‫"‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٨‬‬ ‫‪‎‬زهت‬ ‫‪١‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٨‬‬ ‫‪.‎‬ق‬ ‫‪-..‬‬ ‫او‬ ‫إ‬ ‫‏‪ ٢٢‬إ م‬ ‫‪/‬‬ ‫‪٧‬رم‪7 ‎‬‬ ‫| ‪) ٧‬‬ ‫‪7-‬‬ ‫‪7‬‬ ‫( ‪٧‬‬ ‫منج )الجروب‪‎‬‬ ‫ممتن لادرننمتيزاقرئن‪‎‬‬ ‫‪7‬‬ ‫الشيح القلامة‪‎‬‬ ‫‪ 1‬ف‬ ‫‪ ٠‬ح‬ ‫‪ .‬رحمهالل تمتا‪.‬‬ ‫الجَزءالتاين‬ ‫الطبعة الثانية‬ ‫‏‪ ١٤‬ه ‪ /‬‏‪ ٢٠١٢‬م‬ ‫مكتب المستشار الخاص بطلالة السلطان‬ ‫للشة ‏‪ ١‬ن الدينية ‏‪ ١‬التا خيه‬ ‫الذكر ا لسابع والعشرون ‪:‬‬ ‫في ابتداء خلق الإنسان ‪ 0‬وما له من الأحكام والميراث۔‬ ‫وفيه ذكر الأرزاق والبركات في الحيوانات والجمادات‬ ‫ابتداء خلق الإنسان ‪:‬‬ ‫قال ذو الغبراء ‪ :‬سألت صاحبي عن ابتداء خلق الإنسان إلى هرمه ‪.‬‬ ‫ما السبب في ذلك ؟ قال ‪ :‬اعلم أن الإنسان أوله من نطفة ‘‪ 0‬والنطفة لها‬ ‫رانحة كالنبات ‪ 0‬ويجتمع في تلك النطفة جميع أاعضانه من عصب ‪.‬‬ ‫وعروق وعظام ‘ ودم ولحم وشعر { فاعتبر في بيضة الطير الذي أعلاها‬ ‫طير الذكر ‪ 0‬فأول ما يوجد في البيضة ماء ‪ .‬ثم ينتقل إلى دم ‪ 0‬تم على‬ ‫عروق ثم على عظام ولحم وريش ‘ وغذاؤه من المحة ‘ ثم يخرج من‬ ‫البيضة كامل الأخلاق والصورة كأبيه وأمه ‪ 0‬وأما نطفة الرجل قماء أبيض‬ ‫غليظ ‘ وماء المرأة ماء أصفر رقيق يخرج من ترائبها } فإن تقدم ماء‬ ‫المرأة من جسمها إلى قرارها المكين ‘ فإنها تحمل بأنثى ‪.‬‬ ‫ونطفة الرجل في البيضة اليسرى ‪ .‬وقيل من صلبه ‪ .‬فإن تقدم ماء‬ ‫الرجل قبل المرأة جاء الولد ذكرا ‪ 0‬والشبيهة على من كان ماؤه أكثر من‬ ‫الزوجين ‪ 0‬واشتهى قبل صاحبه { والواجب على المرأة أن تدخل أصبعها‬ ‫في قبلها لفسل الجنابة والحيض والنفاس ‘ وتثبت النطفة أربعين يوما ‪.‬‬ ‫طبعها البرودة اليابسة الثقيلة ‪ 0‬وفي هذا الشهر التدبير لله تعالى ‪ .‬ولكن‬ ‫يجعله في الطبع كطبع زحل ‪ ،‬فإن كان زحل قويا مسعودا ‪ .‬فالولد يكون‬ ‫على قدر قوته وطبعه‘ وفي هذا الشهر ينقطع من المرأة دم الحيض؛ لأته‬ ‫يسقي الماءان في القرار المكين ثم ينتقلان على علقة فيمتزجان بالحرارة‬ ‫الرطبة على طبع المشتري‪ ،‬فيعفنا الماءان ويمتزجان© ويطلع الغثيان‬ ‫والبخورات الذي توحم به المرأة وهذا بعدما يمضي أربعون يوماء ثم‬ ‫ينتقل إلى مضغة دم‪.‬‬ ‫وفي الشهر الثالث كطبع المريخ في الحرارة اليابسة ويدل على‬ ‫القوة والشجاعة والبطش& وإن سقطت المضغة من المرأة‪ .‬فعدتها متى‬ ‫رأت الطهر صلت وصامت‘ وأما زوجها فيمتنع عن جماعها أربعين يوما‬ ‫على أكثر قول المسلمين ثم ينتقل في الشهر الرابع بالحرارة اليابسة‬ ‫المحرقة كطبع الشمس فينتقل إلى العظام فإذا تمت الأربعة الأشهر نزلت‬ ‫فيه الروحض وانتقل في الشهر الخامس كطبع الزهرة قينبت فيه الشعر‬ ‫والعصب والأخلاق الحسنة إذا كانت الزهرة مسعودة‪ .‬فإن جاء المرأة دم‬ ‫في حملها فليس هو بحيض وذلك من ضعف في جسدها۔ فلا تترك الصلاة‬ ‫ولا الصيام وجائز للرجل جماعهاء ولكنها تغتسل قبل الجماع‬ ‫كالمستحاضةً ثم ينتقل إلى الشهر السادس فيكتسي باللحم ويتحرك‬ ‫اللسان وأن لو سقط لعرف أنه ذكر أو أنثى‘ ويكون طبعه كطبع عطارد‬ ‫حيث حل في البروج والقوة والضعف والسعد والنحس« لأنه ممازج يساير‬ ‫الذكور والاناث‪.‬‬ ‫صفة معرفة الحمل أنه ذكر أو أنثى ‪:‬‬ ‫فأما الذكر فيكون لبن المرأة غليظاً‘ ويصلب لحمها‪ .‬ويحسن‬ ‫لونها وتجلو عينها‪ .‬وتصح شهوتهاؤ وتحس بالثقل في الجانب الخذيمن۔‬ ‫ويعظم ثدي الذيمن‪ 0‬وتحمر حلمته‪ .‬وإذا مشت حركت الرجل اليمنى أولا‬ ‫وإذا قامت‘ اعتمدت على اليد اليمنى‘ وتكون عينها اليمنى أخف وأسرع‬ ‫حركة والذكر يتحرك بعد ثلاثة أشهر والأنثى بعد أربعة أشهر‪.‬‬ ‫الحامل وقدمت رجلها اليمنى في المنسي فهو ذكر‪.‬‬ ‫فاذا نهضت‬ ‫وإن قدمت رجلها اليسرى فالحمل أننى۔ وقيل إذا حلبت المرأة من ثديها‬ ‫في الماء وسكعغ أو حلبت فوق نملة فماتت أو كانت عروق كفيها حمراء‬ ‫فالحمل ذكر وأما إذا كانت عروق الكف خضراء‘ أو الحليب فوق الماء۔‬ ‫والقملة لم تتممتت فالحمل أنثى۔ والعين الباهته في الحامل تدل على الأنشى‪،‬‬ ‫والعين الغانصة فيها الحامل تدل على الذكر ‪.‬‬ ‫علامات الحمل ‪:‬‬ ‫ما بين السرة والفرج‪.‬‬ ‫وجع‬ ‫ويحصل‬ ‫الرحم‘‬ ‫ضيق‬ ‫الحمل؛‬ ‫وعلامات‬ ‫وتكره الجماع خاصة الحامل بالذكر‪ .‬ويعرض لها عند الجماع غشي‪.‬‬ ‫وينقطع الحيض او يتأخرش ويعرض الكرب والكسل‪ ،‬ونحول البدن‘ ووجع‬ ‫شهر أو شهرين ‘ فاذ ‏‪١‬‬ ‫فاسد ة بعد‬ ‫وخفقان ‪ .‬وشهوة‬ ‫الرأس ‪ .‬وظلمة العين‬ ‫" ‪.‬‬ ‫عظم الجنين زالت هذه الأعراض‬ ‫أحكام الحمل ‪:‬‬ ‫ومع تمام الشهر السادس تدخل في الحمل أحكام الشرع فمثلا إذا‬ ‫كان للمرأة زوج من قبل وجاءت بولد لأقل من ستة أشهر مذ دخل بها‬ ‫الزوج الثاتني‪ ،‬فالولد للزوج الأول وتخرج عن الثاني بلا طلاق‪ ،‬وليس‬ ‫لها صداق‘ وقد يلحقها الاول في الحكم إلى سنتين‪ ،‬وإن لم يكن معها زوج‬ ‫(‪ )١‬قمت بتقديم وتاخير بعض العبارات لينسجم الحديث مع بعضه‪. ‎‬‬ ‫من قبل فالولد وأرحامه عصبة أمه في الميراث‘ وإن كانت هذه المرأة‬ ‫مطلقة طلاق رجعيا ‪ 0‬ومات مطلقها الرجل الذول عند ولادتهاێ وخرج الولد‬ ‫كله إلا قدمه ‪ ،‬فإنها ترته المطلق إذا لم يكن خلعا ولا لعانا ‪.‬‬ ‫وأما الولد فملحوق به على كل حال من الطلاق إذا جاءت به لأقل‬ ‫من ستة أشهر قبل أن تغرب قرون الشمسس وأما إن جاءت به بعدما‬ ‫غربت الشمس لتمام ستة أشهر فهو لزوجها الثاني رضي به أم لم‬ ‫يرض‪ ،‬وإن وضعت بولدين واحد لأقل من ستة أشهر فهو لاذول‪،‬ؤ والثاني‬ ‫آخر تمام ستة الأشهر فالولد الأخير للزوج الثاني على القول المعمول‬ ‫بهش وتركت الاختلاف‪ ،‬وأما إن سبى المرأة العدو ودخل عليها وكان بها‬ ‫حمل من العدو فالزوج ليس له فيه سبيل لكنه إن قدر على زوجته‬ ‫وأخذها واستبرأت رحمها فلا يضارها في ولدها‪ ،‬وهذا الولد من حرام‬ ‫وليس له أب‘ ولا هو مثل النكاح الفاسد؛ لأن النكاح الفاسد يلحق الولد‬ ‫بابيه ويرثه‪.‬‬ ‫ومن الأثر‪ :‬عن محمد بن محبوب؛ وعن الرجل إذا وقع رجل على‬ ‫زوجته فوطنها وهي كارهة لذلك فحملت‘ فهل يسع الزوج أن يطا امرأته‬ ‫وهي حامل من غيره‪ .‬والجواب لا يحل له وطنها حتى تضع حملهاء وإن‬ ‫وطنها قبل أن تضع حملها أتفسد عليه؟ قال‪ :‬الله أعلمؤ قال أبو سعيد‪ :‬فيما‬ ‫أحسبؤ فقال مَن قال لا تفسد عليه { والله أعلم ‪.‬‬ ‫رجع على كلام ذي الغبراء ‪ :‬والرجل إذا طلق زوجته طلاقا رجعيا‪.‬‬ ‫وكان في بطنها حمل فعليه النفقة لها إذا كانت في بيته أو غير بيته‪ ،‬وأما‬ ‫إذا اختارت الخروج من بيته ولم يكن بها حمل فلا نفقة عليه لها‪ .‬وكل‬ ‫حامل لها النفقة من الرجل الذي خرجت عنه وفي رأي الشيخ ناصر‪ :‬إذا‬ ‫خرجت من بيته بغير رضاه فلا نفقة لها ما دامت حاملا‪ ،‬وإن كان برضاه‬ ‫فلها النفقة كما جاء في الذكر الحكيم‪.‬‬ ‫قال‪ :‬والنفقة فيما جاء عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أصلها نصف‬ ‫صاع من البر لكل يوم وإن لم يكن برا فقيمته من بقية الحبوب‘ ولها من‬ ‫التمر لكل يوم مما يأكل أهلها أو تأكل هي قبل التزويج وإن كان التمر أقل‬ ‫من ذلك فبقيمته من السائرؤ والحل كمقدار ما يحتاج إليه مثلهاء والسمن‬ ‫والحلاء كما يستعمله أهلها أو تستعمله هي قبل التزويج على نظر الأعدل‬ ‫في ذلك وكان لا يعجبه على تحديد ما في الكتب‘ ولا يخطئ من قال به‪.‬‬ ‫وأما إن طلقها وأتت بولد لأقل من سنتين مذ طلقها وأقرت أن‬ ‫الحمل ليس من مطلقهاؤ فهنا لا يقبل قولها؛ لإبطال الميراث والنسب‪.‬‬ ‫وخلوصها منه بعد ما يخرج ولدها‪ ،‬ولو لم يخرج على سنتين‪ ،‬فإنه‬ ‫يلحقها بالرد وكذلك يرثها وترثه إن مات أحدهما‪ ،‬وأما إن طلقها وعادتها‬ ‫الحيض ولم تحض ثلاث حيض متوالية‪ ،‬ومكثت مدة من السنين‪ ،‬ومات‬ ‫الرجل فإنها ترثه ومصدقة في العدة‪ ،‬وكذلك إن ماتت المرأة‪ ،‬وقال‬ ‫الرجل‪ :‬إنها لم تخلص منها فعلى أوليانها البينة‪ .‬قإن عجزوا عن‬ ‫الشهادة‪ ،‬فإنه يرثها‪ ،‬والمدة في هذا على أكثر قول المسلمين يكون سنها‬ ‫ستين سنة‪ ،‬ثم تعتد ثلاتة أشهر وقول خمس وخمسين سنة{ وقول‬ ‫خمسين سنة{ وفيه قول سنتين ثم تعتد ثلاثة أشهر‪ .‬وقيل سنة وتعتد تلاتة‬ ‫أشهر وأما الذي لا يأتيها الدم أبداً‪ ،‬فعدتها تسعة أشهر؛ لريبة الحمل‬ ‫وثلاثة أشهر للعدة‪ .‬فتكون سنة كاملة وأما إن جاءها الحيض ثلاث‬ ‫مرات‘ ولم تغتسل من الثالثة‪ .‬ورأت طهرا‪ ،‬أو توانت عن الغسل‘ وفات‬ ‫وقت الصلاة‪ .‬فإنه لا يدركها مطلقها ولا بينهما ميراث‘ وأما إذا لم تتوان‬ ‫عن الغسلك إلا أنها همت فإنه يدركها ما لم تفت الصلاة ولم تغتسل‪.‬‬ ‫فبينهما الميراث‪ ،‬قال عامر بن علي‪ :‬غسلت أو لم تغتسسل‪ ،‬قال الشيخ‬ ‫ناصر‪ :‬متى انقطع الدم ورأت الطهر انقضت العدة‪.‬‬ ‫عودة إلى قول ذي الغبراء‪ :‬قال‪ :‬وأما إذا أتت بولد ليس من ستة‬ ‫أشهر ولم يكن لها زوج من قبل‪ ،‬ولم تقر به أنه من زنا‪ ،‬وأتت بحجج من‬ ‫العذر مثل مغصوبة أو نانمة‪ .‬هجم عليها أحد ولم تعرفه‘ أو كانت نطفة‬ ‫سايحة في النهر ودخلت في فرجهاؤ أو أشباه ذلك‪ ،‬فلها العذر‪ ،‬ولا تسمى‬ ‫زانية‪ .‬واما إذا لم تات بحجة؛ فإنها تحبس وترضع ولدها سنتين‪ ،‬ولا‬ ‫يجوز للزوجين أن يخبر أحدهما بالزنا صاحبه قال الشيخ تاصر‪ :‬يقبل‬ ‫قولهما لبعضهماش وبينهما الميراث إن صح الطلاق‪ ،‬وأما في بينهما وبين‬ ‫الله فكما ذكر‪.‬‬ ‫وعودة إلى قول ذي الغبراء‪ :‬وإن مات أح ولم يكن له ولد‪ ،‬ولا‬ ‫ولد ولدن ولا أب‪ ،‬ولا جدك وعنده أم‪ ،‬ومعها زوج‪ ،‬وكان بها حمل‪.‬‬ ‫فموقوف ماله‪ .‬فإن ولدت به لأقل من ستة أشهر مذ مات ولدها‪ ،‬فانه يرث‬ ‫المولود من أخيه وإن ولدته لأكثر من ستة أشهر فلا ميراث له على‬ ‫أكثر القول‪.‬‬ ‫مسألة أخرى ‪ :‬إذا مات رجل وترك أمه{ ولها زوج آخر وهو حي‪.‬‬ ‫وفي ملكه‘ فإن وضعت لأقل من ستة أشهر مذ يوم مات{ دخل المولود في‬ ‫الميراث‪ ،‬فإن كان الزوج ميتا أو مطلقا للمرأة أو باننا عنها‪ ،‬فإن وضعت‬ ‫حملها لسنتين مذ يوم مات الزوج أو طلقؤ دخل المولود في الميراث‪ ،‬ولو‬ ‫جاءت به لأكتر من ستة أشهر والفرق بيّن في ذلك؛ لأنه إذا كان معها‬ ‫زوجهاش‪ ،‬ولعله أن تكون حملت من بعد أن مات ولدها الموروث‘ فافهم‬ ‫الفرق في هذاء وقد قيل‪ :‬أنه لو كان أبو الحمل حيا] وأشهد على ترك‬ ‫وطنها مذ مات الصبي‪ ،‬فإن ولدته لأقل من سنتين مذ مات أخوه دخل قي‬ ‫الميراث‪ ،‬والله أعلم بعدل هذا القول‪ ،‬والقابلة غير مصدقة إن قالت أنه ذكر‬ ‫أو أننى إلا بالشهادة التامة‪ .‬وأما في استهلاله في البكاء مقبول قولها‪.‬‬ ‫وإن استهل ومات يغسل ويصلى عليه‘ وإن لم يستهل غسل ولا يصلى‬ ‫عليه‘ وإن مات رجل‘ وكان حمل ممن يرٹه‘ أو كان مشاركا في الإرث‬ ‫من الأرحام أو العصبات أو ذوي سهم‘ فمنتظر إلى ولادته‪.‬‬ ‫عودة‪ :‬وأما الشهر السابع؛ فالمولود فيه يعيش؛ لأن تدبيره للقمر‬ ‫إذا كان مسعوداً‪ ،‬أوله سماء الدنياء ومدار الفرض بدوران فلك القمر في‬ ‫النحس والسعد‪.‬‬ ‫وعن امرأة زنت بأبي زوجها أو ابنه أو جده‘ لا يحل لها المقام مع‬ ‫زوجها ولتهرب من ولتفتدي بكل شيء تقدر عليه؛ وليس عليها أن تعلن‬ ‫ما ستره الله عليها‪ ،‬وتعلمه فيما بينها وبينهس وما وقعت فيه من البلاء‬ ‫فإن لم يقبل فلتهرب منه حيث لا يراها‪ ،‬قال الشيخ ناصر‪ :‬لا يقبل قولهما‬ ‫لبعضهما{ إن صح الطلاق وأما في ما بينهما وبين الله فكما ذكر قال ذو‬ ‫الغبراء‪ :‬وهذه المسألة وجدتها في الجزء الثامن والأربعين في الباب‬ ‫السابع والثلاثين في المسالة الثالثة والعشرين من كتاب بيان الشرع‪.‬‬ ‫وأما الشهر الثامن‪ 0‬فيرجع الحمل طبعه طبع زحل فإن ولد مولود‬ ‫‪١١‬‬ ‫فيه فالأكثر يموتون‪.‬‬ ‫كيف تحسب للمولود فلكيا ؟‬ ‫وأما الشهر التاسع فطبع الحمل فيه طبع الهواء‪ 0‬فيجعل رأسه إلى‬ ‫فرج أمه لرانحة الهواء‪ ،‬قتسوقه الملائكة الكرام إلى خروجه في هذه‬ ‫الدنيا‪ .‬وفي تلك الساعة التي يخرج فيها المولود‪ .‬فمنها الدلالة في‬ ‫صورته‪ ،‬فإن كانت الساعة سعد ليس منحوسة بشيء‪ ،‬فعلى شكلها وإن‬ ‫كانت الساعة نحسةا فالدلالة عليها‪ ،‬وأما البرج الطالع فلجسمه المولود‪،‬‬ ‫والبرج الثاني لماله وأعوانه‘ والبرج الثالث لإخوته وحركاته القريبة‬ ‫والرابع لآبانه وعاقبة أموره‪ ،‬والخامس لأولاده ونعمته‪ .‬والسادس‬ ‫لأمراضه وعبيده وذهيبته‪ .‬والسابع لنسانه وشركانه وخصمائه‘ والثامن‬ ‫لمال نسانه وخصمائه وموته‘ والتاسع لأسفاره وأحلامه وعلمه‪ .‬والعاشر‬ ‫بيت عزه وسلطانه ومعاشها والحادي عشر بيت أصدقانه ورجانه‪.‬‬ ‫والبرج الثاني عشر من الطالع بيت أعدانه وسجنه‪.‬‬ ‫فحيث رأيت السعود في البروج فاحكم له بالصلاح من تلك‬ ‫البيوت‪ ،‬وحيث رايت النحوس في البروج فاحكم له بالنحس من تلك‬ ‫الكواكب التي حلت في البيوت‪ ،‬فإذا ولد مولود فالتدبير للقمر فيه؛ وطبعه‬ ‫البرودة الرطبة إلى أربع سنين‪ ،‬ثم ينتقل إلى طبع الممازجة كطبع عطارد‬ ‫إلى أربع عشرة سنة\ ثم ينتقل إلى طبع الزهرة وجريان ماء الشبيبة إلى‬ ‫اثنتين وعشرين سنة{ ففي أول هذا الطبع تلزمه الفروض ويكتب عليه ما‬ ‫يعمله من الحسنات والسيئات‘ ثم ينتقل إلى سن الشباب متوسط وطبعه‬ ‫كطبع الشمس إلى إحدى وأربعين سنةؤ ثم ينتقل طبعه كطبع المريخ إلى‬ ‫‪١ ٢‬‬ ‫ست وخمسين سنة‘ ثم ينتقل إلى الكهولة وطبع المشتري إلى تمان‬ ‫وستين سنة‪ .‬ثم ينتقل إلى طبع زحل في الشيخوخة إلى ثمان وتسعين‬ ‫سنة ثم يرجع إلى الضعف والصغر وقلة العقل كتدبير القمر‪ .‬وهذا حسابنا‬ ‫على سنينهن الصغرى الكواكب‪.‬‬ ‫أمثلة على الرزق والبركة فى الحيوانات والجمادات ‪:‬‬ ‫فمنهم من يسلك طريق الرشد ويعتصم‬ ‫اعلم أن الناس أجناس‬ ‫بالعروة الوثقى وتكون له دينا وله آخرة كما قال الشاعر‪:‬‬ ‫فقد حاز منها بالجزيل من القسم‬ ‫إذا أعطي المرء في الدنيا أربعا‬ ‫فصحة جسم ثم حظا من العلم‬ ‫فأولها تقوى الإله وبعده‬ ‫فخذها كالدر زانت لذي النظم‬ ‫ورابعها ماقد كفى بمعيشة‬ ‫ومنهم من له دنيا وليس له آخرة‪ .‬ومنهم من ليس له دنيا وله‬ ‫آخرة‪ .‬ومنهم من ليس له دنيا ولا آخرة‪ ،‬فانظر أيها الإنسان بعقلك في‬ ‫شبابك‪ ،‬فالذي تراه أرفق وأحسن لنفسك من الحرث لمعاشكڵ والأرزاق‬ ‫واسعة ومبسوطةا ولا يدخلك الطمع بجمع الذهب والجوهر والزمرد‬ ‫والألماس‪ ،‬ولا يفرك النواب بجمع المال‘ قاختر لنفسك من الذرض‬ ‫الواسعة عملا‪ .‬تستعين به على إصلاح دينك‘ واسمتع لقول الشاعر ‪:‬‬ ‫وما العار إلا للذي كان عاصيا‬ ‫فلا تترك الحرفات خوف مذمة‬ ‫وأخبر عنه أنه كان راعيا‬ ‫فموسى رعى من قبل قد قال ذو العلا‬ ‫وإدريس خياطا وطالوت ساقيا‬ ‫كذا زكريا كان نجار قبل ذا‬ ‫‪١٢‬‬ ‫وأعراضهم هذا ونالوا المعاليا‬ ‫وكان يبيع الماء ما ضر دينهم‬ ‫فقد كان زرَاعا وعيسى لآسيا‬ ‫وآدم قبلهم‬ ‫وداوذ حدادا‬ ‫ثم قال ‪ :‬اجتهد في طلب الرزق‪ ،‬فمن الناس من يطلب العلم‪.‬‬ ‫والرزق يكون بسببه‘ ومنهم من يطلب العز والرفعة فيجد منه النعمة‬ ‫ومنهم من يطلب الحرث والزرع‘ ومنهم من يطلب الصنانع‘ ومنهم من‬ ‫يطلب التجارة والأسفار‪ .‬ومنهم من يطلب المواشي‘ ومنهم من يطلب‬ ‫النكاح فمنه يجد الصلاح‘ ومنهم من يطلب اللهو واللعب والحرام؛‬ ‫والمؤمن لا يدخل إلا في الحلال ‪ 0‬والعاصي يدخل في الحلال والحرام ‪.‬‬ ‫قمن تزود الشر فهو شر له ‪ 4‬ومن تزود الخير فهو خير يره ‪ « .‬من‬ ‫كان يريذ حرث الآخرة نزذ له في حثه ومن كان يُريذ حرث النيا ثؤته‬ ‫منها وَمَا له في الآخرة من تصيب ('ا ‪ .‬واجعل نفسك كأنها ساعتك التي‬ ‫أنت فيها‪ .،‬واحرث في دنياك كأنك مخلد فيها‪ ،‬والذرزاق واسعة لجميع خلق‬ ‫الله‪٧‬‏ بالذي يأكل من الحيوانات في البر والبحر ولا نقدر أن نحصي‬ ‫الأرزاق المباحة التي هي حلال للغني والفقير‪ ،‬والحبة تنبت سبع سنابل‬ ‫في كل سنبلة مانة حبة‪ .‬وسيدة الشجر السدرة تقيت خلقا كثيرا فنظرت‬ ‫كدم فدورانها جاءت خمسين باعا بالباع‬ ‫سدرة في طوي بنات قاسم من‬ ‫سكن حولها‪ ،‬والمارون عليها والمواشي‬ ‫الصحيح ومن ثمرتها ياكل من‬ ‫يأكلوا من نبقها إلا قليلاى وجوزة في بلد‬ ‫التي عرضت تحتها{ وكأنهم لم‬ ‫ألفا‪ .‬وسمعت عن شجرة بوت بسيبة غول‬ ‫المناخر ثمرتها خمس وثلاثون‬ ‫في عين السعد جنى من ثمرتها اثنا عشر رجلا في اثني عشر قفيراَ‬ ‫لوان دراكها في يوم واحدؤ ونخلة سيلي من بلد المسفاة من ناحية كدم‬ ‫‪. ٢٠‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الشورى‪‎‬‬ ‫‪٤‎‬ا\‬ ‫متا ‪ 6‬و عدد قرون‬ ‫قفيرآ ‪ .‬كل قفير وزنه خمسون‬ ‫جاءت ثمرتها اثنا عثر‬ ‫عذق موز خمسمانة وخمسة وأربعون قرنا زمن الإمام بلعرب بن سلطان‬ ‫الذي بنى حصن يبرين‪ ،‬ونخلة خصاب رافت من أول دراكها إلى جدادها‬ ‫أربعة أشهر‪.‬‬ ‫وسمعت الشيخ ناصر يقول‪ :‬في بلد العليا شجرة أنبا تسمى بهلا‬ ‫وخمسون قرشا < وفرصاد ة ببلد‬ ‫مانة‬ ‫صح لها من التمن في بندر مسكد‬ ‫العين من جبل بني ريامش حموها أهلها عن الخرَاب‘ فإذا احتكم نضاجها‬ ‫أطلقوهاش‪ .‬وجنى منها أهل البلدان الجبل كلهم وتثبت في ثمرتها شهور‬ ‫وأياما‪ ،‬و بيذامة بدار سيت تطنى بخمس وعشرين قرشا‪.‬‬ ‫وسمعت سرور بن جمعة الخصيبي يقول‪ :‬استطضى نخلتي خصاب‬ ‫من فلج ساح الحرمل بثمانية وعشرين قرشاآء‪ ،‬استفاد منهما بعدما أكل‬ ‫منهما ما أكل‪ ،‬وقورة رمان في بلد الناخر بيع رماتنها بعشرين قرشا‪.‬‬ ‫ومشمشة مثلها على ما سمعت‪.‬‬ ‫‏‪ ١‬لمباح المقيتة للخلق ‘ وأما ‏‪ ١‬لأشجار‬ ‫فلا يجوز قطع الشجر‬ ‫المملوكة فكل أولى بماله‪.‬‬ ‫وحدثني الوالد خلفان بن سعيد الهطالي التاجر أن امرأة أعطته‬ ‫وباع كل‬ ‫عشرة سمكة‬ ‫قرشا لما أراد سفر البحر ‪ 4‬فاشتر ى به خمس‬ ‫سمكة بقرش فضة إفرنسي في بندر مريس& ثم اشترى بالقروش رأسي‬ ‫عبيدين من السواحل‘ وباعهما ببندر مسكد بسبعين قرشا صافي من‬ ‫جميع الخسانرش وأعطاها المرأة ‪.‬‬ ‫وقد حكى لي ‪ :‬عن رجل معه سبع محمديات من نظافة () ‏‪ ٥‬فشر ى‬ ‫(‪ )١‬أي ‪ :‬ختانة‪. ‎‬‬ ‫‪١ ٥‬‬ ‫بها عجلة () ‪ .‬فنتجت له عشرين بطناؤ فنتجت تلك البقر ونمت{ فباع‬ ‫منها ما لا يحصى& واشترى منهن الأموال الجزيلة ‪ 0‬وعاش من أيسر أهل‬ ‫زمانه ‪ ،‬فينبغي لكل إنسان مهما رأى رزقه اتسع من شيع ‪ ،‬أن لا يتركه‬ ‫وقد خص به دون غيره ‪.‬‬ ‫وحدثني واحدا بعد واحد ‪ :‬أن أميرا للعجم معه أربعمائة سرية ‪.‬‬ ‫ثم مات وترك ثمانين ابنا ومانة وعشرين ابنة ‘ فأخذ ملكه من بعده ابن‬ ‫اخيه { وأولاده لم تنفعهم كذرتهم { وقلع عيونهم اليمنى ‘ فاعتبروا يا‬ ‫أولي الأبصار {‪ 0‬والصلاة والسلام على النبي المختار ‪ .‬وعلى آله وصحبه‬ ‫الأبرار ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬أي ‪ :‬بقرة بكر‪. ‎‬‬ ‫‪١٦‬‬ ‫الذكر الثامن والعشرون ‪:‬‬ ‫‪ ،‬والصلاة على‬ ‫فيه ذكر ‏‪ ١‬لزلزلة ‪ 0‬وزيارة المريض‬ ‫الميت ‪ 0‬ومعرفة الأوقات لأول الصلوات ‪ 0‬وذكر‬ ‫الفضائل لها ‪ 0‬وعلامة القدم‬ ‫‏‪ ١٢٥٢‬ه ‪:‬‬ ‫توثيق لزلزال وقع فى شهر صفر‬ ‫قال ذو الغبيراء ‪ :‬سرت يوما إلى زيارة الصاحب‪ ،‬فرأيته حزينا‬ ‫كئيب من الزلزلة التي رجفت الأرض منهاء‪ ،‬في ساعة القمر من ليلة‬ ‫الأربعاء في ليلة النصف من شهر صفر من شهور سنة اثنتين وخمسين‬ ‫سنة ومائتي سنة وألف الميزان والقمر في برج القوس‪ ،‬قال‪ :‬فيدل على‬ ‫أن النصارى تظهر على بر العرب‪ ،‬ثم تلتها رجفة أخرى وقت صلاة‬ ‫الظهر من يوم الأحد نهار تسع عشرة من شهر صفر وعقبت بعد ذلك‬ ‫ريح وسيل شديد ‪ 0‬في ليلة السبت خمس وعشرين من صفر { وصباح‬ ‫السبت ‪ 0‬ذهبت الأموال والأنفس والخيام في البر ‪ 0‬وقي البحر تكسرت‬ ‫السفن ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬أما إذا‬ ‫قلت له‪ :‬أخبرني عن الرجفة متى تدل على السعود‬ ‫سمعت الرجفة فكله يدل في إقباله على النحوسس‪ ،‬إلا نصف النهار الول‬ ‫من يوم الأربعاء ونصف النهار الآخر من يوم الخميس‪ ،‬فإنها تدل على‬ ‫إقبال الخير والليل كله يدل على الخير والسرور إلا ليلة الذربعاء‬ ‫والنصف الأول من ليلة الخميس والنصف الآخر من ليلة السبت‘ فهذه‬ ‫تدل على إقبال الهمومؤ ولكن الرجفة محددة في الأشهر بالتي يقع ويصح‬ ‫‪١٧‬‬ ‫في الذرض‪ %‬فاطلبه من الأثر‪ ،‬وهذا كتابنا مختصر‪.‬‬ ‫من آداب زيارة المريض ‪:‬‬ ‫ثم وصل مع صاحبي رجل وأعلمه بأن أحد إخوانه مريضس‪ 8‬فقام‬ ‫الموت ‘ فأمرنا‬ ‫في سكرات‬ ‫‏‪ ١‬لمريض‬ ‫فوجدنا‬ ‫من مجلسه » وصحبته‬ ‫الصاحب أن نقرأ سورة يس والقرآن الحكيم إلى آخرها‪ ،‬فخفف الله عنه‬ ‫المرض“ وسأله صاحبي عن شدة مرضه فقال يكفيك منظري عن مخبري‬ ‫فمات من ساعته وقت الزوال‪ ،‬ففسله وحنطه‘ وصلى عليه وفي رجليه‬ ‫نعليه من شدة الحر‪..‬‬ ‫أحكام الصلاة ‪:‬‬ ‫قلت له‪ :‬والصلاة على الميت فيها كراهية في شيء من الساعات؟۔‬ ‫قال‪ :‬لا تجوز الصلاة إذا طلع قرن من الشمس حتى تستكمل‘ وكذلك إذا‬ ‫غرب قرن منها حتى تغرب كلها وفي الحر إذا كانت الشمس في كبد‬ ‫السماء‪ .‬فهذه الأوقات التي لا تجوز الصلاة فيها‪ ،‬وأما دفن الميت فجائنز‬ ‫في كل الذوقات‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما حدود الصلوات الخمس؟۔ قال‪ :‬أما صلاة الظهر فأول‬ ‫وقتها مهما انفرك قرص الشمس عن كبد السماء فذلك أول وقتها‪ ،‬وآخره‬ ‫وقتها إذا كان القرص في الجبين ما بين العينين‪ ،‬إذا كنت مستقبلا إلى‬ ‫الفرب في زمن الحر وفي الشتاء إذا شاع قرص الشمس على العين‬ ‫الييسرى‪ ،‬فقد انقضى وقت الظهر ودخل أول وقت صلاة العصر‪ .‬وآخر‬ ‫وقتها إلى أن يغرب قرن من الشمس« وصلاة المغرب فأول وقتها مذ‬ ‫‪١٨‬‬ ‫تزول الحمرة من محاجير السماء ويسود كبد السماء‪ ،‬وآخر وقتها غروب‬ ‫الشفق من المغرب‪ ،‬فحيننذ يدخل وقت صلاة عشاء الآخرة‪ .‬وآخر وقتها‬ ‫إلى نصف الليل‪ ،‬وقيل‪ :‬إلى ثلث الليل للمسافر؛ وصلاة الفجر فأول وقتها‬ ‫طلوع خيط الأبيض المعترض في المشرق لا كالمرتفع‘ وآخر وقتها حتى‬ ‫يطلع قرن من الشمسس فإذا طلع قرن وأنت في الصلاة قف حتى يتكامل‬ ‫في الطلوع قرص الشمس‪ %‬فأتم صلاتك‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وما أجر صلاة الجماعة ؟ قال‪ :‬إذا كان اثنان وصليا‬ ‫جماعة فصلاتهما عن أربعين صلاة وإذا كانوا ثلاثة فعن ثمانين صلاة‬ ‫وإذا كانوا أربعة فعن مانة وستين صلاةة وإذا كانوا خمسة فعن ثلاتمانة‬ ‫وعشرين صلاة وإذا كانوا ستة فعن ستمانة وأربعين صلاة‪ .‬وإذا كانوا‬ ‫سبعة فعن ثمانين ومانتين وألف صلاةؤ وإذا كانوا ثمانية فعن ستين‬ ‫وخمسمانة وألفين صلاة‪ .‬وإذا كانوا تسعة فعن عشرين ومانة وخمسمانة‬ ‫وإذا كانوا عشرة فعن أربعين ومانتين وعشرة آلاف صلاة‪.‬‬ ‫ألف صلاة‬ ‫فكلما زاد أحد في الجماعة{ زاد ضعف الأجر للصلاة وأما إمام الجماعة‬ ‫فاجره كاجر جميع من صلى خلفه‘ ولكن ينبغي للذي يتقدم على الجماعة‬ ‫أن يكون أعلمهم وأفصحهم لسانا‪ ،‬وأورعهم وأصحهم جسماء وأبعدهم‬ ‫للخلاء‪ .‬وأفضلهم لباسا‪ ،‬وأن لا يكون عجولا ولا متمهلا‪ ،‬ولا في القراءة‬ ‫مطولا وينتظر أصحابه إلى ثلث الوقت‪ ،‬إلا من اتخذ منهم ذلك عادة‪.‬‬ ‫والجماعة ينتظرون الإمام إلى ثلثي الوقت‪.‬‬ ‫وقال النبي (صلى الله عليه وسلم) ‪ :‬من صلى صلاة الصبح جماعة‬ ‫خير أن يقيم الليل ولم يحضر لصلاة الجماعة‪ .‬وأما إذا بدت حاجة‬ ‫‪١٩‬‬ ‫للجماعة وشق عليهم الوقوف فيقدموا أحدا للصلاة ويتأخر عن المحراب‬ ‫للصلاة‪ ،‬قإذا جاء الإمام صلى بالذي حضر على المحراب‘ وجائز للإمام‬ ‫أن يصلي وحده جماعة إذا كان قانما في المسجد للصلوات الخمس‪.‬‬ ‫ويجهر بالذي يجهر به الإمام فإن جاء أحد من الجماعة فليكن على يمينه‪.‬‬ ‫ويصف قدميه بأطراف قدم الإمام ويكون سجوده محاذيا منكب الإمام‪.‬‬ ‫ويقول في نيته‪ :‬أصلي ما أدركت بصلاة الإمام وأؤدي ما فاتني‪ ،‬وأما إذا‬ ‫كان الإمام واقفا للجماعة‪ .‬والذين حضروا معه قد شغلهم شاغل فلێصل‬ ‫والوقوف في المسجد لانتظار الصلاة مهر الحور العين؛ لأن‬ ‫الصلاة فضلها عظيم‪ ،‬وفرض الله لهم في كل يوم وليلة خمس صلوات ثم‬ ‫ألحق لهم صلاة الوتر‪ ،‬وقيل‪ :‬إنها فرضس وأكثر القول‪ :‬إنها ستة! وسن‬ ‫رسول الله السنن‪ ،‬لصلاة الظهر ركعتين‘ ولصلاة المغرب ركعتين‪.‬‬ ‫ولصلاة العشاء الآخرة ركعتين وقبل صلاة الفجر ركعتين‪ 0‬وسن صلاة‬ ‫الميت‪ ،‬وصلاة العيدين‪ ،‬وصلاة خسوف القمر‪ .‬وكسوف الشمسح‪ %‬وزاد‬ ‫الصحابة والتابعون لهم صلاة الضحى والطاعات والنوافل‪ ،‬وقيام شهر‬ ‫رمضانك اجتهاد منهم لمرضاة ربهم‪ .‬ثم حرصوا على الجماعة في‬ ‫الحضر والسفر‪ .‬وفي قيام شهر رمضان‘ وصلاة الضحى وصلاة الميت‪.‬‬ ‫والأعياد‪ ،‬والوتر في رمضان وخسوف القمر وصلاة الاستسقاء‘ فلا‬ ‫ينبغي للإنسان أن يخالف الذين سبقوه بالفضل والإحسان ‪ 8‬والله (عز‬ ‫وجل) يقول ‪ « :‬وَتقاوثوا على البر والقوى » «©‪ 0 0‬وعلى الإنسان‬ ‫(‪ )١‬سورة المائدة‪. ٢ : ‎‬‬ ‫الاجتهاد في أعمال البر‘ وجعلها لله لا للرياء والإعجاب ولا يكون كالرجل‬ ‫الذي يرائي بعمله ويتمنى على النه الثواب فنودي‪ :‬عمل كالسراب‪ ،‬وقلب‬ ‫من التوفيق خراب وذنوب بعدد الرمل والتراب‪ ،‬وتطمع في الكواعب‬ ‫الأتراب‪ ،‬هيهات هيهات يا كذاب أنت سكران بغير شراب وأنت في‬ ‫المحراب‘ وسمعك في الباب‘ وتظن أنك من جملة الأحباب‪ ،‬لا لا يا كذاب‪.‬‬ ‫لا تطمع في المقاصير مع التواني والتقصير فما أنت في الأمور ببصير‪.‬‬ ‫وينبغي للإنسان إذا سمع الأذان فلا يشتغل بشيء‪ .‬ويقصد‬ ‫المسجد ويصغر الخطا{ فله بكل خطوة حسنة{ ثم يقصد في إراقة البول‬ ‫والغانط‘ خوف أن يشغله الاحتقان في صلاته فإذا قضى حاجته من النجو‬ ‫يقصد إلى الطهارة والله يحب المتطهرين‪ ،‬وليأخذ حذره لئلا تلحق ثيابه‬ ‫النجاسة أو يلحقه رش الماء مع الطهارة في تيابه‘ خاصة إذا كان من‬ ‫بلولةاا‪0‬۔ حوض فينبغي له أن يدير الحوض مع التطهر ويكون دبره مقابلا‬ ‫للبلولة‪ ،‬فإذا تطهر يغسل فخذيه ورجليه إذا كان من حوض‪ 3%‬ثم يجتهد‬ ‫المرافق وَاضتخوا يرزؤوسيكم وَارجلكُم إلى الغبين ‪ » ...‬‏‪ ...'١‬ألخ الآية ‏‪٠‬‬ ‫فإذا دخلت المسجد ادخل رجلك اليمنى أو‪ .‬وسلم على من حضر‪.‬‬ ‫وأما إن رأيتهم يصلون فلا تسلم على المصلي وسلم على نفسك‘ وقل بسم‬ ‫الله!‪ .‬والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أولياء الله‪،‬‬ ‫السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين‘ والحمد لله رب العالمين وكذلك‬ ‫(‪ )١‬أي ‪ :‬مايخرج منه الماء من ماسورة أو نحوها‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة المائدة‪. ٦ : ‎‬‬ ‫‪٢١‬‬ ‫إذا دخلت بيتك ‪ 0‬فسلم على نفسك ؛ لقوله تعالى ‪ « :‬قسنلسُوا على أنفسيكم‬ ‫تحِيّة من عند الله مُبَارَكة طيبة ‪ 0« 4‬والأفضل في صلاة الجماعة الصف‬ ‫الأول‪ ،‬والجاتنب الأيمن منه أفضل ثم الصف الثاني‪ .‬وإذا شغله شاغل‬ ‫الإنسان‪ 0،‬وجاء إلى المسجد ورأى الناس يصلون الجماعة فليصل ما‬ ‫أدرك‪ ،‬ولو أدرك الركوع الآخر فقد أدرك الجماعة‪ ،‬وليؤذ ما فاته ولا يقف‬ ‫عن ذلك؛ لنلا يفوته الذجر‪ ،‬وهو حاضر‪.‬‬ ‫وينبغي للإمام والمامومين أن يتعلموا حدود الصلاة‘ حتى يعرفوا‬ ‫فروضها من سننها‪ ،‬وكذلك ما ينقض الوضوء وما لا ينقضه‘ وما ينقض‬ ‫الصلاة‪ .‬ولا يكون الإنسان كالبهيمة‪ ،‬وينبغي أن يكف نظره عن جميع‬ ‫المحارم بالذي لا يجوز له النظر وأما الذي يجوز له النظر من العورات‬ ‫فلا ينقض عليه ما لم يمسه بيده‘ وأما النساء الأجنبيات فلا يجوز له‬ ‫النظر إلا إلى الوجه والكفين ما لم يكن لشهوة‪.‬‬ ‫الدلالة ومعرفة الشخص من قدمه ‪:‬‬ ‫وأما القدم ففيه علم خفي في ظاهره؛ فإذا رأيت القدم فيه حمرة‬ ‫فإن الإنسان فيه حمرة‘ وإن لم يكن فيه فلا يكون للإنسان‘ وإن رأيت‬ ‫الحفوة عريضة مليّة فإن الإنسان له صدر& وإن رأيت القدم عريضا مليا‬ ‫من اللحم فإنه يدل على العجز مليا‪ ،‬وإن رأيت الأصابع طوالا‪ .‬فإنه يدل‬ ‫على طول القامة{ وإن رأيت الأظفار طوالاً حسنة فإنه يدل على طول‬ ‫الوجه‘ وعرض الظفر لعرض الوجها وإن رأيت الخط أبيض فإنه يدل‬ ‫على بياض الإنسان‪ ،‬والخضرة للخضرة‘ والصفرة للصفرة‪ .‬والحمرة‬ ‫‏‪. ٦١‬‬ ‫‏(‪ )١‬سورة النور ‪:‬‬ ‫‪٢٢‬‬ ‫للحمرة‪ ،‬والسواد للسواد‪ ،‬وإن رأيت القدم طويلا فإنه يدل على طول قامة‬ ‫الإنسان‪ ،‬وإن كان القدم قصيرا فيدل على أن الإنسان قصير والنظرة‬ ‫تزرع الشهوة في القلب‘ وإبليس يقول‪ :‬النظرة سهمي الذي لدا أخطئ به‬ ‫وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه‪ :‬تركنا سبعين بابا من الحلال خوفا‬ ‫عن الشبهة والحرام‪ .‬وقيل (دع ما(') يريبك إلى ما لا يريبك)‪ ،‬وكفى‬ ‫المؤمنين قدوة لمن طلب السلامة والصلاة والسلام على رسول الذمة‪.‬‬ ‫وعلى الصحابة والتابعين لهم إلى يوم القيامة ‪.‬‬ ‫‪6٨2‬‬ ‫‏) ‪ ( ١‬في الأصل ‪ :‬بالذ ي ‪.‬‬ ‫‪٢٢‬‬ ‫الذكر التاسع والعشرون‬ ‫والحروز وما يجوز وما لا يجوز } ومما‬ ‫في البصور‬ ‫ينبغي للكاتب } وفيه قصتان من رؤيا رجلين من أهل‬ ‫الاستقامة في الدين‬ ‫قال ذو الغبراء ‪:‬لاح في قلبي أن أسأل صاحبي عن أجرة كتابة‬ ‫الحروز ‪ ،‬أهي حلال أم لا؟ حتى أقبل علينا في مجلسنا رجل وعليه لباس‬ ‫الفقراء ‪ 0‬فسأل عن البصور ‪ .‬وأجرة كتابة الحروز والمحو ‪.‬‬ ‫فأجابه صاحبي فقال له ‪ :‬أما جواب مسائلك فبعض منها فيه‬ ‫الجواز‪ .‬فمثلا إن جاءك إنسان وقال لك أريد كتابة حرز كذا وكذا وقاطعته‬ ‫بالأجرة على كتابته فهذا جائز في قول المسلمين‘ وإن قال لك‪ :‬اكتب لي‬ ‫حرز البركة والرزق أو لألفة أو لفرقة أو لإقبال أو لإدبار وأمثال هذا‬ ‫فينبغي أن يكون الكاتب عارفا بالذي يفيد الطالب لما طلبه منه من العلم‬ ‫مما أمكن فجاز‪.‬‬ ‫ومن ذلك إذا صار مثل الذي وجدنا له معرفة في هذا الفن ومعرفة‬ ‫شروطه وسالناه عن بعض طروقه النافعة وشروطهاء‪ ،‬قال‪ :‬فالأول أن‬ ‫يكون الكاتب طاهر الثوب والبدن حاضر القلب معتزلا في الخلوة‬ ‫والبخورات الطيبة كالعود والعنبر في حال الكتابة‪ .‬وللخير يكتب للذكر‬ ‫الطالب في ساعة سعيدة ويوم سعيد والطالع ورب الطالع مسعودان‬ ‫والقمر في المنازل السعيدة ومتصلا بالسعود ويكون سالم من نظر‬ ‫النحوس والاحتراق والهبوط والوبال وفي النصف الذول من الشهر وفي‬ ‫‪٢٤‬‬ ‫النصف الأول من النهار وفي ساعة ذكر والمداد طاهر والحروف لا‬ ‫ناقصة ولا زاندة ولا متشابهة ولا متلاحقة ولا دامغة‪ .‬ويكتب اليوم وربها‬ ‫وما لها‪.‬ويكتب من آي القرآن وأسماء الله؛ ويستعين بملكها العلوي على‬ ‫السفلي ويسأل السفلي أن يسخر له خادما من أصحابه يكون مساعدا له‬ ‫في أمره‘ وليمازج بين الاسمين ويعرف حروف الجاذبة والمجذوبة ثم‬ ‫يجعلهما بعد جمعه لها وفقا ثلاثيا أو رباعي ويخرج ميزانهما ويعرف ما‬ ‫بقي في يده من الكسر ويجعله في بيوت الكسر ويعزم عليه ثم يجعل‬ ‫المكتوب إن كان صاحبه برجه ناريا ففي قرب النار‪ ،‬وإن كان برجه ترابيا‬ ‫فيدفن المكتوب في الأذرض« وإن كان برجه رياحيا فيعلقه في الهواء‬ ‫تضربه الريح وهذا أبلغ للطالب‪ ،‬وإن كان برجه مانيا فيجعله في الماء ثم‬ ‫يكتب في نحس المطلوب كما كتب للطالب‪ ،‬وإن كان للفرقة أو للعداوة‬ ‫فيكتب الكاتب في ساعة نحسه وفي يوم نحسه وبرج المطلوب منحوس‬ ‫والقمر متصل بالنحوس في محاقه وفي آخر الشهر وآخر النهار‬ ‫والبخورات المكروهة كالخيل والمقل والمر والحنظل وللذكر في ساعة‬ ‫ذكر وللأنثشى في ساعة أنثى‪.‬‬ ‫قمن وقف على هذه الشروط وأخذ أجرة على كتابة الحرز أو غيره‬ ‫فحلال له ‪ 0‬ؤلو أعطي الف حرف لكان الرابح الذي كتب له۔ والله يقول ‪:‬‬ ‫« وَنتزن مين الفرزآن ما هو شقاء وَرخمة للمؤمنين ‪ 0 ''( 4‬وقال رسول الله‬ ‫(صلى الله عليه وسلم) ‪ " :‬شفا أمتي في ثلاث لعقة من عسل أو شترطة‬ ‫محجم أوآية من كتاب الله " ‪ 0‬والمسلمون عظموا كتاب الله؛ فلا يقرأه‬ ‫جنب ولا حانض ولا نفساء ولا يحملوه‘ فكيف تكتبه القستقة فلا يصح‬ ‫عملهم أبدا؛ لأن المؤمن ممنوع إذا كان نجسا‪ .‬وهذه الشروط التي‬ ‫‪. ٨٢‬‬ ‫‪:‬‬ ‫الإسراء‪‎‬‬ ‫)‪ (١‬سورة‬ ‫‪٢٥‬‬ ‫ذكرناها لا تصح أعمالها في كل الذوقات‘ وإن بانت براهين لإنسان فليس‬ ‫هي من الكتابة؛ لأن كثيرا من الأمور يبلغ فيها الإرادة الطالب من غير‬ ‫كتابة‪ .‬كما حكي لنا عن امرأة سارت مع رجل عارف تريد منه أن يكتب‬ ‫لها حتى يخضع لها بعلهاؤ فقال الرجل معجزة للمراة‪ :‬آتني بشعر من‬ ‫ضبع تكون حية لا بها علة فقصدت المرأة إلى تدبير الضبع وجعلت تجلبها‬ ‫بالروائح في النار وتجعل لها طعاما فاقبلت الضبع بالمرأة ثم أخذت جازا‬ ‫وقصت به من شعرها وجاءت مسرعة للرجل وأعطته الشعر وقالت له‪:‬‬ ‫أريد المطلوب‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬أيها المرأة قدرت على مؤالفة الضبع مالك لا‬ ‫تصنعي المعروف لزوجك وأنت وإياه بالليل والنهار في مقام واحد فقالت‬ ‫له‪ :‬إن قلب الإنسان أشد قسوة من الحجارة‪ .‬قال لها‪ :‬صحيح لكن هذا في‬ ‫غير ما أردتيه والرجال تغالب النساء‪ .‬فخذيه باللطف والإحسان فامتثلت‬ ‫الأمر وطاوعها بعلها في النهي والأمر ‪.‬‬ ‫رجع ‪ :‬قال لذي الغبراء ‪ :‬وإن لم يتفق للعامل مثال ليس له سر‬ ‫غيره؟‪ ،‬قال ذو الغبراء‪ :‬له سر ولكنه مكتوم عن عامة الخلق‪ ،‬فمن قرا‬ ‫البرهتية الصحيحة الذي هي أربع وعشرون كلمة بعدما يكتب الوفق‬ ‫ويتلوها بالليل بعدما تنام الاعين كل ليلة خمس وأربعين شرفا وسأل مولاه‬ ‫حاجته فإنها تقضى إن شاء الله‪ ،‬قال الله ‪ « :‬ولله الأسنماء الخسنتنى فاذغوه‬ ‫بها ‪ ( 4‬وقال ‪ « :‬اذغوني اسنئجب لكم ‪ )( 4‬وقال ‪ « :‬فإئي قريب اجيب‬ ‫دعوة الاع إذا دعان » () ‪ 0‬ولكنها لا تصح الأعمال إلا بكتمان السر‪.‬‬ ‫وهذه البرهتية برهتية كرية تفلية طوران مزحل بزحل ترقب يرهش‬ ‫‏(‪ )١‬سورة الأعراف ‪ :‬‏‪. ١٨٠‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة غافر‪. ٦٠ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة البقرة‪. ١٨٦ : ‎‬‬ ‫‪٢٦‬‬ ‫غلمش خوطير فلتهود برشان نموشلخ يرهيولا كخطير شكليخ فزمز انفل‬ ‫ليط قيراط كيد هولاع شمخاهير شمهاهير ‪. ......‬‬ ‫وأما الذي يبصر بغير معرفة ويكتب حروز من غير نظر أهل العلم‬ ‫والبصر مراده أكل أموال الناس فجميع ما أخذه حرام وعليه رده إلى‬ ‫أصحابه ولو قال لهم لا أعرف إلا أني أبصر فهذا كلامه مثل الذي رمى‬ ‫حبا للطير في الطريق وجعل فيه سما فجاءت دواب المسلمين فاكلت الحب‬ ‫ماتت فعليه ثمنها لازم؛ لأنه معروف أن السم مهلك‘ وأما المحو فجوازه‬ ‫أقرب إن أخذ أجرة في عناه‘ ولكن من شروطه أن يكون الكاتب طاهر‬ ‫الثوب والبدن والمداد والإناء يكون من الإزورد الصيني الأبيض النقي من‬ ‫النقوشات والصبوغات والفصودك ويكتب الحروف نثرا لا دمغفة فيها ولا‬ ‫زيادة ولا ناقصة ولا متشابهة‪ .‬كل حرف بوزنه‘ ولا يقرأه أحد بعد ما كتب‬ ‫إلا أن يعطى ولا يمحوه بيده بل إنه يمحوه بعود القصب أو بعرق المتك‬ ‫وللانثنى يمحوه بخوصه الفحل الذي لم يثمر‪ .‬وأما الذي كتب المحو للرجال‬ ‫فيمحى بخوصة مزناج أو أزاد الذي لم يثمر بعدهماء وإذا أراد شربه‬ ‫فليقرأ شيء من أسماء الله العظيمة‘ وعليك بحسن النية ولا يدخل في‬ ‫قلبك وهم كالرجل الذي نزل الألم وسال أحدآ من أهل العلم وكتب له حرزا‬ ‫فبرئ من دانه‪ .‬فكشف الحرز فنظر مكتوبا بسم الله‬ ‫ته‬ ‫م في‬‫كعله‬ ‫وج‬ ‫الرحمن الرحيم‪ ،‬فقال في نفسه أنا أعرف أكتب هذا فخازه ثم راجعه الألم‬ ‫في رأسه وكتب لنفسه فلم ينفعه‘ ققصد مع صاحبه الذول فأخبره أن‬ ‫الحرز الذي تفضلت علي به ذهب فرجع الألم كما كان فكتب له وبرئ‬ ‫فكشفه فإذا هو كالاول‪ ،‬فدمره وعاوده الوجع ورجع إلى صاحبه‘ وقال له‪:‬‬ ‫سرقت علي الكمة ورجعالألم فالساعة لا أفيق من الوجعغ فقال الكاتب‬ ‫‪٢٧‬‬ ‫لعلك كشفت الحرز لتنظر ما فيه؟‪ ،‬قال‪ :‬نعم كشفته وقرأته‪ ،‬قال‪ :‬فاكتب لك‬ ‫حرزا ولا تراجعني بعد هذا أبدا فكتب له فابرأه الله ومكث زمانا صحيحا‪.‬‬ ‫فكشفه فإذا به مثل الأول ورمى به في الأذرض© ثم طاح في فراشه ومات‬ ‫من علته فحل به عذاب الأدنى دون العذاب الأكبر الله أكبر‪.‬‬ ‫وعند بادية الجنبة خادم يسمى ياقوت حسن الصورة معتدل القامة‬ ‫إباضي حسن السيرة ومولاه وعشيرة مولاه من مذهب أهل السنة ولم‬ ‫يستطيعوا أن يدخلوه في مذهبهم‘ وجاء معهم عالم فاضل سني وارادوا‬ ‫منه أن يذهب إلى الخادم وهو قد لزم البادية فذهب إليه‪ ،‬ولم يزل يعظه‬ ‫يريد أن يدخله في مذهب السني وليس للخادم علم يجيبه به حتى جن‬ ‫عليهما الليل ورقد فرأى نفسه مستلقيا على ظهره في نومه‘ فيجول نظره‬ ‫إلى السماء والقمر بكبد السماء تام النور وانشق القمر ونزل منه ملك بين‬ ‫يديه فسلم عليهش فقال له‪ :‬اقعد وهات يمينك فمد إليه يمينه وقال له‪ :‬هذا‬ ‫كتاب لك من ربك وأعطاه إياه بيمينه في يمينه ثم ذهب إلى العالم السني‬ ‫ووكزه برجله في رأسها وقال له‪ :‬قم فصاح بالغم وقال له‪ :‬هذا جزاء‬ ‫أعداء الله تريد أن تخرج الرجل من نور الله إلى ظلماتك الفاسدة ثم أخذ‬ ‫شماله وكفها إلى ورانه وقال له هذا كتاب لك من ربك في شمالك وعرج‬ ‫الملك إلى السماء واستيقظ ‪ ،‬وفي سنة جرى عليه مثل هذا من عالم زاهد‬ ‫سني أرسلوه إليه مواليه في البادية‪ .‬ولم يزل يعظه كذلك حتى نام فرأى‬ ‫القمر كأنه انشق ونزلت منه حورية بين يديه‪ ،‬وقالت له‪ :‬قم نسلي قلوبنا‬ ‫بعضنا ببعض والعالم نانم وخرجت قطعة نار وفي الصورة كأنها عقرب‬ ‫مثل الكبش ولدغت ذلك العالم في أم رأسه ‪.‬‬ ‫‪٢٨‬‬ ‫‪ () ..........‬وعبد مملوك أمي بدوي علموه مواليه الصلاة والصيام‬ ‫واجتهد ليقلب مذهبه فرموه مواليه بالعداوة حتى خاف على نفسه وأيقظ‬ ‫العبد من نومه فسلم عليه فأعطاه في يده اليمنى طيرا مشويا ولم ير العبد‬ ‫في الطير تذكية فردت إلى الطير روحه وأفلته الخادم من يده فطار ثم نظر‬ ‫الخادم الرجل الذي نزل من السماء قصد إلى الرجل النائم الذي هو مخالف‬ ‫لمذهب الخادم فركله برجله ونهض من نومه ووقف وراء ظهره فأعطاه‬ ‫في يده اليسرى شينا ثم صعد إلى السماء ودخل من الباب وقفله فنهض‬ ‫الخادم من نومه وفكر في رؤيته فقال ‪ :‬الحمد لله الذي هداني وبين لي‬ ‫مذهبي في نومي فأخلص لله نيته ‪.‬‬ ‫وقال ‪ :‬ولو أن أهل الأرض خالفوا مذهبي لما اهتديت بهم ‪ 0‬وكان‬ ‫الذين حكى الله عنهم ‪ :‬إن من عبادي من يمشون بنوره فلا يزالون‬ ‫يتقربون إلي بالنوافل حتى أكون سمعهم الذي يسمعون به وبصرهم الذي‬ ‫يبصرون به‘ ولسانهم التي ينطقون بهاء‪ ،‬ويدهم التي يبطشون بها‪ ،‬قيل‬ ‫له‪ :‬ما سبب ولايتك لأبي بكر وعمر؟‪ ،‬قال‪ :‬إني قرأت استخارة أن يريني‬ ‫الله ما يحبه لي من اعتقادي في أبي بكر وعمر في منامي وإني لا أخالفه‬ ‫تعالى‪ ،‬فرأيت كأني واقف بباب مسجد رسول الله استأذنه الدخول برسول‬ ‫كان عند الباب فسمعته يقول للرسول‪ :‬لا يدخل علينا فهذا هو الذي يؤذيني‬ ‫في صاحبي فرجع الرسول بهذا الكلام‪ ،‬فقلت ‪ :‬أنا جنت أناظره معتقدا‬ ‫طاعته ‪ .‬فقال (صلى الله عليه وسلم)‪ :‬على صحة هذا الشرط يدخل علينا ؛ '‬ ‫صفحة رقم‪. ٢٨٥ : ‎‬‬ ‫بصد فايية‬ ‫(‪ )١‬نق‬ ‫(‪ )٢‬نقص في الأصل ‪ .‬واحتمال أن يكون النقص حسب السياق ‪( :‬يتولى أبو بكر و‪. ) ‎‬‬ ‫‪٢٩‬‬ ‫فدخلت ‘ فرأيت أبابكر عن يمينه وعمر بن الخطاب عن يساره وعلي بن‬ ‫أبي طالب قبالة وجهه وسع بين علي بن أبي طالب وأبي بكر معتزلا‬ ‫عنهما قريبا إلى أبي بكر في الجهة والصف؛ فقال (صلى الله عليه‬ ‫وسلم)‪:‬أنت الذي تؤذيني في صاحباي هذين؟ فقلت‪ :‬أنا جنت أناظرك‬ ‫معتقدا طاعتك‪ ،‬فقال‪ :‬هذان أبو بكر وعمر صاحبي ويكفيك ما نظرت‬ ‫وسمعت منيس ثم انتبهت واعتقدت ولايتهما لأن رؤية الرسول حق باتفاق‬ ‫جميع الأمة لا يدخلها خلل ‪.‬‬ ‫وهذه الرؤيا صحيحة لأن إبليس اللعين عالم‪ ،‬واليهود والنصارى‬ ‫والمجوس وأهل الخلاف علماء‪ .‬ولكن العقيدة هي الحجة‘ والدجالون‬ ‫ضلوا وأضلوا كثيرا من في الأرض فأطاعوهم الفرسان والشجعان‬ ‫ونشروا في الذرض جيوشهم فسفكوا الدماء وظلموا الإسلام فاستدانت‬ ‫لهم الناس بالتقية وقيل‪ :‬لولا الاستغفار والتوبة والتقية وإلا هلكت البرية‪.‬‬ ‫ثم طغوا في الأرض وحق عليهم القول من قوم ضعفاء هجموا عليهم‬ ‫بسيوف راجلين‪ ،‬وأهل الظلم راكبون قولوا مدبرين ومقتولين قد خسروا‬ ‫الدنيا والآخرة‪ ،‬ذلك هو الخسران المبين وذهب من الدنيا الدجال ثم أدار‬ ‫الله الفلك واستقوى زحل فانتشا دجال آخر وأحيا البدع فاقتفى بأسلافه‪.‬‬ ‫ووصل الدار الموصولة سابقا فاعز الله الفئة القليلة وأهلك الظلمة وذهب‬ ‫الفستقة ‪ 0‬فأراح الله المسلمين ‪ 0‬والحمد لله رب العالمين ‪.,‬‬ ‫الذكر الثلاثون ‪:‬‬ ‫وفي‬ ‫فيه أدلة من الفلك للبراهينالمنيرة لإمام الأمة‪.‬‬ ‫وفي من رزق‬ ‫وفيه دلائل لعقيدةة الأنمةء‬ ‫حدود مكة‬ ‫السمعة للدنيا والآخرة‬ ‫قال ذو الغبراء‪ :‬سألت صاحبي عن عدم وجود الأنمة وقلة الجهاد‬ ‫في الذمة وتملك العباد من الظلمة{ وقد آيس أهل الاستقامة‪ ،‬قال‪ :‬اسمع‬ ‫وع أما تفكر في الأمم والأنبياء والرسل الذين تقدموا فمضت عليهم الأيام‬ ‫والسنون وهم في فترة حتى أدار الله الفلك بالسعد للمطيعين فجعل منهم‬ ‫الأنبياء والمرسلين والأحبار والرهبان ومن بهداهم الأئمة في الدين‬ ‫والعلماء والمتقين‪ ،‬لأن كل دولة لها وقت فيه تبتدي وغاية إليها ترتقي‬ ‫وحد إليها ينتهيغ فإذا نالت إلى أقصى غاياتها ‪......‬‬ ‫وجعل يوم تقوى هذه الدولة تضعف الدولة الأخرى ‪ 4‬فانظر إلى‬ ‫جريان الزمان بالليل والنهار وفصل الشتاء والربيع والصيف والخريف‬ ‫وجعل لكل واحد من الطبائع الأربعة واحد ثامنظر في خلق("‪ 0‬بني آدم‬ ‫وغيرهم فاصلهم من عدم فصاروا إلى وجود فأولهم في الرحم في ظلمات‬ ‫ثلاث ثم جعلهم أطفالا وكهولا وشيوخا وهم لا يدرون بتقلب أحوالهم‪.‬‬ ‫وكذلك الدول‪ 0‬وتقلب حالاتها فتارة لأهل الخير وتارة لأهل الشر‪ ،‬وقد‬ ‫نراها تناهت دولة أهل الشر وظهرت قوتهم وأفعالهم في جميع الأمصار‬ ‫‏(‪ )١‬نقص في الاصل ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬في الذصل ‪ :‬أخلاق‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬في الأصل ‪ :‬الدولات‪. ‎‬‬ ‫‪٣١‬‬ ‫التي مصرها أمير المؤمنين غمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وليس بعد‬ ‫التناهي إلا النقصان ‘ وقد رأينا الكواكب السيارة ومناظراتها لبعضها من‬ ‫الأماكن السعيدة وكذلك النجوم ومهاواتها لها دلانل إصلاح المسلمين في‬ ‫المقبلات من السنين ‪.‬‬ ‫واعلم أن دولة أهل الخير تبدأ من قوم غُلماء فضلاء حكماء ‪.‬‬ ‫فيجتمعون على رأي واحد ‪ 0‬ودين ومذهب واحد ‪ 0‬ويكون بينهم عهد‬ ‫وميثاق ‪ .‬أن لا يتجادلوا ولا يتقاعدوا عن نصر بعضهم { ويكون تدبيرهم‬ ‫كرجل واحد ‪ 0‬ويختاروا رجلا لأمر المُسلمين ‪ 0‬ومما نراه أن يبدا الصلاح‬ ‫والعدل في غمان ‪ .‬لأنه قيل ‪ :‬من اعيته المكاسب فليات غُمان { عمان‬ ‫بلاد الأمان ‪ 0‬لا ظلم فيها ولا جور ‪ 0‬ويوشك في آخر الزمان ‪ ،‬أن ينتقل‬ ‫الناس إليها ‪ 0‬لأمان أهلها فيها ؛ ومن أحب أن يسكن عمان فليسكن ‪ ،‬فإن‬ ‫فيها القنوع والرضا باليسير ؛ وسمع عبد الله بن سلمةا} يودع رجلا فقال‬ ‫له ‪ :‬أين تريد ؟ قال ‪ :‬عمان ؛ قال ‪ :‬فالحق فيها يا ابن أخي ‪ ،‬فإن بها أمان‬ ‫الليل وأمان النهار ‪ 0‬ونوشك أن ينتقل الناس إليها في آخر الزمان من‬ ‫جور السلطان ‪ 0‬وأعوان الظلمة ‪ 0‬وأحطاط النبط ؛ وعن النبي (صلى الله‬ ‫عليه وسلم) ‘ أنه قال ‪ :‬وشك أن تكفر أمتي ‪ 0‬ويلي عليهم أعوان الظلمة‬ ‫في البلدان ‪ ،‬فيلتجئ الناس إلى غُمان ‪ 0‬وإن غُمان في ذلك الزمان ‪......‬‬ ‫وعند اقتراب الساعة يعمر خرابها } ويكثر سكانها ‪ 0‬وتضيق بها أمتي ‪.‬‬ ‫حتى يباع مربض الشاة ‪ .‬ومقع الرجل بعشرة دنانير أو عشرين دينارا ‪.‬‬ ‫فلا يقدر على ذلك ‘ لما يكثر فيها من الناس ‘ وكذا فيها الأرزاق ‪ 0‬ويامن‬ ‫فيها الناس باوسع الأمان ‪ ،‬آمن ليلهم ‪ 0‬طيب نهارهم ‪ 0‬ينصح باحته ‪.‬‬ ‫تأتيهم ارزاقهم من بحرهم ‪.‬‬ ‫يود ع رجلا ‪.‬‬ ‫‪ .‬سمعه‬ ‫ا لله بن سلمة‬ ‫‏) ‪ ( ١‬في الصل ‪ :‬عبد‬ ‫‪٣٢‬‬ ‫وسألت السيخ ناصر بن جاعد عن السلطان الذي يجب طاعته على‬ ‫المسلمين ما صفته؟ قال‪ :‬إذا عدل في ملكه وجعل في حصونه وحكمه‬ ‫النقات والأمناء وجعل نفسه للمسلمين كواحد منهم‪ .‬وجبت طاعته فإن‬ ‫عصبوه أو نصبوه إماما ليدفع عنهم أعداءهم فجائز لهم ذلك‪ ،‬وإن قصر‬ ‫عن هذه الخصال فلا يجاب في أمره إلا إذا هجم عليهم من أظلم منه‬ ‫للناس‪ ،‬وأشد قوة فجائز لهم إعانته على خصمه الذي هو أكثر قسادا‪ ،‬قلت‬ ‫له‪ :‬وإن عدل السلطان في ملكه ودعا بأناس من أهل الورع في غير ملكه‬ ‫وفي دارهم الفساد والسلطان الذي تولاهم جائر عليهم أتلزمهم طاعته ؟‬ ‫قال‪ :‬إذا خافوا على أنفسهم وأموالهم من سلطانهم‪ .‬فلا يلزمهم‪ .‬قلت له‪:‬‬ ‫أيلزمه هو؟ قال‪ :‬إذا كانت له قدرة بالمال والرجال أعانهم وإن لم يكن له‬ ‫قدرة إلا بذهاب الأموال والأنفس فلا يلزمه ذلك‘ قلت له‪ :‬وإن عدل‬ ‫السلطان وجعل الأمناء في جميع ملكه وأراد أن يولي رحلا أمينا في شيء‬ ‫من حصونه فامتنع عن ذلك أيجبره على ذلك ‪......‬‬ ‫قال ذو الغبراء‪ :‬ينبغي للإمام أن يكون عالما لما يسع جهله وما لا‬ ‫يسع جهلهؤ ويكون ورعا شجاعا نبيها خاضعا للمسلمين‘ هموما غيور‬ ‫في أمره وأمر المسلمين‘ كارها للباطل وأهله يحب أن يكون الأمر في‬ ‫أيدي الثقات لا عند أقاربه‘ وان يكون كريما شريفا سالما من الدنس‬ ‫والتجهم والتعسف©& لا يعطي النفس هواها‪ ،‬يحب لنفسه ما يراه المسلمون‬ ‫‏(‪)٢‬‬ ‫له صلاحا‪ .‬قلت له ‪:‬‬ ‫وقول المسلمين‪ :‬اتبع الحق ممن جاءك به ولو كانت أمّة{ قال‪ :‬لا‬ ‫نخالف قول ربنا ولكن في هذا المعنى بينه لنا قال‪ « :‬والله فضل بَغضَكُح‬ ‫‏(‪ )١‬نقص في الاصل ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬نقص في الذصل ‪.‬‬ ‫ت‬ ‫على بغض‪ 0 0‘« » ,‬أما تنظر في الأشهر شهر رمضانس وفي الأيام الجمعة‪.‬‬ ‫وفي الكواكب الشمس& وفي المساجد الكعبة‪ .‬وفي الملانكة جبريل‪ ،‬وفي‬ ‫الأنبياء والرسل محمد‘ وجعله من العرب ومن سادات مكة‪ ،‬ومن البقعة‬ ‫المباركة التي هي سيدة الارض‪ ،‬وحرم فيها قتل الصيد وقلع الشجر‬ ‫الأخضر ومن دخلها كان لآمنا‪ ،‬فقد جمع الله فيه الخصال المحمودة‪.‬‬ ‫وكذلك الذين تقدموا من الأنبياء والرسل ليس فيهم تدنيس‪ .‬والذين من‬ ‫بعده من الصحابة وتابعيهم وتابعي تابعيهم ما اجتمعوا على إمام إلا وهو‬ ‫من أشرافهم وهكذا خلف عن سلف إلى يومنا هذا فنحن بهم نقتدي وبهم‬ ‫نهتدي‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬صف لي حدود هذه البقعة المباركة‪ .‬قال ‪ :‬فحد الحرم فيه‬ ‫إشارة عن قومنا وهم أعلم به؛ لأنه من قربهم ‪ 0‬وقال الشاعر ‪:‬‬ ‫ثلاثة أميال إذا رمت إتقاتنة‬ ‫وللحرم التحديذ من أرض طيبة‬ ‫وجد ه عشر ثم تسع جعراتنه‬ ‫وستة أميال عرا ق وطانف‬ ‫فقد كملت‪ .‬واشكر لربك إحسانه‬ ‫ومن يمن سبع بتقديم سيتها‬ ‫قال غيره تفسيرا للأبيات في ذكر الميل ‪:‬‬ ‫والفرسخ قثلاث أميال ضعوا‬ ‫الفراسخ أربع‬ ‫إن البرية من‬ ‫والباع أربع أذرع تتبع‬ ‫والميل ألف أي من الباعات قل‬ ‫من بعدها عشرين ثم الأصبع‬ ‫ثم الذراع من الأصابع أربع‬ ‫كالست من شعر البراذين فعوا‬ ‫كالست من حب الشعير‪ .‬وحبة‬ ‫‏(‪ )١‬سورة النحل ‪ :‬‏‪. ٧١‬‬ ‫‪٢٣٤‬‬ ‫قال ‪ :‬ومما ينبغي للعلماء أن يعتبروا أولاد الملوك فإن أعجبهم‬ ‫منهم أحد فيعلموه في أدب الملوك ويرغبوه في منازل الأنمة‪ .‬ويسلكوه‬ ‫على طريق رشده في حال صغرها فإنه يسهل عليهم الذمر وكل شيء من‬ ‫خلق الله فيما عود اعتاد‪ ،‬فانظر إلى البهائم أمام كل ما أدب في حال ما‬ ‫يطيق الأدب والحمل أسهل إلى المؤدب واستطاع له‪ .‬وكذلك هذا تراه‬ ‫أطوع فإذا بلغ الحلم عقدوا له بالإمامة العلماء وحاذاه أهل الورع عن‬ ‫يمينه وشماله فإذا نبت على التطبع في الأمر والنهي فنعم المطلوب منه‪.‬‬ ‫وإن غير فعلى نفسه وليس على المحسنين من سبيل قال‪ :‬وينبغي إن‬ ‫وجد مع عقدة(" الإمام رجل فلكي كان أحسن؛ لأن في رأيه وعلمه دلالة‬ ‫وراحة‪.‬‬ ‫وهاك بيانا ‪ :‬اجتمع العلماء ومن معهم من المسلمين على بيعة‬ ‫إمام لهم وبمحضرهم رجل فلكي فنهاهم عن تلك الساعة فلم يلتفتوا إلى‬ ‫قوله تم بعد أيام جاء عالم الشريعة مع الفلكي فقال له‪ :‬لم قلت بالوقوف‬ ‫عن عقد الإمامة؟ فقال له‪ :‬أنت أعلم مما يصلح من الدنيا والآخرة والفلك‬ ‫فيه بيان إصلاح الدنيا وسلامة الأنفس© وهذا إمامكم يثبت في إمامته‬ ‫سبعة أشهر ثم يقتله هو وأصحابه الجبابرة المتمردون ويأخذوا أموالهم‬ ‫ويسبون نساء هم ‪.‬‬ ‫فمشى عنه وارخ قول الفكي فصح قوله فاعجبهم رأيه‪ ،‬وسألوه‬ ‫في عقدة إمام آخر فقال لهم‪ :‬ثلاث سنين وقوفكم عن عقدة الإمام وهو‬ ‫يحسب في أمره فوفق الأيام والمنازل والساعة والبروج وأربابها في‬ ‫(‪ )١‬في الاصل ‪ :‬عقيدة‪. ‎‬‬ ‫‪٣٥‬‬ ‫الثوابت جعلها للإمام والبروج المتقلبات وأربابها في السواقط المتقلبات‬ ‫جعلها للخصيم وأمرهم بالاجتماع في ليل مظلم قد مضى منه ثمان ساعات‬ ‫فعقدوا على إمامهم‪ .‬وعلم العدو بذلك فأقبل عليهم بجيشه فوصل‬ ‫المسلمون مع الإمام الذين بعدت بلدانهم عن مواطنه‘ وقربت إلى مواطن‬ ‫العدو وهم يريدون النصر من الإمام والفلكي حاضر في مجلسهم‪ ،‬فأمرهم‬ ‫بالتقية للعدو في تلك الأيام فأقبل العدو إلى قرب بلد الإمام وكتب للإمام إن‬ ‫كنت تريد السلامة منا فاخرج نفسك وأصحابك عن حصننا‪.‬‬ ‫فأشار الفلكي على الإمام أن يجيب العدو بتأجيل ثلاثة أيام لأنها‬ ‫للإمام نحسات‘ ثم جمع الإمام أصحابه بعد انقضاء الأجل فكتب للعدو وما‬ ‫بيني وبينكم إلا القتال حتى تطيعوا الله ورسوله وإمام المسلمين‘ تم ثور‬ ‫هو وأصحابه مدبرين عن القوم ومراده سلامة أصحابه الذين في صحبة‬ ‫بالتقية وجعل أمره حيلة فيه لهلاك عدوه بارتفاعهم عن ديارهم‬ ‫الجبابرة‬ ‫الإمام قومه إلى بلدان الجبابرة فقتل رجالهم وهدم بيوتهم وخشى‬ ‫ثم أحال‬ ‫وهم لا يشعرون به حتى سمعوا بعد ذلك فثاروا ولم يلتفتوا‬ ‫أموالهم‬ ‫فلاقاهم الإمام متشتتا شملهم بالحديد حتى أخذلهم الله{ وأطاعوا‬ ‫لبعضهم‬ ‫له وظهر الإسلام والعدل وأمات الله الباطل وأهله‪ .‬وكل هذا سبب من الله‬ ‫وثم بتدبير الفلكي‪ ،‬فمثل هذا الفلكي جائزة له العطية والهدية والفريضة‬ ‫لمن أراد من عنده بصر لحوانج الدنيا ولا تخرج القريحة إلا بتفريح‬ ‫القلب‪ ،‬فإذا وجد الإنسان نشاطا في قلبه فخذ من علمه ما أردت وكذلك‬ ‫الطبيب الحاذق مثله لا فرق بينهما‪ ،‬فهاك بيانا من إمام المسلمين وعالم‬ ‫المحقين ‪:‬‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيم ‪ 0‬من إمام المسلمين سيف بن سلطان بن‬ ‫‪٣٦‬‬ ‫سيف اليعربي للشيخ المحب الصفي الثقة الرضي سعيد بن بشير بن‬ ‫محمد الصبحي سلمه الله تعالى‘ ونحن بخير من كرم الله عز وجل وأنت‬ ‫إن شاء الله بخير وكتابك الشريف وصل وفهمناه وسرَنا حال سلامتكم لا‬ ‫زلتم سالمين‪ ،‬إن شاء الله تعالى‪ ،‬وفيما ذكرت من قبل ولاية الشيخ سالم‬ ‫ابن راشد بنزوى فهو كفؤ لذلك وأهل‘ ولكن لنا نظر صالح في غير ذلك‬ ‫ومن قبل محمد بن سليمان فلا نقول إلا خيرا لكن الإخوان الكتاب الذين‬ ‫بنزوى الآن فيهم كفاية وهو ذخر لما يبدو إن شاء الله تعالى‪ ،‬وأما ولاية‬ ‫الشيخ عامر بن محمد بن شامس فقد تحرينا الصواب في ولايته ووكالته‬ ‫وتمسكنا بذلك في حد الحاضر ما وسعنا وجاز لنا حتى يبين لنا وجه‬ ‫يحسن لنا الانتقال إليه‘ وكذلك ولد القاضي وأمر وكالته مسجد جامع‬ ‫نزوى وإن كان صح عندكم أنه مضيع أو خانن‪ ،‬عرفونا لنكون على ما‬ ‫يجوز‪ ،‬وفهمنا ما عرقتنا من عدالة سعيد بن سالم صاحب منح نسال الله‬ ‫أن يزيدنا علما في جميع ما جهلناه‘ واعتبرنا أمر فلج المضيبي فاعجبنا‬ ‫الآن المضيبي على ما هو عليه الآن حتى يقضي الله لنا بنظر غيره وفيما‬ ‫ذكرت من أمر الفريضة التي لنا فنحن قد عرفنا الشيخ سالم بن راشد‬ ‫ليعرفك ويعجبنا الجواب بيده ودم سالما إن شاء الله تعالى ومهما بدت‬ ‫عازة () تقضى إن شاء الله تعالى‪.‬‬ ‫‏‪ ١١٤٣‬وكتبه الإمام سيف بيده‪.‬‬ ‫تاريخه ‏‪ ٢٨‬شعبان سنة‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيم ‘ قال العبد الفقير الضعيف الحقير سعيد بن‬ ‫بشير بن محمد الصبحي أن سألني الرضي الوالي الموالي سالم بن رشاد‬ ‫(‪ )١‬حاجة‪. ‎‬‬ ‫‪٣٧‬‬ ‫ابن سالم البهلوي الذي هو للإمام عز وله ذخر وكنز بان جعل لسيدنا إمام‬ ‫المسلمين سيف بن سلطان أعزه الله‪ .‬مثل ما جعل للشيخ محمد بن ناصر‬ ‫فقلت لا بل فريضة آبانه وذلك أن العاقدين الإمامة لجده الإمام ناصر بن‬ ‫مرشدا رحمه الله{ لم يألوا جهدا ولم يتركوا اجتهاد ولو جاز لهم‬ ‫ووسعهم فوق الألف الذي جعلوه لما بخلوا عليه من الزيادة ولو لكل يوم‬ ‫ألف ولو جاز لهم ذلك لجاز للإمام قبوله منهم إذ لا غرم عليهم في‬ ‫أموالهم ولا دخل على الإمام في قبوله منهم إذ صار العطاء المعروض في‬ ‫بيت مال الله ولو جاز لهم ما اختاروه لجاز للإمام ما فرضوه وأرجو أنهم‬ ‫أخذوا ما فعلوا تاويلا من قول الله ‪ « :‬والذين إذا أنقثوا لم يُسنرفوا ولم‬ ‫يْقئروا وكان بين ذلك قوَاما « () ‪ 0‬والقوام ‪ :‬هو العدل بين الأمرين فخذها‬ ‫سيدنا فريضة هنية { وهبة برية ‪ ،‬لا وبية خارجة على حكم التقية ‪.‬‬ ‫ولا أعلم أن جدك الإمام سلطان بن سيف ولا جدك سيف ولا عمك بلعرب‬ ‫ولا أباك سلطان طلبوا ولا أخذ منهم زيادة على ما مضى عليه إمامهم‬ ‫ناصر بن مرشد وتلك فريضة كافية ومات عليها الخسلاف© ولا أريد لك‬ ‫خلاف ما عليه السلف فهذا اختياري والجهدة مني ولا خفت في أمرك‬ ‫لومة لائم‪ ،‬بل اخترت لك ما اختاره الله لمتلك من الأئمة واختار المسلمون‬ ‫لهم ذلك نظرا ومعونة وموافقة لكتاب ربهم وقال لي الشيخ سالم‪ :‬كيف‬ ‫جعلت فريضة الشيخ محمد بن ناصر أكثر من هذا؟ فقلت له‪ :‬أخاف أن‬ ‫يكون وقوعها من باب التقية والمخافة الخفية والحلال أولى في حكم الله‬ ‫وحكم البرية ‪ 0‬ودم وابق سالما متعلما مستقيما } وأنتم خير كثير ‪ }.‬وأمر‬ ‫الدنيا قليل حقير ‪ 0‬والسلام عليكم ورحمة الله ‪ 4‬ومهما سنح من إرب ‪.‬‬ ‫فخادمكم منتظر ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الفرقان‪. ٦٧ : ‎‬‬ ‫‪٢٣٨‬‬ ‫من الخادم الفقير سعيد بن بشير الصبحي تاريخه نهار ‏‪ ٢١‬شعبان‬ ‫‏‪.١١٤٣‬‬ ‫سنة‬ ‫من إمام المسلمين سيف بن سلطان بن سيف اليعربي إلى الشيخ‬ ‫الرضي الثقة المحب العدل الولي الوالد الصفي سعيد بن بشير بن محمد‬ ‫الصبحي سلمه الله ووقاه وجعل بعد العمر الطويل الجنة مأواك ونحن‬ ‫بخير من كرم الله (عز وجل) ‪ 0‬وأنت إن شاء الله بخير‪ ،‬أما بعد شيخنا ما‬ ‫تقول في قوم كان لهم بنيان حجرة مشهورة وعليها أبواب وقد مضى على‬ ‫ذلك كثير من أئمة المسلمين ولم يعرضوا لهدمها ثم قام إمام وهدم بنيانهم‬ ‫وبقي مهدوما تم مات الإمام الذي هدم بنيانهم وقام إمام من أنمة‬ ‫المسلمين بعده ولم ير من هؤلاء القوم أهل هذه الحجرة عصيانا بل يجد‬ ‫منهم الانقياد التام فوصلوا إليه يشكون الضرر من قلة البنيان وتبين له أن‬ ‫عليهم مضرة كثيرة من هدم البناء من قبل الأمطار وغيرها أيجوز له أن‬ ‫يأمرهم ببنيان تلك الحجرة المذكورة على ما كانت عليه في زمن أنمة‬ ‫المسلمين السالفين قبل الإمام الذي هدم بنيانهم وهذه الحجرة هي أملاكهم‬ ‫أم لا يجوز؟ وإن جاز له وعرض لهم من عرض من جيرانهم فقالوا هذه‬ ‫الحجرة بنيانها علينا فيه مضرة وربما عرضوا لهم على وجه الحسد‬ ‫أيجوز له عقوبة من اعترض لهم على غير الحق ؟ أفتنا رحمك الله ‪.‬‬ ‫الجواب والله الموفق للصواب ‪ :‬أرجو سيدنا أن لا يخفى عليك‬ ‫أمور أحكام بلادكم وأقول على سبيل امتثال الأمر واتباعا للرأي والطلب‬ ‫ان كان هذا الآمر بهدم هذه البلد إمام عدل من أئمة المسلمين أهل‬ ‫الاستقامة في الدين قد وقع منه هذا الهدم منه والخراب على سبيل الحكم‬ ‫‪٢٩‬‬ ‫ورأي أولي الألباب لا على سبيل الغفلة والوهم واتباع‬ ‫وطلب الصواب‬ ‫فقد مضى حكمه على العدل وكل حاكم صح منه الحكم في‬ ‫الهوى والمغالبة‬ ‫الحكم{ فحكم به على وجه طلب الصواب وموافقة السنة‬ ‫شيء يجوز فيه‬ ‫ماض ثابت جاز على حكم الشرع ليس لأحد بعده نقضه‬ ‫والكتاب‪ ،‬فحكمه‬ ‫ولا التكلم في رده إذا كان إماما عدلا وليا من أهل العلم والفضل وهذه من‬ ‫كتاب المصنف في صفة الإمام العدل‪ ،‬والإمام لا تجوز له الإمامة إلا أن‬ ‫يكون عدلا قويا على أمر المسلمين ‪.‬‬ ‫وأيضا منه ‪( :‬معي أنه لا يكون الإمام إلا ورعا بصيرا بما يأتي‬ ‫وبما يتقي‪ .‬عدلا معروفا بالفضل مشاورآ لأهل الرأي والعدل ملتمسا عند‬ ‫الناس آثار المسلمين عفيفا عن الطمع محتملا للامة حليما عن الخصوم‬ ‫فهذه من صفة الإمام العدل) وصفاته كثيرة لا تخفى عليكم‪ ،‬وأيضا من‬ ‫المصنف (وقيل في الإمام إذا كان فيه قساوة وجفاء وخشونة على‬ ‫المسلمين وهو قليل المبالاة بهم ولا يقبل منهم إلا ما يريده قليل العلم‬ ‫والبصيرة وجسور على الأمور بغير علم‪ ،‬قال‪ :‬يوجد أن موسى ابن أبي‬ ‫جابر ما عزل عزان بن أبي عفان إلا بهذه الخصال ‘ وعن النبي (صلى‬ ‫الله عليه وسلم) ‪ " :‬من حقر مسلما فعليه لعنة الله " ؛ وأقول أنا إن هذه‬ ‫الصفة صفة أهل الجور لا صفة أهل العدل وليس لأهل الجور يد على‬ ‫سبيل أهل العدل والله يقول في كتابه ‪ « :‬ولن يَجْعَلَ الله ليلقافرين على‬ ‫المُومنين ستبيلا ‪ . )'( 4‬وصفات أهل العدل مشهورة‪ .‬سيدنا‪ ،‬لا يخفى‬ ‫عليكم وحكمهم ماض وعدلهم مقبول وصفة أهل الجور كثيرة لا تخفى‬ ‫عليكم ‪ 0‬وحكمهم مردود وأمرهم مبعود { ولا يثبت حكم غير أهل العدل من‬ ‫(‪ )١‬سورة النساء‪. ١٤١ : ‎‬‬ ‫إمام ولا حاكم على ضعيف ولا شريف ولو على مجوسي أو عابد وثن ‏‪٥‬‬ ‫وإن الحكم من أهل العدل بالعدل قماض‪ ,‬على الصغير والكبير ولا يرد أبدا‬ ‫والله أعلم‪.‬‬ ‫ومن كلامه أو رأيه أو مطلبه في غيره على سبيل الوهن والغل‬ ‫والحسد والحقد بالباطل فلا حجة له على غيره ومن مال عن الحق رد إليه‬ ‫صاغرا ولا تهنوا ولا تحزنوا في القيام بالحق من ذلك وميلوا مع الحق‬ ‫حيث مال ودوروا معه حيث دار ولا تدعوا التعليم في حال من الأحوال ولا‬ ‫تلوا على رعاياكم إلا وليا مرضيا يستن بسنن أهل الإسلام ومن ذلك لا‬ ‫تدعوا المشورة على كل حال‘ وقد قيل أن أمير المؤمنين عمر بن‬ ‫الخطاب ‘ رضي الله عنه‘ يشاور حتى المرأة‪ .‬وقال الله في صفة‬ ‫المؤمنين‪ « :‬وأمرهم شورى بَنينهُمْ » () ‪ 0‬واعلموا أن للمشورة أهلا‬ ‫وأهلها أهل العلم والعدل‘ ولا تتعجلوا في شيع قد أمكنكم الله من فعله‬ ‫حتى يظهر لكم عدله وصوابه‪ .‬ومن كتاب المصنف‪ :‬إن أفضل ما أنعم الله‬ ‫على العباد واختص به ليوم المعاد نعمتان إحداهما الرسول الهادي الذي لا‬ ‫يصاب علم الدين إلا من قبله والأخرى الإمام العدل الذي لا يصلح الدين إلا‬ ‫على يده فهذا والسلام ‪.‬‬ ‫وقال العبد سعيد بن بشير الصبحي ‪ :‬إن الكاتبين في هذه القرطاسة‬ ‫الذين سألتهم الكتابة هم الحجة ما استقاموا عليها‪ .‬وأقول لا يعجبني‬ ‫تعجيل هذا الأمر في بناء ولا هدم إلا بمشورة عن ذوي العلم في موضع‬ ‫مخصوص إذ المواضع تختلف وأهلها يختلفون والأحكام واردة على‬ ‫طريق النظر والمشورة لأهل العلم والبصر والأنمة تدخل عليهم الرغبة‬ ‫بآراء مختلفة وأهواء متفاوتة فلا يعطى الكل سؤاله إلا بجواز حكم الله‬ ‫‪. ٣٨‬‬ ‫‪:‬‬ ‫الشورى‪‎‬‬ ‫(‪ ()١‬سورة‬ ‫‪٤١‬‬ ‫ورسوله والمحقين من عباد الله الذين لم يقتتلوا على الدين ‪.‬‬ ‫وأيضا ۔ سيدنا ۔ ‪ :‬إن براءة السر لا تجوز في موضع الجهر أحببت‬ ‫ترك ظهور هذا المضى ولا أعلم أن أحدا أعلم بهذا الشخص منك‘ فنحن‬ ‫ذقنا وأنت أطعمت وأقول إن كان هذا الهدم وقع من أمر الشيخ محمد بن‬ ‫ناصر فلا أقدر أن أقول بحجر تجديده إذا لم يكن إلا هكذا‪ ،‬وفي الأصل‬ ‫إباحة البناء لمن أراد البناء قفي ملكه حتى يكون في ذلك ما يحجره‬ ‫والعمار أولى من الخراب والله أعلم إلا أن يكون موضع يسكنه أهل البغي‬ ‫فجانز هدمه ولا يجوز تجديده في ذلك الحين على ما قال أبو المؤثر في‬ ‫أهل البغي ويكون هناك منازل قد تعود أهل المعاصي فيها انتهاك المعاصي‬ ‫ولا سبيل على امتناعهم إلا بهدمها فهذا جائز على ما قال أبو الحواري‬ ‫في منازل بني الجلندى وهدمها الإمام غسان عند ذلك والله أعلم إلا أن‬ ‫يكون ثم مخافة على أهل الإسلام والدين ورأي الإمام في رأي العلماء‬ ‫الصالحين الإمساك عن شيء يوجبه نظر هؤلاء فحيننذ حصل العذر وجاز‬ ‫النظر والله أعلم والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ‪.‬‬ ‫من العبد الفقير سعيد بن بشير الصبحي بتاريخ الثلاثاء ‏‪ ١١‬شهر‬ ‫‏‪ ١١٤٣‬هجرية ‪.‬‬ ‫شعبان سنة‬ ‫ومن كلام () الشيخ سعيد ‪ :‬اللهم اقبضني على الحق والصدق غير‬ ‫مضيع ولا ملوم‘ وارحمني قبل الموت وعند الموت وبعد الموت يا أرحم‬ ‫الراحمين آمين ؛ يا معشر المسلمين استعظموا أمر الآخرة وتقربوا على‬ ‫الله بالأعمال الصالحة وإني قد استودعتكم الله وأوصيكم ما أوصى له‬ ‫(‪ )١‬في الاصل ‪ :‬كلامه‪. ‎‬‬ ‫‪٤ ٢‬‬ ‫رسول الله أمته والصالحون ذريتهم وأهله ومن قبل وأنا أستغفر الله تعالى‬ ‫وتانب إليه من جميع ما عصيته به ودانن له بجميع ما يلزمني في دينه‬ ‫وأنا للمؤمنين تبع وللأنمة والحكام منقاد مستسلم لا أبغي عنهم حولا ولا‬ ‫أطلب غيرهم بدلا وهذا منكم ومن المسلمين مذاكرة وتشريف وفضل لا أنا‬ ‫بالعلم والفهم أحق بل أنا أضعف وأقصر وأذل‘ والوداع إذا قرب أجلي‬ ‫وضعف أملي ووهن عملي ‪.‬‬ ‫قال صاحب ذى الغبراء ‪ :‬سمعت عن هذا الإمام المقدم ذكره أنه‬ ‫بتل سيرته وأتى بالعجم إلى عمان وقتلوا أصحابها ودمروها فكتب العلماء‬ ‫أمواله للفقراء لما استغرقت وسير المسلمين موجودة فيه تجدها في الأثر‪.‬‬ ‫سألت ذا الغبراء عن المرء الذي يفوز بالجاه في الدنيا وله في‬ ‫الآخرة النواب ما هذه؟ قال ذو الغبراء‪ :‬الذي ذكرته ثلاث خصال إذا‬ ‫اجتمع () في الإنسان العلم والعمل والشجاعة والكرم فمن اجتمعت فيه‬ ‫فقد فاز في الدنيا والآخرة‪ ،‬وأما من طلب به الدنيا فإن الله يعطيه وماله‬ ‫في الآخرة من نصيب‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فما صفة الكرم الذي يكون به سالم عند الله؟ قال‪ :‬الكريم‬ ‫يعطي الناس دون سؤال‪ ،‬وأما الكرامة بالطعام فلها ثلاثة أوجه‪ :‬فمنهم من‬ ‫ينوي به قربة للهؤ والوجه الثاني لمكافأة أو تقية‪ ،‬وأن يكوم من ماله‬ ‫ويستخدم في الضيف خدمه ولا يراني بعمله لا مراده المدحة ولا السمعة‬ ‫لأن النه لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا‪.‬‬ ‫ومما ينبغي للضيف أن لا يبتديه بالسؤال بعد المصافحة بل يأتي‬ ‫(‪ )٢‬في الاصل ‪ :‬اجمتع‪. ‎‬‬ ‫‪٤٢‬‬ ‫إليه مما حضر من الطعام في الحال‘ وحق الضيف ثلاثة أيام وإن أراد‬ ‫المسير فيزوده زادآ مما يبلغه إلى داره ويجوز له أن يطعم ضيفه من‬ ‫زكاته بعد الثلاثة الأيام؛ وإن فضل من الضيف يعطيه الفقراء وإن أعطاهم‬ ‫من زكاته ووكلوه فيها ليطعمهم منها‪ ،‬قذلك حسن‪ .‬وإن أراد الضيف‬ ‫المسير يشيعه ما أمكن له‪ .‬وأما الذي تصله العطية أو الهدية ولا يراد بها‬ ‫مكافأة ولا سؤال‪ ،‬فنعم بها والأجر بها وقابضهاء وأما الحالة الخخرى‬ ‫تصله العطية أو الهدية لشيء أراده العاطي من المعطى إليه فبنس بتلك‬ ‫الهدية‪ .‬أعطى القليل حتى يعطى الكثير‪ .‬أو يكون مشتغل بأمر أراده‬ ‫العاطي لمصلحة نفسه ونقصاآ للمشتغل بذلك أو استضافه وأراد أن‬ ‫يعوضه وثبت خادما له؛ ومنهم من يستخدم بفريضة معلومة فهذا أولى‬ ‫نفسه إنسانا مثله فصار لا يملك لنفسه أمرا‪.‬‬ ‫وأما المنزلة الثالة الخسيسة الضعيفة للضيف والمضيف مثلا‬ ‫يصل مع الإنسان قوم ليأكلوه ولا عوض له في ذلك وإن لم يجتهد وقصر‬ ‫أصابه منهم الغرم والنكال فكل من مشى إلى هذا المضيف وأكل من عنده‬ ‫في صحبتهم فاخاف عليه الضمان لأن هذا من التقية وخوفي أن يكون من‬ ‫النحت فقد نزلوا على رجل لا قدرة له على ذلك إلا بالجبر والمبتلى بذلك‬ ‫فإن طلب المحمدة وألزم نفسه فلا يقدر عليه لطلب الوسيلة وتارك‬ ‫الفريضة اللازمة عليه تم اشتغل بضيفه والجبر على أهله لقيام ضيفه أو‬ ‫كان قد أذ هب ماله ومال أهله وأقاربه وأخوته ووالده أو جبر الناس لطعام‬ ‫الضيف والدواب وهم له كارهون لا يقدروا أن يمنعوه فعمدوا بالدعاء‬ ‫عليه‪ .‬فينبغي للعاقل [أن] يدبر نفسه ولا يحرق جسمه بالنار خوف العار‬ ‫فاعوذ بالله من مطاوعة النفس على الهوى لذهاب الدين والدنيا ولا فاندة‬ ‫‪٤٤‬‬ ‫له إلا التعب قد خسر الدنيا والآخرة‪ ،‬فاحذر أن تنزل على قوم في منازلهم‬ ‫بيوتهم عليك عورة وأكنرهم في قلة‘ وقلوب أصحاب البيت متشتتة‬ ‫وأكذنرهم لا يحبون خدمة الضيف إلا بالكره‘ ودخولك عليهم يزيدهم‬ ‫تباغضا من نقصان العيش والطعام والحطب والدثار والماء البارد يؤخذ‬ ‫عليهم ويعطى غيرهم‪ .‬أما أدخلت عليهم الضرر أو كان صاحب البيت في‬ ‫حرفة أو في نسخ علم ونزلت عليه فضيعت عليه عمله وليس هو عليه‬ ‫بلازم‪.‬‬ ‫وأما اللازم مثل الملهوف أو السيل أو السباع أو كان عليه الإنسان‬ ‫شيء من الخوف والهلاك‪ ،‬فلك أن تعينه بمالك وحالك‘ وينبغي للإنسان‬ ‫أن ينزل في السفر في مكان لا يدخل على أهل البلد خجل منه وإن كان له‬ ‫غرض مع أحد فيصل إليه بعدما يستقر في مكانه ويسأل صاحبه إن كان‬ ‫سؤله في دينه أو غرضه ثم يرجع إلى مكانه فإن أراد يطعمه إنسان من‬ ‫غير تكلف ووصل عنده فلا يرده فيأكل من عنده خوف الجفاء للإخوان‪،‬‬ ‫وإذا رأيت رجلا مسافرا فلا تؤمنه أمانة ولا تقل له أريد كذا وكذا إلا أن‬ ‫تقول له كم تريد من الذجرة لتحمل هذه الأمانة حتى تبلغها صاحبهاء أو‬ ‫كم تريد لتشتري لنا كذا وكذا وتحمله إليناى فإن رغب فاعطها) ما اتفقتم‬ ‫عليه وإن لم يرغب فقد تبين لك أمره‘ وإن لم تقل له ودخل في قلبه‬ ‫الحياء من قبلك‪ 0‬وتآنى في سفره لأجلك وأصابه أمرا أما يلومك وربما لم‬ ‫يعرف لحفظ الأمانة المؤتمن وتذهب عليه في حياته أو بعد وفاته وذهبت‬ ‫الأمانة فالزمته ما لا يعرف له سبيل بقلة علمه مما يجب عليه في الأمانة‬ ‫وحفظها ومكانها والوصية الإشهاد بها لأصحابها وهذا كثير من الناس لم‬ ‫(‪ )١‬في الذصل ‪ :‬فاعطيه‪. ‎‬‬ ‫‪٤ ٥‬‬ ‫تظهر لهم هذه الأمور الذي ذكرناها ‪.‬‬ ‫وإياك ثم إياك أن تقول لرجل متلك اصحبني إلى بلد أو مكان معلوم‬ ‫لأنك لا تعرفه في صحبته لك تقية أو رغبة أو كأن تلحق بأهله مضرة‬ ‫ولكن قل له كم تريد لكل يوم من الأجرة لتصحبني لشيء من الأماكن قإن‬ ‫اتفقتم على شيء معلوم فذلك المطلوب؛ لأنه قيل التمس الرفيق قبل‬ ‫الطريق فإن وجدت أحدا قاصدا وصحت بينكما صحبة‪ .‬فكن له معينا ا‬ ‫تتأخر عنه ساعة لأن السفر تحدث فيه العوانق فإن أصابكما مصابا في‬ ‫تأخيرك فيدخل في قلبه عليك حرج ولكن أنت خيره بين الوقوف معك‬ ‫وبين [ أن ] يرجع إلى وطنه فمهما اختار فلا عليك لوم فيه مع أصحابه‬ ‫إن أصابه شيع‘ والذي ذكرته لك في الكرم والشجاعة والعلم ورأيت أحدا‬ ‫حمله فقد حمل الدقيق والجليل والحلال والحرام فلا تشتمه بشيء مما‬ ‫يدخل في قلبه العداوة لك؛ لذنه احتمل حملا ثقيلا قد تصدر للناس بذلك‬ ‫بنفسه‪ ،‬وعلى المرء أولا أن يصلح نفسه وأهله وما ملكت يمينه ويعتقد‬ ‫أن لو يقدر أن يملأ الأرض عدلا فنية المؤمن خير من عمله وهي النيات‬ ‫المهلكات والمنجيات وسينظر الإنسان في كتابه الذي يأخذه بيمينه ما‬ ‫يعمله من إخلاص نيته لربه والله أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين والصلاة‬ ‫والسلام على محمد المصطفى الأمين ‪.‬‬ ‫‪٤٦‬‬ ‫الذكر الحادي والثلاثون ‪:‬‬ ‫ا لسياسة } فيه لاحتمال الجار‬ ‫فى المسافر ‪ .0‬وحسن‬ ‫والأرحام ‪ 0‬وصفة انتقال الناس من المواطن والبلدان‬ ‫قال سألت ذا الغبراء ‪ :‬عن المسافر إذا عارضه الظلمة في طريقه‬ ‫وأرادوا سلبه وماله فما أولى له في تلك الساعة وما نيته في تلك‬ ‫الحضرة؟ قال ذو الغبراء‪ :‬أما قطاع الطريق فهم على وجهين فمنهم من‬ ‫[ إذا ] أعطيته ما في يدك سلمك‘ وإن امتنعت عن عطانه قتلك ففي هذا‬ ‫الوجه الإنسان مخير إن شاء قاتل دون ماله وله الأجر وإن شاء سلم الذي‬ ‫في يده لسلامة نفسه وهذا القول في هذه الحالة أخف لأني اعتبرت قصة‬ ‫فكان رجل من المسلمين صاحب قوة جسم وشجاعة قلب فأقبل عليه في‬ ‫طريقه سبعة أنفس الذين ينهبون الناس وعلم في نفسه أنه قادر عليهم‬ ‫ونيته لطلب السمعة في قتالهم فقتل منهم خمسة رجال وهرب عنه اثنان‬ ‫فلما وصلا إلى أوطانهما أخبرا أصحابهما بما صح عليهما من الرجل في‬ ‫القتل فتوروا أصحابهم وغاروا على أصحاب القاتل فقتلوا من سكان البلد‬ ‫ثلاثين رجلا قبل وصول صاحبهم بالفعل الواقع منه ثم علموا البداة عن‬ ‫أناس من سكان البلد مسافرين إلى البندر فمشوا إليهم وقتلوا منهم‬ ‫عندهم علم بشي ع إلا أن رأوا‬ ‫عشرين رجلا فاجتمعوا خمسين قتيلا ليس‬ ‫قتلهم أحدا فصح اللوم للرجل‬ ‫ضرب السيوف في وجوههم ولا أخذوا في‬ ‫أخذهم الأموال التي معهم‪ ،‬وأما‬ ‫من أصحابه وفي السابق ليس بينهم دم إلا‬ ‫المسافر في الطريق قوما من‬ ‫الأخرى التي أولى فيها القتال فمثلا‪ :‬رأى‬ ‫‪٤٧‬‬ ‫عادتهم قتل الناس قبل الأموال طلبا السمعة وليس لهم دم على المسافرين‬ ‫المارين‪ ،‬فعلى هذه الصفة أولى للإنسان أن يقاتل عن نفسه ولو رأى‬ ‫سبعين رجلا فلا يبرح نفسه إليهم وقد حكي لي عن رجلين يقطعان في‬ ‫طريق المسلمين يريدان السمعة فمتى لقيا أحدا أعطياه الأمان فأخذاه‬ ‫وقتلاه بعد أمانهما فمثل هؤلاء الذين يعرض لهم أولى أن يقاتلهما حتى‬ ‫يفنيا من الدنياء وكذلك الخصيم المخلف بالعداوة في الحرب© فلا يغرك‬ ‫أمانه وقتاله أولى‪.‬‬ ‫وينوي في قتاله لله ويحمي عن نفسه لا ينوي للسمعة فمع اقتراب‬ ‫الآجال يحضر الشيطان ليفسد الأعمال وأما الجار والأرحام إن بدا منهم‬ ‫تعد من سرقة أو خراب أموال أو سفك دماء في فتنة لم تكن على سبيل‬ ‫الحرب وكان في زمانهم سلطان عادل ينصف بين الفريقين بحكم إن بدا‬ ‫اعتداء منهم ليردعهم عن بغيهم‪ ،‬فالمبتلى أولى له أن يصل إلى السلطان‬ ‫ويأخذ حقه من خصمه‪ .‬وإن لم يجد في زمانه سلطانا عادلا وظن في‬ ‫نفسه بالقدرة على خصمه فأولى له الحمالة‪ .‬والسلامة أسلم من إحياء‬ ‫الفتن عن مثل القوم الذين طغوا على أصحابهم بالخراب والضر فتناظروا‬ ‫فخيذة(ا) منهم لما رأوا التجهم منهم في أموالهم والتعسف على نسانهم أن‬ ‫يسجنوا المتمردين قسلطهم الله عليهم وسجنوهم وغرموا ما أخذوه عليهم‬ ‫فطابت نفوسهم عليهم فبعد ذلك وجد المسجونون من الأمراء والقبائل‬ ‫عصبة لهم بالالسن وساعدوهم في الرأي على ظلم أصحابهم فذهبت‬ ‫الأموال والنفس من تلك الفخيذة المطيعين لله لما بهم يتلففون على الناس‬ ‫فهذه عبرة للمعتبرين ‪ 0‬وحديا للاخرين ‪ 0‬فكمثل هذا أولى للمسلمين ‪ .‬أن‬ ‫(‪ )١‬في الاصل ‪ :‬فخيضة‪. ‎‬‬ ‫‪٤٨‬‬ ‫يصبروا في دنياهم؛ لأنها سجن لهم ويتزودوا منها لأخراهم والعاقل ينظر‬ ‫بعقله لا بعينه ويعتبر أهل زمانه‪ .‬فإن قال له أحد من الأمراء أنا أنصرك‬ ‫على عدوك فليس هذه محبة ولكن مراده أن ينصره حتى يصل إليه خصمه‬ ‫بالخضوع إليه فإن لم يخضع لم يحب ذهابه ويساعده الأمير عليه وإن‬ ‫خضع ووجد منه مطلوبه وصار عونا له وقرينه سلطه على المسلمين‬ ‫فصار الخصم من المقربين الباغين والمطيعون مبعدين فلا تغترر بقول‬ ‫الخمراء‪ ،‬ولا يسرك قولهم‪ .‬وخذ حذرك منهم فهم أعدى(')من الغول(_' ‪.‬‬ ‫وذكرت في انتقال الناس والمداخلة بينهم في البلدان فهذا الانتقال‬ ‫على وجوه كثيرة‪ .‬والأكثر انتقال الفقراء يلتمسون الأرزاق الواسعة فالذي‬ ‫اتسع رزقه في بلد اتخذها وطنا لك‪ ،‬وأما الأغنياء فلا ينتقلون عن أوطانهم‬ ‫إلا إذا خافوا على نفوسهم ودينهم لأن المؤمن لازم عليه إن خاف على‬ ‫دينه أن يهرب من شاهق إلى شاهق ‪.‬‬ ‫وهذه الأبيات عن بعض الصالحين شعرا ‪:‬‬ ‫فاته الركن إن خانتك أركان‬ ‫واشدذ يديك بحبل الله معتصماآ‬ ‫ويكفه شر من عزوا ومن هانو‪١‬‏ (")‬ ‫من يتق اللة يحمذ في عواقبه‬ ‫فإن ناصره عجز وخذلان‬ ‫من استعان بغير الله في طلب‬ ‫على الحقيقة إخوان وأخدان‬ ‫من كان للخير متاعا فليس لة‬ ‫إليهؤ والمال للإنسان فتان‬ ‫من جات بالمال مال الناس قاطبة‬ ‫قلت له ‪ :‬وإن عزم عازم على الانتقال فما ترى أحسن له أن يكون‬ ‫يقرب من بلده أو البعد أولى ؟ وإن انتقل فما أحسن له البلدان الذي يراها‬ ‫‪.‬‬ ‫عداوة‬ ‫‪ :‬أشد‬ ‫‏(‪ ()١‬أي‬ ‫‏(‪ )٢‬الثعبان ‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬في الاصل ‪ :‬من عز ومن هان ‪.‬‬ ‫‪٤٩‬‬ ‫أصلح لجسمه ومعاشه أم لا؟ قال ذو الغبراء‪ :‬أما الانتقال قفأولى في‬ ‫البلدان النازحة عن وطنه السابق ولا ينظر الإنسان إلى البلدان الزاهرة‬ ‫ولا العمارات والحصون الواثقة ولكن العاقل ينظر الدار التي(') هي أرفق‬ ‫لذهله فإن حضروا في مجالس الناس فرحوا لهم وتكلموا على هوى‬ ‫نفوسهم‪ ،‬وإن غابوا حضروا عن غيبتهم وهذا فيما قلت ليس في قلبي‬ ‫شف ولا حرج‪.‬‬ ‫ولكن سمعت عن رجل من الزهاد التمس البلدان فوجد بلدا زاهرة‬ ‫قريبة من بلده وفيها العلماء والأطباء والكرماء والأمراء والبيع والشراء‬ ‫فنزل فيها وتعلم العلم وتكاثر الرزق له فشرى الأموال والبيوت منها‬ ‫والدار خصم أصلها لأهله فوقع الشر والقتال فرماه أهل البلد بالعداوة‬ ‫والبغضاء فلا قبلوا منه كلاما لا لهم رغبة في قربه‪ ،‬إن حضر سكتوا وإن‬ ‫غاب شتموه وكذلك أولادهم لأولاده ونساؤهم لنسانه حقراء في تلك الدار‬ ‫فصاح صانح للقتال وخرج في صحبتهم فقتلوه فعلم العلماء بقتله فأنكروا‬ ‫بقلوبهم على القاتلين لسلامة نفوسهم في الدين فبقوا عياله وأولاده لا‬ ‫يكلمهم أحد بالسلام فخرجوا من البلد في الليل والناس نيام ورجعوا إلى‬ ‫بلد أصحابهم وذهبت أموالهم وبيوتهم كانوا من الأغنياء وأصبحوا من‬ ‫الفقراء ولكن على نفوسهم آمنون وفي بيوت أصحابهم راقدون‬ ‫مطمننون‪ ،‬وفي الحضرة بالحديث جاسرون لا متروعون فقالوا الحمد لله‬ ‫رب العالمين ‪.‬‬ ‫ثم قال‪ :‬عليك بالأدب إن سكنت أو حضرت مع قوم ليس يواققهم‬ ‫رأيك فكف لسانك ما استطعت‘ ولا تجسر عليهم بنصيحة الكلام فهم عليك‬ ‫(‪ )١‬في الاصل ‪ :‬الذي‪. ‎‬‬ ‫ألد الخصام انظر في الحديث والنصيحة إن تكلم بها أحدهم الذي من‬ ‫أصحابهم وقربانهم أعجبهم‪ .‬وأما إن دعاك خصمك والحاضرون لأمر‬ ‫أرادوه منك فامتثل لقولهم فإن تقاصرت عنهم رموك بالعداوة والبغضاء‬ ‫وأما إن دعوا من أصحابهم رجلا ولم يجبهم فلا يدخل حرج عليه انظر‬ ‫واعتبر الفرق في هذين الأمرين واصبر في نفسك ولا تحملها الدين مع‬ ‫الخصمين‘ وتضرع لمولاك كالمتضرع بين(ا) العلمينؤ واعلم أن الناس‬ ‫أجناس واستمع لقول الشاعر ‪:‬‬ ‫قد استوى فيه إسرار وإعلان‬ ‫تستثبنر غير ندب ماجد يقظ‬ ‫فرسان‬ ‫فيما أبروا كما للحرب‬ ‫اذ ا ركصوا‬ ‫فالتد ابير فرسان‬ ‫‪7‬‬ ‫‪9‬‬ ‫(‪ )١‬في الأصل ‪ :‬مع‪. ‎‬‬ ‫الذكر الثاني والثلاثون ‪:‬‬ ‫الذين لا مروءةلهم ‪ .‬وفيه أخبار الشنجعان‬ ‫فى املوك‬ ‫وطباو ‪ 0‬وخبر المبتلى بالملوك ‪ 0‬وآخره أخبار‬ ‫عن الملوك الحسان‬ ‫سألت ذا الغبراء ‏‪ ٠‬عن تفسير ‪ :‬لا مروءة للملوك ؟ قال ‪ :‬لأنهم لا‬ ‫يذكرون السابق من الإحسان ولا يبالون بعواقب الأمور‪ ،‬ينظرون بالذي‬ ‫في ساعتهم وما كان في وجوههم كالاطفال يكفيهم كلمة أو لقمة من‬ ‫خصمهمإ كما حكي لي عن ملك سال فلكيا عن شيء من الأمصار أنه‬ ‫سيملكها أم لاؤ فبصر له وقال له‪ :‬إنك تبلغها وتملك سكانها‪ ،‬فهم الملك من‬ ‫ساعته وجهز جيشا لها ووجه قومه إليها حتى وصلوا الدار التي أرادوها‬ ‫فامتنع أهلها وحاربوه فانكسر جيش السلطان وقتلوا من قومه بقدر سبعة‬ ‫آلاف نفر وذهب عليهم من الأموال بثمن سبعين ألفا من الذهب الأحمر ثم‬ ‫جهز الملك جيشا آخر وزاد فيه عن الاول أضعاف مضاعفة فبلغوا الدار‬ ‫وصح بينهم الطعن والضرب فانكسر جيش الملك وقتل من أصحابه بقدر‬ ‫عشرين ألفا وذهب من الأموال بقدر ماننةة وثلاثين ألفا فبلغ الملك ما أصاب‬ ‫أصحابه فقضب على الفلكي غضبا شديدا وقال إن لم يأتني بعذر وإلا‬ ‫عزلت رأسه ثم أمر بسجنه وأغلاله فعلم الفلكي بغضب الملك وأرسل‬ ‫زوجته إلى زوجة الملك لتنفعه مع الملك حتى يسكن غضبه ولاذ هو عن‬ ‫رسول الملك إليه فلما دجن عليه الليل وأراد الملك القرب من زوجته بدته‬ ‫بالسؤال عن الفلكي فقال‪ :‬أريد منه المواجهة حتى أعرف عذره‘ ونام‬ ‫الملك فلما أصبح الصباح دعا الملك بالفلكي فجاء إليه مسرعا فسلم ورد‬ ‫‪٥ ٢‬‬ ‫عليه الصباح وقبضه من يده فقال له‪ :‬بصرك أذهب أموالنا ورجالنا‬ ‫وزعمت أن الدار تكون في ملكنا قما عذرك وجوابك إلينا‪ ،‬فأجابه قانلا‪:‬‬ ‫عذري بين كالشمس المضيئة لكن أنتم الملوك اهل عجلة كما قال ربنا في‬ ‫كتابه ‪ « :‬وكان الإنستان عجول ‏‪ !"٠‬وجعلنا اليل وَالتهَار آيتين فمَحوْنا آية‬ ‫الل وَجَعلنا آية التهار مصيرة لتئتغوا فضلا من ربكم وَلثغنصُوا عَدد‬ ‫‏(‪1 ()١‬‬ ‫‪4‬‬ ‫يلا‬ ‫ح‬ ‫تلاه ‪:‬‬ ‫ه‬ ‫شتئع‬ ‫وكل‬ ‫‪ 5‬اب‬ ‫!‬ ‫وَاأ‬ ‫‪7‬‬ ‫‪,‬‬ ‫ا‬ ‫وأنت أيها الملك ‪ 0‬ما تمهلت حتى تصحح الحساب وفي أي يوم بلو غك‬ ‫الدار‪ .‬وعلى أي رجل من المسلمين النصر فالساعة ساخبرك بذلك وأنا‬ ‫معي لك حجة واحدة ولكن أريد منك عهدا لا تسألني بعد هذا السؤال وأنا‬ ‫أبلغفك المصر وأرجع إليك أموالك التي ذهبت عليك‘ قال الملك‪ :‬مالك لا‬ ‫تريدني أن أسألك ثانية؟ فقال‪ :‬أخاف منك العاقبة كما سبق منك في الذولى‬ ‫وسلمني ربي بسبب زوجتك وفي الأخرى لا أدري أنك تزل رأسي أم لا‬ ‫قال‪ :‬فعاهده أن لا يسأله مرة أخرى هذا السؤال فقال له‪ :‬خذ ما تريد من‬ ‫الأموال والرجال لحرب الأنذال فأخذ عشرة آلاف حرف وألف رجل لأمان‬ ‫الطظريق فخرج من الوطن والبرج الطالع منقلب وربه في برج منقلب‬ ‫والقمر في برج منقلب وقي منزلة سعيدة للسفر ومتصل بسعد ورب‬ ‫التاسع مسعود ورب السابع منحوس وبيت العاقبة مسعود‪ .‬وخرج في‬ ‫ساعة القمر مراده السعد وسرعة الرجوع فحفظه الله تعالى حتى وصل‬ ‫المصر ودبر لأميرها رجلا (وصلنا دارك ومرادنا ألفتك للخير والصلاح)‬ ‫سر الأمير بذلك ودبر إلى مقامه بالخيل والعساكر فجاءوا به ودخل‬ ‫الحصن هو ومن معه فكرمه وحشمه تلاتة أيام‪ ،‬ثم قال الأمير للفنكي‪ :‬ما‬ ‫‪. ١٢‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪١١‬‬ ‫‪:‬‬ ‫الإسراء‪‎‬‬ ‫) ‪ ( ١‬سورة‬ ‫‪٥٢‬‬ ‫حاجتك عندنا؟ قال‪ :‬رأيت الملك به غضب شديد عليكم حين قتلتم رجاله‬ ‫وأخذتم أمواله أما سمعتم في كتاب الله ‪ « :‬إن الملوك إذا خلوا قرية‬ ‫أقستذوها وجعلوا أعِزاًة أهلها أذة » () ‪ 0‬وأنا جنتكم من طرفه ناصحا‬ ‫ومترحما لكم فإن امتثلتم نصحي ورجعتم الأموال فإنكم من الآمنين‪.‬‬ ‫فقال أمير المصر‪ :‬نحن في الطاعة لا هوانا الذي سبق ولكن الملك‬ ‫هجم علينا ولا دعانا بدعوة الإسلام لنقف عن الطعن والحطام والآن الأمر‬ ‫إلى الله ثم إليك‪ ،‬فأخذ الفكي المصر ومن حولها وجعل من أصحابه‬ ‫العساكر فيها وأخذ في صحبته أميرها وسبعين نفسا من كبرانها ورجع‬ ‫مسرورا فلما وصل دار الملك دبر أحدا من أصحابه لتبليغ الملك فسر‬ ‫الملك وأمر بضرب المدافع ونادى مناديه لتبشير المسلمين وجعل وليمة‬ ‫لكافة أهل بلده ثم أقبل إليهم بأحسن هيئة وعاهدوه بالاستسلام في الطاعة‬ ‫والزكاة والدولة وسألوه العفو فقبل الملك منهم وعفا عنهم وأخذ الأموال‬ ‫التي أخذت عليه من عندهم وسالوه الرجوع إلى وطنهم فطابت نفسه‬ ‫عليهم وزودهم وشيعهم حتى وادعوه ثم قال الملك في قلبه‪ :‬إن الفلكي‬ ‫ليس لنا معه سؤال وأخاف أن يسأله غيري ويمتيه بملكي‪ ،‬فأمر بقتله‬ ‫فذهب الفلكي‘ فهذا أمر الملوك والسالم عن بلانهم من قطع نفسه وبعد‬ ‫عن قربهم ويدبر أمره على ما يريد ‪.‬‬ ‫وفي قصة أخرى ‪ :‬عن ملك عظيم جمع جيشا وسرى به إلى هلاك‬ ‫قوم فسمع القوم بالملك وجيشه مقبل إليهم فجمعهم أميرهم واستشارهم‬ ‫لما هاله الأمر عن ذهابهم فقام رجل من عقلائهم وأقبل إلى الأمير‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫ما تقول أيها الأمير الذي يكفيك شر هذا الملك وجيشه ‪.‬‬ ‫‪. ٣٤‬‬ ‫(‪ )١‬سورة النمل‪: ‎‬‬ ‫‪٥٤‬‬ ‫فقال الأمير‪ :‬عندي له الجائزة الكبرى‪ ،‬فأخذ الكاهن دواة وقرطاسا]‬ ‫وكتب خطوطاا) لأكابر أصحاب الملك الذين صاحبوه (أما بعد أيها الشيخ‬ ‫المكرم إنه وصل تعريفك إلينا وذكرت أنه لا مرادك الوصول إلينا إلا بالكره‬ ‫وإنك لتكون على يمين الملك فإن كان كما ذكرت) وكتب على هذا الكتاب‬ ‫لكل كبير من أصحاب الملك ودبر بالخطوط رجلا فقيرا أغمشا أعرجا‬ ‫فحين وصل بقرب الجيش التقوه أطرافهم وقبضوه ومشوا به إلى الملك‬ ‫فوجدوا عنده خطوطا فقرأها الملك وأمر بارتفاع الجيش راجعا إلى أماكنه‬ ‫مخافة من خيانة قومه عليه ولا أظهر لهم ما فيها فقتل أكابر قومه وذهبت‬ ‫قوته‪ .‬وعادته رعيته بسبب عجلته فلا نفعته قوته مع حيل الكاهن‬ ‫فاستراح الكاهن وأميره ومن معه فمضت عليهم الأزمنة‪ ،‬وأراد الكاهن أن‬ ‫يتزوج امرأة جميلة فاستشار فيها رجلا عاقلا فنهاه عنها ثم قصد إلى‬ ‫الملك فأخبره بها وساعده(" على أخذها فتزوجها ودخل عليها فبعد مدة‬ ‫رآها هي والملك على فاحشة ضعيفة فهاله الأمر فاستشار أحدا من‬ ‫أصحابه وقت الضحى في داخل بيته فأجابه‪ :‬لا تأخذ نفسك بعجلة‬ ‫خصوصا في هذه الحالة فإن علم الأمير بهذا لا يبالي بك وأخاف عليك منه‬ ‫ووزيره ضعيف طبعه لأنه كان له أب وأراد أن يتزوج امرأة واستشار‬ ‫فيها فلكيا فنهاه عنها فخالفه وتزوجها ودخل على قلبه حبها ومنع‬ ‫الداخلين عليهم وهي امرأة في حسن الشباب وبجسمها المزار وحسن‬ ‫الجمال فلم تجد أحدا يصادقها فقربت نفسها مع ابن زوجها وتصادقا حتى‬ ‫كثرت أفعالهما فرآهما الزوج على الفعل القبيح فنهض الولد عنها وقتل‬ ‫أبيه ولا صح له جزاء عند الأمير فالساعة هو وزيره الأكبر‪ .‬وتمهل في‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ :‬رسائل‪‎‬‬ ‫(‪ )١‬اي‬ ‫(‪ )٢‬في الأصل ‪ :‬وسعده‪. ‎‬‬ ‫‪٥ ٥‬‬ ‫أمرك من قبل المرأة ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬لا يمكن وقوفها في بيتي قد حرمت علي وأنا أرجعها إلى بلد‬ ‫أهلها فكما أحزنني الملك كذلك هو لا يجدها في بلد أهلها و الامير يسمع‬ ‫كلامهما في بيت جارهما بحذاهما‪ ،‬والجار سيئ الأخلاق هو وزوجته‪.‬‬ ‫قالأمير قتل الكاهن ولا ذكر الإحسان السابق منه برجوع الجيش عن هلاك‬ ‫الدار فصنع به على ما تهوى نفسها وكذلك وزراؤه تابعوه على قسقه‬ ‫فاهلكهم الله كما قال ربنا في الذكر ‪ « :‬وإذا أررذتا أن نهيك قرية أمّرتا‬ ‫مُثرفِيها فقسنفوا فيها فحق عَلنْهَا القول فدمّرزناها ئذميرا ‪ 0 ( 4‬قلت له‪ :‬ما‬ ‫تقول في الشجعان أراهم مختلفة أحوالهم وكذلك أسلحتهم؟ وما الخذحسن‬ ‫من السلاح؟ قال ذو الغبراء‪ :‬أما الشنجعان فاختلافهم على قدر طبانعهم‬ ‫فمن كانت طبيعته الحرارة اليابسة المحترقة ما تلقاه إلا عدوا لأهله دانماء‬ ‫والثانية طبيعته محترقة خفيفة كنار الليف لا تثبت والثالنة الطبيعة‬ ‫الغليظة التقيلة فهذا تراه سريع الغضب بعيد الرضى فهذا دأب الشجاع‬ ‫على القريب والبعيدؤ وأما الطبيعة الرطبة الحارة فهي على وجوه كثيرة‬ ‫في الشجعان ولكن نأتي لك طرفا منها فمنها الثقيلة فما تلقاه الرجل إلا‬ ‫رازحا بعيد الغضب بعيد الرضا فهذا ألين جانب للصديق وسائر الخلق في‬ ‫بدو أمره فإن اشتد الخصم فلا يفتر عنه حتى يذل ويدين بالطاعة له‪.‬‬ ‫ومنهم في طبيعته بعيد الغضب سريع الرضا فهذا الشجاع الموافق‬ ‫للمسلمين‪ ،‬ومنهم سريع الغضب سريع الرضا‪.‬‬ ‫وأما السلاح فخيره ما حضر كما حكي لنا عن رجل عنده سبعة‬ ‫أولاد ذكورا‪ ،‬أحدهم أمة وحدها وسمي مسكينا ومنزلته عند أخوته كالخدم‬ ‫‪٦ :‬‬ ‫الإسراء‪‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة‬ ‫‪٥٦‬‬ ‫للشغل والأمارة فهلك والدهم وآل نظرهم أن لا يعطوه ميراثا من أبيه فقال‬ ‫لهم‪ :‬أريد منكم كما كنت سابقا في الخدمة والأمارة فرضوا بقوله وهم‬ ‫لبسوا الثياب الفاخرة والذسلحة المصبوغة وما تلقاهم إلا مثل البدور إن‬ ‫حضروا في مجالس الأكابر تراهم مثل الذخمراء تسير بهم الذوصاف‬ ‫بالأخلاق الحسان ولكنهم للحرب جبان وأخوهم له كسوة قديمة يسخر منه‬ ‫كل من يراه ويستحقره() كل من لاقاهؤ وإخوته ليس لهم حاجة به يظن‬ ‫الناس فيهم حمالة ولا يدرون بقلوبهم جبن‪ ،‬وأما مسكين فإن رآه أصحابه‬ ‫في البلد قالوا فيه خنوثة أو أنوتة وإن رأوه في الهيجاء مع الازدحام‬ ‫والحطام قالوا هذا الأسد الضرغام فعلم الملك بشجاعته وقوته فأراد أن‬ ‫يقربه ويؤازره فأبى وبعد عنه فقال له‪ :‬اخلف لباسك وسيرتك ولا تكن‬ ‫كالتهماء في البلدى ورد عن نفسك الوهنة قالحر لا يرضى بالذلة وأنا مقبل‬ ‫معك ولاحت لك الأمور فكن على نفسك غيورا‪.‬‬ ‫فقال مسكين ‪ :‬اسمع أيها الملك أنا جعلت لقتال الأعداء وأغض‬ ‫الطرف عن الأصحاب رحمة لهم وإهانة لعدوهم‪ .‬فقال له الملك‪ :‬بارك الله‬ ‫فيك اصنع ما شنت‘ فولى عنه ولا تبةتل عن سيرته الذخولى‪ ،‬ثم وصل إلى‬ ‫الملك أناس زوار من أهل بأس ورفعة‪ .‬فسره وصولهم وقربهم وكرمهم‬ ‫أحسن ما كان وجعل لهم برزة وزورة ليضربوها فحضر معهم من اختصه‬ ‫لهم وأمرهم بضرب الزورة لطلب الزهوة فضربوها الخاطر والماهل من‬ ‫الصباح إلى الرواح وأخطأ الكل ولم يصبها أحد منهم‪ ،‬فنظر الملك مسكينا‬ ‫مستطرقا إلى الفلاة لإراقة البول وفي يده إبريق فيه ماء للطهارة وليس‬ ‫عليه سلاح ولا في حقويه حزاق فدعا به الملك فجاء عنده وحياه بتحية‬ ‫(‪ )١‬في الخصل ‪ :‬ويستحضره‪. ‎‬‬ ‫‪٥٧‬‬ ‫الملوك‪.‬‬ ‫فقال له‪ :‬ما الدعوة ؟ قال الملك ‪ :‬أريد منك ضرب الزورة‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫بأي تفق؟ قال‪ :‬يعطيك تفقاً هؤلاء إخواننا الزانرون عندنا‪ ،‬فقال لهم‬ ‫مسكين‪ :‬أعطوني تفقاإ فاعطوه فضربها ومشها‪ ،‬فقال مسكين للملك‪ :‬هل‬ ‫من حاجة غير هذه؟ قال‪ :‬نعم أسألك أي السلاح أحسن عندك؟ قال‪ :‬مهما‬ ‫حضر في أيدي الرجال هو الأحسن والذي غاب حسنه لا ينفع‪ ،‬ومشى‬ ‫عنهم إلى حاجته ليقضي بوله وعذرته لأنها هي أبدى عن حاجة الملوك‬ ‫وعن تادية () الفرانض«‪ 6‬والمحتقن لا تقبل منه صلاة‪ ،‬ثم قال الزانرون‬ ‫للملك‪ :‬ألبستنا العار بسبب هذا الرجل المار الذي ليس عليه إزار‪ ،‬يا ليت‬ ‫أحد من أصحابك الذين حضروا عندنا ضربوها‪ .‬فدخل الغضب في قلب‬ ‫الملك ولم يخبرهم بأمر مسكين خوف قلة التصديق وعمل لهم رأيا فأمّر‬ ‫على أحد من خدمه المقربين وقال له‪ :‬الحق مسكينا وآتني به أسيرا ذليلا‪.‬‬ ‫وإن لم يستطع لك أمرتك بقتله بلا مراجعة ولا عقوبة عليك ‪ ..‬قامتثل‬ ‫الخادم لأمر مولاه ووصل مع مسكين بالفلاة فقال له‪ :‬يا مسكين جنتك‬ ‫لرجوعك على مولاي في هذه الساعة أسيرا ذليلا‪.‬‬ ‫فقال مسكين ‪ :‬امهلني قليلا حتى أتطهر بالماء الذي في يدي فقال‬ ‫له‪ :‬وحق معبودي وروح مولاي إن لم تمش مسرعا مكفوتا وإلا عزلت‬ ‫رأسك في هذه البرية‪ ،‬فقال له‪ :‬إن تمهلت فاعطيك سبعين درهما{‪ ،‬فقال‬ ‫الخادم‪ :‬دراهمك لأخوتك يقسمونها بعد موتك‘ فجذب سيفه ورفع به على‬ ‫مسكين فلاذ عنها‪ ،‬ثم علا سيفه تانية فارتفع عنها كالباز في الهواء‬ ‫‏(‪ )١‬في الاصل ‪ :‬تلدي ‪.‬‬ ‫‪٥٨‬‬ ‫وضرب الخادم بإبلولة الإبريق على لبة فؤاده فطاح ميتا ورأوه من‬ ‫الحصن فوتبوا على الخادم فوجدوه ميتا فحملوه إلى المقبرة ورجعوا‬ ‫بخبره إلى الملك وخطاره\ فقال الزانرون للملك‪ :‬كيف صنعت؟ قال‪ :‬هذا‬ ‫تكريم لكم لتنظروا فعل مسكين وقوته بأنفسكم وأو همتم إلي بالتقصير وأنا‬ ‫أنضرتكم التوفير‪.‬‬ ‫وفي قصة أخرى لمسكين جاء رجل إلى الملك يريد قتله وطيع‬ ‫بأموال جزيلة فقال الرجل للملك‪ :‬إن لي بك حاجة أريد أن أسرك بها في‬ ‫الخلوة عن الخلق‪ ،‬فقال الملك والرجل إلى مكان آخر فتبين في جسم‬ ‫الرجل نفقضة واهتزاز فبن الملك أمره وقال له‪ :‬بالليل الحديث أستر لنا‬ ‫ولك في جسمك‘ فرجعا إلى الحصن ودعا الملك بمسكين فجاء عنده‬ ‫مسرعا وأخبره بالرجل وأمره بقتله فقال مسكين للرجل الغريب‪ :‬نخرج أنا‬ ‫وإياك من الحصن في غرض فخرجا وقال له‪ :‬هل ترى في يدي سلاحا؟‬ ‫قال الغريب‪ :‬ليس معك قال له‪ :‬الملك أمرني بقتلك فكن أنت مع سلاحك‬ ‫وخذني عن نفسك ولا راجع عنك‘ فجذب الغريب سيفه ورفع به على‬ ‫رأس مسكين فلاذ عنه فغضب مسكين وقبض الغريب وغلاه في الهواء ثم‬ ‫التقاه غولاه بأيديه على ضلوعه وأكباده مرة بعد مرة يمشي به وهو قي‬ ‫الهواء يغليه بأيديه حتى أوصله المقبرة ودفنه ورجع إلى بيته{ فهذه‬ ‫سيرة الشجعان الذين يصلحون البلدان‪ ،‬وأما الذين يقتلون الأطفال‬ ‫والنسوان فبنس بافعالهم وعليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬هل حفظت شينا من أخبار الملوك الحسنة التي يبلغ بها‬ ‫الى الجنة؟ قال ذو الغبراء‪ :‬عندي خبر مما يسر القلب عن قصة ملك من‬ ‫‪٥٩‬‬ ‫ملوك العرب الذي يوحدون الرب قد سأل رجلا من بلده أن يدله على الرأي‬ ‫الحسن الذي يغيظ به عبادة الوثن ويريد منه النفع له ولأهل مملكته‬ ‫لإطفاء الفتن أراده لحياته ومن بعد مواراته بالكفن‪ ،‬فأشار عليه صاحبه‬ ‫ليتزوج امرأة مع أحد من العباد فإن رزقك الله منها ولدا فإنه يسرك في‬ ‫حياتك وبعد مماتك لأن هذا يكون له قلب رحيم للناس ويستغفر لك من‬ ‫ذنبك‪ ،‬وهاك بيانا قد حكي عن رجل معه ابنة فاستشار رجلا في تزويجها‬ ‫فقال له‪ :‬أما في زمن الجاهلية فالملوك يزوجون الفارس المشهور‬ ‫بالننجاعة‪ .‬وفي زمن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يزوجون الطانع‪.‬‬ ‫وفي زمانك يزوجون أصحاب الرفاهية والأموال؛ وحكي لي عن رجل‬ ‫خلقت له ابنة حسينة اللون فقال له فلكي‪ :‬لا تزوج ابنتك أحباءك لأنها تلد‬ ‫أولادآ مخانيث فلما ظهر علامات البلوغ في ابنته جاء أحد من الملوك‬ ‫أبوها فزوج الملك بابنته فنسلت المرأة للملك سبعة أولاد مخانيف فذهب‬ ‫الملك من أيديهم ثم قال له‪ :‬لا تغرك الصورة والكسوة في الناس واستمع‬ ‫لقول الرجل حيث يقول لابنته ‪:‬‬ ‫الم تدر أن العز في منكب الصقر‬ ‫وأعجبها الطاووس من حسنن ريشبه‬ ‫ثم قال صاحب الملك للملك ‪ :‬أنت سألتني عن الصلاح لك ولرعيتك‬ ‫فاجبتك بما عندي وقسته بعقلي‪ .‬قال‪ :‬فعمد الملك عند أحد من الزهاد‬ ‫وتزوج من عنده فدخل عليها بالليل في الساعة الخامسة من ليلة الجمعة‬ ‫ورب الساعة الشمس وهي في برج الحمل هو شرفها وتتصل بالمشتري‬ ‫من تثليث في بيته القوس والقمر بالزبرة في برج الشمس تنظر غليه من‬ ‫تثليث بالمودة ونعم لقول الشاعر ‪:‬‬ ‫بالسعد الشريف المنعم‬ ‫وظفرت‬ ‫ا لمنى‬ ‫نلت‬ ‫بزبرة‬ ‫واذ ادخلت‬ ‫والصرفة الشوماءُ نحس ترتمي‬ ‫فيها النساء مباركات للفتى‬ ‫قال‪ :‬فاستفتح أولا بفاتحة الكتاب ونوى بلسانه أنكح زوجتي لأكسر‬ ‫مايها وشهوتي طالبا للولد اللهم اجعلها ذرية طيبة إن أخرجت من جسمي‬ ‫نطفة‪ .‬فقبضها من يدها وقال لها‪ :‬لا تخافي الجماع فقد سبق على من كان‬ ‫قبلك فقبلها ومص وجنتيها وشفتيها وشم أنفها وعلى صدره ضمها‬ ‫وبإحليله طعنها في فرجها ويديه في عجزيها وتارة في ثدييها فلما رآها‬ ‫انحنت أعضاءها هم في نكاحها ودار في علوها وقبضها من خصرتها‬ ‫وهو مجتهد في نكاحها فلما أحس بخروج النطفة في قرارها مال يمينها‬ ‫ورفعها على شمالها مراده الولد الذكر فبارك الله لهما في تلك الساعة‬ ‫وحملت ثم ولدته ذكرا وربته أحسن التربية ودللته بالآداب والإحسان‬ ‫لأصحابه في الزمان‪ ،‬ثم قالت له‪ :‬يا ولدي أنت عبد من عبيد الله فلست‬ ‫بأحسن منهم ولكن خصك الله وفضلك عنهم وانظر إلى السابقين الفاعلين‬ ‫الخير بايديهم وألسنتهم واعف عن سيناتهم وأظهر إليهم حسناتهم وازرع‬ ‫زرعا جميلا لك ولذريتك من بعدك وأصلح دينك ودنياك فعلى هذا تدرجه‬ ‫وتذكره كل يوم حتى بلغ الحلم ومات والده وانتهى الخمر إليه فحسن‬ ‫السيرة في الرعية أكثر من أبيه لأنه عود في الذكر في صغره وشبيبته‬ ‫فنفعه لقيام دينه وقال ربنا ‪ « :‬وذكر قإنً الذكرى تنقغ المُومنين اثث! وَمَا‬ ‫خلقت الجن والإنس إنا غون (`ثا ما اريذ منهم مّن رزق وما اريذ ان‬ ‫يطعمُون ("“©ا إن اللة هو الرزاق ذو الفوة المتين » (') ى وعدل يوم خير‬ ‫من عبادة سبعين سنة للنواقل ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الذاريات‪. ٥٨ - ٥٥ : ‎‬‬ ‫‪٦١‬‬ ‫قثنبت الملك في زمانه مشغول بأمره ونهيه‪ ،‬ثم عزم أن يسافر لحج‬ ‫بيت النه الحرام ولزيارة قبر نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) فجهر زاده‬ ‫ووادع أهله وأصحابه وولى على الناس العلماء والتقات وصلى في منزله‬ ‫ركعتين وقال‪ :‬اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الرعية والأهل‬ ‫والمال والولد‪ ،‬ثم أقبل إليه رجل من أصحابه المشفقين عليه وقال له‪ :‬لو‬ ‫تعلمت أو شاورت ممن له بالعلم فأبصر والحساب لكان خيرآ لك‘ قال‬ ‫الملك‪ :‬أنا متبع لقول الله تعالى ‪ « :‬فإذا عزت فتوكل على الله إن اللة‬ ‫نحب المتوكلين ‪ . )( 4‬فتحصل في السفينة وهي تجري بهم في الليل‬ ‫والنهار ففي بعض الأيام ظلت عليهم غمامة وتراكم السحاب وهطلت منه‬ ‫الأمطار واضطربت الأمواج وهبت الرياح حتى صادمت بالجواري‬ ‫فتكسرت في الليل المظلم فذهبت الأموال والأنفس فقبض الملك بحطبة‬ ‫ومكث ثلاثة أيام وساقه الماء إلى البر فلا وجد فيه حسيس ولا أنيس‬ ‫فحمد الله تعالى‪ .‬ووقف على ساحل البحر ليس معه قدرة على المشي من‬ ‫الجوع والعطش والشمس وفي ذلك المكان الحر الشديد فمكث ثلاثة أيام‬ ‫بلياليها ويتضرع إلى الله ويقول في دعانه‪ :‬اللهم أنت خلقتني وأنت‬ ‫هديتني وأنت تطعمني وأنت تسقيني وأنت تميتني وأنت تحييني وليس لي‬ ‫ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ‪.‬‬ ‫فاستجاب الله دعاءه وأقبلت إليه امرأة من البداة ترعى غنما‬ ‫فرأته مغشيا تترادف عليه سكرات الموت طالع عليه الربو فأخذت جلبابها‬ ‫وسترت به عورته ثم حلبت له من غنمها وأقبلت إلى فمه تقطر له الحليب‬ ‫قطرة بعد قطرة فارتدت إليه روحه وتحركت جوارحه ثم سقته من الحليب‬ ‫شربة أخرى فنهض قاعداً‪ ،‬تم سقته شربة أخرى والغنم ترعى فخافت‬ ‫‏‪. ١٥٩١‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‏) ‪ ( ١‬سور ة آل عمران‬ ‫‪٦٢‬‬ ‫على غنمها من الذنب تم فلتت منزرها وقسمته نصفين ولفت به رجليه‬ ‫فنهض قياما وهي تقوده فلم يقدر على المشي وطاح‪ .‬فساقت الذغنام‬ ‫قدامها وحملته على أكتافها فساعة تريحه وتارة تحمله حتى ضوى إلى‬ ‫خيمتها ومعها ولدان صغيران يتيمان تخدم عليهما مذ مات أبوهما فذبحت‬ ‫لهم رأسا من الغنم وحلبت في الكرم ثم أتت بالحطب وشوت فيه اللحم‬ ‫فأاكلوا وشربوا وصلوا وناموا فمكث الملك معها عشرة أيام؛ وردت عليه‬ ‫قوة جسمه كما كان أولا فسألها عن الطريق وبعد الدار قأخبرته وزودته‬ ‫نم قال لها‪ :‬أنا اسمي فلان بن فلان الفلاني من أرض كذا ومتى بدت إليكم‬ ‫حاجة في الزمان فاقصدوا إلى تلك البلد واسألوا عن اسمي فإن لكم من‬ ‫النفع مالا تقدروا على حمله فودعهم ومشى في طريقه درويشا يسأل من‬ ‫مال الله مع المسلمين فحج وزار ورجع إلى وطنه وملكه فبعد بضع سنين‬ ‫حل بأماكن المرأة وأولادها القحط وماتت الأغنام فذكرت في قلبها الرجل‬ ‫الذي رغبهم بالوصول إليه فقالت لأولادها لعلنا نصل إلى زيارته حتى‬ ‫نعرف صدقه من كذبه والآن ألجأتنا الحاجة إليه ‪.‬‬ ‫فقال أولادها‪ :‬الأمر إليك فمشوا على بركة الله تعالى يأكلون من‬ ‫ورق الأشجار ويسألون من الديار ويسألون مولاهم البلوغ فلما وصلوا‬ ‫أطراف بلدته ونظروا رجلا يطنف إبل الملك أقبلوا إليه فعرفهم أنهم بداة‬ ‫ينطقون بلسان العرب فسألوه عن الرجل فقال لهم‪ :‬هذا الذي ذكرتموه هو‬ ‫الملك المكرم والسيد المعظم والأسد الغشمشم والرؤوف الرحيم ققالوا‬ ‫له‪ :‬ما الرأي إلى بلوغنا عنده ؟‬ ‫قال الطانف ‪ :‬أما أنا فلا أبلغ إلى مجلسه ولكن أصنع لكم رأيا‬ ‫وحيلة وأريد أعرف أسماعكم وأنسابكم وأوطانكم فأخبروه فأعطاهم تاقة‬ ‫‪٦٢‬‬ ‫الملك الذي هي مركوبته وأعطاهم ما حضر عنده من الطعام والماء‬ ‫وضوى بالإبل إلى الحصن سوى الناقة{ فساله الخدم والمقربون عنها‬ ‫فأخبرهم أن امرأة قبضتها ومعها رجلان فغلبا علي وقالوا إنهم ليخالصوا‬ ‫فيها مع الملك وقت الصباح فقصد الخدم مع الملك وأخبروه بالقصة فنظر‬ ‫في أمره ساعة يفكر في قلبه ولم يبن له الأمر مما اشتغل قلبه بأمور‬ ‫الخلق‪ ،‬فلما هدن عليه الليل لم تنم عيناه فلاح في قلبه ذكر المرأة التي‬ ‫فعلت فيه الإحسان فنهض من نومه وأمر على الخدم والحراس أن يجعلوا‬ ‫السرج والبلالير وكل شيع له نور ويضيء ليجعلوه في الحصن فلظت فيه‬ ‫الأنوار ونشلت الرايات فصار الحصن كأنه الشمس المضيئة فيه ينظر‬ ‫الناس من كل الجهات فنهضت الخلق تفكر في أمر الملك وأمرهم أن‬ ‫يجعلوا فيه الزينة والبخورات الطيبة ففاحت على الناس رانحة الملك‬ ‫والعنبر والعود المزعفر ففاحت يمينا وشمالا ونعشاً وسهيلاً حتى أصبح‬ ‫الصباح وأذن المؤذن بالفلاح نادى منادي الملك لا سفر ولا خروج ولا‬ ‫عمل ولا وقوف ولا أكل ولا شرب إلا مع الملك المستبشر بالفرح‬ ‫والسرور فعقر من الإبل والبقر والغنم ونصبت القدور وأخرجت الفرش‬ ‫والعيوش إلى الجبان المرتفع عن البلد ونصبت الخيام وأمر على سراريه‬ ‫وخدمه ليحملوا خيمتين وعليهما من كل زينة وكسوة وأطعمة وأسلحة‬ ‫للرجلين ودبر للمرأة وأولادها ليصلوا إلى الجبان ويكونوا في الخيمتين‪.‬‬ ‫فخرج الملك والناس من حوله ولم يبق في البلد أحد فحيث وصلوا‬ ‫الصحراء وسيق إليهم الموائد والشرابات والبخورات وللنساء والصبيان‬ ‫الأدهان والعطورات فأكلوا ما رزقهم الله فدعا الملك بالرجلين من‬ ‫الخيمتين فوصلا معه وحياه بتحية الملوك وأمرهما بالقعود أحدهما عن‬ ‫يمينه والتاني عن شماله‪ .‬فأقبل إليهما بالحديث وقال لهما‪ :‬أتحبان أن‬ ‫‪٦٤‬‬ ‫تكون منزلتكما معي كما أقعدتكما عندي؟ فقالا‪ :‬نعم‪ .‬فقال‪ :‬سيرا أنتما‬ ‫والقاضي عند أمكما فإن كانت تريد أن أتزوجها فعندي منزلتها على ما‬ ‫سبق من إحسانها لتطعمنا وتسقينا وتدير أمورنا كما حملتنا على أكتافها‬ ‫وأحيت جسمنا فإن سرها كلامنا فهذه إرادتنا وكونوا من الشاهدين‪.‬‬ ‫فقصدوا معها وأخبروها بقول الملك إليها فقالت‪ :‬إن الأمر مع الولدين فإن‬ ‫أعجبهما ورضيا بذلك‪ ،‬فنعم المطلوب وإن جبنوا فلا أدخل عليهما جفاء‬ ‫ولو أعطيت الأرض وما فيها‪ ،‬فرجعا إلى الملك وأمرا القاضي ليزوج‬ ‫الملك فتزوج بها محضر المسلمين ثم أمر الملك بضرب المدافع والبنادق‬ ‫والعزاوي وارتفعوا إلى الحصن يمشون في الزوالي وغلائل الحرير ‪ ،‬ثم‬ ‫أمر قاضيه ليكتب لأولاد المرأة لكل واحد واليا في حصن ‪. ...........‬‬ ‫‪ )( ........‬بارك الله فيهما { وأقام الملك في حصنه تدبر زوجته الأمور‬ ‫على ما تشاء وتريد فهكذا جزاء المحسنين والله يقول ‪ « :‬وَمَن أخيّاها‬ ‫فكَاتمَا أخيا الاس جميعا » ("‪ .‬وهذه المرأة أحيت الملك من الموت‬ ‫فاحيا الله الإسلام على يديه فرفعها مولاها في الدنيا‪ .‬وفي الآخرة مونا‬ ‫أكرم الذكرمين وأرحم الراحمين والصلاة والسلام على الرسول الأمين‪.‬‬ ‫‪٢22‬‬ ‫اية صفحة رقم‪. ٣٠٥ : ‎‬‬ ‫بصدفي‬ ‫(‪ )١‬نق‬ ‫(‪ )٢‬سورة الماندة‪. ٣٢ : ‎‬‬ ‫‪٦٥‬‬ ‫الذكر الثالث والثلاثون ‪:‬‬ ‫فيه حسن الظن ‘ وتدبير الأشرار والأخيار ‪.‬‬ ‫وفيه ذكر العزاء ‪ .‬وما جرى بين الملك وصاحبه‬ ‫من المكاتبة والمسائل والأخبار‬ ‫سألت ذا الغبراء عن حسن الظن في الناس المطيعين لله أهو لازم‬ ‫أم لا؟ قال ذو الغبراء‪ :‬المحبة لهم لازمة‪ ،‬وأما حسن الظن قاحسب أنه‬ ‫غير لازم في كل حالة لأن الناس طبانعهم مختلفةإ فمنهم الفطن ومنهم به‬ ‫بلاهة ولكن لا يخلو الإنسان من الأخلاق الحسنة الذي يحسن الظن به‪.‬‬ ‫وفي بعض الأمور أولى الاحتراز وأسلم للعارف المميز الوازن عقول خلق‬ ‫الله ‪ 0‬قال الشاعر ‪:‬‬ ‫عيناه أمرا غدا بالغير معتبرا‬ ‫وأعزم الناس عقلا من إذا نظرت‬ ‫لا يقرب الورد حتى يعرف الصدرا‬ ‫وأحزم الناس أن لو مات من ظما‬ ‫قال غيره‪:‬‬ ‫فإن سلمت فما في الحزم من باس‬ ‫لاتترك الحزم في شيع تحاذره‬ ‫الظن بالناس‬ ‫النااس سوء‬ ‫وأحزم‬ ‫من ضرر‬ ‫ذل وما في الحزم‬ ‫العجه‬ ‫كما حكي لنا عن أحد من العلماء الزاهدين أنه تزوج امرأة من غير‬ ‫بلده وكلما أرادت زيارة أرحامها كارى عليها فلا صحبها بنفسه ولا أحد‬ ‫من أرحامها معها في سفرها فمثلا هذا العالم لا يزوجون أصحاب‬ ‫(‪ )١‬في الاصل ‪ :‬ففي مثل‪. ‎‬‬ ‫‪٦٦‬‬ ‫العقول الرازحة وكثير من أهل الجهل لا يرضون لنسانهم أن تسافر من‬ ‫غير محرم عندها فإن زوج المحترز من أهل الجهل فلعله أسلم للمرأة‪.‬‬ ‫والمسألة الثانية ‪ :‬إن سمعت أحدا من أصحاب العقل يقول أيها‬ ‫الناس تزوجوا من إخوانكم في الله لأنهم يعطون الحق من نفوسهم‪ .‬فقل‬ ‫له قد نطق بالحق صاحبك ولكن كثيرا من الأخوان تزوجوا على ما تهوى‬ ‫نفوسهم حتى يكسروا شهواتهم عن الحرام ولا ينظرون إلى العيوب‬ ‫والعرق الدساس وعملوا بالجانز وتركوا الاحتراز وكثير من العصاة لا‬ ‫يرضون بمثل ما ذكرنا وأولى للعاقل أن يتزوج عند الجاهل المحترز‪.‬‬ ‫والحالة الثالذة في حفظ الأمانة ليس كل من أطاع الله له معرفة ولا‬ ‫نداهة') وكذلك أمانة الأولاد في الحضر والسفر والبيع والشراء‬ ‫والعوايز(") في الأسفار ومقاسمة الأموال اليتامى والأغياب ليس كل مطيع‬ ‫له دراية لمثل هذا وكثير من القسقة يرجى منهم الصلاح وفي قلوبهم رأفة‬ ‫ورحمة وهمة وفطنة عالية لحوانج المسلمين من الأسواق ولا يخونون‬ ‫أماناتهم يتخذون بذلك فخرا لهم ‪.‬‬ ‫والحالة الرابعة؛ كثير من المؤمنين تسمع منهم الكلام الحسن‬ ‫ويظهروا بالتشجيع والتشمير وهم بخلاف ما فاهوا به وليس في قلوبهم‬ ‫جبن ولا خور‪ .‬ولا يجوز الطعن فيهم ومعهم في ذلك حجة مما تبهر العقل‪.‬‬ ‫ولايمكن شرح المسائل هنا وفي هذه الحالة يسرك فيها الأشرار لأنهم‬ ‫يتقون عنك النار والعار‘ وقد حكي لنا عن صبي أمسى في بعض القرى‬ ‫فوجده قوم من المتمردين وقهروه وفجروا به كرها والصبي من غير‬ ‫(‪ ()١‬اي ‪ :‬فطنة ونباهة‪. ‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫(‪ ()٢‬اي ‪ :‬الحاجات‪‎‬‬ ‫‪٦٧‬‬ ‫عشيرتهم فاخبر بفعلهم سكان البلدة فاخذهم الغضب وساروا إلى الفاجرين‬ ‫بولدهم فقتلوهم واخذوا أموالهم وما ظالم إلا سيبلى بظالم فعلم السلطان‬ ‫بالفعل في رعيته فجَيش على القاتلين‘ فصح بينهم القتال فقتل السلطان‬ ‫وانكسر الجيش وكثر فيهم القتل وهم مدبرون فانظر فعل الأشرار ‪.‬‬ ‫والحالة الخامسة إن سألك إنسان عن أمر دينه ولم تجبه من قلة‬ ‫حضور عقلك في تلك الساعة فيرميك بالعدواة وليس في قلبه تمييز في‬ ‫هذه الحالة وبعض من الجهلاء إن جبنت عن جوابه عذرك وله قلب واسع‬ ‫ولكن الذي يحسن به الظن الرجل العاقل المتورع السائل عن أمر دينه‬ ‫وصلاح دنياه فلا يجوز لك أن تخوض مع الخانضين في الكلام لهذا الرجل‬ ‫المذكور‪ .‬وقد حكي لنا عن رجل قليل العلم ومعه أمانات للمسلمين فرماه‬ ‫أهل الجهل بالحسد وأخبروا المطيعين بأمور لا تليق بالزور والبهتان‬ ‫فخاصموه كلهم مع حاكم البلد فلزموه في الأمانات ولم يمتثل لقولهم وكتب‬ ‫الحاكم إلى الوالي بأدبه فأدبه الوالي كما أمره الحاكم فمشى أهل الأمانات‬ ‫إلى عالم البلد وقصوا عليه ما جرى من الوالي والحاكم فأحضر العالم‬ ‫الوالي والحاكم وأهل البلد وأمرهم بالاحتجاج لصاحب الأمانات في‬ ‫محضره صاحب الأمانات فحجهم وظفر بهم ‪.‬‬ ‫فقال العالم للوالي والحاكم وأهل البلد‪ :‬فأنا اتبع الحق ممن جاء به‬ ‫ولو كانت أمة وحيث دار الحق فأدور ولو كانوا أهل البلد على كلمة واحدة‬ ‫على الباطل ما سمعت لقولهم وكنت أحسن الظن بكم في السابق‪ .‬والآن‬ ‫أراه سوء الظن في الناس من حسن الخلق ‪ .‬فحين رأوا العالم غضب‬ ‫عليهم راجعوا نفوسهم واستغفروا ربهم فافهم الفرق بين الناس واوزن‬ ‫الناس بعقلك وأعط كل إنسان ميزانه ‪.‬‬ ‫‪٦٨‬‬ ‫قلت لذي الغبراء ‪ :‬روى لنا أشياخنا‘ رحمهم الله‪٬‬‏ عن ملك عنده‬ ‫زوجة جميلة صالحة طيبة تقية نقية مباركة غنية سالمة ولها خدم يوالون‬ ‫أمرها ولها تدبير وتمييز في الملك ويتصل بها الناس ولا يخرج الإنسان‬ ‫من عندها إلا وقد تعلم حكمة ثم نزل بالمرأة السقم فجاء إليها الأطباء‬ ‫وأهل البصائر فلم يفعل دواؤهم لدانها وتقول المرأة للناس الوداع الوداع‬ ‫من هذه الدار‪ ،‬فليس لنا فيها قرار‪ .‬فهذا كلامها إلى أن خرجت روحها‬ ‫فدخل في قلب الملك الهم والحزن والناس تصل إليه للتعزية ستة أشهر‬ ‫فكلما وصله رجل وخرج إلى وطنه وأهله مكرما وشاكر من كثر العطاء‬ ‫الذي أخذه من الملك‘ وكان للملك صديق لم يصله مثل الذين وصلوا‬ ‫لعيادة() امرأته في السقم‪ .‬ولا بعد مماتها للتعزية فدخل في قلب الملك‬ ‫الغضب على صديقه بقلة وصوله إليه وكتب له بسم الله الرحمنالرحيم‬ ‫من الفقير الحقير أمير المؤمنين إلى المحب الصديق الشفيق فلان بن فلان‬ ‫الفلاني وعليك السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد فلا وصلت عنك أعلام‬ ‫لا بالأقدام ولا بالأقلام ولعل كفاك بما في يدك عنا والسلام ‪.‬‬ ‫وقال عبدالله بن حميد الغافري شعرا ‪:‬‬ ‫ولو قطعتك الماضيات القواطع‬ ‫عن الوصل للأحباب لا شي مانع‬ ‫صفا لك ودا ما بدا الفجر طالع‬ ‫لقول رسول الله لا تهجرن أخا‬ ‫تعريفك أيها الأمير‬ ‫قالجواب هذا ‪ :‬بسم ‏‪ ١‬لله الرحمنالرحيم ‪4.‬وصل‬ ‫ويكفيك عن وصولي بما ابتلاك الله من الهم والحزن والذين وصلوا إليك‬ ‫هم أحرقوا بقلبك وهم مسرورون بضيفك به ومن قبل التأخير في التيسير‬ ‫(‪ )١‬في الأصل ‪ :‬لإعادة‪. ‎‬‬ ‫‪٦٩‬‬ ‫والسلام عليك من صديقك فلان بن فلان ‪.‬‬ ‫وقال الشيخ علي بن ناصر بيتين ‪:‬‬ ‫فكم واصل الأعدا عدو مخادع‬ ‫فما كل ذي وصل محب ونافع‬ ‫فما منع القربى عن الوصل مانع‬ ‫ولا كل ذي قطع عن الوصل مبغضً‬ ‫فلما وصل إلى الملك الجواب وقرأه رأى مكتوبا فيه الحق والصواب‬ ‫فحمد الله تعالى وأثنى عليه وصلى على النبي (صلى الله عليه وسلم) ‪ ،‬ثم‬ ‫فزع قلبه وقال لجلسانه ما أظن أن أحدا من أصحابي يكشف ما في قلبي‬ ‫ويسد عورتي وخللي‪ ،‬فاليوم ظهر بأن صديقي فلان هو المتكلم بما في‬ ‫قلبي فاتوني به فلما وصل عنده حياه بتحية الملوك وقبضه من يده فقال‬ ‫له أيها المحب أبحت لك في أمري فكن مني وعني واحكم في رعيتي على‬ ‫ما تشاء وتريد‪ .‬فقال الصديق‪ :‬قبلت منك الأمر وأطلب به الخجر ونادى‬ ‫مناديا من ساعته أيها الناس لا عزاء بعد اليوم‪ ،‬فعملت الرعية بتوقيف‬ ‫العزاء وتناظر أهل البلدان حيث أهالهم الأمر وجعلوا رأيهم مع رجل واحد‬ ‫من علمانهم المتنشجعين في الكلام‪ ،‬فاقبل الرجل مع الملك وسلم عليه‬ ‫وحياه بتحية الملوك واستاذنه في الكلام ليكون عليه الأمان‪ ،‬فقال الملك‪:‬‬ ‫لا تخف ممن أطاع الله ورسوله والمسلمين‘ فقال الرجل‪ :‬أرسلني إليك‬ ‫قومك وقد سمعوا مناديك بقطع الستنة الجارية‪ .‬وقد عمل بها آباؤك‬ ‫وأجدادك\ والأمم التي سبقتك فيعجبني لك الا تبدل عنهم تبديلا ولا تحويلا‬ ‫وكفى بهم قدوة لهذه الأمة فامتثل نصيحتي واثة نفسك عن متابعة الهوى‬ ‫فإن الجنة هي الماوى‘ ثم قال له الملك‪ :‬وإن حجّك في أمرك محاجج‬ ‫وظهر لك الحق أترجع أنت وأصحابك عن الباطل؟ قال ‪ :‬نعم ؛ فقال الملك‬ ‫لصديقه‪ :‬أقبل بالحديث لهذا الرجل فجاءه بقربه وقال‪ :‬ما تقول أيها الرجل‬ ‫إن رأيت الملك في قلبه الهم والحزن أما أولى بجلسانه وأهل مملكته؟‬ ‫قال‪ :‬يجب عليهم أن يسلوا قلبه بالكلام الحسن& والهدايا إليه‪ ،‬قال‬ ‫له‪ :‬أتشهد بهذا؟ قال‪ :‬نعمؤ فقال له‪ :‬كيف صنعتم به حين أصابته المصانب‬ ‫أما جنتم معه للتعزية باللباس والزينة وأطعمكم المعيشة الطيبة وساق لكم‬ ‫من الذهب والفضة والكسوة الحسنة وأظهر لكم الفرح والسرور خوفه من‬ ‫ذم الجسور فاعطاكم من النعم وفي قلبه لهيب كالسم‪ .‬وأنتم تنظرون إليه‬ ‫فلا التمستم لدانه دواء أهذه سيرة العقلاء أم سيرة الجهلاء؟ فقال الرجل‬ ‫للملك‪ :‬قد حجني صاحبك بالكلامإ ثم قال الصديق للرجل‪ :‬أسألك عن‬ ‫العزاء الذي عمله الناس أأخذوه من كتاب الله أم من سنة رسول الله أم‬ ‫عن المهاجرين والأنصار الذين سبقوا بالفضل والإحسان؟ فقال الرجل‪:‬‬ ‫وجدناه في الكتب مؤثرا في وصايا المسلمين‪ ،‬فقال له‪ :‬أهذه الوصية من‬ ‫الضمان المتعلق على صاحبها؟ قال الرجل‪ :‬هذه الوصية التي تخرج من‬ ‫النلث‪ ،‬فقال الصديق‪ :‬أهذا العزاء محدد أم مجهول؟ قال‪ :‬بل هو مجهول‪.‬‬ ‫قال له‪ :‬إن مات الرجل أما تقدمون العزاء قبل الديون والضماتات؟ قال‪:‬‬ ‫يحضر الأكابر ويحسب ما على الهالك من الضمانات تم تحسب الوصايا‬ ‫والعزاء بعد فاقة الناس قال له‪ :‬وإن لم يكف ما خلفه الميت لحق نسانه‬ ‫وضماناته وديونه أترجعون ما أكله الناس والدواب من بطونهم؟ فقال‪ :‬ما‬ ‫أكله المسلمون هو رحمة للمؤمنين ‪.‬‬ ‫فاجابه‪ :‬كل صديق مخستر فهو عدو مبين‪ ،‬وهذا تبذير والمبذرون‬ ‫هم إخوان الشياطين‪ ،‬فأين عنكم كلام رسول الله (صلى الله عليه وسلم)‬ ‫حين مات أحد من صحابته أما قال (أطعموا آل فلان)‪ ،‬أليس هذا خلاف‬ ‫‪٧١‬‬ ‫لقول رسولكم وأكلتم أموال اليتامى ظلما كالذين ياكلون في بطونهم نارا‬ ‫وسيصلون سعيرا‪ ،‬ثم أنزلتم نفوسكم مثل السمك يأكل بعضه بعضا‬ ‫فتفرحون بالمصائب كالناظر للحرب ولبستم الثياب الفاخرة وأكلتم‬ ‫المعيشة الطيبة بلا ثمن فهذا هو العيد الأكبر{ ولكن أقسمت عليك بمعبودك‬ ‫‪ ،‬إذا أقبلوا إليهم الواصلون ‪ 0‬يفرحون أم يحزنون ؟‬ ‫أخبرني عن الوارثين‬ ‫ومن فقد ميتهم يبكون ‪ 0‬وعلى أموالهم يتحسرون ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬بل هم متكلفون‪0‬‬ ‫إليه راجعون » ‪ 0‬فالأخرى هي المصيبة العظمى‬ ‫فقال ‪ « :‬إنا لله وإنا‬ ‫العقبى ‪.‬‬ ‫ومحاسبون عليها في‬ ‫ثم قال الصديق للرجل ‪ :‬أتحب أن تسمع شينا من القصص؟ قال‪:‬‬ ‫نعم‪ 6‬قال‪ :‬فقد حكي لنا عن فريقين صحت بينهما عداوة واختلاف فكلما‬ ‫نزلت بلية أو مصيبة بإحدى الفرقتين فرحت بها الفرقة الأخرى فسلط الله‬ ‫عليهم قوما بالظلم إليهم جميعا وهم اشد منهم كفرا ونفاقا‪ ،‬فكلما وقع‬ ‫منهم النهب في فرقة عقرت العقائر ونحرت النحانر ونصبت القدور‬ ‫وجمعت الأكابر والنساء والرجال الفرقة الأخرى وعلى هذا دأبهم وكثرت‬ ‫بينهما العدواة حتى كاد يقع بينهما القتال ومع كل فرقة أحد من الرهبان‬ ‫وكلما أراد الراهب شينا امتثلوا له فاجتمع رهبانية الفريقين في غرفة وآل‬ ‫نظرهم على أن تكون العقانر والنحانر على المظلوم من الفرقة وإن كفى‬ ‫ما عنده وإلا فاهله المساعدون إليه وليجتمع الفريقان لأكل الطعام فعمل‬ ‫الفريقان بقول الراهبين إلى أن ظهر الإسلام وماتت البدع السالفة أما‬ ‫تحكم على نفسك بالعزاء هي أختها وأقبح منها لأنه قد أطعم صاحبكم‬ ‫تسما واجتمع عليه الصديق والخصيم لياكلوا أمواله يذوب جسمه فهم‬ ‫يضحكون وياكلون ويشربون وينامون لا خوف عليهم ولاهم يحزنون ‪.‬‬ ‫‪٧٢‬‬ ‫ثم رجع الرجل إلى القوم وأخبرهم بما سمعه من الملك وصاحبه‬ ‫فقالوا له‪ :‬ما تقول أنت؟ قال‪ :‬ما رأيت إلا صلاحا لنا ولكم‪ ،‬وحقيق علينا‬ ‫أن لا نقول على الله إلا الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون وقال‬ ‫تعالى ‪ « :‬يا أيها الذين آمنوا أطيغوا اللة وَاطيغوا الرسول وَاولبي الأضر‬ ‫قررذوه إلى الل ‪4‬ه والرسول ان كُنئُم ئؤمنلون‬ ‫منكم قإن ثتازَ عَئُم في شيع‬ ‫باله واليوم الآخر ذلك خير واخستن ثاويلا ه (" ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة النساء‪. ٥٩ : ‎‬‬ ‫‪٧٢‬‬ ‫الذكر الرابع والثلاثون ‪:‬‬ ‫فيه لسلامة ‏‪ ١‬لأنفس ‘ وفيه من ‏‪ ١‬لأدب وا لشرع‬ ‫قال صاحب د ي الغيراء‪ :‬سألت عن المرع الذ ي يكون في زمانه‬ ‫سالما؟ قال‪ :‬رفع لي عن أبيه عن جده أنه كان تاجر سار مسافرا إلى‬ ‫بعض البلدان فوجد في سفره دارا مخضرة بالأشجار وتجري في بيوتها‬ ‫الأنهار‪ 0‬وبها المساجد وفيها العباد‪ ،‬فإذا هو برجل كشف كتابا والناس من‬ ‫حوله يستمعون‪ ،‬قال‪ :‬فسمعته يذكر في سيرة حسنة للذولين والآخرين‬ ‫وقال شعرا ‪:‬‬ ‫لمعايبية‬ ‫ساتر‬ ‫إلا فمال‬ ‫إذا لم يكن علما يزين به الفتى‬ ‫يزين به في الناس مغ من يصاحبْة‬ ‫وإن لم يكن مان فعقن وعفة‬ ‫ثم قال‪ :‬اعلموا أيها المسلمين أن الله خلق الدنيا والآخرة‪ .‬وجعل‬ ‫فيها الذكر والأنشى‪ ،‬فمنهم الدنئ ومنهم الشريف ومنهم من الأشرار‬ ‫ومنهم الأبرار‘ ومنهم موسر ومنهم صاحب إعسار لأن الدنيا فيها الإقبال‬ ‫وفيها الإدبار‪ .‬فالذي تراه أدبرت عنه الدنيا فلا تصحبه أبدا لأن الله ينزع‬ ‫الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء‪ ،‬فإذا رأيت الملك في‬ ‫ضعف وظهر عليه أحد فكن مع الذي ظهر وحجتك تقوى مع قوته لأنه‬ ‫لابد للمرء من شباب له في دنياه‪ ،‬وأما إذا صحبت الملك الذي نزعه الله‬ ‫عنه فلم تزل في الكسيرة والعداوة والغرامة والنكال والهم والحزن وكذلك‬ ‫إن بدا لك غرض في الشركة والتجارة والزراعة فلا تشارك إلا بالذي‬ ‫رأيت مقبلة إليه الدنيا فإنك تربح من رباحته والذي أدبرت به الدنيا‬ ‫‪٧٤‬‬ ‫فتخسر من خسارته‘ وإن لم تكن له هايشة () ولا سفينة فلا تكاري إلا‬ ‫صاحب الهايشة الواثقة الصحيحة والسفينة الحديثة المانعة؛ لأن قفي هذا‬ ‫لاترى عضالا والهايشة الضعيفة والسفينة القديمة أكثر سفرك فيه‬ ‫تغويق‪.‬‬ ‫وأما البيع والشراء فلا تبايع الذي أقبلت له الدنيا ولكنك اشتر مع‬ ‫الذي أدبرت به الدنياێ وأما إن أردت أن تتزوج وتقنع فخذ من الذ ي أدبرت‬ ‫عنه الدنيا‪ .‬وإن كانت لك قوة في المال والمهور فتزوج من الذي أقبلت له‬ ‫الدنيا ولكن لا تأخذ المرأة الكبيرة ولا صغيرة السن بل خذ المرأة الشابة‬ ‫المقبلة إلى بعلها وبيتها‪ ،‬والحذر الحذر عن صحبة الجبان‪ ،‬وقربة‬ ‫الشحوح الغشسوم والخحمق والتهيم ومن تعلقت عليه التبعات والدموم‪،‬‬ ‫وصاحب الأجواد والكرام والشجعان والصابرين في البأساء والضراء كما‬ ‫قال الشاعر ‪:‬‬ ‫ومن رابع الأنذال كثرت مصايبْة‬ ‫ومن رابع الأجواد‪ .‬جادت به الغلا‬ ‫ثم قال ‪ :‬و عليك بالصبر والاحتمال للناس ولا تعاتب الناس بزلاتهم‬ ‫ولا بطبانعهم؛ لأن من أراد صاحبه دون عيب فاته الدهر دون صاحب ‪ ،‬ولا‬ ‫تقصد إلى الأمراء والملوك إلا لحاجة دعوك إليها‪ ،‬لأنك إن أجبتهم لحاجة‬ ‫دعتك نظروك بعين الحقارة ومثلهم المتشاجرون والمتخاصمون۔ إلا أن‬ ‫يرضوا بكلامك‘ واجعل نفسك عزيزة إلا مع إخوانك أو كان أقل منك‬ ‫منزلةش وزر إخوانك وأرحامك ولكنك زرهم غبا تزدد حبا‪ ،‬ولا تطل القيام‬ ‫معهم ولا تكثر من الناس في صحبتك إن قدرت بنفسك لا هايشة معك‬ ‫(‪ )١‬أي ‪ :‬الدابة‪. ‎‬‬ ‫‪٧٥‬‬ ‫فذلك أحب في قلوبهم‪ ،‬وإن صحبت أناسا في طريق فلا تتقدم ولا تتأخر بل‬ ‫كن في أوساطهم ‘ لأن المتقدم له قوة والمتأخر ضعيف { وهم متضادون ‪9‬‬ ‫واخدم في السفر أصحابك وقدم زادك‘ وإن أكلت فلا تنظر إلى الناس مع‬ ‫الأكل وصغر اللقمة وأطل المضغة ومص الماء مصا ولا تغبه غبا‪ ،‬واكتحل‬ ‫فردا‪ ،‬وادهن غبا‪ ،‬واجعل لجسمك ما خفي من الرواء وإن نزل عندك‬ ‫ضيف فلا تقعد معه للأاكل‪ ،‬وإن قعدت وأكلت فكل في أول ابتدانك قليلا‬ ‫واجتهد في آخر أكل الطعام‪ .‬وأما إن كنت أنت الخاطرل') وأكل معك‬ ‫صاحب البيت فاجتهد في الأكل مع ابتداء الطعام؛ وقلل منه آخرا‪ ،‬وكذلك‬ ‫إن أكلت أنت والناس فعلى هذا‪ ،‬وإن حضرت مع أناس فلا تجلس في‬ ‫المكان العالي مثل المنابر والكراسي والمحاريب والدكاكين المرتفعة إلا إذا‬ ‫دعوك إلى هناك‪.‬‬ ‫وإن أنزلك أحد من الأمراء أو الملوك أو الحكام في المنازل‬ ‫الرفيعة واباحك في أمره في ثلاثين خصلة فاقتصر عنها إلا إن دعتك‬ ‫حاجة في واحدة فخذها؛ لأن كثيرا من الناس من وجد خصلة أخذ مانة‬ ‫ومن هكذا لا يثبت لهم أمرا‪ ،‬وإن سكنت أو نزلت مع أناس فاخضع نفسك‬ ‫للغفي والفقير والكبير والصغير‪ .‬وازرع الجميل لوالديك تحصده مع‬ ‫أاولادك‘ واتخذ أخا لتكشف سرك معه‪ .‬وإن رايت مع أناس أموالا ونساء‬ ‫حسانا فاحرز نفسك عن تهوي بك في الطمع شيء أو يدخلك الحسد‘ وإن‬ ‫رأيت فقيرا أو مريضا به علة فاسأل مولاك له الرحمة وقل رب ارحمني‬ ‫من هذا البلاء‪ ،‬وإن خصك الله بعلم أو مال أو أولاد أو زوجات صالحات‬ ‫فاشكر مولاك ولا تجعله من حرثك واجتهادك؛ لأن كثيرا من خلق الله‬ ‫(‪ )١‬أي ‪ :‬الضيف‪. ‎‬‬ ‫‪٧٦‬‬ ‫خصهم الله فتاهوا فنزعه الله عنهم في حياتهم فاذلهم الله وسلط عليهم‬ ‫الأسقام ومن لا يرحمهم ‪ 0‬وقال ربنا (جل وعلا) في كتابه العزيز ‪:‬‬ ‫« ولنبلوتكم بشي من القوفا والخوع وتقص من الأموال والأنفس‬ ‫وَالئمَرَات وَبشنّر الصابرين « (') ‪ 0‬قال ‪ :‬رأيته ختم كتابه وقام للصلاة‪.‬‬ ‫‪.١٥٥‬‬ ‫(‪ )١‬سورة البقرة‪: ‎‬‬ ‫‪٧٧‬‬ ‫الذكر الخامس والثلاثون ‪:‬‬ ‫فيه من حيل شيطان الإنس على تفريق الزوجين ه‬ ‫وفيه قصة نصيح الإنس ‪ ،‬وفيما جرى على يديه‬ ‫من اتفاق الزوجين‬ ‫قال صاحب ذي الغبراء ‪ :‬جلست يوما في الخلوة في فرأيت شابا‬ ‫مارا في البرية فناديته أن يقف لي ساعة فقال‪ :‬ما الحاجة؟ قلت له‪ :‬هل‬ ‫عندك خبر أو علم عن ذي الغبراء؟ قال‪ :‬رأيته بنظري وسمعته بأذني‬ ‫يذكر للمسلمين الفرق بين الأبالسة والشياطين‪ ،‬قال‪ :‬فالأبالسة هم أولاد‬ ‫إبليس اللعين والشياطين مجموعين من الإنس والجن والشياطين‘ ولا‬ ‫تطلق أن يقال للإنسي إبليس ولكن يقال له شيطان كما قال ربنا في كتابه‬ ‫العزيز ‪ « :‬شياطين الإنس والجن يوجي بعضهم إلى بغض زخرف‬ ‫القوؤل غرورا » () ‪ 0‬وشياطين الإنس أقوى عن الباقين وقد هلك بنو آدم‬ ‫من اتباع شياطينهم وأمرانهم‪ 0‬كما حكي لنا عن أحد من الإنس جلس يوما‬ ‫مع أجناسه المتمردين فقال لهم‪ :‬أنا سيد المردة‪ ،‬أنا مفرق شمل الجماعة‬ ‫أنا مفرق بين الحمار وطعامه وبين المرء وزوجه ألا فاحذروا من مكري‬ ‫وخدائعي‪ ،‬وإني أوشك" من السم الذي يسري في الجلد‪.‬‬ ‫قلت لذي الغبراء‪ :‬فستر لي عمل السم‪ ،‬قال‪ :‬خذ دفلى وهو الحبن‬ ‫يغلى بالماء ثم ببول الحمار ويوضع عليه نورة ودم شخر كل مكوك ثلاث‬ ‫قياسات نورة بيضاء وتكون الدفلى معمورة ونصف ‪.‬‬ ‫‪.١١٢١‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الأنعام‪: ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬أي ‪ :‬اسرع‪. ‎‬‬ ‫‪٧٨‬‬ ‫قال ‪ :‬فاجابه أحد من أصحابه وقال له‪ :‬لا تفتخر بما تطيق عليه ولا‬ ‫بينت منك براهين؟ فقال شيطان الإنس‪ :‬ستجدون اليوم المقبلة ما لا يعمله‬ ‫عامل من قبلي ولا يقدر كعملي أحد من بعدي وإني أجعلها لكم قصة‬ ‫تفقتخرون بها وأهل العقول يخافون أن تحدث عليهم بزمانهم أختها‬ ‫فابتدأوني بالسؤال حتى أعطيكم الجواب ‪.‬‬ ‫فقالوا له ‪ :‬ما مثل الزاهد محمد بن سعيد وزوجته حبيبة بنت‬ ‫عبدالله قد بانت للخلق فضائلهما وحسن أخلاقهما وكرامتهما{ ولا سمعنا‬ ‫أحدا منهما يشكو من صاحبه من جمع الله بينهما إلى يومنا هذا وأنت أيها‬ ‫المتمرد تدخل لمن هو مثلك أو أضعف منك منزلة فقال لهم‪ :‬إن لم أفرق‬ ‫بينهما بكرة‪ .‬وإلا فمالي لكم هبة‪ .‬قال‪ :‬فشهدوا عليه بما قسم على نفسه‪.‬‬ ‫فاقبل عليه الليل فلم تنم عيناه حتى أذن المؤذن لصلاة الصبح قخرج من‬ ‫بيته ورفع الماء إلى وجهه ووقف على باب المسجد فنظر محمد بن سعيد‬ ‫أقل إلى الخروج من المسجد فسلم عليه وأيقظه للحديث معتزلا عن‬ ‫الخلق‪ 0‬فقال شيطان الإنس‪ :‬اسمع يا شيخ إني رأيت في النوم رؤيا وجنت‬ ‫مسرعا أقصها عليك قبل أن تذهب من قلبي وهذه الرؤيا هي لك يا شيخنا‬ ‫لأني رأيت الملانكة المقربين في مكان عال مرتفع وحولهم الملانكة‬ ‫وذكروا بني آدم وما أعطاهم الله من نعمه فقال ميكانيل ما خص الله أحدا‬ ‫مثل محمد بن سعيد أعطاه الله مالا وعقلا وجسما صحيحا وزوجة صالحة‬ ‫مباركة طيبة فطوبى لهما وحسن أخلاقهما‪ ،‬فقال جبرائيل‪ :‬صحيح ما قلته‬ ‫ولكن لو أنها عنده رمانة خادمة سعيد بن علي لكان انتهى الغاية في‬ ‫زمانه! قال ومن حسن خصائل زمانه عندها الكحل إن كحلت به عينيها‬ ‫نظرت كنوز الذرض« ومعها اسم إن تلته بلسانها مضت إلى مشارق‬ ‫‪٧٩‬‬ ‫الأزض ومغاربها في ساعة واحدة ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬وليتها تكون عند محمد بن سعيد لتجتمع له الخصال‬ ‫المحمودة فهذا ما رأيته وسمعته من قول الملانكة ففكر أيها الشيخ في‬ ‫هذه الرؤيا! فقال محمد بن سعيد‪ :‬ما الرأي في طلوع هذه الخادمة من عند‬ ‫سعيد بن علي؟ فقال له‪ :‬أنا صاحبك إليه وربك المسهل لقلبه‘ فقال محمد‪:‬‬ ‫اقصد بنا إلى بيت سعيد بن علي‘ فتصاحبا حتى وصلا مع البيت ودخل‬ ‫الشيطان مع سعيد بن علي وأخبره بوصول محمد بن سعيد وما إرادته‬ ‫ونهاه عن البيع وأمره أن يزوجه إياها ويأخذ أموالا جزيلةش وقال له‪ :‬لا‬ ‫تصبر عليه لمحة فيها‪ ،‬فلما تم باطن سرهما هبطا من البيت إلى محمد بن‬ ‫سعيد وتصافحا وأدخلهما البيت وأتى إليهما بالطعام‪.‬‬ ‫فقال محمد‪ :‬ليست حاجتنا في الطعام وقد جننا لشراء الخادمة‬ ‫رمانة من عندك‪ ،‬قال‪ :‬الكلام بعد الأكل فاكلا ما طاب لهماء ثم قال‪ :‬ثمن‬ ‫علينا بلا مجادلة‪ ،‬فقال سعيد‪ :‬أما البيع فلا يكون ولا يجوز لي بيعها ولو‬ ‫بذلت لي أموالك كلها فالخادمة عندي خير من البلد وما فيها‪ ،‬فقال محمد‬ ‫لصاحبه‪ :‬ما الحيلة؟ قال‪ :‬الحيلة لنأخذها من عنده بالنكاح وتقضي‬ ‫الفرض منها ولتعطيه المهر بما يريد‪ ،‬فقال محمد‪ :‬يا سعيد سالناك‬ ‫بالشراء ولم يحصل والآن نسالك أن تزوجني إياها وأنا ضيفك ولا يجوز‬ ‫عليك أن تجفينا‪ ،‬فقال سعيد‪ :‬مثلكم لا يجافى ولكن على مراجعة قال‪ :‬لا‬ ‫يجوز علينا وعليك المطالبة‪ .‬فقال له‪ :‬التسليم ألف محمدية أتقبل على هذا‬ ‫الشرط ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ 0‬زوجني إياها‪ ،‬فجاءوا بالشهود وزوجه إياها! فقال‬ ‫سعيد بن علي لمحمد ‪ :‬انقل على الألف ‘ قال ‪ :‬لا يمكن أما إنك سلم أو‬ ‫إنك طلق‘ؤ فقال شيطان الإنس‪ :‬أنا أصلح بينكما أنت يا محمد والشهود‬ ‫قفوا في بيت سعيد وأكتب أنت بالألف وأنا آتيها إليك فكتب لزوجته حبيبة‬ ‫بتخليص الألف وقصد الشيطان يرفل إلى البيت قحرك حلقة الباب وشرفت‬ ‫إليه فقالت له‪ :‬ما الحاجة؟‬ ‫قال‪ :‬أرسلني إليك زوجك ببروة فأسرعت إليه وقرأت ما فيها‬ ‫وأتت إليه بالألف وقبضها فقالت له‪ :‬كيف شرى محمد؟ فقال لها‪ :‬غيري‬ ‫سيخبرك بعلم الشر فقالت له‪ :‬إن محمدا حاشاه عن الشرك فقال‪ :‬أخاف‬ ‫أن يدخل في قلبك حر ج عليه فقالت‪ :‬حاشا وكلا ما حدث في السابق ولا‬ ‫يكون في القابل‪ ،‬فقال لها‪ :‬اعلمي أن زوجك محمد ابن سعيد جاء عندي‬ ‫وقال لي أريد منك أن تسعدني لشراء رمانة خادمة سعيد بن علي فصحبته‬ ‫فابى سعيد عن البيع وزوجه إياها بألف وآنا نصحته قلت له كيف تريد‬ ‫رمانة وأنت وزوجتك متفقان؟ قال لي‪ :‬ما تدري بما في قلبي ولولا حقد‬ ‫في القلب ما حملت نفسي هذا الأمر وكل أخبر بما في قلبه فلا تلومني‪.‬‬ ‫ومن هذا إلا أردت أن أخبرك وأردت غيري يعلمك بخبره فإذا كان على هذا‬ ‫الإحسان الواقع منك إليه فكيف إذا استقبلت رمانة إليه واختارها عليك ما‬ ‫الحيلة إليك أن تكون خادمة أرفع منك منزلة ققيسي بعقلك واختاري‬ ‫بالخروج منه من قبل أن يدخل عليك‘ وغيري منه مع القاضي في هذه‬ ‫الساعة فإن لك الغير ومشى عنها حاملا الدراهم حتى وصل مع محمد‬ ‫وقبضه الدراهم فعدها لسعيد وأما حبيبة لما سمعت قول المتمرد مشت‬ ‫الى القاضي وغيرت من زوجها أنه أخذ فوقها خادمة مملوكة فدبر‬ ‫القاضي إلى محمد فوجدوه يعد الدراهم لسعيد بن علي قأعطوه مدة مع‬ ‫القاضي فمشى هو وصاحبه الشيطان مع القاضي‘ فلما وصلا قال له‬ ‫القاضي‪ :‬هذه حبيبة وصلت عندي وغيرت منك بأخذك فوقها خادمة‪ ،‬فقال‬ ‫‪٨١‬‬ ‫محمد‪ :‬اليوم بلغت‘ فقال القاضي‪ :‬لما علمت غيرت فهل دخلت عليها بعد‬ ‫العلم؟ قال محمد‪ :‬كيف أدخل عليها وأنا في هذه الساعة امتلكت بالخادمة‬ ‫فقال له القاضي‪ :‬اعلم أنها فاتتك زوجتك ولا تحتاج إلى طلاق وكل ما صح‬ ‫بين الزوجين من حرمة أو بانت منه بالإيلاء أو الظهار فلا يحتاج إلى‬ ‫طلاق ولا ميراث بينهما‪ ،‬فقال محمد للقاضي‪ :‬من أين هذا الحكم؟ قال له‪:‬‬ ‫من قول المسلمين وهو من قول أعلم العلماء وأفصح الشعراء الشيخ‬ ‫أحمد بن النظر شعرا ‪:‬‬ ‫على حرة مملوكة تتمدح‬ ‫وتخرج عنه بالخيار لخخذه‬ ‫عليه اختيار واجب حين تنكح‬ ‫وتختار إن شاءت خروجا ومالها‬ ‫فقال شيطان الإنس‪ :‬اتبع نصحي خذ بالذي يريدك واترك بالذي لا‬ ‫ينظر لك صلاحا ولا يريد لك زيادة‪ ،‬ولو أن امرأتك صالحة لما أظهرت لك‬ ‫الأمر حتى تستخبرك وتعرف مرادك‘ ولكن اصبر فإن الله يعوضك‬ ‫وستجد مرادك على ما تهوى نفسكڵ وإنك ستنظر النساء الحسان‬ ‫والخزائن في كل ساعة فأازلف هذه المرأة عن نفسك ولا تلتفت إليها وأقبل‬ ‫على الخادمة بما تريد فخرجت عنه المرأة بمالها في ذلك اليوم‪ ،‬وأقبل‬ ‫إلى الخادمة‘ وأمرها شيطان الإنس بالإحسان إليه وسرها بكلام إن‬ ‫سألها‪ ،‬فلما دخل عليها خضع لها لبلوغ الإرادة وسألها عن نظر كنوز‬ ‫الأرض وكفت الذرض أعندك هذا؟ قالت له‪ :‬عندي ولكن هذه السنة دخلت‬ ‫بالثلاثاء تدل على الدموم والشرور والفجانع في الأمور ولا يدخل فيها‬ ‫داخل على الروحانية إلا هلك فلا فاندة فيها بذهاب الأنفنس‪ ،‬ولكني‬ ‫ساخبرك أنه في السنة المقبلة تدخل بالسبت فيها قوة للعبيد وتصطلح‬ ‫‪٨٢‬‬ ‫فيها الزروع والكلاب التي () تحرس الإنس‘ وإن تدبيرها لرجل هو أثقل‬ ‫الكواكب وأعلاها في السماء السابع ويرخص فيها الرصاص الأسود‬ ‫والأثمد فتمهل إلى دخولها إن أبقى الله في عمرنا‪ ،‬ومراد الشيطان تخلص‬ ‫منه المرأة وتتزوج رجلا غيره‪.‬‬ ‫وأما محمد فاحسن السيرة في الخادمة وولاها ماله وحاله كأنها‬ ‫هي السيدة عليه حتى دخلت السنة بالسبت‘ فسألها فقالت له‪ :‬كيف عقلك‬ ‫يامحمد أنت مجنون أم أنت سكران قد دخل على عقلك شيطان الإنس حتى‬ ‫أخرج عنك زوجتك وبقيت أنا من بعدها عندك‘ وهذا الذي أردته مني هل‬ ‫سمعت به من عالم أو ولي من هذه الأمة! فغضب عليها وضربها حتى‬ ‫تكسرت أضلاعها فقالت له‪ :‬بنس ما صنعت بي ولو أن فيك مروعة لقتلت‬ ‫صاحبك الداهي عليك‘ وقد لزمك لضربي إرشس ثم أخذ سيفه وجذبه‬ ‫ومشى إلى صاحبه فوجده في ملا الناس‘ فقبضوه ومشوا به إلى الخمير‬ ‫فقده‪ .‬وتغير عقله وصار مثله كمثل الكلب الذي يلهث حتى مات‪.‬‬ ‫فاحذروا أيها المسلمون من مردة الانس وخصع النساء بهذا لأن‬ ‫مكاندهن عظيمة‪.‬‬ ‫واما قصة حبيبة بنت عبد الله لما رجعت إلى بيتها ومالها وعلم‬ ‫بها الناس والأكابر بما وقع عليها من زوجها‪ ،‬وبما فاهوا به الأمراء في‬ ‫تزويجها بعد خلوصها‪ ،‬فآل نظره أن يصل معها لينصحها وأخذ في‬ ‫صحبته رجلين ثقتين ليخرج عن الشبهة والريب مع الخلق لأن لا مراده‬ ‫إلا كلمة الحق فلما وصلوا إلى بيتها استأذنوها بالدخول فأذنت لهم ودخلوا‬ ‫عليها فقال لها النصيح‪ :‬علمنا بما وقع عليك سابقا وفي قلوبنا لا نظن‬ ‫)‪ (١‬في الأصل ‪ :‬الذ ي‪. ‎‬‬ ‫‪٨٢‬‬ ‫فيكما إلا بالخير حتى دخل على قلوبكما شيطان الإنس ففرق شملكما‪.‬‬ ‫والآن علمت عن الناس أنهم راغبون فيك وقد جننا إليك عانيين بالنصيحة‬ ‫أن لا تتزوجي أحدا من الرجال إلا بنظر مني حتى أخبرك بعيوب الناس‪،‬‬ ‫قال فاعطته عهدا وميثاق فلما رأتهم أرادوا الخروج سألت النصيح عن‬ ‫رؤيا رأتها قالت رايت طيرا واقفا أعلى مني وأهدى إلي لباسا فكساني من‬ ‫رأسي إلى قدمي‪ ،‬فقال لها النصيح‪ :‬فهذه رؤياك تدل على أن تتزوجي‬ ‫برجل أعلى منك حسبا واللباس يدل على التزويج كما قال ربنا ‪ « :‬هن‬ ‫لباس لكم وأنثم لناس هن » (‪:0‬‬ ‫فسرها قول النصيح وفي ظنها أن يأخذها أحد الملوك فخرج‬ ‫النصيح من بيتها هو وصاحباه فمكث أياما فوصل مع النصيح أحد من‬ ‫البداة فقال‪ :‬أتعرف أيها النصيح تفسير الأحلام؟ قال له‪ :‬وما رايت أيها‬ ‫البادي؟ قال‪ :‬رأيت ذكري طال بقدر باع وأزيد وظهر على الناس وخفت‬ ‫منه على نفسي الشتم والفضيحة حتى أقبلت طيرة وظلت على بريشها ثم‬ ‫كستني قميصا من الصوف ووجه فيه من القطن وأعطتني جلدا والبسني‬ ‫القميص طير الهدهد ومن حواليه ثلاثة طيور فقال له النصيح‪ :‬لك الخير‬ ‫مقبل يا خلفان ثم في يوم آخر دخل النصيح السوق ولاقاه البادي خلفان‬ ‫وقال‪ :‬أسألك يا نصيح الذمة قد ابتلاني خالج بالبيضة اليسرى من ثلاتة‬ ‫ايام فقال النصيح‪ :‬أبشر يا خلفان بالرزق والولد‪ ،‬فاضمر النصيح في‬ ‫قلبه أن هذا زوج حبيبة بنت عبدالله وسال الله أن يؤلف بينهما ويجمع‬ ‫شملهماؤ وأما الناس فمنتظرون إلى خلوص المرأة كهلال العيد‪.‬‬ ‫فلما انقضت أيامها وطهرت من حيضها دبرت إلى النصيح أن‬ ‫‪.١٨١٧‬‬ ‫(‪ )١‬سورة البقرة‪: ‎‬‬ ‫‪٨٤‬‬ ‫يصل إليها هو وصاحباه‘ فوصل النصيح وقال لها‪ :‬من رغبتك من‬ ‫الرجال؟ قالت‪ :‬رغبتي في الملوك لطلب العز والسمعة والحشمة في الدنياء‬ ‫فقال النصيح‪ :‬ونعم بذلك ولكني سأخبرك بعللهم‪ .‬اصنعي طعاما لمن أرادك‬ ‫واصغي إلى قولهم مع أكل الطعام واجعلي نفسك الطعام وأكله البعل‪ ،‬فإن‬ ‫أعجبه وشكر ربه فذلك الزوج الخالص فخذيه بعلاً لزمانك‘ واحكمي لهم‬ ‫بذلك ولا تردي أحدا أبدا‪ 0‬والجواب بالإحسان واجعلي عذرك لمن لا‬ ‫تريدينه بعلة في جسمك حتى يعرف أنه لا يطيقك إلى مضاجعة{ فهذا ما‬ ‫عندي من البيان وحسن النصيحة فولى عنها هو وصاحباه‘ قاول من‬ ‫أرسل إليها الملك فأجابته بالإرادة والوصول إليها فلما وصله الجواب ثور‬ ‫من حصنه هو وعسكره حتى وصل إلى دار المرأة فهيأت له من الطعام‬ ‫من كل ماندة ومن الشرابات من أحسنها ومن الروانح من أغلاها ودعتهم‬ ‫للاكل وهي تنظر إليهم وتسمع كلامهمإ فما مد الملك يده إلى الطعام وأمر‬ ‫أصحابه بالاكل فاأكلوا وشربوا‪ ،‬وأخذوا الروائح وجعلوها في لباسهم‬ ‫وجنوبهم‪ ،‬ثم قال الوزير للملك‪ :‬مالك أيها الملك لا أكلت ولا شربت ولا‬ ‫جعلت رانحة لجسمك؟ فقال‪ :‬نحن الملوك لا نأكل من طعام الناس نخاف‬ ‫من السموم فيه ويهلكنا ‪ .‬وأنا أكلت من بيتي ‘ ولم أشته الطعام حتى‬ ‫رجوعي ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬فلما سمعت حبيبة كلام الملك آيست منه وصدت قلبها عنه‬ ‫لأنها إن أخذها خافت أن لا يدخل عليها وإن دخل مرة واحدة فلا يعود‬ ‫عليها ومعه من النساء الحسان والجواري والأبكار مما لا عيب يكون في‬ ‫إحداهما واتخذها لنفسه دون غيرها فدبر الملك للمرأة مرادي انقطاع‬ ‫الكلام فأجابته أن يصل وحده إليها فوصل الملك وقال لها‪ :‬جنت عندك يا‬ ‫حبيبة راغب في قربك وأخذك ‪ 0‬فقالت له ‪ :‬ونعم ممن تكون أنت ضجيعه‬ ‫‪٨٥‬‬ ‫وقربنه وأنا مشتهى قلبي يا سيدي كما ذكرت لي‪ ،‬ولكن سأضرك بعيبي قد‬ ‫بلاني ربي بريح الفتق وأحب أن أخبرك فإن قبلتني الأمر إليك فقال الملك‪:‬‬ ‫هذه علة لا يرجى لها دواء‪ ،‬ثم قال لها‪ :‬هل من حاجة؟ قالت له‪ :‬لا‬ ‫عدمناك‪ ،‬وأمر بالجواد وولى ثم بعد ذلك أرسل إليها الوالي وأجابته‬ ‫بالإرادة والوصول وصنعت له كما صنعت للملك إلا أنه أكل من بعض‬ ‫الأطعمة وذمه فعملت له من الحيلة كما عملت للملك فمشى عنها ثم‬ ‫أرسل إليها الشيخ فلما وصل إليها اكل من طعامها ما طاب له وقال‬ ‫لأصحابه‪ :‬إذا اجتمع مالي ومالها فتكون لي قوة وحشمة مع الملك‘ فلما‬ ‫دخل معها ليكلمها بما في قلبه رغبت فيه وقالت له‪ :‬إن كنت راغبا قي‬ ‫المال فلا يحصل لك منه فتيلا وإن كان رغبتك في المرأة فأنا في يديك على‬ ‫ما تحب نفسك‪ ،‬قال‪ :‬رغبتي في الحالين ققالت له‪ :‬لا يحصل لك المال‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬لا فاندة أن أتزوج امرأة بذهاب مالي ونهض عنها‪ ،‬فدعت بالنصيح‬ ‫وأخبرته بما وقع لها من الخاطبين معها فقال النصيح‪ :‬أسألك هل قاصر‬ ‫عليك في المال والبيت مما تدخره النساء لحوانجهن؟ فقالت‪ :‬كله موجود‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬ما أرى لك غير الزوج قاصر ولكن تزوجي البعل الذي يكون محتاجا‬ ‫وخاضعا وله حسب وشرف للفخر وله حاجة حتى تخضع نفسه لك‬ ‫ولأوليانك ‪.‬‬ ‫فقالت‪ :‬الأمر إليك أيها النصيحغ فقال‪ :‬عسى الله يوفق الأمر على‬ ‫ما تحب الأنفس فنظر إلى البادي خلفان قد مر عليهم فخرج معه النصيح‬ ‫وقال له‪ :‬قف قليلا حتى أرجع إليك ثم دخل النصيح إلى المرأة وقال لها‬ ‫حضر خلفان خليفة محمد فهل عليك شيء من زكاة النقود؟ فقالت‪ :‬عليَ‬ ‫بقدر ثلاثمانة محمديةش ثم قال لها ‪ :‬وهل أوصيت للفقراء من بعد موتك؟‬ ‫‪٨٦‬‬ ‫ققالت ‪ :‬أوصيت بسبعمانة محمدية‪ ،‬فقال لها‪ :‬أهن حاضرات؟ قالت‪ :‬في‬ ‫بيتي قال لها‪ :‬أخرجيها وادفعيها إلى البادي خلفان حتى تبرأي فيما بينك‬ ‫وبين ربك في حياتك وبعد وفاتك بريئة منها ويتسع بها البادي لحقك‬ ‫فاسرعت وخرج النصيح هو وأصحابه مع البادي فقالوا له‪ :‬قم يا خلفان‬ ‫قد دعتك صاحبة هذا البيت في حاجة لهاا قال‪ :‬أما البداة فلا يدخلون بيوت‬ ‫النساء‪ .‬فقالوا‪ :‬ونحن في صحبتك‘ فصاحبهم ودخلوا في البيت وأمرته‬ ‫باكل الطعام والشراب وجعلت تأخذ له مما تنفض العزفان من الأرز والخبز‬ ‫واللحم والتمر وفركته بعضه في بعض قاكل البادي من ذلك الطعام وحمد‬ ‫النه وصلى على محمد عليه السلام وشرب من الوعاء الذي تقطر فيه‬ ‫الاوعية التي تشرب منها الطيور والدواب وشرب ثلاثة أنفس في كل نفس‬ ‫يحمد مولاهؤ ويسأل الراحة والنعمة لصاحبة البيت‪ 0‬فهم بالخروج فقبضه‬ ‫النصيح فقال البادي‪ :‬لا وقوف بعد الأكل كما قال ربنا ‪ « :‬قإذا طعمثم‬ ‫فانتثيرزوا ونا مُسنئانسبين لحديث » (" ‪.‬‬ ‫فقال له‪ :‬صاحبة البيت لها حاجة تريد تكرمك فأقبلت المرأة بالألف‬ ‫المحمدية فقال النصيح‪ :‬يا خلفان هذا تفسير رؤياك فأقبلت إليه المرأة‬ ‫وأعطته الألف من مال الله وأخذها البادي وهم بالرواح‪ ،‬فقبضه النصيح‬ ‫فقال له‪ :‬تمهل وإن هذه المرأة تريدك أن تتزوجها‪ ،‬فقال خلفان‪ :‬ليتكم‬ ‫أخبرتموني قبل الأكل والآن لا يجوز لكم تستهزؤون بي وطعامكم في‬ ‫بطني فقالت له المرأة‪ :‬وربك المعبود ياخلفان لصادقة وراغبة في أخذك‬ ‫ولا يدخل في قلبك مشقة ويدل علينا بالمودة والرأفة والرحمة فامتثل‬ ‫لقولها‪ ،‬ودبرت لأوليانها فلما وصل عندها أخواها أمرتهم أن يزوجوها‬ ‫‪. ٥٣‬‬ ‫‪:‬‬ ‫الأحزاب‪‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة‬ ‫‪٨٧‬‬ ‫بالبادي‪ ،‬فقالا‪ :‬كيف يا جبيبة نزوج رجلا فقيرا وأنت أرادك الملوك‬ ‫والأمراء فما تبقى مع الخلق ألا يشتمونا ويستهزؤون بنا ؟‬ ‫فقالت لهما‪ :‬نحب أن لا يوليا أحد وتستريح نفوسنا من التعب‬ ‫وكل نفس تريد أن تولي ولا تولى وهذا البادي أنا وإياكم لا يخالفنا وتطظول‬ ‫أيدينا عليه فإن حسن فينا فذلك المرتجى‪ ،‬فإن قصر فينا فيخاف أن تذهب‬ ‫نعمته من عندنا‪ ،‬فقالا لها‪ :‬لا يمكن أن نوليك رجلا بلا مهر‪ ،‬فقال البادي‪:‬‬ ‫المهر هو حاضر بين أيديكم فقبضوا من عنده الألف وأمرا النصيح بالملكة‬ ‫فزوجه بحضرة الشهود في الساعة الثامنة من يوم الجمعة‪ .‬وعملا الطعام‬ ‫وامتثلوا إلى أداء الصلوات وحضر الليل وأكلوا العشاء وصلوا العتمة‬ ‫فعمدت حبيبة إلى لبس الثياب الفاخرة والبخورات الطيبة والأدهان‬ ‫المزعفرة والحلولات والماوات من كل غال فهو حاضر بين أيديهما‬ ‫وهموا بالعرس في الليل كما تصنع الناس ولم يبيتوا في ليلهم ومضينة‬ ‫عليهم سرجهم حتى أذن المؤذن للصلاة فاغتسلا وصليا واستفتحا بما‬ ‫حضر ثم أمرت على الخدم والبيادير ليدلوه بالأموال والزروع حتى يعرفها‬ ‫وأعطته من أحسن السلاح واحسن اللباس فقدموا به كأنه السيد عليهم‪.‬‬ ‫ثم أقبل عندهما النصيح ودعا لهما ببركة الأعمار وأثنوا عليه‪ ،‬وقال لها‪:‬‬ ‫هل وجدت النصيحة طيبة يا حبيبة ؟ ‪.‬‬ ‫قالت ‪ :‬ونعم النصيح ونعم البعل الصحيح فأجابهما النصيح‬ ‫اصنعي لطعامه الطيور المغلاية بالأبازير وأكلها بالحنطة النقية أو بالأرز‬ ‫المفلفلة‘ واجعلي لأدهان إحليله الزيت والكبريت والزرنيخ المضروب‬ ‫على النار فإنكما ستجدان من هذا لذة عظيمة{ فولى النصيح وأقام خلفان‬ ‫هو وزوجته على ما تشتهي نفوسهما وتلذ أعينهما حتى دخل في قلبهما‬ ‫‪٨٨‬‬ ‫الشفتين‬ ‫حرج مع شدة ضمهما وملاطفتهما۔ وسالا النصيح عن مص‬ ‫وتجرع بماء النهدين والبصاق ومص الأعجاز وما هو محرم من الجماع؟‬ ‫فقال النصيح‪ :‬كله هذا جانز إلا الدم والبول والمذي والودي والمني‬ ‫والغانط في أكله حرام لا يجوز وإدخال الذكر في الحيض والنفاس والدبر‬ ‫فهذا هو الحرام وما سواه حلال‪ ،‬قال البادي للنصيح‪ :‬كيف الرأي أن آكل‬ ‫من عندي لا من عند زوجتي وأنفق على عيالي حتى أكون سالما من‬ ‫تخريس الألسن؟ قال النصيح لحبيبة‪ :‬لا تمنحيه مالك ولكن أعطيه زكاتك‬ ‫وينفقها على نفسه وعلى من لزمه فرض النفقة‪ ،‬فاعطته زكاتها على كل‬ ‫حول واكتفى بها‪ ،‬فنسلا ما شاء الله من الأولاد وداموا لهما في أمن وأمان‬ ‫ما طال زمانهما عليهما والسلام على من اتبع النصيحة والهدى‬ ‫‪2‬‏‪٨‬امة‬ ‫‪٨٩‬‬ ‫الذكر السادس والثلاثون ‪:‬‬ ‫في ذكر بلد بهلا‪ .‬وما فيها من الخصال المحمودة‪.‬‬ ‫ولسكانها ولسقارها؛ وذكر ا خلاقهم ‘ وحرصهم على‬ ‫الاموال‪ 0‬وبما وفع على المسافرين ‪ ،‬والحكم فيما‬ ‫معهم ونسائهم ودكر سورها وماله من بهلا وغيرها‬ ‫بهلا وغُلماؤها وصفات أهلها ‪:‬‬ ‫قال ذو الغبراء‪ :‬لاح في قلبي الفكر في الزمان وبعد ساعة أقبل‬ ‫عندي صاحبي وصافحني بتحية الإخوان‪ ،‬وسالته عن المسافي والقرى‬ ‫والبلدانؤ التي علت بالحسن وأصحابها بالإحسانس فقال‪ :‬أما الناس فكل‬ ‫منهم معتز بما أمكنه مولاه من الأوطان‪ ،‬وكل مدينة لها خصال طيبة من‬ ‫كل الأمصار وعمان‪ ،‬وإن كان ضميرك في بهلا التي تبهللت بالدار‬ ‫والمدار‪ .‬فبهذه الخصال فاقت على الديار‪ ،‬لأن الساكنين والخاطرين فيها‬ ‫آمنون على أنفسهم وأموالهم في الليل والنهار‪ ،‬إن كانوا من صنو اليمن‬ ‫أو من صنو النزار‘ وحصنها ركب في جبل عال وكأنه في البراري‪،‬‬ ‫أحاطت به القصور والبلدس وسورها المدرار يضرب به المثل‪ .‬وفيه‬ ‫البروج المشيدة وعليه الأبواب المقفلة‪ ،‬وفي البلد الآبار والأنهار‬ ‫والأشجار وفيها الأب لمواشيها مثل الفيافي والقفار‘ وبها رست الجبال‬ ‫والأحجار‪ .‬وطعام ساكنيها اللبن والبر والتمر والسكر‪ ،‬وحلاؤهم السمن‬ ‫وصيد البر والبحر‪ .‬وأما فاكهتهم من أشجارها‪ ،‬ويجلب إليها من الجبل‬ ‫الأخضر من كل نوع من الشجر‘ وكسوتهم ثياب القطن والصوف‬ ‫وفرشهم الشعر والوبر‪ ،‬وصنعتهم أوعية الخزف والمنسول وزرع النيل‪.‬‬ ‫وأنهارها تجري على مساجدهاش ولستر عوراتهم عند غانطهم أكانيف‬ ‫بقربها‪ .‬وسكانها لهم لهجة في تلاوة القرآن‪ ،‬وفيها الزهاد والأتقياءء‬ ‫والعالمة الفقيهة بنت خصيب من النساء‪ .‬وقد تولاها الأنمة والعلماء‬ ‫والأصفياء‪ .‬فأخبرني هل مثلها نسوة أقتت بالرأي ؟‪.‬‬ ‫وعلماء بهلا الشيخ أبو المؤثر الصلت بن خميس الخروصي‪.‬‬ ‫وأبو محمد عبدالله بن محمد بن أبي المؤثر‪ .‬والشيخ أبو مالك معلم أبي‬ ‫محمد وأبو محمد عبدالله بن محمد بن بركة السليمي ومحمد بن خالد‪.‬‬ ‫وسعيد بن زمام بن أبي العرب‪ ،‬ومحمد بن أبي غسان بن أحمد‪ .‬وقيس بن‬ ‫محمد بن قيس وعمر بن محمد ابن مهلب‘‪ 0‬ومحمد بن خنبش بن صقر‪.‬‬ ‫وأبو القاسم بن الصقر من الضرحغ وجابر ابن أحمد والشاعر عاد بن‬ ‫يزيد‪ ،‬والشيخ العالم أحمد بن مفرج بن أحمد بن محمد ابن عمر بن ورد‬ ‫وسليمان وورد ابني أحمد بن مفرجێ والإمام أحمد بن سليمان بن أحمد بن‬ ‫مفرج ‘ ومحمد بن عبد الله بن أحمد بن مفرج ‪ 0‬وأحمد بن صالح بن‬ ‫عمر بن أحمد بن مفرج ونسولهم كلهم بيت علم وورد بن أبي غسان‬ ‫وزياد بن أحمد ‪ 0‬وسعيد بن زياد بن أحمد بن راشد ‪ 0‬وعمر بن زياد ‪.‬‬ ‫وعبد الله بن عمر بن زياد الشقصي ‘ وعبد الله بن مبارك الربخي ه‬ ‫وغمر بن سعيد المعدي‪.‬‬ ‫ومن جانبها السهيلي البسيويون عبد الله بن القاسم ‪ .‬وأبو الحسن‬ ‫الصغير < ومسلمة بن خالد ا لسلوتي ‪.‬‬ ‫علي ‘ وأبو عبيدة‬ ‫علي بن محمد بن‬ ‫ومن ناحية الجاه عنها الكدميون الشيخ العالم أبو سعيد محمد بن سعيد ‪.‬‬ ‫‪٩١‬‬ ‫وعبد الله بن محمد بن زنباع ‪ 0‬ومحمد بن مداد ‪ 0‬وخلف بن طالب ‪8‬‬ ‫ويوسف بن طالب ‪ 0‬ومحمد بن يوسف ‪ ،‬وسالم بن خميس ‪ ،‬الذي ألف‬ ‫يتاب ‪ " :‬فواكه البستان " ‪.‬‬ ‫ومعرفة قسمة مال المسمى المفرش الذي كحرم مكة الشريفة الذي‬ ‫بقرية بهلا بالغبرة الثلث للح وهو الزيت للسرج يسرج به في الحرم‬ ‫والثلث لمن يشرب منه في الحرم والثلث لفطرة شهر رمضان يفطر به في‬ ‫الحرم لأهل عمان خاصة من حد الصير جاي هكذا وجدته مؤثرآ عن‬ ‫الشيخ محمد بن عبدالله بن مداد والشيخ سعيد بن زياد بن أحمد رحمهم‬ ‫الله والله كتبه عبدالله بن عمر بن زياد بن أحمد بيده‪ ،‬فهذا دأب أصحابها‬ ‫مرادهم طلب الثواب ونفع الناس لحجاج عمان فهذه من إحدى خصالهم‬ ‫‪ .‬فأخبرني عن أهل عمان هل أحد منهم صنع كمثل هذا ؟!‬ ‫وقرن كدم أعلى من بهلا وقربه الجبل الأخضر قيل لي بخبرأنه‬ ‫دفن فيه نبي يسمى رضوى‪ ،‬وقبر بني يعرب طريق وادي مستل وهذا‬ ‫الجبل فيه الكروم والأشجار والفواكه‘ وتفرح الناس بنزول الأمطار فيه‬ ‫ومسايله كما قال ابن قطاف‪:‬‬ ‫قبولا ولاقتها جنوب وشتضشال‬ ‫إذا ما رياح الجود هبت وأقبلت‬ ‫على كل حي بالعوارف تهطل‬ ‫أقلنت سحابا في سما آل عبرة‬ ‫وسيل هذا الجبل يخصب عمان لأن مسيله على المطلع والمغرب‬ ‫والجاه وسهيل متصل إلى البحر‪.‬‬ ‫ثم قال‪ :‬اعتبرت ساكني بهلا يحاسبون أنفسهم ومن يعاملهم على‬ ‫‪٩٢‬‬ ‫الكثير والقليل‘ ويحترزون من النقير والفتيل؛ ومن طبعهم الحرص في‬ ‫عدم إضاعة المال حتى قيل لنا أنهم يشوون اللحم في الصنج والدهن الذي‬ ‫يخرج من اللحم يجعلون له إناء ويسرجون به في بيوتهم ‪......‬‬ ‫ولهم قوة على ملوكهم أين الملوك الذين ملكوهم وتجبروا عليهم‬ ‫فذهبت نفوسهم وأموالهم‪ ،‬وربهم أعلم بما يسرهم ويضرهم‪.‬‬ ‫وخصوا بالقوة والشجاعة والظفر لكل من اعتدى عليهم حتى‬ ‫عاينت في زماني قصتين جرت على رجلين ضعيفين من ساكنيها أحدهما‬ ‫قليل الصحة يسمى عميرة ابتلاه الله بعلة في بطنة منتفخ كالزق‪ ،‬وهو من‬ ‫الفقراء لا يقدر على حرفة فنفعه أصحاب صنعة الأوعية يدفعون إليه مع‬ ‫كل حرقة يعطونه من الأوعية الضعيفة ثم يحملها على رأسه ويطوف‬ ‫يبيعها في البلدان فعارضه في طريقه رجل من شجعان بني حاتم فقال له‪:‬‬ ‫أعطني الدراهم التي حملتها في ثوبك؟ فقال عمير‪ :‬كيف أراك تطمع فيما‬ ‫عندي وأنت من أحبائي ومثلك من يزيدني فخلً سبيلي انتفع بدراهمي‬ ‫لأحيي بها جسدي واستر بها عورتي‪ ،‬فلما سمع كلامه قبض الدراهم‬ ‫فدخل عمير من الرجل وقبضه قبضة ثم طرحه في الأرض وأخذ حبلا‬ ‫وعصا به على يديه وأخذه أسيرا وحمل سلاحه وساقه أمامه حتى وصل‬ ‫إلى قرية بني صبح وأطلقه من كفاته بمحضر الناس وأعطاه سلاحه‪.‬‬ ‫والقصة الثانية عن رجل يسمى جندب ولد الكشة هو بله ودله‬ ‫نحيف الجسم دقيق العظم قليل النظر سار إلى سمد نزوى ونظر أناس‬ ‫صرة في ثوبه فلحقوه بقرب العبلية وأخذوا ما عنده وأرادوا ذبحه فاخذه‬ ‫رجل منهم يقوده من يده حتى أنزله في مكان متوار عن الناس وجندب‬ ‫‪٩٢٣‬‬ ‫يستجير به فلم يجره ثم أنزله في الأرض وقبضه من لحيته ومد المدية‬ ‫على نحره وهو راكب فوقه فنظر جندب سكين كسف في حقوي رشيد‬ ‫المسمى الظبي وأخذها بيده وطعنه بها في سرته فمات رشيد الظبي وهو‬ ‫من الشجعان المشهورين عند بني ريام{ ومن دلاهة جندب قصد كَمَة‬ ‫وأخبرهم بقصته فلم يصدقوه‪ ،‬وغرب إلى تنوف وحدثهم بخبره ولم يرض‬ ‫فيه شيخهم وأمنه ‪ 0‬يسحر الناس والظلم لهم ‪ ......‬‏‪.٠‬‬ ‫ومنهم من خص بالكرم كأبي محمد أقام للمتعلمين في الأثر من‬ ‫ماله في زمانه! ومثل محميد يخرج من بيته وفي يده الدراهم يفرقها على‬ ‫الفقراء والمساكين وأبناء السبيل؛ ومثل سليم بن سعيد عمل صنعته‬ ‫للذوعية بقرب طريق سكة كدم عند حارة بن صلت والذي يمر عليه من‬ ‫الناس أطعمه الطعام وأسقاه الماء وصار شاكرا عليه‪.‬‬ ‫وبعضهم يضرب به المثل في القبض« ومثل الرجل الذي أرسله‬ ‫صاحبه في حاجة يأتيها إليه فطلب أن يعطى مثلها ومنعوه عن العطاء‬ ‫فترك حاجة صاحبه‘ والذي تعرى من ثيابه في رقاده طول زمانه فنهض‬ ‫يوما ولده من نومه يمشي في السطح وهو ينظر إليه فطاح من الصحن‬ ‫الولد وتكسر ثم أيقظ له أمه لتحمله فتبا لمن كان هذا دأبه‘ وساكنوها‬ ‫ينطقون حرف الكاف بالقاف‪.‬‬ ‫ولهم همة في البيع والشراء يطوفون ولا يضجرون في الأسفار‪.‬‬ ‫وفي طبعهم التلطف للرفيق في الطريق‪ ،‬فجاهلهم تقول إنه هو العالم‪.‬‬ ‫وزاهدهم لا يعرفه الظالم؛ وفقيرهم صابر شاكر راض‪ ,‬على إهانته نفسه‬ ‫‏) ‪ ( ١‬نقص في الأصل ‪.‬‬ ‫‪٩٤‬‬ ‫في خدمته الآبار والأنهار وفي خدمة الطين وحمل الحطب من أشجار‬ ‫القفار‪ .‬يموت كأنه غني ليس عليه للناس تبعة‘ و غنيهم قانع بما خوله الله‬ ‫من نعمه لا يطمع بما في أيدي المسلمين له عند الناس ليس عليه حق‬ ‫لأهل السعة ويسر ماله ورثته بعد موته ‪.‬‬ ‫وهاك بيانا في حسن أخلاقهم في أسفارهم ودليلا لآدابهم وقناعتهم‬ ‫ونجعلها قصة لأهل الذخبار ومسائلاً للمتعلمين الأبرار؛ وشفاء من الطب‬ ‫والفلك الدوار‪ ،‬وعزيمة الصرع كاشفة الأسرار‪ .‬فأخبرني صاحبي عن‬ ‫بيعهم وشرانهم في سلعهم قال‪ :‬فالأكثر منها تباع بنظر العين لا بالوزن‬ ‫والكيل مغتنية عن التغيير بالجهالة ‪.‬‬ ‫قصة فيها عبرة ‪:‬‬ ‫بيان في أول القصة مما آل فيه النظر عن ثلاثة نفر اجتمع رأيهم‬ ‫أن يسافروا إلى البندر‪ ،‬فشروا الأوعية والمناسيل ومخالي الشعر فأقبلوا‬ ‫عندهم أصحابهم وجيرانهم في جمع المقيل وسألوهم أن يشروا لهم من‬ ‫البنادر إرادتهم من القليل والجزيل‪ ،‬فقالوا لهم‪ :‬إن بذلتم إلينا عشرا من‬ ‫الدراهم فنأتي إليكم بما تريدونه؛ القليل بقلته والكثير بكثرته وهذا من‬ ‫الصفاوة بيننا وبينكم‪ .‬قاعجبهم قولهم وشهدوا عليهم بما قبضوه وكتبوا‬ ‫لكل أحد اسمه في دراهمه‘ وحفظوا الدراهم في صرة معلومة ووزنوها‬ ‫لمعرفة كراء الجماميل مما ينوبها‪ ،‬ثم قصدوا مع الجماميل وتقاطعوا على‬ ‫الكرى بمحضر القاضي والشهود وصح بينهم الشرط لحملهم والمناسيل‬ ‫والاوعية ولكل يوم من الماء قرب معدودة‪ .‬وأن لا يكون عليهم زاد‬ ‫للجماميل{ فلما صح بينهم الاتفاق كاتب بينهم القاضي وكل قبض مكتوب‬ ‫‪٩٥‬‬ ‫لربط الكلام‪ .‬وخرجوا من الوطن في ساعة زحل من أول ساعة من يوم‬ ‫السبت ويوم ثمان وعشرين من شهر صفر عند طلوع الشمس والقمر وقد‬ ‫حل بمنزلة الذراع وبيت السفر برج الدلو حل فيه المريخ وزحل في وتد‬ ‫الأزض يتصل بالشمس من تربيع ومدار الأرض على القمر وهو قفي‬ ‫محاقه واحتراقه؛ فالنحوس اجتمعت على المسافرين والمقادير جارية‬ ‫على الخلق أجمعين‪ ،‬والسلامة في الآخرة للصابرين ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلما وصلوا بندر مسقط اتفق لهم بيع الاوعية وسلموا الكراء‬ ‫لجماميلهم ولم يعجبهم ثمن المنسول وكتبوا لأهل بلدهم‪ :‬أردنا أن نسافر‬ ‫إلى بنادر اليمن وأخذنا بثمن الاوعية تمرا لطلب الزيادة إن وفق الله لنا‬ ‫فيه فائدة‪ .‬ثم قصدوا عند أصحاب الخشب وسألوهم عن تحصيلهم ونولهم‬ ‫فاختاروا أن يحملوا في أضعف سفينة بأقل نول‪ ،‬وتحصلوا فيها فكلما‬ ‫نزلوا في بندر كاروا إلى بندر آخر فحسبوا نولهم عن باقي الخشب أقل‬ ‫بالنصف©ؤ تم قال رجل من أهل السفينة‪ :‬أيها الناس إذا نزلتم في البنادر‬ ‫وقصدتم المدانن والقرى اشروا من كل بلدة من بصلها وكلوه وتبخروا‬ ‫يغتسى‪ .‬وفي النهار إذا تجلى‪.‬‬ ‫بالروائح الطيبة في الليل إذا‬ ‫وصفة عمل البخور يؤخذ مثاله خمس كيسات عود طيب الرانحة‬ ‫ومن المسك مثقال ومن العنبر مثقال ومن ماء الورد ثلاث كيسات‘‪ 0‬ومن‬ ‫السكر ثلاث كيسات‘ ويسحق المسك والعنبر ويصب ماء الورد على‬ ‫السكر ويطرح عليه العود في النار ويوقد عليه بنار لينة وأنت مع ذلك‬ ‫تحركه إلى أن ينعقد ثم ألق المسك والعنبر والسكر وحرقه بعود حتى‬ ‫يختلط بعضه ببعضؤ ثم خذ ثلاث كياسات عفصا مسحوقا منخولا وتفرشه‬ ‫‪٩٦‬‬ ‫في طبق أو صحن ثم حرك الدواء في النار الهادنة ثم لفه على العفص‬ ‫واعجنه به عجنا جيدا واتركه في الظل يوما أو يومين ثم اتركه في حق‬ ‫في قرطاس وتبخر به‪.‬‬ ‫وأما خصال البصل فإن وجدت من البصل الأبيض المستطيل فهو‬ ‫أجوده والأحمر المستدير هو أردأه‪ ،‬والبصل حار يابس في الثالثة‬ ‫وحرارته في الرابعة فيه رطوبة وفضيلة تقطع الأخلاط اللزجة وتفتح‬ ‫السدود وتقوي الشهوة‪ .‬خصوصا المطبوخ مع اللحم ويذهب اليرقان‬ ‫والطحال ويدر البول والحيض ويفتت الحصى وماؤه ينقي الدماغ سعوطا‬ ‫ويقطع الدمعة والحكة والجرب جيدا خصوصا مع التوتياء ومع ماء‬ ‫العسل‪ ،‬وشهد الزنابير يبرأ البرص والكلف والثآليل والقروح الشهدية مع‬ ‫الملح والماء ورد والعسل والشذاب قيل مجرب لعضة الكلب الكلب مع‬ ‫شعر الآدمي وللسموم مع التين وكذلك أكله لتغلظ الخلط والوباء‬ ‫والطاعون وفساد الهواء والماء ولتغير الشهوة إذا انقطعت مع الخلء‬ ‫ويحمل لنزف الدم ويفتح البواسير إذا شوي ودرس بشحم الخنزير أو‬ ‫بالسمن أو بسنام الجمل‪ ،‬ويبرأ أورام المقعدة ويذهب الشقاق والباسور‬ ‫والزحير قيل أنه مجرّب‪ ،‬وإذا دلك به البدن حستن اللون جدا وحمّره‬ ‫وأذهب أوساخه‘ وعصارته تنقي الأذن والسمع وهو يسخن ويلطف الخلط‬ ‫الغليظ ويصلح الأظافر لطوخا والشجج وأكله في الصيف يصدع ويضعف‬ ‫المحرورين مطلقا والإكثار منه مسبب للقيعء وإن سلبه بالشم مسدد‬ ‫ويورث النسيان والرياح الغليظة‪ ،‬ومن أكل بصلا نيا أورته الشقيقة وأكلم‬ ‫بصره ولكنه يقطع البلغم من المعدة وأكله مشويا يرطب الأرحام ويزلق‬ ‫‪٩٧‬‬ ‫الأمعاء ويصلح غسله بالماء والملح ونقعه في خل فيملح الحية الباقلاء‬ ‫والجزر والحبر المخرق وقد تواتر أن الأبيض منه إذا علق على الفخذ‬ ‫قوى الجماع‪ ،‬وحد ما يؤخذ منه خمسة عشر درهما والبري منه اشد نفعا‬ ‫في العين والأذن وكلما عتق كان أجود خصوصا لداء التعلب فإن دلك به‬ ‫مع النطرون (هو الهردج) يذهب به وينبت الشعر‪.‬‬ ‫وإن أخذت البصل وخلطته بالخل وطليت به الوجه أذهب الكلف‬ ‫والنمش‘‪ ،‬وإن دققت البصلة وعجنتها بعسل ووضعته على لدغة العقرب‬ ‫نفعه ولكن لو وضعته على موضع صحيح صار قرحا‪.‬‬ ‫وإن طرحت البصل عند قلعه في ماء ساخن ثم جففته في الشمس‬ ‫فإذا جف تضعه في تبن الشعير مبسوطا لم يعفن‪ 6‬ومن طلى بماء البصل‬ ‫مع العسل على موضع من جسده ليس فيه شعر نبت عليه الشعر ‪.‬‬ ‫والبصل في اللحم مع الأبازير يزيد في الباه ويقوي الكليتين‘ ومن اكتحل‬ ‫من ماء البصل نفعه من العشى‪ ،‬وماء البصل المسخن ينفع من البواسير‬ ‫ومن أخذ من ماء البصل مع مثله عسل النحل وغلاهما على النار حتى‬ ‫ينشف ماء البصل ويبقى العسل ثم يرفعه في إناء ويأكل منه سبعة أيام كل‬ ‫يوم مثقالا منه فإنه يجامع ما شاء‪ ،‬ومن أخذ أوقيتين من ماء البصل‬ ‫المدقوق المعصور المصفى ويخلط بمثله من الحليب واللبن ويخل فيه‬ ‫نصف أوقية من فانيد سكري ويطبخ الجميع بنار لينة حتى يغلظ ويشرب‬ ‫منه أوقية على الريق ثلاثة أيام متوالية ترى من كثرة الجماع والمني‬ ‫أمرا عجيبا‪ .‬ومن جعل ماء البصل على صفرة البيض على عمل الطاحن‬ ‫قواه على الجماع‪ .‬ومن دق البصل وجعله في قدر وجعل فيه الأبازير‬ ‫‪٩٨‬‬ ‫المدقوقة وغلاها بالسمن البقري وصفرة البيض وجعل ذلك أدمه أياما‬ ‫قواه على الجماع قوة شديدة ‪.‬‬ ‫الكلام فنزلوا من السفينة وشروا من البصل‬ ‫قال‪ :‬ولم يتم لهم‬ ‫بل متى اشتهوا طعاما أتى كل واحد منهم جزء‬ ‫وأكلوه ولم يشركوا زادهم‬ ‫لعمل الطعام ثم أكلوه مجتمعين وأحيوا بذلك‬ ‫بالكيل أو بالوزن وجمعوه‬ ‫وسلم) لأن شركة الزاد في السفر سنْنةؤ فهذا‬ ‫سنة النبي (صلى الله عليه‬ ‫دأبهم لأن الشركة إذا مات أحدهم أو كان على قلبه حقد عليهم فيتولد فيه‬ ‫الابتلاء والضمان مع الفرقة والعتاب وهذا قلما يخلو منه أحد في السفر‬ ‫لان السفر فيه مرض الدين وتضيق القلوب في السفر والمرض والصوم ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ووجدوا ربحا كثيرا في المناسيل وشروا بثمنها الزباد والبن‬ ‫وثوب المصنف‘ وحملوها إلى مسقط بيد صاحب السفينة وكتبوا لدلالاهم‬ ‫تعريفا بما أرسلوا له وذكروا فيه سبب تاخيرنا أننا لم نجد للتمر ثمنا‬ ‫وأردنا أن نصل في بيعه إلى جدة‪ ،‬قال‪ :‬فلما وصلوا بندر الحرمين باعوا‬ ‫تمرهم بثمن فيه ربح كثير‪ .‬ولكنهم لم يجدوا أحدا من أصحاب الخشب‬ ‫للرجوع في الموقف وأصحاب الخشب قصدوا الحج وسفرهم من بعد‬ ‫حجهم وزيارتهم‪ .‬وهؤلاء الثلاثة فيهم رجل زاهد مجتهد في دينه لرضاء‬ ‫ربه‪ ،‬فأشار لصاحبيه وقال‪ :‬لعلنا نقصد ونؤدي الفرض وننظر المشعر‬ ‫والحرم والبيت وزمزم والصفا والمروة ومنى وعرفة والناس ياتون من‬ ‫كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات وفي‬ ‫تلك البقاع الحاجون والمسافرون والتجار ولنشري ما نريد عند رجوعهم‬ ‫مع اجتماعهم فاعجبهما رأيه‪ .‬ومضوا إلى الغسل والوضوء وأحرموا في‬ ‫‪٩٩‬‬ ‫ثوبين جديدين وصلوا ركعتين وعجوا بالتلبية للعمرة‪.‬‬ ‫ثم قال لهما‪ :‬إن كان عندكم لحما من الصيد فلا تأكلا منه في‬ ‫إحرامكما‪ ،‬واحذرا من المس والشم للروانج الطيبة فإنها لا تجوز لنا في‬ ‫إحرامنا‪ ،‬ولا يجوز قتل الصيد في الحرم‪ .‬ولا قتل الجعل وقلع الشجر من‬ ‫الحرم وله علائم في معرفة الحل من الحرم على طرق مكة ولا يؤخذ من‬ ‫تراب الحرم إلى الحل‘ ومن مات في الحل دفن في الحل‘ ومن مات في‬ ‫الحرم دفن في الحرم وأما الحية والأفعى والعقرب فقتلهن جائز وفيه‬ ‫أجرا ولا يجوز التكلم بالرفث ولا بالفسوق ولا جدال في الحج‪ .‬واسألوا‬ ‫أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون لأن كثيرا مما يلزم المحرم الدموم والأحكام‬ ‫بالشساهدين العدلين فيه تم قصدوا عند الجماميل وتساووا على الكراء‬ ‫وقصدوا في طريقهم مشرقين إلى مكة الشريفة ويذكرون الله بالتلبية حتى‬ ‫دخلوا مكة ونزلوا واستقعدوا بيتا وحصدوا فيه قماشهم وقفلوا عليه‬ ‫الأبواب من كثرة اللصوص في تلك البقعة وعمدوا إلى الطهارة‬ ‫والوضوء وقصدوا البيت‪ ،‬ودخلوا من باب السلام ونظروا بيت الله‬ ‫فعظموه‪ .‬وهللوا وكبروا وقصدوا الحجر الأسود وشموا رائحته الطيبة ثم‬ ‫ابتدأوا لطواف البيت من الحجر على يد اليمنى بحذاء باب الكعبة فطافوا‬ ‫سبعة أشواط لا يتم فيها بزيادة ولا بنقصان عن السبعة ثم صلوا في مقام‬ ‫إبراهيم ركعتي الطواف وقصدوا إلى زمزم وشربوا من مانها ونضحوا من‬ ‫الماء على رؤوسهم وجنوبهم وقصدوا عند الملتزم مع الناس حين لجوا‬ ‫بالتضرع والبكاء ويسألون مولاهم العفو مع اللقاء ثم مشوا ما بين‬ ‫الاسطوانتين المذهبتين اللتين عند مقام الحنبلي وخرجوا من مسجد الحرم‬ ‫من باب الصفا لأن الأبواب عددها تسعة وثلاثون بابا‪ ،‬ثم سعوا ما بين‬ ‫الصفا والمروة وهرولوا ما بين العلمين حتى تمت لهم سبعة أشواط ثم‬ ‫حلقوا رؤوسهم وحلوا من إحرامهم فحيننذ جاز لهم ما كان جائز لهم من‬ ‫قبل إلا قتل الصيد وقلع الشجر فهذه لا تجوز في الحرم وكل منهم ذبح ما‬ ‫لزمه من الدم وفرقه كله لأنه لا يجوز له أن يأكل منه شينا وهو يأكل من‬ ‫دموم أصحابه‪.‬‬ ‫ثم تاب إلى الله رجل منهم في ذلك اليوم وأقر مع صاحبيه بذنبه‬ ‫وفعله وبما جرى عليه من المعاصي في أول زمانه ثم سألهما عن المرأة‬ ‫التي في بيته وهي أم أولاده أنه قد زنى بأمها وأنها منعت زوجها عن‬ ‫جماعها ثم قالت له‪ :‬حملت منك بهذه الابنة يقينا عندي قال‪ :‬فلما بلفت‬ ‫الابنة تزوجت بها ونسلت منها الأولاد ما الرأي الذي أسلم به عند الله؟‬ ‫فاجابه صاحبه الذي اتقى الله‪ :‬هذه منك دعوى عليها لإبطال حجج‬ ‫ودعاوى بينكماؤ وإن كنت أنت عند نفسك صادقا فيما بينك وبين ربك‬ ‫فالمرأة هي سالمة مما ابتليتها به أنت وأمها‪ .‬ولكن هذه المرأة حرام‬ ‫عليك وطلقها بالثلاث بمحضرنا حتى نشهد على الطلاق© ولا ميراث منها‬ ‫قال فطلقها بالثلاث‪ .‬وأرَّخ الطظلاق في الساعة واليوم والشهر والسنة‬ ‫وكتبوا الشهود عليه‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فمشوا إلى حلقة الذكر عند المسجد واحدهم فيه جرب فرآه‬ ‫رجل من الحلقة وقال له‪ :‬أيها المبتلى بالجرب اشرب كل يوم على الريق‬ ‫ثلاث كيسات سمن بقر أو غنم واقعد في الماء ‪0 ......‬‬ ‫‪ .......‬القبول والعفو والعافية في الدينا والآخرة حتى غربت‬ ‫النمس وحضرت صلاة المغرب ورجعوا إلى مشعر الحرم وصلوا في‬ ‫(‪ )١‬نقص في الاصل‪. ‎‬‬ ‫المشعر فريضة المغرب وعشاء الآخرة في وقت عشاء الآخر جمعا اقتداء‬ ‫برسول الله (صلى الله عليه وسلم) ‪ 0‬ثم رقطوا من حصى المشعر كل واحد‬ ‫منهم سبعين حصاة وغسلوه وصفة الحصى كالخذف وحملوها لرمي‬ ‫الجمار‪ .‬ثم اجتهدوا في ليلتهم بالدعاء إلى الله لأن فضل تلك الليلة عظيم‬ ‫وناموا في المشعر وصلوا فيه صلاة الصبح وسألوا مولاهم القبول‪ ،‬ثم‬ ‫غربوا في طريقهم وجاوزوا وادي محسر قبل أن تطلع الشمسس ثم نزلوا‬ ‫في منى وصلوا العيد في مسجد الخليل واستمعوا قول الخطيب‘ ورموا‬ ‫جمرة العقبة من مسيل الوادي بسبع حصيات ثم رجعوا إلى مناخهم‬ ‫فحلقوا رؤوسهم ‪ ،‬وأحلوا إحرامهم ‘ وأدوا ما عليهم من الدموم ‘ كما قال‬ ‫رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال ‪ " :‬عليكم بالعج والثج "(‪١‬ا‪،‬‏ ثم‬ ‫ذبحوا ضحيتهم وأكلوا ما طاب لهم وأطعموا من أرادوا من الفقراء ثم‬ ‫قصدوا إلى مكة وطافوا طواف الزيارة للفريضة وصلوا ركعتي الطواف‬ ‫وشربوا من ماء زمزم وسعوا بين الصفا والمروة سبعة أشواط ورجعوا‬ ‫إلى منى وباتوا فيها وأقاموا فيها ثلاثة أيام التشريق ورموا الجمار في كل‬ ‫يوم بعد زوال الشمس كل جمرة بسبع حصيات وبدأوا بالجمرة الشرقية ثم‬ ‫بالجمرة الوسطى وآخر رميهم في جمرة العقبة وهذا الرمي سننة‪ ،‬ثم‬ ‫قصدوا في اليوم الثالث إلى مكة وطافوا ما شاءوا‪ ،‬وشروا عند التجار‬ ‫مثل الزعفران القايني المغربي وحل الزيت والعود الجاوي وصف‬ ‫الأصفهاني وسكر نبات مصر والسيوف الإفرنجيات والبرات والمواسات‬ ‫والقرطاس وثوب الكتان وحل البيلسان والعنبر وأخذوا من ماء زمزم‬ ‫وجعلوه في الزمايم وكل منهم ربط الذي شراه وكتب فيه وزنه وتمنه‬ ‫واسمه لعلامته وحمله الجماميل ‪ 0‬وأدخلوه البيت وطافوا به طواف الوادع‬ ‫‪ 0 ٢ / ٢٩٢٤‬والدارمي‪ . ٢ / ١٧٩٧ ‎‬وغيرهم‪. ‎‬‬ ‫(‪ )١‬رواه ابن ماجه‪‎‬‬ ‫‪١٠٢‬‬ ‫وصلوا ركعتي الطواف‪ ،‬ولصقوا بجنوبهم عند باب الكعبة على الملتزم‬ ‫وتضرعوا إلى الله بالدعاء وسألوه العفو والعافية للدنيا والآخرة وذكروا‬ ‫أسماءهم ودارهم وأن يمن عليهم بالامن والأمان وبالغيث والرحمة لجميع‬ ‫الحيوان ؛ ثم خرجوا من باب الوادع الذي هو على مغرب الشمس ‪.‬‬ ‫ونزلوا في جدة ‪ .‬ونووا زيارة النبي (صلى الله عليه وسلم) ‪ ،‬لأنه قال ‪:‬‬ ‫" من زارني ميتا كمن زارني حيا ‪ 0‬ومن لم يزرني فقد جفاني ‪ ،‬إن لم يكن‬ ‫له عذر " ل) ‪ }.‬والزيارة سنة مؤكة ‪.‬‬ ‫ثم اختاروا من أدون الإبل لأقل الكراء وتشارطوا هم والجمال أن‬ ‫يكون الجمل لأربعة أنفس وشبرية يركب اثنان ويمشي اثنان وأن يحمل‬ ‫زادهم وقربتان للماء وأن لا يكون عليهم زاد للجمال لأن الزاد مجهول في‬ ‫قلته وكثترته وغلانه ورخصه‘ وأحضروا بينهم الناس على شروطهم‬ ‫وكاتبوا بينهم ثم استقبلوا الجاه في طريقهم للمدينة وجدوا في سيرهم‬ ‫بالليل ولمقيلهم في النهار واللصوص تحوط بهم وهم في أشد حذر منهم‬ ‫حتى وصلوا يمشون في السكة ويقرأون ‪ « :‬ما قان ياهل المتدينة ‪)( » ...‬‬ ‫إلى تمامها ‪ .‬فدخلوا مسجد الرسول من باب السلام وقصدوا قبر النبي‬ ‫(صلى الله عليه وسلم) وسلموا عليه وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر‬ ‫(رضي الله عنهما) وسألوه الشفاعة لذنبهم وصلوا في الروضة عند‬ ‫الاسطوانة المحلقة على يمين المحراب‪ ،‬والمدينة قبلتها الكعبة من جهة‬ ‫سهيل‪ ،‬وفي اليوم الثاني صلوا بحذاء المنبر ثم قصدوا إلى البقيع يزورون‬ ‫قبور آل النبي وأصحابه وولده إبراهيم‪ ،‬وفي اليوم الثالث قصدوا إلى‬ ‫مسجد قباء الذي فيه محرابان للقبلتين وتوضاوا من بئر ميمون التي تمر‬ ‫أنهار المدينة داخلها وعقدوا للزيارة ورجعوا إلى مسجد رسول الله (صلى‬ ‫‏(‪ )١‬الحديث موضوع ذكره ابن الجوزي في الموضوعات‪.‬‬ ‫(؟) سورة التوبة ‪ :‬‏‪.١٢١٠‬‬ ‫‪١٢‬‬ ‫الله عليه وسلم) ‪.‬‬ ‫ثم تاب الرجل الثالث في ذلك اليوم وأقر بذنبه وفعله مع أصحابه‬ ‫وذكر المراة التي في أخرجها عن بعلها وجامعها قبل أن يتزوج بها فأمره‬ ‫صاحبه الزاهد أن يطلقها بالثلاث؛ لأنها لا تحل له مع إقراره ولا يرثها إن‬ ‫ماتت قبله‪ ،‬فطلقها وأشهد على ذلك وأرخ في الدفاتر في اليوم والساعة‬ ‫وأوصى بما عليه من الضمانات‪ 0‬وحسبوا زكاة النقد والتجارة فأخذوا‬ ‫منها ربع عشرها وفرقوها للفقراء والمساكين‪ ،‬ثم قصدوا إلى نهري‬ ‫المدينة أحدهما مر فاغتسلوا منه والآخر حلو فشربوا منه لعلم الاسم‬ ‫الرزتا‪ ،‬وأقاموا بالمدينة سبعة أيام‪ ،‬ثم وادعوا قبر النبي (صلى الله عليه‬ ‫وسلم) ورجعوا إلى جدة‪ ،‬ثم تحصلوا في الفلك فهبت عليهم ريح طيبة‬ ‫وأخبرهم عالم البحر في سيرهم وقياسه بالشيشة والزيج ويعتبره‬ ‫بالدقايق والدرجات والساعات‘ والزام والديرة يستدل بها في السير‬ ‫وتعرف منها القبلة للصلاة ولا تدور بدوار الفلك وعلى الفلك ركبت‬ ‫ويعرف منها المطلع والمغرب وسهيل والجاه وصلاة الجماعة في السفينة‬ ‫إذا لم يقدروا على الصف كلهم فكل في مجلسه يصلي ويعقد صلاته بصلاة‬ ‫الإمام إن كان نانما مضطجعا أو قاعدا أو قانما وإن أحرموا على القبلة‬ ‫ودارت السفينة من بعد فصلاتهم تامة والذ ي تصيبه دوخة في البحر ولم‬ ‫يقدر على وضونه بالماء ولا وجد ترابا يتيمم به فيومئ بكفيه في الهواء‬ ‫ودين الله يسر ‪.‬‬ ‫وسئل عن دم الدماميل وتسمى الحبون هو نجس أم لا؟ قال‪ :‬هو‬ ‫مستبين حكمه طاهر‪.‬‬ ‫ودواء الدماميل ‪ :‬يؤخذ متقالات غير مستعمل ومتقالا جوزبوة‬ ‫ومثقالا سكر مصلول‘ ويسحق الجميع سحقا ناعما ويشرب منه كل يوم‬ ‫مثقالان بالماء قدر جرعة ماء أو جرعتين ثلاثة أيام يفعل ذلك والدماميل‬ ‫التي ظهرت في الجنب فيؤخذ البربهوا ويجعل في الخل ساعة ثم يجعلهما‬ ‫على الحبون©‪ 6‬وإن كانت الدماميل تخشن فيجعل عليه دقيق البر أو دقيق‬ ‫الحلبة يعجنه بالحل ( السليط ) ثم يجعله في الدماميلؤ فإذا ونضج يجعل‬ ‫عليه بنت الذهب والخل فيكشفه وكل أخبر بفن علمه‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فلما نزلوا بندر مسقط وجدوا الجماميل مقبلين إليهم‬ ‫وسالوهم عن أوطانهم وأصحابهم وأولادهم فأاجابوهم بأخبارهم وتقاطعوا‬ ‫على الكراء وثوروا يجدون في السير بالفرح والاستبشار بالوطن وسلامة‬ ‫الأنفس‪.‬‬ ‫وبعد مرحلتين فتحت النفس للشيطان بابها فدخل عليها‪ .‬ووسوس‬ ‫في قلب الرجلين التانبين وكل أحد منهما تذكر في قلبه أولاده والنسوة في‬ ‫بيته بتبشيره لهم بالتوبة حتى يصح لهم الافتراق مع الأفراح فاحال‬ ‫الشيطان في قلوبهما وصنع كل واحد منهما سما لصاحبيه في شيء من‬ ‫الطعام؛ وهم لا علم لهم بما يصنعه الآخر وظن أنه يفوز وتموت أخبارهم‬ ‫التي صنعوها في سفرهم وعند الغداء قربوا الطعام فأكلوه وماتوا من‬ ‫ساعتهم‪ .‬فمنهم مات شقيا رهينا بمعصية ومنهم مات سعيداً‘ وعسى أن‬ ‫يكون مقبولا عمله وأصحاب القافلة رجعوا من الفلاة رادين الجمال‬ ‫فنظروا إلى أصحابهم موتى فتربوهم وصلوا عليهم ودفنوهم وأخبروا‬ ‫أصحابهم بموتهم لما وصلوا بهلا‪.‬‬ ‫فاهل الأموات رابهم الخمر فوصلوا عند أميرهم وأخبروه بقول‬ ‫القافلة فارسل الأمير رجلا من أصحابه إلى أكابر القافلة أن يصلوا معه‬ ‫فلما أخبرهم الرسول أقبلوا مع الأمير وسألهم عن أصحابه المسافرين‬ ‫فقصوا ما نظروه فظن الأمير أنهم قتلوهم بالطمع الذي حملوه فأمربهم‬ ‫إلى السسجن‪ ،‬وعمل أصحابهم بتحصيلهم وأقبلوا من فرقانهم فتشاجروا هم‬ ‫والأمير حتى وقع التنازع والشقاق فنادى الأمير في أصحابه حتى‬ ‫يحضروا في مجلسه لقوة عزه‘ فلما حضروا عنده قص عليهم بما سمعه‬ ‫من القافلة فاجابه رجل كاهن من أصحابه وقال‪ :‬أيها الأمير لا تتعجل في‬ ‫الأمور فإن الحوادث لها طرق شتى فارسل رجلا من أصحابك يصل عند‬ ‫فلان الفقير يأتيه إليك فإنه يكشف لك الباطن الخفي في هذه الساعة‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫فدبر إليه وأتى به فقال الكاهن للفقير أظهر لنا ما عندك من العلم‬ ‫والمعرفة قبل وقوع الفتنة فلما سمع كلامه بمحضر الناس أبى ونفى العلم‬ ‫الذي عنده فقال له‪ :‬إن لم تجبنا وإلا أادخلناك السجن‪ ،‬قال‪ :‬فأجابه بالطاعة‬ ‫فصرع رجلا‪ ،‬وكتب في كفه اليمين ‪ « :‬ق والفرزآن الجيد » (') ‪ 0‬وفي‬ ‫أظفاره ‪ « :‬وتوهم إنهم سَّنئولون » <) { وقرا عليه سورة يس إلى قوله‬ ‫محضرون ثم ذكر الملك الموكل باليوم والملك السفلي وسأله أن يسخر له‬ ‫أحد من خدمه وقرأ ‪ « :‬إن كانت إنا صَيْحَة واحد فإذا هم جميع لةيتا‬ ‫مُحضَرون » () ‪ 0‬وإلى هذا المجلس الجالس بين يدي صارعون‘ وعلى‬ ‫لسانه ناطقون‪ ،‬ولمطلوبي مبينون‪ ،‬فكرر القراءة ثلاثة أشراف وانصرع‬ ‫الرجل فسلم عليهم فأجابه الصارع حاجتنا لتخبرنا عن أصحابنا الثلاثة‬ ‫المسافرين وبالذي جرى عليهم في سفرهم‪.‬‬ ‫فقال له‪ :‬هذا الأمر ثقيل وفي الحكم لا يصح قولي معكم فإن كان‬ ‫أميركم يعاهدني ليصنع ما أقوله‪ ،‬فلما سمع الأمير كلامه ناظر أصحابه‬ ‫‏(‪ )١‬سورة ق ‪ :‬‏‪. ١‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الصافات‪. ٢٤ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة يس‪. ٥٣ : ‎‬‬ ‫فجوابهم لا يجوز لك تدخله في الحكم على المسلمين فاراد الانصراف‬ ‫الجني‪.‬‬ ‫إن لم تخبرني بالقصة وإلا فاحرقتك بشواظ‬ ‫فقال له الذي صرعه‪:‬‬ ‫من نار ونحاسس‪ ،‬فقال الجني‪ :‬أنت فقير تقدر أن تعمل في هذه الأخبار‪.‬‬ ‫ولكن أميرك أنا أبين له القصة ولكم الصلاح في إظهار سرها ويعاهدني‪.‬‬ ‫قال فعاهده الأمير ثم أمره أن تصل عنده شمجة المسافر فلما وصلت إليه‬ ‫أمر بصلبها وجلدها وحد ذلك إلا أن تقر بفعلها الخفي عن الناس فصنع‬ ‫فيها بما قال ونادت على كيف هذه الأحوال أستجير بالله وبالمسلمين‪.‬‬ ‫فقال المصروع‪ :‬يوم القيامة لا ينفع مال ولا بنون والساعة لا نجيرك حتى‬ ‫تقري بما فعلتيه في أول شبابك‘ فقالت‪ :‬اعلم أن المسافر فلان الذي‬ ‫زوجته ابنتي جامعني ومنعت زوجي وحملت منه بهذ الابنة التي زوجته‬ ‫اياها فلما سمعها أمر بتفليتها‪.‬‬ ‫ثم قال للامير‪ :‬أريد تصل عندي زوجة فلان المسافر فحين وصلت‬ ‫أمر بها بصلبها للصلاب والجلد فاستجارت واستغاثنت وبما سألها فيه‬ ‫أقرت أن زوجها المسافر جامعها وهي مع زوجها وأخرجها منه ثم تزوج‬ ‫بها وولدت منه هذه الأولاد فلما أقرت أطلقها‘ ورجعن عن إقرارهن ودرأ‬ ‫عنهن الحد بعد إنكارهن وإن كان في علم الباطن فعلن ذلك فقد جاء قفي‬ ‫الأثر عن أهل العلم لا عليهن حد بعد رجوعهن عن إقرارهن في التعزير‪.‬‬ ‫وأما الرجل الذي أقر أنه زنا بشمجة امراته وفارق امرأته بالثلاث وهي لم‬ ‫تعلم بالطلاق حتى مات‘ فعليها إن تعتد منه عدة المتوفى عنها زوجها‬ ‫أربعة أشهر وعشرة أيام ولها الصداق والميراث‘ وإقرار أمها وزوجها‬ ‫ليس هو حجة عليها بذهاب صداقها وإرثها‪ ،‬أرايت لو أنها أتت له باولاد‬ ‫وهو في سفره وكان ميتا أو حيا وهي لا علم لها بموته أما يحكم بالأولاد‬ ‫أنهم له‪ .‬وإن كان فيه قول لأول ولد له فاكثر القول أنهم كلهم له والولد‬ ‫للفراش وللعاهر الحجر وأما الذي أقر أنه زنى بالمرأة ثم بعد ذلك تزوج‬ ‫بها ونسل الأولاد منها فهذه المرأة لا يحل لها الصداق ولا الميراث فيما‬ ‫بينها وبين خالقها‪ ،‬وأما في حكم الظاهر حيث بلغها خبرموته فعليها العدة‬ ‫ولها الصداق والميراث وإقرارها في الصلاب ليس هو حجة عليها ولا‬ ‫بالدفاتر ولا قول المصروعغ ومولانا تعبدنا بالحكم الظاهر‪ ،‬والباطن لله‬ ‫أمره‪ ،‬والأولاد في هاتين المسألتين يرثون آباءهم وأمهاتهم وعصباتهم‬ ‫وأرحامهم‪ ،‬وخذ من قولنا ما وافق الحق وأعرض عن الباطل‘ فقال‬ ‫المصروع للناس هل سمعتم قول المرء بين ‪......‬‬ ‫‪ .........‬في سفرهم فبين لهم قصتهم من أول سفرهم إلى موتهم‬ ‫والقافلة سالمة وانظروا دفاتر أصحابكم ستجدون فيها أخبارهم كلها‬ ‫ومؤرخ قولهم وأماناتهم مكتوب فيها مال فلان وثمنه كذا وكذا وكل ربطة‬ ‫بها علامة‪ .‬وكل وزاده وجميع الذي حملته القافلة ليس فيه قسمة بمكيال‬ ‫ولا بميزان‪ ،‬وأطفا الله الفتنة وجعل سببا أسراره الخفية ‪ .‬وقد عمل بهذا‬ ‫أشياخنا أهل العلم بغير حكم وبعض منهم وقف ‪.‬‬ ‫انظروا أيها الناس في سكان بهلا بما أنعم الله عليهم في فطنتهم‬ ‫واحترازهم لأموالهم وأماناتهم‪ ،‬فهذا جاهلهم الذي أخبرناكم به لا يقدر‬ ‫على عمله عالم من غيرهم ولا زاهد ولا عابد‪ ،‬أما تنظروا إلى الناس بعد‬ ‫(‪ )١‬نقص في الاصل‪. ‎‬‬ ‫موتهم لا بد من حكم في الأموال والحقوق بالذي لهم أو عليهم‪.‬‬ ‫وأهل بلد بهلا جاهلهم وزاهدهم وفقيرهم وغنيهم احترزوا عن‬ ‫مسألة الناس في حياتهم ومماتهم ‪ 4‬وإن قال قانل إن هذا منك محبة‬ ‫وعصبة لهم في إظهار حسناتهم وكتمان سيناتهم{ فجوابه تشهد به الناس‬ ‫دوننا وأمرهم ظاهر بين مثل الشمس المضينة فبيوتهم مسترة‪ .‬وأموالهم‬ ‫وفيه النخيل‬ ‫وسوقهم عند البساتين‬ ‫وبلاد هم مسورة{‪ 0‬ونساؤ هم مخدرة‪.‬‬ ‫معضدة‪ ،‬وفي الجدب مغنية عن الآبار والأنهار وفيها طلع نضيد رزقا‬ ‫للعباد‪.‬‬ ‫وصف سور بهلا وكيفية تمويله عند بنائه ‪:‬‬ ‫والسور المحيط بالماء والبلاد ‪ 0‬وبهلا في زماننا كأنها إرم ذات‬ ‫العماد ‪.‬‬ ‫فإن قلتم بخلاف ما قلناه فقلنا لكم لا نفتري بالكذب‪ ،‬وإنا نتبع ولا‬ ‫نبتدع؛ فهذا الجواب من الأثر عن صاحب مؤلف كتاب منهاج العدل قال‪:‬‬ ‫مكتوب في أربع نسخ ونقلته من جواب الفقيه القاضي عبدالله بن عمر بن‬ ‫زياد وهو هذا في معرفة السنة الإسلامية المدروكة في بناء سور بهلا‬ ‫الخارج المحيط بالبلد إذا نقصت غلة أمواله عن بنائه‪.‬‬ ‫اعلم أنه من حد باب البلد الأسفل المسمى باب بادي وهو الغرفة‬ ‫التي على الباب كلها من حد جدار المسمى السحمة{ فمن هنالك مشرق‬ ‫إلى الشسرجة التي فيها المثاعيب‪ ،‬وهي شرجة السوق فذلك بناؤه على فلج‬ ‫مقين‪ ،‬الأسفل كل على قدر مانه منه‘ وحده الشرقي هو الشرجة كلها‪.‬‬ ‫ومن حد الشرجة من جانبها الشرقي هابط هو على فلج ميثا كل على قدر‬ ‫مانه من الفلجؤ إلى أن يدور في الجانب الشرقي من البلد صاعدا إلى نقب‬ ‫حرموت الذي سهيلي ولجة المشايخ‪ ،‬فذلك كله على فلج ميثاى ومن ولجة‬ ‫المشايخ طالع هو بناؤه على فلج المحدث‘ كل على قدر مانه منه إلى أن‬ ‫ينتهي إلى طوي العقبة الداخلة{ فهنالك الجامود في القطعة الشرقية‬ ‫النعشية من طوي العقبة شرقي مثاعيب الشرجة من قبل حارة الغاف فذلك‬ ‫على فلج المحدث كله‪ .‬ومن ذلك الجامود صاعدا‪ 6‬فبناؤه على فلج‬ ‫الضبوبؤ والذطوي الداخلة في السور إلى حد باب الشرع على الأطوي‪،‬‬ ‫وغرفة باب الشرع منه على الأاطوي الثلث وعلى فلج الضبوب التلثان۔‬ ‫وكل مال من هذه الأموال والأطوي المطابقة للسور أو المواجهة له‪ ،‬ولو‬ ‫قطع بينها وبينه طريق أو بيت أو جبل فطين السور وطفاله عليها لبناه‬ ‫على ما أدركناه في السنة الإسلاميةش ومن باب الشرع وهي الغرفة التي‬ ‫على الباب صاعد ومغربا إلى برج حشاش الذي عند المفرش المقابل‬ ‫للوادي فبناء جميع ذلك على أموال الخرزص« وهي الأموال التي خلف‬ ‫وادي الشرع مع الأموال المسميات السحابيات حده السور الخصلي الذي‬ ‫عند طرف حارة الخطوة{ ومن برج حشاش المقدم ذكره وهو الجانب‬ ‫الغربي من البلد المقابل للوادي إلى باب بادي‘ وهو آخر المال المسمى‬ ‫السحمة فبناء جميع ذلك من السور على جميع الأموال الداخلة التي تليه‬ ‫المطابقة له‪ .‬وطينه وطفاله عليهاؤ إذ ليس له مال متقدم لبنانه‪ .‬وذلك لا‬ ‫ينكره منكر ولا يغيره مغير إلى يوم القيامة إن شاء الله{ إلا المال الخارج‬ ‫خلف السور نعشي نقب الصبيحة{ فإن عليه بناء شيء من السور المقابلة‬ ‫له من جانبه السهيلي الشرقي؛ لأنه من داخل السور مقابل للمال المذكور‬ ‫هنالك شرجة وطريق قاطع عن المال الشرقي وهو معروف بينهم إلى أن‬ ‫‪١١٠‬‬ ‫ينتهي المال الداخل نعشي نقب الصبيخة المطابق للسور‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬ ‫ومنه فصل وجدته ونقلته من خط القاضي عبدالله بن عمر بن زياد‬ ‫مكتوب أنه وجده بخط الفقيه ورد بن يمان بن محمد قسمة الأطوي لسور‬ ‫ألفان‪،‬‬ ‫بهلا سور الضبوب قسمة النفايس ستة آلاف المسنور العليا‬ ‫طوي‬ ‫المسنور السفلى ألفان‪ 0‬المرمادة خمسمائنة{ قسمة طوي يمان ألف‪،‬‬ ‫ألفان‪،‬‬ ‫زياد ألف وخمسمانة‪ .‬طوي العقبة ألف وخمسمائة‪ .‬طوي الجمة‬ ‫طوي‬ ‫طوي اللثبة ألف وخمسمائة‪ .‬طوي أم غيلان العليا ألف وخمسمانة؛‬ ‫طوي‬ ‫أم غيلان السفلى ألف وخمسمائة‪ .‬قسمة طوي بني حمد ألفان‬ ‫الصفار ألفان‘ المتنزف العليا ألفان© المنزف السفلى ألفان‪ 0‬طوي المتبة‬ ‫ألفان وخمسمانة وحالها من منزفة بن عبدالله بن علي مائتين‪ .‬قسمة‬ ‫طوي فهيدن الخطط ألفان‘ خطط ابن عطاف ألفان‪ 0‬طوي المروان ألفان‪،‬‬ ‫طوي الحارة ألفان طوي الحارة السفلى ألفان‪ ،‬وحالها من قسمة طوي‬ ‫يمان سبعمانة قسمة الصبخة صبخة الخميسي ألفان وخمسمانة‘ سبخ‬ ‫الحميدي ألفان وخمسمانة‪ .‬المنيفة منجورين كل منجور ألف وخمسمائة‬ ‫كثيبة أحمد بن سعيد ألفين وأزالها من طوي يمان مانة‪ ،‬ومن المزنجي‬ ‫ثلاثمائة‪ .‬ومن منزف بن حبيب مائتان وثلاثة وثلاثون وثلث‪ ،‬ومن منزفة‬ ‫ابن عبدالله بن علي ثلاتة وثلاثنون‪ ،‬ومن منزفة بن حمد ثلاثون وثلثث‪،‬‬ ‫المزنجي ألفان‘ وحضير ابن هلال ألف‘ وكثيبة بن راشد بن ورد ألفان‪.‬‬ ‫والبقيعة بن حمسعيد ألف © والبقيعة المبدوة ألف وخمسمائة‪ .‬وحضر ابن‬ ‫أحمد بن مفرج ألفان وخمسمائة‪ .‬ومنزفة بن عبدالله بن علي مانتان‬ ‫وثلاثة وثلاتون وثلث‘ منزفة بن حمد أحمد مائتان وثلاثة وثلاثون‪ ،‬منزفة‬ ‫ابن حبيب مانتان وثلاثة وثلاثون وثلث الجملة اثنان وستون ألف‬ ‫‪١١١‬‬ ‫وثلاثمانة عليهن ثلث الجدار الذي من طوي العقبة سهيلي شرجة الغاف‬ ‫والجامود على رأس الضفر الذي على الشرجة إلى باب الشرع جملة‬ ‫الأطوي أربعين ‪.‬‬ ‫معرفة قسمة أموال السور من بهلا على ما سمعناه في الشهرة‬ ‫بستان حارة الجبل العليا نصفه لسور السفالة والنصف الآخر سور‬ ‫المحدث وهو سدس جملة المال بقي ثلث المال يقسم من تسعة عشر‬ ‫سهما منها خمسة عشر سهما لسور الضبوب من الحد الذي في طوي‬ ‫العقبة إلى باب الشرع الذي على الأطوي ومنها أربعة أسهم لسور‬ ‫الحرص هذا ما سمعته من الإمام العدل بركات بن محمد مما سمعه من‬ ‫الفقيه ورد بن يمان في قسمة هذا المال المسمى الحصر لسور المحدث‬ ‫خاصة المال المسمى حاجر الشريعي نصفه لسور المحدث ونصفه لفلج‬ ‫المحدث لصلاح الفلج الشيبانية نصفه لسور السفالة ونصفه لمساجد‬ ‫العباد المال المسمى جفار اللحمة والمسمى قطعة روية لسور الحرص‪.‬‬ ‫حفرة حارة صالح لسور السفالة‪ .‬جفرة الرحى نصفها لسور‬ ‫السفالة ونصفها لمسجد الجامع بستان المر بالسور السفالة قويض به‬ ‫المال المسمى الحايط‘ حفرة المنتج لسور السفالة‪ ،‬بستان الرعلة مع‬ ‫البيت الذي عنده نصفهما لسور السفالة ونصفهما للمسجدين المسجد‬ ‫الجامع ومسجد معد بينهما نصفان لكل مسجد ربع أجيل جلبة عبيدة‬ ‫لسور السفالة{ الجلاليب نصفه لسور السفالة ونصفه لمسجد معد‪.‬‬ ‫الفشقين لسور السفالة هبة لسور السفالة؛ جيل مباركة لسور السفالةء‬ ‫قطع الحبط كلها للسور وهن أربع قطعات هن لسور السفالة ‪ .‬قطعة جلبة‬ ‫أبي عمر التي من وصية مهرة بنت مغول بن مكرم لسور السفالة ‪ 0‬جلبة‬ ‫‪١١٢‬‬ ‫الحارة لسور السفالة‪ ،‬السبخة السفلى نصفه لسور السفالة ونصفه لسور‬ ‫العقر؛ السبخة العليا التي من وصية محمد بن سعيد بن خليل العبري‬ ‫أوصى بها لسور بهلا المحيط بالدار والمندار بالعقر من العلاية والسفالة‬ ‫سوى الحصن فقد جعله لعمار ما سمينا أصلا مؤبد زيادة على مال السور‬ ‫ومن تبعات لزمته لله تعالى هذا اللفظ نقلته من وصية بخط الفقيه محمد‬ ‫ابن أحمد بن أبي غسان المال المسمى جفرة باب المراغة لسور العقر‬ ‫خاصة ‘ المال المسمى الحدقة لسور الحرص قويض به المال المسمى‬ ‫خندق طوي منبه الذي شرقي طوي التورية ‪ }.‬المال المسمى اللثيبات ثلثاه‬ ‫لسور المنيفة وهو سور الضبوب الشرقي وثلثه لسور الحرص ‪.‬‬ ‫حفرة الويوي لسور الحرص رسة شرمة الخطوة لسور‬ ‫الحدرصس المال المسمى الحرص ثلثاه للفقراء وسدسه لسور السفالة‬ ‫وسدسه للمسجد الجامع جفرة العبيد لسور الحرص ونصف طوي شعثم‬ ‫التي بمغيوة السهيلية الشرقية لسور السفالة وطوي جماح سهيلي خبة‬ ‫القرن صار بديلها بالقياض من المال المسمى السبخة لسور السفالة وهي‬ ‫المحدوث فيها البيران‪ 0‬جفرة الدردور لسور المحدث ‘ وأرض العوينة عند‬ ‫الغرفة لسور الضبوب‪ ،‬معرفة النخل النتور التي لسور السقالة نقال عند‬ ‫بيت الصارخي على ساقية السفالة نعي جبل فريحوه سهيلي القنطرة‪.‬‬ ‫نفال عاضد القدر عند مسجد السوقمة‘ سيدي عاضد القدر عاضد‬ ‫الهليليات على الساقية الكبيرة نعني مسجد ورد المسمى عاضد مصلى‬ ‫الهرموزي ‪ 0‬عاضد الصارة طرف الداخلة من الجانب الغربي ‪ 0‬ونخلة في‬ ‫العاضد الغربي مقابل لهذا العاضد في وجين الساقية الغربي شرقي‬ ‫لتيزبات‘ عاضد السبيخة‪ .‬نغالتين عند الغزيلي وموضع نخلتين المغازي‬ ‫مخلف خلف بن عبدالله بن خلف الدباغ وهما فرضان‘ وموضع مفسل‬ ‫‪١١٢٣‬‬ ‫نخلة‪ .‬وبرشي في البحازج مخلف أحمد بن قاسم بن عمر الخفيري صدر‬ ‫المال شرقي الساقية الجايز الكبيرة نصفه لسور العقر ونصفه لسور‬ ‫السفالة‪ .‬وفرض في السهيلة في مال مخلف عمر بن راشد صدر المال‬ ‫على فلج ميثا! وفرض في السمدية من وصية كاملة بنت عمر بن راشد‬ ‫صدر مالها على فلج ميثا‘ وبرشي عند حاجر بن مادود الخارج خلف‬ ‫السور عند مطراح الماء لم نعرفه لأي موضع من السور لا نعلم أنه لسور‬ ‫السفالة ولا العلاية‪ ،‬والله أعلم ونخلة في الضحياينة مخلف شعثم عن‬ ‫قول جمعة ابن عمر بن ربيعة في هذه النخلة وجيل حارة الجبل مما‬ ‫أوصى به راشد بن رمضان الضوياني مما اشتراه من حرمل بن أبي راشد‬ ‫والوصية بخطي كتبه عمر بن سعيد بن عبد الله بن سعيد بن عمر بن‬ ‫أحمد بن أبي علي بن معد بن عمر بن أحمد بن معد بن أحمد بن زياد بن‬ ‫موسى‪.‬‬ ‫قال ذو الغبرا ‪ :‬سألت صاحبي عن فلج الجزيين لم يذكر في هذه‬ ‫النسنخة؟ فجوابه خدم بعد تأثيرهم‪ ،‬قال‪ :‬سألت عن الأفلاج الميتة وفيها‬ ‫أثر العمارة كالظاهرة وودي القري والباطنة وليست لأحد أيجوز لأحد أن‬ ‫يخرجها ويزرعها ويفسل فيها فسلاً من غني أو فقير أم يجوز للفقير من‬ ‫دون الغني ؟‬ ‫فالجواب ‪ :‬أن الفقير جائز له أن يخرجها ويزرعها‪ ،‬وجائز للغفي‬ ‫أن ياخذ مما في يدي الفقير ويداينه ويستوفي دينه من زرعها‪ ،‬فهذا القول‬ ‫الذي عليه العمل‪.‬‬ ‫وقول آخر ‪ :‬أن الفلج لقطة هو لمن لقطه ولا يخرج من يده‪ .‬وقد‬ ‫عمل الشيخ أحمد ابن مفرج وهو شيخ الإسلام في فلج الجزيين من بهلا‬ ‫أخرجه بنو راشد بن ورد وجعلوه زيادة على فلج ضبوب وخلطوه عليه‪.‬‬ ‫‪١١٤‬‬ ‫وهو قائم بعينه إلى الآنؤ ولم ينكره الشيخ رحمة الله عليه‪.‬‬ ‫ومن جواب الشيخ أحمد بن محمد بن علي بن عبد الباقي (رحمه‬ ‫الله) وكان من علماء زمانه والقدوة في أوانه وقد سأله محمد بن عبدالله‬ ‫ابن أبي يمان عن فلج وجدوه بقرية بهلا من علو البلد وهو المسمى الآن‬ ‫فلج الجزيين وكان قد عارضهم من ينسب إلى الفقه وشككه عليهم‬ ‫فأجابهم بإجازته وبإخراجه وتمليكه لمن أخرجه دون غيره { قال ‪ :‬وجدت‬ ‫مسألة إن لم تكف أمواله السور ‪ ،‬فبناؤه على الأفلاج كل فلج بناء ما يليه‬ ‫من السور على قدر الماء القليل بقلته والكثير بكثرته إلا الغربي من باب‬ ‫بادي إلى المفرش أن بناه على الأموال التي تليه كل عليه أن يبني مما يلي‬ ‫ماله ‪,‬‬ ‫وعدد أبوابه الجوامع سبعة‪ .‬والصغار ستة‪ .‬وعدد غرف أبوابه‬ ‫ومحارصه وبروجه مائة برج واثنين وثلاثين برجا ‪.‬‬ ‫وأخبرني الثقة سليمان بن عامر العبري في جملة خطى السور‪.‬‬ ‫أربعة عشر ألف خطوة وأربعمانة خطوة وسبعون خطوة‪ ،‬وعمد اثنان‬ ‫أحدهما معليا قصد من باب مسجد ميثا والثاني قصد مسفلا والتقيا على‬ ‫حارة الضرح المهدومة‘ وأخذ من الوقت من طلوع الشمس إلى الظل‬ ‫خمسة أقدام في فصل الخريف مع انتصاف الليل والنهار‪ .‬ولاحول ولا قوة‬ ‫إلا بالله العلي العظيم ‪.‬‬ ‫‪١١٥‬‬ ‫الذكرالسابع والثلاثون ‪:‬‬ ‫فيه صفات أبناء الدنيا وأبناء الآخرة‪ .‬وفيه ذكر الرجل‬ ‫الذي طلب المرأة الحسناء فبلغه الله إياها‬ ‫قال ذو الغبراء‪ :‬سمعت صاحبي يقول أيها الناس اتقوا الله فإنكم‬ ‫أموات‪ ،‬ومحاسبون عما كنتم تعملون وعليكم ملائكة الله شهداء‪ ،‬وتشهد‬ ‫عليكم سمعكم وأبصاركم وجلودكم فحينئذ لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى‬ ‫الله بقلب سليم‪ ،‬وعليكم باعمال الحسنات وترك السينات‘ والاجتهاد في‬ ‫اللوازم في كل ساعة لأن اللسان والسمع والبصر والشم والقبض والمشي‬ ‫والأكل والشرب والنكاح والأمر والنهي والحرث والجهاد والبيع والشراء‬ ‫والسعي والصلاة والصوم والزكاة والصدقة وصلة الذرحام وصحبة‬ ‫الأخيار والتعليم والعلم وكل شيء يعمله الإنسان في دنياه إذا لم يرد به‬ ‫عمله لله فقد أشرك بالله وأحبط الله عمله وإنه ليعمل الإنسان في دنياه‬ ‫عمل أهل النار حتى يكون بينه وبينها ذراعا فيخلص نيته لله وتاب مخلصا‬ ‫فمات من ساعته فإنه يصير من أهل الجنة‪ ،‬وإن اجتهد الإنسان في دنياه‬ ‫في عمل أهل الجنة حتى يكون بينه وبينها ذراعا فغير في شيء مما يهلكه‬ ‫فلينزله الله في جهنم ثم قال‪ :‬اعلموا أن الناس على ثلاثة أصناف فمن‬ ‫الناس من يخرب الدنيا والاخرة؛ ومنهم من يصلح الدنيا ويخرب الآخرة‬ ‫فهؤلاء أبناء الدنياى ومنهم من يتزود من الدنيا لصلاح الآخرة‪ ،‬فأما الذين‬ ‫يخربون الدنيا والآخرة هم الذين يدكمون الأفلاج ويهدمون العمارات‬ ‫ويقتلون الناس ويظلمون المسلمين‘ وأما أبناء الدنيا فهم الذين‬ ‫‪١١٦‬‬ ‫يصلحونها بالأمان والبنيان وحفر الآبار والنهار و غرس النخيل والأشجار‬ ‫وإصلاح المتخاصمين وبناء المساجد والحصون العالية الفاخرة وإصلاح‬ ‫الطرق والماء لها للمارين بالبرك والآبار وإحسان الصنائع واللباس‬ ‫الحسن والكرم للضيف وابن السبيل وحب المدح والشعر والنساء بالنكاح‬ ‫الحلال ونسل الأولاد واجتهدوا في قول الله تعالى ‪ « :‬المقال والبنون زينة‬ ‫الحياة النيا ه (" ‪.‬‬ ‫وأما أبناء الآخرة فاجتهادهم في الدين والتعليم وحرثهم في الدنيا‬ ‫بقدر ما يسد خلتهم ويستروا عورتهم في لباسهم وبيوتهم وماكلهم‬ ‫وشربهم ونكاحهم بقدر لا فيه فخرا و علماؤهم يتلون القرآن ومطالعة‬ ‫الآثار؛ وليس لهم همة إلا في التصنيف والتأليف‪ ،‬فانظر أيها الواقف قيما‬ ‫قلناه فالحالة الذولى هي الموجودة في أكثر الزمان والأعمال بالتقية‪ ،‬وإن‬ ‫وجدت في زمانك أبناء الدنيا فاشكر مولاك فإنك تجد مما يوافقك إصلاح‬ ‫دينك ودنياك‪ .‬وأما المنزلة الثالثة فإنها لا توجد إلا في بعض العصور من‬ ‫القرون مع الأئمة الخلفاء للامة‪ .‬والبايعون لهم هم المجاهدون في سبيل‬ ‫الله ‪ 0‬القاتلون أعداء الله ‪ 0‬المقتدون بسنة رسول الله (صلى الله عليه‬ ‫وسلم) ‪ 0‬البايعون نفوسهم يريدون به رحمة ربهم وشفاعة نبيهم فطوبى‬ ‫لاجتماعهم والويل لمن خالفهم ‪.‬‬ ‫وهاك قصة جامعة لخصال ما قدمناه‘ وقد حكي لنا عن رجل من‬ ‫المسلمين قل ما في يده وخرج من داره بنفسه يتنظر لصلاح حاله ودينه‬ ‫فدخل دارا تجري بها الأنهار مخضرة بالأشجار فسأل عن أميرها فقيل له‬ ‫إنك تجده في مقامه قرب بيته يخدم ضيفه وإنك لتعرفه دون غيره‘ ومن‬ ‫‪. ٤٦‬‬ ‫‪:‬‬ ‫الكهف‪‎‬‬ ‫) ‪ ( ١‬سورة‬ ‫‪١١٧‬‬ ‫خصاله إنه قد وصل إليه رجال من أشرف ناس ودليلهم في الطريق رجل‬ ‫من أصحابه فلما أوصلهم إلى الأمير راح إلى بيته ولا رجع إليهم الدليل‬ ‫واشتغل بتدبيره في ماله فسالوا عنه فلم يروا له نظرا فلما انقضت‬ ‫الزيارة ومشوا إلى دارهم أرسل الأمير بإتيان الدليل فحبسه وأعلمه‬ ‫بتقصيره للناس ولا طابت عليه النفس إلا بوصول خط طيبة النفس من‬ ‫الزانزرين فمشوا قرابه ووصلوا مع الزانرين وأخبروهم بحبس صاحبهم‬ ‫فقتعجبوا من فطنة الأمير فكتبوا جوابا مما يجلوا القلوب ‪......‬‬ ‫‪ .....‬وقربه إلى مجلسه وأتى إليه ما حضر من عيشه وغسل الأمير‬ ‫ايدي ضيفه وسأله عن اسمها وحاله{ وعن داره‪ ،‬وما قصده وكيف‬ ‫إرادتهؤ فأخبره بلسان فصيحة فقال‪ :‬أنا من أبناء السبيل وقل ما في يدي‬ ‫من دقيق وجليل حتى عدم علي الدليل ومنع عني العطاء القليل‪ .‬فقال له‬ ‫الأمير‪ :‬أبشر بالخير والسرور ولك المسرة في جمبع الأمور‪ .‬فقربه أقرب‬ ‫القريب وأنزله منازله وكساه ككسوته وأعطاه من معيشته وزوجه من‬ ‫بنات عمه من أحسن نسانه‘‪ ،‬فما مشى الأمير خطوة ولا أكل لقمة إلا وهو‬ ‫ثانيه‪ ،‬فرأى الدار معمورة{ والمساجد مقيومة‘ والمدارس مملؤة‪.‬‬ ‫والفقراء بيوتهم مستورة‪ .‬فلا سمع أحد يشكو شكية ولا وقعت على أحد‬ ‫زلة ولا ظهرت باجسامهم علةؤ الثمرات متواترة والأسعار مباركة فلم تزل‬ ‫هكذا أفعال أبناء الدنيا حتى نزل بالأمير السقم وأوصى أولاده بالغريب‬ ‫فقال لهم‪ :‬اقتنفوا بسيرتي ولا تخربوا الدنيا فإن خرابها يورث الهموم‬ ‫والأحزان‪ 6‬فأغلق الله لسانه وقضى نحبه فواراه أولاده وأصحابه ورجعوا‬ ‫إلى إقامة العزاء فبدلوا السيرة ومنعوا الغريب العطاء فضاقت عليه البلد‬ ‫‪.‬‬ ‫‏) ‪ ( ١‬نقص في الصل‬ ‫‪١١٨‬‬ ‫وقلت ثمارها‪ .‬ومنع عنهم قطر السماء وصح بينهم الاضطراب والاختلاف‬ ‫حتى وقعت بين الأولاد والأصحاب الفتن وكل منهم تعلق بقوم آخرين حتى‬ ‫خربت عليهم البيوت والأموال فهؤلاء قد خربوا الدنيا والآخرة ‪.‬‬ ‫وأما ما كان من قصة الغريب فقد جلس في المسجد يوما متحيرا‬ ‫من العدم والقلة فرآه رجل وسأله عن حاله فقال‪ :‬أنا جنت إلى هذه البلدة‬ ‫ووجدت الجميل والإحسان والمراعاة من أميرها وأوصى اولاده‬ ‫بمصالحي‘ وبان منهم التقصير والتغيير‪ ،‬فقال له‪ :‬إن الامير قد صلح‬ ‫الدنيا ونجمه ونجمك متفقان فأحبك وأكرمكثڵ والآن أولاده نجومهما‬ ‫ونجمك متضادان ومن تصحي لك أن ترحل عن هذه البلاد فإنها قد تناهت‬ ‫وأراها الآن قد بدأها الانحطاط والنكبات‪ .‬فقال الغريب‪ :‬ليس‬ ‫في السمعة‪.‬‬ ‫معي زاد حتى أبلغ به إلى البلدان‪ 6‬فقال له‪ :‬أنا أزوّدك باحسن زاد ولكن‬ ‫يكون علي عهد منك أن لا تخبر به أحدا‪ ،‬فأعطاه العهد والميثاق فأخبره‬ ‫بسر فاتحة الكتاب وآية الكرسي وأخذ منه كلاما ثانيا أن لا يكتبه لأحد إلا‬ ‫أن يكون سره ما زال حيا بنفسه لا للمكتوب له قعرف الغريب في نفسه أن‬ ‫هذا الرجل هو من أبناء الآخرة‪ .‬فمشى الغريب هو وزوجته يلتمسان‬ ‫الديار حتى وصلا دارا فأول دخولهما في الدار نظرا بستانا به الأنبا‬ ‫والأشجار‪ ،‬فآل نظرهما أن يقيلا في الطريق متظللين تحت الأشجار‪.‬‬ ‫ومبردين قوة الحر وكان ذلك البستان لرجل من أهل اليسار في تلك‬ ‫وهو صاحب قبض شديد فلا يعجبه أحد أن‬ ‫البلدة‪ .‬وقد سكن فيه بنفسه‬ ‫من عنده‪6‬ؤ فجاء صاحب البستان إلى الغريب‬ ‫يقف بقربه لئلا يطمع بشيء‬ ‫الغريب‪ :‬مرحبا بالوجه المليح قد رزقني الله‬ ‫وقلبه من الغيظ لا يتكلم فقال‬ ‫الجنة مأواك‘ وصافحه باحسن تحية وقال‬ ‫لقاك وأحسن بقاك‘ وجعل‬ ‫‪١١١٩‬‬ ‫صاحب البستان‪ :‬مالي أراكما وقفتما في الطريق الجائز ؟‬ ‫فقالا‪ :‬نحن غرباء عربا قد حملنا في صغرنا الأدبا‪ ،‬فسلكنا طريق‬ ‫الأدبا‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬مرحبا بكما وبوصولكما وأنتما أضيافنا وقبضه من يده‬ ‫وأدخله في بستانه وأجبر زوجاته للإتيان المراة فأتين بها‪ ،‬وقرب له‬ ‫الفراش‪ 0‬وجيء من الأشجار والفاكهة تساق فاكلا ما طاب لهما ورحب‬ ‫بهما‪ ،‬وأرادا أن يمشيا فما سمحت لهما نفس صاحب البستان ثم مشى به‬ ‫إلى البساتين الأخرى فقال له‪ :‬في أي بستان تريد مقامك عندنا؟ فقال له‪:‬‬ ‫إن أردتني أقف معك فعلى عهد بيني وبينك‘ فقال له‪ :‬كيف يحب قلبك؟‬ ‫قال‪ :‬أريد منك أن لا تأكل الدهن أنت وأهلك حتى أنظره من قبل أن تاكلوه‬ ‫فعاهده بذلك وأقبلت إليه الخادمة بالدهن فكتب في أوعية الازورد النقية‬ ‫من الصبوغات والفصود سورة الفاتحة وآية الكرسي مفردات الذحرف‬ ‫وقال اللهم اعطف قلوب جميع الحيوانات بسر فاتحة الكتاب وآية الكرسي‬ ‫لصاحب البستان ما زلت أنا في هذه الحياة الدنيا وأعطاها الدهن وجعلوه‬ ‫في الطعام؛ فجميع الآكلين من ذلك الطعام عطف الله قلوبهم بالرأفة‬ ‫الرحمة والمودة لصاحب البستان فجعل يكتب في كل يوم والناس تنعطف‬ ‫عليه من كل مكان وانتهت جميع الأمور والسلطة بيديه‘ واستعف له‬ ‫القريب والبعيد والصديق والخصيم بهذا السر العظيم حتى نزل الألم‬ ‫بالغريب ومات‘ فأقام صاحب البستان بحذاء قبره وترك جميع الملك وما‬ ‫خوله الله من النعم وساق له من ماله لقوته وكسوته فمكث زمانا حتى‬ ‫مات ودفن مع صاحبه فانظر إلى هذا السر قد زال عنه بعد موت الكاتب‬ ‫فصار الأمر خبرا للمتاخرين وعظة للمعتبرين‪.‬‬ ‫قال ذو الغبراء ‪ :‬سمعت صاحبي يقول إن الله خلق آدم من ماء‬ ‫‪١٢٠‬‬ ‫مهين‪ .‬وخلق حواء من أضالع آدم اليسرى ومن هذا فضل الذكر على‬ ‫الأننى وجعل الاعلى وميراثه سهمان وشهادته عن امرأتين وديته عن‬ ‫اثنتين‪ .‬وخصوا بصلاة الجمعة والجماعة والجهاد في سبيل الله وفضائل‬ ‫النساء جعلن في الخدور ولهن الروائح والشهوات لأنه قيل لما جامع آدم‬ ‫حواء وتلذذت بجماعه فقالت له زدني‪ ،‬فلهن من قسمها تسعة وتسعون‬ ‫سهما وللرجال سهم واحد فولدت حواء لآدم مانة وعشرين بطنا كل بطن‬ ‫فيه ذكر وأنتنى‪ ،‬فتزاوج أولادهم وتناسلوا‪ ،‬وأخذ داوود نبي الله مانة‬ ‫امرأة‪ .‬وأخذ ابنه سليمان بن داود ستمانة امرأة‪.‬‬ ‫ومات رسول النه (صلى الله عليه وسلم) عن تسع نساء ‪ .‬وأمته‬ ‫يجوز للرجال أربع زوجات ومن الإماء ما قدروا ليس له حد‘ فاشكروا‬ ‫مولاكم أيها المسلمون أن خصكم الله بالنساء الصالحات لأن امرأة نوح‬ ‫وامرأة لوط قد خانتا أنبياء الله في الدين لا في الأنفس©‪ ،‬ومريم ابنة عمران‬ ‫أحصنت فرجها وامراة فرعون وامرأة العزيز من أهل الجنة فإن وجدت‬ ‫أيها الإندسان من النساء الذي ذكرهن الله في كتابه وهن المسلمات‬ ‫المؤمنات القاتنتات الصادقات الصابرات الخاشعات المتصدقات الصانمات‬ ‫ولفرجوهن حافظات والذاكرت الله الثيبات والذبكار فلا تهمل نفسك‬ ‫وأحصن فرجك وابذل نفسك ومالك إن وجدت سبيلا كمثل هذه النساء ولا‬ ‫تخلو الأرض من أجواد النساء والرجال وعليك بالجد والاجتهاد والسؤال‪.‬‬ ‫وقد حكي لنا عن رجل قرأ هذه الآية ‪ « :‬إن المُنلمين‬ ‫وَالمُنلمات‪ ، )'( » ....‬فقال ‪ :‬كل شيء غال إلا مثل النساء المذكورات في‬ ‫هذه الآية فباع ماله وسافر إلى البلدان ينظر إلى النساء وعمد إلى ضرب‬ ‫‪. ٣٥‬‬ ‫‪:‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الأحزاب‪‎‬‬ ‫‪١٢١‬‬ ‫السهم كما قيل عن رسول النه (صلى الله عليه وسلم) إذا أراد الخروج إلى‬ ‫الجهاد ضرب السهم في نسائه فالذي يطيح معها السهم اخذها في‬ ‫في‬ ‫صحبته‪ .‬وقد عملت أمته بضرب السهم في ‪+‬‬ ‫مواضع في القرآن في زكريا لمريم وفي يونس‪ ،‬ونظرت شيخنا ناصر‬ ‫يضرب السهم في الحلاء كاللحم والسمك والسكر وجميع ما يؤتى للاكل‬ ‫في حضرته ‪.‬‬ ‫وهذا الرجل إذا جاء إلى بلد أخذ بيده الحصى ولم يبق في يده إلا‬ ‫فردا‪ ،‬ففي بعض الأيام سمع دويا وهو مخباطا يخبط به السمر قي الفلاة‪.‬‬ ‫فقصد نحوه فإذا هو بامرأة فلما رأته التفتت وضرب هو السهم فيها فبقي‬ ‫زوجا‪ ،‬ففرح بها وسلم عليها فردت عليه الجواب واراد منها السؤال‬ ‫فقالت له‪ :‬إن النساء لا تكلم الرجال في الفلوات فارحل عني‘ فقال لها‪ :‬إن‬ ‫لي عندك كلاما‪ ،‬فقالت له‪ :‬لا حاجة لي فيك ولا تعيد الكلام إن كنت من‬ ‫الذين أحصنوا فروجهم‪ ،‬فمشى عنها وضرب بالسهم فيها فبقي زوجا‬ ‫فرجع وقال لعل الله يخضع قلبها لي‪ ،‬وقالت له‪ :‬بنس باخلاقك الحسنة لا‬ ‫تسمع الكلام فإن أقبلت إلي أطرحتك في هذه البرية بهذه الأحجار فارحل‬ ‫بنفسك عني سالما‪ ،‬فقال لها‪ :‬لا تتعجلي فأنا رجل مسلم والحمد لله الذي‬ ‫أجمع بيننا وهو القادر على أن يصرف عني وعنك السوء والفحشاء فلا‬ ‫تخافي مني فإني عبد مؤمن تقي نقي من الدنس والعيب وإني أشهد أن لا‬ ‫إله إلا الله وحده لاشريك له وأن محمدا عبده ورسوله أرسله إلى الثقلين‬ ‫وهداهم إلى النجدين فاحيا الله به الإسلام وأخمد به عبادة الأصنام فجعله‬ ‫الله خاتم الأنبياء والمرسلين‪ ،‬وسيد الأولين والآخرين ومن حزبه الأنصار‬ ‫والمهاجرون فاول ابتداء قتالهم وشهداؤهم في بدر مسومون فنصرهم الله‬ ‫على الكفرة الجاحدين فرجع رسول الله وأصحابه إلى المدينة فرحين‬ ‫‪\ ٢٢‬‬ ‫مستبشرين مسرورين ‪ 0‬وقال لأصحابه ‪ " :‬تناكحوا حتى تتناسلوا وإني‬ ‫باهي بكم الأمم يوم القيامة‪ .‬ومن لم تكن له زوجة فاخاف عليه أن يكون‬ ‫من أعوان الشياطين إلا أن يكون له عذر فمن تبعني فليقتف بسيرتي‬ ‫وليعمل بسنتي "" () وسألت امرأة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عما‬ ‫يجب عليها؟ فقال رسول الله‪ ":‬أيّما امرأة صلت خمسها وصامت شهرها‪.‬‬ ‫وأحصنت فرجها وأطاعت بعلها أدخلها الله الجنة وإن المرأة الصالحة‬ ‫والرجل الصالح إذا تناكحا في الدنيا فإن في الجنة هي زوجته" ")‪.‬‬ ‫وأنت أيها المرأة إن كنت من الإنس فاقتفي بسئة النبي الأمي‬ ‫وزوجاته أمهات المؤمنين قد رغبن النساء على الأزواج وتربية الأولاد‬ ‫وفي عمل الأطعمة والكسوة ومهما كان عمله في البيوت وكذلك لبسهن‬ ‫الحلي والزينة مع بعولتهن وأنا تذكر قلبي بهذا‪ ،‬ودافعت شهوتي خانف‬ ‫من عقاب ربي‘ وأحصنت فرجي ورحلت من داري أسأل عن المرأة‬ ‫الصالحة لنفسها مع ربها فلم أجد في سفري هذا وأضرب السهم بالزوج‬ ‫والفرد فلم يظهر لي في السهم في شيء من البلدان إلا عندك وعرفتك‬ ‫عيانا في هذه الفلاة أنك أنت صاحبتي وأنا أضرب السهم الآن بين عينيك‬ ‫ولا مطلع على سرنا أحد إلا ربنا المعبود والملائكة الشهود فضرب السهم‬ ‫فبقي زوجا ثم ضرب ثانية فبقي زوجا وثالثة فبقي زوجا ثم قال لها‪ :‬إن‬ ‫كان ليس لك بعل فلا محالة أنت زوجتي وإن كان لك بعل فعلى يديك‬ ‫أمري‪ ،‬فقالت له‪ :‬أو أنت من العرب؟ فأخبرها باسمه وحسبه‪ .‬فقالت له‪:‬‬ ‫وهل تقدر على المهر؟ قال‪ :‬نعمؤ كم هو؟ قالت‪ :‬علي ألف وتبعاته بوزني‬ ‫فضةا قال‪ :‬نعمؤ فعاهدته وأخبرته باسمها واسم أبيها وأمرته أن يصل إلى‬ ‫‪.‬‬ ‫‪١ / ١‬‬ ‫‪. ٢١ :‬‬ ‫الخفا‪2 ‎‬‬ ‫) ‪ ( ١‬كشف‬ ‫(‪ )٢‬حلية الأولياء‪‎ : ‎‬ج‪. ٣٠٨ . ٦‬‬ ‫‪١٢٢‬‬ ‫الشيخ ولا يسأله عنها‪ .‬فقصد البلد وآوى إلى الشيخ وأقام معه ثلاثة أيام‬ ‫فقال له‪ :‬قد كمل حقنا‪ ،‬وأنا رجل فقير وغريب وقد أعجبتني دارك وأريد‬ ‫أن أسكن في بلدك وأريد أن تشري لي خيمة حتى أكن نفسي عن البرد‬ ‫والحر وثمنها عندي‪ ،‬قال‪ :‬فشرى له خيمة وأقام في البلد ياكل من عنده‪.‬‬ ‫ثم قال للشيخ‪ :‬هل في دارك امرأة فقيرة أمينة لتنكحني إياها؟ قال‬ ‫له‪ :‬أنا في السؤال فسال الشيخ أصحابه ليساعدوه فلم يجدوا له أمينة‬ ‫دون بعل فاجابه قال الغريب‪ :‬قيل لي أن في دارك امرأة أمينة واسمها‬ ‫فلانة بنت فلان‪ 0‬فقال الشيخ‪ :‬اسمع أيها الرجل إن هذه امرأة لا لها رغبة‬ ‫في الرجال وقد خطبناها بأنفسنا وكثير من أصحابنا ولكن أنت قم مع‬ ‫أوليانها‪ .‬قال فتصاحبا فوجدوهم في المسجد بين الصلاتين وأخبرهم‬ ‫الشيخ أن هذا الرجل يريد منكم القرابة من قبل فلانة فما تقولون؟ فقالوا‪:‬‬ ‫إن الأمر إلى المرأة ونحن لا نقول شينا{ فقصدوا جميعا إلى المرأة‪.‬‬ ‫وأعلمها الشيخ أن هذا الرجل يريد منك القربة إن كانت لك رغبة فيه‪.‬‬ ‫فقالت له‪ :‬كثير مما جنتموني وقطعت لكم أن ليس لي رغبة في الأزواج‬ ‫مالكم ما قطعتم الأمر؟ فقال لها‪ :‬هذا رجل غريب وخفنا أن يدخل في قلبه‬ ‫جفاء إن رددناه وأردنا أن يسمع الكلام باذنه تكريما له‪ .‬فقالت له‪ :‬إن‬ ‫الأمر الآن إليك فإن أكرمته فمنك الكرامة والبداية وإن أردت له الجفا‬ ‫بوصولكم بيتي فقد سمعتم قولي‪.‬‬ ‫فقال لاوليانها‪ :‬أزوج هذا الرجل ؟ قالوا‪ :‬نعم‪ .‬فزوجه بها بمحضر‬ ‫أوليانها وأتي إليهم بحقها فقبضوه أوليانها واعطوها حقها ومشى إلى‬ ‫داره‘ وحمل الدراهم الذي من بيع ماله فلما رجع قال للشيخ ولأولياء‬ ‫المرأة‪ :‬أوصلوا إلى البيت‪ .‬فتصاحبوا ودخلوا بيت المرأة فأخذ كيسا فيه‬ ‫‪١٢٤‬‬ ‫مانة محمدية فاعطاه الشيخ ثم أخرج كيسا آخر فيه مانة محمدية فاعطاه‬ ‫الأولياء وصنع قفانا فقبضت المرأة كفة من القفان وجعل في الكفة‬ ‫الأخرى كيسة الفضة والذهب حتى ارتفعت بالمرأة عن الأرض إلى الهواء‬ ‫فردها إلى الأرض فقال‪ :‬هذا لزوجتي من تبعات المهر‪ .‬فقبضت المرأة‬ ‫الذهب والفضة وقالت لهم أشهدوا بأني شريت هذا الزوج بهذه الدراهم‬ ‫والصداق الحاضر وقد دفعتها إليه مهما أراد يجعلها حرفة له ويكون بها‬ ‫مشغول عن ذكر داره فدخل على المرأة{ ونسل منها‪ ،‬وشرى الأموال‬ ‫وبنى البنيان ‪ .‬فهذا دليل على المرأة والرجل أنهم أمناء فألف الله بينهما‬ ‫وصبروا في زمانهما‪ ،‬ومن صبر قدر كما قال ربنا ‪ « :‬إن اللة مع‬ ‫الصابرين ‪. ''( 4‬‬ ‫رن‬ ‫(‪ )١‬سورة الأنفال‪٦١ : ‎‬‬ ‫‪١‬‬ ‫‪٥‬‬ ‫الذكر الثامن والثلاثون ‪:‬‬ ‫في تدبير علم حرب الأعداء وكتمان السر عن الأحياء‬ ‫لقصد بلوغ المنى مع الأعداء والأصفياء والأخلاء‬ ‫قال ذو الغبراء ‪ :‬خلق الله الصنانع والحكمة‪ .‬وجعل لعلمها دليلا‬ ‫فينبغي للمرء إذا طلب شينا فليجتهد مع معلمه ولا ينتقل عنها حتى‬ ‫يحكمها ويحتاج الناس إلى صنعته إن بلغ المطلوب‘ وكل طالب لا محالة‬ ‫أنه بالغ مراده‘ ومن لم يتعلم ولا اقتبس بعقله في ليله ونهاره وإلا فهو‬ ‫من النادمين ‪.‬‬ ‫وقد حكي لنا عن رجل مر على قوم محروبين وسألوه عن حاله‬ ‫وأين إرادته؟ فقال لهم‪ :‬أنا معلم لمن أراد التعليم‪ ،‬فقالوا له ‪ :‬لا حاجة لنا‬ ‫في التعليم! ونحن الآن منشغلون بحرابة الخصيم‪ .‬فمكث في دارهم ثلاثة‬ ‫أيام فقال المعلم للرجل الذي يأتي إليه بالطعام‪ :‬قل لشيخ البلد مراده المعلم‬ ‫المسير إن كان عازة‪ .‬فقال الرجل للشيخ‪ :‬ما حاجة لنا فيه والنفس طيبة‬ ‫عليه{ فجاء إليه مسرعا وأخبره بقول الشيخ‪ .‬فقال المعلم‪ :‬وأين طريق‬ ‫السلامة عن الخصيم؟ فقال الرجل‪ :‬هاهنا‪ ،‬فقال المعلم‪ :‬أعجبتني بلدكم‬ ‫هذه ولكن أصحابها ليس معهم علم بالحرب‪ ،‬وإنها ستدهب عليهم على‬ ‫سيرتهم هذه‪ .‬فقال الرجل‪ :‬والحرب تحتاج إلى علم؟ فقال المعلم‪ :‬كل شيء‬ ‫على الدنيا إن أراد الإنسان الدخول فيه فلا بد من معلم فيه إصلاح دنياه‬ ‫وعلم فيه لإصلاح أخراه وإن لم يتعلم فقد ذهبت عليه الدنيا والآخرة‬ ‫وكيف لا يتعلم الإنسان للحرب وفيه ذهاب الأنفس والأموال! فقال له‪:‬‬ ‫‪١٢٦‬‬ ‫لعلك تعلمني؟ فقال‪ :‬لا فاقة الساعة وإنكم غفلتم عن السؤال عند مقامي‬ ‫معكم‪ .‬فقال له‪ :‬ارجع إلينا وإنك لتعلمنا‪ ،‬فقال‪ :‬مهما طابت النفس لا يمكن‬ ‫الرجوع ولا الوقوف ولكني اعلمك بكلمة واحدة لإصلاح دينكث‪ ،‬اعلم أن‬ ‫المبتدئ بالحرب والساعي إلى الفتنة حقيق بالحرب وقس عليه‪ .‬وأما‬ ‫الكلمة الذي لإصلاح دنياك في الحرب فكن أسدا وقد تم الأمر‪ ،‬ووادعه‪.‬‬ ‫فجعل الرجل يفكر في كلمة الأسد بالليل والنهار حتى فتح الله بابه‬ ‫وقال كن متل الأسد يعني الأسد في الدواب ويكون الإنسان مع أصحابه‬ ‫كالاسد‪ ،‬فعزم على هدم بيته وجعل فيه بيرا ثم جعله برجا مكبوسا يقدر‬ ‫ثلاث قيم(') والباب أعلى الكبس فلما تم بناؤه جعل خندقا عليه حانط به‬ ‫وكن نفسه فيه ويخرج منه يفرس ببلدان خصمه بالليل ويرجع إلى بيته ثم‬ ‫يرصد لهم في الطرق والفلوات فضاق على الخصم الأمر وهم أقوى من‬ ‫أصحابه ففضبوا وجمعوا أصحابهم وجاعوا إلى بلده بالليل فهرب أهل‬ ‫البلد وأصابهم الجراح والقتل فقام الأسد في بيته يضرب القوم يمينا‬ ‫وشمالا قبولا ودبورا فلم يجد القوم بابا للبيت فقصح فيهم الجراح والقتل‬ ‫الكثير وبرحوا في السكك ثم ولوا مدبرين عن البلد فوقف الضرب‬ ‫والشاردون لم يسمعوا حركة فيها فدبروا نساء هم ينظرن البلد وما فيها‬ ‫فما لقين من القوم أحدا إلا قتلى الفريقين فرجعن إليهم بالخبر‪ ،‬فلما دخلوا‬ ‫البلد عرفوا أن صاحبهم أخرجهم من البلد بنفسه فدفنوا قتلاهم وسحبوا‬ ‫قتلى البغاة وقالوا للاسد ‪ :‬إنك أحييت نفوسنا وجاهدت على أموالنا وبيوتنا‬ ‫والآن أمرنا إليك‪ ،‬فقال لهم الأسد‪ :‬كونوا على ما سبق ولكنه أخذ منهم‬ ‫شرطا وعهدا ألا يخرج في صحبتهم للقتال فعذروه‘ فجاء إليهم خصمهم‬ ‫‪.‬‬ ‫جمع فامة‬ ‫‪ :‬قامات‬ ‫‏) ‪ ١ ( ١‬ي‬ ‫‪١٢٧‬‬ ‫بالنهار فخشوا() ودمروا في البلد إلى الليل‪ ،‬ورجعوا إلى بيوتهم‪.‬‬ ‫ثم اقبلوا في اليوم الثاني وفعلوا وخشوا لأنهم أهل قوة ورجعوا‬ ‫بالليل إلى بلدانهم مسرورين‪ .‬وأما ما كان من أصحاب الأسد رجعوا عن‬ ‫العهد وقالوا له لا يجوز عليك أنها تخرب البلد وتقتل الرجال وأنت في‬ ‫برجك وأقبلت إليه النساء تشتمه بالخزي والاستهزاء به‪ .‬فلا همه قول‬ ‫الجميع ولا فتح لهم بابه ولا أجابهم بكتابه‘‪ .‬حتى هدن عليه الليل فخرج‬ ‫من برجه وسار راصدا إلى خصمها فلما أصبح الصباح ورأى الخصم أقبل‬ ‫إليه وإلى البلد فقض الطرف عنهم وهم لا يشعرون به حتى وصلوا البلد‬ ‫وقام الخشي والقتال بينهم فوقف الأسد في الطريق فكلما مر عليه رجل‬ ‫قتله ولاوذه (")‪ ،‬فإن جاء رجل جريح وبصحبته أحد قتلهما جميعا وهكذا‬ ‫فغله إلى الليل‪ ،‬وقتل منهم بقدر اربعين رجلاش فسمع القوم مقبلين إليه‬ ‫وإلى ديارهم فلاذ عنهم ورجع إلى برجه وأما القوم فلما وصلوا إلى‬ ‫ديارهم جاءوا يسألون عن أصحابهم الوالدة تسأل عن ولدها‪ ،‬والمرأة‬ ‫تسأل عن بعلها‪ ،‬والوالد يسأل عن ولده والأخ عن أخيه وكذلك باقي البلد‪،‬‬ ‫فقالوا‪ :‬لا علمنا لهم بقتل ولا موت إلا بعض الجراح في أناس وهم‬ ‫راجعون إلى الديار لعلهم في دار الأمير فلما أصبح الصباح اجتمعوا في‬ ‫دار الأمير وصحت بينهم المذاكرة فقالوا هذه قصة‪ .‬ومشوا بأجمعهم إلى‬ ‫الطريق قإذا هم بالدم كأكباد الإبل فقفروا به فوجدوا أصحابهم أربعين‬ ‫رجلا قتلى‪ ،‬فصاحوا وناحوا وذلوا ودقنوهم ورجعوا إلى ديارهم بخبر‬ ‫أصحابهم‪ ،‬فصاحت النساء بالبكاء فاقبل في النهار إلى تلك البلدان جمالا‬ ‫(‪ )١‬خشوا ‪ .‬أي ‪ :‬قطعوا وتطلق على قطع النخيل عادة‪. ‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫) ‪ ( ٢‬أ ي ‪ :‬خفاه‪‎‬‬ ‫‪١٢٨‬‬ ‫معه ملح فسألهم عن حالهم فأخبروه بما وقع عليهم من القتل والذل وما‬ ‫شروا منه شينا فانتقل إلى بلدانهم فلا أحد شرى منه ملحا فقصد إلى بلد‬ ‫الأسد فقال‪ :‬لعلي أبيع هناك الملح في البلد الظافرة المسرورة فلما وصل‬ ‫عندهم لم يكلمه أحد‪ .‬فقال لهم‪ :‬مالي أراكم مهمومين مغمومين ولا‬ ‫تتكلمون؟ فقالوا‪ :‬ما نظرت ما حل بالبلد وعندنا رجلان مقتولان‬ ‫وجريحان‪.‬‬ ‫فقال لهم‪ :‬ما كفاكم بالذي صح في خصمكم البارحة‪ .‬فقالوا له‪:‬‬ ‫كيف علمك عنهم؟ فقال‪ :‬قتلوا منهم أربعين رجلا في الموضع الفلاني‬ ‫وفيهم مسماي الشيخ فلان وفلان وفلان وفلان وفلان ووجدوهم كدسا‬ ‫واحدا كأنهم اختطفهم شيطان‪ .‬فلما عرفوا الخبر تباشروا بالفرح والخير‬ ‫وشروا الملح‘ وعزوا ونفقضوا ثم قصدوا بالعذر إلى الأسد من كلامهم‬ ‫القبيح السابق فقبل منهم العذر‪ .‬فأما ما كان من أمر الخصيم فقد مشوا‬ ‫عند إحدى الطوائف ليسد الحال بينهم فامتثلوا وصنعوا الصلح وأعطوهم‬ ‫غرم ما ضيعوه من نخيلهم وأشجارهم ودورهم فصارت كلمة الأسد‬ ‫وأصحابه هي العليا وكلمة خصمهم هي السفلى ‪.‬‬ ‫فهذه النبذة التي قلناها فيها دلائل الحرب‘ والخصم لا تبين مذلته‬ ‫إلا إذا كان محصورا لا قدرة له على الخروج من بلدانه في الفلوات‬ ‫والأموال إلا إذا خرجوا جميعا{ وأما إذا كان بينهم ضرابات وغارات تنظره‬ ‫العيون فهذا يصيب الفريقين جميعا فتارة يعلو هذا وينزل الآخر وتارة‬ ‫يعلو الثاني وينزل الأول‪ .‬والحرب بالصبر وبذل الأموال والأنفس في‬ ‫جميع الأمور لذنه قيل لا يأكل اللذات إلا الجسور ولا يدخل الجنات إلا‬ ‫‪١٢٩‬‬ ‫الصبور‪.‬‬ ‫ولا تخف من القتل والجراح في جهاد أعداء الله؛ لأن كثيرآ من‬ ‫الناس من يقتل في نومه في فراشه ومع زوجته وقد رأينا رجلا لا يخرج‬ ‫للجهاد خانف على نفسه فمشى يوما في بستانه فضرب صبي حمامة‬ ‫ولحقت الرجل الرصاصة فقتل‪.‬‬ ‫وكذلك امرأة جلست في مالها فضرب الصبي بتفقه حمامة ولحقت‬ ‫الرصاصة المرأة فماتت‪.‬‬ ‫ورجل آخر طالع في نخلته فجاء ابن عمه وضربه فوق النخلة‬ ‫وانتصف في الصوع الذي هو طالع به‪.‬‬ ‫وآخر لا يخرج إلى القتال قمشى يوما إلى زراعته في بلده ققتله‬ ‫أعداؤه في طريقه إلى حجرته‪.‬‬ ‫وآخر زاهد قصد إلى السوق ققتله رجل من عشيرته‪.‬‬ ‫وآخر في صحبة أصحابه نقع التنفق من عند صاحبه ينقضه فقتل‬ ‫ابن عمه‪.‬‬ ‫ورجل آخر جالس عند أصحابه في مقامهم فقتله ابن عمه بتفق‬ ‫من وراء الجدار‪ ،‬وكثير من الناس أعمارهم تذهب بالقتل الخطا والعمد‬ ‫بغير حرب‪.‬‬ ‫ويلحق هذا النساء والصبيان فلا تجبن عن القتال بسبب رأفتك‬ ‫للجسم‪.‬‬ ‫قال ذو الغبراء‪ :‬حفظت خبرا عن بعض المسلمين أنه قال‪ :‬قلب‬ ‫‪١٣٠‬‬ ‫الإنسان كالمرآة فلا ينظر الإنسان بما في قلبه وإنه لينظره الناس فليفكر‬ ‫الإنسان في كلام الخلق إن كان يراه من النصيحة صلاحا فليسلكه في‬ ‫أمرهؤ ولكنه يحتاج إلى رائحة كالنبات وما شاكله فلا يصح العقد إلا به‪.‬‬ ‫وكذلك الرجل إن كان معه علم أو صنعة أو حكمة فلا تظهر إلا بمفتاح‬ ‫غيره وخاصة في الغضب تخرج القريحة أكثر من الفرح انظر إلى الشاعر‬ ‫إذا قال له انظم أو العالم إذا سنل أجاب‪ ،‬ولو لم يسأله أحد لما ظهر علمه‪.‬‬ ‫وفي بعض الأمور أحسن كتمان السر لأنه حكي لنا عن رجل كتم‬ ‫سره فبلغ الملك وإن خرجت الكلمة من قمه‪ .‬فلا قدرة له في كتمانها‬ ‫وعجز عن المطلوب أو أنه يصيبه الهلاك‪ ،‬فأما في الكتمان ففيه السلامة‬ ‫للمال والنفس كما ذكر لنا عن رجل أراد منه سلطان البلد قرض دراهم‬ ‫فابى الرجل عن القرض فغضب السلطان عليه وضربه الوزير ومن حضر‬ ‫معه من الناس فسلم الدراهم الرجل إلى السلطان بعد الضرب فهم الرجل‬ ‫أن يهرب من البلد فلاقاه رجل من سكان البلد وسأله عن حاله فقال‬ ‫المضروب‪ :‬قد لحقني ما لم ألقه من قبل والساعة راحل التمس مكانا كما‬ ‫قال سيدنا علي بن أبي طالب ‪:‬‬ ‫وجانب الذل إن الذل مجتنبا‬ ‫نقل خيامشك من أرض هان بها‬ ‫لو كانت الأرض مما تنبت الذهبا‬ ‫فالحر لا يرتضي بالذل في بلد‬ ‫من‬ ‫فقال له الرجل ‪ :‬لا تخرج‬ ‫الله أ عز نفسي وأ هلي‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬إن شاء‬ ‫بلاك واصبر فقد لحق الضرب والسجن الأنبياء والأولياء والعلماء وأهلك‬ ‫وعربك ودارك أروفالك من الناس واستمع نصيحتي واخضع نفسك‬ ‫‪.‬‬ ‫‏) ‪ ( ١‬ي ‪ :‬أر أف‬ ‫‪١٣١‬‬ ‫لأمير بلدك ‪ 9‬واستمع لقول الشاعر ‪:‬‬ ‫والحرب طعمان ذا صاب وذا عسل‬ ‫الدهر يومان ذا ثبت وذا زلل‬ ‫للعارفين ولا في نقمة فشل‬ ‫كذا الزمان فما في نعمة بطر‬ ‫قال‪ :‬فامتثل الرجل الأمر ورجع‪ ،‬وهمته نفسه بالخضوع للملك‬ ‫فقصد السلطان فسلم عليه فلم يرة له جوابا فقال‪ :‬سمعت أن الهدية تفرح‬ ‫بها الملوك وأنا‪ ،‬إن شاء الله‪ ،‬أصنع له الهدايا‪ ،‬فقصد إلى السوق فرأى‬ ‫في يد رجل بسرة مزناج فشراها من عنده بسبع غوازي‪١‬ا‪0‬‏ وجاء إلى‬ ‫السلطان فسلم عليه فرد عليه السلام قليلا فأعطاه البسرة لابنه فلما جاء‬ ‫ابن السلطان أعطاه والده البسرة ففرح بها وأراها الناس ووالدته وأكلها‬ ‫من بعدا ثم عزم الرجل في اليوم الثاني ورأى عند رجل جحَة فسأله عن‬ ‫منها فقال له بعباسية على غيبها‪ .‬فقال له‪ :‬أريدها بثلاث محمديات على‬ ‫نقشها وحمرتها فعزم صاحب الجحة ونقشها فطلعت من أحسن موجود‬ ‫فأخذها الرجل وقصد السلطان فسلم عليه وحياه بتحية الملوك وأعطاه‬ ‫الجحَة لولده فلما جاء الولد ووصل إلى أبيه ورة الصباح به ورةوا على‬ ‫الولد الصباح والوزراء والصاكر أعطاه أبوه الجحة فحملها الولد وقصد‬ ‫بها مع والدته فأعطاها الجحة وقام ياكل منها هو ووالدته فأعجبهم طعمها‬ ‫وذخروا منها للسلطان‪ ،‬ثم سار الرجل في اليوم الثالث إلى السوق قرأى‬ ‫كبشا عليه صوف طيب وقصد به السلطان وقال هذا الكبش أعجبني لولدك‬ ‫جاعده فامر به السلطان إلى الولد وقادوه وذبحوه وأكلوا لحمه وعملوا‬ ‫الجاعد فاعجبهم من حسنه ‪.‬‬ ‫`‬ ‫‏) ‪ ( ١‬أ ي ‪ :‬بيسات‬ ‫‪١٣٢‬‬ ‫ثم عمد إلى السوق في اليوم الرابع فرأى تجارا مقبلين إلى السوق‬ ‫وسألهم عن أحسن سلعهم الذي تكون للملوك فأخبروه بثوب عندهم‬ ‫وشراه من عندهم باغلى ثمن وهداه إلى السلطان‪ ،‬فلما أقبل إليه ولده‬ ‫أعطاه إياه الثوب بلفافته فحمله ولد السلطان إلى أمه فكشفته وتعجبت‬ ‫منه لأنها لم تر في زمانها ولا عند أهلها مثله فسألت الملك عن التوب‬ ‫فأخبرها أن رجلا من أصحابنا أهداه إلينا‪ .‬فقالت ونعم بهذه الهدية عوضه‬ ‫بما يريد صاحبها فعمد الملك إلى الرجل وقال له قد أخطأنا فيك سابقا‬ ‫وظهر منك الإحسان إلينا ونريد أن نعوضك على ما تهوى نفسك‘ وتقر‬ ‫عينك فاطلب عندي ما تريد وأحلف لك بالله بكل ما نطقت به تريده فأعطيك‬ ‫إياهؤ فقال له‪ :‬أريد أن تقبل مني كلمة الحق التي تراها بعقلك فيها صلاح‬ ‫لكؤ فقال له‪ :‬لك هذا مني ولكنك كن بقربي عند مجلسي‪ .‬فتقرب الرجل ولم‬ ‫يتكلم بشيء والملك ينظره ويؤنسه فمضت الأيام والأشهر وهو ينظر‬ ‫أمورا‪.‬‬ ‫ففي بعض الأيام دخل الوزير في ماله مال رجل فقير فاحتال لنفسه‬ ‫بالشراء ورشا لكتابة الورقة وشهدوا قربه ولم يعلم صاحبها بالبيع وقشع‬ ‫الحاجز وأعطى الشهود دراهم فعلم صاحب النخيل وجاء إلى السلطان‬ ‫يشكو الوزير فسال السلطان الوزير فأظهر له ورقته ونطقوا الشهود‬ ‫بالبيع فقال السلطان للرجل‪ :‬ليس لك حجة‪ .‬فبكى الرجل فضحك السلطان‬ ‫والوزير والعسكر عليه فقال الرجل الذي أعطى العهد‪ :‬لا تتعجل أيها‬ ‫الامير في أمرك أرسل إلى القاضي يصل عندك وانظره الورقة ‪ .‬فدبر‬ ‫الملك للقاضي وأقبل إليه مسرعا وأعطاه الورقة ‪ .‬فقال القاضي ‪ « :‬إنا لله‬ ‫وإنا إليه راجعون » ‪ 0‬هذه الورقة لا كتبتها ولا علمت بها‪ .‬فغضب‬ ‫‪١٣٢٣‬‬ ‫السلطان على الوزير وقال له‪ :‬أرجع مال الرجل كما كان‪ ،‬وإنك تقودنا‬ ‫على ما تهوى نفسك‪.‬‬ ‫ففرح صاحب المال وأخبر الناس بكلام الرجل ففاح في البلد أنه‬ ‫من الصالحين ففرح المسلمون ونكص الظالمون‪ .‬وكلمة الحق إن نفذها‬ ‫الإنسان مع السلطان كالمتنشحط بدمه في سبيل الله‪ .‬فمكث الرجل يطالع‬ ‫الملك والوزير ينظره بالعدواة حتى وصل إلى السلطان أصحاب القافلة‬ ‫مكسوبين‪0©١‬‏ فقال لهم الوزير‪ :‬أنتم حقيقون بالكسب لأنكم تريدون لنا‬ ‫العار واليوم حر شديد لا نقدر على التلب‪)"١‬‏ والخيل تموت من قوة الحر‬ ‫فأعجبه الملك قول الوزير فقام الرجل وقال ‪ :‬اسمع أيها الملك إن القوافل‬ ‫تسافر في الحر والبرد من سابق الزمان وإن لم يسافروا ويجلبوا الخمتعة‬ ‫فمن أين يصلكم بالذي تريدون في زمانكم وأنت مكنك الله في ارضه وعلى‬ ‫عبيده فمن أين تؤدي شكر مولاك وإن قصرت فيهم وسألك فما جوابك‬ ‫أيحاكم عنك وزيرك؟ فقال الوزير للرجل‪ :‬نحن لا نطيق‪ .‬فقال الرجل‪ :‬من‬ ‫أخذ الفريضة فلا بد له من طاعة الملك ولكن أنت أيها الملك أرسل الخدم‬ ‫يسرجون على الخيل ويكونوا في صحبتي وطاعتي فإني قاصد‪ ،‬إن شاء‬ ‫الله لأسر حالك‪ .‬ثم أمر الملك الخدم أن يكونوا في طاعة الرجل فقصد بهم‬ ‫يقص الأثر ثلاثة أيام بلياليها ففي اليوم الرابع رأى الكاسبين وقال للخدم‬ ‫أحيطوا بهم ولا تضربوهم فاحاطوا بهم وأخذوهم أسارى وأتوا بهم عند‬ ‫الملك وقال‪ :‬أيها الملك الناهبون بين يديك اصنع بهم كيف أردت‪ .‬فقال‬ ‫الوزير‪ :‬أولى أن يقتلوا لأنهم ضارَون للمسلمين ‪.‬‬ ‫فغضب الرجل وقال للوزير‪ :‬لو أردنا قتلهم لما نظرتهم أنت ولكن‬ ‫(‪ )١‬اي ‪ :‬مسلوبين منهوبين‪. ‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬اي ‪ :‬المطلردة واللحاق‪‎‬‬ ‫‪١٢٣٤‬‬ ‫أتيناهم ذليلين خاضعين حتى يعرفوا على نفوسهم أن الملك قادر عليهم‬ ‫وإن عفا عنهم فهو أهل للعفو والناس يدخل في قلوبهم الحب إليه‪.‬‬ ‫فقال الملك‪ :‬قد عفوت عنهم وأمر بقتل الوزير فقتل من ساعته‪.‬‬ ‫فقال الملك للرجل‪ :‬أنت أحق بالوزارة من غيرك ولا أريد لها سواك‪ .‬فقال‬ ‫الرجل‪ :‬إن كنت تريدني فأخرج الذين صاحبوا وزيرك الفاسق الظالم؛‬ ‫لأنهم أعوانه وأنا وإياهم لا نتفق في مجلس فامتثل الملك لقوله ورفق‬ ‫وأقام الرجل مقام الوزير وجعل بقربه من أحبه فحسن السيرة في‬ ‫الملك وفي رعيته‪ ،‬ثم مشى الوزير إلى السوق ورأى في يد الدلال جارية‬ ‫ينادي عليها فاعجبته وقرب منها وقال لها‪ :‬أنا أريدك للملك ولكن على‬ ‫عهد وشرط أن لا تخالفي قولي‪ .‬فعاهدته واشتراها وأخذ ها في صحبته‪.‬‬ ‫وقال للملك‪ :‬أخذت لك هذه الجارية إن كان تعجبك فقال أشهدوا‬ ‫علي أني قبلتها وأني استبرأ رحمها بخمسة وأربعين يوما‪ .‬فلما انقضت‬ ‫الأيام أمرها الوزير بالإحسان لتصنع للملك‘ فدخل عليها ووجدها بكرا‬ ‫ومن أحسن النساء فاختارها عن زوجته فمكث الوزير شهرين من الزمان‬ ‫وأمر جارية الملك أن تمنعه نفسها بالليل فامتنعت عنه فلم ينم الملك في‬ ‫ليلته ويدرجها باللطف حتى تكشف له ما في قلبها وما وجد منها سبيلا‬ ‫فاصبح الملك مع وزيره وأخبره بقصتها ومنعها عنه‪.‬‬ ‫فعمد الوزير إليها وقال لها كوني كما سبق من الإحسان او أزيد‪.‬‬ ‫فاعجبه الملك من وزيره وأصلحت الحال السابق ثم مكث الوزير عنها‬ ‫شهرين وأمرها أن تمنع نفسها عن الملك فامتثلت الذمر فهال على الملك‬ ‫‪١٥‬‬ ‫وأصبح مع الوزير فجاء الوزير مع الجارية وأسرها بكلام وأحضر هما هي‬ ‫والملك فقال اكشفي ما في قلبك للملك‪.‬‬ ‫فقالت لهما‪ :‬أنا أريد البيع وأخاف منكما على نفسي القتل بالسم‬ ‫من امرأتك أيها الملك؛ لأنك استقبلت عندي وتركتها فهذا لا يليق وأسلم‬ ‫هذا الأمر‪ .‬فلما سمعها الملك طلق زوجته بحضرة العسكر بالثلاث تم مات‬ ‫ولد الملك بعدما خرجت أمه بعشرين يوماء فأقبل الملك إلى الجارية‬ ‫وحسنت فيه السيرة وطاب الملك في زمانه والوزير مجتهد في أمر رعيته‬ ‫حتى وصلوا مع الملك من أطراف ملكه يشكون من قوم ينهبون أموالهم‬ ‫ويقتلون رجالهم وهم بداة لا يجدوهم إلا يصلوا غزوة فقال الملك للوزير‪:‬‬ ‫ما الراي؟ قال الوزير‪ :‬ما حضرني جوابا في هذه الساعة ولكن عسى‬ ‫بالليل ننظر أمرا‪ ،‬فلما أصبح الصباح سال الملك الوزير فقال الوزير‪ :‬ما‬ ‫فتح الله لي رأيا وأنت سيدي ما جوابك؟ قال ‪ :‬الجواب بما يحب قلب‬ ‫الوزير‪ .‬قال غدا عسى الله يبين لنا في الليل برهانا‪ ،‬فتمهّل الملك حتى جاء‬ ‫الوزير على الميعاد في البرزة فسأله الملك عن الجواب قال‪ :‬اسمع سيدي‬ ‫لقد تدبرت الأمر في هذه الليلة ووجدت البداة مظفوراً عليهم ومطيعين لك‬ ‫بلا حرب وفكرت في الحساب في تدبير الوزراء والأمراء من بالذي على‬ ‫يديه تسهيل أمرهم فلم أجد منهم أحدا مظفر عليهم فراجعت الحساب لي‬ ‫بنفسي فما وجدت نصرة عليهم ولا يستطيعون لأحد إلا على يديك ولا تسر‬ ‫عليهم بجيش لئلا ينفروا عنك‘ ولكن خذ من العرب بقدر‪ ،‬ومن الدراهم‬ ‫كثر لطريقك لأن الخلق يطمعون في عطائك‪ .‬فامتثل الملك وحضر أكابر‬ ‫قومه‪.‬‬ ‫وقال لهم‪ :‬اسمعوا أيها الناس أردت المسير لهؤلاء البداة الذين‬ ‫طغوا وتمردوا ومن تريدوا أولي عليكم حتى تكونوا له في الطاعة ؟ قالوا‪:‬‬ ‫‪١٣٦‬‬ ‫نحب وزيرك أميرا علينا ‪ .‬فقال ‪ :‬قد وليته عليكم فاستمعوا له وأطيعوه‬ ‫وهو الخليفة فيكم‪ .‬فمشى الملك والقمر بمنزلة الذراع وفي البرج الطالع‬ ‫وزحل في بيت السفر ورب بيت السفر قي بيت الموت‘ ثم كتب الوزير من‬ ‫بعد للبداة ‪:‬‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيم ‪ 0‬من خليفة الملك فلان بن فلان ‪ 0‬إلى‬ ‫أكابر البداة ‪:‬‬ ‫سلام عليكم وبعد ‪ :‬واصل إليكم الملك بشرذمة قليلة في الطريق‬ ‫الفلانية فعجلوا في أمره ومهما قضيتم أمره أوصلوا عندي ولكم ما تسر‬ ‫قلوبكم وتحمل ركابكم والسلام‪ .‬فارسل به أحد من أصحابه وأمره بالحث‬ ‫في الليل والنهار قلما وصل الطارش ا" إلى البداة واستقرأوه صاحوا‬ ‫في فرقانهم("وقصدوا الأمير فقتلوه هو وأصحابه وكتبوا للوزير بسم الله‬ ‫الرحمن الرحيم من كافة البداة إلى الوزير قلان بن قلان وبعد صحت منا‬ ‫خطيئة بقتل الملك فإن كنت تقبل منا الوصول فتحن نصل بأجمعنا واعمل‬ ‫فينا ماشنت من القتل وغيره والمطلوب الجواب بسرعة‪ .‬فلما وصل‬ ‫الوزير الخط صاح باعلى صوته وأخبر الناس بقتل الخمير وقرأ عليهم‬ ‫الكتاب فقال لهم‪ :‬ما يعجبكم في الجواب فقالوا له‪ :‬الأمر إليك ونحن قد‬ ‫رضينا بأامرك ققال لنرد لهم الجواب بالوصول ولنقتلهم عن آخرهم فكتب‬ ‫لهم المراد وصولكم وقد عرفنا جميع أصحابنا أن لا يذروكم ولكنكم إن‬ ‫وصلتم عندي فليس عليكم أمان إلا أن يرحمكم الله‪.‬‬ ‫فطرّش” رجلا فجاءوا إليه وحضر أصحابه كلهم فقال لهم وصل‬ ‫‏(‪ )١‬أي ‪ :‬الرسول ‪.‬‬ ‫(!) جميع فريق وهو الحي ‪.‬‬ ‫‏) ‪ ( ٣‬اي ‪ :‬أرسل ‪.‬‬ ‫‪١٧‬‬ ‫البداة وكل فخيذة تقتل رجلا منهم بكرة‪ .‬فقالوا أصحابه ونحن في الطاعة‬ ‫مهما تأامر‪ ،‬فلما أصبح الصباح قال لأصحابه اسمعوا ايها الناس الليلة هذه‬ ‫ما رقدت أفكر في عواقب أمورنا إن قتلنا هؤلاء البداة فلا يامن منا أحد في‬ ‫القابل ويمكث في الحرب والبلاء حتى تفنى أرواح المسلمين وتذهب‬ ‫الأموال‪ ،‬وإن صح لهم عفو فلكم الأجر فقالوا هذا الراي‪ .‬فقال لهم‪ :‬العفو‬ ‫منكم أكرم حتى يكفوكم شر الأعداء‪ .‬قال‪ :‬فحضر الملك وأصحابه والبداة‬ ‫وقال لقومه هؤلاء البداة قد وصلوا إليكم للقتل فاختاروا لأنفسكم بين العفو‬ ‫وبين القتل‪ .‬فقالوا‪ :‬من وصل عندنا فحرام دمه علينا‪ .‬وقد عفونا عنهم‪.‬‬ ‫فقال البداة‪ :‬ونحن نعاهدكم فكل من عارضكم على الحرب فنحن‬ ‫نكفيكم شرهم وأنتم سالمون من جميع ما كان فطابت عليهم الأنفس‬ ‫وصحت لهم الكرامة من الملك مالا تحمله الركاب وجعل لهم الفرانض‬ ‫المعلومة ومشوا عنه بأمن وأمان فرحين فطاب الملك في ملكه وأمره‬ ‫ونهيه‪ .‬وخطب مطلقة الملك الذول فقالت‪ :‬أنا أريد من يريدني‪ .‬فأخذها‬ ‫وحسن السيرة في الناسؤ ولم يكشف سره إلى مخلوق وصنع على ما‬ ‫تحب نفسه وامتثل لقول الشاعر حيث قال‪:‬‬ ‫فاكتم أمورك عن حافب ومنتعل‬ ‫وإن أردت نجاحا أو بلوغ منئ‬ ‫منهم إليك فإن السم في العسل‬ ‫ولايغقرك من تبدو بشاثتثة‬ ‫قال ‪ :‬فبلغه الله مناه ‏‪ ٠6‬وسامحت له دنياه ‪ 0‬والصلاة والسلام على‬ ‫سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ‪.‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪١٢٨‬‬ ‫الذكر التاسع والثلاثون ‪:‬‬ ‫في فضائل الأنثى على بعض الذكور‪ .‬وفيه مسائل‬ ‫ودلالات وحكايات في تسهيل الامور‬ ‫على الذكر ‪:‬‬ ‫فضائل الأنثر‬ ‫قال ذو الغبراء‪ :‬سمعت عن قوم صلوا صلاة الصبح بالمسجد‬ ‫الجامع وقاموا يذكرون الله حتى أقبلت عليهم امرأة تسأل عن رجل منهم‬ ‫فخرج الرجل إليها وأخبرته أن زوجته تخلصتاا) وأتت إليه بولد ذكر‬ ‫فاعطاها شينا من الدراهم بالبشرى‘ وسألوه الجماعة فأخبرهم أنه حدث‬ ‫له ولد ذكر فهنوه وسألوا مولاهم بركة له في العمر ووقفوا عن التلاوة‬ ‫حتى أشرقت الشمس‪ ،‬وصلوا صلاة الضحى فسأل عن الصلاة أن هذه‬ ‫تذكر شروقا أم ضحى ؟‬ ‫قال‪ :‬تذكر ضحى مهما طلعت الشمس على رؤوس الجبال‪ .‬فلما‬ ‫قضوا صلاتهم أقبلت امرأة أخرى وسألت عن رجل آخر فخرج وقالت له‬ ‫أن عيالك وضعت بابنة ونريد لها دواء وحلبة وسمنا وعسلا ودقيقا‬ ‫فاعطاها مفتاحا فلما سمع قولها أنها أتت له ابنة ظل وجهه مسودا فما‬ ‫صحت له تهننة من أصحابه{ وكان بمحضرهم رجل فلكي ففكر في الفلك‬ ‫نظره فقال الفلكي للجماعة‪ :‬سمعتكم تذكرون التهننة للرجل الذي ولد له‬ ‫الذكر ولو عرفتم أمر الولد مما يقع على أبيه بسببه لقلتم اللهم ارفع‬ ‫الولد‪ .‬وأما الرجل الذي خلقت له أنثى فلو عرف الأمر بما يصح له من‬ ‫‪.‬‬ ‫‏) ‪ ( ١‬أ ي ‪ :‬ولدت‬ ‫‪١٩‬‬ ‫الخير والرفعة لقال إن الأنثى خير من الذكر لأنه قيل عن الغلام الذي قتله‬ ‫الخضر عليه السلام وسأله موسى عن ذلك فقال له ‪ « :‬وَأمًا الغلام ققان‬ ‫أبواه مُومتێن فخثبيتا أن يْرهقهْمَا طغيانا ومقرا (`"ا قارذنا أن يبْدلهْمًَا‬ ‫رَبْهُمَا خێرا مله زكاة واقرب رخما » () ‪ 0‬فعلى ما قيل أنهما أتيا بنات‬ ‫ونسلت تلك البنات مائة وعشرين نبيا‪ .‬وهذا الرجل ابنته مسعودة وطالع‬ ‫برجها مسعود ويتصل برب بيت الآباء والساعة التي ولدت فيها ساعة‬ ‫الزهرة ويوم الجمعة وتتصل بسعد فيجتمع الذحوال في هذه الابنة‬ ‫والسلطان يتزوجها ويمتلئ أباها بسببها من الرزق الواسع وإنه ينال العز‬ ‫والرفعة وتخضع له الخلق‪.‬‬ ‫وأما الرجل الذي ولد له الذكر فقد قرب من الفلكي وقال له‪ :‬كيف‬ ‫رأيت حال ولدي؟ قال رأيته ولد في ساعة المريخ وبيت نفسه فيه زحل‬ ‫ورب بيته يتصل بالشمس من تربيع وبيت الآباء فيه المريخ وتنظر إليه‬ ‫الشمس من مقابلة‪ .‬فيدل على أنه ولد سيعء الأخلاق ‘ وتلحقكما مضرة‬ ‫من السلطان‪ ،‬وعلى سببه يذهب جاهك ومالك وهذه بلدك لا توافقه‬ ‫بينهماؤ نظر في برجه الطالع الذي خلق فيه ولكن من نصحي إليك أن لا‬ ‫تجاوره وأخرجه من البلد واتبع لقول الله تعالى ‪ « :‬إنما أموالكم وَاولاذكم‬ ‫فثنة ‪ ، )( 4‬وقال تعالى ‪ « :‬وَعستى أن تكرهوا شنينا وَهُوَ خير لكم وَعَسنى‬ ‫ان حبوا شنينا وهو شر لكم والله يعلم وانثم لا ئغلسُون » () { فقال أب‬ ‫الولد‪ :‬إن دارنا سلطانها عادل‪ 6‬وثمراتها متواترة ومباركة؛ فقال الفلكي‪:‬‬ ‫‪١ ٤٠‬‬ ‫إن الدار لا تثبت على حالها وتتبدل‪ ،‬وأميرها سيموت‪ ،‬وأراها من بعده‬ ‫يملك فيها رجل ظالم‪ .‬فقال أبو الولد‪ :‬أيثبت في الملك؟ قال‪ :‬لا يثبت إلا‬ ‫بقدر عشر سنين وأنه سيذهب بقتل وقاتله أنت أيها الرجل‪ .‬فلما سمع‬ ‫الكلام أب الولد استهزأ بقول الفلكي أنه سيقتل السلطان وقد عرف نفسه‬ ‫أنه جبان ليس له قدرة على القتال أبد فقال في نفسه‪ :‬هذا الفلكي دهاك‬ ‫كذاب يريد أن ياكل بعلمه وقد غر الناس بفعله وعلمه وأنا لا أستمع لقوله‬ ‫فعمد على حسن تربية ولده‪.‬‬ ‫وأما البركة فقد قلت من ماله ومات سلطان البلد بعد سنة‪ .‬وملك‬ ‫فيها السلطان الجاهل وانتشى الولد حتى قارب البلوغ فبينما هما في‬ ‫بستانهما جلساء دخل عليهما أحد من جند السلطان قد وصف له أن‬ ‫لديهما كبشا ونزل عند السلطان ضيف في أول النهار قبل مراجعة أهل‬ ‫السوق بالاغنام وسألهما الجندي عن الكبش فقال الولد‪ :‬ليس علينا بيعه‪.‬‬ ‫وإنا نطعمه للعيد فلا يحصل‪ .‬قمشى الجندي عنهما وأخبر السلطان‬ ‫بقولهما فأمر السلطان بإتيان الكبش بلا ثمن فأتوه إليه وذبحوه وأطعم‬ ‫ضيفه‘ وفي السنة الثانية أراد السلطان قرض دراهم من عندهما فلم‬ ‫يحصل له شيئا قدبر إليهما‪ ،‬فلما وصلا عنده أمر بسجنهما فمكثا في‬ ‫الجن ثلاثة أيام وسلما له الدراهم‪ ،‬وفي السنة الثالئة أراد السلطان‬ ‫جذوعا عندهما فأبيا فأمر السلطان على الجذاذيع () في نخيلهما‬ ‫فاطرحوها وأخذت عليهما كرها ‪ .‬وأما أب الابنة فكلما دبر السلطان إليه‬ ‫يريد حاجة امتنع وقال لهم‪ :‬قولوا للسلطان يصلح طريقه لأني أراها‬ ‫وعثة‪ .‬فكلما بلغ السلطان جوابه أرسل إليه هدية فازداد في ماله وجاهه‬ ‫(‪ )١‬جمع مجذع الذي يقطع الجذوع والنخيل‪. ‎‬‬ ‫‪١٤١‬‬ ‫مع الناس‘ وأما ما كان من أمور فالسلطان عنده ابنة وله أخ وعنده ابن‬ ‫فأراد الأخ الابنة لابنه مع أخيه فقال السلطان‪ :‬لا أزوج ابنك من نسل أمه‬ ‫فبها عرق من الخدم والعرق دساس وقد نهيتك عن أخذها فلم تنته‪ ،‬والآن‬ ‫لا تذكر هذا الكلام‪ .‬فصح بينهما شقاق وخصام وفرقة كبيرة فجعل الاخ‬ ‫يدحض جميع حجج أخيه السلطان ويقرب إلى نفسه من جفاه السلطان‬ ‫فسمع الولد الذي جفاه الجبار وغرمه وخشى نخيل أبيه فأخبر أباه بفرقة‬ ‫الأخوة فقال الأب لولده‪ :‬لا تدخل نفسك واستمع لقول صاحب المثل إذا‬ ‫نظرت الاختلاف والفتن فكف نفسك ففيها سلامة النفوس‪ .‬فقال الولد‬ ‫لأبيه‪ :‬راحة يوم خير من غم سنة ‪.‬‬ ‫فقرب الولد نفسه مع أخ السلطان فقربه أخ الملك واجتهد كثيرا‬ ‫في الضر حتى صنع برجل قد دبر السلطان ليأتي له حلاء من السوق‬ ‫فقطع له ولد الرجل وضربه وأخذ عليه الحلاء ومشى الرجل يخبر‬ ‫السلطان بما وقع عليه{ فلما سمع السلطان ضاق عليه الأمر ودبر لقاضيه‬ ‫وقص عليه الأمور وما كان من أخيه فأشار عليه القاضي أن يصلح‬ ‫بينهما وأن يزوج ابن أخيه فامتثل السلطان لما حل به الدمار وصلح‬ ‫القاضي بينهما وزوج ابن أخيه ودخل عليها فاستقامت أمور السلطان‬ ‫على ما كانت من قبل{ وكن في قلبه على الذين بانت مضرتهم له وجعل‬ ‫أخاه على الدولؤ وسار الأخ بجيشه فلما مضت ثلاثة أيام دبر السلطان‬ ‫خادما بوصول الولد وأبيه إليه‪ ،‬فلما وصلا إليه قال السلطان للولد‪ :‬قلنا‬ ‫لأخينا من تريد أن يتقرب عندنا ونجعله خليفة في أمورنا على رعيتنا‬ ‫فأشار علي بأنك أنت تحسن لهذه الأمور‪ .‬والآن نريدك فما تقول؟ قال له‪:‬‬ ‫في السمع والطاعة‪ .‬فمشى السلطان إلى منزله وجاء حاملا معتقة وفيها‬ ‫‪١٤٢‬‬ ‫ميلقا ومواسا وقال لوزرانه عوساكره‪ :‬أنا أمشي عنكم إلى البيوت أحستّن‬ ‫الناس (أي ‪ :‬حلاقا) ولكنكم امتثلوا الأمر لولد فلان وهو معكم وسلطاتكم‪.‬‬ ‫فهال عليهم الجواب‪.‬‬ ‫ثم قال الولد‪ :‬أنا خادمك سيدي لا أحمل كما قلت لي‪ .‬فقال‪ :‬أنت‬ ‫حملت أكثر من هذا حتى أخذت حلاني من عند صاحبي وضربته ضربا‬ ‫مؤثرا فاعجبتك فرقتنا حتى تملكنا والساعة اجن ما زرعت ققد حان‬ ‫الحصاد‪ .‬فامر أعوانه أن يجعلوهما في أشد سجن وقرب مسلك الخلق‬ ‫حتى يعرفوا الناس هذا جزاء من أحب وسعى في فرقة الملوك‪ ،‬فجاء رجل‬ ‫إلى السلطان وسمع ضجيج المسجونين فسأل السلطان عن فعلهما فأخبره‬ ‫قال‪ :‬اعلم أيها الملك أن أشد جزاء للناس أن تنفيهم من دارهم وتأخذ ما‬ ‫في يديهم فينزل بهما الهم والغم ويقفا عن الناس فلم تزل في قلوبهما‬ ‫الحسرات‪ .‬فقال السلطان‪ :‬وهذا الرأي الحسن‪ .‬فحاز المال ونفاهما عن‬ ‫البلاد‪ .‬وبقيا حيارى‪.‬‬ ‫فلما خرجا من البلد قال الوالد للولد‪ :‬اعلم يا ولدي أنه فسر قول‬ ‫الفذكي فينا والآن ذهب المال والحال وشفقت بك فحلت بنا المصائب وما‬ ‫بعد ساعتنا هذه بيني وبينك اجتماع‪ .‬فسار الولد عن أبيه وبقي الأب يفكر‬ ‫في أموره بالليل والنهار فعزم على الرجوع إلى بلده وقال يفعل السلطان‬ ‫ما يريد فصلى في الليل ركعتين قربة لله تعالى ودعا الله تعالى أن يرجع‬ ‫إليه ماله وأن يصرف الجبار من ملكه فاستجاب الله دعاءه قفي ساعته‬ ‫ونزل بالجبار في الليل عاسوق الرأس والبطن وصاح وناح حتى أخرج‬ ‫اله روحه في ساعته‪ .‬فأقبل الرجل إلى البلد بعدما صلى الصبح وسمع‬ ‫ضجيجا للناس بالبكاء فسأل عن البكاء فقيل له إن السلطان مات الليلة‬ ‫‪١٤٢‬‬ ‫فعرف في قلبه أنه قتل الملك بدعانه وقال إن الفنكي لصادق فيما أخبرني‬ ‫بك ثم وصلهم الخبر بالضحى أن انكسر أخ الملك وقتل هو وولده والناس‬ ‫وما بقي من القوم إلا قليلا فعمد أهل البلد بتقديم رجل عليهم ممن كان‬ ‫أهلا للتقدمة وجعلوا أمره بين سبعة رجال ثقات فاستقام الخمر ورجعت‬ ‫المظالم ونزلت من السماء الأمطار ورخصت الأسعار وسعى الناس في‬ ‫الأسفار‪ .‬فقال الملك لأصحابه السبعة‪ :‬التمسوا لنا امرأة صالحة‪ .‬فأشاروا‬ ‫عليه بابنة الرجل الذي ذكرها الفلكي وقصدوا أبيها فزوجه بها فجعل‬ ‫الملك لوالد الابنة فريضة معلومة وجعله واليا في بعض حصونه قصح‬ ‫قول الفلكي براحة الابنة وأبيها وسلامة البلد بالإقامة على العدل فيها‪.‬‬ ‫فانظروا أيها المسلمون أن في البنات بركات فلا تهملوهن‪ ،‬وأن‬ ‫رسولكم محمد ما خلف ذكرا وكفى بفاطمة الزهراء وأخواتها فخرا‬ ‫والإمام ناصر بن مرشد رحمه الله ما ترك إلا بنتا ‪.‬‬ ‫قصة الرجل الفقير الذى تزوج بنت سيد ملوك حمير ‪:‬‬ ‫قال ذو الغبراء ‪ :‬سمعت عن رجل فقير سأل مولاه التيسير ‪ 0‬ولا يزال‬ ‫يتلو ‪ « :‬إن مع الضنر يُسنرا ‪ 0 0'( 4‬بالليل والنهار ؛ وێروى عن رسول‬ ‫الله (صلى الله عليه وسلم) ‪ :‬بالنواصي والأقدام ‪.‬‬ ‫رجع الرجل ‪ :‬فتذكر بأن النساء الصالحات من قبلهن تدخل البركات ‪.‬‬ ‫وقال أمير المؤمنين غمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ‪ :‬الرزق يلتمس‬ ‫من فروج النساء ‪ 0‬لقوله (سبحانه وتعالى) ‪ « :‬وَانكِخوا الاامَى منكم‬ ‫وَالصالجين مين عبَادكُم وَإمَانكم إن يَونوا قراء نهم اللة ممن قضنله‬ ‫واللة واسع عليم ‪ )"( 4‬؛ قال ‪ :‬فمكث هذا الفقير صابرا مُدة من السنين ثم‬ ‫(‪ )١‬سورة الشرح‪. ٦١ : ‎‬‬ ‫‪. ٣٢‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة النور‪: ‎‬‬ ‫‪١٤٤‬‬ ‫جاءه هاتف بين اليقظة والمنام فقال له‪ :‬يا هذا اخرج من بلدك وانظر إلى‬ ‫البلدان فإنك تجد على ما تحب نفسك من النساء وبها علامة في رجلها‬ ‫اليمنى مقطوعة أصبعها الأبهيم فنهض الرجل من نومه وحفظ رؤيته‬ ‫ومشى ينظر في البلدان وفي طريقه حتى وصل بندر العرب‘ وأقام فيها‬ ‫يخدم على نفسه وياكل من كد يده‘ ومشى إلى السوق عند بيع الجواري‬ ‫والعبيد فرأى المرأة في يد الدلال وينادي عليها ببخس من التمن فقصد‬ ‫يتلو الدلال حتى وصل إلى صاحب المرأة فسلم عليه الرجل ورد جوابه‬ ‫وقال الرجل لصاحب المرأة‪ :‬كيف قصة هذه المرأة لم يرتفع لها ثمن؟ فقال‬ ‫له‪ :‬إنها عليلة‪ .‬فقال الفقير‪ :‬ولو أن في يدي مالا لرفعت لها ثمنا‪.‬‬ ‫فقال صاحبها‪ :‬أتريدها؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬هي لك هبة مني فاقبلها‬ ‫وأحسن فيها قال الفقير‪ :‬قبلت عطاك وعسى ربك يغفر ذنبك‪ .‬فاخذها‬ ‫ومشى إلى خيمته وهي في صحبته‘ فسألها عن حالها حتى يعرف أمرها‬ ‫ليستبرنها فقالت له‪ :‬لا فاندة في السؤال‪ .‬فقال لها‪ :‬لا بد حتى أعرف‬ ‫النسب خوفي أن تكوني من العرب لأن العربية لا تجوز بالاستبراء في هذا‬ ‫واكشفي لي ما في قلبك‪ .‬فقالت له‪ :‬وأنت من من قبانل العرب؟ فقال لها‪:‬‬ ‫أنا من آل هلال‪ .‬فقالت له‪ :‬وما أتى بك إلى هذا البندر؟‬ ‫قال‪ :‬رأيتك في المنام بأنك من العرب وأنك مقطوعة الاصبع‬ ‫فسمعت هاتفا يقول اطلب المرأة الصالحة من أرض الله وجنت على هذا‬ ‫البيان‪ ،‬فقالت له‪ :‬إني ساخبرك بحسبي ونسبي ولكن على عهد بيني‬ ‫وبينك لا تخبر به أحدا من الخلق إلا بمشورة مني إليك‪ .‬فعاهدها وأخبرته‬ ‫أنها ابنة الملك الأعظم الذي ساد ملوك حمير وأن أبوها زوجها بابن عمها‬ ‫فاخذها وقطع بها البحر وأقام زوجها واليا في البر قالت‪ :‬فمات زوجي‬ ‫) واردت الرجوع إلى‬ ‫وأخذت في العدة أربعة أشهر وعشرا وغسلت‬ ‫‪.‬‬ ‫عدتها‬ ‫‏) ‪ ( ١‬ي ‪ :‬انقضت‬ ‫‪١٤٥‬‬ ‫وطن أبي ‪ 0‬فركبت في الفلك‪ ،‬وجاءت إلينا ريح عظيمة فغاب بنا المركب‬ ‫أياما وانكسر فقبضت خشبة وجاء الحوت لياكلني فقطع أصبعي وساقتني‬ ‫أمواج البحر إلى البر فسلمني ربي من الهلاك وأقبل إلي البداة وأخذوني‬ ‫وأرادوا أن يفعلوا بي فامتنعت عنهم وقصروا علي الطعام وضربوني قي‬ ‫أضلاعي ضربا موحشا فقمت أنحب زمنا طويلا دما وباعوني بشيء قليل‬ ‫وأتاني هذا الرجل ليبيعني في هذا البندر وأنا عليلة فما رغب أحد في‬ ‫للشراء فهذه قصتي‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬ونعم بك‘ ولكن اسمعي لقولي فأنا أبلغك إلى أهلك إن شاء‬ ‫الله‪ .‬فقالت له‪ :‬إن أهلي بعيدون ولا ينفعوني وأنا امرأة عورة عليك ولا‬ ‫بد لك أن تتزوج بي فاقصد بنا إلى القاضي فتصاحبا حتى وصلا إلى‬ ‫القاضي وأمرته أن يزوجها القاضي فزوجه بها ودخل عليها وصح‬ ‫جسمها وأقبلت إليها البركة من يومهما وسمت من نفسها خادمة لبعلها‬ ‫وخضعت للناس كما تخضع الجواري لمواليها‪ .‬ونسلت له الأولاد وكثرت‬ ‫الأرزاق‪ 0‬ودخل الرجل في البيع والشراء وتقوى ماله وجعل يضرب على‬ ‫المراكب‪ ،‬وجعل للتجار بيوتا ينزلون فيهاش ويجعل لهم الحشمة والكرامة‬ ‫ما لا يجدونه لدى غيره حتى أقبل إلى البندر قوم من آل حمير‪ .‬وقوم من‬ ‫آل هلال مسافرين فاخذهم إلى بيوته وكرمهم وظن في قلبه أنهم من‬ ‫أطراف قبيلته لما سمع كلامهم ولغتهم وعرف لباسهم وهم كذلك ظنوا في‬ ‫قلوبهمؤ وكذلك المرأة لما رأت قوم حمير وكلامهم ولباسهم فأخبرت‬ ‫زوجها أن هؤلاء القوم من أصحابها فعمد الرجل إلى سؤال أصحابه‬ ‫فأخبروه بحسبهم ونسبهم وسألوه هم بنفسه فأخبرهم فتعارفوا‪ ،‬وأما قوم‬ ‫حمير فسألهم عن نسبهم فأخبروه وجاء إلى زوجته وذكر لها فقالت له‪:‬‬ ‫أريد لقاءهم وأخبرهم أنت بالقصة فقد أذنت لك ‪.‬‬ ‫‪١٤٦‬‬ ‫فقال لهم الرجل‪ :‬ساخبركم أيها الناس عن أمر فهذه امرأتي ابنة‬ ‫سيد ملوك حمير فجاعوا إليها وصافحوها وسألوها عن حالها فاخبرتهم‬ ‫بأول القصة إلى آخرها‪ .‬فقال لهم زوجها‪ :‬هذه ابنة عمكم وأنا حفظتها‬ ‫والآن قد جعلت طلاقها بايديكم وأنا ليس من زواجها‪ .‬فقالوا له‪ :‬أنت‬ ‫سترت عورتنا وجعلها الله زوجتك فاشكر ربك ونحن نريدكم في صحبتنا‪.‬‬ ‫فقال لهم الرجل‪ :‬قد جمع الله شملنا في هذه البلدة وجعلناها وطنا لنا‬ ‫فكونوا من السامحين‪ .‬فرجع القوم إلى مواطنهم وكل أخبر أصحابه فقال‬ ‫آل هلال لا نرضى على أنفسنا أن يكون ابن عمنا غريبا في البلدان‪،‬‬ ‫فنهض منهم ألف رجل إما ليحملوه إلى مواطنهم أو يكونوا في جواره‬ ‫فوصلوا إلى بلده وسألوا عنها فأقبل إليهم وصافحهم وأخذهم إلى بيوته‬ ‫فسمع السلطان بوصولهم ودعا بوصول الرجل إليه‪.‬‬ ‫فقال الملك‪ :‬قد وصل عندك ألف رجل وما تدري ما عندهم أخبرنا‬ ‫عنهم‪ .‬فقال‪ :‬هؤلاء بنو عمي وصلوا عندي مرادهم يحملونني إلى‬ ‫مواطنهمؤ وإما أن يكونوا بجواري فقال الملك‪ :‬نحن نريدهم في البلد‬ ‫ونجعل لهم الفرانض‪ .‬فأقامهم وجعل لهم الملك المنافع وكذلك ابن عمهم‬ ‫أعطاهم كالملك‪ .‬وأما ملوك حمير لما وصل إليهم أصحابهم وأخبروهم‬ ‫بالمرأة فقد حملوا على المراكب ما لا يحصي عده إلا الله تعالى وجاءوا‬ ‫إلى بلد المرأة فاعطوها المكاتيب والرسائل التي في المراكب قعلم الملك‬ ‫بذلك فخلع الملك لزوجها فلم يقبله فجطوه لأولاده لأن أمهم من تسل‬ ‫الملوك فملك الأولاد البلاد والعباد وسلم الله ملكهم عن الفساد ولا حول ولا‬ ‫قوة إلا بالله العلي العظيم والصلاة على محمد وآله وصحبه وسلم ‪.‬‬ ‫‪٢0‬‬ ‫‪١٤٧‬‬ ‫الذكرالأربعون ‪:‬‬ ‫في الملوك وأبنائهم وعداوتهم وابتدانهم في الملك‬ ‫وما يجري عليهم‪ ،‬والموفق في وطنه‬ ‫أو في غير أوطانه‬ ‫قال ذو الغبراء ‪ :‬سمعت قصة محمودة فذكر فيها عن ملك لديه‬ ‫ولدان فمكث في ملكه و عدله زمنا طويلا فلما حضرت وفاته أوصى بالملك‬ ‫من بعده لأحد أولاده فلم يرض الثاني بعد وفاة أبيه بالملك لأخيه فأشار‬ ‫الرعايا فقالوا له‪ :‬نرجع إليك بالجواب‪ .‬فآل نظرهم على أن يصلحوا بينهما‬ ‫في الملك ويجعلونه بالسوية والذي يمتثل لقولنا فنحن عليه فرجعوا إلى‬ ‫صاحبهم وقصدوا إلى الملك هم وأخوه فلما وصلوا دخلوا وسأله أخوه أن‬ ‫يقسم الملك بينهما‪.‬‬ ‫فقال الملك لأخيه‪ :‬اعلم أن الزوجة لرجل واحد وكذلك الملك لا‬ ‫يكون مع لاثنين ولا يليق هذا الأمر‪ ،‬وأنا قد أوصاني بالمُلك أبي ولم آخذه‬ ‫منك وقد سمعت عن ملك لديه ابن أخ‪ ،‬وليس له ولد فقربه في أمره ونهيه‬ ‫كمثله في حصنه فأخذ رشوة على الملك فقتل وأخذوا عليه الحصن وملك‬ ‫آخر عنده أخ فزوجه وولد للاخ ولد ومات أخ الملك فعمد لتربية ابن أخيه‬ ‫حتى بلغ الحلم فزوجه الملك امرأة ثم زوجه بابنته وأراد أن يقتل الملك ثم‬ ‫التمس له أعداؤه ولم يظفره الله عليه‪ .‬وملك آخر عنده ولد وفرح به‬ ‫وجعل له الأمر والنهي والقبض والبسط مثل أبيه فاخذ الحصن على أبيه‬ ‫وطرده عن ملكه فجاء الوالد بجيشه وأحاط بالحصن حتى مات ولد الملك‬ ‫‪١٤٨‬‬ ‫في حصنه فأخذه الوالد بعد موت ولده‪ ،‬ومن هذه الأمور التي ذكرتها لكم‬ ‫في الملك مطلوب صاحبه إلى القتلؤ وأما النساء فلا يؤمن عليهن أن‬ ‫يدخلن على رجل فيه ذكر إن كان أجنبيا أو كان قريبا عليهن ومن لم يفكر‬ ‫فقد ندم‪ .‬فقال القوم‪ :‬نخاف عليكما الفرقة فإن أعجبكم قولنا فهذا ما عندنا‪.‬‬ ‫فقال الملك‪ :‬لا يليق كلامكم أما أن تكونوا في الطاعة كما أمركم أبي‬ ‫وأما أنكم خصماني‪ .‬فقالوا‪ :‬نحن في طاعة أخيك وقد جعلنا الملك لمن‬ ‫خضع إلينا لا لمن خالفنا ‪ .‬فنهض أخ الملك وقال لهم‪ :‬رضيتم بي ملكا‬ ‫عليكم؟ فقالوا‪ :‬نعمؤ قال لهم‪ :‬هذا أخي قطعني وأنا قد رفقت عليه حمل‬ ‫السلاح وقضاء العوايز(ا) وأخرجته من جميع ما كان فيه‪ .‬فقالوا له‪:‬‬ ‫سمعنا قولك ونحن في طاعتك‪ .‬فاستولى على الملك وبقي أخوه لا يكلمه‬ ‫أحدا فريد بنفسه فهال عليه الأمر وجلس في المسجد بعدما صلى الناس‬ ‫الجماعة فرآه رجل وأقبل إليه فقال له‪ :‬كيف وقوفك والناس راحوا للنوم‬ ‫في بيوتهم؟ فقال له‪ :‬أنا ابن الملك المجافى‪ .‬فقال له‪ :‬وأنت واقف في ملك‬ ‫أخيك أما كفاك ما أخذلك الله في أماكنه فارحل من هذه الديار‪ .‬فإن أولاد‬ ‫الملوك مهما نزلوا استقاموا فاسمع لقولي وارحل بلا زاد فمهما رأيت‬ ‫مكانا واتسع عليك الرزق فيها فاجعلها وطنا إليك ولا تخف على نفسك في‬ ‫الطريق‪ ،‬فإن الله حفيظ عليم وقد حكي لنا عن رجل وجدوه الظلمة قي‬ ‫الطريق وأرادوا قتله فتخالفت الرماح عليه وأنزلوه من جمله فكفتوه‬ ‫فقالوا‪ :‬هذا خصم اقتلوه‪ ،‬فقال أحدهم‪ :‬إن قتلتموه ليقتل أعداؤكم سبعين‬ ‫رجلا مثله من أصحابكم‪ .‬قال‪ :‬فحلوه في صلبه مكفوتا ثم قيل لهم إن‬ ‫الرجل هو صديق لكم‪ .‬وآخرون نظروا رجلا فقالوا هذا خصم وضربوه‬ ‫(‪ )١‬جمع عازة وهي الحاجة‪. ‎‬‬ ‫‪١٤٩‬‬ ‫أربع ضربات تفق وأحاطوا به ليضربوه بالسيوف ثم عرفه رجل منهم أنه‬ ‫صديق لهم فسلمه الله منهم بعد الشدة فانظر فيما ذكرته لك وعليك بالحزم‬ ‫في جميع الأمور‪.‬‬ ‫ثم امتثل ابن الملك لقول الرجل وخرج من البلدان يأكل من ورق‬ ‫الأشجار ومن الثمار ولا أحد أشار عليه بطعام في ملك أخيه فلما قطع ملك‬ ‫أخيه وبدأ برعايا غيره ودخل بلدانهم سأله أهل البلد‪ :‬أين قاصد أيها‬ ‫الرجل فقال لهم‪ :‬أنا غريب وابن السبيل‪ ،‬درويشس فاعطوه الطعام وولى‬ ‫عنهم إلى بلد أخرى‪.‬‬ ‫فلما وصل إلى منازل الناس سألوه فقال لهم‪ :‬أنا رجل درويش‬ ‫فأطعموه الطعام وأهدوا إليه كسوة عن البرد ومشى عنهم حتى وصل البلد‬ ‫الأخرى فالتقوه وحيّوه وكرموه وقالوا له‪ :‬أين قصدك؟ فقال لهم‪ :‬أنا ابن‬ ‫السبيل‪ .‬فاعطوه حمارة ليركب عليها وولى عنهم ثم وصل البلد الاخرى‬ ‫فنهض أصحابها إليه مسرعين وصافحوه وأخذوا الحمارة من عنده‬ ‫وكرموه وأطعموا الحمارة وسألوه عن حاله فأجابهم‪ :‬أنا ابن السبيل‪.‬‬ ‫فقالوا له‪ :‬بكم أخذت هذه الحمارة من أصحابها؟ فقال لهم‪ :‬أعطوني إياها‬ ‫قربة لله تعالى فلما أراد المسير قالوا له‪ :‬يا ابن السبيل فهذه من عندنا لك‬ ‫ناقة أرأف لك من الحمارة في الفلاة‪ ،‬فأخذ الناقة وترك لهم الحمارة وسار‬ ‫عنهم حتى وصل بلد الأخرى فنهض إليه سكانها وعظموه وكرموه‬ ‫وسألوه عن أمره فأخبرهم أنه ابن السبيل وسألوه عن الناقة فأخبرهم‬ ‫بهدية أصحابها إليه فقالوا في أنفسهم‪ :‬ابن السبيل شاعر ونخاف إن‬ ‫أعطيناه قليلا لشعرلا) بنا إلى الناس‪ ،‬فلما أراد المسير وهب له أميرها‬ ‫(‪ )١‬أي ‪ :‬قال فينا شعرا‪. ‎‬‬ ‫‪١ ٥٠‬‬ ‫خادما وفرسا ووادعهما فقطعا السيوح هو والخادم حتى وصلا البلد‬ ‫الأخرى فنزلا في المقامش وقصد الخادم إلى أميرها لأنه دليل في تلك البلد‬ ‫فأخبره بمولاه فجاء الأمير ونقلهما إلى الحصن وكرمهماء فلما أراد‬ ‫المسير أهدى إليه ثلاثة رؤوس خيل وثلاثة عبيد ومشوا إلى البلد‬ ‫الأخرى فلما نزلوا فيها مر عليهم سلطانها فساق إليهم المواند والطعام‬ ‫ودعاهم إلى الحصن وسألهم عن حال الرجل فأخبره الخدم بالقصة وأشار‬ ‫عليه بالجلوس في داره وأن يكفيه مؤنته وخدمه وخيله فابى عن‬ ‫الوقوف‪.‬‬ ‫فقال السلطان‪ :‬طريقكم هذه بها خوف كثير من البداة وأخاف‬ ‫عليكم أن لا تبلغوا دار السلطان الكبير‪ .‬فقال ابن السبيل‪ :‬ونحن في أمان‬ ‫ا له وحفظه‘ فوهب له ستة رؤوس عبيد وسبعة رؤوس خيل وأعطاه من‬ ‫الدراهم ما يكفيه لستة ووادعوا السلطان وركبوا الخيل يقطعون الفيافي‬ ‫والقفار بالليل والنهار حتى مضت عليهم تسعة أيام وفي اليوم العاشر رأوا‬ ‫في مقدمهم غبرة إلى السماء وهي مقبلة عليهم فإذا هم باربعمانة من‬ ‫البداة راكبين على الإبل‪ ،‬وهم الذين يقطعون الطريق ويقتلون الفرسان‬ ‫فامر عبيده بالحذر التام وأقبل على القوم يكلمهم فما ردوا عليه السلامء‬ ‫فقالوا له‪ :‬اترك الخيل والرقيق ونسلمك بنفسك‪ .‬فقال لهم ‪ :‬يأبى الله أن‬ ‫تأخذوها دون القتال وإنا نخاف على أنفسنا من النار والعار ولكنكم أنتم‬ ‫اتركوا سبيلنا ونسير في طريقنا فقالوا له‪ :‬لا زيادة بيننا وبينك في‬ ‫الكلام‪ .‬فقال لهم‪ :‬خذوا حذركم منا فقالوا له‪ :‬وماذا أنت صانع فينا‪ ،‬قال‬ ‫لهم‪ :‬أطرح رؤوسكم في هذه البرية فقالوا له‪ :‬وما تنظر كثرة قومنا؟‬ ‫فقال لهم‪ :‬كم من فنة قليلة غلبت فئة كثيرة وإن نصرني ربي عليكم فلا‬ ‫‪١٥١‬‬ ‫غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده‘ فقالوا له‪ :‬نحن‬ ‫نهوي كالشياطين‪ ،‬فقال لهم‪ :‬ونحن نجوم رجوما للشياطين‘ فصح بينهم‬ ‫القتال وحملت الخيل على الإبل فتفرقت في البطاح وصح في البداة الضرب‬ ‫بالسيوف والطعن بالرماح فولوا مدبرين هاربين مقتولين ويصيحون في‬ ‫فرقانهم فسلم الله ابن السبيل وخدمه وولى عن المعركة قاصدين إلى بلد‬ ‫السلطان فوصلوا في دار السلطان وما سألهم سانل ولا تعرفوا بأحد‬ ‫فنسروا من عندهم الطعام والعيش من السوق وأقاموا فيها يريحون‬ ‫نفوسهم وخيلهم‪.‬‬ ‫رجعنا إلى البداة‪ :‬فجمعوا جيشا عظيما بقدر مائة ألف أو يزيدون‬ ‫وظنوا في نفوسهم أن أصحاب السلطان قتلوا أصحابهم وهم من دأبهم لهم‬ ‫قوة على السلطان يأخذون من عنده الجباية في كل حول فكتب البداة إلى‬ ‫السلطان إن كنت تريد سلامتك أنت وأصحابك فارحل من دارك بلا مراجعة‬ ‫منا إليك ونحن معكم فكونوا منا في أشد حذر فوصل التعريف إلى‬ ‫السلطان وجمع أهل بلده فناظرهم في الأمر فآل نظرهم إلى الرحيل لسلامة‬ ‫نفوسهم وذهاب أموالهم ودارهم‪ ،‬فلما سمع ابن السبيل كلام أهل البلد أقبل‬ ‫إلى الملك وقال له‪ :‬يا أيها الملك بنس بقومك لا يجاهدون عن نفوسهم‬ ‫وأموالهم وهل هناك أعظم جهادا ممن يقاتل على بيته وأهله وأولاده‬ ‫وماله؟ فقال الملك لهم‪ :‬ما تقولون؟ فقالوا‪ :‬لا نطيق القتال‪ ،‬فقال لهم ابن‬ ‫السبيل‪ :‬ما تقولون في الذي يكفيكم شر هؤلاء القوم وأن تكونوا في بلدكم‬ ‫سالمين آمنين نانمين؟ فقال الأمير وأصحابه‪ :‬نحن خدم له نكتب نفوسنا‬ ‫وأموالنا له‘ فقال لهم‪ :‬أنا أكفيكم شرهم وأعطني مفاتيح البارود()‬ ‫(‪ )١‬في الأصل ‪ :‬البيروت‪. ‎‬‬ ‫‪١ ٥ ٢‬‬ ‫فاعطاه المفاتيح وحمل الدواء الخدم وقصدوا إلى البداة بالليل فأحاط‬ ‫بالقوم من بعيد وجعل الخدم في إحاطة القوم كل معه ما حمل من الدواء‬ ‫وحفروا له حفيرة ودفنوه إلا قليلا منه وأمرهم أن يكووا الدواء في ساعة‬ ‫واحدة وأن يجلدوا البداة بالحديد فأول من أحرق الدواء هو ثم الخدم‬ ‫فارتجت الأرض وما عليها وأظلمت من الدخان فنهض البداة يقتلون‬ ‫بعضهم والبوش ترقص فيهم والخيل والخدم مهما أقبل إليهم أحد قتلوه‬ ‫فهلك البداة وإبلهم وما طلع منهم إلا قليل‪.‬‬ ‫وأما أهل البلد لما سمعوا الزلزلة العظيمة والصواعق والصيحات‬ ‫فقد ارتجت فرانصهم وخافوا على نفوسهم حتى وصل إليهم ابن السبيل‬ ‫وخدمه فقال لهم‪ :‬سيروا انظروا ما قضى الله عليهم وأريد الوفاء بالعهد‬ ‫فقالوا له‪ :‬أنت سيدنا ومولانا‪ ،‬فقال لهم‪ :‬اسرجوا على خيولكم وتأهبوا‬ ‫لتلحقوا البداة إلى فرقانهم فصاحبه أهل البلد كلهم فالشراد من البداة‬ ‫يعلمون الناس أهل البلدان بالنهار وهذا يصل إليهم بالرواح فكلما وصل‬ ‫إلى بلد استطاعوا له وصاحبوه حتى وصل إلى فرقان البداة واستكانوا له‬ ‫وقطع جميع تلك الديار إلى ساحل البحر فتابعوه ورجع إلى البلد ودانت له‬ ‫الخلق فاستقام في ملكه وتشييد بنيانه فخضعت له جميع المدانن برها‬ ‫وبحرها الذي بقرب تلك الأمصار ولم يزل في البحث والسؤال عن مملكة‬ ‫أخيه والناس لا يعرفون إرادته حتى سمع بموت أخيه والناس لا يعرفوه‬ ‫فكتب لهم من الملك فلان بن فلان الفلاني إلى كافة من تشتمل بارض كذا‬ ‫وكذا أما بعد سمعنا بوفاة أخينا وواصلكم خادمنا وبلسانه كافة أخبارنا‬ ‫والسلام‪ .‬فأمر على خادمه الذي هو أول من أهدي إليه وهو دليل بالطريق‬ ‫والأخبار وقال له‪ :‬اقصد إلى أرض كذا وكذا وأعطهم التعريف وخذ ما‬ ‫‪١ ٥٢‬‬ ‫تريد من الناس لصحبة الطريق والمطلوب منهم الجواب وأنت قف في‬ ‫بلدهم فقصد الخادم إلى تلك الأرض فلما وصل سأل عن أميرها فقالوا له‪:‬‬ ‫إن ملكها مات فما حاجتك أنت‘ فقال‪ :‬أعطاني مولاي تعريفا لكم‪ ،‬فقالوا‬ ‫له‪ :‬إن الأمر في هذا الزمان شورى بين الناس فاعطاهم المكتوب وبكواء‬ ‫فقال لهم‪ :‬وما يبكيكم ؟ فلا صح له جواب‪ .‬فجر سيفه عليهم وأوموا إليه‬ ‫بالوقوف‪ ،‬فقالوا له‪ :‬وأين مولاك الآن؟ قال لهم‪ :‬أما تعرفون أنتم إنه مالك‬ ‫الأمصار والأقطار؟‪.‬‬ ‫فقالوا‪ :‬لا نعرفه وقد صحت منا الإساءة فيه‘ فلما سمعهم الخادم‬ ‫جذب سيفه هو وأصحابه وحمل عليهم فناموا فجعل يضربهم برجليه‪.‬‬ ‫فقالوا له‪ :‬افعل ما أمرك فينا‪ ،‬قال‪ :‬ما أمرني إلا بالجواب يطلب من عندكم‪.‬‬ ‫فقالوا له‪ :‬لا نعرف أمره وقد كان من أمره كذا وكذا وصح منا له كذا‬ ‫وكذا‪ ،‬فلما سمعهم الخادم غضب عليهم وأمر بقتلهم فقبضوه أصحابه‬ ‫وقالوا له‪ :‬أرسل مولاك إليهم وأرادك أن تقص عليهم قصته من أولها إلى‬ ‫آخرها‪ .‬فجعل الخادم يحدثهم بوصول مولاه إليهم وبهدية هو بنفسه إليه‬ ‫وقص عليهم ما جرى في زمانهم‪ .‬فقالوا له‪ :‬كن أنت في الحصن ونحن‬ ‫نقصد معه ونريد دليلا من أصحابك فوقف الخادم وأعطاهم أدلة للطريق‬ ‫ومشى أكابرهم حتى وصلوا قرب موطن الملك وأرسلوا إليه الدليل‬ ‫بوصولهم فأخبر الملك بوصولهم‪ .‬فقال له‪ :‬ارجع إليهم وأن يكونوا في‬ ‫البطحاء وأمر مناديه أن ينادي بالخروج لصلاة الجمعة في‬ ‫الصحراء مع‬ ‫الصحراء فخرج جميع الناس‘ فلما حضر وقت صلاة الجمعة قال للدليل‪:‬‬ ‫قل لأصحابك الواصلين أن يتقدم أحدهم إلى الصلاة والخطبة فتقدم أحدهم‬ ‫وخطب ونشر العزاء للملك فلان بن فلان الفلاني الذي أصله من أرض كذا‬ ‫‏‪ ٥٤‬ا‬ ‫صلاتهم قادوا‬ ‫وكذا؛ فحيننذ عرفوا الناس نسبه وموطنه‪ .‬فلما قضوا‬ ‫نفوسهم إليه وعفا عنهم وصاحبوه إلى الحصن‪ .‬فقربهم وعظموهم‬ ‫أصحابه وأهل مملكته فبلغ الملك من قوة سعادته مع ولادته وإصلاح رب‬ ‫بيت عزه ينظر إلى بيت نفسه والسلام ‪.‬‬ ‫‪١‬‬ ‫‪٥‬‬ ‫الذكر الحادي والأربعون ‪:‬‬ ‫في معرفة الأمناء والوكلاء وفي قصتهم‪ .‬وفي ضرب‬ ‫من الحساب للموافقة بين الزوجين‬ ‫والرجلين والخصمين‬ ‫صفة الأمناء والوكلاء ‪:‬‬ ‫قال ذو الغبراء‪ :‬سألت صاحبي عن صفة الأمناء والوكلاء؟ قال‪:‬‬ ‫أما الجواب في الذي ذكرته من الوكلاء والأمناء فمنازلهم ومراتبهم لها‬ ‫أوجه وسابيّن لك بعضا من معانيها لأن العلماء والعباد والزهاد لا‬ ‫يصلحون كلهم للوكالة‪ .‬ويشهدون على أنفسهم كما يشهد عليهم ممن علم‬ ‫بمراتبهم‪ ،‬وكثير من الناس من يصلح لوكالة الموقوف والأيتام والغياب‬ ‫ليس من زهدهم وورعهم أخذوها ولكن من اجتهادهم ومحبتهم الزيادة‬ ‫لأموالهم وإصلاحا لدنياهم وحاسبوا نفوسهم مخافة أن يأخذوها من‬ ‫أياديهم؛ لأنا رأينا كثيرا من أهل الظلم والفسق يمتثلون في النصيحة من‬ ‫أهل الورع‪ ،‬وكثيرا من أهل الورع وأهل العلم لم يفوضوا الأمر إذا رأوا‬ ‫أهل الورع في صلاح أموالهم ونسائهم وأولادهم وكل أخبر باهل زمانه‪.‬‬ ‫والوجه الثاني من الناس امتنعوا عن الدخول طلبا لسلامة نفوسهم‬ ‫فيما بينهم وبين ربهم لأنه لو كلفهم مكلف على شيء من مداخل الوكالات‬ ‫والأمانات لضاعت على أيديهم وطمعوا بالدراهم فخاتوا أماناتهم فينبغي‬ ‫للعارف أن لا يكلف مثل هؤلاء‪.‬‬ ‫والوجه الثالث من الناس اجتهدوا في وكالتهم لصلاح دينهم‬ ‫‪١٥٠٦‬‬ ‫ودنياهم ويسألون مولاهم السلامة من الدنيا والعاقبة في العقبى‘ فمنهم‬ ‫مات سالما ومنهم من أحاط به اللعين وتابعه فلما انتبه رجع إلى مولاه‬ ‫فلايعجل على مثل هؤلاء إن زلوا؛ لأنهم أقرب إلى الرجوع‪ .‬وقد حكي لنا‬ ‫عن رجل من المسلمين مشهور بحفظ الأمانات ويتني عليه العارف‬ ‫بعلومها والحاضر والبادي بأمانته فاقبل إليه رجل من المسلمين يريد أن‬ ‫يامنه شيناً من الفصوص فأخذها من عنده فقال المقبض لصاحب‬ ‫الفصوص وإن حدث عليك موت أتوصي بها لأحد حتى أقبضه الفصوص؟‬ ‫قال له‪ :‬قبضها ولدي فلان إن سألك عنها‪ .‬ومشى المؤمن قاصدا‬ ‫إلى بيته ومضت عليه السنون فنزل به مرض الموت وقال لولده‪ :‬أوصيك‬ ‫أيها الولد بأن لدي كتابا جعلته في مكان خفي وعلمته انظر ها هناك‬ ‫موضعها كما ترى وخفت عليه من السرقة أو أن يأخذها أحد من أهل‬ ‫الجور ولا أقدر عليه‪ ،‬وإني كتبت في بخط يدي مما يغنيك في دنياك قمات‬ ‫في مرضها وجاء الأمين مع الولد عوزاه من بأبيه ثم قال له‪ :‬هل أوصاك‬ ‫أبوك بشيء من قبلي‪ .‬قال له‪ :‬ما سمعته يذكر شينا‪ ،‬فمشى الأمين وشرى‬ ‫مال من بلده بالنمن الكثير وعجز عن تسليم الجميع وتذكر في قلبه لعلي‬ ‫أبيع الفصوص التي عندي وأسد به خلتي فأخذها وباعها على الملك‬ ‫وطالت عليه المدة ومات السلطان وتذكر ولذ الهالك الكتاب الذي أوصاه‬ ‫به أبوه فأخذه ووجد فيه تاريخا بخط يده‪ :‬أني أمنت الأمين فلان قصوصا‬ ‫في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا وكذا فقصد ولذ الهالك الأمين وسأله‬ ‫عن الفصوص التي رفعها والده إليه فأنكر الأمين وجحد الفصوص ومشى‬ ‫ولد الهالك إلى الحاكم وألزم الأمين فيها فجحدها أمام الحاكم فالزمه‬ ‫اليمين فحلف بالله أن لا رفع عنده فقصوصاء وبعد اليمين ظهرت بالأمين‬ ‫‪١٥٧‬‬ ‫علة وطالت عليه المدة وعرف في قلبه أن هذا البلاء عقوبة من ربه قندم‬ ‫على ذنبه وقصد إلى ورثاء السلطان وسألهم عن الفصوص وأعطاهم‬ ‫ثمنها ورجع إلى ولد الهالك وقال له‪ :‬هذه أمانة أبيك‘ فأبى الولد عن‬ ‫قبضها في تلك الساعة ثم حضر الحاكم وولد الهالك وأمره الحاكم باخذ‬ ‫حقه من عند الأمين فاخذ الفصوصک© فسال الأمين مولاه أن يرقعه من‬ ‫الدنيا مخافة أن لا يملك نفسه هواها‪.‬‬ ‫والوجه الرابع لا أمانة للرجال مع النساء إلا الأنبياء والمرسلون‬ ‫وهم كانوا يسبحون الله في الليل‬ ‫وقد هلك العلماء والعباد بسبب النساء‬ ‫والنهار‪ .‬وهم يعرفون الله حق معرفته ويبكون من خشيته ويرجون‬ ‫رحمته‪ .‬ولكن لا حول عن معصيته ولا قوة على طاعته إلا بمعونته فمن‬ ‫عصمه الله نجا ومن نزل به البلاء بسبب النساء ورأى كأنه نجا‪ ،‬فإنه‬ ‫يمكن به سقم أو جوع أو خائف من احد أو كان في وقت مصيبة نازلة به‪.‬‬ ‫وأما إذا كان في خلوة وهو صحيح الجسم وليس عليه رقيب‪ ،‬وأقبلت إليه‬ ‫امرأة شابة عليها الحلي والحلل فلا شك أن قلبه لا يفارقها ولو ذكر ربه‬ ‫والجنة والنار لأجال الشيطان على قلبه‘ وسنل أبو سعيد‪ ،‬رحمه الله؛ عن‬ ‫المرأة التقية هل يجوز لها أن تسافر في صحبة الرجل الثقة الأمين؟ قال‬ ‫أبو سعيد‪ :‬لا يجوز للمرأة أن تسافر مع الأجنبي؛ لأن الشيطان يكون لهما‬ ‫ثالثا يحرك قلب هذا وهذا حتى يجمع بينهما‪.‬‬ ‫قال ذو الغبراء‪ :‬وقد سمعنا عن الوالد يقجر بابنته والاخ باخته‬ ‫والزوج بربيبته والبناو() بعمته والولد بأمه‪ ،‬وولد الولد بجدته وبخالاته‬ ‫وعماته والخادم بمولاته فينبغي للرجل أن يمنع زوجته عن أمها وإخوتها‬ ‫(‪ )١‬ابن ضرة المرأة ‪ 0‬والعمة هنا بمعنى زوجة الأب‪. ‎‬‬ ‫‪١٥٨‬‬ ‫وجداتها خوفا منهن ياكلن عليها ويقود بها للقستقةش لأنا رأينا كثيرا من‬ ‫النساء يفتخرن ببناتهن ويأكلن عليهن أو أن يجمعن النساء حتى يسحقن‬ ‫بعضهن وكذلك يمنعنها عن آبانها وأولادها وإخوتها وعمومتها وأخوالها‬ ‫وجيرانها وعن آبائه وإخوانه وأمهاته وأقاربه مخافة أن يفعلوا بها أو‬ ‫يتأكلوا عليها لأن ليس كل أحد له قلب واع في هذه الفنون ولا يمنع‬ ‫الداخل عن أهله وبيته فكل ما ذكرناهم من الأرحام من الرجال والنساء‬ ‫أولى الوقوف عن قربهم إلا أن يكونوا ثقاة وعدولا ولا يعرفون فنون‬ ‫النساء والرجال‪ ،‬فمثل من كانت منزلته كذلك يحسن به الظن‪.‬‬ ‫وإن قال قائل إن فعل المعصية من ضعف عقيدة القلب والسالم في‬ ‫الانيا من حسن عقيدته‪ .‬فلا أرى كمثل ما قال لأن كثيرآ من الناس في أكثر‬ ‫زمانهم عقيدتهم ضعيفة‪ .‬وهم فجرة كفرة وتابوا إلى الله فتاب الله عليهم‬ ‫وكثير من الناس عقيدتهم حسنة يبيتون سجدا وقياما مثل أولاد الأنبياء‬ ‫والعلماء والزهاد والصحابة يؤخذ عنهم العلم فحق عليهم القول بشيء‬ ‫من المعاصي فهلكوا‪ ،‬أو إن سلم أحد من الفتن فليس من قوته ولا من‬ ‫بصيرته بل بفضل الله إليه‪.‬‬ ‫وقد حكي لنا عن رجل أراد أن يتزوج امرأة وخطبها من أهلها‬ ‫وقال له أولياؤها إن الأمر إليها‪ ،‬فسالوها فأجابت أولياءَها بالرغبة‬ ‫والإرادة فنكث عليه الأولياء ولم يقدر عليهم بحيلة فتعاشق الرجل والمرأة‬ ‫وطالت عليهم المدة وصح بينهما اللقاء في الفلاة والخلوة وكشفا سرهما‬ ‫ومودتهما فما حملت المرأة نفسها وطاحت غشيانة في حجر الرجل من‬ ‫الحب والشوق فحدرها الرجل من حجره وهي تستجير به أن يكسر لها‬ ‫‪١١١٩‬‬ ‫شهوتها ويبرد لها قلبها من الاحتراق فقال لها‪ :‬ونحن اجتهادنا في الحلال‬ ‫الدائم لا مرادنا في ساعة للحرام قتحترق الأجسام في الدنيا بذهاب الحلال‬ ‫فنهضت عنه ومشت وبها الخجل‪.‬‬ ‫فما طالت بها الأيام حتى ماتت المرأة وتزوج الرجل بامرأة وسكن‬ ‫ورزقه الله أولاد ذكورا وإناثا حتى سمع القارئ في الأثر عن الذين هلكوا‬ ‫من أهل السلف من قبل مداخلة النساء إليهم‪ .‬وقال في كتابه ينبغي للرجل‬ ‫أن ينفر عن المرأة كما ينفر الأسد وأشد عليه مقاربة النساء من مقاربة‬ ‫الحيات والأفاعي‘ أو مصادمة الشجعان في الازدحام ولا أراها أعظم‬ ‫مصيبة من قربة النساء‪.‬‬ ‫فقال لهم الرجل‪ :‬أما من أطاع الله ورسوله‪ ،‬فإن الله يعينه على‬ ‫الطاعة ويمنعه عن النساء والفتن والذين هلكوا هم في أخس من زلة قبل‬ ‫أن يواقعوا معصية الله؛ ومشى عنهم الرجل إلى بيته ونام إلى الصبح‬ ‫ونهض إلى الصلاة فلما صلى وسلم تضرع إلى مولاه بالدعاء إلى وقت‬ ‫صلاة الضحى فصلى وراح إلى بيته واستفتح بشيء من الطعام ومشى إلى‬ ‫الفلاة يريد خشبة فهم في قطع الخشبة ووصلت عنده امرأة متزينة مرادها‬ ‫تجمع حطبا فقامت تأخذ الحطب الدقيق حتى جمعت منه بقدر حملها‪.‬‬ ‫وتكلم الرجل إليها بكلام لطيف وصوت غضيض وكانت لها رانحة طيبة‬ ‫في الفلاة تجلبها الريح إليه فأسرع الرجل بنظره إلى المرأة وفكر في‬ ‫صورتها قليلا وغض طرفه ثم أعاد النظر ثانية وثالثة ولاطفها بالكلام‬ ‫فتعانقا في مجلسهما وجامعها ودخل الشيطان بينهما حتى حضرت‬ ‫شهوتهما والراعي ينظر إليهما فندم الرجل على فعله وتطهر وتوضا وقام‬ ‫‪١٦٠‬‬ ‫إلى الصلاة ودعا الله تعالى أنه لا طاقة له على معصية الله وأن يرفعه الله‬ ‫من الدنيا‪.‬‬ ‫رجعنا إلى الراعي لما رآهما قصد مسرعا إلى أخوة المرأة‬ ‫وأخبرهم بفعل الرجل لأختهم بموضع كذا وكذا فمشوا الذخوة نحوهما‬ ‫ووجدوا أختهم في الطريق حاملة للحطب وسألوها عن تأخيرها وفعلها‬ ‫فقرت بفعلها ثم وثنبوا على الرجل فوجدوه مستقبل القبلة يدعو الله تعالى‬ ‫قالوا اقتلوا الكلب الدنس الفاجر الفاعل الفاحشة فقتلوه وحملوه إلى‬ ‫حفيرة ودفنوه ورجعوا وهزبوا«) الراعي وأختهم عن البيان‪ ،‬فأما أخبار‬ ‫المقتول فقدوه أهله فلم يجدوا له بيان ولا أثر ولا خبر فغاب خبره عن‬ ‫العيون حتى ظهرت بالفاعلين علة وطالت عليهم المدة فاحتالوا على‬ ‫أنفسهم بكل حيلة فلا نفعهم دواء وسألوا أهل البصر فدلوهم بالمغابير(')‬ ‫الدروز والأدوية ‪ 0‬فلا زادهم إلآ ضعفا ‪ :‬حتى وصل إلى دارهم رجل يعرف‬ ‫عزيمة الصرع فسألوه الناس عن أشياء كثيرة فأجابهم فيها وأصاب حتى‬ ‫سألوه عن المرضى فقال لهم الصارع‪ :‬أحضروا أهل البلد كلهم‪ ،‬فقال لهم‪:‬‬ ‫انتوني بالمرضى‪ .‬فأتو هم إلي‪ ،‬قال لهم الصارع‪ :‬أيعجبكم سأخبركم بعلتهم‬ ‫ودوانها؟ فقالوا‪ :‬نعم قال‪ :‬هؤلاء قتلوا رجلا زاهدا عابد قد واقع‬ ‫الفاحشة بأختهم في الموضع الفلاني ولكنه تاب إلى الله وتضرع إلى مولاه‬ ‫أن يرفعه من دنياه وهؤلاء المرضى أخبرهم بالفاحشة راعي غنم البلد‬ ‫فوثبوا إليه وقتلوه ودفنوه بالحفيرة الفلانية فانظروا إلى تلك الحفيرة‬ ‫فإنكم تجدون عظامه‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬فقصدوا إلى الحفيرة ونظروا العظام { وأقر الفاعلون { فقال‬ ‫(‪ (١‬أي ‪ :‬هددوا وأخافوا‪. ‎‬‬ ‫)!( جمع مغبار ‪ :‬وهو البخور الذي يوقد في مكان معين لإرضاء الجن ‪ 0‬بحسب زعم الدجالين‪. ‎‬‬ ‫‪١٦١‬‬ ‫لهم ‪ :‬وإن قادوا نفوسهم يبرأون من علتهمإ قال‪ :‬فقادوا نفوسهم إلى‬ ‫أولاد المقتول وطلبوا الأولاد الدية فسلموا إليهم دية أبيهم فأبرأهم الله‬ ‫وكشف الله سر القاتل والمقتول في الدنيا دون الآخرة‪ ،‬وأما المرأة ثبتت‬ ‫على إقرارها بالزنا فحرمت على زوجها وأعطته جميع ما ساقه إليها ولم‬ ‫يكن في ذلك الزمان إمام عدل مالك مصرا ليقيم عليها الحد ولكن عزروها‬ ‫أولياؤها‪.‬‬ ‫والوجه الخامس أكثر الناس يضعون الأمانة في غير محلها‬ ‫والساعون لا ينظرون إلى مجازها ومداخلها ومخارجها يحسبونه هينا‬ ‫وهو عند الله عظيم‪ ،‬فانظر لمن ابتلي بالمواقيف () والوصايا والأمانات‬ ‫ومثل البنايات والشراكات لا يبالي بنزول الضرر على الأهل والقرباء‬ ‫والنسركاء والجيران وتتولد عليهم فتن وذهاب الأموال بالظلم فينبغي‬ ‫للعاقل أن يقف عن كل مشتبه لأن الواقف سالم والداخل في الأمور بغير‬ ‫علم نادم ‪.‬‬ ‫الموافقة بين الزوجين بالحساب الفلكى‪:‬‬ ‫قال ذو الغبراء‪ :‬حدثني رجل قل ما في يده من الأموال وسأل ما‬ ‫أحسن له من الأعمال فقيل له انظر إلى كتاب التحلية واعرف نجمك وسلي‬ ‫نفسك فإنك ترى فيه ما يسرك وما يضرك ولكنك تعلم حروف الأبجدية‬ ‫بالجمل الكبير وأسقط عددها على ما تراه في الكتب مؤثرا لذن النجوم اثنا‬ ‫عشر برجا وتسقط حروف الاسم على اثني عشر وتعطي البروج ما بقي‬ ‫الذي سماه‬ ‫الله ‪ .‬وهو‬ ‫لجهة معينة ابتغاء الأجر من‬ ‫‪ .‬وهو ما جعل صرفه‬ ‫‏(‪ )١‬جمع وقف‬ ‫الرسول (صلى الله عليه وسلم) ‪ " :‬الصدقة الجارية " ‪.‬‬ ‫‪١٦٢‬‬ ‫في يدك والابتداء من الحمل وآخرها الحوت هو الثاني عشر‪ .‬فإن عرقفت‬ ‫الحساب وضبطته ضبطا جيدا فاحسب إلى ما تريد من جميع الأمور ثم‬ ‫انظر نجمك ونجم الذي طلبته إن كان من الذكور أو من الإناث أو نجم‬ ‫البلدان أو المال أوسلعة التجارة أو أردت شراء دابة وكل شيع له اسم‬ ‫فاحسب اسمه واسم أمه والبلدان فأمها مكة والمال فأمه البلد‪ .‬واعرف‬ ‫نجم المطلوب وقس فيه على نجمك أو نجم من تريد للطالب والمطلوب‬ ‫فاعلم أن النار والريح متفقان إلا أن النار أقوى من الريح‪ ،‬والتراب‬ ‫والماء متفقان ولكن من كان نجمه التراب هو الجاذب للماء وإلا غلب‪.‬‬ ‫واعرف البرج أنه متقلب أو ثابت أو مجسد لأن البرج الثابت أثقل‬ ‫من المجسد‘ والمجسد أقوى من المتقلب‘ وأما البروج النارية فإنها تتفق‬ ‫إلا المقابل منهما لصاحبه فهو عدو له‪ ،‬والترابية مثلها‪ ،‬والرياحية متلها‪.‬‬ ‫والمانية كتلك‘ وإن كان البرج الطالب ذكرا والمطلوب برجه أنثى كان‬ ‫أحسن للموافقة‪ ،‬وإن اختلفا فبضد ما ذكرناه‪ ،‬والناري والترابي فالناري‬ ‫أقوى من الترابي‪ ،‬والترابي أقوى من الرياحي والرياحي أقوى من الماني‬ ‫والماني ضعيف© فانظر فيما ذكرناه وقس بعقلك في جميع ما تراه‘ وبعض‬ ‫يحسب بالغالب والمغقوب وهو صحيح وهو أن يحسب الإنسان اسمه‬ ‫بالجمل الكبير ويسقطه تسعة تسعة ويعرف ما بقي في يده ويحسب اسم‬ ‫من يطلبه ويسقطه كذلك تسعة تسعة ويعرف ما بقي من حسابه وينظر ما‬ ‫بقي منهما مما تراه أقوى فهو الغالب‪ ،‬واعلم إن طاح في الأفراد فالأقل‬ ‫يغلب الأكثر وكذلك إن طاحا في الذزواج فالأقل يغلب الأكثر‪ .‬وأما إن طاح‬ ‫حسابها أحد هما في الإفراد‪ ،‬والثاني في الخذزواج فالذي تراه أكثر عدده هو‬ ‫‪١٦٣‬‬ ‫الغالب‪ ،‬وأما إن اتفقا الطالب والمطلوب في عد واحد فإن كانا في الإفراد‬ ‫فالطالب الغالب وإن كانا في الأزواج فالمطلوب الغالب وإن كان اسم‬ ‫الطالب والمطلوب واحدا فأاصغر السن هو الغالب‘ قال الشيخ ناصر‪:‬‬ ‫يحتاج إلى نظر في أصغر السن فتدبر في هذا الحساب فهو صحيح مجرب‬ ‫في كل ما تريده من الأمور‪.‬‬ ‫ومنهم من يحسب اسم الطالب والمطلوب في المواققة بين الرجلين‬ ‫والزوجين ويسقط اسمهما تلاتة ثلاثة فإن بقي واحد فالرجل الغالب‪ ،‬وإن‬ ‫بقي اثنان فالمرأة الغالبة وإن بقي ثلاثة فبينهما اتفاق فاعتبرنا هذا‬ ‫الحساب فوجدناه موافقا‪ .‬ومنهم من يحسب اسم الرجل واسم أمه واسم‬ ‫المرأة واسم أمها ويجمعهما جميعا ويسقط ثمانية تمانية فانظر فيما بقي‬ ‫في يدك فإن بقي زوجا فبينهما اتفاق وإن بقي فردآً فبينهما اختلاف وقس‬ ‫بعقلك في الحساب من الرجال والنساء فإنه يتبين لك البرهان‪ .‬وأما ما قيل‬ ‫في بركة الأرزاق فإنه يحسب اسم البلد واسم مكة واسم الطالب واسم أمه‬ ‫ويسقط أربعة أربعة فإن بقي واحد فالرزق في تلك البلدة قليل‪ ،‬وإن بقي‬ ‫اثنان فإنه مكتفي برزقه‪ ،‬وإن بقي ثلاثة فموسر وإن بقي أربعة‪ ،‬فهو يعلو‬ ‫على أهل اليسر فرأينا في هذا الحساب ليس موافقا ورأينا البروج‬ ‫ومواققاتها أصح من هذا الحساب‘ فمن اعتبر في الحساب وتزوج على ما‬ ‫ذكرناه وسكن في البلد الموافقة لنجمه‘ فإنه يرى الصلاح من الزوجة‬ ‫ويتسع له الرزق في البلد‪.‬‬ ‫قال ذو الغبراء‪ :‬تعلم رجل هذا الحساب وسافر إلى بلد يريد فيها‬ ‫السكون وهي موافقة لنجمه وتزوج امرأة فذهبت أمواله لصداقها وأخذت‬ ‫‪١٦٤‬‬ ‫عليه البلد ما أعطته فما وجد فيها ربحا‪ ،‬ورجع إلى وطنه الذول وسأل‬ ‫شيخه عن ذلك قال له‪ :‬لعلك خرجت من دارك الذي هو وطنك بيوم نحسة‬ ‫أو بساعة نحسة أو القمر في منزلة نحسة؟ قال‪ :‬نعم سافرت بشيء من‬ ‫أيام الكوامل السبع‪ ،‬فقال‪ :‬من هاهنا العلة ما من البلد وما قاسه العلماء‬ ‫فهو موافق وأبصر من المتعلمين لا منازلهم كالحاسبين‘ والصلاة والسلام‬ ‫على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين‪.‬‬ ‫‪١٦٥‬‬ ‫الذكر الثاني والأربعون ‪:‬‬ ‫جامع في الأصول من الشرع والطب والأدوية‬ ‫الواردة على الاب‬ ‫والقصص‬ ‫وما أصابه من الشدة والفرج‬ ‫الأدوية التي تساعد على حبل المرأة أو تمنع الحبل ‪:‬‬ ‫قال ذو الغبراء‪ :‬جلست يوما عند صاحبي ورأيته مسروراآ‪ ،‬قلت‬ ‫في قلبي‪ :‬لعلي أستفيد اليوم منه‪ ،‬فقربت منه فقال لي‪ :‬ما حاجتك يا ذا‬ ‫الغبراء؟ قلت له‪ :‬أريد منك قصة جامعة في الأصول وأريدها تجري في‬ ‫العروق كالماء البارد الذي يسلي على القلوب‪ .‬فقال‪ :‬مرحبا ونعم ما أردت‬ ‫وأسال الله الإعانة ومنه البداية‪.‬‬ ‫اعلم أني سمعت أشياخنا في مجلسهم يقرأون كتابا فيه قصة عن‬ ‫رجل مسلم له زوجة صالحة عقيم قالوا وإن أكلت المرأة الفول أربعين‬ ‫يومآ قبل الغذاء صارت عقيماآ لا تحمل أبداء وإن دخلك الشك في هذا‬ ‫فأعطي الدجاجة الفول أياما فإنها لا تبيض‪ %‬وإذا شربت المرأة أنفحة‬ ‫الأرنب ثلاثة أيام بعد الطهر منعت الحبل وذهبت الرطوبة السائلة من‬ ‫الرحم‪ 6‬وتنفع من الصرع سقيا بالخل وتعين على الحمل إذا احتملت منها‬ ‫المرأة بعد الطهر وهي نافعة من كل سيلان ونزف من النساء وتحلل الدم‬ ‫واللبن الجامدين والجلط الغليظة وتجمد كل ذائب لأنها حارة يابسة وتنفع‬ ‫من اختناق الرحم ومن قروح الأمعاء‪ .‬قال‪ :‬وسألت المرأة بعلها أن يلتمس‬ ‫لها طبيبا حتى يعرف الطبيب ما فيها وما منعها عن الحبل فقصد الزوج‬ ‫‪١٦٦‬‬ ‫الطبيب وسأله عن امرأته أنها عقيم أتدلنا على شيء نتسبب لها؟ فقال‬ ‫الطبيب‪ :‬أما المنع فعلى سبعة أحوال ‪ 0‬فالأول ‪ :‬إذا كانت برودة في رحم‬ ‫المرأة منعها عن الحمل وبيانه إذا جامعها زوجها تشكو رأسها فدواؤها‬ ‫عين حمارة بعد أن تيبس وتوضع عليها شحم أو سمن البقر الحولي‬ ‫وتجعله في صوفة وتحمله المرأة ليلة غسلت من حيضها تلاتة أيام‬ ‫ويأتيها زوجها مع ذلك يسهل حملها‪ ،‬وقيل إذا كان برودة في رحمها فإنها‬ ‫توسم من أعلى السرة بقدر إبهام اليد كية‘ وعن شمالي السرة بعدها بقدر‬ ‫الإبهام كية‪ .‬وتوسم تحت الصلب تلاث كيات فإنها تحبل بإذن الله تعالى‪.‬‬ ‫والوجه الثاني ‪ :‬يتحول رحمها ولا تكون بها شهوة فإذا جامعها‬ ‫زوجها تشكو خاصرتها وبطنها فدواؤها أن تأخذ حب القطن وترضه‬ ‫وتأخذ لبه‪ ،‬وتأخذ مرارة كبش أجذع وتخلط عليه شينا من المسك‬ ‫وتعجنهما وتتحمله ثلاثة أيام ويأتيها زوجها فإنها تحمل‪.‬‬ ‫والوجه التالث ‪ :‬يكون في رحمها ريح من الجان وإنها ترى في‬ ‫المنام من يقرع رأسها وذلك أن تأخذ عرق الكرات وتيبسه وتسحقه مع‬ ‫لب الجوز وتشرب منه قليلا وتتحمل به في صوفة خمسة أيام فإنها تحمل‪.‬‬ ‫والوجه الرابع ‪ :‬يكون في الرحم ماء أصفر فإذا جامعها زوجها‬ ‫فإنها تحس في بطنها وقلبها رجفانا ودواؤها تأخذ كمونا ودهن العرش‬ ‫وتضعه في صوفة وتتحمل به خمسة أيام‪.‬‬ ‫والوجه الخامس ‪ :‬إذا كانت المرأة لا تحيض فليس لها دواء‪.‬‬ ‫والوجه السادس ‪ :‬من سحر في روحها ومن علاماته فإنها إذا‬ ‫نامت يأتيها في المنام مثل الجن يفزعها فدواؤها تأخذ مرارة الكبش‬ ‫‪١٦٧‬‬ ‫وكمون كرماني وشحم الحنظل وتسحقه وتتحمل به ثلاتة أيام فإنها تحمل‪.‬‬ ‫والسابع ‪ :‬التي يغلب عليها الشحم في فرجها ورحمها فإذا جامعها‬ ‫زوجها شكت كليتها وظهرها ورأسهاا فإذا حاضت أتاها دم وماء أصفر‬ ‫فدواء ذلك أن تأخذ مرارة ذنب تدقها وتعجنها بعسل النحل وتتحمل بها ثم‬ ‫يجامعها زوجها‪ .‬فإنها تحمل بإذن الله تعالى‪ .‬وبعض النساء يعملن الخبن‬ ‫ويحملن فهذا بعض البيان‪ ،‬والأدوية في الكتب لهذا الفن كثيرة‪.‬‬ ‫قال فرجع الرجل إلى زوجته وأخبرها بقول الطبيب فقالت لزوجها‬ ‫قل للطبيب ياتي إلينا وقت الضحى ولنحضر له غدا فمتسى الزوج إلى‬ ‫الطبيب وقال له تفضل بمجينك عندنا وقت الضحى فوعده وجاء إليهما‬ ‫وتغدى ونظر إلى وجه المرأة فقال الطبيب مجيبا الرجل‪ :‬إن هذه امرأتك لا‬ ‫تحتاج إلى التماس الدواء للحمل لأنه قارب أجلها ولا أرى لها أكثر من‬ ‫ستة أشهر زمانا‪ .‬فحزن الرجل وزوجته من قول الطبيب وطاحت في‬ ‫آخر الأيام وما ساح الماء‬ ‫السقم من الهم وفرق الأهل وقطعت القوت في‬ ‫في حلقها حتى مضت عليها ستة الأشهر وهي في أشد السقم فلم يظهر‬ ‫لهما شينا من قول الطبيب واعتمدت لإحياء جسمها بالماء والقوت فارتد‬ ‫عليها الفهم والنظر والعقل وأبرأها الله وظهرت في قلوبهما عداوة الطبيب‬ ‫ونكحها زوجها بعدما أفاقت وحملت من ذلك الجماع فحمد الله تعالى وعلم‬ ‫الطبيب بالحمل وبما فاحوا له من العدواة وأقبل إليهما وسلم عليهما‪ ،‬فقالا‬ ‫له‪ :‬لولا رد السلام فريضة وإلافما أجبناك‪ ،‬أنت عدو لنا لكن فلا بأس‬ ‫جزاؤك على الله! فحلف لهما الطبيب أني ما نصحت أحدا من خلق الله‬ ‫مثلكما ولكن أنتما بالطب جهلاء فما حيلتي في الشحم في الكلى والرحم‬ ‫بإزالته إلا بما قلت لكما‪ ،‬فعلما أنهما مخطنان واستغفرا ربهما واعتذرا‬ ‫‪١٦٨‬‬ ‫للطبيب‪ ،‬وحملوه من بيتهما من الهدايا ما لا يطيق حمله{ ومشى عنهما‬ ‫واستعد الحمل في بطنها لأنها صحيحة الجسم قما اشتكت شينا حتى تمت‬ ‫أشهره‪ 6‬فوضعت به ولدا ذكرا ومن العيوب خالصا{ وربته أمه أحسن‬ ‫تربية ولم تحل به أسقامؤ وكل يوم في شباب حتى عرف اباه وأمه وقريبه‬ ‫وبعيدهؤ وما يسره وما يضره فنزل بأبيه الألم وتناقل في السقم و عرف أنه‬ ‫لا محالة راحل من الدنيا فقال لولده‪ :‬أوصيك بمشورة فلان وفلان الذي‬ ‫كبر سنه وجلس في مسجده وبيته فلا تنفذ أمرا إلا بإذنه‘ فإنه دليل‬ ‫بالعواقب ‪ 0‬وقال شعرا ‪:‬‬ ‫ويا دار دنيا إنني راحل عنك‬ ‫أيا فرقة الأحباب لا بة لي منك‬ ‫ويا ستكرات الموت مالي وللضّحنك‬ ‫وبأقصر الأيام ما لي وللمنى‬ ‫إذا أنا لا أبكي لنفسي فمن أبكي‬ ‫ومالي لا أبكي لنفسي عبره‬ ‫‏‪ ١‬لكلام حتى قضى الله نحبه في يومك‪.‬‬ ‫عن‬ ‫فلما تم شعره تقاصر‬ ‫وغسله وصلى عليه شيخه ودعا له بالعفو والغفران فنزلوه مع ارتفاع‬ ‫السسجدة‪ ،‬لأنه جائز في ذلك الوقت النزول على ما قال لنا الشيخ ناصر‪.‬‬ ‫ما يجب أن يعلمه الصبى ‪:‬‬ ‫ثم رجع الشيخ مع الولد وقال له مهما بدت لك حاجة فتعال عندي‪.‬‬ ‫فقال الولد‪ :‬أوصني بشيعء كما أوصاني أبي بك‪ .‬فقال له‪ :‬سر إلى المدرسة‬ ‫مع المعلمؤ وقل له يعلمك واخدمه في المساء والصباح‘ وكف يدك عما في‬ ‫أيدي الصبيان ولا تجادلهم في الكلام؛ وعليك بالإياس عما في أيدي‬ ‫الناسؤ ولا تنظر إلى الحرفة فإنها أمك تخدمك ما دمت طفلا إلى جريان‬ ‫ماء شبيبتك‘ وعليك بالصمت في جميع أمورك ‪.‬‬ ‫‪١٦٩‬‬ ‫فامتثل الولد لقول الشيخ وقصد إلى المعلم فسكنت محبته في قلب‬ ‫المعلم‪ ،‬وأقبل إليه بالتعليم في الحروف والكلام والألفاظ والآداب حتى‬ ‫ترعرع الولد ونظفته') أمه وعلمه المعلم الطهارة والنية والصلاة وما‬ ‫ينقضها ومالا ينقضها وفرورضها وسننها وحدودهاش تم علمه عقد صيام‬ ‫شهر رمضان وما ينقض الصوم وما لا ينقضه‘ و علمه صلاة القصر‬ ‫والجمع للسفر والنية لتأخير الصلاة وما يجوز له فيها من صلاة المفرد‬ ‫والجماعة‪ ،‬و علمه توحيد البارئ سبحانه وتعالى وبأسمانه الحسنى وأن‬ ‫اله خالق كل شيء‪ .‬ورازق كل شيء وليس كمثله شيء ولا تدركه‬ ‫الأبصار وهو يدرك الأبصار وأن ما جاء به محمد من عندالله فهو الحق‬ ‫المبين مجملا ومفصلاء وأن يتولى الله ورسوله والمسلمين ويبرئ ممن‬ ‫برئ منه الله ورسوله والمسلمونس وأن لا يخاف في الله لومة لائم‪.‬‬ ‫واجتهد الولد في التعليم وحفظ من العلم ما يسر الله له‪ ،‬وبدأ يجري‬ ‫بجسمه ماء شبيبته فازداد جسمه بهاء وجمالا فكل من نظره من الرجال‬ ‫والنساء ما غض طرفه عنه حتى يتوارى عنه‪ .‬فقال له المعلم‪ :‬اعلم أيها‬ ‫الولد عليك باداء الفرض قبل النفل والآن فالآجر”") أن تخدم نفسك و‬ ‫والدتك لطلب القوت الحلال والكسوة للسترؤ وإن اردت أن تدخل في أمور‬ ‫الدنيا ففضل دراهم من كد يمينك لتحصن بها فرجك عن المحارم وانظر‬ ‫بعينك وخذ بالذي يهوى قلبك من النساء ‪.‬‬ ‫صفات الزوجة الصالحة في القصة ‪:‬‬ ‫ثم فارق المعلم وامتثل لأمره ودخل في أشغال الدنيا واستأجر مع‬ ‫(‪ )١‬أي ‪ :‬ختنته‪. ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬أي ‪ :‬الاكثر أجرا"‪.‬‬ ‫‪١٧٠‬‬ ‫الناس وأخذ في الخدمة وفي جسمه قوة وصحة فكل خدمة أخذها أتمها‬ ‫قبل أصحابه المستأجرين فأعجبتهم الناس خدمته وصفاوته وسرعته‬ ‫فرغبوا إلى تقريبه من قناعته وأدبه واإاغضاض طرفه عن بيوتهم‬ ‫وعوانيهم() وهو يدافع شهوته عن الحرام ولم يجد في يده شيء‬ ‫لإحصان فرجه بالحلال‪ .‬فوصل إلى شيخه وساله بالذي يجوز له من‬ ‫النكاح فقال له شيخه‪ :‬اقصد أيها الولد حاكم البلد‪ .‬فقصد إليه ورأى الحاكم‬ ‫جسمه أسود اللون مظلم الوجه‘ كالح الأنياب قريب الغضب فسلم عليه‬ ‫ورد عليه الجواب وقال له‪ :‬ما حاجتك عندي أيها الولد أسائلاً أم شاكياً؟‬ ‫فقال له‪ :‬جنت عندك لتدلني على امرأة أستر بها عورتي‘‪ ،‬ولكني أراك أيها‬ ‫الحاكم نحيل الجسم فأجابه أما سمعت أن من جعل قاضيا فقد ذبح بغير‬ ‫سكين أما سمعت عن الملك مالك خازن جهنم يفوح من مناخره لهيب‬ ‫ودخان ولا زال به الغضب على العصاة وأنا في أشد بلية من عداوة‬ ‫المحكوم عليه ومن خوف الله أن يدخلني الطمع والشف"") ومتابعة‬ ‫الهوى‪ 0‬فهذه علتي في جسمي لم تزل وما زلت في الحكم ثم قال‪ :‬كيف‬ ‫مطلوبك من النساء ألك قدرة مع الأغنياء أو من نساء الفقراء تريدها بكرا‬ ‫أم شابة أم كهولة أم حيزبونة(") ؟ فقال الولد‪ :‬أريدها من أهل بيت‬ ‫وشرف‪ .‬فقال له الحاكم‪ :‬الفقير لا يبالي أن يأخذ من النساء ما حصل لكسر‬ ‫شهوته إن وجد حرة وإلا أخذ أمة‪ .‬فرجع الولد إلى شيخه وأخبره بقول‬ ‫الحاكم فقال له‪ :‬الساعة اصبر وإن الله مع الصابرين ‪.‬‬ ‫تم أشار عليه أحد من إخوانه أن يخطب ابنة الزاهد فأعجبه قوله‬ ‫‏(‪ )١‬أي ‪ :‬نسائهم ‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬أي ‪ :‬الميل والهوى‪. ‎‬‬ ‫)‪ (٣‬أي ‪ :‬عجوز‪. ‎‬‬ ‫‪١٧١‬‬ ‫وجاء إلى شيخه وأخبره بما قيل له عن ابنة الزاهد فقال له شيخه‪ :‬اعلم‬ ‫ولدي أنا ليس لي معرفة بأصول الناس ولكن ينبغي لك إن أردت امرأة‬ ‫تسأل عنها قبل أن تدخل في أمرها أنها سالمة من الدساس أم لا‪ ،‬ولكن‬ ‫تمهل حتى يصل عندنا صاحب الحساب فلما وصل إليهما أخبراه أنهما‬ ‫يريداه امرأة فحسب لهما ووجد المرأة بكرا أديبة مدينة جميلة ولكن بها‬ ‫عرق من الخؤولة حتى تعرفاها فأشار عليه شيخه بالوقوف عنها‪ ،‬ثم‬ ‫قالت له والدته‪ :‬إني وجدت لك امرأة فقيرة صغيرة قنوعة صبوزة جميلة‬ ‫موافقة لك صاحبة إقبال للرجال وهي ترعى غنما لفلان كل يوم باجرة‬ ‫لقوتها وكسوتها ‪ .‬فاسترَ الولد من قول والدته وقصد إلى شيخه وأخبره‬ ‫بقول والدته فقال له مهلا‪ .‬فدبر للفنكي ووصل إليهما وأضمر له الولد‬ ‫فاجابهما بأخلاق المرأة‪ .‬وأنها تێب قد دخل عليها شاب بالحرام لا بالحلال‬ ‫وصفة لون كذا وكذا فشك الولد في قوله ولم يعجبه قول الفلكي ومشى مع‬ ‫تسريح الأغنام ورأى المرأة فاعجبته صورتها وسألها عن حالها‬ ‫وتزويجها إليه فسرها قوله وأجابته بالرغبة فقالت له‪ :‬إن كنت راغبا‬ ‫فعجَل البناء عن ذهاب شبابنا‪ .‬فتقدم الولد إلى الفلاة ينظر المرأة عند‬ ‫رعيها للاغنام وطلع في شارف الجبل فنظر رجلا بالفلاة واقف للمرأة فلما‬ ‫وصلت عنده المرأة هب بها وسألها عن تأنيها عن عادتها فقالت له‪ :‬إني‬ ‫وجدت رجلا وأرادني ليتزوجني فأعودني ليأخذني واليوم لا تعزل شهوتك‬ ‫عن رحمي فجامعها واستلذت به بشهوته لذة شديدة فقالت له‪ :‬زدني‬ ‫فزادها وفي ظنها إن حبلت ليأخذها الذي عاهدها فرجعت الابنة بالفرح مع‬ ‫أم الولد وأخبرتها أن ولدها أرادها وإني محبة له وراغبة فيه‘ فأخبرت‬ ‫الذم ولدها بوصول المرأة عندها ‪.‬‬ ‫‪\٧٢‬‬ ‫فقال لها‪ :‬إن المرأة كالجحةا) ورأيت بعيني الجحة مثقوبة‬ ‫وماكولة فلا فاندة في القشر الخارجي إلا للدواب‘ وأخبر شيخه بما نظر‬ ‫وتصحيح قول الفلكي‪ ،‬وتبين حمل المرأة على الناس وسجنت حتى‬ ‫وضعت حملهاء وأما الولد فقصد الطبيب فرآه قاسي القلب لا يكلم الناس‬ ‫لا بالغضب وله همة في الطمع‪ .‬فوصل إليه رجل وساله عن فك اللحى‬ ‫الأسفل‪ .‬قال‪ :‬ينبغي أن ينظر فإن كان الكسر قريبآ من الفك الذيسر أن‬ ‫تدخل الاصبع الوسطى من اليد اليسرى والسبابة في الفم وترفع بها‬ ‫ليجذب الجاذب من الفك إلى الخارج حتى يستوي وتسويه على شكله من‬ ‫خارج باليد اليمنى‪ ،‬فإن كان الكسر في الفك الأيمن فأدخل اليد اليمنى‬ ‫وافعل بها مثل ما ذكرت لك وأنت تعرف رجوع الفك إلى حاله‘ فلما أخبره‬ ‫بهذا أعطاه محمدية‪ .‬فقال الولد للطبيب‪ :‬أسألك عن مسألة في الطب‪ .‬فقال‬ ‫له‪ :‬قدم العطاء قبل السؤال‪ .‬فقال له‪ :‬أما ترحم فقري وجسمي عن النار‬ ‫والعار وأنا جنت مستجير بك وأقول لك أعوذ بالله من كل غلمة لم تكن‬ ‫لها عدة‪ ،‬فقال له‪ :‬عليك بالعزلة عن النساء واجتهد لإشمام رؤوس الكاذي‬ ‫وأكل النبق والبقلة الحمفاء مع الخل واللومي‘ وأكل الملوحات‬ ‫والحموضات فإن الله يخفف عنك‘ قلت له ‪ :‬فما دليلك بالطب ؟ قال‪ :‬لا بد‬ ‫للإنسان من طب يذب به الداء عن جسده والدخول فيه أولا أن يعرف‬ ‫الأربع الطبائع وكل طبع له موضع كالحرارة اليابسة لها القلب‘ والحرارة‬ ‫الرطبة موضعها الكبد‪ .‬والبرودة اليابسة لها الطحال‘ والبرودة الرطبة‬ ‫مسكنها الرنة‪ ،‬وكل دواءه بضده ولكن ينبغي أن يعرف العلة وما ينفعها‬ ‫من الأدوية وإن قال الطبع واحد فمنه ثقيل ومنه خفيف ومنه ملين مسهل‬ ‫(‪ ()١‬أي ‪ :‬البطيخة‪. ‎‬‬ ‫ت‬ ‫ومنه قابض ردئ ومنه ممتزج ولا بد من المسهلات قبل أكل الأدوية وكل‬ ‫دواء للامساك ‪:‬‬ ‫قلت لذي الغبراء‪ :‬بين لي جامع في التسهيل والحلول؟ قال‪ :‬يؤخذ‬ ‫عرق الرشا المفترق يغسل جيدا ويقشر عنه جميع التراب ويقشر قشره‬ ‫تم ييبس ويدق ويؤخذ ملح نصف مثقال ويدق الجميع ويشرب في خل‬ ‫حاذق أو لبن حامض« ومن أخذ من قشر الرشا مثقال ومثله طحين البر‬ ‫ومتله ملح ومثله سكر يطبخ الجميع بسمن بقر وإن أردت أن يقطع‬ ‫فاشرب لبنا غير ممخوض واغتسل بالماء البارد‪.‬‬ ‫ذكر شربة حبة الملوك ‪:‬‬ ‫توضع حبة الملوك في وسط حبة لومي وويوضع في عجين وتدخل النار‬ ‫حتى تنضج وتخرج وتفلق الحبة ويخرج من وسطها الذي فيها وتدق‬ ‫وتوضع مع كل حبة حبة اهليليج أصفر منزوع النوى ويعجن بعسل‬ ‫ويؤكل منه قليل فإنه يحل‪.‬‬ ‫قال له الشاب‪ :‬وما الدليل على معرفة الطبيعة؟ قال له‪ :‬بثلاثة‬ ‫أشياء أولها بنبض العرق والثاني بمعرفة البول قبل الاستفتاح‪ ،‬والثالث‬ ‫بمعرفة الفم إن كان حلقه وفمه حارا فمن الدم‪ ،‬وإن كان مرا فمن‬ ‫الصفراء‘ وإن كان حامضا فمن السوداء‘ وإن كان مالحا فمن البلغم؛ وأما‬ ‫الفصد فهو على خطر عظيم ولا يحكمه إلا الأطباء‪ .‬لأن العروق في بني‬ ‫آدم مركبة على تركيب السنة فاولها عرق واحد وينقسم اثنا عشر عرقا‬ ‫كعدد الأشهر وهي الذي عليها العمل في الفصد ‪ 0‬وكل عرق يتفرق منه‬ ‫‪١٧٤‬‬ ‫ثلانون عرقا على عدد أيام الشهر‪ .‬وكل عرق ينقسم منها أربع وعشرون‬ ‫عرقا على عدد ساعات الليل والنهار وكل عرق ينقسم بخمسة عشر‬ ‫عرقا لأن الساعة خمس عشرة درجة ‪ 0‬وكل عرق ينقسم بستين عرقا لأن‬ ‫الارجة ستون دقيقة‪ .‬وكل عرق منها ينقسم بستين عرقا لأن الدقيقة‬ ‫ستون تانية‪ .‬وكل عرق ينقسم بستين عرقا لأن التانية ستون تالثة‘ وكل‬ ‫عرق ينقسم بستين عرقا لأن الثالة ستون رابعة قعلى هذا العدد إلى‬ ‫العواشر‪ ،‬والعصب والعظام كل له عدد وله أدلة في كسره ورضه وزللهء‬ ‫ولا يدخل الإنسان في شيء حتى ينظر الداء ويحكم له بالدواء‪ ،‬ولابد‬ ‫للطب من معلم لأن أكثر موتى المسلمين بسبب الأطباء وعليهم الضمان‬ ‫في ذلك‪ .‬ثم رجع الشاب عن الطبيب إلى بيته ونام في ليلته فرأى كأنه‬ ‫طالع إلى جبل عال فلما بلغ قمته أقبلت إليه طيرة خضراء ونزلت في‬ ‫حجره ‪ .‬وكلمته بكلام عربي ‪ .‬تم أقبلت إليه نعجة وعليها صوفة حسنة ‪.‬‬ ‫وقبضها بيده وكان لها رانحة مثل مسك الذذفر فبدت تقرأ الفاتحة‬ ‫والطيرة قرأت سورة الإخلاص والشاب قرأ آية الكرسي فلما خلص من‬ ‫قراءته لم تقدر النعجة تمشي عنه ولا الطيرة تفر عنه فوقفا بين يديه‬ ‫والشمس في كبد السماء في برج الحمل وتتصل بالمشتري من تثليث‬ ‫فنهض من نومه وقص روياه على شيخه فدعا الشيخ بمفسر الأحلام‬ ‫فوصل إليه وقص الشاب عليه رؤياه فقال‪ :‬رؤياك تدل على أنك تتزوج‬ ‫امرأتين من العرب وتبلغ من السلطان مرادك قي دنياك على ما تحب‬ ‫نفسك ولكن قبل البلوغ‘ صعدت الجبل وهو وعث لا بد من البلاء‪ .‬فقال‬ ‫وعلى السنة والأثر‪ .‬قإن الله يفتح لك الأبواب وإياك أن تقص رويلك إلا‬ ‫على معبر أو أحد من الذخوان من ثقات المسلمين لأن الفال في الرؤيا‬ ‫حجة لتفسيرها فقس على ما ذكرته والله المعين ‪.‬‬ ‫‪١ ٧٥‬‬ ‫فقال الشاب‪ :‬رؤيا منامي زادتني لهيب في أحشاني‪ .‬تم قصد إلى‬ ‫عالم الأمة وسلم عليه ورد عليه الجواب والتحية قال فرآه أحب الحبيب‪.‬‬ ‫وأقرب القريب‪ ،‬وهو المكرم المهيب المهذب الحليم‪ ،‬السهل الكريم‪ ،‬الكثير‬ ‫الخير‪ .‬القليل الشر البهي الجميل الكثير الصلاة{ الباذل الزكاة المتجافي‬ ‫عن الفراشس الزاهد في الرياش‘ متبسما حليما متكرما مهذب الذخلاق‬ ‫طيب المذاق لا يضن بما لديه من مال‪ ،‬ولا ينسى ربه في حال ليس‬ ‫بالمايس المغضوب والمتجهم الغضوب‘ حسن البشر طيب الخير مجانب‬ ‫الذنوب ‪ 0‬مبغض الكذوب لا يسعى إلا فيما يحبه الله ويرضاه‪ .‬فقال الشاب‪:‬‬ ‫جنت إليك شيخنا سانلا عن أمر دخل في قلبي من حب النساء ولا قدرة لي‬ ‫على المهر‪ .‬فقال له عالمه‪ :‬إن الذي أحبهن هو خيرمنا ولكنك لا تتكلم إلا‬ ‫بما تعرفه أنه جائز لك ولا تدخل في شيع إلا بما تعلم أنه يجوز لك‬ ‫الدخول فيه‪ ،‬فإذا عرفته ضبطا ادخل فيه ما لم يكن عليك فيه مشقة فاول‬ ‫ابتدانك اعرف الحلال والحرام من الأموال والفروج واعرف ما يجب لك‬ ‫وعليك من لوازم النساء والحيض والنفاس والوطئ والامتناع في الإيلاء‬ ‫والظهار‪ .‬قال‪ :‬فسكت عني قلت له زدني زادك الله خيرا‪ ،‬قال‪ :‬المتعلم له‬ ‫كل يوم مسألة أضبط له في حفظها‪ ،‬قلت له‪ :‬حفظتها‪ ،‬قال‪ :‬فرأيته دخل في‬ ‫قلبه الغيظ وقال‪ :‬ليس هذا من آداب المتعلمين‪ .‬فازدرت عيناه ومشى‬ ‫عنيؤ فراجعته باليوم الثاني فقال‪ :‬مرحبا بالمحب الشفيق العابد الشاب هو‬ ‫الرفيق والواجب على المعلم أن يعلم بعلمه ويضعه في موضعه وأنت الآن‬ ‫من أهله سل ماشنت‪ .‬قلت له‪ :‬ما تقول في المرأة إذا أرادت أن تتزوج‬ ‫ومنعها أولياؤها وخافت على نفسها الضرر ولم تجد حاكما والسلطان عند‬ ‫أوليانها‪ .‬وإن وصلت إليه ما سرها ولم يرد عنها أولياؤها كيف الحيلة‬ ‫والجواز لها؟ قال‪ :‬تخرج من بيتها وتصل في مجلس اوليانها وتقول لهم‬ ‫‪١٧٦‬‬ ‫زوجوني بفلان ابن فلان ويقول لهم الذي أرادها زوجوني كما أمرتكما‬ ‫فإن قالوا حاشا وكلا لا نزوجها وإنا نخاف السلطان على أنفسن توكله هو‬ ‫بنفسه فإن زوج نفسه بمحضرهما فقد تم نكاحه‘ فإن عارضه معارض‬ ‫فليس له حجة وقد أقيمت الحجة وإن تشجع أحد وزوجه بأمرها بمحضر‬ ‫الجماعة فحسن وكل أخبر بأهل زمانه‪.‬‬ ‫ومشى عنه وعاوده كل يوم يتعلم من عنده ثم قصد مع شيخه‬ ‫وأراد من صاحب الفلك الوصول فوصل عندهما بالليل وسألاه عن النساء‬ ‫هل ترى في الفلك زوجة للشاب؟ فنظر الفلكي إلى السماء وفكر في الطالع‬ ‫والتابع وما بينهما من أربابهما من المناظرة والاتصال فقال الفلكي‪ :‬رأيت‬ ‫له زوجتين من أحسن بيت وشرف©‪ ،‬فواحدة بكر ولها خد أسيل وطرف‬ ‫كحيل‪ 6‬إن مشت كأنها عود بان‪ ،‬أو قضيب خيزران‪ ،‬ناعمة اللحم بيضاء‬ ‫دعجاء } وتقول ‪ :‬أين زوجي الذي يكون سته كسني‘ؤ وصورته أحسن من‬ ‫صورتي‘ والمرأة الثانية ثيب ولكن لها وجه كالبدر المستدير حمراء‬ ‫الشفتين خدلجة الساقين‪ 6‬تقيلة الأعجاز؛ خميصة البطن غايصة العروق‬ ‫والعظام؛ ولكنهما (الزوجتان) بعيدات عن الوطن على مغرب بنات نعش‬ ‫مسير شهر زمان وفي ظني أنها بلد كذا وكذا لأني نظرت البرج الذي فيه‬ ‫الاليل وحسبت ما قطع من الدرج والدقانق من البرج الثابت ومن هكذا‬ ‫البعد لأن الدقيقة في الثابت ألف خطوة والدار التي فيها المرأتان بها علة‬ ‫الجدري‪ .‬قال الشيخ لولده‪ :‬اقصد إلى معلمك الفقيه وأخبره بقول الفلكي‬ ‫لأنه لا يجوز إنفاذ الأمر إلا بسلطان ‪ .‬ققصد الشاب إلى معلمه وأخبره‬ ‫بقول الفلكي ‪.‬‬ ‫صفة دواء لمرض الجدري ‪:‬‬ ‫فقال له معلمه‪ :‬اقصد إلى الطبيب واسأله عن الدواء للداء‪ .‬فقصد‬ ‫‪١٧٧‬‬ ‫الطبيب وسأله عن أذية الجدري هل لها دواء؟ قال‪ :‬نعم إن أخذ من قيح‬ ‫الجدري قليلا ورطب به أكراف الريشة وشطب بها تحت الكتف من اليدين‬ ‫مقدار أربع أصابع شطبين أو ثلاثة في كل زند وصفة الشطب هو أن يأخذ‬ ‫الريشة وبعض يسميها مشرط وياخذ طرفها ويدخلها بين الجلد واللحم‬ ‫حتى تدخل قليلا في كل شطب على هذا فإنه يطلع به الحب على قدر ما‬ ‫شطب وتنزل به الحمى كحمة الجدري والحالة الخأخرى شراب الكاذي‬ ‫مهما بدت به الحمى وشرب منه الإنسان بقدر تمرة أو تمرتين أو ثلاث‬ ‫يشرب منه حتى يحله‪ ،‬فإنه لا يطلع به الجدري أكثر من عشر حبات وأقله‬ ‫ثلاثا‪ .‬وأما بعد ظهور الجدري فلا يشرب منه وهو مضر‪ .‬قلت له‪ :‬فما‬ ‫صفة هذا الدواء؟ قال‪ :‬هو أن يؤخذ سكر الأقلام وسكر الأبلوج ويطبخ‬ ‫بثلاثة أسهم حليب غنم ثم في خل بكر نصف سهم ثم بماء خشب الكاذي‬ ‫من حيث الورق إن لم تجد الرأس ثم يعصر ماؤه وتطبخ العصارة بقدر‬ ‫أربعة أسهم أو أزيد ثم يؤخذ ماء الصندل الأحمر وماء الصندل الأبيض‬ ‫مبرودين بمبرد حديد وماء العناب وماء تمر الصبار الهندي وقضيمة‬ ‫نجار وبذر المثيبة ورمان حامض ورمان حار وهيل من كل واحد سهم‬ ‫وورد عجمي نصف سهم وكل واحد من الأدوية يطبخ بالماء ويؤخذ ماؤه‬ ‫إلا الرمانين وتمر الصبار فلا يحتاج إلى طبخ وفي آخر الأمر ماء ورد‬ ‫أعجمي فإذا صار جامدا مثل العسل النخين يحدر ويساط بقليل زعفران‬ ‫وقليل قرنفل والشربة منه بقدر تمرة الفرض المتوسطة قبل ظهور‬ ‫الجدري في أوان الحمى‪.‬‬ ‫وأما إن ظهر بالإنسان الجدري فلا يشرب منه خوف أن يقتله لأنه‬ ‫مضر بعد الظهور‪.‬‬ ‫وأما اللواتيا والبانيان فيشربون حليب البقر مع ابتداء الحمى لا‬ ‫‪١٧٨‬‬ ‫غيره‪ ،‬وإن ظهر حبه في الجسد فيأكل الإنسان الحرارة والسمن وإن حمل‬ ‫بالقيح يأكل البرودة‪ .‬وإن قهر عليه الحلق يشرب له سكر الأقلام أو‬ ‫الفرصاد وقيل إن الأنمد إذا جعل في الماء وشربه الإنسان نفع الحلق‪.‬‬ ‫فقال الشاب للطبيب‪ :‬أعندك أنت منه؟ قال‪ :‬نعم عندي‪ ،‬قال له‪:‬‬ ‫لعلك تتفضل بشيء منه علي‪ .‬ققال له‪ :‬هذا معدوم ولا يوهب ولكني‬ ‫أعطيك‪ .‬فأتى إليه بقدر كيسين عمان‪ .‬وقال له‪ :‬هذا تمنه مانة محمدية‬ ‫ومهما قدرت ونفعك فأريد الثمن قال الشاب‪ :‬فأخذته من عنده وحفظته‬ ‫ورجعت إلى صاحب الفلك فقلت له‪ :‬لعلك تخبرني بشيء من علوم الفلك؟‬ ‫قال له‪ :‬يحتاج إلى تعليمه بالليل والنهار حتى تعرف المنازل والساعات‬ ‫والبروج وأربابها وكل كوكب كم يقطع كل يوم من الدقائق من البروج‬ ‫والمنازل لان المنازل ثماني و عشرون منزلة والبروج اتنى عشر برجا كل‬ ‫برج له منزلتان وثلث منزلة والبرج له ساعتين لأن البرج ثلانون درجة‬ ‫والساعة خمسة عشر درجة والدرجة ستون دقيقة والدقيقة ستون تانية‬ ‫والثانية ستون تالتة والثالنة ستون رابعة والربعة ستون خامسة فيبلغ‬ ‫ذلك إحدى وعشرين ألف ألف ومائتين ألف وستة وتسعين ألفا وسبعمانة‬ ‫ألف وستين ألف تالتة وستين رابعة يكون مبلغ ذلك ألف ألف ألف‬ ‫وستمانة ألف رابعة فهذه دقائق درج البروج التي تولد بها الناس‬ ‫والدواب والطير وكل ما خلق الله عز وجل من خلق طلع في الساعة‬ ‫الواحدة من هذه الدقانق والروابع الف ألف وأربعمانة وسبعون ألف ألف‬ ‫وأربعمائة ألف رابعة فمن قبل ذلك لا يوجد وجهان يشتبهان‪ ،‬فمن قبل ذلك‬ ‫يختلف الناس في الخلق والصور‪ .‬قال الشاب‪ :‬فعجزت عن هذا العلم وما‬ ‫أخذت منه إلا قليلا لصلاح ديني وفرانضي‪ .‬قال الشاب‪ :‬سرت يوما إلى‬ ‫‪١٧٩‬‬ ‫الصحراء ورأيت رجلا جالسا فدهش عقلي من هيبته فاومأ إلي بوصولي‬ ‫عندها ففزعت منه فزعا شديدا فقلت له‪ :‬لعلك أنت صاحب الأسماء‬ ‫والطلاسم؟ فقال لي‪ :‬أ عطاني ربي القليل مما ذكرته‪ .‬قلت له‪ :‬أفدني من‬ ‫ذلك فكتب هذه الأبيات‪:‬‬ ‫وسمع منك قولك في المقال‬ ‫أتطلب أن تكون كتير مال‬ ‫شسر به ومن كل الرجال‬ ‫ومين كل النساء ترى ودادا‬ ‫مَهابا مكرما وكتير مال‬ ‫ويأتيك الفنى وئرى سعيدا‬ ‫من الأمراء ومن كل والي‬ ‫وئكفى كل حادنة وضر‬ ‫مكملة على مر الليالي‬ ‫فقل يا حي ياقوم ألفا‬ ‫كل غالل‬ ‫أشرت إليه يرخص‬ ‫بليل أو نهار كان فيما‬ ‫ففيه ئبلغ الرتب العوالي‬ ‫ولائتدعُةه‬ ‫فلازم ماذكرت‬ ‫ينيلك ما تريذ من السوال‬ ‫وفي ذكراك يا وهاب سرا‬ ‫وتقبض باليمين وبالشمال‬ ‫وتكبر أنت عنة الناس طرا‬ ‫قال الشاب‪ :‬تلوت هذه الأسماء بالليل والنهار ثم نزل بوالدتي‬ ‫السقم وماتت وبقيت وحيدا قضاقت علي الدنيا وأنا في العزوبية أعمل‬ ‫لنفسي طعاما وأكتسي ثيابا من السوق فهممت بالرحيل وقلت لشيخي‪:‬‬ ‫لأساقر إلى البلد الذي ذكر فيها النساء فعسى يتوسع علي الرزق فيها‬ ‫ومتى وصلت فيها واستقرت نفسي بها أرسلت إليك تعريفا وارقبه إلى‬ ‫ستة أشهر فإن لم يصلك بيان مني فاعلم بأني راحل أو في مصيبة من‬ ‫مصائب الدنيا‘ فوادع شيخه وقام يخدم نفسه في طريقه لمعاشه حتى‬ ‫أوصله الله بقرب الدار التي أرادها فنظر رجلين من الحرامية ومعهما‬ ‫‪١٨٠‬‬ ‫أسير مرادهما قتله! فسلم عليهما وقالا في أنفسهما هذا رجل فقير لا نرى‬ ‫بأيديه سلاحا وليس معه متاع فلا فاندة في قتله ولا حاجة لنا به‪ ،‬فردا‬ ‫عليه السلام فقال لهما‪ :‬أريد منكما أن تسمحا لي بتفليت السير‪ .‬فقالا له‪:‬‬ ‫سر في سبيلك وأنت سالم منا بنفسك‘ ولا تطمع بمثل هذا من عندنا‪ .‬قال‬ ‫لهما‪ :‬لا بد من تفليته أطلقاه من كفاته فقد لزمني جهادكم وأنا قادر عليكم‪.‬‬ ‫فلم يصح منهما له جواب‪ .‬فعمد إلى تفليته وجذب أحدهما سيفه ورفع به‬ ‫على الشاب فلاذ عنها وساق عليهما الجاه فما زادهم إلا نفورا ورقع عليه‬ ‫ثانية فلاذ عنهما‪.‬‬ ‫ثم عفد(ا على أحدهما وغلا((‪)٢‬‏ في الهواء وضرب به الخرض‬ ‫وأعطاه مركاضا«") في دفته(‘ا وأضلاعه ورجع إلى الثاني وقال له‪ :‬افلح‬ ‫واجفن سيفك ‪.‬‬ ‫فرفع بسيفه على الرجل ولاذ عنهما ثم هواه كالباز وضربه‬ ‫جمعا(ثافي صداغه والجمع الثاني على جبهته فطاح مغشيا متل صاحبه‬ ‫وفلت الأسير وقال له‪ :‬خذ سلاحك وحمارتك وتيابك ولا تأخذ عليهما شينا‬ ‫فبقوا في الأرض هم وسلاحهم وبوشهم«(") فركب الأسير على حمارته‬ ‫والشاب على أثره فقال الأسير للشاب‪ :‬أنا وزير الملك وما أخلص منك ‪.‬‬ ‫فقال الشاب ‪ :‬الحمد لله ‪ 0‬وأنا حاجتي معكما ؛ فقام الوزير يؤنس‬ ‫‏) ‪ ( ١‬أ ي ‪ :‬قفز ‪.‬‬ ‫‏) ‪ [ ( ٢‬ي ‪ :‬رفعه ‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏) ‪ [ ( ٢‬ي ‪ :‬ركضه برجله‬ ‫‪.‬‬ ‫‏) ‪ ( ٤‬أ ي ‪ :‬جنبه‬ ‫‪.‬‬ ‫‏) ‪ ( ٥‬الجمع ‪ 4‬أ ي ‪ :‬قبضة الكف‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ :‬الجمال‬ ‫‪ ،‬أي‬ ‫‏) ‪ ( ٦‬البوش‬ ‫‪١٨١‬‬ ‫الشاب في طريقه حتى وصل الوزير إلى بيته وأمره بالدخول في إحدى‬ ‫مقاماته فنظر الوزير إلى عياله فوجد بها حمة الجدري ويسمع الشاب‬ ‫تأوهها فسأل الوزير في بيتك سقيم؟ فقال له‪ :‬هذه زوجتي بها حمى شديدة‬ ‫وهي حمى الجدري فقرب الوزير الطعام للشاب وأكل ما طاب له من تلك‬ ‫النعم فقال الشاب‪ :‬لعلني أصنع الجمالة بتمامها في الوزير وأهله وأقسم‬ ‫الشراب الذي معي وأعطيها النصفؤ والباقي يكفيني فقال الشاب للوزير‬ ‫عندي لك دواء لزوجتك لحمى الجدري ولعلنا نعطيها تشرب حتى يخفف‬ ‫الله عنها‪،‬ؤ فقال‪ :‬نحب ذلك‪ ،‬وأتوا إليه إناء وجعل فيه الكاذي والماء وقال‬ ‫فيه بدوح بدوح سبع مرات ود بيني وبين هذه المرأة الشاربة من الدواء‬ ‫حتى تكون لي مساعدة لي في تسهيل أموري وما إرادتي إلا للحلال وقرأ‬ ‫عليه وشربت المرأة الدواء فحلها من ساعتها وفترت حمتها وما فقدها‬ ‫أحد من أرحامها ولا من جيرانها وطلعت في جسدها سبع حبات جدري‪.‬‬ ‫ثم دخل في قلب الوزير أمر فاحش وقال‪ :‬إن علم الملك بقصتي‬ ‫وتفليتي على يد الشاب وعرف ما معه من الخصال المحمودة لقربه‬ ‫وقذاني من عينه ولكني أصنع حيلة لهذا الشاب فقال له‪ :‬قف بالمقام في‬ ‫الكراسي حتى أرجع إليك فقصد الوزير مع الملك وقال له‪ :‬اعلم أيها الملك‬ ‫أن زوجتي وقع بها ألم شديد وشرف علينا رجل غريب وأعطاني إليها‬ ‫دواء وظهر لنا بأنه سما وجلبنا إليها الروب والحازر () المبردة فهون‬ ‫الله عنها وقد حجرت بالغريب في البيت وأريد له حبسا في أشد مكان‪.‬‬ ‫فارسل الملك إليه خدمه وأمر بسجنه فجاءه الخدم وقصدوا به إلى السجن‬ ‫فسجن فقال الشاب هذا البيت ‪:‬‬ ‫‪ :‬اللبن‪. ‎‬‬ ‫) ‪١ ( ١‬ي‬ ‫‪١٨٢‬‬ ‫نعيم‬ ‫ولا‬ ‫يدوم‬ ‫بؤس‬ ‫ماشدةإلاولها فرج‪ .‬ولا‬ ‫فأجابه أحد بالبيت الثني من أصحاب السجن ‪:‬‬ ‫رخاء‬ ‫شدتها‬ ‫بعذ‬ ‫سيأتي‬ ‫بقوم‬ ‫نزلت‬ ‫شديدة‬ ‫وكل‬ ‫وقال الملك لأهله ‪ :‬إن امرأة الوزير بها ألم فاوصلوا عندها فساروا‬ ‫أهله ورأوها أهون فصدق الملك قول الوزير ولم يصح سؤال عن الشاب‬ ‫لأنه غريب ليس له أحد فظن الوزير أنه ميت فمكث في السجن زمنا طويلا‬ ‫ليس عنده ماء ولا عيش ياكل ما يلقاه فهذا كما قيل‪ :‬يا فاعل الإجسان‬ ‫جاءك البلاء فاصبر‪ .‬تم نزلت بابنة الملك حمى الجدري وفي ذلك الفصل‬ ‫أكثر المجدورين يموتون فحزن الملك وأهله على ابنته فقالت امرأة‬ ‫الوزير‪ :‬أنا بي هذا الألم وأعطاني رجل غريب دواء فنفعني وما علم بي‬ ‫أحد‪ .‬فقال الملك‪ :‬انتوا إلينا من الدواء ‪.‬‬ ‫فمشت عنهم المرأة مسرعة إلى زوجها فقالت له‪ :‬إن ابنة الملك‬ ‫نزلت بها حمى الجدري وأخبرتهم بما نفعني فألزمني الملك بإتيان الدواء‪.‬‬ ‫فقال الوزير‪ :‬ليس لي حيلة فيه‪ .‬فقالت له‪ :‬إن لم تأتنا به فلا قبلة لنا مع‬ ‫الملك‪ ،‬فاحتار دليل الوزير ومشى قاصدا إلى صاحبه المسجون فكلمه من‬ ‫وراء الباب وقال له‪ :‬أنا أفلنتك إن كان عندك شيء من الدواء الذي‬ ‫أعطيتنا إياه من قبل وإني أعاهدك بخروجك من سجنك ففرح الشاب‬ ‫بخروجه وعاهده وأراد سلامة نفسه ودينه فأعطاه الدواء وأخرجه من‬ ‫سجنه وذكر في الدواء اسم بدوح بالمودة لشاربه له تم قال له الوزير‪:‬‬ ‫ارحل من هذه الدار لأنك إن وقفت بها فالملك أمر بقتلك‪ ،‬فأسرع إلى‬ ‫‪١٨٢٣‬‬ ‫الخروج منها وسار الوزير حاملا الدواء وأعطاه زوجته وأسرعت به إلى‬ ‫ابنة الملك وشربته فحلها الدواء وما طلع بها إلا أربع حبات جدري‪ ،‬وقال‬ ‫الملك وأهله‪ :‬ما نخلص من هذا الوزير وزوجته فرجعت المرأة تبشر‬ ‫الوزير بكلام الملك وأهله فقال لها‪ :‬هذا من حسن تدبيري ولو أني أخبرتك‬ ‫بقصتي لقلت هذا من العجب العجيب‪ ،‬فقالت له‪ :‬أخبرني بها فأخبرها أولا‬ ‫بما وقع عليه من (الحرامية) وتفليته على يد الشاب وبعطانه الدواء لها‬ ‫وبما صنع له من المكيدة في تحصيله في السجن وأخذه الدواء الثاني‬ ‫وتفليته من السجن ورفق عليه من البلد لئلا يطلع أحد من أصحاب الملك‬ ‫على سره فقالت المرأة لزوجها‪ :‬بنس ما صنعت وما أنت من أهل الخير‬ ‫وهذه الساعة من بعدها لا وفاق بيني وبينك وقصدت مسرعة إلى الملك‬ ‫وقالت للملك‪ :‬أريد الطلاق من وزيركڵ فدبر الملك إلى الوزير فلما وصل‬ ‫عنده قال له‪ :‬هذه زوجتك أريد أن أصلح حالكما‪ .‬فقالت المرأة‪ :‬لا صلح‬ ‫بيني وبينه ‪.‬‬ ‫قال الملك‪ :‬فما العتاب بينكما؟ قالت‪ :‬لا يكلف الله نفسا إلا وسعها‬ ‫وأنا مطيعة لك بين يديك ولا أخرج من مقامك أبدا حتى ترضى علي‘ ولكن‬ ‫لا بد من الطلاق‪ ،‬فقال الملك للوزير‪ :‬طلقها وأنا أردها عليك إن شاء الله‬ ‫تعالى‪ ،‬فطلقها الوزير وراجعها الملك في اليوم الثاني فقالت له‪ :‬أريد منك‬ ‫ثلاتة أيام ثم ارجع إلي‪ ،‬فأقبلت ابنة الملك ترغب المرأة في الرجوع إلى‬ ‫الوزير فقالت المرأة لابنة الملك‪ :‬ولو أنك علمت بقصة الوزير لأمرت‬ ‫الخدم يقرطوه بالجاز على رؤوس الأشهاد ولكن عندي شهادة في كلامي‪.‬‬ ‫فقالت ابنة الملك‪ :‬ما فعل الوزير؟ ققالت لها‪ :‬فغله خبيث‪ .‬وأخبرتها بقصته‬ ‫من أولها إلى آخرها وابنة الملك تبكي رحمة للشاب وفقيدة الأحباب‪.‬‬ ‫‪١٨٤‬‬ ‫فقالت لها‪ :‬لا تخافي من أبي فأنا أكفيك جواب والدي‪ .‬ثم وصل الملك بعد‬ ‫ما مضيت الثلاثة الأيام‪ .‬فقالت له ابنته‪ :‬لا تكثر عليها يا أبت بالرجوع إلى‬ ‫الوزير وقد سلت علي الهموم بوقوفها عندي‘ ولكن أنا أكشف إليك سرها‬ ‫ومهما وجدت سبيلا فانا أرجع إليك بالجواب فمشى الملك‪ .‬وأما قصة‬ ‫الشاب لما خرج من السجن لاقى في طريقه جنانز محمولات على أكتاف‬ ‫الرجال وفيها أموات من المجدورين فبالفت في جسمه رانحة الجدري‬ ‫ونزلت به الحمى من ساعته قخرج من باب الحلة ولم يطق على المشي‬ ‫ووقف بالدكانة الخارجة عن الباب يسال الناس المارين بالقوت والماء‬ ‫فمن دخل في قلبه الرحم سقاه وأعطاه طعام لإحياء جسمه حتى طلع به‬ ‫الجدري العديسي فسلمه الله من الموت وقام يتضرع إلى مولاه ويدعوه‬ ‫بالليل والنهار ويتلو هذه القصيدة‪:‬‬ ‫وبتغ بما أرجوه منك مراديا‬ ‫دعوئك يا مولاي فاقبل دعانيا‬ ‫وتعم أسرار ي وما قد دهانيا‬ ‫عليك اعتماد ي في جميع مقاصد ي‬ ‫فخة لي بنار من عدو جفانيا‬ ‫إليك أموري يا إلهي رفعتلنها‬ ‫أرتي أم من يجيب دعانيا‬ ‫فمن‬ ‫أمولاي إن لم ئعطني ما طلبئه‬ ‫وهو على التفصيل عندك باديا‬ ‫مرادي لا يخفى عليك فجذ به‬ ‫ولا تجعل الحرمان منك جزائنيا‬ ‫سألئك يا مولاي فاقبل تضرّعي‬ ‫أأمل من خير فعجًّل جوابيا‬ ‫تعودت منك الجود والفضل فالذي‬ ‫فطوبى لمن أضحى بحكمك راضيا‬ ‫حتوم في كل كانن‬ ‫اىلحك‬ ‫ممك‬ ‫جر‬ ‫عسى أدرك المأمول إن كنت باكيا‬ ‫أنادي وأبكي كل يوم وليلة‬ ‫وما قد مضى مما اقترفت أماميا‬ ‫بكيت على ذنبي وققري وفاقتي‬ ‫‪١٨٥‬‬ ‫فجذ لي بإحسان وخذ لي بثاريا‬ ‫أآتيئك يا رب البرية كلها‬ ‫وما كان مني في اتباع هوائيا‬ ‫ندمت على ما مرً مني حين غفلتي‬ ‫وأبديت بالإحسان كل المساويا‬ ‫شكرئك يا مولاي إذ قد سترتني‬ ‫فإني دعوتك يا مجيب المناديا‬ ‫أمرت بأن ندعوك فاقبل دعانيا‬ ‫بتوبة صدق تمح عنه المعاصيا‬ ‫إلهي عبي قد عصاك فجذ له‬ ‫فيا أمل الراجين أنت عماديا‬ ‫إليك انتهت آمال كل مؤمل‬ ‫وأنت المنجي من جميع الهاويا‬ ‫لك الحكم في كل الوجود بأسره‬ ‫لعبد ينادي يا سميع ندانيا‬ ‫لديك جميع الخير فاسمح بنيله‬ ‫فمن لي بما قدرئه ياالهيا‬ ‫هديت الذي أحببت للخير والتقى‬ ‫شفيع الورى في يوم أقدم عاريا‬ ‫بجاه إمام الأنبياء وقطبْهم‬ ‫ورضواله والآن ما دام باقيا‬ ‫عليه صلاة الله ثم سلاسة‬ ‫قال فمكث يكرر هذه الأبيات في مرضه ولم يعرفه عارف وجميع‬ ‫جسده له خيسة () من الروث والبول والقيح ولا يقدر أن يصل إلى الماء‬ ‫فالرحوم الذي يناوله قوتا يلف ثوبه على فمه ومناخره‪.‬‬ ‫رجعنا في القصة إلى الملك ووزيره فبينما يوما هم مقيمون في‬ ‫برزتهما أقبل عليهما رجل من البداة وهو صديق الملك فسلم عليهم‬ ‫وحياهم وسأله الملك عن الأخبار فقال‪ :‬إن الخبر السار مع الملك دوننا‪.‬‬ ‫قال له‪ :‬ولم هذا؟ قال له‪ :‬لأن الأمر واقع معك‘ قال الملك‪ :‬ما علمت بخبر‬ ‫ولا سمعت أحدآ من العسكر‪.‬‬ ‫قال الصديق ‪ :‬اعلم أيها الملك أن الرجلين الآذيين لكما قد ماتا لما‬ ‫(‪ )١‬أي ‪ :‬رانحة كريهة‪. ‎‬‬ ‫وصلا دارهما{ قال الملك‪ :‬وما سبب موتهما‪ ،‬قال له‪ :‬قد وصلا إلى أطراف‬ ‫دارك ولقيا وزيرك هذا فكفتاه وأرادا قتله فأقبل إليهما غلام شاب من‬ ‫البرية واستهزءا به من قلة ما عنده فعزم الشاب على تفليت وزيرك‬ ‫وساق عليهما الجاه فلا استمعا لقوله وضرب بأحدهما في الأرض وركضه‬ ‫برجله على أحشائه فترضضت أضلاعه والثاني وقع الضرب في رأسه‬ ‫بجموعه فتقضقضت أعظام رأسه‘ وفلت وزيرك منهما ومشى عنهما هو‬ ‫ووزيرك هذا ولم يأخذ منهما شيئا وقال‪ :‬إن له صورة حسنة لا يشاكله‬ ‫إنسان وهو كالأسد الغضبان ومن أفضل العباد والرهبان تشهد له الأعداء‬ ‫والأقران ‪ 0‬وإن ولى فلا تقدر عليه الفرسان ‪ 0‬طوبى للمقربين إليه ‪ 4‬وويل‬ ‫للباعدين عنه فمن ضل به اهتدى‘ ومأوى لمن به التجى‘ أما علمت أيها‬ ‫الملك وما أخبرك عنه وزيرك؟ فقال الملك‪ :‬كيف لم تخبرني بمسرة‬ ‫الصديق وإهانة الخصيم؟ فقال‪ :‬اسمع سيدي دخل في قلبي الخجل ورأيت‬ ‫في الكتمان خير بيان‪ ،‬فقال له الملك‪ :‬ويحك السينة عندك خير من الحسنة‬ ‫وأين الرجل الصالح الذي سرك وسلمك من خصمك؟ فقال الوزير‪ :‬ما بان‬ ‫لي خبره ولا علمت به في أي مكان وفي ظني أنه ليس هو من الإنس‬ ‫وشبهت به أنه من الجان‪ ،‬فقال الملك‪ :‬هو عسى أن يكون كما قلت‘ وأخذ‬ ‫الملك بيد صديقه الذي هو من مآربه ومشى به إلى مسكنه وقرب إليه من‬ ‫طعامه وقصد الملك مع ابنته ومطلقة وزيره وحدثهن بخبر صديقه عما‬ ‫وقع على وزيره فقالت مطلقة الوزير‪ :‬وأين الساعة صديقك؟ قال لها‪ :‬هذا‬ ‫هو في المقام‪ ،‬فقالت له‪ :‬أتأذن لي أن استمع كلامه لأن معي خبر مما‬ ‫يشاكل خبرها قال‪ :‬فقربت عند الصديق وسألته عن فعل الشاب بالأعداء‬ ‫فأخبرها بجميع القصة على محضر الملك والملك يتبسم ضاحكا مسرورا‪.‬‬ ‫‪١٨٧‬‬ ‫فقالت المرأة للملك‪ :‬إن وزيرك أخبرني بهذا وأخبرني بما صنع‬ ‫بالشاب من القبح فقال لها‪ :‬وما صنع به؟ قالت‪ :‬أتى به بعد تفليته إلى‬ ‫البيت وأعطاني الدواء الذي نفعني عن الجدري فسلمني ربي منه بسببه‬ ‫وجاء عندك بضد ما صنع من الخير وقال لك إنه صنع فينا الشاب السم‬ ‫وأمرت أنت بسجنه فسجن في أشد موضع وثبت فيه إلى أن نزل بابنتك‬ ‫الحمى للجدري وأخبرتكم أنا بالدواء الذي نفعني وقلت لي أنت تريد من‬ ‫هذا الدواء لابنتنك فقصدت أنا إلى وزيرك فاحتار دليله من خبثه في الغلام‬ ‫فقصد إليه عواهده بأن يخرجه من السجن وعلى أن يعطيه الدواء فأعطاه‬ ‫الدواء وأخرجه من السجن وقال له‪ :‬إن الملك أمر بقتلك فارحل من ملكه‬ ‫مسرعا ومراد وزيرك منه لئلا تطلع أنت على سره وتقربه أنت عليه وإني‬ ‫كتمت عليك هذا الأمر بسبب ليس عندي شاهد عليه وإني رأيتك مرادك‬ ‫تكلفني عليه أمثل ما صنع وزيرك يجاوره أحد‪ ،‬هل تطيق نفس تساكنه‬ ‫وقد تجرأ في أموره على من أنزله في منزلته فما حيلتي أنا أكون في بيته‬ ‫وملكه؟ فلما سمع الملك كلامها غضب غضبا شديدا ومكث ساعة لا يتكلم‬ ‫ولا يسمع السلام حتى فاق من سكرته وغضبه وأمر عبد النصفة أن‬ ‫يضرب عنق الوزير فذهب الوزير‪.‬‬ ‫ورجعنا إلى الشيخ فلما مضت عليه ستة أشهر ولم يصل إليه بيان‬ ‫ولا سمع عنه في أي مكان عمد الشيخ إلى الوصول إلى قرية الملك فوصل‬ ‫فيها في اليوم الثاني بعدما قتل الوزير وقرب الشيخ من الملك وسأله عن‬ ‫ولده الشاب أنه وصل داره أم لا؟ قال له الملك‪ :‬ما صفة هذا الشاب؟ قال‪:‬‬ ‫هو في أول الشباب ولا تلحقه الركاب له الخلق والأخلاق الحسنة والبلاغة‬ ‫والشجاعة والعفة والقناعة ليس بيديه سلاح ولا كسوة حسنة وخرج من‬ ‫داره مراده إحصان فرجه وقد أوعدني بجوابه بعدما تمضي ستة أشهر‬ ‫‪١٨٨‬‬ ‫والآن لا أدري به هو في أي مكان وبك المستعان‪ ،‬فأخذ الملك الشيخ من‬ ‫يده ومشى به مع صديقه وهيا إليهما الطعام وقال له‪ :‬أبشر بأخبارك ولدك‬ ‫بعض منها اسأل صديقنا عنها‪ ،‬وأما أخباره الصحيحة فهي على ألسنتا‬ ‫ستظهر إن شاء الله تعالى‪ ،‬فدبر الملك إلى قصاص الأثر فحضروا معه‬ ‫سبعة نفر فقال لهم‪ :‬اسمعوا أيها القصاص قد هرب منا رجل من السجن‬ ‫الفلاني وهو في أول الشباب فانظروا أثره وقصّوه حيث كان وإن لم‬ ‫تأتوني بخبره‪ ،‬وإلا عزلت رؤوسكم على رؤوس الأشهاد فقالوا للملك‪:‬‬ ‫السمع والطاعة‪.‬‬ ‫فمشوا إلى السجن ونظروا الأثر وخرجوا من باب الحلة فنظروا‬ ‫الرجل الشاب في دكانة الخارج من باب الحلة وشهدوا كلهم أن هذا هو‬ ‫المطلوب وهو يسمع كلامهم فدبروا إلى الملك واحدا منهم وبقوا ستة على‬ ‫وجهه فوصل الرجل إلى الملك وأخبره أن الشاب سقيم من علة الجدري‬ ‫والساعة أهون ولكن جسمه كالجيفة ولا يقدر يثور من مجلسه وبما‬ ‫يعجبك من قبله فاصحابنا في الطاعة وهم عنده وقوف© فأمر الملك بإتيان‬ ‫الطعام والكسوة الحسنة والسلاح والزينة والخيل فقال للرجل هؤلاء‬ ‫الخدم أقدم بهم وأعطوه الطعام والكسوة وغسلوه واحملوه على الخيل‬ ‫حتى يصل معي فمشوا في أمارته‪.‬‬ ‫وأما أخبار الشاب لما رأى السبعة وقفوا على رأسه آيس من‬ ‫الدنيا في تلك الساعة وهي عليه أشد من ألف سنة حتى رأى الرجل‬ ‫والخدم فباشروه بالخير من عند الملك‘ ففي تلك الساعة كأنما ولدته أمه‬ ‫فحملوه إلى الماء وغسل جسمه وأعطوه الكسوة والبخور وأكل من‬ ‫الطعام وأ عطوه السلاح ورفعوه فوق الخيل وقادوا به حتى أوصلوه الملك‬ ‫‪١٨٩‬‬ ‫فنهض الملك بنفسه وأحدره من الحصان وضمه إلى صدره والملك يبكي‬ ‫رحمة له ويتعذر إليه ويحلف له بالايمان بأن ليس عنده علم ولا خبر بما‬ ‫رفع عليه فقربه مع شيخه وصافحه‪ .‬ثم سأله شيخه عن قصته التي‬ ‫جرت عليه فقال الشاب‪ :‬اعلم يا شيخ بعد فراقك ذقت المرارات‪ ،‬وترادفت‬ ‫علي سكرات وقد أحييت الوزير وأهله من المهلكات‘ فجازاني بإحساني‬ ‫سينئات‪ ،‬وأنزلوني في سجن نهاره كالليالي المظلمات‘ وأكل جنبي‬ ‫الشنرص(ا) والفار والعقارب بأذنابها لجسمي لادغات‘ فجلست وحيدا ما‬ ‫سمعت من أحد كلمة ولا أحد تفضل علي بشربة ولا بلقمة ‪ 0‬أكلت من الذي‬ ‫ينهش من جسمي وشربت من الماء الذي يمر على تطهير القاذورات من‬ ‫النساء المخدرات ممتزج بالنجاسات والروانح الطيبات ومكثت هناك‬ ‫أربعين يوما أتضرع إلى الله بالدعاء وأتوسل إليه بالنحيب والبكاء‪.‬‬ ‫والاعتراف بالإساءة والخطأ لأني لم أجد لحاجتي غيره وإن ردني قإلى‬ ‫من ألتجئ وبمن أتوسل واين أذهب وأين أفر وقلت في نفسي كل له حد‬ ‫وأجمل إلى الصبر فسلم علي الوزير وسألني عن شراب الكاذي بالذي‬ ‫يرديه من عندي وعاهدني ليخرجني فاعطيته إياه وثبت بعهده وقال لي‬ ‫عليك بالرحيل لأن الأمير أمر بقتلي فخرجت من الدار في ساعتي وظهرت‬ ‫في جسمي الحمى والجدري العديسي ومما يخرج من بطني في ثيابي‬ ‫وجسمي وفاحت منى الرائحة النتنة وعرضت على امرأة كالغمامة وأخذت‬ ‫من رأسها عطرا فوضعته بحيالي والناس يمشون عن يميني وأسألهم عن‬ ‫الماء ليسقوني وعن العيش ليطعموني فمن كان قلبه خاشعا تفضل علي‬ ‫وقرب عندي وسالت دموع عينيه في جسمي وقال لي أرى بقربك روانح‬ ‫الخيرات وإن الله يسلمك من الآفات والنيات هن المنجيات للمسلمين‬ ‫‪.‬‬ ‫‏) ‪ ( ١‬أ ي ‪ :‬الصراصير‬ ‫‪١٩٠‬‬ ‫والمسلمات ‪ ،‬فقلت له ‪ :‬أما الذي أصابني مما كسبت يدي كما قال تعالى ‪:‬‬ ‫« وما اصابكم من مصيبة فبما كستبت أيديكم وَيغفو عَن تثير » () ‪.‬‬ ‫قال الرواي ‪ :‬فلما سمع الشيخ والناس كلامه كلهم بكوا بكاء‬ ‫شديدا رحمة له وتعظيما وقالوا لما سمعوه ونظروه شفقوا عليه ثم صلوا‬ ‫على محمد النبي وآله وصحبه وسلموا تسليما‪ .‬ثم بعد الحديث حمل الملك‬ ‫الناب بنفسه إلى فصره فجلسوا جميعا فقال الملك للشاب والذين‬ ‫حضروا‪ :‬اعلموا بأني خلفت جميع ملكي لهذا الشاب‪ ،‬فقال له الشاب‪:‬‬ ‫حاشا وكلا ولا وربنا الأعلى لا يكون هذا مني ولا أسلف على آباني ولو‬ ‫بذلت لي الدنيا وما فيها لا رغبة لي في ملكها وما جنت إلى هذاء فقال له‬ ‫الملك‪ :‬وما الذي راغب أنت فيه؟ قال‪ :‬جنت ألتمس لإحصان فرجي عن‬ ‫زوجتي من بلدك هذه‬ ‫الحرام ورأيت رؤيا فسرها لي المعبر بأن تكون‬ ‫من الأموال وفي أعز‬ ‫وهي امرأة لم يدخل عليها الرجال ولا ورثت شيئا‬ ‫الخدين نابتة النهدين‬ ‫مكان ومن أشرف إنسان‘ كحلاء دعجاء أسيلة‬ ‫لقاضيه‪ :‬زوج الشاب‬ ‫ناعمة اللحمين لا تشاكلها النساء‪ ،‬فقال الملك‬ ‫بابنتي‪ .‬فزوجه بها في تلك الساعة وقصد الملك عند ابنته ليخبرها فلما‬ ‫وصل إليها أعلمها فقالت‪ :‬الحمد لله الذي كساني ولو شاء لأعراني‬ ‫فنهضت قانمة على قدميها مطلقة الوزير وقبضت رقبة ابنة الملك تريد أن‬ ‫يمتلك بها الشاب حتى يجوز لها النظر إليه وأن تنزل نفسها منزلة الخدم‬ ‫إليهما‪.‬‬ ‫فقالت ابنة الملك‪ :‬أنت اقدم مني وأنا اقتفي إليكما‪ .‬فأمرت أبيها أن‬ ‫يزوجها بالشاب فدبر الملك لولي المرأة وحين وصل قال له‪ :‬قل للقاضي‬ ‫‪. ٣٠‬‬ ‫‪:‬‬ ‫) ‪ ( ١‬سورة الشورى‪‎‬‬ ‫‪١٩١‬‬ ‫يزوج الشاب بالمرأة الذي وليتها فأمره وزوجه بها وأمره الملك أن يكون‬ ‫معهما في قصرهما حتى يتعافى‪ .‬فلما نظرنه تباشرن بالفرح والسرور‬ ‫وأخذته ابنة الملك من يده وأجلسته في حجر الأخرى وجعلت تلاطفه‬ ‫بالكلام فما قصرن في حاله حتى رجعت عليه قوته كما كان أو أزيد‪.‬‬ ‫وأعطينه السمبكة والبلوج والحليب والنشا هذا لغدانه‪ ،‬ولعشانه الفروج‬ ‫والعصافير المغلاية بالأبازير وأكل على ما تشتهي نفسه وتلذ عينه ودخل‬ ‫عليهما ‪ .....‬وجعلن إليه المسك وماء الكافور فنكح نكاحا لا ينكح مثله أحد‬ ‫قط‪ .‬وسألت ابنة الملك المرأة الأخرى ما الفرق بين الوزير وهذا ؟ قالت ‪:‬‬ ‫كما بين الجنة والنار فالأول له صورة خبيثة مترجرج اللحم ثقيل الأعجاز‬ ‫‪ ......‬وهذا هو الرجل الذي لا يشاكله شاكل حسين الصورة مجدول الخلق‬ ‫خفيف العجز خميص البطن متى أراد مني حاجة ما وجدت للذرض سبيلا‬ ‫حتى يسقيني من منيه في قرار مكيني فحيننذ نظرت إلى الدنيا وما فيها‬ ‫فطوبى لقرين أنعم الله علينا به ونسأل النه له الدوام وفي العقبى خير منزل‬ ‫ومقامؤ قال‪ :‬فنسلن منه بالأولاد الذكور‪ ،‬وكأنهم يتلألؤون مثل البدور‬ ‫وانتشوا في الدهور‪ ،‬وملكهم الله في الأمور والصلاة والسلام على سيدنا‬ ‫محمد النبي وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين ‪.‬‬ ‫‪١٩٢‬‬ ‫الذكر الثالث والأربعون ‪:‬‬ ‫في الحرب والقتال والفنة القليلة التي تغلب الفنة‬ ‫الكثيرة‪ ،‬وفي دخول أعمال الرياضات ولسلس البول‬ ‫والتشقق في الرجلين‬ ‫أمثلة على الفئة القليلة تغلب الفنة الكثيرة ‪:‬‬ ‫قال ذو الغبراء ‪ :‬سألت صاحبي عن السلاطين هم الغالنبون في الحرب‬ ‫والقتال‪ ،‬قال‪ :‬جوابك هذا على معاني؛ فإن كان قصدكما خرج السلطان إلى‬ ‫قرية للقتال فليقاتله رجل واحد مثله أو أقل منه فيغلبه وكذلك تحربه طانفة‬ ‫فتكسره هو وأصحابه{ ولكن الناس محتاجون إلى البنادر واسواق وقد‬ ‫ألبسهم الله الهيبة على الناسس وعاقبتهم إن غضبوا شديدة كما قال الله‬ ‫تعالى ‪ «« :‬قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أقستذوها وَجَعلوا أعزاة أهلها‬ ‫اذلة وكذلك يقغلون » (') ‪ 0‬والرهط حجة ‪.‬‬ ‫وأما صفة القتال فالمهاجرون والأنصار أقل عددا من الكفار ويوم‬ ‫حنين الكفار أقل عددا‘ وحمود بن عزان أخذ الحصون على سلطانه بأقل‬ ‫عدد منه وأقل قوة‪ .‬وجده أحمد بن سعيد أخذ الملك بنفسه وخيله لا بقوة‬ ‫جنده وكثرة عشيرته‘ وفي وقعة اللثيلة جمع جيشا عظيما والذين كسروه‬ ‫أقل منه عددا ولا أخذوا من ملكه شينا وبقي الملك في يده ولأولاده من‬ ‫بعده ‪ ............‬ولم تزل الفئة القليلة تغلب الفئة الكثيرة لأنها قفي غالب‬ ‫الأحوال أقطع‪ ،‬وليس القاتل والظافر هو المالك بل هو مملوك في أكتر‬ ‫‪. ٣٤‬‬ ‫‪:‬‬ ‫النمل‪‎‬‬ ‫) ‪ ( ١‬سورة‬ ‫‪١٩٢٣‬‬ ‫أوقات الزمان‪ ،‬وإن فكر الناس في هذا الأمر فعليهم أن يصلحوا أمورهم‬ ‫بالتدبير لأن من راغم السلطان في ملكه أو من كان له قوة أذهب عليهم‬ ‫اللديار؛ ولكن على المسلم أن يكون في أموره نظارا وليعمل التقية‬ ‫للسلطان‪.‬‬ ‫وأما الإحسان فأبقى زرعه في القابل لأنهم أبقى لعاقبة الأمور‪.‬‬ ‫وأما إذا أردت إثبات أمرك مع الأمراء‪ .‬فلا تدخل عليهم بشيء مما‬ ‫يسوؤهم وخاصة إن رأيت منهم قبول الحق في بعض الأمور فلك الأجر؛‬ ‫الأمور على الحقيقة وبلغوه‬ ‫وأما إن صحت من أحد معارضة في بعض‬ ‫لكنه ينكر بقلبه ولا يعينهم‬ ‫مطلوبه منهم فلا يجد منهم سبيلا إلى غيرها‬ ‫كالنار ومثل مقاربة الثور‬ ‫على شيء وأما أشرار الناس فمقاربتهم‬ ‫واللدغ‪ ،.‬وكذلك قربة هؤلاء‬ ‫النطوح والدبي(ا) لا بد له من الحرق والنطح‬ ‫كانا في مجاورة أو في قرابة‬ ‫إن كان في بيع أوشراء أو في مرادة ماء‪ ،‬أو‬ ‫أو صهر فخذ حرك منهم‪ ،‬وحذر من تحبه عنهم؛ لأن المؤمن يحب لأخيه‬ ‫ما يحب لنفسها ولا يكشف ستر أخيه المسلم ولو كان كنسج العنكبوت‬ ‫فاستر عليه فيما ستره الله؛ لأن المسلمين كالبنيان المرصوص يشد"')‬ ‫والمنافقون مخذولون تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى‪ ،‬واصبروا في‬ ‫الأمور وما صبرك إلا بالله! ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما‬ ‫يمكرون‪ .‬إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون‪ ،‬ولا تخض في‬ ‫إخوانك مع الخانضين‘ ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ :‬الزنابير‬ ‫‏) ‪ ( ١‬أ ي‬ ‫‏(‪ )٢‬في الأصل ‪ :‬يسد ‪.‬‬ ‫‪١٩٤‬‬ ‫أن يأكل لحم أخيه ميتا ‪ ...‬إن الله تواب رحيم‪.‬‬ ‫سألت ذا الغبراء عن ابتداء الفتنة؟ قال‪ :‬مثل ابتدانها كالشجرة إذا‬ ‫نبت ساقها وغفلت عنها عظم ساقها فينبغي لكل عاقل أن يجتهد في‬ ‫السعي لإطفانها واتقانها‪ .‬وحتر عنها ربنا وقال ‪ « :‬وَاتفوا فثنة لا ئصبيبن‬ ‫الذين ظلمُوا منكم خاصة » (') ‪ 0‬وقال في إطفانها ‪ « :‬ولونا تقع الله‬ ‫الناس بَغضَهُم بغض لَهْذمّت صَوامغ وَبيّغ وصلوات وَصَناجذ يذكر فيها‬ ‫اسنم النه مثيرا » (") ‪ ،‬وقال ‪ « :‬وإن طانقتان من المُوؤمنين اقثتلوا‬ ‫فاصلخوا بَنْنهْمَا » (") ‪ 0‬فقد ألزمهم الله قيام الحجة على الفريقين وأما ما‬ ‫كان في علم الله كانن فهو يكون على خلقه‘ وقد صحت الفتنة في زمن‬ ‫الصحابة وبقت العداوة فيها إلى يوم القيامة‪ .‬وكذلك الفتن الذي تارت من‬ ‫بعدهم فيها رحمة للطانعين ونقمة للعاصين وعداوة للباقين قفي كل عصر‬ ‫تجري والله يقول ‪ « :‬وَلنبلوَتكم بشي من القوفا والجوع وتنقص من‬ ‫الأموال والأنفس والثمرات وَبَشنّر الصابرين » () ‪ 0‬وقال في موضع آخر ‪:‬‬ ‫« وإذا أرذنا أن نهيك قرية أمرزتا مُثرَفِيهَا ققستفوا فيها قحَقَ عَلنْهَا القول‬ ‫فَمَّرزتناها تذميرا ‪ { )( 4‬و « إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما‬ ‫بانفسهم » () ‪ 0‬وإذا رأيت الأمر بين الناس لا يثبت عليهم كلام الصالحون‬ ‫فارحل عنهم وإن لم ترحل وإلا قد نزل بك البلاء كمثلهم ‪.‬‬ ‫وأما البلدان القديمة ‪ 0‬فقد دارت عليهن الأفلاك ‪ 0‬بالسعود والنحوس ‏‪٥‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الحج‪. ٤٠ : ‎‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الأنفال‪. ٢٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬سورة البقرة‪. ١٥٥ : ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬سورة الحجرات‪. ٩ : ‎‬‬ ‫(‪ )٦‬سورة الرعد‪. ١١ : ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬سورة الإسراء‪. ١٦ : ‎‬‬ ‫‪١٥‬‬ ‫وربما سلامة البلد بسبب فيها أحد من المسلمين فإذا رفعه الله بكت عليه‬ ‫السماء بقطرها‪ ،‬والأرض بخرابها‪ ،‬والناس بهلاكها وأحزانها‪ ،‬وقد سمعت‬ ‫رجلا يقول إن الله خسف بعقول الناس وبقيت أجسامهم يموجون في‬ ‫سكراتهم وبيعهم وشرانهم لا يتذكرون بما أراهم الله من غضبه ولا‬ ‫يخافون من عقابه في آخرته‪ .‬وسمعت عن قوم أمدهم الله بالنعم فما‬ ‫شكروها فأبلاهم الله بالعلل والجذام‪ ،‬وما نفعهم فعمدوا يقتلون بعضهم‬ ‫غيلة وظاهرا ولم يدخل في قلوبهم الرعب‘ ولكن سيرة أمرانهم خير من‬ ‫سيرة الأغنياء وسيرة الأغنياء خير من سيرة الفقراء وسيرة الفقراء خير‬ ‫من سيرة الخدم وسيرة الخدم خير من سيرة النساء وسيرة نساء هؤلاء‬ ‫المذكورين خير من سيرة أمراء غيرهم الذين هم في زمانهم إلا من رحمه‬ ‫الله وصلح نفسه ودنياه وآخرته‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬فستر لنا الأمر حتى نعرف ضرهم من نفعهم؟ قال‪ :‬فأما‬ ‫الخمراء فقد مزجوا الحلال بالحرام وفيهم خصال محمودة ومودة في الذين‬ ‫أطاعوا الله ورسوله وأولي الأمر فهم يكرمون الضيوف والمساكين وابن‬ ‫السبيل‪ ،‬وأما الأغنياء فهم أشحاء في أموالهم ويمنعون حق الله والسانل‬ ‫والضيف ولكن من خصالهم أنهم يحصنون فروجهم وبالحلال نساؤهم‬ ‫ويقيمون الصلاة والصيام ويخوضون في الباطل وأما الفقراء فقد تركوا‬ ‫الصلاة والصيام وامتدت أياديهم وفروجهم على الحرام ليس لهم رغبة في‬ ‫الحلال زوجاتهم حرام وفي قلوبهم عداوة للبررة الأخيار ولكن من‬ ‫خصالهم تبع لأمرانهم{ ويتقون عن أصحابهم العار بدخولهم النار‪ ،‬وأما‬ ‫الخدم فهم أشد قسوة عزوا نفوسهم على مواليهم وزنوا بنساء مخاديمهم‬ ‫جعلوهن كلعبهم في ليلهم ونهارهم ولكنهم للأدب متابعون‘ وأما النساء‬ ‫‪١٩٦‬‬ ‫فقد ارتفع من قلوبهن الحياء‘ محبتهن في الطغاة‪ .‬ولهن عدواة في‬ ‫المؤمنين ظاهرهن تياب وباطنهن ذناب فخذ حجدرك منهن في جميع‬ ‫الامور إلا في خصلة واحدة إن عمدن إلى البيع والشراء فمنهن تلقاه‬ ‫الوفاء على التمامش وإن وعدن فلا يخلفن‪ ،‬وباقي الخمراء إن وعد خلف‬ ‫وإن عاهد نكث أكلوا أموال الناس ظلما فلا يغرك منهم الابتسام‪ .‬واحصد‬ ‫مالك ونفسك عنهم كالأسد الضرغام‪ ،‬وكثير من الزاد في هذا المقام لأن‬ ‫طاعة الملك العلام لازمة علينا‪ ،‬وأما الأمراء فقد حضرت في شيء من‬ ‫الحصون وسمعت من الضعف والشتم يفيحون به على من حضر ما لا‬ ‫يرضاه الله ولا رسوله‘ ثم رأيت من أمير آخر يمكر بالناس ويأكل حقوقهم‬ ‫فلاراد له‪ ،‬فالنساء اللاتي ذكرناهن معاملتهن خير منه وأمير آخر أمر‬ ‫بقتل قوم عرضوا على مساكنه فليس له حجة معهم طلب هواه بدمار‬ ‫دنياه‪,‬‬ ‫معالجة سلس البول ‪:‬‬ ‫وهاك نبذة في الطب لسلس البول عرق مقيبلة الننمس يطبخ على‬ ‫النار إلى أن ينعقد ويشربه ثلاثة أيام‘ وورق المقيبلة يجعل ضماداً فوق‬ ‫الحبون وهي الدماميل نافع لذلك‪.‬‬ ‫وإذا ورمت البيضة اليمنى من حرارة فدواؤها أن تضمد بجلجلان‬ ‫مطحون معجون بخل كذلك ليالي حتى يبرأش وورم اليسرى من برودة‬ ‫وتضمد بطحين الحلبة معجونا بعسل النخيل ليالي حتى يبرا‪ 0‬ولورمهما‬ ‫جميعا يطبخ القسط المدقوق ناعما بالماء حتى تخرج منه الخاصية أو‬ ‫الفلفل الأسود كذلك ثم يجعل في الخل ويطبخ حتى يذهب الماء وينقى الخل‬ ‫فيحل ملح بماء في الشمس وتدهن البيضتان بذلك الماء ثلاث مرات حتى‬ ‫‪١٩٩٧‬‬ ‫يتركه في كل مرة حتى يجف ثم يدهنه بهذا الدهن ويترك فيه ليلة حتى‬ ‫يعاود العمل حتى يبرأ‪.‬‬ ‫ولسيلان الرطوبة من الأرحام وللتنشقق في سائر الجسدك يؤخذ‬ ‫تلانة أسهم حناء وسهم حبر ويدق الجميع ويعجن بحليب بقرة صفراء‪،‬‬ ‫وأما إن كان من حكة وشقوق بلا رطوبة بالحناء وحده مع حليب البقر‬ ‫ويلخ عليه ثلاثة أيام أو سبعة أيام‪.‬‬ ‫مُعالجة الفلوق فى الرجلين ‪:‬‬ ‫وللفلوق في الأرجلين يؤخذ حناء وملح وقرط يدبغ به في الشمس‬ ‫حتى يعرق فهو نافع‪ .‬وبعر الغنم الأبيض الحولي إذا دق جيدآ و عجن بزبد‬ ‫البقر ولطخ به التشقق سبعة أيام نافع لذلك‪.‬‬ ‫صفة المتعلم للرياضات واختباره ‪:‬‬ ‫قال ذو الغبراء‪ :‬سمعت أحدا من المسلمين أراد أن يتعلم‬ ‫الرياضات فسأل عن ذلك فقيل له في الجواب إن أبقانا الله وإياك إلى تلاث‬ ‫سنين فإنا نعلمك بعد ذلك فاولها ينبغي للمسلم أن يطهر قلبه ولسانه‬ ‫ويتزيا بزي إخوانه في لباسهؤ ويترك مقاربة السفهاء ويجعل مقامه مع‬ ‫علمانه وإخوانه وأعوانه‪.‬‬ ‫قال‪ :‬لما سمع الرجل هذا القول امتثل الأمر ثم اعتبره في موضع‬ ‫آخر قدبره ليشري له ما يحتاج إلى خرج عبيده من السوق وأعطاه دراهم‬ ‫وجعل عليه باطنا رقيبا ثم قبضه دراهم ليتجر بها وقد جعل له النصف من‬ ‫ربحها‪.‬‬ ‫ثم أراد أن يعتبره في موضع آخر وقال لأهله‪ :‬إن وصل عندك‬ ‫‪١٩٨‬‬ ‫فلان بن فلان الطفيه بالكلام واطلبيه لنفسك ومرادي اعتباره‪ .‬قدبره إلى‬ ‫بيته مع أهله ليأتي إليه ثيابه وأن تكون بها البخور والحلول فأخنس هذا‬ ‫إلى بيته وقصد الرجل مع المرأة فرآه واتق في قلبه وأخذ الثياب ولم تقدر‬ ‫عليه المرأة بحيلة‪ .‬ثم قال له في موضع آخر‪ :‬إن فلانا ظلمني وخذ هذا‬ ‫السم واجعله في عيشه فأبى الرجل عن ذلك‘ ثم قال له‪ :‬أريد منك حاجة‬ ‫مستورة لنفسي لا لغيري إني بليت بعلة الأنبة وأريد منك المصادقة‬ ‫لتطفئ حرها(')‪ .‬فقال الرجل‪ :‬حاشا عن هذا الفعل أفعله أبدا‪.‬‬ ‫الحجب التى يحتجب بها المتعلم ‪:‬‬ ‫فمضت عليه السنة الأولى في الاعتبار؛ وقي السنة الثانية علمه‬ ‫توريقة وكتبها له وأمره أن يجعلها في نومه على خده اليمين وأن يكون‬ ‫معتزل عن الخلق طاهر الثوب والبدن وأن يقول سرا‪ :‬اللهم إنك حي لا‬ ‫تموت وخالق لم تخلق وعدل لا تجور وواحد لاشريك لك لا إله إلا أنت‬ ‫سبحانك إني كنت‪.‬من الظالمين اللهم إني أسألك أن تصلي على سيدنا‬ ‫محمد وعلى آله وصحبه وسلم يا الله يا عليم يا خبير يا هادي يا مُبين‬ ‫بين لي كذا وكذا مهما أردت إنك على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة إلا‬ ‫بالله العلي العظيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫وفي السنة الثالة كتب له الإحاطة المنيفة وهي آية الكرسي ()‬ ‫وآمن الرسول(") إلى تمامها ‪ 0‬و « شنه الله أته لا إلة إلا هو الملاكة‬ ‫‏(‪ )١‬عفا الله عنك يا ذا الغبراء ‪ 0‬ما كان أغناك عن إيراد مثل هذه الأمور التي لا يقرها دين ولا‬ ‫غرف‪.‬‬ ‫البقر ة‪. ‎‬‬ ‫سورة‬ ‫‪ !٥‬من‬ ‫(‪ (٢‬الاية‪‎‬‬ ‫‪ ٢٨٥‬من سورة البقرة‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الاية‪‎‬‬ ‫‪١٩٩‬‬ ‫واولوا العلم قآيما بالقسنط لا إلة إلا هو العزيز الحَكِيمْ » (') ‪ 0‬ويكتبهن في‬ ‫قرطاس مفردة الأحرف متداخلة بعضها في بعض غير متلاحقة واجعل له‬ ‫بابا للمندل إلى المغرب ‪...‬‬ ‫وقفله ‪ :‬بسم الله الرحمن الرحيم ‪ 0‬واجعل واحدا في الخرض وواحدا‬ ‫اجعله على رأسك خوف أن يرجموك من أعلاك فإذا صنعت هذا كنت في‬ ‫أمان الله تعالى‪ .‬ثم قال له‪ :‬ويمتنع عن أكل ذوات الأرواح وما خرج من‬ ‫ذي روح وعن مقاربة النساء وأمره بالبخورات الطيبة لثيابه وجسمه وأن‬ ‫يأكل من الطعام ما يقوى به على طاعة ربه وأن يقلل من النوم ويكثر من‬ ‫سورة الإخلاص وفيها ثلاثة‬ ‫تلاوة الآيات التي ذكرناها‪ .‬وعلمه أن يتلو‬ ‫وكل له سر مختص به فجعل‬ ‫أسماء من أسماء الله وهو الله الأحد الصمد‪.‬‬ ‫وأخضع له روحانيتها العلوية‬ ‫يتلوهن مدة من السنين فاستجاب النه دعاءه‬ ‫وفي مصالحه مما يقربه إلى‬ ‫والسفلية فعاهدوه على طاعة الله ورسوله‬ ‫الله تعالى فلما بلغ مراده كتم أمره عن القريب والبعيد ثم تلا هذه الآية في‬ ‫إحياء النفوس ‪ « :‬وَمَن أحياها فكأنما أخيا الناس جميعا » (") ‪ .‬ثم قصد‬ ‫الأمير الأكبر الذي عصى وتجبر وسأله عما في يده من الأمياه والأموال‬ ‫والخزانن فأخبره بما عنده فقال الرجل للأمير‪ :‬أنا نظرت كنز عظيما وبما‬ ‫في يدك الذي ذكرته لا يكون كعشر معشار ذلك ولا أردته ‪.‬‬ ‫فقال الأمير‪ :‬أنا أريده أتدلني به؟ قال‪ :‬نعم ولكن على شرط ألا‬ ‫يكون في صحبتك أحد‪ .‬فقال الأمير‪ :‬بنفسي أصاحبك إليه أهو بعيد عنا؟‬ ‫قال‪ :‬ليس هو كثير في البعد‪ .‬فلما صلوا العتمة خرج به من البلد مسرعا‬ ‫وركضوا في السير والأمير طلب الماء ‪ 0‬فقال الرجل ‪ :‬الماء قريب‪ ،‬فوثبوا‬ ‫(‪ )١‬سورة آل عمران‪. ١٨ : ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الماندة‪. ٣٢ : ‎‬‬ ‫لطلب الماء حتى وقف الأمير عجزا عن المشي فقاده الرجل حتى اسودت‬ ‫عليه الدنيا فلم يقدر فطاح مغشيا ووقف معه حتى ردت إليه روحه فقال‬ ‫الرجل‪ :‬اعلم أيها الأمير أن الماء والكنز قريب‪ ،‬قال‪ :‬لا أطيق ولا أريده‬ ‫ولكن فما الحيلة‪ .‬قال‪ :‬النظر إليك‪.‬‬ ‫فقال له‪ :‬أنا مثلك مخلوق فلا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا ولا أملك‬ ‫موتا ولا حياة ولكن لعلك تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا ويسلمك الله‬ ‫من عذاب جهنم ويدخلك في جنة المأوى مع أنبيانه ورسله وأوليانه‬ ‫وأصفيانه‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فتاب الأمير إلى الله تعالى واستغفر من جميع ذنوبه واستدان‬ ‫بما عليه من المظالم فجعل الرجل شخطا في الارض وحمل الأمير وتخطى‬ ‫به الننخط فنظر الأمير نفسه في بيته وأتى إليه ببارد الماء فسقاه فردت‬ ‫عليه روحه واستقامت جوارحه وسأله عما يجوز له فأتى إليه بالعالم‬ ‫وسأله الأمير عن أمر دينه وبما عليه من الدموم والحقوق فأجابه بأن‬ ‫أمواله مستغرقة{ وأنها لفقراء المسلمين فجميع ما حواه كتبه وأحضر‬ ‫العدول وأمرهم بإنفاده في موضعه من جميع ما يملكه من صامت وناطق‬ ‫فنفذوه وخضع التانب للعلماء والمسلمين وأراد الرجل أن يعلمه الرياضة‬ ‫والكيمياء قال‪ :‬تركنا ما في أيدينا نريد به آخرتنا ولا طاقة لي فيما ذكرت‬ ‫أخاف على نفسي أن لا تحمله فمكث ثلانة أيام ووجدوه ميتا في حال‬ ‫سجوده بالمسجد الجامع فغفسلوه وصلوا عليه ودفنه المسلمون ثم رآه‬ ‫المسلمون في نومهم بمحضر رسول الله وأصحابه وهنأه رسول الله‬ ‫بسلامته وأخذه أبو بكر بيده وأقعده مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب‬ ‫رحمه الله صلى الله عليه وسلم أجمعين ‪.‬‬ ‫‪٢27‬‬ ‫الذكر الرابع والأربعون ‪:‬‬ ‫الفذفكي للعابد ‪ 0‬وفيه ذكر المصائب وما‬ ‫فيه نصيحة‬ ‫لهما من القصص والمسائل المذكورة فيها‬ ‫نصيحة الفلكي للعابد ‪:‬‬ ‫قال ذو الغبراء‪ :‬رأيت صاحبي خاضعا للفقير والغفذي‪ ،‬والأمير‬ ‫والدني‪ ،‬والكبير والصغير ويبتديهم بالمساء والصباح‪٠‬ا‪.‬‏ وعم على‬ ‫الجميع باسم الشيخ‪ .‬قيل له وكلمة الشيخ خص بها أحد أم للجميع؟ قال‪:‬‬ ‫أصلها الكبير السن ووضعها الناس الآن في غير موضعها خصوا بها أهل‬ ‫الأمر‪ ،‬وأنا جعلتها للجميع أصبت فيها لأهلها ووضعت المعلي نفسه بهاء‬ ‫ورفعت الدني بها فصاروا كأنهم بمنزلة واحدة‪ ،‬قلت له‪ :‬فما أرفق للمرء‬ ‫في زمانك به بين حمل السلاح وبين تركه؟ قال‪ :‬فمن أراد سلامة نفسه‬ ‫وزيادة في جاهه وماله فلا يحمل الحديد الذي للقتال ‪ .‬قلت له‪ :‬فسر لنا‬ ‫ذلك‘ قال‪ :‬أما من قبل الحرامية الذين مرادهم الطمع إن نظروا في طريق‬ ‫المسلمين رجلا ليس عليه أسلحة ولا كسوة تركوه‪ ،‬وأما الأمراء إن‬ ‫نظروا رجلا أهمل نفسه عن السلاح قربوه وأتنوه وجعلوا له المواند‬ ‫والمنافع والقبض والبسط في تدبيرهم وفي حصونهم فانظر إلى المتاهم‬ ‫والشسيع لا عليهم خوف ولا فزع‘ وكذلك اللواتيا وعبادة الأصنام أنزلهم‬ ‫الأمراء لحوانج الإسلام فردوا ضباعا في الأنام؛ وأما الشجعان والذجاويد‬ ‫والعلماء والكرام‪ ،‬فلا جواب لهم في الكلام إن شكوا نبذوا وإن صبروا‬ ‫قطعوا‪ ،‬وأما الذين يحملون السلاح لهم العطاء القليل حتى يقتلوا أو يقتلوا‬ ‫(‪ )١‬أي ‪ :‬بالتحية في الصباح والمساء‪. ‎‬‬ ‫فانظر في زمانك بعقلك لأن زماننا نحن هكذا‪.‬‬ ‫قال ذو الغبراء‪ :‬حكي لنا عن رجل فلكي حسب لنفسه هل له‬ ‫زوجة؟ وهل له زيادة مال؟ فرأى في الفلك زيادة ماله من دمه‪ ،‬وله زوجة‬ ‫صالحة في يد رجل ثقة ينكحها بالحرام{ قتعجب من هذا الأمر وأقام‬ ‫حسابه في المرأة‪ .‬فنظر في الفلك أنه أخذها الثقة بنكاح مستقيم لا فيه‬ ‫شبهة على أحدهما في ظاهر الأمر‪ .‬ولكن رآها في الفلك أنها أخته من‬ ‫الرضاعة فجاء الفلكي مع العابد وسلم عليه فرد عليه الجواب‪ ،‬فقال له‪:‬‬ ‫ما حاجتك يا صاحب الفلك؟ قال‪ :‬جنت لأفرق بينك وبين المرأة التي معك‬ ‫وإني نظرت في الفلك فوجدت أنها أختك من الرضاعة ‪.‬‬ ‫فلما سمع كلامه غضب عليه غضبا شديدا وكان العابد له قوة في‬ ‫جسمه فقبض الفلكي من رأسه ورمى به في الارض فطاح على وجهه‬ ‫مغشيا والدم يسيل من رأسه فحمله الناس ومكث تلاتة أيام ذاهب العقل‪،‬‬ ‫فتاب العابد واستغفر إلى الله تعالى وسأل العلماء عن دينه فأوجبوا عليه‬ ‫الدية للفنكي فباع من ماله وحمل الدراهم وقصد العلماء وقاسوا الجراح‬ ‫فحكموا عليه بألف درهم فسلمها للفنكي وقبضها من عنده فقال أهل العلم‬ ‫للفلكي‪ :‬ما حجتك في زوجة العابد تريد تحرمها عليه وهل معك في كلامك‬ ‫شهادات؟ قال‪ :‬نعم فإنه يشهد على نفسه وتشهد عليه أمه والجمال الذي‬ ‫حملهم‪ .‬قال له‪ :‬أما أعلمتك أمك بطياحك من الجمل في سفركم في صغرك‬ ‫لزيارة أخوالك أنت وأمك والجمال فلان قد حملكما وطحت أنت من الجمل‬ ‫على أنفك وسال الدم منك حتى أقلتم بالموضع الفلاني‪ ،‬وأقبلت إليكم فلانة‬ ‫أم المرأة حاملة ابنتها وحلبت من تديها وجعل فيه الزعفران وسعطوك به‬ ‫وتعبت كتير من ذلك حتى خافوا عليك الهلاك‪ ،‬لأن الزعفران يحرق كثير‬ ‫مضرا والجمال وأمك وأم المرأة كلهم الساعة في الحياة فدبر العلماء‬ ‫للمذكورين وشهدوا كلهم أن هذا صحيح وقبل الفصال وكان فيهم من تقوم‬ ‫بهم الحجة في هذا فأمره العلماء أن يخرجها وشهدوا أيضا أن اللبن هو‬ ‫الغالب على الزعفران‪.‬‬ ‫وعن امرأة أرضعت صبيين هل يجوز لهما أن يتزوج كل منهما‬ ‫بأم أخيه من الرضاعة؟ قال‪ :‬جائز لأن المرضعة غير الأمهات‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فاعطى العابد المرأة صداقها العاجل والآجل وخرجت منه بلا‬ ‫طلاق واعتدت منه تلات حيض& تم أخذها الفنكي ومهرها من ديته‬ ‫فاستقام أمر الفلكي ونسل من المرأة تم تزوج العابد بامرأة أخرى ودخل‬ ‫عليها ومهرها ففي ظاهر الأمر حسنت فيه السيرة وفي الباطن حازت في‬ ‫بيت زوجها رجلا وامرأة تكسي الرجل من كسوة زوجها والمرأة تكسوها‬ ‫من ثيابها وتعمل لهما الطعام على ما تشتهي نفوسهما‪ ،‬فإذا دخل زوجها‬ ‫إلى البيت أمرت الرجل والمرأة أن يدخلا في المندوس الكبير‪ .‬رفعه قامة‬ ‫وعرضه باع ونصف فوقفا فيه حتى يخرج الزوج من البيت‘ فقل ما في‬ ‫البيت وباع العابد من الأصول لإقامة البيت ولم يزل في نقصان الأموالء‬ ‫ثم نزلت بالعابد العلل والأمراض فسال الفلكي عما به من العلل ونقص‬ ‫الأموال وقلة البركة فقال له الفلكي‪ :‬اعلم أيها العابد أن لديك زوجة خاننة‬ ‫وهي سيئة الأخلاق قليلة الأرزاق تندر(ا) مالك لأهل النفاق ‪,‬‬ ‫قال العابد‪ :‬ما علمت عنها بسوء ولعلك تريد أن تفرق بيننا‪ .‬قال‬ ‫‪ :‬تخر ج ‪.‬‬ ‫‏) ‪ ( ١‬ي‬ ‫الففكي‪ :‬مرادي أشفيك من البلاء وأظهر لك السر المختفي ولكن على‬ ‫شرط أن تبايعني مندوسك الكبير‪ .‬قال العابد‪ :‬هو لك هبة مني‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫فامض بنا إلى بيتك ونحمله الساعة‪ .‬فأخذ الفلكي أناسا لحمل المندوس‬ ‫وقصد بهم مسرعا لبيت العابد وقصدوا المندوس فإذا في المندوس الرجل‬ ‫والمرأة فنظر العابد كسوته في جسم الرجل وكسوة زوجته وحليها على‬ ‫المرأة‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فأخذهما أصحاب الفلكي وقصدوا بهما إلى الأمير فأمر الملك‬ ‫بسجنهما وأوصى لزوجة العابد فسجنهما فطلق العابد المرأة بمحضر‬ ‫الفنكيؤ فبعد أيام أبرأه الله من سقمه وعرف في قلبه أن الفلكي هو محبه‬ ‫ونصيحه فقام في زمانه يستشيره في أموره وسأله على أن يدله على‬ ‫امرأة صالحة ليتزوجها فمشى به وقت الصباح إلى مسرح الأغنام ونظر‬ ‫له النساء النيبات والأبكار التي لم يكن لها زوج‪ ،‬فأقبلت إليهم ابنة صغيرة‬ ‫قد نبت ثديها كالجوزة تسوق غنمها وعليها ثياب رثاث وزيها من زي‬ ‫الفقراء } فأشار عليه الفلكي أن يأخذ تلك الابنة ‪.‬فقصد إلى أوليانها‬ ‫وسألهم عنها ‘ فزوجوه بها ‘ فمهرها ودخل عليها ‪ ،‬فأقبنت عليه بركة‬ ‫الأرزاق من الأموال والمواشي ونسل منها الأولاد الذكور والإناث { فبلغ‬ ‫الغاية في آخر زمانه ‪ .‬وقال الله في كتابه ‪ « :‬ولو نت اغلمْ الغب‬ ‫لاسنتفئرزت من الخير (‪.‬‬ ‫قال ذو الغبراء ‪ :‬حدثني أحد من الأخوان عن رجل لجت به‬ ‫المصانب وسأل مولاه أن يرزقه ولدا ذكرا فاستجاب الله دعاءه وخلق له‬ ‫ولد ذكرا فأشفق به وجعل له أناسا يحرسون عن الدواب والآبار والأنهار‬ ‫(‪ )١‬سورة الاعراف‪. ١٨٨ : ‎‬‬ ‫والذهوية المتلفة ققدر على الولد الأمر بحضرة أبيه فطاح في النهر‬ ‫الجاري وساح على أسمة الفلج فأسكره الماء ولم يقدر عليه أبوه إلا بعد‬ ‫ساعة أخرجه فردت عليه روحه فأنشاه الله في أيامه‪ .‬ثم أراد الولد أن‬ ‫يحمله أبوه إلى الأموال فحمله وقصد به إلى المال وأكل الولد رطبتين‬ ‫وشرب من الماء جرعتين‘ وصاح بعد ذلك صوتين فخرجت روحه في‬ ‫حجر أبيه قي ساعته‪ .‬فحزن الوالد على ولده ثم قيل لوالد الصبي سألت‬ ‫مولاك فاستجاب لك ومتعك بولدك ورفعه عنك وهو في صدرك فما قدرت‬ ‫على نفعه مالك ألا ترضى بقضانه يفعل ما يشاء بخلقه ‘ والله تعالى رفع‬ ‫رسول الله وأبي بكر ورثاهما عمر وقال ‪:‬‬ ‫فعليك يادنياالسلام‬ ‫أحبهم‬ ‫الذين‬ ‫ذهب‬ ‫بعد هم حرام‬ ‫فالعيش‬ ‫لي‬ ‫العيش‬ ‫لا تذكرين‬ ‫‏‪ ١‬لفطظاءم‬ ‫فالطفل يؤلمُةه‬ ‫إني رضيع وصالبهم‬ ‫في الذي لا يعقل ولا فيه روح كالنخيل والأشجار إن أصاب أحدهن‬ ‫شينا أما هي تروح وترتعد والذي لا يعقل وفيه روح كالدواب والطير أما‬ ‫تراهن معكفات على من نزل به الموت فكيف بالذي يعقل وقد ألزم الله‬ ‫قرضا بالحفظ لما خوله الله من النعم من مال وأولاد وعبيد وأهل ودواب‬ ‫أن ينفق عليهم‪ .‬ويكسوهم ويعطف عليهم بالرأفة والرحمة‘ فاعتادت‬ ‫نفسه على ذلك فتارة ينزل في قلبه الفرح من قبلهم‪ .‬وتارة ينزل به الحزن‬ ‫مما ينزل بهم من الآلام والأسقام‪ ،‬فكيف إن مات أحدهم؟‪.‬‬ ‫أما يدخل في قلبه الحزن بالفراق ويفقد الإنسان طيرا أو سنورا لم‬ ‫يره في منزله‘ؤ فكيف بولد له أما تسمع أن مصانب الأولاد محرقة للأكباد‪.‬‬ ‫فذكر الأموات تخشع منها القلوب‪ ،‬والأولاد مختلفون كل منهم ومحبته‬ ‫وعلى قدر حقها فالذكور يطمع بهم لإحياء دين النه والذب عن البلد‬ ‫وسكانها‪ ،‬وأما الإناث فهن عورات مستورات والطمع منهن لزيادة النىسل‬ ‫وإقامة البيوت وأعمال الطعام والكسوة& فإذا لم تلد النساء الإناث فمن أين‬ ‫تخلق الرجال؟ فلا بد للوالد أن يدعو مولاه بأن يرزقه من الذكور والإتات‪.‬‬ ‫وأما مصائب الزوج والزوجة فمن بعد موت أحدهما ينزل بالباقي‬ ‫الهم والحزن بسبب الانكسار ويحتاج إلى تدبير آخر‪ .‬وأما بعض المصائب‬ ‫فعاقبتها يفرح بها الوارثنون بحصول الميراث لسداد الخلل من غير وجيعة‬ ‫ولا انكسار شيعة وأما مصائب الوالدين فذكر المحبة والإحسان منهما‬ ‫إليه وأنه لو بذل جميع أمواله لأناس لما وجد خصلة واحدة كالإجسان‬ ‫الذي من والديه‪ .‬وأما مصائب الإخوان والعلماء قتبقي في القلوب حسرات‬ ‫حتى قيل إن موت العالم ثلمة في الذرض لا يسدها شيع إلى يوم القيامة‬ ‫ولا يخلي المصانب شين إلا حدثت بالإنسان شدة أو بلية أو فرح‪ .‬وأما ذكر‬ ‫الوعظ والزجر فلا يجلوها انظر إن أقيمت الصلاة فليدخل على قلبك الفرح‬ ‫والبكاء في صلاتك حتى يفسدها عليك‘ ولو أنك قبل الصلاة ذكرت الله‬ ‫وخفت من عقابه وذكرت الموت والجنة والنار ما نفعك عند معارضة‬ ‫الشيطان ولكن محاربته المعارضة إليه؛ وفي تفسير لا حول عن معصية‬ ‫الله ولا قوة على طاعته إلا بالله العلي العظيم‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬وإذا ولد مولود وكان الطالع برج القضيمة وربه عطارد‬ ‫في الطالع مع طلوع الفجر والساعة الزهرة وهي في برج العقرب وفي‬ ‫ليلة الأثنين والقمر في منزلة الثريا وزحل في برج الميزان والمريخ في‬ ‫منزلة الإكليل والشمس حدها في الميزان‪ ،‬والمشتري في برج الأسد ما‬ ‫تقول في هذا المولود؟ فتفسيره يطول به الكتاب ولكن عطارد في بيته‬ ‫وشرفه وهو بيت المولود فدلالة عطارد وأسعد السعود في الأماكن‬ ‫السعيدة وأنحس النحوس في الأماكن النحسة وله دلائل كثيرة في الكتب‬ ‫والقمر في شرفه وهو مدبر الذرض إن فسد فسدت الأرض وما فيها وإن‬ ‫صلح اصطلحت الأرض ومن عليها‪ .‬وزحل هو النحس الأكبر وهو في‬ ‫شرفه لكن أحرقته النمس ليس له قوة والمريخ في بيته العقرب له قوة‬ ‫في الحركة الصغرى وهو بيت الأخوة‪ .‬وسمعت الشيخ ناصر بن أبي‬ ‫نبهان يقول عطارد هو صاحب القوة العظيمة في العلم والطلاسم وهكذا‬ ‫وجدته في الكتب الفلكية والله أعلم بخلقه وتدبيره فإذا أراد الله حياة‬ ‫الأرض أحياها بالعلماء وموتها بموت العلماء‪ ،‬وصلى الله على سيدنا‬ ‫محمد خاتم الأنبياء وعلى أصحابه الأتقياء ‪.‬‬ ‫الذكر الخامس والأربعون ‪:‬‬ ‫‘ وفيه قصتان‬ ‫فى التجارة‬ ‫ه‪.‬‬ ‫قال ذو الغبراء‪ :‬سألت صاحبي عن حرفة بني آدم ما أحسن منها‬ ‫لطلب الرزق؟ قال‪ :‬من كان معه الماء فهو الذصل الأول الذي لا يشاركه‬ ‫مشارك ولا يحتاج فيه إلى معاناة ولا معونة وهو كالذهب الخالص‪ .‬قلت‬ ‫له‪ :‬والنخيل والزرايع(‪)٠‬؟‏ قال‪ :‬إذا لم يكن لها ماء فغلتها لصاحب الماء‬ ‫للقعدا"ا‪ ،‬وأما إذا كان لها ماء فتحتاج إلى معاناة ومشاركة كالبيادير(")‬ ‫ويطمع بها الصديق وتأكل منها الطير والدواب والسباع ويحل بها العطاب‬ ‫في بعض الزمان فهذه عللها‪ .‬قلت له‪ :‬والمواشي؟ قال‪ :‬هي شقاء للنفوس‬ ‫فتارة تنمو(ا ويفرح بها صاحبها وتارة تذهب وتأكلها السباع واللصوص‬ ‫وهي عيد للخصيم يصبح صاحبها وكمن ليس لديه شيء منها‪.‬‬ ‫قلت له‪ :‬والتجارة؟ قال‪ :‬هي أضعف مما ذكرته لك مما ترى المبتلى‬ ‫بها من المحن في البر والبحر والحر والبرد والهلاك ؤالخوف© إذ هذا لا‬ ‫بد أن يصيبه في سفره وإلا فالأكثر مطلوبون إلى القتل أما ترى الوقوف‬ ‫أحسن عن التجارة‪ .‬فإن قلت‪ :‬لولا التجار ساعون ما الخلق فاعلون فقلنا‬ ‫لك صحيح لكن ينبغي للتاجر أن يتعلم فنون التجارة مخافة عليه من‬ ‫الخدائع والمكر من الخلق والسلامة في ذلك أن لا يبيع شينا إلا يدآ بيد‬ ‫(‪ )١‬أي ‪ :‬المزروعات‪. ‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ :‬الاستنجار‪‎‬‬ ‫)‪ (٢‬أي‬ ‫(‪ )٣‬أي ‪ :‬الفلاحين ‪ 0‬وهم الذين يعملون بالأجرة عادة‪. ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬في الاصل ‪ :‬تنمي‪. ‎‬‬ ‫لأنه إذا صار مالك في أيدي الناس فهم الغالبورن عن صاحب المال‪.‬‬ ‫والناس على تلاثة أصناف‪ :‬فمنهم الآكلون أموال الناس‘ ومنهم يشترون‬ ‫ولا يوفون إلا ما دمت عليهم قانما‘ ومنهم لا يشتري إلا إذا كان في يده‬ ‫شييعء ولا تحص أمرهم بالتجربة‪ .‬ولكن عليك بكتاب الفراسة قإنك إن‬ ‫حفظته ضبطا ونظرت الناس تر علاماتهم ظاهرة بينة في أجسامهم‬ ‫فتعرف طبانعهمش فإن دخلت في التجارة فاحرز سلعتك واعرف الثمن‬ ‫واحسب إلى الربح وصحح أولا مكيالك وميزانك واحذر التطفيف والبخس‬ ‫لأن الله شدد وحذر فقال ‪ «:‬ونيل للمْطقفِين