سلسلة علم وإيمان : ِ س ل ؤا وج ب وا ف ﻲ القض ء ا والق ر د إع : داد محمد بنسليمانبنناصر المعو ﻲ ل مشرفد ﻲ ين بجا ﺔ مع السلطا ن قابو س فر ل يق العم التصميم والإخراج الفني: ابتسام بنت عبدالله الهنائية : متابعة عيسى بن ز ي اهر البوسعيد : شكر خاص ي عدنان بن سعيد الجلندان : إنتاج ة جماعة الثقافة الإسلامي ي التابعة لدائرة الإرشاد والتوجيه الدين ة بعمادة شؤون الطلب ١٤٤٣ / ه ٢٠٢٢ م م بس ه الل الر ن حم الر م حي ة مقدم الحمد لله الذي له مقاليد السموات والأرض وبيده الإبرام والنقض وله الحكم والأمر لا إله إلا هو إليه المصير وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فإن موضوع القضاء والقدر من المواضيع التي يكثر السؤال عنها، وفيه بعض المسائل التي يلتبس معناها ويحتار فيها الذهن في الغوص في عمق معناها، مع العلم أن القضاء والقدر من القضايا التي منع الإنسان من إغر ق ا النظر فيه وبالقضا نؤمن أيضا والقدر … ولم يجز إغراقنا فيه النظر لأن العقل البشري يستحيل أن يتوصل إلى تفسير بعض الظواهر المتعلقة به لخفاء مقدمات بعض الأمور أو لخفاء نهاياتها أو لغموضعللها، لذا يقفالمسلمموقفالتسليم لأمر الله تعالى لأنه يوقن أنه لا يقع شيء إلا لحكمة ولا يتحرك متحرك ولا يسكن ساكن إلا بتقدير فيوقن أن الله عزوجل حكيم عليم عدل حق منزه عن العبثية والجهل والظلم فنفس المؤمن نفس مستقرة مطمئنة متجهة إلى هدف واحد وغاية واحدة وهي رضى الله تعالى والفوز في الآخرة. وفي هذا المؤلف البسيط حاولت أن أقف على بعض الإشكالات التي قد تلتبس على الأذهان في مسألة القضاء والقدر فوقفت على بعض النصوص الشرعية وحاولت توضيحها وبيانها. وأصل هذا المؤلف هو دور ت ا ودروس قدمتها لطلبة جامعة السلطان قابوس فأسأل اللهعزوجل أن ينفع به وأن يهدي قلوبنا وأن يوفقنا لما فيه خير والله من ور . اء القصد محمد بن سليمان المعولي 19 ذو القعدة 1442 ه ) ١ ) ما الفر ؟ ق بين القضاء والقدر ء القضا لغة: الخلق والحكم والأمر. . اصطلاحا: إثبات الأشياء في اللوح إجمالا ر القد لغة: الخلق والتصوير والقضاء. . اصطلاحا: إثبات الأشياء في المواد تفصيلا توضيح: - الإحياء والإماتة والبسط والقبض هذا قضاء. - إحياء فلان وإماتة فلان وقبض الرزق عن فلان . وبسطه لفلان هذا قدر القضاء إجمالي والقدر تفصيلي: يعني قضى الله في الأزل أن يكون هناك موت وحياة وقبض وبسط ورفع وخفض، ووجود هذه الأشياء بشكل تفصيلي . في حياتنا هو القدر ) ٢ ) م ثَ ا مَّ أَ وَ } تعالى: الله قال ُ بُّ حَ تَ اْس فَ مْ اُه نَ يْ دَ هَ فَ وُد ا و لَ عَ ى مَ عَ اْل ى هداهم وكيف الآية؟ معنى ما { ىٰ دَ هُ اْل الله ٰ ولكنهم استحبوا العمى؟ نعرف الجواب من خلال معرفتنا لأقسام الهداية، : فالهداية تنقسم إلى قسمين ١ . . هداية بيان ٢. هداية توفيق. أما هداية البيان فمعناها الإرشاد، فالقرآن يهدي بمعنى يرشد إلىطريق الهداية }يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام{، والنبي عليه السلام يهدي بمعنى يرشد إلى طريق الهداية }وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم{ أما هداية التوفيقفهيمناختصاصالله تعالى، والمؤمن يدعو بأنيوفقهاللهلهذه الهداية }اهدنا الصراط المستقيم{ وهذه الهداية ليست من اختصاص النبي عليه الصلاة والسلام }ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من { يشاء وسنوضح لاحقا لمن تكون هداية الله. والآن اتضح معنى قوله تعالى: }هديناهم{ أي أرشدناهم إلى طر . يق الهداية ) ٣ ) ل ضِ يُ كَِ ل ذَٰ كَ } تعالى: قال ُّ دِ هْ يَ وَ اُء شَ يَ ن مَ هُ اَّلل ي مَ ش يَ ن َ { اُء )المدثر: ٣١ ( ما معنى الآية؟ وهل الهداية والضلالة أمران مكتسبان؟ يمكن أن نفهم الآية بالجمع بينها وبين الآيات الأخرى فخير ما يفسر القرآن َ السابقة المسألة في ذكرنا وقد ، آُن القر أقسام الهداية، والذي يعنينا في هذه المسألة هو هداية التوفيق وهي وإن كانت من اختصاص الله عزوجل إلا أن للعبد سببا في نيلها والحصول عليها وذلك بالعمل الصالح وصدق التوجه فإذا رأى الله من عبده ذلك وفقه إلى الهداية بفضله ورحمته، وأما إضلال الله للإنسان فيكون بتسبب منه فهو يعمل أعمالا تؤدي إلى ختم قلبه بالضلال وهذا ما وضحته الآيات الكر : يمة أولا: آيات الهداية: - }والذين جاهدوا فينا لنهدينهمسبلنا{ فالمجاهدة سبب للهداية، والمجاهدة فعل العبد. - }ويهدي إليه من أناب{ فالإنابة سبب للهداية، والإنابة فعل العبد. - }يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام{ فاتباع . رضوان الله سبب للهداية، والاتباع فعل العبد 8 ثانيا: آيات الضلالة: - }فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم{ كان الزيغ منهم أولا فأزاغ الله قلوبهم. - }وما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض{ أضلهم الله بسبب أفعالهم السيئة وهي نقض عهد الله من بعد ميثاقه، وقطع ما أمر الله أن يوصل، والإفساد في الأرض. (إِِإنََّّنا كُُكلََّّل شََشيْْيءٍٍء خََخلََلقْْقنََناهُُه بِِبقََقدََدرٍٍ ) [القمر: ٤٩ ] ( ٤ ) ما معنى قول الله ش تَ ا مَ }َو تعالى: َ ون اُء َ أَ ا لَّ إِ ن اء شَ يَ َ ن إِ * هُ اَّلل َّ وهل ا{؟ يًم كِ حَ ا يًم لِ عَ اَن كَ هَ اَّلل مشيئة العبد مسلوبة فليس له اختيار؟ الجواب أن الآية لا يفهم منها أن إرادة العبد ومشيئته مسلوبتان فالله تعالى أعطى العبد حرية الاختيار ويجازى يوم القيامة بما عمل }ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد{ }ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد{ }ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون{ }وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون{ ولكن مع إعطاء الله العبد الحرية في اختيار فعله قد تحول مشيئة الله تعالى بينه وبين مشيئته فلا يتمكن العبد من تنفيذ ما أراد وذلك لحكمة أرادها الله تعالى سواء كان ذلك الفعل الذي أراده العبد خيرا أو شرا فقد يتوجه إلى فعل شيء ولكن يصيبه أمر خارج عن إرادته فلا يستطيع تنفيذه فلو كان الفعل الذي أر ه اد خيرا يصيبه الأسى على عدم فعله فيؤجره الله تعالى على ذلك وقد يكون صرفه عنه لما فيه منضرر قد يقع عليه فتنزل عليه ألطاف الله بصرفه عنه، وقد يكون الفعل شرا فيصرفه الله عنه ليراجع العبد نفسه ويحاسبها لعله يثوب إلى رشده، وما أجمل ما ذيلت به الآية الكر ة يم { }إن الله كان عليما حكيما 10 فالله عليم بمصالح العباد والله حكيم منزه فعله عن العبث ويضع الأمور في مواضعها. )إِِإنََّّن اللََّّلهََه بََبالِِغُُغ أََأمْْمرِِهِِه قََقدْْد جََجعََعلََل اللََّّلهُُه لِِكُُكلِِّّل شََشيْْيءٍٍء قََقدْْدرًًرا( [الطلاق: ٣] )5) ما معنى الأثر: )نف ِ إلى الله قدر من رُّ قدرالله ) ر ه وا البخاري ومسلم؟ هذه العبارة قالها عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما كان متوجها إلى الشام فأخبر أن فيها الطاعون فلما هم ّ بالرجوع قال له أبو عبيدة: أفرارا من قدر الله؟ قال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة “نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله” والمعنى أن كلا من الوباء والسلامة هما من قدر الله فليس الوباء وحده هو من قدر الله وإنما السلامة كذلك، والواجب علينا أن )نفر ) والمراد أن نأخذ بأسباب السلامة لأن هذا هو المأمور به شرعا، فالنبي عليه السلام قال: “فر من المجذوم فرارك من الأسد” والمحافظة على النفس من مقاصد التشريع الإسلامي فلا يجوز تعريضها للخطر }ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة{ }ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما{ }خذوا حذركم{ وحديث النبي عليه السلام:”لا ضرر ولا ضرار” ويؤيد الأثر الوارد عن عمر رضي الله عنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: لا هائم دُ ر يَ ” على م ُ ص ِ ح ٍّ ” ومعناه لا يخالط ِ صاحب مرضم ُ يعديه لا حتى منه سليما معافى كان من عٍد فيضره وكذلك العكس بحيث لا يخالط المعافى السليم من المرض من كان به مرض م ُ ع ْ د ٍ فتنتقل العدوى إليه. 12 ويؤيد هذا الأثر أيضا ما روي من أن الصحابة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا وَدَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ وَتُقَاةً نَتَّقِيهَا، هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا ؟ قَالَ : “هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ” )رواه الترمذي(. )وََواللََّّلهُُه يََيعْْعلََلمُُم مُُمتََتقََقلََّّلبََبكُُكمْْم وََومََمثْْثوََواكُُكمْْم( [محمد: ١٩ ] )6) ما معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: دُّ يُر “لا القضاء إلا الدعاء” رواه الترمذي؟ هذا الحديث يدل على أن الدعاء له شأن عظيم ومكانة عالية ومنزلة كبيرة عند الله عزوجل فقد جعله الله تعالى سببا لرد الأمر المقضي. والدعاء الذي يدعو به المسلم لا يكون أمرا طارئا على الله تعالى - تعالى الله عن ذلك - وإنما هو كائن في علم الله عزوجل فالله تعالى لا تخفى عليه خافية، وهو بكل شيء عليم، يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون بل حتى المستحيل يعلمه الله إن وقع كيف يكون، فالله تعالى علم في الأزل أن عبده يدعو بدعاء يكون سببا في رفع الأمر المقضي عليه. ورفع السوء عن الداعي أحد ثلاثة أوجه لإجابة دعائه إن تحققت فيه شروط الدعاء الواردة في قوله عليه السلام: ن مِ ا مَ “ ْ س مُ ْ م لِ ٍ سيْ لَ ، ةٍ وَ عْ دَ بِ و عُ دْ يَ َ ط قَ ا لَ وَ ، مٌ ثْ إِ ا هَ ي فِ ِ ة عَ ي ُ م حِ رَ ٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَا ثٍ : إِمَّا أَ نْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّ ا أنَْ يدََّخِرَهَا لهَُ فِي الْآخِرَةِ، وَإمَِّا أنَْ ي صْ ر فَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَ ا ال .َ ق رَ ثِ كْ نُ نْ ذَ وِا : إ اُل “َ. ق َ . ) واه أحمد )ر “ رُ ثَ كْ أَ هُ :َّ “ الل )7) ما معنى قوله تعالى:}لقد خلقنا الإنسان في كبد{؟ ن ونكد؟ د أن يصحبه هم وحز بَ وَهل يلزم من الك الآية الكر ة يم تقرر حقيقة يعيشها الإنسان وهي أنه مخلوق في كبد أي في مشقة بمعنى أنه يواجه في حياته المشاق والمتاعب منذ بداية وجوده في الحياة إلى أن يلقى ربه، ولكن لا يلزم من هذا الكبد أن يصحبه هم ٌّ وغم ّ وحزن بل على العكس أحيانا فقد يكون ممزوجا بفرح وسرور وهناء، وهناك صور كثيرة في واقع حياتنا تدل على ذلك: - المرأة عندما تبشر بالحمل تكون في غاية السرور والفرح خاصة إذا كانت تنتظره منذ فترة طويلة مع أن المرأة تكابد في حملها المشاق والتعب. - الطالب عندما يبشر بقبوله للدراسة في الجامعة يسعد ويفرح مع أن الدراسة ليست أمر ا م ُ ريحا بل فيها التعب والجهد. _ الباحث عن العمل عندما يبشر بوظيفة في جهة مرموقة يكون في غاية السعادة مع أن العمل يتطلب جهدا . وتضحيات وهلم ّ القبيل هذا من الصور من الكثير فهناك ا جّر ولكن ما الحكمة من امتزاج الفرح والسر ؟ ور بالمكابدة 15 قد نستظهر من الحكمة في ذلك استشعارنا بعظمة الجنة التي أعدها الله لعباده المتقين فهي سرور محض وفرح محض وسعادة محضة ليس فيها تعب ولا مشقة ولا مكابدة فهي راحة محضة }ورضوان من الله أكبر{. ﴿وََوكََكانََن أََأمْْمرُُر اللََّّلهِِه قََقدََدرًًرا مََمقْْقدُُدورًًرا﴾ ]الأحزاب: ٣٨ [ )8) ما معنى قول الله تعالى: }إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان{ ؟ متى كان هذا العرض؟ وهل هو عرض حقيقي؟ نعرف الجواب عندما نستحضر أن القرآن يخاطب الناس بالأسلوب الذي كانت تتحدث به العرب فقد كانوا يتفننون في الأساليب لأجل إيصال المعنى بطريق سهل وبديع يأخذ بمجامع الألباب، فينتقلون في أساليبهم بين الحقيقة والمجاز وتارة يأتون بالمحسنات البديعية إلى غير ذلك. وعندما ننظر إلى هذه الآية نجد أن المعنى المقصود هنا ليس هو المعنى الحقيقي بل معنى مجازي فهي كناية عن أن الإنسان تهيئت له أسباب حمل الأمانة ما لم تتهيئ لمخلوقات أعظم منه كالسموات والأرض والجبال وذلك لما وهبه الله تعالى من موهبة العقل التي يتمكن بها من تسخير كل ما في السموات والأرض في مصالحه }وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه{. والكناية أسلوب كثر استعماله في القر ن آ الكريم وكذلك في السنة النبوية وهو أسلوب معهود في كلام العرب، فمن أمثلة ما جاء في السنة قول النبي عليه الصلاة والسلام: )من شرب الخمر في الدنيا حرمها في الآخرة) فهذ كناية عن 17 أنه يحرم دخول الجنة، ومن عبارات الكناية التي استعملتها العرب يقولون: فلان كثير الرماد بمعنى أنه كريم، وكذلك جبان الكلب إلى غير. ﴿وََومََما كََكانََن لِِنََنفْْفسٍٍس أََأنْْن تََتمُُموتََت إِِإلََّّلا بِِبإِِإذْْذنِِن اللََّّلهِِه كِِكتََتابًًبا مُُمؤََؤجََّّجلًًلا﴾ ]آل عمران: ١٤٥ [ ( ٩ ) يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا هامة ولا عدوى ولاصفر” ويقول في حديث آخر: “لا يرد هائم على م ُ ص ِ العدوى ينفي الأول الحديث ”، حٍّ والثاني يثبتها فكيف نجمع بين الحديثين؟ جواب ذلك أن الحديث الأول ينفي أن تنتقل العدوى بذاتها من شخص إلى آخر فهي لا تنتقل إلا بمشيئة الله تعالى، فحتى مع توفر أسباب العدوى لا يمكن أن تنتقل إلا بأمر الله تعالى فقد يصاب الإنسان بالعدوى وقد لا يصاب فالأمر كله لله، ويظهر هذا جليا فيما نعيشه الآن من جائحة كورونا التي أعيت العالم كله فلم يهتدوا فيها إلى سبيل، فمع أن هذه الجائحة تنتشر بالعدوى من خلال المخالطة وعدم التقيد بالاحترازات إلا أن هناك بعض الأشخاص لا تنتقل إليهم العدوى مع عدم أخذهم بالاحترازات وهناك أشخاص آخرون تنتقل إليهم العدوى مع التزامهم وحرصم على التقيد بالاحترازات، ومما يلاحظ أن شخصا مصابا بكورونا يخالط أهله في البيت ولا يصابون بينما قد يزور شخصا آخر برهة من الزمن فيصيبه بالعدوى وهذا كله يدل على أن العدوى لا تنتقل بذاتها وإنما بأمر الله، فهذا الحديث يصحح معتقدات وتصورات كانت راسخة في أهل الجاهلية ولذلك قرن موضوع العدوى مع الهامة والصفر التي كانت شائعة عندهم أيضا، فجاء الحديث الشر ف ي ليربطهم بالله تعالى وأنه عزوجل هو المتصرف في هذا الوجود فأهل الجاهلية ما كانوا يحسبون لله حسابا. أما الحديث الثاني فهو إرشاد من النبي عليه السلام بأن يأخذ الناس بأسباب السلامة والصحة حتى لا يضروا بأنفسهم ولا بغيرهم، فالمسلمون مع اعتقادهم أن العدوى لا تنتقل إلا بمشيئة الله إلا أنهم مأمورون أن يأخذوا بالأسباب، وقد جاءت نصوصأخر ى تعزز هذا المعنى ذكرتها في مسألة سابقة. ولإكمال الفائدة أوضح بعض المعاني المذكورة في الحديثين: - الهامة: لأهل الجاهلية طرائق في معناها فمنها أنها اسم طير يتشاءمون منه. - صفر: كذلك لهم طرائق في معناه ومنها أن المقصود . شهر صفر يحلونه عاما ويحرمونه عاما - الهائم: الذي جر . بت ماشيته أو مرضت - الم ُ ص ِ ح ّ : الذي ليس في ماشيته ما يكره. )المعنيان الأخيران للإمام الربيع بن حبيب رحمه الله، ولمزيد فائدة يرجع إلى شرح الجامع الصحيح للإمام السالمي رحمه الله ) ) ١٠ ) يقول الله ه ذِ هَٰ وا وُل قُ يَ ةٌ نَ سَ حَ مْ هُ بْ صِ تُ نإِ }َو تعالى: ِ مِ نْ عِندِ اللَّهِ وَإنِ ت صِ بْهُ مْ سَ يِّئَةٌ يقَُولوُا هَٰذِهِ مِ نْ عِندِ كَ ل قُ ْ ل كُ ٌّ ن مِّ ْ ع ِ ند ِ الآية في سبحانه ويقول {، هِ اَّلل التي َ َََ : ص أ ا }َّم تليها َ ن مِ ف ةٍ ن سَ حَ نْ مِ كَ اَب َ ص أ ا مَ وَ هِ اَّلل َ ك اَب َ مِ نس َ ة ئَ يِّ ٍ ف َ مِ ف نَّ ن ْ س ِ من كلا أن الأولى الآية أثبتت { كَ الحسنة والسيئة هما من عند الله وأما الآية الثانية فقد ذكرت أن الحسنة من الله والسيئة من نفس الإنسان، فكيف نجمع بين الآيتين؟ أولا لابد أن نعلم أن الحسنة المقصودة هنا هي النعمة والإحسان والسيئة هي المصيبة والنقمة ثم لابد أن نعلم أن لفعل الإنسان جانبين جانب الخلق والإيجاد وجانب الفعل والكسب فالجانب الأول هو من عند الله لأن الله تعالى هو الخالق الموج ِ والسيئة الحسنة خلق تعالى فالله للأشياء، دُ وهيأ الأسباب لفعلهما وهذا ما دلت عليه الآية الأولى وأما الجانب الثاني وهو جانب الفعل والكسب فالحسنة تصيب الإنسان بمحض تفضل من الله تعالى فالإنسان يسبح في أبحر نعم الله عزوجل ولم يكن له يد فيها ولا سبب )وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) )وما بكم من نعمة فمنالله) وأما السيئة فتصيب }وما منه، وتسبب بٍفعل الإنسان أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن { كثير 21 }ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون{ وهذا ما دلت عليه الآية الثانية. ﴿وََومََما كََكانََن لِِنََنفْْفسٍٍس أََأنْْن تُُتؤْْؤمِِمنََن إِِإلََّّلا بِِبإِِإذْْذنِِن اللََّّلهِِه﴾ ]يونس: ١٠٠ [ ( ١١ ) ما هي ثمرة الإيمان بالقضاء والقدر؟ من ثمارها ما يعرف في علم العقيدة بأركان الدين، فما ؟ هي أركان الدين أركان الدين أر : بعة ١ هلا . الاستسلام لأمر ٢ هلا . التوكل على ٣ هلا . الرضا بقضاء ٤. تفويض الأمر إلى الله وقد جمعها الإمام السالمي رحمهالله في منظومته غاية المراد في قوله: ارض وفوض وسلم واتكل فبذا ... تحوز أركانه اللاتي بها كملا وهذه الأمورالأربعة أمور قلبية ومعانيها متداخلة لكن ذكر بعض العلماء بعض الفروق بينها: فالاستسلام لأمر الله يعني الإذعان لأمره بعد وقوعه مما يحب أو يكره، والتوكل على الله يعني الإذعان لأمره قبل وقوعه، والرضا بقضاء الله يعني الإذعان للأحكام الشرعية التي شرعها سبحانه وتعالى فلا يقول على سبيل الكره لم ِ َ أوجب كذا وحرم كذا؟، ويعني الرضا بقضاء الله أيضا الرضا بما أنزله الله على العبد من بلاء ومصيبة، وتفويض الأمر إلى الله يعني عدم اختيار غير الواقع على الواقع قبل أن يقع كما لا يختار بعد أن يقع. فالاستسلام لأمر الله يوضحه قول النبي صلى الله عليه وسلم:”عَجَبًا لأَِمْر اِلْمُؤْمِنِ، إِ نَّ أَمْرَ هُ كُلَّ هُ خَيْرٌ، وَلَيْ سَ ذَا كَ لأَِحَ دٍ إلِاَّ للِْمُؤْمِنِ ؛ إنِْ أَ صَ ابَتْهُسَرَّاءُشَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإنِْ أَ صَ ابَتْ هُ ض َ ص اُء رَّ َ “ هُ اَ ل رً يْ خَ اَن كَ فَ رَ بَ والتوكل على الله مثاله ما جاء في قصة موسى مع قومه عندما أمرهم بدخول الأرض المقدسة فامتنعوا لوجود قوم َّ جبار ن ل خ فَتد ي رجلان مؤمنان ناصحان أنعم الله عليهما فقالا كما حكاه الله تعالى عنهم:}ادخلوا عليهم الباب فإذادخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين{ والرضا بقضاء الله يكون كما قال الله تعالى حاكيا قول عباده المؤمنين}سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير{ وكما في قوله تعالى: }وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم{ وتفويض الأمر إلى الله مثاله موقفالرجل المؤمن من آل فرعون الذي وصفه الله تعالى بأنه يكتم إيمانه فعندما قام بكل شجاعة في وجه فرعون لصده عن قتل موسى عليه السلام ثم أخذ في نصح فرعون ودعوته للإيمان بالله عزوجل فكان من المتوقع أن يبطش به فرعون ولكن الرجل المؤمن صرف عن باله هذا التفكير فقال: ض }وأفو أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد{ فكانت العاقبة }فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب{ فحصل ما لم يكن 24 متوقعا. _ لمزيد فائدة في معاني أركان الدين يرجع لكتاب شرح مقدمة التوحيد للإمام القطب رحمه الله، وشرح غاية المراد في نظم الاعتقاد لسماحة الشيخ الخليلي حفظه الله ﴿وََولََلوْْو تََتوََواعََعدْْدتُُتمْْم لََلاخْْختََتلََلفْْفتُُتمْْم فِِفي الْْلمِِميعََعادِِد وََولََلكِِكنْْن لِِيََيقْْقضِِضيََي اللََّّلهُُه أََأمْْمرًًرا كََكانََن مََمفْْفعُُعولًًلا﴾ ]الأنفال: ٤٢ [ ( ١٢ ) ص يُ نلَّ ل }ُق ِ ب تَ كَ ا مَ ا لَّ إِ آ نَ يَب َ لَ عَ وَ ا نَ ىٰ لَ وْ مَ وَ هُ ا نَ لَ هُ اَّلل ى ه اَّلل ِ ل كَّ وَ تَ يَ لْ فَ ِ { وَن نُ مِ ؤْ مُ اْل )التوبة: 5١ ( ماذا نتعلم من الآية الكريمة؟ هذه الآية جاءت بعد ذكر حال المنافقين وفرحهم عندما يصيب النبي عليه الصلاة والسلام مصيبة، وهذا هو حال الأعداء يفرحون لما يصيب المسلمين من المصائب والبلايا فجاءت هذه الآية لتنزل السكينة والطمأنينة وراحة البال على قلب كل مؤمن وتلجم العدو وتزيده غما على ما يشعر به المؤمن في وقت مصيبته من تلك الطمأنينة والسكينة بما كتبه الله له فكل حال المؤمن خير له من سعادة ومصيبة ّ “ وموقع هذا الجواب هو يفرح اّلعدو أن عّدو بمصاب ه لأنه عّدو ينكد ه فإذا حزنه، وُي الصلاة عليه النبي أّن علموا والسلام َ لا يحزن لما أصابه ز ل ا فرحهم. وفيه تعليم للمسلمين التخلق بهذا الخلق وهو أن لا يحزنوا لما يصيبهم لئلا يهنو وتذهب قوتهم، كما قال تعالى: }ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين إن يمسسكم قرح فقد مس القوم } قرح مثله )التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور بتصرف طفيف) والمؤمن لا تضيره المصيبة كما لا تبطره النعمة فهو عند النعماء من الشاكرين وعند البأساء من الصابرين وفي . كل الحالين هو يؤجر ويثاب نقل عن كعب الأحبار أنه قال: سبع آيات فى كتاب الله َُ ى تعال إ ا ذ قرأتهن لا أبالى ولو انطبقت السماوات على الأرض ِ لنجوت، وهذه الآيات هي: - }قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون{ )التوبة: 5١ ( - }وَإنِ يَمْ سَ سْ كَ اللَّ هُ ب ضُ رٍّ فَلَا كَا شِ فَ لَ هُ إلَِّا هُ وَ وَإنِ يُردِْ كَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِ هِ وَهُ وَ ف غَ اْل ُ ور ُ ح اَّلر ِ { يُم )يونس: ١٠7 ) َ ضرْ أ اْل ي فِ ةٍ اَّب دَ ن مِ ا مَ }َو - ِ لَ عَ ا لَّ إِ ى م لَ عْ يَ وَ ا هَ قُ زْ رِ هِ اَّلل ُ س مُ ْ ه رَّ قَ تَ َ س مُ اَ و ْ ه عَ دَ وْ تَ َ ل اُ ك ٌّ ف ِ اب تَ يِ ك ٍ { يٍن بِ مُّ )هود: 6( لَ عَ تُ لْ كَّ وَ تَ ي نِّ }ِإ - ى ذ آِخ وَ هُ ا لَّ إِ ةٍ اَّب دَ ن مِ ا مَّ م كُ بِّ رَ وَ ي بِّ رَ هِ اَّلل ٌ ه تِ يَ اِص نَ بِ َ { يٍم قِ تَ سْ مُّ اٍط رَ صِ ىٰ لَ يَ ع بِّ رَ نَّ اِ إ )هود: 56 ( هَ قَ زْ رِ لُ مِ حْ تَ ا لَّ ةٍ اَّب دَ ن مِّ ن يِّ أَ كَ }َو - و هُ وَ مْ اُك يَّ إِ وَ ا هَ قُ زُ رْ يَ هُ اَّلل ا َ الس َّ م ِ يع ُ ع اْل َ يم لِ ُ } )العنكبوت: 6٠ ( تَ فْ يَ ا }َّم - ح اس لَّن لِ هُ اَّلل ِ ك سِ مْ مُ ا لَ فَ ةٍ مَ حْ رَّ ن مِ َ ا مَ وَ ا هَ لَ ِ م هُ لَ لَ سِ رْ اُ م لَ فَ كْ سِ مْ يُ ِ { يُم كِ حَ اْل يُز زِ عَ اْل وَ هُ وَ هِ دِ عْ نَ ب )فاطر: ٢( ق لَ خَ نْ مَّ م هُ تَ لْ أَ سَ ن ئِ لَ }َو - َ ن وُل قُ يَ لَ ضَرْ أَ اْل وَ اِت اَو مَ اَّلس َّ ه اَّلل ُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُو نَ مِن دُو نِ اللَّهِ إِ نْ أَرَادَنِ يَ اللَّهُ بِ ضُ رٍّ هَ لْ هُنَّ كَاشِفَا تُ ضُ رِّهِ أوَْ أرََادَنيِ برَِحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَا تُ رَحْمَتِ هِ قُ لْ حَ سْ بِ يَ اللَّ هُ عَلَيْ هِ يَتَوَكَّ لُ الْمُتَوَكِّلُونَ{ )الزمر: ٣8 ) )تيسير التفسير للإمام القطب ) . وسوف أقف وقفات قصيرة مع هذه الآيات المباركات ) ١٣ ) قال ك سْ سَ مْ يَ نإِ تَعال:و الله َ ف اِش كَ ا لَ فَ رٍّ ضُ بِ هُ اَّلل َ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُردِْكَ بِخَيْر فٍَلَا رَادَّ لِفَضْلِ هِ يُصِيبُ بِ هِ { يُم حِ اَّلر وُر فُ غَ اْل وَ هُ وَ هِ اِد بَ عِ نْ مِ اُء شَ يَ ن مَ )يونس: ١٠7 ) ماذا نستفيد من الآية الكريمة؟ تدل الآية الكريمة على أن الله تعالى وحده هو كاشف الضر، والضر “لفظ جامع لكل ما يكرهه الإنسان كان ذلك في ماله أو في بدنه” )المحر ر الوجيز)، وأن الله تعالى وحده أيضا هو الذييسبغ على عباده الخير فلا يملكأحد منالمخلوقات فعل شيء من ذلك وهذا تنبيه للناس إلى أن يستعينوا بالله وحده في دفع الضر وجلب الخير. والخير مراد بذاته بخلاف الضر فهو ع َ ضرَ من الأعر ، اض والأعراض شيء طار ئ ويزول، وهذا هو سر التعبير في الآية الكريمة حيث عبر عن الضر بالمس وهو ع َ عن وعبر ضرَ الخير بالإرادة لأنه مقصود بالذات، ثم ختمت الآية بذكر صفتين من صفات الله تعالى وهما الغفور الرحيم، وذلك تكملة لامتنان الله على عباده فبجانب كون الله كاشفا للضر ومريدا للخير هو تعالى غفور فلولا الغفران لما حصل الخير وهو رحيم لأن كل ذلك نابع من رحمة الله تعالى، وفي ذلك أيضا تنبيه إلى ضرورة التوبة والتعرض لمغفرة الله تعالى ليحصل هذا الخير العظيم المذكور في هذه الآية الكر . يمة ) ١٤ ) يقول الله فِ ةٍ اَّب دَ ن مِ ا مَ وَ تعالى:} ضرْ أَ اْل ي ِ لَ عَ ا لَّ إِ ى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَ ا كُلٌّ فِ ي اب تَ كِ ٍ بالأسباب الأخذ عدم الآية تعني هل { يٍن بِ مُّ في طلب الرزق؟ تفيد الآية الكريمة أن كل دابة - والدابة هي كل ما يدب في الأرض من طير وحيوان وإنسان وحشرات وغيرها- فإن رزقها موجود ومتوفر في هذه الأرض، فهي على اختلاف أنواعها وأشكالها وأحجامها الصغيرة منها والكبيرة، والتي تر ة ى بالعين المجرد والتي لا ترى بالعين فإن الله تعالى قد كفل رزقها وهيأه لها كما هيأ لها الأسباب التي تعينها على كسب رزقها وهداها إلى الكيفية التي تتوصل بها إلى رزقها }الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى{ }والذي قدر فهدى{ أي خلقها وهداها إلى مصالحها وأعطاها ما يناسبها لكسب قوتها من أجنحة تطير بها أو مخالب أو أنياب أو خراطيم تلتقم بها أكلها وهكذا، ومن يتفكر في هذه المخلوقات يجد العجب العجاب في طرائقها لكسب رزقها وفي تهيئة الله لأجسامها لتقوم بوظيفتها في ذلك. والسعي للرزق أمر لابد منه فالله تعالى أمر بذلك في قوله: }هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من ر { زقه 29 والإنسان الذي عليه مدار هذا الكون عليه مع سعيه لرزقه أن يستحضر توكله على الله تعالى لأن التوكل أمر قلبي يدل على صلة الإنسان بربه وهي عبادة من العبادات القلبية والله كفيل بعونه “لوَْ أنَكَُّمْ توََكَّلْتمُْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ توََكُّلِهِ لرََزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ ؛ تَغْدُو خِمَاصًا ، وَتَرُوحُ بِطَانًا”، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها الذي كتبه الله لها “أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ، وَدَعُوا مَا حَرُمَ “ ﴿أََألََلمْْم تََتعْْعلََلمْْم أََأنََّّن اللََّّلهََه يََيعْْعلََلمُُم مََما فِِفي السََّّسمََماءِِء وََوالْْلأََأرْْرضِِض إِِإنََّّن ذََذلِِكََك فِِفي كِِكتََتابٍٍب إِِإنََّّن ذََذلِِكََك عََعلََلى اللََّّلهِِه يََيسِِسيرٌٌر﴾ ]الحج: ٧٠ [ 5( ١ ) ما معنى قول الله ل مِ حْ تَ ا لَّ ةٍ اَّب دَ ن مِّ ن يِّ أَ كَ }َو تعالى: ُ ه قَ زْ رِ َ م اُك يَّ إِ اَ و هَ قُ زُ رْ يَ هُ اَّ الل ْ و هُ وَ َ {؟ يُم لِ عَ اْل يُع مِ اَّلس كأين: كلمة تفيد تكثير العدد وهي مركبة من كاف التشبيه وأي ّ الاستفهامية تكون منونة ويكتب تنوينها نونا. ومعنى الآية أن هناك الكثير من الدواب لا تقدر على ادخار رزقها - وقلة قليلة من الدواب التي تقوم بادخار رزقها فقد قيل لا يخبئ قوته من الدواب إلا الانسان والفأرة والنملة وطائر العقعق -وبعض الدواب لا تقدر حتى على حمل قوتها لضعفها ولعاهة فيها فهي جميعا في كفالة اللهعزوجل الذي يهيئ لها رزقها وهناك مشاهد في الطبيعة لدواب فقدت القدرة على كسب القوت فهيأ الله تعالى لها من يتكفل لها بذلك، فقد رؤي قط يجلب قوتا لقط آخر أعمى، ومثل ذلك أيضا لوحظ طائر يتردد على جذع شجرة فلما نظروا وجدوا هناكطائرا آخر أعمى أعيته الحيلة فتكفل ذلك الطائر بجلب قوته. فالآية تعلمنا أن الله تعالى يضمن رزق المتوكلين عليه كما يضمن رزق هذه الدواب الكثيرة التي لا حيلة لها في كسب قوتها . وهذه الآية نزلت في سياق ذكر الهجرة إلى المدينة وسؤال بعض الناس النبي صلى الله عليه وسلم: كيف نقدم على بلد 31 ليست لنا فيها معيشة؟ فنزلت الآية، وجاء حديث النبي عليه الصلاة والسلام معززا هذا المعنى: “لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ ؛ تَغْدُو خِمَاصًا ، وَتَرُوحُ بِطَانًا “ وهذه الآية تفيض على قلب المؤمن بردا وسلاما خاصة في الأوقات الصعبة العصيبة التي تمر عليه ويرى أن أبواب الأسباب مغلقة فيبقى في نفسه الأمل بالله مدبر الوجود ومصرف الأكوان وهذه ثمرة من ثمرات الإيمان. ﴿وََومََما هُُهمْْم بِِبضََضارِِّّرينََن بِِبهِِه مِِمنْْن أََأحََحدٍٍد إِِإلََّّلا بِِبإِِإذْْذنِِن اللََّّلهِِه﴾ ]البقرة: ١٠٢ [ 6( ١ ) يقول الله ت لْ كَّ وَ تَ ي نِّ }ِإ تعالى: ُ لَ عَ ى ه اَّلل ِ كُ بِّ رَ وَ ي بِّ رَ م مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَ ا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ م ُّ س ْ ق تَ ِ يم ٍ ( ماذا نتعلم من الآية؟ هذه الجملة القرآنية حكاها الله تعالى عن عبده ونبيه هود عليه السلام وجاءت بعد قوله عليه السلام لقومه كما حكاه الله: }فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون{، وهي تعني أنه لا يبالي بكيدهم ولا يلتفت إلى تهديدهم ووعيدهم - مع علمه ببطشهم وجبروتهم ومع عدم وجود المعين له من البشر- فهو يثق بربه ويعتمد عليه في شدته ويفوض أمره إليه تعالى، ثم قال عليه السلام كما حكاه اللهعنه:}ما من دابة إلا هو آخذ بناصيته{ فهذه هي عقيدته ويقينه بربه فكل دابة في هذا الوجود هي واقعة تحت قبضة الله وقهره لا تملك فكاكا وانفلاتا من قبضته تعالى، فمن هم هؤلاء الجبار ن و المتغطرسون؟ وما قوتهم أمام قوة الله وقدرته؟ }إن ربي علىصر ط ا مستقيم{ فالله عزوجل حكيم عادل لا يظلم أحدا }وما ربك بظلام للعبيد{ }ولا يظلم ربك أحدا{ هذه الآية تقذف في قلب المؤمن الطمأنينة والاستقرار وتمنحه راحة البال فمهما تآمر المتسلطون وتكالبوا عليه بقوتهم وغطرستهم فهم تحت قبضة الله وقهره وهو القادر على نصره عليهم، ومصداق ذلك أيضا قول النبي 33 صلى الله عليه وسلم:”وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ “ }إن الحكم إلا لله{. ﴿ نََنحْْحنُُن قََقدََّّدرْْرنََنا بََبيْْينََنكُُكمُُم الْْلمََموْْوتََت ﴾ ]الواقعة: ٦٠ [ 7( ١ ) تَ فْ يَ ا مَّ } ح اس لَِّن ل هُ اَّلل ِ ا هَ لَ كَ سِ مْ مُ ا لَ فَ ةٍ مَ حْ رَّ ن مِ ِ ك سِ مْ يُ ا مَ وَ ْ ل سِ رْ مُ ا لَ فَ َ ه لَ ُ ه دِ عْ بَ ن مِ ِ و هُ وَ َ ز ي زِ عَ لْ ا ُ ك حَ اْل ِ { يُم )فاطر: ٢( ماذا يستفيد المسلم من الآية الكريمة؟ يلخص ذلك الإمام قطب الأئمة رحمه الله في تفسيره حيث قال: “ومن أتقن الآية قل اهتمامه، وانقطع عما سوى الله عز وجل، ومتى اشتغل بغيره فببدنه لا قلبه”، فأي خير منحه الله من خزائنه لعبده من صحة ورزق وأمن وعلم وحكمة وانشراح صدر وطمأنينة قلب فلا يقدر أحد على منعه عنه، وما من نعمة أمسكها الله عن عبده فلا يقدر أي مخلوق من بسطها له “وفى ذكر الفتح تلويح بعظم شأن النعمة أنها مما يصان، وفى تنكيرها التعميم” )أي كلمة رحمة) )تيسير التفسير)، وما أروع ما ختمت به الآية من ذكر هاتين الصفتين لله عزوجل فهو تعالى العزيز الحكيم، فالله تعالى عزيز أي غالب فلا يغلبه أحد }والله غالب على أمره{ وهو تعالى حكيم فهو منزه تعالى عن العبث ويضع الأمور في موضعها، فهذه الآية تبعث الطمأنينة في قلب المؤمن بحيث تشعره أنه يستند إلى قوة غيبية قادرة لا يعجزها شيء في الأرض . ولا في السماء ) ١8 ) قالالله ق لَ خَ نْ مَّ م هُ تَ لْ أَ سَ ن ئِ لَ }َو تعالى: َ ات اَو مَ اَّلس ِ ََ وَالْأرْ ضَ لَيَقُولُ نَّ اللَّ هُ قُ لْ أفَرَأيْتُم مَّا تَدْعُو نَ مِن دُو نِ اللَّ هِ إِ نْ أَرَادَن يِ اللَّ هُ بِ ضُ رٍّ هَ لْ هُ نَّ كَا شِ فَا تُ ضُ رِّ هِ أَ وْ َ أرَادَن يِ بِرَحْمَ ةٍ هَ لْ هُ نَّ مُمْ سِ كَا تُ رَحْمَتِ هِ قُ لْ حَ سْ بِ يَ ه اَّلل ُ ه يْ لَ عَ ِ ل كَّ وَ تَ يَ ُ { وَن لُ كِّ وَ تَ مُ اْل )الزمر: ٣8 ( ماذا يستفيد المسلم من الآية الكريمة؟ هذه الآية الكريمة ترشد إلى أن الله تعالى وحده هو كاشف الضر ومسبل النعم، فلا يملك أحد من المخلوقات كشف الضر عن أحد ولا جلب نفع لأحد إلا بأمر الله تعالى “وقدم الضر لأن دفعه أهم، والخير معه متكدر، والنفس مائلة الى التخلى عنه قبل التحلى بالخير” )تيسير التفسير). والآية أيضا فيها برهان لأولئك الذين يتشبثون بغير الله ويستعينون بغيره في كشف الضر وجلب النفع فالآية تصحح تلك التصورات الخاطئة التي توهم الناس أن هناك من يملك كشف ضر أو جلب نفع، كما أنها تبكت أولئك الذين يعتمدون على المادة ولا يعترفون بوجود إله بأن المادة لا تغني عنهم من الله شيئا ولذلك ختمت الآية بذكر التوكل على الله وقدم المعمول )عليه) على العامل )يتوكل) لإفادة الحصر فلا يصح التوكل إلا على الله تعالى الذي بيده كل شيء. ة خاتم بعد هذا التجوال في موضوع القضاء والقدر ومحاولة الإجابة على بعض التساؤلات والإشكالات المتعلقة به أود أن أكمل هذه الفوائد بذكر حديثين نبويين شريفين يدلان : على وجوب الإيمان بالقضاء والقدر ١ . قال َ ع نْ عَ غِني لَ بَ : بُيع اَّلر ُ بن بَادة ِ : اَل قَ تِ اِم اَّلص قال َ س رَ ُ وُل ى صَّل اللهِ اللهُعليه ِ : مَ وَّسل ك نَّ “ِإ َ ن لَ ْ د جِ تَ َ ن وَل ْ ن مِ تْؤ َ ة يَق قِ حَ غَ لُ بْ وَت َ ن مِ ؤْ تُ ى تَّ حَ يِمان اِلإ َ نَ مِ هُ نَّ أَ هِ رِّ شَ وَ هِِ ر يْ خَ رِ دَ بَالق س رَ يا : تُ لْ قُ : قَال اللهِ”. ُ وَل فَ يْ كَ اللهِ ر يْ خَ مَ لَ عْ أَ نْ أَ لي َ ر دَ اَلق ِ َ ََ هُ رَّ وَش وَم ، كَ يَب صِ يُ لِ نْ كُ يَ مْ لَ كَ أ طَ خْ أ ا مَ نَّ أ مُ لَ عْ “َت : قَال ؟ ا ََ أص َ كَ ئ طِ خْ يُِ ل نْ كُ يَ مْ لَ كَ اَب عَ تَّ مُ نْ فِإ ، ر يْ غَ لى ِ ت لْ خَ دَ ذَلك َ ”. اَر اَّلن )رواه الربيع بن حبيب في مسنده ) ٢. الله رضي اِب طَّ خَ اْل نُ بْ رُ مَ عُ عن د نْ عِ نُ حْ نَ ا مَ نَ يْ بَ : اَل قَ عنه َ رَ سُ و لِ اللَّ هِ صَ لَّى اللَّ هُ عَلَيْ هِ وَ سَ لَّ مَ ذَا تَ يَوْ مٍ إ ذْ طَ لَ عَ عَلَيْنَا رَجُ لٌ َ ِّ َ َّ َ َََ اض يَ بَ يُد دِ ش ِ اد وَ سَ يُد دِ ش اِب يَ الث ِ ر ث أ هِ يْ ل عَ ى رَ يُ ا ل ،ِ ر عَ الش ُ لَ إِ سَلَ جَ ى تَّ حَ دٌ حَ أَ ا نَّ مِ هُ فُِ ر عْ يَ ا لَ وَ ،ِ ر فَ اَّلس ى ص يِّ بِ اَّلن َ لَّ ى ه يْ لَ عَ هُ اَّلل ِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَ ضَ عَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ . َ ي ن رْ بِ خْ أ ، دُ مَّ حَ مُ ا يَ : اَل قَ وَ ِ ن عَ ِ س رَ اَل قَ فَ . اِم لَ سْ إِ اْل ُ ول ُ لَّ صَ هِ اَّلل ى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “ الْإِسْلَامُ أَ نْ تَشْهَدَ أَ نْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَ نَّ دً مَّ حَ مُ ا س رَ ُ ول ُ ه اَّلل ِ ص َ لَّ ى ه اَّلل ُ ه يْ لَ عَ ِ س وَ َ مَ لَّ ق تُ وَ ، ِ يم َ الص َّ اَة لَ ، ٣7 ي تِ ؤْ تُ وَ َ ص تَ وَ ، اَة كَ اَّلز ُ ت عْ طَ تَ اْس نِ إِ تَ يْ بَ اْل جَّ حُ تَ وَ ، اَن ضَ مَ رَ وَم َ َ ص : اَل قَ “. ا يًل بِ سَ هِ يْ لَ إِ َ ص يُ وَ هُ لُ أ سْ يَ ، هُ لَ ا نَ بْ جِ عَ فَ : اَل قَ . تَ قْ دَ َ هُ قُ دِّ . ن عَ ي نِ رْ بِ خْ أَ فَ : اَل قَ ِ هِ تِ كَِ ائ لَ مَ وَ ، هِ اَّلل بِ نَ مِ ؤْ تُ نْ أَ “ : اَل قَ . اِن يَم إِ اْل ، م وْ يَ اْل وَ ، هِ لِ سُ رُ وَ ، هِ بِ تُ كُ وَ ِ ال قَ “. هِ رِّ شَ وَ هِِ ر يْ خَ ،ِ ر دَ قَ اْل بِ نَ مِ ؤْ تُ وَ ،ِ ر آِخ اْل َ ََ ي ن رْ بِ خْ أ فَ : اَل قَ . تَ قْ دَ صَ : ِ ن عَ ِ س حْ إِ اْل َ د بُ عْ تَ نْ أ “ : اَل قَ . اِن َ ه اَّلل َ كَأَنَّ كَ تَرَاهُ، فَإِ نْ لَ مْ تَكُ نْ تَرَا هُ فَإِنَّ هُ يَرَا كَ “. قَا لَ : فَأَخْبِرْن يِ عَ نِ الس َّ ن مِ مَ لَ عْ أَ بِ ا هَ نْ عَ وُل ئُ سْ مَ اْل ا مَ “ : اَل قَ . ةِ اَع َ الس َّ ال قَ “. لِِ ائ َ َ َ َََ ي ن رْ بِ خْ أ فَ : ِ ن عَ ْ أم َ ه ت اَر ِ َ ا. ق َ ن أ “ : اَل ْ د لِ تَ َ ة مَ أ اْل ُ هَ تَ بَّ رَ ن أ وَ ا، ْ رَ تَ ى اء عَِ ر ةَ اَل عَ اْل اَة رَ عُ اْل اَة فَ حُ اْل َ ال قَ “. اِن يَ نْ بُ اْل ي فِ وَن لُ اَو طَ تَ يَ اِء اَّلش َ : ثُ مَّ انْ طَ لَ قَ ، فَلَبِثْ تُ مَلِيًّا . ثُ مَّ قَا لَ ل يِ : “ يَ ا عُمَرُ ، أَتَدْرِ ي مَ نِ َ : تُ لْ قُ “ ؟ لُِ ائ اَّلس س رَ وَ هُ اَّلل ُ يُل رِ بْ جِ هُ نَّ إِ فَ “ : اَل قَ . مُ لَ عْ أ هُ وُل ، م اُك تَ أَ ْ م كُ يَن دِ مْ كُ مُ لِّ عَ ،ُ ي ْ “. )رواه مسلم ) ن وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمي و “ُه َ اللَّه ُ الَّذ ي لا َ هَ ل إ َ إ ا و هُ لَّ َ م ال عَ ُ غ اْل َ يْ ب ِِ ِ ِ ِ و هُ ة اَد اَلشَّه وَ َ الرَّح ْ م َ ن ُ الرَّحيم ُ و هُ (22 ) َ ِ ِ اللَّه ُ الَّذ ي لا َ هَ ل إ َ إ ا و هُ لَّ َ م اْل َ لك ُ دُّوس قُ اْل ُ ِِ ِ ِ ْ ام اَلسَّل ُ م اْل ُ ؤمن ُ م اْل ُ ن م يْ هَ ُ ع اْل َ زيز ُ ِ ِِ َ بَّار جَ اْل ُ م اْل ُ بِّر كَ ت ُ س ُ ان حَ بْ َ ه عَ اللَّ ا مَّ ُ ْ ُ َ 23) هو َ ه قُ ال خَ اْل اللَّ ِ ئُ ار بَ اْل يشرك ن و ) ُ ُ ِ ِِ َ م اْل ُ ص َ وِّر ُ هَ ل ُ س أ اْل ْ م َ اء ُ س حُ اْل ْ نَ ى سُ ي َ بِّح ُ َ هَ ل ُ مَ ا ف ي السَّم َ اَو ت و هُ وَ ض رْ أ اْل وَ ا َ ِ ِ ِ ع اْل َ زيز ُ يم ك حَ اْل ُ (24”) ِ ِ سورة الحشر ) ٢ ٢٤ ٢ ) تصوير: حمزة الر ي واح