المنصف قوجة تاريخ لأباضة, اللين والسيامي (من القرن الأول إلىالقرن ألعادس هجري) فخي اسارللتوسةلاطتان .2013.— تاريخ الأباظية الديني والسياسي من القرن الأول إلى القرن السادس هجري ٠ عنوان الكتاب: تاريخ الأباظية الديني والسياسي المؤلف: المنصف قوجة النوع: تاريخ الفكر الطبحة: الأولى 2014 كه الناشر: الدارلتونسية للكتاب العنوان:43-45 شارع الحبيب بورقيبة-الطابق الأول مدرج "د" الكوليزي الهاتف/الفاكس:71339833- 98441468 البريد الالكتروني:لما.011012٧21000ع. 1001 كه المطبعة: شركة الرصاص للطباعة والإشهار نهج صلاح ادين الأيوبي 5000 - المنستير كه الموزع داخل تونس وخارجها: الشركة التونسية للصحافة ث10110591ل9011 ر.د.م.ك: 8-96-839-9938-978 :لا1518 جميع الحقوق محفوظة للناشر ولا يجوز نشر هذا الكتاب أو طبعه أو التصرف فيه بأي طريقة كانت اون الموافقة الخطية من الناشرة المنصف قوجة تاريخ الأباظية الديني والسياسي من القرن الأول إلى القرن الثامن هجري أل^ارالتونية للكتاب 2014 مقدمة نشرهذاالكتاب بداية باللخة الفرنسية تحت عنوان 12 عه 11125ع011 *ل٨1 ٥ا212 عخ8م تحت عناية اار نشر فرنسية 201٥1ع٨1 سنة 2003 وسحبت منه عشرات الآلاف من النسخ واقتنته أهم المكتبات العالمية كما تدل على ذلك الشبكة العنكبوتية. ولكن وزير الثقافة التونسية آنذاك لم ير فائدة في شراء نسخ منه بدعوى أنه نشر خارج تونس والحقيقة لا يعلمها إلا الله والراسخون في علم السياسة، وقد طالبنا كثيرا من أصدقائنا ترجمته إلى العربية وقد قمنا بهذه المهمة رغم اقتناعنا بمقولة: "من ترجم خان. ولكنها خيانة محبذة وخاصة أن الإشكاليات التي يطرحها هذا الكتاب لم تتغير منذ أربعة عشر قرنا. إن تاريخ الفكر في الحضارة العربية الإسلامية هو بالأساس تاريخ الفكر الديني أي تاريخ تشكل علم الكلام أي علم الأهوت ج1ج0ا0خغآ 12 ونحن نبين بالحجة والوثيقة كيف لعب الخوارج الأول وامتدادهم التاريخي وهي الفرقة الأباضية دورا أساسيا في نحت معالم لاهوت اسلامي بحت عبر صيرورة تاريخية عقائدية وسياسية أدت إلى ما يعرف الآن بالفكر الديني. فحتى التيارالرشدي ابن رشد لم يخرج عن حدود الإشكاليات التي طرحها الإسلام المبكر وخاصة عبر تياراته الاساسية الأربعة: الأشعرية والمعتزلة والخوارج والشيعة. وتزعم أن التيار الخارجي والأباظي باأساس لعب دور المولد للأفكار الجوهرية التي أسس عليها الفكر الأهوتي الكلام كما حاولنا تأكيده بالوثائق الأصلية وخاصة تلك التي تعود إلى القرن الأول للهجرة. وقد كنا تناولنا في كتاب آخر الفتنة الكبرى من خلال المصادر الخوارجية الظروف التي حفت باندلاع الجدل الديني والخلاف السياسي منذ مقتل الخليفة الثالث عقمان بن عفان وكيف لعب الخوارج الأوائل دورا محوريا في دفع وتأطير هذا الجدل. ويتمز الخوارج الأوائل بروايات تاريخية مختلفة تماما عن روايات السنة والشيعة لمجمل الأحداث التي حفت بتاريخ الخلفاء الراشدين إذ هم من كانوا وراء قتل عثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب حسب وثائقهم التي أكدوها وأحتفظوا بها كما يتميزون برؤية عقائدية وفقهية مخالفة. 5 ونهدف من خلال دراستنا هذه إلى رصد تشكل وتطور العقيدة ثم علم الكلام لدى الفرقة الأباظية وهي وريثة المحكمة الأولى وأصحاب النهروان. وتمسح هذه الدراسة كل الفترة التي تمتد من القرن الأول إلى أواخر القرن السادس هجري 12م . لقد خاض الأباضية الصراع الفكري والفلسفي حول الإشكاليات الستة الكبرى وهي: أ وجود الله. ب صفات الله. ث القضاء والقدر. ج خلق القرآن. ح رؤية الله. خ الإمامة. وقدموا حلولا متميزة مختلفة عن أهل السنة بتياريهم الأشعري والمعتزلي وكذلك الشيعة ويمكن حوصلتها فيما يسمى آراء الخوارج الكلامية أوعلم الكلام الأبي. إن الإشكالية التي طرحها الأباظيون والحلول التي قدموها لا تزال تحتفظ بحيويتها الحقائدية والفكرية ولا تزال تمثل حسب رأينا حلولا قد تمكن الأهوت الإسلامي من تجاوز جموده التاريخي وتفتح أمامه آفاقا رحبة نحو فكر ديني يستوعب الفكر الحداثي ويخرجه من الحلقة المفرغة المبنية على الإجترار والتكرار. تونس 04 أكتوبر 2013 6 موجز تاريخ الأباظية منذ نشأتها إلى أواخر القرن السادس هجري الثاني عشر م تاريخ المذهب من معركة النهروان إلى سقوط دولة تآهرت 297 ه الأباظية امتداد للتيار الخارجي المبكر ونعني بالتيار الخارجي المبكر ذلك التيار الديني السياسي الذي انبثق رسميا إبان التحكيم في معركة صفين بين علي ومعاوية والذي رفع شعار "لا حكم إلآ لله" الذي كان يعكس تماما وضعهم الفكري هم الحريصون على تطبيق الشريعة القرآنية مبكرا ولهذا أرادوا تحذير أمرائهم الذين حادوا حسب رأيهم عن "أحكام الله". والأكيد أن هذا الحكم الشرعي أخذ بعدا سياسيا وخاصة دينيا إذ كان المنطلق لصياغة عقيدة اينية أو بل عقائد اينية كانت متصارعة فيما بينها ولكنها كانت متفقة في الأصل. لقد ولد التيار الخارجي بكل اتجاهاته من رحم هذه الأحداث ولكن الأساسي في معركة النهروان لم يكن إلا إعادة "الإمامة" لمن يستحقها حسب رأيهم وخاصة سحبها ممن لم يعد يستحقها أولائك الذين خالفوا النص القرآني كعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وطلحة والزبير وعائشة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم. المحكمة الأولى لا يمكن فهم تيار الخوارج دون دراسة جذوره وأصله المعلن من طرفهم وهم ماسموا بالمحكمة الأولى الشهرشاني — ملل-بيروت. 119 البرادي: جواهر 128 ،129 ،130،13 المبرد- الكامل حلب 919-٧1 - ارجيني- طلقات 1، 202 فهم حسب الشهرستافي في كتابه الملل والنحل الذين خرجوا على علي بن أبي طالب عند التحكيم وقد اجتمعوا في "حرورة" قرب الكوفة وكان زعماؤهم عبد اله بن الكواء وعتاب بن الأعوروعبدالله بن وهب الراسبي وعروة بن جريرويزيد بن أبي عامر المحاربي وحرقوص بن زهير السعدي البجلي ويعرف بذي الثدية وكانوا في أثنا عشرا ألف مقاتل يوم النهروان وكانوا يصومون ويصلون . 9 ورغم هذا التحديد الزمني الذي رسمه الشهرستاي فإن بعض الأثار السنية تذهب إلى تحديد بروز هذا التيار في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أي قيل التحكيم وقبل الفتنة الكبرى، إذ تتحدث عن شخص يدعي "ذو الخويصرة" وهو حرقوص بن زهير السعدي المدعو بذي الثدية كان قد أستفز الرسول صلى الله عليه وسلم وأغضبه عند قسمة فيء معركة خيبر المبرد - الكامل- حلب ٧1،919 إذا قال له "أعدل فإنك لم تعدل" وقد هم عمر بن الخطاب بقطع رأسه فسمعه الرسول وقال " يخرج من ضئضئ هذا قوم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية". وقد يكون هذا الخبر موضوعا لتشوية الخوارج وهو يتناقض مع ما قاله ا الشهرستاني" ولكن المهم هو أن حرقوص بن زهير البجلي هو أحد قيادي معركة النهروان وقد كان قائدا للجيش الاسلامي الذي فتح الأهواز إبان خلافة عمر بن الخطاب الدرجيني- طبقات 202-1 ويمكن القول أن جزءا من قيادات الجيش الإسلامي قد تزعم المعارضة لعلي بعد قبوله التحكيم وأغلبهم من تميم إحدى قبائل الشمال التي لعبت دورا في معارضة عثمان بن عفان الخليفة الثالث واستمرت في لعب نفس الدورضد علي في معركة النهروان الدرجيني - طبقات 202 . لقد مثل هؤلاء القادة النواة الأولى للحزب الخارجي الذي كان موحد آنداك وهم المعروفون "بالمحكمة الأولى" وقد أصبحت تمثل مرجعية كل الخوراج. فالاباظية تحتبر نفسها استمرارا لهذه المحكمة الأولى وقد برز الخلاف داخل تيار الخوارج مع نافع بن الأزرق الذي تزعم إتجاها متطرفا الطبري-تاريخ 88 وتوفي سنة 604م. وكان يكفر "القعدة" الذين يرفضون الخروج معه لمحاربة أعدائه ويعتبرهم مشركين. لذلك فإن هذا التيار لا يمثل امتدادا "للمحكمة الأولى" المبرادي الجواهر-165 ولجماعة النهروان. واختلف ابن الأزرق مع نائبه عبدالله بن إباظ الذي افترق عنه ورفض "الخروج معه" حول نقاط آخرى مثل تحليل سبي نساء خصومهم من المسلمين الشهرستافي - 10 ملل — بيروت 121 وأنقسم الخوارج بعدها الى فرق متصارعة وقد تزعم إحدى هذه الفرق عبدالله بن أباظ التميمي الشهرشاني-ملل-بيروت 134 وكان نائبا لنافع بن الأزرق ورغم كل ما قالته المصادر ااباظية فإن ظروف الافتراق والخلاف تبقى غامضة لأنها حرصت على السكوت عن ظروف التقائهم وعن سبب مناصرة عبدالله بن أباظ لنافع بن الأزرق في البداية وتتحدث باقتظاب شديد عن تلك الفترة الشيء الذي يعرقل الباحثين في تاريخ تلك الفترة الحاسمة والمؤسسة. فالدرجيني مثلا في طبقات المشايخ يذكر عبدالله بن أباظ ولكن لا يعيره أي اهتمام مقارنة بدوره المؤسس ويطنب في ذكر جابر بن زيد الأزدي رغم أنه لم يكن من أهل النهروان من الطبقة الثانية ين 50ه 100 ه وأغفل الدرجيني عن ذكر رسالته الشهيرة إلى عبد الملك بن مروان اسوة بأبي زكريا الجناوني صاحب كتاب "ايرة. لذلك تصدر أبو القاسم ابرهيم البرادي في كتابه "الجواهر المنتقات لإتمام ما أخل به كتاب الطبقات" لتلافي هذا الإهمال وسد هذه الثغرة ويورد رسالة أبي أباظ وهي أول وثيقة مكتوبة تصلنا وتعكس رواية قديمة للأحداث التي جدت في تلك المرحلة من الإسلام المبكر والتي تتناول مسألة "الخلافة" أو "الإمامة" وخاصة خلافة عثمان وعلي. وهذه الرسالة تعكس الروح التي قادت " المحكمة الاولى" عندما كان الأباظية في تلك الفترة يعتبرون أنفسهم خوارج خلافا لأباظية القرن الثاني للهجرة الذين رفضوا هذه التسمية واختاروا اسم الأباظية نسبة لعبد الله بن أباظ ويعتبر الأباظية ان مؤسس مذهبهم هوأبو الشعثاء جابربن زيد الدرجيني طبقات 11.201 وهوأحد قيادي المذهب ل لسري وقد ترأس المجالس التي كانت موجودة سريا في البصرة وكان يلتزم بالتقية ككل الأباظية أنذاك بعد فشل ثوراتهم الدرجيني-طبقات 11.205 وكان شيخ أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة الدرجيني طبقات 1.55 وصاحب كتاب الديوان والمعروف بديوان جابر بن زيد ويذكره الشهرشاي في الملل باسم " أبي الشعثاء" وقد كانت له علاقات ودية مع واصل بن عطاء مؤسس الفكر المعتزلي البرادي - جواهر 153 ويذكره الدرجيني كمحدث وتلميذا لابن العباس الدرجيني طبقات 11، 205 . 11 وقد توفي جابر بن زيد حسب البرادي سنة 93 ه وكان قد أخذ الحديث مباشرة عن عائشة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم. وحسب المصادر الأباظية فإنه كان الزعيم الفعلي للأباظية في السرية بينما كان عبدالله أباظ الزعيم العلني. ويورد البرادي "في الجواهر" رواية عن افتراق ابن أباظ عن بن الأزرق بعد وفاة أبي مرداس بلال بن عدي زعيم الشراة أو إمام الشراء الذي خلف عبد الله بن وهب الراسبي الذي بايعته "المحكمة الأولى" بعد ان اسقطت الامامة عن علي بن أبي طالب وهو الذي قاد محركة النهروان. وحسب البرادي فان عبدالله بن أباظ قد تأثر بشدة تدين خصومه فقرر الافتراق عن نافع بن الزرق بعد أن كتم أمره فهل كانت عودة وعيه هذه سببا في انشقاقه؟ قد يصعب الجواب عن هذا السؤال لغياب المصادرالدقيقة البرادي -جواهر155 . ولكن يمكن ان نفترض أن هذا الموقف لم يكن خاصا بابن أباظ فقط وقد يكون تبعه زعماء من بني تميم ومن الأزد كجابر بن زيد الازدي. لقد تعرضت كل فرق الخوراج الى قمع شديد وليس المجال هنا لذكر ذلك وقد يكون ذلك عاملا حاسما في صياغة موقف أباظي جديد دفع بالخوارج الى تعديل توجها تهم نحو مرونة أكبر واعتدال اوضح. ولكن هذا لا يمكن ان يمثل الحامل الحاسم فحلاوة على الاسباب السياسية والعسكرية كان هناك سبب ديني جعلهم يختلفون مع الأزارقة والنجدات. إنه الالتزام الدقيق بروح "المحكمة الاولى" كما يطرحها ابن أباظ في رسالته الشهيرة لعبد الملك بن مروان والتي تمثل مدخلا لعقيدة ارادها امتداد لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولخليفتيه أبو بكر وعمر إذ ان المصادر الأباظية تؤكد على موقفهما من عثمان بن عفان الذي مثل القاعدة التي انطلقت منها "المحكمة الاولى " والتي تعتبر تواصلا للخليفتين الأولين. صحيح ان بعض الأباظية وخاصة المعاصرون منهم يميلون الى نكران اصولهم الخارجية حتى لا يقع الخلط بينهم وبين الأزارقة والنجدات المشهورون يتطرفهم وعنفهم وافحالهم المرفوضة دينيا وسياسيا ونحن نعتبر ان الاباظية هم الممثلون الشرعيون لعقيدة الخوارج ااول أي "للمحكمة 112 الاولى" الذين خرجوا على علي بن أبي طالب وعلى معاوية وقد عرف الأباظية بصرامتهم الحقائدية ومرونتهم السياسية لذلك نحتهم الباحثون والمؤرخون بالمعتدلين. ولكن هذا لا يمنع ان الأباظية منذ تلك الفترة المؤسسة يعتبرون غيرهم من المسلمين كفارا كفر نعمة لا كفر شرك وهم خالدون في نار جهنم. لقد مثل هذا الطابع المزدوج من الصرامة العقائدية والاعتدال السياسي خاصية المذهب الأباظي حتى يومنا هذا وقد اثر هذا الطابع في علم الكلام الأباظي الذي تطور تحت ضغط هذين العاملين: التمسك بالعقيدة والإنفتاح على العلوم الفلسفية. وكذلك فإن سياستهم تأثرت بهذين العاملين مما دفعهم إلى استنباط نظرية للإمامة متميزة وذات خصوصية سنتناولها لأحقا. 13 الأباظية تبحث عن انتصار اروس من الهزائم لم يكن لحركة "الشراة" أي برنامج سياسي 6ةة٢ة ل14 و1ذه1 و10^65لا102ا٧2 372 فزيادة على طابعها المتشرذم الدرجيني طبقات-214.272 11 والموسمي فإنها كانت تقترب أكثر للإنتفاضات القبلية منها إلى حركة واسعة لمعارضة احتجاجية ضد السلطة الاموية وقد تزعم الحركة قيادات عسكرية في البداية لم تكن من العلماء المتدربين على الجدل الفكري والعمل السياسي. والأكيد ان هذه القيادات كأبي مرداس وعروة بن عدي كانوا رجالا ورعين ولكن سيرتهم لا تدل على ثقافة واسعة خلافا لجابر بن زيد الازدي وتلميذه أبو عبيدة مسلم بن كريمة ادرجيني طبقات-205.238 11 . فهؤلاء كانوا يسكنون البصرة وقد أثر ذلك على تفكيرهم العقائدي ويذهب بعض المؤرخين الى اعتبار جابر بن زيد اول "امام" للأباظية وقد تسلم المشعل بعده أبو عبيدة مسلم بن ابي كريمة. ويورد الدرجيني سيرة ابا عبيدة الذي تتلمذ على جابر لمدة أربعين سنة قبل ان يبدأ في إلقاء الدروس ويعتبره الشماخي من فطاحل العلماء الشماخي - سير — 83 . وقد اضطهده الحجاج بن يوسف الدرجيني102 ،11 وقد قاد الفرقة بمساعدة أبا مودود حاجب والربيع بن حبيب وعلاوة على تفوقه الفكري فقد كان قائدا تنظيميا بارعا وكان يتمتع بالمساندة السياسية لمجموع الاباظية وله سلطة حقيقية على قيادات المذهب العسكرية الذين كانويقودون الثورات الشماخي - سير 115 . ولقد كان يتمتع بسلطة حقيقية على رؤساء الجيش فقد قام محبوب بن الرحيل وهو نائبه وتلميذه بكتابة رسالة سميت عهد محبوب إلى قائد الشراة أبو حمزة الشاري شديدة اللهجة .... يأمره فيها بتعديل تصرفه أثناء الحرب إذ يبدوا أنه أتبع مذهب الأزارقة فيما يخص خصومه من المسلمين. 14 وعلاوة عن رغبتة في الالتزام بدقة بالأحكام القرآنية وبالسنة واستخلاصه للدروس السياسية من الهزائم المتتالية للخوارج التي كان يعرف بعمق أسابها منذ أن كان يناضل داخل الحلق أو المجالس السرية للخوارج فإن أبا عبيدة وهو الزعيم العقائدي والسياسي والعسكري للمذهب كان قد أعد أستراتجية حقيقية لأفتكاك السلطة داخل الإمبراطورية الإسلامية الناشئة وإظهار المذهب الأباظي. فبعد وفاة أبن أباظ وبعد فشل الإنتفاظة الأباظية واصل أنصار المذهب دعم نشاطهم الدعوى السري وعملهم التنظيمي في الولايات البعيدة عن السلطة المركزية وذلك بخراسان وبالمغرب وقد كان قادة هذا العمل محبوب بن الرحيل وبشر بن النير وهاشم بن غيلان الشيخ اطفيش - باب تاريخ بني زاب 115 وكذلك في شبه الجزيرة الحربية كشف الخمة - 307 مخطوط ولم يحرف نشاطهم في خراسان نتيجة تذكر وفي أثناء ذلك نجح أبو حمزة المختار بن عوف في الانتصار للمذهب في عمان وبويع الامام أبو عبدالله بن يحي الكندي ولكن الجيش الاموي تمكن من اخماد هذه الثورة ودفع بما بقي من الأباظية نحوحضرموت الدرجيني 11.260 . كما تواصل عملهم في بلاد المغرب في ظروف سانحة وأق فمرته بالاعلان عن "إمامة الظهور" بحد عدة هزائم في طرابلس والقيروان. 15 الدعوة الأباظية في الاوساط البربرية ببلاد المغرب لم يوجه الأباظية نشاطهم نحو المغرب الا في اواخر القرن الاول وبداية القرن الثاني للهجرة. وتبدو لنا نظرية أبن حوقل ابن حوقل — السالك - 1873-68 ٢1لجك1ج1 حول دخول المذهب نفوسة في شمال طرابلس مباشرة بعد النهروان مع لجوء بعض الفارين من القمح غير مؤكدة ولكن الثابت هو ان حركات الخوارج المنقسمة والمتصارعة لم تعد تمثل تهديدا للدولة الاموية في أواخر القرن الأول وقد تكون نهاية الحركة الخوارجية في المشرق في عهد مروان بن محمد رغم الانتفاضات المتعددة التي قادها زعماء الحرب ومن بينها الانتفاضة التي قادها أبو حمزة الشاري طالب الحق، لقد دقت هذه الهزيمة أجراس الأباظية المشرقية الدرجيني 11، 260 ودفعت بالقيادات في البصرة الى التوجه بعيدا للولايات القاصية كبلاد المغرب، لذلك كان عليهم أن يهيئوا الارضية وكان ذلك في الفترة التي تسلم فيها بلا منازع أبو عبيدة مقاليد السلطة داخل المذهب ويقدمه الدرجيني كأحد اللذين "حافظوا على الدين في خفية" حتى " ظهر على يد الخمسة الميامين حسب ما تقدم من ذكر دراستهم وحملهم العلوم وما شفي الله به وبسم من الكلوم" الدرجيني - طبقات 238 11 فأبو عبيدة هو شيخ ومؤطر "حملة العلم" الخمس الذين قاموا بالدعوة للمذهب الأباظي في بلاد المغرب، فكيف قام أبو عبيدة بانتقائهم وهم من سكان هذه البقاع النائية؟ تخبرنا السير الاباظية عن الظروف التي حفت بهذا ااختيار فقد كان بينهم عربي هو أبو الأعلى بن السمح المعافري وفارسي وهو عبدالرحمان بن رستم الفارسي وثلاثة من قبائل البربر وهم عامر السدراتي من سدراته واسماعيل بن ارار الغد امسي من غدامس وأبو دواود القبلي من قبيلة نفوسة وقد قام أبو عبيدة شخصيا بتكونهم وتأطيرهم الدرجيني - طبقات 20، 1 . 16 وقبل ذلك فقد أرسل أبو عبيدة أحد الدعاة ويدعي سلمة بن سعيد الدرجيني - طبقات 12 ،1 مع عكرمة مولى أبن عباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم وكان صفريا مما يدل ان فكرة زرع أفكارهم في المغرب لم تكن خاصة بالأباظية فقد اسس الصفرية دولة سجلماسة بالمغرب الأقصى، وقد استقر الداعيتين بالقيروان 48, ^^10011610111021 ع11عط1عط ه1 .18ة؟1ة١4[ 8€ج٠ل0عن حيث بدأوا بالإتصال بزعماء القبائل لدعوتهم لأعتناق مذاهبهم وقد اتصل عكرمة نظرا لأصوله المغربية بالقبائل التي تسكن غرب بلاد المغرب 1,352 8ع1خط1علأ 5ع1 ,01111011؟ ولكننا لا نعلم شيئا عن نشاط سلمة بن سعيد الذي توفي قبل أن يتوصل الى نشر الدعوة، إثر ذلك قام أبو عبيدة ببعث داعية ثان وهو أبو عبد الله محمد بن عبد الحميد المغطري الذي توصل الى كسب انصار من قبيلة نفوسة شمال طرابلس على الحدود التونسية وقد مثلت هذه القبيلة البربرية حقلا خصبا لانتشار المذهب الأباظي نحو القبائل الأخرى مثل هوارة ولماية وزناتة وسدراته وزواغة ولواتة. فلما كثر أتباع المذهب قرروا تكوين بعثة من الطلبة تتجه الى البصرة لتكون من طرف شيوخ المذهب أنذاك وشيخهم أبو عبيدة مسلم بن ابي كريمة، وكانت البعثة ممثلة لأهم القبائل والجهات وهم: - السدراتي من سدراته في غرب جبال الأوراسي - أبوداود القبلي النفزاوي من نفزاوة في جنوب تونس - اسماعيل بن درار الغدامسي من غدامس بجنوب طرابلس - وعبد الرحمان بن رستم الفارسي من القيروان وقد أضاف أبو عبيدة لهذه المجموعة أبا الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري وقد كان قائدا عسكريا بالجيش العربي بطرابلس حسن حسني عبد الوهاب- ورقات-1، 426 وكان عربيا. لقد مثلت هذه المجموعة قيادة العمل ادعوي الأباظي في بلاد المغرب وتتناسى المصادر الأباظية عن ذكر محاولات هذه المجموعة اأنتفاض على السلطة الاموية قبل نجاح أبي الخطاب في سنة 140 ه 757م في الاستلاء 17 على طرابلس فلقد حاول عبدالله بن مسعود التجيبي وهو من قبيلة هوارة البربرية الاستيلاء على طرابلس سنة 126ه 744م وهدد عبد الرحمان بن حبيب ممثل الشق اليمني في الدولة الاموية درجيني طبقات-24-1 - الشماخي سير 125 وقبل أن ينظم هذا الأخير إلى العباسيين تمكن من اجهاض الانتفاظة الأباظية البربرية وقتل زعيمها. وقد واصلت هوارة قيادتها لانتفاضات الاباظية ومن بين زعمائها قائدين اصبحا فيما بعد محل نقد شديد وقادا انتفاضة وهما عبد الجبار بن قيس المرادي والحارث بن تليد الحضرمي الذين توصلا الى صد هجمات عبد الرحمان بن حبيب البرادي الجواهر 170 وقد اشتهر بما اسمته المصادر الاباظية بقضية الحارث وعبد الجبار. إذ ان هذين القائدين وجدا مقتولين جنبا الى جنب وقد ثقب سيف كلاهما قلب الاخر فاحتار فقهاء الاباظية انذاك وبعد ذلك فيمن يجب التبرأ منه وفيمن يجب توليه والمعلوم ان المذهب الاباظي يمنع وجود امامين في بلد واحد بينما يجيز وجود امامين إذا وجد عدو يفرق ويمنع اتحاد البلدين الشيء الذي لا ينطبق على هذين الامامين لذلك فان مؤرخي المذهب كالدرجيني والبرادي والشماخي لا يذكرونهم كأئمة ويكتفون بذكر "قضية الحارث وعبد الجبار" وقد يكون عدم ذكرهم بصفتهم يعكس ميلا لنفوسة على حساب هوارة وتبقى ظروف مقتلهم غامضة الدرجيني-طبقات1.21 البرادي جواهر 170 وقد تجادل فقهاء الاباظية طويلا حول هذا الموضوع حتى صدر منع بات من طرف أبي عبيدة لتناول هذا الموضوع إذ ان مصرعهم بهذه الطريقة والموقف منهما طرح اشكاليات حقيقية للفكر والفقه الاباظيين: على من تصح البراءة وعلى من تصح الولاية؟ فألمسألة سياسية كذلك قبل أن تكون فقهية والسؤال المطروح هو: كيف تصح إمامة شخصين في نفس الوقت وفي نفس البلاد؟ لهذا اختار أباظيو المغرب استفتاء علماء البصرة الدرجيني- طبقات 24،1 ولكن جواب ابا عبيدة وحاجب لم يشف غليل أنصار المذهب حيث أمر بعدم الخوض في 18 المسألة وهو جواب غريب ويعكس رغبة واضحة في أتقاء الفتنة داخل المذهب الأباظي بالمغرب على حساب المبادئ الفقهية. ويقوي ظننا بأن المسألة لم تكن فقط فقهية عندما نطلع على شرط أبي الحطاب بن الأعلى المعافري قبل قبوله بالامامة في طرابلس بعدم الخوض في المسألة من طرف القبائل، ويذكرادرجيني الدرجيني- طبقات 23،1 ان رؤساء قبائل نفوسة وهوارة وضريسة وزناتة اجمعوا على تعيين أبا الخطاب. وهكذا يبدو من البين انه بحد فشل الثورتين التين قادتهما هوارة وقضية الحارث وعبد الجبار فإنها فقدت زمام الامور وبالتالي يبدو كأن اختيار عربي لا سند قبلي له يرتكز عليه إذا ما حدث خلاف في يوم من اايام هو ثمرة توافق بين مختلف القبائل بل انه يمكن القول ان ابا عبيدة نفسه لم يكن غريبا عن مثل هذا الاتفاق. وسنري لاحقا كيف أن فارسية عبد الرحمان بن رستم بما هي دلالة على حياده تجاه الصراعات القبلية كانت العامل الأساسي الذي أدى الى اختياره ويبدو ان ابا عبيدة لم يكن غافلا عن الصراعات بين القبائل البربرية فهل عمل تبحا لذلك على ان يقرب الى نفوسهم اختيار ابي الخطاب "؟ ام ان السبب يرجع الى اصوله الحربية ؟ غير اننا لا نهيل إلى هذا الرأي في الحقيقة لأن أبا عبيدة لم يكن اا مولي من الموالي لا عربيا خالصا. وهكذا كان لحادثة الحارث وعبد الجبار تأثير بارز مرة أخري في اختيار أبي عبيدة ولئن يبدو صائبا ما يقوله المستشرق ماسكوراي 212٧لما4269م بأن العامل اديني كان هو الحاسم في توجه الحركة الا ان هذا قول لا ينطبق تمام الانطباق على هذه الحالة بالذات فهي حالة عمل فيها أبو عبيدة على تقدير الجرعات الضرورية من العاملين العرقي والقبلي من موطنه هناك في البصرة مشددا بذلك على ضرورة تعبئة كل القوى وتوحيد كل الجهود لضمان النصر المؤزر. 19 وكان فتح طرابلس على ماترويه المصادر الأباظية قد تم دون اهراق دماء كثيرة بعد ان تغلغلت فيما يبدو الدعوة الأباظية في نفوس السكان تغلغلا كبيرا بفعل تفاني الدعاة في ذلك بل وصل الأمر إلى حد أن ترك هؤلاء الثائرون وإلى مصر ينصرف لحال سبيله دون أن يتعرضوا له بسوء بعد ان أعطاهم مفاتيح بيت المال. وبدءا من هذا الانتصار ستبدأ ااباظية عهد الظهور والمجد والانتصار ستكون طرابلس عاصمة الاباظية الجديدة في بلاد الغرب الاسلامي حتى تاسيس تأهرت سنة 162 ه كما استطاع أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري ان يمد سلطته الى جربة وجبل دمر في أقصى الجنوب التونسي. 20 عوامل الإنتصار لقد قدمت في الحقيقة فرضيات عديدة لتفسير سرعة انتشار الدعوة الخارجية في بلاد المغرب ونحن لن نقف إلا على اثنتين منها نراها رئيسية الأولى منهما دافع عنها الاستشراق والثانية حمل لواءها مأرخو الأباظية أنفسهم سواء القدامى منهم أو المدثين. الحركة الخارجية والقومية البربرية انتشرت بين صفوف المستشرقين اطروحة تقوم على الربط بين الحركة الدوناتية - وهي حركة إنشقاق داخل الكنسية الإفريقية في القرن الرابع الميلادي دعا اليها اسقف كساي نيقرايي في نوميديا حوالي 270م في بلد الغال او اسابانيا حوالي355 المعروف بدونات الذي رفض ان يغفر للمسحيين الذين كفروا بدينهم بسبب اضطهاد ايوقليسيان وقد استمر وجودهم الى حدود القرن السادس ميلادي وبين الحركة الخارجية ويرى هؤلاء المستشرقون ان الارثودكسيات المسيحية والاسلامية لم تر في هاتين الحركتين ادوناتية والخارجية الأ تعبيرا عن النزعة الاستقلالية البربرية في ازمنة مختلفة ويتبني المستشرق غوتي ٠لجلسة6 هذا الرأي ويعمد الى تقديم الحركة الخارجية كما لو انها امتداد طبيعي للحركة الدوناتية ما دامت الحركتان في رأيه ليستا الا تعبيرات ايديولوجية من حركات الرفض للهيمنة لا هم لها الا استرجاع السلطة البربرية المفقودة وهو الرأي الذي يتبناه ايضا كل من المستشرقين ليفي بوروفنسال وجورج مارسيه. اما شارل اندري جوليان فهو وان تبني ايضا نفس الاطروحة السابقة الاانه مال الى اعطاء اهمية خاصة الى البعد الطبقي في الحركة الخارجية التي مثلها ورغم ما قد يكون بين هؤلاء المستشرقين من فويرقات اأ ان الاتفاق حاصل حول اعتبار الحركة الخارجية تعبيرا ايديولوجيا سياسيا عن الشعور القومي وعن النزوع الى الاستقلال الذي عرفه البربر فوجهوه نحو العرب المسلمين الارثودكس او السنة. 21 شوائب الفرضية ال أستشراقية ونواقصها يبدو لنا ان هذه القومية البربرية التي تغذي الحركة الخارجية في بلاد الغرب الاسلامي قد كانت فعلا ودون ريب امرا حاصلا لا يمكن الا الاقرار به تشهد به المصادر الاباظية نفسها التي لا تتردد عن الاستشهاد باحاديث عن الرسول يبدو انها موضوعة تتحدث عن فضائل البربر على العرب وكثير من قصص الحروب ضد العباسيين تحفل بالاشارات والتلميحات المعادية للعرب ولكن هذا ليس هو بيت القصيد فنحن ممن يحتبرون هذه الاطروحة عرجاء ناقصة لانها تهمل في اعتقادنا العامل الايديولوجي الذي نراه عاملا محددا في تلك الحقبة. وإلا فكيف نفسر ان الإمام الأباظي أبو الخطاب الذي اختارته سنة 140 ه القبائل البربرية من نفوسة ولماية وهوارة كان عربيا؟ كما ان الإمام الثاني الذي ارسي دعائم السلالة الرستمية كان فارسيا فالبحد السياسي ما كان غائبا في الحقيقة عن الانتشار السريع للحركة الخارجية وقد تمكنت الأباظية على وجه الخصوص من وضع مفهوم للإمامة ارضي البربر مما سمح لأبي الخطاب بأن يتوفر على جيش من مختلف القبائل البربرية يناهز ستين ألف رجل في بضح سنين وبمحنى اخر فإن هذا التحديد الجديد لمشروعية الامامة الذي لا يشترط القرشية او الإنتساب إلى ال البيت سمح للقومية البربرية ان تحبر عن نفسها داخل اطار العقيدة الاسلامية ومن جهة اخرى على المرء ان لا ينسي ان الاستيلاء على القيروان قد تم على حساب الصفرية وكانوا من الخوارج الذين تتقدمهم قيبلة ورفجومة؟ وقد حارب الاباظيون باسم العقيدة وشكلت هذه العقيدة التي تدعو الى المساواة المطلقة بين المسلمين عاملا مهما من عوامل الوحدة بين مختلف القبائل المتنافسة تنافسا تقليديا لا يلبث ان ينفصم من جديد فلا تفلح العقيدة احيانا في كبحه في حالات اختيار احد الايمة مثلا وقد لحب هذا التنافس اورا حاسما في اختيار ابي الخطاب وهو نفس التنافس الذي ادى بصفة مباشرة الى هزيمته أمام الجيوش العباسية سنة 140 ه إذ سرى اأعتقاد انه يميل بهواه الى هوارة على حساب بقية القبائل فتم قتله على يد بن العاص في موقعه "توارغه". 22 وعلى عكس الدوناتية فقد كانت الحركة الخارجية حركة "مشرقية" عرفت بدايتها الكلامية في حواضر الثقافة في بلاد المشرق ويجب الحرص على ادراك انه اذا كان هناك توافق بين العقيدة الاباظية والمشاعر القومية الدفينة عند البربر فان ذلك لا يعني البتة ان الحركة الخارجية عموما والاباظية خصوصا قد كانت اشكالا ايديولوجية لهذا الشعور القومي ويجدر التنبيه الى ان الاباظية لم تكن القادح الوحيد لهذه القومية البربرية بما ان الصفرية من جهة والتشيع من جهة اخرى استطاعا كل من جهته تعبئة القبائل البربرية واذا كان المفهوم الاباظي للامامة يسمح للبربر بان ياملوا في الإنحتاق من الوصاية العربية فان هذا لا ينطبق على التشيع الاسماعيلي. ولحله يحسن والامر على ما بينا ان ينصرف المرء- وهو ما نحتقده في الحقيقة-إلى البحث عن اسباب اخرى لهذا الانتصار الذي عرفته الاباظية دون إهمال ما ذكر من الشعور القومي البربري. وبدون ان نهمل العامل القومي والسياسي فأننا نعتقد انهما لوحدهما لا يستطيعان تفسير هذا التبني السريع للخارجية ااباظية او الصفرية بين السكان البربر. 23 الاطروحة الاباظية وهي اطروحة فصل القول فيها مؤرخو الاباظية وقلما احتفل بها الدارسون في اعتقادنا ولعل اهميتها تكمن في انها تنزل هذا البعد الديني تنزيلا يليق به وتجعله الاساس في تفسيرها لسرعة انتشار المذهب ااباظي ولعله من اواعي ااسف ان يلاحظ المرء قلة اهتمام المستشرقين والمؤرخين العرب بوجة النظر هذه فالمستشرق ماسكوري الانف الذكر وهو من درس تاريخ ابا زكريا الجناوني المعروف بسيرة الجناوني لم يلق الأ بالا قليلا للاصطلاحات الدينية الخارجية الصرفة وان اهتم بابراز الحامل السياسي ممثلا في ما سماه بالقومية البربرية اما الشيخ علي يحي معمر وهو من الاباظية المعاصرين ومن رجالات المذهب فإنه يتحدث عن الأسباب التي حملت البربر على الدخول في ألمذهب. ويبدو حسب يحي معمر أن العودة إلى العقيدة الأصلية والإيمان الذي لا تشوبه شائبة هو الأساس الذي انبنى عليه انتشار المذهب الاباظي ورب معترض علينا أن يقول أنه من طبائع الأمور ان يرجع شيخ اباظي مؤمن بأصول مذهبه كل شيء إلى صحة عقيدته ولكن من الصحيح أيضاأن هذا التأكيد يخفي وراءه حقيقة كبيرة تحتاج إلى فضل بيان ذلك أنه إذا كانت الأباظية والصفرية قد عرفتا مثل هذا النجاح بين البربر وفي مجتمع قبلي من حيث بناه المهيمنة فلأنهما واصلا حمل إسلام مشابه عرف صدى كبيرا متقبل في مجتمع مشابه من حيث بناه القبلية وهو مجتمع شبه الجزيرة العربية القبلي أيضا فالإسلام الذي حملت رايته الأباظية ودافعت عنه لم يكن سوى إسلام العقود الأولى أو الإسلام المبكر قبل ان ينتشر سريعا وبكيفية مدهشة في تلك الإمبراطورية العربية الإسلامية ويتخذ إتجاهات جديدة زمن الحكم الأموي وبعبارة أخرى ألم يكن تشابه أنماط الحياة والبنى الاجتماعية السياسية في المجتمعات العربية ما قبل الإسلامية والمجتمعات البربرية في القرن الثامن للميلاد هو الحامل الحاسم في هذا الانتشار الخارجي؟ 24 وإذا ما نحن عدنا إلى مؤرخنا الشيخ علي يحي معمر فاننا نجده لا يفعل شيئا آخر سوى ترجمة تلك الروح وتلك الأفكار التي ظهرت من قبل وغذت عقول الخوارج الأول ولكن في لغة عصرية وهو إذ يستوحي أقواله من من العقيدة الاباطية فإن خطابه يعكس جوهر العقيدة ااباظية في المساواة وقوامها المساواة امام اله بما هي أساس المساواة الاجتماعية وبذلك يتحول الصراع الاجتماعي أو القومي إلى صراع من أجل تطبيق المبادئ القرانية. وهكذا يبدو من المحتمل أن الأباظية مثلها مثل الحركة الخارجية والإسلام الأول عبرت في أزمنه مختلفة عن هذا التوق لتلك الأوليغرشية القبلية البربرية التي لم تجد لنفسها مكانا في النظام العربي الجديد في بلاد المغرب ولكنها وجدت في العقيدة الأباظية وفي الفكر الخارجي عموما ذلك الغطاء الايديولوجي لمطالبها الاجتماعية والقومية وكلما تجذرت هذه ااوليغارشية في الحواضر كتاهرت ووارجلان كلما ابتحدت بها المتطلبات ااجتماعية والسياسية الجديدة عن نواة الحقيدة الأولى مما تسبب في بعض الاضطرابات والانشقاقات داخل المذهب، لعل أشهرها "إنشقاق النكار" الذي كان نتيجة لما ألحقه الأمراء الرستميون المتعطشون للسلطة بمفهوم الإمامة في الفكر الاباظي، ويمكن تلمس أسباب هذا التطور ومثل هذه الردود في ذلك التطور ااجتماعي والسياسي للمجتمعات الاباظية التي عرفت انتقالا سريعا وصعبا من المرحلة الرعوية ومجتمع الترحال أو مجتمعات شبه رعوية إلى مرحلة التمدن وحياة الحضر كما ان ظهور فئات اجتماعية جديدة حضرية وثرية قد اثر حتما في المذهب ولعله يمكن القول ختاما أن السلالة الرستمية تقدم لنا نهوذجا جيدا للعلاقة ما بين الاجتماعي والايديولوجي. 25 السلالة الرستمية 297-164 ه واصلت الأباظية بالرغم من هزيمة أبي الخطاب في كسب الأنصار لها في افريقية وقد سعى الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور الى وقف هذا التقدم الكاسح للمذهب من خلال تعيين عمر بن حفص واليا على افريقية وهو من المنحدرين من سلالة احد أخوة المهلب بن أبي صفرة فأستلم الأمر سنة 151 للهجرة وما لبث أن جمع عرب افريقية حوله وشرع في بناء مدينة تبنة في بلاد الزاب ولكن الجيوش الخارجية من الأباظية والصفرية وعلى رأسها عبد الرحمان بن رستم سارعت إلى محاصرته. وفي هذه الفترة الزمنية عرف الخوارج قادة اخرين في مواضح مختلفة فقد أعلن أبو حاتم يعقوب بن حاتم وكان مولي لكندة إماما على طرابلس ولم يكن لهؤلاء القادة الحسكريين من الخوارج قيادة موحدة فبالإضافة إلى عبد الرحمان بن رستم كان هناك أبو عاصم السدراتي وأبو مسور وكلاهما من الأباظية وأبو قرة وبن سركانيس وهما من الصفرية وقد افلح أبو حفص في بث الفرقة بينهم من خلال تحييد الصفرية واخراجهم من الصراع وانتهى الامر بأن هرب عبد الرحمان إلى تاهرت حيث أسس السلالة الرستمية ودخل أبو حاتم القيروان بعد ان حاصرها ثم عاد إلى طرابلس حيث تكن يزيد من قتله وهو احد المنحدرين من سلالة المهلب وتكن يزيد هذا من القضاء على باقي الجيش الأباظي واعاد الحكم العربي إلى افريقية وثبته. وقد كانت هزيمة أبي حاتم وهروب عبد الرحمان بن رستم إلى المغرب الأوسط مؤذنة بتحول في الاستراتجية التي ستتخذها الحركة الأباظية إذ سيتم الاعراض مستقبلا عن الرغبة في اخول القيروان مهما كان الثمن وسيستحاض عن ذلك بمحاولة تاسيس قاعدة للاباظية في موضع اخر وهو ما كان يعني بلغة السياسية التوقف نهائيا عن تبني فكرة انهاء الوجود السني في بلاد المغرب والقبول بالامر الواقع مع ايجاد سلطة موازية له في تاهرت وأنتهى الأمر إلى قيام نوع من التعايش وعلاقات "حسن الجوار" مع الأغالبة دون أن يعني ذلك انتهاء للصراع الايديولوجي التقليدي. 26 ويمكن في الواقع تفسير هذا التراجع بعاملين أساسين هما : تواتر فشل الثورات الأباظية واشتداد الحضور العباسي في افريقية في مقابل ما عرفته أسبانيا من حضور أموي فخير الأباظية الإستقرار في بلاد المغرب الأوسط المليء بالقبائل البربرية التي تبنت المذهب الأباظي مثل لماية وزناتة وهوارة ولواتة وسدراتة. 27 تأسيس الدولة يرجع الفضل في تأسيس الدولة الرستمية إلى رجل فارسي الأصل عاش طويلا ضمن الأوساط السرية في المبصرة تحت قيادة أبي عبيدة ولا نعتقد في ان أصوله الفارسية هذه ولا أصوله الملكية هي التي كانت سببا في اختياره لهذا المنصب بل يبدو لنا ان كفاءته وهيبته وعدم انتمائه إلى أي من القبائل هي من العوامل التي جعلته يلعب دورا مهما رغم بعض الميل الذي يبديه المؤرخون من الأباظية الوهبية في ترجيح أصوله الملكية باعتبارها سببا في ذلك ثم انتهى الأمر بعدها إلى أبي الخطاب وكان عربيا وكان احد حملة العلم الخمسة الذين كلفوا بإعلان قيام الأمامية الأباظية في بلاد المغرب وكان عبد الرحمان في الأصل قاضيا على القيروان تحت حكم أبي الخطاب قبل أن يصير واليه على القيروان ثم شارك في حصار أبي حفص في تبنة سنة 151ه ثم انتقل إلى المغرب الأوسط ويمكن القوال ان اختيار تاهرت عاصمة لهذا الحكم الجديد قد املته اعتبارات استراتيجية إضافة إلى العوامل الاقتصادية والسياسية ويبدو حسب ما ذكره البكري و بن خلدون وبعض مؤرخي الأباظية ان تعيين عبد الرحمان لم يتم في الحقيقة الا بعد ان تم اختيار تاهرت عاصمة للأباظية وظل أبو حاتم اماما حتى وفاته سنة 155 ه التي صادفت انتهاء الثورات الأباظية فلم تعد هناك حاجة لوجود ما يعرف "بامام الظهور" ولا الدفاع حتى تم التوفق إلى تأسيس تاهرت واعلان امامة الظهور من جديد وهكذا يبدو من المحتمل ان عبد الرحمان بن رستم لم يتم اختياره فحليا اا سنة 162 ه/779م والاضافة إلى فضائله المذكورة انفا فقد كانت له خاصية اخرى ذات اهمية بالغة وهي عدم انتمائه إلى أي من القبائل وهكذا يبدو ان تأسيس ادولة الرستمية كان في الواقع ثمرة التوافق بين مختلف القبائل البربرية التي اعتنقت المذهب الأباظي وهو توافق لم تكن هشاشته لتختفي في مستقبل الأيام. 28 حالة الظهور لقد نجح بن رستم عند تأسيسه للدولة الرستمية في تحقيق حلم أباظي قديم قوامه التحول إلى حالة الظهور وهو الهدف الذي قاتل الأباظية من أجله منذ أيام بن أباظ وقد تطلب الأمر قرنا كاملا لينتصر المذهب ويتحول إلى ما يشبه دين الدولة وهو الأمر الذي كانت له عواقبه في المستقبل على تطور هذا المذهب نفسه فقد تحول من مذهب مطارد معارض للنظام السياسي الديني القائم إلى ايديولوجية للدولة هدفها الأساسي الحفاظ على السلطة لمن حملوا لواء الدفاع عنها وافتكاكها ويبدو لنا ان تطور الأباظية السياسي لم يخضع دوما لمقتضيات النظرية الكلامية والعقيدة الأباظية ولهذا السبب بالذات رأينا من المفيد أن نستبق دراسة الفكر الكلامي الأباظي بحرض يصف وان باقتضاب مختلف المراحل التاريخية لتطوره ولحل أفضل مثال على ما افترضناه هو السلالة الرستمية نفسها فبعد نجاحها في تأسيس سلطتها في بلاد المغرب بإسم العقيدة الأباظية في الإمامة وباسم تصور خارجي للسلطة فإنها لم تحترم لا هذا ولا ذاك من هذه المبادئ والخريب ان المؤرخين الأباظية تجاهلوا هذا الأمر وانصرفوا إلى نقد النكار بشراسة وهم الذين ناهضوا هذا الأمر وشهروا بهذا الاستيلاء على السلطة وتحويل الإمامة إلى ملكية وراثية وهكذا نجحت العائلة الرستمية في التحول الى أكبر مستفيد من الوضع ولو على حساب المبادئ الأساسية للمذهب وخصوصا مبدأ الإمامة، وكان موت عبد الرحمان الفرصة المناسبة لظهور أول انشقاق متمثلا في النكار ولهذا يبدو مهما بالنسبة إلى الباحث ان ينظر في هذه الاختلافات المذهبية السياسية التي وضعت وجها لوجه فرقا اباظية متعددة حتى والدولة الرستمية لا تزال قاهة. ويحسب لعبد الرحمان في ال واقع ترسيخه لدعائم هذه الدولة الوليدة بفضل شرعيته ومهارته السياسية فظلت الدولة في أيامه قائة على احكام المذهب وتمكن من جمع هذه الأشتات من الفرق والأعراق والقبائل في تاهرت وظل الأساس هو سيطرة النزعة البربرية وهيمنة المذهب الأباظي 29 بما هما دعامة هذه الدولة الوليدة وهو ما اقر به المؤرخون حتى شهدوا بفرادتها وسرعة ازدهارها. وإذا ما تدبر الباحث الأمر من اوجهة السياسية لوجد أن هذا التوافق الهش الذي قام بين القبائل البربرية التي تعودت الترحال قد سمح بتكوين مدينة إسلامية جديدة تتوزع السلطة المركزية فيها بين أيدي شيوخ القبائل حتى بدا الأمر وكأنه ديموقراطية بدائية تحكم الحراك السياسي في ادولة غيران ازدهار المدينة اقتصاديا ادي إلى ظهور فئات اجتماعية جديدة من الحرفيين والموظفين والتجار ازدادت اهميتها تدريجيا حتى صارت تشكل القاعدة ااجتماعية لهذه السلطة الجديدة ودفحت بالأمور إلى حد تحولت فيه هذه السلطة الجديدة إلى سلالة ملكية حكمت بالرغم من إرادة القبائل الرحل الذين كانوا عمادها في البداية واستطاع بنو رستم البقاء في السلطة واحتكارها طوال 125 سنة بالرغم من كل هذه الاختلافات والثورات. 30 السلالة الرستمية وعصرها الذهبي أو وحدة المذهب والقبيلة قد لا يستطيع المرء فكاكا من إغراء الخلط بين عصر الأباظية الذهبي وبين عصر الدولة الرستمية فقد ساد الإعتقاد أن ذروة اكتمال المذهب قد صادفت اكتمال قوته السياسية إذ لم تعرف الأباظية حقا هيمنة كتلك التي عرفتها أيام الرستميين، بيد أنه إذا ما اتفقنا على العصر الذهبي بما يعني ما عرفه من ثراء على مستوى الإنتاج النظري فإن المرحلة الرستمية تعتبر فقيرة في هذا الباب ويجب في الواقع البحث عن هذا العصر الذهبي بعد قرن من هذا الزمان أي في بداية القرن الخامس وحتى منتصف القرن الثامن وهو أمر سندرسه في غير هذا الموضع ولنكتف الآن بإلقاء نظرة عجلي على هذه الحقبة الرستمية. ويمكننا في هذا السياق أن نقول دون خوف الوقوع في المبالغة أن عظمة الدولة الرستمية اعتمدت منذ البدء على عوامل ثلاثة أساسية هي العامل الديني ممثلا في وحدة المذهب الأباظي والعامل السياسي ممثلا في وحدة القبائل البربرية والعامل الاجتماعي الاقتصادي ويعبر عنه ذلك الازدهار الذي عرفته مدينة تاهرت ويكفي أن يتطور عامل منها حتى يؤثر في البقية ويؤدي إلى نشوء توازن جديد من ذلك أن ظهور النكار أدى إلى انفراط عقد التوافق الذي كان قائما بين القبائل البربرية وأدى إلى تبعات اجتماعية واقتصادية في تاهرت عاصمة الدولة والمذهب. 31 الأباظية من سقوط دولة تاهرت إلى تأسيس حلقة ريغ 269-409 ه الانسحاب الاستراتيجي بعد أن قام أبو حاتم صهر الإمام الرستمي يعقوب بخلعه قبل سقوط الدولة الرستمية خرج هذا الإمام المخلوع من تاهرت هاربا متخذا طريق الشتات ليترك هذه العاصمة بين أيدي الشيعة أما من بقي من العائلة الرستمية في تاهرت فقد تكفل أبو عبد الله الشيعي بتصفيتهم وهكذا إجبرت الاباظية على الدخول في مرحلة الكتمان التام من جديد وهي مرحلة لها شروطها وموافقها المحددة التي تمليها ومن بين هذه المواقف يمكننا الأشارة إلى الأمور التالية: 1 رفض التعامل مع السلطات غير الأباظية باعتبارها سلطات مارقة. 2 رفض الاندماج في جهاز الدولة . 3 وجوب ارساء نظام حكم سري لذو طابع تسيير جماعي تعويضا لفقدان امامة الظهور وهو النظام الذي سيسمي بنظام "العزابة" ومثلما اشار اليه أبو يعقوب الورجلان ي فان على الجماعة ان تتدبر أمورها بمفردها وتقيم العدل والقسطاط بين أفرادها حينما تدفحها الظروف إلى دخول مرحلة الكتمان. ويمكننا أن نقول أن سقوط دولة تاهرت في نهاية القرن الثالث لم يضع حدا للتأثير الاباظي في بلاد المغرب ذلك ان دوام التأثير على العقول والأفكار قد كان الباعث على انتفاضات عنيفة وثورات حقيقية ضد الحكم الفاطمي وهو الأمر الذي يدعونا إلى تحديد تخوم هذا التأثير ومداه. لقد كانت القبائل البربرية والرحل حلفاء الرستميين في أغلبهم أصيلي شرق بلاد المغرب يعيشون على حدودطرابلس الغرب وقدأدى سقوط تاهرت إلى التأثيرسلبافي الأباظية دون أن يؤدي مع ذلك إلى إنهاء نفوذها على مناطق كاملة فتراجعت لتشمل المناطق الصحرواية تبعا لخط جغرافي يمتد من بلاد الزاب جنوب قسنطينة ثم يشق نفزاوة في الجنوب التونسي وصولا إلى جبل نفوسة في طرابلس الغرب وقد كان لهذه الحدود الطبيعية الدرجيني: طبقات 1، 104. الدرجيني: طبقات 1، 94. الورجلاني - دليل. 4 الورجاني: دليل 111، 63. 35 ميزة تتمثل في انها وفرت حماية ناجعة ضد الجيوش النظامية الفاطمية وفي هذه الأنحاء قرر الأباظية بناء قواعدهم من أجل استعادة الحكم في بلاد المغرب لاحقا ومن هذه الانحاء ايضا قامت الثورات البربرية ااباظية نكارية كانت ام وهبية وقد كانت الواحات تتالي عبر هذه الطريق الصحراوية الطويلة وعبر واحات وارجلان وقسطيلية نفطة وقابس وجربة التي كان يسكنها البربر الأباظية وفي هذه المواطن تم وضع أعظم الأثار الدينية الأباظية في الفترة الفاصلة بين بداية القرن الخامس ونهاية الثامن للهجرة. وقد مثلت الاوراس من قبل ملاذا للمتمردين الخوارج وهو ما يؤكد أن هذه الجبال كانت موطنا للأباظية أما في ما يتعلق بالقبائل الرحل فإنها كانت دائمة التنقل وفق خط يربط على وجه التقريب بين سجلماسة التي تخضع لحكم بني مدرار من السلالة الصفرية في إتجاه نفوسة مرورا ببلاد الزاب وقسطيلية ونفزاوة وحتى برقة على الحدود المصرية. وقد خضعت هذه المنطقة إلى نفوذ قبيلة لواتة التي لعبت اورا مهما جدا في البداية في سياق نشر المذهب الأباظي وانتصاره بقيادة أبي الخطاب عبد الله بن السمح المعافري وإلى جانب لواتة كانت هناك قبيلة مزاتة التي تنقلت في الصحراء الليبية وكانت ممن أعتنق المذهب الأباظي بيد أن أكبر القبائل وفاء للأباظية تظل بلا منازع قبيلة نفوسة، ألم يقل عبد الوهاب من قبل أنه لو لا مزاتة ونفوسة لما قيض للأباظية أن تسود غير أن ما تقدم لا ينبغي أن يغمط منزلة نفزاوة التي تجوب مضاربها كل بلاد المغرب تقريبا حتى أعطت اسمها لمنطقة من البلاد التونسية في ناحية قسطيلية تحديدا وقد نزلت بعض بطون هذه القبيلة الكبيرة في ناحية سبتة في شمال المغرب الأقصى وتسمت بعض نواحي بلاد الأندلس باسمها على ما يذكره البي. وفي غياب سلطة مركزية كان بإمكانها أن تجمع الأباظية فقد ظل المذهب حيا عند بعض القبائل البربرية دون بعض وقد استطاع الفاطميون مع ذلك أن يستميلوا قبيلة بني زيري الصنهاجية القوية إليهم وبفضلها استطاعوا الأجهاز على الثورة الخارجية الكبرى ثورة أبي يزيد مخلد بن كيداد المكني بصاحب الحمار. ا الشماخي: سير، 143، 150، 161، 289، 380، 522. 36 الأباظية والفاطميون أنهى سقوط تاهرت سنة 909/297 م على يد أبي عبد الله الشيعي الحكم الأباظي في بلاد المغرب وكان من قبل على وشك السقوط وقد عمل هذا الشيعي وهو ينهي حكم من بقي من الرستميين الذين لم يهربوا من تاهرت على أن يضع حدا للإشعاع الفكري للمذهب الأباظي من خلال إحراق مكتبة "المعصومة" التي شيدها الرستميون في تاهرت كما سعى دون جدوى إلى أن ينهي أي وجود للسلالة الرستمية وورثتها ممن هرب إلى ورغلان بعد أن حاصرها، وقد إقترح إشراف الأباظية في وارغلان على احد أفراد العائلة الرستمية الهاربين وهو يعقوب بن محمد بن افلح أن يعلن إمامة الدفاع من أجل تنظيم المقاومة في وجه الفاطميين إلا أنه رفض متعللا باستحالة الوقوف في وجههم من الناحية العسكرية وكان رفضه هذا مؤذنا بنهاية الهيمنة الرستمية على المذهب الأباظي. وقد طرح شغور الحكم إشكالا مهما للأباظية الذين لم يتصوروا يوما مذهبا دون إمام وهو أمر كانت أحكام المذهب ترفضه بشدة وفي ذات الوقت كان المركز الإيديولوجي والسياسي للمذهب الاباظي قد انتقل من تاهرت إلى مواطن الأباظية ممن ستكون لهما دور بالغ في الدفاع عن المذهب وتعني وارجلان ونفوسة. وحينما كان الفاطميون يعملون على طرد الأباظية من وارجلان فانهم كانوا عاجزين أن يفعلوا نفس الشيء في جبل نفوسة الذي لم يتمكنوا قط من السيطرة عليه وقد أدرك الأباظيون ذلك فأخذوا من المنطقة الوسطى بين هذين الموضعين موطنا لتنظيم دفاعاتهم من جديد إضافة إلى منطقة الأوارس حيث تم الإعداد من جديد للثورات القادمة. العودة إلى مرحلة الدفاع لقد أدى رفض يعقوب بن أفلح لتحمل اعباء إمامة الدفاع إلى نشوء وضع جديد يتميز بغياب سلطة مركزية موحدة وجامعة يجد فيها اباظية المخرب تعبيرا عن خصوصيتهم وكان أن وجد الأباظية المشتتون بين جبل نفوسة ووارجلان ونفزاوة وتاهرت وجربة بل وصقلية أنفسهم ضعفاء في مواجهة سلطة مركزية مثل سلطة الفاطميين وقد دفع الأباظية فمنا باهضا لثورات متقطعة في منطقة طرابلس وفشلت فشلا ذريعا وأن شكلت إثنان الدرجيني: طبقات 1، 94. الدرجيني: طبقات 1، 95. شارل أندري جوليان، 339. 37 منهما ونعني ثورتي النكار والوهبية تهديدا حقيقيا وخطيرا للحكم الفاطمي وقد قاد الأولى النكاري أبويزيد مخلد بن كيداد المعروف بصاحب الحمارأما الثانية فقادها الوهبي أبو خزر وكانت أقل حدة من الأولى. ثورة صاحب الحمار هي من الثورات التي تغني شهرتها عن الحديث فيها وما نرانا نقول فيها إلا قولا مكررا فقد خصصت لها دراسات كثيرة اهتمت بهذا الجانب من تاريخ الأباظية النكارية وقد تراوحت الإطروحات والرؤي حولها فمنها من رات فيها صورة من صور الصراع الأبدي بين البطر والبرانس وإرادة الاستقلال التي ميزت البربر إضافة إلى التقابل بين البدو والحضر أو الصراع بين الأندلسيين والفاطميين من خلال استعمال البربر وقودا في هذا الصراع. بيد أن ما يهمنا في الواقع في مثل هذا الدراسة هو المناخ الثقافي والإختمار الايديولوجي الذي كان الأساس الذي نهلت منه هذه الحركات وفاتحة انطلاق ايديولوجي جديد سيعرفه المذهب بين القرن الخامس والثامن للهجرة. ولنبد ء أولا في دراسة شخصية أبي يزيد في علاقتها بالبيئة الدينية التي عاشت فيها فنقول أن المصادرترجع نسب أبايزيدإلى قبيلة يفرن أوأفرن نزلت أحد بطونها المعروفة ببني كندل في منطقة تطاوين وكان أبوه يختلف إلى بلاد السودان للتجارة، فولد بها أبو يزيد من جارية صفراء هوارية، فأت به إلى توزر، فنشأ بها، وتعلم القرآن، وخالط جماعة من النكارية، فمالت نفسه إلى مذهبهم، ثم سافر إلى تاهرت وأخذ عن احد علماء الأباظية المعروف بإبن الجامي ثم اشتغل بالتجارة بعد ذلك متنقلا بين المشرق وسجلماسة . ا ابن عذارى: 233، 234، بيروت 1950. الدرجيني: طبقات 1، 96. الدرجيني: طبقات 1، 159. .17 ,عد1ذد1181دا-ل8 150 و01ذعذ1ه]م هاً ,821 ٠6لسعتج٨1 ٥ الدرجيني: طبقات 1، 97. 38 وقدطلب هذاالشيخ يومامن أبي يزيدواحدمن أقراته المعروف بأبي الربيع سليمان بن زرقون ممن كان له لاحقا دور مهم في مقاومة الفاطميين أن يصحباه إلى سلجماسة موطن الحركة الخارجية الصفرية الخاضعة انذاك بدورها إلى الحكم الفاطمي وقد قبلا طلبه وارتحلا بصحبته بغية الإستزادة من العلم والجلوس إلى شيخهم في هذا الموطن الجديد ولازماه حتى وفاته وصارا بدورهما من الفقهاء حتى اليوم الذي تحول فيه أبويزيدإلى المذهب النكاري الذي عرف وقتها صعودالنجمه مع خبونجم الوهبية التي عرفت أوجها من قبل زمن الرستميين وضعفت بزوال ملكهم ويذهب الدرجيني إلى أن إفرقية قد خضعت تحت التأثير النكاري الذي يدعو إلى العودة إلى الأصول الخارجية الأولى في صفائها بعد فشل المنحي الإعتدالي الذي ميز الأباظية الوهبية من إعادة الحياة إلى إمامة الظهور ونصرة المذهب الأباظي نصرا سياسية واضحا كما وصف الدرجيني حال الأباظية النكارية في حين بقي جبل نفوسة تحت تأثير مذهب نفاث أما منطقة ريغ فقد خضعت لحكم مجلس من الأشراف يمثل كل الإتجاهات الأباظية من وهبية ونكارية وخلفية ونفاتية وكانت الصراعات العقائدية على درجة كبيرة من الحدة والقوة بالرغم من وجود إجماع على الوقوف في وجه الهيمنة الفاطمية، وقد إنتهى هذا الصراع فيما يبدو بإنتصارالنكارية أي إنتصارالتيارالأكثرتشددا وغلوا في معارضته للتشيع الفاطمي مذكرا ايانا بمذهب الأزارقة الذي اعتبر من قبل ان كل من خالفهم من المسلمين كافرا يحل دمه وماله وتحرم مناكحته وهونفس ما ذهب إليه أبويزيد بعد ذلك يقول المقريزي في وصفه لمذهب بن كيداد صاحب الحمار "وكان مذهبه تكفير أهل الملة، واستباحة الأموال والدماء، والخروج على السلطان" وقد أدى عجز الأباظية الوهبية الذين حمل لواءهم الرستميون عن مواجهة التوسع الشيعي إلى انطفاء ا المقرزي، اتعاظ، 109. المقرزي، اتعاظ، 109. الدرجيني: طبقات 1، 110. الدرجيني: طبقات 1، 109. ج الدرجيني: طبقات 1، 109-110. الدرجيني: طبقات 1، 111. الدرجيني: طبقات 1، 112. الدرجيني: طبقات 1، 111. الدرجيني: طبقات 1، 77. المقرزي: اتعاظ الحلفاء بأخبار الأمة الفاطميين الخلفاء ص20 39 إمامة الظهور مما حز كثيرا في نفس النكار فشنوها حربا شعواء ضد التشيع ووجد هؤلاء في المذهب الأباظي توافقا وتلاؤما واضحين يناسب المرحلة الجديدة مرحلة الثورة الحامة وتبحا لذلك يمكن القول إنه إذا كانت الأباظية الوهبية أكثر إستحدادا للمارسة فن الحكم فإن الأباظية النكارية كانت أكث استعداد لاعتناق ايديولوجية الثورة وممارسة فن الحرب ولا شك ان لإقامة أبي يزيد بسلجماسة عاصمة الصفرية القديمة أين إستكمل دراسته الدينية أثرا واضحا في تشدده وتحوله المذهبي إضافة إلى ما تعرض إليه الخوارج من قمع بالغ من قبل كل الحكام الفاطميين مما ساهم في تغذية روح الكره والنقمة ضدهم ولم يكن من الممكن أن تستثمر مثل هذه المشاعر إلا مذهب راديكالي كالمذهب النكاري وكان القادح لهذه الثورة هو ما أتاه عامل قسطيلية القاسم بن مهدي من سجن أبي يزيد الذي أتخذ من تقيوس مقاما له ولكنه نجح في الفرارمن سجنه والتجأإلى درجين نفطة يطلب حماية أهلها من الوهبية إلا أنهم رفضوا لجوءهم إليه فارتحل إلى الاوراس حيث اتخذ انكار الفارون من تاهرت منها ملجأ لهم وفيها نظم ثورته الكبيرة من أجل إستعادة الحكم الضائع في شرق الغرب الإسلامي ونحن سنعرض عن التوسع في المسائل العسكرية التي أفاض فيها المؤرخون لنقف عند تحليل الظاهرة أساسا. لقد ذهب عديد المؤرخين ومنهم غوتي ٢ع1ألآح6 4 إلى التشديد على الطابع القومي لهذه الثورة والواقع أنه لا يمكن إنكار أن الصراع القديم بين العرب والبربر كان موجودا فعلا وأنه لعب دورا ما في الثورة، بيد أن هذه الأطروحة تظل عرجاء وغير كافية البتة إذ كيف يمكن تفسير ما فعله أبو يزيد ضد الوهبية وهم من البربر وانحياز صنهاجة وهم من البربر إلى الفاطميين؟ ولهذا نميل إلى القول أن القومية البربرية لم تكن العامل الأساسي في اندلاع هذا الصراع بين الخوارج والفاطميين رغم شدته وثباته وإذا كانت هذه النزعة القومية مثلت في بعض الأحيان الأساس السياسي الذي حرك كل القبائل البربرية فإن العامل الأساسي كان ولاشك العامل المذهبي ونعني تلك الدرجيني: طبقات 1، 100. 2 ابن عذارى: 232، 233. الدرجيني: طبقات 1، 27. .570 ,354 :٠لجاأد٦ة0 40 الإرادة الدينية التي حركت أبا يزيد والنكار لتأسيس حكم نكاري ومثلما كان الشأن بالنسبة إلى الحركة الخارجية في بداياتها فإن الأباظية في بلاد المغرب حاولت في البدء أن تجد في القبائل الرحل إلى تجوب المغرب الأوسط والشرقي قاعدتها الإجتماعية وكانت مواقفها الفتوية تجاه حلفائها من الوهبية الذي ي سكنوا مدن الواحات ومالكية القيروان تبين في ذات الوقت إثر الإعتقادات ادينية وحذر القبائل الرحل التقليدي من المدن أو لنقل حذر أهل الوبر من أهل المدر ولا يجب أن نختر بالتحالف بين المالكية والوهبية فلم يكن ذلك إلا حيلة سياسية لعزل الفاطميين وهي حيلة فشلت في النهاية لأن الفاطميين نجحوا في تحييد الوهبية وكسب ود المالكية والصنهاجيين. وهكذا ادي موقف بن كيداد من حلفائه والإسراف والإفراط الذي تجيزت به سياسة الأرض المحروقة التي اتبعها إلى عزله وإنفضاض الجميع من حوله وفي الحقيقة فقد كان إبن كيداد يسعى إلى بعث الحياة في المبادئ التي دافع عنها بن فندين من قبله وهو مؤسس الفرقة النكارية وهي المبادئ التي تقوم على تأسيس مجلس حكم جماعي يقوده مجلس من ا لعزابة. وهكذا وجد أبو يزيد نفسه مجبرا على قطع تحالفاته ومواصلة الإعتماد على القبائل التي إعتنقت المذهب الأباظي في صورته النكارية فحسب ولكن ذلك لم يكن كافيا ليكسب الحرب فخسرها بعد أن عمد الفاطيون إلى محالفة أغلب القبائل من صنهاجية وكتامة والمالكية وإلى تحييد الوهبية مما جعلهم يكسبون الحرب سنة 336ه 949م. وهكذا يمكننا أن نعتبر أن الثورة الخارجية التي قادها أبو يزيد كانت محاولة لاقامة نظام خارجي على اسس عتيقة حمل لواءها بداية الازارقة في القرن الاول ثم بن فندين في القرن الثاني ثم انتشرت بعد ذلك انتشارا واسعا بحد سقوط الدولة الرستمية وعجز اأباظية الوهبية المحتدلة عن إقامة إمامة الظهور من جديد ويبدو أن هذا السبب هو الذي دعا شيوخ الوهبية إلى رفض هذه الفرقة بالإضافة إلى ما يبدو من خوفهم من الإنتقام الفاطمي دون أن ينسوا وهم الذي ناصروا أبا يزيد في البداية أنه كان واحدا منهم قبل أن يخرج عنهم إلى المذهب النكاري ولا يخفى أن موقف أبا يزيد من خصومه ا الدرجيني: طبقات 1، 90-100. 41 كان شبيها بموقف الأزارقة مما جلب عليه غضب علماء الوهبية من أمثال الدرجيني ويمكن أن نعد الإختلافات المذهبية بينهما في المسائل التالية: أ- القول بالقدر ب- الأسماء والصفات ت- عدم وجوب لإمامة ث- حد الكبائر والواقع أنه توجد نقاط خلاف اخرى أقل أهمية بيد أننا نعاني نقصا فادحا في المعلومات حول أمر العقيدة النكارية التي لا يمكننا تلمس معالمها للأسف إلا من خلال ما كتبه خصومها وخصوصا علماء الوهبية بل أن كل ما نحلمه تقريبا أنما يتصل بمفهومهم للإمامة وهو ما سنتحرض له بالتفصيل في موضحه من هذا الكتاب. ثورة الوهبية استمرت محاولات إقامة الإمامة الاباظية من جديد بعد فشل ثورة أبي يزيد مخلد بن كيداد وكان مناخ الفوران الإجتماعي والسياسي الذي ساد أبان الثورة النكارية قد ظل قويا فاعلا حتى بعد فشل أبي يزيد وسيطرة الفاطميين الشيعة على افريقية وقد أدى انحياز صنهاجة وكتامة إلى جانب الفاطميين الشيحة إلى اضحاف المقاومة الأباظية دون انهائها قماما وفي ذات الوقت عرفت الأباظية صراعات كبيرة بين الوهبية والنكار وخصوصا مع نهاية ثورة أبي يزيد ذلك أن الوهبية لم يكتفوا بعدم مد يد العون لهذه الثورة بل اعلنوا زعيمها كافرا مشركا غير ان المناخ الذي صنعته هذه الثورة في اأوساط الاباظية بمختلف اتجاهاتها دفعت بالاباظية الوهبية إلى الثورة هم أيضا وهو الأمر الذي لم يتوانوا عن القيام به وهي ثورة لم يشير إليها المؤرخون وعرفت بين المؤرخين الأباظية بثورة "بغاي" وقد كان لفشلها وخيم العواقب على المذهب الأباظي كما سنرى ذلك في موضعه. ا الورجلاني: الدليل 11، 146. 42 أسباب الفشل الخامضة يلاحظ الباحث قلة اهتمام مؤرخي الأباظية بهذه الثورة وإن كانوا قد وافقوا على مبادئها وآزروها باعتبارها محاولة فشلت في إعادة الحياة لإمامة الظهور بيد أن الكثير من النقاط ظلت غامضة خصوصا ما أتصل بتأويل أو تفسير العلاقات التي كانت بين زعماء الثورة والمعز بن باديس يمكننا أن نسوق الأسئلة التالية في ما تعلق بهذه المسألة: أ - كيف قام الأباظية الوهبية وهم الذين يعتبرون انفسهم ورثة الخوارج الأول صلات تحالف مع الشيعة المنحدرين من سلالة كانت السبب في هزيمة الأباظية وسقوط دولة تاهرت وما الداعي إلى ذلك؟ ب- لماذا قرر الأباظية الوهبية الثورة بعد قتل الفاطميين للزعيم الاباظي أبو القاسم يزيد بن مخلد؟ وهل كان مقتله السبب الوحيد لهذه الثورة المتأخرة ؟ ت- هل يمكن أن نفسر الظروف الغامضة التي حفت بهذه الثورة بمجرد الخلاف بين الوهبية في ما يتصل بحدم تخير الوقت المناسب للثورة ؟ إن الأجوبة على هذه الأسئلة يمكن أن تساهم في توضيح بعض مظاهر هذه المحاولة الفاشلة التي سعت إلى إقامة الظهور من جديد على يد الأباظية الوهبية. وقعة بغاي لا يمكننا في الواقع أن ندرس العلاقات بين الفاطميين والأباظية في هذه الدراسة إلا من الوجهة السياسية وأن كنا نسلم بأن مسألة الإمامة هي مسألة دينية قبل كل شيء. إذا كان الشيعة الإسماعيلية يعتبرون أن الإمامة تنحصر في أبناء على بن أبي طالب فإن الأباظية بمختلف فرقهم وسعوا من مدى هذا الحق واعتبروا كل مسلم توفرت فيه بعض الشروط أهلا لتولي هذا المنصب ومن بينها اجماع الأمة عليه ومن جهة أخرى كان الأباظية يرفضون الإمامة الشيحية بإعتبارها إمامة غير شرعية بما أنها تعني الإمتداد التاريخي لمظلمة حدثت زمن التحكيم بين على ومعاوية أيام صفين سنة 36 ه 43 إن هذه الخلافات التي تحكمت في العقائد الدينية بين هؤلاء واولئك وكانت الخصيصة الأساسية لها ازدادت وطاة بفعل المسؤولية الفاطمية في سقوط الدولة الأباظية بتاهرت وما انجر عنها من البطش بالاباظية بيد أنه طرأ ما من شأنه أن يخير هذه المعطيات ونعني بذلك ثورة صاحب الحمار إذ يبدو أن انتصارات هذا الأباظي الوهبي المتحول إلى المذهب النكاري ومواقفه العنيفة ونزعته الحربية تجاه أهل مذهبه القديم قد ادت في النهاية إلى تحولهم إلى أشد إعدائه ولا شك أن رؤوس الفاطميين قد ادركوا هذا الأمر فسعوا إلى كسب ود رؤوس ااباظية تماما كما فعلوا مع الصنهاجيين وهم وان لم يستميلوهم نهائيا إلى صفهم فإنهم قد امنوا جانبهم على الأقل وبهذه الكيفية ظل أغلب الأباظيين يشاهدون من بحيد هزيمة صاحب الحمار الذي جنى على نفسه بما اختطه لنفسه من طريق الغلو والب خصومه وأصدقائه عليه ولعل بسطة في القول عن سيرة أبي القاسم يزيد بن مخلد زعيم الأباظية الوهبية وهو من عاش في بلاط المعز لدين اله الفاطمي قبل ان يخرج عليه فيلقي حتفه على يديه تشرح بعضا من المسائل التي ظلت غامضة في هذه الفترة. لم يكن أبو القاسم هذا سوى تلميذ بن زرقون الشيخ الوهبي الذي كان صاحب أبا يزيد مخلد بن كيداد عندما كان في مرحلة ولائه للأباظية الوهبية ومن المرجح أن بنية العزابة السرية التي جمعت بن زرقون وأبا يزيد صاحب الحمار قد انقسمت قسمين بعد العودة من سجلماسة وأنكار أبي يزيد لمبادئ الوهبية وتحوله إلى المذهب النكاري ويمكننا أن نتصور أن هذه البنية السرية الثنائية قد انجبت اتجاها مغاليا تزعمه أبو يزيد وآخر معتدلا ترأسه الشيخ أبو القاسم تلميذ ابن زرقون الذي بعد ان ساند الثورة النكارية انقلب عليها وتحالف موضوعيا مع الفاطميين الشيعة الشيء الذي يفسر تواجده فيما بعد في بلاط المعز لدين اله الفاطمي وقد استغل الأباظية الوهبية هذه "الهدنة" لإعداد العدة وتنظيم صفوفهم للقيام بإنتفاظة أخرى. فحسب المؤرخين الاباظية الشماخي- سير349، 296، 295، 2٣2س4459م الوهبية ففي حين واصل أبوالقاسم اتصالاته مع الفاطميين كان يقوم في السرية بإعادة تنظيم قوى الأباظية وتتحدث المصادر عن أثنا عشر ألف فارس كانوا على ل ستحداد للزحف على المهدية عاصمة 44 الفاطميين ويبدوا أن الخليفة الفاطمي قد تفطن لهذه السياسة المزدوجة للأباظية الوهبية فأمر عامله بنفزاوة بالجريد التونسي بقتل أبي القاسم فقتله في عقر معقل الخوارج. وبعد قتله تصدى شيخان هما أبو خزر يغلي بن زلتاف وأبو نوح سعيد بن زنغيل لقيادة الثورة وقاموا بتعبئة اباظية جربة ونفوسة وبني ميزاب التي يبدو انها كانت تخضع لقيادة مجالس العزابة وهم أعيان هذه البلدان ونقباءها في غياب الدولة المركزية. وهنا تطرح أسئلة عدة: هل وقع انتخاب أبا خزر يغلي بن زلتاف إماما للدفاع كما تدعيه المصادر الأباظية الوهبية إذ إن العقيدة الاباظية تفترض اختيار إمام للدفاع إذا وجد خطر داهم يفرض على المجموعة الأباظية الخروج من "حالة الكتمان" والهدف هو تنظيم الدفاع عن المذهب الجناوني- عقيدة ولكن رفض أهالي نفوسة وجربة تقديم الدعم العسكري اللآزم لهذه الثورة يدل على أنهم لم يشاركوا في انتخابه عكس أباظية ورجلان ورقلة ببني ميزاب في الجنوب الشرقي للجزائر. رغم ذلك فقد تمكن القائدان من الهاب حماسة الأباظية في جربة ونفوسة لإعلان الحرب على المعز لدين الله الفاطمي والزحف على معسكره في منطقة بغاي ولكن الأمور سارت وكأن أبا نوح كان فقط منتخبا من طرف اعيان وعزابة ريغ وورجلان وقد اعتقد أبو نوح أن له من القوة الكافية لهزم الفاطميين فخاض المعركة قبل وصول المدد والدعم الأتي من تلك المناطق فكانت هزيمة شنعاء للأباظية والضربة القاضية التي أعطاها الفاطميون لثورة الخوارج الأباظية وللمذهب في بلاد المغرب. فمن الواضح أن روح الثورة التي كانت قاعدة الانتفاضة النكارية التي قادها أبو مخلد بن يزيد بن كيداد الملقب بصاحب الحمار هي نفسها التي استمرت مع ثورات الأباظية الوهبية لان هذين التيارين العقائديين كانا يشقان نفس المجموعات القبلية البربرية الأباظية وقد وجد أعيان المذهب وقياداته المحتدلون من الاباظية الوهبية أنفسهم مجبرين على خوض الحرب رغم خوفهم من هزيمة تقضي نهائيا على المذهب تجاشيا مح الخليان الذي إجتاح الاوساط الاباظية الوهبية بحد مقتل ابي القاسم على يد الخليفة الفاطمي. لقد استجاب القائدان أبو خزر وابو نوح تلامذة ابي القاسم لضغط قواعدهم الذين عبروا عن غضبهم بالثورة. 45 لقد اعتقدوا خطأ أن الوقت قد حان للإعلان "ظهور" لمذهب وإن ساعة الإنتصار قد دقت، لقد كان تسرع هذين الزعيمين وغياب الدعم من جربة ونفوسة السببين الأساسين في هذه الهزيمة التي كانت لها نتائج كارثية على الأباظية الوهبية فقد قتل فيها كثير من العلماء الذين وضعوا في مقدمة الجيش، ولا نعرف الأسباب التي أدت إلى ذلك علما انها أثرت سلبيا على المردود الفكري الديني للمذهب فيما بعد وخاصة أن موقعة مانو قتل فيها كثير من علماء الأباظية على يد الأغالبة. وقد أحس المعز لدين الله الفاطمي بخطر هذه الحركة فقرر استمالة زعمائها واتصل في ظروف غامضة بأبي خزر وأبي نوح وضمهما إلى بلاطه ثم أخذ معه أبا خزر إلى مصر عند إنتقال الخلافة إليها. وبعيدا عن الأضواء والحركات الإستعراضية أعاد الأباظية بعد هذا الفشل في إعلان إمامة الظهور بناء نظام ديني - سياسي عالي التنظيم ذو خصوصية مميزة في منطقة تفصل بين بلاد المغرب والصحراء الكبرى بواد ميزاب مرورا بمنطقة الجريد بتونس وجزيرة جربة حتى جبال نفوسة في شمال طرابلس . وحتى تتمكن من دراسة علم الكلام الأباظي في القرنين الخامس والسادس للهجرة يجب أن نتناول في عمومه الهياكل السوسيو - دينية التي مكنت المذهب من البقاء في تلك البقاع البعيدة ومن بلورة "علم كلام" يضاهي في نوعيته ما أفرزه الفكر العربي الإسلامي من نظريات كلامية في أماكن أخرى. 46 الموقع الجغرافي والهياكل الإجتماعية والسياسية والإقتصادية في المناطق الأباظية في القرنين 12م و13م لقد بينا ادور الذي كانت تلعبه تاهرت عاصمة الدولة الرستمية في المبادلات التجارية بين الأندلس وأفريقيا السوداء والمشرق العربي الحبيب الجنحاني: تاهرت المجلة التونسية 7م،1975 لقد كان لموقع المدينة الجغرافي دور أساسي في أزدهارها إذ تشقها "طريق الذهب" الشهيرة والتي لعبت دورا في ثراء سكانها، وأفرزت هذه الثروة طبقة اجتماعية غنية سرعان ما أصبح لها شأن في الأمور السياسية وإدارة الدولة، وسيكون لهذه الطبقة وليدة تطور المدينة دور كذلك في التطور السياسي والديني لنظام الحكم في تاهرت لذلك فإن هذا الدور يهمنا بالدرجة الأولى، ولتبسيط الأشياء يمكن أن نعتبر أن التيار الأباظي الوهبي كان يمثل هذه الشريحة الإجتماعية أي ايدويولجية سكان المدينة وايديولوجية الحكام الرستميين وأن التيار النكاري كان يمثل الايديولجية القبلية التي كانت ترفض مركزة السلطة في يد الإمام واحتكار السلطة من طرف عائلة أو عشيرة أو قبيلة أو جنس، فنظرية الإمامة كما دافع عليها ابن فندين مؤسس المذهب انكاري والمنشق عن عبد الوهاب بن رستم ثاني الخلفاء الرستميين تعكس هذا التوجه، بينما تعكس نظرية الإمامة كما أرساها ومارسها فعلا عبد الوهاب بن رستم وسلالته وسانده فيها علماء البصرة الأباظية توجها نحو تأسيس نظام ملي وراثي يهمش دور "أهل الحل والعقد" أي رؤساء القبائل. وبحد سقوط الدولة الرستمية سنة 297ه تكن جزء من سلالة عشيرة الرستميين من الفرار من المذبحة واتجهوا إلى ورجلان في جنوب شرق الجزائر "واد بني مزاب" ومن بينهم يعقوب بن محمد بن أفلح آخر أتة تاهرت بعد أن أطاح به ابن اخيه كان ذلك في سنة 297ه وقد أقترح عليه أعيان ورجلان أن يتولى إمامة الدفاع على أساس شرعيته القديمة فأعتذر نظرا لضعف الأباظية السياسي والعسكري ولا يبدوا أختيار ورجلان ورقلة من طرف بقايا الدولة الرستمية اعتباطيا كما ذهب إلى خلك ليون 47 الإفريقي 1956,438 10نهذ٨"1 1200 فالمدينة قديمة جدا أسسها النوميديون على مشارف الصحراء الكبرى ويعتبرها تدوز لويي 206. اع 5ع111طع^1104210 5ع10ات1 601421021825 كنقطة انطلاق لعشرين طريقا ومعبرا نحو شمال وجنوب بلاد المغرب فقد كانت إذن مفترقا للطرقات يربط بين الطرقات التي تمكن العائلات الثرية التي هربت من تاهرت من مواصلة تعاطي التجارة وقد كانت ورجلان في القرن الخامس الحادي عشر م والسادس الثاني عشر م مرتبطة بسجلماسة مركز الخوارج الصفرية والأباظية. لقد تناولنا من قبل كيف أن أبا يزيد مخلد ابن كيداد الملقب بصاحب الحمار وزميله ابن زرقون شيخ الاباظية الوهبية قصدوا شيخهم في سجلماسة وكان من كبار التجار لأخذ العلم منه. ويعتبر لويكي انطلاقا من دراسته لسيرة أبي زكريا الجناوني أن طريق الذهب التي تربط سجلماسة بالشرق تمر بورجلان التي كانت كذلك مرتبطة بالقيروان وتلمسان وقلعة بني حماد وتونس مرورا بدرجين نفطة وتوزر وكانت تربط مع جبل نفوسة في شمال طرابلس بطريق تمر بمنطقة "جادو" في ليبيا شرقا وتتد هذه الطريق إلى سجلماسة غربا. وورجلان ليس الا اسم الواحة التي كانت تحتوي مدينة سدراتة التي تبعد عنها 14 كلم. لقد بينت الحفريات التي قامت بها الأنسة فإن فرقام 1210210ع٧ ٧20 في الخمسينيات من اكتشاف نظام ري ونظام أنهج طوله كليومترين وكشفت الحفريات عن آثار حياة مدينية راقية ومتطورة لقد عرفت هذه المدينة أوجها في الفترة التي تفصل أواخر القرن الرابع ه العاشر ميلادي إلى اواخر القرن السادس ه الثاني عشر م اي في الفترة التي بلغ فيها علم الكلام الأباظي اوجه قبل أن يدمرها أحد مساعدي ابن غانية المنشق عن الموحدين والذي عاث فسادا في جنوب بلاد ألمغرب في سنة 27-626ه وعلى يدي يحيى بن اسحاق الميوري نسبة إلى مايورقا الإسبانية ولكن الأباظية كانوا قد نجحوا في إعمار مدن أخرى في بني ميزاب قبل تدمير مسراتة واعتناق أهالي هذه المدن المذهب الأباظي وقد كانوا سنة معتزلة في 409ه 48 درع الصحراء على بعد 22 كلغ غرب ورجلان توجد شبكة الزاب وأول مدينة أسسها الاباظية فيما هي ا العطف" ثم "بنورة" ثم "مليكة ثم "بني ايزغن" ثم "غرداية وقد كان أهالي هذه المنطقة سنة يعتنقون المذهب المعتزلي الدرجيني - طبقات 494 11 وقد اعتنقوا المذهب الاباظي على يد الشيخ عبدالله بن بكر في سنة 409ه بعد تأسيسه لحلقة "ربغ" الدرجيني- طبقات377 .11 ، وقد اسست "العطف" في 1012م و انوت ه" في 1046 و"غرادية" في اواسط القرن التاسع ه الرابع عشرم وكل هذه المدن تشرف على الصحراء الكبرى ويصحب اوصول اليها وكأن من أسسوها أرادوا أن يجحلوا من الشبكة سدا طبيعيا يحميهم من الغزاة ونجد نفس الخاصية في المدن الأباظية في التراث التونسي بقشتيلية والحامة أما جربة فهي جزيرة تحميها مياه البحر من كل جهة وقد نستنتج من هذا أن اختيار الأمكنة لتأسيس المدن يخضع إلى هاجس أمني. ويحتوي الجنوب التونسي أنذاك على مدن أباظية "كدرجين" نفطة و"قنطرار" وأسدادة" و"تقيوس" وهي كلها بعيدة من مركز السلطة في بلاد المغرب فكأن تقهقر الأباظية إلى جنوب الجزائر وتونس كان منظما وكأن هذه المدن لم تكن إلا القواعد الخلفية التي التجأت إليها قيادات الأباظية الساياسيين بعد هزيمتهم ليعدوا فيها العدة من جديد للرجوع للساحة السياسية وخاصة أن هذه القواعد الخلفية تتمتع بحماية طبيعية. إن الحراك الفكري والديني والثقافي في هذه البقاع النائية على حافة الصحراء كان مدهشا حقا قشتيلية جبل امر بني ميزاب نفوسة جادو جربة وكان له هدف واحد: إعادة إحياء المذهب الأباظي ويؤكد ابن خلدون ذلك بقوله أن استمرار هذه المعتقدات المارقة الوهبية والنكار كان بسبب بعدهم عن السلطة الحاكمة ابن خلدون تاريخ 278 .111 . ازدهار وتطور من طبيعة خشنة وبدوية تطور المذهب الخارجي مع مرور الزمن ليأخذ أشكالا تقترب من طريقة تفكير الحضر وأهل المدينة لقد انطلق المذهب من "النهروان" ثم أنتقل الي "البصرة" ومدن شرقية أخرى لفرز تياره المعتدل 49 الأباظية. لقد كان زعماؤه بداية من اواخر القرن الاول يسكنون المدن حيث كانوا يتحاطون الجدل الفكري وينتظمون في "مجالس" سرية لدراسة دينهم وطريقة مذهبهم كما كان اامر في عهد أبي عبيدة مسلم بن كريمة وتلاميذه في بداية القرن الثان. ولقد مثلت إمامة "تاهرت" المذهب ا لأباظي في تطوره من عقيدة احتجاجية ترتكز على قاعدة اجتماعية ذات هيكلة قبلية الى عقيدة سلطة لحكم مركزي يرتكز أكثر فأكثر على قاعدة اجتماعية حضرية وقد استمت احفاد الرستميين عند انتقالهم الى "ورجلان" في اعتناق المذهب الأباظي الوهبي بينما واصلت القبائل الرحل وشبه الرحل في اعتناق المذهب الإباظي النكاري فالمذهب النكاري أكثر راديكالية واقرب عقائديا للتيار الخارجي المبكر بينما أظهر المذهب الأباظي الوهبي أكثر مرونة سياسية الشيء الذي مكنه من البقاء. إن فشل الإنتفاظات الأباظية وخاصة انتفاظة "بغاي" يرجع فيما يرجع إلى رفض أعيان الأباظية في نفوسة وجربة الانسياق لمغامرة حربية لأنهم يحبذون الجدل الفكري والاجتهاد اديني على العمل العسكري وامتشاق السيوف فبعد هزيمة بغاي انتصر الوهابيون على النكار والاعتدال على التطرف داخل المذهب الأباظي رغم الخسارة الكبيرة وانساق ااباظية بعد ذلك وبهدوء نحو اشكال من المقاومة السلمية أكثر قاشيا مع واقع موازين القوى السياسية والعسكرية ودخلوا في حالة ا الكتمان" التي تتجاوب مع المرحلة فأخذ النظال الفكري والديني والفقهي مكان المواجهة العسكرية وقد حدد هذا الاتجاه مصير المذهب ومصير المناطق التي يسيطر عليها ان الاستقرار النسبي والرخاء الاجتماعي في المدن - الواحات اين اختار الاباظية العيش مثلا مناخا مواتيا لتطور العلوم الدينية: علم الكلام وحلم الفقه الذين سيعرفان أوقات عزة كبيرة. 50 الحياة الاقتصادية في المدن الأباظية في القرنين الخامس والسادس ه لقد ارتبط تطور العقيدة الأباظية بتطور العالم العربي الإسلامي عامة وبالتطور الاقتصادي لهذه المجتمعات الذي كان له انعكاس ايجابي وكان للجماعات الاباظية دور كبير في دفع التجارة العابرة للصحراء كما تدلل على ذلك كل المصادر التاريخية والجغرافية. إن الزخم الذي عرفه الفكر الديني الاباظي وخاصة علم الكلام الذي سنتناوله في الجزء الثاني من هذه الدراسة عرف اوجه في هاته الواحات التي جمعت مجموعات أباظية كان للدين دور في نسج هويتها وتميزها عن باقي العالم الاسلامي وفي التأطير الايدولوجي لمجمل نشاطاتها الإجتماعية والإقتصادية فهذه الانشطة ستأثر في بلورة المنظومة العقدية والفقهية تحت اشراف "العزابة". كما ستبرزه دراستنا المقتضبة للنشاطات الإقتصادية فإن الطابع الحضري لهذه الحضارة يبدو بارزا رغم وجودها على حافة الصحراء الكبرى كما ان وجود هذه المدن في مفترق الطرقات الكبرى سيجعل منها مركز دراسة وتطوير فقه المعاملات التجارية الأباظي وهذا يبدو واضحا لدى دراسة كتب الفقه فالمسائل التي لها علاقة بالتجارة والفلاحة تتصدر الفتاوى الأخرى وقد اضطر العلماء إلى عدم ااكتفاء بترديد مقولات العقيدة العامة وغير الدقيقة ووجدوا انفسهم مضطرين للإجابة عن أسئلة عقائدية وفقهية دقيقة أكثر فأكثر لقد رضعت هذه المدن من ثديي التجارة والفلاحة. إذ أن استمرار المجموعات الأباظية في البقاء كان مرتبطا بنجاحهم في تطوير هذين القطاعين وكذلك قطاع الصناعات وخاصة الفخار كما نلاحظ ذلك حد اليوم لدى أباظية جربة. ا فلاحة يعطينا العلامة ابن خلدون لمحة موجزة عن وضح الفلاحة في بني مزاب فنذكر أنهم اسسوا قرى في "ورجلان" ومدن على ضفات الوديان التي 51 تجري من الغرب الى الشرق ويصف كيف انها كلها محاطة بالأشجار وكيف زرعوا النخيل على ضفاف اوديان التي تشق الصحراء ويصف سكان "القصور" بالكثرة وهو يحني منطقة الريف قرب "ورجلان". فان خلدون يصف الواحة وقد اكتشف علماء ااثار القنوات التي توزع الماء على اراضي الفلاحين ونظام ري يدل على قدرة كبيرة في إدارة توزيع هذه الثروة الطبيعية فقد بنوا "سواقي" تحمل الماء إلى "فسقيات" يجمع فيها الماء ويخزن لفترات الجفاف ونجد نفس النظام تقريبا في جربة ونفطة والذي مازال مستعملا حد اليوم كما كانوا يستغلون فترات الذروة في الوديان لري أكثر ما يمكن من المساحات الصالحة للفلاحة كل هذا حسب نظام دقيق يرتكز على "اتفاقيات" حسب الفقه الأباظي وحسب اجتهادهم بهدف ري أكبر مساحة ممكنة، ويعتمد في كل هذا على مبدأ المساواة وهو أحد اصول العقيدة الأباظية التي تجد في هذه الحالة تعبيراتها اأجتماعية والاقتصادية. والأكيد أن أهم المعلومات الإقتصادية تأتينا من كتب الفقه ورسائل الفتاوي للأشياخ ككتاب "الأشياخ الست" وهو مجلد كبير يجمع كل القواعد الفقهية فالاباظية لا يفصلون بين الروحي والمادي وكل أطوار حياتهم مقننة بدقة شديدة انطلاقا من عقيدتهم وكل جوانب الحياة الإقتصادية تخضع لقوانين الفقه الاباظي تحت اشراف مجلس العزابة الذي يتمتع بسلطة تشريعية مطلقة علاوة على سيطرته على كل مفاصل الحياة. وتتناول هنا مثلا مسألة الزكاة التي تناولها أبو موسى الجيطالي احد علماء نفوسة في القرن الثامن ه في كتابه "قناطر الخيرات" يفصل فيه كل عناصر الثروة التي تخضع للأداء الزكاة وهذه "الخيرات" ليست اا فائض الربح حسب المصطلح الراسمالي الذي ينتج عن النشاطات التجارية والفلاحية والصناعية ويقسمها الى خمس: 1 الأغنام 2 الذهب والفضة 3 التجارة 4 مقاطع الذهب والمعادن والكنوز المخفية 5 الحبوب وغيرها من المنتوجات الفلاحية، ويحدد فيه بدقة الكميات التي توجب الزكاة والنسب المرتبطة بها فيذكر الجمال والبغال والحمير والقمح والشعير والتمور والزيت الخ... فبالنسبة للذهب يفصل بين التبر والمصوغ والفضه والاواني الفضية كما يفصل بالنسبة للتجارة بين العملة الذهبية والعملة الفضية ويتحدث كذلك عن مقاطع الأحجار الكريمة... 52 ولا يذكر هذه "الخيرات" إلأ للافتاء في الزكاة عليها وان كانت قامة "الخيرات" تفوت ذلك بكثير مما يدل على ثراء ورخاء فعلي وكبير لهذه الواحات - المدن وعلى أن نظام الحيش فيها كان حضريا. وكما أكد ٠لج1أ1اه6 قوتية " الواحات قادرة على الاكتفاء ذاتيا لمدة طويلة بالإعتماد على مواردها الخاصة" وخاصة على المستوى الغذاي ينظاف إلى لذلك الثروات والبضائع التي يوفرها التبادل التجاري. ان هذه الموارد الذاتية التي تنتجها الواحات كانت أساس القدرة على البقاء للمجموعات الأباظية وحتى بعد اضطراب موارد التجارة أو انحسارها تمكنت هذه المجموعات من البقاء بالإعتماد على المواد الخذائية التي توفرها الواحات وقد استوجب ذلك إعادة تهيئة الاراضي ولم يكن ذلك سهلا بالنسبة لبلاا الزاب نظرا للطبيعة الحجرية للأرض وكان لزاما عليهم مقاومة الجفاف التي يفرضها الطقس الصحرواي والتصدي للأمطار الغزيرة التي تهطل بعد الصيف. ان الحفاظ على الحياة الفلاحية استدعى جهودا جبارة وتنظيما اقيقا وحكما يحتمد على قواعد فقهية ملزمة ولكنها تتسم بالحقلانية وخاصة في تجميع وتوزيع المياه ان هذا المجهود لم يكن يعطي اكله دون صرامة العقيدة الاباظية فالجهد في خدمة الأرض إصبح واجبا دينيا كما يعتقده ^٣^الم٨٧210 :^19001 لا110ع44 ٦٧2517 حع1٩٦أءح1ة1ك ج1 إذ يقول: "الدين يفرز اجباريا روح العمل وروح الاقتصاد الذين لا يمكن الأ ان يولدا الثورة . ان الصراع المستمر مع الطبيعة لم يكن الا نتيجة ديناميكية داخل الحلاقات الاجتماعية في هذه المجموعات المنغلقة على نفسها والتي لها علاقات متنوعة مع الخج. إنه من الثابت أن الإيدولوجيا المساوتية التي تعتبر كل الناس متساوين أمام اله وفي المجتمع التي اعتنقها الخوارج منذ البداية كذلك الفقه الذي انتجته حددا الى حد كبير تطور الحلاقات الاجتماعية داخل المجموعات الأباظية يقول. هل هذعم01:ع90 .101٥1٥ ل121ل980111 عا€1ك٠للما0ة 38, 1974 .ج1٠1خج٨1ل1 "إن ثقافة بني مزاب الاباظية تجد اساس تناسقها في ثراء تقاليدها التاريخية المشهورة والحقائدية وفي التنظيم المحكم للعبة 53 المجموعات داخل مختلف المجموعات وفي الفعالية التي تدل على ذكاء رفيع "للاتفاقات" المكتوبة والثرية بفقه القانون واخيرا في عقيدة مرنة وصلبة في نفس الوقت والتي تفرز فمط حياة له خصوصية في شمال افريقيا". إن المفعول الرجعي لهذه الثقافة على المنتوجات المادية لمواد الاستهلاك وخاصة منها الفلاحة كان حقيقة قويا حتى انه تمكن من تحويل هذه المناطق الوعرة الى بؤر حضارية ذات نشاط اقتصادي وفكري قويين لقد كان هذا الرخاء هاما نسبيا مقارنة بالنشاطات الاقتصادية في المناطق الصحراوية التي تحيط بالمنطقة واين تسكن مجوعات من البدو ارحل ونصف الرحل فالفلاحة في الحقيقة لا تكفي الأ لتمكين المجموعة من البقاء الشيء الذي يفسر تقوعهم على انفسهم اما التجارة حيث تمثل هذه الاماكن نقطة عبور للسلع فإنها ساعدت على التخفيف نحو ميل هذه المجموعات للتقوقع وتدفعها للانفتاح على العالم الافريقي والعربي الاسلامي. التجارة لقد سيطرت السلالة الرستمية عبر ادولة والمذهب الاباظيين على وسط بلاد الغرب من تاهرت حتى جنوب شرق الجزائر والجنوب التونسي نفزاوة وبلاد الجريد وجبل امر وجربة وشمال طرابلس ونفوسة وكانت لها علاقات جيدة مع الدولة الخارجية الصفرية سجلماسة الذي تأسست سنة 757م بسبب العلاقات العقائدية والقبلية والسياسية وبعد سقوط الدولة الرستمية ولجوء الإباظية إلى جربة والجنوب التونسي وشمال طرابلس نلاحظ ان كل المدن ااباظية توجد على خط "طريق الذهب والعبيد" 242 ^^11010110 ول021ل10 مثل ورجلان وسدراتة حيث كانت تكون محطات للقوافل التي تجوب البلاد محملة بالذهب واللوبان والعنبر والقمح والقطن والجمالوالعبيد، وكانتهذه لبضاعة توزع فيكل أرجاء لعالم لإسلامي ول2٣ا10 244 هذا الطريق التجاري لعب دورا هاما في ضرب سكة الذهب والفضة ويقول 4^002^10 "كانت الواجهة الجنوبية الحربية حاسمة لإقتصاد الحملة في الحالم الاسلامي فمنها تأتي أنهار الذهب الذي مكنت من ضرب السكة وسهلت سيلان الدينار وقد وجدت لاور لضرب السكة بسجلماسة وورجلان بتوفر ذهب بلاد السودان". 54 وقد وجدت شبكات طرقات اخرى تأدي كلها إلى افريكيا والجنوب التونسي 243 لك٢ة<1لا0ط تنطلق من بلاد الجريد نفطة توزر قابس باتجاه طرابلس وكلها كانت انذاك تحت سيطرة الاباظية وتربط افريقيا تونس وبلاد المغرب بالنيجر وبحيرة تشاد "8111 8م٦[ء٠لمغممح1 و1 ,ا18اه 2ع2"1 م1٧88م(1 . ام 1021٤ 8ف0 ٠ل٧01 1970 ذ]12 و1.ى11ح10ع٨01142 . إن المجموعات الأباظية المنخلقة على نفسها نسبيا كانت تمثل حلقات وصل هامة بين الوسطاء التجاريين. وتأتي أهمية هذا الدور من الطابع المستقل لهذه المجموعات دينيا وسياسيا عن الأنظمة المركزية الفاطميين، بني حماد، الموحدين وقد كانت مدينة ورجلان قلب الرحى للتجارة العابرة لبلدان المغرب والعابرة للصحراء يقول الدرجيني الدرجيني- طبقات 11، 517 حدث جماعة من أصحابنا أن علي بن يخلف سافر إلى غانة سنة 575ه فانتمى إلى مدينة "مالي" فأكرمه ملكها غاية الإكرام، وكان هذا الملك مشركا وثنيا وتحته مملكة عظيمة كل أهلها مشركون وتحته إثنا عشر معدنا يستخرج منها الذهب التبر فكان الملك قلما جلس مجلسا إلا أجلسه معه" هذا الشيخ الأباظي من درجين نفطة كان عزابيا وتاجرا وقد تمكن حسب رواية الدرجيني من إدخال الملك الإفريقي وشعبه في الدين الإسلامي والمذهب الأباظي، فمن الصعب أن لا يجازيه الملك بكمية من الذهب حتى وإن لم يذكر الدرجيني ذلك ويأكد الادريسي طعاتي الأباظية لتجارة الذهب "بورجلان" ويذكر القبائل الثرية والتجار الأغنياء الذين يسكنونها ويسافرون لبلاد السودان كغانا من أين يأتون بتبر الذهب يضربون به السكة باسم بلدهم ويذكر أنهم أباظية وهبية فمن الواضح أن بعض المدن الأباظية أصبحت مركزا لتجارة المذهب 16 ٨ ذلا0له 261 ل1٦ج1٠1ة1١ة1188ة1٠آ عء1٠عد0ء 1٥ اج وأصبحت ورجلان مركز السكة الذهبية والفضية لكامل بلاد المغرب هاته السكة تستعمل في المبادلات في كل أنحاء العالم الاسلامي، ولا يمكن لنا هنا التوقف كثيرا على أنواع البضائع الاخرى التي 55 تمر من هذه المدن ونكتفي بالتأكيد على أن كتب الفقه تعج بالمعلومات والمعطيات حول هذه المنتوجات وخاصة عندما يتعلق الأمر بضبط قيمة الزكاة. وتكتفي بالقول بان هذه الفترة الممتدة من القرن الخامس هجري الى اواخر القرن السادس هجري التي كانت فيها المدن الاباظية تعيش حركية تجارية كبيرة وقد مثلت شبكة من البؤر الحضرية كانت العمود الفقري للنشاط اديني وبلورة علم الكلام وأساس الحضارة الاباظية. 56 الهياكل الدينو - سياسة ومؤسسات المجتمع من ثورة "بغاي" إلى تأسيس "حلقة" "ريغ" لقد أنهت واقعة "بغاي" "إمامة الدفاع" التي كانت لأبي خزر يغلي بن زلتاف ادرجيني - طبقات 28، 1 والذي رافق المعز في رحلته إلى مصر حيث استقر الدرجيني - طبقات 140، 139، 1 وقد حاول تكوين مجموعة من الطلبة هناك الدرجيني - طبقات 141، 1 "ولما استقرله المقام بمصر اقطع أبوتميم المعزلدين الله أباخزرديارا وعقارا ومستغلات فحسنت بهاأحواله ونعم باله وكان في ذلك الحال يقول: والله لا آسف على شيء بالمغرب إلا إفادة طلبة أهل الدعوة وما يكتسب في ذلك من ثواب الله عز وجل وأني لأتمنى إن يهاجر لمصر منهم عشرون طالبا لا يكون لأحد منهم شغل إلا طلب العلم فأتكفل لهم بالإفادة فأصونهم حتى لا يتكلفون بكلفة حتى الذي يصلون به من كراء" ولكن يبدو أنه لم يفلح في ذلك ولكنه أكتفى بمواصلة الجدل الديني في البلاط الفاطمي وخاصة ضد المعتزلة. وقد اختار أبو نوح القائد الثاني لثورة "باغاي" البقاء ببلاد المغرب رغم الحاح المعز لدين الله الفاطمي على اصطحابه معه لمصر وقد كان الخليفة الفاطمي متوجسا من هذين الزعيمين خيفة من أن يستنفروا أباظية البلاد من جديد للقيام بثورة أخرى. وقد يكون حذر بلوقوين بن زيري الصنهاجي الذي استخلفه من قبيلة مزاتة وزناته الدرجيني - طبقات 1،139 إذ قال له " واعلم إني قد تركت لك بافريقية مائة الف منزل فمتى هممت بمحاربة عدو فاجعل على كل منزل فارسا واحدا فإنك تكتفي بذلك حارب من تريد حربه ويريد حربك" وقال له "أشفني في أولاد المجوس زناتة ومزاتة" وهذا يخالف رواية ابن خلدون الذي قال انه اوصاه بثلاث: أن لا يرفع السيف عن البربر ولا يرفع الجباية عن أهل البادية ولا يولي أحدا من أقاربه وخاصة أن بلوقين بربري من صنهاجة. 57 وقد لجأ أبو نوح إلى حيلة لاعتذار عن السفر مع الامير الفاطمي إذ تظاهر بالمرض قبل أن يلجأ إلى ورجلان معقل الاباظية ولقد واصل نشاطه الدعوى وتنظيم المذهب وتعميق التفكير في علم الكلام الاباظي الدرجيني - طبقات، 1، 144 قبل أن يعود إلى افريقية ثم قسطيلية في الجنوب التونسي وقد "وجد البلاد قد تغيرت والصدور قد تنكرت" إذ أنه كان قصد رجوعه إصلاح ما يخشى فساده فوجد الفساد قد عم ببلاده ادرجيني - طبقات، 1، 145 . وقد اعاد تنظيم حلقة ادراسة بفنطرار نفطة ودرجين اين كان اغلبية السكان من الأباظية النكار وقد استدعاه بولوقوين بن زيري للقيروان واكرمه وحياه. وقد لعب أبو نوح في بلاد الامير الصنهاجي في القيروان في مناضرة المعتزلة نفس الدور الذي لعبه أبوخزرفي بلاط المعزبمصر الدرجيني - طبقات ،1، 148 ويقول الدرجيني: "وكان أبو نوح كما ذكرنا عالما بفنون المناظرات والرد على أصحاب المقالات فكانت له في المناظرات بين يدي المنصورا أخبار مشهورة وايام في جميل الذكر مذكورة ثم عاد الى بلاد الجريد حيث كرس جهده لمحاربة الاباظية النكار وخاصة بعد اندلاع نزاع مسلح بينهم وبين الوهبية وقد حاول أبو نوح لعب دور الحكم ففشل في ذلك الدرجيني - طبقات ،1، 149 يقول الدرجيني". وكان حينئذ أبو نوح بتوزر إلا أنه غلب عن رتق الفتق وذلك ان كل جماعة غضبت لما أصاب صاحبهم فخرجوا فكان منهم لقاء بخارج توز فاقتتلو قتالا شديدا فأسرع القتل في النكارة وانهزموا واتبعهم الوهبية يقتلونهم الى تقيوس.... ثم ان الوهبية ائتمروا في اتباع النكار وحصارهم في قيوس فنهاهم الشيخ أبو نوح عن ذلك وقال لهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اديل له على قوم مرتين في يوم واحد قط". وقد قام والى توزر بسجن نوح رغبة في الفدية ففداه قوم من التجار الوهبية الذين قدموا من ريغ وعاد معهم إلى ورجلان حيث عاين تراجع المذهب الاباظي الدرجيني - طبقات ،1، 154 . 58 المذهب الاباظي من سنة 359ه إلى 409ه خمسون سنة فصلت بين واقعة بغاي التي عرفت نهاية "أمامة الدفاع" وتأسيس حلقة "ريغ" على يد محمد بن بكر سنة 409ه التي كانت السبب في المنعرج الذي عرفه المذهب. ولا نملك كثيرا من المعلومات حول تلك الفترة إلا ما ذكرته كتب التاريخ الاباظية عن "سير" مشائخها الذين يبدو أنهم لعبوا دور القيادات المحلية في المدن الاباظية، فهل كانوا منظمين في هياكل أم كان نشاطهم فردي؟ الشيء الثابت ان علاقات وطيدة كانت تربط بين شيوخ نفوسة وجربة وقنطرار ودرجين وورجلان وريخ. ويمكن إعادة إيجاد الحلقة المفقودة عن طريق "سير" مشائخ الطبقة الثامنة بين 350ه و400ه وعلى رأسها أبو نوح سعيد بن زنغبل امام الدفاع "السابق". ومن بينهم أبو صالح بكر بن جاسم وابو زكريا فيصل بن مسور وابو موسى عيسى الزواغي وابو محمد وسلان بن يعقوب المزاتي وابو صالح اليفرني. ويلخص أبو بكر الزواغي حالة الاباظية انذاك "لسنا لا في حالة الدفاع ولا في حالة الظهور ولا في حالة الكتمان ولا في حالة الشراء" لقد مر الاباظية في هذه الفترة بحالة الفراغ المؤسساتي لخوف قياداتهم من تحمل مسؤولية الامامة وفي حالة شتات وتسيب لايني وتقهقر سياسي واجتماعي ولقد قتل عدد من اشياخهم في حملة قام بها المعز بن باديس سنة 431 ه لفرض المذهب المالي على سكان المناطق ااباظية وقد انعكس هذا الضعف في خفوت صوتهم في نقد الصنهاجيين الدرجيني - طبقات، 11، 362 وتقوقحوا على انفسهم وكان نشاطهم يقتصر على التحليم في المساجد. تأسيس حلقة ريغ مثل تأسيس "حلقة" ريغ سنة 409ه منعرجا في تاريخ تطور المؤسسات والهياكل الدينية والسياسية والاجتماعية في المجتمع الاباظي الدرجيني - طبقات 167، 377،11-البرادي الجواهر وقد كان ذلك على يد 59 أبو عبدالله محمد بن ابي بكر تلميذ أبو نوج سعيد بن زنغيل وابو زكريا بن ابن مسور الدرجيني - طبقات، 157،1 وقد تتلمذ على ابي نوح بقنطرار اين التجأأبو مسور لإتقاء شر الصهاجيين وقد يكون منتميا لمجلس سري للزعيم الخارجي وقد تنقل في كل المناطق الاباظية يقول الدرجيني: "فبلغنا انه لما مات أبو نوح وقد عمت بركته على عبدالله وحصل من العلوم خيرا كثيرا الا ان بضاعته من علم اللسان كانت مزجاة لم ير ان يتعاطى من العلوم حتى يحصل الكفاية عن علم الفصاحة فقصد مدينة القيروان واقام بها مدة يتحلم اللخة والنحو حتى اكتفى من علم الفصاحة فصدر عن القيروان وبعد ذلك دارت عليه الحلقة". وقد وضع اسما جديدة للحلقة " بطلب من استاذه أبو زكريا وكانت تتكون من عدة اعضاء هم ابنا ابي زكريا وابن اخيه وبرأسها محمد بن بكر وأخرون وكان اول حلقة بمسجد المنية بطقيوس ثم انتقلوا إلى ريغ ليكونوا في حماية قبيلة مغراوة بغار في تلك المنطقة سنة 409ه عند عشيرة بني ويليلي و مثل هذا التأسيس منعرجا في إبراز شريحة اجتماعية جديدة وهي شريحة العزابة "ستلعب دورا محوريا في التطور العقائدي والفكري للمذهب الاباظي والوهبي. صعود رجال الدين يقول الدرجيني: "كان مما رتبه أبو عبدالله من سير الحلقة فبدى رسما يقتدي به أن جعل للعزابي الذي نظمه هذا الاسم في سلك المتدينين وإعتزل عن دناءه الاجلاف الدنيويين علامات ليعرفوا سيماهم ويتميزوا ممن سواهم. ا فمنها انه اول من يتجرد من طريقة اهل الدنيا بحلق شعر رأسه ثم لا يتركه يطول ادا فالعزابة من شأنهم عدم الشعور ومنها أن لا يلبس ثوبا مصبوغا إلا البياض ولابأس بعلم الطرفين والطراز مالم يتفاحشاثم ان اقتصرعلى عباءة أوملحفة لم يشنه ذلك ولم يعبه بل ذلك به أليق". وأهل الحلقة صنفان آمر ومأمور على ما يأتي تفصيله أن شاء الله فالآمر إثنان: شيخ الحلقة أو مستنابه والعريف اثنان منفرد وغير منفرد فالمنفرد اثنان عريف أوقات الختمات واللوح وعريف العرفاء وهم من حملة 60 القرآن يكون منهم من يكتب عليه طلبة القرآن الواحهم.." لقد خلقت "الحلقة" شريحة من الرجال لها خصوصياتها وادابها وطريقة للباسها ولأكلها ولتصرفاتها الاجتماعية ولأسلوب حديثها ولأوقات نومها وصيامها وصلاتها حسب نظام صارم يخضع لتنظيم هرمي يقوم بتأطير "العزابة" ليجعل منهم فئة تختلف عن عامة الناس العا. لقد كان هدف محمد بن ابي بكر التأسيس لنظام ديني جديد ولتنظيم يظم رجال ادين المحترفين دورهم اراسة المذهب ونشر الدعوة وستسحب هذه السلطة على كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية تحت قيادة شيخ العزابة الذي يشبه في دوره "الامام" دون ان يكون إمام شراء أو كتمان أو دفاع أو ظهور. لقد مكن هذا النظام من إنقاذ المذهب الاباظي من الزوال ومن تأطير مجتمعات اباظية في عديد المناطق في الجانب الشرقي لبلاد المغرب حتى اصبحت فحلا مجتمعات مصغرة منفصلة ومتواصلة في نفس اوقت مع المجتمع المغربي الكبير ومازال هذا النظام باقيا لحد يومنا هذا والسبب الرئيسي في ذلك هو انه نجح في بلورة عقيدة وفكر ديني ذو نجاعة كبيرة ومستوى عقدي راق جدا. 61 علم الكلام الاباظي نشأته تشكله وصيغته النهائية علم الكلام الاباظي نشأته وتشكله وصيغته النهائية قد يكون من السهل الاكتفاء بمقاربة جملية تقديرية لتحديد زمن ولادة وتطور علم الكلام الاباظي وذلك بالاكتفاء بالقول انه برز إلى الوجود مع بداية علم الكلام عند ألمسلمين وانه خضع لنفس المسار لهذا الاخير وانه عرف عصره الذهبي في نفس فترة بلوغ علم الكلام ذروته وهذا يعني ان الجزء قد خضع للكل خاصة انه من المعلوم ان الخوارج كانوا من المؤسسين للجدل الذي اندلع في فجر الاسلام مونتقومري وات، الفترة التأسيسية 1:01ه0 ٧٥ن٤011102٤ ح11خ. ولكن هذه المقولة تلغي وجود ايناميكية خاصة لعلم الكلام الاباظي في تطوره كما تلغي دور الخوارج في توليد وتطوير علم الكلام عند المسلمين هذه الفكرة تتناسى خصوصيات احد اهم روافد علم الكلام الاسلامي واعرقها واكثرها تماسكا نظريا لذلك لا يمكن لنا ان نكتفي بمقولة سطحية كهذه وقد أخذنا على عاتقنا الاجابة عن عدة أسئلة ومن أهمها: 1) إلى أي عصر وأي تاريخ يجب أن نعود للكشف عن جذور العقيدة الاباظية وبالتالي بداية تشكل علم الكلام لدى هذه الفرقة. 2) ماهو الدور الذي لعبه ااباظية في حوصلة إشكاليات علم الكلام عند المسلمين؟ هذه الاشكاليات التي مثلت قاعدة الفكر العربي الاسلامي بكل تفرعاته وخلافاته وحيثياته. 3) هل واصل الخوارج الاباظية المشاركة في الجدل والحوار عند ارتفاعهما أم هل اكتفوا بدورهم المؤسس وبدور ثانوي فيما بعد أم هل وقع اقصائهم عن هذا الجدل؟ 4) هل واصلوا الجدل عبر ديناميكية خاصة بهم واضعين بذلك اشكالية خصوصية لعلم الكلام؟ ماهي إذن في هذه الحالة معالم هذه الخصوصية؟ 5) كيف كانت العلاقة بينهم وبين المعتزلة؟ 6) كيف كانت العلاقة بينهم وبين الاشاعرة؟ 65 7) ما هي علاقتهم بالفلسفة الإغريقية وخصوصا بالمنطق؟ إننا نعي أن الإجابة عن كل سؤال تستوجب دراسة خاصة ولذلك فسنحاول حوصلة اجاباتنا من أجل القيام بمسح عام وبدون الدخول في بعض التفاصيل لإبراز الهيكل النظري لعلم الكلام عند الاباظية أو علم الكلام الاباظي وحتى نرسي قواعد علم شامل للظاهرة الاباظية. ولادة عقيدة إن أي عقيدة إسلامية مهما كانت توجهاتها لا يمكن إلا ان تنطلق من القرآن وتحوم حوله فالجدل داخل المسلمين في مكة والمدينة في بداية الإسلام عندما كانت المجموعة الاسلامية متوحدة حام حول محتوى "الإيمان" والعلاقة بين "الإيمان" و"الإسلام" ويؤكد الباحثان وات ووينسنك على الدور المؤسس الذي لعبه الخوارج في هذا الجدل اديني السياسي الذي انطلق منذ تلك الفترة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم مباشرة وطبعا كان القرآن الكريم هو المرجع الوحيد انذاك وكان الاختلاف في تأويله قد بدأ واضحا وكل مجموعة تريد أن تأييد مواقفها عبر الرجوع إلى القرآن. ويؤكد الباحث قاردي أن تيارين أثنين قد برزا في تلك الفترة أعك٢ة0 301 .[ا10خ€عآك٢0علعل أ) الإتجاه المتمسك حرفيا بالنص جخ118ة61٠أأ11 والذي أنتج التعليق بالتقليد و"التفسير بالمنقول" وقد أعتمد على أحاديث الرسول صلهم وعلى آثارأصحابه. ب) الإتجاه الذي يمكن إعتباره منذ تلك الفترة "بالعقلاني" لأنه يعطي دورا للعقل لفهم وتأويل الآيات القرآنية. وقد كان يشترط في العالم إلمامه "بأسباب النزول" أي معرفته بالظروف التي نزلت فيها الآيات على الرسول صلهم وتمكنه من الخة العربية، وكان ذلك بداية "ا إجد". فمن بين الصحابة الذين انتموا إلى التوجه الثاني يمكن ذكر أبي العباس وابن مسعود وعكرمة وهم صحابة يعتبرهم الاباظيون من أسلافهم الجواهر 50و70 وقد كان ابن العباس وابن مسعود حسب المصادر الاباظية في صف المعارضين لعثمان بن عفان 36ه الخليفة الثالث. 66 ونعتقد أنه من الخطأ اعتبار هذين الاتجاهين كخطين فكريين متوازيين ومتعارضين تماما والحقيقة أن كلا الإتجاهين يعتمدان على الاجتهاد والنص القرآني ولكن من الواضح أن الخوارج كانوا يميلون للجدل الفكري وإلى استعمال العقل في تأويل النص القرآني لذلك يبدو أنهم الأولون في طرح إشكاليات الجدل الذي دار حول مقتل الخليفة عثمان ومسألة "الإيمان" أي فحواه ولقد ترك لنا عبدالله ابن اباظ 76ه695 وثيقة من أقدم الوثائق والتي تعالج مسألة مقتل عثمان وجذور الفتنة وهي ذات منحى ذو طابع كلامي واضح فرسالتيه لعبد الملك بن مروان الخليفة الأموي انذاك الجواهر 150 يمكن اعتبارهما كوثيقتين تنتميان إلى التيار العقلاني فالإشكالية التي تطرحها رسالته الأساسية والتي اوردها البرادي هي التالية: هل أن عثمان الامير الظالم الذي ارتكب البدع ولم يحترم النص القرآني يمكن اعتباره موحدا؟ نجد أنفسنا هنا في قلب الحوار حول وضع مرتكب الكبيرة. فاكيا فاقلبيري 94 ,1 ل13ءءح٧ ترى أنه يمكن أن نثبت مرجعيات الجدل الديني الذي أندلع بين سنة 36ه و40ه وحسب رأيها فإن الخوارج كانوا طرف أساسيا في هذا الجدل بعد مقتل عثمان وهذا يعني أن هناك بداية لتشكل العقيدة وهو ما تعكسه رسالة ابن أباظ إلى عبد الملك بن مروان وإن لم تأخذ بعد شكلها النهاني فابن أباظ مؤسس المذهب الاباظي هو اذن الشخصية المركزية التي عاشت في خظم مرحلة المخاض للفكر الديني في تلك المرحلة التي مهدت لبروز أولى الأطروحات النظرية للفكر الاسلامي فالاختلافات السياسية والتقلبات الاجتماعية التي رافقت انتشار الدين الاسلامي افرزت خلافات دينية وعقائدية حول ثلاث مسائل على الأقل: الإيمان، الاعمال والسلطة السياسية، إبان الحقبة الاموية لم يكن الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طلب لأنه حسب رأيهم لم يلتزم بالنص القرآني وقتلوه على ذلك 661،404 لم يكونوا مستعدين للخضوع لأمراء مغتصبين وطغاة كانوا يشكون في ايمانهم ويطعنون في أعمالهم لذلك عمد الخوارج إلى اعتبار هؤلاء من المارقين عن الدين، هؤلاء القرشيين الذين يريدون الابقاء على الخلافة حقا لقبيلتهم قريش فقط وذلك باقصاء قبائل الشمال التي انجبت أغلب قيادات الخوارج أنذاك كعبدالله بن اباظ التميمي. 67 لقد عرفت تلك الفترة إذن بروز اهم الأتجاهات العقائدية مع انفجار الخلافات السياسية وخاصة المدافعون عن شرعية الأمويين والمتشيعون لعلي بن ابي طالب والخوارج والمرجئة وقد تميز المرجئة بحيادهم السياسي وبنظريتهم في "الوقوف" أي عدم الحسم فيمن كان محقا ومن كان مخطئا والفصل بين "الإيمان" و"الأعمال. فالقرن الأول من الإسلام يبقى محل خلاف وجدل بين المؤرخين والباحثين وخاصة فيما يخص تاريخ الأفكار لذلك فإن الأفكار التي سنوردها ليست إلا محاولات لتوضيح الرؤى وذلك بالإعتماد على وثائق لم يستغلها الباحثون وهي نادرة ومن انتاج الخوارج نفسهم. فأطروحات فانسينك ووات ورسالة ابن أباظ يقودوننا إلى الإعتقاد بأن علماء الأباظية انذاك في تلك الفترة المبكرة جدا والمنتظمون في "مجالس , قد شاركوا بصفة حثيثة في النقاشات الفكرية والدينية ولعبوا دورا خطيرا في التطور الفكري والديني وفي تشكل الحقيدة ادينية للمسلمين. تشكل العقيدة وبداية علم الكلام يتجه عادة الباحثون و مؤرخو الافكار إلى علم الكلام عند اراسة الفكر اديني لدى الاشاعرة والمعتزلة انظر46 ااة٧لآةألأل٨ اع ويوغلون في التاريخ للوصول إلى واصل بن عطاء الذي يبدو انه ابتعد عن الحسن البصري واعتزله ومن هنا تأتي نسبة "المعتزلة" وذلك إثر خلاف عقائدي حول مرتكب الكبيرة، وحسن البصري هونفسه شيخ أبوعبيدة مسلم بن كريمة الطبقة الثانية من علماءالإباظية - 100 - 150 ه شيخ الاباظية واحدمؤسسيهافواصل بن عطاءوابوعبيدة كانا تلميذين اذن لحسن البصري مما يفسر العلاقة بين المذهبين المعتزلة والاباظية. فالخوارج الاباظية بحد ان ارقتهم الثورات انتظموا في هياكل سرية تسمى انذاك "مجالس" حيث كانوا يتحاطون الجدل الديني والسياسي لذلك يمكن أن نجزم أنهم واصلوا في القرن الثاني للهجرة التواجد كنزعة سياسية معارضة للأمويين بل واستمروا في تنشيط مذهبهم تحت عدة قيادات من أبرزهم جابرين زيد وابو عبيدة مسلم بن ابي كريمة 100-150 والربيع بن حبيب ومحبوب بن الرحيل وابو غسان مخلد بن المحرد وكانو كلهم 68 يسكنون مدينة البصرة إحدى أكبر قلاع المناوئيين بالفكر والسياسة للأمويين وحصن المحتزلة الحصين وإذا كان من الثابت ان علاقتهم بالمحتزلة كانت علاقة خصام فإنه من الثابت كذلك أنهم واصلوا النقاش معهم ومحاججتهم حول مسائل الفكر الديني. ا لواصلية والاباظية إن جوهر الخلاف والنقاش بين الاباظية والمعتزلة هي مسألة "القدر" ويصف لنا الدرجيني مناظرة بين أبي عبيدة وواصل بن عطاء بالمسجد الحرام بالمدينة الدرجيني 11، 246 و"حك بعض أصحاب نا أن واصل بن عطاء المعتزلي صاحب عمرو بن عبيد كان يتمنى لقاء أبي عبيدة ويقول : لو قطعته قطعت الاباظية، قال فبينما هو في المسجد الحرام ومعه اصحابه إذ أقبل أبو عبيدة ومعه أصحابه فقيل لواصل: هذا أبو عبيدة في الطواف قال فقام إليه واصل فلقيه وقال انت أبو عبيدة؟ قال نعم، قال: انت الذي بلغني انك تقول: إن الله يعذب على القدر؟ فقال أبو عبيدة ما هكذا قلته، لكن قلت أن الله يعذب على المقدور فقال أبو عبيدة، وانت واصل بن عطاء؟ قال نعم، قال أنت الذي بلغني عنك أنك تقول ان الله يعصي بالاستكراه؟ قال فنكس واصل رأسه فلم يجب بشيء، ومضى أبو عبيدة وأقبل اصحاب واصل يلومونه يقولون كنت تتمنى لقاء أبي عبيدة، فسألته فخرج وسألك فلم تجب ! فقال واصل ويحكم بنيت بناء منذ اربعين سنة فهدمه وأنا قائم، فلم أقعد ولم أبرح مكاني. هذا يدل على ان الاباظية اختلفوا منذ البداية مع المعتزلة في مسألة القدر ثم في مسألة القضاء وهي حجر الزاوية في الفصل بين العقيدتين وبقيت هذه المجادلة بين أبو عبيدة وواصل مرجعا للأباظيين على مدى تاريخهم. 69 الخلاف داخل الاباطيين حول القدر إن هدفنا من هذه الدراسة هو تحديد دور الاباظية في صياغة مسألة القدر وان كانوا فاعلين منذ البداية في تحديد هذه الاشكالية الاساسية في رسم معالم الفكر الديني عند كل المسلمين وهي مسألة فلسفية طرحت مشكلة الإرادة الحرة ج٢غ1ة٢ة €1٠ (111" للانسان ومن خلالها تبلورت أسس علم الكلام. لقدر رأينا فيما سبق كيف لعب الاباظية دورا خطيرا في عهد أبي عبيدة مسلم بن كريمة في معارضة الواصيلة ويبدو ان المسالة فاجأتهم في ذلك الوقت إذ لم يكن موقف أبي عبيدة محل اجماع داخل المجالس فالدرجيني الدرجيني: 11، 241،242 يوثق لنا نصوصا تدل على وجود هذا الاختلاف داخل المذهب في زمن أبي عبيدة فحسب الرواية التي يوثقها الدرجيني إندلع خلاف بين حاجب الطاني المعروف بأبي مودود وهو احد قادة المذهب وحمزة الكوفي أحد القادة الأخرين الدرجيني: 11، 248 لأن هذا الاخيركان يعتنق مذهب الواصلية فيما يخص مسألة القدر، وقد كان حمزة الكوفي عضوا في احد المجالس السرية للمذهب الاباظي وكان من القيادات المؤثرة على انصار المذهب الذين يعيشون في حالة السرية وقد يكون قد حاول عزل ابا عبيدة وحاجب عن هؤلاء مما اضطرهم الى طرده وإعلان البراءة منه أتقاءا لشر الفتنة واانشقاق وهاته الحادثة تدل كذلك على مدى تأثير واصل بن عطاء على اتباع المذهب الاباظي الدرجيني: 11، 246 وعلى محاولته استمالة بعض قياداته وحسب الوثيقة فإن واصل قد يكون قد صرح "انه سيحاول الانتصار على أبي عبيدة عبر المناظرات للقضاء على المذهب الاباظي وقد حصلت فعلا مناظرة بين الزعيمين حول مسألة "القدر" وانتصر فيها أبو عبيدة حسب المصادر ااباظية طبعا مما يعني ان واصل قد فشل في استدراج اغلبية الاباظية إلى موقفه ماعدى حمزة الكوفي ولكنه نجح في فرض المسألة داخل المجالس الاباظية للحسم فيها. لذلك ومن خلال هذه الرواية يمكن ان نتصور العلاقة القاكة بين المذهبين وهي التفاعل والتعارض المستمر والواضح هو أن المؤرخين الاباظيين يركزون على نقاط الخلاف مح المحتزلة اكثر من تركيزهم على نقاط الالتقاء التي عادة ما يغضون الطرف عنها هدا التصرف يمليه طبعا 70 الواعز السياسي التكتيي والواعز العقدي فكلا المذهبين يخشيان ان يتأثر اتباعهما بمواقف المذهب المخالف وقد رافق هذا التصرف كلا المذهبين طوال تاريخيهما الحافلين والحقيقة انه لا توجد عقيدة فكرية أقرب لحقيدة الاباظية من عقيدة الم لة. فعلاوة على رسائل ابن ابي أباظ والشهادات الشفوية والمؤثقة لشيوخ الاباظية فانه قد بلغ لنا من تلك الفترة الثرية وثيقة ذات أهمية قصوى وهي خطاب الزعيم العسكري للشراة طالب الحق أبو حمزة الشاري بمكة بعد ان فتحها واخرج منها مروان بن الحكم. لقد كان لمغالاة هذا القائد في التعامل مع أعدائه من المسلمين أثر سيء على قادة الاباظية المعتدلين والذين انفصلوا عن الازارقة لنفس الاسباب لذلك فقد بعث له محبوب بن الرحيل 200-150 ه برسالة يعاتبه فيها ومحبوب بن الرحيل هواحد قادة المذهب وصاحب سيرة تسمى سيرة ابا سفيان الدرجيني: 11، 266 وتسمى رسالته لأبي حمزة الشاري "عهد" يدعوه فيها الى ااعتدال ويذكره بمواقف المذهب من كيفية معاملة اعدائهم من المسلمين ويحدد بدقة قوانين التعامل معهم والاخطاء التي يجب تجنبها وينقد فيها تصرفات وأفعال القائد أبا حمزة ويدعو إلى تمكين مرتكبي الخطيئة من التوبة ومساعدتهم الى العودة لحضيرة "المسلمين" وينقد كذلك من كانوا يسمون أنفسهم أنذاك أهل السنة والجماعة . 71 العناصر الأولية للعقيدة هذا العهد يعكس بداية تشكل العقيدة لدى ااباظية ادرجيني: 11، 279 يقول محبوب بن الرحيل: "بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما أما بحد، فإن الله تبارك وتحالى جحل من طاعته طاعة، من عمل بها كانت له درجة ونافلة، وزيادة خير من لم يعمل بها لم يزله عن إسلامه ولا يضره شيء ولم يكفربها، وعليه حقوق يسئل بلاغها، وجعل مما نها عنه زواجر من انتهك حرمتها لم يقبل الله له صنيحا حتى ينتقل عنها ومن زواجره زواجر من اصاب منها شيئا لم يحبطه عمله ولم يكن كافرا، ولم يحق عليه ما حق على مرتكب الكبائر الموبقات، المهلكات، مالم يتخذها اينا فيذكرها فيصر عليها، ولايتوب منها، وجعل وظيفة طاعته إيمانا بالله واليوم الآخر والملائكة إلى آخر الاية آية البر من سورة البقرة وصيام رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا، والوفاء بالعهود، وأداء الامانة وملازمة أهل الحق وفراق أهل الباطل، فهذه عرى الاسلام ووظائف الدين الخ...". وينهي محبوب رسالته بتلخيص اصول العقيدة كما يراها آنذاك الاباظيون. "الحمد لله الذي جعل في كل زمان وأوان أقواما يذبون عن دينه عارفين بحكمه تابعين لسنة نبيه أحمد صلى الله عليه وسلم، اخذ من الدنيا قوته كفاحا ولم ينازع أهله منه عفافا قال يدعوا إلى اله وإلى كتابه وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ونجيب من اعانا إليها: ال له ربنا، ومحمد عليه السلام نبينا والقرآن إمامنا والكعبة قبلتنا رضينا بحلاله حلالا وبحرامه حراما، لا نبتغي بدلا ولا عنه حولا وندعو إلى فرائض مثبتتات وآيات محكمات، وإن في أثارها مقتدون بها، ولاحول ولا قوة إلا بالله العظيم ان الذين ندين لله به الدعاء إلى سبيل المقتدين قبلنا وال اخذ منه سبيلهم والإعتراف فيه لهم بفضلهم الذي فضلهم الله به من سابقتهم، وفراق الناس جميعا على المعصية وانزالهم حيث انزلوا ألف سهم والسيرة فيهم على قدر منازلهم، والامر بالمحروف طاعة والنهي عن المنكر والمنكر محصية الله 72 وفراق أهله كله مع شهادة أن لا إلاه إلا الله فردا واحدا ليس كمثله شيء ومعرفة الموت والبعث، والحساب، والجنة، والنار، والإيمان بما انزل اله من كتاب وبما ارسل من رسول، نتولى الله ورسوله واللذين آمنوا نبرأ من ما سواهم ونقر له بجميع ما امر به وجيمع مانهى عنه بحق السمع والطاعة. الدرجيني - طبقات-288-11 بداية علم الكلام ان هذا العهد هو اختزال للعقيدة الاباظية وضع لأسس علم الكلام ااباظي فهو يطرح مسألة التوحيد والصفات ولو بصيغة بدائية ولكن بوضوح تام ان استعمال ادلالة على عدم وجود اي شبه بين اله وسائر المخلوقات هو القاعدة ااولى لمفهوم التنزيه مع شهادة ان لا الاه إلا اله فردا واحدا ليس كمثله شيء وهو اساس الفكر الديني عند الاباظية منذ بداياتهم حتى الآن لذلك فهم قريبون من المعتزلة وكذلك مسألة منزلة المسلم المرتكب للكبيرة رغم أن مسألة خلوده في النار لم تطرح في هذا "الحهد" ولكن بدأ واضحا منذ تلك الفترة أن الاباظية يرفضون المواقف المتطرفة وخاصة مواقف الخوارج الازارقة حيث نبه محبوب بن الرحيل ابا حمزة من الانزلاق إلى مواقف هؤلاء فيما يخص المسلمين غير الاباظيين وعدم اعتبارهم مشركون. وكما نبه من الانزلاق إلى مواقف الازارقة نبه إلى الانزلاق إلى مواقف "أهل السنة والجماعة" الذين يقللون من خطر مرتكب الكبيرة، هذا الطرح لأبي محبوب بن الرحيل هو الذي سينتج عنه منزلة كفر النفاق التي يعتمدها الاباظية في وصف مرتكب الكبيرة وهي شبه "المنزلة بين المنزلتين لدى المعتزلة فيما عدى مسألة الخلود بالنار اي منزلة "الفاسق". يمكننا القول إذن بحد دراسة هذه الوثيقة الخطيرة أن الاباظية كانوا يرفضون التشبيه 11181116<£ . وإن كانت توجد سور في القرآن السورة 16، الآية 52 / السورة 7،الآية 57 تشبه الله واخرى تنزهه اطلاقا فإنه يبدو أن ااباظية نحوا من ذلك الوقت منحى التأويل لسور التشبيه وعدم السقوط في التأويل الحرفي لهذه الأيات واللجوء إلى الإجتهاد في هذا المجال في اتجاه ميتافيزيقي وهو ما يؤيد منطلقنا منذ البداية، فهم سيطبقون قاعدة التنزيه الفلسفية وينحون في ذلك منحى المعتزلة الشماخي، سير، 73 105-104 مما جعلهم خصما عنيدا وعدوا لدودا للحنابلة وخاصة في الفترة التي نريد دراستها أي القرنين الخامس والسادس هجري. كما أن موقفهم من صفاة اله حيث كانوا يعتبرون أن الله هو صفاته يدل على القرابة الفكرية مع المعتزلة والمهم هو أن مسألة التنزيه برزت منذ البداية في الفكر الاباظي بشكل جنيني في رواياتهم المبكرة وقد أرتكز المتكلمون الاباظيون على هذه الاسس العقائدية للتأسيس لعلم كلام اباظي بحث يتميز بالعقلانية الصريحة. ويعتقد كوبرلي 2٣1م1لا أن المؤلفات الاباظية التي تناولت علم الكلام بدت مبكرا مع عبد الله بن يزيد الفزاري الشماخي، سير، 104-105 مؤلف "كتاب النهروان" ومعركة النهروان اندلعت بين علي والخوارج في حرورة وهي توجد في مكان مدينة بغداد الحالبة. وعبد الله بن يزيد الفزاري هو المصدر الاول لكتاب "الجواهر المنتقات لاتمام ما أخل به كتاب الطبقات " لابراهم أبو القاسم البرادي ويبدو انه ألف كتاب " الردود" وقد قام البرادي بنسخ مقتطفات من هذين الكتابين مما يدل أنه ارتكز على رواية قديمة مكتوبة وخاصة في معالجة خلافة عثمان وعلي ومعاوية ومسألة التحكيم الجواهر 117، 122، 129، 131، 140 وأحداث معركة النهروان. ونجد في هذه الوثيقة فحوى انقاش بين علي بن أبي طالب واصحابه من الخوارج قيل وبعد أن انشقوا عليه وتجزم الباحثة الايطالية 1تلج11جة٧ ة1ء٠ة٧ فاكيا فالييري 94 و1 ,٢1ج11جح٧ .٧ أن هذا الجدل كان ذا محتوى كلامي عال وبروح دينية متوهجة. الشروط الموضوعية للبذخ الفكري ونعني بالبذخ الفكري وارتفاع الفكر إلى ارجة عالية من الحصافة والعلو بالتضادد مع "الفكر البداني" وسنحاول أن نفهم الظروف التي أدت إلى هذا الارتقاء بالفكر إلى مراتب عليا. لقد كانت مدينة البصرة محقل النخبة الفكرية والدينية التي اسست وقادت المذهب الباظي وكان بينهم موال وعرب من قبيلة تميم من شمال جزيرة العرب الذين تميزوا من قبل الاسلام بالمجادلة وحضور المهرجانات الشحرية مثل "سوق عكاظ" الشهير لقد كانوا مؤهلين للخوض في الجدل الفكري والديني وكانت مدينة البصرة تجمعهم وخاصة أن هذه المدينة انذاك 74 قد جمعت النخبة المثقفة للمسلمين حيث تأسست اول مدرسة للنحو على يد الخليل بن أحمد وهو عربي من عمان وواضع قواعد العروض وصاحب كتاب "العين" وكان يوجد من بينهم سيبوبه وأخرون تألقوا في ميادين اللغة والشعر وتركوا بعدهم خلفا كان له شأن عظيم في البلوغ بالثقافة العربية الاسلامية أعلى المراتب ومن بين تلامذة هؤلاء المبرد 989 م الذي يحتبره الاباظية احدا منهم ومافتتوا يستشهدون به في كتاباتهم لا شك أن عقلانية مدرسة البصرة 42,اخاع١٧ةاآلد اع ك؛اع0 قد أثرت في شيوخ الاباظية اكثر من مدرسة الكوفة واصبحت النقاشات ذات المحتوى الرفيع لفقه اللغة بعد تسطير قواعد النحو بأكثر دقة وبالتالي اصبح تأويل الايات القرآنية يخضع لمقاييس محددة، وسنرى فيما بعد كيف ان الرجلاني الورجلاني، دليل أفرد قواعد النحو العربي باهمية خاصة لتطويع المنطق ولتوليد "البراهين والادلة" إذ ستصبح قواعد النحو اهم مرجعية لبلورة وبناء علم الكلام ااباظي، وكان لزوما على الشيوخ التمكن من أليات اللغة والبلاغة الدرجيني: 11، 425، 491 لتبوإمكانة "المتكلم". كمالعب تأسيس مدارس الفقه قولدزيهر، عقيدة، 39 في تلك الفكرة وخاصة مدرستي البصرة والكوفة دورا حاسما في بلورة علم الكلام الاباظي ولا بد من ان اشكاليات الفكر اديني قد طرحت بشدة على شيوخهم وخاصة انتشار المذهب وبداية فتوحاتهم في بلادالمغرب ادرجيني: 1، 12، 14 ويجدالفقه الاباظي اصوله في كتاب المسند للربيع بن حبيب وهذا الكتاب الذي يعتبره بعض مؤرخي السنة "موضوع" وإذ صح إثباته فإنه سيكون من أقدم كتب الحديث بل أقدمها إذا ما اعتبرنا ان الربيع تضعه كتب الاباظية في الطبقة ما بين 100 ه -150 ه بينما توفي مالك بن انس سنة 179ه 795م ا^9104,,18,233 1,111,2^1 بالمدينةوبينماكان الأباظيون ينتمون لمدرسة البصرة والثابت ان تلك الفترة عرفت إدخال تقنية القياس التي ستصبح أساس الفقه الاسلامي واساس علم الكلام لذلك استعمل الورجلاني نفس التقنية القياسية في مؤلفاته في علم الكلام وفي الفقه وهما "الدليل" و "كتاب الحدل والانصاف". ولكن السؤال المطروح هو التالي: كيف تمكن الاباظيون من علم المنطق لذو الاصول الإغريقية الأرسطوطالية؟ 75 نحن نعرف ان الاباظيين المغاربة وفي اوائل القرن الثالث الهجري كانوا قد سيطروا على هذا العلم وذلك من خلال دراسة رسالة محمد بن أفلح الجواهر122، 146، 183، 184 ووظفوها جيدا. صعود وأفول نجم اباظية المشرق كانت البصرة مركز إباظية المشرق حيث بلغ الفكر الديني الاباظي أوجه وخاصة في الجزء الثاني من القرن الثاني الهجري فكل عوامل تأسيس نظرية كلامية كانت متوفرة عقيدة وتنظيم وطريقة عمل لفظ المسائل الفقهية وقد قام شيوخ الإباظية بالبصرة أنذاك وهم القادة السريون لهذا المذهب ببعث دعاتهم إلى بلاد المغرب. وقد كان عدد الدعاة خمسة لقبوا "بحملة العلم" كلهم كانوا تلاميذا لابي عبيدة مسلم بن كريمة وهم أبو الخطاب عبد الاعلى بن السمح المعافري وعبد الرحمان بن رستم الفارسي واسماعيل بن درار الغدامسي وأبو دواد القبلي. فهؤلاء ااتباع قد وقع تكوينهم في المجالس السرية للمذهب الاباظي قبل ايفادهم إلى بلاد المغرب للدعوة للعقيدة الاباظية والإعداد للإعلان عن تأسيس دولة ابا. فلما تأسست إمامة تاهرت سنة 160ه أنتقل مركز الثقل العقائدي تدريجيا من الشرق البصرة إلى الغرب تاهرت والحقيقة هي ان شيوخ البصرة استمروا في لحب اور القيادة الحقائدية زمنا بحد الإعلان عن الإمامة الرستمية وفي الإفتاء في قضايا جوهرية عقائدية وسياسية فلقد لعبوا دورا خطيرا في حسم الخلاف حول شرعية إمامة عبد الوهاب بن رستم إذ إنحازوا إليه باصدار فتوى تشرع خلافته لأبيه وفي نفس الوقت قاموا ببلورة نظرية لمسألة الإمامة ستكون فيما بعد المنطلق الشرعي النظري للسلالة الرستمية ولإقصاء الاباظية النكار وكذلك النكات عن السلطة الدرجيني: 1، 47 والرمي بهم في صف المارقين وهذا يؤكد ما كان شيوخ الاباظية المشارقة يتمتعون به من هيبة وتأثير على إباظية المغرب رغم بعد المسافة بين البصرة وتاهرت. 76 وبالمقابل فإن مركز الثقل السياسي انتقل من البصرة إلى تاهرت منذ تأسيس الدولة الرستمية إذ إصبحت هذه الأخيرة عاصمة لمملكة تسطير على فضاء شاسع يبدأ من الحدود المصرية الغربية إلى حدود دولة سجلماسة في الغرب الاسلامي والتي كان يسيطر عليها الخوارج الصفرية. ومن المهم أن نذكر دور أباظية مصر الدرجيني: 1، 49 الذين لعبوا دورا أساسيا في الصراع بين الوهبية والنكار لمساندتهم للمعارضين لعبد الوهاب بن رستم ومنهم الشيخ عيسى بن علقمة الشماخي، سير 123، 128 صاحب مؤلف "كتاب التوحيد الاكبر وهو كما اعتبره عبد الكافي الدرجيني: 11، 485 احد كبار المتكلمين الاباظية انظرعمارالطالبي، أراء الخوارج الكلامية . ولكن اجمالا تنقص الباحث المصادر والوثائق الضرورية لدراسة هذه الفقرة الانتقالية التي انتقل فيها مركز الثقل السياسي والفكري من الشرق الى المغرب وهي غامضة نسبيا إذ يبدو أن الاباظية كانوا اكثر اهتماما بالفتوحات من تطوير وبلورة فكرهم الديني. وقد قام فاناس 88£ ٧410 ينشر وثيقة قال أن مؤلفها مجهول تتناول العلاقة بين "التوحيد" و" الايمان" وتعالج مسألة "الأعمال" التي يشترط في المسلم الاباظي القيام بها حتى يستحق صفة المسلم وتتناول كذلك مسألة الولاية و البراءة , ومن هذه المسائل 13,197 ,11٤1ه0 88£ عة٧ . الفصل 1: جزء 2: علاقة التوحيد بالايمان وهي تحدد "الأعمال" التي يشترط ان يقوم بها المسلم الاباظي ليستحق صفة المسلم وخاصة مسألة "الولاية" و"البراءة". الفصل 2: جزء 1: ما هي الاسباب التي جعلت الله يخلق الإنسان وكذلك مسألة "علة الابتلاء"؟ الفصل 6: جزء 2: ماهي صفات الكفر؟ الفصل 6: جزء 5: مالا يسع جهله. الفصل 6: جزء 8: الولاية والبراءة واحكام اايمان والكفر. التوحيد : قول وعمل. الفصل 5: جزء 111: عقاب الكافر 77 فهرس الوثيقة كما قدمه فاناس يحتوي على وجود جذور علم الكلام الاباظي في ذلك العهد ولكن المتكلم الاباظي عبد الكافي يعتبرها منتحلة وقد تكون من انتاج أبو اسماعيل البشير بن هلال المزاتي سير الشماخي، 40/ الدرجيني، 11، 412، 413 . علم الكلام ااباظي في العهد الرستمي لقد عمل الاباظيون في سرية مطلقة للاعداد لاعلان اامامة ااباظية ببلاد المغرب منذ انطلاق "حملة العلم" الخمسة الذين ذكرناهم سابقا للقيام بالدعوة. وقد قامت اول امامة "الظهور" مع أبي الخطاب عبد الأعلى من السمح المعافري احد "حملة العلم" بعد أن عمل على نشر الدعوة بطرابلس وقد وتوصل الدعاة إلى استمالة زعماء القبائل البربرية كنفوسة وهوارة وظريسة وزناتة وقاموا بإعلان الامامة سنة 140 ه إبان حكم الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور وبعد الاطاحة بعامله على القيروان سنة 141 ه وتنصيب عبد الرحمان بن رستم مكانه ولكنهم اظطروا بحد ذلك وبعد هزائم عسكرية إلى الإتجاه نحو الغرب وتأسيس عاصمة جديدة للإمامة وهي تاهرت سنة 160 ه وستستمر هذه الامامة لمدة 134 سنة وتنشر سلطتها على جزء من بلاد المغرب ولكن مدينة البصرة ستستمر طيلة عهد أوائل الامة الرستميين في لعب دورمركزالقيادة العقائدية للمذهب الدرجيني،^، 41، 47 إذ ان شيوخ وقادة المذهب البصريون وخاصة محبوب بن الرحيل والربيع بن حبيب هم الذين وضعوا اسس نظرية اباظية للامامة أي لشرعية السلطة السياسية القوانين التي تظبطها وادماج هذه النظرية في العقيدة الاباظية نفسها كما تدل عليه كتب "الحقيدة". 78 نظرية "الامامة" عند الاباظية ويمكن ان نجزم ان هذه النظرية هي اباظية بحتة لا نجد مثيلا لها لدى الفرق والمذاهب الأخرى. لقد أدى تسليم السلطة في تاهرت بعد وفاة عبد الرحمان بن رستم الفارسي الى ابنه عبد الوهاب الى بروز انشقاق في المذهب والدولة والمجتمع مع خروج من عرفوا بتسمية النكار وهو الذين ينكرون على عبد الوهاب شرعيته خلافا للوهبية وهم انصاره، وقد حسم علماء البصرة الصراع الديني والسياسي لفائدة عبد الوهاب بن رستم والوهبية ضد النكار ولفائدة بن رستم وهو فارسي ضد ابن فندين وهو بربري ولفائدة الحضرساكني تاهرت ضد القبائل البربرية الرحل كان ذلك سنة 170ه انظر الدرجيني، 1، 47، 48، 49. بسم الله الرحمان الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد آله وسلم تسلميا أما بعد، فقد اتصل بنا ما وقع قبلكم وما كتبتم فيه، فأما ما ذكرتموه من أمر الشرط فليس من سيرة المسلمين أن يجعلوا في الامامة شرطا ان لا يقطع الامام امرا دون جماعة معلومة الامامة صحيحة والشرط باطل فلو صح في الامامة الشرط لما قام للله حق ولا أقيم له حد وبطلت الحدود والاحكام وضاع الحق والجماعة يتعذر اتفاقها على ان الامام ان قدم عليه سارق فلا يمكنه أن يقيم عليه الحد فيقطع يده حتى تحضر الجماعة، اوزني احد فلا يرجع أو يجلد حتى تحضر الجماعة فيكونوا كلهم إماما وكلهم لا إمام فهذا إبطال وتتبعه غير الإستقامة ورمي اامامة به بغي والسؤال عن هذا غي وإما ما ذكرتم من تولية رجل وفي جماعة المسلمين من هو اعلم منه فذلك جائز إذا كان مستكملا لشروط الامامة". 79 الخلاف ااخل الاباطية حول مسألة "الامامة” لقد طرح خروج "النكار" على عبد الوهاب بن رستم جملة من الاشكاليات للمذهب الاباظي في بلاد المغرب وذلك على المستوى العقدي والسياسي والعسكري ومن أهم تلك الاشكاليات مسألة "الامامة". لقد أعاد النكار طرح شروط الامامة على الفكر الديني الاباظي وبعد حسمها من طرف جماعة البصرة ادمجت في "ما لا يسع جهله" أي في العقيدة بنفس الدرجة كالشهادة وأصبح قبول إمامة عبد الوهاب بن رستم شرطا من شروط الايمان وكذلك "البراءة" من النكار وبذلك انتقلت مسألة "الامامة" من الحقل السياسي إلى الحقل "العقدي" أي ان الاعتقاد باحقية عبد الوهاب في الامامة أصبح شرطا من شروط الايمان ومن جهله أو أنكره تحق عليه , البراءة" ان هذا الخلط بين ماهو سياسي وماهو عقدي يدل على خضوع العقيدة إلى تطورات يمليها الوضع السياسي والاجتماعي وهذا الخلط ليس خاصا بالاباظيين وحدهم وان كان مفضوحا ومبالغا فيه إبان حكم الرستميين حيث اصبح نظام الحكم ملكيا وراثيا بتواطئ مفضوح من الفقهاء ورجال الدين. هذا الخلاف بين الوهبية والنكار يذكرنا بالفتنة التي اندلعت اثر مقتل ثالث الخلفاء المسلمين عثمان بن عفان وطرح مسألة "الخلافة" وتطورها إلى فتنة ثانية عند بروز الخوارج في معركة النهروان لقد تميز الخوارج آنذاك بوجهة نظر خاصة حول مفهومهم للخلافة مما دفع بحض المؤرخين المحاصرين لاعتبارهم "تيارا ديمقراطيا". لقد دافعت مجموع "المحكمة الاولى" وهم الثوار الذين خرجوا على علي في معركة النهروان ورفظوا التحكيم لا حكم إلأ الله على وجهة نظرمتميزة ولكنها لم ترتق أنذاك إلى مرتبة النظرية التي تحدد دور "اامام" وشروط بيعته. 80 هذا الدور لعبه الرستميون فيما بعد الذين طرحوا نظريا شروط الامامة ودور الامام بدقة جعلتهم يتميزون عن أهل السنة والشيعة آنذاك بجانب يمكن وصفه "بالديمقراطي" إذ أنهم يرفظون أن تكون الخلافة حكرا على القريشيين أو اهل البيت ويمكن تولية أي مسلم عربي أو اعجمي تتوفر فيه الشروط. ولكن هذه النظرية لأ تجعل الامامة ملكا وراثيا حسب مبادئها الاولى خلافا لما عمد اليه الرستميون من تكسير لهذه القاعدة طوال 134 سنة من حكمهم. كانت هذه النظرية عامة وفضفاضة وتخدم مصالح المذهب الاباظي مادام في حالات "الشراء" او "الدفاع" او "الكتمان" ولكن عندما اسس الاباظيون اولة مركزية وعاصمتها تاهرت وعندما جوبهوا بتحديات الحكم وواجبات السلطة في حالة "الظهور" اظطروا لتحديل نظريتهم وتحرت هشاشتهم النظرية، فالتحالف بين البربر والفرس داخل أوساط السلطة الرستمية ضد العرب إبان ولاية عبد الرحمان بن رستم الفارسي لم يعد كافيا لحل مشكلة "الإمامة" إذ ثارت بعض القبائل البربرية تحت قيادة أبن فندين البربري وانكروا على عبد الوهاب بن عبد الرحمان بن رستم الفارسي شرعية خلافته لأبيه فمنذ تلك الفترة أصبح الحكم ملكيا بالوراثة حتى نهاية الدولة الرستمية، وقد بارك شيوخ البصرة هذا التحول واصطفوا مع بني رستم أي أنهم انحازوا إلى الرستميين المشارقة ضد البرابرة المخاربة الذين أنظموا إلى المذهب مؤخرا ولكن السبب المحلن هو فقط الفتوى الدينية التي اوردنا جزءا منها والتي تعطي الشرعية للسلطة الرستمية الوهابية وتضع "النكار" في صف الخارجين عن الدين. ويبدواأن بعض شيوخ الأباظية في البصرة كانوا قد إنحازواللنكار الدرجيني: 5، 55 وكذلك أباظية مصر لذلك فإنه يمكن الجزم أن الصراع شق كل الاباظيين في المشرق والمخرب إلى قسمين وهبية ونكار وسيبقى هذا الصراع مستمرا في بعض المناطق مثل جربة حتى الحصور الحديثة والنكار محروفون في جربة باسم "المستاوة". والمهم بالنسبة للباحث هو التأكد من ان هذا الجدل نحى منحى ديني عقائدي حيث اصبحت "الولاية" تجاه عبد الوهاب بن رستم وابنائه من ملوك 81 ادولة احد اركان العقيدة الاباظية الوهبية وهذا يدلل على خلط بين المديني والسياسي لاظفاء الشرعية على هؤلاء الأمراء رقم تناقض ذلك مع أسس النظرية الاباظية حول "الامامة". وقد دفع هذا الانحراف الى انتشار مذهب النكار بقيادة أبو قدامة يزيد اليفرني من قبيلة بني يفرن والى انتفاظة قبائل مزاتة البربرية التي كانت تعتنق الواصلية أي مذهب المعتزلة الدرجيني، 1، 57 وذلك في أواخرالقرن الثاني للهجرة. 82 الاباظية الرستمية وانتفاظة المعتزلة لقد استخل الواصلية الإنشقاق داخل الاباظية ليحلنوا انتفاظتهم وخاصة ان مذهب المعتزلة قد عرف أوجه آنذاك فأبو الهذيل العلاف الذي كان يعيش في البصرة الشهرستاني، ملل، 34، 37 226ه كان يدعو لنظريته وكذلك النظام أحمد أمين، ضحي الإسلام، 127، 140 يقوم بدعواه ببغداد عاصمة الخلافة العباسية لقد كان لهؤلاء العلماء تأثير كبير في بلاد المغرب الذي كان يعج بالسكان والنخب الفكرية فشيوخ المعتزلة وشيوخ ااباظية ينحدرون من نفس الوسط الاجتماعي والفكري في البصرة والكوفة وبغداد وكانوا يتجادلون ويتنافسون في قضايا علم الكلام ويواجهون بعضهم بعضا في "المناظرات" التي تصل أصداءها لمدن المغرب الاسلامي وخاصة القيروان وتاهرت حيث كانت توجد مجموعات من السكان يعتنقون مذهب المعتزلة وكثيرا ما تتجاوز هذه الخلافات الكلامية اطارها الفكري لتصبح صراعات سياسية وحتى عسكرية فالدرجيني يروي قصة احد امراء مزاتة القبيلة البربرية وقد كان من المولعين بالجدل ويعتنق مذهب واصل بن عطاء والذي قاد الانتفاظة ضد اامام عبد الوهاب بن عبد الرحمان بن رستم الدرجيني، 1، 57 وقد تمكن هذا الاخيرمن كسب المعركة بمساندة قبيلة نفوسة وهي قبيلة جبلية من شمال ليبيا والسند الاساسي للدولة الرستمية. ويصف الدرجيني مناظرة بين الامير المعتزلي وأحد شيوخ نفوسة ويسمى المهدي والذي تمكن من دحض حجج القائد المعتزلي حسب رواية الدرجيني ولكن المصادر الاباظية لا تبوح بالكثير فيما يخص الخلافات العقائدية بين المذهبين ابان فترة عبد الوهاب الرستمي، ولن تبدأ في معالجتها اا في فترة الامام افلح. 83 علم الكلام في العهد الرستمي يطنب المؤرخون الإباظيون كالدرجيني والبرادي والجناوني والشماخي في وصف المستوى العالي للفكر الديني وبالذات علم الكلام ووفرة النصوص العلمية وينحوا منحاهم المتكلمون والفقهاء إذ يعتقدون ان الاطناب سيعطي شرعية أكبر لفائدة الرستميين الذين يعتبرون مرجعا دينيا وسياسيا لكل الاباظية الوهبية من القرن الثاني حتى العصور الحديثة ولكن الباحث الموضوعي قد يفاجأ بندرة ااثار والوثائق وخاصة العقائدي منها والتي تتناول علم الكلام والتي يمكن دراستها. فبالنسبة لعلم الكلام لا يمكن الا في حالة اكتشاف وثائق جديدة الا الاطلاع على بعض مؤلفات يمكن اعتبارها كلامية. فما عدا اامام محمد بن افلح لا يبدو ان الانمة الاخرين كانو حقيقة مهتمين بهذا العلم وتفيد المصادر الاباظية أن أبا اليقظان محمد بن افلح 895-856 م/281-241 هقد الف فعلا فيهذا المجال بينما لا نعرف عن ابيه افلح الا رسالة الى "نفاث" زعيم النفاثية وهي فرقة انسلخت عن الاباظية وتشبه فرقة "النكار" الدرجيني، 1، 77 في معالجتها لمسألة "الامام" اما محمد بن افلح فقد تناول مسألة خلق القرآن 183,201 *عذلما04 وهي مسألة كلامية. ويبرز اسم عمروس بن فتح 283/896 الدرجيني، 1، 84 الدرجيني، 11، 320 وهو قاضي ابان امامة يوسف بن محمد بن افلح كأحد اهم المتكلمين الاباظية بين أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع، وقد تصدى للقضاء عندما كان الوالي أبو منصور إلياس يحكم نفوسة ويبدو أنه ألف كتابا في "الاصول" أي في علم الكلام وبذلك يكون أول من فصل بين القرآن والسنة والرأي الاجتهاد منهجيا الدرجيني، 1، 84 لان التقاليد ااباظية في ذلك الزمن كانت لا تفرق بين هذه العلوم والمستويات وهذا يشكل تحولا في منهاج التأليف بخصوص الفكر الديني. وقد اورد بكتابه وهذا ما يحسب له نص "مدونة" ابن غانم الهراسني الذي سلمها له بنفسه عندما كان مارا بجبل نفوسة. وقد قام عمروس بن فتح بكتابة مؤلفين: 84 1) كتاب أصول الديانة الشافية وتوجد لدينا نسخة مخطوطة ويتناول مسألة علاقة الاباظية بالمسيحين واليهود والمجوس والمنافقين وينتقد فيه مواقف المعتزلة والصفرية والمرجئة والشيعة ويطرح أسس العقيدة الاباظية فهو يشبه في هذا كتاب الملل والنحل للشهر شاني وكتاب الفرق بين الفرق للاشعري وهو ما يعبر عنه في المصطلح العلمي الحديث علم الهرطقات عذ11212510108 وبروزهذاالنوع في التأليف يدلل على وصول الاباظية الى درجة عالية من تطور فكر هم الديني. 2) كتاب الرد على الناكثة وابن الحسين الدرجيني، 1، 12 وينتقد فيه الكتاب اطروحات النكار أو "النكاث" واحد المنشقين عن المذهب الاباظي الوهبي ويدعى ابن الحسين ويطرح فيه اسس العقيدة الاباظية الوهبية وبذلك يمكننا نحن الباحثون من معرفة الخلافات العقائدية داخل الاباظية. وقد كان عمروس بن فتح على اتصال ببشر بن غانم الخراساني ااصل ومن شيوخ اباظية المشرق وكان تلميذا لابي عبيدة مسلم بن ابي كريمة ويبدوا ان بشر بن غانم قد سلم عمروس المدونة المعروفة "بالمدونة الكبرى" وهي تلخيص لأحاديث الرسول صلعم وسنته كما يراها انذاك اباظية المشرق وهي بالكاد وثائق موغلة في القدم وبالتالي فهي ذات اهمية قصوى للباحث. وهذه العلاقة بين العالمين المغاربي والمشرقي تأكد انه رغم انتقال مركز الثقل السايسي للأباظية إلى بلاد المغرب فان ارتباطهم الفكري بالمشارقة مازال متواصلا والدليل على ذلك هو هذه الرحلة الطويلة والشاقة التي قام بها ابن غانم للالتقاء بالشيوخ ألمغاربة الدرجيني، 11، 344 . فيمكن اذن التأكيد ان الفترة ااولى من حكم الرستميين عرفت مواصلة التبعية الفكرية لشيوخ اباظية المغرب الى شيوخ المشرق كما ابرزنا ذلك إبان إنتقال السلطة من عبد الرحمان بن رستم الفارسي إلى إبنه عبد الوهاب كما ان هناك حدث اخر يدل على ذلك عند انشقاق النقاثية عن الوهبية في عهد محمد بن افلح الرستمي حيث توجه نفاث الى المشرق لطلب ادعم من بحض اباظية المشرق وعاد محملا بكتاب "الديوان" لجابرين زيد كشف الغمة 372 الذي لم يكن محروفا في بلآد المغرب حتى ذلك الوقت ويبدو أن الخليفة العباسي هو الذي اهدى "نفاث" هذا الكتاب. 85 عوامل الضعف النظري للفترة الرستمية يمكن ان نحوصل ضعف الفكر اديني في تلك الفترة في ثلاث عوامل. 1) التبعية "لمشائخ الاباظية" في المشرق الذين كانوا بحكم بعد المسافة بين المنطقتين غير قادرين على تنشيط الجدل افكري والعقائدي. 2) يكمن السبب الثاني للضعف النظري في الاصل البربري للسكان في بلاد المغرب وحداثة اعتناقهم للاسلام وللمذهب الاباظي وطبيحة القاعدة الاجتماعية القبلية والجبلية نفوسة الجبل التي لا تسهل بروزوتطورالتيارات الفكرية الدينية رغم تعدد الفرق وقربها من مدينة القيروان العاصمة الفكرية بلا منازع انذاك لبلاد المغرب والتي كان اغلب سكانها من العرب لقد كانت القبائل البربرية الرحل او الجبلية تمثل القاعدة ااجتماعية لحكم الرستميين ولم تكن هذه القبائل مشهورة بولعها بالجدل والحوار العقائدي والنقاش الفلسفي الذي يمكن ان يدخل البلبلة في النفوس الحديثة العهد بالاسلام الشيء الذي كان يخشاه الرستميون. ومايدل على لذلك هو العنف الشديد الذي واجهوا به النكار والنفاثية والمعتزلة. 3) ما عدى تاهرت التي اسسوها لم يقم الرستميون بانشاء او تطوير مدن اخرى يمكن ان تحتضن نخبا فكرية تصل بالفكر اديني الى مستوى رفيع بل ان هذا النوع من المراكز لدى ااباظية لم يبرز ويتطور الأ بحد سقوط اامامة الرستمية. ولكن رغم ذلك لا يمكن انكار وجود حركة فكرية دينية كما تدل على ذلك رسالة محمد بن افلح حول "خلق القرآن". 86 رسالة محمد بن افلح فرسالة الامام محمد بن افلح تبرر استعمال التدليل بالقياس وهي تقنية مستنبطة من فلسفة المنطق الاغريقية مما يدل أن القرن الثالث قد عرف اعتناق اباظية المغرب لمذهب ارسطوطاليس في الفترة التي كان فيها المعتزلة الفرقة الوحيدة التي طوعت هذه الفلسفة لتؤسس لعلم الكلام قبل بروز الاشاعرة مع العلم أن الأشعري كان معتزليا وتشبع من الفلسفة الاغريقية في رحاب مدرسة المعتزلة قبل ان يختلف معهم ويؤسس لمذهب الاشاعرة. وبتطويع المنطق لفكرهم اديني ارتقى هؤلاء به من مرحلة بدائية للعقيدة الى علم الكلام العقلاني ومن الراجح ان شيوخ الاباظية بالمغرب قد واكبوا تطور اشكاليات علم الكلام في بلاد المسلمين ويدل على ذلك الجدل بينهم وبين المعتزلة كما بينا ذلك سابقا سوى كان ذلك في تاهرت او نفوسة او القيروان وعلى انهم كان على مستوى عال من السيطرة واستعمال الفكر الفلسفي الاغريقي ويبدو ذلك جليا بعد قرنين من افول دولة الرستميين وبروز كبار المتكلمين الاباظيين مثل الورجلاني وعبد الكافي الذين الفوفيعلم الكلام. 87 واقع علم الكلام بين 297 ه و409 ه أكثرمن قرن فصل بين سقوط امامة تاهرت 299 ه والتاسيس لحلقة ريغ 409 ه من طرف عبدالله بن محمد بن بكر 440/10489ه 11181 وذع12٧1 29,31. لقد وضع عبد الله بن محمد بن بكر "قواعد الحلقة" والتي يمكن اعتبارها استورا ينظم نشاط التنظيم السري للاباظية وفي هذه الفترة التي عرفت اندلاع عدة ثورات لاباظية بلاد المغرب لم يتألق اا اسم واحد من علماء الكلام وهو أبو خزر يغلي بن زلتاف 380/990ه من اصيلي بلدة الحامة معمر، 1، 59، 63 - الدرجيني، 11، 340، 341 - الشماخي، سير، 7، 346 وهو مؤلف كتاب "الرد على جميع المخالفين" وشرح فيه العقيدة الاباظية فيما "لايسع جهلة" ومسألة "خلق القرأن" ومسألة "الصفات" وحدد الخط الفاصل بين الطرح الاباظي والطرح المعتزلي حول مسألة "صفات الله" وقظية "الاستطاعة" 3 و1 ,311010^428 ,لا٢٢ةعع£ ويعتبره المؤرخ الاباظي المعاصر يحي معمر من كبار المتكملين وهو احد الزعيمين الذين قادا ثورات الاباظية الوهبية ضد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله وكان قد انتخب اماما "للدفاع" وقدانتهت ثورة الاباظية الوهبية 358/968 ه بالهزيمة وتفريق صفوفهم واضطروا الى مهادنه الفاطميين وقد اختاره المعز لدين الله الفاطمي ليكون من العلماء الذين أخذهم معه الى مصر حيث توفي هذا العالم والزعيم الاباظي في سنة 380ه 990 ءذ. فالقرن الثاني اذن لم يكن مزدهرا فكريا وان كان حافلا سياسيا بالنسبة للاباظية في بلاد المغرب ولايمكن تعداد الا بعض المؤلفات القيمة. اما الزعيم الثاني لثورة الاباظية ضد الفاطميين فهو أبو نوح سعيد بن زنخيل الشماخي،سير،358،353 - الدرجيني، 168،1، 170، 171 مؤلف "كتاب سحيد بن زنغبل" وكان يتقن الجدل الديني وفن المناظرات ويذكر الدرجيني بعضامنها الدرجيني، 1، 168، 191 وهي ذات خلفية ارسطورطالية وقد كان أبو نوح ملما إلماما دقيقا بأطروحات الأشاعرة وقد 88 استعمل علمه للتقرب من الأمير الصنهاجي "المنصور بن بولوقوين بن زيري الصنهاجي ادرجيني، 1، 168، 171 الذي اعتنق مذهب السنة بعد إنتمائه للشيعة إبان ولائه للفاطميين. ويذكر الدرجيني الدرجيني، 1، 48، 58 عالماآخروهوأبوالقاسم يزيد بن مخلد الوسياني الذي كان بارعا في علم المنطق والقياس ابان حكم أبو تميم الفاطمي الشيعي وفي ارد على "المشبهة" ادرجيني، 11، له ل4 ج£ا1ةح 11 ,اءءةألاةلآحت / 293 156-158 ١اكه٢ه8 و121-99 لمناه11، أكثر من ثلاث قرون إذن فصلت بين أول وثيقة عقائدية أباظية وهي رسالة عبد الله بن اباظ الى عبد الملك بن مروان 670ه وتأسيس "حلقة ريغ" 409 . لقد ولدت الحركة ااباظية في خظم الاحداث السياسية والصراعات العقائدية التي هزت الدولة ااموية وفي بلاد الشرق وخاصة بلاد ما بين النهرين البصرة ثم انتقل مركز ثقلها السياسي لبلاد المغرب مع تأسيس الدولة الرستمية كما انتقل تدريجيا مركز ثقلها العقدي والديني من المناطق التي بلغ فيها الفكر الديني الاسلامي اوجه البصرة، الكوفة، بغداد وتعددت فيهاالمذاهب والمتاجرالى مناطق لايوجد فيها هذا الزخم الفكري وهي شمال طرابلس نفوسة والجنوب الجزائري مزاب والجنوب التونسي جربة والجريد هذاالانتقال الجغرافي كان له اثركبيرعلى الفكر الدي. وإن لم نتجه كليا إلى الجزم بأن رسالة ابن اباظ هي أول وثيقة عقائدية فإنه من الثابت أنها وضعت الأسس الأولى لهيكلة العقيدة الأباظية رؤيا واضحة للتاريخ الإسلامي وبالتحديد "للفتنة الكبرى" ومسألة "الخلافة" ومسألة مرتبة الكافر ومسألة الولاية والبراءة هذه المرحلة الأولى إذن لتشكل النظرية الأباظية أو مقولتهم المؤسسة. أما المرحلة الثانية فهي اطول بكثير زمنيا وان يصعب تحديد تاريخ محدد لها اا انه يمكن القول انها بدأت مع بداية الحوصلة البدائية للمقولة التي تناول مسألة القضاء والقدر. وكان لذلك في عهدابي عبيدة مسلم كريمة الدرجيني، 11، 293 حيث شخص الخلاف مع المعتزلة الواصيلة باعتناق توجه اقل عقلانية وبانكار المسؤولية البشرية في خلق الخير والشر ولم تتضح الرؤية بدقة إلا مع 89 محبوب بن الرحيل 1,41 أع021) ,2-71 ٥+1و010101^ع 110٥ا ,19 و.ىذ1 ذلذ]٥٢٨٧ ورسالته "العهد" لأبي حمزة الكوفي زعيم الشرارة. ويعتقد الاب كوبرلي ٧102٣17٧أن اول وثيقة كلامية للاباظية كتبها عبد الله بن يزيدالفزاري 49 1,لا٢1ة(لعآح وهي كتاب الردودوالحقيقة هي ان عبدالله هذا قد اطرد من مجالس الاباظية السرية فهل يمكن اعبتاره كممثل لهذا التيار وهذا المذهب لان طرده كان على اساس دفاعه عن مواقف عقائدية مختلفة عبر عنها في كتاب "الردود" والتي ذكرها فيما بعد احد علماء مصر الاباظية عيسى بن علقمة وفي الجزءالثاني من القرن الثالث هجري الشماخي، سير، 123-122 . ان العقيدة ااباظية لم تتبلور اا مع صدر "كتاب الجهالات" 6 ,188 ٧210 ولو بطريقة بدائية ويشمل هذا المؤلف جملة مسائل "ما لا يسع جهله" ويمكن ان نشير ان المرحلة الثانية قد انتهت مع كتابة هذا المؤلف الذي حوصل العقيدة الاباظية الشماخي، سير، 225 وبروز مؤلفات في علم الفرق ككتاب عمروس بن فتح أصول اديانة الشافية وكتاب الرد على الناكثة وابن الحسين ويعتبر محمد النامي 12,22-ا-لء8ع10 وذ10102100ن هذا الكتاب من اقدم الوثائق لذلك فإن هذه الفترة هي فترة كتب علم الفرق وكتب علم الكلام. انها فترة الانتقال إلى جنس أدبي رفيع اكثر حدة في الرد على المخالفين وأشد دفاعا وتمجيدا للمذهب واحسن هيكلة مما سبقه كما يبدو الاهتمام اكثر بالديانات ااخرى التي يحاول فيها علماء ااباظية دحض اطروحاتها بالاعتماد على البراهين والمنطق اكثر من الإعتماد على الآيات القرآنية. ويرتكز هذا الجنس الادبي على هيكلة جديدة اي من هيكلة بدائية للمقولات العقدية إلى هيكلة متطورة للمؤلفات الكلامية ووضوح في القدرة على تلخيص الاشكاليات النظرية اما كتب العقيدة فقد تأثرت بهذا التطور الفكري إذ اصبحت اكثر تركيزا واحسن حوصلة للمبادئ العقدية بينما تميزت الكتب التي تتناول علم الفرق ومقولاتهم بتحديد نقط الخلاف مع المذاهب والتيارات الفكرية الاخرى وهي كتب العقيدة الاولى ما قبل هذه الفترة تختلط فيها مسائل العقيدة الاساسية بمشاكل الحبادات والطقوس لان مؤلفيها لم يكونوا يفصلون بين "الأيمان" و "العبادات". 90 يمكن الجزم ان القرن الرابع للهجرة عرف تفرة من الكتابات حول "علم الفرق" لان المذهب اضطر للدفاع عن اطروحاته الكلامية والعقدية ريما خوفا من تأثير المعتزلة والاشاعرة خاصة مع بداية إكتساح المذهب الاشعري لشمال افريقيا بعد التغيير الذي حدث بفعل انتقال الصنهاجيين من ألمذهب الشيعي إلى المذهب السني وانتصار المذهب المالي. فالمقولة الاباظية العقدية لن تأخذ شكلها النهاني الذي نعرفه اليوم إلا ببداية تأليف كتب العقيدة كجنس أدبي وذلك في القرن الخامس هجري حيث اصبحت الحجج أكثرعقلانية وقد أتضح منذ القرن الثالث تأثيرالمنطق الاغريقي عليها رسالة محمد بن أفلح الدرجيني .. فالمرحلة الثالثة إذن توافق بروز الكتب التي تتناول "الفرق" التي اسست لتطور في علم الكلام عند الاباظية المغاربة من أوائل القرن الخامس إلى منتصف القرن السابع للهجرة. فابوخزر يعلي بن زلتاف 388/990ه ألف "كتاب الرد على المخالفين" الذي اوضح فيه موقف الاباظية من اشكالية "الصفات" واختلف فيها مع المعتزلة وكذلك حول مسألة القضاء والقدر والذي استعمل فيه مصطلح "الاستطاعة" •100 ,ذ01012110ت1 8,1 وهي قدرة بالضرورة لدى الانسان تختلف عن القدرة على الخلق واتم هذا الاثبات أبو نوح سعيد بن زنغيل الذي الف في الرد على المعتزلة. من جهة اخرى ومنذ هزيمة الاباظية في واقعة "بأغاي" أمام الفاطميين الشماخي، سير،354 ,300/318 127٧عل4259 وانظمام ابي خزر إلى من سافروا مع الخليفة الشيعي المعز لدين الله الفاطمي إلى مصر فكأننا بالمذهب الاباظي يمر عبر مرحلة "فراغ تاريخي" اهم خصائصه: - تحطيم الهياكل السياسية والتنظيمية التي تؤطر المذهب واتباعه. - القضاءعلىكلمحاولةللمقاومة للبربر الاباظية. - مقتلعدد منكبار العلماء والشيوخ في المعاركضد لفاطميين. - انحسارتواجدالاباظية في مناطق جبل نفوسة جربة درجيين نفطة ورجلان ورقلة وغياب اي سلطة مركزية لهم هاته العوامل التي تفسرحالة الفراغ رغم محاولات احياء المذهب وبناء عقيدته والتي منها ومن اهمها تأسيس حلقة ريغ في بلاد بني مزاب جنوب الجزائر سنة 409ه على يد محمد بن بكر. 91 11 علم الكلام الاباظي في القرن الخامس والسادس هجري تجديد الفكر الديني يقدم الباحث لويكي تادوز 2,29,31لال4ا.12٧ الشيخ أبا محمد عبد الله بنايبكرك1لتالي: "تتفق المصادر ااباظية على انه كان بارعا في الدعوة وانه كان الداعية الأكبر لنشر المذهب الاباظي في شمال الصحراء ويرجع إليه القيام بعمل كان له نتائج خطيرة في أزدهار الاباظية الافريقية وهو دخول مصعب بني مزاب القبيلة البربرية التي تسكن منطقة الزاب الجزائرية في مذهب ااباظية بعد ان كانوا معتزلة". وحسب رأينا فإن المهم ليس ان نعرف من أدخل بني ميزاب في المذهب الاباظي ولكن ان هذه القبيلة كانت متؤثرة بالفكر المعتزلي وهذا ما سيكون له تأثير كبير على تطور الفكر اديني عند الاباظية فيما بعد فحلقة "ريغ" التي اسسها وادارها محمد بن ابي بكر هي التي اعطت اكبر واهم علماء الكلام الاباظي في القرن الخامس من الهجرة ومنهم أبو الربيع سليمان بن يخلف الدرجيني، 11، 425 / الشماخي، سير، 412 / 82,75 50٣2ن11 ,1>1ء٦٧1جط الذي توفي سنة 471ه9 - 1078 م وأبوالعباس احمد وهو ابن عبد الله بن ابي بكر 1111-504/1110ه وابو زكريا الجناوني وابو عمر عثمان بن خليفة السوفي 1لل/ ٧1 وابو عمار عبد الكافي التناوتي 6ل٧ هؤلاء المشائخ ومنهم من هو اصيل الزاب وورجلان و درجين نفطة وجبل نفوسة وجربة هم الذين وضعوا لمسات نهظة فكرية علمية بلغت بعلم الكلام الاباظي اوجه. فأول كتاب للعقيدة في شكلها الراقي هو من تأليف أبو زكريا الجناوني اصيل جبل نفوسة وقد عاش في اواخر القرن الخامس 11£0 ولدينا نسخة مطبوعة بالمطبعة الحجرية من هذه الوثيقة الرائعة ولويكي يعتبر انه من طبقة المشائخ الذين عاشوا في اوائل القرن السادس هجري ولكن كوبرلي 0010211٧. بضعه في الطبقة التاسعة للمشايخ بين 400 و450ه . 95 أما أبو القاسم البزادي في الجواهر فينسب اليه كتاب النكاح وكتاب "الوضع" الذي توجد نسخة منه في المكتبة الوطنية من اهداء امكتبة " التميمي وبخط سليمان بن محمد المقدسي في شهر شعبان 1268 ه فعلى ماذا يحتوي كتاب "العقيدة" هذا؟ يحوصل 11٧ع001 هذا المؤلف كالتالي 1,83 0102117 "تحتوي اولا على الشهادة " التي ترتكز على التوحيد والايمان بالرسالة المحمدية وسنته ويعتقد ل07002117انهامماثلة للعقيدة السنية". ونحن نرى ان هذا صحيح ولكن العقيدة الاباظية تعتبر ااسلام ايمان وعمل وتلخصها في "فيما لا يسع جهله" أما فيما يخص السنة فإن تأويلها يختلف عند الاباظية عن اهل السنة. فالفصول المعشرة التي تكون هذ٥ العقيدة هي متساوية مع الشهادة وصحيح ان الاباظية يختلفون مع الخوارج الازارقة فيما يخص مرتبة "الموحد" المرتكب للكبيرة ولا يعتبرونه مشركا مثل اازارقة يستحق القتل ولكن الفرق بين المسلم والكافر هو "معرفة ما لا يسع جهله" بالتفصيل وهو الحد الفاصل بين الموحدين وبين من قد يقح في "الشرك" لذلك وارتكازا على هذه الحقيدة يتهم شيوخ الاباظية غيرهم من المسلمين المعتزلة والاشاعرة بأنهم "مجوس" هذه الامة انطلاقا من حديث ينسبونه للرسول صلعم "الجبرية والقدرية هم مجوس هذه الأمة" الجناوني - عقيدة . المنهجية العلمية تفرض علينا عدم الجزم بانه لا يوجد فرق بين العقيدتين السنية والاباظية والدليل على ذلك باب "الولاية والبراءة" في هذا الكتاب لأن الأعمال هي جزء لا يتجزأ من الايمان فمن يهملها او من يخالفها قد يجد نفسه في صف المبروء منهما لا يستحق اولاية كما ان الولاية ولاية المسلمين والبراءة" من غيرهم من الخلفاء والأئمة هي واجبة وهي ركن من اركان "ما لا يسع جهله" اي العقيدة الاباظية. ويعدد أبو زكريا انواع البراءة والولاية ويطنب فيها لأن هاجس الاباظية كان الحفاظ على مجموعة اتباعهم وخاصة انهم كانوا اقليات في ذلك الوقت واتقاء خطر ااضمحلال في المذاهب ااخرى والاحتفاظ باستمراريتهم. 96 من ال واضح اننا هنا امام منطق ذو جذور ارسطوطالية وهذا يذكرنا فيما يخص مسألة "التصور" بفخرالدين الرازي الذي قدم كتابه في علم الكلام بطرح مسألة "الصور. كما أن عملية التناظر بين هيكلة اللخة الحربية وهيكلة "المادة" يهدف إلى ربط مسألة "التصور" بمسألة المادة. وانطلاقا من كل ذلك يكشف الكاتب عن رأيه حول العلاقة بين "الجسم" و"المسمى" ومختلف اجناس الاسم والفحل ليطرح اخيرا نظريته حول "المفردات الخمس" والتي لا تعدوا أن تكون "المقدمات الخمس" للمنطق الارسطي. ويفصل المؤلف بين "الجنس" و"النوع" و"المتوسط" و"الانوع تحته" أو "نوع الانواع" و"الذي لا إسم تحته" و"جنس ااجناس". والمعروف عن الاباظية انهم يطبقون بكل حزم "البراءة" حتى على نخبهم الدينية فالكل متساوون أمام القانون وهو ما يؤكد توجههم الراديكالي الذي يرفض التساهل في قاضايا الحقيدة. وبالمقابل ولتحديل هذه الراديكالية العقائدية فإنهم يتسامحون مع مخالفيهم من غير ااباظيين رغم اعتبارهم من المخطئين وللاباظية ترسانة قانونية معقدة لتحديد هذه العلاقات ادينية والاجتماعية نجدها مفصلة في كتب الفقه ووثائق الفتاوي مما يدل على بلوغ مستوى راق في بلورة فلسفة الفقه ااباظي. اما مسألة "الوقوف" فقد وضعت لتحد من هذه الصرامة العقائدية والفقهية التي تعكسها مسألة "البراءة" وتعطي مجالا للتسامح وهي نوع من "تأجيل التنفيذ" للمذنب حتى تتأكد التهم او تسقط فيستحق بعد ذلك إما "الولاية" وإما "البراءة". أما الجزء الثاني من الكتاب فيتناول اصول الدين الجيطالي، قواعد، 3 والتي يشتقها الجناوني من القرآن والسنة والرأي. ويحتقد كوبرلي ل11 012 إن مصطلح "القياس" لم يكن محروفا في عهد الجناوني ومحاصره الورجلاني ولكن المحطيات التاريخية الموثقة تؤكد عكس ذلك تماما. فالورجلاني مثلا هو صاحب كتاب الدليل لأهل العقول في 97 نور السبيل..." وهو كتاب في علم الكلام ويشمل أبوابا في المنطق بل ان هذا العالم الكبير استعمل القياس والمنطق لصياغة حججه الكلامية وخصص فصلا لدراسة علم المنطق ال ورجلا ني، اليل، 3 . لذلك وكما كنا قد بينا سابقا يبدوا لنا من الضروري دراسة كتب علم الكلام الاباظي وعدم الاكتفاء بكتب "لعقيدة" التي لا تعدو اا ان تكون حوصلة "لأصول الدي. 98 النهظة في الفكر الديني الاباظي علم الكلام في القرنين الخامس والسادس من البديهي ان نطرح السؤال التالي: هل يمكن الحديث عن علم كلام اباظي ام الحديث عن علم الكلام لدى ااباظية؟ فعلم الكلام هو خلاصة المجهود الفكري لإدماج المعطى الديني داخل المنظومة العانية. فهل وجد لدى اباظية المخرب في القرنين الخامس والسادس؟ علم يهدف إلى تقديم الحجج العقلية وحدها للتدليل على وجود اله؟ واذ وجد هذا العلم فإنه من الضروري تحديد تاريخ نشأته وتطوره والاتمام النهاي لنظريته وخاصة ان الفترة المعنية كانت عرفت أوج الحراك الفكري في العالم العربي الاسلامي وخاصة في جانبه الغربي اي بلاد المغرب وبلاد الاندلس. وفي خظم هذا الغليان الفكري برز تياران اساسيان ااشعري والمعتزلي لذلك فإن تحديد علاقة الفكر اديني لدى الاباظية بهما ظرورية وحاسمة ولا نستحق في دراستنا هذه تبيان مدى تأثير الفلسفة الاغريقية على هذين التيارين لأنها واضحة ومتأكدة فهل أثرت كذلك هذه الفلسفة في الفكر الديني الاباظي؟ نحن نعلم ان كبار المتكلمين الاباظية مثل الورجلاني قد مروا من قرطبة مركز الفلسفة وعلم الكلام وخاصة فلسفة ارسطو فهل كان لأرسطو تأثير على هؤلاء العلماء؟ سنحاول دراسة هذا التأثير وخاصة من خلال كتاب "الدليل لأهل العقول في نور السبيل للورجلاني. ان وفرة المؤلفات التي تتناول علم الكلام من طرف شيوخ الاباظية واهميتهم يدل على تشبعهم بهذا العلم ولكن هذا لا يعني ان هناك علم كلام اباظي. 99 لأنه يفترض ان يكون مختلفا عن الكلام لدى الاشاعرة والمعتزلة. ان الهدف من هذه الدراسة هو طرح السؤال وستكون اجوبتنا وقتية في انتظار التعمق في هذا الموضوع واكتشاف مصادر قديمة اخرى فنحن نميل إلى فكرة وجود علم كلام اباظي ذو خصوصيات وذلك رغم وجود قواسم مشتركة مع علم الكلام المعتزلي لأسباب منها التاريخي وللجذور الترايخية والجغرافية المشتركة في القرن الثاني للهجرة وفي البصرة اتحديد. كما توجد قواسم مشتركة لعلمي الكلام الاباظي والاشعري فأين تكمن إذن نقاط الاختلاف؟ ان نقاط الاختلاف برزت منذ تشكل "العقائد" المقولات او الاسس الدينية النظرية لهذه التيارات الثلاثة ثم في كيفية توظيف الجدلية الارسطوطالية لشرح وتطوير هذه المقولات الفكرية الدينية. 1100 نقاط الألتقاء بين الاباظية والمعتزلة يرتكز علم الكلام الاسلامي على المنطق لتدليل والبرهنة عن "خلق العالم" " 4 ذل10لا100 ة1لالجج61٦ا٠011" لاستنتاج وجود إله واحد وخالد فهل يرتكز الكلام الاباظي على هذا المبدأ؟ أن مجمل العلماء الاباظيين ينحازون دون اي تحفظ الى هذه "المقدمة" ويحترفون بالتقائهم فيها مع الاشاعرة والمحتزلة ويرفضون مقولة "الدهريين" والاشاعرة وسنفسر ذلك عند تناولنا لمسألة التوحيد . هذا الالتقاء يؤكده الاشاعرة نفسهم مثل الجويني عل غة111ئ٢<ل واعل٧2 ء.ل 35 ,101٦اع14 وإذا ما درسنا كتاب "الدليل" للورجلاي وقارناه بالمؤلفات الاشعرية فإننا نجد انفسنا امام نفس الاطروحة فأين يكمن الاختلاف في مسألة "التوحيد إذن"؟ انه يكمن في علاقة" "الصفات" "بالجوهر". فمن اواضح ان الالتقاء مع ااشاعرة والمعتزلة يتمحور حول فكرة "خلق العالم نلس00 هذا0عع00910ع 2" إذ أن الهم الاساسي لعلم الكلام الاباظي هو الدفاع على فكرة التنزيه وذلك في معارضته للأشاعرة والمعتزلة في مسألتي الصفاة و القضاء والقدر". 101 مرتبة علم المنطق المرتبة المتميزة التي يحتلها علم المنطق الأرسطي في علم الكلام الاباظي تدل على مدى تأثر هذا الاخير بالفلسفة الإغريقية وخاصة لتقديم الحجج والبراهين ولا يمكن ان نستشف ذلك بالاكتفاء بكتب العقيدة فكتب علم الكلام وحدها فقط مثل "الدليل" و"الموجز" تدلنا على تغلغل فكر ارسطو في الفكر اديني الاباظي "فالدليل" للورجلاني يخصص فصلا للتعريف بعلم المنطق الورجلاني، دليل، 11، 89 فيقول: "باب فائدة النطق والمنطق: وفائدة انطق ايصال المعحاني الى جلب الحقول فتقضي فيها بالصواب والعدل وفائدة المنطق ايضاح الحق بالقياس الصحيح المؤيد بالبرهان الصريح ليكون المرء على ثقة من نفسه وبصيرة من أمره ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة وان الله لسميع عليم. وبفائدة المنطق حاج الله المشركين في القرآن من أوله الى آخره ونزعهم ببراهينة وحججه واانبياء صلوات الله عليهم اجمعين بالأثر والأولياء على اسلوبهم رضي الله عنهم فمن استمسك بحكم المنطق والنطق فاز بجلية الحق والصدق ومن اقتصر على احدهما صار احول بين الخلق ومن عري منهما فاز بطغاوة الحمق قال القائل: لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فلم يبق اا صورة اللحم والدم اعلم ان العلوم ان إتسعت أقسامها فلا غنى لها عن معنيين التصور والتصديق فمن لم يحصل له تصور الاشياء بذواتها لم يحصل له التصديق بأعيانها فإذا ابطل التصور بطلت فائدة التصديق وإذا بطلت فائدة التصديق بطلت فائدة الحقل المذي من اجله خلقت السماوات والارض وما بينهما وصداق ذلك الحديث "اول ما خلق الله العقل فقال له اقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر فقال له وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا اكرم علي منك" فلما اراد الله تبارك وتعالى اظهار حكمته خلق الحروف بسائط ساذجة قبل ان تؤلف كلما وسائط طازجة فركب الحروف بعض التركيب والفها بحض التأليف نتجت كالذكر والانثى إذا أجتمحا انتجا وكذلك خلق الله الجواهر بسائط وألفها 1102 فانتجت الهيولي والصور وركب الصور في الهيولي فأنتجت جسما مطلقا وكذلك الحروف لما ألفها انتجت الكلم وهي الاسماء والافعال والحروف سنة الله تعالى التي خلت من قبل ولن تجد لسنة اله تبديلا قال الله عز وجل "سبحان الذي خلق الازواج كلها مما تنبت الارض ومن انفسهم ومما لا يعلمون" ولا نتاج بين الذكور بينها البنين كما ان لا أنتاج بين الانوثة بينها البين وقد تقدم في عالم الاصوات تأليف حروف الحلق بينها البين والفائدة في المستعمل والاسماء ولنذكر خواص دلالة الاسماء على النوات وخواص دلالة الافعال على الحركات". فصل: اعلم ان ااسماء تدل على مسمياتها دلالة المطابقة كدلالة الانسان على جميع محانيه من لحم ودم وعصب وعظم وصورة وغير ذلك وكذلك البين على حيطانه وسقفه وطينه وخشبه ويدل أيضا على تضمنه كدلالة الرجل على رأسه أو رجله خصوصا ويدل ايضا على وجه الالتزام كدلالة السقف على الحائط والقاعدة على البن. الالفاظ من المحاني على خمس منازل اولها المتواطنة وهو كل اسم يحم الجنس كالحيوان والانسان والاجسام نسبة كل اسم منها الى كل واحد منها نسبة واحدة واسم الانسان يشترك فيه كل انسان وكذلك كل حيوان ثم الثانية المترادفة وهو اسماء كثيرة لمسمى واحد كالسبع والليث والاسد واسماء الخمور ثم الثالثة المتزائلة كالعين للذهب وعين الماء وعين الانسان وعين الجاموس والركية وعين الميزان وعين الشمس وعين الناس ثم الرابعة الاسماء المتفقة وهي المترددة بين المشتركة والمتواطئة كالوجود بين الجسم والعرض ووجود الباري سبحانه...". 1103 في المفردات الخمس من الكلم وهي تنقسع الى ما لا أعم فوقه ويسمى جنسا والى مالا اخص منه ويسمى نوعا والى متوسط بينهما يسمى نوعا بالاضافة الى ما فوقه وجنسا بالاضافة الى ما تحته والذي لا نوع تحته يسمى نوع الانواع والذي لا جنس فوقه يسمى جنس الاجناس واعم الأجناس على قول اهل الدهر الجوهر وهو على قول اهل التوحيد الجسم لان الكلام في هذا مع أهل الدهر اكثر ولا بد من إسعافهم بعض الاسعاف طلبا للسياسة والانصاف والتحرز منهم عند الاختلاف. هذا النص يبين بوضوح تغلغل المنطق "الارسطي" في علم الكلام الاباظي ويذكرنا في تعرضه لمسألة "التصور" بفخر الدين الرازي الورجلاني، دليل، 11، 90/ 48,49 ا1111004 لأعلة٧.ح.1 وقد ناظر فيه الورجلاني هيكلة اللخة العربية وهيكلة ا الهيولي" وأوجد علاقة بين "الهيولي" و"الصورة" كما يبدي رأيه في مسألة العلاقة بين "الاسم" و"المسمى" ومختلف انواع "الاسم" و"العقل" ليؤسس لنظرية حول "المفردات الخمس" التي تذكرنا بنظرية "المقدمات الخمس" "المنطقية". كما يفصل بين "الجنس" و"النوع" و"المتوسط الذي هو بين "الجنس" و"النوع" و المتوسط الذي هو بين الجنس و النوع أي اللا نوع تحته أو نوع الانواع أو اللآ جنس تحته أي جنس الاجناس . ويتهم الورجلاني "الدهريين" بأنهم يقولهم بأن "أعم الاجناس" ليس إلا "الجوهر" بينما يعتقد اهل التوحيد ومن بينهم طبعا الاباظية ان "اعم الجناس" ليس الا "الجسم". نلاحظ هنا 48,^111004 ح.ل شبها كثيرا مع نظرية البقلاني والاشاعرة في رفتهم لمقولات "الملاحدة" اي الدهريون" الذين ينكرون الوجود الحق في كل شيء ما عدى "الجوهر" وهذا طبعا حسب رأي الاشاعرة. 104 فالاشعرية اسست نظريتها على مفهوم الحدث أ1٦عح٠٤1ة لان الكون يتكون من "الجوهر" و "الحدث" ولايوجد "جوهر" بدون "حدث" ولأن "الحدث" مخلوق فإن "الجوهر" مخلوق كذلك. ومن جهة اخرى فإن التناظر ج1ج0اةألة بين الفكرة والواقع اي بين "الكلام" و "الواقع" هي التي نجدها عند فخر الدين الرازي في التناظر بين "ذرة الكلام" و "ذرة الواقع" انظر النص الورجلاني، 91،1 نظرية المفردات الخمس من الكلم ويفصلها لاستعمالها في معالجة مسألة "الوجود" إذ يقول "أعلم ان الوجود يرجع حاصله الى ااسماء المتفقة بين المتواطئة والمشتركة وذلك ان الوجود يطلق على الباري سبحانه وجودا واجبا والاجسام والاعراض وجودا ممكنا فوجود الباري سبحانه متعلق بأنيته ووجود غيره متعلق بماهيته والفرق بين الأنية والماهية ان الانية اشارة الى الذات والوجود والماهية اشارة الى الذات والصفة". ويبدو جليا من هذا النص ان نقاط االتقاء بين علم الكلام الاشحري وعلم الكلام الاباظي تكمن في تطويعهم لعلم المنطق الارسطي وخاصة "تلاة111٧21٠8ل٦ 128" حتى يتطابقوا مع قوانين اللغة الحربية ويؤكد الباحث اع٢٧20 .. حول كيفية تطويح الاشاعرة لنظرية ارسطو " قد قام البقلاني بتحويض "المقدمات الخمس 2 128(12،11ك1٠2<؛ التي لا يمكن ان تنطبق على "الحدث "خ211كك2ة"ا" بالتسلسل الهرمي للغة العربية كما نظمها النحات البصريون". ونحن نعلم ان البصرة كانت معقل شيوخ المذهب ااباظي في القرن الثاني للهجرة وانهم كانوا يميلون لمدرسة البصرة في النحو ولذلك فإن اورجلاني يحدد "المقدمات الخمس" الورجلاني، 91،1 على اساس توافقها مع "المفردات الخمس من الكلم كما جاء في نصه. ونلاحظ من خلال هذا النص انه لأ يوجد فرق بين هذه الجدلية والجدلية الأحرية. 105 نقاط الخلاف الكلامية بين الأباظية والاشاعرة توجد نقاط خلاف اساسية بين الكلام ااباظي والكلام ااشعري وهي تتمحور حول المسائل التالية: أ) مسألة الصفات ب) مسألة وجود لله ت) مسألةخلق القرآن ث) مسألة القضاء والقدر ج) مسألة رؤية الله ح) مسألة الامامة وهذا الترتيب لا يخضع الا لهدف إبراز المحور الاساسي للخلاف بين المذهبين والإشكالية الاساسية التي يرتكز عليها علم الكلام الاباظي وهي الدفاع المستميت على فكرة "التنزيه" أو التعالي جح11ةكألجء1٦8ةئ ح1 هكذا تبدوا واضحة اشكالية علم الكلام الاباظي كما طرحها الورجلاني وعبد الكافي في اواخر القرن الخامس واوائل القرن السادس للهجرة، ولم تكن ابدا كذلك قبل هذه الفترة ومن الواضح ان تطور وشيوع الفكر الفلسفي قد مكن هؤلاء العلماء من ذلك. 1106 العقيدة وعلم الكلام الاباظيين مسالة التوحيد نجد اشكالية "صفات الله" في صلب مسألة "التوحيد" الاباظي والاسلامي بصفة عامة وهي الفاصلة بين كل المذاهب ولايمكن فهم العقيدة الاباظية الأ بمعالجة هذه المسألة المهمة وتناول مسألة التزيه الله منزه ليس كمثله شيء ومن الصعب على الباحث في تاريخ الافكار تحديد تاريخ دقيق لطرح مسألة "صفات الله" على الفكر اديني الاباظي وعلى الفكر الديني الاسلامي عامة. ويمكن ان نفترض ان جهم بن صفوان الملقب "بأبي مخرج" وقد كان مولى لبني راسب قبيلة عبد اله بن وهب الراسبي زعيم الخوارج في معركة النهروان بينهم وبين الخليفة الرابع علي بن أبي طالب كان الاول في طرح هذه "المسألة" وصفوان هذا قد توفي بين سنة 128 ه و 745 م وسنة 132 ه 750 م إذ ان احد محارضيه طلب منه "وصف اله" فآجاب" هو هذا الهواء الذي نتنفسه بكل ما له وهو موجود في كل شيء ولايمكن ان يغيب عن أي مكان وقد عاش جهم بن صفوان في عصر ابي عبيدة مسلم بن كريمة شيخ الاباظية بالبصرة انذاك. فيمكن اذن أن نفترض ان الاباظية قد اهتموا بهذه المسالة منذ تلك الفترة رغم فقداننا للوثائق الازمة التي تعود الى هذا التاريخ ولكننا نعلم بالمقابل ان هذه المسألة حسمت من طرف شيوخ المذهب. ويجب انتظار القرن الثالث وبالتحديد وثيقة عيسى بن علقمة التي تحدث عنها عمارعبد الكافي عمارعبد الكافي، الموجز، 11، 89 حتى نتأكد من ذلك وتبرز نظرية ااباظية حول "الصفات" ونحن نعلم ان عيسى بن علقمة هذا كان قد الف في الرد على مقولة لعبد اله بن يزيد الفزاري وكان عيسى يقطن بمصر ونحن قد تناولنا كيف اطرد ابي يزيد الفزاري من مجالس الاباظية من طرف ابي عبيدة مسلم بن كريمة بسبب ارائه حول مسألة القضاء والقدر فهل كانت ردود عيسى بن علقمة على ابي يزيد الفزاري تشمل مسألة الصفات نستعبد ذلك لان الفزاري كان قريبا من 1107 الواصلية ولأن الاباظية والمعتزلة لا يختلفون كثيرا حول هذه المسألة ولكن هذا لا يعني ان المسألة لم يعالجها الاباظيون في القرن الثالث للهجرة. فحسب عبد الكافي الموجز، 11، 89 يقول ان عيسى قد رد على المشبهة بطريقة مفعمة واتهمهم باعتناق مذهب "الدهريين" الذين يعتقدون أن "الهيولي" خالدة بدون "حدث" او "صفات" . هذا النص لعبد الكافي يدل على ان هذه المسألة لم تطرح اشكالا للفكر الديني عند ااباظية حتى فترة عيسى بن علقمة ولو كان العكس لما سكت عبد الكافي عن ذلك ولذكر نصوصا أخرى أو علماء اخرين عالجوا الاشكالية مثلما يذكر دائا علماء الاباظية جابر بن زيد و أبو عبيدة عند تناولهم مسألة "القضاء والقدر" . اما في القرن الرابع للهجرة فإن طبقات الدرجيني تحيلنا الى "مناظرة" كانت بين ابي سعيد نوح بن زنغيل بن حمو واحد شيوخ المعتزلة بحضرة الخليفة الفاطمي المنصور 343-334 ه/153-946 م كانت هذه "المناظرة" لذات مستوى فلسفي عال جدا وتدل على تملك العالمين بآليات "المنطق" ولكنها لا توضح لنا نقاط الخلاف بين الفكرين الدينيين الاباظي والمعتزلي ولو تناولت مسألة العلاقة بين الخالق والمخلوق 0101109210٤ع ع1 اع ا^2ل21ع12105ا ج1. ولو ان النصوص ااباظية تحاول ابراز وجود خلاف حول مسألة التوحيد بين التيارين الفكريين لأسباب سياسية فإن الهدف كان ابراز تفوق الشيخ الاباظي على المعتزلي واعجاب الخليفة الفاطمي بابي سعيد نوح بن زنغيل كدليل لقيمته العلمية ويبدو ان هذا المعتزلي لم يكن ممثلا لهذا التيار ابن المنتظر، طبقات المعتزلة، وعبد الكافي، موجز، 191،11. ولكن الثابت في مسألة "التوحيد هو ان اباظية القرن الرابع هجري كانوا يختلفون مع الاشاعرة ويتهمونهم بالتشبيه ويطلقون عليهم صفة "المشبهة" لفصلهم بين "الجوهر" والصفات" او بين الله وصفاته ويذهبون حتى الى اتهامهم "بالشرك". 108 فالمصادر الاباظية مثلا تورد تفاصيل نقاش دار بين ابي القاسم يزيد بن مخلد احد شيوخهم في القرن الرابع هجري وأحد اشاعرة مدينة القيروان حول مسألة "الصفات" والتي انتصرفيها طبعا الشيخ الاباظي الشماخي، سير، 34/ ع٦ 378 ,371 ل11٧ ,2ل1و110101 ولا2ح1011111 . كما ان تلميذ ابا القاسم يزيد بن مخلد وهو أبو خزر يغلي بن زلتاف قائد وزعيم الثورة ااباظية التي انهزمت في معركة "بغاي" شارك في مناظرة في قصر الخليفة الفاطمي بمصر ضد أحد شيوخ المعتزلة في المشرق. لذلك يمكن الجزم بأن الاباظية حسمت مسألة "الصفات" في أواخر القرن الرابع هجري الأشعري، مقالات، 1، 189 وحسب أبي الحسن الاشعري في مقالات الاسلاميين فإن الاباظية والمعتزلة كانوا متفقين في مسألة "الصفات" ولكن حسم مسالة "الصفات" لا يعني البتة ان اباظية القرن الرابع قد اكملوا وضع "نظرية كلامية" متكاملة وذلك رغم ادعاء كتب "السير" ذك. والأكيد ان الورجلاني في بداية القرن السادس قد قام بهذه الوظيفة عبر كتابه "الدليل لأهل العقول في نور السبيل" واسمه الكامل هو أبو يعقوب يوسف بن ابراسيم الورجلاني وينتمي الى قبيلة سدراتة وتوفي سنة 570ه 1174-1175 م الشماخي، سير، 443 حيث الف اهم وثيقة في علم الكلام ااباظي والتي تطرح ااسس النظرية والفلسفية والدينية والفقهية لهذا الطرح وخاصة لمسألة "الصفات" فهذا الكتاب ليس مجرد مؤلف في "العقيدة" بل هو آثر من اهم اثار الفكر الديني العقلاني والذي طوره فيما بعد عبد الكافي في "موجزه". وقد اكد هذا التوجه لدى شيوخ الاباظية في النقاش والتفلسف كتاب تبغورين بن عيسى الملوشاني المسمى "باصول تبخورين" مخطوط تبخورين 46 كما اكده كتاب الموجز في التوحيد والعدل لأبي عمار عبد الكافي ويبقى المحدد الاساسي والقاعدة الاولى لعلم الكلام الاباظي هي مسألة "التنزيه" وخاصة في علاقة بمسألة "الصفات" إذ لاتوجد اي علاقة بين " الخالق" و"المخلوق" ولذلك فإن اله وصفاته هم شيء واحد. 109 ما لا يسع جهله تحوصل هذه الجملة جوهر العقيدة الاباظية ويعتقد شيوخ المذهب ان كل ماهو خارج هذه الجملة لا يعدوا أن يكون إلآ شركا إذ ان ا الفرق بين الاسلام والشرك معرفة الله وحده فهي "جملة التوحيد" وهي "الشهادة" ويعتقد أبو الحسن الاشحري ان هذه "الجملة" او "الحقيدة" يختص بها الاباظية عن غيرهم من الفرق الاسلامية. ولكن هل يمكن تقديم البراهين على "وجود الله" بالإكتفاء فقط بالنص القرآني ام هل يجب استعمال العقل للوصول لهذه الحقيقة؟ فإذا ماعدنا لكتب "العقيدة" فقط فإن الاباظيين لم يحسموا فيها هذه المسألة فهل هذا يعني ان الاباظية قبل ظهور كتبهم في علم الكلام كانوا من "المقلدين" ومن الرافظين لدور العقل في فهم مجالات المقدس بعلاقة وجود الله؟ إن الإكتفاء بدراسة كتب العقيدة لا يمكن من حسم هذه الاشكالية ولكن اذا ما اعتمدنا مثلا على كتاب "الدليل" للورجلاني نكتشف انه يبني كل اطروحاته زيادة على توظيف النص القرآني على استعمال العقل فتبغورين في "الاصول" مخطوط تبغورين 45 ينحوا الى اعطاء الاولوية للنص على العقل ويرد على "القدرية" اي المحتزلة واحمد بن الحسين الذين ادعوا حسب ما يقول ان الحقل وحده كاف لكشف اسرار الخلق. فمن الصعب اذن حشر كل المفكرين الاباظية في سلة واحدة فالشراسة التي تميز بها تبغورين للرد على المعتزلة يمكن ان تخفي خلافا داخليا بين علماء المذهب الابي. وقد يكون السؤال المطروح هو: هل يجب ان نؤمن بوجود الله لانه يامرنا بذلك او لان اسرار الخلق تقدم الحجج على ذلك؟ الواضح ان علماء الكلام مثل الورجلاني اختاروا الجواب الثاني. 1110 وجود الله: البراهين والحجج هكذا يطرح الورجلاني في "الدليل" النظرية الكلامية الاباظية عن "وجود الله" الورجلاني، اليل، 64،1 1010 و41126ا10له/43، . "وها نحن نبتدي في ايضاح معتقدنا في الباري سبحانه وما يتعلق به من صفاته واسمائه وذاته ان شاء الله فاول ذلك ان قال قائل مالدليل على اثبات وجود الباري سبحانه قلنا وبالله التوفيق الدليل على اثبات وجود الباري سبحانه الحدث فان قال ماالدليل على قدمه قلنا سبقه الحدث فان قال ما الدليل على حياته قلنا تصرفه في الحدث فان قال ما الدليل على علمه قلنا اتقانه الحدث فان قال مالدليل على قدرته قلنا صدور الحدث فان قال ما الدليل على ارادته قلنا هييزه الحدث فان قال مالدليل على رضاه وسخطه قلنا اختلاف الحدث فان قال مالدليل على الحدث قلنا الحدث والله الموفق للصواب وعلى هذه ال اصول عولت الموحدة في اثبات الالوهية بينهم وبين الدهرية فاطبقوا الوحدة على ذلك الا من شذ في بعض الفروع الشرح: فإن قال قائل وما في الحدث ما يدل على وجود الباري سبحانه قلنا وبالله التوفيق انطباق الفطرة العقلية على ان البناء دال على بان والكتابة ادالة على كاتب والأثر دال على الموثر والصناعات كلها االة على صناعها عقلا وشرعا ولغة وطبعا اما من جهة العقل فإن علوم العقل ثلاثة مغروزة في جبلته ومنقوشة فيه محملة وهي وجوب الواجبات وجواز الجائزات واستحالة لمستحيلات فهذه احدى الواجبات ومحال ظهور الأثر والمؤثر وكتابة ولا كاتب وبناء ولا باني وصناعة ولا صانع وحدث ولا محدث واما الشرع فقول الله عز وجل "أن في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لآيات لقوم يغفلون" فجعل الله عز وجل حدوث هذه الاسباب دلالة على صدقه فيها قال فضلا عن وجوده وقد ثبت وجود الفرع فما بال الاصل وقولة "قل من يحي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها اول مرة وهو بكل خلق عليم". ومن الواضح ان هذا النص قد وضع لتلاميذ الحلقات ااباظية لتدريبهم على علم الكلام وعلى فن "المناظرات" ويبدو الكاتب من خلاله حريصا على 111 التلخيص مع الاتجاه نحو التبسيط رغم وجود فصول معقدة ولكن يمكن القول انه بسط كامل ال اطروحة الكلامية الاباظية ولكن ضد من كتبت هذه الوثيقة؟ يقول الكاتب ان الهدف منها هو رفت نظرية "اهل الدهر" ولكنها ترفت في نفس الوقت نظرية الاشاعرة حول "الصفات". ولكن من هم هؤلاء الدهريون الذينمافتئواهدفا لعلماء الكلام لاباظية؟ هل يهددون فعلا ايمان اتباع المذهب الاباظي كما قد تستخلص من هذا الجدل؟ في الحقيقة لا يوجد في محيط الاباظية "دهريون" بل هم عدو مفترض نظري قد يدخل البلبلة في الفكر وليس له البتة وجود مادي حقيقي. يقول الاباظية ان نظرية "اهل الدهر" ترتكز على فكرة "خلود الجوهر" وتدفع إلى الإعتقاد ان هناك شيء اخر يتقاسم الخلود مع الله وهو ما يتعارض مع مبدأ "التوحيد" كما يعتقدون ان الدهرية تقول على قدرة "الحدث" على خلق نفسه بنفسه مما يدفع نحو القول بعدم وجوب الخالق ولكن الورجلاني يحتقد بان اثبات وجود الله يرتكز على اربعة مصادر الحقل والشرع. واللغة والطبع كما اثبته نصه الذي ذكرناه ا لورجلاني، دليل، 1، 44 . ويتصدى الكاتب هنا لتفصيل اصول الدين التي تمثل حسب رأيه نظرية كاملة لرفت اطروحات أهل الدهر والتي يشترك فيها كل الموحدة الورجلاني، دليل، 1، 44 ويبرز واضحا ان هذا الحالم ارد تمكين الأباظية من نظرية متناسقة في علم الكلام لمواجهة اهل الدهر ويآخذ على عاتقه ادماج اطروحات الاشاعرة والمعتزلة في علم الكلام الاباظي وقبل المضي قدما في تحليل الخلفيات الفلسفية لنظرية الورجلاني لنرى كيف يحدد من هم "أهل الدهر" الورجلاني، دليل، 1، 22 . "فأقول والله الموفق للصواب وبه الحول والتوفيق أن الناس المختلفة ظروب وافانين وشعوب فضروب أهل الدهر بأصنافهم وأهل الاوثان بافنانهم والثاني المجوس وأهل الكتابين والثالث اغوياء القرآن. فأما اهل الدهر وأهل الأوثان فأهل الاوثان جهلة وضعفة واهل الدهر والازمان ضعفة فأهل الدهر لهم كالرجال للنسوان وبيننا وبينهم خصلتان 1112 وهما الحدث والمحدث فمهمى اقمنا البرهان عليهما انتقضت جميع مذاهبهم وبطلت حججهم ولنا على الحد على الحدث في كتاب الله عز وجل آيات وان كانوا لا يقرؤون الكتاب وفي معنى الاية اثبات الحدث حسا وعقلا". ويذكر الورجلاني للاستدلال به ابن الخياط المعتزلي وناة2111٦٩٧٧ اع اعل221 46,48,56,147,158,440 ,ل101٣0 وأحد كبار علمائهم وعندما يتناول النظرية الاشعرية حول "الجسم والعرض" إذ يعتبر الاعراض مخلوقة ومحدثة كما يدل عليها اسمها وان الجسم يحتوي على ااعراض فهو اذن محدث ومخلوق لانه لم يسبق "الحرض" في الخلق الورجلاني، دليل، 1، 46 فهل يدفعنا هذا الى اعتبار الورجلاني من انصار نظرية "الذرة" الاشعرية؟ "لايوجد اي نص يؤيد هذه الفكرة وخاصة ان الورجلاني من المتحمسين لنظرية ابن الخياط المعتزلي وانه يوافقه في اعتبار العقل قادرا على اثبات وجود الله لأن المحدث موجود فعلا ليدلل على وجود الخالق حسب الآية الكريمة " لندقق أكثر في اطروحة الورجلاني التي يمكن تلخيصها كالتالي: 1) الكون يتشكل من جسم واعراض 2) لا يمكن ان يوجدجسم بلا اعراض 3) الأعراض لها بداية وليستخالدة 4) الجسم الذي يحمل الحرض لا يمكن الا ان تكون له بداية فهو محدث لأنه يحمل العرض الذي هو محدث فكل ما له علاقة بمخلوق فهو مخلوق. 5) الكون له بداية وليس بخالد وهو محدث انها بالضبط نظرية ارسطو مطوعة لعلم الكلام الاباظي حيث يعوض الجسم والعرض المادة والشكل. فبإثبات وجود المحدث المخلوق تثبت انه يوجد "خالق" ووجود الاشياء المصنوعة تدل على وجود "الصانع" الذي لا يمكن اا أن يكون خالدا إذ لو 1113 فرضنا ان للخالق بداية فهذا يعني انه يشبه المخلوق وهذا مستحيل حسب علم الكلام الاباظي حيث يختلف في هذه النقطة بالذات مع علم الكلام الاشعري فالتنزيه هو المحور المركزي للفكر الديني للاباظية وهو اساس التوحيد . وحتى نفكك اكثر هذه النظرية لنتناول وجهة نظر احد كبار المتكلمين الاباظية في نفس الحقبة التاريخية وهو أبو زكريا الجناوني في كتاب "الوضع" ومحرر وثيقة "عقيدة نفوسة" او "عقيدة التوحيد" يقول " الجناوي - وضع - مخطوط 1 . وهي تطابق منطق بروفيز ع10101010٧5 عل جلا1٩ج0ا 12 في كتاب الورقانون 1015210010 رغم انها اكثر منها قربا لنوع "العقيدة" من كتب علم الكلام ولا ترتكز على التحليل المنطقي. وهذين المثالين يؤكد أن الاباظية توغلت عميقا في الفكر المنطقي الأرسطي لإثبات وجود الله الشيء المذي يدل على اعطائهم دورا كبيرا للعقل وقد كان "المنطق"سلاحهم المفضلفيمواجهة مخالفيهم فالورجلاني يقول: الورجلاني، دليل، 11، 88 " ورأس العلم البرهان المنطقي وغيره من العلوم فروعه والبرهان يتعلق بثلاثة علوم العدد والهندسة والمنطق فعلوم هذه الثلاثة ضرورية وخادمها الجنس وماوراء هذا من العلوم طلبة فآكتنف هذا الخلق بحران عظيمان زاخران لجيان بحر الالفاظ والكلم وبحر المعاني والحكم وانفرد اللسان بالنطق والجنان بالمنطق فماوليه اللسان من النطق كان بيانا وماوليه الجنان بالمعنى كان برهانا." لذلك فان "المنطق" ضرورة لمحاربة الذين ينكرون وجود الله بل ان القرآن كله هو اثر منطقي وهذا يأكد طغيان الفكر المنطقي على تفكير الورجلاني والجناوني وما استعمال النص القرآني اا لإضفاء عقلانية اقوى للمعطي الديني ولذلك فإنه يتوجب تفسير الموقف الاباظي حول "الصفات" في اتجاه الميول الى فكر المعتزلة منه إلى فكر الاشاعرة والى تأويل الايات القرآنية التي تحتوي على تشبيه الله تأويلا مجازيا. 114 الصراع ضد المشبهة لقد احتل الصراع ضد التشبيه حيزا ما من اهتمامات علماء ااباظية ونذكر منهم ثلاث مشائخ من القرن الخامس والسادس هجري وهم عمار عبد الكافي الورجلاني، دليل، 1، 125,80ا01ت1 ,ع1٦ا38/2110 ولكن الحالم ااكثر حماسا ووضوحا في مقاومة "التشبيه" هو بلا منازع الورجلاني وقد قام الورجلاني بالتأسيس لمنهجية دقيقة ومعقدة ترتكز على ستة قواعد وهذه المنهجية التي إعتمدها في الصراع ضد الاشاعرة ابان المناظرات ليس محايدة طبعا فهي تنطلق من منطلق مشترك بين المذهبين و الذين يحتبران قواعد اللخة الحربية وقواعد الكون يخضحن الى قانون وحيد مشترك هو المنطق ويحدد الورجلاني القواعد الستة كالتالي: 1 - اله وعباده يستعملون نفس الغة الورجلاني، اليل، 1، ,ة٦لاا0ا38/٨1 8,80ع٠م£ وفي هذايتفق مع عماربن الكافي عبدالكافي، موجز، 1، 425 الذي قام بنقد اطروحات جهم بن صفوان. فالاباظية تعبتر ان اللغة التي استعملها الله في القرآن هي لغة البشر ويؤكد الورجلاني الورجلاني، دليل، 11، €٦لل0٦اا3 /14 1,39 60 ,125ا01ت1 : "فلما تفرد الرب نفسه بلغة مخصوصة يعرب لنا بها عن نفسه لا يشاركه فيها خلقه فاللغة واحدة بها يتقارب وبها يتناصف وجحلها في حقنا حقيقة لا مجاز وفي حقه مجازا لا حقيقة." 2 - القاعدة الثانية تهدف الى إقرار مبدإ لا تتفق عليه الاشاعرة في هدفه وفي حوصلته وهو وجوب الاحتكام الى العقل والى النص لتحديد معنى الكلمات التي يمكن وصف اله بها والهدف هنا من الجوء الى العقل هو تحديد العلاقة بين "الجوهر والصفات" ولا يمكن من جهة اخرى الالتجاء للكلمات الا التي ذكرت في القرآن بعلاقة بالله وهذا ما يدلل على علوية العقل بالنسبة للنص. 115 3- القاعدة الثالثة تستدعي اعتماد فكرة "المقدمات" التي هي عماد الفكر الارسطي كأساس الحوار كما يجب احترام القواعد الاخلاقية كالحياء بين المتحاورين. 4 - القاعدة الرابعة تستدعى التحديد الدقيق لموضوع النقاش حتى لا يبتعد عن مقصده. 5 - القاعدة الخامسة تفرض الالتجاء فقط للحجج التي ترتكز على الظروريات والعقليات واللغويات والشرعيات. 6 - القاعدة السادسة تعتبر ان كل فكرة وقع اثباتها بحب اعتناقها اجباريا والدفاع عنها بكل استماته. فمن الواضح ان الورجلاني في هذا النص يلقي بمحاضرة حول منهجية المناظرات الاباظية بالاعتماد على بعض مبادئ ااشاعرة واستعمالها ضدهم والهدف لكل هذا هو الدفاع على فكرة التنزيه المحورية ضد التشبيه ااشعري. فكيف يمكن حسب رأيه ان نؤمن بوحدانية الله ونقبل فكرة الفصل بين الله وصفاته ويحدد الورجلاني الورجلاني، اليل، 1، 38، 111، ع11ء1ا0ا3.1ا192 60 و1201٣25 نقاط الخلاف مح الاشاعرة بحشرة بينما استعمل عبد الكافي طريقة اكثر تلخيصا عبد الكافي، موجز، 11، 180 واكثروضوحا وهذا نص عبد الكافي: "أعلم وفقنا الله واياك أن الاختلاف في هذا الباب وضع في مواضع ثلاثة: اما احدها ففي ااسم والصفة ماهما؟ والثاني في الذي يسمى الله به في الأزل مما لا يسمى به والثالث: ما القول في ولاية الله وعداوته وحبه وبغضه وسخطه ورضاه هل هي صفات له في ذاته ام فعل من افعاله؟ فان سأل سائل فقال: ما الاسم والصفة عندكم قيل له: فالاسم والصفة جميعا ما بان به الشيء من غيره على ماهو به في ذاته ونفسه وصفه الواصفون او لم يصفوه وليس القول على ما غلط فيه من زعم ان الاسم الصفة هي التسمية من المسمى والوصف من الواصف لأنه لو كان اامر على ذلك لكانت الاشياء في ذواتها وفي انفسها غير موجودة بصفة من الصفات ولا مستحقة لاسم من الاسماء حتى تكون التسمية لها من المسمين 16 والوصف من الواصفين وفي ذلك ايصال وجود الاشياء بحقائقها معانيها التي بان بعضها من بعض. اما الورجلاني فيقول الورجلاني، دليل، 1، 38، 111، ل8€1٠خ1ول£ جغ€ل0٦ا1ة /192 60: "اعلم ان الاشعرية قد اختلفنا معهم في عشرة مواطن او لها انا قلنا الباري سبحانه يوصف بالعلم والقدرة والإرادة وسائر الصفات التي يوصف بها فقالوا انها معان وليس بصفات فالعلم عندنا صفة وهو عندهم معنى لاصفة والقدرة عندنا صفة وهي عندهم معنى ليس بصفة وكذلك الارادة وسائر الصفات ليست بصفات ولكنها معان فالصفة عندهم هي الوصف. والثاني انهم اطلقوا على هذه المعاني التي ذكروها انها أغيار الله وهي قديمة تعالي فأوجبوا التغاير بينهما البين والثالث انهم اثبتوها معاني غير الله وهي قديمة ونحن نقول ليس هناك معنى غير الله ولا قديم مع الله والرابع ان بمقتضى هذه المعاني كان الله موصوفا بها فبالحلم كان عالما وبالقدرة كان قادرا وبالارادة كان مريدا وعلم بعلم وقدر بقدرة واراد بإرادة وحي بحياة وقدم بقدم. والخامس ان هذه ألمعاني التي وصفوه بها معان قائمة بالذات ذات الباري سبحانه والسادس انهم وصفوه بالوجه واليدين والرأس والعينين والجنب والجلسة واليمين والقبضة والساق والقدم والاستواء والميل وخرق الحجب وركوب الحمار وأنه النور الأنور. والسابع أن الكلام من المعاني التي وصفوه بها وهم قائم بذاته ولم يزل به. والثامن ان اامر والنهي المندرجين في الكلام من المعاني التي وصفوه بها قامان بذاته لم يزل كذلك وتعالى الله على ذلك. والتاسع ان القرآن وسائر كتب الله المنزلة من المعاني التي يوصف بها في ذاته لم يزل كذلك سبحانه. والعاشر ان العدل والاحسان والفضل والمن والانعام صفاته لكنها افعاله محدثة. يبدو واضحا من هذا النص ان ال ورجلاني يستهدف المشبهة من اهل السنة الذين يتمسكون بتفسير حرفي للنص القرآني وهؤلاء مختلفون عن الاشعرية كما تبدوا عند ابي حامد الغزالي مثلا فالاشحرية وان خالفت المحتزلة والاباظية حول مسألة التنزيه المطلق لكنها ترفظ اطروحات المجسمة وخاصة منهم الحنابلة لان النظرية الاشحرية قد تطورت بحد ابي 1117 الحسن الاشعري الأشعري، الإبالة، القاهرة، 1348 الذي يرفت الاطروحة المعتزلية التي تعتبر حسب رأيه الله عالما بعلمه وقادر بقدرته سميع بسمعه وناظر بنظره كما يعتبر الاشعري ان اسماء الله وصفاته هي اعراض ولكنها لا تعني شيئا آخر الا اله كما لا تعني نفس اله 189 ,5 11 15لاط3ا4 ل1^411 و1 33 1٧^ع01 فالاشعرية هي حل وسط بين "التشبيه" و"التزيه" ونظريتهم حول "الصفات" تناقض نظرية المعتزلة لانها تعتبر الصفات واقعا فبعد البقلاني 1013 م/403ه قام البغدادي بتطوير هذه النظرية حتى أصبحت اكثر وضوحا بالفصل بين "الصفات" و"المعاني البغدادي، أصول الدين، 121، 341/122 ,340 ,8سسد ساً٨11 "فمن اصحابنا من قال العلم صفة يصيب الحي بها عالما". بينمايميزالجويني 1085 م / 487 ه بين نوعين من الصفات الصفات النفسية والصفات المعنوية البغدادي، أصول الدين 121، 122 . ولكن لا بد من الاعتراف بان معارضة الورجلاني للعشر نقاط التي اعتبرها اساس الكلام الاشعري والتي تحكس حسب نظره اطروحة الاشاعرة تشمل نظرية "التجسيم" "البدائية" كما نظرية "المعاني" الفلسفية. فكلتا ااطروحتين تبتعد عن فكرة التنزيه لا شيء يشبه الله وحتى صفاته لا يمكن الا ان تكون هو نفسه لانها اذا انفصلت وكانت خالدة فهي تتقاسم معه الخلود كما لا يمكن لله ان يكون عالما بعلم وقادر بقدرة ومريد بارادة لان ذلك يدل على نقصانه وهو ما يتعارض مح فكرة الله نفسها. ومازال الجدل في هذه المواضيع يحتد بين علماء المسلمين حتى في ايامنا هذه وخاصة بين الأباظية والسنة. ويعتقد كوبرلي 2٣1م01أن الاباظية تطوروا في اتجاه المواقف الاشعرية 342 ,11 (110٥1ا ونحن لانشاطره الرأي في ذلك ففي الفترة التي عاش فيهاالورجلاني يرى هذاالاخير الورجلاني، دليل، 1، 49/ 61 1€8ل(ل1 .حغءلا0ا٨1 : "اعلم ان القوم عارضونا بخمس صفات اولها انهم قالوا اذا زعمتم ان الذات واحدة ذات الباري سبحانه وان صفاته هي هو علم الله والله وقدرة هي الله في أمثالها. 118 فمن الواضح ان الهم الاكبر لعلماء الاباظية هو نفي اشياء اخرى خالدة الا الله خلافا لمقولة الاشاعرة الورجلاني، دليل، 1، 49 فالضرورة اللغوية هي وحدها التي تفرض وصف اله حتى تترجم الحقيقة الربانية بالفاظ بشرية. وما يمكن استخلاصه هو ان الورجلاي في "الدليل" قد تصدى لرفت اطروحات الاشاعرة حول الصفات وقد استمر الجدل بعده مع هؤلاء إلى الحصر الحديث. 119 ااباظية والمعتزلة ان تحديد نقاط الخلاف بين الاباظية والاشاعرة اسهل لباحث تاريخ الأفكار من تحديد نقاط الخلاف بين ااباظية والمعتزلة ماعدى فيما يخص "القضاء والقدر" رغم ميول شيوخ المذهب إلى تظخيم خلافاتهم مع احفاد واصل بن عطاء كما انه يصعب التأليف لموقف موحد لعلماء المعتزلة. ويرى 11٧ع01اكوبرلي ان مرتبة "الصفات" في تصنيف الاباظية لقضايا المذهب تختلف عن ترتيب المعتزلة وخاصة عند القاضي عبد الجبار الشيء الذي يدل على قدم الطرح الاباظي لعلم الكلام واسبقيته رغم انه لم يصل درجة عليا من التنظير كما هو الحال عند المعتزلة. وهذا الرأي فيه كثير من الصحة لان الفكر الديني عند الاباظية يحتوي على عناصر قديمة تاريخيا 8حلا1٠٩اةغ€٠لة وقد تبدوا مبكرة ولكن لا يمكن سحب هذا على مقولة الورجلاني مثلا الورجلاني، دليل، 1، 43/ 64 8ج٠لخ1ول£ .جذءلا0ا٨1 : "ثم من بعد السقوط انزلوا في قولهم ان سائر الصفات من الحلم والقدرة والادارة وسائر الصفات انها معان غير اله وهي متغايرة بينها البين فانزلقوا زلقة وصادفوا بئرا لا قعرلها تهوي بهم الريح في مكان سحيق ثم بحد الأنزلاق التجؤوا إلى جرفها في قولهم بحد الصفات في الذات انها مرئية بالابصار محدودة بالأقطار". فهذه البراهين مشتركة لكل علماء الكلام السلفين وحتى الحديثين منهم كمحمد عبدو مثلا في عقيدته وهي متأثرة بالفكر الفلسفي عندما ما يستدعى الامر اثبات وجود اله فالهاجس الاساسي للفكر الديني الاباظي هو التنزيه وعدم وجود اي تشابه بين الخالق والمخلوق ولذلك فهم يختلفون مع المعتزلة في مسألة "القدرة" التي هي اساس نظريتهم في "الصفات". لقد تطور علم الكلام الاباظي في خظم الصراع ضد "المجسمة" و"المشبهة" الاشاعرة اا ان كتب الكلام واصول ادين تتناولها بعمق واطناب"كالدليل" للورجلاني و "الموجز" لعبد الكافي. 1120 ويمكن اعتبار الورجلاني متمم النظرية ااباظية في علم الكلام وخاصة بتناوله مسألة "الصفات" وهو اقرب في طرحه إلى المعتزلة منه إلى ا لاشاعرة رغم رفضه "التحطيل" كما يراه انظام ولفكرة الفصل بين "الصفات النفسية" و "المحنوية" كما يراه ااشاعرة ويبدو عمار عبد الكافي في "الموجز" اكثر دقة حول هذه المسائل إذ ان الصفات هي اله ولا شيء غير اله وهو موقف مشترك لكل علماء الكلام الاباظية في القرن الخامس والسادس للهجرة كابو نصر فتح بن نوح الملوشاي في القصيدة النوة. ويمكن اختزال العقيدة الاباظية حول مسألة "الصفات" كالتالي: الجوهر = الصفات وبذلك يتميزون عن "المحطلة" والجهمية "والمشبهة" فموقفهم وسط للتوفيق بين النص القرآني والمنطق العقلي وكانوا يخشون خطر الاطروحة الاشعرية على ااقل في القرنين الخامس والسادس حول مسألة "المعاني" اي الصفات المعنوية ويتهمون اصحابها بالشرك رغم انهم كثيرا ما يلبسون الاشاعرة افكارا لا تنتمي دائما لفكرهم ولكنهم اجمالا ملمون بهذه النظريات. ومن جهة اخرى فهم يقفون مع الاشاعرة في رفتهم لأهل ادهر ويعتنقون مذهب ارسطو بعد تطويعه لحاجاتهم الفكرية ولكنهم يتخذون موقفا افاعيا يغلب عليه ااطناب في الدعاية للاسلام علا14ا200108٤ عذج0ا0ل1 . اما تأكيدهم على خلافاتهم مع الاشاعرة فيشبه سكوتهم عن نقاط الالتقاء مع المعتزلة وهي نقاط التقاء قديمة جدا وتعود إلى عهد أبي الحسن الاشعري الأشعري مقالات) 1، 89. فالتنزيه الاباظي هو نفسه التنزيه المعتزلي ويتأكد ذلك بمعارضتهم لفكرة "الصفات المعنوية". وقد ارتكزوا في ذلك على وجود ايات قرآنية تأيد فكرة "ان لا شيء يشبه الله" ولذلك اختاروا نهج "التنزيه" للبرهنة على وجود الله وقد التجؤوا كذلك لتأويل الايات القرآنية التي تشبه الله هذا لا يعني طبعا انهم أغنسطيون عل1٩٦ا08ألجة وقد اطلع أبو الحسن الاشعري على "ما لا يسع جهله" اي الشهادة الاباظية: "ان الله واحد ليس كمثله شيء وليس بحجم ولا شبح ولا جثة ولا صورة ولا لحم ولا شخص ولا عرض". 1121 وكما المعتزلة فالاباظية ترفض فكرة "اهل الطبع" او "الطبيعيون" الذين يعتقدون انه لا توجد بداية للخلق وتأيد فكرة الله الخالق فلا التقاء بين القديم والمحدث وبين الخالق والمخلوق. ويرتكز الورجلاني في ردوده على مؤلف "كتاب الانتصار" لابن الخياط المعتزلي ابن الخياط كتاب الإنتصار، القاهرة، 1925 الشيء الذي يدل على تقديرهم لهذا الكاتب رغم انتمائه لمذهب المعتزلة. ويجب ان نلفت النظر إلى ان الورجلاني عاش في فترة بلوغ علم الكلام الاباظي أوجه وفي اهم منعرجاته 75 ل٣0ا10 وذاه0102٧ه اع اعلم]32 حيث برز الشهر ستاني 1253 م/548 ه بكتابه "الملل والنحل" و" نهاية الاقدام" وفي فترة فخرالدين الرازي 1210 م/606 ه وصاحب كتاب "مفاتيح الغيب" وكتاب "المحصل" الذين اعطوا الاشعرية توجهات جدية. تحت تأثير الفلسفة الاسلامية قد كان الفلاسفة مثل الكندي 1077 م/428 ه وابن رشد 1198 م/ 595 ه قد اثروا في علم الكلام ااسلامي عامة والاشعري خاصة وذلك بإدراج علم المنطق الأرسطي في آلياته وطرق عمله فبرز الغزالي احد كبار المتكلمين والذي يعتبره أبو موسى الجيطالي في "القواعد" من اهم مراجعه وابن خلدون ابن خلدون، المقدمة/61 و111 512112 2(1 2ي 327 1٢2ع) 12 القواعد التقليدية للكلام وقد استلهم ذلك من نظريات الفلاسفة واهل الطبع. لذلك يمكن اعتبار الورجلاني مواكبا لعصره عندما اقتبس من علم المنطق الارسطي وقد يعود تآثره هذا إلى الفترة التي قضاها في قرطبة اين كان يقطن ابن رشد وابن باجة ولكن هذه ليست إلا فرظية يجب التأكد منها. 122 خلق القران إن اشكالية اذا ما كان القرآن مخلوقا ام قديما قد طرحت على الاباظييين بحكم موقفهم من "التنزيه" وهو محور الفكر الاباظي فالقرآن كلام الله ونصه واقع وحقيقة ملموسة فهل يمكن ان يختلط كلام الله بالكلام البشري؟ طرحت هذه الاشكالية على الاباظية منذ اوائل القرن الثاني للهجرة والسبب في ذلك هو جهم بن صفوان زعيم تيار الجهمية وهو من سمرقند ومولى قبيلة بني راسب التي اعطت عبد الله بن وهب الراسي زعيم الخوارج في معركة النهروان ضد علي بن أبي طالب حول التحكيم وقد شارك جهم بن صفوان في الثورة ضد الحاكم ااموي لخراسان الحارث بن صريغ وتوفي سنة 745 م/ 128 ه وكان من انصار "الجبر" ومن معارضي "المجسمة" بشدة حتى انكار "الصفات" لدرجة ان الاباظية اتهمته بالتعطيل وقد اسلفنا سابقا كيف أن ابا عبيدة مسلم بن كريمة أعلن البراءة منه واطرده من "المجالس" لموقفه في مسألة "القضاء والقدر" الذي مال فيه لموقف الواصلية ولكن المصادر الاباظية لا تتناول موقف جهم بن صفوان من مسألة "خلق القرآن" وخلافهم معه رغم انه كان من صفهم قبل ان يطردوه ولا يمكن ان نتصور البتة ان شيوخ الاباظية انذاك الذين كانوا في قلب الجدل الديني وخاصة مع واصل بن عطاء لم يتناولوا هذه المسألة. ويذكرمونتقمري وات ل12110 وع٧نا01110) ع10 اا20100٣٧٦٨٧4ا400م 514 و111 87,11-186 ان شيخ الاباظية عبد الله بن يزيد الفزاري كان على اتصال بالمعتزلة وهو كذلك ممن وقع طردهم من المجالس من طرف ابي عبيدة دون ان تذكر المصادر الاباظية نقاط الخلاف افكرية ادينية في تلك الفترة في ااخل المذهب. وحسب مونثقمري وات وكذلك الشيخ يوسف اطفيش شرح الحقيدة406 فان الاباظية كانوا من انصار خلق القرآن وهذا ليس مستبعدا إذا ما علمنا مدى احتكاكهم باواصلية بالبصرة التي كانت حقلا ثريا للجدل الفكري اديني وخاصة حول مسألة خلق القرآن. 123 ولكن ابا عبيد الله بن حميد السالمي في "تحفة الاعيان" يأكد ان الاباظية في عمان كانوا مختلفين في هذه النقطة ولم تحسم المسألة اا في القرن الثالث للهجرة لفائدة "خلق القرآن" وهذا يبدوا صحيحا لان البرادي في "الجواهر" يورد وثيقة تبدو انها لمحمد بن افلح 855-894 م/ 241-281 ه يوضح فيها نظرية الاباظية حول هذه المسألة وكان هدف الامام الرستمي هو الحد من تأثير مدينة القيروان على اتباعه وقد كانت هذه المدينة المركز الرئيسي للحراك الفكري في بلاد المغرب في ذلك العصر. وفي نفس الفترة كانت محنة المعتزلة في الشرق تحت حكم "المتوكل بالله" 861-847 م/252-267 ه قدامتدت إلى بلادالمغرب فقدكان القاضي اامام سحنون يطارد "الروافظ" ومن بينهم الشيعة والمعتزلة والاباظية وقد كانت مجموعة من علماء الاباظية تعيش او على اتصال بالقيروان وقد وقع طردهم من المساجد واضطهادهم في البلاد ويمكن القول ان عهد محمد بن افلح قد افتتح مرحلة النظال ضد السنة في بلاد المخرب من طرف شيوخ الاباظية وقد شكل الاباظية في تلك الفترة الحليف الموضوعي للمعتزلة ضد اهل السنة ولكن المهم بالنسبة لبحثنا هو ان نسجل أن الاباظيين في تلك الحقبة الزمنية قد استفاقوا للجدل الديني وخاصة في تاهرت عاصة الدولة الرستمية حيث كانت تتواجد كل المذاهب والنزعات فكما كانت القيروان تمثل رجع الصدى لما يحدث ببخداد فقد كانت تاهرت تمثل رجع الصدى لما كان يحدث في البصرة من جدل ديني وفقهي إذ كان تأثير شيوخ المذهب المشارقة كبيرا على اصحابهم في بلاد المغرب وقد عرفت تلك الفترة نشوء واتمام كتب العقيدة وبروز بداية حوصلة لعلم الكلام وقد مثلت مسألتي "القضاء والقدر" في مواجهة المعتزلة و"خلق القرآن" في مواجهة الاشاعرة قاعدة النظرية الاباظية وقد كان ذلك احسن خط دفاع لرفظ اانصهار في هذين التيارين القويين للإسلام. وقد برز الطرح الاباظي كتيار وسطي بينهما مما اضطر علماء الكلام الاباظية إلى رفح عدة تحديات للحفاظ على منظومتهم النظرية. فمقولة أبو اليقظان محمد بن افلح حول "خلق القرآن" اصبحت نقطة الانطلاق لكل المؤلفات الاباظية التي تتناول العقيدة فالقرآن من خلق الله وهو حدث مخلوق ويتصدى عمار عبد الكافي في "الموجز" إلى نظرية عدم خلق 124 القرآن باستعمل البراهين التقليدية المنطقية فإذا سلمنا ان القرآن هو شيء فلا يمكن لهذا "الشيء" اا ان يكون مخلوقا او غير مخلوق فإن كان غير مخلوق فهو "منزه" وبالتالي فهو يتساوى مع اله وهذا غير ممكن ونستنتج من هذا ان القول بحدم خلق القرآن هي فرضية غير ممكنة وغير منطقية هذا النوع من البراهين التي يستحملها شيوخ علم الكلام الاباطية يرتكز على طريقة التدليل بالخير الممكن عل1لا1205 م102 00^ا12ا1021000105 التي يستعلمها علماء الجبر والمنطلق الاساسي لهذه الطريقة هو ان اله متعال ليس كمثله شيء لذلك فإن كلامه لا يمكن الأ ان يكون من خلقه ومحدث والا فإننا نشرك بالله في مساواة القرآن بالخالق. ويطرح عبد الكافي المعادلة التالية: كل ماهو محدث فهو مخلوق ويعتمد على الايات القرآنية التي تدلل ان القرآن محدث وخاصة ايت "التنزيل" لا يمكن الا ان يكون "مخلوقا" ويعطي لكلمة "محدث الموجودة" في القرآن بعدا فلسفيا. لقد مكن تطور علم الكلام الاباظي في اتجاه العقلانية الارسطية من وضع القرآن في خانة "الاغراض" ولذلك فهم يلتقون مع المعتزلة في هذا الموضوع ففي "عقيدة نفوسة" مثلا "وعقيدة التوحيد" للجناوني الجناوني، عقيدة، 51 نجد تحديدا للقرآن بأنه ليس "بجسم" ويستعمل عبد الكافي نفس البراهين لرفظ الاطروحة المعتزلية حول القدر والاطروحة ااشعرية حول "خلق القرآن" ويمكن تلخيص الموقف الاباظي كالتالي: "كل ماهو موجود كالقرآن والاعمال هو محدث اا الله الواحد الخالد وكل ما هو غير الله فهو محدث ومخلوق. ويقول عبد الكافي عبد الكافي، موجز، 11، 194 "ويقال لهم: اخبرونا عن القرآن ايس هو محدثا كائنا بعد ان لم يكن؟ فإن قالوا لا ابطلوا وجعلوه قديما مع اله وصاروا إلى مذهب الاثنيين 8جل18ل3د٦<1 مما انبأنا عن باطلهم فيما مضى فإن قالوا محدث كائن بحد إذ لم يكن اقروا بخلقه والحدوث هو الخلق كما ان الخلق هو الحدوث وانما شنحوا عبارة الخلق لغخباوتهم وجهلهم قد اتوا بجميح محاني الخلق ولن يجوزان يكون محدثا غير مخلوق كما لا 1125 يجوز ان يكون مخلوقا غير محدث ولن يجوزان يكون محدث غير مخلوق كما لا يجوز ان يكون قديم غير خالق. وهو هنا يتمم الورجلاني الورجلاني، دليل، 11 الذي يرفض مقولة الاشاعرة التي تفصل بين الحامل والمحمول ويدحض الاطروحة التي تقول بأن القرآن مكون من محتوى غير مخلوق ومن تعبير الغة مخلوق والاباظية وأعون بضعف الحجة الاشعرية في هذه المقولة وسيتغلون هذا الضعف ايما استغلال. فالتيار التشبيهي أو المشبهة الذي يدافع على فكرة ان القرآن غير مخلوق والتي تفترض وجوه ارختيب ^٤٧1ع٨٣٦ للقرآن يجد نفسه هنا في موقع ضعف امام علماء الكلام الاباظية الذين يحاولون الانتصار عليه في هذا المجال ولكن الاباظية لا يعتبرون تلاوة القرآن "كسب بشري" لأن الكسب يفترض وجودا بالقوة لدى الانسان للفعل والكسب هو من خلق الله ومن فعل البشر. اما رد الاشاعرة على الاطروحة الاباظية فيتمثل اساسا في المقولة التالية "من غير المنطقي أن نعتبر الله غير متكلم منذ الابد لان ذلك يمثل نقصا والله كامل ليس به نقص فيجيبهم ااباظية عبر الورجلاني الورجلاني، دليل، 1 "إن السكوت لا يعني عدم القدرة على الكلام فالساكت ليس أبكم بالظرورة" ونتيجة لهذا يعتقد الاباظية ان خلق القرآن محدد في الزمن وهذا ما يبدوا واضحا في رسالة محمد بن افلح حول خلق القرآن والتي وضعت نهائيا الكلام الاباظي في اائرة الاعتزال وابعدتهم عن الاشاعرة. فالوسط الفكري بالبصرة في القرنين الثاني والثالث للهجرة كان له تأثير على المنحى الذي اخذه الفكر الديني الاباظي كما تأثر كذلك بالعلاقة العربية التي كانت تربط ااباظية بالمعتزلة في تاهرت والقيروان 12 12 ذاء12110 و100ا٢4 .0 ,8611601110021 2112 111> ا1ل102 11ج6ك 12ا6ئ٩ ع 112^22^^10111 2عاه100ع0ل 1916-1918 ,٢٧11 1.5.0 1126 هل تطور علم الكلام الاباظي في القرن الثالث والرابع؟ لنعد "لرسالة" محمد بن افلح هذه الرسالة تعتمد على محور رئيسي: الله وحده متعال وخالد. ويرتكزعبد الكافي على هذا المحور عبد الكافي، 11، 132 وعلى طريقة التأكيد بالنفي جي٠لاا8<1ةا1 1921 3010ا12ا21000105ل المنطقية التي يستعملها علماء الكلام الاباظيين: الله وحده متعال وأزلي وكل ما يخالف هذا المبدأ باطل. 1) القرآن هو غير اله 2) القرآن محدث 3) القرآنمخلوقمن الله ويختلفعنه 4) لايوجدقرآنان واحد أزلي وغير مخلوق وواحد محدث ومخلوق والثاني ليس الأ تعبيرا عن الأول 5) توجد عدة آيات قرآنية تأكد ان القرآن مخلوق سورة الأنعام: 1، 6، 9، 2511 39 50 57. هذه هي اذن الهيكلة الاساسية لنظرية الاباظية والتي وضعها أبو اليقظان محمد بن افلح والتي ستستمر حتى القرنين الخامس والسادس هجري وهي تهدف الى تقديم البراهين والحجج لشيوخ المذهب وقد بقيت أصداء هذا الجدل حتى القرنين الخامس والسادس وخاصة مسألة خلق القرآن ويمكن ان نلخص الموقف الاباظي في هذه المرحلة المتأخرة: أ) القرآن هو شيء ب) القرآن هو شيء مخلوق فهو اذن محدث ت) لا يوجد جانبين في القرآن واحد مخلوق والاخر أزلي وان الثاني انعكاس عملي للأول ث) العبارة تمثل الحقيقة الملموسة للقرآن وكذلك الاحرف والآيات 1127 ج) لا يمكن انيكون القرآنصفةمنصفات الله ولايمكن ان يكونجزءا من "الجوهر" لذلك يجب فصل كلام الله عن الله فالله خلق القرآن ليبرهن على وجوده وحتى يكون معجزة رسول اله صلهم للبشرية وبالتالي يجب ان يكون منفصلا عن احدى صفات اله لان حضور هذه الصفة او غيابها يجعل من الله كائنا ابكم وهو ما يتناقض مع مبدأ ان الله "حي". وبالمقارنة مع ما أوردناه سابقا في رسالة محمد بن افلح يمكن القول ان الموقف الاباظي من "خلق القرآن" لم يتغير طوال الثلاث قرون التي تفصل بين محمد بن افلح وعبد الكافي الذي اورد الرسالة في مؤلفة "الموجز". 1128 القضاء والقدر تطرح مسألة "القضاء والقدر" اشكالية فلسفية كبيرة لعلم الكلام بصفة عامة وهي اشكالية "الارادة الحرة" للانسان ةئ1ل٢ة ع٢ة11 ع1 هل ان الانسان مخير او مسير؟ وهذه الاشكالية تتجاوز الفكر الديني الاسلامي لتطرح على مستوى فلسفي بحت، لذلك هي محل خلاف بين العلماء المسلمين منذ البداية. ويمكن القول ان مسألة "القضاء والقدر" قد قسمت المسلمين إلى تيارين أساسيين متناقضيين الجبرية الذين يدافحون على فكرة أن الانسان مسير والقدرية الذين يدافعون على فكرة ان الانسان "مخير" وان له قدر من الحرية في اختيار اعماله وتورد المصادر الاباطية القديمة اصداء الجدل بين "المرجئة" و"القدرية" بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان فالشماخي يذكر مثلا صحر العبدي كمؤلف لرسالة حول "القدر" والتي تبدوا انها اشرت لموقف ااباظية. وليس صحر العبد هذا إلا أستاذ ابي عبيدة مسلم بن كريمة الذي قاوم الواصلية ويذكر الدرجيني الدرجيني، 1 ان اباعبيدة اختلف مع غيلان ادمشقي بسبب موقف هذا الأخير من مسألة "القضاء والقدر". فمن الثابت إذن أن الأباظية كانوا منذ البداية طرفا في الجدل الفكري حول هذه المسألة وان لم تأخذ انذاك بعدها الميتافيزيقي الذي اخذته فيما بعد. فالواصلية تلامذة واصل بن عطاء رفضوا فكرة ان يكون الله هو خالق الشر في الوقت الذي رفض فيه الجبرية فكرة ان يكون اانسان قادرا على الخلق وهي صفة من صفات الله فقط واختار ااباظية الانحياز لفكرة القدرة المطلقة لته ولو أدى ذلك الى اأيمان بان "الشر"منخلقالله. فالصراع بين التيارين كان معقدا وكان على الاباظية ان يختاروا صفهم فكان موقفهم هو موقف ال واصلية خاصة انهم كانوا يحتبرون الحسن البصري وهو استاذ واصل بن عطاء من اشياخهم. 129 ولكن التحدي الاكبر بالنسبة للنظرية الاباظية كان الملاءمة بين فكرة "الارادة" وهي من صفات اله وبين إله خالق للخير والشر في نفس الوقت يحكم نظريتهم في القضاء والقدر فإذا كان اله خالق للشر فهل يمكن ان يكون عادلا؟ لذلك فان هذه الاشكالية كانت سببا في خلافات ااخل المذهب في البصرة في القرن الثاني من الهجرة خاصة وان اتباع المذهب كانوا تحت تهديد التأثيرات الواصلية لذلك فإن موقف شيوخ المذهب كان في مستوى هذه التهديدات فقاموا بطرد "القدرية" من مجالسهم وجعلوا من المسألة إحد عناصر العقيدة "ما لا يسع جهله" و برؤوا من المطرودين عبد اله بن يزيد الفزاري وابو حمزة الكوفي. وكل الدلائل تأكد على ان شيوخ الخوارج الشهرستاني، ملل، 172، 173 لعبوا دورا اساسيا في طرح الجدل حول "القضاء والقدر" وقد يفسر ذلك بمعارضتهم الشديدة للخليفة عثمان بن عفان ولخلفاء بني امية وكان على علمائهم ان يجدوا تفسيرا مقنعا للفتن التي حلت بالمسلمين انطلاقا من مبدإ العدل االاهي ولذلك وجدوا في النظرية التي تقول ان الله خالق لكل شيء بما في ذلك الشر تفسيرا لاندلاع الفتن ولكن هذه الفتن ليست مآسى اا في الظاهر لان الله جل جلاله اراد بها ان يبلو المسلمين وتعج الكتب الاباظية القديمة كرسالة ابن اباظ لعبد الملك بن مروان بالتفاصيل عن الفتن التي فرقت بين المسلمين وهي تعكس ايديولوجيا متناقضة بين الاستسلام لقدر اله ورفض الحكام المسلمين من غير الاباظية. وقد يكون كتاب "الجواهر المنقات لإتمام ما أخل به كتاب الطبقات" لابي القاسم البرادي اكثرهم وضوحا ودقة في معالجة هذه المسألة لانه ليس الأ امتدادا ونسخا لروايات مبكرة جدا تعود الى القرن الاول للهجرة حول مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان والفتن التي تلت مصرعه وفرقت المسلمين الى ملل ونحل فالنص يقدم عثمان كآداة للارادة الالاهية لخلق هذه الفتن والمحن دون ان يبرأه منها وهو ما يعكس مضمون مفهوم الخوارج "للكسب" وهو قدرة كامنة بالقوة لدى الأنسان اون ان تكون من خلقه وسيطور هذا المفهوم ال اشاعرة فيما بحد لاننا نحتقد ان الاباظية كانوا سباقين 1130 لتحديده ولم يقتدوا في ذلك بالاشاعرة وانتهجوا مسارا خاصا بهم حول مسألة "القضاء والقدر". ويمكن القول بان الخوارج كانوا مختلفين فيما بينهم حول هذه المسألة والدليل على ذلك هو طرد ابي عبيدة مسلم بن كريمة لعبد اله بن يزيد الفزاري ولحمزة الكوفي كما اسلفنا. اما أبو الحسن الأشعري الأشعري، مقالات، 1، 49، 165 فيعتقد ان اغلبية الاباظية كانوا مناهظين للقدرية ويأكد موقف مؤرخيهم فكتب الطبقات والسير للمشايخ الاباظية تأكد على افصال واصل بن عطاء عن حسن البصري الدرجيني، 1 وعلى استقرار العلاقة بين أبا عبيدة وشيخ المحدثين في البصرة الذين يعتدبرون من الشيوخ الاوائل ويتهمون واصل بن عطاء "بالبدع" وعلى ان موقفهم من مسألة "القضاء والقدر ليس إلأ امتدادا لموقف المسلمين الاوائل. فنحن متأكدون من وجود جدل كلامي بين الاباظية والمعتزلة منذ البداية ولكن وجب التساءل عن مدى عمقه وعلاقته بالجدلية المنطقية والنص القرآني. فالموقف الاباظي هو موقف وسطي بين "الجبرية و "القدرية" أي بين جبر مطلق وحرية مطلقة وكذلك فإنه يبدوا متناقضا فمن جهة يأكد على أن الانسان غير خالق لافعاله ومن جهة اخرى يأكد على أن الانسان كاسب لاعماله. فالقدرة على الخلق هي من صفات اله تحالى والقدرة على الكسب هي من صفات الانسان لذلك فان مفهوم "الكسب" او "الاكتساب" يصبح محوريا في نظرية الاباظية حول القضاء والقدر أبوسهل، العقيدة، ذكره كوبرلي، تبغورين، أصول الديانة، 12 ،15، 51، 56. ولكن "الكسب" يستوجب القدرة لذلك بعث مفهوم "الاستطاعة" الذي يأتي قبل الفعل وهي موجودة بالقوة ع1عذا10ع100٤ لدى اانسان يستعملهاعن طريق "الكسب" وتصطدم هذه النظرية بنسبة خلق الشر لله وحده وهي تسير هنا في حقل ملغوم. 131 فدراسة مؤلفات الشيوخ تأكد حرجهم امام الاشكالية التالية: اين نضع مسؤولية الانسان؟ ويبدوا تأكيدهم الشديد على رفض "القدرية" كمحاولة للتغطية على ضعف حججهم النظرية لذلك يلجؤون الى إعلان هذه النقطة الاساسية كأحد روافد "ما لا يسع جهله" الذي وضعها الاولون مثل ابا عبيدة ولا يمكن لعبد الكافي أو الورجلاني أو تبغورين أو الجناوني مناقشتها لانها اساس العقيدة ولكنهم في نفس الوقت حاولوا الابتعاد اكثر ما يمكن عن "الجبرية". فهل يمكن اعتبار "الكسب" عند الانسان مماثلا للخلق "عند اله"؟ وهل يمكن اعتبار" الاستطاعة" عند الانسان مماثة "للقدرة" عند الله؟ إذ ان الاباظية ترفض اي مقارنة بين الله وخلقه ولكنها تأمن بان "الكسب" و"الاستطاعة" هما من خلق الله لذلك فإنهم يقدمون حلا يصعب فيه الفصل بين ماهو كامن في الانسان ج1ا٩خ٠11٦8لاأل1 وماهو خارج عنه علما9غ11118ا*2 فالفعل هو نتيجة تطابق في الزمن بين الارادة الالاهية والاختيار البشري فالانسان يختار والله يخلق في حينه. فهما اذن رغبتان واحدة الاهية والاخرى بشرية تولدان "الفعل" وهكذا يتمكن الاباظية من انقاذ فكرة العدل الالاهي وحل مسألة الحرية البشرية دون ان يسلموا ان الأنسان "خالق لافعاله". لذلك فالاباظية مناهظون "للقدرية" بقبولهم لفكرة "حرية الاختيار" ومناهضون "للجبرية" برفضهم لقدرة الانسان على الخلق عبد الكافي، موجز، 11، 98 . خمس قرون فصلت اذن بين ابا عبيدة وعبد الكافي تمكن خلالها المذهب الاباظي من صياغة نظرية حول "القضاء والقدر" وقد يكون عبد الكافي اهم عالم كلام استكمل هذه الصياغة وكما أن الورجلاني قد ركز اكثر على رفض الاشعرية فقد ركز عبد الكافي على رفض نظرية المعتزلة والمعلوم ان النقطة المحبذة لدى الشيوخ هي مسألة "القضاء والقدر" وهذا ما يقول عبد الكافي في الموجز" عبد الكافي، موجز، 11، 28. اختلف الناس في القدر وفي اثباته على اصل قولين فقالت المحتزلة ان ال له لم يخلق حركات المكتسبين ولا سكونهم ولاشيئا من افحالهم وزعموا ان 132 ذلك كله فعل العباد انفردوا باحداثه وتوحدوا بتقديره فليس شيء من ذلك لله بخلق ولا له فيه تدبير ولا يجري له عليه ملك ولا سلطان وان جميع ذلك عندهم مضاف الى العباد قد امروا بما كان منه عن طاعة ونسوا عما كان منه عن معصية وثبت حمد اله لهم على طاعتهم اياه وذم الله لهم على معصيتهم له قالوا فلا يثبت ذم لمذموم على ما تولى خلقه غيره وكذلك لا يثبت حمد لمحمود على ما تولى تقديره سواه قالوا لهذه العلة ان اعمال العباد كلها ليس لله بخلق ولا له فيها ملك ولا يجري له عليها سلطان ثم افترقوا بعد ذلك فيما بينهم في سائر افعال العباد" . وسيرد عبد الكافي في هذا النص على أهم المواقف المعتزلية حول القضاء والقدر" دون أن يورد حججهم ورغم ذلك فهو يبدوا عارفا بها ملما بتفاصيلها لانه يحاول الاجابة عليها مع وضع كل الاحتمالات ويتكون رده من جزئين. أ-الجزء الاكبر ويرتكز على المنطق ب- الجزء الأصغر ويرتكز على النص وقبل مجادلة المعتزلة يقدم تلخيصا لمواقف الاباطية من مسألة ا القضاء والقدر" ويبدوا نص عبد الكافي كمحاولة لدحض حجج نص مكتوب. "ونحن سائلوا القدرية عبد الكافي، موجز، 11، 26 ولا حول ولا قوة الا بالله فنقول لهم: حدثونا عن هذه الافعال التي زعمتم انها غير مخلوقة الله هل تخلوا ان تكون حركة اوسكونا؟ قالوا لا تخلو ذلك قلنا: امحدثة هي ام غير محدثة؟ فإن قالوا غير محدثة ابطلوا وان قالوا محدثة قلنا من احدثها؟ فإن زعموا ان العباد احدثوها قلنا: فألعباد هم الذين إحدثوا هذه الافعال: من الحركات والسكون وجعلوها محدثة غير قديمة فإذا قالوا: نعم قلنا: فهل تدل بحدوثها على حدوث من حلت به ووصف بها؟ فإن قالوا: لا ابطلوا وصاروا الى مذهب المبطلين من اهل ادهر فكان ارد عليهم جميحا واحدا فإن رجحوا وقالوا: انها تدل بحدوثها على حدوث من حلت به ووصف بها قلنا من جحلها االة على حدوث الموصوف بها؟ فإن زعموا ان العباد تولوا ذلك منها قلنا فالعباد اذن محمودون على ان جعلوا افعالهم تدل على حدوث الاجسام وابطال قدمها فإن هم اجابوا الى ذلك قلنا: افيجب على ذلك للعباد الحمد 133 وحسن الثناء؟ فإذا قالوا نعم قلنا فينبغي ان يكون الخاصون محمودين على معاصيهم التي هي حركاتهم وسكونهم حيث جعلوها دلالة على حدوث اجسام فإذا قالوا نحم ابطلوا على الحاصين الذم وادخلوهم باب الحمد والثناء فإن قالوا لا يجب الحمد للعاصين وليس هم الذين جعلوا افعالهم دالة على حدوث اجسامهم فيحمدون على ذلك قلنا من جعلها اذن تدل على حدوث من قامت به ووصف بها ؟ فلا يجدون اا أن يقولوا أن الله جعل هذه الأفعال من حركات العباد وسكونهم وأجتماعهم وافتراقهم دالة على حدوث اجسامهم وجعل ذلك دلالة على وحدانيه جل ثناؤه و ربوبيته". وقبل التعرض الى الجدلية التي اخضع لها عبد الكافي مسألة "القضاء والقدر" لنتوقف قليلا للنظر في المواقف التي عبر عنها فالكاتب يأكد توافق مواقف الاباظية مع مواقف الاشاعرة مع العلم ان موقف الاباظية يعود الى القرن الثاني للهجرة كما بيننا ذلك من قبل وانه مناهض لموقف "القدرية" اي قبل ظهور الاشاعرة فحتى مفهوم "الكسب" يبدوا مترسخا في جواب ابا عبيدة مسلم بن كريمة للحجاج بن يوسف الدرجيني 11 حول مسألة "القدر" ولكنه لم يكن مبلورا بما فيه الكفاية الدرجيني 11 رغم اعتباره بان "الشر" من خلق الله فالمسألة ادرجت من تلك الفترة في أسس " العقيدة" أي في "ما لا يسع جهله" وحسمت نهائيا. ويلخص الجناوني المسألة باقتضاب الجناوني، عقيدة، 49 ليس منا من يعتقد ان هناك شيء موجود دون خلق من الله" والحقيقة هي أن غموض هذه الفكرة يعكس حرج علماء الكلام الاباظية امام رغبتهم في عدم السقوط في الموقف الاشعري او المعتزلي. فالمعادلة ااباظية بسيطة: " كل شيء محدث هو مخلوق اي ان "الحدوث • الخلق" وانطلاقا منها ومن محور فكرهم اديني ااساسي التنزيه" يحاولون صياغة الحجج والبراهين لمقاومة مواقف الاشاعرة في "خلق القرآن" ومواقف المعتزلة في مسألة "خلق الافعال" وهم بذلك يحرصون حرصا شديدا على البروز كأشد المدافعين عن التنزيه . فهاهو أبو نصر فتح بن نوح املوشاني النفوسي في "متن النونية" يحاول معالجة هذه الاشكالية أبونصر، متن النونية، 8 . 134 "فأول علم يلزم العبد فرضه فإن ادرك التوحيد درج غيره فقل لي وبئني لمن انت عامل أقول بأن الله حق حقيقة كما كان قبل الخلق قد كان بعده بكل مكان كان لا كون جوهر وبين كون الشيء في الشيء والجا تقدس عن حد وشبه وصورة انا ونئا معنى يرانا ولا يرى فكل الذي اضحى على البال سانحا على العرش والخلق استوى فاستوا ء ه وليس كمحقول استواء اميرهم على الفور توحيد الالاه المهيمن والا فما احراه شبها بذى الوثن ومن كنت تدعو ياابا الجهل عن من؟ وقد كان لا كنيونة من مكون وقد سبق الاكوان كون بلا كون ولاكون تحلال تعالى عن الكن ولكنه بالعلم والحفظ والصون وجل من التكييف وا لحيث والاين فما ذاته توى بعين ولا اذن فذلك غير الله فآنف عن الدهر بنقض وابرام اتفان متقن على سرر معمودة فمفهوم "الكسب" هو حجر الزاوية للفكر الديني الاباظي حول مسألة "القضاء والقدر" فكسب الافعال يعني بالضرورة بانها موجودة بالقوة ومسبقا بقطع النظر عن الارادة الانسانية وهذه الافعال هي من خلق الله تعالى الذي قضى بوجودها وقدرها وما على الانسان بفضل الاستطاعة الا كسبها. ويدقق أبو القاسم البرادي في كتاب "البحث الصادق والاستشفاف لمعاني "كتاب العدل والانصاف" للورجلاني في تفاصيل هذا المعتقد ااباظي. "فص علوم الكسب: وعلوم الكسب تقع من اوجه اولها ما يقع من جهة الاستدلال بما ادركته الحواس ومادل عليه ما ادركته الحواس فالاستدلال بما ادركته الحواس كالصورة... الشرح: ويقال علوم الكسب وعلوم اانشاء فإن قلت فما علوم الكسب ؟ فبينها بالمثال قلت: هذه الصناعة التي هي اصول الفقه لم تجر العادة من اربابها في ذكرها ووضعها اا من جهة الجملة وجهة التفصيل والتعبير فمن استقرائها تحقق ما قلنا. فالافعال الانسانية اذن تضح للقانون الحام "الله خالق كل شيء" وما الافعال الا "اشياء" لذلك فالافعال مخلوقة والسؤال المطروح هو التالي: 1135 مادور الانسان اذن؟ ويجيب الاباظية بان اون الانسان هو الاختيار لان له "القدرة على الأختيار" اي على التحكم في حركاته. "فالحرية" اذن وان كانت نسبية محفوظة ولكنها مقيدة فالانسان حر في الأر. وفي هذا المستوى بالذات من التحليل تصطدم النظرية الاباظية بحاجز "الكسب" الذي يبدو وكأنه قدرة على الخلق مشتركة بين الله والانسان وهذا ما يتناقض مع مبدأ "التنزيه" لذلك اوجد علماء الكلام الاباظية حلا لهذه المعضلة باعتبار وجود مستويين: مستوى اول واساسي وهو الخلق ويعود الى الله تعالى ومستوى ثان من الخلق ويعود الى الأنسان وهو مرهون بالاول والرابط بين الاثنين هو "الاستطاعة" وهو مفهوم تطرق اليه شيوخ الاباظية بإطناب من القرون ااولى البرادي - جواهر، 179، 180 فبخلاف مايذهب ايه المعتزلة تبدو "الاستطاعة" الاباظية كإمكانية محددة في الزمن ظرفية وغير باقية "الاستطاعة" توجد فقط ابان الفعل أصول عن 53 ل1402117ع. 1136 النص والجدلية إن وفرة الايات القرآنية التي يستنجد بها العلماء الاباظيون لتبرير موقفهم من مسألة "القضاء والقدر" تدل في جانب منها على ضعف حججهم العقلية وهي محاولة منهم للتغطية على ثغرات في نظريتهم وخاصة في مسألة "خلق الشر" رغم ذلك فإن الفكرة المحورية تبقى هي نفسها كل شيء هو من خلق اله وتبدو الصعوبة في تأويل الآيات القرآنية التي تدلل على مسؤولية الانسان ويلجؤون عادة الى الاستنجاد بآيات أخرى تفسر ااولى 439,لا٠1ل11006 ت) حتى يكونوا متناسقين مع النظرية الاباظية كماان عبدالكافي يستعمل لحدكبيرالجدلية المنطقية في كتابه الموجز الذي هو بالاساس موجه ضد اطروحات المعتزلة ويبدو عبد الكافي ملما وواعيا ببراعة المعتزلة في توظيف علم المنطق لذلك فهو يحاول محاججتهم باستعمال نفس الطرق والاساليب وخاصة طريقة التدليل بالاستحالة عل1ا58ك,1 0021 10 1210اى 4210011 . فيبدأ اولا باستعراض موضوع "الحمد" الذي اذا ما استعمل في غير محله تجاه من قاموا بافعال غير محمودة يأدي الى عكسه فإذا ما كان البشر قادرون على خلق اشياء محدثة كالافعال فيجب إذن "حمدهم" ولكن هل يمكن ان "نحمد" احدا على فعل الشر؟ عبد الكافي، موجز، 11، 23 ومن جهة اخرى عبد الكافي، موجز، 11، 27، 29 فإن هذه الافعال المحدثة والتي لم تكن من خلق الله لا يمكن لها ان توجد نفسها بنفسها ولا بفعل "فاعل" وهذا مستحيل فمن الواضح ان المؤلف يحرف جيدا الاطروحة المحتزلية لأنه يخصص جزاءا هاما من كتابه لاستحمال "التدليل بالإستحالة" فهو يبدأ بوضع فرضية مغلوطة تحت مقترح "لوجاز" ليصل الى نتيجة مناقضة للفرظية. ومن نتائج هذا التمشي مثلا هو نفي فكرة ان الله يريد الكفر مع التأكيد على ان الله هو الذي "خلق الكفر" ويبقى المؤلف كذلك فكرة ان يشترك الله مح الانسان في عبد الكافي، موجز، 11، 91 "الفحل" لان طبيحة تدخلهما في "الفحل" مختلفة تماما "فالله يخلق والانسان يكسب" كما يفصل عبد الكافي بين "الارادة الالاهية" وعملية 1137 الخلق عبد الكافي، موجز، 11، 79 لان الارادة الالاهية تسبق عملية الخلق اي ان اارادة تسبق اامر فالارادة من صفات الجوهر وهي ازلية ولا يمكن ان يتزامن وجودها مع كلام الله اي القرآن وهو حدث مخلوق. وكما نلاحظ وجه التشابه الكبير بين الاباظية والمعتزلة حول مسألة "صفات الله" و"خلق القرآن" فإنهم يتعارضون بشدة حول مسألة "القضاء والقدر" فالصراع الذي خاضه أبو عبيدة مسلم بن كريمة في اوائل القرن الثاني ضد واصل بن عطاء ساهم الى حد كبير في التثبيت النهاني للعقيدة الاباظية حول مسألة "القضاء والقدر" واكتفى دور الحلماء الاباظية فيما بحد بتأويل هذه الحقيدة باللجوء الى آليات علم المنطق. لقد تطور علم الكلام الاباظي في خظم الصراع ضد الاشاعرة والمعتزلة في القرون الاولى للاسلام ولكن علماء الكلام بالاباظية للقرنين الخامس والسادس للهجرة كانوا محكومين باسس العقيدة كما سطرها اسلافهم عند بداية الفكر الديني الاسلامي ورغم محاولات عقلنة العقيدة التي قام بها هؤلاء المتكلمون فإنهم كانوا يصطدمون دوما بالحدود التي رسمها الاولون ولم يكن لهم هامش كبير بالنسبة لمسألة "القضاء والقدر" ورغم ذلك فإنهم لم ينحرفوا الى مواقف ا الجبرية" لتمسكهم بمبدإ "العدل االاهي فقد كانوا بين مطرقة "الجبرية" وسندان "القدرية" فاختاروا مسلكا وسطا الذي لم يكن في الحقيقة الأ مفهوم "الكسب" الاشحري. وانطلاقا من تمسكهم المطلق ا بالتنزيه" وجدوا انفسهم مجبرين على انكار اي امكانية واستقلالية للانسان حتى لا يشركوه في صفة "القدرة" مع الله. وحتى يتمكنوا من رد اتهامات المعتزلة لهم بإثباتهم مسؤولية الله في خلق الشر اقروا قدرته على خلق الشر وانكروا ان اله يريد الشر رغم انه خالقه. فالانسان مسؤول على كسب الشر لان الله في رحمته اواسحة وعدله لا يمكن ان يعاقب الانسان بذنب ليس له فيه اي مسؤولية فالمسؤولية لا تعود لخالق الشر بل تعود الى من اختار الشر. 138 وتستعمل نفس هذه الطريقة بالنسبة لافعال او ااعمال فالله لا يجبر الانسان على الفعل ويتركه حرا في اختياره الورجلاني، دليل، 1، 29، 11، 52 وهكذا يحاول ااباظية الرد على اعتراض المعتزلة حول استحالة وجود آله خالق للشر وقد آثر هؤلاء منح حرية مطلقة للانسان حتى يستبعدوا فكرة أله ظالم ومتجبر الأشعري، مقالات، 53، 252 ولذلك اتهمتهم ااباظية "بالشرك" الورجلاني، اليل، 1، 29 . وااكيد هو ان هذا الموقف الاباظي قديم جدا ولم يتغير منذ نشأة المذهب الى القرنين السادس والسابع للهجرة ويمكن العودة الى موقف الاباظية الاوائل عندما اعتبروا ان الاطفال غير مسؤولين عن اعمالهم وخالفوا نافع بن اازرق حول الموقف من أبناء غير المسلمين وقد كان يعتبرهم مشركين ويبدوا أن ذلك كان سبب انفصال عبد الله بن اباظ عنه ليأسس للمذهب الجديد وقد كان هذا الموقف مأشرا على موقف الاباظية من اهل الجبر الذين يعتنقون فكرة اله متجبر لا يحتاج الى تبرير افعاله للانسان وقد اتجهوا في ذلك وجهة المعتزلة. 1139 رؤية الله تبدوا هذه المسألة كنتيجة حتمية لموقف ااباظية من مسألة "الصفات" فالإقرار بإمكانية رؤية الله هو إقرار بانه يمكن لله ان يكون له شكل مرفي يشبه مخلوقاته وهذا يمس جوهر العقيدة الاسلامية التي تأسست على فكرة التنزيه وهي محور علم الكلام الاباظي. ففكرة التنزيه هي المبدأ الاساسي والمنطلق لكل علماء الكلام الاباظية لمعالجة كل ااشكاليات ااخرى مثل "خلق القرآن" و" القضاء والقدر" كما بينا سلفا وكذلك معضلة "رؤية الله" وقد طرح عليهم السؤال بالشكل التالي: "كيف يمكن تأويل الآيات القرآنية ذات المحتوى التجسيمي؟ فالأباظية اتبحوا منذ البداية طريق "التنزيه" "101015ا12100 ه:٧ ه1" والتجؤوا إلى التأويل فيد الله تعني مثلا منته على الخلق ووجهه يعني خلوده إلى غير ذلك من محاولات التفسير للآيات "المجسمة". كما ان الإقرار بإمكانية رؤية الله تعني بالضرورة تحديد زمانه ومكانه وهو ما يتناقض مع مبدإ "التنزيه" المطلق ويمس جوهر التوحيد الاباظي لذلك فإنه لزم ادراج هذا المبدأ في استحالة رؤية الله في العقيدة الاباظية وبينما يشترك مذاهب أهل السنة في الإقرار بامكانية الرؤية الحقيقية بما في ذلك الاشاعرة والحنابلة يتفرد 100,130ن5لا100 ,ءا€8111ا[ج٧لآ المعتزلة بنكرانهم لذلك عبد الجبار، المغني، القاهرة، 33، 240، 51٧، 1965 ويقف الاباظية موقفا آخر والسؤال المطروح من وجهة نظر الباحث في تاريخ الافكار هو التالي: في أي فترة أدمج الاباظية هذا البند في عقيدتهم؟ فحسب ااشعري الأشعري، مقالات، 1، 265 كان الخوارج يعتنقون هذا المبدأ منذ البداية ولا يبدوا ان الاباظية قد اختلفوا مع فرق الخوارج الاخرى حول هذا المبدأ وإلا لاعربوا عن لذلك في مؤلفاتهم كما هي عادتهم عند ااختلاف وهم يسكتون ااما عن نقاط الالتقاء مع معارضتهم وخاصة اذا كانوا من الخوارج الذين يصرون على التبرأ منهم وحتى على نكران أن تسمى الاباظية خوارجا. 140 "الجواب: قول ان الله تعالى مرءي لانه موجود وان كل موجود هو مرءي ينتقض عليهم بسائر الاعراض انما غير مرئية على أنها موجودة ولا سيما من لا يوصف باللون فان الابصار لا ترى الا الملونات وقول الاشعري انه مري في الآخرة بدليل الوجود وكذلك مري في ادنيا بدليل الوجود ولا يقولونه واخرى ان هذه الدعوى تنتقض عليهم باللمس ولو ادعى انهم يلمسون الاههم ويذوقونه ويطعمونه ويشمونه ويصافحونه بدليل الوجود لكان اشبه تعالى الله عن ذلك. واعلم ان الوجود ليس بصفة ولايقتضي حكما ولايوجب علة انما هو اثبات فلو استدل مستدل على ان كل المتضادات باي صفة اراد واعتل بالوجود لصح له اعتلاله وإما قوله فلا يمنع ذلك مانع فان اول مانع عقله ان انصف نفسه ومن وافقه على ذلك حتى يحصل حجة بينه وبين خصمه ثم عقب وقال ولا يمنع من لذلك مانع اذا كان ليس يرى بجنسه ولا في مكان ولا حد ولا صورة ولا شكل لان اله تعلى لا يوصف بالاماكن ولا الحدود ولا المقابلة ولا تجوز عليه المعاينة التي هي جنس المقابلة ان لا تقابله الاجسام تحالى عن ذلك فان كان هذا من كلام الاشحري فقد ابطل الرؤية بهذه المعاني التي نفاها عن الرب سبحانه إذ لا تثبت الرؤية إلأ مع هذه المعاني وان كان من كلام خصمه فبذلك ابطل عن الله الرؤية إذ لا يوصف بشيء من هذه الصفات التي نفاها عن الله سبحانه وتعالى. وأول مؤلف من جنس المؤلفات الادبية في العقيدة هو عقيدة التوحيد او "عقيدة نفوسة" لأبو زكريا يحي بن الخير الجناوني 1ل/٢٧ يطرح كالتالي الموقف الاباظي من رؤية الله: الجناوني، عقيدة، 55 . ومن الاجماع اجتمعت اامة على ان الله واحد ليس كمثله شيء فنقضت المشبهة قولهم حيث شبهوا الله بخلقه فتأولوا في ذلك بزعمهم قوله تعالى يد الله ووجه الله فنقضوا قولهم لأنا وهم مجتمعون اولا على انه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . في رسالة الفقيه عبد الوهاب بن محمد بن غالب بن نير الانصاري إلى ابي عمار عبد الكافي رفض للنظرية الاشحرية المورجلاني، اليل، 63 "قال عبد الوهاب : سؤال ثان في اختلافهم في رؤية الباري سبحانه في 141 المعاد ذهبت الاشعرية إلى ان اله تعالى مرءي في الاخرة بدليل الوجود وان كل شيء موجود جائز ان يرى فلا يمنع ذلك مانع اذا كان ذلك ليس يرى بجنسه ولا في مكان ولا حد ولا صورة ولا شكل لان الله تعالى لا يوصف بالماكن ولا الحدود ولا المقابلة ولا تجوز عليه المعاينة التي هي من حسن المقابلة إذ لا تقابله الاجسام تعالى عن ذك. وحسب هذا الرأي فإن الاشاعرة مخطئون عندها يجعلون من امكانية رؤية الله شرطا لوجوده فينقدهم ويستبعد امكانية وجود رؤية في شكل خاص لا تشبه اي شكل إخر لله. فرؤية الله تستوجب تحديد مكانها وزمانها والأ فإنها ا يمكن ان تكون الأ خيالية الدليل 11، 63 والنتيجة هي نقض فكرة رؤية الله. إما عبد الكافي فإنه يذهب بعيدا في معارضة "رؤية الله" لأن رؤية اله تغير الشكل الذي هو عليه في الحقيقة ليست رؤية وينفي ان يكون لله لون لان ذلك يجعل منه "عرضا" والله منزه عن ذلك لانه ليس بعرض ولا بجسم وهو غير محدث ولا يمكن ان يراه محدث. ورغم الاطلاع للفقيه الاباظي على موقف ااشاعرة من "رؤية الله" فانه يتهمهم بانهم يخفون موقفا خطيرا عبر اقرارهم "رؤية الله" في الاخرة وهو "رؤية الله" في هذه الدنيا ويطرح عليهم الاسئلة التالية: هل يمكن لمسه ؟ هل له طعم او رائحة بحكم وجوده؟ والهدف من هذه الاسئلة هو إحراج الاشاعرة وتأكيد تهمة التشبيه عليهم. وفي محاولة للرد على الاشاعرة يقول ان وجود الله ليس صفة من صفاته بل هو اثبات وان انكار الاشعري لان يكون لله جنسا وان يحدد مكان رؤيته وحدودها وتمثلها وشكلها هو انكار "للرؤية" في حد ذاتها إذ لا رؤية بدون هذه الشروط كما يفند فكرة "الادراك" الاشعرية لانها غامضة ودون نهاية فالشيء المري لا يمكن ان ينتمي اا لجنس وان يوجد بمكان ما ولا يمكن مقارنته بغيره من الاشياء متناقض مع فكرة االه المنزه المختلف عن كل المحدثات واذ يقبل فكرة "الادراك" كخلق من اله لدى الانسان الا انه يرفض ان يعتبرها "رؤية لته" فالادراك مختلف عن "الرؤية" . وقد استحمل عبد الوهاب بن نمير الانصاري نفس الطريقة المنطقية الجدلية في الرد على ال اشاعرة التي استحملها عبد الكافي في المرد على 142 المعتزلة حول مسألة "القضاء والقدر" وهي طريقة "التدليل بالاستحالة" والهدف من ذلك هو تبيان تناقض الاشاعرة مع مبدأ التنزيه" الذين ينفونه عندما يقولون برؤية الله هذا طبعا بالنسبة للحجج العقلية. اما بالنسبة للنص فان تأويل الاباظية للآيات القرآنية والاحاديث النبوية التي لها محتوى تجسيمي يرتكز اولا على تفسير اايات التي تنفي بوضوح رؤية الله وعلى تأويل آيات التشبيه على ضوء الايات النافية للتشبيه فمثلا بالنسبة للآية الكريمة "وجوه ناظرة إلى ربها ناظرة "فإن الكاتب يلجأ إلى اعتبارها مجازا. كما يستعين عبد الوهاب بفقه اللغة العربية لتأويل الآيات القرآنية والذي يرتكزكما بينا لذلك من قبل على القياس الورجلاني، دليل، 1، 64، 67 فالاية التي تورد كيف ان النبي موسى قد طلب ربه لتمكينه من رؤيته وكيف ان الرب رفض ذلك في الدنيا والآخرة تخضع لتأويل يختلف مع تأويل الاشاعرة لهذه الاية الورجلاني، دليل، 1، 66 : وقوله: "فخر موسى صعقا" قوله اما قولكم لن تراني شرط في نفي الرؤية فغير مسلم لكم لان لن تراني انما كان جوابا لسؤاله في الحال لا في ااستقبال ولو كانت الرؤية مستحيلة عليه لما سأله موسى وهو نبي الله وأمينه ومن جعله واسطة بينه وبين خالقه ومتحملا لرسالته ان يسأله المستحيل الجواب : ان جميع ما اعتز به من قوله لن تراني وقوله ثبت ايك...". اما أبو موسى الجيطالي في كتاب "القناطر" فإنه يعرض بوضوح اكثر إطروحة "الاله الغير المري" الجيطالي، قناطر، 9، 10 في فصل "معرفة الله". فالله يبدو ككائن لا يمكن تحديده وهو موجود خارج نطاق حواسنا وامكانياتنا وليس له أي نقطة التقاء مع المحدثات والمخلوقات وذلك بصفة ازلية فلا يمكن تصنيف اله لانه ليس بجسم ولا عرض ولا جنس. ويقول تبخورين بن عيسى الملوشاي في هذا المضمار ,494 ,11ع1419ع 521لاً بما مفاده بانه اذا امكن للبصر رؤية الله في الأخرة فان ذلك يعني انه يمكن رؤيته في الدنيا وذلك يستدعى شيئين: اما رؤيته في مكان 143 محدد يختلف عن كل الاماكن او في جميع الاماكن في نفس الوقت ففي الحالة الاولى هذا يعني ان لله حدود وهذا "شرك" وفي الحالة الثانية تثبت الاستحالة. هذه هي نظرة المعتزلة كذلك لمسألة "رؤية الله" والتي ينكرونها مع الفرق حسب 11٧ع10ل0 كوبرلي 11,495 لا٢1ع<؟ل١ء ان الاباظية لاتؤمن بموضوعية الواقع ولا تعطي اهمية للتجربة الحسية وفي الوقت الذي يحاول فيه المعتزلة الدفاع على العقلانية لان اثبات الغير معقول يعني فتح الباب امام المجهول يتجه الاباظية إلى الدفاع الشرس على فكرة "التنزيه". فموقف الاباظية من هذه المسألة هو نتيجة موقفهم من "صفات الله" فعلماءهم في القرن الخامس والسادس للهجرة على الاقل لا يعيرونها اهمية تساوي اهمية مسألتي "القضاء والقدر" أو "خلق القرآن" رغم ذلك فهم يدرجونها في مسائل "ما لا يسع جهله" وعدم اعتناق مذهبهم في هذا يأدي للخروج من الفرقة وهو مرتكب كبيرة ومتهم بالشرك اما من يعتقد في رؤية الله في ااخرة فيتهم "بكفر النعمة" وخلاصة القول هو ان موقف الاباظية من "رؤية الله" هو نفسه موقف المحتزلة ولو اختلفت الحجج والبراهين. 144 مسألة اامامة عند الاباظية في القرنين الخامس والسادس من هجري لم تعد مسألة الامامة في هاته الفترة التي تهمنا اي القرنين الخامس والسادس هجري الحادي عشر والثاني عشر ميلادي مسألة سياسية وعملية بل اصبحت فقط عقائدية واحد عناصر "ما لايسح جهله" إذ ان طموح الاباظية في اقامة اولة قد ذبل واصبح همهم الوحيد بلورة نظرية للامامة تتماشى واصول عقيدتهم وتاريخهم كما يقرؤونه. ويخصص عبد الكافي جزءا من موجزه عبد الكافي، موجز، 11، 84 لهذه المسألة العقائدية وهو من بين القلائل الذين تطرقوا في الفترة المذكورة لمسألة حيوية: متى يمكن اعلان امامة الظهور او حالة الظهور؟ فالبعد السياسي لهذا السؤال واضح وضوح الشمس وعند وصفه لتاريخ هذه المسألة لتأكيد شرعية الامامة الاباظية يحاول ان يبين ان المذهب الاباظي هو الوحيد الذي ورث الشرعية بعد مقتل عشمان بن عفان وعلي بن ابي طالب وان هؤلاء الورثة ليسوا اا "المحكمة الاولى" الذين خرجوا على علي بن أبي طالب في النهروان كما يركز على ابراز وجوب "الامامة" لاقامة الحدود ونشر العدل فالامامة بالنسبة لعبد الكافي هي سنة من اله وفرض على الانسان لترجمة احكام الله إلى الواقع الملموس في الحياة الدنيا عبد الكافي، موجز، 11، 284 ويورد عبد الكافي عددا هاما من الايات التي تتناول هذه المسألة ووجوب اقامة الحدود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا ما يستوجب وجود "امام" يتصدى لهذه المهمة وهنا تكمن مشكلة ااباظية في ذلك الزمان في عدم وجود امامة اباظية فكيف يمكن لهم المحافظة على مذهبهم اون القيام ببعث اولة اباظية؟ فعلى المستوى النظري مازال الاباظية انذاك متشبثون بوجود اقامة دولتهم "لإظهار دين الله" وهي امامة "الظهور" وفي غياب نص قرآني صريح حول هذه المسألة التجأ شيوخ المذهب إلى الحديث والى ما يسمونه "باجماع الأئمة" والتجا ء هم "لاجماع الأئمة" مثل المدخل الاساسي لنظريتهم بالاعتماد على "اجماع الامة" عند تعيين ابي بكر الصديق في سقيفة بني ساعدة ارتكازا على اختيار النبي صلعم له للصلاة بالمسلمين عوضه ومن هذا المعنى 145 اشتقت كلمة الامام وتعج كتب الطبقات والسير لشيوخ الاباظية بالقصص التي تروي احداث تولية الخلفاء الأربعة الاول للمسلمين وشرعيتهم واعتمادا على هذه الروايات نسج الاباظية نظريتهم "للإمامة" أو الخلافة واسسوا لمفهوم الشرعية. وفي نفس الوقت وبتعرضهم للاحداث التي جدت ابان حكم عثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب تناولوا مسألة زوال الشرعية عن امامين شرعيين ووضعوا اسسا لنظرية تحدد أطر نزع الشرعية عن الامام الشرعي ولم يفعل كل شيوخ ومؤرخي الاباظية ومحرري السير الا اعادة نسخ مقولات عبد اله اباض لحبد الملك بن مروان. اما الاشكالية التي تعترض الطرح ااباظي وتحرج اهله فهي التالية: انطلاقا من أن مسألة الامامة مرتبطة بالاجماع وليس بنص قرآني كيف تسللت هذه المسألة إلى العقيدة لتصبح أحد أهم "عناصرها"؟ فاجماع الامة يصبح قانونا له نفس إلزامية النص القرآني انطلاقا من الحديث النبوي: "لاتجمع امتي على ضلالة" وعلى هذا الحديث يرتكز أبو عمار عبد الكافي لاضفاء الشرعية على امامة ابي بكر الصديق فيما اعتبره اجماعا في سقيفة بني ساعدة وفي غياب نص قرآني او تعيين لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبله عبد الكافي، الموجز، 29، 227 فالإجماع يظفي الصبغة الالزامية التي لا يمكن لاحد الغاؤها. وينطلق عبد الكافي في نقد الزيدية الذين حسب قوله يشككون في شرعية خلافة ابي بكر "وانما هذا من الرموز على الزيدية خاصة لانهم يتعاطون المناظرة ومضاهات الاباظية في مذاهبهم فلست اعلم لهم خلافا الا في ثلاث امور: قولهم في الامامة بالاولى مع تركهم التخطئة لكل من ولي، ثم تجويزهم لعلى تحكيم الحكمين وقولهم بتشريك أهل التأويل ممن يزعم ان الله يرى يوم القيامة" ويبدي احتراما لهم خلافا للفرق الاخرى من الشيعه ويقر بالتقارب بينهم وبين ااباظية اا في المسائل الثلاث التي ذكرها. ويتهم النجدات من الخوارج بتعطيل الحدود لافكارهم لضرورة الامامة الشهرستاني — ملل ،123. 146 وبعد تبيان وجوب الامامة وشرعية أفة ااباظية يحاول عبد الكافي الجواب على السؤال التالي: انطلاقا من ان الاباظية يعيشون في حالة "الكتمان" منذ سقوط امامة تاهرت الرستمية سنة 297 ه متى وكيف يجب اعلان "امامة الظهور"؟ عند تتبع طرح عبد الكافي نكتشف انه يحاول الاجابة على اسئلة تلامذته وهو شيخ ااباظية وعدم ااكتفاء بمقاربة نظرية فكرية بل يتوجه نحو الاجابة السياسية فعلى السؤال "متى يجب الأعلان عن امامة الظهور؟" يجيب بدقة سياسية وعسكرية مذهلة الموجز11,234 "فإن سأل سائل فقال: ما حد ما به تجب الإمامة عندكم؟ وما المقدار الذي اذا هو اجتمع للمسلمين كان واجبا عليهم ان يولوا قيل له : اذا كان المسلمون ذوي عدة وقوة في المال والعلم لما يأتي عليهم من حوادث الامور ويغشاهم من متشابه النوازل وصاروا بذلك في العدة في النصف لمن يليهم من اعدائهم الذين يتقون شوكتهم كان الواجب عليهم ان يختاروا من افاضلهم إماما يقيم لهم شأن دينهم الذي افترضه الله عليهم ويعدل بينهم في الحكومة ويقسم بينهم بالتسوية لا يألوا الله نصحا ولا لدينه نصرا متبعا لآثار السلف متبنيا لاعلام الخلف. فإذا كان الامام بها وصفنا من هذه الحال كان الواجب على كافة المسلمين من حاضرهم وباديهم وقريبهم وبعيدهم ان يؤدوا له حقوقه التي جعلها الله لأهمة المسلمين مع ما تم من الولاية له والنصر والاجابة في كل مادعا اليه من امر الله. هذه إذن شروط "امامة الظهور" حسب ابي عمار عبد الكافي مما يعني ان موازين القوى السياسية والعسكرية هي التي تحدد الزمان والمكان لاعلان "الامامة" فعند توفر هذه الشروط يصبح اعلان الامامة واجبا دينيا وحسب تقييمه لموازين القوى الضرورية في عهده فإن المعادلة انذاك كانت توفر نصف عدد الاعداء المفترظين موجز238 . حتى يسمح للقيام بالثورة اما الفارق الحددي فيمكن تجاوزه بحماسة المقاتلين اسوة بالشراة اجداد الاباظية الذين عرفوا ببطولاتهم في الحرب واصبحوا اسطورة أدت مع الاسف نظرا لتطرفهم الى انقراض الخوارج تحت الضربات القاتلة للجيش الاموي. 147 لقد استخلص ااباظيون العبرة مبكرا من هذه الهزائم مما جعلهم يواصلون مسيرتهم خلافا للازارقة ولكنهم حافظوا على عهدهم للشراة كما تبدي ذلك كتب السير فأصبحت "حالة الشراء" خلافا للحالات الثلاثة الاخرى وهي الظهور والكتمان والدفاع غير واجبة وانطلاقا من مبدأ "التقية" لم يعد انصار المذهب الاباظي ملزمون بمحاكاة الشراة موجز، 11، 238 . اما الجدال الذي حدث بين ااباظية والمعتزلة بخصوص خلافة عثمان بن عفان فقد تناوله عمار عبد الكافي في "الموجز" ليبين تناقض الموقف المعتزلي الذي يبدو انه كان مطلعا عليه كما كان مطلعا على موقف الشيعة الزيدية. كما ينتقد عبد الكافي موقف ااباظية النكار باعتباره شيخ ااباظية الوهبية ويتهمهم "بألبدعة" على مستويين على الاقل : شرط ان يكون الامام الاكثر علما وشرط ان يخضع في قراراته الى رأي مجلس اعيان وهبية ونكار عند بداية امامة عبد الوهاب بن رستم الفارسي ثاني امة الدولة الرستمية بتاهرت فقد استمر الجدل بين المجموعتين الاباظيتين حتى فترة عمار عبد الكافي الذي دافع على موقف انصار الامام عبد الوهاب بحكم انتمائه لهذا الشق من المذهب الاباظي. وهو الموقف الذي حدده علماء وشيوخ البصرة أواخر القرن الثاني للهجرة لحسم الخلاف وقد تناولناه سابقا. فعمار عبد الكافي يلخص بامانة في كتابه موقف الاباظية من مسألة اامامة اي نظام الحكم في الاسلام في القرنين الخامس والسادس وهو موقف لم يتخير منذ عهد الامام الثاني للرستميين انظر 63 ح1ا11٠0111٩ا€ل1>[8ع٢11زأ0اك١ل فالامام هو الزعيم الديني والسياسي الذي سيطر على السلط التنفيذية والمالية والقضائية والعسكرية. ولا يمكن لشخص له كل هذه السلطات ان يمارس الحكم وحده بل يجب عليه اللوجوء إلى "الشورى" مع اصحاب الحل والحقد. فافلح بن عبد الوهاب ثالث امة الرستميين كان يستشير المقربين منه قبل تعيين قاض مثلا فمن هم هؤلاء الذين يستحقون أن يكونوا من أصحاب الشورى؟ الشماخى — السير 221 . 148 لقد دافع ابن فندين زعيم النكار الذي رفض مبايعة عبد الوهاب بن رستم على مبدإ ان يخضع الامام الى قرارات مجلس للشورى يمكن له ان يبطل قرارات الامام وهو مجلس يشبه البرلمان في الانظمة السياسية الحديثة ويتكون بصفة قارة من اعيان البلد ورؤوس القبائل هذا الطرح الخطير كان سببا في رفض علماء البصرة وعبد الوهاب بن رستم لموقف ابن فندين و اعتبر مناورة لتقييد سلطة الامام وانقسم الاباظية الى وهبية ونكار واستمر هذا الانقسام ابان الدولة الرستمية وبعدها حتى العصور الحدينة وكان احد اسباب انهيارها أخذ أحيانا شكالا دامية وحربا اهلية مستمرة. ولقد حاول الزعيم الاباظي النكاري أبويزيد مخلد بن كيداد القرن 1٧ و٧ تنظيم سلطة على منوال الطرح النكاري واسس نظام "عزابة" اباظي نكاري انظر!ةيلمللا11 186 ,8 ,1.£ ناعذ٢٧٧ع1 والذي قد يكون اشر الى بروز نظام العزابة فيما بكد. ولكن امام الاباظية الوهبية كان صاحب السلطة الوحيد إذ له وحده صلوحيه تحيين الولاة والقضاة وعزلهم البكري، الخوارج، 66، 67 ونجد في كتاب "السيرة واخبار اامة" لابي زكريا يحي بن ابي بكر تفاصيل ودقائق تنظيم السلط وصلوحيات كل الوظائف السياسية والادارية 123-56 عل1و110101ع ولا٤011110٥2 ع1. 149 من "الامامة" الى "مجلس العزابة" كان السؤال المطروح على الاباظية بعد سقوط ادولة الرستمية في سنة 297ه على يد الفاطميين الشيعة هو ايجاد حل نظري للتوفيق بين مقولاتهم حول مسألة الامامة وواقع انهزامهم وعجزهم عن الاعلان عن امامة "دفاع" أو "ظهور" وخاصة أنهم فشلوافي كل ثوراتهم الشماخي- سير354،315 وعلا9ن1٣00 2٣2٧لا100259 . ويجب ان ننتظر حتى اوائل القرن الخامس للهجرة قبل ان يجد شيوخ المذهب حلا سينقظ مذهبهم من الانحلال والتالي الانقراظ الفعلي للفرقة لقد قاموا ببناء تنظيم سري يشبه في هياكلة السلطة السياسية يظمن لهم استمرار وامتداد المذهب والحفاظ على جماعات الاباظية في كل المناطق التي وجد فيها ااباظيون. ففي سنة 409ه قام محمد بن ابي بكر بالتاسيس لاول "حلقة" للعزابة بورجلان جنوب شرقي الجزائر اين التجأ اخر الائمة الرستميين الشماخي، سير 365 وتحديدا بواد ريغ. لقد انطلقت اول نواة لنظام جديد ديني وسياسي ستصبح المركز المنظم ذو النفوذ السياسي الواسع بعد ان انتشر في كل مناطق الاباظية بجبل نفوسة شمال طرابلس وجربة وبلاد نفزاوة بالجريد وبني ميزاب في الجزائر الشماخي، سير 345)131 وقد عرف هذا النظام باسم نظام "العزابة" والكلمة هي جمع "العزابي" وهو عضو "الحلقة" والاسم مشتق من فعل "عزب" بما يعني "العزوب" عن الدنيا والاهتمام فقط بشؤون الدين والدراسة والتفقه وقيادة المجموعات الاباظية. ولقد قام أبو عبد الله محمد بن ابي بكر بكتابة النظام الداخلي "للحلقة" وسيقع تطويره فيما بعد وسيتصدى عالم الكلام أبو عمار عبد الكافي لمهمة اعطائه شكله النهاي المذي سينظم الحياة داخل المجموعات الاباظية حتى يومنا هذا 26 ,ع11و110101ع 35 ^115011 للءلا١٧ج1 . 1150 وفي الحقيقة فإن هذا النظام ليس الأ امتداد " لامامة الكتمان" في حالة من السرية المطلقة ودون الأعلان عنها حتى ان عالما كابن خلدون كان يخلط بين المذهب والنظام السياسي عندما يتحدث عن مذهب "العزابة" للسكان الخوارج في شمال افريقيا فمجلس العزابة هو خلية قاعدية تتشكل تلقائيا كلما بلغ عدد الافراد المنتمين للمذهب اربعون شخصا دبوز- تاريخ 161 - 1 وعدد الاربعين يذكرنا بالشراة "الذين كانوا يخرجون كلما بلغ عددهم اربعون مقاتلا لمحاربة ولاة بني أمية. فكأننا بالاباظية قد استبدلت السيف بالقلم والقتال بالصراع الفكري بعد أن إتخذتها الهزائم وعملت فيها السيوف ومن الواضح أن علماء الاباظية ابتعدوا عمدا عن تناول هذا الموضوع الشائك واكتفوا بذكر القواعد العامة لهذا النظام 130 و1 11و101011ع ,ل112127و0٧428 . 151 هل هي تيوقراطية جماعية ؟ إذا ما ةمعنا في تسيير ونشاط الحلقة اكتشفنا بانها تشبه اي حكومة فشيخ الحلقة يدعو ويترأس اجتماعاتها وتصبح قرارات الحلقة ملزمة لكل افرادها ولكل افراد المذهب الاباظي ويقوم مجلس العزابة بتسيير شؤون المجموعات الاباظية وسن القوانين ويتصرف في الامكانيات ألمالية للمساجد وفي ألمساجد نفسها ااوقاف ويسير ادارة الأسواق ويشرف على الأمن. وقد تحولت الحلقة من هيكل ديني بحت يطلق الفتاوي الى مركز للقرارات التي تخص الجماعة ااباظية وقد كان ذلك تدريجيا لقد مثل "مجلس العزابة" نوعا من السلطة التيوقراطية الجماعية وقد تكون ضرورة التوازن بين "الوهبية" و"النكار" السبب الاساسي في استمرار الطابع الجماعي رغم الصراع الذي كان بينهم طوال عقود في كل المجتمعات ااباظية مع سيطرة واضحة للوهبية ولكنهم اضطروا للتعايش جنبا الى جنب مع النكاروالخلفية ادرجيني طبقات 11 رغم ان التوزيع الجغرافي قسم جربة مثلا الى مناطق وهبية في الشمال ونكار المستاوة في الجنوب ذلك فإنه يمكن الجزم بالطابع التيوقراطي ويمكن الإشارة إلى التطابق بين نظام العزابة والنظام الذي دافع على وجوده ابن فندين مؤسس التيار انكاري ومواقف الخوارج الاوائل، ويبرز الطابع الثيوقراطي لهذا النوع من الحكومة بالطابع الديني للقوانين المنظمة للجماعات الاباظية رغم جانب الاجماع الذي يمثله. والزاميته لكل اعظاء المجموعة وعدم امكانية نكثه انطلاقا من الحديث النبوي "لاتجمع امتي على ظلالة". وتدريجيا وعبر تطور تاريخي مميز تشكلت نخبة دينية احتكرت المعرفة والعلم ومارست اور الحكومة. لقد تميز رجال الدين هؤلاء وهم العزابة بأخلاقيات وتصرفات محددة بنصوص دقيقة لنظام عيشهم واكلهم ولباسهم ودروسهم في المجتمع واختلط كل هذا بتقاليد من اصل بربري جحلتهم يختصون بسيرة مميزة فرؤوسهم كانت محلوقة وعلى اخر شحرة وكل ملتحق جديد بالحلقة يبدأ بحلق رأسه حسب طقوس محددة تذكرنا بطقوس المرور من حالة الانقاوة إلى حالة 1152 النقاوة المطلقة عند شعوب اخرى هذه النقاوة الرمزية يأكدها اللون الابيض الناصع لثياب "العزابة" وهو من الصوف ويلبس دون اي ثوب داخلي، والعزابي يمشي بطريقة متأنية وفيها نوع من الفخامة لانه يمثل سلطة ويرمز إلى مكانة العلم في المجتمع وعلويته حتى ينبهر به العامة وهم عامة الشعب الذين لا ينتمون للعزابة، اما اكلهم فيتميز بالبساطة بينما تحدد بدقة اوقات ااكل ومكانه وطقوسه. اما الطابع الجماعي لسلطة العزابة فتظمنه طبيعة المجالس ورغم سرية مداولات المجلس والطابع الجماعي لقرارته فإنه يسير من طرف شيخ منتخب يدير اجتماعاته ونقاشاته ويخضع للاجماع فلا يتخذ قرار الا بالاجماع وفي كامل السرية ويصبح ساريا على كل اعضاء الجماعة الاباظية. ولكن ادراسة الدقيقة لهذه السلطة السرية تتجاوز موضوع بحثنا ويكفي ان نشير إلى انها من نوع خاص يمكن نعتها بالتيوقراطية الجماعية وهي تساوي سلطة الامامولكن في"حالة الكتمان". وكما قال سليمان بن يخلف الحزابي القرن ٢٧ه/71م : "هم اهل الحل والعقد" وقد حلوا محل اامام او السلطان العادل منذ ان انفرط عقد اولتهم في بلاد الم. 1153 الخلاصة لقد توصلنا خلال بحثنا في عديد الحالات إلى نتائج تراجعنا عنها فيما بعد وقد احسسنا بعدم الرضى في كثير من الاحيان خاصة امام شح المصادر المبكرة التي مازالت محروسة في خزائن الاباظية رغم انفتاحهم مؤخرا على البحث العلمي. ولكننا كنا نؤمن بالضرورة الملحة لإرساء منظومة نظرية لتاريخ الاباظية وتاريخ فكرهم الديني وهي حلقة اساسية نحو تقدم ادراسات حول الاباظية وقد نكون قد تسرعنا في اصدار الاستنتاجات كأهمية الصراع بين الوهبية والنكار الذي يبدو كأنه انعكاس للصراع القديم بين نمط العيش الحضري ونمط العيش البدوي كما قدمه ابن خلدون وقد بدا لنا ان نظرية العلامة المؤسس لعلم الاجتماع الحديث والذي عاش في تلك العصور تنطبق على تاريخ تطور المجتمع ااباظي. لقد كنا نحبذ علاوة على دراسة النصوص الحقدية بطريقة فيلولوجية ان نلجأ إلى الحلوم الحديثة والاثنولوجيا وعلوم الاثار والنقود ولكن هذا كان مستحيلا ويتطلب مدة زمنية اطول ونرجو ان يتمكن الباحثون في مجمل هذه الحلوم من مواصلة هذا العمل حول ااباظية. اما فيما يخص علم الكلام فإن الجوء إلى النصوص المبكرة كان وسيلتنا الوحيدة للتعمق في جوهر اشكالية الفكر الديني عند الاباظية ولقد تعمدنا عدم الجوء إلى الدراسات الحديثة والاثار المتأخرة للأباظية لاننا على يقين وقد بينا ذلك على ان اوج علم الكلام الاباظي كان في القرنين الخامس وادسادس ه ولم يفعل المتأخرون الا اعادة تكرار ما قاله الاولون. ونحن نعتقد كذلك ان تكلس الفكر اديني عند ااباظية وافق تكلس الفكر الديني عند المسلمين عامة. لقد اتبعنا طريقة استنطاق النصوص لاستخراج الاشكاليات المطروحة ااساسية واعادة اكتشافها ااخل كل القضايا اأخرى فالتوحيد والصفات والقضاء والقدر وخلق القرآن ورؤية الله وتفكيك العلاقات الجدلية التي تربط بينها. 154 فلو ارسنا العقيدة لشرحها لما تمكنا من اكتشاف اسرارها وهمومها الأساسية واهدافها الغير معلنة اي لما تمكنا من تفكيك منطقها اداخلي وابراز الاشكاليات التي تطرحها انطلاقا من يقيننا بان هؤلاء المفكرين اافذاذ لم يكونوا يكشفون عن عقيدتهم وقناعاتهم العميقة خلافا لما تعلنه كتب العقائد. إنهم يحاولون تقديم اطروحاتهم بكل موضوعية اون خلفيات مذهبية ونتائج تحاليلهم كنتيجة للمنطق العلمي. ولكنهم في الحقيقة وعند استنطاق نصوصهم نكتشف انهم يسعون إلى اهداف محددة حسب خطة محددة ليصلوا إلى نتائج محددة. فهم يكرسون حياتهم وجهودهم للدفاع عن المذهب الاباظي وهم بذلك متكلمون أي علماء للكلام الذي لا يعدو الأ ان يكون مذهبا افاعيا عن الدين الاسلامي. ليس المهم بالنسبة لنا ما يعتقده هؤلاء الشيوخ انا المهم هو الطريقة التي اعتمدوها للبرهنة على صفة عقيدتهم حسب المنطق اانساني ولكن اي منطق هذا الذي كان يستعمله العلماء الاباظيون؟ لقد اهتممنا بموضوعي الاشكالية والطريقة: كان هدفهم هو تأكيد مبدأ "التنزيه" الكامل لله سبحانه وتعالى وهو معتقد يعود إلى القرن الثاني للهجرة ويمثل اساس العقيدة الاباظية وعلم الكلام. والمعتقد كما فسرلي ذلك احد الشيوخ الاجلاء بجربة لم يوجد ليتطور ويقطع النظر عن صحة هذا الموقف فإن العقيدة هي بالتحديد جملة المعتقدات التي تعتبر حقيقة مطلقة عند معتنقيها والتي لا يمكن لأي كان مراجعتها. قد يقصد من لذلك ابراز حدود العقل فشيوخنا الاباظية هم بالاساس اصحاب عقيدة ومن الطبيعي ان يدافعوا عنها بكل ضراوة واقتناع لذلك لم نحاول البتة ان عن نتساءل صحة هذه العقيدة او نضع محل شك قناعاتهم وطرق الدفاع عنها. ولقد حاولنا تناول منطقهم في جدليته الداخلية في تناسقه وفي اهدافه فلم نحاول البتة نقاش مبدأ "التنزيه" وحججهم التي يقدمونها للدلالة عليه. لقد تحاملنا مع هذه النصوص على ارضية الموضوعية العلمية رغم حدودها التي تلزم المؤرخ ومؤرخ الافكار ولكننا وجدنا نفسنا في كثير من 155 الاحيان منساقين إلى التفكير في هذه الاشياء من داخل المنظومة ومنبهرين بتناسق افكار هؤلاء المفكرين الكبار. وقد بني هذا التناسق على اسس ما يسمونه ب المنطق وقد حاولنا ان نبين انه منطق ارسطو وقد كانوا يسيطرون على آلياته بنفس الدرجة التي سيطر عليها ال أشاعرة والمعتزلة. أما إذا أردنا تلخيص الاثر الكلامي الاباظي فيمكن ان نقول: انه الدفاع على فكرة للإلاه بالاعتماد على التفكير العقلاني او على تفكير يدعي ذلك وهذا يأتي في سياق اتجاه عام اثر في المفكرين المسلمين طوال كامل القرون الوسطى وقد عارضه بشدة تيارات أرتودوكسية عدة ان هذه الحرية النسبية للفكر قد رافقها عند الاباظية التزام حازم بالقانون والشرع وخاصة فيما يخص العبادات هذا الطابع المزدوج ميز الاباظية حتى العصور الحديثة وهم يشبهون في ذلك "البروستنان" وقد ذهب بعض الباحثين إلى تشبيهم بالدوناتيست 5ع5٤ذا100114 وهم الخارجون عن كنيسة القديس او غستان. ونحن نعتقد انه من الخطأ مقارنة الاباظية بمجموعات دينية اخرى لانهم خلاصة تاريخ مختلف ومتميز وقد بينا ذلك في الجزء الاول من بحثنا ولقد ركزنا على هذه الخصوصية لنبني العلاقة بين الجانب الديني والمعطى التاريخي لان دراسة الفكر الديني بمعزل عن الظروف التاريخية التي نشأ وترعرع واستكمل بناءه النهاني فيها لا يحكس دينامكيته الحقيقية ولا يبرز قدرته على التطور واستيحاب ماطرأ من افكار واحداث وقد يبدوا غريبا وشاذا واحسن مثل على ذلك مسألة الامامة وحالات الظهور والدفاع والشراء وخاصة حالة "الكتمان" التي يعيش فيها اباظية المغرب منذ نهاية امامة الظهور مع سقوط "الدولة الرستمية سنة 297 ه. فاأمامة هي من مسائل العقيدة قبل ان تكون مسألة سياسية وما علاقة الحذر التي تربط اباظية جربة وبني مزاب وزوارة بالسلط المركزية إلا انعكاسا لموقفهم العقدي من هذه الانظمة والنجاحات التي يلقاها الاباظية في مهن التجارة مرتبطة كذلك بطبيعة عقيدتهم فدراسة العقيدة تبقى المدخل ااساسي لكل محاولة فهم او تسليط ااضواء على هذه المجتمعات بالنسبة للمؤرخين وعلماءالاثنلوجيا. 156 وبالمقابل فإن فهم تطور الفكر الديني وبالخصوص المنظومة الفقهية الاباظية مرتبط اشد الارتباط بالواقع السوسيولوجي وبتاريخ هذه المجموعات. ولقد وجدنا صحوبة في ترجمة ما يحبر عنه علماء الكلام الاباظية من مصطلحات فلسفية عويصة الفهم إلى مصطلحات مبسطة وحديثة لانه كان من الصعوبة بمكان تفكيك الشفرات التي كان يستعملها هؤلاء فالمعرفة باللغة العربية الحديثة غير كافية وقد تدفعنا إلى الخطأ بسبب التغييرات التي طرأت على المفاهيم والمصطلحات لذلك التجأنا إلى الاداة الفيلولوجية لتاريخ المصطلح وتطوره ولم يكن ذلك سهلا مع استخنائنا عن ذكر ذلك في البحث حتى لا نثقل ذهن القارئ وقد زاد من صعوبة ذلك غياب قاموس اقيق دمعطلحات الكلامية. ولقد كنا كلما تقدمنا في فك رموز بعض النصوص وتوضيح بعض الاشكاليات الا وطرحت اشكاليات اخرى فكيف يمكن تثبيت التسلسل الزمني وتطور المصطلحات في غياب النصوص وفقدان الحلقات التي تربط بين مراحل تطور علم الكلام الاباظي؟ للاباظية والمعتزلة وخاصة على المستوى الاجتماعي والثقافي. فالجزم بهذه الحقيقة التي حاولنا شرحها قد يثير حفيظة بعض الاباظية الغيورين على هويتهم وخصوصيتهم المذهبية وقد يحاججوننا بنقاط الخلاف مع المعتزلة والغريب ان المؤرخين المسلمين المعاصرين كاحمد امين يجهلون هذه العلاقة وهذا التقارب وهم لا يعرفون ان المذهب المعتزلي قد تواصل في العصور الحديثة في شكل اباظي ونستثني من هؤلاء الشيخ محمد عبده الذي اعاد الاعتبار للفكر المعتزلي وقد كان له لقاءات مثمرة مع شيخ الاباظية انذاك محمد اطفيش عالم بني مزاب المهور. إن اعتبار الاباظية من "الخوارج" المتطرفين من طرف بعض علماء السنة قد اساء كثيرا لهؤلاء ولقد عانى طلبة الزيتونة الاباظية في القرن الحشرين من هذه الشبهة . في المرحلة التي تحاول فيها كبرى اديانات التقارب والحوار هل يمكن ان يستمر هذا النوع من الاقصاء تجاه احد اهم التيارات المؤسسة للفكر في العالم الا امي؟. 157 المصادر مصادر بيبليوغرافيا مختصرة 114102540411210 201001002422 12 110طي042 ممل و٨212م ٨6621 ذلا٨120-٨1 ,0100100121442 1,0181142 ه 00011111010 6 ع1٧ل 1ل 100111244 -1ل لال 140111214 ,27212 ع3 62 60210421 62 82خ16 ,٧21خ61خ100 402ح01 644 111٩442ا0؟ ٤ع 8021212 .1983 لت60462244 241’21-28ل 22141102 12 2105ل 1٧1105ل 2114164418 25 هم1غ01001 02 .01 ٨11246 .1965 ,04410(2114104418,62 6182110128 ىل1211ع 421001248؟ 828 هل 21 11428,2108؟2 20 202212 12غ0ا0خ10 2ل 1142؟خ *02444 ,8 .1 .044202ا٨1 .55108 ,1936 و1ل56 8ذ1128021 012 ه1 ل 1,6442 2 501014104411010=) ,621201210 - م111ه11حل٨1 02412 - ٨10102 .412خج٨1 210 ا0٧122 44ل 112ل102 201001004410242 ه1 2ل 201001001٩442خ 21 8021212 .1980 ,12418 ,عا272 3٤ 0٥ 82خ10 , 4211510101004484411002102 12 412غ6240 210 1004484411002102 421151010 ه1 :٨ .6211 .1938 ,12418 , 2^(21-18121001 و112 21 114151 21 اة82100 111 2^(18121001-21 و112لم ٨1 -.1969 ,62105221 ,٨6621-626100210 6262١٧1 021 14264411 .1961 12418 ؟٠2لا8218 ٠442 20112211010 ,ع561ا٨,ا 62 8021010512 .1 .1244ل60444 و 412غ6246 112181628 128 80448 041211212 62462412 ه1 .1 644410826١01105 .1948 ,52142=) 6ا ٠ع5ة 1000210 62441 ه1 2115 144101812 ه1 :1.1 ,1940 ,12418 14'21,5222 16621 ,٨11 446210010026^ 02660442 .8161100282 ,£1 .9 .2) .00111 .1 ا٧0 ,1965 ,4ع5ا٨ ,1026621 10044624262-21 ٧4214462لآ12 ١٧2 626112-21 2 501014164411010=) , 761-909 126241 62 1626112 1100210021'1 ٠ت) .0210521 ج3 عل 16282 ,252 11006211 62441 12 64442101 ل01ل 644 ه11و٨11"1 62 1,61810142 .م 331 ,1977 ,81428604445 ,27212 210 ,022162101212 ٨841٩442 210 226210528 21 5010010024228=) ,6044128.( 0201882 :42-73 ,1972 ,62418 ,8 .ت1 .11 .1 .2غ611244210غل1١ ه1 2٧22 421211010 .1 3256204481 161 - 662£612£65 5111٨01102910081970 و٨.1٧4.3 و102118 و٤. 10لا01ل1 11010 111٤5عى1021011 16241 ٢٥٢٥٧م 0٤ 101ا1110عى42 ٨ و11 ٨٠ 1م101011ث ٨^1187 ,163 ,1970 ,125ل811 561006012 0٤ 01111121( 1101010,42115ع028 هع. 021460 60 ٨11112٦٧201, 110010411601010 1011181111002116 16ج0ا01060 12 ة 111010411601011,101954 ,2118؟ , 6106 1001181111012106 6106 12 :1970 ى11ه. 0014211061 10٧4 1121 01241110 , 2٩111420-ا2 1512100 اج ه9211-٢٧21 2٩142-ا٨ و. ¥511511£ 1٧1111946 ,02116 16 ,هى. 16 4081006 60 1100201٩116ج40 ا46٧2400012110210 11ل 111500116 :151210" 1 46 101 ه 60 ,٨1110 *11خ؟ 21؟ 4081006,01241110 1001151111002106 010ا8اا16 ه1 هل 111141٩116ز 1973 ,1920 ,2115؟. 0105100210 0. 12 هذ1عله 610 اه0٧12 لال 21182ا8اا16 1,101500116 6111 11؟61؟٨ 51120 12 42105 14211151-210 6211 .8 ٨41110210010064 ٨6421126 11(4,21 هع1121-1ه ¥6151010 4,21-6211241,1400 ٤ع ؟ 81 .1976 ,2115؟ 6١ا6٢6 3 46 ه5غ. 62101150 11, 165 5611510065 42105 1,1512100, 1965 ,2115؟. 16010 1٨116ا0112ا01101؟56 11٩116£1,٨ 46 010ا0؟65611<1 , 16210 2110ع 46561111 .1 ,1956 ,2115؟ , 010ا0؟. 16 .£0111106211 6, "1ذ2141ع٦٨٧21-له ة77ا21£22-4,٨611 ,,010101٩116ا6 ه 660 ز386 - 322 60 176 - 99 ,1960 ,01٧ .٤ ,11621106£٨ 167116 42105 010101٩116ا 1.0٢٧ 1961,117-176 60 323-374. 16071611. 1: 12105ل 11241065 610061005؟٠011ل8 425 عل٩٦ل6؟اء٠ل8208 011ا21010؟16 ه 1,٨£11٩116 411 14014 211 1000٧٥10 282 1605610161 و 010ا21010؟16 ه, 011210021150X2107, 1957 ,للهد ٤. - 125 11241065 610 611101516 211 10007610 2822 116112206؟ 161066خ£6010 ح 61112 4611, ٨6624610012 41 6161100622 ,160016 60 52161066 41 012662؟ 601002 £250. 6, 601002, 1959. - £011465 16241065 10014-2£112211065, احةة8 8117116 10اً7ا625100 :1 21016؟ 16241065 6011465 10ت/٧6 100252716-21 1ة7ا5 و9111211110 072 1152£06ا , 06X06 21266 ,*ع1101 60 6010010061002116 ,110010411601010 عح٥٧ ٦٧21522٦72, 1955. 162 - 125 101601٣25 10م4 5ما٦١٢2111 15ل12 ى٤2ى1010101ا1ل112 ام 12001125ع 12£11٩1ه011ت1 ,٤011205ى101 125 ح٧1ت 21 ج٧111 41 ك٠١٢01٠ج 41 م 011.1961 ,111 .٢001,ه11ه101ح ٨ -1.12£ ل121٩2 ه1ع1ا 91111^ 158101٧1810108 8"2<٢{ذ124ذ 5م4 015ا5ذ٧ذ5114 5م£ -19141001.7182 ,1958 ,ى11ه10 ,15 .م25£ ,ه٤ ل٨10102م ٨1125ا - 1-ل٨01ل 81021-25 اه^ن ,1124116 ع110101911ع م1تآ -25-821111211 116 5م٩1ذ512111ذ 5م114ة 465 م٧1م1 , م٩1ذ1101م, 1936, 621161 111,59-67. 14211215. 0. 1ىم1مم1و119٤ و1 1 1ت. 0[28٩1612.1878 ؟1ع8ا٨ ؛ ع1او101001ع 110٧2ه!ه2 ل201"4 ^^1^110101 .£ لا 111 8.لم ولم .0 .19 .1 .٨ 02105 ,1124112 2ذج0ا0 ذل ع0٤ل1 .1 .01 100ح٧101ت, 1949, 299-313. 0ل 02115 , 12001٦1٥ع1110 21 01 لال ح120011ع0810110 و0 46 .٨ 1>11151لاا0ا• 601165110142166 ٨£172-15 ,1885 ,1مج٨1 ,16ذ62ذ. - 1,2846 ام 100610001128 46 1661611 02,02115ذج1,2 5م1ذ٨1241 5مل 42ذ 16X165 £111165 ,5ما5ذ21ا11مذ01 025 8م0ج011 ع1٦٧* ل1ل 1ل1م11 11011’1 10م 545-505 ,1905 ,-لع8ا٨. - 0110101321611 ٥ل 5ماذ11ل0ا105 112105 125 5111 828111 41110 ه14و 6110111116 , 0215 ٨6,5ما5ذ21ا11مذ01 5مل 8خ60181 ج1٧ت 11ل 65ا ٨1132-1 ,1905 ,1مج. 19211110, 140000[11مل 1120111 ذاعحل 112م٩1 م 1112 112'111 2مذا112ج0ل ه1 ه1] ذا ٨[[1.460-455 ,1918-1916 ,٢٧11 ,.0 .ى .1 215ل ,م01121ذ1ا11ماام5 هع 01ذ521ذ1ذ٧ذ6 م0 ام 11510116'4 ه1٥٧14 ,م0ذ211ا5ل11 ا2ا£,1 46 111£ ه1 ,٨٠ غ81ملم 011 0٧4290120, 21-10 ,1969 ,7 100 ,1ع8ا٨. £.01611 0 ٨014281051 511 661616165£ - 3280201511 - [ م55ذ٧م0 - 8 ام £2115, ٨.01. 6, 1970. £11112661 1, 12 ,11151111212 661011162 12 11 ٤0م1عم10٤111 21110 10ل 122014215 ,6211 .ط ^0210102^041 21121 ل٨ ل٨11 92701 42110 121٩2 112مل ه ٨.1.10.121-99 ,1954 ,1,5,٧ ,9م. 163 0205 , عل1وخ10110ط 1٤25ل02ه 115^100210148 اج 1125وخ18111101 ,1 10٤ع14ع9 .375-398 ,1956 ,100 ,61ج٨1 ,1102 ٨1112 هل18٥٢٧ .1941 1111015 ,105 12^21 ز10 25 ,102106 2010^5 .1979 120-15 و16٧21ل1106 11912100 ,112و10901001101 ا90111 02 1111015210106" 12٧116 42109 و٧2و11 10ج 1,1,11221 5111 6211¥0011 1011 و0٧4 1,2101" .45-54 ,1975 ,5061225 0665 562 1٤2ع1]2ل1 ع000ا55ع6ع5 ه1 ع 2٢٧1٧2ل1٧11-ذ٨1 6010020 11 ,٠٧£ 1211ج٧2 ,٧,10,5 ,لم.0.ل .٨.1 601010,02105 1ن 110212 0102؛ 11 ج16!ا 2112 1252100110211 .1-14 ,1952 £11 £5561066,! 61 1116 5111 2611010 "1 2> 1110021؟ ه .^012114-02211 ٤عل٢٧2 ,02115 ,151210022 12ل1ا5 , 1110021؟ 2 ٨5211 1ه"ل 11٥و1ع10 ه1 ج0 601001162111 1976 0121012112 2ع1ع٨102٥010 ,5601212 ل 1661616106 12 ة و0٧4 12100ع1821 ٢٧210 .1952 ,)[¥01 ٢٨٧ع٦5 ,116121210 1051£ 0061000112105 110 ج0 و1.) ,12خج٨1 60 ,5601212 ه 0111125؛ ج0 065ج2؟6200 *19214 -.1952 ,211165 021125 61 005ا1؟05611ا 5ج0 102ج٨620ا1 0100211٧6؛ 106 ٤ع10011 1512002 ؛2 6120؟ 6 010021؛ 106آ و٢٨٧1٧1 .١٧211 .1973 ,0ج01100111£ 01655 لا61511¥ا0تآ , 61120؟ .02116 ه1 ,21206 1201161100£" و21211702-1ه 02012-20 12111 و٢٨٧21102115210 61660,02000106 001151100 106 01660 11111100^1 1,06" ,0500^ .1932 ,01655 ل101٧2181٤7لاً 164 المخطوطات والمصادر الاباظية حس مؤلفيها * أبوعمارعبد الكافي بن ابي يعقوب: ٧1ه الموجزفي تحصيل السؤال وتلخيص المقال نشره عمار الطالبي: - الجزائر ٩ أبو العباس احمد بن سعيد الشماخي: - سير المشائخ- القاهرة 1301 ه ٩ أبو حفص عمر بن جميع: مقدمة التوحيد. نشره موتيلنسي في مؤتمر المستشرقين بالجزائر 1900 وكتب حاشيته الشيخ يوسف طفيش. * أبو غانم الغراساي الاباظي: المدونة الكبرى. سوريا 1974 في جزئين. * أبو نصر فتح بن نوح الملوشاني: القصيدة النونية مطبوعة. * أبو ساكن عامر بن علي الشماخي: كتاب الإيضاح. * أبو يعقوب يوسف بن ابراهيم الورجلاني: كتاب الدليل لاهل العقول لباغي السبيل لنور الدليل لتحقيق مذهب أهل الحق بالبرهان والصدق المطبعة البارونية بالقاهرة 1306ه. * أبو زكريا يحي بن ابي بكر الورجلاني: كتاب السيرة واخبار الاثمة نشره ماسكراي تحت عنوان "2214117002 ل1ط4٨ هل1و1010101ع". ٩ الجناوني أبو زكريا يحي بن الخير: عقيدة التوحيد الجزائر 1325 ه كتاب اوضع المختصر في اصول الفقه -القاهرة. ٩ الجيطالي أبو الطاهر اسماعيل بن موسى: قناطر الخيرات - المطبعة البارونية القاهرة 1307ه - قواعد الاسلام - مخطوط. ٩ السالمي أبو حميد - بهجة الانوار — شرح انوار العقول في التوحيد القاهرة. * تبغورين بني عيسى: كتاب اصول ادين نشره النامي في اطروحته والاب كوبرلي في ا وحته. 165 المصادر الغير الاباطية: * عبد الجبار القاضي شرح ال اصول الخمس - القاهرة 1384ه1965م. * اادريسي الشريف محمد : صفة المغرب والسودان ومصر. 1894 1614610. ؟ الاشعري أبو الحسن على بن اسماعيل: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين القاهرة 1377ه154م ؟ البغدادي عبد القادر: الفرق بين الفرق بيروت 1393ه/1973م ؟ البجوري حاشية على جوهرة التوحيد القاهرة 1352 ه/1934م ؟ البكري أبو عبد الله: ^1211 وه61211 ه10 و1010اع112011 ,ه1ه6210٤61011010 ه1٨11011 هل 1010ا1008110 1965 ؟ البقلاني أبو بكر: كتاب التوحيد في الرد على الملاحدة والمعطلة والرافضة والخوارج والمعتزلة - القاهرة 1366 ه / 1947م - بيروت 1957 ؟ ابن الاثير كتاب الكامل في التاريخ - القاهرة 1303 ه * ابن عذارى المراكشي: البيان المغرب في اخبار المغرب بيروت 1950 * ابن خلدون كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر وماجاورهم من ذوي السلطان الاكبر - القاهرة 1957. * ابن سعد: كتاب الطبقات الكبرى 1904 1614610. * المبرد أبو العباس محمد بن يزيد: الكامل في اللغة والنحو والتصريف، القاهرة، 1936، ج 3. ؟ الشهرستاني: كتاب الملل والنحل - بيروت- القاهرة 1956 ؟ ياقوت معجم البلدان: القاهرة 1955. 166 مصادر أخرى: ٩ أحمد أمين: ضحى الإسلام، القاهرة 1962. ٩ محمد الجربي أبوراس : مؤنس الأحبة، تونس 1958. ٨ حسن حسني عبد الوهاب: ورقات الحضارة العربية بإفريقية التونسية، تونس 1966. ؟ علي يحيى معمر: الإباضية في موكب التاريخ، القاهرة 1964. ؟ عمار الطالبي: آراء الخوارج الكلامية، الجزائر. 167 الفهرس - معدمه 1 موجز تاريخ الأباظية منذ نشأتها إلى أواخرالقرن السادس هجري الثاني عشرم - تاريخ المذهب من معركة النهروان إلى سقوط دولة تآهرت 297 ه الأباظية امتداد للتيار الخارجي المبكر المحكمة الأولى - الأباظية تبحث عن انتصار اروس من الهزائم - الدعوة الأباظية في ااوساط البربرية ببلاد المغرب - عوامل الإنتصار الحركة الخارجية والقومية البربرية شوائب الفرضية اأستشراقية ونواقصها - الاطروحة الاباظبة - السلالة الرستمية 164-297ه - تأسيس الدولة - حالة الظهور - السلالة الرستمية وعصرها الذهبي أو وحدة المذهب والقبيلة الأباظية من سقوط اولة تاهرت إلى تأسيس حلقة ريغ 269-409 ه - الانسحاب الاستراتيجي الأباظية والفاطميون العودة إلى مرحلة الدفاع 05 09 09 09 14 14 16 21 21 22 24 26 28 29 31 35 37 37 ثورة صاحب الحمار ثورة الوهبية أسباب الفشل الخامضة و قحة بغاي - الموقع الجغرافي والهياكل الإجتماعية والسياسية والإقتصادية في المناطق الأباظية في القرنين 12مو13م درع الصحراء ازدهار وتطور - الحياة الاقتصادية في المدن الأباظية في القرنين الخامس والسادس ه الفلاحة التجارة - الهياكل الدينو - سياسة ومؤسسات المجتمع من ثورة "بغاي" إلى تأسيس "حلقة" "ري" المذهب الأباظي من سنة 359 ه إلى 409 ه تأسيس حلقة ريغ صعود رجال الدين علم الكلام الاباظي نشأته تشكله وصيغته النهائية - علم الكلام الاباظي نشأته وتشكله وصيغته النهائية ولأدة عقيدة تشكل الحقيدة وبداية علم الكلام ا لواصلية والأباظية - الخلاف داخل الاباظيين حول القدر - العناصر اأولية للعقيدة بداية علم الكلام الشروط الموضوعية للبذخ الفكري 38 42 42 43 47 49 49 51 51 54 57 58 59 60 65 66 68 69 70 72 73 74 صعود وأفول نجم أباظية المشرق علم الكلام الأباظي في العهد الرستمي - نظرية "الامامة" عند الاباظية - الخلاف داخل الاباظية حول مسألة "الامامة - الاباظية الرستمية وانتفاظة المعتزلة - علم الكلام في العهد الرستمي - عوامل الضعف النظري للفترة الرستمية - رسالة محمد بن أفلح - واقع علم الكلام بين 297 ه و409 ه 11 علم الكام الاباظي في القرن الخامس والسادس هجري - تجديد الفكر اديني - النهظة في الفكر اديني ااباظي علم الكلام في القرنين الخامس والسادس - نقاط الالتقاء بين الاباظية والمعتزلة - مرتبة علم المنطق - في المفردات الخمس من الكلم - نقاط الخلاف الكلامية بين الاباظية والاشاعرة - العقيدة وعلم الكلام الاباظيين مسالة التوحيد -مالا يسع جهله - وجود الله: البراهين والحجج - الصراع ضد المشبهة - الاباظية والمعتزلة - خلق القرآن هل تطور علم الكلام الأباظي في القرن الثالث والرابع؟ 76 78 79 80 83 84 86 87 88 95 99 101 102 104 106 107 110 111 115 120 123 127 - القضاء والقدر - النص والجدلية - رؤية اله - مسألة الامامة عند الاباظية في القرنين الخامس والسادس من هجري - من "الامامة" الى "مجلس العزابة - هل هي تيوقراطية جماعية ؟ - الخلاصة المصادر - المصادر بيبليوغرافيا مختصرة - المخطوطات والمصادر الاباظية حسب مؤلفيها المصادر الغير الأباظية مصادر أخرى 129 137 140 145 150 152 154 161 165 166 167 الذارالتونسية للكتابا بلقاسم المرزوقي الكوليزي مدرج -د- الطابق الأول مكتب 130 43 - 45 شارع الحبيب بورقيبة - تونس الهاتف/الفاكس: 33 98 33 71 البريد الالكزوني:يصئة٠ئئسئتة سفصص4س٠د جع نشر هذا الكتاب بداية باللغة الفرنسية تحت عنوان 122 02115٤2 ا 42 21125^0 *ا٨ تحت عناية دار نشر فرنسية ٣ع1٨٣92٦ سنة 2003 وسحبت منه عشرات الآلاف من النسخ واقتنته أهم المكتبات العالمية كما تدل على ذلك الشبكة العنكبوتية. ولكن وزير الثقافة التونسية آنذاك لم ير فائدة في شراء نسخ منه بدعوى أنه نشر خارج تونس والحقيقة لا يعلمها إلا الله والراسخونفي علم السياسة، وقد طالبنا كثيرا من أصدقائنا ترجمته إلى العربية وقد قمنا بهذه المهمة رغم اقتناعنا بمقولة: "من ترجم خان. ولكنها خيانة محبذة وخاصة أن الإشكاليات التي يطرحها هذا الكتاب لم تتغيرمنذ أربعة عشرقرنا. لثمن :12.000 د.ت رد.م.ك: 8-96- 839 - 9938 - 978