‫رار‬ ‫تركاتن‬ ‫‪.‬‬ ‫اباد‬ ‫إ‬ ‫كم‬ ‫‏‪".١217‬‬ ‫‏‪٠.٠‬‬ ‫>‬ ‫» رجه«۔‬ ‫‪..٦‬۔‪..‬۔‏‬ ‫له‬ ‫‪.‬رجحن‪٦٠."٦.‬۔‪"٦‬‏‬ ‫۔!۔‪.‬‬ ‫‪-‬۔ ‪...-.‬‬ ‫صحصح‬ ‫ص ل‬ ‫‪-‬تبرد‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫لارز‬ ‫ول‬‫ر‬ ‫ا‬‫‪ 7‬كد‬ ‫آت‬ ‫ك‪:‬‬ ‫تنكر‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫ج‬ ‫‪--‬‬ ‫‪ 2‬أعجتمححة‬ ‫بمن‬ ‫‪--‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫هه‬ ‫سإ‬ ‫سمح‬‫جميع ‏‪ ١‬لحقوق محضو ظة‬ ‫الَبحالألَ‬ ‫‪ ١٤٣٨‬ه‪ ‎‬م‪/٧١٠٢‬‬ ‫الناشر‪:‬‬ ‫ذاكرة عُمان‬ ‫سلطنة عمان ۔ مسقط‬ ‫‪٠٠٩٦٨٨٩٢٢١١٠١١‬‬ ‫‪:‬‬ ‫هاتف‪‎‬‬ ‫البريد الإلكتروني ‪!.0‬ن‪ 8‬م‬ ‫الموقع ‪..‬‬ ‫بكام‬ ‫_‬ ‫رتم (غززكوةلتن‘‬ ‫‪.‬‬ ‫‪...::‬‬ ‫ا‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫‏‪١‬‬ ‫متمادرساة‬ ‫‏‪١‬‬ ‫آ‬ ‫ا|‬ ‫الحمد لله‪ ،‬والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله‬ ‫وصحبه ومن والاه“ وسار على نهجه واتبع هداهك أما بعد‪:‬‬ ‫فإن مما أمر الله به هو أن يقتدي اللاحق بالسابق فيما كان فيه الاهتداء إلى‬ ‫الحق" لكي يكون سير اللاحق في ضوء سير السابق هدى وفضلا وعلماً‬ ‫وصلاحاًء وحتى يكون التواصل بين الخلف والسلف أمرا موجودا في شكل‬ ‫حلقات يأخذ بعضها بحجز البعض الآخر وهو ما أمر الله به عبده ورسوله‬ ‫محمدا صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر الأنبياء الذين سبقوه بقوله‪ « :‬أوليك‬ ‫مية > ير ۔ وو‬ ‫‪1‬‬ ‫ين هدى ألله فيهَدلهمم أقصده ‪ 4‬الأنعام‪ :‬‏‪.]٩٠‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪_-‬‬ ‫وهذا هو التقليد المحمود لآنه تقليد في الحق واتباع للحق" وليس‬ ‫كالتقليد المذموم الذي يكون فيه التقليد في الباطل الذي هو ضد الحق‪ ،‬كتقليد‬ ‫الآباء والأجداد في الباطل واتباعهم‪ ،‬وهو ما نعاه القرآن الكريم على المشركين‬ ‫الذين تمسكوا بشركهم وباطلهم وهواهم حيث قال الله يك عنهم‪« :‬نَا ودنا‬ ‫ترهم مَهَدُونَ ‪[ 4‬الزخرف‪]٢٢:‬‏ طنا ودنا عابآءتا عل‬ ‫ءاباتا عل أمة وا عل‬ ‫أمة وَإِتَا عل ءاتترهم مَقمَدُوت ‪[ 4‬الزخرف‪ :‬‏‪.]٢٢‬‬ ‫على أن أمر الله ك لنبيه محمد ية بالاقتداء بهدى الأنبياء السابقين يقاس‬ ‫عليه الاقتداء بالعلماء والاهتداء بهداهم‪ ،‬وذلك لأمرين‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬بجامع الهداية والاهتداء‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬إن العلماء ورثة الأنبياء كما جاء في الرواية‪.‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫<و‬ ‫فلا غرو أن يقرر سيد التابعين وثقة المسلمين أبو الشعثاء جابر بن زيد بعد‬ ‫أن ذكر الصحابة الكرام والتابعين لهم بإحسان قائلاً‪« :‬فالحق علينا وطء أقدامهم‬ ‫واتتاع أثرهم" واعلم أنه لم يهلك قوم قط حتى نازع الآخر الأول في العلم»‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق الحميد يأتي كتابنا هذا «شخصيات عمانية» ذاكرا سيرة‬ ‫عدد من الأئمة والعلماء؛ اعترافا بعلمهم وفضلهم وصلاحهم وجهودهم‬ ‫وجهادهم في سبيل نشر العلم وإقامة الحق والعدل وإعلاء شأن الإسلام في‬ ‫ربوع المعمورة‪.‬‬ ‫وقد رتتت شخصيات الكتاب على وجودهم الزمني أو الحياتي وليس‬ ‫وفق التاريخ الزمني الذي تمت الكتابة فيه عنهم‪.‬‬ ‫على أن الكتاب لم يتناول جميع الجوانب الحياتية لشخصياته وإنما تناول‬ ‫جوانب معينة ومحددة عنهم‪.‬‬ ‫وعسى أن يسهم في إعطاء فكرة وفكر عنهم للقراء والباحثين‪ ،‬حيث أن‬ ‫المكتبة العربية الإسلامية فيها نقص في مجال معرفة العلماء والأئمة العمانيين‬ ‫لعوامل عديدة ليس هنا محل ذكرها‪.‬‬ ‫والله ول التوفيق وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‪.‬‬ ‫مسقط العامرة‬ ‫أحمد بن سعود السيابي‬ ‫‪٧‬ا‪٢٠‬م‏‬ ‫‏‪ ٢٨‬يناير‬ ‫المواقف التاريخية للإمام جابر بن زيد‬ ‫مقدم إلى ندوة «من أعلامنا» في شهر سبتمبر‪. ‎‬م‪٨٩١‬‬ ‫بحث‬ ‫(‪)١‬‬ ‫‪٩‬‬ ‫‪ - ١‬المواقف التاريخية للإمام جابر بن زيد‪‎‬‬ ‫ذ‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيم‬ ‫الإمام جابر بن زيد (نبذة تاريخية)‬ ‫تحدد المصادر التاريخية مولده بين سنتي (‪١٨‬۔؟‪)٢٢‬‏ من القرن الأول‬ ‫الهجري في بلدة فرق من أعمال نزوى‪ ،‬وهو من قبيلة اليحمد إحدى قبائل‬ ‫الأزد بمممان‪ ،‬وكان أبوه صحابيا‪ ،‬فقد ساق أبو بكر الجصاص في كتابه أحكام‬ ‫القرآن حديئا من رواية جابر بن زيد عن أبيه عن رسول الله ية ‪.‬‬ ‫غير أن المصادر التاريخية لم تحدد تاريخ خروجه من غمان وقدومه إلى‬ ‫المدينة المنورة أو البصرة\ والظاهر أن قدومه كان فى عهد معاوية بن أبى‬ ‫سفيان ولعله بعد خروجه من عمان نزل أولآ في البصرة‪ ،‬ثم رحل منها إلى‬ ‫المدينة المنورة بغية الأخذ عن الصحابة‪ ،‬لا سيما أكابرهم‪ ،‬كعائشة أم المؤمنين‬ ‫وأبي هريرة وعبدالله بن عمر وأبي سعيد الخدري وأنس بن مالك وابن عباس‬ ‫وغيرهم من الصحابة ۔ رضي الله عنهم وأرضاهم ۔ ونظرا للعدد الكبير من‬ ‫أولئك الصحابة الكرام الذين التقى بهم وروى عنهم كان يقول «أدركت سبعين‬ ‫بدريًا فحويت ما عندهم إلا البحر» ويعني بالبحر ابن عباس _ وبما أن ابن‬ ‫على أن‬ ‫القول منه يدل‬ ‫متقطع ‪ -‬وهذا‬ ‫أهل بدر فا لإستئثناء‬ ‫عباس لم يكن من‬ ‫لأهل بدر منزلة خاصة فهم الرعيل الأول الذين انتصرت راية الحق على أيديهم‬ ‫بهم الصعداء{© فانتقل من مرحلة الكتمان إلى مرحلة الظهور©‬ ‫وتنفس الإسلام‬ ‫أو من مرحلة الضعف إلى مرحلة القوة‪ ،‬لذلك كان لقاء الإمام جابر بن زيد‬ ‫بذلك العدد منهم على قلة عددهم بالإضافة إلى لقائه بعلماء الصحابة له أثره‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪١٠‬‬ ‫ل‬ ‫الخاص الفعال في تكوين الإمام العلمي والفكري والسلوكي ‪ ،‬ذلك التكوين‬ ‫الذي إنبنت عليه حياته النزيهة ومواقفه التاريخية العظيمة‪.‬‬ ‫على أن علاقته بابن عباس «بحر العلم وترجمان القرآن» كانت قوية وظلت‬ ‫مستمرة ولذلك يقال عنه «أشهر من صحب ابن عباس وقرأ عنه" ومن هنالك‬ ‫نجد أن آراء ابن عباس منعكسة على المذهب الإباضي» وليس بعيدا أن يكون‬ ‫موقف الإمام من السلطة الحاكمة آنذاك بإرشاد وتوجيه من شيخه وأستاذه ابن‬ ‫عباس فقد روي أن أبا فقاس الأسود بن قيس وهو من أصحاب جابر ورفقائه‬ ‫وكانا يحجان معا فيلقيان ابن عباس ون فلاقاه جابر مرة ولم يكن معه‬ ‫أبو فقاس فقال ابن عباس‪ :‬أين صاحبك قال‪ :‬أخذه ابن زياد ۔ قال ابن عباس‬ ‫وأنه لمتهم؟ قال‪ :‬نعم‪ 6‬فسأل جابر ابن عباس «أوما أنت بمتهم؟ قال‪ :‬ابن‬ ‫عباس ‪ -‬اللهم بلى»‪.‬‬ ‫وكما كان الإختلاف في تاريخ ولادته وقع أيضا الإختلاف في تاريخ وفاته‪.‬‬ ‫بيد أن الرجحان يتجه إلى وفاته أنها كانت سنة ‏‪ ٩٣‬وهو التاريخ الذي حدده‬ ‫رواة الحديث الذين عرف عنهم عنايتهم واهتمامهم بضبط تواريخ أئمة الحديث‪.‬‬ ‫كما قيل أن الصحابي أنس بن مالك وجابر بن زيد توفيا في جمعة واحدة‬ ‫‪ -‬أي في أسبوع واحد ۔ ورجحت وفاة أنس بأنها كانت سنة ‪٩٣‬هؤ‏ وعلى هذا‬ ‫فإن وفاة الإمام جابر سنة ‪٩٢٣‬ه‏ قال عنه الشماخي «وكان أعلم الناس وأروع‬ ‫الناس وأعبد الناس ۔ استضاء بنوره جماعة عظيمة وأخذ عنه ناس كثيرة ۔ وكان‬ ‫مجاب الدعاء»‪.‬‬ ‫امتناعه عن معاونة الظلمة‬ ‫قد تلجئ الظروف بعض الناس إلى الإتصال بالظلمة والجبابرة الذين‬ ‫يتخذون مال الله دولا وعبادة خولا‪ ،‬وتكون تلك الظروف أشد مرارة عندما‬ ‫‪١ ١‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ ١‬۔ المواقف التاريخية للإمام جابر بن زيد‪‎‬‬ ‫يرزح تحت وطأتها أئمة العلم والدين لاسيما مع ظالم متكبر كالحجاج بن‬ ‫يوسف الذي ملأ القلوب رعبا وإرهابا‪ ،‬ففي مثل هذه المواقف تظهر عظمة‬ ‫العالم وتتجلى قوة شخصيته ورباطة جأشه‪ ،‬هذه المواقف التي يتصارع فيها‬ ‫الخوف والطمع‪ ،‬الخوف من بطش أولئك المتسلطين والطمع فيما عندهم‬ ‫ولكن العالم العامل يفرض عليه علمه وعمله التزام جادة الحق وسلوك طريق‬ ‫الآخرة في أي مكان" يقف كالطود الأشم ‪ -‬يهتدى به ومنار يهتدي بهداه‪ ،‬إذا‬ ‫احلولكت الظروف بالأمة واصطدم فيها الحق بالباطل واختلط الحابل بالنابل‪.‬‬ ‫ومن ثنايا تلك الظروف الحالكة القاتمة يشع نورا موقف الإمام جابر بن‬ ‫زيد مع الحجاج بن يوسف وينساب ضياؤه عبر مراحل التاريخ لينير للأمة‬ ‫طريق الكرامة والعزة‪.‬‬ ‫وذلك عندما كان جالسا مع الحجاج" وكان الحجاج يكتب فسقط القلم من‬ ‫يده فقال للإمام ناولني القلم‪ ،‬وربما كان ذلك اختبارا منه لجابر ليعرف صلابته‬ ‫فى الحق‪ ،‬فكان الجواب مستوحى من هدى الستة النبوية الشريفة القاضية‬ ‫بالحق والدالة على الصدق والمؤكدة على العدل والإحسان حيث قال له‪ :‬قال‬ ‫رسول الله يلة «لعن الله الظالمين وأعوانهم وأعوان أعوانهم ولو بمدة قلم»'‪.‬‬ ‫وهذا تصريح بظلم الحجاج دون مداهنة أو خوف‪.‬‬ ‫كان القضاء أعلى منصب ديني في الإسلام طالما أشرأبت إليه أعناق‬ ‫الكثيرين وتطاولت أنظارهم إليه بغية الوصول للارتقاء إليه‪ ،‬بيد أنه بجانب‬ ‫أولئنك‪ ،‬كانت هنالك مواقف لعلماء السلف الصالح الذين لم تختلبهم زهرة‬ ‫المناصب فابتعدوا عن الوقوع في شراكها‪ ،‬ومن بين تلك المواقف موقفان‬ ‫للإمام جابر بن زيد حين وعى لتولي القضاء‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬وزارة التراث القومي‬ ‫الدليل والبرهان‪ 6‬للإمام أبي يعقوب الرارجلاني‪ ،‬الجزء الثالث‪ ،‬ص‬ ‫‏)‪(١‬‬ ‫‏‪.٢٤‬‬ ‫والثقافة ۔ سلطنة عمان‪ ...‬وانظر فقه الإمام جابر بن زيد‪ ...‬يحيى البكوش ص‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪١٢‬‬ ‫‪٠ _-‬‬ ‫ل‬ ‫الموقف الأول‪ :‬مع الحجاج بن يوسف‬ ‫كاتب الحجاج ووزيره‬ ‫ذهب الإمام جابر بن زيد لزيارة زيد بن أبي مسلم‬ ‫فأدخله على الحجاج‪ ،‬وأعجب الحجاج بالإمام فقال له أتقرأ؟ قال نعم‪ ،‬قال‬ ‫له أتفرض؟ قال نعم قال الحجاج لا ينبغي لنا أن نؤثر بك أحداً بل نجعلك‬ ‫قاضياً للمسلمين‪ ،‬فقال جابر إني أضعف من ذلك‪ ،‬قال وما مبلغ ضعفك؟ قال‬ ‫يقع بين المرأة وخادمها شر فما أحسن أن أصلح بينهما‪ ،‬قال أن هذا لهو‬ ‫الضعف" إنها فرصة طالما سعى إليها آخرون وتمتوها وبذلوا في سبيل‬ ‫۔‬ ‫بن سيرين‬ ‫ا لإمام محمد‬ ‫وصفه‬ ‫الذي‬ ‫عليها ‪ .‬ولكن جابر بن زيد‬ ‫الحصول‬ ‫بقوله «كان أبو الشعثاء مسلما عند الدرهم والدينار»"" لم يكن ليغريه هذا‬ ‫العرض ويعلق الدكتور عوض خليفات على هذا الموضوع مستنتجاً «أن جابرا‬ ‫كان يريد اخفاء مقدرته وإبداء ضعفه للوالى حتى يبعد الشبهات عنه‪ ،‬وحتى‬ ‫لا يخطر ببال الوالي أن رجلا بلغ هذه الدرجة من الضعف يمكنه لأن يقوم‬ ‫نتأسيس حركة سرية مناوئة للحكم»"'‪.‬‬ ‫ولنا أن لا نوافق الدكتور خليفات على هذا التعليل وقد عرفنا موقف الإمام‬ ‫ومستنده عن العمل تحت مسؤولية الحجاج" على أنه لا مانع أن ينضم هذا‬ ‫التعليل إلى المانع الديني الذي أشرنا إليه‪.‬‬ ‫الموقف التاني‪ :‬مع الحكم بن أيوب‬ ‫كتب عامل البصرة الحكم بن أيوب الثقفي وهو ابن عم الحجاج وعامله‬ ‫على البصرة _ نفراً‬ ‫للقضاء منهم جابر بن زيد‪ ،‬يقول عمرو بن دينار ۔ وهو من‬ ‫كتاب السير للشماخي‪ ،‬ج‪٠٧. ١ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫‪٠١‬‬ ‫لابي العباس الدرجيني‪ ،‬ج‪ ٢ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫طبقات المشايخ‪.‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫‪.٢٢‬‬ ‫فقه الإما جابر بن زيك ص‪‎‬‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫(‪ )٢‬نشأة الحركة الإباضية" عوض خليفات" ص‪.٩٧ ‎‬‬ ‫‪١٢‬‬ ‫‪ ١‬المواقف التاريخية للإمام جابر بن زيد‪‎‬‬ ‫احه‬ ‫_‬ ‫المشهورين ۔ قال لي‬ ‫رواة الحديث‬ ‫ومن‬ ‫جابر بن زيد‬ ‫تلاميذ الإمام‬ ‫الحكم بن أيوب نفراً للقضاء أنا منهم‬ ‫أبو الشععفاء ۔ كتب‬ ‫ثم قال أي عمرو‪:‬‬ ‫فلو ابتليت بشيء منه لركبت راحلتي وهربت في الأرضر‪'١‬‏ ‪.‬‬ ‫حرصه على أداء الحج‬ ‫كان جابر حريصا على أداء الحج كل عام فقد كان يحج كل سنة ولعل‬ ‫هذا الحرص نابع من نظرته إلى العبادات وتقديسه لها باعتبار ما يتحمله العبد‬ ‫من مشقة وجهد وما يترتب على ذلك من الأجر والثواب‪ ،‬فقد روى عنه أنه‬ ‫يقول «نظرت في أعمال البر" فإذا الصلاة تجهد البدن ولا تجهد المال والصيام‬ ‫مثل ذلك‘ والحج يجهد المال والبدن فرأيت أن الحج أفضل من ذلك»""'‪.‬‬ ‫كما أن أحكام الحج كلها أحكام عملية تطبيقية‪ ،‬والحجيج ولا شك بحاجة‬ ‫إلى من يرشدهم إليها ويبينها لهم‪ ،‬فإن الله يعبد بالعلم" فكان لابد للعلماء من‬ ‫الذهاب إلى الحج للقيام بواجب العبادة أول وثانيا لإرشاد الناس وتعليمهم‬ ‫أمور حجهم إضافة إلى ما يتيحه الحج من اللقاء بالناس والتعارف مصداقاً‬ ‫لقوله تعالى « ليتَهَدُوأ متل لهم ‪ 4‬الحج‪ .‬‏‪ 5٢٨‬لهذا كان الإمام حريصاً على‬ ‫الحج كل سنة غير أنه في إحدى السنوات منعه عامل البصرة من الذهاب إلى‬ ‫الحج‪ .‬قائلاً له أن الناس يحتاجون إليك‘ فقال لا أفعل فسجنه‪ ،‬ولم يطلقه إلا‬ ‫بعد أن دخل شهر ذي الحجة ظنا منه أن جابرا لا يتمكن من السفر نظرا لضيق‬ ‫الوقت وبعد المكان" قال أبو سفيان «كان جابر بن زيد يحج كل سنة{ فلما كان‬ ‫ذات سنة بعث إليه عامل البصرةء أن لا تبرح العام‪ ،‬فإن الناس يحتاجون إليك‪،‬‬ ‫(‪ )١‬فقه الإما جابر بن زيد‪٩٦. ‎‬ص‬ ‫(‪ )٢‬فقه الإمام جابر بن زيدك ص‪ )٢-٢٢٤ ‎‬كتاب السير ج‪ ١‬ص‪ 0٦1٨ ‎‬وانظر طبقات الدرجيني‪ ،‬ج‪٢ ‎‬‬ ‫‪.٢٠٨‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪١٤‬‬ ‫ز‬ ‫فقال لا أفعل‪ ،‬فسجنه فلما كان غرة ذي الحجة جاءه الناس فقالوا أصلحك الله‬ ‫قد هل هلال ذي الحجةا قال فأرسله فخرج من السجن فأتى منزله‪ ،‬وناقته‬ ‫حوله في الدار كان قد هيأها للخروج فأخذه يشتة عليها الرحل ويقول‬ ‫«ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها» يا آمنة أعندك شيء؟ قالت نعم‬ ‫فهيأته في جرابين‪ ،‬فقال‪ :‬من سألك عني فلا تخبريه بمسيري يومي هذاء فخرج‬ ‫من ليلته وانتهى إلى عرفات والناس بالموقف©‪ ،‬فضربت ناقته بجرانها الأرض©‬ ‫وتجلجلت؛ فقال الناس ذكها ذكها‪ ،‬قال حقيق لناقة رأت هلال ذي الحجة‬ ‫بالبصرة أن لا يفعل بها هذا»‪.‬‬ ‫وفي هذه الرواية ما يشير إلى وفائه لناقته‪ ،‬لأن الوفاء ينبغي أن يكون‬ ‫متبادلاً بين الإنسان والحيوان‪.‬‬ ‫صراحته مع الحجاج بن يوسف‬ ‫أبرز‬ ‫‏‪ ١‬لإمام جابر بسعة العلم وتبحره فيه واشتهر أمره بأنه واحد من‬ ‫عرف‬ ‫أئمة التابعين مع ما كان يتصف به من نزاهة وسيرة مثلى وزهد في الحياة‬ ‫الدنياك ودقة في الفتوى وإصدار الأحكامس ولذلك كان محل ثقة الجميع في‬ ‫«رأيت‬ ‫معاوية‬ ‫ين‬ ‫إياس‬ ‫يقول‬ ‫والعام‬ ‫معروفاً عند الخاص‬ ‫وصار‬ ‫وفتاواه‬ ‫علمه‬ ‫البصرة وما فيها مفت غير جابر بن زيد؛"‪.‬‬ ‫ا لأسئلة‬ ‫تلك‬ ‫أبي مسلم لكي يجيب عليها جابر ‏‪ )٨‬وأحياناً تكون‬ ‫يريد بن‬ ‫مباشرة بين الإمام والحجاج ‪ 0‬فقل سأله مرة عن أول آية من سورة البقرة‪ ،‬فأجابه‬ ‫المسند‬ ‫‏‪ ٦٧‬وشرح‬ ‫‏‪ ٢٠٥‬وكتاب السير للشماخي ج ‏‪ ١‬ص‬ ‫انظر الطبقات للارجيني حج ‏‪ ٢‬ص‬ ‫‏)‪(١‬‬ ‫‏‪.٧‬‬ ‫للسالمي ج ‏‪ ١‬ص‬ ‫‏‪.٢٦٦‬‬ ‫قسم المقاطيع ص‬ ‫(مسند الإمام الربيع بن حبيب)‬ ‫الجامع الصحيح‪.‬‬ ‫‏)‪(٢‬‬ ‫‪١٥‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ ١‬۔ المواقف التاريخية للإمام جابر بن زيد‪‎‬‬ ‫`حح‬ ‫أبو الشعثاء تلك للمؤمنين قال والثانية" قال تلك للكافرين قال والثالثةث قال‬ ‫له فيك وفي أصحابك' يعني أن الحجاج وأصحابه منافقون‪.‬‬ ‫قتل خردلة‬ ‫خلق الله الإنسان وكرمه على غير‪ .‬من المخلوقات قال تعالى «رَلَقَذ كُبَمنَا‬ ‫مم‬ ‫و ‪.,‬‬ ‫ءه‬ ‫م ۔ے‬ ‫مم‬ ‫مهم‬ ‫و‬ ‫سممرمر ممروه‬ ‫عادم وملنهم فؤى الب واليَخر ونفهم يت اليتتوفضلنلهي علل كثر‬ ‫_‪-‬‬ ‫ب‬ ‫صم‬ ‫مصصم م‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫ے‬ ‫ه‬ ‫مَمَنَ حَلَقَنَا تفضيلا » [الإسراء‪ :‬‏‪.]٧٠‬‬ ‫وجاءت شرائع الأنبياء مؤكدة هذا الإكرام‪ ،‬حتى جاء الإسلام ليبلغ الذروة‬ ‫بإكرام الإنسان غير أن الإنسان يبقى متمتعا بهذه الحصانة طالما ظل منضبطا‬ ‫بالضوابط الإيمانية‪ .‬أما إذا خرج عن تلك الضوابط‪ ،‬وأخذ يعبث في المجتمع‬ ‫فساداً‪ ،‬وقام يؤذي المسلمين‪ ،‬فإن له شأنا آخر في حكم الإسلام كما كان الشأن‬ ‫مع خردلة الذي أمر الإمام جابر بقتله وكان خردلة قد سعى بجماعة من‬ ‫المسلمين وشاية عند عبيد الله بن زياد والي البصرة فقتلوا‪ ،‬فقيض الله أحد‬ ‫شباب أهل الدعوة المتحمسين يطلب الشهادة ويلتمس سبيل الجهاد فانتهز‬ ‫جابر الفرصة للتخلص من شر ذلك الخبيث الفاسد الذي تسبب في إعدام‬ ‫الكثيرين من الصالحين قال أبو سفيان‪« :‬أتى شاب أبا الشعثاء‪ ،‬فقال‪ :‬أي‬ ‫الجهاد أفضل؟ قال‪ :‬قتل خردله والشاب لا يعرفه‪ ،‬فأراه اياه رجل مانلمسلمين‬ ‫في المسجد ووضع يده عليه لئلا يخطأه؛ فضربه بين كتفيه ضربة بخنجر قد‬ ‫وإنما‬ ‫سمها وأخذا فقال‪ :‬له الوالي قد علمت أنك لم تفعل هذا من نفسك‬ ‫أمرت فذلني على من أمرك‪ ،‬ومتاه‪ ،‬فقال‪ :‬دع عنك هذا‪ ،‬فقتله وكان خردلة سعى‬ ‫بجماعة من المسلمين فقتلوا»"'‪.‬‬ ‫الطبقات حج ‏‪ ٢‬ص!ا‪.‬‬ ‫‏‪٧١‬‬ ‫كتاب السير ج ‏‪ 6١‬ص‬ ‫‏)‪(١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬كتاب السير للشماخي ج ‏‪ 0١‬‏ا‪١٢٧‬ص وانظر نشأة الحركة الإباضية ص ‏‪.٩٦‬‬ ‫ولا شك أن جابرا عندما أصدر هذه الفتوى الجرئية كان يعرف مخاطرها‬ ‫ومغبة أمرها فيما لو ضعف ذلك الشاب أمام التهديد والوعيد فكشف الأمر‬ ‫وأخبر بالسر ولكنه كان صادقا فيما اعتقد‪ ،‬وفيا بما وعد ثبت على مبدئه‬ ‫ثبات الجبال الرواسي قائلاً للوالي وهو يمنيه لكي يخبر بالأمر «دع عنك هذا»‬ ‫فكان على مستوى المسؤولية الجسيمة حقا‪.‬‬ ‫فلله تلك الفتوى الجريئة والنظرة العميقة من أبي الشعثاء أن تلك الفتوى‬ ‫لتعتبر بحق قاعدة من قواعد السياسة الشرعية‪ ،‬ولله در ذلك الفتى الذي صبر‬ ‫على التعذيب ثم القتل‪.‬‬ ‫تضفيه إلى عمان‬ ‫عاش الإمام جابر في البصرة‪ ،‬مركز الإشعاع الثقافي والتفاعل الفكري©‬ ‫بجانب قومه الآزد الذين نزلوا البصرة أثناء تمصيرها وأثر رجوعهم من بعض‬ ‫الفتوحات في فارس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ۔ رضي الله عنه‬ ‫وأرضاه( وكان من أبرز جماعة الأزد المانيين في البصرة أسرة المهلب بن‬ ‫أبي صفرة الذين كان لهم دور معروف في توطيد دعائم الحكم الأموي والقضاء‬ ‫على الخوارج بعد أن كادت تسقط البصرة في أيديهم" على أن علاقة المهلب‬ ‫وأولاده بالدولة الأموية كانت تمر بين مد وجزر وكان الحجاج بن يوسف والي‬ ‫العراق من أشد المناوئين لآل المهلب© فبعد وفاة المهلب أسفر الحجاج عن‬ ‫عداوته ومناوئته لآل المهلب فتنكر لهم واستطاع إقناع الوليد بن عبدالمهلك بن‬ ‫مروان بعزل يزيد والزج به في السجن مع بعض أفراد أسرته'‪ ،‬وقد جاء في‬ ‫بن الرحيل"‪.‬‬ ‫أبى سفيان محبوب‬ ‫المصادر نفي جابر إلى غمان ومعه هبيرة جد‬ ‫(‪ )١‬تحفة الاعيان نور الدين السالمي‪ ،‬ج‪ ١ ‎‬ص‪.٦٩١ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬نشأة الحركة الإباضية ص‪.١٠٠ ‎‬‬ ‫ص‪.٧١١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬كتبا السير للشماخي‪ .‬ج‪6‬‬ ‫‪١٧‬‬ ‫‪ ١‬۔ المواقف التاريخية للإمام جابر بن زيد‪‎‬‬ ‫والظاهر أن نفي جابر إلى عمان مرتبط بهذه الحادثة تحسباً لأي ردة فعل‬ ‫من جانب قبيلة الأزد في البصرة التي ينتمي إليها جابر نظرا لمكانته العلمية‪.‬‬ ‫ويرى الدكتور عوض خليفات أن الحجاج بن يوسف قام بسجن الإمام جابر ثم‬ ‫أطلق سراحه ونفاه إلى غُمان'‪.‬‬ ‫ولعل الإمام جابرا كان قد تم نفيه إلى غمان أكثر من مرة‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬ ‫الأمر بالمعروف والتهي عن المتكر‬ ‫الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قوام الإسلام ودعامته فقد أمر الله به‬ ‫الأمة الإسلامية حيث قال عز من قائل « ولتكن ينكخ أمة يعود إلَ اخير‬ ‫ويأمرون يألْكَروفي وَيَتَهَونَ عَن المُنكر ‪[ 4‬آل عمران‪ :‬؛‪]١٠‬‏ وقد زكى الله هذه الأمة‬ ‫لقيامها بهذا الواجب المقدس فقال « كتم حمر أمة أنتجت للتاير تَأحمْوة‬ ‫‪4‬‬ ‫ِ‬ ‫بال ‪( 4‬آل عمران‪ :‬‏‪.]١٠‬‬ ‫يألْمَعرُوفي وَتَئهررت عَنِ المُنكر ‪.7‬‬ ‫على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر طريق لابد للمؤمنين من‬ ‫سلوكه‪ ،‬ولأهميته جعل الإسلام له ثلاث مراتب اليد أو اللسان أو القلب‪ ،‬كما‬ ‫جاء في الحديث الشريفؤ ليتكمن المسلم من القيام بذلك مستعملا استطاعته‬ ‫وقدرته على تطبيق أي مرتبة منها‪.‬‬ ‫وقد نقلت مواقف رائعة وقفها السلف الصالح في مواطن ترتعد فيها‬ ‫الفرائص وتتبلبل الأفكار‪ ،‬وما مر بنا من مواقف الإمام جابر بن زيد كانت من‬ ‫هذا القبيل‪.‬‬ ‫وكان الإمام الجليل حريصا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬كما‬ ‫أن له رسائل فى هذا الشأن ومنها رسالته إلى الزهري المحدث المشهور ‪ ،‬عندما‬ ‫ص‪.١٠١ ‎‬‬ ‫(‪ )١‬نشأة الحركة الإباضية‬ ‫‏‪١٨‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫ل‬ ‫فتح باب الدخول إلى ملوك بني أمية وصار وزيرا للوليد بن عبد الملك‪ ،‬يقوم‬ ‫من‬ ‫الوارجلاني وكتب إليه ‪ -‬أي الزهري _ مائة وعشرون‬ ‫‏‪ ١‬لإمام أبو يعقوب‬ ‫الفقهاء يؤنبونه منهم جابر بن زيد وأبو حازم فقيه المدينة وؤهب بن منبه‪ ،‬وقد‬ ‫هؤلاء الثلاثة("‪.‬‬ ‫وقفت على كتب‬ ‫المراجع‬ ‫المؤلف‬ ‫الكتاب‬ ‫الرقم‬ ‫القرآن الكريم‬ ‫‏‪١‬‬ ‫الربيع بن حبيب الفراهيدي‬ ‫مسند الإمام الربيع‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫أبو بكر الجصاص‬ ‫أحكام القرآن‬ ‫‏‪٣‬‬ ‫أبو العباس الدرجيني‬ ‫طبقات المشايخ‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫أبو العباس الشماخي‬ ‫كتاب السير‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫نور الدين السالمي‬ ‫شرح المسند‬ ‫‪1‬‬ ‫عوض خليفات‬ ‫نشأة الحركة الإباضية‬ ‫‏‪٧‬‬ ‫يحيى محمد البكوش‬ ‫فقه الإمام جابر بن زيد‬ ‫‏‪٨‬‬ ‫أبو يعقوب الوارجلاني‬ ‫الدليل والبرهان‬ ‫‏‪٩‬‬ ‫‏‪.٢٠١‬‬ ‫‏‪ .١‬ص‬ ‫الدليل والبرهان© ح‬ ‫((‬ ‫أبو حمزة الشاري نشأته ودراستها‬ ‫(‪ )١‬ذم هذا البحث إلى ندوة «من أعلامنا» سنة‪. ‎‬م‪/٩٨٩١‬ه‪٩٠٤١‬‬ ‫‪٢١‬‬ ‫‪ ٢‬۔ أبو حمزة الشاري نشأته ودراسته‪‎‬‬ ‫بسم الثه الرحمن الرحيم‬ ‫مقدمه‪:‬‬ ‫آله‬ ‫وعلى‬ ‫الله‬ ‫رسول‬ ‫محمل‬ ‫سيدنا‬ ‫على‬ ‫والسلام‬ ‫والصلاة‬ ‫لله‬ ‫الحمد‬ ‫ومن و ا لا ‏‪.٥‬‬ ‫وصحبه‬ ‫أما بعد فيقول إمام العلم والعمل نور الدين عبدالله بن حميد السالمي في‬ ‫مقدمة كتابه «تحفة الأعيان»‪.‬‬ ‫«فإنه لا يخفى على عاقل أن علم التاريخ مما يعين على الإقتداء‬ ‫بالصالحين ويرشد إلى طريقة المتقين‪ ،‬لأن فيه ذكر أخبار من مضى من صالح‬ ‫وطالح‪ .‬فإذا سمع العاقل أخبار الصالحين اشتاقت نفسه إلى اقتفاء آثارهم" وإذا‬ ‫سمع أخبار الصالحين استفقت نفسه أن يكون من جملتهم" فتراه بذلك يقتفي‬ ‫آثار من صلح‪ ،‬ويتجنب أحوال من طلح»‪.‬‬ ‫أبو حمزة الشاري ‪ ..‬تشأته ودراسته‬ ‫بيد أن المعلومات التي تتصل بحياة أبي حمزة صعبة المنال ونادرة‬ ‫الوجود وما يتصل منها بنشأته وحياته الأولى أكثرها ندرة وأصعبها منالاء‬ ‫والسبب الأكبر في اختفاء هذه المعلومات يرجع إلى تعرض التراث الإباضي‬ ‫للإهمال والضياع والتلاشي‪ ..‬وقد قسمت البحث إلى قسمين‪:‬‬ ‫شخصيات ماني‬ ‫<كنوہ‬ ‫‏‪٢٢‬‬ ‫القسم الأول‪:‬‬ ‫أبو حمزة في مرحلة النشأة ويتكون هذا القسم من ثلاثة عناصر‪:‬‬ ‫العنصر الأول‪:‬‬ ‫نبذة جغرافية عن سلطنة غغمان بصورة عامة وعن صحار ومجز بصورة‬ ‫خاصة وذلك لإنتماء المبحوث عنه إلى بلدة (مجز) التى هي جزء من مدينة‬ ‫صحار‪.‬‬ ‫العنصر الثاني‪:‬‬ ‫فيتحدث عن وجود العرب في مان بدءا من الصرب العاربة ومرورا‬ ‫بالقحطانيين‪ ،‬ومجيء القائد العربي مالك بن فهم الأزدي وطرد الفرس من‬ ‫مان لنتوصل إلى معرفة قبيلة بني سليمة ونسب المبحوث عنه في تلك القبيلة‬ ‫باعتباره عربيا أزدياً‪.‬‬ ‫العنصر النالث‪:‬‬ ‫يتحدث عن إسلام‬ ‫أهل عمان ‪ 0‬حيث تعرضنا لمسير أول من أسلم من أهل‬ ‫عمان ألا وهو مازن بن غضوبة السعدي الطائي السمائلي‪ ،‬إلى النبي ية ‪ ،‬ثم‬ ‫مجيء عمرو ين العاص حاملا كتاب النبي ياثلة إلى ملكي عمان وانتشار‬ ‫أبى حمزة الشاري في بلدة «محز» وذلك لما‬ ‫الإسلام في غُمان‪ ،‬وبداية دراسة‬ ‫ذلك المجتمع‬ ‫للمجتمع الإسلامي من انعاكاسات إيجابية فى حياة أبي حمزة‪.‬‬ ‫الذي تكون بدخول الإسلام إلى غمان‪.‬‬ ‫القسم التاتي‪:‬‬ ‫أبو حمزة في مرحلة الدراسة‪ ،‬ويتكون هذا القسم من أربعةعناصر‪ :‬۔‬ ‫‪٢ ٢‬‬ ‫الشاري نشأته ودراسته‪‎‬‬ ‫‪ ٢‬۔ أبو حمزة‬ ‫‪١‬‬ ‫العنصر الأول‪:‬‬ ‫غُمان‬ ‫الفيحاء ‏‪ ٠‬وتمصيرها والعلاقة بينها وبين‬ ‫مدينة البصرة‬ ‫تحدثنا فيه عن‬ ‫باعتبار دراسة أبى حمزة كانت فى هذه المدينة المشهورة‪.‬‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫العنصر‬ ‫فقد تحدثنا فيه عن مدرسة أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي التي‬ ‫تخرج منها أبو حمزة وغيره من الدعاة الذين ملأوا الدنيا علما وعدلاً‪.‬‬ ‫العصر الثالث‪:‬‬ ‫فيه ملامح من حياة أبي حمزة أثناء إقامته للدراسة في البصرة‪.‬‬ ‫العنصر الرابع‪:‬‬ ‫يتطرق إلى توجه أبي حمزة من البصرة إلى اليمن للمشاركة مع الإمام‬ ‫طالب الحق عبدالله بن يحيى الكندي‪.‬‬ ‫لينتهي بذلك موضوع هذا البحث‘ وأضرع إلى الله أن يجعله خالصا لوجهه‬ ‫الكريم وأن يثيبني عليه أجر الولاية في الدين وأن يجعلني من الذين قال‬ ‫فيهم ون «وأآزيے جلثو من بدهم تقولورے ربنا غز تكاررلإخويتا‬ ‫أيبك سبقوا يالإيتن ولا تمل ف فثريتا غلا لل ءامثوا رباك روث‬ ‫[الحشر‪ :‬‏‪.]١٠‬‬ ‫رحم‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪٢٤‬‬ ‫(‪,:9‬ج۔‬ ‫اتسم اختل‬ ‫أبو حمزة قي مرحلة التشأة‬ ‫أول‪ :‬نبذة جغرافية عن عمان‪:‬‬ ‫أ التعريف بعمان‪:‬‬ ‫تحتل غمان الجزء الجنوبي الشرقي من جزيرة العرب‘ وهي بهذا الموقع‬ ‫تكون في أقصى منطقة في الجهة الشرقية للوطن العربي الكبير‪ ،‬حيث أن‬ ‫منطقة رأس الحد الواقعة قريباً من مدينة صور تمثل آخر نقطة تراب في شرق‬ ‫الوطن العربي‪.‬‬ ‫وتشرف السلطنة على بحر العرب (المحيط الهندي) من الجنوب الشرقي‬ ‫وعلى بحر عمان أو الخليج المتفرع عن المحيط الهندي والمتصل بالخليج‬ ‫العربي عبر مضيق هرمز من الجهة الشمالية الشرقية كما أنها تطل من الجهة‬ ‫الشمالية على الخليج العربي‪ ،‬بينما يحدها من الغرب صحراء الربع الخالي‬ ‫ومن الجنوب الغربي جمهورية اليمن الجنوبي"'‪ ،‬ومن الشمال الغربي دولة‬ ‫الإمارات العربية المتحدة‪ .‬وتبلغ مساحتها حوالي ‏(‪ )٣١١٣٠٠‬كيلومتر مربم‬ ‫وهي بهذه المساحة تقارب مساحة بلاد الشام (سوريا والأردن وفلسطين‬ ‫ولبنان)‪ ،‬وتعد بذلك ثاني أكبر بلدان شبه الجزيرة العربيةا"' أي بعد المملكة‬ ‫‏(‪ )١‬هكذا كان الوضع أيام إعداد هذا البحث‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬نبذة جغرافية من كتاب الإحصاءات التعليمية لعام‪ ٨٧ ‎‬م‪ ‎٨٨٩١‬ص‪.١١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬نفس المصدر‪‎.‬‬ ‫‪٢٥‬‬ ‫نشأته ودراسته‪‎‬‬ ‫الشاري‬ ‫أبو حمزة‬ ‫‪٢‬‬ ‫)__‬ ‫<‬ ‫\ذ‬ ‫العربية السعودية‪ ..‬وتطل على ساحل يبلغ أكثر من ألف وسبعمائة ‏(‪)١٧٠٠‬‬ ‫كيلومتر" على بحر العرب وبحر غمان‪.‬‬ ‫وتختلف التضاريس في عمان اختلافا ظاهرا" من سهول وحزون إلى جبال‬ ‫ووديان‪ ،‬ورمال وقفار‪ ،‬فهي كما وصفها أحد أبنائها في القديم بأسلوب بليغ‬ ‫فصيح‪ .‬أعجب به شيخ اللغة والأدب أبو عمرو بن العلاء فقد حث‬ ‫الأصمعي عن شيخه أبي عمرو بن العلاء قال‪ :‬رأيت أعرابياً بمكة فاستفصحته‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬من الرجل؟ قال‪ :‬من الأزد‪ ،‬قلت‪ :‬من أيهم؟ قال‪ :‬من الحدان بن شمس‬ ‫فقلت‪ :‬من أي بلاد؟ قال‪ :‬عغمان‪ ،‬قلت‪ :‬صف لي بلادك‪ ..‬فقال‪« :‬سيف أفيح‬ ‫(واسع خصب) وفضاء صحصح (فضاء مستو من الأرض) وجبل صلدح (ذو‬ ‫حجارة عريضة) ورمل أصيح (أبيض)"'»‪.‬‬ ‫«لذلك تعتبر غمان من أكثر بلاد العالم تنوعا في التضاريس فهي تجمع‬ ‫المتناقضات فترى فيها المرتفعات الصخرية في الجبال‪ ،‬والرمال الجرداء في‬ ‫الربع الخالي‪ ،‬وتلال ظفار التي تصبح خضراء بعد هطول الأمطار الموسمية‪...‬‬ ‫ثم السهول المنبسطة المترامية ثم ترى المنحدرات الصخرية الشاهقة وترى‬ ‫القرى الأنيقة القائمة في الوديان" تلك القرى التي تقوم فيها مزارع النخيل‬ ‫ولمان كذلك خط ساحلي يمتد عدة مئات من الأميال يتفاوت بين الشطآن‬ ‫الرملية المنبسطة\ والمنافذ الصخرية"'» ويقول الأندلسي الشريشي في وصفها‬ ‫«ما ولي البحر سهول ورمال وما تباعد حزون وجبال»!'‪.‬‬ ‫وتمتد فى غمان سلسلتان جبليتان هماث سلسلة جبال حجر غمان الممتد‬ ‫نفس المصدر‪.‬‬ ‫‏(‪)١‬‬ ‫(‪ )٢‬نور الدين السالمي‪ ،‬تحفة الأعيان‪١ ‎‬ج ‪١٦١.‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٥٩٠‬‬ ‫)‪ (٣‬داونالد هولي‪ ،‬غُمان ونهضتها الحديثة ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٤‬نور الدين السالمي‪ ،‬تحفة الأعيان‪ ،‬ج‪ 6١‬ص‪.٧ ‎‬‬ ‫من مسندم في الشمال وحتى منطقة رأس الحد في الجنوب‘ وسلسلة جبال‬ ‫القرى فى المنطقة الجنوبية‪.‬‬ ‫كلهم مسلمون‬ ‫حوا لي مليرنى نسمة‬ ‫في سلطنة غُما ن‬ ‫السكان‬ ‫ويبلغ عدد‬ ‫الأصليين‬ ‫من‬ ‫يتحدرون‬ ‫السكان‬ ‫والغالبية العظمى من‬ ‫‏‪ 5 ٠٠‬ولله الحمد‬ ‫العربيين (القحطانية أو العدنانية)‪.‬‬ ‫أنها سميت‬ ‫‏‪ ١‬بن خلدون‬ ‫فبينما يرى‬ ‫فى سبب تسميتها بما ن‬ ‫وقد اختلف‬ ‫بمحمان بن قحطان الذي كان والياً عليها لأخيه يعرب بن قحطان(" يرى آخرون‬ ‫أنها سميت بعمان بن إبراهيم الخليل نة أو بمممان بن سبأ بن يفثان بن‬ ‫إبراهيم خليل الرحمن‘‪ ،‬وقيل إن الأزد سموها غمانا باسم واد كانوا ينزلونه‬ ‫يقال له غمان‪،'"١‬‏ وأما الفرس فقد سموها مزونا' ولا يبعد أن يكون الفرس‬ ‫أطلقوا عليها اسم مزون وعندما جاء العرب الأزد بقيادة مالك بن فهم سموها‬ ‫باسمها القديم غغمان‪ ،‬ويقال أيضا أن الساميين أطلقوا عليها اسم ماجان' ولعل‬ ‫ربط‬ ‫حيث‬ ‫النحاس‬ ‫استخراج‬ ‫منها وهو مكان‬ ‫يطلق على جرء‬ ‫الاسم كان‬ ‫هذا‬ ‫النحاس ‪.‬‬ ‫التسمية بوجود‬ ‫هذه‬ ‫المؤرخون‬ ‫ومكان النحاس في عمان يقع بين صحار وتوام (البريمي حالياً) وتشمل‬ ‫غمان على العديد من الوديان الخصبة‪ ،‬وتقع البلدان والقرى الجميلة على‬ ‫ضفاف الأودية وهناك في تلك البلدان والقرى تقوم أشجار النخيل‬ ‫ومختلف الأشجار والمزروعات‘ لتشكل واحات خضراء جميلة يتحول‬ ‫‏(‪ )١‬نفس المصدر‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬ياقوت الحموي‘ معجم البلدان ج‪ ‘٤ ‎‬ص‪.١{٥٠ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬تحفة الأعيان ج‪ 6١ ‎‬ص‪.٧‎‬‬ ‫)( نفس المصدرك ج ‏‪ ،١‬ص‏‪.٧‬‬ ‫(‪ )٥‬هولي‪ ،‬عمان ونهضتها الحديثة؛ ص‪.١٤ ‎‬‬ ‫‪٢٧‬‬ ‫‪ - ٢‬أبو حمزة الشاري نشأته ودراسته‪‎‬‬ ‫الهواء الصحرواي الجاف بالمرور في أحضانها وبين أغصانها إلى نسيم‬ ‫عليل يبرئ العليل‪.‬‬ ‫ومن تلك الأودية وادي سمائل ووادي عندام ووادي خلفين ووادي دماء‬ ‫والطائين ووادي بني خالد ووادي الرستاق ووادي المعاول ووادي الجزئ‬ ‫وأودية جبال الحدان وأودية الظاهرة‪ ...‬وأهم المدن في غمان‪ ،‬هي مسقط‬ ‫العاصمة الحالية‪ ،‬ونزوى العاصمة التاريخية‪ ،‬والرستاق وسمائل وصحار ودبا‬ ‫وصور وإبراء وعبري والبريمي وصلالة ومرباط وجعلان والمضيبي‪.‬‬ ‫ب ۔ صحار‪:‬‬ ‫تعتبر صحار من الأهمية بمكان بين المدن المممانية فهى ذات أهمية‬ ‫استيراتيجية وأهمية اقتصادية وأهمية تاريخية وقد أكثر المؤرخون‬ ‫والجغرافيون والرحالة من ذكرها ووصفوها بالأوصاف الجميلة التي تدل على‬ ‫رقيها وأهميتها وعظمتها‪.‬‬ ‫فقد قال عنها الأصطخري «وهي على البحر وبها متاجر البحر وقصد‬ ‫المراكب وهى أعمر مدينة بمحمان وأكثرها مالا ولا تكاد تعرف على شاطئ‬ ‫بحر فارس بجميع بلاد الإسلام مدينة أكثر عمارة ومالاً من صحار» وقال ابن‬ ‫حوقل «إن بها من التجار والتجارة مالا يحصى كثرة» وقال المقدسي «صحار‬ ‫هي قصبة عمان ليس على بحر الصين اليوم بلد أجمل منه‪ ،‬عامر أهل‪ ،‬حسنك‬ ‫طيبؤ نزه‪ ،‬ذو يسار وتجار وفواكه وخيرات أثرى زبيد وصنعاء‪ ،‬أسواق عجيبة‬ ‫وبلدة ظريفة ممتدة على البحر دورهم من الآجر والساج شاهقة نفيسة والجامع‬ ‫على البحر له منارة حسنة طويلة في آخر الأسواق ولها آبار عذبة وقناة حلوة‬ ‫وهم في سعة من كل شي دهليز الصين وخزانة الشرق ومغوثة اليمن»‪.‬‬ ‫وقال عنها أيضا «وخزانة المشرقين صحار‪ .‬ووجب تقديمها على كل حال»‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‪---‬‬ ‫‪٢٨‬‬ ‫ووصفها الإدريسي قائلاً «أقتدم مدن عمان وأكثرها أموالا قديما وحديثا‬ ‫ويقصدها في كل سنة من تجار البلاد ما لا يحصى عددهم وإليها تحلب‬ ‫البضائع من اليمن ويتجهز منها بأنواع التجارات‪ ،‬وأحوال أهلها واسعة جدا‬ ‫ومتاجرها مريحة» وقال الحميري «وكان بصحار مجتمع التجار ومنها يتجهز‬ ‫لكل بلدة وإلى بلاد الهند والصين»"'‪.‬‬ ‫إن هذه الأوصاف الكبيرة لتدل على ما كان لهذه المدينة الجميلة من أهمية‬ ‫حضارية ويرجع بعض الباحثين ازدهار صحار الإقتصادي إلى القرن الثالث‬ ‫الميلادي" وقد ضلت ممسكة بزمام التجارة العالمية والثراء الإقتصادي إلى‬ ‫القرن الرابع الهجري‪ /‬العاشر الميلادي عندما بدا نجمها في الأفول حتى‬ ‫ظهرت قلهات كعاصمة تجارية حلت محل صحار في القرنين السادس والسابع‬ ‫الهمجريين‪ /‬الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين"'‪ ،‬وقد وصف المقدسي ميناء‬ ‫صحار بأنه فرسخ طولا في فرسخ عرضا(أي ‏‪ ٦١‬كيلو متر في ‏‪ ٦‬كيلو متر)ث‪.‬‬ ‫وكانت صحار من أسواق العرب التجارية والأدبية في الجاهلية ويذكر ابن‬ ‫حبيب أن سوق صحار كانت تقام أول يوم رجب لمدة خمسة أيام" وكان‬ ‫يعشرهم فيها الجلندى بن المستكبر({'‪.‬‬ ‫وجه‬ ‫اللذين‬ ‫ملكي عمان‬ ‫بن المستكبر هو والد جيفر وعبد‬ ‫والجلندى‬ ‫إليهما النبي يلة عمر بن الاصڵ وكتب إليهما كتابه الشريف©“ ودخلا في‬ ‫مان كلها في الإسلام‪.‬‬ ‫الإسلام ودخلت‬ ‫ص؛‪.٦٢ - ٦‬‬ ‫(‪ )١‬عبدالرحمن عبدالكريم العاني‪ ،‬مان في العصور الإسلامية الأولى‪‎‬‬ ‫(‪ )٦‬غمان ونهضتها الحديثة ص‪.١٨٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬غمان في العصور الإسلامية الأولى ص‪.٦٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬غمان ونهضتها الحديثة ص‪.١٨٦ ‎‬‬ ‫‪.٦٥‬‬ ‫الإسلامية الاولى ص‪‎‬‬ ‫غُمان في العصور‬ ‫(‪(٥‬‬ ‫‪٢٨٩‬‬ ‫حجج‪‎‬‬ ‫‪ ٢‬۔ أبو حمزة الشاري نشأته ودراسته‬ ‫وقد أراد الأستاذ الأديب عبدالله بن محمد الطائى عندما كان وزيرا‬ ‫للإعلام بالسلطنة أن يحيي السوق الأدبية بصحار فانبرى الشعراء العمانيون‬ ‫بقصائدهم الشعرية‪ ..‬بيد أنه لم يتم عقد تلك السوق الأدبية ولعل أسبابا‬ ‫حالت دون ذلك‪.‬‬ ‫وكانت تسكن مدينة صحار وما حولها العديد من القبائل العربية في صدر‬ ‫الإسلام كقبيلة بني الجلندى وفراهيد وبني سليمة التي ينتمي إليها أبو حمزة‬ ‫المختار بن عوف يله ‪.‬‬ ‫وقد مصرها الفارق بن عمر بن الخطاب زن فأقيمت بها صلاة الجمعة‬ ‫منذ ذلك الوقت" واشتهرت في التاريخ بصناعة أغراض متعددة ويكفي‬ ‫صحار فخرا بأن الرسول يلة كفن في ثوبين صحاريين وترك بعض أثواب‪،‬‬ ‫منها أثواب صحارية‪ ،‬كما كان كثير من الصحابة الكرام يقتنون المنسوجات‬ ‫الصحارية‪)"١‬‏ ٍ‬ ‫على أن حجمها تقلص بعد القرن السادس الهجري‪ /‬الثاني عشر الميلادي‬ ‫نتيجة لما أصابها من انحطاط حضاري وتدهور اقتصادي بعد أن حلت محلها‬ ‫قلهات ثم مسقط‪.‬‬ ‫بيد أنها توسعت في العهد الحالي توسعا كبيرا وجعلتها الحكومة‬ ‫العاصمة الإدارية لمنطقة الباطنة وأقيمت فيها الكثير من المشاريع‬ ‫والمنجزات بكافة التخصصات وخططت تخطيطا حديثا يتلاءم ومكانتها‬ ‫التاريخية والإستراتيجية‪ ،‬ولعل أهم المنجزات الصناعية بصحار استخراج‬ ‫وتصدير النحاس والذهب‪.‬‬ ‫‪.٨٩‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫جوهر النظام ج ‪3‬‬ ‫)‪(١‬‬ ‫‪.٢٧‬‬ ‫غمان في العصور الإسلامية الأولى ص‪‎‬‬ ‫(‪)٢‬‬ ‫عمانية‬ ‫شخصيات‬ ‫‏‪٢٠‬‬ ‫ر‬ ‫ج ۔ مجز‪:‬‬ ‫مجز قرية من أعمال صحار تقع في الجانب الشرقي من صحار ويعتبر وادي‬ ‫مجز هو الحد الشرقي لمدينة صحار‪ ،‬كما أن وادي صلان (وادي الجزئ) هو‬ ‫الحد الغربي إلا أنه كما قلنا سابقا إن صحار توسعت في هذا العهد وتعدت‬ ‫مساحتها هذه الحدود وبما أن مجز مجاورة لصحار وتعتبر من أعمالها‪ ،‬لا شك‬ ‫أنها تأثرت بما مر على مدينة صحار من تطور حضاري وإزدهار تجاري‪.‬‬ ‫وتنقسم مجز إلى قسمين مجز الكبرى ومجز الصغرى‪.‬‬ ‫والظاهر أن هذا التقسيم قد نشأ متأخرا كما هو الشأن في كثير من مناطق‬ ‫الرستاق والداخلية والشرقية حيث قسمت إلى علاية وسفالة‪ ......‬وكما هو فى‬ ‫الباطنة حيث قسمت بعض البلدان والقرى فأضيف قسم منها إلى الداخل‬ ‫وبعضها أضيف إلى شيء آخر‪ ..‬مثل منطقة ودام بلد الخليل بن أحمد‬ ‫الفراهيدي من ولاية المصنعة‪ ..‬فقد قسمت إلى ودام الساحل وودام الغاف‪..‬‬ ‫ولعل في القديم كان يطلق على مجز كلها مجز‪.‬‬ ‫على أن بلدة «مجز» هي التي خرج منها القائد أبو حمزة الشاري‬ ‫المختار بن عوف السليمي وزميله ورفيق دربه الجهادي بلج بن عقبة‬ ‫الفراهيدي رحمهما الله"" وكانت مقرا لقبيلة بني سليمة بن مالك بن فهم كما‬ ‫كان يسكنها بنو فراهيد بن مالك وبعض قبائل ولد مالك بن فهم أيضا‪...‬‬ ‫ولكن الرئاسة والتقدمة كانت لبني سليمة القبيلة التي ينتمي إليها‬ ‫أبو حمزة جنه ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬نور الدين السالمي‪ ،‬جوهر النظام‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬سلمة بن مسلم العوتبي‪ ،‬الأنساب‪ ،‬ج ‏‪ ٦٢‬ص ‏‪.٢١٨١‬‬ ‫التراث القومي والثقافة وانظر منهج‬ ‫‏‪ ٠‬وزارة‬ ‫عبد الله بن مداد في ذكر العلماء ص‬ ‫‏)‪ (٣‬سيرة‬ ‫‏‪.٦١٥‬‬ ‫الطالبين ج ‏‪ ١‬ص‬ ‫‪٣١‬‬ ‫‪ ٢‬۔ أبو حمزة الشاري نشأته ودراسته‪‎‬‬ ‫ثانيا‪ :‬وجود العرب قي عمان ‪:‬‬ ‫القحطانيون‪:‬‬ ‫‪9‬‬ ‫غُمان منذ عهد العرب البائدة وهم‬ ‫الجنس العربي على أرض‬ ‫يعود وجود‬ ‫قوم عاد الأولى وهم العماليق الذي كانت منازلهم بالأحقاف من رمال غُمان‬ ‫الواقعة بين مان وحضرموت" وتشير الدلائل إلى أنها صحراء الربع الخالي‬ ‫وقد ذكرهم الله تعالى بقوله «وأَذكُر أما عاد إذ أندَرَ قَوَمَة‪,‬يلكَحَمَاني ‪[ 4‬لاحتاف‪¡٦.‬‏‬ ‫فأهلكهم الله بكفرهم وبغيهم بعد أن أرسل إليهم نبيه هوداً إذ يقول تعالى‬ ‫ِ‬ ‫‪7‬‬ ‫ه ‪4‬‬ ‫۔؟۔َھ >ء۔'س مي‬ ‫« وأتر هلك مَادا آلآوك؟ االنجم‪.:‬ه] وأهلكهم ر العزة «يريج صَرمَر عَاَة ‏‪٥‬‬ ‫‏‪ 2٤‬و‪> .‬۔ س ه‬ ‫[‬ ‫س‬ ‫إ‪.‬۔‪,‬‬ ‫ممے۔۔‬ ‫‪4‬‬ ‫‪ ,,22 22‬؟‪1‬۔‬ ‫سص۔ ۔ ] ‏‪٢١‬‬ ‫ص ے۔ ‏‪ ١‬۔إ]ء ‪.‬‬ ‫سَحَرَكَاعَلتيهم سبع لال وَتَمْنيَة أيام حسُومًا فترى القوم فيها صَرعكاتهم اعَجَار‬ ‫[الحاقة‪_١:‬۔‪.]٧‬‏‬ ‫نخل حَاويَةٍ‬ ‫وصار الأمر من بعدهم إلى ابن عمهم قحطان بن هود الذي آمن بأبيه‬ ‫وتوسع ملكهم على يد ولده يعرب بن قحطان الذي ضم إلى ملكهم قسما‬ ‫كبيرا من جزيرة العرب لاسيما القسم الجنوبي منها وقد جعل اخوته ولاة عليها‬ ‫حيث جعل أخاه غُمان بن قحطان ولياً على غمان!' الذي سميت غمان باسمه‬ ‫كما يقول البعض‪.‬‬ ‫مالك بن فهم الأزدي‪:‬‬ ‫ب ۔ مجىء‬ ‫بعد اهدام سد مأرب في اليمن بفعل سيل العرم الذي أرسله الله عليهم‪،‬‬ ‫تفرقت العرب أيدي سباأ‪ ،‬ومنهم الأزد الذين تفرقوا في مناطق عديدة من‬ ‫كنهم‬ ‫ق‬ ‫الله تعالى ط لَمََكَانَ سبا‬ ‫يقول‬ ‫والشام‬ ‫والعراق‬ ‫العرب‬ ‫جزيرة‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫س‬ ‫۔ ح‬ ‫>‬ ‫۔ء۔ وو‬ ‫‪7‬‬ ‫و‬ ‫خ‬ ‫مر‬ ‫‪2‬‬ ‫ه‬ ‫م عل ه‬ ‫ٌ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ر ے۔م‬ ‫ِ إ ‪:7‬‬ ‫اية جَنََان عَن تمين وشمال كلوا من رزق رَتكم وآشكروا له‪ .‬بلدة طيه وَرَيت‬ ‫عمان ونهضتها الحديثة ص‪.١٧١ ‎‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫_ ‪.١٨‬‬ ‫ص‪١٧ ‎‬‬ ‫غُمان ونهندهضتها الحديثة‬ ‫(‪)٢‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪٣٢‬‬ ‫‪9 .‬‬ ‫‪"212‬‬ ‫‪ ..,‬۔ ‪.2422‬‬ ‫[]‬ ‫ك۔۔ ‪ +‬م >< ] ‪.-[ 227 - 2‬‬ ‫۔ ‪+‬‬ ‫ذواق‬ ‫للهم بجننيم جنتيني‬ ‫‏‪ ٥‬فاعرضوا فازيسلنا علهم سيل ا لعرم‬ ‫فور‬ ‫أكل خمط وأثل وش من سِذر قليل © ذلك جزينهم يمَاكَمَرُوا وهل جزئ‬ ‫‪7‬‬ ‫ث‬ ‫‪ 1‬س ۔ ؟‬ ‫م‬ ‫‪2‬‬ ‫۔۔ءہ و‬ ‫‪-‬ہ‬ ‫‪.‬‬ ‫>‬ ‫ه‬ ‫‪. > 2‬‬ ‫ح‬ ‫‪.1‬‬ ‫م‬ ‫‪+‬‬ ‫ه [سبا‪ :‬‏‪.]١٧ - ١٥‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ا‬ ‫وقد جاء القائد العربي مالك بن فهم إلى غمان قادماً من السراة متخذا‬ ‫وادي برهوت بحضرموت طريقا له‪ ،‬ثم الربع الخالي حتى نزل ناحية سلوت‬ ‫وأرض الجوف من غمان‪ ،‬ومن هناك أرسل إلى الفرس الذين كانوا مستولين‬ ‫على غمان‪ ،‬وعلى مقدمتهم عامل الملك الفارسي يطلب منهم السماح له‬ ‫ولقومه بالنزول في اقليم من أقاليم غغمان «وأن يفسحوا له ويمكنوه من الماء‬ ‫والكلأ ليقيم معهم»('‪.‬‬ ‫وفى ضوء ذلك عقد الفرس مؤتمرا للتشاور ودراسة هذا الطلب والتعرف‬ ‫على عواقبه «فأجمع رأيهم على صرفه وأن لا يمكنوه مما طلب وقالوا لا نحب‬ ‫أن ينزل هذا العربى معنا فيضيق علينا أرضنا وبلادنا۔ فلا حاجة لنا فى قربه‬ ‫وجواره»"' إلا أنه لما وصل هذا القرار إلى مالك رافضا لطلبه كان جوابه صارما‬ ‫فقد أرسل إليهم «إنه لا بد لي من المقام في قطر من غمان‪ ،‬وأن تواسوني في‬ ‫الماء والمرعى‪ ،‬فإن تركتموني نزلت في قطر من البلاد وحمدتكم" وإن أبيتهم‬ ‫أقمت على كرهكمإ وإن قاتلتموني قاتلتكم ثم إن ظهرت عليكم قتلت المقاتلة‬ ‫وسبيت الذراري ولم أترك أحدا منكم ينزل عمان أبدا»"'‪.‬‬ ‫وهكذا أخذ كل الفريقين في الإستعداد للحرب والمواجهة الحاسمة‬ ‫فكانت النتيجة لصالح الوجود العربي الأمر الذي جعل الفرس يطالبون هدنة‬ ‫مدتها سنة واحدة لكي يتمكنوا من الرحيل من عمان إلى فارس‪ ،‬غير أن الملك‬ ‫‏(‪ )١‬تحفة الأعيان ج‪١‬‏ ص ‏‪.٢٣‬‬ ‫(‪ )٦٢‬نفس المصدر ص‪.٢٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬نفس المصدر‪ ‎‬ص‪٤‬؟‪.٢‬‬ ‫‪٣٢‬‬ ‫‪ ٢‬۔ أبو حمزة الشاري نشأته ودراسته‪‎‬‬ ‫الفارسي لم يوافق على هذه الأمر فارسل تعزيزات عسكرية إلى الفرس وأمرهم‪‎‬‬ ‫بمواصلة الحرب ضد العرب‪ ...‬ولكن النتيجة أيضا كانت هذه المرة حاسمة‪‎‬‬ ‫لصالح مالك بن فهم والعرب وهزم الفرس هزيمة منكرة وأجلوا عن غُمان‪‎‬‬ ‫نهائياچ وتستطرد المصادر التاريخية في ذكر وقائع الحرب التي دارت بين‪‎‬‬ ‫العرب والفرس وتصورها تصويرا شيقا ممتعا" وصار أمر غمان منذ زمن‪‎‬‬ ‫وهو أمر يكاد لا يوجد فى‪‎‬‬ ‫مالك بن فهم وحتى يومنا هذا ‪ .7‬أبنائها الرب‬ ‫تاريخ الكيانات السياسية في العالم‪‎.‬‬ ‫ثم أخذت القبائل العربية والقحطانية والعدنانية في الهجرة إلى غغمان‬ ‫المجتمع الغماني العربي (جاءمت هذه القبائل‬ ‫بذلك‬ ‫مشكلة‬ ‫ووحدانا‬ ‫زرافات‬ ‫كلها على راياتها لا يمرون بأحد إلا أكلوه حتى وصلوا عُمان فملأوها فأقاموا‬ ‫في بلد ريف وخير واتساع»"" ‪.‬‬ ‫بنى سليمة‪:‬‬ ‫‪ -‬قبيلة‬ ‫ح‬ ‫كان للقائد العربي الملك مالك بن فهم عدد من الولد وقد تفرعت عنهم‬ ‫بينهم ولده سلمه بن مالك الذي‬ ‫ومن‬ ‫والبصرة وفارس‪،‬‬ ‫قبائل كبيرة في غمان‬ ‫تفرعت عنه قبيلة بني سليمة القبيلة المشهورة التي خرج منها العديد من‬ ‫وما حولهماا‬ ‫القبيلة في صحار ومجز‬ ‫العلماء الأعلام‪ ،‬وكانت منازل هذه‬ ‫وقاعدتهم بلدة «مجز» التي تحدثنا عنها‪ ،‬كما صار قسم منهم في فارس نتيجة‬ ‫انتقال سليمة بن مالك إلى هناك تخوفا من بعض إخوته بعد أن قتل أباه‬ ‫خحطاأ‪.)"١‬‏‬ ‫(‪ )١‬انظر العوتبي‪ ،‬الأنساب ج‪ ٢ ‎‬ص‪ ٢٦٢٥ ‎‬وكشف الغمة‪ ،‬تحفة الأعيان ج‪ ،٦ ‎‬ص‪.٢٠ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬تحفة الأعيان ج‪‎ 6١ ‎‬ص‪.٣١‬‬ ‫‪.٢٠٧‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫الأنساب ج‪٢‬‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫ويذكر أن العلامة سلمة بن مسلم العوتبي الصحاري قص قصة قتل سليمة‬ ‫أباه وخروجه إلى فارس بالتفصيل وكانت هذه القبيلة من القبائل المانية ذات‬ ‫الشأن والتأثير في مجريات الأحداث لا سيما تلك الأحداث التي شهدتها‬ ‫غُمان في القرن الثالث الهجري‘ وكان زعيمهم سليمان بن عبدالملك بن بلال‬ ‫السليمي مرجعاً لجميع قبائل ولد مالك بن فهم" يقول العوتبي «وجمهور بني‬ ‫سليمة بأرض فارس وكرمان لهم بأس وشدة وعدد كثير وبئمان منهم‬ ‫‏‪ ١‬لأقلم«{' ‪.‬‬ ‫د ‪ -‬أبو حمزة الشاري‪:‬‬ ‫بن‬ ‫المختار بن عوف‬ ‫ينتمي أبو حمزة إلى قبيلة بني سليمة‪ ..‬واسمه‬ ‫عبدالله بن يحيى بن مازن بن مخاشن بن سعد بن صامت بن مخاشن بن‬ ‫سليمة بن مالك بن فهم الأزدي وصار أبو حمزة الشاري قائدا للإمام طالب‬ ‫الحق عبدالله بن يحيى الكندي‪ ..‬الذي بويع بالإمامة في اليمن سنة ‪١٦٢٩‬ه‏ وقد‬ ‫خضعت له اليمن والحجاز"'‪.‬‬ ‫وكان عبدالله بن يحيى جد أبى حمزة المختار بن عوف من أعيان ووجهاء‬ ‫قبيلة بني سليمة‪ ،‬وقال ابن دريد «فمن رجال بني سليمة عبدالله بن مازن وأبنه‬ ‫المختار بن عوف وكنيته أبو حمزة»©) ‪.‬‬ ‫بيد أننا لن نعثر على تاريخ لمولده‪.‬‬ ‫(‪ )١‬تحفة الأعيان‪١ ‎‬ج ‪٢٣٢.‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الأنساب ج‪ ٦٢ ‎‬ص‪.٢١٨١ ‎‬‬ ‫ص‪.٢١٩١‎‬‬ ‫(‪ )٣‬نفس المصدر‬ ‫(‪ )٤‬عوض خلفات‪ ،‬نشأة الحركة الإباضية ص‪ ‎‬ا!‪.١٦‬‬ ‫(‪ )٥‬أبن دريد‪ .‬الإشتقاق“ ص‪.٤٩٨ ‎‬‬ ‫‪٣٥‬‬ ‫‪.‬‬ ‫نشأته ودراسته‪‎‬‬ ‫ا لشاري‬ ‫‪ ٢‬۔ أبو حمزة‬ ‫‪8‬‬ ‫ثالثا‪ :‬أسلام أهل حمان‪:‬‬ ‫الإسلام إلى عمان‪:‬‬ ‫دخول‬ ‫أ‬ ‫كان دخول الإسلام إلى غمان على مرحلتين‪:‬‬ ‫المرحلة الأولى‪ :‬إسلام مازن بن غضوبة‪:‬‬ ‫يعتبر مازن بن غضوبة السعدي الطائي أول من أسلم من أهل غمان ويبدو‬ ‫أنه كان مقدما في قومه وكانوا يعبدون صنما يقال له «ناجر»' لأنهم كانوا‬ ‫وثنيين كعادة العرب في عبادة الأصنام" حتى قدم إليهم تاجر من الحجاز‬ ‫فاخبرهم عن ظهور النبي يلة قائلا «ظهر رجل يقال له محمد بن عبدالله بن‬ ‫عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف يقول لمن أتاه أجيبوا داعي الله فلست‬ ‫بمتكبر ولا جبار ولا محتالا أدعوكم إلى الله وترك عبادة الأوثان‪ ،‬وأبشركم‬ ‫بجنة عرضها السماوات والأرض‘ واستنقذكم من نار تلضى لا يطفأ لهيبها ولا‬ ‫ينعم من سكنها»" فعند ذلك عمد مازن إلى راحلته وذهب إلى المدينة‬ ‫للإلتقاء بالرسول الكريم ية فعرض عليه الإسلام فأسلم مازن وهدى الله قلبه‬ ‫إلى الإسلام" وطلب من النبي الكريم أن يدعو له ولأهل عمان بالخير‬ ‫والتوفيق‪ ،‬وقفل مازن عائداً إلى بلده حاملا في قلبه نور الإسلام‪ .‬وأخذ يدعو‬ ‫الناس إلى الإسلام في قومه‘ ويقال إنه بنى مسجدا في سمائل وهو مسجد‬ ‫المضمار الكائن بمحلة «غيل الدك‘ وعلى هذا فإن هذا المسجدا يعتبر أول‬ ‫مسجد بنى فى عمان‪ .‬وقد استجاب لمازن عدد من قومه فأسلموا «‪ ،‬وهذا‬ ‫ما عبر عنه مازن عندما سار إلى النبي يلة مرة ثانية حيث قال «فلما كان في‬ ‫العام القابل الذي وفدت فيه على رسول الله يَێة نقلت يالمبارك بن المباركين‪،‬‬ ‫(‪ )١‬تحفة الاعيان ج‪ ١ ‎‬ص‪.٥٩٢ ‎‬‬ ‫‪.٥٤‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫نفس المصدر‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫الطيب ابن الطيبين© قد هدى الله قوما من أهل عمان ومن عليهم بدينك»‪.٠‬‏‬ ‫ثم ذكر للرسول يي ما أصاب عمان وأهلها من الخير والبركات ببركة‬ ‫دعائه يلة !"" وبإسلام مازن بن غضوبة ورجوعه إلى عمان بدأ الإسلام ينتشر في‬ ‫القطر التمماني‪.‬‬ ‫المرحلة الثانية‪ :‬مجيء عمرو بن العاص‪:‬‬ ‫بعث النبي يلة كتبا إلى عدد من الملوك والرؤساء يدعوهم فيها إلى‬ ‫الإسلام‪ ،‬وبعث نفراً من أصحابه حاملين معهم تلك الكتب© فأرسل عمرو بن‬ ‫فيه‪- :‬‬ ‫جاء‬ ‫بكتاب‬ ‫ملكي غمان‬ ‫ابنى الجلندى‬ ‫جيفر وعبد‬ ‫إلى‬ ‫العاص‬ ‫«بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبدالله إلى جيفر وعبد ابني‬ ‫الجلندى‪ ،‬السلام على من اتبع الهدى‪،‬‬ ‫أما بعد فإني ادعوكما بدعاية الإسلام‪ ،‬أسلما تسلما فإني رسول الله إلى‬ ‫الناس كافة لآأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين وإنكما إن اقررتما‬ ‫بالإسلام وليتكما وإن أبيتما أن تقرا الإسلام فإن ملككما زائل عنكما وخيلي‬ ‫تطأ ساحتكما وتظهر نبوتي على ملككما»"'‪.‬‬ ‫وكان الكاتب لهذا الكتاب أبي بن كعب خيبه وهو عليه السلام المملي‬ ‫عليه‪ ،‬وطوى الصحيفة وختمها بخاتمه المبارك وكان نقش الخاتم «لا إله إلا الله‬ ‫محمد رسول الله»‪.‬‬ ‫ويقال إن هذا الكتاب لا يزال موجودا في بعض المتاحف وقد أحضرت‬ ‫منه إلى السلطنة‪.‬‬ ‫صورة‬ ‫‪.٥٦‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫نفس المصدر‬ ‫(‪(١‬‬ ‫(‪ )٢‬نفس المصدر ص‪.٥٦١ ‎‬‬ ‫‪.٥٧‬‬ ‫التحفة ج‪ 6١ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫‪١‬‬ ‫‪ ٢‬ص‪‎‬‬ ‫)‪ (٣‬الانساب حج‪‎‬‬ ‫‪٢٧‬‬ ‫‪٩‬‬ ‫‪ ٢‬۔ أبو حمزة الشاري نشأته ودراسته‪‎‬‬ ‫(‪5‬جج‬ ‫وقدم عمرو بن العاص بكتاب النبي قلة إلى جيفر وعبد ابني الجلندى‬ ‫الرئيسي في‬ ‫‏‪ '١‬بإعتبارها الميناء‬ ‫نزوله مدينة صحار‬ ‫وكان‬ ‫ملكي عمان‬ ‫غُمان آنذاك‪.‬‬ ‫أما جيفر وعبد فكان مقرهما منطقة ترام (البريمي حالياً) فبعث إليهما‬ ‫عمرو بن العاص يخبرهما بقدومه‪ ،‬ولنستمع إلى عمرو بن العاص وهو يحدثنا‬ ‫عن قدومه إلى غمان ولقائه بعبد ثم جيفر ملكي غمان حيث يقول «لقد‬ ‫خرجت حتى انتهيت إلى عُمان‪ ،‬فعمدت إلى عبد وكان أحلم الرجلين‬ ‫وأسهلهما خلقا‪ .‬فقلت إني رسول رسول الله لة إليك وإلى أخيكث فقال أخي‬ ‫المقدم علي بلسان الملك وأنا أوصلك حتى يقرأ كتابك" ثم قال وما تدعو‬ ‫إليه؟ قلت‪ :‬أدعوك إلى الله وتخلع ما عبد من دونه‪ ،‬وتشهد أن محمدا عبده‬ ‫ورسوله قال يا عمرو أنك ابن سيد قومك\ؤ فكيف صنع أبوك؟ يعني‬ ‫العاص بن وائل فإن لنا فيه قدوة} قلت مات ولم يؤمن بمحمد ية وؤدذث لو‬ ‫كان آمن وصدق به‪ .‬وقد كنت قبل على مثل رأيه حتى هداني الله للإسلام قال‪:‬‬ ‫فمتى تبعته قلت قريباً‪ ،‬فسألني أين كان إسلامي فقلت عند النجاشي‪ .‬وأخبرته‬ ‫أن النجاشي قد أسلم‪ ،‬قال فكيف صنع قومه بملكه قلت أقروه واتبعوه قال‪:‬‬ ‫والأساقفة أي رؤساء النصرانية والرهبان قلت‪ :‬نعم" قال‪ :‬أنظر يا عمرو وما‬ ‫تقول إنه ليس من خصلة في رجل أفضح له أي أكثر فضيحة من كذب‪ .‬قلت‬ ‫وما كذبت وما نستحله في ديننا ثم قال‪ :‬ما أرى هرقل علم بإسلام النجاشي‪.‬‬ ‫قلت له بلى‪ :‬قال‪ :‬بأي شيء علمت ذلك يا عمرو؟ قلت‪ :‬كان النجاشي وث‬ ‫يخرج له خراجاً فلما أسلم النجاشي وصدق بمحمد ية قال‪ :‬لا والله لو سألني‬ ‫درهما واحداً ما أعطيته‪ ،‬فبلغ هرقل قوله‪ ،‬فقال له أخوه‪ :‬أتدع عبدك لا يخرج‬ ‫لك ويدين دين محدثا؟ فقال هرقل‪ :‬رجل رغب في دين واختار لنفسه‬ ‫‪.٥٨‬‬ ‫التحقة حج‪ & ١ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫ما أصنع به؟ والله لولا الظن بملكي لصنعت كما صنع‪ .‬قال‪ :‬انظر ما تقول‬ ‫يا عمرو قلت والله صدقت‪ ،‬قال عبد‪ :‬فأخبرني ما الذي يأمر به وينهى عنه؟‬ ‫قلت يأمر بطاعة الله عزوجل وينهى عن معصيته‘ ويأمر بالبر وصلة الرحم‬ ‫وينهى عن الظلم والعدوان‪ ،‬وعن الزنا وشرب الخمر‪ ،‬وعن عبادة الحجر والوثن‬ ‫والصليب فقال‪ :‬ما أحسن هذا الذي يدعو إليه لو كان أخي يتابعني لركبنا حتى‬ ‫نؤمن بمحمد يلة ونصدق به" ولكن أخي أضن بملكه من أن يدعه ويصير ذنباً‬ ‫أي تابعاً‪ ،‬قلت إن أسلم ملكه رسول الله ية على قومه فأخذ الصدقة من غنيهم‬ ‫فردها إلى فقيرهم‪ ،‬قال إن هذا الخلق حسن وما الصدقة؟ فأخبرته بما فرض‬ ‫رسول الله ية من الصدقات في الأموال‪ ،‬ولما ذكرت المواشي قال‪ :‬ويؤخذ من‬ ‫سوائم مواشينا التي ترعى في الشجر وترد المياه‪ .‬فقلت نعم‪ ،‬فقال والله ما أرى‬ ‫قومي في دارهم وكثرة عددهم يطيعون بهذا‪.‬‬ ‫قال عمرو فمكثت أياما بباب جيفر وقد أوصل إليه أخوه خبري‪ ،‬ثم إنه‬ ‫دعاني فدخلت عليه‪ ،‬فأخذ أعوانه بضبعي (أي عضدي) قال‪ :‬دعوه فأرسلت‪،‬‬ ‫فذهبت لآأجلس فأبوا أن يدعوني أجلس فنظرت إليه فقال‪ :‬تكلم بحاجتك‬ ‫فدفعت إليه كتاباً مختوماً ففض ختامه فقرأء حتى انتهي إلى آخره ثم دفعه إلى‬ ‫أخيه فقرأه ثم قال‪ :‬ألا تخبرني عن قريش كيف صنعت؟ فقال‪ :‬تبعوه‪ ،‬إما راغب‬ ‫في الدين‪ ،‬وإما راهب عنه مقهور بالسيفت© قال‪ :‬ومن معه؟ قلت الناس قد‬ ‫رغبوا في الإسلام واختاروه على غيره‪ ،‬وعرفوا بعقولهم مع هدى الله إياهم‬ ‫أنهم كانوا في ضلال مبين‪ ،‬فما أعلم في هذه الخرجة غيرك‪ ،‬وأنت إن لم تسلم‬ ‫اليوم وتتبعه‪ ،‬تطظؤك الخيل وتبيد خضراؤك (أي جماعتك)ء فأسلم تسلم‬ ‫وليستعملك على قومك ولا تدخل عليك الخيل والرجال‪ ،‬قال دعني يومي هذا‬ ‫وارجع إلي غداء فلما كان الغد أتيتإليه‪ ،‬فأبى أن يأذن لي‪ ،‬فرجعت إلى أخيه‬ ‫فأخبرته أني لم أصل إليه فأوصلني إليه‪ ،‬فقال إني فكرت فيما دعوتني إليه فإذا‬ ‫‪٣٨‬‬ ‫‪ ٢‬۔ أبو حمزة الشاري نشأته ودراسته‪‎‬‬ ‫ه=‬ ‫أنا أضعف العرب إن ملكت رجلا ما في يدي وهو لا تبلغ خيله ههنا‪ ،‬وأن‬ ‫بلغت خيله ألفت (أي وجدت) قتالاً ليس قتال من لاقى© قلت وأنا خارج غداء‬ ‫فلما أيقن بمخرجي خلى به أخوه فأصبح فأرسل إلي فأجاب إلى الإسلام هو‬ ‫وأخوه‪ ،‬وصدقا وخليا بيني وبين الصدقة وبين الحكم فيما بينهم‪ ،‬وكانا لي‬ ‫عوناً على من خالفني»_'‪.‬‬ ‫في عمان‪:‬‬ ‫الإسلام‬ ‫۔ انتشار‬ ‫ب‬ ‫انتشر الإسلام في غمان بعد أن دخل جيفر وعبد وحاشيتهما‪ ،‬ثم إرسال‬ ‫جيفر إلى الناس ليدخلوا فيما دخل فيه ويبايعهم النبي ية ‪.‬‬ ‫«ثم بعث إلى وجوه عشائره فبايعهم لمحمد قلة وأدخلهم في دينه‪ ،‬وألزمهم‬ ‫تسليم الصدقة‪ ،‬وأمر عمرو بن العاص بقبضها فقبضها على الجهة التي أمره بها‬ ‫بعث إلى دبا وما يليها إلى آخر غُمان فما رود رسول جيفر على‬ ‫ل‪-‬‬ ‫أحد إلا وأسلم وأجاب دعوته إلا الفرس الذين كانوا في ذلك العهد بمممان»”'‪.‬‬ ‫ونتيجة لإعتناق المانيين لدين الإسلام ودخولهم فيه كافة أخذت تعاليم‬ ‫الإسلام ومبادئه في الإنتشار في أوساط الناس ومن الطبيعي أن يقبل الناس‬ ‫على السؤال عن أحكام هذا الدين وتعاليمه‪ ،‬وكان عمرو بن العاص يجيبهم‬ ‫على ذلك‘ كما كان مازن بن غضوبة يبين لهم تعاليم الإسلام‪ ،‬يدل على ذلك‬ ‫قوله للنبي يلة «قد هدى الله قوما من أهل عمان ومن عليهم بدينك»'‪.‬‬ ‫وتذكر كتب التاريخ والطبقات عددا من أهل غمان وفدوا على النبي يلة‬ ‫ولا شك أن أولئك الأشخاص عندما يأتون إلى قومهم يكونون قد تزودوا من‬ ‫(‪ )١‬علي بن رهان الحلبي‪ ،‬السيرة الحلبية ج‪ ٢‬ص‪.٣٠٣٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬تحفة الأعيان ج‪ ١‬ص‪.٥٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬تحفة الأعيان‪ ‎‬ج‪‎ ١‬ص‪.٥٦‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪٤٠‬‬ ‫‪«.‬‬ ‫النبي تلة «بأحكام الدين فيبثونها في قومهم وفي تجمعاتهم" وبهذا انتشر‬ ‫الإسلام وعم أرجاء عمان من أقصاها إلى أقصاها وأقبل الناس على كتاب الله‬ ‫الدستور الربانى الخالد ومعجزة الإسلام الباقية»‪.‬‬ ‫ج ‪ -‬بداية دراسة أبي حمزة‪:‬‬ ‫لم نقف على كيفية ابتداء أبي حمزة في الدراسة وفي أي وقت؟ وفي أي‬ ‫مكان؟ غير أننا نستطيع القول من منطلق الإطار العام للحياة الإسلامية في‬ ‫ذلك الأوان أن بداية دراسة أبي حمزة كانت في تعلم القرآن الكريم‪ ،‬حيث كان‬ ‫المسلمون أول ما يبدأون في تعليم أولادهم كتاب الله‪ ،‬عملا بالحديث النبوي‬ ‫الشريف «علموا أولادكم القرآن فإنه أول ما ينبغي أن يتعلم من علم الله هو»'‬ ‫وقد جرت العادة في حياة المسلمين على ذلك‪.‬‬ ‫إذن لابد وأن أبا حمزة قد درس في بلدته «مجز» القرآن الكريم وشيئا من‬ ‫مبادئ الدين‪ ،‬قبل أن يرحل إلى البصرة ويلحق بالإمام أبي عبيدة مسلم بن أبي‬ ‫كريمة التميمي وربما أن رحيله كان مع زميله وصاحبه القائد بلج بن عقبة‬ ‫الفراهيدي‪.‬‬ ‫وبهذا يمكننا أن نقول أن أبا حمزة كانت نشأته في غُمان في بلدة «مجز»‬ ‫من أعمال صحار وفيها ابتدأ دراسته لاسيما القرآن ومبادئ الدين‪.‬‬ ‫‪.٧‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫الربيع؛‬ ‫مسند‬ ‫(‪)١‬‬ ‫‏‪٤١‬‬ ‫ج‬ ‫حمززة الشارى[ نشأته ودوردراسته‬ ‫‏‪ _ ٢‬أببو‬ ‫)‪:‬‬ ‫‪2‬‬ ‫_۔‪_.‬۔"_ء سا‪.‬‬ ‫أبو حمزة في مرحلة الدراسة قي البصرة‬ ‫أولا‪ :‬قي البصرة‪:‬‬ ‫ا البصرة ‪ /‬الموقع والتاريخ‪:‬‬ ‫تقع مدينة البصرة عند ملتقى نهري دجلة والفرات اللذين يتكون منها‬ ‫شط العرب الذي يصب في بحيرة الخليج العربي‪ ،‬فكان موقعها فرضة‬ ‫للعراق ووسطا بين الشام وفارس‪ ،‬واشتهرت البصرة شهرة فائقة وذاع‬ ‫صيتها بين الآفاق‪ ،‬وتعتبر من أقدم المدن الإسلامية‪ ،‬وقد نزلها المسلمون‬ ‫سنة أربع عشر هجرية في خلافة الفاروق عمر فثنه والسبب في نزولهم بها‬ ‫«إن سويد بن قطبة الذهلي كان يغير على العجم في ناحية الحريبة من‬ ‫البصرة قبل أن ينزلها المسلمون‪ ،‬ولما بلغ زث;؛ خبره وما يصنع بالبصرة‬ ‫رأى أن يوليهم رجلا من قبله وأن ينزلها المسلمون ليحولوا بين أهل‬ ‫فارس ومن إليهم وإمداد إخوانهم من أهل المدائن ونواحيها فولاها‬ ‫عتبة بن غزوان وقال‪( :‬إن الحيرة قد فتحت فأت أنت ناحية البصرة واشغل‬ ‫من هناك أهل فارس والأهواز وميسان عن إمداد إخوانهم) فسار إليهم عتبة‬ ‫في أكثر من ثلاثمائة رجل وانضم إليه سويد بن قطبة فيمن معه من‬ ‫بكر بن وائل وتميم»‪.‬‬ ‫ثم كتب عتبة بن غزوان إلى أمير المؤمنين يستأذنه في تمصير البصرة قائلا‬ ‫صج‬ ‫‏‪٤٢‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫له «إنه لا بد للمسلمين من منزل يشتون به إذا شتوا ويسكنون فيه إذا انصرفوا‬ ‫من غزوهم» فرد عليه أمير المؤمنين «أن ارتد لهم منزلا قريباً من المراعي‬ ‫والماء واكتب إلي بصفته» فكتب إليه الوالي «إني قد وجدت أرضا كبيرة في‬ ‫طرف البر إلى الريف ودونها منافع فيها ماء وفيها قصباء»‬ ‫وبعد وفاة عتبة بن غزوان ولي عليها الخليفة أبا موسى الأشعري وأمره‬ ‫بتخطيطها وجعلوها خططا لقبائل أهلها وذلك في العام السابع عشر للهجرة‪.‬‬ ‫وفى عهد الدولة الأموية كانت البصرة مقرا لإمارة العراق‪ ،‬أما في عهد‬ ‫الدولة العباسية التى كانت عاصمتها بغداد فقد صارت عاصمة الدولة قريبة‬ ‫منها فنشطت بها الحركة التجارية والاقتصادية(‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬العلاقة بين عمان والبصرة‪:‬‬ ‫تعود العلاقة بين عمان والبصرة إلى عهد مبكر من تخطيط البصرة‬ ‫ونزول المسلمين بها‪ ،‬وذلك في خلافة عمر بن الخطابؤ وقد يكون الموقع‬ ‫الجغرافي لكلا البلدين مان والبصرة عاملا مهماً في هذا التواصل‪ ،‬حيث‬ ‫تقع كل منها على ضفاف مياه الخليج العربي" بالإضافة إلى اتساع أفق‬ ‫الحياة للعرب في عهد الإسلام نتيجة الفتوحات الاسلامية‪ ،‬ومن المعلوم أن‬ ‫العلاقة بين البلدين في العصر الإسلامي ترجع إلى العام السابع عشر‬ ‫للهجرة‪ ،‬عندما أصدر الخليفة أمره إلى واليه على غُمان عثمان بن العاص‬ ‫الثقفي أن يقتحم البحر بمن معه من أهل عمان إلى فارس لملاقاة الفرس‬ ‫هنالك”""فانتدب الوالي ثلاثة آلاف من المانيين وسار بهم إلى فارس‬ ‫فأظفرهم الله على الفرس‪.‬‬ ‫(‪ )١‬انظر‪ :‬شلبي تاريخ الحضارة الإسلامية والفكر الإسلامي‪ ،‬ص‪٦٣٢. ‎‬۔‪٣٣٢‬‬ ‫(‪ )٢‬تحفة الأعيان ج‪ ،١‬ص‪ 0٦٨ ‎‬نقلا عن العوتبى‪‎.‬‬ ‫صحح‬ ‫‪٤٢‬‬ ‫نشأته ودراسته‪‎‬‬ ‫ا لشاري‬ ‫‪ ٢‬۔ أبو حمزة‬ ‫‪6‬‬ ‫ثم توجهوا إلى العراق حيث نزلوا تؤج ثم قدموا إلى البصرة إبان‬ ‫تمصيرها‪ ،‬وقد أمر الخليفة بأن تخطط البصرة لمن هناك من العرب‪ ،‬وتجعل‬ ‫لكل قبيلة محلة ليبنوا لأنفسهم المنازل«'‪.‬‬ ‫ويورد العوتبي قوله «إن أول من قدم البصرة من أهل عمان ثمانية عشر‬ ‫استقضاه‬ ‫هو الذي‬ ‫سور‬ ‫وكعب بن‬ ‫‏‪ ١‬لأزدي»"'‬ ‫بن سور‬ ‫رجلا منهم كعب‬ ‫عمر بن الخطاب على البصرة فكان أول قاض بها على ما قيل في الإسلام"'‪.‬‬ ‫ثم توالى قدوم المانيين إلى البصرة جماعة بعد جماعة‪ ،‬ثم صار قدومهم إلى‬ ‫البصرة على شكل بعثات دراسية تمثلت في رحلات عدد من المانيين لطلب العلم‬ ‫كالإمام جابر بن زيدك وصحار بن العباس العبدي" والحتات بن كاتب الهميمي‪.‬‬ ‫وسالم بن ذكوان الهلالي‪ ،‬وأبو حمزة المختار بن عوف السليمي‪ ،‬وبلج بن عقبة‬ ‫الفراهيدي والربيع بن حبيب الفراهيدي" والخليل بن أحمد الفراهيدي‪ ،‬وحملة‬ ‫العلم إلى غُمان وهم‪« :‬موسى بن أبي جابر السامي‪ ،‬ومحمد بن المعلى الفشحي‪،‬‬ ‫والمنير بن النير الريامي الجعلاني'"'‪ ،‬وبشير بن المنذر النزوي حتى ضرب المثل في‬ ‫ذلك فشبهوها بطائر باض بالمدينة وفرخ بالبصرة وطار إلى غغمان' وغير هؤلاء من‬ ‫العلماء والأدباء والشعراء كثير وقفنا على أسماء بعضهم وبعضهم لم نوفق عليهم‪.‬‬ ‫وهذا يعطينا دليلاً قويا على العلاقة المتينة بين عمان والبصرة واستمرت‬ ‫تلك العلاقة متخذة أشكالا مختلفة من جوانب الحياة العلمية والاقتصادية‬ ‫والعسكرية‪.‬‬ ‫(‪ )١‬نفس المصدر‪٦١٦. ‎،‬ص‬ ‫(‪ )٢‬الأنساب‘‪ ‎‬ج‪‎ ،٦‬ص‪.٣٢٦١‬‬ ‫(‪ )٣‬ابن حجر العسقلاني‪ ،‬الإصابة في تميز الصحابة‪ ،‬المجلد الثالث‪ ،‬ص‪.٣٢٢٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬سيرة ابن مداد في ذكر العلماءء ص‪.١٠١ ‎‬‬ ‫ص‪.١٨٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬جوهرالنظام‪ ،‬ج‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‪....‬‬ ‫‪)-‬‬ ‫رر‬ ‫‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وبطبيعة الحال فإن اتصال أبي حمزة الشاري بالبصرة يأتي في الفكر‬ ‫أبي عبيدة‬ ‫لطلب العلم فالتحق بمدرسة الإمام‬ ‫غُمان‬ ‫من بلده‬ ‫خرج‬ ‫حيث‬ ‫مسلم بن أبى كريمة ؤ إلا أننا لم نقف على تاريخ مسيره إلى البصرة } ولا يبعد‬ ‫أن يكون ذلك في أوائل القرن الثاني الهجري‪.‬‬ ‫الامام أبي عبيدة‪:‬‬ ‫تاتي‪ :‬مدرسة‬ ‫أشرنا آنفا إلى أن خروج أبي حمزة إلى البصرة كان في سبيل طلب العلم‪،‬‬ ‫والتحق بمدرسة أبي عبيدة‪.‬‬ ‫الإمام‬ ‫اخذ العلم عن‬ ‫التميمي"‬ ‫كريمة‬ ‫بن أبي‬ ‫هو مسلم‬ ‫وأبو عبيدة‬ ‫وأدرك بعض الصحابة"")‬ ‫بن العباس وجعفر بن السماك‬ ‫جابر بن زيد وصحار‬ ‫عن‬ ‫حبيب‬ ‫الربيع بن‬ ‫الأحاديث في مسنل الإمام‬ ‫بعض‬ ‫فقل جاء ت‬ ‫عنهم‬ ‫وروى‬ ‫النبي يت ‪.‬‬ ‫أبى عبيدة قال‪ :‬سمعت جماعة من أصحاب‬ ‫وصمقه العلامة أبو العباس الشماخي قائلا «تعلم العلوم وعلمها ورتب‬ ‫روايات الحديث وأحكمها وهو الذي يشار إليه بالأصابع بين أقرانه" وقال‬ ‫قلب أبي عبيدة‬ ‫ينابيع الحكمة من‬ ‫‏‪ ١‬لإما م السا لمي في حقه «ولقد تفحرت‬ ‫وطلعت من لسانه شموس العلم»" ‪.‬‬ ‫بلا منازع‪.‬‬ ‫جابر وأصبح مرجع أهمل الدعوة‬ ‫تولى التدريس بعدل الإمام‬ ‫وقصده طلبة العلم من مختلف البقاع وشتى الأصقاع من المشرق والمغرب‪،‬‬ ‫وحمل عنه العلم خلق كثير" وقد تعرض لمضايقات شديدة من قبل السلطات‬ ‫‏(‪ )١‬أبو العباس الشماخي{ السير ج ‪١‬اص ‏‪.٧٨‬‬ ‫‏(‪ )٢‬نشأة الحركة الإباضية ص‪.١'٢‬‏‬ ‫‏‪.٧٨‬‬ ‫‏)‪ (٣‬السير للشماخي‪ .‬ج ‏‪ .١‬ص‬ ‫مسند الربيع‪ ،‬ج ‏‪ ٨١‬‏‪٦١٦.‬ص‬ ‫نورالدين السالمي‪ .‬شرح‬ ‫(\‬ ‫‏)د‪ ١‬على يحيى معمر الإباضية في موكب التاريخ‪ ،‬الحلقة الاولى ص ‏‪.١٥٥‬‬ ‫‪٥‬‬ ‫‪ ٢‬۔ أبو حمزة الشاري نشأنه ودراسته‪‎‬‬ ‫۔۔‪‎‬‬ ‫۔۔۔۔۔ ہے۔۔۔۔۔‬ ‫‪٩ ٠‬‬ ‫‪.‬ج‪‎‬‬ ‫‪` `١‬‬ ‫‪٨‬‬ ‫ح‪‎‬‬ ‫الأموية الحاكمة الأمر الذي ألجاه إلى الإختفاء بعمل التدريس في سرداب‬ ‫ليستتر عن أنظار تلك السلطات‘ حتى خرج من ذلك السرداب الدعاة إلى اللة‬ ‫إلى المشرق والمغرب فأقاموا في الناس حكم الله وأذاقوهم طعم العدل الذي‬ ‫فقدته الأمة عقودا من السنين رازحة تحت وطأة الطغيان والاستبداد‪.‬‬ ‫على يحيى‬ ‫وحركته العلمية نترك الحديث للشيخ‬ ‫ذلك السرداب‬ ‫وعن‬ ‫معمر ليحدثنا قائلا‪:‬‬ ‫«فإن الحركة العلمية التي قام بها الإمام أعظم من أن تصورها كلمات في‬ ‫سطور‪ ،‬ويكفى أنه كان مركز إشعاع في البصرة‪ ،‬ومن ذلك السرداب الخفي الذي‬ ‫تصلصل السلاسل على بابه‪ ،‬وتتكدس فيه القفاف مع الأتلام والأوراق انطلقت‬ ‫الدعوة الحرة الكريمة‪ .‬للمحافظة على تراث محمد كما جاء به محمد فبلغت‬ ‫هذه الإنطلاقة أقصى الشرق‪ ،‬وأقصى المغرب وأقصى الجنوبؤ ولم تزل منذ‬ ‫ذلك الحين إلى اليوم وهي تكافح من أجل هذه الرسالة الكريمة! حيث استيقظ‬ ‫الغافلون‪ ،‬وانتبه النائمون الشاردون‪ ،‬وبدأوا يراجعون أنفسهم ويرجعون إلى ربهم‬ ‫لينضموا إلى بعضهم ويوحدوا صفوفهم" ويحفظوا رسالة الله من الأخطار‬ ‫الحديدة‪ .‬أخطار الزندقة والإلحاد وعبادة الناس الذين قدستهم الحضارة الكاذبة‬ ‫والدعاية المغرضة التي ترمي إلى إبعاد هذا الدين القيم عن مجرى الحياة»'‪.‬‬ ‫هذه هي مدرسة أبي عبيدة وهذا هو فكرها وهذا هو السرداب الذي أقام‬ ‫الدنيا وأقعدها شرقا وغربا‪ ،‬ومن ذلك المعهد الميمون تكون فكر أبي حمزة‪.‬‬ ‫وفي رحابه المباركة نما وتطور ذلك الفكر الذي تحكم في سلوك صاحبه‬ ‫فوجهه الوجهة الإسلامية الصحيحة الصادقة‪ ،‬شابا يافعاً في البصرةس وقائدا في‬ ‫اليمن وحاكماً في الحجاز بجوار بيت الله الحرام ومسجد نبيه رجة ‪.‬‬ ‫‪.١٥٨‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫نفس المصدر‬ ‫(‪(١‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‪---.‬‬ ‫‏‪٤٦‬‬ ‫وبهذا الفكر استطاع أبو حمزة أن يطهر تلك البقاع الطاهرة (مكة والمدينة)‬ ‫حرسها الله من حياة اللهو والمجون والانحلال تلك الحياة التي قامت على‬ ‫أنغام أوتار معبد وجميلة وأمثالهما من المغنين والمغنيات فكان حريا بأبي‬ ‫حمزة أن يخاطب أهل المدينة بقوله بعد أن ذكر الأنصار وفضلهم‪.‬‬ ‫«وانتم أبناؤهم ومن بقي من خلفهم تتركون أن تقتدوا بهم أو تأخذوا‬ ‫بسنتهم عمى القلوب‪ ،‬صم الآذان اتبعتم الهوى فأرداكم عن الهدى وأسهاكم‪.‬‬ ‫فلا مواعظ القرآن تزجركم فتزدجروا وتعظكم فتعتبروا ولا توقظكم فتستيقظوا‬ ‫لبس الخلف أنتم من قوم مضوا قبلكم‪ .‬ما سرتم بسيرتهم ولا حفظتم وصيتهم‬ ‫ولا احتذيتم مثالهم‪ ،‬لو شقت عنهم قبوهم فعرض عليهم أعمالكم لعجبوا‬ ‫كيف صرف العذاب عنكم»'‪.‬‬ ‫ثالت‪ :‬ملامح من حياة آبي حمزة أتتاء الدراسة‪:‬‬ ‫على الكفاف‪:‬‬ ‫يعيشس‬ ‫ا ‪ -‬أبو حمزة‬ ‫أثناء وجود أبي حمزة في البصرة في مرحلة الدراسة تحمل ضنك العيش‬ ‫في حياته وعاش قانعاً زاهدا قليل ما في اليد‪ ،‬مترفعاً عن حطام الدنيا راجياً من‬ ‫الله حسن المتاع فى الآخرة « وأنه عندة‪ ,‬ترفق الَمَكَاب ه [آل عمران‪ :‬‏‪.]١٤‬‬ ‫يروي أبو سفيان عن سلمة بن أبى سنان أنه قال « لأبي نجائنب يحمل عليه‬ ‫وغيره»") ‪.‬‬ ‫مشائخ المسلمين ممن لا سعة له إلى مكة شبه المختار ابن عوف‬ ‫فإن في هذا النص إشارة إلى وضع أبي حمزة المادي الذي لم يستطع‬ ‫بسببه حتى الذهاب إلى الحج إلا على وسائل يتبرع بها المحسنون من أهل‬ ‫‪.١٠٥‬‬ ‫‪ .٢٠‬ص‪‎‬‬ ‫الاغاي لابي الفرج الاصفهاني ح‪‎‬‬ ‫)‪(١‬‬ ‫‪.٩‬‬ ‫السير ح‪ .١ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‪٤٧‬‬ ‫‪ ٢‬۔ أبو حمزة ا لشاري نشأته ودراسته‪‎‬‬ ‫\‬ ‫الدعوة الذين وفقهم الله إلى تهيئة مثل هذه الوسائل تقدير لظروف شباب أهل‬ ‫الدعوة الذين لا تساعدهم القدرة المادية على تحقيق ذلك‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬التدريب على الخطابة‪:‬‬ ‫كانت الخطابة من أهم وسائل الإعلام قبل الإسلام وبعده‪ ،‬وعندما جاء‬ ‫الإسلام تطورت الخطابة لما صار لها من روافد متعددة أهمها القرآن العظيم‬ ‫والسنة النبوية الشريفة‪ ،‬وصار القادة من الناس يلجأون إلى الخطابة للتعبير عن‬ ‫مبادئهم وتوجيهاتهم‪ ،‬ولعل لدى أبي حمزة وغيره من أهل الدعوة إحساس‬ ‫بأنهم سوف يستعلون المنابر في يوم من الأيام ليشرحوا للأمة تعاليم دينهم‬ ‫ويبينوا لهم الفكر الصحيح الذي لم تشبه شوائب الإنحراف والميل والهوى‬ ‫وسوء التأويل وينفوا عن دين الله «تحريف الغالين وتأويل الجاهلين» «وانتحال‬ ‫المبطلين» وهكذا شاء الله وقر أن يجلجل صوت أبي حمزة على منبر المسجد‬ ‫الحرام في مكة المكرمة وعلى منبر رسول الله ية في المدينة الطاهرة حرسها‬ ‫الله‪ ،‬بتلك الخطبة البليغة التي تعتبر بحق معجزة الخطابة في الكلام العربي‪،‬‬ ‫وصار أهل البلاغة يتذوقون من رحيقها سلسبيلا‪ ،‬لا سيما وقد صاحب ذلك‬ ‫الأسلوب الخطابي القوي قوة حجة ووضوح برهان وفكر صادق سليم‪.‬‬ ‫بيد أن ذلك المستوى الخطابي الراقي لم يأت اعتباطاً وإنما كان نتيجة‬ ‫الجد والاجتهاد والسهر في الليل وعدم الهجوع فيه وفي الرواية التالية ما يؤكد‬ ‫ذلك قال أبو سفيان‪ :‬قال المليح‪« :‬بلغنا ذات ليلة أن في منزل حاجب مجلسا‪.‬‬ ‫قال‪ :‬وكان المشايخ لا يدعوننا أن نحضر معهم بالليل‪ ،‬فقلت لرجل من أهل‬ ‫عمان انطلق بنا إلى منزل حاجب فلعلهم يأذنون لنا فجئنا المنزل فأذن لنا‬ ‫فوجدنا المختار بن عوف ورجلين أو ثلاثة من المشائخ فقال لنا حاجب أخبرا‬ ‫بلج بن عقبة وأخبراه بمكاننا فأخبرناه فأتى فلما صلينا العتمة أخذوا في الكلام‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫ح‬ ‫‏‪٤٨‬‬ ‫فيقوم أحدهم فيتكلم ما شاء الله ثم يجلس فيقوم الآخر فكذلك حتى أضاء لنا‬ ‫الصبح» ‏‪.١‬‬ ‫الحرص على الدفاع عن الإسلام‪:‬‬ ‫كان أبو حمزة حريصا كل الحرص على الدفاع عن الإسلام وأحكامه التي‬ ‫أنهكت في مجالس الظلمة والطواغيت والتي عطلت لدى بعض الفرق‬ ‫والطوائف‪ ،‬فكان لا بد للمسلم أن يجعل نفسه حارساً للإسلام من أن يؤتى من‬ ‫قبله بحيث يجعل حياته وقفا على ذلك لا يأبه بأي شيء ولا يخاف في الله‬ ‫لومة لائم تثور نفسه غضبا لله إذا انتهكت محارمه‘ وعطلت أحكامه وهذا‬ ‫المبدأ هو الذي سار عليه رسول الله يلة وصحابته من بعده‪.‬‬ ‫على أن مفهوم الدفاع عن الإسلام يعبر عنه الإباضية "«بالشرى» أخذا من‬ ‫رواأمرم يآت ل‬ ‫قول الله تعالى «إَ آله أشترى مارلمُؤميرےأنهم‬ ‫‪[ : :142‬التوبة‪ :‬‏‪ ]١١‬إلى آخر الآية‪ .‬وهو من أنواع الجهاد في سبيل الله الذي هو‬ ‫سنام الإسلام وجناحه الذي به يقوى ويرتفع صوته‪.‬‬ ‫فأي قيمة للمرء المسلم في عبادته إذا هو لم يأمر بمعروف ولم ينه عن‬ ‫منكر ولم تأخذه الغيرة على دين الله‪.‬‬ ‫لهذا كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم حريصين على أن يكون الإسلام‬ ‫دينية‬ ‫طقوس‬ ‫لا مجرد‬ ‫وسلوكاً‬ ‫وجهاداً وعقيدة‬ ‫ديناً ودولة ‏‪ ٠‬عبادة‬ ‫متكاملا‬ ‫يمارسها المسلم في مكان معين وفي وقت معين‪.‬‬ ‫أبى حمزة‬ ‫عن‬ ‫عبد الملك الطويل يتحدث‬ ‫أبو سميان ‪ :‬سمعت‬ ‫يقول‬ ‫المختار قال‪:‬‬ ‫‪.٨٤‬‬ ‫‪ .٦٤٨‬وسير الشماخى‪ .‬ج‪ 6١ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫الطبقات للدرجيني‪ ،‬حج‪ ٢ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫)‪(١‬‬ ‫‪٤٩‬‬ ‫حج‪‎‬‬ ‫‪ ٢‬۔ أبو حمزة الشاري نشأته ودراسته‬ ‫«أدركت المسلمين أن كان الرجل منهم ما يستزاد في صلاة ولا في صيام‬ ‫ولا في حج ولا في اعتمار ولا في وجه من الوجوه فإن عرف أنه ليس بشديد‬ ‫الحرص في الشرى سقط من أعينهم وتسقط منزلته عندهم»"" ومن هنا ندرك‬ ‫مدى تمسك أبي حمزة بالشرى حتى صار لقبا له بجانب أسمه‪.‬‬ ‫د ۔ القوي الأمين‪:‬‬ ‫تعتبر الأمانة من أجل الأمور في حياة المسلم فهي تحتاج إلى وجود ضمير‬ ‫يقظ وتجرد نفس عن الميل إلى الطمع وسمو في الخلق‪ ،‬ونظرا لعظم الأمانة‬ ‫وقدرها في الإسلامإ فقد أخبر الرسول تلة أنه إذا ضيعت الأمانة يكون حدوث‬ ‫الساعة وهي نهاية الدنيا‪ ،‬والأمانة أمر الله بها في محكم كتابه بقوله عز من قائل‬ ‫النساء‪٨ :‬ه]‪.‬‏‬ ‫« نالته يأمنكم آن تُوَمُوا الكمكت إلخ أهلها‬ ‫كما أن تحمل الأمانة يحتاج إلى قوة عزم وشدة حزم وهي صفات‬ ‫‏‪ ١‬لأنبياء نقتا" ومن صفات نبينا محمد يلة التي اشتهر بها قبل بعثته حتى غرف‬ ‫بالصادق الأمين‪ ،‬وصارت الأمانة من أهم صفات المؤمنين‪ ،‬وقد كان أبو حمزة‬ ‫من أولئك الأشخاص الذي يلجأ إليهم الناس لحفظ ودائعهم فيجدون عنده‬ ‫الكهف الآمن لأموالهم والموضع المنيع لمدخراتهم وقد حدث أن رجلا يدعى‬ ‫أقاليم‬ ‫بعض‬ ‫والياً على‬ ‫له كان‬ ‫عم‬ ‫ابن‬ ‫لزيارة‬ ‫فارس‬ ‫إلى‬ ‫ذهب‬ ‫المعلا‬ ‫بن‬ ‫أنس‬ ‫فارس فأعطى ذلك الوالي ابن عمه عطاء‪ ،‬وفي هذه الأثناء عزل الوالي‪ ،‬ولعله‬ ‫طولب بما عنده من ممتلكات فخاف ذلك الرجل فهرب بالعطاء في مركب‬ ‫خوفا من أن يؤخذ عنه حتى وصل البصرة فدفعه إلى أبي حمزة المختار بن‬ ‫عوف ليحفظه عنده‪ ،‬قال أبو سفيان‪« :‬خرج ‪ -‬أبو أنس بن المعلا إلى عم له‬ ‫واليا على فارس فأحسن إليه فبينما هو عنده إذا عزل فهرب أنس إلى البصرة‬ ‫‪.١٠٠‬‬ ‫‪ ٢٦٢‬سير الشماخي‪ ،‬ج‪ ٨١ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫‪ ٦‬ص‪‎‬‬ ‫الطبقات الدلرجينى©‪ 6‬ج‪‎‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫دخصيات عمانية‬ ‫س<=‪_ :‬‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫ر‬ ‫تخف‪ 1 .‬في مركب ومعه ماله جازه به ا بن عمه وخشي أن يؤخذ منه‬ ‫وخرج‬ ‫فدفعه إلى أبى حمزة المختار حتى سكن عنه ما يخاف منه»'‪.‬‬ ‫بالإضافة إلى تحلي أبي حمزة بالأمانة وثقة الناس به نستنتج أيضاً جرأته‬ ‫وقدرته على تحمل المسؤولية‪ ،‬فهو لم يبال بعاقبة الطالب إن لو كان ذلك‬ ‫المال مطلوباء وتلك قدرات لا يتحملها إلا النادر من الناس‪.‬‬ ‫و ۔ ملازمة العبادة‪:‬‬ ‫أثناء وجود أبي حمزة في البصرة لازم مشايخ العلم فيها وحرص على‬ ‫البقاء معهم‪ .‬لأن مجالسة الصالحين والأخيار تعين على طاعة الله وتجعل‬ ‫القلوب خاشعة لذكر الله‪.‬‬ ‫قال أبو سفيان عن عبد الملك الطويل قال أبو حمزة «كنا نأتي منزل‬ ‫حاجب فى رمضان يصلى بنا فيه فيقر بنا المائدة في ثلاث ركعات»"'وكان‬ ‫أبو حمزة أيضا كثير السفر إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج كما كان‬ ‫السلف رحمهم الله كثيرا ما يذهبون إلى أداء مناسك الحج لما في ذلك من‬ ‫الفوائد الدينية المتعددة واللقاء بالمسلمين لقوله تعالى « لتَهَدُوأ متع‬ ‫لهم ‪ 4‬الحج ‏‪ ]٢٨‬وكان الإمام جابر بن زيد يذهب إلى الحج كل سنة يقول‬ ‫آبو سفيان «وكان المسلمون من أكثر الناس حجا‪ ،‬وكان لغير واحد نجائب‬ ‫يحملون عليها إلى مكة وكان جد سلمة يدعى بأبي سالم من خيار المسلمين‬ ‫وكان أبو سنان له نجائب عدة قال سلمة‪ :‬لأبي نجائب يحمل عليها مشايخ‬ ‫المسلمين ممن لا سعة له إلى مكة شبه المختار بن عوف وغيره»‪.‬‬ ‫وهكذا نجد السلف يبادرون إلى فعل الطاعات وينهمكون فى العبادة لله‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سير الشماخي ج‪ .١ ‎‬ص‪.١٠٤ ‎‬‬ ‫‪.١٠٨‬‬ ‫‪ .١‬ص‪‎‬‬ ‫سير الشماخي ج‪‎‬‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫‪٥ ١‬‬ ‫‪ ١‬لشاري نشأته ودراسته‪‎‬‬ ‫‪- ٢‬۔ أبو حمزة‪‎‬‬ ‫ه ۔ المكانة العلمية‪:‬‬ ‫عاش أبو حمزة إبان دراسته في مدينة البصرة وظل ملازماً شيخه‬ ‫أبا عبيدة وغيره من الأشياخ مثل حاجب الطائي" وضمام بن السائب وغيرهم‬ ‫رحمهم الله‪ ،‬وقد مر بنا اجتهاده حتى في التدريب على الخطابة‪ ،‬فقد كانوا‬ ‫يقطعون الليل في العبادة وطلب العلم وقد وصف الصحابة قائلا‪« :‬أنضاء‬ ‫عبادة وأطلاح سهر قد نظر الله إليهم في جوف الليل منحنية أصلابهم على‬ ‫أجزاء القرآن إذا مر أحدهم بآية فيها ذكر الجنة بكى شوقا إليها وإذا مر بآية‬ ‫فيها ذكر النار شهق شهقة كأن زفير جهنم بين أذنيهؤ وقد أكلت الأرض‬ ‫جباههم وركبهم من طول السجود‪ ،‬مصفرة ألوانهم ناحلة أجسامهم من كثرة‬ ‫الصيام وطول القيام»'‪.‬‬ ‫هذه هي صفاتهم"'‪ ،‬وقد وفقهم الله للعمل بما علموا امتثالا لأمر الله تعالى‬ ‫‪7‬‬ ‫سص‬ ‫إ‬‫‏‪٥‬‬ ‫‪8‬‬ ‫رم ے‬ ‫«وآتَمواالله وينكم أله ‪[ 4‬البقرة‪ :‬‏‪ ]٦٨٢‬وقد قيل‪« :‬من عمل بما علم كان‬ ‫حقاً على الله أن يعلمه ما جهل»"'‪.‬‬ ‫نتيجة لهذا الإجتهاد في العلم والعمل بلغ أبو حمزة مكانة عالية في العلم‬ ‫شهد له بهذا المنزلة العلمية شيخه أبو عبيدة عندما أرسله إلى اليمن للقيام مع‬ ‫طالب الحق عبدالله بن يحيى الكندي ووصفه بأنه رجل «إنجيله في صدره؛'؛'‬ ‫وما أعظمها من شهادة صدرت عن ذلك الإمام الكبير وفي ذلك فليتنافس‬ ‫المتنافسون‪.‬‬ ‫(‪ )١‬نفس المصدر ص‪.٨٩‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الطبقات للدرجيني ج ؟‪ ‎‬ص‪.٢٦٦١٦‬‬ ‫)‪ (٣‬جامع ابن جعفر © ج‪ ١ ‎‬ص‪.٤٧‎‬‬ ‫ص‪.٩١‎‬‬ ‫(‪ )٤‬سير الشماخي‪ ،‬ج‪،١‬‬ ‫شخصيات شمااب‬ ‫ل‬ ‫هم‬ ‫‏‪0٢‬‬ ‫رابع‪ :‬توجه أبي حمزة إلى اليمن‪:‬‬ ‫بعد تلك الفتن التي عصفت الأمة الإسلامية تحولت الخلافة إلى ملك‬ ‫عضوض جثم على الأمة بكلكل ثقيل من القهر والإستبداد‪ ،‬وسادت الروح‬ ‫الإستعلائية البغيضة بين الحاكمين والمحكومين“ وانقلب مفهوم المسؤولين‬ ‫في الحكم من «لو ضاعت شاة بسواد العراق لكان المسؤول عنها عمر» إلى‬ ‫عدم صيانة كرامة الإنسان؛ فأصبح يقتل بالظنة‪ ،‬ومن «أين لك هذا» إلى اتخاذ‬ ‫القصور والضياع والثراء الفاحش‪ ،‬وأخذ الآأموال من غير حلها ووضعها في غير‬ ‫محلها من التبذير والإسراف‘ ومن أن «محمداً بعث هادياً ولم بعث جابيا»‬ ‫إلى العكس من ذلك حتى لا تقتصر النفقة على القصور والخدم والحشم‪.‬‬ ‫ومن مبدأ «متى أستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا» إلى اتخاذ عباد‬ ‫الله خولا‪ ،‬إنها لمفارقات عجيبة حدثت في تاريخ الإسلام بين خلافة عادلة‬ ‫سمحة\ إلى ملك عضوض قاس فعتم على الأمة جو مظلم من القهر‬ ‫والجبروت ظلمات بعضها فوق بعض اختلط فيها الحابل بالنابل وانقلبت‬ ‫فيها الموازين واختلفت المفاهيم" فصار المعروف منكرا والمنكر معروفا‪.‬‬ ‫واعتبر الحق باطلا والباطل حقاً‪ ،‬فأصبح أبو حمزة الشاري ومن معه من الفتية‬ ‫المؤمنين الذين لم يألوا جهدا في اقتفاء أثر الرسول تة ‪ ،‬وأثر خلفائه وأصحابه‬ ‫الكرام حذو القذة بالقذة في تطبيق أحكام الإسلام‪ ،‬وبسط العدل وإعطاء كل‬ ‫ذي حق حقه‪ ،‬أصبحوا يوصفون بأنهم فئة خارجة عن الإسلام‪ ،‬أما ذلك الحكم‬ ‫الدموي المتسلط لمروان الحمار ومن قبله من الأمويين فهو الحكم الإسلامي‪.‬‬ ‫ولعمري إنها لمفاهيم خاطئة ظالمة وهذا هو أبو حمزة على منبر رسول الله يلة‬ ‫يفند هذه المفاهيم السيئة في خطابه لأهل المدينة «يا أهل المدينة سألناكم عن‬ ‫ولاتكم هؤلاء ناسأتم لعمر الله فيهم القول‪ ،‬وسألناكم هل يستحلون المال‬ ‫الحرام والفرج الحرام فقلتم نعم‪ ،‬فقلنا لكم تعالوا نحن وأنتم فنناشدهم الله أن‬ ‫‪0٢‬‬ ‫جت‪‎‬‬ ‫‪ ٢‬أبو حمزة الشاري نشاته ودراسته‬ ‫يتنحوا عنا وعنكم ليختار المسلمون لأنفسهم فقلتم لا تفعلون‪ ،‬فقلنا لكم‪‎‬‬ ‫تعالوا نحن وأنتم نلقاهم فإن نظهر نحن وأنتم نأت بمن يقيم فينا كتاب الله‪‎‬‬ ‫وسنة نبيهؤ وإن نظفر نعدل في أحكامكم ونحملكم على سنة نبيكم" ونقسم‪‎‬‬ ‫فينكم بينكم فإنكم أبيتم وقاتلتمونا فقاتلنكم فأبعدكم الله وأسحقكمه" وقال‪‎‬‬ ‫أيضا «يا أهل المدينة مالي رأيت رسم الدين فيكم باقياً وآثاره دارسة لا تقبلون‪‎‬‬ ‫عليه عظة ولا تفقهون من أهله حجة‪ ،‬قد بليت فيكم جدته وانتلمست عنكم‪‎‬‬ ‫سنته ترون معروفه منكرا والمنكر من غيره معروفا‪ ،‬فإذا انكشفت لكم العبر‪‎‬‬ ‫وأوضحت لكم النذر‪ .‬عميت عنها أبصاركم‪ .‬وصمت عنها أسماعكم‪ .‬ساهين‪‎‬‬ ‫في غمرة لاهين في غفلة تنبسط قلوبكم للباطل إذا نشر‪ ،‬وتنقبض عن الحق‪‎‬‬ ‫إذا ذكر‪ .‬مستوحشة من العلم مستأنسة بالجهل‪ ،‬كلما وقعت عليها موعظة‪‎‬‬ ‫زادتها عن الحق نفورا»"'‪‎.‬‬ ‫أما اليمن فلم تكن بمعزل عن مضلة الحكم الأموي بل أخذت قسطا وافر‬ ‫من سوء تصرفات الولاة الثقفين الذين تعاقبوا عليها منذ محمد بن يوسف‬ ‫الثقفي وكان آخرهم القاسم بن عمر الثقفي'"'© فبكت الأرملة وصاح اليتيم‬ ‫وقوبل ذلك بابتسامات عريضة واستهزاء من المتكبرين في الأرض بغير الحق‬ ‫وهذا الواقع المؤلم هو الذي حرك قريحة العلامة القاضي عبدالله بن يحيى‬ ‫الكندي قبل أن يحرك سنانه حيث قال‪:‬‬ ‫بكاء اليتامى وابتسام الجبابر‬ ‫كوى بالأسى قلبي وأبكى نواظري‬ ‫وسفك الدما إسراف أهل الكبائر'''‬ ‫وكلفني حمل القواضب والقنا‬ ‫(‪ )١‬الأغاني ج‪ ،٦٠‬ص‪.١٠٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الاغاني ص‪ ‎‬ه‪.١٧٠١‬‬ ‫(‪ )٢‬مهدي طالب هاشم الحركة الإباضية في المشرق والعربي‪ ‎‬ص؟‪.١'٢‬‬ ‫ص‪.١٧٠ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬أبو القاسم البرادي‪ ،‬الجواهر المنتقاة‪.‬‬ ‫جور‬ ‫ر‬ ‫‏‪٥٤‬‬ ‫فكتب إلى مرجع المسلمين والقدوة في الدين الإمام أبي عبيدة مسلم بن‬ ‫بعد أن رأى‬ ‫في أمر الخروج‬ ‫بالبصرة يستشيره‬ ‫أبي كريمة رضي الله عنه وأرضاه‬ ‫باليمن «جوراً ظاهرا وعسفاً شديدا وسيرة في الناس قبيحة»('‪.‬‬ ‫فأجابه ذلك الإمام الجليل «إن استطعت أن لا تقيم يوما واحداً فافعل‪ ،‬فإن‬ ‫المبادرة بالعمل الصالح أفضل ولست تدري متى يأتي عليك أجلك‪ .‬ولله خيرة‬ ‫منهم من يشاء»") ‪.‬‬ ‫لنصرة دينه ويخص بالشهادة‬ ‫من عباده يبعثهم إذا شاء‬ ‫وزودهم بنصائحه‪ ،‬وذكرهم سيرة أسلافهم العظام في السلم والحرب‬ ‫والحل والترحال «إذا خرجتم فلا تغلوا ولا تغدروا واقتدوا بسلقفكم الصالحين‬ ‫وسيروا سيرتهم‪ .‬نقد علمتم أن اللذي أخرجهم على السلطان العيب‬ ‫لأعمالهم»"'‪.‬‬ ‫«وقد بعثنا لك برجل انجيله فى صدره»ؤ;)‬ ‫حضرموت‬ ‫إلى‬ ‫السليمي‬ ‫بن عوف‬ ‫المختار‬ ‫القائد أبي حمزة‬ ‫وبوصول‬ ‫باليمن والتحاقه بطالب الحق الإمام عبدالله بن يحيى دخل في مرحلة تاريخية‬ ‫أخرى سوف يتعرض الأخوة الباحثون لجوانبها الفكرية والسلوكية والعسكرية‬ ‫والدعوية والبلاغية إن شاء الله‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الاغاني ج‪ ٨٦٠ ‎‬ص‪.٩٧ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬تنفس المصدر ص‪.٩٧ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬نفس المصدر ‘ ص‪.٩٧ ‎‬‬ ‫(‪ ))٤‬سير الشماخي‪ ‎‬ج‪‎ .١‬ص‪.٩١‬‬ ‫‪٥٥‬‬ ‫‪ ٢‬۔ أبو حمزة الشاري نشأته ودراسته‪‎‬‬ ‫‪3‬‬ ‫المرا جع‪:‬‬ ‫القرآن الكريم‪.‬‬ ‫شرح الجامع الصحيح نور الدين عبد الله بن حميد السالمي‪.‬‬ ‫النظام‪ ،‬نور الدين عبل الله بن حميد‪.‬‬ ‫جوهر‬ ‫تحفة الأعيان‪ ،‬نور الدين عبدالله بن حميد‪.‬‬ ‫أبو العباس أحمد بن سعيد الشماخي‪.‬‬ ‫السير‬ ‫كتاب‬ ‫أحمد بن سعيد الشماخى‪.‬‬ ‫أبو العباس‬ ‫المشايخ‪،‬‬ ‫طبقات‬ ‫سلمة بن مسملم العوتبي الصحاري‪.‬‬ ‫الأنساب‬ ‫سيرة عبدالله بن مداد‪.‬‬ ‫جامع بن جعفر‪.‬‬ ‫آ‬ ‫أبو بكر بن دريد‪.‬‬ ‫الإشتقاق۔‬ ‫۔‪‎١‬‬ ‫الأغاني‪ ،‬أبو الفرج الأصفهاني‪.‬‬ ‫‪- ١٢‬‬ ‫نشأة الحركة الإباضية" عوض خليفات‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٣‬‬ ‫الإباضية في المشرق العربي‪ ،‬مهدي طالب هاشم‪.‬‬ ‫‪- ١٤‬‬ ‫‏‪ ٥‬۔ الحركة الإباضية في المشرق العربي‪ ،‬مهدي طالب هاشم‪.‬‬ ‫‏‪ ٧‬‏م‪ ٨٨‬وزارة التربية‬ ‫الكتاب السنوي للإحصاءات التعليمية لعام‬ ‫‏‪- ٦‬۔‬ ‫والتعليم والشباب‪.‬‬ ‫‪ - ٧‬غُمان ونهضتها الحديثة" دونالد هولي‪.‬‬ ‫عما نية‬ ‫شخصيا ت‬ ‫ِ‬ ‫‏‪٥ ٦‬‬ ‫‏‪ ٨‬غمان في العصور الإسلامية الأولى‪ ،‬عبد الرحمن العاني‪.‬‬ ‫‏‪ -٩‬معجم البلدان" ياقوت الحموي‪.‬‬ ‫‏‪ - ٠‬الإصابة في تمييز الصحابة ابن حجر العسقلاني‪.‬‬ ‫‏‪ - ١‬السيرة الحلبية‪ ،‬علي بن برهان الدين الحلبي‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٢‬۔ تاريخ الحضارة الإسلامية والفكر الإسلامي أبو زيد شلبي‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬الجغرافيا الإقليمية للثالث الثانوي وزارة التربية والتعليم والشباب‪.‬‬ ‫‏‪ ٤‬۔ منهج الطالبين خميس بن سعيد الشقصي‪.‬‬ ‫‏‪ ٥‬۔ كشف الغمة‪ ،‬سرحان بن سعيد الأزكوي‪.‬‬ ‫‏‪ - ٦‬الجواهر المنتقاة‪ 5‬أبو القاسم ابراهيم البرادي‪.‬‬ ‫؟ ا‬ ‫كلمة عن الخليل بن أحمد الضراهيدي"ا‬ ‫‏(‪ )١‬هذه كلمة ألقيتها في الجلسة الإفتتاحية لمؤتمر «الخليل بن أحمد الفراهيدي؛ بوحدة‬ ‫الدراسات المانية بجامعة آل البيت‪ ،‬بالمملكة الأردنية الهاشمية بتاريخ ‪٢٠٠٦/٧/٢٢‬م‪.‬‏‬ ‫‪٥4٨‬‬ ‫‪-_-‬‬ ‫‪ ٢‬۔ كلمة عن الخليل بن أحمد الفراهيدى‪‎‬‬ ‫ي‪( ‎‬‬ ‫رنے‪‎‬‬ ‫ج۔تحج‬ ‫) م ج‬ ‫َ‬ ‫\‬ ‫بسم الثه الرحمن الرحيم‬ ‫إنها لفرصة جد سعيدة أن نحتفل بواحد من أهم أعلام العرب والعربية‪.‬‬ ‫ذلكم هو إمام اللغة الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي الممان‪ ،‬ولعله من‬ ‫الجميل أن نعيش أجواء هنه الأبيات التي جاشت بها قريحة أبي حيان‬ ‫الأندلسي في حق الخليل حيث قال‪:‬‬ ‫جهابذة تنأى به وتعاضده‬ ‫وما زال هذا العلم تنميه سادة‬ ‫من الأزد تنميه إليه فراهده‬ ‫إلى أن أتى الدهر العقيم بواحد‬ ‫أقر له بالسبق في العلم حاسده‬ ‫إمام الورى ذاك الخليل بن أحمد‬ ‫فضاءت أدانيه ونارت أباعده‬ ‫وبالبصرة الفراء قد لاح فجره‬ ‫إذا ظن أمرا قلت ها هو شاهده‬ ‫بأذكى الورى ذهناً وأصدق لهجة‬ ‫ولا ثالث في الناس تعمى قواعده‬ ‫هو الواضع الثاني الذي فاق أول‬ ‫صئوم قئوم راكع الليل ساجده‬ ‫ومن كان رباني أهل زمانه‬ ‫ولوق بأن الله حق مواعده‬ ‫يقسم منه دهره في مثوبة‬ ‫فيعرفه البيت العتيق ووافده‬ ‫نعام إلى حج وعام لغزوة‬ ‫كواعب حسن تنثني ونواهده‬ ‫ولم يثنه يوما عن العلم والتقى‬ ‫تناغيه إلا عفره وأوابده‬ ‫وأكثر سكناه بقفر بحيث لا‬ ‫بماء قراح ليس تُغشى موارده‬ ‫وما قوته إلا شعير يسفه‬ ‫وشوتاً إلى المولى وما هو واعده‬ ‫عزوفاً عن الدنيا وعن زهراتها‬ ‫عمانية‬ ‫شخصيات‬ ‫‏‪٩‬‬ ‫)_‬ ‫ج‬ ‫ص«‬ ‫ل‪/‬‬ ‫وجميل أن يتزامن هذا الإحتفاغ المبارك بشخصية الخليل بن أحمد مع‬ ‫كون مسقط العاصمة المممانية‪ ،‬عاصمة للثقافة العربية‪ ،‬ومع إعلان المنظمة‬ ‫العالمية للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) شخصية الخليل بن أحمد‬ ‫شخصية عالمية‪.‬‬ ‫وأرى أنه من المناسب أن أذكر أمامكم بعض المعلومات عن الخليل‬ ‫ونسبه وموطنه على اعتبار أننا معشر المانيين أقرب إليه نسباً وموطنا‪ ،‬ولعل‬ ‫بعضاً من هذه المعلومات لم تصادف أذهانكم أو أذهان الكثير منكم‪ ،‬ولعلها‬ ‫تقزب الصورة إليكم‪ ،‬وترسم لوحة معلوماتية أمامكم عن هذا الإمام الجليل‪.‬‬ ‫ولا سيما أنكم أو أن الكثير منكم لما يزر عمان ولم أقل لم يزر غمان‪ ،‬لأنني‬ ‫أتوقع زيارتكم لها‪.‬‬ ‫الخليل بن أحمد ومكان مولده‬ ‫لقد حددت المصدر العمانية نسب‬ ‫ونشأته فهو الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي‪ ،‬نسبة إلى‬ ‫فراهيد بن مالك بن فهم الأزدي‪ ،‬ومالك بن فهم الأزدي هو القائد العربي‬ ‫الذي انتقل من اليمن إلى غمان عقب الإنهيار التام لسد مأرب باليمن‪ ،‬وترك‬ ‫أولاداً عديدين أصبحوا فيما بعد آباء لقبائل غمانية انتشرت في عمان‬ ‫وخارجها‪ ،‬ومن بينهم فراهيد بن مالك الذي صار أبا لقبيلة فراهيد المانية‬ ‫العربيةث وقد أنجبت هذه القبيلة العديد من العلماء والأدباء والقادة‪ ،‬منهم هذا‬ ‫الإمام إمام اللغة الخليل بن أحمده والربيع بن حبيب صاحب المسند في‬ ‫الحديث وأبو العباس المبرد‪ ،‬وابن دريد الأديب واللغوي المشهور‪ ،‬وبلج بن‬ ‫عقبة صاحب أبي حمزة الشاري وقد كانت مساكن هذه القبيلة في منطقة‬ ‫الباطنة من غغمان في مدينة صحار وما حولها\ ثم تفرعت منها قبائل لا يزال‬ ‫بعضها موجودا في غمان‪ ،‬واختفت النسبة إلى فراهيد‪.‬‬ ‫‪٦١‬‬ ‫الفراهيدي‪‎‬‬ ‫مد‬‫ح بن‬ ‫أليل‬ ‫‪ ٢‬۔ كلمة عن الخ‬ ‫‪68‬‬ ‫كان الخليل بن أحمد من قرية «ودام» وكانت تنقسم إلى قسمين‪ :‬ودام‬ ‫وودام الغاف‪:‬‬ ‫وهي القسم الذي يقع بجوار البحر خليج عمان‬ ‫الساحلء‬ ‫وهي القسم الأعلى من البحر‪ ،‬ولعلها نسبة إلى شجر الغاف‪ ،‬وهو شجر يكثر‬ ‫في غُمان‪.‬‬ ‫وقرية «ودام» من ولاية المصنعة من منطقة الباطنة التي يقال عنها إنها‬ ‫بحبوحة غمان‪ ،‬نظرا لرخاء العيش بها لجوارها البحر ولكثرة مزروعاتهاء‬ ‫وذلك أن منطقة الباطنة سهل فسيح بين الجبل والبحر يمتد طوله مسافة‬ ‫ثلاثمائة كيلو مترك وعرضه يتراوح ما بين عشرين إلى خمسين كيلو مترا على‬ ‫ساحل خليج غمان‪ ،‬وهو الذي عناه ذلكم الماني الذي لقيه أبو عمرو بن‬ ‫العلاء بمكة فيما يرويه عنه تلميذه الأصمعي يقول أبو عمرو لقيت رجلا بمكة‬ ‫فاستفصحتهء وبعد أن وجه إليه العديد من الأسئلة‪ ،‬قال له‪ :‬صف لي بلادك‬ ‫أفيح ‪ .‬وفضاء صحصح ‪ .‬وجبل صلدح ‪ .‬ورمل أصبح» ‘‬ ‫فقال ا لغماني ‪( :‬سيف‬ ‫ذات الكلمات‬ ‫الجغرافيا الطبيعية لتمان بهذه العبارة المختصرة‬ ‫فقد وصف‬ ‫القليلةث والمعاني الكثيرة وإذا أردتم شرح هذه الكلمات فنحن على استعداد‬ ‫لشرحها لغة وأرضاً‪.‬‬ ‫خرج الخليل بن أحمد الفراهيدي من غمان إلى البصرة‪ ،‬وهنالك نال‬ ‫شهرة واسعة وتفتقت عبقريته عن الكثير من العلوم ‪ 3‬وتأتي عظمة الخليل في‬ ‫كونه مؤسسا لتلك العلوم وأبا عذرتها وما الناس فيها إلا تبع له وعالة عليه‪.‬‬ ‫ناسجين على منهجه وسائرين على منواله‪ ،‬ودعونا نستمع إلى ما يقوله عنه‬ ‫بعض أتباعه المتعشقين خطاه‪ ،‬المترسمين منهجه والمتأثرين به علماً وأدباً‬ ‫ونختار من أولئك الأشخاص شخصين كان لهما الأثر الواضح الملموس في‬ ‫التراث العربي الخالد‪.‬‬ ‫ر‬ ‫يقول أبو المنذر سلمة بن مسلم العوتبي الصحاري المحماني في كتابيه‪:‬‬ ‫الأنسابڵ والإبانة‪« :‬ومن أهل عمان أبو عبدالرحمن الخليل بن أحمد‬ ‫الفراهيدي‪ ،‬وكان خرج إلى البصرة‪ ،‬وأقام بها فنسب إليها‪ .‬وهو صاحب كتاب‬ ‫العين الذي هو إمام الكتب في اللغة وما سبقه أحد إلى تأليف مثله‪ ،‬وإليه‬ ‫يتحاكم أهل العلم والأدب فيما يختلفون فيه من اللغة‪ ،‬فيرضون به ويسلمون‬ ‫إليهك وهو صاحب كتاب النحو وإليه ينسب‘ وهو أول من بوبه وأوضحه ورتبه‬ ‫وشرحه‪ ،‬وهو صاحب كتاب العروض والنقط والشكل والناس تبع له‪ ،‬وله‬ ‫فضيلة السبق إليه والتقدم فيه»‪.‬‬ ‫أما تلميذه غير المباشر أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد فيقول‪« :‬وقد‬ ‫ألف أبو عبدالرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي رضوان الله عليه كتاب العين‪،‬‬ ‫فأتعب من تصدى لغايته‪ ،‬وعى من سما إلى نهايته فالمنتصف له بالغلب‬ ‫معترف والمعاند متكلف‪ ،‬وكل من بعده تبع له أقر بذلك أم جحد‘ ولكنه ونة‬ ‫ألف كتابه مشاكلاً لنقوب فهمه‪ ،‬وذكاء فطنته وحدة أذهان أهل دهره»‪.‬‬ ‫فرحم الله الخليل بن أحمد الفراهيدي‪ ،‬وجزاه عن لغة الضاد وأهلها خير‬ ‫الجزاء‪ ،‬لما قام به من أعمال علمية لصيانتها نطقا وإملاءَ‪ ،‬فهي لغة النص‬ ‫الديني‪ ،‬والخطاب الإسلامي فبها الله تعبد ويوحد‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ط‬ ‫‪ >. .‬۔‬ ‫الخليل بن أحمد الضراهيدي‪)١‬‏‬ ‫‏(‪ )١‬كتبت هذا البحث لوزارة التربية والتعليم ‪ -‬وكنث موظفا بها۔لتسمية إحدى المدارس‬ ‫) وآثرت أن لا أغير فيه شيئ‬ ‫باسم الخليل بن أحمد الفراهيدي بتاريخ ‏‪٨‬‬ ‫لأنه يجد مرحلة فكرية من مراحل عمري ويثير في شجون الشباب‪:‬‬ ‫فيه نلذ ولا لذات للشيب‬ ‫إن الشباب الذي مجد عواقبه‬ ‫وأسأل الله السلامة وحسن الخاتمة‪.‬‬ ‫‏‪٦٥‬‬ ‫ا ۔ الخليل بن أحمد الفذراهميدى‬ ‫_‬ ‫(ک۔۔‬ ‫َ‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيم‬ ‫أديب بارز بيض صفحات التاريخ الأدبي المشرف وصترها بيضاء ناصعة‬ ‫خالية من الشوائب التي تشوه التاريخ وتنس صفحاته‪.‬‬ ‫وقد ظهر هذا الأديب البارز في مستهل القرن الثاني الهجري‪ ،‬ورفع‬ ‫مستوى الأدب العربي إلى مرتقى منيف وإلى أوج الكمال الذي يليق بمكانة‬ ‫الأدب العربي ومنزلته‪ .‬الأمر الذي جعله يتولى زمام اللغة العربية والأدب‬ ‫العربي في عصره‘ وضربت إليه أكباد الإبل من مختلف الأصقاع وشتى‬ ‫النواحي للإغتراف من فيضان بحره والنهل من معينه العذب الذي يروى كل‬ ‫ظامئع متلهف‪.‬‬ ‫على أن أديبنا هو إمام اللغة والأدب الخليل بن أحمد الفراهيدي‪.‬‬ ‫تنسبه‪:‬‬ ‫ينتسب إلى فراهيد بن مالك بن فهم الأزدي‪.‬‬ ‫وذكر المرزبانى‪ :‬أن أباه أحمد أول من سممى أحمد بعد الرسول ية ‪.‬‬ ‫مولده وتشأته‪:‬‬ ‫ولد الخليل بن أحمد سنة ‏‪ ١٠٠‬هجرية أثناء خلافة أمير المؤمنين عمر بن‬ ‫شخصيات غمانبا‬ ‫_‬ ‫«”جو‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫عبد العزيز ظنه في بلدة ودام القريبة من المصنعة‘ في منطقة الباطنة من‬ ‫عُمان‪ ،‬ونشأ فيها‪ ،‬وبها تعلم مبادىء العلوم‪ ،‬ثم انتقل إلى البصرة بالعراق"‬ ‫حيث كانت البصرة محط رحال العلم آنذاك‪ ،‬وبها ملتقى الفحول من‬ ‫العلماء والأدباء‪.‬‬ ‫سار الخليل على بركة الله مفارقاً وطنه الحبيب الذي هو مسقط رأسه‪.‬‬ ‫وترى على ترابه ولعب على ثراه‪ ،‬ومرح تحت سمائه إلى طلب العلم الذي‬ ‫لا حياة للإنسانية بدونه‪.‬‬ ‫ووصل إلى البصرة وجت واجتهد على تحصيل العلم بالإضافة إلى‬ ‫وسعة العقل‪.‬‬ ‫الذكاء‬ ‫فرط‬ ‫ما رزقه الله من‬ ‫التدريس‬ ‫ويمسك زمام‬ ‫ظمأه‪،‬‬ ‫على العلم ينهل منه ليروي‬ ‫وهنالك أكت‬ ‫والتأليف‪.‬‬ ‫حياته ومكانته الأدبية‪:‬‬ ‫قال حمزة بن الحسن الأصبهاني في حقه في كتابه «التنبيه على حدوث‬ ‫التصحيف»‪ :‬وبعد فإن دولة الإسلام لم تخرج أبدع للعلوم التي لم يكن لها‬ ‫عند علماء العرب أصول من الخليل‪ ،‬وليس على ذلك برهان أوضح من علم‬ ‫القروض الذي لا عن حكيم أخذه ولا على مثال تقذمه احتذاه‪ ،‬وإنما اخترعه‬ ‫من ممر له بالصقارين من وقع مطرقة على طست ليس فيهما حجة ولا بيان‬ ‫يؤديان إلى غير حليتهما‪ ،‬أو يفيدان غير جوهرهما إلى أن قال‪ :‬ومن تأسيسه‬ ‫بناء كتاب العين الذي يحصر لغة أمة من الأمم قاطبة‪.‬‬ ‫ومن‬ ‫التنبيه‪،‬‬ ‫كتاب‬ ‫صاحب‬ ‫والوصف الذي وصفه به‬ ‫الثناء‬ ‫له هذا‬ ‫وحق‬ ‫وهذه صفاته جدير أن يوصف ويقال فيه مثل هذا الكلام‪.‬‬ ‫هذه مكانته‬ ‫كانت‬ ‫‏‪ ٤‬۔ الخليل بن أحمد الفراهيدى‬ ‫‏‪٨‬‬ ‫اسكتبج‬ ‫‪:‬‬ ‫وفي ليلة ماء اجتمع الخليل وعبد الله بن المقفع وبقيا يتحدثان حتى أشرق‬ ‫الخليل؟ ‪.‬‬ ‫الصباح ‏‪ ٠‬فقيل لعبد الله بن المقفع ‏‪ ٦‬كيف وجدت‬ ‫قال‪ :‬وجدت رجلا عقله أكبر من علمه‪ .‬وقيل للخليل كيف وجدت‬ ‫عبد الله بن المقفع؟‬ ‫رجلا علمه أكبر من عقله‪.‬‬ ‫قال‪ :‬وجدت‬ ‫‏‪ ١‬لأمور‬ ‫فاضلا قانعاً زاهداً متورعاً رفيع النفس عن‬ ‫رجلا‬ ‫كان‬ ‫هذا‬ ‫وبجانب‬ ‫المادية كثير التوكل على ربه‘ حدث عنه بعض طلابه أنه في بعض الأيام‬ ‫‏‪ ١‬لأموال‬ ‫بعلمه وجاهه ومنزلته عند الناس‬ ‫بينما أصحابه يكسبون‬ ‫لا يجد فلسين‬ ‫وتراه دائماً يردد في لسانه بيت الشاعر الأخطل ليزيح عن قلبه الهم والأفكار‬ ‫تك ‪.‬‬ ‫لقلة ما في بده‬ ‫ذخرا يكون كصالح الأعمال‬ ‫وإذا اعتمدت إلى الذخائر لم تجد‬ ‫وكان يتقاضى راتباً ضئيلاً يمده به سليمان بن حبيب بن المهلب بن أبي‬ ‫صفرة الأزدي وكان واليا على فارس والأهواز ومتقانعا بهذا الراتب القليل‬ ‫تاركا الدخول على الملوك والسلاطين ومما يدل على ترفعه وعزة نفسه أن‬ ‫سليمان بن حبيب كتب إليه يستدعيه للحضور عنده فامتنع عن تلبية طلبه‬ ‫ورأى أنه إذا ذهب ربما يتعطل سير الدراسة التي يحضرها كثير من الطلاب‬ ‫المتفتحين وكتب إليه الخليل رداً على كتابه‪ .‬يقول فيه‪:‬‬ ‫وفي غنى غير أني لست ذا مال‬ ‫أبلغ سليمان أني عنه في سعة‬ ‫يموت هزلا ولا يبقى على حال‬ ‫شحاً بنفسي أني لا أرى أحدا‬ ‫ولا يزيدك فيه حول محتال‬ ‫الرزق عن قدر لا الضعف ينقصه‬ ‫ومثل ذاك الفنى في النفس لا المال‬ ‫والفقر في النفس لا في المال نعرفه‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪٦٨‬‬ ‫ولما وصلت هذه الأبيات إلى سليمان قطع عنه الراتب الذي كان يمده به‪.‬‬ ‫فكتب إليه الخليل بكل عزة وإباء نفس غير مبال بقطع الراتب متوكلاً على‬ ‫الذي خلقه‪.‬‬ ‫يتوفاني‬ ‫حتى‬ ‫للرزق‬ ‫إن الذي شق فمي ضامن‬ ‫زادك في مالك حرمانى‬ ‫حرمتنى خيرا قليلا فما‬ ‫فلما بلغت سليمان أقامته وأقعدته بما فيها من إخلاص نية وصدق توكل‬ ‫وقوة عزم وعرف أنها خرجت من قلب رجل رفيع النفس‪ ،‬وعن عقل رجل‬ ‫عرف مصير نفسه فأضعف له الراتب‪.‬‬ ‫تلاميذه الذين تخرجوا من مدرسته حاملين لواء اللقة والأدب‪ .‬هم‪:‬‬ ‫سيبويه وقد صار إماماً فى النحو وألف قيه كتاباً سمى باسمه‪.‬‬ ‫‏‪١‬‬ ‫شميل‬ ‫بن‬ ‫النضر‬ ‫‏‪- ٢‬‬ ‫السدو‬ ‫مؤرج‬ ‫‏‪- ٢٣‬‬ ‫في علم العروض‬ ‫وقد برع‬ ‫نصر بن علي ا لجهضمي وغيرهم كثيرون‬ ‫‪٤‬۔‏‬ ‫وهو آول فن اكتشفه لم يسبقه إليه أحد ودرسه وألف فيه‪.‬‬ ‫شعر‬ ‫يقطع بيت‬ ‫غير نبيه فوجده‬ ‫وكان‬ ‫دخل عليه ولده‬ ‫عنه أنه مرة‬ ‫يحكى‬ ‫باوزان العروض فخرج إلى الناس وقال إن أبي قد ججن فدخل عليه الناس‬ ‫مخاطباً ابنه‪ :‬۔‬ ‫فأخبروه بما قاله ولده لهم فقال‬ ‫لو كنت تعلم ما تقول عذلتكا‬ ‫لو كنت تعلم ما أقول عذرتني‬ ‫وعلمت أنك جاهل فعذرتكا‬ ‫لكن جهلت مقالتي فعذلتني‬ ‫‪٦٩‬‬ ‫‏‪.‬‬ ‫‏‪ ٤‬۔الخليل بن احمد _ الفراهيدي‬ ‫‪..‬‬ ‫۔ ۔‪.‬۔‬ ‫۔۔۔۔۔۔۔‪.‬۔‬ ‫۔۔۔ ۔۔۔۔ ۔۔۔‬ ‫‪;:.‬۔۔۔۔۔۔۔_۔۔۔۔۔ ‪-‬۔۔‪٦‬‏ _ ينه‬ ‫س۔۔ے۔۔۔۔۔۔ ۔۔۔۔‪.‬‬ ‫مؤلفاته‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬كتاب العين في اللغة حصر فيه مفردات اللغة بطريقة حسابية شيقة ورتب‬ ‫موف‬ ‫الحلق وابتدأ من هذه ا!لحر‬ ‫مخارجها وابتدأ بحروف‬ ‫حسب‬ ‫الحروف‬ ‫بحرف العين ولذلك سمي كتاب العين‪.‬‬ ‫العروض‪.‬‬ ‫كتاب‬ ‫‏‪- ٢‬‬ ‫الشواهد‪.‬‬ ‫كتاب‬ ‫‏‪- ٣‬‬ ‫النقط وا لشكإ ‪7‬‬ ‫كتا ب‬ ‫ھ‪٤‬۔_‏‬ ‫‪٥‬۔‏ كتاب النغم‪.‬‬ ‫أما كتاب العين فهو موجود منه نسخة في بريطانيا في المكتبة وقد طبع‬ ‫منه الجزءان الأول والثاني وكان الخليل بن أحمد ينة يقول لا يعلم خطأ‬ ‫معلمه حتى يجالس غيره‪.‬‬ ‫ويقول أكمل ما يكون الإنسان عقلا وذهنا إذا بلغ الأربعين وهي السنة التي‬ ‫بعث الله فيها محمدا ية وينقص إذا بلغ ثلاثا وستين وهي السنة التي قبض اللة‬ ‫تعالى فيها رسول الله لش وأصفى ما يكون ذهن الإنسان في وقت السحر‪.‬‬ ‫ومن شعره في الغزل‪:‬‬ ‫وأنت كئيب إن ذا لعجيب‬ ‫يقولون لي دار الأحبة قد نأت‬ ‫إذا لم يكن بين القلوب قريب‬ ‫فقلت وما تغني الديار وقربها‬ ‫وفاته‪:‬‬ ‫توفى رحمة الله عليه سنة ‏‪ ١٧٥‬هجرية وعمره خمس وسبعون سنة بعد أن‬ ‫قضى حياته في سبيل نشر المعرفة وإيقاظ القلوب وأنشأ جيلا مثقفاً تولى بعده‬ ‫هذا العمل المشرف وهو نشر العلم والمعرفة بجميع أنواعها‪.‬‬ ‫___ __ ___ ___ شخصيات غمانية‬ ‫_۔۔۔_۔۔۔ ور س‪-‬‬ ‫‏‪٧‬‬ ‫وكان سبب موته أنه أراد أن يرسل جاريته إلى السوق فقال أريد أن أعمل‬ ‫لها حسابا حتى لا يمكن التاجر ظلمها فدخل المسجد وهو يفكر في ذلك‬ ‫وصدمته سارية فانقلب فمات‘ وقيل إنه كان يقطع بحرا في العروض فاصطدم‬ ‫بالسارية فانقلب فمات‘ وكانت وفاته بالبصرة في السنة المذكورة رحمه الله‬ ‫وغفر له‪.‬‬ ‫اكتفينا بهذا الكلام البسيط القصير عن هذه الشخصية العظيمة وفقاً‬ ‫للمطلوب‪.‬‬ ‫و ‏‪ ١‬لله ولێ ‏‪ ١‬لتو فيق ث‬ ‫كلمة عن آبي بكر ابن دريد"‬ ‫‏(‪ )١‬هذه كلمة ألقيتها في الجلسة الإفتتاحية لمؤتمر ابن دريد بوحدة الدراسات المانية‬ ‫بجامعة آل البيت بالمملكة الأردنية الهاشمية بتاريخ ‪٢٠٠٩/٥/١٢‬م‪.‬‏‬ ‫‪٧٢‬‬ ‫‪ ٥‬۔ كلمة عن أبي بكر ابن دريد‪‎‬‬ ‫بسم النه الرحمن الرحيم‬ ‫إنه لشيء جميل ورائع حقا أن تحتفي وحدة الدراسات المانية بجامعة آل‬ ‫البيت بواحد من أئمة العلم والأدب والشعر إنه أبو بكر محمد بن الحسن ابن‬ ‫دريد الأزدي الفراهيدي المماني‪ ،‬وقبل ثلاثة أعوام كان الإحتفاء بأستاذه الفذ‬ ‫أبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي على أن ابن دريد وإن لم يكن‬ ‫تلميذا مباشرا للدرس الخليلي فهو تلميذه علما وأدباً فقد سار على منواله‬ ‫واقتنفى خطاه واتخذه معشوقه العلمي حتى قام مقامه‪ ،‬ونتيجة العشق للخليل‬ ‫عه خصومه بمنتحل كتب الخليل ومعارفه‪ ،‬ذلكم نفطويه الذي كان وابن دريد‬ ‫يتراشقان بسهام الهجاء يقول عنه‪:‬‬ ‫رضع كتاب الجمهرة‬ ‫من حمقه‬ ‫ويعي‬ ‫غيره‬ ‫قد‬ ‫إلا أنه‬ ‫وهو كتاب العين‬ ‫والحقيقة أن كتاب العين هو العين والجمهرة هو الجمهرة بيد أنه ينبغي‬ ‫أن ندرك أن ذلك الإتهام أو الهجاء النفطوي ناشيء عن المناطحة القرونية‬ ‫التي داثماً ما يتعارك فيها الأقران علما وزماناً والتي غالباً ما يكون الحسد‬ ‫بالقراءة التحليلية ۔ لا يخلو من‬ ‫والمنافسة مبعثها‪ ،‬ولا ريب أن ذلك الإتهام‬ ‫كونه وصفاً لما كان عليه ابن دريد من ارتباط بالخليل وتأثره بعلمه وفكره‬ ‫لغة وأدبا‪.‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪٧٤‬‬ ‫صو‪:‬‬ ‫وقبل عام كان أيضا الإحتفاء هنا بالعوتي الصحاري الماني التلميذ‬ ‫العلمى لابن دريد لا سيما في مجال علمي الأدب واللغة فالأنساب للعوتبي‬ ‫ابر علمت لاشتقاق ابن دريد والإبانة للعوتبي ابن علمي أيضاً لجمهرة ابن‬ ‫دريد وكلاهما يستمد معارفه من شيخ العلوم وأستاذ الدنيا أبي عبدالرحمن‬ ‫الخليل بن أحمد الفراهيدي‪.‬‬ ‫لقد شكل هذا الثلاثي الماني خطابا لغويا وأدبياً كان له حضوره الفاعل‬ ‫في صياغة الفكر العربي وتحديد مساره‪ ،‬لقد تعددت مواهب ابن دريد بتعدد‬ ‫رحلاته وأماكن استقراره بين مان والبصرة وخراسان وبغداد ولعل ذلك يعود‬ ‫إلى عبقرية المكان‪ ،‬فلنستمع إلى تلميذه المسعودي وهو يعدد مواهب شيخه‬ ‫وأستاذه في كتابه مروج الذهب‘ حيث يقول‪« :‬وكان ابن دريد ممن قد برع في‬ ‫زماننا هذا في الشعر وانتهى في اللغة وقام مقام الخليل بن أحمد فيها وأورد‬ ‫أشياء في اللغة لم توجد في كتب اللغة القديمة‪ ،‬وكان يذهب في الشعر كل‬ ‫مذهب فطوراً يجرب وطوراً يعقب‪ ،‬وشعره أكثر من أن نحصيه» ووصفه‬ ‫العوتبي الصحاري مشيدا به في كتابيه الأنساب والإبانة‪ ،‬حيث يقول فيهما مع‬ ‫اختلاف يسير في العبارة‪ :‬الشاعر النسابة صاحب كتاب الجمهرة وله مصنفات‬ ‫وكتب عدة‪ .‬وهو الخطيب المذكور والشاعر المشهور‪ .‬الخطيب الذي تقف‬ ‫عند كلامه البلغاء وتعجز عن أدبه الأدباء‪ .‬وتستعير منه الفصحاء۔ وتستعين‬ ‫بكلامه الخطباء‪ ،‬وهو خطيب في شعره ومصقع في خطبه‪ ،‬وقدوة في أدبه‪.‬‬ ‫وحكيم في نثره‪ ،‬وعالم في شعره لا زيادة عليه في فنون العلم والأدب‪.‬‬ ‫هذا هو ابن دريد بين مادح وقادح‪ ،‬أو على الأقل بين طاعن وصادق وهذا‬ ‫شأن من له شأن على حد التعبير القائل ما اختلف اثنان على إنسان إلا كان‬ ‫عظيما‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٧٥‬‬ ‫‪ ٥‬۔ كلمة عن ابي بكر ابن دريد‪‎‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫حصحح)‪‎‬‬ ‫بح‪‎‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ولعل القصيدة الميمية في المديح النبوي المنسوبة إليه التي تحمل عنوان‪:‬‬ ‫في مدح أشرف البشر قَقلة‪ ،‬والتي لا تزال مخطوطة تصحح تلك الطعون‬ ‫والقوادح والقصيدة تضم مئة وأربعة وثلاثين بيتا وهي على البحر البسيط وهو‬ ‫البحر الذي وزن عليه البوصيري بردته المشهورة التي طبقت شهرتها الآفاق‬ ‫ونحا نحوه ونسج نسجه الكثير من الذين جاؤوا بعده ومطلع الميمية الدريدية‪:‬‬ ‫أبدى براعة الإستهلال في العدم‬ ‫حسن ابتداء مديحي حي ذي سلم‬ ‫قد ركبوا في الحشى نارا لبعدهم‬ ‫فأم سلعاً وسل عن أهله فهم‬ ‫وقال في آخرها مخاطبا النبي الكريم يلة‪:‬‬ ‫عيني بحسن بيان غير منعجم‬ ‫وعدتني في منامي ما تقز به‬ ‫زؤياي إياك أضغائاً من الحلم‬ ‫فنقلته مدمجا فوثنيه فما‬ ‫به فحالي منها غير منكتم‬ ‫فمطلبي أنت أدرى من براعته‬ ‫لو لا فإن رجائي حسن مختتمي‬ ‫فإن ظفرت به فالوعد موجبه‬ ‫على أنه بعد صحة نسبة القصيدة الدريدية فلعله يكون أول من أنشأ قصيدة‬ ‫في المديح النبوي بعد وفاته تلا ‪ 6‬وحسب علمي‪ ،‬ولست من مؤرخي الأدب‪،‬‬ ‫فإن مؤرخي شعره وحياته لم يكونوا يذكرونها له ولم تشتهر عنه ولعلها مما‬ ‫اختزنته الذاكرة المممانية‪ .‬وعسى أن يقوم الباحثون ونقاد الأدب في تحقيقها‬ ‫للتحقق من نسبتها الدريدية‪ ،‬وذلك ما نرجوه وقد أحضرت صورة منها إلى‬ ‫وحدة الدراسات الحممانية«'‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬أخبرني بعض الباحثين فيما بعد أن القصيدة ليست لإبن دريد والله أعلم‪.‬‬ ‫ابن دريد في الذاكرة المانية(‬ ‫‏(‪ )١‬بحث مقدم إلى مؤتمر وحدة الدراسات العمانية بجامعة آل البيت‪/‬المملكة الأردنية‬ ‫الهاشمية في الفترة من (!‪/١٤_١‬مايو‪٢٠٠٩/‬م)‪.‬‏‬ ‫_ ‪١‬‬ ‫‪-:-‬‬ ‫‪٧٩‬‬ ‫ابن دريد في الذاكرة المانية‪‎‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫وان‪) .‬‬ ‫) لكما‬ ‫ابن دريد قي الذاكرة المانية‪ :‬الاسم والمكان والزمان‬ ‫بسم الثه الرحمن الرحيم‬ ‫أولا‪ :‬الاسم‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬بطاقة التعريف‪:‬‬ ‫الكنية‪ :‬أبو بكر‪.‬‬ ‫‪ .‬الاسم‪ :‬محمد بن الحسن بن دريد‪.‬‬ ‫الشهرة‪ :‬ابن دريد‪.‬‬ ‫أول من أسلم من أجداده حمامي وكان ضمن الوفد الماني الذي صحب‬ ‫عمرو بن العاص مبعوث النبي يق إلى أهل عمان أثناء عودته إلى المدينة‬ ‫المنورة عقب وفاة النبي يلة ‪ 9‬وكان ذلك الوفد يتكون من سبعين شخصاً من‬ ‫وجوه وأعيان أهل غغمان وفي مقدمتهم عبد بن الجلندى أحد ملكي غمان‬ ‫اللذين وجه إليهما النبي يلة خطابه المعروف‪.‬‬ ‫القبلى‪:‬‬ ‫‏‪ ٢‬۔ الانتماء‬ ‫ينتمي ابن دريد قبليا إلى فراهيد بن مالك بن فهم الأزدي‪.‬‬ ‫‏‪ ٧‬دار الكتب العلمية" بيروت لبنان‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬الحموي‪ ،‬ياقوت‪ ،‬معجم الأدباء جه‪ .‬ص‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪٨٠‬‬ ‫ه‪-‬‬ ‫ومالك بن فهم الأزدي هو القائد العربي الذي انتقل إلى عمان أثر الإنهيار‬ ‫الكامل لسد وادي مأرب باليمن وأخرج الفرس من عمان‪.‬‬ ‫والجدير بالذكر أن جميع أولاد مالك بن فهم صاروا آباء قبائل في غمان‪،‬‬ ‫حتى صار بعض تلك القبائل كثيرة العدد‪.‬‬ ‫ومن بين تلك القبائل بنو فراهيد بن مالك بن فهم ويقال للواحد ‪ -‬نسبة ‪-‬‬ ‫فراهيدي‪ ،‬وفرهودي‪.‬‬ ‫وجاء على كتاب الإشتقاق تعليقا «وقال فى كتاب الجمهرة فرهود بن‬ ‫الحارث الذي من ولده الخليل بن أحمد‪ ،‬وهو الفراهيدي‪ .‬والفرهود‪ ،‬ولد الأب‬ ‫في لغة أزد عمان قال ومن قال الفراهيدي فإنما يريد الجمع»'‪.‬‬ ‫والحارث هو الحارث بن مالك بن فهم‪.‬‬ ‫بينما نسب الفراهيد في كتاب الاشتقاق إلى شبانة بن مالك بن فهم حيث‬ ‫قال «ومنهم بنو فرهود بن شبانة الذي يقال لهم الفراهيد‪ ،‬والفرهود‪ ،‬الغليظ من‬ ‫قولهم تفرهد الغلام إذا سمن»"'‪.‬‬ ‫أما العوتبي فيقول إنه فراهيد بن مالك بن فهيم'‪ 5‬وهذا الذي اعتمدته‬ ‫المصادر الغمانية في الأنساب والتاريخ‪.‬‬ ‫وينسب إلى الفراهيد بنو جديد (بالجيم المعجمة) قال ابن دريد «ومنهم‬ ‫أي الفراهيد بنو حاضر وبنو جديد بطنان عظيمان»‪.‬‬ ‫وجديد (بالجيم) تصغير جد‪ ،‬فأما من الجد أبي الأب‪ ،‬أو من الجد‬ ‫الحظ‪ ...‬الخ»ث'‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬الاشتقاق‪ ،‬ص ‏‪ ،٤٩٩‬تعليق‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬نفس المصدر والصفحة‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬الأنساب‪ ،‬ص‪.٧٨١‬‏ ط ‏‪ 5٤‬تحقيق الدكتور محمد إحسان النص‪.‬‬ ‫‏(‪ )٤‬الاشتقاق" ص‏‪.٥٠١‬‬ ‫‏‪٨١‬‬ ‫ِ‬ ‫‏نبا۔‪ ٦١‬دريد في الذاكرة المانية‬ ‫ا‬ ‫ويقول العوتبي «ومنهم ۔ أي الفراهيد بنو جديد بن جشمه‘'‪ .‬ويقول‬ ‫«(ومن بني جديد أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية بن حنتم بن‬ ‫الحسن بن حمامي بن جرو بن واسع بن وهب بن سلمه بن حاضر بن‬ ‫جشم بن ظالم بن فراهيد بن مالك بن فهم‪.‬‬ ‫ويحسن التنبيه إلى أن هناك تصحيفاً وقع في المصادر المانية‪ .‬حيث وقع‬ ‫الخلط بين بني جديد (بالجيم المعجمة) وبني حديد (بالحاء المهملة) على أن‬ ‫ابن دريد نفسه نسبته تلك المصادر تصحيفا إلى إنه حديدي (بالحاء) مع أنه‬ ‫هو نفسه لم يذكر أن بني حديد (بالحاء) من فراهيد‪ ،‬وبنو حديد (بالحاء) هم‬ ‫قبيلة عمانية معروفة ويقطنون في منطقة السيب من محافظة مسقط وغيرها‬ ‫من البلدان لا سيما في بلدان بني هناءة بالمنطقة الداخلية‪ .‬والظاهر أنهم أيضاً‬ ‫من قبائل بني مالك بن فهم‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬المكان‪:‬‬ ‫تؤكد المصادر أن ابن دريد ولد في البصرة ونشأ بغمان‪ ،‬وتوفي في بغداد‪.‬‬ ‫ولكن يا ترى كيف يكون غمانياً من ولد في البصرة وتوفي ببغداد؟‪ ،‬وهما في‬ ‫العراق‪.‬‬ ‫فى رأيى تتحقق عمانيه ابن دريد من خلال الأمور التالية‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬أن آباءه وأجداده لا شك إنهم من غُمان‪ ،‬وقد قال ابن دريد إن جده‬ ‫الوفد الغماني إلى المدينة مع عمرو بن‬ ‫وصحب‬ ‫أسلم‬ ‫من‬ ‫حمامي هو أول‬ ‫العاص كما تقدم ذكره‪.‬‬ ‫‪.٧٨٢‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫نفس المصدر‬ ‫(‪()١‬‬ ‫(‪ )٢‬نفس المصدر والصفحة‪‎.‬‬ ‫_‬ ‫صج‬ ‫ز‬ ‫‏‪ ٢‬ما أكدته المصادر إنه نشأ بتممان‪ ،‬والنشأة هي المرحلة المبكرة من عمر‬ ‫الإنسان‪ ،‬فلا يقال لمن جاوز الحلم إنه ناشيء‪.‬‬ ‫ولكن كيف تكون الولادة في البصرة والنشأة بمممان؟ الظاهر أن وقت‬ ‫الولادة كان قصيرا ولعل عائلته كانت قد ذهبت إلى البصرة في بعض المواسم‬ ‫التي كان أهل عمان لا سيما أهل صحار والمناطق الشمالية من عُمان‪ ،‬ينتقلون‬ ‫فيها إلى البصرة‪ ،‬فقد ثبت أن الكثير منهم لهم أملاك من المزارع والنخيل في‬ ‫البصرة‪.‬‬ ‫الصيف في‬ ‫يقضون‬ ‫أهل صحار‬ ‫أن‬ ‫البصرة ‏‪ ٠‬بل ثمثمت‬ ‫‏‪ ٣‬۔يروي أبو علي القالي وهو تلميذ ابن دريد عنه قوله «خرجنا من عمان‬ ‫نريد سفراً لنا فنزلنا في أصل نخلة فنظرت فإذا فاختتان تزقوان في فرعها فقلت‪:‬‬ ‫وقد طفل الامساء او جنح العصر‬ ‫أقول لورقاوين في فرع نخلة‬ ‫ومال على هاتيك من هذه النحر‬ ‫وقد بسطت هاتا لتلك جناحها‬ ‫وما دب في تشتيت شملكما الدهر‬ ‫ليهنكما ان لم تراعا بفرقة‬ ‫على انه يحكى قساوته الصخر(‪6‬‬ ‫فلم أر مثلي قطع الشوق قلبه‬ ‫ويستنتج الدكتور أحمد درويش من قول ابن دريد خرجنا من عمان نريد‬ ‫آن مستقره في عمان وأن‬ ‫سفرا لنا‪ ،‬أنها عبارة مقيم لا عبارة مسافر‪ ،‬تعني‬ ‫الخروج منها كان يتكرر ولكن يعقبه عودة إليها«"‪ .‬وهناك رواية في معجم‬ ‫الأدباء تقول «وخرجنا نريد عمان في سفر لنا‪ ...‬إلخ»"'‪ ،‬غير أن رواية القالي‬ ‫هي الأصح لأن إسنادها مباشر‪.‬‬ ‫‏‪ ٤‬ذكر الشيخ محمد بن راشد الخصيبى قصة لقائه واستقباله للأمير‬ ‫الامالي‪ ،‬ج ‏‪ ٨١‬ص ‪٣‬؟!‪0‬‏ دار الفكر بيروت‪ ،‬لبنان‪.‬‬ ‫‏(‪)١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬تطور الادب في غمان‘ ص!‪.١٢١١‬‏‬ ‫‏‪.٢٩٩‬‬ ‫‏)‪ (٣‬الحموي ياقوت‪ ©6‬معجم الادباء ج ‏‪ ٥‬ص‬ ‫‪٨٢‬‬ ‫‪ ٦‬ابن دريد في الذاكرة المانية‪‎‬‬ ‫عبد الله ابن محمد بن ميكال وابنه أبي العباس إسماعيل بن عبدالله في صحار‬ ‫وإكرامه لهما مدة أربعة أشهر وهو يطعمهم أفخر أنواع الطعام" ‪ ،‬مما يدل أن‬ ‫وإنه كان على غنى وثروة‪.‬‬ ‫مقامه في صحار‬ ‫على أن هناك رواية تقول إن أصله من قدفع برأس الخيمة"'‪ ،‬ورواية أخرى‬ ‫تقول إنه سكن دما (السيب حاليا)"'‪ ،‬غير أن هاتين الروايتين لا يسندهما دليل‪.‬‬ ‫والظاهر أن أجداده هم الذين استوطنوا صحار‪ ،‬والحكاية التالية فيها قوة‬ ‫دليل على ذلك وهي «إن دريد بن عتاهية بصحار وبكر بن طلحه إرتفعا إلى‬ ‫الإمام عبد الملك بن حميد وكان دريد ادعى على بكر مالا وتفالس عليه بكر‪.‬‬ ‫قال الإمام لبكر بن طلحة أخذت ماله وذهبت بها ثم قال الإمام يحبس ويشد‬ ‫عليه في ذلك‪ ،‬ثم أقبل على دريد وقال ما أصنع لك به أقطع لحمه»"'‪.‬‬ ‫وهذا يدل على أن دريدا الذي هو جد ابن دريد كان مستقره في صحار‪.‬‬ ‫‏‪ ٥‬۔ عندما حدث هجوم الزنج على البصرة في عام ‏‪ ٥٧‬ه لم تكن لابن دريد‬ ‫وجهة غير غغمان‪ ،‬حيث بقى فيها مدة اثنى عشر عاماأ'‪ ،‬مما يدل على انها وطنه‪.‬‬ ‫وكانت‬ ‫مع الصلت بن مالك الشاري‪،‬‬ ‫«دكنت بحممان‬ ‫ابن دريد‬ ‫‏‪ - ٦‬قال‬ ‫الشراة تدعوه أمير المؤمنين‪ ،‬وكانت السنة كثيرة الامطار ودامت على الناس‬ ‫فكادت المنازل ان تنهدمإ فاجتمع الناس وصاروا الى الصلت وسألوه ان يدعو‬ ‫لهم فاججل بهم ان يركب من الغد الى الصحراء ويدعو فقال لي بكرة لتخرج‬ ‫ج ‏‪ 0١‬ص ‪٣‬؟ؤ‏ وزارة التراث‪ ،‬سلطنة غمان‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬شقائق النمممان©‬ ‫‏‪.٢٣‬‬ ‫‏)‪ (٢‬السيابي‪ ،‬سالم بن حمود العنوان ص‬ ‫‏)‪ (٣‬البطاشي سيف بن حمودا\ اتحاف الاعيان؛ ج ‏‪ ٨١‬ص ‏‪ 6٠٧٤‬والخصيبي‪ ،‬شقائق النمممان‪ ،‬جا ص‪.!١‬‏‬ ‫ص‪.٧٤‬‏‬ ‫البطاشي© المصدر السابق ج‬ ‫‏)‪(٤‬‬ ‫ص !!!‪.‬‬ ‫تطور الادب في غمان‬ ‫احمد درويش‬ ‫‏(‪)٥‬‬ ‫وخطب ودعاا فقال‪ :‬اللهم انك انعمت فاوفيت‘ وسقيت فارويت‘ فعلى‬ ‫القيعان ومنابت الشجر وحيث النفع لا الضرر فاستحسنت ذلك منه»‪.'٨‬‏‬ ‫وكان ذلك في مدينة نزوى بمممان"'ح حيث كان يقيم الامام الصلت بن‬ ‫مالك (‪٧٢_٢٣٧‬ه)‪،‬‏ وهذا يدلنا على ان ابن دريد كان يتحرك زائرا بين‬ ‫الاماكن العمانية‪.‬‬ ‫‏‪ ٧‬يظهر ان ابن دريد كان موجودا بتممان اثناء وقوع الاحداث الاليمة على‬ ‫عهد الامامين راشد بن النظر وعزان بن تميم (‪-٦٢٧٢‬۔‪٦٨٠‬ه)‏ حيث اخذ يرثى‬ ‫من قتل من قومه الازد‪ ،‬ويحرضهم على الأخذ بالثأر من النزارية وقد اورد له‬ ‫العوتبي قصيدتين‪ ،‬احداهما في الرثا ومطلعها‪:‬‬ ‫يوم حازت خضلها في تنوفا‬ ‫انما فازت تداح المنايا‬ ‫ويقول فيها‪:‬‬ ‫فخذ الواحد واسف الالوفا‬ ‫واحد افضل من الف الف‬ ‫الكسوفا‬ ‫اقمارهن‬ ‫واكتست‬ ‫المعالي‬ ‫هضاب‬ ‫انما انهضت‬ ‫تحت ظل الخانقات الحتوفا‬ ‫يوم سقى الدهر ارواح قومي‬ ‫كان عمر الله صعبا منيفا‬ ‫ركنا‬ ‫جد‬ ‫ممن‬ ‫لهد‬ ‫ادهم‬‫نق‬ ‫والقصيدة الثانية يحرض فيها قومه على الاخذ بالثأر ومطلعها‪:‬‬ ‫بل رزايا لهن عبعء ثقيل‬ ‫نبأ نابه وخطب جليل‬ ‫ويقول فيها‪:‬‬ ‫لا يباريه في الانام قتيل‬ ‫يا بني مالك بن فهم قتيلا‬ ‫(‪ )١‬ياقوت الحموي‘ مصدر سابقث ص‪.٣٠٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٦‬تقع نزوى في وسط غمان‘ في المنطقة الداخلية منها وكانت تاريخيا عاصمة دولة الامامة‪‎.‬‬ ‫‏‪٨٥‬‬ ‫‏۔‪ ٦‬ابن دريد ى الذاكرة المانية‬ ‫\‬ ‫وصح‬ ‫‪:‬‬ ‫اذ‬ ‫اوجه الدهر لم تقل لا ازول‬ ‫كنتم الهامة التي لو ازالث‬ ‫مال وجه الحمام حيث تميل‬ ‫كنتم اهل سطوة لو تصدت‬ ‫الننا في الوغى نفير قليل‬ ‫اقلييل عديدكم فتقولوا‬ ‫مشرب الذل والضعيف ذليل"‬ ‫ام ضعاف عن ثاركم فتلذوا‬ ‫وكذلك اورد له الشيخ سيف بن حمود البطاشي قصائد اخرى منها في‬ ‫نفس الموضوع ومنها في مواضيع اخرى‪ ،‬نقلها من دراسة وتحقيق الاستاذ عمر‬ ‫سالم التونسي على ديوان ابن دريد‪.‬‬ ‫ومن المؤسف ان دعوة ابن دريد هذه ذات النزعة القبلية وجدت طريقها‬ ‫الى قلوب التممانيين‪ ،‬فتحول الصراع السياسي الى حرب قبليه‪ ،‬تفرق ازاءها‬ ‫اهل عمان الى كتلتين‪ ،‬يمنية ونزاريه‪.‬‬ ‫وكانت نتيجتها المدمرة سقوط دولة الامامة الثانية" تلك الدولة التي بذل‬ ‫علماء الدين الكثير من الجهود والتضحية في قيامها‪ ،‬ولكن بذهاب اولئك‬ ‫العلماء موتاء خفتت سيطرة العلماء على الوضع وحلت النعرة القبلية التي‬ ‫اثارها ابن دريد وامثاله محلها‪ .‬فكانت النتيجة سقوط الدولة‪ ،‬وحربا قبليه‪.‬‬ ‫وانقساما قبليا يمنيا ونزارياء وسيطرة عباسية سرعان ما تحولت الى سيطرة تلك‬ ‫الكيانات الشعوبية والاعجمية التي كانت تحكم باسم الدولة العباسية‪.‬‬ ‫ولم تتعاف عمان من ذلك الوضع المعافاة التامة إلا بقيام الدولة اليعربية‬ ‫وبعدها الدولة البوسعيدية‪ ،‬حتى الوسط الديني لم يستطع التماسك ازاء‬ ‫ذلك فقد انقسم الى فرق ثلاث هي النزوانية والرستاقية والازكوية‪ ،‬غير ان‬ ‫الشيء الجميل ان تلك الفرق تحولت فيما بعد الى مدارس فكرية أغنت‬ ‫‏‪ \٧٤٨‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬الانساب ج ‏‪ ٢‬ص‬ ‫‏‪.٨٩‬‬ ‫‏‪ ١‬ص‬ ‫اتحاف الاعيان ج‬ ‫‏(‪)٢‬‬ ‫شخصيا ت عما نية‬ ‫الفكر السياسي عند الاباضية نتيجة المناقشات الفكرية الساخنة التي‬ ‫أصبحت تزخر بها مؤلفات تلك الفترة‪ ،‬الامر الذي جعل المذهب الاباضي‬ ‫بامتلاك ثراء فكري سياسي واسععك ربما لا يوجد بذاك الحجم عند‬ ‫يتميز‬ ‫المذاهب الاخرى‪.‬‬ ‫ولعلى اكون قد خرجت عن الموضوع بهذه الاطالة بيد انها تحمل قدرا‬ ‫جيدا من التوضيح ان شاء الله تعالى‪.‬‬ ‫أعود إلى القول‪ ،‬أن ابن دريد من خلال ما تقدم طرحه‘ يبدو أن أكثر أيام حياته‬ ‫كانت في غمان‪ ،‬وقد كان يتردد عليها جيئة وذهابا‪ ،‬والظاهر ان مقره في صحار‬ ‫وهو ما يؤكد غمانيته‪.‬‬ ‫الحال‬ ‫الحياة وثراء‬ ‫العيش ونضارة‬ ‫التى كانت تتمتع برخاء‬ ‫يقول السيد مصطفى السنوسي في كتابه دراسات في التراث العربي‬ ‫«وعلى كل حال فابن دريد من أزد عمان‪ ،‬حتى أن كثيرا من المراجع تدعوه‬ ‫بالحماني»'‪ 5‬وقال عنه المؤرخ المسعودي ‪ -‬وهو تلميذه ۔ (وممن تاخرت‬ ‫وفاته) «ابن دريد الغماني»”'‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬الزمان‪:‬‬ ‫نه‬ ‫يختلف القول حول تاريخ مولد ابن دريد فيورد العوتبي تاريخ مولده‬ ‫سنة خمس وعشرين ومائتين للهجرة"ا‪ ،‬بينما تؤكد بقية المصادر ان مولده كان‬ ‫في سنة ثلاث وعشرين ومائتين'‪.‬‬ ‫(‪ (١‬البطاشي‪ ،‬سيف بن حمود مصدر سابق ج‪ 5١ ‎‬ص‪.٩٥ ‎‬‬ ‫القاهرة‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬مروج الذهب‘ ج !‪ ،‬ص ‏‪ &\٥٥٩‬شركة الاعلانات الشرقية‬ ‫‏(‪ )٣‬الانساب“ ج !‪ ،‬ص ‏‪.٧٨٣‬‬ ‫ص ‏‪.١٢٠‬‬ ‫)( احمد درويش تطور الادب في غُمان‪،‬‬ ‫‪٨٧‬‬ ‫‪ ٦‬۔ ابن دريد في الذاكرة المانية‪‎‬‬ ‫على أننا ترجح رواية العوتبي لان فيها اسنادا جيدا وقدرا من التفصيل‬ ‫العتكي دخلت على ابن دريد قبل موته فسمعته يقول‪:‬‬ ‫العوتبي ‪ :‬قال‬ ‫حيث يقول‬ ‫ولدت ليلة الجمعة في احد الربيعين سنة خمس وعشرين ومائتين ‪ .‬بينما‬ ‫لا تذكر الرواية الاخرى مثل هذا التفصيل والتحديد عن تاريخ مولده‪ ،‬وعلى‬ ‫منهج المحدثين ان الرواية اذا كان بها تفصيل تكون اصح من تلك التي تخلو‬ ‫من ذلك‪.‬‬ ‫كانت ولادة ابن دريد فى عهد خلافة المعتصم العباسى‪ ،‬وشاهد ابن دريد‬ ‫وذلك في سنة‬ ‫وقتلهم استاذه الرياشي‪،‬‬ ‫الزنج وهجومهم على البصرة‬ ‫احداث‬ ‫‏‪ ٥٧‬ه في خلافة المعتمد‪ ،‬كما شاهد الاحداث العمانية التي سبق ذكرنا لها‬ ‫على عهد الامامين راشد بن النظر وعزان بن تميم‪.‬‬ ‫ولعل أجمل فترات عمره تلك التي قضاها في نيسابور بخراسان بجوار‬ ‫بن ميكال وابنه ابي العباس اسماعيل بن عبد الله‪.‬‬ ‫الاميرين عيل الله يبن محمد‬ ‫اللذين انشا من اجلهما مقصورته الرائعة التي طارت شهرتها في الآفاق‪،‬‬ ‫ونالت اعتناء العلماء والأدبا والشعراء بها شروحا ومعارضات‪.‬‬ ‫كشف الظنون «وقد عارضه جماعة من الشعراء فما شقوا‬ ‫حتى قال صاحب‬ ‫غباره ولا بلغوا مضماره»«'‪.‬‬ ‫ومطلعها‪:‬‬ ‫طرة صبح تحت أذيال الدجى‬ ‫أما ترى راسي حاكى لونه‬ ‫مثل اشتعال النار في جمر الفضى‬ ‫واشتعل المبيض في مسوده‬ ‫أرجائه ضوء صباح فانجلى‬ ‫فكان كالليل البهيم حل في‬ ‫ص‪.١١٠ ‎‬‬ ‫)‪ (١‬البطاشي‪ .‬مصدر سابق‪،‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫حص‪.‬‬ ‫‏‪٨٨‬‬ ‫وقال فيها‪:‬‬ ‫من بعد ما قد كنت كالشىء اللقى‬ ‫إن ابن ميكال الأمير انتاشنى‬ ‫بعد انقباص الذرع والباع الوزى‬ ‫ومد ضيعي أبو العباس من‬ ‫الفدا‬ ‫لاميري‬ ‫السماء‬ ‫تحت‬ ‫ومن‬ ‫نفسى الفداء لاميري‬ ‫المنى‬ ‫لفظي او يعتاقني صرف‬ ‫لهما مواصلا‬ ‫لا زال فكري‬ ‫والظاهر ان ابن دريد في آخر حياته استقر ببغداد ولم يخرج منها‪ ،‬كما انه‬ ‫سيطرة‬ ‫لم يات الى عمان نظرا لكبر سنه‪ .‬ولكون وطنه غغمان كان تحت‬ ‫الامام سعيد بن عبد الله سنة‬ ‫قام الغمانيون بنصب‬ ‫القرامطة‪ ،‬ثم آل وجيه‘ حتى‬ ‫عمان‪.‬‬ ‫جميع انحاء‬ ‫لم تشمل سلطته‬ ‫المذكور‬ ‫الامام‬ ‫غير ان‬ ‫‏‪ ٣٢٠‬ه“‪6‬‬ ‫وكانت وفاة ابن دريد ببغداد عاصمة الخلافة العباسية في خلافة القاهر‬ ‫الفارق‬ ‫غير ان‬ ‫وفاتك‬ ‫تاريخ‬ ‫حول‬ ‫الاختلاف‬ ‫يعود‬ ‫اخرى‬ ‫ومرة‬ ‫ا‪٣٦٢١‬ه‏‬ ‫سنة‬ ‫المرة بسيط‪.‬‬ ‫هذه‬ ‫من شعبان‬ ‫ليلة حلت‬ ‫العوتبي وفاته بقوله «وتوفي لاثنتي عشرة‬ ‫اذ يحدد‬ ‫سنة احدى وعشرين وثلاثمائة»"'‪ ،‬وعلى هذا اكثر الروايات‪.‬‬ ‫يوم‬ ‫ان وفاته كانت‬ ‫الحموي‬ ‫الرواية الاخرى عند ياقوت‬ ‫بينما تحدد‬ ‫وثلاثمائة") ‪.‬‬ ‫وعشرين‬ ‫سنة احدى‬ ‫لائنتي عشرة بقيت من رمضان‬ ‫‏‪ ١‬لاربعاء‬ ‫ونرى ان هذه الرواية هي الاصح لانها اكثر تفصيلا ثم انها ربطت وفاة ابن‬ ‫علما اللغة والكلام‬ ‫حتى قيل مات‬ ‫دريد بوفاة العلامة ابي هاشم الجبائي المعتزلى©‬ ‫ودفنا جميعا في مقبرة الخيزران‪ ،‬وهذا يمنحها قدرا اكبر من الصحة عن اختها‪.‬‬ ‫‪.٧٨٣‬‬ ‫الانساب ج‪ ‘٦ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫)‪(١‬‬ ‫(‪ )٢‬مصدر سابق ص‪.٦٢٩٦ ‎‬‬ ‫‪٨٩‬‬ ‫‪ ٦‬ابن دريد في الذاكرة المانية‪‎‬‬ ‫اللتت‪.‬يجم ا اللظاتن‬ ‫>‬ ‫‪..‬و‬ ‫ع‬ ‫حمم_۔۔_۔۔ ‪.‬‬ ‫ابن دريد في المصادر العمانية‬ ‫لم يكن من المصادر التممانية غير الاشادة بابن دريد وعلمه وادبه ولغويته‪6‬‬ ‫ولعله لم يحصل على قدر من الثناء والاشادة كمثل ما حصل عليه في المصادر‬ ‫سبيل المثال‪:‬‬ ‫على‬ ‫ومن تلك المصادر‬ ‫المانية‬ ‫‏‪ ١‬قال عنه العوتبي في كتابه الانساب «ومن بني جديد ابو بكر محمد بن‬ ‫الحسن بن دريد بن عتاهية بن حنتم بن الحسن بن حمامي بن جرو بن‬ ‫واسع بن وهب بن سلمة بن حاضر بن حشم بن ظالم بن فراهيد ين مالك بن‬ ‫فهم‪ ،‬الشاعر النسابهء صاحب كتاب الجمهرة‪ .‬وله مصنفات وكتب عدة‪ ،‬وهو‬ ‫الخطيب المذكور والشاعر المشهور‪ .‬والخطيب الذي تقف عند كلامه البلغاء‪.‬‬ ‫وتعجز عن ادبه الادباء وتستعير منه الفصحاء وتستعين بكلامه الخطباءث وهو‬ ‫خطيب في شعره‪ ،‬ومصقع في خطبه‪ ،‬وقدوة في ادبه‪ ،‬وحكيم في نثره لا زيادة‬ ‫عليه في فنون العلم والاداب»'‪.‬‬ ‫وقد وصفه بنفس هذه الاوصاف في كتابه الإبانةه مع تغير طفيف في‬ ‫بعض الكلمات وانما زاد عليها قوله‘ ومجيد في شعره حيث قال «ومنهم ابو‬ ‫بكر محمد الحسن بن دريد الازدي وهو صاحب كتاب الجمهرة وله مصنفات‬ ‫كتب عدة وهو الخطيب المذكور والشاعر المشهور‪ ،‬والفصيح الذي يقف عند‬ ‫‪.٧٨٢‬‬ ‫الانسا بؤ ج‪ !٢ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫ت<تى‬ ‫اتكككك _‬ ‫شخصيا ت عما نية‬ ‫‪.‬‬ ‫كلامه البلغاء‪ ،‬ويعجز عن أدبه الادباء‪ ،‬وتستعير منه الفصحاء وتستعين بكلامه‬ ‫الخطباء‪ ،‬وهو خطيب في شعره‪ ،‬ومصقع في خطبه وقدوة في أدبه‘ وحكيم في‬ ‫نثره ومجيد في شعره لا زيادة عليه في فنون العلوم والاداب»”'‪.‬‬ ‫على أن أبا المنذر سلمة ابن مسلم العوتبيس يعتبر التلميذ غير المباشر‬ ‫لابن دريد فهو قد تأثر به‪ ،‬ويبدو هذا التأثر في كتابيه «الانساب» «والإبانة في‬ ‫اللغة العربية" فهو يعتمد بشكل أساسي على كتاب «الاشتقاق» في الانساب‪،‬‬ ‫وعلى كتاب «الجمهرة في اللغة»‪.‬‬ ‫على أن هذين الكتابين يعتبران من أهم مؤلفات ابن دريد ۔ بل إن كتاب‬ ‫الجمهرة يعتبر آيته الكبرى‪.‬‬ ‫وهكذا نجد هذا الثناء وهذه الاشادة من العوتبي لابن دريد بما فيها من‬ ‫أريحية صادقة‪ .‬وإعجاب بليغ‪ ،‬وربما لم يصدر لهما مثيل من غير العوتبي‪.‬‬ ‫‏‪ - ٢‬اعتمد نور الدين السالمي في وصف ابن دريد على ما قاله العوتبي في‬ ‫أي أهل غمان ‪ -‬أبو بكر‬ ‫كتاب الإبانة‪ .‬وإنما سماه أحمد‪ ،‬حيث قال «ومنهم‬ ‫أحمد بن محمد بن الحسن بن دريد الازدي»"' ولعله سهو منه‪،‬۔ حيث انه لم‬ ‫يذكر أحد أن اسمه أحمد‪.‬‬ ‫‏‪ ٣‬قال الشيخ سالم بن حمود السيابي في حق ابن دريد «ومنهم ‪ -‬أي اهل‬ ‫عمان ۔ الامام الثاني في الادب بجميع معانيه ابوبكر بن دريد المعروف عند‬ ‫الخاص والعام‪ ،‬أحد الاعلام الكمل© وأجل الرجال الفطاحل المعروفين في‬ ‫العالم الاسلامي وهو من الازد من قدفع حاليا من أعمال رأس" الخيمه‪ ،‬ولو‬ ‫‏(‪ )١‬الابانه جا‪ .‬ص‪٢٧‬۔‏ الطبعة الاولى تحقيق مجموعة من العلماءء مجمع اللغة العربية‬ ‫بالاردن‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬تحفة الاعيان© ج‪ ١ ‎‬ص‪.١٨١ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬قدفع حاليا‪ ،‬منطقة تابعة لامارة الفجيرة بدولة الامارات العربية المتحدة‪‎.‬‬ ‫المانية‬ ‫الذاكرة‬ ‫فى‬ ‫‏۔‪ ٦‬ابن دريد‬ ‫‏‪٠١‬‬ ‫تج‬ ‫‪:‬‬ ‫لم يكن له الا كتاب الجمهرة لكفى© وله عدة مؤلفات في فنون عديدة‪ ،‬وهو‬ ‫صاحب المقصورة المشهورة وكتاب الملاحن»"'‪.‬‬ ‫‏‪ ٤‬سماه الشيخ سيف بن حمود البطاشي إمام اللغة والادب ويرى أن الذم‬ ‫انما كان ذلك حقدا وحسداء فهو يقول «وكما‬ ‫معاصريه‬ ‫الموجه اليه من بعض‬ ‫بالوضع وتوليد‬ ‫طعن عليه آخرون رموه‬ ‫العلماء فقد‬ ‫من‬ ‫أثنى عليه جماعة‬ ‫بل ولم يسلم من اللمز في‬ ‫الخمر"‬ ‫وايضا بشرب‬ ‫الرواية‪،‬‬ ‫الالفاظ والتساهل في‬ ‫العلم نى‬ ‫في التدريس واجتماع التلاميذ وطلاب‬ ‫لأجل تصدره‬ ‫أشياء أخرى‬ ‫مجالسه التى تغخص بهم حتى استغل ذلك بعض الحاقدين عليه للنيل منه فقال‪:‬‬ ‫فعليه بمجلس ابن دريد‬ ‫من يكن للظباء صاحب صيد‬ ‫عن طلاب العلا باوثق قيد‬ ‫تنى‬ ‫قيد‬ ‫لاوجها‬ ‫ان فيه‬ ‫منطلق واحد ومن مرمى‬ ‫بالاضافة الى القصة التالية ياتيان من‬ ‫البيتان‬ ‫وهذا‬ ‫واحد‪ ،‬يصوب منه سهام الطعن الى قمة عالية فذة كالعلامة ابن دريد»"'‪.‬‬ ‫والقصة التالية المعنية هي الغلام الجميل الذي كان يكثر اللحن ولا يرد‬ ‫دريد‪.‬‬ ‫عليه ابن‬ ‫الجمان‬ ‫بن راشد الخصيبي في قصيدته سموط‬ ‫محمد‬ ‫۔ قال فيه ا لشيخ‬ ‫فى اسماء شعراء غُمان‪:‬‬ ‫من بنى الازد معدن الطائلات‬ ‫والخطيب الاريب نجل دريد‬ ‫حسن اجتاز أرفع الرتبات‬ ‫وهو يدعى محمدا وأبوه الد‬ ‫من علوم جليلة وصفات‬ ‫حواه‬ ‫بما قد‬ ‫قد كفى شهرة‬ ‫ص‪.٢٤‎‬‬ ‫(‪ )١‬العنوانث‬ ‫(‪ )٢‬تحاف الاعيان‪ ،‬ج‪ 8١ ‎‬ص‪.١'٢‎‬‬ ‫شخصيات تراني‬ ‫هو‬ ‫‏‪٩٢‬‬ ‫الرائعات‬ ‫بالمحاسن‬ ‫شعره‬ ‫المصقع البليغ تحلى‬ ‫وهو‬ ‫اعحب المبدعات‬ ‫فهي لا شك‬ ‫وبتلك المقصورة الفردة اعجب‬ ‫وأورد في شرحه لهذه الأبيات من القصيدة في كتابه شقائق النتممان على‬ ‫سموط الجمان‪ ،‬قصة لقائه واستقباله للاميرين ابني ميكال في صحار‪.‬‬ ‫وهي قصة طويلة‪ .‬ولعل من المناسب أن أنقلها وأجعلها ملحقا للبحث‬ ‫ليطلع عليها من لم يتمكن من الاطلاع على الكتاب المذكور او الاطلاع‬ ‫عليها من مصدر اخر‪ ،‬نظرا الى عدم توفر الكتب العمانية في الاقطار الاخرى‪.‬‬ ‫وهكذا نجد المصادر التمانية‪ ،‬سواء كانت تلك التي اصحابها علماء الدين‬ ‫او رجال الأدب‘ تجمع في الثناء على ابن دريد والاشادة به الى حد الافتخار‬ ‫بوجوده لغويا اديبا شاعرا من عمان كما نجد اصحاب تلك المصادر يغضون‬ ‫الطرف عما نسب اليه‪ ،‬سواء كان ذلك في المجال العلمي او المجال الخلقي‪.‬‬ ‫بل انهم لا يعيرون لتلك الطعون اهتماما‪.‬‬ ‫ولا استبعد ان يكون للعاطفة الاقليمية او الوطنية دور في ذلك‘ ولعلهم‬ ‫يعتبرون تلك الطعون مواقف شخصية الدافع اليها الحقد والحسد على‬ ‫ما ناله ابن دريد من مكانة‪.‬‬ ‫واني لاحترم ابن دريد لغويا واديبا وشاعرا كبيرا" ولكنني لا يمكنني ان‬ ‫انفي عنه تلك الطعون‘ سواء ما كان منها في المجال العلمي ضبطا وتدويناء‬ ‫اوفي المجال الاخلاقي سلوكا شائنا‪ ،‬ولكن مع عدم المبالغة في ذلك‪ ،‬اذ كما‬ ‫يقال آفة الاخبار رواتها‪ ،‬فقد يكون الخبر في أصله صحيحاء ثم تزاد عليه‬ ‫المبالغات‘ والعلم عند الله‪ ،‬فهو يعلم السر وأخفى‪ ،‬ويعلم خائنة الاعين وما‬ ‫تخفي الصدور ولعل القصيدة الميمية الموسومه بأشرف البشر في مدح اشرف‬ ‫البشر يلة ان صحت نسبتها اليه قد تصحح بعض الافكار أو تلك الطعون التي‬ ‫‪٩٢‬‬ ‫‪ ٦‬ابن دريد في الذاكرة المممانية‪‎‬‬ ‫وجهت اليه والقصيدة المذكورة لا تزال مخطوطة والظاهر انها غير معروفة عنه‬ ‫لدى دارسى شعره وجامعيه ويعتبر ابن دريد ان صحت نسبة القصيدة اليه _‬ ‫اول من مدح النبي يق بعد وفاته بقصيدة كاملة وله السبق في ذلك‪ ،‬وهي‬ ‫تتكون من مائة واربعة وثلاثين بيتا على البحر البسيط وهو البحر الذي وزن‬ ‫عليه البوصيري بردته المشهورة التي طبقت شهرتها الآفاق والتي نهج نهجه‬ ‫عليها الكثير ممن جاء بعده‪.‬‬ ‫ومطلع ميمية ابن دريد‪:‬‬ ‫ابدى براعة الاستهلال في العلم‬ ‫حسن ابتداء مديحي حي ذي سلم‬ ‫قد ركبوا في الحشا نارا لبعدهم‬ ‫فام سلعا وسل عن اهله فهم‬ ‫وقال في اخرها مخاطبا النبي الكريم ية‪:‬‬ ‫عيني بحسن بيان غير منعجم‬ ‫وعدتني في منامي ما تقر به‬ ‫زؤياي اياك اضغاثا من الحلم‬ ‫نقلته مدمجا فوفنيه فما‬ ‫به فحالي منه غير منكتم‬ ‫ادرى من براعته‬ ‫فمطلبي انت‬ ‫وولا فان رجائي حسن مختتم‬ ‫فان ظفرت به فالوعد موجبه‬ ‫والله ولي التوفيق‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫ملحق‬ ‫قوله ‪:‬‬ ‫وذلك عن‬ ‫المقصورة‬ ‫في مخطوطة تعليقا على هذه‬ ‫«دووجدت‬ ‫وهذا نصه‪:‬‬ ‫قوله ان ابن ميكال الأمير وقوله مد ضبعي ابو العباس هذان رجلان‬ ‫كريمان موصوفان بالمجد والشرف بلدهما البصرة بمحلة منها تسمى العقيق‬ ‫وكانا سمعا عن غمان بحسن السيرة والعدل والخصب والأمان فاحتملا فى‬ ‫سفينة من سفنها بخيلهما ورجالهما واخذا ما يحتاجان له من دواب ونشب‬ ‫ما كان يكفيهما سنين فلما سارا في البحر عرض عليهم مطر عظيم وبرق ورعد‬ ‫وريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان فحملت الريح السفينة سدى‬ ‫لا يقدرون ان يصيبوا مكانا وبقوا اياما في البحر واذا بخبير السفينة رأى بلدا‬ ‫على شاطىعء البحر وقال قولوا الحمد لله الذي نجانا من هذه الحيرة والهلكةة‬ ‫وقالوا وما رأيت قال رأيت بلدا تسمى صحار والآن نلجأ اليها‪.‬‬ ‫فحملتهم الريح إلى تلك البلدة فلما وصلوا إلى ساحل البلدة تلقاهم هذا‬ ‫الرجل المسمى ابن دريد وكان ذا كرم وشجاعة وكان له ابنان وزوجة فتلقى‬ ‫السفينة على الساحل وقال لأصحاب السفينة هلموا لتلجأوا وأشار إليهم بيده‬ ‫فعاجوا نحوه وقال انزلوا بسرعة ومن عادته ودأبه أن يتلقى المسافر الراكب‬ ‫والماشي والمحامل للضيف فنزلوا عنده وأقاموا أربعة أشهر والمطر دائم‬ ‫الانسكاب مذ نزلوا عنده وكان يطعمهم الحلوى والسكر الفانيذ وخيلهم القت‬ ‫والسكر حتى حان في تلك المدة غلاء من دوام المطر على الزرع والنخل‬ ‫والبيوت صارت تنهدم من شدة وقع المطر ودوام الماء عليها لَت ما قي يده في‬ ‫‪٩٥‬‬ ‫‪ ٦‬ابن دريد في الذاكرة المانية‪‎‬‬ ‫مدة المطر‪ .‬وجاء في رواية أن وقود الطعام في خلال تلك الأيام مطوي الثياب‬ ‫الجديدة يصب عليها الزيت لتعذر الوقود بالحطب وقال الضيف لا بد لهذا‬ ‫الرجل من فقر يحل به من كثرة ما ينفقه وكثير ما يبذله وقالوا له يا هذا إنا نحن‬ ‫نذهب إلى البصرة وأقمنا عندك مدة طويلة والمطر غاض والوقت منجل ومتى‬ ‫بدا لك أرب أو نابك من زمانك كرب فالرجاء منك أن تصل إلينا زائرا فنحن‬ ‫في بلدة البصرة واسم محلتنا كذا فقال وأسفاه واحزناه البثوا معي قليلا فلجوا‬ ‫عليه ليرحلوا عنه وهم أهل عقل وفكر لعاقبة الشيء فتحملوا عنه وساروا إلى‬ ‫بلدهم إلى أن وصلوا فما غبر على ذلك سنتان أو أقل إلا وقد رهن ابن دريد‬ ‫ما عنده من بيوت وباع ما عنده من أموال وعبيد وكان ينظر إلى الرجل ويقول‬ ‫له ما تصنع فلا يجيبه ولا يقبل منه كلاما ولا يكلم أحدا إلا وقد زجره ويهدده‬ ‫ليضربه وهو ذو أصل أصيل وشرف ومجد فلذلك قال في هذه المقصورة‪:‬‬ ‫وعز عنهم جانباه واحتمى‬ ‫من ظلم الناس تحاموا ظلمه‬ ‫أظلم من حيات انباث السفا‬ ‫وهم لمن لان لهم جانبه‬ ‫شاركهم فيما أفاد وحوى‬ ‫وهم لمن أملق أعداء وإن‬ ‫من غمرة في جرعة تشفي الصدى‬ ‫عبيد ذي المال وإن لم يطعموا‬ ‫وكان قد عرف اسم مكانهم من البصرة وقال لعل غدا احتمل في سفينة‬ ‫إلى البصرة وقال لأهله سأضرب في الأرض ومتى قدر الله علي موتا كان هذا‬ ‫فراق بيني وبينكم وإن قدر الرجوع فمتى ما أصل لا إلى مدة معلومة وذهب‬ ‫حتى وصل في قرية من قرى البصرة وسأل عن أصحابه فقصد من فوره‬ ‫محلتهم وقت صلاة المغرب وهو مذ يومين لم يأكل شيئا لأن أصحاب‬ ‫السفينة تركوه سدى ولم يسألوا عنه فإذن في المسجد عند مجيء الجماعة‬ ‫وأرصد الجماعة للصلاة وقال بعد أذانه رب إني مسني الضر وأنت أرحم‬ ‫الراحمين وبكى حتى سمع من في القرية بكاؤه فوصل الإمام وأصحابه وهو‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‪---‬‬ ‫‏‪٩٦‬‬ ‫جالس على زاوية المسجد وصلى الإمام ومن خلفه فصلى معهم ولم تكن له‬ ‫قوة للركوع والسجود من شدة الجوع فبعد الصلاة سأله بعض الجماعة من‬ ‫أنت ومن أين قدمت وما سبب قدومك وكان أصحابه الذين أكرمهم يسمعونه‬ ‫فأخبره فسأله عن أصحابه الذين قصدهم قال هذان يصليان فحتوه وقالوا له‬ ‫كن قائما بهذا المسجد وقعد زمانا فيه وهم يأتونه بغداء وعشاء خبز وتمر‬ ‫بدون سمك ولا لحم ولا دهن ولم يستقبلوه استقبالا حاراً ولم يُكرموه إكراما‬ ‫تام في ظاهر الأمر ولم يزيدوه على ذلك فملَ وضجر وقال‪ :‬يا هؤلاء إني‬ ‫ذاهب إلى ربي وإني لا وجدت ها هنا شيئا وأرى الرجوع إلى أولادي فإني‬ ‫لا أعلم كيف حالتهم من ألم الفقر‪ .‬وكان يبيت مشهدا طوال الليالي فقالوا ها‬ ‫هنا رجال يريدون معلما لأولادهم فلعلك تعلمهم قال نعم فلبث سنتين يعلم‬ ‫الأولاد فلما عمهم قال الآن لا بد من الرجوع إلى بلدي وكانوا في أول‬ ‫التعليم حملوا مركبا لأولاده فيه مؤنة من حب وأرز وغير ذلك وفيه فضة‬ ‫وذهب وهو لا يشعر بذلك وكتبوا لهم واصلكم المركب بما فيه وأنا سأصل‬ ‫قريبا من والدكم محمد بن الحسن فسار الأمين بالمركب إلى صحار‬ ‫فأعطاهم إياه بما فيه وحملوا في السنة الثانية مركبا آخر فيه من عبيد وثياب‬ ‫وما لم يوجد بنممان فسار به الأمين إلى أن سلمه إليهم ومعه كتاب منسوب‬ ‫من محمد بن الحسن‪ .‬ثم‪ .‬قال لأصحابه لا بت لي من الرجوع فحملوا مركبا‬ ‫ثالثا فيه أكثر مما سبق وستيروا فيه أمينهم وأمروه أن يسلم إليه ذلك عند‬ ‫وصوله بلدة صحار وكتموه الأمر حتى يصل وهو لا يشعر بكل شيء من‬ ‫ذلك بل هو مستنكر منهم عدم الإكرام له ومستجف من قلة الاحتفال به‬ ‫واحتمل هو في السفينة مع الأمين كسلا غير فرح لآنه يفكر في رجوعه إلى‬ ‫وطنه وهو صفر الكف ذلك مما يسيئ أهله وأولاده‪ .‬ولما وصلت السفينة‬ ‫صحار هم ابن دريد بالنزول فقال له الأمين لا بأس بنزولك ووصولك إلى‬ ‫بيتك ولكن ارجع إلي‪ .‬ولما نزل ووصل بيته تلقاه أهله وأولاده بالفرح‬ ‫‪٩٧‬‬ ‫‪ ٦‬ابن دريد في الذاكرة المانية‪‎‬‬ ‫()‬ ‫والسرور ورأى ما عليهم من الغبطة وحسن الحال وسألهم عن ذلك فقالوا‬ ‫ذلك من عندك أنت أرسلته إلينا‪ .‬ثم رجع إلى أمين السفينة فأخبره أن جميع‬ ‫ما فيها من عند أصحابك كالسابق ‪١‬ه‪.‬‏ قال ابن خلكان كان من تقدم من‬ ‫العلماء يقول ابن دريد أعلم الشعراء وأشعر العلماء»'‪.‬‬ ‫() ‪‎‬ص‪!٢‬؟\ ‪.٢٥ .٦٢٤ ٢٣‬‬ ‫‪١١‬‬ ‫الإمام ابن بركة حياته ۔ فكره ۔ مدرستها‬ ‫‪١٥‬‬ ‫مقدم إلى‪ ١ ‎‬لمنتدى الأدبي في ندوة الإحتفاء بالإمام ابن بركة في الفترة‪١٧٤ ‎‬‬ ‫بحث‬ ‫(‪)١‬‬ ‫‪٩٩٨‬م‪.‬‬ ‫‪ /‬اا‪ ١٦ _ ‎‬مايو‪‎‬‬ ‫‪4٩‬‬ ‫محرم‪‎‬‬ ‫‪١ ٠ ١‬‬ ‫۔ مدرسته‪‎‬‬ ‫حياته ۔ فكره‬ ‫ابن بركة‬ ‫‪ ٧‬۔ الإمام‬ ‫بسم الثه الرحمن الرحيم‬ ‫هو الإمام العلامة الجليل المجتهد المطلق أبو محمد عبدالله بن محمد بن‬ ‫بركة السليمي البهلوي ‪ -‬رحمه الله ورضي عنه ۔ وهو من قبيلة بني سليمة بن‬ ‫مالك بن فهم الأزدي‪.‬‬ ‫وهذه القبيلة من القبائل العريقة في عمان وقد خرج منها العديد من الأئمة‬ ‫الأعلام والسادة الكرام والقادة العظام ناهيكم بالقائد الكبير والخطيب المصقع‬ ‫أبي حمزة الشاري المختار بن عوف ينة ‪.‬‬ ‫وقبيلة يني سليمة كانت تقطن في مدينة صحار وما حولها في منطقة‬ ‫الباطنة في القرون الأربعة الإسلامية الأولى ويجاورهم فيها بنو عمومتهم من‬ ‫قبيلة فراهيد ين مالك بن فهم التي خرج منها الإمامان في اللغة والأدب‬ ‫الخليل بن أحمد وأبو بكر ابن دريد والإمام المحدث الفقيه الربيع بن‬ ‫على أن قسما كبيرا من قبيلة بني سلمة كانوا يعيشون في إقليم كرمان بأرض‬ ‫فارس وذلك نتيجة لجوء سليمة بن مالك إليها بعد قتله أباه الملك مالك بن‬ ‫فهم بطريقة الخطأ وتخوفه من أخوته وهناك تزوج وأنجب وعاش هناك حتى‬ ‫مات‪ ،‬وتورد المصادر التاريخية المممانية قصة طريقة شيقة حول ذلك‪.‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫تحك‬ ‫‏‪١١٢‬‬ ‫ر‬ ‫يقول العلامة العوتبي «وجمهور بني سليمة بأرض فارس وكرمان لهم‬ ‫بأس وشدة وعدد كثير‪ ،‬وبغممان منهم الأقل»«'‪.‬‬ ‫ولا ندري بالتحديد متى كان مولده ولعله لا يبعد أن يكون بين عقدي‬ ‫السبيعنات والثمانينات من القرن الثالث الهجري‪ ،‬وقد كان معاصرا وزميلا‬ ‫للإمام سعيد بن عبدالله بن محمد بن محبوب قيه ‪ 2‬في التتلمذ وتلقي العلم‬ ‫على يد الشيخ أبي مالك بن محمد بن الخضر الصلاني الصحاري يَتنةث؛ حيث‬ ‫جاء في كتاب التعارف لابن بركة بعد أن ذكر أشياء تعارف الناس عليها وجرت‬ ‫بها العادة بينهم قال «ونحو هذا ما يعرفه الناس من جوازه في الخروس ‪ -‬أواني‬ ‫التي في الطريق على أبواب الدور ممن يستعملون المياه التي فيها‬ ‫الماء‬ ‫للشرب والمسح وغسل البدن‪ ،‬وما يتقرب به صاحبه إلى الله ويعتقد ويتفضل‬ ‫بفعله لذلك وإن لم يكن عليها مسح ولا مخبر بجواز ذلك‘ وإباحة أهله‪ ،‬ولا‬ ‫يجوز منه القليل في غير تلك الأمكنة بما يعلم بالقلب من إباحة أهلها في تلك‬ ‫المواضع وبينهم في مواضع أخرى‪ ،‬وهذا يعلمه الإنسان بشهادة قلبه وسكون‬ ‫نفسه إليه‪ ،‬وقد كان بيني وبين أبي القاسم سعيد بن عبدالله في مثل هذه‬ ‫رحمة الله عليه ۔ وكنت أحسب التوقيف‬ ‫مناظرة‪ ،‬فحكم له الشيخ أبو مالك‬ ‫عن ذلك حتى يعلم جوازه"‪.‬‬ ‫وجاء في كتاب التقييد لابن بركة نفسه في مسألة حكم أطفال المشركين‬ ‫والمنافقين في الدنيا والآخرة‪ ،‬قال بعد أن أورد الخلاف في ذلك «فلما كان‬ ‫القول فيهم ما يسمع جهله وكانت الأخبار الواردة فيهم مختلفة أحكامها في‬ ‫الظاهر رأينا الإعتصام بالسكوت عن حكمهم ورأينا الوقوف أسلم في أمرهم‪.‬‬ ‫(‪ )١‬العوتبي‪ ،‬الأنساب‘ ج‪ ،٦ ‎‬ص‪.٢١٨١ ‎‬‬ ‫‪.٢٤‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫التعارف‬ ‫بركة‬ ‫ابن‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‪١٠٢‬‬ ‫حب‪‎‬‬ ‫‪ ٧‬الإمام ابن بركة حياته ۔ فكره ۔ مدرسته‬ ‫وعلى هذا المذهب الأخير أدركنا أشياخنا ۔ رحمهم الله منهم أبو مالك‪‎،‬‬ ‫وأبو مروان‪ ،‬وأبو يحيى‪ ،‬ومن كان في عصرهم‪ ،‬وممن هم في درجتهم ۔‪‎‬‬ ‫رحمهم اله وغفر لهم وكان الشيخ أببموالك ظله يعتذر بالوقوف عنهم‪‎‬‬ ‫للخيرين الموروثين عن النبي ية إنه سئل عن أطفال المشركين وأطفال‪‎‬‬ ‫المنافقين فقال إنهم خدم أهل الجنة\ وان خديجة بنت خويلد زوجة‪‎‬‬ ‫تاء سألته يلة عن أطفالها منه‪ ،‬فقالت يا رسول الله أين أطفالي‪‎‬‬ ‫النبي قلة‬ ‫منك؟ فقال في الجنة‪ ،‬فقالت أين فالي من غيرك الذين ماتوا قبل مجيُ‪‎‬‬ ‫الإسلام؟ فقال في النارى وإن شئت أسمعتك ثغاءهم فيها‪ ،‬فلما ورد هذا‪‎‬‬ ‫إذ لم‪‎‬‬ ‫الخبران وجب أن نتوقف مع ما وجدنا من السعة من الله جل ذكره‬ ‫يتعبدنا آن ندين فيهم بحكم أهل الجنة وحكم أهل النار وكان الإمام سعيد بن‪‎‬‬ ‫عبدالله يناظرني في هذا القول وقد كنت أنا أختاره‪ ،‬وكان القول مني على سبيل‪‎‬‬ ‫التعجب منه ولم أقف على اعتقاده في‪»٨. ‎‬كلذ‬ ‫وفي هذين النصين أوردناهما دليل على المعاصرة والزمالة التي تربط بين ابن‬ ‫بركة وبين الإمام سعيد بن عبدالله وهكذا نجد الإمام ابن بركة تارة يذكر الإمام‬ ‫سعيد بن عبد الله مجردا من لقب الإمامة كما جاء في كتابه «التعارف» وتارة يذكره‬ ‫بلقب الإمامة كما جاء في كتابه «التقييد» ولعل تأليفه لكتاب «التعارف» كان قبل‬ ‫أن يكون سعيد بن عبدالله إمام حاكما فى غمان‪ ،‬وتأليفه لكتاب «التقييد» كان بعد‬ ‫إمامة المذكور أو أثناء إمامته التي كانت بين عامي ‏‪ ٣٢٠‬‏‪.‬ه‪٨٢٣‬‬ ‫حياته‪:‬‬ ‫وقد عاش ابن بركة حياته فى مدينة بهلا تلك المدينة العريقة ذات الطبيعة‬ ‫الخلابة والتاريخ المجيد‪ ،‬ولكن هل كان أصله من بهلا أو أنه كان نزيلها‬ ‫‪.٣٨‬‬ ‫القلهاتي© الكشف والبيان© ح ‪ 3‬ص‪‎‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪١٠٤‬‬ ‫عج‪_ .‬‬ ‫‪٣‬‬ ‫فالأمر بحاجة إلى تحقيق‪ 6‬والذي يظهر لي أن الإمام ابن لم يكن من بهلا على‬ ‫الأصالة‪ ،‬وإنما هو من صحار‪ ،‬وذلك لأن شيوخه الذين تلقى عنهم العلم ودرس‬ ‫على أيديهم إنما هم من صحار وفي مقدمتهم شيخه الكبير أبو مالك غسان بن‬ ‫محمد بن الخضر الصلاني الصحاري إذ ليس من المألوف إن لم يكن من‬ ‫المعقول أن يرحل ابن بركة من بهلا _ داخلية عمان‪ -‬ويتجه إلى صحار‬ ‫والمنطقة الداخلية من غُمان بما فيها بهلا ونزوى وإزكي كانت يومئذ تزخر‬ ‫بالعلماء ومشايخ العلم كأبي المؤثر الصلت بن خميس الخروصي وأبي‬ ‫الحواري محمد بن الحواري القري‪ ،‬ونبهان بن عثمان ومحمد بن روح‬ ‫الكندي أبي جابر محمد بن جعفر الأزكوي وغيرهم من كبار _ العلماء‬ ‫الأجلاء ۔ عليهم الرحمة والرضوان كما أن قومه من قبيلة بني سليمة كما ذكرناء‬ ‫كانت منازلهم في صحار وما حولها‪ ،‬وكانت لهم السيادة والعزة والمنعة عليها‪.‬‬ ‫ولعل انتقاله إلى بهلا كان في عهد إمامة صديقه وزميله وصنوه وتربه أبي‬ ‫القاسم سعيد بن عبدالله بن محمد بن محبوب‘ وطاب له المقام ببهلا وألقى‬ ‫بها عصا التسيار وأناخ بها رحال التجوال‪ ،‬وراقت له تلك المدينة الجميلة‬ ‫ببساتينها ذات الظلال الوارفة ومقاصيرها ذات البهجة والنضارة والخضرةء‬ ‫وتأثل بها الأموال والدور‪.‬‬ ‫ونظراً ما لبهلا من أهمية موقعاً وطبيعة‪ ،‬فإن أحمد بن هلال الذي عتنه‬ ‫القائد العباسي محمد بن بور بعد احتلاله لمممان وقضائه على دولة الإمامة فيها‬ ‫وبعد رجوعه إلى البحرين فإن أحمد بن هلال هذا اتخذ من بهلا مقراً لإقامته‬ ‫قبل انتقاله إلى صحار‪.‬‬ ‫وأيضاً فلعل هناك سبباً آخر جعل ابن بركة يتخذ من بهلا مقرا له ‪ 0‬هو‬ ‫سياسي آنذاك لا سيما في منطقة ساحل‬ ‫ما كانت تعيشه غُمان من اضطراب‬ ‫ج‪-‬‬ ‫‪١٠٥‬‬ ‫۔ مدرسته‪‎‬‬ ‫۔ فكره‬ ‫حياته‬ ‫‪ ٧‬۔ الإمام ابن بركة‬ ‫ح‬ ‫‪0‬‬ ‫‪7‬‬ ‫غمان‪ ،‬فقد شهدت عمان في ذلك الزمان احتلالاً قرمطيا وآخر بويهياً‪.‬‬ ‫وأحيانا تكون السيطرة لبعض العمال المحليين لبني العباس‪ ،‬وقد استمر‬ ‫الإضطراب السياسي الناتج عن تلك الأوضاع الإحتلالية عقودا من السنين‬ ‫خاصة في منطقة الساحل من عمان أي منطقة الباطنة أما في الداخل من‬ ‫غمان فهو أخف نسبيا‪ ،‬نظرا لقيام بعض الإمامات هناك‪ ،‬كإمامة الإمامين!‬ ‫‏‪ ٣٢٠‬‏‪_'،‬ه‪ ٢٤٣‬وقيام بعض الإمامات‬ ‫سعيد بن عبدالله‪ ،‬وراشد بن الوليد‬ ‫المتقطعة‪...‬‬ ‫وليس ببعيد أن تكون تلك الأوضاع في مجملها دافعا قويا وسبباً مباشرا‬ ‫لأن يترك الإمام ابن بركة منطقة الساحل ويتخذ من بهلا في منطقة الجوف من‬ ‫مان وطناً له‪ ،‬بعد أن تكون فكرا وعلماً ومعرفة في صحار على أيدي علماء‬ ‫منهم‪:‬‬ ‫أجلاء‬ ‫أبو مالك غسا ن بن محمد الخضر الصلاني وهو أكبر شيوخه وأكثرهم‬ ‫بن حبيب‪6٧‬‏ وأبو يحيى مهنا بن‬ ‫سليمان‬ ‫وأبو مروان‬ ‫وذكرا‬ ‫عنده إشادة‬ ‫الثلاثة كانوا من‬ ‫على أن هؤلاء‬ ‫خا آخرين‬ ‫له شےيو‬ ‫ولعل‬ ‫يحيى "ا‬ ‫مخرجات مدرسة ذلكم الإمام المحكم والعلامة المبجل محمد بن‬ ‫الله عليه‪.‬‬ ‫رضوان‬ ‫محبوب‬ ‫فكره ومدرسته الفكرية‪:‬‬ ‫بعد أن أخذ ابن بركة العلم عن أؤلتكم العلماء الأجلاء الذين ذكرناهم‬ ‫وغيرهم وتوسعت مداركه العلمية‪ ،‬صار نابغة زمانه ووحيد أقرانهء شدت إليه‬ ‫الرحال‪ ،‬ووفد إليه من طلبة العلم أفواج‪ ،‬وتخرج على يديه للعلم أجيال وما‬ ‫(‪ )١‬السالمي‪ ،‬تحفة الأعيان‪١. ‎،‬ج‬ ‫(‪ )٢‬القلهاتي الكشف والبيان‪‎.‬‬ ‫عمانية‬ ‫شخصيات‬ ‫»‬ ‫‏‪١٠٦‬‬ ‫من عالم أو طالب علم في المذهب شرقا وغربا إلا وأخذ عنه‪ ،‬حتى إنه‬ ‫لا يوجد كتاب من كتب المذهب يخلو من النقل عنه والرجوع إلى أقواله‪.‬‬ ‫وصار كتابه القيم المفيد الموسوم بكتاب «الجامع» من أهم كتب المذهب©‬ ‫حتى صارت كلمة «الجامع» علماً على هذا الكتاب عند أهل المذهب لا سما‬ ‫المشارقة منهم‪.‬‬ ‫يقول الشيخ العلامة إبراهيم بن سعيد العبري ينه «من أشهر مؤلفاته‬ ‫التي أطلعنا عليها هذا الجامع المعروف بجامع أبي محمد وهو كتاب نفيس‬ ‫جدا أفرغ في تحرير مسائله وتحقيقها جهده وصره بمقدمة عظيمة في ذكر‬ ‫أمهات ومهمات أصول الفقه‪ ،‬وبيان الأخبار والأحاديث وقل أن يذكر مسألة‬ ‫إلا ويقرنها بالدليل من الكتاب أو السنة‪ ،‬وهذا الجامع يعرف في الأثر‬ ‫الماني «بالكتاب» فإذا وجدت في شيء من كتب المشارقة كبيان الشرع‬ ‫والمصنف قولهم ومن الكتابؤ فالمراد بذلك الجامع كما اشتهر اسم‬ ‫الكتاب عند النحاة «علماً لكتاب سيبويه فإذا قالوا من شواهد الكتاب فالمراد‬ ‫بذلك كتاب سيبويه»('‪.‬‬ ‫وعرف الإمام ابن بركة واشتهر عند الخاص والعام بأنه صاحب فكر متميز‬ ‫ومدرسة فكرية متميزة فكر قائم على علامية متمكنة وبيان أدبي لغوي رفيع‬ ‫الشيخ‬ ‫يقول العلامة المؤرخ النسابة العوتبي «ومنهم أي من بني سليمة‬ ‫أبو محمد عبد الله بن محمد ابن بركة‪ .‬العالم رشه وهو العالم المشهور‪.‬‬ ‫والبليغ المذكور‪ ،‬صاحب الكتاب الجامع وكتب التقييدات‪ ،‬ومسائل أصول‬ ‫الدين‪ ،‬وغير ذلك من مسائل الفروع الحلال والحرام»"'‪.‬‬ ‫‏‪ .٢‬مقدمة‪.‬‬ ‫ح‬ ‫الجامع‪.‬‬ ‫‏(‪\١١‬‬ ‫‏‪.٢١٨‬‬ ‫العوتبى‪ 6‬الأنساب ج ‏‪ ٢‬ص‬ ‫‏(‪(\٢‬‬ ‫‏‪١٧‬‬ ‫‏۔‪ ٧‬الإمام ابن بركة حياته ۔ فكره ۔ مدرسته‬ ‫اكتا جن)۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔‪.‬۔۔س۔۔ ‪.. .‬‬ ‫<‬ ‫ويقول في حقه الشيخ الدكتور‪ /‬محمد حسام الدين وكيل الأزهر الأسبق‬ ‫«الشيخ العلامة أبو محمد عبدالله بن محمد بن بركة‪ ،‬وهو إمام مجتهد يستقل‬ ‫بتأصيل الأحكام لم أر بيانا أشبه ببيان الشافعي من بيان هذا الشيخ فهو كأنما‬ ‫ينظم الدر وينثر الحكمة»'‪.‬‬ ‫ونتيجة لتلك العامية المتمكنة‪ ،‬ولذلك البيان الأدبي البليغ‪ 9‬ولذلك‬ ‫الفكر الصادق المتميزث صارت له مدرسة فكرية متميزة لها وسائلها المعرفية‬ ‫وخطوطها المنهجية‪ ،‬ومعالمها الفكرية‪.‬‬ ‫فمن حيث الوسائل المعرفية فهي تعتمد على أصول الفقه في تأصيل‬ ‫الأحكام حيث عرف ابن بركة بأنه من أئمة الأصول في الفقه‪ ،‬ومدرسته من‬ ‫المدارس التي عنيت بتأصيل الأحكام الفقهية واهتمت بعلوم أصول الفقه‬ ‫وقواعده‪ ،‬ويبين ذلك الإمام ابن بركة ويوضحه بقوله «فالواجب على من أنعم‬ ‫الله عليه بالإسلام‪ ،‬وخصه بشريعة الإيمان‪ ،‬أن يبدأ بتعليم الأصول قبل الفروع‪.‬‬ ‫وأن يثبت قواعد البنيان قبل أن يرفع شواهق الأركان ومن عرف معاني‬ ‫الأصول عرف كيف يبني عليها الفروع‪ ،‬ومن لم يعرف حقيقة الأصول كان‬ ‫حريا أن تخفى عليه أحكام الفروع»«'‪.‬‬ ‫ويقول أيضا «فالواجب عليه إذا أراد علم الفقه أن يتعرف أصول الفقه‬ ‫وأمهاته ليكون بناؤه على أصول صحيحة ليجعل كل حكم في موضعه‬ ‫ويجريه على سننه‪ ،‬ويستدل على معرفة ذلك بالدلالة الصحيحة‘ والاحتجاجات‬ ‫الواضحة‪ ،‬وأن لا يسمي العلة دليلاً} والدليل علة‪ ،‬والحجة علة‪ ،‬وليفرق بين‬ ‫معاني ذلك ليعلم افتراق حكم المفترق واتفاق المتفق‪ ،‬لأني رأيت العوام من‬ ‫(‪ )١‬مجلة الأزهر ج ؟!\ؤ السنة الثالثة والستون‪ ،‬شهر ذي الحجة ‪١٤١‬ه الموافق يونيو‪. ‎‬م‪١٩٩١‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن بركة التعارف© ص‪.٤ ‎‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‪-_.‬‬ ‫‏‪١٠١٨‬‬ ‫متفقهي أصحابنا ربما ذهب عليهم كثير من معرفة ما ذكرنا وتكلم عند النظر‬ ‫ومحاجة الخصوم بما ينكره الخواص منهم" وأهل المعرفة بذلك‪.‬‬ ‫لأنهم ربما وضعوا اللفظة في غير موضعها‪ ،‬ونقلوا الحجة على غير جهتها‬ ‫واستعملوها في غير أماكنها»”' ‪.‬‬ ‫لذلك نجد أن المنتمين إلى هذه المدرسة والتى عرفت بالمدرسة الرستاقية‬ ‫في‬ ‫ذلك بوضوح‬ ‫ويلاحظ‬ ‫الفقه وقواعده‬ ‫بأصول‬ ‫اهتمام‬ ‫اهتموا أي‬ ‫فيما بعدل‬ ‫مؤلفاتهم و مصنفاتهم‪.‬‬ ‫على أن الإمام ابن بركة يعتبر هو أول من ألف في أصول الفقه من أهل‬ ‫غُمان فقد صدر كتابه القيم «الجامع» بمقدمة طويلة في أصول الفقه وفي ثنايا‬ ‫الكتاب يجد القارئ الكثير من مسائل الأصول مبثوثة فيه عندما يربط المؤلف‬ ‫الفروع بالأصول‪.‬‬ ‫وقد أشار الإمام نور الدين السالمي إلى أولية قيام ابن بركة ۔ بالتأليف في‬ ‫فن أصول الفقه حيث يقول «وعلى طريقة الصدر الأول من الصحابة والتابعين‬ ‫قد جرى جل سلفنا من أهل مان فتراهم يحكمون بالخاص في موضع‬ ‫وبالعام في موضع العحموم‪ ،‬وبالمطلق في موضع الإطلاق‪.‬‬ ‫الخصوصة‬ ‫وبالمقيد في موضع التقييد وهكذا من غير أن يذكروا نفس العبارات التي‬ ‫اصطلح عليها أهل الفن وربما ذكرها بعضهم كابن بركة»"'‪.‬‬ ‫وتعتمد أيضا هذه المدرسة من حيث وسائل المعرفة على التوظيف‬ ‫اللغوي‪.‬‬ ‫ابن بركة؛ الجامع‪ .‬ج‪١. 6١ ‎‬ا‪٤‬ص‪‎‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫‪.١٤‬‬ ‫ج ‪ 3‬ص‪‎‬‬ ‫طلعة الشمس‬ ‫شرح‬ ‫السالمي‪.‬‬ ‫(‪\٢‬‬ ‫‪١٠٩‬‬ ‫‪ ٧‬۔ الإمام ابن بركة حياته ۔ فكره ۔ مدرسته‪‎‬‬ ‫‪ :‬ج(‪‎‬‬ ‫‪((-‬‬ ‫فنجد أن الإمام ابن بركة قد وظف اللغة ومدلولاتها في الإستدلال على‬ ‫النص الشرعي طبعا وذلك بنيط المعنى‬ ‫ورود‬ ‫المعاني الشرعية ؤ عحنل عدم‬ ‫الشرعي على ا لاسم اللغوي ‪ 3‬أو بتعبير آخر هو بناء الحكم الشرعي على اللفظ‬ ‫اللغوي‪ ،‬وهو ما يعرف بدلالة الاسم على الحكم‪.‬‬ ‫ومما تقرر في هذا الباب عند أهل الأصول أن الأسماء التي لم تثبت لها‬ ‫معان شرعية يجب أن تحمل على المعنى اللغوي حتى يثبت لها معنى شرعي‪،‬‬ ‫أما الأسماء التي ثبتت لها معان شرعية فإنه يجب أن يكون الأمر فيها محمولا‬ ‫المعاني الشرعية‪.‬‬ ‫على‬ ‫وها نحن نورد شيئاً عن الإمام ابن بركة فيما يتعلق بالتوظيف اللغوي‬ ‫للدلالة على الأحكام الشرعية حيث يقول «واختلفت أصحابنا في الصغيرة من‬ ‫الإماء فقال بعضهم تستبراً أربعين يوما قبل الوطء وقال بعضهم بخمسة‬ ‫‪.‬‬ ‫ا لصغيرة»‬ ‫الحرة‬ ‫وأربعين يوماً قياساً على‬ ‫إلى أن قال بعد أن ذكر الأقوال المختلفة حول هذه المسألة «والإستبراء في‬ ‫اللغة هو الإستكشاف للأمر المشكل‪ .‬وأي إشكال في الصغيرة»""‪.‬‬ ‫فهو بهذا الإستدلال اللغوي يقرر عدم وجوب الإستبراء للأمة الصغيرة‪.‬‬ ‫وفي كلام آخر له حول مدلول صيغة الأمر يقول ا له تعالى «فَأقض ما أ‬ ‫قا ‪[ 4‬طه‪ :‬‏‪ ]٧٢‬لم يكن أمرا منهم له بقتلهم فيكونوا قد أعانوا على قتل أنفسهم‪.‬‬ ‫ويستحق فرعون‪ .‬به مدحاً إلذد سارع إلى طاعتهم‪ ،‬بل كان هذا القول منهم تسليما‬ ‫للقضاء وقنوعاً بما أعد الله لهم من الجزاء‪ ،‬ومثل هذا مشهور في كلام العرب‬ ‫وقال أبو سحر الحملي‪:‬‬ ‫‪.١٤٦‬‬ ‫‪ ١‬ص‪‎‬‬ ‫الجا مع‪ 6‬ج‪‎‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪١١٠‬‬ ‫ز‬ ‫ثم اصنعي ما شئت عن علمي"‬ ‫فتيقني أني كلفت بكم‬ ‫ويقول في دلالة الركوع والسجود «إن العرب تسمي الركوع سجوداً‬ ‫والسجود ركوعاً وهو قول ا له تعالى «وَلَ داؤرد أما فنَتَهُ فَاستَعَقَرَرهُ وك‬ ‫كما َأنآب‪[ 4‬ص‪٤:‬ها‏ وكذلك قوله تعالى « يَمَرْمَعر أقنتى إريك وَاسْجُدى وآدكيى‬ ‫‪[ 4‬آل عمران‪ :‬‏‪ ]٤٣‬أي اسجدي مع الساجدين والله أعلم والعرب‬ ‫م الكير‬ ‫تقول للشيخ إذا انحنى من الكبر سجد وتقول للنخل إذا مالت‪ ،‬نخل سواجد‪،‬‬ ‫وسجد الجمل إذا خفض رأسه وهو معروف في اللغة‪ ،‬ويدل على ذلك قول‬ ‫لبيد شعرا‪.‬‬ ‫لزوم العصا تحنى عليها الأصابع‬ ‫أليس ورائي أن تراخت منيتي‬ ‫أدب كأني كلما قمت راكع"‬ ‫أخبر أخبار القرون التي مضت‬ ‫أما من حيث المنهجية فإن المدرسة المذكورة نجدها تحرص كل الحرص‬ ‫على الإعتماد على الدليل من القرآن والسنة والإجماع والقياس وسائر الأدلة‬ ‫التشريعية الأخرى المعروفة عند أهل الأصول ولم تفرط في ذلك ولنتعرف على‬ ‫ذلك من خلال كتاب الجامع فقد جاء في باب الوضوء قال الله تبارك وتعالى‬ ‫«يآمها آلزيك ءامئوا يدا نثر يل الصترة تلغيثوا يُجَوممكُم وآنديتكُم إل‬ ‫المرفقي وامسخوا يومكم وَأتمُتضكم إِلَ المبين ‪ 4‬االماندة‪ .‬‏‪ ٠‬نفرض‬ ‫الطهارة بالماء من كتاب الله عزوجل ومن سنة نبيه يَلة‪ 9‬فأما من الكتاب فقوله‬ ‫جل ذكره «وَأنرَلَامنَ السماء مآ طهُورا ‪ 4‬الفنان‪ .‬ه‪ ):‬يعني مطهرا‪ ،‬لأن الطهور‬ ‫في اللغة هو الفعول للطهارة‪ ،‬ومن السنة قول النبي ية أنه قال «الماء طهور‬ ‫لا ينجسه شيع إلا ماء غير لونه أو طعمه أو ريحه» ولا اختلاف بين الناس في‬ ‫‪.١٤٧‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫ج‪0١‬‬ ‫الجامع‬ ‫)‪(١‬‬ ‫)‪ (٢‬الجامع‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٢٤٩ ‎‬‬ ‫‏‪١١١‬‬ ‫ته‬ ‫س۔‬‫ركره‬ ‫مته‬ ‫د۔ ف‬ ‫ال‬ ‫‏۔‪٧‬إمام ابن بركة حيا‬ ‫تا‬ ‫تأويل هذا الخبر والاتفاق حجة والإختلاف منهم رأي" وإتباع الحجة أولى‬ ‫من إتباع الرأي الذي ليس بحجة‪ .‬والماء الطاهر المطهر باتفاق الأمة‪:‬‬ ‫ماء السماء‪ ،‬وماء البئر وماء العيون‪ ،‬وماء البحر‪ ،‬إلا في قول عبدالله بن‬ ‫عمرو بن العاص في ماء البحر وحده‪ ،‬وأتباع السنة أولى من أتباع عبدالله بن عمرو'‪.‬‬ ‫وتعتمد هذه المدرسة أيضا في منهجيتها على الأقوال المختلفة وإيرادها‬ ‫وترجيح الراجح منها‪ ،‬وهو ما يعرف حاليا بالفقه المقارن‪ ،‬أي المقارنة بين‬ ‫الأقوال الفقهية ۔ وكتاب الجامع لصاحب هذه المدرسة مملوء بهذا الأسلوب‬ ‫ولا نكون مبالغين إذا قلنا أنه أول من توسع في هذا الباب من علماء المذهب‪،‬‬ ‫وإن كان سبقه من العلماء إعتمدوا هذا الأسلوب أيضا إلا أن الإمام ابن بركة‬ ‫أكثرهم توسعا في هذا الباب في نقل أقوال علماء المذهب وأقوال أئمة‬ ‫المذاهب الإسلامية الأخرى‪.‬‬ ‫أما المعالم الفكرية لمدرسة الإمام ابن بركة‪ ،‬هي البراءة من أهل الأحداث‬ ‫الخارجين على الإمام الصلت بن مالك الخروصي ه‪٢٢٣٧‬‏ ‪٧٣‬اه»‏ وذلك أن‬ ‫العلماء الذين عاصروا تلك الفترة أو التى أعقبتها اختلفوا في أصحاب تلك‬ ‫‪.‬‬ ‫الأحداث إلى ثلاثة آراء‪.‬‬ ‫فريق كان يبراً من أولتكم الخارجين وقد إشتهر على رأس هذا الفريق‬ ‫الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن بركة وفريق كان يرى الوقوف عن الولاية‬ ‫أو البراءة أسلم وعلى رأس هذا الفريق الإمام سعيد محمد بن سعيد الكدمي‬ ‫وفريق ثالث كان يتولى أولتكم الخارجين وعلى رأس هذا الفريق الإمام‬ ‫أبو جابر محمد بن جعفر الأزكوي‪.‬‬ ‫‪١٤٢. ١‬ص‪‎‬‬ ‫الجامع‪ ،‬ج‪‎‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫ص‪٩٧‬ا‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬السالمي‪ ،‬تحفة اللاعيان© ج‪‎.‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪١١٦٢‬‬ ‫‪<_::::9‬‬ ‫س‬ ‫وهذا الفريق قد انقرص رأيه بوفاة أصحابه ولم يستمر هذا الرأي القائل‬ ‫بالولاية‪ ،‬ولم يشكل بذلك وجود مدرسة فكرية كما هي الحال بالنسبة إلى‬ ‫الرأيين الأولين القائلين بالبراءة والوقوف‪ ،‬حيث أن هذين الرأيين تشكلت‬ ‫منهما الفرقتان الرستاقية والنزوية‪.‬‬ ‫الفرقة الرستاقية إمامها أبو محمد ابن بركة‪.‬‬ ‫الفرقة النزوية إمامها أبو سعيد الكدمي‪.‬‬ ‫وقد مقلت هاتان الفرقتان تطورا فكريا في سلسلة حلقات تطور الفكر‬ ‫الإسلامي في غمان‪ ،‬حيث صارتا تمثلان مدرستين فكريتين على مدى‬ ‫عدة قرون كل مدرسة لها معالمها ومنهجيتها‪ ،‬على أنه يرجع فضل كبير‬ ‫لهاتين المدرستين الرستاقية والنزوية في تطور الفكر السياسي في المذهب‬ ‫وتكون ثروة فقهية كبيرة في الفقه السياسي أو السياسة الشرعية‪ ،‬بصورة‬ ‫تكاد لا يوجد لها نظير لدى المذاهب الإسلامية الأخرى فهما قد بحثتا‬ ‫بشكل موسع ومفصل نظام الحكم في الإسلام من حيث علاقة الحاكم‬ ‫طاعته ومتى‬ ‫بالمحكوم‪ ،‬وكيفية اختيار الحاكم وواجباته ومتى تجب‬ ‫لا تجبؤ وطبيعة وظيفة الولاة والقضاة وغير ذلك من أمور الحكم حتى‬ ‫أن القارئ يجد أجزاء بكاملها في المطولات الفقهية تعنى بنظام الحكم‬ ‫في الإسلام‪.‬‬ ‫أعماله‪:‬‬ ‫للإمام أبي محمد بن بركة أعمال جليلة وعظيمة في خدمة العلم والإسلام‬ ‫والإنسانية ودائما فإن العظائم من الأمور لا تكون إلا من العظماء من الناس‬ ‫وتلك الأعمال تتمثل فيما يلي‪:‬‬ ‫‪١١٢‬‬ ‫سرهت۔ه‪‎‬‬ ‫د ۔رفك‬ ‫‪٧١‬ا۔لإمام ابن بركة حي‬ ‫ماته‬ ‫\‬ ‫‏‪ ١‬التدريس‪:‬‬ ‫وذلك أن الإمام ابن بركة نال حظا واسعا من العلم وأخذ قسطا كبيرأ من‬ ‫علوم الشريعة الإسلامية الغراء وعلوم العربية وآدابها‪ ،‬واشتهر علمه شرقا‬ ‫وغرباًك فكان لا بد من أن يحمل رسالة التدريس وهي طريقة رجال الإصلاح‬ ‫في كل زمان ومكان‪.‬‬ ‫فانشأً مدرسته الشهيرة التي لا تزال أطلالها باقية حتى يومنا هذا بمحلة‬ ‫الضرح من بهلا‪.‬‬ ‫تلك المدرسة التي شدت إليها الرحال‪ ،‬وقصدها طلبة العلم من أنحاء‬ ‫القطر الماني ومن بلدان المغرب العربي يقول الشيخ‪/‬محمد بن عبدالله‬ ‫السالمي «كانت لئحمان في القديم مدارس للفقه وبقية العلوم منها‪ :‬مدرسة‬ ‫أبي محمد بن بركة في بهلا وآثارها باقية إلى الآن تشتمل على كثير من‬ ‫الطلبة من البلاد ومن الخارج‪ .‬وسمعت والدي ۔ أي نور الدين‬ ‫السالمي ۔ ينه يذكر أنه تخزج منها ثمانون عالماً من إخواننا المغاربة‪.‬‬ ‫فلذلك ترى المغاربة يثنون على ابن بركة من علماء عمان أكثر من غيره‪6‬‬ ‫وكان الشيخ من أغنياء أهل زمانه يحوط أمواله كل يوم من أول الصباح ثم‬ ‫يعود إلى التلامذة للتدريس»‪.'٨‬‏‬ ‫وقد خرجت تلك المدرسة عددا غير قليل من العلماء الأعلام الذين قدموا‬ ‫للعلم وللإسلام خدمات جليلة سجلها صفحات الأيام؛ وفي مقدمتهم العلامة‬ ‫الخبير والمؤلف الشهير أبو الحسن على بن محمد السيوي ينه صاحب‬ ‫‪.‬‬ ‫المؤلفات العديدة‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الروض النضير ©‪ ،‬ص‪.١٧١! ‎‬‬ ‫عما نية‬ ‫‏‪ \ ٣‬ت‬ ‫د‬ ‫‪٨‬‬ ‫‪١‬‬ ‫‪١‬‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫«حج‪.‬ر‬ ‫ِ‬ ‫‏‪.‬‬ ‫‌‬ ‫‏‪ ٢‬القسم الداخلي‪:‬‬ ‫كان ابن بركة يتمتع بثروة مالية طائلة وغنى واسع أنعم الله به عليه ولكن‬ ‫تلك الثروة لم تكن تشغله عن القيام بالواجب في شأن الإصلاح إنفاقاً وإرشاداً‬ ‫وتدريساً‪ ،‬وكان ينفق من تلك الثروة على الطلبة الذين يلتحقون بمدرسته فهو‬ ‫حالياً‬ ‫أنشأ ما يعرف‬ ‫من‬ ‫يعتبر أول‬ ‫يؤويهم تعليماً وإسكاناً وتغذية ولعله بهذا‬ ‫نظام الأقسام الداخلية‪.‬‬ ‫وهي نقطة يجب الوقوف عندها وتقييمها حضارياً ولعل إيواءه لطلبة العلم‬ ‫إليه الطلاب المغاربة‪.‬‬ ‫جذب‬ ‫هو الذي‬ ‫بهذه الصورة‬ ‫المساجد""'‪:‬‬ ‫‏‪ - ٣‬بناء‬ ‫وقد قام‬ ‫في الإسلام‪،‬‬ ‫الحياة‬ ‫فهو محور‬ ‫للمسجد دور كبير في الإسلام‬ ‫الإمام ابن بركة ببناء العديد من المساجد منها‪:‬‬ ‫مسجده‬ ‫وهي المحلة التي كان يقطنها في بهلا وهو‬ ‫محلة ا لضرح‬ ‫مسجد‬ ‫_‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫لازم الصلاة‬ ‫الذي‬ ‫الخير في بهلا‪.‬‬ ‫مسجل‬ ‫_‬ ‫الشريعة‪.‬‬ ‫مسجد‬ ‫_‬ ‫الفحال‪.‬‬ ‫مسجل‬ ‫_‬ ‫مسجد الوحيد‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫وهذه المساجد كلها فى بهلاء‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬الجامع ج ‏‪ 0٢‬مقدمة‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬نفس المصدر‪.‬‬ ‫‪١ ١ ٥‬‬ ‫_ مدرسته‪‎‬‬ ‫‪ ٧‬۔ الإمام ابن بركة حياته ‪ 2‬فكره‬ ‫‏‪ ٤‬۔ الوقف الخيرى"‪:‬‬ ‫صدقة جارية ينتفع العبد بصالحه وهو من الباقيات‬ ‫الوقف في الإسلام‪.‬‬ ‫الصالحات لقول الرسول قلة‪« :‬إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث‪ ،‬علم‬ ‫يننفع به‪ ،‬أو صدقة جارية‪ .‬أو ولد صالح يدعو له»‪.‬‬ ‫ابن بركة أرضاً واسعة من النخيل والأشجار تسمى أرض‬ ‫الإمام‬ ‫وقد وقف‬ ‫إبراهيم بن سعيد العبري‬ ‫يقول الشيخ‬ ‫المسلمين‬ ‫وقفها على فقراء‬ ‫المدانة©‬ ‫ولعله كان وقفها على المتعلمين ثم اندمجت من بعد ذلك بيت مال‬ ‫المسلمين‪.‬‬ ‫‏‪ ٥‬۔ التأليف"' ‪:‬‬ ‫اعتنى الإمام ابن بركة بالتأليف بجانب التدريس والإفتاءس فقد ألف العديد‬ ‫القيمة المفيدة ذات النفع الكبير وهي‪:‬‬ ‫من الكتب‬ ‫ويقع فى مجلدين وقد طبع عدة مرات‪.‬‬ ‫كتاب الجامع‬ ‫ويعتبر من أهم الكتب التي تربط الفروع بالأصول» وهي من أمهات‬ ‫مصادر الفقه الإباضي وقد تقدم القول على أهميته في ثنايا هذا البحث‪.‬‬ ‫۔ كتاب الشرح لجامع ابن جعقر‪.‬‬ ‫وهو من الأهمية بمكان قيد فيه‬ ‫مخطوطا‬ ‫لا يزال‬ ‫كتب التقييد © وهو‬ ‫المسائل التي سأل عنها وأجابه عليها شيخه أبو مالك غسان بن محمد بن‬ ‫‪.‬‬ ‫الصحاري‬ ‫الخضر الصلاني‬ ‫نفس المصدر‪.‬‬ ‫‏)‪(١‬‬ ‫() السالمي اللمعة المرضيةث ص‪.٢٢‬‏‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪١١٦‬‬ ‫كتاب الموازنة‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫كتاب المبتدأ في خلق السماوات والأرض وما فيهن من الخلق ويبدو أنه‬ ‫‪-‬‬ ‫في التاريخ ‪.‬‬ ‫كتاب التعارف‪ ،‬وهو كتيب مهم جداء ذكر فيه ما تعارف عليه الناس وجرى‬ ‫‪-‬‬ ‫بينهم مجرى العادة" وبيان الحكم الشرعي في ذلك‪ ،‬وهو مطبوع‪.‬‬ ‫كتاب الأقليد‪.‬‬ ‫۔‬ ‫وفاته‪:‬‬ ‫بعد حياة حافلة قضاها بين حلقات العلم وبعد أن ملأ الدنيا علما‪ ،‬انتقل‬ ‫الإمام ابن بركة إلى الرفيق الأعلى‪ ،‬تاركا بعده من تلامذته علماء واصلوا السير‬ ‫في طرق التعليم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكرة فكانوا هداة ودعاة‪.‬‬ ‫وآثار علمية تضيء للناس طرق الخير والصلاح تزدان بها رفوف المكتبات‬ ‫وينهجوا‬ ‫الإسلامية ومشاريع خيرية تدعو ذوي الغنى أن يحذوا حذوه‬ ‫منهجه ومحبة عميقة وطيدة في قلوب أولئك الذين كانت تمتد إليهم يده‬ ‫الكريمة لتيسر عليهم مؤونة الحياة وتكاليف المعيشة‪.‬‬ ‫بيد إننا لم نقف بالتحديد على تاريخ وفاته‪ ،‬ولعل وفاته بعد منتصف‬ ‫القرن الرابع الهجري بقليل‪.‬‬ ‫وآخر دعوانا آن الحمد لله رب العالمين© ‪..‬‬ ‫‪٨‬‬ ‫الإمام أبو سعيد الكدمي حياته وفكره‬ ‫‏(‪ )١‬بحث مقدم إلى المنتدى الأدبي‪ ،‬في ندوة تكريم العلامة الكدمي المنعقدة بتاريخ‬ ‫‏‪ ١٦١‬صفر ‪١٤٦٢١‬ه‪ _١٥/‬‏‪ ١٦‬مايو ‪٢٠٠٠‬م‪..‬‏‬ ‫جبن‬ ‫وفكر فذكره‬ ‫‪٦١‬الإما م أابو سعيد ‏‪ ١‬لكدمي حييااته‬ ‫‏‪_ ٨‬۔‬ ‫‏‪١‬‬ ‫آ‬ ‫\‬ ‫بسم النه الرحمن الرحيم‬ ‫المحور الأول‪ :‬حياته‬ ‫۔ اسمه ونسبه‪:‬‬ ‫هو الإمام العلامة الكبير أبو سعيد محمد بن سعيد بن محمد بن سعيد‬ ‫الناعبي الكدمي‪ ،‬إمام التخريج وإمام علم الولاية والبراءة‪.‬‬ ‫وهو من قبيلة النعب التي هي من قبائل قضاعة بن مالك بن حمير الذين‬ ‫يقول فيهم شاعرهم‪:‬‬ ‫تضاعة بن مالك بن حمير‬ ‫نحن بني الشيخ الهجان الأكبر‬ ‫في الحجر المنقوش تحت المنبر‬ ‫النسب المعروف غير المنكر‬ ‫وهم من القبائل اليمنية القحطانية‪ ،‬وقد أورد العلامة والمؤرخ والنتابة‬ ‫العوتبي الصحاري أن النعب هم من ولد الديل بن مهرة بن عمرو بن‬ ‫الحاف بن قضاعة حيث قال «وولد الديل‪ ،‬بنو دهن وبنو ناعب وهم بعمان؛'‪.‬‬ ‫وهم موجودون الآن في بلدان عدة من مان كبلدة اللآجال الواقعة بين‬ ‫الطو‪ ،‬ووادي المعاول‪ ،‬وفي ناحية كدم في القرية‪ ،‬وذات خيل والعارض‪،‬‬ ‫۔ ‏‪(٢(.‬‬ ‫ست‬ ‫‪-‬‬ ‫وبلاد‬ ‫وغمرك‬ ‫والقلعة©‬ ‫(‪ )١‬الأنساب ج ص‪.٢٢٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سالم بن حمود السيابي‪ ،‬اسعاف الأعيانى‪ ‎‬ص‪.١٦٦‬‬ ‫شخصيات ممانية‬ ‫‏‪١٢٠‬‬ ‫وعلى هذا فقبيلة النعب من القبائل القديمة بتمان‪ ،‬وذات الأصالة فيها وقد‬ ‫أخرجت هذه القبيلة أسر علمية كأسرة الشيخ أبي سعيد وأسرة آل مداد بنزوى"‬ ‫بسمائل‪.‬‬ ‫وأسرة بني النظر ۔ على المشهور‬ ‫كان الإمام أبو سعيد على ما يظهر من بلدة العارض من كدمإ ولم نعثر‬ ‫على تأريخ لولادته‪ ،‬ولكنه جاء في المساق التاريخي التمماني أن أبا سعيد عمل‬ ‫كحارس للسجن في عهد الإمام سعيد بن عبد اللة بن محمد بن محبوب‬ ‫المنصوب سنة ‪٣٦٢٠‬ه‏ وكان دخول أبى سعيد فى هذا العمل وهو حراسة‬ ‫السجن بعد أن بلغ الحلم‪ .‬وإذا كان بلوغ الحلم في العادة يكون بعد مضي‬ ‫أربعة عشر عاما على عمر الإنسان ودخوله في الخمسة عشر وبما أن إمامة‬ ‫الإمام سعيد بن عبدالله كانت سنة ‪٣٢٠‬ه‏ فإن عمر الشيخ أبي سعيد حين ذاك‬ ‫كان في حدود الخامسة عشرة من السنين‪.‬‬ ‫وعلى هذا فإن ولادته ربما كانت سنة ‪٣٠٥‬ه‏ على وجه التقريب ويبدو أنه‬ ‫انتقل إلى نزوى في بداية حياته‪ ،‬حيث الإمام سعيد بن عبدالله وحيث مشايخ‬ ‫العلم‪ ،‬ولعل انتقاله كان قبل نصب الإمام سعيد‪.‬‬ ‫وعلى كل حال فإنه كان شغوفا بطلب العلم كشغف الظمآن إلى الماء‬ ‫العذب الزلال‪.‬‬ ‫شيوخه‪:‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫وجد ضالته ولقي منشوده‪6‬‬ ‫وفي نزوى ‪ -‬بيضة الإسلام والمسلمين‬ ‫وحصل على مطلوبه بوجود كوكبة من أهل العلم والفضل أئمة العلم والدين‪،‬‬ ‫الذين سعدت بهم الدنياء وطاب بهم الزمان" وابتهجت بهم الحياة‪.‬‬ ‫مثل محمد بن روح بن عربي الكندي‪ ،‬ورمشقي بن راشد وأبي الحسن‬ ‫بن الحسن رحمهم الله تعالى‪.‬‬ ‫محمد‬ ‫صبح‪‎‬‬ ‫ا لكدمي حياته وفكره‬ ‫‪ ٨‬۔ الإمام أبو سميد‬ ‫‪١ ٢ ١‬‬ ‫‪6‬‬ ‫فلنستمع إليه وهو يقول في حق مشايخه مما يؤكد تتلمذه عليهم «وأما‬ ‫أبو عبد الله محمد بن روح بن عربي‪ .‬وأبو الحسن محمد بن الحسن‬ ‫فشاهدناهما وصحبناهما الزمان الطويل‪ .‬والكثير غير القليل‪ ،‬وعنهما أخذنا‬ ‫عامة ديننا»"'‪.‬‬ ‫ويقول في ابن روح‪ ،‬ورمشقي بن راشد نونيته"‪.‬‬ ‫ورمشقي الحبران‬ ‫روح‬ ‫ا بن‬ ‫دان‬ ‫بالذي‬ ‫يتبعان‬ ‫موسى‬ ‫وا بن‬ ‫صلت‬ ‫الشيخ‬ ‫أمور‬ ‫فني‬ ‫أحد شيوخه أيضاً [ أبو محمد عبدلله بن محمد بن‬ ‫يكون‬ ‫وغير بعيد أن‬ ‫الأحداث‬ ‫أن ذكر موقفه من أصحاب‬ ‫أبي المؤثر الخروصي} فإنه بعد‬ ‫يقول «ونحن نتوللى أبا محمد على خبرة‬ ‫الإما م الصلت‬ ‫الخارجين على‬ ‫دليل على ملازمته له‬ ‫ومعرفة بمذهب‬ ‫ومعرفة بمذهبه»”‘ ‪ .‬فقوله على خبره‬ ‫عنه‪.‬‬ ‫وأخذه‬ ‫كما أن من أشياخه أبا إبراهيم محمد بن سعيد بن أبي بكر الأزكوي‬ ‫ويكفي أنه أخذ عنه بالرفيعة ولاية أبي جابر محمد بن حعفر وابنه أبي علي‬ ‫الأزهر بن محمد بن جعفر‪ ،‬يقول الشيخ أبو سعيد في ذلك «ورفع إلينا‬ ‫ابو إبراهيم يَتن؛ ولاية محمد بن جعفر وقال إنه يتولاه على ولايته‬ ‫لموسى بن موسى وأخذنا ولاية محمد بن جعفر عن أبي إبراهيم‪ ،‬ولو توليناه‬ ‫بظاهر الأمر والخبر لكان لذلك أهلا وكان ذلك معنا جائر"‪.‬‬ ‫() كشف الغمة تحقيق أحمد عبيدلي‪ ،‬ص ‏‪.٢٩٦‬‬ ‫‏(‪ )٢‬بيان الشرع ج ‏‪ ٤‬ص ‏‪.٩٥‬‬ ‫(‪ )٢‬كشف الغمة‪ ،‬تحقيق عبيدلى ص‪.٢٩٧ ‎‬‬ ‫‪.٢٩٢‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٤‬كشف الغمة‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪١٢٢‬‬ ‫ل‬ ‫إلى أن قال «وأما أبو علي الأزهر بن محمد بن جعفر فأخذنا ولايته‬ ‫بالرفيعة عن أبي إبراهيم محمد بن سعيد بن أبى بكر ننتان»‪.'٨‬‏‬ ‫ويصف الإمام الكدمي شيخه أبا إبراهيم بأنه ذو علم جم وأنه يفوق‬ ‫معاصريه في بعض الأمور‪ ،‬فنجده يقول «ثم كان بعد هؤلاء الذين ذكرناهم‬ ‫وسميناهم في الخلف الثالث‪ ،‬وهو ممن شاهد السلف ا لأول والثاني‪ ،‬وتكلم‬ ‫فيه وقال فيهإ وهو أقدم الخلف سنا‪ 5‬وأعظمهم جاها ولعله في بعض الأمور‬ ‫أجمعهم علماً وهو أبو إبراهيم محمد بن سعيد بن أبي بكر ينه »"'‪.‬‬ ‫وهكذا نجد أن للشيخ شيوخاً عديدين ممن كانوا أئمة في الدين وسادة‬ ‫للمتقين© فانعكس ذلك عليه علما وفضلا وخلقا‪ ،‬وورعا‪ ،‬فهو العالم الزاهد‪،‬‬ ‫فقد زهد في الحياة وملذاتها وترفع عن حطام الدنيا‪ .‬ضاربا أروع الأمثلة في‬ ‫واحدة ‏‪ ٠‬يطعم‬ ‫عنب‬ ‫وشجرة‬ ‫حيث اكتفى فى حياته بنخلة واحدة‬ ‫ذلك‬ ‫مع ما يسر الله له من تزوج نساء‬ ‫منهما ؤ ويبيع لما يلزمه من شراء الكسوة‬ ‫موسرات معهن المال والغنى والثروة وقد تزوجنه كما يقال لعلمه وفضله‬ ‫الحميدة‪.‬‬ ‫وخصاله‬ ‫ولكنه ترك ما عندهن من ذلك تعففاً منه وزهداًك وكن ثلاث زوجات‬ ‫موسراتؤ يقول فيه الشيخ السالمي"‬ ‫يملك كان شاكرا للنعمه‬ ‫أبو سعيد نخلة وكرمه‬ ‫غنى زوجاته‬ ‫ثيابه لا من‬ ‫كرمته‬ ‫ومن‬ ‫طعامه‬ ‫منها‬ ‫الحلال‬ ‫وهو‬ ‫عنه‬ ‫يعصف‬ ‫كانت له الزوجات معها المال‬ ‫نفس المصدر ص‪.٦٢٩٤ ‎‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫(‪ )٢‬نفس المصدر ص‪.٢٦٩٥ ‎‬‬ ‫)‪ (٣‬السالمي© جوهر النظام‪ .‬باب الزهد‪‎.‬‬ ‫‪١٢٢‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ ٨‬الإمام أبو سميد الكدمي حياته وفكره‪‎‬‬ ‫تج‪‎‬‬ ‫(‬ ‫ولعل زوجاته كن فى بلدان مختلفة في غمان‪ ،‬فقد ذكر الشيخ سيف بن‬ ‫حمود البطاشي إنه وجد نسخة من كتاب الاستقامة بخط الشيخ مسعود بن‬ ‫الإستقامة ‪7‬‬ ‫في آخره ‪ 7‬أي كتاب‬ ‫جاء‬ ‫النزوي‬ ‫رمضان‬ ‫بن‬ ‫مسعود‬ ‫صالح بن‬ ‫إنه تأليف الشيخ العام الولي الرضي أبي سعيد محمد بن سعيد الكدمي‬ ‫النزوي السلوتي«'‪.‬‬ ‫بعل بلدته كدم لوجود زوجات له فيها‬ ‫ثم سلوت‬ ‫ولعل استيطانه لنزوى‬ ‫على اعتبار التأهل منها‪.‬‬ ‫الأحداث التي عاصرها‪:‬‬ ‫على أن الشيخ أبا سعيد رحمه الله ورضي عنه عاصر ثلاثة من الأئمة‪:‬‬ ‫وهم‪:‬‬ ‫‪ .‬أي أئمة الحكم المبابعين بالإمامة‬ ‫‏‪ ١‬الإمام سعيد بن عبد الله‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬الإمام راشد بن الوليد‪.‬‬ ‫بن راشد‪.‬‬ ‫حفص‬ ‫‏‪ - ٣‬الإمام‬ ‫عندما‬ ‫‏‪ ٣٢٠‬ه‬ ‫عبذل الله فقل بويع بالإمامة سنة‬ ‫سعيد بن‬ ‫فالبنسبة إلى الإمام‬ ‫كان الشيخ الكدمي في بدابة شبابه مناهزا البلوغ} وقد أوكل إليه الإمام‬ ‫مسئولية السجن لما توسمه فيه من الأمانة وتحمل المسئولية‪ ،‬وقد تابع‬ ‫أبو سعيد عهد الإمام سعيد بن عبدالله في سلمه وحربه‪ ،‬ورصد سيرته‪ ،‬وعرف‬ ‫ثناء العلماء عليه فهو الذي نقل تاريخ عهد ذلك الإمام أولآ بأول" وبعد أن نقل‬ ‫أبو سعيد ثناء العلماء الأعلام في حق هذا الإمام قال (وما أحقه بذلك فإنه كان‬ ‫(‪ )١‬إتحاف الأعيان‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.٢١٢ ‎‬‬ ‫شخصبات عمانية‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪١٦٤‬‬ ‫إماما عدلا صحيح الإمامة‪ .‬من أهل الإستقامة عالماً في زمانه‪ ،‬لعله يفوق أهل‬ ‫زمانه أو كثيراً منهم»‪.‬‬ ‫إلى أن قال «فتظاهرات الأمور معنا من أهل الدار ممن ينتحل نحلة الحق‬ ‫على الإجماع على ولاية الإمام سعيد بن عبدالله ينه وهو ولينا وإمامنا إن‬ ‫شاء الله('»‪.‬‬ ‫وبعد الإمام سعيد بن عبدالله‪ ،‬صار في الإمامة الإمام راشد بن الوليد‪،‬‬ ‫وكان الشيخ أبو سعيد يفني عليه ثناء حسناً‪ ،‬ودون سيرته والأحداث التي‬ ‫جرت في عهد الإمام منذ العقد عليه بالإمامة وحتى سقوط إمامته سنة ‪٣٤٦‬هف‪6‬‏‬ ‫وقد وصف أبو سعيد الإمام راشد بقوله «كان ينه لرعيته هينا رفيقاً بأرائهم‪.‬‬ ‫شفيقاً غضيضاً عن عوراتهم" مقيلاً لعثراتهم بعيد الغضب عن مسيئهم‪ ،‬قريب‬ ‫الرضى عن محسنهمإ مساويا في الحق بين شريفهم ودنيهم وفقيرهم وغنيهم‬ ‫وبعيدهم وعشيرهم"'» ‪.‬‬ ‫إلى أن قال «وإنما ذكرنا من أمور راشد بن الوليد ما قد ظهر وما نرجو أنه‬ ‫لان يرفع ولن ينكر وإلا فإن فضائله كانت معنا أكثر من هذا وأكبر "'»‪.‬‬ ‫بن عبد الله وراشد بن‬ ‫وعلى العموم فإن تاريخ عهد هذين الإمامين سعيد‬ ‫الوليد" أخذ عما دونه الشيخ أبو سعيد جزاه الله خيرا‪.‬‬ ‫كما عاصر أبو سعيد الإمام حفص بن راشد وقد بلغ في عهد هذا الإمام‬ ‫النضج الفكري وسمو المنزلة في العلم بل احتل المرجعية العلمية يظهر ذلك‬ ‫من خلال توليه القيام بالواجبات عن الإمام في القضايا الفقهية‪ ،‬فقد أجاب عن‬ ‫(‪ )١‬الإستقامة‪١» ‎،‬ج ‪١١٢.‬۔‪٠١٢-‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٩٨‬‬ ‫(‪ )٢‬الإستقامة ج‪ ٦ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫‪.١٠١‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫)‪ (٣‬نفس المصدر‬ ‫‪١٢٥‬‬ ‫هيت‪‎‬‬ ‫‪ ٨‬الإمام أبو سعيد الكدمي حياته وفكره‬ ‫الإمام حول زكاة مال الغائب واليتيم قائلاً «في مال الغائب إنه يوقف عند‪‎‬‬ ‫بعضهم حتى يحضر الغائب ثم يخرج ما عليه‪ .‬وقيل يجوز للشريك أن يسلم‪‎‬‬ ‫زكاة مال الغائب واليتيم إلى الفقراء أو إلى الإمام"»‪‎.‬‬ ‫والإمام حفص بن راشد هو من أئمة القرن الرابع لا كما جاء في مساقات‬ ‫كتب التاريخ الماني بأنه من أئمة القرن الخامس الهجري وإنه ابن الإمام‬ ‫وبعده‪.‬‬ ‫راشد بن سعيد‬ ‫لأنه معاصر لأبي سعيد ولأبي الحسن البسيوي‪ ،‬ويوجد لأبي الحسن كلام‬ ‫حول صحة إمامة هذا الإمام من حيث العقد عليه بالإمامة وفي حربه مع‬ ‫المطهر بن عبد الله الذي أرسله معز الدولة أو عضد الدولة البويهي حاكم بغداد‬ ‫آنذاك عام ‪٣٦٤‬ه‏ لمحاربة الإمام حفص بن راشد‪.‬‬ ‫كما أن الشيخ أبا الحسن ذكر أن الشيخ ابن بركة ألزمه ضمان ما دفع من‬ ‫زكاة أيام الإمام راشد بن الوليد”'‪ ،‬وهذا يدل على قرب المسافة الزمنية بين‬ ‫الإمامين راشد بن الولد وحفص بن راشد”"'‪.‬‬ ‫وبعد أن تحدثنا عن حياة الإمام أبي سعيد الكدمي من حيث اسمه ونسبه‬ ‫وشيوخه والأحداث التي شهدها وعاصرها كمحور أول ننتقل بالحديث عن‬ ‫فكره كموحور ثان‪.‬‬ ‫(‪ )١‬السالمي‪ ،‬معارج الآمال‪ ،‬ج‪ 6١٤ ‎‬ص‪.٩٢‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الستر والجوابات‘ ج !‪ .‬ص‪.٧ ‎‬‬ ‫)( وكنت قد ذاكرت في هذا الأمر الشيخ سيف بن حمود البطاشي عندما كنا نجتمع ضمن لجنة‬ ‫مراجعة بحوث كتاب (غمان في التاريخ) فاقتنع بصحة رأيي وأعتمده في كتابه إتحاف‬ ‫الأعيان عند ذكره للشيخ أبي الحسن البسيوي‪ ،‬ص‪‘!٢١‬‏ جاؤ وهو ما تم اعتماده أيضاء في‬ ‫كتاب (غمان في التاريخ)‪.‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪١٢٦‬‬ ‫‏‪ ١‬لمحور التاني ‪ :‬قكره‬ ‫المعالم الفكرية‪:‬‬ ‫يتميز فكر الإمام أبي سعيد ينه بالشمولية والسعة والتوسع" فهو العقدي‬ ‫المتكلم‪ 8‬والأاصولي‪ ،‬والفقيه والمؤرخ‪ ،‬والناظم للشعر تدل على ذلك عباراته‬ ‫وتشهد لذلك مؤلفاته القيمة المفيدة‪.‬‬ ‫وله عبارات مأثورة تعتبر قواعد في مجالاتها منه قوله‪:‬‬ ‫«من تشجع بعلم كمن تورع بعلم» وقوله «الآمر إذا ضاق اتسع وإذا اتسع‬ ‫ضاق» كما له مقالة تعتبر من أساسيات التصور فى الفكر الإسلامى فبعد أن‬ ‫أورد الآيات القرآنية الكريمة التي تأمر الناس بالإفاضة في الحج سواسية‬ ‫قال ين «دوكل هذا التوجيه الرتاني ليفصل التصور الذي يجب أن يكون عليه‬ ‫المسلمون يختلف عن تصورات الجاهلية وأعمالها‪.»'١‬‏‬ ‫وقد اعتبرت تخريجاته من حلقات تطور التشريع الإسلامي الإباضي وتلك‬ ‫التخريجات هي من باب تخريج الفروع على الفروع‪ .‬فهو بعد أن يذكر ويورد‬ ‫آراء السابقين عليه يظهر له من ذلك رأي آخر وذلك هو معنى التخريج عند‬ ‫أبي سعيد‪ ،‬أي ظهور رأي آخر يتمخض عن تلك الآراء‪ ،‬ولعل هذا يدخل في‬ ‫سياق المسألة المختلف فيها وهي هل يجوز إحداث قول ثالث بعد قولين أو‬ ‫قول آخر بعد أقوال؟‬ ‫يقول الشيخ خلفان بن جميل السيابي بعد ذكره لأقسام الإجماع «وها هنا‬ ‫قاعدة أحببنا إلحاقها بهذا الفصل إذ اختلف العلماء في مسألة على قولين أو‬ ‫أقوال فالتنمسك بأقل ما قيل فيها من القولين أو الأقوال حق وهو ملحق‬ ‫‪.١٦٤‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫المعتبر‪ 8‬ج‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪١٢٧‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪ ٨‬الإمام أبو سعيد الكدمي حياته وفكره‪‎‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫بالإجماع لأنه شبيه به من حيث أنهم كلهم قالوا بذلك الأقل ثم زاد عليه'»‬ ‫وبعد ذكر الخلاف بين علماء الأمة بين مجوز ومانع ومتوسط قال «والصحيح‬ ‫عندي من هذه الأقوال الثلاثة قول الظاهرية{ وهو جواز إحداث قول ثالث مطلقا‬ ‫لأن المحرم عندنا هو خلاف الإجماع لا خلاف الخلاف وإختلاف الأمة على‬ ‫قولين دليل على جواز الرأي في تلك القضية نصح لغيرهم مثل ما صح لهم من‬ ‫الرأي والإجتهاد‪ ،‬بل يلزم المجتهد أن يخالفهم إذا رأى أن الراجح خلانهم‪.‬‬ ‫ولا يصح له تقليدهمح كما لا يصح له تقليد مجتهد مثله بعد تمكنه من‬ ‫الإجتهاد واقتداره عليه وهذا هو الراجح عند شيخنا السالمي وأكثر أصحابنا‬ ‫وعليه العمل عندهم'»‪.‬‬ ‫على أن الملاحظ أن تخريج أبي سعيد لرأي آخر لا يرفع الأقوال السابقة‬ ‫وإنما هو من باب التوسع في التشريع الإسلامي القائم على الإستنباط من‬ ‫نصوص الشريعة الإسلامية‪ ،‬وتظهر تخريجات أبي سعيد بصورة أكثر في‬ ‫زياداته في كتاب الاشراف لابن المنذر النيسابوري المتوفى ‪٧‬ا‪٣‬ه‏ فهو بحق‬ ‫يعتبر إمام مدرسة التخريج‪.‬‬ ‫ومن معالم فكر أبي سعيد أيضا وضع قناعته الشخصية تجاه الرأي الذي‬ ‫يراه فتجده يستعمل العبارات التالية «ومعي» «وفيما معي» «وعندي» «وفيما‬ ‫عندي» وأكثر الكلمات استعمالا هي كلمة «ومعي» وهو أمر يؤيده ويطلبه‬ ‫البحث العلمي المعاصر فإبراز القناعة الفكرية لأي شخص من ضروريات‬ ‫الطرح في البحث المعاصر وهذا الطرح عند أبي سعيد إن دل على شي فإنما‬ ‫يدل على آن الرجل لم يكن نصياً أثريا‪ ،‬وإنما يمزج ويوفق بين النظر والأثر‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫(‪ )١‬فصول الأصول ص‪.٢٦٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬نفس المصدر ص‪.٢٧٠ ‎‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪١٢٨‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫><‬ ‫‪-‬‬ ‫ت‪‎‬‬ ‫كما أن الشيخ أبا سعيد يستوعب الآراء الأخرى المخالفة له ولا يتسرع في‬ ‫إصدار الأحكام عليها جزافا‪ .‬وإنما يضع الإحتمالات لتلك الآراء‪ ،‬بما يمكنه‬ ‫من احتوائها واستيعابها لا سيما في مسألتي الولاية والبراءة أي أنه لا يتسرع‬ ‫في إصدار الحكم بالبراءة} ومن ذلك موقفه من الأحداث التي جرت بين‬ ‫الإمام الصلت بن مالك وبين موسى بن موسى وراشد بن النظر‪ ،‬وبين الإمام‬ ‫عزان بن تميم والفضل بن الحواري والحواري بن عبد الله ومن أصحاب تلك‬ ‫الأحداث حيث اعتبر أن تلك الأحداث حدثت على سبيل الدعاوى لا على‬ ‫سبيل البدع‪ ،‬وبالتالي فهو قد أبقى أصحابها على ما كانوا عليه عنده من حيث‬ ‫الولاية أو الوقوفؤ ولم ينقلهم عن منازلهم السابقة بسبب تلك الأحداث‪،‬‬ ‫فنجده يتولى بشير وعبدالله ابني محمد بن محبوب وأبا جابر محمد بن جعفر‬ ‫وابنه أبا علي الأزهر بن محمد بن جعفر وأبا المؤثر الصلت بن خميس‬ ‫وحفيده أبا محمد عبدالله بن محمد بن أبي المؤثر ومحمد بن روحؤ‬ ‫ومحمد بن الحسن وأبا مالك غسان بن محمد بن الخضر الصلاني وغيرهم‬ ‫سواء كان ثبت لهم حكم الولاية بطريق الظاهر أم بطريق الشهرة أم بطريق‬ ‫الرفيعة وهؤلاء لهم مواقف متباينة من تلك الأحداث وأصحابها‪ ،‬يقول ف‬ ‫بعد أن ذكر أولئكم الأئمة الأعلام «فهؤلاء الذين وصفناهم من أهل الفضل‬ ‫والعلم من أهل عمان‪ ،‬قولنا فيهم ما قد وصفنا! وهم وإن اختلف قولهم في هذه‬ ‫الأحداث في الولاية والبراءة والوقوف‪ ،‬فاصل مذهبهم على الإتفاق في التدين‬ ‫فيهم‪ 6‬ومن وجبت ولايته منهم علينا فهو ولينا‪ ،‬لا نفرق بين أحد منهم للإفتراق‬ ‫أقوالهم في الولاية والبراءة والوقوف عند ظهور السلامة في أصول الدين من‬ ‫أحكام أصول البدع في الدعاوى ومن تظاهر التهم عليهم في ذلك ببراءة أو‬ ‫بترك ولاية('»‪.‬‬ ‫‪.٢٢٣‬‬ ‫‪ ١‬لإستقا مة ‘ج‪ ١ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫‏‪١ ٢٨٩‬‬ ‫‏۔‪ ٨‬الإمام أبو سميد الكدمي حياته وفكره‬ ‫ا‬ ‫ويقول أيضاً في هذا السياق «ونحن لجماعتهم ولقولهم وأمرهم سامعون‪.‬‬ ‫ولفعلهم محتذون وبرأيهم آخذون‪ ،‬ولسبيلهم سالكون‪ ،‬ولمخالفتهم تاركون‪.‬‬ ‫ولسابقة فضلهم معترفون‪ ،‬وبالبعض منهم دون الكل في الحق مكتفون‪ ،‬ولمن‬ ‫خالفهم أو أحدا منهم في الدين مخالفون‪ ،‬ولوليهم في أصول الدين معادون‪.‬‬ ‫بذلك نشهد الله على أنفسنا ونشهده على جميع من غاب عنا أو حضرناء‬ ‫ونشهد بذلك جميع من بلغه عنا في متقدم الزمان أو متأخره من أهل الإستقامة‬ ‫أولهم نبينا محمداً ية خاتم النبيين"‪.‬‬ ‫مدرسته‪:‬‬ ‫يعتبر الإمام أبو سعيد الكدمي رحمه الله ورضي عنه إمام المدرسة النزوانية‬ ‫وعميدها ومنظرها كما أن الإمام ابن بركه رحمه الله ورضي عنه يعتبر إمام‬ ‫المدرسة الرستاقية وعميدها ومنظرها‪ ،‬والإمامان متعاصران عاشا في زمن‬ ‫واحد وفي عصر واحد ويبدو لي أن الإمام ابن بركه أكبر سنا من الإمام أبي‬ ‫سعيد‪ ،‬والظاهر أنه توفي قبله عكس ما هو متداول وشائع أن أبا سعيد كان قد‬ ‫توفي قبل ابن بركة‪ ،‬وإن ابن بركه ذهب للتعزية فيه وذلك أنه على يبدو أن ابن‬ ‫بركة لم يدرك إمامة حفص بن راشد بينما أبو سعيد كان على ظهر الوجود‬ ‫بجانب الإمام حفص الذي كان يطعن عليه في إمامته من حيث صحة العقد‬ ‫أبو الحسن علي بن محمد البسيوي التلميذ الكبير للإمام ابن بركه‪ ،‬ولم يوجد‬ ‫ذكر لابن بركة في تلك الفترة‪ ،‬مما يدل على عدم وجوده آنذاك‪.‬‬ ‫والخلاف بين المدرستين النزوانية والرستاقية معروف وهو موقف كل منها‬ ‫إزاء الأحداث وأصحابها بين الإمام الصلت بن مالك والخارجين عليه‬ ‫كموسى بن موسى وراشد بن النظر فقد افترق أهل غمان تجاه ذلك إلى فرق‬ ‫‪.٢٢٤‬‬ ‫(‪ )١‬نفس المصدر ص‪‎‬‬ ‫شخصيات مُمانية‬ ‫‏‪١٢٣٠‬‬ ‫شتى‪ 6‬حدث يعقوب بن غيلان عن العلامة الفضل بن الحواري «أنه دخل نزوى‬ ‫أيام راشد بن النظر فإذا هم على سبع فرق»"‪.‬‬ ‫بن‬ ‫ومحمد‬ ‫الفضل ببن الحواري‪،‬‬ ‫‪ -‬فهناك المتولون لهم‪ ،‬واشتهر بذلك‬ ‫بإنقراض‬ ‫ويبدو أن هذا الرأي قد انقرض‬ ‫جعفر والأزهر بن محمد بن جعفر‬ ‫قائليه دون أن يكون له أثر بعدهم على الساحة الفكرية‪.‬‬ ‫۔ وهناك المتبرؤون وهم أبو المؤثر الصلت بن خميس الخروصي‬ ‫وعبدالله بن محمد بن محبوبڵ وأبو قحطان خالد بن قحطان المجاري‬ ‫وعبدالله بن محمد بن أبي المؤثر‪ ،‬والحواري بن عثمان‪ ،‬وأبو مالك غسان بن‬ ‫محمد بن الخضر الصلاني والنتممان بن عبد الحميد وعبدالله بن محمد بن‬ ‫شيخه وأبو محمد بن بركة وأب باولحسن البسيوي‪.‬‬ ‫‪ -‬وهناك الواقفون وهم أبو الحواري‪ ،‬ومحمد بن سعيد بن أبي بكر‬ ‫الأزكوي‪ ،‬ومحمد بن روح الكندي‪ ،‬ومحمد بن الحسن النزوي‪ ،‬ورمشقي بن‬ ‫راشد‪ ،‬وعبدالله بن محمد صالح وبشير بن محمد بن محبوب©ڵ وابو سعيد‬ ‫الكدمي وقد بقى الفريقان المتناقضان ولاية أو وقوفاً بعد انقراض الفريق‬ ‫المتولي وقد عرف الفريق المتبرئ بالفرقة الرستاقية‪ ،‬كما عرف الفريق الواقف‬ ‫بالفرقة النزوانية يقول الإمام نور الدين السالمي ينه وهو من أنصار المدرسة‬ ‫النزوانية والمتحمسين لها «ورأس هنه الفرقة وعميدها الذي اشتهر فيها‬ ‫أبو محمد عبدالله بن محمد بن بركة ومن أخذ عنه من أهل عمان منهم‬ ‫أبو الحسن علي بن محمد البسياني‪ ،‬وتبعهم على ذلك خلق وسميت فرقتهم‬ ‫الرستاقية‪ .‬ونقض عليهم أهل الحق مقالتهم هذه وردوا عليهم غلوهم‪ ،‬وممن‬ ‫بن عربي ئ وأبو سعيد‬ ‫اشتهر في الرد عليهم أبو عبد الله محمد بن روح‬ ‫‪.٩٦‬‬ ‫السالمي‪ ،‬التحفة© ج‪ .١ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫)‪(١‬‬ ‫كبت‪‎‬‬ ‫‪١٢٣١‬‬ ‫آ‪‎‬‬ ‫‪ ٨‬الإمام أبو سعيد الكدمي حياته وفكره‬ ‫اذ‪‎‬‬ ‫محمد بن سعيد الكدمي وفي الرد عليهم ألف كتاب الإستقامة بأسره وتبعهم‬ ‫وسميت فرقتهم النزوانية"'»‪.‬‬ ‫على ذلك ناس وفقوا إلى الهدى‬ ‫على أن كل واحدة من المدرستين تتميز بشيء من الإختلاف من حيث‬ ‫المنهجية في الأسلوب والطرح إضافة إلى الخلاف الحاصل في تطبيق أحكام‬ ‫الولاية والبراءة والوقوف على حسب ما قدمنا ذكره‪.‬‬ ‫وقد ذكرت في بحوث سابقة أن للمدرستين النزوانية والرستاقية فضلاً‬ ‫كبيرا لما تركتاه من بحوث مستفيضة في مجال نظام الحكم في الإسلام‪.‬‬ ‫فإنهما من خلال منافشات أصحابهما حول كيفية شكل الحكم وعلاقة الحاكم‬ ‫بالمحكوم والإنعكاسات السلوكية والأمنية والإجتماعية والإقتصادية من جزاء‬ ‫ذلك‪ ،‬فقد تكونت ثروة فقهية هائلة ورصيد جيد في هذا الموضوع الأمر الذي‬ ‫جعل من المذهب الإباضي من أغنى المذاهب الإسلامية في هذا المجال‬ ‫بشهادة جميع المطلعين على المذهب‪.‬‬ ‫ويبقى هناك أمر‪ ،‬وهو معرفة سبب التسمية بالنزوانية والرستاقية‪ 5‬وفي‬ ‫الحقيقة أن هذا الموضوع أخذ مني وقتاً طويلا في البحث والتنقيب والمقارنة‬ ‫للتعرف على سبب التسمية‪ ،‬حيث أني لم أطلع عليه من خلال قراءتي‬ ‫ومطالعتي‪ ،‬وقد توصلت إلى قناعة مفادها أن سبب تسمية فريق المتبرئين‬ ‫بالفرقة الرستاقية‪ ،‬إنما يعود ذلك نسبة إلى أبي قحطان خالد بن قحطان‬ ‫الهجاري‪ ،‬نسبة إلى قرية هجار الواقعة بوادي بني خروص» وكانت تعتبر سابقا‬ ‫من اقليم الرستاق‪ ،‬فقد جاء أن الإمام الصلت بن مالك عين غسان بن جليد‬ ‫واليا على رستاق هجار‪ ،‬والظاهر أنه يطلق على جميع المناطق الواقعة شمال‬ ‫السفح الشمالي للجبل الأخضر اسم الرستاق" فقد وجدت في بعض الكتب‬ ‫؟‪.٦١‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫المصدر السابق‬ ‫(‪)١‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫ِ‬ ‫‏‪١٣٢‬‬ ‫اعتبار مدينة نخل من الرستاق اقليميا وقد جاء في كلام أبي المؤثر اعتبار‬ ‫منطقة عيني الوقعة بجوار عين الكسفة بالرستاق قرية قريبة من سوني وهي‬ ‫مدينة العوابي حاليا‪ .‬وحيث قال وهو يتحدث عن الخارجين على الإمام‬ ‫راشد بن النظر «فساروا حتى نزلوا قرية يقال لها عيني وأقبل شاذان‪ ...‬يريد‬ ‫فيما قيل لنا قرية يقال لها سوني قريبا من عيني'» ونعود إلى أبي قحطان‬ ‫الهجاري‪ ،‬ونقول أنه هو أول من ألف سيرة مطولة في أحداث الخارجين على‬ ‫الإمام الصلت منكرا عليهم بشدة صنيعهم ذلك وإنما اشتهر الإمام ابن بركة‬ ‫على رأس المدرسة الرستاقية لكونه كان أكثر تنظيراً وحمي في عهده وطيس‬ ‫المناظرة والمناقشة بين الفرقتين وصار له اتباع كثيرون حملوا العلم عنه‪.‬‬ ‫أما سبب تسمية فريق الواقفين بالفرقة النزوانية فيعود ذلك نسبة إلى أبي‬ ‫عبدالله محمد بن روح بن عربي الكندي النزوي‪ ،‬فهو أول من آلف سيرة يبرز‬ ‫فيها مذهب الوقوف تجاه تلك الأحداث بإعتبارها خارجة على سبيل الدعاوى‪6‬‬ ‫ويوجد له كتاب يعرف بسيرة محمد بن روح‪.‬‬ ‫وإنما اشتهر الإمام أبو سعيد على رأس المدرسة النزوانية لكونه أيضا أكثر‬ ‫تنظيراً ودفاعاً عن هذا الرأي‪ ،‬حيث أنه معاصر للامام ابن بركة‪ ،‬وقد اشتد‬ ‫واحتدم النقاش بين المدرستين في عصرهما وكان لكل واحد منهما أتباع كثر‬ ‫حملوا عنهما العلم والفكر‪.‬‬ ‫وسوف يكون لى بحث مستقل حول هاتين المدرستين النزوانية والرستاقية‬ ‫إن شاء ا له تعالى‪` .‬‬ ‫للشيخ أبي سعيد مؤلفات ذات قيمة علمية كبيرة‪ ،‬وذات فائدة عظيمة‬ ‫‏‪.٢٦١‬‬ ‫ص‬ ‫نفس المصدر‬ ‫([‬ ‫‪١٢٣٢‬‬ ‫حج‪‎‬‬ ‫‪ ٨‬الإمام أبو سعيد الكدمي حياته وفكره‬ ‫ويكفي أن مؤلفاته صارت من أهم المراجع في المذهب الإباضي فلا تمر‪‎‬‬ ‫مسألة أو يذكر موضوع إلا وأبو سعيد له في ذلك حضور بالإعتماد على أقواله‪‎‬‬ ‫واستحضار آثاره‪ ،‬يقول الشيخ أبو نبهان جاعد بن خميس الخروصي «لاسيما‪‎‬‬ ‫الشيخ أبو سعيد ينه فيما وجدناه عنه في غير موضع من جواباته وعجيب‪‎‬‬ ‫مصنفاته‪ .‬ويقول في كثير مما يراه من الفروع شبه المختلف فيه من الفروع في‪‎‬‬ ‫القياس في ذلك وكذلك عن غيره من أهل العلم من المسلمين صح ذلكث‪‎‬‬ ‫وكفى بأبي سعيد ينة حجة ودليلاً‪ ،‬لمن أراد أن يتخذ لنفسه الحق سبيلا لأنه‪‎‬‬ ‫أعلم من نعلم من الأحبار‪ ،‬وآثاره أصح الآثارا لا على سبيل محض العصبية‪‎.‬‬ ‫ولكن لظهور أنوار الحق في أقواله المرضية('» وتلك الأقوال والأثار أخذها من‪‎‬‬ ‫جاء بعده من مؤلفاته وجواباته وهى‪‎:‬‬ ‫‪١‬۔كتاب‏ الاستقامة ‪ ،‬وقد ألفه في الرد على الرستاقية‪ .‬يقول الشيخ‬ ‫السالمي في وصفه «وكتاب الإسستقامة لمفتي الأمة ومنقذها من الظلمة أبي‬ ‫سعيد محمد بن سعيد الكدمي ث } ألفه في الرد على من خالف سيرة السلف‬ ‫في الحكم على بعض الخارجين في زمان الإمام الصلت بن مالك" وأوسع ذيه‬ ‫القول حتى خرج عن المقصود ‪ ،‬وصار كتابا مستقلاً في أصول الدين‪ ،‬تحتار فيه‬ ‫الأفكار وتقتصر عن درك كنهه الأنظار فصار بركة عامة ونعمة خاصة بأهل‬ ‫الإستقامة‪ ،‬وقد أطبق المشايخ قديماً وحديثا على الثناء عليه مع ما فيه من‬ ‫طولا غير أنه تحت ذلك الطول فوائد وتحت كل حرف فرائد فأبقوه على‬ ‫حاله كلما تحرك متحرك للإختصار قعدت به همته بعد النظر فهو كرامة‬ ‫لمؤلفه" ونعمة على أتباعه”'»‪.‬‬ ‫أوسع الكتب التي عالجت علم الولاية والبراءة‪،‬‬ ‫الإستقامة من‬ ‫ويعتبر كتاب‬ ‫ج ‪ 6‬ص‪.٨١١ ‎‬‬ ‫(‪ )١‬لباب الأثار©‬ ‫ص‪.٢١‬‬ ‫)‪ (٢‬السالمي‪ ،‬اللمعة المرضية‪‎‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪١٢٤‬‬ ‫وما من كتاب جاء بعده في هذا العلم إلا وهو عالة عليه فكلهم ينقلون عنه‪.‬‬ ‫وعليه يردون وعنه يصدرون وقد مكنه مرور نصف قرن على تلك الأحداث‬ ‫وما قيل حولها من مناقشات من استيعاب تلك الأقوال وفرزها وتأطيرها وتنزيل‬ ‫أصحابها في المنزلة التي يستحقونها ولاية أو براءة أو وقوفاًك والرد على الرأي‬ ‫الآخر المخالف لذلك التنزيل‪ ،‬ولذلك يقول النور السالمي في جوهره‪:‬‬ ‫لرد بدعة هناك تعرف‬ ‫وإننماألفهالمؤلف‬ ‫وقد أشار إلى ذلك المؤلف نفسه في مقدمة الكتاب حيث قال «فإنه لما‬ ‫امتحن الضعفاء من المسلمين لفقد علمائهم في الدين عظمت عند ذلك‬ ‫المحنة‪ .‬وانفتحت عليهم أبواب الفتنة‪ ...‬إلخ""»وقد قامت وزارة التراث القومي‬ ‫والثقافة مشكورة بطبع الكتاب في ثلاثة أجزاء‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬۔ المعتبر‪:‬‬ ‫وكان كما يقال في تسعة أجزاء‪ ،‬ولم يبق منه سوى جزئين في مجلدين‪.‬‬ ‫وقد طبعتهما وزارة التراث القومي والثقافة في أربعة أجزاءء وسمى المؤلف‬ ‫هذا الكتاب «المعتبر»لأنه اعتبر فيه جامع ابن جحعفرا ناقلاً ومتعقباً ومضيفاً‬ ‫يقول الشيخ السالمي «وكتاب المعتبر لأبي سعيد أيضاء اعتبر فيه‬ ‫‪7‬‬ ‫الآثار وتعقب به جامع ابن جعفر ففصل المجملات‪٥‬‏ وأوضح المشكلات"'»‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬زيادات الاشراف‪:‬‬ ‫وهو حاشية على كتاب الأشراف لابن المنذر النيسايوري المتوفى سنة‬ ‫‪٧‬اا"ه‪،‬‏ فقد قام أبو سعيد بوضع تعليق أو حاشية على مسائله أوضح فيها رأيه‬ ‫الاستقامة‪ ،‬ج‪١!٦. 5.١ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫)‪(١‬‬ ‫ص‪.٢١‬‬ ‫اللمعة‪‎‬‬ ‫(‪)٢‬‬ ‫‪١٣٥‬‬ ‫‪ ٨‬الإمام أبو سميد الكدمي حياته وفكره‪‎‬‬ ‫ذ‬ ‫أو رأي المذهب الإباضي وما تخرج لديه من أقوال بناء على ما يسوقه ابن‬ ‫المنذر من أقاويل لأهل العلم‪ ،‬يقول الشيخ السالمي في وصفه «وكتاب‬ ‫زيادات الأشراف لأبى سعيد أيضا وذلك أنه تعقب كتاب الأشراف لأبي بكر‬ ‫محمد بن إبراهيم المشهور بابن المنذر النيسابوري المتوفي سنة ‪١٧‬ا‪٣‬ه‏‬ ‫جمع فيه مذاهب الأمةا وتعقبه أبو سعيد في كل مسألة ذكرها نصحح‬ ‫وضقفؤ وقرب وبعمد('» والكتاب لا يزال مخطوطاء وقد نقل الكثير منه أو‬ ‫معظمه صاحب كتاب بيان الشرع‪.‬‬ ‫وحبذا لو يقوم أحد المهتمين بإعداده للطبع من الأجزاء المخطوطة إذا‬ ‫توفرت جميعها‪ ،‬وإذا لم تتوفر فبالرجوع إلى كتاب بيان الشرع لإستخراج ذلك‬ ‫منه‪ ،‬وذلك لأن تخريجات أبي سعيد الفقهية أكثرها موجودة في هذا الكتاب‪.‬‬ ‫وهي من الأهمية بمكان‪.‬‬ ‫‏‪ ٤‬ويذكر لأبي سعيد كتاب في التاريخ يسمى التاريخيات ولكنه لم يصل‬ ‫إلينا" ولا غرو ولا بدع فإن أبا سعيد من المؤرخين وقد جاءنا عن طريقه تاريخ‬ ‫الإمامين سعيد بن عبد الله وراشد بن الوليد ولولاه لربما ضاع تاريخهما‪.‬‬ ‫كما أنه فيما يبدو أنه كان يقول الشعرا ولكنه لم يبق لنا مما قاله سوى‬ ‫نونيته التي صاغ فيها رأيه في الأحداث التي ذكرناها وهي تدل على شاعرية‬ ‫رقيقة المأخذ عذبة المورد‪.‬‬ ‫توجد له مقطوعة نظمية ‪ .‬جواباً لولده سعيد‪.‬‬ ‫كما‬ ‫‪ -‬تلا م‪.‬ىث ‪:0‬‬ ‫عنه والتأسي‬ ‫طلبة العلم للأخذ‬ ‫وفضله ئ وقصده‬ ‫بعلمه‬ ‫اشتهر أبو سعيد‬ ‫نفس المصد ر‪.‬‬ ‫‏) ‪( ١‬‬ ‫ل‬ ‫بسيرته والإقتداء بسلوكه‪ ،‬ولكننا لم نعثر على أسماء كثير منهم‪ ،‬كما هي العادة‬ ‫وإنما‬ ‫بالنسبة إلى جميع العلماء الغقمانيين حيث لم توضع لهم سير وتراجم‬ ‫هي معلومات بسيطة\ ونتف قليلة يعثر عليها المرء فيثنايا الكتب الفقهية‪.‬‬ ‫وهنا نذكر ثلاثة من تلاميذه‪.‬‬ ‫بن راشد‪:‬‬ ‫حفص‬ ‫‪ -‬الإمام‬ ‫‏‪١‬‬ ‫وكان الإمام أبو سعيد يتولى عنه بعض الجوابات كما قدمنا ذكره ولا يبعد‬ ‫أنه كان من تلاميذه‪ ،‬أو على الأقل استفاد منه‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬أبو علي موسى بن مخلد‪:‬‬ ‫وهو من الملازمين للإمام الكدمي فقد جاء عنه «أنه كان يمشي عند أبي‬ ‫سعيدا يريد أن يصل أرحاماً له بنزوى وكان يستأذن على الباب ثلاث مرات‬ ‫فإذا أذن له وإلا أنصرف ولم يزد على ثلاث شيئا»" ومما يدل على ملازمته‬ ‫لشيخه ما جاء عنه عندما ذهب لتوديع شيخه وكان الشيخ ذاهبا إلى سلوت‬ ‫«قال خرج أبو سعيد إلى سلوت حتى إذا صرنا في الشرجة التي عند ثقاب عين‬ ‫شجبؤ وكان ذلك وقت صلاة العصر فصلى بنا العصر وقصر هو ومن كان معه‬ ‫يريد الخروج إلى سلوت وأتممنا نحن ركعتين بقية الصلاة فقلت له ها هنا‬ ‫يكون القصر تال نعمه" ‪.‬‬ ‫‏‪ ٣‬۔ سعيد بن محمد بن سعيد‪:‬‬ ‫وهو ابنه ويقال أنه من أهل العلم أيضاء والظاهر أنه وجه سؤالا نظمياً إلى‬ ‫والده يسأله فيه عن بعض أحكام الصلاة فأجابه الإمام والده نظما بقوله"'‪:‬‬ ‫‏(‪ )١‬بيان الشرع‪ ،‬ج ‏‪ 5٥‬ص‏‪.٢٥٣‬‬ ‫‪.٢١٢‬‬ ‫بيان الشرع‪ 6‬ج‪ ‎‬ج‪ .١٤ ‘٧٥‬ص‪‎‬‬ ‫(‪)٢‬‬ ‫‪.٢٢٣‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫الإتحاف‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫‏‪١ ٢٧‬‬ ‫‏۔‪ ٨‬الإمام أبو سميد الكدمي حياته وفكره‬ ‫لماما فاخطأ في القراءة تنعما‬ ‫سألت بني عن إمام تأمماً‬ ‫براء إله الخلق خلقا مسلما‬ ‫بأن خلق الإنسان من غلق كذا‬ ‫من القوم كانوا تابعا أو مقدما‬ ‫فقلت فهل تفسد صلاة جماعة‬ ‫فقد قيل فى هذا على اللفظ بالخطأ ‪ 3‬كذاك على النسيان قوملانظما‬ ‫من العلماء الماضين فانظره منعما‬ ‫بان اختلاف الرأي في ذاك واسع‬ ‫وفاته‪:‬‬ ‫بعد حياة مليئة بالجد والنشاط في نشر العلم والفضل والحق وفي زمن‬ ‫عصيب كانت عمان تعيشه نتيجة الحروب والصراعات المتمثلة في الغزو‬ ‫الخارجي والتفكك الداخلي ك والخيانة الوطنية‪ ،‬لحق الإمام أبو سعيد‬ ‫محمد بن سعيد الكدمي ينه برته‪ ،‬وانتقل إلى الرفيق الأعلى تاركأ ذكرا‬ ‫عاطرا‪ ،‬وثناء حسنا وقد أكرمه الله بلسان صدق في الآخرين‪ ،‬ولكننا لم نتمكن‬ ‫من العثور على تاريخ وفاته كما هي العادة المعتادة لمعظم العلماء المانيين‬ ‫وقد دفن في بلدة «العارضص»‪ ،‬وهناك لا يزال قبره بها معروفا ومشهورا‪ ،‬كما‬ ‫لا يزال مسجده بها عامرا مذكوراء وبيته أيضا أثرا مأثورا‪ ،‬ومن المناسب‬ ‫والجميل أن أختم هذا البحث المتواضع في حق هذا الإمام العظيمض والعالم‬ ‫الكريم ببيتين من الشعر قالهما في حقه الشيخ العلامة إبراهيم بن سعيد‬ ‫العبري رنه ‪.‬‬ ‫وجبت عليه زيارة للعارض‬ ‫لم يبق صيب رحمة إلا وقد‬ ‫لأبي سعيد بحر علم فائض‬ ‫يا رحمة الله أمطري جدثا بها‬ ‫‪٩١‬‬ ‫العوتبي تشابة‬ ‫مقذم إلى ندوة تكريم العوتبي الصحاري؛ التي أقامها المنندى الأدبي‪ ،‬في‬ ‫بحث‬ ‫‏(‪)١‬‬ ‫الفترة ‪-٦‬۔ ‏‪ ١٧‬رجب ‪١٤١٦١‬ه‪ /‬‏‪ ١٠-٩‬ديسمبر ‪٩٩٥‬ام‪.‬‏‬ ‫‪١٤١‬‬ ‫‪ ٩١‬الموتبي نسشابة‪‎‬‬ ‫بسم الثه الرحمن الرحيم‬ ‫تمهيد‪:‬‬ ‫العوتبي من هو؟‬ ‫هو أبو المنذر سلمة بن مسلم بن إبراهيم الأزدي العوتبي الصحاري؛‬ ‫والعوتبي نسبة إلى عوتب منطقة في صحار كانت تسمى في القديم «عوتب‬ ‫الخيام» والآن يطلق عليها «عوتب» أما كونه من الأزد‪ ،‬فيرى الشيخ سيف بن‬ ‫حمود البطاشي في كتابه «إتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عغمان» الجزء‬ ‫الأول ص ‏‪ ٢٢٣‬۔ ‪٢٧٥‬۔‏ أنه من طاحية‪ ،‬وتابعة على ذلك الدكتورا عصام بن علي‬ ‫السرواس في كتابه «نظرة على المصادر التاريخية المانية وقبيلة طاحية التي‬ ‫يشيران إليها هي طاحية بن سود بن الحجر بن عمران بن عمرو مزيقيا من‬ ‫الأزد والذي عندي ويظهر لي أنه من العتيك‪ ،‬وهم بنو العتيك بن الأسود بن‬ ‫عمران بن عمرو مزيقيا ألخ‪ ...‬النسبؤ من قوم المهلب بن أبي صفرةس وبنو‬ ‫العتيك هم الذين كانوا منتشرين في الباطنة إلى دبا‪ ،‬ومعهم بنو سليمة وفراهيد‬ ‫بنو مالك بن فهم الأزدي فقد جاء في الأنساب للعوتبيك ونقله عنه المؤرخون‬ ‫من بعده حول أسباب وقعة الروضة بتنوف بين راشد بن النضر والناقمين‬ ‫عليه‪ ،‬قال «وذلك أن جماعة من اليحمد أرادوا عزل راشد بن النضر إلى أن قال‬ ‫«وكاتبوا مسلما وأحمد بن عيسى بن سلمة العوتبي وسألوهما أن يبايعا لهما‬ ‫شخصيات مُمانية‬ ‫«ع‪.‬ہ‬ ‫‏‪١٤٢‬‬ ‫في الباطنة من العتيك من بني عمران ومن كان على رأيهم من ولد مالك بن‬ ‫فهم» إلى آخر القصة‪ ،‬ولم يأت ذكر لقبيلة طاحية‪ ،‬ولا لأحد من أفرادها‪ ،‬ولعل‬ ‫قبيلة طاحية لم تك واسعة الإنتنشارك وأكثر قبائل الأزد انتشارا في غُمان تلك‬ ‫القبائل المنحدرة من العتيك ومن اليحمد ومن بني مالك بن فهم‪.‬‬ ‫وقد عاش العلامة العوتبي في النصف الثاني من القرن الخامس‬ ‫الهجري‪ ،‬وذلك لأن من مصادره في كتاب الأنساب كتاب «جمهرة نسب‬ ‫العرب» لإبن حزم الأندلسي المتوفى سنة‪٤٥٦‬ه‏ فقد نقل عنه نسب بني‬ ‫لقيط بن الحارث فقد جاء في كتاب «الأنساب&» للعوتبي الجزء الثاني من‬ ‫المطبوع ص ‪٢٢٤‬۔‏ «قال الأندلسي‪ :‬فمن بني الحارث بن مالك بن فهم‪ ،‬بنو‬ ‫لقيط بن الحارث منهم كعب بن سور بن بكر» وللمقارنة يمكن الرجوع‬ ‫إلى جمهرة نسب العرب ص‪\٢٨٠‬‏ وابن حزم توفي ‪٤٥٦‬ه‏ ولا شك أن‬ ‫كتابه وصل إلى العلامة العوتبي بعد ذلك الوقت نظرا لبعد المسافة بين‬ ‫عمان والأندلس‪ ،‬وقد ذكر ابن حزم قصته بوقت أشياخه حيال الرجل الذي‬ ‫‏‪ ٤٦٢٢‬ه‪.‬‬ ‫توفي سنة‬ ‫يقول الشيخ سيف بن حمود البطاشي في كتابه اتحاف الأعيان بأنه حمل‬ ‫العلم عن الشيخ أبي علي الحسن بن سعيد بن قريش العقري النزوي الذي سنة‬ ‫ثلاث وخمسين وأربممائة ‪.‬‬ ‫مؤلفاته‪:‬‬ ‫مجلدا‪.‬‬ ‫وهو موسوعة فقهية يقع في أربع وعشرين‬ ‫الضياء‬ ‫‪-١‬۔‏‬ ‫‪٢‬۔‏ الأنساب في الأنساب والتاريخ‪.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬الإبانة فى اللغة والأدب‪.‬‬ ‫‪١٤٢‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ ١‬۔ الموتبي نسشابة‪‎‬‬ ‫‏‪ -٤‬رسالة وجهها إلى علي بن علي وأخيه الحسين بن علي في كلوه بشرق‬ ‫افريقيا‪ ،‬بين لهم فيها أصول المذهب الإباضي‪.‬‬ ‫‪٥‬۔‏ رسالة إلى ولديه‪ ..‬لحثهم على التمسك بالدين ولمعرفة أحكام الإسلام‪.‬‬ ‫أهمية علم الأنساب‪:‬‬ ‫اهتمت العرب بالآنساب كعلم من علومهم وروايات منذ الزمان‪ ،‬فقد وجد‬ ‫علم الأنساب بوجود العرب على شكل أخبار وروايات يأخذونها كابر عن‬ ‫كابرش ويتداولونها آخرا عن أول معتمدين في نقل وتداول تلك الروايات‬ ‫الشفهية على قوة الذاكرة وصفاء الذهن والإستعداد الفطري لضبط هذا العلم‬ ‫وأحكامه تحملا وأداع‪.‬‬ ‫والظاهر أنه لم تهتم أمة من الأمم بأنسابها كاهتمام العرب بأنسابها‬ ‫ولا نستبعد أن يكون للتفاخر الذي انتهجه العرب لا سيما في جاهليتهم دور‬ ‫في تنمية هذا الإهتمام‪ ،‬وباعث لهم على الإعتناء بحفظ انسابهم ومعرفتها‪.‬‬ ‫بيد أن ذلكم الإهتمام بالأنساب من العلوم أخبارا وروايات وتدويناً كان‬ ‫في الإسلام أكثر بروزا وأوضح ظهوراً‪ ،‬لأسباب ثلاثة‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬ورود آيات في كتاب الله العزيز وأحاديث نبوية تحث على التمسك‬ ‫بالنسب وعلى أن يعرف الإنسان نسبه وأصوله منها قوله تعالى « يأن‬ ‫لاش إنا عَكقتتكر تين دگورأدىى يعلك شعرا رب عانا ية كرمك‬ ‫‪[ 4 :‬الحجرات‪ .]. :‬وقوله تعالى « نعوش‬ ‫عندآللهر نكة ن ألهم‬ ‫عندأنتو فإن ل تعلموا ءاباء ههمم لحكم فى لدين‬ ‫تحط‬ ‫بابه هو‬ ‫ومليكه ه [الاحزاب‪ :‬ه] ففي هاتين الآيتين دليل على أهمية أن يرتبط الإنسان‬ ‫بأصوله نسبا‪.‬‬ ‫شخصيات غمانبة‬ ‫‏‪١٤٤‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ر‬ ‫ويقول الرسول تَية«تعلموا من أنسابكم ما تصلون به ارحامكم»ه'‪ ،‬ويقو‬ ‫في حديث آخر «من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله‬ ‫والملائكة والناس أجمعين ولا يقبل منه صرف ولا عدل»" ولقد فهم‬ ‫المسلمون من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وجوب الإنتساب إلى الآباء‬ ‫والأجداد وأن يعرف الناس أصولهم‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬ترتب كثير من الأحكام الشرعية على النسب كالمواريث والوصايا‬ ‫ومعرفة نبينا محمد تة وغير ذلك‪.‬‬ ‫وهذه الأمور لا بد فيها من معرفة الأنساب لوضع كل شيء في موضعه وحتى‬ ‫لا يختلط الحابل بالنابل في إعطاء كل ذي حق حقه من الميراث والوصايا‪.‬‬ ‫وقد ذكر ابن حزم في كتابه (جمهرة أنساب العرب)‪ ،‬قصة تدل على فضل‬ ‫معرفة النسب وأمكن بذلك إعطاء الإرث لمستحقه فقد حكى قائلاً «ومات‬ ‫بقرطبة سنة ‪٤٦٢٢‬ه‏ محمد بن عبيدالله بن عبدالله بن مروان بن عبدالله بن‬ ‫مسلمة بن عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك بن مروان بن‬ ‫الحكم الكاتب‘ وهو آخر من بقي من ولد مسلمة بن عبدالرحمن بن معاوية‬ ‫المعروف بكليب وإليه تنسب أرحى كليب التي على النهر بقبلي قرطبة‪.‬‬ ‫فورثت أنا ماله محمد بن عبدالملك بن عبدالرحمن بن عبدالملك بن‬ ‫عبدالرحمن بن سعيد بن الخير بن عبدالرحمن بن معاوية بالقعدد©‪ 5‬ودفعته‬ ‫إليه وقضيت له به‪ ،‬وما كان عند محمد بن عبدالملك بن عبدالرحمن هذا علم‬ ‫بأنه مستحق هذا المال" ولا كان له طمع في أخذه‪ ،‬فلولا علمي بالنسب لضاع‬ ‫هذا المال وأخذه غير أهله بغير حق" ومثل هذا كثير»'"'‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬رواه الترمذي‪.‬‬ ‫الجامع الصحيح‪ .‬مراسيل الإمام جابر بن زيد‪.‬‬ ‫لق‬ ‫() ابن حزم الأندلسي ‪ -‬جمهرة أنساب العرب ص ‏‪.٥‬‬ ‫‪١٤٥‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ ٩١‬۔ الموتبي نسَابة‪‎‬‬ ‫تدوين علم الأنساب‪‎:‬‬ ‫بدأ في العهد الإسلامي الإهتمام بالكتابة والقراءة والتأليف فقد حث‬ ‫القرآن على تعليم القراءة والكتابة‪ ،‬وبدأ المسلمون في كتابة الأحاديث عن‬ ‫النبي يلة في بعض الصحفؤ ثم أخذ التدوين في التوسع وشمل علوم كثيرة‬ ‫كان من بينها علم الأنساب‪.‬‬ ‫الأنساب يرجع إلى عهد الخليفة الثاني عمر بن‬ ‫عمل لتدوين‬ ‫على أن أول‬ ‫الخطاب ويه حينما أمر بتدوين أسماء قبائل العرب في السجل بالديوان‪،‬‬ ‫لمعرفة الجند ولضبط توزيع العطاء‪.‬‬ ‫وذلك‬ ‫وبعد ذلك عندما كان التوسع في التأليف وتدوين العلوم نال هذا العلم‬ ‫قسطا لا بأس به من الإهتمام وظهرت كتب عديدة في علم الأنساب‪.‬‬ ‫واعتبر علم الأنساب عاملا مساعدا لغيره من العلوم فالعوتبي يرى في علم‬ ‫‏‪ ١‬لأدب والعلم والعلم والفقه من غيرها لأن‬ ‫الأنساب أكثر «معونة وفائدة لطالب‬ ‫طالب العلم والحديث إذا لم يكن يدري علم النسب وسمع حديثأ قد صحف‬ ‫فيه اسم واحد على غير جهته أو نقل من قبيلة إلى غيرها جاز ذلك عليه‪ 6‬وإذا‬ ‫كان بالأنساب عالما وبالأخبار عارفا أنكر ذلك وره إلى نسبه واسمه‪ ،‬وأتى‬ ‫بالصواب في موضعه وحقيقة أصله»('‪.‬‬ ‫اهتمام القماتيين باأتساب‪:‬‬ ‫يأتي اهتمام المانيين بالأنساب والتمسك بها امتدادا لإهتمام العرب‬ ‫بذلك فالعرب ‪ -‬كما أسلفت ‪ -‬من أكثر الشعوب تمسكا بانسابها‪ .‬وقد برز‬ ‫غمانيون لهم اهتمام قوي وتعمق في معرفة الأنساب وضبطها‪ ،‬ويذكر العوتبي‬ ‫‪.٥‬‬ ‫العوتبي‪ ،‬الانساب ج‪ ١ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫)‪(١‬‬ ‫شخصيات غُمانية‬ ‫‏‪١٤٦‬‬ ‫قصة ذلك الرجل الماني الصحاري الذي وقف بسوق عكاظ وقد ازدحم‬ ‫عليه الناس يسألونه عن أنسابهم وهو يبين لهم أصولهم وأنسابهم ويرجعهم‬ ‫إليهاء حتى مر به عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي الذي ينتمي إلى واحد‬ ‫من أشراف البيوتات نسباً في العرب فحاوره حول نسبه المتسلسل في بطون‬ ‫تميم بطناً بطناً حتى وقف به على اسمه شخصيا الأمر الذي حمل عطارد بن‬ ‫حاجب بن زرارة بن عدس التميمي على التعجب من ذلك النسابة الغماني‬ ‫الصحاري قائلا له «ما رأيت أحدا قط أعلم منك» فرد عليه التمماني النسابة‬ ‫«وأنا لم أر قط أحدا أعلم منك» ومن أراد الوقوف على تلك المحاورة‬ ‫اللطيفة فعليه بالرجوع إلى كتاب الأنساب للعوتبي"”' غير أن بها أخطاء‬ ‫مطبعية كسائر الكتاب‪.‬‬ ‫ومع هذا الإهتمام من المممانيون بالأنساب وتمسكهم بأنسابهم إلى يومنا‬ ‫هذا حيث تجد القبائل التممانية متماسكة بانتماءاتها القبلية بشكل جيدا فإننا‬ ‫لا يمكننا أن نخفي أسفنا على النقص الذي حصل في عدم العناية بالتأليف في‬ ‫هذا المجال مما ترك المكتبة التممانية يعتريها النقص في هذا العلم‪.‬‬ ‫فمنذ أن ألف العوتبي كتابه في القرن الخامس الهجري ‪ -‬مع أنه لم يكن‬ ‫شاملا لجميع القبائل المانية ۔ ولم يصدر كتابا آخر عن الأنساب في غمان‬ ‫سوى بعض المعلومات المتناثرة ۔ وهى قليلة ۔ فى ثنايا كتب التاريخ والفقه‬ ‫أثناء حديثها عن بعض الأشخاص أو بعض القبائل وهي معلومات لا تسمن‬ ‫ولا تغني من جوع لطالب هذا الفن‪ ،‬بل لا تسد له رمقاً ولا تقيم له أودا‪.‬‬ ‫وفي هذا العصر قام الشيخ ‪ /‬سالم بن حمود السيابي بتأليف كتاب في‬ ‫أنساب القبائل التغمانية سماه «إسعاف الأعيان فى أنساب أهل عُمان» وهو كتاب‬ ‫‪.٩‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫نفس المصدر‬ ‫)‪(١‬‬ ‫‪٧٤٧‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ٩١‬۔ الموتبي نسّابة‪‎‬‬ ‫مختصر جدا أيضاً‪ ،‬اشتمل على ذكر بعض القبائل المانية‪ .‬إلا أنه جهد‬ ‫مشكور‪ ،‬كما صدر عن وزارة الداخلية في السلطنة كتاب يشتمل على ذكر كثير‬ ‫من القبائل التممانية وإمكانها تحت اسم «المرشد العام للولايات والقبائل» إلا‬ ‫أنه لا يتعرض إلى نسب تلك القبائل ولا إلى بيان أصولها‪.‬‬ ‫وعسى أن تكون هناك محاولات جادة وجهود طيبة في هذا المجال من‬ ‫قبل وزارة التراث القومى والثقافة أو غيرها من الجهات‪.‬‬ ‫»‪:‬‬ ‫العوتبي وكتابه «الأتسا‬ ‫هو آبو المنذر سلمة بن مسلم بن إبراهيم الأزدي العوتبي الصحاري من‬ ‫عوتب بصحار ويرى البحاثة الشيخ سيف بن حمود البطاشي"' والدكتور‪/‬‬ ‫عصام بن علي الرواس""" إنه من طاحية من الآزد‪ ،‬فإذا كان كما قالا فهو من‬ ‫طاحية بن سود بن الحجر بن عمران بن عمرو مزيقيا بن عامر ماء السماء‪.‬‬ ‫حيث أن أزد العتيك هم بنو العتيك بن‬ ‫فهم وازد العتيك بنو عم‬ ‫الأسد بن عمران بن عمرو مزيقيا‪ ..‬ألخ‪.‬‬ ‫ولا نستطيع تحديد الزمن الذي عاش فيه مضبوطاً بالسنين بيد أنه من‬ ‫خلال القرائن التاريخية وبمعرفة العلماء الذين عاصرهم ونقل عنهم وأخذ‬ ‫عنهم‪ ،‬نستطيع القول تقريبا بأن حياته كانت في أواخر القرن الخامس‬ ‫الهجري‪ /‬الحادي عشر الميلادي حيث أنه ينقل عن جمهرة نسب العرب لإبن‬ ‫حزم الأندلسي الذي توفي سنة ‪٤٥٦‬ه‏ والعوتبي علاقة فقيه ولغوي بارع ومؤرخ‬ ‫ونشابة‪ ،‬وهو ينتمي إلى مدرسة أبي محمد ابن بركة إمام الفرقة الرستاقية‪.‬‬ ‫(‪ )١‬إتحاف الأعيان ج‪٥٧٢. ٥ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬نظرة على المصادر التاريخية المانية‪‎.‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪١٤٨‬‬ ‫كنا ب ‪ 1‬نساب‪:‬‬ ‫أما كتابه ا لأنساب فهو يشتمل على مادتين علميتين‪:‬‬ ‫مادة تاريخية ومادة فى الأنساب‬ ‫وقد أفصح عن السبب الذي دفعه إلى تأليف هذا الكتاب قائلا «فإني رأيت‬ ‫من ذوي الأحساب من لا يعرف سلفه‪ ،‬ورأيت من رغب عن نسب دق وانتمى‬ ‫إلى رجل لم يعقب»"'‪ ،‬كما نقل عن ابن قتيبة أنه رأى رجلا ينسب نفسه إلى‬ ‫أبى ذر رنه (""‪.‬‬ ‫وفي موضوع الأنساب‪ ،‬فقد ذكر العوتبى فى كتابه أنساب القبائل القحطانية‬ ‫والعدنانية‪ .‬حيث أورد العديد من القبائل القحطانية أو اليمنية بفرعيها الكبيرين‬ ‫حمير وكهلان‪ ،‬لآن القبائل القحطانية أو اليمنية ترجع إليهما‪.‬‬ ‫أما عن القبائل العدنانية أو النزارية فلم يورد إلا عن بعض قبائل ربيعة بن‬ ‫نزار‪ ،‬كقبائل عبد القيس وإخوانهم من قبائل وائل ومن تشعب وتفرع عن هذين‬ ‫القسمين أو الحيين من ربيعة} وذكر عرضا بصورة موجزة عن إياد بن ربيعة‪.‬‬ ‫وقد كان تركيزه في إيراد نسب القبائل على القبائل الثمانية بيد أنه يستطرد‬ ‫أحيانآ كثيرة إلى ذكر وإيراد نسب القبائل العربية بصورة عامة‪ ،‬وربما يضطره‬ ‫السياق إلى ذلك‪.‬‬ ‫ولعل تركيزه على ذكر نسب القبائل القحطانية راجع إلى انتمائه إليهم‬ ‫وبالتالي اطلاعه على أصولهم أو لأن المادة العلمية عن انساب القبائل‬ ‫القحطانية كانت أكثر وفرة لدية في ذلك الوقت عن القبائل النزاريه‪.‬‬ ‫العوتبي© الأنساب‪١. ‎،‬ج‬ ‫(‪)١‬‬ ‫(‪ )٢‬نفس المصدرك نفس الصفحة‪‎.‬‬ ‫‪ ٩‬۔ الموتبي نسَاية‪‎‬‬ ‫‪١٤٩‬‬ ‫وأيضاً حول حديثه عن القبائل القحطانية كان حديثه عن القسم الكهلاني‬ ‫أكثر اسهاباً عن القسم الحميري‪.‬‬ ‫فقد أسهب في الحديث عن القبائل المتفرعة عن مالك بن زيد بن كهلان‬ ‫والمتفرعة من أدد بن زيد بن كهلان‪.‬‬ ‫لاسيما عن قبائل الأزد وقبائل طيء وقبائل كندة‪ ،‬كما كان لقبائل الأزد النصيب‬ ‫الأوفر من الحديث ولعل ذلك راجع إلى أدوارهم التاريخية في غمان وغيرها‪.‬‬ ‫فساعدت شهرتهم التاريخية على اشتهار أنسابهم بالنسبة إلى غيرهم من‬ ‫القبائل المانية‪.‬‬ ‫على أنه توجد فى كتاب الأنساب للعوتبي عدة بدايات ونهايات تتخلل‬ ‫الكتاب فهل معنى ذلك أن الكتاب في أصله مكون من عدة كتب أم أنه كتاب‬ ‫واحد من أصله وإنما حدث ذلك لأمر من الأمور‪.‬‬ ‫يرى الدكتور‪ /‬محمد عبد الحميد الرفاعي في دراسة وتلخيص له لكتاب‬ ‫الأنساب «إلى احتمال أن يكون الكتاب تجميعاً لعدة كتب لنفس المؤلف‬ ‫جمعها الناسخ في موضوع واحد»«‘‪ ،‬وذلك لأنه لاحظ للكتاب أكثر من اسم‬ ‫ذكرها المؤلف في ثناياه مثل «الأنساب» و«موضح النسب» والشجرة في‬ ‫الأنساب» والذي يظهر لى حول تعدد عناوين الكتاب بداخله ووجود بدايات‬ ‫ونهايات لذلك أن المؤلف قام بتأليف كتابه على شكل أجزاء على فترات‬ ‫متفاوتة يشتمل كل جزء على ذكر قبائل ترجع إلى أصل واحد‪ ،‬حسب اطلاعه‬ ‫وتجميعه للمادة المتعلقة بذلك ولعل قيامه بتأليفه كان في آخر عمره‪ ،‬وقد‬ ‫حالت الوفاة دون ترتيبه وتنظيمه وتنسيقه‪.‬‬ ‫‏‪ 0١٣‬ضمن الموسوعة الميسرة للتراث الماني‪.‬‬ ‫() دراسة وتلخيص ص‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫ومما يؤخذ على المؤلف دمجه بين الأنساب في الكتاب‪ ،‬الأمر الذي كان‬ ‫أصبح من‬ ‫الأحداث التاريخية حتى‬ ‫يضطره إلى الإستطراد فى ذكر بعض‬ ‫الصعوبة بمكان الرجوع إليه لأخذ المعلومة النسبية بل وحتى التاريخية‪.‬‬ ‫بيد أنه أشتهر في موضوعه شهرة واسعة وانتشرت مخطوطاته في كثير من‬ ‫من‬ ‫بعه‬ ‫جاء‬ ‫إماماً وحجة لمن‬ ‫وصار‬ ‫العالم‪،‬‬ ‫فنى‬ ‫الكتب‬ ‫المكتبات ودور‬ ‫التاريخ الماني إلا واصل مادته في‬ ‫مؤلف فى‬ ‫فما من‬ ‫المؤرخين الغمانيين©‬ ‫مؤلف في‬ ‫وما من‬ ‫العوتبي©‪،‬‬ ‫الثماني من كتاب‬ ‫الأدوار الأولى من التاريخ‬ ‫الأنساب المانية أو مهتم بالأنساب إلا والعوتبي إمام له‪.‬‬ ‫عليه في‬ ‫عالة‬ ‫وكانوا‬ ‫بعده‬ ‫جاء‬ ‫عليه كل من‬ ‫اعتمد‬ ‫فقد‬ ‫وعلى العموم‬ ‫موضوعه واستقى العوتبي معلوماته حول الأنساب من مصادر متعددة أهمها‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬كتاب الملوك وأخبار الماضين لعبيد بن شرية الجرهمي الذي طبع‬ ‫بعنوان «أخبار عبيد بن شرية الجرهمي في أخبار اليمن وأشعارهم وأنسابهم»‪.‬‬ ‫وكان عبيد بن شرية الجرهمي استدعاه معاوية بن أبي سفيان من صنعاء إلى‬ ‫دمشق ليحدثه عن ملوك اليمن وغيرهم من ملوك العرب والعجم وأخبار‬ ‫الماضين كانت أحاديثه أقاصيص وأسماراً فى مجلس معاوية وأمر معاوية أن‬ ‫مروان«' ‏‪٠‬‬ ‫عبيد حتى أيام عبد الملك بن‬ ‫وعاش‬ ‫إليه‪،‬‬ ‫عنه ذلك وينسب‬ ‫يدون‬ ‫جمهرة النسب لإبن الكلبى ‪ 0‬وجمهرة النسب أو النسب الكبير هو لابي‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫الكلبى المتوفى سنة ‪٢٠٤‬ه‪.‬‏‬ ‫بن السائب‬ ‫هشام بن محمد‬ ‫المنذر‬ ‫أحمد بن‬ ‫وهو أبو محمد بن‬ ‫لابن حزم‬ ‫‏‪ _ ٣‬جمهرة أنساب الرب‬ ‫سعيد بن حزم الأندلسي المتوفى ‪٤٥٦‬ه‪.‬‏‬ ‫ابن النديم‪ ،‬الفهرست‪٢٣١. ‎‬ص‬ ‫(‪)١‬‬ ‫ِ‬ ‫‪ ١‬الموتبي نسّابة‪‎‬‬ ‫‪١٥١‬‬ ‫حج(‬ ‫<‪-‬‬ ‫‪6‬‬ ‫دريد المتوفى ‏‪ ٣٢١‬ه‪.‬‬ ‫‏قاقتشإلا۔‪ ٤‬لابن دريد وهو أبو بكر محمد الحسن بن‬ ‫‏‪ ٥‬المشافهة‪ :‬وهي المعلومات التي أخذها مشافهة وسماعأً عن النسابين‬ ‫المعاصرين له وعن القبائل نفسها‪ ،‬حيث جرت العادة على احتفاظ القبائل‬ ‫بأنسابها ومعرفتها بأصولها‪.‬‬ ‫هأيهم المصادر التي أخذ منها العوتبي علم الأنساب ولا شك أن‬ ‫هناك مصادر غيرها إلا أن هذه المصادر المذكورة يتردد ذكرها كثيرا فى ثنايا‬ ‫كتابه‪ ،‬وفي نظري إن معلومات عن القبائل التغمانية} إنما أخذها بالمشانهة‬ ‫الخبرة بالأنساب في زمانه ومن الحافظين للأنساب من رجال‬ ‫والسماع مأنهل‬ ‫القبائل نفسها وهذا الذي يفسر لنا تركيزه على أنساب القبائل العمانية بصورة‬ ‫أرسع وأشمل لأن المصادر الأخرى لم تورد عن أنساب القبائل العمانية إلا‬ ‫النزر اليسير وكل قوم أولى بأنسابهم وأحق بمعرفة أصولهم وجذورهم‬ ‫والناس _ كما يقال ۔ مؤتمنون على أنسابهم‪.‬‬ ‫الخاتمة‬ ‫مما مر من حديث عن العوتبي وكتابه «الأنساب» من عرض وتحليل تبينت‬ ‫لنا أهمية كتاب «الأننساب» للعلامة الجليل المؤرخ والنسابة أبي المنذر‬ ‫سلمة بن مسلم بن إبراهيم الأزدي العوتبي الصحاري بكونه الكتاب الوحيد‬ ‫الذي عني بأنساب القبائل المانية فهو وإن لم يكن قد اشتمل على جميع‬ ‫القبائل التممانية إلا أنه اشتمل على كثير منها مما يعتبر مرجعاً مهما ومصدراً‬ ‫أصيلا للأنساب المحمانية‪ ،‬على أنه مما ينبغي ألا يغيب عن البال‪ ،‬إن الفجوة‬ ‫التي نراها نحن في وقتنا الحاضر حول وجود القبائل المانية وواقعها وبين‬ ‫ما دؤنه العوتبي من قبائل‪ ،‬إنما يرجع ذلك إلى المسافة الزمنية التي تتكون من‬ ‫ألف عام‪ ،‬أي عشر قرون من السنين‪.‬‬ ‫غُما نية‬ ‫‏‪ \ ٨‬ت‬ ‫د‬ ‫د‬ ‫‏‪١ ٥ ٢‬‬ ‫فمنذ أن ألف العوتبى كتابه فى القرن الخامس الهجري وحتى الآن لا شك أنه‬ ‫اختفت قبائل وظهرت قبائل أخرى عديدة‪ ،‬وتفرعت قبائل كثيرة عن قبائل سابقة‪.‬‬ ‫اقتراحات‪:‬‬ ‫نظرا للأهمية الكبرى التي يحتلها كتاب «الأنساب» للعوتبي اقترح مايلي‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬تحقيق الكتاب تحقيقاً علميا مع وضع الفهارس الكشافات ما يستلزم‬ ‫التحقيق من أعمال مناسبة‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬وضع عمل على الكتاب‪ ،‬بحيث تفصل مادته في الأنساب عن المادة‬ ‫التاريخية ليجعل منه قسمين‪:‬‬ ‫الأول في الآنسابؤ والثاني في التاريخ لكي يسهل الرجوع إلى الكتاب‬ ‫لأخذ المعلومات المتعلقة بالأنساب أو المتعلقة بالتاريخ‪.‬‬ ‫الكتب‬ ‫فى مكتبات ودور‬ ‫للكتاب‬ ‫‏‪ - ٣‬السعى فى جميع النسخ المتعددة‬ ‫في العالم أو صور منها ووضعها في مكتبة المخطوطات بوزارة التراث القومي‬ ‫والثقافة خدمة وحافزاً وتشجيعا للبحاثين والمحققين‪.‬‬ ‫والله ولێ التوفيق‪7 6‬‬ ‫وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً‬ ‫عبد العزيز الماني (شهادة للتاريخ)‪'١‬‏‬ ‫بالجامعة‬ ‫آسيا والصين؛‬ ‫شرق‬ ‫جنوب‬ ‫ودول‬ ‫للمؤتمر الدولي‪ :‬غمان‬ ‫بحث مقدم‬ ‫‏)‪(١‬‬ ‫الإسلامية العالمية بماليزيا‪ ،‬للفترة ‏‪ ٦ 5٥‬أكتوبر ‪٢٠١٦‬م‪.‬‏‬ ‫ےبد‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬عبد المزيز الماني (شهادة للتاريخ)‬ ‫‪١٥‬‬ ‫بسم الته الرحمن الرحيم‬ ‫مقدمة‪:‬‬ ‫كان للموقع الجغرافي لعمان المطل على بحر العرب والمحيط الهندي‬ ‫دور كبير في التفاعل الحضاري بين المانيين وشعوب عديدةء كما أعطاهم‬ ‫هذا الموقع حب السفر والإنتقال بين عُمان وجنوب آسيا إلى الصين من جهة‪.‬‬ ‫وإلى شرق إفريقيا من الجهة المقابلة‪ .‬الأمر الذي أتاح لهم التحرك المستمر‬ ‫قياما بالتجارة بين عمان وسيراف والبصرة من جهة وبين المناطق المذكورة من‬ ‫جهة أخرى‪.‬‬ ‫على أنهم حملوا معهم دينهم الإسلامي إلى جانب تجارتهم‪ ،‬وكانوا خير‬ ‫أسوة وخير قدوة بسلوكهم ومعاملاتهم للشعوب الأخرى بالصدق والأمانة‬ ‫والأخلاق العالية‪ ،‬فهم لم يكونوا قؤالين وإنما كانوا عاملين‪ ،‬ولذلك انتشر‬ ‫الإسلام على أيديهم النظيفة وألسنتهم الصادقة" حيث كان الإسلام يتخلل‬ ‫بضائعهم التجارية‪.‬‬ ‫بهذه الصور الجميلة الرائعة‪،‬‬ ‫بين المناطق التي انتشر فيها الإسلام‬ ‫ومن‬ ‫أرخبيل الملايو الواسع المقطون من شعب الملايو الكريم انطلاقا من مدينة‬ ‫ملقا (ملكا)‪ ،‬حيث سجل لنا التاريخ رجلا اسمه عبد العزيز استطاع إقناع‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫حن‬ ‫‏‪١٥٦‬‬ ‫امبراطور (ملك) الملايو باراميسوارا الذي أصبح اسمه بعد الإسلام السلطان‬ ‫‏‪ ٤٥٤‬م‪.‬‬ ‫ميغفات اسكندر شاه بالدخول في الإسلام وذلك سنة‬ ‫بيد أن المعلومات حول هذا الحدث العظيم قليلة ونادرة‪ ،‬والمصادر بها‬ ‫شحيحة ولذلك كان الخلاف حول عبدالعزيز نسبا وجهة هو المتداول‬ ‫والمذكور‪.‬‬ ‫الأمر الذي جعلنا نلجأ إلى اعتماد شهادة واحد من أبناء المنطقة معروف‬ ‫«عبد العزيز الماني‬ ‫بعنوان‬ ‫جاء هذا البحث‬ ‫بعلمه وفكره ووثاقته‪ ،‬لذلك‬ ‫شهادة للتاريخ» الذي أعددته للمؤتمر الدولى‪ :‬غمان ودول جنوب شرق آسيا‬ ‫والصين‪ ،‬الذي تعقده الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا بالتعاون مع رابطة‬ ‫الطلبة المانيين بالجامعة‪.‬‬ ‫إن صح التعبير ۔ من الحلقات المفقودة في تشكل‬ ‫لعله يجتر حلقة‬ ‫الإسلام في أرخبيل الملايو‪.‬‬ ‫والله ولن التوفيق©}‪6‬‬ ‫المكان‬ ‫المكان‪ ،‬إقليم ملقا (ملكا) الذي يقع في الجهة الجنوبية من أرخبيل‬ ‫الملايو أو شبه جزيرة الملايو‪.‬‬ ‫وتطل ملقا على مضيق بحري هو خليج أو مضيق ملقا‪ ،‬الذي يربط بين‬ ‫المحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي ى وكان هذا المضيق تمر به السفن‬ ‫التجارية بين إقليم كانتون (جوانشو حالياً) الواقع في الغرب الجنوبي للصين‬ ‫التجاري‪.‬‬ ‫وذلك للتبادل‬ ‫العربية‪،‬‬ ‫وبين البلاد‬ ‫‏‪ - ٠‬عبد المزيز الماني (شهادة للتاريخ)‬ ‫وتسمى المدينة التي هي عاصمة الإقليم ملقا (ملكا)‪ ،‬وقد احتلها‬ ‫البرتغاليون سنة ‪١٥١١‬م‪،‬‏ نظراً لأهميتها الإستيراتيجية ولموقعها المتميز على‬ ‫خليج ملكا الرابط بين المحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي‪.‬‬ ‫وبنوا فيها قلعة مطلة على المضيق وهي القلعة الوحيدة التي بناها‬ ‫البرتغاليون فى جنوب شرق آسيا‪ ،‬كما أنشأوا فيها المدينة الحمراء ذات اللون‬ ‫الأحمر ولا تزال القلعة وحولها المدينة الحمراء باقيتين إلى يومنا هذا‪ ،‬وهما‬ ‫من أهم المعالم السياحية في ملقا ولعلها أهم معالم سياحته في عموم ماليزيا‬ ‫في الوقت الحالي ولذلك تسمى المدينة التاريخية الماليزية‪.‬‬ ‫وتشكل ملقا في العصر الحاضر إحدى ولايات الإتحاد الفيدرالي لدولة ماليزيا‪.‬‬ ‫وقد استعمرها البريطانيون في العصر الحديث ضمن استعمارهم لجنوب‬ ‫آسيا وغيرها من المناطق وقد نالت استقلالها عن بريطانيا مع بقية ولايات‬ ‫ماليزيا سنة ‪١٩٥٨‬م‏ على يد الأمير عبدالرحمن الحاج أول رئيس وزراء لماليزيا‬ ‫لتكون ضمن الإتحاد الفيدرالى للدولة الماليزية" الحديثة المعاصرة التي‬ ‫أصبحت يفتخر بها المسلمون‪ ،‬حيث أصبحت تمثل الدولة الإسلامية‬ ‫المعاصرة تنمية واعتدالاء فكتبت بذلك قصة نجاح مثالية للإسلام وللمسلمين‪.‬‬ ‫الزمان‬ ‫في شهر يناير من سنة ‪١٩٨٠‬مإ‏ عقد في العاصمة الماليزية كوالالمبور‪،‬‬ ‫مؤتمرا دوليا بعنوان «المؤتمر العالمى للدعوة الإسلامية» وقد وجهت دعوة‬ ‫إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (آنذاك) بسلطنة عمان لإرسال وفد‬ ‫لحضور المؤتمر‪ .‬وفعلا قامت الوزارة المذكورة بإرسالنا وفدا وكا اثنين‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) إضافة إلى معلوماتي الشخصية من واقع زياراتي لماليزيا عامة}‬ ‫ولملكا خاصة‪.‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫ح‬ ‫‏‪١٥٨‬‬ ‫وبعد انتهاء أعمال المؤتمر أعّتت للوفود رحلات استطلاعية لعدد من‬ ‫الأقاليم الماليزيةإ وكان من بين الخيارات لتلك الرحلات الوجهة إلى الجنوب‬ ‫عبر ملكا وجوهور إلى سنغافورة ثم العودة إلى كوالالمبور‪.‬‬ ‫وقد كان اختيارنا الوجهة المذكورة مع وفود آخرين فانطلقنا من‬ ‫كوالالمبور صباحاً وكانت أولى محطات الرحلة مدينة ملكا‪ ،‬وقد وصلناها‬ ‫ضحى ذلك اليوم" وكان قد جرى استقبال الوفود من قبل المسؤولين في‬ ‫الولاية في مقر البرلمان‪ ،‬حيث كان الإستقبال حافلا ورائعاً‪ ،‬وهناك جرى‬ ‫اللقاء بين الوفود وبين المسئولين بالولاية‪ .‬وكان من بين المتحدثين الشيخ‬ ‫الداعية محمد أحمد الذي تحدث عن العلاقة التاريخية التى كانت تربط‬ ‫الملايو بالعرب إسلاميا‪.‬‬ ‫وقال في حديثه‪ :‬إنني أناشد الوفد الماني أن يقوموا بإعادة بناء أو‬ ‫ترميم مسجد عبد العزيز الماني بملكا‪ .‬لأنه مسجد تاريخي وقد ارتبط‬ ‫اسمه باسم الداعية الإسلامي عبد العزيز الماني الذي وصل إلى ملكا التي‬ ‫كانت آنذاك عاصمة أرخبيل الملايو‪ ،‬أو مملكة الملايوء وكان امبراطور‬ ‫الملايو آنذاك على غير الإسلام‪ ،‬وقد استطاع عبد العزيز التمماني اقناعه‬ ‫بالدخول في الإسلام وقبول الإسلام‪ ،‬وفعلا تم ذلك بفضل الله تعالى فدخل‬ ‫الإمبراطور في الإسلام ودخل معه في الإسلام أركان دولته وحاشيته‪ ،‬وبعد‬ ‫ذلك أخذ الإسلام ينتشر في الملايو بصورة سريعة‪ ،‬وقد بنى عبد العزيز‬ ‫الثماني له مسجدا في مدينة ملكا‪ ،‬والذي أصبح يعرف بمسجد عبد العزيز‬ ‫الماني والظاهر أنه منذ ذلك الحين أصبح الإسلام يشكل الظاهرة‬ ‫الإجتماعية لدى شعب الملايو‪.‬‬ ‫وقد ذكرنا هذا الأمر في تقريرنا الذي أعددناه عن الزيارة‪ ،‬وقتمناه إلى‬ ‫المسئولين بالوزارة‪ ،‬بيد أنه لم تكن هناك استجابة حينذاك وفي رأيي أن عدم‬ ‫‪١٥٩‬‬ ‫الثماني (شهادة للتاريخ)‪‎‬‬ ‫عيد المزيز‬ ‫‪٠‬‬ ‫الإستجابة يعود إلى عدم وجود علاقات دبلوماسية بين سلطنة عمان ودولة‪‎‬‬ ‫ماليزيا آنذاك‪‎.‬‬ ‫وفي شهر أكتوبر من عام ‪١٩٨٧‬م‏ كانت لي زيارة لماليزيا ضمن وفد‬ ‫لحضور مؤتمر وبعد انتهاء أعمال المؤتمر قمنا بزيارة إلى مدينة ملكا‪ 5‬ودخلنا‬ ‫الملايو‬ ‫امبراطور‬ ‫فإذا به ذكر لقصة إسلام‬ ‫القلعة©‬ ‫في‬ ‫المتحف الموجود‬ ‫على يل‬ ‫شاه‬ ‫ميغفات اسكندر‬ ‫تسمى بعدل إسلامه بالسلطان‬ ‫باراميسوارا ‏‪ ٠‬الذي‬ ‫‏‪ ٤٤‬م‪.‬‬ ‫عبل العزيز© وقد حدد تاريخ ذلك بسنة‬ ‫استجابة عمانية‬ ‫في شهر فبراير ‪٢٠٠١‬م‏ طلب مني المنتدى الأدبي بسلطنة غمان إلقاء‬ ‫محاضرة عن «دور المانيين في نشر الإسلام في جنوب شرق آسيا‬ ‫والصين» وفعلا قمت بإلقاء المحاضرة تحت العنوان المذكور بتاريخ ‏‪/١٧‬‬ ‫ذو القعدة‪١٤٦٢١/‬ه‏ الموافق ‪/١١‬فبراير‪٦٢٠٠١/‬م‪،‬‏ وذكرت فيها قصة إسلام‬ ‫امبراطور الملايو على يد عبد العزيز الماني وما قاله الشيخ محمد أحمد‬ ‫الملكاوي‪ ،‬وناشدت فيها وزارة التراث والثقافة بسلطنة مان باعتبارها‬ ‫المسئولة عن المنتدى الأدبي أن تعمل على إعادة أو صيانة أو ترميم‬ ‫مسجد عبد العزيز التمماني في ملكا بماليزيا‪ .‬وفعلاً كلفت من قبل وزارة‬ ‫المذكورة على لسان وكيل الوزارة للشؤون الثقافية} للقيام بزيارة إلى‬ ‫مدينة ملكا للإطلاع على المسجد ومعرفة احتياجاته من إعادة بنائه أو‬ ‫صيانته أو ترميمه‪.‬‬ ‫وبالفعل قمنا بالزيارة سنة ‪٢٠٠١‬م‏ وقابلنا الشيخ الداعية محمد أحمد وأخاه‬ ‫الشيخ النواوي أحمد وأشياخاً وأشخاصاً آخرين فقد استقبلونا في الجامع‬ ‫الكبير بالمدينة‪.‬‬ ‫شخصيات غُمانية‬ ‫‏‪١٦٠‬‬ ‫حع'(_‬ ‫ثم ذهبنا إلى مسجد عبد العزيز وقد وجدناه مسجداً يعكس نمط المساجد‬ ‫القديمة في الملايو من حيث جسم المسجد ومرافقه كأماكن الوضوء وغيرها‪.‬‬ ‫وبعد ذلك ذهبنا لمقابلة فخامة الدكتور محمد علي رستم رئيس وزراء ملكاء‬ ‫فأخبرناه عن هدف زيارتنا ولكن المفاجأة كانت أن قال لنا‪ :‬إن المسجد انتقلت‬ ‫المسئولية عليه إلى وزارة الثقافة الفيدرالية لأنه صار مسجلا ضمن التراث‬ ‫العالمي لمنظمة اليونسكو وبالتالي فإنه ليست عنده صلاحية في أمره‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫طالما أنه صار ضمن التراث العالمي فإنه من الصعب إحداث أي شيء فيه‪.‬‬ ‫وهناك توقف السعي وقضي الأمر‪.‬‬ ‫من هو عبد العزيز؟‬ ‫في حفظي أن عبد العزيز لم يذكر في المتحف الآنف الذكر نسبه ولا الجهة‬ ‫التي ينتسب إليها‪.‬‬ ‫حضرموت&‪٥‬‏‬ ‫فمن قائل أنه يمني من‬ ‫أطراف عدة تتجاذبهك‬ ‫ولذلك أخذت‬ ‫ومن قائل إنه حجازي من جدة‪ ،‬ومن قائل إنه غماني تين أن الشيخ الداعية‬ ‫محمد أحمد يؤكد بقوة غُمانيته‪ ،‬ولا ندري المصادر التي اعتمد عليها‪.‬‬ ‫وفي رأيي أن كونه من الحجاز أمر مستبعد لأنه كان من غير المألوف قدوم‬ ‫أهل الحجاز إلى جنوب شرق آسيا لأن الذين كانوا يأتون إلى جنوب شرق‬ ‫لا سيما الحضارمة منهم ‪.‬‬ ‫واليمنيون‬ ‫هم الممانيون‬ ‫آسيا والصين‬ ‫وذلك هو المؤرخ السعودي يقول‪ :‬إنه عندما زار كانتون (جوانشو) بالصين‬ ‫وجد ميناءها وموانئع أخرى في جنوب آسيا تعج بالمراكب الممانية«'‪ ،‬على أن‬ ‫المؤرخ السعودي كان قد عاش في القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي‪.‬‬ ‫‏‪ .٦‬دار المعرفة‪.‬‬ ‫‏‪ .١‬ص‬ ‫الذهبث©‪٥‬‏ ج‬ ‫مروج‬ ‫‏)‪(١‬‬ ‫‏‪ - ٧٠‬عبد المزيز الماني (شهادة للتاريخ)‬ ‫لذا‪ :‬فإن أمره يبقى مترددا بين كونه غمانياً أو يمنياً‪.‬‬ ‫وقد اعتمدت شهادة الداعية الإسلامي محمد أحمد على كون عبدالعزيز‬ ‫مانيا في هذه الشهادة التاريخية‪ ،‬لأن الداعية المذكور هو من أهل المكان‪.‬‬ ‫ومن ذوي العلم والمعرفة في ملكا بل في ماليزيا وربما وصل إليه العلم بكون‬ ‫عبد العزيز عماني من أهله وأهل بلده ولعلهم توارثوا نقل المعلومة إبن عن‬ ‫وكابراً عن كابر‪ ،‬وذلك لأنه في بعض الأمور تكون للرواية الشفهية دور‬ ‫أب‬ ‫في انتقال المعلومة جيلاً بعد جيل‪.‬‬ ‫وحسب ملاحظتي إن صحت ۔ أن شعوب مناطق جنوب شرق أسيا لم‬ ‫يكونوا يهتمون بتدوين العلوم ومن بينها قصصهم وأخبارهم وغيرها من‬ ‫المعلومات وإنما كانوا يكتفون بتناقلها روايات شفهية عبر مراحل تاريخهم‪.‬‬ ‫لذلك نجد قلة التدوين عندهم والله أعلم وأحكم «وَمًا مَّهذتاً إلا يما علنا‬ ‫حفظي [يوسف‪.]٨١:‬‏‬ ‫وا حتا للع‬ ‫الخاتمه‬ ‫في الختام تبين لنا ما يلي‪:‬‬ ‫أن العلاقة بين العرب والملايو قديمة جدا‪.‬‬ ‫‪ -‬وصل الإسلام إلى الملايو في وقت مبكر من تاريخ الإسلام على يد‬ ‫غير أن الإسلام كظاهرة اجتماعية لدى شعب الملايو لم يكن‬ ‫التجار العرب©‪،‬‬ ‫إلا منذ القرن التاسع الهمجري‪ ،‬الخامس عشر الميلادي‪ ،‬وذلك بعد ما قرر‬ ‫امبراطور الملايو الدخول في الإسلام على يد عبد العزيز الماني‪.‬‬ ‫تتجاذب عبد العزيز عدد من الأطراف في نسبته إليها بين كونه حجازياً أو‬ ‫يمنياً أو غمانياً‪.‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‪--‬‬ ‫‏‪١٦٢‬‬ ‫آ‬ ‫ت‬ ‫۔ رجحنا نسبته المانية بشهادة أحد العلماء العارفين من أبناء المنطقة ألا‬ ‫وهو الداعية الشيخ محمد أحمد الملكاوي‪ ،‬ولأن المانيين كان لهم وجود‬ ‫كبير في المنطقة‪.‬‬ ‫تجاري‬ ‫۔ حاولت حكومة سلطنة غُمان ممثلة فى وزارة التراث والثقافة إعادة بناء‬ ‫مسجد عبد العزيز أو صيانته أو ترميمه ولكنه أصبح مسجلا ضمن التراث‬ ‫العالمي‪ ،‬الأمر الذي يتعذر معه إحداث أي شىء فيه‪.‬‬ ‫على أن هذا الأمر يؤكد لنا عمق العلاقة التاريخية بين غمان وأرخبيل‬ ‫ماليزيا‬ ‫ودولة‬ ‫غُمان‬ ‫سلطنة‬ ‫الحالى بين‬ ‫فى عصرنا‬ ‫وما العلاقة الوطيدة‬ ‫الملايو‬ ‫إلا ترجمة صادقة‪ ،‬وامتداد طبيعى لتلك العلاقة التاريخية العميقة‪.‬‬ ‫‪ -‬إن المانيين إلى جانب كونهم تجارا فهم دعاة إلى الإسلام‪ ،‬وهكذا‬ ‫ينبغي للمسلم أن يكون سفيراً لدينه داعياً إليه بالحسنى « إكراه قى الين مَد‬ ‫ين الرشد من ألقي بقرة‪ :‬‏‪ « 6١‬آذغ إل سبيلي رَيكَ بلكمة ولمَوِة‬ ‫م‬ ‫إرھ؟۔ه‬ ‫س۔۔‬ ‫ه ء‬ ‫س‬ ‫ر‪,‬‬ ‫سم‬ ‫‪4,‬‬ ‫مء ى‬ ‫‪2‬؟۔‪.‬‬ ‫۔‬ ‫‪ ,2‬ح‬ ‫‪2‬‬ ‫أَلَسََةٍ ‪[ 4‬النحل‪ :‬‏‪.)٢٥‬‬ ‫والله ولئن التوفيق‪6،6‬‬ ‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رت العالمين‪.‬‬ ‫"‬ ‫‪١١‬‬ ‫أبو مسلم البهلاني الرواحي‬ ‫تلاميذه ۔ سلوكياته‬ ‫حياته ۔ تيوخه‬ ‫«المدرسة التي ينتمي إليها» ‏‪6١‬‬ ‫‏(‪ )١‬بحث مقدم إلى ندوة أبي مسلم البهلاني الرواحي‪ ،‬التي أقامها المنتدى الأدبي‪ .‬في‬ ‫‏‪/‬ه‪/٥١٤١‬بجر‪ ١٦١/‬الموافق ‏‪ ١٧‬‏‪.‬م‪/٤٩٩١‬ربمسيد‪٩١/‬‬ ‫الفترة ‏‪١٤‬‬ ‫‪١٦٥‬‬ ‫جين‪‎‬‬ ‫‏‪ ١‬۔ أبو مسلم البهلاني الرواحي‬ ‫‪:‬‬ ‫بسم الثه الرحمن الرحيم‬ ‫أبو مسلم البهلاني الرواحي واحد من عباقرة الأمة المانية ونبغائها الذين‬ ‫أنجبتهم غمان عبر مسيرتها الحضارية القائمة على دعائم راسخة من رجال‬ ‫عظام وفكر قويم‪ ،‬وهو أحد مفاخر الأمة العربية لفة وفكراً على أنه إذا كان‬ ‫لابد للأشياء من أصول ترجع إليها اعتمادا وتأصيلاً واستنادا فكذلك لابد من‬ ‫أصول يرجع إليها وينتمي إليها فمن هو أبو مسلم؟ وما هو نسبه؟‪.‬‬ ‫إنه العلامة المحقق والشاعر المفلق والأديب المدقق أبو مسلم ناصر بن‬ ‫سالم بن عديم بن صالح بن سالم بن محمد بن عبدالله بن محمد البهلاني‬ ‫الرواحى ينحدر من أسرة كريمة المحتد عريقة النسب‪ ،‬فقد كان جده عبدالله بن‬ ‫محمد البهلاني أحد قضاة الدولة اليعربية على وادي محرم كما أن أباه الشيخ‬ ‫سالم بن عديم البهلاني أحد قضاة الإمام عزان بن قيس والسلطان تركي بن‬ ‫سعيد‪ ،‬وربما يتبادر إلى ذهن السامع أو القارئ أو يتوهم متوهم أن البهلاني‬ ‫نسبة إلى بهلا المدينة التاريخية المشهورة في غُمان‪ ،‬وليس الأمر كذلك‬ ‫فالنسبة إلى بهلا بهلوي‪ ،‬فلا تحتاج إلى زيادة حرف النون‪ ،‬إذن فمن أين نسب‬ ‫البهالنة أو البهلانيين؟‪.‬‬ ‫سمعت سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة أبقاه‬ ‫لله ۔ وهو يمت إليهم بنسب يقول نقلاً عن بعض ذوي الإهتمام أن نسبهم‬ ‫من طيء‪.‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫حجو‬ ‫‏‪١٦٦‬‬ ‫وأنهم كانوا في منطقة اليمن من إزكي ومنها تفرقوا إلى أمكنة أخرى من‬ ‫غمان ومنها قرية محرم التي ينتمي إليها المحتفى به أو المترجم عنه‪ ،‬ودخلوا‬ ‫فى بنى رواحة القبيلة العبسية المشهورة على أن تداخل قبائل العرب‬ ‫ذلك كل‬ ‫وغير منكر يعرف‬ ‫وأفخاذها وبطونها في بعضها البعض أمر معروف‬ ‫من اطلع على كتب النسب كما هو الشأن في القبائل العمانية أيضا‪.‬‬ ‫يقول الشيخ سالم بن حمود السيابي بعد أن ذكر تداخل القبائل في غيرها‬ ‫«وكثير غيرهم من أهل غمان يمانيون دخلوا في النزار فترأسوا فيهم‪ ،‬وكذلك‬ ‫يمانيون دخلوا في قبائل أخرى يمانية من غير نسبهم وانتسبوا فيهم وكذلك‬ ‫النزار وهلم جرا‪ ...‬وهذا أمر لم يختصوا به بل شاركتهم فيه العرب في‬ ‫الجاهلية يعلم ذلك المطلع على السير وفي تاريخهم أيضاً شائع ذائع‪ ،‬لا يسع‬ ‫النسب‬ ‫ولكن المضر إخفاء‬ ‫تدخل في عرب‬ ‫المقام ذكره ‪ .‬ولا يضر عرب‬ ‫مستحدث»""‪.‬‬ ‫الأصلي والإنتساب بنسب‬ ‫ويقول أبو العباس القلقشندي «إذا كان الرجل من قبيلة ثم دخل قبيلة‬ ‫أخرى جاز أن ينتسب إلى قبيلته الأولى وأن ينتسب إلى القبيلة التي دخل فيها‬ ‫وأن ينتسب إلى القبيلتين جميعاً مثل أن يقال التميمي ثم الوائلي وما أشبه‬ ‫ذلك»""" وهذه المسألة لا تخلو من خلاف بين فقهاء الإسلام‪ ،‬وإذا كنا قد تعرفنا‬ ‫على نسب المترجم له فماذا عن حياته وكيف عاشها؟‪.‬‬ ‫حباته‪:‬‬ ‫ولد أبو مسلم وأطل على هذا الوجود سنة ‪١٦٧٣‬ه‏ حسب رواية ابن أخيه‬ ‫الكاتب الأديب سالم بن سليمان البهلاني‪ ،‬وهناك رواية أخرى صاحبها نجل‬ ‫(‪ )١‬سالم بن حمود السيابي إسعاف الأعيانث ص‪.٤٤ ‎‬‬ ‫‪.٣٠‬‬ ‫نهاية الأرب ص‪‎‬‬ ‫)‪ (٢‬أبو العباس القلقشندي‬ ‫‪١٦٧‬‬ ‫صج‪‎‬‬ ‫‏‪ - ١‬أبو مسلم البهلاني الرواحي‬ ‫المترجم له (مهنا بن ناص البهلاني) تقول أنه ولد سنة ‪١٢٧٧‬ه‏ ويبدو أن‬ ‫الرواية الأولى أكثر ترجيحاً وأقرب إلى الحقيقة والصحة وذلك لأن صاحبها‬ ‫لازم عمه طويلا وكتب عن شعره وتتلمذ عليه كما يتضح ذلك من ملازمة أبي‬ ‫مسلم للشيخ أحمد بن سعيد الخليلي‪ ،‬وأيضاً فإن أبا مسلم يقول في قصيدته‬ ‫العينية التي مطلعها‪:‬‬ ‫صادع‬ ‫فإني بأمر الله يا توم‬ ‫ألا هل لداعي الله في الأرض سامع‬ ‫يقول فيها("‪:‬‬ ‫لعيش وهل ماض من العمر راجع‬ ‫وأي رجاء بعد ستين حجة‬ ‫فإنه نظم هذه القصيدة بعيد نصب الإمام سالم بن راشد الخروصي سنة‬ ‫وربما أنه وقت نظمها كان لا يتعدى سنتي (‪١٣٣٣‬ه)‏ أو (‪١٣٣٤‬ه)‪.‬‏‬ ‫ه‬ ‫وكان مولده في قرية محرم بوادي محرم موطن آبائه وأجداده منذ أن انتقل إليها‬ ‫جده القاضي عبدالله بن محمد البهلاني الآنف الذكر" من إزكي‪.‬‬ ‫ويبعد وادي محرم الذي أضيف إلى هذه القرية عن العاصمة مسقط حوالي‬ ‫مائة وخمسين ‏(‪ )١٥٠‬كيلو مترا ويشتمل على العديد من القرى أكبرها قرية‬ ‫محرم وهي القرية التي فتح فيها المؤلف عينيه على هذا الوجود‪ ..‬وهناك نشأ‬ ‫وترعرع‪ ..‬ودرج أيام الطفولة البريئة الناعمة‪ ،‬ومرح في شعابها وشراجها وتفيأً‬ ‫ظلال نخيلها وأشجارها وكان لهوه زمن الصبا بمياهها الجارية الرقراقة‪.‬‬ ‫وتركت حياة الطفولة وبعدها حياة الشبيبة في وادي محرم صورا لازمته طوال‬ ‫حياته وظلت تداعب خياله وتسكن ذاكرته عتر عنها في نونيته الشهيرة‪:‬‬ ‫فالألنام فالطظفت حياهن هتان‬ ‫يا برق هل والحنايا من ضعاضع‬ ‫أبو مسلم البهلاني© ديوان‪.‬‬ ‫‏(‪(١‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫خو‬ ‫‏‪١٦٨‬‬ ‫وهل قطين بعليا قاعر بانوا‬ ‫وهل ذرى القفص فالمقراة معشبة‬ ‫والدهر في غفلة والشهب إخوان‬ ‫عهدي بها ونضير العيش يصحبها‬ ‫روح الفضيلة لا رند وريحان‬ ‫نشأت فيها وروضاتي ومرتبعي‬ ‫وعندما كان أبوه قاضياً على نزوى في عهد الإمام عزان بن قيس» كان‬ ‫بمعية أبيه في نزوى ويقال أنه أجريت له عملية الختان في حصن نزوى وهذا‬ ‫القول إن صح فهو من مرجحات رواية ابن أخيه سالم بن سليمان البهلاني بأن‬ ‫تاريخ مولده سنة ‪١٢٧٣‬ه‏ وكان زميله في محرم أيام شبيبته الشيخ أحمد بن‬ ‫سعيد بن خلفان الخليلي حيث كانا زميلين متلازمين في الدراسة لدى الشيخ‬ ‫محمد بن سليم الرواحي الذي كان يدس في قرية السيح بوادي محرم في‬ ‫أحد المساجد هنالك‪ ،‬كما كانا زميلين في الخلوة الروحانية التي اختلياها معا‬ ‫صفاء للروح‪ ،‬ونقاوة للضميرك وطهارة للقلب‪ ،‬وشفافية للوجدان‪ ،‬وتقوية‬ ‫للصلة بالله ۔ تعالى والذي أشار إليه في نونيته بقوله‪:‬‬ ‫صدق وقصد ومعروف وعرفان‬ ‫أرتاح فيها إلى خل فيبهرني‬ ‫هنا تيقنت أن الدهر خوان"'‬ ‫فحال حكم النوى بيني وبينهم‬ ‫وبعد أن رحل أبوه الشيخ سالم بن عديم إلى زنجبار درة الشرق الإفريقي‬ ‫وحاضرته التي كانت زاهية بجمال الحكم العربي المماني في عهد السلطان‬ ‫برغش بن سعيد بن سلطان سافر هو إليها أيضا ملتحقاً بأبيه وكان ذلك في سنة‬ ‫‏‪ ٥‬ه وأقام بها مدة خمس سنوات حيث رجع إلى عمان وأقام بموطنه محرم‬ ‫وظل بها خمس سنين حتى أخذ الحنين يشده والشوق يجره إلى زنجبار‪،‬‬ ‫فامتطى أديم البحر راحلا إليها مرة ثانية وكانت هذه رحلته الأخيرة إليها حيث‬ ‫أبو مسلم البهلاني© ديوان‪.‬‬ ‫‏(‪(١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬نفس المصدر‪.‬‬ ‫_ ‪‎‬ه‪١٦١٩‬‬ ‫‪..‬‬ ‫جيبي‪‎‬‬ ‫‪ - ١‬أبو مسلم البهلاني الرواحي‬ ‫أقام فيها وألقى‬ ‫بها عصا الترحال وقضى حياته بها ليعيش فى كنف حكامها‬ ‫بالرعاية التامة وأولوه العناية الكاملة لاسيما فى عهدى‬ ‫الذين أحاطوه‬ ‫بعدهما من‬ ‫السلطا نين حمد بن ثويني وحمود بن محمد بن سعيد ومن‬ ‫القضاء‬ ‫حيث تقلد منصب‬ ‫زنجبار‬ ‫سلاطين‬ ‫إليه رئاسته فيها‪:‬‬ ‫ومن ثم أسندت‬ ‫قبل‬ ‫من‬ ‫التقدير والإحترام‬ ‫مناخ من‬ ‫ساده‬ ‫الجو الذي‬ ‫لذلك‬ ‫لقد كان‬ ‫لاطين زنجبار كما كان لتلك البيئة التي عاش في ربوعها الوادعة أثر فى‬ ‫نفس الشيخ أبي مسلم فأكب على المطالعة وقراءة نفائس الكتب الفقهية‬ ‫والأدبية على اختلاف أنواعهاء فكان الكتاب أستاذه الثاني وجليسه المفضل‬ ‫حتى نبغ في العربية والشعر والأدب والعلوم الشرعية وصارت له مكانة رفيعة‬ ‫ومنزلة عالية في زنجبار لدى الحكام والمحكومين اعترافا بعلمه وشاعريته‬ ‫حتى أطلق عليه في الشعر لقب «شاعر العرب» و«شاعر العصر» وعبر عن تلك‬ ‫المكانة والمنزلة بقوله في قصيدة له‪:‬‬ ‫تبينت كل رأي سخيف"‬ ‫عزة العلم أمجدتني مقاما‬ ‫فنستمع‬ ‫بها أيامه وصفت لياليه‪،‬‬ ‫وسعدت‬ ‫في زنجبار‬ ‫له المقام‬ ‫نعم طاب‬ ‫إليه وهو يصور لنا تلك الحياة السعيدة التي قضاها حيث يقول‪:‬‬ ‫وطي ونشر لا يقر على آن‬ ‫خليلي إن الدهر جمع وفرقة‬ ‫ورائع حسن من لياليه فتان‬ ‫تمتعت منه بانبساط وبهجة‬ ‫كواكب أصحاب وأقمار اخوان‬ ‫ليال سقتنا صفوها ونظامنا‬ ‫أرداني‬ ‫أجر بافريقية الشرق‬ ‫أيامنا بمليندة‬ ‫سعدت‬ ‫لدن‬ ‫وتهفو بها البشرى لعرف وعرفان‬ ‫لعاصمة ترفض نبلا جباهها‬ ‫وأبهجت القاصي وأسعدت الداني‬ ‫أفاد البلاد الفضل أدنى فصولها‬ ‫ديوان‪.‬‬ ‫أبو مسلم البهلاني©‬ ‫‏(‪(١‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫دحو‪.‬‬ ‫‏‪١٧٠‬‬ ‫طوال الأيادي من ذوائب قحطان‬ ‫بها من رجالي هصبة يمنية‬ ‫صنائعهم في الدهر كالفلق الثاني‬ ‫هم القوم لا يشقى جليسهم بهم‬ ‫يراعه‬ ‫قريحته وسال‬ ‫في ذلك المناخ وفى تلك البيئة نمت مواهبه وتقتقت‬ ‫فكان قاضياً بل رئيس القضاة ومفتياً ومدرساً ومؤلفاً محققاً وشاعراً مبدعا‪.‬‬ ‫فقد نظم القريض وألف في الفقه والعقيدة والسيرة النبوية وأنشأ جريدة‬ ‫النجاح التي كانت نافذته الواسعة التي يطل منها على العالم الخارجي أخذاً‬ ‫وعطاء وافادة واستفادة‪.‬‬ ‫وعاش على تلك الحال الجميلة حتى وافته المنية في الثاني من شهر صفر‬ ‫‪٩‬ه_‏ _ ‏‪ ١٩١4‬م‪ ،‬تلكم كانت حياته طفلا يافعاً‪ ،‬وشباباً وشيباً علما وعملا‪.‬‬ ‫شيوخه وتلاميذه‪:‬‬ ‫حامل العلم لابد أن يكون متلقياً ومؤدياً فالتلقي والأداء أمران ضروريان‬ ‫للعالم ولحامل العلم" فلابد من أن يكون له شيوخ يتلقى عنهم فنون العلم‬ ‫والمعرفة كما أنه لابد من أن يكون له طلبة يؤدي إليهم ما حمله من علم ومعرفة‪.‬‬ ‫ومما لا شك فيه أن أبا مسلم كان له شيوخ أخذ عنهم ما أخذ من علم وقد‬ ‫جرت العادة أن يتعلم الناشئ أول شيء في حياته قراءة القرآن الكريم وهذه‬ ‫عادة إسلامية عامة في جميع البلدان الإسلامية وإذا كان الأمر كذلك فإن‬ ‫أبا مسلم تعلم القرآن على يدي معلم القرآن في بلدة محرم‪.‬‬ ‫أما علوم اللغة العربية وعلوم الشريعة من عقيدة وفقه وغير ذلك فيبدو أنه‬ ‫أخذ شيئا من ذلك عن والده الشيخ سالم بن عديم فقد كان والده على درجة‬ ‫‏‪١٧١‬‬ ‫جنح‬ ‫بو مسلم ‏‪ ١‬البهلا نىني الارلوراواحي‬ ‫۔‏‪١‬أ‬ ‫ا‬ ‫العلم والمعرفة حيث عمل قاضياً في عمان وزنجبار‪ ،‬كما حمل العلم عن‬ ‫الشيخ محمد بن سليم الرواحي الذي كان يقوم بالتدريس في مسجد بقرية‬ ‫السيح بوادي محرم أما تلاميذه فكانوا في زنجبار فهناك نضجت مداركه‬ ‫وتفتحت مواهبه وأبرز من أخذ عنه العلم لغة وفقهاً وعقيدة وأدباً‪:‬‬ ‫الرواحي‪.‬‬ ‫الشيخ سالم بن محمد‬ ‫‏‪- ١‬‬ ‫الشيخ عبذل الرحمن بن محمد الرواحي ‪.‬‬ ‫‏‪- ٢‬‬ ‫بن مكلا القمري‪.‬‬ ‫برهان‬ ‫الشيخ‬ ‫‏‪ ٤‬۔‬ ‫الشيخ سالم بن سليمان البهلاني (ابن أخيه)‪.‬‬ ‫‪٥‬۔‏‬ ‫‏‪ ٦‬مهنا بن ناصر بن سالم البهلاني (ولده)‪.‬‬ ‫وقد وقفت على كلام للشيخ برهان القمري قاله في حق شيخه وأستاذه‬ ‫أبي مسلم أحببت أن أثبته في هذا البحث حيث يقول‪:‬‬ ‫«لقد طلبت أنا وزملائي من المرحوم العلامة القاضي ناصر بن سالم بن‬ ‫عديم الرواحي في الأيام التي كنا نتلقى منه الدروس النحوية أن ينظم لنا أنواع‬ ‫وصل درسنا إليها ولم يكن في حافظتنا ضابط‬ ‫المبنيات في بيت وذلك عندما‬ ‫ببنظمها ففنظمها في بيت واحد أثناء الدرس‬ ‫تفقضا ( علينا المرحوم‬ ‫يضبطها لناث ففتة‬ ‫رد‬ ‫الله تعالى رحمة واسعة ‪ -‬والبيت هو‪:‬‬ ‫رحمه‬ ‫وصل وكاسم الفعل للبنا انتمى‬ ‫واضمر بشرط واشر مستفهماً‬ ‫ولإستحساني لهذا البيت وكونه من الفوائد التي ظفرت بها أيام تعلمي رأيت‬ ‫من الواجب على أن أدرجه في هذا الكتاب لأنه مما أجاد به المرحوم الذي كان‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪١٧٢‬‬ ‫أحد أساتذتي في علوم العربية‪ ،‬فجزاه الله عني خير الجزاء في دار الجنان«'»‪.‬‬ ‫تلكم كانت حاله من أشياخه وتلاميذه فما هو سلوكه في المجتمع؟‬ ‫سلوكه‪:‬‬ ‫الإنسان في طبعه مركب من فكر وسلوك فالفكر يوجه الإنسان في سلوكه‬ ‫ليكون السلوك مترجما عن ذلك الفكر‪ ،‬وبقدر ما يحمل الإنسان من فكر يكون‬ ‫السلوك مترجما له‪ ،‬وإذا كا قد تعرفنا على فكر أبي مسلم من بعض ملامح‬ ‫حياته وعلميته‪ ،‬وما تحلى به من علم غزير في مختلف فنون العلم الشرعية‬ ‫والأدبية واللغوية" وما واكب ذلك من أصيل إنتماء وعراقة حسب وسمو شرف‬ ‫لأسرة اتسمت بالعلم والفضل والخلق والمسئولية‪.‬‬ ‫فإنه لابد إلا آن يتكون من ذلك فكر نير مستنير يحمل صاحبه ويوجهه إلى‬ ‫الخلق الكريم والسلوك الحسن القويم‪.‬‬ ‫ذلكم السلوك الذي دفع بأبي مسلم إلى أن يكون عضوا فاعلاً في مجتمعه‬ ‫حيث أنه كان اجتماعيا إلى حد كبير فهو يشارك أحبابه وأصحابه في مناسباتهم‬ ‫وأفراحهم وأتراحهم‪ ..‬فنجده مواصلا وزائراً ومعاتباً على التقصير الذي يقابل‬ ‫به من بعض أولئك الأصدقاء والأخلاءء كما كان حريصا على الإجتماع بالناس‬ ‫ولا يترك الفرصة تفوته عن تلك الإجتماعات العلمية والأدبية والإجتماعية لأنه‬ ‫يرى في الإجتماع تأثيرا روحيا له فاعليته في النفوس وفي القلوب وسعادة‬ ‫وابتهاجاء ففي الإجتماع تقتنص الحكم وتكتسب ويرقى إلى الكمال‪.‬‬ ‫وبالإجتماع يستفيد الإنسان علوماً شتى منقولة ومعقولة فيكون غرس العقول‬ ‫بالإجتماع لا بالإنفراد والإنزواء والانطواء فانفراد الإنسان بنفسه دون مجتمعه‬ ‫ص‪.١١ ‎‬‬ ‫(‪ )١‬برهان بن مكلا القمري‪ ،‬الألفية الواضحة‬ ‫‪١٧٢‬‬ ‫‪ - ١‬أبو مسلم البهلاني الرواحي‪‎‬‬ ‫وانعزاله عن حياة الأصحاب‪ ،‬أهل العلم والأدب والثقافة والفضل لا يفيده‬ ‫ذلك شيئاً فهو يقول‪:‬‬ ‫فاعلاً في النفوس كل جميل‬ ‫إن للاجتماع روحا لطيفا‬ ‫ومع الإجتماع غرس العقول‬ ‫قلما يكسب انفرادك فضلا‬ ‫واقتناص المنقول والمعقول‬ ‫كمال دعاء‬ ‫أدب حكمة‬ ‫ويصور لنا شيئ أو نماذج من تلك المناسبات الإجتماعية التي كانت تزهو‬ ‫بها الحياة في زنجبار‪ ،‬حيث يصور لنا مجالس الأنس هناك بقوله مذيلأً على‬ ‫بيت شعري يقول‪:‬‬ ‫أتى ذلك التحريم من حكمة الله‬ ‫إذا حرم الله المدام فإنه‬ ‫فقال أبو مسلم‪:‬‬ ‫على عالم الأرواح كالآمر الناهي‬ ‫وقام شراب الشاي عنها خليفة‬ ‫وقل فيه ما قد شئت من جانب الجاه‬ ‫له الفضل في لون وريح ولذة‬ ‫به فرج المهموم بل متعة اللاهي‬ ‫ذؤاب من الياقوت في وسط كوكب‬ ‫رأيت نجوم الزهر تهوي لأفواه‬ ‫إذا صففت أكوابه وسط مجلس‬ ‫جنوداً لدفع الهم سلطانها الشاهي‬ ‫أرى كل ما تحوي مجالس أنسنا‬ ‫ففي هذه الأبيات تصوير للحياة الإجتماعية التي كان يعيشها أهل زنجبار‬ ‫معهم أبو مسلم وشاركهم أنسها ونعيمها فليست هذه ا لأبيات مقصورة‬ ‫وعاشها‬ ‫على وصف الشاي المشروب العالمى المعروف أو كيفية احتسائه فقط‪.‬‬ ‫وكان تواقاً إلى حضور الأمسيات الجميلة التي تطرح فيها القضايا الأدبية‪.‬‬ ‫وتقتطف فيه ثمار الأدب وتجتنى فيها أزهاره فيصف تلك الليالي المؤنسة الجميلة‪:‬‬ ‫بهاء وحسنا كبدرالتمام‬ ‫رعى الله ليلة أنس جلت‬ ‫شخصيات مُمانية‬ ‫[‬ ‫ر‬ ‫كالوسام‬ ‫وكانت على صورة‬ ‫فكانت لنا غرة في الزمان‬ ‫زهورا سقاها نمير الغمام‬ ‫الأدب النض أجني بها‬ ‫من‬ ‫كرام السراة سراة الكلام‬ ‫أطظارح نفيها كما أشتهي‬ ‫إلى أن يقول‪:‬‬ ‫دوام‬ ‫سعيد‬ ‫وليس بعيش‬ ‫تذكرت ما بيننا قتد مضى‬ ‫من السعد في نظرة وابتنسام‬ ‫فلا زال ناديكم ناعما‬ ‫فأنت السلام عليك السلام‬ ‫فيا ليلة الوصل دومى لنا‬ ‫مشاعر الود‬ ‫من‬ ‫نقسه‬ ‫تكنه‬ ‫وسيلة للتعبير عما‬ ‫شعره‬ ‫من‬ ‫يتخذ‬ ‫كما أنه كان‬ ‫بن‬ ‫محمد‬ ‫والصفاء والتهاني تجاه اخوانه وأخلائه وأصفيائه‪ .‬يقول في الشيخ‬ ‫المشيد ‪:‬‬ ‫المغيري وقصره‬ ‫جمعة‬ ‫ودامت في نواديك السعود‬ ‫ألا أنعم أيها القصر المشيد‬ ‫زمانك كله زمن جديد‬ ‫ودام علاك ممدوداً بنعمي‬ ‫رياض الأنس والعيش الرغيد‬ ‫تحف بك اللطائف والتهاني‬ ‫لأن تطينة الشيخ العميد‬ ‫لنعم القصر منبع كل فضل‬ ‫نبيل زانه كرم وجود‬ ‫محمد بن جمعة ذو المعالى‬ ‫يديه سحابتان إذا يجود‬ ‫وكلتا‬ ‫قمر‬ ‫جبينه‬ ‫كان‬ ‫بسعد لا يزول ولا يبيد""‬ ‫فندم في روضة النعمى ملياً‬ ‫وكان كثيرا ما يزور الأصحاب والأصدقاء فقد زار مرة صديقه‬ ‫البروانى صاحب‬ ‫علي بن خميس‬ ‫أبا الحارث الشيخ ‏‪ ١‬لأديب محمد بن‬ ‫مقامات أبى الحارث‪.‬‬ ‫أبي مسلم‪.‬‬ ‫ديوان‬ ‫‏)‪(١‬‬ ‫(‪ )٢‬سعيد بن المغيري‪ ،‬جهينة الاخبار ص‪.٣٤٦ ‎‬‬ ‫‏‪ - ١‬أبو مسلم البهلاني الرواحي‬ ‫ه{!‪٧‬ا‪١‬‏‬ ‫جي‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ح‬‫( د‬ ‫وحدثت له قصة ظريفة ذكرها في قصيدة له يقول فيها‪:‬‬ ‫على قصة راق اعجابها‬ ‫أبا الحارث اسمع حديثا جرى‬ ‫كذا يجذب النفس أحبابها‬ ‫تشوقت يوما للقياكمُ‬ ‫وقد أرهقق النفس أتعابها‬ ‫فسرت أنص إلى بابكم‬ ‫ومن عادة الدار ترحابها‬ ‫ولما حللت بدار المزور‬ ‫الشياطين أنيابها‬ ‫تقض‬ ‫إذا نحن بالباب زنجبة‬ ‫بابها‬ ‫مقابركم‬ ‫فقالت‬ ‫نقلنا لها أبلفي أمرنا‬ ‫وقوفه وانتظاره‬ ‫بعد أن ذكر طول‬ ‫قال‬ ‫إلى أن‬ ‫أثناء ذلك ثم‬ ‫وما شاهده‬ ‫رجوعه‪.‬‬ ‫رسوم حوتهن أعتابها‬ ‫وأظللت داري إلى أن بدت‬ ‫لطول المدى شاب أعقابها‬ ‫كلها‬ ‫ذريتي‬ ‫وألفت‬ ‫فقيل بنو الفار تنتابها‬ ‫محشورة‬ ‫كتبي‬ ‫وألفت‬ ‫أغرابها‬ ‫طال‬ ‫لأعجوبة‬ ‫فهذا أبا الحارث المنتهى‬ ‫عليك ونومك أسبابها"‬ ‫فكل بلايا أبي مسلم‬ ‫إن هذا التوجه الإجتماعي الراقي لدى أبي مسلم جعل منه رجلا جواداً‬ ‫سمحا كريما منفاقاً للمال لا يبالي آخذاً بقول الرسول تة لبلال «أنفق ولا‬ ‫تخش من ذي العرش إملاقا» لقد أكرمه سلاطين زنجبار وساداتها‪ ,‬وأغدقوا‬ ‫عليه من العطاء جزيلا ومن العطف جليلا‪ ,‬تقديرا لمقامه واستئهالاً لحقه حتى‬ ‫ظن بعض أولئك السلاطين أن أبا مسلم قد تأثل أموالاً جزيلة بممان‪ ،‬ولكن‬ ‫سرعان ما انكشف الحال وبان الواقع بأنه كان ينفق تلك الأموال في مستحقيها‬ ‫فهو كما كان يأخذها من حلها ينفقها في محلها إن شاء الله ۔ بل إنه كان أحيانا‬ ‫‏(‪ )١‬ديوان أبي مسلم‪.‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪١٧٦‬‬ ‫تضطره الظروف وتجبره المتطلبات إلى الإقتراض والاستدانة من أهل الخير‬ ‫والإحسان والمعروف فقد ذهب ذات مرة إلى زميله الشيخ راشد بن سليم‬ ‫الغيثي لإستقراض بعض المال‪ ،‬وقال في بيتين‪:‬‬ ‫كذاك غيوث الله في الجدب تقصد‬ ‫أتيتك لما أجدب الربع عانيا‬ ‫كأن سعيراً في الجوانح توقد‬ ‫ففرج رعاك الله هما ألم بي‬ ‫وبعد أن تعرفنا على سلوكه اجتماعاً وكرماً وتواضعاً فما هي المدرسة التي‬ ‫ينتمي إليها؟‬ ‫۔ المدرسة التي ينتمي إليها‪:‬‬ ‫ينتمي أبو مسلم في توجهه الفكري إلى المدرسة الجاعدية أو البونبهانية‬ ‫إذا جاز لنا أن نسميها بذلك ‪ _-‬وهذه المدرسة صاحب فكرها العلامة‬ ‫الخروصي فنه وتقوم معالم هذه‬ ‫الرئيس أبو نبهان جاعد بن خميس‬ ‫المدرسة على‪:‬‬ ‫التأمل في الوجود‪.‬‬ ‫عمق‬ ‫‪١‬۔‏‬ ‫التعمق في علم الكلام والفلسفة والمنطق‪.‬‬ ‫‪٢‬۔‏‬ ‫الخلوة‪.‬‬ ‫‏‪٣‬‬ ‫الأوراد‪.‬‬ ‫كثرة‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫وعلى العموم فإن عليها مسحة صوفية فقد كانت متأثرة ببعض التوجهات‬ ‫التصوفية من خلال المعالم التي ذكرناها‪ ..‬بيد أنها لم تتبن التصوف من حيث‬ ‫الطرق والطقوس والتجمعات وغير ذلك من الأمور المتبعة عند الصوفية‪ ،‬وإنما‬ ‫أخذت الخلوة الإنفرادية واستعمال الأوراد‪.‬‬ ‫_‬ ‫‪ ١‬۔ أبو مسلم البهلاني الرواحي‪‎‬‬ ‫‪١٧٧‬‬ ‫<( _‬ ‫حتى أن الإباضية لم يطلقوا على ذلك التوجه اسم التصوف بل أطلقوا‬ ‫فيه نزعة صوفية يسمونه شعر السلوك ‪.‬‬ ‫السلوك ‪ .‬فالشعر الذي تكون‬ ‫عليه‬ ‫وبعد وفاة أبي نبهان حمل ابنه الشيخ ناصر بن أبي نبهان الخروصي رن‬ ‫فكر تلك المدرسة\ ثم جاء بعده العلامة الكبير الشيخ سعيد بن خلفان‬ ‫الخليلي تنه فرفع لواءها وأعلى من شأنها نظرا لمقدرته الأدبية والشعرية‬ ‫الفائقة وأسلوبه البياني الرفيع إضافة إلى تعمقه في علوم الشريعة‪ ،‬فسال يراعه‬ ‫بذلك التوجه أو السلوك نثراً‪ ،‬وهاجت به قريحته نظما عبر غرر القصيد‬ ‫النهج ابنه الشيخ أحمد بن سعيد‬ ‫وقلاتد القريضص“ وتبعه على ذلك‬ ‫الخليلي يه وصار لهذا التوجه أو السلوك شأن وأي شأن فى الأوساط‬ ‫‪.‬‬ ‫العلمية والدينية في مان‪.‬‬ ‫وقد تأثر أبو مسلم يك بهذا التوجه مقلداً في ذلك الشيخ العالم الرباني‬ ‫سعيد بن خلفان الخليلي مترسماً منهجه متتبعاً خطاه اعجاباً بذلك القطب‬ ‫الرباني يدلنا على ذلك ما دبجه من كلام بين يدي تخميسه للقصيدة الموسومة‬ ‫بسموط الثناء للشيخ الخليلي حيث قال «الم يتصل بي كيفية تبتل سيدي‬ ‫القطب الخليلي ۔ قدس الله سره ۔ بدعوته سموط الثناء إلا ماذكره صاحبها‬ ‫الشيخ جمعة بن خصيف ينهب من كون القطب كان يرتلها آناء الليل واطراف‬ ‫النهار‪ ,‬وطوراً ينور بها سدفة السحرا وتارة يصمي بها رابعة النهار‪ .‬حتى‬ ‫خرقت له عوائد التمكين وفتح الله له بها الفتح المبين ولما من الله علئ‬ ‫بتخميسها متعرضاً لبركات ذلك القطب واستمداداً للفتح من نفثاته‪ .‬لامباراة‬ ‫لكلامه فإن كلامه وهبي لايبلغ شأوه مثلي حتى يقتحم الضالع الجبل الأملس‪.‬‬ ‫أو يصعد بغاث كسير الجناح إلى الفلك الأطلس‪ ،‬ولكني امرؤ حالفت خدمة‬ ‫الأذكار‪ ،‬وأشربت حب الإغتراف من بحار الأسرار‪ ،‬وعلمت أن لهذه الدعوة‬ ‫أثرا ساطعاً وبرهاناً قاطعا‪ ،‬أشهر من الشمس في كبد السماء وأغزر من بركة من‬ ‫شخصيات مُمانية‬ ‫_‬ ‫ِ‬ ‫‏‪١٧٨‬‬ ‫عيالم الدماء‪ ،‬ناستمسكت بعروتها وأخذتها ‪ .‬وجعلتها مع التخميس لرب العزة‬ ‫نداء ولبست لها من أديم السحر رداء" وليس الأمر مصادفة»‪.‬‬ ‫إذن كان مصادفة فهو من باب حسن الصدف ۔ كما يعبر عنه ۔ أن تكون‬ ‫خاتمة حياة العلامة أبي مسلم وآخر عهده بالدنيا هي تخميسه «ثمرات‬ ‫المعارف» للقصيدة الميمية للعلامة المحقق الخليلي أيضا وهي في فن السلوك‬ ‫«التصوف» كدليل على الإرتباط الروحى الذي يربط الإمامين العالمين‬ ‫المبدعين فقد كان تخميسه لها قبل وفاته بثلاثة أيام فقط والقصيدة الميمية التي‬ ‫للشيخ الخليلي مطلعها‪:‬‬ ‫له منك نفسا قبل أن تتقدما‬ ‫تقدم إلى باب الكريم مقدما‬ ‫أما مطلع التخميس فهو‪:‬‬ ‫مظلماً‬ ‫طريقك‬ ‫يترك‬ ‫ولم‬ ‫دعاك‬ ‫وما‬ ‫هو الله نأعرنه ودع فيه من‬ ‫تقدم إلى باب الكريم مقدماً‬ ‫عن الحق نحو الخلق يدفعك العمى‬ ‫له منك نفسا قبل أن تتقدما‬ ‫أما سموط الثناء فمطلعها‪:‬‬ ‫بكل لسان قد بثشثن وجيد‬ ‫سموط ثناء في سموط فريد‬ ‫والتخميس مطلعه‪:‬‬ ‫الله رب وجودي‬ ‫لعز جلال‬ ‫أوجه باسم الله وجه شهودي‬ ‫فريد‬ ‫ثناء في سموط‬ ‫سمو ط‬ ‫له وصمودي‬ ‫تسابيح إخلاصي‬ ‫بكل لسان قد بثشن وجيد"‬ ‫‏(‪ )١‬ديوان أبي مسلم (مخطوط)‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ديوان أبي مسلم‪.‬‬ ‫‏‪ ١‬۔ أبو مسلم البهلاني الرواحي‬ ‫‪١٨‬‬ ‫_‬ ‫حبو‪‎‬‬ ‫على أن الشيخ آبا مسلم تعمق في التوجه السلوكي (التصوفي) وتوغل فيه‬ ‫إلى حد المبالغة أحياناى وسخر له موهبته الفذة وقدراته الإبداعية الهائلة‬ ‫ووظفها لإبراز مكنونات هذا التوجه السلوكي شعرا أو نثرا بما لم يسبقه إليه‬ ‫فيه سابق‪ ،‬ولعله لم يلحقه لاحق فألف فيه الرسائل الجامعة‪ ،‬ونظم فيه القصائد‬ ‫المطولة الرائعة على أنه لابد من القول بأن هذا التوجه قد ختمت حدته وقل‬ ‫شأنه بظهور المدرسة السالمية" بقيادة وريادة الإمام نور الدين السالمي الذي‬ ‫استطاع بما أوتي من نبوغ فائق وملكة علمية وفكرية أن يؤسس مدرسة فكرية‬ ‫أخرى لها ملامحها ومعالمها‪ ،‬تلك الملامح والمعالم القائمة على الكتاب‬ ‫والسنة نصاً وظاهراً والرجوع إلى سيرة الرسول ية وصحابته الكرام رضوان اللة‬ ‫عليهم والأسلاف والأوائل‪ ،‬فقد قال‪« :‬ثم إن الطلسمات حتى أن بعضهم جعلها‬ ‫نوعاً من السحرك ولا أقول فيها شيئ لكثرة استعمال متأخري أصحابنا لها فلو‬ ‫لم يظهر لهم جوازها ما فعلوها غير أني أقول إنها مبتدعة قطعا‪ ،‬لأن السيرة‬ ‫النبوية والطريقة الصحابية خالية منها‪ ،‬وكذلك من بعدهم التابعين بإحسان وال‬ ‫أعلم بحالها‪ ،‬ولعل أصلها أخذ من اليهود فإنهم معروفون بذلك في سالف‬ ‫الزمان‪ ،‬وقد أغنانا الله عن علومهم بالعلم الذي جاء به رسول الله ية من ربه‬ ‫ولعل رجلا يسمع هذا فيقول‪:‬‬ ‫إن لم ينله قال هذا حامض‬ ‫كالثعلب النازي إلى عنقوده‬ ‫رغبة عنه‬ ‫عنه لذلك مع أنى معترف بجهلي ‏‪ ٠‬لكن‬ ‫والله ما عدلت‬ ‫فلا‬ ‫وعدولا إلى السيرة المطهرة على أن نفعه دنيوي قطعا ويكفيك منه ذلك‬ ‫فاستدل بفرعه عن أصله'»‪.‬‬ ‫معنى هذا أن هناك فرقاً جوهريا بين المدرستين البونبهانية والسالمية} وإنما هو بعض‬ ‫‏(‪ )١‬وليس‬ ‫التوجهات © وكلتاهما تستمد مفهومها من الكتاب والسنة‪.‬‬ ‫‏‪.٥٩٠‬‬ ‫السالمي‪ ،‬العقد الثمين© ج ‏‪ ١‬ص‬ ‫‏)‪(٢‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪١٨٠‬‬ ‫ز‬ ‫«من أخلص لله أربعين صباحاً‬ ‫الحديث‪:‬‬ ‫له عن معنى‬ ‫وقال في جواب‬ ‫تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه»‪.‬‬ ‫«وليس معنى الحديث كما تأوله أهل الرياضات حيث صرفوه إلى الخلوة‬ ‫أربعين يوما فإن ذلك تأويل للحديث على غير وجه مع أن الخلوة لم تثبت‬ ‫عن رسول الله يلة ولا عن أحد من الصحابة‪ ،‬ولا عن التابعين لهم بإحسان أما‬ ‫من يروي أنه ية كان يتعبد الليالي المعدودة في حراء فذلك قبل بعثته يلة‪.‬‬ ‫وإذا ثبت عنه بعد البعثة فذلك قبل استقرار الشريعة فلا دليل فيه‪ ،‬ومن المحال‬ ‫أن ينال العلم بالخلوة‪ ،‬لأن علوم الإسلام سمعية منقولة عن الشارع‪ ،‬وقد انسد‬ ‫باب الوحي فلا يمكن أخذها إلا عن الأشياخ شفاها أو من آثارهم الصحيحة("‪.‬‬ ‫وهكذا شاء الله ۔ تعالى أن تملأ المدرسة السالمية الساحة الفكرية في‬ ‫عمان بهذه المفاهيم الواضحة الظاهرة الأصيلة ولا تزال آثارها باقية ومستمرة‬ ‫حتى يومنا هذاء (ألا رحم الله أؤلنلك الأئمة الأعلام والسادة العظام ورضي الله‬ ‫عنهم وأثابهم دار الجنان على ما قدموه من خدمات جلى للإسلام وأهله‬ ‫وللعلم وذيه)‪.‬‬ ‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمينك©©‬ ‫نفس المصد ر‪.‬‬ ‫‏‪(١١‬‬ ‫الشيخ خلفان بن جميل السيابي وزهده‪6١‬‏‬ ‫خلفان بن جميل السيابي» التي‬ ‫قدم هذا البحث إالى ندوة «قراءات في فكر الشيخ‬ ‫‏)‪(١‬‬ ‫أقامها المنتدى الأدبي بتاريخ ‏‪ ٥‬مايو !‪١٧٩٩‬م‪.‬‏‬ ‫‪١٨٢‬‬ ‫‪ ٢‬۔ الشيخ خلفان بن جميل السيابي وزهده‪‎‬‬ ‫بج‪‎‬‬ ‫(ك‬ ‫هجر‪‎‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ا‪‎‬‬ ‫بسم الثه الرحمن الرحيم‬ ‫تبذة مختصرة من حياته‪:‬‬ ‫كان مولده سنة ألف وثلاثمائة وثمان ‏(‪ )١٣٠٨‬للهجرة في بلدة سيماء من‬ ‫أعمال ولاية إزكي‪ ،‬وتوفي عنه والده وهو لا يزال في مرحلة الطفولة البريئة‪.‬‬ ‫وكان والده قد انتقل من بلدة سيماء إلى سمائل ومعه ولده المترجم له‪ .‬وهناك‬ ‫في سمائل عاش يتيماً بيد أنه اشتغل في طلب العلم وأكب على الحصول على‬ ‫العلامة‬ ‫فلازم‬ ‫دراسة العلوم‬ ‫في‬ ‫جامحة‬ ‫له رغبة‬ ‫وصارت‬ ‫أخذ المعلومات‬ ‫الجليل الزاهد الشيخ أحمد بن سعيد بن خلفان الخليلي‪ .‬لأخذ العلم عنه‪.‬‬ ‫وجد الشيخ واجتهد في تحصيل العلوم حتى بلغ منزلة عالية من ذلك ‪ .‬وصار‬ ‫علما في العلماء‪ .‬فأوكل إليه الإمام سالم بن راشد الخروصي مهمة الأوقاف‬ ‫فى بلدة سيماء وقام بذلك خير قيام وفق ما يقتضيه الشرع‪ .‬ثم عينه الإمام‬ ‫المذكور مدرساً فى بلدة نخل وهناك استفاد منه عدد من الناس‪.‬‬ ‫وبعد ذلك عينه الإمام محمد بن عبدالله الخليلي قاضيا على ولاية‬ ‫الرستاق‪ .‬ثم عمل قاضياً على مطرح في عهد السلطان تيمور بن فيصلس كما‬ ‫ولاية صور‪.‬‬ ‫على‬ ‫تيمور‬ ‫بن‬ ‫سعيد‬ ‫السلطان‬ ‫استقضاه‬ ‫وآخر أعماله الوظيفية في مجال القضاء كان قاضيا على سمائل للإمام‬ ‫محمد بن عبدالله الخليلي‪.‬‬ ‫صج‬ ‫‏‪٨٤‬‬ ‫الإلتزام بأعمال‬ ‫ومنذ عام ألف وثلاثمائة وسبعة وستين ‪٦٧‬هھ_‏ تخلى عن‬ ‫لنشر العلم تدريساً وتأليفاً وإفتاء ‪.‬‬ ‫القضاء حيث تفرغ‬ ‫وسافر إلى زنجبار في شرق إفريقيا سنة ‪١٣٧١‬ه‏ للإطلاع على الأحوال‬ ‫وفي سنة ‪١٣٧٣‬ه‏ سافر إلى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج‪.‬‬ ‫وهكذا عاش حياته للعلم ومن أجل العلم‪ .‬يقول تلميذه الشيخ‪ /‬سالم بن‬ ‫حمود السيابي «فإذا زرته لا تجده إلا قارئا أو كاتباً أو مصلياً أو باحثا ولا تجد‬ ‫مجلسه للهو واللعب والخزعبلات والخرافات» حتى توفاه الله في ‏‪ ١٥‬من جمادي‬ ‫الثانية ‪٩٢‬ھ_‏ رحمه الله ورضى عنه‪.‬‬ ‫زهده وورعه‪:‬‬ ‫قد يتسائل متسائل عن العوامل التي أثرت في حياة الشيخ خلفان بن جميل‬ ‫حتى جعلت حياته متمثلة في سلوك الزهد والورع‪.‬‬ ‫حيث أنه لابد لكل أثر من مؤثر ولابد لكل سلوك من موجه‪ ،‬نقول أن هناك‬ ‫هما القدوة والفكر‪.‬‬ ‫عاملين فيما يبدو‪ ،‬كان لهما أثرهما فى حياة الشيخ وسلوكه‬ ‫أما القدوة فقد كانت متمثلة في الشيخ أحمد بن سعيد الخليلي الذي تتلمذ‬ ‫عليه الشيخ خلفان ولازمه‪.‬‬ ‫ذلك العلامة الزاهد الفاضل الذي يقول فيه أبو مسلم البهلاني‪:‬‬ ‫صدق وقصد ومعروف وإحسان‬ ‫أرتاح فيها إلى خل فيبهرني‬ ‫ويقول فيه‪:‬‬ ‫وولدان‬ ‫حوله حور‬ ‫في الخلد من‬ ‫حل مسكنه‬ ‫أحمد حتى‬ ‫نظرت‬ ‫ورضوان‬ ‫فوز‬ ‫حظهما‬ ‫الله‬ ‫وصار عند أبيه في حظائر قدس‬ ‫‏‪ ٢‬۔ الشيخ خلفان بن جميل السيابي وزهده‬ ‫‪١٨٥‬‬ ‫___‬ ‫ولا شك أن سلوك ذلك العالم الرباني الشيخ أحمد بن سعيد الخليلى‬ ‫انعكس على سلوك شيخنا أبي يحيى‪ ،‬فصار التلميذ مقتدياً بشيخه مقتفياً‬ ‫أثره ودائما تكون بين التلميذ وشيخه علاقة روحية تربط بينهما سلوكا‬ ‫وفكرا‪.‬‬ ‫والعامل الثاني الفكر© وهو يتمثل في قراءات الشيخ ومطالعاته‪ ،‬التي من‬ ‫شأنها أن تكون الفكر وتؤطره في إطار موضوعهاء فما هى القراءات‬ ‫والمطالعات التي تكون منها فكر الشيخ خلفان؟ وماهي الكتب التى كان لها‬ ‫‪.‬‬ ‫أثرها في فكره؟‪.‬‬ ‫يشير إلى شي من ذلك تلميذه الشيخ‪ /‬محمد بن راشد الخصيبى حيث‬ ‫يقول «وقد كان في مبدأ حته ورغبته في العلم وطلبه كثيرا ما يقرأ في‬ ‫كتاب إحياء علوم الدين للشيخ العلامة أبي حامد الغزالي وهو الذي هذبه‬ ‫وشحذ أفكاره»‪.‬‬ ‫وكتاب إحياء علوم الدين للغزالي حجة الإسلام من الكتب المعتنى بها‬ ‫عند الإباضية عامة‪ ،‬والإباضية أهل مان خاصة فهو سفر مرغوب فيه عندهم‬ ‫فقلما نجد أحداً من أهل العلم أو المنتمين إلى العلم" إلا وعنده كتاب إحياء‬ ‫علوم الدين‪ ،‬وتنويهاً بشأنه يقول فيه نور الدين السالمي في‪:‬‬ ‫بجامع لنا علوم الاين‬ ‫ولم يكن إحياء علوم الدين‬ ‫كشفا بليغا قد خلا من لبس‬ ‫نعم حوى كشف عيوب النفس‬ ‫إذ منه داء النفس تد ينحل‬ ‫من ها هنا أثنى عليه الأصل‬ ‫لقد كانت ملازمة الشيخ خلفان لهذا الكتاب في بداية حياته التعليمية لها‬ ‫أثرها الفعال في سلوكه في حياته كلها‪.‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫”«حنجها<©‪__ ‎‬‬ ‫‪١٨٦‬‬ ‫كما سمعت أيضا من بعض أهل العلم أن الشيخ كان يقرأ كثيرا أيضا في‬ ‫كتاب قناطر الخيرات للعلامة أبى طاهر الجيطالى‪.‬‬ ‫فيه كتاب الإحياء‪،‬‬ ‫الذي يصب‬ ‫فى نفس المصب‬ ‫وكتاب القناطر يصب‬ ‫ويسير في نفس الإتجاه‪.‬‬ ‫إن قراءة شيخنا في مثل هذه الكتب لاشك أنها هبت سلوكه وترقت‬ ‫بأفكاره إلى مراتب الصالحين ومدارج الزهاد وأهل الورع والعفاف‬ ‫والفضل‪.‬‬ ‫وإذا كان الشيخ قد عرف بالزهد والورع في حياته وانصب فيهما سلوكه‪٥‬‏‬ ‫فما هو الزهد؟ وما هو الورع بالنسبة إلى الشيخ خلفان بن جميل قولا وفعلا‬ ‫فكرا وسلوكاً‪ ،‬وما حقيقة كل منهما؟‪.‬‬ ‫هو ما سنتعرض له في سياق بحثنا أو مقالنا هذا‪.‬‬ ‫أولا‪ :‬زهده‪:‬‬ ‫الرغبة فيها‪.‬‬ ‫وهو ما يعنى ترك الدنيا وعدم‬ ‫الزهد في اللغة ضد رغب&©‬ ‫أما الجرجاني فيعرفه بأنه ترك الميل إلى الشيء وقيل هو ترك راحة الدنيا‬ ‫طلبا لراحة الآخرة‪ ،‬وقيل هو أن يخلو قلبك مما خلت منه يدك‪ ،‬ونقل عن أهل‬ ‫الحقيقة في اصطلاحهم بأنه هو بغض الدنيا والإعراض عنها‪.‬‬ ‫وقد خصص الشيخ المرحوم بابا للزهد وذم الدنيا في الجزء الثاني من‬ ‫الدرر الحاوي عرز الأثر» تحت عنوان «باب فى ذم الدنيا‬ ‫كتابه القتم «سك‬ ‫والركون إليها والزهد فيها»‬ ‫وحقيقة الزهد عند الشيخ فإنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام كل قسم تتميز به فئة‬ ‫‪١٨٧‬‬ ‫‪ ٢‬۔ الشيخ خلفان بن جميل السيابي وزهده‪‎‬‬ ‫من ال‬ ‫ناس فهناك زهد العوام‪ ،‬وهو ترك المحرمات لأنه واجب على الجميع ولا‬ ‫يصح خلافه‪:‬‬ ‫واجبا يعد‬ ‫الحرام‬ ‫زهد عن‬ ‫نلالة ورد‬ ‫والزهد أتسام‬ ‫أما القسم الثاني من الزهد فهو ترك المباح الحلال خوف الوقوع في‬ ‫الحرام أو المكروه على حد قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب خه كنا ندع‬ ‫سبعين باباً من الحلال مخافة أن نقع في الحرام‪ ،‬وهذا النوع من الزهد هو زهد‬ ‫الناس‪.‬‬ ‫من‬ ‫الخواص‬ ‫في الشرع لكن تركه قد فضلا‬ ‫والثاني زهد عن مباح حللا‬ ‫وهو زهد خاصة الأنام‬ ‫مخافة الوقوع في الحرام‬ ‫والقسم الثالث من أقسام الزهد الثلاثة هو زهد أهل المعرفة بالله الذين‬ ‫رب ا لأرباب‬ ‫منه بأس لئلا يشغلهم عن‬ ‫يتركون ما لا بأس به ولا يخشى‬ ‫الخالق العظيم جل جلاله‬ ‫سموا به لأرفنع المكان‬ ‫ثالثها زهد أولى العرفان‬ ‫بل خوف أن يشغله عن ربه‬ ‫عن كل مالا يختشى بأس به‬ ‫ومن موجبات الزهد أن يكون أمل الإنسان قصيرا في هذه الدنيا وحطامهاء‬ ‫لا يعلق الآمال الطويلة عليها‪ ،‬وأن تكون ثقته بالله كبيرة فيما ينزل عليه من‬ ‫لأن كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس‪.‬‬ ‫ضر‬ ‫ونقة بالله نيما قد نزل‬ ‫من موجبات الزهد تقصير الأمل‬ ‫وحيث إنه لا بد لكل شى من نتيجة‪ ،‬فإن نتيجة هذا السلوك الزاهد أن‬ ‫تهون المصائب على الزهاد‪ 5‬لعلمهم بأن الأشياء بقضاء وقدر‪ ،‬لو أنه ليقينهم‬ ‫شخصيات شمانبه‬ ‫حيو‬ ‫‏‪١٨٨‬‬ ‫لو اجتمع الناس على أن يضروهم بشيء لم يضروهم إلا بشيء قد كتبه الله‬ ‫عليهم ‪ .‬ولو اجتمعوا على أن ينفعوهم بشي لم ينفعوهم إلا بشيء قد كتبه الله‬ ‫لهم‪ ،‬رفعت الأقلام وجفت الصحف كما قال ؤقتلا‪.‬‬ ‫الدنيا عليه كلهن‬ ‫مصائب‬ ‫إن زهد الإنسان فى الدنيا تهن‬ ‫شيئا سوى طاعة مولانا الصمد‪.‬‬ ‫إذ كل ما قبل الممات لا يعد‬ ‫وللشيخ خلفان ينه مواقف تدل على زهده وإن كانت حياته كلها حياة‬ ‫زهد وتقشف وعفة ۔ منها‪.‬‬ ‫تركه القضاء‪ ،‬خشية أن يشغله عن العبادة والعلم طالبا ومطلوباً‬ ‫۔ ومنها أنه كان يتقاضى مساعدة مادية قليلة من السلطان سعيد بن تيمور‬ ‫واقتنع بها في معيشته مقتصداً ومقتصراً على الضروريات من المعيشة‪ ،‬ولم‬ ‫تغره الدنيا والمناصب‪.‬‬ ‫تلاميذه‬ ‫من‬ ‫‪ 7‬ومنها ما حدثني به الشيخ سعيد بن خلف الخروصي وهو‬ ‫قال‪ :‬كنا عند الشيخ خلفان فجرى ذكر الأموال واقتنائها‪ .‬فقال الشيخ عندي‬ ‫‪ -‬ووالله لا أريد‬ ‫النخيل في سمائل‬ ‫من‬ ‫وغيل داوود ‪ -‬ضاحيتان‬ ‫المشجوعية‬ ‫ثالث‪ .‬وقد وقف إحداهما وقفاً لبعض المصالح الإسلامية‪.‬‬ ‫‪ -‬ومنها أيضا أنه كان له قريب فى النسب©ؤ وتوفى عن بنت واحدة وكان‬ ‫الشيخ يرثه عصبة بإقرار ذلك الشخص نفسه أمام الشيخ سعيد بن خلف‬ ‫الخروصي إلا أن الشيخ خلفان لم يأخذ الميراث خوفاً من الشك في ذلك‪.‬‬ ‫كثير ‪ 7‬إذ حياة‬ ‫وهى قليلة من‬ ‫المواقف‬ ‫هذه‬ ‫خلال‬ ‫من‬ ‫نتعرف‬ ‫‪ 7‬وهكذا‬ ‫الشيخ كلها زهد وفضل ۔ إن زهده كان من القسم الثالث من أقسام الزهد وهو‬ ‫منه‪.‬‬ ‫ما لا بأس‬ ‫زهد العارفين بالله الذين يتركون‬ ‫‪ ٢‬۔ الشيخ خلفان بن جميل السيابي وزهده‪‎‬‬ ‫‪١٨٨٩‬‬ ‫جيش _‬ ‫ثانيا‪ :‬ورعه‪:‬‬ ‫الورع في اللغة التقوى‪ ،‬وهو التحرج أيضا‪.‬‬ ‫ويعرفه الجرجاني بأنه اجتناب الشبهات خوفا من الوقوع في المحرمات‪.‬‬ ‫وقيل هو ملازمة الأعمال الجميلة‪.‬‬ ‫وإذا كان الورع هو التقوى فإن حقيقة التقوى عند الشيخ خلفان هي كما‬ ‫أوردها في إرجوزته التي جعلها تتمة أو خاتمة لكتابه القتم فصول الأصول‪،‬‬ ‫التي يقول في مقدمتها‪:‬‬ ‫في سره وجهره يخشاء‬ ‫طوبى لعبد يتقي مولاه‬ ‫مزدجراً عن كل ما عنه زجر‬ ‫مؤتمرا بكل ما به أمر‬ ‫قد استوى البؤس لديه والنعم‬ ‫يرضى بماله من الرزق‬ ‫يرتى لها ولو بأعلى عقبه‬ ‫متجره الفضائل المكتسبه‬ ‫فلا تراه ناطقا إلا بحق‬ ‫منطقه الصواب حيثما نطق‬ ‫في فقره وفي الغنى لا أنفه‬ ‫ولا يزال الإقتصاد ملبسه‬ ‫يمشي تواضعاً يغض البصرا © عن كل ما إلهه قد حجرا‬ ‫علم الذي يدنيه من رب العلى‬ ‫قد أوقف الفكرة والسمع على‬ ‫سواء‬ ‫فهما‬ ‫لديه‬ ‫معا‬ ‫قد استوى البلاء والرخاء‬ ‫وإذا كانت حقيقة التقوى هي كما وصفها شيخنا المرحوم" فإن سلوكه منها‬ ‫بمكان مكين وله العديد من المواقف‪،‬‬ ‫_ أهمها أنه كان لا تأخذه في الحق لومة لائم‪.‬‬ ‫ومنها ما ذكره عنه الشيخ محمد بن راشد الخصيبي أنه لما تولى القضاء‬ ‫في سمائل وأعطى الأحكام شكاه بعض أهلها عند الإمام الخليلي فأجابهم‬ ‫الإمام قائلاً أن الشيخ خلفان فيه حدة العلماء‪ ،‬فلا تستنكروا منه ذلك‪.‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪١٩٠‬‬ ‫‪ -‬ومنها أنه عندما سافر إلى زنجبار سنة ‪١٣٧١‬ه‏ ورأى هنالك من الأحوال‬ ‫مالا تسره وخاصة في الحياة الإجتماعية دفعه ورعه إلى الرجوع إلى غمان‬ ‫فقفل عائداً‪.‬‬ ‫ماثلة أمام ناظريه أنشد قائلا‪:‬‬ ‫مسقط‬ ‫وعندما شاهد جبال‬ ‫الوجل‬ ‫مع‬ ‫العناء‬ ‫ذهب‬ ‫لناظذري‬ ‫دنوت‬ ‫لما‬ ‫وقد كان ينه لا يجامل شيوخ القبائل وزعماءها على تسلطهم في ذلك‬ ‫الوقت‪ ،‬وقد حدث أن أحد أولئك الزعماء أراد منه تسليم تركة ميراث إلى‬ ‫شخص لم يطمئن إليه الشيخ فأبى من تسليمه خوفاً من وقوع تلك التركة في‬ ‫يد ذلك الزعيم‪ ،‬فأرسلها إلى الإمام الخليلى باعتباره إمام المسلمين‪ ،‬وناله من‬ ‫ومن ورعه أنه كان لا يتكلم بفضول الكلام حتى صار السمت والوقار من‬ ‫صفاته معروفاً بهما“ وربما عاتبه بعض إخوانه ظناً منهم أن ذلك انقباضاً من‬ ‫فأنشد أبيات القاضى الجرجانى التى يقول فيها‪:‬‬ ‫راوا رجلا عن موقف الذل أحجما‬ ‫يقولون لي فيك انقباض وإنما‬ ‫ومن أكرمته عزة النفس أكرما‬ ‫أرى الناس من داناهم هان عندهم‬ ‫ولا كل من لاقيت أرضاه منعما‬ ‫لاح لي يستفزني‬ ‫برق‬ ‫وما كل‬ ‫إلى آخر الأبيات المعروفة عن الجرجاني‪.‬‬ ‫خاتمه‪:‬‬ ‫لقد عرفنا واتضح لنا مما مر آنفا أن حياة الشيخ العلامة الجليل خلفان بن‬ ‫جميل السيابي رحمه الله ورضي عنه كانت مليئة بالزهد والورع والخوف من‬ ‫‪١٩١‬‬ ‫‪ ٢‬۔ الشيخ خلفان بن جميل السيابي وزهده‪‎‬‬ ‫()‬ ‫سا‪‎‬‬ ‫><‬ ‫الله والتقوى‪ ،‬حافلة بالعطاء العلمي والعمل الصالح وعرفنا أن زهده زهد‬ ‫العارفين بالله وهو أرقى درجات الزهد وهم الذين يتركون ما لا يأس منه‬ ‫خشية أن يكون فيه شغل عن الله‪ ،‬كما عرفنا ورعه وتقواه وأنه نتيجة لقوة ورعه‬ ‫لا تأخذه في الحق لومة لائم‪ ،‬ورزق الهيئة والوقار والسمت والرزانة ودللنا‬ ‫على ذلك بشيء من مواقفه وصلابته وترفعه‪ ،‬فكأنه من الذين عناهم شاعر‬ ‫العرب العلامة أبو مسلم البهلاني ينه بقوله في نونيته المشهورة‪:‬‬ ‫أخلاقهم فكأن الموت تيجان‬ ‫سمت الملوك وهدي الأنبياء علىو‬ ‫حقيقة الأمر إن العيش ثعبان‬ ‫تمثلت لهم الدنيا فما جهلوا‬ ‫والله ولي التوفيق ‏‪ ٠‬وصلى الله وسلم على سيدنا محمل وعلى آله وصحبه‬ ‫العالمين‪.‬‬ ‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب‬ ‫أجمعين‬ ‫‪١‬‬ ‫ذكريات واتطباعات‬ ‫عن الشيخ سالم بن حمود السيابي يرن ‏‪6١‬‬ ‫‏(‪ )١‬اقترح علي سعادة رئيس مجلس النادي الثقافي أخونا سالم بن محمد المحروقي‬ ‫وبعض أعضاء الإدارة أن أتحدث بشيء عن الشيخ العلامة سالم بن حمود السيابي‪،‬‬ ‫فكانت هذه المداخلة بتاريخ ‏‪ ٣‬ذي القعدة ‪١٤٢١‬اه!!‪١‬‏ أكتوبر ‪٠‬ا‪٦٠‬م؛‏ مع شيء من‬ ‫التوسع هنا‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬۔ ذكريات وانطباعات‬ ‫بسم الثه الرحمن الرحيم‬ ‫ذكريات وانطباعات‬ ‫كان تعرفي على الشيخ الوالد سالم بن حمود السيابي‪ ،‬عندما كنت لا أزال‬ ‫صغيراً في بلدي «نفعاء» وهي بلدة تابعة لولاية بدبدا وقد كان يأتي لزيارة‬ ‫الآباء الذين يمتون إليه بصلة الخؤولة‪ ،‬وطبعا كان ذلك فى فترة الستينات من‬ ‫القرن العشرين وكان يصحبه في تلك الزيارات ولده أخونا الشيخ بدر بن‬ ‫سالم الذي كان يتمنطق محزماً مملوءا بالرمي ويحمل بندقية‪.‬‬ ‫وهكذا عرفت الشيخ العلامة سالم بن حمود من خلال زياراته المتكررة‬ ‫للآباء‪ ،‬أو لجماعته الآخرين في البلدة «نقعاء»‪.‬‬ ‫وفي عام ‪١٩٧٠‬م‏ وهو العام الذي تولى فيه جلالة السلطان قابوس مقاليد‬ ‫الحكم أحببت أن ألتحق للدراسة بمسجد الخور بمسقط وكان الشيخ سالم بن‬ ‫حمود هو الملجأ الذي نلجأ إليهؤ فجئت إليه مساء في منزله الكائن في محلة‬ ‫العريانة‪( ،‬العرين حالياً) بمطرح‪ ،‬وأخبرته عن رغبتي في الدراسة بمسجد الخور‪.‬‬ ‫فأخذ يسألني عن بعض المسائل‪ ،‬وكنت أجيبه عليها نظراً إلى معرفتي البسيطة‬ ‫ببعض المبادئ العلمية نتيجة مطالعاتي في بعض الكتب© ودراستي على يد‬ ‫الشيخ الدكتور صالح بن أحمد الصوافي الذي جاء إلى «نفعاء» للتدريس بطلب‬ ‫من أهلها‪ ،‬وقد لبث المذكور بضعة أشهر في «نفعاء»‪ ،‬قام خلالها بتدريس عدد‬ ‫من الطلبة‪ ،‬وكنت واحداً منهم‪ ،‬وبعد أن استمع الشيخ سالم إلى إجاباتي علق‬ ‫قائلاً «بواد غير ذي زرع» وأظنه كان يقصد أنني جئت من بيئة غير علمية‪.‬‬ ‫وفي اليوم التالي بعثني مع ابنه أخينا الشيخ هلال بن سالم وزودنا‬ ‫بخطاب إلى سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة الذي‬ ‫ثم حولنا‬ ‫فيه‪،‬‬ ‫الأول‬ ‫بل يعتبر المدرس‬ ‫الخور آنذاك‬ ‫بمسجد‬ ‫مدرسا‬ ‫كان‬ ‫الشيخ الخليلي إلى وزير المعارف الشيخ سعود بن علي الخليلي آنذاك‪ ،‬وقد‬ ‫يسر الله فالتحقت بالدراسة في مسجد الخور وبقيت أزوره بصفة مستمرة‪،‬‬ ‫وأذكر أني زرته في بعض المرات بعد صلاة المغرب© ودائما كانت زياراتي له‬ ‫في هذا الوقت ووجدته يستعد للذهاب لزيارة الشيخ العلامة الرضي‬ ‫هروباً من برد‬ ‫‪٠‬م‏‬ ‫خلفان بن جميل السيابي الذي جاء يقضي شتاء سنة‬ ‫سمائل القارص وكان نزوله في بيت والي مطرح بجوار مكتب والي مطرح‬ ‫وكان الشيخ سالم قد أعد قهوة ومعها الفوالة (باللغة اللممانية) من التمر‬ ‫والحلوى فساعدته في حملها‪ .‬حيث حملت عنه الفوالة وحمل هو دلة القهوة‪.‬‬ ‫وتوجهنا إلى حيث الشيخ خلفان‪ ،‬ووجدناه يقرأ احدى السور القرآنية الطوال‬ ‫الشيخ سالم إتمام‬ ‫وطلب من‬ ‫بالشيخ سالم‬ ‫ورحب‬ ‫القراءة‬ ‫فقطع الشيخ خلفان‬ ‫قراءة السورة لكن الشيخ سالم اعتذر فأكمل الشيخ خلفان القراءة ثم دارت‬ ‫القهوة وكنا نحن الثلاثة فقط‪.‬‬ ‫وفي عام ‪١٩٧١‬م‏ انتقلت للسكنى في مطرح‪ ،‬وصرت أزور الشيخ سالم‬ ‫الليل ‏‪ ٠‬وكنت أحيانا‬ ‫من‬ ‫‏‪ ١‬لأول‬ ‫الجزء‬ ‫المغرب ‪ .‬وأقضي عنده‬ ‫بعد صلاة‬ ‫يوميا‬ ‫أكتب له بعض مؤلفاته‪ ،‬فقد كان يملي علي‪ ،‬ولكني لا أذكر اسم الكتاب وأظنه‬ ‫في التاريخ ولعله كتاب عمان عبر التاريخ‪ ،‬لأنه تتخلل الإملاء عبارات مثلك لله‬ ‫الأمر من قبل ومن بعد‘ وغيرها من العبارات التي فيها العبرة والإعتبار؛ ومثل‬ ‫التاريخ‪.‬‬ ‫فى كتب‬ ‫هذه العبارات في الغالب تكون‬ ‫وفي‬ ‫عام ‪١٩٧٣‬م‏ في آخر هذا العام ألتحقت بالسلك الوظيفي غير أنني‬ ‫بقيت على اتصال‬ ‫بالشيخ سالم وإن كان بصورة أقل‪ ،‬ثم انتقل الشيخ إلى‬ ‫‏‪ ٢‬۔ ذكريات وانطباعات‬ ‫‪١٩٧‬‬ ‫ِ‬ ‫‪1‬‬ ‫منزل آخر في نفس محلة العريانة «العرين»‪ ،‬ثم انتقل في آخر السبعينيات من‬ ‫القرن العشرين إلى منطقة الوشل بمطرح التي ظل يقطنها إلى أن انتقل إلى‬ ‫ربه بتاريخ ‪١٩٩٣/١٢/٣١‬م‪،‬‏ وظللت أزوره بين الحين والآخر‪ .‬ومما لا يزال‬ ‫عالقاً في ذهني حفظ بيتين من الشعر© وذلك أنه دعاني إلى الإفطار في‬ ‫رمضان عام ‪١٤٠٠‬ه‪٩٨٠١_-‬ام‏ في منزله بالوشل‪ ،‬وعندما ذهبت إليه وبمعيتي‬ ‫أخي حمد بن سعود السيابي الذي توفي بتاريخ ‪٩٩٣/٩/٢٥‬ام‏ أي قبل وفاة‬ ‫الشيخ سالم بثلاثة أشهر تقريبا وجدته يقرأ في كتاب الجامع لأحكام القرآن‬ ‫للقرطبي‪ ،‬وهو كتاب كبير في تفسير القرآن‪ ،‬وكان وصولنا عنده قبيل أذان‬ ‫المغرب‘ وكان يقرأ سراء وعندما وصل إلى البيتين الشعريين التاليين‬ ‫أنشدهما بصوت مسموع فحفظتهما وهما يصفان امرأة تبكي زوجها عند‬ ‫قبره‪ ،‬والبيتان هما‪:‬‬ ‫من لي بعدك يا عامر‬ ‫قامت تبكميه على قبره‬ ‫قدذل من ليس له ناصر‬ ‫تركتني في الدار ذا غربة‬ ‫وبعد افتتاح مسجد عبد الرضى سلطان بمنطقة روي كان الشيخ يحضر‬ ‫حلقة العلم التي تعقد فيه يوميا بين صلاتي المغرب والعشاء‪ ،‬وكنت من بين‬ ‫الحضور وكان الشيخ يتصدر الحلقة‪ ،‬متحدثاً في الفقه والأدب والتاريخ‬ ‫والعقيدة وغير ذلك من فنون العلم‪ ،‬وكان حديثه ممتعا لا يمل‪.‬‬ ‫وعلى العموم فإن الشيخ سالم يعتبر من الناحية الإجتماعية وصولا بإمتياز‬ ‫ومن الدرجة الأولى‪ ،‬فهو يتواصل مع أقاربه وجماعته وأهل بلده من الرسيل‬ ‫وحتى سمائل‪ ،‬لا ينقطع عنهم ويتفقد أحوالهم‪ ،‬وقد ترك فراغا في هذا‬ ‫الجانب كما في جوانب أخرى بعد وفاته‪.‬‬ ‫‪%٨‬‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫حعح‬ ‫‏‪١٩٨‬‬ ‫كان الشيخ سالم دقيقا في اختيار غذائه وتناول طعامه‪ ،‬وحريصاً في‬ ‫ذلك حفاظا على الصحة‪ ،‬ومثله من المعلوم أنهم كانوا يقرأون في كتب‬ ‫الطب لا سيما كتب الطب القديم" وهنا أذكر للشيخ موقفا يدل على معرفته‬ ‫بالغذاء فائدة ومضرة\ ذلك الموقف الذي كان في عرفة في حج عام‬ ‫‏‪ ٩‬ه _ ‪٩‬م‪.‬‏‬ ‫عندما كان الشيخ مفتياً في بعثة الحج المممانية‪ ،‬وكان رئيس البعثة‬ ‫الشيخ سعيد بن حمد الحارثي ين ث وكنت منسقاً للبعثة‪ ،‬وكان طعام الغداء‬ ‫ليوم عرفة يطبخ ليلاً في منى© وبعد أداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً‬ ‫والإنتهاء من خطبة عرفة ودعائها‪ ،‬تم تناول طعام الغداء‪ ،‬وتحلق الحاضرون‬ ‫حول الطعام المكون من الأرز واللحم" هنالك لاحظت الشيخ ممسكا‬ ‫بكتاب شرح النيل للإمام محمد بن يوسف أطفيش ‪ -‬الذي يعتبر من أهم‬ ‫المراجع الفقهية عند الإباضية وحقه أن يعتبر مرجعا لجمع المذاهب‬ ‫الإسلامية لم يقرب من الطعام‪ ،‬وعندما رأيته كذلك أمسكت أنا أيضاً عن‬ ‫تناول الطعام بعد أن كنت قد تناولت شيئاً قليلاً منه‪ ،‬وما هو إلا وقت يسير‬ ‫حتى حدث التسمم لأولئك الناس الذين أكلوا من ذلك الطعام‪ ،‬ثم نقلوا‬ ‫إلى المستشفيات في عرفة‪ ،‬وباتوا فيها ليلة مزدلفة أو أنهم نقلوا إلى مزدلفة‬ ‫ليلاًك كما هو المآلوفؤ المهم أننا ألتقينا جميعا في منى صباح اليوم العاشر‬ ‫من ذي الحجة على أن الغداء المذكور كان مخصصا للوفد الإداري للبعثة‬ ‫ومن معهم من ضيوف البعثة‪.‬‬ ‫أما الوفد الطبي فقد كان غداؤه مستقلاً‪ ،‬ولم يتأثر أعضاؤه بذلك التسمم}‬ ‫أما أنا فقد أصابني شيء قليل من ذلك التسمم على مقدار الطعام الذي تناولته‪.‬‬ ‫فكافحته بتناول الحمضيات‪.‬‬ ‫‪١٩٩‬‬ ‫‪ ٢‬۔ ذكريات وانطباعات‪‎‬‬ ‫هنالك علق الشيخ سالم قائلا‪ :‬إن هذا الأكل أو الطعام لا يصلح للأكل لأن‬ ‫اللحم بارد‪ ،‬وقد طبخ البارحة‪ ،‬واللحم لا يؤكل بارداً‪.‬‬ ‫وكلام الشيخ ينطلق من القاعدة الطبية القائلة‪ .‬ما انضجته النار يؤكل حارا‪.‬‬ ‫وما انضجته الشمس يؤكل باردا‪.‬‬ ‫وهذا أيضاً‬ ‫كما أن الشيخ لا يتناول الماء شربا بجانب تناول الطعام‪،‬‬ ‫منسوب إلى شيخ الأطباء ابن سيناء الذي قال‪ ،‬لا يدخل الماء على الطعام لأنه‬ ‫يفسد‪ .‬أما الطب الحديث فلا يمانع من ذلك حسبما سمعنا من الأطباء‪.‬‬ ‫أعرفه عن الشيخ أنه يعتني بطعامه وغذائه ويختاره وفق قراءاته لمقررات‬ ‫والذي‬ ‫الطب القديم‪.‬‬ ‫مه‪٠.‬‏‬ ‫مل‪ .‬ماه‬ ‫‪-‬‬ ‫‪77‬‬ ‫كان الشيخ سالم صريحا وجريئاً فيما يقول ويفعل‪ ،‬وله مواقف عديدة في‬ ‫ذلك‘ أكتفي بذكر موقف واحد لأهميته‪ ،‬ولأنه بحاجة إلى التوثيق كما أن‬ ‫المواقف الأخرى أو بعضها على الأقل تثير شيئا من الحساسية‪ ،‬هذا الموقف‬ ‫الذي أذكره هنا‪ ،‬هو أنه في عام‪١٩٧٨‬م‏ نظم مكتب الدعوة والإرشاد السعودي‬ ‫بالسلطنة بالتنسيق مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (آنذاك) بالسلطنة‬ ‫زيارة لوفد من العلماء العمانيين إلى المملكة العربية السعودية إباضية وسنة‬ ‫وكان في الوفد سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة‪.‬‬ ‫وفضيلة الشيخ سعيد بن حمد الحارثي مدير الشؤون الإسلامية آنذاك‬ ‫وآخرون‪ ،‬وكنت بمعيتهم ث ورتتت للوفد زيارات إلى العاصمة الرياض‬ ‫والمنطقة الشرقية والمدينة المنورة‪ ،‬ومكة المكرمة‪.‬‬ ‫وعندما كان الوفد فى الرياض رتبت له زيارة إلى مجلس القضاء الأعلى‬ ‫وكان رئيسه الشيخ العلامة عبدالله بن محمد بن حميدا والد الشيخ الدكتور‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‪1‬‬ ‫‏‪٢٣٠٠‬‬ ‫صالح بن عبدالله بن حميد الرئيس الحالي لمجلس القضاء الأعلى والإمام في‬ ‫الحرم المكي الشريف‪.‬‬ ‫وجلس الشيخ ابن حميد والشيخ سالم جنبا إلى جنب بحضور عدد من‬ ‫القضاة في المملكة العربية السعودية‪ ،‬وأظنهم من منتسبي مجلس القضاء‬ ‫الأعلى‪ ،‬والوفد الماني بالطبع‪ ،‬هنالك قال الشيخ ابن حميد للشيخ سالم‪ :‬لم‬ ‫تصلنا كتبكمإ فأجابه الشيخ سالم على الفور قائلا‪ :‬الطريق بيننا وبينكم غير‬ ‫معبد‪ ،‬وكان الشيخ يعني أن الكتب الإباضية ممنوعة من الدخول إلى المملكة‬ ‫العربية السعودية‪ ،‬ولكن الظاهر أن الشيخ ابن حميد لم يفطن إلى مغزى كلام‬ ‫الشيخ سالم فقال له ثانية‪ :‬فلتكن عن طريق الجو‪ .‬قال له الشيخ سالم‪:‬‬ ‫لا أجنحة لها فتطير‪.‬‬ ‫أما المشايخ القضاة السعوديون فقد فطنوا لما يعنيه الشيخ سالم‪ ،‬لذلك‬ ‫بعد الخروج من مكان اللقاء بادره بعضهم ممازحاً ومردداً لكلامه‪.‬‬ ‫لكنه أي الشيخ سالم مع صراحته وجرأته فهو ممازح ومداعب وذو‬ ‫نكتة في حدود المسموح به شرعا كما أنه لطيفتؤ والكثير من الناس‬ ‫يأنسون إليه‪.‬‬ ‫ذكرت له شخصا ماء قال لسماحة الشيخ المفتي العام للسلطنة أحمد بن‬ ‫حمد الخليلي أبقاه الل‪ ،‬عندما كان سماحته يذكر الخلاف في إنشاء الإحرام‬ ‫الشخص وهو بعيد عن الوسط‬ ‫بالعمرة من جده لمن يلبث بهاء فقال ذلك‬ ‫قد أحرم بالعمرة من جده‪ ،‬وعندما‬ ‫العلمي والديني لا مانع من ذلك لأنه هو‬ ‫قال وهو يبتسم كفى به حجة وهو‬ ‫ذكرت ذلك الشخص وقوله‪ ،‬للشيخ سالم‪،‬‬ ‫في الكلام العربي‪.‬‬ ‫ذم في صورة المدح‪ ،‬وهو أسلؤب معروف‬ ‫ب م ‪4‬‬ ‫‪٢٠١‬‬ ‫جي‪‎‬‬ ‫‪ ١٢‬۔ ذكريات وانطباعات‬ ‫عرفت الشيخ سالم بن حمود قارئا نهماً للقراءة‪ ،‬وكاتبا مؤلفا لا يمل من‬ ‫الكتابة‪ ،‬لذلك كانت مؤلفاته كثيرة ومتنوعة‪ ،‬أذكر أننى ما زرته مرة من المرات‬ ‫إلا ووجدته إما قارئا أو كاتباك وشاهدته وشاهده غيري أنه حتى عندما يركب‬ ‫السيارة فهو يقرأ أو يكتب أحيانا‪ ،‬ويفضل الركوب في المقعد الخلفي للسيارة‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫لكي يتمكن من القراءة أو الكتابة‪.‬‬ ‫وقد وهبه الله صحة جيدة أعانته على ذلك بتوفيق الله تعالى‪ ،‬وكان يتمتع‬ ‫بقوة في البصر وقد أخبرني بعض الناس الذين كانوا يطالعونه أنه كان في‬ ‫مراحل حياته الأولى والوسطى يقرأ ويكتب في ضوء القمر‪.‬‬ ‫ومن المناسب هنا أن أجيب عن بعض التساؤل عن الخريطة الزمانية‬ ‫لمؤلفاته‪ ،‬فأقول‪ :‬إن مؤلفاته كثيرة ومتنوعة وحسب ملاحظتى من خلال ما كنت‬ ‫أسمعه منه في هذا الجانب‪ :‬أن مؤلفاته الأولى كانت تتمثل في ملخصات الكتب‬ ‫المطولة وتأليف الكتب المختصرةس ثم شرع في التأليف الفقهي كمرحلة وسط‬ ‫من حياته‪ ،‬وفي الثلاثين السنة الأخيرة من حياته أرى أنه كرسها في تأليف كتب‬ ‫التاريخ" ككتاب عمان عبر التاريخ‪ ،‬وكتب في تاريخ المذهب الإباضي مثل‬ ‫طلقات المعهد الرياضي في حلقات المذهب الإباضي‪ ،‬وإزلة الوعثاء عن أتباع‬ ‫أبى الشعثاء‪ ،‬وكتاب هدى الفاروق فى القضاء وتاريخه‪ ،‬وكتاب في الخيل عن‬ ‫صفاتها وتاريخها‪ ،‬والعنوان في تاريخ غمان‪ ،‬وإسعاف الأعيان في أنساب أهل‬ ‫غمان‪ ،‬ورعاية الأحساب في الأنساب‪ ،‬وغيرها من الكتب‪.‬‬ ‫علما بأن للشيخ سالم أفكاراً ورؤى تحليلية لبعض حلقات التاريخ‬ ‫التمماني السياسي والإجتماعي وهي في نظري تحليلات صادقة‪ ،‬ولكن من‬ ‫الصعب ذكرها‪ ،‬أو على الأقل من غير السهل ذكرها‪ ،‬لأنها ربما لا يتحملها من‬ ‫تتوجه إليهم أو إلى أسلافهم تلك التحليلات‪ ،‬والتي ربما يعتبرونها نقد لهم‪.‬‬ ‫مم مل ل‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫‏‪٢٠٢‬‬ ‫هذا ما أردت ذكره عن الشيخ الوالد العلامة المؤرخ سالم بن حمود‬ ‫السيابي ينه كذكريات وانطباعات كانت حصيلة علاقة فترة من الزمن لحوالي‬ ‫ثلاثين سنة‪ ،‬وهي علاقة الابن بوالده والتلميذ بشيخه‪.‬‬ ‫جبه هبه هبه‬ ‫‪0‬‬ ‫وفي الختام لا يسعني إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى النادي الثقافي‬ ‫رئاسة وإدارة" على دعوتهم لي بالحضور أولا وبهذه المداخلة ثانيا وعلى‬ ‫النشاطات الثقافية المتواصلة‪ ،‬والتي ولا شك أحدثت حراكا ثقافيا في الساحة‬ ‫الحمانية‪.‬‬ ‫التوفيق‪ 6‬وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ‪.‬‬ ‫والله ولي‬ ‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‪.‬‬ ‫‏‪ ١‬المواقف التاريخية للإمام جابر بن زيد‬‫شخصيات عما نية‬ ‫ل‬ ‫‏‪٢٠٤‬‬ ‫< سم‬ ‫القسم الأول‪ :‬أبو حمزة في مرحلة النشأة ‏‪٢٤......................................‬‬ ‫أولا‪ :‬نبذة جغرافية عن مان ‏‪٢٤.................................................‬‬ ‫أ ‪ -‬التعريف ببممان ‏‪٢٤........................................................‬‬ ‫ب ۔ صحار ‪ ...............................................................‬‏‪٢٧‬‬ ‫ج ۔ مجز ‪ ..................................................................‬‏‪٣٠‬‬ ‫ثاني‪ :‬وجود العرب فى غمان ‏‪٣)١................................................‬‬ ‫القحطانيون‪ . ...‬‏‪٣١.........................................................‬‬ ‫أ‬ ‫ب ۔ مجيء مالك بن فهم الازدى ‏‪٣١.......................................‬‬ ‫ج ‪ -‬قبيلة بني سليمة ‪ .....................................................‬‏‪٣٣‬‬ ‫د ۔ أبو حمزة الشارى ‪ ....................................................‬‏‪٣٤‬‬ ‫ثالثا‪ :‬أسلام أهل غمان ‪ .......................................................‬‏‪٣٥‬‬ ‫ا دخول الإسلام إلى غمان ‪ ............................................‬‏‪٣٥‬‬ ‫ب ‪ -‬انتشار الإسلام في عمان ‪ ...........................................‬‏‪٣٩‬‬ ‫ج ۔ بداية دراسة أبي حمزة ‏‪٤٠...............................................‬‬ ‫القسم الثاني‪ :‬أبو حمزة في مرحلة الدراسة في البصرة ‪&.......................‬‬ ‫أولا‪ :‬في البصرة ‪ ..............................................................‬‏‪٣٩‬‬ ‫آ البصرة ‪ /‬الموقع والتاريخ ‏‪&١.............................................‬‬ ‫ب ‪ -‬العلاقة بين غُمان والبصرة ‏‪٤٢..........................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬مدرسة الإمام أبي عبيدة ‪&&...............................................‬‬ ‫ثالثا‪ :‬ملامح من حياة أبي حمزة أثناء الدراسة ‏‪5٦.............................‬‬ ‫أ أبو حمزة يعيش على الكفاف ‪٦........................................‬غ‏‬ ‫ب ۔ التدريب على الخطابة ‪ .............................................‬‏‪٤٧‬‬ ‫ج ۔ الحرص على الدفاع عن الإسلام ‪ ..................................‬‏‪٤٨‬‬ ‫د ۔ القوي الامين ‏‪٤٩..........................................................‬‬ ‫‪.‬‬ ‫و ۔ ملازمة العبادة‬ ‫‏‪ ٢‬۔ ذكريات وانطباعات‬ ‫‏‪٢٠٥‬‬ ‫<حنو_‬ ‫ه ‪ -‬المكانة العلمية ‪0) .......................................................‬‬ ‫رابعا‪ :‬توجه أبي حمزة إلى اليمن ‪ ...........................................‬‏‪٥٢‬‬ ‫المراجع ‪00...........................................................................‬‬ ‫‏‪ ٢‬كلمة عن الخليل بن أحمد الفراهيدي‬ ‫‏‪ ٤‬الخليل بن أحمد الفراهيدي‬ ‫‏‪٦٥................................................................................‬‬ ‫نسبه‬ ‫ونشاته ‏‪٦0٥......................................................................‬‬ ‫مولده‬ ‫حياته ومكانته الأدبية ‏‪٦٦............................................................‬‬ ‫تلاميذه الذين تخرجوا من مدرسته ‪ ............................................‬‏‪٦٢٨‬‬ ‫مؤلفاته ‏‪1٦٩.............................................................................‬‬ ‫‏‪٦٩...............................................................................‬‬ ‫وفاته‬ ‫‏‪ ٥‬كلمة عن أبي بكر ابن دريد‬ ‫‪٦‬۔ابن‏ دريد في الذاكرة القمانية‬ ‫القسم الأول‪ :‬ابن دريد في الذاكرة المانية‪ :‬الاسم والمكان والزمان ‪ ......‬‏‪٧٩‬‬ ‫‏‪٧٩‬‬ ‫اولا‪ :‬الاسم ‪...................................................................‬‬ ‫‏‪٧٩‬‬ ‫التعريف ‪........................................................‬‬ ‫‏‪ - ١‬بطاقة‬ ‫‏‪٧٩‬‬ ‫‏‪ ٢‬۔ الانتماء القبلى ‪.......................................................‬‬ ‫‏‪٨١...................................................................‬‬ ‫ثانيا‪ :‬المكان‬ ‫‏‪٨٦‬‬ ‫ثالثا‪ :‬الزمان ‪...................................................................‬‬ ‫‏‪٨٩‬‬ ‫القسم الثانى‪ :‬ابن دريد فى المصادر الخممانية ‪.................................‬‬ ‫عُمانية‬ ‫شخصيات‬ ‫‏‪٢ ٠ ٦‬‬ ‫حياته ‪ .............................................................................‬‏‪١٠٣‬‬ ‫‏‪١٠٥.........................................................‬‬ ‫فكره ومدرسته الفكرية‬ ‫أعماله ‪ .............................................................................‬‏‪١١٢‬‬ ‫‏‪١١٣..................................................................‬‬ ‫التدريس‬ ‫‏‪١‬‬ ‫‏‪ - ٢‬القسم الداخلي ‪ ..........................................................‬‏‪١١٤‬‬ ‫‏‪ ٣‬۔ بناء المساجد ‪ ............................................................‬‏‪١١٤‬‬ ‫الوقف الخيري ‪ ...........................................................‬‏‪١١٥‬‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫‏‪ ٥‬۔ التأليف ‪ ...................................................................‬‏‪١١٥‬‬ ‫وفاته ‪ ..............................................................................‬‏‪١١٦‬‬ ‫‏‪ ٨‬الامام أبو سعيد الكدمي حياته وقكره‬ ‫المحور الأول‪ :‬حياته ‏‪١٩............................................................‬‬ ‫۔ اسمه ونسبه ‏‪١١٩.................................................................‬‬ ‫۔ شيوخه ‪ ......................................................................‬‏‪١٦٠‬‬ ‫المحور الثانى‪ :‬فكره ‏‪١٦٦............................................................‬‬ ‫‪ -‬المعالم الفكرية ‏‪\٢٦............................................................‬‬ ‫‏‪١٦٩.....................................................................‬‬ ‫۔ مدرسته‬ ‫۔ مؤلفاته ‪ .....................................................................‬‏‪١٣٢‬‬ ‫۔ تلاميذه ‪ .....................................................................‬‏‪١٣٥‬‬ ‫‪ ١‬الإمام حفص بن راشد‪٧٣٦ .............................................. ‎‬‬ ‫‪ ٢‬أبو علي موسى بن مخلد‪١٣٦ .......................................... ‎‬‬ ‫‪١٣٦ .........................................‬‬ ‫‪ ٣‬۔ سعيد بن محمد بن سعيد‪‎‬‬ ‫‪٢٠٧‬‬ ‫‏‪ ١٢‬۔ ذكريات وانطباعات‬ ‫‪)>-‬‬ ‫‏‪١‬‬ ‫_‬ ‫صحے۔۔ ‪<.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‏يبتوعلا۔‪ ٩‬نشابة‬ ‫تمهيد ‪.......................................................................‬‬ ‫العوتبي من هو؟ ‪...........................................................‬‬ ‫مؤلفاته ‪......................................................................‬‬ ‫اهمية علم الانساب ‪.......................................................‬‬ ‫اهتمام المانيين بالأنساب‬ ‫العوتبى وكتابه «الأنساب»‬ ‫ه‪.. ..‬ه‪...........‬ه‪.........................‬‬ ‫‪................‬ه‪....‬ه‪.٠........................................‬‏‬ ‫ه‪......‬‬ ‫‏‪ ٠١‬۔ أبو مسلم البهلاني الرواحي‬ ‫حياته ۔ شيوخه ۔ تلاميذه سلوكياته‬ ‫«المدرسة التي ينتمي إليها»‬ ‫شخصيات عمانية‬ ‫هع‬ ‫‏‪٢٠٨‬‬ ‫شيوخه وتلاميذه ‪......................................................‬‬ ‫سلوكه ‪.... ..........................................................‬‬ ‫المدرسة التي ينتمي إليها ‪...........................................‬‬ ‫‏‪ ١٢‬الشيخ خلفان بن جميل السيابي‬ ‫من حىاته ‪..............................................‬‬ ‫نىذة مختصرة‬ ‫‪..........................................................‬‬ ‫وورعه‬ ‫رهده‬ ‫أولا‪ :‬زهده ‪......................................................‬‬ ‫ورعه ‪.....................................................‬‬ ‫ثانيا‪:‬‬ ‫خاتمة ‪..................................................................‬‬ ‫‏‪ ١٢‬ذكريات واتطباعات‬ ‫عن الشيخ سالم بن حمود السيابي ران‪:‬‬ ‫ذكريات وانطباعات ‪...................................................‬‬