪ .‬ص‪ . ١٥٥ ‎‬طبعة مكتبة المثنى ببغداد‪) ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬خاصة بالقرب من بعض جزر المحيط الهندي ‪ .‬وسواحل شرقي إفريقية‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬عبدالعليم ‪ .‬أنور الملاحة وعلوم البحار ‪ .‬ص‪. ١٦١٥ ‎‬‬ ‫‪ -‬سجلت البعثة الدولية الظاهرة على سواحل الهند وشرق افريقية بصورة مفاجئة وتسببها أحبانا‪‎‬‬ ‫الموت الجماعي للحياة في البحر ‪ .‬كما وقعت في منطقة الحلانيات على الساحل الجنوبية للجزيرة‪‎‬‬ ‫العربية بفعل البلانكتون صغيرة الحجم تشبه لون دم الإنسان تماما‪. ‎‬‬ ‫‪ -‬انظر اقتحام المجهول الأعظم ‪ .‬ص‪ ١٣٤ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬أنور عبدالعليم ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٣٦ ‎‬‬ ‫‏‪ ٤٧.‬س‬ ‫والتفسير العلمي أرجعها إلى أحياء على سطح الماء بغية التناسل أول المد‬ ‫ا لقمري ‏(‪1 (١‬‬ ‫غريبة ‪:‬‬ ‫كائنات‬ ‫(ز)‬ ‫تعرضت رحلة السفينة العربية في رحلتها إلى شرق إفريقية عبر المحيط الهندي‬ ‫لكثير من الظواهر والأشكال العجيبة التى صادفت البحارة ‪ .‬وقد حفلت بها كتب الأدب‬ ‫العربي ومذكرات النواخذة وحكاياتهم وتعد حكايات السندباد "" وكتاب عجائب الهند‬ ‫من أهم الكتب التى حدث نلك الكائنات الغريبة ‪ .‬ومن تلك الكائنات العجيبة التى‬ ‫ترددت على ألسنة البحارة والمسافرين وأصابتهم بالفزع مايلى ‪ :‬دواب البحر ‪ .‬وأنواع من‬ ‫الطيور الضخمة مثل الرخ ‪ .‬ويحوانات بحرية أشبه بالبرية لاتتواجد إلا على البر مثل‬ ‫الفيلة ‪ .‬وطيور أسطورية ‪ .‬وأشكال عجيبة من الإنس ذات أجسام غريبة ونظم حياة خاصة‬ ‫‪ .‬وأحجام ضخمة من الأسماك في حجم الجزر ("'‪.‬‬ ‫ورغم ما في تلك الكائنات من الجانب الأسطوري إلا أنها تركت آثارها المخيفة‬ ‫والمرعبة في نفوس المسافرين وفي مخيلتهم ‪ .‬حتى أنهم كانوا يفسرونها في جو ملىء‬ ‫بالرعب والخوف والقلق (" ‪ .‬وكثيرا ما كان بعض البحارة والمسافرين يقومون برمى‬ ‫أنفسهم في البحر خوفا" من مجابهة تلك الأشكال ‪ .‬ومازالت حكايات ألف ليلة وليلة‬ ‫تحتوى على العديد من تلك الحكايات من قبل البحارة والمسافرين ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬لاحظ عالم بيولوجي أمريكي تلك الظاهرة على ساحل فلوريدا الأمريكية‬ ‫‏‪. ١٦٥‬‬ ‫‪ -‬عبدالمليم ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‬ ‫‏(‪ )٢‬ألف ليلة وليلة ‪ .‬حكايات السندباد ‪ .‬ج‪١‬‏ ‪ .‬ص‏‪ . ١٠ . - ٨٨‬المكتبة الحديثة ‪ .‬بيروت‬ ‫‏ ‪ . ١٠٩‬ص ‏‪. ١١٨‬‬ ‫‪ -‬القزويني ‪ .‬عجائب المخلوقات ‪ .‬ص‬ ‫‪ -‬ابن خرداذبة ‪ .‬المسالك رالممالك ‪ .‬ص ‏‪. ٦١٣‬‬ ‫‪ -‬اندريه ميكل ‪ .‬جغرافية دار الإسلام ‪ .‬ترجمة ابراهيم خوري ‪ .‬دمشق سنة ‏‪ . ١٩٨٣‬‏‪١‬ج ‪.‬‬ ‫‏‪. ٢٢٦ . ٢٢٥‬‬ ‫ص‬ ‫(‪ )٤‬المسعودي ‪ .‬أخبار الزمان ‪ .‬ص‪. ٤٢ ‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٤٧١‬‬ ‫ورغم ذلك فقد كان للبحا رة دور كبير في التغلب على تلك الصعوبات‬ ‫الطبيعية في رحلتهم إلى شرق إفريقية عبر المحيط الهندي ‪ .‬وكان ربابنة السفن‬ ‫وبحارتها لهم الدور الكبير في مواجهة العقبات والأخطار والتفلب عليها من خلال‬ ‫ما يلي ‪:‬‬ ‫‏‪ - ١‬أصبحت يقظة الربان ضرورية لمواجهة كافة الأخطار طوال الرحلة البحرية‬ ‫الطويلة وتكون عملية اليقظة مستمرة لإدراك أي موقف أ" ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٢‬أصيح لربابنة عمان والخليج العربي خبرتهم الطويلة في الرحلات البحرية لشرق‬ ‫إفريقية ‪ .‬فتكونت لديهم معلومات ومبادىء للإبحار كونت ما يشبه " الدليل‬ ‫البحري " ("" ‪ .‬للسفر ‪ .‬تحتوى تلك المعلومات على قواعد للإبحار وترتيبات‬ ‫السفينة ‪ .‬والحلول أثناء تلك المشاكل ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬أدت الخبرة البحرية الطويلة إلى تنظيم عمليات الإبحار باستمرار حسب‬ ‫مواعيد وفترات مغينة ‪ .‬وكذلك الإلتزام بالسير عبر طرق ومسارات محددة ‪.‬‬ ‫مما أدى إلى تفادي الكثير من تلك الصعوبات والأخطار ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٤‬تداولت مصادر التراث البحري أسماء عدد كبير من معاله البحر من أهل‬ ‫عمان والخليج العربي ‪ .‬وقد تمكنوا من تحقيق مهارة فائقة في معرفة المنازل‬ ‫والمسافات والقياس ‪ .‬وحلول الشمس والقمر ‪ .‬ومواسم البحر ‪ .‬والات‬ ‫السفينة ‪ .‬وقضى هؤلاء البحارة معظم حياتهم على صفحة مياه المحيط‬ ‫الهندي فنشأت لديهم تقاليد ونظم للريحار تنسم بالأمانة والحرص على‬ ‫السلامة ‪.‬وبذلك توافرت لدى هؤلاء الربابنة الخبرة والتجربة الكبيرة‪.‬‬ ‫(‪ )١‬عثمان ‪ .‬تبارة المحيط الهندي ‪ .‬ص‪. ٩٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬تحتفظ المديرية العامة للزثائق والمخطوطات بوزارة التراث القومي والثقافة بسلطة عمان بعدد كبير‪‎‬‬ ‫من تلك الأدلة البحرية ‪ .‬ومن أهمها‪: ‎‬‬ ‫‪٠٣٨‬‬ ‫‪ .‬رقم‪ . ٢٥١٦ ‎‬خاص‪‎‬‬ ‫ار‬ ‫حلم‬‫بي ع‬ ‫لط ف‬ ‫اطو‬‫‪ -‬مخ‬ ‫‪ -‬مخطوط نفحة الأزهار في علم البحار ‪ .‬رقم‪ . ٢١٨١٩ ‎‬خاص‪ ‎‬ك‪. ٢‬‬ ‫‪ -‬كما تهتم دول الخليج العربي بهذا الجانب ويظهر ذلك في الدراسات والتحقيقات التى تتم حولها‪. ‎‬‬ ‫‏‪ ٤٧٢‬س‬ ‫وكان قائد السفينة يتمتع بخصال وسمات منها ‪:‬‬ ‫‪ -‬أن يكون على مستوى خلقى رفيع ‪ .‬ثابت الجأش ‪ .‬قوى القلب ‪ .‬مدركا" لقوة‬ ‫شخصيته مع باقى أفراد السفينة (‪١‬ا‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬أن يكون حذرا من التكلف والشد على السفينة أثناء مصافقة الرياح القوية ‪.‬‬ ‫لأن خطأ الربان كبير ‪.‬‬ ‫‪ -‬أن‪.‬يلتزم بالطهارة وأداء الصلوات ‪ .‬وأن لا يركب معه في سفينته شخص عاص‬ ‫‪ .‬ولا يركب في سفينته وهو فيها غير مطاع ‏‪(٢‬‬ ‫‪ -‬أن يكون على درجة كبيرة من إجادة الفنون البحرية والملاحية وعلم الفلك تؤهله‬ ‫مسايرة الظواهر الطبيعية ومعرفتها وتحديد المسافات ‪ .‬وأن يظل مرتبطا بالنجم‬ ‫القطبى الشمالي ليلا ‪ .‬وأن يجعله متوافقا مع البوصلة (الحقه) ‪.‬‬ ‫‪ -‬ضرورة حمل أدوات الرصد والقياس مثل ‪ :‬الإسطرلاب ("'‪ .‬وآلة ربع الدائرة ‏‪6٨١‬‬ ‫‏‪. ٥٨‬‬ ‫)( المزيني ‪ .‬الكويت وتاريخها البحري ‪ .‬ص‬ ‫(‪ )٢‬الميزيني ‪ .‬المرجع نفسه ‪ .‬ص‪. ٥٧ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬الإسطرلاب ‪ :‬آلة قياس طورها المرب ‪ .‬لها أهمية في استخراج البرج الذي تكون فيه الشمس‬ ‫وتحديد خطوط الطول ودوائر المرض لأى بلد ‪ .‬ومعرفة القبلة ‪ .‬وتحديد مقدار الارتفاع عن مستوى‬ ‫سطح البحر على اليابسة ‪ .‬وتحديد أوقات الليل والنهار ‪ .‬وقد تمكن العرب من إضافة أشياء عديدة‬ ‫في استخداماتها ‪.‬‬ ‫ويكون الإسطرلاب على حجمين ‪ :‬الصغير ويحمل مع الربابنة والمسافرين ‪ .‬والكبير ويتم استخدامه‬ ‫في الاغراض الكبيرة ‪.‬‬ ‫والاسطرلاب يونانية الأصل ‪ :‬معناها مرآة النجوم ‪ .‬ويتكون الإسطرلاب من قرص مرتم تثبت فيه‬ ‫جميع الأجزاء ‪ .‬ثم الشبكة ‪ .‬والمحور والمضادة وهى المسطرة المتحركة ‪.‬‬ ‫انظر ‪ -‬طلفاح ‪ .‬خيرالله ‪ .‬كنتم خير أمة أخرجت للناس ‪ .‬ج‪٢‬‏ ‪ .‬ص ‏‪ . ١٤٣‬بغداد ‪ .‬سنة ‪١٩٨٧٧‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬ماهر ‪ .‬سعاد ‪ .‬البحرية في مصر الإسلامية ‪ .‬ص ‏‪. ٢٥٨‬‬ ‫‏(‪ )٤‬ربع الدائرة " آلة قياس عجارة عن قوس مقداره ‏‪ ٩٠‬درجة يثبت فيها ضيعا يتصل بثقل من‬ ‫الرماص‪ .‬معروف ‪ .‬ناجى ‪ .‬اعراض الفلكية ‪ .‬ص ‏‪' . ٣٠ . ٢٩‬‬ ‫_‬ ‫‪٤٧٢٣٢‬‬ ‫وآلة الكمال (" ‏‪ ٠‬لأن لها دور كبير في تحديد مطالع النجوم والاتباهات‬ ‫وخطوط الطول ودوائر المرض ‪ .‬وكذلك أن يكون حريصا على حمل البوصلة‬ ‫(""‪ .‬وغير ذلك من آلات السفينة ‪.‬‬ ‫كما تمكن بحارة عمان وبحر العرب من إرساء أسس هامة في تقنية صناعة السفن‬ ‫من اجل القدرة على عبور المحيط الهندي إلى جنوب الساحل الإفريقي‪ .‬فكانت قدرتهم‬ ‫فائقة فص صناعة نوعيات من السفن تمكنت من التغلب على تلك الظراهر والصعوبات‬ ‫التى تقابلها في المحيط الهندي ‪ .‬وكانت تلك السفن تعرف باسم السفن "المقلفطة " ""آى‬ ‫التى لا يدخل في تركيبها مسمار واحد ‪ .‬وكانت تلك السفن لها القدرة على مواجهة حركة‬ ‫الأمواج ‪ .‬وكذلك تحمل الرطوبة العالية والحرارة المرتفعة التى تعترضها في المناطق المدارية‬ ‫‏(‪ )١‬آلة خشبية طورها أحمد بن ماجد ‪ .‬حتى عرفت باسم "خشباب ابن ماجد " عبارة عن شكل متوازي‬ ‫المستطيلات وسطها ثقب يمر به خليط مدرج بحركه الناظر لأخذ القباس ‪.‬‬ ‫‪ -‬عبدالعليم ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‏‪. ١٧٣‬‬ ‫)( أصل الكلمة ايطالى ‪ .‬معناها الحقة أاولصندوق ‪ .‬وقد شاع استخدامها في العصور الحديثة بهذا‬ ‫الأسم ‪ .‬على أساس أنها الآلة البحرية التى توجه الاتجاه في البحر بخاصيته الإنحجناب للابرة‬ ‫المغناطيسية نحو الشمال ‪ .‬وكانت تلك التسمية على آخر تطور وقع لتلك الآلة في بداية القرن‬ ‫السادس عشر ‪ .‬حينما تمكن ربان ايطالي يدعى فلامنيو جيولا من تثبيت تلك الإبرة المغنطة على‬ ‫طرف محور دقيق مثبت فصيندوق ‪.‬‬ ‫مد بن ماجد حينما‬ ‫ح هو‬ ‫أور‬‫وتدل الشواهد على أن أول من ثبت الإبرة المغناطيسية على مح‬ ‫وضع الإبرة المغناطيسية على محور يحمل على عمودين من الخشب ‪ .‬ووضع المحور في إناء به ماء‬ ‫حتى يقلل من حركة السفينة على أخذ الإنحباه والقياس في عرض البحر من أجل دقة القياس ‪ .‬أما‬ ‫الإبرة فقد استخدمت منذ المصور القديمة ‪.‬‬ ‫انظر ‪ - :‬صادق ‪ .‬صبيح ‪ .‬ما ابتدعه العلماء العرب ونسب إلى العلماء الأوروبيين ‪ .‬مجلة آفاق عربية ‪.‬‬ ‫‏‪ .١٠‬ص ‏‪. ٣٥‬‬ ‫العدد‬ ‫‪ -‬البيروني ‪.‬اكتلاجبماهر في معرفة الجواهر ‪ .‬ص‏‪. ٢١٧٤ .٠ ٢١٣‬‬ ‫)( وهى السفن التى يتم بنانها بدون استخدام المسامير ‪ .‬أى يتم تركيب أجزانها وتشبيت الألواح وشدها‬ ‫بعضها إلى جانب بعض بدون استخدام مسامير ‪ .‬ثم تبدأ عملية شد الألواح بخيوط من ليف ‪ .‬وبعد‬ ‫ذلك يتم سد ثقوب الألواح عبارة تسمى "صل" من مواد لزجة مع تطن مبلل بها ‪ .‬وتطلي بمد ذلك‬ ‫السفينة بالقار ‪ .‬وتكون لها القدرة بذلك من مواجهة الأمواج لأن ألواحها لا تفلك بسهولة ‪.‬‬ ‫‪- ٤٧٤‬‬ ‫والإستوائية ‪ .‬كما قادمت نوعية أخشابها التآكل وملوحة البحر ‪ .‬وانتشرت مراكز بناء‬ ‫تلك السفن على سواحل الخليج العربي وبحر العرب ‪ .‬وكانت خاماتها تستورد من أماكن‬ ‫بعيدة عن المنطقة ‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬صعوبا ت الملاحة في البحر ا لأخحمر‪- : ‎‬‬ ‫كانت السفن العربية القادمة من الحجاز ومصر عبر البحر الأحمر والمتجهة إلى‬ ‫الساحل الشرقي لافريقية تواجه صعوبات وأخطار منها ‪:‬‬ ‫(أ) ‪ -‬الشعاب المرجانية ‪:‬‬ ‫ومازالت ظاهرة الشعب المرجانية تقلق عمليات الملاحة في المنطقة ودولها حتى‬ ‫الوقت الحاضر ‪ .‬رغم قيام دول البحر الأحمر بعمل علامات للارشاد في موانتها ( ‪ .‬ذلك‬ ‫أن البحر الأحمر يعتبر بحرا داخليا ‪ .‬وافي المياه مما أدى إلى ظهور مشكلة الشعاب‬ ‫المرجانية التى تمتد لمسافات بعيدة ‪ .‬وقد عرقلت الملاحة في كثير من مناطق البحر الأحمر‬ ‫‪ .‬وكانت عمليات الملاحة تتم بحذر شديد في هذا البحر""‪.‬‬ ‫(ب) قلة المراكز العمرانية ‪:‬‬ ‫لا توجد موانىء نشطة وفعالة في مجال الملاحة العالمية على سواحل البحر الأحمر‬ ‫منذ القدم بسبب عدم وجود ظهير قاريء للسواحل الشرقية أو الغربية للبحر ‪ .‬فالبحر‬ ‫الثمر عبارة عن أخدود طويل وسط جبال فقيرة ‪ .‬ولذلك كانت السفن تفتقر في رحلتها‬ ‫الطويلة إلى موانىء تقوم بتجارة الترانزيت بينها أو تتوقف فيها للتردد بالمياه والطعام ‪.‬‬ ‫إلا نادرا ا"' وحتى موانىء البحر الأحمر كانت موانىء صغيرة في عمرانها ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬تعرضت الملاحة في منطقة البحر الأحمر لانتكاسة حديشة بسبب الشعاب المرجانية على السواحل‬ ‫المصرية ‪ .‬ففي سنة ‪١٩٩١‬م‏ م تحطمت السفينة المصرية " سالم اكسبريس " بالقرب من مينا غ سفاجا‬ ‫المصري وعلى ظهرها العشرات من الركاب الذين راحوا ضحية الحادث ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬حوراني ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٦١٩ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬ابن حبير ‪ .‬الرحلة ‪ .‬ص ‏‪ ( ٤٥‬أثناء رحلة إلى الحجاز عبر الموانىء المصرية ) ‏‪ )٤(.‬حوراني ‪ .‬المرجع‬ ‫‏‪. ١٧٤‬‬ ‫السابق ‪ .‬ص‬ ‫‏‪ ٤٧٥‬س‬ ‫(ج) القرصنة‪:‬‬ ‫ظلت مشكلة القراضة تهدد الملاحة في البحر الأحمر منذ العصور القديمة ‪ .‬وكانت‬ ‫أشد مناطق القراضة تتركز في جزر جنوب البحر الأحمر بالقرب من باب المندب بسبب‬ ‫قربها من المحيط الهندي ‪ .‬حيث يتمركز القراصنة في جزيرة سوقطري في أغلب الأحيان‬ ‫(د) تيارات البحر الأحمر ‪:‬‬ ‫يمثل البحر الأحمر حوضا ضيقا ‪ .‬عرضه في المتوسط ‪٢٤1٠‬كم‏ ‪ .‬وطوله نحو‬ ‫‪٨٠‬كم‏ ‪ .‬ويتوسط عمقه نحو ‪٢٠٠‬م‏ ‪ .‬وقاعه غير منتظم التضاريس إلى حد كبير ‏‪٨‬‬ ‫ففي منطقة باب المندب في الجنوب لايزيد عمقه عن ‪١٠٠‬م‏ ‪ .‬أما في منطقة الشمال‬ ‫فترتفع نسبة الملوحة في مياهه ‪ .‬وتسبب إمتداد البحر الأحمر امتدادا كبيرا من خط عرض‬ ‫‏‪ ٢‬درجة شمالا إلى ‏‪ ٣٠‬درجة شمالا إلى مروره بتيارات هوائية مختلفة ‪ .‬وأغلبها‬ ‫صحراوي تتميز بالجفاف خاصة في الشمال ‪.‬‬ ‫مما أدى إلى زيادة كميات البخر من سطح البحر كثيرا على ما يتساقط من مطر‬ ‫بالإضافة إلى أن هذا البحر لا تصله مصبات أنهار مثل البحار الأخرى ‪ .‬كما لا توجد‬ ‫أودية مستمرة تصب فيه ‪ .‬بل لا تتعدى أهميتها عن كونها أودية قليلة الأهمية‪".‬‬ ‫من هنا فقد اختلفت الظروف المناخية في البحر الأحمر في شماله عن وسطه وعن‬ ‫جنوبه كما يلى ‪:‬‬ ‫‪ -‬ففي شمال البحر الأحمر (شمال خط عرض ‏‪ ) "٢١‬تهب الرياح الشمالية التى‬ ‫تهب من الشمال أو الشمال الفريى ‪ .‬خلال فصل الشتاء من منخفضات البحر المتوسط‬ ‫وشمال إفريقية القادمة من المرتفع الآزوري الأطلسي ‪ .‬ما يترتب علبه دوران الرياح في‬ ‫تلك المناطق وتستمر الإنخفضات في فصل الربيع يصحبها أهوية جنوبية شرقية ساخنة‬ ‫جدا تعرف باسم رياح الأذيب " أما في أواخر الخريف ( أكتوبر ‪ -‬نونمبر ) فينجم عن‬ ‫مرور الإنخفاضات أو تولدها على هذه المنطقة الشمالية من البحر حدوث عواصف الرعد‬ ‫المحلية التى قد يصحبها مطر غزير يتدفق ماؤه إلى البحر أحيانا في مجاري صغيرة‬ ‫(‪ )١‬الفندي ‪ .‬جمال الدين ‪ .‬طبيعيات البحر ‪ .‬ص‪. ١٨٧ ‎‬‬ ‫‪- ٤٧٦‬‬ ‫‏‪ . (٢١‬وقد‬ ‫‏‪ ٠‬وهو حركة دوران الماء‬ ‫‏‪ . (١‬وتنتشر ني تلك المناطق ظاهرة الدردور‬ ‫متعددة‬ ‫يقطع هذا التيار أو يعكسه أحيانا أهوبة ساخنة تقبل من جهة الجنوب أو الجنوب الشرقي‬ ‫من جهة جزيرة العرب أو من المحيط الهندي ‪ .‬مما يؤثر على حركة الملاحة واتجاهات‬ ‫السفن‪.‬‬ ‫أما الجزء الأوسط من البحر الأحمر ‪ ( :‬بين ‏‪ ٢١‬إلى ‏‪ ١٨٩‬شمالا ) فإن تلك المناطق‬ ‫تتميز بانخفاض الضغط الجوي وكثرة حدوث حالات السكون ‪ .‬وتحدث عواصف الرعد في‬ ‫الخريف ويصحبها مطر غزير أحيانا وتهبط فيه الرؤية أو شفافية الهواء ‪ .‬كما تحدث أنواء‬ ‫محلية غاية في الشدة ‪ .‬وبالتالي تحدث تجمعات مائية في شمال البحر في فصل الشتا ء‬ ‫وفي جنويه في فصل الصيف ‪ .‬ولا تتسع منافذ البحر في شماله أو في جنوبه لمرور الماء‬ ‫بوفرة لحفظ المستوى العام للبحر مما يؤدي إلى زيادة نسبة الملوحة خاصة في قاع البحر ‪.‬‬ ‫وتقل كميات الأوكسيجين ‪.‬‬ ‫أما البحر الأحمر الجنوب (جنوب خط عرض ‏‪ ١٩١‬شمالا" ) فتسوده رياح ما بين‬ ‫الشمالية والشمالية الغربية خلال الصيف إلا أنه في الموسم البارد نوعا“ ينقطع التيار‬ ‫‪.‬‬ ‫وقت‬ ‫عواصف من ‏‪ ١‬لرعد في ا ي‬ ‫تحدث‬ ‫‪ .‬وقد‬ ‫ليحل محله تيا ر جنوبي ‏‪ ١‬و جنوبي شرقي‬ ‫وتؤدى تلك الظواهر الطبيعية إلى عرقلة مسار السفن التجارية الشراعية في البحر‬ ‫ا لعربية أو‬ ‫على سوا حله‬ ‫ومراكز حضارية هامة‬ ‫وأنه بحر لاتوجد مدن‬ ‫ا لأحمر ‪ .‬خاصة‬ ‫الا فريقبة "‪.‬‬ ‫كما توجد مشكلة طبيعية في منطقة اتصال البحر الأحمر عند الجنوب بمياه المحيط‬ ‫الهندي ‪ .‬ذلك أن عملية تبادل الميا بين البحر الأحمر وخليج عدن عبر باب المندب لاتتبع‬ ‫الرياح الساندة في كل موسم ‪ .‬ففي فصل الشتاء يسبب التيار الجنوبي الشرقي دفع مياه‬ ‫السطح إلى داخل البحر الأحمر ‪ .‬بينما على الأعماق يفيض ماس البحر الأحمر المرتفع‬ ‫الملوحة إلى الجنوب صوب مياه المحيط الهندي في خليج عدن ‪ .‬أما في الصيف فإن الرياح‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪١ ٨ ٨‬‬ ‫‏‪ ٠‬ص‬ ‫‏‪ ١ ٠‬مرجع نفسه‬ ‫‪ ١‬لفند ي‬ ‫‏) ‪( ١‬‬ ‫‏‪ . ٥١‬وذكر أن تلك المنطقة أخبث مكان في البحر الأحمر ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ابن حرقل ‪ .‬صورة الأرض ‪ .‬ص‬ ‫‏‪. ١٦١١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬الفندي ‪ .‬المرجع السابق ‪ ..‬ص‬ ‫‪٤٧٧‬‬ ‫الشمالية تخرج المياه السطحية من البحر الأحمر ‪ .‬بينما ينتقل الماء إلى أبعاد غير كبيرة‬ ‫إلى داخل البحر ‪ .‬كما يوجد تيار عميق يخرج من البحر الأحمر بصورة مستمرة ‪.‬‬ ‫ونظرا لما يبدو من تعقيد في عمليات التبادل المائي خاصة في الفترة الحارة فإن‬ ‫حسابات التبادل المائي على أساس التوازن في الأملاح غير ممكن ‪ .‬وقد اعتبر العلماء أن‬ ‫ملوحة هذا البحر في ازدياد ‪ .‬وبالتالي أصبحت عملية الإبحار وحباة السفن في هذا البحر‬ ‫عملية شاقة في ظل ظروفه الطبيعية أ‪'٨‬‏ ‪.‬‬ ‫(د) العروض المدارية والاستوائية ‪:‬‬ ‫تتعرض السفن القادمة نحو شرق إفريقية إلى مناخات العروض المدارية والإستوائية‬ ‫وما تتميز به من أمطار غزيرة ‪ .‬وحرارة مرتفعة ورطوبة عالية ‪ .‬وتؤثر تلك الظواهر على‬ ‫حمولة ا لسفن وعلى الركاب وعلى جسم السفينة ‪.‬‬ ‫(‪ .)٤‬أخطار البر الإفريقي ‪( :‬الشرق والوسط‪) ‎‬‬ ‫(أ) اعتداءات القبائل والجماعات الزنجية ‪:‬‬ ‫ماقبل الإسلام وعبر العصور الإسلامية ‪ .‬إلا أن هذا التواجد ظل قليلا" ني وسط المحيط‬ ‫القبلي الزنجي الذي ظل يتدفق من داخل القارة إلى مناطق الساحل الشرقي الإفريقي ‪.‬‬ ‫اد في تلك‬ ‫وكانت جماعات البانتو مازالت مستمرة في حركتها منذ القرن الأول للميل‬ ‫المناطق تبحث عن أوطان نهائية للاستقرار بها ‪.‬‬ ‫‪ .‬وقد شهدت المنطقة الخلفية للساحل الشرقي لإفريقية صراعات بين القبائل الإفريقية‬ ‫بعضها وبعض ‪ .‬خاصة في فترة بدايات التواجد العربي ‪ .‬وانعكس ذلك في عدم توفر‬ ‫الأمن والاستقرار في المنطقة ‪ .‬وفضل العرب والمسلمين المستقرين في المنطقة المجزر حتى‬ ‫يكونوا في أمن وأمان من غارات القبائل الزنجية ("" ‪ .‬وحتى المراكز الإسلامية الساحلية‬ ‫‏(‪ )١‬المرجع السابق ‪ .‬ص ‏!‪. ١٩١٩‬‬ ‫(‪ )٢‬عبدالحليم ‪ .‬العمانيون والتجارة والملاحة ونشر الإسلام ‪ .‬ص‪ ٣٢٠٥ ‎‬ومابعدها‪. ‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٤٧٨‬‬ ‫غلب عليها الطابع الزنجي ‏(‪ '١‬وظلت الدماء العربية محصورة في أضيق نطاق ‪ .‬وظلت‬ ‫جماعات التجار حذرة في التعامل مع كل تلك العناصر الزنجية القلقة في نظمها ‪.‬‬ ‫(ب) المشاكل الطبيعية والجغرافية ‪:‬‬ ‫يعترض طرق الإتصال بالبر الإفريقي من الساحل الشرقي لإفريقية العديد من‬ ‫المشاكل الطبيعية مثل إنتشار الشلالات التى تعترض طرق الأنهار ا"'وسيادة الصحاري‬ ‫والبحيرات التى تعترض طرق الجارة ومن الصعوبات الطبيعية الضغط الجوي والأعاصير‬ ‫حيث تمثل مناطق الارتفاعات الجوية ("' التى تسود المناطق أهم مشاكل الملاحة في شمال‬ ‫منطقة ساحل شرق إفريقية وفي منطقة مدغشقر وسفالة الزنج وهى تتواجد بين مناطق‬ ‫الانخفاضات وتتحرك ولا تطول مدة ظهورها ‪ .‬وتتحرك بغير انتظام وتساعد على‬ ‫عمليات تسخين الهواء تدريجيا ‪.‬‬ ‫كما توجد ظاهرة الأعاصير الإستوائية في المحيط الهندي عند متطقة خط الأستواء‬ ‫وداخل نطاق هبوب الرياح التجارية ‪ .‬ولذلك تمثل عقبة للسفينة المتجهة إلى شرق إفريقية‬ ‫وتسير تلك الأعاصير عكس الإنخفاضات العرضية ‪ .‬وأهم مناطق الأعاصير منطقة شمال‬ ‫المحيط الهندي وحول جزيرة مدغشقرا‘' ‪ .‬وهى بذلك تمثل خطرا داهما" على السفن‬ ‫المتجهة إلى غرب المحيط الهندي على ساحل إفريقية الشرقي ‪ .‬حيث تستمر في عنفوانها‬ ‫حتى تدخل السفن إلى الساحل ‪.‬‬ ‫وتدور الرياح حول الأعاصير ‪ .‬كدورتها حول ؛ لانخفاضات ‪ .‬مع زيادة هائلة في‬ ‫(‪ )١‬ابن بطوطة ‪ .‬الرحلة ‪ .‬ص‪. ٢٨٥ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬مثل نهر الزمبيزي ‪ .‬الذي يعترض محراه في الجزر الأوسط منه العديد من الشلالات الشهيرة‬ ‫بشلالات فيكتوريا ‪ .‬كما أن هذا النهر يسير من الغرب إلى الشرق ولذلك لم يكن له دور في خدمة‬ ‫عمليات الإتصال بين البر الإفريقي وداخل إفريقية ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬الإرتفاعات الجوية هى مناطق الضغط العالي ويصحبها طقس هادى" ‪ .‬وتكثر هبوب الرياح في‬ ‫طبقات الجو العليا ‪ .‬ولذا صفر السماء وتوتفع درجات الحرارة أثناء النهار بسبب الأشعاع النمسى ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٤‬كما توجد تلك الظاهرة في جزر الهند الغربية والمكسيك ويحر الصين (وتسمى التيفون) وفي اليابان‬ ‫والمحيط الهادي ( يسميها الأمريكان بالهريكين ) ‪.‬‬ ‫‪_ ٤٧٩‬‬ ‫السرعة وكثيرا" ما يبدأ الإعصار باتساع يزيد على ‏‪ ٠‬‏مك‪ ٨‬ثم يزداد حتى يصل إلى أكثر‬ ‫‏‪١‬الهوا ‪ .‬وتنكشف ا لسماء ء وينقطع لمطر ‘ وتسمى‬ ‫مركز ا لاإعصا ر يسود‬ ‫ونفى‬ ‫‪٥‬كم ‪٠‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫من‬ ‫تلك المنطقة "عين الإعصار" (" ‪ .‬ثم تتغير الظروف في منطقة محيط الإعصار ‪ .‬فند‬ ‫‪.‬‬ ‫لنز‬ ‫وتمثل خطورة‬ ‫تهطل ‏‪ ١‬لأمطا ر بغزا رة‬ ‫وهناك نوع من الأعاصير في منطقة مدغشقر وسفالة الزنج تصل فيه سرعة‬ ‫الرياح إلى ‏‪ ٥٠٠‬كم في الساعة ‪ .‬تحدث تدميرا" للسفن في البحر وللحياة علي البر ‪ .‬وقد‬ ‫تؤدي إلى إحداث خراب وتدمير شامل لكل ما تصادفه وتسمى تلك بالنكباء " التى‬ ‫كثيرا ما تعرض السفن في عرض البحر أو حتى السفن الراسبة في الموانىء رهى من‬ ‫ظواهر جنوب المحيط الهندي "" ‪.‬‬ ‫تشكل الغابات مشاكل خطرة أمام جماعات التجار التي قدمت من بيئات ومناطق‬ ‫تختلف في ظروفها عن المنطقة الإفريقية ‪ .‬وكانت تلك الغابات تحتوي على العديد من‬ ‫الأخطار كالحيوانات المفترسة والجماعات البدائية "'‪ .‬كما كانت هناك قبائل ني تلك‬ ‫المناطق تنتمى إلى أكلة لحوم البشر ‪ .‬وكثيرا ماوردت حكايتها على ألسنة جماعات‬ ‫التجار العائدين إلى المراكز الساحلية ‪.‬‬ ‫(ج) الخطر البرتغالي ‪:‬‬ ‫كان بداية قدوم الخطر البرتفالي إلى شرقإفريقية مرتبطا أساسا بالعداء الصلببي‬ ‫ضد المسلمين منذ قرون سابقة ‪ .‬ولذلك قدمت الأساطيل البرتفالية إلى المنطقة من أجل‬ ‫وضع للسيادة العربية التجارية لمنطقة شرقافريقية والمحيط الهندي ‏‪٠‬وقد وضح ذلك‬ ‫بجلاء منذ البداية من خلال أعمال وفظائع البرتغاليين ضد الجماعات والمراكز الإسلامية‬ ‫بداية من نهاية القرن الخامس عشر ("" ‪.‬‬ ‫‪ ٣٥‬كم‪. ‎‬‬ ‫(‪ )١‬يبلغ قطر عين الاعصار‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الفندي ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ١٦٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الجمل ‪ .‬شوقي ‪ .‬تاريخ كشف افريقيا راستعمارها‪. ٤٩١ . ٣٧ . ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬جمال زكريا ‪ .‬استقرار العرب ‪ .‬ص‪. ٣١٨‎‬‬ ‫‪٨٠‎‬؛‬ ‫ولم تخطط البرتغال لاحتلال الساحل الشرقي لإفريقية فقط يل بدأت تخطط في‬ ‫توجيه الضربات للمسلمين والقضاء عليهم ‪ .‬ويدأت بالفعل عمليات الأسطول البرتغالي‬ ‫ضد المراكز التجارية الإسلامية على مدخل البحر الأحمر وكذلك على سواحل الخليج‬ ‫العربي وبحر العرب وخضعت معظم تلك المراكز التجارية للسيطرة البرتغالية ‏(‪.'١‬‬ ‫ويذلك تمكن البرتفاليون من تعطيل التجارة العربية والقضاء عليها في شرق‬ ‫إفريقية بعد أن طبقوا نظام الإحتكار التجاري في المحيط الهندي ‪ .‬و انقطعت الرحلات‬ ‫البحرية العربية إلى سواحل شرق إفريقية ‪ .‬ويدأت عمليات نهب للمراكز التجارية التى‬ ‫أسسها التجار العرب في السابق والتى كانت بمثابة منارات حضارية للقارة وانهارات‬ ‫انجازات التجارة العربية السابقة ("" ‪.‬حتى بدأ التجار المسلمون في سفالة ‪ .‬أرض الذهب‬ ‫‪ .‬ينسجون ملابسهم بأنفسهم ‏)‪ . (٣‬حيثلم يعد في استطاعتهم جلب المنسوجات من الهند‬ ‫أو غيرها إلى شرقافريقية إلا عن طريق البرتغاليين ‪.‬وقد أدتتلك السياسات‬ ‫الإستعمارية والجشع إلى عودة الصراعات داخل القارة الإفريقية ‪ .‬وأصبحت مناطق شرق‬ ‫القارة غير امنة حتى بدا العهد العربي من جديد على يد اليعاربة والبوسعيد ‪.‬‬ ‫وبذلك تحمل العرب خاصة أهل عمان العديد من الصعويات والأخطار في سبيل‬ ‫حمل سلع القارة الإفريقية إلى العالم الخارجي ‪ .‬كما تحملوا العديد من المشاق في سبيل‬ ‫نقل سكانها إلى مراتب حضارية جديدة ‪ .‬بعد أن ظلوا فايلمراحل البدائية ‪.‬ومهما يكن‬ ‫من مردود سلع شرق القارة الإفريقية فإن الأخطار والصعويات كانت أعلى منه ‪ .‬وكانت‬ ‫الحصيلة النهائية لتلك الجهود لصالح الأفارقة فقد تعلموا أسس المدنية ونظم الحضارة من‬ ‫دين هؤلاء التجار وهو الإسلام الذي أخذ ينساب بين أجزاء القارة من سواحل وجزر‬ ‫وصحاري وجبال وسهول ‪ .‬بعد أن حمله التاجر في خلقه وأمانته ‪ .‬فحافظ عليه الأفارقة‬ ‫وأصبح منهم العديد من دعاة الإسلام ورجاله ‪.‬‬ ‫وكانت التجارة وجماعات التجار أهم وسائل انتشار الإسلام ولغته العربية إلى تلك‬ ‫‪ 4‬وجنى ‏‪ ١‬لتجار ثمار جهدهم في الدنيا والآخرة ‪.‬‬ ‫المناطق الجديدة‬ ‫(‪ )١‬عبدالحليم ‪ .‬المرجع السابق ‪ .‬ص‪. ٢٩٢٧ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬المليباري ‪ .‬تحفة المجاهدين ‪ .‬ص‪. ٩٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الحويري ‪ .‬ساحل شرق افريقية ‪ .‬ص‪. ٩٦١ ‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٤٨١‬‬ ‫الخامة‬ ‫" لقد عمل الإسلام على تطوبر بلاد الزنوج ولابزال يعمل "‬ ‫‏‪ ... ٢‬أحد الرحالة الأوروبيين أخيرا بعد أز جاب‬ ‫هكذا اعترف مانجو بارك‬ ‫القارة الإفريقية ‪ .‬بأن الإسلام هو دين الفارقة ‪ .‬وأنه الدين الوحيد الذي يتلاءم مع القارة‬ ‫وسكانها ‪ .‬ؤلم تبلغ القارة مستويات حضارية في تاريخها القدبم ‪ .‬أو الحالي ‪ .‬مثل‬ ‫مابلفته علي يد المسلمين ‪.‬‬ ‫والأمر الأشد غراية أن العرب والمسلمين لم يسبق لهم أن وضعوا خططا وسياسات‬ ‫من أجل نشر دينهم أو لسانهم ‪ .‬كما يتضح من الجماعات والبعثات التى تبشر بدباناتها‬ ‫وأفكارها حاليا ‪ .‬وأنما طار الإسلام مع العربي أو المسلم مع سلمته التى يتاجر فبها ‪.‬‬ ‫ومع حرفته التى يعمل ويكسب منها ‪ .‬فإذا كانت الجيوش الإسلامية قد تكبدت المشان‬ ‫في الفتوحات الإسلامية من أجل كسر حاجز الظلم والقهر عند الفرس والروم والهنود‬ ‫والقوط لينساب الإسلام إلى أقوامهم بلا قيود ‪ .‬فإن الإسلام تخلل عبر القارة الإفريقية‬ ‫من صحرائها وغاباتها ويحيراتها بالحسنى ‪ .‬وكان حرص العرب والمسلمين على حرية‬ ‫الإنسان أيا كان لونه ومستواه ‪ .‬وترك الناس أحرارا ‪ .‬يهدى الله منهم من يشاء ‪ .‬كان‬ ‫هذا الحرص هو الذي شجع الأفارقة على الدخول في الإسلام ‪ .‬ورجد الأنارنة العزة‬ ‫والكرامة والحرية في الإسلام فقلدوا أهله حتى أصبحرا مسلمين ‪.‬‬ ‫وقد أدرك رهبان الكنسية الذين عملوا في القارة السوداء خطورة تلك الطريقة‬ ‫اللثلى في الدعوة ‪ .‬على وجودهم و جهودهم ‪:.‬ونباحها في تحول الناس من دياناتهم‬ ‫ومعتقداتهم إلى الإسلام ‪ .‬فيقولراهب أوروبي " فكان من مكر العرب ان تظاهروا بانهم‬ ‫لايهتمون بدخول الناس في الإسلام فنتطلمت نفوس الناس إلى ذلك الإسلام يتعرفون علبه‬ ‫وعلى أهله ‪ .‬لعلهم يعرفون السبب في اختصاص العرب أنفسهم به ‪ 6‬رصنفهم به على‬ ‫غيرهم ‪ .‬فمازالوا يفعلون ذلك ويسألون عن الاسلام ويستفسرون حتى وجدرا انفسهم‬ ‫‪_ ٤٨٢‬‬ ‫‪.‬‬ ‫مسلمين دون أن يدروا‬ ‫وتأسف راهب آخر من أن العرب لم يستخدموا القوة في فرض دينهم الإسلامي ‪ .‬إذ‬ ‫لو فعلوا ذلك لزاد تمسك أصحاب الديانات الأخرى بدياناتهم ومعتقداتهم مهما كانت‬ ‫‪.‬وهكذا إنساب الإسلام بين الأفارقة عبر الصحاري والغابات والأدغال ‪ .‬ويين أشد المناطق‬ ‫تمسكا بدياناتها وهى مصر القبطية ‪ .‬ذلك أنه تناسب مع فطرة الإفريقي وعقلية القبطى‬ ‫وآمال البربر ‪ .‬فوجد الجميع فيه ضالتهم بعد رحلاتهم في البحث عن الحقيقة ‪ .‬لقد أثبتت‬ ‫دعوة الإسلام أنها دعوة الحق ‪ .‬وأن الرسلام رسالة البناء والإرتقاء ‪.‬‬ ‫لم يسجل التاريخ أن المسلمين جندوا تجارا رفعوا سيفا على رجل ليدخلوه في دينهم‬ ‫‪ .‬أو قدموا له أى مغريات في أجل ذلك ‪ .‬ولا أكرهوا قبيلة من القبائل في إفريقية أو‬ ‫منطقة من المناطق على الدخول في الإسلام ‪ .‬وإنما كان السيف على حاجز الظلم والقهر‬ ‫والاستغلال ‪.‬‬ ‫لقد فجر الإسلام في نفوس الأفارقة المزة والكرامة ‪ .‬وأخرج طاقاتهم الكامنة ‪.‬‬ ‫مستضعفن أشتا تا" ممزقين بين ‏‪ ١‬لروم‬ ‫وا منعة بعد أن كا نوا‬ ‫وأنعم عليهم با لوحدة وا لعزة‬ ‫وغيرهم ‪ 0‬وبين نيران العصبية ‪ .‬ونعم الأفارقة بنعمة الإسلام مثلما نعم به العرب من قبل‬ ‫‪ .‬وانطبق عليهم قوله تعالى ‪:‬‬ ‫"واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم اعداء قالف ببن قلوبكم‬ ‫واصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شغفا حفوة من النار‬ ‫فاأنقذكم منها كذاك ببين الله لكم آياته لعلكم‬ ‫تهتندون" ‏(‪(١‬‬ ‫"واذكروا إذ انتم قليل مستخعفون في الأرض تخافون أن‬ ‫يتخطفكم الناس فآواكم وايدكم بنصره ويرزقكم من‬ ‫الطيبات لعلكم تشكرون ")‬ ‫‪. ١.٣‬‬ ‫‪ (١١‬آل عمرا ن‪: ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الأنفعال‪١ : ‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٤٨٢‬‬ ‫أصبح الإسلام هو الديانة التي أدت إلى تقدم القارة وتطور القارة الإذريقبة فلم‬ ‫تشهد القارة مراكز حضارية افريقية خالصة قبل الإسلام ‪ .‬سوى حضارة الفراعنة أما بقبة‬ ‫المراكز فكانت تابعة لحضارات أخرى مثل قرطاجنة وغيرها ‪ .‬فمع الإسلام بدأ التاربغ‬ ‫القومي للقارة الإفريقية ‪ .‬حيث ظهرت لأول مرة دول إفريقية خالصة في غرب السودان‬ ‫ووسطه وشرقه وعلى سواحلها ‪ .‬وعلى حافة صحرائها ‪ .‬وأصبحت مالي وصنغى وبرنر‬ ‫ودارفور والفونج دول ذات سيادة لها مكانتها العالية ‪ .‬في زمنها ‪ .‬وظهرت فبها الدارس‬ ‫والجامعات ومراكز العلم والمكتبات ‪ .‬لأول مرة في تاريغ إفريقية ‪.‬‬ ‫ولولا العرب لما وصلت إفريقية إلى ماكانت عليه ‪ .‬لقد حملوا إلى القارة دينهم‬ ‫وتحبريتهم ‪ .‬وتحمل العرب الأمانة الكبري في حمل الإسلام إلى تلك النواحي ‪ .‬ووجد‬ ‫الإفريقي في العربي عشيرا حسنا وصديقا متواضعا وتاجرا أمينا وحاكما عادلا ‪ .‬نألفهم‬ ‫الناس ‪ .‬وصاروا الجميع مسلمين وعربا وكانت القبائل الإفريقية تتنانس على العربي لينزل‬ ‫بها ‪ .‬فيبدأ معلما وينتهى زعيما ورائدا في منطقتها وتتحول بلادهم على يدبه منارة‬ ‫للحضارة والمدينة بعد أن كان يسودها الفوضى والتخلف ‪ .‬ومازالت مناطق إفريقية تحتفظ‬ ‫في ذاكرتها بأدوار رائعة للعديد من العرب ‪ .‬ومازال الأفارنة يحرصون على انتما اتهم‬ ‫العربية ‪.‬‬ ‫وأقبلت الشعوب الإفريقية على تعلم الإسلام وحفظ قرآنه والتحدث بلفته‬ ‫وأشتركوا جنبا إلى جنب مع العرب في الدفاع عن الإسلام وتبلغ رسالته ‪ .‬وكانت ملكة‬ ‫مالي وصنغي في حالة جهاد مستمر ضد القبائل الوثنية التى حسدت تلك الممالك على ما‬ ‫وصلت إليه من مجد بعد تحولها إلى الإسلام ‪ .‬وظلت رأية الجهاد مرفوعة بفضل ملوك‬ ‫مالي وملوك صنغي حتى تحولت القبائل الوثنية إلى الإسلام رتحرلت مناطق السافانا لأرل‬ ‫مرة إلى قمة مجدها الحضاري ‪ .‬بحيث عد سلاطينها من أعظم سلاطين العالم في عصرهم‬ ‫سدهم تجار البندقية وجنوه ‪ .‬وأخذوا يدفعوا دولهم للوصول إلى ثروات السافانا ‪.‬‬ ‫‪ 4‬وح‬ ‫ولذلك فقد استعرضنا نبذة عن وضع تلك المناطق تبل الإسلام ليدرك القارىء‬ ‫والباحث مدى الآثر الذى تركه الإسلام في القارة ‪ .‬لقد كانت مناطق السافانا تصدر سلعها‬ ‫قبل الإسلام للرومان وغيرهم ‪ .‬ولم يهتم التاجر اليوناني أو الروماني إلا بمكسبه المادي ‪.‬‬ ‫حتى جاء التاجر المسلم ليحمل عقيدته إلى تلك المناطق ويعرضها بالحسنى دون ضغط او‬ ‫‪- ٤٨٤‬‬ ‫إكراه ‪ .‬وكان هو خير سفير لدينه ‪ .‬فانساب الإسلام بين الأفارقة ‪ .‬وأصبح التجار دعاة‬ ‫دون أن يدروا ‪ .‬وارتبطت القارة الإفريقية لأول مرة بالعالم الخارجي وتعاملت مع قوى‬ ‫‪.‬‬ ‫نظم ورقي وتقدم‬ ‫‏‪ ٠‬ما ‏‪ ١‬حرزته من‬ ‫الند للند‬ ‫ا لوسطى تعا مل‬ ‫‏‪ ١‬لعصور‬ ‫وكان التاجر العماني بحق ‪ .‬أكثر من ترك بصمات على طول ساحل افريقية الشرقي‬ ‫‪ .‬بل امتد أثره إلى الداخل ‪ .‬ليتم على يده ربط ساحل المحيط الهندي الإفريقي ‪.‬‬ ‫بساحلها الغربي المطل على المحيط الأطلسي عبر طرق برية ‪ .‬وأضاء تلك الطرق‬ ‫بمجستوطنات ومراكز حضارية تركت آثارها الإيجابية على القارة وحقق هذا التاجر نصرا"‬ ‫سياسيا حديثا ‪ .‬حينما تمكن من ربط الساحلين الآسيوي والإفريقي في دولة إسلامية‬ ‫واحدة هى دولة البوسعيد التى جعلت لنفسها عاصمتين احداهما آسيوية في مسقط ‏‪٠‬‬ ‫والثانية إفريقية في زنجبار ‪ .‬وكانت تلك أ ول تجربة في التاريخ ‪ .‬ومازالت آثار شرق‬ ‫القارة الإفريقية تشهد بمدى إخلاص التاجر العماني وأمانته ونشاطه وإخلاصه ‪.‬‬ ‫واصطدمت جهود التجار العمانيين والعرب والمسلمين بأحقاد جديدة وفدت من‬ ‫الغرب ‪ .‬فبدأت محاولات جديدة من أجل طمس الدور الإيجابي الذي قام به المسلمون في‬ ‫القارة ‪ .‬لكن أهل القارة الذين أسلموا تحملوا عبأ الدفاع من جديد عن دينهم وعن‬ ‫مكتسباتهم ‪ .‬لكنهم بدأوا يدخلون وسط مؤمرات جديدة مفتعلة من الديون والفقر والجهل‬ ‫والمرض والمجاعة ‪. .‬وستظل القارة هى قارة الإسلام فلو بعدت عنه فإن ذلك ابتعادا عن‬ ‫هويتها وتراثها ومجدها ‪.‬‬ ‫‪_ ٤٨٥‬‬ - ٤٨٦‫دسح‬ ‫‏‪٩٠‬‬ ‫‪٤٨٧‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪..:‬‬ ‫‪1‬‬ ‫مث‪.‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪5‬‬ ‫"‪.‬‬ ‫‏‪.‬‬ ‫‪.,.‬‬ ‫ا‪:‬را‪:..‬رر‬ ‫سم‬ ‫‪ 11891‬برد‬ ‫‪:‬هر‬ ‫تاجتنم‬ ‫حلفا‬ ‫طيارخ‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‪2‬‬ ‫نز‬ ‫‪:‬‬ ‫ولتت‬ ‫‪: ]_.‬ط‬ ‫جيب‬ ‫فت روجتح د‬ ‫‪١‬‬ ‫‪٩٣‬‬ ‫‪.4-‬‬ ‫=‪.-‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.٠‬‬ ‫‪١‬‬ ‫!‬ ‫‪‎‬خجربجحت‬ ‫‪-..‬‬ ‫كم‬ ‫ها‬ ‫دا‬ ‫‪,‬‬ ‫‪7 ٤‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪. 1 ٢٥7‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‏‪- .‬‬ ‫‪- ٤٨٨ -‬‬ ‫ةسراخ ايتمرزها‬ ‫انتسو ىات تسم ولا ‪٦١٧١‬ناز (‬ ‫ةطراخ تم ميت يزص ؛‪:‬تمل‬ ‫‪٠ } 4‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪( ٢‬‬ ‫)‬ ‫|‬ ‫شكل‪)٣( ‎‬‬ ‫أهم مراكز السوذان الشرقى‬ ‫‪--‬‬ ‫‪7‬‬ ‫شكل‪)٤( ‎‬‬ ‫أهم واحات الصحراء الكبرى وطرق القوافل عبرها '‬ ‫‏‪- ٤٨٩ -‬‬ ‫خارطة الفتوحات الإسلامية في إفريقية‬ ‫شكل ‏(‪)٥‬‬ ‫اللنرسط‬ ‫شكل‪)٦١( ‎‬‬ ‫إفريقية الرومانية ‪.‬‬ ‫‪- ٤٩ . -‬‬ ‫الكبرى }} ال‬ ‫الصحراء‬ ‫‪......‬۔ ‪:..‬‬ ‫ث‬ ‫‪6‬‬ ‫شكل ‏(‪)٧‬‬ ‫دول شمال إفريقية المستقلة في القرن الثالث الهجري‬ ‫ح‪-‬‬ ‫نمرے‬ ‫‪:‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪4‬‬ ‫»‬ ‫ح‬ ‫‏‪ "٢‬ل‬ ‫؟‬ ‫س‬ ‫ث‬ ‫ر‬ ‫‪2-‬‬ ‫‏‪٨‬‬ ‫<> <><“» ر‬ ‫‪9‬‬ ‫‪+‬‬ ‫<‪7‬‬ ‫<‬ ‫×‬ ‫‪+‬‬ ‫ر‬ ‫‪2‬‬ ‫م‬ ‫فى القرن ‏‪١٩‬‬ ‫ز‪.‬عامات غرب السودان‬ ‫×× ساموري التوري‪.‬‬ ‫الحاج عمر ‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫شكل‪)٨( ‎‬‬ ‫‪- ٤٩١ -‬‬ ‫شكل ‏(‪)١.‬‬ ‫ا قبائل الماندنجو وقيام مملكة مالي‬ ‫۔ ‏‪- ٤٩٢‬‬ ‫دور عمان في نشر الإسلام في داخل إفريقية‬ ‫‪- ٤٩٣ -‬‬ ‫لا ‪ :‬المخطوطات ‪:‬‬ ‫‪ -‬السكندري ‪ :‬أبوالفتع نصر عبدالرحمن ‪ .‬ت ‪٥٦١‬ھ‏ ‪ /‬ه‪١٦‬ام‏ ‪.‬‬ ‫كتاب الأمكنة والمياة والجبال والأثار ونحرها المذكورة في‬ ‫الأخبار والأشعار ‪ .‬مخطوط بمكتبة المتحف البريطاني ‪.‬‬ ‫‪ -‬الأنصاري ‪ ( :‬شيخ الربوة ) شمس الدين ابي عبدالله بن أبي طالب الدمشقي‬ ‫لدى المكتبة‬ ‫نحبة الدهر في عجا ءب البر والبحر ‏‪ ١‬مخطرط‬ ‫‪_-‬‬ ‫‪ 6‬عن نسخة ليبتزج ‪.‬‬ ‫‪ .‬سلطنة عمان‬ ‫‪ .‬مسقط‬ ‫‏‪ ٠6‬روي‬ ‫الإسلامية‬ ‫!‬ ‫بن عبدا لعزيز منصرر‬ ‫عثمان‬ ‫‪:‬‬ ‫التميمي‬ ‫النصف الأول من كتاب نزهة الأبصار في ذكر الأنلبم وملوك‬ ‫_‬ ‫تيمور ‪.‬‬ ‫‏‪ ١ ٥٠‬ب‬ ‫‪.‬‬ ‫الكتب المصربة‬ ‫‪ .‬دار‬ ‫الأمصار‬ ‫‪:‬‬ ‫ابن وصيف شاه‬ ‫_‬ ‫عجائب الدنيا ‪ .‬التحف البريطاني ‪ .‬لندن ‪ .‬النادي‬ ‫_‬ ‫‪ .‬سلطنة عمان ‪.‬‬ ‫الثقافي ‪ .‬مسقط‬ ‫‪:‬‬ ‫مجهول‬ ‫‪ -‬مؤلف‬ ‫_ السلوة في اخبار كلوة ‪ .‬نسخها محمد بن حسن الرمضاني‬ ‫في يوم ‏‪ ١٤.٥/٢/٢٦‬ه الموافق ‪٢٨٤/١١/١.‬ام‏ ‪ .‬من نسخة‬ ‫زنجبار التي نسخها من قبل عبدالله بن مصبح الصوافي سنة‬ ‫ه ‪ .‬التحف البريطاني الندن ‪ .‬رقم ‪ .‬وهي محفوظة حاليا"‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫بالمديرية العامة للوثائق والمخطوطات ‪ .‬زارة التراث القومي‬ ‫والثقافة ‪.‬مسقط سلطنة عمان ‪.‬‬ ‫‪ -‬مخطوط رقم ‏‪ ١٨٢٨‬عا ‪١١ /‬ك‏ ى كتبة ناصر بن علي بن نأصر الخضوري ؛ سنة‬ ‫‏‪ ٩‬ه ‪ .‬وانتقل الى ملكية سالم بن مسلم بن يوسف الحتروشي‬ ‫سنة ‪ .‬‏‪ ١٣٦‬م‬ ‫‪- ٤٩٤ -‬‬ ‫مخطوط رقم ‏‪ ١٨٢٧‬عام ‪١٠/‬ك‏ ‪ .‬مجهول المؤلف ‪ .‬والناسخ ‪.‬والمالك ‪.‬‬ ‫من أوله الى آخره ‪ .‬المديرية العامة للوثائق والمخطوطات ‪ .‬مسقط‬ ‫‏‪١٣٢١‬‬ ‫مخطوط رقم ‏‪ ٢٥١٦‬عام ‪٣٨,/‬ك‏ ‪ .‬تاريخ النسخ ‏‪ ٢٣‬مادي الآخر سنة‬ ‫‪.‬‬ ‫ه ‪ .‬المديرية العامة للوثائق والمخطوطات ‪.‬مسقط‬ ‫‏‪ ١٣٥٢‬ه ‪ .‬ملك محمد بن ناصر بن‬ ‫_ نفخة الأزهار في علم البحار ‪ .‬منسوخة سنة‬ ‫محمد ‪ .‬تحت رقم ‏‪ ١٨١٩‬عام ‪٢/‬ك‏ ‪.‬المديرية العامة للوثائق‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ .‬مسقط‬ ‫والمخطوطات‬ ‫معدن الأسرار في علم البحار ‪ .‬‏‪ ٣‬أجزاء ‪ .‬ملك الشيخ ناصر بن علي الخضوري‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٦‬ك‏‬ ‫‪/‬‬ ‫‏‪ ١٨٤٣‬عام‬ ‫‪ .‬رقم‬ ‫‏‪ ١٣٦٤‬ه‬ ‫‏‪ ٠‬تاريخ النسخ سنة‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬سلطنة عمان‬ ‫المديرية العامة للتراث القومي والثقافة ‏‪ ٠‬مسقط‬ ‫‪- ٤٩٥ -‬‬ ‫العربية‬ ‫المصادر‬ ‫ثانيا ‪:‬‬ ‫‪ -‬ابن الأثير ‪ .‬ابوالحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبدالكريم ات‬ ‫‪ ١٢٣٢‬ه‬ ‫‏‪/ ٣٦ .‬‬ ‫‪ -‬الكامل في التاريخ ا دار الفكر بيروت ‪١٣٨٨ .‬ه‏ ‪١٧٨ /‬ام‏‬ ‫‪ -‬الإحسائي ‪ .‬محمد بن عبدالله بن عبد المحسن آل عبدالقادر الأنصاري ‪,‬‬ ‫_ تحفةا لمستفي بتاريخ الإحسا ء في القديم رالجديد ‪.‬الرباض ‪.‬‬ ‫‪ -‬الإدريسي ‏‪ ٠‬أبو عبدالله محمد بن محمد بن عبدالله ‪ .‬ت ‏‪ ٥٨٤‬ه ‪ /‬‏‪ ١١٣‬ام ‪,‬‬ ‫۔ نزهة المشتاق في إختراق الأفاق ‪ .‬بيروت ‪ .‬بدون تاريغ ‪.‬‬ ‫محمد بن خليل ‪ .‬القرن التاسع الهجري ‪ /‬الخاس عشر المبلأدي ‪.‬‬ ‫‪ -‬الأسدي‬ ‫كتاب التيسير والاعتبار والتحرير والإختيار ؛ تحقيق دكتور عبد‬ ‫القادر أحمد طليمات ‪ .‬الفكر العربي ‪ .‬سنة ‪٨٦٨‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬الأصفهاني ‪ .‬الحسن بن عبدالله ‪ .‬ت ‪٣١٠‬ه‏ ‪٢٩٢٢ /‬م‪.‬‏‬ ‫۔ بلأد العرب ‪ .‬تحقيق حمد الجاسر ‪ .‬والدكتور صالع العلي ‪ .‬دار‬ ‫‏‪ ٩١٦٨‬ام‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬سنة‬ ‫‏‪ ٠‬المملكة العربية لسعردية‬ ‫‏‪ ٠‬الرياض‬ ‫اليمامة‬ ‫‪ -‬الأصفهاني ‪ .‬علي بن الحسين بن محمد القرشي ‪ .‬المعروف بأبي الفرج الأصنهاني‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٨٦٦/‬م‏‬ ‫‪٥٦ .‬ه‏‬ ‫وتحقيق إبراهيم الإبياري ‘ طبعة دار‬ ‫الأغاني ‏‪ ٠‬إشرأف‬ ‫‪-‬كتاب‬ ‫‏‪ ١٣٨٨٩‬ه ‪ /‬سنه‬ ‫‏‪ ٠‬دار الشعب ‏‪ ٠‬القاهرة سنة‬ ‫الكتب المصرية‬ ‫‏‪ ٩٦٩‬‏م‪. ١‬‬ ‫الفيسي ‏‪ ٠‬وا لدكتور‬ ‫حمرد‬ ‫فوزي‬ ‫‏‪ ٠‬تحقيق دكتور‬ ‫‏‪ ١‬لشوا عر‬ ‫‏‪ ١ -‬لإما ء‬ ‫‏‪ ١٨٤‬ام ‪.‬‬ ‫‪ ..‬سنة‬ ‫‏‪ ٠‬بيروت‬ ‫يوسف السامرائي ‏‪ ٠‬عالم الكتب‬ ‫إبن أبي أصيبعة ‪ .‬موفق الدين أبو العباس حمد بن قاسم ‪٦٦٨ .‬ه‏ ‪١٢٩٦ /‬م‏‬ ‫_‬ ‫‪- ٤٩٦ -‬‬ ‫۔ عيون الأنباء في طبقات الأطباء ‪ .‬بيروت ‪.‬بدون تاريخ ‪.‬‬ ‫‪ -‬بزرك بن شهريار‪ .‬الناخذاه الرام هرمزي ‪ .‬ت بداية القرن الرابع الهمجريي‪.‬‬ ‫كتاب عجائب الهند ‪ .‬ليدن ‪ .‬سنة ‪٨٨٢‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬ابن بطوطة ‪ .‬عبدالله بن محمد ابراهيم اللواتي ‪ .‬ت ‪٧٩٩‬ه‏ ‪١٣٦٩ /‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬تحفة الأنظار في الأمصاروعجائب الأستار ‪ .‬تقديم وتحقيق‬ ‫محمد عبدالمنعم العريان ‪ .‬راجعة مصطفي القصاص ‪ .‬دار إحياء‬ ‫العلوم ‪ .‬بيروت ‪ .‬سنة ‪١٤.٧‬ه‏ ‪٩٨٧ /‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬البكري الأندلسي ‪ .‬عبدالله بن عبدالعزيز ‪ .‬ت ‪.٤٨٧‬ھ‏ ‪٠٩٤/‬ا‪١‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬معجم فا استعجم من أسماء البلاد والمواضع ‪ .‬تحقيق مصطفي‬ ‫السقا ‪ .‬عالم الكتب ‪ .‬بيروت ‪ .‬الطبعة الثالثة ‪ .‬سنة ‏‪/ ١٤٠٢٣‬‬ ‫‏‪ ١٩٨٣‬م ‪.‬‬ ‫‪ -‬المسالك والممالك ‪ .‬تحقيق دكتور عبدالله يوسف الغنيم ‪ .‬ذات‬ ‫السلاسل ‪ .‬الكويت ‪٩٧٧ .‬ا‪١‬م‏ ‪. .‬‬ ‫‪ -‬اليلادي البحراني ‏‪ ٠‬الشيخ على بن ا لشيخ حسن‪.‬‬ ‫‏‪ ١ -‬نوا ر ا لبدريين في ترا جم علما‪ .‬ا لقطيف وا لإحسا ّ وا ليحرين ‏‪٠‬‬ ‫تحقيق محمد على رضا ‪ .‬النجف الأشرفس سنة ‪١٣٧٧‬ه‏ ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٢٧٩‬ھ‏‬ ‫‪.‬ت‬ ‫‪ -‬البلاذري ‏‪ ٠‬أحمد بن يحمى‬ ‫‪ .‬‏‪ ٩١٥٦‬‏م‪. ١‬‬ ‫‏‪ ٠‬الثاهرة‬ ‫فتوح البلدان ‏‪ ٠‬مكتبة النهضة المصرية‬ ‫‪-‬البيروني ‪ .‬أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني ‪ .‬ت ‪٤٤ .‬ھ‏ ‪٠٤٨ /‬ا‪١‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬تحقيق ماللهند من مقبولة في العقل أو مرذولة ‪ .‬عالم الكتب ‪.‬‬ ‫بيروت الطبعة الثانية ‪١٤.٣ .‬ه‏ ‪١٩٣ /‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬الآثار الباقية عن القرون الخالية ‪ .‬مكتبة المنى ‪ .‬بغداد ‪.‬‬ ‫‪ -‬كتاب الجماهر في معرفة الجواهر ‪ .‬عالم الكتب ‪ .‬الطبعة الثالثة‬ ‫‪_ ٤٩٧‬‬ ‫‪ -‬الجاحظ ‪ .‬أبو عثمان عمرو بن مجر ‪ .‬ت ‪٢٥٥‬ھ‏ ‪٨٦٨ /‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬كتاب التبصر بالتجارة ‪ .‬المطبعة الرحمانية ‪ .‬مصر ا‪١٣٥‬ه‏‬ ‫‪ -‬كتاب التاج في أخلاق الملوك ‪ .‬تحقبق فوزى عطوى ه بيروت ‪.‬‬ ‫‪ -‬كتاب البخلاء ‪ .‬تحقيق فان قلوتن ؛ ببررت ‪ .‬بدرن تاريغ ‪.‬‬ ‫حيوا ن ‪ ..‬تحقيق ‏‪ ١‬لدكتور يحعبى ا لشامي ‏‪ ٠‬دار مكتبة الهلال ‏‪١‬‬ ‫ا‬ ‫‪ -‬البيان والتبين ‪ .‬دار صعب ‪ .‬بيروت ‪ -‬بدون تاربغ ‪.‬‬ ‫‪ -‬الجزري ‪ .‬عزالدين ابن الأثير ‪.‬‬ ‫‪ -‬اللباب في تهذيب الأنساب ‪ .‬دار صادر ‪ .‬ببروت ؛ بدرن تاربغ‬ ‫ا‪٤‬ا‪٦‬ھ‏ ‪ /‬‏‪71 ٢١٧١‬‬ ‫‪ -‬ابن جبير ‪ .‬أبو الحسن محمد بن أحمد بن جبير ‪ .‬ت‬ ‫ا لناسك ني ذكر الآثار ‏‪ ١‬لكرة وامناسك ‏‪ ١‬دار‬ ‫‪ -‬رسا لة ا عتبار‬ ‫مكتبة الهلال ‪ .‬الطبعة الثانية ‪ .‬بيروت ‪ .‬سنة ‪٨٩٨٦١‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪ .‬ا لشيخ عبدا لقا در بن أحمد بن محمد‬ ‫ظ لجدي ا لجا زي‬ ‫‏‪ ٠‬دار ابن‬ ‫‪ .‬تحتيق مصطفي ‏‪ ١‬لجدي‬ ‫‏‪ ١-‬لسلاح وا لعدة في تا ريخ جدة‬ ‫‪ ١٩٨٨‬م ‪.‬‬ ‫‪٤. ٨‬اھ ‪/‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫كثير ‪ .‬د مشىق‬ ‫‪ -‬ابن حزم ا لأندلسي ‪ .‬أبو محمد على بن أحمد بن سعيد ‪ .‬ت ‪٤٥٦‬ھ‏ ‪٠٦٣٢/‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬جمهرة أنساب العرب ‪ .‬راجعه لجنة من العلماء ‪ .‬دار الكتب‬ ‫العلمية ‪ .‬بيروت ‪ .‬سنة ‪١٤1.٣‬ه‏ ‪٩٨٣ /‬ام‪.‬‏‬ ‫‪ -‬ابن حوقل االنصيبي ‪ .‬أبوالقاسم محمد ‪ .‬ت ‪٣٨٠‬ه‏ ‪٢٩! /‬م‪.‬‏‬ ‫‪ -‬صورة الأرض ‪ .‬دار مكتبة الحياة ‪ .‬بيروت ‪ .‬بدون تاربغ ‪.‬‬ ‫‪ -‬الحموي ‪ .‬شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت ‪ .‬ت ‪٦١٢٦‬ه‏ ‪٢٢!٨ /‬ام‏ ‪.‬‬ ‫ا بدون تاربغ ‪.‬‬ ‫‏‪ ٨‬بيروت‬ ‫دار صادر‬ ‫معجم البلدان!‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ -‬الحميري ‪ .‬محمد بن عبدالمنعم ‪ .‬القرن التاسع الهجري ‪ /‬الخامس عشر الميلادي ‪.‬‬ ‫‪- ٤٩٨‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬تحقيق دكتور إحسان عباس‬ ‫المعطار في خبر الأقطار‬ ‫‪ -‬الروض‬ ‫مكتبة لبنان ‪ .‬الطبعة الثانية ‪ .‬سنة ‪١٩٨٤‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬ابن خياط ‪ .‬أبو عمرو خليفة بن خياط الليشي العصفري ‪ .‬ت ‪٢٤.‬هھ‏ ‪٨٥٤ /‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ .‬دا ر‬ ‫ضيا ‏‪ ٠‬ا لعمري‬ ‫‪ .‬تحقيق دكتور أكرم‬ ‫‪ -‬تا ريخ خليفة بن خيا ط‬ ‫‏‪١ ٣٨٩٧١‬ھ ‪ ٩٧٧ /‬‏م‪. ١‬‬ ‫القلم ‪ .‬دمشق ‪ .‬الطبعة الثانية ‪ .‬سنة‬ ‫‪ -‬ابن رستة ‪ .‬أبو على أحمد بن عمر‬ ‫‪ -‬الأعلاق النفيسة ‪ .‬دار إحياء التراث ‪ .‬بيروت ‪١٤٠٨ .‬ه‏‬ ‫‪ -‬ابن سعيد المغربي ‪ .‬أبو الحسن على بن موسى ‪ .‬ت ‪٦٧٧‬ه‏ ‪٢٩١ .‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬كتاب الجغرافيا ‪ .‬تحقيق اسماعيل العربي ‪ .‬المكتب التجاري ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪١ ٩ ٧‬م‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‏‪ ٠‬سنة‬ ‫بيروت‬ ‫‏‪ ٩٢.‬م ‪.‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪.‬ا‪٣١‬ه‏‬ ‫‪.‬ت‬ ‫بن جرير‬ ‫‪ .‬ا بو جعفر محمد‬ ‫۔ ا لطبري‬ ‫تاريخ الرسل والملوك ‪ .‬تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم ‪ .‬دار‬ ‫المعارف بالقاهرة ‪.‬‬ ‫‪ -‬ابن الفقيه المهداني ‪ .‬أبو بكر أحمد بن محمد ‪ .‬المعروف بابن الفقيه ‪.‬‬ ‫‪١٤.٨.‬اھه‏‬ ‫مختصر كتاب البلدان ‏‪ ٠‬دار إحيا ‪ .‬التراث ‏‪ ٠‬بيروت‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٩٨/‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬ابن فتيبة ‪ .‬زيو محمد عبدالله بن مسلم ‪ .‬ت ‪٢٧٦‬ه‪٨٨٩/‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬المعارف ‪ .‬تحقيق دكتور ثروت عكاشة ‪ .‬الطبعة الرابعة ‪ .‬دار‬ ‫المعارف ‪ .‬القاهرة ‪ .‬بدون تاريخ ‪.‬‬ ‫‪ -‬عيون الأخبار ‪ .‬دار الكتب المصرية ‪ .‬القاهرة ‪١٣٤٣ .‬ه‏‬ ‫‪٩٥/‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬القرشي ‪ .‬أبوزيد محمد بن أبي الخطاب ‪ .‬ت ‪١٧.‬ه‪٢٨٦/‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬جمهرة أشعار العرب ‪ .‬دار بيروت للطباعة ‪ .‬‏‪ ٠٤‬‏ه‪1٤١‬‬ ‫‪_ ٤٩٩‬‬ ‫‪ -‬القرشي ‪ .‬يحيى بن آدم ‪ .‬ت ‪٢.٣‬هھ‏ ‪٨١٨/‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬كتاب ا لحراج ‪ .‬تحقيق حسين مزنس ‪ .‬دار الشروق ‪ .‬القاهرة ‪.‬‬ ‫‪ -‬القزويني ‪ .‬زكريا بن محمد بن محمود ‪ .‬ت ‪٦١٨!٢‬ھ ‏‪ ٧٨٣/‬‏م‪. ١‬‬ ‫‪ ,‬‏‪ ٨٨٩‬اھ ‪ .‬‏‪ ١٧٩١‬م ‪.‬‬ ‫‪ -‬اثار البلاد واخبار العباد ‏‪ ١‬دار بيررت‬ ‫‪ -‬عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات ه ببررت‪.‬‬ ‫‪ -‬القلقشتندي ‪ .‬أبوالعباس أحمد بن على بن أحمد ‪ .‬ت ‪٨٢١‬د‏ ‪٤١٨/‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب ‪ .‬بغداد ‪ .‬سنة ‪١٧٢٧٨‬ه‪/‬‏‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٩٨‬ام‪٠.‬‏‬ ‫صبح الأعشى في صناعة الإنشا ‪ .‬القاهرة ‪١٢٣! ,‬د‏ ‪٩١٤ /‬ام‏‬ ‫‪ -‬قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان ‪ .‬تحقيق ابراهبم‬ ‫الإبيارى ‪ .‬دار الكتب الحديثة ‪ .‬القاهرة ‪ .‬‏‪ ١٢٨٢‬‏ما‪/٣١٦٩٨‬‬ ‫‪ -‬المسعودي ‪ .‬أبو الحسن على بن الحسين بن على ‪ ,‬ت ‪٣٤٦‬ھ‏ ‪٧/‬ه‪٢‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬أخبار الزمان ‪ .‬دار الأندلس ‪ .‬بيروت ه بدون تاربغ ‪.‬‬ ‫‪ -‬التنبيه والأشراف ‪ .‬دار مكتبة الهلال ‪ .‬بيروت ‪٨٨١‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬مروج الذهب ومعادن الجوهر ‪ .‬تحقيق محمد محى الدين‬ ‫عبدالحميد‪ .‬المكتبة العصرية ببررت ‪١٤.٨ .‬ه‏ ‪٨٨٨/‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬المقدسي ‪ .‬أبو عبدالله محمد بن أحمد ‪ .‬ت ‪٣٩٠‬ه‏ ‪٠٠٠ /‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪-‬أحسن ا لتقاسيم ني معرفة الأقاليم ‏‪ ١‬تقديم دكتور محمد مخزوم‬ ‫‪ ٤٠٨‬‏‪/٧٨١‬دا‪ ١‬ام ‪.‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‏‪ ٠‬دار إحيا ‪ .‬التراث ‏‪ ٠‬بيروت‬ ‫‪ -‬ابن المقفع ‪ .‬عبدالله بن المقنع ‪.‬‬ ‫‪ -‬كتاب كليلة ودمنة ‪( .‬ترجمة إلى العرببة ) بيروت ا ‪.‬‬ ‫‪ -‬المليباري ‪ .‬الشيخ أحمد زين الدين المعزي ‪ .‬ت ‪٨١٨١‬ه‪ /‬‏‪ ٨٨٣‬ام ‪.‬‬ ‫‪ -‬تحفة المجاهدين في أحوال البرتغاليين ‪ .‬تحقيق محمد سعيد‬ ‫الطريحي ‪ .‬دائرة المعارف الهندية‪ .‬المركز الثقافي العربي الهندي ‏‪٠‬‬ ‫‏‪ ١٥‬م ‪.‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪٤.٥.‬ا‪١‬اه‏‬ ‫بيروت‬ ‫‪ -‬ابن منظور ‪ .‬أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ‪ .‬ت ‪٧١١‬ه‪١٣١١/‬م‏ ‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬بدون تاريخ ‪.‬‬ ‫‏‪ ٨‬دار صادر‬ ‫‪ 7‬لسان العرب ‏‪ ٠‬بيروت‬ ‫‪ -‬نثار الأزهار ‪ .‬شرح أحمد عبدالفتاح تمام ‪ .‬بيروت ‪ .‬‏‪ .٩‬‏‪/‬ه‪٤١‬‬ ‫‏م‪. ٨٨٩‬‬ ‫‪ -‬ابن النديم ‪ .‬محمد بن أسحق ‪ .‬المعروف بالورق ‪ .‬ت ‪٤٣٨‬ه‪٠٤٦/‬ا‪١‬م‏ ‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬دار تطري بن النجا مة ‪.‬‬ ‫‪ -‬الفهرست ‪ .‬تحقيق دكتورة ناهد عباس‬ ‫قطر ‪ .‬سنة ‪٩٨٥‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬الهمداني ‪ .‬الحسن بن أحمد بن يعقوب ‪ .‬ت ا‪٣٣٤‬هھ‏ ‪١٠٤١/‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬صفة جزيرة العرب ‪ .‬تحقيق محمد بن على الأكوع ‪ .‬دار اليمامة‬ ‫‪ ٩٧٧‬‏م‪. ١‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‏‪ ٠‬السعودية‬ ‫‏‪ ٠‬الرياض‬ ‫‪ -‬الإكليل من أخبار اليمن وأنساب حمير ‪ .‬الكتاب العاشر ‏‪٠‬‬ ‫الدار اليمنية ‪ .‬الطبعة الثانية ‪١٤٠٨ .‬ه‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬اليعقوبي ‪ .‬أحمد بن يعقوب بن واضح ‪( .‬ت ‏‪ ٢٨٤‬‏م‪). /٧٩٨٨‬‬ ‫‪٤.٨.‬ا‪١‬ه‏‬ ‫‏‪ ٠4‬بيروت‬ ‫البلدان ‏‪ ٠‬دار إحيا ‪ .‬التراث‬ ‫‪ -‬كتاب‬ ‫‪ -‬تاريخ اليعقوبي ‪ .‬دار صادر ‪ .‬بيروت بدون تاريخ ‪.‬‬ ‫‪ -‬أبو العرب ‪ .‬محمد بن أحمد بن تميم القيرواتي (ت ‪٣٣٣‬ه)‪.‬‏‬ ‫‏‪ ٠‬بدون‬ ‫علما ‏‪ ٠‬اذريقية ‏‪ ٠‬دار الكتاب اللبناني ‏‪ ٠‬بيروت‬ ‫طبقات‬ ‫المقريزي ‪ .‬تقى الدين أحمد بن على ‪ ( .‬ت ‪٨٤٥‬ه‏ )‬ ‫‪ -‬اتعاظ الحنفا بأخبار الآنمة الفاطميين الحنفا ‪ .‬تحقيق د ‪ .‬جمال‬ ‫الدين الشيال‪ .‬القاهرة ‪ .‬سنة ‪١٩٦٩٤٨=٩‬م‏ ‪.‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‏‪ ٠‬تحقيق د‪ .‬محمد مصطفي زيا دة‬ ‫_ ا لسلوك لمعرفة ‏‪ ٥‬ول ‏‪ ١‬لملوك‬ ‫_‬ ‫‪٥.١‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬المراجع العربية ‪:‬‬ ‫‪ .‬دكتور ‪.‬‬ ‫‪ .‬محمد‬ ‫‪ -‬أبو العلا‬ ‫‪ -‬موقع عمان الجغرافي ‪ .‬وعلاتاتها امكانية ‪ .‬دار النهضة‬ ‫العربية ‪ .‬القاهرة ‪١٤.٥ .‬ه‪٨٨٥/‬ام‏ ‪.‬‬ ‫إبراهيم زرقانة ‏‪ ٠‬دكتور ‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ -‬العائلة البشرية ‪ .‬القاهرة ‪٩٥. .‬ام‪.‬‏‬ ‫‪ -‬أحمد ‪ .‬أحمد علي ‪.‬‬ ‫‪ -‬كلوة تاريخها وحضارتها من القرن العاشر إلى الفرن الخامس‬ ‫عشر الميلاديين ‪ .‬رسالة ماجستير ‪ .‬غير منشررة ‪ .‬جامعة الناهرة‬ ‫‏‪ ٩٨٣ .‬‏م‪. ١‬‬ ‫‪ -‬السيد ‪ .‬أحمد لطفي ‪.‬‬ ‫‪ -‬قبائل العرب في مصر ‪ .‬القاهرة ‪١٢٥ .‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬المجذوب ‪ .‬عبدالعزيز ‪.‬‬ ‫‪ -‬الصراع المذهبي بإفريقية إلى قبام الدولة الزبيرية ‪ .‬تقديم على‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‪٩٥‬ام‬ ‫‏‪ ٠‬سنة‬ ‫‏‪ ٠‬تونس‬ ‫الشامي‬ ‫‪ -‬الدوري ‪ .‬تقى الدين عارف ‪.‬‬ ‫‪ -‬صقلية ‪ .‬علاقاتها بول البحر المتوسط الإسلامبة من الفتع‬ ‫العربي حتى الغزو النورمندي ‪ .‬بغداد ‪ .‬سنة ‏‪ ٧٩٢٨٠‬م‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬دكتور‬ ‫‏‪ ٠‬الحبيب‬ ‫الجنحاني‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ -‬المغرب الإسلامي ‪ .‬‏(‪ ٤ - ٣‬ه ‪ -‬القرنين ‏‪ - ١‬‏ما‪ . ) ٠‬الدار‬ ‫التونسية للنشر ‪ .‬بدون تاريخ ‪.‬‬ ‫‪٥ ,٢‬‬ ‫‪ -‬الشاطر ‪ .‬عبدالجليل ‪.‬‬ ‫‪ -‬تاريخ حضارات السودان الشرقي والأوسط ‪ .‬سنة ‪١٩٧٢‬م‏ ‪.‬‬ ‫التكروري ‪ .‬احمد بابا‪.‬‬ ‫‪-‬نيل البتهاج بتطريز الديباج ‪ .‬دراسة وتحقيق ناطق صالح ‪ .‬رسالة‬ ‫‏‪ ٩٧!٢.‬‏‪.‬م‪١‬‬ ‫‏‪ ٠‬القاهرة‬ ‫‏‪ ٠‬غير منشورة‬ ‫ماجستير‬ ‫‪ -‬إبراهيم طرخان ‪ .‬دكتور ‪.‬‬ ‫‪ -‬الإسلام والممالك الإسلامية بالحيشة في المصور الوسطي ‪.‬‬ ‫القاهرة ‪١٩٥٩ .‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬إمبراطورية غانة الإسلامية ‪ .‬مصر ‪.‬سنة ‪١٩١٧٠‬م‪.‬‏‬ ‫‪ -‬دولة مالي الإسلامية ‪ .‬دراسة في التاريخ القومي الإفريقي‬ ‫الهيئة المصرية العامة للكتاب‪١٩١٧٢٣ .‬م‪.‬‏‬ ‫‪:‬‬ ‫‏‪ ٠‬جما ل‬ ‫‪ -‬زكريا‬ ‫‏‪ ٠‬صلاح‬ ‫‪ -‬العقا د‬ ‫‪ -‬زنجبار ‪ .‬سلسة الألف كتاب ‪ .‬القاهرة ‪..‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‏‪ ٠‬دكتور‬ ‫الشيخ ‏‪ ٠‬رأفت غنيمي‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ -‬إفريقيا في التاريخ المعاصر ‪ .‬القاهرة‪١٧٩١٨٢ .‬م ‏‪٠‬‬ ‫‪-‬الشيباني ‪ .‬سليمان بن عبدالله ‏‪٠‬‬ ‫‪ -‬مملكة زنجبار ‪ .‬بدون تاريخ شر ومكان نشر ‪.‬‬ ‫‪ -‬الجمل ‪ .‬شوقي ‪ .‬دكتور ‪.‬‬ ‫‪.‬الطبعة الثانية ‏‪٠‬‬ ‫‏‪ ٠‬القاهرة‬ ‫افريقيا واستعمارها‬ ‫تاريخ كشف‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪ ٩٨.‬‏م‪. ١‬‬ ‫‪ -‬السديس ‪ .‬عبدالرحمن بن علي ‪.‬‬ ‫‪ -‬تطور حركة انتشار الإسلام في شرق إفريقية في ظل ولة‬ ‫س‬ ‫‏‪٥ ,٢٣‬‬ ‫البوسعيد ( ‏‪ ١٢٤٩١ -١٢٤٨‬ها ( ‏‪ -١٧٨٣٢‬‏ما‪ ) .٢٩‬رسال‬ ‫) غبر منشورة ا ‏‪١‬‬ ‫‏‪ ٠‬جا معةا لإما م محمد بن سعرد‬ ‫ما جسخبر‬ ‫الرياض ‪١٩٨٧‬م‪.‬‏‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ .‬دكتور‬ ‫‪ .‬محمد‬ ‫‪ -‬الحداد‬ ‫‪ -‬حقائق تاريخية عن العرب والإسلام ي افريقبة الشرقبة ‪,‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬دكتور‬ ‫محمل عبدالله‬ ‫النقيرة‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬إنتشار الإسلام في شرق إفريقيا ومناهضة الغرب لة ‪ .‬الرياض‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬دكتور‬ ‫‪ -‬الغنيمي ‏‪ ٠‬عبدالفتاح‬ ‫افريقيا ' جامعة التاهرة ‏‪ ٨‬بدرن تاربغ‬ ‫حركة المدا لاسلام في غرب‬ ‫‏‪ ٠.‬دكتور‬ ‫‪ .‬محمود‬ ‫‏‪ ١ -‬لحويري‬ ‫‪ ٩٨٦‬ام ‏‪٠‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫المعارف‬ ‫‏‪ ٠‬دار‬ ‫إفريقية‬ ‫ساحل شرق‬ ‫‪-‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ٨٠‬دكتور‬ ‫‪ -‬أبو العلا ‪ .‬محمود‬ ‫‪ -‬جغرافية شبة جزيرة العرب ‪ .‬القاهرة ‪١٧٢.‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬جغرافية العالم الإسلامي ‪ .‬مكتبة الفلاع ‪ .‬الكريت ‪٨٨١‬ام‪.‬‏‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬دكتور‬ ‫سيد احمد‬ ‫أبو العينين ‪ .‬حسن‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ -‬آسيا الموسمية وعالم المحيط الهادي ‪ .‬دار النهضة العربية‬ ‫بيروت ‪.‬الطبعة الثامنة ‪ .‬سنة ‪١٤.٤‬ه‏ ‪ /‬ا‪٩٨‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪١‬بيررت؛‏ سنة ‪١٩٧٧‬م‪.‬‏‬ ‫الاقتصادية ‏‪ ٠‬مؤسسة مكاري‬ ‫الموارد‬ ‫‪-‬‬ ‫‪.‬‬ ‫مرسي‬ ‫‏‪ ١ -‬بو ا لليل ‪ .‬محمد‬ ‫‪ -‬الهند ‪ .‬تاريخها وتقاليدها جغرافيتها ‪ .‬سلسة الألف كتاب ‪,‬‬ ‫مؤسسة سجل العرب ‪ .‬القاهرة سنة ‪٩٦٥‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪_ ٥ ,٤‬‬ ‫‪- .٠‬احمد ‪ .‬السيد مقبول ‪ .‬دكتور‪٠ ‎‬‬ ‫‪ -‬صف الهند وما يجاورها من البلأد ‪ .‬مأخوذة من كتاب نزهة‪‎‬‬ ‫المشتاق في إختراق الأفاق ‪ 4‬رسالة دكتوراه ‪ .‬نشرت في الهند‪‎‬‬ ‫سنة‪ ‎‬ما‪٤٥٩٩‬ا ‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬دكتور ‏‪٠‬‬ ‫‪ -‬إسماعيل ‏‪ ٠‬فاروق‬ ‫‪ -‬المدخل الي الإنتروبولوجيا ‪ .‬الإسكنرية سنة ‪١٩٧٨‬م‪٠‬‏‬ ‫‪ -‬الأمين ‪ .‬اسماعل ‪.‬‬ ‫‏‪ ٩٩‬‏‪.‬م‪١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬ضيا ‪ .‬الريس ‏‪ ٠‬لندن‬ ‫البحار‬ ‫رواد‬ ‫العمانيون‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ -‬أميني ‪ .‬نور عالم خليل ‪.‬‬ ‫‪ -‬المسلمون في الهند ‪ .‬دار الصحوة ‪ .‬القاهرة ‏‪ .٩‬‏ه‪ / ٤١‬‏م‪٨٨٩١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ .‬دكتور‬ ‫حسن‬ ‫‪ -‬الباشا‬ ‫‪ -‬دراسات في الحضارة الإسلامية ‪ .‬دار النهضة العربية ‪ .‬بدون ‪.‬‬ ‫‪ -‬المدخل الي الثار الإسلامية ‪ .‬دار النهضة العربية ‪ .‬القاهرة ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫القادر‬ ‫عبد‬ ‫‪ -‬بافقية ‪ .‬محمد‬ ‫‏‪ ٩٨٦‬‏‪.‬م‪١‬‬ ‫‪ .‬سنة‬ ‫‏‪ ٠‬بيروت‬ ‫‪ -‬تاريخ اليمن القديم‬ ‫‪ -‬الدبر ‪ .‬سليمان بن سعدون ‪ .‬دكتور ‪.‬‬ ‫‏‪ ٩١٨٧١‬‏‪.‬م‪١‬‬ ‫‪ .‬سنة‬ ‫العربي ‏‪ ٠‬الكرويت‬ ‫منطقة الخليج‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ -‬بكير ‪ .‬بحاز ‪.‬‬ ‫‪ -‬الدولة الرسمية دراسة في الأوضاع الإقتصادية والحياة الفكرية‬ ‫‪ .‬الجزائر ‪١٩٨٥ .‬م‪.‬‏‬ ‫‪ -‬الجرافي ‏‪ ٠‬القاضي عبدالله عبدالكريم ‪.‬‬ ‫‪-_-‬‬ ‫‪٥‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫]‬ ‫‪--‬‬ ‫‪ .‬ا لطبعة ا لثانية ‪ .‬سة‬ ‫‏‪ ٠‬بيروت‬ ‫تا ريخ ‏‪ ١‬ليمن‬ ‫‏‪ ١-‬مقتطف من‬ ‫‏‪ ٩٨٧‬‏م‪. ١‬‬ ‫‏‪ ٤.٧‬اه‬ ‫‪-‬الجعبيري ‪ .‬فرحات ‪ .‬دكتور ‪.‬‬ ‫‪ -‬البعد الحضاري للعقيدة الأباضية ‪ .‬مسقط ‪ .‬سنة ‪١٤.٨‬ه‏ ‪/‬‬ ‫‪٩٨٧‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬جيان ‪ .‬بحار ‪.‬‬ ‫‪ -‬وثائق تاريخية ومعلومات جغرافية وتحبارية عن سواحل افريقية‬ ‫الشرقية ‪ .‬دونت سنة ‪١٨٥٦‬م‏ ‪ .‬نقلها إلى العربية يوسف كمال ‪.‬‬ ‫القاهرة سنة ‪١٣٤٥‬ه‏ ‪٩٢٧ /‬ا‪١‬م‪.‬‏‬ ‫‏‪١‬‬ ‫‪-‬الحداد ‪ .‬السيد علوي بن طاهر ‪.‬‬ ‫‪ -‬المدخل إلى تاريخ الإسلام في الشرق الأقصي‪ .‬عالم المعرفة ‪.‬‬ ‫جدة‪ .‬المملكة العربية السعودية ‪ .‬سنة ‪١٤.٥‬ه‏ ‪٩٨٥ /‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ .‬علي بن محسن‬ ‫‪ -‬آل حفيظ‬ ‫‪2‬‬ ‫‏‪٩١٨٧١‬‬ ‫‪ .‬سنة‬ ‫وآدبها ‪ .‬مسقط‬ ‫لهجات مهرة‬ ‫من‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪ ٠‬دكتور‬ ‫الرحمن‬ ‫‪ .‬عيل‬ ‫‪ -‬حميدة‬ ‫‪ -‬جغرافية آسيا ‪ .‬دار الفكر ‪ .‬دمشق ‪ .‬سنة ‪١٤.٨‬ه‏ ‪٩٨٩٨٨‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ٥‬دكتور‬ ‫‪ -‬الحوفي ‪ .‬احمد‬ ‫‪ -‬تيارات ثقافية بين العرب والفرس ‪ .‬دار نهضة مصر ‪.‬‬ ‫‏‪.٠‬‬ ‫الشيخ‬ ‫وهيبة‬ ‫‏‪ ٠‬نسيب‬ ‫الخازن‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪ ٩٦!٢.‬‏م‪. ١‬‬ ‫‏‪ ٠‬بيروت‬ ‫الي العرب‬ ‫‪ -‬من السامين‬ ‫‪ -‬أبو خليل ‪ .‬شوقي ‪.‬‬ ‫‪ -‬أطلس التاريخ العربي ‪ .‬دار الفكر ‪ .‬دمشق‪ .‬سنة ‪١٤.٤‬اه‏ ‪.‬‬ ‫‏‪ ٥ ,٦‬س‬ ‫ِ‬ ‫أحمد ‏‪ ٠‬دكتور‪.‬‬ ‫‪ -‬درويش‪.‬‬ ‫‪ -‬مدخل الي دراسة الأدب في عمان ‪ .‬دار الأسرة للطبع والنشر ‪. .‬‬ ‫‏‪ ٩٩٢‬‏‪.‬م‪١‬‬ ‫سنة‬ ‫مسقط‪.‬‬ ‫‪ -‬دلو ‏‪ ٠‬برهان الدين ‏‪٠‬‬ ‫دار‬ ‫‪.‬‬ ‫الإسلام‬ ‫قبل‬ ‫العرب‬ ‫جزيرة‬ ‫_‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪١‬م‬ ‫‪٩٨٩‬‬ ‫بيروت‪٧‬‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫الفارابي‬ ‫‪ -‬زكي ‪ .‬عبدالرحمن ‪.‬‬ ‫‪ -‬السلاح في الإسلام ‪ .‬دار المعارف في مصر ‪ .‬بدون تاريخ‬ ‫‪ -‬المسلمون في العالم ‪ .‬القاهرة ‪١٩٥٨‬م‪.‬‏‬ ‫‪.‬دكتور‪.‬‬ ‫محمد‬ ‫‪ .‬محمد‬ ‫‪ -‬زيتون‬ ‫‪ -‬المسلمون في الشرق الأقصى ‪ .‬دار الوفاء ‪ .‬المنصورة ‪.‬‬ ‫‏‪ ٩٨٥‬‏م‪. ١‬‬ ‫اه ‪/‬‬ ‫‏‪.٥‬‬ ‫‪ -‬سالم ‪ .‬السيد عبد العزيز ‪.‬دكتور ‪.‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‏‪ ٠‬تاريخ العرب قبل الا سلام‬ ‫في تاريخ العرب‬ ‫‪ -‬دراسات‬ ‫تاريخ ‪.‬‬ ‫الإسكندرية بدرن‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ .‬د كتور‬ ‫‏‪ .٥.‬أ حمد‬ ‫‪ =-‬سعيد‬ ‫‪.‬‬ ‫‪. ٩٨‬م‪‎١‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪ 4‬مصر‪‎‬‬ ‫المعارف‬ ‫‪ ٠‬دار‬ ‫البيروني‪‎‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ 7‬سليم ‪ .‬أحمد امين ‪ .‬دكتور‪.‬‬ ‫الأدنى القديم ‪ .‬دار النهضة العربية ‪ .‬بيروت ‪.‬‬ ‫‪ -‬في تاريخ الشرق‬ ‫‏‪ ٩٨٩‬‏م‪. ١‬‬ ‫‪ -‬إيران منذ أقدم العصور حتى أوأسط الألف الثالث ق‪-‬م ‏‪ ٠‬دار‬ ‫النهضة العربية ‪ .‬بيروت سنة ‏‪ ١٤..٨‬ه ‪٨٩٨٨ /‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ .‬د كتور‬ ‫ا لسعيد‬ ‫‏‪ ٠‬أ حمد‬ ‫‪ -‬سليما ن‬ ‫‏‪ ٥ .٧‬۔‬ ‫_۔‬ ‫‪ -‬تاريخ الدولة الإسلامية ومعجم الأسر الحاكمة ‪ .‬دار المعارف‬ ‫‪.‬مصر ‪ .‬سنة ‪١٩٧٢‬م‏ ‪ (.‬نقل عن التركية وأضاف إلية ) ‪.‬‬ ‫‪ .‬دكتور ‪.‬‬ ‫‪ -‬سوسة ‪ .‬احمد‬ ‫‪ -‬العرب واليهود في التاريخ ‪ .‬المكتب العربي للإعلان والنشر‬ ‫‏‪ ٩٧١٥‬‏م‪١‬‬ ‫والترجمة ‪ .‬دمشق ؛ الطبعة الرابعة سنة‬ ‫‪ -‬الشامي ‪ .‬أحمد عبد الحميد ‪ .‬الأستاذ الدكتور ‪.‬‬ ‫‪ -‬في تاريخ العرب والإسلام ‪ .‬الأنحبلو ‪ .‬الطبعة الأولى ‪٩٧٦.‬م‏‬ ‫‪ -‬الخلفاء الراشدون ‪ .‬دار النهضة العربية ‪ .‬القاهرة ‪ .‬الطبعة‬ ‫الأولى ‪٩٨٢ .‬ام‪.‬‏‬ ‫‪ -‬الدولة الإسلامية في العصر العباسي الأول ‪ .‬الأنحيلو ‪ .‬الطبعة‬ ‫الثانية ‪ .‬القاهرة ‪ .‬سنة ‪١٩٨٦‬م‪.‬‏‬ ‫‪ -‬العلاقات التجارية ‪ .‬بين دول الخليج والشرق الأقصى ‪ .‬وأثر‬ ‫ذلك في بعض الجوانب الحضارية في العصور الوسطى ى النهضة‬ ‫العربية ‪ .‬القاهرة ‪ .‬الطبعة الأولى ‪ .‬سنة ‪٩٧٨‬ا‪١‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬صالح ‪ .‬عبدالعزيز‪ .‬دكتور‪.‬‬ ‫‪ -‬الشرق الأدنى القديم ‪ .‬الأنحبلو المصرية ‪ .‬القاهرة ‪٩٧٦‬ام‪.‬‏‬ ‫‏‪٨‬‬ ‫‪ -‬الصيني ‏‪ ٠‬بدر الدين حى‬ ‫‪ -‬العلاقات بين العرب والصين ‪ .‬القاهرة ‪.‬سنة ‏‪ ١٣٧٠‬ه‪/‬‬ ‫‏‪ ١٩٥‬م ‪0‬‬ ‫‪ -.‬عابدين ‪ .‬عبد المجيد ‪.‬‬ ‫‏‪ ٩١٦٧١‬‏‪.‬م‪١‬‬ ‫‪ .‬سنة‬ ‫‪ 4‬بيروت‬ ‫تاريخ الثقافات العربية في السودان‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ .‬دكتور ‪.‬‬ ‫‪ -‬العبادي ‪ .‬مصطفي‬ ‫_ تاريخ العرب قبل الإسلام ‪ .‬بيروت ‏‪ ٠‬بدون تاريخ ‪.‬‬ ‫۔‬ ‫‏‪٥.٨‬‬ ‫۔‬ ‫‏‪ ٠‬دكتور‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬توفيق أحمد‬ ‫‪ -‬عبدالجواد‬ ‫‪ -‬تاريخ العمارة والفنون في العصور الأولي ‪ .‬الأنجلو المصرية‬ ‫الطبعة الثالثة سنة ‪١٩٨٢‬م‏ ‪.‬‬ ‫‏‪. ٠‬‬ ‫‪ .‬دكتور‬ ‫محمد‬ ‫الحليم ‏‪ ٠‬رجب‬ ‫عبد‬ ‫‪-.‬‬ ‫‪ -‬العمانيون والملاحة والتجارة ونشر الإسلام ‪ .‬مكتبة العلوم ‪.‬‬ ‫‏‪ ٤١٠‬‏ه‪ / ١‬‏‪.‬م‪٩١‬‬ ‫مسقط ‪ .‬سنة‬ ‫‪.‬‬ ‫أبو المحاسن ‪ .‬دكتور‬ ‫‪ .‬محمل‬ ‫‪ -‬عصفور‬ ‫‪ -‬المدن الفينيتية ‪ .‬بيروت ‪١٩٨١ .‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬العقاد ‪ .‬صلاح ‪ .‬دكتوز ‪ .‬قاسم ‪ .‬جمال زكريا ‪.‬‬ ‫‪ -‬زنج‬ ‫بار ‪ .‬سلسلة الألف كتاب ‪ .‬الأنجلو المصرية ‪ .‬بدون تاريخ ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬دكتور‬ ‫‏‪ ٠‬صلاح‬ ‫‏‪ ١ -‬لعقا د‬ ‫‪ -‬التيارات السياسية في الخليج العربي ‪ .‬الانحجلو المصرية‬ ‫‪ .‬‏‪ ٩٧٤٤‬‏م‪. ١‬‬ ‫القاهرة‬ ‫‏‪ ٠‬دكتور‬ ‫‏‪ ٠‬جواد‬ ‫‪ -‬على‬ ‫‪ -‬المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ‪ .‬دار العلم للملايين ‪.‬‬ ‫بيروت ‪ .‬الطبعة الثانية ‪ .‬سبتمبر ‪١٩٧٧ .‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬تاريخ العرب في الإسلام ‪ .‬الطبعة الأولى ‪ .‬دار الحداثة‬ ‫‪١‬م ‪.٠‬‬ ‫‪٩٨٣‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫بيروت‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -‬علبي ‏‪ ٠‬أحمد ‪ .‬دكتور‬ ‫‪ -‬العهد السري للدعوة العباسية (من الأمويين إلى العباسيين )‬ ‫‪ -‬ثورة العبيد في الإسلام ‪ .‬دار الآداب ‪ .‬بيروت ‪١٩٨٥ .‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪. ٥.٩‬‬ ‫‪ -‬المياركبوري ‪ .‬أظهر ‪ .‬القاضي الهندي ‪.‬‬ ‫‪ -‬العرب والهند في عهد الرسالة ‪ .‬ترجمة عبدالعزيز عزت‬ ‫عبدالجليل ‪ .‬القاهرة ‪٩٧٢٣ .‬ام‏ ‪.‬‬ ‫‪ -‬رجال السند والهند إلى القرن السابع ‪ .‬دار الأنصار ‪ .‬القاهرة‬ ‫‪٨‬مم‏ ‪ .‬جزان‬ ‫‪ -‬العقد الثمين في فتوح الهند وماورد فيها من الصحابة‬ ‫والتابعين ‪..‬دار الأنصار ‪ .‬القاهرة‪ .‬بدون تاربخ ‪.‬‬ ‫‪ .‬دكتور ‏‪.٠‬‬ ‫‪ .‬محمود‬ ‫‪ .‬دكتور ‏‪ ٠‬أبو العلا‬ ‫‪ -‬متولى ‪ .‬محمل‬ ‫جرا فية ‏‪ ١‬لخليج ‏‪ ١‬لعربي ‏‪ ٠‬مكتبة ‏‪ ١‬لفلاح ‘ ‏‪ ١‬لكريت ‏‪ ١ ٩ ٨ ٢ ٠‬م ‏‪٠‬‬ ‫‪-‬‬ ‫المزيني ‪ .‬أحمد عبدالعزيز ‪.‬‬ ‫‪( .‬رحلة ا لشراع ( دار ‏‪ ١‬لسلاسل ‏‪٠‬‬ ‫‪ ١‬لكويت وتاريخها ‏‪ ١‬لبحرى‬ ‫‏‪-‬‬ ‫الكويت ‪١٤.٧ .‬ه‪/‬‏ ‪١٩٨٦‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪ .‬دكتور ‪.‬‬ ‫‪ .‬محمد عوض‬ ‫‪ -‬محمد‬ ‫‪ -‬الشعوب والسلالات الإفريقية ‪ .‬الدار المصرية للتأليف‬ ‫والترجمة ‪١٩٦٥ .‬م‏ ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ .‬على حسن‬ ‫= موسى‬ ‫‪ -‬العواصف والأعاصير ‪ .‬دار الفكر ‪ .‬دمشق ‪ .‬سورية ‪١٩٨٨٦ .‬م‏‬ ‫‏‪ ٠‬دكتور ‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬حسبن‬ ‫مؤنس‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ -‬الإسلام الفاتح ‪ .‬الزهراء للإعلام العربي ‪ .‬القاهرة ‪.٨ .‬إ‪١٤‬ه‏‬ ‫‪ -‬الناضوري ‪ .‬رشيد ‪ .‬دكتور ‪.‬‬ ‫‪ -‬المدخل في التحليل الموضوعي المقارن للتاربغ الحضاري‬ ‫والسياسي في جنوب غربى آسيا وشمال إفريقية ‪ .‬الكتاب الأول ‏‪٨‬‬ ‫الكتاب الثاني ‪ .‬دار النهضة العربية ‪ .‬بيروت بدون تاريخ ‪.‬‬ ‫‏‪ ٥١ .‬س‬ ‫رابعا ‪ :‬المراجع الأفرنجية ‪:‬‬ ‫‪-‬‬ ‫)‪ (..‬ح‬ ‫‪-‬‬ ‫آ‬ ‫ا‬ ‫ع ‪0‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪, 0791.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫& )‪ (.‬م‬ ‫‪ (.) :‬ي‬ ‫ن ‪-‬‬ ‫! ع ‪5,‬‬ ‫‪, 1791.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪:‬ا‬ ‫ح ‪-‬‬ ‫اا‪,‬‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫‪,‬ح‬ ‫‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪:‬م‬ ‫‪-‬‬ ‫ط‬ ‫‪0‬‬ ‫‪,‬ز‬ ‫‪, 5591.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪) :‬‬ ‫ی ‪-‬‬ ‫‪,‬ح‬ ‫‪, 5491.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ (.) :‬س‬ ‫‪-‬‬ ‫ح‬ ‫‪,‬ن‬ ‫‪ , 4791.‬م‬ ‫آ ‪-‬‬ ‫‪(..) :‬‬ ‫‏‪- ٩‬‬ ‫‪ 0‬ر‬ ‫‪,‬‬ ‫‪ , 9791.‬ل‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ ).( :‬لل‬ ‫‪-‬‬ ‫آ‬ ‫ئ‬ ‫ح‬ ‫‪, 0‬ث‬ ‫‪2691.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ (..) :‬ز‬ ‫‪-‬‬ ‫‪0 0‬‬ ‫ع‬ ‫‪,‬‬ ‫‪, 2691.‬‬ ‫‪_ ٥١١‬‬ ‫_‬ ‫‪-‬‬ ‫‪. ). :‬ل( ع‬ ‫م اا ‪-‬‬ ‫اح‬ ‫‪,‬‬ ‫‪, 0891.‬‬ ‫ا ‪-‬‬ ‫‪.) :‬ل‪(8.‬‬ ‫آ ‪-‬‬ ‫ع س‬ ‫‪0‬‬ ‫‪,‬ه‬ ‫‪, 0391.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ما‬ ‫‪(..) :‬‬ ‫‪-‬‬ ‫خ‬ ‫‪ 0‬م‬ ‫ع ه‬ ‫ئ‬ ‫‪,‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪1591.‬‬ ‫آ ‪-‬‬ ‫‪(.) :‬‬ ‫ع م اا ‪-‬‬ ‫‪.‬ه‬ ‫ع م اا ‪-‬‬ ‫‪.‬ث ئ‬ ‫‪-‬‬ ‫‪! (.) :‬‬ ‫ه ‪-‬‬ ‫ع ‪0‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ع‬ ‫‪,‬‬ ‫‪,2291.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ (.) :‬ا‬ ‫‏‪- ٧‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ع‬ ‫‪!, 4691.‬‬ ‫م ‪-‬‬ ‫‪).8( :‬‬ ‫آ ‪-‬‬ ‫‪0‬‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫‪,‬‬ ‫‪, 6391.‬‬ ‫آ ‪-‬‬ ‫‪ 5‬م‬ ‫‪,‬‬ ‫‪, 6391.‬‬ ‫‏‪- ٧‬‬ ‫‪.) :‬خ(‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ 5‬ح‬ ‫‪0‬‬ ‫ع‬ ‫‪5 ,‬‬ ‫‪ , 1951 .‬م‬ ‫_‬ ‫‪٥١٢‬‬