‫‪277‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫اتتك‪:‬‬ ‫‪ 1‬مي‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫رار نالخفن‬ ‫الخ نعلان زامزرشبي‬ ‫‪,‬‬ ‫بس‬ ‫اشو نمززند لردے(ازاي‬ ‫مخ للشتتلاذا‬ ‫(رشبتنازائرف‬ ‫‪ ٩‬ه‪]٦6٠٠٨/ ‎‬‬ ‫‪.9‬‬ ‫ي‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫اوح‪.‬‬ ‫‪,‬‬ ‫ك‬ ‫ه <‬ ‫‪22‬‬ ‫‪272‬‬ ‫>> >‬ ‫ج‬ ‫ك‬ ‫>‬ ‫<‬ ‫‪.‬‬ ‫تح‬ ‫>‬ ‫ج‬ ‫‪..‬‬ ‫‪.‬‬ ‫تنك‬ ‫‏‪٨‬‬ ‫افق شملان مناخي‬ ‫رتمال«فشتحلالا‬ ‫ت‬ ‫‪22.‬‬ ‫ه ‪1٤‬‬ ‫‪2.2‬‬ ‫‪,‬‬ ‫‪ .‬تشتت‬ ‫‪1‬‬ ‫امزنتلد تور (لر(ي‬ ‫ا‬ ‫‪7‬‬ ‫‪٦4 .0,‬‬ ‫خ لش تكلا‬ ‫‪.‬‬ ‫‪} ٠‬‬ ‫ھ‪]٦٠٨/ ‎‬‬ ‫‪4٩‬‬ ‫؟ ‪11‬‬ ‫‪277‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪ ٩‬ح‪‎.‬‬ ‫ل‬ ‫كورك راكيلا‪‎‬‬ ‫ناك‬ ‫‪٩‬‬ ‫‪٣‬‬ ‫__‬ ‫مكب النار (فاص بزر‪ :‬النحام‬ ‫للنفؤرئ الرنة رالنا رقة‬ ‫‪-_-‬‬ ‫بمقاتجزاآحمه‬ ‫‪.‬‬ ‫حتوتاالطةر يتاتتت‪.‬ا لنلتاوتاردالززوااتنيمميكلتت‪,‬ہ‬ ‫ملزدوبالعؤساالطابوإكلملمينتنانر‬ ‫الح نغكلاررالتني باب‬ ‫ذحدمايلمانو زلت الحملي رملاليسلاماقرالحغتوالغغويا علماة لواللاتهلا‬ ‫امطلورمفتتاما لتاديتجوالبلانتالزصمطاتلكلارلقتضرلهالازالززت‬ ‫انثادالقصية نوكاإررؤياماللوهتبحيلياكالفازسدوجوتنزيہ‬ ‫ذعاجلا عزلنقايمردالارذالددناحيرالذويناسبصفاتابماكويلأغوت‬ ‫لال واختار علابتولانحزالتبيوماينتوهنرخوليستهاالترفونالفنلكالللأك‬ ‫سوتولاحرهركذاالبمر حولقطووتلراشالماكتوكالتكوإلهليزوالث“‬ ‫حمنايينهاخجمليعااالنتلنسطبجالتاولنالزنىاتونلدنتكاالتتزبيللزك‬ ‫سا اسمصدرسترتاعوابالصدلان‬ ‫"صولمقصع فالقاءزكاناوكانبك‬ ‫يساغ لفلانلبي اللافت الظهارة نتلرقزركرنة املثم‬ ‫زانةضغريإبالمفاعلركامغتة ضامية زهد دفرتبنببتالصدة‬ ‫امجبللحىإنالمصد ربارةعزنضرالنمزالصادرن الفاعالسللصدرئى‬ ‫الكفين إاحاصلننلالخاعلبدسدودهمنمنانالتطهللزوتعومصتنظل‬ ‫ع‏‪٢‬باذركاةزلغمغنمزاذاو للاعفضاءربإماء اوصصهابا لزابممارطاممقنة‬ ‫لطهارة عمارة‬ ‫و‬ ‫ا لعة‬ ‫عزااتاصل للتطهسمدتا‬ ‫‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ ,‬وال‬ ‫اے‬ ‫ليال نيااليجبنلاستناتالصل‬ ‫بماصتاج الغالب وتديرلدشمحوللمصدتلظاويا ن لعاتاصبهاالببو‬ ‫_‬ ‫__‬ ‫صورة الصفحة ا لأولى من المخطوط‬ ‫اتتزيكاغقولمتطا دبلن البناتبعانامانتمسولاجريناياالتز‬ ‫كتولرتاستاالتدولسرعلبدليادداسلاترفكرسدكزتجلاؤڵ‬ ‫متي عندرؤينا لتي عنرلحروصا فمك سحواہتمرذكزق‬ ‫ضنتا اللحين شون وجين صوتانارو اسكلا‬ ‫والا صةكمزلرتا‬ ‫رورلنسئزانعباسرملججدالقلواتقرخالقاننقا ليوم! لاي‬ ‫تونصلوة ام دالعنآءوضيترصاالمجوضياصلما لعمرحيتظة‪7‬‬ ‫نورتون غالؤلف لاالروايندالاطك‬ ‫صلقانظهكناؤيز لينواتطامل‬ ‫تونسلت‌العصوالزونتمونصلرةا لم عثاصلق"لضآء ونظهرث‬ ‫صلة الظهر وجهردا ضورابجهاالميدركسرلرتتاسما الزوتترلناصناوما‬ ‫كنالرمقمناعاعن ويا لما اخوبطولالكلامذكرصاوالمادصنا المعزالوث‬ ‫مومامرهوبفعلالصدلقائممقامالشلرحزتحينئذلازمسا ‪7‬‬ ‫لام خرلخوعراوشكرا وتياراانكانانفاء كالآترضوتولخ عإموزالوالت‬ ‫حبزاموره؟ فدل زديؤالمازندلالشالئ واليرخ خوتولمتيامالاصودا ا‬ ‫ولاقت والراء غوقرلزنما وعيا اومقااروعالاشرجالاتتاأأك‬ ‫خوانواناونيصدقراؤك وفرجالاعاء اللازمترللاضا نزنزويتمزبا‬ ‫تنز فيقطع عزلاضا نوتمنرالصفكافقولم! تدقلت تباتمز‪:‬‬ ‫ستا غلتتا لفاخرمضانالهآءالضموهوا طفي ززكناياتتد‬ ‫العا ‪ .7‬تت نشهد‬ ‫لم مرخا صركنا ێزدمكنا عنفا لرسو‬ ‫ماتيرا سمالاشارطللمةرااملاتاكززالرن ب لاموانمالو "‬ ‫رثببمعها بزمالك دنولوو مر ركررذئ وسند وادوها لخلاحر ال‪:‬‬ ‫البح عنهابنمالكفشرح الكانيرزبدةامنادماللنراللتصودكيا رمل‬ ‫_‬ ‫صوره ة الصفحة ا لثانية من ا لمخطوط‬ ‫‪. ٦‬‬ ‫نسغ فرمصا وت‬ ‫عدلعنروصارحيالروان نا صة مصدت‬ ‫بابالاخالمنصوب بان دصوبعاتفتاويلذمحلالضبلنع المصْدده‬ ‫ض تحد تره فا نتحضغہرمعمول مطمع زخىفا لاكم‬ ‫اا‬ ‫كف ثمر وست للزواشوت انا دب بمتهاز‪2‬‬ ‫كتماكنانا لقاموسرع تميز بفاعزللعا رز المفعول للبدردتف‬ ‫مجار وترورتعلقمحذ وفحالغالسلاما رزالضرخ الزغل‬ ‫اخزن ويجوز التئديدبادنامنزنمنفؤن الوقيرولشلل والعؤنزيجزت‬ ‫محذوف خ ولغنطانحل[ بن الوقان[ سو‬ ‫ا ارنعمتدا وعملامرت جاروتحح رمتعآ ق‬ ‫خرومعناءانتاء للتيروالتلام ماخوذ زامملامةنكاناللقر‬ ‫سُوللل لعمليات قسلامةمتردطلب نزماضعسندا‬ ‫ضيرالمرئ والمدى مفعول وحيدة فت لامر واللا ق توله‬ ‫للامر للتحليل وهو لعل ئ زياب تدخلوصا دخلا صا‬ ‫وتجاونضبالحجرلاضانتخلا طرالي ررمعزا نر قدمى‬ ‫س‬ ‫مفصلا والظاهان الا بهادوإللوامةزقرنةوولرخہ‬ ‫مخلصا رمخونراوبكلہهما علرمإعذ‬ ‫وحزر دىجار وتو رمتعلق‬ ‫التنازع والردئإلملالاومترزفةربالرملابتمانت لنشرإسم‬ ‫نا علرزوت زباب تنع لمع وجات اواخذلخوفن‌شحاراد‪.‬‬ ‫اللتشيرف شبلخاطبالبدروانعة‬ ‫البيت الان ؤ ش‬ ‫ا داةالتثب‪.‬نان قريت ذيداسدليعرمثهابلىغاعلاجتا‬ ‫ومذهب المحققين لااستعارةلانالاستحارة انا نللقحيف‬ ‫مطوىذكرا لمستعارلہىا لكلرردبجحزالكلام خلواعنرصانحا رت‬ ‫صورة الصفحة قبل الأخيرة مانلمخطوط `‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٧‬‬ ‫‏_‬ ‫_‬ ‫==‬ ‫_‬ ‫‪-_-‬‬ ‫_‬ ‫_‬ ‫___‬ ‫‪.‬‬ ‫_‬ ‫__‬ ‫لانيمادبمللنت لعنه ولولا ليمرلولاد لالالالا وفر ليا‬ ‫دوجرالشبرصنا الموزنةوالرنةشتزحتإلبا لفترؤالتشيہ‬ ‫وادعاء شرعيين المشبمرممراثنت لرماتجضرإلمشرريروهوا امرشا‬ ‫قساء بلاغتجحزالبلا رياء والخاطب بدزذفاتمآ‬ ‫اللنماالجااللضتامقرتمدقبجيرادتميحانباينإلنتا‬ ‫حيربدين حرتي دلل سنچسجنى‬ ‫التتاليةجزرةنغبارساضاانبشتللانلرفج‪,‬‬ ‫لملاتنزتاالنلتغيزلنا ضام خلعمماالناتخللوة‬ ‫لساتخارللوزستة ائهاالف‬ ‫الشلن واللا رالغزرامرضناطلا اخا ناملياننا‬ ‫صورة الصفحة الأخيرة من المخطوط‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٨‬‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيم «‬ ‫لم أجد في قاموس خلدي ‪ 0‬صفة ثناء تليق لذات علمتنا‬ ‫المحقق الرضي ‪ /‬سعيد بن خلفان بن أحمد الخليلي ‪ ،‬فهو أكبر من‬ ‫صفة ونعت ‪.‬‬ ‫وبين إقدام وإحجام ‪ 0‬ووجل واضطراب ‪ 0‬في كيفية تقديمي‬ ‫لهذا القطب العلمي الكبير ‪ 9‬ومن أنا يا ترى بأن يقدم لمن على‬ ‫السماكين علا {‪ 0‬لكن بالإجتهاد يحصل المرء على المُراد ؛ فقد‬ ‫ظفرت على ثناء عطر لهذا القطب من قطب زمانه العلامة الكبير ‪.‬‬ ‫والحبر البصير ‪ /‬محمد بن يوسف أطفيش ‪.‬‬ ‫هنا ثلج صدري & وبرد كبدي ‘ وبذلك نكتفي بعل ذلك الزلال ©‬ ‫ولله المنة والفضل ‪.‬‬ ‫وللأمانة ‪ .‬اضغ االنناء كما هو ‪:‬‬ ‫س ر‬ ‫سس‬ ‫‪-‬‬ ‫۔۔ و‬ ‫ےو‬ ‫‪4‬‬ ‫ك‬ ‫۔‬ ‫أشداء‬ ‫معهدو‬ ‫و ا‪1‬‬ ‫تمد رسول(ل آل‬ ‫قال تعالى ‪« :‬‬ ‫«‬ ‫<‬ ‫‪7‬‬ ‫حر‬ ‫حمو‬ ‫س‬ ‫سو۔ و‬ ‫>‬ ‫و‬ ‫ه ۔‬ ‫ے۔۔‬ ‫حل‬ ‫۔۔۔و‬ ‫رَحما‬ ‫ر‬ ‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‏‪١‬‬ ‫ش‬ ‫فضلا‬ ‫ييتخون‬ ‫د‬ ‫سح ل‬ ‫رك‬ ‫تربنهم ر‬ ‫يهم‬ ‫حاءع‬ ‫لكَ ۔۔ جو م‬ ‫‪ 2,‬ح مم ج‬ ‫ذ لك متلهم‬ ‫‏‪ ١‬لسجود‬ ‫من أآثر‬ ‫ؤخوههمر‬ ‫‪:‬‬ ‫سيما ه‬ ‫ورشا‬ ‫فى التوبة وَمَتَلغْر فاىلإنجيلي كزرع لخرج سَطعَم كَارَرَمُ‬ ‫سرس سر هو‬ ‫ح‬ ‫س‬ ‫‏‪- ١١‬۔‬ ‫قال العلآمة القطب ‪ .‬عند تفسيره هذه الآية ‪ } :‬فالزرع ‪:‬‬ ‫النبي ( تنا ) ‪ 4‬والشطء ‪ :‬أصحابه ‪.‬‬ ‫وقيل ‪ :‬الشطء ‪ :‬المسلمون إلى يوم القيامة ؛ وهو قول حسن‬ ‫من جهة المعنى ؛ وذكر جملة من الأئمة والغلماء الفضلاء ‪ ،‬ثم‬ ‫قال ‪ :‬كل هؤلاء أنمة عدول ‪ 0‬ومن لم أذكر أكثر مما ذكر ؛ ومن‬ ‫أهل عصري ‪ :‬العلمة سعيد بن خلفان الخليلي { ‪.‬‬ ‫وقال ۔ أيضا ۔ عنه في ‪ :‬ا" كشف الكرب "" ‪ [ :‬وأظن العلآمة‬ ‫ذا القلم والسيف سعيد بن خلفان ‪ 0‬لها حاويا ع ‪ .‬إنتهى كلامه ‪.‬‬ ‫أما علآمتنا البهلاني ‪ 0‬هُوَ الآخر بحرا مُتلاطم الأمواج { لا‬ ‫الله © الذ ي أحاط بكل شيء‬ ‫يدرك كنهه { ولا يحاط علمه ‪ .‬اك‬ ‫علما ‪.‬‬ ‫وقد استحببنا أن نضع تقديمه على بلكفيته ‪ 7‬في صدر شرحه‬ ‫لبلكفية العلمة الخليلي ‪ 0‬وذلك لتقارب المصدر والمورد ‪ 0‬بينه‬ ‫وبين شيخه الخليلي ‪ 0‬وإليكموها مُضمخة بعطر العقيدة والإيمان ‪:‬‬ ‫أقول وأنا العبد أقل علما وعملا ‪ .‬ناصر بن سالم بن عديم‬ ‫‏(‪ )١‬سورة الفتح ‪ :‬‏‪. ٢٩‬‬ ‫‏‪ ١٢١‬۔‬ ‫الرواحي ۔ ‪ :‬إنني أنشأت قصيدتي هذه المّسماة ‪ " :‬طمس الأبصار‬ ‫عن درك ذات الجبار " ‪.‬‬ ‫وعلم الله ‪ 0‬إنني لم أقصد معارضة من سبقني فيها من السادة‬ ‫الغلماء الغابرين ‪ 0‬ولا مُباهاة الأفاضل من الإخوان المعاصرين ‪.‬‬ ‫ولكنها كلمات أجراها الله من عنده على لسان عبده ‪ 0‬فنحوت بها‬ ‫وجهه الكريم ‪ 0‬إنتصارآ لحقوق التوحيد ‪ 0‬وغيرة على محارم‬ ‫التفريد ‪ 0‬ووفاء بجزء من واجب التمجيد ‪.‬‬ ‫بيد أني أحض صالح من عثر عليها ‪ .‬على إصلاح شائبة‬ ‫العثار والزلل ‪ 0‬وغفر عايبة التفريط والخلل ‪ 0،‬فليست أعتقد إلا‬ ‫بحق ‘ ولا أخالف إلا الباطل ‪.‬‬ ‫ولنن جاز أن يمدح المرء نفانس بيانه ‪ 0‬ويستمع عرانس‬ ‫إحسانه ‪ 0‬فإن لقصيدتي هذه فوائد ‪ ،‬الأقل من أن يعول عليها ‪.‬‬ ‫ومحاسن دون أن يشار إليها ‪.‬‬ ‫أما تراها تخطر بالأدب الفض أفنان دلالها ‪ 0‬وتسفر عن أنوار‬ ‫التقرير ملاحة جمالها ‪ 0‬وتخر جباه الأسياد تحت كرسي جلالها ‪.‬‬ ‫وتبسط جوامع التوحيد من بسانط كمالها ‪.‬‬ ‫ولو لم يكن من الخسن الرانق تحت أذيالها ‪ 0‬ومن اللطف‬ ‫الفانق في خلالها ‘ إلآ كون التنزيه عز هلالها ‪ .‬وبراعة‬ ‫استهلالها ؛ ومطلعها ‪:‬‬ ‫‪- ١٣‬‬ ‫_‬ ‫للأتراك تعرفه وتثبت ذي الصفة ؟‬ ‫نزه إلهك أن يرى كي تعرفه‬ ‫إن التي حاولتها لك متلفة‬ ‫واعرف مقامك دون ما حاولته‬ ‫‏‪- . ١ ٠‬‬ ‫وهمك‬ ‫‪.‬‬ ‫شل‪:‬‬ ‫والحق أن‬ ‫قلب‬ ‫‪.‬‬ ‫ل‬ ‫في‬ ‫ر‬ ‫‏‪٠ ٠‬‬ ‫م۔‬ ‫أد‬ ‫هذا والله ولي التوفيق ك‬ ‫بقلم ‪ /‬عبد الله بن سلطان بن راشد المحروقي السناوي‬ ‫۔‪- ١٤ ‎‬‬ - ١٥ ‫« بسم الله الرحمن الرحيم «‬ ‫( التصبدة اتبتكفي )‬ ‫مكيفه‬ ‫للذوات‬ ‫بعين‬ ‫نظر‬ ‫ذاته‬ ‫يدرك‬ ‫ليس‬ ‫من‬ ‫سبحانه‬ ‫للذات إذ للذات قد تنهى كصفه‬ ‫خلق العقول لتهتدي بصفاته‬ ‫عن أبصارنا المُتكلفه‬ ‫قد جل‬ ‫يا من يقول برؤية المولى الذي‬ ‫المّتلفه‬ ‫الصفات‬ ‫بهيمي‬ ‫واخلع‬ ‫مهلا هديت دع السراء على الهوى‬ ‫تكسى من الأنوار أسنى مُلحفه‬ ‫ملكية‬ ‫مقدس‬ ‫صفات‬ ‫وألبس‬ ‫مخوفه‬ ‫التقليد كان‬ ‫ولمارد‬ ‫من همه التجريد في طلب الهدى‬ ‫أفق السما وسمي لأسمى مزلفه‬ ‫بمبلغ نور عقل بالغ‬ ‫فما‬ ‫الله يتلو مُصحفه‬ ‫إل لرسل‬ ‫لم يرتض التقليد ذون تحقق‬ ‫طاب الخطاب مُبرهنا عن معرقه‬ ‫فلنن تكن من هؤلاء مُهذبا‬ ‫عن شاهد العقل الذي لن تخلفه‬ ‫ولنن طرحت العقل خلفك معرضا‬ ‫إذ قد تشبه بالحمير المُؤكفه‬ ‫فعديم نور العقل غير مُخاطب‬ ‫أتت لك مُنصفه‬ ‫براهين‬ ‫اسمع‬ ‫أقول لمن تكامل عقله‬ ‫ولقد‬ ‫للآي بالتأويل عمن عرفه‬ ‫يا معنوي خذ البيان مطابقا‬ ‫قول سديد ليس فيه زخرفه‬ ‫الكتاب فإنه‬ ‫إلى آي‬ ‫ارجع‬ ‫من أنصفه‬ ‫يا‬ ‫بالتكميل‬ ‫فتقوم‬ ‫في لفظ ولا معنى به‬ ‫لا نقص‬ ‫‪_ ١٧‬‬ ‫قالوا فهل في الآي ذكر لبلكفه‬ ‫كما‬ ‫ناظرة‬ ‫الآيات‬ ‫في‬ ‫إن كان‬ ‫إستنكفه‬ ‫عليه‬ ‫لا غيم‬ ‫كالبدر‬ ‫وعن النبي رووا ترون إلهكم‬ ‫أسخفه‬ ‫ما‬ ‫لقانل‬ ‫يزاد‬ ‫إفك‬ ‫سوى‬ ‫بلا كيف‬ ‫مقالهم‬ ‫أترى‬ ‫لنفي الإله الكيف إذ أبقى الصفه‬ ‫لو كان منظورا وغير مكيف‬ ‫وهو الذي التكييف لن يستنكفه‬ ‫مُكيفا‬ ‫يكون‬ ‫أن‬ ‫تأنف‬ ‫فعلام‬ ‫أو لا فهات دلالة عن معرفه‬ ‫مكيف‬ ‫فذاك‬ ‫منظور‬ ‫كل‬ ‫إذ‬ ‫مُتشوفه‬ ‫نظرا بعين نحوه‬ ‫من أبطل التكييف هل أبقى له‬ ‫مُتكيفه‬ ‫أو قل برؤية صورة‬ ‫له‬ ‫ولا كيف‬ ‫أما بلا نظر‬ ‫قال الرسول بذا فمن ذا أردفه‬ ‫فالآي ما قالت بلا كيف ولا‬ ‫أولى أم التقديس عن تلك الصفه‬ ‫فانظر لنفسك ما ترى تشبيهه‬ ‫أصل صحيح ليس فيه عجرفه‬ ‫على‬ ‫قابلة‬ ‫للتاويل‬ ‫فالآي‬ ‫مُتهاترا بمقالة مُستهدفه‬ ‫ولنن تصر مُتكاثرا ومُتكابرا‬ ‫تهدي الهى إن لم تكن مُتكلفه‬ ‫قم هات لي من بحر علمك حجة‬ ‫أو راسخ في الشرع أو مُتصوفه‬ ‫من نور عقل أو قياس تفلسف‬ ‫متدرب بشريعة وبفلسفه‬ ‫ربيط ثاقب‬ ‫عقل‬ ‫أتي لذو‬ ‫لستور أكنان الغلوم مُكشفه‬ ‫م‬ ‫بحقيقه‬ ‫ممذود ة‬ ‫وطريقة‬ ‫المعرفه‬ ‫صدق‬ ‫لجوابه برهان‬ ‫كخطابه‬ ‫مُخاطب‬ ‫لكل‬ ‫عندي‬ ‫ثقبا‬ ‫د ذا‬ ‫كي‬ ‫تفلسة‬ ‫يا من‬ ‫هاوية الكثيف المُّتلفه‬ ‫من سجن‬ ‫مُنصفه‬ ‫عنها‬ ‫الرهان‬ ‫فاستنتج‬ ‫قياسنا‬ ‫‪/‬مقدمات‬ ‫هديت‬ ‫اسمع‬ ‫‪- ١٨‬‬ ‫_‬ ‫عرش ولا فرش له مُستكنفه‬ ‫أنى ترى فيمن يرى من لم يكن‬ ‫أبدا مكان كان فيه مُزلفه‬ ‫من كان في كل المكان وما له‬ ‫أزلفه‬ ‫عينه إذ‬ ‫له من‬ ‫أدنى‬ ‫من لا يرى أجفانه أيرى الذي‬ ‫مُتخلفه‬ ‫أعراضها‬ ‫لجواهر‬ ‫أم‬ ‫والجزني‬ ‫للكلي‬ ‫أدركت‬ ‫صرفه‬ ‫قد‬ ‫شارح‬ ‫بقول‬ ‫فصل‬ ‫أم للنوع أم‬ ‫أم مدرك للجنس‬ ‫مُتكيفه‬ ‫حيثية‬ ‫أينيية‬ ‫مهية‬ ‫بلا‬ ‫منظوراً‬ ‫أمه كان‬ ‫بتحيز في وجهة مُتعرفه‬ ‫محدودة‬ ‫متوية‬ ‫كمية‬ ‫بصر ومن شم ومن ذوق الشفه‬ ‫للدركات الخمس من سمع ومن‬ ‫قل لي فما هذا المُجادل زخرفه‬ ‫واللمس كل باطل في حقه‬ ‫المتشوفه‬ ‫النظرة‬ ‫أدركته‬ ‫قد‬ ‫هل فصله أوجبت أم هل وصله‬ ‫قم هات بالبرهان حتى نعرفه‬ ‫لذا‬ ‫مخالفة‬ ‫رؤيته‬ ‫إن قلت‬ ‫شرفا وذاك ورا حجاب أوقفه‬ ‫أو قلت قال الله هذا ناظر‬ ‫أهله قد ذاق منه قرقفه‬ ‫من‬ ‫فأقول هذا القول يفهمه امرؤ‬ ‫فخلفه‬ ‫الشهود‬ ‫من‬ ‫نسى الوجود‬ ‫و‬ ‫بعيانه‬ ‫متفرد‬ ‫متجرد‬ ‫حبيه قربية متشرفه‬ ‫أنسية‬ ‫قدسية‬ ‫حضرة‬ ‫في‬ ‫في مقعد الصدق الذي ما ألطفه‬ ‫أفلاكها‬ ‫في‬ ‫الأملاك‬ ‫زاحم‬ ‫قد‬ ‫ه‬ ‫اليقين لدى كمال المعرفه‬ ‫حق‬ ‫بشهوده‬ ‫ناظر‬ ‫منه‬ ‫فالوجد‬ ‫كمل الكمال لكامل ما أعرفه‬ ‫بل له‬ ‫عين‬ ‫بغير‬ ‫العيان‬ ‫بلغ‬ ‫فذوق أشرب وإلا فاسال المْتصوفه‬ ‫يعرفه‬ ‫الشوق‬ ‫أهل‬ ‫بالذوقن‬ ‫الأخرى لأودى بالغموم المّدنفه‬ ‫لو كان مقطوع الشهود بداره‬ ‫‪- ٩‬‬ ‫فهو الحجاب له فدع من كيفه‬ ‫ولمن يكون عن الشهود بمعزل‬ ‫عن عقلهم وتستروا بالبلكفه‬ ‫وتنصلوا‬ ‫ربهم‬ ‫وربك‬ ‫جهلوا‬ ‫المولى بأستار الضلال المُسدفه‬ ‫حجبوا بذنياهم وأخراهم عن‬ ‫كشفه‬ ‫ذلك‬ ‫فالكشاف‬ ‫بالحق‬ ‫ولئن جهلت الآي ما تأويلها‬ ‫مُتحرفه‬ ‫هدى‬ ‫عن‬ ‫فيها‬ ‫شيء‬ ‫‏‪٣‬‬ ‫تقومه‬ ‫اليقين‬ ‫براهين‬ ‫فيه‬ ‫واسمع هداه واستمع ما أسلفه‬ ‫أنواره‬ ‫إليه واقتبس‬ ‫فانظر‬ ‫ته بين أرباب العلى بالمعرفه‬ ‫الله أكبر يالشيخ زمخشر‬ ‫أن يخسفه‬ ‫لمعارض‬ ‫لا مطمع‬ ‫بلاغة‬ ‫سماء‬ ‫في‬ ‫بدر‬ ‫فلانت‬ ‫لخلاص نفس من ردي مُتخوفه‬ ‫مني السلام على امرئ طلب الهدى‬ ‫« بسم الله الرحمن الرحيم «‬ ‫مكيفه‬ ‫للذوات‬ ‫بعين‬ ‫نظر‬ ‫ذاته‬ ‫يدرك‬ ‫ليس‬ ‫من‬ ‫سبحانه‬ ‫للذات إذ للذات قد تنهى كصفه‬ ‫بصفاته‬ ‫لتهتدي‬ ‫العقول‬ ‫خلق‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫إفتتح كلامه بالتسبيح بعد البسملة دون التحميد ‘ مع أنه المطابق‬ ‫لكلامه المجيد ‪ ،‬وفرقانه الحميد ‪ .‬والمأثور من النبي المحبور ‪ .‬عليه‬ ‫وعلى آله سلام الله العفو الغفور ‪ ،‬مراعاة لبراعة الاستهلال المطلوب ۔‬ ‫في مُفتتح المقال } وتأدية لحق البلاغة ‪ 0‬التي هي مطابقة الكلام لمُْقتضى‬ ‫الحال ‘ إذ الفرض من إنشاد القصيدة ‪ 0‬نفي الرؤية ‪ 0‬التي هي من صفات‬ ‫الجلال } فناسبه ذكر التسبيح ‪ .‬الذي هو تنزيه ذي الجلال ‘ عن النقانص‬ ‫والأرزال ‪ ،‬ذون الحمد ‪ ،‬الذي يناسب صفات الجمال { ويلائم نوت الكمال ‪.‬‬ ‫واختاره على أسبح {‪ 0‬لأن معنى التسبيح ‪ 0‬وما يشتق منه ‘ قول ‪ :‬سڵبحان‬ ‫الله ‪ 0‬فمعناه ‪ :‬لفظ كالتحميد ‪ 0‬الذي هو قول ‪ :‬الحمد لله ؛ وكذا البسملة ‪.‬‬ ‫والحولقة ‪ 0‬أو الحوقلة ‪ .‬وأمثالها كثيرة ‪ ،‬كالتكبير } والتهليل ‘ والترجيع ‪.‬‬ ‫فان معانيها جميعا ‪ 0‬التلفظ بالقول ‪ ،‬الذي تولدت منه ‪ 0‬بخلاف سبحان ‪.‬‬ ‫فإن معناه ‪ :‬التنزيه ‪ .‬الذي هو المقصود في المقام ‪ 0‬فكان أولى وأنسب ؛‬ ‫وسبحان ‪ :‬اسم مصدر سبح { وقاعدة اسم المصدر ‘ أن يصاغ بلفظ‬ ‫المجرد من المزيد فيه ‪ 0‬كالسل من اغتسل ‪ 0‬والطهارة من تطهر ؛ أو‬ ‫يكون في أوله ميم زاندة ‪ 0‬من غير باب المفاعلة ‘ كالمغفرة من غفر ‪.‬‬ ‫‪_ ٢٣‬‬ ‫_‬ ‫المعنى ‪ 4‬بأن‬ ‫© وفرق بينه وبين المصدر بحسب‬ ‫والمحمدة من حمد‬ ‫المصدر عبارة عن نفس الفعل الصادر من الفاعل ‪ 0‬واسم المصدر هي‬ ‫الكيفية الحاصلة من فعل الفاعل ‪ 0‬بعد صدوره منه ‪.‬‬ ‫غسل ‏‪ ١‬لا عضاء‬ ‫عن‬ ‫مطهر ‘ عبارة‬ ‫مصدر‬ ‫هو‬ ‫‏‪ ١‬لتطظهر ‏‪ ١‬لذ ي‬ ‫فان‬ ‫الموظفة بالماء ‪ 0‬أو مسحها بالتراب ‪ 0‬مع الشرائط المفردة لها في كل‬ ‫منهما في الشريعة ؛ والطهارة عبارة عن الحال الحاصلة للمتطهر بعد ذلك‬ ‫الفسل والمسح ‪ ،‬والشرائط المعتبرة فيهما ‪ ،‬الموجبة لاستباحة الصلاة ‪.‬‬ ‫وغيرها من الغايات المشروطة بها ‪ 0‬هذا بحسب الغالب ‪.‬‬ ‫وقد يراد منه معنى المصدر كمانصا ‪ .‬ويأتي لمعان ‪:‬‬ ‫أحدها ‪ :‬التنزيه‪ 0‬كما في قوله (يْلةة) ‪ « :‬ويجعلون لله البنات‬ ‫سبحانه ‪ } )( 4‬أي ‪ :‬أنزهه عن هذا الجعل ‪.‬‬ ‫وثانيهما ‪ :‬التعجب ‪ .‬كقوله رملة ) ‪ ( :‬سبحان الذي أسرى بعبده‬ ‫ليلا » ("ا{ وأصله ‪ :‬أنه يذكر عند كل مُتعجب منه ‪ 0‬لأن كل متعجب يسبح‬ ‫عند رؤية التعجب من صاحبه وصانعه ‪ ،‬ثم كثر ذلك ‪ 0‬حتى استعمل في كل‬ ‫م‬ ‫‪ (« :‬فسبحان الله حين تمسون وحين‬ ‫ل)‬ ‫وتالنها ‪ :‬الصلاة ‪ .‬كقوله‬ ‫(ر ضي ‏‪ ١‬لله‬ ‫عباس‬ ‫} أنه سُنل اين‬ ‫‪ .‬لما روي‬ ‫‪ .:‬صلاة‬ ‫‏)‪ 6 (٣‬أ ي‬ ‫‪4‬‬ ‫تصبحون‬ ‫عنهما) ‪ :‬هل تجد الصلوات الخمس في القرآن ؟ فقال ‪ :‬نعم } وقرأ الآية ‪.‬‬ ‫‏‪. ٩٧‬‬ ‫‪:‬‬ ‫النحل‬ ‫سورة‬ ‫((‬ ‫‪. ١ :‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الإسراء‪‎‬‬ ‫‪. ١٧‬‬ ‫‪:‬‬ ‫الروم‪‎‬‬ ‫سورة‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫‪. ٢٤‬‬ ‫تمسون ‪ :‬صلاة المغرب والعشاء ؛ وتصبحون ‪ :‬صلاة الفجر ؛ وعشيا ‪:‬‬ ‫"مجمع البحرين" ؛‬ ‫صلاة العصر ؛ وحين تظهرون ‪ :‬صلاة الظهر ؛ كذا في‬ ‫والظاهر أن من قوله ‪ [ :‬تمسون ] ‪ 0‬من المؤلف ‪ ،‬لا الرواية ‪.‬‬ ‫والأنسب ‪ :‬أن تسمون ‪ :‬صلاة العصر والمغرب ؛ وتصبحون ‪ :‬صلاة‬ ‫الفجر ؛ وعشيا ‪ :‬صلاة العشاء ؛ وتظهرون ‪ :‬صلاة الظهر ‪ .‬ووجهه‬ ‫واصح ‪.‬‬ ‫ورابعها ‪ :‬التحميد ‪ .‬كقوله يلة ‪ « :‬سبحان الذي سخر لنا هذا وما‬ ‫كنا له مُقرنين » () ‪ 0‬أي ‪ :‬أحمده ؛ ويأتي لمعان آخر يطول الكلام‬ ‫بذكرها ‪.‬‬ ‫والمراد هنا ‪ 0‬المعنى الأول ‘ وهو ظاهر { وهو نصب على المصدر‬ ‫القائم مقام الفعل ‪ 0‬والحذف حيننذ لازم سماعا ‪ }.‬إن كان الكلام خبرا ‪.‬‬ ‫نحو ‪ :‬حمد ‪ ،‬أو شكر ؛ أو قياسا ‪ 0‬إن كان إنشاء كالأمر ‪ ،‬في نحو قوله ‪:‬‬ ‫النعالب‬ ‫ندل‬ ‫المال‬ ‫زريق‬ ‫فندلإ‪9‬ا‬ ‫على حين الهى الناس جل أمورهم‬ ‫والنهي في نحو قولهم ‪ :‬قياما لا قعوداً ‪ 0‬أي ‪ :‬قم ولا تقعد ؛ والذعاء‬ ‫نحو قولهم ‪ :‬سقيا ورعيا ‪ 0‬أي ‪ :‬سقاك الله ‪ 0‬ورعاك الله ؛ والإستفهام‬ ‫التوبيخي ‪ 0‬نحو ‪ :‬أتوانيا وقد جد قرناؤك ‘ وهي من الأسماء اللازمة‬ ‫للاضافة ‪.‬‬ ‫وقد يستعمل علما للتنزيه ‪ 0‬فيقطع عن الإضافة ‪ .‬ويمنع الصرف ‪ .‬كما‬ ‫في قولة ‪:‬‬ ‫‪. ١٣ :‬‬ ‫(‪ (١‬سورة الزخرف‪‎‬‬ ‫الفاخر‬ ‫علقمة‬ ‫من‬ ‫سبحان‬ ‫فحمده‬ ‫جانني‬ ‫لما‬ ‫قلت‬ ‫قد‬ ‫مضاف إلى هاء الضمير ‪ .‬وهو ۔ أي ‪ :‬الضمير ۔ من الكنايات ‪ .‬وقد‬ ‫يسمى ۔ هو خاصة ۔ كناية ومكينا عند القوفيين ‪ 0‬وهو من المعارف الست‬ ‫عند المشهور ‪ 0‬وهي ‪ :‬الضمير { واسم الإشارة ‪ 0‬والعلم ‪ 0‬والنضاف إلى‬ ‫معرفة { والعرف باللام ‪ 0‬واسم الموصول ‘ وقد جمعها ابن مالك في‬ ‫قوله ؛ وغيره معرفة ‪ :‬كهم ‪ {.‬وذي ‪ 0‬وهند ‪ 0‬وابني ‪ 0‬والغلام ‪ 0‬والذي ‪8‬‬ ‫والسبع عند ابن مالك في ‪ " :‬شرح الكافية " ‪ 0‬بزيادة النادى المنكر‬ ‫المقصود ‪ :‬كيا رجل ‪ .‬بخلاف الغير المقصود ‪ :‬كيا رجلا خذ بيدي ‪.‬‬ ‫وتعريفه بالإشارة والمواجهة { كما إختاره في التسهيل ‪ 0‬ونقله في‬ ‫شرحه ‘{ عن نص سيبويه ‪.‬‬ ‫والتع عند ابن كيسان ‘ بزيادة ‪ :‬ما ‪ 0‬وأمن ‪ 0‬لاستفهاميتين ؛‬ ‫والعشر عند ابن خروف ‘ بزيادة ‪ :‬ما ‪ .‬من قولهم ‪ :‬دققته دقاً نعما ‪ .‬فتلك‬ ‫عشرة كاملة ‪.‬‬ ‫راجع إلى المذكور لفظا في كلام الزمخشري في بيتيه ‪ .‬أو المجيب‬ ‫عنه في قصيدته ‪ .‬أو معنى للعلم به © من سياق الكلام ‪ 0‬كقوله (يْلةٌ) ‪:‬‬ ‫« ولأبويه لكل واحد منهما السدس »(') ؛ أو حكما ‪ 0‬كما في ‪ :‬نعم رجلا‬ ‫زيد وربه رجلا ؛ ومن ‪ :‬اسم موصول ‪ .‬وهو ۔ أيضا ۔ من المعارف على‬ ‫ما ذكر أنفا ‪.‬‬ ‫‪ :‬ما أول مع صلته‬ ‫والموصول قسمان ‪ :‬حرفي ‪ .‬واسمي ؛ فالحرفي‬ ‫‪ :‬أن ‪ 4‬وإن ‪ 0‬ولو ‪ 0‬وما ‘{ وكي ؛ وهذ ا القسم ليس من‬ ‫بالمصدر ‘‪ 0‬وهي‬ ‫‪. ١١‬‬ ‫‪:‬‬ ‫النساء‪‎‬‬ ‫) ‪ ( ١‬سورة‬ ‫‪- ٢٦‬‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫؛ ومن‬ ‫المعارف ؛ والاسمي ‪ :‬هي الذ ي مع فرو عه ‪ .‬والتي مع فروعها‬ ‫وما ‪ 0‬وذو ‪ 0‬عند طي ‪ :‬وذا بعد ما ومن الإستفهاميتين } ومن من بينها‬ ‫تختص بمن يعقل ذون غيره ‪ ،‬إلا إذا نزل منزلته ‘ كقوله ‪:‬‬ ‫هويت أطير‬ ‫قد‬ ‫لعلي إلى من‬ ‫أسرب القطا هل من يعير جناحه‬ ‫أو اختلط به تغليبا للافضل ‪ ،‬نحو قوله ريلة) ‪ « :‬يسجد له من في‬ ‫السماوات ومن في الأرض ‪. "(4‬‬ ‫قال ‪ :‬المراد من السجود ‪ 0‬غاية الخضوع ‪ ،‬تكويني كان أو تكليفيا } أو‬ ‫إقترن به في عموم فصل بمن ‪ .‬نحو قوله (تْللة) ‪ « :‬خلق كل دابة من‬ ‫ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجليه ومنهم من‬ ‫يمشي على أربع » ("" ‪.‬‬ ‫وأما ما ‪ 0‬فقيل ‪ :‬أنه مُختص بما لا يعقل ‪ 0‬على عكس من ‘ نحو قوله‬ ‫رتللة) ‪ « :‬والله خلقكم وما تعملون () ؛ وهو وهم لإطلاقه على من‬ ‫يعقل خاصة ‪ .‬كقوله (تلةهة) ‪ « :‬فانكحوا ما طاب لكم من النساء » (ث) ‪.‬‬ ‫نعم ‪ ،‬الاغلب إستعماله فيما لا يعقل ‪ ،‬وهو اسم مبني لمُشابهته الحروف‬ ‫في الإحتياج إلى الجملة ‪ 0‬ومحله الجر ‪ 0‬لكونه عطف بيان ‪ ،‬أو بدلا من‬ ‫الضمير المجرور بالإضافة ‪ 0‬والفرق بين البيان والبدل من وجهين ‪:‬‬ ‫لفظي ومعنوي ‪.‬‬ ‫أما المعنوي ‪ :‬فبأن البيان ليس مقصود بالحكم ‪ 0‬والمقصود بالحكم‬ ‫هو المعطوف عليه { وإنما جيء به لتوضيح المعطوف عليه ‪ .‬بخلاف‬ ‫‪. ٤٥‬‬ ‫‪:‬‬ ‫النور‪‎‬‬ ‫(‪ (٢‬سورة‬ ‫‪. ١٨ .:‬‬ ‫الحج‪‎‬‬ ‫سورة‬ ‫) ‪(١‬‬ ‫‪. ٣ :‬‬ ‫(‪ )٤‬سورة النساء‪‎‬‬ ‫)‪ (٣‬سورة الصافات‪. ٩٦ : ‎‬‬ ‫‪- ٢٧‬‬ ‫البدل ‪ ،‬فإنه هو المقصود بالحكم ذون المبدل منه ؛ والمُبدل منه في حكم‬ ‫الطرح ‪ 0‬بل إتفق النحات على ذلك ‪ 0‬غير أن الإمام الرازي ‪ 0‬نقل عن‬ ‫سيبويه نقضا على كلتيه ‪ 0‬بأنه قد يحتاج إلى المبدل منه لغرض آخر ‪8‬‬ ‫كقولك ‪ :‬زيد ضربت غلامه رجلا صالحا { فلو أسقطت غلامه الذي هو‬ ‫المبدل منه ‪ ،‬لم يصح كلامك ‪ ،‬لأنه يلزم منه وقوع الجملة خبرا من غير‬ ‫رابط ؛ قال ‪ :‬وعليه الرضى والسعد ‪.‬‬ ‫وأما اللفظي ‪ :‬فعرف من القاعدة التي ذكرناها ‪ 0‬من أن كل موضع‬ ‫يصلح اللفظ للبدلية ‪ 0‬يصلح لأن يكون بيانا ‪ ،‬إلآ في مسألتين { احديهما ‪:‬‬ ‫أن يكون التابع مفردا مُعرفا ‪ 0‬والمتبوع مُنادى ‪ 0‬نحو ‪ :‬يا غلام ‪ 0‬ويعمر‬ ‫(بالفتح) ‪ 0‬فيجب في هذه الحالة كونه عطف بيان ‪ 0‬ولا يجوز أن يكون‬ ‫بدلا } لأنه لو كان لكان في تقديره حرف النداء ‪ 0‬ولأن البدل في نية تكرير‬ ‫العامل ‪ 0‬والمْبدل منه أن يكون المتبوع مُعرفا باللام ‪ 0‬مضافا إليه وصف‬ ‫مقرون بها ‘ والتابع خاليا منها ‪ 0‬كقوله ‪ :‬أنا ابن التارك البكري بشر ؛‬ ‫فإن التابع في هذه الصورة يجب أن يكون بيانا لا بدلا ‪ 0‬لما ذكر من أن‬ ‫البدل في حكم السقوط ‪ ،‬فإن أسقط يلزم إضافة الصفة المعرفة بالأمر إلى‬ ‫الخالي عنها ‪ 0‬وهو غاير جائز \‘ إلآ عند الفراء ‪ 0‬فيلزمه جواز المسألة‬ ‫أيضا ‪.‬‬ ‫نعم ‪ 0‬استشكل ابن هشام في حاشية التسهيل ؛ ما علل به هاتين‬ ‫‪:‬‬ ‫المسألتين ‪ 0‬بأنه يغتض في النواني ‪ 4‬ما لا يغتفر في الذوانل ب ولذا جوز‬ ‫وأني ‘ إنك ؤ أنت ‪ ،‬كون أنت توكيد ‪ ،‬أو كونه بدلا ‪ 0‬مع أنه لا يجوز أن ‏‪٨‬‬ ‫أنت ‪.‬‬ ‫‪- ٢٨‬‬ ‫۔‪‎‬‬ ‫وأما مسألة إبدال اسم الظاهر من الضمير ‘ فلا إشكال فيها ‪ .‬إذا كان‬ ‫نعم في ‏‪ ١‬لضمير ‏‪ ١‬لحاضر غير جانز < ‏‪ ١‬ل بأحد‬ ‫هنا‪.‬‬ ‫‏‪ ١‬لضمير غانبا كما‬ ‫الشروط الثلاثة التي ذكرها ابن مالك في قوله ‪:‬‬ ‫جلا‬ ‫أحاطه‬ ‫إلا ما‬ ‫تبدله‬ ‫الظاهر لا‬ ‫ومن ضمير الحاضر‬ ‫استمال‬ ‫ابتهاجك‬ ‫كأنك‬ ‫اشتمالا‬ ‫أو‬ ‫بعضا‬ ‫اقتضى‬ ‫أو‬ ‫و [ ليس { ‪ :‬فعل من الأفعال الناقصة ‪ ،‬التي تدخل على الجمل‬ ‫الاسمية ‪ .‬فترفع المبتدأ ليكون اسمها ‪ ،‬وتنصب الخبر ليكون خبرها ؛‬ ‫ومعناها ‪ :‬نفي الحال ‘ وهي من الأفعال الجامدة ‪ 0‬الغير المتصرف فيها ‪:‬‬ ‫كنعم ‪ 0‬وبنس ‪.‬‬ ‫وأما الباقي من أخواتها ‘ فمنها ما له مُضارع ‘ وأمر ‪ 0‬ومصدر ‪.‬‬ ‫ووصف \{ وهي ‪ :‬كان ‪ 0‬وظل ‘ وبات ‪ 0‬وأضحى ‘ وأصبح ‪ .‬وأمسى ‪.‬‬ ‫وصار ؛ ومنها ما له مضارع ووصف ‘ ذون أمر ومصدر ‘ وهو ‪ :‬زال ه‬ ‫وبرح ‪ 0‬وفتأ ‪ 0‬وانفك ؛ ومثله ‪ :‬ما دام ‪ .‬غير أن الحكم في (ليس) اتفاقي ‪.‬‬ ‫لأنه وضع وضع الحروف ‪ ،‬في أنه لا يفهم معناه ‪ 0‬إلآ بذكر مُتعلقه ‪.‬‬ ‫وفي ( ما دام ) خلافي ؛ فعند الفراء ‪ 0‬وكتير من المتأخرين ‪ :‬أنه‬ ‫كذلك ‪ ،‬لذنه صلة (لما) الظرفية ؛ وكل فعل وقع صلة (لما) { التزم مضيه ؛‬ ‫قاله أبو حيان ‪.‬‬ ‫وأما ‪ :‬يدوم } وذم ‪ 0‬ودانم } ودوام ‪ 0‬فمن تصرفات العامة ‪ .‬واسمه‬ ‫ضمير مُستتر فيه جوازا ‪ 0‬راجع إلى [من{ ‪ 0‬وخبره [ يدرك { ‪ :‬وهو‬ ‫فعل مُضارع معلوم من باب الأفعال ‪ .‬وأصله ‪ :‬يؤدرك ؛ فلما اجتمعت فيه‬ ‫‪-_ ٢٩‬‬ ‫همزتان في فعل المتكلم ‪ 0‬حذفت أحديهما للنقل ‘ وخذفت من باقي صيغها‬ ‫؛ ومعنى ‏‪ ١‬لإدراك ‪ :‬لغةا للحوق ‪ .‬وا طلاع‬ ‫‪ :‬يدرك‬ ‫‏‪ ٠‬فصار‬ ‫اللباب‬ ‫طرد‬ ‫الحيوان على الأمور الخارجية بواسطة الحواس ‪ ،‬وهو زاند على العلم في‬ ‫حقنا ‪ 0‬لا في حق الحق (تْلة) { لأنا نعلم قطعا بحرارة النار ‪ .‬ونحس بأمر‬ ‫زاند عند المباشرة ‪ ،‬وذلك إنما هو بواسطة الحواس ى والبارئ (يللةة) لما‬ ‫كان مُنزها عن الحواس ‪ ،‬التي هي من صفات الأجسام ‘ لم يبق من معناه‬ ‫إلآ علمه بالسدركات ‪ 0‬كعلمه بالصوت الذي يدركه السمع { ونحو ذلك ه‬ ‫وسيأتي التفصيل في شرح الصفات ‪.‬‬ ‫و [ ذاته { (بالنصب) ‪ :‬مفعولة ‪ 0‬وأصلها ‪ :‬ذا ‪ :‬اسم إشارة ‪.‬‬ ‫‘ ومعنا ها ‪ :‬نفس ‏‪ ١‬لشيء وحقيقته ‪.‬‬ ‫‪ :‬للتأنيف‬ ‫وا لتا غ‬ ‫وحكي عن الأخفش ‪ 8‬أنه قال ‪ :‬إنما أنتوا الذات ‪ 0‬لأن بعض الأشياء قد‬ ‫يوضع له اسم مؤنث ‪ ،‬واسم مذكر ‪ 0‬كما قالوا ‪ :‬دار ‪ 0‬وحائط ؛ أنثوا ‪:‬‬ ‫ه انتهى ‏‪٠‬‬ ‫‪ :‬الحانط‬ ‫الدار ‘ وذكروا‬ ‫قوله ‪ :‬إنظر ‪ :‬فاعل يدرك { ومعناه ‪ :‬لغة ؛ قال في ‪" :‬القاموس" ‪:‬‬ ‫‘‬ ‫ومنظرة‬ ‫} واليه نظر ‘ أو منظر ‘ أو نظرا نا‬ ‫‪ 0‬وسمعه‬ ‫‪ .‬كصضصربه‬ ‫نظره‬ ‫وانتظار ‪ ،‬أ ي ‪ :‬تأمله بعينه كتنظره ‪.‬‬ ‫‪ 4‬تقدره وتقيسه ‪.‬‬ ‫نم قال ‪ :‬والنظر محركه الفكر في ‏‪ ١‬لشيء‬ ‫أقول ‪ :‬فيقع النظر على الأعيان الخارجية ‪ 0‬والمعاني الذهنية } فما‬ ‫كان بالإبصار { فهو للإعيان ؛ وما كان بالبصائر ‪ 0‬فهو للمعاني ‘ وهو‬ ‫السْناسب لاصطلاح أرباب المعقول ‘ من أن النظر ترتيب أمور حاصلة ‪.‬‬ ‫يتوصل بها إلى تحصيل غير الحاصل ‘ سواء كانت تصورات ‘ أو‬ ‫‪_ ٣٠‬‬ ‫تصديقات ‪.‬‬ ‫فإن كانت تصورات { تسمى ‪ :‬معرف ؛ أو تصديقات ‪ :‬فحجة ؛ والذول‬ ‫قسمان ‪ :‬حد ورسم ‘ وكل منهما قسمان ‪ :‬تام وناقص ‘ والتعريف بالفصل‬ ‫القريب ‪ :‬حد ‪ 0‬وبالخاصة ‪ :‬رسم ؛ فإن كان من الجنس القريب ‪ :‬فتام ‪.‬‬ ‫وإلا ‪ :‬فناقص ‪ 0‬سواء كان مع الجنس البعيد ‪ 0‬أو كان بالفصل وحده ‪ ،‬أو‬ ‫بالخاصة وحدها ‪ 0‬على ما ذهب إليه بعض المُتأخرين من جواز التعريف‬ ‫بهما وحدهما ‪.‬‬ ‫وهذا التعريف الذي ذكرناه للنظر ‪ 0‬إنما هو على رأي المتأخرين ‪.‬‬ ‫حيث زعموا أن الفكر أمر مغاير للإنتقال ‪.‬‬ ‫وأما الأوانل ‘ فقد جعلوه نفس الإنتقال ‪ 0‬وعرفوه بأنه حركة ذهن‬ ‫الإنسان نحو المبادئ ‪ 0‬والرجوع عنها إلى المطالب ‪ 0‬فما منه الحركة‬ ‫الذولى هو المطلوب ‘ المشعور به من وجه ‘ لامتناع تحصيل المجهول‬ ‫المطلق ‪ 0‬وتوجه النفس إليه المجهول بالوجه المطلوب حصوله ‪ .‬وما‬ ‫الحركة فيه هو الصور العقلية المخزونة عند النفس ‪ 0‬من التصورات‬ ‫والتصديقات المعلومة ‪ 0‬وما هي إليه هو الحد الأوسط في التصديقات ‪.‬‬ ‫والذاتي والعرضي في التصورات ‪ 0‬وهي ۔ أي ‪ :‬الحد الأوسط ‪ ،‬والذاتي ‪.‬‬ ‫والعرضي ۔ ما منه الحركة الثانية ‪ 0‬وما هي فيه‪ ،‬هو الحدود والذاتيات‬ ‫والعرضيات ‪ ،‬ليرتبها ترتيب خاصا ‘ وما الحركة الثانية إليه‘ هو تصور‬ ‫المطلوب ‘ إن كان أمرآ تصوريا { أو التصديق به {‪ 0‬إن كان تصديقيا ‪.‬‬ ‫‪ :‬ما هو بمنزلة المادة ى أ عني ‪:‬‬ ‫فالحركة ا لأولى ‪ :‬تحصل المادة ‪ .‬أ ي‬ ‫المبادئ التي يوجد معها الفكر بالقوة ‪.‬‬ ‫‏‪ ٣١‬۔‬ ‫والحركة التانية ‪:‬تحصل الصورة كذلك { أعني ‪:‬الترتيب الذي يوجد‬ ‫معه الفكر بالفعل ‘ وإلا فالفكر كيفية نفسانية ‪ .‬وهي عرض لا مادة له ولا‬ ‫صورة ‪ .‬وحيننذ يتم الفكر بكلا جزنيه ‪ 4‬ويرادفه النظر في المشهور‬ ‫والصواب ‪ 8‬أن النزاع لفظي واقع { في أن إطلاقالفكر على أي المعنيين }‬ ‫فإن الإتفاق مانلمتقدمين واقع ‘على أن النظر والفكر فعل صادر عن‬ ‫النفس ‘ لاستحصال المجهولات من المعلومات ‪.‬‬ ‫ولا شك أنا إذا أردنا تحصيل مجهول مشعور به ‪ .‬من وجه انتقلت‬ ‫النفس منه ‪ 0‬وتحركت في المعقولات حركة كيفيه ‪ 0‬إلى أن تجد مبادئ هذا‬ ‫المطلوب ‪ ،‬تم يتحرك في تلك المبادئ على وجه مخصوص ‘ تم ينتقل‬ ‫منها إلى المطلوب ‪ ،‬فهناك انتقالان ‪.‬‬ ‫ويلزم الإنتقال الثاني ‪ 0‬ترتيب المبادئ ‪ }.‬فذهب المحققون إلى أن الفعل‬ ‫المتوسط الصادر عن النفس ‪ 8‬الواقع بين المعلومات والمجهولات‬ ‫للاستحصال ‘{ هو مجموع الإنتقالين ‪ 0‬إذ به يتوصل من المعلوم إلى‬ ‫هو الفكر ‪.‬‬ ‫ف‪0‬‬‫المجهول ‪ ،‬تواصلا اختيارا للصناعة { فيه مدخل تام‬ ‫وأما الترتيب المذكور ‪ 0‬فهو لازم له ‪ 0‬بواسطة الجزء الثاني ‪.‬‬ ‫وذهب المُتأخرون إلى أن الفكر هو ذلك الترتيب الحاصل من الإنتقال‬ ‫الناني ‪ 0‬لأن حصول المجهول من مبادئه ‪ .‬يدور عليه وجودا وعدما ‪.‬‬ ‫وأما الانتقالان ‪ :‬فهما خارجان عن الفكر ‪ .‬إل أن الإنتقال الثاني لازم‬ ‫له } أو لا يوجد بدونه قطعا ؛ والأول لا يلزمه ‪ 0‬بل هو أكثري ‪ 8‬إذ يمكن‬ ‫أن يوجد مبادئ المطلوب دفعه بلا حركة ‪ 0‬أو تكون حاصلة عندنا من غير‬ ‫_ ‪- ٣٢‬‬ ‫ترتيب فيرتبها ‪ .‬فيوجد الترتيب ولا يوجد الإنتقال الاول ‪ ،‬لكنه قليل ه‬ ‫والمراد به هو المعنى الأول بقرينه ‘ قوله ‪ :‬بعين ‘ وهو جار ومجرور ‪.‬‬ ‫مُتعلق بقوله ‪ :‬يدرك ‪ .‬وهو من المُؤنثات السماعية ‪ .‬وهي كثيرة ‪ 0‬من‬ ‫جملتها ‪ :‬كل ما يوجد في الانسان منه إتنتان ‪ :‬كالعين ‘} والأذن ‪ 0‬واليد ‪9‬‬ ‫والرجل ؛ وكل ما فيه منه واحد ‪ ،‬فهو مُذكر ‪ :‬كالرأس ‪ ،‬والأنف ‪ ،‬إلا‬ ‫النفس والروح ‪ ،‬فانهما مُْؤنثتان أيضآ ‪ .‬وهو لفظ مشترك بين معان‬ ‫كنيرة } ربما إنتهت إلى سبعين ‪.‬‬ ‫والفراد منه هنا ‪ :‬الباصرة بقرينة ‘ قوله ‪ :‬نظر وتوهم ‪ .‬أنه ذور‬ ‫فحال ‘ مدفوع بأن الذور قسمان { أحدهما ‪ :‬أن يتوقف إتصاف أحد‬ ‫الطرفين بصفة ‪ .‬على إتصاف الآخر بصفة أخرى وبالعكس ‪ .‬كتوقف قيام‬ ‫إحدى اللبنتين على قيام الأخرى ‘ وتوقف أبوة زيد على بئوة عمرو‬ ‫وبالعكس ؛ وهذا هو المُسمى بالذور المعي ‘ وهو ليس بمحال ‘ لأنه لا‬ ‫يلزم منه تقدم النيء على نفسه ‘ أو غيره من وجوه محالية الذور ‪8‬‬ ‫وسيأتي ذكرها ‪.‬‬ ‫وثانيهما ‪ :‬أن يتوقف الشيء بوجوده الخارجي ‪ ،‬أو الذهي { على ما‬ ‫يتوقف عليه كذلك ؛ فالأول ‪ :‬كالعلة والمعلول ؛ والتاني ‪ :‬كالمُعرَّف‬ ‫والمْعررّف ‪ 0‬أما بلا واسطة { وهو الدور المصرح ‪ 0‬كتوقف (الأالف) على‬ ‫(ب) و (ب) على (أ) ‪ 0‬أو بواسطة (أ) ‪ 0‬وبوسائط ‪ 0‬وهو الدور المُلضمر‬ ‫كتوقف (ا) على (ب) ‪ ،‬و (ب) على (ج) ‪ 0‬و (ج) على (أ) ‪ 3‬وهذان‬ ‫القسمان مُحالان ‪.‬‬ ‫والثاني أردئ من الأول ‪ 0‬لما سيظهر لك من وجه المحالية ‪ .‬وهو أنه‬ ‫_‪- ٣٣‬‬ ‫على فرض الذور ‪ 0‬يلزم تقدم النيء على نفسه وجوده قبل وجوده‬ ‫بمرتبتين ‪ 0‬واللازم باطل بالضرورة ‪ 8‬لبداهة أن كل شيء في مرتبة نفسه‬ ‫بحسب الوجود ‪ ،‬لا يتقدم عليها ولا يتأخر عنها ؛ فالملزوم وهو الدور ‪.‬‬ ‫مثله بيان الملازمة ‪ ،‬أنه إذا توقف (أ) على (ب) ‪ 0‬كان (ب) سابقا على‬ ‫)أ( ‪ 4‬على ما هو لازم معنى التوقف ؛ فإذا توقف (ب) على (أ) ‪ 0‬على ما‬ ‫هو معنى الذور ‪ 0‬لزم تقدم كل واحد من (أ) ‪ 0‬و (ب) على نفسه ‪.‬‬ ‫وحصوله قبل حصوله بمرتبتين } وذلك لأن (أ) سابق على سابقه الذي‬ ‫هو (ب) بالفرض ‪.‬‬ ‫ولو كان في مرتبة سابقة ‪ 0‬كان متقدما على نفسه بمرتبة واحدة ‪.‬‬ ‫فإذا سبق على سابقه على ما هو المفروض من معنى الدور ‪ ،‬فقد تقدم‬ ‫على نفسه بمرتبتين ‪ 0‬وقس عليه حال (ب) {‪ 0‬هذا حال الدور المصرح ‪.‬‬ ‫وأما المُضمر { الذي هو عبارة عن توقف أحد الأمرين على الآخر‬ ‫بواسطة أو بوسائط { فيزيد التقدم فيه على المرتبتين بعدد الوسانط ه‬ ‫فالواسطة الواحدة يلزم التقدم بثلاث مراتب وهكذا ؛ ولذا ۔ قلنا ‪ :‬أنه أردئ‬ ‫من المصرح ‪.‬‬ ‫۔ كما مر آنفا ‪ -‬ويمكن توجيه‬ ‫وأما بطلان اللازم ‪ 0‬فهو ضروري‬ ‫المحالية بوجه آخر ‪ .‬وهو ‪ :‬أنه يلزم أن يكون الشيء الواحد موجودا‬ ‫ومعدوما معا ‪ 3‬وهو أيضا مُحال { وذلك لأنه إذا توقف (أ) على (ب) ‪ 0‬كان‬ ‫(الالف) متوقف على (ب) ‪ 0‬وعلى جميع ما يتوقف عليه (ب) ‪.‬‬ ‫ومن جملة ما يتوقف عليه (ب) هو (الألف) نفسه ‘ فيلزم توقفه على‬ ‫‪.- ٣٤‬‬ ‫نفسه ‪ 0‬كما ذكرنا في الوجه الذول ‘ والموقوف عليه متقدم على الموقوف‬ ‫في الوجود ‪ ،‬فيلزم تقدمه على نفسه ‪ 8‬للزوم التوقف التقدم كما ذكرنا ‪.‬‬ ‫والمتقدم من حيث هو متقدم ‪ 0‬يكون موجودا قبل المتأخر ‪ .‬فيكون (الأذلف)‬ ‫حيننذ موجودا قبل نفسه ‪ ،‬فيكون موجودا ومعدوماً معا في آن واحد ‪.‬‬ ‫ويمكن توجيهه بوجه آخر ‘ وهو لزوم اجتماع النقيضين { وارتفاعهما‬ ‫على تقدير الدور ‪ ،‬وذلك لأنه إذا توقف (أ) على (ب) بمرتبة أو بمراتب ‪.‬‬ ‫وتوقف (ب) على (أ) كذلك ‪ 0‬يلزم تقدم كل منهما على نفسه بمراتب ‪.‬‬ ‫وتأخر كل منهما على نفسه بمراتب ‪ ،‬لأن التقدم والتأخر مُتضايفان ‪.‬‬ ‫وكلاهما ضروري البطلان ‪ 0‬لاستلزامهما اجتماع النقيضين وارتفاعهما ‪.‬‬ ‫لأن تحقق التقدم والتأخر يستلزم إنتفاء التأخر وتحققه ‪ .‬وذلك اجتماع‬ ‫النقيضين ‪.‬‬ ‫وأيضا تحقق التقدم ‪ 0‬يستلزم إنتفاء التأخر ‪ 0‬وتحقق التأخر يستلزم‬ ‫إنتفاء التقدم ‪ 0‬وذلك ارتفاع النقيضين ؛ وهنا وجوه أخر ‪ 0‬يطول الكلام‬ ‫بذكرها ‪ .‬ولا يلزم شيء من ذلك فيما نحن فيه ‪ ،‬لأن التوقف في الصفة‬ ‫من قبيل الإضافة والمْتضايفان ‏‪ ٠‬وإن توقف تصور كل منهما على الآخر‬ ‫كالأبوة والبنوة ‪ 0‬إلآ أن الصفتين كليهما تحصلان بوجود الابن دفعة‬ ‫واحدة ‪ 0‬لا تقدم في البين ولا تأخر ‪ 0‬والسر في ذلك ‪ :‬أن الإتصاف من‬ ‫الأمور الإعتبارية التي ليس لها ما بإزاء في الخارج ‪ 8‬والتقدم والتأخر‬ ‫زمانا كان أو مكانا ‪ 3‬إنما هو من خواص الحقائق المتأصلة ‪ 0‬كما حقق في‬ ‫محله منه ‪ 0‬وما نحن فيه كذلك ‪ ،‬ولذا سمى ذورآ معي ‘ وتلك الصفة فيما‬ ‫نحن فيه ‘ هي تعيين واحد من معاني المشترك ‘{ وهو المقصود من‬ ‫_ ‪_ ٣٥‬‬ ‫القرينة فيه ‪ 0‬ذون وجوده خارجا أو ذهنا ‪ 0‬الذي هو مناط الذور المحال‬ ‫كما عرفت ‪ ،‬فاعرف ذلك ‪ ،‬فإنه لا يخلو عن دقة ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬للذوات ) ‪ :‬هو ظرف مُستقر ‘ نعت لعين { باعتبار متعلقه‬ ‫المحذوف وجوبا ‪ 0‬وهو ثابت ‪ 0‬ونحوه من أفعال العموم ‪ 0‬والفرق بينه‬ ‫وبين ظرف اللغو ‪.‬‬ ‫‘‬ ‫يسمى ‪.7‬‬ ‫‏‪ ٠‬فما ‪ :‬متعلقه عام‬ ‫المتعلق وخصوصه‬ ‫قيل ‪ :‬عموم‬ ‫أو محذوفاً ‪.‬‬ ‫مذكور‬ ‫‘ سوا ح كان‬ ‫يسمى لغو‬ ‫خاص‬ ‫وما ‪ :‬متعلقه‬ ‫وقيل ‪ :‬حذفه وذكره ‪ 0‬فالأول ‪ :‬مُستقر ‪ .‬والتاني ‪ :‬لغو ‘ سواء كان‬ ‫عاما أو خاصا ؛ والمشهور أن المستقر ‪ 0‬ما كان متعلقه عاما ‪ .‬كحصل‬ ‫‪ 0‬وهو‬ ‫‪ .‬أو حالا‬ ‫أو صلة‬ ‫‘ أو نعت‪.‬‬ ‫‏‪ ٥‬كالواقع خبر‬ ‫الحذف‬ ‫واجب‬ ‫ونحوه‬ ‫الحق ‪ .‬وهو بفتح (القاف) ‪ 0‬وأصله المستقر فيه ‪ ،‬سمي به لاستقرار‬ ‫الضمير فيه ‪ .‬وحذف الجار إختصارا ‪ 0‬أو لتعلقه بالاستقرار العام ‪.‬‬ ‫وفي مقابله اللغو } سمى به لكونه فارغا من الضمير { فهو لغو‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪ ٥‬وقد تقدم معناه {} وجمع أيضا على ذويات‬ ‫وملغي ‪ 4‬وهو جمع ذات‬ ‫مثل ‪ :‬حصاة وحصيات { وعلى ذوي ‪ :‬كنواة ونوى ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬مكيفه { (بالجر) ‪ :‬نعت ثان لعين ‪ 0‬وتأنينها ‪ 0‬لتأنيتها‬ ‫وهو اسم مفعول لكيف ‏‪ ٥‬على وزن فرح ‘ مولد من الكيف ؛‬ ‫سكنت للقافية‬ ‫‪ :‬الكيف ‪ :‬القطع ‪.‬‬ ‫ومعناه ‪ :‬لغة } قال في !! القاموس"‬ ‫للساكنين ‘‬ ‫آخره‬ ‫‪ :‬كيف ‪ :‬اسم مبهم غير متمكن ‪ .‬حرك‬ ‫و يقال‬ ‫(وبالفتح) لمكان (الياء) ‪ 0‬والغالب فيه أن يكون استفهاماً ؛ أما حقيقيا ‪:‬‬ ‫‪- ٣٦‬‬ ‫كيف تكفرون بالله » (') ‪ ،‬فإنه أخرج مخرج‬ ‫ككيف زيدا ‪ 0‬وغيره ‪ :‬ك ‪:‬‬ ‫التعجب ‪:‬‬ ‫جلل الرأس مشيب وصلع‬ ‫كيف ترجون سقاطي بعدما‬ ‫فانه أخرج مخرج النفي ‪.‬‬ ‫إللى أن قال ‪ :‬وقول المتكلمين كيفتة ‪ 0‬فتكيف قياس لا سماع فيه ‪.‬‬ ‫إنتهى ‪.‬‬ ‫ومُراده من قوله ‪ :‬قياس ‪ .‬أي ‪ :‬كقياس استحجر الطين ‪ 0‬يعني ‪ :‬أنه‬ ‫من الأفعال التوليديه التي تؤخذ من الأسماء الجامد ‪ 0‬لا كقياس فرح ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫الإشتقاق من المصدر‬ ‫هو‬ ‫و‬ ‫ومن قوله ‪ :‬لا سماع ‘‪ ،‬أي ‪ :‬لم يسمع من الصدر الأول من العرب ‪ ،‬أو‬ ‫من المخضرمين ‘ بل من المولدين ‪ 0‬فانه مأخوذ من الكيف ‪ ،‬الذي هو‬ ‫اسم مُبهم ‪ 0‬كما سمعت ‪ .‬وهو أحد الاعراض التسع التي هي من الأجناس‬ ‫العالية ‪ .‬عورفوه بأنه عرض ‘ لا يقتضي قسمة ولا نسبة ‘ وقد يزاد أولا‬ ‫قسمة ‪ .‬احترازاً عن الوحدة والنقطة ‪.‬‬ ‫أقول ‪ :‬لا طريق إلى تعريف الأجناس العالية ‪ .‬سوى الرسوم الناقصة‬ ‫التي هي كالتعريف اللفظي ‘ الذي هو بيان مدلول اللفظ ‘ لا كشف حقيقته ‪.‬‬ ‫كقول اللغويين ‪ :‬سعدانة نبت ‪ ،‬إذ لا يتصور لها جنس ‪ 0‬وهو ظاهر { ولا‬ ‫فصل لما قيل من أن ما لا جنس له لا فصل له ‪ .‬وتركبها من أمرين‬ ‫متساويين ‪ 0‬ليكون كل منهما فصلا مجرد إحتمال عقلي لا يعرف تحققه ‪.‬‬ ‫‪. ٢٨‬‬ ‫‪:‬‬ ‫البقرة‪‎‬‬ ‫سورة‬ ‫) ‪(١‬‬ ‫‪- ٣٧‬‬ ‫۔‪‎‬‬ ‫بل ربما أقيمت الدلالة على انتفانه ‪ 0‬كما حقق في محله ولم يظفر للكيف ‏‪٥‬‬ ‫بخاصة لازمة شاملة سوى العرضية والمُغايرة للكم وللاعراض النسبية ‪.‬‬ ‫إلآ أن التعريف بها تعريف للشيء بما يساويه معرفة وجهالة ‘ لأن‬ ‫الاجناس العالية ليس بعضها أجلى من البعض الآخر ‘} فعدلوا عن ذكر كل‬ ‫من الكم والأعراض النسبية ‪ 0‬إلى ذكر خاصته التي هي أجلى ‪.‬‬ ‫فقالوا ‪ :‬هو عرض لا يقتضي لذاته قسمة ‪ .‬ولا يتوقف تصوره على‬ ‫تصور غيره ‪ 0،‬فخرج الجوهر ‪ 0‬والكم ‪ 0‬والاعراض النسبية ؛ ومن جعل‬ ‫الوحدة والنقطة من الأعراض ‪ ،‬زاد قيد عدم اقتضاء اللا قسمة { احترازآ‬ ‫عنهما ‪ .‬وقيدوا عدم اقتضاء القسمة واللا قسمة بالذات { والذولية لنلا‬ ‫يخرج من التعريف العلم بالمركب وبالبسيط ‪ 0‬حيث يقتضي القسمة واللا‬ ‫قسمة ‪ 3‬نظرا إلى المتعلق ‪.‬‬ ‫فإن قيل ‪ :‬من الكيفيات ما يتوقف تعقله على تعقل شيء آخر ‪ ،‬كالعلم ‪.‬‬ ‫والقدرة } والاستقامة } والانحناء ‪ 0‬ونحو ذلك ‪.‬‬ ‫قلنا ‪ :‬ليس هذا توقف ‪ 0‬وإنما هو استلزام واستعقاب ‪ .‬بمعنى ‪ :‬أن‬ ‫تصوره يستلزم تصور متعلق له بخلاف النسبيات { فإنها لا تتصور إلا بعد‬ ‫تصور المنسوب والمنسوب إليه ‪.‬‬ ‫وبالجملة ‪ .‬فالمعنى بالكيفية ما ذكر ‪ 0‬فلو كان شيء مما يعد في‬ ‫الكيفيات على خلاف ذلك ‪ ،‬لم يكن كيفية } والمشهور في تعريف الكيفية ‪.‬‬ ‫أنها هيئة قارة لا يوجب تصورها تصور شيء خارج عنها وعن حاملها ‪.‬‬ ‫ولا تقتضي قسمة ولا نسبة في أجزاء حاملها ‪ .‬واحترز بالقيد الخخير عن‬ ‫الوضع ‘ وبالأول عن الزمان ‘ والفعل ‪ 0‬والإنفعال ‘ واعترض بأن‬ ‫‪- ٣٨‬‬ ‫_‬ ‫الاحتراز عن الفعل والإنفعال حاصل بالقيد الثاني ‪ 0‬وعن الزمان بالقيد‬ ‫الالف ‪ 0‬على أن من الكيفيات ما ليست بقارة كالصوت ‪ 0‬ومنها ما يوجب‬ ‫تصورها تصور أمر خارج كالعلم والقدرة ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬خلق )ع ‪ :‬فعل ماض‪ ,‬من باب قتل يقتل ‘ مصدره ‪ :‬الخلق ‪.‬‬ ‫فهو خالق وذاك مخلوق ؛ ومعناه ‪ :‬لغة ؛ قال في " القاموس "" ‪ :‬الخلق ‪:‬‬ ‫التقدير ‪ 0‬والخالق في صفاته (ييلة) ‪ :‬المبدع للشيء ‪ ،‬المُخترع على غير‬ ‫مثال سبق ‪.‬‬ ‫نم قال ‪ :‬وخلق ‪ :‬كفرح ‪ 0‬وكرم ‪ 0‬واملاص حجرا خلق ‘ وصخره‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫خلقاء ‪ 0‬وككرم صار خليقا } أي ‪ :‬جديرآ ‪ 0‬انتهى ‪.‬‬ ‫ونقل عن بعض الأعلام ‪ 0‬أنه قال ‪ :‬قد يظن أن الخالق ‪ 0‬والبارئ ‪.‬‬ ‫والمصور ؤ ألفاظ مُترادفة ‪ 0‬وأن الكل يرجع إلى الخلق والإختراع ‪ 0‬وليس‬ ‫كذلك { بل كل ما يخرج من العدم إلى الوجود مُفتقر إلى تقديره أولا ‪.‬‬ ‫وايجاده على وفق التقدير تانيا ‪ 0‬وإلى التصوير بعد الإيجاد ثالثا ‪.‬‬ ‫فالله تلة خالق من حيث هو مقدر ‘ وبارئ من حيث هو مخترع ‪.‬‬ ‫ومصور من حيث أنه مرتب صور المخترعات أحسن ترتيب ‪ 0‬وفاعله‬ ‫ضمير مُستتر راجع إليه ل) ‪.‬‬ ‫والجملة ‪ 0‬استنناف أو استدراك عما قبله بتقدير حرف الاستدراك ‪.‬‬ ‫وهو الأنسب ؛ و } العقول { ‪ :‬مفعوله ‪ 0‬وهو جمع عقل ‪ .‬كفلس‬ ‫وفلوس ‘ ومعناه ‪ :‬لغة ‪ 0‬كما في "" القاموس "" ‪ :‬العقل ‪ :‬العلم ‪ ،‬أو‬ ‫بصفات الأشياء من حسنها ‪ .‬وقبحها ‘ وكمالها ‘ ونقصانها ‪ .‬أو العدم‬ ‫‪- ٣٩‬‬ ‫_‬ ‫بخير الخيرين وشر الشرين ‪ ،‬أو مُطلق الأمور ‘ أو لقوة بها ‪ 0‬يكون‬ ‫التميز بين القبيح والحسن ‘ ولمعان مُجتمعة في الذهن ‪ 0‬تكون بمقدمات‬ ‫يستتب الأغراض والمصالح ‪ 0‬ولهينة محمودة للإننبان في حركاته‬ ‫وكلامه ‪ ،‬والحق أنه نور روحاني ‘ به تدرك النفس العلوم الضرورية‬ ‫والنظرية { وابتداء وجوده عند اجتنان الولد { ثم لايزال ينموا إلى أن‬ ‫يكمل عند البلوغ جمع عقول ‘ انتهى ‪.‬‬ ‫أقول ‪ :‬وقد قسموه أرباب المعقول بأقسام أربعة ‪ 0‬مرتب بعضها على‬ ‫بعض ‘ وذلك لأن النفس في مبدأ الفطرة خالية عن العلوم بأسرها { قال‬ ‫الله (تْلة) ‪ « :‬والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شينا » () ‪.‬‬ ‫لكنها مستعدة لها ‪ 0‬وإلا لامتنع اتصافها بها وعروضها لها ‪ ،‬وحيننذ‬ ‫تسمى هذه المرتبة التي هي الاستعداد المحض ‪ ،‬أو النفس في هذه‬ ‫المرتبة ‪ .‬وكلا الإستعمالين مشهودان عندهم عقلا هيولانيا ‪ .‬تشبيها لها‬ ‫بالهيولي الخالية في نفسها عن جميع الصور القابلة لها ‪.‬‬ ‫وإنما قلنا ‪ :‬في نفسها ‘ لأن الهيولي الأولى يستحيل خلوها عن‬ ‫الصور كلها ‪ 0‬إلا أنها في حد ذاتها خالية عنها ‘ أي ‪ :‬ليست مأخوذة مع‬ ‫شيع منها ‪ 0‬بخلاف النفس الناطقة ‪ ،‬فإنها في مبدأ الفطرة } خالية عن‬ ‫الصور العلمية بأسرها ‪ 0‬وأن نوقش بأنها لا تغفل عن ذاتها ‪ 0‬وإن كانت‬ ‫في ابتداء طفوليتها ‪ 0‬وإنما قيدنا الهيولي بالأولى ‪ 0‬لأنها قد تطلق على‬ ‫الجسم ‪ 0‬إذا تركب منه جسم آخر ‘ كالسرير المركب من قطع الخشب ى ولا‬ ‫يتصور خلوه في نفسه عن الصورة ‪ .‬لكونه مأخوذا معها ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬سورة النحل ‪ :‬‏‪. ٧٨‬‬ ‫تم إذا استعملت آلاتها ‪ .‬أعني ‪ :‬الحواس الظاهرة والباطنة ى حصل لها‬ ‫علوم أولية } أي ‪ :‬ضرورية ‪ 0‬فإن الضروريات أوانل العلوم ‪ 0‬والنظريات‬ ‫نوانيها ‪ 0‬وكيفية حصولها ‪ .‬إنها إذا استعملت تلك الآلات ‪ .‬وأدركت‬ ‫الجُزينات ‪ .‬وانتبهت لما بينها من المشاركات والمُباينات ‪ 0‬استعدت لن‬ ‫تفيض عليها من المبدأ الفياض ‪ 0‬صور كلية يخبر من بنسبه بعضها إلى‬ ‫بعض ‘ إيجابا أو سلبا ‪ 0‬إما بمجرد توجه العقل إليها ‪ 0‬وإما بالحدس أو‬ ‫التجربة ‪ .‬أو غير ذلك ‪ 0‬مما يتوقف عليه العلوم الضرورية ‪ .‬وحيننذ‬ ‫يحصل له التصورات والتصديقات البديهية ‪ .‬التي هي مبادئ العلوم‬ ‫الكسبية ‪ .‬واستعدت لاكتسابها استعدادا الحمل من الهيولي ‪ .‬وحيننذ‬ ‫تسمى عقلا بالملكة ‪ 0‬لما حصل لها بسبب تلك الأوليات ‘ ملكة الإنتقال إلى‬ ‫النظريات ‘ أي ‪ :‬صفة كاملة راسخة ‘ تتمكن بها من الانتقال إلى‬ ‫النظريات ‪.‬‬ ‫وفي هذه المرتبة للنفس قوة مخلوطة بفعل ‪ ،‬لذن البديهيات حاصلة‬ ‫لها بالفعل { ثم إذا رتب العلوم الاولية ‪ ،‬وأدركت النظريات مشاهدة إياها ‪.‬‬ ‫سميت بالفعل المستفاد لاستفاءتها { أي ‪ :‬لاستفادة النفس في هذه المرتبة }‬ ‫أو لاستفادة هذه المرتبة ۔ كما مر ۔ من العقل الفعال ‘ الفيض للحوادث‬ ‫والفمكنات في عالمنا هذا ‪ 0‬وإذا صارت النظريات مخزونة عندها‪.‬‬ ‫وحصلت لها بمُشاهدتها مرة بعد أخرى صفة راسخة فيها ‪ .‬يتمكن بها من‬ ‫استحضار النظريات على سبيل المشاهدة متى شاءت ‘ من غير تجشم‬ ‫كسب جديد ‪ 0‬فهي العقل بالفعل ‪ 0‬وإنما سُميت بذلك ‘ لأن النظريات ‪ .‬وإن‬ ‫كانت حينئذ بالقوة ‪ ،‬إلا أنها قريبة من الفعل جدآ ‪ 0‬فكأنها حاصلة لها‬ ‫‪_ ٤١‬‬ ‫بالفعل ‪.‬‬ ‫ووجه الضبط في هذه المراتب الأربع التي بيناها ‪ 0‬أن القوة النظرية ‪.‬‬ ‫هي كمال النفس ‘ لأن استكمال النفس الناطقة بالإدراكات النظرية لا‬ ‫البديهية ‪ 0‬لأنها ليست كمالا مُعتدً بها لمشاركة الحيوانات العجم لها فيها ‪.‬‬ ‫بل جل كمالها المعتد به الإدراكات النظرية ‪ 0‬ومراتب النفس في الاستكمال‬ ‫بهذا الكمال ‪ 0‬منحصرة في أمرين ‪ :‬نفس الكمال والاستعداد له { لأن‬ ‫الخارج عنهما لا تعلق له بذلك الاستكمال ‪ .‬ومراتب قوته ؛ فالكمال ‪ :‬هو‬ ‫العقل المستفاد } أعني ‪ :‬مشاهدة النظريات والاستعداد لها ‪ .‬وهو إما‬ ‫قريب ‪ 0‬وهو العقل بالفعل ‘ أو بعيد ‪ .‬وهو الهيولاني { أو متوسط { وهو‬ ‫العقل بالملكة ‪.‬‬ ‫واعلم أن هذه المراتب تعتبر بالقياس إلى كل نظري ‏‪ 0٠‬فتختلف الحال ‪.‬‬ ‫إذ قد تكون النفس بالنسبة إلى بعض النظريات في مرتبة العقل الهيولاني ‪.‬‬ ‫وإلى بعضها في مرتبة العقل بالملكة ‪ 0‬وإلى بعضها في مرتبة العقل‬ ‫المستفاد ‪ 0‬وإلى بعضها في مرتبة العقل بالفعل ‪.‬‬ ‫ومن قال ‪ :‬أن المستفاد صيرورة النفس مشاهدة لجميع النظريات التي‬ ‫أدركتها © بحيث لا يغيب عنها شيء معها ‪ ،‬يلزمه أن لا يوجد المُستفاد في‬ ‫هذه الدار ‪ 0‬بل في دار القرار ‪ ،‬إذ فيها تصير النظريات ضروريات ‪ ،‬اللهم‬ ‫إل لبعض المْتجردين عن جلباب البدن وعلائقه { إذ قد يوجد لهم لمعات‬ ‫من ذلك التجرد ‪ 6‬كبروق خاطفة بها { تنكشف الحقانق لهم من دون تجشم‬ ‫كسب ‪ ،‬وذلك ‪ « :‬لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد » () ‪.‬‬ ‫‪. ٣٧‬‬ ‫(‪ (١‬سورة ق‪: ‎‬‬ ‫۔‪_ ٤٢ ‎‬‬ ‫فافهم ذلك ‪ 0‬فانه لطيف دقيق ‪.‬‬ ‫وأما قوله ‪ [ :‬لتهتدي { ‪ :‬فاللام للعلة ‪ 0‬أي ‪ :‬الغانبة لا التامة ‪.‬‬ ‫لاقتضانها أن يكون خلق العقل علة تامة للاهتداء ‪ .‬وليس كذلك وهو‬ ‫ظاهر { لكنه بلاء على مذهب المعتزلة ‪ 0‬حيث ذهبوا إلى أن أفعال الله‬ ‫مُعللة بالاغراض ‪ ،‬ولا يفعل إلآ لغرض ومصلحة باعثة على ذلك الفعل ‪.‬‬ ‫وهي العلة الغانية ‪ .‬وهو الحق لوجهين ‪ :‬نقلي وعقلي ‪.‬‬ ‫أما النقلي ‪ :‬فلدلالة القرآن عليه ظاهرا ‪ .‬كقوله تعالى ‪ :‬لأ أفحسبتم‬ ‫() ‪ ( 0‬وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون » ) ‪.‬‬ ‫أنما خلقناكم عبثا‬ ‫ل وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا » ") ‪.‬‬ ‫إلى غير ذلك من الآيات الدالة على تعليل أفعاله ريلهة) بالاغراض بحسب‬ ‫الظاهر { واحتمال إرادة غير الظاهر لا يقدح في الإستدلال بالأدلة النقلية ‪.‬‬ ‫لما تقرر في الخصول ‘ من أن ظواهر الألفاظ حجة ‪ .‬اللهم إلا أن يدل دليل‬ ‫قطعي على خلافها ‪ .‬أو كان هناك قرينة صادفة عنها أظهر منها ‪.‬‬ ‫نعم ‪ 0‬يتجه عليه أن تلك الأدلة ‪ 0‬إنما تدل على وقوع تعليل أفعاله‬ ‫ل) للأغراض في الجملة ‪ .‬لا على وجوب تعليلها بها مُطلقا ‏‪ ٧‬كما هو‬ ‫مذهب بعض ‪.‬‬ ‫وأما العقلي ‪ :‬فهو أنه لو لم يكن ذلك ‪ 0‬لزم أن يكون البارئ (تلة)‬ ‫عابتً ‪ 0‬واللازم باطل ‪ ،‬فالملزوم مثله ‪ 0‬إما بيان الملازمة فظاهر ‪ ،‬وإما‬ ‫بطلان اللازم ‪ 9‬فلان العبث قبيح ‪ .‬وهو على الحكيم مُحال ‪ ،‬والنقض بأن‬ ‫(‪ )٢‬سورة الذاريات‪. ٥٦ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة المؤمنون‪. ١١٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة ص‪. ٢٧ : ‎‬‬ ‫‪- ٤٣‬‬ ‫الفعل لفرض يستلزم الإستكمال المُستلزم للنقص المُحال عليه رتلة)‬ ‫منقوض ‘ بان لزوم ذلك { حيث يكون الغرض عائدا إليه ‪ 0‬وليس كذلك ‏‪٥‬‬ ‫بل عائد إلى منفعة العبد ‪ ،‬أو لاقتضاء نظام الوجود ذلك ‪ 0‬وذلك لا يلزم‬ ‫الاستكمال والإعتراض ‘ بأن العبث هو الخالي عن الفاندة والمصلحة { لا‬ ‫الخالي عن الغرض والعلة الغانبة ‪.‬‬ ‫وأفعاله (تجْلة) مشتملة على حكم ومصالح لا تحصى ‪ ،‬لكنها ليست‬ ‫أسبابا باعنة عليها ‪ 0‬وعللاً غائبة لها { فلا يلزم عبث ولا قبح مردود بأن‬ ‫الفاعل إذا فعل فعلاً من غير ملاحظة فاندة ومدخليتها فيه ‪ ،‬يعد ذلك الفعل‬ ‫عند العقلاء عبثا ‪ .‬أو في حكم العبث في القبح ؛ وإن اشتمل على فواند‬ ‫ومصالح في نفس الأمر ‪ 0‬ومجرد الإشتمال لا يخرجه عن ذلك ضرورة ‪.‬‬ ‫أن ما لا يكون ملحوظا للفاعل عند الفعل ‪ 0‬ولا مؤثرا في إقدامه عليه في‬ ‫حكم العدم ‪ 0‬كما لا يخفى على المنصف أو للغاية ‪ .‬كما في قوله تلة ) ‪:‬‬ ‫ا فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ") ‪ 0‬وهي المناسب‬ ‫لمذهب الأشاعرة ‪ .‬حيث زعموا أن أفعاله (ّلةهٍ) ليست معللة بالاغراض ‪.‬‬ ‫للزوم النقص عليه () ‪ 6‬الملزوم للاستكمال الملزوم للفعل لغرض ة‬ ‫وجوابه قد مر في أدلة المُعتزلة ‪ .‬فراجعها ‪.‬‬ ‫وتهتدي ‪ :‬منصوب (بأن) مُضمرة ‪ 0‬وسكونه للضرورة ‪ .‬وفاعله‬ ‫ضمير مستتر فيه جوازآ ‪ 0‬وتأنيتنه للجمع ‪ .‬فإن الضمير المْفرد المُؤنث‬ ‫يقوم مقام الجمع ‪.‬‬ ‫‪ :‬‏‪. ٨‬‬ ‫سورة القصص‬ ‫((‬ ‫‪_ ٤٤‬‬ ‫والجملة في تأويل المصدر لمكان ‘ أن المصدرية المقدرة ‪ 0‬وهي‬ ‫صلتها ‪ 0‬والجار والمجرزور مُتعلق بقوله ‪ :‬خلق ؛ وتهتدي ‪ :‬فعل مضارع‬ ‫مُعتل اللام ‪ 0‬ياني أصله يهتدي (بضم اللام) ‘ نقلت الضمة على الياء‬ ‫فخذفت ‪ 0‬فصار تهتدي ‪ .‬فدخل عليه (أن) الناصبة ‪ ،‬فصار ‪ :‬أن تهتدي‬ ‫(بالفتح) ‪ 0‬فخذفت الفاتحة للضرورة ‪ 0‬فصار تهتدي ‪ 0‬فدخلت عليه اللام‬ ‫فخذف (أن) ‪ .‬فصار لتهتدي ‪.‬‬ ‫تنبيه ‪ :‬لأن الناصبة الداخلة على المضارع ‘ الداخلة عليها اللام الجارة ‪.‬‬ ‫تلات حالات ‪ :‬وجوب الإظهار ‪ 0‬ووجوب الإضمار ‪ 0‬وجوزا الامرين ؛‬ ‫فالأولى ‪ :‬حيث وقعت بعدها (لا) النافية ‪ .‬نحو قوله (تْلة) ‪ « :‬لئلا يعلم‬ ‫أهل الكتاب ‪ )( 4‬؛ والثانية ‪ :‬حيث وقعت بعد كان منفية ‪ 0‬نحو قوله‬ ‫(يحللة) ‪ ( :‬وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم » (") ؛ والثالثة ‪ :‬حيث لم يكن‬ ‫قبلها نفي كان ‘ ولا بعدها (لا) النافية ‪ 0‬كما في البيت ؛ وإلى الحالات‬ ‫الثلاث أشار ابن مالك بقوله ‪:‬‬ ‫عدم‬ ‫وإن‬ ‫ناصبة‬ ‫أن‬ ‫لإظهار‬ ‫التزم‬ ‫جر‬ ‫لا ولام‬ ‫وبين‬ ‫أ صمرا‬ ‫حتماً‬ ‫كان‬ ‫نفي‬ ‫وبعد‬ ‫مضمرآ‬ ‫أو‬ ‫أ عمل مظهرا‬ ‫‏‪ ٦‬فان‬ ‫والإهتداء ‪ :‬مطاوع الهداية ‪ 0‬تقول ‪ :‬هديته قاهتدى ؛ وفي معنى‬ ‫الهداية خمسة أقوال ‪:‬‬ ‫الذول ‪ :‬الدلالة الموصلة إلى المطلوب ‪ ،‬أي ‪ :‬الإيصال ‪.‬‬ ‫الناني ‪ :‬أرانة الطريق مطلقا ‪.‬‬ ‫‪. ٢٩‬‬ ‫‪:‬‬ ‫الحديد‪‎‬‬ ‫(‪ (١‬سورة‬ ‫‪. ٣٣ :‬‬ ‫ا لأنفال‪‎‬‬ ‫سورة‬ ‫) ‪(٢‬‬ ‫الثالث ‪ :‬الإشتراك بينهما لفظا ‪ 0‬والحرف ‪ 8‬أي ‪ :‬اللام ‪ 0‬أوالي قرينة‬ ‫الذرائة ‪ .‬وتعديتها بالنفس قرينة الإيصال ‪.‬‬ ‫الرابع ‪ :‬أنها إن تعدت بنفسها فللإايصال ‘ خاصة وإن تعدت بالحرف‬ ‫الخامس ‪ :‬مثل الثالث ‘ إلا أنه ليست إحدى التعديتين قرينة لذحد‬ ‫المعنيين ‪.‬‬ ‫وهنا قول سادس ‪ :‬وهو الأظهر الأقوى ‪ 0‬وهو أنها المطلق الدلالة‬ ‫والإرشاد ‪ 6‬لانتنقاض كل من الأقوال المذكورة بورود خلافه { ولذنه‬ ‫ل يسعه‬ ‫النقوض‬ ‫!! ‪ .‬وبيان‬ ‫!! والصحاح‬ ‫ا!‬ ‫‏‪ ١1‬القاموس‬ ‫في‬ ‫المذكور‬ ‫المقام ‪ 0‬فإن أمامنا ما هو أهم ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬بصفاته { ‪ :‬وهو جار ومجرور ‘ متعلق بقوله ‪ :‬يهتدي ‪8‬‬ ‫والياء فيه للسببية ‪ .‬كما في قوله (تْلة) ‪ « :‬فكلا أخذنا بذنبه » () ؛ أو‬ ‫الإستعانة ‪ .0‬وهي الداخلة على الآلة ‪ 0‬كما في ‪ :‬كتبت بالقلم ‏‪ ٠4‬جمع صفة ‪.‬‬ ‫‘ وصفة ؛ وأ صلها‬ ‫‘ وصفا‬ ‫‪ :‬وصف ‘ يصف‬ ‫تان لوصف ؛ يقال‬ ‫مصدر‬ ‫وصفا ‪ 0‬حذفت الفاء ‪ .‬وغوضت عنها تاء المصدرية ‪ 0‬ومعناها لغة كما‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ .‬نعته فاتصف‬ ‫فى "" القاموس ' ‪ :‬وصفه { يصفه { وصفا ‘ وصفة‬ ‫إنتهى ‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬مم‬ ‫ويطلق على اسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة باسم الفاعل ‪.‬‬ ‫وافعل التفصيل ؛ وعند النحويين مرادف للنعت الذي أحد التوابع الأربع ه‬ ‫ب‪. ٤٠١ ‎:‬‬ ‫العنكبوت‬ ‫(‪ (١‬سورة‬ ‫‪- ٤٦‬‬ ‫وهي ‪ :‬هو { والتأكيد بقسميه ‪ 0‬والعطف بقسميه { والبدل ‪ 0‬وعرفه ابن‬ ‫مالك في قوله ‪:‬‬ ‫ا عتلق‬ ‫به‬ ‫ما‬ ‫أو وسم‬ ‫بوسمه‬ ‫سبق‬ ‫ما‬ ‫متم‬ ‫تابع‬ ‫فالنعت‬ ‫وقوله ‪ :‬تابع ‪ 0‬جنس للاربع بأقسامها ؛ وقوله ‪ :‬مُتم ما سبق ‪ ،‬أي ‪:‬‬ ‫مُكمل لمتبوعه ‪.‬‬ ‫فصل ‪ :‬مخرج لعطف النسق ‪ .‬والبدل ‪ 0‬والضمير { في قوله ‪ :‬بوسمه ‪.‬‬ ‫راجع إلى ‪ :‬ما فيما سبق ؛ وهذا القسم نعت حقيقي باصطلاحهم { وهو مع‬ ‫قوله ‪ :‬أو وسم ما به اعتلق ‪.‬‬ ‫فصل تان ‪ :‬يخرج التوكيد والبيان ‪ 0‬وهذا القسم يسمى سببيا ‪ .‬وعند‬ ‫أرباب المعقول قسمان ‪ :‬ذاتي ‪ :‬وهو الفصل المعرف بما يقال ‪ ،‬أي ‪:‬‬ ‫حمل على الشيء في جواب أي شيع هو في ذاته ‪ 0،‬كما إذا قيل ‪ :‬الإننسان‬ ‫أي شيء هو في ذاته ؟‬ ‫فالجواب ‪ :‬ناطق ‪ 0‬فالناطق فصل للإنسان قريب ‘ أو حساس وهو‬ ‫بعيد } لأنه ‪ ،‬أي ‪ :‬الفصل أن ميز عن المشاركات في الجنس القريب ‪.‬‬ ‫فقريب كالناطق ‏‪ 0٠‬حيث يميز الإنسان عما يشاركه في جنسه القريب وهو‬ ‫الحيوان ‪ 0‬وإن ميز عن المشاركات في الجنس البعيد ‪ 0‬فبعيد كالحساس ‪.‬‬ ‫حيث أنه يميزه عما يشاركه في جنسه البعيد ‪ 0‬وهو الجسم النامي ‘} وهكذا‬ ‫النامي بالنسبة إلى الجسم المطلق ‪.‬‬ ‫وفي تعريف الفصل بما ذكر أشكال ‪ 0‬وهو ‪ :‬أن أيا موضوع لطلب ما‬ ‫يميز الشيء المطلوب تميزه عما يشاركه فيما أضيف إليه هذه الكلمة ‪.‬‬ ‫‪- ٤٧‬‬ ‫متلا ‪ :‬إذا رأيت حيوان من بعيد ‪ 0‬وشككت في أنه إنسان ‪ ،‬أو فرس ‪ ،‬أو‬ ‫غيرهما ‪ .‬فتقول ‪ :‬أي حيوان هذا ؟ فثجاب بما تميزه عما يشاركه في‬ ‫الحيوانية ‪ 0‬فعلى هذا إذا قلت ‪ :‬الإنسان أي شيء هو ذاته ؟ يصح أن‬ ‫جاب عنه بأنه حيوان ناطق { كما يصح أن يجاب بأنه ناطق ‪ .‬لأن‬ ‫التعريف بإنضمام ما ذكر في معنى أي دل ‪ 0‬على أن المطلوب بأي في‬ ‫المثال المذكور هو ذاتي من ذاتيات الإنسان ‘ يميزه عما يشاركه في‬ ‫الشينية ‪ 3‬فيلزم صحة وقوع الحد في جواب أي شيع ‪ ،‬فلا يكون التعريف‬ ‫مانعا لصدقه على الحد ‪ .‬وأجيب عنه بوجهين ‪:‬‬ ‫الأول ‪ :‬أن معنى أي ‪ ،‬وإن كان بحسب اللغة { طلب المُميز مُطلقا ‪.‬‬ ‫لكن أرباب المعقول اصطلحوا على أنه لطلب‪.‬المُميز ‪ .‬الذي لا يكون مقولا‬ ‫في جواب ما هو { فيخرج الحد والجنس أيضا ‪.‬‬ ‫الناني ‪ :‬أن السؤال عن الفصل ‪ ،‬إنما يكون بعد معرفة أن للشيء‬ ‫جنسا معينا © بناء على أن ما لا جنس له لا فصل له ‪ ،‬وإذا عرقنا الشيء‬ ‫بجنسه ‪ 0‬نطلب ما يميزه عما يشاركه في ذلك الجنس ‪ ،‬فنقول ‪ :‬الإنسان‬ ‫أي حيوان هو في ذاته { لا أي شيع ؟ فتعين الجواب بالناطق لا غير ‪.‬‬ ‫فقولهم في التعريف ‪ :‬أي شيء كناية عن الجنس المعلوم ‪ 0‬الذي‬ ‫يطلب ما يميز الشيء عما يشاركه في ذلك الجنس ‘ فافهم ذلك فإنه دقيق‬ ‫وعرضي‪.‬‬ ‫والمراد بالعرض في المقام الخارج المحمول { وهذا القسم قسمان ‪:‬‬ ‫أحدهما ‪ :‬الخاصة { وهو المقول على ما تحت حقيقة واحدة فقط ‪.‬‬ ‫‪- ٤٨‬‬ ‫_‬ ‫نوعية كانت أو جنسية ‪ 4‬كالضحك للإنسان ‪ 0‬والماشي للحيوان ‪.‬‬ ‫وثانيهما ‪ :‬العرض العام ‪ 0‬وهو المقول عليها وعلى غيرها ‪ 0‬كالماشي‬ ‫للانسان ‪ .‬فانه نقال على أفراده ‪ 0‬وعلى أفراد غيره ‪ 0‬من الأنواع الواقعة‬ ‫تحته } كالفرس والبقر وغيرهما ‪ 0‬ولا يتوهم ورود النقض على التعريفين‬ ‫طردا وعكساآ ‪ ،‬لأن الحيتيات معتبرة في التعاريف ‪ 0‬وكل منهما ‪ .‬أي ‪:‬‬ ‫الخاصة ‪ .‬والعرض العام اما لازم لمعروضه ‪ ،‬وهو الذي يمتنع إنفكاكه‬ ‫عنه ‪ .‬نظرا إلى مهيته من حيث هي ‪ .‬من غير مدخلية لوجودها الخارجي‬ ‫والذهني في اللزوم ‪ 0‬كالزوجية للاربعة ‪ 0‬حيث أنها أينما وجدت في‬ ‫الخارج أو الذهن ‪ 0‬يلزمها الزوجية ‪.‬‬ ‫وهذا يسمى لازم المهية أو إلى خصوص وجودها الخارجي ‪.‬‬ ‫كالحرارة للنار ‪ .‬ويسمى لازم الوجود الخارجي ‘ أو إلى خصوص‬ ‫وجودها الذهني ‘ كالفلية ‪ 0‬والجُزنية ‪ 0‬والذاتية ‪ 0‬والعرضية ‪ .‬وغيرها‬ ‫من المعقولات الثانية ‪ .‬فانها لازمة لخصوص وجودها الذهني ‪ .‬قمتى‬ ‫وجدت في الخارج ‪ .‬لم يتصف بها ‘ وإلا لم تكن من المعقولات التانية ‪.‬‬ ‫وأما مفارق ‪ .‬وهو الذي لا يمتنع إنفكاكه عن معروضه ‪ .‬سواء دام له ‪.‬‬ ‫كالحركة للفلك { أو زال عنه بسرعة ‘ كخمرة الوجه للخجل ‪ .‬وصفرته‬ ‫للوجل { أو يبطؤ كالشيب والشباب ‪.‬‬ ‫‏‪ 0٠‬وهو الذي يلزم تصوره من تصور الملزوم ‪.‬‬ ‫واللازم ‪ :‬إما بين‬ ‫كالبصر للعمي ‪ 0‬ويخص باسم الذخص ‪ 8‬أو من تصورهما مع النسبة ‪.‬‬ ‫الجزم باللزوم ‪ 0‬كقولهم ‪ :‬الكل أعظم من الجزء ‪ 0‬فإن أعظمية الكئل من‬ ‫الجزء ‪ 0‬لازم للذل ‘ لكنه لا يلزم بمجرد تصوره تصورها ‪ 0‬بل إذا‬ ‫‪- ٤٩‬‬ ‫_‬ ‫تصورهما مع النسبة يجزم العقل بلزومها له ‪ 0‬ويخص هذا باسم الأعم ‪.‬‬ ‫فإنه إذا كان تصور الملزوم كافيا في تصور اللازم ‪ 0‬فتصورهما مع النسبة‬ ‫كافية البته من غير عكس ‪.‬‬ ‫وإما غير بين ‪ 0‬وهو خلاف البين في كل قسم بنسبته ‪ .‬فغير البين‬ ‫بالمعنى الأخص ‪ ،‬هو الذي لا يلزم تصوره من تصور الملزوم ‪ 0‬وإن لزم‬ ‫من تصورهما الجزم باللزوم ‪ 0‬وبالمعنى الاعم ‪ :‬هو الذي لا يلزم من‬ ‫تصورهما مع النسبة بينهما الجزم باللزوم ‪ 0‬بل يحتاج إلى وسط كالحدوث‬ ‫للعالم ‪ 0‬فإنه من تصورهما مع النسبة لا يجزم العقل بلزومه ‪ ،‬وإلا كان‬ ‫ضروريا أوليا ‪ .‬بل يحتاج إلى وسط كالتغير ‪.‬‬ ‫فتقول ‪ :‬العالم متغير ‪ 0‬وكل متغير حادث { فالعالم حادث ‪ 0‬والوسط هو‬ ‫الذي يقترن بقولك ‪ ،‬لأنه حين تقول ‪ :‬لأنه كذا ‪ 0‬كما يقال ‪ :‬العالم حادث ‏‪٨‬‬ ‫لأنه متغير لتوسطه في إثبات الحدوث للعالم ‪ 0‬ويقال له ‪ :‬الواسطة في‬ ‫الإنبات أيضا ‘ والواسطة في الإنبات قد تكون واسطة في التبوت‬ ‫والعروض أيضا {‪ ،‬كتعفن الأخلاط في قول الطبيب ‪ :‬هذا مُتعفن الذخلاط ‪8‬‬ ‫وكل مُتعفن الأخلاط محموم ‪ .‬فهذا محموم { فإن تعفن الأخلاط { كما أنه‬ ‫واسطة في جزم الطبيب بلزوم الخمى للمريض ‘ كذلك واسطة وسبب‬ ‫لعروض الحمى له في الواقع ‪ 0‬وقد لا يكون كذلك ‪ 0‬كما في المثال الآل ‏‪٨‬‬ ‫فان التغير وإن كان علة وواسطة في الجزم بلزوم الحدوث للعالم { إلا أنه‬ ‫ليس علة لحدوته في الواقع بل علته ‪.‬‬ ‫أما علته المُوجدة له ‪ 0‬أو الإمكان على الإختلاف فيه ‪ .‬وقد يكون‬ ‫بالعكس ‘ أي ‪ :‬يكون الواسطة في الإثبات معلولا في الواقع ‪ .‬كقول‬ ‫الطبيب ‪ :‬هذا محموم ‪ .‬وكل محموم مُتعفن الأخلاط ‪ 0‬فهذا مُتعفن الذخلاط ه‬ ‫فان الخمى التي جعله الطبيب واسطة في إثبات تعفن الأخلاط للمريض‬ ‫معلول للتعفن ‪ 0‬وهذا كله في صفات الممكنات ‘ لأن العرض والجوهر‬ ‫قسمان للْمكن الذي هو قسيم الواجب ‪ ،‬فلا يكونان قسما منه (تعالى‬ ‫وتقدس) ‪.‬‬ ‫وأما صفاته رملة ) ‪ :‬فقد تحيرت الآراء ‪ 0‬واختلفت فيها ‘ وجودا‬ ‫وعدما ‪ ،‬وبعد الوجود ‪ 0‬كما ‪ 0‬وكيف ‪ .‬وحقيقة ؛ وتفصيل القول فيها ‪ ،‬وإن‬ ‫كان خارجا عن وضع الشرح ‪ ،‬ولكن نذكر منها ما تمس الحاجة إليه في‬ ‫المقام ‪ 0‬بقدر الوسع واقتضاء المقام ‪.‬‬ ‫فنقول ‪ ،‬مستعينا بالله (جْله) ‪ :‬اختلف أهل الملل من الموحدين ‪ ،‬في‬ ‫صفاته (ىلك) ‪ .‬فذهبت الفلاسفة إلى أنه (رتلةه) ‪ 0‬لا يجوز اتصافه‬ ‫بصفات حقيقية ‪ 0‬واحتجوا عليه بوجهين ‪:‬‬ ‫الول ‪ :‬أن الواحد من حيث أنه واحد ‪ ،‬لا يكون قابلا وفاعلا ‪ 0‬لأنها‬ ‫أنران ‪ ،‬فلا يصدران عن واحد ‘ لما نبت عندهم من أن الواحد لا يصدر‬ ‫منه إلآ الواحد ‪ 0‬واحترز بقيد حيثية الوحدة عن مثل ‪ :‬النار تفعل الحرارة‬ ‫بصورتها وتقبلها بمادتها ‪ 0‬ورد بعد تسليم كون القبول أترآ ‪ 0‬بأنا لا نسلم‬ ‫أن الواحد لا يصدر منه إلا الواحد ‪ ،‬على أنه لو صح ذلك ‪ 0‬لزم أن لا يكون‬ ‫الواحد قابلا لشيع ‪ 0‬وفاعلا لآخر { وإن دفع بإختلاف الجهة ‪ .‬فإن‬ ‫الفاعلية لذاته ‪ 0‬والقابلية باعتبار تأثره عما يوجد المقبول ‪.‬‬ ‫قلنا ‪ :‬كذلك ما نحن فيه ‪ 0‬فإن قلت ‪ :‬الشيع لا يتأثر عن نفسه ‪ ،‬قلنا ‪:‬‬ ‫يجوز باعتبارين ‪ 0‬كالمُعالج لنفسه ‪.‬‬ ‫‪٥١‬‬ ‫الناني ‪ :‬أن نسبة الفاعل إلى المفعول بالوجوب ‪ 0‬ونسبة القابل إلى‬ ‫المقبول بالإمكان { لأن الفاعل التام للشيء ‪ .‬من حيث هو فاعل يستلزمه ه‬ ‫والقابل له لا يستلزمه ‘ بل يمكن حصوله فيه ‪ .‬فيكون قبول الشيء‬ ‫للشيء وفاعليته له مُتنافيين ‪ 0‬لتنافي لازميهما ‪ .‬أي ‪ :‬الوجوب والإمكان ‪.‬‬ ‫واجيب عنه ‪ :‬بأن الإمكان فيه عام { وهو لا ينافي الوجوب ‪ 0‬وهذا هو‬ ‫التعطيل الذي قرع سمعك { وستعرفه إن شاء الله تعالى ‪.‬‬ ‫وذهبت الأشاعرة إلى إتصافه (يل) بصفات زائدة عن ذاته ‪ .‬قانمة‬ ‫بها ‪ .‬قديمة معها ‪ 0‬وهي ‪ :‬الحياة } والإرادة } والعلم ‪ 0‬والقدرة } والكلام ‏‪١‬‬ ‫والسمع ‪ 6‬والبصر ‪ ،‬والإدراك ؛ واستدلوا على ذلك بعد إمكان إتصافه‬ ‫تجْلة) بصفة ‪ .‬وعدم امتناعه كما ذكر في جواب الفلاسفة ‪ 0‬بورزوده في‬ ‫القرآن الكريم الذي ‪ « :‬لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل‬ ‫من حكيم حميد () ۔ والأصل في الكلام الحقيقة ‪.‬‬ ‫وأجيب ‪ :‬بأن الورود أعم من الإرادة ‪ 0‬والمجاز كثير في الكلام ؛ حتى‬ ‫نقل عن ابن جني ‪ ،‬إنكار الحقيقة رأسا ‪ 0‬فإن قولك ‪ :‬رأيت زيدآ مثلا ‪ 0‬إذا‬ ‫رأيته نفسه مُجاز ‪ ،‬لأن الرؤية لم تقع على ذاته ‪ 0‬بل على لونه ووضعه ‪.‬‬ ‫اللذين هما عرضان عارضان للسطح العارض للجسم على رأي ‪ 0‬والجزء‬ ‫الأخر من الجسم على أخر ‪ ،‬والأصل دليل حيث لا دليل } فإذا دل العقل‬ ‫القاطع على خلافه } فلا حجية فيه حيننذ ‪ 0‬كما سيجيء في كلام العدلية ‪.‬‬ ‫مع أن الوضع في المُشتق لخصوص ذات { تبت له مبدأ الاشتقاق الخارج‬ ‫عن الذات أول الكلام ‪ 0‬ولم لا يكون للأعم من ذلك ‘ ومما كان المبدأ فيه‬ ‫‪. ٤٢‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ ()١‬سورة فصلت‪‎‬‬ ‫‪_ ٥٢‬‬ ‫۔‪‎‬‬ ‫عين الذات ‪ 0‬وادعاء التبادر في الأول ‪ 0‬وهو دليل الحقيقة ‪ .‬وعدمه في‬ ‫الثاني ‪ .‬وهو دليل المجاز ‪ }.‬باطل في مثل المقام ‪ 0‬لأن التبادر إنما يكون‬ ‫دليل الحقيقة إذا كان وضعيا { أي ‪ :‬ناشناً عن الوضع ‪ ،‬لا إطلاقيا ‪ ،‬أي ‪:‬‬ ‫ناشنا من شيوع أفراد ما يتبادر إليه الذهن ‪ 0‬كتبادر الإنسان إلى ذي رأس‬ ‫واحد ‪ 0‬ذون ذي رأسين ‪.‬‬ ‫كما حقق في الخصول وإمكان الإتصاف ‪ ،‬أعم من الزيادة التي ادعوها ‪.‬‬ ‫والعام لا دلالة فيه على الخاص ‪ ،‬وإمكان العينية يكفي في المطلوب ‪ .‬مع‬ ‫عدم دليل صالح على امتناعها ‪ .‬بل الدليل قانم على وجوبها ‘} كما سيأتي‬ ‫إن شاع الله تعالى ‪.‬‬ ‫مضافا إلى أن إتصاف الشيء بصفات ذاتيه غير مستندة إلى الخارج ‪.‬‬ ‫ليس بعادم النظير ‪ 0‬نظير اتصاف كل موضوع بوصفه العنواني الأولي ‏‪١‬‬ ‫كالاإنسانية للانسان ‪ .‬والناطقية للناطق ‪ 0‬بل قد يطلق الذاتي على الفصل‬ ‫بالنسبة إلى النوع ‪ 0‬فيقال ‪ :‬الناطق وصف ذاتي للإنسان ‪ 0‬بل قد يطلق‬ ‫على الوصف الخارج ‘ إذا كان من خواص الصورة النوعية ‘ كالحرارة‬ ‫للنار ‪ 0‬والحلاوة للسنكر ‪ 0‬والملوحة للملح ‪ 0‬أنه وصف ذاتي ‪ ،‬فيقال ‪:‬‬ ‫السكر حلو لذاته ‪ 0‬والنار حارة بذاتها ‪ 0‬والملح مالح بذاته ‘ وهكذا ‪ 0‬وإن‬ ‫كان فرق بين الإطلاقين ‪.‬‬ ‫ألاترى إلى كلام ابن سينا ‪ .‬حيث يقول ‪ :‬ما جعل الله المشمشة‬ ‫مشمشة ‪ .‬بل جعلها موجودا ‪ 0‬فجعل مشمشية المشمشة لذاته ‪ .‬لا بجعل‬ ‫جاعل ‪ 0‬والتعرض لكلامه وبيان النقض والإبرام فيه ‘ حيث أنه مبتننى‬ ‫على مسالة أصالة الوجود ‪ 0‬أو المهية ‪ .‬يحتاج إلى ما يسعه المجال ‪.‬‬ ‫‪_ ٥٣‬‬ ‫وهذه الصفات السبع المذكورة محل اتفاقهم ؛ وبعضهم زاد عليها التكوين ‪.‬‬ ‫وآخرون البقاء ‪ 0‬والقدم ‪ 0‬واليد ‪ .‬والوجه ‘ وغيرها مما يطول الكلام‬ ‫بذكره ‪ 0‬وسيأتي في كلام المشبهة بعض منها ‪.‬‬ ‫الغانب على الشاهد ‘ والسُراد من‬ ‫وبوجُوه أخر ‪ .‬عمدتها قياس‬ ‫اصطلاح أرباب المعقول ‪ 0‬وستعرف‬ ‫القياس الفقاهي الذي هو التمثيل في‬ ‫وستعرف أن الظن مطلقا لا يفيد في‬ ‫أنه لا يفيد إلا الظن ومن المعلوم ‪0‬‬ ‫مُطلقا ولا أقل في الذصول ‪ « :‬وإن‬ ‫الأصول ‪ ،‬لورود المنع من إتباعه‬ ‫الظن لا يغني من الحق شينا ‪ 0 )( 4‬سيما القياس الذي قد تظافر أو تواتر‬ ‫عن أهل البيت ‪ ،‬الذين هم أدرى بما فيه النهي عنه في الفروع ‪ 0‬فضلا عن‬ ‫الأصول ‘ وتوهم أن الكلام في صفاته من الفروع ‪ ،‬إذ هي من فروع‬ ‫التوحيد ‪ .‬شطط من الكلام ‪ 0‬وخلط بين الفروع الفقهية ‪ 0‬وفروع الخصول‬ ‫الإعتقادية ‪ 0‬فإنها أيضا أصول إعتقادية ‪ .‬لإتحاد الموضوع فيهما لما تفرد‬ ‫في محله ‘ من أن تمايز العلوم بتمايز موضوعاتها ‪ ،‬والنزاع في الذول‬ ‫ذون الثاني ‪ 0‬وبالقياس رجم إبليس بما رجم ‪ 0‬وقياسه أهون من هذا‬ ‫القياس ‪.‬‬ ‫أما أولا ‪ :‬فأنه قاس السُمكن على الممكن ‪ 0‬وهذا قياس الواجب على‬ ‫الممكن ‪.‬‬ ‫وأما ثانيا ‪ :‬فلانه قياس أولوية ‪ 0‬وهو أعلى أفراد القياس بخلافه هنا ‪.‬‬ ‫‘ أو العالمية ‘ أو غيرها من الصفات‬ ‫وثالت ‪ :‬فبعدو الجامع ‪ :1‬الوجود‬ ‫التي يعترف بإختلافها في الأصل والفرع من وجوه ‪ 0‬مع لزوم الإتحاد‬ ‫ودلالته على العلية ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة النجم‪. ٢٨ : ‎‬‬ ‫_ ‪_ ٥٤‬‬ ‫والجبرية منهم ‪ :‬نسبوا جميع أفعال العباد إليه () ‪ ،‬فيلزمهم أن‬ ‫يكون (تيْله وتقدس) ‪ .‬آكلا ‪ 0‬وشاربا ‪ 0‬وقاتلاً ‪ .‬وسارقا ‪ ،‬إلى غير ذ لك‬ ‫من الخأفعال الحسنة والقبيحة ۔ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ۔ واستدلوا‬ ‫على مذهبهم بظواهر آيات وأخبار ‪.‬‬ ‫فالذولى ‪ :‬كقوله ل) ‪ « :‬والله خلقكم وما تعملون » () { وأمثاله ‪.‬‬ ‫وهي مُعارضة بأكثر منها ‘ كجميع الآيات التي نسب فيها أفعال العباد‬ ‫إليهم ‪ 0‬كقوله رتلمة) ‪ « :‬وقال مُوستى » <") ‪ « 0‬قال فرعون » ")‪.‬‬ ‫«( وقتل داوود » () ‪ 0‬إلى غير ذلك ‪.‬‬ ‫والثانية ‪ :‬أيضا كثيرة ‪ .‬حتى قيل بتواترها معنى ‪ 0‬وإن كانت أحاد ‪ ،‬أو‬ ‫هي مذكورة في باب القضاء والقدر ‪:‬‬ ‫منها ‪ :‬ما رواه شارح "' المقاصد " ‪ .‬عن امير الشؤمنين رغبه ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬قال رسول الله رظتنا) ‪ " :‬لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع ‪ :‬يشهد أن‬ ‫لا إله إلا الله وأني رسول الله بعثني بالحق ‪ 0‬ويؤمن بالبعث بعد الموت ة‬ ‫ويؤمن بالقدر خيره وشره ‪.'' ...... 8‬‬ ‫ومنها‪ :‬أنه خالق الخير والشر ‪ 0‬وهذه أيضآ معارضة بمثلها ‪ .‬أو‬ ‫بأكثر منها ‘ وبوجُوه عقلية ذكرها شارح" المقاصد " ‪ 0‬وتنظر في‬ ‫بعضها ‪ 0‬وترك في سنبله بعضها { منها ‪ :‬أن فعل العبد ممكن ‪ }.‬وكل مُمكن‬ ‫مقذور لله (تللة) ‪ 0‬ففعل العبد مقدور لله ‪ 0‬فلو كان مقذورا للعبد أيضا ‪.‬‬ ‫على وجه التأنير لزم اجتماع المؤثرين المستقلين على أثر واحد ‪ 0‬وهو‬ ‫(‪ )٢‬سورة الاعراف‪. ١٠٤ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الصافات‪. ٩٦ : ‎‬‬ ‫‪. ٢٥٠٠١‬‬ ‫(‪ )٤‬سورة البقرة‪: ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة الاعراف‪. ١٦٣ : ‎‬‬ ‫‪٥٥‬‬ ‫_‬ ‫باطل لما بين في باب العلل ؛ وجوابه إجمالا ‪ :‬أن القدرة لا يستلزم التأثير‬ ‫الفعلي المُستقل حتى يلزم الاجتماع ‪ 0‬ثم نجيب عن الكل إجمالا وتفصيلا ‪.‬‬ ‫أما الجواب الإجمالي عن الآيات والأخبار ‪ 0‬مضافا إلى المعارضة ‪:‬‬ ‫فبإمكان التأويل ولزومه ‪ ،‬إذا دل الدليل القطعي على خلافها ۔ كما مر ۔‬ ‫وسيجيعء بيانه ‪.‬‬ ‫وأما عن الوجوه العقلية ‪ :‬فبأنها شبهات في مقابل الضرورة ‪ .‬فلا‬ ‫تستحق جوابا ‪ 0‬فإن بداهة العقل تحكم بالفرق بين السقوط من السطح‬ ‫والإسقاط منه ‘ وحركة المُرتعش والمُنبش ‘ مع أن القول به يستلزم‬ ‫مفاسد لم يلتزم بها متدين ‪ 0‬فضلا عن مسلم منها بطلان التواب والعقاب‬ ‫على تقديره ‪ 0‬إذ لا أجر ولا عقوبة على الفعل المجبور ‪.‬‬ ‫ومنها ‪ :‬بطلان الأمر والنهي والزجر من الله رتلة) ‪ 4‬حيث لا اختيار‬ ‫لكونها عبثا قبيحا ‪.‬‬ ‫ومنها ‪ :‬سقوط الوعد والوعيد حيننذ { إذ لا فائدة فيهما ‪.‬‬ ‫ومنها ‪ :‬أنه لو كان كذلك ‪ 0‬لم تكن لانمة للمُذنب على ذنبه ‪ ،‬ولا‬ ‫محمدة للحسن على إحسانه ‪ 0‬بل كان المذنب أولى باإجسان من‬ ‫المحسن ‘‪ ،‬والمحسن أولى بالعقوبة من المذنب ‘ لتألم الأول وإنكساره‬ ‫بصدور الذنب منه لظن إختياره ‪ 0‬وقد كان بجبر جابر ‪ 0‬وقهر قاهر ‪ ،‬والله‬ ‫في القلوب المنكسرة ‪ 0‬كما ورد في الحديث القدسي ؛ وفرح الثاني أحيانا‬ ‫وتبهجه ‘} بصدور الحسنات عنه بزعم إختياره ‪ } :‬والله لا حب كل مُختال‬ ‫فخور ه ) ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الحديد‪. ٢٣ : ‎‬‬ ‫أما الجواب عن الآيات تفصيلا { فيحتاج إلى ذكر الآيات أولا } ثم‬ ‫الجواب عنها ؛ أما الآيات فهي أنواع } باعتبار خصوصيات تكون لبعض‬ ‫منها دون بعض ‘ مثل الورود بلفظ ‪ :‬الخلق لكل شيع ‪ ،‬أو لعمل العبد‬ ‫خاصة ‪ ،‬أو بلفظ الجعل ‪ .‬أو الفعل ‪ 0‬أو بغير ذلك ‪.‬‬ ‫فالأول ‪ :‬آيات منها قوله (يلة) ‪ « :‬خالق كل شيء » () ‪ « 0‬وخلق‬ ‫كل شيء & (") ‪ ( .‬إنا كل شيء خلقناه بقدر ‪ 0 )"( 4‬وأمثال ذلك ‘ ووجه‬ ‫الاستدلال ‪ :‬أن أفعال العباد من جملة الشيع ‪ .‬فيشمله العموم ‪ }.‬فيكون‬ ‫مخلوقا لله () ‪ 0‬وهو المطلوب ‪.‬‬ ‫والناني ‪ :‬قوله تلة ) ‪ ( :‬والله خلقكم وما تعملون () ‪ .‬وجه‬ ‫الإستدلال ‪ :‬إما على مصدرية ما فظاهر ‪ 0‬وإما على الموصولية فلشمولها‬ ‫الأفعال التي تكسبها من الحركات والسكنات ‪.‬‬ ‫والجواب عن النوعين ‪ :‬أن الخلق لفظ مشترك بين التقدير الذي هو‬ ‫بمعنى الهندسة ۔ معرب هندازه ۔ وهو من صفاته الأزلية ‪ 0‬ولا نزاع لنا‬ ‫فيه } وبين الاختراع الحادث وهو محل النزاع ‪ 0‬ومع الإحتمال يبطل‬ ‫الاستدلال ‪.‬‬ ‫بل نقول ‪ :‬بتعيين الأول بقرينة إقتران بعض هذه الآيات بقدر } كقوله‬ ‫يلة) ‪ « :‬إنا كل شيع خلقناه بقدر () ‪ 0‬وقوله ‪ « :‬وخلق كل شيء‬ ‫() ‪ 0‬فهي لنا لا علينا ‪.‬‬ ‫فقدره تقديرا‬ ‫‏(‪ )١‬سورة الأنعام ‪ :‬‏‪ ١٠ ٦٢‬؛ سورة الرعد ‪ :‬‏‪ ١٦‬؛ سورة الزمر ‪ :‬‏‪ ٦٢‬؛ سورة غافر ‪ :‬‏‪.٦٢‬‬ ‫‏(‪ )٢‬سورة الأنعام ‪ :‬‏‪ ١٠١‬؛ سورة الفرقان ‪ :‬‏‪. ٢‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ب‪٤{٩ ‎.:‬‬ ‫القمر‬ ‫)‪ (٥‬سورة‬ ‫القمر ب‪. ٤٩ ‎.:‬‬ ‫سورة‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫(‪ ()٦‬سورة الفرقان‪. ٢ : ‎‬‬ ‫‪. ٩٦‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ (٤‬سورة الصافات‪‎‬‬ ‫‪_ ٥٧‬‬ ‫_‬ ‫ولو سلمنا ‪ ،‬فنقول ‪ :‬إن غاية ما تدل عليه الخلق في الجملة ‪ ،‬لا الخلق‬ ‫المُستقل { الذي لا يشوبه فعل العبد ‪ .‬كما تقولون ونحن لا ننكره © فهي‬ ‫إنما تفيد في مقابل القدرية ذوننا ‪ .‬مع أنه يمكن أن يكون المراد ‪ :‬بما‬ ‫تعملون { في النوع الثاني ‪ .‬على مصوغاتهم ‪ .‬بدليل قوله (تْلة) قبيل‬ ‫هذا ‪ « :‬أتعبدون ما تنحتون » (" ‪.‬‬ ‫أما على الموصولية ‪ :‬فظاهر ؛ وأما على المصدرية ‪ :‬فبان المصدر‬ ‫بمعنى المفعول ‪ 0‬وبها تخص الآيات الباقية ‪ 0‬والإعتراض بأنها واردة قفي‬ ‫مقام التمدح ‪ 0‬وهو ينافي التخصيص ۔ لأن كل حيوان عندكم خالق لبعض‬ ‫الأشياء كأفعاله ‪ 0‬مدفوع بأن الخلق بالإستقلال التام يكفي في المقام ‪ 0‬ولو‬ ‫بالنسبة إلى بعض الأشياء كالأجسام { ولا نزاع لنا في ذلك ‪.‬‬ ‫النوع الثالث ‪ :‬قوله ريْلة) ‪ :‬ا( ربنا واجعلنا سُسلمين لك » «") ‪.‬‬ ‫رب اجعلني مُقيم الصلاة ه (") ‪ .‬وجه الإستدلال ‪ :‬أن (جعل) إذا تعدت‬ ‫إلى مفعولين تكون بمعنى ‪ :‬صير ‪ 0‬فإذا وقع مفعوله التاني من أفعال‬ ‫العباد ‪ 0‬أفاد أنها بجعل الله وبخلقه ‪.‬‬ ‫والجواب ‪ :‬أن أمثال هذه الآيات منزلة على إرادة طلب التوفيق لهذه‬ ‫الصفات { لا خلقها في الطالب ‘ وإنكاره لكثرتها مُكابرة ‪ 0‬وإنكار للتوفيق ‪.‬‬ ‫فإن الإكثار في الذعاء ‪ 0‬سيما في طلب التوفيق ‪ 0‬الذي هو العماد في‬ ‫السعادات ليس بمُستنكر ‪ 0‬بل من أهم المطالب ‪ 0‬مع أن الكثرة هنا لم‬ ‫تحصل من طالب واحد ‪ 0‬بل من طلاب في موارد من القرآن ‪ 0‬نسأل الله‬ ‫(‪ )١‬سورة الصافات‪. ٩٥ : ‎‬‬ ‫‪. ١٦٨‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ )٦٢‬سورة البقرة‪‎‬‬ ‫(‪ )٣٢‬سورة إبراهيم‪. ٤٠ : ‎‬‬ ‫‪- ٥٨‬‬ ‫_‬ ‫التوفيق للإنصاف ‪ 0‬ولكل خير وصلاح ‪.‬‬ ‫الرابع ‪ :‬مثل قوله (يجللة) ‪ « :‬فعال لما يريد ‪ « { )( 4‬ويفعل الله ما‬ ‫يحكم ما يريد » ”")؛ وجه الإستدلال ‪ :‬أن الإيمان‬ ‫يشاء » (") ‪[.‬‬ ‫والطاعات مما تعلقت به إرادة الله فهو فاعلها ‪.‬‬ ‫والجواب عنه ‪ :‬أولا ‪ :‬أنه أخص المدعى ‪.‬‬ ‫وثانيا ‪ :‬أن المراد أنه يفعل ما يريد فعله منه ‪ 0‬لا ما يريد فعله من‬ ‫الغير ‪ 0‬وهو المدعي ‪.‬‬ ‫وأما الجواب عن الأخبار ‪ ،‬فبمثل ما ذكر في الآيات ؛ ونزيد هنا ‪ :‬أن‬ ‫المُراد من الخير ‪ :‬الصحة ‪ ،‬والغنى ؛ ومن الشر ‪ :‬المرض & والفقر ؛ كما‬ ‫روي عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) ‪ :‬أن أمير‬ ‫المؤمنين (ظثه) مرض ‪ ،‬فعاده إخوانه { فقالوا ‪ :‬كيف تجدك يا أمير‬ ‫المؤمنين ؟ قال ‪ :‬بشر ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ما هذا كلام مثلك ‪ 0‬قال ‪ :‬إن الله (تَلة)‬ ‫يقول ‪ :‬ونبلوكم بالشر والخير فتنة » () ؛ فالخير ‪ :‬الصحة والغنى ؛‬ ‫والشر ‪ :‬المرض والفقر {‪ 0‬أو الأعم من ذلك ‘‪ 0‬ومن السراء والضراء ‪.‬‬ ‫والشدة والرخاء } كما عن ابن عباس عند تفسيره للآية ‪ :‬أو ما تحبون‬ ‫وما تكرهون ؛ كما عن ابن زيد أيضا ‪ ،‬في تفسير الآية ‪ 0‬وتحقيق الحال ‪:‬‬ ‫أن أفعال العباد وما يتصفون به قسمان ‪:‬‬ ‫قسم ‪ :‬ليس باستطاعتهم ‪ 0‬وتحت قدرتهم واختيارهم ‘{ كالصحة ‪.‬‬ ‫والمرض ‘ والغنى ‪ 0‬والفقر } والبياض ‪ ،‬والسواد ‪ 0‬والملاحة ‪ ،‬والقباحة ‪.‬‬ ‫المائدة‪. ١ : ‎‬‬ ‫(‪ (٢‬سورة‬ ‫‪.١٦:‬‬ ‫البرو ج‪‎‬‬ ‫‪ ١٠٧‬؛ سورة‬ ‫هود‪: ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة‬ ‫(‪ )٤‬سورة الأنبياء‪. ٣٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة إبراهيم‪. ٢٧ : ‎‬‬ ‫‪_ ٥٩‬‬ ‫من أفعال السجايا والصفات القانمة بموصوفاتها الغير المُوجدة لها ‏‪٥8‬‬ ‫ويجمعها عدم تعلق التكليف بها ‪.‬‬ ‫والقسم الاخر ‪ :‬باستطاعتهم ‪ 0‬وتحت قدرتهم واختيارهم ‘ سواء كان‬ ‫لازما للفاعل ‘ كالقيام والقعود ‘ أو مُتعديا إلى الغير ‪ 0‬كالضرب والقتل ‪.‬‬ ‫فالقسم الأول ‪ :‬مخدوق له مج) ‪ 0‬والله (تلك) خالق لها ‪ .‬مُوجد‬ ‫إياها ‪ .0‬خلقا مُستقلا ‪ .‬غير مشوب بفعل العبد ‪ 0‬وإن كان يتصف به ‪.‬‬ ‫فێقال ‪ :‬فلان مريض ‪ 0‬وحسن ؤ أو قبيح ‪ 0‬إلى غير ذلك ‪.‬‬ ‫والقسم الثاني ‪ :‬مخلوق للعبد ‪ .‬وهو فاعلها ومُوجدها ‪ 0‬إن تحاشيت‬ ‫عن لفظ الخلق ‪ ،‬فإن النزاع ليس في اللفظ ‪ 0‬ولكنه بالمعنى الذي سنذكره ‪.‬‬ ‫ولهذا تقع موردآ للتكليف ‘ والتكليف يتعلق بها ؛ وإن أردت زيادة توضيح‬ ‫وتشريح لذلك } فاستمع لما يتلى عليك ‪.‬‬ ‫واعلم أن القدرية ۔ ويقال لهم ‪ :‬المفوضة ايضا ۔ قوم ذهبوا إلى أن الله‬ ‫(يلة) ‪ 6‬أوجد العباد ‪ .‬وأقدرهم على الأفعال ‪ .‬وفوض إليهم الاختيار ‪.‬‬ ‫فهم مُستقلون بإيجادها على وفق مشينتهم وإرادتهم ‪ .‬وطبق قدرتهم ‪.‬‬ ‫وزعموا أن الله () ‪ ،‬أراد منهم الإيمان والطاعة ‪ ،‬وكره منهم الئفر‬ ‫والمعصية ‪ ،‬لكنهم فعلوا بإرادتهم ما شاءوا ‪ 0‬قالوا ‪ :‬وعلى هذا يظهر‬ ‫أمور ‪:‬‬ ‫الأول ‪ :‬فائدة التكليف بالأوامر والنواهي ‪ .‬وفائدة الوعد والوعيد ‪.‬‬ ‫الناني ‪:‬استحقاق الثواب والعقاب ‪.‬‬ ‫الالث ‪ :‬تنزيه الله عن إيجاد القبانح والشرور ‪ 0‬التي هأينواع القفر‬ ‫والمعاصي ‘{ وعن إرادتها ‪ 0‬لكنهم غفلوا عما يلزمهم فيما ذهبوا إليه من‬ ‫‏‪ ٦٠‬۔‬ ‫۔‬ ‫إنبات الشركاء لله في الإيجاد ‪ 0‬حقيقه ولا شبهة أنه أشنع من جعل‬ ‫الأصنام شُفعاء عند الله ‪ .‬ويلزمهم أيضآ أن ما أراده ملك الملوك لا يوجد‬ ‫في مُلكه ‪ {.‬وأن ما كرهه يكون موجودا ‪ 0‬وذلك نقصان شنيع في السلطنة‬ ‫والملكوت (تعالى الله عن ذلك) ‪.‬‬ ‫وبازاء هؤلاء جماعة أخرى ‪ 8‬ذهبوا إلى أن لا سُؤثر في الوجود‬ ‫سوى النه المتعالي عن الشريك في الخلق والإيجاد ‪ 0‬فيفعل ما يشاء ‪.‬‬ ‫ويحكم ما يريد ‪ 0‬لا علة لفعله } ولا راد لقضائه ‪ .‬لا يسأل عما يفعل وهم‬ ‫يسألون & (') ؛ وقالوا ‪ :‬لا مجال للعقل في تحسين الأفعال وتقبيحها‬ ‫بالنسبة إليه ‪ 0‬بل يحسن صدور كلها ‪.‬‬ ‫وأما المسماة بالأسباب ‪ ،‬فليست أسبابا على الحقيقة ‪ 0‬وإنما ارتبط بها‬ ‫بحسب الظاهر وجود الأشياء ‪ 0‬ولا مدخل لها في سببية وجودها ‪ 0‬لكنه‬ ‫ريلة) أجرى عادته ‪ .‬بأن يوجد الأشياء غقيب تلك الأسباب ‪ .‬فكل من‬ ‫الأسباب والمُسببات صادرة منه () ابتداء ‪.‬‬ ‫قالوا ‪ :‬وفي ذلك تعظيم لقدرة الله ‪ 0‬وتقديس له عن شوانب النقصان ‪.‬‬ ‫والحاجة في التأثير إلى شيع آخر & فهذان الفريقان واقعان في طرفي‬ ‫التضاد ‪ 0‬أحدهما ‪ :‬يسمى بالقدري ؛ والآخر ‪ :‬بالجبري ؛ وكلاهما أعور‬ ‫دجال ‪.‬‬ ‫وذهب آخرون إلى أن الأشياء في قبول الوجود متفاوته ‪ 0‬فبعض لا‬ ‫يقبل الوجود ‪ ،‬إلا بعد وجود شيء آخر ‪ .‬كالعرض ‪ :‬فإنه الذي لا يقبل‬ ‫الوجود ‪ .‬إلأ بعد وجود الجوهر ؛ وكالمركب ‪ :‬الذي لا يقبل الوجود ‪ .‬إلا‬ ‫بعد وجود جزانه ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الأنبياء‪. ٢٣ : ‎‬‬ ‫‪- ٦١‬‬ ‫فقدرته (تْلةٍ) كاملة في الغاية ‪ .‬يفيض منه الوجود على السُمكنات‬ ‫كلها ‪ ،‬بحسب قابليتها المتفاوتة ‪ 0‬فبعضها صادرة منه (يهك) بلا‬ ‫واسطة ‪ 0‬وبعضها بواسطة ‪ 0‬أو وسائط ‪ ،‬فمثل ذلك لا يدخل في الوجود إلا‬ ‫بعد سبق أمور أخرى ‪ ،‬لا للقصان في القدرة ‪ 0‬بل للقصان في القابلية ‪.‬‬ ‫وكيف يتوهم اللقصان والإحتياج ‪ 0‬مع أن السبب المتوسط أيضآ صادر‬ ‫عنه رتك) ‪.‬‬ ‫فالله رملة غير مُحتاج في إيجاد شيء إلى ما ليس بصادر عنه ؛‬ ‫وقالوا ‪ :‬لا ريب في وجود موجود على أكمل وجه في الخير والوجود ه‬ ‫ولا في أن صذور الممكنات عنه يجب أن يكون على أبلغ النظام ‪ 0‬فالصادر‬ ‫عنه إما خير محض كالملائكة العلوية ومن ضاهها من العقول الإنسانية ؛‬ ‫وإما ما يكون الخير فيه غالب على الشر ‪ }.‬فيكون الخيرات داخلة في قدرة‬ ‫الله بالأصالة ‪ 0‬والشرور اللازمة للخيرات داخلة فيها بالتبع ‪ 0‬كما سبق‬ ‫ذكره ‪.‬‬ ‫ومن تم قيل ‪ :‬أن الله يقضي الكفر والمعاصي الصادرة عن العباد ‪.‬‬ ‫لكن لا يرضى بها ‪.‬‬ ‫وقيل أيضا ‪ :‬أن الخير برضائه ‪ ،‬والشر بقضانه ‘ على قياس من‬ ‫للسعت الحية إصبعه { وكانت سلامته موقوفة على قطع إصبعه { فانه‬ ‫يختار قطعها بارادته ‪ .‬لكن بتبعية إرادة السلامة ‪ }.‬ولولاها لم يرد القطع‬ ‫أصلا ‪.‬‬ ‫فيقال ‪ :‬هو يريد السلامة ‪ 0‬ويرضى بها ‪ ،‬ويريد القطع ‪ 0‬ولا يرضى‬ ‫به ‪ 0‬إشارة إلى الفرق الدقيق ؛ وأنت إذا أمعنت النظر ‘{ عرفت أن أسلم‬ ‫‏_ ‪ ٦١٢‬۔‬ ‫هذه المذاهب الثلانة من الآفات وأصحها المذهب الأخير ‪ .‬لكونه‬ ‫كالمتوسط بين الجبر والتفويض ‘ كالمزاج المْتعدل بين طرفين مُتضادين ‪.‬‬ ‫وخير الأمور أوسطها ‪ ،‬وكأنه المشار إليه في روايات الأئمة الطاهرة { لا‬ ‫جبر ولا تفويض ‪ ،‬بل أمر بين الخمرين ‪ 0‬على بعض تفاسير ‪ :‬الخمر بين‬ ‫الأمرين ‪.‬‬ ‫وذهبت البهنمية ‪ :‬إلى أنه (تجلة) ى مساو لغيره من الذوات ‪ ،‬ومُمتازة‬ ‫بحالة تسمى ‪ :‬الألوهية ‪ 0‬وتلك الحالة توجب له أحوالا أربعة ‪ 0‬وهي ‪:‬‬ ‫القادرية ‪ 0‬والعالمية ‪ .‬والحيتية ‪ 0‬والموجودية ؛ والحال عندهم ‪ :‬صفة‬ ‫لموجذُود { ولا توصف هي بالوجود ولا بالعدم ‪ 0‬والبارئ رن) قادر ‪.‬‬ ‫باعتبار تلك القادرية ‪ 0‬وعالم بإعتبار تلك العالمية ‪ 0‬إلى غير ذلك ‪ 0‬فاثبتوا‬ ‫له ريمْك) حالات فرادا عما يلزم الصفاتية ‪ .‬من التشبيه بإثبات صفات‬ ‫وجودية ‪ 0‬والمُعطلة من التعطيل ‪ 0‬فوقعوا في إثبات الواسطة بين الوجود‬ ‫والعدم ‪ 0‬الذي كالقول ‪ :‬بإجتماع النقيضين ‪ 0‬بل هو هو ‪ .‬وسيأتي لذلك‬ ‫زيادة توضيح في رد الخشاعرة ‪.‬‬ ‫وأما المشبهة ‪ :‬فهم صنفان { فالسلف منهم ‪ .‬من أصحاب الحديث ‪:‬‬ ‫كأحمد بن حنبل ‪ 0‬وداوود بن عَلئَ الخصفهاني ‪ 0‬وجماعة من أئمة السلف ‏‪٥‬‬ ‫لما رأوا كلام المعتزلة في نفي الصفات الزاندة ‪ 0‬وظاهر بعض الأخبار‬ ‫الدالة على التشبيه ‪ 0‬تحيروا في تقرير مذهب أهل السنة والجماعة ‪ }.‬في‬ ‫مُتشابهات آيات الكتاب ‪ ،‬وأخبار النبي () وآله ‪ ،‬فجروا على منهاج‬ ‫أسلافهم المتقدمين عليهم من أصحاب الحديث ‘ مثل ‪ :‬مالك بن أنس ‪.‬‬ ‫ومقاتل بن سليمان { فقالوا ‪ :‬نؤمن بما ورد به الكتاب والسنة ‪ ،‬ولا‬ ‫نتعرض للتأويل ‪ ،‬بعد أن نعلم قطعا ‪ ،‬أن الله () لا يشبه شينا من‬ ‫‪- ٦٣‬‬ ‫المخلوقات ‪ .‬بل قالوا ‪ :‬أن كل ما تمثل في الوهم فهو مخلوق له ‪ .‬فتوقفوا‬ ‫في التأويل لأمرين ‪:‬‬ ‫أحدهما ‪ :‬المنع الوارد في الكتاب من التأويل { كما في قوله (يلهة) ‪:‬‬ ‫ل فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء‬ ‫تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون أمنا به كل من‬ ‫() ؛ وقالوا ‪ :‬نحن نحترز الزيغ ‪.‬‬ ‫عند ربنا‬ ‫وثانيهما ‪ :‬أن التأويل أمر مظنون بالإتفاق ‪ 0‬والقول بالصفات من‬ ‫الأصول ں فلا يكتفي فيه بالظن ‪ ،‬فربما لاوله إلى غير مراد الله (لة) "‬ ‫فوقعنا في الزيغ ‪ 0‬بل نقول كما يقول الراسخون في العلم ‪ :‬ل( كل من عند‬ ‫من)‬ ‫(") ؛ أمنا بظاهره ‪ 0‬وصدقنا بباطنه ‪ 0‬ووكلنا علمه إلى الله‬ ‫ربنا‬ ‫ولسنا مكلفين بمعرفة ذلك ‪ ،‬إذ ليس من شرانط الإيمان وأركانه ‪.‬‬ ‫هذا حاصل كلامهم ‘ وهو كما ترى بعضه ظاهر في التشبيه ‪ ،‬كقوله ‪:‬‬ ‫أمنا بظاهره ‪ .‬فإن ظاهر قوله (ريْلة) ‪ ( :‬الرحمن على العرش‬ ‫استوى » (")؛ هو التمكن والإستقرار عليه ‪ .‬وظاهر قوله ‪ :‬خلقت بيدي ‪8‬‬ ‫كونه ذا يد ‪ 0‬وكذا ظاهر قوله (عليه السلام) ‪ " :‬خلق آدم على صورة‬ ‫الرحمن "" ؛ أن له رملة ) صورة ؟‬ ‫فإن حقيقة الإيمان هو التصديق والإطمئنان ‪ 0‬لأنه مأخوذ من الأمن ه‬ ‫الذي هو السكون ‪( ،‬تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا) ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬سورة آل عمران ‪ :‬‏‪. ٧‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة آل عمران‪. ٧ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة‪ ‎‬طهله‪.٥:‬‬ ‫‪- ٦٤‬‬ ‫وبعضه الآخر ظاهر ‪ 0‬بل صريح في نفي التشبيه ‪ ،‬مثل قوله ‪ :‬بعد أن‬ ‫نعلم قطعا ‪ ،‬أن الله رَنك) ‪ .‬لا يشبه شيناً من المخلوقات ؛ وقوله ‪ :‬كل ما‬ ‫تمثل في الوهم فهو مخلوق له { أي ‪ :‬للوهم { فلا يدركه الوهم الذي من‬ ‫الحواس الباطلة أيضا ؛ بل نقل عنهم ‘ أنهم قالوا ‪ :‬من حرك يده عند‬ ‫قراءة قوله يلة ) ‪ ( :‬خلقت بيدي ‪ 0 )( 4‬أو أشار باصبعه عند روايته‬ ‫قوله (اللثلم) ‪ " :‬قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن " ‪.‬‬ ‫وجب قطع يده وقلع إصبعه ‪ ،‬فهم أيضآ مشتبه الحال ككلامهم ‪.‬‬ ‫وليت شعري ‘ ما الفرق بين الإيمان والتصديق ؟ حتى يقال ‪ :‬أمنا‬ ‫بظاهره ‪ .‬وصدقنا بباطنه ‪ 0‬وليتهم وكلوا الظاهر والباطن إلى الله رتتلة)‬ ‫ولا ينافيه الآية ‪ 0‬لأن معنى الإيمان به ليس تصديق ظاهره { بل ما فسر‬ ‫به في قوله ‪ :‬كل من عند ربنا » (") ؛ فإن القرآن يفسر بعضه بعضا ‪.‬‬ ‫فمعنى ‪ « :‬أمنا به ‪ "( 4‬والله أعلم ۔ ‪ :‬أمنا بأنه من عند ربنا ‪ 0‬ولا نعلم‬ ‫تفسيره حتى نفسره { وهو معنى واضح ‪ ،‬لا شبهة فيه } ولا شك يعتريه ‪.‬‬ ‫هذا إذا كان الوقف على الله ‪.‬‬ ‫وأما إن كان على العلم ‪ 0‬وعطف الراسخون على الله (بالواو) ‪.‬‬ ‫فالمعنى ‪ :‬لا يعلم تأويله ‪ 0‬أي ‪ :‬المتشابه ‪ :‬أ إلا الله والراسخون في‬ ‫على الحال ‪ .‬وتقديره‬ ‫نصب‬ ‫‏)‪ (٢‬؛ ويقولون على هذا ‪ :‬في موضع‬ ‫العلم ‪4‬‬ ‫أمنا بالله كل من عند ربنا « (") ؛ كقول ابن المفرع الحميري ‪:‬‬ ‫قائلين ‪:‬‬ ‫غمامه‬ ‫في‬ ‫يلمع‬ ‫والبرق‬ ‫شجوة‬ ‫تبكي‬ ‫الريح‬ ‫(‪ )١‬سورة ص‪. ٧٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة ال عمران‪. ٧١ : ‎‬‬ ‫‪_ ٦٥‬‬ ‫أي ‪ :‬والبرق يبكي أيضآ ‘ لامعا في غمامه { وهو قول ابن عباس ‪8‬‬ ‫والربيع ‪ 0‬ومحمد بن جعفر بن الزبير } وإختيار أبي مُسلم ‪ 0‬وهو المروي‬ ‫عن أبي جعفر محمد الباقر (التكلةم) ‪ 0‬قال ‪ :‬كان رسول الله رن)‬ ‫أفضل الراسخين في العلم ‪ 0‬قد عَلِم جميع ما أنزل الله عليه ‪ 0‬من التأويل‬ ‫والتنزيل ‪ 0‬وما كان الله لێنزل عليه شينا لم يعلمه تأويله ‪ 0‬فهو وأوصيانه‬ ‫من بعده يعلمونه كله ‪.‬‬ ‫ويؤيد هذا القول ‪ :‬أن الصحابة والتابعين ‪ 0‬أجمعوا على تفسير جميع‬ ‫آي القرآن ‪ 0‬ولم نرهم توقفوا على شيء منه ‘ ولم يفسروه بأن قالوا ‪:‬‬ ‫هذا متشابه لا يعلمه إلا الله ؛ وكان ابن عباس يقول ‪ :‬أنا من الراسخين‬ ‫في البلم ‪.‬‬ ‫فعلى هذا ‪ 0‬لا معنى للتوقف في معنى المتشابه ‪ ،‬إذا فسره أحد‬ ‫الصحابه ‪ ،‬أو التابعين لهم بإحسان ‘ أو أحد أوصياء النبي رن)‬ ‫الوارثين لعلمه ‪ ،‬المعصومين على مذهبنا ؛ إذ لو أنكر عصمتهم ‪ ،‬فلم‬ ‫ينكر فضلهم ‘ ورسنوخهم في العلم والحكمة ‪ 0‬ولعنا نذكر بعض كلماتهم‬ ‫في المقام ‪ 9‬لرفع شبهة من إرتاب في ذلك ‪ 0‬إن شاء الله تعالى ‪.‬‬ ‫أو دل دليل عقلي قاطع ‪ 0‬بأن المراد من السمع والبصر ‪ 0‬ليس‬ ‫ظاهرهما { أعني ‪ :‬الجوارح ‪ 0‬كلزوم الجسمية التي هي من خواص‬ ‫المكن ‪ 0‬وحيننذ فينقدب عليهم الدليل ‪ 3‬بأن يقال ‪ :‬بأن دلالة الألفاظ‬ ‫ظنية } وقرينة الخلاف من التفسير المذكور ‪ 0‬أو الدليل المزبور قطعية ‪.‬‬ ‫فلا يترك القطعي بالظني ‪.‬‬ ‫فيا ليت المتوقف { نظر بعين البصيرة والإنصات ‪ ،‬إلى قول من‬ ‫‪- ٦٦‬‬ ‫۔‪‎‬‬ ‫يعترف بأنه باب مدينة العلم ‪ 0‬وأعلم الصحابة ‪ 0‬إن لم يكن أفضلهم من كل‬ ‫وجه ‪ }،‬في نهج البلاغة ‪ ،‬الذي لا يشك الناظر فيه أنه من كلامه { إذ غير‬ ‫مثله مقدور لغيره ‪ 0‬كما ذكر بعض المحققين ‪ ،‬أنه ذون كلام الخالق ‏‪٥‬‬ ‫وفوق كلام المخلوق ‪ 0‬في أول خطبة منه ‪ .‬حيث يقول ‪ :‬أول الدين‬ ‫معرفته ‪ 0‬وكمال معرفته التصديق به ‪ 0‬وكمال التصديق به توحيده ‪.‬‬ ‫وكمال توحيده الإخلاص له ‪ 0‬وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ‪.‬‬ ‫فجعل غاية الكمالات نفي الصفات عنه تلة ) ؛ وظاهر أن مراده‬ ‫(الثلا‪ ):‬من نفي الصفات ‪ 0‬ليس نفيه من كل جهة ‪ 0‬فإن القرآن مشخون‬ ‫من صفاته () ‪ :‬كالعلم ‪ 0‬والقدرة ‪ .‬والإدراك ‪ 0‬والسمع ‪ ،‬والبصر ‪.‬‬ ‫وغيرها مما ذكر في كلامه المجيد ‪ 0‬وفرقانه الحميد ‪ 0‬بل الكتاب المذكور ‪.‬‬ ‫بل الخطبة المزبورة ‪ 0‬مملوءة من صفاته الجلالية ‪ 0‬ونعوته الجمالية ‪.‬‬ ‫بل المراد نفي الصفات الزائدة المشبهة بالمخلوقين ‪ 0‬دون الصفات‬ ‫الذاتية ‪ 0‬التي تفرد بها } ولا يشبهه غيره فيها ‪ ،‬بشهادة قوله (التَتتل;) ‪:‬‬ ‫لشهادة كل صفة { أنها غير الموصوف ‘ وشهادة كل موصوف ‪ .‬أنه غير‬ ‫الصفة ؛ فان في هذه الشهادة دلالة واضحة على ما ذكرنا ‪.‬‬ ‫فإن الغيرية ‪ :‬إنما تتصور في الصفات الزائدة ‪ 0‬دون ما كانت عين‬ ‫الذات ‪ ،‬إذ المغايرة بين الشيء ونفسه غير معقول ‪ ،‬فإذا دلت مثل هذه‬ ‫القرينة الواضحة الدلالة على نفي الصفات الزاندة ‪ 0‬فأي مانع يمنع عن‬ ‫تأويل الظواهر إلى ما يقبله العقل السليم ‪ 0‬والذوق المستقيم ‘ مع إعترافك‬ ‫بأنا لا نعلم باطنه & فإذا أسفر الصبح باليقين من الدليل ‪ 0‬فما وجه غمض‬ ‫العين } وترتيب آثار الليل ‪.‬‬ ‫هذا ‪ 0‬والصنف الثاني ‪ :‬هي الحشوية وكلا مهم ‪ 0‬وإن كان تشمنز منه‬ ‫النفس ‪ 8‬إلا أنا نذكر شطرآ منه ‪ 0‬لإنكشاف الحال ‪.‬‬ ‫فنقول ‪ :‬نقل الشهرستاني ‘{ في كتابه ‪ " :‬الملل والنحل ا" ‪ .‬عن‬ ‫مصر ‘ وكهمش ‘ وأ حمد‬ ‫عيسى « أنه حكى عن‬ ‫بن‬ ‫محمد‬ ‫» عن‬ ‫‏‪ ١‬لأشعر ي‬ ‫الهجيمي ‪ :‬أنهم أجازوا على ربهم الملامسة والمُصافحة { وأن المخلصين‬ ‫من المُسلمين يعاينون في الدنيا والآخرة ‪ 0‬إذا بلغوا من الرياضة‬ ‫والإجتهاد ‪ 0‬إلى حد الإخلاص والإتحاد المحض ‪.‬‬ ‫وحكى الكعبي عن بعضهم ‪ :‬أنه كان يجوز الرؤية في الدنيا ‏‪ ٠‬يزورهم‬ ‫ويزورونه ؛ وحكى عن داوود الجواري ‪ ،‬أنه قال ‪ :‬أعفوني عن الفرج‬ ‫{ ولحم ‪.‬‬ ‫واللحية ‪ .‬وا سألوني عما وراء ذلك ؛ وقال ‪ :‬أن لمعبودهم جسم‬ ‫‘‬ ‫< ولسان‬ ‫ورجل ‘ ورأس‬ ‫يد©‪8‬‬ ‫‪ ).‬من‬ ‫‘ وأ عصا ء‬ ‫‘ وله جوارح‬ ‫ودم‬ ‫“ ودم لا‬ ‫‘ ولحم لا كاللحوم‬ ‫‏‪ ٧٦‬كالأجسام‬ ‫ذلك جسم‬ ‫‪ 6‬وأذنين ‪ 0‬ومع‬ ‫وعينين‬ ‫كالدماء ‪ .‬وكذلك سانر الصفات ‪.‬‬ ‫ما‬ ‫‪ .‬مصمت‬ ‫إلى صدره‬ ‫من أ علاه‬ ‫أجوف‬ ‫| أنه قال ‪ :‬هو‬ ‫وحكى عنه‬ ‫سوى ذلك ‪ .‬وأن له فروة سوداء ‪ 0‬وله شعر قطط ‪ 4‬إنتهى ‪.‬‬ ‫وبطلان هذا القول وتفاهته ‪ 0‬غني عن البيان ‪ 0‬وأخس من أن يتعرض‬ ‫له (تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرآ) ‪.‬‬ ‫وذهبت العدلية ‪ ،‬من المعتزلة والإمامية ‪ :‬إلى أن لله تعالى صفات‬ ‫سلبية يجب‬ ‫عين ذاته تعالى ‪ 4‬وصفات‬ ‫تبوتية ‪ .‬يجب الإعتقاد بها ‪ .‬وهي‬ ‫تنزيهه تعالى عنها {} وقد يقال للأولى ‪ :‬صفات الجمال ‪ 0‬وللثانية ‪ :‬صفات‬ ‫الجلال ‪.‬‬ ‫‪- ٦٨‬‬ ‫_‬ ‫أما الصفات الثبوتية ‪ :‬فالمشهور في الكتب الكلامية ‪ 0‬أنها ثمانية ‪:‬‬ ‫القدرة ‪ 0‬والعلم ‪ 0‬والحياة ‪ .‬والإرادة ‪ 4‬مع الكراهة ‪ .‬والإدراك ‪ ،‬والقدم ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫والكلام ‪ .‬والصدق‬ ‫وبعضهم كصاحب "" التجريد ا" ‪ 0‬زاد صفات تبوتية أخرى ‪ :‬الجود ‪.‬‬ ‫والملك ‪ .‬والحكمة ‪ .‬والقهر ‪ }.‬والقيمومية ‘ وغير ذلك ‪.‬‬ ‫ووجه الحصر في هذه غير ظاهر ‘ لأنه إن أريد أصولها { فليست إلا‬ ‫لانة ‪ :‬العلم ‪ 0‬والقدرة ‪ .‬والحياة ‪ 0‬والباقي مما ذكر وغيرها راجع إليها ‪.‬‬ ‫مثلا ‪ :‬الإرادة ‪ .‬والكراهة ‪ .‬والإدراك ‪ 0‬والصدق ‘ راجعة إلى العلم ومن‬ ‫فروعه ؛ والكلام راجع إلى القدرة ومن فروعها ؛ والقدم راجع إلى‬ ‫الوجود ‪ .‬هذا بحسب المفهوم ‘ والكل بحسب الذات راجع إلى الذات ‏‪٠‬‬ ‫وتحد معها بالذات ؛ وأن أريد مُطلق الصفات ‪ .‬أصولا وفروعا { فهي‬ ‫غير منحصرة فيما ذكروه ‪ }.‬بل يمكن أن يقال كما قيل ‪:‬‬ ‫ففي كل شيع له آية تدل على أنه واحد‬ ‫ان صفاته لا تحصى ونعوته لا تتناهى‬ ‫تعدوا‬ ‫وان‬ ‫له اسما وصفة ‘ »‬ ‫‘ توجب‬ ‫‏‪ ١‬لوجود‬ ‫من ذرا ت‬ ‫فكل ذرة‬ ‫نعمة الله لا تحصوها & () ؛ فسُبحانه } سبحانه ما أجل ثنانه ‪ ،‬وأعظم‬ ‫أسمانه ‪.‬‬ ‫الهم ‪ ،‬إلا أن يقال ‪ :‬أن المقصود بالذات ‪ 0‬مما ذكر في الئتب ‪ .‬هي‬ ‫الأصول ‘ وإنما ذكروا بعض الفروع ‪ ،‬لزيادة إعتناء بشأنه ‪ ،‬أو بسبب‬ ‫الإختلاف الواقع فيه ‪ 0‬فيذكر للتكلم فيه ‪ .‬وفيما ذكر فيه من النقض‬ ‫والإبرام ‪ 0‬كمسألة الكلام مثلا ‪ .‬وهكذا غيره ‪.‬‬ ‫‏‪. ١٨‬‬ ‫النحل ‪:‬‬ ‫ابرا هيم ؛ سورة‬ ‫‏) ‪ ( ١‬سورة‬ ‫والمراد بقولنا ‪ :‬أنها عين الذات ‪ 0،‬أنه تعالى لم يوصف لها بتوسط‬ ‫أمر زاند { كالعلم ‪ 0‬والقدرة ‪ 0‬والإدراك ‪ 0‬الزاندة عن ذاته ‘ كما يقول‬ ‫الأشاعرة ‪ 0‬أو بحالة زاندة ‪ 0‬كما تقول البهثمية ‪ .‬بل هو بذاته تعالى ‪.‬‬ ‫يتصف بتلك الصفات الكمالية ‪ 0‬فلا يتوهم أنه يلزم على هذا إطلاق العلم ‪.‬‬ ‫والقدرة ‪ 0‬والإدراك ‪ 0‬وغيرها عليه ‘ فقال ‪ :‬هو علم ‘ وقدرة ‪ ،‬وإدراك ‪8‬‬ ‫إلى غير ذلك ‘ كما توهمه بعض ؛ وإن كان لإطلاقها عليه أيضآ وجه ‪.‬‬ ‫سيأتي إن شاء الله ‪ 0‬نظير ما ذكرنا سابقا ‪ 0‬في حلاوة السكر ‪ .‬وملوحة‬ ‫الملح ‪.‬‬ ‫فقال ‪ :‬السكر حلو لذاته ‪ 3‬والملح مالح لذاته ‪ ،‬أو بذاته } أي ‪ :‬لا بأمر‬ ‫خارج عنه ‘ كالماء الحلو بإمتزاج السكر ‪ .‬والطعام المالح بواسطة‬ ‫الملح ‪ 0‬وإن كان بين المقام فرقا ‪ 7‬ف ‪ ( :‬ليس كمثله شيء ه () ؛ لكن ‪:‬‬ ‫ل( وله المثل الأعلى في السماوات والأرض » ") ‪.‬‬ ‫فلا بأس بالتنظير في بعض المقامات ‪ 0‬لمسيس الحاجة إليه ‪ }.‬والدليل‬ ‫على أنها ليست بزاندة ‪ 0‬مضاف إلى ما ذكر من كلام البصير لهذا الطريق ه‬ ‫والغواص في هذا البحر العميق ‪ 0‬أمور من العقل والنقل } فمن العقلي‬ ‫نذكر أمرين ‪:‬‬ ‫الاول ‪ :‬أنه تعالى لو كان عالما بعلم زائد ‪ 0‬قادر بقدرة زاندة ‪ 0‬إلى‬ ‫غير ذلك ‪ ،‬لإفتقر في إتصافه بتلك الصفات إلى تلك المعاني ‪ .‬أو الخحوال‬ ‫الزاندة ‪ 0‬المغايرة له قطعا ‪ .‬أو بالفرض ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الشورى‪. ١١ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الروم‪. ٢٧ : ‎‬‬ ‫ولا شك أن كل مُفتقر إلى الغير مُمكن ‪ 0‬فيكون البارئ تعالى مُمكنا ‪.‬‬ ‫وقد نبت وجوبه هذا خلف ‘ أو ناقص فيكون ناقصا { وقد ثبت كماله } أو‬ ‫عاجز فيكون عاجزا ‪ 0‬وقد ثبت قدرته ‪.‬‬ ‫ولما كان ثنبوت صفة زائدة من المعاني والأحوال مُستلزماً للحال ‪.‬‬ ‫وهو افتقاره في صفته إلى الغير ‪ 0‬المُستلزم لإمكان الواجب ‘ أو نقصه ‪.‬‬ ‫أو عجزه ‪ 0‬كان ذلك الثبوت مُحال قطعا { لإستلزام بطلان اللازم بطلان‬ ‫الملزوم ‪.‬‬ ‫الناني ‪ :‬أنه تعالى لو كان له صفة زائنذة وجودية ‪ 0‬فإن كانت واجبة‬ ‫لذاتها ‪ 0‬يلزم تعدد الواجب ‘ وإن كانت ممكنة ‪ 0‬فإن كان مُوجدها ذاته‬ ‫تعالى ‪ 0‬يلزم أن يكون الشي ع الواحد فاعلا وقابلاً ‪ 0‬وإن كان غير ذاته‬ ‫تعالى ‪ 0‬يلزم احتياج الواجب إلى الغير ‪ 0‬واللوازم كلها باطلة ؛ وقي هذا‬ ‫الوجه نظر ‘ من وجهه في كلام الفلاسفة ‪.‬‬ ‫ومن النقلي ‪ :‬ما روي عن ابن إبراهيم ‪ 0‬عن أبيه ‘ عن العباس بن‬ ‫عمرو الفقيمي ‘ عن هشام بن الحكم ‪ 0‬عن أبي عبد الله جعفر بن محمد‬ ‫الصادق (التكلم) ‪ ،‬أنه قال للزنديق ‪ 0‬حين سأله ‪ :‬ما هو ؟‬ ‫قال ‪ :‬هو شيء بخلاف الأشياء ‪ .‬أرجع بقولي إلى إتبات معنى ‪ 0‬وإنه‬ ‫شيء بحقيقة الشيئية ‪ .‬غير أنه لا جسم ‘ ولا صورة ‪ 0‬ولا يحس ‪.‬۔ ولا‬ ‫يجس ‘ ولا يدرك بالحواس الخمس ى لا تدركه الأوهام ‘ ولا تنقصه‬ ‫الدهور { ولا تغيره الأزمان ‪.‬‬ ‫فقال له السائل ‪ :‬فنقول ‪ :‬أنه سميع بصير ‪.‬‬ ‫فقال ‪ :‬هو سميع بصير {‪ .‬سميع بغير جارحة ‪ 0‬وبصير بغير آلة ‪.‬‬ ‫‪- ٧١‬‬ ‫يسمع بنفسه ‪ 0‬ليس قولي أنه سميع يسمع بنفسه ‘ وبصير يبصر بنفسه }‬ ‫إنه شيع ‪ 0‬والنفس شيع آخر {‪ 0‬ولكن أردت عبارة عن نفسي ‪ 8‬إذ كنت‬ ‫مسئولا ‪ ،‬وإفهاما لك ‪ 0‬إذ كنت سائلا ‪ ،‬فأقول ‪ :‬أنه سميع بكله ‘ لا أن الكل‬ ‫منه له بعض ‪ ،‬ولكني أردت إفهامك {‪ 0‬والتعبير عن نفسي ‪ 0‬وليس مرجعي‬ ‫في ذلك إلا إلى أنه السميع العالم ‪ 0‬الخبير بلا إختلاف الذات ‪ 0‬ولا إختلاف‬ ‫المعنى ‪.‬‬ ‫هذا ما أوردنا ذكره من الرواية ؛ ولنشرح ما هو نافع فيما نحن فيه ه‬ ‫وندخر شرح الباقي ‪ 0‬مع تتمة الرواية ‪ ،‬لما تمس الحاجة إليه ‪ .‬فيما بعد‬ ‫ان شاء الله تعالى ‪.‬‬ ‫نقول ‪ :‬قوله ‪ :‬هو سميع بصير ‪ ...‬إلخ ‪ 0‬لما توهم السائل ‪ 0‬أن تنزيهه‬ ‫(القلةز) { للبارئ تعالى ‪ 0‬عن مُشاركة غيره من الموجودات ‘ وتقديسه‬ ‫إياه ‏‪ ٠‬عن كل ما يدرك بحس ‪ 8‬أو وهم ‘ منقوض بكونه سميعاً بصيرا ‪.‬‬ ‫لأن بعض ما سواه يوصف بهذين الوصفين ‪ ،‬أزاح ذلك الوهم ‪ 0‬بأنه كونه‬ ‫سميعا بصيرا ‪ 0‬لا يوجب الإشتراك مع غيره ‪ 0‬لا في الذات ‪ 0‬ولا في صفة‬ ‫متفردة لذاته ‪ 0‬لأن غيره سميع بجارحة ‘ بصير بآلة ‪ .‬وهو تعالى يسمع‬ ‫ويبصر لا بجارحة ولا بآلة ‪ .‬ولا بصفة زائدة عن ذاته ‘ ليلزم علينا أن‬ ‫يكون له مُجانس أو مُشابه ‪ 0‬بل هو سميع بنفسه { وبصير بنفسه ‪.‬‬ ‫وهكذا حال سائر الصفات الذاتية الحقيقية ‪ .‬وهذه الإعتبارات لا توجب‬ ‫كترة في الذات & ولا في الصفات ‘ لا بحسب الخارج ‘ ولا بحسب العقل ‪.‬‬ ‫إذ مرجع الجميع إلى الات الأحدية {‪ 0‬المنفصلة عما سواه بنفسه ‪.‬‬ ‫ثم أشار (التتنل‪ 4 ):‬إلى دفع توهم آخر ‪ 0‬وهو أن يقال ‪ :‬قولكم ‪ :‬يسمع‬ ‫‪_ ٧٢‬‬ ‫بنفسه ‪ 0‬يستدعي المغايرة بين الشيء ونفسه لمكان الباء ‪ 0‬أو يقال ‪:‬‬ ‫حمل شيء على شيع ‪ ،‬أو صدقه عليه ‪ 0‬مما يستدعي مغايرة ما بين‬ ‫الموضوع والمحمول { لإمتناع حمل الشيء على نفسه ‘ كما قرر في‬ ‫محله ‪.‬‬ ‫فإذا قلنا ‪ :‬إنه سميع بنفسه ‘ يتوهم أن المُشار إليه بأنه شيع ‪3‬‬ ‫والسميع بنفسه شيء آخر ‪ ،‬فقال ‪ :‬ليس قولي ‪ :‬سميع يسمع بنفسه ‪ ،‬إلى‬ ‫اخره ‪.‬‬ ‫ومُراده (اللثلم) ‪ :‬أن الضرورة دعت إلى هذه العبارات ‪ ،‬للتعبير عن‬ ‫نفي الكثرة عن ذاته ‪ 0‬حين كون الإنسان مسئولا ‪ 0‬يريد إفهام السانل في‬ ‫المعارف الإلهية ‪ .‬فانه يضطر إلى إطلاق الألفاظ الطبيعية ‪ .‬والنطقية‬ ‫المستعملة ‪ .‬التي تواطأ عليها الناس ‪ ،‬فإنه إن قصد إختراع ألفاظ آخر ‪.‬‬ ‫واستنناف وضع لغات ‘ سوى ما هي مُستعملة ‪ 0‬لما كان أحد يجد السبيل‬ ‫اليها بحدود ‪ 0‬وهو المراد من قوله ‪.‬‬ ‫ولكن ‪ 0‬أردت عبارة عن نفسي ‘ إذ كنت مسئولا ‪ ،‬أي ‪ :‬أردت التعبير‬ ‫عما في نفسي من الإعتقاد في هذه المسألة ‘ بهذه العبارة المُوهمة‬ ‫للكذرة ‪ 0‬لضرورة التعبير عما في نفسي ‘ إذ كنت مسئولا ‪ 0‬ولضرورة‬ ‫إفهام الغير ‪ ،‬الذي هو السائل ‪ ،‬وإل فالذي في نفسي لا يقع الإحتياج في‬ ‫تعقله إلى عبارة ‪ .‬إذ المرجع والسُراد بقولي ‪ :‬أنه سميع ‪ :‬إن ذاته من‬ ‫حيث ذاته ‪ 0‬مصداق معنى السميع ‪.‬‬ ‫وبقولي ‪ :‬يسمع بنفسه ‪ :‬أنه يسمع بنفسه لا بغيره ‪ 0‬وكذا في غير‬ ‫ذلك من الصفات الوجودية ‪ 0‬بلا إختلاف في الذات ‪ 0‬ولا في معاني‬ ‫_ ‪_ ٧٣‬‬ ‫الصفات ‪ ،‬لأنها كلها موجودة بوجود واحد بسيط من كل وجه ‘ فهو سميع‬ ‫هو‬ ‫‏‪ ٠‬و عليم من حيث‬ ‫من حيث هو بصير ‪ .‬وبصير من حيث هو سميع‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫‪ .0‬وارادته‬ ‫‪ .‬وحياته‬ ‫‏‪ ٠،‬و علمه ‘ وقدرته‬ ‫‏‪ 0٠‬وبصره‬ ‫قدير ؛ِ وذاته ‪ :‬سمعه‬ ‫فهو سميع بكله ‘ بصير بكله ‪ 0‬عليم بكله ‪ ،‬قدير بكله } بهذا المعنى الذي‬ ‫ذكرنا ‪ 0‬لا أن فيه شين ذون شيع ‘ أو جزء بوجه من الوجوه { بل‬ ‫المرجع فيه إلى ضرورة التعبير عما في الضمير ‪ 0‬كما مر ‪.‬‬ ‫ويوافق هذا الكلام ‪ 0‬الصادر عن معدن الحكمة ‪ .‬ما قاله المعلم الثاني‬ ‫أبو نصر الفارابي ‪ :‬أنه تعالى وجود كله ‪ .‬وجوب كله ‘‪ ،‬علم كله ‪ .‬قدرة‬ ‫كله ‪ 0‬حياة كله { إرادة كله ‪ ،‬لا أن شيئا منه علم ‘ وشينا آخر قدرة ‪ 0‬ليلزم‬ ‫التركيب في ذاته ‪ 0‬ولا أن شيناً منه علم { وشيناً آخر قدرة ‪ 0‬ليلزم التكثير‬ ‫في صفاته ‪ 0‬إنتهى كلامه ‪.‬‬ ‫وقال الشيخ الرنيس أبو علي بن سينا ‪ :‬كونه تعالى عاقلا لذاته ‪.‬‬ ‫ومعقولا لذاته ‪ 0‬لا وجب أن يكون هناك اثنينية { لا في الذات ولا في‬ ‫الإعتبار ‪ ،‬فالذات واحدة ‪ 0‬والاعتبار واحد ‪ 0‬لكن في الاعتبار تقديم وتأخير‬ ‫في ترتيب المعاني ‪ 0‬ولا يجوز أن تحصل حقيقة النيء مرتين كما تعلم ‪.‬‬ ‫فلا يجوز أن يكون الذات اتنين ‪ 0‬إنتهى ‪.‬‬ ‫والمراد بقوله ‪ :‬لا يجوز أن تحصل حقيقة الشيء مرتين ‪ 0‬إنه لو كان‬ ‫كونه عاقلا لذاته ‪ 4‬غير كونه معقولا لذاته ‪ 0‬يلزم حصول حقيقة الشيء‬ ‫مرتين ‪ 0‬وكون الذات الواحدة ذاتين ‪ 0‬وهو مُحال ‪.‬‬ ‫وهكذا نقول في سائر صفاته الحقيقية { إذ كل منها عين ذاته ‪ ،‬فلو‬ ‫تعددت ‪ 0‬لزم كون الذات الواحدة ذواتا ‪.‬‬ ‫‪- ٧٤‬‬ ‫وقال في موضع آخر ‪ :‬الأول تعالى لا يتكثر لاجل تكثر صفاته ‘ لأن‬ ‫كل واحد من صفاته إذا حقق ‪ 0‬يكون الصفة الآخرى بالقياس إليه ‪ 0‬فيكون‬ ‫قدرته حياته ‪ 0‬وحياته قدرته } وتكونان واحدة ‪ 0‬فهو حي من حيث هو‬ ‫قادر ‪ .‬وقادر من حيث هو حي ‪ 0‬وكذلك سانر صفاته تعالى ‪.‬‬ ‫فانظر أيها الناظر البصير ‪ ،‬والناقد الخبير ‪ 0‬إلى ما قال (التتكلم) ‪ 9‬إن‬ ‫منت غير ناظر إلى من قال ‪ 0‬لينكثسف لك الحال في هذا المجال { ولا‬ ‫يلتبس عليك المقال من القيل والقال { فإن لله على الناس حجة بالغة ‪.‬‬ ‫ا ولو شاء لهداكم أجمعين () ‪ 0‬وإشباع الكلام في بيان سائر المذاهب‬ ‫في هذا المقام ‪ 0‬يوجب الإطناب في الكلام ‪ 0‬وإرتكاب التطويل ‪ ،‬والله يهدي‬ ‫من يشاء إلى سواء السبيل ‪ 0‬فلنرجع إلى تفسير ألفاظ باقي البيت ‪:‬‬ ‫فنقول ‪ :‬قوله ‪ [ :‬للذات ) ‪ :‬جار ومجرور ‘ مُتعلق بقوله ‪:‬‬ ‫( لتهتدي { ‪ 0‬واللام ‪ :‬لإنتهاء الغاية ؛ و } إذ ) ‪ :‬ظرف زمان مُتعلق‬ ‫بقوله ‪ :‬لتهتدي ‪ 0‬ومعناه ‪ :‬التعليل ‘ أي ‪ :‬لإنهاء الصفة إلى الذات ‪ .‬تلزم‬ ‫الإضافة إلى جملة { إما إسمية ‪ 0‬نحو ‪ « :‬إذ أنتم قليل » (<") ؛ أو فعلية ‪.‬‬ ‫فعلها ماض لفظا ومعنى ‪ 0‬نحو ‪ « :‬وإذ قال ربك للملائكة » (") ؛ أو معنى‬ ‫لا لفظا ‘ نحو ‪ « :‬وإذ يرفع إبراهيم القواعد & () ؛ وإما دخولها على‬ ‫الشلضارع لفظا ومعنى ‪ 0‬كما هنا ظاهرا فغير معروف ‪.‬‬ ‫و [ للذات ) ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق بقوله ‪ [ :‬تنهى¡؛ واللام فيه‬ ‫بمعنى ‪ :‬إلى ‪ 0‬كالذولى ؛ و } قد { ‪ :‬إذا دخل على الماضي { فهو إما‬ ‫‏‪. ٢٨‬‬ ‫‏‪ ٣٠‬؛ سورة الحجر ‪:‬‬ ‫)‪ (٣‬سورة البقرة ‪:‬‬ ‫النحل ‪ :‬‏‪. ٩‬‬ ‫سورة‬ ‫()(‬ ‫‏‪. ١٢٧‬‬ ‫(‪ )٤‬سورة البقرة ‪:‬‬ ‫‏(‪ )٢‬سورة الانفال ‪ :‬‏‪. ٢٦‬‬ ‫_ ‪_ ٧٥‬‬ ‫للتحقيق ‪ 0‬نحو ‪ « :‬قد أفلح من زكاها ‪ )( 4‬؛ وإما لتقريب الماضي من‬ ‫الحال ‪ 0‬تقول ‪ :‬قام زيد ‪ 0‬فيحتمل الماضي القريب والبعيد ‪ 0‬فإن قلت ‪ :‬قد‬ ‫قام زيد ‪ 0‬إختص للقريب ؛ وإن دخل على المضارع { ففي الغالب يفيد‬ ‫التقليل ‘ وهو ضربان ‪ :‬تقليل وقوع الفعل ‘ نحو ‪ :‬قد يجود البخيل ؛‬ ‫وتقليل مُتعلقه ‪ .‬نحو ‪ ( :‬قد يعلم ما أنتم عليه » (") ‪ .‬أي ‪ :‬ما أنتم عليه‬ ‫هو أقل معلوماته { سبحانه ؛ وقد يفيد التكثير ؛ قاله سيبويه ‪ 0‬في قول‬ ‫الهذلي ‪:‬‬ ‫قد أترك القرن مُصفراآ أنامله‬ ‫ويأتي لمعان أخر ‪ .‬مذكورة في محالها ‪.‬‬ ‫و [ تنهى { ‪ :‬فعل مضارع من أنهى ‘ ينهي ‪ 0‬إنهاء ‪ :‬إذا أبلغ‬ ‫النهاية ؛ وبعبارة أخرى ‪ :‬أنهى الشيء أكننه ؛ والإكتناه ‪ :‬مولد من الكنه‪،‬‬ ‫ولا فعل له ؛ و } كصفه { ‪ :‬فاعل [ تنهى { ؛ والجملة مضاف إليها { إذ‬ ‫هذه شرح مفردات ألفاظ البيتين ‪ 0‬بما وسعه المجال ‪.‬‬ ‫وأما معناهما ‪ :‬فالأول منها ؛ على ما وصل إليه فهمي ‘ هو ‪ :‬أني‬ ‫أنزه الله ‪ 0‬الذي لا يدرك ذاته وحقيقته الأبصار المُكيفة بالكيفييات‬ ‫الجسمانية ‪ .‬وهو مُقتبس من مشكاة الهداية ‪ 0‬أعني ‪ :‬قوله (تلة) ‪ « :‬لا‬ ‫تدركه الأبصار » (") ‪ 0‬وهو معنى صحيح لا غبار عليه ‘ مضى إلى ما‬ ‫يشعر به من دليل إجمالي ؛ هو وصف العين بالمكيفة ‪ 0‬ووجه الدلالة ‪ :‬ما‬ ‫‪. ٩ :‬‬ ‫الشمس‪‎‬‬ ‫(‪ (١‬سورة‬ ‫(‪ )٢‬سورة النور‪. ٦٤ : ‎‬‬ ‫‪. ١٠٣ :‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة الأنعام‪‎‬‬ ‫ذكره أهل البيان ‪ 0‬من أن تعليق الحكم على الوصف مُشعر بالعلية ‪ 0‬فإذا‬ ‫قلت ‪ :‬أكرم زيدا العالم ث يستشعر منه أن وجوب الإكرام لعلمه ‪ .‬فحاصل‬ ‫المعنى ‪ :‬أن العين لا يمكن أن تدركه ‪ 8‬لتكيفها بالكيفيات الجسمية ‘ وهو‬ ‫ل) في غاية التجرد مع لزوم المُناسبة بين الفاعل والمُنفعل ‪.‬‬ ‫فالمتكيف بالكيفية ‪ 0‬لا يؤثر إل فيما كان مثله مُتكيفاً بكيفية ؛ والبارئ‬ ‫تعالى مُنزه عن الكيف والكيفيات ‪ .‬باعتراف الخصم بتجرده ‪.‬‬ ‫وأما الثاني ‪ :‬فمعناه في غاية الغموض والإشكال { فإن الظاهر منه ‪:‬‬ ‫أنه تْلهة) خلق العقول لتصل إلى إدراك الذات ‪ ،‬بكنه حقيقتها ‪ .‬بتوسط‬ ‫إدراك أوصافه السنية ‪ .‬لذن الصفات قد توصل إلى الذوات إيصالا بكنه‬ ‫حقيقتها ‪ 0‬كما هو ظاهر [ تنهى { ‪.‬‬ ‫وقبل الخوض في المطلب وبيان الإشكال ‪ ،‬لابد من تمهيد مقدمة‬ ‫تنكشف بها حقيقة الحال ‪ .‬وهي مشتملة على أمور ‪:‬‬ ‫الأمر الأول ‪ :‬أنه ذكر بعض أرباب المعقول ‪ :‬أن الذي يطلبه الجاهل‬ ‫بوجه شيء ‪ .‬يطلب علمه بذلك الوجه المجهول مطلبان ‪ :‬مطلب (ما) ‪:‬‬ ‫ويطلب به التصور ؛ ومطلب (هل) ‪ :‬ويطلب به التصديق ؛ والتصور على‬ ‫قسمين ‪:‬‬ ‫القسم الذول ‪ :‬التصور بحسب الاسم ‏‪ ٠‬وهو تصور الشيء ‪ .‬باعتبار‬ ‫مفهومه مع قطع النظر عن إنطباقه على طبيعة موجودة في الخارج ‪.‬‬ ‫وهذا المتصور يجري في الموجودات قبل العلم بوجودها ؛ وفي‬ ‫المعدومات أيضا كالعنقاء ‪ .‬والطالب له (ما) الشارحة للاسم ‪.‬‬ ‫الشي ء الذ ي‬ ‫الحقيقة ‪ .‬أ عنى ‪ :‬تصور‬ ‫القسم ا لناني ‪ :‬تصور بحسب‬ ‫‪- ٧٧١‬‬ ‫_‬ ‫علم وجوده ‪ .‬والطالب لهذا التصور (ما) الحقيقية ؛ وهكذا التصديق‬ ‫ينقسم إلى ‪ :‬التصديق بوجود الشيء في نفسه ؛ وإلى ‪ :‬التصديق بثبوته‬ ‫لغيره } والطالب للأول (هل) البسيطة ؛ وللثاني (هل) المركبة ‪ 0‬ولا شبهة‬ ‫في أن مطلب (ما) الشارحة مقدم على مطلب (هل) البسيطة ‪ 0‬فإن الشيء‬ ‫ما لم يتصور مفهومه { لم يمكن طلب التصديق بوجوده ؛ كما أن مطلب‬ ‫(هل) البسيطة مقدم على مطلب (ما) الحقيقية ‪ 0‬إذ ما لم يعلم وجود‬ ‫الشيء ‪ .‬لم يمكن أن يتصور ‪ 0‬من حيث أنه موجود ‘ ولا ترتيب ضروريا‬ ‫بين الهلية المركبة والمانية بحسب الحقيقة ‪ 0‬لكن الأولى تقديم المانية ‪.‬‬ ‫لتقدم التصور على التصديق طبعا ‪.‬‬ ‫الأمر الثاني ‪ :‬إنك قد عرفت أن المطلوب مُنحصر في التصور‬ ‫والتصديق ‪:‬‬ ‫فاعلم أن التصور ‘ إنما يطلب بالتصور ‪ 0‬وهو باب المُعرف ؛‬ ‫والتصديق ‪ :‬إنما يطلب بالتصديق ‪ .‬وهو باب الحجة ؛ وعرفوا العرف‬ ‫بأنه ما يقال ‪ ،‬أي ‪ :‬يحمل على الشيء لإفادة تصوره ‘ إما بكنه حقيقته ‪.‬‬ ‫أو بوجه يمتاز عن جميع ما عداه ‪ .‬ويشترط أن يكون مساويا له وأجلى ‪.‬‬ ‫فلا يجوز التعريف بالاعم ذاتيا كان أو عرضيا ‘ لأنه لا يفيد شين منهما‬ ‫ولا بالاخص ۔ لأنه أقل وجودا في نظر العقل { فهو أخفى ‪.‬‬ ‫وأما المْباين ‪ :‬فلا يجوز التعريف به أصلا ‘ لعدم جواز حمله عليه ‪.‬‬ ‫وهو أربعة أقسام { لان التعريف إما بالفصل القريب وهو حد ‪ ،‬أو‬ ‫بالخاصة فرسم ‪ ،‬فإن كان مع الجنس القريب حدا كان أو رسما فتام ‪ 0‬وإن‬ ‫لم يكن سواء كان مع الجنس البعيد أو بأحدهما فقط فناقص ‪ 0‬ولم يعتبروا‬ ‫بالعرض العام في التعاريف ‪.‬‬ ‫‪- ٧٨١‬۔‬ ‫‏_‬ ‫نعم ‪ ،‬قد أجاز القدماء في الرسم الناقص أن يكون أعم ‘ كالتعريف‬ ‫اللفظي الذي يقصد به بيان مدلول اللفظ بلفظ أشهر ‪ 0‬كقول اللغويين ‪:‬‬ ‫سعدانة نبت ‪ 0‬وهذا لا يعتد به في الغلوم الحقيقية ‪ 0‬والحجة ثلاثة أقسام ‪.‬‬ ‫لأنه إما أن يراد منها الإطلاع على حال جزني بجُزني آخر { لإشتراكهما‬ ‫في علة الخكم ‪ .‬كقول الفقهاء ‪ :‬النبيذ حرام ‪ 6‬لأن الخمر حرام ‪.‬‬ ‫لإشتراكهما في الإسكار ‪ ،‬الذي هو علة الحكم ‪ .‬وهو التمثيل في إصطلاح‬ ‫أرباب المعقول ‪ 0‬وفي اصطلاح الفقهاء يسمى ‪ :‬قياسا ‪.‬‬ ‫وإما التصفح عن حال جزنيات لإثبات حكم كلي يجري في جميع‬ ‫الجزنيات ‪ 0‬وهو الإستقراء ‪ 0‬وهو تام وناقص ‘‪ 8‬فالأول ‪ :‬هو القياس‬ ‫المقسم ‪ .‬فهو داخل فيه والمراد بالإستقراء ‪ 0‬حيث يطلق هو التاني ‪ ،‬أي ‪:‬‬ ‫الناقص ؛ كما إذا تصفحنا جزنيات الحيوان ‪ 0‬وجدناها يحرك فكها الأسفل‬ ‫عند المضغ ‘‪ 0‬حكمنا بأن كل حيوان يحرك فكه الأسفل عند المضغ ‪،‬‬ ‫وكلاهما لا يفيدان العلم ‪.‬‬ ‫أما الأول ‪ :‬فلانه بعد إحراز شروطه من وجود الجامع بين الخصل‬ ‫والفرع ‪ 0‬وكونه علة للخكم في الأصل ‪ 0‬ووجوده في الفرع يحتمل أن‬ ‫يكون عليته مخصوصة بالأصل ‪ ،‬فلا تسري إلى الفرع ‪ ،‬اللهم إل أن يدل‬ ‫دليل على عموم العلة ‪ 0‬وحيننذ يخرج عن التمثيل ويدخل في القياس ‪.‬‬ ‫وأما الناني ‪ :‬فالتام منه داخل في أقسام القياس ‘ ويسمى ‪ :‬قياسا‬ ‫مُقسما ‘ كما يقال ‪ :‬كل حيوان إما ناطق أو غير ناطق ‪ 0‬وكل واحد من‬ ‫الناطق وغير الناطق متحرك بالإرادة ‪ .‬ينتج كل حيوان متحرك بالإرادة ‪.‬‬ ‫وغير التام منه الذي هو السُراد من الإاستقراء ‪ ،‬فلجواز وجود جزئي لم‬ ‫‪- ٧٩١‬‬ ‫_‬ ‫لصادفه ‪ .‬يكون حكمه مخالفا لما صادفناه واستقرأناه من الإفراد ‪ 0‬كما‬ ‫يحكى من أن التمساح يحرك فكه الاعلى عند المضغ ‪.‬‬ ‫وأما الإطلاع من حال كلي على كلي آخر ‪ 0‬وهو القياس المعتمد عليه‬ ‫في الغلوم الحقيقية ‪ .‬وعرفوه بأنه قول مؤلف من قضايا ‘ يلزمه لذاته‬ ‫قول آخر ‪ ،‬فالقول وهو المركب في اصطلاحهم معقولا كان أو ملفوظا ‪.‬‬ ‫جنس يشمل القياس ‪ 0‬وغيره من القضية البسيطة والمُركبة ‪ ،‬والإستقراء‬ ‫والتمتيل ‘ وقياس المٌساواة ‪.‬‬ ‫وقولهم ‪ :‬مؤلف من قضايا فصل ‪ ،‬يخرج القضية البسيطة المُستلزمة‬ ‫لعكسها وعكس نقيضها ‪ 8‬فإنها ليست مُؤلفة من قضايا ‪.‬‬ ‫وقولهم ‪ :‬يلزمه يخرج الإستقراء والتمثيل ‪ 0‬فإنهما وإن كانا مُؤلفين‬ ‫من القضايا { لكن لا يلزمهما قول آخر { لكونهما ظنين ۔ كما مر ۔ ‪.‬‬ ‫وقولهم ‪ :‬لذاته يخرج قياس المساواة ‪ 0‬وهو ما تركب من قضيتين ‪.‬‬ ‫متعلق محمول أوليهما ‪ 0‬يكون موضع الأخرى ‪ 0‬كقولك ‪ ( :‬أ ) مساو ل‬ ‫(ب) ؛ و (ب) مساو ل (ج) { فإنه يستلزم أن يكون (أ) مساويا ل (ج) ‏‪٨‬‬ ‫لكن لا لذاته ‪ 0‬بل بواسطة مُقذمة أجنبية ث هي ‪ :‬أن كل مُساو لمُساوي‬ ‫و‬ ‫مساو ‪.‬‬ ‫ولذا ‪ -‬لم يتحقق ذلك الإستلزام ‘ إلا حيث تصدق تلك المقدمة ‪ .‬وإلا‬ ‫فلا ‪ 3‬كقولك ‪ :‬الواحد نصف للإتنين ‪ 0‬والإتنان نصف للاربع ‪ ،‬ولا يلزم منه‬ ‫أن يكون الواحد نصفا للاربع ‪ .‬لكذب المقدمة التي هي ‪ :‬نصف النصف‬ ‫نصف ‘ وهو ‪ ،‬أي ‪ :‬القياس { قسمان ‘ لأن القول اللازم الذي هو‬ ‫المطلوب ‪ ،‬والنتيجة إن كان مذكورآً في القياس بمادته وهينته ‪.‬‬ ‫‪- ٨٠١‬‬ ‫فاستتناني ‪ 0‬كقولك ‪ :‬إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود ‘ لكن‬ ‫النمس طالعة فالنهار موجود ‪ 0‬فالقول اللازم ‪ 0‬وهو النهار ‪ .‬موجود‬ ‫مذكور في القياس بمادته وهينته ‪ 0‬وإلا فاقتراني ‪ 0‬وهو ‪ :‬إما جملي ‪8‬‬ ‫وهو ما تركب من الجمليات الصرفة ‪ 0‬وإما شرطي { وهو ‪ :‬ما لم يتركب‬ ‫منها ‪ .‬سواء تركب من الشرطيات الصرفة ‪ 0‬كقولك ‪ :‬كلما كانت الشمس‬ ‫طالعة ‪ 0‬كان النهار موجودآ ‪ 0‬وكلما كان النهار موجودا ‪ 0‬كان الضوء‬ ‫حاصلا ‘ ينتج كلما كانت الشمس طالعة ‘ كان الضوء حاصلا ؛ أو من‬ ‫جملية وشرطية ‪ .‬كقولك ‪ :‬زيد إنسان ‪ 0‬وكلما كان إنسانا كان حيوانا ‪.‬‬ ‫ينتج ‪ :‬كلما كان زيد إنسانا كان حيوانا ‪ .‬والعمدة في تحصيل الغلوم ‪ 0‬هو‬ ‫الإقتراني الجملي ‪.‬‬ ‫ولذا ‪ -‬نقتصر بذكره ‘ فنقول ‪ :‬الإقتراني ‪ :‬يشتمل على حدود ثلاثة ‪:‬‬ ‫موضوع المطلوب ‪ 0‬ومحمُوله ‘ والمتكرر بينهما في المُقدمتين ؛‬ ‫فموضوع المطلوب يسمى ‪ :‬أصغر ‘ لذنه في الغالب أقل إفراد من‬ ‫المحمول ؛ ومحمُوله ‪ :‬أكبر ‪ .‬لأنه في الغالب أكثر إفراد من الموضوع ؛‬ ‫والمتكرر بينهما في المُقدمتين ‪ :‬أوسط ‘ لتوسطه بين طرفي المطلوب ‪.‬‬ ‫والمقدمة التي فيها الذصغر تسمى ‪ :‬صغرى ‘ وما فيها الأكبر ‪ :‬كبرى ؛‬ ‫والهينة الحاصلة من كيفية وضع الحد الأوسط عند الحدين الآخرين‬ ‫يسمى ‪ :‬شكلا ‪ .‬وهو مُنحصر في أربعة ‪ ،‬إذ الأوسط ‪ :‬إما محمول في‬ ‫الصغرى ‪ 0‬وموضوع في الكبرى ‪ .‬وهو الشكل الأول ‪ ،‬لأن إنتاجه بديهي ‪.‬‬ ‫وإنتاج البواقي نظري راجعة إليه } فيكون أسبق وأقدم في العلم ‪ 0‬كقولك ‪:‬‬ ‫كل إنسان حيوان ‏‪ ٠‬وكل حيوان جسم ‪ ،‬فكل إنسان جسم { أو محمولهما ‪.‬‬ ‫‪_ ٨١‬‬ ‫فالثاني ‪ :‬لإشتراكه مع الأول في أشرف المُقدمتين ‪ 0‬أي ‪ :‬الصغرى ‪8‬‬ ‫كقولك ‪ :‬كل إنسان حيوان ‪ 0‬ولا شيء من الجماد بحيوان ‪ 0‬فلا شيء من‬ ‫الإنسان بجماد أو موضوعهما ‪.‬‬ ‫فالنالث ‪ :‬لإشتراكه مع الأول في أخس المْقدمتين ‪ 0‬أي ‪ :‬البرى ‪8‬‬ ‫كقولك ‪ :‬كل إنسان حيوان { وكل إنسان ناطق ‪ 0‬فبعض الحيوان ناطق ‪ ،‬أو‬ ‫عكس الأول ‪.‬‬ ‫فالرابع ‪ :‬لكونه في غاية البعد عن الأول ‪ 0‬كقولك ‪ :‬كل إنسان حيوان ‏‪٥‬‬ ‫وكل ناطق إنسان ‪ 0‬فبعض الحيوان ناطق ‪ 0‬ويشترط في كل منها شروط ‪:‬‬ ‫كما ‪ 0‬وكيف ‪ .‬وجهة ‪:‬‬ ‫فالأول ‪ :‬يشترط فيه بحسب الكيف إيجاب الصغرى ‪ 0‬وبحسب الجهة‬ ‫فعليتها ‪ .‬بأن تكون غير المْمكنتين ‪ 0‬ليتعدى الخكم من الوسط إلى‬ ‫الأصغر { وذلك لأن الحكم في الكبرى إيجابا كان أو سلبا ‪ 0‬إنما هو على ما‬ ‫تبت له الأوسط بالفعل ‪ 0‬بناء على مذهب الشيخ الرنيس ‪ :‬من أن صدق‬ ‫وصف الموضوع على ذاته في القضايا المعتبرة في العلوم بالفعل ‪ 0‬خلافا‬ ‫للفارابي ‪ 0‬حيث اكتفى في ذلك بالإمكان ‪.‬‬ ‫فعلى مذهب الشيخ الرئيس ‪ :‬معنى كل (ج ب) ‪ 0‬كل من صدق عليه‬ ‫(ج) بالفعل (ب) ‪.‬‬ ‫وعلى مذهب الفارابي ‪ :‬كل ما صدق عليه (ج) بالإمكان (ب) ؛ وبنوا‬ ‫على هذا الإختلاف إنعكاس المْمكنتين وعدمه ؛ فعلى مذهب الشيخ ‪ :‬لا ؛‬ ‫وعلى مذهب الفارابي ‪ :‬نعم ‪.‬‬ ‫‪- ٨٢‬‬ ‫بيان ذلك ‪ :‬أن معنى كل (ج ب) بالإمكان ‪ 0‬على رأي الفارابي ‪ ،‬هو ‪:‬‬ ‫أن كل ما صدق عليه (ج) بالإمكان ‘ صدق عليه (ب) بالإمكان ‪ 0‬ويلزمه‬ ‫العكس حيننذ ‪ .‬وهو أن بعض ما صدق عليه (ب) بالإمكان ‘ صدق عليه‬ ‫(ج) بالإمكان ‪.‬‬ ‫وعلى رأي الشيخ ‪ :‬معنى كل (ج ب) بالإمكان ‘ هو أن كل ما صدق‬ ‫عليه (ج) بالفعل ‪ .‬صدق عليه (ب) بالإمكان ‪ 0‬ويكون عكسه على طريقة‬ ‫السيخ { هو ‪ :‬أن بعض ما صدق عليه (ب) بالفعل ‪ .‬صدق عليه (ج)‬ ‫بالإمكان ‘ ولا ريب في أنه لا يلزم من صدق الأصل (ج) ‪ 0‬صدق العكس ‪.‬‬ ‫مثلا ‪ :‬إذا فرضنا أن زيدا لا يركب إلآ على الفرس ‪ 0‬صدق كل حمار‬ ‫بالفعل مركوب زيد بالإمكان ‪ ،‬ولا يصدق عكسه ‪ ،‬وهو ‪ :‬أن بعض مركوب‬ ‫زيد بالفعل حمار بالإمكان ‪.‬‬ ‫فلو لم يكن الحكم في الصغرى أن الأصغر ثبت له الأوسط بالفعل ‪ ،‬لم‬ ‫يلزم تعدي الخكم من الأوسط إلى الأصغر ‪ 0‬وبحسب الكم كلية الكبرى ‪8‬‬ ‫ليلزم إندراج الذخصغر في الأوسط ‘ فيلزم من الحكم على الذوسط الحكم‬ ‫على الأصغر { وذلك لأن الأوسط هاهنا محمول على الصغر { ويجوز أن‬ ‫يكون المحمول أعم من الموضوع ‘ فلو حكم في القبرى على بعض‬ ‫الاوسط ‘ لإحتمل أن يكون الأصغر غير مُندرج في ذلك البعض ‪ 8‬فلا يلزم‬ ‫من الخكم على ذلك البعض الحكم على الأصغر ‪ ،‬كما يشاهد في قولك ‪ :‬كل‬ ‫إنسان حيوان ‪ 0‬وبعض الحيوان فرس ‘ لينتج الموجبة الكلية والجزنية‬ ‫من الصغرى ‘ مع الموجبة الكلية من الكبرى ‪ 8‬السُوجبتين الكلية في‬ ‫الأولى ‪ ،‬والجُزئية في الثانية ‪ .‬ومع السالبة الغلية من البرى ‪ ،‬السالبتين‬ ‫_ ‪- ٨٣‬‬ ‫الخلية في الأولى ‪ 0‬والجزنية في الثانية ‪.‬‬ ‫واعلم أن الضروب المتصورة في كل من الأشكال الأربعة ‪ .‬ستة عشر‬ ‫ضربا ‪ 0‬حاصلة من ضرب المحصورات الأربع في أنفسها ‘ لكنه يخرج‬ ‫بحسب شرائط كل شكل من الأشكال الأربعة كما وكيف ۔ بعض ‪ ،‬ويبقى‬ ‫بعض ‪ ،‬كما يخرج في الشكل الأول من إشتراط الإيجاب في الصغرى‬ ‫تمانية ‪ 0‬من حاصلة ضرب السالبتين الكلية والجزنية في الأربع ‪ 0‬ومن‬ ‫إشتراط الكلية في المبرى أربعة ‪ 0‬حاصلة من ضرب الجُزنيتين الوجبة‬ ‫والسالبة في الأربع ‪ 0‬وهي وإن كانت ثمانية أيضا ‘ إلا أن أربعة منها‬ ‫مُتكررة خارجة من الشرط الأول ‪ 0‬ولا يخفى على المتأمل تميزها ‪ 0‬فبقي‬ ‫أربعة ‪ .‬وقس عليه الحال في سائر الأشكال ‪ 0‬وفي تفصيلها طول لا يسعه‬ ‫المجال { فليطلب في محالها ‪ 0‬ولكن لا بأس بذكر ضابطة ‘ يشتمل على‬ ‫الشرانط بتمامها ۔ كما وكيفاً وأكثرها جهة ‪ 0‬وهي ما ذكره التفتازاني في‬ ‫" التهذيب "" ‪:‬‬ ‫[ قال ‪ :‬وضابطة شرائط الأربعة ‪ :‬أنه لابد لها ‪ 0‬إما من عموم‬ ‫موضوعية الأوسط ‘ مع مُلاقاته للاذصغر بالفعل ‘{ أو حمله على الأكبر ‪8‬‬ ‫وإما من عموم موضوعية الأكبر ‪ 0‬مع إختلاف في الكيف ‪ 0‬مع مُنافاة‬ ‫نسبة وصف الأوسط إلى وصف الاكبر ‪ 0‬لنسبته إلى ذات الخصغر ] ‪ 0‬إنتهى‬ ‫كلامه ‪.‬‬ ‫ولكن ‪ 0‬لما كان يصعب فهمها على كثير ‪ ،‬فلا بأس بشرحها ‪ 0‬لينكشف‬ ‫معناها لكل أحد من طلاب العلم ‪.‬‬ ‫فنقول ‪ :‬قوله ‪ :‬ضابطة ‪ ،‬أي ‪ :‬الأمر الذي إذا راعيته في كل قياس‬ ‫_ ‪- ٨٤‬‬ ‫إقتراني حملي ‪ 0‬كان منتجا ومُشتملا على الشرائط ‪.‬‬ ‫قوله ‪ :‬أنه لابد } أي ‪ :‬لابد في إنتاج القياس من أحد الخمرين على‬ ‫سبيل منع الخلو ‪.‬‬ ‫قوله ‪ :‬إما من عموم موضوعية الذوسط ‪ ،‬أي ‪ :‬قضية كلية‬ ‫موضوعها الذوسط كالغبرى في الشكل الأول ‪ 0‬وكاحدى المنقدمتين في‬ ‫الشكل الثالث ‪ 0‬وكالصغرى في الضرب الأول ‪ 0‬والتاني ‪ 0‬والثالث ‏‪٥‬‬ ‫والرابع ‘} والسابع ‪ .‬والثامن ‪ 0‬من الشكل الرابع ‪.‬‬ ‫قوله ‪ :‬مع ملاقاته ‪ 0‬أي ‪ :‬حمل الخوسط على الخصغر إيجابا بالفعل ‪.‬‬ ‫كما في صغرى الشكل الأول ‪ 0‬أو حمل الخصغر على الذوسط إيجابا بالفعل ‪.‬‬ ‫كما في صغرى الشكل الثالث ‪ 0‬وصْغرى الضرب الأول ‪ ،‬والتاني ‪.‬‬ ‫والرابع ‪ .‬والسابع ‪ .‬من الشكل الرابع ‪.‬‬ ‫قوله ‪ :‬أو حمله على الأكبر ‪ ،‬أي ‪ :‬أو مع حمل الخذوسط على الأكبر‬ ‫ايجابا ؛ فان قلت ‪ :‬الحمل يغم الإيجاب والسلب ‪ .‬فكيف الحمل ؟ قلت ‪:‬‬ ‫الحمل هو الإيجاب حقيقة ‪ .‬وإطلاقه على السلب مُجاز ‘ كما في كبرى‬ ‫الضرب الأول ‪ 0‬والثاني ‪ 0‬والثالث ‪ 0‬والثامن ‪ 0‬من الشكل الرابع ‪.‬‬ ‫شقي الترديد الناني ‘ فهو‬ ‫كلا‬ ‫إندرجا تحت‬ ‫‪ .‬قد‬ ‫الذوليان‬ ‫فالضربان‬ ‫ايضا على سبيل منع الخلو كالذول ‪ 0‬والى هاهنا تمت الإشارة إلى شرائط‬ ‫إنتاج جميع ضروب الشكل الأول والثالث ‘ وستة ضروب من الشكل‬ ‫الرابع ‪ .‬فاحفظه ‪.‬‬ ‫واعلم أنه لم يقل ‪ :‬أو للأكبر { أي ‪ :‬مع مُلاقاته للاكبر حتى يكون‬ ‫_ ‪_ ٨٥‬‬ ‫أخصر ‪ ،‬لأن المْلاقاة يشمل الوضع والحمل ۔ كما تقدم فيلزم كون القياس‬ ‫المرتب على هيئة الشكل الأول من كبرى موجبة كلية مع صغرى سالبة‬ ‫منتجا ‪ 0‬ويلزم أيضا كون القياس المرتب على هينة الشكل الثالث من‬ ‫صغرى سالبة وكبرى موجبة مع كلية إحدى مُقدمتيه مُنتجا ‪ .‬وقد إشتبه‬ ‫ذلك على بعض الشراح { فاعرفه ‪.‬‬ ‫قوله ‪ :‬وأما من عموم موضوعية الأكبر _ هذا هو الأمر التاني من‬ ‫الأمرين اللذين ذكرنا ‪ -‬أنه لابد في إنتاج القياس من أحدهما ‪ .‬وحاصله‬ ‫كلية كبرى يكون الأكبر فيها موضوعا { مع إختلاف المُقدمتين في الكيف ‏‪١‬‬ ‫كما في جميع ضروب الشكل التاني ‪ 0‬وكما في الضرب التالث {‪ 0‬والرابع ‏‪٥‬‬ ‫والخامس ‪ ،‬والسادس ‪ ،‬من الشكل الرابع ‪ 0‬فقد اشتمل الضرب الثالث‬ ‫والرابع منه على كلا الأمرين ‪.‬‬ ‫ولذا _ حملنا الترديد الأول على منع الخلو ‪ 0‬فقد أشير إلى جميع‬ ‫شرانط الشكل الأول والثالث ‪ :‬كما ‪ 0‬وكيفاً ‪ 0‬وجهة ‪ 0‬وإلى شرانط الشكل‬ ‫التاني والرابع ‪ :‬كما ‪ 0‬وكيفا } فبقيت شرانط الشكل الثاني والرابع بحسب‬ ‫الجهة } فأشار إلى شرانط الشكل الثاني ‪ ،‬بقوله ‪ :‬مع مُنافاة ‪ ...‬إلخ ‘‪ 0‬ولم‬ ‫يتعرض لشرانط الشكل الرابع ‘ إلآ ما ذكر سابقا ‪ 0‬إستطراد لغاية بعده عن‬ ‫الطبع ‪.‬‬ ‫قوله ‪ :‬مع مُنافاة نسبة وصف الأوسط إلى وصف الأكبر ‪ .‬لنسبته إلى‬ ‫ذات الأصغر { يعني ‪ :‬أن القياس المنتج المُشستمل على الأمر التاني ‪.‬‬ ‫أعني ‪ :‬عموم موضوعية الأكبر ‘ مع الإختلاف في الكيف ‪ ،‬إذا كان‬ ‫الوسط منسوبا ومحمولا في كلتا مُقدمتيه ‪ 0‬كما في الشكل الثاني ‪.‬‬ ‫‪-_ ٨٦‬‬ ‫وهذا التخصيص مُستفاد من قوله ‪ :‬نسبة وصف الخذوسط إلى وصف‬ ‫الأكبر ‪ 0‬لنسبته إلى ذات الخصغر ‪ 0‬حيث جعل الخوسط محمولا في‬ ‫المقدمتين ‪ 0‬فلا يتوهم إعتبار هذا الشرط في ضروب من الشكل الرابع‬ ‫أيضا { فحيننذ لاد في إنتاجه من شرط تالث ‪ 0‬وهو مُنافاة نسبة وصف‬ ‫الأوسط المحمول إلى وصف الأكبر الموضوع في الكبرى ‘ لنسبة وصف‬ ‫الاوسط المحمول إلى ذات الخصغر الموضوع في الصغرى ‘ يعني ‪ :‬لابد‬ ‫أن يكون النسبتان المذكورتان مُكيفتين بكيفيتين ‪ 0‬بحيث يمتنع إجتماع‬ ‫هاتين النسبتين في الصدق ‘ لو إتحد طرفهما فرضا ‪ ،‬وإلا فمُْقدمتا القياس‬ ‫لا يجوز تنافيهما فعلا ‪ 0‬للزوم كذب أحد المْتنافيين ‏‪ ٠0‬وصدق مُقدمتي‬ ‫القياس ‪ 0‬وهذه المسُنافاة دانرة مع شروط الشكل الثاني ‪ 0‬بحسب الجهة ‪.‬‬ ‫وجودا عودماً ‪ .‬وفي التطبيق طول لا يسعه المجال ‪ ،‬فتدبر ‪.‬‬ ‫الأمر الثالث ‪ :‬أن المنطقيين ذكروا لكيفية تحصيل مقدمات المطالب‬ ‫التصورية والتصديقية طرقا ‪ 0‬سموها ‪ :‬الإنحاء التعليمية ‪ 0‬يعنون بها ‪:‬‬ ‫طرق التعاليم ‪ .‬فمن طرق تحصيل المطالب التصورية ما يسمونه تحديدا ‪.‬‬ ‫أي ‪ :‬فعل الحد ‘ وكان المراد به العرف مطلقا ۔ حدا كان أو رسما ۔‬ ‫وكيفيته ‪ :‬أن تضع المطلوب كالإنسان ‪ .‬وتطلب جميع ما هو أعم منه ‪.‬‬ ‫ويحمل عليه بواسطة { أو غير واسطة ‘ كالجوهر ‪ 0‬والجسم ‪ 0‬والحيوان ه‬ ‫والماي ‪ ،‬وتميز الذاتيات كالجوهر ‪ 0‬والجسم ‪ .‬والحيوان ‪ 0‬عن‬ ‫العرضيات ‘ كالماشي ‪ ،‬ومُستقيم القامة ‪ :‬بأن تجعل ما هو بين الثبوت له ‏‪٥‬‬ ‫أو ما يلزم من مُجرد إرتفاعه ‪ ،‬إرتفاع المهية ذاتيا ى وما ليس كذلك‬ ‫عرضيا ‪ .‬تم تطلب جميع ما هو مساو له كذلك ‪ 0‬كالناطق ‪ 0‬والضاحك ‪8‬‬ ‫‪- ٨٧‬‬ ‫_‬ ‫فيتميز عندك الجنس من العرض العام والفصل من الخاصة { ثم تركب أي‬ ‫قسسم شنت من أقسام المعرف ‪ ،‬بعد إعتبار الشرائط المذكورة في باب‬ ‫المعرف ‪ ،‬ومن طرق تحصيل المطالب التصديقية ما يسمونه ‪ :‬تحليلا ‪.‬‬ ‫واختلفوا في بيانه ‪ .‬ونحن نذكر ما في شرح المطالع ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬كثيرا ما يورد في الغلوم قياسات منتجة للمطالب ‘ لا على‬ ‫الهيئات المنطقية ‪ 0‬لتساهل المركب إعتماد على الفطن العالم بالقواعد ‪9‬‬ ‫فان أردت أن تعرف أنه على أي شكل من الأشكال ‪ 0‬فعليك بالتحليل ‘ وهو‬ ‫عكس التركيب الذي هو قسم آخر لتحصيل المطالب التصديقية ‪ .‬حصل‬ ‫المطلوب في الذهن ‪.‬‬ ‫وانظر إلى القياس المنتج له ‪ 0‬فان كان فيه مقدمة تشارك المطلوب‬ ‫بكلا جزئيه ‪ ،‬فالقياس استثناني ‪ 0‬كقولك ‪ :‬إن كان كلما كان زيد إنسان كان‬ ‫حيوانا ‪ 0‬فزيد حيوان ‪.‬‬ ‫وإن كانت مُشاركة للمطلوب باحد جزئيه ‪ ،‬فالقياس إقتراني ‪ 0‬كقولك ‪:‬‬ ‫العالم حادث لأنه متغير ؛ ثم انظر إلى طرفي المطلوب ‪ ،‬يتميز عندك‬ ‫الصغرى عن الكبرى ‪ ،‬لأن ذلك الجزء إن كان محكوما عليه في النتيجة‬ ‫فهي الصغرى ‪ ،‬أو محكوما به فيها فهي الكبرى ‪ 0‬ثم ضم الجزء الآخر من‬ ‫المطلوب إلى الجزء الآخر من تلك المقدمة ‪ }.‬فإن تألفا على أحد التأليفات‬ ‫الاربع ‪ 0‬فما إنضم إلى جزني المطلوب هو الحد الأوسط ‘ ويتميز الشكل‬ ‫المنتج ؛ وإن لم يتألفا ‪ 0‬كان القياس مركبا ‪ 0‬فاعمل لكل واحد منهما { أي ‪:‬‬ ‫من المْقدمتين ‪ 0‬العمل المذكور ‪ 0‬أي ‪ :‬ضع الجزء الآخر من المطلوب ‪.‬‬ ‫والجزء الآخر من المقدمة ‪ 0‬كما وضعت طرفي المطلوب في التركيب ‪.‬‬ ‫‪- ٨٨‬‬ ‫_‬ ‫فلائد أن يكون لكل واحد منهما نسبته إلى شيء مما في القياس ‪ ،‬وإلا لم‬ ‫يكن القياس منتجا للمطلوب ؛ فإن وجدت حدا مشتركا بينهما ‪ .‬فقد تم‬ ‫القياس ‪ 0‬وتبين لك المُقدمات ‪ 0‬والأشكال ‪ ،‬والنتيجة ‪.‬‬ ‫مثلا ‪ :‬إن كان المطلوب كل ( أ ط ) ‪ 0‬ووجدنا كل ( أب ) ‘ وكل‬ ‫( ه ط ) ‪ 0‬فان حصل لنا وسط يجمع بين ( ب ) و (ه ) ‘ فقد تم لنا‬ ‫القياس ‘ وإلا فلابد أن يكون له نسبة إلى شيع ‪ .‬فرضنا أنه ( د ) ى حتى‬ ‫يحصل كل ( د ه ) ‘ فتضع ( د ) و ( ب ) ‪ 0‬وتطلب بينهما حدا وسطا ‪.‬‬ ‫وهكذا إلى أن يتم العمل ‪ 0‬إنتهى ‪.‬‬ ‫إذا تمهد لك ما تلونا عليك ‘ فاعلم أنه يحتمل أن يكون المطلوب في‬ ‫البيت أمرا تصوريا ‘ وهو ‪ :‬ذات البارئ تعالى ‪ 0‬بقرينة قوله ‪ } :‬للذات { ؛‬ ‫فان إهتداء العقل الذي هو حصول المعرفة له إليها ‪ 0‬وإنهاء الصفة الذي‬ ‫هو الإيصال أيضا إليها ‪ 0‬فهو المطلوب ( ح ) ‪ 0‬ولاشك أنها من الخمور‬ ‫التصورية لا التصديقية ‪.‬‬ ‫ولكنه من البعد بمكان ‪ 0‬لما عرفت في الأمر التاني من المقدمة ‪ .‬من‬ ‫أن الموصل إلى التصور ‘ إنما هو التصورات ‘ وأن الشعرف ما يحمل‬ ‫على المعرف ‪ ،‬لإفادة تصوره ‪ 0‬وليس في البيت أمر تصوري صالح ‪ ،‬لأن‬ ‫يحمل على الذات ‪ 0‬ويفيد تصورها ‪ 0‬مضافا إلى أنه ينافي قوله ‪:‬‬ ‫[ كصفاته ) ؛ حيت جعل السبب الموصل إليه صفاته ‪ 0‬وليس هناك صفة‬ ‫من صفاته ‪ 0‬بل إنما المذكور فيه جمل وتصديقات ‪ .‬وهي غير صالحة‬ ‫لتحصيل التصورات ‪.‬‬ ‫ويحتمل أن يكون المطلوب تصديقا ‪ .‬وهو إمكان الوصول إلى معرفة‬ ‫‪- ٨٩‬‬ ‫ذاته تعالى ‪ ،‬بتوسط صفاته ‪ .‬فكأنه قيل ‪ :‬الوصول إلى ذاته مُمكن ليس‬ ‫عدمه ضروريا } وهذا هو الأظهر ‪ 0‬بل المُتعين ‘ ولا ينافيه تعلق الإهتداء‬ ‫بالذات ‪ 0‬فإن المقصود إمكان الإهتداء إليها ‪ 0‬ثم إستدل على المطلوب‬ ‫بقوله ‪ } :‬إذ للذات ‪ ...‬؟ ‪ 0‬إلخ ‪.‬‬ ‫وحاصله ‪ :‬أن بعض الصفات توصل إلى الذات ‪ 0‬على ما يستفاد من‬ ‫لفظ ‪ [ :‬قد ع الداخلة على المضارع ‪ ،‬كالفصل ‪ ،‬والخاصة ‪ ‘.‬وهو حق ‪ ،‬إلا‬ ‫أن في إستنتاج المطلوب منه أشكالا ‪ 0‬وحيث أنه ليس على الهينات‬ ‫المنطقية { فلابد من تحليله } ليتميز عندك أنه من أي أنواع القياس ‪ 0‬وأي‬ ‫شكل من الأشكال ‪ 0‬ويتميز عندك الصغرى عن الكبرى ‪ 0‬كما عرفت في‬ ‫الأمر الثالث ‪.‬‬ ‫فنقول ‪ :‬هاهنا قضايا ثلاث ‪ ( :‬خلق ‪ 0‬وتهتدي ‪ 0‬وتنهى ) } لكن‬ ‫الأخيرتين في تأويل المصدر ‪ 8‬ولا بأس به في المقام ‪ 0‬فيحتمل أن يكون‬ ‫المطلوب هو هذا العقل ‪ 0‬مُدرك لذاته تعالى { الذي هو المفهوم من قوله ‪:‬‬ ‫[ لتهتدي للذات { { فإن إهتداء [ العقول ع للذات ‪ 0‬إدراكها لها ‪.‬‬ ‫وحيث أنه غير مذكور بمادته وهينته في المقدمة التي هي ‪ :‬العقل‬ ‫مدرك لصفاته ‪ 0‬المستفادة من قوله ‪ [ :‬بصفاته ع } لمكان الباء ‪ 0‬الدالة‬ ‫على أن الصفات آلة لإدراك الذات ‪ 0‬فإن (باعء) الإستعانة تدخل على الآلة‬ ‫كما مر ۔ أو على السببية ‪ 0‬فإن الأوسط سبب في إثبات الأكبر للاذصغر ‪.‬‬ ‫فلم يكن القياس إستتثنانيا ‪ 0‬بل إقتراني ‪ 0‬ولما كان الحد المشترك بين‬ ‫المطلوب والمقدمة موضوعا في المطلوب ‪ 0‬جعلناها صغرى ‪.‬‬ ‫‪- ٩٠‬‬ ‫_‬ ‫فإن قلت ‪ :‬المطلوب مذكور في المقدمة بمادته وهينته } فإن‬ ‫الموضوع في كليهما العقل ‪ 0‬كما أن المحمول فيهما مدرك ؛ فالقياس ‪:‬‬ ‫استثنائي لا إقتراني ‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬ليس الأمر كما ذكرت { فإن المحمول في المطلوب مدرك لذاته ‪.‬‬ ‫وفي المقدمة مدرك لصفاته ‪ .‬لا مُدرك مطلقا ‘ والأول غير التاني ه‬ ‫ضرورة إختلاف مصاديق المطلقات بإختلاف قيودها ‪ 0‬قإن الجنس ينقسم‬ ‫إلى أنواع مختلفة الحقائق ‪ .‬بإختلاف القيود الفصلية لتلك الأنواع ‪.‬‬ ‫كالحيوان ينقسم إلى ‪ :‬حيوان ناطق وهو الإنسان ؛ وحيوان صاهل وهو‬ ‫الفرس ؛ وحيوان ناهق وهو الحمار ‘ إلى غير ذلك من الأنواع ؛ ولو كان‬ ‫المحمول فيهما واحدآً كالموضوع ‘ لم يصح الإستدلال به ‪ 0‬لإشتماله على‬ ‫المصادرة التي هي جعل الدليل عين المدعي ‘ ثم ضممنا الجزء الآخر من‬ ‫المطلوب ‪ ،‬الذي هو مدرك لذاته ‪ 0‬إلى الجزء الآخر من المقدمة ‪ 0‬الذي هو‬ ‫مدرك لصفاته ‪.‬‬ ‫فقلنا ‪ :‬العقل مدرك لصفاته ‪ 0‬والمُدرك لصفاته مدرك لذاته ‪ 0‬ينتج ‪.‬‬ ‫العقل مدرك لذاته ‪ .‬وهو المطلوب ؛ ثم حيث كان المطلوب من المعارف‬ ‫الإلهية ‏‪ ٠‬وهي مما يطلب بالبرهان ۔ كما سيأتي ۔ فلابد أن يكون هذا‬ ‫القياس برهانياً ‪ .‬وهو ما يتآلف من اليقينيات ‪ 0‬وهي ‪ :‬إما بديهيات ‘ أو‬ ‫نظريات مُنتهية إلى البديهيات ‪ 0‬لإستحالة الذور والتسلسل ‘ فأصول‬ ‫اليقينيات هي البديهيات ‘‪ 0‬والنظريات متفرعة عليها ؛ والبديهيات بحكم‬ ‫الإسستقراء ‪ 0‬ستة أقسام ‪ :‬الذوليات ‘ والمشاهدات ‪ 0‬والتجربيات ‪.‬‬ ‫والحدسيات ‘‪ ،‬والمتواترات ‘ والفطريات ‪ 0‬وحيث كان القياس بكلا جزنيه‬ ‫‪_ ٩١‬‬ ‫نظريا ‪ ،‬قإستدل على إثبات الصغرى بقوله ‪ [ :‬خلق العقول ) ‪ 0‬فجعل‬ ‫الصغرى ‘ أعني ‪ :‬العقل { مدرك لصفاته ‘ علة غائية ‪ .‬أو غاية له ‪ 0‬على‬ ‫إختلاف مَرً ذكره ‪.‬‬ ‫وأيا ما كان ‪ .‬فلا بد من ترتبه عليه ‘ وإلا لزم الجهل عليه تعالى ‪.‬‬ ‫والترتب فرع الثبوت في الخارج ‪ 0‬وعلى إثبات البرى المطوية ‪ {.‬وهي‬ ‫الدرك لصفاته مدرك لذاته ‪ .‬بقوله ‪ [ :‬إذ للذات قد تنهى الصفه { ‪.‬‬ ‫هذا غاية ما يمكن توجيه البيت به ‪ 0‬وفي الكل نظر ‪ 0‬وبيانه تارة على‬ ‫وجه المعارضة {‪ 0‬وهي إيراد دليل مقابل لدليل المُستدل ‪ 0‬دال على نقيض‬ ‫مُدعاه ‪ .‬من غير تعرض لمُقدماته ‪ 0‬لا إجمالا ولا تفصيلا ‪ {.‬فبتنبوت‬ ‫النقيض ‘ تبطل مُدعى الخصم ‘ وإن لم يتعرض لشيء من المقدمات ‪.‬‬ ‫لإمتناع إجتماع النقيضين ‪ 0‬وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى ‪.‬‬ ‫وتارة بالنقض التفصيلي ‘ وهو منع مقدمة معينة ‪ 0‬أو كل واحدة من‬ ‫مُقدماته ‘ وهذا وإن لم يحتج إلى شاهد { لأن المانع يكفيه المنع ‪ ،‬ولكنه‬ ‫قد يذكر ما يتقوى به المنع سندآً له ‪.‬‬ ‫فنقول هنا ‪ :‬أولا ‪ :‬نمنع الصغرى ؛ قولك ‪ :‬أنها علة غانية لخلق‬ ‫العقول ؛ قلنا ‪ :‬ممنوع ؤ لأن العلة الغانية للخلق ليست معرفة صفاته { بل‬ ‫معرفة ذاته تعالى ‘ التي هي غاية الغايات ‘ والمراد من معرفته ليس‬ ‫مطلب (ما) الحقيقية ‪ 0‬الذي يجمعه معرفة حده التام ‪ 0‬كما يشعر به قوله ‪:‬‬ ‫[ تنهى { ‪ 0‬ولا غيره من الحد الناقص والرسم بكلا قسميه ‪ .‬لو سامحنا‬ ‫في ظهور الإنهاء في معرفة الكنه ‪ 0‬الذي هو الحد التام © لما سيأتي من‬ ‫البيان إن شاء الله تعالى ‪.‬‬ ‫_‪- ٩٢‬‬ ‫بل المراد مطلب هليته البسيطة ‪ .‬الذي هو التصديق بوجوده ‪ ،‬أو‬ ‫هليته المركبة ‪ .‬الذي هو التصديق بصفاته ؛ ولذا لم تر متكلم ‪ 0‬ولا‬ ‫فيلسوفا ‪ .‬ولا مُعتزليا ‪ 0‬ولا أشعرياً ‪ .‬حتى المشبهة والمجسمة { تكلم في‬ ‫حده أو رسمه ‪ ،‬بل كل قالوا ‪ :‬بتجرده وتنزهه عن الأجزاء الذهنية ‪.‬‬ ‫وتقدسه عن الأجزاء الخارجية ‪.‬‬ ‫وإنما ذكرنا ما ذكرنا إلزاما عليهم ‪ .‬والتزام من كلامهم ‪ 0‬نعم ‪.‬‬ ‫التركيب الخارجي { ظاهر كلمات بعض المشبهة الحشوية ‪ .‬كما مر نقله‬ ‫عن داوود الجواري ‪ 0‬ولكنه مع تلك الخرافات ‪ 0‬يقول ‪ :‬ومع ذلك جسم لا‬ ‫كالذجسام } ولحم لا كاللحوم ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬ ‫ومراده ‪ :‬تقديسه تعالى عن المثل ‪ 0‬والأشباه ‏‪ 0٠‬والتركيب ‪ 0‬والاجزاء ‪8‬‬ ‫بل إنما يتكلم من يتكلم ‪ .‬ويبحث من يبحث ‪ ،‬تارة في وجود الصانع في‬ ‫مقابل الدهرية والطبيعية ‪ .‬الذي هو مطلب ( هل ) البسيطة ‪ ،‬ثم في‬ ‫وجوبه ‪ .‬الذي هو مادة هذه القضية والهلية ‪ 0‬تم في صفاته { الذي هو‬ ‫مطلب ( هل ) المركبة ‪ .‬وهذا شاهد صدق لنا فيما إدعيناه ‪.‬‬ ‫فان قلت ‪ :‬مراد الناظم هو ما ذكرت ‪ 0‬يعني ‪ :‬أن الصفات توصل إلى‬ ‫المطلبين ‪ 0‬أي ‪ :‬مطلب ( هل ) البسيطة والمُركبة ؛ قلت ‪ :‬مع أنه في غاية‬ ‫البعد عن كلامه { ففيه أن الصفات بأجمعها نوعان ‪ :‬نوع ‪ :‬مطلب ( هل )‬ ‫البسيطة ‪ .‬وهو الوجود ؛ ونوع ‪ :‬مطلب ( هل ) المركبة ‘ وهو سانرها ‘‬ ‫ولا يخلوا إما أن يكون الأول دليلا على الثاني ‪ ،‬أو العكس ‪ ،‬أو الثاني‬ ‫بعضها على بعض ؤ والكل باطل ‪.‬‬ ‫‪_ ٩٣‬‬ ‫أما الأول ‪ :‬فلأن الوجود أعم من الباقي ضرورة ‪ ،‬أن كل منا صدق‬ ‫عليه إحدى الصفات الباقية ‪ 0‬كالعالم ‪ 0‬والقادر ‪ 0‬والحي ‪ ‘.‬وغيرها ‘ صدق‬ ‫عليه الوجود ‪ ،‬فيقال ‪ :‬أنه موجود ولا عكس ‘ أي ‪ :‬ليس كل ما صدق‬ ‫عليه أنه موجود ‪ .‬يصدق عليه أنه عالم ‪ ،‬أو قادر ‪ 0‬أو حي { وهكذا‬ ‫لصدق نقيضه { وهو بعض ما صدق عليه أنه موجود ‪ .‬يصدق عليه أنه‬ ‫ليس بعالم ‪ 0‬كالجاهل الصرف ‘ أو ليس بقادر كالعاجز ؛ أو ليس بحي‬ ‫كالجماد ‪ 0‬وهكذا سانرها ‪ 0‬والعام لا يدل على الخاص ‪.‬‬ ‫وأما التاني ‪ :‬فلأن الهلية البسيطة متقدمة رتبة على المركبة ‪8‬‬ ‫ضرورة أن ثبوت شيء لشيء فرع على ثبوت المثبت كما مر في الأمر‬ ‫الذول من المقدمة ۔ فكيف يجعل دليلا عليها ‪ 0‬مع أن الدليل مُقدم على‬ ‫المطلوب في التصور بالضرورة ؟ بل الواجب أولا إثبات الوجود بدليله ‪.‬‬ ‫على ما سيأتي شرحه & تم إثبات سائر الصفات بأدلتها ‪.‬‬ ‫وأما الثالث ‪ :‬فبأنها مُتخالفات ‪ 0‬والمُتخالف من حيث أنه مُتخالف ‪ .‬لا‬ ‫يدل على الآخر ؛ نعم ‪ 0‬إذا كان أحدهما أثرا للآخر يدل عليه ‪ .‬من حيث أنه‬ ‫أثر له ‪ ،‬فإن الأثر يدل على مؤثره { لكنه بعد إثبات الوجود ‪ 0‬بل الوجوب‬ ‫أولآ ‪ 0‬تم إثبات سائر الصفات هذه حال الصغرى ‪.‬‬ ‫وأما القبرى ‪ :‬وهي المْدرك لصفاته مُدرك لذاته { فهي أشد منعا من‬ ‫الصغرى ‪ ،‬لأن دليلها وهو قوله ‪ :‬الصفة قد تنهي إلى الذات ‘ لا يخلو من‬ ‫أن يكون إما إستقراء ‪ 0‬أو تمثيلا ‪ 0‬أو قياسا } والكل باطل ‪.‬‬ ‫بيان الأول ‪ :‬أن يقال ‪ :‬إنا تصفحنا واستقرننا أفراد الموجود ‪.‬‬ ‫‪_٤٩‬۔‪- ‎‬‬ ‫فوجدناها أن بعض صفاتها كفصولها وخواصها اللازمة الشاملة لها ‪ 0‬يدل‬ ‫عليها ويوصل بها إليها ‪ 0‬فنحكم على كل موجود أنه كذلك ‘ تم نجعل هذه‬ ‫ل‬ ‫كبرى ‪.‬‬ ‫ونقول ‪ :‬البارئ تعالى موجود { وكل موجود يصح تعريفه ببعض‬ ‫صفاته ‪ ،‬بحكم الاستقراء ‪ .‬ينتج أن البارئ تعالى يصح تعريفه ببعض‬ ‫صفاته ‪ .‬وهو المطلوب & وفيه أن هذا الاستقراء ‪ 0‬إن كان ناقصا فلا يفيد‬ ‫اليقين ‪ 0‬فلا يجدي في المقام ۔ كما مر أنفا ‪ -‬وإن كان تاما وهو الضسمى‬ ‫بالقياس المقسم ‪ 0‬فهو وإن كان مما يفيد اليقين ‪ 0‬إلا أن ذون إثباته خرط‬ ‫القتاد ؛ فإن من الإفراد البارئ تعالى ‪ 0‬وجواز تعريفه عين المسألة ‪ 0‬وأول‬ ‫الكل ؛ بل قيل ‪ :‬بعدم جواز تعريف المْجردات الممكنة ‪ 0‬كالعقل ‘ وهو‬ ‫الحق ‪ 0‬كما سيأتيك بيانه إن شاء الله تعالى ‪.‬‬ ‫فكيف به (تعالى شأنه) من أن يحاط به علما ‪ 0‬وهو أبسط البسانط ‪،‬‬ ‫والجرد من كل وجه ‪.‬‬ ‫وبيان الثاني ‪:‬أعني ‪:‬كونه تمثيلا ؛ وفي إصطلاح الفقهاء ‪ :‬قياسآ ؛‬ ‫وبعبارة أخر ى ‪ :‬كما في كلام بعض ‪:‬اعتبار الغانب على الشاهد ‏‪ ٠‬بأن‬ ‫يقال ‪ :‬أن الموجود على قسمين ‪ :‬واجب وممكن ؛ والسُمكن يصح تعريفه‬ ‫ببعض صفاته ‪ ،‬فكذا الواجب بجامعيه الوجود ‪.‬‬ ‫فقال ‪ :‬الواجب يصح تعريفه ‪ .‬لأن الممكن يصح تعريفه ‪ ،‬لأنهما‬ ‫موجودان ‪ 0‬وهذا أبرد وأهون من الأول ‪ ،‬فإن الجامع مُطلقا لا ينفع في‬ ‫المقام ‪ 0‬إذا لم يكن علة لوجود الحكم في الأصل ‘ كالإسكار في الخمر ‪.‬‬ ‫ومن الواضح أن الوجود في المُمكن ‪ ،‬الذي هو الأصل ‘ ليس علة لصحة‬ ‫‪_ ٩٥‬‬ ‫تعريفه ‪ 0‬بل العلة تركيبه من الأجزاء الذهنية ‪ 0‬كما مر إجمالا ‪ .‬وسيأتي‬ ‫تفصيلا إن شاء الله تعالى ‪.‬‬ ‫ولذا _ قيل كما سمعت ‪ :‬بعدم جواز تعريف المُجردات ‪ ،‬إلا برسوم‬ ‫ناقصة ؛ ولو قطعنا النظر عن ذلك كله ‘ فهو لا يفيد العلم المطلوب في‬ ‫‪.‬‬ ‫المقام ‪.‬‬ ‫وأما الثالث ‪ :‬وهو كونه قياسا ‪ 0‬فلا شرح له هنا ‪ 0‬لأن المطلوب ‪.‬‬ ‫وهو المُدرك لصفاته مدرك لذاته ‪ 0‬غير مذكور في الدليل { لا بمادته‬ ‫وهينته ‪ 0‬حتى يكون قياسا إستثنانيً وهو ظاهر ؛ ولا بمادته فقط حتى‬ ‫يكون إقترانيا ‪ 7‬لأن موضوع المطلوب مدرك لصفاته ‪ 0‬ومحمُوله مدرك‬ ‫لذاته ‪ 4‬وموضوع الدليل الصفة ‪ 0‬ومحمُوله ‪ :‬تنهي إلى الذات ‪ 0‬وليس‬ ‫شيء من حدي المطلوب ‪ ،‬بشيء من حدي الدليل ‪ ،‬فتأمل وتدبر ‪.‬‬ ‫ويحتمل أن يكون المطلوب تصديقا آخر ‪ .‬وهو ‪ :‬أن صفاته توصل إلى‬ ‫ذاته ‪ 0‬أو ذاته توصل إليها صفاته ؛ بناء على ما تقرر في النحو ‪ ،‬من أن‬ ‫المفغول به ‪ 0‬وما في حكمه في المعنى ‪ :‬مبتدأ ؛ ولذا لم يذكر ابن مالك‬ ‫المفعولية من علامات الاسم ‪ 0‬واكتفى عنها بذكر المُسند إليه ‪ 0‬حيث قال ‪:‬‬ ‫حصل‬ ‫تمييز‬ ‫للاسم‬ ‫ومسند‬ ‫والنداء وآل‬ ‫بالجر والتنوين‬ ‫والمراد بقوله ‪ :‬مسند ‪ :‬الإسناد إليه _ كما ذكره بعض الشارحين _‬ ‫فيكون المفعول ‪ ،‬أي ‪ :‬المسند ‪ 0‬بمعنى المصدر ‪ ،‬أي ‪ :‬الإسناد إليه ‪ ،‬أو‬ ‫يبقى على حاله ؛ ويكون المراد بقوله ‪ :‬مُسند ‪ ،‬أي ‪ :‬أنه بإنضمام المسند‬ ‫إليه ‪ 0‬حتى يكون الاسم مُسندآً إليه ‪ 0‬وكيف كان ؟ فاكتفى بذكر المُسند إليه‬ ‫‪- ٩٦‬‬ ‫_‬ ‫عن ذكر المفعول به ‪ 0‬وذلك لأن قولك ‪ :‬ضربت زيدا ؛ في قوة قولك ‪ :‬زيد‬ ‫مضروب ؛ وقولك ‪ :‬ضربته في الدار ؛ في قوة قولك ‪ :‬الدار مضروب‬ ‫فيها ‪ .‬وهكذا ‪.‬‬ ‫فالذات والصفة ‘‪ 0‬وإن لم تكونا موضوعين في كلامه { ولكنهما في‬ ‫معنى الموضوع ‘ ودليله ‪ :‬أن الصفة توصل إلى الذات ‪ ،‬أو أن الذات‬ ‫توصل إليها الصفة ‘ المستفاد من قوله ‪ } :‬إذ للذات قد تنهى الصفه { ‪.‬‬ ‫ويكون ذكر ‪ } :‬خلق العقول { ‘ لا دخل له في المطلوب ‘ ولا الدليل ؛ بل‬ ‫إنما جيء به لبيان عظم شأن المطلوب ‪ ،‬حيث أنه جعل علة غانية لخلق‬ ‫العقل ‪ 0‬الذي هو أشرف المُمكنات ‘ فيصير حاصل كلامه ‪ :‬أن صفاته‬ ‫توصل إلى ذاته ‪ 0‬أو أن ذاته توصل إليها صفاته { لأن الصفة توصل إلى‬ ‫الذات ‪ 0‬أو لأن الذات توصل إليها الصفة ‪.‬‬ ‫ولا يتوهم أن المدعي حينئذ عين الدليل ‘ وهو مصادرة غير جائزة‬ ‫في الإستدلال ‪ 0‬فإن المُصادرة في التصديقات ‪ 0،‬نظير الدور في التصورات ‪.‬‬ ‫فعليها ما عليه ‪ 0‬لأن المطلوب خاص لخصوصية موضوعه ومحموله ‪.‬‬ ‫والدليل عام لعمومية موضوعه ومحموله ‪ ،‬أو الذول ‪ :‬مقيد لتقيد‬ ‫موضوعه ومحموله ؛ والتاني ‪ :‬مُطلق لإطلاق موضوعه ومحموله ‪.‬‬ ‫والخاص والمُقيد غير العام والمطلق ‪ ،‬إلا أنه حيث لم يكن الدليل المذكور‬ ‫على هينة القياسات المنطقية ‪ 0‬فلابد إذن من أعمال التحليل ‪.‬‬ ‫وبعد التحليل على ما عرفته قبيل هذا ‪ .‬يصير حاصل الإستدلال هكذا ‪:‬‬ ‫صفاته تعالى صفة { أي ‪ :‬فرد من أفراد الصفة ‘ ومن جملة مطلق الصفة ‪.‬‬ ‫ومطلق الصفة توصل إلى الذات ‪ ،‬أو أن ذاته تعالى ذات ‪ ،‬أي ‪ :‬من أفراد‬ ‫‪. ٩٧‬‬ ‫الذوات ‪ 0‬ومن جملة مُطلق الذات ‪ 0‬ومطلق الذات توصل إليه الصفة ‪8‬‬ ‫فينتج من الشكل الأول بالضرورة ‪ 0‬أن صفاته توصل إلى الذات { أو ذاته‬ ‫توصل إليها الصفة ‘‪ 0‬وهو المطلوب ‪.‬‬ ‫أما الصغرى فظاهرة ‪ :‬فإن صفاته بالضرورة صفات لا إعيان ‪ ،‬أو‬ ‫ذاته بالضرورة ‪ 0‬ذات لا صفة ؛ وفيه ‪ :‬أن قولك ‪ :‬صفاته صفات ‏‪ 0٠‬ومن‬ ‫جملة مُطلق الصفات ‪ ،‬أو ذاته ذات ‪ 0‬ومن جملة مُطلق الذوات ‪ ،‬إن أريد‬ ‫منه أنه يصدق على الأولى مفهوم الصفة ؛ وعلى الثانية مفهوم الذات ‏‪٥‬‬ ‫فسلم { لكنه غير مُفيد ‪ ،‬لأن المعرف حقيقة أجزاء المُعرف ‪ 0‬كالجنس ‪.‬‬ ‫والفصل ‘ لا صرف مفهومها العرضي ؛ وأن أريد أن حقيقة صفاته ‪ .‬أو‬ ‫حقيقة ذاته { كحقيقة صفات أو ذات غيره ‪ 0‬فهو أول الكلام ‪ .‬بل ممنوع‬ ‫بالضرورة ‪.‬‬ ‫وأما الذبرى ‪ 0‬وهي قوله ‪ :‬الصفة توصل إلى الذات ‪ ،‬فإثباتها إما‬ ‫بالإستقراء ‪ .‬وقد عرفت حاله ؛ وإما بالتمثيل ‪ 6‬بأن يقال ‪ :‬الصفة لها‬ ‫فردان ‪ :‬صفة الواجب ‪ 0‬وصفة الممكن ؛ والثانية توصل إلى الذات ‪ ،‬فكذا‬ ‫الأولى بجامع الصفتية ‪ ،‬وفيه ما فيه ‪ ،‬لأن الصفة وإن كانت جامعة ‪ .‬إلا‬ ‫أنها ليست علة للإيصال ‘ الذي هو الحكم ‪ 0‬ولو سلم { فلا يفيد العلم‬ ‫المطلوب في المقام هذا ‪ 0‬مضافا إلى أن قوله ‪ :‬الصفة قد تنهى إلى الذات ه‬ ‫الذي هو كبرى القياس ‪ 8‬أن قلنا ‪ :‬بأن [ قد ع تفيد التقليل } كما هو الغالب‬ ‫في معناها ‪ 0‬إذا دخلت على المضارع ‪.‬‬ ‫وقلنا ‪ :‬بأن التقليل راجع إلى متعلقه الذي هو الصفة ‪ .‬لا إلى زمان‬ ‫وقوع الإنهاء والإيصال ‘ لأنه لا معنى مُحصل له ؛ فيصير المعنى ‪ :‬أن‬ ‫‪- ٩٨‬‬ ‫بعض الصفة توصل إلى الذات ‪ ،‬أو أن بعض الذات توصل إليه الصفة ‪8‬‬ ‫قمل به ‘ فالصفة‬ ‫نن ل‬ ‫تكون الكبرى جزئية ‪ 0‬لاتنتج في الشكل الول ‪ 0‬وإ‬ ‫مُفرد محلي باللام ‪ 0‬وهو لا يفيد العموم ‪ 0‬كما تقرر في علم أصول الفقه ‪.‬‬ ‫فالقضية إذن مُهملة ‪ ،‬وهي في حكم الجُزنية ‪ .‬فلا تصلح لكبروية‬ ‫الشكل الذول ‪.‬‬ ‫۔ على زعم بعض ۔ فإنها لتحقيق الخكم‬ ‫ح )قيق‬ ‫ل [تقد‬‫ولو قلنا ‪:‬لبأن‬ ‫حينئذ ‪ 3‬للاتعميم أفراد الموضوع ‪ 0‬حتى تصلح لكبرى الشكل لول ‪.‬‬ ‫ولو قطعنا النظر عن ذلك كله ‪ 0‬وقلنا ‪ :‬بأنها قضية كلية ‘ فإن كان‬ ‫معناها ‪ :‬أن كل صفة توصل إلى كل ذات ‪ 0‬فكذبها غني عن البيان ؛‬ ‫ضرورة أن الناهق ۔ مثلا ۔ لا توصل إلى الإنسان ‪ 0‬ولا الناطق إلى الحمار ‪.‬‬ ‫فإن الفصول القريبة والخواص لا تصدق ‘ إلآ على ما هي فصل وخاصة‬ ‫له‪.‬‬ ‫وكذا إن أريد أن كل صفة توصل إلى ذاتها الموصوفة لها ‪ ،‬فإن‬ ‫الاعراض العامة ۔ سيما المفارقة ۔ الغير الدانمة ‪ ،‬بل الدانمة ‪ 0‬بل اللازمة‬ ‫تصلح لأن يكون معرفات لها ‪.‬‬ ‫الغير البينة ‪ 0‬بل والبينة بقسميه ‪ 0‬لا‬ ‫لإشتراط مساواة المُعرف ‪ ،‬والعرف ۔ كما عرفت ۔ من أن المقصود من‬ ‫التعريف ‪ :‬إما معرفة كنه المعرف ‪ ،‬كما في الحد التام ‘ أو التميز عما‬ ‫عداه ‪ 0‬كما في غيره ؛ والعرض العام ليافيد شين منهما ‪ .‬وهذا هو الذي‬ ‫قرع سمعك ‘{ من أن السُعرف يجب أن يكون جامعا ‪ 0‬ومانع ‪ 0‬ومُطردآ ‪.‬‬ ‫وسنعكسا ‪.‬‬ ‫نعم ‪ 0‬إذا إجتمع أمور ‪ 0‬كان كل منها عرضا عامآ ‘ لكن المجموع‬ ‫يخص المعرف ‪ ،‬كتعريف الإنسان ‪ :‬بماش ‪ ،‬ومُستقيم القامة ؛ والخفاش ‪:‬‬ ‫بطائر ولود ؛ كان جائز ‪ 0‬ولكنه خارج عن محل النزاع ‘ لأنه ( ح )‬ ‫خاصة مركبة ؛ هذا بيان النقض على ما وصل إليه فهمي القاصر ‪.‬‬ ‫وأما المُعارضة ؤ فبيانها ‪ :‬أن تعريف حقيقة الشيء ‪ 0‬إما أن يكون‬ ‫بنفس الحقيقة تلك ‪ 0‬أو بشيء من أجزانها ‪ 0‬أو بأمر خارج عنها ‘ أو بما‬ ‫يتركب من الداخل والخارج ‪.‬‬ ‫أما تعريفها بنفسها ‪ 0‬فهو مُحال ‘ لأن العرف معلوم قبل العرف ‪8‬‬ ‫فلو عرف الشيء بنفسه ‪ ،‬لزم أن يكون معلوما قبل أن يكون معلوما ‪.‬‬ ‫وهو مُحال ‪.‬‬ ‫وأما تعريفها بالأمور الداخلة } ففي حق‪ ,‬البسانط الوجودية ‪ 0‬سيما ما‬ ‫هو أبسط من كل بسيط محال ؛ وقد تقدم ما يدل على بساطة الواجب تعالى‬ ‫وتجرده ‪.‬‬ ‫ونزيد هنا ‪ :‬أن كل مركب محتاج إلى كل واحد من أجزانه وهو غيره ‪.‬‬ ‫والمحتاج إلى الغير ‪ 0‬وإن كان ذلك الغير جزئه ممكن ‪ 0‬فكل مركب مّمكن ‏‪٥‬‬ ‫فما ليس بمُمكن ‪ ،‬يستحيل أن يكون مركبا ‪ 0‬فالواجب ليس بمركب ؛‬ ‫وأيضا بناء على أنه تعالى حقيقة الوجود ‪ 0‬وحقيقته الوجود ‪ 0‬على ما‬ ‫ذهب إليه جمع من المحققين ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬أن الوجود لا جنس له ‪ ،‬ولا فصل ‘ لأنهما معان كلية ‪ 0‬يتركب‬ ‫منهما المهيات الوجودية ‪ 0‬والوجود غير المهية ‪ ،‬فليس فيه تركيب‬ ‫عقلي ؛ وما ليس فيه تركيب عقلي ‪ ،‬لا يكون فيه تركيب خارجي من مادة‬ ‫‪-‬‬ ‫‪١‬‬ ‫‪٠١‬‬ ‫‪٠١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫وصورة ؛ فإن الجنس والفصل في المركبات الخارجية ‪ 0‬مأخوذان منهما‬ ‫ومُتحدان معهما ‪ .‬الجنس بالمادة ‪ 0‬والفصل بالصورة ؛ وإذا لم يكن‬ ‫النيء مركبا ‪ 0‬إستحال تعريفه بالأمور الداخلة ؛ فإذا بطل القسمان ‪ .‬بل‬ ‫الأقسام الثلانة ‪ 0‬تبت أنه لا يمكن تعريف حقيقة واجب الوجود ‪ ،‬إلا‬ ‫بلوازمه وآثاره ‪ 0‬وسيأتيك بيانه ‪.‬‬ ‫وأوضح من ذلك ‘‪ ،‬أن يقال ‪ :‬أن كل ما هو معلوم بشيء آخر غير‬ ‫ذاته ‪ 0‬أي ‪ :‬بصورة أخرى مساوية له في الحقيقة ‘ يلزم أن يكون له‬ ‫مهية كلية مشتركة بينه وبين مثاله المساوي له ‪ ،‬وإلا لم يكن تلك‬ ‫الصورة علما به ؛ وكل ما له مهية غير الوجود الصرف المْتأكد ‪ 0‬فهو‬ ‫معلول مُفتقر في وجوده إلى جاعل يجعله موجودا ‪ 0‬فلا يكون إلها حقا ؛‬ ‫فالإله الحق ما لا يدرك بشيء ‪ ،‬و ل ليس كمثله شيء & () ‪ 0‬وإن حاولت‬ ‫كشف القناع عن هذا الجمال ‘ ورفع الحجاب عن وجه هذا الإجمال ‪.‬‬ ‫وتحقيق الحال في دفع هذا الإشكال ‪ 0‬فاستمع لما يقال ‪ 0‬من ذكر تتمة‬ ‫الرواية الماضية ‪.‬‬ ‫قال له ‪ 9‬أي ‪ :‬لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ( القلينل‪ 4 ):‬السانل‬ ‫التقدم ذكره ‪ :‬فما هو ؟ فقال أبو عبد الله ‪ :‬هو الرب ‪ ،‬وهو المعبود ‪.‬‬ ‫وهو الله ‪ 0‬وليس قولي ‪ :‬الله ‪ 4‬إثبات هذه الحروف ‪ ( :‬ألف ‪ 4‬ولام ‪ 0‬وهاء ‪.‬‬ ‫ولاراء ‪ 0‬ولا باء ) ‪ 0‬ولكن ارجع إلى معنى ‪ :‬وشيء خالق الأشياء‬ ‫وصانعها ‪ 0‬ونعت هذه الحروف ‪ 0‬وهو المعنى ‘ سمي به ‪ :‬الله ‪.‬‬ ‫والرحمن ‪ ،‬والرجيم ‪ 0‬والعزيز ‪ 0‬وأشباه ذلك من أسمائه ‪ ،‬وهو المعبود‬ ‫رتك) ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الشورى‪. ١١ : ‎‬‬ ‫‪١٠‬‬ ‫‪١‬‬ ‫الشرح ‪ :‬لما ذكر أولا في جواب السائل { الذي قال ‪ :‬ما هو ؟ أنه‬ ‫شيء بخلاف الأشياء كلها ‪ 0‬تم ذكر في جواب شكه الذي أورده ‪ 0‬من أن‬ ‫كونه سميعا بصيرا ‪ 0‬يناقض كونه مخالفا لما سواه { إذ لا صفة فيه زاندة‬ ‫على ذاته ‪ 0‬بل مرجعها كلها إلى الذات الأحدية ‪ 0‬التي تخالف سائر‬ ‫الأشياء ‪.‬‬ ‫فعاد السائل إلى سؤاله الاول ‪ ،‬بزيادة إقتراح { بقوله ‪ :‬فما هو ؟ أي ‪:‬‬ ‫إذا تفردت ذاته عن سائر الأشياء ‪ 0‬بحيث لا يشاركه شيع ‪ ،‬لا في الذات ‏‪٨‬‬ ‫ولا في الصفات ‪ ،‬فما هو ؟ بأي شيء يعرف ذاته ؟‬ ‫فإن التعريف ‪ :‬إما أن يكون بالحدود ‪ ،‬أو بالرسوم ‪ ،‬وإذ ليس بذي‬ ‫أجزاء ‪ 0‬فلا حد له ‪ 0‬وإذ ليست له صفة لازمة ‪ 0‬ولا خاصة زاندة } فلا‬ ‫رسم ‪ 0‬وهذا بعينه سؤال فرعون لمُوستى ( القلتنل‪ . ):‬حين قال ‪ :‬ل وما رب‬ ‫العالمين ه () ‪.‬‬ ‫والجواب ‪ :‬أن التعريف غير مُنحصر في هذين الوجهين ‪ 0‬بل قد يعرف‬ ‫النيء بآناره وأفعاله ‪ 0‬كما في القوى ‪ 0‬حيث تعرف بأفاعيلها ‪ .‬وهو‬ ‫المراد من قوله تعالى ‪ 0‬حكاية عن قول الكليم ‪ 0‬في جواب فرعون ‪ « :‬رب‬ ‫السماوات والأرض وما بينهما « ("' ‪.‬‬ ‫‪ :‬هو الرب ‪ ،‬وهو المعبود ‪ ،‬وهو الله ‪ 0‬إشارة إلى هذا‬ ‫فقوله ال)‬ ‫البيان الذي ذكرناه ‪ 0‬فإنا إذا رأينا المروبين ‘ علمنا أن لها ربا ؛ وإذا‬ ‫نظرنا إلى العباد ‪ .0‬علمنا أن لها معبْودآ خالق ؛ وإذا أبصرنا وله الأشياء‬ ‫‪. ٢٣ :‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الشعراء‪‎‬‬ ‫)‪ (٢‬سورة الشعراء‪. ٢٤ : ‎‬‬ ‫‏‪ ١٠٢.‬۔‬ ‫وتضرعها وتوجهها نحو الغاية المطلوبة ‪ 0‬علمنا أن لها إلها ‪ .‬فنعرف أن‬ ‫في الوجود ربا معبودآ ‪ 0‬وإلها قيوما ‪.‬‬ ‫ثم اعلم ‪ ،‬أن كثيرا من الأوهام العامية ‪ 0‬يذهب إلى أن قولنا ‪ :‬زيد‬ ‫إنسان { المراد به ‪ :‬حمل لفظ الإنسان على زيد ‪ ،‬وإذا أريد التنبيه على‬ ‫اسمه ‘ يقال ‪ :‬هذا زيد ‪ 0‬فيتوهم أنه عين اسمه ‘ حتى أن كثيرآ من‬ ‫المتكلمين وقع بينهم الإختلاف ‪ 0‬في أن الاسم هو عين السّسمى ‪ ،‬أو‬ ‫غيره ‪ .‬ومنشأ غلطهم ما ذكرت من مثل قولنا ‪ :‬زيد إنسان ‪ 0‬وهذا زيد‬ ‫والثاني مؤل بأن هذا مُسمى بلفظ زيد ‪ 0‬فلا حمل فيه إلآ في المعنى ‪.‬‬ ‫فأشار (التلم) ‪ .‬إلى تحقيق الأمر في هذا المقام ‪ 0‬لئلا يلزم إتحاده‬ ‫تعالى بالحروف ‪ .‬وينقدح التوحيد الموجب لكونه مجرد الذات ‘ عن‬ ‫مُشاركة الغير بأنه ليس المراد من قولي ‪ :‬الله } أو الرب ‪ ،‬إثبات هذه‬ ‫الحروف ‪ 0‬ولكن المرجع فيه إلى المعنى ؛ والمرجع في حمل المعنى ‪.‬‬ ‫الإشارة إلى شيع ‪.‬‬ ‫ومعنى ‪ :‬هو خالق الأشياء وصانعها ‪ 0‬وإلى نعت هذه الحروف بإزانها‬ ‫وهو المعني ‪ 0‬أي ‪ :‬ذلك هو معنى هذه الحروف ‪ ،‬سمي بذلك ذات الله ‪.‬‬ ‫كما سلمي ب ‪ :‬الرحمن ‪ 0‬والرجيم ‪ ،‬والعزيز ‪ 0‬ونظائر ذلك من أسمانه‬ ‫الخسنى ‪ 0‬وصفاته الغليا ‪.‬‬ ‫فقوله ‪ :‬الله ‪ ،‬أقيم مقام المفعول الأول لێيسمى ؛ وقوله ‪ :‬الرحمن ‪ 0‬وما‬ ‫غطف عليه ‪ ،‬مبتدأ خبره ؛ قوله ‪ :‬من أسمانه وهو المعبود ‪ ،‬أي ‪ :‬ذاته‬ ‫المسمى باسم الله ‪ 0‬وسائر الأسماء هو ‪ :‬للة وعز) ذون الأسماء ؛ قال‬ ‫له السائل ‪ :‬فإنا لم نجد موهوماآ إلا مخلوقا ‪.‬‬ ‫‏‪ ١٠‬۔‬ ‫۔‪٣‬‬ ‫قال أبو عبد الله ‪ :‬لو كان ذلك كما تقول ‪ ،‬لكان التوحيد عنا مُرتفعا ‪.‬‬ ‫لأنا لم نكلف غير موهوم ‪ ،‬ولكنا نقول ‪ :‬كل موهوم بالحواس مدرك به‪.‬‬ ‫تحده الحواس وتمثله ‪ 0‬فهو مخلوق ‘ إذ كان النفي هو الإبطال والعدم ‪.‬‬ ‫والجهة الثانية ‪ :‬التشبيه ‪ .‬إذ كان التشبيه هو صفة المخلوق الظاهر‬ ‫التركيب والتأليف ‪ 0‬فلم يكن بد من إثبات الصانع لوجود المصنو عين ‏‪١‬‬ ‫والإضطرار إليهم أنهم مصنوعون ‘ وأن صانعهم غيرهم { وليس مثلهم‬ ‫شبيها بهم في ظاهر التركيب والتأليف ‘ وفيما يجري عليهم من حدوثهم‬ ‫بعد إذ لم يكونوا ‪ 0‬وتنقلهم من صغر إلى كبر ‪ 0‬وسواد إلى بياض ‪ ،‬وقوة‬ ‫إلى ضعف ‪ ،‬وأحوال موجودة ‪ 0‬لا حاجة بنا إلى تفسيرها { لبيانها‬ ‫ووجودها ‪.‬‬ ‫الشرح ‪ :‬لما أذئ كلامه (التثلة) ‪ 0‬في تنزيهه تعالى عن المثل‬ ‫والشبه ‪ ،‬إلى أن ذاته تعالى شيء ينعت بأسماء ‪ .‬ونعوت ألفاظها ومعانيها‬ ‫خارجة عن ذاته ‪ 0‬إلا أن معانيها مفهومات ذهنية وهمية ‪ .‬يعرف بها ذاته‬ ‫تعالى ‪ :‬كالمعبود ‪ 0‬والرحمن ‪ ،‬والرجيم { وغيرها ؛ فرجع السانل مُعترضا‬ ‫مُستشكلا { فقال ‪ :‬فإنا لم نجد موهوما إلا مخلوقا ‪ 0‬أي ‪ :‬كل ما نتوهمه أو‬ ‫نتصوره فهو مخلوق ‘ فيكف يعرف ووصف خالق الأشياء ‪.‬‬ ‫فاجاب (التتثلم) ‪ 0‬عن ذلك أولا ‪ ،‬بوجه النقض ‪ :‬بأنه لو لم نتوهم‬ ‫ذاته بهذه المعاني الوهمية ‪ .‬ولم نعرفه بهذه المفهومات الذهنية ‪ }.‬لكان‬ ‫التوحيد مرتفعا عنا ‪ 0‬إذ لا نقدر ولا نستطيع في توحيده وتعريفه إلا‬ ‫بوسيلة هذه المعاني الوهمية ‪.‬‬ ‫وثانيا ‪ .‬بوجه الحل ‪ 0‬وهو ‪ :‬أنا وإن لم نعرف ذاته ‪ ،‬ال على سبيل‬ ‫۔ ‏‪ ١٠٤‬۔‬ ‫التوهم ‪ 0‬وبوسيلة المعاني المشتركة الكلية ‪ 0‬ولكنا كنا مع ذلك نرجع‬ ‫ونلتفت إلى تلك المعاني ‪ 0‬التي كانت عنوانات ومراني ‘‪ 0‬بها عرفنا ذاته ‪.‬‬ ‫فنحكئم عليها بأن كل موهوم بإحدى القوى والحواس ‘ ظاهرية كانت أم‬ ‫باطنية ‪ .‬وكل مُدرك لنا بأحد المشاعر ‪ 0‬صورة كانت أو معنى ‘ فهو‬ ‫محذود مُتمثل ‪ .‬تحده الحواس ‘ وتمتله الأفكار ‪ 0‬وكل ما هو كذلك فهو‬ ‫مخلوق مثلنا ‏‪ ٠‬مصنوع بفكرنا ‪ .‬وخالق الأشياء مُنزه عنه وعن معرفتنا‬ ‫أيضا ‪ 0‬التي تحصل بهذه الخمور ‘ فنعرف ذاته بأنا لا نعرف ذاته ‪ ،‬وهذه‬ ‫غاية معرفتنا بذاته ‪ .‬إذ ما لا سبب له لا يمكن العلم به ‪ ،‬إلا بمشاهدة‬ ‫صريح ذاته ‪ .‬أو من جهة أثاره وأفعاله } لكن العلم الذي هو من جهتها ‪.‬‬ ‫لا يعرف به حقيقة ذاته ‪ .‬بل يعرف كونه مبدعا لتلك الآثار والأفعال { أو‬ ‫صانع ‪ 0‬أو نحو ذلك من المعاني الإضافية الخارجية ‪ 0‬ومع ذلك يحصل‬ ‫الجزم بكونه موجودا ‪ 0‬وكونه على صفة كذا وكذا ‪ 0‬مما يليق من النعوت‬ ‫الكمالية ‪.‬‬ ‫م‬ ‫‪7‬‬ ‫وقوله ‪ :‬إذ كان النفي هو الإبطال والعدم ؛ أراد به إثبات الخكم الئلي‬ ‫الذي ذكره ‪ .‬وهو ‪ :‬أن كل موهوم أو مدرك ‪ .‬فهو مخلوق { أي ‪ :‬موجود ه‬ ‫لان لا يرد عليه النقض ‪ ،‬بأنا نتصور أمورا لا وجود لها أصلا ‪ .‬كاللا‬ ‫موجود ‪ .‬واللا شيع ‪ .‬ونحوهما ؛ فأشار إلى دفعه بأن هذه الخمور من‬ ‫حيث تمثلها في الوهم موجودة مخلوقة ‘ والنفي المحض بما هو نفي‬ ‫بطلان محض ‘ وعدم صرف لا حصول له أصلا ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ :‬والجهة الثانية ‪ :‬التشبيه ‪ 0‬أراد به وجها آخر لكل ما يدرك‬ ‫بالحواس ‪ 0‬ويتمثل في كونه مخلوقا ومصنوعا ‪ .‬وهو كونه ذا متل‬ ‫‏‪ ١.٥ .‬۔‬ ‫وشبه ‪ 0‬والتشبيه صفة المخلوق المُستلزم للتركيب والتأليف ‪ 0‬إذ كل ما‬ ‫يشبه شيئا ‪ 0‬فله شيع يشارك به الآخر } وله شيء آخر يمتاز به عنه ‪8‬‬ ‫فيكون مركبا ‪ 7‬وكل مُركب مخلوق ‘ وكل مخلوق فله خالق ‪ 0،‬فلاند أن‬ ‫ينتهي المخلوقات إلى خالق لا شبه له ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬فلم يكن بد من إثبات الصانع ‪ 0‬لوجود المصنوعين ‪.‬‬ ‫ولذا‬ ‫والإضطرار المُتأدي إليهم أنهم مصنوعون ‘ لأن كل مُركب مصنوع ‪ ،‬وأن‬ ‫صانعهم غيرهم ‘{ لضرورة تحقق المغايرة بين الصانع والمصنوع ‪ .‬ثم لا‬ ‫يكفي مجرد المغايرة ‪ .‬ولو بوجه ذون وجه ‪ ،‬لإستلزام التركيب في‬ ‫الصانع من هذين الوجهين ‘ فيحتاج لتركبه إلى صانع آخر ‪.‬‬ ‫ولذا قال ‪ :‬وليس مثلهم ‘ ولو بوجه شبيها بهم في ذلك { فيلزم‬ ‫التركيب الموجب للإحتياج إلى الغير ‪.‬‬ ‫تم زاد في البيان ‪ 0‬إستظهارآً بذكر نقانص المخلوقات من الحدوث ‪.‬‬ ‫والإنفعالات ‪ 0‬والتغير في الأحوال { والإعلام ‘ والملكات ‪ .‬ليدل دلالة‬ ‫واضحة على أن صانعها ومُبدعها مُتعال عن المثل والشبه ‪ .‬فتبت وتحقق‬ ‫أن للإنسان سبيلا إلى معرفة خالق الأشياء ‪ 0‬بوسيلة معان إدراكية { يثبت‬ ‫بها الصانع وصفاته { ثم يعلم أنه وراء ما يتصوره ويدركه ‪ 0‬وينزهه به ‪.‬‬ ‫قال له السائل ‪ :‬فقد حددته ‪ .‬إذ أثبت وجوده ؟‬ ‫فقال أبو عبد الله ‪ :‬لم أحده ‪ 0‬ولكني أثبته ‘ إذ لم يكن بين النفي‬ ‫والإتبات منزلة ‪.‬‬ ‫قال له السائل ‪ :‬فله أنية ومانية ؟‬ ‫‪‎‬۔‪- ١٠ ٦.‬‬ ‫قال أبو عبد الله ‪ :‬نعم ‪ ،‬لا يثبت الشي ع إلا بأنية ومانية ‪.‬‬ ‫قال له السائل ‪ :‬فله كيفية ؟‬ ‫قال أبو عبد الله ‪ :‬لا ‪ 9‬لأن الكيفية جهة الصفة والإحاطة ‪ ،‬ولكن لاد‬ ‫من ا لخروج من جهة التعطيل والتشبيه ‪ .‬لذن من نفاه فقد أنكره ‏‪ ٥‬ودفع‬ ‫وبيته وأ بطله ؛ ومن شبهه بغيره ‪ ،‬فقد أثبته بصفة المخلوقين‬ ‫والمصنوعين ‘ الذين لا يستحقون الربوبية ؛ ولكن لابد من إثبات أن له‬ ‫كيفية لا يستحقها غيره ‘ ولا يشارك فيها { ولا يعلمها غيره ‪.‬‬ ‫قال له السائل ‪ :‬فيعاني الأشياء بنفسه ؟‬ ‫قال أبو عبد الله ‪ :‬هو أجل من أن يعاني الأشياء بمباشرة ومعالجة ‪.‬‬ ‫لأن ذلك صفة المخلوق ‪ 0‬الذي لا تجيع الأشياء له إلا بالمُباشرة‬ ‫والمعالجة ‪ .‬وهو تعالى نافذ الإرادة والمشينة } فعال لما يشاء ‪.‬‬ ‫الشرح ‪ :‬تم رجع السائل ‪ 0‬وقال ‪ :‬فقد حددته إذا تبت وجوده ‪ ،‬يعني ‪:‬‬ ‫إنك إذا قلت أنه موجود ‪ ،‬والوجود مفهوم حاصل في الذهن ‪ 0‬وكل حاصل‬ ‫في الذهن فهو محدود ‪ 0‬فيلزم كونه محدودا متصورا } بل مخلوقا ‪.‬‬ ‫فاجاب (التلثلا) ‪ 0‬بقوله ‪ :‬لم أحده ‪ 0‬ولكني أثبته ‪ 0‬إذ لم يكن بين‬ ‫النفي والإثبات منزلة ‪ 0‬ومعناه ‪ :‬أن إتبات الشيء بالمعنى العام أمر عقلي‬ ‫لا يقتضي تحديده ‪ 0‬فكثير ما يثبت الإنسان أمورا لم يتصور بعد حدودها‬ ‫ومهياتها ‪ :‬كالزمان { والحركة ‪ 0‬والهيولي ‪.‬‬ ‫واعلم أن الوجود بالمعنى العام ‪ 0‬أمر عقلي متصور في الذهن ‪.‬‬ ‫مُشترك بين الموجودات ‪ ،‬زائد في التصور على المهيات ‪.‬‬ ‫۔ ‏‪ ١٠٧‬۔‬ ‫وأما حقيقة الوجود الذي هو ذات الواجب (جل اسمه) ‘ فلا حد له ‪6‬‬ ‫ولا نظير ‪ 0‬ولا شبه ‪ ،‬ولا ند ‪ 0‬فلا يعرف إلا بتنزيهات { وتقديسات ‪.‬‬ ‫وإضافات خارجة عنه ‘ فلا تنحو نحوه الأوهام والتصورات \‪ 0‬ولا ينتهي‬ ‫‘‬ ‫الموجودات‬ ‫‪ :‬أن مبدأ‬ ‫بالێرهان‬ ‫يعرف‬ ‫‘ ولكن‬ ‫والاستدلالات‬ ‫اليه البرا هين‬ ‫وصانع المخلوقات موجود ‪ 0‬بالمعنى العام تابت ‪ 0‬إذ لو لم يكن موجودا‬ ‫بهذا المعنى لكان معذوماآ ‘ إذ لا مخرج عنهما ‘ ويلزم من عدمه أن لا‬ ‫يكون في الوجود شيع أصلا ‪ ،‬واللازم باطل بالبديهة ‪ ،‬فكذا الملزوم‬ ‫ضرورة إفتقار الكل إليه ‪.‬‬ ‫نم قال السائل ‪ :‬فله أنية ومائنية ؟ يعني ‪:‬إذا أنبتأن هذا المفهوم‬ ‫عن وجوده ‪ 0،‬فاذن له أنية‬ ‫العام المشترك المتصور فى الذ هن ‪0‬خارج‬ ‫مخصوصة ومانية‘ غير مطلق الوجود هو بها هو ‪.‬‬ ‫فقال (التتكلم) ‪ :‬نعم ‪ 0‬لا وجد الشيء إلا بنحو خاص من الوجود‬ ‫والمانية ‪ 0‬لا بمجرد الأمر الأعم ‪.‬‬ ‫واعلم أن المهية له معنيان ‪ :‬أحدهما ‪ :‬بإزاء الوجود ‘ كما يقال ‪:‬‬ ‫وجود الممكن زائد عن مهيته ؛ والمهية بهذا المعنى مما يعرضه العموم‬ ‫له تعالى مهية بهذا المعنى ؛ وثانيهما ‪::‬ما به النيء‬ ‫وا لاش تترر اك ‪ 0‬فليست‬ ‫هو هو ‘ وهذا يصح له تعالى ‪.‬‬ ‫ثم قال له السانل ‪ :‬فله كيفية ؟ وإنما سأل ذلك لما رأى في الشاهد أن‬ ‫كل ما له أنية ومهية فله كيفية ‪.‬‬ ‫فأجاب بنفي الكيفية عنه تعالى ‘ مُعللأ بأنها صفة مُقررة كمالية ‪.‬‬ ‫زاندة على ذات ما إتصف بها ؛ والبارئ (جلت كبرياؤه) ‪ ،‬مُستغن بذاته‬ ‫‏‪ ١٠٨‬۔‬ ‫عن كمال زاند ‪ .‬ووصف الكيفية بالإحاطة { لأنها مما يغشى الذات‬ ‫الموصوفة بها ‪ 0‬كالبياض للجسم ‪ 0‬والنور للارض ‪ 8‬والعلم للنفس ‪.‬‬ ‫قوله (التتلم) ‪ :‬ولكن لاد من الخروج من جهة التعطيل والتشبيه ؛‬ ‫اعلم أن كثيرآ من الناس ‪ 0‬لما سمعوا وتفطنوا ‪ ،‬بأن ليس لله تلة )‬ ‫صفة كمالية زاندة على الذات ‏‪ ٠‬زعموا أن ليس الأول تعالى عالما ‪.‬‬ ‫وقادرا ‪ .‬وحيا ‪ .‬وريد ‪ .‬وغير ذلك من صفاته الحقيقية بحسب الحقيقة ‪.‬‬ ‫بل على وجه المجاز ‪ .‬بمعنى ‪ :‬أن ذاته تعالى بلا صفة ‪ 0‬مما يترتب عليه‬ ‫هذه الصفات ‪ .‬فأطلقت عليه هذه الصفات‬ ‫ما يترتب على صاحب‬ ‫والاسماء ‪ .‬فهو عالم لأنه ينكشف على ذاته بذاته حقانق الأشياء ‪ .‬وكذا‬ ‫في القدرة وغيرها ‪.‬‬ ‫وزعموا أن مفهومات هذه الصفات مُتغايرة ‪ .‬وذاته بسيطة صرفة ‪.‬‬ ‫فلو صدقت عليه هذه المفهومات المتغايرة ‪ 0‬يلزم الكثرة في ذاته ‪ 0‬وهو‬ ‫محال ‪ .‬فاذن ليس هو تعالى ‪ 0‬مما ثبت في حقه { أو صدق عليه بالذات‬ ‫معاني هذه الصفات ‪ ،‬بل ذاته تنوب مناب كل منها ‪ .‬وكل مُتصف بها ‪..‬‬ ‫وكذا زعموا في أصل صفة الوجود ‪ .‬ومفهوم الوجود أيضآ ؛ حتى‬ ‫انهم قالوا ‪ :‬أن معنى كونه موجودا ‪ 0‬ليس إلا أنه يترتب عليه الآثار ‘ دون‬ ‫أن يصدق على ذاته مفهوم الوجود والموجود ‪ .‬وهذه مغالطة نشأت من‬ ‫الخلط بين تغاير الحيثيات الوجودية ‪ .‬وبين تغاير المفهومات الموجودة‬ ‫بوجود واحد بسيط صرف ‪ .‬فوقعوا في مثل هذا التعطيل المحض ‘& فإن‬ ‫الشيء إذا لم يكن موجودا بهذا المعنى العام ‪ :‬كان معدوما ‘ وإذا لم يكن‬ ‫عالما ‏‪ ٠‬كان لا عالما ‏‪ ٠0‬مع أن كثرة صدق المعاني والمفيهومات ‪ .‬قد لا‬ ‫‏‪ ١٠٩ .‬۔‬ ‫وجب مطلقا تركيبا ‪ 0‬لا في الذات ولا في حيثية الذات ‪ 0‬وعسى أن يأتيك‬ ‫إذا عرفت هذا ‪.‬‬ ‫زيادة توضيح لذلك في مقامه ۔ إن شاء الله تعالى‬ ‫فنقول ‪ :‬لما نفي (التثلم) جهة الكيفية ‪ .‬والصفة الزائدة عنه ‪ .‬وعلم‬ ‫أن هاهنا مزلة الأقدام ‪ 0‬ومغلطة الأوهام ‪ 0‬فأشار بقوله ‪ 0‬ولكن لابد من‬ ‫الخروج منه ‪ ،‬أي ‪ :‬من نفي الكيفية الزاندة عن جهة التعطيل ‘ وهو نفي‬ ‫الصفات بالكلية ‪ 0‬والوقوع في طرف سلوب هذه الأوصاف الإلهية‬ ‫ونقانصها ‪ .‬وعن جهة التشبيه ‪ .‬وهو جعل صفاته كصفات المخلوقين ‪.‬‬ ‫لأن من نفي عنه معاني الصفات ‪ ،‬فقد أنكر وجود ذاته‪ .‬وعلمه ‪ ،‬وقدرته‪،‬‬ ‫وإرادته ‪ 0‬وسمعه ‪ 0‬وبصره ‪ ،‬ودفع ربُوبيته ‪ .‬وكونه ربا مبدعا ‪ .‬صانعا ‪.‬‬ ‫قيوما { إلها خالق ‪ 0‬رازق ‪ 0‬ومن شبهه بغيره ‪ 0‬بأن‪:‬زعم أن وجوده‬ ‫كوجود غيره ‘ وعلمة كعلم ‪ .‬فقد أثبته بصفة المخلوقين ‪ .‬الذين لا‬ ‫يستحقون الربوبية ‪ 0‬ولا من شأنهم وشأن مهيتهم وجنسهم القريب ‪ ،‬ولا‬ ‫البعيد ‪ .6‬لان كل ما له مهية غير حقيقة الوجود ‪ .‬فهو محتاج إلى غيره ‪8‬‬ ‫يمملااثل شين من‬ ‫فلا يستحق الربوبية أصلا ‪ ،‬ولكن لابد أن يثبت له عل‬ ‫الغلوم ‪ 0‬وله قوة وقدرة لا يساوي شيا مم‪,‬ن القوى والقدر ‘ وهكذا في‬ ‫سانر الصفات الوجودية ‪.‬‬ ‫وهذا هو السراد من قوله ‪ :‬له كيفية لا يستحقها غيره ‪ .‬وإلا فليس‬ ‫شيء من صفاته من مقولة الكيف & التي هي من الأجناس ‪ 0‬حتى يلزم أن‬ ‫تكون صفته التي هي عين ذاته ‪ 0‬مهية مركبة من جنس وفصل ‪ ،‬فيكون‬ ‫ذاته مركبة ‪ 0‬وإن أردت تحقيق هذا المقام ‪.‬‬ ‫منها صفات للموجْود { بما‬ ‫فا علم ‪ :‬أ ن الصفات على ضربين ‪:‬ضرب‬ ‫‏_ ‪ ١١٠‬۔‬ ‫هو موجود ‪ 0‬فيعم الواجب ‪ ،‬والمُمكن ‘ والمُجرد ‪ 0‬والمُجسم ‪ 8‬ولا يلزم‬ ‫الموصوف بها أن يكون طبيعيا { أو تعليميا ؛ وهي ‪ :‬كالعلم ‪ 0‬والقدرة ‪.‬‬ ‫والإرادة ‪ .‬ونحوها؛ وضرب آخر ليس كذلك ‘ بل يشترط في ثبوته لشيء ‏‪٥‬‬ ‫أن يكون ذلك الشيء موجودا خاصآ مقيدا ‪ 0‬بكونه طبيعيا ذا طبيعة‬ ‫متغيرة } أو تعليميا ذا كمية ‘ فالأول ‪ :‬كاللون ‪ ،‬والطعم ‘ والرانحة }‬ ‫والصوت ‘‪ ،‬والحرارة ‪ 0‬والبرودة ‪ 0‬وأشباهها ؛ والثاني ‪ :‬كالكروية ‪.‬‬ ‫والتربيع ‪ 0‬والإستدارة ‪ }.‬والتسسطيح ‪ .‬والإستقامة ‪ 0‬والجذر ‪ 0‬والصمم ‪.‬‬ ‫ونظائرها ‪.‬‬ ‫فالتي من الصفات ‪ :‬تكون من الضرب الأول ‪ 0‬فحالها بعينها حال‬ ‫الوجود ‪ 0‬في أن التفاوت بين أقسامها بالشدة ‪ 0‬والضعف ‪ 8‬والكمال ‪.‬‬ ‫والنقص ‪ 8‬والتقدم ‪ 0‬والتأخر ‪ ،‬والأولوية ‘ وعدمها ‘ وهي كلها‪.‬‬ ‫والوجود أينما تحققت ذات واحدة ‪ .‬موجودة بوجود واحد ‪ .‬لا اختلاف‬ ‫بينها بأنفسها ‪ 0‬ولا بينها وبين وجودها ‪ ،‬إلآ بإعتبار تغاير المقفهومات ‪.‬‬ ‫وإلا لكانت ألفاظها مُترادفة ‪.‬‬ ‫وقد علمت أن تغاير المفهومات الكلية ‪ 0‬لا يقدح كليا ‪ .‬في بساطة‬ ‫الذات الموصوفة بها ‪ 0‬فكما أن من الموجود ما هو موجود بالذات { فمن‬ ‫البلم ما هو علم وعالم بالذات ‪ 0‬بل هو صرف حقيقة العلم ‪ .‬فهو علم بكل‬ ‫معلوم ‪ 0‬ولو كان علما ببعض الأشياء ذون بعض ‘ لم يكن صرف حقيقة‬ ‫العلم ‪ 0‬وكذا من القدرة ما هو قدرة بالذات ‪ 0‬وهي صرف حقيقة القدرة‬ ‫التي لا أتم منها ‪ 9‬فيتعلق بكل مقدور ‪.‬‬ ‫{ لا مثل له ‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬فلكل منها فرد بسيط‬ ‫و هكذا في سانر الصفات للوجود‬ ‫‏‪ ١١١‬۔‬ ‫ولا شبه ‪ ،‬ولا ند ‪ 0‬ولا ضد ‪ ،‬ولا حد ‪ ،‬ولا برهان عليه ‘ لما علمت أن لكل‬ ‫منها حقيقة بسيطة ‘ لا مهية لها ‪ 0‬ولا جنس ‘ ولا فصل ‘ والتفاوت‬ ‫بالأشدية والأضعفية ‘ لا يقتضي أن يكون ما به الإختلاف أمرا غير ما به‬ ‫الإتفاق ‪ 0‬كما في الخطين الطويل والقصير {‘ فما به الفصل نفس ما به‬ ‫الإشتراك ‪ .‬وهذه النقانص لهذه الأمور الوجودية ‪ .‬أعني ‪:‬الإمكان ‪.‬‬ ‫والمهية ‪ ،‬والمعلولية ‪ 0‬والتركيب ‪ 0‬إنما يلحق لأجل تصوراتها عن درجة‬ ‫الكمال الأتم ‪ .‬كما حقق في مقامه ‪ .‬ودرك هذه المقاصد ‪ 0‬يحتاج إلى ذهن‬ ‫لطيف ‪ 0‬وفهم ثاقب ‪ 0‬وغورنا فذ ‪ 0‬وبضاعة غير مُزجاة في الحكمة ‪.‬‬ ‫نسأل الله أن يرزقنا إياها ‪.‬‬ ‫ثم لما تبت وتبين ‪ 0‬أن ليس له تعالى أمر زائد ‪ 0‬أو حالة عارضة ‪ ،‬بل‬ ‫جميع ما له من الصفات الحقيقية ‪ 0‬ترجع إلى ذاته ‪ 0‬وأن علمه كذاته ‪.‬‬ ‫واجب الوجود بالذات ‪ 0‬وكذا قدرته ‪ 0‬وإرادته ‘ وسانر صفاته الكمالية ‪.‬‬ ‫ونعوته الجمالية ‪ 0‬كذاته ‪ 0‬واجب الوجود لذاتها ‪ 0‬وهذا ما قاله الإلهيون ‪:‬‬ ‫من أن واجب الوجود بالذات ‪ 0‬واجب الوجود من جميع الجهات ‪ 0‬فالصادر‬ ‫عنه تعالى من الأفعال ‪ 0‬صادر عن حاق ذاته الأحدية ‪ 0‬لا بسبب قوة‬ ‫زائدة ‪ 0‬أو بتوسط حالة أخرى‬ ‫هذا ‪ 0‬ولكن هذا التحقيق مبني على مسألة أصالة الوجود ‪ 0‬وهي بعد‬ ‫في سنبلتها ‪ .‬وعسى الله أن يشرح صدورنا بها ‘ على ما هي عليه { إلا‬ ‫أنه لا يضرنا في مسالتنا ‪ 0‬لعدم توقفها عليها ‪ 0‬وبما ذكرناه غني وكفاية‬ ‫إن شاء الله تعالى ‪.‬‬ ‫بعد إمعان النظر ‪ 0‬وإصلاح الفكر ‪ 0‬وتعميق الخبر ‪ ،‬وناهيك شاهدا لما‬ ‫‏_‪ ١١٢‬۔‬ ‫ذكرنا ‪ 0‬من أنه تعالى لا يمكن معرفته ‪ .‬إلا بأفعاله ‪ 0‬وآثاره ‪ .‬وأجوبة‬ ‫الأنبياء (عليهم السلام) ‪ ،‬الذين هم معادن الغلوم ‪ 0‬والحكم {‪ 0‬وقادة الأمم ‪3‬‬ ‫عن خصمائهم ت‪ .‬حين سئلوا ‪ :‬عن ذاته ووصفه { فلم يجيبوا بحد ‪ 0‬ولا‬ ‫بجزء حد { كالجواب بالفصل القريب ‪ 0‬بل عدلوا عن الوصف بالحد ‪ ،‬تاما‬ ‫كان أو ناقصا ‪ 0‬إلى الرسوم الناقصة { وهي الوصف له بفعاله وآياته ‪.‬‬ ‫كما فعل مُوسى الكليم (على نبينا وعليه أفضل التحية والتسليم) ‪ .‬حين‬ ‫سأله فرعون بقوله ‪ « :‬وما رب العالمين » (') ‪ ،‬فلم يأت في الجواب بحد‬ ‫‘ بل عدل عن ذلك تنبيها على أن لامهية له ‪ 0‬ولا حد لذاته ‪.‬‬ ‫اوقص‬ ‫نم أ‬ ‫تا‬ ‫إلى قوله ‪ ( :‬رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم مُوقنين » (') ؛‬ ‫التاستمعون » ”") ‘ مُتعجبا من جوابه ‪.‬‬ ‫فقال فرعون لمن حوله ‪:‬‬ ‫‪ ::‬أنا أطلب منه المهية ‪ 0‬بإايراد كلمة‬ ‫‘يعني‬ ‫الجمع‬ ‫ومُنكراً له في محضر‬ ‫ما ‪ 0‬وهو يجيبني بالفاعلية والمُؤثرية ‪ 0‬وهو الجواب برسم ناقص بيان‬ ‫الاشكال ‪.‬‬ ‫إن تعريف المهية بخواصها ولوازمها ‘ لا يفيد الوقوف على تلك‬ ‫المهية ‪ 0‬كما إذا قلنا في شيع ‪:‬أنه الذي يلزمه اللازم الفلاني }فهذا‬ ‫المذكور ؛ إما أن يكون مُعرفا لمجرد كونه أمرا ‪ 0‬ما يلزمه ذلك اللازم ث أو‬ ‫لخصوص تلك المهية { التي عرضت له هذه الملزومية ‪.‬‬ ‫فالأول مُحال { لأن العلم بأنه أمر ما ‘ يلزمه اللازم الفلاني ‪ 0‬الذي‬ ‫جعلناه كاشفا ‪ 0‬فلو كان المكشوف هو هذا القدر ‪ 0‬يلزم تعريف الشيء‬ ‫‪٣:‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الشعراء‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٢٤ :‬‬ ‫(‪ ()٢‬سورة الشعراء‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة الشعراء‪. ٢٥ : ‎‬‬ ‫‪- ١١٣‬‬ ‫بنفسه ‪ 0‬وكون الشيء كاشفا لنفسه وهو محال ‪.‬‬ ‫وكذا التاني ‪ :‬لأن العلم بأنه أمر ما يلزمه ذلك اللازم ‪ 0‬لا يفيد العلم‬ ‫بخصوصية تلك المهية الملزومة ‘ لأنه لا يمتنع عند العقل { إشتراك‬ ‫المهيات المختلفة في لوازم متساوية ؛ ثم أن اللوازم الوجودية ‪ 0‬قد تكون‬ ‫خفية ‪ 0‬وقد تكون جلية ‪ ،‬ولا يجوز التعريف باللوازم الخفية ‪ ،‬بل باللوازم‬ ‫الجلية ‪ 0‬والآيات المكشوفة ‪ 0‬وأظهر آثاره وآياته تعالى ‪ .‬هو هذا الهيكل‬ ‫السماوات والأرض وما بينهما » ‏‪ 0١١‬؛‬ ‫العظيم ‪ 0‬والعالم المحسوس ‪:‬‬ ‫فقد ثبت أنه لا جواب البتة للسائل ‪ 4‬عن حقيقته تعالى ‘ كفر عون حين‬ ‫وما رب العالمين » (") ‪ 0‬إلا بما قاله مُوسى ( ال) ‪ « :‬رب‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم مُوقنين » <{"' ‪.‬‬ ‫وفي قوله ‪ « :‬إن كنتم مُوقنين ‪ . )"( 4‬إشعار بأنه إن كنتم مُوقنين‬ ‫بإسناد هذه الأجرام والمحسوسات إلى خالقها المتعالي ‪ .‬عن أن يكون‬ ‫جسما أو جسماني ‪ 0‬المتنزه من أن يكون متغير محسوساآ ‪ 0‬فاعرفوا أنه‬ ‫موجود { لا يمكن تعريفه إلا بما ذكرته ‪.‬‬ ‫ولما كان أظهر المخلوقات عندنا نفوسنا ‪ .‬عدل مُوسى (التتتلة‪ ):‬من‬ ‫الجواب الأول ‘ عن سؤال فرعون حين أنكره إلى قوله ‪ « :‬ربكم ورب‬ ‫آبانكم الأولين » (‘) ‪ 0‬أي ‪ :‬عدل عن التعريف بخالقية السماوات والأرض ه‬ ‫إلى التعريف بأنه خالق لكم ولأبائكم ‪ 0‬وذلك لأنه لا يمتنع أن يعتقد أحد ‪.‬‬ ‫أن السماوات والذرض واجبة لذواتها ‪ 0‬فهي غنية عن الخالق والمُؤثر‬ ‫(‪ )٣‬سورة الشعراء‪. ٢٤ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الشعراء‪. ٢٤ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬سورة الشعراء‪. ٢٦ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الشعراء‪. ٢٣ : ‎‬‬ ‫‏‪ ١١٤‬۔‬ ‫كالدهرية ‪ 0‬ولكن لايمكن لعاقل أن يعتقد في نفسه وفي آبائه ‪ 0‬أنهم واجبة‬ ‫الوجود لذاتها ‪.‬كيف والسشاهدة دلت على أنهم وجدوا بعد العدم ‪،‬تم‬ ‫عدموا بعد الوجود ‪.‬‬ ‫نم لما كان غرض فرعون اللجاج والعناد ‪ 0‬لا الإستكشاف والإستعلام ‪:‬‬ ‫« قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون & () ‪ 0‬إصرارا على ما كان‬ ‫عليه من قوله الذول ‪ 0‬يعني ‪:‬أن مقصودي السؤال عن المهية والحقيقة ‪.‬‬ ‫وذكر الآثار لا يفيد المطلوب ‪ .‬فهذا الذي يدعي الرسالة مجنون ‘ لا يفهم‬ ‫السؤال ‪ 9‬فضلا عما يجيب عنه ‪ .‬فقال مُوسى (التثلة‪ « : ):‬رب المشرق‬ ‫والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون » (") ‪ 0‬فعدل إلى طريق أوضح من‬ ‫الثاني ‪ ،‬وذلك لأنه أراد بالمشرق ‪ :‬طلوع الشمس وظهور النهار ؛ وأراد‬ ‫بالمغرب ‪ :‬غروب الشمس وزوال النهار ‪.‬‬ ‫وظاهر أن هذا التدبير المستمر على الوجه العجيب ى لا يتم إلا بفعل‬ ‫مُدبر عليهم ‪ .‬وهذا بعينه طريقة النبي النبيل إبراهيم الخليل (على نبينا‬ ‫وآله وعليه سلام الله الملك الجليل) ‪ 0‬مع نمرود المردود ‪ ،‬فإنه (التتكلة‪):‬‬ ‫استدل أولا بالإحياء والإماتة ‪ 0‬وهو الذي ذكره مُوسى (التكلة!) ‪ ،‬بقوله ‪:‬‬ ‫ربكم ورب آبائكم الاولين « () ‪ .‬فأجابه نمرود بقوله ‪ « :‬أنا أحيي‬ ‫وأميت » ‏(‪ . )٠‬فقار (اللخثلم) ‪ ( :‬فإن الله يأتي بالشنمس من المشرق فآت‬ ‫بها من المغرب فبهت الذي كفر & () ‪ .‬وهو الذي ذكره مُوسى بقوله ‪:‬‬ ‫« رب المشرق والمغرب » () ‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬سورة البقرة‪. ٢٥٠٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الشعراء‪. ٢٧ : ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬سورة البقرة‪. ٢٥٠٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الشعراء‪. ٢٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٦‬سورة الشعراء‪. ٢٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة الشعراء‪. ٢٦ : ‎‬‬ ‫۔ ‏‪ ١١٥‬۔‬ ‫وأما قوله ‪ « :‬إن كنتم تعقلون » () { فكأنه رالتيكلام) قال ‪ :‬إن كنتم‬ ‫من العقلاء ‪ .0‬عرفتم أنه لا جواب عن هذا السؤال { إلا بما ذكرته ‪ .‬لإمتناع‬ ‫تعريف حقيقته تعالى { إلا بآثاره وأفعاله ‪.‬‬ ‫ولما أتم مُوسى حجته مع ذلك القول الخشن الذي دل عليه ‪ « :‬إن‬ ‫كنتم تعقلون ؛ () ‪ .‬وعجز فرعون عن الحجاج ‪ .‬عدل إلى التخويف‬ ‫والتهديد ‪ 0‬كما هو دأب المحجوج المبهوت ‪ .‬بقوله ‪ « :‬لنن اتخذت إلها‪.‬‬ ‫غيري لذأجعلنك من المسجونين » ("" ‪.‬‬ ‫وإن إحتجت إلى شاهد آخر ‪ .‬فانظر إلى كلامه تعالى في الفرقان ‪.‬‬ ‫الذي هدى وشفاء لما في الصدور ‪ 0‬فكم ترى فيه من سورة تدل على‬ ‫وجوب النظر في آياته ‪ 0‬وكم من آية تهدي إلى لزوم التفكر في‬ ‫مصنوعاته ‪ .‬وكم من سطر ترشد إلى حتم التدبر في كيفية خلقة‬ ‫مخلوقاته ‪ 0‬وكم من صفحة تجد فيها الإلزام للتصفح في أفعاله ‪ 0‬وكم‬ ‫ورقة تورقك تهديدها عن الغفلة عن آثاره ‪ 0‬ولم يذكر فيه اسم تحديد ‪ ،‬ولم‬ ‫يرسم فيه رسم ترسيم ‪ 0‬مع أنه ‪ } :‬ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب‬ ‫مبين « ‏)‪. (٣‬‬ ‫فاعرف ذلك { فان فيه شفاء لداء العليل ‪ 0‬ورواء لظما الغليل ‪ 0‬والله‬ ‫يهدي من يشاء إلى سواء السبيل ‪.‬‬ ‫فاستشكل السانل وتوهم ‪ 0‬أنه يلزم عليه سبحانه ‪ 0‬أن يكون في‬ ‫فاعليته مباشرا للأشياء ‪ 0‬فقال ‪ :‬فئعاني الأشياء بنفسه ‪ 9‬أي ‪ :‬يباشر‬ ‫‪. ٥٩ :‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة الأنعام‪‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الشعراء‪. ٢٨ : ‎‬‬ ‫ب‪. ٢٩ ‎.:‬‬ ‫الشعراء‬ ‫سورة‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫‏‪_٦١١‬۔‪ .‬۔‬ ‫الأفعال بذاته ‪ 0‬من المعاناة ‪ .‬وهي ‪ :‬المباشرة والمُقاساة ‪.‬‬ ‫فاجاب (التكثلا‪ ):‬بقوله ‪ :‬هو أجل من أن يعاني الأشياء بمباشرة ‪ .‬لان‬ ‫ذاته سبحانه في غاية التقدس ‪ ،‬والتجرد عن مخالطة الأجساد ‪ 0‬ومُلابسة‬ ‫المواد ‪ 0‬فكيف يباشر ما ليس بجسم ولا جسماني ‘ لما هو جسم‬ ‫وجسماني ‪.‬‬ ‫وحيث أن السائل ‪ 0‬ما رأى من الفواعل في هذا العالم ‪ ،‬إلآ وهو مُخالط‬ ‫اليه فاعليته تعالى ‪.‬‬ ‫عنه بالذات ‪ .‬قاس‬ ‫لفعله الذي يصدر‬ ‫فنبه (القتثلم) على فساد هذا القياس بقوله ‪ :‬لأن ذلك صفة المخلوق ‪.‬‬ ‫الذي لا يجيع الأشياء له ‪ ،‬إل بالمُباشرة والمعالجة ‪ .‬ويحتمل أن تكون‬ ‫الصلة وما بعدها ‪ .‬صفة إحترازية للمخلوق ‪ 0‬حتى تكون إشارة ‪ 0‬إلى أن‬ ‫‪.‬‬ ‫ه فكيف الواجب (جل ذكره)‬ ‫‪ .4‬ما ليس كذلك‬ ‫من المخلوقات أيضا‬ ‫ثم أشار إلى كيفية صدور الأشياء عنه من غير مزاولة ومقارنة ؛‬ ‫‪ :‬أن‬ ‫‪ 0‬بمعنى‬ ‫‪ :‬وهو تعالى نافذ الأمر والمشينة ‪ .4‬فعال لما يشاء‬ ‫فقال‬ ‫مشينته لها ‘ فنفس مشينته وإرا دته\}©ا‪١‬‏ لتي‬ ‫‪ 4‬بمجرد‬ ‫‏‪ ١‬لأشيا ء عنه‬ ‫صدور‬ ‫هي عين ذاته ‘ يصدر عنه عالمي الأمر والخلق ‪:‬‬ ‫أما عالم الأمر ‪ 0‬وهي ‪ :‬الكلمات الوجودية التامات كلها ‪ 0‬العبر عنها‬ ‫بقول ‪ « :‬كن » () ث فصدورها عن نفس ذاته ومشينته ‪.‬‬ ‫وأما عالم الخلق ‪ 0‬وهو ‪ :‬الأجرام والمقادير ولواحقها ‪ .‬فصدورها‬ ‫بواسطة الأمر ‪ ،‬كما قال (تْلةه) ‪ « :‬إنما أمره إذا أراد شين أن يقول له ممن‬ ‫فيكون « ()‪.‬‬ ‫‪. ٨٢ :‬‬ ‫(‪ )١‬سورة يس‪‎‬‬ ‫‏_‪ ١١٧‬۔‬ ‫قد جل عن أبصارنا التكلفه‬ ‫يا من يقول برؤية المولى الذي‬ ‫المُتلفه‬ ‫الصفات‬ ‫واخلع بهيمي‬ ‫مهلا هديت دع الشراء على الهوى‬ ‫الأنوار أسنى مُلحفه‬ ‫تكسى من‬ ‫ملكية‬ ‫مقدس‬ ‫صفات‬ ‫والبس‬ ‫م‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬يا { ‪ :‬حرف موضوع لنداء البعيد ‪ .‬أو ما في حكمه‪.‬‬ ‫كالنانم © والساهي ‘ وقد ينادى بها القريب ‘ لبعده رفعة ؛ وقيل ‪ :‬مُشترك‬ ‫بين القريب والبعيد ؛ وقيل ‪ :‬بينهما وبين المتوسط ‪ 0‬وهي أكتر استعمالا‬ ‫من باقي أحرف النداء ‪ 0‬ولذا رتب عليه أمُور ‪ .‬الاول ‪ :‬أنه لا يقدر حين‬ ‫الحذف سواه ؛ الثاني ‪ :‬أنه لا ينادي اسم الله تعالى ‪ 0‬ولا المُستغاث ‪ {.‬ولا‬ ‫أيها وأيتها ‪ ،‬إل بها ؛ الثالث ‪ :‬أنه لا ينادي المندوب الا بها ‪ .‬أو بواو ‪.‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬من { ‪ :‬اسم موصول‘ قد مضى شرحه { وهو منادى لفظه ‪6‬‬ ‫ساكن لبنانه ‪ ،‬والاصل فيه السكون ‏‪ ٠‬ومحله القريب ضم ‪ ،‬لأنه مُفرد‬ ‫مُعرف ‪ ،‬والمْنادى المفرد العرف ‪ .‬يبنى على الضم ‘ نحو ‪ :‬يا زيذ ‪.‬‬ ‫ومحله البعيد نصب بادعو مقدر لزوما ‪ 0‬لإنابة حرف النداء عنه وجملة ‪.‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬يقول { ‪ :‬وما يتعلق بها صلة من ‪ .‬ويجوز يقول ‪ :‬بياء‬ ‫الغفانب & لأن الموصول بها اسم ظاهر ‪ .‬وهو ‪ :‬إما غانب ‘‪ 0‬أو في حكم‬ ‫الغانب ‪ 0‬وبتاء المخاطب ‪ ،‬لأن المنادي مُخاطب ‪ .‬وهو مضارع ؛ قال على‬ ‫وزن صان ‪ ،‬وعينه في الأصل واو ‪ .‬فقلبت الفاء لتحركها وانفتاح ما‬ ‫قبلها ‪ 0‬ويأتي لمعان ‪ ،‬إلا أنه إذا عدى بالباء ‪ .‬فيمعنى ‪ :‬حكم وأذعن ؛‬ ‫۔ ‏‪ ١١٨‬۔‬ ‫؛ ويعمل‬ ‫قال ‪ :‬قال به « أ ي ‪ :‬حكم به ؛ واذا ولي استفهاما ‘ فبمعنى ‪ :‬ظن‬ ‫‏‪ ١‬لمُبتد أ وا لخبر ‘ على أن يكونا‬ ‫© فتدخل على ‏‪ ١‬لجملة ‪ 4‬وتنصب‬ ‫أيضا عمله‬ ‫مفعولين له ‪ ،‬نحو ‪ :‬أتقول زيدا قانما ‪ 0‬أ ي ‪ :‬أتظن زيدا قائما ‪.‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬برؤية ] ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق به ‪ 0‬وهي مصدر ‪ :‬رأى ‪.‬‬ ‫يرى ‪ 0‬بمعنى ‪ :‬أبصر ؛ يتعدى إلى مفعول واحد ؛ وأما التي تتعدى إلى‬ ‫مفعولين { فمصدره ‪ :‬الرؤيا ‪ 0‬وهي ‪ :‬الرؤية في المنام ؛ نحو قوله تعالى ‪3‬‬ ‫حكاية عن يوسف ‪ ( :‬يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر‬ ‫رأيتهم لي ساجدين ‪ )( 4‬؛ أو الرأي ‪ 0‬بمعنى ‪ :‬العلم ‪ 0‬نحو ‪ :‬رأيت زيدا‬ ‫قائما ‪ .‬أي ‪ :‬علمته قانما ‪.‬‬ ‫والسر في ذلك ‪ ،‬أن إدراك الجملة عبارة عن إدراك النسبة ‪ 0‬وهي من‬ ‫الأمور الإعتبارية ‪ .‬التي ليس لها ما بإزاء في الخارج ‪ ،‬فلا يدركها إلا‬ ‫الوهم ‪ 0‬كما في الأولى { أو العقل ‪ 0‬كما في الثانية ؛ وأما التي بمعنى‬ ‫أبصر ‪ :‬فلا تتعدى إلا إلى مفعول واحد ‪ 8‬لأن إدراك البصر لا يتعلق إلا‬ ‫بأمر جزئي ا شخص بالتشخصات الخارجية { قابل لتعلق شعاع البصر به ‪.‬‬ ‫أو إرتسامه في إنسان العين ‪ 0‬على إختلاف الرأيين ‪ 0‬في كيفية إحساس‬ ‫البصر مضاف إلى [ المولى { ‪.‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬المولى ) ‪ :‬هو مجرور بالإضافة تقديرا ‪ 0‬لأنه مقصور ‪.‬‬ ‫يقدر فيه الإعراب جميعا ‘ رفعا ‪ 0‬ونصبا ‪ 0‬وجرآ ‪ 0،‬لأن الألف لا تقبل‬ ‫!" ‪ .‬منها ‪:‬‬ ‫‏‪ ٠1‬القاموس‬ ‫في‬ ‫‘ مذكورة‬ ‫© ويأتي لمعاني كثيرة‬ ‫الحركة بوجه‬ ‫المالك ‪ 0‬والرب ‏‪ ٥‬والنعم ‪ .‬والكل مناسب للمقام ‪ 0‬سيما الوسط ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫‪:‬‬ ‫وسف‬ ‫سورة‬ ‫((‬ ‫‏_‪ ١١٩‬۔‬ ‫قوله ‪ } :‬الذي { ‪ :‬اسم موصول مُفرد مُذكر ‘ يجمع على أولي من‬ ‫بعضهم ‪:‬‬ ‫؛ وقال‬ ‫‘ وجرأ‬ ‫‘ ونصبا‬ ‫‪ .‬رفعا‬ ‫لفظه‬ ‫‪ :‬من‬ ‫غير لفظه ‪ 0‬وا لذ ين‬ ‫بالواو رفعا ‪ 0‬نحو قول الشاعر ‪:‬‬ ‫ملحاحا‬ ‫غارة‬ ‫النخيل‬ ‫يوم‬ ‫الصباحا‬ ‫صبخحوا‬ ‫الذون‬ ‫نحن‬ ‫نعت للمولى { لذن الموصول في حكم المشتق ‪ 0‬باعتبار صلته ‪.‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬قد ) ‪ :‬حرف تحقيق ‪ .‬لدخوله على الماضي ‪ ،‬وهو ‪ :‬جل ‪.‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬جل ] ‪ :‬هي فعل ماض مُضاعف ‘ كفر ‪ ،‬يفر ‪ 9‬أصلها ‪:‬‬ ‫جلل ‪ 0‬فسكنت اللام الأولى للتخفيف { وأدغمت في الثانية ‪ 0‬فصارت ‪:‬‬ ‫جل ‪ 0‬وفاعلها ضمير مستتر فيها جوازا ‪ 0‬راجع إلى الموصول ‘ والجملة‬ ‫صلة له ‘ ومعناها ‪ :‬عظم ‪ .‬كما في !! القاموس ا! ‪.‬‬ ‫قوله ‪ } :‬عن أ بصارنا ع ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق بجل ‪ .‬وهي جمع‬ ‫العين الناظرة ‪ 0‬مضافة إلى ‪ :‬نا ‪ 0‬وهو ضمير‬ ‫بصر محركة { وهو حس‬ ‫أو وحده ‏©}‪ ٠‬تعظيما يستعمل مرفو عا‪.‬‬ ‫غيره‪٥،‬‏‬ ‫‏‪ ١‬لستكلم ؤ | ذ اكان معه‬ ‫ومنصوباً ‪ 0‬ومجرورآ ‪ ،‬قال ابن مالك ‪:‬‬ ‫المنح‬ ‫نلنا‬ ‫بنا فإننا‬ ‫كأمرر‬ ‫وجر نا صلح‬ ‫والنصب‬ ‫للرفع‬ ‫قوله ‪ [ :‬المُتكلفه م ‪ :‬نعت للإبصار { وتأنينها لجمعها وتعريفها ‪.‬‬ ‫لإضافتها إلى الضمير ‪ 0‬وهي اسم فاعل من تكلفته ‪ :‬إذا تجشمته ‪ 0‬مأخوذة‬ ‫من الكلفة ‪ 0‬أي ‪ :‬المشقة ؛ والظاهر أنها كناية عن العاجزة ‪ 0‬لأن المشقة‬ ‫تلزم العجز {‪ 0‬فذكر الملزوم ‪ 0‬وأراد اللازم ‪ 0‬كما في قولك ‪ :‬زيد كثير‬ ‫‏‪ ١٢٠‬۔‬ ‫الرماد ‪ .‬وطويل النجاد ‪ 0‬تريد بهما السخاوة ‪ .‬وطول القامة } وفيها أشعار‬ ‫إلى دليل إجمالي ‘‪ 0‬كما ذكرنا في مُكيفه ‪ 0‬فيحتمل تقدير مضاف في‬ ‫إبصارنا ‪ 0‬أي ‪ :‬عن رؤية ‪ ،‬أو إدراك أبصارنا ‪.‬‬ ‫وحاصل المعنى ‪ :‬قد جل الرب الخالق للأشياء ‪ 0‬القادر على كل شيع ‪.‬‬ ‫عن أن يرى ويدرك ‪ 0‬بأبصارنا العاجزة عن رؤية أجفانها المحيطة بها ‪.‬‬ ‫بسبب زيادة قربها منها ‪.‬‬ ‫ومن شرط الرؤية عدم القرب المفرط ‘ لإحتياجها إلى فصل الهواء‬ ‫بين الرائي والمرني ‪ 0‬فكيف بمن هو أقرب من العين بالعين ‪ 0‬كما سيأتي‬ ‫لاحقا في قول الناظم ‪:‬‬ ‫أزلفه‬ ‫إذ‬ ‫عينه‬ ‫من‬ ‫أدنى له‬ ‫الذي‬ ‫أير ى‬ ‫أجفانه‬ ‫لا يرى‬ ‫من‬ ‫وفي الذعاء ‪ :‬يا من هو أقرب إلي من حبل الوريد ‪.‬‬ ‫فيكون البيت تفصيلا لهذا الإجمال ‘ أو يكون المعنى ‪ :‬قد جل عن أن‬ ‫ترى وتدرك تلك الحضرة ‪ ،‬التي لا تصل إلى إدراكها العقول والأوهام ‪.‬‬ ‫لبعد ساحتها بأبصارنا العاجزة ‪ 0‬التي تعجز عن رؤية أجفانها الحيطة‬ ‫بها ‪ 0‬القريبة منها ‪ 0‬وكلا الإعتبارين صحيحان ‘ كن في محله ‪.‬‬ ‫وقد ورد في الذعاء ‪ :‬يا من علا في دنوه ‪ 0‬ودنى في علوه ؛ ويحتمل‬ ‫أن لا يقدر مضاف ‪ 0‬ويكون المعنى ‪ :‬قد جل المولى الذي لا يتناهى قدرته‬ ‫عن أبصارنا ‪ ،‬التي في غاية العجز ‘ بحيث لا تقدر الذب عن نفسها من‬ ‫بغوضة‘{ أو شعرة من أجفانها‪ ،‬أو غير ذلك ‪ 0‬مع لزوم المناسبة بين‬ ‫الفاعل ومُنفعله ‪ 0‬كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى ‪.‬‬ ‫۔‪١٢١.‬‏ ۔‬ ‫فكيف تؤثر فيه ‪ .‬أو تتأثر منه ‪ 0‬مع غاية الفرقة بينهما ‪ .‬على اختلاف‬ ‫الرأيين ‪ 0‬في كيفية إدراك البصر ‪ ،‬كما مرت إليه الإشارة ‪.‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬مهلا ) ‪ :‬نصب على المصدرية ‪ .‬بدل من اللفظ بالفعل ؛‬ ‫ولذا يقال في الافراد ‪ 0‬والتننية ‪ .‬والجمع ‪ 0‬والتذكير { والتأنيث ‪ ،‬يقال ‪:‬‬ ‫مهلا يا زيد ‪ 0‬ويا هند ‪ 0‬ويا زيدان ‪ 0‬ويا زيدون ‘ لأن الفعل لا يؤنث { ولا‬ ‫يُننى { ولا يجمع ؛ وأما قولك ‪ :‬أضربي { وأضربا ‪ .‬وأضربوا { فالمؤنث ‪.‬‬ ‫والمثنى ‪ 0‬والجمع ‪ :‬هو ضمير الفاعل ‘‪ ،‬لا الفعل ‪ ‘.‬والمعنى ‪ :‬أمهل أيها‬ ‫القانل بالرؤية ‪ 0‬ولا تسرع في الكلام ‪ 0‬فان فيه خطر عظيم { وخطب‬ ‫قوله ‪ [ :‬هديت { ‪ :‬ماض مجهول ‘ وضمير المخاطب ‪ :‬نانب عن‬ ‫الفاعل ‪ .‬ولفظه خبر { ومعناه ‪ :‬ذعاء ‪ .‬أي ‪ :‬هداك الله إلى طريق الحق ‪.‬‬ ‫والصراط المستقيم ‘ لم ييسم فاعله ‪ .‬تعظيما واجلالا ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬دع { ‪ :‬أمر من تدع { ولم يستعمل له ماض ‪ ،‬فلا يقال ‪:‬‬ ‫ودع ‘ يدع وإنما حذف الفاء من يدع ‪ 0‬مع فتح العين ‪ .‬ومن شرط حذفها‬ ‫كسرها ‪ .‬كيعد { لأنها في الأصل مكسور العين { ففتح العين بعد حذف‬ ‫الواو } كذا قال الجرجاني في "" التصريف "" ‪ .‬ورد بقوله قبيل ذلك ‪ :‬فاذا‬ ‫أزيلت كسرة ما بعدها ‪ 0‬أعيدت الواو المحذوفة ‪ .‬نحو ‪ :‬لم يوعد ‘ لزوال‬ ‫علة حذفها ‪.‬‬ ‫ويسهل الخمر ‪ .‬أن قواعد الصرف والنحو ‪ 0‬نكات بعد الوقوع ں لا‬ ‫قواعد عقلية ‪ .‬حتى لا ينخرم أبدً؛ وقد ورد بعض أفعال آخر ‪ :‬كيطأ ‪.‬‬ ‫_۔‪ ٢‬‏‪ ١٢‬۔‬ ‫ويسع ‪ 0‬ويقع ‪ 0‬ويضع ‘ محذوفة الواو ‪ ،‬مفتوحة العين ‪ 0‬قفذكروا هذا‬ ‫التأويل ‪ 3‬لئلا تخرم قاعدتهم ‪ 0‬حتى أجروها في يذر ‪ 0‬مع أن عينها ليست‬ ‫حرف حلق ‪.‬‬ ‫وقالوا ‪ :‬أنها بمعنى ‪ :‬يدع { فاجريت مجريها ‪ 0‬مع أن ترادف اللفظين ‪.‬‬ ‫لا وجب إجراء خكم أحدهما على الآخر { فافهم ‪ .‬وهو معطوف على ‪:‬‬ ‫مهلا ‪ 0‬لأن معناه أمر ‪ 0‬لكن بحذف حرف العطف ‪ .‬وهو كثير في الكلام ‏‪٥‬‬ ‫فلا ضير فيه أو إستنناف ‪.‬‬ ‫قوله ‪ } :‬ألمراء ع ‪ :‬مفعوله مصدر ‪ :‬مارى ‪ ،‬يماري ‪ ،‬مُماراة ‪.‬‬ ‫ومُراء ‪ 0‬أي ‪ :‬جادل ؛ وألمُراء من المُحرمات ‪ ،‬التي قد ورد النهي عنه في‬ ‫أخبار كثيرة ‪ 0‬حتى لو كان المراني مُحقاً ‪.‬‬ ‫روى الغزالي في كتابه المُسمى " إحياء العلوم " { عن النبي () ‏‪٨‬‬ ‫قال ‪ :‬قال (ثجمةا) ‪ " :‬لا تمار أخاك ‪ 0‬ولا تمازحه ‪ ،‬ولا تواعده مواعد‬ ‫فتخلفه " ؛ وقال () ‪ " :‬ذروا الشراء ‪ ،‬فإنه لا تفهم حكمته ‪ .‬ولا‬ ‫تؤمن فتنته " ؛ وقال () ‪ " :‬من ترك ألمُراء وهو مُحق ‪ ،‬بني له بيت‬ ‫في أعلى الجنة ‪ 0‬ومن ترك السراء وهو مُبطل ‪ ،‬بني له بيت في ربض‬ ‫الجنة "" ‪.‬‬ ‫وعن أم سلمة (رضي الله عنها) ‪ .‬قالت ‪ :‬قال رسول الله رن) ‪ " :‬أن‬ ‫أول ما عهد إلي ربي ‪ 0‬ونهاني عنه ‪ 0‬بعد عبادة الأوثان ‪ ،‬وشرب الخمر ‪.‬‬ ‫مُلاحاة الرجال ا" ؛ وقال أيضا ‪ " :‬ما ضل قوم بعد أن هديهم الله ‪ 0‬إل أتوا‬ ‫الجدل "" ؛ وقال أيضآ ‪ :‬ا" لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان ‪ .‬حتى يدع‬ ‫ألمُراء ‪ 0‬وإن كان مُحقا " ‪ 0‬وذكر أخبارا كثيرة ‪ .‬يطول الكلام بذكرها ‪.‬‬ ‫۔ ‏‪ ١٢٣‬۔‬ ‫فمن أرادها يطلبها هناك ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬على الهوى { ‪ :‬ظرف مُستقر في موضع الحال ‘ متعلق‬ ‫براكبا محذوف ؛ و ‪ 3‬على { ‪ :‬للإستعلاء المعنوي ‏‪ ٠‬هذا إن جوزنا تعلق‬ ‫الظرف المُستقر بفعل خاص ‪ 8‬أي ‪ :‬راكبا على } الهوى { ‪ ،‬وإلا فبمعنى ‪:‬‬ ‫المصاحبة ‪ 0‬نحو قوله تعالى ‪ « :‬وآتى المال على خبه » () ‪ .‬أي ‪ :‬مع‬ ‫حبه ‪ .‬وقوله تعالى ‪ « :‬وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم » (") ‪.‬‬ ‫أي ‪ :‬مع ظلمهم ‪.‬‬ ‫والمعنى ‪ :‬أترك ألمْراء كاننا مع الهواء ‪ 0‬أي ‪ :‬مصاحبا لها ‪ .‬ومعناها‪:‬‬ ‫قال في ا" مجمع البحرين "" ‪ :‬هوى النفس ‪ :‬ما تحبه وتميل إليه ‪ 0‬يقال ‪:‬‬ ‫هوي (بالكسر) يهوي ‏‪ .٠‬هوى ‪ 8‬أي ‪ :‬أحب ب ومنه قوله تعالى ‪ :‬إ تهوى‬ ‫أنفسكم » () ؛ وقوله تعالى ‪ « :‬أفرأيت من اتخذ إلهه هواه » () { أي ‪:‬‬ ‫ما تميل إليه نفسه ‪.‬‬ ‫والهوى ‪ :‬مصدر هوية ‪ ،‬أي ‪ :‬أحبه واشتهاه { تم سمي به المهوي‬ ‫والمُشتهي ‪ 0‬محمودآً أو مذمُوما { ثم غلب على غير المحمود ؛ وإذا قيل ‪:‬‬ ‫فلان اتبع هواه ‪ 0‬أريد ذمه ‪ ،‬سمي بذلك ‪ :‬لأنه يهوى بصاحبه في الدنيا‬ ‫إلى كل داهية } وفي الآخرة إلى الهاوية ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬واخلع { ‪ :‬فعل أمر من الخلع ‪ 0‬بمعنى ‪ :‬النزع ‪ 0‬نحو‬ ‫قوله تعالى ‪ ( :‬فاخلع نعليك » () ؛ عطف على [ دع { ‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬سورة الجاثية‪. ٢٣ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة البقرة‪. ١٧٧ : ‎‬‬ ‫‪. ١!{٦‬‬ ‫(‪ (٥‬سورة طه‪‎:‬‬ ‫‪. ٦١ :‬‬ ‫الرعد‪‎‬‬ ‫(‪ (٢‬سورة‬ ‫‪. ٨١٧‬‬ ‫‪:‬‬ ‫البقرة‪‎‬‬ ‫)‪ (٣‬سورة‬ ‫‏‪ ١٢٤‬۔‬ ‫وقوله ‪ [ :‬بهيمي الصفات { ‪ :‬مفعوله منسوب إلى البهيمة ‪.‬‬ ‫‪ :‬في ‏‪ ١‬لنسبة‬ ‫حذفت التاء للنسبة ‪ 9‬كفاطمي ‪ :‬في النسبة إلى فاطمة ؛ ومكي‬ ‫إلى مكة المعظمة ‪.‬‬ ‫والبهيمة ‪ :‬كل ذات أربع قوائم من دواب البر والبحر ‪ 0‬أو كل حي لا‬ ‫يميز ؛ جمع بهائم ؛ كذا في "" القاموس ا" ‪ :‬مضاف إلى الصفات { من‬ ‫باب إضافة الصفة إلى الموصوف ‘ كقولهم ‪ :‬جرد قطيفة ‘ أي ‪ :‬الصفات‬ ‫البهيمية ‪ .‬وفيه تشبيه الصفات باللباس في الغشيان ؛ كما مر في معنى‬ ‫الرواية ‪.‬‬ ‫ولذا ‪ -‬نسب إليها الخلع ‘ وسيأتي بيان الصفات البهيمية ‪ 0‬قتشبيهها‬ ‫به إستعارة بالكناية ‪ .‬وإثبات الخلع لها إستعارة تخيلية ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :‬المُتلفه ) ‪ :‬نعت للصفات ‪ .‬وهي اسم فاعل من أتلفه ‪.‬‬ ‫أي ‪ :‬أفناه وأهلكه ‘ وصفها بها ‪ .‬لأنها تهلك الموصوف بها ؛ كما أن‬ ‫الصفات الملكية تحييه ؛ ( أو ) ‪ :‬اسم مفعول ‪ ،‬أي ‪ :‬فانية وهالكة ‪ 0‬يعني ‪:‬‬ ‫أن هذه الصفات غير باقية لك { فاخلعها ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :‬وألبس { ‪ :‬عطف على اخلع { وأمر من لبس التوب ‪.‬‬ ‫كسمع ‪ .‬لبسا (بالضم) ‪ 0‬كما في القاموس ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬صفات { ‪( :‬بالكسر) ‘ مفعوله ‪ 0‬لأن الجمع بالألف والتاء‬ ‫المزيدتين نصبه بالكسرة إعرابا ‪ 0‬لا بناء ‪ 0‬كما توهمه الأخفش { وهي‬ ‫مضافة إلى [ مقدس { ‪ 0‬من باب إضافة الموصوف إلى الصفة ‪ ،‬كمسجد‬ ‫الجامع ‪ 0‬وهي وعكسها لاد من تأويلها ‪ 0‬لأن المضاف يتعرف بالسشنضاف‬ ‫‏‪ ١٢٥‬۔‬ ‫إليه ‪ 0‬أو يتخصص به ‘ والشيء لا يتعرف ولا يتخصص بنفسه { وإلى‬ ‫هذا أشار ابن مالك في ألفيته } بقوله ‪:‬‬ ‫إذا ورد‬ ‫وأول موهماآ‬ ‫معنى‬ ‫اسم لما به إتحد‬ ‫ولا يضاف‬ ‫ولذا ۔ أوؤلوا ‪ :‬نحو سعيد كرز { الذي من باب إضافة الموصوف إلى‬ ‫الصفة بمُسمى هذا اللقب ‪ 0‬ونحو ‪ :‬جرد قطيفة ‪ .‬الذي من باب إضافة‬ ‫الصفة إلى الموصوف ‪ 8‬إلى شيء جرد من قطيفة ‪ .‬كما يأول هنا إلى‬ ‫صفات مُتلبسة بهذا الوصف ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬ملكية تكسي { ‪( :‬بالنصب) ‪ :‬نعت لصفات ‪ .‬ويجوز‬ ‫الجر تابعا للفظ ‪ 0‬وجملة } تكسي { (بإثبات لام الفعل) ‪ :‬حال من فاعل‬ ‫ألبس ‪ ،‬أو إستنناف ‘ أو ذعاء ‪ 0‬لا جواب للامر ‪ 0‬للزوم جزمه ( ح ) ‏‪٨‬‬ ‫فإن جواب الأمر ‪ ،‬إذا لم يقترن بالفاء ‪ .‬يجب جزمه ‪ 0‬كما قال ابن مالك ‪:‬‬ ‫والجواب قد قصد‬ ‫الفاء‬ ‫أن تسقط‬ ‫اعتمد‬ ‫‏‪ ١‬لنفي جزماً‬ ‫غير‬ ‫وبعد‬ ‫وهي ‪ :‬إما مُضارع معلوم من كسى الثوب ‏‪ 0٠‬كرضى لبسه ‪ ،‬كإكتساه ‪.‬‬ ‫أو مجهول من كساه ‘ من باب نصر ‪ 8‬أي ‪ :‬ألبسه ؛ وعلى الأول ‪ :‬يكون‬ ‫ضمير المخاطب المُستتر فيه فاعلا ؛ وعلى الثاني ‪ :‬نانبا عن الفاعل ‪8‬‬ ‫وعلى التقديرين يكون أسنى منصوبا تقديرا على أنه مفعول له ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬من الأنوار ع ‪ :‬ظرف مُستقر مُتعلق بمحذوف حال من‬ ‫[ أسنى ع ‪ :‬وهو اسم تفضيل من سنى { كرضى‪ ،‬أو نصر ؛ والسنا‬ ‫(بالقصر) ‪ :‬البرق أو ضوئه ‘ (وبالمد) ‪ :‬الرفعه ‪ 0‬وكلاهما يناسب المقام ‪.‬‬ ‫‏‪- ١٢٦‬۔‬ ‫وإن كان الأول أنسب ‏‪ ٠‬وكيف كان ‪ 0‬فهو مُضاف إلى } ملحفه { ‘ من‬ ‫إضافة الصفة إلى الموصوف ‘‪ 0‬وهي بكسر الميم ‪ :‬ما يلتحف به‪.‬‬ ‫واللباس ‪ :‬الذي فوق سائر اللباس ‪ 0‬من دثار البرد ونحوه ‪ 0‬كاللحاف على‬ ‫وزن كتاب ؛ والملحف (بكسر الميم) ‪.‬‬ ‫وحاصل معنى الأبيات الثلانة ‪ :‬هذا يا أيها الذي تقول وتعتقد ‪ .‬برؤية‬ ‫الرب (تعالى وتقدس) ‘‪ ،‬الذي هو أجل وأعلى ‪ 0‬من أن تدركه الأبصار‬ ‫العاجزة ‪ .‬عن إدراك أجفانها ‪ 0‬والذب عن أدنى شيء من غير مُلانماتها ‪.‬‬ ‫أمهل بالقول ولا تعجل ‪ .‬بل تفكر وتأمل فيما‪.‬به تتهرول ‪ ،‬فإن العاقل لسانه‬ ‫وراء قلبه ‪ ،‬هداك الله إلى الحق والطريق المُستقيم ‪ .‬واترك ألسُراء‬ ‫والجدال ‪ ،‬فانه ناشئ من إستيلاء الغضب ‘ الذي هو من صفات السباع‬ ‫والبهائم ‪ 0‬مع أنك في هذا القول راكب على هوى نفسك { وانزع عنك‬ ‫الصفات البهيمية ‪ 0‬التي من جملتها السراء ‪ 0‬فإنها ترديك ‪ ،‬وتفنيك ‪ 0‬أو‬ ‫أنها فانية غير باقية ‪ ،‬فلا ينبغي الكد لها ‪ 0‬وألبس بدلها الصفات ‪ ،‬التي‬ ‫تنجيك وتعليك ‪ 0‬ومن موت الجهل تحييك ‘‪ 0‬وإلى درجات الأولياء يوصلك‬ ‫ويؤديك ‪ 0‬وفي منازل المقربين يسكنك ويُؤويك ‘ فإنها من صفات الملا‬ ‫الأعلى ‪ 0‬وملكات ملكوت السماء ‪ 0‬كاسبياً في هذه الحالة ؛ أو كساك الله‬ ‫تعالى أضوعء ‪ ،‬وأسنى ‪ 0‬وارفع ‪ 0‬وأعلى ملحفه من الأنوار ‪.‬‬ ‫وفي البيتين الآخيرتين إستعارات ‪:‬‬ ‫الأولى ‪ :‬في قوله ‪ [ :‬واخلع ع ‪ 0‬حيث شبه إجتناب الصفات الرذيلة ‪.‬‬ ‫بخلع الألبسة ‪.‬‬ ‫الثانية ‪ :‬في قوله ‪ [ :‬بهيمي الصفات { ‪ 0‬أي ‪ :‬الصفات البهيمية ‪.‬‬ ‫۔ ‏‪ ١٢٧‬۔‬ ‫وهي إستعارة بالكناية ‪ .‬حيث شبه الصفات البهيمية بالألبسة الخشنة ‪.‬‬ ‫الوسخة في النفس ‘ واقتصر من طرفي التشبيه بذكر المُشبه { الذي هو‬ ‫الصفات البهيمية ‪ 0‬ونسبة الخلع الذي هو من مُلانمات الشبه به إليه ‏‪٨‬‬ ‫إستعارة تخيلية ‪ .‬وقس على ذلك قوله ‪ [ :‬وألبس صفات ‪ ...‬م إلخ ‪ 0‬حرفا‬ ‫بحرف ‪ ،‬ففيه أيضآ ثلاث إستعارات ‪ :‬تبعية ‪ 0‬ومكنية ‘ وتخيلية ‪.‬‬ ‫وفي قوله ‪ [ :‬تكسى { ‪ :‬إستعارة تبعية ‪ ،‬وإستعارة مُصرحة { وهي‬ ‫ما يذكر فيها المُشبه به ‪ 0‬وهي هنا الملحفه ‘ حيث شبه الأنوار الحاصلة‬ ‫من الصفات الملكوتية ‪ .‬بملحفه تحيط بوجود المْتصف بها ؛ كما أن‬ ‫الملحفه تحيط ببدن من تلحف بها ‪ 0‬وجعل القرينة للنسبة قوله ‪ [ :‬من‬ ‫الأنوار ] ‪ .‬حيث بين أن جنسها من الأنوار ‪.‬‬ ‫تتمة وتكملة ‪ :‬لما إنجر الكلام إلى الصفات الملكوتية والبهيمية ‪ .‬كان‬ ‫ينبغي أن نقتفي الأثر ‪ 0‬ونستنبيء الخبر ‪ 0‬ونستقصي الوطر ‪ ،‬إلا أن‬ ‫المجال مضيق ‪ ،‬والصراط دقيق ‪ 0‬واليم خضم عميق ‪ 0‬والطريق صفر من‬ ‫الرفيق الشفيق ‪ ،‬فالأولى أن نختصر في المقال { ونقتصر على الإجمال ‪.‬‬ ‫بحيث لا يلزم منه الإخلال ‪ 0‬ولا يورث من بسطه الكلال ‪ 0‬ولا من شرحه‬ ‫الملال ‪.‬‬ ‫مُستعينا بالله المتعال ۔ ‪ :‬اعلم أيها السالك إلى الحق ‪ ،‬أن أول‬ ‫فأقول‬ ‫الواجبات ‪ 0‬ومرجع السعادات ‪ 0‬ومنبع الفيوضات ‘ هو معرفة الحق تعالى ‪.‬‬ ‫وهي غاية خلق ما خلق ‪ 0‬قال الله (تبارك وتعالى) ‪ ( :‬وما خلقت الجن‬ ‫والإنس إلا ليعبدون‪ 0 )( » .‬أي ‪ :‬ليعرفون ‪ 0‬كما فسره أكثر المفسرين ‪.‬‬ ‫الذاريات‪. ٥٦ .: ‎‬‬ ‫سورة‬ ‫) ‪(١‬‬ ‫‪٨‬۔ ‏‪ ١٢‬۔‬ ‫وجل المحققين ‪ .‬وهي متوقفة على معرفة الإنسان نفسه ‪ 8‬قال الله تعالى ‪:‬‬ ‫ا( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق » () ؛‬ ‫وقال رسول الله رن) ‪ " :‬من عرف نفسه فقد عرف ربه " ‪.‬‬ ‫أقول ‪ :‬من عرف ما في هذه البينة العجيبة ‪ 0‬من الأشياء المتضادة ‪.‬‬ ‫والهيئة البديعة ‪ 0‬من إتقان صنعها ‘ مع صغر حجمها ‘ علم أن لها خالق ‪.‬‬ ‫قادرا ‪ .‬عليما ‪ 0‬حكيما ‪ .‬خبيرا ‪ .‬وتنبه إلى ما في نفسه ‪ .‬من آثار قدرة‬ ‫الخالق (تْلة) ‪ 6‬ولطيف حكمته ‪ .‬فيعرف إنعامه وأفضاله عليه ‪ .‬ويدعو‬ ‫ذلك إلى الشكر والثناء عليه ‪ 0‬والخضوع لأوامره ‪ 0‬وإجتناب نواهيه ‪.‬‬ ‫فاول أمر يجب على الانسان أن يتعلمه ‪ :‬هو معرفته نفسه ‘ ولا يكون‬ ‫سليم القلب ‘ إلا إذا كان صحيح البدن ؛ صحيح النفس ‪ .‬فحفظ صحة البدن‬ ‫بطهارة القلب ‪ 0‬وإخلاصه لله رينك) ‪.‬‬ ‫فمن هذا الوجه ‪ ،‬معرفة النفس أول الواجبات ‪ 0‬ومفتاح السعادات ‏‪٠‬‬ ‫لأن ما لا يتم الواجب إل به ‪ 0‬فهو واجب ‘ كما حقق في الاصول والمْقدمة ‪.‬‬ ‫متقدمة على ذي المقدمة ‘ طبعا فليقدم وضعا ليوافق الوضع الطبع ‪.‬‬ ‫ومن المعلوم ‪ 0‬أن حقيقة الإنسان ‪ .‬ليس هذا الهيكل الجسماني‬ ‫الظلماني الفاني {‪ ،‬لأنه مُشترك بينه وبين سائر الذجسام من الجمادات ‪.‬‬ ‫والنباتات ‪ 0‬وسائر الحيوانات ‪ 0‬ولا هو مع القوة النامية } فإنها مُشتركة‬ ‫بينه وبين النباتات ‪ ،‬وسائر الحيوانات ‪ ،‬ولا هما مع القوى الحسية ‪ ،‬فإنها‬ ‫مُشتركة بينه وبين البهانم ‪ 0‬والسباع ‪ 0‬والحشرات ‘ ولا هي مع بعض‬ ‫القوى الإدراكية الباطنية ‪ .‬كالواهمة والمتخيلة ‪ 3‬فإنها مُشتركة بينه وبين‬ ‫(‪ )١‬سورة فصلت‪. ٥٣ : ‎‬‬ ‫‏‪ ١٢٩ .‬۔‬ ‫الننياطين ‪ 0‬ولو كان كذلك ‘ فلا فضل له على ما ذكر من أنواع‬ ‫‪ » :‬ولقد كرمنا بني أدم وحملناهم في‬ ‫‪ 0‬وقد قال ا لله رملة‬ ‫المخلوقات‬ ‫وفضلنا هم على كثيير ممن خلقنا‬ ‫ا لطيبات‬ ‫‏‪ ١‬لير وا لبحر ورزقنا هم من‬ ‫‏(‪. )١‬‬ ‫تفضدلا ‪4‬‬ ‫فيك يا أعجوبة الكون غدا العقل كليلا‬ ‫ولمعرفة النفس فاندة أخرى ‪ :‬وهي الوجد والشوق ‘ لتحصيل‬ ‫الكمالات ‪ 0‬وتهذيب الأخلاق ‪ 0‬والسعي والإجتهاد ‪ 0‬في دفع الرذايل من‬ ‫الصفات والملكات ‘ إذ بعد ما عرف أن حقيقته جوهرة من عالم الملكوت ‪8‬‬ ‫فربما يتفكر في نفسه أنه لم يخلق مثل هذه الجوهرة عبثا ‪ 0‬ولم ينقل إلى‬ ‫هذا العالم لهوآ ولعب ‪ 0‬ولم يعلقوه بهذا البدن بلا غرض ‪ 8‬فينهض ويأتي‬ ‫بصدد تحصيل فواند تعلقه به ‪ 0‬ويتدرج في أداء شكر خالقه ‪ 0‬باتيان أفعاله‬ ‫على طبق رضا مُنعمه ‘ وصرف قواه وجوارحه فيما خلقت لأجله ‪ ،‬فيكون‬ ‫من عباده الشكور ‪ 0‬ويدخل في القيل ‪ 0‬الذي قال في حقه الرب الجليل ‪:‬‬ ‫ل وقليل من عبادي الشكور & ") ‪.‬‬ ‫وإن شنت أن تعرف نفسك بعض المعرفة ‘ فاعلم أنك مخلوق مُركب‬ ‫من أمرين { ومعجون مؤلف من نشاتين ‪:‬‬ ‫أحدهما ‪ :‬هذا الجسم النصري المركب من الجلد ‪ .‬واللحم ‏‪ ٠‬والعظم ‪8‬‬ ‫والعصب ‪ ،‬والوريد ‪ 0‬والثشريان ‘ وغير ذلك مما هو مذكور في علم‬ ‫التشريح ‪ 0‬ولا يهمنا التعرض له ‘ وهو من عالم الشهادة } أعني ‪ :‬العالم‬ ‫‏(‪ )١‬سورة الإسراء ‪ :‬‏‪. ٧٠‬‬ ‫‪. ١٣ :‬‬ ‫(‪ ()٢‬سورة سبا‪‎‬‬ ‫‏‪ ١٣٠ .‬۔‬ ‫الجسماني الظلماني ‪ 8‬الدائر الفاني ‪ 0‬الذي يدركه ويبصره هذا البصر‬ ‫العناصر ا لأربعة ‪ 4‬الحاصل بالفعل‬ ‫الجسماني ‪ 6‬والذ ي أصله من‬ ‫والانفعال ؛ بعضها في بعض ‪ ‘.‬المذكور تفصيلها في كليات علم الطب ‪.‬‬ ‫ولسنا يصدده ‪.‬‬ ‫وثانيهما ‪ :‬النفس ‪ ،‬وقد يقال لها ‪ :‬العقل ‪ ،‬والروح ‪ 4‬والقلب ‪ 0‬فكل ما‬ ‫يطلق شيء من هذه الألفاظ في المقام ‪ 0‬فالمعنى واحد غالبا ‪.‬‬ ‫أما معرفة الجزع الأول ‪ :‬ففي غاية السهولة ‘ لأنه من جنس‬ ‫الماديات ‪ 0‬ومعرفة الماديات وجودا وماهية ‘ حدا ورسماً في غاية‬ ‫السهولة ‪,‬‬ ‫وأما معرفة الجزء الثاني ‪ :‬فلونه من جنس المجردات ‪ .‬وقد عرفت‬ ‫‘‬ ‫غير مُتيسرة لنا } ففي غاية ‏‪ ١‬لصعوبة‬ ‫‪،‬‬ ‫النشأة‬ ‫سابقا أن معرفتها في هذه‬ ‫والكلام تارة في أصل وجوده ‘ أعني ‪ :‬هليته البسيطة ‪ ،‬وأخرى في حده‬ ‫أعني مانيته الحقيقية ‪.‬‬ ‫‪ .‬وأفعاله ‘ فالكلام‬ ‫‪ .‬وصفاته‬ ‫“©} ومعرفته بخواصه‬ ‫وثالنة في رسمه‬ ‫لانة ‪:‬‬ ‫يقع في مقامات‬ ‫أما المقام الأول ‪ :‬فاعلم أن حقيقة الإنسان ‪ 0‬بل كل نوع وقع تحت‬ ‫جنس من الجنس العالي إلى الجنس السافل ‪ ،‬الذي هو الحيوان ‪ 0‬ليس هو‬ ‫صرف الأجزاء ‪ 0‬والتعينات الخارجية ‪ ،‬المحسوسة بالعين المُلتنمة ‘ من‬ ‫اللحم ‪ 0‬والشحم ‪ 0‬والعصب ‪ .‬وغيرها من الأجزاء والألوان المعينة ‪.‬‬ ‫والأوضاع المختلفة ‪ .‬بل لكل نوع من الأنواع العالية ‪ 0‬إلى نوع الأنواع ‏‪١‬‬ ‫مايز حقيقي يميزه عن سائر الأنواع ‪ 0‬الواقعة تحت الجنس ‪ .‬وهو في‬ ‫‏‪ ١٣١‬۔‬ ‫الحقيقة ‪ .‬حقيقة ذلك النوع ومعناه ‪.‬‬ ‫فالإنسان إنسان بحقيقة الإنسانية ‪ 0‬وروحه النطقي ؛والحمار حمار‬ ‫بروحه البليدة النهيقة؛ والكلب كلب بروحه الضارية ؛ وكذا في سانر‬ ‫الأنواع الطبيعية ‪ 0‬لا سيما التي لها نفوس ‪ ،‬وأرواح غير أجسادها ‪ ،‬ولكن‬ ‫الإنسان يختص من بينها بخصوصية أخرى ‪ 0،‬وهي ‪ :‬أن غير الإنسان من‬ ‫أنواع الحيوان ‪ 0‬والفلك ‪ 0‬على القول بأن لها نفس ‘ والجن وغيرها على‬ ‫وجه يكون ظواهرها دائما تطابق معانيها وأرواحها ‪ 0‬بخلاف الإنسان في‬ ‫هذه النشأة ‪ 0‬فإنه قد يقع التخالف بين روحه وبدنه ‪ 0‬وذلك لكونه قابلا‬ ‫إكتساب الملكات والأخلاق ‪ 0‬فإن من فعل فعلا ‪ ،‬أو تكلم بكلام ‏‪ ٠‬حصل منه‬ ‫في نفسه أثر ‪ 0‬وحال يبقى زمانا ‪.‬‬ ‫وإذا تكررت الأفاعيل من باب واحد ‪ :‬إستحكمت الآثار في النفس ‪،‬‬ ‫فصارت الحال ملكة وصورة ‪ 4‬ويصدر منه بسببها الأفعال ‪ 0‬بسهولة من‬ ‫‪ ،‬واليه‬ ‫كذلك‬ ‫ما لم يكن‬ ‫جديد ‪0‬بعد‬ ‫‪ .‬إلى تجشم كسب‬ ‫وحاجة‬ ‫غير روية‬ ‫الإشارة في باب الملكة العلمية ‪ .‬بقوله تعالى ‪ :‬ل يكاد زيتها يضيء ولو‬ ‫‏(‪. (١‬‬ ‫نار «‬ ‫لم تمسه‬ ‫ومن هذا الوجه تحصيل تعلم الصنايع { والمكاسب العلمية والعملية ‪.‬‬ ‫ولو لم يكن هذا التأثر المُتلاحق الأدمية ‪ .‬والإشتداد فيها يوما فيوماآ {لم‬ ‫يمكنها تعلم شيء من الحرف والصنايع ‘ ولم ينجع فيها التأديب‬ ‫والتهذيب ‪ 0‬ولم يكن في تأديب الأطفال ‘ وتمرينهم الأعمال فاندة ‪ 0‬فتلك‬ ‫الآنار } أعني ‪:‬الأحوال ‪0‬تصير ملكات والملكة ‪ 0‬أي ‪:‬الخلق (بالضم) ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة النور‪٥ : ‎‬‬ ‫‏_‪ ١٣٢‬۔‬ ‫صورة الباطن ؛ كما أن الخلق (بالفتح) ‪ .‬صورة الظاهر ‪ ،‬فالخلق والخلق ‪:‬‬ ‫قد يتخالفان في بعض الناس ‘ فترى الظاهر بشرا ‪ 0‬والباطن قد تحول‬ ‫وصار بهيمة ‪ .‬أو سبعا } أو شيطانا ‪ .‬وهذا هو مسخ الباطن ‪.‬‬ ‫ولما كانت القيمة موطن بروز الحقائق بصورها الذاتية ‪ 0‬بلا إلتباس‬ ‫وتدليس ‪ 0‬كما في الذنيا ‪ .‬فێحشر بعض الناس على صورة القردة ‪.‬‬ ‫والخنازير } والكلاب ‪ ،‬إذا عرفت هذه المسألة الشريفة ‪ .‬التي أكثر الناس‬ ‫في غفلة عنها ‪.‬‬ ‫فنقول ‪ :‬نبه الله ريْلمة) © رسوله () ‪ 0‬على هذا السر ‪ .‬يعني ‪ :‬أن‬ ‫الذي به فارق الإنسان البهانم والأنعام ‪ 0‬هو إدراك ما يخرج عن عالم‬ ‫الحواس ‪ ،‬فمن ذهل عن ذلك ‪ 0‬وعطل نفسه عن تحصيله وأهمله ‘ وقنع‬ ‫بدرجة البهانم ‪ 0‬ولم يتجاوز عالم المحسوسات { فهو الذي هلك نفسه ‪.‬‬ ‫وأبطل قوة إستعداده بالإعراض عن الآيات ‪ 0‬والتأمل فيها ‪ ،‬فنزل إلى‬ ‫درجة البهائم ‪ 0‬وأفق الأنعام ‪ ،‬قال الله تعالى ‪ ( :‬إن هم إلا كالأنعام « () ‪.‬‬ ‫وحيث ترك الترقي إلى الملا الاعلى ‪ 0‬وكان كافرا لنعم الله عليه ‪.‬‬ ‫وتعرضاً لسخطه ونقمته ‘ قال ‪ :‬أ بل هم أضل سبيلا » (") ‪ ،‬لأن البهائم‬ ‫ما أبطلت إستعدادها ‪ 0‬لما كان لها ‪ 0‬وما ضلت عن سبيلها { التي كانت‬ ‫ما من دابة إل هو أخذ‬ ‫عليها ‪ 0‬وإلى هذا الإشارة ‪ 0‬بقوله تعالى ‪:‬‬ ‫بناصيتها إن ربي على صراط مُستقيم « () ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬سورة الفرقان ‪ :‬‏‪. ٤٤‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الفرقان‪. ٤ ٤ : ‎‬‬ ‫‪. ٥٦‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة هود‪‎‬‬ ‫‏‪٣٣١‬۔_ ۔‬ ‫وأيضاآ البهيمة تتخلص بالموت ‪ 0‬وهذه النفوس الضالة باقية بعد‬ ‫الموت ‪ ،‬إلا أنها منكوسة الرؤوس إلى أسفل السافلين ‪ 0‬كما قال تعالى ‪:‬‬ ‫ل ولو ترى إذ المجرمون ناكيِسُوا رؤوسهم عند ربهم » () ‪ .‬فبين أنهم‬ ‫( عند ربهم ‪ ‘ 4‬إلا أنهم منكوسون منحوسون ‘ إنقلبت وجوههم إلى‬ ‫أقفيتهم ‪ 0‬وأنكست رؤوسهم عن جهة الفوق ‪ 0‬إلى جهة السفل ‪.‬‬ ‫وذلك حكم الله ‪ .‬فيمن أعرض عن آياته ‪ 0‬نسوا ذكر الله ‪ :‬ل نسوا الله‬ ‫فأنساهم أنفسهم “ (") ‪ ( 0‬ذلك تقدير العزيز العليم » (”") ؛ فقد تبت‬ ‫ذكرنا } أن للإنسان جزءا معنويا ‪ .‬غير هذه الصورة الظاهرية { مع زيادة‬ ‫البيان ‪ 0‬إشارة إلى بعض فوائد ‪ ،‬تنفع في باقي المقامات ‪.‬‬ ‫وأما المقام الناني ‪ :‬فقد تكرر أن حقيقة هذا الجزء ‪ 0‬حيث أنه من‬ ‫جنس المجردات ‪ 0‬ومن عالم الملكوت ‘ فمعرفتها في هذه النشأة غير‬ ‫مُتيسرة ‪ 0‬ولذا سكت رسول الله () ‪ 0‬عن الجواب ‪ 0‬حين سألوه عن‬ ‫حقيقة الروح ‪ ،‬أي ‪ :‬لعدم قابلية فهم المُخاطبين والسانلين ‪ 0‬حتى نزلت ‪:‬‬ ‫ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا‬ ‫قليلا » () ‪ 0‬ولم يؤذن في زيادة البيان عن ذلك ‪.‬‬ ‫نعم ‪ 0‬إذا أكمل الإنسان نفسه ‪ ،‬بتهذيب الأخلاق ‪ 0‬ورفع الرذانل من‬ ‫الصفات ‏‪ ٠‬وتحصيل الغلوم والملكات ‪ 0‬فبعد تجرده عن علاقة البدن ‪8‬‬ ‫ورجوعه إلى أصله { ومُفارقته عن هذه الجيفة ‪ .‬يتيسر له ذلك ‪ 0‬بل ربما‬ ‫‪. ١٢‬‬ ‫‪:‬‬ ‫السجدة‪‎‬‬ ‫(‪ (١‬سورة‬ ‫‪. ١٩١‬‬ ‫‪:‬‬ ‫الحشر‪‎‬‬ ‫(‪ (٢‬سورة‬ ‫‪.‬‬ ‫‪!:‬‬ ‫فصلت‪‎‬‬ ‫‪ ٣٨‬؛ سورة‬ ‫‪:‬‬ ‫يس‪‎‬‬ ‫؛ سورة‬ ‫‪٦.‬‬ ‫الأنعام‪‎‬‬ ‫سورة‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫‪. ٨٥‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ )٤‬سورة الإسراء‪‎‬‬ ‫‏‪ ١٣٤‬۔‬ ‫يتيسر لبعض ‘‪ 0‬من بلغ حد الكمال ‪ 0‬وكانت علاقته بالبدن كاللا علاقة ‪.‬‬ ‫معرفة النفس في هذه النشاة ‪ 8‬إلا أن الذي يسهل الخطب ى أن معرفة‬ ‫حقيقة النفس وحدها ‘ لا تهمنا في المقام ‪ 0‬بل تكفينا المعرفة الإجمالية ‪.‬‬ ‫غير هذا البدن ‪ 0‬وهو من العالم الأعلى ‘ وعالم‬ ‫بأن للانسان جزءا آخر‬ ‫المجردات ‘ فإن إختار تربية هذا الجزء ورقاه ‪.‬‬ ‫الملكوت ‪ 0‬ومن جنس‬ ‫‘ وإن إختار تربية الجزء الآخر ‪ ،‬أي ‪ :‬الجزء‬ ‫التحق بأبناء جنسه‬ ‫بأبناء جنسه ‪.‬‬ ‫الحيواني ‪ 0‬إلتحق أيضا‬ ‫وإذ قد عرفت ذلك ‪ 0‬وعلمت أن للإنسان جزءا آخر ‪ 0‬غير هذا البدن‬ ‫المادي } فاعلم أنه في مبدأ الفطرة ‪ .‬خالية عن الصور كلها ‪ .‬وعارية عن‬ ‫لإتصاف بالوصفين كليهما ‪ .‬أعني ‪ :‬الملكية والبهيمية ‪ .‬قابلة للإتصاف‬ ‫بهما ‪ 0‬ونسبته إلى هذا البدن ‪ 0‬نسبة الراكب إلى المركوب المستعار ‪ }.‬قد‬ ‫أستعير به له ‪ 0‬أياما وأحيانا ‪ 0‬لقطع المراحل في سفره ‪ 0‬من ذلك العالم }‬ ‫إلى هذا العالم ‪ 0‬فيتجر في هذا العالم تجارة ‪ .‬ويزرع زراعة ‪ 0‬يتزود بها ‪.‬‬ ‫وأما المقام الثالث ‪ :‬وهو معرفة الجزء الروحاني المُجرد ‪ ،‬الذي هو‬ ‫من عالم الملكوت ‪ ،‬الذي يعبر عنه تارة بالعقل ‪ 0‬وأخرى بالنفس ‘ وحينا‬ ‫بالروح ‪ ،‬وزماناً بالقلب ‪ 0‬والتفرقة بين هذه الألفاظ ‘ فنحن نذكر في هذا‬ ‫المقام ‪ 0‬ما ذكره إمام الحرمين ‘ حجة الإسلام ‘‪ 0‬أبو حامد محمد بن‬ ‫محمد بن محمد الغزالي ‪ ،‬نقلا بالمعنى } وأخذ بحاصل كلامه غالبا ‪.‬‬ ‫‪ " :‬إحياء العلوم "' ‪ :‬اعلم أن هذه‬ ‫فنقول ‪ :‬قال في كتايه الشنسمى‬ ‫الأسماء الأربعة ‪ .‬تستعمل في هذه الأبواب ‪ 0‬ويقل في فحول الغلماء ‪ .‬من‬ ‫يحيط بهذه ا لسامي ‪ .‬واختلاف معانيها ‪ 0‬وحدودها ‪ 0‬ومُسمياتها مختلفة ‪.‬‬ ‫‏‪ ١٣٥ .‬۔‬ ‫ونحن نشرح في معنى هذه الأسامي ‪ 0‬ما يتعلق بغرضنا ‪:‬‬ ‫اللفظ الأول ‪ :‬القلب ‪ :‬وهو يطلق على معنيين ‪ 0‬أحدهما ‪ :‬اللحم‬ ‫الصنوبري الشكل ‘ المودع في الجانب الأيسر من الصدر ‪ 0‬وفي باطنه‬ ‫تجويف ‘ وفي ذلك التجويف دم أسود ‘ هو منبع الروح الحيواني ‘} وهذا‬ ‫لا يتعلق به غرضنا‘ بل غرض الأطباء ؛ والمتعلق بغرضنا المعنى الثاني ‪:‬‬ ‫وهو لطيفة ربانية ‪ 0‬روحانية لها ‪ .‬بهذا القنب الجسماني ‪ 0‬تعلق لا يعلم‬ ‫كيفيته ‪ 0‬إلآ خالقه ومُقدره ‪ 0‬وتلك اللطيفة هي حقيقة الإنسان { وهو‬ ‫المخاطب ‪ ،‬والمُعاقب ‪ ،‬والمُثاب ‪ ،‬والمُعاتب ‪ 0‬والمطالب ‪.‬‬ ‫واللفظ الثاني ‪ :‬الروح ‪ :‬وهو أيضآ يطلق على معنيين { أحدهما ‪:‬‬ ‫جسم لطيف ‪ .‬منبعه تجويف القلب الجسماني ؛ وثانيهما ‪ :‬هو اللطيفة‬ ‫التي شرحناها ‪ 0‬في ثاني معنني القلب ‪ 0‬وهو المراد من قوله تعالى ‪:‬‬ ‫() ‪.‬‬ ‫ل( قل الروح من أمر ربي‬ ‫اللفظ التالث ‪ :‬النفس ‪ :‬ولها معان ‪ 0‬والمتعلق بغرضنا معنيان ‏‪٠‬‬ ‫أحدهما ‪ :‬الجامع لقوتي الغضب والشهوة في الإنسان ‪ .‬وهو مراد‬ ‫المتصوفة ‪ ،‬إذا أطلقوا النفس غالبا ‪ 9‬وإليه الإشارة ‪ .‬بقوله () ‪:‬‬ ‫" أعدى عدوك نفسك ‘ التي بين جنبيك "" ؛ وثانيهما ‪ :‬هي اللطيفة‬ ‫المذكورة سابقا ‪ .‬إلا أن لها شئونا ‪ .‬وبحسبها تتصف بأوصاف مختلفة ‪.‬‬ ‫فاذا سكنت تحت الأمر ‪ 0‬وزال عنها الإضطراب بمعارضة الشهوات ‪.‬‬ ‫سميت بالنفس المطمئنة ‪ 0‬قال الله تعالى ‪ } :‬يا أيتها النفس المطمئنة ‏(‪)"٧١‬‬ ‫ارجعي إلى ربك راضية مرضية & (") ‪ ،‬إذ هي بالمعنى الأول { لا يتصور‬ ‫‪. ٢٨‬‬ ‫‪ ٢٧‬۔‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الفجر‪: ‎‬‬ ‫‪. ٨٥‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الإسراء‪‎‬‬ ‫۔ ‏‪ ١٣٦‬۔‬ ‫رجوعها إلى الله (ْلة) ‪ 0‬فإنها مُبعدة عن الله تعالى ‪ 7‬وهي من حزب‬ ‫الشيطان ‘ وإذا لم يتم سكونها ‪ 0‬ولكنها صارت مدافعة للنفس الشهوانية ‪.‬‬ ‫سميت بالنفس اللوامة ‪ ،‬لأنها تلوم صاحبها عند تقصيره في عبادة مولاه ‪.‬‬ ‫قال الله تعالى ‪ (« :‬ولا أقسم بالنفس اللوامة & () ‪.‬‬ ‫وإذا تركت الاعتراض ‪ ،‬وأذعنت وأطاعت لمُْقتضى الشهوات ‪.‬‬ ‫ودواعي الشيطان ‪ .‬سنميت بالنفس الأمارة بالسوء { قال الله تعالى ‪.‬‬ ‫وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة‬ ‫إخبار عن يوسف ‪ ،‬أو إمرأة العزيز ‪:‬‬ ‫بالسوء & <") ؛ ويمكن أن يراد بهذه النفس بالمعنى الأول ‪.‬‬ ‫فإذن ‪ 0‬النفس بالمعنى الذول مذمومة غاية الذم ؛ وبالمعنى الثاني‬ ‫محمودة ‪ ،‬لأنها نفس الإنسان ‪ ،‬أي ‪ :‬ذاته وحقيقته العالمة بالله (تلة) ‏‪٠‬‬ ‫وسائر المعلومات ‪.‬‬ ‫اللفظ الرابع ‪ :‬العقل ‪ :‬وهو أيضآ يأتي لمعان ‪ 0‬ومن جملتها معنيان ‪.‬‬ ‫أحدهما ‪ :‬العلم بحقانق الأمور ‘ فيكون عبارة عن صفة العلم ؛ وثانيهما ‪:‬‬ ‫المُذرك للغلوم { فيكون تلك اللطيفة ‪ 0‬التي هي القلب ‪ .‬إنتهى ما أوردنا‬ ‫ذكره ‪ 0‬مع تفسير يسير في الألفاظ ‪ 0‬وإختصارآً فيما زاد عن محل الحاجة ‪.‬‬ ‫ونحن إذا أطلقنا أحد هذه الألفاظ ‪ ،‬أردنا منه حقيقة الإنسان ى إلا أن‬ ‫الغالب في إطلاق ‪ 0‬العقل هو محل الإدراك ‪ 0‬لا حقيقة الإنسان ؛ ولذا يمثل‬ ‫العقل بالوزير ؛ وحقيقة الإنسان بالملك والسلطان ‪ 0‬كما ستراه إن شاء‬ ‫الله في البيانات الآتية بها ‪ 0‬لرجوعه إلى موطنه الأصلي ‪ ،‬فيقيم به ما‬ ‫شاء الله ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة يوسف ‪ :‬‏‪. ٥٣‬‬ ‫‏(‪ )١‬سورة القيامة ‪ :‬‏‪. ٢‬‬ ‫‏‪.٧٣١‬۔‪ .‬۔‬ ‫واعلم أن هذا البدن ‪ 0‬أمر فان لا بقاء له ‪ .‬وبعد مفارقة الروح ‪ 6‬يبلى‬ ‫ويتلاشى ‘ إلى يوم نشره ‘ وحين حشره ‘ لجساب تجارته ‘ وحصاد‬ ‫زراعته ‪ 0‬فێناب إن أصلحها ‪ ،‬ويعاقب إن أفسدها ؛ وأما الجزء الآخر ‪.‬‬ ‫للة ‪ ( :‬ولا تحسبن‬ ‫فهو باق أبدي ‪ ،‬لا زوال له ولا فناء ‪ 0‬قال الله‬ ‫") ‪ 0‬وهو‬ ‫الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون‬ ‫من الملأ الأعلى ‪ 0‬ومرجعه إليه ‪ .‬ومآبه لديه { إل أنه مشروط ‪ ،‬بأن يكون‬ ‫حين إقامته ‪ 3‬في هذه النشأة ‪ .‬مائلا إليه ‪ 3‬ومُراعيا له ‪ ،‬ومُربيا إياه ‪.‬‬ ‫حتى يظهر أثره فيه ‪ .‬فيفيض عليه في هذه النشأة } فيوضات متوالية ‪.‬‬ ‫وأنوار مُتواترة ‪ .‬ويسير قلبه مسجدا للملائكة ‪ .‬وبمقدار إهماله في تربية‬ ‫الجزء الحيواني } وعلاقته به ‪ 0‬يترجح ذلك الجزء ‪ 0‬ويرقى ويتنور قلبه‬ ‫ويتصفى ‪ ،‬إلى أن يفارق هذا البدن { فينكشسف عنه الغطاء ‪ 0‬كما قال الله‬ ‫تعالى ‪ :‬أ فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد » (") ‪ .‬ويتصقل عن‬ ‫قلبه الصدأ ‪ 0‬ويزول عنه الآلام ‪ 0‬ويبرأ عن جميع الأسقام ‪ .‬لأ فأما إن كان‬ ‫من المقربين !"! فروح وريحان وجنة نعيم » ("" ‪.‬‬ ‫وإذ قد عرفت أن للإنسان جزأين ‪ 0‬فاعلم أن لكل جزء ألما ولذة ‪.‬‬ ‫وراحة ومحنة ‘ ومرضاآ وصحة ‘ وآلام البدن عبارة عن الأمراض‬ ‫والأسقام ‪ 0‬التي بسببها يمتنع عن درك اللذات الجسمانية ‪ 0‬وبالمُسامحة‬ ‫في علاجها ‪ 0‬ينجرً الأمر إلى هلاك البدن ‪ 0‬وعلم الطب موضوع لذلك ه‬ ‫وآلام الروح عبارة عن الأخلاق الذميمة ‪ .‬والصفات الرذيلة ‪ .‬وسُسامحتها‬ ‫‏(‪ )١‬سورة آل عمران ‪ :‬‏‪. ١٦٩‬‬ ‫‪. ٢٢ :‬‬ ‫(‪ (٢‬سورة ق‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة الواقعة‪. ٨٩ - ٨٨ : ‎‬‬ ‫‏‪ ١٣٨‬۔‬ ‫تؤدي إلى هلاك النفس وشقاوتها ‪ .‬وتوجب حرمان الأنس مع مُنشنها‬ ‫ومُبدنها ‪ 6‬وصحتها وراحتها ‪ 0‬عبارة عن الإتصاف بالصفات القدسية ‪.‬‬ ‫والتخلق بالأخلاق والملكات الملكية والملكوتية ‘ والمُتكفل لذلك علم‬ ‫الأخلاق ‪ .‬وتفصيله موول إلى محله من الكتب الموضوعة لذلك ‪ ،‬إلا أنا‬ ‫نذكر بطريق الأصل والقاعدة ‪ 0‬ما يتمكن السالك بسببها ‪ 0‬تفريع الفروع‬ ‫عليه ‪.‬‬ ‫نم أيها السالك اللبيب ‪ 0‬والطالب الذريب ‪ ،‬إياك إياك والتواني في هذا‬ ‫الطب ‪ 0‬وقياسه على ذلك الطب ‪ ،‬فإن بينهما بون بعيد ‘ وبين غير عديد ه‬ ‫أين الثريا من الثرى ؟ وأين الشمس من السهى ؟ وإن شنت بيان الحال ‪.‬‬ ‫وتفصيل هذا الإجمال ؛ على وجه يسعه المجال ‪ 0‬ويقتضيه الحال ‪.‬‬ ‫فاعلم أن شرف الغلوم ‪ 0‬وفضل بعضها على بعض ‪ 0‬على حسب شرف‬ ‫الموضوع ‪ ،‬أو الغاية { أو كليهما ‪ 0‬وموضوع طب الأبدان ‪ 0‬بدن الإنسان ه‬ ‫من حيث الصحة والمرض ‪ .‬وغايته حفظ الصحة { ودفع المرض ‪ ،‬لئلا‬ ‫يؤدي إلى هلاك البدن وفساده ‪ ،‬أو لإدراك اللذانذ الجسمانية ‪ .‬وعدم‬ ‫الحرمان منها ‪ 0‬وهي على كثرتها مُنحصرة في أنواع ‪ ،‬كما قيل ‪ :‬حلق ‪.‬‬ ‫وجلق ‪ 0‬ودلق ‘‪ ،‬أي ‪ :‬أكل ‪ 0‬وجماع ‪ .‬ولبس ‘ وإن حاولت معرفة‬ ‫موضوعه { وغايته أجلى معرفة مما ذكرنا ‪.‬‬ ‫فاعلم أن موضوعه الذي هو البدن ‘ أوله نطفة مذرة ‪ .‬وآخره جيفة‬ ‫قذرة ‪ 0‬وبينهما حامل العذرة ‘ وأما غايته التي هي الصحة { لإدراك‬ ‫اللذانذ ‪ 0‬أو دفع هلاك البدن { أما حفظ الصحة { فلو إستقريت جميع‬ ‫القرى ‪ 0‬وتصفحت كل الصحانف والصفحات ‪ .‬لما وجدته كاملا عند أحد ‏‪٥‬‬ ‫‏_‪ ١٣٩‬۔‬ ‫ولو تتبعت الناس ‘ لوجدتهم بين محموم ‘ وأرمد ‘ وساهر ‪ ،‬ومُسهد ‪.‬‬ ‫وشاك من وجع أذنه ‪ 0‬وباك من هلع بطنه { وحاك عن الصداع ‪ 60‬وقارع‬ ‫السن على السن للإنخلاع ‪.‬‬ ‫وأما دفع الموت والهلاك ‪ 0‬فهو مُحال لمن دارت عليه الأفلاك ‏‪١‬‬ ‫كل نفس ذانقة‬ ‫وطلعت عليه الشمس ‪ .‬وهذا أبين من الأمس ‪:‬‬ ‫الموت ‏‪ « 00١4‬كل من عليها فان » () ‪ 0‬وإنما هو تقديم وتأخير ‪.‬‬ ‫ناشنان من القضاء والتقدير ‪ 0‬لا يعلمهما إلا العليم الخبير ‪ 0‬ولا يبدلهما‬ ‫التدبير ‪ 0‬ولا يدفعهما الحاذق البصير ‪ .‬ولا الفاضل النحرير ‪ « .‬فإذا جاء‬ ‫أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون » ("" ‪.‬‬ ‫وأما اللذانذ ‪ 0‬فان إنفقتحت لك أبواب الهدى ‘‪ 0‬وتقشنعت عنك سحانب‬ ‫العمى { رأيتها غير لذانذ ‪ 0‬بل وجدتها ‪ :‬إما دفع السر ‪ 0‬أو مرض ‪ 8‬كالأكل‬ ‫لدفع ألم الجوع ؤ أو رفع أذى كخسيسة الجماع ‪ .‬لدفع أذى الشبق ‪ ،‬أو‬ ‫الحر والبرد كالدلق ‪ 0‬وإن شنت أن تعرف حقانق هذه اللذات حق المعرفة ‪.‬‬ ‫فأما الجماع ‪ :‬الذي هو ألذها ‪ 0‬فحالك في أولها حال الحمار ‪ .‬وفي‬ ‫آخرها فتور يشبه الإسكار { وحقيقته عبارة عن إيلاج قبيح في قبيح ‪.‬‬ ‫تغمض عنهما الأبصار { ولغاية قبحهما وجب عليك لهما الستر ‪ .‬وعلى‬ ‫غيرك الإستار ‪ 0‬ولذلك شرعت وإعتيدت السروال والإزار ‪ .‬كي يخفيا عن‬ ‫الأنظار في جميع الأعصار والأمصار ‘‪ 0‬من الكبار بل الصغار ‪ .‬ويكنى بهما‬ ‫حين التعبير عنهما ‪ 0‬من ذون تصريح وإظهار ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬سورة آل عمران ‪ :‬‏‪ ١٨٥‬؛ سورة الأنبياء ‪ :‬‏‪ ٣٥‬؛ سورة العنكبوت ‪ :‬‏‪. ٥٧‬‬ ‫‪. ٢٦ .:‬‬ ‫الزلحمن‪‎‬‬ ‫(‪ (٢‬سورة‬ ‫‪. ٦١١‬‬ ‫‪ ٣٤‬؛ سورة النحل‪: ‎‬‬ ‫‪:‬‬ ‫)‪ (٣‬سورة الاعراف‪‎‬‬ ‫‏_ ‪ ١٤٠‬۔‬ ‫وأما الأكل ‪ :‬فغايته الشبع ‘ الذي يوجب الكسل ‘ ونورث الملل ‏‪٥‬‬ ‫ولازم الفنىل ‪ 0‬وباعث لجميع الأسقام } والأوجاع ‪ 0‬والعلل ‪ 0‬ثم إذا‬ ‫جاورك المأكول ساعة ‘ وصنعت أحشاءك فيه تلك الصناعة ‪ ،‬إنقلب إلى‬ ‫ما تعلم ‪ 0‬وانهضم ذلك الهضم ‪ ،‬فتسير إلى القدم ‪ 0‬فتشم ذلك الشم ‪ 0‬وتندم‬ ‫من فعلك غاية الندم ‪ 0‬وتتخفى عن الأهل وغيرهم ‪ 0‬حتى الخدم والحشم ‪8‬‬ ‫وتسكن بسببه تلك الخلوات ‪ 0‬وتجاور تلك القاذورات ‪ ،‬فتلتتم من نتنه ‏‪٥‬‬ ‫وتشتغل بلعنه ‪ 0‬وتتنفر عنه بنفسك { فضلا عن غيرك { فتدفعه فيما دقفعت‬ ‫فيه من قبل ‪ ،‬فإذا قمت من مقامك ‪ ،‬نسيت ذلك كله ‘ وترجع إلى ما كنت ‪3‬‬ ‫طابق النعل بالنعل ‪.‬‬ ‫وأما الملابس ‪ :‬التي هي آلة إفتخارك على الناس ‘ فمحلها بعد مضي‬ ‫أيام من جوارك ‪ ،‬إلى المزابل والمكانس ‪.‬‬ ‫هذا حال موضوع طب البدن وغايته ؛ وأما موضوع هذا الطب‬ ‫الننريف الروحاني ‪ 0‬فهو ذلك الجوهر اللطيف الرباني ‘ الذي هو من عالم‬ ‫الأملاك ‪ .‬ومسكنه سىرائر الأفلاك ‪ 0‬مُجاوره رب العالمين ‪ .‬ومُجالسه خيل‬ ‫الملائكة المقربين ‪ 0‬محفله جنة المأوى ‪ 0‬ورفيق الرفيق الأعلى ‘ داره دار‬ ‫الخلد ‪ 0‬وخدامه الغلمان المرد ‪ 0‬صاحبته الحور ‪ .‬ومسكنه القصور ‪.‬‬ ‫شرابه الشراب الطهور ‘ ولباسه السندس والإستبرق والحرير ‪ .‬ويكفيك‬ ‫هذا من التقرير والتحرير ‪.‬‬ ‫وأما غايته ‪ :‬فقرب رب الأرباب ‪ ،‬مع إزالة الغشاء والحجاب ‪ ،‬والفوز‬ ‫بالسعادة الأبدية } والرياسة السرمدية ‪ .‬وسلطنة دار الغقبى ‪ 0‬وتملك جنة‬ ‫المأوى ‪ 0‬وإنكشاف الحقانق ‪ 0‬والإطلاع على الدقائق } وإستحقاق الخلع‬ ‫‏‪ ١٤١‬۔‬ ‫الربانية } واللياقة للمواهب الرحمانية ‪ 0‬وبقاء الأبد ‪ ،‬ولقاء الله القيوم‬ ‫الصمد ‪ ،‬ذاك البداية ‪ 0‬وتلك النهاية ‪ ،‬فانظر بعين النظر والاعتبار ‪ 0‬حتى‬ ‫تعرف القياس والإعتبار ‪ 0‬أين الجيفة من اللطيفة ؟ وما يستوي الأعمى‬ ‫والبصير ‏‪ !"١‬ولا الظلمات ولا النور (`"! ولا الظل ولا الحرور !ا"! وما‬ ‫يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمُسمع من‬ ‫في القبور ه (" ‪.‬‬ ‫وإذ قد عرفت الفرق بين الموضوعين ‘ والتباين بين الغايتين ‪8‬‬ ‫فاعرف الفرق بين التسامح والتواني ‪ 0‬والجد والإجتهاد ‪ 0‬في العلمين‬ ‫والعملين ‪ 0‬فان التسامح في ذلك الطب ‪ ،‬لا يورث إلا خراب البدن ‪ 0‬الذي‬ ‫لابد من خرابه وفنانه ‪ 0‬وفي هذا الطب ‪ ،‬إلى تضييع هذه الجوهرة ‪ .‬التي‬ ‫لا خراب لها ولا فناء ‪ .‬بل يوجب الهلاكة الأبدية ‪ .‬والشقاوة الدانمية ‪.‬‬ ‫ومزاولة ذلك ‪ 0‬إنما نورت الصحة ‪ ،‬التي عرفت حالها ‪ 0‬ومعالجة هذا‬ ‫يستلزم صحة الروح ‪ 0‬واتصافها بمحاسن الصفات ‏‪ ٠‬ومعالي الملكات ‪.‬‬ ‫وتنزهها من مساوي الشيم ‘{ وذمانم الأخلاق والحالات ‪ 0‬فيحصل من ذلك‬ ‫الحياة الأبدي ‪ ،‬والبقاء الدانمي ‪ 0‬فتستعد لقبول الفيوضات ء من المبدأ‬ ‫الفياض ‪ 0‬بل يرتفع عن بصر بصيرتك الحجاب ‘ فترتسم فيه صور‬ ‫الموجودات ‪ 0‬وتشاهد بعين عقلك ‪ 0‬جمال رب السماوات ‏‪ ٠‬فتكون موجودا‬ ‫تام الوجود { أبدي الحياة ‪ .‬سرمدي البقاء ‪ 0‬مُستحقا للمواهب الإلهية ‪.‬‬ ‫لانقاً للسلطنة الحقيقية ‘ مُستاهلا للنعم ‪ 0‬التي لا عين رأت & ولا أذن‬ ‫سمعت ‪ .‬ولا خطرت في قلب بشر ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة فاطر‪٢٢ ١٩١ : ‎‬۔‪. ‎‬‬ ‫‏_‪ ١٤ ٢‬۔‬ ‫ولذا ‪ -‬قال سيد الرسل ‪ 0‬والعقل الكل ‪ '" :‬لولا أن الشياطين يحومُون‬ ‫على قلوب بني أدم ‪ .‬لنظروا إلى ملكوت السماوات والذرض "" ؛ وكما أن‬ ‫تزكية النفس ‪ 0‬عن جميع الذمانم ‪ 0‬تورث رفع جميع الخجب ‪ 0‬وتؤدي إلى‬ ‫إرتسام جميع الحقائق ‪ .‬كذلك البعض بالنسبة ‪.‬إلى البعض ‪ ،‬ولله ذر من‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫بقدر الكد يكتسب المعالي‬ ‫وقال رسول الله رن) ‪ " :‬أن لي مع الله حالات ‪ 0‬لا يحتملها ملك‬ ‫مقرب { ولا نبي مُرسل "" { وبهذه السعادة ‪ 0‬يتقرب العبد من الله تعالى ‪3‬‬ ‫قربا بالمعنى ‪ 0‬والحقيقة ‪ 0‬والصفة ‘ لا بالمكان ‪ 0‬والمسافة ‪ .‬ومراقي هذه‬ ‫الدرجات ‘ هي منازل السالكين إلى الله ‪ 7‬ولا حصر لها ‪ « :‬وإن تعدوا‬ ‫نعمة الله لا تحصوها » (') ؛ ولكن لا يعرف كل سالك ‪ ،‬إل منزله الذي‬ ‫سلكه ‪ 0‬وما خلفه من المنازل ‪.‬‬ ‫فأما ما فوقه من المنازل ‪ .‬فلا نحيط به علما ‪ 0‬لكن يجب عليه‬ ‫التصديق به ‪ ،‬إيمانا بالغيب ‪ .‬كما نؤمن بالنبوة والنبي ‪ 0‬ونصدق‬ ‫بوجودها ‪ 0‬ولا نعرف حقيقتها ‪ .‬ولا يعرفها إلا النبي ‪ 0‬وكما لا يعرف‬ ‫الجنين حال الطفل ‪ .‬ولا الطفل حال المميز ‘ ولا المميز حال العاقل ‏‪٥‬‬ ‫فكذلك العاقل لا يعرف حال الأنبياء والأولياء ‪ .‬وما افتتح لهم من مزايا‬ ‫الألطاف ‪ « 0،‬ما يفتح الله للناس من رحمة فلا مُمسك لها » (") ‪.‬‬ ‫ا لله سبحانه ‪ .‬غير‬ ‫‪ .‬من‬ ‫و هذه الرحمة مبذولة ‪ .‬بخكم ‏‪ ١‬لجُود وا لكرم‬ ‫مضنون بها على أحد ؛ ففي الحديث القدسي ‪ '' :‬من تقرب إلي شبرآ ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة فاطر‪. ٢ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة إبراهيم‪ ٣٤ : ‎‬؛ سورة النحل‪. ١٨ : ‎‬‬ ‫‏‪ ١٤٣‬۔‬ ‫تقربت إليه ذراعا " ؛ وفيه أيضا ‪ " :‬لقد طال شوق الأبرار إلى لقاني ‪.‬‬ ‫وأنا إلى لقانهم أشد شوقا " ‪ .‬وهذه إشارة إلى أن تلك الأنوار ‪ 0‬لم تحتجب‬ ‫عن القلوب ‪ 0‬لإخل وضنة من المنعم ‪ 0‬تعالى عنه علوا كبيرا } ولكنها‬ ‫تحجب بحنث وكدورة في القلب ‪ 0‬فان القلب كالآنية ‪ 0‬فما دامت مُمتلنة‬ ‫بالماء ‪ .‬لا يدخلها الهواء ‪ 0‬فالقلب المشغول بغير الله ‪ 0‬لا تدخله المعرفة‬ ‫بجماله وجلاله ‪.‬‬ ‫ولا يذهب عليك ‪ .‬أن هذه الغلوم والمعارف ‪ ،‬التي تحصل بتطهير‬ ‫النفس من الأنجاس ‘ وتزكيته من الأرجاس ‘ وتصفيته من الذمانم‬ ‫والعلانق البدنية ‪ 0‬العوانق عن الفيوضات الرحمانية ‪ .‬علوم حقيقته‬ ‫مستفادة من الأنوار الإلهية ‪ .‬والهامات حقة مُستفيضة من التجليات‬ ‫الرحمانية ‪ 0‬لا شك فيها ‪ 0‬ولا شبهة تعتريها ‪.‬‬ ‫فهي التي أشار إليها النبي المُختار ‪ 0‬بقوله ‪ " :‬إنما هو نور ‪ ،‬يقذفه‬ ‫الله في قلب من يريد ا" ‪ 0‬وبينها الوصي الكرار } بقوله ‪ :‬هجم بهم العلم‬ ‫على حقيقة البصيرة ‪ 0‬وباشروا روح اليقين ‪ 0‬واستلانوا ما استوعره‬ ‫المُترفون ‪ 0‬وأنسوا بما استوحش فيه الجاهلون ‪ 0‬وصحبوا النيا بأبدان‬ ‫أرواحها ‪ ،‬معلقة بالمحل الأعلى } وليست كالغلوم الرسمية ‪ .‬الحاصلة من‬ ‫الجدل والأدلة العقلية } فإنها كيف ما كانت قابلة للتشكيك ‪ 0‬كما يشاهد في‬ ‫العلماء المُتشبتين بتلك الغلوم ‪ ،‬المقيدين بقيد الطبيعة ‪ ،‬المُنقادين لقوى‬ ‫الوهمية والشهوية ‪.‬‬ ‫لكن تلك الغلوم والمعارف ‪ 0‬لا تحصل إلا بعد تخلية القلب عن الأغيار ‪.‬‬ ‫وتصفيته عن ذمائم الصفات ‏‪ ٠‬وخبانث الأكدار ‪ 0‬فإن تلك الغلوم عبادات‬ ‫‏‪ ١٤٤‬۔‬ ‫باطنية ‪ .‬كما أن الصلاة عبادة ظاهرية { فكما أن الصلاة لا تصح إلا مع‬ ‫إزالة النجاسات ‪ 8‬الظاهرية عن الظاهر ‪ .‬فكذلك تلك الغلوم {‪ 0‬التي هي‬ ‫العبادة الباطنية ‪ 0‬لا تتجلى في القلب ‪ ،‬ولا يتنور القلب بها ‪ ،‬إلا بعد‬ ‫تطهيره من خبانث الصفات ‪ .‬التي هي النجاسات الباطنية ‪.‬‬ ‫وكيف لا يكون كذلك ‪ 0‬مع أن إفاضة هذه الغلوم على القلوب ‘ من‬ ‫اللوح المحفوظ ‪ 0‬بتوسط الملانكة الكرام ‪ ،‬المقدسة عن شوانب الشبهات‬ ‫والأوهام ‪ 0‬الوسانط لفيوضات الملك العلام ‪ .‬فما دام في القلب صفة‬ ‫الغضب ‘ التي هي حقيقة الكلب ‏‪ ٠‬كيف يدخل فيه رسول الملك الرب ‘ مع‬ ‫أن الرسول () ‪ 0‬يقول ‪ " :‬لا يدخل الملائكة بيتا فيه كلب " ‪.‬‬ ‫ومن هنا يعلم ‪ 0‬أن الذين صرفوا الغمر في القيل والقال ‪ 0‬ومُجادلة‬ ‫الرجال ‪ 0‬والنقض والإستدلال ‪ 0‬واشتغلوا بها عن تزكية نفوسهم ‪ 0‬عن‬ ‫مناوئ الصفات ‪ .‬وتطهير قلوبهم عن خسانس الملكات ‪ 0‬وخبانث الحالات ه‬ ‫قلوبهم مُتعلقة بقاذورات الدنيا الدنية ‪ 0‬ونفوسهم مُنقادة لقوى الغقضبية‬ ‫والشهوية ‪ .‬هم الغامرون في بحر الجهل ‘ الجاهلون بالفرع والأصل ‪.‬‬ ‫فهم عن العلم في طرف ‘ ومنهم ‪ :‬ل من يعبْذ الله على حرفي فإن أصابة‬ ‫خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسبر الدنيا والآخرة‬ ‫ذلك هو الخسران المبين ه (" ‪.‬‬ ‫ويرشدك إلى ما ذكرنا ‪ 0‬ويهديك إلى وصفنا {‪ ،‬أن للغلوم الحقيقية‬ ‫بهجة وسرور ‪ ،‬وبهاء ونور ‪ ،‬فإذا دخلت في القلب ‪ 0‬استغرق في لجة‬ ‫بحر عظمة الله الجليل ‪ 0‬وفنى في مُشاهدة جمال الحق والرب الجميل ‪.‬‬ ‫‪. ١١:‬‬ ‫(‪ ( ١‬سورة الحج‪‎‬‬ ‫‏‪ ١٤٥‬۔‬ ‫ولم يلتفت إلى غير المحبوب ‪ ،‬ولم يشاهد إلا المطلوب ‪ ،‬مع أنك ترى‬ ‫أرباب هذه الغلوم ‏‪ ٠‬همتهم محصورة في تحصيل زخارف الدنيا ‏‪ ٠‬وحصول‬ ‫المناصب والجاه ‪ 0‬بالقرب إلى السلاطين ‪ ،‬والزلفى والإشتهار في البلاد ‪.‬‬ ‫لتسخير قلوب العباد ‪ .‬بل هذه الصفات الذميمة ‪ ،‬والأخلاق اللنيمة { كما‬ ‫أنها مانعة عن إشراق أنوار العلوم الحقة في القلوب ‪ 0‬كذلك مانعة عن‬ ‫قبول العبادات الظاهرية ‪ 0‬فلا تبقى لها أثرا ‪ 0‬ولا تنمي لها ثمرآ ‪ .‬أفلا‬ ‫تتأمل في قوله تعالى ‪ « :‬إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمُنكر » () ‪.‬‬ ‫فإن كانت الصلاة مع هذه الملكات والصفات مقبولة ‪ ،‬فكيف ترى أكثر‬ ‫الناس مُواظبين على الصلوات الخمس ‪ 8‬بل وبعض النوافل ‪ 0‬مع أنهم‬ ‫يصدر منهم في كل يوم منكرات لا تحصى ‘ ومعاص لا تتناهي ‪.‬‬ ‫فالعجب كل العجب ممن صرف الغمر في حفظ صحة هذا البدن الفاني ©‬ ‫أو دفع المرض الجسماني ‪ ،‬يعتمد على أقوال الفسقة والكفرة من الأطباء ‪.‬‬ ‫ويشرب بأمرهم كل مهوع ومقطع من الدواء ‪ 0‬مع أنه يعصي الأطباء‬ ‫الروحانية ‪ 0‬والحكماء الرحمانية ‪ 0‬في تحصيل السعادة الأبدية ‪ 0‬والصحة‬ ‫الدانمية ‪,‬‬ ‫ولكنه إذا إنكشف عنك الغطاء ‪ 0‬وإزيلت عن بصرك العمى والغشاء ‪.‬‬ ‫وعاينت الأمراض بصورتها معاينة ‪ .‬وشاهدت الأعمال بحقيقتها مُشاهدة ‪.‬‬ ‫وانقطع الرجاء عن الرجوع إلى الدنيا ‪ .‬وخابت الآمال في البيضاء‬ ‫والصفراء ‪ 0‬وسمعت الجواب عن قولك ‪ :‬أ رب أرجعون ؛‪!"٨٢‬‏ لعلي أعمل‬ ‫صالحا فيما تركت » () ‪ 0‬ب « كلا ("" ‪ 6‬ناديت الحسرة باعلى صوتك ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة المْؤمئون‪. ١٠٠ - ٩٩ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة‪ .‬العنكبوت‪. ٤٥ : ‎‬‬ ‫۔ ‏‪ ١٤٦‬۔‬ ‫وقلت ‪ « :‬يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله » (" ‪.‬‬ ‫هذا ‪ 3‬فإذا إنتقشس في صفحة خاطرك { وارتسم في صحيفة ذهنك { ما‬ ‫تلونا عليك ‪ ،‬فلنرجع إلى ما عودناك ‪ 0‬من بيان الصفات والملكات ‪ 0‬على‬ ‫وجه الإجمال ‪.‬‬ ‫فنقول ‪ :‬قد مر مرارا ‪ 0‬أن حقيقة الإنسان ‘} هي اللطيفة النورانية‬ ‫الربانية ‪ 9‬التي هي من عالم الغيب والملكوت ‪ .‬وأن البدن الذي هو من‬ ‫عالم الشهادة والملك بمنزلة آلة لها ‪ .‬تستمد بها في الإستكمال ‪ 0‬وتستعين‬ ‫بها لتحصيل الكمال ‪ 0‬على وجوه الإستعمال ‪ 0‬أو بمنزلة مركوب ‪ ،‬أستعير‬ ‫به للسفر إلى دار النيا ‪ 0‬لتحصيل زاد فيها للسُكنى بدار العقبى { ولذا قال‬ ‫رسول الله () ‪ " :‬الدنيا مزرعة الآخرة ‪ ،‬والدار الأخرة دار الأجر‬ ‫والحصاد ""' ‪.‬‬ ‫وقد جعل الله تعالى هذا البدن ‪ 0‬بمنزلة مملكة ‪ .‬والنفس سلطانا عليها ‪.‬‬ ‫وجعل له فيها جنودا وأعوان ‪ .‬من الجوارح ‪ ،‬والأعضاء { والحواس ‏‪٥‬‬ ‫والقوى الظاهرية ‪ 0‬والباطنية ‪ 0‬لا يحصي عددها وكيفياتها ‪ .‬إلآ جاعلها‬ ‫"") ‪ ‘.‬وعين لكل عملا لا‬ ‫وخالقها ‪ « 0‬وما يعلم جنود ربك إلا هو‬ ‫يتجاوزه ‪ 0‬وبين لكل سبيلا لا يتعداه } فهو الملك ‪ 0‬والجنود خدم ‘ ونحن‬ ‫نذكر طرفا منها ‘ لينتقل منه إلى غيره ‪ 0‬بالذوق السليم ‪ 0‬والطبع‬ ‫المستقيم ‪.‬‬ ‫أما الجنود الظاهرة ‪ :‬فكاليد ‪ 0‬والرجل ‘ والأذن ‪ 0‬والعين ‪ 0‬والضرس ۔‬ ‫واللسان ‪ 0‬وسانر الأعضاء الظاهرة والباطنة { فإن جميعها خدام النفس ۔‬ ‫(‪ )٢‬سورة المدثر‪. ٣١ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الزمر‪. ٥٦ : ‎‬‬ ‫‏‪٧٤١‬۔_ ۔‬ ‫مُسخرة لها ‪ 0‬وهي المتصرف فيها ‪ .‬وقد خلقت مجبُولة على طاعتها ‘ لا‬ ‫تستطيع لها خلافا ‪ 0‬ولا عليها تمردا ‪ 0‬فإذا أمرت العين بالإنفتاح إنفقتحت ‪8‬‬ ‫وإذا أمرت الرجل بالحركة تحركت ‪ ،‬وإذا أمرت اللسان بالكلام تكلم ‪.‬‬ ‫وهكذا قياس باقي الأعضاء ‪.‬‬ ‫وتسخير الأعضاء لها ‪ ،‬يضاهي من وجه ‪ :‬تسخير الملانكة من الله‬ ‫تجْلةه) ‪ 6‬لأنهم أيضا مجبولون على الطاعة ‪ 0‬لا يستطيعون له خلافا ‪ 3‬ظ لا‬ ‫يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون & () ‪.‬‬ ‫ويفترقان من وجه ‪ :‬وهو أن الملانكة عالمون بالطاعة والإمتثال ‪.‬‬ ‫ذون الجوارح والاعضاء ؛ فإن الأجفان مثلا تطيع النفس في الإنفتاح‬ ‫والإنطباق ‪ 0‬على سبيل التسخير { ولا خبر لها من نفسها ؛ ومن طاعتها ‪.‬‬ ‫وإفتقار النفس إلى هذه الجنود ‪ 0‬من باب الإفتقار إلى المركب والزاد‬ ‫لسفرها ‪ ،‬الذي خلقت لأجله ‪ 0‬وهو السفر الى الله تعالى ؛ فالمركب هو‬ ‫البدن ؛ والزاد هو العلم ؛ والأسباب الموصلة إلى الزاد ‪ .‬هو العمل‬ ‫الصالح ‪.‬‬ ‫ولا يمكن السفر من غير أن يركب مركب البدن ‪ 0‬ويقطع منازل الدنيا ‪.‬‬ ‫فاضطرت في هذا السفر إلى أن يتزود من هذا العالم ‪ .‬ولما كان مركبها‬ ‫البدن ‪ 0‬فلابد من تعهده وحفظه ‘ حتى يوصلها إلى المنزل ‪ 0‬بأن تجلب‬ ‫إليه ما يوافقه من الغذاء والشراب وغيرهما ‘ وتدفع عنه ما ينافيه من‬ ‫أسباب الردى والهلاك { فافتقرت لجلب الغذاء وأمثاله ‪ 0‬إلى جندين ‪:‬‬ ‫باطني ‪ 0‬وهو ‪ :‬الشهوة ؛ وظاهري ‪ 0‬وهي ‪ :‬اليد والاعضاء ‪ ،‬الجالبة‬ ‫(‪ )١‬سورة التحريم‪. ٦١ : ‎‬‬ ‫‏‪ ١٤٨‬۔‬ ‫للغذاء ‪ 0‬فخلق فيها من الشهوات ما يحتاج إليه من آلتها ما يفتقر إليه ؛‬ ‫وافتقر لدفع المُهلكات أيضا إلى جندين ‪ :‬باطني ‪ 0‬وهو ‪ :‬الغضب ‪ ،‬الذي‬ ‫يدفع به الأعداء والمُهلكات ؛ وظاهري ‪ 0‬وهي ‪ :‬اليد والرجل ‪ 0‬فقتستعملها‬ ‫بمقتضى الغضب ‪ ،‬وهكذا سانر الأعضاء ‪.‬‬ ‫وحاصل الكلام ‪ :‬أن هذه الجنود ‪ 0‬وإن كانت لا تحصى © إل أن‬ ‫الرؤساء والأمراء منها أربعة ‪ .‬وهي منشأ كل الصفات ‪ 0‬وجل الملكات ‪.‬‬ ‫محمودها ومذمومها ‘ وهي ‪ :‬العقل { والوهم ‪ 0‬والشهوة ‪ 0‬والغضب ‪.‬‬ ‫أما العقل ‪ :‬فشأنها إدراك حقانق الأمور ‪ .‬والتميز بين الخيرات‬ ‫والشرور ‪ 0‬والأمر بالأفعال الجميلة ‪ 0‬والنهي عن الصفات الرذيلة ؛ وفاندة‬ ‫القوة الشهوية ‪ :‬تدبير مملكة البدن ‪ 0‬التي هي آلة ‪ 0‬لتحصيل الكمالات ‪.‬‬ ‫وإصلاح حال البدن {‪ 0‬ليبقى إلى حين رجوع الملك إلى موطنه الاصلي ‪.‬‬ ‫بعد إستكماله في هذا السفر ‪ 0‬من المنزل الأول ‪ 0‬والمرحلة الدنيا ‪ 0‬التي‬ ‫هي الدنيا ‪ 0‬ولذا سميت بالدنيا ‪ 0‬فانها من الدنو } بمعنى ‪ :‬القرب ‏‪ ٠‬كما في‬ ‫قوله تعالى ‪ :‬أ إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى » () ؛ إذ بقاء‬ ‫البدن شخصا ‪ 0‬موقوف على تناول الغذاء ‪ 0‬والشراب ‪ ،‬واللباس ‪،‬‬ ‫وأمثالها من ضروريات الحياة ‪ .‬ونوعا موقوف على التناكح ‪ 0‬والتناسل ‪.‬‬ ‫وإحتياج هذه إلى القوة الشهوية ظاهر باهر ‪ 0‬وتمرة القوة الوهمية ‪.‬‬ ‫إدراك المعاني الجزنية ‪ 0‬ودقائق الأمور الموصلة إلى المقاصد الصحيحة ‪.‬‬ ‫وغاية القوة الغقضبية { أمران ‪ :‬دفع المضار الخارجة عن البدن ه‬ ‫وتأديب القوتين ‘ أي ‪ :‬الشهوية والوهمية ‘ لإمتثال أمر العقل ‪ 0‬ومنعهما‬ ‫(‪ )١‬سورة الأنفال‪. ٤٢ : ‎‬‬ ‫‏_ ‪ ١٤٩‬۔‬ ‫عن مخالفته ‪ 0‬إذا بغتا العصيان عن راية ‪ 0‬والطغيان عليه { فيدخلهما‬ ‫تحت إقتداره وسُلطانه ‪ .‬ولا تدعهما أن تخرجا عن الطريق المستوي ‪8‬‬ ‫والصراط المستقيم ‪.‬‬ ‫واعلم أن جميع أجزاء هذه المملكة ‪ 0‬ما سوى هذه الأربعة ‪ .‬ليس لها‬ ‫مطمع في الرئاسة ‪ ،‬ولا أمل في الإمارة ‪ 0‬في هذه المملكة ‪ .‬بل الكل تابع‬ ‫للملك ‪ 0‬مجبولا ومُنقادً له ‪ 0‬مقهُورآ ومُطيعا له ‪ .‬مُسخرآ ومجبورا { إلا‬ ‫هذه الأربعة ‪ 0‬فهي أركان المملكة ‘ وغُمالها { وأمراء الجنود ‪ 0‬وضباطها ‪.‬‬ ‫أما العقل منها ‪ :‬فبمنزلة الوزير الناصح ‪ .‬والفشير المشفق ‪ {.‬همه‬ ‫تدبير أمر الملك ‪ 0‬وإرشاده إلى صوب الصواب ‘ ونظم الملك ‪ .‬وحفظه‬ ‫عن الغمران والخراب ‪ 0‬وعزمه إستعداد الملك لسفره المقصود من‬ ‫خلقته ‪ .‬والقربى لدى ملك الملوك ‪ 0‬ورب الأرباب ‪.‬‬ ‫وأما الشهوة ‪ :‬فهي بمنزلة عامل الخراج ‏‪ 0٠‬يجلب الطعام والميرة إالى‬ ‫المملكة ‪ 0‬ولكنه كذاب ‏‪ ٠‬مكار ‪ 0‬خداع ‘ خبيث ‪ 0‬يتمثل بصورة الناصح ‏‪٨‬‬ ‫وتحت نصحه الشر الهائل ‪ 0‬والسم القاتل ‪ 0‬شيمته مُنازعة الوزير الناصح‬ ‫في أرانه ‪ ،‬وتدبيراته ‪ 0‬وغرضه تسخير الملك ‪ 0‬وتصيره مطيعا لذرانه ‪.‬‬ ‫ومحكوما في مُشتهياته ‪ 0‬فيكون كالبهانم والأنعام ‪ 0‬مُستغرقاً في بحر‬ ‫الشهوات ‪ 0‬من الشراب والطعام ‪ 0‬والجماع والحمام ‪ 0‬والمركب واللباس ‪8‬‬ ‫والمسكن والأثاث ‪ 0‬فكلما أمر الملك بشيء من هذه ‪ 0‬يأتمر بأمره من ذون‬ ‫مشاورة الوزير } ومزاولة التدبير ‪ 0‬وتميز الصلاح من الفساد { وتفريق‬ ‫الجور عن الإقتصاد ‪.‬‬ ‫وأما الغضب ‪ :‬فهو بمنزلة صاحب الشرطة ‘ وهو فتاك ‪ .‬هتاك ‪.‬‬ ‫‪ ١٥‬۔‬ ‫‏‪.‬‬ ‫شرير ‪ .‬سفاك ‪ 0‬يتعاطى عمل السباع الضارية ‘ من العداوة والبغضاء ‪.‬‬ ‫والحقن والشحناء ‪ 0‬والتهجم على الناس ‘ بالضرب والخناء ‏‪ ٠‬والقتل‬ ‫والفحشاء ‪ .‬والظلم والإيذاء ‪ 0‬وهمته تسخير الملك وإطاعته { فيما جبل‬ ‫عليه من هذه الأمور ‪ 0‬وتصديده عن طاعة العقل الناصح { والوزير‬ ‫المشفق ‪.‬‬ ‫وأما الوهم ‪ :‬فشغله المكر والخدعة { والشيطنة والفتنة ‪ 0‬والتلبيس‬ ‫والتدليس ‪ 0‬والحيلة والخيانة ‪ .‬وغرضه ‪ :‬إنقياد الملك وإطاعته له } فيما‬ ‫طبع عليه من الأمور المذكورة ‪ 0‬ولأجل هذا الإختلاف ‪ ،‬والتباين بين‬ ‫القوى الأربع ‪.‬‬ ‫ترى مملكة البدن دانماً ‪ 0‬في معركة النزاع ‘ وميدان الجدال ‪ 0‬فتارة‬ ‫يظهر فيها آثار الملانكة والروحانيين ‪ 0‬وأخرى دثار الغيلان والشياطين ‪8‬‬ ‫وساعة أفعال البهائم والأنعام ‪ 0‬وزمان إهجام سباع الآجام ‪ .‬حتى تحصل‬ ‫الغلبة والظفر لواحدة منها ‪ 0‬وتصير الباقي تحت أمرها ونهيها ‪ 0‬ومقهور‬ ‫حكمها ورأيها ‘ فينتقل زمام الملك إليها ‪ 0‬ويصير ختام الخمر والنهي‬ ‫لديها ‪ .‬ويدخل الملك في حزبها ‘ ومن سنخها وجنسها ‘ فيظهر في‬ ‫المملكة أثارها ‪ 0‬وينشر منها أطوارها ‪ 0‬فإن غلب العقل ‪ 0‬بأن إستغنى‬ ‫الملك في تدبيراته بوزيره ‪ .‬وإستشاره في الأمر من خطيره وحقيره ‪.‬‬ ‫وأعرض عن إشارة العبد السوء ‪ ،‬أعني ‪ :‬عامل الخراج ‘ مُستدلاً بأن‬ ‫الصواب في نقيض رأيه { وأدب صاحب الشرطة { وأسيسه لوزيره ‪.‬‬ ‫وجعله مؤتمرا له ‪ 0‬ومُسلطآ من جهته { على هذا العبث الخبيث { أعني ‪:‬‬ ‫عامل الخراج ‘ واتباعه وأنصاره ‪ .‬حتى يكون العبد مسوساآ ‘ لا سائنسا ‪.‬‬ ‫‏_ ‪ ١٥١‬۔‬ ‫ومأمُورآ مدبرا ‪ .‬لا أميرا مديرا ‪ 0‬إستقام أمر المملكة ‪ .‬وانتظم العدل ©‬ ‫ودخل الملك في حزب الملك ‪.‬‬ ‫وإن غلبت إحدى الثلاث ‪ .‬ظهرت فيها آثار ذلك الغالب ‪ 0‬وبادت‬ ‫المملكة والملك ‪ .‬وخربت الدار بأهلها ‪ 0‬وإختل أمر المعاش والمعاد ‪8‬‬ ‫وصار العمران كالتلال والوهاد ‪ 0‬ودخل الملك إما في حزب الشياطين‬ ‫الخاوية ‪ .‬أو السباع الضارية ‪ ،‬أو البهائم الضالة ‪ 0‬بل أضل سبيلا ‪ 0‬وأدنى‬ ‫قبيل ‪ 0‬نعوذ بالله تعالى ‪ .‬من سوء الخاتمة ‪.‬‬ ‫ولا يخفى { أن منشأ هذا الخلاف والجدال ‪ 0‬ومصدر القيل والقال ؛ هو‬ ‫القوة العاقلة ‪ 0‬إذ هي المانعة لسائر القوى عن الطغيان ‪ .‬والغلبة على‬ ‫حقيقة السلطان ‘ وظهور آثارها في الملك { وغلبتها على الملك ‪ ،‬لأن‬ ‫أفعالها مخالفة لرأيها المستقيم ‪ 0‬وذوقها السليم ‪.‬‬ ‫وأما سائر القوى ‪ 8‬فلا نزاع بينها كثيرآ ‪ 0‬لأنه لا ينكر واحدة منها فعل‬ ‫الأخرى بنفسها ‘ ولا تمانع بينها إلا بإشارة العقل ‪ 0‬ولذا ترى البهانم‬ ‫والسباع ‪ .‬التي هي خالية عن القوة العاقلة ‪ 0‬لا تختلف حالاتها عما هي‬ ‫عليها ‪ 0‬وإن تفاوتت الأفراد من كل نوع ‪ 0‬شدة وضعفا أحيانا ‪ 0‬كما ترى‬ ‫أن الغلبة في جنود الشياطين للواهمة ‪ 0‬وفي البهانم للشهوة ‪ 0‬وفي‬ ‫السباع للغقضب ‪ 8‬وكذا الملائكة لا مُنازعة في نفوسها ‪ ،‬لأنها مُقدسة عن‬ ‫سائر القوى غير العقل ‘ فالكتاب الجامع ‪ 0‬ومحل جل البدانع ‪ 0‬ومظهر‬ ‫آنار الملك والملكوت ‪ 0‬ومجمع شواهد الناسوت واللاهوت ‪ .‬هو الإنسان‬ ‫الذي خص بالقوى المْتخالفة ‪ 0‬والصفات المُتقابلة ‪.‬‬ ‫ولأجل ذا إختص بالأسماء المْتقابلة الإلهية ‪ .‬وتشرفت بمرتبة الخلافة‬ ‫۔‪ ٢‬‏‪ ١٥‬۔‬ ‫الربانية ‪ 0‬وهو السائح في عالم الغيب والشهود ‪ 0‬السابح في بحار الملك‬ ‫والملكوت ‪ 8‬القابل للرناستين ‪ ،‬اللانق لسلطنة النشأتين { ولله ذره من‬ ‫قائل ‪:‬‬ ‫تبصر‬ ‫وما‬ ‫منك‬ ‫ودانك‬ ‫تشعر‬ ‫وما‬ ‫فيك‬ ‫دوانك‬ ‫الأكبر‬ ‫العالم‬ ‫إنطوى‬ ‫وفيك‬ ‫صغير‬ ‫جرم‬ ‫أنك‬ ‫أتحسب‬ ‫المضمر‬ ‫يظهر‬ ‫بآياته‬ ‫الذي‬ ‫المبين‬ ‫وأنت الكتاب‬ ‫وإذ قد عرفت أن الله (تعالى شأنه ‘ وجل ثنانه ‪ 0‬وتقدست أسمانه)‬ ‫خلق مملكة البدن ‘ وجعل لها ملكا وسلطان ‪ 0‬وهو النفس الناطقة ؛ وعين‬ ‫له جنودا لا تحصى ۔ وأعواناآ لا يكاد يتناهى ‘ من الأعضاء والجوارح ‪8‬‬ ‫والقوى والحواس ‪ .‬وإختار من بينها أربعا ‪ .‬وجعلها أركان الملك ‪8‬‬ ‫وأعوان الملك ‘ على ما فصل ‪.‬‬ ‫فاعلم أن لكل من هذه الأربعة ‪ :‬لذة وآلماً ؛ ولذة كل منها فيما تقتضيه‬ ‫طبيعته ‪ ،‬وتناسبه جبلته ‪ .‬مما خلق لأجله ؛ وآلمه في ضده { ولما كان‬ ‫مقتضى العقل ‘ وسبب إيجاده ‪ 0‬معرفة حقائق الأشياء ‪ 0‬فلا جرم كان لذته‬ ‫في الغلوم والمعارف ‪ 0‬وآلمه في الجهل والحيرة ‪ .‬وحيث ما كان مقتضى‬ ‫الغضب ‪ 8‬القهر والعدوان ‪ 0‬كان لذته في الغلبة والسلطان ‪ 0‬وآلمه في‬ ‫المقهورية والخذلان ‪ 0‬وريثما كان خلقه الشهوة ‪ .‬لأجل بقاء البدن ‪3‬‬ ‫بتحصيل الغذاء والشراب ‪ 0‬ومثلهما مما به قوامه } وعليه تباته ودوامه ‪.‬‬ ‫فلذتها في بلوغ مُناها ‪ 0‬بحصول مُشتهاها ‪ 0‬وآلمها في الحرمان منها ‪.‬‬ ‫والنقصان فيها ‪.‬‬ ‫‪.‬۔ ‏‪ ١٥٣‬۔‬ ‫ولما كان جبلة الوهم ‪ 4‬التدليس والتلبيس ‪ ،‬فلذاته في الشيطنة‬ ‫‪:‬‬ ‫أربعة أقسام‬ ‫والآلام أيضا‬ ‫اللذات‬ ‫‘ وآلمه في خلافها ‘ فاذن‬ ‫والخداع‬ ‫عقلية ‪ .‬ووهمية ‘ غوضبية ‪ .‬وشهوية ‪.‬‬ ‫م‬ ‫وألذ اللذات هي العقلية } التي لا تختلف باختلاف الأحوال ‏‪ ٠‬ولا تتبدل‬ ‫بمرور الشهور والأحوال ‪ 0‬وسائر اللذات في جنبها يسير ‏‪ 0٠‬وخطرها‬ ‫حقير ‪ 0‬بل نسبتها نسبة القطرة واليم ‪ 0‬بل الوجود والعدم ‪ 0‬والعجب ممن‬ ‫لم يعرف من معنى اللذة إلا تنويع الأغذية ‪ 0‬وتبريد الأشربة ‪ ،‬وتزيين‬ ‫اللباس ‘‪ ،‬والتختم بالياقوت والزبرجد والألماس ‪ .‬وتزويج الحسان ‪.‬‬ ‫وإستخدام الغلمان ‪ 0‬وتعلية القصور ‘ وتنويه الغرف والذور ‪.‬‬ ‫بل لا يشعر من لذات النشأة الأخرى ‪ 0‬وسعادة دار الغقبى ‪ .‬إلآ مُعانقة‬ ‫الخور ‪ 0‬وسُكنى القصور ‪ 0‬وخدمة الغلمان { وأكل الرطب ‪ ،‬والعنب ‏‪١‬‬ ‫والرمان ‪ 0‬ويزعم إنحصار آلامها في عذاب النيران ‪ 0‬وسرابيل القطران ‪8‬‬ ‫ولدغ العقارب والتنين ‪ 0‬وشرب الحميم والغسلين ‪ 0‬فلا يخطر بباله من‬ ‫جزاء الطاعات { وثواب العبادات ‪ 0‬ونزل الدنيوي من اللذات ‪ ،‬والخسهار‬ ‫في الخسحار ‪ .‬وأناء الليل وأطراف النهار ‪ ،‬إلآ الوصول إلى تلك ‪ ،‬والنجاة‬ ‫من ذلك { ولم يدر أن تلك عبادة العملة والأجراعء ‪ .‬وذاك طاعة العبيد‬ ‫والإماء ‪ 0‬وأين هما من عبادة الأحرار ‪ ،‬الذين لا يعبدون المعبود { ولا‬ ‫يأالهون إلى المحبوب المحمود ‪ .‬طمعا في الجنة ‪ 0‬ولا خوفا من النار ‪ 0‬بل‬ ‫وجدوه أهلا للعبادة فعبدوه ‪ 0‬وعلموه مُستحقاً للاطاعة فأطاعوه ‏‪ 0٠‬وليس‬ ‫ذلك إلآ للغفلة عن اللذات العقلية ‪ 0‬والإبتهاجات الروحانية ‪.‬‬ ‫فما ظنك بلذة يشارك الإنسان فيها البهائم ‪ 0‬والنفس الناطقة المجردة ‪.‬‬ ‫‏‪ ١٥٤ .‬۔‬ ‫التي من حزب ملكوت السماوات ‪ 0‬تخدم حين استيفائها الأنعام‬ ‫والحشرات ‘ بل كيف تزعم هذه اللذات كمالاً ى مع أن كل ذي مسكة تنزه‬ ‫الباري (ْلةه) عنها ‪ ،‬فلو كانت كمالات ‪ 0‬لوجب إثباتها ‪ 0‬لمن هو جامع‬ ‫جميع الكمالات ‪ 0‬ويدلك على خستها وقبحها ‪ 0‬استحيانك من إظهارها ‪.‬‬ ‫وإسنادك إليها ‏‪ ٠‬وسعيك في إخفانها ‪.‬‬ ‫ولذا ‪ -‬لو قيل لك ‪ :‬أكول ‪ ،‬لتغيرت حالتك ‪ 0‬وتهيجت غيرتك ‪ 0‬فتعرض‬ ‫عن القائل ‪ 0‬ولو قدرت عليه لأذقته الشر الهائل ‪ 0‬والسم القاتل ‪ 0‬مع أن‬ ‫كل أحد طالب لنشر كماله ‪ 0‬ويباهي بالمحمود من خصاله ‪.‬‬ ‫فإذا عرفت أن هذه اللذات ليست بكمالات ‪ 0‬وعلمت أن الإنسان في‬ ‫القوة العاقلة واللذات العقلية ‪ 0‬تشارك الملائكة والروحانيات ‪ 0‬وفي القوى‬ ‫الفضبية والشهوية والوهمية ‪ .‬واللذات الجسمانية تضاهي السباع‬ ‫والشياطين والحيوانات ‪ .‬علمت أنه إذا غلب على أحد إحدى هذه القوى ‪.‬‬ ‫وطلب اللذة المنسوبة إليها ‪ 0‬شارك ذلك الجنس ‪ ،‬الذي تلك القوة منسوبة‬ ‫إليه ‪ .‬غوالبة عليه ‪ 0‬إلى أن تبلغ تلك القوة حد الكمال ‘ فيصير الإنسان‬ ‫من ذلك الجنس ‪ 0‬فيصدق عليه حمل المُواطأة ‪ .‬فيقال ‪ :‬هو هو ‪.‬‬ ‫ثم اعلم ‪ ،‬أن القوى العقلية والوهمية ‘} شأنهما إدراك الأمور ‪ ،‬إل أن‬ ‫الأولى منهما ‪ :‬تدرك الكليات ؛ والثانية ‪ :‬تتصور الجزئيات ‪ 0‬وحيث كانت‬ ‫الأفعال الصادرة من البدن جزئيات ‪ 0‬فلا جرم مبدأ تحريك البدن في‬ ‫جزئيات الأفعال { بيد القوة الوهمية ‪.‬‬ ‫ولذا ۔ سميت هذه بالقوة العاملة ‪ 0‬والعقل العملي ‪ ،‬والأولى ‪ :‬بالقوة‬ ‫العاقلة ‪ 3‬والعقل النظري ‪.‬‬ ‫‪١ ٥٥‬‬ ‫وأما التهوية والغضبية ‪ :‬فشسأنهما تحريك البدن ‪ 0‬فهما مبدأن‬ ‫للتحريك ‘ إلا أن الأولى منهما ‪ :‬إلى جلب مُلانماته ؛ والثانية ‪ :‬إلى دفع‬ ‫مضاره ‪ 0‬فإن غلبت العاقلة على سائر القوى ‪ 0‬وجعلتها مقهورة لها‪.‬‬ ‫مطيعة إياها ‪ 0‬صار تصرف القوى على نهج الصلاح ‪ 0‬وأفعالها على وجه‬ ‫الصواب والفلاح ‪ .‬إنتظم أمر المملكة وتهذبت القوى ‪ 0‬وإختصت كل‬ ‫واحدة بفضيلة ؛ فإذا تهذبت القوة العاقلة } أي ‪ :‬العقل النظري ‪ :‬حصلت‬ ‫الحكمة ؛ وإذ تهذبت القوة العاملة ‪ .‬أي ‪ :‬العقل العملي ‪ :‬ظهرت ملكة‬ ‫العدالة ؛ وإذا تهذبت القوة الغضبية ‪ :‬حصلت ملكة الشجاعة ؛ واذا تهذبت‬ ‫القوة الشهوية ‪ :‬ظهرت العفة ‪.‬‬ ‫وهذه الصفات الأربع بمنزلة الجنس لجميع الصفات الجميلة ‪.‬‬ ‫مُندرجة تحتها ‪ 0‬وصادرة‬ ‫والملكات النبيلة ‪ 0‬وسائر الصفات الفاضلة‪:‬‬ ‫عنها ‘ فهي مصدر الكل ‪.‬‬ ‫متلا الحكمة ‪ :‬مصدر الفطنة ‘ وحسن التدبير والتوحيد ‪ .‬وأمتالها ؛‬ ‫والشجاعة ‪ :‬منشأ الصبر ‪ .‬والحلم ‪ 0‬والوقار ‪ .‬وعلو الهمة {‪ 0‬وأشباهها ؛‬ ‫والعفة ‪ :‬مبدأ السخاء ‪ .‬والحياء ‪ 0‬والأمانة ‪ .‬والبشاشة ‪ .‬وأنحانها ‪.‬‬ ‫فجميع الصفات الحميدة ‪ .‬راجع إلى هذه الأربع ‪:‬‬ ‫الاولى ‪ :‬الحكمة ‪ 0‬وهي ‪ :‬العلم بحقائق الأشياء على ما هي عليه ‪.‬‬ ‫وهي قسمان ‪ :‬نظرية ‘ وهي ‪ :‬العلم بحقانق الموجودات التي ليست‬ ‫بقدرتنا وإختيارنا ؛ وعملية ‪ ‘.‬وهي ‪ :‬العلم بحقانق الموجودات التي‬ ‫بقدرتنا وإختيارنا ‪ 0‬كالأفعال الصادرة منا ‪.‬‬ ‫‏‪ ١٥٦ .‬۔‬ ‫الثانية ‪ :‬العفة ‪ .‬وهي ‪ :‬عبارة عن إطاعة القوة الشهوية للقوة‬ ‫العاقلة ‪ .‬وعدم الخروج عن تحت أوامرها ونواهيها ‪ .‬حتى يكون صاحبها‬ ‫من الأحرار ‪ ،‬الذين تركوا عبودية الهوى ‪.‬‬ ‫الثالثة ‪ :‬الشجاعة ‪ .‬وهي ‪ :‬عبارة عن إنقياد القوة الغضبية للعاقلة }‬ ‫فلايلقى صاحبها نفسه إلى المهالك ‘ التي يحكم العقل بالإحتراز عنها ‪.‬‬ ‫ولا يضطرب من المخاوف ‪ .‬التي يحكم العقل أو الشرع بالإقتحام فيها ‪.‬‬ ‫الرابعة ‪ :‬العدالة ‪ 0‬وهي ‪ :‬عبارة عن إطاعة القوة العاملة للقوة‬ ‫العاقلة ‪ .‬ومتابعتها في جميع تصرفاتها ‪ 0‬أو خصوص حمل الغضب‬ ‫والشهوة ‪ .‬على طاعة العقل والشرع ‪ 0‬وتذليل رقابهما لإمتنال أوامرهما‬ ‫ونواهيهما ‪.‬‬ ‫وقد فسر بعض غلماء الأخلاق ‪ :‬العدالة ‪ :‬باجتماع جميع القوى ‪8‬‬ ‫والاتفاق على طاعة القوة العاقلة ‪ .‬بحيث لا يخرجن عن طاعتها { ولا‬ ‫يضمرن مخالفتها في شيء من أوامرها ونواهيها ‘ وكيف كان ؟ فقد‬ ‫تحقق أن مصدر الفضائل بجملتها ‪ 0‬ومنشأ الحميدة من الخصال برمتها ‪.‬‬ ‫هي الفضائل الأربع المذكورة ‪ 0‬وسائر الفضائل مُندرجة تحت هذه الأربع ‪.‬‬ ‫نم اعلم { أن قبال كل فضيلة خسيسة ‘ وحيال كل صفة محمودة‬ ‫خصلة مذمومة هي ضدها { فكما أن مصدر الفضائل أربعة ‪ .‬كذلك منشا‬ ‫الرذائل أربعة ‪ .‬هي أضدادها ‪:‬‬ ‫الاولى ‪ :‬الجهل ‪ ،‬وهو ‪ :‬ضد الحكمة ‪.‬‬ ‫والثانية ‪ :‬الجبن ‪ 0‬وهو ‪ :‬ضد الشجاعة ‪.‬‬ ‫‏‪ ١٥١٧‬۔‬ ‫والثالنة ‪ :‬الشره ‪ 0‬وهي ‪ :‬ضد العفة ‪.‬‬ ‫والرابعة ‪ :‬الظلم ‪ 0‬وهو ‪ :‬ضد العدالة ‪.‬‬ ‫هذا ما يؤدي إليه النظر البادي ‪ 0‬ولكن التحقيق ‪ 0‬أن لكل فضيلة حد‬ ‫عنه في‬ ‫الاوسط ‪ 0‬والتجاوز‬ ‫الوسط ‪ .4‬والحد‬ ‫هو‬ ‫‪ 0‬و‬ ‫‏‪ ٠١‬وقدر مضبوط‬ ‫محدود‬ ‫طرفي ‏‪ ١‬لإفراط وا لتفريط نقص ورذيلة ‪ .‬فالحد ا لذوسط في كل فضيلة ‘‬ ‫كالمركز من الدائرة وسائر النقاط المفروضة فيها ‪ 0‬وفي المحيط رذيلة‬ ‫وخسيسه ‪.‬‬ ‫ومن المحقق المعلوم ‪ 0‬أن المركز نقطة واحدة معينة في وسط‬ ‫الدانرة ‪ 0‬وسانر النقاط المفروضة ‪ ،‬نقاط غير مُتناهية ‪ .‬فحيننذ تكون في‬ ‫مُقابل كل فضيلة رذائل غير متناهية ‪ .‬ناشنة من الإنحراف عن الفضيلة ‪.‬‬ ‫إفراطاً وتفريطا ‪ 0‬فالإستقامة في سلوك طريقة الأوصاف الحميدة ‏‪ ٠‬بمنزلة‬ ‫الحركة في الخط المستقيم ‪ 0‬وإرتكاب الرذائل ‪ 0‬بمنزلة الإنحراف عن ذلك‬ ‫الخط ‪.‬‬ ‫ولما كان الخط المستقيم بين النقطتين ‪ 0‬مُنحصرآ في واحد ‏‪ ٠‬فلا جرم‬ ‫كانت الخطوط المنحنية فيما بينهما غير متناهية ‪ ،‬لما ذهب الفلاسفة من‬ ‫جواز وجود اللا تناهي بين الحاصرين ‘ فالإستقامة في الصفات الحميدة‬ ‫نهج واحد ‪ 0‬وللإنحراف عنه مناهج لا تحصى كثرة ؛ ولذا ترى أسباب‬ ‫الشرور والرذائل ‪ ،‬أكثر من أسباب الخيرات والفضائل { وحيث أن تميز‬ ‫أمر معين من بين أمور غير متناهية صعب ‘ وتعيين الوسط فيما بين‬ ‫أطراف مُتكثرة أصعب ‪ ،‬فالإستقامة عليه والثبات لديه أصعب وأصعب ‪.‬‬ ‫‏‪ ١٥٨‬۔‬ ‫ولذا ۔ لما نزلت سورة هود ‪ 0‬على النبي المحمود ‪ 0‬ورسول المعبود ۔‬ ‫وأمر بالإستقامة ‪ .‬في قوله (يَلل) ‪ « :‬فاستقم كما أمرت » () ‪ ،‬قال‬ ‫(صلى الله عليه وآله) ‪ " :‬شيبتني سورة هود "" ‪.‬‬ ‫ثم لا يخفى ‪ 0‬أن الوسط على قسمين ‪ :‬حقيقي وإضافي ؛ والحقيقي ‪:‬‬ ‫ما كان نسبته إلى الطرفين متساوية حقيقة { كنسبة الأربع إلى الإثنين‬ ‫والست ؛ والإضافي ‪ :‬ما كان أقرب إلى الحقيقي من غيره ؛ والوسط‬ ‫المعتبر في علم الأخلاق ‏‪ 0٠‬هو الإضافي دون الحقيقي ‪ 0‬لأن الحقيقي منه‬ ‫مُتعسر ‪ }.‬بل متعذر ؛ والإضافي من شأنه الزيادة والنقصان والإختلاف ‪.‬‬ ‫بحسب الأشخاص والأحوال والأزمان ‪ 0‬فربما كان بعض الصفات بالنسبة‬ ‫إلى بعض الأشخاص ‪ 8‬أو بعض الأحوال أو الأوقات فضيلة ‪ ،‬وبالنسبة إلى‬ ‫غيره رذيلة ‪ 0‬وإلى هذا أشير في بعض الأخبار ‪ :‬حسنات الأبرار سينات‬ ‫المقربين ‪.‬‬ ‫ولقد تبين مما ذكرنا ‪ ،‬أن بإزاء كل صفة حسنة ‘ صفات سينة غير‬ ‫متناهية ‪ .‬إلا أنه لم يذكر لجميع هذه الصفات أسماء على حدتها { ولا‬ ‫تعريفات برأسها ‪ ،‬وليس شأن علم الأخلاق بيان الكل ‘ لعدم نهاية لها ‪.‬‬ ‫فالمطلوب بيان قاعدة كلية ‪ ،‬يندرج الكل تحتها ‪ 0‬وهي ما أشرنا إليها ‪.‬‬ ‫من أن قبال كل صفة محمودة صفتان مذمُومتان ى في طرفي الإفراط‬ ‫والتفريط } من الحد الذوسط ‪.‬‬ ‫وحيث كانت مبادئ الصفات الحميدة أربعة ‪ .‬كانت الرذائل ثمانية ‪:‬‬ ‫فضد الحكمة من طرف الإفراط الجربزه ‪ :‬وهي تعدي العاقلة عما ينبغي ‪،‬‬ ‫‪. ١١٢١‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ )١‬سورة هود‪‎‬‬ ‫‏_‪ ١٥ ٩‬۔‬ ‫وعدم الوقوف والثبات على موضع معين ؛ ومن طرف التفريط البلاهة ‪:‬‬ ‫وهي تعطيل القوة المفكرة عن قدر الضرورة & أو أقل من ذلك ؛ وضد‬ ‫الننجاعة من طرف الإفراط التهور ‪ :‬وهو الإهجام على أمور يحكم العقل‬ ‫بالإحتراز عنها ؛ ومن طرف التفريط الجبن ‪ :‬وهو الفرار عن أمور يحكم‬ ‫العقل بالدخول فيها ‘ وعدم الإعراض عنها ؛ وضد العفة من طرف‬ ‫الإفراط الشره ‪ :‬وهو الإنهماك في اللذانذ الجسمانية ‪ .‬زاند عما يقتضيه‬ ‫إصلاح البدن ‪ 0‬ويحسنه العقل والشرع ؛ ومن طرف التفريط الخمود ‪:‬‬ ‫وهو إماتة القوة الشهوية ‪ 0‬بحيت يخل بحفظ البدن وببقاء النسل ؛ وضد‬ ‫العدالة من طرف الإفراط ‪ :‬الظلم والجور على العباد ‪ 0‬بالنسبة إلى‬ ‫أموالهم { أو أعراضهم ‪ ،‬أو نفوسهم ؛ ومن طرف التفريط ‪ :‬تحمل ظلم‬ ‫الظالم على سبيل المذلة ‪ 0‬مع قدرته على الدفع ‘ وهو مذسُوم شرعا‬ ‫وعقلا ‪ ،‬وهو الذي يقال فيه ‪ :‬أنه لا حمية له ‪.‬‬ ‫تنا ) ‪ 4‬بالشدة والحمية‪.‬‬ ‫وقد وصف الله تلة ) ‪ 4‬أصحاب النبي‬ ‫أشداء على الكفار ه (') ‪ 0‬وقال تعالى ‪ .‬مُخاطبا للنبي (صلى الله‬ ‫فقال ‪:‬‬ ‫عليه وآله) ‪ « :‬جاهد الكفار والسْنافقين واغلظ عليهم » ") ؛ والغلظة‬ ‫والشدة ‪ :‬من آثار الغضب والحمية ‪ .‬هذا إن فسرنا العدالة بالمعنى‬ ‫المعروف عند العرف ‪ ،‬وأما إن فسر بالمعنى الذي ذكرنا ‪ :‬من أنها عبارة‬ ‫عن إطاعة القوة العملية ‪ .‬والعقل العملي للقوة العاقلة والعقل النظري ‪9‬‬ ‫وحملها جميع القوى على إطاعة العقل النظري ‪ 0‬فضدها أمر واحد ‪ 0‬وهو‬ ‫الظلم ‪ 0‬أي ‪ :‬التعدي عما لا ينبغي أن يتعدى ‪ 0‬وجميع الذمانم والصفات‬ ‫‏(‪ )١‬سورة الفتح ‪ :‬‏‪` . ٢٩‬‬ ‫التحريم ‪ :‬‏‪. ٩‬‬ ‫التوبة ‪ :‬‏‪ !٣‬؛ سورة‬ ‫‏) ‪ ( ٢‬سورة‬ ‫‪- ١٦.. .‬‬ ‫الرذيلة داخل تحتها ‪ 0‬ولا تختص بالتصرف في أموال الناس ‪ 0‬والتعدي‬ ‫عليهم خاصة & فالعدالة بهذا المعنى ‪ :‬إجتماع جميع الصفات الكمالية ‪.‬‬ ‫والظلم الذي هو ضدها ‪ :‬شامل لجميع النقانص والذوصاف المذمومة ‪.‬‬ ‫ولا يخفى عليك ‪ 0‬أن ما ذكرنا من أن الرذانل طرفا الإفراط والتفريط‬ ‫من الفضائل الأربع ؛ فكما أن للفضائل الذربع أنواع مُتكثترة مْندرجة‬ ‫تحتها ‪ 0‬فكذا لكل واحدة من الرذائل الثمان ‘ أنواع غير معدودة مُندرجة‬ ‫مثلا ‪ :‬الجربزه ‪ :‬منشأ النكراء ‪ .‬والمكر ‪ .‬والحيلة ‪ .‬والدهاء ‪.‬‬ ‫والتلبيس ‘ والتضريب ‘ والغش ‪ 8‬والخب ‪ 8‬والخنان ‪ 0‬وأمثالها ؛‬ ‫والبلاهة ‪ :‬مصدر الحمق ‪ 0‬والجهل المركب ‘ ونحوهما ؛ والتهور ‪ :‬منبع‬ ‫البذلة ‪ 0‬والبذخ ‪ 0‬والصلف ‪ ،‬والإستشاطة ‘ والتكبر ‘ والعجب ‏‪٥‬‬ ‫والإستهزاء ‪ .‬والإمستخفاف ‪ 0‬وتحقير الخلق ‪ ،‬وإرادة الشر ‘ وشهوة‬ ‫الظلم ‪ 0‬وأمثالها ؛ والجبن ‪ :‬مرجع سوء الظن ‪ 0‬والجزع ‪ 0‬ودنانة الطبع ء‬ ‫وأشباهها ؛ والشره ‪ :‬معدن الحرص ى والبخل ‪ ،‬والإسراف ‘ والوقاحة ‪.‬‬ ‫والحسد ‘ والرياء ‪ 0‬وما ضاهاها ؛ والخمود ‪ :‬مورث قطع النسل ‪3‬‬ ‫وضعف البدن ‪ 0‬والكسالة ‪ .‬والفتور } وما أشبهها ‪.‬‬ ‫هذا ما أردنا ذكره من الصفات المقدسة الملكوتية ‪ .‬والصفات‬ ‫المذمومة البهيمية ‪ 0‬والسبعية ‪ 0‬والشيطانية ‪ .‬على وجه الإجمال ‪.‬‬ ‫وتفصيلها وبيانها ‪ .‬ومُعالجة المذمومة منها ودفعها ‪ .‬وكيفية تحصيل‬ ‫المحمودة منها وحفظها ‪ .‬فموول إلى كتب الأخلاق ‪ .‬الموضوعة‬ ‫لذلك ‘ فالطالب لها يطلبها في مظانها ‪ « 0‬والذين جاهدوا فينا لنهدينهم‬ ‫‏‪ ١٦١‬۔‬ ‫سبلنا » () ‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫فال‬ ‫مخوفه‬ ‫التقليد كان‬ ‫ولمارد‬ ‫من همه التجريد في طلب الهدى‬ ‫أفق السما وسمي لأسمى مزلفه‬ ‫عقل بالغ‬ ‫فسما بمبلغ نور‬ ‫الله يتلو مُصحفه‬ ‫إلا لرسل‬ ‫التقليد ذون تحقق‬ ‫لم يرتض‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬من { ‪ :‬اسم موصول مبتدأ ‪ 0‬فموضعه الرفع لبنانه ‪.‬‬ ‫و [ همه { ‪ :‬مبتدأ ثان مُضاف إلى هاء الضمير ‘ الراجع إلى الموصول ‏‪٨‬‬ ‫ومعناه ‪ :‬الهمة والعزيمة ؛ و } التجريد ع (بالرفع) ‪ :‬خبره ‪.‬‬ ‫والجملة صلة من { ومعناه لغة ؛ قال في " القاموس ا" ‪ :‬جرد قشره ‪.‬‬ ‫والجلد نزع شعره ‪ .‬وزيد من توبه عراه ‪.‬‬ ‫والمراد منه هنا ‪ :‬تعرية النفس عن شوانب الصفات الرذيلة والعلانق‬ ‫الدنيوية ‪ 0‬العوانق عن السعادات الأخروية ‪ .‬والفيوضات الرحمانية ‪.‬‬ ‫ونزع هذه الصفات ‘ التي هي بمنزلة الثياب القذرة الوسخة عنها ‪8‬‬ ‫وتحليها بأضدادها من الصفات الملكية القدسية ‪ .‬لتكون لانقة لحضور رب‬ ‫الأرباب ‪ .‬والمالك للملك والرقاب ‪ 0‬ومستعدة لقبول فيوضات خالق‬ ‫الخلق ‪ 0‬والحق بالحق المطلق ‪ 0‬ومستاهلاً لسطوع أنوار جلاله الأقدس ‪.‬‬ ‫ومُستحقا لطلوع أشعة جماله الأنفس ‪.‬‬ ‫‪. ٦٩‬‬ ‫‪:‬‬ ‫العنكبوت‪‎‬‬ ‫سورة‬ ‫) ‪(١‬‬ ‫‪٢‬۔ ‏‪ ١٦‬۔‬ ‫وقوله ‪ } :‬في طلب { ‪ :‬جار ومجرور ‘ مُتعلق بالتجريد ‪ 6‬مضاف‬ ‫إلى [ الهدى { ‪ 0‬فهو مجرور تقديرا ‪ 0‬لكونه مقصورا ‘ لا يقبل الحركات‬ ‫النلاث ؛ ومعناه لغة ؛ قال في "" القاموس " ‪ :‬الهى (بضم الهاء وفتح‬ ‫الدال) ‪ :‬الرشاد والدلالة ؛ ويذكر والنهار ؛ والظاهر أن المراد منها المعنى‬ ‫الاول ‪ ،‬والتحيق () ‪ :‬أن العلم هو المبدأ والغاية ‪.‬‬ ‫فالإنسان إذا عمل بمقتضى علمه ‘ يؤدي عمله إلى صفاء في قلبه ‪.‬‬ ‫واستعداد لعلم أخر فوق ما علمه { أو لا عدة وشدة ‪ ،‬ثم إذا عمل بمقتضى‬ ‫العلم الحاصل بعد ذلك العلم الأول ‪ 0‬يحصل له إستعداد آخر ‪ 0‬وبحسبه علم‬ ‫وإنكشاف آخر ‪ 0‬وهكذا يتزايد العلم قوة وضياء ‏‪ ٠‬حتى ينتهي إلى الإهتداء‬ ‫بهدى الله ‪ 4‬وهو نور اليقين ‪ 0‬والإيمان الحقيقي ‪ 0‬وذلك النور غاية كل‬ ‫علم ‪ .‬وعمل { وحركة ‪ ،‬وسعي \‪ 8‬يفعله الإنسان الموفق ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬ولمارد ع ‪ :‬الواو عاطفة ‪ 0‬واللام في ولمارد للتقوية ‪.‬‬ ‫لضعف العامل بالتأخير ‪ .‬وكونه غير فعل ‪ .‬وهو قوله ‪ [ :‬مخوفه { ‪.‬‬ ‫ومارد ‪ :‬مُضاف إلى التقليد ‪ 0‬ومعنى المارد ‪ ،‬لغة ؛ قال في "القاموس" ‪:‬‬ ‫مرد ‪ :‬كنصر ‘ وكرم ‪ 0‬مرودآ ومرادة ‪ 0‬فهو مارد { ومريد ‪ 0‬ومتمرد ‪:‬‬ ‫أقدم وعتا ‪ ،‬أو هو أن يبلغ الغاية ‪ 3‬التي يخرج بها من جملة ما عليه ذلك‬ ‫الصنف ( ج ) ‪ 0‬مردة ‪ 0‬ومرداء ‪ 0‬ومرده ‪ :‬قطعه ومزق عرضه ‘ وعلى‬ ‫النيء مرن واستمر ‪ 0‬وهذا المعنى هو المراد هنا ظاهرا ‪.‬‬ ‫و } التقليدم) ‪ :‬مجرور بالإضافة ‪ .‬وهو مأخوذ من القلادة (بالكسر) ‪.‬‬ ‫وهي ‪ :‬ما جعل في العنق ‪ 0‬فهو مصدر مولد ‘ وفي إصطلاح أهل العلم ‪:‬‬ ‫‏(‪ )١‬هكذا في الأصل ‪.‬‬ ‫۔‪ ٣‬‏‪ ١٦١‬۔‬ ‫قبول قول الغير ‪ 0‬من غير دليل سمي بذلك ‪ ،‬لأن المقلد يجعل ما يعتقده من‬ ‫قول الغير ‪ 0‬من حق وباطل ‪ ،‬قلادة في عنقه ‪ .‬فهو من الإستعارة التبعية ‪.‬‬ ‫و } كان )ع ‪ :‬فعل ماض ناقص ‘ اسمه ضمير مُستكن جوازا ‪ 0‬راجع‬ ‫إلى الموصول ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬مخوفه ع ‪ :‬بالنصب ‪ ،‬خبر كان ‪ ،‬وتأنيتها بإعتبار معنى‬ ‫الموصول ‘ كما أن تذكير الضمائر بإعتبار لفظه ‪ 0‬وتوهم أن (الهاء)‬ ‫للسكت غلط ‘ لأنها إنما يلحق الفعل المُعتل الآخر { في حال الوقف ى إذا‬ ‫خذف آخره جؤازآً ‪ 0‬أن زيد على حرفين ‘ نحو ‪ :‬أعطه ‘ ولم يعطه ‪.‬‬ ‫ووجوباً إن كان على حرف واحد ‪ :‬كقه ‘ وعه ‘ أو حرفين ‪ :‬كلم ‪ 0‬يعه ‪.‬‬ ‫وما أدراك ما هيه ه () ‪.‬‬ ‫أو اسم يلزم البناء ‪ :‬كهي ‪ ،‬في قوله تعالى ‪:‬‬ ‫فإن لم يلزم البناء ‪ 0‬كما في ‪ :‬عل ‪ 0‬من قول الشاعر ‪:‬‬ ‫أرمض من تحت وأضحي من عله‬ ‫فهو شاذ ؛ ولذا قيل ‪ :‬أنها بدل الواو ‪ .‬والأصل من علو ‘ والجملة‬ ‫معطوفة على جملة الصلة ‪ 0‬من باب عطف الجملة الفعلية على ا لاإسمية ‪.‬‬ ‫© وسما ‪:‬‬ ‫الفاء للسببية ‪ 6‬و هي عاطفة‬ ‫‪ :‬فحرف‬ ‫‏‪ ١‬قسما {‬ ‫وقوله ‪:‬‬ ‫‪ : 7.‬إرتفع ‪.‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‪ 0‬يسمو‬ ‫‪ :‬سما‬ ‫من‬ ‫معتل ) لآخر‬ ‫فعل ماص‬ ‫وقوله ‪ } :‬بمبلغ { ‪ :‬فحرف الباء للاستعانة ‪ .‬أو السببية } والمبلغ ‪:‬‬ ‫مصدر ميمي ‘ ومعناه ‪ :‬المقدار ‪ 0‬والحد ‘ والمُنتهى ‪ :‬مضاف إلى‬ ‫[ نور { ‪ 0‬ونور إلى } عقل { { والنور هو الظاهر بنفسه ‪ ،‬المظهر‬ ‫(‪ )١‬سورة القارعة‪. ١٠١ : ‎‬‬ ‫۔ ‏‪ ١٦٤‬۔‬ ‫لغيره ‪ .‬وهو حسي ‘ كنور الشمس والقمر ‘ وعقلي ‪ :‬كالعلم ‪ 0‬وهو المُراد‬ ‫هنا ‪ ،‬بقرينة إضافته إلى العقل ‪ 0‬و } بالغ ) ‪ :‬نعت لمبلغ ‘ وهو من‬ ‫البلاغ ‪ 0‬بمعنى ‪ :‬الكفاية ‪ 0‬أي ‪ :‬كاف ‪ ،‬أو من البلوغ ‪ 0‬بمعنى ‪ :‬الوصول ‏‪٥‬‬ ‫أي ‪ :‬واصل ‪.‬‬ ‫وعلى الأول ‪ 0‬يكون قوله ‪ [ :‬أفق السما ع ‪ :‬مفعول سما ‘ على‬ ‫حذف الجار ؛ وعلى التاني ‪ :‬يحتمل ذلك ‘ وإن يكون مفعول بالغ ‏‪٥‬‬ ‫ويحتمل التنازع ‪ 0‬وحذف الضمير من العامل الذول ‪ 0‬على مذهب أهل‬ ‫البصرة ‪ 0‬ومن الثاني ‪ .‬على مذهب أهل الكوفة ‘ لكونه فضلة { وأفق‬ ‫(بالضم) ‪( 0‬وبضمتين) ‪ :‬الناحية ؛ جمعه ‪ :‬أفاق ‪ 0‬أو ما ظهر من نواحي‬ ‫الفلك ‘ والسما (بالقصر للضرورة) ‪ :‬الفلك ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬سمي { (بالياء) ‪ :‬كأنه غلط من الناسخ ‘ لأنه واوي ‪.‬‬ ‫ورسمه بالألف ‪ 0‬كغزا ‪ 0‬وإن فرض مجهولا ‪ .‬فهو أيضا غير صحيح ‪.‬‬ ‫لأنه لازم ‪ 0‬ويحتمل أن يكون مأخوذا من قولهم ‪ :‬تسمي بالقوم ‪ 0‬وإليهم‬ ‫إنتسب ‪ ،‬ولذا عدي باللام ‪ ،‬التي بمعنى إلى ‪ 0‬في قوله ‪ [ :‬لأ‪٨‬سمي‏ { { إلا‬ ‫أن المذكور في "" القاموس "" ‪ :‬تسمى ‪ :‬على وزن تفعل } وكيف كان ‪.‬‬ ‫فهو معطوف على سما ‪ ،‬وأسمى ‪ :‬اسم تفضيل ‘ بمعنى ‪ :‬أعلا ‪ 6‬مضاف‬ ‫إلى } مزلفه ) ‪ 0‬من باب إضافة الصفة إلى الموصوف ‪ ،‬وهي ‪ :‬إما اسم‬ ‫مصدر ‪ ،‬وإما اسم مكان ‪ 0‬من ‪ :‬زلف ‪ 0‬يزلف ‪ 0‬زلفا ‪ :‬قرب ‪ ،‬أي ‪ :‬إرتفع ه‬ ‫أو إنتسب إلى قرب ‪ .‬أو محل قرب ‘ هو أعلا القرب ‘ أو أعلا محال‬ ‫القرب ‪.‬‬ ‫وعلى فرض أن يكون سما التاني ۔ أيضا ۔ معلوما ‪ 0‬معناه ‪ :‬ارتفع ؛ أو‬ ‫‏_‪ ١٦٥‬۔‬ ‫المُراد لازم ‪ 0‬معناه ‪ :‬الذي هو القرب ‘ لأن المراد بالعلو والإرتفاع ‪ 0‬هو‬ ‫المكان ‏‪ 0٠‬وهو يلزم القرب إليه‬ ‫المعنوي لا الحسي } الذ ي هو العلو بحسب‬ ‫ل) ‪ 4‬فيكون حاصل المعنى ‪ :‬وتقرب إلى أقرب محال القرب ‪ ،‬أو إلى‬ ‫أقرب القرب ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬لم يرتض { ‪ :‬خبر من الموصولة ‪ .‬وهو فعل مضارع‬ ‫‪:‬‬ ‫افتعل ‪ 6‬أ ي‬ ‫باب‬ ‫‪ .‬من‬ ‫‪ 4‬إرتضاء‬ ‫‪ .‬يرتضيه‬ ‫‪ :‬ارتضاه‬ ‫‪ .4‬من‬ ‫معتل اللام‬ ‫إختاره ‪ 0‬خذفت (لامه) لدخول (لم) الجازمة عليه ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :‬التقليد ] ‪ :‬بالنصب مفعوله ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :‬دون { ‪ :‬بمعنى ‪ :‬غير ‪ .‬وهو منصوب بنزع الخافقض ‪،‬‬ ‫أي ‪ :‬من دون } تحقق { ؛ ومُضاف إلى تحقق ‪ :‬فهو مجرور‬ ‫بالإضافة ‪ 0‬ومعناه ‪ :‬التنبت والتيقن ؛ والأحرف إستثناء ‪ 0‬والمُستثنى منه‬ ‫محذوف ‪ 8‬أي ‪ :‬لأحد ‪ } ،‬إلآ لرسل الله ] ‪ :‬ورسل ‪ :‬يحتمل أن يكون‬ ‫بفتح الأول وسكون التاني ‘ مُخفف رسول ‘ وهو المناسب لافراد الضمير‬ ‫في مُصحفه ‪ ،‬أو بضم الأول وسكون الثاني ‪ 0‬على وزن قفل ‘ مُخفف رسل‬ ‫(بضمتين) تب ‪ .‬وهذا أقرب إستعمالاً ‪ 0‬لكنه غير مناسب لإفراد‬ ‫الضمير { وهذا التخفيف لا وجه له إلا الضرورة ‪.‬‬ ‫وأما الرسل (بالكسر) ‪ :‬كالعلم ؛ أو (الفتح) ‪ :‬كالضرب ؛ أو (الضم) ‪:‬‬ ‫كالقفل ؛ مفردات من ذون تخفيف ‘ فبعضها لم يرد في اللغة ‪ .‬وبعضها‬ ‫ليس له معنى مناسب في المقام ‪ 0‬والذي يناسب المقام ‪ :‬الرسول ‪،‬‬ ‫والرسيل {‪ 0‬والمرسل ‪ ،‬مفردات ؛ والرسل ‪ :‬تكتب ؛ وأرسل ‪ :‬كأرجل ؛‬ ‫‏‪ ١٦١٦_.‬۔‬ ‫ورسلاء ‪ :‬كلماء جموعا ‪ 0‬وشيء منها لا يوافق الوزن ‪ 0‬مضافا إلى أن‬ ‫الجموع ‘ لا يناسب إفراد الضمير ؛ والله مُضاف إليه لرسل ‪ 0‬والجار‬ ‫والمجرور متعلق بالتقليد ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬يتلو ع ‪ :‬مضارع ‪ :‬تلا ‪ 0‬يتلو ‪ .‬تلاوة ‪ 0‬وفاعله ضمير‬ ‫مستتر راجع إلى الموصول ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬مُصحفه { ‪ :‬بالنصب مفعولة ‪ ،‬وهو بضم الميم وكسرها ‪.‬‬ ‫والأول أشهر {‪ ،‬أو متلتة الميم ‪ 0‬كما في " القاموس "" ‪ .‬من أصطحف‬ ‫(بالضم) { أي ‪ :‬جعلت فيه الصحف ‘ وفي الغرف ‪ 0‬معناه ‪ :‬القرآن ‪ ،‬أو‬ ‫مُطلق الصحيفة } كما في الحديث ‪ :‬مُصحف فاطمة فيه كذا وكذا ‪.‬‬ ‫والجملة حال من فاعل ‪ :‬لم يرتض ‘ وكأن فيه إشعار بعدم جواز‬ ‫العمل بأخباره الواردة ‪ 0‬ولعله يأتي الكلام فيه ‪.‬‬ ‫إجمالا ‪ .‬ولم يفصل حالها ‪ .‬مما‬ ‫بقى الكلام في بيان أمور مرت‬ ‫إشتملت عليه الأبيات الثلاثة ‪ 0‬وهى ‪ :‬التجريد ‪ .‬والتقليد ‪ 0‬والنور ‪:‬‬ ‫أما الأول ‪ :‬فبيانه زيادة على ما ذكر في بيان صفات النفس ‪ :‬أنه‬ ‫عبارة عن تزكية النفس ‘ وتصفيتها عن شوانب الظلمات ‘ والكدورات‬ ‫الحاصلة من الجهالات ‏‪ 0٠‬وخسانس الحالات ‪ 0‬ورذانل الصفات ‪ .‬وذمانم‬ ‫الملكات ‪ 0‬وتحليها بمحامد الصفات ‪ .‬ومحاسن الملكات ‏‪ 0٠‬وسوامي‬ ‫الحالات ‪.‬‬ ‫وشرح هذا المقال ‪ 0‬وبيان هذا الإجمال ‘ بذكر مقدمة { وهي ‪ :‬أن‬ ‫للإعيان الثابتة على إختلافها وكثرتها ‪ 0‬أربع درجات في الوجود ‪ 0‬وجود‬ ‫۔‪١٦١٧١‬‏ ۔‬ ‫في اللوح المحفوظ ‪ ،‬وهو سابق على الوجودات الثلاثة ‪ 0‬قال الله (تجَةه) ‪:‬‬ ‫لأ ولا رطب‪ ,‬ولا يابس إلا في كتاب مبين ‪ .)( 4‬وقال تلة ) ‪ « :‬وكل‬ ‫التفاسير ‪.‬‬ ‫‏(‪ ‘ (٢‬على بعص‬ ‫في إمام مبين «‬ ‫أحصيناه‬ ‫شيء‬ ‫ويتبع هذا الوجود وجودها الحقيقي ‪ 0‬ويتبع وجودها الحقيقي وجودها‬ ‫الخيالي ‪ .‬ويتبع وجودها الخيالي وجودها العقلي ‪ 0‬وهذا الوجود العقلي‬ ‫هو العلم والحكمة ‪ « :‬ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا » (") ‪ 0‬وهو‬ ‫من الألطاف الخفية ‪ 0‬إذ جعل حدقتك على صغر حجمها ‪ 0‬بحيث ينطبع فيها‬ ‫صورة العالم على سعتها ‪ 0‬تم يسري من وجودها في الحس ‪ .‬وجود في‬ ‫الخيال ‪ ،‬كما إذا أغمضت عينك ‪ 0‬ترى صورة ما رأيته بعين الحس ‪ .‬بعين‬ ‫الخيال بعينها ‪ .‬بلا زيادة ولا نقيصة ‘ إلا أنها مُجردة عن التعينات والآثار‬ ‫المختصة بوجودها الخارجي ‪ 0‬تم من وجودها الخيالي ‪ 0‬وجود في القلب‬ ‫مجردا عن الصور الجزنية ‘ مُنتزعاً منها صورة كلية ‪ .‬وهي المعبر عنها‬ ‫بالعلم ‪.‬‬ ‫إذا عرفت ذلك ‪ 0‬فنقول ‪ :‬أن لتحصيل هذه الصورة العقلية { أعنى ‪:‬‬ ‫العلم ‪ 0‬بحقائق الأشياء والموجودات طريقين ‪ 0‬أحدهما ‪ :‬للمتصوفة ‪.‬‬ ‫فقالوا ‪ :‬أن الطريق إلى ذلك تقديم المجاهدة ‪ .‬ومحو الصفات المذمومة ‪.‬‬ ‫وقطع العلائق كلها ‪ 0‬والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى ‏‪ ٠‬ومهما حصل‬ ‫ذلك ‪ ،‬كان الله هو المتولي لقلب عبده ‪ 0‬والمُتكفل له بتنويره بأنوار العلم ؛‬ ‫وإذا تولى الله أمر القلب ‪ ،‬فاضت عليه الرحمة ‪ ،‬وأشرق النور في القلب ه‬ ‫(‪ )١‬سورة الأنعام‪. . ٥٩ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة يس‪. ١٦ : ‎‬‬ ‫‪. ٢٦٩‬‬ ‫‪:‬‬ ‫البقرة‪‎‬‬ ‫سورة‬ ‫) ‪(٣‬‬ ‫‏‪ ١٦١٨‬۔‬ ‫وانشسرح الصدر { وانكشف له السر المكنون ‪ 0‬وانقشسع عن وجه القلب‬ ‫حجاب العزة بلطف الرحمة ‪ 0‬وتلألأت فيه حقائق الأمور الإلهية } فليس‬ ‫على العبد إلآ الإستعداد بالتصفية المجردة ‪ 0‬وإحضار الهمة مع الإرادة‬ ‫الصادقة ‪ .‬والتعطش التام ‪ 0‬والترصد بدوام الإنتظار ‪ 0‬لما يفتحه الله تعالى‬ ‫من الرحمة ‪ ،‬فهذه للأنبياء والأولياء ‪ 0‬إنكشسف لهم الأمر ‘ وفاض على‬ ‫صدورهم النور ‘ من غير تعلم ودراسة وكتابة للئتب ‘ بل بالزهد في‬ ‫الدنيا ‪ .‬والتبرؤ من علائقها } وتفريغ القلب من شواغلها ‪ 0‬والإقبال بكنه‬ ‫الهمة على الله تعالى ‪ .‬قمن كان لله } كان الله له ‪.‬‬ ‫وزعموا أن الطريق في ذلك أولا ‪ :‬بإنقطاع علانق الدنيا بالكلية ‪.‬‬ ‫وتفريغ القلب منها ‪ 0‬وبقطع الهمة عن الأهل ‪ 0‬والمال ‪ 0‬والولد ‪ 0‬والوطن ‪9‬‬ ‫والولاية ‪ 0‬والجاه ‪ 3‬حتى العلم ‪ 0‬فيصير قلبه إلى حالة يستوي فيها وجود‬ ‫كل شيء وعدمه ‘ ثم يخلو بنفسه في زاوية مع الاقتصار على الفرانض‬ ‫والرواتب ‏‪ ٠‬ويجلس فارغ القلب مجموع الهم ‘ ولا يفرق فكره بقراءة‬ ‫قرآن ‪ ،‬ولا بالتأمل في التفسير ‘ ولا بغقتب حديث ‪ .‬ولا غيره ‪ 0‬بل يجتهد‬ ‫أن لا يخطر بباله شيء سوى الله تعالى ‪.‬‬ ‫فلا يزال بعد جلوسه في الخلوة { قائلا بلسانه ‪ :‬الله ‪ 0‬الله ‏‪ ٠‬على‬ ‫الدوام ‪ 0‬مع حضور القلب ‪ 0‬حتى ينتهي إلى حالة يترك تحريك اللسان ‪.‬‬ ‫ويرى كأن الكلمة جارية على لسانه ‪ ،‬تم يصبر عليه ‪ 0‬إلى أن يمحى أثره‬ ‫عن اللسان { وصادف قلبه مواظبا على الذكر ‘ ثم يواظب عليه ‪ .‬إلى أن‬ ‫يمحى عن القلب صورة اللفظ ‘ وحروفه‘ وهيئة الكلمة ‪ 0‬ويبقى معنى‬ ‫الكلمة مُجردا فياقلبه حاضرا فيه ‪ 0‬كأنه لازم له لا يفارقه ‪ .‬وله إختيار‬ ‫‏‪ ١٦١٩‬۔‬ ‫إلى أن ينتهي إلى هذا الحد { وإختيار في إستدامة هذه الحالة بدفع‬ ‫الوسواس ‘ وليس له إختيار في إستجلاب رحمة الله تعالى ‪ .‬بل هو مما‬ ‫فعله صار مُتعرضا لنفحات رحمة الله ‪ 0‬فلا يبقى إلا الإنتظار ‪ 0‬لما يفتح الله‬ ‫من الرحمة ‪ 0‬كما فتحها على الأنبياء والأولياء بهذا الطريق ‪.‬‬ ‫وعند ذلك ‘ إذا صدقت إرادته ى وصفت همته ‘ وحسنت مُواظبته ‪ .‬فلم‬ ‫تجاذبه الشهوات { ولم يشغله حديث النفس بعلانق الدنيا ‪ 0‬فتلمع لوامع‬ ‫الحق في قلبه ‪ 0‬ويكون في ابتدانه كالبرق الخاطف ‪ 8‬لا يثبت تم يعود ‪.‬‬ ‫وقد يتأخر ‪ 0‬وإن عاد فقد يثبت ‪ 0‬وقد يكون مُختطفا ‪ 0‬وإن ثبت فقد يطول‬ ‫تبات ‪ 0‬وقد لا يطول ‘ وقد يتظاهر أمثاله على التلاحق ‪ 0‬وقد يقتصر على‬ ‫فن واحد ‪ 0‬ومنازل أولياء الله تعالى فيه لا تحصر ‘ كما لا يحصى تفاوت‬ ‫خلقهم وأخلاقهم { فقد رجع هذا الطريق ‪ 0‬إلى تطهير محض من جانبك ‪.‬‬ ‫وتصفية وجلاء { تم إستعداد وإنتظار فقط ‪ .‬وهذا هو التجريد عندهم ‪.‬‬ ‫الشائع في الألسن ‏‪ 0٠‬حتى من غيرهم { فإذا أطلق التجريد ‪ .‬أريد به هذا‬ ‫المعنى غالبا ‪.‬‬ ‫والطريق الثاني ‪ :‬طريق الغلماء النظار ‪ 0‬وذووا إعتبار ‪ .‬وهم وإن لم‬ ‫ينكروا هذا الطريق رأسا ‪ 0‬ولا إمكانه قطعا ‪ .‬ولا إفضانه إلى هذا المقصد‬ ‫على الندور ‪ 0‬فإنه أكثر أحوال الأنبياء والأولياء المعصومين (صلوات الله‬ ‫عليهم أجمعين) ‪ 0‬ولكنهم إستوعروا هذا الطريق ‪ 0‬واستبطنوا ثمرته ‪.‬‬ ‫واستبعدوا استجماع شروطه { فإن محو العلائق إلى ذلك الحد كالمُتعذر ‪.‬‬ ‫بل المتعذر ‪ 0‬وإن حصل في حال فتباته أبعد منه { إذا دنى وسواس وخاطر‬ ‫يشوش القلب ‪ 0‬فمن اقتصر في سلوكه على مجرد العمل والرياضة ه‬ ‫‏‪ ١٧ ٠. .‬۔‬ ‫والمجاهدة من غير بصيرة ولا معرفة ‪ 0‬فالتصفية تصير وبالاآ عليه ى إذ‬ ‫تحرك النفس تحريك بالخواطر الوهمية ‘ ويستولى عليه الوساوس‬ ‫النفسانية ‪ 0‬فيشوش القلب ‪ 0‬حيث لم يتقدم رياضة النفس بحقائق العلوم‬ ‫والأفكار الصحيحة ‪ 0‬فيتشبث بالقلب خيالات فاسدة ‪ ،‬إذ شأنه عدم الثبات‬ ‫والسكون على حالة واحدة ‪ 0‬والإطمننان عليها ‪ 0‬كما روي عن النبي‬ ‫قل) ‪ " :‬قلب المُؤمن أشد تقلب من القدر في غليانه " ‪ .‬وفي الحديث‬ ‫تنا ) ‪" :‬قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن" ‪.‬‬ ‫القدسي ‪ .‬عنه‬ ‫فحيث لم يكن القلب مهذبا بالعلوم الحقه ‘ يخترع بفكره الفاسد‬ ‫تصورات باطلة { وأوهام كاذبة ‪ 0‬وربما يتخيل في ذات الله وصفاته ‪.‬‬ ‫اعتقادات فاسدة ‪ .‬من باب الكفر والزندقة ‪.‬‬ ‫وفي زعمه أنها صحيحة حقه ‘ انكشفت له من الغيب ‘ نعوذ بالله‬ ‫تعالى ‪ 0‬ومع ذلك ‪ 0‬قل ما يخلو من إعجاب في نفسه وافتخار } واغترار‬ ‫بخياله ‪ 0‬الذي ظنه علما ‘ ونظر إلى الناس بعين الحقارة ‪ 0‬والنقص ‏‪٥‬‬ ‫والعيب ‪.‬‬ ‫ولذا _ تراهم يسمون غيرهم ‪ :‬مخلوق الله ‪ 0‬وأنفسهم ‪ :‬عباد الله ه‬ ‫وربما يتسسخن باطنه بأمراض نفسانية ‪ 0‬وعلل قلبية ‪ .‬وهو غافل عنها‬ ‫بفروره ‪ 3‬غير مُلتفت إلى معالجة النفس وإزالتها عن القلب { لجهله‬ ‫بذمائم الأخلاق عن محامدها ‪ .‬فيزعم الرذائل فضائل { كما يزعم الخمود‬ ‫۔ مثلا ۔ عفة ‪ .‬وعدم الغيرة حلما ‪ 0‬والتهور شجاعة ‘ والذلة كسر النفس‬ ‫وُجاهدة ‪ .‬ونحو ذلك ‪ 0‬ويبقى طول غمره على هذه الحالة ‪ .‬إلى أن يحل‬ ‫‏‪ ١٧١‬۔‬ ‫الأجل ‪ 0‬وهو على هذه الحالة ‪ ،‬زاعما بنفسه أنه على شيع ‪ 0‬وهو كما‬ ‫قال تعالى ‪ :‬ل( قل هل لنبنكم بالاأخسرين أعمالا ‏("‪ !"٠‬الذين ضل سعيهم في‬ ‫الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا « (" ‪.‬‬ ‫وعن رسول الله رن) ‪ " :‬قصم ظهري رجلان ‪ :‬عالم مُتهتك ‪.‬‬ ‫وجاهل مُتنسك "" ؛ وربما يفسد المزاج في أثناء هذه المُجاهدة ‪ }.‬ويختلط‬ ‫العقل ويختل ‪ 0‬ويمرض البدن ‪ 0‬فطريق الحق ‪ :‬أن يتقدم رياضة النفس‬ ‫وتهذيبها بحقائق العلوم ‪ 0‬لئلا يتشبث القلب بخيالات فاسدة تطمئن النفس‬ ‫إليها مُدة طويلة ‪ 0‬إلى أن ينقضي الغمر قبل النجاح بالمقصود ‪.‬‬ ‫فكم من صوفي سلك هذا الطريق ‘ ثم بقي في خيال واحد ‘ عشرين‬ ‫سنة { ولو كان قد أتقن العلم من قبل ‘ لإنفتح له وجه إلتباس ذلك الخيال‬ ‫في الحال ‪ 0‬فالاشتغال بطريق التعلم أوثق وأقرب إلى الغرض ‘ وليس ذلك‬ ‫إل كما لو ترك الإنسان تعلم الفقه ؛ وزعم أن النبي () © لم يتعلم ذلك‪٠‬‏‬ ‫وصار فقيها بالوحي والإلهام ‪ 0‬من غير تكوير وتعلم ‘ فيقول ‪ :‬وأنا أيضا‬ ‫ربما تنتهي بي الرياضة إلى ذلك ‪.‬‬ ‫وهيهات هيهات ‘{ هم من شجر ونحن من أشجار ‪ 0‬ومن ظن ذلك فقد‬ ‫ظلم نفسه ‘ وضيع غمره ‪ 0‬بل ليس هذا إلا كمن ترك الحرث والكسب ‪.‬‬ ‫رجاء العثور على الكنز ‪ ،‬فإن هذا أيضا مُمكن ‪ ،‬لا يستحيل عند العقل ه‬ ‫فلابد أولا من تحصيل ما حصله الغلماء ‪ .‬وفهم ما قالوه ‪ ،‬ثم لا بأس بعد‬ ‫ذلك بالإنتظار ‪ 0‬لما لم ينكشف لسائر الغلماء ‪ 0‬فعساه ينكشف بعد ذلك‬ ‫(‪ )١‬سورة الكهف‪. ١٠٤ - ١٠٣ : ‎‬‬ ‫‏_‪ ١٧٢‬۔‬ ‫بالنجاهدة على وجه لا يتجاوز الشرع ‘ بل يطابق العقل والشرع { على‬ ‫ما مر بيانه في ذكر الأخلاق ‘ على وجه الإجمال ‪.‬‬ ‫وأما الثاني ‪ :‬أعني ‪ :‬بيان التقليد ‪ .‬والخكم بجوازه ‘ أو عدم جوازه ه‬ ‫أما معناه ‪ :‬فقد مر أنه الأخذ بقول الغير بلا دليل ؛ وأما حكمه ‪ :‬فنقول ‪:‬‬ ‫أن التقليد تارة في الفروع العملية الفقهية ‪ .‬وهو جائز قطعا لمن لم يبلغ‬ ‫درجة الإجتهاد ‪ 0‬أي ‪ :‬لم يحصل له ملكه يقتدر بها على تحصيل القطع ‪.‬‬ ‫أو الظن بالفروع من الأدلة التفصيلية وإستنباطها منها ‪ 0‬وأخرى في‬ ‫الأضول الإعتقادية ‪ .‬التي لا تناط بعمل ‘ وفعل من أفعال الجوارح ‪ 0‬بل‬ ‫الفزض منها حصول الإعتقاد الجازم ‪ 0‬وأصولها ثلاتة ‪ :‬الأول ‪ :‬التوحيد ؛‬ ‫والثاني ‪ :‬النبوة ؛ والثالث ‪ :‬المعاد ‪.‬‬ ‫ولكل من الاصول الثلانة ‪ 0‬فروع إعتقادية ‪ 0‬فالكلام تارة في نفس‬ ‫الاصول { وتارة في فروعها ‪ {.‬والأصول قسمان ‪:‬‬ ‫قسم ‪ :‬لا يجوز التقليد فيه لأحد ‪ ،‬كإثبات الصانع ‘ والتوحيد } والنبوة ‪0‬‬ ‫العامة والخاصة { فإن التقليد فيها من غير حجة ودليل يفضي إلى الدور‬ ‫الحال { وتفصيله يطلب من الكتب الكلامية ‪ 0‬ولا مجال لذكره هنا ‪.‬‬ ‫وأما الباقي ‪ :‬والفروع كلها ‪ 0‬فيجوز فيها تقليد الحجج المعصومين‬ ‫(صلوات الله عليهم أجمعين) ‪ .‬ذون غيرهم من الغلماء ‪.‬‬ ‫وأما تقليد الآباء والسلاف ‪ ،‬فغير جائز في شيء من الخصضول‬ ‫والفروع ؛ وقد ذم الله تعالى الفار في موارد كثيرة من القرآن الكريم ‪.‬‬ ‫على تقليدهم لآبائنهم وأسلافهم في الأصول ‘ منها قوله تعالى ‪ « :‬وإذا قيل‬ ‫‏‪ ١٧٣‬۔‬ ‫لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه أباءنا أو لو كان أباؤهم‬ ‫لا يعقلون شيئا ولا يهتدون » (" ‪.‬‬ ‫تم اعلم أن كل من اتبع قول الأسلاف والمشايخ بغير بصيرة ‪ 0‬فهو‬ ‫داخل تحت مذمة هذه الآية الشريفة ؛ ولقد نرى كثيرا من المنتسبين إلى‬ ‫العلم ‪ 0‬يرجع حاصل علومهم إلى تقليد المشايخ الماضين ‪ ،‬الذين هم‬ ‫بمنزلة أبائهم ‪ ،‬والآية دالة على وجوب الأخذ بالدليل ‪.‬‬ ‫قال ابن عباس (رضي الله عنهما) ‪ :‬نزلت الآية في اليهود ‪ ،‬وذلك‬ ‫حين دعاهم رسول الله رن) ى إلى الإسلام ‪ 0‬فقالوا ‪ :‬ل( بل نتبع ما وجدنا‬ ‫عليه أباءنا ‏‪ 0 (") ٤‬فهم كانوا خيرآ منا ‪.‬‬ ‫وأعلم أن قوله تعالى ‪ « :‬ألفينا ‪ 0 )"( 4‬أي ‪ :‬وجدنا ‪ 0‬بدليل ‪ « :‬بل‬ ‫نتبع ما وجدنا » (‘) ‪ 0‬في آية أخرى ‪ ،‬وأن الله أمرهم أن يتبعوا ما أنزل‬ ‫الله من الحجج القاطعة ‪ .‬والبراهين الساطعة ‘ من حيث هي كذلك ں لا لأنه‬ ‫منزل من عند الله تعالى ‪ 0‬لما ذكرنا من لزوم الدور على تقديره ‪.‬‬ ‫فهم قالوا ‪ :‬ما نتبع ذلك ‪ ،‬بل نتبع أباننا وأسلافنا ‪ 0‬فكأنهم عارضوا‬ ‫الدلالة بالتقليد ‪ .‬فوبخهم النه تعالى بقوله ‪ } :‬أو لو كان أباؤهم لا يعقلون‬ ‫شينا ولا يهتدون » () { فإن الواو في قوله ‪ « :‬أو لو » () [ للعطف ‪.‬‬ ‫دخلت عليه همزة الاستفهام ‪ :‬ومحل الإستفهام التوبيخي ما كان الفعل‬ ‫واقعا ‪ 0‬الفاعل ملوما ‪ ،‬كقولهم ‪ :‬أتوانيا وقد جد قرناؤك ؛ وجواب (لو)‬ ‫(‪ )٤‬سورة لقمان ‪ :‬‏‪. ٢١‬‬ ‫‏(‪ )١‬سورة البقرة ‪ :‬‏‪. ١٧٠‬‬ ‫(‪ )٥‬سورة البقرة‪. ١٧٠ : ‎‬‬ ‫(‪ )٦٢‬سورة لقمان‪. ٢١ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة البقرة‪. ١٧٠ : ‎‬‬ ‫‏‪ ١٧٤‬۔‬ ‫محذوف ‪ ،‬أي ‪ :‬ولو كان أباؤهم لا يتفكرون ولا يهتدون لإتبعوهم ‪ 0‬فيدل‬ ‫الآية على منع التقليد ‪.‬‬ ‫وتقرير الجواب عن قولهم من وجوه ‪:‬‬ ‫الأول ‪ :‬أن يقال للمُقلد ‪ :‬أن شرط جواز تقليد الإنسان ‘ أن تعلم أنه‬ ‫مُحق { وأنت كيف عرفت أن من قلدته مُحق ‘{ فإن عرفته بتقليد آخر ‪.‬‬ ‫وهكذا لزم التسلسل ؛ وإن عرفته بالعقل { فذاك كاف ولا حاجة إلى التقليد ؛‬ ‫فإن قلت ‪ :‬ليس من شرط جواز تقليده ‪ 0‬أن يعلم كونه مُحقا ؛ فإذن قد‬ ‫جوزت تقليده وإن كان مُبطلا ؛ فإذن أنت على تقليدك لا تعلم أنك مُحق أو‬ ‫الثاني ‪ :‬هب أن ذلك المتقدم كان عالما بهذا الشي ع ‪ .‬إلا أنا لو قررنا‬ ‫دليل المتقدم ولا نذهب عليه ‪ 0‬كان لابد من العد ‪ ،‬والعدول عن النظر ‪،‬‬ ‫فكذا ها هنا ‪.‬‬ ‫التالث ‪ :‬إنك إذا قلدت من تقدمك ‪ ،‬فذلك المتقدم كيف عرفه ؟ إعرفه‬ ‫بتقليد أو لا ‪ 0‬بل بدليل ‪ ،‬فإن عرفه بالتقليد لزمه ‪ 0‬إما الدور أو التسلسل ‪.‬‬ ‫وإن عرفه لا بالتقليد بل بدليل ؛ فإذا أوجبت تقليد ذلك المتقدم ‪ .‬وجب‬ ‫عليك أن تطلب العلم بالدليل لا بالتقليد ‪ 3‬وإلا منت مخالفا له ‪ .‬حيث طلبت‬ ‫القلم بالتقليد ‪ 0‬وهو كان يطلبه بالدليل ‪ 0‬فتبت أن القول بالتقليد تبوته‬ ‫يرجع إلى نفيه } فيكون باطلا ‪.‬‬ ‫وها هنا نكتة ‪ .‬وهي ‪ :‬أن الله (جْلله) ‪ 6‬ذكر هذه الآية ‪ 0‬غقيب الزجر‬ ‫عن اتباع خطوات الشيطان ‪ 0‬فدلت على أنه لا فرق بين متابعة وساوس‬ ‫‏‪ ١٧٥‬۔‬ ‫الشيطان ‪ 0‬والتقليد للأباء والأسلاف ‪ 0‬وهو أقوى دليل على وجوب النظر‬ ‫والإستدلال ‪ 0‬وترك التعويل على قول الغير من غير دليل ‪.‬‬ ‫قال بعض الحكماء الإسلاميين ‪ .‬على ما‪ .‬حكى عنه من صدق بغير‬ ‫دليل ‪ :‬فهو حمار ‪ ،‬وكأنه نظر في قوله تعالى ‪ :‬ا مثل الذين حملوا التوراة‬ ‫نم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفار « (') ؛ وقوله ‪ ( :‬لا يعقلون‬ ‫(") ‪ ،‬أي ‪ :‬من المعقولات ‪ .‬وهي العلوم العقلية ‪ .‬والمعارف‬ ‫شينا‬ ‫اليقينيه ‪.‬‬ ‫وأما الثالث ‪ :‬وهو بيان معنى النور ‪ 0‬فنقول ‪ :‬النور قسمان ‪ :‬ظاهري‬ ‫حسي ‘ وباطني عقلي ‘ وجامع الكل الظهور ‪ .‬أعني ‪ :‬الظاهر بذاته ‪.‬‬ ‫المظهر لغيره ‪ .‬ولكل منها إفراد متفاوتة بالشدة ‪ 0‬والضعف ۔‪ 8‬والكمال ‏‪٥‬‬ ‫والنقص ‘ وبالأمور الخارجية ‘ إذا كانت في المواد الخارجية ‪ .‬وأعظم‬ ‫أنوار الحسي ‪ :‬هو نور الشمس ‪ ،‬الذي هو غاية الأنوار الحسية ‪ ،‬ولا أشد‬ ‫منه في عالم الكون { ومن ورانه أنوار أخرى باطنية ‪ 0‬خارجة عن إدراك‬ ‫البصر وإحساس النظر ‪ 0‬وتلك الأنوار الباطنية بعضها فوق بعض ‘ في‬ ‫الصفاء والنورية ‪ 0‬وكل ما كان من تلك الأنوار أشد ظهورا ‪ .‬وأقوى‬ ‫وجودا ونورية في حد ذاته ‪ 0‬كان أبطن وأخفى عن إدراك هذه الحواس‬ ‫الظاهرة الجسمانية ‘ ونسبة كل طبقة إلى فوقها في شدة النورية وكمالها ‪.‬‬ ‫كنسبة نور الشمس إلى ما هو أقرب منها من هذا العالم ‪.‬‬ ‫ومما اتفق عليه الغرفاء ‪ 0‬أن تلك الأنوار الملكوتية ‪ .‬أدناها النفس‬ ‫الحيوانية ‪ 3‬المعبر عنها في القرآن بالصدق ‪ ،‬قال الله تعالى ‪ « :‬أفمن‬ ‫(‪ )٢‬سورة البقرة‪. ١٧٠ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الجمعه‪. ٥ : ‎‬‬ ‫‏‪٦٧١‬۔‪ .‬۔‬ ‫شرح الله صدره للإسلام ‪ )( 4‬؛ وبعدها النفس الناطقة { السعبر عنها‬ ‫بلسان الشرع بالقلب ‪ ،‬لتقلبه من مرتبة النفس إلى مقام الروح ‪ ،‬وبعد‬ ‫العقل النظري المعبر عنه عند الشريعة بالروح { وبعده ما يسمى عند‬ ‫الفرفاء بالسر ‪ .‬وعند الحكماء بالعقل الفعال ‪.‬‬ ‫نم أنه ليس لهذين الجوهرين من الجواهر الأربع النورية الملكوتية }‬ ‫التي هي كالعناصر الذربعة لعالم الملكوت ‪ 0‬وهما كطبقتي النار والهواء‬ ‫من ذلك العالم ‪ .‬مظهر ومُتعلق به في هذا العالم بخلاف الأولين ‪ 0‬فللنفويس‬ ‫الحيوانية ‪ 0‬وكذا للنفس الناطقة ‘ وهي القلب المعنوي ‪ 0‬مظاهر في هذا‬ ‫العالم ‪ 4‬هي قلوب بني أدم ‪ 0‬وذلك ‪ « :‬لمن كان له قلب » ('' ‪.‬‬ ‫إذا عرفت ذلك ‏‪ ٠‬فاعرف وتنبه ‪ ،‬إذا كلت هذه القوة البصرية ‪.‬‬ ‫وضعفت عن إدراك النذور الشمسي ‪ .‬وهو أدنى من طبقات الأنوار‬ ‫المتفاضلة في شدة النورية ‪ 0‬ونسبته إلى أنزل تلك الطبقات ‪ 0‬كنسبة جزء‬ ‫واحد من سبعين جزء ‪ 0‬وهكذا نسبة كل طبقة منها إلى ما فوقها ‘ ثم لا‬ ‫نسبة بين تلك الطبقات إلى نور الأنوار } لأنه فوق ما لا يتناهى { بما لا‬ ‫يتناهي في شدة النورية ‪.‬‬ ‫فما أضل وأغوى ‪ ،‬وكذب وافترى ‪ 0‬من زعم وادعى ‪ 8‬أنه يمكن رؤية‬ ‫الله تعالى بهذه العين ‪ 0‬وهو ممن يعجز عن تحديق بصره إلى جرم‬ ‫النمس ‘ وإملاء عينه من نورها حين لا حجاب ذونها ولا سحاب ‪.‬‬ ‫فاعرف ذلك واحفظه { فإنه نافع فيما سيجيء إن شاء الله تعالى ‪ ،‬إذا‬ ‫عرفت ما تلونا عليك ‪.‬‬ ‫‪. ٣٧‬‬ ‫ق‪: ‎‬‬ ‫(‪ (٢‬سورة‬ ‫‪. ٢٢‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الزمر‪‎‬‬ ‫‏‪٧٧١‬۔ ۔‬ ‫فلنرجع إلى حاصل معنى الأبيات الثلاثة ‪ .‬فنقول ‪ :‬معناها ‪ :‬أن من كان‬ ‫همته وعزيمته التجريد وتصفية النفس وجلانها ‪ .‬عن ظلمات الجهل ‏‪١‬‬ ‫وصدا كدورات رذائل الملكات ‪ .‬وعوائق العلائق البدنية ‪ 0‬في طلب إشراق‬ ‫الأنوار والهدى ‪ 0‬ولمن تمرن واستمر على تقليد الأباء والأسلاف ‘ كان‬ ‫من المخوفين ‪ 0‬فبسبب ذلك التجريد والتصفية ‪ 0‬ارتفع بنور عقله التام‬ ‫الكافي إلى أفق السماء المعرفة ‪ .‬وتقرب إلى أقرب منازل المقربين ‪.‬‬ ‫وطوى عالم الملك والشهود ‪ 0‬وبلغ مبلغ الغيب والملكوت ‪ 0‬لم يرتض‬ ‫بتقليد الأباء والمشايخ من غير تحقيق الحق ‪ 0‬وكشف الحجاب عن وجه‬ ‫حال من سلف وسبق ۔ إلا أن يكون من الأنبياء المرسلين ‪ .‬والحجج‬ ‫المعصومين ‪ ،‬الذين لم يدن ساحتهم الغلط والخطا ‪ 0‬ولم ينبع علمهم إلا‬ ‫عن مبدع الأرض والسماء ‪.‬‬ ‫وأما ما استشعرناه من إختصاص الحجية بالصحف ‪.‬ه فلا وجه له ‪.‬‬ ‫لأن أخبارهم (صلوات الله عليهم) ‪ 0‬كسُصحفهم حجة قاطعة ‪ .‬نعم هي على‬ ‫أقسام ‪ 0‬بعضها ليس بحجة ‘ إما لضعف السند ‪ .‬الذي مرجعه إلى عدم‬ ‫النبوت منهم ؛ وإما لعدم وضوح الدلالة من جهة إجمال في اللفظ ؛‬ ‫والوجه الأخير مشترك بينها وبين المصحف ‪.‬‬ ‫ثم اعلم ‪ 0‬أن في الأبيات وجوها من لطائف البلاغة ‪ 0‬وطرانف البديع ‏‪٠‬‬ ‫لا بنس بالإشارة إليها ‪ 0‬فمن وجوه البلاغة ‪ :‬أنه إختار الجملة الإسمية‬ ‫على الفعلية ‪ .‬في جملة الصلة ‪:‬‬ ‫أولا ‪ :‬للدلالة على الدوام والثبات ‪ ،‬فإنه مُقتضى الحال والمقام في هذا‬ ‫‏‪ ١‬لمقام ‪ .‬فكأنه قيل ‪ :‬من دامت همته ‘ وثبتت عزيمته ‪ .‬بحيث لا تحركه‬ ‫۔ ‏‪ ١٧٨‬۔‬ ‫العواصف ‘ ولا تزيله القواصف ‪ .‬في طلب الهدى ‪ ،‬وإختار الجملة‬ ‫الفعلية ‪.‬‬ ‫ثانيا في قوله ‪ [ :‬ولمارد التقليد كان مخوفه ع ‪ :‬لأنه قصد منها الوعظ‬ ‫والنصيحة على ما يقتضيه المقام ؛ والواعظ يأتي بالكلام على حسب ما‬ ‫تقتضيه الحال والمقام ‪ 0‬والوقت والزمان ‪ 0‬بفنون المُجادلات ‏‪ ٠‬وأقسام‬ ‫الخطابات ‘ فناسبه الجملة الفعلية ‪ ،‬المفيدة للتجدد والحدوث {‪ 0‬واختار‬ ‫الماضي للدلالة على أنه ينبغي أن يقدم السالك إزالة التقليد ‪ 0‬الذي هو من‬ ‫رذانل الصفات ‪ 0‬فأتى بما يدل على التحقق والوقوع ‘ ثم يهتم في تحصيل‬ ‫التجريد ‪.‬‬ ‫ثم أتى بما يتفرع على ذلك الفعل ‪ 0‬عقيب الفاء الدالة على الترتيب‬ ‫والتفريع بأحسن وجه ‘ من أنه إذا فعل ذلك ترتب عليه ‪ .‬ويستنتج منه‬ ‫إرتفاعه إلى سماء المجد والرفعه ‪ 0‬وتقربه في محافل القرب والخلوة على‬ ‫الترتيب الطبيعي ‪ 0‬ومن وجوه البديع الطباق ‪ 0‬ويسمى تضادا وتطبيق‬ ‫أيضا ‪ .‬وهو الجمع بين معنيين متقابلين في الجملة } فجمع بين التجريد‬ ‫والتقليد ‪ .‬وتقابلهما واضح ‘‪ 0‬ومنها الإستعارة التحقيقية ‪ .‬حيث شبه العلم‬ ‫بالنور ‪ 0‬وأتى بالسُتسبه به فقط ‪ 0‬ووجه الشبه ظهورهما بذاتهما ‪.‬‬ ‫واظهارهما لغيرهما ‪.‬‬ ‫ومنها ‪ :‬الإستعارة الطبعية ‪ 0‬حيث شبه العلو المعنوي بالعلو المكاني }‬ ‫فاستعار لفظ ‪ [ :‬سما { ‘ الدال على ارتفاع المكان عن ارتفاع الشأن ‪.‬‬ ‫الحاصل من العلم ‪ 0‬الذي هو نور العقل ‪ 0‬ثم أتى بما يناسب المْشضسبه به من‬ ‫المكان المرتفع } وهو ‪ } :‬أفق السما { ‪ .‬فتكون استعارة تخيلية ‪.‬‬ ‫‏‪ ١٧٩‬۔‬ ‫ومنها ‪ :‬الجناس التام المتماثل ؛ فإن ‪ [ :‬سما { الأول؛ معناه ‪ :‬ارتفع ‪6‬‬ ‫و [ سما { الثاني ‘ معناه ‪ :‬تقرب ‪ 8‬أو إنتسب وتقرب ‘ لازم معناه ‪.‬‬ ‫فتكون كناية ى حيث ذكر الملزوم الذي هو العلو المعنوي ‪ 0‬وأراد لازمه‬ ‫الذي هو القرب والزلفى ‪:‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫طاب الخطاب مُبرهنا عن معرفه‬ ‫فلنن تكن من هؤلاء مُهذبا‬ ‫عن شاهد العقل الذي لن تخلفه‬ ‫ولنن طرحت العقل خلفك معرضا‬ ‫إذ قد تشبه بالحمير المُؤكفه‬ ‫فعديم نور العقل غير مُخاطب‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬فلنن ) ‪ :‬الفاء للعطف ‪ ،‬واللام لتوطنة القسم ‪ 9‬وتسمى‬ ‫اللام ألمُؤذنه للإيذان ‪ 0‬بأن الجواب بعدها مبني على قسم قبلها ‪ .‬لا على‬ ‫الننرط ‪ 0‬وتسمى الموطئة أيضآ { لأنها وطأت ؛ الجواب للقسم ‪ ،‬أي ‪:‬‬ ‫مهدته له ‪.‬‬ ‫كذا قال ابن هشام في "" المغفي "" ؛ و } إن ) ‪ :‬حرف شرط‪.‬‬ ‫و } تكن { ‪ :‬فعل مُضارع ناقص ‘‪ 0‬مجزوم بدخول الشرط عليه ‪ ،‬وأصله ‪:‬‬ ‫تكون ‪ 0‬فلما دخلت عليه ( إن ) الشرطية ‘ جزمت أخره بالسكون ‘ فالتقى‬ ‫الساكنان ‪ 0‬فخذف الواو ‪ }.‬لكونه حرف علة ‪ 0‬فصار ‪ ( :‬تكن ) ‪ 0‬وقد يحذف‬ ‫نونه أيضا ‪ ،‬نحو قوله تعالى ‪ « :‬وإن تك حسنة يضاعفهَا » ( ؛ واسمه‬ ‫ضمير الخاطب المحذوف وجوبا ‪ .‬وهو فعل الشرط ‪.‬‬ ‫‪. ٤ ٠ :‬‬ ‫) ‪ ( ١‬سورة النساء‪‎‬‬ ‫۔‪ .‬‏‪ ١٨٠‬۔‬ ‫وقوله ‪ [ :‬من هؤلاء { بالمد ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق ب } مهذبا ] ‪.‬‬ ‫والهاء فيه حرف تنبيه ‪ 0‬وأولاء اسم إشارة إلى جمع ‪ ،‬مذكرا كان أو‬ ‫مُؤنتا ‪ 0‬عاقلا كان أم غيره ؛ وتميم تقول ‪ :‬أولى بالقصر ؛ و } مهذبا {‬ ‫بالنصب ‪ :‬خبر ( تكن ) ‪ .‬وهو اسم مفعول من هذب يُهذب تهذيبا ‪.‬‬ ‫وتهذيب الشيء تنقيته ‪ 0‬ورجل مُهذب ‘ أي ‪ :‬مُطظهر الأخلاق ؛‬ ‫و [ طاب ) ‪ :‬فعل ماض معتل العين ‘ مُضارعه ‪ :‬يطيب ‘ طابا ‪ ،‬وطيبا ‪.‬‬ ‫وطيبة ‪ .‬وتطياباً ‪ 0‬لذ وزكا ‘ وهو جواب الشرط ؛ و } الخطاب { ‪ :‬فاعله‪.‬‬ ‫وهو توجه الكلام نحو الغير للإفهام ‪ 0‬وقد ينقل إلى الكلام الموجه ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :‬مُبرهنا إ ‪ :‬اسم فاعل ‪ :‬برهن ‪ ،‬يبرهن ‪ 8‬والرهان ‪:‬‬ ‫الحجة والبيان ‪ 0‬وبرهنه ‪ :‬بينه ‪ 0‬وسميت الحجة ‪ :‬برهانا ‪ 0‬لبيانها‬ ‫ووضوحها ‘ وهو خبر بعد خبر لتكن ‪ 0‬ويحتمل أن يكون حالا من فاعل‬ ‫[طاب { ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬عن معرفة ) ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق بقوله ‪ [ :‬مُبرهنا { ‪.‬‬ ‫لتضمينه معنى ‪ :‬نشا ‪ 0‬أي ‪ :‬برهانا ناشئا عن معرفة ‘ وهي اسم مصدر ‪:‬‬ ‫عرفه ‪ 0‬يعرفه ‪ 0‬معرفة ‪ 0‬وعرفانا ‪ 0‬وعرفه (بالكسر) ‘ وعرفا (بكسرتين‬ ‫مُشددة الفاء) ‪ :‬علمه ‪ ،‬فهو ‪ :‬عارف ‪ .‬وعريف ‪ 0‬وعروفة ‪ 0‬كذا في‬ ‫القاموس ‪.‬‬ ‫وقد إختلفت الأقوال في الفرق بين المعرفة والعلم ‪:‬‬ ‫فمنهم من قال ‪ :‬أنها لإدراك الجزيئات ‪ 0‬والعلم لإدراك الكليات ‪.‬‬ ‫ومنهم من قال ‪ :‬أنها ادراك البسانط تصورأ كان لماهياتها ‪ .‬أو‬ ‫‏‪ ١٨١‬۔‬ ‫تصديقا بوجوداتها ‪ 0‬والعلم ‪ :‬إدراك المركبات ‪ ،‬سواء كان باعتبار تصور‬ ‫ماهياتها ‪ 0‬أو التصديق بأحوالها ؛ ومن ثم يقال ‪ :‬عرفت الله ‪ 0‬ولا يقال ‪:‬‬ ‫علمته ‪.‬‬ ‫ومنهم من قال ‪ :‬أنها عبارة عن الإدراك التصوري ؛ والعلم ‪ :‬هو‬ ‫الإدراك التصديقي ‘ وهؤلاء جعلوا العرفان أعظم رتبة من العلم ‪.‬‬ ‫قالوا ‪ :‬لأن تصديقنا باسناد هذه المحسوسات ‪ .‬إلى موجود واجب‬ ‫الوجود ‪ 0‬أمر معلوم بالضرورة ‪ 0‬وأما تصور حقيقة واجب الوجود ‪ 0‬فأمر‬ ‫فوق الطاقة البشرية ‪ ،‬فعلى هذا كل عارف عالم من غير عكس ‪.‬‬ ‫ولذا قيل ‪ :‬أن الرجل لا يسمى عارفا ‪ ،‬إلا إذا تو غل في بحار العلوم‬ ‫وميادينها ‪ 0‬وترقى من مطالعها إلى مقاطعها ‪ 0‬ومن مبادنها إلى غاياتها ‪.‬‬ ‫بحسب الطاقة البشرية ‪ .‬وقد يطلق على الإدراك المسبوق بالعدم ‪ 0‬أو على‬ ‫الإدراك الأخير من الإدراكين إذا تخلل بينهما عدم ‪ 0‬كما لو عرفت الشيء ‪8‬‬ ‫تم ذهلت عنه { ثم أدركته تانيا ‪ 0‬والمُراد من معرفة الله ۔ كما قيل ۔ الإطلاع‬ ‫على نعوته وصفاته الجمالية والجلالية ‪ .‬بقدر الطاقة البشرية ‪ 0‬وأما‬ ‫الإطلاع على الذات المقدسة ‘} فمما لا مطمع فيه لأحد ‪.‬‬ ‫قال بعض المحققين ‪ :‬أن مراتب المعرفة مثل مراتب النار مثلا ‪ .‬وأن‬ ‫أدنيها من سمع أن في الوجود شينا يعدم كل شيع يلاقيه ‪ .‬ويظهر أثره‬ ‫في كل شيع يحاذيه ‪ 0‬ويسمى ذلك الموجود نارآ ‪.‬‬ ‫ونظير هذه المرتبة في معرفة الله تعالى معرفة المقلدين ‪ 0‬الذين‬ ‫صدقوا بالدين من غير وقوف على الحجة ‪ 0‬وأعلا منها مرتبة ‪ .‬من وصل‬ ‫‪.‬۔‪ ٢.‬‏‪ ١٨‬۔‬ ‫إليه ذخان النار { وعلم أنه لابد له من مُؤثر ‪ 0‬فحكم بذات لها أتر هو‬ ‫الذخان ‪ ،‬ونظير هذه المرتبة في معرفة الله ى معرفة أهل النظر‬ ‫والإستدلال ‪ ،‬الذين حكموا بالبراهين القاطعة على وجود الصانع ‪ .‬وأعلا‬ ‫منها مرتبة ‪ 0‬من أحس بحرارة النار } بسبب مُجاورتها ‪ .‬وشاهد‬ ‫الموجودات بنورها ‪ 0‬وانتفع بذلك الأثر ‪.‬‬ ‫ونظير هذه المرتبة في معرفة الله ‪ 0‬معرفة المُؤمنين السُخلصين ‪.‬‬ ‫الذين إطمأنت قلوبهم بالله (تة) ‪ 6‬وتيقنوا أن ‪ « :‬الله نور السماوات‬ ‫والارض & () ‪ 0‬كما وصف به نفسه ‪.‬‬ ‫وأعلا منها مرتبة من إحترق بالنار بكليته ‪ 0‬وتلاشا فيها بجملته ‪.‬‬ ‫ونظر هذه المرتبة في معرفة الله ‪ 0‬معرفة الشهود ‪ 0‬والفناء في الله ‏‪ ٠‬وهي‬ ‫الدرجة العليا ‪ 0‬والمرتبة القصوى ‪ 8‬رزقنا الله الوصول إليها ‪ .‬والوقوف‬ ‫عليها ‪ 0‬بمنه وكرمه ‪ ،‬إنتهى كلامه ‪ 0‬على ما حكى عنه { أعلى الله مقامه ‪.‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬ولئن { ‪ :‬الواو للعطف ‪ ،‬أي ‪ :‬عطف الجملة التالية على‬ ‫السابقة ‪ 0‬واللام في } لنن { { وكذا [ إن ) } كما سبق ؛ و [ طرحت { ‪:‬‬ ‫فعل الشرط ‘ وهي فعل ماض من ‪ :‬طرحه ‘ وبه ‪ :‬كمنع رماه وأبعده ‪.‬‬ ‫كاطرحه ‪ 0‬وطرحه ‪ 0‬والطرح (بالكسر) { ؤكقبر ‪ 0‬والطريح ‪ :‬المطروح ‪.‬‬ ‫والطرح ‪ :‬مُحركة المكان البعيد ‪ 0‬كالطروح ‘ وفيه طرح ‪ :‬بعيدة ‪ 0‬كذا في‬ ‫" القاموس "' ‪ 0‬وفاعله تاء المخاطب ؛ و } العقل ) ‪ :‬بالنصب ‪ :‬مفعوله ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬خلفك ) ‪ :‬ظرف مُتعلق به ‪ 0‬مُضاف إلى ضمير المُخاطب ‪.‬‬ ‫ومعناه ‪ :‬الوراء ‪ .‬ضد الأمام ؛ و [ معرضا ع ‪ :‬بالنصب ‘ حال من ضمير‬ ‫(‪ )١‬سورة النور‪. ٣٥ : ‎‬‬ ‫‪٣‬۔ ‏‪ ١٨‬۔‬ ‫الخاطب في طرحت ؛ و [ عن شاهد { ‪ :‬جار ومجرور ‘ متعلق‬ ‫‪ 0‬وشاهد العقل ‪ :‬دليله ‪ .‬كما فسر به‬ ‫بمعرضا ‪ ،‬مُضاف إلى ‪ } :‬العقل‬ ‫لتكونوا شهداء على الناس » (') ‪ ،‬أي ‪ :‬حججاً عليهم ‪.‬‬ ‫قوله تعالى ‪:‬‬ ‫فتبينوا لهم الحق والدين فالإضافة لامية أو ‪ 0‬معناه ‪ :‬الحاضر ‪ .‬فتكون من‬ ‫باب إضافة الصفة إلى الموصوف ‪ .‬وهو المناسب للوصف التاني ‪ 0‬وهو‬ ‫قوله ‪ [ :‬الذي لن تخلفه { ‪ 0‬فكان الثاني بيان للأول ‪.‬‬ ‫ومعنى ‪ [ :‬لن تخلفه ع ‪ :‬لن تفارقه ‪ 0‬ولن تغيب عنك ‪ ،‬كما فسره‬ ‫جلال الدين السيوطي به‪ .‬في تفسيره ‪ 0‬عند قوله تعالى ‪ « :‬وإن لك‬ ‫موعدا لن تخلفه « (") ‪ 0‬قال ‪ :‬بكسر اللام ‪ ،‬أي ‪ :‬لن تغيب عنه (وبفتحها) ‪.‬‬ ‫أي ‪ :‬بل تبعث إليه ‪ 0‬وكأنه إقتباس منه ‪ 0‬وما أنسبه في المقام ‏‪ ٠‬حيث كان‬ ‫الخطاب للسامري ‪ ،‬فافهم { فالمعنى مُعرضا عن العقل ‪ .‬الذي لن تفارقه ‪.‬‬ ‫وعلى الأول يكون المعنى ‪ :‬مُعرضآ عن دليل العقل ‪ 0‬الذي لا ينبغي أن‬ ‫تخالفه ؛ و } الذي { ‪ :‬اسم موصول { نعت ل [ شاهد ع ‪ ،‬أو } العقل { ‪.‬‬ ‫لشننبهه بالمشستق ‪ .‬باعتبار الصلة ‪ .‬وعلى التقديرين محله الجر ؛‬ ‫و } لن ] ‪ :‬حرف نصب ‘ ونفي واستقبال ‪ 0‬وفي إفادته التأييد ‪ .‬خلاف‬ ‫مُنشاه عصبية المذهب ‪ 0‬حيث فرعوا عليه ‪ ،‬مسألة رؤية البارئ (يلة) ‏‪٠‬‬ ‫في قوله () ‪ « :‬لن تراني ‪ 0 )( 4‬فمن أنكرها كالمعتزلة ‪ .‬ومنهم ‪:‬‬ ‫الزمخشري أتبته ؛ ومن أثبتها كالأشاعرة ؛ ومنهم ‪ :‬ابن هشام { في‬ ‫" المُغفني " ‪ 0‬أنكره ‪.‬‬ ‫‪. ١٤٣‬‬ ‫‪:‬‬ ‫البقرة‪‎‬‬ ‫سورة‬ ‫) ‪(١‬‬ ‫‪.٩٧ :‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة طه‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة الاعراف‪. ١٤٣ : ‎‬‬ ‫‏‪ ١٨٤‬۔‬ ‫وتب اللغة خالية عنه ‪ 0‬لعدم تعرضهم لأوضاع الحروف غالبا ؛‬ ‫واللحاة جعلوا أراعهم متباينة على مذاهبهم ؛ فمن كان أشعريا نفاه ؛ ومن‬ ‫كان مُعتزليآ أثبته ‪ .‬والإنصاف بشهادة الغرف يشهد للمُعتزلة ‪ 0‬والدليل‬ ‫غير سُنحصر في الآية { كما يأتي عن قريب إن شاء الله تعالى ‪ 0‬ولعلنا‬ ‫نتكلم في دلالة الآية ‪ 0‬بما يشفي العليل ؛ ويروي الغليل ‪ ،‬إن شاء الله‬ ‫تعالى ‪.‬‬ ‫و [ تخلفه ] ‪ :‬منصوب ب [} لن { ‪ 0‬والجملة صلة ([ الذي { ‘ فلا‬ ‫محل لها من الإعراب ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬فعديم { ‪ :‬الفاء فيه ‪ ( 0‬فاء) ‪ :‬جواب الشرط { و (عديم) ‪:‬‬ ‫فعيل ‪ 0‬بمعنى ‪ :‬الفاعل ‪ ،‬أي ‪ :‬عادم } بمعنى ‪ :‬فاقد ‪ 0‬وهو مُبتدأ ‪ 0‬وابتدأ‬ ‫به مع كونه نكرة ‪ ،‬لإضافته إلى } نور { ‘ وإضافة إ نور { إلى‬ ‫[ العقل ) ‪ 0‬فكسب التعريف بالإضافة ‪ 0‬وإضافة نور إلى العقل ‪ 0‬يحتمل‬ ‫أن تكون بيانية ‪ 0‬أي ‪ :‬نور هو العقل ‪ 0‬وأن تكون لامية ‪ .‬فيكون السراد‬ ‫منه العلم ‪ 0‬لأن نور العقل هو العلم ‪ 0‬كما مر بيانه ‪ 0‬وغير خبره ‪ ،‬وهو‬ ‫اسم مُلازم للإضافة في المعنى ‪ 0‬ويجوز أن يقطع عنها لفظا ‪ .‬إن فهم‬ ‫المعنى ‪ ،‬وتقدم عليه كلمة ليس ذون غيرها ‪ 0‬من أدوات النفي ‪.‬‬ ‫وقولهم ‪ ( :‬لا غير ) ‪ :‬لحن ؛ و ( لا ) تتعرف بالإضافة ‪ .‬لغلوها في‬ ‫الإبهام ‪ .‬ويجوز أن توصف بها نكرة ‪ .‬وهو الأصل فيها ‘ كقوله تعالى ‪:‬‬ ‫ا( ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل « () ؛ ومعرفة قريبة من‬ ‫النكرة ‪ .‬نحو قوله تعالى ‪ ( :‬صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب‬ ‫عليهم ولا الضالين ‪ )( 4‬؛ لأن تعريف الجنس قريب من النكرة ‪ 0‬ولأن‬ ‫(‪ )٢‬سورة الفاتحة‪. ٧ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة فاطر‪. ٣٧ : ‎‬‬ ‫‪.‬۔ ‏‪ ١٨٥‬۔‬ ‫[ غير { ‪ :‬إذا وقعت بين ضدين ‘{ ضعف إبهامها ‪ .‬حتى زعم ابن سراج ‪:‬‬ ‫أنها تتعرف ( ح ) { والآية الأولى رد عليه ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬مُخاطب { (بالجر) ‪ :‬مضاف إليه ‪ .‬لغير وجواب الشرط ‪6‬‬ ‫محذوف بقرينة قوله ‪ } :‬طاب الخطاب { ‪ ،‬أي ‪ :‬لم يطب الخطاب معك ه‬ ‫ولقيام جملة ‪ [ :‬فعديم نور العقل ع مقامه ‘ من باب قيام العلة مقام‬ ‫المعلول { فكأنه قيل ‪ [ :‬ولنن طرحت العقل { ‪ 0‬لم يحسن مُخاطبتك ‪.‬‬ ‫لأن ما لا يعقل { أو لم يكن له نور العقل ‪ 0‬ليس قابلاً للخطاب ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬إذ ] ‪ :‬ظرف للزمان الماضي متعلق ب } غير { ‪ .‬لتضمنه‬ ‫معنى منتف ؛ و } قد )] ‪ :‬حرف تحقيق وتشبه ‪ .‬كتكسر ‪ :‬فعل ماض من‬ ‫الشبه ‪ 0‬بمعنى المثل ؛ و } بالحمير ) ‪ :‬جار ومجرور متعلق بتشبه ‪.‬‬ ‫وهي جمع حمار ؛ و [المُؤكفه{ ‪( :‬مهسُوزة ومُعتلة) ‪ :‬صفة للحمير ؛‬ ‫قال في "القاموس" ‪ :‬أكاف الحمير ‘ كتاب وغراب ‪ ،‬ووكافه بردعته ‪6‬‬ ‫والكاف ‪ :‬صانعه ؛ وآكف الحمار إيكافا ‪ 0‬وأكفه ‪ .‬تاكيفاً ‪ :‬شده عليه‬ ‫إنتهى ‪.‬‬ ‫وحاصل معنى الأبيات الثلاثة ‪ :‬أن الناظم ‪ .‬بعد وعظه ونصحه‬ ‫للُخاطب ‪ ،‬بقوله ‪ [ :‬يا من يقول ‪ . ] ....‬إلى آخر الأبيات الستة ‪ .‬شرع‬ ‫في بيان ما يترتب من الفوائد والخسران على العلم الحاصل بالبرهان ‪ ،‬أو‬ ‫طريق العرفان ‪ 0‬وتقليد الأباء والأسلاف ‘ والمشايخ الخجلاف ‏‪ ٠‬على‬ ‫التخمين والحسبان ‪.‬‬ ‫فقال ‪ :‬إن هذبت نفسك من تقليد المقلدين { واتباع المشايخ المْتقدمين ‪.‬‬ ‫متمسكا بالبراهين { سالكا مسلك اليقين ‪ ،‬مُتبعاً طريق العارفين ‪ 0‬طاب‬ ‫‪.‬۔‪١٨٦.‬‏ ۔‬ ‫خطابك ‪ 0‬وعلا جنابك ‪ 0‬وإن طرحت العقل خلفك ‪ 0‬ونبذته وراء ظهرك ‪.‬‬ ‫معرضا عن دليله ‪ ،‬منحرف عن سبيله ‘ مدبرا عنه‪ 0‬وهو بحضرتك ‪.‬‬ ‫مخالفا له ‪ .‬وهو في لصحك ‪ ،‬ولصرتك ‪ ،‬فلست قابلا للخطاب ‪ .‬ولا أهلا‬ ‫ومستاهلاً للجواب ‪.‬‬ ‫لأن فاقد العقل والعلم ‪ 0‬بحكم البهائم من أنواع الحيوان ‪ 0‬فلا ينبغي‬ ‫مُكالمته للإنسان ‪ 0‬إذ قد تشبه تارة بالحمار ‪ 0‬في مُحكم الفرقان ‪ 0‬ونص‬ ‫القرآن ‪ 0‬قال الله (يللهة) ‪ (« :‬مثل الذين خملوا التوراة نم لم يحملوها كمثل‬ ‫الحمار يحمل أسفار » (" ‪.‬‬ ‫وأخرى بالأنعام ‪ 0‬حيث عقب تعالى قوله ‪ « :‬لهم قلوب لا يفقهون‬ ‫بها ‪ )( 4‬؛ بقوله (جل اسمه) ‪ « :‬أولئك كالأنعام » (") ‪ ،‬بل أنزلهم عنها ‪.‬‬ ‫حيث أردف ذلك بقوله سبحانه ‪ « :‬بل هم أضل & ("" ‪.‬‬ ‫وكأن قوله ‪ [ :‬إذ قد تشبه ‪ ، ] ...‬إلخ ‪ :‬تلويح إلى الآية الأولى ‪.‬‬ ‫ثم لما فرغ من التسبيح لله تعالى ‪ 0‬وتنزيهه عما لا ينبغي أن ينسب‬ ‫إليه ‪ 7‬ومخاطبة القائل به ‪ :‬بأنك مُدع للحال ‪ ،‬والذعاء له بالهداية إلى‬ ‫طريق الحق ‪ 0‬وحته على العلم بالبرهان لأمثاله ‪ .‬هذه المطالب ‪.‬‬ ‫وتوبيخه على التقليد والتخيل ‪ 0‬والحسبان في طلب تلك المآرب }‬ ‫وبيان شرافة غاية الأول ‪ 0‬وخساسنة فاندة الثاني ‪ .‬أوعده بإتيان الحجة‬ ‫على المدعي ‘ والرهان على مطلبه الذي له تصدى & فقال ‪:‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الجمعة‪. ٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الأعراف‪. ١٧٩ : ‎‬‬ ‫۔ ‏‪ ١٨٧‬۔‬ ‫فال ‪:‬‬ ‫اسمع براهين أتت لك مُنصفه‬ ‫ولقد أقول لمن تكامل عقله‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬ولقد { ‪ :‬الواو ‪ :‬للاستئناف ‪ ،‬واللام ‪ :‬يحتمل وجهين ‪.‬‬ ‫الأول ‪ :‬أنها للإبتداء ‪ 0‬وهي في مثل المقام محل الخلاف ‪.‬‬ ‫قال ابن هشام في "" المغني "" ‪ :‬وتدخل { أي ‪ :‬لام الإبتداء ‪ 0‬بإتفاق‬ ‫في موضعين { أحدهما ‪ :‬المبتدأ ‪ 0‬نحو ‪ « :‬لأنتم أشد رهبة »ه()؛‬ ‫وثانيهما ‪ :‬بعد ( أن ) ‪ 0‬إنتهى ‪.‬‬ ‫تم قال ‪ :‬واختلف في دخولها في غير باب (أن) على شينين ‪:‬‬ ‫أحدهما ‪ :‬خبر المبتدأ المقدم ‪ 0‬نحو ‪ :‬لقائم زيد ‪ 0‬فمْقتضى كلام جماعة‬ ‫من النحويين ‪ :‬الجواز ؛ وفي " أمالي " ابن الحاجب ‪ :‬لام الإبتداء يجب‬ ‫معها المبتدأ ‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬الفعل ‪ ،‬نحو ‪ :‬ليقوم زيد ‪ ،‬فأجاز ذلك ابن مالك ‪ 0‬والمالقي ‪.‬‬ ‫وغيرهما ؛ وزاد المالقي ‪ :‬الماضي الجامد ‪ 0‬نحو ‪ « :‬لبنس ما كانوا‬ ‫ولقد‬ ‫يعملون » (")؛ وبعضهم المتصرف المقرون ‪ :‬ب (قد) ‪ .‬نحو ‪:‬‬ ‫كانوا عاهدوا الله من قبل » <{") ؛ والمشهور أن هذه (لام) القسم ‪.‬‬ ‫وقال أبو حيان في ‪ « :‬ولقد علمتم « () ‪ 0‬هي (لام) الابتداء ‪ 0‬مُفيدة‬ ‫لمعنى التوكيد ‪ 0‬ويجوز أن يكون قبلها قسم مُقدر ‪ ،‬وأن لا يكون ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬ ‫)‪ (٣‬سورة الأحزاب‪. ١٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الحشر‪. ١٣ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬سورة البقرة‪ ٦٥ : ‎‬؛ سورة الواقعة‪. ٦٢ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الماندة‪. ٦٢ : ‎‬‬ ‫۔ ‏‪ ١٨٨‬۔‬ ‫ونص جماعة على منع ذلك كله ؛ قال ابن الخباز ‪ 9‬في " شرح‬ ‫الإيضاح " ‪ :‬لا تدخل (لام) الإبتداء على الجمل الفعلية ‘ إلا في باب (أن) ©‬ ‫انتهى ‪.‬‬ ‫وهو مقتضى ما قدمناه عن ابن الحاجب ؛ وهو أيضا قول الزمخشري ‪.‬‬ ‫انتهى كلامه ‪.‬‬ ‫أقول ) ‪ :‬فعل‬ ‫الناني ‪ :‬أنها جواب لقسم مقدر ‪ .‬وهو الأظهر ؛ و }‬ ‫؛ و [ لمن { ‪:‬‬ ‫مضارع للتكلم ‪ 0‬وفاعله ضمير المتكلم المْستتر وجوبا‬ ‫و } تكامل { ‪:‬‬ ‫جار ومجرور متعلق بأقول ؛ و } لمن ) ‪ :‬اسم موصول ؛‬ ‫إلى بيان معنى‬ ‫فعل ماض من الكمال ‘ جيء به من باب التفاعل ‪ 0‬قصدا‬ ‫التكليف ‘ نحو ‪ :‬تجاهل ‪ 0‬أي ‪ :‬اظهر الجهل من نفسه ‘ والحال أنه منتف‬ ‫عنه ‪ ،‬فالمعنى ‪ :‬ولقد أقول لمن أظهر كمال العقل وليس كذلك ؛ و [عقله{‬ ‫(بالرفع) ‪ :‬فاعل [ تكامل { ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :‬اسمع { ‪ :‬مقول القول ‘ وهو فعل أمر من ‪ :‬سمع يسمع ‪.‬‬ ‫‪.‬كعلم يعلم ؛ سمعا ‪ .‬ويكسر ‪ ،‬أو بالفتح المصدر ‘ وبالكسر الاسم ؛‬ ‫وسماعا ‪ 0‬وسماعة ؛ و } براهينا ع ‪ :‬جمع برهان (بالضعم) ‪ 0‬أي ‪:‬‬ ‫الحجة ‪ 0‬وهي غير مُنصرف ‘ وتنوينه للضرورة ‪ 0‬مفعول } اسمع { ؛‬ ‫والبرهان أحد الصناعات الخمس ‪ ،‬التي شرط في القياس ‪ 0‬بحسب المادة ‪.‬‬ ‫وتمامها ‪ :‬الجدل ‪ 0‬والخطابة ‪ 0‬والشعر ‘ والسفسطة ‪.‬‬ ‫اعلم أن للقياس تقسيمان ‪ .‬أحدهما ‪ :‬بحسب الصورة ‪ .‬وقد مضى‬ ‫شرحه بما اقتضاه المقام ؛ والثاني ‪ :‬بحسب المادة ‪ 0،‬فقسم إلى الأقسام‬ ‫الخمسة المذكورة ‪ .‬وأفضل الخمسة وأشرفها ‪ :‬الرهان ‪ 0‬وهو ‪ :‬ما تألف‬ ‫‏‪ ١٨ ٩_.‬۔‬ ‫من اليقينيات ‘ لأنه المعطي لليقين الدائم ‪ 0‬الذي لا يزول أبدآ ‪ 0‬ولا ييزلزله‬ ‫الشكوك والأوهام ؛ وبعده ‪ :‬الخطابة ‪ 0‬وهي ‪ :‬ما تألف من المظنونات ه‬ ‫ويفعل فعل الرهان ‪ ،‬ولكن في الأذهان الصافية ‪ 0‬والقلوب اللطيفة ؛ ثم ‪:‬‬ ‫الجدل ‪ 0‬المُؤلّف من المشهورات والمُسلمات ‪ .‬وهو ‪ :‬مما ينفع للنفوس‬ ‫العامية ‪ .‬وبه يقع كسر قوة الجاحدين للحق ‪ 0‬وقمع صولة إنكارهم حتى‬ ‫يستعد ‪ 0‬والسماع الحق بالبرهان ‪ 0‬ولا يستنكفوا عما يخالف ما تلقفوه‬ ‫تقليدا من الأباء والأسلاف ‪ .‬وليكن هذا هو الغرض من استعمالها عند‬ ‫المجادلة { لا مُجرد الغلبة ‪ 0‬لتكون بالتي هي أحسن ‪.‬‬ ‫وإلى هذه التلاتة ‪ 0‬التي هي العمدة {} أشير في الكتاب الإلهي تعليما ‪.‬‬ ‫من الله (يقالة) ‏‪ ٠‬للنبي () ‪ 6‬لدعوة الخلق إلى الحق ‪ ،‬في قوله تعالى ‪:‬‬ ‫ادغ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي‬ ‫() ‪.‬‬ ‫أحسن‬ ‫وأما القسمان الأخيران ‪ 0‬وهما ‪ :‬الشعر ‪ :‬المؤلف من التخييليات ؛‬ ‫والسفسطة ‪ :‬المؤلفة من المُشبهات باليقينيات { أو الجدليات ‪ 0‬وليست‬ ‫بهما ‪:‬‬ ‫فأاولهما ‪ .‬وهو ‪ :‬الشيعر ‪ :‬لا ينبغي لنبي ‪ 0‬لإرتفاع منصب النبوة عما‬ ‫وما هو بالهزل » (<") ‪.‬‬ ‫يشبه الهزل ‪ « .‬إنه لقول فصل !"‬ ‫وكذا التاني ‪ 0‬وهو السُسمى ‪ :‬بالمُغالطة ۔ أيضا ‪ -‬لأن فاندتها ‪ .‬إما‬ ‫الحذر عن الغلط { أو تغليط الخصم المُجادل ‪ .‬ومرتبة النبي ومن ينوب‬ ‫‪. ١٢١٥‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ (١‬سورة النحل‪‎‬‬ ‫‪. ١٤‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الطارق‪١٣ : ‎‬‬ ‫‏‪ ١٩٠ .‬۔‬ ‫منابه من أهل العصمة ‪ ،‬تنافي أن يغلط ؛ والشعر ‪ 0‬وإن كان مُفيدا ‪ ،‬لا‬ ‫سيما للعوام ‪ 0‬فإن التخييل ربما يؤثر في بعض الناس إقدام وإحجاماآ ‪.‬‬ ‫أكثر من التصديق ‘ لا سيما إذا قارن سجعا أو قافية { إلا أن‪:‬مداره على‬ ‫الأكاذيب ‪ ،‬فلا يليق بالصادق المصدق ‪ ،‬كما شهد به قوله تعالى ‪ « :‬وما‬ ‫علمناه النبعر وما ينبغي له » () ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬أتت ) ‪ :‬فعل ماض مفرد ‪ 0‬والتاء للتأنيث ‘ وفاعله ‪ :‬همي‬ ‫راجعة إلى البراهين ؛ و } لك ) ‪ :‬جار ومجرور متعلق به ‪ 0‬وفي إختيار‬ ‫اللام الدالة على النفع ‪ 0‬عن الدالة على الضرر ‘ والمناسب في مقابل‬ ‫الخصم ‪ 0‬إشارة إلى أن استماع هذه البراهين المفيدة لليقين ‪ 0‬وإن كان في‬ ‫الظاهر يخزيك ‘ إلا أنها إلى الحق يُرشدك ويهديك ‪ 0‬فهي إذا نظرت إليها‬ ‫بعين البصيرة { لك لا عليك ؛ و [ مُنصفه { ‪ :‬نعت لبراهين ‘ وهي اسم‬ ‫فاعل من ‪ :‬أنصف ‘ ينصف ‪ ،‬إنصافا ‘{ والإنصاف ‪ :‬العدل ؛ والاسم ‪:‬‬ ‫النصف ‪ ،‬والنصفة (مُحركتين) ‪ :‬نعت توضيحي لا إحترازي ‪ ،‬لأن البرهان‬ ‫لا يكون إل عدلا ومُنصفا ‪.‬‬ ‫ثم أنه بعد قضاء وطره { واستقصاء مآربه من المطالب المذكورة ‏‪٥‬‬ ‫حاول الشروع في الفرض الأصلي من إنشاد هذه القصيدة ‪ 0‬وهو إبطال‬ ‫القول برؤية البارئ (عز اسمه وتعالى شأنه) ‪.‬‬ ‫واعلم أولا ‪ :‬أن هذه المسألة من غوامض مسائل علم الكلام ‪ .‬ولقد‬ ‫زلت فيها أقدام جمع كثير من الأنام ‪ 0‬وضل في بيدائها جم غفير من‬ ‫الاعلام ‪ 0‬وأضلت جملة من الخواص ‘ جماهير العوام ‪ 0‬وتمسك كل من‬ ‫‪. ٦٩ :‬‬ ‫(‪ )١‬سورة يس‪‎‬‬ ‫‪١‬۔ ‏‪ ١٩‬۔‬ ‫النافي والمثبت ‪ 0‬بأدلة كثيرة من العقل والنقل ‪ 0‬بحيث لو استقصيناها‬ ‫لأدت إلى التطويل الممل ‪ 0‬بل أوجبت صرف الغمر فيما لا يعني ‪ 0‬من أن‬ ‫المطلب ۔ بحمد الله ۔ واضح ‪ ،‬ونوره لانح ‪ 0‬وإن لم يساعد عليه بعض‬ ‫الأدلة المذكورة في المقام ‪ .‬ونحن نقتصر من أدلة الطرفين ‪ 0‬على ذكر ما‬ ‫اشتملت عليه القصيدة ‪ ،‬ثم نتبعه بما وصل إلينا من أصحابنا (رضوان الله‬ ‫عليهم) ‪ ،‬أو أدى إليه النظر القاصر ‪.‬‬ ‫واعلم { أن الناظم ترك التعرض كثيرآ لأصل المدعي ‘ الذي هو‬ ‫الرؤية ‪ 0‬وتشبث بطرف منه ‘ وهو الرؤية بلا كيف ‪ ،‬واستعظم هذا‬ ‫المطلب ‪ 0‬بحيث تناسى عن الغرض ‘ وهو وإن كان باطلا ‪ ،‬إلا أن بطلانه‬ ‫ليس بأوضح ولا بأعظم ‪ 0‬من بطلان أصل الرؤية ‪ .‬بل يحتمل كلام القوم‬ ‫وجوها ‪ 0‬لا يلزم منها ما توهم ‘ ولا يبعد ذلك البعد ‪ 0‬فلا يقتضي هذا القيل‬ ‫والقال ‪ 0‬ولا ينبغي هذا الجولان في ذلك المجال ‪ ،‬كما سيتضح لك الحال ‪.‬‬ ‫عند ذكر الأقوال ‪ 0‬وبيان الإستدلال ‪ 0‬بعون الملك المتعال ‪.‬‬ ‫ثم أنه قبل الشروع في المقصود ‪ ،‬لابد من تقديم أمور يستعان بها ‪.‬‬ ‫بعد إعانته تعالى وتوفيقه ‪ 0‬لإتضاح المقصود ‪ .‬وإيضاح الحق ‪:‬‬ ‫الأول ‪ :‬أن آيات القرآن قسمان ‪ :‬مُحكم ومُتشابه ‪ 0‬قال الله (تبارك‬ ‫وتعالى) ‪ « :‬هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات مُحكمات هن أم التاب‬ ‫وأخر مُتشابهات » ('‪ 0‬؛ والحكم ‪ 0‬على ما فسر ‪ :‬ما أحكمت عبارته ‪ .‬بأن‬ ‫حفظت من الإحتمال والإشتباه ‪ 0‬وهذا القسم يجوز تفسيره { لمن علم‬ ‫بأوضاع العربية وقواعدها ‪ 0‬والعمل بمضمونه ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة آل عمران‪. ٧ : ‎‬‬ ‫‪٢‬۔_ ‏‪ ١٩‬۔‬ ‫والمُتنسابهات ‪ .‬أي ‪ :‬المُحتملات ‪ 0‬لا يتضح مقصودها إجمال ‪ ،‬أو‬ ‫مُخالفة ظاهر ‪ ،‬إلا بالفحص والنظر ‪ .‬ليظهر فيها فضل العلماء الربانيين ‏‪٥‬‬ ‫في استنباط معانيها ‪ .‬وردها إلى المحكمات ‪ 0‬وليتوصلوا بها إلى معرفة‬ ‫الله وتوحيده ‪ « 0‬فأما الذين في قلوبهم زيغ » (')‪ 0‬أي ‪ :‬ميل عن الحق ‪8‬‬ ‫كالمبتدعة ‪ « :‬فيتبعون ما تشابه منه » (') ‪ ،‬فيتعلقون بظاهره ‪ ،‬أو بتأويل‬ ‫إبتغاء الفتنة » () ‪ 0‬أي ‪ :‬طلب أن يفتنوا الناس عن دينهم ه‬ ‫باطل ‪0‬‬ ‫بالتنشسكيك والتلبيس ‪.‬‬ ‫ومُناقضة المحكم بالمُتشابه ‘ ( وابتغاء تأويله » (') ‪ }.‬أي ‪ :‬طلب أن‬ ‫يأولوه على ما تشتهيه أنفسهم { ل وما يعلم تأويله إل الله والراسشون في‬ ‫العلم ‪ } )( 4‬أي ‪ :‬الذين تثبتوا وتمكنوا فيه ‪.‬‬ ‫أن يحمل عليه في تفسير‬ ‫‏‪ ١‬لكلام ‪ 0‬الذ ي يجب‬ ‫من‬ ‫وقد مضى شطر‬ ‫الآية ‘ في بيان صفاته تعالى ‘ فراجعه ‪.‬‬ ‫والغرض هنا ‪ 0‬بيان مطلب آخر ‘ وهو ‪ :‬أن الوقف ۔ إن كان على الله ۔‬ ‫وكانت جملة ‪ :‬والراسخون في العلم يقولون أمنا به كل من عند ربنا‬ ‫وما يذكر إلا أولوا الألباب « () ‪ ،‬جملة مُستأنفة ‪.‬‬ ‫فالتمسك بمثل هذه الآيات المُتشابهات ‪ .‬والإستدلال بها ‪ 0‬ساقط من‬ ‫أصله ‪ .‬فينحصر الإستدلال في المقام بالبراهين العقلية ‪.‬‬ ‫وهكذا حال الإخبار ‪ 0‬فإنها أيضا كالقرآن ‪ .‬على قسمين ‪ :‬مُحكم‬ ‫ومُتشابه ؛ ومُتشابهها كمْتشابه الآيات ‪ 0‬يجب الوقوف عنده ؛ وإن كان‬ ‫الوقف على العلم ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة آل عمران‪. ٧ : ‎‬‬ ‫‪٣‬۔_ ‏‪ ١٩٩‬۔‬ ‫فإن كان المراد من ‪ « :‬والراسخون في العلم » () ‪ :‬مُطلق الغلماء ؛‬ ‫فقد نرى أنهم مُختلفون في تفسيرها وتأويلها ‪ .‬وكل يجر إلى نفسه ؛‬ ‫ويوم تطبيقها على مذهبه ‪ .‬وهذا أمر واضح ‪ ،‬لمن تتبع كتب القوم ‪ ،‬كما‬ ‫أشرنا إليه سابقا ‪ 0‬فلم يبق وثوق لنا بهم ‪ 0‬ولا شيع يميز بين الحق‬ ‫والمُبطل منهم ‪ 0‬فيلزم أن لا تبقى فاندة لعلم الراسخين في العلم ‪.‬‬ ‫فلا جرم أن يكون المراد منهم علماء مخصوصين ‘ لا يمكن الرد‬ ‫عليهم ‪ ،‬ويكون الراد عليهم كالراد على الله ث وهم الذين أمر النبي () ‏‪٠‬‬ ‫باعتراف الكل بالتمسك بهم ‪ 0‬وأنهم لم يفترقوا القرآن ‪ 0‬حتى يردا عليه‬ ‫الحوض ‪.‬‬ ‫قفي كتاب "" ينابيع المودة !" ‪ 0‬تأليف الشيخ سليمان السيني البلخي‬ ‫القندوزي ‘ بأسانيد متعددة ‪ .‬تبلغ إثني عشرة وزيادة ‪ 0‬بألفاظ قريبة‬ ‫المعنى واللفظ ‪ ،‬أغلبها بهذا اللفظ ‪ ،‬قال رسول الله ‪ " : )( :‬إني تارك‬ ‫فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ‪ 0‬أحدهما أعظم من الآخر ‪ :‬كتاب‬ ‫الله ‪ 4‬حبل ممدود من السماء إلى الأرض ‪ ،‬وعترتي أهل بيتي ‪ 0‬ولن‬ ‫يفترقا حتى يردا على الحوض ‪ 8‬فانظروا كيف تخلفوني فيهما "" ‪ 0‬فان‬ ‫المراد من عدم إفتراقهما ‪ 0‬ليس عدم إفتراق جرمهما وجسمهما ‪.‬‬ ‫فإن هذا أمر يشترك فيه جميع المُسلمين ‪ 0‬بل في كل بيت منهم يقرب‬ ‫من عشرة إلى عشرين ‪ 0‬بل في هذا الزمان ‪ 0‬موجود عند الكفار ‪ 0‬لا سيما‬ ‫النصارى ‪.‬‬ ‫فتعين أن المراد ‪ :‬عدم إفتراقهما ‪ .‬روحا ومعنى ‪ 0‬بأن تكون العترة ‪:‬‬ ‫(‪ )١‬سورة آل عمران‪. ٧ : ‎‬‬ ‫‏‪ ١٩٤‬۔‬ ‫علمه ‪ ،‬العالمون بتنزيله وتأويله ‪ ،‬والمُطلبعون على أسراره‬ ‫هم خزان‬ ‫والمستكشفون للفظه ومعناه ‪ 0‬والغفواصون في بحار غلومه ه‬ ‫وخفاياه ‪3‬‬ ‫لغوامض مكنونه ‪ 0‬فالرجوع في المُتشابهات لا يكون إلا إليهم ‪.‬‬ ‫والناقدون‬ ‫ذررها المكنونة إل لديهم ‪ 0‬ونحن إتباعا لأمر الرسول الكريم‬ ‫ولا يطلب‬ ‫(قمثنا) ‪ 6‬نذكر بعض ما فسروا به الآيات الواردة في الباب ‪ ،‬في مخله ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫لى‬ ‫الله‬‫عء ا‬ ‫تشا‬ ‫إن‬ ‫الأمر الثاني ‪ :‬في بيان محل النزاع في المسألة ‪ .‬وهو العمدة في‬ ‫إيضاح المطلب ‪.‬‬ ‫فنقول ‪ :‬أن ظاهر كلمات الأوائل ى هو هذه الرؤية التي ترى بها‪.‬‬ ‫وتميز بها بين الألوان والأشكال والأوضاع ‪ 0‬وهي إحدى الحواس الخمس‬ ‫الظاهرة ‪ 0‬الحاصلة من إتصال الخطوط الشعاعية من الرائي إلى المرني ‪9‬‬ ‫أو إرتسام صورة المرني في إنسان الرائي مطلقا ‪ 0‬في الدنيا والآخرة ‪.‬‬ ‫وتشهد لذلك الأسئلة والأجوبة الواقعة في كلام السلف من أهلهما ‪ .‬وأول‬ ‫من سأل منه هذه المسألة ‪ 0‬في زمن الإسلام ‘ ظاهرا على ما حصل لي‬ ‫من التتبع في موارها ‪ 9‬هو أمير المُؤمنين علي بن أبي طالب (التَكثة) ‪.‬‬ ‫وان كان أشارت إليها في كلام النبي (قه) ‪ ،‬كما يأتي ‪:‬‬ ‫ففي ا" الكافي "" ‪ .‬عدة من أصحابنا ‏‪ ٠‬عن أحمد بن محمد بن خالد ‪.‬‬ ‫عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ‘ عن أبي الحسن الموصلي ‘ عن أبي‬ ‫عبد الله (التتثلام) ‪ 9‬قال ‪ :‬جاء حَبْر إلى أمير المؤمنين (الكثلا;) ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا‬ ‫أمير المُؤمنين ‪ 3‬هرلأيت ربك حين عبدته ؟‬ ‫قال ‪ :‬فقال ‪ :‬ويلك ‪ 0‬ما كنت أعبد ربا لمُراده ‪.‬‬ ‫‏‪ ١٩٥‬۔‬ ‫قال ‪ :‬فكيف رأيته ؟ قال ‪ :‬ويلك ‪ 0‬لا تدركه العيون بمشاهدة الأبصار ‪.‬‬ ‫ولكن رأته القلوب بحقانق الإيمان ‪.‬‬ ‫ولما كانت الرؤية ظاهرة في هذه الرؤية الحسية ‪ ،‬فلدفع توهم السائل ‪.‬‬ ‫إستدرك وقال ‪ :‬ويلك ‘ لا تدركه العيون بمشاهدة الأبصار ‪ 0‬ولكن رأته‬ ‫القلوب بحقائق الإيمان ‪ 0‬فلو كان السؤال عن غير هذه الرؤية ‪ 0‬وفي غير‬ ‫هذه الدار ‪ 0‬لم يحسن السؤال بلفظ الماضي ‘ ولا التقييد بقوله ‪ :‬حين‬ ‫عبدته ‪ 0‬ولم يتأت الجواب بقوله ‪ :‬ما كنت أعبد ربا لم أره ‘ الدال على‬ ‫الرؤية في الزمن الماضي ‘ ولم يحسن ردعه عما يستفاد من ظاهر‬ ‫الرؤية بقوله ‪ :‬رأته القلوب بحقائق الإيمان ‪ 0‬بل كان المناسب أن يجيبه ‪:‬‬ ‫بأني لم أره في الدنيا ‪ 0‬ولكن أراه في الآخرة بغير هذه الكيفية ‪.‬‬ ‫ومن جملة السؤالات الواقعة في هذه‪.‬المسألة ‪ :‬سؤال أبي قرة ‪.‬‬ ‫المحدث الذي هو من أجلاء أهل الحديث ؛ ففي ا! الكافي "" ‪ .‬عن أحمد بن‬ ‫إدريس ‪ 0‬عن محمد بن عبد الجبار ‪ 4‬عن صفوان بن يحيى ‪ ،‬قال ‪ :‬سألني‬ ‫المحدث ۔ أن أدخله على أبي الحسن الرضا ‪ ،‬فاستأذنته في ذلك ‏‪٥‬‬ ‫أبو قرة‬ ‫فأذن لي } فدخل عليه ‪ .‬فسأله عن الحلال والحرام ‪ 0‬والأحكام ‪ 0‬حتى بلغ‬ ‫سؤاله إلى التوحيد ‪.‬‬ ‫فقال أبو قرة ‪ :‬إنا روينا أن الله قسم الرؤية والكلام بين نبيين ‪ ،‬فقسم‬ ‫الكلام لموسى ‘ ولمحمد الرؤية ‪ .‬فقال أبو الحسن ‪ :‬فمن المبلغ عن الله‬ ‫إلى النقلين ‪ « :‬لا تدركه الأبصار » (')‪ « 0‬ولا ێحيطون به علما » (")‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬سورة الأنعام ‪ :‬‏‪. ١٠٣‬‬ ‫‪. ١١٠١ :‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة طه‪‎‬‬ ‫‪٦‬۔ ‏‪ ١٩‬۔‬ ‫( ليس كمثله شيء » (') ‪ 0‬أليس محمد ؟ قال ‪ :‬بلى ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬كيف يجيء رجل إلى الخلق جميعا { فێخبرهم أنه جاء من عند‬ ‫الله ‪ 0‬وأنه يدعوهم إلى الله ‪ 0‬بأمر الله ‪ .‬فيقول ‪ « :‬لا تدركه الأبصار »(")‪.‬‬ ‫( ولا يحيطون به علما »”")‪ « 0‬ليس كمثله شيء »(')‪ 0‬ثم يقول ‪ :‬أنا‬ ‫رأيته بعيني } وأحطت به علما ‪ 4‬على صورة البشر ‪ 0‬أما تستحون { ما‬ ‫قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا ‏‪ ٠‬أن يكون يأتي من عند الله بشيء ‪ .‬تم‬ ‫يأتي بخلافه عن وجه آخر ‪.‬‬ ‫قال أبو قرة ‪ :‬فانه يقول ‪ « :‬ولقد رآه نزلة أخرى » (ث) ؛ فقال أبو‬ ‫الحسن ‪ :‬أن بعد هذه الآية يدل على ما رآه ‪ .‬حيث قال ‪ :‬أ ما كذب الفؤاد‬ ‫مارأى “ (`)؛ يقول ‪ :‬ما كذب فؤاد محمد ما رأت عيناه ‪ ،‬ثم أخبر بما‬ ‫رأى ‪ 0‬فقال ‪ « :‬لقد رأى من آيات ربه الكبرى » (") ‪ ،‬فآيات الله غير الله ه‬ ‫وقد قال الله ‪ « :‬ولا يحيطون به علما » () ‪ ،‬فإذا رأته الأبصار ‪ .‬فقد‬ ‫أحاطت به العلم ‪ .‬ووقعت المعرفة ‪.‬‬ ‫فقال أبو قرة ‪ :‬أفتكذب بالروايات ؟ فقال أبو الحسن ‪ :‬إذا كانت‬ ‫الروايات مخالفة للقرآن كذبتها ‪ 0‬وما أجمع السلمون عليه أنه لا حاط‬ ‫لا تدركه الابصار » (") ‪ 0‬و « ليس كمثله شيء » (‪. 0\:‬‬ ‫به علما‪ .‬و‬ ‫انتهى الحديث ‪.‬‬ ‫( ‪ ) ٦‬سورة النجم‪. ١١ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الشورى‪. ١١ : ‎‬‬ ‫( ‪ ) ٧١‬سورة النجم‪. ١٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الانعام‪. ١٠٣ : ‎‬‬ ‫‪.١١٠‬‬ ‫( ‪ ) ٨‬سورة طه‪‎:‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة طشله‪. ١١٠١ : ‎‬‬ ‫( ‪ ) ٩‬سورة الأنعام‪. ١٠٣ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬سورة الشورى‪. ١١ : ‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪١١:‬‬ ‫التنورى‪‎‬‬ ‫سورة‬ ‫) ‪(١ ٠‬‬ ‫‪١ ٣:‬‬ ‫النجم‪‎‬‬ ‫)‪ (٥‬سورة‬ ‫‏_‪ ١٩٧‬۔‬ ‫فانظر أيها اللبيب الأريب ‪ 0‬في كيفية السؤال والجواب ‪ 0‬فلو كان محل‬ ‫النزاع في غير هذه الرؤية والإبصار ‪ ،‬وفي غير هذه الدار } بل في دار‬ ‫القرآن © في محل الأبرار ‪ 0‬لما كان للإستشهاد بالرؤية معنى { حيث أن‬ ‫الرؤية والكلام كلاهما في هذه الدار ‪.‬‬ ‫فإن قيل ‪ :‬أن سُراد أبي قرة ‪ ،‬أنه إذا أمكن للنبي () الرؤية في‬ ‫الذنيا ‪ .‬يجوز للمؤمنين في دار العقبى ‪.‬‬ ‫قلنا ‪ :‬هذا يتبت مطلوبنا ‏‪ ٠‬على ما سيجيعء من أن المراد بالرؤية ‪:‬‬ ‫الرؤية العقلية دون الحسية ‪ 0‬فإن التفاوت بين النبي رظتنا) ‪ .‬وبين غيره‬ ‫في مراتب العقل لا الحس ‪ 8‬فتأمل ‪.‬‬ ‫ولو كان مُراد أبي قرة غير الإبصار الحسي ‪ ،‬لإنتصر حين نقضه‬ ‫الرضا ال) ‪ 0‬بقوله ‪ « :‬ولا يحيطون به علما ‪ { 0'( 4‬و « ليس كمثله‬ ‫لحسي ‘ حتى يلزم‬ ‫‘ ليس ‏‪ ١‬لإيصار‬ ‫‏)‪ . (٢‬بأن مُرادنا من ‏‪ ١‬لاإيصار‬ ‫«‬ ‫شيء‬ ‫الإحاطة ‪ ،‬أو إثبات المثل ‪.‬‬ ‫لأن المراد من المثل في المقام ‪ 0‬الصورة المُرتسمة من المرني { في‬ ‫إنسان الراني أو البشر ‪ ،‬الذي دلت عليه الرواية الأخرى ‪ ،‬التي روته‬ ‫العامة أيضا ‪ :‬أن محمد رن) ‪ 4‬رأى ربه على صورة الشاب المّراهق ‪8‬‬ ‫وعلى كل تقدير كان له الرد ‪ 0‬على الرضا (الثلام) ‪ :‬بأن ما نقول به من‬ ‫الإبصار {‪ ،‬لا يلزم الإحاطة والمثل ‪ 0‬فلا يناقض الآيات ولا ينافيها ‪ 0‬ولما‬ ‫إحتاج إلى التمسك بالمشهور ‪ .‬والتشىبث بما استحسنه الجمهور ‘ كما هو‬ ‫‪. ١١١‬‬ ‫طه‪‎:‬‬ ‫(‪ ()١‬سورة‬ ‫(‪ )٢‬سورة الشورى‪. ١١ : ‎‬‬ ‫۔ ‏‪ ١٩٨‬۔‬ ‫عادة المحجو ج المبهوت ‪ ،‬فيقول ‪ :‬أفتكذب بالروايات ؟‬ ‫ومنها ‪ :‬سؤال رجل من الخوارج ‪ 0‬عن أبي جعفر محمد الباقر‬ ‫(التلكثلا]) ؛ ففي " الكافي " ‪ 0‬عَليَ بن إبراهيم ‘ عن أبيه ‪ ،‬عن عَليَ بن‬ ‫سعيد ‪ .‬عن عبد الله بن سنان ‪ 0‬عن أبيه ‘ قال ‪ :‬حضرت أبا جعفر { فدخل‬ ‫عليه رجل من الخوارج ‪ 6‬فقال ‪ :‬يا أبا جعفر { أي شيع تعبد ؟ قال ‪ :‬الله‬ ‫تعالى ‪ ،‬قال ‪ :‬رأيته ؟ قال ‪ :‬لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ‪ ،‬ولكن رأته‬ ‫القلوب بحقائق الإيمان ‪ ،‬لا يعرف بالقياس ‘ ولا درك بالحواس ‘ ولا‬ ‫يشبه بالناس ‘ موصوف بالآيات ‪ 0‬معروف بالعلامات ‘ لا يجور في حكمه ‏‪٥‬‬ ‫الله لا إلة إل هو » () ؛ قال ‪ :‬فخرج الرجل وهو يقول ‪ :‬إ الله‬ ‫ذلك ‪:‬‬ ‫أعلم حيث يجعل رستالته « (" ‪.‬‬ ‫وتقريب المطلب ‘ كما ذكرنا في الحديث الأول ‪ 0‬ولكن في هذا الخبر‬ ‫مطلبان ‘ لا بأس بالإشارة إليهما ‪ 0‬لنفعهما في الفرض الأصلي { نذكر‬ ‫أحدهما هنا ‪ 0‬والآخر نجعله أحد الخمور التي تذكر مقدمة ‪.‬‬ ‫فنقول ‪ :‬كان غرض هذا الرجل من سؤاله إياه ‪ :‬أي شيء تعبد ؟‬ ‫تمهيد إشكال ‪ 0‬أشار إليه بقوله ‪ :‬أرأيته ؟ على وجه الإستفهام } يعني ‪:‬‬ ‫كيف يجوز لأحد عباده من لم يره أصلا { فإن العبادة متضمنة للدسؤال ‏‪٥‬‬ ‫والخطاب ‘ والمُكالمة ‪ 0‬وطلب الرحمة ‘ والمغفرة ‪ 0‬وغير ذلك من‬ ‫الخضوع ‘ والخشوع ‪ ،‬والتضرع ‘ والتملق ‘ والإستكانة ‪ .‬وهذه كلها‬ ‫تستدعي حضور المعبود ومُشاهدته ‪ .‬وهي الرؤية ‘ فيكون تعالى مرنيا ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬سورة البقرة ‪ :‬‏‪ ٢٥٥‬؛ سورة آل عمران ‪ :‬‏‪ ٢‬؛ سورة النساء ‪ :‬‏‪ ٨٧‬؛ سورة التوبة ‪:‬‬ ‫‪ ٧٠‬؛ سورة التغابن‪. ١٣ : ‎‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ ٢٦‬؛ سورة القصص‪‎‬‬ ‫؛ سورة طه‪ ٨ : ‎‬؛ سورة النمل‪: ‎‬‬ ‫‪٩‬‬ ‫‪. ١٢٤‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الانعام‪: ‎‬‬ ‫‪٩‬۔‪ .‬‏‪ ١٩‬۔‬ ‫فيكون جسما ‪ 0‬تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ‪.‬‬ ‫هذه صورة الأشكال ‘ وغرضه إختبار أبي جعفر (التفلا‪ } ):‬وإلا‬ ‫فالسائل لا يقول بالرؤية ‪ 0‬ولا بالتجسم في حقه تعالى ؛ فأجاب أبو جعفر‬ ‫عنه بقوله ‪ :‬لم تره العيون بمشاهدة الإبصار ‪ ،‬أي ‪ :‬نعم رأيته ‪ 0‬لكن‬ ‫يستلزم محذورآ ‪ 0‬لأن رؤيته تعالى ليست بالعين ‪ 0‬وبمُشاهدة القوة‬ ‫البصرية الجسمانية ‪ .‬ليلزم كونه تعالى ذا وضع مادي ‪ 0‬ولا جهة حسية ‪.‬‬ ‫ولكن رأته القلوب ‪ ،‬أي ‪ :‬العقول الصافية عن مُلابسة الأبدان ‪ 0‬وغواشي‬ ‫الطبائع والأجرام ‪ 0‬بحقائق الإيمان ‪,‬‬ ‫ومنها ‪ :‬سؤال ابن السكيت النحوي المعروف ‪ ،‬المكنى ‪ :‬بأبي يوسفؤ‬ ‫لابي محمد (التتتلة‪: ):‬‬ ‫ففي "" الكافي "" أيضا ‪ :‬محمد بن أبي عبد الله ‏‪ ٠‬عن عَليَ بن أبي‬ ‫القاسم عبد الله بن عمران البرقي ‘ عن يعقوب بن إسحق ‪ .‬وهو ابن‬ ‫السكيت ‘ قال ‪ :‬كتبت إلى أبي محمد أسأله ‪ :‬كيف يعبد العبد ربه وهو لا‬ ‫يراه ؟ فوقع يا أبا يوسف ‘ جل سيدي ومولاي ‪ ،‬والسُنعم علي وعلى أباني‬ ‫أن يرى & والتقريب بأن عبادة العبد في دار الدنيا ‪ 0‬فلابد أن تكون الرؤية‬ ‫أيضا فيها ‪.‬‬ ‫تم أن هذه الرؤية ‪ 0‬التي يقول بها المْتأخرون ‘ لا يمكن لغير النبي‬ ‫() { في هذه الدار ‪ 0‬بل له على المشهور بين الجمهور ‪ .‬فكيف يسأل‬ ‫عنه مثل ابن السكيت لجميع العباد ‪ 0‬فلابد أن يكون المراد هو الرؤية‬ ‫الحسية في السؤال ‪.‬‬ ‫‪ ٢٠٠.‬۔‬ ‫‏‪.‬‬ ‫وهكذا الجواب ‪ :‬حيث أن هذه الرؤية التي ادعتها المْتأخرون ‘ لا‬ ‫نافي جلاله تعالى ‪ ،‬لأن حاصلها اليلم التام بالوجود ‪ 0‬على ما سيأتي‬ ‫بيانها ‪ 0‬إن شاء الله تعالى ‪ 0‬والأخبار في هذا الباب كثيرة ‪ ،‬اقتصرنا على‬ ‫ما ذكر { تنبيها على ما حاولناه ‏‪ ٠‬من أن كلام السلف ‪ 0‬كان في هذه الرؤية‬ ‫الحسية ‪ .‬في هذه الدار وغيرها ؛ وأما المْتأخرون { فلما رأوا شناعة هذا‬ ‫القول ‪ 0‬غيروا محل النزاع ‪.‬‬ ‫قال في "" المقاصد "" ‪ :‬ذهب أهل الحق ‪ 8‬إلى أنه تعالى ‪ 0‬مع تنزهه‬ ‫عن الجهة والمقابلة ‪ .‬يصح أن يرى & ويراه المؤمنون في الجنة ‪ .‬خلافا‬ ‫لسائر الفرق ‪ 0‬ولا نزاع لهم في إمكان الإنكشاف التام العلمي ‘ ولا لنا في‬ ‫إمتناع إرتسام الصورة ‪ ،‬أو إتصال الشعاع { أو حالة مُستلزمة لذلك ‪ .‬بل‬ ‫المتنازع أنا إذا نظرنا إلى البدر ‪ 0‬فلنا حالة إدراكية نسميها ‪ :‬الرؤية ‪.‬‬ ‫مغايرة لما إذا أغمضنا العين ‪ 0‬وإن كان ذلك إنكشافا جليا ‪ .‬فهل يمكن أن‬ ‫يحصل للعباد ‪ 0‬بالنسبة إلى الله تعالى تلك الحالة ‪ 0‬وإن لم يكن هناك‬ ‫مقابلة ‪ 3‬انتهى ‪.‬‬ ‫وسبقه إلى مثله الغزالي وغيره ‪ 0‬وتبعه على ذلك جل الأشاعرة ‪.‬‬ ‫وهذا كما ترى صريح ‪ ،‬بأن المتنازع حالة إدراكية يسمونها ‪ :‬الرؤية ‪.‬‬ ‫فان كانت تلك الحالة حاصلة من الإبصار اللازم للإرتسام { أو إتصال‬ ‫الشعاع ‏‪ ٠‬خرجت عن محل النزاع ‪ 0‬كما ذكر } وإن لم تكن كذلك ‪ 0‬بل كان‬ ‫إدراك عقليا ‪ .‬غير أنه متساوي الرتبة في الإنكشاف للإبصار الحسي ‪.‬‬ ‫وهو المسمى عندنا ‪ :‬بعين اليقين } فلا نمنعه نحن أيضا ‪ ،‬بل ولا تسميته‬ ‫بالرؤية ‪ 0‬لعدم المشاحة في الإصطلاح ‘ بل نقول به ‪ 0‬لما سيجيء من‬ ‫۔‪٢٠١‬‏ ۔‬ ‫تقسيم الرؤية إلى ‪ :‬الحسية { والعقلية ‪ .‬والممنوع إنما هو الأولى لا‬ ‫الثانية ى وعلى هذا يسقط أغلب ما أورد على مُثبتي الرؤية ‪ .‬من لزوم‬ ‫التجسم ‪ 0‬وكونه تعالى في جهة ‪ .‬وعلى وضع ‘ وغير ذلك من لوازم‬ ‫الرؤية الحسية ‪.‬‬ ‫الله تعالى سيخلق هذه‬ ‫نعم ‪ 0‬يبقى شيع ‪ .‬وهو أنهم يقولون ‪ :‬أن‬ ‫تعالى بأبصارهم ‪ 0‬بهذا‬ ‫الحالة في البصر يوم القيامة للمُؤمنين ‪ 0‬فيرونه‬ ‫والوضع ‪ ،‬وغير ذلك ‪،‬‬ ‫النوع من الرؤية ‘ التي لا تلزم التجسم ‘ والأين ‪0‬‬ ‫وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى ‪.‬‬ ‫ولعل الوجه في هذا الإختلاف الواقع بين كلام المتأخرين والأسلاف ‪8‬‬ ‫إنك إذا أنصفت من نفسك ‪ .‬ونبذت الشبهات المركوزة في الذهن وراء‬ ‫ظهرك ‘ وخليت وعقلك ‪ 0‬وتأملت في أصناف الناس حق التأمل ‪ 0‬تجد‬ ‫الإنسان بمقتضى جبلته البشرية ‪ ،‬وطبيعته الحيوانية ‪ .‬التي احتوت على‬ ‫القوى الغضبية والشهوية ‪ 0‬مائلا إلى مذهب أبانه وأسلافه من مشانخه‬ ‫وأنمته ‪ .‬وذلك لأن الملكات ‪ .‬أي ‪ :‬الحالات الراسخة في النفس الغير‬ ‫الزائلة بسهولة ‪ 0‬تحصل بتكرر الأعمال والأفعال ‪ 0‬وتوارد الأحوال على‬ ‫الأحوال ‪ 0‬مرة بعد أخرى ‪ 8‬فثانية بعد أولى ‪.‬‬ ‫فالأطفال في أول حصول التمييز يُمرنهم الأباء والأمهات بألفاظ‬ ‫إعتقاداتهم ‪ .‬حتى يحفظوها حق الحفظ ‪ 8‬فإذا بلغوا حد فهم المعاني ‪8‬‬ ‫جعلوهم عند مُعلم من أهل مذهبهم ‘ لئلا يتبدل مذهبهم ويتعلموا غير‬ ‫طريقتهم ‪ 0‬فيتلقفون المعاني منهم تقليدا ‪ .‬ويكررونها عند أبائهم ‪.‬‬ ‫فرحبُونهم على ما تعلموا ‪ ،‬ويرغبُونهم فيما تلقفوا ‪ 0‬ثم إذا كانت الأباء‬ ‫‏‪ ٢٠٢‬۔‬ ‫من أهل العلم ‪ 0‬أو ممن يرغب فيه ‘ بعتوهم إلى شيخ من مشايخ‬ ‫طريقتهم } وأستاذ من أساتيذ مذهبهم ‘ ليتعلم تلك المطالب ‪ 0‬فيعلمها على‬ ‫طريق الإستدلال ‪.‬‬ ‫ثم إذا كان المتعلم صاحب جودة وقريحة ‪ 0‬يشتغل بعد التعلم بالتعليم ‪.‬‬ ‫فيترسخ تلك المطالب في ذهنه غاية الرسوخ { وإذا إنضاف إلى ذلك كله‬ ‫صلاح المعلم والتقوى ‪ 0‬وهده في زخارف الدنيا ‪ 0‬ورغبته في الآخرة‬ ‫والغقبى ‪ 0‬إشتد الرسئوخ في الغاية ‪ 0‬وبلغ التمكن إلى النهاية ‪ 7‬بحيث‬ ‫يعسر زوالها ‪ .‬بل يتعذر استبدالها ‪.‬‬ ‫وإن كان من البطلان بمكان ‪ 0‬دال إلى أقصى مدارج الخسران ‘ وأنهى‬ ‫إلى أسفل دركات النيران ‪ 0‬ولو خلج في خاطره شك من مزاولة أقوال‬ ‫مخالفيه ‪ 0‬أو ولج في ضميره شبهة في سخافة أراء مُؤالفيه } اجتهد في‬ ‫تزييف الأول ‪ 0‬ولو كان حقاً ‏‪ ٠‬وسعى في ترويج الثاني ‪ 0‬ولو كان باطلا ‪،‬‬ ‫وذلك تارة لشدة الرسوخ المتقدم } فسمي هذه ‪ :‬شكوكا ‪ 0‬في مقابل‬ ‫البداهة ‪ 0‬وتارة للعصبية على أسلافه ‪ 0‬لشدة حسن الظن بهم ‘ فلا يظن‬ ‫بهم إلا الحق ‪ 0‬ولو شاهد البطلان بالعيان ‪ 0‬نسأل الله الهداية والرشاد ه‬ ‫ونعوذ به من الضلال والإلحاد ‪.‬‬ ‫وإذا تأملت ما ذكرنا حق التأمل ‪ 0‬ونظرت إلى الناس بعين الحقيقة‬ ‫والإنصاف { علمت أن كل أحد ‪ .‬إل الخأوحدي منهم ‪ .‬الذي شرح الله‬ ‫صدورهم للإيمان { متمسك بما نشأ عليه } ومُتشبث بما تلقف من أبانه ‪.‬‬ ‫نم من مُعلمه ومشايخه { تم من أنمة مذهبه ‪ 0‬لا سيما إذا حسن الظن بهم ‪.‬‬ ‫وكان السلف من أهل الحديث ‘ جامدين على ظواهر الآيات والأخبار ‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٠٣ .‬۔‬ ‫على ما تقدم في باب المشبهة ‪ 0‬كارهين لطريقة المتكلمين ‪ 0‬وأهل الجدال‬ ‫والإستدلال ‪ 0‬لا سيما أنمة المذاهب الأربعة ‪ 0‬الذين هم قدوة في الأصول‬ ‫والفروع عند الناس ‘‪ 0‬فذهب ‪ :‬محمد بن إدريس الشافعي { ومالك ‪8‬‬ ‫‪ ،‬إلى‬ ‫لف‬ ‫سث من‬ ‫للحدي‬ ‫اهل ا‬‫وأحمد بن حنبل ‪ ،‬وسفيان الثوري ‪0‬وجميع أ‬ ‫التحريم ‪.‬‬ ‫قال أبو عبد الأعلى ‪ 0‬على ما نقل عنه الغزالي } في كتاب "الإحياء" ‪:‬‬ ‫سمعت الشافعي ‪ 0‬يوم ناظر حفصاآ الفرد ‪ 0‬وكان من مُتكلمي المعتزلة ‏‪٨‬‬ ‫يقول ‪ :‬لأن يلقى الله () ‪ ،‬العبد بكل ذنب ‪ .‬ما خلا الشرك بالله © خير‬ ‫له من أن يلقاه بشيء من علم الكلام ؛ ثم نقل عن الشافعي ‘ كلمات آخر ‪،‬‬ ‫تشبه هذا } أو يزيد عنه ‪ ،‬يطول الكلام بذكرها ‪.‬‬ ‫ثم نقل عن أحمد بن حنبل ؛ فقال ‪:‬قال أحمد بن حنبل ‪ :‬لا يففح صاحب‬ ‫الكلام أبدا ‪ 0‬ولا تكاد ترى أحدا نظر في الكلام ‘ إلا وفي قلبه وغل وبالغ‬ ‫هجر حارث المحاسبي ‘ مع هده وورعه ‘‪ ،‬بسبب تصنيفه كتابا ‘ في‬ ‫الرد على المبتدعة ‪ ،‬وقال ‪ :‬ويحك { ألست تحكي بدعتهم أولا } ثم ترد‬ ‫عليهم { ألست تحمل الناس بتصنيفك على مطالعة البدعة ‪ .‬والتفكر في‬ ‫تلك الشبهات ‪ 0‬فيدعوهم ذلك إلى الرأي والبحث ‪.‬‬ ‫وقال أحمد ‪ :‬علماء الكلام زنادقة ‪.‬‬ ‫وقال مالك ‪:‬أرأيت أن جاءه من هو أجدل منه ‪ ،‬أيدع كل يوم دينه‬ ‫لدين جديد ‪ 0‬يعني ‪ :‬أن أقوال المتجادلين تتقاوم ‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٠٤‬۔‬ ‫وقال مالك أيضا ‪ :‬لا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء ‪.‬‬ ‫فقال بعض أصحابه في تأويله ‪ :‬أنه أراد بأهل الأهواء ‪ :‬أهل الكلام ©‬ ‫على أي مذهب كان ‪.‬‬ ‫وقال أبو يوسف ‪ :‬من طلب العلم بالكلام تزندق ‪.‬‬ ‫وقال الحسن ‪ :‬لا تجادلوا أهل الأهواء ‪ }.‬ولا تجالسوهم ‪ 0‬ولا تسمعوا‬ ‫منهم ‪.‬‬ ‫وقد اتفق أ هل الحديث من السلف { على هذا ‪ 0‬ولا ينحصر ما نقل‬ ‫عنهم ‪ 0‬من التشديد فيه { انتهى موضع الحاجة من كلامه ‪.‬‬ ‫أقول ‪ :‬من أنصف من نفسه ‘ ونظر إلى هذه الكلمات ‘ من هذه الأئمة }‬ ‫الذين اعتقدوا فيهم ‪ 0‬ما يفضي إلى العجب ‏‪ 0٠‬حتى حرموا الإجتهاد من‬ ‫بعدهم ‪ 0‬ولم يجوزوه لأحد ‪ 0‬وإن بلغ من العلم ما بلغ ‘ تم رأى في الآيات‬ ‫والأخبار ‪ 0‬ما يدل بظاهره على إمكان الرؤية ‪ .‬أو وقوعه { كيف يتجرأ‬ ‫على مخالفة الظاهر ‪ 0‬وإن لزم منه ما يخالف العقل الصريح القاطع ‪.‬‬ ‫ولكن المتأخرين ‪ .‬لما تدرجوا شيناً فشضينا في المطالب الكلامية ‪.‬‬ ‫واطلعوا على مطالب المتكلمين ‪ 0‬ورأوا أن التقليد في الأصول غير جائز ‪.‬‬ ‫فمالوا إلى طريقتهم في الجملة { إل أنهم لم يتجرأوا على مخالفة الأنمة‬ ‫والسلف بالكلية ‪ 0‬فيكفرهم الناس ويتبرأوا منهم ‪ 0‬ورأوا أن القول بالرؤية‬ ‫آيلة إلى ‏‪ ١‬لكفر < كالتجسيم ‪.‬‬ ‫الحسية ‘ يلزم منه مفاسد‬ ‫وكونه تعالى في جهة ومكان ‪ .‬وغير ذلك من المفاسد ‪ ،‬إلتجأوا إلى‬ ‫تغيير عنوان البحث ‪ ،‬وتبديل محل النزاع ‪ 0‬فجعلوا المتنازع ما نقلناه عن‬ ‫۔ ‏‪ ٢.٠٥‬۔‬ ‫المقاصد وغيره ‪ ،‬وإلا فمن الواضح أن ظاهر الآيات والأخبار ‪ ،‬المتمسك‬ ‫بها في المقام ‪ .‬هو هذه الرؤية والإبصار ‪ ،‬لا تلك الحالة الإدراكية ‪ ،‬التي‬ ‫جعلها الله تعالى من خواص القلب ‪ 0‬وشرفه بها ‪ .‬حيث أطاعه في الأزل ‪،‬‬ ‫حين قال له ‪ :‬أقبل ‪ ،‬فأقبل } تم قال له ‪ :‬أدبر { فأدبر ‪.‬‬ ‫وأين للبصر هذه المرتبة الشريفة ؟ وأنى له تلك المنزلة الرفيعة ؟‬ ‫وأي تقصير صدر من العقل ؟ وأي طاعة حصلت من البصر { حتى يسلبها‬ ‫من العقل { ويوهبها للبصر ؟‬ ‫نسأل الله الإرشاد والهداية ‪ 4‬ونعوذ به من الغباوة والغواية ‪ 0‬هذا ما‬ ‫سنح لي من وجه الإختلاف { وعليك بالعدل والإنصاف ‪.‬‬ ‫الأمر التالث في بيان المطلب الثاني ‪ .‬الذي اشتمل عليه حديث أبي‬ ‫جعفر (التلم) ‪ 0‬على ما أشرنا إليه سابقا ‪:‬‬ ‫اعلم أن الغلوم العقلية ليست على حد سواء ‪ .‬بل متفاوتة ظهورا‬ ‫وخفاء ‪ .‬وإنكشافا وإبهاما ‪ .‬وأن المعرفة إذا اشتدت وضوحا ‘ صارت‬ ‫رؤية عقلية ؛ وأن الغلوم إذا تأكدت وضوحا وجلاء ‪ 0‬صارت اإعيانا‬ ‫حضوريا ؛ كما أن الخيال إذا قوى يصير حسا باطنا ‪ .‬والأمر المتخيل إذا‬ ‫تأكد ظهوره ورسوخه ‪ ،‬يصير مثالا عينيا ‪ .‬يترتب عليه الآثار الوجودية ‪.‬‬ ‫فنقول من الرأس ‪ :‬أن المُدركات تنقسم إلى ما يدخل تحت الخيال ‪.‬‬ ‫كالصور الجزنية من الأجسام المُتششكله ‪ .‬وألوانها ‪ .‬ومقاديرها ‪.‬‬ ‫وأشكالها ‪ 0‬وطعومها ‪ 0‬وروانحها ‪ ،‬وأصواتها ‪ .‬وإلى ما لا يدخل تحت‬ ‫الخيال ‪ ،‬كذات الله تعالى وصفاته ‪ 0‬وكل ما ليس بجسم ولا جسماني ‪.‬‬ ‫۔‪٢٠٦‬‏ ۔‬ ‫سواء كان من الصفات ‪ ،‬كالعلم ‪ 0‬والقدرة { والإرادة ‪ 0‬وغيرها ؛ أو من‬ ‫الذوات ‪ 0‬كذات العقل ‪ 0‬والنفس ‪ 0،‬وكطبائع المهيات والكليات ‪.‬‬ ‫فالذي من القسم الذول ‪ :‬إذا وقع في الخيال ‘ كمن رأى إنسانا } تم‬ ‫أغمض بصره ‘ وجد صورته حاضرة في خياله ‪ ،‬كأنه ينظر إليها ‘ ولكن‬ ‫إذا فتح العين وأبصر ‪ 0‬وجد تفرقة بين الإدراكين ‪ ،‬والسدرك أمر واحد ه‬ ‫ولا ترجع التفرقة بين الأمرين في الصورة ‪ ،‬إذ الصورة واحدة } كما قلنا ‪.‬‬ ‫وإنما الإفتراق بزيادة الوضوح والكشف ‪ ،‬فإن صورة المرني صارت‬ ‫بالرؤية أتم إنكشافاً ‪ 0‬وهو كشخص يرى في وقت الأسفار قبل طلوع‬ ‫النمس وإنتشار ضونها { تم يرى عند تمام الضوء ‪ ،‬فإنه لا يفارق الحالة‬ ‫الأخرى للأولى ‘ إلا في زيادة الإنكشىاف ‪.‬‬ ‫فإذن الرؤية هي استكمال الإدراك الخيالي ‘ وهو غاية الكشف ‏‪٥‬‬ ‫وسمي ذلك ‪ :‬رؤية { لأنه غاية الكشف ‘ لا لأنه في العين ‪ 0‬بل لو خلق‬ ‫الإدراك الكامل في غير هذا العضو ‪ .‬كالجبهة ‪ .‬أو كالصدر ‪ .‬لكان رؤية‬ ‫أيضا ‪.‬‬ ‫بل يجب أن يعلم ها هنا ‪ 0‬أن القوة الخيالية للانسان ‪ .‬هي في جوهرها‬ ‫أقوى إدراكاً ‪ 0‬وأدوم مُدركاً من هذا البصر ‘ الذي في العين ‪ ‘.‬غويرها من‬ ‫الحواس الظاهرة ‪ 0‬لكن النفس مشغولة عنها ‪ 0‬بشواغل الطبيعة البدنية ‪3‬‬ ‫ما دامت هذه الحياة ‪,‬‬ ‫ولأجل ذلك تكون إدراكات هذه الحواس الظاهرة أقوى وأجلى عند‬ ‫الإنسان ‪ 0‬فإذا خلعت عن ذاتها هذا البدن الطبيعي ‪ ،‬وتلبست بلباس‬ ‫الحشر ‪ 0‬واكتست كسوة الآخرة ‏‪ ٠‬كانت ترى الصور الجزئية بعين الخيال ‪.‬‬ ‫۔‪٧‬ا‪٢٠‬‏ ۔‬ ‫ويكون رؤية الخيال عند ذلك أقوى ‪ 0‬وأوضح ‪ 0‬وأصدق ‪ 0‬وأصح ‪ 6‬من‬ ‫رؤية البصر ‪.‬‬ ‫وأيضا ينبغي أن يعلم ‪ 0‬أن الصورة الخيالية ‪ 0‬إذا اشتدت وقويت ‘ لا‬ ‫تصير حسية طبيعية ‘ إذ الصورة الغير المادية ‪ 0‬لا تصير بالإستكمال‬ ‫مادية ‪ 0‬ولا المادية بالإشتداد تصير مفارقة { إلآ على وجه الإستبدال ‪.‬‬ ‫وتوارد الصور ‘ كما قال الله تعالى ‪ « :‬إنا لقادرون » (') ‪ « 0‬على أن‬ ‫نبدل أمثالكم وننشأكم فيما لا تعلمون » ") ‪ .‬وتحقيق ذلك مما يطول‬ ‫شرحه ‘ وعليه يبتني إثبات المعاد الجسماني ‪.‬‬ ‫وإذا فهمت ذلك في المْتخيلات { فاعلم أن المعقولات التي لا حصول‬ ‫لها في الخيال ‪ .‬بل ولا في العقل أيضا ‪ .‬فلمعرفتها وإدراكها درجتان ‪.‬‬ ‫أحدهما ‪ :‬أنزل ؛ والثانية ‪ :‬إستكمال ‪ .‬وإشتداد له ؛ وبين الثاني والأول‬ ‫من التفاوت ‪ 0‬في مزيد الكشف والإيضاح ‪ 0‬كما بين المتخيل والمرني ‪8‬‬ ‫فيسمي التاني ‪ 0‬بالإضافة إلى الأول ‪ :‬مُشاهدة ‪ .‬ولقاء ‪ .‬ورؤية { لما‬ ‫علمت أن الرؤية ‪ ،‬إنما سميت رؤية ‪ 0‬لأنها إدراك على سبيل المشاهدة ‪.‬‬ ‫وحضور المعلوم ‪ 0‬وزيادة الكشف ‪.‬‬ ‫وكما أن سننة الله جارية ‪ 9‬في أن تطبيق الأجفان ‘{ يمنع من تمام‬ ‫الكشف بالرؤية البصرية ‪ 0‬فكذلك اشتغال النفس بشواغل هذا البدن ‪ 0‬يمنع‬ ‫من تمام الكشف بالرؤية الخيالية ‪ .‬فلابد من إرتفاع الحجاب ‏‪ ٠‬لحصول‬ ‫الرؤية البصرية أو الخيالية ‪ 0‬لكن الحجاب في الأول ‪ :‬خارجي عرضي ‪.‬‬ ‫‪. ٤٠ :‬‬ ‫المعار ج‪‎‬‬ ‫(‪ ()١‬سورة‬ ‫‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الواقعة‪٦١ : ‎‬‬ ‫يرتفع متى قصده الإنسان ؛ وفي الثاني ‪ :‬طبيعي ‪ ،‬لا يرتفع إلا بالموت ‪.‬‬ ‫فكذلك سنة الله جارية ‪ 0‬في أن النفس ما دامت محجوبة ‪ .‬بمقتضى‬ ‫الننهوات وصداع السينات ‪ 0‬وما غلب عليها من رذانل الأخلاق ومساوئ‬ ‫الصفات ‪ 0‬فانها لا تنتهي إلى المشاهدة واللقاء ‪ 0‬في المعلومات الخارجة‬ ‫عن عالمي الحس والخيال ‪ 0‬بل هذه الحياة أيضا حجاب عنها بالضرورة ‪.‬‬ ‫ولذا _ قال الله ريلة) ‪ 0‬لموسى (التلنثلا‪ « : ):‬لن تراني » (‪ . 0‬فإن‬ ‫كانت النفس عارفة ‪ .‬غير ملوثة بالكدورات الدنياوية ‪ 0‬فعند ذلك تستعد‬ ‫لصفانها ‪ 0‬ونقانها عن الكدورات ‪ 0‬حيث ‪ « :‬ولا يرهق وجوههم قتر ولا‬ ‫ذلة ") { ولا غبرة ‪ ،‬لأن يتجلى لها الحق سبحانه ‪ .‬تجليا يكون إنكشاف‬ ‫تجليه ‪ ،‬بالإضافة إلى ما علمه { كإانكشساف تجلي المرنيات { بالإضافة إلى‬ ‫ما تخيله ‪ .‬وهذه المشاهدة والتجلي ‘ هي التي تسمى ‪ :‬رؤية ‪.‬‬ ‫فاذن ‪ 0‬رؤية الله حق ‪ 0‬بشرط ‪ :‬أن لا تفهم من الرؤية ‪ .‬إستكمال‬ ‫الخيال في مُتخيل مُتصور ‪ .‬مخصوص بجهة ومكان ‪ ،‬فإن ذلك مما يتعالى‬ ‫عنه رب الارباب علوا كبيرا ‪ .‬بل كما عرفته في الدنيا معرفة حقيقية ‪ .‬من‬ ‫غير تخيل ‘ وتصور ‪ 0‬وتقدير شكل { وكيف { فتراه في الآخرة كذلك ‪.‬‬ ‫بل نقول ‪ :‬أن المغرفة الحاصلة في الدنيا ‏‪ ٠0‬هي التي تستكمل ‪ 0،‬فتبلغ‬ ‫كمال الكنسف والوضوح ‘ وتنقلب مشاهدة ‪ .‬ولا يكون بين المُشاهدة في‬ ‫الأخرة ‪ .‬والمعلوم في الدنيا إختلاف ‘ إلآ من جهة زيادة الكثنف‬ ‫والوضوح { كما في استكمال الخيال بالرؤية ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الاعراف‪. ١٤٣ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة يونس‪. ٢٦ : ‎‬‬ ‫‏_‪ ٢٠٩‬۔‬ ‫نورهم يسعى بين أيديهم وباأيمانهم‬ ‫وإلى ذلك أشار تعالى في قوله ‪:‬‬ ‫يقولون ربنا أتمم لنا نورنا » ('' ‪.‬‬ ‫وأما إذا كانت النفوس ملوثة بالكدورات الدنياوية ‪ .‬غير مُنفكة عن‬ ‫رذانل الصفات ‪ 0‬وخبانث الملكات ‪ 0‬فان كانت جاهلة ‪ 0‬والخبانث والذخصدية‬ ‫متراكمة ‪ .‬فلا تقبل الإصلاح والتهذيب ‪ 0‬فهؤلاء هم المحجوبون عن رب‬ ‫العالمين أبد الأبدين ‪ 0‬كما قال (عز من قانل) ‪ :‬أ كلا إنهم عن ربهم يومنذ‬ ‫لمحجوبون & ") ‪.‬‬ ‫وإن كانت مُسلمة عارفة ‪ 0‬والخبانث غير راسخة ‪ ،‬ولا منتهية حد‬ ‫الطبع الرين ‪ 0‬ولم تخرج عن قبول التزكية ‪ 0‬فتعرض على النار عرضا ‪.‬‬ ‫يقمع منه الخبث المُتندس به ‪ 0‬ويكون العرض على النار ‪ 0‬بقدر الحاجة‬ ‫إلى التزكية ‪ 0‬وأقلها لحظة ‘ وأقصاها في حق المُؤمنين ‪ -‬كما في بعض‬ ‫الاخبار ۔ سبعة آلاف سنة ‪.‬‬ ‫فإذا أكمل الله تطهير النفس ‪ ،‬وبلغ التاب أجله ‘ ووقع الفراغ عن‬ ‫جملة ما وعد به الشرع ‪ 6‬فعند ذلك يستعد للقاء الله ‪ .‬والحضرة الإلهية ؛‬ ‫فان كان ما حصله في الدنيا من الخصول الدينية ‪ .‬غلوماً حقيقية ‪ .‬حاصلة‬ ‫من جهة البرهان واليقين ‪ 0‬يلتحق بالملا الأعلى ‪ 0‬ويشرب شراب‬ ‫المقربين ‪ 0‬من الكأس الخفي ‪ 0‬مُطالعاً جمال الله وجلاله ‪ ،‬بعين العقل ‪.‬‬ ‫وحقيقة العرفان ‪.‬‬ ‫وإن كان ما اعتقده وأخذه من الشارع أو المعلم ‪ 0‬من باب التقليد‬ ‫(‪ )١‬سورة التحريم‪. ٨ : ‎‬‬ ‫‪. ١٥‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ (٢‬سورة المطففين‪‎‬‬ ‫‏‪ ٢١٠.‬۔‬ ‫والتسليم ‪ 0‬لا على وجه التحقيق واليقين ‪ 0‬فدرجته بعد الخلاص ذون‬ ‫درجة المقربين ‪ ،‬وله ما تشتهي نفسه ‪ ،‬وتلذ عينه } في كسوة الأمثال ‪.‬‬ ‫فهذا تحقيق القول في هذا المقام ‪ 0‬توضيحا وتبيينا لما أفاده (التكلم) ‪.‬‬ ‫بقوله ‪ :‬ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ‪.‬‬ ‫ثم اعلم ‪ 0‬أن الأمر البسيط { الذي لا مبدأ له ولا جزء ‪ 0‬بوجه من‬ ‫الوجوه ‪ 0‬لا سبيل إلى إكتساب معرفة ذاته‪ .‬من طريق الإستدلال بالقياس ‪.‬‬ ‫وإذ لا مشاركة له في المهية ‘ فلا يدرك بالحواس ‘ بل ذات من لا مبدأ‬ ‫له ‪ .‬ولا جزء ‘ ولا مثل ‪ 0‬إما مجهول محض ‪ .‬وإما معلوم بصريح‬ ‫العرفان الكشفي ‪ 0‬وشهود الذات المْنكشفة على عين البصيرة ‪ .‬من غير‬ ‫واسطة قياس ‪ .‬أو حس ۔ وإليه الإشارة بقوله (التتثلةم) ‪ :‬لا نتعرف‬ ‫بالقياس ‘ ولا يدرك بالحواس ‪ 8‬وأراد بقوله ‪ :‬ولا يشبه بالناس ‪ ،‬أن كل‬ ‫ما يدركه الإنسان باحدى الحواس والمشاعر { فهو مشابه له لا مُحالة ‪.‬‬ ‫في صفته التي عليها ذلك الشيع ‪ .‬وهو تعالى مُنزه عن التشبيه ‪.‬‬ ‫نم أراد أن يشير إلى إندفاع شبهة أخرى ‪ .‬وإنحلال عقدة أشكالها ‪.‬‬ ‫وهي ‪ :‬أنه إذا لم يكن ذاته تعالى معلوما لأحد من الناس ‪ .‬إلا لواحد بعد‬ ‫واحد من أكابر الاولياء ‪ 0‬فمن المعبود في العبادات ‪ 0‬والمقصود في‬ ‫اللدعاوات ‪ 0‬والمرغوب إليه في إنجاح الطلبات ‪ 0‬ورفع الحاجات ‪.‬‬ ‫والمرهوب عنه في النقمات ‪ 0‬وإنزال البليات ‪.‬‬ ‫فأشار إلى الجواب ‪ ،‬بقوله ‪ :‬موصوف بالآيات ‘ معروف بالعلامات ؛‬ ‫وذلك لأن البراهين المُفيدة للقطع واليقين على قسمين ‪:‬‬ ‫‏‪ ٢١‬۔‬ ‫۔‪١‬‬ ‫أحدهما ‪ :‬أللمي المفيد لحقيقة المطلوب ‪ 0‬من طريق مقوماته ومبادنه‬ ‫وهذا مُحال في حقه تعالى ‪.‬‬ ‫وتانيهما‪:‬ا لأنى المفيد للعلم بوجود الني ء مطلقا ‘ لا بحقيقته‬ ‫وآياته ‪ .‬وأفعاله ‪.‬‬ ‫‪ .‬وهو الإستدلال من جهة آثار الشنيع‬ ‫المخصوصة‬ ‫وعلاماته ‪.‬‬ ‫ولكن النظر في أجزاء وجود الحوادث والحركات ‏‪ ٠‬على أتقن وجه‬ ‫وأحكمه { يعطي أن في الوجود قيوماآ أزلي ‪ .‬واحدا لا شريك له ‪ .‬علاما‬ ‫قادرا ‪ .‬حيا ‘ سميعا ‪ .‬بصيرا ‪ 0‬موصوفا بالصفات الخسنى ‘ والأمثال‬ ‫الغليا ‪ 0‬والكبرياء ‪ .‬والآلاء ؛ فالێرهان الآتي حاكم ‪ 0‬بأن في الوجود‬ ‫موجودا كذا وكذا ‪ 0‬تم هذه المعلومات ‪ .‬إذا تأكدت ورسخت في النفس‬ ‫العارفة ‪ 0‬استكملت النفس بها ‪ 0‬وقويت ذاتها ‪ .‬وخرجت من القوة إلى‬ ‫الفعل ‪ .‬وانقلبت من حد النفسية إلى حد العقلية ‪ .‬وشاهدت بعينها‬ ‫المكتسبة ‪ .‬و عقلها المستفاد ‪ .‬جمال الحضرة الإلهية ‪ .‬و عاينت الملا‬ ‫الأعلى ‪ .‬وأطاعها الأكوان طاعتها للملانكة المقربين ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ :‬ولايجور في حكمه ‪ :‬إشارة إلى العلم الحاصل بطريق‬ ‫الاستدلال ‪ 0‬بملاحظة أحوال الموجودات ‪ ،‬وانتظام أحوال الكاننات ‪.‬‬ ‫وارتباط السفليات بالعلويات ‪ .‬بأن مبدأ الأشياء ومبدعها عادل في الأفعال‪.‬‬ ‫بوجه لا جور في حكومته { عالم بوجه الخير فيها ‪ .‬لا ميل في مشيته ‪.‬‬ ‫ولا شر في أمره وقضانه { وبعدله وحكمته قامت السماوات والأرض على‬ ‫أحكم نظام ‪ 0‬وأدوم قوام ‪ 0‬وأحسن بقاء ودوام ‪ .‬من غير خلل وإنثلام ‪6‬‬ ‫‏‪ ٢١٢_.‬۔‬ ‫وفتور وإنفصام ‪.‬‬ ‫وقوله (التثلةم) ‪ :‬ذلك الله (تاللة) ‪ 0‬إشارة إلى أن الموصوف بهذه‬ ‫النعوت الكمالية ‪ .‬والذوصاف الجمالية والجلالية ‪ .‬هو الله رتَنك) ‏‪٥‬‬ ‫اللمُستجمع لجميع الكمالات الإلهية ‪ 0‬بقضية العقل من جهة البرهان ‪.‬‬ ‫وقوله (التتتلم) ‪ :‬لا إله إلا هو ‪ 3‬إشارة إلى أن المدلول عليه بالإلهية‬ ‫وصفات الربوبية ‪ .‬هوية أحديه ‪ 0‬بسيطة قدسية { لا إشارة إلى كنهه ‪ ،‬ولا‬ ‫صورة لذاته ‪ 0‬ولا قدم لعقل ‪ 0‬ولا وهم ‪ .‬ولا حسن عنده ‪ 0‬ولا إطلاع لما‬ ‫سواه عليه ‪ ،‬إلأ بعد فناء التعينات ‪ 0‬واضمحلال الأنيات ‪ 0‬وإندكاك جبل‬ ‫الهويات ‪ 0‬ف ‪ ( :‬كل شيع هالك إلا وجهه » () ‪ 0‬لسطوة قهره وسُلطانه ‪.‬‬ ‫وغلبة نوره وببرهانه ‪ :‬ل( لمن المُلك اليوم لله الواحد القهار » ("' ‪.‬‬ ‫وأما قول الرجل ‪ ،‬بعد سماع هذه الكلمات منه (التتتلم) ‪ « :‬الله أعلم‬ ‫حيث يجعل رسنالتة » () ؛ فكأنه إستشم من مبادئ روائح كلماته النورية ‪.‬‬ ‫واستشعر من لطانف فوانح معانيها القدسية { رانحة من أسرار الملكوت ‪.‬‬ ‫ولمعة من أنوار اللاهوت ‪ ،‬فعلم أن ما سمعه لا يتفق إلا من منبع الولاية ‏‪٨‬‬ ‫ولا يقتبس نوره إلآ من مشكاة النبوة والرسالة ‪.‬‬ ‫الامر الرابع ‪ :‬اعلم أيها السالك ‪ 0‬أن الغرض الأصلي من بعثة الرسل ‪.‬‬ ‫وإنزال المتب إلى الناس ‪ 0‬سياق الخلق إلى الحق ‪ ،‬وإذهابهم من أسفل‬ ‫السافلين ‪ 0‬إلى جوار رب العالمين ‪ .‬وذلك بالعلم والعمل الصالح ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬سورة القصص ‪ :‬‏‪. ٨٨‬‬ ‫‪. ١٦ :‬‬ ‫غافر‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة‬ ‫(‪ )٣‬سورة الأنعام‪. ١٦٢٤ : ‎‬‬ ‫‪٣‬۔ ‏‪ ٢١‬۔‬ ‫وغاية العمل أيضا ‪ .‬هو ‪ :‬العلم ‪ 0‬لأن المقصود من الأعمال ‏‪ ٠‬ليس إلا‬ ‫التخليص والتصقيل ‪ .‬والتنوير والتكميل ؛ والعلم عبارة عن معرفة الله‬ ‫وصفاته الخسنى ‪ ،‬وأفعاله الغظمى ‪ 0‬من ملائكته ‪ ،‬وكتبه ‪ ،‬ورسله‪.‬‬ ‫فكمال رتبة الإنسان ‘ الذي يستحق به مُجاورة الرحمن ‪ 0‬هو معرفة هذه‬ ‫الأمور { التي يجمعها العلم بالله وباليوم الآخر ‪ 0‬وهذا بعينه هو المراد‬ ‫بالإيمان ‪.‬‬ ‫وهذا العلم الذي هو الإيمان ‪ 0‬مما يضعف ‘ ويشتد ‪ 0‬وينقص ‪ 0‬ويكمل ‪.‬‬ ‫ويكون في مبدأ إكتسابه ضعيفا ناقصا ‪ .‬ثم يتدرج بمزاولة الأفكار‬ ‫والاعمال ‪ 0‬ويشتد شين فتىسينا ‪ 0‬ويستكمل قليلا قليلا ‪ 0‬كما يقع للفحم‬ ‫بمُجاورة النار ‪ 0‬يتسخن أولا تسخنا قليلاً ‪ 0‬تم يشتد تسخنه حتى يحمر ‪ ،‬ثم‬ ‫يتنور } تم يضيء ويحرق ‪ 0‬ويفعل كما تفعله النار من التسخين والإضاءة‬ ‫والإحراق ‪ .‬فهكذا يشتد نور العلم ‪ 0‬وقوة الإيمان ‪ 0‬حتى يصير العلم عينا ‪.‬‬ ‫والإيمان عيانا ‪ ،‬والمعرفة تنقلب مشاهدة ؛ ولهذا قيل ‪ :‬المعرفة بذر‬ ‫المشاهدة ‪.‬‬ ‫لكن ‪ 0‬يجب أن يعلم ‪ :‬أن العلم إذا صار عينا ‪ 0‬لم يصير عينا‬ ‫محسوساآ { وأن المعرفة إذا إنقلبت مشاهدة ‪ .‬لم تنقلب مُشاهدة بصرية‬ ‫حسية ‪ 0‬لأن الحس والمحسوس نوع مُضاد للعقل والمعقول ‪ 0‬ليست نسبة‬ ‫أحدهما إلى الآخر ‪ 0‬نسبة النقص إلى الكمال ‪ .‬والضعف إلى الشدة ‪ 0‬بل‬ ‫لكل منهما في حدود نوعه ‘ مراتب في الكمال والنقص ‪ 8‬لا يمكن لشيء‬ ‫من أفراد أحد النوعين المْتضادين ‪ 0‬أن ينتهي في مراتب إستكمالاته‬ ‫وإشتداداته ‪ .‬إلى شيع من أفراد النوع الأخر ‪.‬‬ ‫‏‪ ٢١٤‬۔‬ ‫فالإبصار إذا إشتد لا يصير تخيلا مثلا ؛ ولا التخيل إذا اشتد يصير‬ ‫تعقلا ‪ 6‬ولا بالعكس ‪.‬‬ ‫نعم ‪ 0‬إذا اشتد التخيل يصير مشاهدة ورؤية بعين الخيال ‪ 0‬لا بعين‬ ‫الحس ‘ وكثيرا ما يقع الغلط من صاحبه ‪ ،‬أنه رأى بعين الخيال ‘ أم بعين‬ ‫الحس الظاهر ‪ .‬كما يقع للمُبرسمين والمجانين ‪.‬‬ ‫وكذا التعقل ‪ :‬إذا اشتد يصير مشاهدة قلبية ‪ .‬ورؤية عقلية ‪ .‬لا خيالية‬ ‫ولا حسية ‪.‬‬ ‫وبالجملة {‘ الإحساس ‪ ،‬والتعقل ‪ 0‬والتخيل ‘ أنواع متقابلة من‬ ‫المدارك ‘‪ 0‬كل منها في عالم آخر من العوالم الثلاثة ‪ 0‬ويكون تأكد كل منها‬ ‫حجابا مانع عن الوصول إلى الآخر {‪ 0‬إذا تمهد هذا ‪.‬‬ ‫فنقول ‪ :‬اتفق الجميع بخيث لا تمانع بينهم ‪ 0‬أن المعرفة من جهة‬ ‫الرؤية أمر ضروري ؛ بل الرؤية بالحس نوع من المعرفة ‪ 0‬فإن من رأى‬ ‫شيئا ‪ 0‬فقد عرفه بالضرورة ‘ ولا يخلو هذه المعرفة الواقعة من جهة‬ ‫الرؤية البصرية ‪ 0،‬أنها هي الإيمان ‘ أو ليست بإيمان ‪ 0‬فإن كان الإيمان‬ ‫هو هذه المعرفة ‪ 0‬التي مرجعها الإدراك البصري والرؤية الحسية { فلم‬ ‫يكن المعرفة التي حصلت للإنسان ‪ 0‬من جهة الإكتساب بطريق الفكر‬ ‫والنظر إيمانا ‪ 0‬لأنها ضده ‪ 0‬لما علمت من أن الإحساس ضد التخيل ‪ 0‬وأن‬ ‫الصورة الحسية ضد الصورة العقلية ‪ .‬فكما أن الفرق تابت معلوم بين‬ ‫الحس والعقل ‪ .‬والبعد بينهما كالبعد بين الأرض والسماء ‪ ،‬فكذلك يجب‬ ‫أن يكون التضاد والتخالف & مُتحققا بين الرؤية الحسية والإدراك العقلي ‪.‬‬ ‫‪.‬۔‪ ٥‬‏‪ ٢١‬۔‬ ‫فتنبت أن المعرفة القلبية المكتسبة في دار الدنيا ‪ .‬ضد الرؤية‬ ‫البصرية ؛ فإذا لم يكن الإيمان بالحقيقة مُشتركا بينهما { ولا أمرآ جامعا‬ ‫لهما لثبوت التضاد ‘ وغاية الخلاف بينهما ‪ 0‬ولا جنسا مبهما بينهما غير‬ ‫تام ‪ 4‬الحقيقة المتحصلة كجنس المُتضادين ‪ 0‬مثل ‪ :‬اللونية بين نوعي‬ ‫السواد والبياض ‘ لأن الإيمان أمر مُحصل وحقيقه معينة ‪ 0‬فهو إما هذا ‪.‬‬ ‫وإما ذاك ‪ 0‬فإذا كان هذا لم يكن ذاك ‪ ،‬وإذا كان ذاك لم يكن هذا ‪.‬‬ ‫فإن فرض أن الرؤية الحسية هو الإيمان ‪ 0‬لم تكن المعرفة المكتسبة‬ ‫إيمانا ‪ .‬فلم يتحقق مُؤمن في الدنيا ‪ 0‬إذا لم يروا الله جهرة } بل من‬ ‫اقترحها أخذته الصاعقة ‪ 0‬لكن التالي باطل بالضرورة ‪ 0‬عقلا ونقلا ‪.‬‬ ‫لقوله (يلة) في كثير من مواضع القرآن ‪ « :‬يا أيها الذين أمثوا ‏‪٠‬‬ ‫<")‪.‬‬ ‫وقوله (تلة) ‪ « :‬الوا بالله » (') ‪ .‬وقوله ‪ « :‬أيثوا بربكم‬ ‫(") ‪ 0‬إلى غير ذلك من الآيات ‪.‬‬ ‫أولنك هم المؤمنون حقا‬ ‫وقوله ‪:‬‬ ‫فالمُْقدم ‪ 0‬أعني ‪ :‬كون الرؤية الحسية إيمانا مثله ؛ وإذا ثبت أن‬ ‫الرؤية الحسية ليست بإيمان ؛ تبت أن هذه المعرفة الحاصلة في العقل من‬ ‫طريق الإكتساب هو الإيمان ‪ 0‬وهو الإيمان بالغيب ‘ ما دام المؤمن في‬ ‫الدنيا ‪ 0‬كما قال تعالى ‪ « :‬يؤمنون بالغيب » () ‪.‬‬ ‫ثم نقول ‪ :‬أن هذا الإيمان { الذي هو المعرفة العقلية ‪ 0‬الحاصلة من‬ ‫طريق الإكتساب ‪ ،‬بالدليل والبرهان ‘ لا يخلوا إما أن يكون زائلا عن قلب‬ ‫‏(‪ )١‬سورة التوبة ‪ :‬‏‪ ٨٦‬؛ سورة الحديد ‪ :‬‏‪. ٧‬‬ ‫‏(‪ )٢‬سورة آل عمران ‪ :‬‏‪. ١٩٣‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة الأنفال‪ ٤ : ‎‬؛‪. ٧٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬سورة البقرة‪. ٣ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٢١٦‬۔‬ ‫المؤمن { فاسد بفساد بدنه ‪ 0‬وموت قالبه { أو غير زانل عنه ‪ 0‬بل باق‬ ‫معه في البعث والحشر ‪.‬‬ ‫لكن الأول باطل بلا خلاف لأحد من أهل الإسلام ‪ 0‬اللَهُح إلا أن يكون‬ ‫ضعيفا مُتزلزلا ؛ كيف وقد علمت أنه المقصود الأصلي من وضع الشرايع ‪.‬‬ ‫وبعث الرسل ؛ وأيضا المعرفة ليست أمرآ متعلقا بمواد هذا العالم ‏‪ ٠4‬حتى‬ ‫تفسد بفساد حامله ‪ .‬لأنها قانمة بجوهر روحاني عقلي ؛ وفي الحديث ‪:‬‬ ‫" التراب لا يأكل محل الإيمان '' ‪.‬‬ ‫بل هو منشأ بقاء الآخرة ‪ 0‬وهو نور الحياة في دار الحيوان ‪ 0‬وبه‬ ‫المشي في أرض الآخرة ‪ 0‬والإنسراج في رياض الرضوان ‘ كما أن نور‬ ‫الحس والحركة ‪ 0‬منشأ الحياة الطبيعية في هذا العالم ‪ 0‬دار البهائم وعالم‬ ‫الديدان ؛ فإذا تبت أن هذه المعرفة الإيمانية ‪ 0‬تابتة مع المؤمن في المعاد ‪.‬‬ ‫وبه يستضئ قبره وبرازخ منازله ‪ 0‬إلى يوم البعث ‪ 0‬وبقدر نور الإيمان‬ ‫وشدته ‪ 0‬يكون سعيه في الآخرة ‪ 0‬وسرعة مشيه على الصراط ‪.‬‬ ‫وهذا دليل واضح وبرهان لائح ‪ 0‬على أن الله تعالى ‘ لا رى بالعين ‪.‬‬ ‫إذ العين تؤدي إلى ما وصفناه ‪ .‬وذلك لأنك قد علمت ‪ ،‬أن المعرفة في‬ ‫الدنيا بذر المشاهدة في الآخرة ‪ 0‬ونسبة الدنيا إلى الآخرة ‪ 0‬نسبة الزرع‬ ‫إلى النمرة ‪ 0‬بل نسبتها إلى القبر ‪ 0‬نسبة النطفة إلى الجنين ‪ 0‬أو الجنين‬ ‫إلى الطفل ‪ ،‬أو الطفل إلى الصبي ‪ ،‬أو الصبي إلى البالغ ‪.‬‬ ‫وبالجملة } نسبة النقص إلى الكمال ‘ والضعف إلى الشدة ؛ فانظر‬ ‫أيها السالك ‘ أن المعرفة العقلية ‪ .‬التي هي عبارة عن الإيمان { إذا كملت‬ ‫وقويت واشتدت { حتى تصير علم اليقين ‪ 0‬وعين اليقين ‘ هل يؤدي إلى‬ ‫۔‪٢١٧‬‏ ۔‬ ‫الإدراك الحسي بهذه العين الدانرة الجسدانية { لا أظنك شاكا في بطلان‬ ‫هذا القول { فإن الحس كيف يكون كمالا للعقل ‪ 0‬والمحسوس أنى يكون‬ ‫غاية وتماماً للمعقول ‘ وهو منه في غاية التخالف والتضاد ‪.‬‬ ‫فقد وضح الأمر { وأسفر الصبح وانكشف ‪ 8‬أن الإيمان الحقيقي ‪8‬‬ ‫الذي هو نور معرفة الله ‪ 0‬إذا اشتد وكمل وتم { وهو غاية سعي السالكين ‪.‬‬ ‫ونهاية تمرة الزارعين ‪ 0‬وآخر درجة المتقين ‪ 0‬وقرة عين الواصلين ‏‪١‬‬ ‫كما نقل عنهم رب العالمين ‪ 0‬في مُحكم كتابه المبين ‪ « :‬ربنا أتمم لنا‬ ‫نورنا » () ‘ لا يؤدي ولا ينتهي إلى الإحساس بهذه الآلة الجسمانية ‪.‬‬ ‫فإذا بطل كون هذا الإحساس إيمانا ‪ 0‬ولا كون الإيمان مؤديا إليه ‪ 0‬ولا‬ ‫لشيء من الإيمان ‪ 0‬وما يتعلق به من الأعمال الصالحة مناسبة ذاتيه‬ ‫إليه ‪ 0‬ولا جهة إرتباطية به ‪ 0‬حتى يقال ‪ :‬أن الرؤية أخر ذلك العمل ‪ 0‬إذ‬ ‫التعلق مفقود بين القلب المعنوي النوراني ‪ 0‬المحشور إلى الله تعالى ‪3‬‬ ‫وبين الحس الداثر المظلم ‪ ،‬المخلوق من سواد الظلمات والزور ‪8‬‬ ‫المحجوب عن عالم النور ‪ 0‬ودار السرور ‪.‬‬ ‫وأيضا ‘ قد تقرر في علم الميزان ‪ :‬أن الإحساس بالشيء لا يكون‬ ‫كاسبا ولا مُكتسبا ‪ .‬بل الذي يؤدي إليه هو الإعتقاد القلبي ‪ « :‬بالقول‬ ‫النابت في الحياة الدنيا وفي الأخرة » (") ‪ 0‬إذا اشتد وكمل ‪ .‬يرفع به‬ ‫الحجاب بين العين العقلي والبصيرة المعنوية ‪ 0‬وبين المعبود الحقيقي‬ ‫والمحبوب الأصلي ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة التحريم‪. ٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة إبراهيم‪. ٢٧ : ‎‬‬ ‫‪٨‬۔ ‏‪ ٢١‬۔‬ ‫وحاصل الكلام ‪ :‬أن الرؤية الحسية ‪ .‬تؤدي إلى ما وصفناه من لزوم‬ ‫أحد المحالين ‪ :‬إما عدم تحقق مُؤمن في دار الدنيا ‪ 0‬المُستلزم لعدم تحققه‬ ‫في دار الآخرة ‪ 0‬ل( ومن كان في هذه أعمى فهو فيي الآخرة أعمى وأضل‬ ‫(') ؛ وإما عدم دوام الإيمان ‪ ،‬وبقانه في المعاد ‪ 0‬كل ذلك للتضاد‬ ‫سبيلا‬ ‫الواقع بين المعرفة الإكتسابية والرؤية البصرية ‪ ،‬إذا تمهد لك هذه‬ ‫المقدمات ‪ 0‬وأحطت خبرا بما تلونا عليك من الأمور الأربعة ‪ 0‬فلنرجع إلى‬ ‫شرح باقي القصيدة ‪ 0‬فنقول ‪:‬‬ ‫قال‪.‬‬ ‫للاي بالتأويل عمن عرفه‬ ‫يا معنوي خذ البيان مطابقا‬ ‫‪4‬‬ ‫قول سديد ليس فيه زخرفه‬ ‫ارجع إلى آي الكتاب فإنه‬ ‫من أنصفه‬ ‫يا‬ ‫بالتكميل‬ ‫فتقوم‬ ‫لا نقص في لفظ ولا معنى به‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ } :‬يا معنوي { ‪ [ :‬يا } ‪ :‬حرف نداء ‪ 0‬و [ معنوي { ‪:‬‬ ‫نسبة إلى معنى { وهو ‪ :‬إما اسم مكان ‘ أو مصدر من ‪ :‬عنى ‪ 6‬يعني ‪.‬‬ ‫أي ‪ :‬قصد ‪ ،‬بمعنى المفعول ‪ 0‬وهو ما يقابل اللفظ ‪ 0‬ويختلف التعبير عنه‬ ‫بإعتبارات شتى ‪ ،‬فبإعتبار أن اللفظ دال عليه يسمى ‪ :‬مدلولا ‪ 0‬وباعتبار‬ ‫أنه يفهم من اللفظ يسمى ‪ :‬مفهوما ؛ وبإعتبار أنه يقصد من اللفظ يسمى ‪:‬‬ ‫معنى ؛ ثم أنه قد يطلق اللفظ واللفظي على الظاهر والظاهري ‪ 0‬وقد يطلق‬ ‫عليهما ‪ :‬القشر والقشري ؛ كما يطلق ‪ :‬المعنى والمعنوي ‘‪ 0‬على اللب‬ ‫(‪ )١‬سورة الإسراء‪. ٧٢ : ‎‬‬ ‫‏_‪ ٢١٩‬۔‬ ‫واللبي ‪ ،‬لأن اللفظ بمنزلة القشر للمعنى ‪ ،‬كما أن المعنى لب بالنسبة إلى‬ ‫اللفظ ‪ 0‬يعني ‪ :‬يا أهل اللب والمعنى ذون القشر ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬خذ البيان ع ‪ :‬خذ ‪ :‬فعل أمر من ‪ :‬أخذ يأخذ ‪ 0‬من باب‬ ‫قتل يقتل ‪ 0‬وقياسه ‪ :‬أأخذ (بهمزتين) ‘ كأقتل { لأن المهموز كالصحيح ‪.‬‬ ‫لكن العرب أجروه مع كل ‪ 0‬ومرة من أكل ‪ 0‬وأمر مجرى المعتل ‪ ،‬لكثرة‬ ‫استعمالها ‪ .‬فقالوا ‪ :‬خذ ‪ 0‬وكل { ومر ‘ وقد جاء أؤمر ‪ 0‬على الأصل ‪ 6‬في‬ ‫الوصل نحو قوله تعالى ‪ « :‬وأمر أهلك بالصلاة » ('©) ؛ و [البيان{‬ ‫(بالنصب) ‪ :‬مفعول [خذ] ‪ 0‬ومعنى البيان ‪ :‬المنطق الفصيح المعرب عما‬ ‫في الضمير ؛ و } مطابقا { (بالنصب) ‪ :‬حال منه ؛ و } للآي ) ‪ :‬جار‬ ‫ومجرور متعلق بقوله ‪[ :‬مُطابقام ؛ والآي ‪ :‬جمع آية ‪.‬‬ ‫قال الجوهري ‪ :‬الآية ‪ :‬العلامة ‪ 0‬والأصل ‪ :‬أوية (بالتحريك) { وجمع‬ ‫الآية ‪ :‬آي ‪ 0‬وآيات {‪ 0‬انتهى ‪.‬‬ ‫والآية من القرآن ؛ قيل ‪ :‬كل كلام مُتصل إلى انقطاعه ؛ وقيل ‪ :‬ما‬ ‫يحسن السكوت عليه ؛ وقيل ‪ :‬هي جماعة حروف من قولهم ‪ :‬خرج القوم‬ ‫بآيتهم ‪ ،‬أي ‪ :‬جماعتهم ؛ و } بالتأويل ] ‪ :‬جار ومجرور متعلق بقوله ‪:‬‬ ‫(إخذع ؛ والباء فيه ‪ :‬يحتمل أن تكون للمُصاحبة ‪ .‬أي ‪ :‬مع التأويل ؛‬ ‫ويحتمل أن تكون للإستعانة ‪ 0‬أي ‪ :‬باستعانة التأويل ؛ والتأويل ‪ :‬مصدر‬ ‫أوله ‪ ،‬يأوله ‪ ،‬تأويل ‪ ،‬أي ‪ :‬إرجعه إرجاعا ‪ ،‬لأنه من ‪ :‬آل ‪ .‬يؤل ‪ :‬إذا‬ ‫رجع ‪.‬‬ ‫‪. ١٣٢‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ (١‬سورة طه‪‎‬‬ ‫‏‪ ٢٢٠..‬۔‬ ‫وتحقيق القول في المتشابه وتأويله ‪ 0‬يقتضي بسط كلام من جنس‬ ‫اللب ‪ ،‬فنقول ‪:‬‬ ‫قال بعض المفسرين ‪ :‬أن لكل معنى من المعاني حقيقة وروحا ‪ 0‬وله‬ ‫صورة وقالب ‪ .‬وقد يتعدد الصور والقوالب بحقيقة واحدة ‪ 0‬وإنما وضعت‬ ‫الالفاظ للحقانق والأرواح ‪ 0‬ولوجودهما في القوالب تستعمل الألفاظ فيهما‬ ‫على الحقيقة ‪ .‬لإتحاد ما بينهما ‪.‬‬ ‫مثلا ‪ :‬لفظ القلم ‪ 0‬إنما ؤضع لآلة نقش الصور في الألواح ‪ 0‬من ذون‬ ‫أن يعتبر فيها ‘ كونها من قصب ‘ أو حديد ‘ أو غير ذلك ‘ بل ولا أن‬ ‫يكون جسما { ولا كون النقش محسوسا ‪ 0‬أو معقولا ‪ 0‬ولا كون اللوح من‬ ‫قرطاس ‘ أو خشب ‘ بل مجرد كونه مُنقوشا فيه { وهذا حقيقة اللوح‬ ‫وروحه وحده { قإن كان في الوجود شيع يتسطر بواسطته { نقش الغلوم‬ ‫في ألواح القلوب ‪ 0‬فأخلق به أن يكون هو القلم ‪ 0‬فإن الله تعالى قال ‪:‬‬ ‫« علم بالقلم "ثا علم الإنسان ما لم يعلم » (') ‪ ،‬بل هو القلم الحقيقي ‪.‬‬ ‫حيث وجد فيه روح القلم ‘ وحقيقته وحده ‪ 0‬من ذون أن يكون معه ما هو‬ ‫خارج عنه ‪.‬‬ ‫وكذلك الميزان ۔ مثلا فانه موضوع لمعيار يعرف به المقادير ‪ 0‬وهذا‬ ‫معنى واحد هو حقيقته وروحه ‘ وله قوالب مختلفة وصور شتى ‘{ بعضها‬ ‫جسماني وبعضها روحاني ء كما وزن الأجرام والأثقال ‘ مثل ‪ :‬ذي‬ ‫الكفتين ‪ 0‬والقبان ؛ وما يجري مجريهما ؛ وما وزن به المواقيت‬ ‫والإرتفاعات ‪ :‬كالإسطرلاب ؛ وما يوزن به الدوانر والقسي ‪ :‬كالفرجار ؛‬ ‫(‪ )١‬سورة العلق‪ ٤ : ‎‬۔‪. ٥ ‎‬‬ ‫‏‪١٢٢‬۔ ۔‬ ‫وما يوزن به الأعمدة ‪ :‬كالشاقول ؛ وما يوزن به الخطوط ‪ :‬كالمسطر ؛‬ ‫وما يوزن به الشعر ‪ :‬كالعروض ؛ وما يوزن به الفلسفة ‪ :‬كالمنطق ؛ وما‬ ‫وزن به بعض المُدركات ‪ :‬كالحس والخيال ؛ وما يوزن به الغلوم‬ ‫والأعمال ؛ كما يوضع ليوم القيامة ؛ وما يوزن به الكل ‪ :‬كالعقل الكامل ؛‬ ‫إلى غير ذلك من الموازين ‪.‬‬ ‫وبالجملة ‪ :‬ميزان كل شيء يكون من جنسه ؛ ولفظ الميزان حقيقة في‬ ‫كل منها ‪ ،‬باعتبار حده وحقيقته الموجودة فيه ؛ وعلى هذا القياس كل لفظ‬ ‫ومعنى ‪.‬‬ ‫وأنت إذا اهتديت إلى الأرواح ى صرت روحانيآ ‘ وفتحت لك أبواب‬ ‫الملكوت ‪ 0‬وأهلت لمرافقة الملا الأعلى ‪ « :‬وَحَسنْن أولنك رفيقا » () ؛‬ ‫فما من شيء في عالم الحس والشهادة ‪ .‬إلآ وهو مثال وصورة ‪ ،‬لأمر‬ ‫روحاني في عالم الملكوت ‪ 0‬وهو روحه المجرد وحقيقته الصرفة ‪.‬‬ ‫وعقول جمهور الناس في الحقيقة أمثلة لعقول الأنبياء والأولياء ‪.‬‬ ‫فليس للأنبياء والأولياء أن يتكلموا معهم ‪ ،‬إلآ بضرب الأمثال ‪ ،‬لأنهم‬ ‫أمروا أن يكلموا الناس على قدر عقولهم ‪ ،‬أنهم في النوم بالنسبة إلى تلك‬ ‫النشأة ‪ 0‬والنائم لا ينكشف له شيء في الأغلب ‪ .‬إلا بمثل ‪.‬‬ ‫ولهذا ‪ 0‬من كان يعلم الحكمة غير أهلها ‪ 0‬رأي في المنام أنه يُعلق الذر‬ ‫في أعناق الخنازير ‪ 0‬ومن كان يؤذن في شهر رمضان قبل الفجر ‪ ،‬رأى‬ ‫أنه يختم على أفواه الناس وفروجهم ‪ 0‬وعلى هذا القياس ‪ .‬وذلك لعلاقة‬ ‫خفية بين النشأت ‪ ،‬فالناس نيام { فإذا ماتوا انتبهوا ‪ 0‬وعلموا حقائق ما‬ ‫‪. ٦٩‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ (١‬سورة النساء‪‎‬‬ ‫‏‪٢٢٢‬۔ ۔‬ ‫سمعوه بالمثال { وعرفوا أرواح ذلك وعلموا وعقلوا ‪ 0‬أن تلك الأمتلة‬ ‫كانت قشورا ؛ قال الله سبحانه ‪ :‬لأ أنزل من السماء ماء فسالت أوديه‬ ‫بتدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ه () ؛ فمثل العلم بالماء ‪ }.‬والقلوب‬ ‫بالأودية ‪ 0‬والضلال بالزبد ‪ 0‬ثم نبه في أخرها ‪ ،‬فقال ‪ :‬كذلك يضرب الله‬ ‫الأمثال « () ‪.‬‬ ‫فكل ما لا يحتمله فهمك ‪ .‬فإن القرآن يلقيه إليك على الوجه الذي كنت‬ ‫في النوم مُطالعاً بروحك ‪ ،‬اللوح المحفوظ ‘ ليتمثل لك بمثال مناسب ‏‪٥‬‬ ‫وذلك يحتاج إلى التعبير ‪.‬‬ ‫فالتأويل يجري مجرى التعبير ‪ 0‬فالمُفسر يدور على القشر ‘ ولما كان‬ ‫الناس { إنما يتكلمون على قدر عقولهم ومقاماتهم ‪ 0‬فما يخاطب به الكل ‪.‬‬ ‫يجب أن يكون للكل فيه نصيب ‘ فالقنسرية من الظاهريين ‪ 0‬لا يدركون إلا‬ ‫المعاني القشرية ‪ 0‬كما أن القشر من الإنسان ‘ وهو ما في الآهاب‬ ‫والبشرة من البدن ‪ ،‬لا ينال إلآ قشر تلك المعاني ‘ وهو ما في الجلد‬ ‫والغلاف من السواد والصور ‪.‬‬ ‫أما روحها وسرها وحقيقتها { فلا يدركها إلا أولوا الألباب ‘ وهم ‪:‬‬ ‫تنا ) ‪ .‬في ذعانه‬ ‫‪ ,‬والراسخون في العلم » (<") ؛ وإلى ذلك أشار النبي‬ ‫لبعض أصحابه ‪ " :‬اللهم ‪ 0‬فهمه في الدين } وعلمه في التأويل "" ‪ .‬ولكل‬ ‫منهم حظ ‪ 0‬قل أم كثر ‪ 0‬وذو نقص أو كمل ‪ 0‬ولهم درجات في الترقي إلى‬ ‫أطوارها ‪ .‬وأغوارها ‪ 0‬وأسرارها ‪ 0‬وأنوارها ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬سورة الرعد ‪ :‬‏‪. ١٧‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة آل عمران‪. ٧ : ‎‬‬ ‫‏‪٣٢٢‬۔ ۔‬ ‫وأما البلوغ للإستيفاء ‪ 0‬والوصول إلى الأقصى ‘ فلا مطمع لأحد فيه ‪.‬‬ ‫ولو كان البحر مداد لشرحه ‪ .‬والأشجار أقلام ‪ « :‬قل لو كان البحر مدادا‬ ‫لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جننا بمثله مددا »(‪.‬‬ ‫ومما ذكرنا ‪ 0‬يظهر سبب إختلاف ظواهر الآيات ‪ ،‬والأخبار الواردة‬ ‫في أصول الدين ‪ 0‬وذلك لأنها مما خوطب به طوانف شتى ‪ 0‬وعقول‬ ‫مُختلفة ‪ 0‬فيجب أن يكلم كل على قدر فهمه ومقامه ‪ .‬ومع هذا فالكل‬ ‫صحيح غير مُختلف من حيث الحقيقة } ولا مُجاز فيه أصلا { واعتبر ذلك‬ ‫بمتال العميان والفيل ‪ .‬وهو مشهور ‪.‬‬ ‫وعلى هذا ‪ 0‬فكل من لم يفهم شيئا من المُتنشابهات ‪ 0‬من جهة أن حمله‬ ‫على الظاهر ‘ كان مناقضا بحسب الظاهر لأصول صحيحة ‪ ،‬دينية وعقاند‬ ‫حقه يقينية عنده ‪ 0‬فينبغي أن يقتصر على صورة اللفظ ولا يبدلها ‪ .‬ويجعل‬ ‫العلم به إلى الله سبحانه ‪ « :‬والراسخون في العلم ‪ )"( 4‬؛ ثم يرصد لهبوب‬ ‫رياح الرحمة من عند الله تعالى ‪ 0‬ويتعرض لنفحات أيام دهره الآتية من‬ ‫قبل الله (يلة) ‪ 0‬لعل الله يأتي له بالفتح ‪ 0‬أو أمر من عنده ‪ « :‬ليقضي الله‬ ‫أمرا كان مفعولا » <”")؛ فإن الله تلة( ‪ 4‬ذم قوما على تاويلهم‬ ‫المتشابهات بغير علم ‪ .‬فقال ريمل) ‪ « :‬فاما الذين في قلوبهم زيغ‬ ‫فيتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وإبتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله‬ ‫والراسخون في العلم ‪ ، )'( 4‬انتهى ‪.‬‬ ‫أقول ‪ :‬قد ذكرنا ۔ سابقا كلاما في هذا الباب { في باب صفاته (تجَلة) ‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة الأنفال‪. ٤٤ { ٤٢ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الكهف‪. ١٠٩١ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬سورة آل عمران‪. ٧ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة آل عمران‪. ٧ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٢٢٤‬۔‬ ‫وهذا كلام من أرباب اللب والحقيقة ‪.‬‬ ‫ونزيد هاهنا أيضا { ونقول ‪ :‬أن المتشابه الذي هو المشتبه المعنى‬ ‫على أقسام ‪:‬‬ ‫فتارة يحصل الإشتباه من جهة عدم الإطلاع على مراد التكلم بوجه ‪8‬‬ ‫مثل ‪ :‬الحروف المقطعة التي في أوائل السور ‪ 0‬فإنها رموز بينه (تلّة)‬ ‫وبين حبيبه ‘ لا يعلمها إلا الرامز والمرموز إليه ‘ أعني ‪ :‬الحب‬ ‫والمحبوب ‘ إلا بتعليم ممن علمها ‪ ،‬كأوصيانه المعصومين ‪.‬‬ ‫وتارة من جهة ‪ :‬إشتراك اللفظ بين معنيين أو أكثر ‪ 0‬وإن كان‬ ‫الموضوع له معلوما بجميع أوضاعه ‪ ،‬لكن الإشتباه في أن مراد المتكلم ‏‪٨‬‬ ‫أي ‪ :‬واحد من المعنيين أو المعاني ‪ 0‬من جهة عدم قرينة في اللفظ ‪ 0‬فإذا‬ ‫تعذر أحد المعنيين بواسطة دليل عقل أو نقل ‪ 0‬وإن كان المعنى الآخر‬ ‫أشهر وأظهر ‪ .‬فلابد من حمل اللفظ على المعنى الآخر ‪.‬‬ ‫مثلا ‪ :‬لفظ الإستواء ‪ 0‬مشترك بين الاستقرار والاستيلاء ‪ }.‬فاذا دل‬ ‫العقل على عدم جواز إرادة الإستقرار منه ‪ .‬كما في قوله رملة ) ‪:‬‬ ‫« الرحمن على العرش استوى » أا) ؛ لتنزهه (ييلة) عن المكان والوضع‬ ‫والجهة ‪ 0‬فلاند من حمله على المعنى الثاني ‪ 0‬وإلا لزم تعطيل اللفظ ‪ ،‬وإنه‬ ‫غير جائز ‪.‬‬ ‫وأيضا نقول ‪ :‬أن الدلائل العقلية ‪ 0‬لما قامت على امتناع الاستقراز‬ ‫الحسي على الله تعالى ‪ 0‬ودل ظاهر لفظ الاستواء على الاستقرار ؛ فإما أن‬ ‫(‪ )١‬سورة طظشعه‪. ٥ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٢٢٥‬۔‬ ‫نعمل بكلا الدليلين ؛ وإما أن نتركهما جميعا ؛ وإما أن نعمل بالنقل ونترك‬ ‫العقل ؛ وإما أن نرجح العقل ونترك ظاهر النقل ‪.‬‬ ‫والأول باطل ‪ ،‬وإلا لزم كون الشيء الواحد منزه عن المكان وحاصلا‬ ‫فيه ‪ .‬وهو مُحال ‪.‬‬ ‫والناني أيضآ مُحال ‘ لأنه يلزم منه ارتفاع النقيضين معا ‘ وهو‬ ‫باطل ‪.‬‬ ‫وكذلك الثالث ‪ 8‬لأن العقل أصل النقل ‪ .‬فالقدح في العقل { لذجل‬ ‫تصحيح النقل ‪ .‬يقتضي القدح في العقل والنقل معآ ‘ فلم يبق إلآ أن نقطع‬ ‫بصحة العقل ‪ 0‬ونشتغل بتأويل النقل ‪ 0‬لكن على وجه لا يؤدي إلى ترك‬ ‫كثير من الظواهر الشرعية { فافهم ‪.‬‬ ‫وتارة يكون اللفظ موضوعا لمعنى عام شامل لكلا المعنيين ‪ 0‬ظاهرا‬ ‫لكثرة استعماله فيه ‪ 0‬والعقل دل على خلافه ‘ كلفظ الرؤية ه‬ ‫في أحدهما {‬ ‫والإبصار ‪ 0‬والنظر ‪ 0‬إن كانت الألفاظ الثلاثة موضوعة للاعم من الحسي‬ ‫والعقلي ‪.‬‬ ‫وتارة يكون اللفظ موضوعا لأحد المعنيين ‪ 0‬مُستعملاً في الآخر‬ ‫استعمالا شائعا ‪ 0‬أو غير شائع ‘ والعقل دل على عدم جواز إرادة‬ ‫الموضوع له ‪ 0‬كما في الألفاظ الثلاثة ‪ 0‬إن كانت استعمالها في العقلية‬ ‫مُجازآ ‪ 0‬ففي هذه الوجوه كلها ‪ 3‬يتعين الأخذ بدليل العقل ‪ 0‬وترك ظاهر‬ ‫النقل ‪ 0‬لما ذكرناه من الدليل ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :‬عمن { ‪ :‬جار ومجرور متعلق بخذ ‪ .‬أو ظرف مستقر‬ ‫۔ ‏‪ ٢٢٦‬۔‬ ‫متعلق بمحذف حال من التأويل ‪ 0‬أي ‪ :‬حاصلا ذلك التأويل عمن عرفه ‪.‬‬ ‫أي ‪ :‬التأويل ؛ و [ من { ‪ :‬اسم موصول ؛ و [ عرفه { ‪ :‬فعل ماض ‪.‬‬ ‫وفاعله ضمير الموصول ‪ 0‬وهاء الضمير مفعوله ؛ والجملة صلة وعاند‬ ‫للموصول ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬ارجع { ‪ :‬فعل أمر من ‪ :‬رجع ‪ ،‬يرجع ‪ 6‬كضرب ‪ ،‬يضربه‬ ‫صرف ورد ‪ ،‬أي ‪ :‬رد إلى آي الكتاب ‘ وهي جار ومجرور متعلق بارجع ؛‬ ‫و [ آي ) ‪ :‬جمع آية ‪ .‬وقد مضى شرحها ؛ و } اليتاب ع ‪ :‬مجرور‬ ‫بإضافة آي إليه ؛ والجملة يحتمل أن يكون كلاما مُستانفا ‪ 0‬وأن يكون‬ ‫عطفا على [ خذ ) بحذف العاطف ‘ وهو الأظهر ‘ وإن كان الأول أقرب ه‬ ‫لأن الأصل عدم الحذف ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬فإنه ع ‪ :‬الفاء للتفريع والسببية ‪ 0‬و [ أن ) ‪ :‬من الحروف‬ ‫المشبهة بالفعل ‪ .‬والضمير العاند إلى الكتاب اسمها ‪ 0‬فهو في محل‬ ‫لنصب لبنانه ؛ و [ قول { (بالرفع) ‪ :‬خبرها ‪.‬‬ ‫و [ سديد { (بالرفع) ‪ :‬نعت لقول ؛ والسديد من القول ‪ :‬السليم من‬ ‫خلل الفساد ‪ 0‬وأصله من سد الخلل ؛ و [ ليس { ‪ :‬فعل ماض جامد من‬ ‫الأفعال الناقصة ؛ و [ فيه ) ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق بمحذف خبرها { قدم‬ ‫على الاسم لكونه ظرفا ‪ .‬وهو مما يتوسع فيه في الكلام ؛ و [ أخرفه {‬ ‫(بالرفع) ‪ :‬اسمها ‪ .‬وهي كما في "" القاموس ""' (بالضم) ‪ :‬الذهب ‪ 0‬وكمال‬ ‫حسن الشيء ؛ ومن القول حسنه { بترقيش الكذب ‪ 0‬انتهى ‪.‬‬ ‫وحاصله ‪ :‬الباطل المزين ‪ 0‬كما في " مجمع البحرين ' ‪.‬‬ ‫۔‪٧‬ا‪٢٢‬‏ ۔‬ ‫وقوله ‪ [ :‬لا ) ‪ :‬لنفي الجنس ‪ 0‬وتعمل (لا) هذه عمل (أن) ‪ :‬فتنصب‬ ‫المبتدأ ليكون اسما لها ‪ 0‬وترفع الخبر ليكون خبرا لها ‪ 0‬وإنما عملت هذا‬ ‫العمل ‪ 0‬لأنها لما قصد بها نفي الجنس ‪ 0‬على سبيل الاستغراق ‪ 0‬إختصت‬ ‫بالاسم ‪ 0‬فناسب أن يعمل جرآ ‪ 0‬ولكنها لم تعمل الجر ‪ 0‬لئلا يتوهم آنه بمن‬ ‫مقدرة لظهورها ‘‪ 0‬في قوله ‪:‬‬ ‫‪ .‬ولكن إن‬ ‫‏‪ ٠‬فتعين النصب‬ ‫و ( لا ( الرفع ‪ 0‬لنلا يتو هم أنه بالابتداء‬ ‫كان مضافا { أو شبيها بمُضاف تنصبه ‪ .‬وإن كان مُفرداً ‪ 0‬ركب مع لا‬ ‫‪ :‬على ‏‪ ١‬لفتح ‪.‬‬ ‫‏‪ ٥‬ولذ ‏‪ ١‬بني بنانه ‪ 0‬أ ي‬ ‫خمسة عشر‬ ‫تركيب‬ ‫وقيل ‪ :‬إنما بنى لتضمنه معنى من الجنسية ؛ و } نقص { ‪ :‬بالبناء‬ ‫على الفتح اسمه ‪ ،‬لما تقدم ؛ و [ في لفظ ) ‪ :‬ظرف مُستقر خبرها ‪.‬‬ ‫على ‏‪ ١‬في لفظ { ‪ .‬من باب عطف‬ ‫‪ :‬عطف‬ ‫وقوله ‪ :‬‏‪ ١‬ولا معنى {‬ ‫الجملة على الجملة‪.‬‬ ‫المفرد على المفرد ‪ 0‬ويحتمل أ ن يكون من باب عطف‬ ‫أي ‪ :‬ولا ينقص في معنى ‪ 0‬فحذف الاسم والحرف للدلالة عليهما ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :‬به ع ‪ :‬ظرف مُستقر ‪ 0‬نعت ل [ معنى { ‪ 0‬فێحتمل أن يكون‬ ‫الباء للظرفيه ‪ .‬راجعا إلى ‏‪ ١‬لفظ ‪ 6 1‬أ ي ‪ :‬ولا نقص في معنى كانن ‪ .‬ذلك‬ ‫النقص في ذلك اللفظ ‘ ووجه الظرفية ‪ :‬أن الألفاظ قوالب المعاني {} فكأن‬ ‫المعنى مستقر في اللفظ ؛ ويحتمل أن يكون الباء للمُلابسة ‪ .‬أي ‪ :‬معنى‬ ‫قانم ‪ .‬وملابس باللفظ ‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٢٨‬۔‬ ‫وقوله ‪ [ :‬فتقوم { ‪ :‬الفاء للتفريع والسببية ‪ 0‬و [ تقوم { ‪ :‬فعل‬ ‫مضارع حاضر { وفاعله ضمير المخاطب ‪ ،‬مُستتر وجوبا تقديره ‪ :‬أنت ه‬ ‫من ‪ :‬قام ‪ ،‬يقوم ‪ :‬إذا نهض ؛ و } بالتكميل ) ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق‬ ‫بتقوم ؛ و } يا ] ‪ :‬حرف نداء ‪.‬‬ ‫و [ من { ‪ :‬اسم موصول مُنادى ؛ و [ أنصفه { ‪ :‬فعل ماض من‬ ‫باب الافعال ‪ .‬من ‪ :‬النصف (بالتحريك) ‘ أي ‪ :‬العدل ‪ 0‬وفاعله ‪ :‬ضمير‬ ‫مستتر راجع إلى [ من { ؛ والجملة صلة له ‪ ،‬والهاء الضمير نانب عن‬ ‫المصدر الواقع ‪ 0‬مفعول مُطلقاً ‪ .‬كما في قوله تعالى ‪ « :‬لا أعذبه أحدا من‬ ‫العالمين ‏‪. 0١‬‬ ‫وحاصل المعنى ‪ :‬يا من هو من أهل المعاني واللباب ‪ 0‬إن كنت سالك‬ ‫لطريق الحق ‪ 0‬وطالبا الصوب والصواب ‪ .‬فخذ مطلوبك مطابقا لآيات‬ ‫التاب ‪ 0‬وان كان في لفظ إجمال ‪ .‬أو قلق واضطراب ‪ 8‬فتشبث بأذيال من‬ ‫عرف تنزيل التاب ‪ 0‬وتأويل الخطاب ‪ ،‬وارجع إلى آياته المحكمات ‪.‬‬ ‫ومقاطعة البينات ‪ .‬فإنه فصل الخطاب ‪ ،‬وقول سليم عن الخلل والفساد ه‬ ‫وخال عن الشك والإرتياب ‪ 0‬منزه عن الزخرفة والتحسين ‘ بل هو عين‬ ‫الحق ‘ وحق اليقين ‪ 0‬لا نقص في ألفاظه فتقوم بتكميلها ‪ 0‬ولا قصور في‬ ‫معانيه فتنهض بتتميمها ‪ .‬يا من أنصف من نفسه إنصافا ‪ 0‬واقترف‬ ‫الحسنة إقترافا ‪.‬‬ ‫ثم اعلم ‪ ،‬أن الظاهر ‪ .‬أن المراد من قوله ‪ } :‬آي ) ‪ 0‬في قوله ‪:‬‬ ‫؛ وقوله ‪ [ :‬ارجع إلى آي الكتاب { ‪ :‬الآيات الدالة بحسب‬ ‫[مُطابقا للاي‬ ‫الظاهر على الرؤية ‪ 0‬إمكانا وجوازا ‪ 6‬كما في قوله (تلة) ‪ 6‬حكاية عن‬ ‫(‪ )١‬سورة الماندة‪. ١١٥ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٢٢٩‬۔‬ ‫مُوسى (التتتلم) ‪ « :‬رب أرني أنظر إليك » (') ‪ 0‬بتقريب أنه لو كان‬ ‫مُمتنعاً ومُحالاً ‪ 0‬لما سأله مثل موسى الكليم ؛ فسؤاله يدل على إمكانه‬ ‫وجوازه ‪ ،‬أو وقوعا ‪ ،‬سواء كان الإخبار بوقوعه ‪ ،‬فيما سيأتي { كما في‬ ‫قوله تعالى ‪ :‬وجوه يومنذ ناضرة (""! إلى ربها ناظرة » <") ‪ ،‬أو‬ ‫الإخبار بوقوعه فيما مضى ‘ كما في قوله تعالى ‪ « :‬ولقد رآه نزلة‬ ‫أخرى "") عند سدرة المنتهى » () { ويحتمل أن يكون المراد خصوص‬ ‫آية ‪ ( :‬إلى ربها ناظرة » () ؛ بقرينة قوله ‪ } :‬إن كان في الأيات‬ ‫ناظرة كما ‪. { ....‬‬ ‫وكيف كان ‪ ،‬فالمراد من التأويل ‪ :‬المصير إلى المجاز ‪ 0‬ورفع اليد عن‬ ‫الحقيقة بقرينة العقل ‪ 0‬الصارفة عنها ‪ 0‬لما يستلزم من المحال ‘ من كونه‬ ‫للة جسما ‪ .‬وفي جهة ومكان ‪ 0‬إلى غير ذلك ‪ 0‬مما يلزمه الرؤية‬ ‫والنظر الحسي والتأويل ‪.‬‬ ‫كما يقال ‪ :‬أن هنا مضافا محذوفا ‪ 0‬مثل ‪ :‬آيات ‪ 0‬أو غيرها { مما‬ ‫يناسب المقام ؛ فيقال في الآية الأولى ‪ :‬رب أرني أنظر إلى آياتك ؛ وفي‬ ‫الثانية ‪ :‬ناظرة إلى آيات ربها ‪ 0‬إن كان النظر بمعنى الرؤية ‪ 0‬أو ما يلزمه‬ ‫الرؤية من تقليب الحدقة ‪ ،‬أو نعم ربها ‪ 0‬إن كان بمعنى التوقع والإنتظار ؛‬ ‫وفي الثالثة ‪ :‬آيات ‪ 0‬بدليل قوله تعالى ‪ ( :‬ما كذب الفؤاد ما رأى » ©) ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الاعراف‪. ١٤٣ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة القيامة‪. ٢٣ - ٢٢ : ‎‬‬ ‫‪١٣:‬۔‪. ١٤‬‬ ‫النجم‪‎‬‬ ‫)‪ (٣‬سورة‬ ‫(‪ )٤‬سورة القيامة‪. ٢٣ : ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬سورة النجم‪. ١١ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٢٣٠ .‬۔‬ ‫أي ‪ :‬ما كذب فؤاد محمد ما رأت عيناه ‪ ،‬ثم بين ما رأت عيناه ‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫« لقد رأى من آيات ربه المبرى » () ‪ 0‬ومُراده بالتكميل الذي ذكره ‪.‬‬ ‫فانكره في قوله ‪ [ :‬فتقوم بالتكميل { ‪.‬‬ ‫قولهم ‪ :‬بلا كيف ‘ بدليل قوله في البيت الآتي ‪ ... } :‬قالوا فهل في‬ ‫الآي ذكر البلكفه { ‪.‬‬ ‫وليت شعري ‪ ،‬ما الفرق بين هذا التكميل ‪ 0‬وذلك التأويل ؛ وهل‬ ‫التأويل إلآ تكميل اللفظ ‪ 0‬لقصوره عن إفادة المعنى ‪ 0‬بقرينة عقل } أو دليل‬ ‫لفظ ‪ 0‬دل على عدم إمكان إرادة الظاهر من اللفظ ‪ 0‬مع أن الدليل المانع ه‬ ‫وهو اللوازم الفاسدة ‪ .‬واحد في المقامين { والباعث لهم على هذا التكميل ‪.‬‬ ‫ليس إلا تلك اللوازم الفاسدة ‪ 0‬كما أن الداعي لكم على هذا التأويل ‪ .‬هو‬ ‫لزوم تلك اللوازم ‪.‬‬ ‫نعم ‪ 0‬يبقى شيع { وهو‪ : :‬أنه كيف يتصور النظر والرؤية ‪ .‬مع عدم‬ ‫تكيف المرئي بوجه ‪ 0‬ولا أقل من الجسمية ‪ 0‬واللون ‪ 0‬والوضع ‪.‬‬ ‫وجوابه ‪:‬أن مرادهم بنفي الكيف ‏‪ 0٠‬ليس نفي الكيف عن المرني ‪0‬مع‬ ‫كون المراد من النظر والرؤية الحسي ‪ ،‬الذي يترانى في بادئ النظر ؛ بل‬ ‫أنه لما كان مرادهم بالرؤية غير ذلك ‪ 0‬من إرتسام الصورة ‪ 0‬أو إتصال‬ ‫النئعاع ‘ أو حالة يلزمها ‪ .‬بل حالة إدراكية حاصلة للإنسان ‘ من غير‬ ‫جهة الإحساس ‘‪ ،‬يخلقها الله تعالى في عينه لمن يشاء ‪ 0‬متى يشاء ‪ 0‬نظير‬ ‫الإدراك العقلي ؛ فإذا كان ذلك الإدراك من غير سنخ الإدراك الحسي ‪ .‬بل‬ ‫من سنخ الإدراك العقلي ‘فلا مُحالة ‪.‬لم يشترط في حصول تلك الحالة ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬سورة النجم ‪ :‬‏‪٨‬‬ ‫‏‪ ٢٣١ .‬۔‬ ‫ما يشترط في الرؤية الحسية ‪ 0‬من كون الراني من جنس الماديات ‪.‬‬ ‫والمرني جسما كذا وكذا ‪ 0‬وكونه لا في غاية القرب عن الرائي } من جهة‬ ‫اشتراط فصل الهواء بين الرائي والمرئي ‪ ،‬ولا في غاية البعد ‪ 9‬إلى غير‬ ‫ذلك من شروط الرؤية الحسية ‪.‬‬ ‫فالمراد من قولهم ‪ :‬بلا كيف ‪ ،‬أي ‪ :‬بلا شرط من شروط الرؤية‬ ‫الحسية ؛ ويدل على ذلك ‪ ،‬ما ذكره شارح ا' المقاصد ا" ‪ 0‬في الجواب عن‬ ‫سؤالات ‪ 0‬ليس هنا محل ذكرها ‪ 0‬وسيأتي إن شاء الله تعالى بيانها ‪ 0‬في‬ ‫شرح باقي القصيدة ‪ 0‬حيث قال ‪:‬‬ ‫والجواب ‪ :‬إن لزوم المقابلة والجهة ممنوع ‪ ،‬وإنما الرؤية نوع من‬ ‫الادراك ‪ 0‬يخلقه الله متى شاء ‪ 0‬ولأي شيء شاء ‪ 0‬ودعوى الضرورة فيما‬ ‫نازع فيه الجم الغفير من العقلاء ‏‪ ٠‬غير مسموع ‘{ ولو سلم في الشاهد ‪.‬‬ ‫فلا يلزم في الغانب ‪ 0‬لأن الرؤيتين مختلفان ‪ :‬إما بالماهية ؛ أو بالهوية ‪.‬‬ ‫لا محالة ‪ .‬فيجوز اختلافهما في الشروط واللوازم ‪ 0‬وهذا هو السراد‬ ‫بالرؤية بلا كيف ‪ 0‬بمعنى خلوها عن الشرائط والكيفيات المعتبرة في رؤية‬ ‫الأجسام والأعراض ‪ ،‬لا بمعنى خلو الرؤية أو الرائي أو المرني عن جميع‬ ‫الحالات والصفات ‪ 0‬على ما يفهمه أرباب الجهالات ‪ 0‬فيعترضون بأن‬ ‫الرؤية فعل من أفعال العبد ‪ 3‬أو كسب من إكسابه ‪ 0‬فبالضرورة يكون واقعا‬ ‫بصفة من الصفات ‪ 0‬وكذا المرني بحاسة العين ‪ ،‬لابد أن يكون له كيفية‬ ‫من الكيفيات ‪.‬‬ ‫نعم ‪ ،‬يتوجه أن يقال ‪ :‬نزاعنا ‪ 0‬إنما هو في هذا النوع من الرؤية { إ‬ ‫في الرؤية المخالفة لها بالحقيقة ‪ .‬السمات عندكم بالإنكشاف التام ‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٣٢_.‬۔‬ ‫وعندنا بالعلم الضروري ‪ ،‬انتهى كلامه ‪.‬‬ ‫وهذا الكلام ‪ 0‬وإن كان مواقع منها محل النظر ‘ ولكنه كما تزى ينادي‬ ‫باعلى صوته ‪ ،‬أن قولهم ‪ :‬بلا كيف ‪ ،‬لم يرد منه ما توهم { ولا غبار عليه‬ ‫ولا شنبهة في صحته ومتانته ‪ ،‬بناء على ما ذكروا ‪ 0‬من أن محل النزاع‬ ‫هو الحالة الإدراكية التي وصفناها ‪.‬‬ ‫نعم ‪ 0‬يتجه هذا الاعتراض على ظاهر كلام السلف ‪ ،‬والُشضسبهة ‏‪٥‬‬ ‫والكرامية ‪ ،‬والحشوية ‪ 0‬لكن كلام السلف خال عن القيد ‪ 0‬والباقين ۔ مضافا‬ ‫إلى ذلك ۔ لا بالون بكونه (تْلةهة) جسما ‪ .‬أو شبيها بمخلوقاته ‪ .‬أو كونه‬ ‫‪ ،‬فهذا الإعتراض غير‬ ‫في جهة ومكان ‘ لأن بناء مذهبهم على ذلك‬ ‫الرؤية له (تجلة) ى من‬ ‫متوجه على أحد ‪ ،‬لأن الذين قالوا بالتقييد ‪ .‬جعلوا‬ ‫؛ والذين قالوا بالرؤية‬ ‫غير سنخ الرؤية الحسية ‪ .‬ما هية أو هوية‬ ‫وحينئذ لا مقتضى لرفع‬ ‫الحسية ‪ 0‬لم يقولوا بالتقييد ‪ 0‬ولم يحتاجوا إليه ؛‬ ‫اليد عن أصل الدعوى ‪ ،‬أعني ‪ :‬إمكان الرؤية ‪ ،‬أو عدم الإعتناء به ‪.‬‬ ‫والتشسبث ‪ ،‬والتكرر ‪ 0‬والتأكيد ‪ 0‬بمنع هذا القيد وبْطلانه ‪.‬‬ ‫نعم } يتجه أن يقال ‪ :‬أن هذه الرؤية التي ادعيتموها ‪ 0‬وجعلتموها من‬ ‫الأفعال ‪ ،‬أو الإنفعالات للبصر الحسي { وعينتموها لمحل النزاع ‪ 0‬لم تعهد‬ ‫من كلام أحد ‪ 0‬من السلف وأهل الحديث ‪ 0‬ولا في كلام لغوي ‪ .‬بل صريح‬ ‫بعض ‘ وظاهر آخر على خلافه ‪ 0‬كما نشاهد من النقوض ‪ 8‬والإبرامات ‏‪٥‬‬ ‫والإيراد ‪ 0‬والإعتراضبات ‪ ،‬والأجوبة والسؤالات ‪ 8‬الواقعة في المقام ‪.‬‬ ‫حتى من المتأخرين ‪ 0‬الذين جعلوها محل النزاع ‪ 0‬واخترعوها بزعم‬ ‫الخلق والإختراع ‪ 0‬بل ذهب الجمهور ‘ بأنها لم تخلق بعد ‪ .‬ولن تخلق في‬ ‫۔ ‏‪ ٢٣٣‬۔‬ ‫الدار الدنيا ‪ :‬حتى في مثل النبي المختار (صلوات الله عليه ‘ وعلى أهل‬ ‫بيته الأطهار) ‪ .‬وإن قال برؤيته (صلوات الله عليه) ‪ 0‬بعض السلف ‪ ،‬ليلة‬ ‫المعراج ؛ وقد روي أنه (صلى الله عليه وآله) ‪ :‬سئل ‪ :‬هل رأيت ربك ؟‬ ‫فقال ‪ "! :‬رأيت ربي بفؤادي ‪ 0‬على ما في ا" شرح المقاصد " ‪.‬‬ ‫والقول ‪ :‬بأنها ستخلق في الآخرة ‪ 0‬ليس إلا رجما بالغيب ‪ 0‬وخرصا‬ ‫وتخمينا ‪ .‬لم يدل عليه عقل ولا نقل ‪ ،‬بل ليس إلا تقليد لبعض السلف من‬ ‫وجه ‘ ومخالفة له من وجه ‪ 0‬حتى لا يرتفع اليد عن إتباعهم بالكلية ‪ ،‬ولا‬ ‫يترك العقل ‪ ،‬الذي جعله الله حجة من الباطن ‪ ،‬كما أن الرسول ‘ حجة من‬ ‫الظاهر ‪ 0‬وسموه ‪ :‬جمعا بين الدليلين ‪ 0‬تم أن ظاهر كلام بعض ‪ :‬أنها‬ ‫تحصل بإستكمال الرؤية الحسية ‪.‬‬ ‫وقد عرفت في الشرح السابق ‪ ،‬بطلانه بما لا مزيد عليه ‪ ،‬وأن‬ ‫الإدراكات أنواع مُختلفة متباينة ‪ 0‬ولا يستكمل شيء منها { فيصير آخر‬ ‫كما قررناه } فتدبر ‪.‬‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫قالوا فهل في الآي ذكر لبلكفه‬ ‫كما‬ ‫إن كان في الآيات ناظرة‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬إن كان { ‪[ :‬إن ‪ :‬حرف شرط ‘ و [كان!{ ‪ :‬فعل ماض‬ ‫ناقص فعل الشرط ؛ و [ في الآيات ع ‪ :‬ظرف مستقر متعلق بمحذوف‬ ‫خبره المقدم ؛ و [ ناظرة { ‪ :‬اسمه المُؤخر ‪ .‬والمراد لفظها ‪.‬‬ ‫۔ ‏‪ ٢٣٤‬۔‬ ‫والكاف في } كما { ‪ :‬للتنشبيه ‪ .‬وهو حرف جر ‘ ويحتمل أن يكون‬ ‫اسما ؛ و [ ما ] ‪ :‬مجرور به على التقديرين ‪ 0‬وهو اسم موصول ‪ ،‬أو‬ ‫حرف موصول ‘ وعلى التقديرين يكون ‪ } :‬قالوا ] ‪ :‬صلة له‪.‬‬ ‫والمجرور مع الجار متعلق بما تعلق به في الآيات ‪ 0‬حال من فاعله ‪ ،‬أو‬ ‫نعت لمصدره ‪.‬‬ ‫والفاء في قوله ‪ } :‬فهل )ع ‪ :‬فاء الجواب للشرط ‪ 0‬وهل ‪ :‬للإستفهام‬ ‫الإنكاري ‪ 0‬فهو بمنزلة النفي ؛ و [ في الآي ) ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق‬ ‫بمحذوف خبر مقدم ‪.‬‬ ‫و } ذكر { ‪ :‬مبتدا مُؤخر مُضاف إلى } البلكفه ) ‪ :‬فهي مجرور‬ ‫بالإضافة ‪ :‬وهي مصدر توليدي مأخوذ من قولهم ‪ :‬بلا كيف ‪ 0‬كحمدلة ‪.‬‬ ‫من ‪ :‬الحمد لله ؛ وحولقة ‘ وحوقلة ‪ .‬من ‪ :‬لا حول ولا قوة إلا بالله ؛‬ ‫والجملة جواب الشرط ‪.‬‬ ‫والتحقيق ‪ :‬أن الجواب محذوف ‪ 8‬لأن الجواب ‪ ،‬إنما هو مُسبب عن‬ ‫الشرط ‪ ،‬كما في قولك ‪ :‬إن كانت الشمس طالعة ‘ كان النهار موجودا ‪.‬‬ ‫فوجود النهار مسبب عن طلوع الشمس ‘ مع أن عدم ذكر البلكفه ‪ .‬ليس‬ ‫مُسبباً عن وجود « ناظرة » في الآي ‪.‬‬ ‫فالجواب في الأصل ‪ :‬فلا تقل بلا كيف ‪ ،‬لكنه حذف ‪ ،‬وأقيم الجملة‬ ‫المذكورة مقامه ‘ من باب إقامة السبب مقام المُسبب والخصل ‪.‬‬ ‫وحاصل المعنى ‪ :‬إن كان سبب القول بالرؤية وجود « ناظرة & ‪ 0‬في‬ ‫آيات القرآن ‪ ،‬في قوله تعالى ‪ « :‬إلى ربها ناظرة ‪ ، 0 4‬فلا تقل ‪ :‬بلا‬ ‫‪. ٢٣ :‬‬ ‫‪ ١‬لقيامة‪‎‬‬ ‫) ‪ ( ١‬سورة‪‎‬‬ ‫‏‪ ٢٣٥‬۔‬ ‫كيف ‪ ،‬لأنه لم يذكر في القرآن ‪ ،‬ولم نقيد « ناظرة بها فيه ‪.‬‬ ‫بز عمكم _ على رؤية‬ ‫وبعبارة أخرى ‪ :‬إن كان في الآيات الدالة‬ ‫الباري (تْلة) ‪ 0‬لفظ ‪ « :‬ناظرة ‪ 0 4‬كما تقولون ‪ ،‬في قوله تعالى ‪ « :‬إلى‬ ‫ربها ناظرة » () ‪ 0‬فهل في آية من تلك الآيات ذكر ‪ :‬بلا كيف ؟‬ ‫فلم زدتم في كلامه تعالى شيئا لم يكن له ذكر ‘ ولا خبر ‪ ،‬ولا آثر في‬ ‫كلامه سبحانه ؟‬ ‫وجوابه ‪ :‬أن هذه ليست زيادة لفظ القرآن وتنزيله ‪ 0‬حتى يكون‬ ‫ممنوعا ‘ بل بيان عقلي ‪ 0‬دل عليه العقل الصرف ‘ الكلام عن ظاهره الذي‬ ‫يلزم منه تلك اللوازم الفاسدة ‪ 0‬التي سبق ذكرها مرارأ ‪.‬‬ ‫وليس من لوازم البيان ‪ 0‬والقرينة أن يكون ملفوظا ‪ .‬فقد يكون البيان‬ ‫أمرا معقولا ‪ .‬حكم به العقل ‪.‬‬ ‫متل قوله تعالى ‪ :‬يد الله فوق‬ ‫كما تقولون في سائر المُتشابهات ‪0‬‬ ‫العرش استوى & () ‪ 0‬و " قلب‬ ‫أيديهم » (") ؛ وقوله ‪ :‬ا الرحمن على‬ ‫"" ‪ 0‬إلى غير ذلك من مُتشابهات‬ ‫المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن‬ ‫القرآن والأخبار ‪.‬‬ ‫فإن البيان والقرينة في ذلك كله ‪ :‬هو العقل ذون اللفظ ‘ وإلا لم يكن‬ ‫متشابها ‪ .‬فكذلك هنا ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة القيامة‪. ٢٣ : ‎‬‬ ‫‪. ١٠ :‬‬ ‫(‪ (٢‬سورة الفتح‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة طه‪. ٥ : ‎‬‬ ‫‏‪_٦٣٢‬۔ ۔‬ ‫بل يمكن النقض بنفس هذه الآية ‪ .‬حيث تقدرون آيات ‪ 0‬وليس في‬ ‫الآيات لفظ آيات ‪ .‬أو نعم ‘ أو غير ذلك ‪ ،‬فافهم ذلك وتدبر ‪.‬‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫إستنكفه‬ ‫عليه‬ ‫غيم‬ ‫لا‬ ‫كالبدر‬ ‫وعن النبي رووا ترون إلهكم‬ ‫أسخفه‬ ‫ما‬ ‫لقانل‬ ‫يزاد‬ ‫إفك‬ ‫سوى‬ ‫كيف‬ ‫بلا‬ ‫مقالهم‬ ‫أترى‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬وعن النبي { ‪ :‬الواو ‪ :‬للإاستنناف ‪ 0‬و إعن النبي ‪ :‬جار‬ ‫ومجرور متعلق بقوله ‪ [ :‬رووا { ‪ ،‬و }النبي ‪ :‬هو الإنسان المخبر عن‬ ‫الله ‪ 0‬بغير واسطة بشر ‪ .‬أعم من أن يكون له شريعة ‪ 0‬كمحمد (صلى الله‬ ‫عليه وآله) ‪ .‬أوليس له شريعة { كيحيى (التْكل‪. ):‬‬ ‫قيل ‪ :‬سئمئً نبيا ‪ 0‬لأنه أنبا عن الله (تلم) ‪ ،‬أي ‪ :‬أخبر ‪ .‬فهو ‪ :‬فعيل ‪.‬‬ ‫بمعنى ‪ :‬مُفعل‪.‬؛ وقيل ‪ :‬هو من النبوة ‪ 0‬والنباوة ‪ :‬لما إرتفع من الأرض ‪،‬‬ ‫والمعنى ‪ :‬أنه إرتفع وشرف على سائر الخلق ‪ .‬فأصله غير الهمزة ؛‬ ‫وقيل ‪ :‬غير ذلك ‪.‬‬ ‫وفرق بينه وبين الرسول ‘ بأن الرسول ‪ :‬هو المخبر عن الله بغير‬ ‫واسطة أحد من البشر ‪ .‬وله شريعة مبتدئة ‪ ،‬كأدم ‪ 0‬أو ناسخة { كمحمد‬ ‫(صلى الله عليه وآله) ؛ وبأن النبي ‪ :‬هو الذي يرى في منامه ‘ ويسمع‬ ‫الصوت ولا يعاين الملك ؛ والرسول ‪ :‬هو الذي يرى في منامه ‪ .‬ويسمع‬ ‫الصوت ‪ 0‬ويعاين الملك ؛ وبأن الرسول ‪ :‬قد يكون من الملانكة ‪ 0‬بخلاف‬ ‫النبي ؛ وجمع النبي ‪ :‬أنبياء ‪ .‬وهم على ما ورد في الحديث ‪ :‬مائة ألف‬ ‫۔ ‏‪ ٢٣٧‬۔‬ ‫وعشرون ألفا ؛ والمُرسلون منهم ‪ :‬ثلاثمائة وثلاثة عشر ‪.‬‬ ‫وفيه ‪ :‬وقد سُنل (صلى الله عليه وآله) ‪ :‬أكان أدم نبيا ؟ قال ‪ " :‬نعم ‪.‬‬ ‫كلمه الله تعالى ‘ وخلقه بيده ا" ؛ وأربعة من الأنبياء عرب { وعد منهم ‪:‬‬ ‫هود ‪ 0‬وصالحا ‪ ،‬وشعيب ؛ كذا في "مجمع البحرين"" ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :‬رووا ] ‪ :‬جمع مُذكر من الماضي ‪ ،‬مُفرده ‪ :‬روى ‪6‬‬ ‫ومْضارعه ‪ :‬يروي ‘ كرمى ‪ .‬يرمي ‪.‬‬ ‫وعن "" المصباح !" ‪ 0‬للفيومي ‪ :‬روى البعير الماء ‪ 0‬من باب رمى‬ ‫حمله ‪ .‬فهو راوية ؛ ثم أطلقت الرواية على كل دابة يستقي الماء عليها ‪.‬‬ ‫ومنه ‪ :‬قيل ‪ :‬رويت الحديث رواية ‪ .‬أي ‪ :‬حملته ورويته؛ الحديث‬ ‫تروية ‪ :‬حملته على روايته ؛ والرواية في الإصطلاح العلمي ‪ :‬الخبر‬ ‫المنتهى بطريق النقل ‪ 0‬من ناقل إلى ناقل ‪ .‬حتى ينتهي إلى المنقول عنه ه‬ ‫من النبي ‘ أو الإمام ‪ 0‬أو أحد الصحابة ‪ .‬على وجه ‪ .‬على مراتبه من‬ ‫المتواتر والمُستفيض ‪ ،‬وخبر الواحد على مراتبه أيضا ‪.‬‬ ‫قوله ‪ } :‬ترون ) ‪ :‬جمع مذكر حاضر من المضارع المعتل اللام ‪0‬‬ ‫أصله ‪ :‬ترايون ‪ 0‬كتسألون ‪ ،‬خذفت الهمزة بعد نقل حركتها إلى الفاء ث من‬ ‫غير قياس ‪ 6‬لما أجمعت العرب على حذف الهمزة من مُفردها { لكثرة‬ ‫استعمالها ‪ 3‬وثقل الهمزة ‪ 0‬لكونها من أقصى الحلق ‪ ،‬ثم حذفت الياء ‪.‬‬ ‫لنقل الضمة على الياء ‪ 0‬أو قلبت الياء ألفا ‪ .‬لتحركها وانفتاح ما قبلها ‪.‬‬ ‫فخذفت الياء على الأول ‪ 0‬والألف على الثاني ‘ لإلتقاء الساكنين ‪ 0‬فصار ‪:‬‬ ‫ترون ؛ و [ إلهكم { ‪ :‬بالنصب ‪ .‬مفعوله ‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٣٨ .‬۔‬ ‫وقوله ‪ [ :‬كالبدر ع ‪ :‬الكاف ‪ :‬للتنبيه ‪ 0‬ووجه الشبه الظهور ‪ 0‬كما‬ ‫زعموا ‪ 0‬أو العلم الضروري بوجوده على المذهب الحق ‪ 0‬جارة للبدر ‪.‬‬ ‫والمجرور والجار مُتعلق بمحذوف نعت للبدر { أو حال منه { لأن العرف‬ ‫بلام الجنس يعامل معه مُعاملة المعرفة والنكرة ‪ 0‬لأن الفرق بين اسم‬ ‫جنس المعرفة والنكرة ‪ 0‬ليس إلا ‪ 0‬بإعتبار حضوره في الذهن وعدمه ‪،‬‬ ‫وهو فرق إعتباري لا حقيقي { فإن اعتبر معرفة } كان الظرف حالا } وإن‬ ‫اعتبر نكرة ‪ 0‬كان نعت ‪ 0‬والبدر ‪ :‬القمر ليلة أربعة عشر من الشهر ‪.‬‬ ‫قيل في وجه تسميته ‪ :‬أنه سمي بدرا ‪ :‬لأنه يبدر الشمس ‪ 8‬أي ‪:‬‬ ‫يسبقها بطلوعه ‘ من بادر إلى الشيء مبادرة ‪ .‬وبدارآ ‪ 0‬وبدر إليه ؛ من‬ ‫بابي ‪ :‬قاتل وقعد ‪ :‬أسرع إليه ؛ وقيل ‪ :‬سمي بدرا لتمامه وإمتلانه ؛ وكل‬ ‫شيء تم فهو بدر ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬لا غيم { ‪( :‬لا) ‪ :‬يحتمل أن تكون مُهملة ‪ .‬على لغة‬ ‫تميم ‪ .‬وعاملة عمل (ليس) ‪ 0‬على لغة الحجاز ؛ فعلى الأول ‪[ :‬غيم] ‪:‬‬ ‫مُبتدأ ؛ وعلى الثاني ‪ :‬اسم [لام ‪ ،‬وابتدأ به مع كونه نكرة ‪ .‬لأنه موصوف‬ ‫بالجملة التي بعده ‪.‬‬ ‫و [ عليه م ‪ :‬جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ‘ على التقديرين ؛‬ ‫فعلى الأول ‪ :‬للمُبتدأ ؛ وعلى الثاني ‪ :‬للذول ؛ و [ استنكفه { ‪ :‬فعل ماض‬ ‫من باب الإستفعال ‪ 0‬كاستخرج ‪ :‬إذا أحاط به يمينا ويسارا ؛ أو من‬ ‫الكنيف ‪ 0‬بمعنى ‪ :‬الساتر ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬لا غيم ‪ ] ......‬إلى آخر البيت ‪ :‬ليس من الرواية ‪ 0‬بل جئ‬ ‫۔ ‏‪ ٢٣٩‬۔‬ ‫به مُراعة للروي ‪ 0‬وهذا الحديث منقول بالمعنى هاهنا ‪:‬‬ ‫ففي صحيح البخاري ‪ :‬حدثنا عمرو بن عون ‘ حدثنا خالد وهشيم ‪.‬‬ ‫عن إسماعيل ‘ عن قيس ‘ عن جرير ‪ ،‬قال ‪ :‬كنا جلوسا عند النبي (صلى‬ ‫الله عليه وآله) ‪ 0‬إذ نظر إلى القمر ليلة البدر ث وقال ‪ "" :‬إنكم سترون ربكم‬ ‫كما ترون هذا القمر ‪ 0‬لا تضامون في رؤيته "" ‪ 0‬انتهى موضع الحاجة‬ ‫منه ‪.‬‬ ‫وفي خبر آخر فيه أيضا ‪ :‬حدثنا يوسف بن موسى ‘ حدثنا عاصم بن‬ ‫اليربوعي ‪ .‬حدثنا أبو شهاب ‪ 0‬عن إسماعيل بن أبي خالد ى عن‬ ‫وسف‬ ‫قيس بن أبي حازم ‪ .‬عن جرير بن عبد الله ‪ 0‬قال ‪ :‬قال النبي (صلى الله‬ ‫عليه وآله) ‪ " :‬إنكم سترون ربكم عيانا "' ‪.‬‬ ‫‘ بأسانيد متعدد ة ‪ .‬بألفاظ‬ ‫البخاري‬ ‫‪ :‬ذكر هذا الخبر في صحيح‬ ‫أقول‬ ‫مختلفة ‪ 0‬ليس فيها لفظ هذا الحديث ‪ 8‬الذي ذكره في البيت {‪ ،‬بتمام ألفاظه ‪.‬‬ ‫قلنا ‪ :‬نقل بالمعنى ؛ وجواز نقل المعنى ‘ لا سيما مع تغيير‬ ‫ولذا‬ ‫يوجب الإختلاف في المعنى محل خلاف ‪.‬‬ ‫والهمزة في قوله ‪ } :‬أتر ى { ‪ :‬للإلستفهام الإنكاري الذي بمنزلة‬ ‫النفي ؛ ولذا جيء بالإستثناء بعدها مُفرغاً؛ و (ترى) ‪ :‬فعل مضارع‬ ‫حاضر { وفاعله ضمير أنت المُستتر وجوبا‪ .‬وهو من أفعال القلوب ‪ ،‬التي‬ ‫تدخل على الجملة ا لإسمية ‪ 4‬فتنصب المبتدأ ليكون مفعولا أولا ؛ والخبر‬ ‫ليكون مفعولا ثانيا ‪ 4‬ومعناه ‪ :‬تعلم ‪.‬‬ ‫قال ‪.‬‬ ‫‪ :‬مفعولها لذول ‪ 4‬وهو اسم مصدر‬ ‫و } مقالهم { (بالنصب)‬ ‫‏‪ ٢٤٠ .‬۔‬ ‫وضمير الجميع مُضاف إليه ‪ 0‬يرجع إلى القانلين ‪ :‬بأن الله سبحانه يرى‬ ‫{ ‪ :‬مقول القول ‪ 0‬فمحله النصب بالمفعولية‬ ‫‪ } :‬بلا كيف‬ ‫وقوله‬ ‫لمقال ‪.‬‬ ‫و [ سوى { ‪ :‬اسم كغير معنى ‪ 0‬وإستعمالاً على الأصح من وقوعه‬ ‫للإستنناء ‪ .‬وإعرابه بما أعرب به المُستثني بالا ‪ .‬من وجوب النصب عند‬ ‫إيجاب الكلام وتمامه ‪ ،‬أي ‪ :‬كون السْستثني منه مذكورآ ‪ 0‬وجوازه مع‬ ‫إختيار إتباعه للمُستثنى منه ‘‪ 0‬إذا كان الكلام منفيا ‪ ،‬والإستتناء متصلا ‪.‬‬ ‫ووجوب النصب حينئذ ‪ 0‬إذا كان الإستثناء مُنقطعا { إلآ عند تميم ‪ 0‬فأجازوا‬ ‫حيننذ الإتباع ‪ 0‬وإعرابه بما يقتضيه العامل ‘ إذا كان الإستثناء مْفرغا ‪.‬‬ ‫وهو أن يكون المستثنى منه غير مذكور في الكلام ‪ 0‬إلى غير ذلك ‪.‬‬ ‫وفيه أربع لغات ‪( :‬كسر السين) ممدودآً ‪ 0‬ومقصورآ ؛ (وفتحها)‬ ‫ممدود ؛ (وضمها) مقصورا ؛ ومقابل الأصح ‘ قول سيبويه ‪ :‬أنه لا‬ ‫يستعمل إلا ظرفا ‪ 0‬ولا يعدل عنه إلا في الضرورة ‪.‬‬ ‫واعترض عليه ابن مالك ‪ 0‬بوروده مجرورآ ب (من) ‘{ في قوله (صلى‬ ‫الله عليه وآله) ‪ :‬ا" دعوت ربي أن لا يسلط على أمتي عدوا سوى‬ ‫أنفسهم "" ؛ وفاعلاً في قوله ‪ :‬ولم يبق سوى العدوان دناهم كما دانوا ؛‬ ‫ومُبتدأ في قوله ‪ :‬فسواك بايعها وأنت المشتري ؛ واسما ل [ ليس ) في‬ ‫فوله ‪:‬‬ ‫م‬ ‫ليلة أني إذ الصبور‬ ‫سوى‬ ‫أأترك ليلي ليس بيني وبينها‬ ‫‏‪ ٢٤١‬۔‬ ‫وقال الرماني ‪ :‬أنه يستعمل ظرفا غالبا ‪ .‬وكغير قليلا ‪ 0‬وإختاره ابن‬ ‫هشام ‪ .‬قال في "" الذوضح "" ‪ :‬وإلى هذا أذهب ‪.‬‬ ‫و [ إفك ع ‪ :‬مجرور بإضافة (سوئع] إليه ‪ ،‬والإفك ‪ :‬أسوء الكذب‬ ‫وأبلغه } وقيل ‪ :‬هو البهتان ‪ 0‬والمشهور فيه كسر الهمزة وإسكان الفاء ‪.‬‬ ‫وجاء فتحها والجمع ‪ :‬الأفانك ‪ 0‬وفعله من باب ضرب وعلم ‪.‬‬ ‫و يزاد ‪ :‬مضارع مجهول من ‪ :‬زاد الشيء ‪ 0‬يزيد ‪ 0‬زيادة ‪ 0‬أي ‪:‬‬ ‫إزداد ونما ؛ و [ لقانل ) ‪ :‬جار ومجرور متعلق به ‪ .‬واللام فيه‬ ‫للإستعلاء ‪ 0‬كما في قوله ‪ :‬ل يخرون للأذقان » (') ‘ لكنه على حذف‬ ‫مُضاف ‪ ،‬أي ‪ :‬يزاد ‏‪ ٠0‬على قول قانل ‪ 0‬ويكون التنوين في قائل للتفخيم ‪.‬‬ ‫ويكون } ما أسخفه { ‪ :‬تعجبا عن مقالهم { أي ‪ :‬ما أضعف هذا القول ‪.‬‬ ‫ويحتمل أن يكون متعلقا بمحذوف حالا عن الضمير في يزاد ‪ 0‬ويكون اللام‬ ‫للإختصاص ۔ والتنوين في لقانل للتحقير ‪ .‬والمعنى ‪ :‬يزاد هذا المقال‬ ‫الإفك والكذب ‪ 0‬حال كونه لقائنل حقير ما أسخف وأنقص عقله ‪ 0‬فيكون ما‬ ‫أسخفه ‪ :‬نعتا لقائنل ‘ على تقدير قول { لكونه إنشاء ‪ .‬والتقدير لقانل يقال‬ ‫فيه ‪ :‬ما أسخفه ‪ 0‬ويحتمل أن يكون إستننافاً بيانيا ‪ .‬فيكون جواب سؤال‪.‬‬ ‫كأنه قيل ‪ :‬ما حال هذا القائل ‪ 0‬فقال ‪ :‬ما أسخفه ‪ .‬وما فيما أسخفه ‪،‬‬ ‫للتعجب ‪ 0‬وأسخف ‪ :‬فعل التعجب ‪ ،‬والضمير مفعوله ‘ والسخف (بالضعم) ‪.‬‬ ‫كالقبح ‪ :‬رقة العقل ولقصانه ‪ ،‬يقال ‪ :‬سخف الرجل (بالضم) سخافة ‪.‬‬ ‫فهو ‪ :‬سخيف ‪ ،‬أي ‪ :‬خفيف ‪ 0‬وفي عقله سخف ‪ ،‬أي ‪ :‬نقص ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الإسراء‪. ١٠٧ : ‎‬‬ ‫‪٢‬۔‪ .‬‏‪ ٢٤‬۔‬ ‫وعن الخليل ‪ :‬السخف في العقل خاصة ‘ والسخافة عامة في كل‬ ‫شيع ‪.‬‬ ‫وحاصر البيتين ‪ :‬أن القوم رووا عن النبي (صلى الله عليه وآله) ‪:‬‬ ‫" أنكم سترون ربكم ‘ كما ترون هذا القمر " ‪ 0‬وكانت الليلة ليلة البدر ‪.‬‬ ‫وفي قوله ‪[ :‬إروواع ‪ 0‬إشارة إلى ضعف الخبر ‘ حيث نسبه إليهم ‪.‬‬ ‫فكأنهم افتعلوه ؛ فشبهه (تله) عن التشبيه ‪ 0‬بمخلوقاته ‪ 0‬بالقمر ليلة‬ ‫البدر في كمال وضوحه وظهوره ‘ حال كونه لا غيم عليه ‪ .‬يحيط به‬ ‫ويستره ‪ 0‬فهل ترى هذا المقال ‪ 0‬على فرض كونه عن رسول ذي الجلال ه‬ ‫مقيدا بقولهم ‪ :‬بلا كيف ‪ 8‬فلا يكون هذا القول منهم إلا كذبا وبْهتانا ‪.‬‬ ‫زاده القانل برؤيته سبحانه ‪ 0‬وما أسخف هذا القانل ‪ 0‬وما أنقص‬ ‫عقله ‪ .‬وأجهله بالبراهين والدلائل ‪ 0‬أو زيد على قول قانل عظيم الشأن ‪،‬‬ ‫© من‬ ‫هذاا لمقال‬ ‫‘ وما أسخف‬ ‫عليه وبهتان‬ ‫‘ فهو كذب‬ ‫رفيع المكان‬ ‫هؤلاء الرجال ‪.‬‬ ‫مذكور‬ ‫كان‬ ‫‘ فهو كذلك ‪ .0‬وإن‬ ‫الخبر ‪ .‬بل الأخبار‬ ‫‪ :‬أما ضعف‬ ‫أقول‬ ‫في الصحاح ‪.‬‬ ‫ولذا ‪ -‬ليس في أخبارنا المروية بطرقنا عن النبي المختار ‪ }.‬والأنمة‬ ‫الأطهار (عليهم سلام الله العزيز الغفار) ‪ ،‬لمثل هذه الأخبار أثر ‪ 0‬ولا خبر ‪.‬‬ ‫بل كثير من الأخبار يدل على خلافها ‪ ،‬ونفيها عن أصلها ‘ وتوبيخ قائلها ‪.‬‬ ‫وقد ذكرنا من ذلك ‪ 0‬ثلاث روايات سابقا ‪ 0‬فراجعها ‪ 0‬سيما حكاية أبي قرة‬ ‫الحدث ‘ التي مر ذكرها ‪ 0‬حيث وبخه الإمام ‪ 0‬فقال ‪ :‬أما تستحون ‪.‬‬ ‫‪.‬۔‪ ٣‬‏‪ ٢٤‬۔‬ ‫ولما هت وأفحم ‪ 0‬قال ‪ :‬أفتكذب بالروايات ؟‬ ‫فقال أبو الحسن (اللككثلم) ‪ :‬إن كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها ‪.‬‬ ‫سيما وقد طابقه الرهان ‪ ،‬وما أجمع المُسلمون عليه { أنه (جْللة) ‪ « :‬ولا‬ ‫يحيطون به علما » () ؛ و إ لا تدركه الأبصار & (") ؛ و ليس كمثله‬ ‫شيء » <")؛ وعلى فرض صحتها { فوجه الشبه لم ينحصر فيما ذكروه ‪.‬‬ ‫بل هو العلم الضروري بوجود المْشبه به ‪.‬‬ ‫فالمعنى ۔ والله أعلم ۔‪ :‬ستعلمون بوجود ربكم علما ضروريا ‪ ،‬لا‬ ‫دانيه خلل وشنُبهة ‪ 0‬ولا شك وريبة ‪ 0‬كما تعلمون بوجود القمر في هذه‬ ‫الليلة ‪ 0‬لا تضامون عن هذا العلم ‪ 0‬ولا تظلمون ‘ ولا تمنعون ‪ ،‬ولا‬ ‫تبخلون ‪ 0‬لتصفيتكم في تلك الدار ‪ 0‬عن العلانق والأوزار ‪ 0‬ولما تشاهدون‬ ‫من الآيات الباهرات ‪ 0‬والحجج القاهرات ‪.‬‬ ‫ومن صدق ما وعد الله تعالى في الدار الدنيا ‪ 0‬ببيان الأنبياء ‪ .‬ولسان‬ ‫السفراء ‪ 0‬من الوعد والوعيد ‪ 0‬ودلائل التفريد والتوحيد ‪ .‬ومن حضور‬ ‫الجنة ونعيمها { ومشاهدة جهنم وحميمها { ومُلاحظة الزبانية وأعدادها ‪.‬‬ ‫ومعاينة النيران وأصفادها ‪ 0‬والنظر إلى الجنان وأشجارها ‪ 0‬والأشجار‬ ‫وأنوارها ‪ 0‬وأزهارها وأثمارها ‪ 0‬والشوق إلى الخور والقصور ‘ والذوق‬ ‫من الشراب الطهور ‪ ،‬والبهجة والسرور ‪.‬‬ ‫وهذا المعنى لا خلل فيه ‘ ولا شبهة تعتريه ‘ لا ينفيه الذوق السليم ‏‪٨‬‬ ‫‏‪.١١٠١‬‬ ‫‏(‪ )١‬سورة طه‪:‬‬ ‫‪ :‬‏‪. ١١٠٣‬‬ ‫الأنعام‬ ‫‏(‪ (٢‬سورة‬ ‫‏(‪ )٣‬سورة الشورى ‪ :‬‏‪. ١١‬‬ ‫‏‪ ٢٤٤‬۔‬ ‫ولا يدفعه العقل المُستقيم ‪ 0‬فلا داعي إلى التفسير ‪ .‬بما يمنعه العقل ‏‪٥‬‬ ‫ويدفعه النقل ‪ 0‬وييعارضه القرآن ‪ 0‬ويناقضه البرهان ‪.‬‬ ‫وأما قوله ‪ } :‬أترى مقالهم بلا كيف { ‪ :‬إفك وبهتان ؛ فإن كان المراد‬ ‫الكذب على الله تعالى ‪ 0‬والرسول (صلى النه عليه وآله) ‪ .‬بتغيير القرآن‬ ‫‪ .‬والأخبار ‪ 0‬كما يستشعر من قوله ‪ } :‬يزاد م ‪ 0‬فمن المعلوم خلاقفه‬ ‫باعترافه {} فانهم لم يزيدوا على الآيات والأخبار هذا اللفظ ‪ ،‬وقد إعترف‬ ‫بذلك ‪ 0‬حيث قال ‪ } :‬فهل في الآي ذكر البلكفه { ‪.‬‬ ‫وهكذا ما نقل عنهم من الرواية ‘ نعم ‪ 0‬هو زاد ‪ [ :‬لا غيم عليه‬ ‫ااستكنفه م لنظم القافيه ‪ 0‬ولا بأس به ‪ ،‬وإن كان المراد أنه كذب ى أي ‪:‬‬ ‫مخالف للواقع ‪ 0‬فان جعل صفة المرني تعالى ‪ 0‬فهو حق وصدق ‪ 0‬وكيف‬ ‫الكيف ‪ 0‬فكيف يتكيف بالكيف ؛ وإن كان صفة للرائي ‪ ،‬أو الرؤية ‪.‬‬ ‫فان كان المراد نفيه مُطلقاً ‪ 0‬فتكذيبه حق ‪ ،‬إلا أن الحق كما ذكرنا } أن‬ ‫هذا ليس بمّراد ؛ بل المراد نفي الشروط المعتبرة في الرؤية الحسية ‘ من‬ ‫حيث أن المراد من الرؤية غيرها ‪.‬‬ ‫مم‬ ‫‪.‬‬ ‫فال‬ ‫لنفي الإله الكيف إذ أبقى الصفه‬ ‫لو كان منظوراً وغير مكيف‬ ‫ثلانة ‪ 0‬أحد ها ‪ :‬ا لشضشسرطية ‪.‬‬ ‫تفيد أمورا‬ ‫شرط‬ ‫‪ :‬حرف‬ ‫قوله ‪ } :‬لو {‬ ‫أعني ‪ :‬عقد السببية والمُسببية بين الجملتين بعدها ؛ وثانيها ‪ :‬تقييد‬ ‫‏‪ ٢٤٥‬۔‬ ‫الننرطية بالزمن الماضي ؛ وثالثها ‪ :‬الإمتناع ؛ وبهذين الوجهين‬ ‫الأخيرين ‪ ،‬تفارق (أن) الشرطية ‪:‬‬ ‫إما الأول ‪ :‬فلان (أن) تفيد الشرطية في المستقبل ؛ ولذا قيل ‪ :‬ان‬ ‫الشرط ب (أن) سبق على الشرط ب (لو) ؛ ألا ترى أنك تقول ‪:‬إن جنتني‬ ‫‪.‬‬ ‫متك‬ ‫رمس‬ ‫كي أ‬ ‫أتن‬ ‫غدا أكرمتك ؛ فإذا مضى الغد ولم يجئ ‪ 0‬قلت ‪:‬لو جن‬ ‫وأما الثاني ‪ :‬فلان (أن) موضوع للشك ‘ كما أن (إذا) موضوع لتحقق‬ ‫الوقوع ‪ .‬وقد إختلف النحاة في إفادتها الإمتناع ‪ 0‬وكيفيتها على ثلاثة‬ ‫أقوال ‪:‬‬ ‫ا الاول ‪:‬أنها لا تفيده أصلا ‪ ،‬وهو قول الشلوبين ‪ 0‬حيث زعم ‪:‬أنها لا‬ ‫تفيد إمتناع الشرط ‪ ،‬ولا الجواب ‪ ،‬بل لا تدل إلآ على التعليق في الماضي ه‬ ‫كما أن (أن) لا تدل إل على التعليق في المْستقبل ‪ 0‬من غير دلالة على‬ ‫ثبوت ‪ ،‬أو إمتناع بالإجماع ؛ وهذا القول مما لا يعبأ به ‪ 0‬بل أشبه شيء‬ ‫بإنكار الضروري ‪.‬‬ ‫ولذا ۔ صح دخول حرف الإستدراك على شرطها حيثما وقعت { تقول ‪:‬‬ ‫لو جنتني أكرمتك ‪ ،‬لكنك لم تجيء ‪ 0‬قال الله تعالى ‪ :‬ولو شننا لأتينا كل‬ ‫نفس هداها ولكن حق القول مني & (') ‪ ،‬أي ‪:‬ولكن لم نشأ ‪ ،‬فحق القول ‪.‬‬ ‫والثاني ‪ :‬أنها تفيد إمتناع الشرط والجواب معا ‪ ،‬وهو منقوض بقوله‬ ‫تعالى ‪ « :‬ولو أننا نزلنا إليهم الملانكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل‬ ‫شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا » ") ‪.‬‬ ‫‪٣ :‬‬ ‫(‪ ()١‬سورة السجدة‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة ة الأنعام‪.١ ١ : : ‎‬‬ ‫‪.‬۔‪ .‬‏‪ ٢٤٢٦‬۔‬ ‫بيان ذلك ‪ :‬أن كل ما إمتنع ثبت نقيضه ‪ ،‬فإذا إمتنع ما ضرب ‪ ،‬ثبت‬ ‫ضرب وبالعكس ؛ وعلى هذا ‪ 0‬فيلزم على هذا القول في الآية ‪ 0‬تبوت‬ ‫إيمانهم ‪ .‬مع عدم نزول الملائكة ‪ 0‬وتكلم الموتى لهم ‘ وحشر كل شيء‬ ‫عليهم ‪ 0‬وهو كما ترى } عكس ما أريد من الآية ‪.‬‬ ‫والثالث ‪ :‬أنها تفيد إمتناع الشرط خاصة ‪ ،‬ولا دلالة لها على إمتناع‬ ‫الجواب ‪ 0‬ولا على ثبوته ‪ 0‬ولكنه إن كان مساويا للشرط في العموم‬ ‫والخصوص ‘ كما في قولك ‪ :‬لو كانت الشمس طالعة ‪ ،‬كان النهار‬ ‫موجُودآ ‪ 0‬لزم إنتفاؤه للزوم إنتفاء المُسبب ‪ ،‬السٌساوي للسبب ‏‪ ٠‬عند‬ ‫إنتفاء سببه ‪ 0‬وإن كان أعم ‪ 0‬كما في قولك ‪ :‬لو كانت الشمس طالعة } كان‬ ‫الضوء موجودا ‪ 0‬فلا يلزم إنتفاؤه مُطلقاً ‪ 0‬بل القدر المُساوي منه للشرط ‪،‬‬ ‫وإليه ذهب المحققون ‪.‬‬ ‫يستصحب‬ ‫سرببه ‘‬ ‫ثم قد تكون بين الشرط والجزاء علاقة ‪ .‬أي ‪:‬بأم‬ ‫الشرط الجزاء ‪ 0‬كعلية طلوع الشمس لوجود النهار ‪ ،.‬في المثال المذكور ‪.‬‬ ‫فتسمى ‪ :‬القضية لزومية ‘ وقد لا تكون كذلك ‪ 0‬فتسمى ‪ :‬إتفاقية ‪.‬‬ ‫والمْعتبر فى الأقيسة ‪ :‬هو القسم الأول لا التاني ‪ ،‬لما قد عرفت سابقا ‪.‬‬ ‫من أن النتيجة هو القول اللازم من المُقدمتين ‪ 0‬فإن لم تكن علاقة ‪ .‬لم‬ ‫يكن لزوم ‪.‬‬ ‫مثلا ‪:‬قياس الإستثناني أبدآ ‪ 0‬يتركب من مقدمة شرطية ‪ ،‬ومقدمة‬ ‫‪ .‬لينتج عين‬ ‫ضه‬ ‫ي أو‬ ‫قطية‬‫نلشر‬ ‫حملية ‘يستثنى فيها عين أحد جزئي ا‬ ‫الآخر أو نقيضه ‘ والإحتمالات المتصورة في إنتاج كل إستثناني أربعة ‪.‬‬ ‫وضع كولرفع كل { لكن المنتج منها في كل قسم شيء ‪ 4‬وتفصيله ‪ :‬ان‬ ‫‏‪٤٢‬ا‪٧‬۔ ۔‬ ‫الشرطية ‪ 0‬إن كانت متصلة ‪ ،‬كما في المثال ‪ ،‬ينتج منه إحتمالان ‪:‬وضع‬ ‫المقدم ينتج وضع التالي ‪0‬لإستلزام تحقق الملزوم تحقق اللازم ‪ 0‬ورفع‬ ‫التالي ينتج رقع المقدم ‪ 0‬لاستلزام إنتفاء اللازم إنتفاء الملزوم ‪.‬‬ ‫وأما وضع التالي ‪ ،‬فلا ينتج وضع المُقدم ‪ ،‬ولا رفع المقدم ينتج رفع‬ ‫التالي ‪ 0‬لجواز كون اللازم أعم ‘ فلا يلزم من تحققه تحقق الملزوم ‪ 0‬ولا‬ ‫من إنتفاء الملزوم إنتفاؤه ‪.‬‬ ‫فقد تبين لك مما ذكر ‪ 0‬أن المراد بالمُتصلة في هذا الباب ‪ .‬اللزومية لا‬ ‫الإتفاقية ‪ 0‬كما أن المراد بالمنفصلة العنادية ‪ 0‬فاحفظ ذلك ‪ 0‬فإنه نافع فيما‬ ‫يأتي ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :‬كان ) ‪ :‬فعل ماض ناقص ‪ .‬واسمه ضميره تعالى ؛‬ ‫و [ منظورآ { (بالنصب) ‪ :‬خبره ‪ .‬وهو اسم مفعول من ‪ :‬نظره‪.‬‬ ‫ضربه ‘‪ ،‬وسمعه ‪ :‬وإليه ‪ :‬نظرا ‪ 0‬ومُنظرآ ‪ 0‬ونظرانآ ‪ ،‬ومُنظرة ‪.‬‬ ‫وتنظارآ ‪ 0‬تأمله بعينه } كذا في "" القاموس ""‬ ‫وقوله ‪ [ :‬وغير مكيف { ‪ :‬الواو للعطف ‪ .‬ومعناها مُطلق الجمع ؛‬ ‫إلى } مكيف { ‘‬ ‫‪.7‬‬ ‫بها على منظور‬ ‫‪ :‬معطوف‬ ‫و ‏‪ ١‬غير] (بالنصب)‬ ‫فهو مجرور بالإضافة ‪.‬‬ ‫‪ :‬فعل ماض‬ ‫[(لو{ ‪ 6‬و [نفي]‬ ‫واللام في قوله ‪ :‬‏‪ ١‬لنفى ‪ : 1‬لجواب‬ ‫جواب لو ؛ يقال ‪ :‬نفاه ‪ 0‬ينفيه ‪ 0‬وينفوه ‪ :‬نحاه ‘ ونفي الشيء ‪ :‬جحده ؛‬ ‫و } الإله )ع (بالرفع) ‪ :‬فاعله ‪ .‬وهو مأخوذ من ‪ :‬ألية ‪ 0‬يأله؛ عن ‪:‬‬ ‫المصباح ا" ‪ :‬أله ‪ ،‬يأله ‪ :‬من باب ‪ :‬تعب ‪ .‬يتعب ‘ إلاهة ‪ .‬بمعنى ‪ :‬عبد‬ ‫۔ ‏‪ ٢٤٨‬۔‬ ‫عبادة ؛ وتأله ‪ :‬تعبد ؛ والإله ‪ :‬المعبود ‪ 0‬وهو الله تعالى ؛ ثم إستعاره‬ ‫المشركون ‪ 0‬لما عبدوا من ذونه ‪ 0‬وإلة على فعال ‘ بمعنى ‪ :‬مفعول { لأنه‬ ‫مألوه ‪ ،‬أي ‪ :‬معبود ‪ ،‬ككتاب ‪ .‬بمعنى ‪ :‬مكتوب ‪.‬‬ ‫و [الكيف{ (بالنصب) ‪ :‬مفعول نفي ؛ و } إذ ] ‪ :‬ظرف للزمان‬ ‫الماضي ‘ مُتعلق بنفي ‪ 0‬مُضاف إلى جملة أبقى ‪ 0‬وهو فعل ماض ‘ فاعله‬ ‫ضميره تعالى ‪ 0‬من باب أفعال ‪ 0‬مأخوذ من ‪ :‬بقى الشيء يبقى ‪ 0‬من باب ‪:‬‬ ‫تعب دام ‪ .‬وثبت ‪ .‬ويتعدى بالألف ‪ ،‬فيقال ‪ :‬أبقيته ‘ والاسم البقوى‬ ‫(بالفتح) مع الواو ‪ 0‬والبقيا (بالضم) مع الياء ‪.‬‬ ‫و [ الصفة { (بالنصب) ‪ :‬مفعول أبقى ‪ 0‬يعني ‪ :‬لو كان الباري‬ ‫سبحانه منظورآ إليه ‪ .‬وصح إدراكه بانبصر الحسي {‪ ،‬ولم يكن مُكيفا ‪.‬‬ ‫أي ‪ :‬ذا كيفية ‪ 0‬لنفي الكيف عن نفسه حين أبقى الصفة وأثبتها ‪ .‬أعني ‪:‬‬ ‫كونه منظورآ إليه اللازمة ‘ من قوله تعالى ‪ ( :‬إلى ربها ناظرة » () ؛ إذ‬ ‫لو قيل ‪ :‬زيد ناظر إلى عمرو ‪ ،‬يدل الكلام بالمُطابقة على ناظرية زيد ‪.‬‬ ‫وبالإلتزام على منظورية عمرو ‪ 8‬وإلا فليس في الآية أنه تعالى منظور ‪8‬‬ ‫بل الوجوه ناظرة إليه ‪.‬‬ ‫وكأنه قصد بالبيت ‪ :‬الإستدلال على مطلوبه بقياس إستتناني ‪ ،.‬يرفع‬ ‫فيه التالي { فيستنتج منه رفع المقدم ؛ وبيانه بأن يقال ‪ :‬لو كان الباري‬ ‫تعالى منظورآ ‪ 0‬وغير مكيف & لنفي الكيف حين أثبت كونه منظورا { لكنه‬ ‫لم ينف الكيف ‘ ينتج ‪ :‬فلم يكن منظوراً وغير مكيف ‪ 0‬وهذه القضية ‪ .‬أي ‪:‬‬ ‫يكون منظورآ وغير مكيف ‪ .‬قضية مركبة من جزنين ‘ والمُركب يصح‬ ‫(‪ )١‬سورة القيامة‪. ٢٢٣ : ‎‬‬ ‫‪٩‬۔_ ‏‪ ٢٤‬۔‬ ‫رفعه ‘ برفع أحد جزنيه ‘ كما يصح برفع كلا جزنيه ‪ 0‬فإذا دخل عليها‬ ‫النفي ‪ 0‬وقيل ‪ :‬لم يكن منظور وغير مُكيف ‪ 0‬كما هي النتيجة يصدق ؛ أما‬ ‫أن لا يكون منظور أصلا ‪ ،‬أو يكون منظورا ومُكيفا ‪ .‬وهذا هو مطلوب‬ ‫الناظم } كما سيأتي ‪.‬‬ ‫وهو كلام بظاهره في غاية المتانة ‪ 0‬ولكنك لو أمعنت النظر ‪ 0‬وتأملت‬ ‫حق التأمل ‪ 0‬لوجدته مما يضحك التكلى ‪ .‬لما سمعته أنفا ‪ 0‬من أن القضية‬ ‫التنبرطية في القياس الإستثناني ‘ لاد وأن تكون لزومية ‪ .‬ولا مُلازمة بين‬ ‫كونه منظور وغير مكيف ‪ ،‬الذي هو مفاد الشرط ‪ 0‬وبين نفيه الكيف ‪8‬‬ ‫حين أبقى وأثبت كونه منظورا ‪ 0‬فإن حاصل الشرطية { أنه لو كان فيه‬ ‫الصفاتان ‪ 0‬فإذا أنبت أحديهما ‪ ،‬فلابد أن يثبت الأذخرى ؛ وهذه اللا بدية‬ ‫التي هي مفاد الملازمة ‪ 0‬هي ما ذكرنا ‪ :‬من أنه مما يضحك الثكلى ‪ ،‬لأنها‬ ‫لم يدل عليها عقل { ولا شرع ‘ ولا غرف ‪.‬‬ ‫مثلا ‪ :‬إذا فرضنا أن زيدآ يكون شاعرا وكاتبا ‪ .‬وقال ‪ :‬أني شاعر ‪ ،‬لا‬ ‫يجب عليه أن يقول ‪ :‬أني كاتب أيضآ ‘ لا عقلا { ولا شرعا { ولا غُرفا ‪.‬‬ ‫وهذا الإستدلال من هذا القبيل بعينه ‪.‬‬ ‫فإذا فرضنا أنه تعالى وتقدس ‘‪ ،‬يكون منظور محسوسا بهذا البصر‬ ‫الحسي ‘ تعالى عن ذلك علوا كبيرا ‪ 0‬وكان غير مكيف بكيف أصلا { كما‬ ‫هو الحق & تم أثبت أحد الوصفين لنفسه ‘ لا يلزم أن يثبت الآخر أيضا ه‬ ‫وإن كان في الواقع جامعا للوصفين { فلا عدم ذكر بعض الذوصاف ينافي‬ ‫ذكر بعضها الآخر ‪ 0‬ولا ذكر البعض يلازم ذكر البعض الآخر ‘ فما معنى‬ ‫هذه الشرطية ؟‬ ‫۔‬ ‫‏‪٥ ...‬‬ ‫فان قلت ‪ :‬ليس مراده من الشرطية ما ذكرت من القياس ‘ حتى يرد‬ ‫عليه ما أوردت ‪ ،‬بل السراد من الشرطية ‪ :‬أنه لما كان النظر بالبصر‬ ‫الحسي ‘ يلازم كون المنظور إليه جسما محسوساآ مكيف ‪ 0‬ومن شان‬ ‫المُتلازمين أن لا ينفك أحدهما عن الآخر ‪ .‬وجودا وعدما ‪ ،‬فتبوت أحدهما‬ ‫وإنتفاء الآخر ينافي التلازم ‪ 0‬فمْقتضى التلازم ‪ :‬إما أن يكون منظور‬ ‫ومُكيفا ‪ 0‬أو لا منظورا ولا مُكيفا ‪ .‬وهو المطلوب ‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬هذا كلام صحيح في غاية الجودة والمتانة ‪ ،‬إلآ أنه يتوجه عليه‬ ‫أمران ‪:‬‬ ‫الأول ‪ :‬أن هذا الكلام ‪ 0‬إنما يتم إذا كان المراد النظر الحسي السُلازم‬ ‫للإارتسام ‪ 0‬أو إتصال الشعاع ‘ أو حالة يلزم أحدهما ‪ 0‬وقد عرفت أنه ليس‬ ‫محل النزاع عند الجمهور ‪.‬‬ ‫والتاني ‪ :‬أن الشرطية في البيت ناطقة بالمْلازمة ‘} بين الإثبات‬ ‫والنفي ‘ لا النبوت والإنتفاء ‪ 0‬كما ينادي به قوله ‪[ :‬لنفىع ‪ 0،‬و [أبقى{ ‏‪٥‬‬ ‫وهذا هو الذي ذكرنا ‘ أنه لا ملازمة بينهما ؛ وأين هذا من ذاك ؟‬ ‫مثلا ‪ :‬طلوع الشمس يلازم وجود النهار ‪ 0‬فلا ينفك أحدهما عن الآخر‬ ‫في الخارج ‪ 0‬وجودا وعدما ‪ .‬فثبوت أحدهما أو وجوده يلازم ثبوت الآخر‬ ‫أو وجوده ‪.‬‬ ‫وأما إتبات أحدهما ‪ 0‬أعني ‪ :‬قولك ‪ :‬النمس طالعة ‪ ،‬لا الإثبات ه‬ ‫بمعنى ‪ :‬البرهان عليه { فلا يلازم إثبات الآخر ‪ 0‬أعني قولك ‪ :‬النهار‬ ‫موجود ‪ 0‬فربما تقول ‪ :‬النمس طالعة ‪ 0‬وتسكت عن القول بأن النهار‬ ‫‏‪ ٢٥١ .‬۔‬ ‫موجود ؛ وربما تقول ‪ :‬النهار موجود وتسكت عن طلوع الشمس ‘ وهذا‬ ‫مُرادنا من الإثبات والنفي ‪.‬‬ ‫وكلامه يدل على هذه الملازمة ‪ 0‬لا تلك ؛ فان غرضه ‪ :‬أن ذكره تعالى‬ ‫المنظورية ‪ 0‬من ذون ذكره غير مُكيف ‪ ،‬لا يستقيم ‪ .‬لو كان في الواقع‬ ‫كل ‪ ،‬لا أن المنظورية وعدم التكيف لا تستقيم ‪.‬‬ ‫والثاني ‪ :‬حق ‪ 0‬لكنه غير مُستفاد من الكلام ‪ 0‬والسْستفاد من الكلام هو‬ ‫الذول ‪ 0‬وهو الذي أبطلناه ‪.‬‬ ‫فإن قلت ‪ :‬أن هذا الإعتراض على ظاهر كلامه وارد ‪ 0‬ولكن مراده‬ ‫غير ذلك ‪ 0‬بل ليس مراده من الشرطية ‪ ،‬إلا إلزام الخصم ب (لن) ‪ 0‬وتأخير‬ ‫البيان اللازم منه القبح على الحكيم تعالى ‪.‬‬ ‫بيان ذلك ‪ :‬أن السراد من قوله ‪ :‬منظور وغير مُكيف ‪ 0‬ليس حقيقة‬ ‫العطف والإعتراض مُبتن عليه ؛ بل المراد تقييد المنظورية باللا كيفية ؛‬ ‫فكأنه قيل ‪ :‬لو كان منظورآً غير مكيف ‪ 8‬أي ‪ :‬مُقيدا بلا كيف ‪ ،‬لقيد‬ ‫المنظورية في كلامه بلكايف ‪ ،‬لأن كونه منظورآ مُطلقاً بزعمك غير مُراد‪.‬‬ ‫والمراد كونه منظورآ بلا كيف ‘ فلا كيف ‪ 8‬قيد وبيان لمنظورآ } فخلو‬ ‫الكلام عنه مع كونه مُرادآً تأخير للبيان ‪ 0‬وهو قبيح على الحكيم تعالى }‬ ‫لإستلزامه الإغراء بالجهل ‘ فعدم ذكره في اللفظ ‘ يدل على عدم التقييد‬ ‫في الواقع ‪ 0‬وعدم التقييد بلا كيف ‪ ،‬تارة بالتقييد بنقيضه الذي هو الكيف ‏‪٥‬‬ ‫فيكون منظورآ ومُكيفا ‪ 0‬وتارة بنفي القيد والقيد فلا يكون منظورآ ‪ ،‬ولا‬ ‫مْكبفا‬ ‫ه‬ ‫‪.‬۔‪ ٢‬‏‪ ٢٥‬۔‬ ‫وحاصل غرضه ‪ :‬أن ذكر المطلق من دون ذكر القيد ى مع كونه سّرادا‬ ‫من اللفظ ‪ 0‬بلزم تأخير البيان ‪ 0‬وتأخير البيان يستلزم الإغراء بالجهل ‏‪٥‬‬ ‫قبيح على الحكيم تعالى ‪.‬‬ ‫وهو‬ ‫‪ :‬هذه مسألة أصولية ‘ ولابد من تحقيقه ‪ .‬ولو اجمالا على ما‬ ‫قلت‬ ‫يقتضيه المقام ‪ .‬لينكشف منها حقيقة الحال ‪.‬‬ ‫فنقول ‪ :‬أن هذه المسألة مما إنفردت بها العدلية ‪ 0‬القائلين ‪ :‬بالخسن ‏‪٥‬‬ ‫والفبح العقليين ‪ 0‬وعدم جواز القبح على الحكيم ‪.‬‬ ‫وأما الذشاعرة ‪ ،‬المُنكرين للحسن والقبح العقليين أولا ؛ والمْلتزمين‬ ‫بجواز صدور القبيح عنه تعالى تانيا ؛ فلا يلزم عليهم بذلك ؛ والخصم إنما‬ ‫يلزم بما هو مسلم عنده ‪ 0‬لا بما ينكره أصلا ورأساً ‪.‬‬ ‫ولعل الناظم ۔ أيضا ۔ موافق لهم في ذلك ‪ 0‬فكيف يحمل كلامه على‬ ‫خلاف معتقده ‪.‬‬ ‫وثانيا ‪ :‬أن المُسلم في هذه المسألة ‪ .‬هو ما له ظاهر ‪ 0‬وأريد خلافه ‪.‬‬ ‫ولمًا يبينه } لأنه إغراء بالجهل ؛ وأما المجمل الذي لا ظاهر له ‘ كما في‬ ‫المنتشضشابهات اتفاقا ‪ .‬فلا } لأنه ليس فيه ‏‪ ١‬غرا ء‬ ‫من‬ ‫الآية ‘ التي هي‬ ‫بالجهل ‪ 0‬حتى يقبح لإجماله ‪.‬‬ ‫وثالثا ‪ :‬أن المُتفق عليه من محل النزاع عند القائلين به ‪ .‬هو قبح‬ ‫تأخير البيان عن وقت الحاجة { لا مطلقا ‪.‬‬ ‫ورابع ‪ :‬أن محل النزاع إتفاق من الكل ‪ 0‬فيما إذا كان البيان لفظيا ‪.‬‬ ‫وأما إذا كان البيان عقليا ‪ 0‬فيجوز التأخير } بل إذا كان البيان من العقل‬ ‫‏‪ ٢٥٣‬۔‬ ‫كما فيما نحن فيه ‪ 0‬ليس من محل النزاع في شيع ‏‪ .٠‬حيث لا تأخير فيه من‬ ‫واهب العقل ؛ فان البيان راجع إلى العقل ‪ 0‬والعقل لا ينفك عن السامع‬ ‫المكلف { فكان البيان مع الخطاب ‪ ،‬فاين التأخير ‪ .‬وهذا التوجيه ‪ 0‬وان‬ ‫كان في غاية البعد عن ارادته له ‪ .‬ولكنا ذكرناه للاحاطة بجميع‬ ‫الإحتمالات ‪ 0‬فربما يحتمله محتمل في كلامه ‪ .‬فيعرف جوابه ‪.‬‬ ‫قتال‪.‬‬ ‫مم‬ ‫لن يستنكفه‬ ‫التكييف‬ ‫الذي‬ ‫وهو‬ ‫مكيفاً‬ ‫م‬ ‫يكون‬ ‫أن‬ ‫تأنف‬ ‫فعلام‬ ‫معرفه‬ ‫دلالة عن‬ ‫أو لا فهات‬ ‫مكيف‬ ‫فذاك‬ ‫منظور‬ ‫كل‬ ‫اذ‬ ‫الشر ح‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬فعلام ) ‪ :‬الفاء ‪ :‬لجواب شرط مقدر تقديره ‪ :‬لو كان‬ ‫‏‪ ٠‬كما تقول ‪ :‬فعلام ؛ و [ على ) ‪ :‬حرف جر معناه التعليل ‪ .‬كقول‬ ‫منظورآ‬ ‫عمرو بن معد يكرب ‪:‬‬ ‫إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت‬ ‫علام تقول الرمح أثقل عاتقي‬ ‫ومجرورها (ما) الإستفهامية ‪ 0‬خذفت ألفها ‪ .‬لدخول حرف الجر عليها‬ ‫جوازا ‪ 0‬وإذا جرت بإضافة اسم إليها ‪ :‬وجب حذف ألفها ‘ والجار‬ ‫والمجرور مُتعلق بقوله ‪ [ :‬تأنف ع ‪ :‬وهي فعل مضارع مُفرد مُذكر‬ ‫حاضر ماضيه أنف ‪ .‬كفرح ؛ أنفا ‪ 0‬وأنفة ‪( .‬مُحركتين) إاستنكف ؛‬ ‫ب (أن) ‪ .‬اسمه‬ ‫(كان) منصوب‬ ‫و } ان { ‪ :‬ناصبة ‪ {.‬ويكون مضارع‬ ‫ضميره تعالى ‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٥٤1٤‬۔‬ ‫‪:‬‬ ‫؛ وا لجملة في تأويل المصدر‬ ‫و ‏‪ ١‬مُكيفا { (بالنصب ) ‪ :‬خبره‬ ‫مجرور ب (من) مُقدرة ‪ 0‬وحذف الجار فيها ؛ وفي (أن) (بفتح الهمزة‬ ‫وتشديد النون) ‪ :‬قياس ‪ 0‬وفي غيرهما ‪ :‬سماع { قال ابن مالك ‪:‬‬ ‫أزيذ‬ ‫كعجبت‬ ‫ليس‬ ‫أمن‬ ‫مع‬ ‫أن وإن يطرد‬ ‫في‬ ‫والحذف‬ ‫وقوله ‪ } :‬وهو { ‪ :‬الواو ‪ :‬للحالية ث وهو مبتدأ ؛ و } الذي { ‪ :‬اسم‬ ‫موصول مفرد مذكر ‪ .‬خبره ‪ } :‬التكييف )ع ‪ :‬مصدر بمعنى المفعول ‪.‬‬ ‫أي ‪ :‬كونه مكيف (بالفتح) لا الفاعل كما يتوهم ‘ منصوب بفعل محذوف ‪.‬‬ ‫يفسره ‪ [ :‬لن يستنكفه { ‪ 0‬على قاعدة الإشتغال { أو مرفوع مبتدا ؛‬ ‫و [ لن ) ‪ :‬حرف ناصب ؛ و [ يستنكف ) ‪ :‬منصوب بها ‪ .‬وفاعله ضمير‬ ‫مُستتر راجع إليه تعالى ‘ والضمير الظاهر في محل النصب مفعوله ‪.‬‬ ‫والجملة خبر التكييف ‘ والجملة الفعلية على التقدير الأول ‪ 0‬والاسمية‬ ‫على الثاني ‪ :‬صلة [ الذي { ؛ والإستنكاف ‪ :‬الإستكبار ؛ من ‪ :‬نكف عنه ‪.‬‬ ‫كفرح { ونصر أنف منه وامتنع ‪.‬‬ ‫و } إذ ) ‪ :‬للتعليل ‪ .‬نحو قوله تعالى ‪ ( :‬ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم‬ ‫أنكم في العذاب مُشتركون & () ‪ 0‬أي ‪ :‬ولن ينفعكم اليوم إشتراككم في‬ ‫العذاب ‪ 0‬لأجل ظلمكم في الدنيا ؛ واختلف في أن (إذا) التعليلية ‏‪ ٠‬حرف‬ ‫بمنزلة لام العلة ‪ ،‬أو ظرف ‪ ،‬والتعليل مُستفاد من فحوى الكلام ‪ .‬لا من‬ ‫لفظ (إذ) ‪.‬‬ ‫فإذا قيل ‪ :‬ضربته إذا ساء ؛ وأريد ب (إذ) الزمان ‪ 0‬إقتضى ظاهر الحال‬ ‫أن الإسانة سبب الضرب ‘ على المقولين ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الزخرف‪. ٣٩ : ‎‬‬ ‫‪٢٥٥‬‬ ‫و [ كل { (بالرفع) ‪ :‬مُبتدأ ؛ و [ منظور { (بالجر) ‪ :‬مضاف إليه‬ ‫لكل ‪.‬‬ ‫والفاء في قوله ‪ } :‬فذاك ع ‪ :‬تشبه الخبر بالجواب ‪ 0‬وهي الداخلة‬ ‫على خبر المبتدأ أحيانا ‪ .‬إذا كان المبتدأ لفظا عامآ ‪ 0‬نحو ‪ :‬الذي يأتيني‬ ‫فله درهم ‘ لإفادة ترتب لزوم الدرهم على الإتيان مثلا ‪.‬‬ ‫و [ ذاك { ‪ :‬مبتدأ نان؛و } مكيف { ‪ :‬خبره‘ والجملة خبر لكل ؛‬ ‫و } أو ) ‪ :‬حرف عطف‘ والمعطظوف عليه جملة ‪ :‬كل منظور فذاك‬ ‫مكيف ‘ والمعطظوف محذوف بعضه ‘ وباق بعضه { وهو } لا ) } ليدل‬ ‫على المحذوف ‪ ،‬والتقدير ‪ [ :‬أو لا ع ‪ 0‬تقول بذلك [ فهات { ؛ والفاء في‬ ‫قوله ‪ [ :‬فهات { ‪ .‬بتوهم الشرط ‘ كما يؤتى بها بتوهم ‪.‬‬ ‫أما في قولهم ‪ :‬وبعد ‪ ،‬فكذا على توهم ‪ ،‬أما فكأنه قيل ‪ :‬وإن لم تقل‬ ‫بذلك ‪ ،‬فهات ‪ ،‬وهو اسم فعل بمعنى ‪ :‬أيت ؛ و } دلالة ) (بالنصب) ‪:‬‬ ‫مفعولة ‘ وهي مصدر ‪ :‬دل يدل ‘ بمعنى اسم الفاعل ‪ ،‬أي ‪ :‬دليلا ؛‬ ‫جار ومجرور مُتعلق بمحذوف نعت ‪ ،‬لدلالة أي دليلا‬ ‫و [ عن معرفة ) ‪:‬‬ ‫معرفة ‪ 0‬ويحتمل أن يكون متعلقا بهات ‪ 0‬والمعرفة‬ ‫حاصلا ‘ وناشنً عن‬ ‫الجهل ‪.‬‬ ‫معناها ‪ :‬العلم نقيض‬ ‫وحاصل المعنى ‪ :‬أيها القائل ‪ ،‬بأن البارئ تعالى منظور إليه ‪ 0‬ومرني‬ ‫بلا كيف ‘ لم تأنف ‪ 0‬وتستنكف من أن يكون سنبحانه مُكيفاً ‪ .‬والحال أنه‬ ‫تعالى على قولك مُتجمدا ‪ 0‬على ظاهر اللفظ ‪ 0‬لن يستنكف عن أن يكون‬ ‫مُكيفا ‪ 0‬إذا ثبت لنفسه ‪.‬المنظورية ۔ على زعمك ۔ وكل منظور فهو مكيف ‪.‬‬ ‫وهذا قياس من الشكل الذول ‪ 0‬ينتج أنه تعالى مُكيف بيانه ‪ ،‬أنه تعالى‬ ‫۔ ‏‪ ٢٥٦‬۔‬ ‫منظور ‘ وكل منظور مكيف ‪ ،‬ينتج أنه تعالى مُكيف ‪.‬‬ ‫أما الصغرى ‪ :‬فبدلالة ظاهر الآية عليها ‪ 0‬بزعمك وتوهمك ‪ .‬فهي إذن‬ ‫من المسلمات ‪ ،‬التي يعترف بها الخصم ‪.‬‬ ‫وأما البرى ‪ :‬فلأنها من الضروريات ‪ 0‬فإن من تصور معنى المنظور‬ ‫إليه ‪ 0‬وتصور معنى مكيف ‪ 0‬وتصور النسبة بينهما يحصل له القطع ‪.‬‬ ‫بلزوم الثاني للأول ‪ ،‬فهو لازم له لزوما بينا بالمعنى الأعم ‘ فهو القسم‬ ‫الأول من الضروريات الستة ‪ 0‬فهذا قياس جدلي يلزم الخصم على أنه‬ ‫تعالى مُكيف ‪ 0‬فكيف يقول أنه منظور بلا كيف ؟‬ ‫وحاصل الجملة الحالية ‪ :‬أن الله تعالى لا يستنكف أن يكون مكيفا ‪.‬‬ ‫لإنبات المنظورية لنفسه ‪ ،‬ومن لوازم كونه منظورا أن يكون مُكيفا } فإذا‬ ‫تبت الملزوم فقد أثبت اللازم ‪ ،‬فإذا أثبته لنفسه ولو بإثبات ملزومه ‪ ،‬الذي‬ ‫منه إثبات اللازم لم يستنكفه ‪ ،‬فإذا لم يستنكفه هو لنفسه { فكيف تستنكفه‬ ‫أنت له ‪ 0‬وإن لم تسلم هذا القياس ‪ 0‬فأت بدليل ناشيء عن علم ومعرفة‬ ‫على خلافه ‪.‬‬ ‫والجواب عن الصغرى ‪ :‬أنه إن كان المراد من إلزام الخصم بأن تعالى‬ ‫منظور ‪ 0‬لتمسكه في مطلوبه بالآية ‪ 0‬أنه يقول منظور مرتسم في بصر‬ ‫الناظر ‪ 0‬أو يتصل شعاع بصر الناظر إليه ‪ 0‬كما هو معنى النظر أو المُراد‬ ‫منه ‪ .‬أعني ‪ :‬بحسب الحس ‪ ،‬فالخصم يتبرأ إلى الله تعالى من هذا المعنى ‪.‬‬ ‫وإلى رسوله (صلى الله عليه وآله) ‪ 0‬كما اتضح ذلك لك في بيان محل‬ ‫النزاع ‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٥٧‬۔‬ ‫فالصغرى إذن غير مُسلم ‪ {.‬بل ممنوع غاية المنع ؛ وإن كان المراد منه‬ ‫الحالة الإدراكية على ما سمعتها ‪ .‬في بيان محل النزاع ؛ فالصطغرى‬ ‫مُسلم ‪.‬‬ ‫ولكن الكبرى ‪ :‬إن كان الموضوع فيها المنظور بهذا المعنى ‪ 0‬فْضافا‬ ‫إلى أنها ليست ضرورية ‪ 0‬فهي كاذبة قطعا ‪ .‬لأن المنظور بهذا المعنى لا‬ ‫يمكن أن يكون مكيف ‪ 0‬لأنه من سنخ المعقول ‘ كما عرفت من شارح‬ ‫"المقاصد" ‪ .‬فكما أن العقل والحس نوعان مُتخالفان ‪ 0‬فكذلك المعقول‬ ‫والمحسوس نوعان مُتخالفان ۔ كما عرفت سابقا ۔ ‪.‬‬ ‫وإن كان السراد المنظور بالنظر الحسي ؛ فالئبرى مُسلم ‘ لكن الحد‬ ‫الأوسط غير متكرر لإختلاف معنى المنظور في الصغرى والكبرى حيننذ ‪.‬‬ ‫فافهم ذلك‬ ‫وأما المطالبة بالدليل العلمي على ذلك ‪ .‬فقد شهدت إيفانه قبل‬ ‫المطالبة مرارا عديدة ‪ .‬وستعرفه مُفصلا إن شاء الله تعالى ‪.‬‬ ‫قال ‪.‬‬ ‫مم‬ ‫مُتشوفه‬ ‫نحوه‬ ‫بعين‬ ‫نظرا‬ ‫من أبطل التكييف هل أبقى له‬ ‫مُتكيفه‬ ‫لأو قل برؤية صورة‬ ‫له‬ ‫ولا كيف‬ ‫أما بلا نظر‬ ‫‪:‬‬ ‫الشرح‬ ‫قوله ‪ [ :‬من { ‪ :‬اسم موصول مبتدأ ؛ و } أبطل ع ‪ :‬فعل ماض من‬ ‫باب الأفعال ‪ .‬وفاعله ضمير (من) ؛ و ‏‪ ) ١‬لتكييف { (بالنصب) ‪ :‬مفعوله ‪،‬‬ ‫‏‪ ٢٥٨‬۔‬ ‫ومعناه كما مر ؛ والجملة صلة [ من { ؛ و } هل ) ‪ :‬حرف إستفهام ‪.‬‬ ‫و [ أبقى { ‪ :‬فعل ماض ‘ وفاعله ضمير [ من { ؛ و } له { ‪ :‬جار‬ ‫ومجرور متعلق ب ([ أبقى { ؛ و } نظرآ { (بالنصب) ‪ :‬مفعول } أبقى { ‪:‬‬ ‫وهو مصدر ‘ بمعنى ‪ :‬المفعول { أي ‪ :‬كونه منظورا ‪.‬‬ ‫و [ بعين ) ‪ :‬جار ومجرور متعلق ب } نظر { ‘ والمراد منها‬ ‫الباصرة ؛ و [ نحوه { (بالنصب) ‪ :‬ظرف مكان ‪ 0‬بمعنى ‪ :‬الجانب ؛‬ ‫و [ مُتشوفه ) (بالجر) ‪ :‬نعت لعين وتأنيثها ‪ 0‬لتأنيثها سماعا ؛ ومعنى‬ ‫المتنسوفه ‪ :‬الناظرة ‪ 0‬من قولك ‪ :‬تشوف وإشتاف ‪ :‬إذا تطاول ونظر ؛‬ ‫و } إما ] ‪ :‬بكسر الهمزة وتشديد الميم ‪ 0‬وقد تفتح همزتها { وقد تبدل‬ ‫ميمها الأولى ياء ‪ ،‬كقوله ‪:‬‬ ‫أيما إلى جنة أيما إلى نار‬ ‫نعامتها‬ ‫يا ليتما أمنا شالت‬ ‫وهي مركبة عند سيبويه ‘ من (أن وما) الزاندة ‪ 0‬وقد تحذف (ما) ‪.‬‬ ‫كقوله ‪:‬‬ ‫يعدما‬ ‫فلن‬ ‫خريف‬ ‫من‬ ‫وإن‬ ‫صيف‬ ‫من‬ ‫الرواعد‬ ‫سقته‬ ‫أي ‪ :‬إما من صيف ‪ ،‬وإما من خريف { وعند غيره بسيطة {‪ ،‬وهو‬ ‫الأصل {‪ 0‬وهي مكررة في الكلام غالبا ؛ فالثانية ‪ :‬عاطفة عند الأكثر ث في‬ ‫نحو قولك ‪ :‬جاءني إما زيد وإما عمرو ‪.‬‬ ‫وزعم يونس ‘ والفارسي ‘ وابن كيسان ‪ :‬أنها غير عاطفة كالأذولى‬ ‫ولا خلاف في (أن) الأولى غير عاطفة ‪ ،‬وتأتي لمعان خمسة ‪ :‬الشك ‪.‬‬ ‫‪.‬۔‪ ٩.‬‏‪ ٢٥‬۔‬ ‫والإبهام ‪ 0‬والتخيير } والإباحة ‪ .‬والتفصيل ‘ ومعناها في البيت ‪ :‬التخيير ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬بلا نظر { ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق بقل ‪ 0‬محذوفا لدلالة ما‬ ‫بعده عليه ‪.‬‬ ‫والواو في قوله ‪ :‬و [ لا كيف { ‪ :‬عاطفة ؛ و إلام ‪ :‬زاندة مُؤكدة‬ ‫للأولى ؛ و [كيف{ (بالجر) ‪ :‬عطف على [(نظر‪ {4‬؛ و } أو ) ‪ :‬حرف‬ ‫عطف جي ع بها بدل ؛ أما الثانية للضرورة ‪ ،‬فإنها بمعناها ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬قل { ‪ :‬عطف على المحذوف ؛ و } برؤية { ‪ :‬جار‬ ‫ومجرور متعلق ب } قل ) ‪ :‬مضاف إلى صورة ‪ 0‬فهي مجرور بالإضافة ؛‬ ‫و [ مُتكيفه ع (بالجر) ‪ :‬نعت ل } صورة { ؛ والصورة عامة في كل ما‬ ‫يصور مُشبها بخلق الله تعالى ‪ 0‬من ذوات الروح وغيرها ؛ وعن المغرب ‪:‬‬ ‫والجمع صور ‘ مثل ‪ :‬غرفة ‪ .‬وغرف ‪.‬‬ ‫وسُنل ‪ 0‬عن أبي جعفر محمد الباقر (الثلةم) ‪ :‬عما يروون الناس ‪.‬‬ ‫أن الله خلق أدم على صورته ‪ ،‬يعني ‪ :‬صورة الله تعالى ؛ فقال ال) ‪:‬‬ ‫صورة محدثة ‪ 0‬إصطفاها الله وإختارها ؛ على سائر الصور المُختلفة ‏‪٨‬‬ ‫فأضافها الله تعالى إلى نفسه ‪ 0‬كما أضاف الكعبة إلى نفسه ‪ .‬والروح إلى‬ ‫نفسه ‪ 0‬فقال ‪ :‬بيتي ونفخت فيه من روحي ‪.‬‬ ‫وقال المفسرون من العامة لهذا الحديث ‪ :‬ذهب أهل العلم إلى أن‬ ‫الضمير في الصورة راجع إلى أدم ‪ 0‬بمعنى خص به ‘ وذلك أن الناس‬ ‫خلقوا أطوار سبعة ‪ :‬لطفة ‪ ،‬ثم علقة ‪ ........ .‬إتلىمام ما فصل في‬ ‫القرآن ؛ تم أنهم يتدرجون من صغر إلى كبر { سوى أدم ‪ 0‬فإنه خلق أولا‬ ‫على ما كان عليه آخرا ؛ قالوا ‪ :‬وهذا هو الصحيح ‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٦٠.‬۔‬ ‫وسُنل ‪0‬عن أبي الحسن الرضا (التكلم) ‪ ،‬فقال السائل ‪ :‬ياابن رسول‬ ‫الله ‪ .‬إن الناس يروون ‪ ،‬أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) } قال ‪:‬‬ ‫"" إن الله خلق أدم على صورته "" ‪.‬‬ ‫فقال ‪ :‬والله ‪ 0‬لقد حذفوا أول الحديث ‪ ،‬أن رسول الله (صلى الله عليه‬ ‫وآله) ‪ .‬مر برجلين يتسابان ‪ .‬فسمع أحدهما يقول لصاحبه ‪:‬قبح الله‬ ‫وجهك { ووجه من يشبهك ؛ فقال() ‪ " :‬يا عبد الله ‪ 0‬لا تقل هذا‬ ‫لأخيك ‪ ،‬فإن الله تعالى خلق أدم على صورته "" ‪.‬‬ ‫وفي "القاموس" ‪ 0‬الصورة (بالضم) ‪ :‬التنكل ‪ :‬جمع صور ؛‬ ‫وصور ‪ :‬كعنب ‏‪ 0٠‬وصور ‪ ،‬إنتهى ‪.‬‬ ‫ولعلها المراد هنا ‪ 0‬والمعنى ‪ :‬أن من أبطل ‪ ،‬كونه تعالى مُكيفا ‪.‬‬ ‫‪ 3‬ينظر إليه بعين ناظرة نحوه ‪.‬‬ ‫يهن‬ ‫شى ل‬ ‫أبق‬ ‫فيا أيها القانل ‪ :‬هذان الصفتان مُتلازمتان ‪ .‬لا ينفك أحدهما عن‬ ‫‪.‬‬ ‫نمات‬ ‫شتر‬ ‫الآخر ‪ ،‬فلا تفرق بينهما ‪ 0‬واخ‬ ‫‪ .‬ولا مكيف ‪.‬‬ ‫نظور‬ ‫فإما أن تقول ‪:‬ملا‬ ‫وإما أن تقول ‪ :‬منظور وسُكيف ؛ فالقول بتفكيكهما ‪ .‬بأن تقول ‪:‬‬ ‫ف ؛ وقول ‪ :‬بالتفكيك بين المْتلازمين ‪ 0‬وهو غير جائز ‪.‬‬ ‫يبلا‬ ‫كور‬ ‫منظ‬ ‫والجواب من طرف الخصم ‪ :‬أن هذا الكلام ‪ 0‬إنما يقابل به المُشبهة‬ ‫والمجسمة & القائلين ‪ :‬بإمكان النظر الإرتسامي والشعاعي ‪ .‬لا من‬ ‫يقول ‪ :‬بأنها حالة إدراكية ‪ .‬لا إرتسام ‪ 0‬ولا خروج شعاع ‪ ،‬ولا حالة ‪.‬‬ ‫تبه عليك الأمر ‪.‬‬ ‫يىشلا‬ ‫‪ ،‬فاعرف ذلك { حت‬ ‫را‬ ‫اا مر‬‫ر كم‬ ‫ممها‬ ‫يلز‬ ‫‏‪ ٢٦١‬۔‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫ذا أردفه‬ ‫فمن‬ ‫بذا‬ ‫الرسول‬ ‫قال‬ ‫ولا‬ ‫بلا كيف‬ ‫ما قالت‬ ‫فالآي‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬فالآي { ‪ :‬الفاء ‪ :‬فاء جواب شرط مقدر ‪ ،‬أي ‪ :‬إن قلت ‪:‬‬ ‫أن هذا من الآيات ‪ ،‬فالآي ‪ ....‬إلخ ؛ و [الآي{ (بالمد) ‪ :‬جمع آية ‪ .‬مرفوع‬ ‫بالإبتدانية ؛ و } ما } ‪ :‬نافية؛ و } قالت )ع ‪ :‬فعل ماض مفرد مُؤنث‬ ‫غانب ‪ 0‬فاعله ضمير آي ؛ و } بلا كيف ع ‪ :‬مقول القول ‘ ومفعول قالت ‏‪٥‬‬ ‫على وجه الحكاية ؛ والواو في قوله ‪ [ :‬ولا ) ‪ :‬للعطف ؛ و (لام ‪ :‬حرف‬ ‫نفي ‪ ،‬أو زائدة مُؤكدة للاولى ‪.‬‬ ‫و [ قال] ‪ :‬فعل ماض ؛ و } الرسول{ ‪ :‬فاعل قال ؛ و } بذا ] ‪:‬‬ ‫جار ومجرور متعلق بقال ؛ والجملة عطف على جملة ‪ ( :‬قالت { ‪.‬‬ ‫والمشار إليه [ بذا ] ‪ 0‬هو ‪ [ :‬بلا كيف ] ‪.‬‬ ‫[إمن ‪ : 1‬اسم‬ ‫والفاء في قوله ‪ } :‬فمن { ‪ :‬كالسابقة ‘ أو عاطفة ؛ و‬ ‫ا لكلام ؛‬ ‫‏‪ ١‬ستفهام } خبر قد م على ) لمُبتد أ وجوبا ‘ لأن ‏‪ ١‬لإستفهام مما له صدر‬ ‫و } ذا ) ‪ :‬اسم موصول ‘ كما في قول لبيد ‪:‬‬ ‫أنحب فيقضي أم ضلال وباطل‬ ‫ألا تسألان المرء ماذا يحاول‬ ‫وهو مبتدأ مُؤخر ‪.‬‬ ‫و [ أردفه م ‪ :‬فعل ماض من باب الأفعال ‪ .‬وفاعله ضمير عائد إلى‬ ‫الموصول ؛ وهاء الضمير مفعوله ؛ والجملة صلة الموصول ‪ 0‬وردفه ‪:‬‬ ‫‪.‬۔‪ ٢.‬‏‪ ٢٦‬۔‬ ‫كسمعه { ونصره ‪ ،‬تبعه ‪ ،‬كأردفه } فاردفه ‪ 0‬مُتعد إلى واحد وإلى إثنين ‪3‬‬ ‫والبيت من القسم التاني ‘ ومفعوله الثاني محذوف ‪ ،‬أي ‪ :‬من أتبع‬ ‫وأعقب هذا القول ‪ .‬أعني ‪ :‬بلا كيف ‪ 0‬لكلامه تعالى ‘ وكلام رسوله (صلى‬ ‫الله عليه وآله) ؛ وحاصل المعنى ‪ :‬فلا الآيات مردوفة بلا كيف ‪ 0‬ولا قول‬ ‫الرسول (مَما) متبوع به ‪ ،‬فمن الذي جعله جزءا ‪ 0‬وتابعا ‪ .‬وقيدا‬ ‫لكلامهما ‪.‬‬ ‫أقول ‪ :‬وللخصم أن يقول ‪ :‬إنما أردفه ‪ 0‬من أردف الآيات والنعم ‪ 0‬في‬ ‫قوله تعالى ‪ « :‬إلى ربها ناظرة » () ؛ فقال ‪ :‬إلى آيات ربها ناظرة ؛ أو‬ ‫إلى نعم ربها ناظرة ‪ .‬أي ‪ :‬منتظرة ‪ 0‬فإن الباعث في المقامين واحد ‪ 0‬وهو‬ ‫لزوم الجسمية ‪ .‬وغيرها من المفاسد المتقدم ذكرها ‪.‬‬ ‫فكل منهما صرف للظاهر ‪ 0‬إما بالْجاز المرسل ‘ أو الإستعارة بتشبيه‬ ‫الرؤيتين ‪ 0‬فيترتب على ما ذكرنا ‪ :‬أن يكون بلا كيف ‪.‬‬ ‫وأما مجاز الحذف على ما ذكرت ‘ فما الدليل على ترجيح الثاني على‬ ‫الاول { والتحقيق ‪ :‬أن الآية والرواية على حقيقتهما ‪ .‬من ذون حاجة إلى ‪.‬‬ ‫تأويل ‘ وارتكاب مُجاز ‪ .‬وقد مضى شرحه في معنى التأويل ‪.‬‬ ‫وبيانه إجمالا ‪ :‬أن الرؤية والنظر وما يرادفهما ‪ .‬حقيقة في معنى عام‬ ‫شامل للرؤية البصرية الحسية { والرؤية العقلية ‪ ،‬أعني ‪ :‬العلم‬ ‫الضروري الواصل إلى المرتبة القصوى ‪ ،‬السُسمى بعين اليقين {‪ 0‬الذي لا‬ ‫يخالجه شك ‪ ،‬ولا يُدانيه ريب ‪ 0‬وهو الإنكشاف التام ‪ 0‬فكما تطلق الألفاظ‬ ‫المزورة على ذلك ‪ 0‬تطلق على تلك ‪ 0‬بل إطلاقها على الأخيرة أودى من‬ ‫إطلاقها على الأولى ‪.‬‬ ‫۔‪٢٦٣‬‏ ۔‬ ‫العين والبصر { بل‬ ‫‏‪ ٥‬واقع في نفس‬ ‫‪ :‬هذاا إطلاق وارد‬ ‫بل نقول‬ ‫‪ .‬كالسمع ‪ 0‬والشم ‪ 0‬والذوق ‪ .‬واللطق ‪ .‬وغير‬ ‫وسائر الحواس والقوى‬ ‫ذلك ‪.‬‬ ‫فيقال ‪ :‬العين العقلي {‪ 0‬والبصر العقلي ‪ ،‬والسمع العقلي ‪ 0‬والشم‬ ‫العقلي ‪ 0‬والذوق العقلي ‪ 0‬والنطق العقلي ‪ 0‬وهذا واضح لمن تتبع الآيات‬ ‫والأخبار } وكلام الفصحاء من العرب والعجم ‪ 0‬كل بلغته وإبصطلاحه ‪.‬‬ ‫وإن شنت تصديق ذلك ‪ ،‬فتبصر قوله تعالى ‪ ( :‬فبصرك اليوم حديد « () ‪.‬‬ ‫فإن المراد من « اليوم & ‪ :‬يوم زهوق الروح ‪.‬‬ ‫ومن المعلوم أنه بعد زهوق الروح الحيواني ‪ ،‬تتعطل الحواس برمتها‪.‬‬ ‫فيكون البصر جماد كالحجرة والخشبة ‪ .‬والجماد كيف يبصر حتى يكون‬ ‫حديداً ‪ 0‬أو غير حديد ‘‪ 0‬فليس المراد إلآ بصر العقل { المجرد عن المادة ‪.‬‬ ‫الذي لا يتوقف أفعاله وتصرفاته ‪ .‬بتعلقه بهذا البدن الفاني الداثر ‪ 0‬بل‬ ‫البدن حجاب له ووبال ‪.‬‬ ‫ولذا ۔ يصير بعد مفارقته حديداً ‪ 0‬كما قال الله تعالى ‪ :‬لأ فكشفنا عنك‬ ‫غطاءك & (" ؛ والغطاء ‪ :‬هو حجاب البدن ‪ 0‬وإلا فأي حجاب على البصر‬ ‫حال الحياة ‪ .‬حتى يكشف عنه حال الموت ‪.‬‬ ‫وكذا يطلق على ضده ‪ :‬العمى ؛ كما قال الله تعالى ‪ :‬لا فإنها لا تعمى‬ ‫الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور » () ‪ ،‬فإن العمى ‪ :‬عدم‬ ‫البصر ‪ 0‬عما من شانه أن يكون بصيرا ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة ق‪. ٢٢ : ‎‬‬ ‫ب‪. ٢٢ ‎:‬‬ ‫سورة ق‬ ‫) ‪(٢‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٤{٦:‬‬ ‫‪ ١‬لحج‪‎‬‬ ‫سورة‪‎‬‬ ‫) ‪( ٢٣‬‬ ‫‏‪ ٢٦٤‬۔‬ ‫ولذا ‪ -‬لا يقال للجدار ‪ :‬هو أعمى ولا بصير ؛ فثبت أن القلوب تعمى‬ ‫وتبصر ‪.‬‬ ‫ومثال السمع ‘ قوله (صلى الله عليه وآله) ‪ 0‬لشهداء بدر ‪ 0‬حين‬ ‫ناداهم بقوله ‪ " :‬هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ فقال الأصحاب ‘ يا رسول‬ ‫الله ‪ 4‬هل يسمعون ؟ فقال ‪ " :‬هم أسمع منكم "" ؛ والكلام فيه كالبصر ‪.‬‬ ‫ولو ذكرنا موارد الإستعمال ‪ .‬لأطنب الكلام وطال ‪ 0‬وأورث الكلال ‏‪٥‬‬ ‫وأوجب الملال ‪ 0‬وخير الكلام ما قل ودل ‪ ،‬والحر تكفيه الإشارة ‪ }.‬وذلك ‪:‬‬ ‫() ‪.‬‬ ‫ا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد‬ ‫قال‪.‬‬ ‫الولى أم التقديس عن تلك الصفه‬ ‫تشبيهه‬ ‫فانظر لنفسك ما ترى‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬فانظر { ‪ :‬الفاء ‪ :‬كسابقتها ؛ و [ انظر { ‪ :‬فعل أمر من‬ ‫‪.‬‬ ‫ومنظرة‬ ‫‪ .‬ومنظر ‘ ونظرا نا‪.‬‬ ‫‪ .‬وا‪١‬‏ ليه نظرآ‬ ‫وسمعه‬ ‫‪ .‬كصربه‬ ‫نظره‬ ‫ونتظارآً ‪ :‬تأمله بعينه ‪ ،‬كذا فى "" القاموس " ‪.‬‬ ‫أقول ‪ :‬انظر أيها المنصف ‘‪ ،‬إلى إستعمال النظر ‪ 0‬في هذا المقام ؛ من‬ ‫الناظم ؛ وتفسير صاحب "القاموس" ؛ فإنك تراه شاهد صدق ‪ .‬لما‬ ‫إدعيناه من النظر العقلي ‘ فإن المنظور إليه ‪ 0‬وهي النفس ‪ 0،‬كيف يرى‬ ‫بهذا البصر الحسي ۔ وإنما الناظر إلى النفس هو البصيرة ‪ 0‬والبصر‬ ‫العقلي ‪ [.‬فهذا أصدق شاهد لنا عليه من كلامه { فيما إدعيناه ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة ق‪. ٣٧ : ‎‬‬ ‫‪٧٦٥ .‬‬ ‫واللام في ‪ [ :‬لنفسك { ‪ :‬بمعنى إلى ؛ والنفس ‪ :‬مجرورة بها لفظا ‪.‬‬ ‫وكاف الضمير مجرور بنفس بالإضافة ‘ محلا لبنانه ‪ 0‬ومعنى النفس ‪:‬‬ ‫مضى مفصلا ‪ .‬فلا نطيل بالإعادة ‪.‬‬ ‫و [ ما ع ‪ :‬إستفهامية ؛ و [ ترى { ‪ :‬فعل مضارع حاضر ‪ .‬وهو من‬ ‫أفعال القلوب ‪ 0‬ولكنه علق عن العمل بواسطة الإستفهام المقدر قبل‬ ‫[ تشبيهه ) ‪ :‬وهو بالرفع مبتدأ مضاف إلى ضميره سبحانه ؛ و [إأولى]‬ ‫(بالقصر) ‪ :‬اسم تفضيل في محل الرفع خبره؛ و } أم ) ‪ :‬عاطفة‪ .‬وهي‪:‬‬ ‫(أم) المتصلة ‪ 6‬التي يطلب بها التعيين ؛ و [ التقديس { (بالرفع) ‪:‬‬ ‫عطف على تشبيه { وهو مصدر ‪ :‬قدسه ‪ ،‬ييقدسه ‪ .‬تقديسا ‪ :‬نزهه ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :‬عن تلك الصفه { ‪ :‬جار ومجرور متعلق بالتقديس ‪8‬‬ ‫والمراد بالصفة المشار إليها بتلك ‪ .‬قولهم ‪ :‬بلا كيف ؛ والمعنى ‪ :‬فانظر‬ ‫إلى نفسك ما ترى وتعلم } أي الأمرين أولى ‘ أتشبيه الخالق بالمخلوقات‬ ‫أولى ‪ ،‬أم التقديس والتنزيه عن تلك الصفة ‪.‬‬ ‫أقول ‪ :‬لا شك ولا ريب ‪ 0‬في أن التقديس أولى من التشبيه ‘ بل هو‬ ‫المنتعين ‪ 0‬ولعله مراد الناظم أيضا { فقد يطلق ويراد به الإستحقاق { على‬ ‫وجه التعيين ‪ 0‬كما في قوله تعالى ‪ « :‬وأولوا الذرحام بعضهم أولى‬ ‫ببعض & (') ‪ 0‬على مذهب ابن عباس ‪ ،‬وآل البيت (عليهم السلام) ‪.‬‬ ‫إلآ أن الخصم ‘ إنما فر عن التشبيه إلى هذه الصفة ‪ 0‬وهي نفي الصفة‬ ‫التي توجب التشبيه ‘ لا إثبات صفة توجب التشبيه ‪ ،‬اللهم إل أن يراد‬ ‫منها المنظورية مُطلقا ‘ وإن كان بعيدا عن قصده ‪ {.‬مع هذا الإصرار‬ ‫(‪ )١‬سورة الأنفال‪ ٧٥ : ‎‬؛ سورة الأحزاب‪. ٦١ : ‎‬‬ ‫‏‪٦٦٢‬۔ ۔‬ ‫النظر‬ ‫‏‪ ٥‬فجوابه ما تقدم ‪ 4‬من أن المراد بالنظر ‪ ،‬ليس‬ ‫والتكرار ؛ ولو كان‬ ‫الموجب للتشبيه ‪ .‬ولذا قيد بلا كيف ‪.‬‬ ‫قال‪.‬‬ ‫عجرفه‬ ‫فيه‬ ‫أصل صحيح ليس‬ ‫على‬ ‫قابلة‬ ‫للتأويل‬ ‫فالآي‬ ‫السرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬فالآي { ‪ :‬الفاء ‪ :‬كالسابقة ‪ .‬أو عاطفة ؛ و } الآي { ‪:‬‬ ‫مبتدأ ؛ و [ التأويل ] ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق بقوله ‪ [ :‬قابلة ) ‪ :‬وهي‬ ‫بالرفع ‪ 0‬خبر للآي ؛ و [ على أصل { ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق بقابلة ‪.‬‬ ‫بتضمين الإبتناء ‪ 3‬أي ‪ :‬قابلة ‪ 3‬مُبتنيا على أصل ‘ أو مُتعلق بمحذف خبر‬ ‫تان للآي ؛ و [ صحيح { (بالجر) ‪ :‬نعت لأصل ؛ والمراد من الخصل ‪:‬‬ ‫الوضع النوعي ‘ فإن الوضع على قسمين ‪:‬‬ ‫الأول ‪ :‬الوضع الشخصي ‪ :‬وهو تعيين لفظ خاص ‪ ،‬كزيد مثلا { أو‬ ‫ألفاظ مخصوصة ‘ كالمُترادفات لمعنى خاص ‪ .‬كجثة زيد ‪ .‬أو معان‬ ‫مخصوصة { كالسُشترك { فهذه الأقسام كلها داخلة في الوضع الشخصي ‪.‬‬ ‫والثاني ‪ :‬الوضع النوعي ‪ :‬وهو تعيين نوع من الألفاظ‪ ،‬كوزن فاعل ‪.‬‬ ‫أو مفعول ‘ أو غيرهما من المشتقات مثلا ‪ .‬من أي مادة كان ‘ لنوع من‬ ‫المعاني ‪ 0‬كالفاعلية ‪ 0‬أو المفعولية ‪ ،‬أو غيرهما ‪ 0‬ومن هذا القبيل ‘ وضع‬ ‫المجاز } فإن المجاز من أقسام الموضوع ‪ ،‬لا المُهمل ‪ ،‬لأن اللفظ إذا لم‬ ‫يكن موضوعا كان مُهملا ‪ .‬مع أنه لم يوضع لفظ الأسد مثلا للرجل‬ ‫الشجاع ‪.‬‬ ‫‪.‬۔‪٢٦٧.‬‏ ۔‬ ‫بيان ذلك ‪ :‬أن الواضع وضع بالوضع النوعي الكلي ‪ 0‬كل لفظ لمعناه‬ ‫الحقيقي ‪ 0‬مناسبة وعلاقة من العلانق المعينة المذكورة في محلها ‪8‬‬ ‫كالسببية والمُسببية ‪ 0‬والحال والمحل ‪ .‬والمشابهة والتضاد ‪ 0‬وغير ذلك ‏‪٥‬‬ ‫مع معنى آخر لهذا المعنى ‪ 0‬فيستعمل ذلك اللفظ في هذا المعنى المناسب‬ ‫للمعنى الحقيقي { بإعتبار هذا الوضع النوعي ‪ 0‬وهذا أصل أي قاعدة‬ ‫صحيح ‪ ،‬تلقى بالقبول ‘ من أصول علم العربية ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬ليس { ‪ :‬فعل ماض جامد ناقص ‘ تعمل عمل (كان ) ؛‬ ‫و [ فيه ] ‪ :‬جار ومجرور متعلق بمحذوف في محل النصب ‪ .‬خبر‬ ‫(ليس] ‪ 0‬وتقديمه على الاسم ‪ 0‬لكونه ظرفا ؛ و } عجرفه { (بالرفع) ‪:‬‬ ‫اسم [إليسع ‘ مصدر عجرفته ‘ وتعجرف ‪ ،‬أي ‪ :‬لا مبالاة فيه } يعني ‪ :‬إن‬ ‫كان ذهابك إلى هذا القول للآيات الظاهرة في هذا المعنى ‪ .‬فهي قابلة‬ ‫للتأويل ‘ حال كونه مُْبتنيا على أصل صحيح {‪ 0‬ليس فيه خلل وإعوجاج ‪.‬‬ ‫وعدم مبالات بمخالفة القواعد والأصول العربية ‪ 0‬وقانون اللغة ‪.‬‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫متهاترا بمقالة مُستهدفه‬ ‫ولنن تصر مُتكاثرا وتكابر‬ ‫تهدي الهى إن لم تكن مُتكلفه‬ ‫قم هات لي من بحر علمك حجة‬ ‫لأو راسخ في الشرع أو مُتصوفه‬ ‫من نور عقل أو قياس تفلسف‬ ‫الشمر ح‪:‬‬ ‫هكذا وجدت صدر البيت الأول ‪ 0‬فيما يحضرني من اللسخة { والظاهر‬ ‫‪ :‬‏‪ ١‬تصر { ‘ على‬ ‫وقع من قلم الناسخ } لذنه إن قرأ بجزم‬ ‫أنه غلط‪،‬‬ ‫‏‪ ٢٦‬۔‬ ‫۔‪٨‬‬ ‫وزن تفل ‘ لا يستقيم الوزن ‪ 0‬وإن قرأ ‪ } :‬تصير { ‪ 0‬على وزن تبيع ‪.‬‬ ‫لزم إلغاء (أن) الشرطية ‪ ،‬مضافا إلى أن المُكاثر ‪ 0‬من باب المفاعلة ‪ 0‬غير‬ ‫مُستعمل ‪ .‬أو قليل الإستعمال جدآ ‪ 0‬والمعروف إستعماله من باب التفاعل ه‬ ‫ألهاكم التكاثر « (') ؛ وقوله ‪ « :‬أنما الحياة الدنيا‬ ‫نحو قوله تعالى ‪:‬‬ ‫لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر » (") ؛ والظاهر أن البيت هكذا ‪:‬‬ ‫[ ولنن تصر مُتكاثرا ومُكابرآ ع <”"' ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :‬ولنن { ‪ :‬الواو ‪ :‬للعطظف ؛ واللام ‪ :‬مُوطنة للقسم ؛‬ ‫و [أن) ‪ :‬حرف شرط ؛ و [ تصر { ‪ :‬فعل مضارع حاضر مجزوم‬ ‫ب أن ‪ 0‬على أنه فعل الشرط ‪ ،‬أصله ‪ :‬تصير ‪ ،‬فلما دخل عليه الجازم ‪.‬‬ ‫سكن آخره به ‪ ،‬فإلتقى الساكنان ‪ 0‬وحذف الياء لإلتقاء الساكنين ‪ 0‬وهو‬ ‫فعل ناقص من أخوات (كان) { اسمه ضمير المخاطب ‘محذوف وجوبا‬ ‫تقديره أنت ؛ و } مُتكاترآً ع (بالنصب) ‪ :‬خبره ‪ :‬وهو التفاخر بكنرة ما‬ ‫يتفاخر به ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬ومُكابرآً م (بالنصب) ‪ :‬عطف على [مُتكاثرا] ‪ 0‬والمُكابرة ‪:‬‬ ‫التجبر ؛ قال في "" القاموس "" ‪ :‬والكبر ‪ :‬مُعظم الشيء ‪ .‬والشرف ‪8‬‬ ‫التكاثر‪: ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الحديد‪‎‬‬ ‫تصر‪٠{ ‎‬‬ ‫ولنن‬ ‫الناسخ ‪ .‬بكتابة ‪:‬‬ ‫تكاثر! ومُْتكابرا { ‪ .‬غلط الشارح‬ ‫تصر‬ ‫‪:7‬‬ ‫)‪ ( ٣‬قوله ‪} :‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫الرا ع‪‎‬‬ ‫{ (بسكون‬ ‫الناظم ‪ } :‬ولنن تصر‬ ‫‪ :‬ان قال‬ ‫‪ .‬قانلا‬ ‫الناسخة‬ ‫صار‬ ‫وجعلها من‬ ‫مجزوما ب (أن) الشرطية) ‘ لم يساعده الوزن ؛ وإن قال ‪ [ :‬تصير { ‪ 0‬ألغيت (أن) من‪‎‬‬ ‫الجزم ‪ 0‬واستقام الوزن ‪ ....‬إلخ كلامه‪. ‎‬‬ ‫قلت ‪ :‬هذا كله وهم من الشارح ‪ .‬والصحيح ‪ :‬أنه بتشديد الراء ‪ .‬من ‪ :‬الإصرار‪ 0٠ ‎‬وهو‪‎‬‬ ‫هنا ‪:‬الإقامة على الباطل ‘ و [ يصر ) ‪:‬مجزوم بالسكون المقدر } لأنه مضاعف ؛‪‎‬‬ ‫على الحال‪ ٤ ‎‬وفي كلام شيخنا الذنحقق (رضي الله عنه)‪. ‎‬‬ ‫‪:‬منصوب‬ ‫و } مُتكاترا‬ ‫أ ه‪. ‎‬‬ ‫إيماء إلى قوله (يْلة) في سورة الجاثية ‪ « :‬تم يصر مُستكبرا ه ؛ ليتأمل‬ ‫_۔‪ ٩‬‏‪ ٢٦‬۔‬ ‫ويضم فيهما { والإثم ‪ :‬الكبير ‪ 0‬كاليبرة (بالكسر) ‪ 0‬والرفعة في الشرف ‏‪٥‬‬ ‫والعظمة ؛ والتجبر ‪ :‬كالكبرياء ‪ 0‬وقد تكبر } واستكبر ‪ 0‬وتكابر ‪.‬‬ ‫و } مُتهاترم ‪ :‬عطف على مُكابر ‪ .‬بحذف حرف العطف ؛ والتهاتر ‪:‬‬ ‫الخمق والجهل ‘ كالتهتر ‪ 0‬كذا في " القاموس ‪ :‬؛ و [ بمقالة ] ‪ :‬جار‬ ‫ومجرور متعلق بمُتهاترآ { أو مُتنازع للصفات الثلاث ؛ و [ مستهدفه {‬ ‫(بالجر) ‪ :‬نعت لمقالة ‪ 0‬وهي مأخوذ من الهدف ‪ 8‬أي ‪ :‬الفرض ‪،‬‬ ‫فالمُستهدفه ‪ 0‬أي ‪ :‬المنتصبة غرضا ‪ ،‬ومرمى لسهام الكلام ؛ و } قم { ‪:‬‬ ‫فعل أمر من ‪ :‬قام ‘ جواب الشرط بتقدير فاء ‪ .‬حذف للضرورة ‪ 0‬كقوله ‪:‬‬ ‫من يفعل الحسنات الله يشكرها ؛ و [ هات ع ‪ :‬اسم لايت ‘ معطوف على‬ ‫[قم ‪ 0‬بحذف العاطف ؛ و } لي م ‪ :‬جار ومجرور متعلق بهات ؛ و } من‬ ‫بحر ] ‪ :‬جار ومجرور متعلق بهات ‪ 0‬مضاف إلى } علمك { { والعلم‬ ‫مُضاف إلى الكاف ‪ ،‬فالأول مجرور لفظا ‪ ،‬والثاني محلا لبنانه ؛ و [حجة{‬ ‫(بالنصب) ‪ :‬مفعول [(هات{ ‪ 0‬من ‪ :‬حج يحج ‘ إذا غلب على الخصم ‪.‬‬ ‫وتطلق على الدليل { لكونه سببا للغلبة ‪ 0‬إطلاقا للسبب ‪ 0‬باسم المسبب ؛‬ ‫و [ تهدي { ‪ :‬فعل مضارع مُفرد غائب ‪ ،‬وفاعله ضمير حجة ‪ 6‬والجملة‬ ‫في محل النصب ‘ نعت لها ؛ و } الهدى { ‪ :‬منصوب تقديرا على‬ ‫المصدرية ؛ و } أن ) ‪ :‬حرف شرط ؛ و } لم ) ‪ :‬حرف نفي للماضي ‘‬ ‫تختص بالفعل المضارع ‪ 0‬ولذا تعمل الجزم الذي خاص بالفعل ؛‬ ‫و [ تكن { ‪ :‬فعل مضارع غانب مجزوم ب (لم]{ ‪ 4‬واسمه ضمير الحجة ؛‬ ‫و [ مُتكلفه (بالنصب) ‪ :‬خبره ‪ .‬وجواب الشرط محذوف بقرينة تهدي ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬من نور { ‪ :‬و [إمن] ‪ :‬بيانية ‪ 4‬جارة لنور ‪ 0‬بيان لحجة ‪.‬‬ ‫هم‬ ‫‏‪ ٢٧٠..‬۔‬ ‫والمجرور مُتعلق بمحذوف حال من حجة ‪ .‬أو فاعل تهدي ‪ ،‬أو اسم تكن ‪3‬‬ ‫والمعنى واحد ؛ و إ عقل { (بالجر) ‪ :‬بإضافة [إنور إليه ؛ و } أو { ‪:‬‬ ‫حرف عطف يفيد التخيير ؛ و [ قياس { (بالجر) ‪ :‬عطف على [إنور]‬ ‫مضاف إلى ‪ } :‬تفلسف { ‪ :‬فهو مجرور بالإضافة ‪ 4‬مصدر مولد ‘ من‬ ‫باب تفعلل ‪ 0‬مأخوذ من الفلسفة ‘ وهي لغة يونانية معناها ‪ :‬محبة الحكمة }‬ ‫وفيلسوف أصله ‪ :‬فيلاسوف ‪ .‬أي ‪ :‬مُحب الحكمة‪ ،‬إذ (قيلا) ‪ 0‬معناه ‪:‬‬ ‫المحب ‪ ،‬في تلك اللغة ‪ 0‬و (سوف) ‪ 0‬معناه ‪ :‬الحكمة ‪ 0‬ووزن التفعلل هنا‬ ‫للنسبة ‪ 0‬والمصدر بمعنى اسم الفاعل ‪ 0‬أي ‪ :‬قياس مُتفلسف ‪ .‬أي شخص‬ ‫نسب نفسه إلى الفلسفة ‪ ،‬أو المراد قياس فلسفي ‪ .‬أي ‪ :‬حكمي ‪ 0‬من ذون‬ ‫مُلاحظة الإنتساب ؛ و } أو ] ‪ :‬حرف عطف ؛ و } راسخ { (بالجر) ‪:‬‬ ‫عطف على تفلسف & أي ‪ :‬دليل شخص راسخ ‪ 0‬وهو اسم فاعل من ‪:‬‬ ‫رسخ ‪ 0‬يرسخ (بفتحتين) رسوخا { إذا ثبت في موضعه ‪.‬‬ ‫وعن الجوهري ‪ :‬كل تابت راسخ ‪ .‬ومنه قوله تعالى ‪ « :‬والراسخون‬ ‫في العلم ‪)'( 4‬؛ و [ في الشرع { ‪ :‬جار ومجرور متعلق براسخ ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬أو مْتصوفه { ‪ :‬عطف على (راسخ] ‪ 0‬أي ‪ :‬جماعة‬ ‫مُتصوفه ‪ .‬أي ‪ :‬وإن لم تقبل ما ذكرنا ‪ 0‬من لزوم التأويل ث وصرت‬ ‫مُتفاخرا بعلمك ‪ .‬مُتجبرا من حمقك وجهلك ‘ ناطقا بمقالة ‪ .‬يرميها كل‬ ‫أحد ‪ .‬كالهدف الذي يرميه كل رام ‪ 0‬والفرض الذي يقصده السهام { فقم‬ ‫وآت لي من بحر علمك { أي ‪ :‬من علمك ‘ الذي هو كالبحر ‘ حجة ودليلا ‪.‬‬ ‫تهدي إلى الحق ‪ 0‬بشرط إن لم تكن تلك الحجة مُتصنعة متكلفة ‪ .‬وجهلا‬ ‫(‪ )١‬سورة آل عمران‪. ٧ : ‎‬‬ ‫۔ ‏‪ ٢٧١‬۔‬ ‫مُركبا ‪ 0‬إما من نور العقل ‪ 0‬والحكمة الموهبة ‪ ،‬والعلم الضروري ‪ 8‬الذي‬ ‫يقذفه الله في قلب من يريد ‪ 0‬أو من قياس فلسفي بُرهاني { أو جدلي ‪6‬‬ ‫يعترف به العامة ‏‪ ٠‬أو دليل ممن رسخ ‪ .‬وثبت في علم ‏‪ ١‬لشريعة ‘ أو من‬ ‫كلمات الغرفاء والمْتصوفه الحقيقية ‪.‬‬ ‫أقول ‪ :‬قد أوفينا عن الخصم ما طلب منه ‪ .‬قبل المطالبة ‪ .‬على وجه‬ ‫الجمع ‪ 0‬لا الترديد والتخيير ‪ .‬فراجع وتأمل ‪.‬‬ ‫قال‬ ‫وبفلسفه‬ ‫بشريعة‬ ‫متدرب‬ ‫عقل ربيط ثاقب‬ ‫أتي لذو‬ ‫مُكشفه‬ ‫‏‪ ١‬لعلوم‬ ‫أكنان‬ ‫لستور‬ ‫بحقيقة‬ ‫ممذودة‬ ‫وطريقة‬ ‫المعرفه‬ ‫صدق‬ ‫برهان‬ ‫لجوابه‬ ‫كخطابه‬ ‫مُخاطب‬ ‫لكل‬ ‫عندي‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬أني { ‪ ( :‬أن ) ‪ :‬حرف ناسخ ‪ .‬تدخل على الجملة الإسمية ‪.‬‬ ‫فتنصب المبتدأ ‪ 0‬ليكون اسما لها ‪ 0‬وترفع الخبر ‪ 0‬ليكون خبرا لها ؛ على‬ ‫العكس من (كان) وأخواتها ‘ وتفيد توكيد معنى الجملة ‪ 0‬التي دخلت‬ ‫عليها ؛ والياء ضمير المتكلم ‪ 0‬منصوب محلا على أنه اسم (أن) ‪.‬‬ ‫واللام في قوله ‪ [ :‬لذو] ‪ :‬للإبتداء ؛ و [ ذو ع ‪ :‬من الأسماء الستة ‪.‬‬ ‫التي إعرابها بالحروف ‪ ،‬أعني ‪ :‬رفعها بالواو ‪ :‬ونصبها بالألف ‏‪ ٠‬وجرها‬ ‫بالياء ؛ وهو في البيت مرفوع { ورفعه بالواو ‪ 0‬ومعناه ‪ :‬الصاحب { وهو‬ ‫من الخسماء الملازمة للإضافة ؛ ولذا جر [ عقل { ‪ .‬بإضافته إليه ؛‬ ‫۔ ‏‪ ٢٧٢‬۔‬ ‫ر [ ربيط { (بالجر) ‪ :‬نعت لعقل ‘ فعيل ‪ 0‬بمعنى ‪ :‬مفعول } وربط القلب ‪:‬‬ ‫تسديده وتقويته وتثبيته ‪ 0‬قال الله تعالى ‪ ( :‬وربطنا على قلوبهم » () ‪.‬‬ ‫أي ‪ :‬ثبتنا قلوبهم { وألهمناهم الصبر ؛ ومثله ‪ :‬قوله ‪ « :‬وليربط على‬ ‫قلوبكم (") ‪.‬‬ ‫و [ ثاقب) (بالجر) ‪ :‬نعت ثان للعقل ؛ وكذا [ مُتدرب] ‪ :‬نعت ثالث ‏‪٥‬‬ ‫ويجوز في الثاني والثالث الرفع ‪ 0‬على أنهما خبران لمْبتدأ محذوف ‪ ،‬أي ‪:‬‬ ‫هو والنصب ‘ على أنهما مفعولان لفعل مقدر ‘ كأعني وأمدح ‪ 0‬مثلا ‪.‬‬ ‫وێيسميان حينئذ نعت مقطوعا ؛ والثقب ‪ :‬الخرق النافذ ؛ والمْتدرب ‘} يصح‬ ‫بالنهملة والمعجمة ‘ وكلاهما مُناسب للمقام ‪ ،‬فالسُهملة تأتي بمعنى ‪:‬‬ ‫المنجد ‪ 0‬والمجرب ‪ 8‬والمُؤدب ‪ ،‬والعاقل ‪ 0‬والحاذق ‪ ،‬والكل يناسب المقام ؛‬ ‫والمُعجمة تأتي بمعنى ‪ :‬الفصيح ‘ اللىسن ‘ والمعلم ‪ 0‬وهذا أيضآ يناسب‬ ‫المقام ‪ 0‬والأول أنسب ؛ و [ بشريعة ع ‪ :‬جار ومجرور متعلق بمْتدرب ‪.‬‬ ‫والشريعة ‪ :‬الطريقة ‪ ،‬والمراد هنا ‪ :‬طريقة الإسلام ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬وبفلسفه م ‪ :‬عطف على شريعة ‪ 0‬وتكرار الجار لا بأس‬ ‫به ؛ و } طريقة { (بالجر) ‪ :‬عطف على فلسفة أو شريعة ‪ .‬على خلاف‬ ‫في ذلك بين النحاة ‪.‬‬ ‫و [ ممدودة ع (بالجر) ‪ :‬نعت لطريقة ‪ ،‬أي ‪ :‬موصولة ومتصلة‬ ‫بحقيقة ‪ .‬وهي جار ومجرور متعلق بممدودة ؛ و } لستور { ‪ :‬جار‬ ‫ومجرور مُتعلق بقوله ‪ [ :‬مُكشفه ) ‪ :‬وهي جمع سيتر (بالكسر) ‪ :‬وهو‬ ‫‏(‪ )١‬سورة الكهف ‪ :‬‏‪. ١٤‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الأنفال‪. ١١ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٢٧٣‬۔‬ ‫الساتر والحاجب ‪ .‬مضاف إلى } أكنانع (بالجر) { لإضافة الستور إليها ‪.‬‬ ‫وهي جمع كن (بالتشىديد) ‪ ،‬أي ‪ :‬ما كن وستر ‪ ،‬فالإضافة إذن بيانية ‪.‬‬ ‫و [ العلوم (بالجر) ‪ :‬لإضافة الأكنان إليها ؛ و [ مكثقه) (بالجر) ‪:‬‬ ‫نعت لحقيقة اسم فاعل ‘ من كشف ‪ 0‬على وزن فرح ‪ ،‬أي ‪ :‬أزال ؛‬ ‫والطريقة في الغرف ‪ :‬هي المذهب ‘‪ 0‬فطريقة الرجل ‪ :‬مذهبه ؛ وفي عرف‬ ‫المتصوفة ‪ :‬عبارة عن علم السير والسلوك ‪.‬‬ ‫قالوا ‪ :‬العلم الذي يتوجه به إلى الآخرة ‪ 0‬ينقسم إلى علم المعاملة ‪.‬‬ ‫وعلم المُكاشفة ‘ ونعني ‪ :‬بعلم الكاشفة ‪ :‬ما يطلب منه كشف المعلوم‬ ‫فقط ؛ وبعلم المعاملة ‪ :‬ما يطلب منه مع الكشف العمل به ‪,‬‬ ‫وقالوا ‪ :‬وعلم المُكاشفة ‪ :‬لا رخصة في إيداعها في الكتب ‪ 0‬وإن كانت‬ ‫هي غاية مقصد الطالبين ‪ 0‬ومطمح نظر الصديقين ؛ وعلم المعاملة ‪:‬‬ ‫طريق إليه ‪ .‬ولكن لما لم يتكلم الأنبياء (صلوات الله عليهم) ‪ 0‬مع الخلق ‪.‬‬ ‫إل في علم الطريق والإرشاد إليه ‪.‬‬ ‫وأما علم المُكاشفة ‪ :‬فلم يتكلموا فيه إل بالرمز والإيماء ‪ .‬على سبيل‬ ‫التمثيل والإجمال ‘ علما منهم بقصور إفهام الخلق عن إحتماله ‪ ،‬لم يتكلم‬ ‫اللماء أيضا فيه ‪ ،‬لأنهم ورثة الأنبياء ‪ .‬فليس لهم سبيل إلى العدول عن‬ ‫نهج التنسي والإقتداء ‪.‬‬ ‫ثم أن علم المعاملة ينقسم إلى ‪ :‬علم ظاهر ‪ ،‬أعني ‪ :‬العلم بأعمال‬ ‫الجوارح ‘‪ 0‬وهو علم الشريعة ؛ وإلى علم باطن ‪ ،‬أعني ‪ :‬العلم باعمال‬ ‫القلوب ‪ 0‬وهو علم الطريقة ؛ وعلم الكاشفة ‪ :‬هو علم الحقيقة ‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٧٤‬۔‬ ‫وقوله ‪ [ :‬عندي { ‪ :‬ظرف مُضاف إلى ياء المتكلم متعلق بمحذوف ‪.‬‬ ‫خبر مقدم ؛ و [ لكل { ‪ :‬جار ومجرور متعلق بمُتعلق [ عندي { ؛‬ ‫و [ مُخاطب { (بالجر) ‪ :‬بإضافة كل إليه ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬كخطابه ع ‪ :‬جار ومجرور متعلق بمحذوف حال ‪ 0‬من ‪.‬‬ ‫برهان ‪ 0‬على مذهب سيبويه ‪ ،‬الذي يجوز الحال من المبتدأ ‪ 0‬أو من فاعل‬ ‫مُتعلق عندي ‪ .‬على المشهور عند النحاة ؛ و [ لجوابه ) ‪ :‬بدل إشتمال‬ ‫من مُخاطب ‪ 0‬ويحتمل أن يكون متعلقا برهان ؛ و [ برهان { (بالرقع) ‪:‬‬ ‫مبتدأ مُؤخر ؛ و [ صدق { (بالجر) ‪ :‬مُضاف إليه لبرهان ‪ 0‬وهو مضاف‬ ‫إلى المعرفة ‪.‬‬ ‫وحاصل معنى الأبيات الثلاثة ‪ :‬دعوى إطلاعه على جميع الغلوم ‪.‬‬ ‫ومعرفته لجميع المعارف ‪ 0‬وكمال عقله ‪ 0‬وتدربه في الخطابة ‪ .‬والجدل ‪.‬‬ ‫والبرهان ‪ 0‬وأقسام صناعات علم الميزان ‪.‬‬ ‫فيقول ‪ :‬أنني لصاحب عقل مدد من عند الله ‪ .4‬خارق لخجب‬ ‫المعقولات ‪ .‬نافذ في تحقيق حقانق المعلومات ‪ .‬حاذق ‪ 0‬وناقد ‪ .‬وفصيح ‪.‬‬ ‫للتنقيد وبيان الشرعيات ‪ 4‬والفلسفيات ‘ وأنواع غلوم السعاملات ‪8‬‬ ‫والمُكاشفات { وعلم الحقيقة السُكشفة عن حقائق الموجودات ‪ 8‬المزيلة‬ ‫للأستار والخجب ‪ 0‬عن وجوه المكنونات ‪.‬‬ ‫وعندي ‪ 0‬لكل مُخاطب سائل لسؤال ‘ وكل مُدع نهض للإحتجاج‬ ‫والإستدلال ‪ 4‬من جنس خطابه وسنؤاله ‪ 0‬ومن سنخ إحتجاجه وإستدلاله ‪.‬‬ ‫لإفحامه بالجواب ‪ ،‬وإقناعه بالخطاب ‪ ،‬برهان واف ‪ 0‬ودليل كاف ‪ .‬يشهد‬ ‫على صدق معرفتي للجواب ‪ 0‬ويدل على حذاقتي وخبرتي للجدل والخطاب ۔‬ ‫‏‪ ٢٧٥‬۔‬ ‫ويكشف عن عرفاني بفنون الغلوم ‪ 0‬ويفقصح عن إيقاني بالحقانق‬ ‫والحدود والرسوم ‪.‬‬ ‫قال‬ ‫هاوية الكثيف المُتلفه‬ ‫من سجن‬ ‫يا من تفلسف كي يخلص نفسه‬ ‫فاستنتج البرهان عنها مُنصفه‬ ‫اسمع هديت مقدمات قياسنا‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ } :‬يا ] ‪ :‬حرف نداء ؛ و [ من { ‪ :‬اسم موصول مُنادى ؛‬ ‫و [ تفلسف { ‪ :‬فعل ماض فاعله ضمير (منع{ ‪ 0‬والجملة صلة له؛‬ ‫و } كي { ‪ :‬يحتمل أن يكون بمنزلة (أن) ‪ 0‬معنى وعملا ‪ 0‬فيقدر قبلها‬ ‫(لام) العلة ؛ والقول ‪ :‬بأنها أبدا جارة ؛ وإن نصب المضارع بعدها‬ ‫ب (أن) ‪ 0‬ظاهرة أو مُضمرة ‘ كما نقل عن الأخفش ‪ .‬مردود بقوله تعالى ‪:‬‬ ‫لكيلا تنسوا على ما فاتكم » () ‪.‬‬ ‫وكذا القول ‪ :‬بأنها دانما ناصبة { كما عن الكوفيين ‪ ،‬لورود ‪ :‬كيمه في‬ ‫كلامهم كثيرآ ‪ 0‬بمعنى ‪ :‬لمه ؛ و [ يخلص { ‪ :‬مضارع مُفرد غانب ‪.‬‬ ‫منصوب بكي ‪ ،‬أو (أن) ‪ 0‬مُقدرة على الخلاف المذكور ماضيه ‪ .‬خلص‬ ‫بتضعيف العين ‪ .‬على وزن فرح ‪.‬‬ ‫يقال ‪ :‬خلص فلانا ‪ 0‬إذا نجاه ؛ و [ نفسه { (بالنصب) ‪ :‬مفعول‬ ‫يخلص ‪ .‬وهاء الضمير في محل الجر ‪ 0‬بإضافة نفس إليه ؛ و } من‬ ‫سجن { ‪ :‬جار ومجرور متعلق بيخلص ؛ و } السجن { ‪ :‬المحبس ؛‬ ‫(‪ )١‬سورة الحديد‪. ٢٣ : ‎‬‬ ‫‏‪٦٧٢‬۔ ۔‬ ‫و } هاوية )ع (بالجر) ‪ :‬بإضافة سجن إليها ‪ 0‬والهاوية ‪ :‬اسم جهنم‬ ‫أعاذنا الله منها ۔ وهي مضافة إلى [ الكثيف (بالجر) ‪ :‬للإضافة ‪ ،‬أي ‪:‬‬ ‫القول ‪ :‬بأنه تعالى كثيف ‪ 0‬أي ‪ :‬غليظ ‪ 0‬وجسم ذو أجزاء وكيفيات ؛ شبه‬ ‫القول بالجسمية بجهنم لها سجن ‪ ،‬أو هي السجن ‘ بأن يكون الإضافة‬ ‫بيانية ؛ و } المُتلفة ع (بالجر) ‪ :‬نعت لسجن ‪ 8‬وتأنيثها لتأنيث سجن ‪.‬‬ ‫باعتبار كسبه التأنيث من هاوية { أو لهاوية ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬اسمع { ‪ :‬فعل أمر من ‪ :‬سمع يسمع ‘ كعلم يعلم ؛‬ ‫و [ هديت ) ‪ :‬فعل ماض مجهول ‘ أسند إلى مفعوله ‪ ،‬ولم يسم فاعله ‪.‬‬ ‫تعظيما وإجلالا ‪ .‬ولفظه الخبر ‘ ومعناه ‪ :‬الذعاء ؛ و [ مقدمات ع ‪ :‬جمع‬ ‫مُقدمة ‪ 0‬مفعول اسمع { وإنما كسر أخرها ‪ ،‬لأن الجمع المؤنث السالم‬ ‫نصبه بالكسرة ‪ .‬كما قال ابن مالك ‪:‬‬ ‫يكسر في الجر وفي النصب معا‬ ‫جمعا‬ ‫قد‬ ‫وألف‬ ‫بتا‬ ‫وما‬ ‫وقوله ‪ [ :‬قياسنا ع (بالجر) ‪ :‬بإضافة مُقدمات إليه ؛ و [ نا } ‪:‬‬ ‫ضمير المْتكلم مع الغير ‘ مجرور المحل ‪ 0‬بإضافة قياس إليه ‪ ،‬وقد يطلق‬ ‫على المتكلم وحده تعظيما ‪ .‬وهنا يحتمل الأمرين ‪.‬‬ ‫والفاء في قوله ‪ [ :‬فاستنتج م ‪ :‬عاطفة ‪ .‬وهو فعل أمر ‪ .‬عطف‬ ‫على اسمع ‘‪ 0‬من باب الإستفعال ‘ وهو يأتي لمعان ‪ 0‬منها ‪ :‬طلب أصل‬ ‫الفعل { نحو ‪ :‬إستخرجته ‪ ،‬أي ‪ :‬طلبت خروجه ‪ 0‬فالمعنى ‪ :‬فاطلب نتيجة‬ ‫الرهان ؛ و } الرهان ) ‪ :‬مفعول استنتج ؛ و } عنها ‪ :‬جار ومجرور‬ ‫متعلق باستنتج ‪ 0‬والضمير للمُقدمات ؛ و [ مُنصفه { (بالنصب) ‪ :‬حال‬ ‫‏‪ ٢٧٧ .‬۔‬ ‫من الضمير {‪ ،‬أو من مُقدمات ‪.‬‬ ‫وحاصل معنى البيتين ‪ :‬أنه يخاطب الخصم ويناديه ‪ ،‬بقوله ‪ :‬يا من‬ ‫يقول بقول الفلاسفة ‪ .‬وذهب إلى ما ذهبوا إليه ‪ ،‬من أنه تعالى غير‬ ‫مُكيف ‪ 0‬اسمع مقدمات قياسنا ‪ 0‬هداك الله تعالى ‘ فاطلب نتيجة البرهان‬ ‫منها ‪ ،‬فإنها مُقدمات مُنصفة ‪ 0‬تعطيك العدل ‪ 0‬ولا يعدلك عن‪ :‬الحق ‪ ،‬ولا‬ ‫بظلمك ‪.‬‬ ‫والظاهر أن مراده بالرهان ‪ 0‬في قوله ‪ [ :‬فاستنتج البرهان { ‪ 0‬هو‬ ‫نفس تلك المقدمات & وإلا فلم يتقدم منه برهان ‪ .‬حتى يطلب نتيجة ذلك‬ ‫الرهان ‘ من هذه المقدمات ‪ 0‬التي سيذكرها ويستدل بها على مطلوبه ‪.‬‬ ‫ويحتمل أن يكون البرهان مفعولا مطلقا نوعيا بتقدير مصدر ‪ .‬أي ‪:‬‬ ‫استنتج من تلك المقدمات ‪ 0‬مثل استنتاجك من القياس البرهاني ‪ ،‬إشارة‬ ‫إلى أن مْقدماته مقدمات بُرهانية { تفيد اليقين بالمطلوب ؛ وعلى هذا { فلا‬ ‫حزازة فيه ‪.‬‬ ‫تم اعلم ‪ :‬أن ما ذكره من أول الكلام ‪ 0‬إلى هنا ‪ ،‬برهانا كان أو غيره ‪.‬‬ ‫ما أنتج وما أفاد ‪ 0‬إلا أنه لا يمكن القول بجواز الرؤية ‪ 0‬مع القول بأنه‬ ‫تعالى غير مكيف ‪ 0‬ولا يجوز الجمع بينهما ‪ .‬ولا يمكن إنفكاك الرؤية‬ ‫والنظر ‪ .0‬عن كونه تعالى مُكيفاً لتلازمهما ؛ وهذه المقدمات الآتية ‪ .‬إنما‬ ‫تنتج عدم إمكان الرؤية مطلقا ‪ .‬فهذه غير تلك ‪ 0‬فكيف تكون نتيجتها ؟‬ ‫ولذا ‪ -‬قلنا ‪ :‬أن مراده بالبرهان ‪ .0‬هو نفس تلك المقدمات الآتية ‪ .‬إلآ‬ ‫أن ظاهر اللفظ يأبى ذلك ‪ 0‬وظاهره أن الرهان غير المقدمات ‪ ،‬وقد عرفت‬ ‫‏‪ ٢٧٨ .‬۔‬ ‫حاله ‪ .‬اللهم إلا على الإحتمال الذي إحتملناه أخيرا } فتأمل فيه ‪.‬‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫عرش ولا فرش له مُستكنفه‬ ‫أنى ترى فيمن يرى من لم يكن‬ ‫أبدا مكان كان فيه مُزلفه‬ ‫من كان في كل المكان وما له‬ ‫أزلفه‬ ‫إذ‬ ‫عينه‬ ‫من‬ ‫له‬ ‫أدنى‬ ‫الذي‬ ‫أجفانه أيرى‬ ‫لا يرى‬ ‫من‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬أنى { ‪ :‬اسم إستفهام ‪ 0‬قد يأتي بمعنى ‪ :‬من أين ؟ كقوله‬ ‫تعالى ‪ .‬حكاية عن زكريا ‪ ( :‬يا مريم أنى لك هذا ‪ )( 4‬؛ وقد يأتي بمعنى ‪:‬‬ ‫كيف ؟ كقوله تعالى ‪ 0‬حكاية عن زكريا أيضا ‪ « :‬قال رب أنى يكون لي‬ ‫(") ‪ 0‬أي ‪ :‬كيف يكون لي غلام ؟ مُتعجبا من ذلك ‏‪٥‬‬ ‫غلام وقد بلغني الكبر‬ ‫والثاني هو الأنسب ‪ ،‬بل المْتعين في البيت ‪ 0‬وكيف كان ؟ فهو متعلق‬ ‫بقوله ‪ [ :‬ترى ع ‪ :‬وهو فعل مضارع مُفرد حاضر ؛ و [ فيمن { ‪ :‬جار‬ ‫ومجرور متعلق بقوله ‪ [ :‬ترى { ‪.‬‬ ‫و } من { ‪ :‬اسم موصول ؛ و } يرى { ‪ :‬فعل مضارع مفرد غانب‬ ‫مجهول { ونائب فاعله ضمير (من) ؛ و } من ) ‪ :‬اسم موصول في محل‬ ‫النصب لبنانه ‪ 4‬مفعول } ترى { ؛ و } لم ) ‪ :‬حرف نفي وجزم ‘ تدخل‬ ‫على المضارع خاصة فتجزمه ؛ و [ يكن ) ‪ :‬مجزوم به ؛ و [ عرش{‬ ‫(بالرفع) ‪ :‬اسم [يكن{ ؛ والعرش ‪ :‬سرير الملك ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة آل عمران‪. ٣٧ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة ال عمران‪. ٤٠ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٢٧٩‬۔‬ ‫وقال في "" القاموس "" ‪ :‬العرش ‪ :‬عرش الله ‪ 0‬ولا يحة ‪ .‬أو ياقوت‬ ‫أحمر يتلالأ من نور الجبار تعالى ‪ .‬هذا ما في اللغة ؛ وله معان لبية في‬ ‫إصطلاح الغرفاء والصوفية ‪ .‬يطول الكلام بذكرها ‪ .‬من غير حاجة ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬ولا فرش { ‪ :‬عطف على عرش ‪ 8،‬والفرش ‪ :‬المفروش‬ ‫من متاع البيت ‘ والمراد هنا ‪ :‬الأرض ‘ بدليل قوله تعالى ‪ } :‬الذي جعل‬ ‫لكم الأرض فراشا « (" ‪.‬‬ ‫و } له ) ‪ :‬جار ومجرور متعلق بقوله ‪[ :‬مّستكنفهع ‪ :‬وضمير (له!{‬ ‫راجع إلى الموصول ؛ و [ مُستكنفه { (بالنصب) ‪ :‬خبر (يكن]{ ‪.‬‬ ‫والجملة صلة [إمن{ ؛ ويحتمل أن تكون الصلة محذوفة ‪ .‬بقرينة يكن ؛‬ ‫وجملة يكن معطوفة على المحذوفة ‪ .‬فخذف العاطف والمعطوف عليه ‪8‬‬ ‫وأقيم المعطوف مقامه ؛ والتقدير ‪ :‬كان ولم يكن عرش ‪ ....‬إلى آخره ؛‬ ‫فطابق الخبر المشهور ‪ 0‬وهو ‪ :‬كان الله ‪ 0‬ولم يكن معه شيع ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬من { ‪ :‬اسم موصول في محل النصب { عطف بيان أو‬ ‫بدل ‪ 0‬من [إمن] في البيت السابق ‘ من قوله ‪( :‬من لم يكن ؛ و [ كان] ‪:‬‬ ‫فعل ماض ناقص ‪ .‬واسمه ضمير [من{ ؛ و [ في كل { ‪ :‬جار ومجرور‬ ‫متعلق بمحذوف خبر كان ؛ و } المكان ع (بالجر) ‪ :‬بإضافة كل إليه ‪.‬‬ ‫والواو في و [ ما له { ‪ :‬عاطفة ؛ و } ما ) ‪ :‬نافية غير عاملة ‪ ،‬أو‬ ‫عاملة عمل (ليس) ؛ و } له ) ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق بمحذوف خبر مقدم‬ ‫ل [ما] الشبيهة ب [ليس] ‘ أو لمكان على الخلاف ؛ و } أبدا م ‪ :‬ظرف‬ ‫زمان متعلق ب [ ما ] تعلق به له ؛ و } مكان { ‪ :‬مبتدأ مُؤخر ‪ ،‬أو اسم‬ ‫(‪ )١‬سورة البقرة‪. ٢٢ : ‎‬‬ ‫‏ ‪ ٢٨ ٠.‬۔‬ ‫مُؤخر ل ( ما{ ؛ و } كان ] ‪ :‬فعل ماض ناقص ؛ و } فيه ] ‪ :‬جار‬ ‫ومجرور متعلق بمحذوف خبره المقدم ‪ 0‬وضميره عاند إلى مكان ؛‬ ‫و } مُزلفه ) (بالرفع) ‪ :‬اسمه المُؤخر ‪ ،‬والجملة نعت لمكان ‘ والضمير‬ ‫في مُزلفه عاند إلى من ؛ ومُزلف ‪ :‬يحتمل أن يكون اسم مكان ‘ واسم‬ ‫مصدر ‪ ،‬أي ‪ :‬قربه } أو محل قربه ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬من { ‪ :‬اسم موصول في محل الرفع على أنه مبتدأ ؛‬ ‫و } لا { ‪ :‬نافية ؛ و [ يرى { ‪ :‬فعل مضارع مفرد مذكر منفي ب } لا } ‪.‬‬ ‫وفاعله ضمير [ من { ‪.‬‬ ‫و [ أجفانه ع (بالنصب) ‪ :‬مفعول يرى ‪ 0‬وهي جمع جفن ‘ كعبد ‪.‬‬ ‫وهو غطاء العين من أعلى وأسفل ؛ وجمع أيضآ على ‪ :‬أجفن وجفون ‪8‬‬ ‫والضمير فيه عاند إلى } من { ‪.‬‬ ‫والهمزة في قوله ‪ [ :‬أيرى { ‪ :‬للإستفهام الإنكاري ؛ و } يرى { ‪:‬‬ ‫فعل مضارع مُفرد { غانب فاعله ‘ ضمير [إمن{ ؛ و } الذي { ‪ :‬اسم‬ ‫موصول ‪ 0‬في محل النصب ‘ مفعول يرى ؛ و } أدنى { ‪ :‬اسم تفضيل‬ ‫مرفوع تقديرا ‪ .‬لكونه مقصورا ‘ خبر لمّبتدأ محذوف ‪ 0‬وهو صدر‬ ‫الصلة ‘ أي ‪ :‬هؤ أدنى ‪ 0‬وضمير هو راجع إلى الذي ‪.‬‬ ‫واللام في } له ) ‪ 3‬بمعنى ‪ :‬إلى ‘ وضميره عاند إلى [ من { ‪ 0‬ومن‬ ‫في؛ و [ من عينه { ‪ :‬للإبتداء ‪ 0‬وهي } من { الداخلة على المفضل‬ ‫عليه ؛ و [ عينه ) ‪ :‬مجرور ب [من{ ‪ 0‬والجار والمجرور متعلق بأدنى ‪.‬‬ ‫وضميره عاند إلى من ؛ و } إذ ) ‪ :‬ظرف زمان مُتعلق بأدنى ؛‬ ‫و [ أزلفه ] ‪ :‬فعل ماض من باب الأفعال { وفاعله ضمير الذي ‪ 0‬وهاء‬ ‫‏‪ ٢٨١ .‬۔‬ ‫الضمير مفعوله { عائد إلى [ من { ؛ والجملة في تأويل المصدر ‪ :‬في‬ ‫محل الجر ‪ ،‬بإضافة ( إذ { إليها ‪.‬‬ ‫هذا ما تعلق بتفسير الألفاظ وإعرابها ‪ 0‬وأما بيان السراد منها ء ة‬ ‫فيحتاج إلى ذكر مقدمة ‪ .‬تشتمل على بيان معنى البصر ‪ ،‬وكيفية‬ ‫الإبصار ‪ 0‬وشروطه { حتى يتضح لك حقيقة الحال ‪.‬‬ ‫فنقول ۔ مُستعينا بالله تعالى ۔ ‪ :‬البصر ‪ :‬عبارة عن قوة مودعة في‬ ‫مُلتقى العصبتين المُجوفتين ‪ .‬التابتتين من غور البطنين المقدمين من‬ ‫الدماغ ‪ .‬غند جرار الزاندتين ‪ 0‬الشبيهتين بحلمتي الثدي ‏‪ ٠‬يتيامن النابت‬ ‫منهما يسارا } ويتياسر النابت منهما يمينا ‪ .‬حتى يلتقيا ويصير تجويفهما‬ ‫واحدا ‪ 0‬تم ينفذ النابت يمينا إلى الحدقة المنى ‘ والنابت يسارا إلى الحدقة‬ ‫النيسرى ‪ .‬فذلك الذي هو في الملتقى ‪ .‬أودعت فيه القوة الباصرة ‪.‬‬ ‫ويسمى ‪ :‬بمجمع النور ‪.‬‬ ‫وإنما جعلت هاتان العصبتان مجوفتين ‪ 0‬للإحتياج إلى كثرة الروح‬ ‫الحامل للقوة الباصرة ‪ .‬بخلاف سائر الحواس الظاهرة ‪ .‬وتتعلق هذه‬ ‫القوة بالضوء واللون بالذات ‪ 0‬وبسانر المْبصرات ‘‪ ،‬كالشكل ‪ ،‬والمقدار ‪.‬‬ ‫والحركة ‪ .‬وغيرها بواستطتهما ؛ والبصر راجع فينا إلى تأثر الحدقة ‪.‬‬ ‫ويجب حصوله مع شرانطه ‪ ،‬وهي أمور ‪:‬‬ ‫الاول ‪ :‬أن يكون المرئي مقابلا للراني ‪ 0‬أو في حكم المقابل ‪ ،‬كما في‬ ‫رؤية الأعراض ‪ 8‬فإنها في حكم محالها { المتحيزة بالذات ‘ المحاذية‬ ‫للراني ‪ 0‬وكما في رؤية الإنسان وجهه في المرءآت ‪.‬‬ ‫‏_‪ ٢٨ ٢‬۔‬ ‫الناني ‪ :‬عدم البعد المفرط ‪ 0‬وهذا الشرط مما يتفاوت ‪ 0‬بحسب قوة‬ ‫البصر وضعفه ‪ ‘.‬وبحسب عظم المرني وصغره ‪ 0‬وبحسب إشراق لون‬ ‫المرني وكدورته ‪.‬‬ ‫الالف ‪ :‬عدم القرب المفرط ‪ ،‬فإن المبصر إذا قرب من البصر جدا ‪.‬‬ ‫بطل الإبصار ‪.‬‬ ‫قوة‬ ‫»‪ .‬يحسب‬ ‫الرابع ‪ :‬عدم الصغر المفرط ‪ .‬وهذا التسرط مما يتفاوت‬ ‫البصر وضعفه ‪ .‬وقرب المبصر وبعده ‪.‬‬ ‫الخامس ‪ :‬عدم الحجاب بين الراني والمرني ‪ ،‬والمراد بالحجاب ‪:‬‬ ‫النفوذ فيه ‪.‬‬ ‫الجسم ‏‪ ١‬لكثيف ؤ ا لمانع للتنعاع ‪ 0‬من‬ ‫‪ :‬أن يكون المرني كثيفا { أ ي ‪ :‬مانعا للتئعاع من النفوذ فيه ‪.‬‬ ‫السادس‬ ‫السابع ‪ :‬أن يكون المرئي جائز الرؤية ‪ 0‬ولذلك امتنع رؤية الطعوم ‪.‬‬ ‫والروائح ‪ 0‬والكيفيات النفسانية ‪.‬‬ ‫وما قيل ‪ :‬من أن الشرط السادس يغني عن السابع ‪ 0‬فليس بشيء ‪.‬‬ ‫لأن الكثافة ‪ 0‬إنما يشترط في الجسم { الذي يتعلق الرؤية بأحواله ‪ 0‬لا في‬ ‫‪ ،‬واللون ‪ .‬والشكل ‪.‬‬ ‫نفس تلك الأحوال ‏‪ 0٠‬والأوجب أن يكون الضوء‬ ‫والمقدار ‪ 0‬وسائر المّبصرات أيضا كثيفة ‪ .‬وذلك باطل قطعا ‪.‬‬ ‫فعلى هذا ‪ 0‬إذا كان الجسم كثيفا ‪ 0‬وجب أن يرى طعمه ورائحته ‪ ،‬كما‬ ‫{ ولونه ‪ ،‬وشكله ‘‪ 0‬ومقداره ‪ 0‬لتحقق شرط الكثافة هناك ‪.‬‬ ‫يرى ضونه‬ ‫وزاد بعض ثلاثة أخرى ‪ .‬وهي ‪ :‬سلامة الحاسة ‪ .‬والقصد إلى‬ ‫الإحساس ‪ .‬وتوسط شفاف بين الراني والمرني ‪ ،‬قتلك عشرة كاملة ‪.‬‬ ‫۔‪ ٢٣‬‏‪ ٢٨‬۔‬ ‫وإذا عرفت هذه المقدمة ‪ .‬فاعلم أنه ‪ :‬لما فرغ الناظم من المطلب‬ ‫الأول ‪ 0‬أي ‪ :‬بطلان القول بأنه منظور بلا كيف ؛ شرع في المطلب الثاني ‏‪٨‬‬ ‫أي ‪ :‬بطلان القول بأصل الرؤية ؛ وقد ذكرنا سابقا ‪ :‬أن هذه المسألة من‬ ‫غوامض مسائل علم الكلام ‪ 0‬ومزال أقدام الأعلام ‪ 0‬وذوي الإفهام ‪.‬‬ ‫وإستدل الطرفان بوجوه كثيرة ‪ 0‬واحتج الفريقان بحجج عديدة ‪ 0‬مذكورة‬ ‫في الكتب الكلامية ‪ 0‬والناظم أشار في الأبيات الثلانة ‪ 0‬إلى وجهين من‬ ‫وجوه بطلان القول بالرؤية ‪:‬‬ ‫الوجه الأول ‪ :‬أنه يستلزم القول بالرؤية } ثبوت الأين له تعالى ‪ ،‬أي ‪:‬‬ ‫كونه تعالى في مكان ‪ 0‬مع أنه تعالى أين الذين ‪ 0‬وخلق المكان من العرش‬ ‫الذي جعل لكم الخرض فراشا والسماء‬ ‫إلى الفرش ‪ ،‬الذي هو الذرض ‪:‬‬ ‫بناء ‪ )'( 4‬؛ والإخبار في ذلك بحد التواتر والعقل ‪ 0‬مُستقل بإطلاق غنانه‬ ‫تعالى عن جميع ما سواه ‪ 0‬وعدم إحتياجه إلى شيء من الأشياء بوجه من‬ ‫الوجوه ‪ ،‬والا لزم عليه نقص الحاجة ‪ 0‬التي هي أنقص النقانص ‘ مع أن‬ ‫مطلق النقص عليه مُحال { فكيف بما هو أخس الخسانس ‪ 8‬وأدنى‬ ‫النقانص ‪ 0‬بل كيف ينسنب النقص إلى من هو حقيقة الكمال ‪ ،‬ومُوجد‬ ‫أنواع الكمال على الوجهين ‪ .‬فتأمل ‪.‬‬ ‫فمن الأخبار ‪ 0‬الخبر المشهور ‪ :‬كان الله ‪ 0‬ولم يكن معه شيء ‪ .‬ومن‬ ‫العقل ‪ 0‬ما دل على قدمه وأزليته ‪ 0‬وحدوث العالم ‪ .‬الذي هو ما سواه ‪6‬‬ ‫بإتفاق الفريقين ‪ 0‬وإطباق الطرفين ‘ وإذا كان ‪ 0‬ولم يكن شيع ‘ لم يكن‬ ‫مكان ‪ ،‬لأنه شيع { وإذا كان ‪ 0‬ولم يكن مكان ‪ 0‬لم يكن مكاني ‪ 0‬فإذا ثبت‬ ‫(‪ )١‬سورة البقرة‪. ٢٢ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٢٨٤‬۔‬ ‫أنه لم يكن مكانيا ‪ .‬ثبت أنه لا يكون منظوراآ إليه ‪ 0‬للزوم تعلق النظر‬ ‫بالمكاني ‪ 0‬لأن الشيء ‪ .‬ما لم يكن مكانيا ‪ 0‬لا يمكن أن يكون في جهة ‪.‬‬ ‫لأن الجهة هي المكان الخاص ‘ ومن إفراده ‪ 0‬وما لم يكن الشيء في‬ ‫جهة ‪ .‬لا يكون مقابلا ‪ .‬أو في حكم المقابل ‪.‬‬ ‫وقد سبق في المقدمة ‪ :‬أن المقابلة من شروط الرؤية { فإذا بطل كونه‬ ‫مكاني ‪ .‬بطل كونه في جهة ‪ 0‬وإذا بطل كونه في جهة } بطل كونه مقابلا ‪.‬‬ ‫وإذا بطل كونه مقابلا ‪ .‬بطل كونه منظورا إليه ‪ .‬وهو المطلوب ‪.‬‬ ‫وتقرير الدليل على طريقة الصناعة ‏‪ ٠‬بصورة القياس الإستثناني ‪ 0‬أن‬ ‫يقال ‪ :‬لو كان مرئيا ‪ 0‬لكان مقابلا ‪ 0‬لما مر ‪ :‬أن المقابلة شرط في حصول‬ ‫الرؤية ‪ 0‬ولو كان مقابلا ‪ 0‬لكان في جهة من الراني من الجهات ‪ ،‬لأن‬ ‫المقابلة هي إحدى الجهات ‪ 0‬ولو كان في جهة ‘ لكان في مكان ‪ .‬ولو كان‬ ‫في مكان ‘ لكان مكانيآ ‪ 0‬لكنه ليس بمكاني ‘} فليس في مكان ‪ ،‬وإذا لم يكن‬ ‫في مكان ‪ .‬لم يكن في جهة ‪ 0‬وإذا لم يكن في جهة ‪ 0‬لم يكن مقابلا " وإذا‬ ‫لم يكن مقابلا ‪ .‬لم يكن مرئيا ومنظورآ إليه ‪ .‬وهو المطلوب ‪.‬‬ ‫أما الملازمة الذولى ‪ :‬فلما مر ‪ ،.‬من أن المقابلة شرط لازم في حصول‬ ‫الرؤية ‪.‬‬ ‫وأما الثانية ‪ :‬فلأن المُقابلة جهة من الجهات الست ‪ 0‬وهي ‪ :‬الأمام ‪.‬‬ ‫وأما الثالثة ‪ :‬فإن الجهة فرد خاص من المكان ‪ ،‬الذي هو الحيز ‪.‬‬ ‫وأما الرابعة ‪ :‬فلأن المكاني هو المنسوب إلى المكان ‪ 0‬بحلوله فيه ‪.‬‬ ‫وكونه ظرفا له ‪ 0‬كما أن الزماني ‪ 0‬عبارة عن مرور الزمان به ‪ .‬وتأثيره‬ ‫فيه ‪ .‬وتأثره فيه ‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٨٥‬۔‬ ‫وأما بطلان التوالي ‪ :‬فلما مر من ثبوت قدمه وازليته ‪ 7‬وحدوث‬ ‫العالم } لأنه إذا كان قبل وجود المكان ‪ .‬لم يكن محتاجا إلى المكان { فلم‬ ‫يكن مكانيا ‪ 0‬وإذا بطل كونه مكانيا ‪ 0‬بطل كونه في جهة ‪ ،‬وإذا بطل كونه‬ ‫في جهة ‪ 0‬بطل كونه مقابلا ‪ 0‬وإذا بطل كونه مقابلا ‪ .‬بطل كونه مرئيا ‪.‬‬ ‫هذا حاصل مراده من البيتين الأولين ‪.‬‬ ‫بقي شيع أشار إليه في البيت الثاني ‪ 0‬وهو ‪ :‬أنه تعالى في كل مكان ‪.‬‬ ‫وليس له مكان وتصويره ‪ .‬فإن ظاهره التناقض { وهو مُحال عقلا ‪.‬‬ ‫فنقول ‪ :‬ذهب جمهور الحكماء ‪ .‬إلى أنه تعالى ‪ 0‬لما لم يكن جسما ‪.‬‬ ‫ولا جسماني ‪ 0‬كانت نسبته إلى جميع الأمكنة والمكانيات نسبة واحدة ‏‪٨‬‬ ‫كما أنه حيث لم يكن زماني ‘ كانت نسبته إلى جميع الأزمنة والزمانيات‬ ‫نسبة واحدة ‪ 0‬فهو مع كل شيء لا بمصاحبة { وباين كل شيء لا بمزايلة‪6‬‬ ‫وفي كل مكان لا بإحاطة وإستقرار وظرفية ‪ 0‬وليس في شيع من الأمكنة‪.‬‬ ‫أعني ‪ :‬على وجه الإحاطة والإستقرار والظرفية { فلا تناقض لإختلاف‬ ‫المحمول ‪.‬‬ ‫وقال بعض المحققين من أصحابنا (رضوان الله عليهم) ‪ :‬والذي‬ ‫تصوروه ‪ 0‬وإن كان له وجه ‘ ولكن الإكتفاء على هذا القدر ‪ 0‬قصور في‬ ‫التوحيد ‪ 0‬فإن هذا الخكم شامل لكل مفهوم كلي ‪ .‬وجوهر عقلي ‪ 0‬وأن‬ ‫التوحيد التام ‪ 0‬أن يعتقد أن ليس جزء من الأزمنة والأمكنة ‪ .‬وذرة من‬ ‫ذرات الأكوان ‪ ،‬إلا والحق تعالى هويته القدسية معه ‪ .‬معية غير مكانية ‪.‬‬ ‫ولا زمانية ‪ 0‬ومُحيط به إحاطة قيومية غيرةوضعية ‪ .‬فهو تعالى في جميع‬ ‫الأماكن والمواضع {‪ ،‬ومع كل الأوقات والساعات ‪ .‬من غير تقدر ولا تجزء‬ ‫۔ ‏‪ ٢٨٦‬۔‬ ‫ولا إنحصار ‪.‬‬ ‫تم قال ‪ :‬وهذا الضرب من التوحيد ‘ مما عجزت عن إدراكه عقول‬ ‫جماهير الحكماء ‪ .‬ومشاهير القدماء ‪ 0‬ولأنه مبني على تحقيق مسالة‬ ‫الوجود ‪ 0‬ووحدته الذاتية ‪ 0‬لا تنافي كثرة شؤونه وتجلياته ‪ .‬ومعرفته أن‬ ‫تعين المهيات ‪ 0‬إنما نشأ من مراتب تنزلاته ‪ 0‬وأن وجود المجعول مُتقوم‬ ‫بوجود الجاعل القيوم ‪ 0‬كتقوم الحس بالخيال ‘‪ 0‬والخيال بالعقل ‪ 0‬والعقل‬ ‫بالبارئ تعالى ‪ ،‬وأن الله تعالى مُحيط بكل شيع ‪ « .‬والله خلقكم وما‬ ‫() ‪ 0‬وهو تحقيق دقيق ‘ إلا أنه مبني على مسألة أصالة‬ ‫تعملون‬ ‫الوجود ووحدته ‪ 0‬كما هو صريح كلامه ‪.‬‬ ‫وهي كما أشرنا سابقا ‪ .‬بعد في سنبلته ‪ 0‬ولم نحققه { فلا نقول به ‪.‬‬ ‫وبما ذكرنا غنية وكفاية ‪ 0‬إن شاء الله تعالى ‪ « :‬لعل اللة حدث بعة ذيك‬ ‫أمرا « () ‪.‬‬ ‫الوجه التاني ‪ :‬من وجوه بطلان القول بالرؤية ‪ 0‬مما أشار إليه في‬ ‫البيت الثالث ‪ 0‬وهو ما أشرنا إليه في المقدمة ‪ 0‬من أن ‪ :‬من شروط‬ ‫إلخ ‘ وغرضه‬ ‫الرؤية عدم القرب المفرط ‘ فقال ‪ [ :‬أيرى الذي ‪....‬‬ ‫إظهار التعجب ‪ ‘.‬بأنه كيف يرى الذي لا يرى أجفانه ‪ .‬لفرط قربها إلى‬ ‫عينه ‘ من هو أقرب إليه من نفس عينه ‪ ،‬كما قال تعالى ‪ ( :‬ونحن أقرب‬ ‫إليه من حبل الوريد ؛ (") ‪ 0‬كناية عن نفسه ‘ وهو الذي ‪ « 0‬يحول بين‬ ‫المرء وقلبه » () ‪.‬‬ ‫‪. ١٦‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة ق‪: ‎‬‬ ‫‪. ٩٦‬‬ ‫‪:‬‬ ‫)‪ (١‬سورة الصافات‪‎‬‬ ‫(‪ )٤‬سورة الأنفال‪. ٢٤ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الطلاق‪. ١ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٢٨٧‬۔‬ ‫فإذا امتنع رؤية الأجفان ‪ 0‬لفقدان شرط من شروط الرؤية ‘ وهو‬ ‫القرب المفرط { فما هو أقرب من الأجفان ‪ ،‬بل من نفس العين ‪ 6‬أشد‬ ‫إمتناعا ‪ 0‬وأكثر منعا ‪ 0‬وكلا الوجهين في غاية المتانة { ونهاية الرزانة ‏‪٨‬‬ ‫لو كان النزاع في الرؤية الحسية ‪ ،‬ذون الحالة الإدراكية ‪ 0‬التي ليست‬ ‫بإارتسام ‪ 0‬ولا إتصال شعاع { ولا حالة يلزمها ‪.‬‬ ‫وعليه ‪ 0‬فلا مسرح للوجهين ؛ أما الأول ‪ :‬فنتصريحهم أن المؤمنين‬ ‫يرونه في الجنة ‪ .‬من غير مقابلة ولا جهة ؛ وأما الثاني ‪ :‬فلان قربه‬ ‫تعالى ‪ 0‬ليس من سنخ قرب الأجفان ‪ 0‬أعني ‪ :‬القرب بالمكان ‪ }.‬فكيف يمكن‬ ‫قياسه به ‪ ،‬بل قربه قرب الشرف والمنزلة ‪ 0‬تعالى الله عن المكاني‬ ‫والمكان ‪ 0‬والزماني والزمان ‘ علوا كبيرا ‪.‬‬ ‫قال ‪.‬‬ ‫مُتخلفه‬ ‫أعراضها‬ ‫لجواهر‬ ‫أم‬ ‫والجزني‬ ‫للكلي‬ ‫أدركت‬ ‫قد صرفه‬ ‫بقول شارح‬ ‫فصل‬ ‫أم مُدرك للجنس أم للنوع أم‬ ‫مُتكيفه‬ ‫حيثيية‬ ‫أينيية‬ ‫مهية‬ ‫بلا‬ ‫منظوراً‬ ‫أم كان‬ ‫متعرفه‬ ‫وجهة‬ ‫بتحيز في‬ ‫محدودة‬ ‫متوية‬ ‫كمية‬ ‫بصر ومن شم ومن ذوق الشفه‬ ‫للسُدركات الخمس من سمع ومن‬ ‫قل لي فما هذا المْجادل زخرفه‬ ‫واللمس كل باطل في حقه‬ ‫المُتشوفه‬ ‫النظرة‬ ‫أدركته‬ ‫قد‬ ‫هل فصله أوجبت أم هل وصله‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬أدركت { ‪ :‬فعل ماض من باب الأفعال { وفاعله ضمير‬ ‫‏‪ ٢٨٨‬۔‬ ‫المخاطب ؛ والجملة إستننافية إستفهامية ‪ .‬أصله ‪ :‬أأدركت ‪ .‬فخذفت‬ ‫همزة الإستفهام ‪ 0‬وحذفها خاصة جائز ‪ .‬بخلاف سائر أخواتها ‪.‬‬ ‫ولذا _ قيل ‪ :‬أنها أصل أدوات الإستفهام ‪ 0‬سواء تقدمت على } أ {‬ ‫كما هنا ؛ وكما في قول غمر بن أبي ربيعة ‪:‬‬ ‫وكف خضيب زينت ببنان‬ ‫بدا لي منها معصم حين جمرت‬ ‫بسبع رمين الجمر أم بثمان‬ ‫فو الله ما أدري وإن كنت داريا‬ ‫‪ :‬بسبع أم لم تقدمها ؛ كقول الكميت ‪:‬‬ ‫أراد‬ ‫ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب‬ ‫طربت وماشوقا إلى البيض أطرب‬ ‫أراد ‪ [ :‬أو ذو الشيب { ‪.‬‬ ‫والاخفش يقيس ذلك في الإختيار عند أمن اللبس ‪ 0‬وحمل عليه قوله‬ ‫تعالى ‪ .‬حكاية عن مُوستى (الكلثلم) ‪ « :‬وتلك نعمة تمنها علئ » () ؛‬ ‫وقوله تعالى ‪ 0‬حكاية عن إبراهيم ( القتنل‪ ( : ):‬هذا ربي & (") ‪ .‬في‬ ‫المواضع الثلانة ‪.‬‬ ‫‪ :‬على أنه خبر ‪ ،‬وأن مثل ذلك ‪ ،‬يقول ‪ :‬من ينصف‬ ‫والمحققون‬ ‫خصمه مع علمه بأنه مبطل ‪ .‬فيحكي كلامه ؛ تم يكر عليه بالإبطال‬ ‫بالحجة ؛ والإستفهام في البيت ليس على حقيقته } فيجوز أن يكون‬ ‫للإنكار الإبطالي ‪ 0‬وهو ما كان ما بعده غير واقع ‘ ومُدعيه كاذب ‪ 0‬وهذا‬ ‫هو الأظهر ‪.‬‬ ‫‏‪. ٢٢‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‏(‪ )١‬سورة الشعراء‬ ‫(‪ )٢‬سورة الأنعام‪. ٧٨ { ٧٧ . ٧٦ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٢٨٩ .‬۔‬ ‫واللام في قوله ‪ [ :‬للقلي { ‪ :‬زاندة ‪ 0‬لأن الإدراك مُتعد بنفسه ‪6‬‬ ‫والئلي ‪ :‬مفعول أدركت ‪ 0‬وهو في غرف المنطقيين ما لا يمتنع فرض‬ ‫صدقه على كثيرين ‪ ،‬سواء إمتنعت أفراده جميعا ‪ 0‬كشريك البارئ ‪ ،‬أو‬ ‫أمكنت ‘} ولكن لم يوجد في الخارج منها شيع كالعنقاء ‪ 0‬أو وجد واحد‬ ‫فقط في الخارج ‘ وغيره من الإفراد مُمتنع الوجود { كالواجب تعالى ‪ 0‬أو‬ ‫ممكن الوجود كالشمس للكوكب النهاري ‪ ،‬أو كثير متناه كالكوكب السيار ‪.‬‬ ‫أو غير متناه ‪ 0‬كمعلومات البارئ (عز اسمه) ؛ والنفس الناطقة على‬ ‫مذهب الحكماء ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬والجزئي { (بالجر) ‪ :‬عطف على الغلي ‪ .‬وهو ما يمتنع‬ ‫فرض صدقه على كثيرين ‪ 0‬والفرض هنا بمعنى ‪ :‬تجويز العقل لا التقدير ‪.‬‬ ‫فإنه لا يستحيل تقدير صدق الجزني على كثيرين ؛ و } أم ] ‪ :‬حرف‬ ‫عطف ؛ و } لجواهر { (بالفتح) ‪ :‬لأنها غير مُنصرفة ‘ جرها (بالفتحة)‬ ‫عطف على الكلي أو الجزئي ‪ 0‬على الخلاف ‪ 0‬وهي جمع جوهر { ومعناه ‪:‬‬ ‫القائم بنفسه ‘ وينقسم إلى الجسم { والهيولي ‪ 0‬والصورة ‪ 0‬والعقل ‏‪١‬‬ ‫والنفس ‪.‬‬ ‫بيان ذلك ‪ :‬أن المُمكن ‪ 0‬إما أن يكون موجُودآ في الموضوع ‪ ،‬أي ‪:‬‬ ‫المحل { المتقوم بنفسه ‪ 0‬وهو العرض ‘ أو لا يحل في الموضوع ‪ 6‬وهو‬ ‫الجوهر ‪ 0‬وهو ‪ :‬إما مفارق عن المادة ‪ 0‬أي ‪ :‬المحل المتقوم بالحال في‬ ‫ذاته ‪ 0‬فلا يحتاج في ذاته وفعله إلى المادة ‪ .‬وهو ‪ :‬العقل ؛ أو مفارق عن‬ ‫المادة في ذاته ذون فعله ‪ ،‬وهو ‪ :‬النفس ؛ أو مقارن للمادة ‪ :‬فإما أن‬ ‫يكون محلا لجوهر آخر ‘ وهو ‪ :‬المادة ؛ أو يكون حالا في جوهر آخر ‪.‬‬ ‫وهي ‪ :‬الصورة ؛ أو ما يتركب منهما ‘ وهو ‪ :‬الجسم ‪.‬‬ ‫۔ ‏‪ ٢٩٠‬۔`‬ ‫هذا بيان معنى الجوهر وأقسامه ‪ .‬على وجه الإجمال ‪ .‬والتفصيل‬ ‫موكول إلى محاله ‪.‬‬ ‫و } أعراضها ع (بالرفع) ‪ :‬مبتدأ مضاف إلى هاء الضمير المُؤنث ه‬ ‫الراجع إلى جواهر ‪ 0‬وهي جمع عرض ‪ 8‬ومعناه ما مر في مقابل الجوهر‬ ‫وأقسامه ‪ .‬تسعة ‪ :‬الكم { والكيف ‪ 0‬والوضع ‪ ،‬والإضافة ‪ ،‬والجدة ‪،‬‬ ‫والفعل { والانفعال { والذين ‪ 0‬ومتى ؛ ويقال لها ‪ :‬المقولات التسع ‪.‬‬ ‫ومع الجوهر المقولات العشر وتفصيلها ‪ 0‬وتعريف كل واحد منها ‪.‬‬ ‫والنقض والإبرام فيها ‪ 0‬لا يسعه المجال ‪ .‬فلێطلب من محالها؛‬ ‫و [ مُتخلفه ع ‪ :‬خبر أعراضها { والجملة نعت لجواهر ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬أم ] ‪ :‬حرف عطف؛ و } مدرك { ‪ :‬خبر لمُبتدأ محذوف‪،‬‬ ‫أي ‪ :‬أنت ؛ واللام في } للجنس { ‪ :‬للتقوية ‏‪ ٠‬وهي مع مجرورها مُتعلق‬ ‫بمُدرك ‪ 0‬والجملة الإسمية عطف على الجملة الفعلية ‪ 0‬ولا بأس به ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬أم للنوع { ‪ :‬عطف على للجنس ؛ وهكذا قوله ‪ } :‬أم‬ ‫فصل { (بالجر) ‪ :‬عطف على ما تقدمه ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬بقول ) ‪ :‬جار ومجرور متعلق بقوله ‪[ :‬مّدرك‘{ ‪ ،‬أو‬ ‫تنازع فيه ‘ أدركت ومُدرك ‪ 0‬فأعطى لأحدهما ‏‪ ٠0‬على خلاف بين نحاة‬ ‫البصرة والكوفة ‪ .‬قد مر ‪ .‬وحذف الضمير من الآخر ‪ .‬لكونه فضله ؛‬ ‫[ وشارح { (بالجر) ‪ :‬نعت لقول ؛ و [ قد { ‪ :‬حرف تحقيق ؛‬ ‫و [ صرفه { ‪ :‬فعل وفاعل ومفعول { وفاعله ضمير مستتر فيه ‪ .‬راجع‬ ‫إلى قول ؛ وضمير المفعول إلى اللي ‪ 0‬و [ما] عطف عليه ‪ 0‬والتصريف ‪:‬‬ ‫‏‪ ٢٩١_.‬۔‬ ‫التقليب ء‪ .‬وا لمّرا د به في البيت ‪ :‬التعريف ‪ 0‬ولعله كان قد عرفه ‪ .‬فصحفه‬ ‫‪.‬‬ ‫الكاتب فصرفه‬ ‫‘ أو أدركت ‘ على‬ ‫على جملة ‪ :‬أم مدرك‬ ‫‪ .:‬عطف‬ ‫م كان {‬ ‫وقوله ‪} :‬‬ ‫ناسخ » واسمه ضميره‬ ‫‪ :‬فعل ماض‬ ‫ما مر من الخلاف ؛ و } كان {‬ ‫تعالى ؛ و [ منظورآ { ‪ :‬خبره ؛ و [ بلا مهية م ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق‬ ‫‪ .‬نعت لمنظورأ ؛ و } لا { نافية ؛ وماهية لفظ مُركب من إما{‬ ‫بمحذوف‬ ‫الإستفهامية ‪ .‬وياء النسبة ‪ ،‬أي ‪ :‬المنسوبة إلى } ما{ ‪ ،‬أي ‪ :‬ما‬ ‫الحقيقية ‪ .‬ومعناه ‪ :‬الواقعة في جواب [} ما ) حين يقال ‪ :‬ما هو { وحيننذ‬ ‫فلابد أن تكون مركبة من جنس وفصل ‘‪ ،‬وقد يراد بالماهية ‪ :‬صرف الآنية‬ ‫‏‪ ١‬لذولى »‪ .‬كما مر‬ ‫طلق عليه تعالى ‘ ذون‬ ‫بهذ ‏‪ ١‬المعنى ‘‬ ‫هي‬‫والتحقق ‪ 4‬و‬ ‫تفصيله في شرح الحديث السابق ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬أينيتة حيثية مُتكيفه كمية ) ‪ :‬نعوت أربع ‪ 0‬من لوازم‬ ‫المهية بالمعنى الأول ‪ 0‬وهي أربعة أنواع من العرض ‘ أعني ‪ :‬نسبة إلى‬ ‫الأنواع الأربعة { وبهذا الإعتبار صح وقوعها نعوتاآ { لأن المنسوب‬ ‫بمنزلة المْشتق ‪:‬‬ ‫فالأول ‪ :‬نسبة إلى الأين ‪ 0‬أي ‪ :‬الكون في المكان ‪.‬‬ ‫والثانية ‪ :‬إلى الحيث ‪ ،‬أعني ‪ :‬متى ‪ .‬وهو الكون في الزمان ‪.‬‬ ‫والثالنة ‪ :‬هي الإتصاف بالكيف ‪ 0‬وقد مر تعريفه مفصلا ‪.‬‬ ‫والرابعة ‪ :‬نسبة إلى كم ‪ 0‬وهو عرض يقبل القسمة لذاته ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :.‬متوية ع ‪ :‬نعت لكمية ‪ .‬وهي اسم مفعول ‪ {.‬كمرمية من ‪:‬‬ ‫‏‪ ٢٩ ٢._.‬۔‬ ‫توى توي ‪ .‬كرضي هلك \{ وأتواه الله ‪ 0‬فهو توي ‪ 0‬والتوي {‪ 0‬كغني القيم ©‬ ‫وكلا المعنيين مناسب للمقام ‪.‬‬ ‫و [ محذودة ع ‪ :‬نعت ثان لكمية ؛ و [ بتحيز م ‪ :‬متعلق بمحذوده ‪.‬‬ ‫مأخوذة من الحيز ‪ 0‬وهو المكان ؛ و [ في وجهة { ‪ :‬متعلق بتحيز ؛‬ ‫والوجهة ‪ :‬الجهة ؛ و [ مُتعرفة ؟ ‪ :‬نعت لوجهة ‪ ،‬أي ‪ :‬مُتعينة‬ ‫‪.‬‬ ‫مُتشخصة‬ ‫وقوله ‪ [ :‬للُدركات { باللام الجارة ‪ 0‬كذا فيما يحضرني من‬ ‫النسخة { والظاهر المُدركات (من ذون لام) ‪ 0‬وكأنه من قلم الناسخ ‪.‬‬ ‫وعلى هذا فهو بالرفع ‘ على أنه مبتدأ ‏‪ ٠0‬وهي بكسر الراء ‏‪ ٠‬جمع مدركة ‪.‬‬ ‫اسم فاعل من أدرك ‘ أي ‪ :‬الحواس الخمس ‘ ويحتمل فتح الراء على أن‬ ‫يكون اسم مصدر للإدراك ‘ وعلى التقديرين يكون الخمس نعتاآ لها ‪ ،‬أي ‪:‬‬ ‫الإدراكات الخمس ‪ .‬ويحتمل أن يكون اسم مفعول { وكونها خمسة ‪.‬‬ ‫باعتبار الادراكات المتعلقة بها ‪ .‬وإنحصارها في خمسة { وعلى هذا يكون‬ ‫السمع وما بعده ‪ .‬بمعنى ‪ :‬المسموعية ‘ والبصرية { والمشمُومية ‪.‬‬ ‫والمُذوقية ‪ 0‬والملمُوسية ‪ 0‬وعلى الأول بمعنى ‪ :‬السامعية ‪ ...‬إلى آخره ‏‪٥‬‬ ‫أي ‪ :‬كونه سامع وبصير ‪ ،‬إلى غير ذلك ‪.‬‬ ‫وبعبارة أخرى على الأول ‪ 0‬يكون هو تعالى مُدركا (بالكسر)‬ ‫بالإدراكات الخمس ؛ وعلى التاني يكون هو تعالى مدركا (بالفتح)‬ ‫بالإدراكات ؛ وكلا المعنيين محل تشاجر القوم ‪ 0‬وإن كان الأول أشهر ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬من سمع { ‪ :‬وما بعده ‪ :‬بيان للشدركات ‪ .‬وهو جار‬ ‫ومجرور مُتعلق بمحذوف حال ‘ من المبتدأ أو الضمير في الخبر ‘ على‬ ‫‪_.‬۔‪ ٣‬‏‪ ٢٩‬۔‬ ‫الخلاف بين سيبويه وغيره ‪ .‬في جواز أن يكون ذو الحال مبتدأ أم لا‪.‬‬ ‫فجوزه سيبويه ‘ ومنعه غيره ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬ومن بصر ومن شم ومن ذوق الشفه واللمس { ‪:‬‬ ‫على سمع ؛ و ‏‪ ١‬كل { ‪ :‬مبتدأ تان لا توكيد ‪ 0‬لخلوه عن ضمير‬ ‫معطوفات‬ ‫المؤكد ؛ و } باطل { ‪ :‬خبر كل ‘ والجملة خبر المُدركات ؛ و } قل { ‪:‬‬ ‫فعل أمر ‪.‬‬ ‫واللام في قوله ‪ } :‬لي { ‪ :‬للتبليغ ‪ .0‬وهي الجارة لاسم السامع لقول ‏‪٥‬‬ ‫أو ما في معناه { نحو ‪ :‬قلت له ‘ وأذنت له ‪ 0‬وفسرت له ‪ .‬وحاصلة‬ ‫الداخلة على المقول له ‪ 0‬وأما الداخلة على غير المقول له ‘ كما في‬ ‫قوله (تْلة) ‪ :‬وقال الذين كفروا للذين أمنوا لو كان خيرا ما سبقونا‬ ‫إليه () ‪.‬‬ ‫فقيل ‪ :‬أنها بمعنى [ عن { ؛ قاله ابن الحاجب ؛ وقال ابن مالك ه‬ ‫‪ :‬هي ) لام ( التعليل ؛ وكيف كان ‏‪ ٠‬فالجار والمجرور متعلق بقل ‪.‬‬ ‫وغيره‬ ‫‪ :‬الن كان الأمر‬ ‫‪ ،‬أي‬ ‫شرط مقدر‬ ‫‪ :‬جواب‬ ‫والفاء في قوله ‪ :‬‏‪ ١‬فما {‬ ‫؛‬ ‫في محل ‏‪ ١‬لرفع ‪ .‬خبر مُقدم‬ ‫اسم ‏‪ ١‬ستفهام‬ ‫ذكرنا ؛ فما وما‪:‬‬ ‫كما‬ ‫و [ هذا ع ‪ :‬اسم إشارة في محل الرفع لبنائه مبتدأ مُؤخر ‪ 0‬وتقديم الخبر‬ ‫على المبتدأ ‪ 0‬لكونه إستفهاما ‪ 0‬له صدر الكلام ‪.‬‬ ‫و [ المْجادل { (بالرفع) بدل أو ‪ :‬عطف بيان لهذا ؛ و إ زخرفه { ‪:‬‬ ‫بدل إشتمال عن المْجادل ‪ .‬والضمير فيه له ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الأحقاف‪. ١١ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٢٩٤‬۔‬ ‫وقوله ‪ } :‬هل { ‪ :‬حرف إستفهام لطلب التصديق ‪ ،‬والهمزة له‬ ‫وللتصور ‪ .‬وباقي أدوات الإستفهام ‪ 0‬لطلب التصور ؛ و } فصله {‬ ‫من‬ ‫‏‪ ١‬وجبت { ‘ قدم عليه ‪ :‬و هو فعل ماض‬ ‫‪ :‬على أنه مفعول‬ ‫(بالنصب)‬ ‫باب الأفعال ‪ 0‬أسند إلى ضمير المخاطب ؛ و } أم ] ‪ :‬حرف عطف ‪.‬‬ ‫و } هل ) ‪ :‬حرف إستفهام ؛ و } وصله { (بالنصب) ‪ :‬مفعول لفعل‬ ‫يفسره أدركته ‪ 0‬على قاعدة الإشتغال { أو مبتدأ ‪ 0‬وجملة أدركته خبره ؛‬ ‫و [ قد ) ‪ :‬حرف تحقيق ؛ و [ أدركته ع ‪ :‬فعل ماض ۔ والتاء علامة‬ ‫تأنييث الفاعل ‘ وهاء الضمير مفعوله ؛ و [ النظرة { ‪ :‬فاعله ؛‬ ‫و [ المُتشوفه { (بالرفع) ‪ :‬نعت للنظرة ‪.‬‬ ‫هذا ما تعلق باعراب الألفاظ ‪ 4‬وتفسير بعضها ‪.‬‬ ‫وأما تفسير ما ترك تفسره ‪ 0‬لغرض الإجتماع في البيان ‪ 0‬وتطويل ما‬ ‫‏‪ ١‬لئلي خمسة‪.‬‬ ‫‪ :‬أن أقسام‬ ‫‏‪ ١‬لى تحقيق في ‏‪ ١‬لتفسير ‘ فهو أن يقال‬ ‫يحتاج‬ ‫ذكر منها الذاتيات الثلانة ‪ .‬لأنها المطلوب في الحدود التي هي لبيان‬ ‫حقيقة الشيء ؛ وأما الإثنان الآخران ‪ 0‬وهما الخاصة والعرض العام ‪.‬‬ ‫فالأول منها ‪ :‬يختص بالرسوم التي يحصل منها التميز العرضي ‪ ،‬لا‬ ‫بيان الحقيقة ‪.‬‬ ‫والثاني ‪ :‬لا يستعمل في التعاريف أصلا { ولهذا لم يتعرض لهما ‪.‬‬ ‫وكيف كان ‪ 0‬فهي الجنس ‪ ،‬والفصل ‘ والنوع ‪.‬‬ ‫وحاصل التقسيم على وجه الإجمال ‪ ،‬أن يقال ‪ :‬أن ا للي ‪ 4‬إما أن‬ ‫يكون تمام حقيقة ما تحته من الإفراد ‪ .‬وهو النوع ‘ أو جزء حقيقتها ‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٩٥ .‬۔‬ ‫فإن كان تمام المُتشسترك بين شيء منها وبعض آخر ‪ ،‬فهو الجنس ۔ وإلا‬ ‫فهو الفصل ‪.‬‬ ‫ويقال لهذه الثلاثة ‪ :‬ذاتيات ‪ }.‬وقد مر زيادة تفضيل لها ‘} ولغيرها من‬ ‫القليات سابقا ‪ 0‬فراجعه ‪.‬‬ ‫وأقسامه فيما‬ ‫‪ .‬وقد مر تعريفه‬ ‫والقول النار ح مرادف للشعرف‬ ‫مضى ‪ .‬فراجعه ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬أينية ‪ ....‬إلخ { ‪ 6‬ذكر فيه أقساما أربعة ‪ .‬من الأعراض‬ ‫التسعة ‪ .‬التي هي الأجناس العالية ؛ وقد ذكرنا سابقا في تعريف الكيف ‪:‬‬ ‫أن الأجناس العالية ‪ 0‬لا سبيل إلى معرفتها ‪ .‬سوى الرسوم الناقصة ‪ ،‬إذ لإ‬ ‫يتصور لها جنس ‘‪ 0‬وهو ظاهر ‘ ولا فصل لما تقدم ‪ 0‬من أن ما لا جنس له‬ ‫لا فصل له { فما يذكر لها من التعريف ‪ 0‬ليس إلا رسوما ناقصة { بذكر‬ ‫بعض خواصها وأحكامها ‪.‬‬ ‫فذكروا في تعريف الأين ‪ :‬أنه النسبة إلى المكان ‪ ،‬يعني ‪ :‬كون الشيء‬ ‫في الحيز ‪ 0‬والمُتكلُون يعبرون عن الأين بالكون ‪ 0‬ويعترفون بوجوده ه‬ ‫وإن أنكروا وجود سائر الأعراض النسبية ‪ 0‬وحصروه في أربعة أنواع ‏‪٨‬‬ ‫وهذه هي ما قرع سمعك ‘ من عدم جواز خلو الجسم من الأكوان الأربعة ‪3‬‬ ‫وهي ‪ :‬الحركة { والسكون ‪ ،‬والإجتماع ‘ والإفتراق ؛ وقد يعبر عن‬ ‫الأخيرين بالإتصال ‘ والإنفصال ‘ أو الوصل والفصل ‪ .‬وهذا هو مُراد‬ ‫الناظم ‪ 0‬بقوله ‪ [ :‬هل فصله أوجبت أم هل وصله ] ‪.‬‬ ‫ووجه الحصر في الأربعة ‪ :‬أن حصول الجوهر في الحيز ‪ 8‬إما أن‬ ‫‏‪ ٢٩‬۔‬ ‫۔‪٦‬‬ ‫يعتبر بالنسبة إلى جوهر آخر أولا ‪ 0‬وعلى الآل ‪ 0‬إما أن يكون بحيث يمكن‬ ‫أن يتوسطهما ثالث ‪ 0‬وهو الإفتراق ‪ ،‬وإلا فالإجتماع ‪.‬‬ ‫واعتبر إمكان تخلل الثالث ذون تحققه ‪ 0‬ليشمل إفتراق الجوهرين‬ ‫؛‬ ‫كبلان‬ ‫إبالف‬ ‫معل‬ ‫ا بين‬ ‫لهما‬ ‫بتخلل الخلاء ‪ ،‬بناء على إمكانه } فإنه لا ث‬ ‫بالث‬ ‫بحصوله في ذلك الحيز ‪ ‘.‬فهو السكون ؛ وإن‬ ‫وعلى التاني إن كان مسبوقا‬ ‫آخر ‘‪ 0‬فهو الحركة } فيكون السكون حصولا‬ ‫ز‬‫ي في‬‫حوله‬‫كان مسبوقاً بحص‬ ‫حصول أول في حيز ثان ؛ ويكون حقيقيا إن‬ ‫ثانيا في حيز أول ؛ والحركة‬ ‫‪ 0‬ككون الماء في الكوز ‪ .‬وإلا فغير حقيقي ‪.‬‬ ‫لميفضل الحيز على الشيء‬ ‫ناو ‘عيا ‪.‬‬ ‫البلد ‪ 0‬أو فايلعالم ؛ويكون جن‬ ‫وسي‬ ‫ككون زيد فني الدار ‪ 0‬أو في‬ ‫وشخصيا {لكون الشيء في المكان { أو في الهواء ‪ 0‬أو في هذذهه الدار ‪.‬‬ ‫هذا ‪ 0‬والحيثية ‪ :‬نسبة إلى الحيث ‪ .‬وهو الزمان ‪ 0‬وهي المعبر عنها‬ ‫بمتى ‪ .‬وهي من الأعراض التسعة ‪ 0‬لا نفس الزمان ‪ ،‬كما أن الأين ث وهو‬ ‫النسبة إلى المكان ‪ .‬أي ‪ :‬الكون في المكان من الأعراض ‪ ،‬لا نفس‬ ‫المكان ‪ 0‬والحاصل أن من جملة الأعراض والمقولات التسع ‪ :‬متى ‪.‬‬ ‫وهي النسبة إلى الزمان أو طرفه ‪ ،‬أي ‪ :‬نسبة ما للشيء إلى الزمان‬ ‫بكونه فيه { أو طرفه ‪ ،‬فإن كثيرا من الأشياء يقع في طرف الزمان ‪ ،‬ولا‬ ‫يقع في الزمان ‪ 0‬ويسأل عنه ‪ :‬بمتى ؛ ثم المتى كالذين حقيقي ‘ وهو كون‬ ‫الشيء في زمان { لايفضل عنه ككون الكسوف في ساعة معينة ‪ ،‬وغير‬ ‫حقيقي ‘ وهو بخلافه ككون الكسوف في يوم كذا ‪ 0‬أو شهر كذا ‪ .‬إل أن‬ ‫الحقيق من متى يجوز فيه الإشتراك ‪ .‬بأن يتصف أشياء كثيرة بالكون في‬ ‫زمان مُعين ‪ 0‬بخلاف الذين وهو ظاهر ‪.‬‬ ‫‪.‬۔‪٢٩٧.‬‏ ۔‬ ‫وإما نفس الزمان ‪ 0‬فهو مقدار الحركة من حيث التقدم والتأخر ‪.‬‬ ‫العارضان لها بإعتبار آخر غير الزمان ‪ 0‬على ما ذهب إليه المْتكلمون ‪ ،‬لا‬ ‫بإعتبار الزمان على ما ذهب إليه الحكماء ‪.‬‬ ‫ومقولة ‪ :‬متى ‪ 0‬إنما تعرض بالذات للمتغيرات ‏‪ ٠‬كالحركة وما يتبعها‬ ‫من الأمور ‪ 0‬وتعرض لمعروض المتغيرات ‪ 0‬كالاأجسام بالعرض ‘ فإن ما‬ ‫لا تغير فيه ‪ 0‬لا يعرض له متى ‪ ،‬إل بإعتبار صفات متغيرة له كالأجسام ‪.‬‬ ‫فانها بواسطة عروض المتغيرات لها يعرض لها ‪.‬‬ ‫وأما الكيف ‪ :‬فقد مضى شرحه سابقا ‪ ،‬فلا نعيده ‪.‬‬ ‫وأما الكم ‪ :‬فقد عرفت في شرح ألفاظ البيت ‪ 0‬أنه ما يقبل القسمة‬ ‫لذاته ‪ 0‬أي ‪ :‬يمكن أن يفرض فيه أجزاء ‪ 0‬فإن كان بحيث يتلاقى كل‬ ‫مشترك بينهما ‪ 0‬فهو المتصل ‪ 8‬وإفلاالمنفصل ‪.‬‬ ‫حد‬ ‫جزئين منه عل‬ ‫وىاحد‬ ‫والمراد بالحد المشترك ‪:‬ما يكون نسبته إلى الجزئين نسبة واحدة ‏‪٨‬‬ ‫كالنقطة بالنسبة إلى جزئي الخط ه فنها إن إعتبرت نهاية لأحد الجزئين ‏‪٨‬‬ ‫يمكن إعتبارها نهاية للجزء ؛ وإن إعتبرت بداية له ‪ 0‬يمكن إعتبارها بداية‬ ‫للآخر ‪ 0‬فليس لها إختصاص باحد الجزئين ‪ 0‬ليس ذلك الإختصاص‬ ‫بالنسبة إلى الجزء الآخر ‪ 0‬بل نسبتها إليهما على السوية ‪.‬‬ ‫ثاملكم المتصل ‘ إما أن يكون قار الذات ‪ ،‬أي ‪:‬مُجتمع الأجزاء في‬ ‫الوجود ‪ 0‬أو غير قار الذات ؛ والتاني ‪:‬الزمان ؛والأول ‪:‬المقدار } وهو‬ ‫أن قبل القسمة في الجهات الثلاث ‪ 0‬أعني ‪:‬الطول ‪ 0‬والعرض ‪ 8‬والغمق ‪.‬‬ ‫فهو الجسم التعليمي ‪ 0‬وأن قبلها في الجهتين منها ‪ 0‬فهو السطح ‪ ،‬وإن لم‬ ‫‪_.‬۔‪٢٩٨‬‏ ۔‬ ‫يقبلها إل في جهة واحدة ‪ 0‬فهو الخط { والكم المنفصل هو العدد ‪.‬‬ ‫وأما بيان المُدركات ‪ ،‬أعني ‪ :‬الحواس الخمس الظاهرة ‪ 0‬فاولها ‪:‬‬ ‫السمع ‪ :‬وهي قوة مودعة في العصب المفروش في مقعر الصماخ ‪.‬‬ ‫ويتوقف إدراكها على وصول الهواء المُنضغط المّتكيف بكيفية الصوت ‪.‬‬ ‫بسبب تموجه الحاصل من قرع ‪ ،‬أي ‪ :‬إمساس عنيف ‪ ،‬أو قلع ‪ ،‬أي ‪:‬‬ ‫تفريق عنيف ‘ إلى الصماخ ‘ وهما مُوجبان لتموج الهواء ‪.‬‬ ‫أما القرع ‪ :‬فلأن القارع يموج الهواء ‏‪ ٠‬إلى أن ينفلت من المسافة‬ ‫التي يسلكها القارع إلى جنبيها ‪.‬‬ ‫وأما القلع ‪ :‬فلان القالع يموجه إلى أن ينفلت من المسافة التي يسلكها‬ ‫المقلوع إلى جنبيها ؛ ثم في الأمرين جميعا ‪ ،‬يلزم التباعد من الهواء ‪ 0‬إلى‬ ‫أن ينقاد للتشكل والتموج الواقعين هناك ‪ 0‬ويشترط مقاومة المقروع‬ ‫للقارع ‪ 0‬والمقلوع للقالع ‪ 0‬كما في قرع الطبل ‘ وقلع الكرباس ‪ .‬بخلاف‬ ‫القطن ‪ 0‬لعدم المقاومة ‪ ،‬فيسمع الصوت لوصوله إلى السامعة { لا لتعلق‬ ‫حاسة السمع به ‪ }.‬مع كونه بعيدا عن الحاسة كالمرني ‪ ،‬فإنه يرى مع بُعده‬ ‫عن الباصرة ‪ .‬لاجل تعلق بينهما ‪ 0‬ولا يغفي بوصول الهواء الحاصل‬ ‫للصوت إلى الصماخ { أن هواء واحدا بعينه يتموج ويتكيف بالصوت ‪.‬‬ ‫ووصله إلى القوة السامعة ‪ 0‬بل أن ما يجاور ذلك الهواء المُتكيف‬ ‫بالصوت ‘ يتموج ويتكيف بالصوت أيضا { وهكذا إلى أن يتموج ويتكيف‬ ‫به الهواء الراكد في الصماخ ‪ ،‬فێدركه السامعة حينئذ ‪.‬‬ ‫وإستدل على أن الإحساس بالصوت ‘ بوصول الهواء الحامل إلى‬ ‫الصماخ بوجوه ‪:‬‬ ‫‏‪ ٢٩٩‬۔‬ ‫الأول ‪ :‬أن من وضع فمه على طرف أنبوبة طويلة ‪ .‬ووضع طرفه‬ ‫الآخر على صماخ إنسان ‪ 0‬وتكلم فيه بصوت عال ‪ 0‬سمعه ذلك الإنسان‬ ‫ذون سائر الحاضرين ‪.‬‬ ‫الناني ‪ :‬إنا إذا رأينا من البعيد إنسانا ضرب الفاس على الخشبة ‪.‬‬ ‫رأينا الضربة قبل سماع الصوت ‪.‬‬ ‫الثالث ‪ :‬أن الصوت يميل مع الريح ‪ 0‬كما هو المجرب في صوت‬ ‫المؤذن على المنارة ‪ 0‬فمن كان منه في وجهة تهب الريح إليها ‪ .‬يسمع‬ ‫صوته ‪ 0‬وإن كان بعيدا ؛ ومن كان في غير تلك الجهة ‘ لا يسمعه ‪ ،‬وإن‬ ‫كان قريبا ‪.‬‬ ‫وثانيها ‪ :‬البصر ‪ 0‬وقد مضى شرحه ‘ بما إقتضاه المقام ؛ إلا أن ها‬ ‫هنا نكتة لا بأس بذكرها ‪ 0‬وهي في أن السمع والبصر أيهما أرجح ؟‬ ‫إحتج بعض الناس ‪ 0‬على أن السمع أفضل من البصر ‘ بقوله تعالى ‪:‬‬ ‫ل( ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون ‏»(‪٨)٨‬‬ ‫حيث قرن (تيْللة) ‪ :‬بذهاب السمع ذهاب العقل ‪ .‬ولم يقرن بذهاب البصر ؛‬ ‫فالسسمع أفضل ؛ وزيف بأن الذي نفاه الله تعالى من السمع ها هنا } بمنزلة‬ ‫ما نفاه من البصر ؛ لأنه أراد بصائر القلوب ‪ 8‬لا أبصار العيون ؛ والذي‬ ‫يبصره القلوب { هو الذي يعقله ؛ وذكر في هذا الباب دلائل آخر ‪:‬‬ ‫منها ‪ :‬أن ذكر السمع والبصر أينما وقع في القرآن ‪ .‬فإنه في الأغلب‬ ‫قدم السمع على البصر ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة يونس‪. ٤٢ : ‎‬‬ ‫ومنها ‪ :‬أن العمى قد وقع في حق الأنبياء ) عليهم السلام) ؛ وأما‬ ‫الصمم فغير جائز ‪ .‬لذنه يخل بأداء الرسالة ‪.‬‬ ‫ومنها ‪ :‬أن السمع تدرك من جميع الجوانب دون البصر ‪.‬‬ ‫ومنها ‪ :‬أن الإنسان يستفيد العلم من المعلم والأستاذ ‪ 0‬وذلك لا يمكن‬ ‫إلآ بالسمع ‪ .‬ولا يتوقف على البصر ‪.‬‬ ‫أو القى‬ ‫ومنها ‪ :‬أنه تعالى قال ‪ » :‬ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب‬ ‫السمع وهو شهيد & () ؛ فجعل السمع قرين للعقل ‪ 0‬لأنه السراد من‬ ‫القلب ؛ ويؤكده أيضا قوله ‪ } :‬لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب‬ ‫السعير » (") ؛ فجعلوا السمع سببا للخلاص من عذاب السعير مثل العقل ‪.‬‬ ‫ومنها ‪ :‬أن إمتياز الإنسان عن سائر الحيوان بالنطق والكلام ؛ وإنما‬ ‫ينتفع به السامعة لا ‏‪ ١‬لباصر ة ؛ فتعلق ‏‪ ١‬لسمع ‏‪ ١‬للطق ‪ .‬الذ ي به شرف‬ ‫الإنسان ؛ ومُتعلق البصر الألوان والأشكال ؛ وذلك أمر مشترك بينه وبين‬ ‫سانر الذجسام ‪.‬‬ ‫ومنها ‪ :‬أن الأنبياء (عليهم السلام) ‘ يراهم الناس ‪ 0‬ويسمعون‬ ‫كلامهم ؛ فالمسموع‬ ‫كلامهم ‪ 0‬ولا تنبت نبوتهم برؤيتهم ‘ بل باستماع‬ ‫أفضل من المرني ؛ فوجب بهذا الوجوه & أن يكون السمع أفضل من‬ ‫البصر ‪.‬‬ ‫ومن الناس ‪ ،‬من قال ‪ :‬أن البصر أفضل من السمع ‪ ،‬بوجوه ‪:‬‬ ‫الأول ‪ :‬أن في المثل المشهور ‪ :‬أن ليس الخبر كالسُعاينة ؛ وأن ليس‬ ‫‏(‪ )١‬سورة ق ‪ :‬‏‪. ٣٧‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الملك‪. ١٠ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٣٠١‬۔‬ ‫وراء العيان بيان ؛ وذلك يدل أن أكمل وجوه الإدراك ‪ :‬البصر ‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬أن عجانب حكمة الله في خلق العين ‘ التي هي محل الإبصار ‪.‬‬ ‫أكثر من عجانب حكمته في خلق الأذن ‪ 0‬التي هي محل السماع ؛ وأنه‬ ‫جعل تمام الزوج من الأزواج السبعة الدماغية من العصب ‘ آلة للإابصار ‪.‬‬ ‫وركب العين من سبع طبقات ‪ 0‬وثلاث رطوبات ‘ وجعل لحركات العين‬ ‫عضلات كثيرة ‪ .‬على صور مختلفة ؛ والأذن ليس كذلك ؛ وكثرة العناية‬ ‫في خلق الشيء ‪ .‬يدل على كونه أفضل ‪.‬‬ ‫النالث ‪ :‬أن آلة القوة الباصرة هي النور ؛ وآلة القوة السامعة هي‬ ‫الهواء ؛ والنور أشرف من الهواء ؛ فالباصرة أفضل من السامعة ‪.‬‬ ‫الرابع ‪ :‬أن البصر يرى ما فوق سبع سماوات ؛ والسمع لا يدرك ما‬ ‫بغد منه على فرسخ ؛ فكان البصر أقوى وأشرف ؛ وهذا الوجه مدافع‬ ‫لقولهم ‪ :‬إن السمع يدرك من جميع الجوانب ‘ والبصر لا يدرك إلآ من‬ ‫جانب واحد ‪.‬‬ ‫الخامس ‪ :‬أن كثيرآ من الناس يسمع كلام الله في الدنيا ؛ وإختلفوا في‬ ‫أنه هل يراه أحد فيها ؟ وأيضا أن مُوستى (التكلم) سمع كلام الله (يجلة)‬ ‫في الذنيا ‪ .‬واختلفوا في أنه هل يراه أحد فيها ؟ وايضآ أن مُوستى ‪ .‬سمع‬ ‫كلام الله (تللة) ى من غير سبق سؤال وإلتماس ‪ 0‬ولما سال الرؤية ‪.‬‬ ‫« قال لن تراني » () ؛ فذلك يدل على أن حالة الرؤية أعلى من حال‬ ‫السماع ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الأعراف‪. ١٤٣ : ‎‬‬ ‫‪٢‬۔_ ‏‪ ٣٠‬۔‬ ‫نقل عن ابن الأنباري ‪ ،‬أنه قال ‪ :‬كيف يكون السمع أفضل من البصر ۔‬ ‫وبالبصر يحصل كمال الوجوه وخسنها ‪ 0‬وبذهابه يذهب ؛ وذهاب السمع‬ ‫لا يؤثر في الإنسان عيبا ‪ .‬والعرب يسمي العينين كريمتين ‪ 0‬ولا يصف بها‬ ‫السمع ؛ ومنه الحديث ‪ " :‬من أحب كريمتيه لا يكتب عصرا "" ‪.‬‬ ‫أقول ‪ :‬ومن وجوه أفضلية البصر على السمع ‪ :‬أن البصر قوة فعلية‬ ‫بناء على ما هو المختار ‪ .‬وذهب إليه الإشراقيون ‘ من أن الإبصار إنما‬ ‫هو بإنشاء النفس ‘ مثل المْبصرات في صقع ملكوتها الاسفل ‘ والسمع‬ ‫قوة إنفعالية } والقوة الفعلية أفضل من الإنفعالية ‪.‬‬ ‫فهذه هي الوجوه المذكورة في الجانبين ؛ والحق في هذا المقام ‪.‬‬ ‫القول فيهما بالتفصيل ‘ بعد الإستفسار ‪ .‬بأن يقال أولا ‪ :‬هل المراد منهما‬ ‫العقليتان أو الحسيتان ؟ وعلى الأخير ‪ :‬هل السراد حالهما بالقياس إلى‬ ‫أنفسهما ‪ .‬أو بالقياس إلى النفس التي تستعملهما ؟ وعلى الثاني ‪:‬‬ ‫بالقياس إلى الحيوان مطلقا { أو بالقياس إلى الإنسان خاصة ؟ وعلى‬ ‫الناني ‪ :‬من جهة ذنياه ‪ 0‬أو من جهة عقباه ؟ وعلى الثاني ‪ :‬من جهة‬ ‫العلم ‪ 0‬أو من جهة العمل ‪ 0‬وفي هذه النشاة ‪ ،‬أو في النشأة الآخرة ؟ ثم‬ ‫يقاس بينهما في واحد واحد من الأقسام ‪.‬‬ ‫فيظهر عند ذلك ‪ :‬أن الحكم بالافضلية على الإطلاق ‪ .‬لواحد منهما‬ ‫بخصوصه على صاحبه غير سديد ‪ .‬كما لا يخفى على أهل البصيرة ‪.‬‬ ‫وثالثها ‪ :‬الشم ‪ :‬وهو قوة مودعة في الزاندتين النابتتين من مقدم‬ ‫الدماغ في الخيشوم ‪ .‬الشبيهتين بحلمتي الندي ‪ 0‬ويفتقر في إدراكه إلى‬ ‫وصول الهواء المْنفعل من ذي الرائحة إلى الخيشوم ؛ والجمهور على أن ‪:‬‬ ‫۔ ‏‪ ٣٠٣‬۔‬ ‫إدراك الروانح بوصول الهواء المُتكيف بكيفية ذي الرائحة إلى آلة الشم ‪.‬‬ ‫وقيل ‪ :‬بتجزع ‪ 0‬وإنفصال أجزاء من ذي الرانحة ‪ ،‬يُخالطها الأجزاء‬ ‫الهوائية ‪ .‬فيصل إلى الشامة ‪.‬‬ ‫وقيل ‪ :‬بفعل ذي الرانحة في الشآمة ‪ .‬من غير إستحالة في الهواء ‪.‬‬ ‫ولا تجزؤ إنفصال ‪.‬‬ ‫ورابعها ‪ :‬الذوق ‪ :‬وهي قوة مُنبثة في العصب المفروش على جرم‬ ‫اللسان ‪ 0‬ويفتقر إلى توسط الرطوبة اللعابية الخالية عن المثل والضد ‪.‬‬ ‫وخامسها ‪ :‬اللمس ‪ :‬وهي قوة مُنبنة في البدن كله ‪ .‬ومن شانها‬ ‫إدراك الحرارة ‪ 0‬والبرودة ‪ 0‬والرطوبة ‪ ،‬والبوسة ‪ 0‬ونحو ذلك ‪ ،‬بأن‬ ‫ينفعل عنها العضو اللامس عند الماسة بحكم الإستقراء ‪.‬‬ ‫قال الشيخ ‪ :‬أول الحواس الذي يصير به الحيوان حيوانا ‪ :‬هو اللمس ‏‪٥‬‬ ‫حال اللامسة للحيوان {‪ 0‬لأن صلاح مزاجه من الكيفيات الملموسة ‪.‬‬ ‫وفساده بإختلالها ؛ والحس طليعة للنفس ‪ 0‬فيجب أن يكون الطليعة الأولى ه‬ ‫وهو ما يدل على ما يقع به الفساد { ويحفظ به الصلاح ‪ .‬وأن يكون قبل‬ ‫الطلائع التي تدل على أمور تتعلق بها ‘ منفعة خارجة عن القوام ‪ 0‬أو‬ ‫مضرة خارجة عن الفساد والذوق ‪ 0‬وإن كان دالا على الشيء الذي به‬ ‫يستبقى الحياة من المطعومات ‪ .‬فقد يجوز أن يبقى الحيوان بذونه ‪.‬‬ ‫لإرشاد الحواس الآخر على الغذاء الموافق ‪ 0‬وإجتناب المضار ‘ وليس‬ ‫شيء منها يعين ‪ 0‬أن الهواء الحيط بالبدن مُحرق أو مُجمد { ولشدة‬ ‫‏‪ ٣٠٤‬۔‬ ‫الإحتياج إليه كان بمعونة الأعصاب ساريا في جميع الاعضاء ‪ ،‬إلآ ما‬ ‫يكون عدم الحس اولى وأنفع له ‪ ،‬كالكبد ‪ 0‬والطحال ‪ ،‬والكلية ‪ 0‬لئلا يتأذى‬ ‫بما يلاقيها من الحاد اللذاع ؛ فإن الكبد ‪ :‬مولد للصفراء والسوداء ؛‬ ‫والطحال والكلية ‪ :‬مصبان لما فيه لذع ؛ وكالرنة ‪ :‬فإنها دانمة الحركة ؛‬ ‫فيتألم بإصطكاك بعضها ببعض ؛ وكالعظام ‪ :‬فإنها أساس البدن ودعامة‬ ‫الحركات ؛ فلو أحست لتألمت بالضغط والمُزاحمة ‪ .‬وبما يرد عليها من‬ ‫المصاكات ‪.‬‬ ‫وفي تعدده ووحدته تأصل ‘ فذهب الجمهور إلى أن اللامسة قوة‬ ‫واحدة ‪ .‬بها يدرك جميع الملموسات كسانر الحواس ؛ فإن إختلاف‬ ‫المْدركات لا يوجب إختلاف الإدراكات ‪ 0‬ليستدل بذلك على تعدد مبادنها ‪.‬‬ ‫وذهب كثير من المحققين ‪ 0‬ومنهم الشيخ ‪ :‬إلى أنها قوى متعددة بناء‬ ‫على ما مهذوه في تكثير القوى ‪ 0‬من أن القوى الواحدة لا يصدر عنها‬ ‫أكثر من واحد ‪.‬‬ ‫فقالوا ‪ :‬ها هنا ملموسات مختلفة الأجناس مُتضادة ‪ 0‬فلابد لها من‬ ‫قوى مدركة مختلفة ‪ 0‬تحكم بالتضاد بينها } فأثبتوا لكل من ضدين منها‬ ‫قوة واحدة ‪ 0‬هي الحاكمة بين الحرارة والبرودة ‪ 0‬والحاكمة بين الرطوبة‬ ‫واليبوسة ‪ 0‬والحاكمة بين الخشونة والملاسة ‪ ،‬والحاكمة بين اللين‬ ‫والصلابة ‪.‬‬ ‫ومنهم من زاد ‪ :‬الحاكمة بين الثقل والخفة ‪.‬‬ ‫قالوا ‪ :‬ويجوز أن يكون لهذه القوى بأسرها آلة واحدة مشتركة بينها ‪.‬‬ ‫‏‪ ٣٠٥‬۔‬ ‫وأن يكون هناك في الآلات إنقسام غير محسوس ‪ 8‬فلهذا توهم إتحاد‬ ‫القوى ‏‪ ٥‬ورد عليه أن المُدركات بالحس هو المْتضادان ‪ 0‬كالحرارة‬ ‫والبرودة ‪ 0‬ذون التضاد ‪ ،‬فإنه من المعاني المُّدركة بالعقل أو الوهم ‪.‬‬ ‫وإذا جاز إدراك قوة واحدة للضدين ‪ .‬فقد صدر عنها إثنان { فلم لا‬ ‫يجوز أن يصدر عنها أكتر من ذلك ؛ وأيضا فإن الطعوم ‪ 0‬وكذا الروائح‬ ‫والألوان ‪ 0‬أجناس مختلفة مُتضادة ‪ 0‬مع إتحاد القوة المُدركة لها ‪ 0‬وكون‬ ‫التضاد فيما بين الملموسات أكثر وأقوى لا يجدي نفعا ‪.‬‬ ‫خامسا ‪ :‬الذوق ‪ :‬وهو قوة مُنبثة في العصب المفروش على جرم‬ ‫اللسان ‪ 0‬ويفتقر إلى توسط الرطوبة اللعابية ‪ 0‬الخالية عن المثل والضد ‪8‬‬ ‫وهو تاني اللمس في المنفعة ‪ ،‬إذ يتمكن به على جذب المُلانم ودفع‬ ‫المنافر من المطعومات ‪.‬‬ ‫كما أن اللمس يتمكن به على مثل ذلك من الملسُوسات ‘ ويوافقه في‬ ‫الإحتياج إلى الملامسة ‪ 0‬ويفارقه في أن نفس الملامسة لا يؤدي الطعم ؛‬ ‫كما أن نفس ملامسة الحارة يؤدي الحرارة ‪ 0‬بل لاند من توسط الرطوبة‬ ‫اللعابية المنبتة عن الآلة المُسماة بالملعبة ؛ ويشترط أن يكون هذه‬ ‫الرطوبة خالية عن مثل طعم المطعوم وضده ‪ 0‬بل عن الطعوم كلها ‪.‬‬ ‫ليؤدي طعم المذوق كما هو إلى الذانقة ؛ فإن المريض إذا تكيف لعابه‬ ‫بطعم الخلط الغالب عليه ‪ ،‬لا يدرك طعوم الأشياء المأكولة والمشروبة ‪.‬‬ ‫إلآ مشوبة بذلك الطعم ‪ ،‬فإن الممرزور يجد طعم العسل مُرأ ‪.‬‬ ‫وإختلفوا في أن توسطهما ‪ ،‬إما بأن يخالطهما أجزاء لطيفة من ذي‬ ‫الطعم ‘ تم تغوص هذه الرطوبة معها في جرم اللسان إلى الذائقة ‪.‬‬ ‫‪- ٣‬‬ ‫‪٠ ٦‬‬ ‫‪-‬‬ ‫فالمحسوس حينئذ هو كيفية ذي الطعم ‘ ويكون الرطوبة واسطة ‪ ،‬ليسهل‬ ‫وصول جوهر المحسوس الحامل للكيفية إلى الحاسة ‪ ،‬أو بأن يتكيف نفس‬ ‫الرطوبة بالطعم بسبب المُجاورة ‪ ،‬فيغوص وحدها ‪ .‬فيكون المحسوس‬ ‫وعلى التقديرين ‘‪ 0‬لا واسطة بين الذانقة ومحسوسها حقيقة ‪ 0‬بخلاف‬ ‫الأبصار المحتاج إلى توسط الجسم الشفاف ؛ وقد يتركب من الطعم‬ ‫واللمس إحساس بلا إمتياز ‪ 0‬كما في الحرافة ‪ 0‬فإن سطح اللسان ينفعل‬ ‫عنها إنفعالاً لمسيا بالتسخين ‪ ،‬ولها أثر ذوقي ‪ 0‬فيرد على النفس أثر‬ ‫القوتين معا ‪ 0‬كأثر واحد بلا تميز في الحس ‪.‬‬ ‫هذا ما إقتضاه المقام ‪ :‬من بيان الحواس الظاهرة ؛ والظاهر أن‬ ‫غرضه من الأبيات السبعة إحصاء السّدركات ‪ .‬وإاستقصاء المّدركات ‪.‬‬ ‫على وجه الإستفصال {‪ 0‬وسبيل الإستفسار { ثم إبطال واحد واحد ؛‬ ‫فيتحصل من المجموع عدم إمكان الوصول إلى معرفة كنه ذاته وحقيقته ‪.‬‬ ‫والإحاطة به علمآ ‪ ،‬لا بالعقل ولا بالإحساس ‪ :‬فلا تدركه العقول‬ ‫والحواس ‘ ولا يقاس بالوهم والقياس ‘ ولا يشبه بالناس ‪.‬‬ ‫بيان ذلك ‪ :‬أن المْدرك ‪ :‬إما عقل ‪ 0‬وإما حس ؛ والحس ‪ :‬إما باطن ‪.‬‬ ‫وإما ظاهر ؛ والدرك (بالفتح) ‪ :‬إما كلي { وإما جزني ؛ والكلي ‪ :‬إما‬ ‫ذاتي ‪ 0‬وإما عرضي ‘ لكن العرض لا يفيد في المقام شينا ؛ والذاتي ‪ :‬إما‬ ‫نوع ‪ 0‬وإما جنس ‘ وإما فصل ؛ والجزني ‪ :‬إما مُندرج تحت حقيقة ‪ .‬أو‬ ‫غير مُندرج ‪ ،‬ثم أن كل قسم من أقسام المُدركات يختص بنوع من أنواع‬ ‫المدذركات ‪.‬‬ ‫فالعقل لإدراك الكلي بأقسامه ‪ 0‬والحس لإدراك الجزئي ؛ ثم الجزني ‪:‬‬ ‫إن كان تحت ماهية نوعية مُركبة من جنس وفصل ‪ ،‬كان قابلا لتعلق‬ ‫الإدراك به ‪ ،‬إل أن العقل يدركه بعنوانه اللي ‪ ،‬أعني ‪ :‬بماهيته وحقيقته‬ ‫التي هو مُندرج تحتها ؛ والحس ‪ :‬يدركه بعنوانه الشخصي والتعيني ؛‬ ‫فإن كان معنى جزئيا ‪ 0‬يدركه حس الوهم ‪ 0‬وإن كان صورة جزئية مُنتزعة‬ ‫من صورة خارجية ‪ .‬تدركه حس الخيال ‪ .‬وإن كان أمرا خارجيا معينا‬ ‫موجودا في الخارج ‪:‬‬ ‫‪ ،‬وا لوضع ‘ وأمثالها ‘‬ ‫‪ .‬واللون‬ ‫المُبصرات ‪ 4‬كالشكل‬ ‫فان كان من‬ ‫يدركه حس البصر ‪.‬‬ ‫وإن كان من الملموسات ‪ .‬كالحرارة ‪ 0‬والبرودة ‪ 0‬والرطوبة‪،‬‬ ‫واليبوسة { وأشباهها ‪ .‬يدركه حس اللمس ‪.‬‬ ‫وإن كان من المشمُومات ‪ .‬كالروائح الطيبة والنتنة ‪ ،‬يدركه حس‬ ‫الشم ‪.‬‬ ‫‘‬ ‫‘ والمرارة‬ ‫‪ .‬متل ‪ :‬الحلاوة‬ ‫المذوقات كالطعوم‬ ‫من‬ ‫وإن كان‬ ‫الذوق ‪.‬‬ ‫والملوحة ‪ .‬والحموضة ‪ .‬وأمتالها ‪ .‬يدركه حس‬ ‫وإن كان من المسمُو عات ‘‪ 0‬كالاصوات ‪ :‬يدركه حس السمع ‪.‬‬ ‫وإن لم يكن مُندرجا تحت مهية مركبة من جنس وفصل لا يدركه‬ ‫عقل ولا حس ‪.‬‬ ‫أما العقل ‪ :‬فلانه إنما يدرك الجزئي بعنوانه اللي ‪ ،‬أعني ‪ :‬بمهيته‬ ‫فيعرف تلك ‏‪ ١‬لمهية بجنسها وفصلها ‘‬ ‫النو عية ‏‪ ١‬لتي هو مُندرج تحتها‪.‬‬ ‫‏‪ ٣٠٨‬۔‬ ‫وهو القول الشارح والمفروض ‘ أن هذا الجزئي ليس تحت مهية نوعية ‪.‬‬ ‫فلا جنس له ولا فصل ‪.‬‬ ‫وأما الحس ‪ :‬فلما تقدم من أن الجنس والفصل في المركبات الذهنية‬ ‫بمنزلة المادة ‪ 0‬والصورة في المركبات الخارجية ‪ 0‬فإن لم يكن في الذهن‬ ‫جنس وفصل ‪ .‬لم يكن في الخارج مادة وصورة ‪ ،‬وإذا لم يكن الشيء‬ ‫ماديا ‪ 0‬لم يتعلق بإدراكه الحواس المادية ظاهرية ‪ .‬كانت كالحواس‬ ‫الخمس الظاهرة ‪ 0‬أم باطنية كالحواس الخمس الباطنة ‪.‬‬ ‫فالبارئ (ْلة) ‪ 0‬لا يدركه عقل { ولا وهم ‪ ،‬ولا خيال { ولا بصر ‪ ،‬ولا‬ ‫من أنفس المطالب ‘ وأحسن‬ ‫< ولا شم ‘ ولا ذوق ‘ وهذا‬ ‫سمع ‘ ولا لمس‬ ‫أنواع المجادلة ‪ 0‬ولكن إستفادة هذه المطالب منها دونها خرط القتاد ؛ مع‬ ‫أن فيها مواقع من التأمل والنظر ‪ 0‬منها ‪ :‬أن المُراد من الإدراك ‪ 0‬في‬ ‫قوله ‪ [ :‬أدركت للكلي ‪ ...‬إلخ ؟ ‪ 0‬ومْدرك للجنس ‪ ....‬إلخ ‪.‬‬ ‫أما المعرفة المكتسبة بالنظر ‪ 0‬بقرينة قوله ‪ [ :‬بقول شارح { ‪ {.‬فيبتني‬ ‫عليه وجوه من الأشكال ‪:‬‬ ‫الأول ‪ :‬أن المراد من الكلي ‘ والجزئي ‪ 0‬والجنس ‪ 0‬وغيرها ‪ 0‬إن كان‬ ‫مفاهيمها المنطقية التي من المعقولات الثانية ‪ 0‬فلا ربط لها في تعريف‬ ‫شيء من الأشياء ‪ 0‬فإن العرف للنوع كالإنسان ‪.‬‬ ‫مثلا ‪ :‬ليس مفهوم الجنس الذي هو عبارة عن المقول على كثيرين‬ ‫مختلفين بالحقيقة في جواب ما هو ؛ ولا مفهوم الفصل الذي هو عبارة‬ ‫هو في ذاته ؛ بل حقيقة‬ ‫في جواب أ ي شيء‬ ‫عما يقال على الشيء‬ ‫‏‪ ٣٠٩ .‬۔‬ ‫لذلك المفهوم ؛ وان كان مصاديقها‬ ‫هي معروض‬ ‫الحيوان التي‬ ‫ومعروضاتها ‪ .‬فيرد عليه ‪:‬‬ ‫أولا ‪ :‬أن ذكر الجُزني لغو ‪ 0‬لأن الجُزني لا يكون كاسبا ولا مُكتسبا ‪.‬‬ ‫كما حرر في محله ‪.‬‬ ‫وثانيا ‪ :‬أن اللي عام ؛ والجنس ‘ والفصل ‪ .‬والنوع خاص ؛ والعام‬ ‫يشمل الخاص ؛ فذكر العام يغني عن ذكر الخاص ؛ وإن أريد التصريح‬ ‫فيبقى‬ ‫بخصوصه‪.‬‬ ‫على خاص‬ ‫العام ل يدل‬ ‫العام ؛ لأن‬ ‫‪ .‬وبافراد‬ ‫بالخاص‬ ‫ذكر العام بلا فاندة ‪ 0‬فلا حاجة إلى ذكره بعد ذكر إفراده ‪.‬‬ ‫وبعبارة أخرى ‪ :‬ذكر الخاص بعد العام ‪ 0‬لابد له من فاندة { فلێيبين‬ ‫حتى نعرفها ؛ وهكذا يقال في ذكر الجواهر والاعراض ‘ لا سيما بلفظ‬ ‫الجمع ؛ وخصوصا ذكرها قبل الجنس والفصل ؛ فإن ذكر العام بعد الخاص‬ ‫لم يتعارف ‘ كما تعارف ذكر الخاص بعد العام لنكتة ‪ .‬كما في قوله تعالى ‪:‬‬ ‫« تنزل الملانكة والروح »(" ‪.‬‬ ‫‪ .4‬بل الجنس‬ ‫ا لمُعرف‬ ‫وثالثا ‪ :‬أن ‏‪ ١‬لنوع ليس مُعرفا ‪ .‬ولا جز ء من‬ ‫والفصل مُعرفان للنوع ‪ ،‬فمُقابلتهما له في السؤال ‪ .‬ونظمه في سلكهما ‪.‬‬ ‫لا معنى له أصلا ‪.‬‬ ‫وإن كان المراد بالمعرفة ‪ 0‬أعم من المكتسبة و غيرها ‪ .‬فيسقط إشكال‬ ‫ذكر الجزئي ‪ 0‬ويبقى الباقي على حاله ‪ .‬مع أن قوله ‪ ( :‬بقول شارح { ‪.‬‬ ‫{ ‪ .‬أو به © وبأدركت على طريق‬ ‫؛ فانه متعلق بقوله ‪ :‬‏‪ ١‬مدرك‬ ‫ينافي هذا‬ ‫التنازع ‪ 4‬كما مر ‪.‬‬ ‫‪. ٤ :‬‬ ‫(‪ )١‬سورة القدر‪‎‬‬ ‫‪ ٣١‬۔‬ ‫‏‪.‬‬ ‫والقول الشارح ‪ :‬هو العرف بطريق النظر ‪ .‬فهو قرينة صارفة‬ ‫عن إرادة العموم ‪ }.‬لو كان اللفظ دالا عليه مُجردأ ‪.‬‬ ‫‘‬ ‫الأمور‬ ‫‘ أن هذه‬ ‫من الكلام‬ ‫اليه ‘ ويستفاد‬ ‫ومنها ‪ :‬أن الذ ي يؤد ي‬ ‫أعني ‪ :‬الكلي { والجُزني ‘ والجواهر ‪ 0‬والجنس ‪ ،‬والفصل ‘ والنوع ‪:‬‬ ‫مُعرفات بقول ‪ :‬شارح ‪.‬‬ ‫‪.‬ما هذ ا القول ؟ وهل هي ‪ 6‬أ ي ‪ :‬الأمور المذكورة }‬ ‫وليت شعري‬ ‫ومنها ‪ :‬أن ظاهر قوله ‪ [ :‬أم كان منظورآ بلا مهية { ؛ السؤال عن‬ ‫غير ذي‬ ‫مدعي الرؤية ‘ بأنك أدركت ورأيت أمرأ ذا مهية مركبة ‪ .‬أم أمرا‬ ‫هذه‬ ‫معنى صحيح ‪ 4‬لو لم يكن متعلق ‏‪ ١‬لإدرا ك نفس‬ ‫مهية كذ انية ‪ 6‬و هذا‬ ‫الأمور المذكورة ‪ 0‬كما هو واضح لمن كان عارفا بأساليب الكلام ‪.‬‬ ‫أم‬ ‫‪ } :‬شارح‬ ‫‪ .‬بقول‬ ‫فيصير المعنى ‪ :‬أنظرت إلى هذه ا خمور‬ ‫وعليه‪.‬‬ ‫كان منظورآ بلا مهية كذانية ع ‪.‬‬ ‫ومن المعلوم أن القول الشارح ‪ 0‬ليس من آلات النظر الحسي ؛ فإن‬ ‫قلت ‪ :‬أراد النظر العقلي ؛ قلت ‪ :‬أنه لا يقول به ‪ 0‬ولا ينسبه إليهم ‪ 0‬وإلا لم‬ ‫يكن نزاع في البين ‪.‬‬ ‫ا لإستفهام‬ ‫همزة‬ ‫‪ .‬على تقدير‬ ‫أن قوله ‪ :‬أدركت ومُدرك‬ ‫ومنها‪:‬‬ ‫الإنكاري ‪ 0‬كما مر ‪ .‬وهو يدل على أن الفعل غير واقع ‪ 0‬ومُدعيه كاذب ‪.‬‬ ‫فيدل على أنهم ادعوا وقوع الإدراك منهم { وهم كاذبون في هذه الدعوى ‪،‬‬ ‫مع أن أحدآ منهم لم يدع هذه الدعوى ‪ ،‬بل لم يدع حصول الرؤية في هذه‬ ‫‏‪ ٣١‬۔‬ ‫۔‪١‬‬ ‫الدار لأحد ‪ 0‬حتى الأنبياء (عليهم السلام) { إلا شاذ لا يعبأ به { قال ‪:‬‬ ‫برؤية النبي (صلى الله عليه وآله) ‘ فحسب ليلة المعراج خاصة ‪.‬‬ ‫والمشهور على خلافه ‪.‬‬ ‫بل صرح بعضهم ‪ :‬بأن هذه القوة الإدراكية لم تخلق بعد ‪ 0‬وإنما ذهب‬ ‫من ذهب إلى ذلك ‪ 0‬زعما منه أنها من الأمور الممكنة لإصالة الإمكان في‬ ‫كل شيع ‪ ،‬لم يدل على إمتناعه دليل قاطع مضافا إلى دلالة ظاهر بعض‬ ‫الآيات والأخبار ‪ 0‬على الوقوع الذي هو أخص من الإمكان ‘ وأغلب هذه‬ ‫الأدلة مختص بتلك الدار ‪.‬‬ ‫فمن المدعي من هؤلاء لحصول الرؤية له في هذه الدار حتى تنكر‬ ‫عليه } وتقول ‪ :‬أدركت كذا أم كذا ؛ فتأمل بعين البصيرة ‪ 0‬حتى يتبين لك‬ ‫ما قلنا ‪.‬‬ ‫قال‪.‬‬ ‫قم هات بالبرهان حتى نعرفه‬ ‫لذا‬ ‫مخالفة‬ ‫رؤيته‬ ‫قلت‬ ‫إن‬ ‫السرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ } :‬إن ) ‪ :‬حرف شرط ؛ و } قلت { ‪ :‬فعل ماض أسند إلى‬ ‫ضمير المخاطب ‘ وهو فعل الشرط ؛ و } رؤيته ع (بالرفع) ‪ :‬مبتدأ ‪.‬‬ ‫وهاء الضمير في محل الجر ‪ .‬بإضافة رؤية إليها ؛ و [ مخالفة {‬ ‫(بالرفع) ‪ :‬خبر رؤيته ؛ والجملة في محل النصب ‪ .‬مقول القول ‏‪٥‬‬ ‫ومفعوله على الحكاية ؛ و [ لذا م ‪ :‬جار ومجرور متعلق بقوله ‪:‬‬ ‫( مخالفة { ‪.‬‬ ‫‏‪ ٣١‬۔‬ ‫۔‪٢‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬قم ع ‪ :‬فعل أمر حاضر ‘ من قام يقوم ‘ فاعله أنت ‪.‬‬ ‫مُستترا وجوبا ‪ 0‬جواب الشرط بتقدير الفاء خذفت للضرورة ؛ و إهات){ ‪:‬‬ ‫بالبناء على الكسر ‪ ،‬اسم فعل بمعنى ‪ :‬أنت ؛ و } بالێرهان ع ‪ :‬جار‬ ‫ومجرور مُتعلق بهات ؛ و [ حتى م ‪ :‬حرف جر ؛ و } نعرفه ع ‪ :‬فعل‬ ‫مُضارع متكلم مع الغير { فاعله نحن ‪ ،‬مُستتر وجوبا ‪ 0‬منصوب ب(أن)‬ ‫مُقدره هي ‪ 0‬وصلتها في تأويل المصدر { في محل الجر بحتى ‘ والجار‬ ‫والمجرور مُتعلق بهات ‘ وهاء الضمير مفعول نعرف ‪ ،‬عائد إلى البرهان ‪.‬‬ ‫والمعنى ‪ :‬أنك أيها القائل بالرؤية ؛ إن قلت ‪ :‬أن الرؤية التي إدعينا‬ ‫جوازها ‪ 0‬ليست كما قلت ونفيت ‪ 0‬حتى يلزم علينا ما ألزمت ‪ ،‬وأثبت من‬ ‫الجسمية وغيرها من المفاسد ‪ ،‬بل أمر لا يلزم هذه المفاسد ‪ ،‬فأت برهان‬ ‫على إثبات ما إدعيت {‪ 0‬حتى نعرف ذلك البرهان ‪.‬‬ ‫أقول ‪ :‬وللخصم أن يقول ‪ :‬أن الرهان عليه قد مر غير مرة لا سيما‬ ‫ما ذكر آنفا من أصالة الإمكان ‪ ،‬والآيات ‪ 0‬والأخبار الظاهرة في ذلك ‪.‬‬ ‫فعليك بدليل يمنع الإمكان ‪ 0،‬فإن الأصل معنا ويتفينا ‪ 0‬وليس علينا الإنبات‬ ‫مع ذلك ‪ 0‬وقد تفضلنا بالدليل من الآيات والأخبار ‘ وعلى المانع دليل‬ ‫المنع ‪ 0‬وما اشتهر من أن المانع يكفيه المنع ‪ 0‬ليس هنا محله ‪ ،‬وقد سبق‬ ‫بيان محله { فراجعه ‪.‬‬ ‫هذا بالنسبة إلى أصل الرؤية إجمالا ‪ 0‬وأما خصوص الرؤية السْدعاة ‪.‬‬ ‫فللجمع بين ما سبق من الأدلة ‪ 0‬ولزوم المُفاسدة على الرؤية الحسية ‪.‬‬ ‫الإرتسامية والشعاعية ‪.‬‬ ‫‏‪ ٣١ ٣‬۔‬ ‫أوقفه‬ ‫حجاب‬ ‫ورا‬ ‫وذاك‬ ‫شرفا‬ ‫ناظر‬ ‫الله هذا‬ ‫قال‬ ‫أو قلت‬ ‫أهله قد ذاق منه قرقفه‬ ‫من‬ ‫القول يفهمه امرقآً‬ ‫هذا‬ ‫فأقول‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬أو )] ‪ :‬حرف عطف ؛ و [ قلت ع ‪ :‬فعل ماض أسند إلى‬ ‫ضمير المخاطب {‪ 0‬معطوف على قلت ‏‪ ٠‬في البيت السابق { فهو في محل‬ ‫الجزم ب ( أن ) مقدرة ‏‪ ٠0‬على أنه فعل الشرط ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬قال الله ] ‪ :‬فعل وفاعل ‘ والجملة مفعول لقلت ‪ .‬على‬ ‫سبيل الحكاية ؛ و [ هذا ] ‪ :‬في محل الرفع ‪ ،‬لبنانه مبتدأ ؛ و } ناظر {‬ ‫(بالرفع) ‪ :‬خبره ؛ و [ شرفا ع (بالنصب) ‪ :‬على أنه مفعول لأجله ‪.‬‬ ‫لقوله ‪ [ :‬ناظر ع ‪ 0‬ويحتمل أن يكون مميزا ‪.‬‬ ‫والواو في قوله ‪ [ :‬وذاك ع ‪ :‬للعطف ؛ و } ذاك { ‪ :‬اسم إشارة‬ ‫للبعيد ‪ .‬وهو في محل رفع ‘ على أنه مبتدا [ ورا ) ‪ :‬من الجهات الست‬ ‫مقابل الأمام وخلافه ‘ قصره للضرورة ‪ 0‬فهو منصوب تقديرا على‬ ‫الظرفية ‪ 0‬مضاف إلى [ حجاب { (بالجر) ‪ :‬للإضافة مُتعلق بقوله ‪:‬‬ ‫[ أوقفه { ؛ والحجاب ‪ :‬الستر (بالكسر) ‘ أي ‪ :‬ما يستر به؛‬ ‫و [ أوقفهم ‪ :‬فعل ماض من باب الأفعال { وفاعله هو ‪ ،‬مُستتر عاند إليه‬ ‫تعالى ‪ 0‬وضمير المفعول إلى ذاك ‪.‬‬ ‫والفاء في قوله ‪ [ :‬فأقول ع ‪ :‬لجواب الشرط المُقدر { قبل قوله ‪:‬‬ ‫قلت ‪ 0‬بقرينة المعطوف عليه ‪ .‬لأن العطف على المعمول بمنزلة تكرار‬ ‫‏‪ ٣١٤‬۔‬ ‫العامل ؛ و [ أقول { ‪ :‬خبره مُبتدأ محذوف ‪ ،‬أي ‪ :‬أنا أقول { والجملة‬ ‫جواب الشرط ‪ 6‬ولذا لم يجزم ؛ و [ هذا { ‪ :‬مبتدأ ؛ و } القول {‬ ‫(بالرفع) ‪ :‬على أنه نعت ‪ ،‬أو بيان لهذا ‪ 0‬واستشكل ب( أن ) من شرط‬ ‫البيان ‪ 0‬أن يكون اعرف من المبين ‪ 0‬ومن شرط النعت ‪ ،‬أن لا يكون‬ ‫أعرف من المنعوت ‪ 0‬فكيف يكون الشيء ‪ .‬أعرف وغير أعرف ‪ 0‬وأجيب‬ ‫بأنه أن قذر بيانا ‪ 0‬قدرت ( أل ) فيه لتعريف الحضور ‘ فهو يفيد الجنس‬ ‫بذاته ؛ والحضور بدخول ( أل ) والإشارة ‪ 0‬إنما تدل على الحضور ذون‬ ‫الجنس ؛ وإذا قدر نعتا ‪ .‬قدرت ( أل ) فيه للعهد ؛ فلا دلالة فيه على‬ ‫الحضور ‪ ،‬والإشارة تدل عليه ‘ فكانت أعرف ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :‬يفهمه { ‪ :‬فعل مضارع ‪ {.‬وهاء الضمير مفعوله ؛‬ ‫و } امر م ‪ :‬فاعله { والجملة في محل الرفع خبر هذا ‪ 0‬وجملة هذا‬ ‫القول يفهمه مفعول أقول ‪ 0‬على سبيل الحكاية ؛ و [ من أهله { ‪ :‬جار‬ ‫ومجرور متعلق بمحذوف ‪ 0‬نعت لامرئ¡ ؛ والضمير في أهله ‪ 0‬في محل‬ ‫الجر ‪ 0‬بإضافة أهل إليه ‪ 0‬عائد إلى هذا القول ؛ و [ قد ‪ :‬حرف تحقيق ؛‬ ‫و [ ذاق { ‪ :‬فعل ماض ؛ يقال ‪ :‬ذاقه ‪ .‬ذوقا ‪ 0‬وذواقا ‪ 0‬ومذاق ‪ ،‬إذا اختبر‬ ‫طعمه ؛ و [ منه { ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق بذاق ؛ و [ قرقفه {‬ ‫(بالنصب) ‪ :‬مفعول ذاق { وهاء الضمير في محل الجر ‪ ،‬بإضافة قرقف‬ ‫إليه ‪ 0‬عاند إلى هذا القول ؛ وهو على وزن جعفر ‘ وعصفور الخمر‬ ‫المُرعدة لصاحبها ‪ 0‬من قرقف ‪ :‬إذا أرعد ‪.‬‬ ‫وأما بيان معنى البيتين ‪ ،‬فالذي يقتضيه سوق الكلام ‪ 0‬وسبك النظام ‪،‬‬ ‫بعد قوله ‪ [ :‬أن قلت رؤيته مخالفة لذا ‪ 0‬قم هات بالێرهان حتى‬ ‫‏‪ ٣١٥‬۔‬ ‫نعرفه { ‪ 0‬إتيان ما ظاهره الرهان من قبلهم ‪ .‬على أن الرؤية الدعاة‬ ‫في المقام ‪ 0‬مخالفة لما هو مورد النقض والإبرام ‪ 0‬ومُوجب لسقام الكلام ‪8‬‬ ‫ومُؤد إلى مفاسد (جلً الباري وتقدس) ساحته عن شوائب ‪ ،‬أمثال هذه‬ ‫الأوهام ‪ 0‬تم تزييفه ليتم مُدعاه ‪ 0‬وهو أن المراد من الرؤية والنظر ‪،‬‬ ‫معناهما الحقيقي الذي يتراءى في النظر البادي ‪ 0‬من ذون تصرف في لفظ‬ ‫الرؤية ‪ 0‬ولافي معناه ‪ 0‬بل إنما يتصرف في مُتعلقها كتقدير آية ؛ أو‬ ‫علامة ؛ أو أمر ؛ أو غير ذلك مما يناسب المقام ‪.‬‬ ‫وعلى هذا ‪ 0‬فعطف قوله ‪ :‬بأو ‪ .‬الدالة على الترديد غير سديد { بل‬ ‫المناسب للمقام العطف بالفاء ‪ .‬ليكون اللاحق تفريعاً على السابق ‪.‬‬ ‫فقال ‪ :‬فإن قلت ‪ :‬أن الرهان ما قال الله تعالى هذا ناظر شرفا ‪ ....‬إلى‬ ‫آخره ‪.‬‬ ‫ويحتمل أن يكون نسخة الأصل ‪ ،‬أن قلت بإظهار ( أن ) الشرطية ‪.‬‬ ‫وحذف الفاء العاطفة ‘ ولفظة ( أو ) وقعت غلطاً من الناسخ ‪ ،‬أو قلمه ‪.‬‬ ‫وكيف كان ‪ 0‬فمْقتضى السياق والبيان ‪ 0‬أن يكون قوله ‪ :‬قال الله هذا ناظر‬ ‫شرفا ‪ ....‬إلى آخره ‘ ذلك البرهان ‘{ ولا يخفى ما فيه ‪:‬‬ ‫أما أولا ‪ :‬فلان قوله ‪ :‬أن قلت قال الله هذا ناظر شرفا ‪ ....‬إلى آخره ه‬ ‫يدل على أن هذا ناظر شرقا من كلامه سبحانه ‪ 0‬ونحن كلما تصفحنا‬ ‫وتفحصنا وتتبعنا القرآن ‪ 0‬ما وجدناه فيه ‪ .‬فان قلت مراده من ذلك { قوله‬ ‫تعالى ‪ ( :‬وجوه يومئذ ناضرة ("") إلى ربها ناظرة » () { فإن الخصم‬ ‫استدل بها في المقام ‪ .‬بل هذه عمدة أدلتهم ‪ .‬أو السراد قوله تعالى ‪:‬‬ ‫(‪ )١‬سورة القيامة‪ ٢٢ : ‎‬۔‪. ٢٣ ‎‬‬ ‫‪_٦‬۔‪ .‬‏‪ ٣١‬۔‬ ‫وما كان لبشر أن يكلمه الله إلآ وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل‬ ‫رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم » () ‪ ،‬بقرينة قوله ‪ [ :‬وذاك‬ ‫ورا حجاب أوقفه ع ‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬أولا ‪ :‬أن هذا في غاية البعد من مثل الناظم ‘ الذي يدعي بالإمام‬ ‫في عصره ‪ ،‬حيث أن نقل القرآن بالمعنى ‪ ،‬لم ينقل عن أحد من المسلمين ‪.‬‬ ‫فكيف من مثل هذا العريف ‪ .‬الذي هو إمام قوم ‘ لم يخطو خطوة عن‬ ‫ظواهر الشرع ‪ 0‬واقتصروا بما ورد من ذون تعد ‘ خصوصا إذا خالف‬ ‫المنقول منه للمنقول إليه ‪ .‬كما في المقام ‏‪ ٠‬على ما سيتضح لك الحال ‪.‬‬ ‫وإن اختلفوا في جوازه في الأخبار ‪.‬‬ ‫وثانيا ‪ :‬لو فرضنا الصحة ‪ ،‬فإن كان المراد الآية الاولى ‘ فهي وإن‬ ‫كان فيها لفظ ‪ « :‬ناظرة » () { إلا أنها في الآية عام لجميع المُؤمنين ؛‬ ‫ومن نضر الله وجهه يوم القيامة ‪ .‬وخاص بالنسبة إلى الوقت ‪.‬‬ ‫وفي البيت مخصوص بالنبي (صلى الله عليه وآله) ‪ .‬كما يفهم‬ ‫الإختصاص به (صلى الله عليه وآله) ‪ 0‬من إفراد اسم الإشارة ؛ ومما‬ ‫ذكره من الأوصاف ‘ من قوله ‪ [ :‬من أهله ‪ ...‬ج ‪ ،‬إلى قوله ‪ [ :‬بلغ العيان‬ ‫بغير عين ‪ ...‬إلخ { ‪.‬‬ ‫وإن كان السراد الآية الثانية ‪ 0‬ويكون السراد من قوله ‪ [ :‬هذا ناظر‬ ‫شرفا } ‪ ،‬إشارة إلى قوله ‪ « :‬إل وحيا ‏»‪ 6)'١‬أي ‪ :‬مُتسافها من غير‬ ‫حجاب ‘ بقرينة مقابله ‪ .‬وهو قوله تعالى ‪ « :‬أو من وراء حجاب » () ‪.‬‬ ‫كما قال به بعض المفسرين ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة القيامة‪. ٢٣ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الشورى‪. ٥١ : ‎‬‬ ‫‪٧١‬۔‪ .‬‏‪ ٣‬۔‬ ‫ففي تفسير "" البيضاوي "" ‪ 0‬عند تفسير الآية ‪ :‬ما هذا لفظه ‪ « :‬وما‬ ‫() ‪ 0‬وما يصح له ‪ « :‬أن يكلمه الله إلا وحيا » () ‪ ،‬كلاما‬ ‫كان لبشر‬ ‫خفيا يدرك بسرعة ؤ لأنه تمثيل ليس في ذاته مُركباً من حروف مقطعة ‪.‬‬ ‫تتوقف على تموجات متعاقبة ‪ .‬وهو ما يعم المُشافه به ؛ كما روي في‬ ‫حديث المعراج ‘ وما وعد به في حديث الرؤية ‪ ،‬والمُهتف به ‪ 0‬كما اتفق‬ ‫لموسى (اللتلةم) ‪ 3‬في طوى والطور ‪ .‬لكن عطف قوله ‪ « :‬أو من وراء‬ ‫() ‪ .‬عليه يخصه بالأول ؛ فالآية دليل على جواز الرؤية ‪ ،‬لا‬ ‫حجاب‬ ‫على إمتناعها ‪.‬‬ ‫وقيل ‪ :‬المراد به ‪ :‬الإلهام والإلقاء في الروع ‘ أو الوحي المنزل به‬ ‫الملك إلى الرسل & فيكون المراد بقوله ‪ « :‬أو يرسل رسولا فێوحي بإذنه‬ ‫أو يرسل إليه نبيا ‪ .‬فيبلغ وحيه كما أمره “ وعلى الذول ‪:‬‬ ‫ما يشاء « ‏‪) ١‬‬ ‫المراد بالرسول ‪ :‬الملك المُوحى إلى الرسول ‪ 8‬إنتهى كلامه ‪.‬‬ ‫فالإختصاص به (صلى الله عليه وآله) على هذا التفسير ‪ .‬صحيح ‪.‬‬ ‫لكنه مضافا إلى مخالفته لأكثر المُفسرين {‪ ،‬كما أشار إليه القاضي في آخر‬ ‫كلامه ‪ .‬بقوله ‪:‬‬ ‫قيل ‪ :‬يرد عليه ‪ :‬أن الآية ‪ 0‬إنما استدل بها من قال بجواز الرؤية كما‬ ‫عرفت ؛ ومن قال بعدم جوازه ‪ 0‬كالمُعتزلة ‪ .‬على أصل الجواز وعدمه ‪.‬‬ ‫ولم يستدل أحد بها على كيفية الرؤية ‪ ،‬ولا دلالة في الآية } ولا في غيرها‬ ‫من الآيات على كيفيتها ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الشورى‪. ٥٠١ : ‎‬‬ ‫۔ ‏‪ ٣١٨‬۔‬ ‫وإنما ذهب من ذهب ‘ إلى أن رؤية البارئ تعالى ‪ 0‬بخلاف رؤية‬ ‫المخلوقين ‪ .‬بدلالة العقل ‪ 0‬وإنه تعالى لا شبه المخلوقين } « ليس كمثله‬ ‫« ‏(‪. (١‬‬ ‫شيء‬ ‫وما كان يلزم على القول بالرؤية الحسية من المفاسد ‪ 0‬والآيات ‪.‬‬ ‫والأخبار الدالة على هذه المسألة } نفيا وإثبات ‪ 0‬إنما هي دالة على أصل‬ ‫الرؤية عودمها ‪ .‬لا على كيفيتها ‪ 0‬كما هو مقصود الناظم ‪ 0‬على ما يعطيه‬ ‫سياق كلامه ‪.‬‬ ‫الآية‬ ‫سيير‬ ‫في ف‬ ‫تقاض‬ ‫أما كلام المُثبتين ‪0‬فقد عرفت كلام ال‬ ‫‪-‬‬ ‫وأما كلام النافين ؛ فقد قال جار الله الزمخشري { عند تفسير الآية ‪:‬‬ ‫ما هذا لفظه ‪ 0‬وما كان لبشر ‘{ وما يصح لأحد من البشر ‪ ،‬أن يكلمه الله إلأ‬ ‫على تلاتة أوجه ‪ :‬إما على طريق الوحي ‘‪ 0‬وهو الإلهام ‪ 0‬والقذف في‬ ‫القلب ‪ ،‬أو المنام ‪ 0‬كما أوحى إلى أم مُوستى ‪ ،‬وإلى إبراهيم (الَككلام) ‪ ،‬في‬ ‫ذبح ولده ؛ وعن مجاهد ‪ :‬أوحى الله الزبور إلى داوود (الكفثم) ‪ .‬في‬ ‫صدره ؛ قال غبيد بن الأبرص ‪:‬‬ ‫فقمت على رجل‬ ‫أو في‬ ‫بآل أبي‬ ‫تأمروا‬ ‫الله أن قد‬ ‫وأوحى إلي‬ ‫في قلبي ‪.‬‬ ‫وقذف‬ ‫ألهمني ‘‬ ‫‪:‬‬ ‫اي‬ ‫غير‬ ‫“ من‬ ‫الأجرام‬ ‫وأما على أن يسمعه كلامه ‪ .‬الذ ي يخلقه في ببعض‬ ‫أن يبصر السامع من يكلمه [ لأنه في ذاته غير مرني ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الشورى‪١ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٣١ ٩.‬۔‬ ‫وقوله ‪ :‬ل من وراء حجاب & () ؛ مثلا ‪ :‬كما كلم الملك المُحتجب‬ ‫بعض خواصه { وهو من وراء الحجاب ‪ 0‬فيسمع صوته ‘ ولا يرى‬ ‫شخصه & وذلك كما كلم مُوستى ‪ 0‬ويكلم الملائكة ‪.‬‬ ‫وإما على أن يرسل إليه رسولا من الملانكة } فيوحي الملك إليه ‪ 0‬كما‬ ‫كلم الأنبياء غير مُوسَى ‪.‬‬ ‫وقيل ‪ :‬وحيا ‪ :‬كما أوحى إلى الرسل بواسطة الملائكة ‪ .‬أو يرسل‬ ‫رسولا } أي ‪ :‬نبيا ‪ .‬كما كلم أمم الأنبياء على ألسنتهم ‪ 0‬إنتهى كلامه ‪.‬‬ ‫أقول ‪ :‬هذا كلام المْثبتين والنافين ‪ 0‬في تفسير الآية ‪ 0‬ليس فيه إشارة‬ ‫إلى كيفية الرؤية بوجه ‪.‬‬ ‫فإن قلت ‪ :‬ليس مراده ما ذكرت ‪ 0‬حتى يرد عليه ما أوردت ؛ بل‬ ‫غرضه خطاب القائل بالرؤية ‪ :‬بأنك أيها القائل ‪ 0‬إن قلت ‪ :‬أن رؤيته‬ ‫تعالى مخالفة للرؤية المْتعارفة ‪ 0‬فعليك برهان يدل عليها ؛ أو قلت ‪ :‬إنما‬ ‫ذهبنا إلى جواز الرؤية ‪ ،‬لقيام الدليل عليه ‪ .‬وهو قوله تعالى ‪ 0‬هذا ناظر‬ ‫شرفا ‪ ،‬وذاك وراء حجاب ‪ 8‬إشارة إلى الآية الثانية ‪ 0‬فيكون قوله ‪ :‬أو‬ ‫قلت بموقعه ‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬ففيه مضافا إلى أنه مخالف لسياق الكلام ‪ 0‬كما هو واضح لمن‬ ‫له أدنى روية بأساليب الكلام ‪ 0‬أن المناسب على هذا كان إجباه الخصم‬ ‫بالرد ‪ 0‬كما سبق منه ‪ 0‬لا تسليم كلامه ‪ .‬وأن هذا حق ‘ ولكنك أيها‬ ‫الخصم { ليس لك التفوه بهذا الكلام ‪ 0‬فإن هذا المعنى ليس مما يعرفه كل‬ ‫أحد ‪ 0‬بل يختص بمن كان كذا وكذا ‪ 0‬وبلغ من الشرف إلى حد كيت وكيت ‪،‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الشورى‪. ٥١ : ‎‬‬ ‫۔ ‏‪ ٣٢٠‬۔‬ ‫فاعرف ذلك ‪.‬‬ ‫ثم أن التسليم من الخصم أصل الكيفية } وأن هذا المطلب حق ‪ ،‬ولكنك‬ ‫لست من أهله ‪ ،‬خارج عن قانون المناظرة ‪:‬‬ ‫أما أولا ‪ :‬فلان الذي يذكره فيما بعد من الكيفية غير ما إدعاه الخصم ‪.‬‬ ‫فإن الخصم يقول ‪ :‬أن المراد من الرؤية ليس إرتساما ‘ ولا خروج شعاع ‪.‬‬ ‫وإنما هي حالة إدراكية مخالفة لهما ‪ 0‬غير ملازم إياهما ‪ 0‬وهذا الذي‬ ‫يذكره الناظم ‪ 0‬أوله يؤدي إلى كلام المتصوفة ‪ 0‬وآخره يعطي ما إخترناه‬ ‫من العلم الضروري \‪ ،‬أعني ‪ :‬عين اليقين ‪ 0‬ولا ربط لهما بكلام الخصم }‬ ‫حتى يسلمه ‪ 0‬فيجبهه بأنك لا تدرك هذا المعنى ‪.‬‬ ‫وأما ثاني ‪ :‬فلان غرض الخصم إثبات الإمكان أولا بالأصل ‘ الذي هو‬ ‫كأنه من المسلمات عند الحكماء ‪,‬‬ ‫فهذا كلام الشيخ الرنيس أبي علي بن سينا ‪ .‬حيث يقول ‪ 0‬على ما نقل‬ ‫عنه ‪ :‬كلما قرع سمعك { ولم يقم دليل على إمتناعه { فذره في بوتة‬ ‫الإمكان ‪ 0‬تم بأخبار الصادق المصدق بالوقوع ثانيا ؛ ولكن حيث حكم‬ ‫العقل بعدم إمكان وقوع كيفية منه ‪ ،‬وهو الكيفية المُتعارفة ‪ 0‬قال ‪ :‬بكيفية‬ ‫أخرى لا يمنعها العقل ‪ 0‬وهذا لا يقتضي أن يشاهد تلك الكيفية ‪ .‬ولا يعلمها‬ ‫بكنه حقيقتها ‪ .‬فكثيرا ما نحكم على أشياء بأمور لا نطلع على موضوعها ‪.‬‬ ‫ولا على محمُولها ‘ إلآ على الإجمال ‪ 0‬وبوجههما العام ‪ 0‬كما تقول ‪ :‬الله‬ ‫عالم ‪ .‬وقادر } وقيوم ‪ 0‬إلى غير ذلك من صفاته الجمالية ‪ .‬ونعوته‬ ‫الجلاليه ‪ 0‬مع أنا لم نتصور الموضوع ‪ ،‬ولا المحمول بكنه حقيقتهما ‪ 0‬بل‬ ‫ما تصورنا من الموضوع ‘ إلا أنه موجود أزلي { واجب الوجود ‪ .‬جامع‬ ‫‪.‬۔‪ ٢١‬‏‪ ٣‬۔‬ ‫للصفات الكمالية ‪ .‬وهذه أيضا على وجه الإجمال ‏‪ 0٠‬ومن المحمول ‪ ،‬إلا أنه‬ ‫غير جاهل ‘ ولا عاجز ‪ 0‬قائم بكل شيء من غير أن نعرف حقيقته تعالى ‪.‬‬ ‫ولا حقيقة علمه وقدرته ‘ ولا كيفية قيامه بالذشضشيا ع ‪ .‬فعد م معرفة‬ ‫الموضوع ‪ ،‬أو المحمول بكنه حقيقتهما ‪ 0‬لا يوجب عدم الحكم ‪.‬‬ ‫قال‬ ‫فخلفه‬ ‫الشهود‬ ‫من‬ ‫نسى الوجود‬ ‫بعيانه‬ ‫متفرد‬ ‫تجرد‬ ‫مترفه‬ ‫قربية‬ ‫حبيه‬ ‫أنسية‬ ‫قدسية‬ ‫حضرة‬ ‫في‬ ‫في مقعد الصدق الذي ما ألطفه‬ ‫أفلاكها‬ ‫الأملاك في‬ ‫قد زاحم‬ ‫المعرفه‬ ‫كمال‬ ‫لدى‬ ‫اليقين‬ ‫حق‬ ‫بشهوده‬ ‫ناظر‬ ‫منه‬ ‫فالورجد‬ ‫كمل الكمال لكامل ما أعرفه‬ ‫بل له‬ ‫عين‬ ‫بلغ العيان بغير‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬ممتجرد { (بالرفع) ‪ :‬نعت ثان لامرئ { في البيت السابق ‪.‬‬ ‫اسم فاعل من ‪ :‬تجرد ‪ 0‬على وزن تكسر ‪ ،‬إذا إنتزع من تيابه ‪ 0‬والمراد ‪:‬‬ ‫إنتنزاعه من العلائق البدنية ‪ 0‬والعوانق الدنيوية ‪ .‬من شهود الحضرة‬ ‫الإلهية ؛ و } متفرد م ‪ :‬أيضآ بالرفع ‪ :‬نعت ثالث له ‪ .‬من تفرد بالأمر ‪.‬‬ ‫إذا إنفرد به ‪ 0‬واختص دون غيره ؛ و } بعيانه ) ‪ :‬جار ومجرور متعلق‬ ‫به ‪ 0‬وهو من عاينه ‪ ،‬إذا شاهده ورآه بعينه ‪ 0‬والمراد هنا ‪ :‬العين العقلي ه‬ ‫لا الحسي ‪ 0‬كما سيصرح به ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬نسى { ‪ :‬فعل ماض ‘ وفاعله ضمير راجع إلى امرئ { في‬ ‫البيت السابق ‘ والجملة نعت رابع له ‪ 0‬يقال ‪ :‬نسيه ‪ 0‬نسيا ‘ ونسيان ‪.‬‬ ‫_۔‪ ٢‬‏‪ ٣٢‬۔‬ ‫ونساوة (بكسرهن) ‪ 0‬ونسوة ضد حفظه ‘ كذا في "" القاموس " ؛‬ ‫و } الوجود ع (بالنصب) ‪ :‬مفعوله ‪ 4‬والألف واللام نانب عن الضمير ‪.‬‬ ‫كما قيل في قوله تعالى ‪ « :‬فإن الجنة هي المأوى » () ‪ ،‬أي ‪ :‬مأواه ‪.‬‬ ‫وفي قولهم ‪ :‬مررت برجل حسن الوجه (بالرفع) ‪ 0‬وهو خلاف العدم ‪.‬‬ ‫وتعريفه بالثابت ‪ ،‬العين أو الذي يمكن أن يخبر عنه { أو الذي يكون فاعلا‬ ‫ومُنفعلاً ‪ 0‬يشتمل على دور ظاهر ‪:‬‬ ‫أما الأول ‪ :‬فلأن الثبوت مرادف للوجود ‪.‬‬ ‫وأما الثاني ‪ :‬فلأن الإمكان قد أخذ في تعريفه ‪ 0‬وهو عبارة عن سلب‬ ‫الضرورة ‪ ،‬عن طرفي الوجود والعدم ‪.‬‬ ‫وأما الثالث ‪ :‬فلأن الكون الذي أخذ في تعريفه مرادف له ‘ واعتذر‬ ‫بأن السراد التعريف اللفظي ‘ إذ لا شيء في المفهومات أعرف من‬ ‫الوجود ‪ 0‬واختلف في أنه عين المهيات أم لا ‪ .‬فجمهور المتكلمين ‪ .‬على‬ ‫أن الوجود زاند على المهيات في الواجب ‘ والمُمكن ‘ والغلماء ‪ 0‬في‬ ‫الواجب عينه ‪ ،‬والمّمكن زائد عليه ‪ 0‬والمُتصوفه أنه في الواجب والمّمكن‬ ‫عين حقيقتهما ‪ 0‬وخير الأمور أوسطها { وتحقيق الكلام لا يسعه المقام ‪.‬‬ ‫ولعل في المباحث السابقة } ما يغنيك ويرشدك إلى ما هو الحق ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬من الشهود { ‪ :‬جار ومجرور متعلق بنسى ؛ و } من{ ‪:‬‬ ‫فيه تعليلية ‪ .‬كما في قوله تعالى ‪ ( :‬مما خطيئاتهم أغرقوا » ("‪ 0‬؛ وقول‬ ‫الفرزدق ‪:‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة نوح‪. ٢٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة النازعات‪. ٤١ : ‎‬‬ ‫‪٣‬۔ ‏‪ ٣٢‬۔‬ ‫يغخضي حياء ويغخضي من مهابته‬ ‫و } الشهود { ‪ :‬هو الحضور والمشاهدة ‪ 0‬وهو إشارة إلى ما ذهب‬ ‫إليه المُتصوفه ‪ ،‬وعبروا عنه بالفناء في الله ‪ 4‬وقد مضى الكلام في هذا‬ ‫المقام مُفصلا ‪ ،‬في شرح رواية أبي جعفر (التَتلةم) ‪ .‬حين سأله الخارجي‬ ‫عن مسألة الرؤية ‪ 0‬فراجعه ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬فخلفه { ‪ :‬الفاء فيه للعطف ‪ 0‬وهو فعل ماض من باب‬ ‫التفعيل ‪ ،‬وفاعله ضمير مستتر راجع إلى امرئ ‪ 0‬والضمير الظاهر في‬ ‫محل النصب ‘ على أنه مفعوله ‘ والجملة عطف على جملة ‪ :‬نسى ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬في حضرة { ‪ :‬جار ومجرور متعلق بقوله ‪[ :‬خلفه!] ‪.‬‬ ‫ومعناها ‪ :‬الحضر ؛ قال في "" القاموس " ‪ :‬وكان بحضرته مُتلثه ‪.‬‬ ‫وحضره ‪ 0‬وحضرته (مُحركتين) { ومحضره بمعنى إنتهى ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬قدسية أنسية حبية قربية ع ‪ :‬نسب إلى قدس ‪ ،‬وأنس ه‬ ‫وحب ‪ ،‬وقرب ؛ ولذا وقعت نعوتا { لأن النسبة شبيهة بالمُشتق ‪ 0‬فإنها في‬ ‫تأويل منسوب إلى كذا ‪ 0‬وهي مع } مُتنشرفه ع ‪ 0‬نعوت لحضرة ‪.‬‬ ‫والقدس هو الطاهر المنزه عن العيوب والنقانص ‘ والأنس من‬ ‫الإستنناس ‘ خلاف الإستيحاش ‘ والخب (بالضم) ‪ :‬الوداد ‪ 0‬كالحباب‬ ‫والحب (بكسرهما) ‪ 0‬والمحبة والحباب (بالضم) ‪ 0‬كذا في "" القاموس "' ‪.‬‬ ‫وعن بعض المحققين ‪ :‬محبة الله للعبد ‪ 0‬كشف الحجاب عن قلبه ‪.‬‬ ‫وتمكنه من أن يطأ على بساط قربه ‪ 0‬فإن ما يوصف به سبحانه ‪ .‬إنما‬ ‫يؤخذ بإعتبار الغايات لا المبادئ ‪ .‬وعلامة خبه للعبد ‪ .‬توفيقه للتجافي‬ ‫‏‪ ٣٢٤‬۔‬ ‫عن دار الغرور ‪ 0‬والترقي إلى عالم النور } والأنس بالله ‪ 0‬والوحشة ممن‬ ‫سواه ‪ .‬وصيرورة جميع الهموم هما واحدا ‪.‬‬ ‫و } القرب { (بالضم) ‪ :‬مصدر قرب منه ‘ ككرم ‘ قربا وقربانا ‪:‬‬ ‫دنا ؛ والمراد بقرب العبد إلى الله تعالى ‪ :‬القرب بالذكر ‪ 0‬والعمل الصالح ‏‪١‬‬ ‫لا قرب الذات والمكان ‘ لأن ذلك من صفات الأجسام ‪ ،‬والله تعالى مُنزه‬ ‫عن ذلك ؛ والمراد بقرب الله تعالى من العبد ‪ 0‬قرب نعمه ‪ ،‬وألطافه ‪،‬‬ ‫وبره ‪ .‬وإحسانه إليه ‪ ،‬وترادف مننه ‪ 0‬وفيض مواهبه عليه ‪.‬‬ ‫و } مُتشرفه { ‪ :‬اسم مفعول مُؤنث ؤ لتأنيث منعوته ‪ ،‬مأخوذ من‬ ‫الننشرف محركة ‪ ،‬أي ‪ :‬العلو والمكان العالي ‘ ومنه سمي الشريف‬ ‫شريفا } تشبيها لعلو المعنوي بالعلو المكاني ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬قد زاحم { ‪ [ :‬قد ) ‪ :‬حرف تحقيق ؛ و } زاحم { ‪ :‬فعل‬ ‫ماض من باب المفاعلة ‪ ،‬أي ‪ :‬دافع من زحمته زحماآ ‪ }.‬من باب نقع‬ ‫دفعته ‪ 0‬وأكثر ما يكون ذلك في مضيق ؛ و } الملاك ] ‪ :‬جمع ملك ‪.‬‬ ‫وهو من الملانكة ‪ 0‬واحد وجمع ‘ وأصله ‪ :‬مألك { فقدم اللام وأخر‬ ‫الهمزة ‪ 0‬ووزنه مفعل ‪ 0‬من الألوكة ‪ :‬وهي الرسالة } تم تركت الهمزة‬ ‫لكثرة الإستعمال ‪ ،‬فقيل ‪ :‬ملك ؛ فلما جمعوه { ردوه إلى أصله ‘ فقالوا ‪:‬‬ ‫ملائنك ‪ 0‬فزيد التاء للمبالغة } أو لتأنيث الجمع ‪.‬‬ ‫وعن ابن كيسان ‪ :‬هو فعال من الملك ‪.‬‬ ‫وعن أبي عبيدة ‪ :‬مُفعل من لاك ‪ :‬إذا أرسل ‪.‬‬ ‫واختلف في حقيقة الملانكة { فذهب أكثر المتكلمين ‪ .‬لما أنكروا‬ ‫‏‪ ٣٢٥‬۔‬ ‫الجواهر المجردة ‪ :‬إلى أن الملانكة والجن أجسام لطيفة ‪ .‬قادرة ‪.‬‬ ‫نورانية ‪ 0‬كاملة في العلم ‪ 0‬والقدرة على الأفعال الشاقة ‪ }.‬شأنها الطاعات ‪.‬‬ ‫ومسكنها السماوات ‪ 0‬وهم رسل الله تعالى إلى الأنبياء ‪ « :‬يسبحون‬ ‫الليل والنهار لا يفترون » () ؛ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما‬ ‫يؤمرون » (" ‪.‬‬ ‫ونقل عن المعتزلة ‪ 0‬أنهم قالوا ‪ :‬الملانكة ‪ 0‬والجن ‪ .‬والشياطين ‪.‬‬ ‫مُتحدون في النوع ‪ 0‬مُختلفون بأفعالهم ؛ أما الذين لا يفعلون الأ الخير فهم‬ ‫الملانكة ؛ وأما الذين لا يفعلون إلا الشر فهم الشياطين ؛ وأما الذين‬ ‫يفعلون الخير تارة والشر أخرى فهم الجن ؛ ولذلك عذ إيليس تارة في‬ ‫الجن ‪ 0‬وتارة في الملانكة ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬في أفلاكها ) ‪ :‬جار ومجرور متعلق بقوله ‪( :‬زاحم{ ‪.‬‬ ‫وهي جمع فلك (بالتحريك) ‪ 0‬كأسباب وسبب ‘ سمى فلكاً لإستدارته ‪ .‬وكل‬ ‫مُستدير فلك ‪ 0‬ويجوز أن نجمع على فلك ‪ 0‬كأسد وأسد ؛ وفي الحديث ‪ :‬أن‬ ‫الفلك دوران السماء ‪ .‬فهو اسم للدوران خاصة { ولعل قوله (يلةُ) ‪:‬‬ ‫وكل في فلك يسبحون » ") ‪ 0‬رمز إلى ذلك ؛ فإنه يقرأ من الأول والآخر‬ ‫كذلك { فتدبر ‪.‬‬ ‫وأما المنجمون & فالفلك عندهم ‪ :‬ما ركبت فيه النجوم ‘} ولا يقصرونه‬ ‫على الدوران ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬سورة الأنبياء ‪ :‬‏‪. ٢٠‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة التحريم‪. ٦ : ‎‬‬ ‫‪. ٤٠ :‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة يس‪‎‬‬ ‫۔ ‏‪ ٣٢٦‬۔‬ ‫أقول ‪ :‬هذا منقوض بالفلك الأطلس ‪ 8‬الذي هو فلك الأفلاك ‪ .‬فانه‬ ‫عندهم فلك ‘ بل فلك الأفلاك ‪ 0‬مع أنه لا نجم فيه عندهم ‪ 0‬ولذا يسمى‬ ‫أطظس ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬في مقعد م ‪ :‬جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فاعل‬ ‫زاحم ‪ 0‬واحتمال تعلقه بزاحم وهم \{ لا لعدم جواز تعدى عامل واحد إلى‬ ‫أكثر من معمول واحد ‪ .‬بحرف واحد ‪ ،‬لأن ذلك جانز في الظرف ى إذا كان‬ ‫الأول عاما ‪ .‬والتاني خاصا { نحو ‪ :‬زيد في البلد في الدار ‪ 0‬أو بالعكس‬ ‫كالعكس ‪ ‘.‬بل لأن مقعد الصدق لم يكن فيه مزاحمة ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :‬الصدق { ‪ :‬مجرور بإضافة مقعد إليه ‪ 0‬من باب إضافة‬ ‫الموصوف إلى الصفة ‪ ،‬وكأنه إقتباس من قوله تعالى ‪ « :‬إن المتقين في‬ ‫جنات ونهر (؛ثا في مقعد صدق عند مليك مقتدر « () ؛ ومقعد ‪ :‬اسم‬ ‫مكان { من قعد ‪ .‬أي ‪ :‬جلس ‘ فالمعنى في مجلس حق ‘ لا لغو فيه ‘ ولا‬ ‫تأثيم ‪ 0‬أو مرضي رفيع ؛ و } الذي م ‪ :‬اسم موصول في محل الجر ‪.‬‬ ‫لبنانه على أنه نعت لمقعد ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬ما ألطفه { ‪ :‬فعل تعجب ‘ واختلف فيما من مثل ‪ :‬ما‬ ‫أحسن زيدا ‪ 0‬فقيل ‪ :‬نكرة ‪ 0‬والمعنى ‪ :‬شيء أحسن زيدا ‪ .‬جزم بذلك كافة‬ ‫نحاة البصرة ‪ ،‬إلا الذخفش ‘ فجوز ذلك ‪ 0‬وجوز أن تكون معرفة موصولة ‪.‬‬ ‫والجملة بعدها صلة ‪ 0‬لا محل لها من الإعراب ‪ 0‬وأن تكون نكرة‬ ‫موصوفة { والجملة بعدها في موضع رفع ‘ على أنها نعت ‪ 0‬وعليهما‬ ‫فخبر المبتدأ محذوف وجوبا تقديره ‪ :‬شيء عظيم ‪.‬‬ ‫‪. ٥٩٥ - ٥٤‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ ) ١‬سورة القمر‪‎‬‬ ‫‏‪ ٣٢٧.‬۔‬ ‫وقال ابن درستويه ‪ [ :‬ما } إستفهامية ‪ .‬وما بعدها خبرها ؛ قال نجم‬ ‫ا‪١‬‏ لمعنى ‪ .‬لذنه جهل سبب‬ ‫الذنمة ا لرضي ‪ .4‬ومذهبه قو ي ‪ .‬من حيث‬ ‫‪ » :‬وما أدرا ك‬ ‫‘ في نحو‬ ‫‏‪ ١‬لتعجب‬ ‫‏‪ ١‬لإستفهام‬ ‫© وقد ‏‪ ١‬ستفيد من‬ ‫فاستفهم عنه‬ ‫ما يوم الدين & (') ‪ 0‬وأتدري من هو ‪ ،‬وعليه فهي من فروع النضمنة‬ ‫معنى الحرف ‪ 0‬وعلى ما ذكره المصنف ‪ 4‬يعني ‪ :‬ابن الحاجب ‪ 8‬التعجب‬ ‫‪ ،‬أذننتهى كلامه ‪.‬‬ ‫من ا ل ‪:‬جملة‬ ‫وكيف كان ‪ 4‬فالجملة صلة الذي بتقدير القول ‪ .‬لكونها إنشاء لا تصلح‬ ‫لطظف ‏‪٠٨‬‬ ‫© واشتقاقه من‬ ‫ألطفه‬ ‫يقال له ‪:‬ما‬ ‫أن تكون صله ‪ .‬والمعنى الذ ي‬ ‫‏‪ ٠‬فهو‬ ‫‪ :‬صغر ودق‬ ‫لطفا ولطافة‬ ‫‪ :‬رفق ودنا ‪ .‬وككرم‬ ‫كنصر لطفا (بالضم)‬ ‫"' ‪ .‬والكل مناسب‬ ‫لطيف ‘ وما ألطفه بكذا أبره { كذا في "" القاموس‬ ‫للمقام ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :‬فالوجه { (بالرفع) ‪ :‬مبتدأ ؛ و } منه ع ‪ :‬جار ومجرور‬ ‫‏‪ ١‬ناظر ! ‘‬ ‫في‬ ‫‪ 8‬أو م نن الضمة‬ ‫الوجه‬ ‫حال من‬ ‫متعلق بمحذوف‬ ‫»‪ .‬كما مر ©}‬ ‫في جواز الحال من المبتدأ‬ ‫خلاف بين سيبويه وغيره‪.‬‬ ‫و } ناظر { (بالرفع) ‪ :‬خبره ؛ و [ بشهوده م ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق‬ ‫بناظر ‪ 0‬والضمير فيه لامرئ ؛ و } حق { (بالنصب) ‪ :‬مفعول شهود ‪.‬‬ ‫وهو مضاف إلى } اليقين { ‪ :‬إضافة الصفة إلى الموصوف ‪ ،‬أي ‪:‬‬ ‫اليقين الثابت الذي لا يختلجه ريب ‘ ولا يشوبه شك ‪.‬‬ ‫والأولى التعبير في المقام بعين اليقين ‪ 0‬فإنه بعد حق اليقين ‪0‬كما أن‬ ‫حق اليقين بعد علم اليقين ‪ 0‬وهو آخر مراتب العلم ‪ 0‬وقد سبق أن للعلم‬ ‫مراتب شتى ‪ 0‬بعضها فوق بعض ‪ ،‬فراجعه ‪.‬‬ ‫‪ :‬‏‪. ١٧‬‬ ‫‏) ‪ ( ١‬سور ة ا لإنفطار‬ ‫‏‪ ٣٢٨‬۔‬ ‫وهذا هو الذي إخترناه ‪ 0‬من معنى الرؤية العقلية ‪ .‬وهو الذي طلبه‬ ‫مُوسى (اللثلام) في الذنيا ‪ 0‬حين قال ‪ :‬قال رب أرني أنظر إليك « (‘ ‪.‬‬ ‫وامتنع منه بقوله (تلمة) ‪ « :‬لن تراني » <"){ على ما هو التحقيق عند‬ ‫أهل النظر ‘ لا توهمه الأشعري ‪ 0‬فنقض وأبرم بما لا طائل تحته ‘ وهذه‬ ‫المرتبة لم توهب لأحد في الدنيا ‪ .‬غيره (صلى الله عليه وآله) ليلة‬ ‫المعراج ‪ ،‬لظهور سلطان الآخرة عليه بالموت الإرادي ‪.‬‬ ‫فإذا إرتفع الحجاب بالموت ‪ ،‬وكانت النفس عارفة ‘ غير ملونة‬ ‫بالكدورات الدنياوية ‘ فعند ذلك تستعد لصفانها ونقانها عن الكدورات ‏‪٠‬‬ ‫حيث ‪ « :‬ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة » ") ‪ 0‬ولا غبرة ‪ ،‬لأن يتجلى‬ ‫لها الحق سبحانه ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬لدى { ‪ :‬ظرف بمعنى ‪ :‬عند متعلق بناظر ‪ 0‬مضاف إلى‬ ‫[ كمال { ‪ .‬وهو إلى [ المعرفة م ‪ :‬فهما مجروران بالإضافة ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :‬بلغ ) ‪ :‬إستنناف وإبتداء كلام ‪ .‬وهو فعل ماض ‪ ،‬فاعله‬ ‫ضمير امرئ ؛ و } العيان)م (بالنصب) ‪ :‬مفعوله ‪ 0‬وهو المشاهدة بالعين ؛‬ ‫والمراد هنا ‪ :‬عين العقل ؛ ولذا قرنه بقوله ‪ [ :‬بغير عين { ‪ ،‬أي ‪:‬‬ ‫م‬ ‫‪.‬‬ ‫حسبه‬ ‫وقوله ‪ [ :‬بل { ‪ :‬حرف إضراب ‪ 8‬فإن تلاها جملة‪ .‬كما هنا ‘ كان‬ ‫‪ :‬إما إبطال الخكم السابق عليه ‪ .‬نحو قوله‬ ‫معنى الإضراب أحد أمرين‬ ‫تعالى ‪ ( :‬وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مُكرمُون » (‘) { أي ‪:‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة يونس‪. ٢٦ : ‎‬‬ ‫‪. ١٤٣:‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الأعراف‪‎‬‬ ‫(‪ )٤‬سورة الرزحمن‪. ٢٦ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الاعراف‪. ١٤٣ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٣٢٩‬۔‬ ‫ليس الأمر كما قالوا } بل هم عباد ‪.‬‬ ‫وأما الإنتقال من مطلب إلى آخر ‪ 0‬وإن لم يتنافيا كما هنا ‘ وكقوله‬ ‫ريلة) ‪ « :‬قد أفلح من تزكى ثا وذكر اسم ربه فصلى ‏‪ !٨١‬بل تؤثرون‬ ‫الحياة النيا » (") ؛ وهو في ذلك كله حرف إبتداء ‪ .‬على القول الصحيح لا‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ .‬كقام زيد ‪ .‬بل عمرو‬ ‫‪ .‬وإن تلاها مفرد فهي عاطفة‬ ‫عاطفة‬ ‫و [ له { ‪ :‬جار ومجرور متعلق بقوله ‪ [ :‬كمل { ‪ :‬واللام فيه‬ ‫للتعليل ‪ 0‬والضمير فيه راجع إلنى العيان ‘ أي ‪ :‬لأجل هذا الشرف والكمال ‪.‬‬ ‫كمل الكمال له (صلى الله عليه وآله) ؛ ويحتمل أن يكون راجعا إلى‬ ‫امرئ ؛ والأول أولى ‪ 0‬وكمل ‪ :‬كنصر ‘ وكرم ‘ وعلم ‪ 0‬كمالا } وكمُولا ‪.‬‬ ‫فهو كامل { وكميل ‪ ،‬تم ‪.‬‬ ‫‪ :‬جار‬ ‫؛ و ‏‪ ١‬لكامل {‬ ‫و ‏‪ ١‬الكمال { (بالرفع) ‪ :‬فاعله ومصدره‬ ‫ومجرور متعلق بمحذوف حال ‪ 0‬من الكمال ‘ لا مُتعلق بكمل ‪ .‬للزوم تعدي‬ ‫عامل واحد إلى معمولين بحرف واحد ‪.‬‬ ‫و [ ما أعرفه)ع ‪ :‬فعل تعجب نعت لكامل ‪ .‬وضميره يرجع إلى كامل ‪.‬‬ ‫والمعنى بعد البيانات المذكورة ‪ .‬واضح لا ستر عليه ‪.‬‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫مم‬ ‫فذوق أشرب وإلا فاسأل الممتصوفه‬ ‫يعرفه‬ ‫الشوق‬ ‫أهل‬ ‫بالذوق‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬بالذوق ع ‪ :‬جار ومجرور متعلق بيعرفه ؛ ومعنى الذوق‬ ‫‏(‪ )١‬سورة الأعلى ‪ :‬‏‪. ١٦ - ١٤‬‬ ‫‏‪ ٣٣٠‬۔‬ ‫مضى مفصلا ‪ ،‬إلا أن المراد هنا ‪ :‬ذوق العقل لا ذوق الحس ؛ و } أهل {‬ ‫(بالرفع) ‪ :‬مبتدأ مضاف إلى } الشوق { ‪ :‬وهولفة‘‪.‬كمافي‬ ‫"القاموس"! ‪ :‬نزاع النفس وحركة الهوى ؛ جمع ‪ :‬أشواق ‪.‬‬ ‫واعلم أن الشوق ‪ 8‬إنما يتعلق بشيء أدرك من وجه ‘ ولم يدرك من‬ ‫آخر ‪ ،‬فما لا يدرك أصلا ‪ ،‬لا شوق إليه ‪ 0‬وما أدرك بكماله ‪ ،‬لا يشتاق إليه‬ ‫أيضا ؛ ففي كل مُشتاق جهتان ‪ 0‬ونحن نوضح ذلك بمثال ‪.‬‬ ‫مثلا ‪ :‬من غاب عنه معشوقه ‪ 0‬بقي في قلبه خياله ‪ 0‬فيشتاق إلى‬ ‫إستكمال خياله بالرؤية ‪ .‬فلو إنمحى عن القلب ذكره وخياله ومعرفته { لم‬ ‫يتصور أن يشتاق إليه ‪ 0‬ولو رأه وحصل له ‪ 0‬لم يتصور أن يشتاق إليه في‬ ‫وقت الرؤية ‘ إلا أن يراه من وجه ذون وجه { كما يرى وجهه ذون‬ ‫شعره ‪ ،‬أو يراه في ظلمة ‪ 6‬فشتاق إلى إستكمال رؤيته ‪ 0‬بإشراق الضوء‬ ‫علبه‬ ‫م‬ ‫والوجهان جميعا يتصوران في حق الله تعالى ‪ .‬بل هما لازمان لكل‬ ‫عارف { فإن ما إتضح للعارف من الأمور الإلهية ‪ 0‬وإن كان في غاية‬ ‫الوضوح ‪ ،‬فكأنه من وراء ستر رقيق ‪ 0‬وكذلك ينضاف إليها شواغل‬ ‫الدنيا ‪ 0‬فإنما كمال الوضوح بالمشاهدة ‪ 0‬وتمام إشراق التجلي لا يكون إلا‬ ‫في الآخرة ‪ }.‬وذلك يوجب الشوق ؛ ولاد للعارف الولي ‪ 0‬أن يتمنى الموت‬ ‫عن هذه النشأة ‪ .‬ليرتفع الحجاب ‪ ،‬ويدل على ذلك قوله (ريْلة) ‪ « :‬قل يا‬ ‫أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت‬ ‫('' ‪.‬‬ ‫إن كنتم صادقين‬ ‫‪. ٦:‬‬ ‫(‪ )) ١‬سورة‪ ١ ‎‬لمعه‪‎‬‬ ‫۔ ‏‪ ٣٣١‬۔‬ ‫ولذا _ قال سلطان العارفين ‘ أمير المُؤمنين (عليه أفضل صلوات‬ ‫الشصلين) ‪ :‬والله ‪ 0‬لأن ابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل الرضيع‬ ‫بندي أمه ؛ وهذا أحد نوعي الشوق ‪ 0‬وهو إستكمال الوضوح فيما اتضح‬ ‫إتضاحا ‪.‬‬ ‫والناني ‪ :‬أن الأمور الإلهية لا نهاية لها ‪ 0‬وإنما ينكشف لكل عارف‬ ‫بعضها ‪ 0‬ويبقى أمور لا نهاية لها غامضة ‘ والعارف يعلم وجودها‬ ‫بالبرهان ‪ ،‬ويعلم أنه تعالى فوق ما يتناهي ‪ ‘.‬بل وراء ما لا يتناهي بما لا‬ ‫يتناهي ‪ 0‬فلا يزال مُتشوقاً إلى أن يحصل له ما لم يحصل ۔ وإن لم يتضح‬ ‫له ما لم يوضح ‪.‬‬ ‫والشوق الذول ‪ :‬ينتهي في الدار الآخرة ‪ 0‬بالمعنى الذي هو رؤية‬ ‫قلبية ‪ 0‬ولقاء ومشاهدة ‪ 0‬ولا يتصور أن يتمكن في الدنيا ؛ ولهذا قال أمير‬ ‫المؤمنين (التتلة‪ 0 ):‬وهو أكمل العارفين ‪ ،‬بعد رسول الله (صلى الله عليه‬ ‫وآله) ‪ :‬لو كتشف الغطاء ‪ 0‬ما إزددت يقينا ؛ ولم يقل وضوحا وإنكشافاً ‪.‬‬ ‫وأما الشوق الثاني ‪ :‬فيشبه أن لا نهاية له لا في الدنيا ولا في الآخرة ‪.‬‬ ‫فلا يزال النعيم واللذة متواصلة & متزايدة إلى غير النهاية ‪ 3‬وإليه الإشارة‬ ‫بقوله تعالى ‪ 0‬حكاية عن أهل السعادة ‪ :‬نورهم يسعى بين أيديهم‬ ‫وبايمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا » (') ‪ 0‬فاعرف ذلك ‪ ،‬واغتنم ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬يعرفه ع ‪ :‬فعل مُضارع ‪ .‬وفاعله ضمير أهل ‪ ‘.‬وهاء‬ ‫الضمير في محل النصب مفعوله ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬فذق { ‪ :‬الفاء فيه ‪ :‬فاء جواب شرط مقدر ‪ 0‬أي ‪ :‬إن كنت‬ ‫(‪ )١‬سورة التحريم‪. ١ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٣ ٣٢_.‬۔‬ ‫من أهل الذوق والشوق ؛ فذق ‪ :‬وهو فعل أمر من ذاقه يذوقه ‪ 0‬إذا أدرك‬ ‫طعمه بذانقته ؛ و [ اشرب { ‪ :‬عطف عليه ‘ وهو أمر من شرب ‪.‬‬ ‫كسمع ‪ ،.‬شربا ‪ ،‬وثلث ‪ 0‬ومشربا وتشرابا ‪ :‬جرع ‪ 0‬كذا في "القاموس" ‪.‬‬ ‫والمراد منهما ‪ :‬العقليان لا الحسيان ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ } :‬وإلا ] ‪ :‬أصله (أن) الشرطية ‪ ،‬و (لا) النافية ‪ 0‬أدغم النون‬ ‫في اللام ‪ 0‬لأن التنوين أو النون الساكنة ‪ 0‬إذا إلتقى حرفا من حروف‬ ‫يرملون إدغما فيها ‪ 0‬وفعل الشرط محذوف بقرينة ما سبق ‪ ،‬أي ‪ :‬وإن لم‬ ‫تكن من أهله ‪ 0‬حتى تذوقه وتدركه بذوقك ‪[ .‬إفاسأل المتصوفه{ ‪ :‬ولعله‬ ‫() ‪.‬‬ ‫إقتباس من قوله تعالى ‪ « :‬فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون‬ ‫أما بناء على أنهم المعروفون بأهل الذكر ‪ .‬على ما هو المصطلح‬ ‫عندهم ‪ 0‬من ذكر الخفي والجلي ‪ 0‬على الوجه المتعارف عندهم ؛ وأما أن‬ ‫الذكر بمعنى العلم ‪ .‬وهم أهل العلم بطريق الكشف والمدعين له ‪.‬‬ ‫ولكني أقول موضحا للحق ‪ 0‬في هذا المقام ‪ :‬روي عن الحسن ‪ ،‬أنه‬ ‫زعم أقوام على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) } أنهم يحبون الله ‪.‬‬ ‫فأراد أن يجعل لقولهم تصديقا من عمل { فمن إدعى محبة الله ‪ .‬وخالف‬ ‫سنة رسول الله } فهو كذاب ‪ 0‬وكتاب الله يكذبه ‪ 0‬وإذا رأيت من يذكر محبة‬ ‫الله ‪ 0‬ويصفق بيديه مع ذكره ‪ 0‬ويطرب ‘ وينعر ‪ .‬ويصعق ‪ ،‬فلا تشك أنه‬ ‫لا يعرف ما الله ‪ 0‬ولا يدري ما محبة الله ‪ 0‬وما تصفيقه وطربه ونعرته‬ ‫وصعقته ‪ .‬إلا أنه يتصور في نفسه الخبيثة صورة مُستملحة يعشقها ‪.‬‬ ‫فسماها الله ‪ 0‬بجهله وزعارته ‪ 0‬ثم صفق وطرب ‪ ،‬ونعر وصعق { على‬ ‫(‪ )١‬سورة النحل‪ ٤٣ : ‎‬؛ سورة الأنبياء‪. ٧ : ‎‬‬ ‫‪٣٣٢٣‬‬ ‫تصورها ‪ 0‬وربما رأيت المني قد ملأ إزار ذلك المحب عند صعقته وحمقي‬ ‫العامة حوله ‪ 0‬قد ملأوا أرداء هم بالدموع ‘ لما رقتهم من حاله ‪.‬‬ ‫فان كان المراد بالمْتصوفة ما ذكرنا ‘ وبالذكر الذي هم أهله ما‬ ‫وصفنا ‪ 0‬فقد عرفت حالهم ؛ وحاش لله أن يأمر بالسؤال عمن هو مثل هذه‬ ‫السفلة ‪ 0‬الذين نعرتهم كنعرة الحمار ‘ وذكرهم عمل الفجار ‪ .‬بل‬ ‫المُشركين والكفار ‪ 0‬قال الله تعالى ‪ :‬ل( وما كان صلاتهم عند البيت إلأ‬ ‫سُكاءَ وتصدية & ) ؛ يرتكبون القبائح ‪ 0‬كالسؤال من المخلوقين ‪.‬‬ ‫ويتحملون الذل والصغار عندهم ‪ 0‬ويسمونه ‪ :‬كسر النفس ‘ ويتركون‬ ‫الواجبات مثل ‪ :‬الصوم والصلاة ‘‪ 0‬وكذا المُستحبات ‏‪ 0٠‬كحضور الجماعات ‪.‬‬ ‫ويستدلون عليه بقوله تعالى ‪ ( :‬واعبد ربك حتى يأتيك اليقين » ‏(‪ )٢‬؛‬ ‫ويشربون البنج فيسكرون ‘ ويتصور عندهم الصور الخيالية ‪ .‬ويتجسم‬ ‫عندهم فيسمونه لذلك ‪ :‬سر الحق ‪ .‬نعوذ بالله من الغواية والعمى ‪.‬‬ ‫والضلال عن طريق الرشاد والهدى ‪.‬‬ ‫وإن كان المراد ‪ :‬العرفاء بالله ‪ 0‬كالأنبياء وأوصيائهم المعصومين ‪.‬‬ ‫الذين هم أهل الذكر حقيقة ‪ 0‬سيما إن فسر الذكر بالنبي (صلى الله عليه‬ ‫فاسعوا إلى ذكر الله » ”) { أي ‪:‬‬ ‫وآله) ‘ كما فسر به في قوله تعالى ‪:‬‬ ‫إلى النبي ‪ 0‬وهكذا فسر في الآية ؛ فمعنى أهل الذكر ‪ :‬آل الرسول (صلى‬ ‫الله عليه وآله) ‪,‬‬ ‫وكذا إن فسر الذكر بالقرآن ‪ :‬فإنهم أهله ‪ 0‬الذين لا يفارقونه ‪ .‬حتى‬ ‫(‪ ()١‬سورة الأنفال‪' . ٣٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الحجر‪. ٩٩ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة الجمعه‪. ٩ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٣٣٤‬۔‬ ‫ما‬ ‫‪ .‬كما مر في معنى ‏‪ ١‬لخبر ‘ وا لمعنى وا ضح )بعد‬ ‫ا لحوض‬ ‫يرد‬ ‫أوضحناه ‪ .‬من تفسير الألفاظ ‪ ،‬على الوجه الذي بيناه وأوضحناه ‪.‬‬ ‫‪:‬‬ ‫فال‬ ‫المُدنفه‬ ‫بالغقموم‬ ‫لأود ى‬ ‫الأخرى‬ ‫بداره‬ ‫النهود‬ ‫مقطوع‬ ‫كان‬ ‫لو‬ ‫فهو الحجاب له فدع من كيفه‬ ‫ولمن يكون عن الشهود بمعزل‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬لو ] ‪ :‬حرف شرط في الماضي ‘ بحسب أصل وضعه ‪ ،‬كما‬ ‫مر بيانه ‪ 0‬وقد يستعمل بمعنى ‪ :‬إن ‪ 0‬كما ها هنا ؛ و } كان ) ‪ :‬فعل‬ ‫ماض ناقص ‘ واسمه ضمير الفاعل ‘ أي ‪ :‬الكائن ؛ و [ مقطوع {‬ ‫(بالنصب) ‪ :‬خبره ؛ و } الشهود ع (بالجر) ‪ :‬بإضافة مقطوع إليه ؛‬ ‫و } بداره ) ‪ :‬جار ومجرور متعلق بمقطوع ‘ والباء للظرفية ‪ .‬ومحل‬ ‫الضمير الجر ‪ ،‬بإضافة دار إليه ‪ 9‬يرجع إلى ما يرجع إليه اسم كان ؛‬ ‫و [ الأخرى { ‪ :‬مجرور تقديرا ‪ 0‬لأنها نعت دار ‪ 0‬وهي مُؤنث آخر ‪:‬‬ ‫كأفضل ‪ .‬وفضلى ‪ ،‬وأعلى { وعليا ‪.‬‬ ‫واللام في } لأودى { ‪ :‬لجواب } لو { ؛ وأودى ‪ :‬فعل ماض ‪ 0،‬من‬ ‫باب الأفعال ‘ بمعنى ‪ :‬هلك؛؛ و [ بالغقموم ] ‪ :‬جار ومجرور متعلق‬ ‫بأودى ‪ 0‬وهي جمع غم ‪ ،‬نحو ‪ :‬هم ‘ وهموم { وكرب ‪ 0‬وكروب ‪ ،‬من ‪:‬‬ ‫غمه يغمه ‪ ،‬إذا ستره ؛ ومنه الحديث ‪ "" :‬لا غمة في فرانض الله "" } أي ‪:‬‬ ‫لا تستروها ‪ 0‬ولكن تجاهروا فيها ؛ والغمة (بالضم) أيضآ ‪ :‬الئربة ث وهو‬ ‫في غمة ‪ ،‬أي ‪ :‬في حيرة ولبس ‘ والجمع ‪ :‬غمم ‪ .‬كغرفة وغرف ؛‬ ‫‏‪ ٣٣٥‬۔‬ ‫والغمة والغم بمعنى واحد ‪ 0‬كالئربة والكرب ؛ والغمام ‪ :‬السحاب الأبيض ‪،‬‬ ‫البحرين"‬ ‫ميع‬ ‫جذا ف‬‫م‪ 0‬ك‬ ‫"ترها‬‫ماء ‪.‬أي ‪ :‬يس‬ ‫سغم‬ ‫له ي‬ ‫اأن‬ ‫سُمئَ بذلك { ل‬ ‫والكل مناسب للمقام ؛ و } المْدنفه { (بانجد) ‪ : :‬نعت للغموم ‪ .0‬وتأنيخنه‬ ‫بإعتبار جمعية منعوته ‪ .‬اسم فاعل من ‪ :‬أدنفه المرض ۔ إذا أتقله ؛‬ ‫والمُدنف ‪ :‬المتنقل في المرض ‘ من الدنف (بالتحريك) ‪ 0‬وهو المرض‬ ‫الملازم ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬ولمن { ‪:‬الواو ‪:‬عاطفة جملة [ لمن ع وما بعدها ‪ .‬على‬ ‫الجملة التي قبلها { أو إستننافية ‪ 0‬واللام للإبتداء ؛ و } من { ‪ :‬اسم‬ ‫موصول مبتدا ؛ و [ يكون { ‪ :‬فعل مضارع ناقص ‪ ،‬اسمه ضمير‬ ‫الموصول وعاندة ؛ و إعن الشهود ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق [بمعزل) ‪:‬‬ ‫وهو متعلق بمحذوف ‘ خبر يكون ‪ 0‬والجملة صلة الموصول ‘ والمعزل‬ ‫الناحبة ‪.‬‬ ‫والفاء في قوله ‪ [ :‬فهو { ‪ :‬لتوهم الشرط ‪ .‬وهو في محل الرفع‬ ‫مبتدأ تان ؛ و إالحجاب{ (بالرفع) ‪ :‬خبر (هو) ‪ 0‬ومعناه ‪ :‬الساتر ؛‬ ‫و } له ) ‪ :‬جار ومجرور متعلق بالحجاب ‪ .‬والجملة خبر ( من ) ‪.‬‬ ‫والفاء في قوله ‪ [ :‬فدع { ‪ :‬للتفريع ؛ ودع أمر من يدع ‘ بمعنى ‪:‬‬ ‫يترك ؛ و } من { ‪:‬اسم موصول في محل الرفع لبنانه ‪.‬مفعول دع ؛‬ ‫و } كيفه { ‪ :‬فعل وفاعل ومفعول ‪ ،‬فاعله ضمير مُستتر ‪ .‬عاند إلى‬ ‫( من ) ‪ ،‬ومفعوله إلى البارئ (عز اسمه) ‪.‬‬ ‫والمعنى ‪ :‬وإذا كان التنخص مقطوعاآ عن الشهود ‪ .‬والإستغراق في‬ ‫۔‪٣٣٦ ‎‬‬ ‫لجة بحر الوجود ‪ 0‬في الدار الأخرى { ومحل الزلفى ‘ فهو هالك بأثقال‬ ‫الستور ‪ 0‬وسقيم ومحجوب عن مشاهدة النور ‪ 0‬وغميم ‪.‬‬ ‫ومن كان في ناحية عن الشهود ‘ فهو الحجاب لنفسه ‘ لا حاجب له‬ ‫غيره ‪ 0‬فاترك من أثبت له تعالى ‘ كيفا وكيفية من كيفتات خلقه‬ ‫ومخلوقاته ‪.‬‬ ‫قال‪.‬‬ ‫بالبلكفه‬ ‫عقلهم وتستروا‬ ‫عن‬ ‫وتنصلوا‬ ‫ربهم‬ ‫وربك‬ ‫جهلوا‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬جهلوا ] ‪ :‬فعل ماض ‪ ،‬والواو ضمير الجمع المذكر فاعله ؛‬ ‫يقال ‪ :‬جهله ‪ .‬كسمعه ‪ .‬جهلا وجهالة ‪ .‬ضد علمه ‪.‬‬ ‫والواو في [ وربك{ ‪ :‬للقسم ‪ .‬وهو من حروف الجر ؛ و [ ربك { ‪:‬‬ ‫مجرور به { وكاف الضمير في محل الجر ‪ 0‬بإضافة رب إليه ‘ وهذه الواو‬ ‫لا تدخل إلا على مظهر { ولا تتعلق إلآ بمحذوف ‪ .‬نحو ‪ :‬أقسم ‪ .‬وأحلف ؛‬ ‫و } ربهم { (بالنصب) ‪ .‬مفعول جهلوا ‏‪ ٠‬وضمير الجمع في محل الجر ‏‪٥‬‬ ‫باضافة رب ؛ و [ تنصلوا { ‪ :‬فعل ماض من باب تفعل ‪ ،‬أسند إلى ضمير‬ ‫الجمع المذكور ‪ }.‬وهو من قولهم ‪ :‬تنصل فلان من ذنبه ‪ ،‬أي ‪ :‬تبرأ منه ؛‬ ‫و [ عن عقلهم { ‪ :‬جارو مجرور متعلق بتنصلوا ‪ 0‬والجملة عطف على‬ ‫جملة جهلوا ‪.‬‬ ‫وكذلك قوله ‪ [ :‬وتستروا بالبلكفه م ‪ 0‬والمعنى ‪ :‬أقسم بربك ‪ ،‬أيها '‬ ‫‏‪ ٣٣٧‬۔‬ ‫المخاطب ‪ ،‬أن هذا القوم { أي ‪ :‬القائلين برؤية البارئ تعالى ‪ 0‬جهلوا‬ ‫ربهم ‪ 0‬وما قدروه حق قدره ‪ 0‬وخرجوا وتبرأوا عن عقلهم { ولم يرجعوا‬ ‫إلى عقولهم في هذا القول ‘ ولما رأوا أنه مُخالف للعقل ‪ 0‬وأنه يلزم عليهم‬ ‫ما يلزمهم من المحال ‘ تستروا عن عيبهم بإعتقادهم ‪ 4‬بأن قالوا ‪ :‬منظور‬ ‫بلا كيف ‪ 0‬فلربما يرتفع عنهم تلك الشناعة ‪ ،‬ويتخلصوا من إرتكاب تلك‬ ‫المفاسد ‪.‬‬ ‫هذا حاصل مقصوده ‘ وقد عرفت ما فيه كرارا ومرارآ ‪ 0‬وأن هذا ‪6‬‬ ‫إنما يلزم من قال بالرؤية الحسية ‪ ،‬التي هي الإرتسام ‪ 0‬أو إتصال الأشعة ‪3‬‬ ‫أو حالة يلزمها ذون من يقول بالحالة الإدراكية ‪ 0‬التي وصفناها وبيناها ؛‬ ‫نعم يلزم عليهم ما ذكرناه ‪ ،‬فراجع ‪.‬‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫المولى بأستار الضلال المُسدفه‬ ‫عن‬ ‫وأخراهم‬ ‫بدنياهم‬ ‫حجبوا‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬حجبوا ) ‪ :‬فعل ماض مجهول ‪ ،‬أسند إلى ضمير { الجمع‬ ‫المذكر ‪ ،‬من ‪ :‬حجبه ‪ ،‬حجبا ‪ 0‬وحجابا ‪ :‬ستره ‪ 0‬كحجبته ‪ 0‬وقد إحتجب ‪.‬‬ ‫كذا في "" القاموس "" ‪.‬‬ ‫والباء في قوله ‪ [ :‬بأنياهم إ ‪ :‬للظرفية ؛ و } دنيا ] ‪ :‬مجرور بها‬ ‫تقديرا ‪ 0‬والجار والمجرور متعلق بقوله ‪ :‬حجبوا ‪ 0‬سُضاف إلى ضمير‬ ‫الجمع ‪ 0‬وهي مؤنث أدنى ‪ 0‬كأعلى وعليا ‪ 0‬من الدنو ‪ ،‬بمعنى ‪ :‬القرب ‪.‬‬ ‫مُقابل الآخرة ‪ 0‬سميت بذلك لقربها ‪ ،‬وأنها أول منازل سفر النفس من‬ ‫۔ ‏‪ ٣٣٨‬۔‬ ‫العدم إلى الوجود ؛ وفي الحديث ‪ "" :‬الدنيا دنييان ‪ :‬دنيا بلاغ } ودنيا‬ ‫ملعونة ا" ؛ والبلاغ ‪ :‬ما يتبلغ به لأخرته ؛ والملعونة بخلافه ‪.‬‬ ‫والواو في [ وأخراهم { ‪ :‬للعطف ‪ 0‬فهي مجرور تقديرا ‪ 0‬بعطفها‬ ‫على دنيا ؛ و [ عن المولى م ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق بقوله ‪ :‬حجبوا ‪.‬‬ ‫ومعناه ‪ :‬السيد ‪ .‬أو الرب ‪ 0‬كما تقدم ‪.‬‬ ‫والباء في قوله ‪ } :‬بأستار { ‪ :‬للسببية ‪ 0‬جارة لأستار { والجار‬ ‫والمجرور مُتعلق بقوله ‪ :‬حجبوا ‪.‬‬ ‫وبما ذكرنا من أنها للىسببية ‪ 0‬إندفع ما يقال ‪ :‬من أنه لا يجوز تعدي‬ ‫فعل إلى معمولين بحرف واحد ‪ 0‬فإن ذلك حيث يكون في المقامين بمعنى‬ ‫واحد ؛ وأما مع إختلاف المعنى فلا ضير ‪.‬‬ ‫؛‬ ‫الرشاد‬ ‫ضد‬ ‫أاستار إليه ‪ 4‬وهو‬ ‫‪ :‬باضافة‬ ‫{ (بالجر)‬ ‫‏‪ ) ١‬لضلال‬ ‫و‬ ‫؛ قال في‬ ‫‪ :‬الظلمة‬ ‫‪ 6‬أي‬ ‫لأستار‬ ‫‏‪ ٠‬نعت‬ ‫فة ! (بالجر)‬ ‫‏‪ ١ ١‬لمد‬ ‫و‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫!! ‪ :‬السدفه ‪ :‬وتضم الظلمة تميمية ‘ والضو ء قيسية ‪ .‬ضد‬ ‫!! | لقاموس‬ ‫إنتهى ‪.‬‬ ‫‏‪ ٠١‬مم‬ ‫والمعنى ‪ :‬أن هذا القوم ‪ 0‬إحتجبوا وصاروا وراء حجاب ‪ 0‬في دنياهم‬ ‫وأخراهم ‪ 0‬عن معرفة ربهم ‘ بسبب إحتجابهم بأستار الضلالة ‪ .‬والغواية‬ ‫المظلمة ‘ لا عين بصيرتهم ‪ .‬فهم محجوبون عن ربهم ‪ .‬كلا إنهم عن‬ ‫ربهم يومنذ لمحجوبون “ (" ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬سورة المطففين ‪ :‬‏‪. ١٥‬‬ ‫۔‏‪ ٣٣٩‬۔‬ ‫كشفه‬ ‫ذلك‬ ‫فالكشاف‬ ‫بالحق‬ ‫تأويلها‬ ‫ما‬ ‫الآي‬ ‫جهلت‬ ‫ولنن‬ ‫لا شيء فيها عن هدى مُتحرفه‬ ‫تقومه‬ ‫اليقين‬ ‫براهين‬ ‫فيه‬ ‫ما أسلفه‬ ‫هداه واستمع‬ ‫واسمع‬ ‫أنواره‬ ‫واقتبس‬ ‫إليه‬ ‫فانظر‬ ‫الشرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ [ :‬ولئن { ‪ :‬الواو ‪ :‬للإستنناف ؛ واللام فيه موطئة للقسم ؛‬ ‫وأن حرف شرط ؛ و [ جهلت { ‪ :‬فعل ماض مسند إلى ضمير المخاطب ‪.‬‬ ‫في محل الجزم {‪ 0‬على أنه فعل الشرط ؛ و } الآي (بالنصب) ‪ :‬مفعوله ‪.‬‬ ‫وهي جمع آية ‪ .‬وقد تقدم ‪.‬‬ ‫و ( ما ] في قوله ‪ [ :‬ما تأويلها ] ‪ :‬اسم استفهام ‪ .‬محله الرفع‬ ‫لبنانه ‪ 0‬على أنه خبر مُقدم ؛ و } تأويلها ع (بالرفع) ‪ :‬مبتدأ سؤخر ؛‬ ‫و [ بالحق { ‪ :‬جار ومجرور متعلق بتأويلها ‪.‬‬ ‫والفاء في قوله ‪ } :‬فالكشاف ] ‪ :‬فاء جواب الشرط ؛ و [الكشناف] ‪:‬‬ ‫مبتدا ؛ و [ ذلك { ‪ :‬في محل الرفع ‪ .‬على أنه مُبتدأ ‪ .‬وخبره قوله ‪:‬‬ ‫[ كشفه { ‘ أو في محل النصب ‘ على أنه مفعول لفعل محذوف يفسره‬ ‫كشفه ‪ 0‬على قاعد التفسير ‪ .‬والجملة الاسمية على الأول ‪ ،‬والفعلية على‬ ‫الثاني ‪ .‬خبر للكشاف ‪ 0‬وجملة ‪[ :‬فالكشاف ذلك كشفه ‪ :‬جواب الشرط ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬فيه ع ‪ :‬جار ومجرور متعلق بمحذوف ‪ .‬خبر مقدم ؛‬ ‫و [ براهين { (بالرفع) ‪ :‬مبتدأ مُؤخر { وهي جمع برهان ‘ وغير‬ ‫مُنصرف ‪ .‬ولذا حذف منها التوين ‘ لا إضافته إلى } اليقين ع ‪ 0‬كما قد‬ ‫۔ ‏‪ ٣٤٠‬۔‬ ‫يتوهم ؛ و } اليقين { (بالرفع) ‪ :‬على الإبتدانية ‘ أوالنصب على‬ ‫المفعولية ‪ .‬على قاعدة الإشتغال ‪ .‬كما مر في مثله آنفا ؛ و إ تقومه { ‪:‬‬ ‫ل‬‫ح في‬ ‫ممير‬ ‫ا فعل مضارع غانبة ‪ .‬أسند إلى ضمير براهين { وهاء الض‬ ‫©‬ ‫قين‬ ‫ايل‪:‬يرفع‬‫النصب ‪ .‬بنزع الخافض ‪ ،‬أي ‪ :‬تقوم به ‪ 0‬وعلى الأول ‪ ،‬أ‬ ‫‪ 0‬وعلى الثاني الجملية الفعلية ‪.‬التي‬ ‫هتين‬ ‫اة نع‬ ‫رسمي‬ ‫ب الإ‬‫لملة‬ ‫تكون الج‬ ‫خذف فعلها بقرينة ما بعده { المفسر له { أي ‪ :‬في الكشاف براهين وأدلة‬ ‫تقوم بحصول اليقين ‪ 0‬وتفيد اليقين ‪.‬‬ ‫{ ‪( :‬لام فيه ‪ :‬نافيه للجنس ؛ و (شيع { ‪:‬‬ ‫شيع‬ ‫وقوله ‪ [ :‬لا‬ ‫بالبناء على الفتح ‪ .‬لتركبها مع [لام ‪ 0‬تركيب خمسة عشر ‪ ،‬ألوتضمنها‬ ‫معنى من الجنسية اسمها ؛ و [ فيها ] ‪ :‬جار ومجرور متعلق بمحذوف‬ ‫خبرها ؛ و [ عن هدى { ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق بقوله ‪ [ :‬مُتحرفه { ‪.‬‬ ‫خصل‬ ‫انهلفي‬‫النصب نعت لشي ع { على أنه تابع لمحله البعيد ‪ .‬لأ‬ ‫وبهي‬ ‫مُبتدأ ‪ 0‬ولا يجوز أنيبنى ‪ ،‬فيكون تابعا للفظه ‪ 0‬لعدم التركيب الذي هو‬ ‫سبب البناء ‪.‬‬ ‫والفاء فقيوله ‪ [ :‬فانظر { ‪ :‬للتفريع؛ وانظر ‪ :‬فعل أمر من ‪ :‬نظر ؛‬ ‫‪.‬‬ ‫شهاف‬ ‫ليركفي‬‫للضم‬ ‫و } إليه )] ‪ :‬جار ومجرور متعلق بانظر ‘ وا‬ ‫والواو في قوله ‪ } :‬واقتبس { ‪ :‬عاطفة جملة إقتبس ‪0‬على جملة‬ ‫انظر ؛و } أنواره { (بالنصب) ‪ :‬مفعول إقتبس ‪ ،‬والإقتباس ‪ :‬أخذ شُعلة‬ ‫من النار ‪ 0‬من مُعظمها ‪.‬‬ ‫قال في " القاموس " ‪:‬القبس (مُحركة) ‪ :‬لعلة نار ‪ .‬تقتبس من‬ ‫معظم النار ‪ ،‬كالمقباس ‪ 0‬وقبس ‘‪ ،‬يقبس منه نارا ؛ واقتبسها ‪:‬أخذها ؛‬ ‫‏‪ ٣٤ ١.‬۔‬ ‫والعلم إستفاده؛ وأنوار ‪ :‬جمع نور ‪ ،‬مضاف إلى هاء الضمير ‪ .‬فهمي‬ ‫مجرور المحل ‪ ،‬لبنانه بالإضافة ‪.‬‬ ‫ليه ‪ [ :‬واسمع { ‪ :‬عاطفة ‘ واسمع ‪ :‬أمر من سمع ‪.‬‬ ‫وو ف‬ ‫قلوا‬ ‫وا‬ ‫وفاعله ضمير المخاطب ‪ 8‬إستتر وجوبا ‪ 0‬والجملة عطف على سابقتها ؛‬ ‫و [ هداه ) ‪ :‬مفعول اسمع ‘ قدر نصبه لكونه مقصورا ‪ 0‬وهاء الضمير‬ ‫في محل الجر ‘ بإضافة هدى إليه ‪ ،‬عاند إلى الكشاف ‪ .‬وكذا جملة‬ ‫[ واستمع ما أسلفه { ؛ و [ ما ع في } ما أسلفه م ‪ :‬موصولة في‬ ‫محل النصب ‘ على أنه مفعول استمع ‪ 0‬واسلف ‪ :‬فعل ماض من السلف ‪.‬‬ ‫بمعنى ‪ :‬التقدم ‪ 0‬وبه سمي بيع السلف ‪ .‬وفاعله ضمير كشاف ‪ 4‬بإعتبار‬ ‫النصب مفعوله ‪ 0‬والجملة صلة ما‬ ‫ل‬ ‫حفي‬ ‫ممير‬‫مُؤآفه ‘ وهاء الض‬ ‫الموصوله ‪.‬‬ ‫والمعنى ‪ :‬خطاب إلى القائل بالرؤية ‪ :‬بأنك أيها القائل } أقسم بالله ‪.‬‬ ‫لنن كنت جاهلا بالآيات ‪ 0‬وبكيفية تأويلها ‏‪ ٠‬على وجه يكون مطابقا للحق ؛‬ ‫فصاحب "" الكشاف "' ‪ 0‬كشف عن هذا الأمر ‪ .‬وبين تأويل الآيات ‪.‬‬ ‫ببراهين توجب اليقين ‘ ولا تجد فتيلك البراهين شين يحرفك عن طريق‬ ‫الرشاد والهدى ‪ 0‬فانظر إليه { واقتبس من أنواره نورآ ‪ ،‬واسمع طريق‬ ‫هداه ‪ 4‬واستمع لما قدمه لك من دليله وفحواه ‪.‬‬ ‫فسير قوله تعالى ‪:‬‬ ‫لرزمخشري ‪ ،‬في "" الكشاف ا" ‪ .‬عتند‬ ‫أقول ‪:‬اذك‬ ‫ف( وجوه يومنذ ناضرة !""! إلى ربها ناظرة ‪ . )( 8‬ما هذا لفظه ‪ « :‬إلى‬ ‫ربها ناظرة » (") ‪،‬تنظر إلى ربها خاصة ‘ تلانظر إلى غيره ‪ 0‬وهذا معنى‬ ‫)‪ (٢‬سورة القيامة‪. ٢٣ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة القيامة‪. ٢٣ _ ٢٢ : ‎‬‬ ‫‏_‪ ٣٤ ٢‬۔‬ ‫تقديم المفعول ؛ الا ترى إلى قوله تعالى ‪ ( :‬إلى ربك يومنذ المُستقر » () ؛‬ ‫« إلى ربك يومنذ المساق » «") ؛ ( إلى الله تصير الخمور » (") ؛ « وإلي‬ ‫المصير » (‘) ؛ « وإليه ترجعون » () ؛ « عليه توكلت وإليه أنيب » () ؛‬ ‫كيف دل فيها التقديم على معنى الإختصاص ‪.‬‬ ‫ومعلوم أنهم ينظرون إلى أشياء لا يحيط بها الحصر ‘ ولا تدخل تحت‬ ‫العدد ‪ 0‬في محشر يجتمع فيه الخلائق كلهم ‪ 0‬فإن المؤمنين نظارة ذلك‬ ‫اليوم ‪ 0‬لأنهم الآمنون الذين ‪ « :‬لا خوف عليهم ولا هم يحزنون » () ‪.‬‬ ‫فاختصاصه بنظرهم إليه ‪ 0‬لو كان منظور إليه مُحال ؛ فوجب حمله على‬ ‫ما يصح معه الإختصاص ؛ والذي يصح معه ‪ :‬أن يكون من قول الناس ‪:‬‬ ‫أنا إلى فلان ناظر ما يصنع بي ‪ ،‬تريد معنى التوقع والرجاء ؛ ومنه قول‬ ‫القانل ‪:‬‬ ‫نعما‬ ‫زدتني‬ ‫ذونك‬ ‫والبحر‬ ‫ملك‬ ‫إليك من‬ ‫وإذا نظرت‬ ‫وسمعت سروية مُستجدية بمكة وقت الظهر ‪ 0‬حين يغلق الناس‬ ‫أبوابهم ‪ 0‬ويأوون إلى مقانلهم ‪ .‬تقول ‪ :‬عيينتي نويظرة إلى الله وإليكم ‪.‬‬ ‫والمعنى ‪ :‬أنهم لا يتوقعون النعمة والكرامة إلآ من ربهم { كما كانوا في‬ ‫الذنيا ‪ 0‬لا يخشون ولا يرجون إلأ إياه ‪ 0‬إنتهى كلامه ‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة الشورى‪. ٥٢٣ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة القيامة‪. ١٢ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬سورة الحج‪. ٤٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة القيامة‪. ٣٠ : ‎‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ )٥‬سورة البقرة‪ ٢٤٥ : ‎‬؛ سورة يونس‪ ٥٦ : ‎‬؛ سورة هود‪ ٣٤ : ‎‬؛ سورة القصص‪‎‬‬ ‫‪. ٨٥‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ ٢١ .:‬؛ سور ة ا لزخرف‪‎‬‬ ‫‪ ٨٣‬؛ سمور ة فصلت‪‎‬‬ ‫‪. ٢٢ .‬‬ ‫‪ ٨٨‬؛ سور ة يس‪‎‬‬ ‫‪}. ٧٠4‬‬ ‫‪. ١٠١ :‬‬ ‫‪ ٨٨‬؛ سورة الشورى‪‎‬‬ ‫هود‪: ‎‬‬ ‫(‪ ( ٦‬سورة‬ ‫(‪ )٧‬سورة يو نس‪. ٦٢ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٣٤٣‬۔‬ ‫وحاصل مراده ‪ :‬أنه قد تبت في العربية ‪ ،.‬أن تقديم ما حقه التأخير ‪.‬‬ ‫يفيد الحصر ‘ فلو كان المراد بقوله تعالى ‪ « :‬ناظرة » ‪ 0‬في قوله ‪ « :‬إلى‬ ‫() ‪ 0‬هذا النظر المعروف ‘ الذي هو عبارة عن تقليب‬ ‫ربها ناظرة‬ ‫الحدقة ‪ .‬لرؤية ما يقصد رؤيته ‪.‬‬ ‫فالمعلوم لكل من له أدنى بصيرة { أنه غير محصور به تعالى ‪.‬‬ ‫بل المنظور يومنذ سيما للمُؤمنين الذين ‪ } :‬لا خوف عليهم ولا هم‬ ‫يحزنون & ") ‪ 0‬أمور لا تعد ولا تحصى من النعم ‪ .‬والاهوال ‪ 0‬وتقلب‬ ‫الأحوال { إلى غير ذلك ‪ 0‬مما لا يتناهمى حصرا ‪.‬‬ ‫فلاند من صرف المعنى ‪ 0‬إلى ما لا يلزم منه‘ خلاف قوانين العربية‬ ‫في القرآن ‪ 0‬الذي هو في أقصى مراتب البلاغة ‪ 0‬وهو أن يكون النظر‬ ‫بمعنى التوقع والانتظار ‪ ،‬لكراماته ونعمانه ‘ وهذا لا شبهة في حصره ‪.‬‬ ‫وإختصاصه به سبحانه ‪ .‬فافهم ‪.‬‬ ‫فعماد الخصل كلامه ‪ ،‬التمسك بقاعدة تقديم ما حقه التأخير ‪ .‬وأن‬ ‫إرتكاب خلاف الذي هو جعل كل شيء في مرتبته ومحله ‪ .‬لاد له من‬ ‫فاندة ‪ .‬وعلة هذا ملاك ما تمسك به الزمخشري في "" الكشاف " ‪.‬‬ ‫وإرتضاه ‪ 0‬بل استعجبه كل العجب ‪.‬‬ ‫حتى قال ‪ :‬فيه براهين تقوم باليقين ‪ .‬ونحن كلما تصفحنا لم نر فيه إلؤ‬ ‫التمسك بهذه القاعدة ‪ 0‬السْستفادة من محاورات كلام العرب ‪.‬‬ ‫وفيه ‪ :‬أن هذه القاعدة على فرض صحتها ‘ لا تقتضي إلا عدم جواز‬ ‫(‪ )١‬سورة القيامة‪. ٢٣ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة يونس‪. ٦١٢ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٣٤٤‬۔‬ ‫الخروج عن الأصل ‪ ،‬إلا لعلة وفائدة ؛ والعلة ليست منحصرة في الحصر‬ ‫‪ .‬بل قد تكون لمجرد الإهتمام ‪ .0‬وقد يكون لرعاية الفاصلة‬ ‫والإختصاص‬ ‫في النثر ‪ 0‬والقوافي ‪ ،‬الشعر ‪ ،‬وغير ذلك ‪ 0‬مما هو مذكور في علم البيان ‪.‬‬ ‫تم أن قواعد العربية بأسرها ‪ 0‬لا تسمى برهانا ‪ 0‬لما عرفت من معنى‬ ‫الرهان ‪ 0‬وأن مُقدماته لا تكون إلا يقينية ‪ ،‬أعني ‪ :‬أحد الضروريات‬ ‫الدست {‪ 0‬مع أن القواعد العربية ‪ 0‬غايتها إستقراءات غير تامة ‪.‬‬ ‫ولذا _ لا تجد قاعدة منها ‪ ،‬إلآ وهي مُنخرقة في موارد كثيرة ‪.‬‬ ‫ومُنتقضة بمحال عديده ‪ 0‬فأين هي من البرهان ؟‬ ‫وإن كان المراد بالبرهان مطلق الدليل ‪ ،‬نطالبه ببرهانين آخرين ‏‪٥‬‬ ‫حتى يصدق أقل الجمع ‪ ،‬الذي هو الثلانة ‪ 0‬مُضافا إلى أن الوسيلة إلى‬ ‫الوصول بما يفيد الإختصاص وا لإنحصار } لا تنحصر بحمل النظر على‬ ‫‘ وقد‬ ‫اضافيا‬ ‫يكون‬ ‫‘ فان الحصر كما يكون حقيقي را ‪ .‬فقد‬ ‫التوقع وا لإنتظار‬ ‫يكون إدعانياً ‪ 0‬فيمكن أن يقال ‪ :‬أن المؤمنين لإستغراقهم في مُشاهدة‬ ‫جماله ‪ 0‬وقصر النظر على عظمة جلاله ‪ 0‬كأنهم لا يلتفتون إلى ما سواه ‏‪٥‬‬ ‫ولا يرون الا الله ‏‪ ٨‬فصح الحصر ‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬وأنهم في غاية‬ ‫على البشارة للمؤمنين‬ ‫‏‪ ١‬لآية ‪ .‬يدل‬ ‫تم أن سياق‬ ‫الفرح والسرور ‘ ونهاية الوجد والحبور { فالأخبار بالإنتظار ‪ .‬للنعم‬ ‫والثواب ‪ ،‬لا يناسب المقام ‪ 0‬بل ربما ينافيه ‪ ،‬لأن الإنتظار موت أحمر ‪.‬‬ ‫أشد‬ ‫‪ :‬أن ‏‪ ١‬لإنتظار‬ ‫كالمثل السائر‬ ‫‪ .4.‬حتى صار‬ ‫ذفىيه االألسن‬ ‫ولذ ا _ اشتهر‬ ‫من القتل ؛ فهو بالغم ‪ 4‬والحزن ‘ والقلق ‘ وضيق الصدر ‪ ،‬أحرى وأجدر ‪.‬‬ ‫‏‪ ٣٤٥‬۔‬ ‫وإن كان مع القطع بالحصول ‘ بل لو أعطيت النصف من نفسك ‘ ونظرت‬ ‫بعين البصيرة في المحاورات ‘ وأوتيت ذوق فهم العبارات ‪ 0‬وقطعت‬ ‫النظر عن دليل الخارج ‪ 0‬من لزوم المفاسد التي أسلفناها ‪ 0‬لو حمل النظر‬ ‫على المتعارف ‪ .‬ما أظنك أن تشك في أن السراد بالنظر ‪ :‬هو النظر‬ ‫التعارف ‪ ،‬الذي هو عبارة عن تقليب الحدقة لرؤية ما قصد رؤيته ‪.‬‬ ‫سيما مع ملاحظة ذكر الوجوه ‪ 0‬والوصل بإلى ‘ وغير ذلك ‪.‬‬ ‫لكن الرهان القطعي دل على عدم إمكان ذلك في حقه ‪ ،‬تعالى الله عن‬ ‫ذلك علوا كبير ‪ 0‬وسُبحانه عما يصفه الجاهلون ؛ فالعمدة في الجواب ‪ ،‬ما‬ ‫أسلفنا لك ‪ 0‬فراجعه وتأمله ‪.‬‬ ‫نعم } أمثال هذه التأويلات ‏‪ 0٠‬مثل تقدير الثواب ‪ ،‬والنعم } والآيات ‪ ،‬أو‬ ‫حمل ( إلى ) على الإسمية ‪ 0‬بأن تكون مفرد الألاء ‪ 0‬وغير ذلك مما هو‬ ‫مذكور في محالها ‪ 0‬لاند منها لأهل الظواهر ؛ ومن لم يذق طعم النظر‬ ‫والبرهان ‪ 0‬ولم يشم رائحة الحقيقة ‪ 0‬وعبقات العرفان ‪ 0‬فلا بأس‬ ‫بإارتكابها لهم ‪ .‬حذرا من تعطيل اللفظ ‪.‬‬ ‫نم اعلم { أن تحقيق الحق في الباب على وجه ‘ يرتفع عن وجه‬ ‫المطلوب النقاب ‪ 0‬ويكشفه عنه الحجاب ‪ 0‬يحتاج إلى عماد الشبهات في‬ ‫المقام } ثم إتباع الكلام بما يزيل اللثام ‏‪ ٠‬عن وجه الشبهة ‪ .‬ويشفي عن‬ ‫السقام ‪.‬‬ ‫فنقول ‪ :‬اعلم أن الغزالي ‪ 0‬ذكر في كتابه السْسمى ‪ :‬ب "" الإقتصاد في‬ ‫الإعتقاد ا" ‪ 0‬بعد ما نقل إستدلال أهل الحق في نفي الرؤية ‪ 0‬من أنها‬ ‫‏‪ ٣٤٦ .‬۔‬ ‫توجب كونه تعالى في جهة ‪ 0‬وكونه في جهة ‘ يوجب كونه عرضا ‪ ،‬أو‬ ‫جوهرآً جسماني ‪ .‬وهو محال وجوها من البحث ‪:‬‬ ‫البحث الأول ‪ :‬أن أحد الأصلين من هذا القياس مُسلم { وهو أن كونه‬ ‫في جهة يوجب المحال { ولكن الأصل الأول ‪ 0‬وهو إدعاء هذا اللازم على‬ ‫إعتقاد الرؤية ممنوع ‪.‬‬ ‫فنقول ‪ :‬لم قلتم ‪ :‬أنه لو كان مرئيا فهو في جهة من الراني ‪ ،‬أعلمتم‬ ‫ذلك ضرورة ‘ أم بنظر ‘ ولا سبيل إلى دعوى الضرورة ؛ وأما النظر ‪.‬‬ ‫فلاند من بيانه ومُنتهاه ‪ 0‬أنهم لم يروا إلى الآن شيئا إلآ وكان بجهة من‬ ‫الراني مخصوصه ؛ ولو جاز هذا الإستدلال ‘ لجاز للخصم المُجسم أن‬ ‫يقول ‪ :‬أن البارئ تعالى جسم { لأنه فاعل ؛ فإنا لم نر إلى الآن فاعلا إلا‬ ‫جسما ‪ 0‬وحاصله يرجع إلى الخكم بأن ما شوهد وغلم { ينبغي أن يوافقه‬ ‫ما لم يشاهد ولم يعلم ‪.‬‬ ‫البحث الثاني ‪ :‬المعارضة برؤية الله لعباده ؛ قال ‪ :‬على أن هؤلاء‬ ‫غفلوا عن مُعارضتهم بأن الله تعالى يرى نفسه ‪ 0‬ويرى العالم ‪ :‬وهو ليس‬ ‫بجهة من نفسه ‘ ولا من العالم بجهة { فإذا جاز ذلك فقد بطل هذا التخيل ‪.‬‬ ‫وهذا مما يعترف به أكثر المعتزلة ‪ .‬ولا مخرج عنه لمن إعترف ‪.‬‬ ‫البحث الثالث ‪ :‬قوله ‪ :‬ومن أنكر رؤية الله منهم ‪ 0‬أي ‪ :‬من المعتزلة ‪.‬‬ ‫فلا يقدر على إنكار رؤية الإنسان نفسه في المرآة ‪ 0‬ومعلوم أنه ليس في‬ ‫مقابلة نفسه ‪ }.‬فإن زعموا أنه لا يرى نفسه ‪ ،‬وإنما يرى صورة مُحاكية‬ ‫لصورته ‪ ،‬مُنطبعة في ظاهر المرآة ‪ 0‬إنطباع النقض في الحائط ‪ ،‬فيقال ‪:‬‬ ‫أن هذا ظاهر الإستحالة ‪ 0‬فإن من تباعد من مرآة منصوبة في حانط بقدر‬ ‫‪.‬۔‪ ٧.‬‏‪ ٣٤‬۔‬ ‫ذراعين ‪ 0‬يرى صورته بعيدة عن جرم المرآة بذراعين ‪ 0‬وإن تباعد بثلاثة‬ ‫أذرع ‪ 0‬فكذلك ؛ فالبعيد عن المرآة بذراعين أو أكثر ‘ كيف يكون مُنطبعا‬ ‫في جرم المرآة ‪ 0‬وسمك المرآة ربما لا يزيد على سمك شعيرة ؛ فإن كانت‬ ‫الصورة في شيع وراء المرآة ‪ 0‬فهو مُحال { إذ ليس وراء المرآة إلا‬ ‫جدار ‪ 0‬أو هواء ‪ 0‬أو شخص آخر هو محجوب عنه ‘ وهو لا يراه ؛ وكذا‬ ‫عن يمين المرآة ويسارها ؛ وتحتها وفوقها ؛ وجهات المرآة ست { وهو‬ ‫صورة بعيدة عن المرآة بذراعين ‪ 0‬فليطلب هذه الصورة المرنية من‬ ‫جوانب المرآة ‪ 0‬فحيث وجدت فهو المرني ‪ 0‬فلا وجود لمثل هذه الصورة‬ ‫في الأجسام المحيطة بالمرآة ‪ 0‬إلآ في جسم الناظر { فهو المرني إذن‬ ‫بالضرورة ‪ 0‬وقد بطلت المقابلة والجهة ‪.‬‬ ‫وقال ‪ :‬ولا ينبغي أن يستحقر هذا الإلزام ‪ 0‬فإنه لا مخرج للمُعتزلة‬ ‫عنه ؛ ونحن نعلم بالضرورة ‪ :‬أن الإنسان لو لم يبصر نفسه قط ‪ ،‬ولا‬ ‫عرف المرآة ‪ .‬وقيل له ‪ :‬أنه ممكن أن تبصر نفسك في مرآة ‪ .‬لحكم بأنه‬ ‫‪.‬‬ ‫محال ‪.‬‬ ‫‘ أو أر ى متل‬ ‫اما أن أر ى نفسي وأنا في المرآة‬ ‫‪ :‬لا يخلوا‬ ‫وقال‬ ‫‘ إذ‬ ‫‪ .‬والكل محال‬ ‫المرآة‬ ‫وراء‬ ‫‘ أو في جرم‬ ‫المرآة‬ ‫في جرم‬ ‫صورتي‬ ‫‪ .‬ولا يجتمع‬ ‫‏‪ ٥‬وللاجسام المحيطة بها صورة‬ ‫للمرآة في نفسها صورة‬ ‫صورتان في جسم واحد ‪ 0‬إذ محال أن يكون في جسم واحد صورة إنسان ‪،‬‬ ‫‘ اذ لست في مقابل‬ ‫أنا فهو محال‬ ‫رأيت حيث‬ ‫‏©‪ ٠‬وحانط ‘ وان‬ ‫وحديد‬ ‫‪.‬‬ ‫يك‪‎‬‬ ‫‪٠ ٠‬‬ ‫أر ى‪‎‬‬ ‫فكرة‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫‪٠ .٠‬‬ ‫وهذا التقسيم عند المعتزلي ‘ معلوم أنه باطل ‘ وبطلانه عندنا‪. ‎‬‬ ‫‏‪ ٣٤‬۔‬ ‫۔‪٨‬‬ ‫لقوله ‪ :‬أني لست في مقابلة نفسي فلا أراه ‪ 0‬وإلا فسانر الأقسام صحيحة ‪.‬‬ ‫فبهذا يستبين ضيق حوصلتهم عن التصديق ‪ 0‬بما لم يألفوه ‪ 0‬ولم يأنس به‬ ‫حواسهم ‪ 0‬إنتهى كلامه ‪.‬‬ ‫أقول ‪ :‬هذه الوجوه هي عمدة شبه القائلين بالرؤية ‪:‬‬ ‫وأجيب عن الأول ‪ :‬أن هذه الدعوى ‪ ،‬أي ‪ :‬دعوى كون المرني بهذا‬ ‫العين مطلقا ‪ 0‬يجب أن يكون في جهة ليس مُنباها ‪ 0‬على أن المرنيات في‬ ‫هذا العالم لا يكون إلا في جهة ‪ 0‬حتى يكون من باب قياس الغانب على‬ ‫الشاهد } بل النظر والبرهان يؤديان إليه ‘ وهو ‪ :‬أن القوة الباصرة التي‬ ‫في عيوننا ‪ .‬قوة جسمانية ‪ 0‬وجودها وقوامها بالمادة الوضعية ‘ وكل ما‬ ‫وجوده وقوامه بشيع ‪ ،‬فقوام فعله وإنفعاله بذلك الشيع ‪ ،‬إذ الفعل‬ ‫والإنفعال بعد الوجود والقوام وفرعه ‪ ،‬إذ الشيء يوجد أولآ ‪ ،‬إما بذاته أو‬ ‫بغيره ‘ ثم يؤثر في شيع أو يتأثر عنه ؛ فكلما كان وجود القوة في نفسها‬ ‫متعلقا بمادة جسمانية بما لها من الوضع ‘ كان تأثيرها وتأثنرها أيضا‬ ‫بمشاركة المادة ووضعها بالقياس إلى ما تؤثر فيه أو يتأثر عنه ؛ فلاجل‬ ‫هذا نحكم بأن البصر لا يرى إلا لما له نسبة وضعية إلى محل الباصرة‬ ‫والسامعة ‪ 0‬لا تنفعل ولا تسمع إلا ما وقع منها في جهة أو أكثر ‪ 9‬فهذا هو‬ ‫الرهان الذي أشرنا إليه ‪.‬‬ ‫وأجيب عن الثاني ‪ :‬بأن هذه المعارضه بكلا جزنيه مدفوعة ؛ أما‬ ‫المعارضة برؤية الله نفسه ‪ 0‬فلا إنتقاض بها ولا مُعارضة بسببها ‪ 0‬لأن‬ ‫مرجع رؤيته تعالى لذاته إلى تعقله لذاته ؛ ومرجع تعقله وعلمه لذاته هو‬ ‫نفس وجوده ‪ ،‬المفارق عن المادة ولواحقها وغواشيها ‪ .‬المانعة عن كون‬ ‫‏‪ ٣٤٩ .‬۔‬ ‫الشنيء معقولا ‪ 0‬فإن كل وجود صوري مجرد عن المادة وعوارضها ‪،‬‬ ‫فهو معقول بالفعل ‪ 0‬كما برهن عليه في الحكمة ؛ فإن كان وجوده لغيره ‪8‬‬ ‫بأن يكون قائما به كان معقولا لذلك الغير ؛ وإن لم يكن وجوده لغيره ‪ ،‬بل‬ ‫قانماً بذاته ‪ 0‬كان معقولا لذاته ‪ .‬فكان ذلك الوجود بعينه عقلا ومعقولا‬ ‫لذاته ‪ .‬عواقلا لذاته ‪ 0‬قذاته تعالى بذاته عقل ‘ وعاقل ‘ ومعقول ‪ .‬من‬ ‫غير تغاير بين هذه الأمور ‪ .‬لا بالذات ولا بالإعتبار ‪ 0‬وهذا معنى كونه‬ ‫رانيا لذاته ‪.‬‬ ‫وبالجملة ‪ .‬ليست رؤيته تعالى لذاته بقوة جسمانية حسية ‪ .‬ولا أيضا‬ ‫بصفة زاندة ‪ .‬حتى يلزم المُعارضة أو النقض ‪ 8‬بل القوة الجُسمانية لا‬ ‫يمكن أن يكون مدركا لذاتها ‪ 0‬ولا لحامل ذاتها ‪ 0‬ولا لإدراكها ؛ فالبصر لا‬ ‫يمكن أن تبصر ذاتها ‪ 0‬ولا آلتها ‪ ،‬ولا إدراكها أبصارها ؛ وكذا السمع‬ ‫والشم وغيرهما ‪ .‬لأن كل مدرك لذاته يكون قائما بذاته ‪ .‬مُجردآ عن محل‬ ‫ومادة ‪.‬‬ ‫وبهذا يحصل الفرق بين الإحساس والتعقل ‘ ولو سمي تعقله تعالى‬ ‫لذاته ‪ 0‬رؤية أو إبصارآ لذاته ‪ 0‬فلا مشاحة في السامي بعد ظهور‬ ‫المعاني ‪ 0‬وتحقق الفرق بينها ‪ 0‬فلا يرد بالاسم نقض على القاعدة العقلية ‪.‬‬ ‫وأما المعارضة ‪ ،‬أو النقض برؤيته تعالى للعالم ‪ 0‬والعالم بما فيه ذو‬ ‫جهة ‪ 0‬والله تعالى برئ من الجهة {} فهي وإن كانت أقوى شبهة { وأعضل‬ ‫عقدة ‪ 3‬في هذا المقام ‪ 0‬لكنا قد حللناها وفككناها بعون الله وقوته ‘ وهي‬ ‫مثل ما أوردها بعض اتباع الحكماء على قاعدتهم الحقة المشهورة ‪ :‬من‬ ‫أن أفاعيل القوى الجسمانية وإنفعالاتها ‪ 0‬لا تكون إلا بمُشاركة الوضع ه‬ ‫‪ ٣٥‬۔‬ ‫‏‪.‬‬ ‫وتوسط المادة الجسمانية ‪ 0‬فلا يفعل جسماني في روحاني ‪.‬‬ ‫وعليه ‘ يبتني‪ .‬كثير من مقاصدهم ‪ 0‬كما يظهر لمن تتبع كتبهم‬ ‫وأقوالهم ‪ 0‬فأورد النقض عليهم ‘ بأن ذلك لو كان حقا فلقالب أن يقلب‬ ‫عليهم ذلك ‪ 0‬ويقول ‪ :‬فغير الجسم لا نسبة له وضعية إلى الجسم { فلا‬ ‫يصدر منه الجسم ‪ .‬فكذلك لأحد أن يقول في هذا المقام ‪ :‬إذا جاز أن يرى‬ ‫الله وهو غير جسم { ولا في جهة العالم وهو جسم ‘ فليجز أن يرى الله‬ ‫تعالى وهو غير جسم بالعين وهو جسم ‪.‬‬ ‫فالجواب ‪ :‬أن هذه المعارضة إنما نشأت من سوء التدبر ‪ 0‬وقلة التأمل‬ ‫في البرهان الذي أشرنا إليه ‪ 0‬وهو ‪ :‬أن مصدر فعل القوة الجسمانية‬ ‫إنفعالها قوام ذاته ووجوده بنفسه ‘ يكون بالموضوع والمصدرية بعد‬ ‫القوام والوجود ؛ إذ الشيء ما لم يوجد لم يؤثر في غيره ‪ 0‬ولم يتأثر عنه؛‬ ‫فكما أن قوام ذات المصدر بالموضوع الجسماني ؛ فكذا قوام مصدريته‬ ‫وفعله ‪ 0‬وإنفعاله بذلك الموضوع ‪.‬‬ ‫ومن ضرورات الموضوع الجسماني أن يكون وجوده وجود وضعيا ‪.‬‬ ‫واقعا في جهة معينة من جهات ‘‪ 0‬فكذا وجود ما يتقوم به من الأفاعيل‬ ‫والإنفعالات الجُسمانيات بتبعية ما هي فيها ‪ 0‬فإذن لا يمكن تأئير شيء‬ ‫منها فيما لا وضع له ولا تأنره عما لا وضع له ؛ وأما تأنير ما لا وضع له‬ ‫في وجوده ولا في فاعليته ‪ ،‬فلا يكون أولا ‪ .‬وبالذات وعلى سبيل‬ ‫المباشرة فيما له وضع ‪ ،‬بل بواسطة أمر ذي إعتبارين ‘ كما يقال في‬ ‫كيفية صنعه وإيجاده للأشياء ‪ .‬على ترتيب الأشرف فالأشرف ‪.‬‬ ‫وكذا في كيفية علمه بالأشياء ‪ .‬على ترتيب الأسباب والمُسببات ؛ ولو‬ ‫‏‪ ٣٥١‬۔‬ ‫فرض أيضا تأثيره فيما له وضع ‘ فليس ذلك بمشاركة الوضع ولا من‬ ‫جهته ‪ 0‬لما علمت أن ما وضع له في وجوده ‪ 0‬كالقوى المنطبعة في‬ ‫الذجسام ‪ 0‬ولا في فاعليته ومصدريته { كالنفؤوس الغير المنطبعة الناطقة ه‬ ‫ولا من جهة قبول قابل تأثيره بالقياس إليه ؛ فإن كون القابل في نفسه ذا‬ ‫وضع وحيز ‪ 0‬لا يستلزم أن يكون كذلك بالقياس إليه ‪.‬‬ ‫وبالجملة ‪ .‬القوة إذا كانت جسمانية أو متعلقة بها ‪ 0‬كانت المادة أو‬ ‫الموضوع آلة لفعلها ‪ 0‬وإدراكها ‪ 0‬وتأثنرها ‪ 0‬ومتوسط بينها وبين فاعلها ‪.‬‬ ‫أو مُنفعلها ؛ وأما إذا كانت برينة الذات وجودا وتأثير عن الجسم { فليست‬ ‫المادة ووضعها اللازم آلة لفعلها ‪ 0‬ولا إنفعالها ‪ 0‬ولا أيضا متوسط بينها‬ ‫وبين ما يتأثر عنها ‪ ،‬أو يؤثر فيها ‪ 0‬بل إذا أنرت في جسم أو في صفة‬ ‫لجسم { كان أثره نفس ذلك الأمر الوضعي ‘ أو الذي له وضع وجهة لا‬ ‫بتوسط الوضع بينه وبين أثره ‪ 0‬فظهر أن الجسماني لا وضع له في‬ ‫الروحاني المحض ‪ 8‬إدراكاآ ‪ 0‬وتأثير ‪ 0‬وتأثر ‪ 0‬بخلاف العكس ‪ .‬فظهر‬ ‫الفرق ‪ 0‬وبطلت المعارضة والنقض ‪.‬‬ ‫وعن الثالث ‪ :‬أن نفي كونه تعالى مرئيا بهذا العين الجسماني ‪ 0‬ليس‬ ‫مما يختص القول به للمُعتزلة فقط ‪ 0‬بل هو مما قام عليه الرهان ‪ 0‬ونص‬ ‫عليه القرآن ‪ 0‬وعليه كافة أهل العلم والعرفان ‪ 0‬من الحكماء الراسخين ‪8‬‬ ‫والأولياء الكاملين ‪ 0‬والأنمة الراشدين ‪ 0‬بل كل من سلك سبيلا بقوة العلم ‪.‬‬ ‫ونور العرفان { لا بمجرد التقليد والظن والحسبان ‪ 0‬كما سمعته من‬ ‫المقاصد ‪ 0‬من إختصاص القول بالرؤية بالأشاعرة { خلافا لسائر الفرق ‪.‬‬ ‫فحيننذ الأمر بالعكس { نعوذ بالله من العصبية { فيما لا محل له ‪.‬‬ ‫‏‪ ٣٥ ٢.‬۔‬ ‫وأما الإستشكال الذي ذكره في رؤية الإنسان نفسه بواسطة المرآة }‬ ‫وأنه ليس في مُقابلة نفسه ‪ 0‬ففي غاية الضعف ‪ 0‬سيما وقد سهل لنا طريق‬ ‫الجواب ‏‪ ٠‬حيث ذهب إلى أن المرني ها هنا نفس الأمر الخارجي ‪ ،‬كما هو‬ ‫طريقة الرياضيين القائلين ‪ :‬بأن الشعاع البصري ينعكس من سطح‬ ‫المرآة ‪ 0‬إلى ما له نسبة خاصة وضعية إلى سطح المرآة ‪ 0‬كنسبة سطح‬ ‫المرآة إلى البصر ‪.‬‬ ‫فنقول ‪ :‬أن المرئي بواسطة ‪ ،‬وإن لم يكن مقابل للبصر ‪ 0‬لكنه في خكم‬ ‫المقابل ‪ 0‬لأنه مُقابل لما يقابل البصر { وهو سطح المرآة ‪ 0‬ومقابل المقابل‬ ‫مقابل أيضا { ولكن بالواسطة ‪ 0‬فخكمه حكم المقابل ‪ 0‬كما أن معلول معلول‬ ‫الشيء معلول لذلك الشيع بالواسطة & كما أن أخ الأخ لزيد ‪ 0‬وإن لم يكن‬ ‫أخا لزيد بالأخوة التامة حتى يرثه ‪ 0‬مع فقد العمودين ‪ 0‬لكنه غير خارج‬ ‫بالكلية عن جهات الأخوة ‪ 0‬بل يرثه ميراث الأخوة بالواسطة ‪ ,‬ث‬ ‫فهذا القدر يكفي في رؤية الإنسان نفسه ‪ ،‬أو خلفه ‪ ،‬أو شينا آخر مما‬ ‫لا يحاذيه { فإنه وإن لم يُحاذه إلا أنه ێحاذي لأمر صقيل ‘ لا لون له ‪ .‬ولا‬ ‫ضوء ‪ ،‬ولا خشونة { ولا شيء من الهيئات المرئية ‪ ،‬مُحاذي ذلك الأمر ‪،‬‬ ‫فيكون حكمه في التوسط بين الراني والمرني ‪ 0‬حكم الهواء الصافي ؛‬ ‫\م‬ ‫تم لو فرض أن الرجل العامي لم يعرف الوجه اللمي في رؤية الإنسان‬ ‫نفسه { فذلك لا يوجب القدح في الأصول البرهانية ‪ 0‬فإن الذغلاط الحسية‬ ‫في هذا العالم كثيرة } والأمور الجزئية سيما التي في عالم التركيب‬ ‫والإستحالة ‪ .‬غير مُنضبط من حيث جزنيتها وخصوصيتها ‪.‬‬ ‫‏‪ ٣٥٣‬۔‬ ‫وإنما قلنا ‪ :‬أنه أعاننا في الجواب من جهة ذهابه إلى أن المرني‬ ‫بالمرآة هو نفس الأمر الخارجي ‘ إذ لو ذهب مذهب الإشراقيين القائلين ‪:‬‬ ‫بأن المرني في هذه الصورة ليس ما في الخارج ‪ ،‬بل المرني بواسطة‬ ‫المرآة ‪ 0‬إنما هو من الصور المثالية ‪ 0‬الموجودة في عالم آخر غانب عن‬ ‫هذا العالم ‪ 0‬ليس من هذا العالم في جهة من الجهات ‪ .‬وكان هذا المذهب‬ ‫أيضا قريبا من الحق ‪ .‬لكان الجواب عن المعارضة المذكورة أغمض‬ ‫وأدق ‪.‬‬ ‫ولكنا نجيب عنها ‪ :‬بأن الراني حيننذ ليس آلة البصر بل البصر ‪.‬‬ ‫كالمرآة وسائر الشرانط من جملة المعدات ‪ ،‬وإنما الراني هو النفس‬ ‫المجردة ‪ 0‬فلا إنتقاض عند ذلك © وإنما يرداالنقض أو المعارضة ‪ ،‬أن لو‬ ‫أدركت الآلة الجسمانية أمرا ليس بالقياس إليه ‪ .‬على نسبة وضعية ‪.‬‬ ‫ثم أنه بعد أن ذكر هذه الأبحاث ‘ سلك مسلكا آخر في إثبات الرؤية ه‬ ‫وقال ‪ :‬المسلك الثاني ‪ :‬الكشف البالغ ‪ 0‬وهو أن نقول ‪ :‬إنما أنكر الخصم‬ ‫الرؤية ‘ لأنه لم يفهم ما نريده من الرؤية ‪ 0‬ولم يحصل معناها على‬ ‫التحقيق ‪ 0‬وظن أنا نريد بها حالة تساوي الحالة التي يدركها الراني ‪ ،‬عند‬ ‫النظر إلى الأجسام الملونة ‪.‬‬ ‫هيهات ‏‪ ٠‬ونحن نعترف بإستحالة ذلك في حق الله تعالى ‪ .‬ولكن ينبغي‬ ‫أن يحصل معنى هذا اللفظ في الموضع المُتفق عليه ‪ .‬وتنسبكه ‪ .‬ثم نحذف‬ ‫منه ما يستحيل في حق الله تعالى ‪ 0‬فإن بقي من معانيه معنى يصح في‬ ‫حق الله ‪ 0‬ويسمى ذلك رؤية حقيقة ‪ .‬أتبتناه في حقه ‪ 0‬وقضينا بأنه مرني‬ ‫حقيقة ‪ 0‬وإل فأطلقنا اللفظ بأذن الشارع ‪ .‬واعتقدنا المعنى ‪ 0‬كما دل عليه‬ ‫‪ِ ٣٥٤‬‬ ‫العقل ومُحصله ‪ :‬أن الرؤية تدل على معنى له محل وهو العين { وله‬ ‫متعلق وهو اللون والقدر ‪ ،‬والجسم ‪ 0‬وسائر المرئيات { فلننظر إلى حقيقة‬ ‫معناه ‪ .‬وإلى محله ‪ ،‬وإلى مُتعلقه ‪ 0‬ولنتأمل أن الركن من جملتها في‬ ‫إطلاق هذا الاسم ما هو ‪.‬‬ ‫فنقول ‪ :‬أما المحل ‘ فليس بركن في صحة هذه التسمية ‪ }.‬فإن الحالة‬ ‫التي ندركها بالعين من المرني { لو أدركناها بالقلب ‪ 0‬أو بالجبهة مثلا ‪.‬‬ ‫لكنا نقول ‪ :‬قد رأينا الشيء وأبصرناه © وصدق كلامنا ‪ 6‬فإن العين محل‬ ‫وآلة لا تراد لعينها ‪ 0‬بل لتحل فيها هذه الحالة ‪ .‬فحيث حلت فيه تمت‬ ‫الحقيقة ‪ .‬وصح الاسم ‪.‬‬ ‫وأما المتعلق بعينه ‪ 0‬فليس ركنا في إطلاق هذا الاسم ‘ وثبوت هذه‬ ‫الحقيقة ‪ .‬فإن الرؤية لو كانت رؤية لتعلقها بالسواد ‪ 0‬لما كان المتعلق‬ ‫بالبياض رؤية ؛ ولو كان لتعلقها باللون { لما كان المتعلق بالحركة رؤية ؛‬ ‫ولو كان لتعلقها بالعرض ‘ لما كان المتعلق بالجسم رؤية ؛ فدل أن‬ ‫خصوصية صفات المتعلق ليس ركنا ‪ 6‬لوجود هذه الحقيقة ‪ .‬وإطلاق هذا‬ ‫الاسم { بل الركن فيه من حيث أنه صفة متعلقة ؛ فينبغي أن يكون له‬ ‫مُتعلق موجود ‪ ،‬أي ‪ :‬موجود كان ‪ ،‬وأي ذات كانت ‪ ،‬فإذن الركن الذي‬ ‫الاسم مطلق عليه هو ‪.‬‬ ‫الأمر الثالث ‪ :‬وهو حقيقة المعنى من غير إلتفات إلى محله ومُتعلقه ‪.‬‬ ‫فلنبحث عن الحقيقة ما هي ‪ 0‬ولا حقيقة لها إلا أنها نوع إدراك ‪ .‬هو كمال‬ ‫ومزيد كشف ‘ بالإضافة إلى التخيل ‪ ،‬فإنا نرى صورة الصديق متلا ‪ ،‬ثم‬ ‫نغخمض العين ‪ 0‬فيكون صورة الصديق حاضرة في دماغنا ى على سبيل‬ ‫‪٥.‬د‪٣٥‬‏ ۔‬ ‫التخيل والتصور ؛ ولكنا لو فتحنا العين { أدركنا تفرقه ‪ 0‬ولا ترجع تلك‬ ‫التفرقة إلى إدراك صورة أخرى مخالفة لما كانت في الخيال ؛ بل الصورة‬ ‫البصرة مطابقة للمْتخيلة ‪ .‬من غير فرق بينهما ‘ إلا أن هذه الحالة‬ ‫التانية كالإستكمال لحالة التخيل ‪ 0‬وكالكشنف له ‘ فيحدث فينا صورة‬ ‫الصديق عند فتح البصر ‪ 0‬حدوتا أوضح وأتم وأكمل ‪.‬‬ ‫فإذن التخيل نوع إدراك على رتبة ورائه رتبة أخرى ‪ 0‬هو أتم منه في‬ ‫الوضوح والكشف ‘ بل هو كالتكميل له ‪ 0‬فسمى هذا الإستكمال بالإضافة‬ ‫إلى الخيال رؤية وإبصارآ ؛ فكذلك من الأشياء ما نعلمه ولا نتخيله ‪ .‬هو‬ ‫ذات الله وصفاته ‪ 0‬وكل ما لا صورة جسمية له ‪ .‬مثل ‪ :‬القدرة ‪ 0‬والعلم ‪6‬‬ ‫والعشق ‪ 0‬والغضب ‘ والخيال ‪ .‬والعقل ‪ 0‬فإن هذه أمور نعلمها ولا‬ ‫نتخيلها ؛ والعلم بها نوع إدراك ‪.‬‬ ‫فلننظر ‪ 0‬هل يخيل العقل أن يكون لهذا الإدراك مزيد إستكمال ‪ ،‬نسبته‬ ‫إليه نسبة الإبصار إلى التخيل ‪ 0‬فإن كان ذلك ممكنا ‪ 0‬سمينا ذلك الكشف‬ ‫والإستكمال رؤية ‪ 0‬بالإضافة إلى العلم ‪ 0‬كما سميناه بالإضافة إلى التخيل‬ ‫رؤية ‪.‬‬ ‫ومعلوم أن تقدير هذا الإستكمال في الإستيضاح والإستكشاف ‪ .‬فيه‬ ‫غير محال في الموجودات المعلومية ‪ ،‬التي ليست متخيلة ‘ كالعلم ‪.‬‬ ‫والقدرة ‪ 0‬وغيرهما ‪.‬‬ ‫وكذا في ذات الله تعالى وصفاته ‪ 0‬بل يكاد يدرك ضرورة من الطبع ‪.‬‬ ‫أنه يتقاضى طلب مزيد إستيضاح في ذات الله وصفاته ‪ .‬وفي ذات هذه‬ ‫المعاني المعلومة كلها ‪.‬‬ ‫۔ ‏‪ ٣٥٦‬۔‬ ‫فنحن نقول ‪ :‬أن ذلك غير محال ‪ ،‬فإنه لا يحيله العقل ؛ بل العقل دليل‬ ‫على إمكانه ‪ 0‬بل على إستدعاء الطبع له ؛ إلا أن هذا الكمال في الكشف‬ ‫غير مبذول في هذا العالم ‪ 0‬والنفس في شغل البدن ‪ 0‬وكدورة الصفات ‪:‬‬ ‫أفلا يعلم إذا عثر مَا في الفور (! وَخصّل مَا فيي الصْذور » () ‪.‬‬ ‫وزكيت النفس بالشراب الطهور {‪ 0‬وصفيت بأنواع التصفية والتنقية { لم‬ ‫يمتنع أن تستعد بسببها ‪ 0‬لمزيد إستكمال وإستيضاح ‪ 0‬في ذات الله ‪ ،‬أو‬ ‫في سائر المعلومات ‪ 0‬ويكون إرتفاع درجته عن العلم المعهود ‪ ‘.‬وكإرتفاع‬ ‫درجة الإبصار عن التخيل ‘ فيعبر عن ذلك بلقاء الله تعالى ومُشاهدته ‪ ،‬أو‬ ‫رؤيته { أو إبصاره ‪.‬‬ ‫فإذا كان ذلك ممكنا ‪ 0‬فإن خلقت هذه الحالة في العين ‘ كان اسم‬ ‫الرؤية ‪ 0‬بحكم وضع اللغة عليه أصدق ‪ 0‬وخلقه في العين غير مُستحيل ‪.‬‬ ‫كما أن خلقه في القلب غير مُستحيل ‪.‬‬ ‫فإذن ‪ 0‬إذا فهم المراد بما أطلقه أهل الحق من الرؤية ‪ 0‬وعلم أن العقل‬ ‫لا يحيله بل يوجبه ‪ 0‬وأن الشرع قد شهد له ‪ 0‬فلا يبقى للمراوغة وجه إلا‬ ‫على سبيل العناد ‪ .‬أو المشاحة ‪ .‬في إطلاق عبارة الرؤية { أو القصور‬ ‫عن درك هذه المعاني الدقيقة ‪ ،‬التي ذكرناها ‪ 0‬إنتهى كلامه ‪.‬‬ ‫أقول ‪ :‬جميع ما ذكره من إلقاء الخصوصيات ‪ 0‬من جانب الراني ‪.‬‬ ‫ومحل الإدراك ‪ 0‬وفي جانب المرئي ‪ 0‬ومُتعلق الإدراك ‪ 0‬وفي كون الرؤية‬ ‫إستكمال الإدراك ‪ 0‬وأن نسبتها إلى العلم ‪ 0‬كنسبتها إلى التخيل حق‬ ‫وصدق ‪ 0‬ونعم العون على ما نحن بصدده { من إثبات الرؤية العقلية‬ ‫‪. ١٠‬‬ ‫(‪ )١‬سورة العاديات‪ ٩ : ‎‬۔‪‎‬‬ ‫‏‪ ٣٥٧.‬۔‬ ‫الكاملة للمعقول ‪ 0‬المجرد ‪ ،‬إلا أنه لا يفيد مطلوبه من إثبات الإبصار لهذه‬ ‫القوة الجسمانية لذات البارئ (جل عزه) ‪ 0‬لما ذكرنا من البرهان } وما‬ ‫ذكره فن كون خصوصية المحل غير ركن في تحقق معنى الرؤية ‪.‬‬ ‫وإطلاق الإسم وإتباته بمجرد ذلك ‪ ،‬جواز رؤية ذات الله بهذا العين ‪.‬‬ ‫مغالطة نشأت من الخلط بين مطلوب ( ما ) الشارحة ‪ 0‬ومطلوب ( هل )‬ ‫البسيطة ؛ فإنه بمجرد أن لو فرض إنكشاف الأمر العقلي ‪ ،‬أو ذات الله‬ ‫تعالى على القوة التي في العين ‪ 0‬لكان ذلك الإنكشاف رؤية ‪ .‬لا يوجب‬ ‫إمكان رؤية الله } أو الأمور العقلية بالعين الحسية ‪.‬‬ ‫فقوله ‪ :‬وإذا كان ذلك ممكنا ‪ 0‬فان خلقت هذه الحالة في العين ‪ ....‬إلى‬ ‫آخره ‪.‬‬ ‫نقول ‪ :‬العجب من هذا النحرير ‪ 0‬كيف غفل وهو أجل من أن يجهل عن‬ ‫فساد هذا القياس وبطلانه ‪ 0‬مع تحقق الفارق ‪ 0‬بأن النفس جوهر مُجرد‬ ‫غير جسماني ‪ .‬لكنه مُحتجب في الدنيا بحجب التعلقات ‘ وأغشية الحواس‬ ‫والظلمات ‘ ولا يبعد أن النفس إذا تجردت عن البدن ‘ وزالت عنه الحجب ‏‪٥‬‬ ‫وخرجت عن الأغشية الطبيعية ‪ .‬والملابس الحسية ‪ .‬طالعت بقوة ذاتها‬ ‫الجمال الالهي ‪ 0‬وشاهدت ببصرها العقلي ‘ الجلال الأعلى ‘ والنور‬ ‫الأنور } والبهاء الأقهر ‪ 0‬لا بقوة جسمانية ‪ .‬ولا بآلة خيالية ‪.‬‬ ‫لأن الرهان قائم على أن الجسماني لا يدرك الروحاني ‘ ولا القوة‬ ‫الخيالية ‪ .‬مما ينال المعنى العقلي { اللهم { إلا بتوسط شبح ‪ ،‬أو مثال‬ ‫للروحاني ‪ ،‬الذي يمكن في حقه ذلك ‘ كما إذا رأينا شبح شخص ‪ .‬وهو‬ ‫مثال لروحه وحقيقة إنسانيته ‪ .‬فنصح وصدق قولنا ‪ :‬رأيت حقيقة زيد ‪.‬‬ ‫‏‪ ٣٢٥٨‬۔‬ ‫وكذا من رأى في المنامات الصادقة أشخاص الملائكة { أو الأنبياء (عليهم‬ ‫السلام) ‪ ،‬فقد رأى حقائق أرواحهم ‘ بتوسط أشخاصهم المثالية ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ :‬فلا يبقى للمراوغة وجه ‪ ....‬إلى آخره ‪.‬‬ ‫قد علمت أن الذي يمنع ما ذهب إليه ‪ 0‬ويخيل ما زعمه هذا العظيم ‪.‬‬ ‫ليس سبيل المراوغة في البحث ‪ ،‬أو العناد للحق ‪ 0‬ولا المشاحة في إطلاق‬ ‫العبارة ‪ 0‬بل مبناه على إتباع البرهان المعتضد بالقرآن ‪ 0‬الحاكم بأن القوى‬ ‫الجسمانية سيما الطبيعية ‪ .‬تضمحل إضمحلالا ‪ 0‬وتندك دكا عند تجلي‬ ‫الأمر الروحاني عليها ‪ .‬فكيف في مشهد النور الإلهي ‘ ذي العظمة‬ ‫والجبروت ‪ 0‬قاهر من في الملك والملكوت ‪ « :‬وعنت الوجوه للحي‬ ‫القيوم « () ‪.‬‬ ‫تم أورد طرفا آخر من الكلام في وقوعه شرعا ؛ فقال ‪ :‬وقد دل الشرع‬ ‫على وقوعه ومداركه كثيرة } ولكثرته يمكن دعوى الإجماع من الذولين‬ ‫في إبتهالهم إلى الله تعالى ‪ 3‬في طلب لذة النظر إلى وجهه الكريم ‪.‬‬ ‫ونعلم قطعا من عقائدهم ‪ 0،‬أنهم كانوا ينتظرون ذلك ‪ .‬وأنهم قد فهموا‬ ‫جواز ذلك { وسنؤاله من الله تعالى بقرانن أحوال رسول الله (صلى الله‬ ‫عليه وآله) ‪ .‬وجملة من ألفاظه الصريحه { التي لا تدخل تحت الحصر‬ ‫والإجماع ‪ 0‬يدل على خروج المدارك عن الحصر ؛ ومن أقوى ما يدل‬ ‫عليه ‪ .‬قول مُوسى (التكلةم) ‪ « :‬رب أرني أنظر إليك » (" ‪ .‬فإنه يستحيل‬ ‫أن يخفى على نبي من أنبياء الله تعالى { إنتهى ‪.‬‬ ‫‏‪.١١١‬‬ ‫‏(‪ )١‬سورة طه‪:‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الاعراف‪. ١٤٣ : ‎‬‬ ‫‏‪ ٣٥٩‬۔‬ ‫الله تعالى‬ ‫انت‬ ‫فل م‬ ‫صيجه‬ ‫منصبه إلى أن يكلمه الله تعالى شفاها ‪ .‬أنه‬ ‫ما عرفه المُعتزلي ‪ .‬هذا معلوم على الضرورة ‪ 0‬فإن الجهل بكونه مُمتنع‬ ‫الرؤية عند الخصم ‪ ،‬يوجب التكفير والتضليل ‘ وهو جهل بصفة ذاته ‪.‬‬ ‫لأن إستحالته عندهم لذاته ‪ .‬ولأنه ليس بجهة ‘{ وكيف لم يعرف مُوستى‬ ‫أن‬ ‫رمف‬ ‫ع ول‬ ‫(التتتلم) ‪ 0‬أنه ليس بجهة { أو كيف عرف أنه ليس بجه‬ ‫ية ‪.‬‬ ‫الرؤية لما ليس بجهة مُحال ‪.‬‬ ‫فليت شعري ‘ ماذا يضمر الخصم ويقدره ‪ 0‬من ذهول مُوسنى رالقلتنلة‪):‬‬ ‫يقدره ‪ 0‬معتقدا أنه جسم في جهة ذو لون ‪ 0‬وإتهام الأنبياء (عليهم السلام)‬ ‫بذلك ‪ .‬كفر صريح ‪ ،‬فإنه تكفير للنبي () ؛ فإن القائل ‪ :‬بأن الله جسم ‪.‬‬ ‫وعابد الوثن والشمس واحد ؛ ولو يقول ‪ :‬علم إستحالة ‘ كونه بجهة ؛‬ ‫ولكنه لم يعلم أن ما ليس بجهة لا يرى ‪ 0‬فهو تجهيل للنبي () ‪ 6‬لأن‬ ‫الخصم يعتقد أن ذلك من الجليات ‪ 0‬لا من النظريات ‪.‬‬ ‫فأانتل أميهساترشد ‪ ،‬مُخير بين أن تميل إلى تجهيل النبي (ثف‘) ‪ 6‬أو‬ ‫إلى تجهيل المعتزلة ‪ 0‬فاختر لنفسك ما هو أليق بك ‪ 0‬والسلام ‪ 0‬إنتهى‬ ‫كلامه ‪.‬‬ ‫أقول ‪ :‬أن الذي يصح عندنا ‪ :‬أن يحمل طلب مُوستى (التتلا‪ ):‬رؤية‬ ‫الله ‪ 4‬هو أنه أراد أن يحصل له من الإنكشاف التام ‪ 0‬والرؤية العقلية ‪.‬‬ ‫والتمثل الباطني في الدنيا ‪ 0‬ما حصل لمحمد (صلى الله عليه وآله) ليلة‬ ‫المعراج ‪ ،‬لا أنه طلب الرؤية بهذه الآلة الجسمانية ‪ }.‬الكدرة الظلمانية ‪.‬‬ ‫أن يطلب أمرا مُحالا { أو أن لايعلم أن القوة الجسمانية‬ ‫صبه‬ ‫منهنجل‬ ‫لأ‬ ‫الحالة في عضو من الأعضاء ‪ 4‬لا تدرك خالق الذرض والسماء ‪.‬‬ ‫‏ ‪ ٣٦ ٠.‬۔‬ ‫وأما ما ورد في الأدعية المأثورة ‪ 0‬ووقع في ألسنة الطانفة من‬ ‫إابتهالاتهم وتضر عاتهم ‪ 0‬في طلب لذة النظر إلى وجهه الكريم ‘} فذلك لا‬ ‫يدل على جواز رؤيته بهذا العضو المخصوص ‘ سيما وقد نص هذا‬ ‫النحرير ‪ .‬على أن العضو المخصوص ليس بركن في حقيقة الرؤية { فإذا‬ ‫كان لحقيقة الرؤية أفراد مُتعددة ‪ .‬بعضها صحيح في حق الله ‪ 0‬وبعضها‬ ‫فاسد في حقه ‪ 0‬فيجب أن يحمل الوارد في الكتاب والشريعة ‪ }.‬من ألفاظ‬ ‫الرؤية على الوجه الصحيح في حقه لا غير ‪ .‬كما في سائر ألفاظ الصفات‬ ‫المشتركة بين الحق والخلق ‪.‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫مم‬ ‫ته بين أرباب العلى بالمعرفه‬ ‫زمخشر‬ ‫يالشيخ‬ ‫أكبر‬ ‫الله‬ ‫أن يخسفه‬ ‫لمعارض‬ ‫مطمع‬ ‫لا‬ ‫بلاغة‬ ‫سماء‬ ‫في‬ ‫بدر‬ ‫فلانت‬ ‫مُتخوفه‬ ‫من ردي‬ ‫نفس‬ ‫لخلاص‬ ‫مني السلام على امرئ طلب الهدى‬ ‫السرح ‪:‬‬ ‫قوله ‪ } :‬الله ] (بالرفع) ‪ :‬مبتدأ ‪ 7‬وهو على الأصح علم للذات‬ ‫المقدسة ‪ 0‬الجامعة لجميع الصفات الغليا ‪ 0‬والأسماء الخسنى ‪.‬‬ ‫وقيل ‪ :‬أنه وضع لمفهوم كلي ‪ .‬أعني ‪ :‬الواجب لذاته ‪ 7‬نحصر في‬ ‫الفرد الموجود منه ‪ 0‬وهو الذات المقدسة ‪ 0‬كالشمس للكوكب النهاري ؛‬ ‫وورد بأنه لو كان كذلك & لما أفاد كلمة التوحيد التوحيد ‪ .‬وهو خلاف‬ ‫الإجماع ‪ .‬وإختلف في إشتقاقه ؛ فقيل ‪ :‬هو غير مُشتق من شيع { بل هو‬ ‫علم لزمته الألف واللام ‪.‬‬ ‫‏‪ ٣٦ ١..‬۔‬ ‫ونقل عن سيبويه ‪ :‬أنه مُشتق ‘ وأصله أله ‘ دخلت عليه الألف‬ ‫واللام ‪ 0‬فبقي الإله ‪ ،‬ثم نقلت حركة الهمزة إلى اللام ‏‪ ٠‬وسقطت ‘ فبقي أل‬ ‫له ‪ 0‬فأاسكنت اللام الأولى ‪ 0‬وأدغمت في الثانية ‪ .‬وفخم تعظيما { لكنه‬ ‫ما قبله ‪.‬‬ ‫رة‬ ‫كققسمع‬‫تر‬ ‫وفي الحديث ‪:‬يا هشام ‪ ،‬الملهُشستق من أله ‪ 0‬والإله يقتضي مألوها‬ ‫كان إلها { إذ لماألوه ‪ ،‬أي ‪ :‬لتمحصل العبادة بعد ‪ .‬ولم يخرج وصف‬ ‫المعبودية من القوة إلى الفعل ؛ و } أكبر { (بالرفع) ‪:‬خبره ‪ ،‬وهو اسم‬ ‫الل&مفضل عليه محذوف ‪ ،‬أي ‪ :‬أكبر من كل شيء { كبر عظمة‬ ‫وضي‬ ‫تف‬ ‫وجلال ‪ 0‬لا جسم وحجم ‪.‬‬ ‫فضيل ؛ و } يا { ‪:‬‬ ‫ا يلردتبه‬ ‫وقيل ‪ :‬أكبر من أنيوصف ؛ وقيل ‪ :‬لم‬ ‫حرف نداء‬ ‫ع ‪ :‬للتعجب ‪ 0‬وهذه اللام قد تستعمل في‬ ‫‪:‬ل[شيخ‬ ‫له‬‫و في‬ ‫قلام‬ ‫وال‬ ‫النداء كما ها هنا ‪ 0‬وكقولهم ‪ :‬يا للماء ‪ 4‬ويا للعجب ‪ :‬إذا تعجبوا من‬ ‫كثرتهما ‪ 0‬وقد يستعمل في غيره ‪ 0‬كقولهم ‪ :‬لله دره فارسا ؛ و [ شيخ {‬ ‫(بالنصب) ‪ :‬إضافته إلى } زمخشر { {‪ 0‬والمنادى المضاف وشبه‬ ‫المضاف ‪ :‬كقولهم ‪ :‬يا طالعا جبلا ‪ .‬يجب نصبهما ؛ والشيخ ‪ :‬من جاوز‬ ‫سنه أربعين سنة ؛ والشاب ‪ :‬من تجاوز البلوغ إلى ثلانين سنة ؛ وما‬ ‫بينهما كهل ؛ فالشيخ ‪ :‬فوق الكهل ‪ 0‬والجمع ‪:‬شيوخ ‘ وأشياخ ‪.‬‬ ‫وشيخان (بالكسر) { والمشيخة اسم جمع الشيخ ‪ ،‬والجمع مشايخ ‪.‬‬ ‫وعن الصحاح ‪ :‬جمع الشيخ ‪ :‬شيوخ { وأشياخ { وشيخه { وشيخان ‪.‬‬ ‫ومشيخه ‪ .‬ومشايخ ‪ .‬وشيوخاء (بالمد) ؛ وزمخشر ‪ .‬كسفرجل ‪ :‬قرية‬ ‫‪.‬۔‪ ٢‬‏‪ ٣٦‬۔‬ ‫بنواحي خوارزم ‪ ،‬إجتاز بها أعرابي ‘ فسأل عن إسمها واسم كبيرها ‪.‬‬ ‫فقيل ‪ :‬زمخشر والرواد ‪ 0‬فقال ‪ :‬لا خير في شر ورد ‘ ولم يلمم بها ؛‬ ‫منها ‪ :‬جار الله أبو القاسم محمود بن غمر ؛ وفيه يقول أمير مكة عَليَ بن‬ ‫عيسى بن وهاس الحسني ‪:‬‬ ‫زمخشر‬ ‫فداء‬ ‫داراآ‬ ‫تبوأها‬ ‫جميع قرى الدنيا سوى القرية التي‬ ‫إذا عد في أسد الشرى زمخ الشرى‬ ‫وأحرى بأن تزهى زمخشر بامرئن‬ ‫كذا في "" القاموس " ؛ والمراد بالمُستثنى بسوى مكة العظمة‬ ‫(شرفها الله تعالى) ؛ و } ته ع (بكسر التاء) ‪ :‬أمر من تاه يتيه } إذا تكبر ؛‬ ‫و [ بين ] ‪ :‬ظرف مكان منصوب على الظرفيه ‘ متعلق بقوله ‪[ :‬ته{ ؛‬ ‫و [ أرباب { ‪ :‬جمع رب ؛ قال في " القاموس "" ‪ :‬الرب (باللام) { لا‬ ‫يطلق على غير الله () ‪ 0‬وقد يخفف ں والاسم الربابة (بالكسر)‬ ‫‪.‬والربوبة (بالضم) ‪ .‬وعلم ربوبي (بالفتح) ‪ 0‬نسبة إلى الرب ‘ على غير‬ ‫قياس ؛ إلى أن قال ‪ :‬ورب كل شيء مالكه } ومُستحقه ‪ .‬وصاحبه ؛ جمع‬ ‫أرباب وربوب ‪ ،‬إنتهى ‪.‬‬ ‫وقوله ‪[ :‬العلى] ‪ :‬الشرف والرفعة ؛ والباء في قوله ‪[ :‬إبالمعرفة) ‪:‬‬ ‫للسببية ‪ 4‬وهي مع مجرورها مُتعلق بقوله ‪ [ :‬ته { ‪.‬‬ ‫والفاء في قوله ‪[ :‬فلانت! ‪ :‬للسببية ؛ واللام ‪ :‬للإبتداء ؛ و [أنت{ ‪:‬‬ ‫مبتدأ ‪ 0‬فهو مرفوع محلا لبناءه ؛ و } بدرع ‪ :‬خبر على سبيل الإستعارة ‪.‬‬ ‫أو التننسبيه ‪ .‬بحذف الكاف ‪ ،‬أو المُبالفة ؛ و [ في سماء { ‪ :‬جار‬ ‫ومجرور متعلق به ‪ .‬لتضمنه معنى منير ‪ 4‬أو بمحذوف نعت لبدر ؛‬ ‫‪٣٦٣‬‬ ‫و [ بلاغة { (بالجر) ‪ :‬بإضافة سماء إليها ‪ .‬وهي في أصل اللغة ‪ :‬ما‬ ‫ينبئ عن الوصول والإنتهاء ‪.‬‬ ‫وفي غرف أهل البيان ‪ :‬قد يوصف بها الكلام ‪ 0‬وقد يوصف بها‬ ‫المتكلم ‪ 0‬فالاول ‪ :‬مطابقة الكلام لمُْقتضى الحال مع فصاحته ‪ .‬والثاني ‪:‬‬ ‫ملكة يقتدر بها على تأليف كلام بليغ ؛ و } لا } ‪ :‬نافية ‪ .‬شبيهة‬ ‫ب (ليس) ؛ و [ مطمع { (بالرفع) ‪ :‬اسمها ‘ وهو اسم مصدر ‪ :‬طمع فيه‬ ‫وبه ‘ كفرح طمعا ‘ وطماعا ‪ .‬وطماعية ‪ :‬حرص عليه ‪ .‬فهو طامع ‪.‬‬ ‫وطمع ‪ .‬كخجل ‪ 0‬ورجل ؛ و [ لمعارض { ‪ :‬جار ومجرور متعلق‬ ‫بمحذوف خبر ( لا ) ‪ 0‬وهو اسم فاعل عارضه ‪ ،‬أي ‪ :‬جانبه وعدل عنه‬ ‫وصار حياله ؛ و [ أن ) ‪ :‬ناصبة مصدرية ؛ و [ يخسفه { ‪ :‬فعل‬ ‫مضارع ‘ من باب الأفعال ‘ منصوب ب (أن) ‪ 0‬وهي مع (أن) في تأويل‬ ‫المصدر ‪ 0‬في محل النصب ‘ بنزع الخافقض تقديره ‪ :‬في أن يخسفه ‪.‬‬ ‫معمول مطمع ‘ من خسف القمر ‪ :‬إذا كسف ‪ {.‬أو كسف للشمس ‪ .‬وخسف‬ ‫للقمر ‘ أو الخسوف إذا ذهب بعضها ‘ والكسوف كلها‪ .‬كذا في‬ ‫"القاموس ' ‪ .‬وضمير الفاعل للسُعارض ‪ 8.‬والمفعول للبدر ‪.‬‬ ‫وقوله ‪ [ :‬منيع ‪ :‬جار ومجرور متعلق بمحذوف ‏‪ 0٠‬حال من السلام ‪.‬‬ ‫أو من الضمير في الخبر ‪ .‬على الخلاف ‪ 0‬ويجوز التشديد بإدغام نون‬ ‫( من ) في نون الوقاية ‪ ،‬والتخفيف بحذف نون الوقاية ؛ و [ السلام {‬ ‫(بالرفع) ‪ :‬مبتدأ ؛ و [ على امرئ { ‪ :‬جار ومجرور مُتعلق بمحذوف‬ ‫خبره ‪ .‬ولفظ الجملة خبر ‘ ومعناه ‪ :‬إنشاء للتحية والسلام ‪ .‬مأخوذ من‬ ‫السلامة ‪ .‬فكأن السلم يقول للمسلم عليه ‪ :‬أنت في سلامة مني ؛‬ ‫‏‪ ٣٦٤9‬۔‬ ‫و [ طلب { ‪ :‬فعل ماض مسند إلى ضمير امرئ ؛ و } الهدى { ‪:‬‬ ‫مفعوله ‪ ،‬والجملة نعت لإمرئ ‪.‬‬ ‫واللام في قوله ‪ } :‬لخلاص { ‪ :‬للتعليل؛ وهو من خلص الشيعء ‪.‬‬ ‫من باب قعد ‪ 0‬خلوصاآ وخلاصا ‪ :‬سلم ونجا ؛ و [ نفس { (بالجر) ‪:‬‬ ‫لإضافة خلاص إليه ‪ .‬ومعنى النفس ‪ :‬قد مضي شرحه مُفصلا ‪ .‬والظاهر‬ ‫أن المراد بها ‪ :‬هي اللوامة ‪ .‬بقرينة قوله ‪ :‬مُتخوفه ؛ و [ من ردى { ‪:‬‬ ‫جار ومجرور متعلق بخلاص ۔ أو بمُتخوفه ‘ أو بكليهما ‪ .‬على قاعدة‬ ‫التنازع ‪ 0‬والردى ‪ :‬الهلاك ؛ و } مُتخوفه ) (بالجر) ‪ :‬على أنها نعت‬ ‫لنفس ‪ 0‬اسم فاعل من تخوف ‪ .‬من باب تفعل بمعنى ‪ :‬خاف ‪ ،‬أو أخذ‬ ‫الخوف شيعارا ‪.‬‬ ‫والبيت الثاني مُشتمل على التشبيه ‪ 0‬حيث شبه المُخاطب بالبدر ‪ 0‬وإن‬ ‫حذف أداة التشبيه } قان مثل قولك ‪ :‬زيد أسد ‪ 0‬يسمى تشبيها بليغا على‬ ‫المختار ‪ .‬ومذهب المحققين لا إستعارة ‪ 0‬لأن الإستعارة إنما يطلق حيث‬ ‫يطوى ذكر المستعار له بالكلية ‪ .‬ويجعل الكلام خلوا عنه صالحا ‪ .‬لأن‬ ‫راد به المنقول عنه ‪ ،‬والمنقول إليه } لولا دلالة الحال ‘ أو فحوى الكلام ‏‪٥‬‬ ‫ووجه الشبه هنا النورانية ‪ 0‬والرفعة ‪ 0‬تم من جهة المبالغة في التشبيه ‪.‬‬ ‫وادعاء أنه عين المُشبه به ‪ .‬أنبت له ما يخص المُشبه به ‪ .‬وهو السماء ‪.‬‬ ‫فقال ‪ [ :‬في سماء بلاغة { ‪ }.‬فجعل البلاغة سماء ‪ ،‬والمُخاطب بدر ذلك‬ ‫‪4909‬‬ ‫‏‪ ٣٦٥‬۔‬ ‫الخاضعة ‪.‬‬ ‫إلى هنا جف القلم ‪ 0‬وقد تم بحمد الله ‪ 0‬وحسن‬ ‫توفيقه ‪ 0‬بيدي الجانية الفانية ‪ .‬وأنا العبد الأحقر ‪.‬‬ ‫السيد عبد الخسين ابن المرحوم السيد على أصغر‬ ‫الحسيني التستري العزوي ‪ 0‬في جزيرة زنجبار ‪.‬‬ ‫صانها الله من شر الأشرار ‪ 0‬في صبيحة يوم السبت ‪:‬‬ ‫الواحد والعتسرين ‪ 0‬من الشهر الخامس ‪ ،‬من العام‬ ‫النامن ‪ 0‬من العشر الأول ‪ 0‬من المائة الرابعة ‪ 0‬من‬ ‫الألف التاني ‪ 0‬من الهجرة النبوية ‪ 0‬على مُهاجرها‬ ‫ألوف من الصلاة والسلام والتحية ة‪ :‬والحمد لله أولا‬ ‫وآخرآ ‪ .‬وظاهر وباطناً ‪.‬‬ ‫رز‪.‬‬ ‫‪٦‬۔ ‏‪ ٣٦‬۔‬ ‫الفهرس ‪:‬‬ ‫الصفحه‬ ‫الموضوع‬ ‫‏‪١١‬‬ ‫تقديم بقلم ‪ /‬عبد الله بن سلطان المحروقي السناوي‬ ‫حے‬ ‫‏‪١٧‬‬ ‫القصيدة البلكفيه‬ ‫‏‪٢٣‬‬ ‫شرح القصيدة البلكفيه‬ ‫جهے‬ ‫‏‪٣٦٦‬‬ ‫ه‬ ‫الخاتمه‬ ‫‪٣٦ ٧‬‬ ‫الفهرس‬ ‫‏‪٦٣‬ا‪٧‬۔_ ۔‬ ‫‏‪ ٢٠٠٨ / ٣٦‬م‬ ‫رقم الإيداع‪:‬‬ ‫‪.‬۔‪ ٨‬‏‪ ٣٦‬۔‬