‫صفحات من تاريخ‬ ‫إباضية عمان وحضرموت‬ ‫رقم الإيداع بالمكتبة الوطنية عدن ‏‪٢٠٠٦/٢١٠:‬‬ ‫العنوان ‪ :‬صفحات من تاريخ إباضية غماز وحضرموت‬ ‫المؤلف ‪ :‬عبد الرحمن جعفر بن عقيل‬ ‫‪:-‬‬ ‫‪-.‬‬ ‫الصف والإخراج وتصميم الغلاف‪ :‬مركز الفاروق لخدمات الكمبيوتر‬ ‫المكلا ‪ -‬تلفاكس ‪ :‬‏‪ ٢١٥٦٦٨‬جوال ‪٢‬؟‪٠٢٨‬؟‪٧١٩‬‏‬ ‫التنفيذ الطباعي ‪ :‬مطبعة وحدين الحديثة ‪ -‬المكلا ت ‪ :‬‏‪٢١٦٦١٤‬‬ ‫دار حضرموت للدراسات والنشر‬ ‫المكلا ‪ -‬تلفون‪ :‬‏‪ ٢٥0٠٥1٤٩‬‏‪1٥٠٥٢‬ا‪:١‬سكاف‬ ‫‪-:‬‬ ‫&‪_ ..‬ل‬ ‫توزيع ‪ :‬معرض الحياة الدانم للكتاب‬ ‫المكلا ‪ -‬ت ‪ :‬‏‪٢٠٦٨٥٩‬‬ ‫الجمهورية اليمنية‬ ‫الطبعة الأوتى ‪١٤٢٦‬ه‏ ‪٦٢٠٠٦-‬م‏‬ ‫‪٩‬‬ ‫خلتتزتي‬ ‫‪4‬‬ ‫حقوق الطبع محفوظة للمؤلف‬ ‫‪7‬‬ ‫يمتع طبع هذا الكتاب أو جزء مته يكل طرت الطبع والتصوير والتنقل والترجمة‬ ‫والتسجيل المرني والمسموع والحاسوبي وغيرها من الحقوق‬ ‫إلا بإذن خطي من المؤلف‬ ‫صفحات من تاريخ‬ ‫إباضية عمان وحضرموت‬ ‫عبدالرحمن جعفر بن عقيل‬ ‫بستر الله الزحمن الرجيم‬ ‫« رَب أوؤزغني أن أشكر نعْمَتَكَ التي أ‪:‬أنْعَمْت علي‬ ‫‪0‬‬‫َ ‪ُ1‬‬ ‫وأذخلني‬ ‫و ن أَعْمَلَ صَالحاً ترضاه‬ ‫وَعَلَى والدي‬ ‫‏(‪»4 )١٨٩‬‬ ‫برَخْمَتكَ في عبادك الصالحين‬ ‫سورة النمل الآية (؛{)‬ ‫إن المنهج العلمي الحذيث في الأنعاث التارنغية هو مفارقة السمة ال غلبت قديما‬ ‫على كتابة التواريخ العامة و الابتعاد عن ذلك إلى تحديد البحث في مكان وزمن‬ ‫والتحليل‪.‬‬ ‫ذلك بااستقصاء‬ ‫وتناول‬ ‫محدودين‬ ‫ومن هذا المنطلق فإننا نستخلص من دوواين التاريخ وزبر السابقين مايتعلق‬ ‫بإباضية غُمان وحضرموت\ ونقلب صفحات تاريخها في محاولة لدراسة هذين الحخزأين‬ ‫الخامس‬ ‫اية القرن‬ ‫المهمين من جنوبي الحزيرة العربية وفي فترة محدودة تمتد إل‬ ‫المجري‪.‬‬ ‫ولا شك أننا ونحن نقلب هذه الصفحات لتاريخ إباضية عمان وحضرموت‪.‬‬ ‫نغفوص بعيدا للحديث عن ما قبل النشأة حيث تعين على فهم الأحداث التالية‪ .‬وهناك‬ ‫ميزات لهذا التاريخ تكمن قي هذه السمات‪:‬‬ ‫الأولى ‪ :‬شحَة المصادر اليي فصلت القول في الأدوار ال مرت بما الإباضية في‬ ‫عمان وحضرموت حيث يجد الباحث ندرة في هذا الجال ناتجة عن الانشغال السياسي‬ ‫له علاقة بأحدهما ‪.‬‬ ‫بل غيبتها هو‬ ‫ومما زاد الطين بلة في ندرة المصادر فيما يتعلق بإباضية حضرموت‬ ‫الصراع المذهبي الذي اشتد أواره فيما بعد‪ ،‬وأدى إلى إفناء هذه المرحلة بل طمسها من‬ ‫ذاكرة التاريخ الحضرمي حق عدها بعض المؤرخين من جاهل التاريخ الحضرمي"‬ ‫ولذلك فلا سبيل إلى العثور على معلومات إلا بالرجوع إلى أمهات المصادر للتاريخ‬ ‫على‬ ‫وخير شاهد‬ ‫الإسلامي‪ 6‬أو تتبع ما يعد من سقط المتاع من التاريخ الحضرمي‬ ‫ذلك شخصية أبي إسحق الحضرمي اليي حام حولها الشك لدى بعض المؤرخين‬ ‫علمي وسياسي فما بالك دوما ‪.‬‬ ‫نفوذ‬ ‫مم أئما ذات‬ ‫للريب‬ ‫وكانت عندهم مثيرة‬ ‫( ‪( ٥‬‬ ‫السمة الثانية ‪ :‬ينحدر بنا هذا البحث إلى توطيد العلاقات السياسية والفكرية اليي‬ ‫كانت قائمة بين إباضية عمان وحضرموت‘ وتسليط الضوء على الأرضية الاجتماعية‬ ‫والتركيبة السياسية الي ألقت بظلالها على الواقع" ومهدت لقبول آراء الإباضية ‪.‬‬ ‫السمة الثالثة‪ :‬بروز الجانب السياسي في المذهب الإباضي الذي طغى علي غيره‬ ‫من الجوانب" والذي حدد الأدوار والمراحل اليي لعبت دورا في نشاط الإباضية} فتارة‬ ‫تخبر نارها‪ ،‬وتارة تشتعل لتصل في جذوتما إلى إدارة دفة الأمور والسيطرة على مكة‬ ‫قة وتصل ضعفاً إلى التقهقر إلى الخلف حيث مراكز النفوذ وتضل قابعة بما كما هو‬ ‫الحال قي شبام حضرموت‪.‬‬ ‫السمة الرابعة‪ :‬لقد ظلت الإباضية باستمرار تثري بأطروحتها الثقافة الإسلامية‬ ‫وتغي الحضارة الإسلامية بكثير من الآراء‪ ،‬إذا نظرنا إلى الناحية الإيجابية‪ ،‬مقابل التمزق‬ ‫الذي أصاب جسد الأمة وكذلك وقفت في وجه المد الباطي الذي كاد يهدد أطراف‬ ‫الجزيرة في جانبها الشرقي الخنوبي ‪.‬‬ ‫وهكذا نستطيع أن نقول إن إباضية عمان وحضرموت استطاعوا أن ينشخئوا في‬ ‫مناطقهم حضارة إسلامية ذات صبغة إباضية وانتقلت القبائل بهذه البلاد من بداوقا‬ ‫بعد الانضواء تحت الراية الإباضية لتسهم ي الفكر الإسلامي بعيدا عن الغلو الذي‬ ‫مارسه الجانب المتطرف الذي لا يخلو منه فكر عادة حين ينأى عن الوسط فيكون‬ ‫مذموما عند أرباب هذا الفكر فضلا عن مخاليفه ‪.‬‬ ‫ما أحوجنا اليوم للبحث ف التاريخ العقدي والسياسي للإباضيةس متجردين من‬ ‫رواسب النزاعات والعصبيات‪ ،‬أو الانجرار وراء التهم والأوصاف الي أطلقها بض‬ ‫المؤرخين بأن أتباع الإباضية أهمل بدع وأهواء وضلال‪ ،‬ونعتهم بالمروق والغفر‬ ‫والتعصب©ؤ دون مراعاة لمبدأ دعوتهم وإعطائهم فرصة لتفهيمنا آراءعهم حسبما جاءت‬ ‫في مؤلفاتممإ ووضع حد لمهاجمة أتباع المذاهب والفرق الأخرى على أساس تمم لا‬ ‫أساس لهما في أرض الواقع بل مصدرها الوحيد هو الكراهية والحقد على المذاهب‬ ‫(‪(٦‬‬ ‫الأخرى" وصلت إلينا في كتب ومقالات تم تأليف بعضها قبل ائين عشر قرناء أت‬ ‫إلى حالة من سؤ الظن بين المسلمين‪ ،‬تفاقمت نتائجها على مر الزمان واتخذت أشكالأً‬ ‫مختلفة من الصراع بين تيارات المذاهب والفرق المختلفة‪ .‬ونشوب خلافات بين‬ ‫المسلمين تطورت في بعض الأحيان إلى حد الصراع العسكري والتهديد باللجوء إلى‬ ‫أساليب التصفية والاغتيالات‪.‬‬ ‫إن في تاريخخالإباضية ما يشير إلى نواياهم الطيبة في التعايش السلمي معمخنالفييم؛‬ ‫ففي عهد الدولة الرستمية (" التجأت طوائف كثيرة منالشيعة إلى الدولة الرستميةء‬ ‫ففتحت فهم هذه الأخيرة ذراعها ورحبت بهم وأكرمتهم وعرفت لهم مقامهم الرفيع‬ ‫ومقام جدهم علي بن أبي طالب‪ ،‬وقد وجد العلويون (وهم أبناء محمد بن سليمان‬ ‫العلوي أخي إدريس الأكبر مؤسس الدولة الادريسية ‪ -‬وجد هؤلاء في الدولة‬ ‫اسلرتمية‪ -‬كما يقول محمد علي دبوز من الإجلال والتعظيم ما جعلهم سادة في المدن‬ ‫الي نزلوا فيها"‪.‬‬ ‫وفي عهد الدورالإباضي في حضرموت التجأ السادة العلويون إلى حضرموت‘‬ ‫وكان جد العلويين الحضارم الإمام المهاجر أحمد بن عيسى كما تقول بعض المصادر‬ ‫العلوية الحضرمية ( يتبنى فكرا شيعيا إماميا)‪ .‬إل إن حضرموت بأهلها رحبت بهم‬ ‫وأكرمتهم وبوأت لهم مكانة مرموقة جعلتهم يرتقون أعلى السلم الاجتماعي لصلة‬ ‫النسب الشريف الذي يربطهم بالرسول محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬عبدالرحمن بن رستم من أصل فارسي‪ ،‬نشأ في القيروان والتحق بحلقة العلم بالبصرة‪ ،‬وتتلمذ على يد‬ ‫بي عبيدة بن ملم بن أبي كريمة التميمي أستطاع أن يؤسس الإمامة الرستمية الإباضية في وسط الجزانر‬ ‫عام ‪١٦٠.‬ه‏ واستمرت حتت عام ‪٦٩٦‬ه‪.‬‏‬ ‫(‪ )٢‬ذبوزا محمد علي‪ :‬تاريخ المغرب الكبير‪٦٣٢٢. ‎‬ص‪٢‬ج‬ ‫‪.٢٢٥‬‬ ‫(‪ )٢‬الحامد صالح‪ :‬تاريخ حضرموت ج‪ ١‬ص‪‎‬‬ ‫(‪(٧‬‬ ‫ويشهد التاريخ الحديث كيف يتعايش أهل السنة والجماعة مع الإباضية في سلطة‬ ‫عمان‪ .‬وليس غرياً عن الإباضية أن يعاملوا مخالفيهم هذا التعامل الأخوي مادامت‬ ‫تعاليمهم تحث على التقارب وجمع الشمل‪.‬‬ ‫ومن خلال دراستنا للإباضية ندرس الترابط التاريخي بين عمان وحضرموت‘‬ ‫ونصل إلى فهم العلاقة الي تميزت بخصوصية تاريخية ومذهبية‪ ،‬تداخلت مع الأحداث‬ ‫السياسية حينا وتباعدت حينا آخر‪ 8‬ولاستيضاح نوع وترابط هذه العلاقة‬ ‫لابد من رحلة نحو الغامض والمجهول من تاريخ عُمان وحضرموت\ ولابد من دراسة‬ ‫العمانية‬ ‫الحركة الإباضية والربط بين الصلاة التاريخية بين قبيلي الأزد ‪ -‬الأس د‪-‬‬ ‫وكندة الحضرمية‪.‬‬ ‫ولا نكتفي فيها بدراسة تاريخ الحركة الإباضية كحركة عقدية وسياسية‪ ،‬وإنما نضطر‬ ‫لأن ندرس معها كل شيء حق يعيننا على أن نفهم الخلفية التاريخية الن مهدت لظهور‬ ‫هذه الحركة السياسية العقدية في وسط القبائل الي تنحدر أصولها من أواسط الخزيرة‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫وأخيرا أحسب أن هذا البحث سيحفز المتعلقين بدراسة التاريخ لإعادة تقرّي حقيقة‬ ‫الفكر العقدي والسياسي للإباضية‪ ،‬وتقصَي تاريخ الإباضية في عمان وحضرموت‪.‬‬ ‫ولعلي بذلك قد أسهمت إسهاما متواضعاً في إثراء الثقافة العربية الي تأويها العاصمة‬ ‫‏‪.٢٠٠٦‬‬ ‫العمانية (مسقط) لسنة‬ ‫ورجائي الأخير منك أيها القارئ الكريم أن تغض الطرف عمًا قد يصادفك من‬ ‫هفوات‪ ،‬فجل من لا يسهو وجل من له الكمال وحده‪ .‬والحمد الله رب العالمين‪.‬‬ ‫الجزء الأول‬ ‫الباب الأول‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪...‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫عمان التاريخ والسكان والإسلام‪‎‬‬ ‫الفصل الأول‪: ‎‬‬ ‫ا‪ -‬عمان عبر التاريخ۔‪‎‬‬ ‫ب‪ -‬الأزد ‪ -‬الأسند‪ -‬السبذيون ‪ -‬المزون‪‎‬‬ ‫ج‪ -‬سكان عمان‪‎‬‬ ‫د‪ -‬الوضع الديني في عمان قبل الإسلام‪‎‬‬ ‫ه‪ -‬ظهورالاسلام بعمان‪‎‬‬ ‫و‪ -‬آل الجلتدى الأزديون‪‎‬‬ ‫ز‪ -‬ردة عمان‪‎‬‬ ‫ح‪ -‬دورالمهالبت الأزديين في الدولة الأموية‪‎‬‬ ‫ط عمان بين الوحدة والاتقصال۔‪‎‬‬ ‫ي‪ -‬انتشارالاإباضيت في عمان‪‎‬‬ ‫الباب الأول‬ ‫الفصل الأول‬ ‫ا‪ -‬عمان عبر التاريخ‬ ‫عُمَان بضم أوَلهء وتخفيف ثانيه‪ ،‬وآخره نون! مصطلح جغرافي أطلقه العرب‬ ‫على الجزء الجنوبي الشرقي من شبه الجيرة العربية» محاط من ثلانلة جهات‬ ‫بشواطئ على امتداد ‏‪ ١٧٠٠‬كيلومتر تقريباء تمتد من مضيق هرمز شمالاً حسن‬ ‫الحدود الشرقية للجمهورية اليمنية وتطل بذلك على ثلاثة بحار حيوية استراتيجية‬ ‫مهمة هي‪ :‬مضيق هرمز وخليج عُمان‪ ،‬وبحر العرب‪.‬‬ ‫اختلفت التقديرات حول حدودها و مساحتها الجغرافية السياسية الراهنة بين‬ ‫‏‪ .٠٠‬و ‏‪ ٢١٢ ٠٠.‬و ‏‪ ٢٢٦٢٠٠٠٠‬كيلومتر مربع ( ‪.‬‬ ‫هناك اختلاف في سبب التسمية ‪ -‬أي تسمية عُمان ‪ -‬فمنهم من يقول إن‬ ‫الأزد سمت عُمَان عُمانا لأن منازلهم كانت على ضفة واد بممأرب‪ ،‬يقال له عمان‬ ‫وقيل سميت بعمان بن سبأ بن يفثان بن إبراهيم خليل الرحمن» لأنه بن مدينة‬ ‫عمان <" & وقيل بمُمان بن قحطان أخي يعرب بن قحطان وقيل بمُمان بن‬ ‫قحطان بن يحيا بن يفثان بن إبراهيم خليل الرحمن وقيل إم من قبيلة العمالقة‬ ‫وهم من العرب العاربة البائدة‪ ،‬وهم عن بيي عمليق ويقال عملاق ابن لاوذ بسن‬ ‫أرم بن سام بن نوح‪ ،‬قال الطبري‪ :‬وتفرقت منهم أمة في البلاد منهم أهل المشرق‬ ‫وأهل عُمَّان والبحرين والحجاز (" ‪.‬‬ ‫الديمقراطية‬ ‫‏(‪ )١‬السيابي! أحمد بن سعود‪ :‬اصرل بيت المال في عمان‪ .‬وغباش‪ ،‬عبيد غانم‪ :‬عمان‬ ‫الإسلامية تقاليد الإمامة والتاريخ الياسي الحديث ص‪.٣٢‬‏‬ ‫(‪ )٢‬الحموي إ ياقوت‪ :‬معجم البلدان‪٨٤. ‎‬ص‪٤‬ج‬ ‫(‪ )٢‬الطبري ‪ ،‬تاريخ الأمم والملوك ج‪١‬ص‪ .١٢٥‬وابن خلدون ‪:‬تاريخ ابن خلدون‪ ‎‬ج‪٦٢‬ص‪٤٨‬‬ ‫(‪( ١٠‬‬ ‫وكثيرا ما لعب الخيال الشعبي العربي دوره في وضع مشجرات أنساب القبائل‬ ‫و الشعوب رغبة في سد ثغرات الأنساب ومحاولة ربط الحقب التاريخية المفقودة‬ ‫في تناسل البشرية حق ولو استندت على مرويات من المصادر التوراتية‪ ،‬أو ح‬ ‫الشذوذ عن الحقائق والوقائع كما زعم الكندي فقال في نسب اليونان‪ :‬انه يونان‬ ‫بن عابر وذكر انه خرج من بلاد العرب مغاضباً لأخيه قحطان‪ ،‬فنزل شرقي‬ ‫الخليج القسطنطييي ‪ 3‬فرد عليه أبوعباس الناشئ بقوله «" ‪:‬‬ ‫لعمري لقد باعدت بينهما جدا‬ ‫تخلط يوتان بقحطان ضلم‬ ‫حى لا نبتعد جدا عن تاريخ هذا البلد ذي الموقع الاستراتيجي الغي بتاريخ‬ ‫يعود على حد قول المؤرخين وعلماء الآثار إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد في‬ ‫الأقل ؛ فإن عمان كانت معروفة بالاسم السومري مغان ‪ -‬ماجان ( صعدة" )‬ ‫وكانت مساحتها تزيد كثيرا عن مساحة عمان الحالية! فهي تمتد من حدود شبه‬ ‫جزيرة قطر إلى حدود حضرموت‘ وقد عاصرت حضارة مغان حضارة دمون‬ ‫) البحرين اليوم وحضارة مالوخا ( دطعساة ) في الهند ”‘ ‪.‬‬ ‫( هاء‬ ‫كانت بين حضاري مغان ودلمون صلاة وثيقة بالحضارات الأخرى في بلاد‬ ‫سومر وبابل‪ ،‬ونتيجة هذه الصلات انبثقت منشآت بشرية يعود عهدها إلى‬ ‫الألف الثالث قبل الميلاد ‪ 0‬اعتمدت على تطور النشاط التجاري في الأراضي‬ ‫العمانية‪ ،‬وقيام مستوطنات سومرية اهتمت بصهر النحاس وتصديره" و قامت في‬ ‫القرن الأول الميلادي مستوطنات كلدانية» وكانوا يسمون غمان ابليتاء ويعد‬ ‫صهر النحاس وتصديره إلى بلاد ما بين النهرين من أهم ما تميزت به حضارة‬ ‫مغان القديمة‪.‬‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫اية الأرب ف معرفة أنساب العرب ص‪٩‬‬ ‫أبو العباس أحد‪:‬‬ ‫‏) ‪ ( ١‬القلقشندي‬ ‫‏‪ :٠.7‬ان ندبمقراطية الإسلامية وتقاليد الإمامة والتاريخ السياسي الحديث ص‪ ٤‬‏‪.٢‬‬ ‫‏(‪ )٢‬غباش‪ ،‬حسين تتبرا۔‬ ‫(‪(١١‬‬ ‫إضافة إلى تصدير اللبان إلى مصر الفرعونية‪ ،‬فقد تمكن أهل مغان من التمرّس‬ ‫في الشؤون البحرية وصناعة السفن والقيام بدور الوسيط التجاري بين بلاد ما بين‬ ‫النهرين والهند وبالعكس‪ .‬وتظهر إحدى لوحات سرغون (مهعحهك ) ملك‬ ‫الأكادين ‏(‪ ٢٣١٦-٢٣٢٧١‬ق‪.‬م) سفن مغان ودلمون ومالوخا راسية في مرفأ‬ ‫أكاد (‪.‬‬ ‫م يقتصر تأثير مغان خلال العصور القديمة على النشاط التجاري بين موانئ‬ ‫الحيط المندي والخليج العربي" بل وصل أيضا إلى حوض البحر المتوسط‪ ،‬وتتابع‬ ‫هذا النشاط التجاري في القرن الرابع قبل الميلاد حت وصل إلى الصين وبقيت‬ ‫العلاقة التجارية العمانية ‪ -‬الصينية قائمة منذ ذلك الحين إلى اية القرون‬ ‫الرسطى» ويبدو أن حضارة مغان بدأت بالأفول مع بداية الحروب الطاحنة وقد‬ ‫تمكن الملك الفارسي كورش من الاستيلاء على ما تسمى الآن عمان‬ ‫يمدف السيطرةعلى مناجم النحاس‪ ،‬واستطاع أن يحقق أحلامه في السيطرة على‬ ‫الخليج العربي وموانئه المزدهرة فاجتاح البابليين وأزالهم عنها كليا‪ ،‬وأحل محلهم‬ ‫الفرس <"‪ .‬استفاد الفرس كثيرا من مهارة ودراية النُمانيين بنون الملاحة‬ ‫(( وسميت عمان المزون وهي تعي الملاحين في أصل التسمية)) ”‘‬ ‫تزخر عمان بالكثير من بقايا المعالم الأثرية اليي تروي قصة حضارات ضربت‬ ‫بجذورها في عمق تاريخ هذا الجز الحيوي من جزيرة العرب‪ ،‬وتشير المكتشفات‬ ‫الأثرية الحديثة أن عمان شهدت نشاطاً حضاريا في العصر الحجري الحديث‬ ‫والبرونزي يعود إلى الألف الخامس قبل الميلاد» وقد قامت مستوطنات زراعية‬ ‫ص‪.١ ٤‬‬ ‫(‪ )١‬بن عمير عامر بن علي‪ :‬حضارات عمان القليعة‪‎‬‬ ‫(‪ (٦‬السيابي! ما م بن حمود بن شامس‪ :‬عمان عمر التاريخ‪ ‎‬ج‪١‬ص‪.٦٨‬‬ ‫ج‪١٣‬ص‪٠.٧‬ا‪.٤‬‬ ‫)‪ (٣‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪‎‬‬ ‫(‪( ١٦٢‬‬ ‫وتجارية في مناطق متعددة في ظفار ورأس الحتر‪ ،‬ورأس الحد‪ ،‬وبهلا ونزوى‪،‬‬ ‫وبات‪ ،‬ورأس الحمراء} والواسط\ وسمد الشأن والبليد وغيرها من المواقع‬ ‫وتم العثور على لقى أثرية في رأس الجتر بولاية صور وهي عبارة عن قطع‬ ‫فخارية قديمة ذات نقوش وزخارف تعود إلى الألف الرابع قبل الميلاد‪.‬‬ ‫وفي مدافن بات بولاية عبري هناك مقابر قديمة تعود إلى الألف الثالث قبل‬ ‫الميلاد‪ ،‬وقد بينت اللقى الأثرية من بقايا أجرار فخارية وشقف حجرية عمر تلك‬ ‫المستوطنات القديمة‪ .‬وفي ظفار تمركز نشاط السكان التجاري قديما في وادي‬ ‫دوكه الذي يقع في منطقة نجد بعد المنحدرات الشمالية لسلسة جبال ظفار‬ ‫ويبعد ‏‪ ٣٥‬كيلومترا إلى الشمال من مدينة صلالة الحالية‪ ،‬ويعد هذا الوادي من‬ ‫أهم المناطق المناسبة لنفو شجرة اللبان ال تنتشر في ظفار‪ ،‬ومن أهم مواقع إنتاج‬ ‫محصول اللبان إلى جانب وادي دوكه قديما؛ وادي انطور‪ ،‬ووادي حنون‪ ،‬ووبار‪،‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ووادي حوجر‪.‬‬ ‫بينت التنقيبات الأثرية الي جرت مؤخرا في منطقة شصر بظفار‪ ،‬وجود مدينة‬ ‫ذات حضارة عريقة كانت ملتقى التجارة والطرق البرية ما بين جنوبي الجزيرة‬ ‫العربية وبلاد مابين النهرين‪ ،‬والعالم القدم وهي مدينة وبار التارخية‪.‬‬ ‫كانت واحة الشصر نقطة التقاء مهمة لعبور الصحراء الشمالية لمنطقة ظفار‪،‬‬ ‫إذ ترحل إليها القوافل من مراكز إنتاج اللبان من وادي غدون وحنون وذهبون‬ ‫وبقية الأودية‪ ،‬ثم تنطلق هذه القوافل من ثغر نمريت شمالاً في مسير يومين تقرييا)‬ ‫عبر صحراء مقفرة‪ ،‬وقد تتجنب القوافل طريق الشصر وتنطلق من حنون إلى‬ ‫وادي غدون (مشديد) ثم إلى مضي ثم للى حبروت أو كما يلفظ محليا ر حييره) ثم‬ ‫(‪( ١٣‬‬ ‫سناو تم إلى ثمود غم إلى وادي حضرموت ثم إلى المنافذ الأخرى في الخزيرة‬ ‫إلى‬ ‫العربية (" ‪.‬‬ ‫وعلى بعد ثلائين كيلومتر من مدينة صلاله في المنطقة اليي تعرف محليا ب‪-‬‬ ‫(( خور روري )) يوجد موقع منشآت ميناء سمهرم أهم الموانئ المشهورة في‬ ‫جنوبي الجزيرة العربية في تجارة تصدير اللبان‪ ،‬وعرف بنعوت وأسماء مختلفة مشل‬ ‫موشكا أو موجا أوموسكاء وميناء البخور والعطور "‪ . 0‬وقد تم ذكره في‬ ‫نصوص يونانية قديمة تعود إلى الفترة مابين القرن الأول والثا الميلادي‪.‬‬ ‫‪ -‬كما تم العثور على لوح برونزي عليه كتابات قديمة تتكون من ستة أسطر‬ ‫تقرأ من اليمين إلى الشمال‪ ،‬ويرجح الدكتور البرايت انه يعود إلى القرن الثاني‬ ‫للميلاد‪ .‬وترجع أهميته إلى انه يعطي لنا اسم المدينة سمهرم ( س م ه ر م)‬ ‫ويذكر في الوقت نفسه (سين ذالم ) معبود حضرموت الرئيس وبذلك ينبت في‬ ‫‪5‬‬ ‫أسطر قليلة الصلة القديمة بين ظفار وحضرموت‬ ‫ولا زالت بقايا القلاع التاريخية المندثرة تقبع أكوام حجارتما فوق تلال سهول‬ ‫صلالة في موقع عين حمران وغيرها من المواقع الأنرية‪.‬‬ ‫لقد تضافرت عوامل كثيرة على قيام تطور حضاري في ممالك جنوبي الخزيرة‬ ‫العربية شرقها وغريما‪ ،‬منها ما يتعلق بالموقع الجغراني فعلى الرغم من بعدها عن‬ ‫لم‬ ‫مراكز الحضارات الرئيسة في العالم القديم فهي من ناحية أخرى‬ ‫معزل عن تلك الحضارات الي تميزت بما كل من مصر وبلاد الرافدين‬ ‫تكن‬ ‫وحوض البحر الأبيض المتوسط وبلاد فارس والهند والصين" فقد كانت موانئ‬ ‫(‪ (١‬لمعشين؛‬ ‫‪.‬‬ ‫ص‪٨٦‬‬ ‫سعيد بن مسعود‪ :‬الآثار التاريخية ن ظفار‪‎‬‬ ‫ص‪.٨‬‬ ‫(‪ )٢‬المصدر نفسه‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬بافقيه‪ 6‬محمد عبدالقادر‪ :‬تاريخ اليمن القدم‪ ‎‬ص‪.٤٨‬‬ ‫( ‪(١٤‬‬ ‫جنوبي الجزيرة العربية تشهد نموا و نشاطا تحاريا وبرياً وبحرياً مزدهر وكانت‬ ‫تلك الموانئ العربية قبلة للسفن القادمة من موانئ مصر وفارس والحبشة والهفد‪،‬‬ ‫حيث تفر غ هذه السفن حمولتها من المعادن الثمينة والأقمشة الحريرية والتوابل ثم‬ ‫تحملها القوافل البرية عبر طريقين رئيسين‪:‬‬ ‫الطريق الأول‪ :‬يسير من عمان أو حضرموت ويتجه شمالا عبر بادية الدهناء‬ ‫ح يصل إلى الخليج العربي ثم ينعطف غرباً فيخترق نجد حين يصل إلى الحجاز‬ ‫غم إلى الشمال حيث تتفرع الطرق إما شمالا إلى فينيقية وفلسطين فتدمر وإما غرباً‬ ‫إلى مصر‪.‬‬ ‫الطريق الثاني‪ :‬ويبدأ من عمان إلى حضرموت ثم إلى مختلف حواضر اليمن‬ ‫ويسير شمالاً حق خليج العقبة مارا محطات مهمة مثل مكة ويثرب ثم يسير إلى‬ ‫البتراء فمعان ومنها يتفرع إلى الاتجاهات نفسها ال يتفرع إليها الطريق‬ ‫السابق < ‪.‬‬ ‫ازدهرت وترعرعت شجرة الحضارة في جنوبي الجحزيرة العربية وازدهرت‬ ‫الموانع التجارية وتوسعت مدارك سكان جنوبي الحزيرة العربية ودرايتهم مسالك‬ ‫البحر وتقلبات أنوائه ومعرفة اتجاهات الرياح الموسمية وظهرت الموانئ العربية‬ ‫التجارية‪ .‬ونشطت صناعة المراكب والسفن‪ ،‬وأصبح لعرب جنوي الجزيرة‬ ‫السيادة على البحار في الحزء الجنوبي من المعمورة‪".‬‬ ‫وهذا الازدهار الحضاري كان في وقت لا يقل عن الألف الثاني قبل الميلاد‬ ‫بين تلك الموانئ‬ ‫الجمل وسيلة للنقل والانتقال‬ ‫فيه استخدام‬ ‫وهو الوقت الذي ح‬ ‫‏(‪ )١‬النعيم! نوره عبداللة‪ :‬الوضع الاقتصادي في جزيرة العرب ف الفترة من القرن الثالث ق‪.‬م حيت القرن‬ ‫الثالث الميلادي ص‪٢١١‬و‪.٢١٨‬‏‬ ‫( ‪( ١٥‬‬ ‫والأطراف الصحراوية النائية من شبه الجزيرة العربية‪ ،‬و عبر تلك القوافل التجارية‬ ‫الأخرى‪.‬‬ ‫يتم التواصل مع الأمم والحضارات‬ ‫وظهرت سلع عربية جنوبية مهمة في مقدمتها اللبان والمر "ك لأول مرة‬ ‫ق الأسواق الشمالية حول البحر الأبيض المتوسط وقد ازدهرت عغُمان‬ ‫وحضرموت تماريا؛ إذ تميزت جبال ظفار بإنتاج اللبان وكان ميناء ( قنا ) في‬ ‫حضرموت وميناء ( سمهرم ) في ظفار والتابعة أيضا للملكة حضرموت وميناء‬ ‫صحار في عمان من أهم الموانئ في جنوب شبه العربية‪.‬‬ ‫يجمع اللبان من مناطقه المختلفة} ويشحن عن طريق ميناء سمهرم أو غيره من‬ ‫الموانئ في ظفار رأساً إلى ميناء قنا( بئر علي) بجنوب اليمن وهي الطريق الأكثر‬ ‫سهولة للبضائع القادمة من ظفار إلى المنافذ قي جنوب اليمن‪ .‬ومن هناك ينقل‬ ‫اللبان على ظهور الحمال مرَة أخرى إلى وادي ميفعة نزولاأً إلى وادي جردان‪،‬‬ ‫ومنه إلى أطراف بيحان السفلى‪ ،‬حيث يوجد طريق آخر من قنا مائلا إلى الجنوب‬ ‫محاذيا أطراف قنا وهي أكثر سهولة‪ .‬وتأخذ قوافل الرحلات المسار نفسه المشار‬ ‫إليه سلفا‪ .‬وهناك طريق بحري آخر‪ ،‬من ظفار إلى خليج عمان والخليج العربي إلى‬ ‫بابل بالعراق© والموانئ الفارسية‪ ،‬والهندية وبالذات ميناء (( ياركيم )) الذي أتى‬ ‫ذكره ضمن الموانئ ال تتعامل مع ظفار وتحارتما القديمة _‬ ‫‏(‪ )١‬اللبان من المواد العطرية القديمة في جنوب شبه الجزيرة العربية" وهو مادة صمغية زيتية تتخلص في‬ ‫نبات( داانصدطاادعاء ) ولدى تجريح جذورها تحصل على مفرز صمغي وجزء آخر من العقار‬ ‫يحصل عليه من الإفراز الطبيعي لاق أو بقطعه؛ وتستخدم رائحته العطرية كبخور كما بدخل في‬ ‫العلاجات الطبيعية‪ .‬أما المر فهر من المواد الزيتية الصمغية يستخلص من نبات ‪.-‬‬ ‫(ا‪)1٥1٥‬‏ بشق يفتح في قشور الأشجار وتكون ف البداية على شكل مفرز بلون أصفر لا تلبث أن‬ ‫تتصلب ويزداد لونا قتامة‪ .‬والمر من المواد المنبهة والمهرة‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬بانقيه‪ 6‬محمد عبدالقادر‪ :‬تاريخ اليمن القدم ‪.‬‬ ‫(‪(١٦‬‬ ‫في ظل ذلك الازدهار الحضاري المبكر ازدهرت العلاقات بين ممالك حنوبي‬ ‫الخزيرة العربية} وتم توحيد ظفار التابعة لحضرموت في إطار الدولة الحميرية‪ ،‬و في‬ ‫م‬ ‫إلى غزوات السبئيين والحميربين‪ 6‬فإن عمان‬ ‫ملكة حضرموت‬ ‫حين تعرضت‬ ‫تكن بمنأى عن غزوات الآشوريين والكلدانيين والبابليين والفرس ومن ثم ممالك‬ ‫العربية الحنوبية‪(( ،‬وغُمان خضعت للملكة الحميرية ال تلت مملكة سبأ)) ( ‪,‬‬ ‫ب ‪ :‬الأزديون والأسبذيون والمزون‪:‬‬ ‫‪١‬۔‏ الأزد‪:‬‬ ‫الأزد ويقال لهم الأسد وهي أفصح من الأزد «" ‪ 0‬وإبدال الحروف في‬ ‫اللغات السامية ظاهرة شائعة} وأيضا كانت القبائل العربية تبدل حروفا في‬ ‫لهجاتما‪ (( 2‬وفي لغة عبدالقيس الشخر لغة في الشخص‪ ،‬وهو ‪-‬۔الاضطراب۔‬ ‫والمشارزة‪ -‬المشارسة ‪ -‬المنازعة والرجز‪ -‬الرجس أبدلت السين زاياً كما قيل‬ ‫للأسد بسكون السين‪ :‬الأزد‪ .‬وقيل الأسد جرثومة العرب فمن أضل نسبه‬ ‫فليأتمم الأسد بسكون السين‪ ،‬والأزد أبدل الزاي سينا والجرثومة الأصل)) «" ‪.‬‬ ‫))تداخل في النطق‬ ‫مع ملاحظة أن رسما لحرف في اللغة العربية الجنوبية »‬ ‫بين أحرف (( س» ز‪ ،‬د‪ ،‬ذ )) وهذا يعطي دلالة على تقرب الأسد ‪-‬الأزد إلى‬ ‫ثقافة العربية الخنوبية بصرف النظر عن كوم أعراباً‪.‬‬ ‫هناك أساس حقيقي لتقسيم العرب إلى شماليين وجنوبيين‪ ،‬وأيضا هناك‬ ‫استقطاب لسكان أواسط الزيرة العربية في كل اتجاه ضمن حراك اجتماعي عبر‬ ‫الخليج بلدانه وقبائله ص‪.١٥‬‏‬ ‫صامويل باريت‪:‬‬ ‫مايلز‬ ‫((‬ ‫‏(‪ )٢‬إسحق! أبويوسف يعقوب‪ :‬إصلاح المنطق ص‪.١٨٥‬‏‬ ‫‏(‪ )٢‬الجزيري المبارك بن محمد‪ :‬النهاية ني غريب الأثر ج‪١‬ص‪.٢٥٤‬‏‬ ‫(‪( ١٧‬‬ ‫التاريخ ومع هذا الحراك الاجتماعي تعددت وتنوعت المؤثرات‘‪ ،‬وتوزعت القبائل‬ ‫إلى عدنانية وقحطانيةإ فمن الفريق العدناي نجد أن مضر وربيعة يعودان إلى أرومة‬ ‫واحدة ((نزار))‪.‬‬ ‫ومن الفريق القحطاني بحد اسم (( قحطان)) نفسه إلى جانب كندة} وكذلك‬ ‫الأزدرالأسد)‪ ،‬ومذحج وغسان‪.‬‬ ‫وزعم النسابون أن العرب العرباء هم من بيي قحطان المنتمين إلى اليمن وإلى‬ ‫اصلين أو شعبين ‪:‬‬ ‫وكانت منازلهم باليمن ثم‬ ‫النعب الأول ‪ :‬جخرهم وهم بنو جرهم بن قحطان‬ ‫انتقلوا إلى الحجاز فنزلوه‪.‬‬ ‫عرب‬ ‫وقيل إنه أصل‬ ‫بن قحطان‬ ‫وهم أبناء يعرب‬ ‫النعب الثاني‪ :‬يعرب‬ ‫اليمن ومنه تناسلوا إلى قبيلتين‪:‬‬ ‫الأرلى قبيلة حمير‪ :‬وذكروا أن لحمير عشرة أولاد ولكن جل قبائل حمير من‬ ‫ابنيه الهميسع ومالك‪ ،‬والى مالك تنتسب قضاعة وإلى قضاعة تنسب سبعة أحياء‬ ‫من أحياء العرب هي بلي وجهينةء وكلب© وعذرة‪ .‬وبمراء‪ ،‬ونمد‪ ،‬وحرم‪.‬‬ ‫أما القبيلة الثانية من القحطانية وهم بنو كهلان بن سبأ‪ :‬وجعلوا منهم أحد‬ ‫عشر حيا‪ :‬الحي الأول الأزد بفتح الهمزة وسكون الزاي وبالدال المهملةإ ويقال‬ ‫بالسين بدل الزاي‪.‬‬ ‫والأزد هم بن الغوث بن نبت بن مالك بن أدد بن زيد بن كهلان‪ ،‬وقد‬ ‫قسموا الأزد‪-‬۔ الأسد إلى ثلاثة أقسام‪:‬‬ ‫= أزد شنوءة وهم بنو نصر بن الأزد وشنوءة لقب لنصر غلب على بنيه‪.‬‬ ‫‪ -‬أزد السراة بإضافة أزد إلى السراة وهو اسم الموضع الذي نزلوا به‪.‬‬ ‫(‪(١٨‬‬ ‫‪ -‬أزد عُمّان بإضافة أزد إلى عمان‪.‬‬ ‫ثم تأتي بقية أحياء كهلان وهي‪ :‬طي ومذحج وهمدان وكندة و قيل إن اسم‬ ‫كندة ثور بن عفير" و مراد وأنمار وجذام ولخم والأشعريون‪ ،‬وعاملة‪.‬‬ ‫غم زعموا أن الأغلبية من تلك القبائل هم من قوم سبأ‪ ،‬وكانت مواطنهم‬ ‫مأرب©‪ ،‬وقد أجبروا على الهجرة نتيجة للكارنة الطبيعية الطارئة اليي تمثلت في سيل‬ ‫العرم؛ وتصدع سد مأرب ومن ثم انهياره‪.‬‬ ‫لم تكن القبائل العربية في الخزيرة متحاجزة} و لم تكن الحدود بينها قاصمة‬ ‫قاسية‪ ،‬وإنما كانت هناك منافذ كثيرة تصل بينها وتتيح لها التواصل والتقارب‪٥‬‏‬ ‫وانسكاب بعض منها في بعض والتقاء بعضها مع بعض وينتج عن هذا الالتقاء‬ ‫والانسكاب بجموعات جديدة تجمع بين الأصلين وتنفرد عنهما‪ .‬ولكن قصة‬ ‫الهجرة الي نتجت عن انميار سد مأرب طغت وطوّعت لتشكيل الوعي القبلي‬ ‫العربي وصياغته على ما كانت عليه تلك القبائل من اندماج وتواصل‪.‬‬ ‫ولعل قصة هجرة قبيلة الأزد بنو ع خاص أقوى الهجرات تميلاً لحركة التمازج‬ ‫القبلي‪ ،‬وهذه الهجرة العجيبة اليي دكت أرض الحزيرة العربية أمامها وضربت‬ ‫أطرافها‪ ،‬فنزلت هنا ونزلت هناك‪ ،‬وطلعت الجبال حى اعتلت قممها وهبطت‬ ‫الأردية حت غلبت عليها‪ ،‬وقاربت بين القبائل الأخرى ثم افترقت عنها‪ ،‬ومضت‬ ‫في هجرتما وتوزعت في الأرض العربية شمالها وجنوبمما شرقها وغربيما في العراق‬ ‫والشام ومكة والحجاز وغُمان والبحرين وأطراف بلاد فارس ويحدثنا عنها‬ ‫الهمداني فيقول‪:‬‬ ‫من‬ ‫مُزيقياء بن عامر ماء السماء هو ومالك بن اليمان‬ ‫() ‪ 11‬خر ج عمرو‬ ‫مارب في جماعة الأزد‪ ،‬وظهر إلى مخلاف خولان وأرض عنس وصنعاءء فأقبلوا لا‬ ‫والخيل‬ ‫‪ 11‬فيهم من العدد والمدد‬ ‫عرون بماء إل أنزفوه ولا بكلا إلا أسحقره؛‬ ‫( ‪(١٩‬‬ ‫والإبل والشاء والبقر وغيرها من أجناس السوام؛ وفي ذلك تضرب الرواد تلتمس‬ ‫لهم الماء والمرعىؤ وكان من روادهم رجل منبني عمرو بن الغوث خرج فهم‬ ‫إخوقمم حمير‪..‬‬ ‫بلاد‬ ‫شم رائداً إل‬ ‫رائد خرج‬ ‫‪ .‬و‬ ‫إخوقىم همدان‪..‬‬ ‫بلاد‬ ‫إلى‬ ‫رائدا‬ ‫غم إم أقاموا بأزال وجانب بلد همدان قي جوار ملك حمير قي ذلك العصر حى‬ ‫الجبال فطلعوها من‬ ‫خيلهم ونَعمَهُم وماشيتهم وصلح لهم طلوع‬ ‫استحجرت‬ ‫ناحية سهام ورمع وهبطوا منها على ذؤال‪ ،‬وغلبوا غافقا عليها وأقاموا بتهامة‬ ‫ما أقاموا حق وقعت الفرقة بينهم وبين عكً} فساروا إلى الحجاز فرقا فصار كل‬ ‫ومنهم من تخلف مكة وما حولهاك‬ ‫فخذ منهم إلى بلك فمنهم من نزل السروات‘‬ ‫ومنهم من خرج إلى العراق ومنهم من سار إلاىلشام؛ ومنهم من رمى قصد‬ ‫الشحر‬ ‫بنوا حي‬ ‫ببن الأزد‬ ‫كثير م ‪.‬ن و لد نصر‬ ‫ولحق‬ ‫واليمامة والبحرين‪.. .‬‬ ‫مان‬ ‫‪.‬‬ ‫[‪]3‬‬ ‫فارس))‬ ‫بلاد‬ ‫وأطراف‬ ‫وعلل رواة الأخبار والسير اسم الزعيم الأزدي الذي قاد شتات الأزدر(عمرو‬ ‫مُريقياء بن عامر بن ماء السماء)) وقالوا ‪ (( :‬إن مزيقياء هو لقب عمرو المذكور‬ ‫وكان من ملوك اليمن وإنما لقب بذلك لأنه كان يلبس كل يوم حلتين منسوجتين‬ ‫بالذهب\ فإذا أمسى مزقها وخلعها! وكان يكره أن يعود فيهما! ويأنف أن‬ ‫يلبسها أحد غيره‪. "_{ ))..‬‬ ‫ومع ذلك فنحن نرى أن رواة الأخبار والسير صاغوا اسم هذا الزعيم‬ ‫الازدي( المفترض)) عمرو مزيقياء بن عامر بن ماء السماء على ثلانة محاور‬ ‫مترابطة مستوحاة من واقع قصة انميار سد مأرب فكان على النحو الآتي‪:‬‬ ‫‏(‪ )١‬الهمداني‪ :‬صفة جزيرة العرب ص ‏‪ ٢٦١٠-٦٢٠٦‬باختصار‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب ج ‏‪ ١٠‬‏‪٣٤٢.‬ص ووفيات الأعيان ج ‪٥‬ص‪.٢٥٧‬‏‬ ‫( ‪(٢٠‬‬ ‫ماء السماء (ر السَّيل))‪.‬‬ ‫ه‬ ‫مزيقياء ((تمررّق))‬ ‫عمرو ((عمران )) ه‬ ‫ويبدو واضحا محاولة رواة الأخبار وكتاب السير إحالة مدلولات اسم هذا‬ ‫ف‬ ‫الكرم‬ ‫جاء بما القرآن‬ ‫قوم سبأ كما‬ ‫إل واقعة قصة‬ ‫الزعيم الأزدي استنادا‬ ‫سورة سبا ( لَقَذ كان لسا في مسكنه آية جنان عن يمين وشمال كُلوا من‬ ‫‪,‬‬ ‫رزق ربكم وَاشْكُروا ه ة طيبة ورب غفور‬ ‫والشواهد تثبت أن على ضفين تلك الجنتين قامت الحضارة وأنشئ (( العمران ‪-‬‬ ‫العرم‬ ‫الإعمار))‪ .‬لكز الله بدلهم بجنتيهم بعد أن أعرضوا وأرسل عليهم سيل‬ ‫فَأَغْرَضُوا قارسَلڵنا علهم سَيْللَ العرم وَبَدَْتَاهُم بحتَتيهمْ جنين‬ ‫) ماء السماء)) »‬ ‫هم‬ ‫الشتات‬ ‫ذوقى أكل عم ولو وتمام ش ذر قبله '‬ ‫ئ يأتي العقاب الرباني لقوم سبأ والذي تمثل في أقسى صرر‬ ‫والتمزق (( مزيقياء))‪ .‬الوَجَعَلنا يهم ‪ 7‬القرى لتي اركمتا فيها قرى ظَاهرَة‬ ‫وكرا فيهًا السير سيروا فيهًا الي وياما آمنين } ‏‪ {١٨‬فق ربنا اعد بين‬ ‫سارا وَظََمُوا أنفسهم تمم! أحاديث وَمَرَفتاهُمْ كر مُمَرَق إن في قلك‬ ‫تات لك متر تور ©‬ ‫شم نقف أمام كارثة مأرب الطبيعية وأثرها في تشكيل الوعي القبلي العربي مما‬ ‫عكس نفسه في مشجرات الأنساب العربية الموضوعة الي تم التعارف عليها‬ ‫فنستخلص الآتي‪:‬‬ ‫(‪ )١‬سورة سبأ الآية‪.١٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٦‬سورة سبأ‪ ‎‬الآية‪.١٦‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة سبأ الآية‪١٨ ‎‬و ‪.١٩‬‬ ‫(‪( ٢١‬‬ ‫أولا‪ :‬إن قبائل الجنوب كانت قبائل مستقرة عرفت ملكية الأرض» وعرفت‬ ‫كل منها حدودا لا تتعداها} وإن سكان مملكة مأرب طرقوا مسالك ودروب‬ ‫التجارة واعتمدت حضاراتما على دور الوسيط التجاري في نقل البضائع من وإل‬ ‫الشعوب والحضارات الأخرى» وإن الزراعة شكلت رافدا ثانويا مهما لاقتصادها‪.‬‬ ‫ثاني‪ :‬تباينت تقديرات مساحات ‪ -‬أرض الجنتين ‪ -‬تبايناً ظاهرا! فحرجي‬ ‫زيدان ذكر أن مساحتهما مع سفوح الجبال المحيطة بهما حوالي ‪٧٦٨‬كم‏ مربع (‪6‬‬ ‫وفي (بلة العربي ) قدرت مساحة الجنتين ب ‏(‪ ) ٨٠‬كم مربع ") ‪ ،‬وقدر نزيه‬ ‫العظم مساحة الجنة اليسرى ب ‏(‪ )٢٠‬كم مربع ( ‪ .‬أما محمود العلامات فقد‬ ‫حسب مساحة الجنتين بعد نزول ميداني وبطريقة اقرب للواقع وكانت مساحة‬ ‫الجنة اليمين ‪٥‬و‪٢٢‬كم‏ مربع ومساحة الجنة اليسرى ‪٢٢‬كم‏ وتكون مساحة‬ ‫الجنتين ‪٥‬و ‏‪٤٩‬كم مربع <م (( وسد مأرب هو أضخم منشأة هيدرو تكنيكية في‬ ‫جزيرة العرب‘ يبلغ طول السد المبي من الحجارة المصقولة ‪٦٠٠‬متر‏ وارتفاعه‬ ‫‏‪ ٤‬متر وهو سد بجمع وموزع للمياه‪ ،‬ومساحة الأراضي الزراعية اليي تروى من‬ ‫‪.‬‬ ‫السد في واحة مأرب تقارب ‏‪ ١٠‬آلاف هكتار حسب آخر المعطيات)) <‬ ‫النا‪ :‬إن دوافع الهجرات من جنوب الجزيرة تختلف عن دوافعها من وسط‬ ‫الجزيرة وشمالها‪ 3‬ومن السهل إرجاع سبب هجرة قبائل وسط الخزيرة إلى عامل‬ ‫الجفاف‪ ،‬ولكن من الصعب إرجاع هجرات قبائل جنوب الجخزيرة إلى عامل‬ ‫الجفاف لأن تصدع السد أو افياره لا يع أن مساحة من الأرض تقدر ب‬ ‫ص‪.١٧٤‬‬ ‫(‪ )١‬زيدان‪ ،‬جرجي‪ :‬تاريخ العرب قبل الإسلام‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬العدد‪ ١٨٤ ‎‬مارس‪‎ ١٩٧٤ ‎‬ص‪.٨٧‬‬ ‫(‪ )٢‬العظم ‪ 8‬زيه‪ :‬رحلة في بلاد العريية العيدة‪ ‎‬ج‪٦٢‬ص‪.٩٢٣‬‬ ‫(‪ )٤‬العلامات ‪ 5‬محمد جلال ‪ :‬البيون وسد مأرب‪ ‎‬ص‪٢١١‬‬ ‫(‪ )٥‬بتروفسكي» م‪.‬ب ‪ :‬جنوب الحزيرة العربية في العصور الوسيطة المبكرة‪ ‎‬ص‪.١٢٣٤‬‬ ‫( ‪(٢٦٢‬‬ ‫و‪ (٥‬‏‪ )٤٩‬كم مربع هي الخنتان الوحيدتان في اليمن‪ ،‬وإنما كانت سلة الفداء‬ ‫لعموم اليمن أوعمود اقتصاده القديم بينما الواقع يقول إن الظروف المناخية‬ ‫للمرتفعات الغربية من اليمن تعد من أغزر مناطق الجزيرة العربية أمطارا وأخصبها‬ ‫تربة وأكثرها مدرجات خضراء‪ ،‬وهي اليي كانت ولا تزال ترفد أودية مأرب‬ ‫وسدها بالمياه المنحدرة من تلك المرتفعات‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬بالرغم من أن تاريخ مأرب وتاريخ السد مرتبطان كيدين في البداية‬ ‫والنهاية فإن السد قد تم إعادة بنائه مرة أخرى وف المنطقة التاريخية نفسها اليي‬ ‫شهدت حضارة سبأ‪ ،‬وعلى الرغم من استعمال التقنيات الزراعية الحديثة ودخول‬ ‫الغداء‬ ‫من‬ ‫تفي بحاجة سكائما‬ ‫أن‬ ‫مأرب لا تكاد‬ ‫فإن‬ ‫الآلة بشكل واسع؛‬ ‫نفوسهم بضعة‬ ‫إحصاء‬ ‫الحياة الضرورية لسكانما الذين لا يتجاوز‬ ‫ومستلزمات‬ ‫آلاف نسمة‪.‬‬ ‫يبدو أن هناك عوامل أخرى منها اقتصادية ومنها سياسية؛ عجلت باميار‬ ‫من هاجر من‬ ‫سبأ قبل ائميار السد وكانت نتائج ذلك الائميار هجرة‬ ‫حضارة‬ ‫قبيلة الأزد همي‬ ‫ولكن هجرة‬ ‫والشرق‪6،‬‬ ‫والشمال‬ ‫قبائل مأرب نحو الجنوب‬ ‫المشهورة وطغت أخبارها على غيرها من المجرات\ في حين لم تترك قبيلة الأزد‬ ‫آثارا وكتابات بالخط المسند يستدل منها على أخبارها وآثارها ومآثرها‬ ‫وهجرتما‪ 5‬عدا إشارة نشوان بن سعيد الحميري( ت‪٥٧٢‬ه)‏ في قصيدة له (‘ ‪:‬‬ ‫إلى مأرب بالأمر والنهي للازد‬ ‫من الفوث عن شورى زهير ورأيه‬ ‫وتجبى له الأطراف في الغور والنجد‬ ‫على أنبمد النفوث للازد امره‬ ‫مدى الدهر ما وهم براكبه يحدي‬ ‫ولا يتعدى طاعة الأزد مأرب‬ ‫فنيه وجاءت‬ ‫الحميري ابن محيطه الاجتماعي الذي عاش‬ ‫نشوان‬ ‫وإن كان‬ ‫قصيدته ((ملوك حمير وأقيال اليمن )) انعكاسا لاتجاهاته الفكرية والسياسية الي‬ ‫(‪ )١‬الحميري" نشوان بن سعيد‪ :‬ملوك اليمن وأقيال حمير‪٧٢. ‎‬ص‬ ‫( ‪( ٢٢‬‬ ‫تمجد اليمانية ‪ -‬القحطانية ‪ -‬وهو متأثر في هذا الحال بالمؤسس الأول لهذا الاتجاه‬ ‫الذي يمجد العصبية اليمنية لسان اليمن أبي محمد الحسن الهمداني (رت‪٠‬‏ ‪٢٣٦‬ه)‪.‬‏‬ ‫ظهر كيان للأسد (( الأزد)) ربما بقيادة ملك يدعى الحارث بن كعب لعله‬ ‫ذي انتسبت إليه فيما بعد قبيلة بلحارث بن كعب ويجمع المؤرخون‬ ‫نفسه ال‬ ‫اليمنيون على أن (( الأزد قبيلة يمنية ولكنها لا تنتمي ر في ما وصل إلينا) إلى أي‬ ‫لكيانات السياسية اليمنية القديمة المعروفة‪ ..‬بل كانوا في الغالب يتركزون‬ ‫من ا‬ ‫حول نحران)) _ ‪.‬‬ ‫إن كلمة الأسديين‪ ،‬أي الأزديين (( أزد عمان وأزد السراة)) وردت في‬ ‫ضريح امرئ القيس بن عمرو‪ .‬وفي أواسط القرن الثالث أصبح ملكا للأسد‬ ‫الارث بن كعب ومن ثم في أواخر القرن النالث‪ ،‬أخوه مالك بن كعب <{ ‪.‬‬ ‫جاء في نقوش المسند في الكتابات الحضرمية أن مملكة حضرموت تعرضت‬ ‫لغزوات منظمة من قبل السبئيين والحميريين ‪ 2‬وكانت لها تداعياتما الديمغرافية‬ ‫على التوزيع السكان في حضرموت ‪ ،‬وقد استعانت مملكة حضرموت بقبائل‬ ‫البدو في أواسط الجزيرة العربية للخدمة ضمن الفرقة المقاتلة لحماية التحصينات‬ ‫العسكرية‪ ،‬والموانئ التجارية‪ .‬وصد غزوات الممالك الجنوبية الأخرى‘ والحد من‪.‬‬ ‫أطماعها في الاستيلاء على مملكة حضرموت ‪ ،‬ومن ضمن هذه القبائل العربية‬ ‫قبيلتا قضاعة و الأسد ‪ -‬الأزد ‪ ،‬وكندة‪.‬‬ ‫وحد في بعض المصادر العربية أن (( الأزد تفرقت مع من تفرق من أهل اليمن‬ ‫بسبب كارثة سيل العرم؛ وكان أول ذلك ‪ -‬على ما حملته الرواة‪ -‬بناء عفى‬ ‫نصيحة رئيسهم وكاهنهم عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن‬ ‫‏(‪ )١‬بانقيه‪ ،‬محمد عبدالقادر‪ :‬في العربية السعيدة دراسات تاريخية قصيرة ص‪.٢٢‬‏‬ ‫‏(‪ )٢‬بتروفسكي‪ :‬اليمن قبل الإسلام والقرون الأرلى للهجرة ص‪.٧١‬‏‬ ‫( ‪(٢٤‬‬ ‫مازن بن الأزد‪ ،‬الذي رأى أن مأرب عرضة للغرق ‪ ،‬وأن السد معرض للامفيار‬ ‫فنصح قومه بالرحيل فارتحلت الأزد إلى يثرب وكانت حلفاء للأوس والخزرجث‬ ‫وتفرقت بيثرب فنازعتهم اليهود وغلبتهم ‪ ،‬وسار قوم منهم يؤمون السراة‪ ،‬فأقام‬ ‫أزد شنوءة بالسراة وما حولها‪ ،‬وخرج منهم قبائل إلى عُمان‪ ،‬فكان أول من صار‬ ‫منهم إلى عُمان‪ :‬مالك بن فهم بن غنم دس‪ .‬وتزوج مالك بامرأة من‬ ‫عبدالقيس فولدت له عذة أولاد‪ .‬ثم لحق بعد مالك بن فهم جماعة من بطون‬ ‫الأزد)»{" ‪.‬‬ ‫ويروي السالمي‪ (( :‬أنه قبل الإسلام بألفي عام وذلك بعد ما أرسل الله على‬ ‫سبأ سيل العرم» خرجت الأزد‪-‬منها إلى مكة وخرج مالك ابن فهم في جملة من‬ ‫خرج إلى السراة ثم منها إلى عمان‪ ...‬ثم إنه سار في مسيره ذلك حق‬ ‫أخذ على برهوت وهو واد في حضرموت\ فلبث فيه حيق راح واستراح وبلغه أن ‪:‬‬ ‫بعمان الفرس‪ ،‬وهم ساكنوها‪ ،‬فعبأ أصحابه وعساكره وعرضهم فيقال إئمم بلغوا‬ ‫زهاء ستة آلاف فارس وراجل ثم انه أعد واستعد يريد عُمان‪ ،‬وقد جعل على‬ ‫مقدمته ابنه هناة(هنأة) بن مالك ويقال فراهيد بن مالك في ألفي فارس من‬ ‫صناديد الأزد وفرسانما؛ ثم سار يؤم عمان حق انصب على الشحر فتخلفت عنه‬ ‫مهرة ابن حيدان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة ابن مالك بن حمير فنزلت‬ ‫الشحر)) (_" ‪.‬‬ ‫وفي عمان واجه مالك بن فهم وقومه جيشا من الفرس من جهة الملك دارا بن‬ ‫دارا بن يهمن بن اسفنديار وهم يومئذ أهلها وسكانماء وكانوا يسيطرون على‬ ‫(‪ )١‬اليعقوبي؛ احمد بن إسحق‪ :‬تاريخ اليعقوبي ج‪ ١‬ص‪.١٧٥ ‎‬‬ ‫( ‪ )٢‬السامي‪ ،‬عبدالله بن حميد‪ :‬تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان‪ ‎‬ج‪١‬ص ‪.١٥‬‬ ‫( ‪( ٢٥‬‬ ‫الموانئ الساحلية ومرافثها التجارية‪ ،‬وعلى الأخص مرفأ صحار («‪ 5 0‬وقد طرد‬ ‫مالك بن فهم الفرس وأسس حكمه على الأراضي الغمانية‪ .‬ومن جهة أعطت‬ ‫الأزد عمان اسمها الذي يحيل كما تقول المأنورات إلى (( اسم هضبة كانت تعيش‬ ‫عليها قبائل الأزد قرب مأرب)) «_" ‪.‬‬ ‫غم لم يزل الملك في أولاد مالك بن فهم و لم يرجع أحد من الفرس إلى عمان‬ ‫حق انقضى ملك ولد مالك بن فهمإ وصار ملك عمان إلى آل الجلندى ابن‬ ‫المستكبر‪ ،‬وهو من معولة بن شمس» وصار ملك فارس إلى آل ساسان وهم رهط‬ ‫الأكاسرة فتهادنوا هم وآل الجندى بعمان على أن يجعلوا فيها أربعة آلاف من‬ ‫الأساورة والمرازبة مع عامل يكون له بما عند ملوك الأازد‪ ،‬فكانت الفرس في‬ ‫السواحل وشطوط البحرك والأزد ملوك في سائر البلاد والأمور كلها منوطة يم‪..‬‬ ‫فبقي الفرس المذكورون هنا حق جاء الإسلام؛ فارتحلوا كليا من عُمَان _" ‪.‬‬ ‫ويذكر السالمي في تحفته ؛ قصيدة تنسب لمالك بن فهم زعم أنه قالها قي مسيره‬ ‫الذي ساره من السراة وخروجه من برهوت بحضرموت إلى عمان يقول فيها‪:‬‬ ‫وواصلت الثنايا مير دان‬ ‫جلبت الخيل من سروات نجد‬ ‫وغلفات تعاطاهابناني‬ ‫وسرنا بين أحقاف وربل‬ ‫يردن الماء تنزحه السواني‬ ‫واودية بها نعم وشاء‬ ‫وذوباش من الأمم الفواني‬ ‫به اولاد ناجية بن حزم‬ ‫إلى قلهات من أرض عمان‬ ‫جلبت الغيل من برهوت شعثا‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫۔‬ ‫)( مايلز صامريل باريت‪ :‬الخليج بلدانه رقبائله ص‪١٨‬۔‏‬ ‫‏(‪ )٢‬الزكري سرحان بن سعيد‪ :‬تاريخ عمان كشف الغمة الخامع لأخبار الأمة ص‪.٢٢‬‏‬ ‫‏‪ (٣‬السامي! عبدالة بن حميد‪ :‬تحفة الأعيان بسيرة أمل عمان ج‪١‬ص‪.٢٢‬‏‬ ‫(‪( ٢٦‬‬ ‫لا ينبغي لنا أن نتجاهل بعض الألفاظ المستحدثة في هذه القصيدة والمفترض‬ ‫لها أن تكون من العصر الخاملي‪ ،‬ولا ينبغي لنا أن نغلق على أنفسنا باب الاجتهاد‬ ‫النقدي في الأدب كما قد أغلقه بعض الفقهاء في الفقه والملتكلمون في علم‬ ‫الكلام ولو وضعنا منهج الشك بقيمة هذه القصيدة فسوف تبدو لنا بأنما ليست‬ ‫من الجخاهلية بشئ وإنما هي منحولة بعد ظهور الإسلام في عُمان‘ وأن تأثير‬ ‫السياسة والعصبية دعت إلى نحلها وحشوا ألفاظها حشوا‪ ،‬لتمجيد قبيلة الأزد‬ ‫العربية وخروجها وانتصارها البطولي على العنصر الفارسي في عُمَان‪ ،‬لأن رغبة‬ ‫أزد عمان في حاجة أن يعتزوا بأصولهم العربية} ال يحرصون عليها في ظل‬ ‫ظروف محلية تحيط بىم حين كان التزاع السياسي بين العنصر الفارسي والعصر‬ ‫العربي حقيقة واقعة في تاريخ عمان القدم‪ .‬ومن ثم فيما بعد ظهور الإسلام حين‬ ‫انتقل هذا الصراع بين القحطانية والمضرية‪.‬‬ ‫مهما اتفق المؤرخون العُمَانيون وغير العمانيين بأن اميار سد مأرب هو‬ ‫السبب الذي دفع بالقبائل اليمنية للوصول إلى عُمان‪ ،‬إلا أن السبب الرئيس‬ ‫سيظل وراء حراك القبائل العربية عبر الصحراء بدوافع اقتصادية والصراع على‬ ‫المصالح والنفوذ وتأمين طرق التجارة البحرية والرغبة في التوسع وإحكام السيطرة‬ ‫على جميع موانئ سواحل شرق وغرب جنوب الجزيرة العربية‪ ،‬والوقوف أمام‬ ‫الأطماع الفارسية وغيرها من أمم تلك الحضارات القديمة‪.‬‬ ‫إن ما سمعه المؤرخ العماني السالمي (( ممن يدعي المعرفة قوله كان قبل الإسلام‬ ‫بألفي عام‪ "( ))...‬جنوح على مشارف حقيقة بداية الوجود العربي في عُمان‪،‬‬ ‫ولكن بتحفظ حذر نختلف معه في التعليل بأن ذلك الخروج العربي اليمن إلى‬ ‫‪‎‬ج‪١‬ص ‪.١٢‬‬ ‫(‪ )١‬المصدر نفسه‪: ‎‬‬ ‫( ‪(٢٧‬‬ ‫عُمان جاء بعدما أرسل الله على سبأ سيل العرم‪ .‬والمصادر التاريخية تختلف في‬ ‫تحديد خراب وانميار سد مأرب بين القرن الخامس والسادس الميلادي‪.‬‬ ‫وإذا حلت علاقة الأزد بمأرب وقصة سيل العرم كما تصورها بعض روايات‬ ‫الإخباريين مشكلة نسب الأزد‪ ،‬فإنما لا مل مشكلة نسب كل القبائل الأخرى‬ ‫ال دخلت في تحالف‪ ،‬أو حاول القحطانيون اجتذامما إليهم؛ وهي القبائل اليي‬ ‫عرفت بأئما قضاعة‪.‬‬ ‫غ إن هناك شكا كبيرا ق أن المهرة تخلفت عن الأزد حين سارت من مأرب‬ ‫تؤم عمان‪ ،‬أو أنما من قضاعة فالمهرة أصيلة في أرضها ولغتها الي تعود إلى‬ ‫الألف الخامس قبل الميلاد في أقل تقدير‪.‬‬ ‫وهذه المجرة الي يقولون إن فريقاً من عرب اليمن قد اضطر إليها اضطرار‬ ‫بعد حادثة سيل العرم‪ .‬ولكن من الذي يستطيع أن يثبت لنا الآن أن هذه المجرة‬ ‫حق لاشك فيه‪ ،‬فهي من أحاديث القصاص إلى أن تقوم عليها الأدلة العلمية‪ .‬نعم!‬ ‫ذكر القرآن سيل العرم } وأثبت البحث الحديث أن قد كان سيل العرم‪ .‬وذكر‬ ‫القرآن أن هذا السيل قد تمزقت له سبأ كل ممزق‪ ،‬و لم يزد القرآن على هذاء فلم‬ ‫يحدد تاريخ سيل العرم؛ و لم يقل كيف مزقت سبأ كل ممزق‪ ،‬و لم يسم لنا القبائل‬ ‫السبئية الون مزقت‘ و لم يبين لنا المواطن الي هاجرت إليها و لم تستكشف بعد‬ ‫نصوص تسمى هذه القبائل أو تدل على هذه المواطن «" ‪.‬‬ ‫والغمانيون شأنهم شأن كل العرب والعرب شأنهم شأن الأمم القدمة الي‬ ‫خضعت للمؤئرات الي دعتهم إلى نحل الأخبار والسير والتاريخ" ولا تزول هذه‬ ‫(‪ )١‬حسين‪ ،‬طه‪ :‬في الأدب الجاهلي ص‪.١٣‎‬‬ ‫(‪( ٢٨‬‬ ‫المؤثرات لأنما ممزوجة من عنصرين قويين جدك هما الدين والسياسة‪ .‬هم مسلمون‬ ‫لم يظهروا على المسرح العربي إلا بالإسلام‪ ،‬وهم محتاجون إلى أن يعتزوا مذا‬ ‫الإسلام! ويرضوا به دينا وهم في الوقت نفسه أهل عصبية وأصحاب مطامع‬ ‫ومنافع‪ ،‬فهم مضطرون إلى أن يراعوا هذه العصبية ويلائموا بينهما وبين منافعهم‬ ‫ومطامعهم ودينهم‪.‬‬ ‫والباحثون المختصون في علم الكتابات القديمة ((الابيغرافيا)) استنطقوا النقوش‬ ‫وتوصلوا إلى استنتاجات تؤكد بأن التحام قبائل الأزد ((الأسْد)) وكندة ضمن‬ ‫النسيج الاجتماعي لسكان جنوبي الجزيرة العربية في العصور القديمة والقرون‬ ‫الوسيطة قد جرى وتم ضمن عملية التحامهم ضمن البدو الرحل الذين‬ ‫يستخدمون من قبل الممالك اليمنية المختلفة ومن ضمنها المملكة الحضرمية في‬ ‫الفرق العسكرية المقاتلة؛ فمثلاً كان أحد قادة الجيوش الحضرمية المسمى‬ ‫(( ثوبسي)) في عهد الملك الريام يدم في أواسط القرن الثالث الميلادي يحمل لقب‬ ‫(( سيد الأعراب )) صطح ‏‪ ٧4‬نقش المعسال ‏‪ :٣‬سطر ‪١١‬؛ ‏‪ :٩٩‬وقي نقوش‬ ‫حط ‪ /‬جام ‏‪٤٨٧٧‬‬ ‫العقلة يذكر شهر بن وائل بلقب (( كبير مهرة )) ‪ /‬محط‬ ‫‪ 8.‬وإضافة إلى استمالة المملكة الحضرمية مثلا للبدو الرحل ذوي الأصول‬ ‫المحلية إلى جانبها» فأئما حاولت في الوقت نفسه أن تكتسب أعراب وسط الحزيرة‬ ‫العربية أيضا‪.‬‬ ‫‪ /‬تتمتع بالنفوذ الأكبر ف‬ ‫كانت قبيلة الأزد ) الأسْد= الأزد)) ‪4 /‬‬ ‫حضرموت بين أوساط قبائل الرحل من وسط الجزيرة العربية} وقد تقرب يدع‬ ‫أيل بين بن رب شمس مؤسس عائلة يهبئر الملكية} تقرب عن طريق الزواج" إلى‬ ‫‏‪ =-1٥٧‬عى‬ ‫قبيلة الأزد في النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي ر جام‬ ‫‏‪ )٤٨٧٨‬وكان لرب شمس ‪ -‬أحد أبناء هذا الملك مكانة مرموقة في أوساط‬ ‫( ‪)( ٢٩‬‬ ‫الأزد‪ ،‬وقد حصل على لقب ((خير الأزد)) ‪ /‬صك حط ‪ ( /‬جام ‏‪ =4٧٧‬كغم‬ ‫‏‪_ )...) ٦‬‬ ‫‏۔‪ ٢‬الأسبذيون‪:‬‬ ‫كتب الني صلى الله عليه وسلم (( من محمد رسول الله لعبادالل الأسلدين‬ ‫ملوك عُمان‪ ))..‬وأسد عمان من كان فيهم بالبحرين وروي الأسبذيين‪ ،‬وأهل‬ ‫العلم بالنسب يقولون في القبيلة اليي في اليمن اليي يسميها العامة الأزد ‪ -‬الأسد‬ ‫والفرس‬ ‫فرسا‬ ‫يعبدون‬ ‫وكانوا‬ ‫الفرس‬ ‫معناها عَبّدة‬ ‫أعجمية‬ ‫كلمة‬ ‫والأسلبذون‬ ‫بالفارسية أسَبْ (_ ‪.‬‬ ‫ومن المرجح أن الأسبذيين من الأزد اعتمادا على رسالة البي صلى الله عليه‬ ‫وسلم الموجهة إليهم‪(( .‬وينسب الرجل إلى الأسبذيين وهم قوم كانوا يعبدون‬ ‫الخيل بالبحرين ويقال نسبة إلى قرية بالهجر يقال لها الأسنبذ)) {©‬ ‫تعددت الأقوال في سبب تسمية هؤلاء القوم بالأسبذيين" ومن الأقوال اليي‬ ‫نقلت بل أشهرها أنم وسموا يمذا الاسسم لأنمم كانوا يعبدون الخيل وأمم ينسبون‬ ‫المشهور إلى تميم قوم المنذر بن ساوى‪.‬‬ ‫حسب‬ ‫و لم يرد في المأثورات التاريخية العربية أن الخيل كانت ضمن معبوادت سكان‬ ‫خزيرة العربية قبل ظهور الإسلام؟ و لم تؤكد معطيات الآثار المزاعم الي تقول‪:‬‬ ‫ال‬ ‫(‪ )١‬فرانتسوزوف" سرجيس‪ :‬تاريخ حضرموت الاجتماعي والسياسي قبيل الإسلام وبعده‪٥٥. ‎‬ص‬ ‫(‪ )٢‬الزمخشري" محمود بن عمر‪ :‬الفائق في غربب الحديث‪ ‎‬ج‪١‬ص‪.٤٣‬‬ ‫(‪ )٢‬البلاذري‪ ،‬أحمد بن متى‪ :‬فتوح البلدان‪ ‎‬ص‪.٨٩‬‬ ‫( ‪(٣٠‬‬ ‫(( إن أسبّذ بالفتح ثم السكون ثم فتح الباء الموحدة‪ ،‬ودال معجمة‪ .‬في كتاب‬ ‫الفتوح‪ :‬أسلبذ قرية بالبحرين صاحبها المنذرين ساوي‪ ،‬وقد اختلف في‬ ‫الأسبذيين من بي تميم لم سموا بذلك؛ قال هشام بن محمد السائب‪ :‬هم ولد‬ ‫عبدالله بن زيد بن عبدالله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مناة بن تميم! قال‪:‬‬ ‫وقيل لهم الأسبذيُون لأفم كانوا يعبدون فرسا؛ قلت أنا‪ :‬الفرس‬ ‫بالفارسية اسمه أسب‘ؤ زادوا فيه ذالاً تعريبه قال‪ :‬وقيل إممم يسكنون مدينة يقال‬ ‫لها اسبذ بعمان فنسبوا إليها‪ ،‬وقال الهينم بن عدي‪ :‬إنما قيل لهم الأسبذيون أي‬ ‫الجماع‪ ،‬وهم من بي عبدالله بن دارم؛ منهم المنذر ابن ساوى صاحب هجر الذي‬ ‫كاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وقد جاء في شعر طرفة بن العبد)) ( ‪:‬‬ ‫بمتلفة ليست بفبط ولاخفض‬ ‫فأتست عند النصب إني هالك‬ ‫عبيد اسبذ والقرض يجزي على انقرض‬ ‫خذوا حذركم أهل المشقر والصفا‬ ‫وذكر ابن منظور في حديث ابن عباس ((جاء رجل من الأسبذيين إلى البي صلى‬ ‫الله عليه وسلم‪ ..‬قال‪ :‬هم قوم من الجوس هم ذكر في حديث الحزية وقيل كانوا‬ ‫مسلحة لحصن المشقر في أرض البحرين)) «" ‪.‬‬ ‫وما قاله ابن منظور يؤكد أنهم بجموعة استثنائية ممثلة للحكم الفارسي على‬ ‫الجانب الغربي للخليج العربي‪.‬‬ ‫إن ظاهرة تسمية العرب لعدد من أبنائهم وبنام بأسماء فارسية شائعة ويأتي‬ ‫اسم قابوس بن النعمان بن المنذر» و دختنوس بنت لقيط بن زرارة ضمن هذه‬ ‫الأسماء والأعلام التاريخية اليي سميت بأسماء فارسية‪ .‬فضلا عن تسمية بعض بطون‬ ‫قبائلهم بتلك الأسماء كالأسبذيين الذين يتنسبون إلى أسبذ وهو لفظ مأخوذ من‬ ‫كلمة فارسية تعي الفرس (الخيل)‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الحموي» ياقوت‪ :‬معجم البلدان‪١١٧١. ‎‬ص‪١‬ج‬ ‫(‪ )٢‬ابن منظور لسان العرب‪ ‎‬جا‪٤‬ص‪.٤٩٣‬‬ ‫(‪( ٢١‬‬ ‫ييدو أن شعوب فارس أطلقت على هؤلاء القوم الأسبذيين حين رأوا منهم‬ ‫شدة عنايتهم بالخيل‪ ،‬بحيث عدوها نوعا من التقديس بل ربما تخيلوها ضربا من‬ ‫أخذها عنهم من جاء بعدهم فتوهم أنم كانوا‬ ‫العبادة فوسموهم بمذه التسمية ال‬ ‫‪٢‬۔‏ المزون‪:‬‬ ‫إن التحالفات القبلية ظاهرة عربية شائعة من قبل ظهور الإسلام وبعد‬ ‫و قول‬ ‫} إذ تقوم على أسسها كيانات قبيلة متعددة البطون واسعة النفوذ‪،‬‬ ‫ظهوره‬ ‫الشاعر عمرو بن الدراك العبدي ‪:‬‬ ‫‪:‬وحالُف ‪.‬ت المزون ‪ -‬عل ‪.‬ى تمي‪٠‬م‬ ‫و ‏‪٤‬إني إن ق‪.‬ط۔ع۔ت ‪.,‬حب‏‪٨‬ال ‪ .‬قيس‬ ‫وأجور في الحكومة من سذوم‬ ‫لاخسر صفقة من نيخ مهو‬ ‫بين لنا عدم حاجته الشاعر إلى تغير لعبة التحالفات حيى لا يخسر قواعد اللعبة‪.‬‬ ‫ومزون بفتح أوله وضم ثانيه قيل إنما من أسماء عُمَّان‪ ،‬والمزون البعد‬ ‫وقيل ان مزون اسم من أسماء عمان بالفارسية(‪ .‬وقيل قرية من قرى عُمان‬ ‫يسكنها اليهود"" وكانت العرب أيضا تسمي عمان المزون إلآ أن الأزد كانت‬ ‫تكره أن تنتسب لهذا الاسم قال الكميت‪:‬‬ ‫فاكره أن تسميها المزونا‬ ‫فما الازد ازد ابي سميد‬ ‫ياقوت‪ :‬معجم البلدان ج‪٥‬‏ ص‪.١٦٢٢‬‏‬ ‫(( الحموي"‪6‬‬ ‫‏(‪ )٢‬البكري" عبدان بن عبدالعزيز‪ :‬معجم ما استعجم من أسماء البلدان والمواضع ج‘‪٤‬ص‪١٦٢٢٢‬۔‏‬ ‫( ‪(٣٢‬‬ ‫قال الجوهري‪ :‬هو أبوسعيد المهلب المزوي‪ ،‬إن أكره أنسبه إلى المزون وهمي‬ ‫وقال أبوعبيدة‪ :‬يعني بالمزون الملاحين؛ وكان‬ ‫هم من مضر‬ ‫أرض عُمان؛ يقول‬ ‫أردشير بابكان جعل الأزد ملاحين بشحر عغُمان‪ ،‬قبل الإسلام بستمائةعام (" ‪.‬‬ ‫بن عمران‬ ‫إلى أسد‬ ‫بالمهلب بن أبي صفرة‬ ‫النسابون‬ ‫ويعود‬ ‫بن مازن‬ ‫بن عمر‬ ‫الأزدي ولعل الاسم جاء نسبة إلى جدهم مازن وإليه انتسب المزون ‪.‬‬ ‫وما جاء في خبر أبي عبيدة بأن الفرس جعلوا مانلأزد ملاحين بشحر غُمان؛‬ ‫يسوغ ما تعرضت له الأزد من السخرية والتندر والهجاء في الشعر العربي وروى‬ ‫الجاحظ ("" شيئا من هذا الهجاء الذي قاله وائلة بن خليفة السدوسي في عبدالملك‬ ‫بن المهلب وربط الشاعر فيه بين الأزد والمزون ‪:‬‬ ‫تقوم عليها في يديك قضيب‬ ‫لقد صبرت للذل أعواد منبر‬ ‫وكادت مسامير الحديد تذوب‬ ‫بكى المنبر الغربي إذ قمت فوقه‬ ‫‪٠‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪..‬‬ ‫‏[‪-‬‬ ‫يصيب سراة الارد حين تسيب‬ ‫رأيتك لا شبت أدركك الذي‬ ‫وفيك لمن عاب ا مزون عيوب‬ ‫سفاهة احلام وبغل بنانل‬ ‫وبا مصر دوز جمة ود روب‬ ‫وتد أوحشت منهم رساتيق فارس‬ ‫مزونيتة إن النسيب نسيب‬ ‫إذا عصبة ضجت من الجرح ناسبت‬ ‫وصرح شاعر مضر عباد بن الحارث بن سريج من‌تبرمه في أن يكون للأزد العمانيين‬ ‫شأن في الحكومة والقضاء بأرض (مرو ) حين قال‪:‬‬ ‫تقضي في الحكومة ما تشاء‬ ‫وأصبحت المزون بأرض مرو‬ ‫على مضر وإن جار القضاء‬ ‫يجوز تضاؤها في كل حكم‬ ‫ج‪١٣‬ص ‪.٤٠٧‬‬ ‫(‪ )١‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪‎‬‬ ‫ج‪‎ ٢‬ص‪.٣٨٤‬‬ ‫(‪ )٢‬الخاحظ\ عمرو بن بحر‪ :‬البيان والتبيين‪‎‬‬ ‫( ‪(٣٣‬‬ ‫وذكر البلاذري أن الهيثم بن عدي قال‪ :‬استبطأ الحجاج المهلب فكتب إليه‪:‬‬ ‫) إنك مزون وابن مزويي‪ ،‬وللعجب منك حين تماب قتال الأزارقة‪ ،‬كأنك ترى‬ ‫أنك ترث الأرض‪ ))..‬فكتب إليه المهلب‪ (( :‬أما بعد فقد جاءني كتابك وإني‬ ‫مزوني وابن مزوني ما أنكر ذلك‘ وإنما مزون عمان سمتها العجم بذلك ولكن‬ ‫الأمير أصلحه الله من قبيلة ادعت إلى حمير‪ ،‬ثم إلى أياد‪ ،‬ثم إلى عدوان‪ ،‬ثم إل‬ ‫‪(( ,,, .‬‬ ‫‪.‬‬ ‫قيس بن منبه)) ' ‏‪. ٠‬‬ ‫تى مسلمة بن عبدالملك برؤوس يزيد بن المهلب وأخوته قال الشاعر‬ ‫وحين أ‬ ‫‪(٢9‬‬ ‫‏‪..‬‬ ‫‪.‬‬ ‫الخطفي‬ ‫حرير‬ ‫فتتلتهم جنودالته فانتتفوا‬ ‫والأزد تد جعلوا الأزدي قاندذهم‬ ‫في سالف الدهر معروف ولا عرفوا‬ ‫إن المزون رجوا ما لم يكن لهم‬ ‫وكل ذلك يأتي ضمن سياق الدعايات الي يروج لها وسط محيط يشهد‬ ‫صراعا سياسيا تحتدم فيه العصبيات القبلية‪ ،‬الن ظهرت بعد مقتل الخليفة عمر بن‬ ‫الخطاب(رضي) وانتهت بالخلافة بعد المشورة إلى عثمان(رضي) الذي مكن لأبي‬ ‫سفيان أن يخطو بفكرته السياسية خطوة لا تحصر الخلافة فيها في قريش فحسب©‪6‬‬ ‫بل أصبحت في بيي أمية خاصة‪ .‬واشتدت عصبية قريش واشتدت عصبية‬ ‫واشتدت العصبيات الأخرى بين العرب‪ ،‬وعاد العرب إلى ما كانوا فيه‬ ‫الأمويين‬ ‫في جاهليتهم من التنافس والتفاخر في جميع الأمصار الإسلامية‪.‬‬ ‫وفي سياق هذه العصبيات استطاع لسان اليمن أبو محمد الحسن بن أحمد‬ ‫الحمداني بذكائه أن يخلد خطرات أفكاره‪ ،‬ويصور ألوان نزعاته الهمدانية اليمنية‪.‬‬ ‫(‪ )١‬البلاذري! أحمد بن محيى‪ :‬انساب الأشراف‪ ‎‬ج‪٧‬ص ‪.٤٢٤‬‬ ‫ص‪.٢٥٥‬‬ ‫(‪ )٢‬بن أعنم؛ أحمد‪ :‬الفتوح‪‎‬‬ ‫(‪(٢٤‬‬ ‫ويصبغ بما كل ما يقع نظره عليه في مؤلفاته عن تاريخ اليمن القديم وأنساب‬ ‫شعر بلفذت‬ ‫له دواوين‬ ‫تكلفه‬ ‫شاعراً يجيد الشعر ونحسن‬ ‫المداين‬ ‫وكان‬ ‫قبائل‬ ‫ستة حلدات على ما نقله السيوطي عن مؤرخ اليمن الخزرجي « ‪.‬‬ ‫وقد جاء الهمداني بأشعار زين با كتبه وقصصه على أنما صدرت عن اليمنيين‬ ‫حقا‪ ،‬فخدعت فريقا من العلماء والمؤرخين فقبلوهاء وعلى ما في هذا‬ ‫الشعر من تكلف حينأآ وإسفاف حينا آخر& فإنه يستحيل أن يكون قد‬ ‫صدر عن الذين ينسب إليهم من قوم عاد أو ‪ -‬تمير أو تع وإنما هو بحرد دعوة‬ ‫لتمجيد اليمانية ورفع شأفما‪،‬ء وإثبات أن لها سابقة في الخاهلية تستطيع أن تثبت‬ ‫بما أمام نبوةالمضربين وخلافتهم‪.‬‬ ‫وأنت أيها القارئ أنظر إلى هذه الأبيات من هذه القصيدة اليي نسبها الهمداني‬ ‫إلى بعض من آل أسعد بن ملك يكرب تبع وذكر فيها منازل من خرج من اليمن‬ ‫قي سائر جزيرة العرب وغيرها‪:‬‬ ‫فصاروا بارض ذات مبندى ومضر‬ ‫وتد فارقت منها ملوك بلادها‬ ‫كريما لدى البيت العتيق! الستر‬ ‫وقد نزلت متا خزاعة منزلا‬ ‫اتوا سربآ من ذارعين وثر‬ ‫وفي يثرب منا قبائل إن ذعموا‬ ‫كرام المساعي قد حووا ارض قيصر‬ ‫وغسان حي عزهم في سيوفهم‬ ‫بعيدا فأمست في بلاد الضشنوبر‬ ‫وتد نزلت منا تضاعة منزلا‬ ‫وارض عمان بمد ارض المتر‬ ‫وأزذ لها البخران والشيف كنه‬ ‫إلى بربر حتى أتوا أرض بربر‬ ‫ومنا بأرض الفرب جند تعلقوا‬ ‫(‪ )١‬الحمدان! الحسن بن احمد‪ :‬الإكليل الكتاب العاشر‪٩١. ‎‬ص‬ ‫( ‪( ٢٥‬‬ ‫غم انظر إلى هذه الأبيات من قصيدة أضافها الهمداني إلى (جماعة البارقي)‬ ‫يذكر فيها مسير الأزد إلى السروات ومكة وما حولها وإلى العراق ومنهم من سار‬ ‫إل الشام ومنهم من رمى قصد عمان واليمامة والبحرين يقول جماعة البارقي‪:‬‬ ‫زفارض الحجاز فالشروات‬ ‫خلت الأزد بعد مأربها الفنو‬ ‫مُنجدات تخوض عرض الفلاة‬ ‫ومضت منهم كتانب صدة‬ ‫سعان والخيل والقنا والرماة‬ ‫فاتت ساحة اليمامة بالأاظذ‬ ‫فعذ از محل تلك الحماة‬ ‫أقرت قرارها بعشان‬ ‫‏‪ ٥‬على التبينية المضمرات‬ ‫وست منهم ملوك الشا‬ ‫فنهم ملك باحة الشأمات‬ ‫فاحتووها وشيدوا الملك فيها‬ ‫د فستان سادة السادات‬ ‫تلكم الأكرمون من ولد الأز‬ ‫إلى أن يقول فيها‪:‬‬ ‫د وأهل الياء والفثلشات‬ ‫نحن أهل الفنخارمن ولد الأز‬ ‫وولاة‬ ‫وسادة‬ ‫من ملوك‬ ‫فل ترى اليوم في بلاد سوانا‬ ‫إن هذا الشعر الذي وقفت عليه أيها القارئ جاء لإرضاء العصبيات‬ ‫وتأييدها وهو وسيلة لتسجيل طائفة من المفاخر الي كانت تضاف إلى القبائل‬ ‫اليمانية} ولا يتعدى أن يكون هذا الشعر وغيره متصلا بالقصص والأيام والمفاخر‬ ‫في عهد الدولة الأموية‘ وراجت مع أيام ذكر‬ ‫ظهرت وازدهرت‬ ‫والعصبيات‘ ال‬ ‫المثالب والمفاخر بين دعاة العصبية للقحطانية أوالعدنانية‪ .‬من وضع دعاة العصبية‬ ‫اليمنية في عهد الدولة الأموية وهو متصل بالقصص والأخبار والأساطير‪ ،‬ثم طوع‬ ‫بتكلف ولوي عنقه ليا لأسباب سياسية وعصبية‪.‬‬ ‫لابد من إدراك أن التطور التاريخي هو ذو مغزى وأهمية لسكان الجزيرة‬ ‫العربية‪ ،‬وأن الحراك الاجتماعي هو مفتاح العلاقات الاجتماعية والسياسية‬ ‫(‪(٣٦‬‬ ‫المستقرة قبل أن تبدأ ظاهرة تقسيم الأقاليم في جزيرة العرب» والمقصود بالخراك‬ ‫الاجتماعي انتقال قبائل البدو الرحل بين المصادر الشحيحة من الأمطار‬ ‫قي الصحراء وبين المراعي والزراعة ومرافئ الصيد واستخراج اللؤلؤ وممارسة‬ ‫النشاط التجاري بين الموانئ الساحلية من شواطئ الخليج العربي وحقن شواطئ‬ ‫شرق أفريقيا والهند والصين‪ ،‬وهذا الحراك الاجتماعي شكل عبر تاريخ المنطقة‬ ‫التحولات السياسية وكان يقود أحيانا رغبة التحول في التبعية من شيخ إلى آخر‬ ‫ومن ملك إلى آخر‪ ،‬ومن إمبراطورية إلى أخرى‪.‬‬ ‫لقد كان في شدة الجدب والقحط دافغ مهم لقبائل وسط الزيرة العربية‬ ‫للتحرك في موجات من الهجرة للالتحاق في جيوش الممالك الجخنوبية القدبعة\ أو‬ ‫جيوش الامبراطوريات الرومانية والفارسية‪ ،‬أو ضمن جيوش الفتوحات الإسلامية‬ ‫فيما بعدك وكانت مهمة أبناء هذه القبائل محاربة الأعداء وصد القوى الأجنبية ‪:‬‬ ‫وذلك ما يريده منهم شعوب تلك الممالك والامبراطوريات باستمرار‪ ،‬وظلت بنية‬ ‫تلك الدول والممالك والإمبراطوريات مهيمنة على عرب وسط الجزيرة العربيةض‬ ‫وظل وضع الأفراد داخل تلك الدول هو المتغير‪ ،‬وهو السائد قي معظم تلك‬ ‫الامبراطوريات قبل الإسلام وبعده‪ ،‬وهذا النمط كان محل دراسة المؤرخ وعالم‬ ‫الاجتماع ابن خلدون حين درس وبحث الأنماط الحضارية في التاريخ في مقدمته‬ ‫الشهيرة وعلل فيها القيم الي تشكل أسس الحضارة‪ ،‬و(( بأن طور الدولة أولها‬ ‫بداوة غم إذا اتسع الملك تبعه الرفه واتساع الأحوال ‪ ،‬والحضارة إنما هي تفنن في‬ ‫الترف وإحكام الصنائع المستعملة)) «" ‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من الفجوة التاريخية الي تواجهنا أمام تاريخ واسم عُمان‪ ،‬فإن‬ ‫الفجوة أيضا تتسع حين يتطرق البحث عن الأصول العربية للقبائل الن كانت‬ ‫ص‪.٣٠ ٤‬‬ ‫(‪ )١‬ابن خلدون‪ :‬المقدمة‪‎‬‬ ‫( ‪(٣٧‬‬ ‫بمممان قبل الإسلام وبناء على التزر البسيط من المعلومات المستخرجة من ترجمة‬ ‫النقوش اليمنية ومن ملتقطات كتب السير والتراجم والتاريخ والأدب واللغة‬ ‫وغيرها من الأسفار التي شكلت الوعي العربي‪ ،‬عن مدلول كلمات( الأزد‬ ‫الأسد الأسبذيرن = المزون )) لا يمكن لنا أن نحكم بالحزم المطلق حول الأصول‬ ‫القلبية لهذه القبيلة العربية وبداية وجودها في عمان‪.‬‬ ‫من المرجح أن الأزد من قبائل وسط الجزيرة العربية‪ ،‬شأمما شأن قبائل كندة‬ ‫عنتلقة من‬ ‫موجحات‬ ‫ق‬ ‫وبعده‬ ‫تحركت قبل الإسلام‬ ‫وتميم وقبائل من عبدالقيس‬ ‫المجرات العربية إلى جنوبي الجزيرة العربية وشرقها‪.‬‬ ‫ج‪ -‬سكان عمان ‪:‬‬ ‫إن النظام القبلي العربي قبل ظهور الإسلام؛ وتي ظل وجود بعض المستوطنات‬ ‫الفارسية في سواحل غمان‪ ،‬كان بشكل عام يتألف من عدة عشائر تميمن على‬ ‫مساحات واسعة من عمان! ضمن حدودها التاريخية القديمة والممتدة من شبه‬ ‫جزيرة قطر حق حدود حضرموت ؛ فكان معظم أهل عمان منتظمين في‬ ‫بجموعات قبليةإ تتخذ من المناطق الداخلية تجمعات رئيسة ها‪ ،‬لمزاولة الرعي‬ ‫والزراعة} وتتخذ من حواضر الساحل نقاطا للنشاط التجاري" وتأتي قبيلة الأزد‬ ‫على رأس الهرم القبلي إذ وصفت عمان بأنها (( ديارالأزد)" وقيل إممم هم‬ ‫الأغلبون على غُمانه"'‪ ،‬وكان أزد عمان عند ظهور الإسلام مكونين من عدة‬ ‫عشائر وبطون أهمها بنو معولة ابن شمس بن عمرو ومنهم جيفر وعبد ابنا‬ ‫الجلندى بن المستكبر حكام عُمان عند ظهور الإسلام؛ وكان مركزهم صحار مما‬ ‫(‪ )١‬أبوالفداء ‪ :‬تقويم البلدان‪ ‎‬ص‪.٩٩‬‬ ‫(‪ )٢‬البلاذري! احمد بن محيى‪ :‬فتوح البدان‪ ‎‬ص‪.٧٨‬‬ ‫(‪(٣٨‬‬ ‫يدل على سكناهم أيضا عند الساحل وأن بيدهم القيادة السياسية على موانئ‬ ‫غمانية مهمة‪.‬‬ ‫ومن القبائل العربية اليي استوطنت عمان قضاعة} ومنها بنو جرم ومن أهم‬ ‫‪ 6‬بطون بيي جرم ناجية} وراسب بن الخزرج وقدامة‪ ،‬وملكان‪ ،‬ويطلق عليهم أتلاد‬ ‫عمان وإنهم استوطنوها بجاورين للأزد‪ ،‬وقيل الأتلاد بطون من عبد القيس يقال‬ ‫لهم أتلاد عمان (_ ‪.‬‬ ‫ومنها بنو ريام‪ ،‬قال الحمداني فمن قبائل القمر بنوريام وبلادهم قرية يقال لها‬ ‫رضاع على ساحل بحر عمان وهم جبل حصين بناحية عُمان يمتنعون فيه يعرف‬ ‫بحبل بني ريام) (_" ‪.‬‬ ‫استوطنت عمان من أزمنة قديمة بعض من بطون عبدالقيس وإن أتلاد بطون‬ ‫من عبدالقيس أتلاد عمان لأنمم سكنوها قدياً " ‪ 3‬ودخلت قبائل من‬ ‫عبدالقيس‪ ...‬جوف عمان فصاروا شركاء للأزد في بلادهم وهم الأتلاد أتلاد‬ ‫مان(‪ .‬ومن القبائل العمانية المشهورة عند الفتح الإسلامي بنو سامة بن لؤي‪،‬‬ ‫وينسبها النسابون إلى قريش» احتفظوا بوحدقمم القبلية فلم يندبجوا بالأزد‪ ،‬إلا أنم‬ ‫صاروا فيما بعد حلفاء للأزد © ‪ .‬وإن مناطق سكناهم توام (( قرية لبني سامة‬ ‫‪(٦١‬‬ ‫بن لؤي))‬ ‫(‪ )١‬ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪٠٠١. ‎‬ص‪٣٢‬ج‬ ‫ج‪١‬ص‪.١٩!-١٩٦٩١‬‬ ‫(‪ )٢‬المدان‪ :‬الإكليل‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬جمهرة اللغة‪ ‎‬ج‪٦‬ص‪.٦‬‬ ‫ج‪١‬ص‪.٨٢‬‬ ‫(‪ )٤‬البكري" عبدالله ين عبدالعزيز‪ :‬معجم ما استعجم‪‎‬‬ ‫‏(‪ )٥‬ابن حبيبڵ المحير ص‪.١٦٨‬‏ ابن كثير‪ :‬البداية والنهاية ج‪٢‬؟ص ‏‪ .٢٠٢‬البكري‪ :‬معجم ما استعجم‬ ‫جاص‪.٤٦‬‏‬ ‫(‪ )٦‬الحموي‪ ،‬ياقوت‪ :‬معجم البلدان ج‪ ٢‬ص‪.٥٤ ‎‬‬ ‫( ‪( ٣٩‬‬ ‫وهناك انتماءات أثنية أخرى لا تدخل ضمن سلاسل الأنساب العربية‘ و لم‬ ‫تحرص أن تقتفي أصولها الي تنتمي إليها‪ .‬كما أن لبعض تسميات القبائل والمناطق‬ ‫العمانية مدلولاتما التاريخية كقبيلة ب ريام وهي من الألفاظ الواردة في النقوش‬ ‫اليمانية ومنها معبد ريام‪.‬‬ ‫كما إن ظاهرة أسماء الأماكن المختومة بلفظ ( أوت ) ظاهرة شائعة في‬ ‫جنوب الجزيرة العربية وخاصة في حضرموت والمهرة و ظفار مثل كلبوت‘‪6‬‬ ‫وديعرت‪ ،‬وسيحوتؤ وبرهوت‘‪ ،‬وخرفوت‪ ،‬وضلكوت‘‪ ،‬ورخيوتڵ ووادي‬ ‫ريثوت » ووادي عربوت‘‪ ،‬وريسوت\ اليي أشار إليها الحمدان بأئما تي المنتصف‬ ‫بين عدن وغُمان‪ ،‬وهي قلعة مبنية بنيانا جميلا على جبل‪ ،‬والبحر محيط بما إلا من‬ ‫جانب واحد‪ ،‬وبما سك من العرب الأزد من بيي جديدا والقمر& وبي‬ ‫‪.‬‬ ‫‏(‪()١‬‬ ‫‪.‬خ‪.‬نز ‪,.‬يت۔‬ ‫وهناك مسميات في المهرة وغرب عمان ‪ -‬منتهية ب ‪ :‬أيت ‪ :‬كثنمريست‬ ‫ورحميت\‪ 6‬وخصيت‪ ....‬إلخ‬ ‫معنى‬ ‫وعلل السيد علوي بن طاهر الحداد لفظ ( أوت ) على أنه يدل على‬ ‫قرية أو ما يشبهها { ثم يضاف إليه الأسماء المختلفة كما هو مؤجود في بعض‬ ‫بلاد العراق والهند من الأسماء المضافة إل كلمة أباد‪ 9‬مثل أسد أبان‪ 9‬وأحمد أبان‬ ‫‪,‬‬ ‫الله أباد وغير ذلك)) {‬ ‫ص‪.٥٤‬‬ ‫(‪ )١‬المعشييإ سعيد بن مسعود‪ :‬الآثار التاريخية في ظفار‪‎‬‬ ‫‪.٢٤‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫(‪ (٦‬الحداى علوي بن طاهر‪ :‬الشامل ن تاريخ حضرموت‬ ‫( ‪( ٤٠‬‬ ‫ويبدو أن لفظ ( أوت ) في اللغة الجنوبية القديمة يدل على معن أرض أو بلاد‬ ‫ولعل في تعليل اسم حضرموت المركب هو أرض الحضر أو بلاد الحضر‪.‬‬ ‫هكذا كان التكرين الجيوسياسي لعمان عند ظهور الإسلام قبائل شاءت أن‬ ‫تنقطع عن منطقة قلب صحراء العربيةإ إما بفعل السلسلة الجبلية اليي تفصل عُمان‬ ‫عن اليمن أو بفعل نمط الحياة ي المناطق الساحلية في الخليج العربي» حياة تميز‬ ‫خصائص البدوية بين تمدد واستبدال أفقي عبر الصحراء العربية الواسعة‪ ،‬وتحرك‬ ‫إلى المناطق القريبة من المياه والزراعة حيث توجد المراعي الصحراوية الموسمية أو‬ ‫البحث عن أنشطة أخرى مكملة للنشاط الرئيس مثل التجارة والأنشطة البحرية‬ ‫الأخرى ‪.‬‬ ‫ومن اللافت أن ظاهرة هذا الحراك النشط عبر التاريخ لزم منطقة عُمان‬ ‫حيث‬ ‫التاريخية الممتدة حدودها من شبه جزيرة قطر حن حدود حضرموت‪.‬‬ ‫تشهد حراكا اجتماعيا مستمرا‪ ،‬يتمثل في انتقال البدو الرحل من سكان أواسط‬ ‫الجزيرة العربية إلى مناطق ساحل الخليج العربي ((ساحل عمان الشرقي))‪ .‬وظل‬ ‫هذا الحراك يقود إلى تحالفات واستقطابات بين القبائل المختلفة في الخليج العربي‬ ‫بشكل عام تزامن أخيرً مع هجرة قبائل آل مرّة والدواسر في القرون الأخيرة‪،‬‬ ‫وكان متوازياً مع هجرة قبائل العتوب‪ ،‬وبعض الجماعات من قبائل تميم في أواخر‬ ‫القرن السابع عشر الميلادي‪.‬‬ ‫إذ شكلت قبائل ((العتوب)) حلفاً عشائرياً واتحاداً قبليا كان موازياً لاتحاد‬ ‫القبائل الي تنحدر من تميم؛ ونشأ من هذين الإتحادين خلال القرون الأخيرة قيام‬ ‫عدة مشيخات صغيرة تحولت بعد ظهور النفط إلى دول ذات سيادة معترف با‪.‬‬ ‫والعتوب هم (( حلف عشائر متعددة تضم أسرة آل خليفة وآل صباح وآل‬ ‫جلاهمة وبعض العشائر المتحالفة معهم؛ وقد تنقل العتوب من قطر إلى البصرة ثم‬ ‫(‪( +١‬‬ ‫الكويت‪ ،‬وفي الكويت استقر آل صباح وهاجر آل خليفة وآل جلاهمة إلى قطر‬ ‫مرة أخرى في منطقة الزبارة‪ ،‬ومن الزبارة اتجه آل خليفة إلى جزيرة البحرين‬ ‫(أوال) وأسسوا كيانا سياسيا مثل آل الصباح في الكويت)) «ٍ ‪.‬‬ ‫وممذا تشكلت صياغة الجغرافيا القبلية والاقتصادية للمنطقة من عُمان وحى‬ ‫شط العرب‪ .‬وظهرت بذلك كل الأسماء الحالية للأسر الحاكمة الرئيسة‪ .‬وبذلك‬ ‫استمرت قصة السيادة السياسية لعرب وسط الجحزيرة العربية على الخليج وإمارات‬ ‫ساحل عمان الي تمتد فصولها منذ زمن عبد القيس في عصور ما قبل الإسلام‪.‬‬ ‫واستمر معها إعادة تكرار قصة ربط أصول بعض العائلات الحاكمة إلى قبائل‬ ‫وسط الجزيرة العربية أو إلى مأرب كما ربطت من قبل أصول قبيلة الأزد‪.‬‬ ‫وعلى العموم فإن هذه المعلومات مدعاة للشضشك© ويزيد من الشك حولما‬ ‫اختلاف الروايات المتعددة في مأنورات العربية‪ ،‬المتمثلة قي التخريجات المختلفة‬ ‫لتسمية مزون ‪ -‬الأزد۔ الأسد الأسبذ‪ .‬بالزاي‪ ،‬بالسين‪ -‬بزيادة الباء والدال‬ ‫المعجمة‪ ..‬إلخ‪.‬‬ ‫و مما لاشك فيه أن الخريطة الجيوسياسية لما كانت عليه عمان في القرن‬ ‫السادس الميلادي وقبل ظهور الإسلام تتمثل في‪:‬‬ ‫أ‪ -‬أن الفرس كانوا هم المهيمنين على المناطق الساحلية من عمان وكان‬ ‫ولاؤهم المطلق للحكومة المركزية في فارس» وظلت بنية الدولة الساسانية ذاتما‬ ‫مهيمنة عليهم؛ والامبراطورية الساسانية قامت على اساس نظام حضاري راق في‬ ‫الحكم‪.‬‬ ‫يناير ‪١٩٨٩‬م‏‬ ‫(( الخليفة‪ .‬عبدالله خالد‪ :‬من تاريخ العتوب ف القرن الثامن عشر بحلة الوثيقة عدد‬ ‫‪١٢١.‬ص‪‎‬‬ ‫(‪( ٤٢‬‬ ‫ب‪ -‬أن العشائر العربية ذات الأصول القادمة من أواسط الجزيرة العربية كانوا‬ ‫يهيمنون على المناطق الداخلية من عُمان{ و العرب الذين ينتسبون إلى العربية‬ ‫الجنوبية يهيمنون على غرب عمان ‪ -‬المجتمع الظفاري‪ \-‬وأن الزعامة التقليدية‬ ‫كانت في أسرة آل الجلندى من بطون الأزد‪ ،‬وهي زعامة تقوم على بنية قبلية‬ ‫هشة وتحالفات نشأت بين البدو القادمين من أواسط الخزيرة العربية وبقية‬ ‫السكان من عرب الجنوب في المناطق الغربية من عمان‪ .‬وأن السلطة المركزية لم‬ ‫تكن مهيمنة على عمان‪.‬‬ ‫ج‪ -‬يتشكل اجتمع الممماني من خليط فارسي وعربي" ويتكون الخليط العربي‬ ‫من قبائل عدنانية شمالية و قحطانية عربية جنوبية كانت ولازالت تتحدث بلغتها‬ ‫الخاصة و لم تمثل الهوية القومية بين الفرس والعرب حاجزا بين العلاقات التجارية‪.‬‬ ‫الحاجز بين العنصر الفارسي والعنصر العربي القادم من وسط الجزيرة‬ ‫لقد كان‬ ‫العربية هو حاجز فكري وثقاني نحو السلوك والتعامل مع النمط السياسي الحاكمء‬ ‫فالفرس يؤمنون بالخضوع والطاعة لزعامة مركزية يمثلها وريث حاكم من‬ ‫الأكاسرة السيسانيين‪ ،‬ومن مظاهر ملكه وهيبته تاج الملك المشغول بالذهب‬ ‫المرصع بالأحجار الكريمة يوضع على الرأس‪ ،‬ولبس الأساور‪ .‬وعرش وسط بلاط‬ ‫تحف به الوزراء وتحيط به الحراسات‪.‬‬ ‫أما النمط العربي البدوي فهو مزيج مركب جاء بزعامة عبر انتخاب قبلي‬ ‫ضمن مقاييس الأخلاق العربية التقليدية كالكرم والوفاء والشجاعة والدهاء‬ ‫ورجاحة العقل والحلم والفصاحة والقدرة على القيادة وحل النزاعات‬ ‫والإشراف المباشر على مصال القبيلة ورعاية شؤوفما‪ ،‬وإن من مظاهر علامة‬ ‫الشرف والسؤدد لهذه الزعامة العربية التقليدية وضع الحاكم اوالشيخ عصابة على‬ ‫( ‪( ٤٢‬‬ ‫ويروى‬ ‫سواهں‬ ‫تميزه دون‬ ‫رأسه أوعمامة كبيرة يعقدها من خلفه أو على الجنب‬ ‫أن سيدنا عمر بن الخطاب ( رضي) قال‪ :‬العمائم تيجان العرب وقالوا في‬ ‫المأنورات (( سيد معمم )) وهم يريدون أن كل جناية يجنيها الجاي في العشيرة‬ ‫برأسه‪ .‬وقال الشاعر دريد بن الصمة (" ‪:‬‬ ‫معصوبة‬ ‫أمر الزعامة في عرنينيه قمم‬ ‫عاري الأشاجع معصوب بلقتّه‬ ‫بل لقد جعلوا من عمائم أشرافهم ألوية يعقدونما لخيوشهم عند اللقاء في‬ ‫الحروب‘ وهذا النمط من الزعامات العربية القبلية التقليدية ترسخ في الوعي‬ ‫العربي و كان هو الشائع عند عرب أواسط الجزيرة العربية قبل الإسلامك وظل في‬ ‫حالة من الجمود يرفض كل أشكال التغيير من داخله‪ ،‬و لم يطمح أن يتحول إلى‬ ‫دولة أو امبراطورية تضفى عليها الشرعية‪ ,‬بالحكم الوراثي وتضلع بمهام إدارة‬ ‫جهاز بيروقراطي وعسكري لاستمرارية هذه الدولة‪.‬‬ ‫ولعل خصائص الحياة البدوية هي السبب في ذلك وكما علل ذلك ابن‬ ‫خلدون (( والسبب في ذلك اختلاف الآراء والأهواء‪ ،‬وان وراء كل رأي منها‬ ‫هوئ وعصبية تمانع دونما؛ فيكثر الانتفاض على الدولة والخروج عليها قي كل‬ ‫وقت وإن كانت ذات عصبية؛ لأن كل عصبية ممن تحت يدها تظن في نفسها‬ ‫منعة وقوة)) {) ‪.‬‬ ‫حين جاء الإسلام وكان ما كان من الحوادث والفتن والصراع على الحكم‬ ‫وخروج قبائل وسط الجزيرة العربية ممن ينتمون إلى تلك القبائل من أزد وتميم‬ ‫ق‬ ‫الأول‬ ‫السياسي‬ ‫فتزعمت الخروج‬ ‫وحضرموت‘‬ ‫وقبائل عبد قيس وكندة‬ ‫‏(‪ )١‬الاحظ‪ :‬البيان والتبين ج‪٣‬ص‪.٤٦٤‬الأشاجع‏ مفرد أشجع‪ :‬والمقصود به عروق ظاهر الكف‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ابن خلدون! عبدالرحمن‪ :‬المقدمة ص‪.٢٩٠‬‏‬ ‫( ‪( ٤٤‬‬ ‫الإسلام‪ ،‬الذي عبرت عنه حركة الخوارج ضمن إطار دييي‪ ،‬وقد بحجث‬ ‫الشهرستاين في بداية ظهور الخوارج فقال‪(( :‬أعلم أن أول من خرج على أمير‬ ‫المؤمنين علي رضي الله عنه جماعة ممن كان معه قي حرب صفين‪ ،‬وأشدهم‬ ‫خروجا عليه‪ ،‬ومروقاً مانلدين‪ :‬الأشعث بن قيس الكندي" ومسعر بن فدكى‬ ‫التميمي‪ ،‬وزيد بن حصين الطائي حين قالوا‪ :‬القوم يدعوننا إلى كتاب الله‪ ،‬وأنت‬ ‫تدعوننا إلى السيف‪( )) ...‬‬ ‫ومن ثم ظهر الفكر السياسي الإباضي المتبلور من تلك الرؤية لحكم الإمامة‬ ‫أور( العمامة )) العربية المتغيرة بدلاً عن خلافة التاج الموروث في سلالة واحدة‬ ‫حاكمة مطلقة ومستبدة؛ وهذا هو لب البحث وما نتتطرق إليه لاحقا‪.‬‬ ‫‏‪ ١‬الوضع الديني في عمان قبل الإسلام‪:‬‬ ‫تميزت عمان في بداية القرن السابع الميلادي بتنو ع العقائد الدينية‪ ،‬ويعود‬ ‫هذا التنوع في كثير من جوانبه إلى اختلاف التركيب الإثني للسكان في هذه‬ ‫الفترة‪ ،‬حيث كان التعايش بين المجوسية واليهودية والوثنية العربية جنبا للى جنب‪.‬‬ ‫وارتبطت عبادة الإله ((رسين )) وهو الإله الرئيس والرسمي لمملكة حضرموت‬ ‫القديمة} في‪ -‬ظفار‪ -‬مع هيمنة مملكة حضرموت على إقليم ظفار الشهير محصول‬ ‫اللبان‪ .‬وقد تاملعثور على نقوش ومخربشات في منطقة ظفار جاء فيها ذكر للإله‬ ‫سين المعبود الحضرمي القدم‪ .‬ولكن بعد الاستقلالية السياسية المبكرة لهذا الإقليم‬ ‫اختفى هذا المعبود وانقرضت العبادات المرتبطة به وحلت بدلا عنه معبودات محلية‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫‏‪ ١‬ص‏‪.١٣٣‬‬ ‫الملل والنحل ج‬ ‫الشهرستان‪،‬‬ ‫[(‪]36‬‬ ‫( ‪( ٤٥‬‬ ‫أما القبائل العربية القادمة إلى عمان من وسط الخزيرة العربية فقد‬ ‫حافظت على معبوداقما الوثنية القديمة الي نقلتها معها‪ ،‬ولو ثبتت صحة مرويات‬ ‫المأثورات الي زعمت انتقال قبيلة الأزد ‪ -‬الأسْد‪ -‬من مأرب إلى شرق وشمال‬ ‫ووسط غمان‪ ،‬لبينت لنا اللقى الأثرية ذلك وظفر الأئريون بشيء يدل على‬ ‫معبودات وثنية يمنية قديمة جاء ذكرها في مئات من النقوش المتناثرة على‬ ‫مسطحات المستوطنات الحضارية اليمنية القديمة على سبيل المثال الإله القمره‬ ‫فهو عند السبئيين (( المقة ))» وعند الحضارمة ((سين ))» وعند الأوسانيين‬ ‫والمعينيين (أود) ‪ ،‬وعند القتبانيين ( عم ) وكانوا يرمزون إليه بالهلال‪.‬‬ ‫عموما كانت أديان العرب ومعتقداتما قبل الإسلام مختلفة بامجاورات لأهل‬ ‫الملل والنحل الأخرى‪ ،‬وكان لكل قبيلة صنم يميزها عن غيرها‪ ،‬وهذا يأقي ضمن‬ ‫استقلالية المعبود عند العرب‘ (( فكان لقريش وخزاعة هبل ونائلةء وإسافك©‬ ‫وكان لبطون قضاعة ود منصوبا بدومة الجندل وكان لحمير وهمدان نسر ©‬ ‫لبجيلة و خثعم‬ ‫وكان‬ ‫لغطفان العزى‪،‬‬ ‫منصوباً بصنعاء‪ 8‬وكان لكنانة سواع؛ وكان‬ ‫ذوالخلصة} وكان لطي الفلس وكان لربيعة وإياد ذوالكعبات‪ ،‬وكان لثقيف‬ ‫اللات‪ ،‬منصوبا بالطائف‪ ،‬وكان للأوس والخزرج مناة منصوبا بفدك مما يلي‬ ‫ساحل البحر‪ ،‬وكان لدوس صنم يقال له ذوالكفلين وكان للأزد صنم يقال له‬ ‫رئام‪ ،‬وكانت كلما عزمت قبيلة على الحج وقفت عند صنمها تلبي‪ .‬حت يدخلوا‬ ‫مكة مختلفين في تلبياتمم‪ ،‬فكانت تلبية قريش لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لا شريك لك‬ ‫تملكه وما ملك‪ .‬وكانت تلبية كنانة ‪ :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬اليوم يوم التعريف‪ ،‬يوم‬ ‫الدعاء والوقوف‪ .‬وكانت تلبية بني أسد لبيك اللهم لبيك‪ ،‬يارب أقبلت بنو‬ ‫أسد‪ ،‬أهل التواني والوفاء والجلد إليك ‪ .‬وكانت تلبية بيي تميم لبيك اللهم‬ ‫لبيك عن تميم قد تراها أخلقت أثوايمما وأواب من ورائها‪ ،‬وأخلصت لربما‬ ‫لبيك‪،‬‬ ‫سمعا له وطاعة ‪.‬‬ ‫لرمما دفاعة؟‬ ‫لبيك عن قضاعة‬ ‫‪ .‬وكانت تلبية قضاعة‬ ‫دعاءها‬ ‫(‪( ٤٦‬‬ ‫وكانت تلبية الأزد } لبيك رب الأرباب تعلم فصل الخطاب\ لملك كل‬ ‫مناب_‘‪.‬‬ ‫وأمام هذا التنوع من أنواع التلبيات العربية الذي يأتي ضمن المعتقدات الوثنية‬ ‫العربية الي تتخذ من الأصنام صلة للتقرب من الله‪ ،‬كان للكهان وسدنة المعابد‬ ‫دوز مهم وبارز في التأثير على الحياة الدينية للعرب‪.‬‬ ‫قبل بجيء الإسلام كانت الأزد وغسان يهللون ويحجون إلى صنم لهم امه‬ ‫(منوان) في جهة البحر مما يلي قديدا بالشلل على سبعة أميال من المدينة _" ‪.‬‬ ‫وكان الصنم ناجرا معبوداً ضمن المعبودات الوثنية في عُمان‪ ،‬وكان له معبد في‬ ‫منطقة سمائل‪ ،‬وتعظمه بنو خطامه وبنو الصامت من طي «" ‪ .‬وقيل اسمه باحر‬ ‫وقد أطلقت العرب على شهر صفر ناجر وقيل إنه اسم كل شهر من اشهر الحر‬ ‫لا على شهر معين جاء في اللسان شهر ناجر؛ وكل شهر من صميم الحر فاسته‬ ‫ناجر لأن الإبل تنجر فيه أي يشتد عطشها حق تيبس جلودها والجذر في العربية‬ ‫((نحر)) فيفيد الحر‪ .‬وجاء في اللسان باجَرّ صنم كان للأزد في الجاهلية ومن‬ ‫جاورهم من طي وقالوا باجر بكسر الميم (ث ‪.‬‬ ‫قال مازن بن غضوبة الطائي الماني حين اشهر إسلامه‪:‬‬ ‫ببا نطوف به ضلا بتضلال‬ ‫كسرت ناجرآ جذاذة وكان لنا‬ ‫(‪ )١‬اليعقوبيا تاريخ اليعقوبي‪ ‎‬ج‪١‬ص‪.٢١٨‬‬ ‫‪! .٢٠٤‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫(‪ (٢‬الحموي‪ 6‬ياقوت‪ :‬معجم البلدان ج‬ ‫‪ (٣‬السياي‪ .‬سا ل بن حمود‪ :‬عمان عمر التاريخ‪ ‎‬ج‪١‬ص‪.١١!٥‬‬ ‫(‪ )٤‬ابن منظور ‪ :‬لسان العرب‪ ‎‬ج‪‎ ٤‬ص‪. ٤١‬‬ ‫( ‪( ٤٧‬‬ ‫جهنم!‬ ‫نار‬ ‫وحر‬ ‫عذاب‬ ‫يقيهم‬ ‫ربا‬ ‫وحده‬ ‫بالله تعالى‬ ‫المسلمون‬ ‫آمن‬ ‫كما‬ ‫نقد اتخذت الأزد وطئ قبل الإسلام ناجرا معبوداً وثني ‪ 5‬لعله يقيها حر الأنواء‬ ‫الظل الظليل‪.‬‬ ‫عليهم بفيء‬ ‫ويفيء‬ ‫العرب‘‬ ‫ولفح هجير تمس صحراء‬ ‫الشديدة‬ ‫وكان الطواف حوله من المظاهر الطقوسية المقدسة الێ كانت تؤدى في‬ ‫تلك المعابد الوثنية القديمة‪ .‬وللعرب كافة مظاهر طقوسية يلتزمون مراعاتما عند‬ ‫الحمس والحلة‬ ‫تأديتهم مناسك الحج قبل الإسلام وكانوا ق أديائمم على صنفين‬ ‫فأما الحمس فهم قريش كلها واما الحلة فهي خزاعة بجاورتما قريشا‪ ،‬وكانت‬ ‫تشدد على نفسها في إقامة الشعائر والمناسك الدينية‪ ،‬وقال اليعقوبي فإذا نسكوا لم‬ ‫يساأوا سمنا و لم يذخروا لبنا و لم يحولوا بين مرضعة ورضاعها حتت يعافه‪ ،‬و لم‬ ‫يحزوا شعرا ولا ظفرا‪ ،‬و لم يدهنوا و لم يمسوا النساء ولا الطيب و لم يأكلوا لحما‬ ‫و لم يلبسوا قي حجهم وبرا ولا صوفا ولا شعرا ويلبسون جديدا ويطوفون بالبيت‬ ‫من أبوامماك‬ ‫البيوت‬ ‫تعظيما له ولا يدخلون‬ ‫بنعالهم } لا يطؤون أرض الحرم‬ ‫ويسكنون في حال نسكهم قباب الأدم‪.‬‬ ‫أما قضاعة وحضرموت وعك وقبائل من الأزد‪ ،‬فكانوا أقل تشددا على‬ ‫نفسها من قريش في إقامة المظاهر والشعائر الطقوسية‪ ،‬إذ أنمفمل( لا يحرمون‬ ‫الصيد في النسك ويلبسون كل الثياب ويساأون السمن ولا يدخلون من باب‬ ‫بيت ولا دار‪ ،‬ولا يؤويهم ماداموا محرمين وكانوا يدهنون ويتطيبون‪ ،‬ويأكلون‬ ‫اللحم‪ ،‬فإذا دخلوا مكة بعد فراغهم نزعوا يابمم الي كانت عليهم‪ ،‬فإن قدروا أن‬ ‫يلبسوا ثياب الحمس كراء أو إعارة فعلوا وإل طافوا بالبيت عراة‪ .‬وكانوا لا‬ ‫يشترون في حجتهم ولا يبيعون)) «(" ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬اليعقوبي‪ ،‬احمد بن أبي جعفر‪ :‬تاريخ اليعقوبي ج‪١‬ص‪.٢١٩‬‏‬ ‫( ‪( ٤٨‬‬ ‫كان لتأثير العبارات المسجعة للكهان وسدنة المعابد قي صياغة التضرعات‬ ‫والطلبات مفعول سحري قوي قي مخاطبة الوعي الدين العربي ‪ 8‬ويأتي سياق‬ ‫الحكاية الأسطورية الين تدور حول الصنم ناجر وخاصة فيما يتعلق بتنبؤاته حول‬ ‫ظهور الإسلام‪ .‬تكرارا مشاماً مع الحكايات الأسطورية الأخرى لبقية سدنة‬ ‫الأصنام الوثنية في المجتمع العربي الجاهلي‪.‬‬ ‫وحكاية السادن مازن بن غضوبة الممايي (( أول من أسلم من التُمانيين ))‬ ‫حين سمع صوتا منبعئاً من داخل الصنم ناجر يقول له‪ :‬يا مازن اسمع تسر‪ ،‬ظهر‬ ‫خير وبطن شر بعث نبي من مضر بدين الله الأكبر فدع نحيتا من حجرا‬ ‫تسلم من حر سقر «" ‪ ،‬تكراز متشابة لتلك الأساطير الي زعمت عن أحاديث‬ ‫جلاميد صخور أصنامهم الصماء‪.‬‬ ‫وتنبؤات هواتف الغيبيات من وسط‬ ‫ه ظهور الإسلام في عمان‬ ‫تناقلت المأثورات المُمانية أن بداية ظهور الإسلام في عمان كان على‬ ‫يدي رجل من أهلها اسمه مازن بن الغضوبة الطائي النبهاني غم الخطامي‪ ،‬وهو من‬ ‫أبناء سمائل إحدى المدن المشهورة بجمُمان‪ ،‬وكان مازن بن الفضوبة من رجال‬ ‫الدين الوثنيين المكلفين بالإشراف على خدمة المعابد والقيام بوظيفة السادن لصنم‬ ‫قيل اسمه‪ :‬ناجر‪ ،‬وقيل باحر وقيل دقين‪.‬‬ ‫ي السنة السادسة للهجرة وفد مازن إلى مكة حين علم من كفار قريش ببعثة‬ ‫البي محمد صلى ا له عليه وسلم؛ فقصد الني صلى ا له عليه وسلم وعرض نفسه‬ ‫(‪ )١‬ابن كثير‪ :‬أبو الفداء الحافظ ‪ :‬البداية والنهاية ج‪٦٢ ‎‬ص ‪.٣٢٣٧‬‬ ‫( ‪) ٤٩‬‬ ‫أن يسلم وشرح الله قلبه للإسلام فأسلم وطلب من رسول الله صلى الله عليه‬ ‫وسلم أن يدعو الله تعالى لأهل غُمان‪ ،‬فقال‪ (( :‬اللهم اهدهم وأثبهم )) قال مازن‬ ‫فقلت زدني يا رسول الله‪ :‬فقال‪ ( :‬اللهم ارزقهم العفاف والكفاف والرضا ما‬ ‫قدرت لهم ) فقال مازن قلت يا رسول الله البحر بجانبنا» فادع الله في ميرتنا‬ ‫وخفنا وظلفناء فقال‪((:‬اللهم وسع عليهم في ميرقمم‪ ،‬وأكثر خيرهم من بحرهم)) ‪،‬‬ ‫قال قلت زدن يا رسول الله قال‪ (( :‬اللهم لا تسلط عليهم عدوا من غيرهم قل‬ ‫يا مازن آمين‪ ،‬فإن آمين يستجاب عندها الدعاء)) قال نقلت آمين ( ‪.‬‬ ‫عاد مازن بن الغضوبة الطائي إلى عمان بعد أن تشرف بلقاء الني صلى الة‬ ‫عليه وسلم! ونال شرف السبق بلقب أوّل من أسلم من أهل عُمان‪ ،‬وتولى دعوة‬ ‫قومه للإسلام؛ وشرع في بناء مسجد في موقع المضمار‪ ،‬وييدو أنه كان في السابق‬ ‫معبدا لمعبودهم الوثيي (ناجر)‪ (( ،‬ومن آثار مازن الباقية إلى الآن مسجد المضمار‬ ‫الذي بناه بعد رجوعه من المدينة سنة ست للهجرة‪ ،‬وهو أوول مسجد بيي بمحمان‬ ‫على الإطلاق)) (" |‬ ‫إن لسدنة معابد العهد الوثييي في عمان وغيرها من بلاد العرب دورا كبيرا‬ ‫ومؤثر وموجها على الحياة الدينية في بجتمعاتمم؛ وقد تعززت مكانتهم الاجتماعية‬ ‫لدورهم في خدمة المعابد والإشراف على أداء الطقوس الدينية كالتطهير من‬ ‫الذنوب والآنام؛ وتلقي الأموال والنذور والهبات المحصصة للمعبودات الوثنية في‬ ‫الجاهلية العربية} وهذا كان دور مازن بن غضوبة ومهمته بين قومه العُمانيين‪ ،‬قبل‬ ‫أن يشرح ا له صدره للإسلام؛ وتكون له شرف الصحبة ويتولى كسر أصنام‬ ‫قومه‪ ،‬قال مازن بن الفضوبة(( فكسرت الأصنام وقدمت على رسول الله صلى‬ ‫ال عليه وسلم! فأسلمت فدعا لي فأذهب الله عي كل ما أجد وقال‪ :‬حججت‬ ‫(‪ )١‬السامي؛ عبدالله بن حميد‪ :‬تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان‪ ‎‬ج‪١‬ص‪.٣٧‬‬ ‫ج‪١‬ص‪.٢٤‬‬ ‫(‪ )٢‬البطاشي‪ ،‬سيف بن حمود‪ :‬إتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عمان‪‎‬‬ ‫‪.‬‬ ‫`۔‪‎‬‬ ‫‪٠١‬‬ ‫`‬ ‫بن‬ ‫حبان‬ ‫ل‬ ‫شطر القرآن وحصنت أربع حرائر ووهب‬ ‫حجا وحفظت‬ ‫مازن‏‪(١( " )) ..‬‏‪. ١‬‬ ‫تشرف مازن بن الغضوبة بمقابلة رسول الله صلى الله عليه وسلم والإنصات‬ ‫إليه وتلقي تعاليم الإسلام والاستماع إلى القرآن الكرم" والوصول إلى يقين راسخ‬ ‫لا‬ ‫به النى صلى الله عليه وسلم هو دعوة سماوية صادقة ودين حقى‬ ‫بأن ما جاء‬ ‫يأتيه الباطل‪ .‬فاندفع نحو قومه في سمائل بمُمان يدعوهم للإسلام (( وقام إلى‬ ‫الصنم وأخذه إلى مكان معروف بالبلد وهو سفح جبل غربي الحصن قريب من‬ ‫نهاية سقي فلج الدغالي فرماه من ذلك الجخبل)) «" ‪ .‬واستطاع أن يغير نظرة قومه‬ ‫معبدهم الوثين؛ ويبدلهم عنه مسجد ليكون أول المساجد ليس في عمان فحسب©‪6‬‬ ‫ولكن في أقصى جنوب الجحزيرة العربية‪.‬‬ ‫لمس مازن استجابة دعوة الرسول لأهل عُمان‪ ،‬إذ مر الله عليهم بالإسلام‬ ‫صلى‬ ‫إلى الرسول‬ ‫بماء فعاد مازن‬ ‫أرباحهم وصيدهم‬ ‫وكثرت‬ ‫وأخصبت أرضهم‬ ‫الله عليه وسلم فقص عليه حال أهل عمان فقال مازن ‪ ((:‬يا المبارك اين المباركين‬ ‫الطيب ابن الطيبين‪ ،‬قد هدى الله قوما من أهل عمان ومن عليهم بدينك‪ ،‬وقد‬ ‫أخصبت عمان‪ ،‬خصبا هنيئا! وكثرت الأرباح والصيد بما فقال عليه الصلاة‬ ‫فطوبى لمن آمن‬ ‫السلام‪ ( :‬ديمي دين الإسلام سيزيد الله أهل غُمان خصباً ‪7‬‬ ‫بي ورآني‪ ،‬وطوبى ثم طوب لمن آمن بي ولم يرن ولم ير من رآني‪ ،‬وإن الله سيزيد‬ ‫أهل عمان إسلاما)) ‏‪. ٣‬‬ ‫ص‪٧٠٤‬۔‬ ‫(‪ )١‬العقلا" أحمد بن علي بن حجر‪ :‬الإصابة في تمييز الصحابة جه‪‎‬‬ ‫ج‪١‬ص ‪.٢٢‬‬ ‫(‪ )٢‬البطاشي؛ سيف بن حمود‪ :‬إتحاف الأعا" ‪ :‬اريخ بعض علماء عمان‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬السيابي" سالم بن حمود‪ :‬عمان عبر التاريح‪ ‎‬ح‪١‬ص‪.١١٠‬‬ ‫ر‪(٥١ ‎‬‬ ‫على الرغم من الظروف والأحوال اليي قضت على البي صلى الله عليه‬ ‫وسلم حصر اهتمامه بالمدينة وما حولها في السنين الأولى للهجرة‪ ،‬إلا أن هذا لم‬ ‫ينسه نشر دعوته العالمية‪ ،‬وقي سبيل التحضير لنشر الدعوة خارج محيط مكة‬ ‫والمدينة هناك إشارات متعددة إلى محاولته صلى الله عليه وسلم نشر الدعوة في‬ ‫ميدان أوسع من مكة منذ أيام ما قبل المجرة» حيث أجمعت كتب السيرة على‬ ‫اتصاله بعدد من القبائل ورجالها في مختلف أنحاء الجزيرة العربية‪.‬‬ ‫بعد فتح مكة في العام الثامن من الهجرة؛ ظهرت قوة الرسول صلى الله عليه‬ ‫وسلم وعلت سمعته وطارت في آفاق الجزيرة العربية وأدركت القبائل قوته‬ ‫وسلطانه وبدأت تشعر بأن الدين الجديد الذي يدعو إليه محمد صلى الله عليه‬ ‫وسلم هو دين يدعو إلى السلام والأمن وإيقاف كل مظاهر الفوضى والاضطراب‬ ‫والقلاقل وتأمين السلم الاجتماعي العربي» وجاءت مرحلة الاتصالات والواسعة‬ ‫والمثمرة مع مختلف القبائل والرؤساء تدعوهم إلى الدين بالطرق السلمية وجاءته‬ ‫الوفود تعلن إسلامها‪ ،‬فأصبحت الدولة الإسلامية تشمل معظم الخزيرة العربية‬ ‫ؤصارت مصلحة العرب ومنافعهم في الانضمام إلى دولة الإسلام الوي تؤمن لهم‬ ‫منافع كثيرة وكبيرة‪.‬‬ ‫كان الرسول صلى ا له عليه وسلم يعول كثيرا على إيمان العرب بدعوته؛‬ ‫وكان سفراؤه صلى الله عليه وسلم وحملة كتبه يجوبون أنحاء الجزيرة العربية‬ ‫وأطرافها‪ ،‬وما جاورها من البلدان» في حركة نشطة هدفها تبليغ الدعوة وإيصالها‬ ‫إلى أقصى حدودهالإ وتحقيق الوحدة في بلاد العرب؛ لينهضوا بأعباء حمل الرسالة‬ ‫ونقلها إلى العالم‪ .‬وفي هذا السبيل بعث عليه السلام‪ ،‬رسائل كثيرة إلى عرب‬ ‫الحجاز‪ ،‬وتمامة‪ ،‬ونجحد‪ ،‬واليمنإ وحضرموت\ وغمان‪ ،‬والبحرين‪ ،‬وغيرها من‬ ‫جز ير ة ‏‪١‬العر ب‪.‬‬ ‫أ عما ل‬ ‫( ‪) ٥٢‬‬ ‫أدرك الرسول صلى ا له عليه وسلم أهمية عمان الإستراتيجية وموقعها في‬ ‫جزيرة العرب‘‪ ،‬وما يمكن أن تؤديه من أدوار مهمة في تحيق وحدة العرب} ثم‬ ‫المساهمة في نقل دعوة الإسلام إلى العوالم الجاورة‪ ،‬الي ترتبط بينها صلاة تجارية‬ ‫وغير تجارية‪ .‬فحص عليه السلام أهل عُمان ‪ -‬خاصتهم وعامتهم‪ -‬بطائفة‬ ‫من الرسائل تحظى بقيمة خاصة‪ ،‬فهي تلقي الضوء على جوانب مهمة من تاريخ‬ ‫عمان في صدر الإسلام‪ .‬وتكشف ملامح الحياة السياسية والاقتصادية‬ ‫والاجتماعية‪ .‬ويجد الباحث في الرسائل اليي حص بما عليه العسلاة‬ ‫والسلام أهل عُمان‪ ،‬أما تتوزع على عدة محاور رئيسة أهمها‪.‬‬ ‫المحورالأول ‪ :‬دعوة القيادة الحاكمة إلى إجابة الدعوة والدخول في الإسلام {‬ ‫وعلى هذا الحور تأ الرسالة الي وجهها صلى الله عليه وسلم إلى جيفر وعبد‬ ‫ابني الجلندى بن المستكبر الأزدي" وملوك عمان الأسبذبين‪.‬‬ ‫في رسالتين نبويتين‬ ‫‪ :‬البلاغ النبري العام إلى أهل غُمان؛ جاءت‬ ‫الحور الناي‬ ‫بعثهما عليه الصلاة والسلام إلى المانيين عامة يدعوهم إلى الالتزام بالإسلام‪.‬‬ ‫امحور النالث ‪ :‬تمثل في مراسلاته عليه الصلاة والسلام مع قبائل الأزد عامةض‬ ‫ومنهم أزد غُمان© ورسالته صلى الله عليه وسلم مع وفد ثمالة والحان من بطون‬ ‫أزد عمان‪.‬‬ ‫كان منطلق الحكمة النبوية من استهلال دعوة المُمانيين بمخاطبة حكامهم‬ ‫القرار الأول و قدرة التأثير على‬ ‫لكومم كانوا أصحاب‬ ‫آنذاك جيفر وأخوه عبك‬ ‫رعاياهم في إجابة الدعوة أو رفضها‪ ،‬ومن منطلق الحكمة الي تقول الناس على‬ ‫( ‪( ٥٢‬‬ ‫دين ملوكهم‪ .‬ولأهمية عُمان الاستراتيجية وما يمكن أن تتبوأ هذا المنطقة الغنية‬ ‫الأمصار‬ ‫الإسلام إل‬ ‫‘ ونقل دعوة‬ ‫بخيراقما من أدوار مهمة ف تحقيق وحدة العرب‬ ‫المجاورة‪.‬‬ ‫كلف صلى الل عليه وسلم الصحابي الداهية عمرو بن العاص مهمة القيام‬ ‫يدعوهما‬ ‫جيفر وعبد أبناء الجلندى‬ ‫بدور السفير وحمله رسالة إل حكام عمان‬ ‫إلى الإسلام‪ ،‬والتاريخ المضبوط لهذه الرسالة موضع جدل بين السنة السادسة‬ ‫والنامنة للهجرة أماً نص الرسالة ال حملها عمرو بن العاص فكانت على النحو‬ ‫الآني‪:‬‬ ‫(( من محمد رسول الله إلى جيفر وعبد ابي الجلندى سلام على من أتبع المدى‬ ‫الله إل‬ ‫((أما بعد)) فإني أدعوكما بدعاية الإسلام ب أسلما تسلما فإني رسول‬ ‫بالإسلام وليتكما؛ وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل عنكما‪ ،‬وخيلي‬ ‫حل بساحتكما‪ ،‬وتظهر نبوي في ملككما)) _" ‪.‬‬ ‫تقوم رسالة الني صلى الله عليه وسلم على نلانة محاور أساسية شأنها شأن‬ ‫الرسائل النبوية عامة} وتتفق مع غيرها من الرسائل النبوية في العبارة المحورية‬ ‫(( فإن أدعوكما بدعاية الإسلام )) وهذه العبارة كانت هي الشعار النبوي في‬ ‫عرض الدعوة على الملوك فقد ترةدت في الرسائل الموجهة إلى كسرى‘ وهرقل ‪،‬‬ ‫والمقوقس‪ ،‬وغيرهم‪ .‬و يأتي فيها عرض الدعوة بصيغة الخطاب المباشر والوضوح‬ ‫والبساطة‪ ،‬مع ترك مهمة تفصيلات الدعوة للسفراء الذين كانوا يحملون هذه‬ ‫الرسائل‪ .‬مع التأكيد على عالمية الإسلام وشموله‪ ،‬وأنه (( إلى الناس كافة)) ‪ ،‬وأنه‬ ‫(‪ )١‬القلقشندي؛ أحمد بن علي‪ :‬صبح الأعشى في صناعة الإنشاء‪ ‎‬ج‪٦‬ص‪.٣٦٦‬‬ ‫( ‪( ٥٤‬‬ ‫رسول الله عليه الصلاة والسلام ونذير من الله ومبلغ لرسالة ربه ليكون حجة‬ ‫على الناس } فلا يبقى لهم بعل ذلك عذر‪.‬‬ ‫الحور الثايي ‪ :‬الترغيب بدعوة الإسلام! وإقناع المدعوين باس مع عرض بعض‬ ‫المحفزات اليي ترغب الملكين من (( آل الجلندى)) في قبول الإسلام! إذ يعدهم‬ ‫عليه الصلاة والسلام ءأن الإيمان بدعوته أفضل السبل لتحقيق سلامتهما وسلامة‬ ‫قومهما‪ ،‬وهذا منوط بالعبارة الواردة في الرسالة (( أسلما تسلما))‪.‬‬ ‫م أخذت الرسالة منحى مهماً إذ خاطبت النفس التواقة للإينار والحفاظ على‬ ‫مصالحها‪ ،‬ورغبت الملكين العمانيين في قبول الدعوة‪ ،‬فجاءت على نحو صيغة‬ ‫العرض المغري لهما والإقرار لحما بمبدأ بقاء الحاكم في منصبه إذا استجاب‬ ‫للإسلام‪ (( .‬وإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما))} وهذا المحور يلامس الخوانب‬ ‫النفسية في الإنسان‪ ،‬لأن الإنسان بطبعه فطر على النظر إلى مصالحه‪ ،‬وغالباً ما‬ ‫يعادي الأفكار الن تحاول أن تجرّده من مكتسباتهإ وتتعارض مع مصالحه‪.‬‬ ‫امحور الثالث‪ :‬انتقال صيغة الخطاب من الترغيب إلى الترهيب من رفض قبول‬ ‫الدعوة} وتضمنت تمديدا واضحا بإنماء ملك الملكين‪ ،‬إذا لم يستجيبا إلى دعوة‬ ‫الإسلام ‪ ،‬إذ ستقضي الجخيوش الإسلامية على ملكهما وتعرضه للزوال والضياع‬ ‫(( وإن أبيتما أن تقرًا بالإسلام فإن ملككما زائل عنكما وخيلي تحل‬ ‫بساحتكما))‪.‬‬ ‫تركت هذه الرسالة الأثر في نفسي (( ابي الجلندي)) وحاولا أن يتأبيا‬ ‫ويتشتدا في موقفهما من الدعوة الإسلامية‪ ،‬وطلبا مهلة يوم لدراسة الرسالة‪ ،‬فلما‬ ‫( ‪( ٥٥‬‬ ‫كان الغد رجع عمرو بن العاص إلى جيفر فقال جيفر‪ (( :‬إني فكرت فيما دعوتني‬ ‫إليه فإذا أنا أضعف العرب إذا ملكت رجلا ما في يدي)) «( ‪.‬‬ ‫قال عمرو بن العاص ‪ (( :‬قلت فإني خارج غدا‪ ،‬فلما أيقن خروجي‬ ‫أصبح فأرسل إلي فدخلت عليه فأجاب إلى الإسلام هو وأخوه جميعا وصدفا‬ ‫بالبي وخليا بيني وبين الصدقة وبين الحكم فيما بينهم وكانا لي عونا على من‬ ‫حالف‪. " )) ..‬‬ ‫ومن المزكد أن قدرة وفصاحة عمرو بن العاض وعمق ملكته في الخوار قد‬ ‫قربت طريق الإيمان إلى الملكين الأزديين‪ ،‬وإن كان الفضل قبل ذلك وبعده إلى اله‬ ‫تعالى إذ هداهما للإسلام‪.‬‬ ‫لم يكن استجابة الأخوين من آل جلندى إلى دعوة الإسلام وليد صدفة‬ ‫أوعملاً آنيا ومفاجاء بل كان بعد دراسة وتفكير عميقين و إدراكاً منهما‬ ‫لقيمة العرض المغري الذي حمله إليهما داهية العرب عمرو بن العاص"‪ ،‬والذي‬ ‫جاء في ثنايا رسالة الرسول صلى ا له عليه وسلم؛ وتعهد نص منه في حال‬ ‫إسلامها الضمان لهما بمزاولة مهامهما كحكام على عمان } إن هذا الرض‬ ‫ناهيك عن المنافع الدنيوية اليي‬ ‫المغري ضمن هما استمرار حكمهما على عمان‬ ‫يجنيانما؛ والمصالح اليي يمكن أن يؤمنها انضمامهما للدولة الحديدة فانضمامهما‬ ‫فضلا عمًا للدين‬ ‫إلى دولة الإسلام يجلب لهما منافع ولا يوقع بهما أي خسائر‬ ‫الإسلامي من مزايا عقائدية؛ مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف اليي كانت تحيط‬ ‫يما محلية وإقليمية وهي على النحو الآتي‪:‬‬ ‫(‪ )١‬الزهري‪ ،‬محمد بن سعيد‪ :‬الطبقات الكبرى‪ ‎‬ج‪١‬ص ‪.٢٦٢‬‬ ‫(‪ )٢‬المصدر نفنه‪‎.‬‬ ‫( ‪(٥٦‬‬ ‫‪ -‬الظروف المحلية ‪ :‬بالغة التعقيد تتمثل في ضعف التحالفات الهشة في خريطة‬ ‫عمان الجيوسياسية‪ ،‬وزيادة تنامي معارضة أمل عمان لحكم آل جلندى"‬ ‫والانقسامات القبلية في عُمان‪ ،‬و يتضح ذلك من خلال تلك الاتصالات برسول‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم؛ وقدومهم في وفود عشائرهم بصورة مستقلة} منهم من‬ ‫الأزد أسند بن يبرح الطائي ((الطاحي)) وسلمة بن عياذ الأزدي ووفد ثمالة‬ ‫وحدان‪ ،‬بزعامة عبدالله بن علس الثمالي ومسيلمة بن هزان الحداني «(© ‪.‬‬ ‫وقد أشارت المصادر أن لقيطاً بن مالك الأزدي من أزد دبا وهو من‬ ‫((العتيك)) كان يلقب بذي التاج" كان يسامي الجلندى وأنه كان يعتمد على‬ ‫عشيرته ورجالها كما ضم حوله بعض العشائر الأخرى ورؤساءهم ومن ضمنهم‬ ‫سيد بني جديد } وقد قاد لقيط بن مالك فيما بعد تمرد القبائل على آل الجلندى‬ ‫واتخذ من دبا مقراً له‪ ،‬ومنها اتسع سلطانه ويروي الطبري عن سيف أن جيفر‬ ‫وعبد ابي الجلندى‪ ،‬هربا إلى الجبال «”"‘ وهذا يدل على أن لقيطا استطاع أن‬ ‫يسيطر على السهول الساحلية ويقصي آل الجلندى عنهما‪.‬‬ ‫‪ -‬الظروف الإقليمية‪ :‬وهي ظروف خطيرة لا تمدد مصالح عرب عُمان‬ ‫التجارية فحسب؛ بل تنذر بتجدد أطماع فارس التوسعية للسيطرة الكاملة على‬ ‫عمان (( التاريخية))‪ ،‬وسقوط حكم آل جلندى" كما قد تحقق للفرس ذلك حين‬ ‫سيطروا على اليمن بعد انهيار سلطة الأحباش ووفاة الملك اليمني سيف بن ذي‬ ‫يزن‪ ،‬واستيلاء الأبناء من فارس على صنعاء وحكمهم لليمن حي ظهور الإسلام‬ ‫ي القرن السابع الميلادي‪.‬‬ ‫(‪ )١‬المصدر نفسه ص‪ .٣٥١‬وابن الأثير‪ :‬الكامل ج؟ص!‪٧١‬؟‪ .‬وابن كثير‪ :‬البداية والنهاية‪٩٢٢. ‎‬ص‪٦‬ج‬ ‫ج‪٦٢‬ص‪.٢٩٢‬‬ ‫(‪ )٢‬الطبري»‪ 6‬محمد بن جرير‪ :‬تاريخ الطبري‪‎‬‬ ‫( ‪( ٥٧‬‬ ‫م تقتصر مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم للحكام العمانيين خاصة‬ ‫من آل الجلندى» بل أخذت رسائله صلى الله عليه وسلم تشق طريقها إلى‬ ‫المجموعات الأثنية الأخرى من ملوك ورعيّة سواء كانوا فرسا أم أسبذيين أم‬ ‫بطون متفرقة من أزد عُمان ‪ ،‬وبين أيدينا رسالتان تندرجان تحت هذا المضمون‬ ‫فالرسالة الأولى جعلها صلى الله عليه وسلم إلى أهل عمان حكامهم ومحكوميهم؛‬ ‫وقد أطلق صلى ا له عليه وسلمعلى الفتتين تسمية ((عباد الله الأسبذيين)) ويفصح‬ ‫الرسول صلى ا له عليه وسلم عن أن المقصود بمذه التسمية هم أفل عُمان ©‬ ‫ملوكهم ومن كان من قبيلة الأزد فيها‪ ،‬وقد جاء في رسالته صلى الله عليه وسلم‪:‬‬ ‫(( من محمد البى رسول الله لعباد الله الأسبذيبن ملوك غُمان وأزد عُمان© ومن‬ ‫كان منهم بالبحرين‪ :‬إنهم إن آمنواء وأقاموا الصلاة‪ ،‬وآتوا الزكاة‪ ،‬وأطاعوا الله‬ ‫ورسوله‪ 3‬وأطاعوا حق البي‪ ،‬ونسكوا نسك المسلمين‪ ،‬فإنمم آمنون‪ ،‬وإن لهم ما‬ ‫أسلموا عليه‪ ،‬غير أن مال بيت النار ثنيا له ورسوله وإن غُشور التمر صدقة‬ ‫ونصف عشور الحب‪ .‬وإن للمسلمين نصرهم ونصحهم وإن لهم على المسلمين‬ ‫مثل ذلك وإن فم أرحاهم يطحنون بما )) ( ‪.‬‬ ‫من الواضح أن رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم فيها أمان متكافئ بين‬ ‫الجانبين؛ إذ يطلب عليه الصلاة والسلام من أهل غُمان قبول الدعوة‬ ‫الإسلامية والإيمان بالك وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة‪ ،‬وطاعة الله ورسوله‪،‬‬ ‫في مقابل بذل الأمان والأمن لهم وحمايتهم‪ .‬وإباحة حرية التملك المشروع والعمل‬ ‫لرعاية مصالحهم وكسب أرزاقهم‪.‬‬ ‫وإزاء تلك الشروط المتكافئة} تضمن الأمان استثناعاً خاصاً لبيوت العبادة الي‬ ‫كان عليها العُمانيون‪ ،‬إذ يحدد الرسول عليه الصلاة والسلام مصير بيوت النار‬ ‫(‪ )١‬القلقشندىء أحمد بن علي‪ :‬صبح الأعشى ج‪ ٦‬ص‪.٣٦٦ ‎‬‬ ‫( ‪(٥٨‬‬ ‫فيقرر أن ملكيتها لله ورسوله فليس لأحد حق في أموال المعابد لأنها حق شرعي‬ ‫يتصرف الرسول عليه الصلاة والسلام فيه‪.‬‬ ‫بعد أن خاطب عليه الصلاة والسلام الصفوة الحاكمة في عمان\ اتخذت‬ ‫رسائله طريقها إلى العامة من أهلها‪ ،‬وفي هذا الاتجاه نطالع رسالته صلى الله عليه‬ ‫وسلم إلى العامة من أهل عُمان يدعوهم إلى قبول الدعوة للإسلام؛ أو البقاء على‬ ‫عبادتمم ودفع الجزية للمسلمين ويبدو أن كثيرا من المانيين كانوا في هذه الأثناء‬ ‫يعتنقون الجوسية‪ ،‬ويتبعون الفرس في ديانتهم؛ ومما يعزرً وجود المجوسية وانتشارها‬ ‫بعمان إشارته عليه الصلاة والسلام إلى وجود بيت النار في عمان‪.‬‬ ‫ونص الرسالة النبوية لعموم أهل عمان جاء مقتصداً في ألفاظه‪ ،‬مقتضباً خالياً‬ ‫من الديباجة واضحاً في دلالاته‪ ،‬قال صلى الله عليه وسلم مخاطباً أهل عمان(( أن‬ ‫أسلموا فإن لم تسلموا فأدوا الحزية)) «" ‪ .‬فكانوا أمام خيارين إما الإسلام ولهم‬ ‫ما للمسلمين؛ وعليهم ما على المسلمين‪ ،‬أو دفع الجحزية مقابل المحافظة على حرية‬ ‫الاعتقاد‪.‬‬ ‫نستشف من رسالة أخرى خص بما الرسول عليه الصلاة والسلام العمانيين }‬ ‫دليلا واضحا على أن الإسلام بدأ ينتشر في أوساط العمانيين‪ ،‬ويدو أن أهل‬ ‫عمان بقوا محافظين على بيوت النار‪ ،‬فجاء موضوع الرسالة كما رواها أبو شداد‬ ‫(( رجل من أهل عُمان )) قال جاءنا كتاب من رسول الله صلى الله علبه‬ ‫وسلم ‪ (( :‬من محمد رسول الله إلى أهل عمان سلام عليكم) أما بعد‪ :‬فأقروا‬ ‫بشهادة أن لا إله إلا الله‪ ،‬وأني رسول الله‪ ،‬وأدوا الزكاة! وخطوا المساجد كذا‬ ‫(‪ )١‬الميانجي" علي الأحمدي‪ :‬مكاتيب الرسول‪٦٦٢. ‎‬ص‪٦‬ج‬ ‫( ‪( ٥٩‬‬ ‫وكذاء وإلا غزوتكم))‪ .‬فسئل أبوشداد من كان على عمان يومئذ ؟ قال‪ :‬سوار‬ ‫من أساور كسرى ( ‪.‬‬ ‫في هذه الصيغة تأكيد على حقيقة الدعوة اليي جاء بما الرسول صلى الله‬ ‫عليه وسلم وإعلام بشخصيته فهو المبعوث من الله لأداء الرسالة ودعاهم لإقامة‬ ‫الصلاة بما تستدعيه من هدم بيوت النار وإحلال المساجد مكائماء والقيام بفريضة‬ ‫الزكاة ‪ ،‬والأدلة الي تحتضنها ثنايا هذه الرسالة تدل على أن الرسول صلى الله‬ ‫عليه وسلم كتبها إلى أهل عمان بعد أن استجابوا لدعوة الرسول ودخولهم في‬ ‫الإسلام! أنه عليه الصلاة والسلام استعمل تحية الإسلام (( سلام عليكم))» وكان‬ ‫الرسول صلى الله عليه وسلم يفرق في رسائله بين صيغتين من صيغ التحية‬ ‫(( فيقول في خطاب المسلم وربما قال سلام على من آمن بالله ورسوله‪ ،‬وقي‬ ‫خطاب الكافر سلام على من أتبع الهدى وربما أسقط السلام من صدر‬ ‫الخطاب)) <" ‪.‬‬ ‫ولا يعن أن دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم للُمانيين إلى الالتزام‬ ‫بتعاليم الإسلام! لكونهم كفار فيمكن أن يكونوا أسلموا ولكن منعوا الزكاة‬ ‫وتركوا الصلاة‪ ،‬ومن الثابت أن غير المسلم يطلب إليه أداء الحزية‪ ،‬فإن أبي قوتل‪،‬‬ ‫بخلاف المسلم غير اللتزم؛ فإنه ينذر بالعودة أو القتال ‪.‬‬ ‫فبين أيدينا‬ ‫ولإيضاح أهمية دور ونفوذ قبيلة الأزد في الجزيرة العربيةء‬ ‫رسالتان نبويتان كتبهما الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الاتجاه ‪:‬‬ ‫(‪ )١‬الهيلمي‪ 6‬علي بن أبي بكر‪ :‬مجمع الزوائد‪ ‎‬ج‪٢‬ص‪.٦١٤‬‬ ‫(‪ )٢‬القلقشندي! أحمد بن علي‪ :‬صبح الأعشى‪ ‎‬ج‪٦‬ص‪.٢٥٢‬‬ ‫(‪(٦٠‬‬ ‫الرسالة الأولى ‪ :‬إلى عموم بطون الأزد على تشتتها‪ ،‬بعثها عليه الصلاة والسلام‬ ‫مع عبدالرحمن بن عبيد الأزدي أبي راشد المشهور بكنيته _" رئيس وفد الأزد في‬ ‫السنة التاسعة} ومقتضى الخطاب فيها كان يشمل نفوذ القبيلة الكبيرة ‪ :‬أزد‬ ‫شنوءة} وأزد السراة‪ ،‬وأزد عُمان‪ ،‬جاء فيها‪:‬‬ ‫(( من محمد رسول الله إلى من يقرأ كتابي هذاك ممن شهد أن لا إله إلا الف‬ ‫وأن محمدا رسول الله‪ ،‬وأقام الصلاة فله أمان الله{ وأمان رسول ال)) «{" ‪.‬‬ ‫وواضح أن الرسالة الموجزة غير موجهة إلى شخص بعينه‪ ،‬أو فئة معينةإ بل‬ ‫هي عامة الخطاب ((إلى من يقرأ كتابي هذا‪ ))..‬كانت تتكفل بالأمان والحماية‬ ‫من الرسول عليه الصلاة والسلام‪ ،‬لكل من آمن وصدق بدعوته من الأزد‪.‬‬ ‫الرسالة الثانية ‪ :‬كتبها عليه الصلاة والسلام بعد فتح مكة لوفد ثمالة والحدان‪ ،‬من‬ ‫بطون الأزد اليي كانت تسكن ((رصحار)) توضح مقدار الزكاة المترتب على ما‬ ‫يجى من ثمار النخيل جاء فيها‪:‬‬ ‫(( هذا كتاب من محمد رسول الله لبادية الأسياف ونازلة الأجواف‪ ،‬مما حازت‬ ‫صحار‪ ،‬ليس عليهم في النخل خراص ولا مكيال مطبق‪ ،‬حق يوضع في الفداء‬ ‫وعليهم في كل عشرة أوساق وسق)) «{ ‪.‬‬ ‫وفي ذكرهذه الجماعة الذين نعتهم عليهم الصلاة والسلام في الرسالة‬ ‫ب (( بادية الأسياف ونازلة الأجواف مما حازت صحار)) بيان واضح عن‬ ‫مناطق نفوذ بطي ثمالة والحان الأزديين‪ ،‬ومما يدل على أمم عُمانيون إضافتهم‬ ‫إلى ( صحار) الي كانت (( قصبة عمان مما يلي الجبل)» ©‬ ‫(‪ (١‬العسقلاني‪ ،‬احد بن علي بن حجر‪ :‬الإصابةء‪. ‎‬۔‪١٢٢‬ص‪٣‬ج‬ ‫(‪ )٢‬الميانجي" علي الأحمدي‪ :‬مكاتيب الرسول‪ ‎‬ج‪٢٣‬ص‪٢٧٦٩‬و ‪.٦٨٠‬‬ ‫ج‪٢‬ص‪١٣٨‬۔‬ ‫(‪ )٢‬المصدر نفسه‪‎‬‬ ‫‪ 3‬الحموي" ياقوت ‪ :‬معجم البلدان ج‪٢٣‬ص‪.٢٩٢‬‏‬ ‫( ‪)( ٦١‬‬ ‫ألقت هذه المجموعة من الرسائل النبوية الموجهة لأهل عُمان‪ ،‬الضوء على‬ ‫بعض من جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية في عمان في‬ ‫صدر الإسلام‪.‬‬ ‫ففي الجانب السياسي‪ :‬نستشف أن عمان كانت إحدى الممالك العربية‬ ‫في أقصى الجنوب الشرقي لجزيرة العرب‪ ،‬يحكمها ملك عربي من قبيلة الأزد‪،‬‬ ‫وكانت تتبع الدولة الفارسية‪ ،‬وتتمتع بما يشبه الحكم الذاتي والاستقلالية المحدودة‪.‬‬ ‫وفي المقابل هناك مزيج آخر يمثل كيانات سلطوية محدودة التأثيرك‪ .‬وأخرى‬ ‫لكتل وتجمعات سكانية وقبلية مؤثرة ذات نزعة إلى استقلال القرارء قدمت‬ ‫للرسول صلى ا له عليه وسلم تمثل نفسها وتضع الوزن السياسي لمناطق نفوذها ي‬ ‫الخريطة الجيوسياسية وأخذت بعين الاعتبار قي رسائل الرسول صلى الله عليه‬ ‫وسلم ضمن الخطاب الدعوي للإسلام‪.‬‬ ‫وهذا يدل على أن الوضع الاثنو قبلي الداخلي في عمان غير متجانس‬ ‫وأن هناك صراعاً داخليا على النفوذ بين البطون المختلفة من قبيلة الأزد‪ ،‬وقد بدا‬ ‫واضحاً بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وتمثل في إعلان الردة‪ ،‬أو كما‬ ‫يجزم بعض من المؤرخين العمانيين أنما تمرد داخلي وعصيان محدود‪.‬‬ ‫وفي الجانب الاجتماعي ‪ :‬تبين هذه الرسائل تشكيلة المجتمع الماني‬ ‫والقبائل المهمة ذات التأثير على القرار وأهمها قبيلة الأزد على اختلاف بطوفاء‬ ‫وبينت الرسائل أن بعضا من بطون هذه القبيلة تحضر ومال إلى الاستقرار وسكنى‬ ‫لمدن واتخذوا من الزراعة مهنة لحمض بينما ظل بعضها مؤثرا الترحال والتنقل وراء‬ ‫الكلأ والماء‪.‬‬ ‫وفي الجانب الديني ‪ :‬صرحت الرسائل على انتشار المجوسية في عُمان‪،‬‬ ‫ليست بين الأقلية الفارسية المهيمنة على أجزء من الشواطئ الحُمانية فحسب©& بل‬ ‫( ‪(٦٢‬‬ ‫أيضا بين القبائل العربية» كما أشارت رسالة من هذه الرسائل إلى وجود بيت‬ ‫النار في عمان آنذاك‪ ،‬في المقابل كشفت الرسائل عن موقف المانيين الإيجابي من‬ ‫الدعوة الإسلامية‪ ،‬وسرعة استجابتهم لله ورسوله‪ ،‬ودخولهم في دين الهه فصدق‬ ‫أحياء‬ ‫من‬ ‫رجلا إلى حي‬ ‫بعث‬ ‫صلى الله عليه وسلم حين‬ ‫الرسول‬ ‫فيهم قول‬ ‫العرب فسبوه وضربوه فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره نقال‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ (( :‬لو أن أهل عُمان أتيت ما سبك ولا‬ ‫ن‪ .‬ب كءس«‪)١‬‏‬ ‫ضربوث))‪. ٠ ‎‬‬ ‫(( إن لأعلم أرضاً يقال لها‬ ‫وصدق فيهم قول رسول صلى الله عليه وسلم‬ ‫عُمان ينضح البحر بناصيتها‪ ،‬ولو أتاهم رسولي ما رموه بسهم ولا حجر)) «_' ‪.‬‬ ‫وي الجانب الاقتصادي‪ :‬أشارت الرسائل إلى نمط الحياة الن كان يعيشها‬ ‫الممانيون آنذاك إذ كانت بلادهم تتمتع بوفرة الغلال من حبوب وتمورك‪،‬‬ ‫وأشارت إلى الوسائل المتبعة في سقي هذه المزروعات‪ ،‬وانتشار الأمطار الموسمية‪:‬‬ ‫ووجود الآبار والعيون ووفرة المياه‪ ،‬ووفرة الغلال والحبوب‪ ،‬صاحبها انتشار‬ ‫لطواحين الحبوب اليي كانت تشكل في ذلك الوقت إحدى مستلزمات عملية‬ ‫الإنتاج الغدائي بكميات وافرة واقتصادية‪.‬‬ ‫مع بداية إشراقات الإسلام ووصول الدعوة الإسلامية إلى عمان شاركت‬ ‫عمان بعدد كبير من الصحابة الذين وفدوا علنى رسول الله صلى الله عليه وسلم‬ ‫أفرادا وجماعات ولقوه وتشرفوا بصحبته! ودخلوا الإسلام طائعين راغبين دون‬ ‫وبعد ازدياد وصول تلك الطلائع الفمانية اللؤزضنة‬ ‫أن يرسل إليهم جيشا‬ ‫‏‪ .٤٢٠‬والتميمي ‪ .‬ومحمد بن حبان البسي‪ :‬صحيح ابن حبان‬ ‫‏(‪ )١‬ابن حنبل احمد ‪ :‬مسندأحمد ج‪٤‬ص‬ ‫‏‪ ٦‬‏‪٠٠٢.‬ص‪١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬المقدسي محمد بن عبدالواحد‪ :‬الأحاديث المختارة ج‪١‬ص‪.٧٨‬‏‬ ‫( ‪( ٦٣‬‬ ‫الله عليه‬ ‫انتشر الإسلام قي عمان على نحو سريع وواسع وبعث الني صلى‬ ‫أمر دينهم‪.‬‬ ‫الناس‬ ‫وأمرهم أن يعلموا‬ ‫مع تلك الوفود‬ ‫أصحابه‬ ‫وسلم بعض‬ ‫وأبقى عمرو بن العاص في عمان ويقول ابن حبيب (( وأرسل عمرو بن‬ ‫العاص السهمي إلى جيفر وعبد ابي الجندى ‪ .....‬بمممان فأسلما وغلبا على‬ ‫غُمان)) «" ‪ .‬وهذا يدل على أن عبد وجيفر استفادا من الدخول في الإسلام‬ ‫بتوسيع سلطافمما في عمان وتقوية مركزهما داخليا‪ ،‬والتخلص من النفوذ الفارسي‬ ‫والتمتع بالاستقلالية الكاملة‪ .‬والوقوف في وجه المعارضة الداخلية بحجة أن‬ ‫الخروج عن سلطانهم وطاعتهم يعد خروجا عن الإسلام‪.‬‬ ‫و آل الجلندى الأزديون‪:‬‬ ‫تعود أصرل آل الجلندى إلى بي المستكبر بن الأزد‪ - ،‬الأسُشد ‪ -‬قال‬ ‫شاعرهم منشدا فيهم‪:‬‬ ‫يمشي إلى الأقران كاتشبندى‬ ‫نيدى‬ ‫ل بن‬ ‫ج مز‬ ‫لواذ‬‫ام ج‬‫قر‬ ‫والسبندى في اللغة من أسماء الأسد‪ .‬والجلندى لغة كما جاء في اللسان هو الرجل‬ ‫‏)‪(٢‬‬ ‫وأنشد‬ ‫يتبع الفجور©‬ ‫الفاجر أو الذي‬ ‫وكان قدما ناجيا جلنذدا‬ ‫قامت تناجي عامرا فأشهذا‬ ‫قد اتتهي ليلته حتى اغتدى‬ ‫(‪ )١‬ابن حبيب‪ :‬امحبر‪ ‎‬ص‪.٧٧‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ‎‬ج‪٢‬ص‪.١٢٩‬‬ ‫( ‪(٦٤‬‬ ‫م تذكر المصادر المممانية تاريخ بداية سلطان آل الجلندى ((جيفر وعبد)) على‬ ‫عمان والعوامل الين ساعدتقمم على الحكم» فقد وصفهما ابن هشام؛ وابن سعد‬ ‫أما صاحبا عمان!‬ ‫وابن كثير وابن خلدون‬ ‫وذكر الطبري‬ ‫عُمان©‬ ‫بأنهما ملكا‬ ‫وذكر ابن عبدالبر أنه رئيس عمان «" ‪.‬‬ ‫ويبدو أن نفوذهما كان يتأرجح بين حالة من المد والانسار ؛بناءً على‬ ‫حسابات داخلية تحدد متانتها وقوقما تحالفات العشائر العربية في عمان‪ .‬وكان‬ ‫حكام آل الجلندى على استعداد للتعاون مع الحكم الفارسي ولكن دون السماح‬ ‫لوصول الدولة المركزية إليهم إذ أن تلك القبائل القادمة من وسط الجزيرة العربية‬ ‫إلى عُمان‪ ،‬كانت قد تعودت على أسلوب حياة تميزت بالسلب والنهب» ويكفي‬ ‫فهب عدد من الحمال أو الشيات أوالخرفان؛ أن تجعل القادم على هذا العمل بطلا‬ ‫وفارساً في نظر القبيلة وكانت مآثر القبيلة تقاس بالمغازي والغارات الي تشنها‬ ‫على القبائل الأخرى‪.‬‬ ‫إن ذلك الأسلوب الذي كانت تلجأ له تلك القبائل عبر الصحراء‬ ‫العربية الشاسعة تحول من وسط صحراء الحزيرة العربية إلى شرقها وانصرف‬ ‫نحو البحر‪ ،‬إذ لحأت القبائل إلى القرصنة ونمب السفن الماخرة عبر سواحل الخليج‬ ‫امحملة بالبضائع والنفائس الثمينة وقد تمركزت بعض القبائل العربية في جزر‬ ‫الخليج على مدخل مضيق هرمز وهناك بن آل الجلندى قلعة ابن عمارة (رومي‬ ‫قلعة منيعة على سيف البحر قريبة لجزيرة هرمز المقابلة لجزيرة قيس بن عميرة‬ ‫‏‪ ١٨‬‏‪٥‬يربظطلار‪.‬‬ ‫‏‪ ٢٥‬والخياط؛ خليفة‪ :‬الطبقات ج؟ص‬ ‫السيرة النبوية ج‪٤‬ص‪٤‬‬ ‫ابن هشام‪ .‬عبدالملك‪:‬‬ ‫‏) ‪( ١‬‬ ‫‪١‬ص‪١‬ج ‏‪ . ٦‬وابن كثير‪ :‬البداية والنهاية‪ .‬جا‪٤‬ص ‏‪ .٢ ٧٢‬وابن خلدون جاص‪٩٨‬‏ ‪.١‬رابن‏ عبدالير؛‬ ‫يوسف بن عبداللة‪ :‬الاستيعاب ج ‪١‬اص‪.٢٧٥‬‏‬ ‫( ‪(٦٥‬‬ ‫تعرف بقلعة بني عمارة وتنسب إلى الجلندى ولا أحد يقدر أن يرتقي إليها بنفسه‬ ‫إلا أن يرتقي في شيء من الحامل)) (" ‪.‬‬ ‫وتروي المأثورات العربية أن صاحب هذه القلعة هو الذي قال الله تعالى في‬ ‫حقه الأ وكمان وَرَامَمْمْ ملك أخ كُ سَفيئَة غصبا ‪ . ""( 4‬وقال ابن حوقل كان‬ ‫اسم هذا الملك الجندى بضم الجيم واللام وسكون النون وبفتح الدال المهملة‬ ‫وبعدها ألف واليه أشار بعضهم يخاطب بعض الظلمة " ‪:‬‬ ‫وانت منه أظلم‬ ‫كان الجلندى ظالما‬ ‫استطاع الفرس احتواء ظاهرة النهب والسلب في عرضن البحر‪ -‬القرصنة۔‬ ‫وعلى سواحل المواني وشطآن الخليج" عبر التعاون مع أسرة الجلندى© والاتفاق‬ ‫معهم على استئنارهم بجميع عائدات الضرائب من أرصاد البخر وعشور السفن؛‬ ‫في مقابل تأمين طرق الملاحة البحرية‪ ،‬وتأمين السفن الراسية في موانئ عمان‪.‬‬ ‫ويمذا الاتفاق ضمن آل الحلندى حماية الفرس فم واستئثارهم بعائدات عشور‬ ‫وضمن الفرس سلامة السفن الماخرة والراسية في الخليج العربي‪،‬‬ ‫السفن‬ ‫و(( الجلندى قوم من أزد اليمن ولهم إلى يومنا هذا منعة وح وبأسن‪ ،‬وعدد\ لا‬ ‫يستطيع السلطان قهرهم وإليهم أرصاد البحروعشور السفن)) «" ‪.‬‬ ‫م تكن عائدات عشور السفن والبحر وحدها ال يعتمد عليها حكم الجلندى‘ء‬ ‫في دعائم اقتصاد عُمان‪ ،‬فقد كانت هناك أسواق محلية دورية منتظمة‪ ،‬وأخرى‬ ‫ج‪٢‬ص ‪.٥٤٣٢‬‬ ‫(‪ )١‬الحموي! ياقوت‪ :‬معجم البلدان‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الكهف الآية‪٧٩ ‎‬‬ ‫)( احمد محمد بن أبي بكر‪ :‬وفيات الأعيان وأنباء الزمان ج‪٧‬ص‪.٧٤‬‏‬ ‫‏‪.٥٤٤‬‬ ‫‏(‪ )٤‬الحموي" ياقوت‪ :‬معجم البلدان‪ :‬ج‪٦‬ص‬ ‫(‪(٦٦‬‬ ‫وقد ذكر اليعقوبي أن من بين عشرة أسواق‬ ‫أسواق حولية تأتي إليها العرب‬ ‫مشهورة للعرب في الجاهلية كان اثنان منها يقومان في وقت متقارب ببممان‬ ‫ق‬ ‫يقرم‬ ‫دبارر من أسواق العرب صحار‬ ‫والآخر سوق‬ ‫صحار‬ ‫أحدهما سوق‬ ‫رجب في أول يوم من رجب ولا يحتاج فيها إلى خفارة‪ ،‬ثم يرتحلون من صحار‬ ‫إل دبا يعشرهم فيها الجلندى وآل الجلندى)) «(" ‪.‬‬ ‫وعوجب تعليمات الرسول صلى الله عليه وسلم بقي عمرو بن العاص في‬ ‫عمان لنشر الدين الإسلامي والإشراف على تطبيق تعاليمه وشرائعه‪ ،‬وييدو أن‬ ‫بقاء عمرو بن العاص في عمان جاء بطلب من آل الجلندى رغبة منهم أن يكون‬ ‫بينهم مندوبا من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم ليعزز موقفهم ويساندهم ضد‬ ‫معارضيهم‪ ،‬وتحت غطاء الإسلام الذي اشترط فيه الرسول صلى الله عليه وسلم‬ ‫على ابن جلندى أن يدينا بوحدانية الله تعالى ويعترفا بنبوته‪ ،‬قبل ابنا المندى‬ ‫دعوة الإسلام طوعاً‪ ،‬ووضعوا في حساباتمم أنهم دخلوا في حلف سياسي‬ ‫وعسكري أكثر منه دينياء وكانت هذه الرؤية السياسية لازمت تفكير بعض من‬ ‫زعماء العشائر العربية الي أصاب نفوذها الوهن ولخأت إلى الرسول صلى الله‬ ‫عليه وسلم بحثا عن حليف سياسي وعسكري يعزز وجودها ويثبت نفوذها بين‬ ‫"‬ ‫عشائرها‪.‬‬ ‫وبإسلام آل الجلندى أسلم من معهما من العرب في عمان‪ ،‬أما المجوس فقد‪:‬‬ ‫فرضت عليهم الجحزيةء وهكذا انضمت عمان إلى دولة الإسلام‪ .‬وحقق الممانيون"‬ ‫الأول‪ :‬الانتصار على أنفسهم حين أدركوا الفرق الجذري بين عظمة‬ ‫الإسلام بوصفه دينا سماويأ يدعو إلى الوحدانية وتحمل تعاليمه شرائع كاملة‬ ‫(‪ )١‬اليعقوبي" أحمد بن يعقوب بن جعفر‪ :‬تاريخ اليعقوبي‪٠٢٢. ‎‬ص‪١‬ج‬ ‫( ‪( ٦٧‬‬ ‫ومكملة للقيم السامية النبيلة‪ ،‬والانتصار على تلك الديانات الوثنية الجامدة الي‬ ‫شتتهم إلى شراذم متناثرة تغلب عليها الأهواء والعصبيات والمنازعات‪.‬‬ ‫الثا‪ :‬الانتصار على هيمنة الفرس احوس وفرض الجحزية عليهم وبداية‬ ‫تلاشي نفوذهم! وانحسار وجودهم من حدود عُمان التاريخية‪.‬‬ ‫توق الني صلى ا له عليه وسلم وهو راض عن أهل عمان وكان صلى ا له‬ ‫عليه وسلم قد بارك عُمان‪ ،‬وحفظ لها مكانة كبيرة في نفسه الطاهرة الشريفة؛‬ ‫ويدل على ذلك الأحاديث النبوية المذكورة } ومن أقواله صلى الله عليه وسلم‬ ‫رآي!‬ ‫من‬ ‫ير‬ ‫يرلني و م‬ ‫بي و ل‬ ‫طوبى لمن آمن‬ ‫غ‬ ‫‪7‬‬ ‫بي ورآني‪،‬‬ ‫طوبى لمن آمن‬ ‫)‬ ‫وأن الله سيزيد أهل عُمان إسلاما)) '‬ ‫ز رذة عمان‬ ‫أمر الخليفة أبوبكر(رضي) ابي الجلندى أن يتولوا قيادة العمانيين ومعهم‬ ‫بعض من القبائل العربية للقضاء على ردة آل جفنة بالشام وقام العمانيون بمذه‬ ‫المهمة خير قيام‪ .‬وذكرت المصادر التاريخية أن الخليفة أعاد آل الجلندى‬ ‫واستعملهم على عُمان» و ضمن من استعملهم على عمان‪ :‬عكرمة بن أبي جهل‬ ‫غم عزله وسيره إلى اليمن‪ ،‬واستعمل حذيفة القلعاني‪ ،‬وأمره بأخذ صدقات‬ ‫المانيين واختلفت المصادر في اسم حذيفة القلعاني‪ ،‬قيل إنه حذيفة بن حصين‬ ‫الغلفاني‪ ،‬وقيل القلهاني‪ ،‬وقيل حذيفة بن اليمان‪ ،‬و قيل إنه من بارق وكان‬ ‫حليفا للأنصار « ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬أنظرابن الأثير‪ :‬الكامل في التاريخ ج‪٢‬ص‪.٢٢٩٢‬‏ والإصابة ج‪٦٢‬‏ ص‪.٤٤‬‏ والسالي‪ :‬تحفة الأعيان‬ ‫‏‪.٦‬‬ ‫ج ‪ 06‬ص‪.٤٧١‬‏ والليابي‪ .‬سا م بن حمود‪ :‬عمان عير التاريخ ج‪١‬ص‪١‬‬ ‫(‪( ٦٨‬‬ ‫وخلافا لما كان متبعاً‪ ،‬فقد أمضى الخليفة أبوبكرررضي) أمر الرسول صلى‬ ‫لله عليه وسلم في أن توزع صدقات عمان على فقراء عمان‪ .‬وأمر حذيفة بن‬ ‫حصين الغلفايي بأخذ الصدقة‪ ،‬وتروي المصادر الإسلامية مضمن مانرتدوا عن‬ ‫الإسلام بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم قوماً من أهل عمان‪.‬‬ ‫قال ابن الأثير‪ :‬أما عمان فإنه نبغ بما ذو التاج لقيط بن مالك الأزدي وادعى‬ ‫عثل ما ادعى من تنباك وغلب على عمان مرتدا‪ ،‬والتجأ جيفر وعباد إلى الجبال‬ ‫وبعث جيفر إلى أبي بكر يخبره ويستمده عليه‪ ،‬وبعث أبوبكر حذيفة بن محصن‬ ‫الغلفاني من حمير وعرفجة البارقي من الأزد‪ .‬حذيفة إلى مان وعرفجة إلى‬ ‫المهرة‪ ...‬وأرسل عكرمة بن أبي جهل أن ‪:‬يلحقهما بن معه ويساعدهما على أهل‬ ‫عمان والمهرة‪ ...‬فلحق بمما عكرمة قبل عمان فلما وصلوا رجاما وهي قريية من‬ ‫عُمان كاتبوا جيفرا وعباداا وجمع لقيط جموعه‪ ،‬ثاملتقوا على دبا فاقتتلوا قتلا‬ ‫التقوا على دبا فاقحتلوا قنال شديداً؛ واستعلى‬ ‫شديدا واستعلى لقيط جموعه‘‬ ‫لفيط ورأى المسلمون الخلل ورأى المشركون الظفر فبينما هم كذلك جاءت‬ ‫المسلمين موادهم العظمى من بيي ناجية وعليهم الخريت بن راشد‘ ومن‬ ‫عبدالقيس وعليهم سيح ان بن صوحان وغيرهم فقوى الل بمم‬ ‫السلمين فولى المشركون الأدبار فقتل منهم عشرة آلاف وسبوا الذراري©‬ ‫وقسموا الأموال وبعثوا بالخمس إلى أبي بكر مع عرفجة وأقام حذيفة ببمُمان‬ ‫يسكن الناس ('‬ ‫وعلى الأرجح فإن عدد قتلى المانيين قي هذه المعركة كان رقماً مبالغا‬ ‫فيه جدا ويبدو أن رواية ابن أعثم للمعركة و سير أحداثها فيها شيء من الدقة‬ ‫فقد قال‪ :‬لما ورد كتاب أبي بكر على عكرمة نادى بأصحابه و أمرهم بالمسير إلى‬ ‫(‪ )١‬ابن الأثر‪ :‬الكامل في التاريخ‪٩٢٢. ‎‬ص‪٦‬ج‬ ‫( ‪(٦٩‬‬ ‫أهل دبا‪.‬قال‪ :‬ودنا القوم بعضهم من بعض فاقتتلوا‪ .‬ورزق عليهم الظفر فهزمهم‬ ‫عكرمة حق بلغ مم أد بلادهم؛ وقتل منهم زهاء مائة رجل‪ ،‬ثم سار إليهم‬ ‫عكرمة يريد قتالهم ثانية‪ .‬ودخل القوم مدينتهم فتحصنوا بما‪ ،‬ونزل عليهم عكرمة‬ ‫في أصحابه فحاصرهم وضيق عليهم (_" ‪.‬‬ ‫بينما يرى المؤرخون العمانيون ومنهم السالمي أن إطلاق مصطلح الردة‬ ‫على أهل عمان أمر كان مبالغا فيه» ويتحاشون إطلاق ذكر مصطلح الردة على‬ ‫أهل عُمان‪ ،‬ويزعمون أن الأمر لم يكن سوى برد حادثة عابرة حرت أحداثها‬ ‫في موضع يسمى ((دبا)) بالجانب الشرقي من عُمان على ساحل البحر الشمالي‪،‬‬ ‫وأن المسألة كانت مشاجرة بين قلة من عامة الغوغائيين‪ ،‬استجابوا لاستغاثة امرأة‬ ‫زعمت أما استوفت ما عليها من زكاة من جهة‪ ،‬وبين عمال الصدقة الذين‬ ‫زعموا أنه بقي عليها من جهة أخرى" وتحول الشجار إلى دعوى للعصبية الي فمى‬ ‫عنها الإسلام مما استفز لها مشاعر الطرفين عشيرة المرأة وعامل خليفة رسول الله‬ ‫صلى الله عليه وسلم؛ الذي خشي من عواقب تطور هذا الأمر وتوسع دائرته‬ ‫وتحوله إلى فتنة عامة[ وتمرد لا يمكن السيطرة عليه‪ ،‬فتعامل مع الموقف بشدة‬ ‫وحزم شديدين‪.‬‬ ‫ونقل السالمي عن الشيخ خلف بن زياد البحراني في سيرته أن أبابكر بعث‬ ‫إلى أهل عمان مصدقا يأخذ صدقات أموالهم وهم مقرون بالحكم كله‪ ،‬فأعطوه‬ ‫بعض‬ ‫الصدقة جميعا لم يمنعها أحد منهم غير أن امرأة من أهل دبا شاجرت‬ ‫المصدقين‪ ،‬فزرعمت أنه استوفى جميع حقه{ وزعم أنه بقي عليها بقية منه‪ ،‬فتنازعا‬ ‫في ذلك فقرعها قرعة فاستغاتث ببعض أهلها فأغاثها‪ ،‬فاقبل ومن معه إلى الذي‬ ‫قرعها ومن معها من المصدقين؛ فتواقعوا وتنادوا عند ذلك‪ :‬يا آل بي فلان ء حين‬ ‫(‪ )١‬ابن أعئم؛ أحمد ‪ :‬الفترح‪ ‎‬ج‪١‬ص ‪٦٠‬‬ ‫رأوا أن القبلية قد نشبت بينهم‪ ...‬قال‪ :‬وكانت دعوة جاهلية قد كان يقال إن‬ ‫من دعا بما حل دمه حين يدعو بما أو يتوب\ فاقتتلوا ما شاء الله؛ وظهر المصدقون‬ ‫عليهم فجاء حذيفة الغلفاني وكان ولي ذلك؛ فسبأ أهل دبا وفيهم ذرية من لم‬ ‫يقاتلهم من النساء والولدان‪ ،‬وذرية من قد غاب أو كان قد مات وهو مسلم‬ ‫ونساؤه في غير إنكار منهم بشيء من التنزيل ولا امتناع منهم بما قبلهم من‬ ‫الحق (( ‪.‬‬ ‫ويبدو أن السالمي وقع في روايته لأحداث ردة عمان تحت تأثير الأهواء‬ ‫المذهبية والعصبية} وحاول أن يناقض رواية ابن الأثير التي قال عنها ((بأنما باطلة‬ ‫‪.‬‬ ‫لا صحة لها)) _[‬ ‫إلا أن ابن أعشم قد أضاف بعدا آخرا لقضية الردة في عُمان‪ ،‬غاب عن‬ ‫الورخين'الممانيين‪ ،‬فقد ربطها ضمن موقف اتخذه النُمانيون لمناصرة أبناء‬ ‫عمومتهم من الكنديين بحضرموت‪.‬‬ ‫قال ابن أعثم‪ :‬إن الخليفة أبابكرررضي) كتب إلى عكرمة بن أبي جهل‬ ‫وعكرمة يومئذ بمكة‪ :‬أما بعد فقد بلفك ما كان من أمر الأشعث بن قيس وقبائل‬ ‫كندة‪ 3‬وقد أتاني كتاب لبيد يذكر أن قبائل كندة قد اجتمعوا عليه وعلى أصحابه‬ ‫وحصروهم في مدينة تريم بحضرموت\ فإذا قرأت كتابي هذا فسر إلى زياد بن لبيد‬ ‫في جمع من أصحابك ومن أجابك من أهل مكة‪.‬‬ ‫سار جيش عكرمة ح صار إلى نجران ودعاهم لمحاربة كندة فأبي أمل‬ ‫نجران و لم يجبه أحد ثم سار إلى مأرب فترلها‪ ،‬وبلغ ذلك أهل دبا ففضبوا عن‬ ‫‏(‪ )١‬السالمي‪ :‬تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان ج‪١‬ص‪٤٩‬و ‏‪.٥٠‬‬ ‫(؟) الصدر نفسه‪.‬‬ ‫(‪( ٧١‬‬ ‫مسير عكرمة بن أبي جهل إلى محاربة كندة وجعل بعضهم يقول لبعض‪ :‬تعالوا‬ ‫حق نشغل عكرمة وأصحابه عن محاربة بني عمنا من كندة وغيرهم من قبائل‬ ‫اليمن" فعزموا على ذلك" ثم إنهم وثبوا على عامل هم من قبل أبي بكر (رضي)‬ ‫فطردوه عن بلدهم فخرج عاملهم هاربا من بين أظهرهم حي صار إلى عكرمة‬ ‫بن أبي جهل فلجأ إليه‪ .‬فكتب حذيفة بن محصن إلى أبي بكر(رضي) يخبره بأمر‬ ‫أهل دبا وارتدادهم عن دين الإسلام وطردهم إياه غم أخبره في كتابه أنه أتى إلى‬ ‫عكرمة فصار معه (" ‪.‬‬ ‫وحين علم أبوبكر (رضي) بتمرد العمانيين وموقفهم لمناصرة إخوافمم‬ ‫الكنديين بحضرموت (( اغتاظ غيظا شديداً وكتب إلى عكرمة وأمره بالمسير إلى‬ ‫دبا قائلا له‪ :‬فإذا فرغت من أمرهم سر إلى حضرموت)) «{" ‪.‬‬ ‫ورواية ابن أعنم اختلفت عن روايات المصادر الإسلامية والممانية المحلية في‬ ‫ذكر الأسباب اليي دفعت بأهل دبا إل إعلان العصيان أو التمرد والردة‪ ،‬وقد بدا‬ ‫الموقف على أنه دعوة إلى نصرة للعصبية القبلية ووقوف أزد عُمان بجانب أبناء‬ ‫عمومتهم من كندة حضرموت وقبائل اليمن‪ ،‬وكان هدف المانيين شغل‬ ‫وتشتيت قوة المسلمين وتخفيف الضغط العسكري على كندة} وبدا الموقف أنه‬ ‫صراع على أساس عصبي لا ديني‪ ،‬وما قصة شاة المرأة الأزدية في دبا وناقة الغلام‬ ‫الكندي في حضرموت إلا دفع للأمور نحو التوتر وإعلان تمرد قبائل جنوبي المخزيرة‬ ‫على حكم قريش وعدم الاعتراف لها بشرعية خلافة رسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫‏‪.٥٩‬‬ ‫جح‪١‬اص‬ ‫‏) ‪ (١‬ابن أعلم؛ أحمد‪ :‬الفتوح‬ ‫‏(‪ )٦٢‬المصدر نفسه‪.‬‬ ‫(‪(٧٢‬‬ ‫لجأ حذيفة الغلفاني إلى أقصى مظاهر الشدة والانتقام من أهل دبا‪ ،‬فلم ييسق‬ ‫أحد من أهل دبا قدر عليه إلا سباه «" ‪ .‬وأخذ الأموال والسوق بحجذافيرهاء‬ ‫بالرغم من أن أهل دبا أرسلوا إليه يسألونه الصلح على أنفم يؤدون الزكاة‬ ‫وبدعون إلى حبته وينصرف عنهم عكرمة‪ .‬فارسل إليهم عامل أنه لا صلح بينا‬ ‫وبينكم إل على إقرار منكم بأنا على حق وأنتم على باطل‪ ،‬وأن قتيلنا في الججة‬ ‫وقتيلكم في النار وعلى أن نحكم فيكم بما رأينا؛ فأجابوه إلى ذلك فارسل إليهم‬ ‫أن اخرجوا الآن عن مدينتكم بلا سلاح ففعلوا ذلك ودخل المسلمون إلى‬ ‫حصنهم فقتلوا أشرافهم وسبوا نساءهم وأولادهم وأخذوا أموالهم ونزل عكرمة‬ ‫مدينتهم؛ ووجه أيضاً برجالهم إلى أبي بكر وهم ثلانمائة من المقاتلة وأربعمائة من‬ ‫النساء والذرية ”"‘ ‪.‬‬ ‫بعث حذيفة بالأسرى إلى المدينة مكبلين بأغلالهم وقيردهم عبر بوادي بلاد‬ ‫العرب‪ ،‬وكانت لهؤلاء الرجال والنسوة وأطفالهم من أهالي دبا وبقية من انضم‬ ‫معهم من أهل عُمان‪ ،‬تحربة قاسية ومريرة مع الأسر‪ ،‬ورحلة طويلة مضنية‬ ‫ومهينة} قطعوها عبر سباسب صحراء العربؤ يتنقلون فيها بين الأحياء والعشائر‬ ‫العربية‪ .‬وكانت فيها من الدروس والعبر لغيرهم من العرب أكثر مما فهم؛ فقد‬ ‫ألقت بالخوف في قلوب القبائل العربية الواهنة اليي كانت تراودها فكرة الامتناع‬ ‫عن دفع الصدقة أو حيت شق عصا الطاعة على الدولة الإسلامية الجديدة‪.‬‬ ‫أقر الخليفة أبو بكر(رضي) تصرفات عامله حذيفة الغلفان مع أهل عُمان‬ ‫ر م ينكر عليه اللجوء إلى منتهى الشدة والقسوة والقتل والسبي؛ و ل يجد نفعا‬ ‫توسط وجهاء عمان كأمثال سبيعة بن غزال الصيلمى والمعلا بن سعد الحمامي‬ ‫(‪ )١‬السامي‪ :‬تحفة الأعيان‪٠٥. ‎‬ص‪١‬ج‬ ‫(؟) ابن اعثم‪ :‬الفتوح‪ ‎‬ج‪١‬ص‪٦١١‬۔‬ ‫( ‪)( ٧٢٣‬‬ ‫‏‪!٠‬‬ ‫۔‬ ‫‏‪7 ١‬‬ ‫الذين لحقوا مع وفد من أص‪٫‬صسا؛‬ ‫بن كلثوم الحديدي‬ ‫والحارث‬ ‫الأسرى" فرفدوا إلى أبي بكر(رضي) فقالوا يا خليفة رسول الله‪ :‬إنا على إسلامنا‬ ‫وقد‬ ‫ل ننقل عنه؛ و م نمنع زكاة و ل نزع يدا من طاعة؛ و م نرجع عن دين؛‬ ‫عجل علينا صاحبك وكففنا يدنا إلى أن أتيناك (" ‪.‬‬ ‫ولما هم أبوبكر(ررضي) بقتل المقاتلة من أهل عمان وقسمة نسائهم والذرية‬ ‫قال له عمر بن الخطاب (رضي)‪ :‬يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن‬ ‫القوم على دين الإسلام وذلك أني أراهم يحلفون بالله محتهدين‪ :‬ما كنا رجعنا عن‬ ‫دين الإسلام! ولكن شحَوا على أموالهم‪ ،‬وقد كان منهم ما كان ولا تعجل‬ ‫‏‪. (٥‬‬ ‫عليهم واحبسهم عندك إل أن ترى فيهم رأيك‬ ‫لم يشأ الخليفة أبو بكر ( رضي ) أن يتراجع عن قرار حروب ردة وتمرد‬ ‫العرب‪ ،‬و لم يرد أن يكون ضعيفاً أمام هذه الأحداث الين كادت أن تعصف‬ ‫بالجزيرة العربية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعيدها إلى عصور‬ ‫جاهليتها الأولى‪.‬‬ ‫النبوة‪،‬‬ ‫ادعي‬ ‫ظن كفار العرب بالمسلمين الوهن وظهر من العرب من‬ ‫وقالوا(( ني من الحليفين ‪-‬‬ ‫واستغلظ أمر مسيلمة وطليحة على عوام طيء وأسد‬ ‫أسد وغطفان ‪ -‬أحب إلينا من ني قريش))‪ .‬وبدأت كل قبيلة عامة أو خاصة‬ ‫واليمن تعلن الردة‪.‬‬ ‫وحضرموت‬ ‫من قبائل وسط الجزيرة ‪.7‬‬ ‫(‪ )١‬السالي‪ :‬تحفة الأعيان‪ ‎‬ج‪‎ ١‬ص‪.٤٩‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن أعثم‪ :‬الفتوح‪ ‎‬ج‪١‬ص‪.٦١‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن الأثير‪ :‬الكامل في التاريخ‪ ‎‬ج‪٢‬ص‪.٢٠٥‬‬ ‫( ‪(٧٤‬‬ ‫تنوعت مظاهر ردة القبائل العربية الحديثة عن الإسلام فمن العرب من أقام‬ ‫الصلاة ومنع الزكاة‪ ،‬وقد تكلم الصحابة مع الصديق في أن يتركهم وما هم عليه‬ ‫من منع الزكاة ويتألفهم ح يتمكن اليمان في قلوبهم ثم هم بعد ذلك يزكون‪،‬‬ ‫وروي أن عمر بن الخطاب قال لأبي بكر‪ :‬علام تقاتل الناس؟ وقد قال رسول‬ ‫لة ه أمرت أن أقاتل الناس حت يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول‬ ‫ل! فإذا قالوها عصموا مي دماءهم وأموالهم إلا بحقها؟ فقال أبوبكر (رضي)‬ ‫الل لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأ قاتلنهم‬ ‫على منعها‪ .‬إن الزكاة حق المال‪ ،‬والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة _" ‪.‬‬ ‫ركان (عقال الصدقة على أهل الصدقة)‪.‬‬ ‫‪ .‬استمدت قيادات الخيوش الي بعثها الخليفة أبوبكر(ررضي) لقمع الردة قوتا‬ ‫وعزمها وحزمهما من موقف الخليفة الذي أصر على قمع المرتدين من أتباع‬ ‫مدعي النبوة ومانعي دفع الزكاة‪ ،‬والعودة بهم إلى حظيرة الإسلام‪ .‬وأطلق قادنه‬ ‫عماله أيديهم في قتل المرتدين وسبي رجالهم ونسائهم وذراريهم واعتبار أموالهم‬ ‫وأسراقهم غنيمة لخيش المسلمين يشتركون فيها بعد أخذ الخمس لبيت المال في‬ ‫اللدينة؛ وأن تقبل الفدية عن الأسرى والسبايا منهم كما صرح بذلك الخليفة‬ ‫أبوبكر (رضي) للوفد العماني وقال لهم‪ :‬أصنع بكم ما صنعت بالعرب؛ إن شئتم‬ ‫خليت المال وأخذت السبي‪ .‬ففادوا السبي فقالوا‪ :‬على كل يسير أربعمائة‬ ‫وخمسون درهما ‏‪. 0١‬‬ ‫هذا التعامل مع الأسرى المممانيين؛ لم يقرَه الخليفة الثاني أمير المؤمنين عمر بن‬ ‫الخطاب (رضي)‪ ،‬فبعد موت الخليفة أبي بكر (رضي) ولي المسلمين عمر بن‬ ‫الخطاب (رضي) وقال‪ :‬إنه قبيح بالعرب أن يملك بعضهم بعضاء وقد وسع الل‬ ‫ج‪٦‬ص ‪.٣١١‬‬ ‫(‪ )١‬ابن كثير‪ :‬البداية والنهاية‪‎‬‬ ‫ج‪١‬اص‪.٤٩‬‬ ‫(‪ )٢‬السالي‪ :‬تحفة الأعيان‪‎‬‬ ‫( ‪(٧٥‬‬ ‫عز وجل وفتح الأعاجم واستشار في فداء سبايا العرب في الجاهلية والإسلام‬ ‫وجعل فداء لكل إنسان ستة أبعرة أوسبعة (" ‪.‬‬ ‫قدم وفد عمان مرة أخرى إلى المدينة فكلم أمير المؤمنين عمز بن الخطاب‬ ‫(رضي) في سبي أهل دباإ وقال المعلا بن سعد الخمامي‪ :‬يا أمير المؤمنين إن حذيفة‬ ‫بن المحصن تعدى طوره وعظم في الناس حدثه؛ ولولا مراقبة أمير المؤمنين لكان‬ ‫شكامة متاناً جزاء له عن غيره واعظاً لغيره ولكن حملنا على مخافة نكله‬ ‫فنرادف العثرة وسكنت الحرة و لم نكد‪ .‬فقال عمر‪ :‬يامعلا إن في الحق سعة‬ ‫وكف عربك أولى بكؤ إن الإسلام سوى بين الناس فرفع الوضيع ورفع‬ ‫الشريف‪ ،‬وأعطى كل امرئ قسطه من خيره وشره! ثم أمر عمر برد السبي؛‬ ‫وتكللت بجهودات سبيعة بن غزال والمعلا بن سعد بالنجاح وفكوا أسر قومهما‬ ‫بعد مفاوضات شاقة أكثرا فيها الحل والترحال بين عمان والمدينةى وفي هذا قال‬ ‫في مدحهما الشاعر يزيد بن حسان الإيادي «" ‪:‬‬ ‫والعلاإذ يبنيان الففالا‬ ‫في زمان سبيعة بن غزال‬ ‫لكثر الحل فيه والترحالا‬ ‫حبن رذا سباء أهل عمان‬ ‫وتنفي المأثورات العمانية بشدة قممة الردة عن أهل غُمان‪ ،‬وساقت مسوغات‬ ‫لقصة الردة على أنما ((صفة من صفات الشح في آل الحارث بن مالك بن فهم‬ ‫وهم المعروفون في أهل عمان بالشحوح الآن؛ إذ علقوا عليهم صفة الشح‬ ‫بالصدقة} فقيل لهم الشحوح وشاع فيهم‪ .‬وإن الخليفة عمر بن الخطاب (رضي)‬ ‫قد غضب على العامل الذي قبض على أهل دبا متأولا فيهم الارتداد وقد غضب‬ ‫(‪ )١‬ابن الأثير‪ :‬الكامل في التاريخ‪ ‎‬ج‪٦‬؟ص‪.٢٣٧‬‬ ‫(‪ )٢‬السالي‪ :‬تحفة الأعيان‪ ‎‬ج‪١‬ص‪.٤٩‬‬ ‫(‪(٧٦‬‬ ‫وغنيمة أموالهم‬ ‫والله إني لو أعلمك تسبيهم!‬ ‫قال له‪:‬‬ ‫حيث‬ ‫ير ‪7‬‬ ‫م‬ ‫عليه غضباً‬ ‫لفَعتك طوائف ثم بعثت إلى كل مصر منك بطائفة )) «" ‪.‬‬ ‫أهل دبا‬ ‫بن المحصن تحماه سي‬ ‫حذيفة‬ ‫عامل الخليفة‬ ‫تصرف‬ ‫عمان‬ ‫فرعلماء‬ ‫بأنه سو ف التأويل وأنه أعتمد على شبهة ظنها حقا فأخطأ فيما فعل‪ ،‬والدين‬ ‫لا ينبت بالاحتمال وقال السالمي في جوهره ‪:‬‬ ‫والكر الفاروق ذاك المذهبا‬ ‫تأؤل الابي لهم يوم دبا‬ ‫بدعاوى الجاهلية! فإنه لا يكفي‬ ‫أي أنكر عليه تأويله ارتدادهم حنا تدعوا‬ ‫للحكم عليهم بالارتداد بذلك ‏‪...!! “{٫‬‬ ‫ييدو أن قبيلة آل الحارث بن مالك بن فهم الأزدية قد رأت في تسليمها‬ ‫الصدقة ضربا من ضروب الإهانة لها وشعورا يخلطه المرارة بفقد عزها وبجدها‬ ‫القبلي التليد وهي الي كانت ف ماضيها البعيد والقريب تعتاد أخذ العشر‬ ‫والعطايا من قبائل عمان الأخرى ومن قبائل العرب الوافدة إلى أسواقها انطلاقا‬ ‫أيضا من موروثاتما القبلية في الشورى فإن الأزد لم ترغب أن ترى خليفة لرسول‬ ‫اله صلى الله عليه وسلم يختار من قريش فقط؛ دون العمل بالرأي والمشورة في‬ ‫اتخاذ مثل هذا القرار المهم عبر وجهاء وزعماء القبائل التقليديين" وهم في هذا‬ ‫ترافقون تمام التوافق مع رأي قبيلة كندة الي أعلنت العصيان والتمرد على الخليفة‬ ‫بإعلامم رفض دفع الزكاة‪ ،‬وتسويغهم لهذا التصرف بعد هزيمتهم أنه شح بالمال‬ ‫لا ردة عانلإسلام‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬المدر نفسه‪.‬‬ ‫‪٦١‬و‪٦٢‬و‪١٦٦‬و‪.١٦١٧‬‏‬ ‫(؟) الليابي» سالم بن حمود‪ :‬عمان عبر التاريخ ج‪١‬ص‏‬ ‫( ‪(٧٧‬‬ ‫وسياق قصة ردة عمان كما أرادت لها المأثورات العمانية لا تختلف كثيرا عن‬ ‫قصة ردة كندة في حضرموت\ فأحداث قصة ردعةمان حسبما جاءت في‬ ‫المأنورات المانية كانت على النحو الآني‪:‬‬ ‫امرأة من آل الحارث بن مالك هشاة‬ ‫حذيفة (عامل الخليفة ) ه‬ ‫نادت يا آل مالك اقام‬ ‫اختيار البديل رفض العامل ه‬ ‫ه‬ ‫الصدقة‬ ‫التعليل ( شح بالمال لا ردة عن‬ ‫حرب وقتل وسي ه‬ ‫بالردة ه‬ ‫الإسلام )‪.‬‬ ‫أما أحداث قصة ردة كندة فقد جاءت ف المصادر الإسلامية على السياق‬ ‫نفسه وهي على النحو ‏‪ ١‬لآن ‪:‬‬ ‫ه ناقة‬ ‫هغلام من كندة‬ ‫فلة)‬ ‫يام‬ ‫ل (ع‬ ‫لنخلبيد‬ ‫اد ب‬ ‫زيا‬ ‫هم ننادوا‬ ‫رفض العامل‬ ‫‪4‬‬ ‫اختيار البديل‬ ‫ه‬ ‫الصدقة‬ ‫__ےالتعليل‬ ‫اتمام بالردة __پهحرب وقتل وسي‬ ‫يالكندة ه‬ ‫(‪.‬‬ ‫الإسلام‬ ‫عن‬ ‫لا ردة‬ ‫شح بالمال‬ ‫وكذلك في حصر السبايا وضرب أعناقهم ثم العفو عنهم وكلام عمر بن‬ ‫الخطاب (رضي) مع أبي بكر في كلتا الحالتين‪.‬‬ ‫ويجب الوقوف بحذر أمام رواية السالمي الي نقلها في تحفته لأن فيها من‬ ‫اللبس والخلط حول تسجيل وقائع الأحداث و الأسباب‪ ،‬فبدت ردة أهل عُمان‬ ‫وأسباب ردة كندة وحضرموت‪.‬‬ ‫مطابقة تماما لأحداث‬ ‫(‪(٧٨‬‬ ‫عرفت الأمم في حضاراتما القديمة جباية الضرائب الضرورية بأشكالها ونظمها‬ ‫اللعددة من الخراج أوالمكس ‪ ،‬أوالعشر‪ ،‬وهذه الوظائف يرى ابن خلدون أنما في‬ ‫تنظبمها عبر ديوان الأعمال والحبايات ضرورية للملك لأمما تحفظ حقوق الدولة‬ ‫ي الدخل والخرج وإحصاء العسكر بأسمائهم وتقدير أرزاقهم وصرف أعطياتمم‬ ‫ف إباناتما ( ‪.‬‬ ‫والخراج اصطلاحا هو غلة الأرض وئمارها‪ ،‬والملكس هو جباية الدراهم‬ ‫تؤخذ من بائع السلع في الأسواق الجخاهلية‪ ،‬والماكس هو العشار‪ ،‬والعشر جزء‬ ‫من عشرة‪ ،‬وهو ما كان من الأموال للتجارة والصدقات وعشرهم أخذ عشر‬ ‫أمرالهم ومنه العاشر ‪.‬‬ ‫جاءت التوراة بوصايا أمر الرب بما موسى لبني إسرائيل وفي الكتاب المقدس‬ ‫العهد القدم اللاويين (( الفصل ‏‪ ))٢٧‬تناولت الوصايا النذور والشر في الشريعة‬ ‫اليهردية‪ .‬وكان البي سليمان بن داود قد جعل على ما وهب الله له من سعة‬ ‫الك ((اده نيرام بن عبدا)) على الخراج‪ ،‬وكانت مملكة النجاشي في الحبشة‬ ‫عظيمة الشأن وبما من الملوك العظام تحت يد ملكه يعطونه الطاعة ويؤدون إليه‬ ‫الخراج‪ .‬وكان الملوك المناذرة في أطراف الخيرة يؤدون لكسرى فارس الطاعة‬ ‫ونحملون إليه الخراج‪.‬‬ ‫عرفت ممالك جنوب الخزيرة العربية القديمة المكس وجاء ذكرها في النقوش‬ ‫اليمنية القديمة وكانت مملكة قتبان تفرض على التجار المكس أما مملكة سبأ‬ ‫فكانت تأخذ على القوافل ال تستخدم أراضيها مكساً على كل بعير‪ .‬وقبل‬ ‫الإسلام كانت العرب تدفع العشر في أربعة من أسواقها الموسمية العشرة‪:‬‬ ‫‪ -‬سوق صحار وسوق دبا من أرض عمان؛ كان يعشرهم فيها آل الجلندى‪.‬‬ ‫(‪ )١‬ابن خلدون‪ :‬المقدمة‪١٣٤. ‎‬ص‬ ‫( ‪( ٧٩‬‬ ‫‪ -‬سوق الشحر شحر المهرة؛ كان يعشرهم بما الأبناء قوم من (( الفرس)) ‪.‬‬ ‫‪ -‬سوق صنعاء اليمن يعشرهم الأبناء‪.‬‬ ‫أما سوق عكاظ الذي كانت تترله قريش وسائر العرب وأكثرهم من مضر‪،‬‬ ‫فكان لمفاخراتمم ومهادناتمم (_ ‪.‬‬ ‫فى الرسول صلى ا له عليه وسلم عن دفع العشر للعرب المشركين الذين‬ ‫يأخذونه على الطريق‪ ،‬وجاء في الأثر البري (( إن لقيتم عاشرا فاقتلوه)) أي إن‬ ‫وجدتم من يأخذ العشر على ما كان عليه أهل الجاهلية يأخذه مقيما على‬ ‫دينه فاقتلوه‪ .‬وقال الرسول صلى ا له عليه وسلم‪ (( :‬ليس على المسلمين‬ ‫عشور إنما العشور على اليهود والنصارى)) وفي الحديث (( أحمد الله إذ رفع‬ ‫عنكم العشور)) يعني ما كانت الملوك تأخذه منهم «" ‪.‬‬ ‫حين جاء الإسلام فرضت الزكاة على المسلمين ونبت في الصحيحين‪ :‬بين‬ ‫الإسلام على حمس شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله‪ ،‬وإقام الصلاةء‬ ‫وإتاء الزكاة} وحج البيت وصوم رمضان‪ .‬وهي ركن من أركان الإسلام‬ ‫الخمسة حيث جاء ذكرها مقرونة بالصلاة في عديد من آيات الكتاب العزيز‬ ‫تؤخذ من مال المسلم مقابل حماية الدولة لحياته وماله‪ .‬وتذهب الزكاة إلى فقراء‬ ‫المسلمين وما فاض منها يودع في بيت مال المسلمين لتكون نواة دعامة اقتصاد‬ ‫الدولة الإسلامية‪.‬‬ ‫كتب البي صلى اللة عليه وسلم الصدقةء(( فلم تخر ج إلى عماله حي قبض اله‬ ‫صلى الله عليه وسلمإ فلما قبض أخذها أبوبكرررضي) فعمل بما من بعده‪ ،‬فلما‬ ‫احمد بن إسحق‪ :‬تاريخ اليعقوبي‪ ‎‬ج‪١‬ص‪.٢٢٠‬‬ ‫(‪ )١‬اليعقوبي!‬ ‫المبارك بن محمد‪ :‬النهاية ني غريب الأثر‪ ‎‬ج‪٢‬ص‪.٢٣٩‬‬ ‫(‪ )٢‬الحزري‬ ‫( ‪(٨٠‬‬ ‫نبض أبابكر أخذها عمر (رضي) فعمل بما)) (" وصدقة الحيوانات فيها نسب‬ ‫معررفة ومحددةك ففي الإبل ي كل حمس شاة إلى حمس وعشرين‪ ،‬فإذا بلفت‬ ‫حسا وعشرين ففيها بنت مخاض وهكذا تزيد النسب المعروفة إلى عشرين ومائة‬ ‫فإذا زادت ففيها في كل خمسين حقة‪ ،‬وفي كل أربعين بنت لبون‪ .‬وقيست عليها‬ ‫لبقر‪ ،‬وفي الغنم تبد في كل أربعين شاة ‪ ،‬إلى العشرين ومائة‪ ،‬فإذا زادت ففيها‬ ‫شاتان؛ وهكذا تزيد النسبة حتت إذا بلغت أربعمائة شاة في كل مائة شاة‪ .‬أما‬ ‫زكاة النقدين ففيها ربع العشر وقيست عليها زكاة التجارة‬ ‫كانت تجربة تحصيل أو جباية الزكاة وتنظيم سجلاتما وإيراداتما وتوزيعها!‬ ‫تجربة جديدة على اجتمع العربي قي صدر الإسلام وقد صاحب تحصيل هذه‬ ‫الفريضة الدينية الن شددت على تطبيقها وأدائها الشريعة الإسلامية كثير من‬ ‫الاجتهادات والتأويل‪.‬‬ ‫م يكن العرب في البدء خاصة الأشراف منهم مقتنعين بفكرة دفع زكاة من‬ ‫أمرالهم‪ 3‬و لم يكن العمال الذين تم إرسالهم إلى بلاد العرب المترامية الأطراف‬ ‫مهينين تماما في القيام بتنظيم تحصيل وتوزيع الصدقات‪ ،‬ومن الملاحظ أن بصض‬ ‫عمال الصدقة كانوا متأئرين بأسلوب الشريعة اليهودية في تحصيل النشر ‪ ،‬ف‬ ‫حبن أن الرسول صلى الله عليه وسلم نمى عن التشبه باليهود والنصارى ودعا‬ ‫السلمين إلى مخالفتهم؛ فإن العمال الذين أرسلوا على الزكاة قلدوا اليهود في شيء‬ ‫من قانون شريعتهم فيما يعرف بتحصيلهم للشر و لم خالفوا اليهود إلا في‬ ‫طريقتهم في وضع الوسم على البهيمة العاشرة‪ ،‬فالمسلمون كانوا يوسموما مميسم‬ ‫الصدقة والميسم اسم المكواة أو الآلة وهي من حديد يوسَم بما‪ ،‬واسم الأثر الذي‬ ‫تخلفه على حسم البهيمة الوسم‪ .‬أما اليهود فإنهم كانوأ يلونون بمائم الصدقة‬ ‫(‪ )١‬الدرامي‪ ،‬عبداللة بن عبدالرحمن ‪ :‬سنن الدرامي‪٥٦٤. ‎‬ص‪١‬ج‬ ‫(‪(٨١‬‬ ‫بعصاة مطلية بطلاء أحمر‪ .‬و الشريعة اليهودية ترفض إبدال البهيمة الن جاءت‬ ‫ت العصا ويعدون العاشرة بأنما أعطيت كعشر للرب‘ فإن عمال الصدقة منهم‬ ‫حدينة بن المحصن الغلفاني في عمان وزياد بن لبيد في حضرموت قد رفضا أيضا‬ ‫إبدال البهيمة الي جاء عليها العشر‪ ،‬وعدها صدقة إجبارية لا تتغير اوتتبدل‬ ‫بغيرها وكان لهذا لتصرف التشدد عواقب وخيمة على أهل عمان وحضرموت‪.‬‬ ‫والمُشر في الأساس هو قانون الجبايات في الشريعة اليهودية‪ .‬وكانت اليهود‬ ‫تجمع البهائم ويعدها الراعي فإذا مرت البهيمة العاشرة (( العُشر)) تحت عصا‬ ‫الراعي تكون نذرا للرب و تلون بطلاء أحمر وجاء في التوراة العهد القديم ‪-‬‬ ‫اللاويين الفصل(‪ ٢‬‏‪:٦٢‬‬ ‫‪ -‬إن كان النذر من البهائم ما يقرب للرب قربانا فإنه بميمة تعطى للرب‬ ‫تكون مقدسة له‪.‬‬ ‫‏‪ -٠‬لا ييدلها ولا يغيرها لا جيداً برديء ولا رديفا بحميد‪ 3‬فإن أبدلها ببهيمة‬ ‫تكون هي والبديل مقدستين للرب‪.‬‬ ‫غُشر محاصيل الأرض كلها من الحب ومن ثمر الشجر يكون للرب‪.‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫‏‪ -٢‬وأما البقر والغنم فالعاشر من كل ما تمر من تحت عصا الراعي يكون‬ ‫للرب‪.‬‬ ‫جيدا كان أم رديساء لا يفحص ولا يبدل‪ ،‬فإن أبدل يكون هو وبديله‬ ‫‏‪٢٣‬‬ ‫مقدسا للرب لا يفك (“ ‪.‬‬ ‫إن الامتناع أر رنض دفع الركاة يع في الشريعة الإسلامية إسقاطاً لركن من‬ ‫الصلاة‬ ‫أركان الإسلام ويعد ردة ة ورخروجاً عن الإسلام! شأنه شأن إسقاط‬ ‫ء‬ ‫(‪ )١‬الكتاب المقدس اللارين‪.٦٢٧ ‎‬‬ ‫( ‪(٨٦‬‬ ‫الإسلام قام على أركان حمسة مترابطة فأي ركن يرفض منها تسقط بقية‬ ‫الأركان‪.‬‬ ‫وحول أسباب الردة في عمان وحضرموت وتصرف عمال الخليفة وتعاملهم‬ ‫مع أهل حضرموت وعغُمان‪ ،‬أجد نفسي أميل مع رأي علامة حضرموت ابن‬ ‫عبيدال فيما وقع عنده من إشكال أعظم من الجبل في إصرار زياد بن لبيد‬ ‫(غضرمورت) على أخذ ناقة الفوت الكندي ( شذرة ) وقد قالوا إنما ضنينة‪ ،‬بل قد‬ ‫مرح أبرجعفر‪ -‬الطبري‪ -‬بأن لا صدقة على صاحبها وكيف يتفق هذا مع ما‬ ‫جاء في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه لليمنء‬ ‫إياك وكرائم أموالهم‪ ،‬واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب\ والحال‬ ‫لا اجتهاد مع النص الذي يبعد أن يخفي وذلك أن امتناع القوم عما لا يلزمهم‬ ‫رتيامهم بالدفاع عن أنفسهم إزاء من شاء أن يأخذ منهم أكثر من الواجب\ لا‬ ‫ييرر شيئا من أعمال زياد‪ .‬فإما أن يكون الرواة وأصحاب السير مقصرين في بيان‬ ‫السبب الذي سو غ لزياد أخذها وإراقة دماء بني معاوية وبني الحارث من أجلها‪،‬‬ ‫وإما أن يكون زياد سيء السيرة فتكون تبعة ذلك كله عليه‪ .‬ولو لا تصديهم‬ ‫لبيان السبب مع اقتصارهم على ما ذكرنا لقلنا بما قاله الإمام الشافعي من أن‬ ‫وقائع الأحوال يتطرق إليها الاحتمال‪ ،‬فلا يصح بما الاستدلال «" ‪.‬‬ ‫وكذا وقع في نفسي شيء من هذا الإشكال في إصرار حذيفة الغلفاني على‬ ‫أخذ (شاة) للصدقة ضنينة على صاحبتها‪ ،‬وقد صرحت أما استوفت جميع حقها‪،‬‬ ‫وإصرار حذيفة على أنه بقي عليها بقية‪ .‬وسالت دماء الأزد من أجلها‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬السقاف‪ 6‬عبدالرحمن بن عبيدالله‪ :‬بضائع التابوت في نتف من تاريخ حضرموت ج‪١‬ص!‪\١٨٤‬‏ مخوط‪.‬‬ ‫( ‪( ٨٣‬‬ ‫في الواقع لا يوجد أي قرل يجزم بأن قضية دبا في عُمان من ناحية الطابع‬ ‫الدين كانت ردة بمفهوم الردة من الوجهة الشرعية} ذلك إذا أخذنا برواية ابن‬ ‫أعنم بأن القصة هي دعوة إلى نصرة للعصبية واستجابة من أزد عمان لاستغائة‬ ‫وابن‬ ‫إليه الطبري‬ ‫تؤكد ما ذحب‬ ‫‪ 8‬ولا توجد معلومات‬ ‫كندة‬ ‫عمومتهم من‬ ‫أبناء‬ ‫الأثير تفيد بأن العمانيين استجابوا لدعوة نبوة لقيط بن مالك الأزدي‪ ،‬بل لا‬ ‫توجد معلومات ‪.‬تؤكد ادعاء لقيط بن مالك بالنبوة وإن العملية كما يبدو كانت‬ ‫دعوة إلى عصبية‪.‬‬ ‫يبدو أن الأمور اتخذت مسارات متشعبة يحركها صراع داخلي على النفوذ‬ ‫بين ابي الجلندى من جهة وبين لقيط بن مالك الأزدي الملقب بذي التاج من‬ ‫جهة أخرى" استطاع ابنا الجلندى بمؤازرة واستشارة ارطبون العرب وداهيتها‬ ‫عمرو العاص ان يجيّرا هذا الصراع لصالحهما‪ ،‬بعد أن أزما الموقف نحو الانفجار‬ ‫ورفعا تقريرهما في رسالتهما للخليفة أبي بكر (رضي) وصورا له الموقف على‬ ‫أنه ردة وفتنة كبيرة ‪.‬‬ ‫وجاء الحسم لصالحهما بعد ضرب منافسيهم ضربة قاضية} وكان ذلك على‬ ‫حساب دماء العمانيين ومعاناقمم في الأسر‪.‬‬ ‫وإذا ثبت أن المانيين رفضوا دفع الزكاة حقا؛ فإسقاط ركن من أركان‬ ‫الإسلام يعد خروجا عن الإسلام وردة أيضا‪ ،‬مثل إسقاط الصلاة وغيره من‬ ‫أركان الإسلام‪.‬‬ ‫م يتغير الوضع الجيوسياسي في عمان تغيراً جذريا بعد أن مي المُشمانيون في‬ ‫دبا بخسائر جسيمة بلغت بضعة آلاف من القتلى وألوفا من الذين تسشردوا في‬ ‫الجبال‪ ،‬وبحموعة كبيرة من الأسرى ذاقوا مرارة السبي والهزيمة‪.‬‬ ‫( ‪(٨٤‬‬ ‫لقد تركت نتائج تلك المعاملة الق وصفت بالشدة والقسوة في نفوس أبناء‬ ‫نيلة الأزد وعبدالقيس في عُمان؛ و قبيلة كندة في حضرموت؛ تركت أثرا سلبياً‬ ‫بنيت آثاره غائرة في نفوس وقلوب أبناء تلك القبائل العربية التي تستند على‬ ‫نراكمات من المفاهيم القبلية تصور الهزيمة بأئما عار مدى الدهر‪ ،‬وأن نار الثأر‬ ‫ابد أن تبقى جذوقما تحت الرماد تنتظر يوماً يتهيأ فيه الانتقام بصورة أو أخرى‪.‬‬ ‫وهذا ما عكس نفسه في ما بعد وعبر تلك المواقف اللاحقة الوي شهدتما المدينة‬ ‫والبصرة بعد الحخوداث الوي أعقبت مقتل الخليفة عثمان (رضي )‪ 6‬وبروز شعور‬ ‫القمة والثار والانتقام من قريش‪ ،‬وكان موقف معظم أبناء قبائل الأزد‬ ‫وعبدالقيس وكندة مؤيدة للفرق الخارجة أو الرافضة في حصر الخلافة في قريش‪.‬‬ ‫وهذا الشعور بالنقمة تراكم وزادت حدته في العهد الأموي‪ ،‬وهذا ما عبر عنه‬ ‫أحد المقاتلين الأزديين الذي كان ضمن جند القائد الإباضي أبي حمزة المختار‬ ‫حين دخلوا المدينة وأنخنوا القتل في قريش سنة ‪١٦٨‬ه‪.‬‏ قال الأزدي لابنه‬ ‫متشفياً (( الحمد الله الذي أقر عيني بمقتل قريش فقال له ابنه‪ :‬الحمد الله الذي‬ ‫أذهم بأيدينا‪ ...‬فما كانت قريش تظن أن من نزل على عمان من الأزد‬ ‫عري )) (" ‪.‬‬ ‫بعد القضاء على الردة اليي اضطربت لما بلاد العرب‘ استقرت دولة الإسلام‬ ‫رترسخت قواعد الخلافة الإسلامية وهيمنت على كل جزيرة العرب» في هذه‬ ‫الاثناء ظل آل الجخلندى محتفظين بسلطامم ونفوذهم في غمان‪ ،‬وأمضى خلفاء‬ ‫الرسول ذلك العهد والاتفاق الذي أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي‬ ‫‪.٢٤١‬‬ ‫(‪ )١‬الأصفهان‪ :‬الأغاني ج‪ ٢٢٣‬ص‪‎‬‬ ‫( ‪(٨٥‬‬ ‫الجلندى في كتابه الذي حمله إليهم عمرو بن العاص و لم يقصهم الخلفاء أو‬ ‫ينقصوا من سلطافم أو يتدخلوا في شؤون عمان كثيرآ‪.‬‬ ‫وني زمن الخليفة عثمان بن عفان (رضي) ربطت غمان بالبصرة‪ ،‬وكانت‬ ‫البصرة القاعدة الرئيسة لانطلاق جيوش المسلمين لفتح فارس والأقاليم الأخرى‬ ‫فيما وراء النهر‪ ،‬وهذا الارتباط لم يفقد آل الجلندى مركزهم ونفوذهم} فقد ظلوا‬ ‫محتفظين مراكزهم يمارسون سلطاتمم الواسعة في غُمان ضمن التوجه العام للدولة‬ ‫الإسلامية دون أن تتعارض مصالحهم مع مصلحة المسلمين‪.‬‬ ‫نشأ من ارتباط عمان بالبصرة أن ظهرت الهجرة المانية إلى البصرة‬ ‫الصلة من‬ ‫وكانت هذه‬ ‫وعمان‬ ‫المهاجرين المانيين بين البصرة‬ ‫وتعززت صلات‬ ‫جملة عوامل الق ساعدت في تنامي هجرة أزد عُمان إلى البصرة‪.‬‬ ‫تمنع آل الجلندى باستقلالية كبيرة في عُمان في بداية العصر الأموي" فكانوا‬ ‫يسيرون شؤوفم كما يريدون دون الرجوع إلى الخلافة بدمشق‪ .‬و لم يقوموا‬ ‫بأعمال تظهر معارضتهم للخلافة الأموية أو انشقاقهم عنها‪.‬‬ ‫وحين اضطربت أحوال دولة بني أمية بعد وفاة يزيد سنة ‏‪ ٤4‬‏‘ه‪ ٦‬ظهرت قوة‬ ‫الخوارج في شرقي الزيرة العربية‪ ،‬وسيطر نجدة بن عامر الحنفي الخارجي على‬ ‫البحرين‪ ،‬فبعث إلى عمان جيشاً بقيادة عطية بن الأسود الحنفي‪ ،‬وكان يحكم‬ ‫عمان آنذاك عباد بن عبدالله الجلندى ويعاونه ابناه سعيد وسليمان‪ ،‬وهما يعشران‬ ‫السفن ويجوبان البلاد فهاجمهما عطية الخارجي وقتل عبادا واستولى على غُمان‪،‬‬ ‫وبذلك أصبحت جزا من دولة الخوارج الذين كانوا من أعنف خصوم الأمويين‪.‬‬ ‫(‪(٨٦‬‬ ‫غير أن أهل عمان‪ -‬لم يؤيدوا حكم الخوارج‪ ،‬وظلوا على ولائهم لحكامهم من‬ ‫آر الندى‪ ،‬فلما عاد عطية إلى البحرين بعد أن أمضى بضعة اشهر في عمان‪،‬‬ ‫ارسعيد وسليمان مساندة أهل عُمان على أبي يرسف نائب عطية في عُمان؛‬ ‫نننل فأسرع عطية بالعودة إلى عُمان بعد أن اختلف مع نجدة} غير أن المانيين‬ ‫نارمره و لم يمكنوه من دخولها‪.‬‬ ‫بعد أن تمكن الأمويون في عهد الخليفة عبدالملك بن مروان من القضاء‬ ‫على معارضيهم الرئيسيين اتجهوا إلى استعادة سيطرقيم على الأقاليم الإسلامية‬ ‫بيدة عن مركز الخلافة‪ ،‬وكانت عمان ضمن دائرة اهتمامهم لسببين رئيسين‬ ‫هما‪:‬‬ ‫أ‪ -‬سياسيا‪ :‬القضاء على معاقل الخوارج الذين يفضلون طبيعة عُمان الجبلية‬ ‫راتدادها عبر صحارى جرداء شاسعة أملها لأن تكون ملجأ ومعقلا حصينا‬ ‫فم تساعدهم على الانسحاب التكتيكي في حالة الخطر أو الهجوم! بحيث لا‬ ‫تفرم لهم قائمة قي هذا الصقع البعيد عن مركز الخلافة‪.‬‬ ‫ب‪ -‬اقتصاديا‪ :‬موقع عمان على الخليج العربي وتحكمه على الطريق‬ ‫لنجاري البحري مع أفريقيا والهند وبلاد الشرق الأقصى وتأثيره على سلامة‬ ‫اللاحة في الخليج العربي‪ ،‬وسيطرة الأمويين على عمان تعي لهم حرمان النوار‬ ‫رناهحضي الحكم الأموي من معقل طبيعي محصن وقطع خطوط الإمدادات‬ ‫البحرية عنهم‪.‬‬ ‫الثقفي عامل العراق لعبدالملك بن مروان‬ ‫لذلك وجه الحجاج بن يوسف‬ ‫لاسم بن شعر المزني « على رأس جيش كبير عن طريق البحر‪ ،‬فالتقى بم‬ ‫الأزد فتصدوا له فكانت بينهم‬ ‫ومعه‬ ‫الجلندى‬ ‫عبد‬ ‫بن‬ ‫سليمان وسعيد أبناء عباد‬ ‫(‪ )١‬الالي! عبدالة بن حميد‪ :‬تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان‪٢٥. ‎‬ص‪١‬ج‬ ‫( ‪(٨٧‬‬ ‫إقائع أسفرت نتيجتها عن انتصار أهل عمان وقتل القاسم وصلبه وتشتت جيشه؛‬ ‫غير أن وقع خبر الهزيمة على الحجاج زاده إصرارا وتصميماً على فرض سيطرته‬ ‫على عمان فأرسل أخا القاسم باعة بن سعر على رأس قوة كبيرة تقدر بأربعين‬ ‫ألفا كلهم مانلعرب العدنانية توجهت هذه القوة إلى عمان عن طريق البر‬ ‫عمان!‬ ‫والبحر‪ ،‬وقد استطاع بحاعة أن ينتصر على آل الجلندى ويسيطر على‬ ‫فانسحب القائدان الأزديان إلى الجبل الأخضر غم توجَها بأولادما وأهلهما إلى‬ ‫أفريقيا وكوّنا حكومة عمانية وانتشر الإسلام في تلك النواحي‬ ‫أسهم الممانيون إسهاما كبيرا قي نشر الإسلام في شرق أفريقيا‪ .‬وهناك لعبوا‬ ‫دورأ مهماً في الحياة السياسية والاقتصادية} وتولوا الحكم وإدارة شؤون تلك‬ ‫المناطق واستمر هذا الدور حيى منتصف القرن الثالث عشر المجري‪.‬‬ ‫ح۔دورالمهالبة الأزديين في الدولة الأموية‪:‬‬ ‫قال ابن خلدون ‪ :‬إن التاريخ إنما هو ذكر الأخبار الخاصة بعصر أو جيل‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬والذهول عن تحري الأغراض من التاريخ؛ اللهم إلا ذكر الوزراء الذين‬ ‫عظمت آثارهم وعفت على الملوك أخبارهم؛ كالحجاج وبي المهلب والبرامكة‬ ‫وبني سهل وأمثالهم؛ فغير نكير الألماع بآبائهم والإشارة إلى أحوالهم لانتظامهم في‬ ‫عداد الملوك ( ‪,‬‬ ‫لقد قطن عمان من الأزد إضافة إلى آل الجلندى بنو المازن‪ ،‬ومن بيي مازن‬ ‫يأت نسب المهلب بن أبي صفرة واسم أبي صفرة ظالم بن سراق وقيل غالب بن‬ ‫(‪ )١‬الخروصي! سليمان بن خلف‪ :‬ملامح مانلتاريخ العماني‪ ‎‬ص‪.١٠١‬‬ ‫‪.٠٥٢‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن خلدون‪ :‬المقدمة ص‪‎‬‬ ‫( ‪(٨٨‬‬ ‫إسراف بن صبح بن كندة بن عمرو بن عدي بن وائل بن الحارث بن العتيك بن‬ ‫لأ ن عمران وينتهي إلى مازن زاد الركب الأزد «" ‪.‬‬ ‫‪ ::‬كر صاحب الأغاني أن ابن الهيثم بن عدي وأبو عبيدة وابن مزروع وابن‬ ‫لكني وسائر من جمع كتابا في المثالب ذكر أن أصلهم من عجم مانا وفم‬ ‫نرلر الأزد‪ ،‬فلما سار المهلب وشرف وعلا استلحقوه‪ .‬ونقل عن الهيثم بن عدي‬ ‫نه رعد الجلندى في الأزد أزد عمان ومواليهم وأحلافهم فكان فيمن وفد منهم‬ ‫أبوصفرة‪ ،‬وكان يلقب بذلك لأن لحيته كانت مخضوبة بصفرة فقال عمر‬ ‫(رضي) لابن الجلندى أكل من معك عربي؟ قال لا فينا العربي وفينا غير ذلك‘‪،‬‬ ‫نلفت عمر رحمه الله إلى أبي صفرة فقال له أعربي أنت ؟ قال‪ :‬لا أنا ممن منَ الله‬ ‫عليه بالإسلام‪ .‬ويقول صاحب الأغاني وليس هذا من الأقوال المعوّل عليها وزعم‬ ‫أذ هذا من المثالب اليي وضعها زياد بن أبيه فإنه لما أدعى إلى أبي سفيان وعلم أن‬ ‫العرب لا تقر له بذلك مع علمها بنسبه وضع كتاب الثالب فألصق بالعرب كلها‬ ‫كل عيب وعار وحق وباطل غم جاء من بعده وبن على ذلك «_" ‪.‬‬ ‫والأصفهان‪ .‬هو علي بن الحسين الأموي‪ ،‬الأصفهاني الأصل البغدادي‬ ‫اللخأرت‪٣٥٦‬هن)‏ كان من الأدباء والشعراء وكان في حياته منقطعاً إلى الوزير‬ ‫من ولد قبيصةبن المهلب بن أبي صفرة وكان‬ ‫الباسي الحسن بن محمد‬ ‫كثير المدح مختصا به‪ ،‬فمن ذلك قوله فيه من قصيدة يهنئه بمولود له من جارية‬ ‫سة ‏)‪(٣‬‬ ‫رر‬ ‫ببين المهلب منتماه وتيصر‬ ‫متبجج في ذروتي شرف الذرى‬ ‫‪.٨٥‬‬ ‫‪٠‬ص‪‎‬‬ ‫الأغاني ج‪‎‬‬ ‫آبو الفر ج‪:‬‬ ‫)‪ (١‬الأصفهان!‬ ‫‪٨٦‬و‪٨٧‬۔‬ ‫(ا) المدر نفسه ص‪‎‬‬ ‫)"( اللعالي‪.‬عبدالملك ‪ :‬يتيمة الدهر ج! ص‪.٢٦٥‬‏‬ ‫( ‪(٨٩‬‬ ‫حتى إذا اجتمعا اتت بالشتري‬ ‫شمس الضحى قرنت إلى بدرالدجى‬ ‫إن مكانة المهلب في نظر الأصفهاني تسامي مكانة قيصر الروم عزا وشرفا؛‬ ‫وذلك لما للمهلب من مكانة في مأثورات البطولات العربية وما حوته كتب سير‬ ‫قادة الفتوحات الإسلامية} في القرن الأول الهجري‪ ،‬حيث حظي المهلب بن أبي‬ ‫صفرة الأزدي أمير خراسان وصاحب الحروب والفتوح بمكانة مرموقة في تاريخ‬ ‫الفتوحات الإسلامية} وفي تاريخ الدولة الأموية‪.‬‬ ‫قيل كان مولده عام الفتح" ولأبيه صحبة وهو من أزد دبا من أرض غُمان‪،‬‬ ‫وكانت أول مهام المهلب العسكرية توليه قيادة جيش المسلمين الذي غزا ثغر‬ ‫السند سنة أربعة وأربعين للهجرة‪ ،‬فسار إلى قندا ابيل ثم أخذ إلى بنه ولاهورك‪،‬‬ ‫وهما في سفح جبل كابل فلقي أعداءه هناك وأظهر شجاعة ودهمعء في القيادة‬ ‫وتمكن ببراعة من فك الحصار المضروب حول جيش المسلمين في خراسان حينما‬ ‫كان مع الحكم بن عمرو في إحدى غزوات جبال الترك وحاصرهم الترك في‬ ‫الشعاب والطرق فعيي الحكم بن عمرو بالأمر فولي المهلب الحرب وتمكن بدهائه‬ ‫ومكيدته من النجاة وخروج جيش المسلمين سالما من الحصار‪.‬‬ ‫وفي السنة السادسة والخمسون من المجرة غزا سمرقند مع سعيد بن عثمان‪،‬‬ ‫وفي السنة الخامسة والستون تولى صد الخوارج عن البصرة وحارمم وأبادهم‪ ،‬وفي‬ ‫السنة الرابعة والسبعين أمره عبدالملك بن مروان بحرب الأزارقة‪ ،‬وبعد أن فر غ من‬ ‫حريم ولاه الحجاج بن يوسف أمر خراسان في سنة ثمان وسبعين‪.‬‬ ‫وي السنة ثمانين قطع المهلب فمر بلخ ونزل على ‪ -‬كش ونسف ‪ -‬في بلاد‬ ‫خراسان وحاصرهما وحارب أهلهما ثم صالحهما‪ .‬وفي رجب من سنة اثنتين‬ ‫وثمانين توق المغيرة بن المهلب وكان قد استخلفه أبره على عمله في خراسان‪.‬‬ ‫وفي السنة نفسها اشتد المرض بالمهلب فجمع أولاده وقيل قد بلغ عددهم‬ ‫إإلائة ولدا فوصاهم وأحضر سهاماً فحزمت فقال‪ :‬أتكسرونما بجتمعة؟ قالوا لا‬ ‫ال‪ :‬أنتكسرونما متفرقة؟ قالوا نعم قال‪ :‬فكهذا الجماعةش ثم قال أوصيكم بتقوى‬ ‫وصلة الرحم فإنما تنسوع في الرجل وتثري المال وتكثر العدد‪ ،‬وأنماكم القطيعة‬ ‫إفا تعقب النار والقلة والذلة‪ ،‬وعليكم بالطاعة والجماعة وليكن فعالكم أفضل‬ ‫سن مفالكم واتقوا الجواب وزلة اللسان وآثروا الخود على البخل وأحيوا العوف‪6‬‬ ‫وأحبوا العرب ثم مات رحمه الله قي مرو الروز من نواحي هراة وقيل في رثائه‪:‬‬ ‫ومات الندى والجوذ بعد المهلب‬ ‫ألا ذهب المعروف والحر والغنى‬ ‫لم أر أميرا‬ ‫‏‪١‬لسبيع‬ ‫أبو إسحق‬ ‫وقال‬ ‫الزبير هو سيد العراق‪،‬‬ ‫قال عنه عبدالله بن‬ ‫اللهلب©‬ ‫من‬ ‫ما نحب‬ ‫ولا أقرب‬ ‫أكن تقية ولا أشجع لقاء ولا أبعد ما يكره‬ ‫‏‪. 0١‬‬ ‫رسميت البصرة ببصرة المهلب‬ ‫الهلب بن أبي صفرة قائ عربي عماني أزدي شجاع كان على دراية واسعة‬ ‫بفنون الحرب‪ ،‬كلف بمهام عسكرية عبر رقعة جغرافية واسعة بالفة التعقيد‬ ‫ولنركيب‪ ،‬إثنياً وجيوسياسياً امتدت بين البصرة إلى ما وراء النهر إلى سمرقد؛‬ ‫شمل أكثر من خمسة أقاليم تميزت شعوبمما بشدة البأس في المقاومة والخروب‪،‬‬ ‫رهذه الأقاليم ضمن ما تسمى في العصر الراهن بالعراق وإيران وباكستان‬ ‫رأنفانستان وجزء من جمهوريات آسيا الوسطى‪ .‬وكانت محل أطماع كل‬ ‫إسراطوريات التاريخ ولازالت كذلك‪ ،‬وظلت عصية في التعامل معها من القادة‬ ‫‏(‪ )١‬ابن الأثير الكامل في التاريخ ج‪٤‬ص‏ ‪١٦‬و‪١٣٢‬و‪١٨٨‬و‪١٩٢‬و‪٢٠٦‬و ‏‪ .٢٠٢‬وتاريخ خليفة ابن الخياط‬ ‫عاس‪٦٠٦‬وص‪٢٢٤‬‏ و‪٢٧٩‬و‪٢٨٨‬و‪.٢٩٥‬‏ والعكري" عبدالحي بن أحمد ‪ :‬شذرات الذهب ص‪٥٤‬‏‬ ‫‪‎‬ر‪!٢!٧‬ر ‪.٨٤‬‬ ‫(‪( ٩١‬‬ ‫العسكريين التاريخين‪ ،‬ولازال كل إقليم على حدة من هذه الأقاليم برغم‬ ‫التطورات التقنية الهائلة والدعم اللوجسي المتطور والكبير من المناطق اليي يصعب‬ ‫التعامل معها عسكريا أو إخضاعها والسيطرة عليها كاملة في العصر الحديث‪.‬‬ ‫برز المهلب بن أبي صفرة كواحد من القادة العسكريين العظماء والفاتحين لهذه‬ ‫الأقاليم والذين استطاعوا أن يحملوا تحت أفياء سيوفهم رسالة الإسلام الخالدة‬ ‫ويساهموا في نشرها وسط تلك الشعوب اليي أصبحت بعد مدة وجيزة تنعم بقيم‬ ‫وتعاليم الإسلام وتدين به‪ ،‬واستطاعت أن تقدم للبشرية معاني حضارية جديدة‬ ‫عرفت فيما بعد بالحضارة الإسلامية‪.‬‬ ‫م يكن دور القائد الأزدي الماي المهلب بن أبي صفرة مقتصرا على قيادة‬ ‫جيوش الفتوحات الإسلامية‪ .‬ولكن كان لدوره التاريخي في قيادة المعارك ضد‬ ‫الخوارج الذين خرجوا عن طاعة الدولة الأموية ومسامته في إضعاف سطوقم‬ ‫وقوتمم دورا عظيما ومشهوداً في تثبيت دعائم سلطة وحكم ب أمية‪.‬‬ ‫أقر الحجاج بن يوسف يزيد بن المهلب على خراسان عملا بوصية أبيه المهلب‬ ‫الذي استخلفه وهو ابن الثلاثين سنة} وكان يزيد ين المهلب كريما شجاعا وكان‬ ‫المهالبة في دولة الأمويين كالبرامكة في دولة العباسيين في الكرم‪ ،‬وكان يزيد بن‬ ‫المهلب كثير الغزو والفتوح « ‪ .‬وفي سنة حمس ونمانين عزل الحجاج يزيد بن‬ ‫المهلب عن خراسان وقيل إن سبب عزله إياه بناء على نبؤة راهب سأله الحجاج‬ ‫إن كان يعلم من يلي بعده؟ فقال له الراهب رجل يقال له يزيدك قال أتعرف‬ ‫صفته؟ قال‪ :‬يغدر غدرة لا أعرف غير هذا‪ .‬فوقع في نفسه أنه يزيد بن المهلب‬ ‫(‪ )١‬العكري؛ عبدالحي بن أحمد‪ :‬شذرات الذهب‪ ‎‬ج‪‎ ١‬ص‪.١٦٤‬‬ ‫(‪(٩٢‬‬ ‫ركتب إلى عبدالملك يذم يزيدا‪ ،‬وآل المهلب ويخبره إنهم زبيرية وخوفه غدره وبما‬ ‫‏(‪. (١‬‬ ‫نال الراهب‬ ‫أذن عبدالملك للحجاج بعزل يزيد‪ ،‬وكان الحجاج قد أذل أهل العراق كلهم‬ ‫أ آل المهلب ومن معهم بخراسان‪ ،‬وكان في نفسه شيء من تنامي نفوذ آل‬ ‫لب والأزديين بالبصرة وخراسان‪ ،‬وتفردهم بالنجاح السكري والقيادي‬ ‫والبطولات‬ ‫والكرم‬ ‫الشرف‬ ‫الذائع من‬ ‫الصيت‬ ‫واستنثنارهم بحسن‬ ‫لذي حققوه‪6‬‬ ‫والشجاعة الن كانت محل إعجاب القبائل العربية في العراق وغير العراقف‪ ،‬وقد‬ ‫جت ألسنة شعراء العربية بشجاعة وكرم آل المهلب‪ ،‬ومما قيل في كرمهم‪:‬‬ ‫من الأوطان في زمن مصل‬ ‫} انزلت على آل المهلب شاتي غريبا‬ ‫واإلطافهم حتى حسبتهم أهلي‬ ‫فما زال بي إكرامهم واقتفازهم‬ ‫رقد بالفت المأثورات العربية قي وصف كرم يزيد بن المهلب‪ ،‬ونظم الشعراء‬ ‫النصائد نى مدحه طمعاً تي الهبات والعطايا الي يصرفها هم من بيت مال‬ ‫وجهه عن باب الحجاج‪ .‬إل يزيد‬ ‫الشعراء أن يصرف‬ ‫ببعض‬ ‫السلمين‪ .‬مما حدا‬ ‫بجخل بابه فباب الفتى الأزدي بالعرف ييفتج‬ ‫لخجا‬‫اج ال‬ ‫بارت‬ ‫لئن‬ ‫إذا جعلت أيدي المكارم تسنج‬ ‫تى لا يبالي الدهر ما قل ماله‬ ‫يداه يذ بالعرف تنهب ماحوت وأخرى على الأعداء تسطو وتجرخ‬ ‫فسر يزيد هذا المدح وأمر للشاعر بمائة وخمسين ألف درهم وحمله على‬ ‫‪.‬‬ ‫أفراس وقال له الحق بعلياء نحد واحذر أن تعلقك حبائل الحجاج (‬ ‫() ابن الأثير‪ :‬الكامل في التاريخ ج‪٤‬‏ ص‪.٢٢٧‬‏‬ ‫(آ) الأصفهان‪ :‬الأغاني ج‪٦٢٦٢‬ص‪٢٣٢‬۔‏‬ ‫(‪( ٩٢‬‬ ‫طن يزيد بن المهلب فقد‬ ‫وصدق‬ ‫نحا العديل ببن الفرخ من حبائل الحجاج‪.‬‬ ‫الحجاج‬ ‫بيزيد‪ .‬وقد كتب‬ ‫حبائل الحجاج‬ ‫عرّضت به مدائح هذا الشاعر وعلقت‬ ‫إلى يزيد بن المهلب أن أقدم فسار إليه من خوارزم فكان لا يمر ببلد إلا وفرش‬ ‫أهلها الرياحين ('‬ ‫حين‬ ‫معه و‬ ‫يزيد ببن المهلب و إخوته الذين قدموا‬ ‫بن يرسف‬ ‫حبس الحجاج‬ ‫بني المهلب‬ ‫معه‬ ‫و أخرج‬ ‫بلغه أن الأكراد غلبوا فارس! عسكر قريبا من البصرة‬ ‫منه وجعل عليهم الحرس‬ ‫قريب‬ ‫نسطاط‬ ‫وجعل عليهم كهيئة الخندق وجعلهم ق‬ ‫من أهل الشام وأخذ يعذيمم فكان يزيد يصبر صبرا حسنا ("" ‪.‬ولا يعبأ بالحجاج‬ ‫فأقبل‬ ‫وهو يرسُف قي حديد‬ ‫به إلى الحجاج‬ ‫ولا حرسه الذين من حوله‪ ،‬وجيء‬ ‫يخطر بيده‪ 3‬فغاظ ذلك الممحاج زفقال جميل الحيا بختري إذا مشىؤ وقد ولى عنه‬ ‫فالتفت إليه فقال وفي الدرع ضخم المنكبين شناف فقال الحجاج‪ :‬قاتله الله! ما‬ ‫أمضى جنانه وأحلف لسانه (" ‪.‬‬ ‫والسبب الذي افتعله الحجاج لحبس يزيد وإخوانه مطالبتهم بمبلغ من مال‬ ‫الخراج كان على يزيد و مقداره مائة ألف درهم وقد جمعت قبيلة الأزد له المبلغ‬ ‫للطلوب وهو في السجن؛ فجاءه الشاعر الفرزدق يزوره فقال للحاجب استأذن‬ ‫لي عليه فقال إنه في مكان لا يمكن الدخول فيه‪ ،‬فقال الفرزدق إتما أتيت متوجعاً‬ ‫لما فيه و لم آت ممتدحاً فأذن له فلما أبصره قال‪:‬‬ ‫وقال ذوو الحاجات أين يزيد؟‬ ‫أبا خالد ضاقت خراسان بعدكم‬ ‫ولا اخضربالمزؤين بجدك عود‬ ‫فما تطرت بالشرق بعدك قطرة‬ ‫وما لجود بصد جودك جود‬ ‫وما لسروربعد عزك بهجة‬ ‫(‪ )١‬ابن الأثير‪ :‬الكامل في التاريخ‪ ‎‬ج‪٤‬ص‪٢٢٨‬۔‬ ‫ج‪.٢٥٦ ٤‬‬ ‫(‪ )٦‬المصدر نفه‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الزمخشري" محمود بن عمر‪ :‬الفائق‪ ‎‬ج‪‎ ١‬ص‪.٨٢‬‬ ‫( ‪(٩٤‬‬ ‫نقال يزيد للحاجب ادفع إليه المائة ألف درهم اليي جمعت لنا ودع الحجاج‬ ‫رحمي يفعل فيه ما يشاء (_" ‪.‬‬ ‫لجا الحجاج بن يوسف إلى القسوة و الانتقام؛ في تعذيب أزد العراق‬ ‫رمطاردقشم؛ فقد سجن علماءهم‪ ،‬ومن بينهم جابر بن زيد أحد زعماء الأزد‬ ‫رام البصرة وفقيهها وقد خشي الحجاج من تأثيره على قبيلته‪ ،‬ووقوفهم مع‬ ‫غغمان‬ ‫من أصحابه إل‬ ‫العلماء‬ ‫بعض‬ ‫زيد مع‬ ‫بن‬ ‫حابر‬ ‫فنفي‬ ‫محنتهم‪،‬‬ ‫انهالبة ق‬ ‫جث كان المذهب الإباضي قد انتشر فيها انتشارا واسعا} والواقع أن نفي القادة‬ ‫توطيد مكانة‬ ‫ق‬ ‫بل أسهم بالأحرى‬ ‫‏‪ ٣‬عمان ل يجرد الحركة من سلاحها‬ ‫ان ال حلت محل البصرة كقاعدة للمذهب الإباضي <" ‪.‬‬ ‫مكن يزيد بن المهلب وإخوته من الهروب من سجن الحجاج فقدم فلسطين‬ ‫رنزل على وهيب بن عبدالرحمن الأزدي وكان كريما على سليمان بن عبدالملك‬ ‫أنى بم إليه فأمنهم‪ ،‬وحاول الحجاج إلحاق الأذى يمم ولكنه لم يتمكن منهم‪.‬‬ ‫بعد وفاة الحجاج عاد يزيد بن المهلب ثانية إلى واجهة الأحداث وجمع‬ ‫ليمان بن عبدالملك له العراقف‪ ،‬وفي سنة سبع وتسعين غزا جرجان ثم غزا‬ ‫طرستان وفي عام مائة من الهجرة كتب عمر بن عبدالعزيز إلى عدي بن أرطأة‬ ‫بره بإنفاذ يزيد بن المهلب إليه موثوقا فلحق به عدي بن أرطاة فأوثقه وبعنه‬ ‫إل عمر بن عبدالعزيز وكان عمر بن عبدالعزيز يبغض يزيد‪ ،‬وأهل بيته ويقول‪:‬‬ ‫‪.‬‬ ‫إنه مراء (‬ ‫يزيد يبغض عمر ويقول‪:‬‬ ‫وكان‬ ‫مثلهم‪.‬‬ ‫هراء جبابرة ولا أحب‬ ‫(‪ )١‬الأبشيهي‪ ،‬شهاب الدين محمد بن أحمد‪ :‬المستطرف في كل فن مستظرف ص‪.٢٥٢‎‬‬ ‫(آ) غباش" حسين عبيد‪ :‬عمان الديمقراطية الإسلامية تقاليد الإمامة والتاريخ السياسي الحديث ص‪.٤٣ ‎‬‬ ‫) ابن الأثير‪ :‬الكامل ني التاريخ‪٩١٢. ‎‬ص‪٤‬ج‬ ‫( ‪) ٩٥‬‬ ‫ولما أحضر يزيد بن المهلب بين يدي عمر بن عبدالعزيز سأله عن مصير أموال‬ ‫الخراج؛ وأمر بحبسه في حصن بحلب© فلما أبي يزيد بن المهلب أن يؤدي إلى‬ ‫عمربن عبدالعزيز شيئ ألبسه جبة من الصوف وحمله على جمل وقال‪ :‬سيروا به‬ ‫إلى دهلك‪ ،‬وكانت جزيرة دهلك بالبحر الأحمر هي منفى الأمويين لخ_صومهم‬ ‫المعارضين وللصوص والفساق من العرب ‪.‬‬ ‫ولكن عمر بن عبدالعزيز عدل عن قراره بعد وساطة من سلامة بن نعيم‬ ‫الخولان! حين حذره سلامة من عواقب نفيه‪ ،‬إذ أن قومه الأزد غاضبون له‬ ‫'‬ ‫وقرروا انتزاعه نزعأ فرةه ثانية إلى حبسه‪...‬‬ ‫حين علم يزيد بمرض الخليفة عمر بن عبدالعزيز خشي على نفسه من ولاية‬ ‫يزيد بن عبدالملك فتمكن من الهرب من محبسه‘ قبل أن يتولى يزيد بن عبدالملك‬ ‫الخلافة‪ .‬وحين تولى يزيد الخلافة سنة مائة وواحد من الهجرة دخل يزيد بن‬ ‫الهلب البصرة وأعلن ثورته وتمرده على الخليفة يزيد بن عبدالملك واجتمصت‬ ‫الأزد والقبائل الناقمة على الأمويين له‪ ،‬واستحوذ على أمر البصرة فعين أخاه زياد‬ ‫بن المهلب على غُمان‪ ،‬فقتل الخيار بن سبرة امجاشعي عامل الحجاج وصبهء‬ ‫وكان الحجاج ولاه إياها فأضرً بالأزد (_ ‪.‬‬ ‫ويعد هذا انتقاما قبليا للروابط الي كانت تربط آل المهلب بالأزد‪ ،‬وبذلك‬ ‫أوجد لحكمه في عمان سندا شعبيا‪ ،‬وبدت النورة ذات صبغة أزدية تواجه‬ ‫الحكم الأموي! وتجمع المعارضة تحت لوائها‪.‬‬ ‫(‪ )١‬ابن حبيب‪ :‬المحير‪ ‎‬ص‪. ٤٨٢‬‬ ‫(‪(٩٦١‬‬ ‫جهز الخليفة الأموي يزيد بن عبدالملك جيشاً من سبعين ألف مقاتل من أهمل‬ ‫الشام! يقودهم أخوه مسلمة بن عبدالملك وابن أخيه لعباس ‪,‬بن الوليد بن‬ ‫عبدالك‪ ،‬فساروا إلى العراق‪ ،‬وبلغ أزد خراسان ذلك النبأ فخرج منهم نحو ألفي‬ ‫نارس‪ ،‬فلما ا ستجمع أهل البصرة ليزيد بن المهلب خطبهم واخبرهم أنه يدعوهم‬ ‫إل كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويحثهم على الجهاد‪ ،‬وزعم أن‬ ‫جهاد أهل الشام أعظم ثوابا من جهاد الترك والديلم ( ‪.‬‬ ‫أجتمع تحت راية يزيد بن المهلب مائة وعشرون ألف مقاتل من مختلف العرب‬ ‫لناقمين على بي أميّة‪ ،‬وكانت تنقصهم الخبرة والدراية بفنون القنال والخوف من‬ ‫لزمة ومن نقمة وتنكيل الأمويين بمم‪ ،‬ودارت المعارك بين الطرفين في أكثر من‬ ‫جبهةإ فأقام مسلمة بن عبدالملك يطاول يزيد بن المهلب ثمانية أيام ودارت معركة‬ ‫غير متكافئة} قتل فيها يزيد بانلمهلب وتشتت جيشه وانمزم‪ ،‬واجتمع جميع آل‬ ‫الهلب بالبصرة وأعدوا السفن وتجهزوا للركوب في البحر وحملوا عيالحم‬ ‫وأموالهم حي وصلوا كرمان ومنها توجهوا بالدواب نحو خراسان ثم مضوا إلى‬ ‫تدا ابيل‪.‬‬ ‫سيرالأمويون من خلفهم جيشاآ بقيادة هلال بن أحوز التميمي فلحقتهم؛‬ ‫والتقوا بمم وتقاتلوا معهم وقتل جميع من كان من أبناء المهلب في تلك المعركة‪،‬‬ ‫وحملت رؤوسهم وفي أذن كل واحد رقعة فيها اسمه‪ ،‬وبعثوا برؤوسهم ونسائهم‬ ‫وبقية الأسرى من آل المهلب إلى مسلمة بالحيرة فبعثهم مسلمة إلى يزيد بن‬ ‫عبدالك فنصبت رؤوسهم وأراد مسلمة أن يبيع الذرية فاشتراهم منه الجراح بن‬ ‫(‪ )١‬ابن الأثير‪ :‬الكامل في التاريخ‪٧٢٢. ‎‬ص‪٤‬ج‬ ‫( ‪( ٩٧‬‬ ‫عبدالله الحكمي بمائة ألف وخلى سبيلهم و لم يأخذ مسلمة من الجراح‬ ‫شيا () ‪.‬‬ ‫تعد ثورة القائد اللُماني يزيد بن المهلب الأزدي امتدادا لثورة وخروج القائد‬ ‫الحضرمي عبدالرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي‪ ،‬الذي ثار على‬ ‫الحجاج بن يوسف وخلع عبدالملك‪ ،‬وعرض ملك آل مروان للزوال‪ .‬وقد كان‬ ‫خروج و ثورة ابن الأشعث وابن المهلب كنتيجة منطقية بعدما فقدت كندة‬ ‫حضرموت وأزدغُمان قوتمما وتأثيرهما السياسي والاجتماعي واضمحل نفوذهما‪.‬‬ ‫ومن المؤرخين من ربط خروج يزيد بن المهلب على يزيد بن عبدالملك بظهور‬ ‫أول فرقة متطرفة من الإباضية تنادي بالثورة ضد الحكم «") ‪.‬‬ ‫وليس بالضرورة في جميع الأحوال أن ما دفع بابن الأشعث وابن المهلب إلى‬ ‫الخروج وإعلان النورة هو العامل العقدي" بل إن القضية هي قضية القبائل اليمنية‬ ‫من جنوبي الجزيرة العربية ومعها ربيعة من شرق الحزيرة العربية من جانب©‪6‬‬ ‫ومضر ( قريش من غرمما ) من جانب آخر‪ .‬ويبدو أن سبب الصراع يرجع إلى‬ ‫تناقض مصالجهما‪ ،‬واستثار قريش بالسيادة والحكم وتعارض المصالح الاقتصادية‪.‬‬ ‫ا قضى الأمويون على ثورة يزيد بن المهلب أعادوا سيطرتمم على عمان}‬ ‫فأخذوا يعينون عليها ولاة يختارونفم من قبائل مختلفة} وليس فيهم أحد من الأزد‪.‬‬ ‫و لم يكن تأييد المانيين للأمرين قويا ولكن كانت السيطرة الأموية قوية على‬ ‫عُمان‪ ،‬وهذا يدل على أن الأحوال كانت هادئة حن سنة ‪١٢٣٢‬ه‪.‬‏‬ ‫)(‬ ‫ج‪٦‬‏‬ ‫ابن الأثير‪ :‬الكامل ِ التاريخ ج ص" ‪٢٤٣‬ر‪.٢٤٤‬‏ وابن خحلدون‪ :‬تاريخ ابن خلدون‬ ‫‏‪١ ٦٨١‬و ‪١٦٩‬رو ‪ ٧٠‬‏۔‪!٦٧١.‬و‪١٧١‬و‬ ‫‪١٦٦‬و‪٦٧‬‬ ‫ص‬ ‫(‪ )٢‬ابن الأثير‪ :‬الكامل في التاريخ ج‪ ٤‬ص‪.٢٢٩ ‎‬‬ ‫( ‪( ٩٨‬‬ ‫ط۔ عمان بين الوحدة والانفصال‬ ‫بعد انتشار الإباضية في حضرموت استطاعت الحركة الإباضية في سنة‬ ‫‏‪ ٨‬ه إطلاق أول ثورة في جنوب الخزيرة العربية امتدت من حضرموت‬ ‫ر‬ ‫صنعاء إلى مكة والمدينة‪ ،‬وقد بارك العمانيون هذه الثورة وحضر الإمام الجلندى‬ ‫بن مسعود إلى حضرموت عند مبايعة الإمام عبدالله بن يحى الكندي ‪ -‬طالب‬ ‫الحق‪ -‬ولكن ه‬ ‫ذه الثورة انتهت بعد حوالي سنتين وعادت الحركة الإباضية في‬ ‫حضرموت وغمان إلى دور الكتمان خشية التنكيل بأتباعها‪.‬‬ ‫ولما رأى العمانيون تدهور الدولة الأموية} قاموا يديرون الرأي بينهم في‬ ‫الانفصال عن القوم؛ ورأوا أن سلطان المسلمين العام ظا ل وقد نأى عن سائر‬ ‫بلاد الإسلام‪ .‬ورأى المممانيون ضرورة إقامة إمام لهمإ ونظروا فيمن هو الأصلح‬ ‫هذا الأمر فوقعت خيرقمم على الجلندى بن مسعود اين جلندى الجخلنداني وهو من‬ ‫بقية ملوك غمان (" ‪.‬‬ ‫أشعلت الحركة الإباضية في عمان سنة (‪١٣٢‬هع(‏ الثورة على الدولة الأموية‪٬‬‏‬ ‫رأت إلى إعلان أول إمامة مستقلة‪ .‬ولكن هذه الإمامة ال امتد نفرذها إلى‬ ‫حضرموت لم تعمر طويلا إذ أجهز عليها العباسيون عام ‪١٢٣٤‬ه‏ فخضعت‬ ‫عمان للدولة العباسية‪ ،‬وبقيت بين الوحدة الاسمية مع الدولة العباسية بارتباطها‬ ‫عن دولة الخلافة للمناطق الداخلية واستمرار‬ ‫بالبصرة‪ ،‬وبين الانفصال الحقيقى‬ ‫الحكم في ب الجلندى‪.‬‬ ‫وفي بادرة من العباسيين نحو رد الاعتبار للمهالبة الأزديين وكسب ود الأزد‬ ‫الذين تعرضوا للتنكيل والمطاردة من قبل الحكام الأمويين‪ ،‬ولى السفاح علسى‬ ‫ج‪١‬ص‪.٢ ٢!٧‬‬ ‫عبر التاريخ‪‎‬‬ ‫عمان‬ ‫سا م بن حمود‪:‬‬ ‫)‪ (١‬الياي‪.‬‬ ‫( ‪( ٩٩‬‬ ‫البصرة سفيان بن معاوية المهلي ثم عزله وولى مكانه عمه سليمان بن علي الأهواز‬ ‫وعمه عبدالله بن علي على الشام وعبدالملك بن يزيد ببن المهلب على مصر (‬ ‫أظهرا لعباسيون في خلافتهم اهتماما كبيرا بئُمسان‪ ،‬وذلك لاهتمامهم‬ ‫بالتجارة البحرية الي تمر طريقها من الهند عبر عمان ثم إلى البصرة‪ ،‬وقد ظلت‬ ‫عمان ضمن الوحدة الإدارية الني كان والي البصرة يشرف عليها وعلى الأقاليم‬ ‫الواقعة على الخليج العربي والعباسيون أول من اهتموا بالوحدة الإدارية لمنطقة‬ ‫تعيين الولاة‬ ‫ومن اختصاصه‬ ‫الخليج العري وعينوا ولا و راحدا ا ذا سلطة واسعة}‬ ‫ولكن نزعة المانيين للخروج والانفصال عن إطار الخلافة والأوضاع‬ ‫الشائكة والمعقدة دينيا واجتماعيا قي عمان منذ القرن الثاني الهجري على خلفية‬ ‫المذهب الإباضي‪ ،‬حاولت في مسيرة تاريخها إقامة إمامة عادلة وناجحة مستقلة‬ ‫وفق النموذج الإباضي تعتمد على المبادئ الأساسية الثابتة حول مبدأ السلطة‬ ‫أي اختيار الإمامة القائمة على مبدأ الإجماع والتعاقد الحر المبني على مبدا الشورى‬ ‫بيين الحاكم والمحكوم والإمام والمأمومين‪.‬‬ ‫إلا إن بوادر الفتن اليي دائماً ما تلوح في الأفق كثيرا ما أجهضت مثالية هذه‬ ‫الفكرة والخروج أحيانا عن سياق هذا المبدأ وتركت عمان في معمعة ودوامة من‬ ‫صراع الأئمة الخارجين على بعضهم البعض ولخوء أفراد من الأسر الحاكمة‬ ‫ومعهم عامة الناس إلى ممارسة الضغوط لتوريث الإمامة} أو عدم خروجها من‬ ‫الإرادة القبلية‬ ‫بيت إلى بيت آخر‪ .‬ولكن الجميع في اية اللطشاف ‪ -‬حسب‬ ‫والعصبية} وليس بإرادة مذهبية‪ -‬يجمعون بان تنحصر الإمامة في قبلية الأزد‪.‬‬ ‫(‪ )١‬ابن خلدون‪ :‬تاريخ ابن خلدرن‪ ‎‬ج‪٢‬ص‪.٢٧٧‬‬ ‫( ‪(١٠٠‬‬ ‫منذ وقت مبكر من تاريخ عُمان تعاقبت فروع قبيلة الأزد على حكم عُمان‪،‬‬ ‫ومن قبل دخول الإسلام إلى عمان وإلى سنة ‪١٧٥‬ه‏ كان لأسرة الجلندى‬ ‫الشأن قي حكم غُمان‪ ،‬ثم تلتهم أسرة اليحمد فحكمت منذ سنة ‪٥‬ه‪١٧‬ه‏ للى‬ ‫سنة ‪٩٦٧‬ه‏ تخللتها فترة وجيزة لبعض أئمة عُمانيين من غيرهم‪ ،‬وصراع قبلي‬ ‫داخلي بينهم وبين ب نبهان من الأزدك وكانت الحرب سجالا تارة لهم وتارة‬ ‫عليهم ولكن سرعان ما كان الحكم يعود إليهم‪ .‬وكان لخصومهم التقليديين من‬ ‫بن نبهان دولة في عُمان‪ ،‬وآل نبهان الذين ملكوا عُمان فترة من الإمامة من‬ ‫حدود منتصف القرن السادس الهجري إلى القرن العاشر الهجري" (( كانوا على‬ ‫شيء من البذخ والجخبروت وأيمة السلطان وعلى جانب من القوة والسطوة‬ ‫والمدنية الآخذة بقسط من الابتكار والإنشاء ‪:‬العمران وهم الذين أطلقوا مسمى‬ ‫السلطان على الحكام منهم)) ( ‪.‬‬ ‫ثم بويع الإمام ناصر بن مرشد اليعربي سنة ‪١٠٢٣٤‬ه‏ ليكون أول حكام‬ ‫الدولة اليعربية دولة اليعاربة وحكمت عمان منذ سنة ‪١٠٢٣٤‬ه_‏ حى‬ ‫‏‪ ١٥٤‬ه‪.‬‬ ‫الدولة‬ ‫ومؤسس‬ ‫مان‬ ‫المالكة ق‬ ‫العائلة‬ ‫جحد‬ ‫سعيد‬ ‫أحمد بن‬ ‫استطاع‬ ‫البوسعيدية الحديثة‪ .‬الذي كان واليا على صحار من قبل بلعرب بن حمير اليعربي‬ ‫بفضل همته العالية أن يضمد جراح العمانيين بعد الخلافات الواقعة بين الأئمة‬ ‫السابقين اليي أدت إلى فتن عظيمة وحروب محلية قاسية كانت نتائجها انحدار بحد‬ ‫عمان التاريخي‪.‬‬ ‫ني عام ‪١١٥٤‬ه‏ بويع أحمد بن سعيد بن أحمد المتصل نسبه بالقائد "عماني‬ ‫وسعى إلى توطيد دعائم الحكم ووضع‬ ‫الهلب بن أبي صفرة بالإمامة بنزوى‪،‬‬ ‫(‪ )١‬الخروصي سليمان بن خلف‪ :‬ملامح من التاريخ العماني‪٥٢١. ‎‬ص‬ ‫( ‪(١٠١‬‬ ‫القوانين لإدارة البلاد وتوحيد عُمان في دولة مركزية قوية‪ .‬وتنظيم الجمارك‬ ‫وتشجيع التجارة مع الهند وشرق أفريقيا كما أسس جيشا دائما على البلاد‬ ‫وأشرف بنفسه على تنظيمه وتسليحه كما أعد أسطولا بحريا زوده بالرجال‬ ‫والسلاح وفي سنة ‪١٧٧٢‬م‏ استطاع أن يوجه أسطوله لانقاد البصرة كما أرسل‬ ‫أسطولا آخر تمكن من القضاء على القراصنة الذين كانوا يقطعون الطريق على‬ ‫تجار الهند بمسقط وكانت وفاته بالرستاق سنة ‪١١٨٨‬ه‏ ودفن بما ( ‪.‬‬ ‫ي۔ انتشار الإباضية في عمان‪:‬‬ ‫ضمن جدلية الصراع بين الفكر والواقع تتشكل المذاهب السياسية‬ ‫والاجتماعية والأخلاقية" وإن اختلفت باختلاف الغايات والاتحامات والظروف‬ ‫المعيشية للإنسانيةءإل إما تسعى نحو التوفيق بين الدعائم الأساسية اليي يقوم عليها‬ ‫حياة المجتمع سواء من الجانب الروحي الذي يمثل في العقائد الوي تشكل القاعدة‬ ‫النظريةءأم الجانب المادي الذي يشكل الاقتصاد عصبه الرئيس أم الخانب‬ ‫التنظيمي ويتمثل في هيكل وترتيب نظم المجتمع الإدارية‪.‬‬ ‫ويعد الجانب الروحي (الدين) الدعامة الرئيسة لحياة المجتمعات البشرية وجزا‬ ‫من كل ثقافة‪ .‬فهو يقدم صورة منظمة للكون‪ ،‬ويقيم علاقة منظمة بين الانسان‬ ‫جهة‬ ‫حوله من‬ ‫والمجتمع الذي من‬ ‫الإنسان‬ ‫وبين‬ ‫جهة‬ ‫وربه الخالق المعبود من‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫ومن المؤكد أن اشكال السلوك الدي تختلف كبيرا من بحتمع إلى آخر‪ ،‬فهناك‬ ‫فروق لا تحصى فيما يتعلق بالمعتقدات والشعائر والجوانب الأخرى من الممارسة‬ ‫الدينية‪ .‬ولكن يجب أن لا تخدعنا هذه الفروق‪ ،‬ولا نرفض أيضا كل الأديان أو‬ ‫)( المصدر نفسه ص‪.١٦١٨‬‏‬ ‫(‪(١٠٢‬‬ ‫نرفض كل المذاهب الأخرى باستثناء ديننا أو مذهبنا الذي نسلكه في أداء عباداتنا‬ ‫رشعائرنا الدينية‪.‬‬ ‫تعود عند المسلمين جذور الأصول العقائدية والفكرية والفلسفية إلى‬ ‫العقيدة الإسلامية} بالإضافة إلى حصيلة واسعة من الاجتهادات والآراء الفقهية‬ ‫لفكري الإسلام وعلماء الأمة وفقهائها‪ .‬ولعل أهم ما يتميز به الفكر الإسلامي‬ ‫عند المسلمين أنه لا يفصل الدين عن الدولة‪ ،‬وأن كل أنماط السلوك الديني تدور‬ ‫حول السيطرة والتحكم في حياة الإنسان‪ ،‬ويأتي هذا التحكم ضمن منظومة‬ ‫متكاملة من التعأليم السماوية الي جاء بما القرآن وجسدها الرسول الأعظم محمد‬ ‫صلى الله عليه وسلم في تعاليمه وسنته ومثلت حقيقة القيم المطلوبة والمثل العلياء‬ ‫ال أساسها عبادة الخالق المعبود وحده‪ ،‬وإشاعة العدالة الاجتماعية بين الناس‬ ‫يحركها الوعي ويزجرها الوازع الدييي‪ ،‬وإذا ما حدث غياب هذا الوعي وفتر‬ ‫الرازع الديي؛ فإن فعالية القيم الدينية تضعف‘ؤ وحينها يبدأ الصدع وتتسع الهوة‬ ‫الفاصلة بين الجانب الديي والخانب الدنيوي ‪ -‬السياسي‪. -‬‬ ‫في القرآن الكرنم ومضات عن الفكر السياسي تتعلق موالاة المؤمنين‬ ‫طاعة أولي الأمر وقتال الفئة ال تبفي‪ ،‬والإصلاح بين‬ ‫بعضهم بعضا ووجوب‬ ‫( أخويكم)‪ .‬كما أشار إلى نوع من الملكية الطاغية ‪ « :‬يأخذ كل سفينة غصبام‪.‬‬ ‫كما ألم على العدل‪ ،‬والتعاون‪ ،‬والتعارف بين الأمم والشعوب‪ ،‬على‬ ‫أساس التقوى‪ ،‬اليي هي مقياس الكرامة عند الله‪.‬‬ ‫في السنة الحادية عشرة من الهجرة توفي الرسول الأعظم محمد صلى الله‬ ‫عليه وسلم فتولى الخلافة من بعده أبوبكر الصديق (رضي )» فالتزم التزاما كاملا‬ ‫بنطبيق العدالة الاجتماعية بعيدا عن النزعات والأهواء والعصبية} فخلا عهده من‬ ‫افتراق المسلمين‪.‬‬ ‫( ‪(١٠٣‬‬ ‫'‪":‬أئه عشرة من الهجرة عمر بن اللخطاب(ررضي) فكان‬ ‫م تلاه في ‪.‬‬ ‫عهده كما تجمع عليه كتب السير والتاريخ مثالا لصرامة الخليفة العادل اجتهد‬ ‫ي وضع النظم ضمن إطار الشريعة الإسلامية حسبما تقتضيه مصلحة المسلمين‬ ‫والظروف الموضوعية اليي كان يمر بما الإسلام في بدايته خصوصا أن رقعة الدولة‬ ‫الإسلامية بدأت تمتد خارطتها خار ج الجزيرة العربية‪ ،‬وتضم ألوانا وأطيافا جديدة‬ ‫من الأجناس البشرية تلاقحت أفكارها المميزة‪ ،‬وثقافاقا وقيمها الأخلاقية‬ ‫والاجتماعية ضمن حضارة جديدة عرفت فيما بعد بالحضارة الإسلامية الحديدة‪.‬‬ ‫في ردم الهويات‬ ‫ال كانت تسيّس شؤوفا قيادات إسلامية عادلة نجحت‬ ‫والفروقات الأثنية بين ما هو عربي وعجمي" ورفعت شعار الإسلام الخالد لا فرق‬ ‫بين عربي وعجمي إلا بالتقوى‪.‬‬ ‫في السنة الرابعة والعشرين من المجرة وبعد مقتل أمير المؤمنين عمر بن‬ ‫الخطاب تولى عثمان بن عفان (رضي) أمر الخلافة‪ ،‬وتروي كتب السير والتاريخ‬ ‫بداية ظهور النعرات والعصبيات القبلية من جديد‪ ،‬واتمم عثمان (رضي) بمحاباة‬ ‫ذوي القربى واتخاذهم بطانة له يستشيرهم في أمور الخلافة وتوليهم أمور‬ ‫المسلمين‪.‬‬ ‫استفحلت الأمور وزاد خطرها واستمرت الأوضاع في اضطراب وترد‬ ‫فاجتمع من اجتمع من المسلمين عليه‪ 3‬وقتل الخليفة عثمان بن عفان (رضي)‬ ‫وخلفه ي السنة الخامسة والثلاثين من الهجرة علي بن أبي طالب(رضي) في ظل‬ ‫أوضاع مأسارية شهدها بادئ ذي بدئ بمجتمع المدينة حاضرة الإسلام وعاصمة‬ ‫الخلافةك ثم انتقل هذا الصراع إلى الحواضر الإسلامية الجديدة في العراق والشام؛‬ ‫فتطورت الأحداث تطورا خطيراء وبدأ الصراع يظهر في جسم الخلافة الإسلامية‬ ‫ليتطور إلى صراع مسلح آلت بعده الأمور إلى تحزب وتشردم فصارت الأمة فرقا‬ ‫‪(١٠٤(.‬‬ ‫رمذاهب تدعي كل منها أنما أهل الحق وأن الحق بجانبها وأنما الفرقة الناحية‬ ‫رغيرها على ضلال‪ ،‬وأن هذه الفرق هي الفرق الباغية أو المارقة‪.‬‬ ‫كان ظاهر هذا الخلاف خلافاً فقهياً ‪ -‬دينياً۔‪ -‬إل إنه في الحقيقية يعكس‬ ‫الامتداد التاريخي للصراع التقليدي بين الطبقات ذات السيادة في المجتمع العربي‬ ‫وفيما‬ ‫هاشم وأمية‪.‬‬ ‫ببن‬ ‫لقصة العداوة‬ ‫تكرارا‬ ‫وجاءت‬ ‫الإسلام‬ ‫الكي قبل ظهرر‬ ‫ررت الأخبار حين ولي هاشم بعد أبيه عبد مناف ما كان إليه من السقاية‬ ‫رالرفادة فحسده أمية بن عبد شمس على رياسته وإطعامه‪ ،‬فتكلف أن يصنع صنيع‬ ‫به ناس من قريش‪ ،‬فغضب ونال من هاشم ودعاه إلى‬ ‫هاشم فنجز عنه‪ ،‬فشمتت‬ ‫النافرة على حممسين ناقة والخلاء من مكة عشر سنين‪ ،‬فقضي لهاشم بالغلبة‪ ،‬وأخذ‬ ‫هاشم الإبل فنحرها وأطعمها وغاب أمية عن مكة بالشام عشر سنين فكانت‬ ‫وقعت بين هاشم وأمية ‪. (9‬‬ ‫هذه أول عداوة‬ ‫وجاء الإسلام وبقي هذا الصراع حول السيادة والحكم في البيت القرشي‬ ‫يأخذ أشكالا دينية ودنيوية حت استقر الحكم عند العباسمين‪.‬‬ ‫في خضم ذلك الصراع التاريخي حول منصب الخلافة وأحقيتها برز كثير من‬ ‫الكتاب والمفكرين تناولوا هذه المسألة بالبحث والدراسة والتنظير وكل منهم‬ ‫يسعى إلى إضفاء الصبغة الشرعية على الأحداث السياسية واستقراء مدلولاتما‬ ‫وإحالتها إلى نصوص وأحاديث تعبر في الغالب عن آراء الفرق الي تنتمي إليها‪.‬‬ ‫فتباييت وجهات النظر بين المسلمين‪ ،‬وذهب كل تأويل النصوص حسبما يمليه‬ ‫لرقف السياسي أو يراه المنظور المذهبي‪.‬‬ ‫(‪ )١‬ابن الأثير‪ :‬الكامل ف التاريخ‪. ‎‬ه‪٤٥‬ص‪١‬ج‬ ‫( ‪(١٠٥‬‬ ‫فالشيعة ترى أحقية علي (رضي) وأبنائه في تولي منصب الخلافة‪ ،‬من مبدأ‬ ‫أساسي يقوم على أن الخلافة تتحصر في آل البيت وتنتقل بوصية الإمام لمن بعده‬ ‫ويكون معصرماء الأمر الذي شجع الخوارج وأهل السنة بالرد عليهم أما الموالون‬ ‫لبني أمية فإنهم يرون وجوب تنصيب الخليفة بالبيعة والشورى على أن يكون‬ ‫الخليفة قرشيا عدلا‪.‬‬ ‫ونتيجة للصراع السياسي بين الشيعة الموالين لأهل البيت من جهة وبين الفرق‬ ‫الموالية لحكم الأمويين من جهة أخرى ظهر حزب آخر تزعمه عبدالله بن وهب‬ ‫الراسي ( المحكمة) ويعتمد هذا الحزب في موضوع الحكم على المبادئ الآتية‪:‬‬ ‫البيعة والشورى والعدالة= دون اعتبار الجنس فإن استوق الإمام هذه المقاييس‬ ‫والتزم بما وجبت طاعته ولا يجوز الخروج عليه‪ .‬أما إذا انحرف كان أمر الخروج‬ ‫عليه بيد أهل الحل والعقد وهو جائز وليس واجبا ومن هذا التكتل ظهرت فيما‬ ‫بعد الإباضية‪.‬‬ ‫في ضوء ما تقدم نحاول في هذه الدراسة أن نلقي ضوءا على التجربة الفكرية‬ ‫السياسية الإباضية عبر تاريخ هذه الحركة الإسلامية‪ ،‬الي كانت ولا زالت لها‬ ‫آراؤها الفكرية في مرضوع الحكم وجاءت ضمن بحال حيوي زماني( تاريخي)‬ ‫ومكان( جغراقي)» وسعت ف فقهها إلى أدلة وأصول تحتوي في طياتقا ملا‬ ‫يتعارض مع إقامة المجتمع المدني في الإسلام‪.‬‬ ‫حاولت التجربة الإباضية أن تبقي العلاقة بين الدين والدولة قائمة على أسس‬ ‫تضمن التوفيق بين الجانبين لتحقيق المصالح الدنيؤية في حدود الشرع‪ ،‬وترسيخ‬ ‫مكانة هذه الحركة الإسلامية في اللوحة السياسية والثقافية في المجتمع الإسلامي‬ ‫ال تبلورت أفكارها بعد أن تثبتت دعائم الحكم في بيي أمية ((سفيانيين‬ ‫(‪(١٠٦‬‬ ‫رمروانيين))» وصاغ فقهاء الحكام الغطاء الشرعي المطلوب للحكم! وتم توظيف‬ ‫الأحاديث النبوية الصحيحة ووضع ما يلزم منها لتكريس الاستبداد وخدمته‪.‬‬ ‫ظهرت حركات الاحتجاج ومنها حركة الإباضيةا اليي رفعت في بداية‬ ‫ظهورها لواء الفكر الحر‪ .‬وبفضل السياسة الرشيدة المبنية على مبدأ اللين‬ ‫والتسامح والعمل في سرية تامة لإرساء دعائم الدعوة نجح جابر بن زيد‬ ‫الأزدي المحم ان(رت‪٩٦٢٣‬ه)‏ في كسب ود السلطة وثقة الحكام الأموبين‪،‬‬ ‫واستطاع في أثناء ذلك أن يبدي نشاطاً ملحوظا في نشر الدعوة سرا في مأمن من‬ ‫بلش الحكام الأمويين‪ ،‬حين تمكنت هذه الحركة فيما بعد أن تعلن الثورة ضد‬ ‫الحكم الاموي بإعلان عبدالله بن يحيى الكندي = طالب الحق‪-‬۔ ثورته في‬ ‫حضرموت قاعدة الإباضية العسكرية} وتوجه إلى صنعاء ثم مكة والمدينة في ثورة‬ ‫مسلحة سلخحت حضرموت واليمن والحجاز لعامين ( ‪١٢٣٠.-١٦٩‬ه)‏ حيث‬ ‫قضي أن ينهزم جيشه في ناحية الطائف ويلقى مصرعه على يد القائد الأسوي‬ ‫عبدالملك بن عطية السعدي وذلك في سنة ثلاثين ومائة من الهجرة‪.‬‬ ‫قبل قيام الثورة الإباضية بحضرموت؛ فمن المؤكد أن الشكل النهائي الذي‬ ‫أصبح عليه الفكر الإباضي ومنهج الإباضية قد تأسس وتبلور في البصرة‪ ،‬ثم جاء‬ ‫درر الدعاة من أهل العلم لنقل ذلك الفكر المذهبي وتعاليمه إلى جنوبي الجزيرة‬ ‫وحضرموت\ ومن ثم إلى شمال أفريقيا بواسطة الدعاة الحضارمة‬ ‫العربية عمان‬ ‫اليمنيين (( ومن المعتقد أيضاً أن أولئك الأهالي المحليين قد وجدوا في التعاليم‬ ‫الإباضية الحافز الديني لمعارضة الحكم الاستبدادي للأمويين والعباسيين معا‪ ،‬وإلى‬ ‫( ‪(١٠٧‬‬ ‫ذلك فإنه من الواضح أن الدور الأساسي الذي ساهم في تأسيس ونشر الدعرة‬ ‫الإباضية في شمال أفريقيا قد قام به العرب الحضارمة واليمنيون)» «(“ ‪.‬‬ ‫كانت عمان من أوائل أقطار الجزيرة العربية ال وصل إليها الإسلام‬ ‫ودخلت فيه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وأسلم أهلها وحسن‬ ‫إسلامهم وشاركوا في كل الفتوحات الإسلامية برا وبحرا وظهر من بينهم قادة‬ ‫عسكريون عظماء كان لهم الدور الرئيس في فتح كثير من الأمصار في الشرق‪،‬‬ ‫ولهم دوز في التأثير على الأحداث السياسية الي جرت في النصف الأول من‬ ‫القرن المجري الأول‪ ،‬وظهر من بين العمانيين علماء نبغوا في أحكام المسائل‬ ‫الشرعية المختلفة كالتوحيد والفقه بقسميه العبادات والمعامالات‪ ،‬وامتدت مُضتهم‬ ‫الفكرية لتشمل الآداب والعلوم جميعا وتواصلت الخركة الفكرية والسياسية بين‬ ‫البصرة وغُمان‪.‬‬ ‫و لم تكن عمان بمنأى عن الأحداث الي مرت بما الأمة فقد وجدت الأحداث‬ ‫السياسية الي تحري في الدولة الإسلامية صدئ في غُمان‪.‬‬ ‫وحين ظهر التطرف في حركة الخوارج لم يشايع أهل عمان هذه الحركة‬ ‫المتطرفة وقد تمثل موقفهم المعارض لها في مقاومتهم للجيش الذي بعثه نجدة ين‬ ‫عامر الحنفي = وهو من غلاة الخوارج ‪ -‬بقيادة عطية بن الأسود الحنفي لضم‬ ‫عمان إليه‪ ،‬بل حاربوهم وأجلوهم عن بلادهم‪.‬‬ ‫أما الصلة الحقيقية الي قامت بين أهل عُمان وبين الإباضية فقد كانت في عهد‬ ‫مبكر من ظهور هذه الحركة السياسية والمذهبية} وترجع تلك الصلة للعلاقة‬ ‫ص‪.٢٠‬‬ ‫(‪ )١‬النامي‪ ،‬عمرو‪ :‬دراسات الإباضية‪ .‬الباب الناي‪‎‬‬ ‫(‪(١٠٨‬‬ ‫القائمة بين العمانيين والقبائل الي هاجرت منها وأقامت في البصرة‪ ،‬والتواصل‬ ‫الدائم بينها لصلة القربى‪ ،‬أو أنما مضت لطلب العلم والتفقه في الدين© وزاد هذه‬ ‫الصلات ما عرف عن الممانبين أنهم أهل تجارة لا تنقطع رحلاتمم إلى‬ ‫العراق وسواها من الأمصار وكان موقف المانيين بالبصرة موقف من آثروا‬ ‫الاعتدال و لم يجيزوا الخروج بالسيف© و لم يوافقوا من استعرضوا الناس وانتهكوا‬ ‫حرماتمم وأموالهم وكفروا مخالفيهم؛ وكان الُمانيون مطيعين لتوجيهات قادتمم‬ ‫وزعماء عشائرهم والعلماء من أبناء عشيرقمم ‪.‬‬ ‫كان دعاة الإباضية بصفة خاصة من رؤساء الأزد وشيوخها ساهموا في نقل‬ ‫انتشر بين أبناء قبائلهم؛ ووجدوا أنصارا‬ ‫حيث‬ ‫إلى عُمان©‬ ‫مذهبهم من البصرة‬ ‫ردعاة كثيرون‪ .‬واستطاع جاير بن زيد الذي نفاه الحجاج بن يوسف إلى عُمان‬ ‫أن يعمق انتشار آرائه وأفكار مذهبه بين أبناء عشيرته من الأزد لتكون له منهم‬ ‫عصبة يؤازرونه‪.‬‬ ‫قام الشاعر عمران بن حطان ويكێ أبا شهاب وهو ((شاعر فصيح من شعراء‬ ‫الشراة ودعاقىم والمقدمين في مذهبهم وكان من القعدة لأن عمره طال فضعف‬ ‫عن الحرب وحضورها فاقتصر على الدعوة والتحريض بلسانه)) "‪ . 6‬بدور مهم‬ ‫في نقل أفكار الحركة الاباضية في عمان‪ (( .‬فبعد أن أطلق سراحه الحجاج بن‬ ‫يرسف أخذ يتنقل بين مختلف القبائل حيى انتهى به المطاف إلى عمان‬ ‫وهناك استقر به المقام تحت حماية قبائل الأزد ووجدهم يعظمون زعماء‬ ‫بن أدية التميمي ويعتنقون آراءه فأظهر أمره‬ ‫الحكمة من أمثال أبي بلال مرداس‬ ‫(‪ )١‬الأصفهان‪ :‬الأغاني‪ ‎‬ج‪‎ ١٨‬ص‪.١١ ٤‬‬ ‫( ‪(١٠٩‬‬ ‫بينهم ونشر أفكاره ودعاهم إلى مذهبه فبلغ ذلك الحجاج فكتب إلى عمان فيء‬ ‫فهرب عمران حق أتى قوما من الأزد فلم يزل فيهم حين مات)) (_ ‪.‬‬ ‫ومن قبائل الأزد بالبصرة انتشرت الإباضية في عُمان ووصلت إلى كل القبائل‬ ‫الأخرى من أزد عمان في وقت مبكر فاعتنقوها ودخلوا فيها وتشجعوا لها ومنهم‬ ‫انتقلت إلى سواهم من القبائل الأخرى «{" ‪.‬‬ ‫بالإضافة إلى ذلك فإن غُمان أنجبت كثيرين من أئمة الإباضية وفقهائهم من‬ ‫الأزدي؛‬ ‫زيد‬ ‫بن‬ ‫كان لحم دور ي نشر المذهب والدعوة إليه» منهم‪ :‬جابر‬ ‫لمعروف بأبي الشعثاى وبلج بن عقبة الأازدي‪ ،‬وصحار العبدي© وهلال بن عطية‬ ‫المُمان((تعود أصوله إلى خراسان جاء إلى عُمان))والربيع بن حبيب الفراهيدي؛‬ ‫وأبو سفيان محبوب بن الرحيل وغيرهم‪.‬‬ ‫ولرغبة المانيين نزعتهم المستمرة في الاستقلال عن سلطة الخلافة‬ ‫المركزية المتمثلة بالخلافة الأموية ثم العباسية فيما بعد‪ .‬تبنوا العقيدة الإباضية‬ ‫واتخذوا منها ذريعة ووسيلة لمقاومتهم للخلفاء الأمويين ثم ا ‪ .‬يين الذين عدهم‬ ‫الإباضيون ظامين غاصبين للحكم! ومن ثم فإن سلطتهم غير شرع‪.‬ة { ‪.‬‬ ‫)ا( الدرجبي؛ أحد بن سعيد‪ :‬طبقات اللشائخ بالغرب ج؟‪٦‬ص‪.٢٢٠‬‏‬ ‫‏(‪ )٢‬الصوان" صالح بن أحمد‪ :‬الإمام جابر بن زيد العماني وآثاره في الدعوة ص‪٤‬‏ ‪١٩‬۔‏‬ ‫‏(‪ )٢‬خليفات‪ ،‬عوض‪ :‬نشأة الحركة الإباضية صن ‏‪.١٦٩‬‬ ‫( ‪(١١٠‬‬ ‫وجد المذهب الإباضي أرضا صالحة في عمان لغرس شجرة عقيدته؛‬ ‫فانتشر فيهاك وأصبح كثير من دعاته ومناصريه من غُمان‪ ،‬من اتصلوا بقادة‬ ‫الذهب أو كانوا هم أنفسهم أولنلك القادة (" ‪.‬‬ ‫ربما يفهم القارئ غير المتخصص الذي نريد بيانه من خلال التأمل في هذا‬ ‫السزال‪ :‬من هم الإباضية؟ وهل الإباضية من الخوارج؟‬ ‫(‪ )١‬المواني { صالح ين أحمد‪ :‬الإمام جابر بن زيد العماني وآثاره ني الدعوة و‪٩١. ‎‬ص‬ ‫(‪) ١١١‬‬ ‫الجزء الثاني‬ ‫الباس الثا ني‬ ‫الظروف السياسية لظهور الإباضية‬ ‫الفصل الأول ‪:‬‬ ‫ظهورالاباضيہ‬ ‫أ‪ -‬الخوارج‬ ‫ب‪ -‬تشوء الضكر الاباضي‬ ‫ج‪ -‬أصل التسمي‬ ‫د‪ -‬رأي الاباضية في الخوارج‬ ‫ه‪ -‬اتتشارالمذهب‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬عبدالله بن إباض‬ ‫ب‪ -‬جابر بن زيد الأزدي‬ ‫ج‪ -‬أبوعبيدة مسلم بن أبي كريمة‬ ‫د‪ -‬الربيع بن حبيب بن عمرو الأزدي‬ ‫ه ‪ -‬أصول العقيدة عند الاباضية‬ ‫و‪ -‬أهم المسائل الخلافية بين الاباضية والمذاهب الاخرى‬ ‫ز‪ -‬الذكر السياسي ومسألة الإمامة عند الاباضية‬ ‫الفصل التالث‪:‬‬ ‫أ‪-‬الإباضيت بحضرموت‬ ‫ب‪ -‬ثورة عبدالنه بن يحيى‬ ‫ج‪ -‬حضرموت والإمامة الاباضية‬ ‫د ‪ -‬أبو إسحق إبراهيم بن قيس الهمداني الحضرمي‬ ‫الباب الثاني‬ ‫الفصل الأول‬ ‫الظروف السياسية لظهور الحركة الإباضية‬ ‫ظهور الإباضية‬ ‫ا‪ .‬الخوارج‪:‬‬ ‫يتفق المؤرخون على أن لفظة الخوارج تطلق على المحكمة الأولى الذين أنكروا‬ ‫لتحكيم حين اعتزلوا جيش علي بن أبي طالب (رضي ) وخرجوا عليه يوم‬ ‫ناحية الكوفة‪.‬‬ ‫من‬ ‫بحروراء‬ ‫واجتمعوا‬ ‫له‬ ‫أشد المناصرين‬ ‫من‬ ‫وقد كانوا‬ ‫صفين!‬ ‫النهروان‬ ‫التسمية تطلق على كل من حضر‬ ‫هذه‬ ‫النهروان غدت‬ ‫ق‬ ‫نلما حارم‬ ‫ضد علي (رضي) أومن قال برأيهم‪.‬‬ ‫التكوين؛ فقد بدأ مم موقفهم من‬ ‫أما كيف بدأ‪ :‬الفكر الخروجي ق‬ ‫إذ أكلت هذه الحرب أكثر من مائة ألف مقاتل بين صحابي‬ ‫أحداث صفين‪،‬‬ ‫اللتحاربون‬ ‫ولما كان‬ ‫لاختيار الخليفة‬ ‫وضع أساس‬ ‫ضرورة‬ ‫ق‬ ‫رتابعي» ففكروا‬ ‫يها من قريش بدا التركيز على مبدأ أو مفهوم القرشية فجوزوا أن تكون الإمامة‬ ‫ف غير قريش‪ ،‬وكل من نصبوه برأيهم وعاشر الناس على ما مثلوا له من العدل‬ ‫واجتناب الخور كان إماماًء ومن خرج عليه يجب نصب القتال معهإ وإن غير‬ ‫بالقياس؛‬ ‫وهم أشد الناس قولا‬ ‫عزله أو قتله‬ ‫الحق وجب‬ ‫عن‬ ‫السيرة وعدل‬ ‫وجوزوا أن لا يكون ي العالم إماما أصلك وإن احتيج إليه فيجوز أن يكون عبداً‬ ‫أوحرا‪ ،‬أو نبطياً أو قرشياً ‏‪. ١‬‬ ‫وذهب البعض أيضا في وصف الخوارج إلى أنهم قوم من المسلمين مرقوا من‬ ‫الدين كحالة ابن الأزرق‬ ‫أصول‬ ‫بإنكارهم أصلا من‬ ‫الإسلام!‬ ‫عن‬ ‫الاين وخرجوا‬ ‫‏(‪ )١‬خيى‪ ،‬أحمد‪ :‬الخوارج طليعة التكفير في الإسلام رسالة الرد على مسائل الإباضية ‪.‬تحقيق إمام حنفي‬ ‫البد ص‪٢٥‬‏‬ ‫(‪)١١٥‬‬ ‫وأشياعه‪ ،‬فقد أحدث وارتد وكفر بعد إسلامه فوقع الخلط بيانلخروج عن‬ ‫طاعة علي( رضي ) وبين الخروج عن الدين"‬ ‫إن التفسير التاريخي بالمع العلمي لهذه العبارة يهتم أولا وأخيرا يتطور السياق‬ ‫العام الذي تندرج تحته الحوادث التاريخية‪ ،‬والخوارج تحدد خروجهم في بادئ‬ ‫الرأي أي ورمم على علي بن أبي طالب (رضي)‪ ،‬عا أدعوه من أنه لخحأ للى‬ ‫التحكيم في أمر قاتل فيه‪ ،‬وهو يعلم أن الله حكم فيه‪ ،‬ويعتقد أنه على حق وأن‬ ‫خصمه معاوية هو الطاغي عليه ومن هنا كان شعارهم (لا حكم إلا لله)‪.‬‬ ‫لقد رد عليهم علي بقولته المشهورة ( كلمة حق أريد بما باطل) أي أن‬ ‫الشيء الذي دفعهم إلى الخروج عليشهيء آخر غير قولهم (( لا حكم إلا لله))»‬ ‫وهذا الشيء الآخر هو السبب الحقيقي الذي يفسر تمردهم عليه‪.‬‬ ‫تجمع المصادر الإسلامية على أن قوام جيش علي وجيش معاوية كان خليطا‬ ‫من قبائل بعضها ينتمي إلى (ربيعة) وبعضها ينتمي إلى (مضر) وما خصمان‬ ‫تقليديان‪ .‬وأن المضريين في جيش علي بن أبي طالب(رضي) سعوا إلى إقناعه‬ ‫بعدم الحرب حت لا يجدوا أنفسهم يقاتلون بني عمومتهم في جيش معاوية‪ .‬فلما‬ ‫علمت القبائل اليمنية من جيش علي ثاروا في وجوههم واتمموهم بمكاتبة معاوية‬ ‫والعمل بالسر لحسابه‪ .‬و حق يتغلب علي بن أبي طالب(رضي) على هذه‬ ‫اللشكلة‪ ،‬مشكلة وجود القبيلة الواحدة في جيشه وجيش معاوية وضع خطته‬ ‫على أساس أن تكفيه كل قبيلة ي جيشه بيي عمومتها في جيش معاوية‪.‬‬ ‫فقال للزد‪ :‬أكفون الأزد في صفرف معاوية وقال لختعم‪:‬اكفزي نعم‬ ‫وهكذا أمر كل قبيلة في العراق أن تكفيه أختها مأنهل الشام‪.‬‬ ‫كان لهذه الخطة تأثيرها السلبي‪ ،‬فقد وجدت كل قبيلة نفسها تقاتل أختها‬ ‫حول قضية سياسية لا تممهم مباشرة‪ ،‬ولا تحد لها أساساً دينياً في وجدانهم أو حن‬ ‫في وعيهم القبلي" بل ريما كان الواحد منهم يفكر إذا كان من القبائل اليمنية أو‬ ‫(‪(١١٦‬‬ ‫من ربيعة ويقول في نفسه علي ومعاوية قرشيان فأي منهما انتصر كان الحكم في‬ ‫النهاية لقريش‪.‬‬ ‫وهذا ما عبر عنه أحد زعماء الأزد حين قام خطيباً في قومه عندما كلفهم‬ ‫علي بقتال إخواممم في صفوف معاوية فقال‪ :‬إن من الخطأ الجليل والبلاء العظيم‬ ‫نا صُرفنا إلى قومنا وصرفوا إلينا ‪ ،‬والله ما هي إلا أيدينا نقطعها بأيدينا وما هي‬ ‫إلا أجنحتنا نجذها بأسيافنا‪ ،‬فإن نحن لم نؤاس جماعتنا و لم نناصح صاحبنا (علي)‬ ‫كفرنا‪ .‬وإن نحن فعلنا فعرنا أبحناء ونارنا أحمدنا‪ .‬ويروى أنه لما قتل أبو كعب‬ ‫رئيس خشعم العراق لم يستطع قاتله في صفوف معاوية أن يمنع نفسه من البكاء‬ ‫رالانصراف وهو يقول‪ :‬رحمك الله أبا كعب ‪ ،‬لقد قتلتك في طاعة قوم أنت‬ ‫أسر بي رحما منهم" وأحب ل نفساً منهم ولا أرى إلا قريشا قد لعبت بنا‪.‬‬ ‫من أجل ذلك جاء تبلور فكرة اقتراح قبول الاحتكام إلى كتاب الله» بعدما‬ ‫وجد الناس أنفسهم في' وضعية مأساوية‪ ،‬وظهر تيار واسع في صفوف علي كان‬ ‫يريد تجنب الحرب ووقفها بعد اندلاعها‪ ،‬وبالمقابل كان هناك في صفوف علي‬ ‫بن أبي طالب جماعات تضغط من أجل مواصلة الحرب تدفعها اعتبارات ومصالح‬ ‫أخرى‪ .‬وتأتي الخصومة والمنافسة التقليدية بين قبائل ربيعة من شرق الجخزيرة‬ ‫العربية ومعها اليمنيون من جنوبيما وبين مضر ((قريش من غريما)) من أهم‬ ‫لاعتبارات‪ ،‬ناهيك عن التناقض في المصالح والنفوذ ورفض سيادة ونفوذ قريش‬ ‫على تلك القبائل‪.‬‬ ‫ورغم ما يبدو في جانب من أفكار الخوارج من الثورة على الأوضاع‬ ‫السياسية في القديم‪ ،‬إلا أن بجمل أفكارهم كانت في الحقيقة تميل إلى تثبيت‬ ‫العصبية العربية‪ ،‬و لم تصدر آراؤهم عن فلسفة عقلية أو نصوص شرعية‪ ،‬ولكن‬ ‫أملت عليهم ظروف بيئية وعصبية قبلية ما ذهبوا إليه من آراء تعاقبت واستفحلت‬ ‫مذاهبهم من جراء معاداتمم للمجتمع‪ ،‬وما أصروا عليه من أحكام ثم معاداتمم‬ ‫(‪()١١٧‬‬ ‫لبعضهم البعض‪ .‬ولذلك يمكن تفسير السبب الذي من أجله أحجم الفرس‬ ‫والعجم عن المشاركة في ثوراتمم أو تبني أفكارهم‪.‬‬ ‫ويجدر الإشارة إلى أن الخوارج انقرضوا عدا الإباضية ال انتشرت في جنوب‬ ‫شرقي الجزيرة العربية والمغرب العربي" وصاغت أصوها الفكرية والعقائدية‬ ‫وأصبح لها فقه عملي متطور‪ ،‬بعد أن كان النشاط السياسي قد غلب عليها في‬ ‫المراحل الأولى لظهور هذه الحركة الي يتبرأ أئمتها أن تكون من الخوار ج‪.‬‬ ‫وتعد الإباضية الفرقة‪.‬الإسلامية الوحيدة الي صرفت جهودها واهتمامها نحو‬ ‫ثلاث قضايا رئيسة ومحورية ظلت تلازم كتاب هذه الفرقة ومفكريها وأئمتها‬ ‫طول تاريخ نشأة هذه الحركة‪:‬‬ ‫أولا‪ :‬إيجاد الأدلة التاريخية والمنطقية الي تنفي انتماءهم إلى الخوار ج‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬محاولة التخلص من شبح الخوارج عنهم؛ ونفي اسم مؤسسها غبدالله بن‬ ‫إباض الذي تنسب إليه‪،‬لعلمهم أن ابن إباض كان أحد الخوار ج‪ ..‬ولعلمهم أيضا‬ ‫أن ‪ .‬س غيرهم يعلمون ذلك ولا يمكن محوه كحقيقة واقعية من ذاكرة‬ ‫التاريخ " ‪ .‬ويفضلون العودة مذهبهم إلى جابر بن زيدد‪ ..‬ولكن أعداءهم فرضَرا‬ ‫هذه التسمية أي الإباضية بدلا من الخابرية‪ ،‬وإن التسمية الحقيقية لهم هي أهل‬ ‫`‬ ‫الاستقامة‪.‬‬ ‫ثالا‪ :‬إصرارهم على اعتبار مذهبهم مذهبا خامسا اجتهاديا فقهياً سنياً يقف‬ ‫جنباً إلى جنب مع الشافعية والحنفية والمالكية والحنبلية والدفاع عن آرا‪ :‬نهم الي‬ ‫تخالف رأي أهل السنة والجماعة‪.‬‬ ‫على الرغم من اضطراب المعلومات الواردة في المصادر الإسلامية حول ‪:‬‬ ‫الإباضية ضمن مدلولات كلمة الخوارجس يبقى السؤال هل الإباضية فرقة من‬ ‫الخوارج أو أنما ليست فرقة منها؟‬ ‫(‪ )١‬صالم؛ عمربن الحاج محمد‪:‬دراسة ني الفكر الإباضي‪٨٣. ‎‬ص‬ ‫(‪)١١٨‬‬ ‫إن معظم المصادر الإسلامية الي تحدثت عن الفرق تجعل الإباضية من ضمن‬ ‫معظمها فريقان حفصبّة وحارثية فأما اليزيدية‬ ‫فرق الخوار ج‪٥‬‏ وأما افترقت فرقا‬ ‫من الإباضية} والميمونة من العجاردة فإنهما فرقتان من غلاة الكفرة الخارجين عن‬ ‫لأمة " ‪ .‬ويتفق الشهرستاني مع هذا الرأي" عندما يعرّف فرق الخوارج بأم‬ ‫والإباضيةا‬ ‫والنعالبة&‬ ‫والعجاردة&‬ ‫والبيهسية‘‬ ‫والنجدات‪،‬‬ ‫الحكمة والأزارقة‪.‬‬ ‫الصفرية‪ ،‬والباقون فروعهم ه" ‪ .‬أما الأشعري فإنه يجعلهم من الخوارج‬ ‫العتدلين‪ ،‬لأن الإباضية لا ترى اعتراض الناس بالسيف لكنهم يرون إزالة أئمة‬ ‫‪.‬‬ ‫قدروا عليه بالسيف أو بغيره ‪8‬‬ ‫الجور ومنعهم من أن يكونوا أئمة بأي شيء‬ ‫أما كتاب الإباضية حاصلة المعاصرين منهم فإم يرفضون انتسابمم للخوارجض‬ ‫ويفندون هذه الآراء والمزاعم‪ ،‬ويرون أن معظم ما كتب عن الإباضية سواء كان‬ ‫حتا أو باطل‪ ،‬فإنما هو إلا تشنيعات وتلفيقات لمن يريد الفتنة ضد الإباضية‪.‬‬ ‫رإثارة الرأي الإسلامي العام ضدهم وأن يجعلهم مكروهين ومنبوذين من بقية‬ ‫إخولمم المسلمين‪ ،‬ويدافعون عن ذلك بقوة‪ ،‬بل يرفضون أن يطلق عليهم اسم‬ ‫الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب (رضي) بعد التحكيم وذلك من‬ ‫وجهة نظر أن الذين رفضوا التحكيم لم يشككوا في شرعية الخليفة علي بن أبي‬ ‫‪,‬طالب (رضي) ويرون أن ولاية علي بن أبي طالب حق عند الله تعالى وكانت‬ ‫على أيدي الصحابة وبقية الشورى" وقتاله لطلحة والزبير وعائشة أم المؤمنين‬ ‫) رضي) حق عند الله تعالى‪ ،‬لشقهم عصا الأمةء وأنه حكم بأن من حكم نهو‬ ‫كافر! غم رجع على عقبيه وقال‪(( :‬من لم يرض بالحكومة كافر)) ‪.‬فقاتل من‬ ‫‪.‬رضي بالحكومة وقتله‪ ،‬وقاتل من أنكر الحكومة وقتله‪ ،‬وقتل أربعة آلاف أواباً من‬ ‫(‪ )١‬البغدادي! عبدالقادربن طاهر‪ :‬الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية منهم‪٥٥٠. ‎‬ص‬ ‫الملل والنحل‪ ‎‬ص‪.١٠٦‬۔‬ ‫بن عبدالكرعم‪:‬‬ ‫)آ( الشلهرستناني‪ ،‬محمد‬ ‫ص‪.١٨ ٩‬‬ ‫‪١‬يرعشألا‪ ‎‬أبوالحسن علي بن إسماعيل‪:‬مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين‪‎‬‬ ‫(‬ ‫(‪)١١٩‬‬ ‫أصحابه‪ 3‬واعتذر فقال‪ (( :‬إخواننا بغوا علينا فقاتلناهم )) فسلم أهل الشرك من‬ ‫بأسه! وتورط في أهل الإسلام بنفسه ( ‪.‬‬ ‫وأنهم خرجوا عنه لرفضه استمرار القتال في صفين واستجابته لضغوط الذين‬ ‫رغبوا وقف القتال لما رفع أهل الشام المصاحف على أسنة الرماح‪ ،‬وأمم مثلوا‬ ‫الذين خرجوا‬ ‫وأن‬ ‫الحق مساومة‪.‬‬ ‫يقبل ق‬ ‫الذي ل‬ ‫المؤمن‬ ‫صفات‬ ‫موقفهم هذا‬ ‫على علي بن أبي طالب (رضي) كانوا حزبا ثوريا يعتصم بالتقوى و لم ينشؤزوا‬ ‫والتقوى‬ ‫التقوى©‬ ‫حذاق‬ ‫إل‬ ‫ينظرون‬ ‫وكانوا‬ ‫الإسلام!‬ ‫بل عن‬ ‫عصبية العروبة‪،‬‬ ‫عن‬ ‫في الإسلام ذات اتجاه سياسي عام‪ ،‬والأمر كذلك إلى أعلى درجة عند‬ ‫‪.‬‬ ‫)(‬ ‫الجوارج‬ ‫في حين نجد منهم من يغض الطرف عن ذلك الانتساب ويقبل بالتسمية على‬ ‫أن المقصود بالخروج الخروج للجهاد ي سبيل الله أو الخروج سياسيا لا الخروج‬ ‫عن الدين أو مروقا منه "" ‪ .‬وأن كلمة الخوارج كانت تشير في الماضي إلى هؤلاء‬ ‫المسلمين الذين خرجوا للقتال في سبيل الله» وأنمم سموا خوارج وهو جمع خارجة‬ ‫وهي الطائفة الي تخرج في سبيل الله أخذا من قوله تعالى لأ وكو راوا الخروج‬ ‫حين‬ ‫‏‪ . (٤‬ولكن اللعن الحقيقي تحول تدريجيا إلى معن مشوه‬ ‫لأعَدوا له غدة ‪:‬‬ ‫ظهر من الخوارج القول بإباحة الدم والمال بالذنب والمصادر التاريخية الي ذكرت‬ ‫أن ابن إباض كان من الخوارج هي نفسها الي عادت وذكرت أنه خالفهم‬ ‫بالرأي فانفصل عنهم وتبرأ منهم فيما بعد في رسالته إلى عبدالملك بن مروان‬ ‫(‪ )١‬الورجلاني‪ 6‬ابريعتوب يوسف إبراهيم‪ :‬الدليل والمرهان‪ ‎‬ج‪١‬ص‪`.٤١‬‬ ‫(‪ )٢‬معمرا علي بحى‪:‬نشأة المذهب الإباضي‪ ‎‬ص‪.١٢٣٦‬‬ ‫(‪ )٣‬طالي" عمار آراء الخوارج الكلامية ص‪ ‎‬ج‪١‬ص‪.٢٠‬‬ ‫(‪ )٤‬سورة التوبة الآية‪.٤٦ ‎‬‬ ‫(‪(١٢٠‬‬ ‫((براء إلى الله من ابن الأزرق وصنيعه وأتباعه‪ ،‬لقد كان حين خرج على الإسلام‬ ‫يما ظهر لنا ولكنه أحدث وارتد وكفر بعد إسلامه فنبرأ إلى الل منهم ))‪.‬‬ ‫يدو أن مصطلح الخوارج كان مصطلحا سياسياً أكثر منه دينيا استطاع‬ ‫لأمريرن ومن ورائهم دعاة العصبية القرشية‪ ،‬والهاشميون ومن ورائهم الشيعةء‬ ‫النطاعوا بذكاء أن يصكوه على الثائرين الذين ينادون في إصرار بالمبادئ العادلة‬ ‫ل الخلافة} الذين يسعون إلى تقويض مفهوم احتكار الخلافة الإسلامية في قريش‬ ‫رحدها دون سائر العرب والمسلمين‪ ،‬وإلا لماذا لم تطلق تسمية الخوارج على‬ ‫الذين خرجوا خروجا سياسيا على خليفة تمت له البيعة الشرعية؟ ولماذا يرفضون‬ ‫إللاق اسم الخوارج على معاوية وطلحة والزبير أو علي ( رضي ) أو أتباعه‪ ،‬أو‬ ‫على الثائرين على عثمان (رضي) ؟‬ ‫والتتبع لأسماء القادة والأشخاص الذين تزعموا الحركة ضد التحكيم غم كانوا‬ ‫فادة الثورات المتلاحقة ضد علي بن أبي طالب والحكام من بني أمية‪ ،‬يجد أن‬ ‫معظمهم ينتمي إلى القبائل العربية التي نزحت من وسط الجزيرة العربية ومعظم‬ ‫أناء تلك القبائل أتت الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر الوفود‪ ،‬ثم كانت‬ ‫زل من ارتدت بعد وفاته‪ ،‬وطمع أفراد منهم بالزعامة فادعوا النبوة منهم طليحة‬ ‫الأسدي‪ ،‬وتبعه كثير من العرب عصبية‪ ،‬فلهذا كان أكثر أتباعه من أسد؛‬ ‫ببلاد بي تميم سجاح بنت الحارث بن سويد التميمي‬ ‫رغطفان وطيء‪ ،‬وظهرت‬ ‫بجنودها بني حنيفة في اليمامة فجاءها مسيلمة الكذاب‬ ‫فقصدت‬ ‫ادعت النبوة‪٨‬‏‬ ‫(مدعي النبوة ) في أربعين من بني حنيفة فقال لها‪ :‬لنا نصف الأرض‪ ،‬وكان‬ ‫لفريش نصفها لو عدلت وقد رد الله عليك النصف الذي ردت قريش <" ‪.‬‬ ‫تمكنت جيوش المسلمين القادمة من المدينة من القضاء على مدعي النبوة‬ ‫ر إحضاع المرتدين من العرب©ؤ والعودة بهم إلى جادة العقيدة الإسلامية من‬ ‫(‪ )١‬ابن الأثير محمد بن عبدالكريم‪ :‬الكامل في التاريخ‪ ‎‬ج‪٦٢‬ص‪.٢١٤‬‬ ‫(‪(١٢١‬‬ ‫جديد واستطاعت الخلافة الإسلامية في المدينة ان تجند أبناء القبائل العربية‬ ‫وتبعدهم عن مراكز ثقلهم القبلي بدعرى الجهاد في سبيل الله‪ ،‬فانضم الكثيرون‬ ‫منهم إلى جيوش المسلمين المتجهة نحو فارس والروم» إما تحت تأثير الدعوة‬ ‫لفريضة الجهاد‪ ،‬أو بغية كسب المغانم والفي‪ 3‬أو آنه الخروج من حدود جزيرتقم‬ ‫إلى آفاق واسعة وأمصار خضراء تحري فيها الأنمفار تعوضهم عن جفاف وقسوة‬ ‫حياة الصحراء العربية‪.‬‬ ‫انطلق هؤلاء العرب حاملين معهم نزعاتمم القبلية والعصبية وكانوا يمثلون‬ ‫خليطا من قبائل بدوية ليس لها إرث حضاري راسخ‪ ،‬عرف عنها إنما لا تقبل‬ ‫الخضوع للسلطة المركزية‪ .‬وخاصة إذا كانت تتركز في قبيلة بعينها كقريش‪.‬‬ ‫ب ۔ نشوء الفكر الإباضي‪:‬‬ ‫تعود نشأة المذهب الإباضي بالدرجة الأولى إلى الظروف السياسية الي مرت‬ ‫بما الأمة الإسلامية في الثلثين الأخيرين من القرن الأول الهجري‘ بالإضافة إلى‬ ‫تلك الأوضاع الاجتماعية المتناقضةڵ الي تولد عنها اختلاف الأمة الإسلامية حول‬ ‫بعض القضايا في الفقه والسياسة} ومن ثم تباينت الأفكار وتعددت الآراء وكثر‬ ‫الجدل بين العلماء وصار لكل عالم أتباع وأشياع‪ ،‬وتحزبت الأمة وصارت فرقا‬ ‫ومذاهب" تدعي كل فرقة منها أن الحق بجانبها وأنما هي الوحيدة الناجية من‬ ‫النار» وبالفت كل فرقة في ذم الأخرى‪ .‬ومرت على الأمة الإسلامية ظروف‬ ‫متوترة لم تكن جذوة الصراع الفكري وحدها تكفي في إذكاء نار الفتن" بل‬ ‫تفاقم الوضع وتحول الخلاف من حرب كلامية إلى صراع مسلح‪.‬‬ ‫© كان الخليفة عثمان بن عفان (رضي) أول ضحية في هذا الصراع ثم‬ ‫تطورت الأحداث واشتد الخلاف وتقاتل المسلمون في معركة الحمل سنة‪٢٦‬ه‏‬ ‫وي معركة صفين سنة ‪٢٣٧‬ه‪.‬‏ وحدثت بعدها فتن وانقسامات وبدأت الخوارج‬ ‫في الظهور كفرقة منشقة تؤصل لفكرة سياسية تقوم على أساس المبساواة بين‬ ‫(‪()١٦٦‬‬ ‫السلمين في الحكم‪ ،‬وتنادي بأحقية كل مسلم كفوء في أن يكون إماما‬ ‫للمسلمين! وسعت هذه الدعوة إلى نسف فكرة الخلافة في قريش وحدها دون‬ ‫الامة‪ .‬وقد غلب على الخوارج انتماؤهم إلى غير قريش من العرب‪ .‬وفي سبيل‬ ‫هذه الفكرة السياسية خاض الخوار ج حروبمم المهلكة وضحوا من أجل تحقيقها‬ ‫بأراحهم وأموالهم؛ وتحملوا ملاحقة الحكام لهم والتنكيل بهم‪.‬‬ ‫لقد شهد الحراك الاجتماعي في المجتمع الإسلامي في عهد الخليفة الأموي‬ ‫عبدالللك بن مروان (‪٦٥‬۔‪٨٦‬ه)‏ ظهور تيارات وفرق سياسية مناوئة لسلطة‬ ‫الخلافة الأموية اليي استطاعت إخضاع الدين للسلطة السياسية الحاكمة وشرعت‬ ‫الاستبداد المطلق للحاكم‪ .‬واختلطت الأطروحات الفكرية بين السياسة والكفر‬ ‫والإسلام والإيمان‪ ،‬والخروج والجهاد والعنف والاستقامة والحق‪ ،‬ونسخت آيات‬ ‫لله التي تدعو إلى الله بالموعظة الحسنة} بآيات السيف والجهاد‪ ،‬واعتماد الترادف‬ ‫ل نهم النص مما نتج عنه اللجوء إلى الاغتيالات والقتل والقتالء وعة ذلك من‬ ‫النصوص المأنورة عند بعض الفرق الإسلامية ال أفرزها الحراك الاجتماعي‬ ‫الإسلامي في البصرة والكونة‪ .‬قي حين شهدت الساحة الفكرية‬ ‫نعددا في الآراء وتباينا ف الأفكار واختلافات في مسائل الفقه والسياسةض‬ ‫رأمام هذا الخلط وغموض الفهم هناك عواطف دينية جياشة وصادقة وحب‬ ‫حيقي له تعالى ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم‪ .‬إلا إن أكبر هم شغل‬ ‫السلمين مختلف مذاهبهم هو مسألة الخلافة ومسألة تنظيم أسس الحكم في دولة‬ ‫الخلافة وتطبيق تعاليم الإسلام على الواقع كما شاء الله لها وجاء ينا نبيه حمد‬ ‫صلى الله عليه وسلم وسار على ممجه خلفاؤه الراشدون‪.‬‬ ‫ولهذا جاء طرح شعار لا حكم إلا لله‪٬‬‏ لسحب السلطة السياسية من الحاكم‬ ‫بنية جمع السلطة الدينية والسياسية في جهة واحدة} فصل بينهما معاوية بن أبي‬ ‫سفيان وكانت نتائج فصلها الصراع التقليدي الموجود والممتد جبر تاريخ‬ ‫الخلافات والدول الإسلامية‪ ،‬وظهور الفرق الخارجة عن السلطة و وجود تنافر بين‬ ‫الفرق والتيارات الإسلامية أيضاً مما أدى إلى حروب خاضتها الخوارج" ومن خلال‬ ‫الحروب التي خاضتها الخوارج ومن تلك المواقف السياسية قامت تكتلات وجماعات‬ ‫(‪(١٢٦٣‬‬ ‫لجأت بعضها إلى التطرف وأسلوب الحرب والاغتيالات‪ ،‬وانتهجت أخرى الاعتدال‬ ‫ومهادنة السلطة الحاكمةء وهذا مخطط انقسام جماعة المحكمة وظهور الخوارج‬ ‫والإباضية «" ‪:‬‬ ‫وقعة صفين ‪٢٧‬ه‏‬ ‫ِ‬ ‫أتباع علي رضي الله عنه‬ ‫‪1‬‬ ‫المحكمة‬ ‫لترا ‏‪‘٨‬‬ ‫‪..‬‬ ‫امتبعاعاوية رضي الله عنه‬ ‫الحرورية أهل النهروان بقية‬ ‫المحكمة من النهروان‬ ‫‪١‬‬ ‫‪١‬‬ ‫فريق اختار المسالمة جماعة أبي بلال ر القعدة‪) ‎‬‬ ‫فريق اختار العنف ر الخوارج )‬ ‫‪8‬‬ ‫‪١‬‬ ‫جماعة معتدلة ر القعدة؛‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬۔‬ ‫‪..‬‬ ‫جماعة متطرفة رخوارج)‬ ‫الصفرية ‪ .‬اتباع عبد انته بن صقار‬ ‫‪١‬‬ ‫‪١‬‬ ‫الإباضية ‪ .‬أتباع عبد الله بز اانا‬ ‫الأزارقة ‪ .‬أتباع نافع بن الازرق‬ ‫|‬ ‫(‪ )١‬جهلان عدون‪ :‬مفهوم الإمامة ومشروعيتها وشروطها‪ ‎‬ص‪.٥٥‬‬ ‫|‬ ‫‪٦٤(‎‬آ‪()١‬‬ ‫ولكن هل يمكن إعادة جذور نشأة الإباضية إلى ذلك الطرح السياسي‬ ‫الذي ظهر في اجتماع سقيفة بني ساعدة؟ وإن كانت المسميات لم تظهر آننذ‬ ‫كما سميت من بعد بقية الفرق بأسمائها‪.‬‬ ‫إن أصول الطر ح السياسي ورأياً من آرائهم كان موجودا إبان اجتماع‬ ‫السقيفة والمقصود بهذا الطرح مبدأ الشورى» المتمثل في حرية اختيار الخليفة‪.‬‬ ‫رمبدأ أحقية كل مسلم تي الوصول إلى هذا المنصب بغض النظر عن جنسه ولونك‬ ‫رهذا ما صرح به سعد بن عبادة الخزرجي (ت‪١٦‬ه)‏ مع جماعة من الأنصار‬ ‫الذين قالوا بجواز الإمامة من غير قريش‪.‬‬ ‫ولولا أن بقية باقية من‪ :‬العصبية القبلية والخوف من عودة ظهور الصراع‬ ‫انقليدي بين الأوس والخزرج الذي انتهى مجئ الإسلام! لاستطاع الأنصار من‬ ‫أبناء الأوس والخزرج حسم موقف مسألة الخلافة يوم السقيفة لصالح الأسة‬ ‫الإسلامية‪ ،‬ولو أن الأنصار من أهل المدينة أصروا و ثبتوا على موقفهم السياسي‬ ‫ربلوروا فكرتهم السياسية وجعلوا اختيار الخلافة شورى بين المسلمين عامةض‬ ‫لنجنبت الأمة كثيرا مانلاختلاف والمآسي والحروب والقتل‪.‬‬ ‫و ييدو أن الشعور بالصدمة والحزن لوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وفراقه‬ ‫والفراغ الروحي الذي خلفه عند قوم كان يحبهم ويحبونه‪ ،‬تغلب القرار تحت تأثير‬ ‫العراطف على القرار تحت تأثير التفكير العقلي‪ ،‬وجاء قرار حسم الموقف لصالح‬ ‫الهاجرين من قريش‪ .‬إل إن قريشا انقسمت فيما بعد على نفسها وكان في‬ ‫انقسامها افتراق المسلمين إلى مذاهب وفرق لا تحصى‪.‬‬ ‫بلورت فكرة الخلافة لأن تكون لأحد المسلمين عبر الشورى" وارتبطت مع‬ ‫الأحداث الي شهدتما الأمة الإسلامية في منتصف القرن الأول الهجريء وطالبت‬ ‫الإباضية بتطبيق أسس هذه المبادئ السياسية ال آأنلهخروج الإباضية تاريخياً من‬ ‫تحت عباءة الخوارج وارتباط نشأتما بنشأة الخوارجعدتهم الغالبية العظمى من‬ ‫(‪(١٢٥‬‬ ‫الباحثين المسلمين خوارج منشقين ومتعصبين‘ و لم يبدوا أي اهتمام جاد لدراسة‬ ‫أسس وتعاليم المذهب الإباضي من خلال نظرة منهجية موضوعية تبلور ذخائر‬ ‫هذا الفكر السياسي‪ ،‬وبنيته الثقافية والمعرفية والتربوية‪.‬‬ ‫وفي الآونة الأخيرة بعد صدور الموسوعات العلمية للقانون الإسلامي في‬ ‫المذإمب‬ ‫بعض الدول العربية كمصر والكويت عة المذهب الإباضي ضمن‬ ‫الإسلامية السائدة وجاء هذا الحدث نتيجة لجهود علماء الإباضية المتواصل‬ ‫لكسب ثقة وقناعة إخوانمم المسلمين بكينونة مذهبهم واصالة مبادئه وتعاليمه‪.‬‬ ‫ج۔ أصل التسمية ‪:‬‬ ‫الأباضية أو الإباضية هي إحدى أقدم المذاهب الإسلامية وعرفت بالفرقة‬ ‫المعتدلة الني رفضت آراء نافع ابن الأزرق المتطرفة وآثرت "القعود على ‪.‬قتال‬ ‫المسلمين‪ ،‬ولقد أخذت هذه المدرسة نسبتها إلى عبدالله ين إباض المري التميمي؛‬ ‫ونسبة الإباضية إلى أباض ‪ -‬بضم الهمزة ‪ -‬وهي قرية بالعرض من اليمامة نزل بما‬ ‫نحدة بن عامر «" ويطلق عليها أباضيّة ‪ -‬بالفتح ‪ -‬في شمال أفريقيا‪ .‬وإباضة۔‬ ‫بالكسر في عُمان وزنجبار‪.‬‬ ‫ظهر عبدالله بن إباض رمزا قيادياً رافضا لشعار الحرب والقتال الذي تبناه نافع‬ ‫ابن الأزرق وقياديون آخرون من الخوارج‪ .‬و لم يفلح زعماء الخوارج في استدراج‬ ‫عبدان بن إباض للخروج معهم فامتنع وأخبرهم أنه لا يخرج على قوم يرتفع‬ ‫الأذان من صوامعهم والقرآن من مساجدهم‪ .‬ويموقفه هذا جسد حقيقة بداية‬ ‫ظهور الإباضية‪ ،‬وأصبح الرمز القيادي المتكلم باسم هذه الفرقة وساهم بتأسيس‬ ‫‏(‪ )١‬نجدة بن عامر ( ت ‪٧٢‬ه‏ ) ضاحب النجدات من الخوارج بايعه بعض الذين خالفوا ابن الأزرق‬ ‫وسموه أمير المومنين‪ .‬كاتب عبدالملك بن مروان‪ ،‬وأعطاه الرضى فنقم عليه أصحابه" وقنله أبوفديك أحد‬ ‫أتباعه‬ ‫(‪)١٦٦‬‬ ‫هذا المذهب‪ .‬وتشير المصادر الإباضية القديمة والحديثة إلى إن تسمية المذهب‬ ‫بالإباضية لا يعمي أن عبدالله بن إباض هاولزعيم الروحي للمذهب وغيره أتباغ‬ ‫له وإن كانوا يعدونه من علمائهم ومشاتخحهم البارزين في العقود الأولى مسن‬ ‫تاريخ الحركة وإنما التأسيس الحقيقي لفرقة الإباضية كان على يد جابر بن زيد‬ ‫الازدي الماي‪. .‬‬ ‫ويرى كتاب الإباضية أن الأمويين هم الذين أطلقوا عليهم هذا الاسم نسبة‬ ‫إل عبدالله بن إباض» ولا يريد الأمويون نسبة الفرقة إلى جابر بن زيد حت لا‬ ‫يجذبوا الأنظار لمكانته العلمية الرفيعة في البصرة‪ ،‬وهذه التسمية بالإباضية لم‬ ‫يخترعها أتباع هذة الفرقة بألطلقها عليهم مخالفوهم(‘ وبعد إصرار على رفض‬ ‫هذه التسمية من جهة الإباضية وإصرار مخالفيهم على تسميتهم يمذا الاسم قبلوا‬ ‫به» فالإباضية قديما وحديثا يجمعون على إن الاسم الحقيقي مذهبهم ليس الإباضية‬ ‫وإنما التسمية المفضلة لديهم هي أهل الدعوة أو جماعة المسلمين أو أهل الاستقامة‬ ‫والحق () ‪.‬‬ ‫مذهبهم على‬ ‫درجت الإباضية خاصة إباضية المشرق عند الحديث عن‬ ‫استخدام مصطلح‪ :‬الشراة أو جماعة المسلمين أو أهل الدعوة والاستقامة‪ .‬هذا في‬ ‫الأقل إلى القرن الثالث عشر الهجري" و بشيء من التحفظ الشديد يمكن القول‬ ‫بان غالبية الإباضية هم غمانيون‪ ،‬والإمام جابر بن زيد عغماني‪ ،‬لذا وجد‬ ‫الممانيون أثيم أولى به من غيرهم‪ ،‬وأن العصبية لم تتسامح أن ترى جابر بن زيد‬ ‫إماما للأمة كلها شأنه شأن التابعين أمثال جابر وسعيد بن المسيب والحسن‬ ‫البصري‪.‬‬ ‫(‪ )١‬معمر علي يحى‪ :‬الإباضية في موكب التاريخ ص‪. ٦١ ‎‬‬ ‫)( خليفات عوض محمد‪ :‬الأصول التاريخية للفرقة الإباضية‪ ‎‬ص"‪. ٥‬‬ ‫(‪(١٦٧‬‬ ‫إن معظم الإباضية كانوا من قبيلة تميم والأزد‪ ،‬نزلوا البصرة‪ ،‬وكانت تربطهم‬ ‫روابةذ أسرية وقبلية‪ ،‬ولعل تميم ( البصرة ) تقاعست عن نشر هذا المذهب في‬ ‫مواطنها الأصلية في وسط الحزيرة العربية‪ ،‬بينما استطاعت الأزد أن تنشر المذهب‬ ‫الإباضي في موطنها الأصلي عمان وامتدت دعوتما إلى اليمن وحضرموت ولعل‬ ‫الحقيقي لمذمب‬ ‫أد عمان هي الي شددت بأن جابرا بن زيد هو الللسسص‬ ‫الإباضية قبل أن يظهر عبداللة بن إباض على الساحة السياسية وأن الدور‬ ‫السياسي الذي قام به ابن إباض إنما كان بتوجيه من الإمام جابر بن زيد الذي‬ ‫سبق له وجود نشط ف البصرة مع الشراة الأوائل من أمثال أبي بلال بن مرداس‬ ‫بن حدير واأ‪-‬خيه عرو و‬ ‫‏‪-١٨‬‬ ‫وهذا يتناق مع المنطق‪ ،‬إذا لا يعقل أن يكون صي ولد ما بين عامي(‬ ‫‏ه‪ ) ٢٢‬أن يتولى في السادسة عشرة من عمره عند مقتل عبدالله بن وهب في‬ ‫معركة النهروان عام ‪٢٨‬ه‏ شؤون الإمامة والزعامة لحركة سياسية برزت في‬ ‫منعطف تاريخي خطير ووسط مسرح الأحداث المضطربة وبين زعامات قبلية‬ ‫عربية تقليدية لها ثقلها ووزفا الكبير‪.‬‬ ‫لكن الخوار الذي انتهجه ابن إباض ومراسلاته مع عبدالملك بن مروان الذي‬ ‫لم يدعه بلقب الخليفةإ ومناظراته‪ ،‬إضافة إلى حماية قبيلته تميم إحدى أهم قبائل‬ ‫اجتمع الاإاسلامي؛‪6‬‬ ‫البصرة جعلت منه شخصية سياسية بارزة‪ 3‬لها مكانتها ق‬ ‫أبو العباس‬ ‫الشيخ‬ ‫سبيل تححققييقق الحق۔ يقول‬ ‫نظر أتباعه بأنه الحامد علنا ق‬ ‫وعد ق‬ ‫الدرجيني ( ت سنة‪٦٧٠‬ه)‏ في طبقاته‪( :‬روأنه إمام أهل الطريق وجامع الكلمة‬ ‫لما وقع التفريق‪ ،‬فهو العمدة في الاعتقادات\ والمبين لطرق الاستدلالات‬ ‫والاعتمادات وكان رأس العقد ورئيس من بالبصرة وغيرها من الأمصار والمتقدم‬ ‫‪.٢٨٢‬‬ ‫(‪ )١‬ناصر الدكتور محمد صالح‪ :‬منهج الدعرة عندالإباضية ص‪‎‬‬ ‫(‪(١٦٨‬‬ ‫في حلبة الفضل بين أولعك الأخيار)) «" ‪ .‬وهذا تاكيد على أن ابن إباض هو‬ ‫رأس اللذحب وإليه ينسب‬ ‫د۔ رأي الإباضية في الخوارج‪:‬‬ ‫استطاع بنو أمية تثبيت حكمهم وقمع أي معارضة لهم‪ ،‬من مثمكان لزاما‬ ‫على الخوار ج و المتعاطفين معهم من ( المحكمة) أن يخفوا مذاهبهم وآراءهم فيما‬ ‫يعتقدون أنه الحق‪ ،‬وباشروا عملهم وتحركاتمم سرا‪ .‬وكانت البصرة مركزا‬ ‫لنشاطهم وكان من بين هؤلاء ممن كتبت له النجاة من معركة النهروان‪ ،‬عروة‬ ‫بن أدية وأخوه أبوبلال بن مرداس وقد استمرا في نشاطيهما انطلاقا من البصرة‬ ‫وكان أيوبلال بن مرداس زعيما لهذه الجماعة وكان على صلة وثيقة بجابر بن زيد‬ ‫للنتمي إلى قبيلة الأزد‪ ،‬وهي القبيلة نفسها الي ينتمي إليها عبدالة بن وهب‬ ‫الراسبايلزعيم الأول لتلك الفرقة‪ ،‬وكانت نشاطات جابر بن زيد ذات طابع‬ ‫روحي وفكري وقد آلت إليه زعامة المحكمة‪ 0‬وأتاح لمهركزه بوصفه مفتياً بارزً‬ ‫في البصرة أن يباشر في بث أفكاره ومعتقداته المذهبية بأسلوب منظم دون أن يثير‬ ‫شكوك الحكام الأمويين واضطهادهم المستمر لأفراد المحكمة في البصرة على أيدي‬ ‫عبيدالله بن زياد‪ ،‬وهذا الاضطهاد المتزايد أجبر بعضاً على تصعيد ردة الفل ‪.‬‬ ‫لديهم وبعنف مما حملهم يقرون العمل بمبدأ الشراة الذي يعي لهم التضحية‬ ‫بالنفس‪ ،‬بينما آثر بعضهم القعود ويعني لهم السكوت في ظل حكم سلاطين‬ ‫الجور‪ ،‬وعدم الخروج للجهاد واللجوء إلى مرحلة الكتمان والعمل بمبدأ التقية‬ ‫ومبدءا ( القعود والتقية) هما الوسيلة الي لحأ إليهما الإباضية ونصح أتباعهما‬ ‫‪.٢١٤‬‬ ‫(‪ )١‬الدرجييي‪ :‬طبقات المشائخ بالمغرب ج؟‪ ٢‬ص‪‎‬‬ ‫(‪)١٦٩‬‬ ‫بالعمل بما‪ ،‬بلورت الإباضية مذهباً فكريا كغيره من المذاهب الإسلامية بعيدا عن‬ ‫التطرف والغلو‪.‬‬ ‫حدد الإباضية علاقتهم بخصومهم من الفرق الأخرى وبينوا هذه العلاقة على‬ ‫الأسس الآتية (_ ‪:‬‬ ‫‪ .‬على الإباضية محاربة من يحاربمم وأن لا ينتهجوا سياسة الاستعراض ‪.‬‬ ‫_‬ ‫‏‪ .٢‬يجب عدم سلب ممتلكات خصومهم من المسلمين كمغانم‪ ،‬وأن لا تقتل‬ ‫نساؤهم أو أطفالهم أو أن يؤخذوا سبايا وهذا المبدأ قد عمل به إقتداء يما‬ ‫فعله المسلمون في حريم ضد عثمان وأتباعه‪ ،‬وطبقه علي في حربه ضد‬ ‫طلحة والزبير عندما كان الخليفة الشرعي‪.‬‬ ‫‪ .‬الخروج للجهاد ليس إجباربا ويمكن للمسلمين أن يعيشوا تي ظل حكم‬ ‫ہ‬ ‫سلاطين الجور وهم يخفون دينهم بإتباع أسلوب التقية عندما تستدعي‬ ‫الضرورة‪.‬‬ ‫‪ .‬مبدأ الشراء أو الفداء بالنفس هو مبدأ تطوعي بحموعة من أربعين رجلا‬ ‫حم‬ ‫فأكثر عندما يقرون ذلك على أنفسهم‪.‬‬ ‫حافظت الحركة الإباضية على التمسك بمذه المبادئ وأصبحت تميز مسيرقا‬ ‫السياسية‪ 3‬ولكن حركة نافع بن الأزرق( قتل سنة ‪٦٥‬ه)‏ وانشقاقه الخطيرعن‬ ‫فرقة المحكمة وتعاليمها وأفكارها وإعلان ثورته وانتهاجه ئمجاً معاكساً خلق ردود‬ ‫فعل مختلفة‬ ‫تجاهه وقد اعترض كل من عبدالله بن إباض وجابر بن زيد على آراء‬ ‫النامي عمرو‪ :‬دراسات الإباضيقص‪.٣٣‬‏‬ ‫((‬ ‫(‪(١٣٠‬‬ ‫نافع وتبرأ الاثنان منه ولقد عبر عبدالله بن إياض عن ذلك بقوله‪(( :‬إنا براء إلى اللة‬ ‫من ابن الأزرق وصنيعه وأتباعه‪ ،‬لقد كان حين خرج على الإسلام فيما ظهر لنا‬ ‫ولكنه أحدث وارتد وكفر بعد إسلامه‪ ،‬فنبرأ إلى الة منهم)) (_ ‪.‬‬ ‫يعتقد الإباضية أن مبادئهم ليست سوى مبادئ المحكمة قبيل أن تظهر تلك‬ ‫الفرق الأخرى من الخوارج المتطرفين" الذين هم في نظرهم (( المارقة)) الذين‬ ‫خرجوا من الدين وورد ذكرهم في حديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا‬ ‫يقول‪ (( :‬يخرج فيكم قوم صلاتكم مع صلاتمم؛ وصيامهم مع صيامكم‬ ‫وأعمالكم مع أعمالهم" يقرؤون القرآن ولا يجاوز حناجرهم؛ يمرقون من الدين‬ ‫كما برق السهم من الرمية تنظر في النصل؛ فلا ترى شيث أ ونتمارى في‬ ‫الفرقف))‪.‬‬ ‫ولكن ما رأي الإباضية في الخوارج؟ وما هو مفهومهم للخروج؟‬ ‫هناك آراء متعددة تنحصر بين موقفين أساسين الأول منهما الكم على‬ ‫الإباضية بأنما فرقة من الخوارج وثانيهما أن الإباضية ليست من فرق الخوارج‪.‬‬ ‫يقر الشيخ نورالدين السالمي (ت ‪١٢٣٢٢‬ه)‏ بخروج الإباضية لكن بمفهوم‬ ‫الجهاد إلى سبيل الله ( ولما كثر بذل نفوسهم أي ‪ -‬الإباضية‪ -‬في رضى رمم‬ ‫وكانوا يخرجون للجهاد طوائف‪ ...‬سموا بالخوارج جمع خارجة وهي الطائفة الي‬ ‫تخرج في سبيل الله أخذا بقوله تعال وو أرَاذوا الخروج أدواته ‪©{..‬‬ ‫(‪ )١‬ناصر! محمد صالح‪ :‬منهج الدعوة عند الإباضية‪٥٢٢. ‎‬ص‬ ‫(‪ )٢‬التوبة الآية‪.٤٦ ‎‬‬ ‫(‪()١٢١‬‬ ‫فهذه هي أصل تسميتهم بالخوارج وهي تسمية حمودة وسبب مشكور‪ ،‬ولا‬ ‫باسم أهل الاستقامة «" ‪.‬‬ ‫ويجمع الإباضية بأن الخوارج هم الأزراقة والنجدات والصفرية‪ ،‬الذين كانوا‬ ‫مع الإباضية فخرجوا عنهم بخروجهم عن الدين حين أحلوا الأموال والدماء‬ ‫باللعصية} والحديث الوارد في الخوارج إنما كان المقصود منه هؤلاء لأن آخر‬ ‫الحديث (( يستحلون الأموال والدماء بالمعصية والأباضية لا تستحلها )"" ‪.‬‬ ‫الشروع في الجهاد‪ ،‬ولكن معظم علماء الإباضية الأوائل‪ ،‬قد استعملوا الكلمتين‬ ‫المتطرفين بتعبير‬ ‫غلاة‬ ‫و خصوا‬ ‫‪ _-‬وخوارج)) بما يعي الإشارة للإباضية{‬ ‫) خروج‬ ‫خوارج الجور‪ ،‬واستعملوا أيضا كلمي شراء وشراة بدلا من خروج وخوارج‪.‬‬ ‫وإن كانت كلمة شراء وشراة لها مدلولاتما الخاصة عندالإباضية‪.‬‬ ‫والمتأخرون من الإباضية يرفضون انتسابممم للخوارج‪ ،‬ويدافعون عن ذلك بقوة‬ ‫في حين بحد منهم من يغض الطرف عن ذلك ويقبل بالتسمية على ان المقصود‬ ‫بالخروج الخروج للجهاد في سبيل الله أو الخروج سياسيا لا خروجا عن الدين‬ ‫ومروقاً منه ("" ‪ .‬ويقول كاتب إباضي معاصر‪ :‬إن الاعتبارات الوي سمي الخوارج‬ ‫= من اجلها‪ -‬خوارج لا وجود لها عند الإباضية مطلقا‪ .‬بل إنهم أبعد الناس عنها‬ ‫(‪ )١‬أطفيش‪ :‬محمد بن يرسف الرد على العتي‪ ‎‬ص‪.٢٥‬‬ ‫ص‪.٢٦‬‬ ‫)آ‪ ‎(٢‬السامي‪ :‬نورالدين في هامش الرد على العتي ني القطب‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬طالي‪:‬عمارك آراء الخوارج الكلامية‪ ‎‬۔‪٠٣‬ص‪١‬ج‬ ‫(‪(١٢٣٢‬‬ ‫عقيدة وقولاً وعملا وجميع كتاب المقالات ‪ -‬رغم إصرارهم على أن الإباضية‬ ‫من الخوارج = يشهدون بذلك ويسجلونه في كتبهم ( ‪.‬‬ ‫ألزم نافع ابن الأزرق أتباعه بالخرو ج والهجرة وأعلن أنهما إجباريان لفرقتهء‬ ‫وأعد دار خصومهم من المسلمين المخالفين لهم دار حرب‪ ،‬وعد أولئك الذين لا‬ ‫يخرجون معه ( القعدة ) هم عبدة أوثان بنص الآية ل وإن أطَتُْوهُم كم‬ ‫شكون "" ! وهذا يناقض ما سارت عليه الحكمة من حيث إن نظرقمم إلى‬ ‫خصومهم المسلمين ببساطة كفاراك وليسوا بمشركين ويمكنهم العيش وسط‬ ‫خصومهم وشرعوا لأتباعهم القعود و لم يلزموهم بالخروج أو الهجرة‪ 3‬وهذا المبدأ‬ ‫في إطار الحديث الشريف عن رسول ا له صلى ا له عليه وسلم (ر لا هجرة بصد‬ ‫الفتح ))‪ .‬وقد لحأ الإباضية إلى هذا النص في معظم كتاباقمم في العقيدة للتعبير من‬ ‫مسألة الهجرة أو الخروج‪.‬‬ ‫وفيما يختص بمعاملة الخوارج للمخالفين لهم من المسلمين فإن الإزارقة يرون‬ ‫أن مخالفيهم مشركون‪ ،‬وعلى ذلك حكموا عليهم بأن ديارهم دار حرب‪ ،‬يحلون‬ ‫قتل نسائهم وأطفاههم؛ وأخذهم أسرى وسلب أموالهم؛ ولا يجوز لهم ورث‬ ‫خصومهم أو أن يتزوجوا منهم‪ .‬وهذه المبادئ طبقها الأزارقة‪.‬‬ ‫عارض هذه الآراء اليي سلكها الأزارقة كل من عبدالله بن إباض وجابر بن‬ ‫والنجدات‬ ‫الصفرية‪-‬‬ ‫زيد وأعلنا براءتمما منها ومن مسالك الخوارج الأخرى‬ ‫رغيرهما‪ .‬وقد حددعبدالله بن إباض الخطوط العامة فيما يتعلق بصلاتمم وتعاملهم‬ ‫(‪ )١‬معمر علي ييى‪ :‬الإباضية بين الفرق الإسلامية عند كتاب المقالات في القدم والحديث ص‪.١٧٦ ‎‬‬ ‫‪.١٦٢١‬‬ ‫(؟) سورة الأنعام الآية رقم‪‎‬‬ ‫«(‪(١٢٣‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪.‬‬ ‫مع بقية المسلمين في بيانه حيث قال‪ :‬لا نقول فيمن خالفنا إنه مشرك لأن معهم‬ ‫التوحيد والإقرار بالكتاب والرسول» وإنما هم كفار للنعم وموارينهم ومناكحهم‬ ‫والإقامة معهم حل ودعوة الإسلام تجمعهم‪ .‬وقد تكرر هذا البيان في كل أدبيات‬ ‫وخطب زعماء الإباضية الذين عاصروا الجيل الأول منهم‪.‬‬ ‫ه اتتشار المذهب ‪:‬‬ ‫تعود نشأة الإباضية إلى ظهورعبدالله بن إباض على الساحة السياسية والفكرية‬ ‫في البصرة في عهد الخليفة الأموي عبداللك بن مروان‪ ،‬إلا أن الدور المتميز الذي‬ ‫قام به جابر بن زيد الأزدي العماني بدخوله في علاقات سلمية مع الحجاج بن‬ ‫يرسف كان لهما المردود الإيجابي على نشاط نشر الدعوة الإباضية سرا وجعلهاأفي‬ ‫منأى من بطش وقمع وأذى السلطات الأموية‪ ،‬وكان لتحركات جابر ين زيد‬ ‫نحر قبيلته الأزد العمانية في البصرة‪ ،‬مردودا بالغ الأثر على الحركة الإباضية‬ ‫وكسب الأنصار والأعوان لها وبحكم مركزه في قبيلته ومكانته العلمية ودرايته‬ ‫وكان‬ ‫الواسعة بعلوم القرآن الكريم والحديث استطاع ضم أعداد كبيرة منهمك‬ ‫لهم الفضل في نقل وانتشار تعاليم المذهب إلى مواضع شي في جزيرة العرب‪.‬‬ ‫بعد وفاة جابر بن زيد (سنة ‪٩٢‬هع(‏ الذي وطد أركان الدعوة الإباضية‬ ‫حت أصبحت حركة سياسية شاملة جذبت عناصر من قبائل وأحناس‬ ‫متعددة «‪ » 0‬سلكت الزعامة الإباضية الأسلوب نفسه الذي سلكه جابر بن زيد‬ ‫في الدفاع عن المذهب والسعي في نشره في كل جهات الدولة الإسلامية من‬ ‫‪١‬‬ ‫(‪ )١‬خليفات‪ :‬عوض» التنظيمات السياسية الإدارية عند الإباضية في مرحلة الكتمان‪٥. ‎‬ص‬ ‫(‪(١٢٣٤‬‬ ‫‪١‬‬ ‫دون إثارة غضب السلطة وبالفعل استطاعت القيادات الإباضية كأمثال أبي‬ ‫عبيدة أن تعمل على تنظيم نفسها سراء وتشكل بمجالس تتكون من مشائخ‬ ‫ورجال العلم منهم‪ ،‬وعملت هذه المجالس على ضمان استمرارية الدعوة الإباضية‬ ‫والسعي إلى نشرها في مأمن من الفتن وبعيدا عن أعين السلطة} وكانت تعقد ني‬ ‫المجالس العامة ال تضم الدعاة الإباضيين الدروس والمواعظ حول عقيدة المذهب‬ ‫وتميء الدعاة الجدد وتكلف البعض منهم بأوامر عليهم تنفيذها‪.‬‬ ‫وبفضل الصرامة وسرية العمل والتحرك الحذر نحح أبوعبيدة في أن يكسب‬ ‫ود السلطة ويحظى بثقة الحكام الأمويين ويوجه دعاة المذهب للخروج من‬ ‫البصرة لتنتشر في أرجاء العالم الإسلامي فوصلت إلى الكوفة والموصل وبقية‬ ‫العراق ودخلت مكة والمدينة ووسط الحجاز ثم اتجهت نحو الجنوب لتستقر في‬ ‫` اليمن وحضرموت‪.‬‬ ‫لعبت قبيلة الأزد العمانية دورا مهما في الإسهام في نشأة و قيادة الحركة‬ ‫الإباضية وإثراء فكرها المذهبي والسياسي من خلال نجاحات جابر بن زيد وما‬ ‫كان يتمتع به من دراية واسعة في العلوم الدينية‪ ،‬ولا غرابة في أن يجد الذهب‬ ‫الإباضي تربة صالحة له في عمان‪ ،‬وأن تقوم عمان بدور رئيس في تاريخ الإباضية‬ ‫وخاصة بعد انتقال شيوخ البصرة إليها وتصبح المركز الروحي للإباضيةء ويعود‬ ‫الفضل للعمانية في انتشار الإباضية في الهند والصين وجزيرة زنجبار بشرق أفريقيا‪.‬‬ ‫واصلت الإباضية انتشارها شرقا حوت خراسان ثم واصلت سيرها نحو المغرب‬ ‫عن طريق مصر ثم إلى المغرب العربي نحو طرابلس وجبل نفوسة وبفضل قبائل‬ ‫البربر انتشر المذهب الإباضي في شمال أفريقيا‪.‬‬ ‫(‪(١٣٥‬‬ ‫اجتهد دعاة المذهب الإباضي نحو تحقيق أهدافهم ونشر مبادئهم وركزوا‬ ‫على المبادئ العامة البسيطة ال هي قي متناول إدراك العامة البسطاء من الناس؛‬ ‫مثل المساواة في الحقوق والواجبات بين المسلمين" وأحقية كل مسلم في الوصول‬ ‫إل أعلى مراتب السلطة} على أن هذا الأمر ليس مقصورا على قريش ولا على‬ ‫العرب" وأعلنوا أنهم سيطبقون العدل والحق" ولقيت هذه الشعارات تجاوبا سريعا‬ ‫لدى البربر الذين يشكون من ظلم الولاة ومن فقدان العدل والمساواة مع أقربائهم‬ ‫من العرب المسلمين‪.‬‬ ‫(‪(١٣٦‬‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫ا۔ عبدالله بن إباض‪:‬‬ ‫تنتسب الإباضية إلى عبدالة بن إباض بن تميم اللات بن ثعلبة وأصله من‬ ‫بني صريم بن الحارث بن مقاعس من بيي تميم؛ وقبيلة تميم من القبائل المتفرعة من‬ ‫مضر ولقد جاء اسم الإباضية اشتقاقا منسوبا لاسم الأب© لأنه أعرف من ابنه‬ ‫عبدالله وأشهر منه‪ ،‬وإليه النسبة اليوم في العقائد! معدولا ما عن اسم الولد إلى‬ ‫الوالد طلبا للتخفيف واختصاص الأشهر وذلك في اللفة معروف لا‬ ‫ينكر ) (_" ‪.‬‬ ‫ولا تروى المصادر التاريخية الإباضية أي إفادات مدونة عن سيرة حياة عبداللة‬ ‫بن إباض في السنين الأولى من عمره' وفيما يبدو أن عبدالله بن إباض هاجر من‬ ‫موطن قبيلته في نجد إلى البصرة‪ ،‬ويذكر العلامة الإباضي محمد بن يوسف إطفيش‬ ‫روايات تفيد بأنه قد كان صحابيا لفترة قصيرة} بينما يرى مؤرخو الأحداث‬ ‫الإباضية أن ابن إباض هو من التابعين الذين عاشوا في النصف الثاني من القرن‬ ‫المجري الأول‪ ،‬وأول المعلومات الموثقة حول نشاطه السياسي كانت ضمن‬ ‫حوادث سنة‪٤‬‏ ‪٦‬ه‏ وحول الدور الذي أسهم به للافاع عن مكة المكرمة‬ ‫برقوفه مع قيادات من الخوارج من بينهم نافع بن الأزرق وعبدالة بن صفار‬ ‫وآخرون بجانب قوات عبدالله بن الزبير ضد القائد الأموي الحصين بن نمير‬ ‫السكوني ‪.‬‬ ‫إلا إن الخوار ج تغرقوا عن عبدالة بن الزبير بعد أن رفض آراءهم بأخذ وجهة‬ ‫نظرهم والتبروء من عثمان بن عفان ( رضي )) واتوا البصرة‪ .‬فلما خرج نافع‬ ‫(‪ )١‬الدرجيين‪ :‬طبقات المشائخ بالمغرب‪٤١٢. ‎‬ص‪٢٦‬؟ج‬ ‫(‪(١٣٧‬‬ ‫تبعوه واصطلح أهل البصرة على عبدالله بن الحرث فتجرد الناس للخوارج‬ ‫وأخافوهم فلحق نافع بالأهواز في شوال سنة أربع وستين وخرج من بقي منهم‬ ‫بالبصرة على ابن الأزرق إلا من لم يرد الخروج يومه ذلك منهم عبدالله بسن‬ ‫الصفار‪ ،‬وعبدالله بن إباض» ورجال معهما على رأيهما (© ‪ .‬فدعا نافع بن‬ ‫الأزرق أصحابه البراءة منهم وأمم لا يحل لهم مناكحتهم ولا أكل ذبائحهم} ولا‬ ‫يجوز قبول شهادتمم وأخذ علم الدين عنهم ولا يحل أميرائهم ورأى قتل الأطفال؛‬ ‫جيع اللسلمين كفار مثل كفار العرب لا يقبل منهم إلا الإسلام أو القتل ( ‪.‬‬ ‫ومن هذا الموقف المتطرف والانسلاخ من المجتمع الإسلامي الذي أعلنه نافع‬ ‫بن الأزرق دخلت حركة الخوارج مرحلة دقيقة وحرجة} وأصبحت بين موقفين‪:‬‬ ‫موقف ابن الأزرق وقياديين آخرين مانلخوارج المتطرفين‪ ،‬الداعمين إلى الخرب‬ ‫والقتال زموقف عبدالله يإنياض كرمز قيادي رافض شعار الحرب والقتالء‬ ‫داحض حجج الفريق الآخر ومعلن مواقفه منهم بوضوح أمام الملأ‪ .‬وموقف ابن‬ ‫إباض تشيرمعظم المصادر التاريخية حقيقة إلى بداية ظهور الإباضية سنة ‪٥‬ه‪٦‬ه‪.‬‏‬ ‫استطاع ابن إباض أن يكون صوتا جريئا مسموعا‪ ،‬معتمداً على مؤازرة‬ ‫قبيلته» لما يتمتع فيها من تميز ونفوذ ومكانة كبيرة‪ ،‬مما كان يشكل له حماية‬ ‫ومنعة} وقد ألزم ابنإباض نفسه بأن يجهر برأيه حول ما ذهب إليه ابن الأزرق‬ ‫وأتباعه من تطرف وتكفيرهم لجحموع المسلمين‪ ،‬ومقارعتهم بالحجج والبراهين‬ ‫علنا وأمام الناس‪ ،‬وتبرأ من تصرفات وأفكار غلاة الخوارج الملتطظرفين‪ ،‬وهذه‬ ‫المواقف السياسية لابن إباض كان الهدف منها كسب سند عامة الناس من جهة‬ ‫وأن تكون حركته بمنأى عن ملاحقة الحكام لهم من جهة أخرى‪.‬‬ ‫(‪ )١‬ابن الأثير‪ :‬الكامل في التاريخ‪١٩٤. ‎‬ص‪٢‬ج‬ ‫ص‪٤٩٢‬۔‬ ‫(‪ )٦٢‬المصدر نفسه‪‎‬‬ ‫(‪(١٣٨‬‬ ‫ولابن إباض نشاط سياسي آخر جاء من خلال اتصالاته بالخليفة الأموي‬ ‫عبدالملك بن مروان وبوساطة المكاتبات الي كان يتبادلها معه‪ ،‬وهذه المواقف الي‬ ‫كان ينتهجها عبدالله بن إباض بمترلة الإعلام السياسي المبكر للمذهب الإباضي في‬ ‫مرحلة نشأته وظهوره كحركة سياسية وفرقة عقائدية واتجاه فكري ومدرسة‬ ‫أصولية فقهية} ونتيجة لهذه الآراء والنشاطات أصبح ابن إباض شخصية مؤثرة‬ ‫تنتهج العمل السري في مرحلة ( الكتمان) وتنظم الحركة هيكلها التنظيمي‬ ‫وتكسب الأنصار والأعوان وعد الدعاة‪.‬‬ ‫ومهما شكك بعض الإباضية المعاصرون بتراهة الكتب الي تحدثت عن الفرق‬ ‫الإسلامية وأكدت إمامة عبدالله بن إباض للإباضية‪ ،‬ونسبتهم إليه‪ ،‬فإن ذاكرة‬ ‫التاريخ تبقى حقيقة واقعية لا يمكن أن تمحو اين إباض عنها‪ ،‬ولا تنكر صلة ابن‬ ‫إياض بابر ين زيد وثقة هذه الجماعة به منذ وقت مبكر{ و إسهاماته قي نشأة‬ ‫فقه الإباضية وتحديد معالم أفكارها وآرائها‪.‬‬ ‫ب۔ جابر بن زيدالأزدي‪:‬‬ ‫هو ‏‪ ٣‬االشعثاء (" جابر بن زيد اليحمدي الأزدي المحرقي من بني عمرو بن‬ ‫اليحمد‪ ،‬ينتمي إلى بيي فجيرة من قبيلة الأزد ومن المحتمل أن تكون ناحية‬ ‫( الحرقة ) بالضم ثم الفتح في عمان "‪ 3 0‬قد شهدت مسقط رأسه‪ ،‬والذي هو‬ ‫محل خلاف في المصادر التاريخية فقد ذكر تاريخان الأول سنة‪١٨:‬ه_‏ والثاني‬ ‫هوعام‪ :‬‏‪ ٢‬‏ه‪ ٦‬بينما لا تتوافر أي معلومات عن طفولته وفترة نشأته الأولى‪،‬‬ ‫‏(‪ )١‬الشعثاء هي ابنته وكان يك بما لذا ورد اسمه بهذه الكنية في مختلف كتب السير‪.‬‬ ‫ياقوت بن عبدالله ‪:‬‬ ‫والحموي"»‬ ‫‪ :‬مشاهير علماء الأمصارص‪.٨٩‬‏‬ ‫‏)‪ (٢‬البسي التميمي‪ ،‬محمد بن حبان‬ ‫‏‪.٢٤٢٣‬‬ ‫معجم البلدان ج‪٦٢‬ص‬ ‫(‪(١٣٩‬‬ ‫ومن المؤكد أن جابرا قد هاجر مع من هاجر من أفراد قبيلته إلى البصرة‪ ،‬وأقام‬ ‫في درب الجوف في البصرة} وبلدة درب الخوف اسمها مشتق من اسم المنطقة اليي‬ ‫كانت تقطنها قبيلة جابر قي عمان‪ ،‬ومنطقة جوف الحميلة موضع بأرض عمان" ‪.‬‬ ‫وقد اختلفت المصادر التاريخية على اسم الخوف وجاء في سير أعلام النبلاء‪ :‬جابر‬ ‫الخوفي بخاء معجمة والخوف ناحية من عُمانإ) ‪.‬‬ ‫بن زيد الأزدي اليحمدي‬ ‫كان لصدى دعوة الجهاد تأثير عند معظم القبائل العربية‪ ،‬وقد جاءت متزامنة‬ ‫مع رغبة هذه القبائل للخروج نحو آفاق جديدة‪ ،‬خارج حدود الزيرة العربية‬ ‫واستقرت كثير من القبائل العربية ي البصرة‪ ،‬ومن ضمن تلك القبائل قبيلة الأزد‬ ‫العمانية» و كان أفرادها ضمن جيش المسلمين المرابط بالبصرة إذ لم تكن البصرة‬ ‫قاعدة ترابط فيها الجيوش الإسلامية فحسب© بل إنما كانت مركز إشعاع فكري‬ ‫ينمو فيه الفكر الإسلامي والعلوم الإسلامية الي بدأت تخط أبجدياتما الأولى من‬ ‫قراة وكتابة» والورود إلى مناهل نور القرآن الكريم الذي بدأ يشع في أوساط‬ ‫المسلمين الذين أقبلوا عليه حفظا وترتيلاء ودراسة تعاليم السنة النبوية المطهرة‬ ‫والاتنداء يما وهناك ظهر مبدأ الفتيا والاجتهاد الذي أسسه الخلفاء الراشدون‬ ‫وعلماء الأمة البارزون من الصحابة الذين عاصروا الرسول صلى الله عليه وسلم‬ ‫‪ :‬وقد عاصر جابر بن زيد عددا منهم ورافقهم وتعلم على أيديهم وأخذ العلم‬ ‫منهم‪ .‬كما قابل السيدة عائشة أم المؤمنين رت ‪٥٨‬ه‏ ) مستفسرا منها عن سنة‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وناقشها حول ما استجد في حياة المسلمين من‬ ‫أحداث سياسية كان لأم المؤمنين دور رئيس فيها‪ .‬وكان جابر ملازما للصحابي‬ ‫(‪ )١‬الحموي" ياقوت بن عبدالك معجم البلدان ج‪ ٦٢ ‎‬ص‪.٢٤٣ ‎‬‬ ‫جاص‪.٤٨١‬‬ ‫(‪ (٦‬الذهي‪ ،‬محمد بن أحد عثمان‪:‬سيرة أعلام النبلاء‪‎‬‬ ‫(‪(١٤٠‬‬ ‫عبدالله ين العباس ( ت‪٦٨‬ه‏ الملقب بالخبر والبحر نظرا لسعة علومه ومامه‬ ‫الواسع بعلوم القرآن وتفسيره‪.‬‬ ‫ومن هذه المنال اليي عاصرها جابر بن زيد استقى تعاليمه الإسلامية! وعدة‬ ‫مأنبرز علماء وفقهاء البصرة" وكان من الطبيعي أن يصبح مفيّالبصرة وعالمها‬ ‫قال عنه ابن عباس لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول جابر بن زيد لأوسعهم علماً‬ ‫في كتاب الله وورد أيضاً أن رجلاً من أهل البصرة اسمه الزيات قال‪ :‬سألت‬ ‫ابن عباس عن شيء فقال تسألوني وفيكم جابر بن زيد «_ ‪.‬‬ ‫كرس جابر بن زيد جل وقته في الفتوى‪ ،‬وكان حريصا على تدريس علم‬ ‫الحديثت لتلالي العلم المعرفة‪ .‬وعرف ببددمائ تة الخلق والبابة؛ وعن حماد بن زيد‬ ‫إلا أن المستجدات والأحداث الخطيرة ال مرت بما الأمة الإسلامية‬ ‫والتطورات الي شهدها المجتمع الإسلامي الحديث النشأة‪ ،‬من صراع ونزاع على‪.‬‬ ‫السلطة والحكم والي عاصر أحداثها جابر بن زيد وهو المقيم بالبصرة إحدى‬ ‫أهم مراكز الأحداث السياسية في تلك الحقبة (‪٩٢-٦٨‬ه)»‏ والذي لم يكن‬ ‫بمعزل عنها‪ ،‬بل كان يراقب مسارها عن كثب‪ ،‬ويحاول فهم أسباب تفاقنها‬ ‫ومراميها المعقدة} ويدرك دوافعها الدينية والسياسية} ولاشك في أنه قد تعلم كثيرا‬ ‫وهو يتابع المستجدات المتلاحقة على الساحة الإسلامية الي بدأت تتراكم وتتفاقم‬ ‫من بعد مقتل الخليفة عثمان مرورا بتطوراتما الحربية والانتهاء ميمنة معاوية على‬ ‫الحكم» وحين اكتملت الرؤية الفكرية والسياسية لديه استجاب لنداء المسؤولية‬ ‫الن أصبحت على عاتقه بحكم كونه رجل علم ودين ومصلحا اجتماعيا علبه‬ ‫السعي للإصلاح بإقرار الحق ونصرة الدين‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫أبي بكر طبقات الحافظ ص‪٢٥‬‏‬ ‫بن‬ ‫عبدالرحمن‬ ‫السيرحلي؛‬ ‫‏) ‪( ١‬‬ ‫‏‪.١٨٠‬‬ ‫‏(‪ )٢‬الزهري‪ ،‬محمد بن سعد‪ :‬الطبقات الكبرى ج‪٢‬ص‬ ‫(‪(١٤١‬‬ ‫ق المقابل كان لجماعة أبي بلال مرداس بن أدية التميمي مواقف من الأوضاع‬ ‫السائدة آنئذ حيث يرون أن القتال بين المسلمين أمر لا يقبله العقل ولا‬ ‫الدين وتروي المصادر الاباضية انضمام جابر بن زيد إلى دعوة جماعة أبي بلال‬ ‫مرداس» و كان لانضمامه إلى هذه الجماعة أثر بالغ في نشأة فكرة الإباضية‬ ‫وتحديد معالم آرائها وفكرها السياسيں إلا إن جابرا آثر الدخول هو وجماعته ف‬ ‫مرحلة الكتمان‪ ،‬ونشر الدعوة سرا حق لا يتعرض لما يؤذيه ويؤذي أتباعه} وهذا‬ ‫ما شجع المعتدلين من بقية الحكمة على الالتفاف حوله والاستزادة من علمه و لم‬ ‫يلبث أن أصبح رئيس الجماعة والمؤسس الحقيقي لها _ ‪.‬‬ ‫حظي جابر بن زيد بمكانة عالية ومرموقة ي بجتمع البصرة وذلك بفضل سعة‬ ‫علومه ومواقفه المعتدلة الي تنبذ مسلك العنف والقتال بين المسلمين وقد لب‬ ‫دورا مهما في خلق الثقة والود بينه وبين الحجاج بن يوسف‬ ‫(رت‪٩٥‬ه)‏ لتجنب بطشه وانتقامه من خصوم ومعارضي الحكم الأموي"‬ ‫وتروي مصادر الإباضية أنه بفضل هذه السياسة والابتعاد عن بؤر التوترات وعدم‬ ‫الجهر بالرأي في وجه المخالفين" والتأقلم مع الأحداث والمحافظة على الوجود‬ ‫الإباضي في وسط أوضاع متوترة شديدة التفاقم والخلافات والفتن‪ ،‬استطاع جابر‬ ‫بن زيد أن يعمل لإرساء أسس المذهب وتوطيد أركانه سرا عن طريق عقد‬ ‫حلقات دروس لتكوين رجال المذهب الذين سيكلفون بمهمة نشر المذهب في‬ ‫البلاد الإسلامية‪.‬‬ ‫دعوته من قبيلته ((الأزد)) المانية‬ ‫انطلق جابر بن زيد أولاً قي نشر‬ ‫وبحكم علمه ومركزه بين أقاربه وشخصيته النافذة فإنه ل يلقى صعوبة في إقناعهم؛‬ ‫(‪ )١‬خليفات" عوض محمد‪ :‬الأصول التاريخية لفرقة الإباضية‪١٦. ‎‬ص‬ ‫(‪(١٤٦٢‬‬ ‫ولهذا انضم إليه العدد الكثير منهم وتحملوا مسؤولية نقل ونشر تعاليم المذهب إلى‬ ‫باقي مناطق الزيرة العربية‪.‬‬ ‫كان لحلقات ويحالس الدروس الي ينظمها جاير بن زيد حضور واسع‬ ‫ومشهوة‪ 3‬وكان الكثيرون من طلابه يدونون الآراء الشرعية الني كان يفي بماء‬ ‫ريسجلون ملاحظاته ومعظم آرائه ورواياته‪ ،‬وبقيت تلك الملاحظات والآراء‬ ‫والروايات الكتابية قيد التداول عند أتباع المذهب الإباضي حتت الآن‪ ،‬وقد ذكر‬ ‫بعض المؤرخين الإباضيين بأن جابر بن زيد كتب مؤلفا ضخماً تضمن أحاديث‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتاوى وعرف ذلك المؤلف بديوان جابر بن‬ ‫زيد‪ ،‬وقد كانت هناك نسخة منه وجدت في مكتبة الخليفة العباسي هارون‬ ‫الرشيد‪ ،‬وقد سعى ابن نصر من جبل نفوسة لأعداد نسخة من ذلك الديوان‬ ‫إلا أنه قام بإتلاف تلك النسخة حقى لاتصل إليها أيدي‬ ‫وأحضرها معه‪3‬‬ ‫‏‪١٠‬؛!ة‬ ‫(‪)١‬‬ ‫‏‪.‬‬ ‫‪:.‬‬ ‫معا ر صيه‬ ‫في حين تؤكد كل المراجع التاريخية صلة جابر بن زيد بالإباضيةء إلاً أن هناك‬ ‫بعضاً من روايات متفرقة حاولت أن تبرهن على عدم وجود أي صلة بابر بسن‬ ‫زيد والإباضية واستدل بعض المؤرخين على روايات جاءت على لسان جابر‬ ‫بن زيد نفسه نفى فيها صلته بالإباضية وتبرأ نها ومن أمل‬ ‫النه روان‘ ومثال ذلك أن سعيد بن عامر وعفان بن مسلم قالا حدثنا همام‬ ‫عن قتادة عن عزرة قال قلت لحابر بن زيد إن الإباضية يزعمون أنك منهم قال‬ ‫أبرا إلى الله منهم‪ .‬قال سعيد في حديثه قلت له ذلك وهو يموته_'" ‪.‬‬ ‫‪ :٠‬دراسات الإباضية‪. ‎‬‬ ‫(‪ )١‬النامي‪‎.‬‬ ‫ج‪٧‬ص‪.١٨١‬‬ ‫(‪ )٢‬الزهري ‪ :‬الطبقات الكبرى‪‎‬‬ ‫(‪(١٤٣‬‬ ‫وهذا الإنكار المزعوم الذي صرح به جابر بن زيد وهو على فراش الموت‘‪،‬‬ ‫والذي أنى في وقت غير مناسب تحت شعور النزع بسكرات الموت‘ هذا الإنكار‬ ‫وغيره من الروايات والحكايات الي سعى المناوئون للإباضية في ترويجها لم‬ ‫تصرف أتباع هذا المذهب عن تصديق تلك المزاعم الي تناي الثوابت الحقيقية اليي‬ ‫يؤمنون بما‪ ،‬إذ أن هناك الكثير من الوقائع والأحداث ترجح صلة جابر الوثيقة‬ ‫بالحركة الإباضية منذ مرحلتها المبكرة‪ ،‬ولعل اهتمام جابر وحرصه البالغ على‬ ‫سرية الحركة حسب مقتضيات مرحلة (الكتمان)كان أكثر حذرا حيت وهو على‬ ‫فراش الموت‘ وأسلوب الكتمان كان أبرز ملامح تلك المرحلة المبكرة من نشأة‬ ‫الإباضية} فقد ألزم جابر نفسه بأن يكون حذرا في مسلكه و في سرية تحركاته‬ ‫ومكانباته» ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح من خلال مكاتباته؛ حيث طلب في‬ ‫حمس من رسائله أن تعدم ولا يبقى ها أثر‪ ،‬وقد ذكر السبب وراء ذلك في ثلاث‬ ‫منها‪ ،‬إذ كتب في ذيل رسالته الموجهة للحارث بن عمرو وهو أحد أقدم الأتباع‬ ‫في الكوفة قائلا‪ :‬واعلم أنك أصلحك الله بأرض أكره أن تذكر لي فيها اسما فلا‬ ‫ترو شيئا ما كتبت به إليك (" ‪.‬‬ ‫كانت علاقة جابر بن زيد بآل المهلب علاقة أسرية قوية‪ ،‬فكلا الأسرتين‬ ‫تنتميان إلى قبيلة الأزدس وحين بطش الحجاج بآل المهلب وأمر باعتقالهم‬ ‫وسجنهم‪ 6‬خشي من جابر بن زيد أن يكون مصدر عون لآل المهلب ويقرم‬ ‫بخطوات لمساعدة أصدقائه‪ ،‬فأمر بنفي جابر وأحد معاونيه واسمه هبيرة إلى عُمان؛‬ ‫واتبعه بإجراء آخر حيث أمر أيضاً باعتقال قياديي الحركة الاباضية} منهم أبر‬ ‫عبيدة وتشير بعض المصادر بأن الحجاج بن يوسف لم يتردد من أن يأخذ جابر بن‬ ‫زيد نفسه بالشدة و لم يكتف بمجرد التضييق عليه‪ ،‬بل أودعه السجن هو وبعض‬ ‫اننامي‪ .‬عمرو‪ :‬دراسات الإباضية‪.‬‬ ‫((‬ ‫(‪(١٤٤‬‬ ‫أ‪ :‬حابه‪ .‬ومنهم ضمام بن السائب© وأبوعبيدة مسلم بن أبي كرمة التميمي‬ ‫صحار العبدي وغيرهم (_ ‪.‬‬ ‫وجاء قرار اعتقاله إجراء احترازياً اتخذه الحجاج بعد سجنه وبطظشه بآل‬ ‫الهلب وقد ذكر صاحب الطبقات الكبرى رواية حدث فيها قتادة قال سجن‬ ‫جابر بن زيد فأرسلوا إليه يستفتونه في الخنثى كيف يورث» فقال تسجنونيي‬ ‫وتستفتوني» قال‪ :‬انظروا من أيهما يبول فورثوه «_ ‪.‬‬ ‫تغيرت سياسة الحجاج بن يوسف تجحاه قبيلة الأزد بصفة عامةإ ومع جابر‬ ‫بن زيد بصفة خاصة‘ ليس على إثر خلفية التزاع الذي نشب بينه وبين آل‬ ‫الهلب فحسب©ؤ بل أيضا نتيجة الثورة الي قام بما أهل عُمان على بي أمية‬ ‫وترعمها سليمان وسعيد ابناعباد آل الجلندي» فاضطر الحجاج إلى إرسال‬ ‫الجيوش‪ ،‬والدخول في معارك متتالية مع العُمانيين‪ ،‬والقضاء عليها بعد جهد شاق‬ ‫وخسائر فادحة‪ .‬لتقضي على طموح أزد عُمان في الخروج عن دولة بيي أميةض‬ ‫وملاحقة المتعاطفين معهم من حملة العلم وأرباب الفصاحة والبلاغة والبيان‪.‬‬ ‫ومنهم عمران بن حطان الشاري» رأس القعدة وخطيبهم وشاعرهم ”" ‪.‬‬ ‫ويبدو أن النجاح الذي حققه دعاة الإباضية وشيوخها من الأزد في نقفل‬ ‫للذهب إلى عمان وانتشاره‪ ،‬لم يغب أمره عن عيون الحجاج بن يوسف‪ 6‬وقد‬ ‫أعد العدة لقمع شوكة الأزد في البصرة وملاحقة زعمائهم والزج بمم في السجون‬ ‫وإقعادهم عن نصرة عشيرتمم في عُمان‪ ،‬ومن ثم التحرك إلى معاقلهم في عُمان‬ ‫لضريا سوحقها‪ ،‬وهذا ما أمكن له\ إذ لا يوجد مسوغ غير ذلك يستدعي‬ ‫‏(‪ )١‬الشماخي‪ :‬السير ص‪٢٦‬‏ وما بعدهما‪.‬‬ ‫(؟) الزهري ‪ :‬الطبقات الكبرى ج‪٧‬اص‪.١٨٠‬‏‬ ‫)( الدرجيي‪ :‬طبقات المشائخ بالمغرب ج! ص‪.٢٢١-!٢٣٠.‬‏‬ ‫(‪(١٤٥‬‬ ‫الحجاج أن يغير من سياسته في التعامل مع جابر بن زيد‪ ،‬والزج به في السجن؛‬ ‫فمن الطبيعي أن يتعاظم شعور جابر بن زيد ومن معه من وجوه الأزد بمرارة‬ ‫الغبن والظلم الذي مارسه والي الخليفة الأموي الحجاج بن يوسف في حقهم‬ ‫ويبدو أن جابر بن زيد عاش تحت وطأة الشعور بالنقمة والس سخط على الأوضاع‬ ‫الس ة السائدة في دولة بي أمية ومكنت له خلوته قي السجن أن يدرس بتعمق‬ ‫نيارات والأساليب الأخرى ف التعامل مع الواقع السياسي الوي تجيز الثورة‬ ‫كل‬ ‫واخروج السياسي على الحاكم الجائر واستطاع هو وأبو عبيدة مسلم بن أبي‬ ‫كريمة ان يضعا الأطر التنظيمية للحركة وأساليب نشر الدعوة والحفاظ على سرية‬ ‫العمل والتحرك والدخول في مرحلةز الكتمان )‪.‬‬ ‫من السجن‬ ‫صحبه‬ ‫بن زيد و‬ ‫جابر‬ ‫ومع ذلك فما لبث الحجاج أن أطلق سراح‬ ‫الثابت‬ ‫فمن‬ ‫طويلا‬ ‫م يدم نفي جابربن زيد إل عمان‬ ‫ونفاه إل موطنه عُمان© و‬ ‫أنه عاد من منفاه إلى البصرة‪ ،‬فقد تمكن آل المهلب من الفرار من سجن الحجاج‬ ‫ولجؤوا إلى سليمان بن عبدالملك بدمشق فأجارهم‪ ،‬ولعل العلاقة المميزة الي‬ ‫كانت قائمة بين آل المهلب من جهة وبين سليمان بن عبدالملك وأخيه الوليد من‬ ‫جهة أخرى كان لها الأثر في عودة جابر إلى البصرة قبل وفاته بمدة وجيزة‪.‬‬ ‫لما حضرت جابر بن زيد الوفاة أتاه ثابت البناني وقال له‪ :‬يا أبالشعثاء‪ ،‬هل‬ ‫تشتهي شيئا ؟ قال‪ :‬إني لا أشتهي إلا أن ألقى الحسن قبل أن أموت فخر ج ثابت‬ ‫ودخل على الحسن فأعلمه بقول جابر بن زيد قال وكان الحسن إذ ذاك‬ ‫ودخل على أبي‬ ‫لا يعرض لحم‪.‬‬ ‫حن‬ ‫رأركبه بغلته وأعطاه طيلسانه{‬ ‫مستخفيا‪،‬‬ ‫يا أباالشعتاء قل لا إله إلا‬ ‫الشعثاء وهو مضطجع فانكب عليه الحسن وهو يقول‪:‬‬ ‫الله‪ .‬فقال أعوذ بالله من غدو ورواح إلى النارى فكررها الحسن عليه فقال جابر‪:‬‬ ‫ياأباسعيد (( يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانما لم تكن آمنت من قبل‬ ‫(‪()١٤٦‬‬ ‫أر كسبت في إيمانما خيراً)) قال فقال الحسن هذا واللة الفقيه العالم ثم قال‬ ‫ياأباسعيد حدثيي بحديث ترويه عن رسول صلى الله عليه وسلم في المؤمن إذا‬ ‫حضرته الوفاة‪ .‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إن المؤمن إذا‬ ‫حضرته الوفاة وجد على كبده بردا )) فقال جابر الله أكبر‪ ،‬والله إني لأجد بردا‬ ‫على كبدي‪.‬‬ ‫أتى قتادة وهو إذ ذاك قد عمي وقال أدنون من قبره‪ ،‬فأدنوه حي وضع يده‬ ‫على قبره مم قال اليوم مات عالم العرب‪ .‬واختلف كتاب السير الذين اهتموا‬ ‫بكتابة سيرة جابر بن زيد‪ ،‬في تاريخ وفاته فقد ذكروا عدة تواريخ مختلفة لوفاته‬ ‫منها‪ :‬موته سنة ‪٩٢٣‬ه‏ مع أنس بن مالك في جمعة واحدة‪.‬‬ ‫وذكرت بعض المصادر إنه مات سنة ‪١٠١‬ه‏ أو ‪١٠٢‬أو‏ ‪١٠٤‬ه__«‘ؤ‏ }‬ ‫وأمام تباين المعلومات غير المؤكدة يظل تاريخ ‪٩٢‬ه‏ هو التاريخ الأقرب‬ ‫في يوم دفنه قيل (( اليوم دفن علم أهل البصرة أو كما قيل علم أهمل‬ ‫العراق)) ("‪ . 0‬وكان جابر بن زيد لا يماكس « في ثلاث‪ ،‬في الكرى إلى مكة‬ ‫وفي الرقبة يشتريها لتعتق‪ ،‬وفي الأضحية‪ .‬وقال ‪ :‬لا تماكس في شيء يتقرب به إلى‬ ‫الله‪.‬وقال أبوالشعثاء‪:‬لأن أتصدق بدرهم على يتيم ومسكين أحب إلي من حجة‬ ‫بعد حجة الإسلام‪ .‬وقال‪ :‬إذا جئت يوم الجمعة إلى المسجد فقف على الباب‬ ‫‏(‪ )١‬أنظر التميمي محمد بن حيان‪ :‬مشاهير علماء الأمصار ص ‏‪ .٨٩‬والزهري" محمد بن سعد بن نيع‬ ‫البصري‪ :‬الطبقات الكبرى ج‪٧‬اص‪،!٨٠‬‏ والسيوطي‪ ،‬عبدالرحمن بن أبي بكر‪:‬طبقات الحافظ ص‪٥‬ح‪.‬‏ وابن‬ ‫الأثير‪ .‬الكامل في التاريخ ج‪٤‬‏ ص‪.٢٧٩‬‏‬ ‫(‪ )1‬الذهي» محمد بن أحمد بن عثمان‪ :‬سيرة أعلام البلاء ج‪٤‬‏ ص‪.٤٨١‬‏‬ ‫() جاء في لسان العرب‪ :‬مكس الشيء نقص‪ .‬ومكس درهم‪ :‬أي نقصان درهم بعد وجوبه‪.‬‬ ‫(‪(١٤٧‬‬ ‫وأنجح‬ ‫إليك©‬ ‫من تقرب‬ ‫وأقرب‬ ‫اليوم أوجه من توجه إليك‬ ‫اللهم ‏‪ ١‬جعل‬ ‫وقل‪:‬‬ ‫من دعاك ورغب إليك _(" ‪.‬‬ ‫يعد جابر بن زيد من الطبقة الثانية من أئمة التابعين كالحسن البصري وبجاهد‬ ‫وغيرهم من حملة الآثار النبوية وكان عالم البصرة "‪ . 0‬ولذلك فقد أقبل نقلة‬ ‫السنة على الأخذ عنه‪ ،‬فروى البخاري ومسلم قي صحيحهما أحاديث معروفة‬ ‫وشهد له الكنير من أهل العلم بالضبط والفطانة والأمانة فنقلوا آثاره في مؤلفاتمم؛‬ ‫واحتجوا بأبوابه في أحكامهم ( ‪.‬‬ ‫ريررى عنه أنه قال ليس للعا م أن يقول للجاهل اعلم مثل علمي وإلا قطعت‬ ‫عذرك وليس للجاهل أن يقول للعالم اجهل مثل جهلي وإلا قطعت عذرك‘ فإذا‬ ‫قال العالم ذلك للجاهمل قطع الله عذر العالم وإذا قال الجاهل ذلك للعالم قطع‬ ‫عذر الجاهل‪.‬‬ ‫تحمع آراء الإباضية على التمسك بفقه جابر بن زيد واعتمادهم على مروياته‬ ‫يقول أبو‬ ‫كسند للتشريعات والفتوى‪ ،‬وقد اتخذوه إماماً شم وقي هذا الخصرص‬ ‫عبيدة مسلم‪ ( :‬كل صاحب حديث ليس له إمام في الفقه‪ ،‬فهو ضال‪ ،‬فلولا أن‬ ‫الله من علينا بجابر بن زيد لضللنام‪.‬‬ ‫(‪ )١‬ابن كثيرا ابوالفداء الحافظ‪ :‬البداية والنهاية‪٤٩. ‎‬ص‪٩‬ج‬ ‫(‪ )٢‬الذهي" محمد بن أحمد بن عثمان‪ :‬المعين لي طبقات المحدثين‪ ‎‬ص‪. ٢٧‬‬ ‫(‪ )٢‬معمر‪ ،‬على ييى‪ :‬الإباضية في موكب التاريخ الخلقة الأولى ص‪١٤٣ ‎‬‬ ‫(‪(١٤٨‬‬ ‫ج ابو عبيدة مسلم بن أبي كريمة‪:‬‬ ‫أبر عبيدة بن أبي كريمة التميمي مولى بي تميم؛ ويكێ أباعبيدة بابنته ((عبيدة))‬ ‫الي أخذت العلم عن والدها فروت عنها كتب الفقه الإباضي فيما يتعلق بأخبار‬ ‫النساء‪ ،‬وتر جح المصادر الإباضية مولده حوالي سنة‪٤٥‬ه‏ أو بعدها يقليل؛‬ ‫وأبوعبيدة مولى عروة بن أديّة أو أديتة كما ورد في بعض المصادر ( وأذية هي أم‬ ‫عروة بن جرير بن ربيعة أحد أخوة أبي بلال مرداس التميمي وقد قتل عبيد الله‬ ‫ين زياد ابن أذية وابنته معا (سنة ‪٥٨‬هع‏ { ‪ .‬وكان سبب قتله أنه قتل على‬ ‫صانع‬ ‫أتون بكل ريع آ تعبعُونَ "وتَخحذُون‬ ‫ابن زياد يعظه وكان مما قال‪: :‬‬ ‫< ‪.‬‬ ‫تلكم تَخْلْدُونً "وإذا بَطَنتمْ بطَشتْمْ جبارين‬ ‫`ويبدو أن أباعبيدة قد شهد في طفولته قتل عروة وكيف مثل به ابن زياد؛‬ ‫ولعل هذه الحادثة تركت آثارها النفسية على تكوين شخصيته وسلوكه و نظرته‬ ‫وعلاقاته مع الحكام والولاة‪ .‬عاش أبوعبيدة في البصرة وتتلمذ على يدي عالم‬ ‫البصرة وفقيهها جابر بن زيد وعلى يد المشائخ جعفر السماك وصحار العبدي‬ ‫وصالح الدهان‪ ،‬وقد كرَّس أبو عبيدة نفسه لتلقي العلوم الشرعية وتعليمها‬ ‫ذكر أنه أمضى أربعين سنة أخرى يعلم ثما تعلم ويصفه الشامخي في كتابه "‬ ‫(( تعلم العلوم وعلمها ورتب روايات الحديث وأحكمهاء وهو الذي يشار إليه‬ ‫بالأصابع بين أقرانه‪ ،‬ويزدحم لاستماع ما يقرع الأسماع من زواجر وعظه))‪.‬‬ ‫وكان أبوعبيدة من أبرز تلاميذ جابر بن زيد وأكثرهم علما‪ .‬وبعد موت‬ ‫جابر بن زيد انتهت إليه رئاسة المذهب‘‪ ،‬وقد سعى إلى توطيد أركان الدعوة‬ ‫(‪ )١‬ابن الأثير‪ :‬الكامل ي التاريخ‪٠٦٢. ‎‬ص‪٢‬ج‬ ‫(؟) ابن كثير‪ :‬البداية والنهاية‪ ‎‬ج‪٧‬اص‪.٢٧٨‬‬ ‫)( سورة الشعراء الآية‪.١٦٨ ‎‬‬ ‫(‪)١٤٩‬‬ ‫سياسية شاملة اجتذبت عناصر من قبائل‬ ‫الإباضية حين أصبحت حركة‬ ‫!‬ ‫مت‪.‬۔ع۔د“د‪.‬ه۔ ‏(‪)١‬‬ ‫}‪.‬‬ ‫واجناس‬ ‫لقد تركت شخصية عروة بن أديّة تأثيرها الواضح على أبي عبيدة‪ ،‬إذ أن عروة‬ ‫بن أدية من أوائل الرجال الذي اعترضوا على مسألة التحكيم بين علي ومعاويةء‬ ‫وهو أول من نادى بالعبارة المشهورة (رلا حكم إلا لله)) [" ‪.‬اليي أصبحت مبدأ‬ ‫عقائدياً للخوارج‪ ،‬وشعاراً يرفعونه‪ ،‬وذلك حين خرج الأشعث بن قيس الكندي‬ ‫مع نفر معه ممن شهدوا على صحيفة الاتفاق على التحكيم بين علي ومعاوية‬ ‫لعرضها وقراءما على الناس" فمروا على طائفة من بني تميم فيهم عروة ين أديّة‬ ‫فقرأها عليهم فقال عروة‪ :‬تحكمون في أمر الله عرً وجل (( لا حكم للا لله))‬ ‫ثم شد سيفه فضرب عجز دابته ضربة خيفة فاندفعت الدابة © ‪.‬‬ ‫كان عروة بن أدية على جانب كبير من الدراية والمعرفة قي فهم ماوراء‬ ‫النزاعات الدينية والسياسية اليي أفرزتما الحروب الي نشبت بين أنصار علي‬ ‫ومعاوية‪ ،‬وشارك في الحرب ضد علي في معركة النهروان‪ ،‬وقتل بعد ذلك على‬ ‫يد عبيدا لله بن زياد صبر‪ ،‬وكان أبوعبيدة تابعاً لذلك الرجل الذي وصفه خادمه‬ ‫لعبيد الله قائلاً‪ :‬ما قدمت له فراشا بليل قط‪ ،‬ولا قدمت له طعاماً في نمار قط{' !‬ ‫كناية عن أن عروة كان كثير الصيام دائم القيام ويبدو أن التشدد وروح التمرد‬ ‫والثورة والخروج عن السلطة والوقوف في وجه الحاكم الجائر والظالم عند عروة‬ ‫بن أدية! تركت أثرها على سلوك أبي عبيدة‪ ،‬و ترك مقتل عروة بن أدية أيضا أثرا‬ ‫(‪ )١‬خليفات‪ ،‬عوض ‪ :‬التنظيمات السياسية والإدارية عند الإباضية في مرحلة الكتمان‪ ‎‬۔‪٥‬ص‬ ‫(‪ )٢‬اليعقري‪ 6‬أحمد بن يعقوب‪ :‬تاريخ اليعقوبي‪ ‎‬ج‪٦٢‬ص‪.١٩٠‬‬ ‫(‪ )٢‬الطبري‪ :‬تاريخ الطبري‪ ‎‬ج‪٢‬ص‪.١٠٤‬‬ ‫ج‪١‬ص‪.١٢٧‬‬ ‫(‪ (٤‬الشهرستان‪ :‬الملل والنحل‪‎‬‬ ‫(‪(١٥٠‬‬ ‫بالغا في نفس أبي عبيدة} ناهيك من أن أباعبيدة أودع السجن مع زميله ضمام بن‬ ‫السائب وبقي فيه إلى ان توفي الحجاج بن يوسف الثقفي سنة‪٩٥‬ه‪.‬‏‬ ‫في سجن الحجاج تعرض أبوعبيدة وضمام بن السائب إلى فنون من التعذيب‬ ‫قال ضمام بنالسائب‪ :‬أدخلنا قي سجن فلم يكن يوصل إلينا» ولا يدخل علينا‬ ‫حديدة ولا جلم؛ قال‪ :‬إنما كنا نقص شواربنا بأسناننا» وإن كان الرجل منا‬ ‫لينفض لحيته فيتساقط منها القمل وكان يطعمنا خبز الشعير والملح الجرش»©‬ ‫ريعمد إلى مراكن عظام فيسكب فيها الماء ثم يؤتى بملح فيلقى في تلك المراكن ثم‬ ‫يضرب حت تخرج رغوته ثم يقال يا أهل السجن خذوا ماءكم‪ ،‬فمن أخذ من‬ ‫أوله كان أمثل قليلاً‪ ،‬وأما من أخذ من أسفله فهو العذاب <" ‪.‬‬ ‫ويبدو أن آثار هذه التجربة الي مر بما والتعذيب البدني والنفسي الي تعرض‬ ‫لها أبر عبيدة ألقت بضلالما عليه فجعلته يتصف باليقين وقوة الصبر إى جانب‬ ‫الخصائص القيادية والتنظيمية الي امتاز بما‪ ،‬وأهلته ليكون القائد الإباضي‬ ‫في مرحلة عصيبة من مراحل الحركة\ امتدت لفترة تقارب نصف قرن من الزمان‬ ‫‏( ‪ ٤٥ -4٩٥‬‏)ه‪. ١‬‬ ‫‪-‬ت‪-‬ولى أبوعبيدة رئاسنة الإباضية وكانت نظرته للحكام والولاة بأممم حكام‬ ‫جور وظلمة وتعمد أن يعزل نفسه تماماً عنهم‪ ،‬بل كان يأمر أتباعه بذلك‪ ،‬وهو‬ ‫الذي قال حين سأله شخص من أتباعه رأيه بأن يلازم الحاكم فقال له‪ :‬تيل في‬ ‫الحكمة‪ :‬قال الثعلب‪ :‬لدي تسعة وتسعون حيلة لأكثرها نفعاً عندمالا يراني‬ ‫كلب ولا أراه‪ .‬وهذا الاتجاه المتشدد الذي اتبعه أبو عبيدة بشأن علاقة الحركة‬ ‫الإباضية مع الحكام وعمًالهم كانت ظاهرة مميزة لسياسته‪ ،‬ولها أيضا مبرراقا‬ ‫(‪ )١‬الدرجييي» أحمد بن سعيد‪ ::‬طبقات المشائخ بالغرب ج؟ص‪.٦٤٧٢ ‎‬‬ ‫(‪(١٥١‬‬ ‫التنظيمية للحركة منها أنه يهدف من ورائها إلى ‪ +" 3 ,‬ح الاستقلالي للحركة‬ ‫من بداية نشأتما ورسم ملامح شخصيتها وهويتها المذهبية والسياسية‪.‬‬ ‫بعد أن انتهت إلى أبي عبيدة مسئولية زعامة الإباضية عمل جاهدا في المحافظة‬ ‫الأقطار‬ ‫كرز‬ ‫في‬ ‫والدفاع عن المذهب وسعى إلى نشر الدعوة إلى المذهب‬ ‫والسرية أسلوبا‬ ‫الكتمان‬ ‫من مبدأ‬ ‫الإسلامية عبر وسائل وخطط منظمة اتخذت‬ ‫ريتها‬ ‫إنارة‬ ‫أو‬ ‫السلطة‬ ‫عيون‬ ‫أجل تفادي‬ ‫وذلك من‬ ‫مميزا لتحركاتما واجتماعاتما‪3‬‬ ‫وغضبها مما يعرض أتباع المذهب للملاحقة والبطش‪ .‬وبالفعل استطاع أبو عبيدة‬ ‫أن يشكل حكومة سرية ها هيكلها التنظيمي الخاص‪ ،‬حيث يتبوأ فيها كبار‬ ‫العبدي‬ ‫رجال العلم من مشائخ الإباضية كأمثال جعفر بن السماك وصحار‬ ‫وضمام بن السائب وأبي نوح قمة هذه الحكومة وإدارة شئون الحركة وقام‬ ‫بتنظيم دقيق في نشر المبادئ الأساسية للدعوة الإباضية بحيث يتم تعايش أتباع‬ ‫الحركة في بمجتمع واحد وضمن سلطة تتربص بم الدوائر وان يجعل الأمر سرا فيما‬ ‫يسمى الدخول في مرحلة الكتمان‪)".‬‬ ‫إن الحركة الإباضية شأن كل التنظيمات السرية الي تنشا في ظل وجود‬ ‫سلطات حاكمة تلاحق المعارضة وتقمعها‪ ،‬سعت قياداتما نحو تطوير أساليبها‬ ‫ونشاطها باستمرار لتكفل تميز نشاطها المكغف في إطار من السرية والتحفظ‬ ‫الشديدينش وقد اضطلعت يجالس شيوخ الإباضية الين أنشئت في المرحلة المبكرة‬ ‫من نشأة الحركة بدور مهم في التنظيم والتخطيط لسياسة الحر كة‪ ،‬وإعداد نخبة‬ ‫متفقهة في الدين من بين الأتباع ومن ثم إيفادها إلى الأقطار الإسلامية‬ ‫الأخرى لبث الدعوة و اختيار أعضاء قياديين من الأقطار نفسها اليي تبث‬ ‫فيها الدعوة ومن ثم إرسالهم للبصرة لتلقي المزيد من العلوم وتأهيلهم تولي زعامة‬ ‫الحركة قي أقطارهم‪.‬‬ ‫)‪(١٥٦‬‬ ‫وفي أجواء من العمل بالسرية والكتمان يمكن القول بأن الحركة الإباضية‬ ‫تحت زعامة أبي عبيدة مسلم قد نجحت في تلك الفترة في إرساء تعاليم المذهب‬ ‫الإباضي ونشر تعاليمه في العراق وخرسان ومكة المكرمة وشمال أفريقيا ووصلت‬ ‫في الجنوب إلى اليمن وحضرموت وعمان‪ ،‬وأصبحت حركة دينية ثقافية غلب‬ ‫على أنشطتها الطابع التعليمي‪ ،‬ولكن الأهداف السرية غيرالمعلنة من وراء ذلك‬ ‫التخطيط أهداف بعيدة المدى‪ ،‬ذات طموحات كبرى‪ ،‬كانت غايتها تأسيس‬ ‫إمامة شاملة تضم الأقطار الإسلامية تحت توجيه زعامة المذهب في البصرة ولذا‬ ‫نأى أبو عبيدة مسلم بنفسه تماما عن الحكام‪.‬‬ ‫وفي عهد يزيد بن عبداللك(ر‪١٠٥-١٠١‬ه)‏ ظهرت فرقة متطزفة من‬ ‫الإباضية استغلت خروج القائد المهلي يزيد بن المهلب وأعلنت معه الخروج‬ ‫والثورة ضد الحكم الأموي (( فتصدى فها الجيش الأمري وقضى عليها في معركة‬ ‫العقر سنة‪ ٢‬‏‪ ٠‬‏ه‪ ١‬قتل فيها يزيد بن المهلب زعيم الثورة)) « وكثير من المهالبة‬ ‫رالأزد المناصرون له‪.‬‬ ‫كانت هذه نقطة تحول حاسمة في سياسة تاريخ الحركة الإباضية فقد تأثر‬ ‫قادة الأزد لمقتل المهالبة‪ .‬فغضبوا وغضبت معهم الإباضية على الأمويين وطالبوا‬ ‫بالثورة وبضرورة الانتقام وتغيير الأوضاع ووضع حد لتعسف الحكم الأموي‪.‬‬ ‫والانتقال من مرحلة الكتمان إلى مرحلة الظهور‪.‬‬ ‫أمام هذه المستجدات الطارئة كان على أبي عبيدة أن يجتهد في تمدئة الثوار‬ ‫ويدعو إلى التريث والتزام الهدو‪ ،‬ولكنه أمام ضغوط الأزديين وغير الأزديين من‬ ‫أتباع الحركة شرع في التفكير العميق في إيجاد مخرج مناسب يتماشى والتعاليم‬ ‫(‪ )١‬ابن الأثير‪ :‬الكامل في التاريخ ج‪ ٤‬ص‪.٢٢٩ ‎‬‬ ‫)‪(١٥٣‬‬ ‫الأساسية للإباضية} وبعد استشارة المشائخ وزعماء المذهب أضطر إلى تغيير موقفه‬ ‫خوفا من وقوع انقسام شديد داخل صفوف الإباضية‪.‬‬ ‫لم يكن قرار أمر خروج الإباضية بالهين‪ 5‬فالمسألة تتطلب كثيرا من التأني‬ ‫والتعقل‪ ،‬والاستعداد الجيد‪ ،‬لأن مصير الحركة كان يتوقف على هذه المسألة} وقد‬ ‫وعى أبو عبيدة جيداً الدروس السابقة للحركات الخارجة والمصير الذي آلت إليه‬ ‫من قبل من تشريد وإبادة‪ ،‬ولهذا تبنى وجهة نظر معقولة تضمن له تحقيق إقامة‬ ‫دولة إباضية خارجة عن نطاق مركز دعوقما الرئيس ‪ -‬البصرة ‪ -‬إذ لا يمكن أن‬ ‫يخرج الإباضية من البصرة ويعلنون فيها إقامة إمامة مستقلة حيت ولو كان ذلك في‬ ‫ضواحي البصرة كما فعل نافع بن الأزرق وأتباعه‪ ،‬لأن ذلك يعرضهم لوصول‬ ‫ذراع السلطة القري إليهم والقريب منهم‪ ،‬إضافة إلى أن إمكانية الإباضية‬ ‫لذا شدد أبو عبيدة على‬ ‫للخروج واستعداداتمم غير كافية للدفاع عن أنفسهم‪.‬‬ ‫النقاط الأتية‪:‬‬ ‫أولاً ‪ :‬على الاهتمام بالمسائل التنظيمية للحركة وإقامة حكومة سرية داخل‬ ‫البصرة تتولى تنظيم الحركة الإباضية داخل وخارج العراق ومن مهامها الأساسية‬ ‫تكوين الدعاة تكوينا عقائديا واجتماعيا وسياسيا ثم تكليفهم بإقامة دولة إباضية‬ ‫في جهات مختلفة من الأقطار الإسلامية‪ ،‬كبداية لإقامة إمامة إياضية شاملة على‬ ‫‪:‬‬ ‫أنقاض الدولة الأموية‪.‬‬ ‫ثاني ‪ :‬الوقوف موقف المتشدد ضد إقامة أي اتصال مع أهل المذاهب الأخرى‬ ‫من غير الإباضية سواء كان ذلك على المستويات السياسية أم الدينية وحيت على‬ ‫المستوى الاجتماعي‪ ،‬وبهذه السياسة اليي اتبعها أبو عبيدة استطاع بجتمع الإباضية‬ ‫في البصرة أن يحافظ على سياسة الكتمان في ظل زعامته و تمكنت من الانطلاق‬ ‫بدعوتما وفكرها من مركزها الرئيس ‪ -‬البصرة ‪ -‬لتنتشر في أرجاء العالم‬ ‫الإسلامي فوصلت جنوباً لليمن وحضرموت وعمان‪ ،‬واستقرت غربا في غال‬ ‫(‪)٦١٥٤‬‬ ‫أفريقيا ثم شرقا نحو خراسان‪ ،‬وسعت نحو تحقيق أهدافها في استقلالية تامة دون‬ ‫وبدأت تتبين ملامح شخصيتها‬ ‫أخرى‘‬ ‫‪:7‬‬ ‫مع تيارات‬ ‫أي التماس أو تماس‬ ‫الدينية والسياسية‪.‬‬ ‫كان تأثير أبي عبيدة على قرارات واستشارة المواقع الإقليمية ال تنتشر فيها‬ ‫الإباضية البعيدة والقريبة عن المركز الرئيس واضحا‪ ،‬وعلى سبيل المثال لم يعلن‬ ‫عبدالله بن يحى الكندي (طالب الحق) ثورته في حضرموت إلا من بعد ما جاءته‬ ‫المرافقة والدعم من أبي عبيدة وكذلك الحال في ظهور الإمامة الإباضية في شمال‬ ‫أفريقيا بزعامة أبي الخطاب فقد جاءت وفقا للتخطيط الذي رسمه أبوعبيدة والذي‬ ‫استطاع أن يسهم بخططه وآرائه في قيام دولتين إياضيتين كانتا خطرا حقيقيا على‬ ‫الكيان الأموي وعلى العباسي فيما بعد في الجزيرة العربية وشمال أفريقيا‪.‬‬ ‫اهتم أبو عبيدة بموسم الخج اهتماما بالغ فقد كان لا يفوته الحج إلا نادرا‬ ‫ركان على حرصه في نيل الأجر والثواب من جراء تأدية شعائر فريضة الج‬ ‫يسعى للاستفادة من اجتماع الأمة الإسلامية في هذا الموسم الديني السنوي"‬ ‫فيجتمع بفقهاء ومجلماء الأمصار‪ ،‬ويتعرف بالحجاج الإباضيين القادمين من شێ‬ ‫الأمصار‪ ،‬ويجد في لقراههم فرصة سانحة لحل مشاكلهم؛ والرد على استفساراتمم‬ ‫فيما يخص أمورهم الدينية والدنيوية‪ ،‬وكان يرسل الرسائل مع الحجاج العائدين‬ ‫إلى زعامات الإباضية في بلدائمم الي كانت تحمل في طياقمقا العلم والفتوى‬ ‫لتنظيم السياسي للحركة وربط إباضية المشرق بالمغرب‪ .‬إ‬ ‫تمثل بحاح أبي عبيدة في الحال الدعوي في أولئك الطلاب الخمسة الذين‬ ‫رباهم وعلمهم ودريم وقضوا معه حمس سنوات بين يديه في سرداب سري‬ ‫ببصرة ‪ ،‬ثم أرسلهم رسلا لتبليغ دعوة أهل الإباضية إلى للرب والمشرق ‪.‬‬ ‫ولم يمض وقت طويل حي ظهرت آثار دعوقمم بالمغرب وقامت الثورات ضد‬ ‫السلطة الأموية غم العباسية في السنوات المتوالية ‏‪ -١٦٢٢‬‏ه‪ ٠٦١‬منها ثورة‬ ‫(‪)١٠٥‬‬ ‫البربر الصفرية سنة ‪١٦٢‬ه‏ الي قادها ميسرة المطغري©‪ ،‬وثورة أبي الخطاب عبد‬ ‫الأعلى بن السمح سنة ‏‪ ٤٠‬‏ه‪ ١‬وقيام الدولة الرستمية الإباضية في المغرب‬ ‫الأوسط ‪-‬۔الجخزائر‪ -‬مابين سنة ‏‪ -١٦٠‬‏ه‪ ٦٩٦‬الي اشتهرت بنظامها الشورري‬ ‫وعدالتها وأمنها وازدهارها‪.‬‬ ‫د الربيع بن حبيب بن عمرو الأزدي ‪:‬‬ ‫هو الربيع بن حبيب بن عمرو الأزدي الفراهيدي البصري‪ ،‬وفراهيد من‬ ‫غضفان من غُمان‪ ،‬وهو في البصرة مشهور ولد في منطقة الباطنة في عمان في‬ ‫‏‪ ٠ -٧٥‬‏ه‪ ٨‬وبا أمضى‬ ‫النصف الثاني من القرن الأول الهجري ما بين سني‬ ‫طفولته‪ ،‬غم أنتقل للبصرة وأخذ بما علوم التفسير والحديث والفقه على شيوخها‬ ‫من التابعين الذين عاشوا في تلك الفترة أمثال‪ :‬قتادة وعمرو بن هرم وحمادة بن‬ ‫سلمة وغيرهمض ولكنه كان أكثر ملازمة لأبي عبيدة بن مسلم وروى عنه‪ ،‬وقد‬ ‫وردعنه قوله‪ :‬أخذت الفقه من ثلائة‪ :‬أبي عبيدة‪ ،‬وأبي نوح صالح الدهان‪ ،‬وضمام‬ ‫بن السائب‪ .‬وقيل إن الربيع أدرك جابرا بن زيد وهو شاب وقل ما حمل عنه؛‬ ‫سلك الربيع بن حبيب طيلة تحصيله للعلم مسلك شيخيه أبي الشعثاء جاير بن زيد‬ ‫وأبي عبيدة مسلم في تجنب أي صدام أو احتكاك مباشر مع سلطة الولاة‬ ‫الأمويين» مما جنبه التعرض للاضطهاد أو الأذى في إثناء تفرغه لتلقي العلم‪.‬‬ ‫كان الربيع بن حبيب يتمتع بمكانة مرموقة ومتزلة عالية ليس فقط بيبن‬ ‫أبناء قبيلته من الأزد ولكن بين الأوساط الإباضية في المشرق والمغرب غيرها‬ ‫وقد نال تلك المنزلة بما حباه الله تعالى من الورع والتقوى والعلم وكان علماً من‬ ‫أعلام الفكر وعالماً من علماء الفقه وقد أثق عليه شيخه أبوعبيدة بقوله عنه‬ ‫(‪)١٥٦‬‬ ‫(( فقيهنا وإمامنا وتقينا وأميننا وثقتنا)) " ‪ ،‬وعد ثالث أئمة العلم عند الإباضية‬ ‫بعد جابر بن زيد وأبي عبيدة بن مسلم‪.‬‬ ‫ترك الربيع بن حبيب آثاراً علمية جاءت في أقوال وفتاوى فقهية متتاثرة في‬ ‫كتب الإباضية‪ ،‬ومن آثاره المجموعة كتاب( آثار الربيع ) الذي رواه عن شيخه‬ ‫ضمام السائب عن جابر بن زيد وهو عبارة عن بجموعة فتاوى للإمام جابر بن‬ ‫زيد‪ ،‬وقد جمعها أبوصفرة عبدالملك بن صفرة " ‪ .‬إلا أن من أهم آثاره كتاب‬ ‫الملسند‪ ،‬ويطلق عليه الإباضية (الخامع الصحيح) و لم يكن في أول أمره مرتبا أو‬ ‫مصنفاًك حيت جاء بويعقوب يوسف الوارجلان وأعاد ترتيب الأحاديث على نحو‬ ‫موضوعي على طريقة الجوامع فقام بجمع الأحاديث على حسب أبواب الفقه‬ ‫للعروفة وهو مطبوع ومتداول وعيي علماء الإباضية بتخريج أحادينه ومقارنتها بما‬ ‫ورد في كتب السنة الأخرى‪ ،‬وللمسند عدة شروح أهمها شرح الشيخ عبداللة‬ ‫السالمي وهو من غلماء عمان ( ت سنة ‪١٢٣٢٣٢‬ه‏ )‪.‬‬ ‫ه ۔ أصول العقيدة عند الإباضية ‪:‬‬ ‫استندت أفكار العقيدة عند الإباضية على التراث الفكري الإسلامي إذ لا‬ ‫يختلف اثنان من مخالفيهم في أن الإباضية هي فرقة من فرق الخوارج العتدلة‪ ،‬لا‬ ‫تحيد عن أصول الشريعة الإسلامية والكتاب والسنة‪ .‬والفرق الإسلامية لا تدخل‬ ‫تحت حصر والمتقدمون الذين كتبوا عن الفرق خاصة من هم من أهل السنة‪،‬‬ ‫أرادوا أن يحصروها استنادا إلى حديث روى عن أبي هريرة‪ ،‬ومفاده أن الني‬ ‫صلى الله عليه وسلم قال‪ ( :‬افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة} وافترقت‬ ‫‏(‪ )١‬الكاباوي‪ ،‬عمرو بن مسعود‪ :‬الربيع بن حبيب حدا وفقيهًا‪.‬‬ ‫‏(‪ )٦‬لازال مخطوطا وتوجد منه نسخة ف المكتبة البارونية بربة‪ -‬تونس‪.-‬‬ ‫(‪)١٥٧‬‬ ‫النصارى على اثنتين وسبعين فرقة} وتفترق أميني على ثلاث وسبعين فرقة)‪.‬‬ ‫ورواية أخرى تروى عن عبدالله بن عمرو بن العاص ( ت سنة ‪٦٥‬ه)‏ أن الني‬ ‫صلى الله عليه وسلم قال‪ (( :‬ليأتين على أمي ما أتى على بيي إسرائيل‪ :‬تفرق بنر‬ ‫إسرائيل على اثنتين وسبعين ملة‪ ،‬وستفترق أمي على ثلاث وسبعين ملة تريد‬ ‫عليهم ملة‪ .‬كلهم ف النار إلا ملة واحدة‪ .‬قالوا‪ :‬يا رسول الله‪ :‬وما الملة الي‬ ‫تنقلب؟ قال‪ :‬ما أنا عليه وأصحابي))‪.‬‬ ‫ولهذا الحديث ‪ -‬بصوره المختلفة أسانيد كثيرة} استوفاها الحافظ الزيلعي في‬ ‫تخريج أحاديث ( الكشاف )© وتعدد رواته عن البي صلى الله عليه وسلم‪ :‬كأنس‬ ‫وأبي بن كعب‪6‬‬ ‫الخدري!‬ ‫وأبي سعيد‬ ‫وجابرك‬ ‫وأبي الدرداء‬ ‫وأبي هريرة‪،‬‬ ‫مالك‪،‬‬ ‫بن‬ ‫وقد شكك‬ ‫وواثلة بن الاسقع ْ‬ ‫وأبي بن أمامة‬ ‫وعبدالله بن عمروبن العاص‬ ‫الدكتور عبدالرحمن بدوي في صحة هذا الحديث للأسباب الآتية‪:‬‬ ‫‏‪ - ٧٢٣ ٧٢‬أمر مفتز لا‬ ‫أول‪ :‬إن ذكر هذه الأعداد المحددة المتوالية‪،٧١:‬‬ ‫يمكن تصديقه‪ ،‬فضلا عن أن يصدر مثله عن البي‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬لا نجد لهذا الحديث ذكرا فيما ورد لنا من مؤلفات من القرن الثان" ولا‬ ‫لثالث الهجري" ولو كان صحيحا لورد في عهد متقدم‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬أعطت كل فرقة لختام الحديث الرواية الين تناسبها‪ ،‬فأهل السنة جعلوا‬ ‫الفرقة الناجية هي أهل السنة والمعتزلة جعلوها فرقة المعتزلة وهكذا «" ‪.‬‬ ‫ولا عبرة بتشكيك الدكتور عبدالرحمن بدوي؛ بعد أن صحح أسانيد الحديث‬ ‫الحافظ الزيلعي‪.‬‬ ‫(‪ )١‬بدري" عبدالرحمن‪ :‬مذاهب الإسلاميين ج‪ ١‬ص‪.٢٤ ‎‬‬ ‫(‪)١٥٨‬‬ ‫تواريخ الملل والنحل وجهة نظر مؤلفيها ورعكست وجهة نظرهم‬ ‫دونت كتب‬ ‫في فرقهم والفرق المناوئة‪ ،‬وتحت تأثير الاختلاف والتحصزب صنفت الفرق‬ ‫الإسلامية إلى صنفين‪ :‬الفرقة الناجية من النار والفرقة الهالكة فيهاء وتم تأطير هذا‬ ‫السرد التاريخي لتلك الآراء والسير للفرق بعيداً عن الحوار الفكري" ولا بد من‬ ‫وقفة عند حديث الافتراق أو الاختلاف هل جاء موضوعا لسلب التأثير‬ ‫الاحتماعي والسياسي في نشوء الفرق أوكان محاولة للتبشير بفرقة وحيدة هي‬ ‫الناجية‪ ،‬وإن كان تعدد الفرق الإسلامية من الناحية الفكرية والاجتهادية يصد‬ ‫حالة سليمة ونتاجاً فكريا طبيعياً م يتحرج القرآن من الاعتراف به» قال تسال‪:‬‬ ‫} لكن جَعَلا منكم شرعة وَمنهَاجاً وكو شاء الله تلكم! ‪ 7‬واجة وز‬ ‫وكم في مَا آآاكُم قاستيقَوا الخيرات إلى اله ترتكز جَميعاً فينكم بيا‬ ‫احدة ‪2‬‬ ‫ا! ل م‬ ‫ونا ‪1‬‬ ‫(‪ .‬وقرله عال‬ ‫كُشم فيه تختلف‬ ‫‪,‬‬ ‫)‬ ‫ولا ترالورً مُحتَلفينَ «‬ ‫واحدة‬ ‫أمة‬ ‫لَحَعَلَ الاس‬ ‫رك‬ ‫شاء‬ ‫و‬ ‫ر »‬ ‫وتبدو الدعوة إلى إسلام بلا مذاهب دعوة تشريما العاطفة أكثر من الواقعية‬ ‫رحصر الإسلام بين مذاهب أربعة ضرب من ضروب التعصب والتعامي عن‬ ‫النقول واجتهاد العقول الأخرى وحصار للفكر‪ ،‬والعقل الإسلامي يين مسالك‬ ‫ولا بد من الاعتراف بحقيقة تاريخية مسلم بما وهي أن هناك‬ ‫ضيقة فقهاً وعقيدة‪،‬‬ ‫وجودا كبيرا من الفرق الإسلامية و تيارات منبثقة من داخل هذه الفرق أو تلك‪،‬‬ ‫وان هناك اختلافا واقعاً مسلما به لا يمكن تجاوزه بالتكفير أو الإلغاء؛ أو جرد‬ ‫تعصب لأئمة دون أئمة أو مذهب دون آخر‪ ،‬إن منهج الإمام الصاوي وقوله في‬ ‫حاشيته على تفسير الجلالين (( ولا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الأربعة ولو وافق‬ ‫(‪ )١‬سورة المائدة الآية‪.٤٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة يونس الآية‪.١٩ ‎‬‬ ‫(؟) سورة هود الآية ‏‪.١١٨‬‬ ‫(‪()١٥٩‬‬ ‫قول الصحابة والحديث الصحيح والآية} فالخار ج عن المذاهب الأربمة ضال‬ ‫مضل وربما أداه ذلك للكفر لأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول‬ ‫الكفر)) (" ‪ .‬وذلك منهج تبرأت منه الإباضية (( بريتون من هذا الأصل الذي‬ ‫رضيه الصاوي أن يكون القاعدة اليي يقوم عليها صرح الإسلام‪ ....‬وأن‬ ‫الصاوي ليس وحيدا في هذا الميدان فهناك من مشى على نفس هذا المنهج كما‬ ‫يدل على ذلك مسلكه في النقاش‪. "« ») ..‬‬ ‫قي حين تتميز الفرق الإسلامية عن بعضها البعض يا تحدده من آراء اجتهادية‬ ‫تختلف باختلاف وجهات النظر لدى كل فرقة‪ ،‬ومن تمام بحثنا عن الإباضية فإنه‬ ‫يحسن أن نعرض آراء هذه الفرقة في المسائل الإلهية والإنسانية‪ .‬مع اعتراف‬ ‫الإباضية بأن ليس لهم مذهب إلا الإسلام وأنه م يشرع لهم ابن اباض مذياء‬ ‫وإنما نسبنا إليه لضرورة التمييز حين ذهب كل فريق إلى طريق وإفمم بجتهدون‬ ‫يلتمسون الحق ويقبلون الحق ممن جاء به ولو كان بغيضاء ويردون الباطل على‬ ‫من جاء به ولو كان حبيباً _" ‪.‬‬ ‫وتتبن الإباضية ‪ -‬رغم وجود تيار محافظ بينهم‪ -‬مناهج المعتزلة؛ فقالرا‬ ‫بالتحسين والتقبيح العقليين" ومالوا إلى تأويل كل ما يوهم التشبيه ولو ظاهرا‬ ‫ونفوا رؤية الله في الآخرة هذا مع قولهم القديم بخلود العصاة في النار‪ ،‬وبحرية‬ ‫انتخاب الإمام ولا ينكر الإباضية اعتناقهم لهذه الآراء واتفاقهم مع المعتزلة‬ ‫بشأنماك وإنما يجادلون في أن المعتزلة هم الذين أخذوها عنهم وليس العكس‪.‬‬ ‫‏‪.١.٠‬‬ ‫حاشية الصاري على تفسير الجلالين ج‪٢‬ص‬ ‫‏) ‪ ( ١‬الصاري»‬ ‫‏‪.٩‬‬ ‫‏(‪ (٢‬الخليلي؛ أحد بن حمد‪ :‬الحق الدامغ ص‬ ‫‏(‪ )٢‬الالي" نور الدين عبدالة بن حميد‪ :‬العقد الثمين من أجوبة نور الدين ج‪١‬ص‪.١٦٢٦‬‏‬ ‫(‪(١٦٠‬‬ ‫حدد علماء الإباضية موقفهم حول المسائل الي وقع عليها اختلاف الناس‬ ‫وهي‪ :‬التوحيد‪ ،‬والعدل‘ والقضاء‪ ،‬والقدر‪ ،‬والولاية والبراءة‪ ،‬والأمر والنهي‪،‬‬ ‫والوعد والوعيد والمتزلة بين المنزلتين‪ ،‬وأن لا مترلة بين المنزلتين‪ ...‬إلخ وقد‬ ‫اتضحت آراؤهم حولها‪ ،‬وأصبحت أصولا للعقيدة الإباضية‪.‬‬ ‫‪ -١‬التوحيد‪: ‎‬‬ ‫التوحيد لغة الحكم بأن الشيء واحد والعلم بأنه واحد‪ ،‬وفي اصطلاح أهمل‬ ‫الحقيقة تجريد الذات الإلهية عن كل ما يتصور في الأفهام ويتخيل ف الأومام‬ ‫والأذهان‪ ،‬فهو العلم بأن الله تعالى واحد لا يشاركه غيره فيما يستحق من‬ ‫الصفات نفياً أو إثبائا» وما يلزم اللكلف معرفته من علوم الترحيد هو إفراد المعبود‬ ‫بالعبادة‪ ،‬والتصديق بوحدانية الخالق ذاتا وصفات وأفعالاً والإقرار بوجود واجد‬ ‫صفات المخلوقات فلا أول‬ ‫الملورجودات‪ ،‬وهو الله الذي لا إله إل هو متعال ع‬ ‫ولا آخر‪ ،‬وهو شيء لا كالأشياء ( فليس هناك ذات تشبه ذاته تعالى ولا تقبل‬ ‫ذاته الانقسام ولا تشبه صفاته الصفات‪ ،‬ولا يدخل أفعاله الإشراك فإن الفعل له‬ ‫سبحانه خلقا وأن ينسب إلى غيره كسباً _گ ‪.‬‬ ‫وما يلزم في مبحث علوم التوحيد هو صفات الله تعالى وقد كان موضوع‬ ‫خلاف كبير بين المتكلمين فعند الإباضية بأن ما يستحق الصفات ما يجب له في‬ ‫كل وقت كالوجود والأزلية والأبدية والحياة والعلم‪ .‬وصفات جائزة لله يوصف‬ ‫بها حين يفعلها‪ ،‬ولا يوصف مما إذا لم يفعلها أو تركها وقسموا الصفات الواجبة‬ ‫قسمين ذاتية وفعلية‪ ،‬والفرق بين صفات الذات وصفات الفعل هو أن صفات‬ ‫الفعل تجامع ضدها في الوجود عند اختلاف امحل‪ ،‬كأن يوسع في رزق زيد‬ ‫(‪ )١‬اطفيش‪ :‬محمد بن يوسف‪ :‬الذهب الخالص‪٢٧. ‎‬ص‬ ‫(‪ )٢‬الالي" عبدالله بن حميد‪ :‬مشارق أنوار العقول‪ ‎‬ص‪.٢٠٥‬‬ ‫(‪(١٦١١‬‬ ‫ويضيق في رزق عمرو وأن يرزق العلم عمراً ويخلق الجهل لزيد‪ ،‬وأن يخلق كذا‬ ‫‪.‬‬ ‫دون كذا» وان يرحم فلانا ويعذب فلانا‪( ..‬‬ ‫أما صفات الأفعال فهي قديمة أزلية كصفات الذات كوصفه بأنه خالق في‬ ‫الأول اعتبار ما سيخلق» وعالم بما كان قبل أن يكون! أما صفات‬ ‫الذات كالعلم والقدرة والإرادة فإما لا جامع ضدها في الوجود ولو اختلف المحل‪,‬‬ ‫فلا يقال قدر الله على فعل شيء وعجز عن فعل شيء‪ .‬وصفات الذات اعتباربة‬ ‫لا وجود ها في ذاتما ولا في ذاته تعالى وإنما المقصود يا نفي أضدادها المستحيلة‬ ‫في حق الله تعالى‪ .‬وترى الإباضية أن الصفات هي عين الذات أي أن ذاته تعال‬ ‫كافية فى الانكشاف والتخصيص والتأثير فكون الله عالاً بذاته يعني منكشف‬ ‫لذاته جميع المعلومات انكشافاً تاماً من غير صفة قديمة مقتضية لذلك الانكشاف‬ ‫فالله غي عن كل مع قديم زائد عليه قائم به للانكشاف _‬ ‫بينما الصفات عند الأشاعرة هي معان قائمة بذاته تعالى زائدة عليها‪ ،‬فهي‬ ‫عند الأشعري حقيقة أزلية لكنها ليست كصفات البشر وصفات الله قائمة‬ ‫يذاته» أي أنما ليست ذاته‪ 5‬ولا غير ذاته‪ 5‬إذ لا يتصور الذات أن يكون حيا بغر‬ ‫حياة أو عالما بغير علم أو قادرا بغير قدرة} أو مريداً بغير إرادة بل الله عالم بعلم‬ ‫وقادر بقدرة‪ ،‬وحي بحياةإ ومريد بإرادة‪ .‬وذلك من قال إنه عالم و علم؛ كان‬ ‫مناقضاً وكذلك القول يي القدرة والقادر والحياة والحي‪ ..‬إلخ وأسماء اله مشتقة‬ ‫من صفات\ فلابد من إثبات هذه الصفات له فقولنا‪ :‬عالم ‪ -‬مشتق من العلم؛‬ ‫وقادر ‪ -‬مشتق من القدرة‪ ،‬وحي۔ مشتق من حياة‪ ،‬ومريد‪ -‬مشتق من الإرادة‬ ‫( ‪ 3‬إذ لا يشبهه شيء ولا يشبه شيئا (( لأنه لو أشبهها لكان حكمه في الحث‬ ‫(‪ )١‬المصدر نفسه‪ ‎‬۔‪١٣٢‬ص‬ ‫(‪ )٦‬جهلان"‪ 6‬عدون‪ :‬الفكر السياسي عند الإباضية‪‎.‬‬ ‫(‪ )٢‬البدري‪ ،‬عبدالرحمن‪ :‬مذاهب الإسلاميين‪ ‎‬ج‪١‬ص‪.٥٤٥‬‬ ‫(‪)١٦٢‬‬ ‫حكمها)) ("‪ .‬وهو العالم والحي القادر والمريد‪ ،‬والصفة الإلهية اليي توسع‬ ‫الأشعري في شرحها هي‪ :‬الإرادة‪ ،‬وذلك لما يترتب عليها من أمور إيمانية متعددة‬ ‫ذات تأثير بالغ في تحديد موقف الأشعري بوجه عام‪.‬‬ ‫فعند المعترلة هي الصفات الق يخالف‬ ‫نالصفات‬ ‫القديم تعالى م ‪.‬‬ ‫أما ما يستحقه‬ ‫كا مخالفة ويوافق موافقة لو كان له موافق‪ -‬تعالى عن ذلك‪ -‬و(هو) كرنه قادرا‬ ‫كارها‪.‬‬ ‫موجودا مريد‬ ‫مدركا للمدركات©‪6‬‬ ‫سميعاً‪ ،‬بصيرا‬ ‫عالما حيا‪.‬‬ ‫وينبه السالمي حول الفرق بين الاسم والصفة‪ :‬هو أن الاسم ما دل على‬ ‫الذات مع اعتبار معين يوصف به الذات والصفة ما دلت على الذات مع اعتبار‬ ‫به الذات‘ وعليه فلا اسم إلا لفظ الخلالة وهو التحقيق لا ما ذهب‬ ‫معن يوصف‬ ‫إليه البعض من أن الاسم هو الصفة والمعرفة بأل فإن عدت عنها نهي الصفة‬ ‫وعليه فالعليم بالتعريف اسم و بدونه صفة\ ولا استدلال له بقوله تعالى‪ }:‬الأسْمَاءُ‬ ‫الْحُستتى فإن الأسماء في الآية بمعين الصفات تجوزاً لأنا المفيدة للحسن‪ ،‬فوصفت‬ ‫به وأما الأسماء فلا تدل على حسن ولا قبح <‪ .‬وفي صفات البارىء سبحانه‬ ‫وتعالى اختلفت الإباضية مع الأشعرية في عشرة مواطن ذكرها الورجلاني في‬ ‫الدليل والبرهان على النحو الآني <" ‪:‬‬ ‫أولا‪ :‬إن قلنا إن الباريء سبحانه يوصف بالعلم والقدرة والإرادة وسائر‬ ‫الصفات الي يوصف مما‪ .‬فقالوا إنما معان وليست بصفات‪.‬‬ ‫والثان‪ :‬أمهم أطلقوا على هذه المعاني ال ذكروها‪ :‬أنما أغيارة عز وحجل؛‬ ‫فأوجبوا التغاير بينهما‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الأشعري‪ ،‬ابوالحسن‪ :‬اللمع‪٧. ‎‬ص‬ ‫(‪ )٢‬الالي‪ :‬مشارق أنوار العقول‪ ‎‬ص‪.٢٢٨‬‬ ‫ج؟ص‪.١٩٤٩ ٢‬‬ ‫بن إبراهيم‪ :‬الدليل والرهان‪‎‬‬ ‫)‪ (٣‬الورجلاني ‪ 6‬يورسف‬ ‫(‪(١٦٣‬‬ ‫والغالث‪ :‬أم أثبتوها معاني غير الله وهي قديمة‪ .‬ونحن نقول ليس هناك معنى‬ ‫غير الله ولا قلم مع الله‪.‬‬ ‫والرابع‪ :‬أنه بعقتضى هذه المعاني كان الله موصوفا‪ ،‬فبالعلم كان عالا‬ ‫وبالقدرة كان قادرا‪ .‬علم بعلم‪ ،‬وقدرة بقدرة‪ ،‬وإرادة بإرادة‪ ،‬وحي بحياة} وقدم‬ ‫بقدم‪.‬‬ ‫والخامس‪ :‬أن هذه المعاني الي وصفوه بما‪ ،‬معان قائمة بالذات ذات الباريء‬ ‫سبحانه‪.‬‬ ‫والسادس‪ :‬أفهم وصفوه بالوجه واليدين والرأس والعينين والجنب والجلسة‬ ‫والقبضة والأصابع والكف والساق والقدم والاستواء والميل وخرق الحجب©‪6‬‬ ‫وركوب الحمار وأنه النور الأنور‪.‬‬ ‫والسابع‪ :‬أن الكلام من المعاني الي وصفوه بما وهو قائم بذاته لم يزل بما‪.‬‬ ‫والثامن‪ :‬أن الأمر والنهي المتدرجين في الكلام من المعاني ال وصفوه بما‬ ‫قائمان بذاته‪ ،‬لم يزل كذلك‪ ،‬تعالى الله عن ذلك‪.‬‬ ‫والتاسع‪ :‬أن القرآن وسائر كتب الله المنزلة من المعاني اليي يوصف مما في ذاته‬ ‫م يزل بيا سبحانه‪.‬‬ ‫والعاشر‪ :‬أن العدل والإحسان والفضل والمن والإنعام صفاته‪ ،‬لكنها أفعاله‬ ‫محدنة‪.‬‬ ‫‏‪ -٢‬العدل‪:‬‬ ‫العدل لغة مصدر عَدَل يعدل عدلا‪ ،‬وقد يذكر ويراد به الفعل‪ ،‬ويذكر‬ ‫ويراد به الفاعل‪ .‬وأما في اصطلاح الإباضية أنه وضع الأشياء في مواضعها وإعطاء‬ ‫كل ذي حق حقه وتنزيل كل شخص مترلته} وإذا قيل إن الله عدل فالمراد به أنه‬ ‫(‪)١٦٤‬‬ ‫لا ينسب إليه الجور ولا يوصف به‪ ،‬سواء في أحكامه أو أفعاله «" ‪ .‬وأن اللة في‬ ‫جميع أحكامه وأفعاله ليس بظلام للعبيد‪ ،‬وإنما الخلاف يتركز حول حرية الإنسان‬ ‫وهي المرتبطة بالعدل الإلهي‪ ،‬هل الإنسان حر في تصرفاته أي خالق أفعاله؟ أم أن‬ ‫الخلق لله ولا طاقة للعبد في اختيار ما يريد؟ اختلف التكلمون حول هذه المسألة‪,‬‬ ‫فالأباضية يدينون بأن الأفعال خلق اللة تعالى وهي في الوقت ذاته كسب الإنسان؛‬ ‫ركل فعل للإنسان بوصفه عبدا يؤكد حريته ومقدرته على الاختيار دون تعارض‬ ‫مع المشيئة والإرادة الإلهية في عباده‪ ،‬والاستطاعة على فعل شيء يستوجب أيضا‬ ‫الاستطاعة على عدم فعل هذا الشيء‪.‬‬ ‫ومسألة أفعال الإنسان في مذهب الأشعري" هي أن أفعال العباد مخلوقة لل‪,‬‬ ‫وليس للإنسان فيها غير اكتسامما‪ ،‬أي أن الفاعل الحقيقي هو اللة‪ ،‬وما الإنسان إلا‬ ‫مكتسب للفعل الذي أحدثه الله على يدي هذا الإنسان‪ .‬ومسألة الفعل الإنساني‬ ‫‪ -‬الاستطاعة قد تناولها الأشعري وخلاصة رأيه أن الإنسان يستطيع باستطاعة‬ ‫غبره‪ 3‬لأنه يكون تارة مستطيعاً وتارة عاجزاً» كما يكون تارة عالم‪ ،‬وتارة غير‬ ‫عالم وتارة متحركا‪ 5‬وتارة غير متحرك' وعارض الأشعري المعتزلة في قولهم‬ ‫بوجوب فعل الأصلح على الله وأطلق حرية المشيئة الإلهية دون قيد ولا شرط‪.‬‬ ‫وقالوا أن يخلق من يعلم أنهم سيكفرون‪ ،‬وله أن يلطف بالكفار ليؤمنوا‪ .‬وكل‬ ‫ذلك عدل منه‪.‬‬ ‫أما العدل في اصطلاح المعتزلة فإنه إذا قيل إنه تعالى عدل فالمراد به أن أفعاله‬ ‫كلها حسنة‪ ،‬وأنه لا يفعل القبيح و لا يخل بما هو واجب عليه‪ .‬وانه لا يكذب‬ ‫في خبره‪ ،‬ولا يجور في حكمه‘ ولا يعذب أطفال المشركين بذنوب آبائهم؛ ولا‬ ‫يظهر المعجزة على الكذابين‪ ،‬و لا يكلف العباد ما لا يطيقون ولا يعلمون‪ ،‬بل‬ ‫يقدرهم على ما كلفهم ويعلمهم صفة ما كلفهم ويدلهم على ذلك ويين لهم‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الشاتخي‪ ،‬عامر بن علي‪ :‬متن الديانات ضمن كتب محتارة‪٢٧٤. ‎‬ص‬ ‫(‪()١٦٥‬‬ ‫‏‪ -٢‬القضاء والقدر‬ ‫القضاء لغة} الحكم وفصل الأمر قولاً أو فعلاً ولكل منهما وجهان إلمي‬ ‫بشري‪ ،‬وفي الاصطلاح عبارة عن ثبوت الحكم الكلي في أعيان الموجودات على‬ ‫ما مي عليه من الأحوال الجارية في الأزل إلى الأبد‪ .‬والقدر لغة‪ ،‬الاقتدار على‬ ‫الشيء وقَدَررََعلى الشيء قدرة أي ملكه فهو قادر وقدير‪ ،‬والقدر في الاصطلاح‬ ‫الحكم بوقوع الجزئيات الي بتلك الكليات على سبيل التفصيل في الإنزال «" ء‬ ‫وقد يطلق (( القضاء )) على الشيء نفسه وهو الواقع في قوله عليه السلام ‪:‬‬ ‫(( اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء‬ ‫والرضى به لا يجب )) «" ‪ .‬والإباضية لا يختلفون مع علماء المسلمين في أن حكم‬ ‫القضاء والقدر شامل كل شيء منسحب على جميع الموجودات ولوازمها في‬ ‫الأفعال والصفات والأحوال وغير ذلك‪ ،‬وأن المقدرات ضربان ضرب يختص‬ ‫بالكليات وضرب يختص بالجزئيات التفصيلية‪ ،‬فالكلية المختصة بالإنسان محصورة‬ ‫في أربعة أمور‪ :‬العمر‪ ،‬والرزق والأجل‪ ،‬والشقاء والسعادة‪ .‬وأن الله تعالى لا‬ ‫يسأل عباده يوم القيامة عن قضائه وقدره وإنما يسألهم عن أعمالهم لأن قضاؤه‬ ‫هو إرادته الأزلية المتعلقة بالأشياء على ما هي عليه‪ ،‬وأما أفعال العبد مكتسبة له‬ ‫مخلوقة لله‪ .‬والحارثية خالفت الإباضية في قولهم بالقدر‪ ،‬وقالوا إن أفعال العباد‬ ‫مخلوقة لله تعالى وفي كون الاستطاعة قبل الفعل‪ .‬والشيبانية قالوا‪ :‬بالجبر ونفي‬ ‫القدر‪ ،‬فنقضت القدرية قولهم بزعمهم أن الله تعالى لم يخلق أفعالهم القبيحة لأن‬ ‫اله لا يصدر منه ما لا يرضى‪.‬‬ ‫(‪ )١‬السيوطي‪ :‬شرح السيوطي‪٨ ‎‬ج ‪٠٢٢.‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬رواه البخاري في كتاب القدر ‪/١٢/‬ورواه مسلم في الذكر‪ /٥٣/‬ورواه الإمام احمد في مسنده‪‎.‬‬ ‫(‪()١٦٦‬‬ ‫ومشكلة أفعال الإنسان هل هو خالقها أو هو بحبر عليها؟ كانت من المشاكل‬ ‫الرئيسة الي بدأت في مباحث علم الكلام! وابن حزم يفصل ذلك ويقول‪:‬‬ ‫اختلف الناس في هذا الباب ((باب‪ :‬القدر)) فذهبت طائفة إلى أن الإنسان مُجبر‬ ‫على أفعاله‪ ،‬وأنه لا استطاعة له أصلا وهو قول جهم بن صفوان وطائفة من‬ ‫الأزارقة؛ وذهبت طائفة أخرى إلى الإنسان ليس بحبرا‪ ،‬وأثبتوا له قوة واستطاعة‬ ‫ما يفعل ما اختار فعله مم افترقت هذه الطائفة على فرقتين‪ ،‬فقالت احدهما‪:‬‬ ‫الاستطاعة الين يكون بما الفعل لا تكون إلا مع الفعل‪ ،‬ولا تتقدمه ألبته‪.‬وهذا قول‬ ‫طوائف من أهل الكلام ومن وافقهم كالنجار والأشعري وجماعة من الملرجشة‬ ‫والخوارج (‪. 0‬‬ ‫و قالت الأخرى‪ :‬إن الاستطاعة الي يكون بما الفعل هي قبل الفعل موجودة‬ ‫في الإنسان‪ ،‬وهو قول المعتزلة وطوائف من المرجئة وجماعة من الخوارج والشيعة‪.‬‬ ‫ثم افترق هؤلاء على فرق وطوائف‪.‬‬ ‫وقد انكرت المعتزلة إيجاد الله لأفعالحم وجعلوها موجدة لحمض وقدرة العبد على‬ ‫خلق العمل‪ ،‬وقالوا إن الله عادل حكيم لا يجوز أن يضاف إليه شين ولا ظلم‬ ‫ولايجوز عليه أن يريد من العباد خلاف ما يأمرهم به‪ ،‬ولا يجوز عليه أن يخلق‬ ‫للعباد شيئاً فيجازيهم عليه والعبد هو الفاعل للخير والشر والطاعة واللعصيةء‬ ‫والله سبحانه وتعالى بحازيه بفعله وقالوا‪ :‬ليس من الحكمة أن يكرن الله سبحانه‬ ‫وتعالى يخلق الكفر للكافرين به وهو مبغض للكفر معاد للكافرين‪ ،‬فيكون ذلك‬ ‫كمن أعان على شتم نفسه‪ .‬وهذه الأقوال والآراء مبنية على جعل العقل حاكما‬ ‫على الشرع ولا تجوز عندهم رد الشرع بخلافه‪.‬‬ ‫وذهبت الإباضية والأشعرية بخلاف ذلك» إذ أن الشين والقبح في‬ ‫اكتسابما لا في خلقها‪ ،‬ذلك لأن القبح ما نمى عنه الشرع لا ما قبحه العقل فقط؛‬ ‫(‪ )١‬ابن الحزم‪ :‬الفصل ف الملل والنحل‪ ‎‬۔‪٢٢‬ص‪٣‬ج‬ ‫(‪()١٦٧‬‬ ‫لأن الحسن والقبح عند الإباضية والأشاعرة شرعيان وأما المعتزلة فعندهم أنما‬ ‫عقليان‪ .‬وأما المعاصي فقد صدرت من فاعلها فإذا كان الله لم يرد صدورها منه‬ ‫فيكون مغلوباًه حيث كان من المعاصي شيء م يرد الله وقوعه فيكون مكروهغ)‬ ‫مقهورا مغلوبا» ومن كان كذلك فليس بإله‪.‬‬ ‫وقد وقع هذا الجواب من أبي عبيدة مسلم لواصل بن عطاء إذ روي أن‬ ‫واصلا كان يتم لقاء أبي عبيدة وكانا أعميين فقال قائد واصل هذا أبو عبيدة‬ ‫فقال واصل لأبي عبيدة أنت الذي تقول إن الله يعذب على القدر؟ فقال لا‬ ‫ولكي أقول إن الله يعذب على المقدور فقال‪ :‬أأنت الذي تزعم أن الة يعصي‬ ‫باستكراه فانقطع واصل ثم قيل له سألته فتخلص‘{ وسألك فوقفت فقال بنيت‬ ‫له بنيان منذ أربعين سنة فهدمه وهو واقف‪ .‬والفرق بين القدر والمقدور في‬ ‫كلام أبي عبيدة أن القدر فعل الله والمقدور كسب العباد «{‪. 0‬‬ ‫و لم يجوز لنا الشرع أن نمعن الفكر ونستقصيه في القدر لقوله صلى الله عله‬ ‫وسلم‪ (( :‬إذا ذكر القدر فأمسكوا وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا )) وفي الحديث‬ ‫الرباني (( القدر سري ولا ينبغي لأحد أن يطلع على سري )) وقوله صلى الف‬ ‫عليه وسلم لكل أمة بجوس» وبحوس هذه الأمة القدرية {& ‪ .‬والمراد بالقدرية الذين‬ ‫يقولون إن العبد يخلق فعله} وأن الله لا يعلم به إلا بعد وقوعه‪ ،‬تعالى الله عما‬ ‫يقولون‪.‬‬ ‫‪ -٤‬الولايخ والبراءة‪: ‎‬‬ ‫الولاية لغة؛ القرب والدنو والقيام للغير بالأمر والنصر‪ ،‬والمولاة ضد‪‎‬‬ ‫المعاداة واصطلاحاً الترحم والاستغفار للمؤمنين لإسلامهم وطاعتهم والنناء‬ ‫(‪ )١‬السالمي‪ ،‬نورالدين‪ :‬مشارق أنوار العقول‪٨٠٤. ‎‬ص‬ ‫‏(‪ )٢‬رواه أبو داود ني باب القدر‪ /‬‏‪ /٤٦٩٢‬ورواه الإمام أحمد في مسنده‪.‬‬ ‫(‪)١٦٨‬‬ ‫عليهم مع الحب في القلب «"‘‪ ،‬وولاية المسلمين لبعضهم البعض صحيحة لقول‬ ‫لله = عز وجل ‪ ( -‬والْمُؤْمنُونً والممات بَعْضْهُم أولاءُ ‪ 4‬وهي واجبة على‬ ‫اللسلمين‬ ‫ومن أنكرها و لم يوال جملة المسلمين فهو عند الإباضية قد أشرك وقيل‬ ‫من تركها أجوهلها منافق ‪.‬‬ ‫والبراء لغة؛ التنزه والتباعد وبريء إذا أعذر وأنذر وبراءة إعذارً وإنذان‬ ‫واصطلاحاً هي وجوبا على المؤمنين بأن يظهروا البغض وعدم الرضى للكافر‬ ‫لكفره‪ ،‬والمقصود بالبراءة الزجر عن المعصية وإعانة العاصي على الرجوع إلى‬ ‫الصواب والحق لا الانتقام منه أو تنفيره بالقسوة عليه فواجب البراءة عند‬ ‫الإباضية على‬ ‫بعض من ثبت ارتكابه للكبيرة‪ 5‬ونبذه‪ ،‬وعدم الاستغفار لها لا‬ ‫الدعاء له بخير في الآخرة‪ ،‬ويقسموفما أنواعا منها‪ :‬براءة الأشخاص وبراءة الجملة‬ ‫وبراءة البيضة وبراءة الحقيقة‪:‬‬ ‫‪ -‬براءة الأشخاص‪ :‬وتخص من ثبت ارتكابه للكبيرة بالمشاهدة أو الشهرة‬ ‫المحقة أو الإقرار‪ ،‬وتحب البراءة منه بعد إعذاره واستتابته من محرم قطعي الحكم‬ ‫فإن تاب عاد إلى الولاية‪.‬‬ ‫‪ -‬براءة الحملة‪ :‬هي البراءة من جميع الكافرين وأهل المعصية من الأولين‬ ‫والآخرين إنسهم وجنهم إلى يوم الدين‪.‬‬ ‫‪ -‬براءة البيضة‪ :‬وتخص الحاكم الحائر ومن يعينه على جوره من وزراء‬ ‫وكتاب وقواد وبطانته ال من حوله‪.‬‬ ‫براءة الحقيقة‪ :‬وتنال كل من ورد ذكره باسمه أو بصفته واستوجب غضب‬ ‫الله والرسول في القرآن الكريم أو السنة كأبي لهب وهامان وفرعون‪..‬إلخ‪.‬‬ ‫والبراءة عند الإباضية واجبة من أهل الضلال على الصفة فإما من أحد‬ ‫بعينه فلا تحب البراءة منه إلا بأربع خصال قال أبواسحق الحضرمي في مختصره‪:‬‬ ‫(‪ )١‬إطفيش محمد‪ :‬الذهب الخالص‪٢٢. ‎‬ص‬ ‫(‪)١٦٩‬‬ ‫إما بالمشاهدة على صفة الضلال الي تجب مما البراءة‪ ،‬أو بشهادة رجلين من‬ ‫المسلمين من أهل المعرفة في ذلك‪ ،‬أو بالشهرة الي لا يكذب مثلها عفى تلك‬ ‫الصفة أو بشهرة البراءة منه فإن شهد رجل من المسلمين عارف بالولاية والبراءة‬ ‫من أهل المعرفة على ولي بصفة توجب البراءة منه أو بريء منه لم يقبل منه ولزم‬ ‫أولياء المشهود عليه البراءة من الشاهد لأن الواحد ليس بحجة في البراءة إلا أن‬ ‫يكرن المشهود عليه من ليس له ولاية فالشاهد مقبول ه ‪.‬‬ ‫وقيد السالمي المتحملين للولاية أو البراءة في إما أن يكونوا علماء بالولاية‪,‬‬ ‫أو البراءة‪ ،‬وإما ان يكونوا غير علماء‪ ،‬فإن كانوا علماء بما وجب قبول قوفم؛‬ ‫وإن كانوا غير علماء لا يجب قبول قولهم حي يفصلوا أي يبينوا السبب الذي‬ ‫استوجب به ذلك الولي الولاية أو السبب الذي استحق به العدو البراءة‪.‬‬ ‫ويرى الإباضية أنه يجب الوقوف فيمن لم يعلم فيه موجب الولاية‘ ولا‬ ‫_ ‪ .‬وقول‪:‬‬ ‫موجب البراءة‪ .‬لقوله تعال } ولا تقف ما لس لك به علم‬ ‫( فل ما حَرَ ري القراح ما طَهَرَ منها وما بط والام والبغي بغير الحق‬ ‫وأن تنثركُوا بالله ما لَم تول به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تْلَمُونَ ‪.‬‬ ‫والوقوف لغة انتصاب القامة واصطلاحاً هو الكف عن القدوم في أحد بولاية‬ ‫أو براءة‪ ،‬وينقسم الوقوف عند الإباضية خمسة أقسام هي‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬وقوف الدينض وسماه البعض وقوف السلامة ومحله في مكلف لم تعلم‬ ‫حاله بصلاح ولا فساد فإنه يجب عليك الوقوف عن ولايته‪ ،‬وعن البراءة منه دين‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الحضرمي إبراهيم بن قيس‪ :‬مختصر الخصال‪٣٣. ‎‬ص‬ ‫(‪ )٢‬مورة الإسراء‪ ‎‬الآية‪.٢٣٦‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الأعراف الآية‪.٢٢ ‎‬‬ ‫(‪(١٧٠‬‬ ‫الثا‪ :‬وقوف الرأي ومحله فيما إذا كان لك ولي أحدث حدثا لا تدري أنت‬ ‫حكمها فإنه يجوز لك عند البعض أن تقف عنه حق تعلم حكم حدثه‪ ،‬فترده إلى‬ ‫الولاية} إن كان حدثه له يخرجه منها‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬وقوف السؤال‪ ،‬وهو وقوف الرأي بعينه لكن بعض القائلين‬ ‫بوقوف الرأي أوجبوا على الواقف وقوف الرأي السؤال عن حكم الولي وقوف‬ ‫سؤال© فهو مع من قال به ملازم لوقوف الرأي‪.‬‬ ‫الرابع‪ :‬وقوف الإشكال‪ ،‬ومحله في الوليين إذا تلاعنا أو تقاتلا‪ ،‬ولم يعلم‬ ‫المبطل منهما من المحق‪ ،‬فان البعض جوز الوقوف عنهما لما أشكل من أمرهما حت‬ ‫يعلم امحق منهما‪ ،‬فيتولى‪ ،‬والمبطل فيبرأ منه وسموا هذا الوقوف وقوف إشكال‬ ‫ولا يخفي أنه نو ع من وقوف الرأي‪.‬‬ ‫الخامس‪ :‬وقوف شك‪ ،‬وهو أن يقف الواقف عن ولاية جميع الناس‪ ،‬فلا يتولى‬ ‫أحدا منهم إلا من شك مثل شكه وهذا الوقوف محرم؛ ولا يجوز الأخذ به‪ ،‬لما‬ ‫فيه من ترك ولاية امحق بعد وجوبما‪ ،‬ولما فيه من الولاية لمن ترك ولاية امحق بصد‬ ‫‪(١١‬‬ ‫وجوبا ث‪ ٠ ‎‬۔‪‎‬‬ ‫ه‪ -‬الخمر بالمعروف والتهي عن المنكر‪:‬‬ ‫الأمر؛ هو قول القائل لمن دونه في الرتبة افعل" والنهي هو القائل لمن دونه‬ ‫لا تفعل‪ ،‬وإما المعروف فهو كل فعل عرف فاعله حسنه‪ ،‬أو دل عليه‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الساللي‪ :‬مشارق أنوار العقول‪٥٧٤. ‎‬ص‬ ‫(‪)١٧١‬‬ ‫وإما المنكر فهو كل ما عرف فاعله قبحه أودلَ عليه وللأمر بالمعروف‬ ‫شرائط يجب وجودها ويسقط بزوالها‪ ،‬وأن يعلم أن المأمور به معروف وان‬ ‫النهي عنه منكر (" ‪.‬‬ ‫والقاريء في سير الإباضية يلحظ بجلاء كيف تأتي الوصايا بإقامة هذه الشعيرة في‬ ‫مقدمة ما يتواصون بما لارتباطها بأصل الولاية والبراءة} والأمر بالمعروف والنهي‬ ‫عن المنكر من وسائل الدعوة عند الإباضية ويكاد يكون متداخلاً في تكرينهم‬ ‫الرورحي‪ ،‬إذ يعتمدون على إرساء التربية العملية والاجتماعية بقراءة القرآن وكثرة‬ ‫الصلاة والمداومة على إقامتها وهذه وسائل مهمة لتزكية النفس والسمو بماء لا‬ ‫هدف لها سوى تبليغ دعوة ا له ؤنشر رسالة الإسلام‪ ،‬للأفراد وتميئة الفرد وتأهيله‬ ‫لنفسه ليصلح للقيادة والاقتداء وإذا وضع المسلم المقياس الصالح لنفسه فإن‬ ‫باستطاعته أن يتولى مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويصبح المجتمع‬ ‫كله صالحا يرتقي فيه المعروف إلى الأعلى ويذل فيه المنكر‪ ،‬ويغدو كل فرد غير‬ ‫محتاج إلى رقيب أو حسيب لأن له رقيباً وحسيباً من نفسه وإذا سار كل فرد‬ ‫على الصراط المستقيم استقام المجتمع كله‪.‬‬ ‫وعلى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يبني الإباضية حكمهم على‬ ‫وينفذ حكم الله بالعدل بين الناس ونحد الاهتمام نفسه عند المعتزلة حيث أجمعت‬ ‫على أن هذا الأصل قائم سواء وجد إمام أو لم يوجد‪ .‬وأنه على ضربين‪ :‬أحدهما‬ ‫ما يقوم به إلا الأئمة‪ ،‬والثاني ما يقوم به الناس كافة‪ .‬أما ما يقوم به إلاً الأئمة‬ ‫الجيش؛‬ ‫وتنفيذ‬ ‫وسد الثغور‪،‬‬ ‫وحفظ بيضة الإسلام‬ ‫فذلك‪ :‬كإقامة الحدود‬ ‫وأما ما يقوم به غيرهم من عامة الناس‬ ‫وتولية القضاة والأمراء؛ وما أشبه ذلك‪.‬‬ ‫(‪ )١‬البدوي‪ .‬عبدالرحمن‪ :‬مذاهب الإسلامين‪١ ‎‬ج ‪٠٧.‬ص‪‎‬‬ ‫(‪()١٧٦‬‬ ‫فهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإصلاح ذات البين؛ وما أشبه ذلك ولكن‬ ‫إذا كان هناك إمام مفترض الطاعة فالرجوع إليه أولى‪.‬‬ ‫‏‪ -٦‬الوعد والوعيد‪:‬‬ ‫وهما من القضايا المتعلقة بالعدل الإلهي في أفعاله والصدق الإلمي في‬ ‫اختباره وعدله! وهو من اختصاص الله تعالى وحده‪ ،‬وإما علوم الوعد والوعيد‬ ‫فهو أن نعلم أن الله تعالى وعد المطيعين بالثواب وتوعده العصاة بالعقاب وأنه‬ ‫يفعل ما وعد به وتوعد عليه لا محالة ولا يجوز عليه الخلف والكذب والوعد كل‬ ‫خبر يتضمن إيصال نفع إلى الغير أو دفع ضرر عنه ووعد الل تعال هو إخباره‬ ‫عباده الصالحين بالخير وتبشيرهم إياه بالثواب في الآخرة في قرله تعالى‪ }. :‬إن‬ ‫الذين آمنوا وَعَملوا الصالحات كائت لَهُم جنات القوس زا (‪.‬‬ ‫وأما الوعيد فهو كل خبر يتضمن إيصال ضرر إلى الغير ووعيده تعال فهو‬ ‫الإخبار بالشر والعقاب لأعداء الله تعالى من مشركين وكافرين وشافقين في‬ ‫الآخرة كما في قوله تعالى‪ } :‬إن الذي ن كفروا من أخل الكتاب والمشركين في‬ ‫تار حَهتَم الدين فيهًا رك هم شرر الرئة ‪. "( 1‬وحيث إن اله صادق في‬ ‫وعده ووعيده فإنه منفذ حكمه على المؤمن والكافر كما وعد وأوعد فلا يمكن‬ ‫أن يخلف الله أقواله‪ ،‬أو ييدل أحكامه وكلام الله لا تبدل فيه ولا تحويل لقوله‬ ‫تعالى ( إن الله لا يخلف الميعاد & {' ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬سورة الكهف الآية‪.٩ ‎‬‬ ‫(‪ )٦‬سورة البينة الآية‪.٦ ‎‬‬ ‫)( سورة آل عمران الآية ‏‪.٩‬‬ ‫(‪()١٧٣‬‬ ‫‪ -٧‬المنزلة بين المنزلتين‪: ‎‬‬ ‫اختلف الناس في هذه المسألة} إذ لا يمكن للعبد أن يكون مؤمنا كما لا‬ ‫يكون مشركاً في الوقت ذاته‪ ،‬وفي اصطلاح المتكلمين هو العلم بأن لصاحب‬ ‫الكبيرة اسما بين الاسمين وحكماً بين الحكمين فذهب الخوارج إلى أن صاحب‬ ‫الكبيرة كافر‪ ،‬وذهب المرجئة إلى انه مؤمن وذهب الحسن البصري إلى أنه ليس‬ ‫الكبيرة لا‬ ‫عؤمن ولا كافر وإنما يكون منافق‪ .‬وذهب المعتزلة إلى أن صاحب‬ ‫يكون مؤمنا ولا كافرا ولا منافقا‪ ،‬بل يكون فاسقاً « ‪ .‬وهذه المنازل الثلاث‬ ‫(( الإيمان والكفر والنفاق )) يستحيل الجمع بينهما وقد فرق الله بينهما في قرل‬ ‫تعالى‪ :‬لأ لعذب الله المنافقين والمتّافقَّات والمُشركين وَالمُشر كات ويتوب اللة‬ ‫على الموسي والمؤمنات وكان ا له مورا زحيماه(©‪ © . .‬ة‬ ‫والإباضية يرون ن المنافق ليس مشرك لأنه موحد وليس مؤمن لأنه‬ ‫عاص والنفاق متوقف على الفعل لا على الاعتقاد‪ ،‬وأن لا مترلة بين المتزلتين وأن‬ ‫الإيمان والكفر ضدان لا يجتمعان‪ ،‬كما لا توجد مترلة بين التوحيد والشركك فإما‬ ‫أن يكون العبد موحدا وإما أن يكون مشركاً ‪.‬‬ ‫إذ ينقسم الكفر‬ ‫كما يجب توضيح مفهوم كلمة الكفر عند الإباضية‪،‬‬ ‫عندهم إلى قسمين‪ :‬كفر شرك ((الخارج عن اللة)) و كفر نفاق أو كفر معصية‬ ‫ويطلقون عليه كفر النعمة‪ .‬فالكفر بمعين الشرك لا يطلق إلآً على من أنكر معلوم‬ ‫من الدين بالضرورة كوجود الله أو أشرك به غيره‪ ،‬أو أنكر شيئا من الوحي أر‬ ‫الرسالة أو البعث والحساب أو الحنة و النار‪ .‬وكفر النفاق أو كفر النعمة يطلق‬ ‫‪.٦٥‬‬ ‫(‪ )١‬البدري! عبدالرحمن‪ :‬مذاهب الإسلاميين ج‪ ١‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سورة الأحزاب الآية‪.٥٢ ‎‬‬ ‫(‪)١٧٤‬‬ ‫على كل من ارتكب كبيرة من الكبائر العملية كالسرقة والزين والخمر أو ترك‬ ‫الصلاة وعدم صيام رمضان وغيرها‪.‬‬ ‫وقد استغل بعض من الكتاب المتحاملين على الإباضية قديما حوديثا إضلاق‬ ‫الإباضية كلمة الكفر على مرتكبي الكبائر من المسلمين‪ ،‬دون ان يبينوا معنى الكغر‬ ‫اللقصود عند الإباضية‪ ،‬ذلك لأن بعض أتباع المذاهب الأخرى تفهم معى ا۔كفر‬ ‫بأنه الكفر المرادف للشرك وهو ‪ -‬الخروج من الملة ومن ذلك يفهم بأن‬ ‫الإباضية يقولون بأن مرتكب الكبيرة مشرك‪ ،‬وحين يسمعون أن الإباضية‬ ‫يحكمون بكفر عصاة الموحدين يحسبون أن هذا الحكم إخراج المسلمين من‬ ‫الدين والحكم عليهم بالشركك بينما ذلك مخالف لحقيقة الإباضية‪.‬‬ ‫و أهم المسانل الخلافية بين الإباضية والمذاهب الأخرى‪.‬‬ ‫إن مشكلة وجود معرفة حقيقية وواقعية لبعض المذاهب الإسلامية عند‬ ‫أتباع المذاهب الأخرى يعود إلى نشأتما التاريخية والعقائدية} فهذه الفرق إما أن‬ ‫تكون ذات عقائد باطنية‪ ،‬وإمًا أنما اتخذت من العمل السري أسلوبا تنظيميا‬ ‫منهجيا وعقيدة خاصة لأفرادها‪ ،‬مما جعل أتباعها معزولين عن سائر اللسلمين‬ ‫خشية من التشنيع وتممة التكفير‪ ،‬فاضطروا إلى أخفاء كتبهم ومؤلفاتمم من أعين‬ ‫المنتقدين‪ ،‬وفي سجلات كتب التاريخ كثير من الصراعات بين أتباع المذاهب‬ ‫الإسلامية‪ ( ،‬فالتباين بين الناس سمة من سمات البشر المعهودة فلذلك تجدهم‬ ‫متفاوتين في المدارك مختلفين في المشارب‪ ،‬متعاكسين في الأحاسيس وإلى ذلك‬ ‫(‪)١٧٥‬‬ ‫يرجع تعدد مذاهبهم في الأمر الواحد وتباين تصوراتهم في القضية الواحدة «‪6‬‬ ‫ل ولا يزالون مختلفين "با من رَحم ربك ولتلك حلمهم ‏‪. ١‬‬ ‫ليس هناك خلاف في أن الإباضية فرقة إسلامية لا تحيد أصولها العقيدية‬ ‫عن الشريعة الإسلامية ‪ -‬الكتاب والسنة‪ -‬لكن الخلاف يقع حول بعض الآراء‬ ‫والمسائل الخلافية بين المذاهب اليي تأولت كتاب الله تعالى تأولات شيَ‪ ،‬وذهبت‬ ‫الناس في ذلك إلى مواقف متعددة لمعرفة الصحيح وغيره‪ ،‬ومعرفة مقاصد السنة‬ ‫الثابتة ال رويت قولا وعملا عن الرسول عليه الصلاة السلام‪ .‬ومن هنا بدأت‬ ‫الخلافات ونشأت النزاعات بين الأمة حول أصول الدين وفروعه وظهر التعسف‬ ‫لدى مؤرخي الفرق© فتراشقوا بالتهم وتنايزوا بالألقاب وكل فريق رمى الآخر‬ ‫بالتهم القاسية وتوزعت الأمة شيعاً وأحزاياًك وأصدرت بعضها على مخالفيها‬ ‫حكم الشرك والخروج عنالإسلام" وتعددت الآراء الاجتهادي ة واختلفت‬ ‫باختلاف وجهات النظر لدى كل فرقوةهو ما يميز بعضها عن بعض» ناهيك عن‬ ‫إعطائهم الألقاب المذهبية الي تميز اختلافاتمم واجتهادا تمم وآرائهم في بعض‬ ‫المسائل‪.‬‬ ‫ولكن هناك تصورا غير واضح لبعض جوانب هذا التراث الفكري‬ ‫الحضاري الإسلامي نجم عن ظروف تاريخية ورؤى غير موضوعية لبعض كتاب‬ ‫هذا النتاج الفكري أو ذاك ثم جاء اللاحقون فرددوا تلك المقالات‪ ،‬وغدت من‬ ‫وجهة نظرهم حقائق يقينية تعلو على كل نقد وتصحيح‪ ،‬وكأنما جاءت مترلة من‬ ‫لدن الحكيم العليم‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الخليلي‪ ،‬احمذ بن حمد الحق الدامغ‪٥. ‎‬ص‬ ‫(‪ )٢‬سورة هودالآية‪.١١٩-١١٨ ‎‬‬ ‫(‪)١٧٦‬‬ ‫تلك هي النظرة السائدة إلى تراث المدرسة الإباضية وأبنائها» منذ فجر‬ ‫الإسلام إلى اليوم‪ ،‬وهي وليدة أسباب متعددة} بعضها مفروض؛ وبعضها من‬ ‫إسهام أبناء هذا المذهب؛ وكرة فعل تجاه الوضع الذي فرضته عليهم ظروف‬ ‫التاريخ‪ ،‬ضتوا بيمكنون خزائنهم‪ ،‬وتركوا الناس يظنون فيهم الظنون‪ .‬وتآزرت هذه‬ ‫العوامل لتشكيل صورة ضبابية وقاتمة أحيانا عن هذه المدرسة واتباعها لدى كثير‬ ‫من المسلمين فوسموهم بالمروق عن صف الجماعة وبالابتعاد عن هدى الكتاب‬ ‫والسنة‪ .‬كما ألصقت بم تمم كافية ‪ -‬عند تحقيقها‪ -‬إخراجهم من زمرة‬ ‫القبلة ( ‪.‬‬ ‫عبر عصور التاريخ الإسلامي تشهد الأمة هدو في حذة الجدل حول‬ ‫المسائل الخلافية بين المذاهب‪ ،‬وغالبا ما يكون هذا الهدوء في حال ظهور الصبغة‬ ‫الدينية الي تذهب بالتنافس والتحاسد عن أهل العصبية‪ ،‬وتقوى الأمة وتنتصرف‬ ‫نحو رعاية شؤوفما والاستقرار والبناء والعطاء والسعي نحو الدعوة في نشر الدين‪.‬‬ ‫إ أن أعداء الأمة يخشون أكثر ما يخشون قوة الإسلام و دوره وتأثيره على الأمم‬ ‫الأخرى‪ ،‬وتنامي نفوذه الروحي على حساب معتقداتهم وآرائهم الباطلة[ فأول ما‬ ‫يلتفتون إلى الخلافات المذهبية بين المسلمين فيحركوفا ويغذون ظهور النترات‬ ‫الطائفية‪ .‬مستهدفين الإسلام من الداخل؛ فيشجعون ظهور الجدل على سطح‬ ‫الفكر الإسلامي‪ ،‬ويزيدون من حدته حول الآراء والمسائل الخلافية} بغية إظهار‬ ‫الفتن وصب عليها وقود العصبيات وإصدار أحكام التبديع والتكفير! حين يتسنى‬ ‫لهم تشرذم الأمة واندفاعها في متاهات الخلافات والشقاق والانتراقف‪ ،‬ومن‬ ‫اللؤسف ان تنال الإباضية نصيبا كبيراً من تلك الأحكام الصادرة الي تذرع‬ ‫أصحابما حول الخلاف على ثلاث قضايا هي‪:‬‬ ‫‏‪ -١‬نفي رؤية الله تعالى‪.‬‬ ‫عند الإباضية ص‪٩‬‏ ‪.‬‬ ‫مصطفى صالح ‪ :‬منهج الاجتهاد‬ ‫‏) ‪ ( ١‬باجو‪.‬‬ ‫(‪)١٧٧‬‬ ‫‏‪ -٢‬مسألة خلود الفساق في النار‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬القول بخلق القرآن‪.‬‬ ‫هذه القضايا النلاث ليست من المسائل الخلافية بين الإباضية وحدهم مع‬ ‫غيرهم من أتباع المذاهب الأخرى© فمسألة جواز رؤية الله تعالى وهي الإبصار‬ ‫بالعين الردة عند الإباضية كما عند المعتزلة مستحيلة على الإنسان في الآخرة‬ ‫فضلا عن الدنيا وحجتهم بأن حقيقة الله لا تعلم وإنما تعلم صفاته فقط‪ ،‬وذلك‬ ‫لأنه لابد للشيء المعلوم أن يتصور في ذهن العالم به وحقيقة الله تعال لا‬ ‫تتصور (_" ‪.‬‬ ‫اعتمد الإباضية في نفي الرؤية على النظريات القديمة اليي تقول بأن‬ ‫الإبصار يتمثل في اتصال شعاع الباصرة بالمرئي أو انطباع صورة المرئي في‬ ‫الجدقة ‪ } 0‬وهذه النظرية تعزز موقف الإباضية في نفي الرؤية وعدم جوازها‬ ‫عقلا لأنما تفرض المواجهة بين الرائي والمرئي والإحاطة به وقد شدد المذهب‬ ‫الإباضي في دعوته على نفي الرؤية} واتخذوا منها قضية لأصل مذهبهم} واعتقدرا‬ ‫أن الرؤية تدم التوحيد وأنكروها لتنزيه الله ‪ -‬عز وجل‪ -‬عن مشامة الخلق؛ أما‬ ‫عند الأشاعرة فالرؤية جائزة» لكن ليس بالإبصار الذي يعرفه الإنسان ف الدنياء‬ ‫لأن حكم تلك الدار ليس كهذه‪ ،‬وأجمعت المعتزلة على أن الله لا يرى بالأبصار‬ ‫ولكنهم تأولوا الرؤية بأنها بالقلوب" ويقصدون معرفة الله بالقلب‪ ،‬وهذا تأويل‬ ‫تقبلته الإباضية‪.‬‬ ‫(‪ )١‬السامي‪ :‬مشارق أنوار العقول‪١٦٨١. ‎‬ص‬ ‫(‪ )٢‬المدر نفسه‪ ‎‬ص‪.٦٢٤٦‬‬ ‫(‪)١٧٨‬‬ ‫ومسألة خلود الفساق في النار متعلقة بالعدل الإلهي وهذا متعلق بالوعد‬ ‫والوعيد‪ .‬وإن هذا عدل الله ‪ -‬عز وجل‪ -‬وما وعد الله به من الثواب‪ ،‬أو توعد‬ ‫به من العقاب‪ :‬فقوله الحق ووعده الصدق‘ ويعتقد الإباضية أن كل من دخل‬ ‫النار من عصاة الموحدين والمشركين خلدون فيها إلى غير أمد كما أن من دخل‬ ‫الجنة من عباد الله الأبرار لا يخرجون منهاء إذ الداران دار خلود‪ .‬و يوافقهم في‬ ‫هذا الرأي المعتزلة} بينما يرى الأشاعرة إلى خلود الدارين‪ ،‬وعدم انقطاع ثواب‬ ‫الأبرار وعذاب غير الموحدين من الفجار‪ ،‬أما الموحدون فقالوا إنهم يعذبون إلى‬ ‫أمد شم يخرجون من النار ويدخلون الجنة فيتنعمون فيها مع الأبرار « ‪.‬‬ ‫ومسألة القول هل القرآن مخلوق أوغير مخلوق؟ وهل مو حادث أو‬ ‫قدم ؟ مسألة شغلت بال الأمة الإسلامية وإن كنا لا نجد لها إشارة لاعند‬ ‫الصحابة ولا عند التابعين ويبدو أن المتكلمين المسلمين خاضوا فيها تاثر‬ ‫بالحضارة اليونانية والمسيحية واليهودية الني خاضت ف مثل هذه القضايا وقد‬ ‫احدثت هذه المسألة شقاقاً واختلافاً كبيرا في الأمة‪ ،‬وأول من تعرض لهذه القضية‬ ‫من الإباضية هو ابن يزيد الفزاري‪ ،‬ولكن دون أن يكون لها أثر يذكر في المحيط‬ ‫الإباضي‪ ،‬واختلفت الإباضية حول هذه المسألة‪ .‬فإباضية المغرب لم تتردد في أن‬ ‫تدين بذلك القول‪.‬‬ ‫وأما إباضية المشرق فقد حاول إمامهم محمد بن محبوب أن يعلن ما أعلنه أئمة‬ ‫وأعلام الجناح المغاربي غير أن محمد بن هاشم اشتدت معارضته له في ذلك‬ ‫(‪ )١‬الخليلي أحمد بن محمد‪ :‬الحق الدامغ‪١٩١. ‎‬ص‬ ‫(‪)١٧٩‬‬ ‫فانثن عنه واتفقت كلمتهم بالاكتفاء بما كان عليه سلف الأمة‪ ،‬وقصر القول عن‬ ‫التصريح بخلق القرآن أو عدمه ولكنهم عادوا ووافقوا المعتزلة بخلق القرآن «" ‪.‬‬ ‫ه الأصول السياسية للإباضية‪:‬‬ ‫ألقى الإسلام على المؤمنين واجباً ضخما في نشر الدعوة الإسلامية في أطراف‬ ‫الجزيرة العربية وبعيدا عن أطرافها‪ .‬ومن أجل ذلك لم تكن الحياة الإسلامية في‬ ‫هذه الفترة تمثل حياة مستقرة هادئة ضمن حدودها الضيقة‪ ،‬وإنما كانت تدعو إل‬ ‫الانسياح في الأرض» ونشر الدعوة في أطرافها‪ ،‬ومحاربة الذين يخالفوا حن‬ ‫ينقادوا أو يسلموا‪ .‬ومن هذا الطابع الخاص للحياة الإسلاميةء طابع التمدد‬ ‫والانتشار‪ ،‬وجد العرب أنفسهم متدفقين وراء حدود الجزيرة» منتدبين هذه‬ ‫الكتائب الي كانت تغادر المدينة والجزيرة العربية في طريقها إلى الشام! أو في‬ ‫طريقها إلى العراق‪.‬‬ ‫ازدهرت الفتوحات خلال حكم الخلفاء الثلاثة‪ ،‬حق إذا كان أواخر‬ ‫حكم عثمان وأيام علي ( رضي الله عنهما ) كانت الفتن اليي شغلتهم بأقسى ما‬ ‫شغلتهم به الفتوح‪ .‬يقول ابن خلدون (( وإذا نظرت بعين الإنصاف عذرت‬ ‫الناس أجمعين في شأن الاختلاف في عثمان واختلاف الصحابة من بعد‪ ،‬وعلمت‬ ‫أنما كانت فتنة ابتلى الله بما الأمة‪ ،‬بينما المسلمون قد أذهب الله عدوهم وملكهم‬ ‫أرضهم وديارهم؛ ونزلوا الأمصار على حدودهم بالبصرة والكوفة والشام‬ ‫ومصر‪ .‬وكان أكثر العرب الذين نزلوا هذه الأمصار جفاةً لم يستكثروا من‬ ‫صحبة الني صلى الله عليه وسلم؛ ولا هذبتهم سيرته وآدابه ولا ارتاضوا بخلقه‬ ‫الدليل والبرهان! ر الخلبلي؛‬ ‫يوسف بن إبراهيم‪:‬‬ ‫أنوار العقول ؤ و الورجلان‪،‬‬ ‫الالي! مشارق‬ ‫‏) ‪ (١‬أنظر‬ ‫احمد بن محمد‪ :‬الحق الدامغ ‪.‬‬ ‫(‪(١٨٠‬‬ ‫مع ما كان فيهم في الجاهلية من الخفاء والعصبية والتفاخر والبعد عن سكينة‬ ‫الإيمان )) (© ‪.‬‬ ‫ي ظل هذه الأجواء المضطربة والملتهبة ووسط حراك اجتماعي لم يشهد‬ ‫العرب في تاريخهم له نظيرا ‪ 0‬كانت تحركات القبائل العربية وهجرقا‬ ‫وانسياحها في هذه الأراضي والمواطن الجديدة ومحاولة الاستقرار فيها وكانت‬ ‫في الواقع نقلة مهمة من بيئة صحراوية إلى بيئة جديدة فلا بد من أن يحاولوا إيجاد‬ ‫عوامل الاستقرار الحضاري فيها‪ ،‬إلا ان حالات الاستنفار الدائمة للجهاد‬ ‫والصراعات الحانبية بين السلطة والفرق الخارجة عنهاء وضعت في طريقهم‬ ‫عقبات ومصاعب تركتهم يصطرعون مع هذه المصاعب في قسوة بحيث كان يعي‬ ‫الفشل فيها فشلا لفكرتمم من جانب وتمديد لوجودهم من جانب آخر‪ ،‬ومن ثم‬ ‫عن هذه الآفاق الواسعة اليي جاءوها إلى تلك الآناق الضيقة الي‬ ‫الارتداد م‬ ‫خرجوا منها‪ ،‬وفي خضم تلك الصراعات تبلورت أفكارهم العقدية والسياسية‬ ‫وحاولت أن تجمع حولها كل مطامحهم في النجاح ومطامعهم في الفوز‪ ،‬ولذلك‬ ‫أصبح الإسلام لهم عقيدة في الفكر ومذهبا في الحياة‪.‬‬ ‫إن حركة الاستنفار للخروج للجهاد من نحو آخر هي دعوات حارة‬ ‫للعرب إلى الهجرة والخروج من البيئة العربية إلى بيئات أخرى وترادفت معا على‬ ‫الخروج ليس بمفهوم عقدي فقط‪ ،‬بل تعدى أصول تفكيرهم الديني من خروج‬ ‫عن عهود الوثنية الجاهلية إلى عهود الوحدانية بالله تعالى والخروج من حكم‬ ‫شيخ القبيلة المحدود‪ ،‬إلى حكم الخليفة وإمام المسلمين الشامل والعام؛ و تولوا‬ ‫جاهدين خروجهم فنشأت مذاهبهم وآراؤهم السياسية حيت غدا الخروج صفة لا‬ ‫زمتهم‪ ،‬خروجهم للجهاد وخروج بعضهم عن ( التحكيم ) وخروجهم عن‬ ‫‏‪.٢٨٠‬‬ ‫‪:‬امقدمة ص‬ ‫‏) ‪ ( ١‬ابن خلدون‬ ‫(‪(١٨١‬‬ ‫طاعة الحاكم الجائر بل خروجهم من ذاقمم العربية ( العصبية والقبلية ) إل‬ ‫خروجهم ثانية نحو ذاتمم العربية ( العصبية والقبلية )‪.‬‬ ‫قبل وقعة صفين عاش الحتمع الإسلامي حالة وئام مدة وجيزة" تي ظل‬ ‫وحدة إسلامية استطاعت ان تذيب النعرات القبلية والعصبية الخاهلية} إلا أن هذه‬ ‫الوحدة لم يدم حالها بسبب الفتن اليي حدثت في منتصف القرن الهجري الأول‪١‬‏‬ ‫ومن هذه الفتن وقعة صفين (‪٢٣٧‬ه)‏ وما تلاها من تداعيات خطيرة كانت نقطة‬ ‫تحول في تاريخ الأمة الإسلامية» وكان من تداعيات وقعة صفين خروج سياسي‬ ‫عن التحكيم‪ ،‬وظهور طائفتين قي صفوف الإمام علي بن أبي طالب (رضي)‬ ‫طائفة وقفت تناصره وتقاتل بجانبه وتبارك خطواته منها الشيعة وطائفة أخرى‬ ‫كانت معه ثم نقمت عليه بقبوله التحكيم وخرجت عنه ومنها ( المحكمة )‪.‬‬ ‫كان أساس الخلاف سياسيا؛ غم أنحىن ليشمل العقيدة وظهر التحزب السياسي‬ ‫وانقسم المسلمون إلى شيع ومذاهب فبالغت الشيعة في تقديس الإمام علي‬ ‫(كرم الله وجهه) إلى درجة التأليه‪ ،‬واعتقدوا أنه معصوم من الخطأ لأنه وصي‬ ‫رسول الله ففضلوه على غيره من الصحابة} وقالوا بأن الإمامة منصوص عليها من‬ ‫قبل الرسول صلى الله عليه وآله للأئمة المعصومين من ذريته وأوجبوها على نسل‬ ‫علي (رضي)‪.‬‬ ‫بينما رفضت طوائف من المسلمين ومنهم الخوار ج هذا الاعتقاد على أنه‬ ‫إلا أن‬ ‫ومع اعترافهم بمكانة وفضل علي على الإسلام‬ ‫شي ‪6‬‬ ‫ليس من الإسلام ق‬ ‫آل البيت دون‬ ‫واجبة فهي ليست من اختصاص‬ ‫الإمامة والقيادة مع ‪1‬‬ ‫غيرهم‪ ،‬بل هي حق مشاع بين المسلمين ويعكن أن تتحقق في كل فرد مسلم‬ ‫ومؤمن وعاقل بغض النظر عن نسبه وقبيلته‪ ،‬إذ لا فرق بين عربي وأعجمي للا‬ ‫بالتقوى‪.‬‬ ‫(‪(١٨٦‬‬ ‫والباحث ف المذهب الإباضي يضع عدة تساؤلات في تصنيفه للمذهب‬ ‫هل يصنف على أنه فرقة عقدية أر حركة سياسية أو أنه حركة فكرية‬ ‫الإباضي‬ ‫إسلامية أو مدرسة أصولية فقهية؟‬ ‫في الواقع إن الإباضية ليست فرقة بالمعين الضيق للكلمة} بل هي مدرسة‬ ‫فكرية تستند إلى مصادر التشريع الإسلامي المعروفة عند المسلمين كافة! ورغم‬ ‫اعتدالهم من الناحية المذهبية والفقهية إلا أتمم كانوا نتاجا سياسيا طبيعيا لتداعيات‬ ‫أحداث القرن الهجري الأول الذي شهد صراعات سياسية عاصفة حرل مسألة‬ ‫الخلافة في الإسلام‪ ،‬على إثرها ظهرت الفرق الإسلامية كانتعاش سياسي وفكري‬ ‫قي ظل تلك الاختلافات المتباينة» ال كانت تؤكد وجوب وجود القيادة والنظام‬ ‫السياسي إلا أن التوافق في هذا المع لا يعي الإجماع على نظرية واحدة في‬ ‫الدولة الإسلامية‪ ،‬فغياب النظرية لشكل النظام السياسي واضح من اختلاف‬ ‫المذاهب الإسلامية في تعريف مفهوم الإمامة والخلافة‪ .‬وقد بين ابن خلدون‬ ‫حقيقة هذا المنصب في(( أنه نيابة عن صاحب الشريعة في حفظ الدين‪ ،‬وسياسة‬ ‫الدنيا بهك وتسمى خلافة وإمامة} والقائم به خليفة وإمام‪ .‬فأما تسميته إماما‬ ‫فتشبية بإمام الصلاة في اتباعه والاقتداء به» ولهذا يقال الإمامة الكبرى‪ .‬وأبا‬ ‫تسميته خليفة فلكونه يخلف الني في أمته فيقال خليفة بإطلاق‪ ،‬وخليفة رسول‬ ‫‪:‬‬ ‫لله » ( ‪.‬‬ ‫ولهذا حين أطلق الإباضية لفظ الإمام دون غيره من الألقاب‪ ،‬فإشمم‬ ‫يقصدون من الإمامة مفهوم الاقتداء كاقتداء المأموم بالصلاة فضلاً عما‪.‬ورد في‬ ‫(‪ )١‬ابن خلدون‪ :‬المقدمة‪٩٣٣. ‎‬ص‬ ‫(‪‘١٨٣٧‬‬ ‫ذلك من نصوص كقوله تعالى « وَاجعَلنا للمَقيَ إماما ه ({" ‪ ،‬وقوله تعال‬ ‫ا( إني عل لسر يتم ه {‪.‬‬ ‫فمفهوم الإمامة والخلافة والرئاسة عند الإباضية هو (( رئاسة عامة الناس‬ ‫في أمور الدين والدنيا لشخص هي خلافة الرسول في إقامة الدين وحفظ حوزة‬ ‫الملة )) "‬ ‫وإقامة الإمامة عند الإباضية أمر واجب وحق ملزم على المسلمين ومي‬ ‫فريضة لفرض ا له الأمر والنهي‪ ،‬والقيام بالعدل وإقامة الحدود على ما بينه في‬ ‫كتابه إذ لا يتم الأمر والنهي إلا بإمام عدل فنصبه واجب‪ ،‬والإمام أو الحاكم كي‬ ‫الفكر السياسي الإباضي شأنه شأن أي مسلم يجب عليه الالتزام المطلق بأحكام‬ ‫الإسلام في كل أقواله وأفعاله وأن يكون أحرص الناس على اتباع أوامر الة تعال‬ ‫لا يحيد عنها مطلقا ومهمته الأساسية هي إقامة الدين وتطبيق أحكام االله‬ ‫والحافظة على وحدة الأمة والدفاع عنها ورعاية شؤونما ويفرض على الرعية‬ ‫كافة اتباعه وطاعته ما لم يأمر بمعصية الخالق‪ ،‬وإذا استقام الإمام على أمر الل‬ ‫تعالى وقام بكل ما ألزمه الشرع فإن له حق السمع والطاعة والمولاة‪ ،‬ولا‬ ‫يجوز مخالفة أمره وعصيانه‪.‬‬ ‫مع التأكيد على وجوب الإمامة عند الإباضية واقتناعهم بضرورة تعيين‬ ‫وجوب‬ ‫جعلوا‬ ‫أنم‬ ‫ممعمععن‬ ‫خاصة‬ ‫واجبة ‪ 8‬ظروف‬ ‫إل أشم ا يروا‬ ‫الإمام‬ ‫حملة شروط‬ ‫ووضعوا‬ ‫تساعد على إقامتها‪،‬‬ ‫الإمامة مشروطاً بتوافر العوامل ال‬ ‫(‪ )١‬سورة الفرقان الآية‪.٧٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٦٢‬سورة البقرة الآية‪١٦٤ ‎‬۔‬ ‫(‪ )٢‬أطفيشا محمد‪ :‬شرح عقيدة التوحيد‪ ‎‬ص‪٤٣٧‬‬ ‫( ‪(١٨‬‬ ‫ينبغي مراعتها في اختيار الإمام وإعلان الدولة وكما يرى أبواسحق الحضرمي‬ ‫‏‪ ٤٧٥‬ه ) بأن الذي يوجب الإمامة ثلانة خصال‪.:‬‬ ‫(ت‬ ‫أوفها‪ :‬قوة أهل الدعوة‪ ،‬وذلك أن يغلب على ظنهم أنهم يغلبون أهل الباطل‪.‬‬ ‫والناي ‪ :‬أن يكون أهل الدعوة أربعين رجلاً أحرارا بالغين عاقلين أصحاء ليس‬ ‫‪,‬‬ ‫منهم أعمى‪.‬‬ ‫والثالث‪ :‬أن يكون فيهم ستة رجال فصاعدا أهل علم بأصول الدين والفقه‬ ‫ذوو ورع وصلاح في الدين‪ .‬فإذا اجتمع في أهل الدعوة هذا الوصف وجب‬ ‫عليهم أن يعقدوا الإمامة لأفضلهم في الدين والورع «" ‪.‬‬ ‫والإباضية تميل للرأي الذي لا يجيز تعدد الإئمة في بلد واحد أو صقع‬ ‫واحد ضيق‪ ،‬وأما إذا اتسع نطاق أقطار الإسلام وكان البحر فاصلا بين قطظرين‬ ‫فإن ذلك يجوز(( ولا يجوز أن يكون إمامان للمسلمين في الدنيا إلا في خصلة‬ ‫واحدة‪ ،‬وهو أن يكون بينهما بحر)) {‪:6‬‬ ‫ونظرا للتفكير السياسي لاإباضية الذي منشؤه العقيدة الإسلامية فإن‬ ‫الإمامة تقوم على تطبيق مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وانطلاقا من مبدأ‬ ‫الأفضلية للأتقى والأصلح دون اعتبار للعرق والنسب فإن الاتجاه السياسي للعمل‬ ‫بتعاليم الإسلام في بحال إقامة نظام الدولة الإسلامية يقوم على مبدأ الحرية‬ ‫الإنسانية والمساواة وضمان حقوق الفرد ضمن حدود الشريعة الإسلامية ومن‬ ‫أهم حريات المواطن حرية اختيار من يتولى رعاية شئونه‪ ،‬ومن هذا المنطلق كان‬ ‫رأي الإباضية في اختيار الإمامة اختيارا اتجاهه ديمقراطي إسلامي" وأهم مزاياه‬ ‫(‪ (١‬الحضرمي‪ ٠ ‎‬إبراهيم بن قيس ‪ :‬مختصر الخصال‪٤٩١. ‎‬ص‬ ‫ص‪.١٩٤‬‬ ‫(‪ )٦٢‬المصدر نفسه‪‎‬‬ ‫(‪(١٨٥‬‬ ‫المحافظة على مبدأ الشورى وهو النهج الديمقراطي الذي ينادي به مفكرو العصر‬ ‫الحديث في دعاواهم نحو إقامة أنظمة الحكم ‪.‬‬ ‫ولكن ما هي شروط تعبين الإمامة عند المسلمين ؟ هذه مسألة شغلت‬ ‫الفكر السياسي الإسلامي لحظة أن اجتمع المسلمون في سقيفة بيي ساعدة‬ ‫( سنة ‪١١‬هجرية‏ ) بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال الأنصار‬ ‫للمهاجرين منا أمير ومنكم أمير‪ ،‬ولعلها أول مشكلة سياسية اختلف المسلمون‬ ‫حولها وجعلتهم يتحزيون أحزاب وينقسمون فرقا وسبب هذا الاختلاف يعود‬ ‫في الأصل إلى الاختلاف في تحديد شروط الإمامة المطلوب توافرها في المرشح‬ ‫لمنصب الإمام أوالخليفة أو أمير المؤمنين‪ .‬ولعلماء الإباضية آراء حول الشروط‬ ‫المطلوبة في الإمامة تعددت بين الكثرة والصرامة عند البعض واتصفت بالبساطة‬ ‫والسهولة عند آخرين‪ .‬وفيما يأتي الشروط الي خصها أبو اسحق إبراهيم بن قيس‬ ‫الحضرمي ‏‪ (١‬إذ لا تتم الإمامة لأحد إلا بوجودها‪ ،‬وهي إحدى عشرة خصلة ‪:‬‬ ‫أولا‪ :‬أن يكون رجلا بالغا حرا عاقلا‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬أن يكون ليس بأعمى ولا أصم‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬أن يكون ليس بأخرس‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬أن يكون فصيحاً بالعربية‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬أن يكون صحيحا ليس بزمن ولا مقطوع اليدين ولا الرجلين‪.‬‬ ‫سادسا‪ :‬أن يكون من أهل العلم والورع في الدين‪.‬‬ ‫سابعا‪ :‬أن يعقد له من أهل الولاية ستة رجال أحرار بالغون عاقلون من أفضل‬ ‫للسلمين في العلم والورع ف الدين ليس فيهم أعمى فصاعداً‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬المصدر نفه‪.‬‬ ‫(‪()١٨٦‬‬ ‫ثامنا‪ :‬أن يكون من أهل دعوة المسلمين عليهم عقد الإمامة لا يكون في ذلك‬ ‫شرط‪.‬‬ ‫تاسعا‪ :‬أن لا يعقدوا لأحد قبله من المسلمين وألا يكون بينه وبينه بحرس فإن لم‬ ‫يكن بينهم بحر كان داعية الذي قبله وليس بإمام‪.‬‬ ‫عاشراً‪ :‬أن لا يعقد له ولغيره في وقت واحد ولا يدري أيهما من قبل وليس‬ ‫بينهما بحر فليس لواحد منهما إمامة ويرجع الأمر شورى بين المسلمين‪.‬‬ ‫الحادي عشر‪ :‬أن يكون ممن لم يقم عليه حد من قطع ولا جلد‪.‬‬ ‫والشرط الرابع يلزم الإمام إلمامه باللغة العربية ‪ -‬فصيحا بالعربية ‪ -‬وهو شرط‬ ‫قد وضعه ابواسحق إبراهيم بن قيس الحضرمي في كتابه (ختصر الخصال)} إلا أن‬ ‫الباحث عدون جهلان ذهب في بحثه أن هذا الشرط أضافه محمد بن يوسف‬ ‫أطفيش ( ت ‪١٣٣٢‬ه)‏ (( ولم ينته إليه سواه ولعله لاحظ أن اللسان البربري‬ ‫يغلب على أهل زمانه وأدرك أن العلم لا ينال بالبربرية بالقدر الذي ينال بالعربية‬ ‫لغة القرآن والعلوم العقلية والنقلية)) ‏‪, 0١‬‬ ‫يتفق الإباضية مع الخوارج على أن منصب الإمامة ليس من حق فرد معين‬ ‫دون غيره‪ ،‬ولا حكرا على أسرة دون أسرة أو جنسية دون آخر‪ .‬إنما الخلافة‬ ‫لا العرب‬ ‫المسلمين عامة‬ ‫من‬ ‫المرجوة‬ ‫تتوافر فيه الكفاءة‬ ‫جميع من‬ ‫بين‬ ‫حق مشاع‬ ‫الحال ‪.‬قبل اتساع رقعة الإسلام ولذلك كان الخوارج ق صدر‬ ‫كما كان‬ ‫فحسب‬ ‫ولما‬ ‫حقا لكل عربي‬ ‫سلالة معينةا ويعدوا‬ ‫حصر الخلافة ف‬ ‫يعارضون‬ ‫الإسلام‬ ‫انتشر الإسلام ودخلت فيه جماعات من غير العرب عدلوا من قولهم فنادوا بأن‬ ‫الإمامة حق لكل مسلم تتوافر فيه شروطها <" ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬جهلان‪ ،‬عدون‪ :‬الفكر السياسي عند الإباضية من خلال آراء الشيخ محمد أطفيش‪٢٠١. ‎‬ص‬ ‫(‪ .)٢‬حسن" حسن إبراهيم ‪ :‬تاريخ الإسلام السياسي‪ ‎‬ج‪٢‬ص‪.٢‬‬ ‫(‪)١٨٧١‬‬ ‫و غ يشترط الإباضية القرشية في الإمامة كما جاء قي الخديث الشريف‬ ‫((الأئمة من قريش )) والذي حملوه من باب الترجيح بوصف ما كانت عليه‬ ‫قريش في عهد الني صلى ا له عليه وسلم من مكانة وسيادة بين قبائل العرب‬ ‫ومن هذه الاعتبارات فإن الضابط لدى الإباضية في نسب الإمام هو مصلحة الأمة‬ ‫وتوافر الشروط المطلوبة في الإمام بغض النظر عن النسب والعرق واللون" ولم‬ ‫يتوانً الإباضية من تعيين عبدالرحمن بن رستم الفارسي إماما لهم في المغرب وهر‬ ‫الفارسي المضطرب في النسب‪.‬‬ ‫وأما مسألة جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل فالإباضية تتفق مع‬ ‫الأشاعرة في جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل ولا ترى في ذلك مذمة‬ ‫طالما الهدف هو تحقيق المصلحة العامة في أن يتولى رجل منصب الإمامة مع وجود‬ ‫هو أعلم منه‪.‬‬ ‫من‬ ‫لإمام في نظر الإباضية شخص كسائر المسلمين لا يختلف عنهم في شي‪,‬‬ ‫سوى أنه حمل أمانة المسؤولية وشرف التكليف بالقيام مهام رعاية شؤون‬ ‫المسلمين وإدارة الدولةس وهذا المنصب لم يؤل إليه إلآً على شروط عاهد الله على‬ ‫السير وفقها يوم تعيينه‪ ،‬فإن استقام على أمر الله تعالى وقام بكل ما ألزمه الشرع‬ ‫ب» فإن له حق السمع والطاعة والموالاة‪ ،‬ولا يجوز لأحد ممن تشملهم دولته أن‬ ‫يخالف أمره أو أن يشق عصا الطاعة عليه‪ ،‬إما إذا ثبت أنه حاد عن طريق الحق‬ ‫و لم يطبق الأحكام الشرعية وحكم بالهوى وعطّل الحنبود‪ ،‬واعتدى على‬ ‫الحرمات‪ ،‬وأخذ بالذنب من لااذنب له‪ ،‬وفسق عن أمر ربه‪ ،‬فإن على الأمة رده‬ ‫إلى جادة الصواب وتقدم النصيحة له‪ 3‬فإن لم تجد النصيحة معه نفعا وابي‬ ‫واستكبر فإن إمامته تبطل وتصبح طاعته غير واجبة وو جب عزله‪.‬‬ ‫(‪)١٨٨‬‬ ‫لخص أبوإسحق الحضرمي في مختصره من ثبتت إمامته فلم تبطل إلا في ماني‬ ‫‏(‪: (١‬‬ ‫خصال‬ ‫اولهما ‪ :‬أن يذهب بصره كله‪.‬‬ ‫الثا ‪ :‬أن يذهب سمعه كله‪.‬‬ ‫الثالث ‪ :‬أن خرص‪.‬‬ ‫الرابع ‪ :‬أن يتغير عقله‪.‬‬ ‫الخامس‪ :‬أن يعمل كبيرة يوجب عليها حداً فيخلع ويقام إمام غيره فيقيم عليه‬ ‫الحد ‪.‬‬ ‫السادس‪ :‬أن يعمل ذنبا لا يجب عليه فيه حد فيستاب فإن تاب وإلا انمخعت‬ ‫إمامته‪.‬‬ ‫السابع‪ :‬أن ينتقل من مذهب إلى مذهب أهل الخلاف‪.‬‬ ‫الغامن‪ :‬أن يخلع نفسه من الإمامة‪.‬‬ ‫أما موانع الإمامة الي لا يمكن لأي كان أن يتبوأها هي‪:‬‬ ‫أولا‪ :‬مبدأ التعيين والورائة‪ ،‬فمنصب الإمام ليس ورائياه بل هو زمي ولا يتم‬ ‫إلا باستشارة أهل الحل والعقد‪.‬‬ ‫بسيط ينص‬ ‫الإمام انطلاقا من مبدأ‬ ‫انتخابه لمنصب‬ ‫ويرفض‬ ‫ثانيا‪:‬إمامة العبك‪،‬‬ ‫حريته لا بملك أن يحكم الآخرين؛ وإذا اجتمعت شروط‬ ‫على أن من لا بملك‬ ‫‪.١٩٤‬‬ ‫(‪ (١‬الحضرمي } إبراهيم بن قيس‪ :‬مختصر الخصال ص‪‎‬‬ ‫(‪()١٨٩‬‬ ‫الإمامة في رجل أسود ولكنه حر‪ ،‬فإنهم لا يعترضون على بيعته بسبب لونه أو‬ ‫ثالثا‪ :‬إمامة الصبي لا تحوز على كل حال‪ ،‬لأن إمامته لا تحوز في الصلاة‬ ‫وهي الإمامة الصغرى فكيف يصلح للإمامة الكبرى‪ ،‬وكيف يكون إماماً يتولى‬ ‫الأحكام من لا يملك أمره والصبي ليس عليه حساب ولا عقاب ومن ليس علبه‬ ‫حساب وعقاب عند ربه» كيف يحاسب الناس ويعاقبهم‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬إمامة ولد الزنا‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬إمامة المرأة لا تحوز مهما أوتيت من كفاءة وتأهل وإن اختلفوا في‬ ‫كرن جوازها قاضية‪.‬‬ ‫وتي كل الأحوال فإن أصول الفكر السياسي عند الإباضية نشأ مبكرا وارنكز‬ ‫على ثلاثة مبادئ محورية و أساسية حددها أبوحمزة المختار بن عوف السليمي‬ ‫( قتل سنة ‪١٣٠‬ه)‏ في خطبته ال ألقاها على منبر الرسول عليه أفضل الصلاة‬ ‫والسلام حين قال لأهل المدينة ( الناس متا ونحن منهم إلا ثلاثة مشركاً عابد‬ ‫وثن‪ ،‬أو كافرا أهل الكتاب‪ ،‬أو إماماً جائرً‪. "« )..‬‬ ‫و لم يكن مبدأ الإمامة بالنسبة للإباضية حبرا على ورق‪ ،‬أو دعوة من فوق‬ ‫المنابر وإنما تجسيد جاء على أرض الواقع في حق الأمة بعزل الإمام الحائر والفاسد‬ ‫أو العاجز عن تحمل مسؤولياته} والإباضية مثلها مثل غيرها من الفرق الإسلامية‬ ‫تولي أهمية كبيرة لمسألة الإمامة وشروط تعيينها ومهامها وعزلها وكانت هذه‬ ‫المسألة على درجة كبيرة من التنوع والتعقيد‪ ،‬وتأتي ضمن مقاييس أخلاقية‬ ‫(‪ )١‬ابن كثير ‪ :‬البداية والنهاية‪٦٣. ‎‬ص‪١‬ج‬ ‫‪(١٩٠‬‬ ‫مرتبطة بتعاليم الدين الروحية وهي تقوم على نظرية سياسية مبدؤها الديمقراطية‬ ‫الإسلامية ( الشورى) كمنهج عام للاتجاه السياسي‪ ،‬وقد طبقوا هذه الديمقراطية‬ ‫على أنفسهم فكانوا يختارون لخلافتهم أتقاهم وأشجعهم وأكفأهم؛ وإذا أحسوا‬ ‫أنهم أساؤوا الاختيار سحبوا الثقة من الخليفة وعزلوه واختاروا آخر بديلا عنه‪.‬‬ ‫كانت مسألة الإمامة والخلافة القضية المحورية ضمن مفهوم الخروج‬ ‫السياسي للإباضية‪ ،‬ولكنها لم تكن هدفا يسعون إلى تحقيقه؛ أو غاية ومطلباً‬ ‫يتذرعون الذرائع ويختلقون السبل للوصول إليها‪ ،‬وإنما هي من أجل برنامج‬ ‫بهدف في سياسته الداخلية إلى الإصلاح الدين والاجتماعي عملا مبدأ الأسر‬ ‫بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وتحسيداً لأصول الصقيدة الإسلاميةء وإلى‬ ‫مبدا المساواة في توزيع الثروة وكما تمقدف من سياستها الخارجية إلى‬ ‫حماية العقيدة والأمة من كل اعتداء ونقل دعوة الإسلام بالێق همي أحسن لإلى‬ ‫الأمم الأخرى‪ ،‬وهذا لا يتم إلا وفق منهج تنظيمي يقوم أساسا على مفهوم العمل‬ ‫الجماعي ( الجماعية)‪ 5‬أي أن للجماعة الوزن الحقيقي في شؤون المجتمع سلما‬ ‫أوحربا غلبة وظهور‪ 5‬سرية أو كتمان! وبأي ضمن فهم عميسق للشريعة‬ ‫الإسلامية الحاضة على الشورى؛ القائمة على التعاون والتضامن" لكل ما من شأنه‬ ‫تقوية المجتمع الإسلامي الذي ينبذ السلوك الأناني وحب الذات‪ .‬ويؤصل روح‬ ‫الأخوة الجماعية في الإسلام‪.‬‬ ‫تلك هي المبادئ والأفكار الأساسية الي تطبع النظام السياسي الإباضي‪،‬‬ ‫بالفرادة والتميز‪ ،‬أسهمت في مد الفكر الإسلامي بروافد فكرية غنية ومهمة! نحو‬ ‫مواجهة تحديات النظم السياسية الحديثة! وهذه الأصول السياسية تأتي من اتجاه‬ ‫(‪()١٩١‬‬ ‫فكري إسلامي خالص لم يتأثر الاتجاهات الفكرية والفلسفية المختلفة عدا الاتجاه‬ ‫فلسفة اليونان وغيرها من‬ ‫عقيدقمم من‬ ‫ل يستمدوا‬ ‫الإباضية‬ ‫)‬ ‫وأن‬ ‫الإسلامي‪،‬‬ ‫أساطير الأولين كما يحلوا زعم ذلك للذين يهرفون بما لا يعرفون وإنما استمدره‬ ‫من أصفى ينابيع الحق‪ ،‬وأنوار أشعة الحقيقة)) (“ ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬قحلا‪:‬دمحأ‪٬‬يليلخلا‪ ‎‬الدامغ ص‪.٢١ ‎‬‬ ‫(‪(١٩٢١‬‬ ‫الفصل الثالث‬ ‫أ الإباضية بحضرموت ‪:‬‬ ‫وعدت‬ ‫وبغداد‬ ‫النقل العربي إل دمشق‬ ‫مركز‬ ‫بعد الإسلام تحول‬ ‫حضرموت في وعي الإنسان العربي من الأماكن النائية البعيدة المفتونة وللفعمة‬ ‫بالعجائب والغرائب تفصلها عن قلب الحزيرة العربية وشمالها مفازات وصحارى‬ ‫موحشة ومقفرة&‪ 3‬وقد ذهب الشاعر الشمودل بن شريك التميمي إلى أبعد من‬ ‫ذلك حين عدها أحد أطراف المعمورة كلها توازي في نأيها الصين حين أنشد‬ ‫وقال ‪:‬‬ ‫حيت يقال للرياح أسفينا‬ ‫وكل وجه للسرى يسرينا‬ ‫بلقن أقصى الرمل من يبرينا‬ ‫وحضرموت ويلغن الصّينا‬ ‫الأول‬ ‫النصف النان من القرن‬ ‫الخوارج ق‬ ‫حركات‬ ‫وحين ظهرت‬ ‫المحري‪ ،‬كحركات سياسية وعقدية} رأى زعماؤها في المناطق النائية والبعيدة‬ ‫عن مركز الخلافة مناطق مؤهلة لنشاطها وتحركاتما‪ ،‬وذلك خوفا من ملاحقة‬ ‫وبطش الولاة والأمراء بما‪.‬‬ ‫الأماكن اليي كانت ملجأ حصينا لتلك الفرق‬ ‫ضمن‬ ‫تأقي حضرموت‬ ‫الجوارج‬ ‫وقد كانت صلات‬ ‫بعني أمية‪.‬‬ ‫حكم‬ ‫عن‬ ‫والحركات المنادية بالخروج‬ ‫بحضرموت منذ وقت مبكر لظهور هذه الحركات بكل فرقها وتياراتما السياسية‬ ‫والعقديةء وكان أول اتصال للخوار ج بحضرموت عبر الفرقة النجديةإ وهم أتباع‬ ‫(‪(١٩٣‬‬ ‫نجدة بن عامر الحنفي ( قتل سنة ‪٦٨‬ه))‏ وقيل إن بحدة بن عامر ونافع بن‬ ‫الأزرق وعبدالله بن إباض قد اجتمعا بمكة مع الخوارج على نصرة ابن الزبير ثم‬ ‫تفرقا عنه‪ ،‬واختلف نافع مع بحدة‪ :‬فصار نافع إلى البصرة‪ ،‬ونحدة إلى اليمامة‬ ‫وكان سبب اختلافهما أن نافعاً قال‪ :‬التقية لا تحل‪ ،‬والقعود عن القتال كفر "‪.‬‬ ‫وذكر ابن خلدون أن النجدية بعثوا إلى حضرموت في عام ‪٦٦‬من‏ المجرة‬ ‫وولوا أبا فديك لقبض الصدقة «" ‪.‬‬ ‫استطاع أبو فديك عبدالله بن ثور بن قيس بن ثعلبة وأتباع بحدة بن عامر‬ ‫أن ينشطوا بين الحضارمة لتهيئة وإشاعة الفكر السياسي للخوار ج في حضرموت؛‬ ‫ومنذ سنة ‪٦٨‬ه‪4‬‏ ظلت نواة أفكار هذه الفرقة مغروسة في المجتمع الحضرمي‬ ‫وتلقى التأييد الواسع بين كل فئات اجتمع الي كانت تنتظر بتلهف الخلاص من‬ ‫جور وتعسف ولاة الأمويين وظلمهم الذي لحق بالخميع‪ ،‬وبدأ فكر الخوارج‬ ‫السياسي يتبلور عبر خروج الخوارج عن أنفسهم وانقسامهم إلى فرق وجماعات‬ ‫منها المتطرفة‪ ،‬ومنها المعتدلة وقد غربلت الجماعة المعتدلة (( القعدة)) ومنها‬ ‫الإباضية مفاهيمها السياسية والعقدية} واختطت لنفسها طريقاً ومنهجم) أقرب إلى‬ ‫أهل الجماعة والسنة؛ وقد عهدت حضرموت الاتصال بالخوارج عبر التواصل‬ ‫المباشر مع ممثلين ومندوبين لزعماء هذه الحركات أو في أثناء المواسم الدينية في‬ ‫مكة بوساطة الحجاج الحضارمة الذين يجتمعون بمم ويستمعون إلى دعوقم‬ ‫وآرائهم وأطروحاتمم السياسية والفكرية اليي تناهض حكم الأمويين وتدعو إلى‬ ‫الثورة والتمرد عليهم‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الشهرستان‪ :‬الملل والنحل‪٩٦٩. ‎‬ص‬ ‫ج‪٢‬ص‪.٤ ٧‬‬ ‫تاريخ ابن خلدون‪‎‬‬ ‫ابن خلدون‪:‬‬ ‫[ق]‬ ‫(‪)١٩٤‬‬ ‫كان من بين هؤلاء الذين يفدون إلى مكة كل عام للحج ودعوة الناس‬ ‫الأزدي‬ ‫عرف‬ ‫بن‬ ‫المختار‬ ‫أبر حمزة‬ ‫مروان‬ ‫بن محمد وآل‬ ‫مروان‬ ‫إل حلاف‬ ‫السليمي البصري الإباضي الذي لم يزل يختلف كل سنة إلى مكة حن واى عبدالة‬ ‫بن يحيى الكندي في آخر سنة ثمان وعشرين ومائة _" ‪.‬‬ ‫اجتمعت في شخصية أبي حمزة المختار مواصفات القائد الشجاع والخطيب‬ ‫الأديب" واستطاع من خلال أسلوبه للدعوة بوصفه أحد حملة العلم أن يؤثر‬ ‫على عبدالله بن نيى الكندي" الذي كان مهيأ أن‬ ‫بحسن كلامه تأثيرا قوياً ‪7‬‬ ‫يتلقى مثل هذه الدعوة من أبي حمزة المختار» وكانت استجابة عبداللة بن يحيى‬ ‫للمذهب الإباضي هي استجابة حضرموت وتطلعاتما إلى المبادئ الديمقراطية وإلى‬ ‫دعوة مبدأ انتخاب الإمام العادل الذي يقره المذهب الإباضي والمنسجم مع تفاليد‬ ‫ورغبة القبائل المحلية الي تتطلع لهذا النوع من أنواع السلطة ونظام الحكم‬ ‫والتطلع إلى الخلاص من جور ولاة بني‪.‬أتتية وتعسفهم‪.‬‬ ‫قبل أن يلتقي عبدالله بن يجى الكندي بأبي حمزة فإن المصادر تكاد تجمع‬ ‫بأنه كان عالما بالفقه} وبعد لقائه بأبي حمزة قال له‪ :‬ر يارجل إن اسمع كلاما‬ ‫حسنا ز أراك تدعو إلى حق فانطلق معي فإني رجل مطاع في قومي فخرج ح‬ ‫وآل‬ ‫مروان‬ ‫فبايعه أبوحمزة على الخلافة ودعا إل حلاف‬ ‫ورد حضرموت‬ ‫مروان)) (_" ‪.‬‬ ‫شكك عوض خليفات " في راوية الطبري وغيره من أن الإباضية قد‬ ‫الأزدي لعبدالله بن‬ ‫بعد ضم أبي حمزة المختار بن عرف‬ ‫قي حضرموت‬ ‫انتشرت‬ ‫يجى الكندي في أثناء موسم الحج سنة ‪١٦٢٨‬ه‏ وأنما قدما إلى حضرموت معاك‬ ‫‪.٣٠٦٢‬‬ ‫جاص‪‎‬‬ ‫تاريخ الطري‬ ‫(‪ (١‬الطبري‪:‬‬ ‫‏(‪ )٦‬المصدر نفسه۔‬ ‫‏(‪ )٢‬خليفات" عوض‪ :‬نشأة الحركة الإباضية ص‪.١١٨‬‏‬ ‫(‪()١٩٥‬‬ ‫وإعلان مبايعة عبدالله بن يجى الكندي إماماً على المسلمين‪ ،‬وعده خبراً يتشاقض‬ ‫مع ما عرف عن العقائد والشرائع القانونية للإباضية في تلك الفترة‪.‬‬ ‫وإذا كان خليفات يقصد أن أتباع المذهب الإباضي في تلك الفترة كانوا‬ ‫يمرون بمرحلة الكتمان‪ ،‬اليي تعني العمل في سرية تامة} فهذا لا يعي أن الحركة في‬ ‫تلك الفترة كانت في وضع توقفت فيه عن نشر الدعوة إل المذهب وحشد‬ ‫الأنصار هاك وأسلوب أبي حمزة وطريقة دعوته إلى المذهب الإباضي كان له وقع‬ ‫شديد على المتلقي لكلامه فقد ذكر ابن خياط في تاريخه في خبر مرفوع عن من‬ ‫حدث قال‪ :‬خطبنا أبوحمزة بمكة خطبة شك المستبصر وزاد المرتاب «" ‪.‬‬ ‫تنبه أبوحمزة المختار للدور القيادي الذي يمكن أن يلعبه عبدالله بن يحى‬ ‫الكندي في حضرموت فبالإضافة إلى كفاءته الشخصية ومنصبه الرفيع في سلك‬ ‫القضاء؛ كان مجتهدا عابد! وكان أحد بني عمرو ين معاوية "© ‪ 3‬وقد فقد هذا‬ ‫البطن من البطون الكندية اليي ظلت بحضرموت بعد هزيمتها في حرب الرئة‬ ‫مكانته العسكرية والسياسية السامية‪ .‬و لم يعد ينظر إللى كندة ‪ -‬بعد مرور ما‬ ‫يقارب من مائة عام على هزيمتها قي حرب الردة ‪ -‬كقبيلة منافسة وخطرة على‬ ‫سواها من القبائل المحلية‪ .‬وإنما أصبح ينظر إلى أفرادها كأنبل قسم من سكان‬ ‫المنطقة ( ‪.‬‬ ‫أن‬ ‫حى ق‬ ‫المختار وعبدالله بن‬ ‫أبي حمزة‬ ‫ذلك توافق رأني‬ ‫والأهم من‬ ‫الأحوال العامة للمسلمين تمر في مأزق سيء نتيجة السياسة الي يتبعها الأمويون‬ ‫وأنما تخالف تعاليم الدين الإسلامي الحنيف‪.‬‬ ‫(‪ )١‬ابن خياط خليفة‪ :‬تاريخ خليفة بن خياط‪٢٥٢. ‎‬ص‬ ‫(‪ )٢‬البلاذري أحمد بن يحى‪ :‬أنساب الأشراف ج‪٩‬ص‪ .٢٨٥‬والإصفهان‪ :‬الأغاني‪ ‎‬ج‪٦٢٢‬ص‪.٢٢٢٣‬‬ ‫ص‪١٤٨‬۔‬ ‫(‪ )٢‬فرانتسوزرف‘ مسرجيس‪ :‬تاريخ حضرموت الاجتماعي والسياسي قبيل الإسلام وبعده‪‎‬‬ ‫(‪)١٩٦‬‬ ‫كان هذا الرأي هو رأي غالبية أبناء جنوبي الجزيرة العربية} ولهذا لاقى‬ ‫اختيار عبدالله بن يحيى الكندي إماما للإباضية في حضرموت قبرلاً عند الحضارمة ‪,‬‬ ‫بكل فئاتمم؟ وبارك هذا التعيين إباضية عمان وتمثل في حضور شخصي للجلندى‬ ‫بن مسعود إلى حضرموت\ وقد استشهد الإباضية بعد تلك البيعة بجواز أن يكون‬ ‫لكل قطر يبعد عن الآخر أو يفصل بينهما بحر إمام مستقل‪ .‬فكان أبوعبيدة مسلم‬ ‫ق‬ ‫مولى بتيميم إمام علم في البصرة وعبدله بن يحيى الكندي إبام حكم‬ ‫حضرموت‪ ،‬ثم بويع الجلندى إماما قي عمان بعد إقامة الإمامة الإباضية‬ ‫بحضرموت‪.‬‬ ‫أقام عبدالله بن يحيى الكندي بحضرموت\ ودعا أصحابه فانصرفوا معه‬ ‫فبايعوه‪ ،‬فأعلن الخرو ج عن طاعة الحكم الأموي بحضرموت( فأتى دار الإمارة‬ ‫بحضرموت واستولى عليها وأخرج منها إبراهيم بن جبلة بن مخرمة الكندي من‬ ‫غير قتال)) ‏‪ ، ٧‬وحبسه يوما واحدا ثم أطلق سراحه{ لكسب عشيرته الكندية‬ ‫والحرص على التعبير عن سماحة الثورة فذهب إبراهيم إلى صنعاء» واجتمصت‬ ‫الإباضية إلى عبدالله بن يحيى فبايعوه وسموه طالب الحق" ويقال إنه سمى نفسه‪.‬‬ ‫بعد أن قويت شوكة عبدالله بن يجى بحضرموت» بدأ بمهد للخروج‬ ‫الكبير والانطلاق نحو عموم اليمن ومن ثم مركز النقل الدي للمسلمين‬ ‫( مكة والمدينة) فجمع حوله نحو ألفين من المقاتلين الأشداء وشكل منهم النواة‬ ‫الأول للجيش الإباضي في تاريخ هذه الحركة‪ (( ,‬فرأى باليمن جورا وعسفاً‬ ‫شديدا وسيرة في الناس قبيحة‪ ،‬فقال لأصحابه لا يحل لنا المقام على ما نرى ولا‬ ‫يسعنا احتماله والصبر عليه فكتب إلى أبي عبيدة بن مسلم كورين مولى بي تميم‬ ‫وإلى غيره من إباضية البصرة يشاورهم في الخروج)) ‪0‬‬ ‫(‪ )١‬ابن خياط خليفة‪ :‬تاريخ خليفة بن خياط‪٠٥٦. ‎‬ص‬ ‫(‪ )٢‬البلاذري» احمد بن يبى‪ :‬أناب الأشراف‪ ‎‬ج‪٤٩‬ص‪.٢٨٥‬‬ ‫(‪(١٩٧‬‬ ‫جاءت رسالة عبدالله بن يجى لأصحابه بالبصرة لتضع الحركة الإباضية في منعطف‬ ‫تاريخي خطير‪ ،‬إذ احتدم الجدل والنقاش حول هذه الرسالة بين شيوخ هذا‬ ‫الملذهب© وأصبح المذهب في مكه الحقيقي بين التنظير والأطر التنظيمية السرية‬ ‫للحركة الإباضية‪ ،‬وبين الدعوة للظهور والعمل على تنفيذ وترجمة أسس هذه‬ ‫النظريات ووضع الأطر التنظيمية في الواقع العملي" ويبدو أنه كان هناك رأيان‬ ‫متباينان داخل الحركة حول محتوى رسالة عبدالله بن يحيى الكندي‪.‬‬ ‫الرأي الأول؛ يتبناه ورثة القيادة من المؤسسين الأوائل يتزعمهم أبو عبيدة بن‬ ‫مسلم ومعه بعض من شيوخ المذهب بالبصرة‪ ،‬وكانوا يرون أن الظروف لم تكن‬ ‫مواتية للخروج والظهور‪ ،‬ويجب أخذ العبر والدروس من حروب الخوارج السباقة‬ ‫في البصرة والكوفة‪ ،‬وما آلت إليه تلك الثورات الخارجة على يدي ولاة الأمويين‬ ‫والحجاج‬ ‫صفرة‬ ‫أبي‬ ‫والمهلب بن‬ ‫زياد‬ ‫أبيه وابنه عبدالله بن‬ ‫بن‬ ‫أمثال زياد‬ ‫الأشداء‬ ‫بن يوسف الثقفي‪ .‬ودعوا إلى التأني والتريث وكثير من التعقل والاستمرار في‬ ‫العمل السري ‪ -‬مرحلة الكتمان ‪ -‬حتت يأذن الله عما يشاء‪.‬‬ ‫الرأي الآخر؛ يتبناه أبوحمزة المختار وبلج بن عقبة الأزديان‪ ،‬وبقية من شيوخ‬ ‫البصرة والمتحمسون للخروجؤ و كانا يناديان بالخرو ج وإعلان الظهور والثورة‬ ‫الملسلحةش ويرون أن الظروف مواتية والعوامل المحيطة بم تساعدهم على الظهور‬ ‫وإعلان الثورة‪ ،‬وذلك من خلال تقويمهم للظروف السياسية على النحو الآني‪:‬‬ ‫أولا‪ :‬ظروف الدولة الإسلامية بشكل عام رأى الإباضية أن بوادر‬ ‫الشيخوخة بدأت في أوصال الدولة الأموية‪ ،‬وبدأ ظهور التصدع في جوانبها منذ‬ ‫عهد الوليد بن يزيد‪ ،‬الذي أظهر من الخلاعة والمحانة والاستهانة بالدين ما دل‬ ‫على‬ ‫النفوس‬ ‫فتجرأت‬ ‫بأفعاله‪.‬‬ ‫الناس‬ ‫صدور‬ ‫فضاقت‬ ‫والإلحاد‬ ‫الكفر‬ ‫على‬ ‫(‪()١٩٨‬‬ ‫الخروج عليه‪ ،‬بل على التفكير بقتله‪ ،‬و اضطراب بيي أمية وصراعهم على الخلافة‬ ‫وتصدى يزيد بن الوليد الملقب بالناقص للبيعة وهاجت الفتنة بينهم سنة ‪١٦٦‬من‏‬ ‫المجرة وآلت إلى قتل الوليد بن يزيد وبويع يزيد بن الوليد‪ ،‬و لم يطل عهده سوى‬ ‫اشهر وماتؤ وقام مقامه إبراهيم بن الوليد و لم يلبث سوى أشهر ح قدم مروان‬ ‫بن محمد فخلعه سنة ‏‪ ٢٧‬‏ه‪ ١‬وتمت البيعة لمروان بن محمد‪.‬وفي العام نفسه الذي‬ ‫بويع فيه لمروان بن محمد كانت الثورات في دولة الخلافة الإسلامية قد بلفت‬ ‫أقصى حدها‪ ،‬وغدت تمدد كيان الدولة الأمرية واضمحلالها‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬الظروف الداخلية في جنو الجزيرة العربية؛ الاجواء مهيأة في اليمن‬ ‫وعمان للالتفاف حول الثورة الإباضية المسلحةً نتيجة الظلم والقهر والمعاناة اليي‬ ‫عومل بما اليمنيون والعمانيون من قبل الولاة الأمويين المتفطرسين الذين أثقلوا‬ ‫ونتيجة‬ ‫كاهل الناس بالضرائب المضاعفة المأخوذة منهم من غير وجه حق‪.‬‬ ‫للمعاملة السيئة الي مارسها الخليفة مروان بن محمد ضد اليمنيين جميعاً في الدولة‬ ‫الإسلامية الأموية وتفضيل القيسية عليهم‪.‬‬ ‫فضل أبو حمزة المختار ومعه شيوخ من إباضية البصرة أن تنطلق الثورة مسن‬ ‫الأطراف البعيدة للدولة الأموية (حضرموت أو عمان )‪ 3‬ومن ثم تتوجه بزحفها‬ ‫نحو المركز الديني الأول للدولة الإسلامية ا(مكة والمدينة) وقد تم التوقيت للزحف‬ ‫إلى مكة في اثناء موسم الحج واستغلال تجمع المسلمين لأداء هذا الشعيرة الدينية‬ ‫وإعلان مبادئ الثورة على المسلمين وأسباب خروجهمض ومن ثم الزحف إلى‬ ‫المدينة والتحضير للزحف الكبير على عاصمة الخلافة بالشام‪.‬‬ ‫على خروج‪.‬‬ ‫الإباضية في البصرة بمن فيهم أبوعبيدة بن مسلم‬ ‫شيوخ‬ ‫أجمع‬ ‫عبدالله بن محيى الكندي وإعلان النورة المسلحة ضد الأمويين فكتبرا إليه‪ :‬إن‬ ‫(‪)١٩٩‬‬ ‫استطعت ألا تقيم يوما واحدا فافعل‪ ،‬فإن المبادرة بالعمل الصالح أفضل فإنك لا‬ ‫تدري مت يأتي أجلك ولله خيرة من عباده يبعثهم إذا شاء لنصر دينه‪ ،‬ويخصهم‬ ‫بالشهادة إكراماً لهم بما _" ‪.‬‬ ‫قدمت فرق من المقاتلين بقيادة الأزديين‪ :‬أبي حمزة المختار بن عوف©\ وبلج بن‬ ‫عقبة ("" (( وعند بن خياط بلج بن المثيى)) ({"‘ ‪ ،‬لمساعدة إخوانهم في حضرموت؛‬ ‫للاستيلاء على اليمن أولاً (( وكان أبو حمزة قبل ذلك في الشرط بالبصرة)) _‬ ‫وقد أرسل معهم إباضية البصرة الرجال والأموال والسلاح ‪ (( ،‬وتم جمع مبلغ‬ ‫عشرة آلاف درهم في يوم واحد‪ .‬وصرف جزء من هذا المبلغ لشراء السلاح‬ ‫الذي نقله أبوحمزة مع المتبقي إلى حضرموت)) (ث ‪.‬‬ ‫وإن كانت هذه المبالغ الضئيلة والزهيدة اليي جمعها إباضية البصرة‪ ،‬لم تكن‬ ‫كافية لتموين احتياجات تمرد صغير على أطراف البصرة ناهيك عن دعم ثورة‬ ‫مسلحة هدفها إسقاط الدولة الأموية ذات الإمكانيات الاقتصادية والعسكرية‬ ‫الكبيرة والواسعةس إلا أن عبدالله بن ييى الكندي شرع في التحضير لثورة‬ ‫الإمكانيات‬ ‫الإباضية‪ ،‬وإعلان الخروج عن الحكم الأموي وذلك حسب‬ ‫والظروف الميسرة له فبدا يتحين التوقيت الزميي السليم والموفق لانطلاقها‪.‬‬ ‫(‪ )١‬البلاذري‪ ،‬أحمد بن يى‪:‬أنساب الأشراف ج‪٥٢٨٢. ٩ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن الأثير‪ :‬الكامل في التاريخ جه‪ ‎‬ص‪.٢٧٢‬‬ ‫ص‪٢٥١‬۔‬ ‫(‪ )٢‬ابن خياط خليفة‪ :‬تاريخ خليفة بن خياط‪‎‬‬ ‫ج‪٩‬ص ‪.٢٨٥‬‬ ‫(‪ )٤‬البلاذري! أحمد بن محيى‪ :‬أنساب الأشراف‪‎‬‬ ‫‪٢٦٦٢‬‬ ‫)‪ (٥‬الدرجين؛ أحد بن سعيد ‪ :‬طبقات المشائخ بالمغرب ج! ص‪‎‬‬ ‫(‪(٢٠٠‬‬ ‫ب۔ ثورة عبدالله بن يحيى الكندي‪:‬‬ ‫بعد وصول أبي حمزة المختار وبلج بن عقبة الأازديان وعامة إباضية البصرة إلى‬ ‫حضرموت بايعوا عبدالله بن يحيى وحثوه على الخروج والانطلاق بالثورة نجو‬ ‫اليمن ومن ثم إلى الحجازء(( وأتوه بكتب أصحابه فقالوا لهم‪ :‬إذا خرجتم فلا‬ ‫تغلوا ولا تغدروا واقتدوا بسلفكم الصالحين" وسيروا سيرقمم‪ ،‬فقد علمتم أنه إنما‬ ‫أخرجتم على السلطان العيب لأعمالهم)) «" ‪.‬‬ ‫أخذ أنصار الإباضية يتكائرون يوما بعد يوم؛ فكتب عبداللة بن نجى إلى مسن‬ ‫كان على المذهب الإباضي بصنعاء‪ :‬إني قادم عليكم‪ .‬واستخلف على حضرموت‬ ‫عبدالله بن سعيد الحضرمي‪ ،‬وتوجه إلى صنعاء سنة ‪١٦٩‬ه‏ ف ألفي مقاتل من‬ ‫الشراة (" ث وسلك ممم طريق أبين في أقصى الجنوب الغربي من اليمن‪.‬‬ ‫ولما بلغ القاسم بن عمر النقفي وهو عامل مروان على صنعاء مسير عبدالله بن‬ ‫نيى‪ ،‬استخلف على صنعاء الضحاك بن زمل السكسكي» وذكر ابن خياط أنه‬ ‫خرج يريد ابن يحيى والإباضية‪ ،‬في نحو من ثلائين ألفا فالتقوا بالجالح قرية من‬ ‫قرى أبين‪ ،‬ولعل ابن خياط يقصد لجا كما ذكر ذلك البلاذري‪ :‬أنه تقدم فلقوه‬ ‫بلحج ومي قرية « ى واختلفت المصادر في عدد جيش القاسم بن عمر بين‬ ‫الثلاثين ألفاً وثلاثة آلاف ومن المرجح أنم ثلاثة آلاف" كما ذكر ذلك البلاذري‬ ‫القاسم بشر ‪1‬‬ ‫فقتل من أصحاب‬ ‫شاك‬ ‫وسلاح‬ ‫وعدة‬ ‫قي عدد كئير‪.‬‬ ‫وكان‬ ‫ومضى هو إلى صنعاء} غم خرج منها واستخلف عليها ابن زمل‪ ،‬وأقبل عبدالله بن‬ ‫‏(‪ )١‬البلاذري" أحمد بن يحيى‪ :‬أناب الأشراف ج‪٩‬‏ ص ‏‪ .٢٨٦‬رالأصفهان؛ ابوالفرج‪ :‬الاغاني ج‬ ‫‏‪.٢٢٤‬‬ ‫‏‪ ٢‬ص‬ ‫ج‪٩‬ص ‪.٢٨٦‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن خياطا خليفة‪ :‬تاريخ خليفة بن خياط ص‪ .٢٥٠ ‎‬والبلاذري؛ أنساب الأشراف‪‎‬‬ ‫والأصفهان أبوالفرج‪ :‬الأغاني ج‪ ٢٢‎‬ص‪.٢٢٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن خياط خليفة‪ :‬تاريخ خليفة بن خياط‪ ‎‬ص‪ .٢ ٥١‬والبلاذري» أنساب الأشراف‪٩ ‎‬ج ‪٦٨٢.‬ص‪‎‬‬ ‫(‪(٢٠١‬‬ ‫حيى فترل على ميلين من عسكر القاسم‪ .‬فوجه إليه القاسم يزيد بن الفيض الثقفي‬ ‫في ثلاثة آلاف من أهل الشام واليمن «" ‪.‬‬ ‫وعلى مشارف أسوار صنعاء دارت بينهم مناوشات وتحاجزوا‪ ،‬ثم قاتلهم‬ ‫الصَّّت بن يوسف فقتل في المعركة وقتل معه ناس كثير‪ ،‬ثم قاتلهم يزيد بن‬ ‫الفيض ثم المزم أهل صنعاء} فأراد أبرهة ين شرحبيل بن الصباح اتباعهم فمنعه‬ ‫عبدالله بن ييى‪ ،‬ولحق يزيد بن الفيض بالقاسم وأخبره بقتل الصلت «" ‪ .‬فهرب‬ ‫القاسم بن عمر الثقفي إلى الشام وترك صنعاء بيد الجيش الإباضي‪.‬‬ ‫دخل عبدالله بن محيى صنعاء فأخذ الضحاك بن زمل وإبراهيم بن جبلة بن‬ ‫مخرمة الكندي فحبسهما مخافة عليهما من فتك العامة من الناس بمماء و جمع‬ ‫الخزائن والأموال فأحرزها فقوي بماء ولما استولى على بلاد اليمن ألقى خطبته‬ ‫الشهيرة فقال فيها‪ ( :‬الحمد لله المتحمد بالآلاءء المنان بالنعماء ذي الأمر الغالب؛‬ ‫والدين الواصب© أحمده في الضراء‪ ،‬وأشكره في السراء وأستعينه على احتجاجه‬ ‫علينا» وأستهديه لما يرضيه‪ ،‬وأومن به إسلاماً وإيماناك وأشهد أن محمدا عبده‬ ‫ورسوله المصطفى ونبيه المرتضى‪ ،‬أرسله بالحق على حين فترة من الرسل وكفر‬ ‫من الملل‪ ،‬واختلاف من الدول‪ ،‬والتباس من الحق وانسحاق من الصدق‘‪ ،‬وظهور‬ ‫من الأعداى وبعد من الألفة‪ ،‬وأنزل عليه الكتاب‪ ،‬وشرع له الشرائع‪ ،‬وفرض له‬ ‫الفرائض )‪.‬‬ ‫الأليم و سعير لظى‬ ‫الناس من المعاصي والآثام والعذاب‬ ‫حذر‬ ‫م بعد ذلك‬ ‫بين‬ ‫والماوية والحامية‪ ،‬وخيرهم بين ثلاث خصال وقال‪ (( :‬أيها الناس إنا نخيركم‬ ‫(‪ )١‬البلاذري المصدر نفسه‪٦٨٢. ‎‬ص‬ ‫(‪ )٢‬المصدر نفسه‪. ‎‬‬ ‫)‪(٢٠٦‬‬ ‫ثلاث خصال أيها شئتم فخذوا لأنفسكم رحم الله امرأ أخذ الخيار لنفسه‪ :‬إما‬ ‫قال امرؤ بقولنا‪ ،‬ودان بالدين الذي دن فحملته نيته على أن يجاهد معنا بنفسه؛‬ ‫له من الأجر ما لفضلناك ومن قسم الفيء ما لبعضنا أو قال هذا القول غ‬ ‫فيكون‬ ‫أقام في داره‪ ،‬فدعا الناس إليه بقلبه ولسانه فعله إلا يكون ذلك أحس منازله أو‬ ‫عنا يده ولسانه فإن ظفرنا لم‬ ‫كرهنا فليخر ج بأمان إلى ماله وأهلك } ويك‬ ‫كفي‬ ‫و ل يحملنا على سفك دمه وإن قتلنا كان قد‬ ‫لنا نفسه‬ ‫يكن عرض‬ ‫متونتناء وعسى ألا عَمَر بعدنا إلا قليلا)) ‏‪. 0٧‬‬ ‫صنف طالب الحق مواقف الناس من ثورته إلى ثلاث بجموعات‪:‬‬ ‫المجموعة الأولى‪ :‬قبلوا المذهب الإباضي ودانوا بالدين الذي دانوا به» وقبلوا‬ ‫شرائعه‪ ،‬وانضموا بنية الجهاد معهإ فوعدهم بالأجر من الفضل والمساواة من‬ ‫الغنائم ‪.‬‬ ‫في الجررج‬ ‫المجموعة الثانية‪ :‬قبلت المذهب الإباضي؛ ولكنها م ترغب‬ ‫والمشاركة في الغورة‪ ،‬وهؤلاء دعاهم للعمل لدعوة الناس إلى المذهب بقلرشم‬ ‫وألسنتهم ‪.‬‬ ‫المجموعة النالثة‪ :‬رفضت قبول املذهب© وكرهت أن تكون مع الإباضية‬ ‫فأعطاهم الأمان ووعدهم بحماية أرواحهم وأموالهم؛ إذا كفوا أيديهم وألسنتهم‬ ‫أنفسهم على سفك دمهم‪.‬‬ ‫و ل يعرضوا‬ ‫غ حدد ملامح الصورة الحقيقية للمذهب الإباضي الي لا تخرج عن إطار‬ ‫الشريعة الإسلامية وقال‪:‬‬ ‫(‪ )١‬المصدر نفسه ص‪.٢٨٨‬والأصفهان‪ :‬الأغاني‪٦٢٢. ‎‬ص‪٢٢٦‬ج‬ ‫(‪(٢٠٢‬‬ ‫ندعو‪ :‬إلى الله‪ ،‬وإلى كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم‪ .‬ونحيب من دعا‬ ‫إليها الإسلام ديننا وحمد نبينا» والكعبة قبلتنا والقرآن إمامنا‪ ،‬رضينا بالحلال‬ ‫حلالاً لا نبغي به بدلا ولا نشتري به ثمنه ولا قوة إلا بالله‪ ،‬وإلى الله اشتكى‬ ‫‪7‬‬ ‫ندعو‪ :‬إلى فرائض بينات محكمات‪ ،‬وآثار مقتدى باك ونشهد أن الله صادق فيما‬ ‫‪ .77‬عدل فيما حكم‪.‬‬ ‫ندعو‪ :‬إلى توحيد الربؤ واليقين بالوعيد‪ ،‬وأداء الفرانض‪ ،‬والأمر بالمعروف‬ ‫والنهي عن المنكر‪ ،‬والولاية لأهل ولاية الله وإن من رحمة الله أن جعل في كل‬ ‫فترة بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون على الألم في حب‬ ‫ال» يقتلون في سالف الدهر فما نسيهم ريم ( وما كان ربك نسيا ) أوصيكم‬ ‫بتقوى الله وحسن القيام على ما وكلكم بالقيام به‪ 3‬قابلوا اللة حسنا في أمره‬ ‫وزجره) (_‬ ‫تعد خطبة طالب الحق عبدالله بن ييى الكندي أول وثيقة فكرية تبين بجلاء‬ ‫ملامح الفكر الإباضي ودعوته وآرائه في بجمل المسائل العقدية والسياسية وتزبع‬ ‫من كانت عنده ريبة أوشك عن هذا المذهب و معتقدات وآراء أتباعه في كثير‬ ‫من المسائل‪.‬‬ ‫السيرة‪ ،‬لين الجانب كافا عن الناس؛‬ ‫أقام عبدالله بن نجى بصنعاء أشهراً حسن‬ ‫الق أظهرت‬ ‫السياسة‬ ‫وكانت نتائج هذه‬ ‫وأتوه من كل وجه ‪0‬‬ ‫فكثر جمعه‬ ‫الحق وأصحابه من‬ ‫طالب‬ ‫جانب‬ ‫من‬ ‫من التسامح والمرونة مع الناس؛‬ ‫كبيرا‬ ‫قدرا‬ ‫الإباضية تزايد عدد أنصاره وتكاثر جمعه وانمالت الشراة عليه من كل جانب&‬ ‫‏(‪ )١‬المصدر نفسه‪.‬‬ ‫‏‪ .٢٨٩‬والأصفهان ‪ :‬الأغاني ج‪٢٢‬ص‪.٢٢٧١‬‏‬ ‫‏(‪ )٢‬البلاذري! أحمد بن يحى‪ :‬أنساب الأشراف ج‪٩‬‏ ص‬ ‫(‪(٢٠٤‬‬ ‫فلما كان وقت الحج وجه أباحمزة المختار وبلج بن عقبة الأزدي‪ ،‬وأبرهمة بن‬ ‫الصباح الحميري إلى مكة في تسعمائة! ويقال في ألف ومائة «" ‪.‬‬ ‫ذكر بن خياط أن طالب الحق وجه رجلا من أهل البصرة من الأزد يقال له‬ ‫بلج بن المك ثم وجه أبا حمزة المختار بن عوف الأزدي في عشرة آلاف وأمره‬ ‫أن يقيم مكة فزعم إسماعيل بن إسحق أن بلجاً قدم في الموسم فلم يشعر الناس‬ ‫وهم بعرفات ح اطلعت عليهم الخيل من الجبل من طريق الطائف «" ‪.‬‬ ‫أما الطبري فقد ذكر أن أبا حمزة الخارجي هو الذي واق الحج في تمام سنة‬ ‫‏‪ ٩‬ه وذكر من خبره بأن لم يدر الناس بعرفة إلا وقد طلعت عليهم أعلام‬ ‫عمائم سود حرقانية قي رؤوس الرماح‪ ،‬وهم في سبعمائة ففزع الناس منهم <{ ‪.‬‬ ‫وكان على مكة عبدالواحد بن سليمان بن عبدالملك" فكره قتالهم فصالحهم‬ ‫إلى أن ينفر الناس النفر الأخير ثم خافهم عبدالواحد فبعث بعبدالله بن الحسن بن‬ ‫حسن بن علي بن أبي طالبا فأتاهم وأخذ عليهم ولهم ألا يحدثوا حدثا حق‬ ‫ينقضي أمر الموسم فأجابوه إلى ذلك‪ .‬فصلى عبدالواحد فوقف بالجماعة! وصلى‬ ‫أيو حمزة بأصحابه ووقف بمم؛ و لم يعرض لأحد من الناسك وأقاموا أياما ع"‬ ‫فلما كان يوم النفر نفر عبدالواحد فأتى مكة ثم خرج إلى المدينةإ ونفر أبو حمزة‬ ‫بأصحابه إلى مكة ودخلها دون قتال‪.‬‬ ‫ولما أخذها صعد إلى المنبر متوكئاً على قوس عربية فحمد الله وألين عليه‪.‬‬ ‫وخطب ف الناس خطبة كانت من صميم سياسية الحركة الإباضية وقد استعرض‬ ‫‪.٢٨٩‬‬ ‫(‪ )١‬المصدر نفه ص‪‎‬‬ ‫ص‪.٢٥٠‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن خياط ‪ :‬تاريخ خليفة بن خياط‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الطبري ‪ :‬تاريخ الطيري‪ ‎‬جا‪٤‬ص‪.٢١٧‬‬ ‫)‪(٢٠٥‬‬ ‫فيها مراحل الخلافة الإسلامية وتناول سيرة الخلفاء الأربعة‪ ،‬فأين على أبي بكر‬ ‫وعمر (رضي الله عنهما) وتعرض بالنقد لعثمان وعلي (رضي الله عنهما)‪.‬‬ ‫متناول الأمراء من بي أمية فأبرز مساوئهم وأظهر عيوبمم ولعن بعضهم‬ ‫ونسق بعضا منهم وسفههم إلا أنه لم يصل إلى حد تكفيرهم؛ واستثن منهم‬ ‫الخليفة عمر بن عبدالعزيز (( إل إنه منهم عمر بن عبدالعزيز همفلم يفعل وقصر‬ ‫عما هم به)) (_ ‪.‬‬ ‫وقال مخاطبا أهل مكة‪ :‬وقد حضرت كتابا كتبه إليكم هشام في حطمة(«_'‬ ‫كانت أرضاكم به وأسخط ربه ذكر فيه أنه قد ترك لكم صدقاتكم فزادت الغي‬ ‫غى والفقير فقرا فقلتم جزاه الله خيرا بل لا جزاه الله إلا شراك فلقد كان بخلا‬ ‫بماله سخيا بدينه» فهؤلاء بنو أمية‪ ،‬فرق الضلالة‪ ،‬بطشهم بطش جبرية يأخذون‬ ‫بالظن ويحكمون بالهوى" ويقتلون على الغضب©ؤ ويقضون بالشفاعة} ويأخذون‬ ‫الصدقة من غير موضعها ويجعلوفما في غير أهلها‪ ،‬وقد بين الله أصنافها الثمانية‪,‬‬ ‫فجاء صنف تاسع ليس له منها شيء‪ ،‬فأخذها كلها‪ ،‬فهي الفرقة الحاكمة بغير ما‬ ‫أنزل اله " ‪.‬‬ ‫في الواقع أن خطبة أبي حمزة المختار عبرت عن الفكر السياسي الإباضي؛‬ ‫وجاءت منسجمة مع سياسة التعبئة العامة والتسويغ للخروج عن حكم بي أمية‬ ‫ووضع المبررات للثورة الإباضية والدعوة للخروج الجماعي عن طاعة الحكام‬ ‫الأمريين‪ ،‬وهي لا تخرج عن الخط السياسي للخوارج في جميع مراحل خروجهم‪.‬‬ ‫من حيث توليهم أهمية مسألة تنظيم أسس الحكم في دولة الخلافة‪.‬‬ ‫(‪ )١‬البلاذري‪ :‬أنساب الأشراف‪١٩٢. ‎‬ص‪٩‬ج‬ ‫(‪ )٢‬الحطمة ‪ :‬السنة الشديدة‪‎.‬‬ ‫(‪ )٢‬البلاذري‪ :‬أنساب الشراف‪ ‎‬ج‪٩‬ص‪.٢٩٢‬‬ ‫(‪(٢٠٦‬‬ ‫خاطب أبوحمزة المختار الأزدي أهل مكة بلغة العراطف والأماني والوعود في‬ ‫تحقيق العدالة والمساواة‪ ،‬إلا أن قلويمم وعواطفهم كانت مع الحكام الأمويين‬ ‫بغض النظر عن الظلم الذي كان يلامس أحيانا بعضا من الطبفات المهمشة فإنم‬ ‫في أثناء المواسم الدينية وقي غير هذه‬ ‫كانوا يستأثئرون بعطايا الأمراء ‪7‬‬ ‫المناسبات‪ ،‬ناهيك عن التعصب المذي والتعصب العشائري لأبناء عمرمتهم؛‬ ‫وخاصة أن الثورة الإباضية جاءت في شذة الصراع بين العدنانية والقحطانية ‪.‬‬ ‫أنف أهل مكة من هؤلاء الشباب القادمين إليهم من ذوي الأصول القحطانية‬ ‫ورأوا أنهم يرتقون سلما صعبا ويرومون انصراف الحكم عن بني أمية وزعزعة‬ ‫النفوذ التقليدي لقريش الذي اكتسب بالإسلام مكانة أطرت شرعا حسب أهواء‬ ‫الحكام والأمراء‪ .‬وكانوا يعيرون أصحاب أبي حمزة بأنهم شباب غر نقال أبو‬ ‫حمزة‪ :‬يا أهل مكة تعيرون بأصحابي وتزعمون أنهم شباب" وهل كان أصحاب‬ ‫رسول ا له صلى ا له عليه وسلم إلا شباب أما إن عالم بتتابعكم فيما يضركم في‬ ‫معادكم ولولا اشتغالي بغيركم ما تركت الأخذ فوق أيديكم ‪.‬‬ ‫ولما وصل عبدالواحد بن سليمان بن مروان إلى المدينة كتب إلى مروان يعتذر‬ ‫من خروجه عن مكة وتخبره أن الناس خذلوه» فغضب مروان منه فعزله وكتب‬ ‫إل عبدالعزيز بن عمر واليه على المدينة أن يوجه جيشا لمقاتلة الإباضية «" ‪.‬‬ ‫سارع عبدالعزيز بن عمر بجمع المقاتلين من قريش والأنصار وغيوهفم من‬ ‫إل مكة‬ ‫[قة] ‏‪ ٠‬وخرجوا‬ ‫فرد‬ ‫والذين بلغ تعدادهم قرابة تمانية آلاف‬ ‫التجار‬ ‫(‪ )١‬ابن خياط‘ تاريخ خليفة بن خياط‪٥٥٢. ‎‬ص‬ ‫(‪ )٦٢‬البلاذري‪ :‬أنساب الأشراف‪ ‎‬ج‪٩٥‬ص ‪.٢٩٤‬‬ ‫‪(٢٠٧‬‬ ‫وسوغت فيما بعد المصادر التاريخية هزيمة هذا الجيش بأنمم من أهل المدينة‬ ‫(روهم أصحاب ترف وتارة قوم مغترون وليسوا بأصحاب حرب)) «( ‪.‬‬ ‫وإنهم أغمار لا علم لهم بالحرب فخرجوا في الصبغات والثياب الناعمة واللهر‬ ‫لا يظنون للخوارج شوكة ولا يشكون أنهم في أيديهم <"‪ 3 0‬وتوجهوالقاتلة‬ ‫الإباضية وكان عليهم عبدالعزيز بن عبدالله بن عمرو بن عثمان بن عفان‪ ،‬قال‬ ‫البلاذري فخرجوا في المصبغات ومعهم الملاهي لا يكترثون بالخوارج « ‪.‬‬ ‫بالرغم من كثرة عدد هذا الجيش إلا إنهم كانوا لا يملكون الدراية والخبرة ف‬ ‫القتال‪ ،‬ولذا تنبأ عمران بن عبدالله بن مطيع أحد المقاتلين قي حيش الأمويين‬ ‫بمصير هزيمة هذا الجيش حين أنكر ما أنكر عليهم من أمور كغيرة تفقدهم‬ ‫وحدقمم وتجانسهم والهدف الذي كانوا من أجله يحاربون‪.‬‬ ‫ولما علم أبوحمزة بخروج أهل المدينة إليه سار إلى ملاقاتمم ف أول سنة‬ ‫‪٢٠‬م‏ واستخلف على مكة أبرهة بن شرحبيل بن الصباح (““ ث وقيل إبراهيم‬ ‫بن الصباح الحميري" وجعل على مقدمة جيشه بلج بن عقبة الأزدي‪.‬‬ ‫خرج أهل المدينة فالتقوا مم بقديد يوم الخميس لتسع خلون من صفر سنة‬ ‫ثلائين ومائة‪ .‬وقد أرسل المختار بلجا ليدعوهم؛ فأتاهم في ثلاثين راكبا فذكرهم‬ ‫الله وسألهم أن يكفوا أيديهم عنهم ح يسيروا إلى مروان وقال‪ :‬خلوا سرنا‬ ‫لنلقى من ظلمكم وجار في الحكم عليكم ولا تجعلوا حدنا بكم فإنا لا نريد‬ ‫(‪ )١‬الطبري‪ :‬تاريخ الطبري‪ ‎‬ج‪٤‬ص ‪.٢٢٨‬‬ ‫‪٣‬؟ص ‪.٢٤٢‬‬ ‫[ق] الأصفهان‪ :‬الأغاني ج‪‎‬‬ ‫() البلاذري‪ :‬أنساب الأشراف ج‪٩‬ص‪.٢٩٤‬‏‬ ‫‏(‪ )٤‬المصدر نفسه ص‪.٢٦٩٥‬‏‬ ‫(‪(٢٠٨‬‬ ‫قتالكم‪ ..‬وجاء رد أهل المدينة قاسيا لدعوة الإباضية فنتمرهم وقالوا لهم ‪:‬‬ ‫نخليكم وندعكم تفسدون في الأرض‪.‬‬ ‫وإنما خرجنا‬ ‫فقالت الإباضية‪ (( :‬يا أعداء الله ونحن نفسد في الأرض؟‬ ‫الفساد\ ونقاتل من استأثر بالفيء فانظروا لأنفسكم & فإنه لا طاعة‬ ‫لتكف‬ ‫الله‪ ،‬وادخلوا في السلم وعاونوا أهل الحق)) «_" ‪.‬‬ ‫لمن عص‬ ‫وجرى بينهم حوار انتهى بعد أن قال لهم عبدالعزيز بن عبدالله بن عمرو بن‬ ‫عثمان بن عفان‪ :‬ليس بيننا إلا السيف‪.‬‬ ‫شم رجع بلج إلى أبي حمزة فأخبره فقال‪ :‬كفوا عنهم حن يبدأوكم بالقتال‪.‬‬ ‫وبدأ القتال بعد أن تعرض عسكر أبي حمزة لرشق السهام فقال أبوحمزة‪ :‬شأنكم‬ ‫فقد حل قتالهم! فحملوا عليهم و لم تمض ساعة حين انكشف جيش المدينة فكروا‬ ‫فاقتتلوا قليلا ثم هزمهم أبوحمزة‪ ،‬وجرت مذبحة هائلة لمن وقع منهم في الأسر‪.‬‬ ‫كانت خسائر أهل المدينة فادحة في الأرواح‪ ،‬فقد قتل من الأنصار تمانون‪،‬‬ ‫ومن قريش ثلانمائة ويقال أربعمائة وخمسون ومن القبائل والموالي ألف وسبعمائة‪.‬‬ ‫ويقال كان القتلى أربعة آلاف‪ ،‬وعرض على أبي حمزة من أسر في المعركة فمن‬ ‫كان قرشياً قتله‪ ،‬ومن كان أنصارياً خلاً سبيله _ ‪.‬‬ ‫وقيل قتل فيها عبدالعزيز بن عبدالله بن عمرو بن عثمان ين عفان ومعه‬ ‫سبعمائة أكثرهم من قريش { ‪.‬‬ ‫أظهرت بعض المصادر جانباً مختلفا تماما عن تلك الروايات اليي صررت جيش‬ ‫نوعا من التسامح الذي‬ ‫للقتل والانتقام؛ وذكرت‬ ‫شباب متعطشون‬ ‫بأم‬ ‫أبي حمزة‬ ‫‏(‪ )١‬المصدر نفه ص‪٢٩٥‬و‪.٢٦٩٦١‬‏ وابن خياط‪ :‬تاريخ خليفة بن خياط صهه‪.٢‬‏‬ ‫اذري‪ :‬أناب الأشراف‪.٩ ‎‬ج‪٦٩٢‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬البل‬ ‫ج‪١‬ص‪.٦١ ٧‬‬ ‫الذهب‪‎‬‬ ‫‪ ٠‬عبدالحي بن أحمد شذرات‬ ‫)‪ (٣‬العكري‪‎‬‬ ‫(‪(٢٠٩‬‬ ‫أبداه أبو حمزة مع أهل المدينة فقالت‪ :‬إن علياً بن الحصين بن الحر قال لأبي حمزة‪٠‬‏‬ ‫اتبع هؤلاء القوم وأجهز على جريحهم فإن لكل زمان حكما والإثخان في هؤلاء‬ ‫أمثل‪ ،‬وإن هؤلاء أشر علينا من أهل الشام فلو قد جاءوك غدا لرأيت من هؤلاء‬ ‫ما تكره‪ .‬فقال‪ :‬ما أرى ذلك وما أرى أن أخالف سيرة من مضى قبلي‪ ،‬وقيل‪:‬‬ ‫أصيب من قريش ثلاث مائة رجل (_" ‪.‬‬ ‫وكان رجل من قريش قد قال‪ :‬لو شاء أهل الطائف لكفونا أمر هذه المارقة؛‬ ‫أما والله لئن ظفرنا لنسبين أهل الطائف‪ .‬من يشتري مين سبي أهل الطائف؟ أي‬ ‫لكوفمم دلوا الإباضية و لم يدفعوهم عن الحجاز‪ .‬فلما التقوا بقديد حين التقوا‬ ‫وانمزم أهل المدينة قال لخادمته‪ :‬غاق باق ‪ -‬يريد أغلقي الباب دهشاً‪ -‬وذلك بعد‬ ‫أربعة أيام يرى أنم خلفه‪.‬‬ ‫امتعض أهل مكة والمدينة من موقف قبيلة خزاعة و زعموا أن خزاعة دلت أبا‬ ‫حمزة على عورقمم وأدخلوهم عليهم «" ‪( .‬رو لم يكن سبب هذه المقتلة يعود إلى‬ ‫التعصب المذهي لغالبية أفراد الحملة على الحجاز فقط أو إلى التهم الموجهة ضد‬ ‫قريش لتمتعهم بالامتيازات والمكانة الخاصة في دولة الخلافة‪ ،‬ولكن كان هذا‬ ‫السبب يعود أيضا إلى الخلافات الأثنو‪ -‬قبلية الحادة‪ .‬فإباضية الحجاز بزعامة أبي‬ ‫الحر علي بن الحصين كان غالبيتهم من قبيلة خزاعة اليي كان بينها وبين قريش‬ ‫عداوات ومشاحنات منذ ما قبل الإسلام وكان للصراع بين العدنانية‬ ‫والقحطانية الذي اشتد أواره مع اية حكم بين أمية دور لا يستهان به في مأساة‬ ‫أولئك الأاسرى)) {' ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الأصفهان‪ :‬الأغاني ج‪٢٢‬ص‪ .٢٤٤‬وابن خياط‪ :‬تاريخ خليفة بن خياط‪٥٥٢٦. ‎‬ص‬ ‫(‪ )٢‬الطيري‪ :‬تاريخ الطري‪ ‎‬ج‪٤‬ص‪.٢٢٨‬‬ ‫(‪ )٢‬فرانتسوزوفث سرجيس‪ :‬تاريخ حضرموت الاجتماعي والسياسي قبيل الإسلام وبعده ص‪.١٥٤ ‎‬‬ ‫(‪(٢٠١٠‬‬ ‫المعركة ووقع من وتع ق الأسر تنصل بعض الأسرى من‬ ‫بعد ان حسمت‬ ‫سيف أبي حمزة» كما عمد إل ذلك ((محمد بن عبدالله بن‬ ‫قرشيتهم خحوفاً من‬ ‫عمرو بن عثمان‪ ،‬وهو أخو قائد جيش المدينة عبدالعزيز» فقال حين أنوا به إلى‬ ‫أبي حمزة‪ :‬أنا أنصاري‪ ،‬وشهد له قرم من الأنصار فقال رجل من اليمانية‪ :‬وانة‬ ‫ما هذا بدن أنصاري» وما هو إلا بدن قرشي _‪0‬‬ ‫كانت هذه الهزيمة موجهة بالدرجة الأرلى إلى قريش وبدا واضحا عندما أخذ‬ ‫سراحهم فمنعه علي بن الحصين‬ ‫فأراد أن يطلق‬ ‫أهل المدينة أسرى‬ ‫من‬ ‫أبوحمزة‬ ‫وقال له‪ :‬إن لأمل كل زمان سيرة‪ ،‬وهؤلاء لم يؤسروا وهم هراب‪ ،‬وإنما أسروا‬ ‫وهم يقاتلون ولو قتلوا ني ذلك الوقت لم يحرم قتلهم؛ وكذلك الآن قتلهم حلال‪.‬‬ ‫فدعا يم فكان إذا رأى رجلا من قريش قتله» وإذا رأى رحلا من الأنصار‬ ‫أطلقه _ ‪ 5‬وقد أنصح عن ذلك ارحل من الأنصار من بيي زريق حين قال‪:‬‬ ‫(( الحمدلله الذي أذل قريشاً () ”‬ ‫وقيلت أشعار في رثاء القتلى من أهل قديد من جانب المدينة‪ .‬كما قال‬ ‫الإباضية أشعاراً يفخرون بانتصاراتمم؛ منها قصيدة عمرو بن الحصين الكوني مولى‬ ‫بي تميم اليي وصف فيها الإباضية بقوله ‪:‬‬ ‫متسربلي حلق الحديد كأنهم أسد على لحق البطون سلامب‬ ‫قيْذت من اعلا حضرموت فلم تزل تنفي عداها جانبأ عن جانب‬ ‫تحمي اعنتها وتحوي نهبها لله اكرم قتية وأشانب‬ ‫دخل الخيش الإباضي المدينة بدون أية مقاومة تذكر" وصعد أبو حمزة الللبر‬ ‫فحمد الله وأثي وقال‪ :‬يا أهل المدينة سألناكم عن ولاتكم هؤلاء فأسأتم لعمر الة‬ ‫(‪ )١‬البلاذري‪ :‬أناب الإشراف‪١٦٩٢. ‎‬ص‪٩‬ج‬ ‫(‪ )٢‬الأصفهان‪ ،‬أبوالفرج‪ :‬الأغاني‪ ‎‬ج‪٦٢٢‬صه‪٥‬؛‪.٢‬‬ ‫(‪ )٢‬البلاذري‪ :‬أناب الأشراف‪ ‎‬ص‪.٢٩٦‬‬ ‫(‪(٢١‬‬ ‫فيهم القول‪ ،‬وسألناكم هل يقتلون بالظن ؟ فقلتم لنا نعم‪ .‬وساألناكم هل‬ ‫يستحلون المال الحرام والفر ج الحرام؟ فقلتم نعم‪ .‬فقلنا لكم تعالوا نحن وأنتم‬ ‫نناشدهم الله ألا تنحوا عنا وعنكم وقلتم لا يفعلون‪ .‬فقلنا لكم تعالوا نحن وأنتم‬ ‫نقاتلهم فإن نظهر نحن وانتم نأت بمن يقيم فينا كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى‬ ‫لله عليه وسلم فقلتم لا نقوى‪ ،‬فقلنا لكم خلوا بيننا وبينهم‪ ،‬فإن نظفر ندل في‬ ‫أحكامنا ونحملكم على سنة نبيكم صلى الله عليه وسلمإ ونقسم فيئكم‪ ،‬فابيتم‬ ‫وقاتلتمونا دونهم فأبعدكم الله وأسحقكم ((‬ ‫تطرق أبوحمزة في أحد خطبه بالمدينة إلى الأسباب اليي أت لخروج الإباضية‬ ‫وثورقمم على حكم بيي أمية‪ ،‬و قال‪ :‬تعلمون يا أهل المدينة أنا لم نخرج من ديارنا‬ ‫وأمرالنا أشرا ولا بطا ولا عبثاك ولا لدولة ملك نريد أن نخوض فيه‪ ،‬ولا لثأر‬ ‫قدم منا ولكن لما رأينا مصابيح الحق قد عطلت وعنف القائل بالحق" وقتل‬ ‫القائم بالقسط‪ ،‬ضاقت علينا الأرض بما رحبت‘ وسمعنا داعيا يدعو إلى طاعة‬ ‫الرحمن وحكم القرآن فأجبنا داعي الله ومن لا يجب داعي الله فليس بمععجز في‬ ‫الأرض فآوانا وأيدنا بنصره فأصبحنا والله جميعا بنعمته إخوانا‪.‬‬ ‫شم حدد الملامح العامة للفكرالإباضي على نحو و اضح وقال‪ :‬يا أهل المدينة‬ ‫الناس منا ونحن منهم إلا مشركاً عابد وثن أو مشركاً من أهل الكتاب أو إماما‬ ‫حائرا يا أهل المدينة من زعم أن الله كلف نفسه فوق طاقتها أو سألها ما لم يؤتما‬ ‫فهو لله عز وجل عدو ولنا حرب ‪ .‬وزاد من سمع أباحمزة يخطب على منبر رسول‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪ ((:‬من زن فهو كافر ومن شك فهو كافر؛ ومن‬ ‫سرق فهو كافر‪ ،‬ومن شك أنه كافر فهو كافر )) (" ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الطبري‪ :‬تاريخ الطبري ج‪ ٤ ‎‬ص‪.٢٢٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬المصدر نفسه ص‪.٣٢٢٠ ‎‬‬ ‫(‪(٢١٢‬‬ ‫وقيل إن اباحمزة أحسن السيرة في أهل المدينة حق استمال الناس حين سمعرا‬ ‫كلامه في قوله‪ :‬من زنى فهو كافر‪ .‬واختلفوا في قدر مدة إقامة الإباضية بالمدينة‬ ‫بين شهرين وثلاثة أشهر‪.‬‬ ‫لما بلغ مروان خبر قديد وما صنعه الإباضية بمكة والمدينة انتخب من عسكره‬ ‫وبعث عليهم عبدالملك بن محمد بن عطية‪ .‬أحد بي سعد بن بكر‬ ‫أربعة آلاف©‪6١‬‏‬ ‫وفيهم فرسان أهل الشام؛ ومنهم رومي بنماعز القيسي" ومنهم من أهل الجزيرة‬ ‫ألف ('‪ & 0‬و أمرهم بالجد في السير وأعطى كل رجل منهم مائة دينار وفرس عربية‬ ‫وبغلة لنقله‪ ،‬وأمره أن يمضي فيقاتلهم فإن هو ظفر مضى حق بلغ اليمن ويغانل‬ ‫عبدالله بن يحيى ومن معه " ‪.‬‬ ‫سار بن عطية بجيشه بعد أن تعمد إشاعة الذعر والخوف بين الناس كلما مر‬ ‫على المواقع الي بين الشام والمدينة‪ ،‬وأشيع أنه قادم بجيش جرار ييلغ أفراده‬ ‫عشرين ألف مقاتل‪ ،‬ولعل ذلك يأتي من أساليب الحرب النفسية الي بالفت في‬ ‫قوة جيشه وشدته وبطشه‘ من أجل إلقاء الرعب في قلوب الجيش الإباضي قبلى‬ ‫} وقال أبوصخر الهذلي حين‬ ‫(( وهابه الناس فتفرقوا فى المياه)) "‪8‬‬ ‫أن يلقاهم‪.‬‬ ‫بلغهم قدوم عبدالملك بن محمد وسرهم قدومه‪:‬‬ ‫لنتاكم؛ لنصر وجيش جحفل‬ ‫ق للذين ا ستضعنوا لاتعجلوا‬ ‫يقدمهم جلذ القوى مستبسل‬ ‫عشرون الفا كنهم متسربل‬ ‫(‪ )١‬البلاذري! أنساب الأشراف‪ ‎‬ج‪٩‬ص ‪.٢٩٩‬‬ ‫جاص‪.٢٢١‬‬ ‫(‪ )٢‬الطبري" تاريخ الطبري‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬البلاذري" أنساب الأشراف‪ ‎‬ج‪‎ ٩‬ص‪٢٠٠‬۔‬ ‫(‪()٢١٣‬‬ ‫فإذا أخذنا بما جاء في قصيدة أبي صخر الهذلي فإن عدد جيش ابن عطية‬ ‫عشرون ألف مقاتل‪ ،‬وهذا العدد يتفوق بخمسة أضعاف عن ما ذكر في بعسض‬ ‫المصادر التاريخية‪.‬‬ ‫بعث أبوحمزة بلج بن عقبة في ستمائة ليقاتل ابن عطية فلقيه بوادي القرى في‬ ‫جمادى الأولى سنة ‪١٢٣٠‬ه‏ فاقتتلوا وللتفوق الكبير في تعداد جيش ابن عطية‬ ‫فقد حسمت المعركة لصالح ابن عطية وقتل بلج وكثير من أصحابه‪ ،‬واعتصم‬ ‫رجل من همدان يقال له الصباح في مائة من الإباضية فجعل يقاتلهم عبدالملك‬ ‫ثلاثة أيام فقتل منهم سبعين‪ ،‬ورجع إلى المدينة ثلاثون‪ ،‬ونصب عبدالملك رأس‬ ‫بلج على رمح ‪. 0‬‬ ‫أنسحب أبوحمزة من المدينة متجها إلى مكة للاحتماء يما بعد أن استخلف‬ ‫عليها رجلا من أتباعه يقال له المفضلء(( فقاتلهم البربر والزنج وأهل السوق‬ ‫والعبيد فقتل المفضل وعامة أصحابه وفر الباقون فلم يبق من الإباضية بالمدينة‬ ‫أحد)) (_" ‪.‬‬ ‫بلغ التعصب المذهبي بأهل المدينة في أن (( يعيدون صلاقمم بعد الصلاة خلف‬ ‫أبي حمزة)) ( } وكانت ثورة العامة من الناس والعبيد و الطبقات الدنيا في المدينة‬ ‫على المفضل وأصحابه من الإباضية دليل على أن ثورة طالب الحق لم تلق وسط‬ ‫تلك الفئات والشرائح الاجتماعية التأييد الي تلقاه الثورات عادة وسط تلك‬ ‫الفئات في حين وقفت هذه الفئات والشرائح في اليمن إلى جانب ثورة طالب‬ ‫الحق وحركته الإباضية} غير إنه في المدينة تغلبت العصبيات المذهبية والقبلية‬ ‫وظهرت فوق الاعتبارات الطبقية‪.‬‬ ‫(‪ )١‬المصدر نفه ص‪ »٢٠١ ‎‬الأصفهان‪ .‬لأي الفرج‪ ‎:‬ج‪ ٢ ٣‬ص‪.٦٥٩ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الأصفهان" أبوالفرج‪ :‬الأغاني ج‪ ٢٣‬ص‪.٢٥٩ ‎‬‬ ‫‪. ٢٤٠‬‬ ‫(‪ )٢‬اليعقوبي‪ :‬تاريخ اليعقوبي ج‪ ٢‬ص‪‎‬‬ ‫(‪(٢١٤‬‬ ‫‪.‬‬ ‫وقفت الطبقات الدنيا وفقراء بجتمع المدينة إلى صفوف المعارضة للثورة‬ ‫الإباضية ولحأت هذه الفئات والشرائح إلى مقاتلة الإباضية حين اشتد عزمها‬ ‫بقدوم الجخيش الأموي للحجاز‪(( .‬ولما قدم ابن عطية إلى المدينة أقام كما شهرا ثم‬ ‫سار إلى مكة والمختار بن عوف بما فقال‪ :‬يا أهل مكة هؤلاء الذين سألناكم‬ ‫عنهم فقلتم يجورون ويظلمون فلا تعينوهم علنا)) " ‪.‬‬ ‫لملاقاة الجيش الأموي؛ وقد وضع أبوحمزة‬ ‫عبأت الإباضية معسكرها ‪7‬‬ ‫المختار خطته العسكرية ووزع أصحابه في فرقتين فصير طائفة بالأبطع‪ ،‬وحصل‬ ‫عليها أبرهة بن شرحبيل بن الصباحك وصار هو والطائفة الأخرى بأسفل مكة‪.‬‬ ‫وقال أبوحمزة لأصحابه لا تقاتلوهم ح تخبروهم؛ فصاحوا بمم ما تقولون في‬ ‫القرآن والعمل به ؟ فصاح ابن عطية نضعه في جوف الحوالق‪ .‬فقالرا ما تقولون‬ ‫في مال اليتيم؟ قال نأكل ماله ونفجر بأمه "" ‪ .‬وإذا صحَّت رواية الطبري فإن‬ ‫رد ابن عطية المشين في مناظرته للإباضية يعد سابقة خطيرة في تاريخ الإسلام‬ ‫وتعطي المسو غ المطلق لقادة الحركة الإباضية في أن ثورتهم وخروجهم كانت‬ ‫له مبرراته العقدية والسياسية‪.‬‬ ‫أعطى أبوحمزة الأمر لجيشه وبدأت المعركة بأسفل مكةً فاقتتلوا وهزم أفل‬ ‫الشام ح انتهوا إلى عقبة من‪ ،‬ثم كروا فقاتلوهم وصبروا فقتل أبرهة وتفرق‬ ‫الإباضية م(( لقي أبوحمزة عبدالملك بن محمد بأسفل مكة فاقتلا فقتل المختار بن‬ ‫& وقال ابن خياط‬ ‫عوف رآبو حمزة ) على فم الشعب© وقتلت معه امرأته)) (‬ ‫(‪ )١‬البلاذري‪ :‬أنساب الأشراف ج‪ ٩‬ص‪.٢٠١ ‎‬‬ ‫جا‪٤‬ص ‪.٢٣١‬‬ ‫(‪ )٢‬الطبري‪ :‬تاريخ الطري‪‎:‬‬ ‫(‪ )٢‬البلاذري‪ :‬أنساب الأشراف‪ ‎‬ج‪٩‬ص ‪ .٢٠١‬الأصفهان؛ ابوالفرج‪ :‬الأغاني ج‪٦٢٢ ‎‬ص ‪.٦٢٦٠‬‬ ‫(‪(٢٠١٥‬‬ ‫وقتل أبرهة الصباح عند بئر ميمون‪ ،‬وقتلت معه امرأته «" ‪ .‬وقيل إن المختار قاتل‬ ‫وهو عليل وقد غسل رأسه واعتم وهو يقول‪:‬‬ ‫أحمل رأسا تد مللت حمله‬ ‫وقد مللت دهنه وغسله‬ ‫الامتى يطرح عني ثقله‬ ‫تفرق‬ ‫شرحبيل وأصحايماء‬ ‫وأبرهة بن‬ ‫المختار‬ ‫قتل أبو حمزة‬ ‫بعل أن‬ ‫الجيش الإباضي‪ ،‬وأسر أهل الشام منهم أربعمائة وصلب المختار وأبرهة على فم‬ ‫شعب الخيف‪ ،‬ومضى من بقي من الإباضية إلى اليمن‪.‬‬ ‫توقف ابن عطية في الطائف‘ وبلغ عبدالله بن يحيى هزيمة جيشه في مكة فأقبل‬ ‫‏‪ } (٦‬وسار إليه ابن عطية فتزل تبالة ونزل عبدالله‬ ‫قي نحو نلانين ألفا‬ ‫من صنعاء‪،‬‬ ‫بن يحيى صعدة} وانمزم طالب الحق فسار إلى جرش" وسار ابن عطية والتقوا‬ ‫وهناك دارت معركة حاسمة بينهم فاقتتلوا حت حال بينهم‬ ‫بالقرب من جرش‪6،‬‬ ‫الليل‪ ،‬وأصبح ابن عطية مكانه‪ ،‬فتزل عبدالله بن يحيى في نحو ألف رجل من أهل‬ ‫حضرموت فقاتل وبعد يومين من القتال قتل طالب الحق عبدالله بن ييى الكندي‬ ‫‏)‪. (٣‬‬ ‫برأسه إل مروان‬ ‫وبعث‬ ‫وامزم أصحابه‪.‬‬ ‫الإباضية‬ ‫ونظم ما بقي من جيث‬ ‫بدون معركة}‬ ‫مدينة صنعاء‬ ‫استسلمت‬ ‫ابن خياط أن‬ ‫من حمير ذكر‬ ‫رحل‬ ‫المناطق الحنوبية من اليمن‪ ،‬وتزعمهم‬ ‫أنفسهم ق‬ ‫فبعث‬ ‫ماك‬ ‫الجند وتحصن‬ ‫فأخذ‬ ‫الحميري‬ ‫السباق‬ ‫بن‬ ‫عمير‬ ‫بن‬ ‫عبداللة‬ ‫جى بن‬ ‫اسمه‬ ‫‪.٢٥٧‬‬ ‫(‪ )١‬ابن خياطا خليفة‪ :‬تاريخ خليفة بن خياط ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬المصدر نفه‪ ‎‬ص‪٢٥٧‬‬ ‫(‪ )٢‬البلاذري‪ :‬اناب الأشراف ج‪ ٩‬ص‪ .٣٠٣ ‎‬وابن خياط خليفة ‪ :‬تاريخ خليفة بن خياط ص‪.٢٥٧ ‎‬‬ ‫والطبري‪ :‬تاريخ الطري‪ :‬ج‪ ٤‬ص‪ .٢٣٢ ‎‬وابن الأثير‪ :‬الكامل ج ‪٥‬ص‪١‬ه‪ .‬والأصفها ابوالفرج‪‎:‬‬ ‫‪.٣٤٠‬‬ ‫الأغاني ج‪ ٢٢٣‬ص‪ .٢٦٢٣ ‎‬واليعقري‪ :‬تاريخ اليعقوي ج‪ ٦٢ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫(‪)٢١٦‬‬ ‫إليه ابن عطية ابن أخيه عبدالرحمن بن يزيد‪ ،‬فانمزم نجى بن عبدالله وأصيب ناس‬ ‫من أصحابه‪ .‬وانسحب ييى بن عبدالله إل عدن أبين مع من بقي من أصحابه‬ ‫واستطاع أن يجمع ألفي مقاتل‪ ،‬فسار إليه ابن عطية بنفسه «(" ‪.‬‬ ‫أما البلاذري فذكر أنه لما شارف عبدالملك بلاد صنعاء خرج عاملها الذي‬ ‫كان عبدالله بن يحيى ولاه إياها يريد حضرموت واتبعه جمهرر بن شهاب‬ ‫الخولاني في جماعة من أهل صنعاء فقاتلهم وأصاب حملين من مال وأثقالا فقدم بما‬ ‫أصاب إلى صنعاء‪.‬‬ ‫قدم عبدالملك بن محمد صنعاء! فتبع الإباضية يقتلهم فقتل ثلامغائلة منهم‬ ‫بصنعاء ثم خرج عليه يجى بن عبدالله بن عمرو بن السياق الحميري من آل ذي‬ ‫الكلاع بالجند في جمع كنير» فبعث إليه عبدالملك عبدالرحمن بن يزيد بن عطيية‘‬ ‫فلقيه بالحند فهزمه وقتل عامة أصحابه} ولحق يبى بن عبداللة بعدن واجتمع إليه‬ ‫ألفان‪ ،‬فسار إليه ابن عطية فقتله وقتل عامة أصحابه وتفرق الباقون "" ‪.‬‬ ‫استطاعت جيوب المقاومة الإباضية أن تستترف جيش ابن عطية وتنهكه فقد‬ ‫خرج يحيى بن كرب الحميري" ‪ -‬ويقال إنه من مذحج ‪( -‬عند ابن خياط بن‬ ‫حرب) خرج يساحل البحر‪ ،‬وانضم إليه شذاذ الإباضية} فبعث إليهم ابن عطية‬ ‫أباأمية الكندي في الوضاحيةء فالتقوا بالساحل فقتل من الإباضية نحو مائة رجل؛‬ ‫وتحاجزوا عند المساء وهربت الإباضية إلى حضرموت (" ‪.‬‬ ‫وتي حضرموت علم عبدالله بن معيد الحضرمي (عند ابن خياط بن سعيد)‬ ‫عامل عبدالله بن يحيى الكندي ‪ -‬طالب الحق۔ بسير ابن عطية إليهم! فاستعد‬ ‫تاريخ خليفة بن خياط ص‪٢٥٧‬‏ ‪.‬‬ ‫‏) ‪ (١‬ابن خياط‪:‬‬ ‫‏(‪ )٢‬البلاذري‪ :‬أنساب الأشراف ج‪٩‬‏ ص‪.٢٠٤‬‏‬ ‫‏(‪ )٢‬الأصفهان‪ :‬الأغاني ج‪٦٢٢‬ص‪.٢٦٨‬‏‬ ‫(‪(٢١٧‬‬ ‫مسبقا لملاقاتمم؛ فجمع الطعام وما يحتاجون إليه وتركوها في مدينة شبام الحصينة‬ ‫على أربع‬ ‫فترلوا‬ ‫فخرجوا‬ ‫ابن عطية‬ ‫ججيش‬ ‫يلاقوا‬ ‫أن‬ ‫وأجمعوا‬ ‫أصحابه‬ ‫واستشار‬ ‫مراحل من حضرموت ‪ -‬في فلاة العبر غرب شبام ‪ -‬في عدد كثير‪.‬‬ ‫من الفريقين‬ ‫و ‏‪ ٢‬يستطع أي‬ ‫فقاتلهم؛‬ ‫قي حضرموت‬ ‫الإباضية‬ ‫ابن عطية‬ ‫واق‬ ‫اليوم الأول من المعركة} فلما أمسى بلغه ما جمعوه من الطعام‬ ‫أن يحقق انتصاراً ف‬ ‫إلى شبام ليلا فلما‬ ‫حضرموت‬ ‫بطن‬ ‫ق‬ ‫وانسلوا‬ ‫شبام‪ 3‬فأرسل فرقة من عسكره‬ ‫ق‬ ‫أصبح قاتلهم حت انتصف النهار‪ ،‬ثم تحاجزوا فلما أمسى ابن عطية تبع عسكره‬ ‫الذي وجهه إلى شبام؛ وأصبح عبدالله بن معبد والإباضية فلم يروا من جيش ابن‬ ‫عليهم‬ ‫وأخذ‬ ‫الميرة‬ ‫من‬ ‫جمعوا‬ ‫ما كانوا‬ ‫فاتبعوهم وقد سبقوهم فأخذوا‬ ‫عطية أحدا‬ ‫ابن عطية الطرق وقطع عنهم التموين والإمداد فلم يقدروا على المقاومة‪ ،‬وجعل‬ ‫ويقتل من قدر عليه ويسي ويأخذ الأموال ( ‪.‬‬ ‫يتتبعهم‪3‬‬ ‫بقي اين عطية متحصناً في شبام محاصراً‪٣‬فيها‪5‬‏ وبعد أن أممكه الحصار جاء إليه‬ ‫الفرج في شوال سنة ‪١٢٣١‬ه‏ وذلك حين كتب إليه مروان يأمره أن يستخلف‬ ‫رجلا ويحضر الموسم فيقيم للناس الحج‪.‬‬ ‫وكتب إليه أيضا أن يدعو أهل حضرموت للصلح فصالحوه فاشترطوا عليه‬ ‫شروطاً كانت في صالحهم وهي شروط لا يقبل بما إلا من يرى أن الهمزكة‬ ‫والانميار منه قاب قوسين وأدين‪ ،‬ومن هذه الشروط‪ :‬أن يستعمل عليهم رحل‬ ‫منهم؛ فولى على حضرموت رجلا من أهلها تراضوا به‪ .‬وأن يرة عليهم ما عرفوا‬ ‫من متاعهم‪.‬‬ ‫(‪ )١‬المصدر نفسه ‪ .‬البلاذري‪ :‬أنساب الأشراف‪٥٠٢. ‎‬صةج‬ ‫(‪(٢١٨‬‬ ‫ففك الإباضية الحصار عن ابن عطية فانطلق في خمسة عشر رجلا من وجوه‬ ‫أصحابه مبادرا وأقبل متعجلا فترل واديا من أودية مراد بقرية يقال لها شبام‪-‬‬ ‫فشدوا عليه فقتلوه وأصحابه (( ‪.‬‬ ‫ومي غير شبام حضرموت۔‬ ‫ويقال إنه خرج في أربعين فتبعته فرقة إباضية من كندة وهمدان ومراد وظنوه‬ ‫منهزماً فقتلوه ‪ 3‬وقالوا له ‪ :‬قتلت عبدالله بن يجى؛ والمختار وبلجا} وأبرهة‬ ‫الصباخ‪ .‬وقتلوا أصحابه أيضاء وبعثوا برأس عبدالملك إلى حضرموت "" ‪.‬‬ ‫وعندما بلغ عبدالرحمن بن يزيد بن عطية خبر مقتله وهو بصنعاء أرسل حملة‬ ‫انتقامية وتأديبية بقيادة شعيب البارقي ووجهها إلى حضرموت‪ ،‬حيث أمره‬ ‫عبدالرحمن أن يعامل الحضارمة بمنتهى القسوة والوحشية‪ ،‬فقتل الصبيان‪ ،‬وبقر‬ ‫بطون النساء وأخذ الأموال‪ ،‬وأخرب القرى < ‪.‬‬ ‫استمرت ثورة طالب الحق زهاء عام ونصف العام؛ خسرت فيها حضرمرت‬ ‫أضعاف ما خسرته في حرب الردة} في الأرواح والاقتصاد‪ .‬ولقد كان دعم‬ ‫إباضية البصرة محدودا جدا قبل إعلان الثورة وحين جاءت الأيام الحاسمة‬ ‫والمعارك الفاصلة وقفت إباضية البصرة موقف المتفرج و لم بيعفوا بأي مدد‬ ‫عسكري لأصحايمم تي مكة أو اليمن أو حضرموت‪ .‬في حين كانوا ف أسس‬ ‫الحاجة لذاك الدعم العسكري" ولكن بعد هزيمة الثوار وقتل طالب الحق وأبي‬ ‫حمزة وأصحابمما‪ ،‬جاء المدد الشعري الإباضي في هيئة المراثي في من استشهد‬ ‫منهم؛ وحفظت مرئية عمرو بن الحصين العنبري الكوفي ‪ -‬الراية ‪ -‬شرحاً‬ ‫لاوصافهم؛ وبقيت في طليعة الشعر العربي الخالص منها‪:‬‬ ‫(‪ )١‬ابن خياط ‪ :‬تاريخ خليفة بن خياط‪ ‎‬۔‪٢٥٢‬ص‬ ‫(‪ )٢‬البلاذري‪ :‬أنساب الأشراف ج‪٥‬ص‪٠٦‬؟‪ .‬الأصفهان‪ :‬الأغاني‪ ‎‬ج‪٢٢‬ص‪.٢٦٩‬‬ ‫‪.٢٧٠‬‬ ‫ج‪٩‬ص ‪ .٢٠٦‬و المصدر نفسه ج‪٢‬؟‪ ٢‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬المصدر نفسه‪‎‬‬ ‫(‪)٢١٩‬‬ ‫هند تقول ودمعها يجري‬ ‫هبت قبيل تبلج النجر‬ ‫ينهل واكفها على النحر‬ ‫إن أبصرت عيناي مدمعها‬ ‫سرب الدموع وكنت ذا صبر‬ ‫أنى اعمتراك وكنت عهدي لا‬ ‫أم عانز أممالها تذري‬ ‫أقتذ بعينك لايفارتها‬ ‫سلكوا سبيلهم على تدر‬ ‫ام ذكر إخوان فجمعت بهيم‬ ‫لا غيره عبراتها تمري‬ ‫فأجبتها بل ذكر مصرعهم‬ ‫أما إباضية عمان فيبدو أن نتائج ما حاق بمم من جراء موقفهم في حرب الردة‬ ‫بجانب إخوانهم من كندة وحضرموت‘ وم تعرضوا له بسبب ذلك بقي عالقا‬ ‫حينذ في ذاكرتمم ولهذا فإمم وقفوا موقفاً سلبيا من ثورةطالب الحق‪ ،‬فكأن‬ ‫أمر الخروج والنورة بالنسبة لهم قضية حضرمية يمنية داخلية} أو أنما ليست من‬ ‫صلب دعوة الحركة الإباضية ففضلوا الجنوح للسلم‪ ،‬وتواروا متروين فلم يكن لهم‬ ‫أي دور يذكر في دعم ثورة طالب الحق‪ ،‬في حين لو أنهم بادروا بالوقوف موقفا‬ ‫مغايرا لموقفهم السلبي لكانت فرصة نجاح الثورة أقرب إلى النجاح منها للفغبل ‪.‬‬ ‫والهزيمة‪.‬‬ ‫بقي شعيب البارقي بحضرموت يتتبع البريء والنطف من الإباضيةء حى لم‬ ‫يبق أحد إلا قتله‪ ،‬و لم يزل مقيما باليمن إلى أن أفضى الأمر لبني هاشم وقام‬ ‫بالأمر أبوالعباس السفاح (©‬ ‫كانت ثورة طالب الحق عبدالة بن يحيى الكندي أول ثورة وخروج إباضي‬ ‫مسلح على حكم بيي أمية‪ ،‬ويكاد يكتب لهذه المحاولة النجاح‪ ،‬ولو نجحت تلك ‪.‬‬ ‫الثورة لغيرت مسار الخلافة الإسلامية برؤيا فكرية سياسية انبثقت من دعرة‬ ‫المحكمة الأولى ونادت بما كل حركات الخوارج‪"7 ،‬‬ ‫حول مسألة الإمامة والحكم‪.‬‬ ‫(‪ (١‬الاصفهاني ‪ :‬الأغاني ح‪٠٧٢. ‎‬ص‪٦‬‬ ‫(‪(٢٢٠‬‬ ‫لقد رافق خروج الإباضية في ثورقمم المسلحة أطروحات سياسية تبلورت‬ ‫مع المستجدات على صعيد الواقع العملي} وجاء أول هذا الطرح السياسي‬ ‫والعقدي العقلاني في خطبة طالب الحق الين ألقاها في الناس بصنعاى ثم تبلور هذا‬ ‫الطر ح الإباضي في ما جاء في خطب القائد العسكري السياسي الخطيب أبي حمزة‬ ‫المختار الأربع اليي ألقاها في مكة والمدينة وحفظت لنا المصادر التاريخية‬ ‫نصوصها‪ ،‬وهي غنية بالدراسة والبحث ومصدر مهم من مصادر الفكر العقدي‬ ‫والسياسي للإباضية‪.‬‬ ‫ومهما قيل عن فشل ثورة طالب الحق حيث رأى البعض أنما أخفقت لأنا‬ ‫ثورة مذهبية متطرفة لم يتحمس لها إلآً من كان يدين بعقيدتما _" ‪ 5‬وهكذا شأن‬ ‫كل الثورات في التاريخ» فإن نجاحها أو فشلها مرهون بإيمان أصحامما بعدالة‬ ‫قضيتهم‪ ،‬واستعدادهم بالتضحية من أجلها ويدل الغالي والنفيس لغاياما‪.‬‬ ‫أما نجاح هذه الثورة أو إخفاق تلك؛ فهذه مسألة مرهونة بالعرامل المحيطة‬ ‫والأسباب اليي تميء لنجاحها والتقدير الجيد في التوقيت لانطلاقها‪ ،‬وإذا ما‬ ‫تضافرت كل الأسباب والعوامل فإن نجاحها مرهون بالقيادات التاريخية القادرة‬ ‫على وضع الرؤية الفكرية والتخطيط الجيد‪ ،‬ورغبة الناس في التغيير بوساطة الثورة‬ ‫ومن غ وجود القيادات المؤهلة لنجاح الثورة‪.‬‬ ‫حققت ثورة طالب الحق نجاحا عسكريا محدودا! واستطاعت أن تكتسح‬ ‫اليمن والحجاز وتنهي الحكم الأموي في عام واحد‪ .‬ولكن الانتكاسة اليي منيت‬ ‫يما كسلطة لا يعي أنما انتكاسة للفكر الإباضني في حضرموت فبالعكس من ذلك‬ ‫على الإباضية دولة ونظاماً سياسباً ق حضرموت‬ ‫‏‪ ٢٢‬ه‬ ‫عام‬ ‫لقد م القضاء ق‬ ‫ج‪١‬ص ‪.٢١٢‬‬ ‫(‪ )١‬الحامد صالح‪ :‬تاريخ حضرموت‪‎‬‬ ‫القفا‬ ‫واليمن والحجاز‪ ،‬ولكن لم يقض عليها فكراً ومعتقدً بين الناس بالسهولة نفسها‬ ‫والسرعة والزمن نفسيهما‪.‬‬ ‫إن الفكر الإباضي يحمل قيما إنسانية تدعو إلى العدالة الاحتماغية والمساواة‬ ‫ويحمل أمورا عقدية من صلب الإسلام" أساسها القرآن الكرم وسنة نبيه محمد‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ .‬والفكر الإباضي يحمل رؤية كاملة لنظم الإمامة والكم‬ ‫والشورى والممارسات الديمقراطية ويحدد علاقة الحاكم بالمحكوم‪ ،‬وترابط الأمة‬ ‫بالإمامة‪ ،‬من خلال تحربة قابلة للتطور والإثراء تتناسب مع تطورات المصر‬ ‫والنظم الراهنة‪.‬‬ ‫م تكن ثورة طالب الحق ثورة متطرفة بمفهوم التطرف والتعصب الديي الذي‬ ‫لازم دعاة الثورات المسلحة في التاريخ" أو خت من أعلنوا الثورات الفكرية‬ ‫وعبروا عن آرائهم وأفكارهم المذهبية والعقائدية والسياسية‪ .‬والمصادز‪ :‬التاريخية؛‬ ‫الي روت قصة ثورة طالب الحق أجمعت على سرد نماذج إيجابية فيها من لتعقز؛ ‪7‬‬ ‫‪.‬‬ ‫والحكمة والانضباط الشديد والسلوك الإسلامي الذي رافق الإباضيةافي كل‬ ‫معاركهم بحضرموت واليمن ومكة والمدينة‪ ،‬فهم لم يتعرضوا لحرمات الناس ولا‬ ‫أموالهم و لم يقتلوا طفلاً ولا امرأة ولا أعزلَ‪ ،‬و لم يسلكوا ما سلكه ابن عطية '‬ ‫وشعيب البارقي ومعن بن زائدة الشيباني وغيرهم‪ ،‬من مسلك يندى له الجبين‬ ‫ويضع تصرف بعض قادة جيوش الدولة الإسلامية‪ ،‬في وضع مواز لحيوش المغول‬ ‫وعصور الوحشية والبربرية والتعطش لسفك الدماء من أحل سفك الدماء‪.‬‬ ‫(‪(٢٢٢‬‬ ‫ج حضرموت والإمامة الإباضية‪:‬‬ ‫كانت الأحداث السياسية الي بدأت تؤذن بالتعجيل بافيار الدولة‬ ‫الأموية‪ ،‬قد أوقفت القضاء التام على الحركة الإباضية بجضرموت‘ وصرفت‬ ‫اهتمام الأمويين عن ملاحقة الإباضية في حضرموت\ وجعلتهم يتفرغون للأخطار‬ ‫المحدقة يمم‪.‬‬ ‫خرجت الحركة الإباضية بعد الهزيمة والقمع الوحشي الذي لحق بأتباعها‬ ‫على يد شعيب البارقي بتجربة ورؤية جديدة؛ و بدت أكثر تماسكأً وصلابة من‬ ‫ذي قبل وأكثر إصرار على العمل والتمسك بمذا المذهب عقيدة رنكراء‬ ‫واستطاعت الاستمرار والانتشار والتعمق في وعي سكان حضرموت‪.‬‬ ‫‪ } 1‬وأمام هذا التوسع في استقطاب الأتباع تطور الجدل الفكري الإباضي في‬ ‫البصرة وحضرموت وظهرت فرفتان تتبنيان رؤيتين متبانتين للعمل السياسي‪.‬‬ ‫الفرقةالأولى‪ :‬تنادي بالاعتدال وإيقاف الكفاح الإباضي ‪ ،‬وتضميد الجراح‬ ‫بهد تلك انتكاسات والخسائر اليت منيت هنا الإباضية بجضرمرت» والاكتفاء‬ ‫بالدرع عن المذهب والعمل بمبدأ الكتمان مرةأخرى‪ .‬اركان عبدالله بن سعيد‬ ‫الحضرمي من أبرز ممثلي هذه الفرقةإ وقد انتخب إماما لهم خحلفاً لطالب الحق‬ ‫ولقبوه بالإمام المدافع‪.‬‬ ‫الفرقة الثانية‪ :‬كانت تدعوا إلى التشدد واستمرار الكفاح المسلح والسعي‬ ‫` بالعمل في النشاط الخارجي لإسقاط حكم الدولة الأموية المتهالك بأي ثمن‪.‬‬ ‫وتطور الصراع بين جناحي الاعتدال والتشدد وأعلن المتشددون معارضتهم‬ ‫ورفضهم لإمامة عبدالله بن سعيد الحضرمي‪ ،‬وقاموا باعتقاله وقيدوه‪ 6‬وأعلنوا‬ ‫الإمامة للإمام الشاري حسن‪.‬‬ ‫م‬ ‫(‪(٢٦٢٢‬‬ ‫لفظت الدولة الأموية أنفاسها الأخيرة وسقطت سقوطا مروعاًء وهرب مروان‬ ‫بن محمد إلى مصر سنة ‪١٣٢‬ه‏ وقتل وحمل رأسه إلى أبي العباس عبدالله بن‬ ‫حمد المعروف ب ( السفاح )‪.‬‬ ‫وعندما قامت الدولة العباسية توقفت ملاحقة الإباضية واضطهادهم وصرف‬ ‫العباسيون في سنوات حكمهم الأولى اهتب امهم وجهودهم إلى‬ ‫التركيز في تعزيز سلطتهم في المناطق الرئيسة والحيوية لدولة الخلافة‪ ،‬و لم‬ ‫يولوا اهتمامهم مسألة حرب إباضية جنوبي الحزيرة العربية‪ .‬ولكن هذا المدر‬ ‫السياسي لم يستمر طويلاًش فقد أعلنت إياضية حضرموت تأييدها للجلندي بن‬ ‫في عمان إماما عليها‪ .‬ولكن هذه الإمامة المستقلة لم‬ ‫مسعود أول إمام إباضي‬ ‫تعمر طويلا إذ تمكن العباسيون من القضاء عليها سنة ‏‪ ٤‬‏ه‪ ٣٢١‬وقتل الجلندي‬ ‫بن مسعود فخضعت عمان وحضرموت تحت القبضة القوية للدولة العباسية‪.‬‬ ‫وفي عهد أبي جعفر المنصور بلغه أن اليمنيين قاموا بالثورة وأظهروا اللمصية‬ ‫ووثبوا على عامله عبدالله بن الربيع بصنعاء وأنه ضعف عن مقاومتهم ؤهرب‬ ‫منهم‪ ،‬فوجه إليهم سنة ‏‪ ٤٣‬‏ه‪ ١‬معن بن زائدة الشيبايي واليا عليهم‪ ،‬و قدم معن‬ ‫اليمن فقتل من بما قتلاً فاحشاً وأقام يما تسع سنين () & واستعمل عليهم أقرباءه‬ ‫ووزعهم على مخاليف اليمن» فبعث أحد قرابته واسمه سليمان إلى الجند فقتلوه‬ ‫فغزاهم وأخرب القرية المذكورة وقتل من أهلها نحوا من ألفين وكان‪ .‬يقول‪: :‬‬ ‫على القلب من ذكرى سليمان تبرد‬ ‫إذا تمت الألفان كادت حرارة‬ ‫كما استعمل بعض قرابته على حضرموت فعمل أعمالا الحا تمم إلى قتله‬ ‫فحارب أهلها وقتل منهم قتلاً فاحشاً‬ ‫نفضب لذلك معن‪ .‬فتوجه إل حضرموت‬ ‫اليعقوبي‪ :‬تاريخ اليعقوبي ج؟صن‪.٢٧٦٢‬‏‬ ‫((‬ ‫‏(‪(٢٦٢٤‬‬ ‫وقيل بلغ القتلى حمسة عشر ألفا وقد شكك البعض في صحة هذا العدد من‬ ‫القتلى «" ‪.‬‬ ‫أفرط معن في اللجوء إلى العنف والوحشية فأخرب القرى وألحق الأذى‬ ‫والقسوة والبطش بالناس" فخرب الأرض والزرع وأمر بسد العيون وردم الآبار‬ ‫وقطع الأشجار والنخيل‪ ،‬وأمر أهل اليمن بلبس السواد‪.‬‬ ‫اختلفت المصادر في السبب الذي من أجله ولى المنصور معن بن زائدة اليمن‬ ‫فقد ذكرت بعض المصادر أن تولية معن بن زائدة جاءت بناء على سياسة اتبعها‬ ‫المنصور كان الدافع منها ضرب ربيعة باليمن‪ ،‬وضرب اليمن بربيعة وقطع‬ ‫الحلف بين ربيعة واليمن‪ ،‬وقد قلد المنصور معن بن زائدة الشيباني على اليمن‪.‬‬ ‫وقلد عقبة بن مسلم الهنائي اليمامة والبحرين والبصرة! وبسط أيديهما في القتل‬ ‫واخذ الأموال فأسرع كل منهما في قوم صاحبها وصارت بينهما الطوائل؛‬ ‫وانقطع الحلف وكان عقبة ظالما مهيبا» فقتله رجل من ربيعة في المسجد الجامع‬ ‫فقتل مكانه فضرب به المثل فقيل أجرأ من قاتل عقبة» وقتل معن بعده غيلة قتله‬ ‫قوم من الإباضية‪ ،‬وكان قد كتب معن إلى عقبة كف حق أكف‘ فكتب إليه‬ ‫عقبة لا والله أو تعلم أينا يسبق زوامله على النار _" ‪.‬‬ ‫قال ابن حبيب أنه لما ولى أيو جعفر معن بن زائدة اليمن صار إلى الكوفة‬ ‫وبعث إلى محمد بن سهل راوية شعر الكميت بن زيد‪ ،‬فأتاه فقال أنشدني قصيدة‬ ‫الكميت اليي يدعو فيها ( ربيعة) إلى قطع حلفها مع اليمن وهي‪:‬‬ ‫أله ثلم على الطل المُحيل‬ ‫‏(‪ )١‬الحامد‪ ،‬صالح‪ :‬تاريخ حضرموت ج‪١‬ص‪.١١٥‬‏ وفرانتوزوفء سرجيس‪ :‬تاريخ حضرموت‬ ‫الاجتماعي والسياسي قبيل الإسلام ربعده ص‪.١٦١٠‬‏‬ ‫‏(‪ )٢‬العسكري ‪ :‬جمهرة أمثال العرب ج‪١‬ص ‏‪.٢٤٠‬‬ ‫)‪(٢٦٢٥‬‬ ‫فأنشده إياها حق أتى عليها‪ ،‬وأمر بعمامة فلويت ومدت بين رجلين ثم قام‬ ‫فضربما بالسيف فقطعها‪ .‬وقال‪ :‬اشهدوا أي قطعت حلف اليمن وربيعة كما‬ ‫قطعت هذه العمامة ثم سار إلى اليمن فأوعث فيها (" ‪.‬‬ ‫إلا أن البعض يعزو السبب من وراء تقليد معن بسن زائدة أمر اليمن‬ ‫وحضرموت\ إلى الدوافع والرغبة المكبوتة في نفس المنصور بالشعور والرغبة‬ ‫للانتقام والثأر لقتلى قريش في المعارك الي خاضتها مع الإباضية بمكة والمدينة‬ ‫وخاصة قتلى معركة قديد‪ .‬وهذا ما صرح به المنصور حين تحدث إليه رجل من‬ ‫قريش فقال‪ :‬ألا ترى يا أمير المؤمنين إلى ما فعل معن بأهل حضرموت ؟ لقد كاد‬ ‫أن يأت عليهم ‪.‬‬ ‫فقال له المنصور‪ :‬يا ابن أخي خبرني عن قوم نساك من قومك ومن الأنصار كنت‬ ‫أعرفهم بملازمة السواري في مؤخرة مسجد البي صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬ ‫قتلهم الخوارج يوم قديد‪ .‬ثم ما زال يسأله عن رجال من الصالحين ومن أبناء‬ ‫المهاجرين والأنصار والقرشي يقول‪ :‬قنلوا يوم قديد‪ .‬فقال المنصور‪ :‬يا ابن أخي‬ ‫أفتعيب على معن في قتل أهل حضرموت وهم الذين قتلوا أولنك بقديد فأخذ‬ ‫معن بثأرهم} فسكت القرشي عند ذلك «" ‪.‬‬ ‫بقي معن بن زائدة واليا على اليمن ح ولاه الهدي سجستان سنة ‪١٥١‬ه‏‬ ‫فاستخلف ابنه زايدة بن معن‪ ،‬وفي سجستان ساءت معاملته للناس ولحقهم منه‬ ‫البطش والتنكيل والأذى‪ ،‬وقتلته (الخوارج) سنة ‪١٥٦‬ه‏ بيست سجستان <" ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬ابن حبيب أبي جعفر محمد‪ :‬أسماء المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام‪٣٨١. ‎‬ص‬ ‫‪١‬ص‪.٢١٦‬‬ ‫(‪ )٦٢‬السقاف‘ عبدالرحمن بن عبيدال‪ :‬بضائع التابوت في نتف من تاريخ حضرموت ج‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الطبري‪ :‬تاريخ الطبري‪ ‎‬ج‪٢٣‬ص ‪.٥٠٣‬‬ ‫(`‪)٢٢٦(٦‬‬ ‫يبدو لي أن اغتيال معن بن زائدة جاء انتقاما وثأراً منه‪ 6‬على يدي رجلين من‬ ‫إباضية حضرموت\ لحقا به ليثأرا لقتل أبيهما» كما ذكرت المأثورات اليمنية‬ ‫ذلك لأن اغتيال معن بن زائدة كان على يدي محمد بن عمرو بن عبدالله وأخيه؛‬ ‫وذلك انتقاما لمقتل أبيهما عمرو بن عبدالله بجضرموت‪ ،‬وكان معن بن زائدة قد‬ ‫أعطى الأمان لعمرو بن عبدالله التحصن في إحدى القلاع! إذا استسلم ونزل من‬ ‫حصنه‪ ،‬ولكن ما أن وضع السلاح واستجاب لدعوة معن حق نكث معن العهد‬ ‫و امر بضرب عنقه غدرا‪.‬‬ ‫غامر محمد بن عمرو وأخوه الصغير بالرحيل إلى سجستان‪ ،‬فلحفا بمن‬ ‫ببست وتنكرا واندسا مع الأجراء الذينكانوا يعملون في دار معن! فلما قرب‬ ‫كمال بناء الدار خرج إليها معن لييصرها ومحمد و أخوه نختلفان معالأجراء‬ ‫بالطين والآجر‪ .‬وكان محمد يترصد معنا ‪ .‬غ أن معنا دخل بعض دهاليزتلك‬ ‫الدار ليقضي حاجة‪ ،‬فتبعه محمد بن عمرو فقطع ببطنه بسكين مسموم كان معه؛‬ ‫وغمز أخاه فخرجا وتمنكا من الهرب إلى حضرموت «" ‪.‬‬ ‫وقد ذكرت الشعراء ذلك في أشعارها‪ ،‬قال مروان ابن أبي حفصة في مرثية‬ ‫معن‪:‬‬ ‫بثوبين في جنح من الليل دامس‬ ‫فلو أن أة الحضرمي تلفمت‬ ‫وقد يقتل المذرور أضعف لامس‬ ‫لغالتك إن شاءت كما غالك ابنها‬ ‫لبنت حضرموت عشرات السنين بعد حملة معن ين زائدة تحت السيطرة‬ ‫الاسمية للدولة العباسية وإن كانت لم تشكل أية أهمية تذكر بالنسبة لمصالح هذه‬ ‫الدولة <" ‪ .‬وكانت دفة السياسة والسيطرة الاجتماعية والغلبة فيها للإباضية‬ ‫المتكائرة في ذلك الحين‪ .‬وفي سنة ‪١٧٩‬ه_‏ ظهرت من جديد الإمامة الإباضية‬ ‫(‪ )١‬الحميري" نشوان بن سعيد‪ :‬ملوك اليمن وأتيال حمير‪٤٨١. ‎‬ص‬ ‫(‪ )٢‬فرانتسوزوف‘‪ 6‬سرجيس‪ :‬تاريخ حضرموت السياسي والاجتماعي قبيل الإسلام وبعده‪ ‎‬ص‪.١٦٠‬‬ ‫(‪(٢٢٧‬‬ ‫بحضرموت\ وقد ذكر السالمي أن المسلمين عزلوا محمد بن عبدالله بن أبي عفان‬ ‫حين لم يرضوا بسيرته ولا مذهبه وذلك في النصف من ذي القعدة من سنة‬ ‫‏‪ ٩‬ه وسيله عندنا سبيل إمام حضرموت عبدالله بن سعيد‪ ،‬وقد كان أهمل‬ ‫`‬ ‫حضرموت عزلوه وقدموا عليه خنبفاً ‪......‬‬ ‫وفي أيام الرشيد كان عامله على اليمن وحضرموت محمد بن خالد البرمكي؛‬ ‫فخرجت قمامة عن طاعته} فاستنجد الرشيد فأرسل مكانه حماد بن عبداللة‬ ‫‪١٩٢٣‬ه‪.‬‏‬ ‫البربري فعاملهم بالعسف و لم يزل على اليمن حيت توفي الرشيد في سنة‬ ‫قي سنة ‪٦٢٠٢‬ه‏ استطاع ابن زياد عامل المأمون أن يضم حضرموت مدة‬ ‫قصيرة إلى سلطته‪ ،‬وقد حملت سلطته طابعا شكليا صرفا‪ .‬وكانت علاقة‬ ‫حضرموت بإمامة غُمان علاقة قوية ومتينة وفي تواصل ومشاورات دائمة‪.‬‬ ‫لمواجهة الحملات العسكرية المتوالية على المنطقة وقد طلبت حضرموت الدخول‬ ‫في أحلاف مع إخوائمم في العقيدة في عمان‪ ،‬واضطرت إباضية حضرموت أن‬ ‫تكون ضمن إطار إمامة واحدة لحنوبي الجزيرة العربية‪ ،‬و كان الإمام مهنأ بن‬ ‫جيفر ( ‏‪ -٢٢٦‬‏ه‪ ) ٧٢٢٦‬إماما على عمان وحضرموت‪ .‬وكان هذا الحدث‬ ‫مضرب مثل عند فقهاء الإباضية حول جواز مسألة توحيد إمامي قطرين إباضيبين‬ ‫متجاورين‪.‬‬ ‫وخير دليل على متانة العلاقات الوثيقة بين الإباضية في حضرموت وغمان‪ ،‬ما‬ ‫جاء في مخطوطة ( السير العمانية) من رسائل فيها تبادل حول الآراء والمسائل‬ ‫الفقهية ومناقشة الأمور السياسية بين إباضية عُمان وإخوانهم في حضرموت وهذا‬ ‫التبادل حول المسائل العقدية والآراء السياسية المذكورة في مخطوطة (رالسير‬ ‫(‪ )١‬السالمي‪ :‬تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان ج‪ ١‬ص‪١٦٢٥ ‎‬‬ ‫(‪(٢٢٨‬‬ ‫العمانية) يشهد على العلاقات الوثيقة بين إباضية جنوبي الحزيرة العربية وقد‬ ‫جاءت المخطوطة على نحو صيغة أجوبة‪ ،‬منها الجواب الأول‪:‬‬ ‫= سيرة الشيخ أبي الحواري محمد الحواري العمانيث إلى أبي عبداللة وأبي عمر‬ ‫وأبي يوسف محمد بن ييى بن عبدالله ين مرّة‪ ،‬أحمد بن سليمان ومحمد بن عمر‬ ‫وعبدالرحمن بن يوسف إخوتنا في حضرموت «" ‪.‬‬ ‫بعد الديباجة التقليدية في الرسالة ال فيها من الوعظ والترصية بطاعة اله‬ ‫والتقوى والتعاون على البر وقول الحق والاجتماع على العدل والزجر عن‬ ‫المعاصي والعصيان والحميات فإما من أخلاق الجاهلية} والدعوة على تشديد إقامة‬ ‫الصلوات ودفع الزكاة‪ .‬قال الشيخ ابوالحواري العماني‪ :‬وقد وصل كتابكم‬ ‫تسألون عن معرفة خبر ما سبق من الأحداث والأمور السالفة من أهل عمان‬ ‫وغيرهم غم تناول الإجابة عن سبعة أسئلة وردت من أهل حضرموت ومي‬ ‫استفسارات حول قضايا عمانية داخلية! تبين بحرى الأحداث فيها بض الآراء‬ ‫الفقهية والسياسية الي تستند على الفكر الإباضي‪.‬‬ ‫كان أول رد للشيخ الحواري على استفسار وسؤال أهل حضرموت حول أمر‬ ‫سعيد بن زياد فقال حين بعث إلى أهل الأحداث من الشرق وكان بينهم ما قد‬ ‫كان‪ :‬فلما ظهر سعيد عليهم واستولى على بلادهم؛ فبعث رسولا إلى موسى بن‬ ‫أبي جابر ينبئه أنه قادم على قطع نخلهم وهدم منازلهم! ويقول الحواري وفي ذلك‬ ‫فيما بلغنا قول عن وايل بن أيوب رحمه الله وقد سألوه عن حدث سعيد بن زياد‬ ‫وقد قتل وأحرق وأفسد\ فقال وايل‪ :‬فيما بلغنا أما في قتل سعيد ممن قتل المسلمين‬ ‫‏(‪ )١‬السير العمانية ص ‏‪ ٢‬مخطوط‪.‬‬ ‫(‪)٢٦٢٩‬‬ ‫فهو حقيق بالقتل‪ ،‬وأما من قتل من لا يستحق القتل وما أحرق من المنازل‬ ‫والأمتعة‘ فإن كان الذي بعثه إمام عدل كان ما ضيع في بيت المسلمين‪.‬‬ ‫ثم قال في جوابه وذكرتم عن أمر ( القادم ) الذي قال فيه وارث بن كعب أنه‬ ‫م يأمر بقتله‪ .‬ويقصد بالقادم عيسى بن جعفر القادم من العراق النذي هزمته‬ ‫الإباضية في مانك وأسر فحبس في سجن صحار‪ ،‬وحين بلغ وارث بن كعب‬ ‫أن عيسى بن جعفر في السجن» قام على الناس خطيباً فقال أيها الناس إني قاتل‬ ‫عيسى بن جعفر‪ ،‬فمن كان معه قول فليقل‪ ،‬فبلغنا أن عليا بن عزرة كان مسن‬ ‫فقهاء المسلمين‪ ،‬قام فتكلم فقال فيما بلغنا‪ :‬إن قتلته فواسع لك وإن تركته فواسع‬ ‫لك‪.‬‬ ‫فأمسك الإمام عن قتله وتركه في السجن فلما كان بعد ذلك فبلغنا أن قوماً‬ ‫من المسلمين وبلغنا أن رجلا فيهم يقال له ييى بن عبدالعزيز رحمه الله؛ وكان‬ ‫من أفاضل المسلمين‪ ،‬ولعله لم يكن تقدم عليه أحد في الفضل في زمانه بمحُمان؛‬ ‫ولعل ذكره بمممان يشابه ذكر عبدالعزيز بن سليمان بحضرموت\» فبلغفا أنفم‬ ‫انطلقوا من حيث لا يعلم الإمام حي أتوا صحار في الليل فتسوروا السجن على‬ ‫عيسى بن جعفر فقتلوه تي السجن من حيث لا يعلم الوالي ولا الإمام فيما بلغنا‬ ‫وانصرف القوم إلى بلادهم (" ‪.‬‬ ‫وسوّغ الشيخ الحواري وجهة نظر الإباضية على ما أقدم عليه يحيى بن‬ ‫عبدالعزيز من الإقدام على قتل عيسى بن جعفر غيلة دون الرجوع إلى الإمام أر‬ ‫الوالي فقال‪ (( :‬يقولون قاتل عيسى بن جعفر لم تشمّه النار‪ ...‬والذي حفظنا من‬ ‫قول المسلمين أن إمام المسلمين إذا قتل أو قتل والي المسلمين في ولايته أو قتل‬ ‫قائد المسلمين في مسيره أو قتلت سرية المسلمين‪ ،‬أن دياتمم للمسلمين دون‬ ‫(‪ )١‬المصدر نفسه‪١٦. ‎‬ص‬ ‫(‪(٢٣٠‬‬ ‫أوليائهم‪ ،‬وللمسلمين أن يقتلوا من قتلهم؛ كيف ما قدروا عليه غيلة أو غير غيلة‬ ‫وفي ذلك آثار المسلمين قائمة معروفة فيما مضى في أوايل المسلمين وإني أكره‬ ‫ذكرها مخافة ضياع الكتاب من قبل أن يصل إليكم‪. "« ))..‬‬ ‫قي هذه الرسالة نقف على شخصية إباضية كانت مشهورة في حضرموت‬ ‫وهو عبدالعزيز بن سليمان ( الحضرمي ) وهي توازي شخصية يحيى بن عبدالعزيز‬ ‫( العماين ) في الذكر والشهرة وفي المواقف المتشددة والمتطرفة في التعامل مع‬ ‫خصومهم غير الإباضية من المسلمين‪.‬‬ ‫ويعضي نص الرسالة في صيغة أجوبة طرحت حول قضايا داخلية عمانية‬ ‫الصراع والاختلاف ق المراقف والخروج؛ ومن هذاالاختلاف‬ ‫عن‬ ‫نتنتجت‬ ‫تحددت المواقف التشريعية للإباضية حول التعامل معها ومواقف أئمة وفقهاء‬ ‫عمان منها‪.‬‬ ‫وأهم ما جاء في تلك الرسالة السؤال عن مصير سلاح أهل البغي والضوابط‬ ‫التشريعية للإباضية ال يجب مراعاتما خلال الحرب وتعاملهم مع خصومهم‬ ‫وأعدائهم غير الإباضبين من المسلمين‪.‬‬ ‫= سيرة محبوب بن الرحيل إلى أهل حضرموت في أمر هارون بن اليمان " ‪.‬‬ ‫جاءت هذه الرسالة ضمن ثلاث رسائل في مخطوطة ( السبر العمانية) بعنها‬ ‫محبوب بن الرحيل‪ ،‬فكانت الرسالة الأولى لأهل عمان‪ ،‬والرسالة الثانية الأسل‬ ‫والرسالة الثالثة للإمام المهنا بن جيفرا وقد كتبها محبوب بن الرحيل‬ ‫حضرموت‬ ‫جوابا على رسائل بعثها هارون بن يمان أثار فيها قضايا ومسائل عقدية وفكرية‬ ‫‏(‪ )١‬المصدر نفسه‪.‬‬ ‫‏(‪ )٦٢‬المصدر نفسه ص‪.٣٢‬‏‬ ‫)‪١٣٢‬ا(‪‎‬‬ ‫عميقة‪ ،‬و يبدو لي أن رسالة هارون بن يمان تعبر عن آراء اختلف فيها مع‬ ‫محبوب بن الرحيل وجمهور الإباضية‪ ،‬تبين فيها هارون آراء المعتزلة في بعض‬ ‫المسائل العقدية والفكرية ال شاغللمتتكلمين" فأراد أن يثير النقاش فيها‬ ‫ويستطلع آراء إباضية عمان وحضرموت‘ وأحيلت رسائل هارون إلى محبوب بن‬ ‫رحيل للاستيضاح منه وطلب الرد عليه‪:‬‬ ‫الرد ومناقشة ثااث مسائل وذ‬ ‫جرى‬ ‫لأهل حضرموتك‬ ‫ففي رسالة محبوب‬ ‫أهل حضرموت الاستفسار عنها‪ ،‬أولها فريضة الجمعة وقد شدد في رده على‬ ‫تأديتها وحضورها وعدها خلف أئمة قومهم فريضة يرغبون فيها ويسارعون‬ ‫إليها‪.‬‬ ‫إمام‬ ‫خلف‬ ‫ولو كانت‬ ‫الفريضة حق‬ ‫التقصير عن أداء هذه‬ ‫ق‬ ‫و م يترك عذرا‬ ‫وخلف‬ ‫بن زيد يجمع مع زياد‬ ‫جابر‬ ‫مثلا بذلك وقال‪ :‬كان‬ ‫جائر وضرب‬ ‫عبيدالله بن زياد والحجاج وهم الذين بلغوا في قتل المسلمين ما لم يبلغه أحد من‬ ‫الإباضية من‬ ‫وفقهاء‬ ‫الجمعة بآراء مشائخ‬ ‫أهمية حضور‬ ‫واستشهد حول‬ ‫الناس‪.‬‬ ‫وصالح وأبي نوح!‬ ‫بن السائب©‬ ‫وضمام‬ ‫وأبي عبيدة مسلم‪.‬‬ ‫أمثال جابر بن زيك‬ ‫وحاجب بن مسلم ونظرائهم من فقهاء المسلمين <" } ويعي في مراسلاته‬ ‫بالمسلمين ( الإباضية)‪.‬‬ ‫وفي المسألة الثانية‪ :‬أثار قضية كلام خصومهم وقال تكلموا بالشك والعمصى‬ ‫والحيرة‪ ،‬وبأمر ما بلغته شكاك قومنا أن زعموا أن امرأة منهم مقرة بدينهم ثبت‬ ‫ولايتها عندهم بدين ثم رأوها في بجلس الشباب تسقيهم النبيذ وتشرب معهم؛‬ ‫وهي بين أيديهم في قميص رقيق لا يستر من جسدها شيء يغمزوفما وتلاعبهم م‬ ‫يشهد‬ ‫ما‬ ‫لا يبلغون‬ ‫إلا أم‬ ‫بأيديهم من جسدها‬ ‫شاءوا‬ ‫منها حيث‬ ‫يصيبون‬ ‫(‪ )١‬المصدر نفسه‪٣٣٢. ‎‬ص‬ ‫)‪(٢٣٦٢‬‬ ‫عليهم أنهم زنوا بماء فزعموا أنهم لم يبلغ ذلك مترلة يبرأ منها‪ ،‬وأنهم لا يدرون‬ ‫لعلها مسلمة ولية الله‪.‬‬ ‫وقال ابن الرحيل‪ :‬فقال ( المسلمون ) وأهل الفقه والعلم ومن يقتدي به ويبع‬ ‫أثره على هذه المرأة} لعنها الله ومن يتولاها «" ‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬قال أبوعبيدة الشاك هالك والسائل معذور‪ ،‬وقال‪ :‬لعن الل الهدنة‬ ‫يزعمون لو أن امرأة طافت بالبيت وعليها جامة رقيقة لا تواري جسدها أنفا‬ ‫عندهم مسلمة‪ ،‬وأن ذلك الفعل لا يخرجها م الولاية‪.‬‬ ‫أما المسألة الثالثة اليي أخذت الحيز الأكبر من المناقشة وتناولت مسألة سبي‬ ‫نساء وأطفال المسلمين غير الإباضية‪ ،‬وكذا ممتلكاتمم كغنائم حرب‪ 6‬وبين رأي‬ ‫الإباضية لمفهوم المشرك والمنافق والمسلم وتناول قول من قال إن المسلمين صنفان‬ ‫أهل الكبائر منافقون يجري عليهم أحكام أهل الإقرار لأنهم مقرون بالتوحيد لو لم‬ ‫ينالوا فيه ما وصفه المشركون وآخرون براء من التوحيد‪ .‬لأنهم تأولوا فبه ووصفوا‬ ‫انته تبارك وتعالى بما لم يوصف به نفسه‪ ،‬وكذبوا في صفته والله تعالى بريء بما‬ ‫وصفوه به‪ ،‬غير أنهم لم يبلغوا منزلة جحرد بالله ولا تكذيب ولا إنكار له غير‬ ‫أنهم لم يبلغوا بذلك عند من مضى من سلف ( المسلمين) وفقهائهم وعلمائهم‬ ‫مترلة جحود بالله ولا تكذيب ولا إنكار له فلم يسموهم بالشرك و لم ينسبوهم‬ ‫إليه يوحكموا عليهم به‪ ،‬و لم يلحق منهم سبي ولا غنيمة‪.‬‬ ‫وإن الذين كانوا يتبرؤون من مخالفيهم من أهل القبلة} وإن صلوا معهم الصلاة‬ ‫وصاموا رمضان وحجوا وأقروا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآحر؛‬ ‫ويسموشم المشركين وعندهم حلال سباهم وغنيمة أموالهم (( فقولهم لم يسبقهم‬ ‫إليه أحد من المسلمين إنما هو قول الجهمية عليهم غضب ا له وأخذوا بقولهم‬ ‫‏‪.٢٤‬‬ ‫) المصدر نفسه ص‬ ‫((‬ ‫(‪(٢٢٣‬‬ ‫وتابعوهم عليه وحكموا فيهم بأحكام الخوارج من الأزارقة والصفرية فاستحلوا‬ ‫منهم السبي والغنيمة في كل ذلك مما خالفوا المسلمين))‪.‬‬ ‫وقال ‪ :‬عندنا في حكمنا من الموحدين المقرين ما لم يجحد ما أقر به أن يرجع‬ ‫أو يكذب به فهو منافق ضال كافر برئ من الشرك وبرئ من السبا والغنيمةض‬ ‫وحكمنا فيهم حكم أئمتنا أبي بلال مرداس وعبدالله بن يحيى والمختار بن عوف‬ ‫والجلندى ابن مسعود رحمهم الله وبهم نقتدي وهم سلفنا وأولياؤنا وأئمتتنا‬ ‫حكموا فيهم بحكم الموحدين المقرين و لم يسبوا ذرية و لم يغنموا مالا وعابوا‬ ‫وشتموا جميع من سماهم بالشرك واستحل منهم السنّبا والغنيمةك وفارقوا الخوارج‬ ‫أن قالوا نحن براء من الهكم الذي تعبدون‪ .‬وقال‪ :‬إنما فارق المسلمون جميع‬ ‫الخوارج على تسميتهم أهل القبلة بالشرك ( ‪.‬‬ ‫وعلى العموم يعيد البعض تاريخ هذه الرسائل إلى أواخر القرن الثالث‬ ‫المجري‪ ،‬ويمثل إرسال الخوابين المذكورين من عمان إلى حضرموت\ اللذين‬ ‫حفظتهما لنا مخطوطة السير العمانية‪ ،‬نموذجا على حسن ومتانة العلاقات بين‬ ‫الإباضية قي عمان وحضرموت‪ .‬وفي الوقت نفسه ليس لدينا إلا نموذجان قطعا؛‬ ‫من مئات الرسائل الي كانت تتبادل بين فقهاء وعلماء هذا المذهب© وتبين مدى‬ ‫الترابط العقدي والمذهبي وأهمية العلاقات بين إباضية جنوبي الجزيرة العربيةض‬ ‫وتواصل النقاش في المسائل الفقهية والأمور السياسية والمواقف الشرعية من وجهة‬ ‫نظر فقهاء وعلماء المذهب الإباضي‪ .‬والتشديد على الضوابط التشريعية اليي يجب‬ ‫مراعاتما خلال حرب غير الإباضيين من المسلمين‪.‬‬ ‫وتدل أيضاً على أن أتباع هذا المذهب كانوا أهل حوار ونقاش وتبادل الآراء ‪.‬‬ ‫حول المسائل الفقهية والآراء الفكرية‪ ،‬وأنهم ليسوا كما وصفهم بعض المؤرخين‬ ‫(‪ )١‬المصدر نفه ص‪.٢٥ ‎‬‬ ‫(‪(٢٢٣٤‬‬ ‫الحضارمة بأن الإباضية قد ضربت بين حضرموت وبين التثقف والتعليم والاتصال‬ ‫بالعا لم الخارجي سياجاً من التعصب والجمود «' ‪.‬‬ ‫وقد عد علوي بن طاهر الحداد هذه الرسائل نموذجا في اختلاف الإباضية قى‬ ‫مسائل كانت بين محبوب بن الرحيل وهارون بن اليمان‪ ،‬تابع محبوب فيها مذهب‬ ‫العجاردة} ورد كل منهما على صاحبه ثم نشرت رسائلهما وأرسلت إلى‬ ‫حضرموت واليمن إلى من بما من الإباضية‘ فتبع أهل عمان وحضرموت هارون‪,‬‬ ‫وتبع أهل اليمن محبوبا " ‪.‬‬ ‫وخلافا لهذين الجحوابين اللذين جاءا في السير العمانية} فإن مصادر تاريخ‬ ‫فيما بعد‪ .‬وعطلت عجلة الفكر ق حضرموت!‬ ‫قد جففت‬ ‫بحضرموت‬ ‫الإباضية‬ ‫ودارت على ما يشتهيه خصومهم من أهل المذاحمب الأخرى‪.‬‬ ‫تبين بعض المفكرين العلويين من الحضارم فكرا شيعيا ووصفوا الإمام المهاجر‬ ‫أحمد بن عيسى جد العلويين الحضارم بأنه إمامي‪ ،‬وأخذوا يفسرون المواقف‬ ‫والأحداث التارخية من منطلق معتقداتمم الشيعية‪ .‬وأصبحت كلمة (( ناصي أر‬ ‫أر‬ ‫أفكاره‬ ‫أو إباضي (( قمة تنتصب على كل من ا تروق فم‬ ‫خار جي©‬ ‫‪.‬‬ ‫(‬ ‫مواقفه‬ ‫وهو يقتضي من الفاضل المرنوق‪،‬‬ ‫الخروج مبدأ سنه الحسين بن علي‬ ‫إن مبدا‬ ‫العارف الشجاع التقي السخي» إذا رأى ظلما أن يتصدى له‪ ،‬ويخرج على إراد‬ ‫فالحسين بمذه الطريقة قدم بطولة نادرة في التاريخ‬ ‫ليبدل أمره‬ ‫الحاكم الظا ل‬ ‫‪.٦٤٥‬‬ ‫(‪ ) ١‬الحامد صالح‪ :‬تاريخ حضرموت ج‪ ١‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الحداد علوي بن طاهر‪:‬جي الشماريخ جواب لأسئلة ف التاريخ ص‪. ١٦٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬بامؤمن‪ ،‬كرامه مبارك‪ :‬الفكر واجتمع في حضرموت ص‪.١٤٢ ‎‬‬ ‫)‪(٢٢٥‬‬ ‫وموقف عدالة وحق في وجه الطغيان والباطل وإن كانت غالبية الأمة سكتت‘؛‬ ‫وسكوتما يعد قبولاً بحكم يزيد‪ ،‬إلا أنه قبول المرغم‪.‬‬ ‫ولكن الخوارج والإباضية فيما بعد؛ لم تسكت و لم تقبل حين سن معاوية سنة‬ ‫الانقلاب على الراشدين فرسم للبيت السفياني كسرويية} قيصرية‪ ،‬فخرجوا وقد‬ ‫رأوا الظلم الأموي فأبوا إل أن يتصدوا له‘ كما تصدى الحسين بن علي في نفر‬ ‫قليل من أصحابه لحيش الأمويين‪ ،‬وقتل شهيدا في صحراء كربلاء‪.‬‬ ‫ولا أطن أن ثورة الحسين بن علي (رضي) وخروجه على جور وحكم‬ ‫الأمويين كانت حلما‪ ،‬أو أن ثورته كانت من سوء الطالع على أهله وأهل العراق‬ ‫والحجاز في ذلك الحين‪.‬‬ ‫ولا أظن أن الثورة الإباضية بحضرموت تسحق وصفاً كوصف المؤرخ صالح‬ ‫وحبطلت‬ ‫طاحت أحلام أبي حمزة وعبدالله بن جى‬ ‫الحامد حين قال‪ ) :‬وهكذا‬ ‫هذه النورة سوء‬ ‫وكأنما بعشت‬ ‫حينئذ‪.‬‬ ‫مساعي مناصريهم من الإباضية لإقامة دولة‬ ‫الطالع لحضرموت في ذلك الحين لتكون سببا لإبادة ثانية بعد إبادة النجير بل‬ ‫أقسى وأمر)) (‪. 0‬‬ ‫ليس من السهل محو الفكر الإباضي من معتقد الناس بحضرموت بالسهولة‬ ‫نفسها والسرعة والزمن نفسه الذي قضي فيه على ثورة طالب الحق بحضرموت‪.‬‬ ‫ولكن فيما يتعلق بإباضية حضرموت بين القرن الثاني والرابع الهجري فلا يعرف‬ ‫عنهم أي شيء يذكر‪.‬‬ ‫‏‪.٢١ ٢‬‬ ‫ج‪١‬ص‬ ‫تاريخ حضرموت‬ ‫صالم‪:‬‬ ‫الحامك‬ ‫((‬ ‫(‪(٢٣٦‬‬ ‫ومن المؤكد أن الإباضية قد استمرت في حضرموت\ وكان لها الحول والطول‬ ‫وتغلب الأكثرية} و لم تخف دولة الإباضية بحضرموت بل بقيت راسخة البناء ثابتة‬ ‫القدم <" ‪ .‬وكانت إمامتها قائمة بذاتما وغير مرتبطة بعمان‪.‬‬ ‫وذكر الحمداني أن لهم إماماً في ماية القرن الرابع المجري" وأن مقره في مدينة‬ ‫دوعن؛(( وأما موضع الإمام الذي يأمر الإباضية وينهي ففي مدينة دوعن)) ( ‪.‬‬ ‫وذكر مدينة دوعن من المواضع الي يواخذ عليها الهمداني‪ ،‬لأن دوعن ليس بمدينة‬ ‫ولكنه واديان عظيمان يشتملان على كثير من القرى والبلدان لعله يقصد أن‬ ‫مقره في المدينة الرئيسة لوادي دوعن‪.‬‬ ‫وعندما ذكر‬ ‫بشكل كبير‬ ‫كانت الإباضية منتشرة في قبيلة حضرموت‬ ‫الهمداني (رخية) وذكر سور بي النعيم من تحيب بما قال‪(( :‬ولهم قرى كثيرة بواد‬ ‫غير ذلك وأباضيتهم قليلة‪ .‬وأكثر ذلك في الصدف لأنهم دخلوا في حمير)) { ‪.‬‬ ‫وهذا يدل على أن فرع القبيلة الواحدة بحضرموت كان مابين معتنق للمذهب‬ ‫الإباضي ومعتنق لغيره من المذاهب الأخرى‪.‬‬ ‫وقي تلك الفترة كان التسامح المذهبي بين أتباع جميع المذاهب هو السائد‪ ،‬وأن‬ ‫أتباع كل مذهب تحري عليهم تشريعات مذهبهم‪ ،‬و ل تسجل مصادر التاريخ أي‬ ‫صراعات أدت إلى القتال بين أتباع الإباضية وغيرهم من المذاهب الأخرى‬ ‫ج‪١‬ص ‪.١٩١٠‬‬ ‫(‪ )١‬السقاف\ عبدالرحمن بن عبيدالله‪ :‬بضائع التابوت‪‎‬‬ ‫ص‪.١!٠‬‬ ‫جزيرة العرب‪‎‬‬ ‫صفة‬ ‫(‪ (٢‬الحمداني‪:‬‬ ‫(‪ )٢‬المصدر نفه‪.‬۔‪‎‬‬ ‫(‪(٢٣٧‬‬ ‫حاولت الإباضية قي حضرموت منذ أن سعى عبدالله بن يحيى الكندي ‪-‬‬ ‫طالب الحق أن يظهر الإمامة الإباضية في تاريخ الخلافة الإسلامية‪ ،‬أن يكون لها‬ ‫القوة الكافية لتأمين وجود إمامتهم بشكل متواصل‪ ،‬ولكن دخولهم في إطار‬ ‫الإمامة العمانية يؤوكد عدم مقدرتمم في إيجاد القوة الكافية لتأمين وجود إمامة‬ ‫واحدة تجمع تحت لوائها إباضية حضرموت‪ .‬و إن وجدت مثل هذه الإمامة فإما‬ ‫بقيت سلطة دنيوية ودينية تتمتع بالنفوذ المحدود على مدن وأودية فرعية غالبية‬ ‫سكائما من أتباع المذهب الإباضي‪.‬‬ ‫‏‪ ٠٦‬‏ه‪ ٢٦‬كانت حضرموت‬ ‫ففي عهد دولة بيي زياد التي كانت بدايتها عام‬ ‫كسائر اليمن منضوية تحت سيادة بني زياد‪ .‬قدم إليها السيد أحمد بن عيسى‬ ‫العلوي نازحاً من العراق سنة ‏‪ ٢٣١٨‬واضطربت آراء العلويين واختلفت في‬ ‫مذهبه في الأصول والفرو ع‪ .‬فقيل إنه كان سنياً شافعياك فإذا كان سنياً شافعيا‬ ‫فما هو الدافع الذي جعله يترك مذهب أجداده ويختار مذهبا آخر غير مذهبهم؟‬ ‫حقيقة مذهب العلويين في العراق حينئذ وأهم كانوا‬ ‫ولاسيما إذا كان يعلم‬ ‫على مذهب آبائهم وفوق هذا كانوا يعدون المذهب الإمامي مذهبا قوميا لهم‬ ‫ولأشياعهم (‪. 0‬‬ ‫وقد شك المؤرخ عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف في أن يكون السيد أحمد بن‬ ‫عيسى المهاجر أظهر المذهب الشافعي بحضرموت وقال‪ (( :‬أنا قي شك من قول‬ ‫الشلي عن المهاجر أنه أظهر المذهب الشافعي بحضرموت وكيف يكون شافعيا‬ ‫وإنما هو عراقي ؟ ولآبائه مذهب معروف لا يمكن انتقاله عنه بدون بناء عظيم‬ ‫‏‪. (٣‬‬ ‫ما ذكره الضلّي))‬ ‫بخلاف‬ ‫قاض‬ ‫التاريخ والاستصحاب‬ ‫ق‬ ‫يكون له دوي‬ ‫ج‪١‬ص ‪.٣٢٢‬‬ ‫(‪ )١‬الحامد صالح‪ :‬تاريخ حضرموت‪‎‬‬ ‫ج‪١‬ص‪.٢٢٤‬‬ ‫(‪ )٢‬السقاف‪ ،‬عبدالرحمن بن عبيدالله‪ :‬بضائع التابوت‪‎‬‬ ‫(‪(٢٢٨‬‬ ‫وقال‪ :‬أمًا الاعتقاد فالذي أراه أن العلويين كان آباؤهم على جانب من‬ ‫التشيع لا يشينه الإفراط‪ ،‬يشهد ذلك ما ذكره الحبيب أحمد بن علي الجنيد قي‬ ‫(النور الزاهر) وشيخنا الإمام عبدالرحمن المشهور في مشجّره من أن الحبيب أحمد‬ ‫بن الفقيه المتوقى غريق في سنة ‪٧٦٠‬اه‏ هو أول من سمى أولاده في حضرمرت‬ ‫بأبي بكر وعمر لأن أهلها كانوا شيعة‪ ،‬وقال‪ :‬الصواب لأنهم أعي العلويين كانوا‬ ‫شيعة‪ ،‬فهو إما غلط من ناسخ (النور الزاهر) تبعه عليه شيخنا المشهور‪ ،‬وإما أن‬ ‫يكونوا تعمدوا الإيهام بذلك لما في نسبة التشيع إلى العلويين( ‪.‬‬ ‫حين نزل المهاجر أحمد بن عيسى سنة ‪٢٣١٨‬ه‏ حضرموت كان إمامي كما‬ ‫هو القول الذي قال به السيدان عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف وصالح بن علي‬ ‫الحامد وهما من أبرز من تبنا هذا القول‪ ،‬وإن كان هذا القول يرفضه معظم آل‬ ‫باعلوي‪ ،‬بصورة غير مباشرة أو لنقل غير معلنة( لأنمم يرون لو كان الهاجر‬ ‫إماميا لألزموا مذهبه واتمموا بالانحراف عن منهجه! وبالتالي محال أن يكونوا‬ ‫إماميين أو يعترفوا بأنهم منحروفون عن منهجه‪ .‬إذا محال أن يقروا بإمامية المهاجر‬ ‫لو اقترضنا جدلاً أنه كذلك‪ .‬ولأن مذهب الإمامية أو العقيدة الإمامية بالأصح‬ ‫عقيدة منحرفة ضالة مبتدعة} وهي عقيدة الروافض في نظرهم‪ .‬وبالتالي محال أن‬ ‫يعتقدوا أن الإمام المهاجر جدتهم الأول بحضرموت مبتدع وضال لنسبته‬ ‫للإمامية)) _" ‪.‬‬ ‫ولست أنكر أن حب أهل البيت استوى فيه العرب والمسلمون جيعاا ولا‬ ‫يزيد الشيعة ي ذلك عليهم أية زيادة وما ظهر وجرى وامتد من مغالاة بعض‬ ‫الملتشيعة ليس من الإسلام في شيء‪.‬‬ ‫(‪ )١‬المصدر نفسه‪٦٣٢. ‎‬ص‬ ‫رقف التشاجر حول مذهب الإمام المهاجر‪ ‎‬ص‪٢٩٢‬۔‬ ‫بن أحمد‪:‬‬ ‫حسن‬ ‫العيدروس‪6‬‬ ‫(‪(٦٢‬‬ ‫(‪(٢٣٩‬‬ ‫فإذا كانت الإمامة هي أصل موضوع مواقف الشيعة‪ ،‬وأصل تفردهم ومدار‬ ‫بحثهم وليس الإمام عندهم سوى علي بن أبي طالب(رضي)‪ ،‬ومن جاء بعده من‬ ‫بنيه وأحفاده إلى ما ينتهي من الأئمة الوارثين المعصومين‪ .‬فقد ظهرت فرقة إمامية‬ ‫حصرت الإمامة بعلي على أقوال كثيرة لم يأخذ بما سواهم منها قوله صلى الله‬ ‫عليه وسلم ‪ (( :‬من كنت مولاه فعلي مولاه ))‪ .‬لذلك فهذه الفرقة التي تسمى‬ ‫( الإمامية ) تبرأ من أبي بكر وعمر لعدم تقديمهما عليا وقد ظهر فيهم غلاة‬ ‫نبذوهم كما نبذهم جمهور الأمة‪.‬‬ ‫يبدو لي أن استعداء أحفاد المهاجر أحمد بن عيسى للأباضية ودخوفم في‬ ‫‪4‬‬ ‫صراع تقليدي مذهبي وفكري وسياسي أمر فرضته الظروف السياسية والمذهبية‬ ‫الني أنت انعكاسا للصراع التقليدي وطموح الزعامة والإمامة والتوسع في النفوذ‬ ‫بعد انتشار المذهب الشافعي في حضرموت في أواخر القرن الخامس الهجري‪.‬‬ ‫إذ زادت حدة الصراع المذهبي منذ مطلع القرن الخامس الهجري حين بدأت‬ ‫حضرموت تتطور تطورا مذهبيا ملحوظا‪ ،‬وهذا التطور المذهبي تعزز بعد انتشار‬ ‫المذهب الشافعي في حضرموت بوساطة تأثير دعوة الشيخ أبي عبدالله محمد بن‬ ‫علي بن الحسن بن أبي علي القلعي مفي مرباط وقاضيهار تو سنة ‪٥٧٧‬ه)‪.‬‏‬ ‫ينسب الشيخ محمد بن علي القلعي إلى القلعة وهي بلدة في المخرب تعود‬ ‫أصوله إليهاء وكان مولده مصر في العقد الثامن من القرن الخامس الهجري تقريياء‬ ‫وهاجر إلى زبيد قي عهد دولة بي نجاح‪ ،‬و كان النجاحيون يتبنون المذهب‬ ‫الشافعي وشجعوا أئمة المذهب للوفادة إليهم والسعي على نشر المذهب‪.‬‬ ‫حين هاجت فتنة علي بن مهدي الرعيني بزبيد الذي كان يتمذهب بممذهب‬ ‫أبي حنيفة افي الفروع؟ ويكفر بالمعاصي‪ ،‬ويقتل يما من خالف اعتقاده ويستبيح‬ ‫(‪(٢٤٠‬‬ ‫وطء نساء من خالفه‪ ،‬ويجعل دارهم دار حرب» تحت وطأة هذه الفتنة خرج‬ ‫الشيخ محمد بن علي القلعي من زبيد خائفا بعد ما شاهد فصولها المؤلمة! قاصدا‬ ‫بغداد دار الخلافة الإسلامية‪ ،‬فكانت أول محطته في رحلته مرباط‘ وبلاد مرباط‬ ‫تعد مرفأ لظفار بينها وبين ظفار مرحلتين وأهل مرباط أهل تجارة يتحلون بكثير‬ ‫من الفضائل الي رآها ابن نطوطة فوصفها بقوله (( وهم أهل تواضع وحسن‬ ‫أخلاق وفضيلة ومحبة للغرباء ))‪.‬‬ ‫من الأسباب اليي هيأت لبقاء الشيخ محمد بن علي القلعي بمرباط أن سلطانها‬ ‫محمد بن أحمد المنجوي استطاع أن يثيي الشيخ القلعي عن جهته وأبدى رغبته في‬ ‫بقائه في سلطنته ليستزيد الناس من علمه‪ ،‬وولاه أمور الفتياء والقضاء بمرباط‪.‬‬ ‫تعززت العلاقات بين المؤسسة المذهبية ( الدينية) الي بمثلها قطبها الشيخ محمد‬ ‫بن علي القلعي والمؤسسة الدنيوية (السياسية ) الحاكمة والين بمثلها السلطان محمد‬ ‫بن احمد المنجوي ممدوح الشاعر التكريي الذي قال فيه‪:‬‬ ‫الزكي الطيب الحسب‬ ‫الإمام الطاهر النسب‬ ‫الهتون العارض المعقل‬ ‫السحاب الساكب اللجب‬ ‫القت الحرب الهوان أذى‬ ‫المزبرالمنجوي إذا‬ ‫قولل‬ ‫ل وه‬‫ايض‬‫بلكحض‬ ‫هو تاج والملوك حذا‬ ‫ولؤي في سماحته‬ ‫حيته‬ ‫اف‬ ‫فوصقس‬‫وش‬ ‫دل‬ ‫جلدى‬ ‫لاس‬‫ا عب‬‫وابن‬ ‫وهو مدن في سماحته‬ ‫إن قوة هذه العلاقة الن نشات بين السلطان لكرم نحري‪ .‬وبين الشخ‬ ‫يفصل بين‬ ‫مذهبياً شافعياء‬ ‫حاجزا‬ ‫ظفا ر‬ ‫أبقاء منطقة‬ ‫إل‬ ‫إمما سعت‬ ‫حيث‬ ‫(ظفار)‬ ‫جناحي الإباضية في جنوبي الحزيرة العربية (عمان وحضرموت)» ومن مرباط‬ ‫ظفار انطلق الفقه الشافعي إلى حضرموت بوساطة طلبة الشيخ محمد بن علي‬ ‫(‪(٢٤١‬‬ ‫وأحمد بن‬ ‫القلعي كأمثال الفقيه أبي الحسن علي بن أحمد بامروان الحضرمي‪،‬‬ ‫عحمصد بن يجى السبتي قاضي الشحر ومفتيها‪.‬‬ ‫مفيدة وفتاوى‬ ‫مصنفات‬ ‫والفقيه أبوالحسن علي بن أحمد بامروان هو صاحب‬ ‫عظيمة وله مسجد بتريم ظل ينشر العلم إلى أن مات سنة ‏‪ ٤‬‏ه‪ ٢٦‬وقد تخرج به‬ ‫في العلوم الشرعية الفقيه المقدم محمد بن علي باعلوي غير أنه هجره لما أظهر‬ ‫التصوف _ ‪.‬‬ ‫استطاع الشيخ القلعي أن يغدو علماً مشهورا قي فقه المذهب الشافعي‬ ‫العلم فتسامع به الناس‬ ‫انتشر‬ ‫وعنه‬ ‫وبوساطته انتشر المذحب الشافعي بحضرموت‬ ‫إلى حضرموت ونواحيها فقصدوه وأخذوا عنه الفقه وغيره بحيث لم ينتشر عن‬ ‫أحد بتلك الناحية كما انتشر عنه وأعيان فقهائها أصحابه وأصحاب أصحابه"‘ ‪.‬‬ ‫قال الخزرجي (( وأكثر ما توجد مصنفاته قي ظفار وحضرموت ونواحيها‬ ‫وعنه انتشر الفقه في تلك الناحية و لم ينتشر العلم عن أحد في تلك الناحية كما‬ ‫انتشر عنه وأعيان فقهائها أصحابه وأصحاب أصحابه)) ({‘ ‪ .‬و قال الحافظ ابن‬ ‫حجر (( إن الفقه الشافعي انتشر عن القلعي بظفار وحضرموت وأن الناس‬ ‫تسامعوا به قي حضرموت وغيرها فقصدوه وحملوا عنه)) (_" ‪.‬‬ ‫انتشر المذهب الشافعي قي مدينة ترمم‪ .‬بينما ظلت مدينة شبام معقل الإباضية‬ ‫قي حضرموت وحصنها الحصين منذ ظهور هذا المذهب ح تلاشيه‪ .‬وهناك‬ ‫ظاهرة تاريخية تبدو للقارئ في تاريخ حضرموت واضحة وجلية وهي إن جاز أن‬ ‫(‪ )١‬عصبان؛ أكرم مبارك‪ :‬الإمام القلعي مفيي مرباط وقاضيها ص‪.٤٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الندي" ماء الدين‪ :‬السلوك‪ ‎‬ص‪٢٤‬ر‪.٥٢٦‬‬ ‫(‪ )٢‬الخزرجي؛ علي بن حسن‪ :‬العقود اللولوية‪ ‎‬ص‪.١٩٠‬‬ ‫(‪ )٤‬بكير‪ ،‬عبدالرحمن بن عبداللة‪ :‬القضاء قي حضرموت ف ثلث قرن‪ ‎‬ص‪.٤٦‬‬ ‫(‪(٢٤٦‬‬ ‫نطلق عليها صراع النفوذ بين المدن التقليدية الحضرمية وهذه الظاهرة كانت ولا‬ ‫زالت تشهدها المدن الحضرمية إذ تتنافس فيه المدن الحضرمية على السيطرة‬ ‫الاقتصادية أو الروحية أو السياسية‪ /‬وقد لعبت ترم وشبام دورا مشهودا في‬ ‫سلسلة صراع المدن الحضرمية التقليدية‪.‬‬ ‫وكان في شبام من زعماء الإباضية في القرن السادس » آل النعمان من بن‬ ‫الدغار أمراء شبام أو سلاطينها كما يسميهم البعض» ومن أبرزهم راشد بن أحمد‬ ‫بن النعمان‪ ،‬الذي قام بحركات ضد السلطان السي عبدالله بن راشد ثم قتل سنة‬ ‫‪_({6‬ه‪٥.٦‬ه‪. ‎‬‬ ‫عبر ترمم البوابة الشرقية لحواضر مدن حضرموت تطورت حضرموت عقدياً‬ ‫ومذهبيا‪ 5‬إذ انطلقت منها الوفود الإسلامية ثم شهدت ساحات تريم أحداث‬ ‫حرب الردَة‪ ،‬وفيها تلقفت حضرموت نواة الفكر الإباضي" ومنها انطلقت ورة‬ ‫الإباضية بقيادة طالب الحق عبدالله بن يحيى الكندي ‪ ،‬وبما ظهر أنباع الذهب‬ ‫الشافعي الذين أعدوا العدة مؤازرة سلاطين دولة آل راشد ((‪٧٠٠-٤.٠ .‬ه‏ ))‬ ‫‪5‬‬ ‫لمواجهة الإباضية في حضرموت ودخلوا معها في جدال و صراع فكري تطرر للى‬ ‫نزاع مسلح انتهى بانتصار المذهب الشافعي وانحسار الإباضية وتلاشيها تدريجيا‬ ‫من حضرموتڵ وإلى تريم حملت الخرقة ( المدنية ) نسبة إلى الصرفي أبومدين ر‬ ‫‪:‬‬ ‫ظهر التصوف وظهرت الزوايا الصوفية‪.‬‬ ‫إن العلاقة المذهبية عبر بوابة ترمم ألزمت حضرموت أن تتأثر عقدي ومذهيياً‬ ‫بالجارة الشرقية لحضرموت ( عمان )‪ 8‬فمن عمان أنتشر المذهب الإباضي‬ ‫بحضرموت\ واستمر ما يقارب ستة قرون مذهباً سائدا بحضرموت" وعبر بوابة‬ ‫(‪ )١‬الشاطري" محمد بن أحمد‪ :‬أدوار التاريخ الحضرمي ج‪ ١‬ص‪.١٣٢ ‎‬‬ ‫(‪(٢٤٣‬‬ ‫( ظفار ) انتشر المذهب الشافعي بحضرموت وأصبح حى اليوم هو المذهب السائد‬ ‫قي حضرموت‪.‬‬ ‫في القرن الرابع الهجري قدم العلويون من البصرة إلى حضرموت واستغل من‬ ‫ناصبهم العداء التشكيك في نسبهم الشريف‘ فصرفوا أنفسهم نحو صراع يثبت‬ ‫النسب والنسبة إلى قريش ثم إلى البيت النبوي وبعد جهد جهيد ومتواصل‬ ‫ألزمهم باصطحاب عدد كبير من علماء وأعيان حضرموت على نفقتهم الخاصة‬ ‫إلى موسم الحج لينالوا شهادة علنية من أهل العراق تزيل الريبة عن صحة نسبهم‬ ‫الشريف‪.‬‬ ‫ركز العلويون على النسبة لأهل البيت" لأن المال والعلم وحدهما لا يكفيان‬ ‫لتحقيق طموح الزعامة‪ .‬وعلل المفكرون العلويون عدم تحقيق هذا الطموح خلال‬ ‫ثلائمائة سنة؛ إلى احتدام شدة الصراع المرير بين الفكر الإباضي المهيمن على‬ ‫حضرموت من جهة وبين وفكر المهاجر الإمامي من جهة أخرى‪ .‬وذلك لا قام‬ ‫به هذا الإمام من الدعوة والإرشاد في عصر كان يسوده الجهل والبداوة وتخيم في‬ ‫أنحائه نحلة الإباضية (" ‪.‬‬ ‫وفسر الدكتور روبرت سرجنت هذا الصراع بأنه تنافس على الزعامة ليت‬ ‫قي حضرموت بين العلماء والفقهاء والسادة العلويين حت تمكن السادة من‬ ‫انتزاعها من المشائخ ‏‪ . ٤‬ولا أظن أن هؤلاء المشائخ كانوا علماء إباضيبن‪ ،‬بل‬ ‫هم علماء سنيون أساسا‪.‬‬ ‫اختلفت المأثورات ( العلوية) في دعوة المهاجر أحمد بن عيسى فالحامد يعتقد‪.‬‬ ‫أن دعوته كانت كلها سلميّة‪ ،‬وأنما كانت كلها بالرأي واللسان‪ ،‬لا بالسيف‬ ‫ج‪١‬ص ‪.٣٠٦‬‬ ‫(‪ )١‬الحامد صال ‪ :‬تاريخ حضرموت‪‎‬‬ ‫(‪ )٦٢‬سرجنت‘ روبرت‪ :‬حول مصادر التاريخ الحضرمي‪‎.‬‬ ‫(‪(٢٤٤‬‬ ‫والسنان} و لم يوجد نقل ولا دليل كاف على أنه الجا يوما في دعوته إلى السيف‬ ‫والرمح‪ . .‬ولو كانت دعوته قائمة على السيف وإراقة الدماء; كما يتوهم" لقضي‬ ‫على النحلة الإباضية عند انتصاره على أهلها (" ‪.‬‬ ‫واختلقت بعض المأثورات المحلية مزاعمها بأن حرباً قادها الهاجر ضد‬ ‫الإباضية في المنطقة الغربية من حضرموت وكانت حاسمة لصالح ( الشيعة) © في‬ ‫فلاة تسمى (بحرَان ) وذكر المؤرخ بن عبيدالله تلك المزاعم الي قالت (( إن حربا‬ ‫قامت ما بين الشيعة والإباضية‪ ،‬انتهت بنصرة الأولين؛ وكثير من الناس يتوسع في‬ ‫تكبير أمر هذا الانتصار‪ ،‬ويزعم أنه كان القاضية على الإباضية‪ .‬وأكثر ما يتأرلون‬ ‫في ذلك على مضرب المثل بأن ( لا نجاة هارب بحران) وشكك بن عبيدالله في‬ ‫) ‪.‬‬ ‫صحة ذلك))‬ ‫ولو كانت تلك المزاعم فيها شيء من الصحةا لما بقيت الإباضية بعضرمرت‬ ‫بعد قدوم المهاجر بثلاثة قرون‪.‬‬ ‫فمن المؤكد أن الصراع المذهبي بين الإباضية والشافعية في حضرموت تولى‬ ‫إدارة دفتيه من الجانبين العلماء والفقهاء الذين تعود أصولهم الضاربة في القدم إلى‬ ‫قبيلة حضرموت‪ .‬وكانت فصول هذا الصراع تدور بمؤازرة كل من سلاطين آل‬ ‫النعمان من بيي الدغار بشبام} وآل راشد من بني قحطان في تريم‪.‬‬ ‫ا وتي حين كانت الإباضية تشهد انحسار والنلاشي في اجتمع الحضرمي‪.‬‬ ‫انضم العلويون في حضرموت إلى هذا الصراع وجاء هذا الانضمام متأخرا ‪.‬‬ ‫وتحت تأثير النقمة على الإباضية الذين كما زعموا أمم يكفرون سيدنا عليا‬ ‫( كرم الله وجهه )‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الحامد صالح‪ :‬تاريخ حضرموت‪٨٠٣. ‎‬ص‪١‬ج‬ ‫(‪ )٢‬السقاف" عبدالرحمن بن عبيدالله‪ :‬بضائع التابوت ج‪ ١‬ص‪.٢٢٠ ‎‬‬ ‫(‪(٢٤٥‬‬ ‫ومن الأرحج أن نزوح العلويين من وادي دوعن واستيطانمم في قرية ( بيت‬ ‫جبير ) بجنوب تريم واتفاقهم مع علماء الشافعية في أن ينبذوا المذهب الإمامي‬ ‫والتشيع‪ ،‬مقابل الاعتراف لهم بالنسبة الشريفة ووضعهم في مكانة تليق مم في‬ ‫السلم الاجتماعي الحضرمي‪ ،‬عجّل في وضع فماية للمذهب الإباضي في‬ ‫حضرموت‪.‬‬ ‫ركز العلويون قي حضرموت نقدهم للإباضية حول مسألة واحدة احتلت‬ ‫مساحة واسعة قي كتبهم وفكرهم شملت كل إباضي» بزعمهم شتم الإباضية‬ ‫لسيدنا علي (كرم الله وجهه) وجعلوا منها قضيتهم المحورية في نقد الإباضية‬ ‫والعصر الإباضي في حضرموت‪ .‬ودون تعمق في دراسة الفكر الإباضي‪ ،‬فإفم‬ ‫حكموا على كل ما يتصل ممذا الفكر وعصره في حضرموت ضرباً من ضروب‬ ‫الكفر والجمود والتخلف‪.‬‬ ‫أوضح أبو إسحق إبراهيم أطفيش في رسالته الصغيرة ( النقد الجليل للعب‬ ‫الجميل ) الن جاءت ردا على السيد محمد بن عقيل العلوي حول ما جاء في‬ ‫رسالته ( العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل ) ما يأتي‪ (( :‬أما ما زعمت من‬ ‫شتم أهل الاستقامة لأبي الحسن علي وأبنائه فمحض اختلاق))‪ .‬ويقول في‬ ‫الكتاب نفسه‪ (( :‬والأصحاب يتحرون تطبيق حكمي الولاية والبراءة لا تشهياء‬ ‫وهما ينطبقان على كل فرد مهما عظمت منزلته ما لم يكن من المعصومين ولا‬ ‫معصوم إلا البي أو الرسول‪ .‬أما الصحابة فلهم مزية عظيمة وهي مزية الصحبة‬ ‫والذب عن أفضل الخلق وإراقة دمائهم في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى فيختار‬ ‫الكف عن تلك الحوادث المشؤومة))‪ .‬ويقول بعد اسطر‪ (( :‬وأيضا لا غبار على‬ ‫من صرح بخطأ المخطئ منهم بدون الشتم والثلب بعد التثبت من ذلك والتبين‬ ‫وأن أمسك لعموم الأحاديث الواردة فيهم وترك الأمر إلى الله فهو محسن))‪.‬‬ ‫(‪()٢٤٦‬‬ ‫ويقول أيضا في الكتاب نفسه (( ولم يكن يوما من الأصحاب شتم له ر‬ ‫طعن‪ .‬اللهم إلا من بعض الغلاة وهم أفذاذ لا يخلو منهم وسط رلا شعب ‪ 7‬ؤ‪.‬‬ ‫مهما قيل في المأئورات المحلية عن تاريخ الإباضية فإن العلم لا يعتمد بالآراء‬ ‫الظنية والاحتمالات‘ وإن الجهل خير من المعرفة اللزعزعة الناقصة} وكما قيل إن‬ ‫العلم لا يكون علماً إلا إذا كان يقينا‪ .‬ولكن كيف يمكن نفي مرحلة كاملة‬ ‫استمرت زهاء ستة قرون من ذاكرة الوعي التاريخي الحضرمي ؟ وكيف تطمس‬ ‫آراؤها الفقهية والفكرية من التراث الحضرمي ؟ ثم يأت التشكيك المنظم فيها‬ ‫وفي رموزها التاريخية‪ .‬ويابي هؤلاء الملشككون إلاً أن تحتم فصوفا وأدوارها‬ ‫العقدية والفكرية بنهاية دراماتيكية على أيواب مدينة شبام حضرموت التاريخية‬ ‫عاصمة الإمامة الإباضية واختير لهذا الحقبة التاريخية مكانا دينيا مقدسا وهو‬ ‫مسجد ( الحخوقة ) لإنماء هذا الصراع بمجرد تحويل إمامة مسجد ( الرقة ) من‬ ‫إمام إباضي‪ ،‬إلى إمام سي من أسرة آل باعباد سنة ‪٥٩١‬ه‏ )‪.‬‬ ‫بعد أن قعد البحث بالباحث عبدالله بن حسن بلفقيه» عن الوصول إلى معرفة‬ ‫وجود أي حركة ثقافية بحضرموت ف الفترة اليي كان المذهب الإباضي مو‬ ‫السائد بحضرموت فكانت استنتاجاته (( أن دراسة أحوال الفترة اليي أعقبت قيام‬ ‫المذهب الإباضي بحضرموت دراسة علمية جادة وواضحة مما لا يزال من الأمور‬ ‫العسيرة‪ ،‬فهذه الفترة هي الحلقة المفقودة والي لا تزال من بجاهل التاريخ‬ ‫الحضرمي وخاصة فيما يتصل بتعرف الحياة الثقافية بحضرموت\» الي كانت عند‬ ‫وبعد أن غمر البلاد الحضرمية طوفان انتشار المذهب الإباضي)) «_" ‪.‬‬ ‫ص‪٢٠٦‬۔‬ ‫(‪ (١‬معتر‪ 6‬علي عيى‪ :‬الإباضية بين الفرق الإسلامية عند كتاب المقالات ني القدم والحديث‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬بلفقيهإ عبدالله بن حسن‪ :‬الحياة الثقافية والمذهبية بحضرموت منذ وقبل قدوم الإمام الهاجر‪ ‎‬ص‪٠١٨‬‬ ‫مخطوط‪.‬‬ ‫(‪(٢٤٧‬‬ ‫جاءت استنتاجات الباحث عبدالله بن حسن بلفقيه بعد أن وجه في سنة‬ ‫إلى المؤرخ علوي بن طاهر الحداد مفي بلاد ( جهور ) إحدى‬ ‫‏‪ ٦٥‬ه‬ ‫ولايات ملايا طائفة من الأسئلة التاريخية احتواها كتابه رجييالشماريخ جواب‬ ‫لأسئلة في التاريخ) وكان ردود علوي بن طاهرالحداد على عكس ما جاء في‬ ‫كتابه ( الشامل في تاريخ حضرموت) حيث زعم فيه بأن سبب انحسار علوم‬ ‫الفقه والحديث وأنواع العلوم الأخرى بحضرموت لا اعتراها من العقم وقلة الخير‬ ‫بسبب ظهور الخوارج بما في أوائل القرن الثاني من الهجرة (( والإباضية في عرف‬ ‫مخالفيهم خوارج))‪ 3‬وأن انخزال القطر الحضرمي عن الأمصار الإسلامية وعدم‬ ‫امتزاجه بالأقطار الإسلامية وأمصارها نيران من الفتن يؤوجججها الخوارج كلما‬ ‫طفئ منها جانب‪ ،‬أشعلوا منها جانباً _" ‪.‬‬ ‫وفنَّد المؤرخ علوي بن طاهر المزاعم الي تقول إن الخوارج في جميع‬ ‫حركاتهم عرفوا بالقسوة‪ ،‬والحكم على من سواهم بالكفر‪ ،‬واستحلال دمائهم!‬ ‫وقتل أطفالهم ورميهم في القدور وهي تفور‪ ،‬وبقر بطون الحبالى‪ .‬فييعد أن‬ ‫الإباضية تركوا أحدا مأنهل حضرموت خارجاً عن نحلتهم منابذاً لهم ولو في‬ ‫عقدة قلبه إلا قتلوه‪ .‬فقال‪ :‬ليس كل الخوارج جروا على القاعدة المذكورة فقد‬ ‫كان الزمان علمهم؛ وقد سلك أمامهم عبدالله بن يحيى طالب الحق مسلكا آخر‬ ‫ألان فيه جانبه‪ ،‬ولعله لم يكن عين مذهبه كما يدل على ذلك مراجعة بعض‬ ‫أعيان قرمه له ومطالبته إياه بإرهاف الحد "{‘ ‪.‬‬ ‫ولكن هل أكره الإباضية الناس في حضرموت على اتباعهم أو أن الحضارمة‬ ‫انتحلوا عقيدة الإباضية طوعاً واختيارا ؟‬ ‫الحداد؛ علوي بن طاهر‪ :‬الشامل ف تاريخ حضرموت ص‪.١٥‬‏‬ ‫((‬ ‫(‪)٢‬الحداد‪،‬‏ علوي بن طاهر‪ :‬جي الشماريخ جواب لأسئلة في التاريخ ص‪.١٠‬‏‬ ‫(‪(٢٤٨‬‬ ‫أن‬ ‫‏‪ ٧‬تدل‬ ‫بن طاهر على ذلك و قال‪ ) :‬وبالجملة فالنقول‬ ‫علوي‬ ‫أجاب‬ ‫جميع أهل حضرموت أكرهوا على انتحال عقيدة الإباضية ولأنمم أجمعرا على‬ ‫ذلك اختيارا _" ‪.‬‬ ‫ثم أكد ما كان شيخه يقول له‪ :‬إن سبب ذهاب تواريخ حضرموت القدبة‬ ‫وانطماسها‪ ،‬أن الاخلاف رأوا في سيرة أسلافهم ما ينكرونه منهم اليوم فعمدوا‬ ‫إلى إخفائها وإفنائها "" ‪.‬‬ ‫كتاب‬ ‫مارسها بعض‬ ‫إن ظاهرة ترشيح أو( فلترة ( التاريخ ظاهرة خطيرة‬ ‫التاريخ في حضرموت\ وهذه الظاهرة من شأما أن تلقي ظلالا من الشك حول‬ ‫مصداقية كتابة المأثورات التاريخية الحضرمية بصفة عامة! وعن الحقبة الإباضية‬ ‫س‪.‬‬ ‫بصفة خاصة\ تلك الحقبة الإباضية الي امتدت من مطلع القرن الثاني حين القرن‬ ‫السادس الهجري" مي من باهل التاريخ الحضرمي" وإلى أن تنجلي المناقشات‬ ‫الدائرة والتمحيصات القائمة حول كثير من النقاط التاريخية المهمة وما يتصل بما‬ ‫ينبغي للمؤرخ المتنبت والباحث الحاد أن لا يقطع بتقرير شيء فيها‪.‬‬ ‫أما مسألة الفكر الإباضي من حيث مدى نفوذه الديني والسياسي في‬ ‫ومدى انتشاره في جميع نواحيها وبين مختلف قبائلها! فهي من القضايا‬ ‫حضرموت‬ ‫الوي أحذت قسطا وافراً من الجدل بين المفكرين والمؤرخين عموما‪ .‬وما ييل في‬ ‫هذا الصدد لا يعدو أن يكون نوعاً من الاجتهاد والتخمين الذي لا يستند على‬ ‫وقد تعرض الفكر الإباضي من قبل‬ ‫معلومات مونقة أو سند تاريخي معتبر‪.‬‬ ‫معارضيه إلى تمم خطيرة من خرؤج عن الدين إلى الإنحراف والعقم في التفكير‪.‬‬ ‫‏‪.١٢١‬‬ ‫المصدر نفسه ص‬ ‫()‬ ‫‏(‪ )٢‬المصدر نفسه ص ‏‪.١٣‬‬ ‫(‪(٢٤٩‬‬ ‫وكلها مقولات لا تركن إلى حقائق ثابتة أو سند موثق‪ .‬بل هي أحكام وظفت‬ ‫لغايات وأهداف أخرى أو للترويج لأنظمة حاكمة كالنظام الأموي والنظام‬ ‫العباسي لإعطاء المسوغ الشرعي لضرب حركات التمرد اليي قام بما الحضرميون‬ ‫الإباضيون‪ ،‬أو لتشويه رأيهم وموقفهم من المساواة الي يعترض عليها دعاة التشيع‬ ‫لأهل البيت ‏‪. 0١‬‬ ‫إن فكرة المساواة هي القاسم المشترك والجحامع بين كل المذاهب الإسلامية‪.‬‬ ‫و منذ أن ظهرالإسلام في بلاد العرب والناس على عصبية العشائر‪ ،‬وتحزب القبائل‬ ‫والفخر بالمآثر» ووجود تناقضات رئيسة بين مختلف الجماعات الأئنو‪ -‬قبلينة في‬ ‫جزيرة العرب‪ ،‬وكانت مسألة العصبية والتعصب من المسائل الي أولاها الإسلام‬ ‫أهمية قصوى‘ وجاءت الأحاديث عن الرسول منبهة من خطر العصبية على الأمة‬ ‫الإسلامية(( ليس منا من دعى إلى عصبية أو قاتل عصبية)) وقال عليه السلام‬ ‫(( هلاك أمي في العصبية))‪.‬‬ ‫جاء الإسلام لينسف نسفاً جذرياً وكاملاً منظومة البناء الاجتماعي والطبقي‬ ‫الن كانت تقسم المجتمعات العربية بين سادة أشراف وعبيد أرقاء‘ وبين وجهاء‬ ‫أغنياء وفقراء معدمين‪ 6‬وسعى إلى تآلف كل طبقات الحتمعات الإئنية لتكون‬ ‫ضمن نسيج إنساني واحد وتحت إطار اجتمع الإسلامي الموحد‪.‬‬ ‫والبناء‬ ‫الإباضي بحضرموت&‪6‬‬ ‫الدور‬ ‫البناء الاجتماعي ق‬ ‫وعند المقارنة بين‬ ‫الاجتماعي بعد تلاشي هذا الدور بمقدورنا أن نستنبط النتائج الأساسية لظهور‬ ‫`‬ ‫(‪ )١‬بامؤمن‪ ،‬كرامة مبارك‪ :‬الفكر والمجتمع تي حضرموت ص‪.١٥٥ ‎‬‬ ‫(‪(٢٥٠‬‬ ‫التصنيف الطبقي في المجتمع الحضرمي" وظهور نظام المراتبيات وتغيير العادات‬ ‫والتقاليد الاجتماعية بعد أن تلاشت الإباضية من حضرموت‪ :‬وظهرت‬ ‫الاختلافات الطبقية للسكان بفعل عامل الزمن والمكان والإنتاج الفردي‬ ‫والجماعي ‪.‬‬ ‫ولعل من الأمور المنطقية أن يأتي ذلك بعد أن استحوذ العلويرن في‬ ‫حضرموت على الزعامة الدينية‪ .‬وجاء هذا التصنيف الطبقي ردة فعل عكسية من‬ ‫العلويين كرسوها في البناء الاجتماعي وبرزت العصبية على نحو واضح لحاجتهم‬ ‫إلى الشعور بالتميز والخصوصية من خلال التصنيف الطبقي‪ .‬إلا أن التسصسك‬ ‫بعصبية القبلية والتصنيف الطبقي لم يحقق منافع كثيرة للمحتمع الحضرمي‪ .‬و إ‬ ‫يقم بدور وطي واجتماعي ماعدا أن كل بجموعات أسرية كونت لها منظومة‬ ‫اجتماعية ذات إطار ثقافي أو اقتصادي يحكمها‪ ،‬في بجتمع كانت تغفظب عليه‬ ‫الزاعات العشائرية والتخلف مما زاد من تفاقم تعقيدات الأوضاع الاجتماعية‬ ‫بحضرموت ‪.‬‬ ‫‪١‬‬ ‫د أبو إسحق إبراهيم بن قيس بن سليمان الهمداني الحضرمي‪‎:‬‬ ‫حين نشرسليمان الباروني ديوان أبي إسحق إبراهيم بن قيس الحضرمي لأول‪‎‬‬ ‫مرة سنة ‪١٩٠٦‬ه شك بعض من المؤرخين الحضارمة المنتمين إلى الرابطة‪‎‬‬ ‫العلوية اليي تكونت مع مطلع القرن العشرين؛ شك هؤلاء أول مرة في شخصية‪‎‬‬ ‫أي أسحق إبراهيم بن قيس الحضرمي الحمدان الإباضي‪ ،‬كشخصية تاريخية ورأى‪‎‬‬ ‫البعض منهم أنما لم توجد على أرض الواقع أبدا‪ .‬وقد زعم صالح الحامد في تعليق‪‎‬‬ ‫(‪(٢٥١‬‬ ‫جاء قي صفحة ‏‪ ٢٦٢٧‬من كتابه ( تاريخ حضرموت ) أنه (( لما كتبت ترجمة لأبي‬ ‫إسحق إبراهيم بن قيس الحضرمي المذكور كتب إلي كبير مؤرخي حضرموت‬ ‫ومحققيها وهو العلامة علوي بن طاهر الحداد رسالة قال فيها ما نصه‪ :‬إيراهيم‬ ‫الإباضي أكاد اجزم بأنه لا حقيقة له‪ ،‬وأن حكايته مفتعلة كحكايات السينما‬ ‫وألف ليلة وليلة‪ ،‬وأشعاره نظمها الإباضية بزنجبار وعمان‪ ،‬والشيخ سليمان‬ ‫الباروني نفسه‪ ...‬الخ(( ( ‪.‬‬ ‫وقبل التشكيك في شخصية أبي إسحق إبراهيم بن قيس فإن الشك عظم‬ ‫عندي حول صحة وجود مثل تلك الرسالة المزعومة من علوي بن طاهر الحداد‪،‬‬ ‫الني خص بما صال الحامد ليصرح له بإنكاره لشخصية إبراهيم بن قيس والشبه‬ ‫ما ساقاه من أدلة ليست بكافية للخروج‬ ‫مصداقية‬ ‫حول‬ ‫والتشنكك يدور‬ ‫باستنتاجات قاطعة قي أمر جدي كهذا ونقول للرد على ذلك ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬قدم الباحث عبدالله بن حسن بلفقيه طائفة من أسئلة تاريخية لعلوي بن‬ ‫طاهر الحداد وهي الي عنوفما في كتابه (( جي الشماريخ جواب على أسئلة في‬ ‫التاريخ)) وفي ثنايا أجوبة علوي بن طاهر الحداد لا توجد أي شكوك حول‬ ‫حقيقة وجود شخصية إبراهيم بن قيس بل تكاد شخصية إبراهيم بن قيس أن‬ ‫تكون شخصية إباضية محورية وحاضرة من خلال تلك الأجوبة قال الحداد‪:‬‬ ‫(( وكانت مد وعقيل قد هاجمت عمان في تلك القرون مع الديلم‪ .‬وفي ذلك‬ ‫يقول إبراهيم بن قيس بن اسحق بن سليمان الحضرمي يخاطب أمير عمان «_ ‪:‬‬ ‫بناحيةالإشفا شهام لهم عمقذ‬ ‫وقد كان من إخواننا الفتية‬ ‫له همة كبرى به نحو السماء تفذو‬ ‫وفيهم قتى أكرم به نسل خالد‬ ‫‏‪.٢٦٧‬‬ ‫ج ‏‪ ١‬ص‬ ‫تاريخ حضرموت‬ ‫صالح‪:‬‬ ‫الامك‬ ‫(ا‪(١‬‏‬ ‫‏‪.٢٦١‬‬ ‫‏(‪ (٦‬الحدابىه علري بن طاهر ‪ :‬جي الشماريخ ص‬ ‫)‪(٢٥٢‬‬ ‫عقيل اولي البفي الذي أهلك الحقد‬ ‫وماكان من ابناء نهد واختها‬ ‫لنسل الفتى شذذاز والديلم الرشد‬ ‫لقد زال عن آرا عقيل لنصرهفم‬ ‫لنصرهم الأعداء لقد عجزت نهذ‬ ‫كذلك نهذ قدأذلترقابها‬ ‫ب۔ ويقول بعد صفحات (( وقد رأيت في شعر ذلك الرئيس الإباضي‬ ‫الحضرمي ذكره اعتصام خصومه بقراهم العالية‪ .‬فلا أدري أي قوم كان يعنيهم‬ ‫بذلك وتاريخ حضرموت فيه قطع واختلال كبير ومن تكلم فيه لا مندوحة له عن‬ ‫الاحتمالات والسبر والظنون والحقيقة محجوبة وراء حجب الغيب والله ولي العلم‬ ‫وأهله)) ( ‪ .‬ويعي بشعر الرئيس الإباضي الحضرمي شعر إبراهيم بن قيس‪.‬‬ ‫ج‪ -‬ويجيب على السؤال العاشر حول استيلاء الإسماعيلية على حضرموت‬ ‫وتأتي سيرة إبراهيم بن قيس في ثنايا الجواب قال‪ :‬ودامت المهاجمات فيما يظهر‬ ‫بينهم وبين بعض الحضرميين كما حكيته عن قصة أبي إسحق إبراهيم بن قيس بن‬ ‫سليمان الحضرمي ووفادته بحرا على رئيس الإباضية المعروف بالخليل بن شاذان‬ ‫وسنة ولايته غير محققة ولكن أقرب ما يكون أن ذلك في سنة ‏‪ ٠٧‬‏_ه‪ )٤‬وما‬ ‫‪.‬‬ ‫ومن قوله‪( :‬‬ ‫بعدها‪..‬‬ ‫فيما مضى من ديلم وعقيل‬ ‫يا خير خل غالتا ماغالكم‬ ‫( جيني‬ ‫كتاب‬ ‫الحقائق التلاث الي ذكرناها أهم ما استحضرناه من‬ ‫ق‬ ‫الشماريخ ) لعلوي بن طاهر الحداد تبين عدم إنكاره لشخصية أبي إسحق‬ ‫بل إنه تعامل معها كحقيقة تاريخية موجودة لا الرئاسة والزعامة‬ ‫الحضرمي قطعا‪.‬‬ ‫ولها من الشعر ما استشهد به الحداد في سياق أجوبته‪ ،‬و لم يكن في علوي بن‬ ‫طاهر الحداد فيه شيء من التعنت الذي لا يليق بالعلماء الاتصاف به‪ .‬أو شيء من‬ ‫(‪ )١‬المصدر نفه ص‪.٢٨‎‬‬ ‫‪.٤١‬‬ ‫(‪ )٦٢‬المصدر نفه ص‪‎‬‬ ‫)‪(٢٥٣‬‬ ‫صفة التقلب والتخبط ف الآراء حن نجزم بصحة ما نسب إليه في تلك الرسالة‬ ‫المرعومة‪..‬‬ ‫إن حقيقة وجود أب إسحق بن قيس الحضرمي الحمدان أمرً ليس محل جدال‬ ‫ونقاش ‪ .‬لأن كل الحقائق تثبت وجوده ويكفينذا ديوانه وكتابه الروف‬ ‫ب ( مختصر الخصال)‪ .‬الذي صنفه بأسلوب شائق ومبسط جمع فيه مسائل دينية‬ ‫يقة مختصرة‪.‬‬ ‫((إن التهم حول حقيقة ( ديوان أبي إسحق) اليي وجهها إليه المؤرخون ذوو‬ ‫الاتجاهات العلوية كانت أهدافها مذهبية أكثر مما هي علمية‪ .‬وهذه الاتجحامات‬ ‫المذهبية نفسها كانت قد جعلت عددا من أنصارهم ينكر وجود الإباضية أصلا‬ ‫بحضرموت)) (_ ‪.‬‬ ‫استطاع المؤرخون ذوو الاتجاهات العلوية من التأثير على ما قدمه المؤرخ‬ ‫سعيد باوزير في مشروع كتابه (شخصيات حضرمية ) الذي اختير كمنهج‬ ‫مدرسي لمادة التاريخ وحذف بعض الشخصيات حيث اقتصر المنهج على ثلاث ‪.‬‬ ‫عشرة شخصية فقط‪ ،‬بينما يتناول الكتاب الأصلي إحدى وعشرين شخصية‪ .‬وفي‬ ‫مسودة المنهج يوجد درس عن أبي إسحق الحمداين‪ ،‬بينما ليس هناك ذكر لأحمد‬ ‫بن عيسى المهاجر‪(( .‬ولكن عند إقرار المنهج في صورته الأخيرة الي طبعتها‬ ‫درس أبي‬ ‫تم حذف‬ ‫ووزعتها إدارة المعارف بالدولة القعيطية سنة ‪١٦٩٥٧‬م‪،‬‏‬ ‫إسحق ووضع درس المهاجر بدلاً منه‪ .‬ويبدو أن ذلك قد‪ ,‬تم بناء على الملاحظات‬ ‫اليي تقدم بما بعض المختصين في دراسة التاريخ الحضرمي)) «{‘ ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬فرانتسوزوف‘‪ ،‬سرجيس‪ :‬تاريخ حضرموت الاجتماعي والسياسي قبيل الإسلام وبعده‪٣٢٩١. ‎‬ص‬ ‫(‪ )٢‬باوزير نحيب سعيد‪ :‬صحيفة الفكر ص‪ ٧١ ‎‬نوفمير ‪ -‬ديسمبر‪١٩٩٦‬م عرض كتاب صفحات من‪‎‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫التاريخ الحضرمي‪‎.‬‬ ‫(‪(٢٥٤‬‬ ‫نشا الشاعر أبو إسحق إبراهيم بن قيس في أسرة كريمة عرفت بالعلم‬ ‫والإصلاح‪ ،‬وكان أبوه أحد العلماء الذين يرجع إليهم في الفترى في حضرموت؛‬ ‫يدل على ذلك الآراء الفقهية اليي يرردها الشاعر في كتابه (مختصر الخصال)‬ ‫وينسبها إلى أبيه «" ‪ .‬وأنجبت هذه الأسرة الحضرمية الإباضية فقهاء وقضاة منهم‬ ‫أبوعبدالله محمد بن إبراهيم أحد أبناء إبراهيم بن قيس وقد رثاه والده في قصيدته‬ ‫ال مطلعها ‪:‬‬ ‫والعين ما دمُقت إلا على الكمد‬ ‫قالوا دةمفت فقلت الدمع من رمد‪,‬‬ ‫ومنهم أبو إسحق إيراهيم بن عبدالة الحضرمي فقيه وقاض وهو ابن أخ الإمام‬ ‫إبراهيم بن قيس» تم العثور مؤخرا على أحد مصنفاته تحت مسمى (كتاب الدلائل‬ ‫والحجج ) بوادي ميزاب بالجزائر "" ‪ .‬قال في المقدمة‪( :‬روقد وجدت في أكثر‬ ‫الأخبار ما عرفت من الحجج حيث أقول يمذا يحتج من نحتج‪ ،‬وقد عرضته من‬ ‫قبل أن أنسخه في هذا الكتاب على القاضي أبي عبدالله محمد بن إبراهيم بن قيس‬ ‫بن سليمان رحمه الله)) ( ‪.‬‬ ‫وفي تقديري أن التشكيك في حياة أبي إسحق تكمن وراءه خبيئة لعل ملمحها‬ ‫ما يسببه وجود هذا الإمام من إرباك شديد لنفر من الكتاب الذين قرروا أن‬ ‫الفكر الإباضي قد طوى سجله من حضرموت في فترة متقدمة كان بطل‬ ‫الانتصار فيها المهاجر أحمد بن عيسى فإذا بالسيف النقاد يشرئب بعنقه؛ وكتاب‬ ‫مختصر الخصال يترآى لنا أبو إسحق فيه فقيهاً ضيا متمكن‪ .‬ونما يدل على أه‬ ‫كتبه بحضرموت ثلاثة أمور هي ‏‪: ٢‬‬ ‫‏(‪ )١‬اليحمدي‘ بدر بن هلال‪ :‬ديوان الإمام الحضرمي إبراهيم بن قيس بن سليمان الممداي الحضرمي‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬مخطوط يقوم بتحقيقه احمد بن حمو كروم‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬الحضرمي أبو إسحق إبراهيم بن عبداللة‪ :‬كتاب الدلائل والحجج‪.‬‬ ‫‏(‪ )٤‬عصبان‪ ،‬أكرم‪ :‬الأحداث التاريخية في منتصف القرن الخامس المجري قراءة في السيف النقاد‪.‬‬ ‫)‪(٢٥٥‬‬ ‫‏‪ -١‬ما ذكره من سبب التأليف الذي يرجع إلى بداية ظهور المذهب الشافعي‬ ‫وتسربه إلى حضرموت‘ فخاف أبو إسحق من ذهاب المذهب الإباضي فألف‬ ‫المختصر‪.‬‬ ‫ما ورد فيه في كتاب مواقيت الصلاة من النجوم الشبامية المعروفة عند أهل‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫حضرموت إلى وقتنا الحاضر ووردت في وقت صلاة الظهر منها الهقعة والزبانان‪.‬‬ ‫‏‪ -٢‬حدد القلتين ال يحد يما الماء الكثير الذي لا ينجس بملاقاة النجاسة ما لم‬ ‫تتغير أحد أوصافه وأن مقدارها ستون قهاول بالحضرمي‪.‬‬ ‫كما يفيدنا ديوان إيراهيم بن قيس كثيرا من الفوائد عن الإباضية وأحوالهم في‬ ‫القرن الخامس الهجري‪ .‬فإنه يبين الدور الذي قام به الإمام إبراهيم بن قيس في‬ ‫الحفاظ على الوحدة المذهبية لإباضية حضرموتڵ والتحرك السياسي الذي قام به‪3‬‬ ‫ومد حبال المودة مع أئمة عمان على خلفية فكرية وسياسية‪.‬‬ ‫ورث الإمام أبو أسحقى إيراهيم بن قيس عبئا كبيرا قي إمامة حضرموت‘‪6‬‬ ‫وتولى ذلك في وقت مبكر من حياته حيث الإباضية بما في قوة ومنعة‪ .‬وأول ما‬ ‫اليحمدي‬ ‫يطالعنا من سياسته الخارجية استغلاله لانتصارات راشد بن سعيد‬ ‫الأزدي إمام عمان على قبيل عقيل وفد اللتين قامتا بغزوه حين قص عليه‬ ‫خبرهم إخوانه من ناحية الأسعاء =الشحر‪ -‬فبادر أبو إسحق في مد حبال المودة‬ ‫وبعث إلى نزوى عاصمة الإمامة بعمان وفداً بحمل مهمتين إحداهما قمنئته بالنصر‬ ‫والثانية إرساء دعائم التعاون بينهما على خلفية العلاقة المذهبية والسياسية! قال‬ ‫مخاطبا الوفد كما في القصيدة الدالية‪:‬‬ ‫إمام عمان راشدآ ايها الوفد‬ ‫ألا بلفوا عني السلام تحية‬ ‫جوانحه ود لهم ولهم عضد‬ ‫وصحبته طرا ومن قد تضمنت‬ ‫(‪(٢٥٦‬‬ ‫أئمة‬ ‫للوفد إشارتعن الأولى تذكيره بما كان من رجوع‬ ‫وقد حمل خطابه‬ ‫حضرموت إلى عمان حيث يمدوفم بالنصر فقال‪:‬‬ ‫حمو لثقل الخطب يورى بك الزند‬ ‫وأنت لنا من بعدهم صرت قيم‬ ‫الذي‬ ‫العم يب‬ ‫الظرف‬ ‫هذا‬ ‫لا سيما ق‬ ‫من قبله بنصره‬ ‫الثانية المبادرة‬ ‫والإشارة‬ ‫يمر به راشد بن سعيد من الغزو‪:‬‬ ‫إذا سركم إتياننا تخوكم بمد‬ ‫وما بين حضرموت وبينكم‬ ‫بعسكر جرار يضيق به النجد‬ ‫متى ياتنا منكم صريخ نؤمكم‬ ‫وقال بأوضح من هذا القول في الميمية‪:‬‬ ‫اتتكم كراديس تهزالصوارما‬ ‫ونحن إذا ما الحرب جدت لديكم‬ ‫فويل لن في الحرب يلقى العضارما‬ ‫يذودون عن أديانهم كل معتد‬ ‫‏‪ ٤ ٤٥‬ه بداية اضطراب وهي السنة اليي توق فيها‬ ‫حضرموت سنة‬ ‫شهدت‬ ‫راشد بن سعيد وتولى الإمامة بعمان الخليل بن شاذان فرحل أبو إسحق إلى نزوى‬ ‫وشد رحله لزيارة عمان وحملت هذه الزيارة ق ‪7‬‬ ‫هذا الإمام‬ ‫بايعت‬ ‫حيث‬ ‫ثلانة أبعاد‪:‬‬ ‫أولا‪ :‬تمنئة الخليل بن شاذان الذي آلت إليه مقاليد الإمامة في عمان والنناء‬ ‫عليه بما هو أهله وبقاء العلاقة التاريخية والفكرية بين عمان وحضرموت‬ ‫وطب الثنا فيه الخليل بن شاذاز‬ ‫وذكر إمام شاع في الناس ذكره‬ ‫إليهم اجر المجد من آل قحطان‬ ‫فقطعت غيطانا وجاوزت أبحرا‬ ‫(‪(٢٥٧‬‬ ‫إل‬ ‫حاجته‬ ‫دعائم حكمه من خلال‬ ‫وتثبيت‬ ‫بحضرموت‬ ‫الأوضاع‬ ‫ثانيا‪ :‬بحث‬ ‫النصر لنشر سلطانه من ناحية} وتأديب المخالفين وهم قلة من ( الأنذال) كما‬ ‫وصفهم يتحكمون في أمر العباد من ناحية أخرى‪ .‬وهذا الهدف لما فيه من إغضاء‬ ‫وقد أشار إليه بقوله‬ ‫جعله يمر عبر القاضيين المقربين من الخليل وهما هداد وحسن‬ ‫في القصيدة النونية‪:‬‬ ‫إذا طلبوا نصرا أمدوا بأموان‬ ‫وكم كانت الأشياخ أشياخنا الألى‬ ‫لا كان بذل الوجه في الناس من شأني‬ ‫وتالته لولا الدين أصبح مدحرا‬ ‫من الأخوة الفر النهى نشر سلطاني‬ ‫ولكن بذلت الوجه في الناس أرتجي‬ ‫ثالثا‪ :‬إحياء مبدأ الشراة الذي يعد من أوليات أبي إسحق وكان أبوه قد راجعه‬ ‫في هذا الأمر فقال له وهو يحاوره بأن إخوانه سينصرونه فلما تم ما أراد قال‪:‬‬ ‫بواد تغطيه ذيول الفياهب‬ ‫سأقدح نار الحرب حتى أثيرها‬ ‫تسر بصرعاهها ذوات المخالب‬ ‫ساكشف حمى حضرموت بوتقعفة‬ ‫وارضى بما قريه أسد السباسب‬ ‫سأقضي حقوق السيف بعد دثوره‬ ‫أسقر اللقاء الأول بين الإمامين العماني والحضرمي عن استجابة الخليل إلى ما‬ ‫الخليل‪:‬‬ ‫جواب‬ ‫أراد أبو إسحق وأمر بإنفاذ الكتائب والمال والسلاح معه وكان‬ ‫ونحن ورا هذاك فاشدد بنا يدا '‬ ‫وقال لي ترى الأقوام والمال فاتبلن‬ ‫مظلة‬ ‫‏‪ ١‬عرفت به من عدم البقاء تحت‬ ‫إل‬ ‫قبائل حضرموت‬ ‫بعد أن عادت‬ ‫واحدة تجمعها‪ ،‬تغيرت الأحوال فظهر المخالفون لأبي إسحق وعاود أبو إسحق‬ ‫إلى فناء نزوى والاتصال ثانية مع الخليل بعمان لبحث ما آلت إليه الأاوضاعء‬ ‫ولخص أبو إسحق مسألته هذه المرة في التصريح بطلب المال والرجال‪ ،‬حيث إنه‬ ‫لم يعد يثق يمن كان يثق بمم بعدما صرموا عهوده فقال في القصيدة الفائية ‪:‬‬ ‫(‪(٢٥٨‬‬ ‫وأسلافكم كانوا ملاذ السوالف‬ ‫فيا أيها الأخوان أتتم ملاذنا‬ ‫سلاح ولا مال تليد وطارف‬ ‫وجننا بلاأيدولافئة ولا‬ ‫لذذعنا له نصرا على كل خانف‬ ‫فلا تشمتوا الأعداء بالحق بعدما‬ ‫إن‬ ‫حيث‬ ‫من نزوى هذه المرة بالمال والسلاح دون الرجال؛‬ ‫ولكنه صدر‬ ‫الخليل بن شاذان أبدى عذرا وجيهاً يحول دون بعث الكتائب تمثل عذره في تمديد‬ ‫العجم الذي لا ينفك مما جعل أبو إسحق يتلقاه بقبول حسن! ويقول ق شأن‬ ‫الكتائب كما فيالقصيدة الميمية‪:‬‬ ‫بها عامها هذا لتطفي الأعاجم‬ ‫فصادقتها لكن عمان تماسكت‬ ‫فجدت له بالعذر بسط وجاد لي بما فيه نصر لا عدته المكارم‬ ‫تم الاتفاق بشأن المال والسلاح مع الخليل فأنفذ ذلك فقال في الميمية‪:‬‬ ‫على حضرموت بالسلامة قادم‬ ‫وها أنا بالمال والبيض والقنا‬ ‫وجعل يتخيل أمر قدومه والبيعة الي يوقعها الأقيال ويشهدها أبره فقال‪:‬‬ ‫إلى الصوت أقيال عليها العمانم‬ ‫تنها‬ ‫ار م‬ ‫صأوزا‬ ‫عرزرفي ال‬‫وتب‬ ‫لبيعتها منا القضاة الحضارم‬ ‫كأني بها يوم الإياب وقد رس‬ ‫أابثانم‬ ‫لرت‬ ‫ات‬ ‫هضى‬ ‫ن ر‬‫كأني بها قد قلدت أمر دينها إممام‬ ‫عاد أبو إسحق بالمال والبيض والقنا على حد قوله‪ ،‬فجرد البيض من أغمادها‬ ‫وأطلق القنا إلى حيث تصيب أعداءه وأعاد دعوته إلى قوما قال في التائية‪:‬‬ ‫وتوفيقه اظهرت بالسيف دعوتي‬ ‫بحول إلهي لا بحولي وقدرتي‬ ‫أقفالها كيما أصادف منيتي‬ ‫مفتحاً‬ ‫ربوب‬ ‫حوا‬‫ل أب‬ ‫اابلت‬ ‫وق‬ ‫بموج البلا يوم استطاربعقوتي‬ ‫وما هالني بحر الحروب وقتذفه‬ ‫ولا تدرك الفلا بإيثار شهوة‬ ‫وما تكشف الغمى بغير جسارة‬ ‫‪ .‬وعلى عادته حين يقوى أمره يقوم ببيان ما عليه الإباضية فقال‪:‬‬ ‫(‪()٢٥٩‬‬ ‫ابين منه أحرفا من تصيدتي‬ ‫على ان دين الحق ديني وإنني‬ ‫وقد استطرد ف توضيح دعوته تأصيلاً وتفريعاً لا سيما فيما يتعلق بقضية‬ ‫الحكم ال كانت سببا في نشأة الإباضية بقوله‪ ( :‬فلاحكنم إلا ل) وذكر أمم‬ ‫من‬ ‫لا يخرج‬ ‫وهو تقسيم الكفر إل كفر نعمة‬ ‫المعا م الي تميزهم عن الخوارج‪،‬‬ ‫الملة وكفر مخرج من الملة‪ ،‬كما بين أحكام الجهاد وآدابه وتحريم الفواحش إلى أن‬ ‫قال‪:‬‬ ‫فمالي حق طاعمة في رعيتي‬ ‫وان لم أطع ذا الدرش جل واحمدا‬ ‫وأرخ استتمام إمامته سنة وشهراً في ماية التائية ‪:‬‬ ‫وخمسين تقفوا أربعا من هنيدة‬ ‫بتاريخ شوال وفي عام أربع‬ ‫ومن العجيب أن من يقرأ الديوان يجد أن الشاعر كان له دور كبير على‬ ‫الساحة اليمنية وخصوصا حضرموت فقد كان شاعرا حماسياء وكان قائدا‬ ‫عسكريا وإمام شرعيا شارك في كثير من الحوادث والمعارك ومع ذلك تجد‬ ‫كتب التاريخ اليم القديمة تصمت صمتا مريب فلا تشير إليه من قريب ولا من‬ ‫بعيد (( ‪.‬‬ ‫ويظهر أن ناشر ديوان أبي إسحق الشيخ سليمان الباروني لم يرجع في التعريف‬ ‫بابن قيس إلى غير ديوانه الذي كما قال معرّف بحاله من بدئه إلى فايته‪.‬‬ ‫وأغلب خطابه فيما يفهم من كلامه كان قبل ارتقائه إلى منصب الإمامة‬ ‫وبالتأمل في عباراته يتضح لك ذلك‪ ،‬ومن تتبع ديوانه هذا أدرك مبدأ أمره ومنتهاه‬ ‫وحركاته فيما بين ذلك" إل أن ترتيب القصائد على نسق حروف الهجاء جل‬ ‫‏‪.٤‬‬ ‫اليحمدي"‪ 6‬بدر بن هلال‪ :‬ديوان الإمام الحضرمي ص‬ ‫((‬ ‫(‪(٢٦٠‬‬ ‫المتقدمة في الزمن متأخرة في الوضع وعكسه؛ فقد يجد القارئ في قصيدة خير‬ ‫قوة أمره وفي الي تليها مبدأ حاله وضعفه وهكذا (_" ‪.‬‬ ‫اختلفت الآراء حول تقويم شعر أبي إسحق الحضرمي بين مفرط في الإعجاب‬ ‫ودون هذا الإفراط‪ ،‬قال الشيخ السالمي واصفا ديوان الحضرمي(( وديرانه رحمه‬ ‫لله مشهور بين الخراص والعرام؛ مقبول بين جمبع الأنام وله خاصية‪ :‬ما قرئ في‬ ‫بلس إلا تشوقت النفوس إلى الجخهاد؛ وتشحع الجبان» واحترف قلب الرضاع‪,‬‬ ‫وصار القاعد به قائما‪ ،‬والهمل حازما)) " ‪.‬‬ ‫يقول المنفلوطي في تعليقه أيضا على الديوان بعد ما اطلع علبه‪ ( :‬قرأت جزي‬ ‫من هذا الديوان البليغ؛ ديوان قيس الحضرمي فرأيت شعرا يمتزج بأجزاء النفس‬ ‫رقة‪ ،‬ويذكر بعهد حبيب ( أبو تمام ) وأبي عبادة ( البحتري )رونق ومانة؛ وملك‬ ‫على النفس مشاعرها حتى لا تجحد من دونه مذهباً ولا مضطرباء ولقد كان خيل‬ ‫بلي أثناء ترديد النظر فيه كأي أرى سيوف تصطخب وعوامل تضطرب" وسماء‬ ‫تشرق بالعثير وأرضاً تموج بالنجيع الأحمر‪ ،‬وكأن ابن قيس فارس هذا الميدان كما‬ ‫هو فارس ذلك البيان)) (_ ‪.‬‬ ‫أما الشاطري فقال‪ (( :‬وأبو إسحق قد شهر بالعلم والأدب والبسالة والبلاغة‬ ‫وعد فحلاً من فحول الشعراء‪ ،‬وله قصائد بليغة طنانة امتازت بالرصانة والجزالق‬ ‫سجل فيها أسماء وشخصيات بارزة ووقائع حربية بحضرموت)) ( ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬الباروني سليمان‪ :‬ديوان السيف النقاد من نظم الإمام إبراهيم بن قيس الحضرمي ترجمة الناشر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‏(‪ )٢‬الساللي‪ ،‬معارج الآمال ج‪١‬ص‪.٨١‬‏‬ ‫(‪ )٢‬ديوان الليف النقاد‪١ ‎‬ط ‪٩.‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٤‬الشاطري" محمد بن أحمد‪ :‬أدوار التاريخ الحضرمي ج‪ ١‬ص‪١٦٦ ‎‬‬ ‫(‪)٢٦١‬‬ ‫وما ساقه عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف في كتابه ( بضائع التابوت ) من‬ ‫أدلة كافية تعامل فيها مع شخصية أبي إسحق وشعره كحقيقة تاريخية وجدت في‬ ‫الواقع الحضرمي أبان الدور الإباضي تعد كافية للرد على المتشككين حول هذه‬ ‫الشخصية المثيرة للجدل" إلا أن بن عبيدالله أنتقد البارون لإفراطه في مدح‬ ‫الديران (( ففيه إفراط في مدح ذلك الديوان بالبلاغة والفصاحة مع خروجه عن‬ ‫القواعد العربية ومنابذته للقوانين الشعرية في كثير من أبياته فهو لا ينتهي إلى‬ ‫الدرك الأسفل من الاتضاع‪ ،‬كما لا يصل لأدنى ذروة من الارتفاع‪ ،‬وغاية ما‬ ‫يقال فيه أنه شعر عاطفة ووجدان يراعى فيه المع أكثر من اللفظ‪ ،‬وصدق‬ ‫البارون في قوله بأن أحوال الشيخ تعرف من أشعاره)) «_' ‪.‬‬ ‫أما الطريقة المتبعة في النقد سواء عند صالح بن حامد العلوي أم غيرهإ طريقة‬ ‫قائمة على التثبت من هوية الأشخاص الذين ذكرهم أبو إسحق(( وأكثر هذه‬ ‫الأسماء قابلة للنقاش‪ ،‬ومن ثم الخروج باستنتاج مفاده أن هؤلاء الأشخاص لا‬ ‫يمكن أن يكونوا من معاصري أبي إسحق أو أن يكونوا قد قاموا بالأفعال الي‬ ‫نسبها إليهم‪ .‬ويستند نقد كل منهما أحيانا إلى عدم المعرفة الكافية والعميقة‬ ‫لأوضاع حضرموت في تلك الفترة‪ .‬فلقد عد صالح الحامد العلوي مثلا أن أحد‬ ‫أكثر الأمور الي تدين ( الباروني ) وصحبه بالترييف والضعف الوقوع في الخطأ‪:‬‬ ‫هو ما ذكره عنتالحمدانيين من سكان مدينة شبام كأنصار لأبي إسحق إبراهيم؛‬ ‫وذلك لأن شبام سكنتها ‪ -‬في رأيه ‪ -‬حمير‪ :‬أي أحفاد السكان الأصلاء‬ ‫للمنطقة؛ وليست همدان‪ .‬ولكن حسب ما ذكره الحسن بن أحمد الحمداني" فإن‬ ‫التركيب الإث للمدينة كان متنوعا‪ :‬فلقد عاشت في شبام بطون من قبيلة‬ ‫همدان)) (" ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬السقاف عبدالرحمن بن عبيدالة‪ :‬بضائع التابوت في نتف من تاريخ حضرموت ج‪١‬‏ ص ‏‪.٦٢٠٠‬‬ ‫(‪ )٢‬فرانتسوزوف» سرجيس‪ :‬تاريخ حضرموت الاجتماعي والسياسي قبيل الإسلام وبعده ص‪.١٩٦٣ ‎‬‬ ‫(‪(٢٦٢‬‬ ‫وعليه يبدو ما أبداه الحامد من تشكيك قي شخصية أبي إسحق الحمداني‬ ‫وملاحظته على سكان شبام حضرموت‘‪ 6‬ليس من العلم ق شيء‪ 6‬بل كان ضمن‬ ‫أغلب البحوث الت كتبت أبان فترة الصراع بين الحركة العلوية المناهضة للحركة‬ ‫الإرشادية وكان مركزهما مهاجر الحضارمة بشرق آسيا‪ ،‬إذ طفت العصبية‬ ‫المذهبية على حساب الحقيقة الضائعة‪.‬‬ ‫وختاما فإن أود أن قد أسهمت في تقدم الجديد في تاريخ إباضية عُمان‬ ‫وحضرموت وتقليب صفحاته حي أتينا على آخر صفحة في ماية القرن الخامس‬ ‫الهجري وهو شتات لأحداث متفرقة حاولت أن أجمعها قي هذه الصفحات حن‬ ‫صب‬ ‫بعيدة عن التعقيد والت‬ ‫يسهل على الباحث تناولها بكل يسر وسهولة‬ ‫اللذى‪.‬‬ ‫مرت بما غمان؛ وما‬ ‫الأدوار التاريخية ال‬ ‫لكنت توسعت ق‬ ‫ولو قدر ل‬ ‫كانت عليه من الحياة الفكرية والاجتماعية قبل الإسلام وبعده‪.‬‬ ‫الحقبة‬ ‫هذه‬ ‫عن‬ ‫المطمورة‬ ‫المراجع القديمة‬ ‫وظهرت‬ ‫أخرى‬ ‫مرة‬ ‫ل‬ ‫قدر‬ ‫ولو‬ ‫التاريخية المهمة من تاريخ حضرموت لتعرضت لإباضية حضرموت ‪.‬‬ ‫إلا أن الرحلة قي تاريخ جنوبي الجزيرة العربية رحلة نحو المجهول‪ .‬والتنقيب‬ ‫من المخطوطات الي تناولت هذه المرحلة المهمة من تاريخ الإباضيةء كالذي‬ ‫طلب في الماء جذوة نار‪.‬‬ ‫(‪(٢٦٣‬‬ ‫المصادر والمراجع‬ ‫القرآن الكريم‪:‬‬ ‫أوية ‪ -‬المخطوطات ‪-:‬۔‬ ‫‏‪ ١‬بلفقيه‪ ،‬عبدالله بن حسن الحياة الثقافية والمذهبية في حضرموت منذ‬ ‫وقبل قدوم الإمام المهاجر‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬الحضرمي إبراهيم بن عبدالله‪ ،‬كتاب الدلائل والبرهان‪.‬‬ ‫‪-٣‬الحضرمي‪،‬‏ إبراهيم بن قيس مختصر الخصال‪.‬‬ ‫‪-٤‬عصبان‪،‬‏ أكرم دراسة بعنوان (الأحداث التاريخية في منتصف القرن‬ ‫السيف النقاد‪.‬‬ ‫ق‬ ‫قراءة‬ ‫الخامس المجري{‬ ‫‏‪ ٥‬السقاف‘ عبدالرحمن بن عبيداللكء بضائع التابوت في نتف من تاريخ‬ ‫حضرموت‪.‬‬ ‫العمانية‪.‬‬ ‫السير‬ ‫_‪-‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫ثانيا المصادر المطبوعح‪:‬۔‬ ‫‏‪ ١‬أحمد بن أبي بكر‪ ،‬وفيات الأعيان وأنباء الزمان‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬إسحق أبو يوسف يعقوب\ إصلاح المنطق‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬اطفيش» محمد بن يوسف الذهب الخالص‪.‬‬ ‫اشرح عقيدة التوحيد‪.‬‬ ‫ے۔‬ ‫)‬ ‫‏‪- ٤‬‬ ‫ا للردعلى العبي‪.‬‬ ‫ے۔‬ ‫‪٥‬۔‪-‬‏ }‬ ‫‏‪ ٥‬ابن أعثم‪ ،‬أحمد الفتوح‪.‬‬ ‫‏‪ ٦‬ابن حبيب©\ محمدا الحبر‪.‬‬ ‫‏‪ -٢‬ابن حزم الفصل في الملل والنحل‪.‬‬ ‫‏‪ ٨‬ابن حنبل‪ ،‬أحمد مسند أحمد‪.‬‬ ‫(‪)٢٦٤‬‬ ‫‏‪ ٩‬ابن خياط خليفة تاريخ خليفة بن خياط‪.‬‬ ‫المقدمة‪.‬‬ ‫‏‪ -٠‬ابن خلدون‬ ‫ك تاريخ ابن خلدون‪.‬‬ ‫‏‪-١١‬‬ ‫ابن كثير أبوالفداء الحافظ} البداية والنهاية‪.‬‬ ‫‏‪-٢‬‬ ‫‏‪ -٢‬ابن الأثير محمد بن عبدالكريم الكامل في التاريخ‪.‬‬ ‫ابن منظور لسان العرب‪.‬‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫‪ -‬ابن هشام عبدالملك‪ ،‬السيرة النبوية‪.‬‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫‏‪ -٦‬أبوالفداء ‪ 5‬تقويم البلدان‪.‬‬ ‫‏‪ -٧‬الأبشيهي‪ ،‬شهاب الدين محمد بن أحمد‪ 5‬اللستطرف في كل فن‬ ‫مستظرف‪.‬‬ ‫‏‪ -٨‬الأزكوي‪ ،‬سرحان بن سعيد‪ ،‬تاريخ عمان ‪ -‬كشف الغمة الجامع‬ ‫لأخبار الأمة‪.‬‬ ‫‏‪ -٩‬الأشعري أبوالحسن علي بن إسماعيل مقالات الإسلاميين‪.‬‬ ‫اللمع‪.‬‬ ‫با‬ ‫‏‪-٠‬‬ ‫الأصفهان۔أبوالفرج الأغاني‪.‬‬ ‫‏‪١‬‬ ‫الدكتور عبدالرحمن© مذاهب الإسلاميين‪.‬‬ ‫‏‪ -٢٢‬البدوي©‬ ‫‏‪ -٢٢‬البلاذري أحمد بن يحيى أنساب الأشراف‪.‬‬ ‫ا فتوح البلدان‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪-٤‬‬ ‫‏‪ -٥‬البطاشي©‪ ،‬سيف بن حمود بن حامد\ إتحاف الأعيان في تاريخ بصض‬ ‫علماء عمان‪.‬‬ ‫‏‪ -٦‬العسكري جمهرة أمثال العرب‪.‬‬ ‫‏‪ -٧‬العيدروس» حسن بن أحمد بن محمد وقف التشاجر حول مذهب‬ ‫‏‪ ١‬إ ما م ‏‪١‬لمها جر‬ ‫(‪(٢٦٥‬‬ ‫البغدادي‪ ،‬عبدالقادر بن طاهر الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية‬ ‫‏‪٨‬‬ ‫منهم‪.‬‬ ‫أسماء البلدان‬ ‫معجم ما استعجم ي‬ ‫البكري‪ ،‬عبدالله بن عبدالعزيز‬ ‫‏‪-٩‬‬ ‫والمواضع‪.‬‬ ‫التميمي‪ ،‬محمد بن حبان‪ ،‬مشاهير العلماء‪.‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫صحيح ابن حبان‪.‬‬ ‫‪ ٤‬ے‪\.‬‬ ‫‏‪-٢١‬‬ ‫‏‪ -٢‬الخاحظ‘ عمرو بن بحرك البيان والتبيين‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬الجحزيري\ المبارك بن محمدث النهاية في غريب الأثر‪.‬‬ ‫الجحندي‪ ،‬باء الدين السلوك‪.‬‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫‏‪ -٥‬الحداد علوي بن طاهر الشامل في تاريخ حضرموت ومخاليفها‪.‬‬ ‫جي الشماريخ جواب لأسئلة التاريخ‪.‬‬ ‫ے۔\‬ ‫‏‪ -٦‬ا‬ ‫‏‪ -٧‬الحامد‪ ،‬صال‪ 3‬تاريخ حضرموت‪.‬‬ ‫‏‪ ٨‬الحميري‪ ،‬نشوان بن سعيد‪ ،‬ملوك اليمن وأقيال حمير‪.‬‬ ‫‏‪ -٩‬الحموي ياقوت‘ معجم البلدان‪.‬‬ ‫‏‪ ٤٠‬الخروصي‪ ،‬سليمان بن خلف‘ ملامح من تاريخ عمان‪.‬‬ ‫الخزرجي علي بن حسن العقود اللؤلؤية‪.‬‬ ‫‏‪١‬‬ ‫الخليلي‪ ،‬أحمد بن حمد‪ ،‬الحق الدامغ‪.‬‬ ‫‏‪٤٢‬‬ ‫‏‪ ٤٢٣‬الدرجي© أحمد بن سعيد‪ ،‬طبقات المشائخ بالمغرب‪.‬‬ ‫‏‪ ٤٤‬الذهبي» محمد بن أحمد عثمان‪ ،‬سيرة أعلام النبلاء‪.‬‬ ‫‏‪ ٤٥‬الزمخشري" محمود بن عمر الفائق في غريب الأثر‪.‬‬ ‫‏‪ ٤٦‬الزهري محمد بن سعد منيع‪ ،‬الطبقات الكبرى‪.‬‬ ‫السالمي" عبدالله بن حميد مشارق أنوار العقول‪.‬‬ ‫‏‪٤٧‬‬ ‫السالمي‪ ،‬عبد الله بن حميد ‪ ،‬تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان‪.‬‬ ‫‏‪٨‬‬ ‫‏‪ -٩‬السيابي‪ ،‬أحمد بن سعود‪ ،‬أصول بيت المال في عمان‪.‬‬ ‫`‪)٢٦‬‬ ‫‏‪ ٥٠‬السيابي سالم بن حمود بن شامس عمان عبر التاريخ‪.‬‬ ‫‏‪ - ١‬السيوطي عبدالرحمن بن أبي بكر طبقات اخاف‪.‬‬ ‫‪٥٢‬ه۔‏ شرح السيوطي‪.‬‬ ‫الشهرستايي» محمد بن عبدالكريم الملل والنحل‪.‬‬ ‫‏‪٢٣‬‬ ‫الشامخي‪ ،‬عامر بن علي‪ ،‬متن الديانات ‪ -‬ضمن كتب مختارة‪.-‬‬ ‫‏‪٥٤‬‬ ‫الشاطري" محمد بن أحمد أدوار التاريخ الحضرمي‪.‬‬ ‫‏‪٠٥‬‬ ‫الصواف صالح بن احمد الإمام جابر بن زيد العماني وآثاره بي‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫الدعوة‪.‬‬ ‫الطبري" محمد بن جرير‪ ،‬تاريخ الأمم والملوك‪.‬‬ ‫‏‪٧‬‬ ‫‏‪ - ٨‬القلقشنديآ أبو العباس أحمد‪ ،‬ماية الأرب في معرفة أنساب العرب‪.‬‬ ‫القلقشندي أبوالعباس أحمد بن علي صبح الأعشى في صناعة الإنشاء‬ ‫‏‪٩‬‬ ‫‏‪٦٠‬عسقلاي‪ ،‬أحمد بعنلي بن حجرا الإصابة‪.‬‬ ‫ال‬ ‫العظم نزيه‪ ،‬رحلة في بلاد العربية السعيدة‪.‬‬ ‫‏‪١‬‬ ‫العكري» عبدالحي بن أحمد» شذرات الذهب في أخبار من ذهب‪.‬‬ ‫‏‪٦٢‬‬ ‫العلامات ‪ ،‬محمد جلالك السبئيون وسد مأرب‪.‬‬ ‫‏‪٦٢٣‬‬ ‫‏‪ -٦٤‬الكاباوي" عمرو بن مسعود‘ الربيع بن حبيب محدثا وفقيهاً‪.‬‬ ‫الكتاب المقدس‪.‬‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫‏‪ -٦‬المعشين» سعيد بن مسعود\ الآثار التاريخية في ظفار‪.‬‬ ‫المقدسي» محمد بن عبدالواحد الأحاديث المختارة‪.‬‬ ‫‏‪٧‬‬ ‫‏‪ -٨‬الهيثمي‪ ،‬علي بن أبي بكر بجمع الزوائد‪.‬‬ ‫‏‪ -٩‬اليانجي‪ ،‬علي الأحمدي مكاتيب الرسول‪.‬‬ ‫النامي‪ ،‬عمرو دراسات الإباضية‪.‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫النعيم نوره عبدانكك الوضع الاقتصادي في جزيرة العرب في الفترة من‬ ‫‏‪١‬‬ ‫القرن الثالث الميلادي‪.‬‬ ‫القرن الثالث ق‪.‬م ح‬ ‫(‪(٢٦٧‬‬ ‫‏‪ ٢‬الورجلاني‪ ،‬يوسف بن إبراهيم الدليل والبرهان‪.‬‬ ‫‏‪ ٣‬الهمداينإ الحسن بن أحمد الإكليل‪.‬‬ ‫إ صفقة جزيرة العرب‪.‬‬ ‫)_ ے۔‬ ‫‏‪-٧٤4‬‬ ‫‏‪ ٥‬اليحمدي‘" بدر بن هلال" تحقيق ديوان الإمام الحضرمي إبراهيم بن‬ ‫قيس بن سليمان الحضرمي‪.‬‬ ‫‏‪ ٦‬ييى» أحمد الخوار ج طليعة التكفير في الإسلام رسالة الرد على مسائل‬ ‫الإباضية‪.‬‬ ‫‏‪ - ٧‬اليعقوبي» أحمد بن إسحق تاريخ اليعقوبي‪.‬‬ ‫‏‪ ٧٨‬باجو‪ ،‬مصطفى صال‪ ،‬منهج الاجتهاد عند الإباضية‪.‬‬ ‫‏‪ -٩‬بافقيه محمد عبدالقادر‪ ،‬تاريخ اليمن القديم‪.‬‬ ‫ف العربية السعيدة دراسات تاريخية قصيرة‪.‬‬ ‫‏‪-_ -٨٠‬۔ )ا(‬ ‫بامؤمن‪ ،‬كرامة مبارك‪ ،‬الفكر والمجتمع قي حضرموت‪.‬‬ ‫‏‪١‬‬ ‫‏‪ -٨٢‬بتروفسكي‪ ،‬م‪.‬ب‪ ،‬جنوب الزيرة العربية ي العصور الوسيطة‪.‬‬ ‫اليمن قبل الإسلام والقرون الأولى للهجرة‪.‬‬ ‫ى‬ ‫‏‪-٨٢‬‬ ‫بكير عبدالرحمن عبدالله ‪ ،‬القضاء قي حضرموت‪.‬‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫‪ ٥‬بن عمير عامر بن علي حضارات عمان القديمة‪< ‎.‬‬ ‫‏‪ -٦‬جهلان‪ ،‬عدون‪ ،‬مفهوم الإمامة ومشروعيتها وشروطها‪.‬‬ ‫‏‪ -٧‬حسين الدكتور طه‪ ،‬في الأدب الجخاهلي‪.‬‬ ‫‏‪ -٨‬حسن إبراهيم‪ .‬تاريخ الإسلام السياسي‪.‬‬ ‫‏‪ -٩‬خليفات‪ ،‬عوض التنظيمات السياسية والإدارية عند الإباضية في‬ ‫مرحلة الكتمان‪.‬‬ ‫) نشأة الحركة الإباضية‪.‬‬ ‫ا _‬ ‫‏‪- ٠‬‬ ‫‏‪ -١‬ذبوز‪ ،‬محمد علي‪ ،‬تاريخ المغرب الكبير‪.‬‬ ‫‏‪ ٩٢‬زيدان‪ ،‬جرجي‪ ،‬تاريخ العرب قبل الإسلام‪.‬‬ ‫(‪)٢٦‬‬ ‫‏‪ ٢‬سرجنت\ روبرت حول مصادر التاريخ الحضرمي‪.‬‬ ‫صال‪ ،‬عمر بن الحاج‪ ،‬دراسة في الفكر الإباضي‪.‬‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫‏‪ -٥‬طالبي عمار‪ ،‬آراء الخوارج الكلامية‪.‬‬ ‫غباش عبيد غانم‪ ،‬عمان والديمقراطية الإسلامية‪.‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫‏‪ -٧‬فرانتسوزوف‪ 6‬سرجيس» تاريخ حضرموت الاجتماعي والسياسي قبل‬ ‫الإسلام وبعده‪.‬‬ ‫‏‪ -٨‬مايلز باريت الخليج بلدانه وقبائله‪.‬‬ ‫‏‪ -٩‬معمر علي بن ييى» الإباضية في موكب التاريخ‪.‬‬ ‫» نشأة المذهب الإباضي‪.‬‬ ‫‪٤‬‬ ‫_‬ ‫‪- ١‬‬ ‫‪٠ ٠‬‬ ‫الإباضية بين الفرق الإسلامية عند كتاب المقالات‬ ‫_ } حرز‬ ‫‏۔‪١٠١١-‬‬ ‫‪ -‬بحلة الوثيقة العدد ‪٤‬يناير‏ ‪١٩٨٩‬م‏ ص‪.١٢‬‏‬ ‫‏‪٠١‬‬ ‫‏‪ -١٠ ٢‬بحلة العربي الكويتية العدد ‏‪ ١٨٤‬مارس ‏‪.١٦٧٤‬‬ ‫‪١٩٩٦‬م‪.‬‬ ‫باوزير نحيب‪ 6‬صحيفة الفكر( حضرمرت) نوفمبر ديسمبر‪‎‬‬ ‫‪-٠‬‬ ‫‪٢‬‬ ‫ثالث المقابلات الشخصيت‪‎-:‬‬ ‫‏‪ -١‬مقابلة شخصية مع فضيلة السيد عمر بن محمد حفيظ عميد دار‬ ‫المصطفى بتريم في ‪٢٨‬إبريل‏ ‪٢٠٠٥‬م‪.‬‏‬ ‫‏‪ -٢‬مقابلة شخصية مع فضيلة مفيي سلطنة عمان الشيخ أحمد بن حمد‬ ‫الخليلي في ‏‪ ٢٠‬إبريل ‪٢٠٠٥‬م‪.‬‏‬ ‫‏‪ -٢‬مقابلة شخصية مع الأستاذ أحمد بن سعود السيابي في إ‏‪٢٠‬بريل‬ ‫‏‪! ٠.٥‬م‪.‬‬ ‫‏‪ ٠.٥‬‏آ‪ ٢‬م‪.‬‬ ‫‏‪ ١‬مايو‬ ‫بن زاهر الهنائي ق‬ ‫مقابلة شخصية مع الشيخ محمود‬ ‫‏‪_ ٤‬‬ ‫(‪)٢٦٩‬‬ ‫الصفحة‬ ‫المو ضنرموع‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫تمهيد‬ ‫الباب الأول‬ ‫الفصل الأول‬ ‫‏‪١٠‬‬ ‫أ) عمان عبر التاريخ‬ ‫‏‪١١‬‬ ‫ب) الأزديون ‪ -‬الأسبذيون۔ المزون ‪0 ..................................‬‬ ‫‏‪١٧‬‬ ‫‏‪ ١‬الأزد‬ ‫‏‪٢٣٠‬‬ ‫الأسبذيون‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫‏‪٣٦‬‬ ‫‪ -‬المزون‬ ‫‏‪٢٨‬‬ ‫ج) سكان غمان‬ ‫‏‪٤٥‬‬ ‫د( الوضع الدين في غُمان قبل الإسلام‬ ‫‏‪٤٩‬‬ ‫ه) ظهور الإسلام بعمان‬ ‫‏‪٦٢‬‬ ‫و) آل الجلندى الأزديون‬ ‫لاا‬ ‫ردة عمان‬ ‫ز)‬ ‫‏‪٨٦‬‬ ‫دور المهالبة الأزديين في الدولة الأموية ‪..................................‬‬ ‫ح)‬ ‫‏‪٩٧.‬‬ ‫عمان بين الوحدة والإنفصال‬ ‫ط)‬ ‫‏‪١٠٠٠‬‬ ‫انتشار الإباضية في عمان‬ ‫ي)‬ ‫الباب الثاني‬ ‫الفصل الأول‬ ‫‏‪٦١١‬‬ ‫ظهور الإباضية‬ ‫‏‪١١١‬‬ ‫أ‪ -‬الخوارج‬ ‫‏‪١١٨‬‬ ‫ب نشوء الفكر الإباضي‬ ‫‏‪١٦٢‬‬ ‫ج‪ -‬أصل التسمية‬ ‫)‪(٢٢٠‬‬ ‫د‪ -‬رأي الإباضية في الخوارج ‪..‬‬ ‫انتشار المذهب‬ ‫ه‪-‬‬ ‫الفصل الثان‬ ‫أ‪ -‬عبدالله ين إياض‬ ‫ب جابر بن زيد الأزدي‬ ‫ج‪ -‬ابوعبيدة مسلم بن أبي كريمة‬ ‫د‪ -‬الربيع بن حبيب بن عمرو الأزدي ‪................‬‬ ‫ه‪ -‬أصول العقيدة عند الإباضية‬ ‫‏‪ -١‬التوحيد ‪.‬‬ ‫‏‪ -٢‬القضاء والقدر‬ ‫‏‪ ٤‬الولاية والبراءة‬ ‫‪ ٥‬الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.................................... ‎‬‬ ‫‏‪ ٦‬الوعد والوعيد‬ ‫‏‪ ٧‬المترلة بين المتزلتين‬ ‫وح أهم المسائل الخلافية بين الإباضية والمذاهب الأخرى‬ ‫ز‪ -‬الأصول السياسية للإباضية‬ ‫الفصل الثالث‬ ‫أ‪ -‬الإباضية بحضرموت‬ ‫ب‪ -‬ثورة عبدالله بن يجى الكندي طالب الحق‪..... -‬‬ ‫ج‪ -‬حضرموت والامامة الإباضية‬ ‫د‪ -‬أبوإسحق إبراهيم بن قيس المداني ‪...............‬‬ ‫المصادروالمراجع‬ ‫(‪(٢٧١‬‬