عمان الديمقراطية الإسلامية : تقاليد الإمامة والتاريخ السياسي الحديث 1500 - 1970 ‎TF 7 1 0‏ ن و ‎ ‎ ‎7 *۸Ab\) OF Rr? 6 ro perr Prope j Rr ‎ ‏صر لو ہے سل م ‎۰ ۰ vv الديمقراطية الإسلامية تقاليد الإمامة ف التاريخ السياسى الحديث 14۷( تقل النص إلى العربية د. أنطوان حمصي دارا جحديد جميع الحقوق محفوظة لطيعة الأاولء ۱۹۹۷ تنفيذ وتوزيع شركة دار الجديد ش. م. م. * صندوق ۲ ۔ لبنان ٠ ماتف؛ ۰٥ ۹۸ ۷۳ - ۸۱ ‎v۲‏ ٨ بريدالكتورني: eed@cyberia.net.İbەadزAl‏ ٠ لعدت فنهلارس لكتلب امنةلقرى. إلو زمجتو مو جزيل الشكر إلى الأستاذ موريس روبان؛ أستاذ العلوم السياسية في جامعة نانتير - باريس العاشّرة - جزيل على ما أيداء من ملاحظات قيمة ونصائح يدين لها هذا البحت ببلوغه صورته النهائية. إلى الدكتورة معضمي لما تفضلت به من تسَّجيع ودعم معنوي كبير؛ كما يذقب عرفاني بالجميل إلى المرحومة سماح غانم غباش التي كان لدعمها الروحي إياي أكبر الأتر في نفسي. وجي سُكري: أيضاًء إلى الشّيح الجليل حمد بن أحمد الخليلي: مفتي سلطنة عُمان: وإلى صديقي الشّيخ الفاضل أحمد بن سعود السيابي: على ملاحظاتهما وآرائهما النيرة. كما أخص بشكري الأخ الدكتور علي الشرهان الذي ساهم بآرائه وبلاحظاته الهامة في بلورة بعض جوانب هذا البحت؛ وأتوجه بالشّكر إلى جميع أصدقائي وبسَكل خاص. ڃان دومٽيك ميلو. علي عٽون. علي عمران: علي الخلافي وليليان غانم على مساعداتهم المختلقة. وأسَكر أخيراء كل ىن سُجعٽي على خوض غمار هذا المشّروع وأعانني على انجازه. المؤلف مقد مه عامه ينم تاريخ عُمان وثقافتهاء وهما في الأكثر مجهولان» عن صنوف من الأصالة ويفتحان على أبواب من الخصائص المميزة. فلقد التصق هذا التاريخ؛ منذ القرن الثاني للهجرة» (الثامن الميلادي)› ولفترة تزيد على ألف عام في جوهره» بتاريخ حركة فريدة نشأت وازدهرت على خلفية مذهب إسلامي قلي هو المذهب الإباضي. وانطبعت هذه الحقبة بالسعي إلى تشييد إمامة عادلة وناجحة وفق النموذج الإباضي للدولة الإسلامية. ولقد وجدت الحركة الإباضية هويتها العقائدية والفكرية في زمن مبكر. ومن خلال محافظتها على مبدأي الشورى والانتخاب الحر للأئمة مبداً الإجماع والتعاقت يُمكن أن تُعَدٌ وأن تَعُدٌ نفسها الوريث الحقيقي لتقاليد نظام الخلفاء الراشدين - ٠٤ ه/ ١1م وبشكل خاص الفترة الأولى منهء فترة أبي بكر وعمر بن الخطاب. تعد دولة الخلافة هذه الفترة المثالية والنموذجية للدولة الإسلامية بعد وفاة الرسول (ص). وتُمتّل هذه الفترةء بالنسبة للإباضيين وغيرهم» المرجعية الإسلامية الوحيدةء ومنها استمدت الحركة الإباضية رؤيتها وشرعيتها ومبادئها وقوانينها الدستورية وكل ذلك في سبيل إقامة الدولة والمجتمع الإسلاميين المثاليين من خلال تشييد نظام الإمامة. ١۱ ومنذ الإمامة الأولىء إمامة الجلندى بن مسعود قام التاريخ والثقافة المُمانيان على ثلائة مبادىء أساسية ثابتة: ه مبداً السلطة أي نظام الإمامة القائم على مبداً الإجماع والتعاقكء ومبداً الانتتخاب الحر للإمام المبني على مبداً الشورى. وهذا المبداً هو بحق القاعدة الأساسية المانية»» الديمقراطية ذات النفحة الروحية والأخلاقية والتي تستأهل أن توصف بهالديمقراطية الإسلامية العمانية». ه مفهوم الوطن» حيث إنه بعد انتقال الحركة الإباضية وعلمائها من البصرة إلى وانتقال جزء من المركز الفكري الإسلامي إليهاء مع نهاية القرن الهجري الأول تحولت عُمان إلى «الوطن الروحي» للإباضيين كما أصبحت ملاذاً للفارين من اضطهاد السلطات العباسية. من هنا فإن مفهوم الوطن لدى تكون ميكراً. ه مبداً الاستقلال والسيادة. ولقد تت هذا المبداً عملياً مع اتفصال عُمان عن الدولة الأمويةء أولاء ثم عن الدولة العباسية في التصف الثاني من القرن الثاني الهجري. ولقد جاء هذا المبداً ليكمل المبداً الثاني. لقد صنعت هذه المبادىء الثلاثة - خلال اثني عشر قرناً من الممارسة والتطبيق - التاريخ والثقافة العُمانيين› وصاغت الثقافة السياسية للبلاد. كذلك تميّزت غُمان پتاريخها المكتوب. فقد أذ مؤرخون عُمانيون» منذ وقت مبكر جداء على عاتقهم مسؤولية تدوين الأحداث والمنجزات المتعلقة بوطنهم. وكل ذلك في خدمة المبادىء والمثل العليا الخاصة بهذا الوطن وبهذه «الديمقراطية المُمانية»: الشورى والإمامة والسيادة. كذلك سوف تمثل «الديمقراطية الإسلامية أحد هم محاور التاريخ وخاصية ميزت الثقافة السياسية ولذلك سوف تقتضي معالجتها الموسعة إعادة تعريف مفهوم الديمقراطية ذاته. الديمقراطية والشورى عندما تذكر الديمقراطيةء غالبا ما يتبادر إلى الذهن نموذج الديمقراطية الغربية ۳١۱ الديمقراطية البرلمانية. نموذج ديمقراطية تضمن بمؤسساتها الحديثة ودساتيرهاء الحريات المدنية والسياسية والحريات الفردية بصورة أخص. إلا أن مفهوم الديمقراطية هذا لا يردنا في معظم الأحوال إلا إلى فلسفة سياسية خاصة بالدولة الغربية الحديثة. وعند ذلك ما وراء الإطار الدقيق للنظرية السياسية الحديئةء ينشأً التالي: أهناك ديمقراطية من نوع آخر؟ ديمقراطية تختلف عن النمؤذج الغربي؟ أهناك مجتمعات أخرى أو تجارب إنسانية أخحرى حقّقت مقتضيات العدالة والمساواة والحقٌ في إطار ديمقراطية خاصة بها؟ ليس من ظاهرة سياسية اقتضت من الجهد في التعيين والتعريف مثل ما اقتضت الديمقراطية. ففي إطار النظرية السياسيةء عرفت الديمقراطية أساساء بأنها جملة سيرورات ترمي إلى تحقيق العدالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وعُرفت بأنها نظام برلماني انتخابي يضمن حقوق المواطن من خلال المشاركة المباشرة أو غير المباشرة لهذا الأخير في الانتخاب بما يحافظ على المصلحة المشتركة للأمة. وهكذا عُرفت نظرياً بوصفها «حكومة الشعب بالشعب ومن أجل الشعب». ورأى آخرون» أيضاء في هذه الديمقراطيةء حكم الأغلبية للأقلية. إلا أن هذا التعريف التبسيطي دُحض بصورة حازمة لأن الأمر الذي لا يمكن إنكاره هو أن أغلبية الشعب لا تحكم الأقلية أبداًء حتى في النظم الديمقراطية الحديثة. وبهذا الخصوص يقول جان جاك روسو ‎:(Jean-Jacques Rousseau)‏ «إذا أخذنا المصطلح بمعناه الدقيق. فإنه لم توجد قط ديمقراطية حقيقية ولن توجد مثل هذه الديمقراطية أبدا. إنه لأمر مخالف للطبيعة أن يحكم العدد الكبير وأن يكون العدد الصغير ولكن التعريف في نظرناء هو تعريف تو كفیل القائل إنها «تبعاً لمقول الكلمات الحقيقي: حكومة يشارك فيها الشعب بنصيب متفاوت» مضيفاً أن: «معناها مرتبط ارتباطاً حميماً يفكرة الحرية السياسية»» غير أن توكشيل Rousseau (Jean-Jacques), Du contrat social, Paris, Flammarion, 1966, p. 107 (۱) يعود ليؤكد أن «الحرية ليست الحالة العامة والدائمة. فالشعوب التي تعيش وضعاً اجتماعياً تسوده الديمقراطية لا تنزع دوماً وعلى وجه الإطلاق إلى الحرية؛ فمطلب الشعوب الأيدي هو المساواة»”°. وإذا اعتبرنا الديمقراطية مجموعة من القوانين الموضوعة في کل بلد حسب خصوصيته الثقافية وتقاليده وقيمهء فإننا نستطيع أن نقول إن ذلك هو جوهر وأساس الديمقر اطية مهما كان نظامها. ويلاحظ مونتسكيو ‎esq‏ بهذا الصدتء ما يلي: «القانون عامّةء هو العقل الإنساني من حيث إنه يحكم كل شعوب الأرض. ولا ينبغي للقوانين السياسية والمدنية لكل أمة إلا أن تكون أوجه تطبيق خاصة لما يُمليه العقل الإنساني. هذا ولا بد لهذه القوانين أن تكون مناسبة للشعب الذي وضعت من أجلهء بحيث لا يحدث إلا على سبيل الصدفة المحضة أن تصلح قوانیين أمة لأمة أخریء”٩. وإذا كان لكل مجتمع خصوصيته› وتقاليده وقناعاتهء وقيمهء وثقافة خاصة به فإن هذا يعني أن كل مجتمع يملك» أيضاء رؤية خاصة لتحقيق ذاته في العدالة والمساواة والأمن لكل أعضائه. ويجب أن نستخلص من ذلك» في الحالة التي عليهاء أن مجتمعات عريية ومسلمة كانت - كل منها حسب ظروفه الخاصة وخحصوصياته التاريخية والثقافية - قابلة لإفراز «ديمقراطيتها» الخاصة وبنائهاء بل وتسوقة إلى ذلك بقوة الاشياء. وفي نهاية وبقليل من التحرر من التعريفات الدقيقةء يمكننا القول إن الديمقراطية الغربية لا تقدم بالضرورةء بديلاً نموذجياً يصلح في سائر المجتمعات الاخر ى. وبطبيعة الحال لا يعني هذا أنه لا ينبغي الاستفادة من إيجابيات التجارب Prélot (M.) & Lescuyer (G.), Histoire des idées politiques, Paris, Dalloz, 1990, p. 561. (۲) Montesquieu (Ch. de Secondat de), De l'esprit des lois, Paris, Flammarion, 1979, tome (T۳) p. 128. الغربية وسلبياتها قدر الإمكان بقدر ما تتجاوب ومعطيات كل بلك فمن النافل أن التجارب والثقافات المتنوعة تراث للإنسانية بكاملها. من جانب آخر فإن طرح الديمقراطية غالباً ما ارتبط بالعلمانيةء ومن هنا يبرز السؤال التالي: ألا تستدعي الديمقراطيةء بحكم الواقم نظاماً علمانياً؟ وأليست العلمانية شرطاً لازماً لسيادة الشعب؛» لسلطته وحريته؟ إن مفهوم العلمانية ليس أحادي المعنىء وهو فيما يتعلق بالسياسة يرد بشكل حاص إلى الانفصال بين الزمني والروحي» بين الكنيسة والدولة. فَعَفْتَرض العلمانية إذ ذاك لكي يصع أن توصف دولة بهاء ألا تقوم المصادر التشريعية على قانون إلهيء بل أن تقوم على قانون زمني (وضعي) وألا يتاح بالتالي› لأية مؤسسة دينية التأثير على إدارة الدولة. وهذا المفهوم للعلمانية كما هو عليهء لم يظهر إلا متأخراً في أوروبا الغريية حيث كانت المَلّكية (المسماق أحيانل مَلَكية الحقّ الإلهي)» في كل أُمَةء تشرف مباشرة على الكنيسةء إلى أن جعلت الثورة الفرنسية من العلمانيةء (الحياد الديني)› أحد أسس المواطنةء ثم أقامت علمانية السلطة بالفصل بين الكنيسة والدولة. وفي هذه الأثناى ألّت القيم الدينية والروحيةء في الغرب الحديث» المكانَ الأول للعقلء ل«القانون الطبيعى» وللنمو المادّي للإنسان. وعلى هذا النحوء ومن هذا المنطلق وبإخحضاع العلاقات الإنسانية للعقل كرض أن الإنسان يصبح مالك أمره و«سيد مصيره» وما الإنسانية والعالم بالنسبة إليه» سوى مشروع تاريخى”). إن العلمانية إنتاج تاريخ وثقافة مسيحيين أوروبيين. وإذا كانت العلمانية شرطاً للديمقراطية فهي ليست بالضرورة شرطاً ل«الديمقراطية» العربية الإسلامية. وليست - حتماً - شرطاً للديمقراطية العُمانية التي نقدمها هنا. كما أن مسيرة التاريخ الإسلامي ليست ممائلة لمسيرة أوروباء وليس للإسلام التعريف نفسه الذي (٤) أنظر: فرغوت (أنطوان)» «الدين والعلمانية في أوروبا المعرتات بين المضارات المربية رال رربي (مؤتمر هامبورغ أبريل ۱۹۸۳)› الدار التونسية ١۹۸ 0 للمسيحية والذي جسدته الكنيسة وملاكاتها. فلم يعرف الإسلام سلطة كهنوتيةء ومن أجل ذلك لم تطرح مسألة العلمانية على الثقافة الإسلامية. على هذا فإن موضوع فصل السلطات في الدولة الإسلامية موضوع أساسي. فالدولة الإسلامية ليست «يوقراطية»» (حكومة دينية)» ومنصب الخليفة لیس منصباً إلهياء بل إن الخليفةء بموجب السئَّةء يجب أن يُنتخب انتخاباً حرا من الأمّةء من الشعب. والعلاقة بين الخليفة والشعب مُعَرفة ومُشحذدّدة بعقد ينّصف بالبيعة. فشرعية الخليفةء بل الخليفة نفسه من الشعب» والشعب الذي يمنح الشرعية يستطيع؛ أيضاًء أن يسحبها. الأَمَةء ذه هي مصدر السلطة الشرعية في الإسلام. وفضلاً عن ذلك» فإن تفويض السلطة في الإسلام منصوص عليه بوضوح: ليا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم€”2. إلا أنه إذا كان على المؤمنين إطاعة ولي الأمر فإن على هذا الأخير قبل أي شيء آخر» أن يستشير الأمة: «cإوشاورهم‏ في الأمر”. فتعاليم القرآن تعطي الشرعية لسلطة الأمة مجتمعة أي أنّها تکل الأمر لسيادة الأمة على نفسها ولحريتها. كما أن قاعدة أطيعوا أولي الأمر مقيدة بشرط أساسي» هو التزام أولي الأمر جانب الشرع أي العدل والفضيلة. والعدالة هي أحد الشروط المطلوبةء مبدئياء من الخليفة. ومن وجهة النظر هذه يُوسّس العدل مراعاةٌ للتعاليم القرآئية الممارسة المشروعة للسلطة(”. كذلك؛ يشير المفكر الإسلامي رشيد رضاء إلى أن الإسلام يعترف بسلطة تشريع بشرية. وقد أجاز الله هذه السلطة وعهد بها إلى الامة. وهذه السلطة تمارس بشرط الشورى» من قبل الذين فوّضوا أنفسهم بعلمهم وحكمتهم ونفوذهم. ولكن السلطة تعوت في الواقع إلى الأمةه لأن لقراراتها قوة التنفيذ في كل مسألة يمكن )°( سورة التساء: ۹ ٥. (١) سورة آل عمران: ١١۱٠. ‎Gardet (L.), La Cité musulmane, vie sociale et politique, Paris, Librairie philosophique J. Vrin, (Y)‏ ‎p.34.‏ ,1981 ٦۱ أن تستشار فيها وتتبنّى بصددها حلا جماعي. عليه ليس في الإسلام كما يقول محمد عبد من سلطة دينية خلاف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتلك سلطة فوّضها الله إلى كل مسلم. ذلك أن كل إنسان خليفة لله على الأرض”. واللّه توجه إلى رسوله قائلاً: «إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيرا ي١٠ والخطبة الشهيرة التي ألقاها أبو بكر بعد أن ولي ذات دلالة خاصّة من وجهة النظر هذه إذ قال: «أما بعد فقد وليت عليكم ولست بخيركم. فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقَوّموني» فالنظرية السياسية الإسلامية تستبعد إذاًء کل شكل «ثيوقراطي» سواء جماعة ذات طابع كهنوتي أم ملك يتذرع إلهي». وعلى العكس من ذلك؛› فإن الصفة الزمنية والنسبية والتعاقدية للسلطة معينة بوضوح: السلطة زمنيةء ولكنها ليست» لهذا السبب» «علمانية» - ولكنها مسؤولة من حيث المبداء أمام أمّة من المؤمنين› وهذه المسؤولية أمام شعب يتّصف بانتمائه الديني هي التي تستطيع الانفتاح على إدارة ديمقراطية وهي في الحقيقة جوهر الديمقراطية. انطلاقاً من ذلك فإن المسألة عند هذا الحد هي مسألة معرفة ما إِذا كان الدين قادراً على إثارة مسؤولية المواطن المؤمن إلى درجة تكفي لأن تكون هناك حفقَاً حياة سياسية وديمقراطية. ورداً على هذا السؤال أعطت النظرية السياسية الإسلامية والتجربة الديمقراطية الإسلامية ردا إيجابياً. ومن ثم يمكن القول إن التجربة المُمانية تجسيد حى للاديمقراطية الإأسلامية. وفضلاً عن الدور الهامٌ الذي يلعبه مبداً الشورى والإجماع في السلام الاجتماعي Laoust (H.), Le Califat dans la doctrine de Ridû, Traduction annotée d'al-Khilafa au (۸) al-Imama al-‘uzmê (Le Califat ou lI'Imãama suprême), Paris, Librairie d'Amêérique et d’Orient, ‎p. 156.‏ ,1986 (۹) عبده (محمد) الإسعزم دالتهرانية بين الملى دالمرنية, الجزائن المؤسسة الوطنية للكتاب› ۹۸۸ 6› ص ۰۳. ‏(٠) سورة فاطر: ٢۲. ‎Laoust (H.), op. cit., p. 23. (۱۱) ‎ ووحدة الشعب؛› فان ممارسة الشورى في ذاتهاء توطد مكانة المواطن في مجحتمعه وتمنحه قيمته الصحيحة كما تمنحها لممتّله: الإمام. فكلاھما يجد في الشورى المسؤولية والكرامة الإنسانيةء وهما مدلولان رئيسيان لوحدة الامة واستقرارها. إن حضور الإسلام ودوره في المجتمع أساسيان» وليس ذلك للسهر على شؤون المجتمہ والدولة فحسب» بل بوصفهماء أيضاء المصدر الرئيسي للقيم الاجتماعية والأحلاقية(. وعلى عكس المنظور المألوف للفكر الغربيء فإن مدلول الإنسان الحرَ في الإسلام هو مدلول حقوقي غير ميتافيزيقي. وأرضيته هي الشعور القوي جا بمساواة مطلقة في الحقوق بين سائر أعضاء الامّة الإسلامية. فكل المؤمنين متساوون مام القانون لأنهم وهكذا فإن قيم الفضيلة ومبادىء العدالة والمساواة والشورى والإجماع هي أساس السلطة في الإسلام. وإن شعباً بهذه المثل العليا لا يمكن أن يكون شعباً دون سيادة ودون حرية ودون توق ديمقراطي؛ أوليست مبادىء العدالة والمساواة هي خصائص الديمقراطية وأسسها؟ من جهة أخرى لا نغفل أن المساواة الاجتماعية وهي أحد أسس الرسالة الإسلاميةء القاعدة الأولية للمساواة السياسية: «لوإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالىدل»” . يبقى الاعتقاد القائل إن السلطة ذات الوحي الديني غير متوافقة مع الديمقراطية. أي: هل يمكن للديمقراطيةء بمعناها العا أن تتماهى مع المبادىء الإسلامية لا سما الشورى؟ إن الدين الإسلامي يقدم حول هذه النقطة عدة إجابات واضحة بینھا يلاحظ غارديه في كتابه الإسعرم دين رامل أن للقيم الإسلامية خصوصيتها وأن اللغات الأوروبية لا تؤدي هذه القيم إلا على نحو تقريبي. وهو يرى» بالمقابل؛ أن الغرب» حتى ولو تخلى عن مسيحيته» ترجع المفاهيم الدينية التي يستخدمها إلى القيم المسيحية. Gardet (L.), L'Islam, Religion et Communauté, Paris, Desclée de Bouwer, 1967, p.29. Garder (L.), La Cité musulmane, op. ci!., p. S1. (۱۳) 3 ۱( سورة النساء: الآية الكريمة: «لإوأمرهم شورى بينهم”°. ومن المعروف أن النبي (ص) نفسهء کان حریصاً على تطبيق مبداً الشورى. ويلاحظ رشيد رضاء عام ۲ أن جعل من مبداً الشورى أساساً حقوقياً لمصلحة الشعب العامة« © والنبيَ يقول عن الشورى: «أما إن الله ورسوله لغنيان عنهاء ولكن لقد جعلها الله رحمة لأَمتي فمن استشار منهم لم یعدم رشداًء ومن ترکھا لم يعدم غيام۱). هي؛ شرط لارتقاء الَمَةَه شرط لكي يكون المجتمع راشداً وهي فضلاً عن ذلك إحدى قيم العدالة والمساواق وشرط مُلزم للسلطة السياسية في الإسلام. لذلك؛ فهي رحمة وضرورة ليعيش الناس بسلام وكرامة: «هي رحمة لأمتي». إلى ما سبق فإن النبي قد حدّد بشكل واضح مسؤولية الأَمَة في إدارة شؤونها حيث قال: «أنتم أعلم بأمر دنياكم”. أيضا ما توججه به إلى أبى بكر وعم حين قال لهما: «لو اجتمعتما ما إن جوهر هذا الحديث هو أن (ص) نفسه يقبل براي الأغلبية: «إنما أنا بشر مثلکم» ۰ ولكن أيّة حكمة هي التي جعلت النبي (ص) يشدد على مبداً الشورى دون أن يحدّد له قاعدة واضحة؟ يرى رشيد رضا أن على الشورى أن تتطوّر لتتكيف مع تطوّر الَمَة في مختلف وجوهها الاجتماعية وضمن مصالحها العامة عبر الزمن. ولو كان كما يقول رشيد رضاء قد وضع قواعد دائمةء لكان من شأن المسلمين أن يطبقوها حتى ولو كانت ضدٌ المصلحة العامة نفسها ". وفي السياق التاريخي الإسلامي نجد أن تطبيق مبداي الإجماع والتعاقد قد علق (١٠) سورة الشوری: ٢۳. مجلة المناب ج ١٠ م ۲۳ء ۱۹۲۲› ص ۰٥۷. المرعع ص ٠٠٥۷. (۱۸) المع السماش› ص ٠٠۷. المرعع ص ١٠۷. (٠)) المع ص ٠٠۷. المع ص ٠٠٥۷. واقعاء منذ نهاية دولة الخلافة الراشدق وبداية الدولة الأموية. وبالفعلء فإن الخلفاء العرب أنفسهم غُينواء في بعض الحقب» من قبل عسكريين عثمانيين؛ في حين طبّق الُمانيون هذين المبدأين على مستوى الإمامة وعلى مستوى الدولة والمجتمع؛ بل وني كل الأمورء وذلك منذ القرن الثاني الهجري؛ (القرن الثامن الميلادي). بعبارة أخحرىء امتدّت هذه التجرية العمانية؛ مع بعض الأنقطاع؛› اني عشر قرناً. ۱ وإذا سلّمنا بأن التطبيق الكامل لمبدأي الشورى والانتخاب الحر لزعيم الأمّة - الإجماع والتعاقد - هما جوهر الديمقراطيةء فإن الإمامة الإباضية يمكن أن تُعَدَ أطول تجربة ديمقراطية في تاريخ الإنسانية. وتلك واقعة يزيد في جدارتها بالملاحظة كونها قد مثلت مثلاً أعلى خلال القسم الأكبر من تاريخهم إلى حد التماهي مع هذا التاريخ نفسه. إن الفرق الأساسي بين الشرق والغرب إنما هو فرق ثقافي» ويمكن أن بالدرجة الأولى» إلى مسألة ذات طبيعة أخلاقية قيمية. فالمفروض في الإنسان» في الغرب» أن يحفقّق ذاته بتأكيد فرديته وأفعالكہ وكذلك من خلال البحث عن السعادة الشخصية وبلوغها. وهذا ما تضمنه له الديمقراطية الحديثة. أَمّا في الشرق فإن تحقيق ذات الإنسان غير ممكن التصور إلا من خلال تحقيق أهداف الجماعة أو اة التي ينتمي إليها وتوفير مقتضياتها ". يسود في الوقت الحاضر شبه إجماع على الفكرة القائلة إنه لا لأن نعرف ما إذا كان يمكن تطبيق الديمقراطية الغربية في البلدان العربية الإسلاميةء بل إن (۲۲) منذ ١۱۹۳ رأى الفيلسوف الإسلامي محمد إقبال أن الإنسانية تحتاج إلى ثلاثة أمور: تفسير روحي للكون» وتحرير روحي للفردء ومبادىء أساسية ذات مدى كوني توجه تطور المجتمع البشري على أساس روحي. ویری أن مثالية أوروبا لم تصبح› یوما عاملاً حيا في حياتهاء والنتيجة هي نشوء «أنا» «ذات» فاسد (فاسدة) يحث عن ذاته من خلال ديمقراطيات تقوم وظيفتها الوحيدة على استغلال الفقراء لصالح الأغنياء. وأوروبا اليو كما يقول» أكبر عقبة تعترض تقدم الإنسان الأخلاقي. Iqbal (M.), Reconstruire la pensée religieuse de l'Islam, Paris, Librairie d’'Amérique et d'Orient, Adrien Maisonneuve, 1955, p. 193. المهة؛ بالأحرى» هو معرفة أقرب الأشكال الديمقراطية لهذه المجتمعات وأوفقها لها. إذ لا ينبغي أن تقتصر الديمقراطية على آلية انتخابية تبداً وتنتهي ضمن حدود سياسية محضة لا تعبر عن الإنسان كجوهر وروح.” وبعبارة أخرىء يجب أن تكون الديمقراطية أخلاقية أيضاًء ديمقراطية قيمية. والنموذج المستقل - على ما سيتبدّى لنا من عرض نشأنه - يمنّل تجسيداً مبكراً لهذا الشكل من الديمقراطية. إلا أنه يجدر بناء قبل الدخول في عرض تطوّر هذه التجرية بخطوطها الكبرى» أن نشير إلى أن هذا البحث لا يرمي إلى اختزال نظام الإمامة الإباضية إلى حدود المقارنة مع الديمقراطية الغربية. فالإمامة الإأباضية لا تستجيب للمعايير والمقتضيات نفسها التي تستجيب لها سابقاتها اليونانية والرومانية أو الأنظمة الغربية التي تلتها. ومثل هذه المحاولة ليست اختزالية فحسب ولكنها مفالطة تاريخية بكل ما للكلمة من معنى. فقيمة التجربة الإباضية هي» على وجه الدقةء في أصالتها قياساً على زمانها. ولهذا السبب أيضاً فمن المستحسن استعادة «الفعل التأسيسي» للديمقراطية الإسلامية الُمانية في السياق الإسلامي الذي شهد ولادتها وألهم صعودها. الديمقراطية الإسلامية إن الديمقراطية الإسلامية التي نقدمها في هذا العمل تأخذ على عاتقها أن تلتزم إلى حد كبير من الوفاى بقيم إسلام معتدل سمح وتقاليد عربية نبيلةء؛ وهي تتهض في سبيل ذلك» وفي إطار الإمامةء على سبعة أعمدة أساسية: ه مبداً الإأجماع والتعاقد (الشورى والبيعة). ه مبداً الانتخاب الحر للإمام. ه الدستور. مؤسّسات الإمامة: المجالس. * مبداً استقلال القانون والمساواة أمام القانون. ه قانون الزكاة. ۲۱ إلغاء الجيش في زمن السلم. كما أن لهاء إلى هذه القواعد الأساسيةء نقاط استناد هامة أخرى. أَوَلا التركيبة القبلية للمجتمع المُماني» المؤسّسة السياسيةء التي لعبت دورا إيجابيا في تدعيم نظام الإمامة واستمراره. وهناك ثانياء مسألة الاستقلال الإداري والقضائي للمناطق والمحافظات التي لا تخضع لحكومة الإمامة المركزية إلا في نهاية المطاف» أي في الأمور العلياء أو في الشؤون المتعلقة بالبلد بكامله. وقد رسمت جملة هذه المبادىء حدود «إرادة عامة) في ثقافة المجتمع العُماني وقيمهء كما صاغت إطار الثقافة الوطنية السياسية الممانية. يستند نظام الإمامةء في إدارة شؤون الدولة والمجتمع إلى مبداً الشورى الذي يؤلّف قانوناً ثابتاً وإلزامياً. وهذا المبدا - مبداً العدل والمساواة - الذي يمتّل روح السلطة السياسية في الإسلام يرمي» أساسا إلى توحيد الأَمَة وتوحيد المجتمع؛ من خلال المشاركة الفعلية للمواطنين؛ كما يهدف إلى تحقيق مبداً الإجماع. إن نظام الإمامة يقوم على الاتتخاب الحر للإمام. ولا ينص الدستور الإباضي على أن ينتمي الإمام إلى جماعة العلماي وإن كان ذلك مفضّلاً ولكنه في المقابل يقتضي أن يكون الإمام نزيهاء مستقيماً دينياً وأخلاقياأ وحاملاً للفضائل بصرف النظر عن لون جلده أو انتمائه القبلي أو الأسري أو الاجتماعي. تلك هي شروط البيعة. وتمثل البيعة التعاقد الرسمي المكتوب بين الإمام والأمةء بالعلماء أهل الحل والعقد. فالبيعة إذاه هي نص دستوري تعاقدي مُلزم للإمام لإرادة الأَمة. الدستور الإباضي هو الأول من نوعه في العالم العربي والإسلامي» بل ومن الأوائل في العالم كله؛ فالأسس الأولى لهذا الدستور وضعت في النصف الثاني من القرن الهجري الأول (السابع الميلادي). ويُعتقد أنه کتب 6 ثم أغني آکٹر في القرنين الخامس والسادس للهجرة. لقد متّل هذا الدستور الإطار العام للإمامة كما نَم مسيرتها عبر الزمن. ولقد لى على بساطتهء فضلاً عن ذلك مقتضيات المجتمع الإمامة والوطن› وشكل التعبير الحقيقي لروح الديمقراطية الإسلامية لق وما مجالس الإمامةء فهي الأولى من نوعها التي شت شعت في العالم العربي والإسلامي منذ التصف الثاني للقرن الهجري الأولء (السابع الميلادي). وتتألف هذه المجالس من «مجلس للعلماء»› (مجلس الشيوخ)› عرف» أيضاء باسم «المجلس الأعلى»» ثم «المجلس العامٌ» ومن مجالس تقليدية محلية في المناطق والمدن. ويعود الدور الرئيسي في هذه المؤسّسات إلى العلماء المعروفين تاريخياً باسم «أهل الحل والعقده» الذين يشكلون مجلساً دائماً ذا سلطة تشريعية تسري على عموم البلاد. ويجدر بنا أن نشیر إلى أن هذه الجماعة لعبت دورا رائداً في دولة الخلافة إلا أن عملها شل بعد ذلك؛ بحلول الدولة الأموية ثم العباسية. ولكن جماعة «أهل الحل والعقد» التي أخذت على عاتقهاء في غعُمانء توطيد الإمامة ونشر إشعاعهاء واصلت لعب دور حاسم خلال ما يقارب اثئي عشر قرناً. إذ كان هؤلاء العلماء قادة المجتمع وضميره. لن نرججح» في عرضنا المُمانيةء طبيعتها القانونية أو الدستوريةء بل سنهت أكثر بعملها الفاعل والأدوار المختلفة التي تولتها. فلقد أثيتت هذه المؤسّسات على الرغم من انعدام الأطر واللوائح الدستورية المحدّدة والمفصّلة التي تنظم عملهاء تماسكاً ومرونة وفعالية لا شك فيها وأوجدت مع الزمن نموذج حياة مشتركة ووضعت» كذلك؛ الشروط الضرورية للمشاركة السياسية في السلطة. وأخيرا» ضمنت الانسجام بين القيادة والقاعدة. وضمنت تاليا شرعية الإمام واستمرار النظام السياسي: نظام الإمامة. وبفضل وجودها ووظيفتهاء مثلت أحد أسس الديمقراطية لقد استند نظام الإمامةء بشكل ملفت للانتباصv‏ على التركيبة القبلية للمجتمع الُماني. ومن المهم الإشارة إلى أن هذه المؤسّسة القبليةء التي غالبا ما أسيء فهمها من جانب المثفّفَين› لا سيما العرب منهم؛ هي المؤسسة السياسية الأولى» المؤسسة الأكثر توقاً للحرية وتعلقاً بها. ولذلك استجابت لمبداً «الإجماع والتعاقد»› مبداً الشورى والانتخاب الحر للإمام. هذا فضلا عن كون المؤسسة القبلية المصدر الأول لقوانين العرف العربيةء وكونهاء كذلك؛ مستودع قيم ديمقراطية تمارسها حتى في أدق الشؤون اليومية. إن الإطار القبلي هو أول مكان تعبر فيه خصائص المجتمع السياسي عن نفسها. ۲۳ فالمرحلة القبلية هي التي يبدا فيها كل الأفراد تقريباً الاشتراك في ممارسة الشورى - التشاور - واتخادٌ القرار الجماعي في الشؤون التي تخصهم. وهذا الواقع ينسجم تماماً مع منطق الفكر الإباضي الذي لا يقتضي المركزيةء إلا في ظروف خاصّة. على أنه يجدر بنا أن نشير أيضاً إلى أن القبيلةء في حال انعدام التوازن القبلي في الإمامة غالباً ما تفرز إذ ذاكء «عصبيتها القبلية» التي يمكن أن تسهم في إسقاط الإمامة نفسها. أما بالنسبة لنظام الإمامة الذي مَل على مدى أكثر من ألف عام التعبير عن دولة الخلافة فقد كان يقَدّم مثلاً أعلى للدولة الإسلامية كما كانت الشريعة المصدر الرئيسئ لتشريعه. وكان التطبيق الدقيق لمبادىء الإجماع والتعاقد الضامن للفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذيةء من جوهر الثقافة السياسية العُمانية كما كان العلماى عبر التاريخء المجلس التشريعي الدائم للدولة. الخلاصةء هي أن المسؤولية السياسية للإنسان تجاه أمتهء في إطار الإمامةه ذات دلالة هامّة؛ فخضوع الفرد الطوعي وشبه الكامل لَه لا يُنقص؛ ألبتةءه من مکانته بوصفه مواطناً حراً. بل إن هذا الخضوع للمثل الأعلى السامي هو على النقيض؛ تأ کید لمواطنته ولفرديته كشخص كامل الحقوق في مجتمع يقيس تَكامُلَهُ بميزان مشاركة أفراده فيه. بل إن الإنسان يستطيع بهذا الخضوع وضيمن هذا المنطق بلوغ صورة عليا للإنسانية لإنسانيته. وهكذا فإن هذا الخضوع لا يستلزم نفي الحرية الفرديةء بل يستلزم بالأحرى» تأكيدها. ذلك أن الحرية الفردية لا يمكن أن هناء إلا من خلال تحقيق الحرية الجماعية. وكل مس بهذا الفرد المواطن الإنسان هو مس به وبمجتمعه. والمواطن يجد في نكران الذات الطوعي لمصلحة الأمّة نوعاً من التشريف لشخصه فبمقدار ما يُعطي› ذاته. ولا يمکن فهم القيم الديمقراطيةء موضوعياء وهي التي خلقها التاريخ وطوّرها المجتمع العُماني؛ إذا لم نقف على ارتباطها بالقيم الاجتماعية ٤ لقد دخلت الديمقراطية إلى عُمانء مع المذهب الإباضي أي مع الدين. وهذا الشكل من الديمقراطيةء الاوّل من نوعه في العالم» تجسّد فى نظام الإمامة الدستوري المعتدل والقادر بفضل دستوره على ضمان استمرار الديمقراطية وتجذرها التدريجي. كما أن هذا الشكل من الديمقراطية ضمن؛ بدوره» استمرار الإمامة خلال مدّة تزید على انی عشر قرناً لم تَحُل تبعاً للظروف» من بعض الانقطاعات. 0 غالباً ما تُحددُ الجغرافيا السياسة وتَطبَُ التاريجٌ بطابعها. فعلى مدى التاريخين القديم والحديث؛» فرض الوضع الاستراتيجي لمان على شعبها أدوارا بل تاريخية مختلفة. وإذا كان قد لعبواء منذ العصور القديمة دور الوسيط بامتياز بين حضارات بلاد ما بين النهرين وآسيا وإفريقياء فإن عُمان لم تلبث أن أصبحت» خلال الفترة الاستعماريةء أحد أكثر البلدان إثارة ولم يلبث أن فض على العمانيين مواجهة ضروب التوشع والتحديات الإمبريالية. وفي فجر القرن السادس عش ويعد تفكك البلاد الذي امتدً ما يقارب أربعة قرون وعر عن نفسه بانعدام إمامة مومحدةء جرى أول انصال بين عُمان والقوى الإمبريالية الأوروبية مع وصول البرتغاليين إلى منطقة الخليج. فلقد وجد البرتغاليون المدفوعونء على اعترافهم؛ بروح الحروب الصليبية وفكرة «إعادة غزو الشرق» - وجدوا في بسبب موقعها الجغرافي الفريكء المحور الأمثل لسيطرتهم على الخليج ولاستراتيجيتهم الموججهة نحو الشرق. وقد تكفل خطاب سياسي - ديني تبرير ما لحق بعمان - البلد العربي الإسلامي - من أعمال عسكرية برتغالية وحشية ومن احتلال دام قرناً ونصف القرن. أا الحركة الإباضية التي كانت تتخذ من دولة الخلافة المثل الأعلى في سعيها إلى بناء إمامة نموذجية لدولة إسلاميةء فلقد بذلت جهدهاء خلال قرن› دفاعا عن تلاحمها فنجحت» فعلاً بمثابرة مدهشةء في المحافظة على ممارسة انتخاب الأَئُعَة Yo داخل البلات» وتوؤّجت جهودهاء أخيراً في بداية القرن السابع عش باإقامة الإمامة اليعربية ۲١٠ - في عُمان. وكان لهذه الإمامة الفضل في إنهاء الأحتلال البرتغالي وتحرير منطقة شرق أفريقيا وتأسيس الدولة الشمانية - الإفريقية. انطلاقاً من بداية القرن السابع عش تعاقبت على منطقة الخليج عدّة موجات استعمارية: هولنديةء فرنسية وإنكليزية. وكان التوسّع العسكري والسياسي - الاقتصادي يستلهم استراتيجية طويلة الأمد تستند إلى أيديولوجية استعمارية ترى في الحضور الأوروبي مكسباً وضرورة للقوى الاستعماريةء وترى فيه أيضاء رسالة حضاريةء تمدّنيةء إلى الشعوب المحتلّة. ولم تكن هذه الأيديولوجية تفترض» مسبقاء عدم الاعتراف باختلاف ثقافات هذه الشعوب وحضاراتها واستقلالهاء بل كانت تنكره بصورة جازمة. أما بالنسبة للإنكليز الذين لم يكونواء هم أنفسهم قد كونوا هويتهم الوطنية - القومية بعك فإنهم لم يكونوا قادرين على فهم مدلول استقلال الشعوب الأخرى ومقتضياتهء كما لم يكونوا قادرين» بالتالي» على الاعتراف بقيم تلك الشعوب وعلى احترامها. وكانت شعوب.الخليج بالنسبة إليهم كالشعوب التي تسمى» اليوم شعوب والعالم الثالث»» ومثلهم في ذلك مثل الامبراطوريات الاستعمارية الأاخرى - كانت شعوباً قبل كل شي ي ولا تستحيٌ بالتالي» سوى السيطرة عليها. وكان على غُمانء منذ منتصف القرن الثامن عش أن تعيش فترة حاسمة: مرحلة الانتقال من نظام الإمامة إلى نظام الشلطنة. وفي أثناء هذه التحوّلات في النظام السياسي العُماني وعلى خلفية تشكيل هوية وطنية جديدةء كان على عُمان أيضاً أن تدفع ثمن التنافس الاستعماري بين فرنسا وإنكلترا. وكانت معاهدة ۱۷۹۸ء وهي أوّل اتفاق بين بلد عربي وإنكلتراء إحدى نتائج حملة نابليون بونابرت على مصر. وإذ بدا مطلع القرن التاسع عشر حاسماً بالنسبة للاستراتيجية البريطانية حيث توضّلت بريطانيا إلى الإشراف» كلياً تقريبا على الخطوط البحرية للمحيط الهندي والخليج؛ واستطاعت بسط سيطرتها على مرافىء الهند وجزء كبیر من شرق آسیاء واستطاعت بالتالي إنهاء الدولة العُمانية - الإفريقيةء فقد ثرت هذه التطوّرات» بالنسبة A إلى دخولها مرحلة انحدار بارزة فلقد تحددت في هذه الأثناء أول معادلة استراتيجية بريطانية. فمن أجل المحافظة على الهند وشرق أسياء لم يعد من شك في ضرورة وضع اليد على الخليج لأنه نقطة مرور استراتيجية. علماً أن منطقة الخليج لم تحظ بالأولوية في الرهانات الاستعمارية إلا مع اكتشاف النفط في مطلع القرن العشرين. وكانت الحركة الإباضية القَوّة الوحيدة القادرة على مواجهة هذه الأمبراطورية المتنامية. وكانت الإرادة العامة للعُمانيين› كلما تبدى مأزق في السلطة القائمةء تعبر عن نفسها بالالتفاف حول الحركة الإباضية التي كانت بديلاً تاريخياً ثابتاً. ومن أجل إصلاح حال البلات ظهرت في هذا الاتجاه محاولات جديةء تمثلت بشکل بارز بثورة عزان - ١۱۸۷)› وثورة الخروصي (۱۹۱۳ -١۱۹۲۰). ولقد تمكنت بريطانيا من إفشال الثورة الأولى واحتواء الثانية بتوقيع معاهدة السيب (١۱۹۲) التي البلاد بموجبها إلى قسمين: «إمامة عُمان» في الداخل و«سلطنة مسقط» على الساحل. وعلى الرغم من اعتراف المعاهدة بحكومة الإمامة شبه المستقلّة في الداخل؛ فإنها كانت تنزع؛ مع ذلك» إلى عزلها وإزالتها مع الزمن. ۰ إذا كانت الديمقراطية الحمانية هي أحد الوجوه الأساسية في عملناء فإنها لن تستأئر وحدهاء بانتباهنا. إذ سنعنى» بصورة بدراسة منبت هذه أي الحضارة متوقفين» بشكل خاصٌ» عند دراسة جذور الفكر الإباضي وأسسه. وسوف يرتكز بحثناء أيضاًء على منجزات الحركة الإباضية› (الإمامات)› وتطوّرها والتحديات والمحن التي واجهتها. كما سنعالج ظروف استمرارها لفترة غير مألوفة وأسباب سقوطها المتأخرة. وبما أن التاريخ في القسم الأكبر منهء هو تاريخ الحركة الإباضية في إطار الإمامةء فلن يسعنا إهمال التاريخ السياسي العُماني في جملته بل سنعمل على استقرائه وعرضه من أجل إعادة رسم مسيرة هذه الحركة عبر مختلف المراحل التاريخية. ۷ أخيراً لا بد من الإشارة إلى أن ما كرس من كتابات لمان اقتصر في الغالب على معالجة مراحل معينة أو وجوه خاصّة للتاريخ مشل تاريخ الحركة الإباضية تاریخ السلطنةء أو العلاقات العمانية - البريطانية إلخ. وفضلاً عن ذلك؛ فقد كتب کثٹیر من هذه المؤلّفات بقلم مۇْرّخین استعماریین» مٹل لوریمر و کيلي وغيرهماء ومن منظور استعماري. وقد اجتهدناء دون أن نهمل مساهماتهم› في تقديم وجهة نظر أخرى» متكاملة للتاريخ المغماني ككل أكثر علمية وموضوعية. ولا يسعنا في هذا السياق إلا أن نلاحظ أن المؤرّخين العرب» وعلى الأخصٌ الذين عالجوا التاري يخ الإسلامي منهې لم إا عن جهل وإما عن قصد؛ بأهمية التجربة المُمانية ومن توقف عندها لم يتمكث. كذلك فسوف يعود إلينا أن نرکز بين أمور أخرى» على كون هذه التجربة الرائدة تقدم تراثاً نادراً للفكر والثقافة الإسلاميين. إن خصوصية هذا صل ومقتضيات المنهج والموضوعية قد حملتنا على الرجوع إلى مصادر متنوعة وغير بل وغير معروفة في معظمهاء ومنها الأرشيفات الفرنسية والإنكليزية التي تستعمل؛ في غالبيتهاء لأَوَل مرة. أا الإسهام الأدبي للحركة الإباضية فلقد بقي حتی عصر قریب» مجهولا حتی من جانب المختصّين العرب والأجانب. إلا أنه يبدو اليوم أن الحركة الإباضية كانت من أغنى الحركات الإسلامية وأخصبها من حيث الإنتاج الفكري» سواء على مستوى التشريع والفقهء أو على مستوى تاريخ دولة الخلافة والمدارس التي تولّدت عنها أو أيضاً على مستوى الشهادات الخاصة بسيرورة الإمامة في عُمان وبتاريخ الإباضية في بعض المناطق العربية. كل ذلك ندين به للعلماء العُمانيين. إلى هذا تولي دراستنا التاريخ الحديث» منذ بداية القرن السادس عشر وحتى بداية السبعينات من هذا القرنء (حتى مجيء السلطان قابوس عام ١۱۹۷)› المحل الأثين كما تتوسع في تتبع العلاقات الدوليةء وبصورة أدقٌ النزاع الفرنسي - الإنكليزي. وتلقي الضوء على العلاقات الإنكليزية - و الفرنسية - وأخيرا لا بد من التذ كير بأن الهدف الأساسي من هذا العمل هو تقديم دراسة ۸ معمّقة عن التجربة الإأسلامية في عُمانء كنظام حكم وکتراث ديمقراطي عربي إسلامي. وفي هذا السياق سنعرض آراء الإباضيين المتعلقة بمسألة التحکيم في صفين (۳۷ه/۷٥1م) وخروج الخوارج؛ التي تختلف مع آراء المذاهب الأخرى» السنية والشيعيةء على حد سواء. لكن هذا الآراى مثل غيرها من مسائل الخلاف المذهبية الثانويةء يجب أن لا تحجب رؤيتنا لأهمية التجربة الإسلامية المُمانيةء من حيث هي تجربة رائدة بكلٌ المقاييس» ومن حيث هي أيضاً ملك لكل مسلم. ۹ (وإؤ( عكمتم بين الناس أن تعڭمو( بالىرل) صسزرة النساء: ية ‎o۹‏ دولة الإمامة من أؤّل نشأتها إلى استتباب الاستعمار البريطاني باب الأول ‎e ۵‏ يمشاه تمهید «طوبی لن آمن بي ورآني وطوبی ثم طوبی لن آمن بي ولم يرني ولم يَرَ من رآنيء وإن الله سيزيد اهل عُمان إسلاماء ‏تقع عُمان على مدخل الخليج شرق شبه الجزيرة العربيةء وهي محاطة من ٹلاث جهات بشواطیء علی امتداد ۱۷۰۰ کلم: من حدود راس الخيهمةء قرب رس مُسندم على الخليج العربي» إلى خليج غعُمان عبر مضيق هرمز وبحر العرب وصولا إلى حدود اليمن. وتبلغ مساحتها الحالية ٠۳۲ آلف كيلومتر مربع› ويصل عدد سكانها إلى مليوني نسمة تقريباً وفيهاء كما يقول المؤرخ البريطاني كيلي حوالى ٠٠۲ قبيلة رئيسية وعدد لا يحصى من القبائل ‏تتمنّع عُمان بموقع تجاري وبحري محوري في منطقة المحيط الهندي والخليج وباقتصاد متين نسبياً يعتمد على تصدير النفط والغان بكميات تجارية محدودة. كما أن في عمان اقتصاداً زراعياً يقوم بصورة أساسية على تصدير التمور والحمضيات؛ بالإضافة إلى صيد الأسماك وتربية المواشي. وإذا أضفنا إلى ذلك ما لها من موقع استراتيجي هاي يمكننا القول إن عُمان تتمنّع اليوم كما تمنّعت في الماضي؛› باقتصاد وطني يجمع بين الموارد الإنتاجية الداخلية ودور الوسيط التجاري في محور الخليج - المحيط الهندي. ‎Stevens (A.), Orman, citadelle entre sable et mer, Ed. Terra Incognita, (Belgique), 1990, p.7. (\)‏ (۲) کيلي (ج. ب) بريطاتيا دالضليع ١۹٠۱ - ١۱۸۷ء الجزء الأول ترجمة محمد أمين عبداللّهء سلطنة عمان؛» وزارة التراث القومي والثقافف ۱۹۷۹ء ص ١۱. ‏٣۳ ‎ ‎ ‎ ١ . حضارة مان القديمة إلى ما تقدم فَإِنَ هذا البلد ذا الموقع الاستراتيجي غني بتاريخ يعودء على قول المؤرخين وعلماء الآثار إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد على الاقل؛ وهو عصر كانت عغُمان معروفة فيه بالاسم السومري «مغان» وكانت مساحتها تزيد كثيراً على مساحة عُمان الحاليةء وقد عاصرت «مملكةٌ مغان» «مملكة دلمون» (ماصاDe)‏ البحرين اليوم وحضارة مالوخا في الهند. وقد أقام الفينيقيون في مغان ودلمون؛» قبل انتقالهم نحو سورية الكبرى وفلسطين. وکانت بين حضارتي مغان ودلمون صلات وثيقة وتفاعلات مع الحضارات الكبيرة السائدة في منطقة ما يبن النهرين: السومريةء الأكاديةء البابلية والعلامية. وقد أثبتت الأبحاث مؤخراء وجود منشآت بشرية في عمان يعود عهدها إلى الألف الثالث قبل الميلاد. ومن أهم الاكتشافات في هذا المجال ما قامت به بعثة أثرية من جامعة هارثارد عام ۱۹۷۳» حيث عثرت على حوالى عشرين موقعاً مورّعة على مساحة ٠ كلم" من بهلة في تمان الداخلية إلى المنتريب في المنطقة الشرقية”°. ومن المعلوم أيضاً أن جزعاً من نشاط حضارة معان كان صهر النحاس وتصديره إلى بلاد ما بين النهرين. وهذا يدل على أن حضارة قديمة قد قامت وتطوّرت على الأراضي علماً أن هذه الحضارة لم تكن قائمق فقط على الزراعة وتصدير اللبان إلى مص والنحاس إلى سوم بل تعاطت؛ أيضاً صناعة السفن والتجارة البحرية. وتظهر إحدى لوحات سرغون ‎)Sargon)‏ ملك الأكاديين (۳۳۷۱ - ٦ ق. م)› سفن مغان ودلمون ومالوخا راسية في مرفاً اكاد( وهذا برهان آخر على وجود صناعة بحرية في مغان. ومما يدعم هذا الرأي ويشهد أيضاً على قیام صناعةء وجود شارة ملك السومريين دونغي (تعصهD)‏ على لوح في مدينة لاغاش Stevens (A.), op. cif., p. 10. (۳) ‏تاریخ؛ ص ٤.‎ ٤۳ يعود تاريخه إلى عام ٢٠٠ ۲ق.م. وعلى الرغم من أن هذه الحضارة لم تترك أي تراث ثقافي خاص؛ فإنها تبدو منتجة وفعالة ومنفتحة على التبادل. وهكذاء فإن دور تمان كدولة بحرية موغل في القدم ويمكن أن نعتبر أن الموقع قد لعب» منذ خمسة آلاف سنة دوراً عظيماً في الوصل ما بين مختلف حضارات المنطقة. ويروي الموْرّخ الإنكليزي مايلز أنه بفضل تمرّس سكان عُمان في الشؤون البحريةء تمكنت عُمان من القيام بدور الوسيط بين بلاد ما بين النهرين والهند وبالعكس”0. ومن المعلوم أيضاً أن تأثير موقع عُمانء خلال العصور القديمة لم يقتصر على المحيط الهندي والخليج؛ بل وصل» أيضاء إلى حوض البحر المتوسّط. ويشير مايلز إلى أن الأسطول احتل فيه المرتبة الثانيةء بعد أسطول قرطبة وصور. فقد كان الحمانيون يملكون في ذلك العهد أقوى أسطول في العالم وأغناه عدَةٌ وعتاداً. وكان للنشاط التجاري العماني القديم بفضل هذا الإسهام القوي؛ ودون أدنى شك؛ دور في نقل حضارات مينا وبابل وسوسة إلى الهند. وقد أخذ الهنود عن هذه الحضارات الفلك والفلسفة والكيمياء والرياضيات”"٩. ومن الممكن؛ اعتباراً من القرن الرابع ق.م أن نتابع النشاط التجاري للعُمانيين القدامى حتى إلى الصين. والمعروف أنهم أقاموا في مدينة كانتون ‎.)Canton)‏ ‏وبغیت العلاقة العُمانية _ الصينية قائمة منذ ذلك الحين حتی نهاية القرون الوسطى› وهو تاريخ جدّت فيه ظروف داخلية وخارجية ناجمة عن وصول البرتغاليين إلى المحيط الهندي والخليج العربيء ووضعت حداً للعلاقة بین البلدين. إل أنه من المنطقي الاعتقاتى إذا عدنا قليلاً إلى الوراى بأن حضارة مغان بدأت بالأفول مع (٠) المع ص ١۱۹٠.0 (١) مايلز (س. ب): الضليع: رتبائلص ترجمة محمد أمين عبداللهء سلطنة عُمان» وزارة التراث القومي والثقاف ۱۹۱۲ء ص ۲۷. (۷) المع ٠ ص ٠٠. الإجهاز على حضارات ما بين النهرين. فقد سيب احتلال وادي الأندس من جانب الغزاة الهندو - أوروبيين حوالى عام ١٠٠٠ق .م وخضوع بلاد ما بين النهرين› بعد حروب طاحنة أولا للأشوريين حوالى عام ١٠٠٠ ق. م ثم حوالی ۸۰٥ ق. م سب انحداراً حقيقياً في المبادلات التجارية عبر الخليج”. ٢ . الأصول ِن العودة إلى ما قبل التاريخ لتكوين فكرة عن سكان عُمان القديمة وحضارتها لا تدخل عملياً في إطار هذا البحث» ولكننا سنتطرّق إليها عند الضرورة. لا سيّما في سبیل تعيين الاصول مباشرة للهوية العمانية. ينحدر سكان عُمان» على قول المؤرخة الإسلامية سيدة كاشف» من أصل عربي قديم يعود إلى شعوب انقرضت» (كشعب عاد الذي نبيّه سيّدنا هود)» قطنت منطقة الأحقاف الواقعة بين وحضرموت”. ويقول ويلسون إن قوماً سومريين سكنوا تمان خلال الألوف الأربعة ق. م ويصفهم بدالأوفياء» لأنهم كانوا يدفعون» بانتظام جزية لحاكم ولعلهم من أعطى المنطقة اسم مغان. ومما نعلمه كذلك أن عُمان خضعت للمملكة الحميرية التي تلت مملكة سبا. وقد أقام الأحباش أيضاء خلال فترة قصيرةء في عُمان بعد أن قضوا على المملكة السومرية. ويشار على حدّ قول مايلن إلى أن «الكوشانة» المذ كورين في الإنجيل سكنوا هذه المنطقة . ويذكر فضلاً عن ذلك أن عدّة موجات هجرق خلال قرونء» توجهت من اليمن Al-Sabah, (Salem Al Jabir), Les Emirats du Golfe - Histoire d'un peuple, Paris, Fayard, 1980, (۸A) p. 18. (۹) کاشف (سيّدة إسماعيل)› ف نمر الإسعرم؛ سلطنة عمان؛ وزارة التراث القومي والثقافة ۹ ص ١۱. (١٠) ويلسون (أ. تاريغ الضليعي ترجمة محمد أمين عبداللّء سلطنة تمان وزارة التراث القومي والثقافة ١۹۸› ص ٢۲ - ٢۲. (۱۱) مایلز (س. ب) مرمع سایق ص اه إلى عُمان الحالية. ويقول كيلي (رااء) في هذا الصدد إن هجرة قبائل الجنوب العربية من شبه الجزيرة العربية نحو عُمان ريما بدأت في بداية القرن التاسع ق.م واستمرت خلال القرون التالية” `° وغالباً ما يشير المؤرّخون إلى موجتي هجرة كبيرتين: کان أُوّل من وصل من اليمنيين إلى غُمان عرب قحطان وذلك في عهد يعرب الذي فرض سلطته على جنوب شبه الجزيرة العربية بكاملهء بما فيه عُمان وحضرموت» في القرنين الثامن والسابع ق.م0. ثم توسعت هذه الهجرة اليمنيةء في موجتها الثانية نحو شبه الجزيرة العربية وعُمان والعراق وانتهت بتغيير الخريطة السكانية لمجموع المنطقة مع انهيار سد مأرب الشهير بداية القرن الثاني الميلادي» وهو الحدث الذي يُسَجل منعطفاً حاسماً في تطوّر هذه المناطق الثلاثء وخاصّة عُمان. ومن المُسَلّم به أن أصول معظم السكان العُمانيين الحاليين تعود إلى قبائل الأزد اليمنية التي هاجرت إلى منطقة عُمان بقيادة مالك بن فهم. ووجد هذا الأخير عند وصوله» أن الفرس يسيطرون على السواحل الحُمانية ومراففها التجاريةء وعلى مرفاً صحار ٠ء وصحار على ما يُروى هو اسم أحد أيناء التب نوح. وقد طرد مالك بن فهم الفرسٌ وأسّس حكمه على الأراضي ومن جهة أخرى» أعطت الأَزدُ عحمانَ اسمها الذي يُحيلء كما يقول المؤرّخون المُمانيون؛» إلى اسم هضبة كانت تعيش عليها قبائل الأزد قرب مأرب”” `. يذ كر المؤرخون العُمانيون ن هذه القبائل وصلت إلى عُمان في القرن الرابع الميلادي. وربّما كانت قبائل الازد قوام الهجرة الثانية التي قادها مالك بن فهئم في بداية القرن الرابع الميلادي» أي بعد انهيار سد مأرب. كيلي (ج. ب) بيطانيا الجزء الأول ص ١٠. (١۱) ويلسون (أ. ٿ) مع سابق؛ ص ٤٤.۰ (٤۱) مایلز (س. ب) سمع ص ۱۸. (١٠) الأزكوي (سرحان بن تاريغ عرات: كس القمة العبامع غبار تحقيق عبد المجيد حسيب القيسي» أبو ظبي» دار الدراسات الخليجيةء ١۱۹۷ء ص ٠۳. ۳۷ ومهما يكن من أمرء فإن الحكم في عُمان انتقل نهائياً بعد مالك الذي حكم كما يقول الأزكوي» سبعين سنة(” إلى ملوك الجلندى. وأثناء حكم هؤلاء قام الفرس الساسانيون باحتلال السواحل من جديدء وأعادوا تسمية عُمان ب«مزون»» وهو الاسم الذي لم يطلق؛ واقعا إلا على السواحل التي سيطروا عليها. ولعلٌ هذا الاسم يُحيل إلى قبائل مازن أما بالنسبة لادء فقد احتفظوا بالسيطرة على المناطق الداخلية ودام هذا الوضع حتى ظهور الإسلام. ۲ . عمان وبدايات الإسلام مع ظهور الإسلام كان عبد وجيفر ابنا الملك الجلندى المعولي يحكمان غعُمان. وقد أرسل إليهما محمد (ص) كتاباً حمله عمرو بن العاص طلب إليهما فيه اعتناق الدين الإسلامي. والتاريخ المضبوط لهذا الكتاب موضع جدل؛ (السنة السادسة أو الثامنة للهجرة)» ولكن يبدو أن الأصح هو السنة السادسة للهجرة. لم يواجه مبعوث الي (ص)؛ عمرو بن العاص؛ صعوبات في إقناع حاكمي غُمان بنبوّة محمد ورسالته الإسلامية. واعتنق الاخوانء عبد وجفيرء الدين الإسلامي دون تحفّظ. ولم ينقض إلا قليل من الوقت حتى كان سكان تمان قد أصبحوا مسلمين. وبهذا القبول الطوعي تميزت عُمان عن بقية المناطق العربية وغيرها. وهكذا احتلّت عُمان والعمانيون مكانة خاصّة في تاريخ بدايات الإسلام لا سيما وأن اعتناقهم الإسلام واكب طردهم للفرس نهائياً. وبموجب تعليمات الرسول (ص)› بقي عمرو بن العاص في غُمان لينشر الدين الإسلامي ويشرف على تطبيقء ولم يغادر البلد إلا على أثر وفاة النبي (ص). وكان (ص) قد بارك عُمانء وحفظ لها مكانة خاصّة في نفسه. على ذلك الأحاديث النبوية المذكورة في مؤلفات المؤْرّخين والعلماء حيث أثنى (عليه الصلاة والسلام) على تعلق العُمانيين بالإسلام واحترامهم لشرائعه. ومن أقوال الرسول (ص)› عندما علم باعتناق الممانيين الطوعي للإسلام حرفياً: المرعع السابق› ص ۳۲. ۴۳۸ «طوبی لمن آمن بي ورآني. وطوبی ثم طوبی لمن آمن بي ولم يرني ولم يَرَ من رآني. وإن الله سيزيد آهل عُمان وبعد النبي (ص) أشاد الخليفة أبو بكر أيضاء حيث قال بمناسبة عودة عمرو بن العاص من تُمان» متوجهاً إلى المُمائيين الذين صحبوا عمراً: أي فضل أكبر من فضلكم وأيّ فعل أشرف من فعلكم وكفاكم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم شرفاً إلى يوم وفيما بعك وخلافاً لما كان أعفى الخليفة أيو بكر - ٤e۳(‏ الُمانيين من دفع الضرائب ب إلى بیت مال المسلمين. وقد وزعت هذه الضرائب على فقراء عُمان تحية لأهلها. وقد لعب منذ فجر الإسلام دوراً فعَالً في تثبيته ونشره» وأسهموا في قمع حرکات المرتدین. كما شاركوا لاحقاً في نشر الإأسلام في اسيا وإفريقيا وعملوا على توطيده في شمال إفريقيا. وتمتاز تمان بعدد العلماء الذين قَدّمتهم منذ وقت مبكر جا للإسلام وبنوعيتهم. ومن أبرز الشخصيات العُمانية يمكن ذكر قاضي الخليفة عمر بن الخطاب في البصرق كعب بن سور والمهلّب بن أبي صفرة الذي أنقذ البصرة من جماعة الاأزارقة المتطرفة. وقد قاتل المُهَلبُء كما يقول الشهرستاني المؤرخ المسلم الشافعي:› تسع عشرة سنة حتى تمت تصفيتهم في زمن الحجاج؛ (والي ال مويين)'؟› إلى درجة أسمیت معها البصرةء كما يقول المؤرّخ بصرة المهلب”" وفضلاً عن ذلك؛ فإن إسهام العلماء الُمانيين هو وراء ما كان لهذه الحاضرة من إشعاع لا يمكن إهماله. السالمي (عبداللّه بن حميد) تمفة اعيات بيرة اهل رات القاهرةء مكتبة الإمام الجزء الأولء ۱ ص ۸. (۱۸) المع ص ٩۹. (۱۹) الشهرستاني (محمد بن عبد الكريم)›» الملل دالنمل؛ بيروت؛ تحقيق عبد العزيز محمد الوكيل› دار الفكر بدون ارخ م ص ۳۹ ٤ . ولادة الحركة الإباضية منذ القرن الأول للهجرةء ارتبط اسم الإباضية بكُمان. ولذلك يجدر بنا أن نستعيك هناء بسرعةء السياق الذي شهد انبثاق الحركة والمذهب الإباضيين. وغالباً ما قلّل المؤرّخون غير الإباضيين من عمق الحركة وأهميتهاء مكتفين بالريط بين الإباضيين والخوارج؛ مذكرين برفضهم دعم موقف الخليفة علي وخروجهم على «الشرعية الإسلاميةء. ولإلقاء الضوء على هذه السيرورةء علينا الرجوع إلى الكتابات التي تركها العلماء الإأباضيون حول هذه النقطة الرئيسية بالنسبة إليهم. لا حاجة إلى التذ كير بالإطار العام للأحداث. فمن المعروف أنه خلال عام ۳۸ھ/ ۸م وبعد معركة صفّين (۳۷ه) التي دارت بين الخليفة الشرعي عليْ› ووالي الشام معاويةء فَيِلَ علي التحكيم الذي كان ينبغي أن يضع حداً للحروب الدموية ويقرر شرعية الخلافة. عند ذلك تخلفت جماعة من المسلمين كانت حتى ذلك الحين» حليفة عن انباعه. ولم تكن تلك دلالة اعتراض على شرعيته كخليفة بل كانت احتجاجاً على قبوله اقتراح التحكيم. لقد رفضت هذه الجماعةء حسب تعابيرها الخاصّةء تفضيل حكم البشر على حكم كتاب الله. . ومن هنا جاء الاسم الذي عرفت به هذه الفرقة: «الشحكمة؛ ولكنّ خصومهم نعتوهم بهالخوارج»»› وسادت هذه التسمية. کان بين علماء وفقهاء من المرتبة الأولى› وعدد من صحابة الرسول نفسه ومن المقرّبين إليه. وكانواء كلهم قد بايعوا علياً للخلافة وآزروه» بل ونصروه في حرويه خصمه معاويةء ولم يطعنوا في شرعية علي كخليفة إلا بعد أن «تخلی» هو نفسه عنها بقبوله التحكيم. ويجدر بنا أن نورد حول هذه النقطة المركزية» كتابات المؤرخين الإباضيين التي لم تَخظ إلا بالشيء القليل من الذيوع رغم أنهاء في الغالب» معاصرة للوقائع. فقد جرى» على قول القلهاتي بشكل خاص» تبادل رسائل؛ (سنعود إليها)» بين علي ودالخوارج»» وقد سَلُم علي في هذه المناسبةء بأنه وقع في خدعة بقبوله التحكيم الشهير. وطلب من «الخوارج» العودة إليه والتحالف معه ضدٌ معاويةء ولكن «الخوارج» قابلوه بالرفض. ومع إعادة تأكيدهم لشرعيته» اعتبروه مسؤولاً عن خطاً قبول إلا أن الخليفة علياً الذي أساء مستشاروه نصحه» شرع في قتلهم والخلاص منهم. ويُنهي القلهاتي روايته بتأكيده أن علياً ندم على بعد أن قاتل الخوارج وشتتهم. وإذا تنا هذه الرواية للوقائع؛ فإنه يصعب أن نحمل الخوارج كل مسؤولية الانشقاق. فلو أنهم رفضوا «الشرعية الإسلامية» حقاً فهل كان أن يطلب منهم أن يتحالفوا معه لتوطيد الح والشرعية الإسلامية نفسها؟ إن شهادة المؤرخين الإباضيين التي لم تظهر إلى النور إلا محرا ثُقَدُم - حول هذه المرحلة الحاسمةء بل ربّما أكثر مراحل التاريخ الإسلامي حسماً - توضيحاً هائاً يدعونا الحدً الأدنى من الموضوعية إلى أخذه في الحسبان. كان أُوّل قائد للحركة الإباضية هو الشيخ أبو بلال مرداس بن أدية التميمي: أحد الناجين من معركة النهروان. بعد المعركة المذكورة جمع الشيخ أبو بلال مرداس أنصاره في منطقة البصرق ونظم ال-بركة ونفخ فيها دعوت ومن هنا جاء اسم «أهل الدعوة» الذي استعمله الموالون ليعرفوا بأنفسهم. وقد انضممت إليهم شخصيات عدّق بينها عبدالله بن إباض» (ومنه جاء اسم «الإباضية))› وأبو الشعٹاء جابر بن زيد الأزدي العُماني الذي تسلّم الشعلة وأسهم انتماؤه إلى قبائل الأزد في نشر الحركة في عُمانء حيث لقي الدعم الفعال من أسرة المهلب. وقد لعب جابر بن زيد دورا حاسماً كأب روحئ للحركةء وكأوّل إمام لها. ولم يتوقف أهل الدعوة بعد ولا سيما في ظل إمامة أبي عبيدةء» عن توسيع نفوذهم شطر اليمن ومان وخراسان وشمال إفريقيا. ظل الوضع في عمان مستقراً تقريباً طيلة العهد الأموي (١٤ه/٠١٠٦٦م - ٠م إذا استثنينا خلافة عبد الملك بن مروان (١٠٦ - ٦۸ه). ولكن )۲۱( القلهاتي (محمد بن سعید الأزدي)» الَف رالبيارت؛ الجزء الثاني» تحقيق سيدة [سماعيل الكاشف؛ سلطنة عُمانء وزارة التراث القومي والثقافة القاهرفق ۱۹۸۰ء ص ٤٤٢٤۲ - ١٤۲. )٢۲( المرمع السال؛: ص ٢٢۲. سعيد وسليمان» ابنا عباد بن عبد بن الجلندى اندفعا في ثورة الأمويين مع بداية الاضطرابات المذهبية والسياسية والتمردات التي أشعلها الشيعة والأزارقة وغيرهم. وقد عهد عبد الملك إلى الحجّاج بن يوسف» الوالي المشهور بقسوته› بإاخماد هذه الثورة فأزاح أبناء المهلب من السلطة في العراق ثم غزا بعد ذلك عُمان هخمد فيها الثورةء ولكن محاولته باءت بالفشل. وعلى سبيل الانتقام أخذ الحجّاج بتعذيب أزد العراق في البصرة وسجن علمائهم؛» ومن بينهم جابر بن زيد الذي كان الحجاج قد منعه من «نشر روح الحرية» على حد تعبير العالم السمائلي”. كما في جابر بن زيد مع بعض العلماء من أصحابه إلى عُمان حيث كان المذهب الإباضي قد انتشر فيها انتشارا واسعا. والواقع أن نفي القادة إلى عُمان لم يجرد الحركة من سلاحهاء بل أسهم بالأحرى» في توطيد مكانة عُمان التي حلت محل البصرة كقاعدة للمذهب الإباضي. استطاعت الحركة الإباضيةء بفضل عَمَلَّة العلم» من إطلاق أول ثورة في جنوب شبه الجزيرة العربيةء (۲۹/۱۲۸٠۱ه - ١٤۷م) امتدت من حضرموت وصنعاء إلى مكة والمدينة. ولكن هذه الثورة انتهت بعد حوالی سنتين ين" وفي المغرب» لعب الإباضيون بعد الفتح الإسلامي؛ء دوراً راجحاً في هذه البلدان واستقرارها. وتدل الكتابات الإباضية بشكل خاص؛ إلى أن سلمة بن سعد كان أُوّل من نقل إليها المذهب الإباضي”° وقد توصّلت الحركة الإباضيةء خلال التصف الأول من القرن الثاني للهجرة (۲۳) السمائلي (سالم بن حمود بن شامس السيابي)» ازال الرعتاء عن اتباع أي السّمناى تحقيق سيّدة إسماعيل كاشف؛ سلطنة عُمان› وزارة التراث القومي والثقافة القاهرق 6۹۷۹ء ص ١٠. (٤۲) البريكي (تاصر المرشد)› «الإباضية في الفكر السياسي الإسلامي وأثرها في قيام الدول»» (مجلة) رقم ۱۳» بیروت؛ ۱۹۹۱ ص ۱۱۷. أُنظر أيضاً: .672 ‎L'Encyclopédie de nouvelle édition, Paris, 1975, tome II, p.‏ (٢۲) الشماخي (أحمد بن سعيد بن عبد لتاب السيب تحقيق أحمد بن سعود السيابي؛ الجزء الأول سلطنة عُمانء وزارة التراث القومي والثقافة ۱۹۸۷ء ص يعد هذا العالم أحد المراجع الرئيسية للموسوعة الإسلامية). ٢٤ ومن خلال ثورات عديدة؛ إلى تأسيس ثلاث إمامات في القيروان وطرابلس زالت جميعها إثر صراعات دموية فَدّم فيها الإباضيون العديد من الشهداء. ولقد ت نوج عملهم في وقت ماء بقيام الدولة الرستمية - ٦۲۹ھ/ ۹). ولكن سقوط هذه الأخيرة لم يَدَغ لإباضيي المغرب سوى بضعة تجممعات متفرقة في الجزائر وتونس وليبيا حافظت في جميع الأحوالء على صلات ٠ . مان من القرن الشامن إلى القرن السادس عشر: وهحدة غير مكتملة أشعلت الحركة الإباضية في غُمان› عام ۷0/۳۲ ثورة على الدولة الأموية قت إلى إعلان أول إمامة مستقلةء وتم انتخاب الجلندى بن مسعود إماما لها. ولکن هذه الإمامة التي امد نفوذها من تمان إلى حضرموت واليمن لم طويلاء إذ أجهز عليها العباسيون عام ١۳٠ه/۲٠۷م. فخضعت مان للدولة العباسية طوال أكثر من أربعين عاماً كانت أسواً فترة اجتازتها في تاريخها القديم ذلك أن القادة العباسيين استعملوا الطغيان والقمع السكان؛ مُضطهدين› بشكل خاص؛ العلماء الإباضيين» وهو ما حمل عدداً منهم على الهرب والهجرة نحو شرق إفريقيا وقد حملوا إلى هذه المناطق عقيدتهم وتصميمهم بل واستطاعوا أن 3 نشوا فيها إمارات إسلامية بقيت عامرة ومزدهرة حتى وصول البرتغاليين في بداية القرن السادس عشر وعلى الرغم من هذه التقلّباتء وعلى الرغم من الضعف الذي عانته الحركة والمذهب الإباضيان نتيجة لسقوط إمامتهما الأولى وما لحق بعلمائهما من تنكيل› فقد بقيتا راسيتين بعمق في عُمان. ويلاحظ كيلي» هذا الأمر فيقول: «كانت النظرية الإباضية قد ترسخت في وجدان العُمانيين إلى حدٌ غدا معه مستحيلاً استئصالهاء فضلاً عن أتها ارتبطت في أذهانهم بالاستقلالء” ". (١۲) كيلي (ج. ب)) بيطانيا دالضليي مرجع سابق؛ الجزء الأول» ص ۳٠. ‘۳ ويضيف: إن «الصراع الطويل الذي خلال القرنين التاسع والعاشر بين الإباضية في عُمان وخلفاء بني العبّاس أضفى على نظام الإمامة صبغة "علمانية" طغت على الصبغة الدينية”". وبفضل حَملة العلم الجدد (وخاصّة البشير بن المتذر الشهير)› الذين قادهم خليفة أبي عبيدة؛ الربيمُ بن حبيب» نحو هذه المقاطعةء رفع الإباضيون رؤژوسهم واستعادوا نشاطهم في غُمان. وكان مركز هذه الحركة الجديدة مدينة نزوى. وهناك؛ ني عام ۷۹۳/۱۷۷م في مجلس عقد برئاسة موسی ين ابي جابر الأزكاني» تُودي بمحمد بن عفان الأزدي إماماً لممان”". طوال قرن من الازدهار والاستقرار بدأ مع هذا الانتخاب الناجح وامتد إلى عهد الصلت بن مالك (۲۳۷ه/ ٠٥۸م - إمام غُمان السادس» انتخب الممانيون أَُعَتهم بصورة طبيعية وحرة طبقاً لمبدا الشورى» وهو ما أتاح ل المحافظة على مکسب آساسي: وحدة الأمّة المُمانية. ومن هنا يبدو التباين جلياً بين المثال من وجهة النظر هذه وبين الممارسة السياسية للدولة ي ضربت عرض الحائط بالشورى وبمبداً الانتخاب الحر متأسية في ذلك العهد الأموي. إلا أن فترة الازدهار والاستقرار هذه كانت قصيرة. فقد لع الإمام الصلت بن مالك (۲۳۷ھ/ ٠٥۸م - ۲۷۳ه/۸۸۱م)› على يد موسی بن موسى الذي طالب بتنحي الصلت بسبب شيخوخته. وتجئباً للنزاعات المسلّحة قبل الإمام التتخى على مضض ولكنه أسَي في رسالة موججهة إلى أصحابه العلماى أن انسحابه من الإمامة ليس تخلياً عنهاء أي أنه لم يعتبر نفسه معزولاً من منصبه بل ذهب إلى اتهام موسی بن موسی بالطمع بیت (۲۷) المع السايق» ص ١٠ - المفيد أن نشير إلى أنه لا ينبغي هنا أخذ مصطلح «علمانية» حرفیاء بل بمعنی «المتسامح)). )٢۲۸( .)67 ‎Encyclopédie de l'Islam, op. cit., p.‏ (۲۹) كتاب السير الجزء الأول ص ١۲٠ و٤١٠. راجع أيضاً: أحمد بن عبدالله الكندي؛ كاب سلطنة عُمانء وزارة التراث القومي والثقافة ١۹۸ ٠. f نَصّبَ موسى بن موسى راشد بن النظر إماماً جديداً مكان الصلت. ولكن العلماء لم يقبلوا تحدّي موسى وجماعته للإمامةء ولا بعزل الإمام الصلت؛» وقرّرواء وضع حدٌ لهذا وهكذا دخلت عُمان حرباً أهلية طويلة أنهت إدارة الدولة الإسلامية الإباضية من قبل عة الأزد. وإذا كان هؤلاء الأئمة قد أرسواء خلال قرن» نظاماً موحداً للإمامة امتدّت حدوده من البحرين إلى اليمن؛ وطوّرواء باستمرار قوى البلاد البحريةء فلقد تعرض هذا الصرح للتهديد. عندما تدحلت الدولة العباسيةء بطلب من بعض أتباع موسی بن موسى» وحاولت فرض سيطرتهاء لبعض الوقت على عغُمان. وقد تسببت هذه الحملة العاسية بإحداث أرهب المجازر في التاريخ العُماني”° كذلك فلقد أفرز هذا النزاع مدرستين فكريتين: مدرسة الرستاق ومدرسة نزوى. اتصفت الأولىء في رأي بعض الإباضيين المعاصرين باالتشدّد». إذ استمرت في إدانة جماعة موسى بن موسى واعتبرته مرتدَاً. وبالمقابل» ريمحت مدرسة نزوى الاعتدال ودعت إلى الانفكاك من الماضي لإعادة الإمامة الموحدة". وهكذا بقي الحوار الدستوري حول خلع الإمام مفتوحاً. بالرغم من أن عملية انتخاب الأَئمة استمرت» فإن الخلافات الداخلية بقيت دون حسم. وهكذا دخلت عُمان القرون الوسطى ممرّقة سياسياً وجغرافياء فبقيت الإمامة في المناطق الداخليةء واستولت سلالة النبهائيين› (بني نبهان)› على المناطق الساحلية وفرضت عليها سيطرتها منذ ١١٠٠. وقد بلغت التجزئة السياسية الذروة مع احتلال البرتغاليين للمناطق الساحلية الاستراتيجية بما فيها مسقط (۸١١٠ - ١١٠٦٠). وبالفعل» فإن تمان لم تتوحد كلياً ولم تستعد إمامتها ولا قوانينها إلا في عهد الإمام اليعربي ناصر بن مرشد عام ١ ۲٦۱. يبقى أن الحوار الدستوري في غُمان بين مدرستي نزوی والرستاق» أفرز بدوره Wilkinson (J.C.), «Bio-bibliographical background to the crisis period in the Ibãdi Imãmate (۳۰) of Oman (end of 9th to end of 14th Century), Arabian Studies, Vol. HI, London, 1976, p. 139. Ibidem. (۳۱) ی ‎P7‏ ص ٠ - 2 )۳۲( فكراً متقدّماً في الشرعية وشروطها ونوا لثقافة حقوقية - تشريعية وسياسية غنية ٠ وهذه الثقافة التي لمسناها فى عرضنا للأصول التاريخية للإباضية هي ما سوف نتوقف عنده فى الفصل الأول المكرس للمذهب الإباضي ومؤسّساته› قبل البحث في المسيرة التاريخية التي شهدتها الحركة الإباضية في الفصول التالية. (۲۲) اتقاس هو كتاب العالم بي سعيد محمد بن سعيد الكدمي؛ الملقّب بإمام المذهب الإباضي (القرن ٣ه/القرن وأحد ركان مدرسة نزوى. في هذا المؤلف يتصدى الكدمي للرد على كتابات مدرسة الرستاق داعیاً إلى الإأصلاح والوحدة وتجاوز ما كان. بدوره يعمّق كتاب ُي بكر أحمد بن عبدالله النزوي (القرن ٤ أو أو ١٠م)» المسمى كناب الاشتماء الجدل الدستوري في عصرهء وبطبيعة الحال لا نغفل كتاب السير رالههرابات. ۹ مدخل إلى الباب الأول يجدر بنا أن نبداً بالتعريف بعض الشيء بنظام الإمامة الذي أظهر منذ بدایاته ما يتمتع به من توازنٍ خاص. فقد كانت مجالسهء وهي صورة أصيلة للمؤۇسّسات العربية الإسلامية تسهر على تطبيق مبداً الشورى الإسلامية ذي القيمة الديمقراطية. وقد لبت هذه المؤسّسات بدايةء المقتضيات الأخلاقية للعدالة والإنصاف في المذهب الإباضي› جاعلة من عُمان وطنها الروحيَ. كان نظام الإمامة إِذاً الإطار العام وكذلك المرجع الوطني والثقافي اللُماني. لماذاء وضمن أية شروط قاوم هذا النظام امتحان الزمن والنزاعات؟ تلك هي «الإشكالية» المركزية التي سوف يعالجها هذا الجزء. وسوف يدور الأمر على استخلاص الصفات الأساسية للإباضية وعملها كأسطورة حي و كتجربة حکم وذلك عبر لمحة سريعة لبدايات الإمامة الإباضية والتحديات الأولى التي واجهتهاء لا سيما سقوط إمامة الصلت بن مالك (القرن ٣ه/القرن ۹م)› وما نتج عن ذلك. لقد أثبتت الإباضية وهي حركة أقليةَ في الإسلام مُضطهَّدة من بدايتهاء قدرتها على إدارة النزاعات الداخلية أو الخارجية وقدرتها على إدارة السلطة في عهود الإجماع والتوافق» وذلك بفضل الأساس الديني لشرعيتهاء وبفضل تصميم علمائها. وإذ عانت عُمان تجربة المحنة الداخلية بصورة حرب أهلية أولى انتصرت فيها روح العصبية القبليةء وانقسمت البلاد معها إلى عدّة مناطق شبه مستقلّة. فإن الهوية الإباضية لم تُمَسٌ أيدا طوال هذه الفترةء ولا هي انكسفت مع الغزو البرتغالي t۷ - رغم أن البرتغاليين احتلّوا المدن الساحلية والمرافىء وأنزلوا ضربة قاصمة بالتجارة المحلية وأوقعوا الاضطراب في الوضع العام للمنطقةء وكانوا البادئين بإدخال القرصنة الدولية في المنطقة مما وضع حداً لعهد من السلام والأمنء وهياً الخليج لمرحلة الاحتلال الاستعماري الغربي التالية. وعلى الرغم من خمسة قرون من التمرّق الوطني» وعلى الرغم من مرارة الأحتلال الأجنبي» استمرت الحركة الإباضية حية متماسكة فلم تتوقّف عن انتخاب أممتها في منطقة غُمان الداخل طوال هذه الفترةء بل إنها بدت قادرة على تجاوز الانقسام الداخلي بإجراء مصالحة وطنية أثمرت قيام الدولة اليعربية (١ ١١۱ - ١٤۱۷). ولم تمتّل تلك المرحلة عهد وحدة واستقلال فحسب» بل عهد إمامة نموذجية للدولة الإسلامية. إلا أن المحافظة على هذه المكتسبات لم تكن على مستوى تلك المكتسبات نفسها. فقد كان انتخاب أَتمّة من العائلة نفسها ينزع إلى تحويل الإمامة إلى نظام شلالي لا يمكن الرجوع عنه إلا تحت طائلة تصديع الدولة نفسها. وهكذا كان ودخلت عُمان حرباً أهلية جديدة. ورسم سقوط الإمامة اليعربية منعطفاً حاسماً في التاريخ السياسي لعُمان والخليج؛ وكتب على عُمان أن تبحث لنفسها عن هوية سياسية وثقافية جديدة. بدأت الحركة الإباضية المحبطة من منطق السلطة الجديد نوعاً من الانطواء على الذاتء حتى أنها عادت طوعاء في بعض الظروف» إلى حالة الكتمان التقليدية. إل أن الحركة الإباضية الأمينة على مبادئها والتزاماتها حيال البلاد لم تتوقف عن مراقبة التطوّرات» محتفظة بأملها في المثل الأعلىء في انتظار أن تستطيع العودة به إلى دوره التاريخي. وفي هذه الأثناى كان الصراع الاستعماري الغربي قد اسع وحسم لصالح بريطانيا التي اعتمدت استراتيجية ثابتة ولكن مرنة لبلوغ أهدافها. والحق أن ذرائع التدحل لم تنقصها. فباسم مكافحة تجارة الرقيق أو الأسلحةء ثم محاربة القرصنةء عملت بريطانيا على التدمير المنظم لأسطول القواسم ومن ثم الأسطول المُماني. 4۸ ومنذ ذلك العهدء وحتى منتصف القرن التاسع عشرء رمت الاستراتيجية البريطانية إلى ثلائة اهداف رئيسية: توحيد سيطرتها الكلّية على الخطوط البحريةء إضعاف عُمان بانتظار التمكن من إخضاع البلاد فيما بعد بصورة مؤكدة وأخيراً ضرب أسطول القواسم للنجاح في إقامة سيطرة سياسية وعسكرية على منطقة «ساحل غُمان» ومنطقة الخليج؛ بفرضها المعاهدات الاستعمارية. 1۹ الفصل الأول المذهب الإباضي: الأصول, الفكر. التقاليد وشاورهم في الامر € (آل عمران: تقاليد الإمامة والدستور الإباضي الفكر الإباضي عميق الجذور في التاريخ إذ يعود إلى دولة الخلفاء في النصف الثاني من القرن الأول (راجع الفصل التمهيدي). وخلافاً للمذهبين الرئيسيين الآخرين؛ السنّي والشيعي» فإن الإباضية هي المذهب الوحيكء الذي حافظ بإصرار» عبر القرونء وعن طريق نظام الإمامةء على تطبيق مبداً الإجماع والتعاقد. يستعرض هذا الفصل أصول الفكر الإباضي وخصوصياتهء ويتناول كذلك المسائل الاساسية المتّصلة بدستور الإمامة القسم الأول الأصول الإباضية لم يُحدّد الإسلام نظاماً معيناً للخلافة أو للدولة الإسلاميةء بل عهد بهذا الأمر إلى الإأنسان نفسه مؤكداً على أن يكون الأمر شورى. وهكذا كانت دولة الخلفاء الراشدين - ٠٤ مرجع الدولة الإسلامية ونموذجها. إلا أنها عرفت» بعد اثنتي عشرة سنة من وفاة النبي (ص) في النصف الثاني من خلافة عثمان بن عفان ٤٦م - الخليفة الثالث؛ء 1 الانحرافات الأولى عن التقاليد الإسلامية والأزمات الحقيقية الأولى. وفي هذا السياق› فل عثمان. ثم حدث في بداية عهد رابع الخلفاء الراشدين وآخرهم علي بن أبي طالب )٦1/۳ 10م هھ ‎(e1‏ ابن ع عم النبي (زوج فاطمة)› أن نازعه على السلطة معاوية بن أبي سفيان الذي كان قد حصل على بيعة هل الشام. وخاض المعسكران حروباً داميةء انتهت موتا باللجوء إلى التحكيم في صفْين (۳۷ه/ ۷ وقد قبل علي فكرة هذا التحكيم مدفوعاً بنواياء الطيبة لحقن دما المسلمين والمحافظة على وحدتهم. ١ . موتف المُحَكمَة (الخوارج) إن قبول علي بالتحكيم› بناءِ على طلب خصمه معاويةء لوضع حذ لنزاعهما على الخلافةه شكل منعطفاً كبيراً في التاريخ الإسلامي. فعلى أثر هذا القرار انفصلت عنه جماعة من أصحابه عرفوا باسم «الخكنة و «الخوارج». وکانوا يرون في قرار التحكيم طعناً في شرعية الخليفة علئ نفسه؛ بل انحرافاً لدولة الخلافة. وكان «خروجهم»» في رأيهم واجباً يقتضيه الدين؛ واحتجاجاً على هذا الانحراف. ولكن الأمر لم يَدُن مبدئياً في على انفصال لا رجعة عنهء والمصادر الإباضية المذ كورة تدم حول هذه النقطة توضیحاً هاما يستحق الذ كر. قراره. وللوهلة الأولى؛ء توضّلوا فعليا إلى نيه عنه. فقد عدل علي عن فكرة التحكيم ونظير ذلك جدد الخوارج دعمهم له واستعدادهم لقتال خصمه معاوية. ولكنَ علياً نقض انَّفاقَه مع الخوارج ليتقيَدء من جديد؛ بقرار التحكيم. ويروي العالم الُماني القلهاتي بهذا الصدد: «إنهم قد عاتبوه ومنعوه واحتجّوا عليه فتاب وأظهر لهم توبتهء قتابعوه بعد التوبة وأزروه وقبلوا منه؛ ثم رجع عن قولهم إلى التحكيم بعد التوبة والرجعةء وذلك أنهم أشاعوا أن عليّاً رجع عن التحكيم» ۱ (١) القلهاتي؛› (محمد بن سعید) رمع سای الجزء الثاني› ص eY هذه الرواية للوقائع تعيد وضع مجموعة من كتابات مؤْرّخين مسلمين غير إباضيين؛ وعلى الأخصٌ ما يدعي منها أن الخوارج شجعوا علياً على قبول مبداً التحكيم؛ موضع المساءلة› “بل ويدحضها. وفضلاً عن ذلك» فعندما علم الخوارج بعودة عل إلى قرار التحكيم» انفصلوا عنه متمشكين بتحكيم الله مُحْتَجِين ن بأن «لا حكم إلا لله وهو ما رڌ عليه علي بقوله: «كلمة حى أريد بها باطل» . وقد رد على ذلك أُيو عبيدة مسلم؛ » أحد أوائل مؤسسي الإباضية قائلاً: «إذا كان على يعرف أن شعارهم يعبر عن الحق» فمن الذي أنبأه أن الباطل كان قصدهم»”) وكانت جماعة الخوارج تضم بعضاً من قدامى الأنصار والمهاجرين وبعض الشخصيات العمانية. وقد أقاموا في منطقة النهروان قرب الكوفةء في العراق. وقد بلغ عددهم إذ ذاك كما يقول القلهاتي» عشرة آلاف رجل؟» وانتخبوا إماماً لهم وهو عبدالله بن وهب الراسبی ي الأزدي. يمول الشهرستاني› بان «كل من خرج على الإمام الحق الذي اتّفقت عليه الجماعة يسممى خارجياء. لغوياً لا اعتراض على هذا التعريف» ولكن الشُحكعة (الخوارج)› کانوا يفضّلون تسمية أنفسهم ب«الشراة4» حسب المعنى الديني لهذه الكلمةء على اعتبار أن الشُراة هم الذين «خرجوا» لنصرة الإسلام والذين باعوا حياتهم الدنيا واشتروا الآخرةء مع الرجوع إلى الآيتين القرآنيتين: في سبيل اللّه الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة»”و إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأُن لهم الجنة. Ennami (Amr Khalifah), Studies in Jbadism, thesis, University of Cambridge, 1971, p. 13. (۲) Jbidem. (۳) .۲۳۹ ‏)٤( القلهاتي (محمد بن سعید)؛ مرمرع ساب الجزء الثاني ص‎ (٠) الشهرستاني (محمد عبد الكريم) مرمع مابق؛ ص ١۱۱. سورة النساء: 7£ ' (۷) سورة التوية: ١۱٠.0 ۳ والخوارج؛ كما يقول المستشرق الفرنسي لويس غارديه هم أولعك الذين رفضوا التحكيم في صفّين. فهم لم يغفروا وكانوا من أنصاره في السابق› إخضاعه السلطة التي خولها الله لتحكيم البشر”. ورفضواء كذلك؛ إطاعة معاوية وانطووا على القيم الإسلامية المطلقة (...). وسوف يقدّمهم مؤرّخون غربيون بوصفهم «بيوريتانيي¢ ‎(Puritains)‏ ومهما يکن من مر فإن التحکیم كما رأينا في الفصل التمهيدي؛› قد حدث بعد معركة (۳۷ھ/۷٥1م). إلا أنه من المسلّم به أن هذا التحكيم لم يكن سوى خدعة كبيرة. فقد صرح مندوب الإمام أبو موسى الأشعري؛ أنه انق مع مندوب معاويةء عمرو بن على خلع الرجلين واللجوء إلى انتخاب جديد. ولكن هذا الأخير كذّب الواقعة على المكس من ذلك؛ أنه اتفق» مع مندوب علي ولكن هذا الاتفاق كان على عزل علي وتثبيت معاوية٩. إلا أن علياًء كما يقول المؤلّف الإباضي؛ القلهاتيء كتب» إذ ذاك إلى أهل النهروان؛ء قائلاً: «إن الحَكُمَيٌ نبذا كتاب الله وراء ظهورهماء وحكما بغير ما أنزل الله. فبرىء الله منهما ورسوله وأنا منهما بريء”. وفي هذا الخطاب الذي يورده القلهاتي في كتابه دالبيات» طلب علي من الخوارج العودة والانضمام إليه في معركة واحدة معاويةء كما سبق لهم وأن أظهروا سابقاء العزم على ذلك. وهذا ما رد عليه الراسبي» إمام الخوارج المنتخب قائلا: «من إمام المسلمين إلى علي بن أيي طالب الخالع لنقسه: «لقد بلغنا كتابكء تذكر فيه أن الحَكُمَيٌ نبذا كتاب الله وراء ظهورهما وحكما بغير ما أنزل الله (...) إن أمرهما كان مخالفاً ‎Gardet (Louis), Les Hommes de ‘Islam, Paris, Hachette, 1977, pp. 209-210. (۸)‏ ‎Ibid., p.199. (۹)‏ (١٠) معمر (علي يحيى)› الإباضية بين الفر سلطنة عمان» وزارة التراث القومي والثقافة ٦١ الجزء الثاني» ص ١١.. أنظر أيضا: القلهاتي (محمد بن مرمع سابق» الجزء الثاني» ص ٤٤٠ ۲. ‏(١٠) القلهاتي (محمد بن مرمرع الجزء الثاني ص ‎ وترجع إلى الأمر الأول فلسنا نر عليك توبتكء”'. ومع ذلك» فإن الراسبي الذي رأى أن في كتاب علي تراجعاً رفض عرض علي للعودة إليهء بل طلب منه الالتحاق بالخوارج تحت إمامته مستنداً إلى أن علياً قد خلع نفسه بنفسه من خلافته (وهو ما لا يمحوه ندمه) وإلى ن إماماً جدیداء راسي انتخب ا هذه الأشناء من جانب «الحكمة» ين رفضو الخضوع الشرعي ومام الأمة ل وعن هذا الخلاف على مبداً اتک خرج انشقاق مذهبي تبلور» فيما بعد بين الخوارج والشيعةء أنصار علي وعلى أثر جواب الإمام الراسبي» أرسل الخليفة علي ابنه الحسن لمحاربة الخوارج. ويذكر العالم والمؤرخ الإباضي الشماخي» أنه عندما وصل الحسن بن علي «أتقاتلنا على أنا سمّينا أباك أمير المؤمنين خلع نفسه فأبينا أن ن وكان هذا الجواب کافیاء وفق الرواية الإباضيةء لثني الحسن عن عزمهء فعاد إلى أبيه رافضاً قتال الخوارج. إلا أن علياً قام في طريقه إلى محاربة معاوية في الشام )15۸/۳۸ م( التي قتل فيهاء الآلاف من الرجالء حتى لم يعد في وسع من نجا ا التفرقف. ووفق بعض المصادر السنّيةء فان عدد القتلى بلغ لف رجل؛ ذلك أُن بعص «الشحكمة» فد سبق ُن تراجعوا عن مواقفهم خلال المناظرات التي دارت . عل ۱( ينهم رين ۰ المرعع ص )۱۳( الشماخي (أحمد بن سعید)؛ ممع ساب الجزء الأول ص ۱٠. (٤۱) اين كشير (إسماعیل بن دالنتماي الجزء الرابع› دار ابن حيان؛ القاهرف ١۱۹۹ء ص ييقى أن الخليفة علياً تأسَف بمرارةء كما يقول القلهاتي» على محاربته للخوارج. وندم على هذا الفعل وقالء مكرراً بعد المعركة: ما صنعناء قتلنا خيارنا ويضيف القلهاتي ما معناه أن عدداً من أصحاب علي ترکوه بعد هذه الواقعة. فبعضهم خاف؛ وبعصهم ندم( . ولعل عليا اوصی أاصحابه بعد هذه المعركة أن: «لا تقاتلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق فاخطاهء کمن طلب الباطل فأدركه.”. وما يلفت النظر حفَاًء هو أن علياً لم يعتير المنشّقين عنه مشركين أو منافقين بل كما يقول› إخواننا بغوا علينا وهكذا انتهى التحكيم وانتهى معه عهد الخلفاء الراشدين الأربعة: أبي بكر الصديق - ۱۳/٤ ۳٦م)› عمر بن الخطاب (۱۳ه/٤ ۳٦م - ۲۳ھ/ ٤٦م عثمان بن عفان ٤٦م - وعلئ بن أبي طالب ٥1م - ١٤ ونتيجة للخلاف على فكرة التحكيم ونتائجهاء ولدت عدّة فرق ومدارس فكرية وثلائة مذاهب رئيسية حدّد كل منها الإطار العام لصيرورة التاريخ العربي - الإسلامي حتى أيامنا هذه: المذهب الستي والمذهب الشيعي ومذهب الخوارج. (١٠) القلهاتي (محمد بن مجع سابق» الجزء الثانيء ص ٢٠۲. راجع أيضاء الشماخي (أحمد بن سعيد) برع سابق» الجزء الاول» ص ٦٠. (١۱) القلهاتي (محمد بن برع الجزء الثاني» ص ٢٠۲. الإمام علي بن بي طالب» حع الطبعة الثانيةء دار الكتاب المصري القاهرق ١۹۹ › ص ۳۹۸. (۱۸) ابن كثیر (إسماعیل بن عمر)؛ مرمع سایق؛ ص ٢٢ ۳. ٦ ۲ . من الخوارج إلى الإباضيين وهكذاء نتيجة لتصفية الخوراج في واقعة النهروان (۳۸ه - ۸٥٠٦م) تفرق من نجا منهم في بعض المناطق العربية والإسلامية. ويعتقد أن القسم الأكبر انتقل إلى البصرة. وفي عام ١٠٦/۸٥1م انقسم الخوارج؛ (أو من بقي من حزب المُحَكمة). وانشقت منهم عدة جماعات: الأزارقةء النجدات جماعة المسلمين أو أهل الدعوة. وقد عرفت هذه الأخيرة لاحقاء لأسباب خاصة باسم «الحركة الإباضية» نسبة إلى واحد من أوائل رموزهاء عبدالله بن إياض. ومع ذلك نجد أحياناً أن الإأباضية المُتَنَرّلة من الخوارج» (حزب الشحكمة)› تحاول إبراز الفرق بينها وبينهم. ويقول بعض الإباضيين إن أصول حركتهم تعود إلى ما قبل التحكيم إلى العهد الذي تكوّنت فيه المعارضة للخليفة الثالث عثمان ۲۳/٤ ٤ 1م - ١٣/1 ٥٦م) الذي اعتبر مسؤولاً عن انحراف الخلافة الراشدة؛ وتعكس كتابات إباضية عديدة ماخذها على عثمان؛ (سوف یرد فی مکان آخر كتاب عبدالله بن إباض إلى عبد الملك بن مروان). ۱ ومهما يكن من أمر فإن الحركة اكتسبت» خلال هذه المرحلة الطويلة من النضال العقائدي والسياسي» السرَيٌ والعلني» كثيراً من النضج والخبرة. ووصلت إلى صياغة الأسس العقائدية والفكرية والتتظيمية لحركة مستقلّة عن كل الجماعات والتيارات الأخرى»ء من شيعة وسنّة. وهكذا ظهرت الإباضية كمذهب قائم بذاته في الوقت نفسه الذي تشكل فيه المذهبان الرئيسيان إن لم قادت خمس شخصيات الحركة الإباضية وطبعت تاريخها بطابع خاصٌ: ه الشيخ أبو بلال بن عدية التميمي› أحد الناجين من موقعة النهرواتء الذي انتقل إلى البصرة وبداً فيها «دعوته» من أجل تنظيم أهل الدعوة فاعتبر أصل الحركة الإباضية. كان الرجل عالما مجاهدا من الدرجة الاولى وإذ لا نعرف تاريخ ولادتهء فلقد كانت وفاته خلال ثورته على والي البصرة عام ١ للهجرة. a۷ 0 العالم بو جابر بن رید الأزدي )۲۱ - ‎Maar‏ المولود في مدينة فرق القريبة من نزوى» انضع إلى أهل الدعوة بعد وصولهم إلى البصرة بقليل› وما لبث أن أصبح قائد جماعتهم. وقد انضوى الجميع تحت لوائه بمن فيهم ابو بلال نفسه ۰"٩ وعلی الرغم من صغر سنه أصبح الاب الروحي للحركة وإمامها الأول. وإليه يرجع فضل الإسهام في إغناء الفقه الإسلامي وإنشاء مدرسة الفقه ه أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة هو الشخصية البارزة الثالثة في الحركة. وكان أكبر إسهام هذا العالم الإمام الإباضي الثاني» هو تأسيس المجالس وبشكل خاص مجالس حَمَلَّة العلم المكلفين نشر المذهب الإباضي في البلدان العربية والإسلامية. للحركة في اليمن وعُمان وخراسان وشمال إفريقيا قد تمّت بشكل لا ينكر بفضل أبي عبيدة ومواهبه الفطرية كرجل علم ودولةء”. وقد توفي أبو عبيدة في عهد أي جعفر المنصور. ه عبداللّه بن إباض المرَيٌ التميمي الذي أطلق اسمه على المذهب هو الشخصية الرابعة. تتلمذ على جابر بن زیك وکان عالماً وبرر کمدافع فاعل عن حرکته. عبداللّه بن إباض كان من أصل كما يُرَجح أنه كان واحداً من الصحابة”". ويعود لقب إمام المسلمين أو إمام القوم الذي يطلق عليه في Al-Maamiry (Ahmed Hamoud), Oman and Ibadisme, New Delhi, India, Lancer Booms, (\۹) 1989, p. 33. (ولك» على الأرجح عام ۱۸ه/۱۳۹م ويلتبس تاريخ وفاته فيترجح بین ۳٩ - ٤٩ و ۱۰۳) ر اجع: .670 ‎Encyclopédie de l'Islamique, op. cit., tome II, p.‏ (٠۲) خليفات (عوض محمد) اللصرل التاربنية للفرت الإباضيق الطبعة الثانيةء سلطنة عمان؛» وزارة التراث القومي والثقافةء ۹۸۸٠ء ص ۷. راجع أيضاً: السمائلي (سالم بن سايق ص ١٠ - ۳۹ ‎Ennarmi, op. cit., p.95. (۲۱)‏ )٢۲( ‎Ennami, op. cit., p.2.‏ e۸ الموسوعة الإسلدمية إلى الفترة التي شارك فيها ابن إباض في الدفاع عن المدينة المنوّرة عام ٤٠٦ه فقطء على اعتبار أن حالة الكتمان التي أرغم عليها الإباضيون يعد الانشقاق (١٦ه)› تستبعد إمكانية وجود إمامة بالمعنى السياسي لهذه الكلمة. وعلينا لربما أن نرى في هذا اللقب أيضاً تلميحاً إلى الدور الرئيسي الذي لعبه ابن إباض في نوع من «حكومة يوقراطية» إباضية سريّة سمّيت «جماعة المسلمين»«". وفضلاً عن ذلك فإن عبدالله بن إباض هو من تولى؛ إثر وفاة أبي بلال (١٦ه)» قيادة «المعتدلين”” . أنه توفي في نهاية عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (٩۸ھ/۷۰۷م). شخصية أخيرة يجدر بنا ذكرها هناء هي شخصية العالم الربيع بن حبيب الأزدي الُمانيء المرجع المذهبي للحركة الإباضية. عاش الربيع معظم حياته في البصرة قبل أن يعود إلى بلده عُمان ويموت فيهاء في النصف الثاني من القرن الهجري الثاني. ولكن الحركة الإباضيةء أكثر الجماعات اعتدالاء اضطرّت؛ إثر الانقسام الذي عرفه حزب المحكمين إلى تأكيد مواقفها المذهبية تجاه الجماعات الأخرىء وعلى الأخصٌ تجاه الأزارقة المتطرفة. وقد كلف عبداللّه بن إباض الذي كان يتمنّع بحماية قبيلته القويةء بهذه المهممّةء في حين جابر بن إمام الحركة الحقيقي» يعمل سرا ليتجّب تعريض نفسه للخطر. وتلك هي الفترة التي سمّيت فيها الحركة بوالإباضية). ۲۳ » مرهلة البناء تشييد الإمامات؛ تم تأسيس ثلائة مجالس لتولي أدوار ومهممات مختلفة: مجلس العلماى أو «مجلس الشيوخ»› المجلس العام ومجلس حَمَلة ومن المفيد Encyclopédie de l'Islam, op. cit., tome II, p.670. (۲۳) Ibid., p.669. ‏(٢٤۲(‎ ‎Ennami, op. cit., pp. 104-109. ‏(٢۲(‎ ۹ أن نلاحظ أن هذه المجالس كانت» وقتذاك سريّة وتعقد اجتماعاتها في المخابىء تجا لاضطهاد الدولة. وكان على الإباضيين» السريّين منذ بداية تاريخهم أن ييرهنوا على إحساس بالتنظيم وروح انضباط لا تشوبها شائبة. أرست هذه المجالس الأولى من نوعهاء الأسس التنظيمية والعقائدية للحركة. ومن المنطقي الاعتقاد أن قسماً كبيراً من مواد الدستور الإباضي صيغ أثناء مرحلة الكتمان هذه على الرغم من أن الدستور نفسه لم يظهر مكتوباً ومتكاملا إلا في القرن الثالث الهجري؛» إثر سقوط إمامة الصلت بن مالك في غعُمان (۲۳۷ھ/ ۱ ° ۸م)› الذي أثار جدلاً دستورياً امتدً قرونا. وكان وراء إنتاج العلماء الإباضيين بعض أفضل أعمالهم المذهبية والفقهية والتشريعية والدستورية. ومن بين المبادىء الأساسية التي حدّدتها هذه الحركة وتميزت بهاء نشير هنا إلى ثلانة مبادىء هامة: وَل أن الإباضية أكدت على الاعتدال كمبداً أساسي في محاكمتها للأمور ورفضت› حلاف لجماعات أخرى›ء مبداً الخروج. وبعبارة أخرى»ء رفضت مهاجمة أية جماعة أخرى أو الدخول في حرب ضدً أي طرف آخر إلا في حال تعرّضها لاعنداء. كما أقرت؛ بالمقابل المبداً المعروف» في ذلك الحين؛ باسم «القعود» وفضّلت العمل السلمي والسري» غالبا لنشر المذهب الإباضي. ثانياًء تمسّكت الحركة بعدم الثورة على الحكام القائمين› شريطة أن يكونوا عادلين وأن يُراعوا الشرائع الإسلامية. وبالمقايل التزمت الحركة مذهبياء بإعلان إمامة الظهور لإسقاط حاكم مستبدً وإحلال الإمامة محله. أقرت الحركة مرحلة الكتمان كمرحلة هامّة للمحافظة على نقاء العقيدة وسلامة الحركة ضدٌ الاضطهاد. ويعتقد أنه خلال هذه الحقبة التي امتدّت أكثر من نصف قرن؛ أُقَرَ العلماء الإباضيون مراحل الإمامة أو حالاتها الأربع: الكتمان» الشراى الظهورء والدفاع؛ التي تعرف أيضاً بمسالك الدين والتي لم تلبث أن تحوّلت إلى قواعد ثابتة في الدستور الإباضي. امتدّت مرحلة البناء العقائدي والفكري والتنظيمي أكثر من نصف قرن؛ء وعلى هذا النحوء تميزت الحركة الإباضية منذ بداياتهاء بالتنظيم والتخطيط والانضباط وتميزت أيضاء دون شك بالمرونة والاعتدال› وهما صفتان لازمتا الثقافة حتى اليوم. ويجب ان نه نشير إلى أن جابر بن زيد كان يتمع يمكانة بارزة بين علماء تلك الفترةء وقد لعب دوراً أساسياً في تنظيم الحركة وبنائها العقائدي» كما في انتشارها. ولدی علق أنس بن مالك؛ أحد أصحاب النبي (ص)› وأحد شيوخه قائلا: «اليوم مات أعلم أهل الأرض»”). كانت الدعوة الإباضية قد أصبحت منذ ما قبل وفات» حركة إسلامية هامّة وكانت الولاءات القبلية والعرقية لمعظم أتباعها قد تركت مكانها للقناعات المذهبية. ولم تعد الحركة تقتصر على القبائل الأزدية أو التميميةء بل دخلت بلداناً أخرى بفضل تبشير حَمَلّة العلم" الذين كانواء هم أنفسهم قد تعلّموا على أيدي علماء البصرة. ومن ذلك الحين بدأت عُمان تتحول إلى مركز لهذا النمو والإاشعاع المذهبي لا سيما أن الحركة الإباضية كانت قد بلفت نضجها ف في الولاء للمبادىء التي حدّدت خلال مرحلة البناء الفكري. ٤ . كتاب عبدالله بن إباض إلى الخليفة الأموي عبد الملك ين خلال عهد عبد الملك بن مروان» تبادل معه زعيم المدرسة الإباضيةء عبدالله بن مراسلات وحوارات فكرية. وقد عالج مسائل خاصّة بالخلافة الإسلامية والموقف المذهبي والفلسفي للحركة الإباضية من هذه الأزمة. وتتميّز هذه المرحلة (٢۲) ‎Enna, op. p.85.‏ راجع أيضا الشماخي (أحمد بن سعيد) مرمع ساق ص ۷٦ - (۲۷) خليفات (عوض محمد)» التارينية للقت الباضيق مرجع سايق ص ٢۲ - ٢۲. (۲۸) تاب السير دالهرابات» تحقيق السيدة إسماعيل كاشف» سلطنة عُمانء وزارة التراث القومي والثقافة› الجزء الثاني ص ٢۳۲ - ۹۹ بجهد في البناء الفكري وبظهور الحركة الإباضية والصعود القوي لمواقفها. وكان لا بد أن تخرج من ذلك رؤية جلية للدولة الإسلامية وأسسها. يناقش الخطاب الطويل المعروض فيما يلي» من بين أمور أخرى» أربع نقاط رئيسية في الحوار الفكري الإسلامي في ذلك العصر وربما اليوم أيضاً: ه الموقف من خلافة عثمان (۲۳ھ/٤ ٤٦م - ٥۳/٦ ه الموقف من التحكيم وظهور الدولة الأموية. ه الموقف من الخوارج. ه الموقف من الأزارقة "(أتباع ابن الأزرق). والشهادة التي يقَدّمها عبداللّه بن إباض تحمل توضيحاً حياً للأحداث التي عاصرها. بُذكر عبداللّه بن إباض؛ في بداية هذا النصٌ؛ بعهد عشمان بن عفان ويعرض» بتعبيره» مآخذ المسلمين عليه ومن بينها أن عثمان بن عفان طرد بعض الشخصيات الإسلامية من مدينتي الكوفة والبصرة وصادر أراضي الفقراء وتصراف ببيت وبمال الفقراء وأياحه لأقربائه. وينهي عبدالله بن إباض حدیثه كما يلي: «وكان من عمل عثمان أنه حكم بغير ما أنزل الله وخالف سنَّة نبي الله والخليفتين الصالحين أبي بکر وفي مكان آخر يضيف بنبرة حازمة» متوجّهاً إلى الخليفة الأموي نقسه: «وإني أي لك يا عبد الملك بن مروان الذي أنكر المؤّمنون على عثمان وفيما فارقناه عليه فيما استحل من المعاصي عسى أن تكکون جاهلا عنه غافلا وأنت تسیر على دينه وهواه ألا يحملنك يا عبد الملك هوى عثمان أن تجحد بآيات اللّه”°". )۹ ۲( کناب السير رالهرابات› سبق ذ کر الجزء الثاني› ص ۳۳۳ راجع أيضاًء القلهاتي (محمد بن سعید)› س سایل» الجزء الثاني›» ص ۲۷. (٠۲) كناب السي مرجع سابق» ص ٢۳۲۹. ١۹ ويتوقّف عبداللّه بن إباض؛ هناء أمام مسألتين: الأولى» هي موقف الإباضيين من اتحراف عثمان؛» الخليفة الثالث» عن السبيل والمبادىء الإسلامية. وهو الموقف الإباضى من الدولة الأموية التى لا تعترف الإباضية بشرعيتها. بالنسبة لموقف الإباضيين من الخوارج؛ فإن قائد الحركة الإباضية نفسه يتابع› متوجهاً دائماً إلى عبد الملك بن مروان قائلا: «وكتبت إليّ تَُرَّض بالخوارجء تزعم أنهم يغلون في دينهم ويفارقون أهل الإسلامء وتزعم أنهم يتبعون غير سبيل المؤمنين: وإنني لك سبيلهم. إنهم أصحاب عثمان. والذين أنكروا عليه ما أحدث من تغيير السنّة وفارقوه حين أحدث وترك حكم الله وفارقوه حين عصی ربهء وهم أصحاب علي بن ابي طالب حين حكم عمرو بن العاص وترك حكم اللهء فأنکروه عليهء وفارقوه فيهء وأبوا أن يقرّوا لحكم البشر دون كتاب اللهء”“. ويضيف قائلا: «وقد علم من عرفهم من الناس ورای عملهم أنهم کانوا آحسن الناس عملا قتالا فى سبيل أا بالنسية لموقف الإباضيين من الخوارج؛ فإن عبدالله بن إباض يحدّده كما يلي: «إننا تُشهد اللّه والملائكة انا لمن عاداهم أعداء وإِنّا لمن والاهم أولياءء بأیدينا وأالسنتنا وقلوبناء”. ويحسم عبداللّه بن إباض بهذا الموقف الخلاف الحاصل بين المؤرّخين في هذه وهي حرکة انحرفت عن تعالیم الدين الإسلامي وحاول أعداء الخوارج مماهاتهم بھا: «إنا تبر إلى اللّه من ابن الأزرق وأتباعه من الناس. لقد كانوا (۲۱) المرعم ص )۳۲( المرمع السابق› ص (٢۲) المع ص ٢٤٠ ۳. ۹۳ خرجوا حين خرجوا على الإسلام فيما ظهر لناء ولكنهم ارتدوا عنه وكفروا بعد إيمانهم»”. إن هذا الخطاب على أهمية عظيمة من الوجهة التاريخية والمذهبية. وليس كاتبه مؤرخاً يكتب عن أحداث بعيدة إذ لم يعش هذه الأحداث فحسب» بل شارك فيها مشاركة فاعلة. وهي فوق ذلك» أحد مفكري الحركة الإباضية. وفي ضوء هذا الخطاب يبدو أن نواة الحركة الإباضية قد بنت وجهة نظرها المذهبيةء خلال خلافة عثمان بن عفان (۲۳ه/٤ ٤٠م - ١٥۳/٠ ولكنها خلافة علي بن أبي طالب (١۳ه/ ٠٥1م - ٤ ومع ذلك؛ فقد اختلف رجالاتها مع علي حول قضية التحكيم في صفّين التي ستفتح الطريق لانشقاقات فادحة في نتائجها. ومن أجل ذلك يجدر بنا أن نتصدّى» الآن» للموقع الإباضي بالنسبة للمذاهب الإسلامية الأخرى. ٠ . الإباضية ني السياق المذهبي الإسلامي الشيعة هم الجماعة التي تعلّقت بالإمام علي وشكلت أتباعه بعد قضية تحكيم صمين. وقد تميّزت هذه الجماعة بتعلقها الشديد بخلافة وراثية. فلا ينبغي أن يکون الخليفة الإمام إلا من قريش» من أهل البيت. ولا ينبغي أن تعود الخلافة إلا لهذه القبيلة وحدها. ومتصب الإمام بالنسبة إليهاء إلهيء وهي ترفض أن يكون موضع انتخاب» وقد حذّد موقفها كما يلي: إن الإمام كالنبي» يجب أن يكون معصوماً عن الخطاً ليكون أهلاً لحمل أمانة العقيدة والشريعة بعده. وقد رأت الشيعة بعد موت النبي: «أن عليّاً كان الوحيد المعصوم عن الخطاء لأنه لم تصدر عنه أية معصيةء ولم يكن يعبد الأصنام قبل الإسلام؛ ولذلك كان يجب أن يكون الإمام. ويجب أن يكون الإمام أفضل علماً من غيره في زمار وقد کان علي كذلك: فقوجبء إذاء أن يیكون الإمام دون المرعع ص (٢۲) مروة (حسين) التزاعات الردية ف الفلسنْة العريية بيروت؛› الفارابي›» الطبعة الرابعة» ۱ء الجزء الأول ص ٩٩٤. 1 أما أهل السنّةء أصحاب الأغلبيقة فقد أقرَواء كالشيعةء أن خليفة الرسول يجب أن يكون من قريش شريطة أن لا يهمل مراعاة تعاليم الدين الإسلامي» وأن توافق عليه أغلبية المسلمين. ومن جهة أخرى» رفضت السنّة الشروط الثلائة المذكورة آنفء والتي جعلها الشيعة دليلهم العقلي. فليس هناك بالنسبة للسنّةء ما يثبت شرطي عصمة الإمام وكونه لم يرتكب معصية. أا بالنسبة للشرط الذي يقول إن الإمام يجب أن يكون أعلم ُهل زمانه» فإنه يكفي أن تكون لديه موّهلات كافية للقيام بمهمات الخلافة وأن يكون أهل الحل والعقد هم الذين يختارونه . فقد رفض أهل السنّة إذا مبداً الانتخاب» وفضلاً عن ذلك فمن الثابت بالنسبة لهم أن وجود حاكم مستبدً أفضل من وقوع فتنة داخحل الأمة. في الواقع أن المؤرخين سيين أبدوا بادىءَ الأمرء قسوة حيال سياسة معاوية وبشكل خاصٌ فيما يتعلق بشخص ابنه يزيد المسؤول عن مقتل الحسين في كربلاء. ولكن الموقف السنّيء تجاه مطالب المنشقّين» سوف يكون قبول الواقع» مهما كان؛› ما لم تُخالف التعاليم القرآنية. إلا أنه من المهع أن نشير إلى أن السنّة لم تَتخذ کیانها کمذهب إلا مع مطلع القرن الهجري الثاني› بعد سقوط الدولة أي بعد أن نشأت الإباضية وتكونت كمذهب. أا بالنسبة للخوارج» فتحن نعلم أنهم رفضوا مبداً التعيين ورفضوا أن تكون الإمامة حكرا على قريش» أي ورائيةء وأن تكون إلهية. وأصرواء في المقابل» على مبداً الانتخاب الحر للإمام مهما تكن طبقته وقبيلته «حتى ولو كان عبداً حبشيا). والشرط الرئيسى المطلوب لهذا المنصب بالنسبة لهم هو وجوب أن يكون الإمام أتقى الناس أا فى حال عدم احترام الإمام للتعاليم الدينية أو عدم احترام الدولة لالتزاماتها حيال الأَمَة الإسلامية الخوارج كانوا أكثر الناس حزماً: لا بد من خلع الإمام المرميع السايق› ص ۹۷ Gardet (L.), Les Hommes de l'Islam, op. cit., p. 246. (۳۷) Ibid., p. 209. (۳۸) آنذاك بل يجوز في حال رفضه التتحي ان يُقتل: «إن خليفة ظالماًء أي غير شرعي بحكم ظلمهء يستحقٌ الموت. ذلك أن الخليفة أو الإمام لا يمارس السلطة باسمه الخاص (...) بحرفية المدلولات والقيم القرآنية والمضي بها إلى نتائجها - )۳۹( القصوى» . وبالنسبة للموقف الإباضي من مسألة الإمام فهو مماثل لموقف الخوارج الذين يرفضون مبدأي التعيين والورائة. فمنصب الإمام ليس إلهياء بل هو زمني. ولقد بنى الإباضيون هذا الموقف على سوابق مستوحاة من فترة الخلافة الإسلامية واستندوا إليها بوصفها مرجعاً تشريعياً ثابتاً. وهم يرون أن تولية أُوّل خليفة بعد وفاة أبي بكر الصديق؛ والخليفة الثاني» عمر بن الخطاب؛ لم تتم بالتعيين» بل باستشارة أهل الحل والعقد. وهذا هو الوجه الأول فيما يتعلق بمبداً الانتخاب. وفيما يتعلّق بالوجه الثاني» أي ما إذا كان ينبغي أن يكون الخليفة من قريش› فإن الإباضيين يرون أن تولية الخليفتين الأولين لم تتم لأنهما من قريش» بل لأنهما وأخيراً تتوبجب الإشارة إلى أن للإباضيين موقفاً متسامحاً تجاه المذاهب الإسلامية الأخرى وبشكل خاصٌّ أهل السئّة. وعلى عكس بعض حركات الخوارج مثل الأزارقةء فالزواج والتوارث من أفراد المذاهب الإسلامية الأخرى مقبول وشحلل عند الإباضيين. ويميز هذا المبداً الإباضيين عن بعض الفرق الأخرى من «الخوارج». والواقع أن الإباضيين قد ميّزوا حر كتهم عن الخارج إِبَّان صياغتهم للخطوط العريضة للمذهب الإباضي في مرحلة الكتمان الأولى. Ibid., p.211. (۳۹) ٦۹ القسم الثاني نظام الإمامة: من انتخاب الإمام إلى حالات الإمامة الأربح ليست الإباضية فرقة بالمعنى الضيّق للكلمةء بل هي بالأحرى» مدرسة فكرية تستند إلى خمسة مصادر تشريعية: القرآنء السنّةء الإجماع؛ القياس والاستدلال. وتوفّر هذه المصادر لدى الإباضيين؛ الإلهام الروحي وقاعدة الدستور السياسي وروح الفلسفة الاجتماعية. ومسألة الإمامة هي عمود المذهب الإباضي. إنها واجب. ولكن هل الإمامة فرض حقَاً؟ إن الجواب هو نعم ولا على حدٌ سواء. نظرياً نعم: فالإمامة فرض في الكتاب والسئّة والإجماع. ولكن الإباضيةء على عكس الخوارج» ترى أن الطاعة واجبة في حال وجود حاكم عادل حتى ولو لم يکن إماماً منتخباً: «إمام المسلمين: سواء جاء بطريق الشورى أو بغيرهء إذا عنه ٠ ٠ فإذا وجد حاكم عادل» فلا ضرورة إِذا لإقامة الإمامة ولا هي واجبة. إلا أن هناك مبداً آخر يقول إنه إذا تحوّل هذا الحاكم إلى مستبدٌ فيجب» بعد استيفاء الشروط المطلوبةء كإجماع أربعين عالماء الخروج عن طاعته وإعلان إمامة الشراى وفی هذه الحالة تصبح الإمامة واجبة. وتبقی هذه المسألة دقيفة جا ولا يمكن؛ على أية حال حسمها إل من جانب العلماء. وقد لخخص أحد العلماء الإباضيين» نظريا هذه المسألةء فقال: «الإمامة سنّة قبل أن يثبت العقدء فإذا ثبت العقد كانت ۰ )£1۱ فريضةء” . (٤٠) معمر (علي سمع ساب الجزء الثاني ص ۱۹۷. الكندي (أحمد بن عبدالله)› المصنفت؛ سلطنة عمان؛ء وزارة التراث القومي والثقافةء ۱۹۸۳ء الجزء الماش ص ۲۷؛ (ومما يذكر أن هذا الجزء من كتاب الكندي مخصّص للدستور الإباضي). ۹۷ «الزواج سنَّةء فإذا تم عقد الزواج كان فرضاه”**. 1 . حالات الإمامة أو مسالكها لدى الإباضيين أربع حالات للإمامة تسمى» أيضا المسالك الدينية الأربعة: الحالة الأولى هي حالة الكتمان ويعمل بها عندما تجد الحركة الإباضية نفسها في حالة تراجع أو سرية. ويبدو أنه قد اعترف بهذه الحالة رسمياء للمرة الأولى› بعد فشل ثورة أبى بلال مرداس (١٦ه). وغالبا ما تلت هذه الحالة سقوط إمامة. ٳذ هي تتيح تجئّب التعرّض لقمع السلطة أو اضطهادها. وليست لهذه الحالة إمامة ظاهرة ولا إمام. ومن نافل القول أن من خصائص هذه الحالة انحسار النشاط السياسي للحركة الذي يقتصر عندئذ على الشأن الديني حصراً. إِلا أن الكتمان لا يمنع العلماء من البقاء على صلة في ما بينهم لدراسة وضعهم ووضع البلد في انتظار الانتقال إلى مرحلة أخرى. وقد تدوم حالة ما سنوات طويلة قد تصل إلى القرن. دخلت الحركة الإباضيةء أكثر من مرة في التاريخ العُماني» مرحلة الكتمان. فقد دخلتهاء للمرة الأولىء بعد سقوط إمامتها الأولى» إمامة الجلندى بن مسعود بين ۱۳۲ و١۳٠ه. وامتذّت مرحلة الكتمان؛ آنذاك حوالى أربعين سنةء أي حتی ۱۷۷ھ /۷۹۳م. وفي العصر الحديث عاشت الحركة فى حالة الكتمان بعد سقوط إمامة عزان بن قيس (۱۸٦۱۸ - ۱۸۸۱) حتی إعلان إمامة الخروصى ۱ - ۱۹۱۹). ۱ والحالة الثانية هي حالة الشراء أي التضحية. والمعنى الحرفي للشراء هو: «بيع الدنيا في سبيل الأخرة أو شراء الأخرة بالدنيا». وبعبارة أخرى› ليس إمام الشراء سوى تحقيق الإمامة أو الضحية. ذلك أن درب التضحية (الشراء) هو درب الرجال )٢٦٤( المعع ص ۲۷. ۹۸ والذين لا يتوقفون إلا بعد أن يصبح أمر الله ظاهراً (بدرب الظهور)ء ولو ماتوا من أجل ذلك»”**. وهناك قضيتان تُطرحان وترتبطان بهذه الحالة الاستثنائية. الأولىء هى أن الحركة الإباضية لا تتّخذ قرار الانتقال إلى مرحلة الشراى أيء بالفعل؛ إلى إعلان الحرب على السلطة إلا عندما يبلغ استبداد هذه الأخيرة طوراً لا يمكن احتماله. وهذه الظروف تثقل؛ اد ذاك على ضمائر العلماء الذين يستدعي منهم واجبهم الديني والأخلاقي الالتزام بقضايا الأَمَة والوطن. إلا أن هناك شرطاً أساسياً لاجتياز هذه المرحلة لا بد من استيفائه. إذ يجب أن ينّفق أربعون عالماً على ضرورة الانتقال إلى حالة الشراء وأن يكونوا مستعدین؛ للاسهام في الثورة على السلطة. ولا یمکن؛ في ي حال من الأحوال» اتخاذ هذا القرار دون قبول أربعين منهم. لماذا أربعون؟ لأن الرسول لم يجهر برسالته إلا مصحوباً بأربعين رجلاً. وقد أكمل هذا العدد عمر ين الخطاب. وقرار الرسول هذا أصبح جزءاً من السنّة التي يستند إليها الإباضيون كمبداً والقضية الثانيةء تتصل بانتخاب إمام الشراء. إنه الإمام الذي لا يمكنه التراجع حتى لو تخت عنه جماعته. ويجب عليه أن يثابر على تحقيق الإمامة أو يموت. إنها حالة الجهاد الدينى والسياسى المطلقة لدى الإباضيين. والحالة الغالنف وهي حالة الظهور› وتترجم أحياناً بحالة «النصر)” *› تأي بطبيعة الحالء بعد حالتّي الكتمان والشراء. وهذه الحالة هي التي تضع فيها الإمامة الأعراء وتشيد فيها الحركةٌ الشرائع والقوانين الإباضية. وهي الوضع الطبيعي للحركة الإباضية. في حالة الظهور يتحوّل إمام الشراء إلى إمام الظهور. وتختلف إباضية شمال Gardet (L.), Les hommes de l'Islam, op. cit., p.216. ‏)۳٤(‎ ‎Ibid., p.215. ‏)٤٤(‎ ۹۹ إفريقياء مع ذلك؛ عن ها في هذه النقطة لأنها تقتضي؛› بعد حالة الشراى اللجوء إلى مراسم جديدة للبيعة يعاد فيها انتخاب الإمام نفسه او ينتخب إمام أخر. وأخيرا فإن هناك حالة رابع هى حالة الدفاع ويعمل بها عندما والحركة فى السلطةء تهديدٌ خارجى للبلد والإمامة. وريّما أعلنت حالة الدفاع أيضاء عندما لا تكون الحركة الإباضية في السلطةء وتحس نفسها مهدّدة من جانب حكومة البلد. وعند إعلان حالة الدفاع يُنتخب إمام. والواقع؛ أن الغرض المؤسّسي لهذه الحالات» ومن بينها حالة الكتمان» يرمي إلى استمرار الإمامة. فالحركة الإباضية تحرص على أن لا تبقى الأمة دون مرجع حاضر دون [إمامة. وهكذلء تکون الصلة بین الشعب وقادته الدينيين والروحيين› العلماء - أهل الحل والعقد - دائمة في كل الحالات وعبر الزمن. ۲ . مراب الإمامة وطرق المبايعة لإوجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون”°*. وفق الدستور الإباضي يجب على الإمام أن يكون عادلاًء حكيماء شجاعاً شريفاًء قادراً على نشر العدالة بين الناس والسهر على حقوقهم ومصالحهم وأن يحكمهم بالعدل الام حسب الشرائع الدينية. ولا ينبغي للإمام أن يكون حسوداً ولا حقوداً ولا بخيلاً ولا متعجّلاً ولا مبذراً ولا غذّارا ويجب أن لا يكون ماكراً ولا مقعداً ولا أعمى ولا أبكم أو أصم”. في التفكير السياسي الإباضيء كما لاحظنا سابقاًء نوعان من الائمةء إمام الشراء وإمام الدفاع؛ يتحولان» بحكم الانتقالات؛ إلى أئمة ظهور. وإلى جانب كل الشروط المطلوبة والمذ كورة سابقاء هناك خاصّتان هامتان يتوبجب التنويه بهما. أولاء ينبغي أن يكون الإمام وكقاعدة عامةء أتقى أهل زمانه وأعلمهم في ميدان (٤٥) سورة السجدة: ٢٤۲. . (٤٦٤( الكندي (أحمد بن عبدالله)› المصمنفت؛ مرجع سابق؛ الجزء العاشر؛ ص ۳۹ء ۳١ء ١٠. الفقه. والإمام الذي يتمتّع بهذه الصفة يُعرف بوصفه إماماً عالماء أي الإمام «القوي» وليس هناك نص في بيعته يلزمه الرجوع إلى أهل الحل والعقد - العلماء - قبل أن يتخْذ قراراً ما. ثانياء إذا لم تتحقّق الصفة الأولى» الأكثر قيمةء فإنه يرجم حينعذ» للذين يتمتّعون بمؤّلات عسكرية مطلوبة للدفاع عن الإمامة المهددة بأخطار شبه دائمة. وقد يبدو من قبيل المفارقة أن يعرف هذا الإمام بهبالإمام الضعيف». ولكن الواقع أن سبب ذلك على وجه الدقّةء في المنطق الإباضيء هو أنه لا ينتمي إلى العلماء ولا يتمتّع باعتبار ديني أو روحي بارز بين أهل الحل والعقد. ومن هنا تنص بيعته على ضرورة الرجوع إلى المؤسّسة التشريعية للإمامةء أي إلى أهل الحل والعقت قبل أن يتَخذ أي قرار يتعلّق بالإمامة أو الأَمَة (سواء أكان هذا القرار دينياً أم فقهيا ام سیاسیا). ينص الدستور على أن أقل الشروط التي تشترط على الإمام الضعيف» ولا يجوز قل منهاء هي أُنْ «لا يقبض مالاء ولا يامر بإنفاقهء ولا يولي والياء ولا يأمر بذلك. ولا يُخرج جيشا ولا يأمر بذلكء ولا يحكم بحكم ولا يأمر بذلك إلا بمشورة المسلمين أهل العلم والورع»”*. موقف الإباضيين من هذه المسألة واضح وجل وهو تابع لمبداً الشورى الثابت. يشير الدستور إلى أن الشروط التي شرطها المسلمون على الإمام فرض واجب» فإن تركها كفر وزالت إمامته وسقطت عن الرعية طاعته”*. وبصرف النظر عن طبيعة الإمام فإن مبداً الشورى لدى الإباضيين غير قابل للتجاوز. فالإمام العالم والنّقي الذي لا تحمل بيعته شروط الرجوع إلى أهل الحل والعقدء لا يستغني عن الرجوع إليهم. على العكس من ذلك؛ فإن الأئمَة المنتمين إلى صفوف العلماء والمشهورين بأنهم هم أكثر حرصاً على تطبيق مبداً الشورى (۷) المع ص ٠۸. الم رمع ص ١۸۱. ۷۹ والرجوع إلى مجالسهم. ولا شك في أن القرار يعوت في نهاية المطاف» إلى الإمام القويّء ولكن مبداً الشورى يبقى أساسياً في نط إدارة الشؤون الدينية والسياسية للإمامة. وبالمقابل› فإن أمكن وجود أَئمّة موصوفين بالضعفاء فذلك لا يعني أن إماماتهم «ضعيفة» بل على العكس» فهي راسية بثبات وحرص على مبدا قوي» مبدا الرجوع إلى الشورى. وهذا هو أساس المشاركة واللجوء إلى الإجماع. وهكذاء فإن مبداً الشورى والمشاركة يبدو مركزياً في الفكر السياسي الإباضي› بل إنه مميز لروح المدرسة الإباضية. ويلخحخص ذلك الدستور الإباضي حيث ينص على أن «الشورى على الإمام فرضء فإذا تركها كفرء عالماً كان أم شعدفا ”٩ 1 ٢ . إجراءات انتخاب الأنمة تقسم إجراءات انتخاب الإمامة في النظام الإباضي؛ إلى ثلاث مراحل: ففي المرحلة الأولىء تجري» بعد وفاة الإمام أو خلعهء مشاورات بين العلماء حول أسماء الشخصيات المقترح ترشيحها لهذا المنصب. وليس هناك فترة مُحددة لمرحلة المشاورات التى تستغرق زمناً متفاوتاً حسب الظروف. ويمكن لبعض القادة القبليين أُن يشت ر كوا في المشاورات مع العلماء. إلا أنه ليس لهم مبدئياء أي تأثير على القرار النهائي» فهو يعود إلى العلماء وحدهم. وفي مرحلة ثانيةء عندما تجتمع في شخصية واحدة كل الشروط المطلوبة السالفة الذكر يقَدّم المرشح من جانب أحد العلماء ويجب أن يحصل؛ كشرط أساسي› على لموافقة ستّة علماء آخرين على الأَقلَ ودعمهم. ولا يتم الاتفاق على المرشّح ولا يقدم بالطبع إلى مراسم البيعة ما لم يكن حاصلاً على الحدٌ الأدنى من استَة أصوات). ولكن ما هو الأساس التشريعي الذي يستند إليه مبدا النصاب الانتخابي» نصاب المرعيع ص ١ı۸‏ V٢‎ الأصوات السئّة؟ إن المدرسة والفكر الإباضيين يقومانء كما أشرنا سابقاء على خحمسة مصادر تشريعية؛ من بينها السنّة والإأجماع. وإذا کان الإباضيون يعتمدون قرارهم على مبداً الأصوات السيّةء فذلك استناداً لما سموه سبيل الخليفة الثاتى› عمر بن الخطاب المطابق للسنّة وللإجماع. فقد كان على عمر أن يقدم وهو على سرير موته» مرشحاً ليعقبه في الخلافة. فاختار ستة رجال(" من بين أصحابه وعهد إليهم بأمر الاجتماع بعد وفاته بثلائة أيام لانتخاب خليفة للمسلمين. وأملى عليهم عمر طريقة اخحتيار مفصلة ودقيقة٩. وبموجب هذه السشابيقف أصبح نصاب الأصوات الستّةء لدى الإباضيين» مبدا ثابتاء بل أحد بنودهم الدستورية. ~o على أن هناك رأيا آخر يقول بأن حصول المرشح على خمسة أصوات كاف للبيعةء على أساس أن صوته يكمل العدد إلى سيّة. ولكن وجهة النظر هذه تدخل فى إطار الممساجلات الدستورية الثانوية. ۱ وني حال تقديم عدّة مرشحين يتمتّعون كلهم بالصفات والشروط المطلوبة يجب على العلماء أن يختاروا بين اثنين وفقاً للظروف التي تمر بها البلاد. فإذا كانت الإمامة والبلد يعيشان في فإن المرشّح المفضّل هو الأعلم والأعرف بالفقه والشريعة. أُما إذا كانت الإمامة والبلد يجتازان فترة اضطرابات» فإن المرشح المفضّل لهذه الفترة هو الذي يملك صفات القائد ومؤمّلات العسكري. وإمكانية انتخاب قائدٍ غير عالم إماما دليل هام على مرونة المذهب الإباضي وتسامحه. وهكذالء وهذه نقطة هام لا يمكن وصف نظام الإمامة بالنظام الثيوقراطي (نظام الحكم الديني)› بل هوء كما يظهر لناء ذو طبيعة زمنية أو دنيوية. وفضلاً عن ذلك فإن أهل الحلٌ والعقد يؤكدون على ضرورة أن تكون الانتخابات غير خاضعة للضغوط ومتحررة من كل التأثيرات القبلية والعشائرية. وذلك لضمان وصول المرشح إلى السلطة من خلال تطبيق مبداً الانتتخاب الحر القائم على )۰٥( هم: سعد بن أبي وقاص؛› علي بن أبي طالب» عثمان بن عفان عبد الرحمن بن عو الزبير بن العوام وطلحة بن عبيدالله. مروة (حسين) رمع ساين» الجزء الأول ص ۲۹۷. v۳ مبداً الإجماع. بالمقابل› لا يحقّ للمرشح› بعد أُن يتم اختياره الاعتذار لأن ذلك قد يؤدي إلى الانقسام ليس بين العلماء فحسب» بل وبين المسلمين؛ أي بين الشعب العُمانى. عندهاء يعد المرشح المعتذر متمرداً ولا يعود جديراً بثقة العلماى بل قد يواجه الموت أيضاً*. وبعد المرحلتين الأولى والفانيةء ينتقل العلماء إلى إتمام المرحلة الثالثة والأخيرة. فيتقدّم المرشح المختار إلى أهل البلاد لإتمام البيعة التي تجري في حضور العلماء ر قبائل المنطقة. وعلى الرغم من أن صيغ البيعة تَتَخذ شكلا احتفالي فإن لبيعةء نفسهاء تحمل قيمة استفتاى يؤدي المرشح خلالها القسم. فيمسك أحد العلماء بيد المرشح تاليا نص البيعة. فإذا كان الإمام المقدّم «إمام الشراء»» فيجب أن يعلن ذلك في البيعة وإِلا اعتبر إماماً «ضعيفا». وفيما يلي مثال على نص البيعة وفق نموذج بيعة الإمام عزان بن قيس (۹٦۱۸): «لقد بايعناك على شرط ألا تعقد راية ولا تنقّذ حكماً ولا تقضي أمراء ّا براي المسلمين ومشورتهم. وقد بايعناك على إنفاذ أحكام اللّهء وإقامة حدوده وقبض الجبايات وإقامة الجمعات ونصرة المظلوم وإغاثة وأن لا تأخذك في الله لومة لائم؛ وأن لا تجعل القوي ضعيفاً حتى تأخذ منه حقٌ اللّه. والعزيز ذليلاً حتى تنقّذ فيه أحكام الله وآن تمضي على سبيل الحقٌ أو تفني روحك فيهء”"“. تروي إحدى القصص ذات الدلالة أنه عندما قرّر العلماء برئاسة العالم عبداللّه السالمي أن يعهدوا بالإمامة إلى سالم بن راشد الخروصي - ۱۹۱۹) سأل السالمي العلماى من إمامكم؟ فأجايوا بصوت واحد: سالم بن راشد الخروصي. وعلى أثر سماعه القرار وقع المرشّح مغشياً عليه لا من الفرحء بل من هول الأمر وحاول الاعتذار. ولكن العالم عبداللّه بن حميد السالمي طلب من أحد تلاميذه أن يضرب عنق المرشح؛ وعندما سأله الخروصي عن السبب» أجابه قائلاً: إن رفضك سيؤدي إلى انشقاق المسلمين. فما كان من الخروصي إلا أن وافق فتولى الإمامة حتى مقتله عام ‎Rapport du comité spécial de 'Oman, Assemblée Générale, Nations-Unies, New York, 1964 - (2T)‏ ‎document A/5846, p. 39.‏ ,1965 ( نشر هذا التقرير جداً باللغة العربية تحت عنوان حرا ف الممائل المرليق دمشق» مكتب إمامة عمان؛ ١۱۹۱). VY وني نهاية يتسم الإمام مقاليد السلطةء ولا يستطيع الشعب إلا أن يطيعه. وتنصٌ القاعدة فعلاء على أنه متى حظي الإمام بقبول أهل الحلٌ والعقد ودعمهم لا يقبل أي اعتراض فيما بعد. فعلى سبيل المثالء ليس للقبائل الحاضرة في حال إجماع العلماء على مرشّح» الحقّ في الاعتراض على نتيجة البيعة. وعلى هذه القبائلء كغيرهاء الخضوع لقرار العلماء الذين يمنّلون السلطة التشريعية والأخلاقية العليا. وفضلاً عن ذلك يعد غياب القبائل عن مراسم البيعة قبولاً ضمنياً بها. وفي حال قيام ية معارضة من جانب القبائل» يتوبجب على الإمام الجديد إخضاعها بالقوة. ولدينا على استعمال القوة مثالان على الأول في عهد الإمام ناصر بن مرشد ۲١۱ - ١٤١۱)) والثاني» في عهد الإمام عزان بن قيس - ١۱۸۷( «بالإضافة إلى أن الإمام يكون رئيس الدولة فإنه أيضاً الرئيس الشرعى لكل شيءء وتشمل سلطته جميع الميادين الدينيّة والسياسيّة والتشريعيّة. ويمارسها حسب الشريعة الإسلاميّة”°°. لا يمكن لاي كان تَبوَو الإمامة. فهناك عدا الشروط المذ كورة قبل قليل» عددٌ من موانع الإمامة. فالإباضية لا تقبل إمامة العبكء وهي ترفض انتخايه لمنتصب الإمام الأخرين. فالدستور الإباضي في هذا الصدد يقول: «من لا يملك التصرف في نقسهء كيف يتصرف °“ وإذا اجتمعت شروط الإمامة في رجل أسود ولكن حي فإن العلماء لا يعترضون على بیعته بسبب لونه: )٤٥( .39 ‎Rapport du comité spécial de op. cit., p.‏ (٥٠) الكندي (أحمد بن عبدالله)› المهنتت؛ مرجع سابق› الجزء العاشر» ص ve کان ولو كان أسود» ولا تقبل إمامة ولد الزنا. وكذلك الأمر في إمامة القاصر: «إمامة الصبي لا تجوز على كل حال لأن إمامته لا تجوز في الصلاةء فكيف يكون إماماً يتولى الأحكام من لا يملك أمره»”“. ويضيف نص آخر ما يلي: يعاقيهي” ويعاقبهمء .. وخلافاً للشيعة الذين يقبلون إمامة القاصر يبقى الإباضيون حازمين حول هذه النقطة. إلا أن هذا الدستور لا يقَدّم نصّاً حاسماً لكل الحالات. ففيما يتعلق بقبول انتخاب ابن الإمام وبيعته؛› (فی حال استیيفائه للشروط المطلوبة)› مثلا لا يقم الدستور الإباضي نصّاً واضحا. وبسبب هذه الثغرة الدستورية› انتخب بلعرب بن سلطان؛› ابن الإمام والزعيم الوطني سلطان بن سيف الأول ٠٦٠ - إماماً عام وأدى هذا الانتخاب› عملياء إلى تبٽي نظام سلالی› وكذلك إلى خرق التقاليد الإباضية. وعلی [ثره دخلت عُمان حرباً أهلية طويلة (۱۷۱۸ - ۱۷۳۳) ستعرض تداعیاتها وآثارها فی الفصل الثالث المكرس للدولة اليعربية. ٥ ء إمكانية خلع الإمام ينص المبداً الدستوري على أنَّه: «ليس للإمام أن يخلع نفسه بغير حدثء ولا للرعية أن تخلع إمامها يغیر حدث 5 الممع ص ١١ راجع أيضا ص ص ۲۳ و۷ه. (۷٥) الأزكوي (سرحان بن سعيد)» لشف القمة العبامع للبار الام سلطنة عمان» وزارة التراث القومي والثقافةء تحقيق عبد المجيد حسيب القيسي» أبو ظبي؛» دار الدراسات ١۱۹۷ء ص ١١۱. (۸٥) الكندي (أحمد بن عبدالله)» المعنفت» مرجع سابق› الجزء ص )۹٥( المرمع ص ٢۲۲۹. V۹ إن هذا المبداً يحيل إلى الشورى والإجماع. ففي فترة الاستقرار السياسي واحترام الشرائع الإباضيةء لا يجري خلع الإمام إلا طبقاً لقواعد إجماع العلماء. ويعبارة أخرى» فإن المصدر الوحيد لشرعية الإمام وإمامته هو الإجماع. ويفقد الإمام منصبه مبدثيء عندما يصاب بعجز جسدي؛» كالصمم والعمى والبكم والشيخوخة. ولا يتم خلعه تعشفاء بل يجب أن يخضع الأمر لمشاورات بين العلماء. فإذا قر هؤلاء أن العجز لا يعيقه عن القيام بأعباء مهامهء فإنه لا يعد عن والدستور الإباضي يقن في حال إصابة الإمام بضعف السمع والبصرء وموافقة العلماء على بقائه في المنصب» أن يساعده رجل في مهام الإمامة العملية والتنفيذية(. وهكذا تقررء في القرن التاسع أن يستمر بن حميد (۸٠۲ه/ ٤م - ٢۲۲/٤ ۸م) في الإمامة على الرغم من شيخوخته. وتكتسب مسألة خلع الإمام أهمية بالغة في النظرية الإباضيةء ليس لأن الإمام هو رئيس الدولة فحسب بل لأهمية الدور الديني والروحي والأخلاقي الذي يمثله في المجتمع. وأيّ ضعف أو عجز ينعكسان على المجتمع وإمامته. ومن هناء كان الموقف الصارم للعلماء حيال هذه المسألة. وهكذاء ينص الدستور على أنه في حال عدم احترام الإمام للتعاليم الدينية في سلوكه العملي» فيجب على العلماء العمل على رده عن ذلك وإقراره بالذنب: «فإن تاب رجع إلى إمامته وولايته معهم (...) وإن أصرَ ولم يتب من حدثه ذلكء كان للمسلمين عزله. فإن رفض التوبة والاعتزالء حل لهم دمه والتوبة هي على وجه الدقّةء العودة إلى الإجماع؛ أي إلى مصادر الشرعية المقائدية والسياسية. وهكذا تزداد سلطة الإمام حصانة وتعلو على المساءلة بقدر ما يكون ملتزماً بالدستور والقيم الإسلامية. المرمع ص ۲۲۰. المع ص ۲۲۳ و٢٤ ۲۳. المع ص ٢٠۲. v۷ القسم الثالث مؤسسات الإمامة للدولة عموما مفهومان متميزان. الأول هو مفهوم الدولة التاريخي التقليدي؛ والثاني» هو مفهوم الدولة الحديثة بالمعنى الحقوقي والدستوري کم ظهرت مع بداية القرن السادس عشر. الدولة الإباضية دولة الإمامة تأخذء استثنائياء من المفهومين. فعلى الرغم من أن مؤسّساتها لا تعمل مثلا بموجب نصوص دستورية أو قوانين مكتوية فإنها» مع ذلك» تقوم وتعمل طبقاً لقواعد دستورية وأعراف تقليدية بل شبه مقدّسة لا يمكن تجاوزها أو اختراقهاء ولقد ضمنت هذه المؤسّسةء كما هي› عبر قرون» الاستقرار والأمن الاجتماعي» كما ضمنت علاقات انسجام وتعاون بين الشعب وحكامه. وأكثر من ذلك فقد ضمنت؛» هذه المؤسّسات» دوام نظام الإمامة واستمراره لأكثر من الف عام. ١ . العلماء والمجلس يستند نظام الإمامة إلى مؤسّسة أساسيةء هي مؤسّسة «أهل الحلٌ والعقد»» وهي مكونة من علماء إباضيين يمتّلون السلطة التشريعية العليا والمرجع الحقوقي والمذهبي والسياسي. فتحت إشرافهم يتم انتخاب الإمام أو خلعهء وهم المسؤولون عن إدارة كل شؤون الإمامةء ويشرفون على تطبيق مبداً الشورى ويسهرون على عدم الانحراف عنه. وهم» أيضاء القضاة والمؤرّخون والمعلمون» ومن بينهم خرج بعض الشعراء المعروفين› والقادة الثوريين. وأخيرا فإنهم المرجع الروحي والأخلاقي للمجتمع وضميره. ومن الأهمية أن نشير إلى أنه خلافاً للفرق الأخرى» (الشيعة مغلا لا تراتب هيكلياً أو تدج محنداً بين العلماء. وهكذا فإن الاعتراف بصفة العالم تقتضيء عائّةء أن تكون لدى الشخص معرفة جيدة بالفقهء وهو ما يفترض أنه كان تلميذ علماء آخرين معترف بهم› أو من مدارس معينة. يساعد الإمام في ممارسة سلطته مجلس شورى» (ويصل عدد أفراد هذا المجلس إلى ١٠ عضواً تقرياً)› يرئسه الإمام وأعضاؤه إِما وزراء أو مستشارون» ويجتمع هذا Y۸ المجلس عند اللزوم. أحياناً مرة كل أسبوع وأحياناً مرّة كل شهر. ولا يقضي الإمام أمراً ما لم يأخذ رأي مجلس الشورى. ووصف الشيخ صالح الحارثي» (أحد قادة ثُورة ١١۱۹)› هذا النمط بأنه الديمقراطية الاستشارية. وتؤخذ القرارات بال كثرية. وهناك المجلس العام الذي يضم أعضاء مجلس الشورى والولاة ورؤساء العشائر وينعقد هذا المجلس حينما يرى الإمام ضرورة اتعقاده» ويتدارس هذا المجلس المواضيع التي يعرضها عليه الإمام. أا القرارات الهامة فلا تؤخذ إلا بعد أن يستشير رؤساء القبائل قبائلهم بها. وهكذا فإن الشعب يشترك بالمسؤولية في القرارات ۔ )14( مع قادته ۰ ٢ الولاة إن الإمام يدير دقّة الحكم في البلاد بواسطة الولاة ورؤساء العشائر. أَمَا الولاة فيسميهم الإمام بمشورة مجلس الشورى. وعندما يُسمَى الوالي فإن سكان منطقته يوافقون على تسميته أو يرفضونه”. نعم يحي لسكان المنطقة رفض الوالي الذي يعين عليهم شريطة أن يكون الرفض معللاً بأسباب مناسبة ومقنعة للإمام ولمجلس الشورى. ويجري تعيين الولاة على نمط بيعة الإمام. وهذه الالتزامات توفّق بين مسؤوليات الوالي وواجبه حيال سكان منطقته من جهةء ومسؤوليات الإمام من الجهة الأخرى. وهذه الالتزامات تنص» أيضاء على التطبيق العادل للقانون» وتشير بوضوح إلى وجود حقوق للمواطن وإلى ضرورة الحفاظ Rapport du comité spécial de ‏(وفق النص العربي من التقرير فإن القرارات تۇخذ بالإجماع)‎ l'Oman, op. cit., p.40. ‎Ibidem. (65‏ ‎Ibid. (15)‏ )٦1( نیما يلي تموذج مختصر لبيعة أبي الحسن› والي الباطنة في عهد الوالي ناصر بن مرشد ‎- ۱۱۲ ‎۷۹ ‎ ويُحاط الوالي بوجهاء محليين وعلماء ورؤساء قبائل. ويؤلف مجلساً استشارياً تقليدياًء ولكن لا صفة رسمية له. ومع ذلك؛ فهذه الجماعة تلعب دوراً رائداً في إدارة شؤون المنطمقة ُو القرية وهي تساعک في معظم الأحوال؛ الحكومة في ففي كل منطقة يوجد «مجلس استشاري» مستقل. وهو شبيه إلى حدٌ كبير بالمجلس المرتبط بشخص الإمام. وهذا المجلس مۇلف من وجهاء ورؤساء قبائل يمتّلون السلطة المحلية ويمكن أن يعد ممثلاً شرعياً للجماعة. ومهمة هذا المجلس مساعدة الوالي والقاضي في مهماتهما ويمكن أن في بعض الحالات؛ء بسلطة ٢ . القصاة القاضي؛» في عُمان كما في البلدان الإسلامية الأخرىء هو «مرجع» مؤسّسي من «ايا ابا الحسن إني قد وليتك على قرية لوى من الباطنة وما حولها (...) أن تامر في هذه القرى والبلدان؛ باديهم وحاضرهم؛ عبدهم وحرّهم؛ صفيرهم وكبيرهم؛ غنيّهم . وفقيرهم. بالعدل والمعروت. وتنهاهم عن المنكر المخوفء وأن تعمل فيهم بكتاب الله المستبينء وتحيي فيهم سنّة النبي الأمين, وآثار الأئمة المهتدين؛ وسيرة القادة المخلصين الذين جعلهم الله منار الهدى وقادة الناس إلى التقوى واورثهم الكتاب والسنّة يدعون إلى طريق الجنَّةء وأن توالي باللّه وتعادي فيهء ولا تاخذك في ذلك رأفة ولا رحمةء ولا تخف باللّه لومة لاثم ولا عذل مجرم آثمء وأن تخلط الشدّة باللين. وأن تخفض جناحك لمن تبعك من المؤّمنين. وأن تعرت لكل امرىء حقّه وتوفيه إياه كاملا وتؤتي ذا القربى حقّهء والمسكين وابن السبيل, ذلك خير للذين يريدون وجه الله. وأن تقبض زكاتهم من أغنيائهم بحقهاء وتجعلها في أهلها من فقرائهم وضعفائهم. (...) فإن كثيراً من الفقراء يقصّر في المجيء إليك من حياء أو ضعقف. (...) وألزمت أهل القرى طاعتك وهجرت عليهم معصيتك. ما أطعت اللّه ورسوله فيهم: ٠ وقمت بما شرطته عليك في عهدي هذا إليك. فإن خالقت إلى غير ما أردتك به. فانا ومال المسلمين بريثان منك ونت الماخوذ به في نفسك ومالك». السالمي (عبدالله)› رمع سابق»› الجزء الشاني» ص من أجل تفاصیل أكثر عن الولاة وبيعتهم› نظن الكندي؛ ممع سابق؛ الجزء العاشن ص ١۷٠ وأنظر أيضاً: السير دالهرابات› مرجع سابق› الجزء الثاني ص ١ ۱۸. الدرجة الأولى. يتم تعيين القضاة من جانب الإمام دون بيعة أو احتفال خاص. ومن المحتمل أن توصي جماعة من العلماء المحيطة بالإمام بفلان أو فلان قاضياً. ولكن القاضي› (واجتهاده)› يتمتّعان باستقلال واضح. لماذا؟ لأن القضاة يؤخذون غالباً من بين صفوف العلماء الذين يتمتّعون بسلطات تشريعية وقضائية مستقلة. ويبقى الرجوع إلى الإمام بالتأكيد واجباء ولكن ذلك يكون في القضايا ذات الأهمية الخاصة. وتوزيع الصلاحية القضائية نسبي بين الإمام والقاضي. فالعلاقات بين الأفراد تنظر من جانب القضاق أما الخلافات بين القبائل فهي من اختصاص الإمام. ويستطيع القضاة الحكم بالموت» ولكن التنفيذ لا يمكن أن يت إلا بمواققة الإمام`. وما فى نهاية المطاف الإشارة إليهء هو الاستقلال والنزاهة والتطبيق الحازم لمبداً المساواة أمام القانون. فللمواطن الحقّء وفق هذا المبداء يتقديم شكوى ضد الإمام نفسه وإرغامه على المثول أمام القضاء للبت في خلاف ما. وقصّة البدوي الذي أجبر الإمام الخليلي (۹٠۹٠ - ١١۱۹) على المثول أمام القضاء للبت في الخلاف المتعلّق بمسألة الجمل ذات دلالة لا سيما أن البدوي ربح فعل هذه الدعوى. تتغذى خزينة الإمامة من ثلاثة مصادر رئيسية للدّخل: المصدر الأول هو الرسوم على صادرات المنتجات العُمانيةء كالتمور والفواكه والأسماك والماشية. وكذلك الرسوم التجارية على الواردات من الهند وإفريقيا وفارس. المصدر الثاني هو الزكاة التي هي إحدى الفروض الأساسية الخمسة التي نص عليها القرآن وهى الصَدّقّة المفروضة شرعا. وإذا كانت الزكاة أحد الوجوه الأساسية لفلسفة الإسلام الاجتماعية فهذا الفرض يلكي لدی الإأباضيين› مطلب Rapport du comité spécial de l'Oman, op. cit., p.40. ‏)۷٦(‎ ‎Gardet (L.), Les Hommes de l'Islam, op. cit., p.48. (1۸) ۸ مساواة اجتماعية ويوكل الإشراف على حسن إدارة أموال الزكاة إلى العلماء. اللمصدر الثالث» هو ضريبة «تفرض» على التجار غير المسلمين والأقليات غير المُمانية. وهذا التدبير المالي المتميز حيال التجار الأجانب الذين يمارسون تجارتهم في عُمان ليس وليد نزعة تمييزية بل إن العكس هو على اعتبار أن مقداره معادل لمقدار الرسوم التي يدفعها المُمانيون في بلدان هؤلاء التجار. ومرة أخرى» فإن مبدأي العدالة والمساواة حاضران في القانون التجاري حضورهما في الثقافة العُمانية. وأخيرا هناك الغنيمة التي يأي بها الإمام من الحروب الأهلية الداخليةء ولا سيما من الحروب ضدً القبائل المعارضة. والإمام هو المسؤول الوحيد عن هذه الأموال. أا الإشراف على النفقات فمن صلاحيات الإمام نفسه وهو مبدئياء فى طليعة اهتماماته. ولكن الإمام لا يستطيع التصرف بها تصرفاً كيفياًء دون أخذ مشورة ُهل الحلٌ والعقك وبما أن هذا المال يعود إلى بيت المال» أي أنه الملكية العامة للمسلمين› للشعب بكامله فإن الإمام لا يستطيع التصرف به دون الخضوع لرقابة دقيقة. وكل استعمال غير مبرر لهذه الأموالء خارج المصلحة العامة يعد معصية ويعاقب من جانب الشريعة بوصفه كذلك. ٠ . الجيش التصوّر الإباضي لدور الجيش في نظام الإمامة جدير بالذكر. فقد رفض الإباضيون» على الدوام وجود جيش محترف خشية أن تتجاوز الإمامة مهمتها التقليديةء وأن يتحول الإمام المنتخب إلى حاكم مستبدً. وعلى الرغم من أن عُمان كانت موضع اعتداءات متكررة خلال تاريخهاء فإن الإباضيين حاولوا دائماً المحافظة على الطابع السلمي للإمامة. ومن هنا أهعية مبداً الاعتدال الذي تُغْذيه الشورى في نظامهم. وهنا يظهر وجه هام آخر من وجوه مبداً الشورى الأساسي؛ يساهم في ضمان القيم الديمقراطية للنظام الإباضي. وللإمام أن يطلب من القبائل العُمانيةء إذا لم يمكن تجتّب الحرب» الإسهام في AY الدفاع عن الإمامةء سواء تعلق الأمر بخطر داخلي أم بعدوان خارجي. وهكذا عب جيش من المتطوّعين والمجئدين من بين أبناء القبائل. وتلبية نداءات الإمام كقائد للجيش واجب وطني وفرض ديني في الوقت نفسه. وينضٌ الدستور الإباضي على أنه «إذا ثبتت الإمامة للإمام وقام بالحق, فعليهم أي رعایاه) إجابته إذا ونصرته إذا استنصرهمء”. وفي مادة أخرى» ينص الدستور نفسه على أن طاعة الإمام فرض على رعاياه وأن من عصى الإمام ركب كبيرة من ١ . العلاقات الخارجية هناك مبداً مذهبي صيغ في الدستور الإباضي في النصف الثاني من القرن الأول الهجري» يُحدّد بوضوح السياسة الخارجية للإمامة. وهو يقتضي أن تحترم الإمامة مبداً الاعتدال وترفنض مبداً الخروج: فلا هجوم ولا حرب ضدٌ طرف آخر مالم تَتَعَرِض الإمامة للهجوم. وقد عملت السياسة الخارجية للإمامة طيلة تاريخهاء على ثلاثة أيعاد أساسية: البعد الديني - المذهبي» والبعدان: السياسي والتجاري. ويمكن الربط بين البعدين الأخيرين؛ لأننا نجد تقليديا أن العلاقات السياسية العُمانية مع بلدان الخليج؛ من جهة والهند من جهة أخرى كائت منذورةء بصورة رئيسيةء للمصالح التجارية والاقتصادية. أا بالنسبة للبعد العقائدي» فإنه يدو أكثر حضوراً في العلاقات مع شرق إفريقياء وعلى الأخصٌ مع منطقة زنجبار وتنزانيا» ولكنه ليس غائباً عن العلاقات مع بلدان شمال إفريقيا» ولا سهما مع الجزائر بفضل وجود تجمعات إباضية في هذه البلدان. (1۹) الكندي (أحمد بن عبدالله) المصنفت» مرجع سابق؛ الجزء العاشر» ص ۷١٠. (٠۷) المع السابء ص ١١١؛ راجع أيضا السير دالعجرابات؛ مرجع سابق الجزء الثائي» ص ۱۷۸ A۳ وبالفعل› یمکن لشرق إفريقيا أن يعد بالنسبة امتداداً تاريخياً وسياسياً ومذهبياء بل وطنياً. فهذه المنطقةء (كما سنرى في الفصل المكرس لسلطنة مسقط وزنجبار)›» وقعت تحت السيادة المباشرة لسلطات غُمان منذ عهد اليعاربة أواسط القرن السابع عشر. وقد أشرف العلماء مباشرةء منذ ذلك الحين؛ على التجمعات الإباضية في هذه المنطقة التي عدّت جزءاً لا يتجرأً من الحركة الإباضية. وإذا عدنا إلى إباضية شمال إفريقياء فإنها تمتّل أيضاً الامتداد المذهبي والثقافي للإباضية إلا أن صلتها بمحمان محدودة نسبياً بسبب العامل الجغرافي. ومع ذلك تَمّت المحافظة على هذا الاتصال بفضل المراسلات بين علماء البلدين› أو زيارات علماء شمال إفريقيا إلى عُمان التي ظلت تمتّلء في نظرهم المركز منطقة نزوى. كما أنه من المألوف» لدى انتخاب إمام جديد فى تمان أن يكتب الُمانيون إلى إخوانهم في شمال إفريقيا لإعلامهم بوضع الإمامة وتعريفهم بالإمام الجديد. ومع بداية التاريخ الحديث» فرضت عوامل سياسية واستراتيجية جديدة نفسها على سياسة عُمان الخارجيةء كالصراعات ذات القدر المتفاوت من المباشرة مع القوى الغربية: البرتغاليين والهولنديين أولاً والبريطانيين لاحقاً. ولا حاجة إلى القول بأن الصراع مع بريطانيا طبع التاريخ المُمانى خلال القرون الثلاثة الأخيرة. أا بالنسبة للعلاقات الإقليمية الأخرىء وتحديداً مع الفرس فقد انحصرت الصراعات مع الفرس غالبا على المستوى السياسي» في حين أخذ الصراع مع الوقاييين بعدا مذهبيا وسياسياً مزدوجا. بصورة عامةء كان المبداً الثابت لدى الإباضيين هو من التعاون مع القوى الأجنبية وعدم اللجوء إلى مساعدين من غير المسلمين. فالعلماء الإباضيون يرون أن At ليس للإمام الحقّ في اللجوء إلى غير المسلمين في إمامته أو قبول نفوذهم. وإذا فعل ذلك» فعليه أن «يتوب» وإلا استحقٌ العزل وحتى القتال””٩. تلك هي المبادىء والأفكار الأساسية التي تطبع النظام السياسي الإباضي» الإمامة وتمدّه بالفرادة. وستتيح لنا دراسة التاريخ المُماني في الفصول التالية من هذا العمل الوقوف على طبيعة عمل سلطة الإمامة ومؤۇسساتها. )۷۱( الكندي (أحمد بن عبدالله)› المعنفت»؛ مرجع الجزء العاشر› ص ۲۱۹. ۸o الفصل الثاني الحقبة البرتغالية (۵۰۰٥٠ . ١٥٠٠) المرحلة الاستعمارية الأولى تنل الفترة الممتدة بين القرنين الخامس عشر والسابع عشر بالنسبة لعُمان ومنطقة الخليج كلها طور انحدار» بل طور غياب شبه كامل. فالموقع الاستراتيجي والتجاري المميز الذي جلب لعُمان نجاحها وازدهارهاء تسبب؛» في عصر الاكتشافات والتنافس الجاري الدولي» في ضعفها أمام الأطماع الأوروبيةء بحيث وجدت الإمامة نفسهاء في أعقاب مسيرة تحلل طويلةء ضعيفة وضامرة. فالإمامة التي ققدت قوتها منذ عام ١١٠٠ مع مجيء ملوك بني نبهان وتعاقبهم على السلطةء كانت تحاول استعادة كيانها في منطقة محدودة من البلاد عندما وصلت طليعة الغزاة البرتغاليين إلى منطقة الخليج. ومع غياب الإمامة لم يستطع أحد صدّهم عن فرض سيطرتهم على البلاد وإدخالها في حقبة انحدار وانطواء سياسى واقتصادي طويلة. فلقد بدأت مرحلة الاستغلال الاستعمارية للمنطقة وكتب على المغلوبين على خلال قرابة ١١٠ سنة أن يشهدواء عاجزين» صراع المستعمرين الأورويين على المنطقة. القسم الأول 0 تاريخية كانت تجارة الشرف قد رسمت؛ منذ العصور القديمة طريقين رئيسيين: طریق AY البحر الأحمر ومصر وطريق الخليج والشام (سورية الكبرى)» وكلاهما واقع تحت سيادة العربية› عمانية ويمنيةء في الخليج والبحر الأحمر وحوض المتوسط. وكان دوراهماء» آنذاك؛ متوازیین ومتکاملين. وكانت وهي إحدى نقاط الانطلاق الرئيسة للتجارة القديمةء الوسيط الذي لا مفر من اللجوء إلى خدماته بين الشرق والغرب بفضل أسطولها البحري. وخلال القرون الوسطى بدا هذا الاحتكار في التراجع لاسهما أمام تقَدّم الأتراك. وعندما احتل هؤلاء القسطنطينية عام ٤٠٤ ١" انحسر الدور التجاري والتاريخي لتجار البندقية. فقد خسروا نهائياء مواقعهم وامتيازاتهم في الشرق» وخاصّة في الهند. وفي مطلع القرن السادس عشرء ومع نجاح الاكتشافات ورحلات الاستكشاف البرتغاليةء انتقلت تجارة الحرير والبهارات - وكانت أصنافاً نادرة فى أوروبا - إلى أيدي الملاحين البرتغاليين› وأخذ تاريخ التجارة الدولية الجديد طريقاً آخر. ولم يمض المسار الجديد للتجارة العالمية دون أن يترك أثراً على منطقة الخليج. فقد أعيد طرح السيادة اليمنية والمانية على بساط المساءلة بسبب نشاط البرتغاليين الذين ما لبثوا أن انتزعوا التجارة الإقليمية من أيدي وسيطروا عليها خلال ما يقرب من مائتي عام. فلا عجب إذاًء أن يكون قد عانوا من التسلّل البرتغالي هذه المعاناة المريرة والمستمرة. فقد كانوا أول ضحايا الضربة التى أنزلها اسکو دي جاما ‎Gama)‏ عل ‎)s0‏ بمصالحهم التجار ية وبحريتهم و سيادتهم. إلا أنه يجدر بناء قبل التطرق إلى موضوع السيطرة البرتغالية وتأثيرهاء أن نستعيد السياق الذي تطوّر ضمنه التدخل البرتغالي» والمعطيات الجغرافية - الاقتصادية. إن هرمز «الثانية» وهي جزيرة صغيرة غُمّرت عام ١٠۳٠› على مدخل الخليج بعد إبادة الغزاة المغول في القرن الثاني عشر لدولة هرمز القديمة الواقعة على جزيرة مجاورة - إن هرمز هذه كانت انذاك مزدهرة بفضل دورها في التجارة العالمية بين (۱) لوريمر (ج. دليل الضليع؛ ترجمة حكومة قط الدوحة ١۹۷٠ الجزء الأول ص 4. (۲) مایلز (س. ب) مع ص ١٤٥ ۱. (۳) ويلسون 0 ٿ) سمع سان ص ١٤۱. A۸ الشرق والغرب”*. وعلى الرغم من مساحة هذه الجزيرة المحدودة والانعدام الكلي للموارد الحياتية كالخضار والماء فيهاء فقد بلغ عدد سكانها في القرن الخامس عشر ٠ ألف نسمة (من فرس وعرب)› وهو رقم كبير في ذلك العصر. وكان تشاطها التجاري آنذاك كما يقول مختصّون إنكليز أكبر حجماً من نشاط لندن وأمستردام حتى في أوجهما. وهذه المقارنة العامة تسمح بتكوين فكرة عن الأهممية التجارية والاستراتيجية لجزيرة هرمز. وبصورة موازية لذلك؛ عاشت عمان؛ آنذاك عصراً مضطرباً من تاريخها تحت نير سلالة النبهانيين التي حكمت على البلاد بالفوضى والغزوات الأجنبية. ويجب أن نلاحظ فضلاً عن ذلك؛ أن تاريخ عمان في القرون الوسطى لم يُدوَن بشكل دقيق قط. والمصادر الرئيسية التي يرجع إليهاء مثل تصق اعيات للسالمي أو تف الفْمّة للأزكوي لا توضح أحداث ذلك العصر توضيحاً كافيا. ومن المنطقي أن نفترض أن الاضطهاد الذي فرض على علماء ذلك الزمن» قد أدّى إلى صمت كانت غُمانء خلال هذه الفترةء خاضعة لملوك بني نبهان الذين استولوا على السلطة من الإماميين عام ١١٠٠م واحتفظوا بها على قسم كبير من البلاتء حتى انتخاب الإمام ناصر بن مرشد اليعربي عام ويفترض أن عهد هذه السلالة من بني نيهان قد دام ما يقرب من خمسمائة سنة. وقد وصف المؤرّخون العُمانيون هذه الفترة بأنها مرحلة مظلمة من تاريخ بلدهم على اعتبار أن العلماء عانوا فيها اضطهاداً مخيفاء فأحرقت الكتب وضيّق على النشاطات الدينية والتربوية. كذلك ألفيت القوانين والشرائع الإباضية وانتشرت الفوضى الكاملة. وقد تعرض المُمانيون لأشكال عديدة من القمع وصودرت الممتلكات والأراضي› مما أرغم بعض القبائل (٤) العقاد (صلاح) التيارات السياسية نے الضليع المي القاهرةء مكتبة الأغجلو - المصرية ٤6۹۷ء ص ۱۰. (٥) ویلسون (آ. ت) رمع سایق ص ١۱۱. (٦) مایلز (س. ب) مع سایق ص ١٤٠۱ - ۸A۹ على الانتقال إلى داخل البلاد أو الهرب منها تماما . ولكن هذا الوضع لم يلبث أن أفرز تعبئة متزايدة ضد سلطة النبهانيين. فشلت هذه المعارضة أولا ثم استقام لها الأمر بعض الشيء بانتخاب الإمام الحواري بن مالك في فترة ١٠١٤٠ - ورغم هزيمة الملوك النبهانيين في منطقة عُمان لم تتوصّل هذه المعارضة إلى الانتصار تماما؛ إذ تركزت مقاومة الملوك التبهانيين المتسحبين حول بهلا التي جعلوها عاصمتهم. وبعد وفاة الإمام مالك بن علي الذي بقي اسمه مرتبطا بهاليقظة الشرعية» عام ٥٤٤ ١م› استطاعت عُمان انتخاب عدّة أَثُمَة: أيو الحسن بن خمیس (١٤٤ ٠ - ١١٤ ٠۱)› عمر بن الخطاب ١١٤٠ - وأخيراً عمر الشريف» وأحمد بن محمد وأبو الحسن؛ وهم الذين بقيت فترات إمامتهم الزمنية غير معروفة جيدأ. بيد أن هؤلاء الأئمة الأربعة الأخيرين المنتمين إلى قبيلة اليحمدي لم يقدروا على إحضاع القبائل المتمردة وإعادة توحيد عُمان واستعادة الاستقرار. إلا أنهم نجحوا في تخفيف الحد من أضرار الفترة النبهانية والمحافظة على بداية عودة الشرعية. ولم ر تستطع عُمان أن تتمنّع؛ من جديد؛ بنوع من الاستقرار في قسمها الداخلي إلا مع انتخاب الإمام محمد بن إسماعيل عام وعشية وصول البرتغاليين› كانت خريطة غُمان السياسية (باستثناء تقسيماتها الداخلية التي سنعود إليها لاحقا) مؤلفة من عدة مناطق جيو - سياسية متميزة: الإمامة في تمان الداخلية؛ آخر الملوك النبهانيين في منطقة بهلا؛ أَمًا الساحل فقد بقي تحت سيطرة ملك هرمز مم نائبين له الأول في مدينة قلهات الساحليةء والثاني في مسقط. )۷( السالمي (عبدالله بن حمید)؛ رمع الجزء الأول ص Ibn Ruzayq (Humayd), A! fath al mubin fi sirat al bû Sa'idiyin (d. 1873), translated and (۸) edited «History of the Imûms and seyyids of Oman» by G.P. Bager, London, Draf Publishers Itd. 1986, p. XXV. ۹ ١ء طريق الحرير قام البرتغاليون» خلال ما يقرب من نصف قرن» برحلات استكشافية لإيجاد طرق بحرية تسمح لهم بالتخلّص من الوسيط (أو العدّو)» التركي والوصول إلى الهند - إلى حريرها وبهاراتها ومعادنها التي هي مفاتيح السوق الأوروبية - دون مقاومة تُذ كر ولكن هذه الجهود لم تُوتٍ ثمارهاء إلا في ععهد دوم جواو ‎[o080(‏ mهD)‏ ‎Me - 4۸۱)‏ ۱ لم يكن لأحد أن يتنبا وقتذاك بأن هذه الحملات الاستكشافية المكرسة مبدئياً لفتح طرق تجارية سوف تعطي إشارة عصر جديك عصر الاستغلال الاستعماري للشرق. وفي تموز (یولیو) ١٤٤۱ غادر اسكو دي جاما لشبونةء ودار لأول حول رأس الرجاء الصالح؛ ثم عاود الصعود ببطى من مرفاً إلى آخر بحثاً عن ملاح يرشده إلى الهند. وفي مالندي (نفصنا13)› وهو مرفاً هام على ساحل كينيا الحالية وأحد مراكز تبادل السلع الواردة من الهند والبحر الأحمر والخليج؛ أقنع ثاسكو دي جاماء أحمد بن ماجد من جلفار (رأس الخيمة)» وكان ملاحا عربياً شهيراء بأن يقوده إلى كلكتا (uttaهلa)‏ ثم إلى غوا في الهند» حيث وصلا عام ٨٩٤ وبفضل أحمد ين الذي رأى في مساهمته تواصلاً للحضارات بين الشرق الذي كان يعرفه والغرب الذي يتوق إلى معرفته تُوّجت حملة دي جاما الاولى بالنجاح. إلا أن أحمد بن ماجد لم يكن ليتصوّر وقتذاك النتائج غير المنتظرة لعمله( ٩ وعندما وصل ُاسكو دي جاما إلى الهند أمر رجاله بشراء كل ما يستطيعون Wolpert (Stanley), A new history of India, second edition, Oxford University Press, New- (۹) York, 1982, p.136. )١۱( ‎Al-Sabah (S.A.) op. cit., p.21.‏ (١۱) يجب أن نشير إلى أن بعض المؤرخين يرفضون الرأي القائل إن أحمد بن ماجد وافق على مساعدة اسکو دي جاما في مهمته. كما أن آخرين يعتقدون بأن أحمد بن ماجد مات قبل هذا التاريخ. ۹1 شراءه من أصناف البهارات» بأسعار مضاعفة رغم دهشة التجار الهنود والعرب. ولدى عودة دي جاما إلى لشبونةء باع سلعه تلك بما يفوق سعرها الأولى بستين ضعفاً وغطى بذلك أضعاف نفقات الحملة. وعندما انتشر في المدينةء خبر ربح بلغ ٠ بالمائف راح کل هاو يجرب المغامرة الشرقية ‎CR‏ ‏وحمل هذا النجاح الملك مانويل الأول (1° [عتصة) على إضافة لقب «سيد عزو الملاحة وتجاره الهند واڻيوبيا وبلاد العرب وفارس» إلى القابت وبارك البابا هذا اللقب. من المؤكد أن الهدف الأول كان ذا طابع تجاري. إلا أنه تلون بلون ‎(Alfonso de Albuquerque)‏ و قادتهما العسكر يين. ويبدو› بشهادة مۇرخ برتغالى من القرن الثامن عشر هو جواو دو باروس ‎(Joo de Barros)‏ أن نشاطهم في هذه المنطقة من العالم كان من أكثر الأنشطة تهديما: «لقد خض الله البرتغال بنعمة أن كتب لهم أن يغزو الكفٌار - ووفدوا إلى بلادنا في الغرب. ويبدو أن الله تغاضى عن إنزال العرب الويلات بإسبانيا وتدمير أراضيها وإتلافهاء عقاباً لها على خطاياها. ثم قضت إرادته أن يمارس البرتغاليون حقهم الطبيعى هڏاء يعد انقضاء فقرون عديدة وبالطريقة ذاتهاء بحد السيف ليس فقط في الجزيرة العربية الجدباءء حيث دمّروا مدنها وأحرقوا منازلها وسبوا نساءها وأطفالهاء واستولوا على الثروات وملكوا على مدنهاء ولكن في بلاد الفرس أيضاء”". لا تحتاج هذه الأقوال إلى تعليق وإذا أضفنا إليها الأرباح التجارية التى بلغت Wolpert (S.), op. cit., p.136. (۱۲) Barros (João de), Da Asia, Lisboa, Regia officina Typografica, 1781 (réimpr. Paris, 1981, (\۳) pp. 1-2). ۹۲ ٠ من بضائع الشرقء فلن يصعب علينا أن نتخيل الحمى التي انقضّ بها البرتغاليون على المدن الهندية والإفريقية والُمانيةء وكذلك على هرمز والبحرين فيما بعد. وبالفعل» فإن المنظور الاستراتيجي لبناء الأمبراطورية البرتغالية لم ينضح جيداً إلا بعد زيارة دو البو كرك للهند عام ١٠١١٠ - ١٠١٠٠. وقد ظهرت» إذ ذاكء خطة من ثلاث نقاط: أُولا احتلال عدن لتأمين باب المندب وإغلاق الملاحة فى البحر الأحمر. ثانيا احتلال هرمز والمرافىء الُمانية» قلهات وقريات ومسقط وخورفكان وجلفار والسيطرة على التجارة في الخليج. ثالثاء احتلال منطقتي ديو وغواء وبسط السيطرة على كل مناطق الهند. وفي عام ١٠١٠٠ مضى ثاسكو دي جاماء ثانيةء إلى الهند على رأس أسطول صغير من خمس سفن. ولم يلبث الطابع العدائي لهذه الحملة أن كشف عن حقيقته. فقد بدأ ٹاسکو دي جاما في إغراق کل مركب صادفه في طریقه. وسرعان ما تحول المحيط الهندي الامن؛ حتى ذلك الحين؛ إلى منطقة صراعات وقرصنة. ویدون ویلسون بأنه في عام ٥٠٥٥ سمي دوم فرانشیسکو دو Îلميدا ‎)D0m Francisco de Almeida)‏ حاكماً عاما ونائباً للملك دوم مانويل ‎Manuel)‏ ص) ملك البرتغال» في الهند” ۲ . الغزو البرتغالي في عام ۸١١١٠ وصل أسطول برتغالي أخر بقيادة البخار الشهير ألفونسو دو البوكرك إلى جزيرة سقطرة اليمنيةء القريبة من مدخل الخليج. وكان البرتغاليون يعتقدون» بناء على أسطورة يتناقلونها» أن المسيح مر بهذا المكان في طريقه إلى الهند. وربما كان هذا هو السبب الذي دفع البخارة البرتغاليين إلى أن يجعلوا منها نقطة انطلاق حملاتهم إلى الهند والخليج. ومن هذه النقطةء اتخذ البوكرك ترتيباته لتنفيذ المرحلة الثانية من الخطة الاستعمارية في منطقة الخليج. (٤۱) ویلسون لاء ت) عع سایق؛ ص ١۱. ۹۳ في ١٠ آب (أغسطس) ۸ انطلق الهجوم وفي أقل من عشرة أيام أحرقت أربع مدن عمانية ونهبت ثم احتلت» وهذه المدن هي: قلهات؛› قريات؛› مسقط خورفكان”'. ولم يتردد الغزاة في اتباع أبشع الأساليب» إذ نکلت القوات البرتغالية تنكيلاً وحشياً بالمهزومين. فقد جدعت أنوف الأسرى وقطعت آذانهم تعبيرأ عن الفرح بالانتصار( ولكن أيضاً لردع كل محاولة مقاومة. وخلال الشهر نفسه؛ تابع دو البوكرك حملته على هرمز. وعلى الرغم من وسائله المحدودة نسبياً فلقد تمكن على أثر الهلع الذي انتشر في المنطقة من تصفية مقاومة ٠٠ سفينة عُمانية وتوقيع أول اتفاق مع الحاكم سيف الدين المسمى ملكا على هرمز. وبموجب هذا الاتفاق› أعلن إعفاء البضائع من الرسوم الجمركيةء وتعهّد الملك بدفع جزية سنوية للبرتغاليين وليس للفرس” ٠ بعد ذلك» تابع دو البوكرك البرنامج الاستعماري البرتغالي في أمكنة أخرى. ففي عام ١٠١٠٠ قاد حملة على عدن وحاول؛» عبثاء احتلال منطقة المصرع وإغلاق البحر الأحمر في وجه السفن المصرية”. ولو أمكن لملك البرتغالء كما يقول ویلسون؛› السيطرة على عدن كما سيطر على هرمز ومالاقة ‎›)Malaga)‏ ‏لكان لقب سيد العالم كله على غرار الإسكندر الكبير لدى عبوره الجانجز” . وفي حملة ثانية عام ١١٥٠ أحضع الأميرال البرتغالي کل منطقة الخليج: بل اندفع إلى أبعد من ذلك: فقد سقطت مومباسا ومالندي وبعض الجزر تحت سلطته. وعلى وجه الإجمال؛ وبعد بضع سنوات من معركة غير متكافئة لعب فيها تأثير المباغتة والإرهاب دوراً رئيسياء أصبح البرتغاليون سادة منطقة شاسعةء من السواحل )٥( .3-5 ‎Barros (J. de), op. cit., pp.‏ (١۱) مایلز (س. ب) سمع ص ١٥۱. )۱۷( ويلسون 0 ت) مسر ص ۷۰. Bondarevsky (G.), Hegemonists and imperialists in the Persian Gulf, Moscow, Novosti Press (\۸) Agency Publishing Home, 1981, p.37. )۱۹( ويلسون 0 ت) س ساب ص ١٠. ۹1 الشرقية لإفريقيا إلى السواحل الغربية للهند. وكانت تمان ومضيق هرمز تتحكمان› في مركز هذا الجهازء بكل تجارتها في الخليج. واعتباراً من عام ١٤١٠٠ وعلى أثر عجز حاكم هرمز عن دفع الجزية المفروضةء قر البرتغاليون تعيين مراقبين لجمع الرسوم الجمركية. وبهذا الإجراء القمعي» أصبحوا السادة الفعليين "°. بقي عليهم أن يلتقوا على القوة الفارسية وهنا أيضاً خدم السياق مصالحهم بصورة مدهشة: فقد كان الشاه إسماعيل - الذي جعل من تبريز في شمال بلاده عاصمة له يهتم بهذه المنطقة أكثر من اهتمامه بالجنوب. وفضلا عن ذلك حاول محاربة العثماننين الذين سحقوا جيشه في معركة تشالديران )aldiranطح)‏ عام ١١١١ واحتلوا عاصمته تبريز لبضع ولم يَرَ الشاه الذي هذده الاندفاع العثماني في منطقة لها منزلة خاصة في قلبه سوى أن يتراجع في الخليج أمام المستعمرين البرتغاليين. بل إنه قبل احتلال هرمز واعترف بتابعيته لملك البرتغال. كيف نفسّر هذا الموقف من جانب الشاه حيال تهديد کان يبدو إذا تأملّنا کل شيي في مثل جدية الخطر التركي على الأقل؟ لنسمع ما يقوله المؤرخ البرتغالي جواو دو باروس: «غزا البرتغاليون الفرسء وهم شعب ذاع صيته نظراً لقدم بلاده وأسلحتها وحضارتها. وقد دفع الفرس ثمن إهانتهم لإسبانيا لأنهم اعتنقوا ديانة أولئك العرب . من ناحية ثانيةء فإن الشاه إسماعيل وجد نفسه ضعيفاً سياسياً باختياره المذهبي› فقد كان أول من جعل من التشيم المذهب الرسمي لمملكته ومن هنا كان عداء الأمبراطورية العثمانية الشرس وقد كان البلدانء بنقلهما هذا النزاع .۸۲ ‏(٢) المعع ص‎ Al-Sabah (S.A.), op. cit., p. 22. (۲۱) Barros (J. de), op. cit., p.2. ‏)٢۲(‎ ۹0 اللمذهبي إلى المستوى الأول يفتحان الطريق أمام مناورات المستعمرين البرتغالين” "° کان في إمكان الأتراك نظراً لمكانتهم الدينية في العالم الإسلاميء كسب شاه الفرس والأمبراطور المغولي في الهند والتحالف معهم وطرد الأوروبيين من المحيط الهندي لسنوات طويلة. ولكن سليمان الكبير أخفق في استيعاب الأهممية الحيوية لتعبئة كل القوى في سبيل بلوغ هذا الهدف(”". وإذا كانت القوى البرتغالية قد استفادت من التوتّر بين العثمانيين والصفويين فهي استفادت كذلك من الشقاق المحلي: فقد جاء الانقسام الشيعي السنّي الجديد ليضاف إلى الانقسامين الآخرين؛ السياسي اللذين كانا قد أضعفا المقاومة الوطنية ضد البرتغاليين”° "°. وعلى صعيد غُمان؛ لا مبالغة في الاعتقاد أن الحركة الإباضية وإمامتها كانتا تستطيعان مواجهة العدوان البرتغالي لو لم تكونا قد هُمّشتا من قبل النبهانيين؛» أي لو كانت عُمان موحدة. لماذا؟ لأن كانوا يملكون» في إطار الإمامة مؤسّسة متينة ومتماسكة قادرة على مواجهة أي غزو. وكذلك لأن الحرب الغازي والدم المراق دفاعاً عن الإمامةء الوطن الروحى» كانا لدى الإباضيين قضية مقَدّسة والتزاماً أعلاقياً لم يكن أحد يرى نفسه قادراً على التخلي عنه. لم تلبث شعوب المنطقةء بعد انقضاء زمن المفاجأة والوجوم؛ أن استعادت أنفاسهاء وسرعان ما كان على البرتغاليين أن يواجهوا حرکات تمرد عام ١٠١١۱ و١١١۱. ثم اندلعت ثورة عامّة في ۳۰ تشرين الثاني (نوفمبر) ١٠١١ . ولم يتوصّل البرتغاليون إلى خنقها إلا باستدعاء تعزيزات جاءت خصيصاً من الهند. ولكن السكان العمانيين لم يستسلموا وقد هرّت تمردات وثورات عدة البلاد لا سيما عام (٢۲) العقاد (صلاح) سرع ساین؛ ص ١۱. (٤۲) مایلز (س. ب) رمع سا ص ١۱۷. (٢۲) العقاد (صلاح) سرع ساق؛ ص ١۱. (٢۲) مایلز (س. ب) سعع ساش؛ ص ١١٦۱ - ۱۱۸. ٦۹ ٦ حیث اندلعمت ثورة جديدة دامت ولكنها لم تغيٍر ميزان القوى. وكان على عُمان أن تنتظر بزوغ الإمامة اليعربية. لد استوجبت هذه التحدّيات الداخلية والخارجية› من البرتغاليين› تدعيم مواقعهم في مسقط» وهي نقطة استراتيجية هامّةء وتحويلها إلى موقع عسكري متماسك على مدخل الخليج. وفي عام ۸۷٥ ١ قام البرتغاليون ببناء قلعتين عملاقتين في مسقطء الأولى هي قلعة القديس غوا التي أعاد المُمانيون تسميتها باسم الجلالي» والثانية هي قلعة القبطان المعروفة باسم وهما ما زالتا قائمتين في مسقط تذ كران بمرور البرتغاليين. القسم الثاني السيطرة على محك المنافسة خلال هذا الوقتء كانت موازين القوة السياسية تنقلب في منطقة الخليج؛ فمع توقيع معاهدة سلام بين الأمبراطورية العثمانية والدولة الصفوية عام ١٥٠٠› تخلّت فارس عن مطالبها في منطقة ما بين النهرين وانتقل اهتمامها إلى الجنوب نحو منطقة هرمز("". ثم عرفت فارس» مع مجيء الشاه عباس الأول (١۸١٠ - ۹١٦۱)› اندفاعة قويةء داخلية وخارجية فشرعت؛ من جديدء في لعب دور إقليمي هام. وهكذا وجد التفوق البرتغالي نفسه مهدداً أولاً بسبب اليقظة الفارسية في نهاية القرن السادس عشر وثانياً بسبب صعود إمبرياليات أوروبية منافسة مطلع القرن السابع عشر إذ كانت بريطانيا وهولندا في طريقهما لان تصبحا اللاعبين الرئيسيين على مسرح الخليج. في انتظار ذلك كان الوجود البرتغالي قد أصاب البلاد وبُناها التحتية بِأضرار بالغة. وكان الأسطول التجاري العربي قد تلقَّى ضربة قاصمة أعدمت نشاط المنطقة اقتصادياً وامتد تأثيرها السلبي إلى كل القطاعات المرتبطة بالتجارة. (۲۷) المرمع ص ۱1۸. (٢۲) المرعع ص ۱۸۲. ر۲۹( .39 ‎Bondarevsky (G.), op. cit., p.‏ ۹۷ وعلى وجه الإجمال» وبسبب السيطرة البرتغالية الدائمة على الخطوط البحرية كانت الثقافة الوطنية المحلية قد تفتتت؛ إن صح هذا القولء بحيث كانت المنطقة لدى وصول الإنكليز والهولنديين› شبه مهيأة لمرحلة استعمارية جديدة دون أُن تستطیع مواجهتها بأدنی مقاومة. ١ . المرهلة الهولندية والبريطانية وضع البريطانيون قدمهم في منطقة الخليج بفضل اتصالاتهم مع فارس. وقد جرى أول اتصال بين بريطانيا وفارس بمبادرة شخصيات شبه رسميةء لا سيّما مبادرة البريطاني روبرت تشارلي ‎.)Robert Charly)‏ ثم جاء زمن العلاقات الا کثر رسمية زمن الاتفاق المتين؛ وأخيراً زمن تحالف بين البلدين. وهكذا توصل البريطانيون» في الخليج؛ إلى إيجاد مكان لهم تحت الشمس؛ على حد تعبير مۇرخيهم. کان على الإنكلين أُوَلا أن يفرضوا أنفسهم على مزاحميهم الهولنديين الذين كانوا قد أسّسوا عام ١٠٠٠› شركتهم الشرقيةء المنافسة اشر کة الهند الشرقية التي أسّسها البريطانيون بمرسوم ٢۳ كانون الأول (ديسمبر) عام ٠٠11 والتي نشطت في منطقتي أندونيسيا والهند الشرقية. وبسرعةء دخلت هاتان الشركتان في منافسة حادّة على مناطق النفوذ. وامتدٌ المشهد من السواحل الأندونيسية والهند الشرقية حتى الخليج. وفيما بعد ويفضل التحالف الفارسي - البريطاني» استطاعت شركة الهند البريطانية اتخاذ موقع في ميناء جسك؛ (بندر جسك) الواقع على ما يقرب من ٠ كم من ميناء هرمز. وهكذا سجّل الإنكليز نقطتهم الأولى. بصورة موازية لذلك؛ بدأت السياسة الفارسية تنشط بصورة غير مباشرة أَوَلاً ثم بصورة مباشرةء» لصالح السياسة البريطانية. ففي عام ١٠٠٠ أنزل الشاه عباس الأول ضربة قاسية أولى بالبرتغاليين في منطقة البحرين. ثم عبر الشاتv‏ في وقت لاحق؛ عن لوریمر )۰ ج مرمع ساب الجزء الأول ص ۲۳؛ راجع أيضاًء ويلسون›» سرع مایل؛ ص ۹۸ رغبته في التحالف مع الإنكليز. وفي حوالى ١١١٠ء حصلت شركة الهنك الشرقية البريطانية بهذه الطريقة على امتياز لشراء كل أنواع الحرير الفارسي”". وهذا الاحتكار وهو الأول من نوعه أعطى دفعا ملموساً للعلاقات التجارية بين البلدين وعرّز الحضور الإنكليزي في الخليج. وهكذا تحوّل اتجاه الرياحء ووجد التفوّق البرتغالي نفسه منذ ذلك الحين منافساً من جانب جبهة مصالح قويّة. وفي عام ١٠۱١٠ قرر الشاه عباس تحويل منطقة غمبرون (صeruعbاGam)‏ المقابلة لجزيرة هرمز إلى مرفاً رئيسي سماه بندر عباس وقد ظلّل هذا الميناء الجديد على إشعاع هرمز مما انعكس سلباً على النشاط التجاري البرتغالي. ورد البرتغاليون على هذا التحدي بمهاجمة بندر عباس واحتلالها عام ١۱١۱ وبقيت تحت سيطرتهم حتى أخرجهم الفرس منها عام ١٠١٠٦٠. وقد جرى أول اشتباك بين القوات البريطانية والبرتغالية عام ١١١٠› تبعته اشتباكات أخرى عام ١٠٠٠. وقد هزم الأسطول البرتغالي على سواحل سورات ‎Surat)‏ وهو ما سمح للإنكليز بالحصول على امتيازات أخرى في الهند. وفي عام ۳٠ء أُسّسوا في سورات فرعاً لشركة الهند الشرقية. واستطاع سكان الساحل العربي» وقد شاهدوا اهتزاز الهيمنة البرتغاليةء البدء في التعبير عن استيائهم والمراهنة على مساعدة من الجار الفارسي. وبالفعل» حاول الشاه في البدء الاستفادة من هذه الحركة فتعاون مع السكان لطرد البرتغاليين من منطقة جلفار”. ولكن الفرس لم يلبثوا أن أصبحوا المحتلين الجدد للساحل العربي. وفضلاً عن ذلك» في مناخ التصالح الذي أعقب رحيل القوات من هرمن اتفاق بين الفرس والبرتغاليين. فأعاد هؤلاء محاصرة المنطقة وبنوا فيها قلعة جديدة قرية من تلك التي احتلتها القوات الفارسية“ في جلفار. أما بالنسبة للشام فقد بقي يحتفظ (۳۱) ویلسون لاء ت) مع ص ١۱۰ - ١۱۰. Bondarevsky (G.), op. cit., p.41. (۳۲) ITbid., p.41. (۳۳) .۱۹۱ ‏(٢٤۳) مایلز (س. ب) سمع ص‎ ۹۹ برأس جسر على الساحل» وهكذا رأى سكان البلاد المخذولون أن أراضيهم محتلة من جانب دولتين أجنبيتين» بدلا من دولة واحدة. لم يكن وارداً أن تبقى الأمور عند هذا الحد بالنسبة لأ طرف من الأطراف. فاتفق الفرس والبريطانيون على التخلص» في مرحلة أولى» من خصومهم البرتغاليين في هرمز. وعُقدَ اتفاق بين الشاه وشركة الهند الشرقية للقيام بعمل عسكري مشترك ضدٌ الموقع البرتغالي القوي. وقد نص هذا الاتفاق» وهو الأول من نوعه هو أيضاًء من بين ينود أخرى» على اقتسام الموارد الجمركية لهرمز مستقبلاء بالتساوي مع الإتكليز وإعفاء التجارة الإنكليزية من كانت المطامح الإنكليزية واضحة. كما كان وهماً أن ما يسعى إليه القادة الإنكليز من وراء الأهداف التجاريةء هو تنمية مصالحهم في المنطقةء ومراقبة نقاطها الاستراتيجية لتأمين سيطرة واضحة ودائمة على الشرق وثرواته وطرق مواصلاته. وفعلا امتدت هذه السيطرة كما سنری؛› لاکٹر من ٠ سنة. حاصرت القوّات المتحالفة الفرس والإنكلين موقع هرمز بعد أن احتلّت منطقة قشم وهي مصدر تموين هرمز بالماء والغذاء. وفي ۱٢۲ نیسان (أبریل) ۲۲٦۱› سقطت هرمز في أيدي القوات الفارسية والإنكليزية بعد تدمير المدينة واستسلام البرتغاليين. وقد عقد اتفاق لنقل ما بقي من القوات على سفن إنكليزية إلى قلعتهم في مسقط. وانتهت السيطرة البرتغالية على هرمز وانتهى معها ازدهار المدينة التي تُركت للخراب والدمار. وقد أفاد هذا التخلي ميناء بندر عباس الذي جعلت منه الشركة الهندية مركزها الرئيسي. وعلى الرغم من هذه الضربة القاسيةء ومن الأفول المطرد لأمبراطورية البرتغاليين» استطاع هؤلاء أن يحافظواء لفترة أخرى» على مواقعهم حول خاصّة مسقط. لوريمر (ج. ج) مع ساق الجزء الأول ص 4۳٤ - ٤٤. المرعع ص 7٤. وفي هذه الأثناى ومع وفاة الشاه عباس فقدت بريطانيا صديقاً وحليفاً. وقد اجتازت فارس فترة انطواءِ نسبي حتى مجيء نادر شاه. واستفاد الهولنديون من هذا الانكفاء لينتموا مصالحهم الاستعمارية. فأحرزوا انتصاراً على البرتغاليين في منطقة الساحل الهندية ووطدوا حضورهم في أندونيسيا. وهكذا أسست الشركة الهولندية باتاثيا (جاكارتا عام ۱۹ء ونجحت في طرد البرتغاليين من مالاقة (دعaاMa)‏ عام ١١١٠ء ومن أفضل أسواقهم في الهند. وقد عرفت الشركة المذكورة طيلة القرن السابع عشر ازدهاراً كبيراء وضمنت احتكار تجارة البهارات مع وقد أدّى تعاون الهولنديين مع الإنكليز ضدَّ الأسطول البرتغالي» إلى الحصول على امتيازات هولندية في فارس ممائلة للامتيازات التي كان يتمع بها الإنكليز. وعلى غرار الشركة الإنكليزية تبنت الشركة الهولندية بندر عباس مركزاً رئيسياً لها. وبالتدريج وصلت النشاطات التجارية الهولندية إلى ذروتها في الخليج خلال النصف الأول من القرن السابع عشر. بل وصل بها الأمر إلى حد تهديد النشاطات البريطانية بالاختناق. فقد كانت كل تجارة الاستيراد والتصدير لفارس بين أيدي تجار هولنديين» وكانت سفنهم تمخر المنطقةء ولم يتردّدوا في استعمال العنف لضمان احتكار التجارة المحلية على حساب المصالح الإنكليزية. وهكذا بدأت مراكز القوى البحرية والتجارية لبريطانيا وهولندا ترى مصالحهاء في الشرق كما في أوروباء تتعارض إلى درجة لا يمكن إلا أن توي إلى مواجهة عسكرية. وفي أقل من عشرين سنةء من ١١٥٦۱٠ إلى ۷٦٦۱ء اندلعت أربعة نزاعات إنكليزية - هولندية في أوروبا وفي المناطق المستعمرةء (وخاصة حول بندر عباس وإذا كانت هذه الحروب لم تغير شيثاً من موقع الهولنديين في الخليج؛ فإنها سمحت للبريطانيين بإرساء التفوّق المؤكد لأمبراطوريتهم. ‎Al-Sabah (S.A.), op. ci!t., p.23. (۳۷)‏ (۳۸) راجع ويلسون (أ. ت) مع ص ١١٠ - ‎۱۹ ‎ ۲ . من وصول الفرنسيين إلى حل الصراعات الاستعماريه غير الظهور المتأخر للمصالح الفرنسية في لعبة الشرق الاستعماريةء لفترة ماء ميزان القوى. فقد أسس لويس الرابع عشر ‎×X]7(‏ isناo])›‏ بدوره بامتياز ٤11 شركة الهند الفرنسية الشرقيةء التى ما لبثت أن دخلت هي أيضا منطقة الخليج واتخذت؛ كوصيفتيها الإنكليزية من بندر عباس مركزاً وقد دش هذا الطموح الجديد فترة منازعات أخرى في المنطقة. بدأ لويس الرابع عشر ألا بالقضاء على القوة التجارية الهولندية وتمكن بعد معارك في المتوسط من تدمير أسطول الحلف الهولندي - الإسباني” *. ورأت بريطانيا في ذلك فرصة لوضع حدٌ نهائي للتوسع الهولندي فعقدت في البداية حلفاً مع فرنسا. ثي ما إن اكتملت هزيمة الهولنديين حتى قلب الإنكليز تحالفهم تحت ضغط الرأي العام الإنكليزي المعادي لفرنساء ووقَعوا صلحاً منفصلاً مع هولندا عام ١٤۷٦ وبهذا الحلف» اضطربت موازين القوى من جديدء كما اضطربت اللعبة السياسية. وشهد عام ۸۸١۱ انعقاد حلف إنكليزي - هولندي يرمي إلى سد الطريق أمام الهيمنة الفرنسية. ومنذ ذلك العهد هولندا مصالحها مع مصالح شركائها البريطانيين› وذلك حتى ما بعد صلح رسويك الذي لجم المطامع الفرنسية )۹۷ يدءاً من النصف الثاني من القرن السابع عش استهدف الإنكليز والهولنديون الالتفاف على خصومهم السابقين؛ البرتغاليين الذين بدأت قواهم تخو رغم أنهم تحروا منذ عام ١٤٠٠ من وصاية أسر الهابسبورغ ‎(Habsbourg)‏ ‏في إسبانيا. ‎Al-Sabah (S.A.), op. cit., p.24. (۳۹)‏ (٠٤) لوريمر (ج. ممع الجزء الأول ص ٠۸. ‏(١٤) المع الماين؛ ص ١۸. ‏(٤٤) ویلسون لأ ت) مرمع ص ۱۳۸. ‎ في عام ١١٠۱ء آلت ملكية جزيرة بومباي ومينائها من البرتغال إلى التاج البريطاني كجزء من هديّة الزواج التي قدّمتها الأميرة البرتغالية لزوجها شارل الثاتي» ملك إنكلتراء وكجزء من الصفقة التي تعهّد الإنكليز بموجبها بضمان سلامة أملاك البرتغال في جزر الهند الشرقية*. | وهكذا فإن بريطانيا التي تحالفت» على التعاقب» وفقاً لمصالحهاء مع الفرس والهولنديين› وأخيرا مع البرتغاليين› كانت الرابحة الوحيدة من هذا الصراع الاستعماري ومن هذا السباق الدبلوماسي الذي كان رهانه كل مستقبل أمبراطوريتها في الشرق. وقد حافظ البرتغاليون المهزومون في هرمز على وجودهم في عُمان› ولكن سياستهم الاستعمارية في المنطقةء انقادت منذ ذلك الحين؛ كغيرهاء لسياسة الإنكليز. وكذلك الأمر بالنسبة للهولنديين الذين ارتبط مستقبلهم الاستعماري منذ تصفية نفوذهم بمستقبل بريطانيا. وكان على الفرنسيين - الحلفاء المؤقتين الهولنديين) - أن يستسلموا هم أيضا للبراغماتية البريطانية. وهكذا وجدت فرنسا لويس الرابع عشر ثم لويس الخامس عشر التي كانت حريصة على الاحتفاظ بامتيازاتها في القارة الأوروبية - وجدت نفسها تترك التوسع الأمبراطوري الإنكليزي يسبقهاء خاصة في الشرق. ومنذ النصف الثاني للقرن الثامن عشرء وجدت بريطانيا نفسها في موقع قوة كاف لإرساء أسس حضور دائم في الشرق» وخاصّة لتنظيم ساحتها الاستعمارية في المنطقة. وقسسمت شركة الهند الشرقية الإنكليزية الهند إلى ثلاثة كيانات جغرافية هي على التوالي» حكومات البنغال ومدراس وبومباي. وهكذا وقعت منطقة الخليج تحت مسؤولية حكومة بومباي”” *. وبعبارة أخرى» لم يتوقّف الأمر عند فقدان منطقة الخليج كل سيادتهاء بل تعداه إلى أن وجدت نفسها أيضاً غارقة في التفكك من وجهة النظر التاريخية والثقافية والعرقية. إن وصول منطقة الخليج إلى هذه الحال يعبر بوضوح عن الخطة التي (٤٤) لوريمر (ج. ج) صمع ساب الجزء الأول ص ۸۳. )٤٤( .25 - 24 ‎Al-Sabah, op. cit., pp.‏ سار عليها التوسع الاستعماري؛ وبطبيعة الحال لم يكن لعمان أن تكون في منأى عن هذا المصير سواء تحت نير البرتغاليين أم الفرس أم الإنكليز. ولا شك أن توبجس التحلل والضياع هو ما وقف وراء تلك الانتفاضة الوطنية التي أعادت الإمامة في عمان إلى أيدي اليعاربة. الفصل الثالث المثال الإباضي للدولة الإسلامية ني التاريخ الحديث «بما أنه ليس للإنسان سلطة طبيعية على شبيههء وبما أن القوة لا تننج أي حقء تبقى إذاء أساس كل سلطة شرعيةء. ج ج. روصوء مرل المقد اې الدولة ١۱۱۲ . ١۱۷4( من أجل مصلحة ال والوطن» ومن أجل إعادة توحيد البلاد وتحريرها من الاحتلال الأجنبي» تع التوضّل عام ١۲٠٠ إلى اتفاق بين مدرستي نزوى والرستاق» أعقبه انتخاب ناصر بن مرشد اليعربي ۲٠۱ - ١٤١۱). وقد دخلت عُمان؛ حقبة استثنائية من تاريخها الحديث» وهي حقبة استعادت فيها الإمامة بناء ذاتها وتحقّقت خلالها وحدة البلاد الاجتماعية. ثم خلف سلطان بن سیف - ۸۸٦۱) وهو رجل بارع واستراتيجي نادر ناصر ين مرشدء وحرر عُمان» وطرد البرتغاليين من شرق إفريقيا وأنشاً الدولة المُمانية «العربية - الأفريقية». وقد شهدت هذه الفترة تشييد النموذج الإأباضي للدولة الإسلامية. إلا أن الدولة اليعربية مع نهاية القرن السابع عشر في التحول إلى نظام سلالي. ورغم الإبقاء على تقليد انتخاب الأئمة فإن انتماء هؤلاء إلى الأسرة نفسها أفرغ هذا التقليد من محتواه الديمقراطي إلى أن أطاح به. وهكذا تعرّضت هذه التجربة الفريدة إلى أخطار داخلية أدّت بها إلى حرب أهلية محتومة. في هذا الفصل نعالج هذه التجربةء نجاحها وخاتمتها. القسم الأول الإمام ناصر بن مرشد اليعربي ١۱۱۲ » ١٤٠۱) خلال خمسة قرون تقريباً منذ سقوط الإمامة الأولى في القرن الثالث للهجرة (التاسع وفي عهد الملوك النبهانيين» كان المجتمع العُماني قد خرج من الإطار الذي رسمته له قيمه وثقافته وقوانينه وشرائعه وتقاليده الإباضية. وقد عرف هذا المجتمع حالة من التمرّق والفوضى الكلية ومرحلة طويلة موسومة بضروب الفشل على الصعيدين الوطني والمعنوي. وقد شهد فوق ذلك احتلال دولة هرمز للمدن الساحلية في منتصف القرن الثالث عشر. وتلا ذلك وصول البرتغاليين الذين احتلوا هذه المناطق› بما فيها: هرمز عام عُمان؛ وقتذاك إلى أكثر من عشر مقاطعات ومناطق شبه مستقلّة بعضها عن البعض الآخرء تحميها سلطات قبليَة مستقلة ذاتياً: مالك بن أبي العرب في الرستاقء سلطان بن أبي العرب في نخل؛ مانع بن سنان العميري في سمائل؛» علي بن قطان الهلالي في سمد الشان ومحمد بن جفير في عبري('. كما سقطت ست قلاع واقعة في ست مناطق مختلفة تحت سيطرة قبائل متنوعةء في حين كانت مسقط ومطرح وصور وقريات؛» كما رأيناء تحت سيطرة البرتغاليين منذ ۸١١ ٠› وكانت جلفار خاضعة للسيطرة البرتغالية والفارسية المزدوجة. تلك كانت الخريطة السياسية ولم يك إذ ذاك أن عُمان مقبلة على أي شكل من أشكال الوحدة. وكان الحلٌ الوحيد لإنقاذ البلاد وإخراجها من هذه المحنة هو الانخراط في طريق الوحدة الوطنية والالتفاف حول الحركة الإباضية التي كانت تد لتقديم مرشحهاء رجل الإجماع والخلاص الوطني» ناصر بن مرشد اليعربي. ويفضل الشيخ العلامة خميس بن سعيد الشقصي؛ مؤلّف كتاب مشب الطالبين ٠ ربغ فُدَم اسم ناصر بن مرشد اليعربي كمرشّح إِبان التشاور التقليدي Ibn Ruzayq (H.), op. cit., p. 54. (۱ الأول بين العلماء الإباضيين. وقد انعقد اجتماع مجلس عام ضع ٠۷ رجلاً من نخبة العلماء والوجهاء في قرية قصرى» في منطقة الرستاق» وانتهى استثنائياً إلى الإجماع على اسم المرشّح الجديد. وهكذا انتخب ناصر بن مرشد اليعربي البالغ من العمر ١ عاماً تقريياء عام ١۲٠٠ وجرى إبلاغه القرار”. لم يكن في استطاعة ناصر بن مرشدء كما لم يکن في استطاعة الأَئْمَة الآأخرين؛ رفض الواجب الوطني ولكن مام اشترط على نحو غير مألوف شرطا وحيدا: الولاء التاق فأَدّى العلماء القَسَم. و تم انتخابه «إمام يقول مایلز: «لم يقلد هذا الاتتخاب مراسم الإمامة لأسرة جديدة ولكنه فتح عهداً جديداً في تاريخ عُمان التي تقدّمت خلاله إلى درجة كبيرة من الرفاهية. كان يقود البلادء ناصر بن مرشدء ذلك الرجل الذي اسم بذکاء غير عادي وقوة نادرة. حتی آنه يمكن أن د يعد أحد من أشهر آمراء عُمان»٩. كان على الإمامة الجديدة تحمل مهمات تاريخية. ذلك أن روح العصبية القبلية تجذّرت؛ طيلة المرحلة النبهانية تجذراً عميقاً في المجتمع كما جاء العامل الخارجي البرتغالي ليتوّج انهيار التلاحم الداخلي. وهكذا لم يكن من سبيل إلى تحرير البلاد إلا بإعادة بناء التلاحم الاجتماعي وإعادة توطيد الوحدة الوطنية. وخلال الأعوام الثمانية الأولى من عهده طبق الإمام ناصر بن مرشكء وبصورة شبه مظ ة سياسة ثابتة وحازمة وقوية حيال القبائل المتمردة. وقد أخضعها إخضاعاً صارما كما أخضع الممالك الصغيرة الشكلية القائمة في المقاطعات والمناطق. کان التسامح والعفو عن الخصوم يسیران جنباً إلى جنب مع حزم الإمام وهو Ibn Ruzayq (H.), op. cit., p. 53. (۲) Ibid., p. 54. (۳) ‏(٤) راجع الفصل الأول القسم الثاني.‎ (٥) مایلز (س. ب) صسمع سال ص ۱۹۸. ۷ ما دعم موقعه الروحي والسياسي في أذهان العُمانيين. وقد نتج عن هذه السياسة تعاظم في قوَة الإمام أيّدتها عدالته التي ذاعت الأخبار عنها وانتشرت. أا عفوه عن المتآمرين عليه فأدى» من ناحية أخرى» إلى قدوم مزيد من الوفود من المناطق المجاورة للاستظلال بحمايته بعدله”°. سقطت المدن الواحدة بعد الأخرىء كما لو كانت متأهْبة لمحو آثار الفترة النبهانية إلى الأبدء وإخراج عُمان من الظلمات التي كانت غارقة فيها. وترافق هذا التغيير مع إلغاء «الأعراف الإقطاعية» التي كانت القبائل والممالك العُمانية قد فرضتها. وهكذا حفّقت ثورة الإمامة مرحلة حاسمة من السيرورة التي سوف تُخرج البلاد من الفوضى. لقد أثبت هذا الحاكم الُماني» بصورة مطلقةء أنه من أقوى وأكفاً الحكام على الإطلاق. وتمكن في وقت قصير من السيطرة على الأمور وتحقيق الاستقرار ثم حوّل اهتمامه وإمكاناته لطرد المستعمرين الذين كانوا يسيطرون على المناطق الساحليةء وخاض معهم حرباً طويلة أدت إلى دحرهم”. وفضلاً عن ذلك؛ أرسل الإمام جيشه إلى الجنوب للإأخضاع ناصر بن قطان الهلالي» والتقى الجيش هناك بقبائل بني ياس التي قتل رئيسها صقر بن عيسى. ولقي أخوه في محاولته الثأر له نفس المصير. وهكذا خضعت له قبائل ساحل عُمان أيضا. ومنذ ذلك وحتى وصول البوسعيدي إلى السلطةء (منتصف القرن الثامن خضعت هذه القبائل لسلطة دولة اليعاربة. كانت السنوات الثماني الأولى من الإمامة الجديدة كافية لإعادة توطيد المجتمم الماني ووضع حدٌ لحالة التشتّت والتصدع. ودخل المجتمع إلى النظام الجديد )۱( السيار (عائشة)› ن سرن انيمیا: ١۱۱۲ - ۱۱ بیروت» دار القدى ١٥۱۷« ص ‎N‏ (۷) مایلز (س. ب) رمع ص ١۱۹. )۸( السالمي (عبدالله بن حمید) مع الجزء الثاني ص راجع أيضاً: الأزكوي› مرمع ساز ص ٤ ۰ \ - وتخلی عن سيطرة روح العصبية القبلية. وهكذا وجدت عُمان نفسها من جديد واستردّت السلام الداخليء وتهياً الشعب العُماني لتحرير المدت الساحلية "من نير البرتغاليين. ١ . تصفيه الوجود البرتغالى يجدر بنا أن نشير إلى أن العلاقات الإنكليزية - البرتغالية كانت خلال كل هذه الفترق علاقات تحالف. أُما العلاقات الفارسية - البرتغالية فكانت تقوم على الاتفاق الحسن. وهكذا كان على مواجهة المحتلٌ البرتغالي ولا سند لهم إلا والفارسية معاً. هيا الإمام جيشاً عهد به إلى علي بن أحمك مدعوماً بأحد أقربائه من وبعد يومين من أحرزت قوات الإمامة نصراً واقتلعت البرتغاليين والفرس من منطقة جلفار في آب (أغسطس) ۳۳١۱. وكان ذلك أول انتصار عسكري على القوات الأجنبية وبعد سنة› في عام ٤ء وقعت منطقة صور وقریات في قبضة الإمامة + » في حين ظلّت صحار ومسقط خحاضعتین للقوات البرتغالية. . وفي عام ٤ دخحلت قوّات الإمامة حروباً متقطعة مع القوة البرتغاليةء ولكنها لم تكن قادرة على اختراق السور المحيط بمسقط الذي كان البرتغاليون قد بنوه في الوقت الذي كانوا قد بنوا ومن جدیك؛ في عام ۱۸« جردت القوات حملة بقيادة مسعود بن رمضان» وخميس بن سعيد لفرض الحصار على مسقط وتحريرها. وفي ١۱ آب (أغسطس) ضرب حصار دام حتى ١٠ أيلول (سبتمبر) أرغم العُمانيون البرتغاليين في )۹( السالمي (عبدالله بن حمید)) رمع الجزء الثاني» ص ۱۳. ‎Le Cour Grandmaison (C.), «Présentation du Sultanat d'Oman», in: la Péninsule arabique (\ +)‏ d'aujourd'hui, sous la direction de Paul Bonnenfant, Paris, C.N.R.S., 1982, tome IL p.276. 1۹ نهايته على قبول الشروط التي حدّدها الإمام. وفي ٢۳ تشرين الأول (أكتوبر) وفع اتفاق( من خمسة ينص واحد منها على إلغاء القانون المتعلق بالضريبة المفروضة على من قبل البرتغاليين. كان هذا أُوّل اتفاق فرضته قوة وطنية على مستعمرين. کان نصراً سياسیاً للعمانيين بقدر ما كان نصراً معنوياً. لكن البرتغاليين لم ييأسواء فقد طلبوا من قادتهم في الهند نجدات جديدة. فلم يكونوا يجهلون أنهم إذا فقدوا مواقعهم في مسقطء فسوف يفقدون نهائياً كل مواقع منطقة الخليج. لقد مالت كفّة الصراع بوضوح. فلم يعد صراعاً بين مستعمرين يَنْصَبُ على اقتسام مناطق نفوفء بل أصبح صراعاً بين قوة وطنية صاعدة ومستعمرين مكروهین من كل الشرق. ولكن الإمام لم يَرَ في التحرير خاتمة لمشروعه. ففي نيسان (أبريل) ۹ وبعد ٢۲ سنة من الحكم توفي ناصر بن مرشد» في السابعة والأربعين من عمره تقريياً» ودفن في مدينة كانت إنجازات الإمام ناصر بن مرشد ملحمية وتاريخية. فقد حفقّق توحید عُمان ومحا آثار خمسة قرون من المرارة الوطنية. وقد أعاد الاعتبار للكرامة واستعاد تقاليد الإمامة وأرجع تراثهاء كما أعاد مكانتها إلى أذهان المُمانيين. وقد أرسى أسس الدولة اليعربية وعناصرها الرئيسية. ويفضله أيضاء استطاعت عُمان دخول التاريخ الحديث مُوَحدة ومُرَوّدة برسالة روحية وهوية وطنية وثقافية واضحة. ٢ . سلطان بن سيف اليعربي ١٤٦۱ . يوم وفاة الإمام ناصر بن مرشك عقد العلماء مجلساً عامًاً لانتخاب إمام جدید طبقاً للإجراءات التقليدية. ووقع الإجماع على شخص سلطان بن سيف قريب الإمام المتوقى وأحد قادته العسكريين. وكان سلطان قد شارك في المرحلة الأولى من بناء الدولة اليعربية. كما كان مشهوراً بحكمته وإرادته. وتدون المؤرخة الفرنسيةء لو كور (۱۱) مایلز (س. ب) ص ۱۹۲. (١٠) راجع السالمي (عبدالله بن ممع الجزء الثاني ص ۱۷. ١۱ غرانميزون ‎))]e Cour Grandmaison)‏ التالي: «إن سلطان بن سيف الأول الذي خلف اين عمّه ناصراً هو الذي يعود إليه مجد إعادة الفتح هذا وقد بذل الاستراتيجي نشاطا كثيفا على امتداد البلاد التي كانت تعيش حالة سلام موؤقت (...) كما زوّد البلاد ببحرية قوية كانت كفيلة بتأمين انتصاره على البرتغاليين»”. كان الإمام الجديد واعياً للمهممات الملقاة على عاتقه ولقدرات العُمانيين على إنجازها وکان قادراً على رسم مستقبل الدولة مم الاستفادة من الميراث السياسي للإمام وهكذا يمكن اعتبار عهد سلطان بن سيف الأولء امتداداً لعهد مؤسّس الدولة اليعربيةء فكان هذا العهد المرحلة الثانية للبناء الإباضي للدولة الإسلامية العُمانية. ولكن البرتغاليين انتهزوا مناسبة وفاة ناصر بن مرشد لينقّضوا الاتفاق المعقود مع الإمامة ويخرقوا بنوده» وعلى الأخصٌ فيما يتعلّق بالضرائب التي كان ينوء تحتها الذين يسكنون الساحل. وقد أعلن سلطان بن سيف الحرب. عليهم وأشرف بنفسه على العمليات العسكرية حتى النصر في أجل لم يتجاوز سّة أشهر. وقد أرغم الحاكم البرتغالي العام على التخلى عن القلعتين للقوّات العُمانية في ۲۳ كانون الثاني (ینایر) ١١٦ وفي من سنة من بداية عهده حفقّق سلطان الانتصار وحرر عُمان وأنهى بناء الدولة وب بفض| هذه المرحلف استعادت غُمان موقعها کأقوی دولة بحرية في المحيط الهندي› باسطة سلطتها ونفوذها من الخليج إلى شرق إفريقيا. ولم يكتفِ الإمام بهذا النصر بل أخذ أيضاً في مطاردة البرتغاليين خارج الحدود وفي الوقت نفس كانت التحمعات والعربية في شرف إفريقيا قد طلبت إلى ارمام تحريرها من السلطة البرتغالية. Le Cour Grandmaison (C.), «Présentation du Sultanat d'Oman», op. cit., p.267. (۱۳) Jbid., p. 270. ‏)٤۱(‎ ۹١۱۱ تقول لو کور غرانميزون: المعارك ومهاجمين إيّاهم حتى في ممتلكاتهم في إفريقيا البرتغالي وأاعلن نهاية مئة وخمسين سنه من الهيمنة على الخليج وبحر العرب والمحيط وقد أحرز سلطان بن سيف انتصاراً على البرتغاليين بتحریره جزر كلوه وباتا وزنجبار ومومباساء وبوضعه هذه المناطق تحت السلطة وقد عي فيها شخصيات غُمانية لإدارة شؤونها. وقد غدت كل هذه المنطقة رسمياء جزءا من الدولة المُمانية. وخلال هذه الفترة تدعّمت العلاقات التجارية والثقافية - الإفريقيةء وكذلك الحضور العربي في شرق إفريقيا. ولقد لعبت الجماعة العُمانيةء منذ ذلك اللحين؛ دورا أساسيا في إدارة اقتصاد هذه المنطقة وتجارتها. وسادت فيها الثقافة حتى لو بقيت اللغة السواحلية هي اللغة المتداولة في حين اقتصر استعمال العربية على نخبة من الوجهاء الدينيين وعلى بضعة رجال من الحكومة وفي عام شن التحمانيون هجوماً على منطقة ديو قرب خليج بومباي؛ أحد أقطاب الاستعمار البرتغالي. كما هاجم المُمانيون لاحقاء حوالى ١۷٠٠› منطقة بيسان ‎(Bessin)‏ وهي مستعمرة برتغالية أخرى”'). وقد أوقعت هذه الضربات الاضطراب في توازن البرتغاليين في منطقة السواحل الهندية وأضعفت فيها نفوذهم مۇق و کرمز للانتصارات قام الإمام ببناء قلعة نزوی الشهيرة التى مَوّل بناءها من الغنائم التي حملتها القوات المُمانية من معر كة ديو. وقد دامت فترة بناءِ هذا المشروع ‎TIbid., p. 276.‏ (١۱) سوف نخصّص الفصل السادس لدراسة تطوّر القطب العماني - الإفريقي. عرات» دمشق؛ منشورات مكتب «سلسلة أبحاث ١۱۹۱ء ص 1۷. (۱۸) بقيت منطقة غوا وديو (نDi)‏ تحت السيطرة البرتغالية حتى عام ١١۱۹. ۱۹۲ أكثر من اثنتي عشرة سنة. وتعتبر هذه القلعة إحدى معالم تاريخ عُمان الوطني. ملت هذه الفترة عهد تطوّر ونهضة لعُمان على كل الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ويفضل الأسطول البحري نشطت التجارق وعادت مسقطء التي حلت محل هرمز أهم موقع تجاري وميناء ترانزيت لكل الخليج؛» وبلغ الإنتاج الزراعي كذلك أعلى مستوياته. كما عرفت عُمان نهضة ملحوظة على الصعيد التربوي والثقافي› وقد لعب فيها رجال الدين والعلماء الإباضيون دور المحرك. ولكن الفضل الأول في هذه النهضة يعود إلى مناخ العدالة والحرية الذي بدأت عُمان تتمتّع به في ظل نظام الإمامة. وإذ رعى سلطان بن سيف استمرار هذا النهوض» فلقد اهت على الأخصٌ يدعم مؤسّسات الإمامةء وكان يراقب باستمرار وبالتفصيل؛ عمل القضاة والولاة الذين لعبوا» هم أيضاء دوراً كبيراً في إدارة مختلف مناطق الإمامة. وعلى وجه الإجمال فإن ما أمكن أن يتحقق في ظل هذين الإمامين› كان؛ إضافة إلى إعادة اكتشاف الهويةء إعادة بناء حقيقية للدولة والمجتمع العُمانيين. ذلك أنه من العدل أن نقول إن تمان التي وجدت نفسها من جديد في عصر ناصر بن مرشدء تمکنت مع الإمام سلطان بن سيف الأول» من تحقيق قسم كبير من طاقاتها. . ومع وفاة الإمام سلطان بن سيف الأول عام ۸۸١٠ء كان التموذج الإباضي للدولة الإسلامية قد اكتمل تشييده. وهكذا فإن الإمام أدى مهمته على أكمل وجه. ٢ . الانتخاب الخلاني: بلعرب بن سلطان ء ۱۷۱۱) بعد وفاة الإمام سلطان انتخب ابنه بلعرب بن سلطان بالإجماع. کان بلعرب يتمتّع بكلٌ الصفات المطلوبة لهذا المنصب» بل وكان مشهورا بسخائه وكرمه إلى حدٌ لقب معه بوأبي العرب». وقد عاصر العمل الذي شرع فيه سلفا» وإليه يعود بشكل خاصٌ الفضل في خلق مؤسّسات للتعليم الرسمي تَقَدّم فيها کل التسهيلات للطلاب؛ بما في ذلك الطعام. وقد خرجت هذه المدارس صفوة من القضاة والأدباي منهم الشاعر راشد بن خميس الحبسي. ۱۱۳ في الأساس؛ لم يكن في انتخاب بلمرب بن سلطان أي عيب ولا أي خرق للدستور أو للأعراف الإباضية لا سيما أن المنتخب الجديد كان قريبا من معظم التطوّرات والمنجزات الكبيرة في عهد والده» بل إنه أسهم فيها شخصياً. لكن هذا الانتخاب» على الرغم من شرعيته أعطى مؤشّراً لبداية تغيير طبيعة الإمامة في التاريخ الحديث. وكانت تلك سابقة وبداية لتقليد جديد في الثقافة السياسية العُمانية الإباضية. فقد فتح هذا الانتخاب الطريق أمام أنو اع الطموح بالسلطة ونشدانها. وعلى وجه الإجمال» لا بالغ إذا قلنا إن السلطة الروحية للإمامة قد حرفت منذ ذلك الحين؛ وإن وظيفتها تحوّلت إلى مجرد سلطة قابلة لان تقلب بالسلاح. دوهكذا َفَدَ الانتخاب . لأُوّل مرّة . قيمته الحقيقية يضّربه صفحاً عن أحد أهم شروطه... ولعن كان ذلك الانتخاب مصدر قَوّة في أَوّل عهد إمامة اليعربيين› فإنه تحوّل إلى نقطة ضعف خطيرة في آخر عهدهم»”. وفعلا أثبت تعاقب و«الانتخابات» اللاحقة أن ثغرة قد فُتحت في التقاليد الإباضية. فقد توالى على الحكم سبعة تة ينتمون إلى الأسرة نفسهاء لكن الأخيرين منهم لم يتمتّعوا بشرعية كلية. فسيف بن سلطان الثاني أعيد انتخابه ثلاث مرات؛» وربما أربعاء في الأعوام ۱۷۱۸ و١۱۷۲ وأخيراً في عام ۱۷۲۸ دون أن يتميّع بالشرعية المطلوبة. وعليه تقع مسؤولية إنهاء التجربة اليعربية بصورة فاجعة ومؤسفةء ومسؤولية إهانة وطنه بطلبه مساعدة من الفرس في محاولة يائسة لتوطيد إمامته غير الشرعية. وما إن حدثت حدث الخرق السلالي لمبداً السيادة الانتخابية حتى دسّن نوع آخر من النزاع؛ فقد تحدّى سيف بن سلطان أخاه بلعرب وخاض الاثنان حرباً داميةء إلى أن توفي بلعرب» الإمام الشرعي؛» بعد سبع سنوات من (۱۹) عرات؛ سعع سا ص ) ٠) هناك تداخل بين عهدي بلعرب بن سلطان وأخيه سيف بن سلطان. وربّما نجم ذلك عن کون الأخير قد حاز اعتراف بعض القبائل بعد حوالی أربع سنوات من عهد أخیه بلعرب - ١۱۷۱) أي عام ١۱۹. وبعبارة أخری› كان هناك حتى ١۱۷۱ إمامان في عمان. ولكن تبقى شكوك حول هذه الفترة ۱۹ استطاع سيف بن سلطان الأول (۹۲١٠ - ١۱۷۱) أن يكسب جملة قبائل بایعته على الرغم من رفض علماء الحركة الإباضية ذلك واعتبارهم بيعته اغتصاياً. ولكن العلماء لم يصيغوا أي اعتراض صريح خوفاً من تنكيلات سيف بن سلطان المشهور بقوته. ونتيجة لذلك؛ فرغ المنصب من محتواه الانتخابي» وكفٌ عن أن يكون ممارسة ديمقراطية فعليةء ولم يعد أكثر من شكليات احتفالية يقيمها رؤساء قبائل لفرض مرشحيهم. وكان على أن يُطيعوا تحت طائلة إثارة حرب أهلية. ومهما يكن من أمر فإن الإمام سيف بن سلطان الأول قام بأعمال كبيرة على صعيدي الشؤون الداخلية والخارجية. فعلى الصعيد الخارجي» تزايدت القوة الُمانية توطداً في عهده وازدهر الأسطول التجاري. واستطاع كذلك؛ أن يرسل ثلاثة آلاف رجل؛ عام إلى شرق إفريقيا لاستعادة جزيرة مومباسا التي سقطت في ايدي البرتغاليين وإعادتها إلى النفوذ العُماني” "°. يقول لاندن: «وهكذاء ما إن بدا القرن الثامن عشر حتى كان اليعاربة يحكمون دولة نفوذها السياسي عبر منطقة الخليج كله إلى سواحل إفريقيا الشرقية والجنوب العربي غرباء وإلى مشارف وادي الأندس فى الشرق. كما كان نفوذها الاقتصادي عبر شواطىء الخليج إلى داخل إيران والعراق والجزيرة العربية؛ أما على الجهة الغربية فقد وصل هذا النفوذ إلى اليحيرات الوسطى في إفريقيا بينما وصل على الجانب الشرقي إلى دلتا نهر الجانج»”". أا على الصعيد الداخلي› فيعود إلى الإمام فضل تطوير الاقتصاد الشرقي الزراعي ويصعب التدقيق فيها. ويلاحظ أيضاً أُن بلعورب توفي عام ۱ وهذا العام يتزامن مم نهاية عهد سلطان بن سيف. مما يعني أن الإمامين قد توفيا في التاريخ نفسه. )۲۱( عرات؛ سرع ص ۱۷. (۲۲) لاندن› (ر. ج) سمع ص ۱٠۰. ١ا۱ تطويراً واسعاً بإدخاله نباتات جديدة لم تكن معروفة من قبل أهمّها الزعفران والقهوة» وبشروعه أيضاً في إصلاح الري وتنظيمه" "٠ ومهما يكن من أمر اللاشرعية التي دمفت انتخاب الإمام سيف بن سلطان الأولء فقد بقي شخصية قويةء هي الأخيرة بين أهمم شخصيات الدولة اليعربية. لم يعتبر سيف بن سلطان الأول نفسه عالماء ولكنه كانء مع ذلكء رجل دولة من الطراز الأول. والمأخذ الآخر الذي يُؤخذ عليه هو أنه أصبح من كبار والملاكين في عُمان» وأن أسلوب حیاته لم یکن لیماشي ما له من موقغ روحي لدی الُمانيين› لا سيّما لجهة تباينه مع صورة الإمام ناصر بن مرشد الرجل الزاهد الذي بقي حاضرا في اذهانهم. وعلی وجه الإجمال» فإن حصيلة تلك الفترة بعيدة عن أن تكون سلبية إلا أنه لا بُدٌ من الملاحظة أن تطوّر الدولة والمجتمع المادّي لم يواكبه تطور مماثل على الصعيد الروحي. فقد أفرغت الإمامة من قسم من محتواها ويفقدان الإمامة مضمونها المعنوي والروحي» لم تعد مؤهلة لتبرير وجودها كمؤسّسة. وبعد وفاة الإمام شيف بن سلطان الأول في ١٠ تشرين الأول (أكتوبر) ١٠۷٠ء تم انتخاب ابنه سلطان بن سيف الثاني إماماً. وقد استعرض المؤْرّخون مسألة انتخاب الإمام الجديد ولكنهم لم يعطوا أي تفصيل حول موقف علماء الحركة الإباضية من هذا الانتخاب. وهذا يعني إِمًا أن يكون الإمام انتتخب بالإجماع لموقف وقفه منه المؤرخون العمانيون. وهذه الفرضية الأخيرة غير مستبعدة لأن المؤرخين قد يتجاهلون عمداً التأريخ لنظام غير شرعي في نظرهم «الجبابرة» أي اللادستوريين). وهكذا يُحكم عليهم بالنسيان. من جهة کان سلطان بن سیف الثانی معروفا کوالده» بشخصيته القوية. وقد انتقد المؤرّخون بوضوح» تبذيره واستخدامه التعسّفي للأموال العامة. فقد أنفق كل الشروة التي تركها أبوه واستدان كثيراً من Ibn Ruzayq (H.), op. cit., p.93. (۲۳) ١۱۹ أموال المساجد والأوقاف. إلا أن الممانيين لم يحتجوا عليه خوفاً مئه . وخلال هذه الفترة توصّلت عُمان؛ء إلى تحريیر البحرين من الفرس؛ واحتل مواقع على الساحل الفارسي مثل قشم لارك وهرمز. وهكذا تم إرساء السيطرة على منطقة الخليج والتي سوف تستمر حتى القرن التاسع عشر. القسم الثاني سقوط الدولة السعريبية مع وفاة الإمام سلطان بن سيف الثاني دخلت عُمان طوراً جديداً من الصراع العنيف على السلطة. وعلى الرغم من أن انتخاب بلعرب بن سلطان (۸۸١٠ - كان شرعياء فإنه أعطى نظام الإمامة طابعاً وراثياً. إلا أن مؤرخاً ومرجعاً فقهياً هاما هو السالمي» يؤكد أن الإمام لم يكن حتى في نهاية عهد اليعاربةء يرث السلطة ليا بل يتولاها بالبيعة والانتخاب من جانب أهل الحل والعقد(” ". ومهما يكن من أم فإن انطلاق هذا «التقليد السلالي» قد سبب» في غياب الخليفة المقبول» صراعاً شرساً على السلطة وأدى إلى تفجّر الموقف السياسي والقبلي في البلاد. ترك سلطان بن سيف الثاني عدّة أيناء كان أكبرهم سيف» في الثانية عشرة من عمره. وعلى الرغم من كونه قاصراء فإن مجموعة من القبائل المرتبطة بأسرة اليعاربة اقترحت ترشيحه للإمامة خلفاً لأبيه. وكانت هذه الطريقة في التصرف تعود» مرة أخرى» في الأساس إلى آلية وراثية لا علاقة لها بنظام الإمامة المذهبي والروحي. إلا أن أهل الحلٌ والعقد اعترضوا على هذا الترشيح الذي يهدّد بتغيير روح مؤسّساتهم وتقليدهم. ولنذكر بأن الدستور الإباضي قاطِمٌ حول هذا الموضوع: فإمامة القاصر غير مقبولة لأن إمامته ممنوعة عند الصلاة. فكيف يمكن؛ إذ ذاكء للقاصر أن )٤۲( ‎Ibid., p.94.‏ (٥۲( راجع: السيار (عائشة)› سر ص ١۱۱۲. ۱۷ يصبح إماماً مقبولاً؟ وكيف يمكن لمن لا حساب عليه ولا عقاب أن يحاسب الناس ويعاقىهە؟. حيال هذه الأزمة الدستورية والسياسية لم يكن أمام العلماء إلا محاولة حسم الأمر. وهكذا تقدّم الشيخ عدي بن سليمان بمرشّح آخر من الاسرة نفسهاء هو مهنا بن سلطان» قريب سيف. وبطريقة غير مألوفةء وباتفاق منفصل ومحصوں تم انتخاب مهنا بن سلطان إماماً جديداً في قلعة نزوی في ايار إلا أن هذا الانتخاب لم يَخظ بإجماع قبلي أو أغلبية تضمن نجاح المحاولة. ولا شك في أن هذا الإجراء السريع يخرج نسبياً عن الإجراء العادي. ولكن المسألة الرئيسية هي معرفة ما إِذا كان يمكن الحصول على إجماع قبلي في مثل هذه الظروف. والجواب هو بالتأكيد لا. ومن هنا نستطيع أن نتفهّم موقف أهل الحل والعقدء ونحكم على هذا الإأجراء كإجراء استثنائي وضروري. وعلى كل حال» يمكن أن يقال بأن أهل الحل والعقد قد كفّواء نظراً للمنهج المتّبع ظاهراً في هذا الانتخاب» عن أن يكونوا الفاعلين الرئيسيين على المسرح السياسي العُماني. فقد خسرواء إلى حدٌ ماء نفوذهم لصالح السلطة القبلية. وسوف ی العلماى لاحقاء يفقدون كامل سلطتهم وحقهم بالقرار. ومن الواضح أن القرار قد كف منذ ذلك الحين عن العودة إلى الشورى والإجماع› وأصبح رهن القوة. ك شن يعرب بن بلعرب» قريب مهناء قبل انقضاء سنةء هجوماً على الإمام الجديد في الرستاق وأرغمه على التخلي عن الإمامة "° . کان مهنا قد طلب قبل الاستسلام الحماية من يعرب الذي منحه إِيّاها. ولكن (٢۲) الازكوي (سرحان بن سعید) مرمع سای ص ١۱۱۱. )۲۷( الكندي (احمد بن عبدالله)› مرجع سايق الجزء العاشر ص ۸ ٥› راجع: الفصل الأولء القسم الثاني. Bathurst (R.D.), «Maritime trade and imamate government: two principal themes in the (YA) history of Oman to 1728», in: Hopwood (Dereck) ed et alii, The Arabian Peninsula: Society and Politics, London, George Allen and Unwin, 1972, p. 104. )۲۹( الأزكوي (سرحان بن سعید) مرمع سابق؛ ص ۱۱۳. ۱۹۸ يعرب نکٹ بعهده بعد وصوله إلى السلطةء وقيد مهنا بالسلاسل› وألقى به في وقد أثار هذا العمل الأحقاد وروح العصبية القبلية وفتح الأبواب لمناخ نصب يعرب نفسه وصياً على سيف بن سلطان» حتى يبلغ سنّ الرشد ويصبح «إمام المستقبل» وهذه سابقة فريدة في التاريخ الُماني» وهي مسألة مرفوضة عقائديا ودستورياً. إلا أن الوصيّ يعرب بن بلعرب الذي أغرته السلطة عدل عن الوصاية واستطاع أن يقنع بعض العلماء بتوليته الإمامة. وقد أمكن للمؤرّخ ابن رزيق أن يقول حول هذا الموضوع إن القاضي عدي بن سليمان منحه العفو عن أفعاله وقتله لمهنا. وانتهى بحصوله على البيعة. ولكن ما لا يبينه ابن رزيق والمؤرخون المُمانيون الآخرون هو مع الاسف» كيف ولماذا جرى ذلك. لقد اكتفوا بالقول إنه تاب عن أفعاله وإنه نال على هذه الصورة العفو. ووفق هذا القرار فإن قتل مهنا كان مشروعاًء وبالتالي مقبولا"). ولكن التروي يُظهرنا على استبعاد أن تكون هذه البيعة قد لاقت دعماً شرعياً كافياء لاسما أن من أعطى البيعة ليعرب وبرر قتل الإمام مهنا لم يكن سوى القاضي عدي بن سليمان» الذي سبق له أن أعطى البيعة لمهنا ذاته. إلا أن رؤية أخرى للأمور يمكن أن تفرض نفسها. إذ سلّمنا أن قبول هذا العالم البارز تسمية يعرب بن بلعرب إماماء انطلق من روح مصالحة وتسامح ومن أجل حقن الدماء. ولكن سكان الرستاق لم يقبلوا إمامة يعرب وطالبوا بالإبقاء على سيف. ومن أجل ذلك تقدّموا إلى أحد أكثر الشخصيات القبلية نفوذاء بلعرب بن ناص خال سيف؛» من أجل أن يد حل لاستعادة إمامة سيف. وقد لجا بلعرب بن ناصر بدوره إلى إعداد العدة وتحالف مع قبيلة بني هنا ورفع الحجز الذي ضريه على ممتلكاتها اول [مام يعربيء ناصر بن مرشدء كما سمح لها باللجوء إلى السلاح› الأمر الذي كان ممنوعاً عليه" ”. (٢۲) المرعع السايق؛ ص ١٠۱. ‎Ibn Ruzayq (H.), op. cit., p. 102. (۳۱)‏ )۳۲( الأزكوي (سرحان بن سعید) سمع سا ص ١٤ ۱۱. ۱۱۹ وخاض بلعرب ين ناصر حرباً شرسة ضدًّ يعرب امتدّت سنة كاملة. ونتيجة لذلك ولما تعرّض له من ضغوط من جانب بعض القبائل› انتهى يعرب إلى التخلي عن منصبه لسيف الذي فُرض كإمام سنة ۱۷۲۲» دون أن يكون قد بلغ الثامنة عشرة من عمره بعد. وبالمقايل طلب سيف من خاله المنتصر أن يكون وصياً عليه وأعطاه لقب «القائم بأعمال الدولة”" وهو منصب استثنائي لوضع ولكن يعرب لم يكن قد بالأمر الواقع كلياً إذ استأنف القتال ضدّ خصومه الجدتء ومات في السنة نفسها. أما القاضي عدي بن سليمان الذي كان قد سانده فقد انتهى مصلوباً مع سليمان بن خلفان وأنصاره في منطقة وهكذا دخلت عُمان مرحلة حادّة من الفوضى والانحدار. ١ ء الحرب الأهلية (۱۷۱۸ ء ۱۷۳۷) لم تمر محاولةٌ الحفاظ على السلام المفقود بالخضوع لسلطة القبائل وبتغليب روح المصالحة تهدئة للأوضاع. فالنزاع اشتعل بين بلعرب بن ناصر والقبائل الغافرية التي لم تقبل الأمر الواقع وأنكرت على الخال الوصي لقب «القائم بأعمال الدولة». وفي غياب سلطة مركزية حازمة اختلٌ التوازن الاجتماعي وانخرطت مان في حرب أهلية مفترسة أرجعت البلاد إلى حالة فوضى شبيهة بتلك التي سادت قبل مجيءِ ناصر بن مرشد عام ٤. فقد ثارت القبائل بقيادة خلف بن مبارك شيخ بني هناه ومحمَد بن ناصر شيخ بني غافر ونشاً محور «هناوي - غافري» انضوت تحت لواءيه قبائل البلاد(*. ليس من تقديرات عُمانية دقيقة لضحايا هذه الحرب. إلا أن تقرير شيشالييه بوديري ‎)Chevalier Podery)‏ المقيم في بندر عباس» إلى الكارديتال دويوا وزير الخارجية الفرنسيةء في ٢۲ أيلول (سبتمبر) ۱۷۲۳› يلاحظ: (۲۳) المع الاين ص ١١۱٠. (٤۲) المرعع ص ١٠٠. (٥۳( ‎Ue Cour Grandmaison (C.), «Présentation du Sultanat d'Oman», op. cit., p.276.‏ 1۷ «إن حروب مسقط الأهلية ما زالت مستمرَّة بين الإمامين. سيف بن سلطان ويعرب بن بلعرب. وقد سقط أکٹر من أربعين لف قتيل من الجانبين خلال السنتين اللتين قضياهما في لقد أجهزت هذه الحرب نوعاً ما على نظام الإمامة. وبالتدريج سقطت الإمامة كمؤسّسة. وكما يحدث غالبا في هذه الحالة من الفراغ التفٌ حول قبائلهم. وبدأت هذه الأخيرة تلعب دوراً سياسياً متنامياًء على حساب الإمامة والوحدة الاجتماعيةء وكذلك على حساب السلام الداخلي. كما أفرغت هذه الحرب منصب الإمام من محتواه الروحي. «إن مدَّة النز اع وكذلك طابعهء حوّلا مكانة الإمامة ودورها تحويلاً عميقاً في الحياة فقد هبطت بالمتصب وتحولت إلى غنيمة يجري كسبها بقوة السلاح. كما حملت الازدراء للطهارة المطلوبة للمرشح ولوضع حدً للنزيف» ولإنقاذ تحمان من الدمار الكلي؛ اتفقت شخصيات تنتمي إلى سلك العلماء على ترشيح شخصية من خارج الأسرة اليعربيةء هو محمد بن ناصر الغافري» الذي انتخب إماماً عام ١٤۱۷۲ على الرغم من تردّده في القبول”"٩. وللمرّة الأولى» وبعد معة سنة تماما أخرج هذا الانتتخاب الإمامة مؤْقتاً من بين أيدي اليعاربة. ورأى عدد من الُمانيين في هذا التغيير الأمل في إخراج عُمان من الأزمة. ولكن هذا الانتخاب لم مرة أخرى أيضا الأمل الذي وعد به. ذلك أن قبائل بني ريام في الجبل الأخحضر وبني بوعلي في جعلان تجمعت؛ كرد فعل على ذلك» وشكلت جبهة واسعة ضدً الإمام. L'Oman et la France - quelques éléments d'histoire, Archives et documentation, Paris, (T\) Ministère des Affaires étrangèêres, 1989. p.3. Kelly, «A Prevalence of furies: tribes, politics, and religion in Oman and Trucial Oman», in: (۳Y) Hopwood (Derek) ed., et alii, The Arabian Peninsula: Society and Politics, London, George Allen and Unwin, 1972, p. 108 (Studies on Modern Asia, No. 8). )۳۸( الأزكوي (سرحان بن سعید))؛ ص ۱۲۷. ۹١۱ ومع ذلك فقد تبين أن الإمام الجديد رجل كفؤ. فقد جابه القبائل الثائرة وفرض نفسه عليها. ولكن الخصمين المتعاديين منذ خمس سنوات سقطا بسخرية من القدر» وقتلا في معركة وقد جرى ذلك في صحار عام ۱۷۲۸۔ ولدى وفاة محمد بن ناصر ثبتت قبيلة بني غافر إعادة انتخاب سیف بن سلطان وقادت هذا الأخير إلى نزوى» عاصمة الإباضيين وطلبت؛» بصورة استثنائيةء إعلان بيعته. إلا أن إمامة سيف لم تدم طويلاًء ذلك أنه عزل من جانب العلماء بسبب حياته الخاصّةء حسب تعبير المؤرّخين الإباضيين» وأنيطت الإمامة عام ١۱۷۲ بيعرب بن بلعرب”° *. ٢ الغزو الفارسي ۱۷۳۷ ٠ ١٤۱۷) رفض سيف وحلفاؤه من قبائل بني رواحة بدورهم هذه التجديدات ووقمعت اشتباكات بينهم وبين الإمام الجديد وأنصاره. وبما أن سيفاً لم يكن يستطيع تدر أمره بنفسه» فقد اقترف خطيعة طلب مساعدة نادر شاه الذي لم يكن يحلم بفرصة أفضل ليبسط النفوذ الفارسي عبر الخليج حتى السواحل العمانية. ۱ وفي عام ۱۷۳۹ غزا نادر شاه عُمان على رأس ۳۰ سفينة وقوات کثیرة*. وقد أنزلت القوات الفارسية في منطقة خورفكان الساحلية ومن هناك تسلّلت وانتشرت في المدن الساحلية المُمانية حتى نزوى التي كان عليها أن تعاني تنكيل الغزاة. ولكن وجود الفرس على الأراضي المُمانية حوّل الصراع الداخلي مؤقتاً إلى صراع ثانوي وانتقل الصراع الوطني ضد الفرس إلى المستوى الأول. وتببّى الممانيون» على الرغم من خلافاتهم» موقفاً صلباه مُشهمين في إعادة توحيد البيت العُماني وتسريع نزع فتيل حرب أهلية كانت قد دامت حوالى عشرين سنة. ومن جهة أخرى فإن سيفاً الذي أدرك متأخّراً أن مصلحته الخاصة لم تؤخذ في ‎Bathurst (R.D.), op. cit., p. 105. (۳۹)‏ (٠٤) السالمي (عبدالله)» مع سابق» الجزء الثاني» ص ١١۱١ والأزكوي (سرحان بن سعيد) مرمع ص ۱۱۳. ‏(١) العقاد (صلاح) مرمع سابن؛ ص ۸٤. ‎۰. ‏١۱۲ ‎ الحسبان من جانب الفرس اختار؛ تحت ضغط بعض القبائل› التخلي عن الإمامة لمصلحة بلعرب بن حمير. وبفضل هذه المصالحةء توصل العُمانيون إلى تحرير معظم المناطق من اُيدي الفرس باستثناء صحار التي کان يديرها أحمد بن سعید ولإصلاح الوضع وإيجاد صيغة اجتمعت القبائل الرئيسيةء قبائل بني غافر من الظاهرة ووادي سمايل وقبائل المعاول؛ مع جماعة من العلماى وقررت أن تعهد بالإأمامة إلى رجل هو سلطان بن مرشد اليعربي» وتمّت بیعته عام ۱۷۳۸. وللمرة الأولى منذ الحرب الأهليةب حصلت هذه البيعة على أغلبية واسعة وكانت نتيجة اتفاق بين المعسكرين المتنازعين الغافري والهناوي. أسهم هذا الاتفاق فعلياً في تحقيق وحدة البلاد. إلا أن سيف بن سلطان كان على رغبته في استرداد الإمامة على الرغم من رفض العلماء وغالبية الُمانيين› وأسهم في تحريك الجروح وهي القبائل المرتبطة به لمقاتلة الإمام الجديد. والأكثر من ذلك هو أنه جدّد نداءه لطلب مساعدة الشاه الذي أسرع دون تردّد إلى إرسال قوات كبيرة إليه. ويُدوّن مايل بأنه في أيلول (سبتمبر) ١٤۱۷» ثلاث حملات فارسية عمادها سنّة آلاف جندي ويقودها ميرزا محمد تقي خان. وقد تحرکت من بوشهر ونزلت في جلفار بعد شهر تقريباً. وبنى تقي خان» لدى وصولهء قلعة وأزاح قبيلة الهولة التي كانت تسيطر على منطقة خصب وانضمت إلى جانب سلطان بن لقد أعطى الإمام سلطان بن مرشد لقضية تحرير عُمان أولوية مطلقة. وخاض» طيلة عهده معارك ضد الفرس الذين حاول مقاومتهم. وفي عام ١٤۷٠ء مات والسلاح في يده وقد كتب الصفحة الأخيرة من كتاب الدولة فبوفاته انتهى العهد اليعربي. وفي هذه الأثناى قر سيف بن سلطان الذي كان أصل الحرب الأهلية وحليف (٤٤) المع ص ۹٤. (۳٤) أنظر: السيار (عائشة) مرمع ص ۱۹۹. (٤٤) المعع ص ٢٠٠٠. ۱۳ الفرس على شعبه» قر الانسحابَ خائباًء واللجوء إلى الرستاق حيث مات وقد أهمل ٢ . نهاية الوجود الفارسي ي عام ۱۷۲۸ء التقى سيف بن سلطان الثاني وأحمد بن سعيد البوسعيدي› وكان من نتائج اللقاء تعيين الأخير كأول وال لمنطقة صحار الساحليةء التي هي إحدى أهم المناطق للتجارة. وسرعان ما أمنت شخصيةٌ أحمد بن سعيد المتميزة وطموحة شهرته وأمُلته لأن يلعب دوراً فعالاً لا على نطاق صحار فحسب» بل على نطاق کل ُمان. ولکنه لم يلبث أن أثار قلق سيف بن سلطان الذي لم يتردّد في القيام بمحاولات عدّة فاشلة للتخلص منه. في المختصر لمع اسم أحمد بن سعيد سريعا على الرقعة السياسيةء وتوقرت له فرص مناسبة ليلعب دوراً كبيراً في التاريخ وهذا ما سنعرض له. في هذه الأثناي كانت القوات الفارسية قد احتلّت مسقط وبعض المناطق الساحليةء بما فيها صحار. وقد جابهتها مقاومة المُمانيين» وبصورة أخصٌ في منطقة صحار التي كانت في يد أحمد بن سعيد. دامت هذه المقاومة سبعة أشهر دون انقطاع وخسر فيها أحمد بن سعيد ثلاثة آلاف ولكن هذه المقاومة أنهكت القوات الفارسيةء ودخل المعسكران في مفاوضات نجم عنها اتفاق كان على القوات الفارسيةء بموجبه؛ الانسحاب من منطقة صحار وبركا لمصلحة قوات أحمد بن سعيد. إلا أن مسقط بقيت تحت السيطرة الفارسيةء وكان على أحمد أن يدفع جزية سنوية لنادر شاه . ولم يكن قبول هذا الاتفاق الذي لم ينص على التحرير الكلي لمان سوى مناورة من جانب أحمد بن سعید. وصل أحمد إلى بركا كمحرر وعَيٌ فيها خلفان بن محمد البوسعيدي (٥٤( أنظر: السيار (عائشة)› ص ٢۲۰. الممع ص ٢٠۲۰. )۷٤( ‎Ibn Ruzayq (H.), op. cit., p.151.‏ ۱ واعتباراً من ذلك الحين» رمى إلى خنق حيوية الفرس بحرمانه مسقط من دورها الاقتصادي. فقد توصل إلى تحويل كل الخطوط البحرية والتجارية نحو ميناء ب ركا ناقلاً بذلك الغنى إلى المرفاً المحررء ومهممشاً مرف مسقط الذي يحتله الفرس. أضعفت هذه الحرب الاقتصادية المواقع الفارسية إضعافاً كبيراً. فغفدت قوات الغزو غير قادرة على الاستمرار أكثر من ذلك في احتلال مسقط. وفضلاً عن هذاء جاء نباً موت سيف بن سلطان أيضاً ليضعف موقعهم وفشلت أحلام نادر شاه الاستعمارية فقرر الفرس الانسحاب بسرعة من مسقط. ولكنهم قرروا عدم الانسحاب إلا بعد زرع شقاق قد يساعد على عودتهم مرة أخرى» وذلك من خلال تسليم مسقط إلى حلفاء سيف وليس إلى أحمد بن سعید. أرسلت القوات الفارسية إلى الشام أحد أقرباء سيف ماجد بن سلطان؛ء يطلب الإذن بتسليمه مسقط”". ولكن أحمد بن سعيد الذي كان يريد توجيه ضربة نهائية للفرس اغتنم هذه الفرصة ليرد على الحيلة بالحيلة فاحتجز الجواب واستخدمه ليخدع الفرس الذين سلموه مسقط فأقام لهم احتفالاً قبل رحيلهم في پرکا انتھی بمذبحة عام ولم يقتصر الأمر على المذبحة البرية بل أبعت بمذبحة بحرية إذ کو الناجون على متن سفن ما إن وصلت إلى عرض البحر حتى أشعل فيها طواقمُها النارَ وغادروها مولين الأدبار وهكذا شهد عام ١٤۱۷ نهاية الوجود الفارسي في عُمان. وإذ لم يكن في الإمكان تجاوز هذه المحنة إلا ينهوض الشعور » فإن الانتصار العماني لم يكن انتصاراً على غاز أجنبي فقط بل کان انتصاراً للوحدة الوطنية على الانشقاقات؛› وانتصاراً لإرادة إعادة إمامة ستمتّل» دون أن تدّعي العودة إلى ازدهار المرحلة الأولى من الدولة اليعربية وإشعاعهاء استمراراً لمثل سياسي ووطني أعلى بالنسبة للعُمانيين. Kajare (F.), Le Sultanat d'‘Oman - étude d'histoire diplomatique et de droit international, (£۸) Paris, A. Pedone, 1914, p. 66. )۹٤( ‎Ibidem.; Voir aussi, Ibn Ruzayq (H.), op. cit., p.155.‏ والسالمي (عبدالله بن حمید)) مرجع مایق الجزء الثاني ص ۱۲۸. ١۱ الفصل الرابع دولة البوسعيدي: أصول نظام السلطنة ٠ المرحلة الانتقالية: من نظام الإمامة الى نظام السلطنة ٠ الصلاقة القمائيسة . وبريطانينا يكن تقسيم التاريخ الغماني الحديث إلى مرحلتين متداخلتين تداخلاً شديدا: المرحلة الأولىء نظام الإمامة الذي انتهى مع الدولة اليعربية إبان الحرب الأهلية (۷۲۸ - ۱۷۳۷) والمرحلة الثانية نظام السلطنة الذي بدأ مع عهد الإمام أحمد بن سعيد ۱۷ - ۱۷۸۳). وخلال هذا العهد أخذ أول انفصال ضمني بين النظامين السياسيين يرى النور. إلا أن الحركة الإباضية استمرت في إضفاء طايعها على تاريخ المنطقة الداخلية من البلاتى علماً بأن الثقافة الإباضية ظلّت سائدة على البلاد ككل. وفي هذه الأثناى جرى شيء من التغيير على المشهد الدبلوماسي. ففي فرنسا كانت حكومة الثورة ثم حكومة الأمبراطورية تسعيان إلى إعادة توجيه السياسة الخارجية. وجرت اتصالات من أجل إقامة علاقات صداقة بين عُمان وفرنسا. ولمًا كانت حملة نابلیون على مصر (۱۷۹۸ ۔ ۱۷۹۹) تشکل تهديداً للنظام الاستعماري البريطاني في الشرق» لم يكن لدى إنكلترا ما هو أكثر إلحاحاً من السعي لانتهاز الفرص بتوقيع معاهدة أولى مع عُمان. ولكن فرنسا استمرت في علاقتها مع المُمانيين مسهمةء على هذا النحو في التأثير على الرقعة السياسية الاستعمارية ۹۱۷ القسم الأول الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي ٤۱۷ » ۱۷۸۳) كان أحمد بن سعيد'» مؤسّس دولة البوسعيدي» قد دخل المسرح السياسي؛› كما رأينا» منذ تعيينه والياً ني عهد سيف بن سلطان الثڻاني. إلا أن اسمه ارتبط بتحرير عُمان من الوجود الفارسي» بإسهامه في المقاومة الوطنية وبقيادته إِياها في منطقة صحار. وكان» وقد حتّكته تلك السنوات الظلماى الرجل القادر على إخراج عُمان من حالة الحرب الأهلية وترميم مكانتها على الساحة الأفرو - آسيوية البحريةء والإسهام بصورة حاسمة في تشکيل تاريخها الحديث؛ تاريخ نظام السلطنة كبديل لنظام الإمامة. ولكن وصول أحمد إلى السلطة لم يكن أمراً بديهياً. فعلى الرغم من مصداقيته السياسية الوطنيةء فقد اقتضى تثبيت حكمه صراعاً عنيفاً حيث إن آثار الحرب الأهلية (۱۷۱۸ - ۱۷۳۷) بقيت ماثلة من جهةء كما أن نظامه كان محروماء من جهة أخرى» من الإجماع المطلوب» وهو أول شرط للاستقرار. ولنتذكر بأن أحد الأسباب الرئيسية لنشوب الحرب الأهلية كان على وجه الدقةء غياب هذا الإجماع. وكان مدار الأمر بالنسبة لأحمك هو إبعاد منافسه المباشر بلعرب بن حمير المفترض أنه انتخب مرزتين في الرستاق» مرّة قبل موت سيف بن سلطان» ومرة أُخرى بعده. ومن المحتمل أن يکون بلعرب قد ترشح من جدید كإمام بعد وفاة سيف؛ وفقاً لبيعته الأولى. ولکن هذه المسألة لم تحسم من جانب المؤرخين وبقيت محاطة بالشك. يبقى أيضاً أن عدداً كبيراً من العلماء رفضوا ترشيحه الثاني» وقد متل ذلك موقفا مبدئيا للعلماء من هذا الترشيح. (١) تاريخ وصول أحمد إلى السلطة غير محدّد جيداً. فبعضهم يقول إنه حصل على البيعة بعد طرده للفرس عام ١٤۱۷ ویسجل آخرون أنه حصل عليها عام ١٤٤۷٠ أي بعد أن تمكن من فرض النظام في الداخل وضفى المعارضة. وتبدو لنا هذه الفرضية أرجح من الأولى. على هذا تبقى مدّة حكمه صعبة التحديد بدقة. ومن العجيب أن نرى السالمي يقول إنها دامت ۲۹ سنة (تصفة العيات؛ سبق ذكره الجزء الثاني» ص ۱۳۹). لكن إذا وافقنا على التاريخ أعلاہ نجد أن حکمه دام ۳۹ سنة. ۱۸ ويروى أن بلعرب تردّد في تقديم ترشيحه الثاني» لكنه غير رأيه بعد أُن ضمن دعم القواسم. وبالفعل فعندما جابه بلعرب خصمه أحمد بن سعيك كان على رأس قوة تضم ٥ آلاف رجل). ومن دون شك هذا الرقم الكبير دليلاً هاماً على مشاركة القواسم الفاعلة في الواقع السياسي العماني. ومهما يكن من أمر فإن ذلك لم يمنع أحمد من الخروج منتصراً من هذه المعركة التي قتل فيها بلعرب. ونتيجة لذلك؛ فإن أحمد جمع حوله القبائل التي تبعته وطلب إليها مبايعتهء وفعلا تُهد إليه بالإمامة. وتبقى مسألة هذه البيعة موضع نقاش بين المؤْرّخين. فهناك نقطتان» في تثيران التحمّظ. الأولى تعود إلى نقص مصداقية الرجلين اللذين بايعامv‏ وهو ما سيب عدم إجماع العلماء عليه. والثانية على غياب الإجماع القبلي› أي الانقسام الوطني نتيجة لغياب إجماع العلماء من جهةء ونتيجة لتركة الحرب الاهلية من جهة ثانية. ذكر السالمي اعتراضات بعض العلماء على هذه البيعة وخلص منها إلى أن البيعة قد تمت دون استشارة المسلمين؛ (وهو يعنى هنا العلماء وأهل البلاد أيضا). فالرجلان اللذان عقدا البيعةء حبيب بن سالم البوسعيدي» وابن ليسا باللذين لزمان المسلمين ببيعتهماء لا سيّما وأن هذه البيعة عقدت بعد فتنة(°. وربما تبي هذه الشهادة أن حبيب بن سالم وابن غُريق لم يكونا من العلماء ولا يُمتَلان› بعبارة أخرى» مرجعية دينيةء ولا يتمتّعان بالتالي بالسلطة التي يعطيها القانون الإباضي› أي السلطة المنصوص عليها في الدستور. ولهذا لا يلرم قرارهما العلماى أهل الحل والعقت ولا «أهل البلاد» (المواطنين). فالبيعة يجب» كي تكون شرعية بموجب الدستور الإباضى» أن تحصل على موافقة سنّة علماء على الاقلء وهذا الشرط أساسى. ولهذا السيب لرا لم يلتزم العلماء الإباضيون بهذه البيعةء ولذلك لم تحصل هذه البيعة على القبول العام من جانب الشعب. )۲( ُنظر عبدالله (محمد مرسي)؛ ابارات السامل رخرات رالررلة السمرربة اللرفت» القاهرةء المكتبة المصريق ۱۷۹۳ - ١۱۹۱ء الجزء الأول ص ١٩ - ۹۳. )۳( السالمي (عبدالله بن حمید) رمع سایق الجرء الثاني» ص ۱۳۷. ۱۹ وعلى ما يقول المؤرخ البريطاني لوريمر كان انتخاب أحمد للإمامة في على ما يبدو أمراً دُبّر بعناية.. ونحن نشك في كونه انتُخب بالإجماع. ویدل اعتراض بعض القبائل الغافرية لاحقا على أنه وصل إلى الإمامة بفضل بيعة الهناويين الذين ينتمون إلى قبيلة البوسعيدي”). وقد لاحظ العقات من جانبه» أنه استطاع أن ينسب فضل تحرير عُمان إليء وهذا هو السبب الذي حصل من أجله على البيعة للإمامة عام ١٤۷٠ ويشير السالمي» تكملة لحديثه الأول» إلى أن الشيخ سعيد بن أحمد الكندي› (أحد أشهر العلماء والمؤرخين) كان قد حدثه عن الإمامة وعن كون أغلبية الناس قد عهدت بها إليه. وقد سمي بصورة تقليدية إماماً. ومهما يكن من أمرء فمن الثابت أن أحمد بن سعيد لم يحصل على الإجماع المطلوب. إلا أن وضعه قد اعتبر حالة خاصّة. فقد استفات بفضل صفته كرجل دولةء من رصيده السياسي الوطني للوصول إلى السلطة أي إلى الإمامة. وهكذاء وبطريقة استثنائيةء أخضع التقاليد للسياسة وليس العكس. وفضلاً عن ذلك؛ فإن طموحه كان يحمله إلى أن يكون قائداً سياسياً أكثر منه قائداً روحياً. ١ مان في عشد أحمد بن سعید لم يكن الحسٌ السياسي ينقص أحمكت وكان عليه أن يستعمله أكثر من مرة حلال عهده الطويل (١١٤۱۷ - ۱۷۸۳) الذي لم تنعدم فيه عوامل الشقاق. ويمكن على الصعيد الداخلي» تقسيم عهده إلى مرحلتين. الأولى شهدت ولادة النزاع مع القبائل الغافرية المعارضة؛ في حين طبعت المرحلة الثانية بتمرد ولديه» سيف وسلطان» عليه في نهاية عهده. كان على أحمك بعد أُن وضع حداً لخلافه مع ابن حمیر أن يواجه خصماً آخر (4) لوريمر (ج. ج) عع الجزء الثاني» ص ١٤٤٠. (٥) العقاد (صلاح) مع ص ۰٠. )۱( السالمي (عبدالله بن حمید) رمع سابل الجزء الثاني›» ص ۱۳۷. ١۱۳ هو ناصر بن محمد رئيس وصهر الإمام أحمد نفسه. وقد تآمر ناص وهو رجل بارع ومحنّك سياسياء ضدًّ أحمد. وعباً هذا الأخير الذي تنامى إليه ما كان يُحاك ضدّه جيشاً قوياً من ٢۳ ألف رجلء وحصلت المواجهة في منطقة الظاهرة وعلى الرغم من قوة جيشه» فقد انهزم فيها أحمد أمام خصمه ناصر. ويعتقد أن أحمد جنّد القبائل بالقسر ومن هنا جاء مضضها وعجزها أمام تصميم القوات التي تَقَدّم بها ناصر. وناور أحمد مستفيدا من درس هذه الهزيمةء ليحدً من نتائجها ويعقد صلحاً مع خصمه وقد ترك أحمد لناصر بن محمد استقلالاً شبه کامل مع اعتراف شکلي بالسلطة الم ر كزيةه(. وبغضٌ النظر عن أساليب حكمه؛ يعود الفضل لأحمد في إنهاء الحرب الأهلية وإخراج عُمان من أزماتها. وقد توصل فوق ذلك» إلى تطوير إدارة البلاد. كما بنى أسطولاً بحرياً وتجارياً ووطد موقع دولته كقوة إقليمية في المحيط الهندي والخليج العربي. ومن جهة أخرى» قام بإعادة تثبيت سلطة عُمان على الممتلكات العُمانية في منطقة شرق إفريقيا التى كانت خاضعة للدولة اليعربية قبل الحرب الأهلية. إلا أنه فى حين كان حكام زنجبار ويمبا وباتا» يعلنون ولاءهم للسلطة في مسقطء رفضت عائلة المزروعي» الحاكمة في مومباسا الاعتراف بسيادة أحمد”. أا على صعيد العلاقات الخارجية فكانت أجواء التبعية الاستعمارية تنزع إلى التراجع مع استعادة سلطة الحكم العُماني. فعلى الرغم من الاتجاهات المعتدلة لسياسة الإمام أحمد بن سعيدء وعلى الأخص في عصر النهوض التجاري وانفتاح تمان على الخارج؛ لم تقم علاقات رسمية أو خاصّة مع بريطانيا. بل إن الإمام رفض طلب شركة الهند الشرقية إقامة مركز لها في مسقط”. ويعد (۷) ناصر بن محمد هو ابن محمد بن ناصر الغافري الذي كان طرفاً في انقسام عُمان الکبیر بين غافري وهناوي. ‎Kajare (F.), op. cit., p.69. (۸)‏ (۹) سوف نعالج هذه المسألة لاحقاًء في الفصل السادس الخاص بسلطنة مسقط وزنجبار. ‏أنظر: ويلسون 0 ت) سمع ص ١۱۱. ‏۹١۱۳ ‎ الإباضيون موقف أحمد من السيطرة الاستعمارية واحدة من مزاياه. وني المحيط الهندي لعب الإمام الورقة الفرنسيةء لا سيما في علاقاته مع جزيرة موريس ‎›)Maurice)‏ جزيرة فرiسl ‎(Ile de France)‏ سابقا وجزيرة الريونيون ‎)Réunion)‏ جزيرة بوربوٽ ‎(Bourbon)‏ سابقاً ومع الهندء وعلى الأخص مع تيبو زعيم منطقة فيسور (150۲۴)› خصم بريطانيا الشهير (سنعود إلى ذلك بمزيد من التفصيل). وما إن جرت استعادة النفوذ التقليدي في منطقة الخليجء حتى طلب السلطان العثمانى من غُمان التحالف معه في نزاعه ضد فارس التي كانت قد فرضت أنذاك حصاراً على البصرة (١۷۷٠ - ١۱۷۷). وقد سارع الإمام إلى تلبية طلب النجدة فأرسل قوة بحرية من عشر سفن تحمل حوالى عشرة الاف رجل على رأسها ابنه هلال( . وقد فرض المُمانيون أنفسهم بشكل حاسم لدى المواجهات مع القوات الفارسية ورفعوا الحصار المفروض على البصرة. وهكذا أحرزوا انتصاراً جديداً على الجار الفارسى ووطدواء في الوقت نفسه علاقاتهم بالدولة العشمانيةء وكعربون على العرفان منح السلطان العشماني حکام حُمان مبلغاً من المال ظل يُدفع لهم حتى نهاية القرن التاسع عشر. وبعد ذلك بقليل أرسل الإمام أحمد للتعبير عن خصوصية الصداقة - الهندية» سفينة الرحماني التي كانت قد خاضت معركة شط العرب ضدً الفرس هدية للسلطان تيبو في ميسور. وقد حظيت ميسور في ظل النظام الجديد لتحالفات القوة العُمانية المستعادة› بمكانة خاصّة وقد اتخذت نتيجة لذلك مر كرا لممٹلها السياسي في عُمان أسمي «بيت النواب»” '. وعلى وجه الإجمالء كان إشعاع الإمامة المتزايد قد أعطى عُمانء في بضع ٦۱ء الجزء ص ١١۱. ‎Kajare (F.), op. cit., p. 68. (۱۲)‏ (۱۳) مایلل (س. ب) سعع ص ٢۲۲. افر سنوات» مكانة عظيمة على المسرح الإقليمي ووطد التحالفات التقليدية للبلاد. كل ولكن النظام القوي في الخارج لم يكن في مأمن من الأخطار الداخلية. فلقد قام ولدا الإمام سيف وسلطان» بمحاولتي تمرد أبيهما. ففي شباط (فبرایر) ۱۷۸۱› قام الأخوان باحتلال بركاء وقتلا والي الإمام. ويسرعة استعاد الإمام بركا وعفا عن ولديه. ولكنّ تمرداً آخر حدث في كانون الأول (ديسمبر) من السنة نفسها إذ احتل سیف وسلطان قلعتي الجلالي القريبة من مقر والدهما والميراني في مسقط وسجنا فى هذه أخاهما سعيداً. فشن الإمام هجوماً مضاداً واسعاً لاستعادة هذه الأخيرة وتحرير سعيد. وفي هذه الأثناي قام ابن رحمةء أحمد مشایخ قواسم جلفار باحتلال الرستاق مستفيداً من البلبلة. واستطاع الإمام أحمد هذه المرة أيضاء تقويم الوضع ورفع الحصار المضروب على القلعتين› وعفا من جدید عن ولديه› كما استعاد الرستاق التي تركها ابن أبداه والدهما حيال أخيهما سعيد المولود من أم أخرى. وهذا الدافع لا يدخلهء في رأيناء أي وفضلاً عن ذلك فلا يمكن إلا أن نشير أيضاً إلى دور القواسم خصوم أحمك الذين لم يتردّدوا في دعم تمرد ولديه ضدّ٩. شهد عهدٌ الإمام أحمد بن سعيد (۳۹ سنة تقريباً)» بصرف النظر عن الهزات التي استطاعت إرباكه في الداخل وتعاظم قوة عمان في الخارج؛» تجلي تحولات واتجاهات جديدة في المجتمع فهذا العهد لم يصنع رؤية جديدة لنظام سياسي بل أسهم خاصة في إرساء سس هوية سياسية وطنية وثقافية جدیده. ولأسباب مختلفة وبخاصة لشخصية الإمام القوية ودوره السياسي والاقتصادي› (٤۱) راجع لوریمر (ج. ج) سمع الجزء الثاني › ص ٩٤٦.۰ (١٠) هذا الموضوع سيعالج بشكل مفصّل في الفصل الخامس المكرس ل«ساحل عُمانء. ۱۳۴ يمكن اعتبار عصر أحمد بن سعيد المرحلة الانتقالية من نظام الإمامة إلى نظام السلطنة. ففى ظل هذه السلطة ذات الطابع الجديد أمكن أن ينمو ما اتفق على تسميته» لدى المؤرخين غير الجناح «المعتدل» للإباضيين. وقد وجد هذا الجناح نفسه مدعوماً بالواقع الُماني الجديد. لماذا؟ لأنه تميز بإرادة الاعتدال في تطبيق بعض القوانين والشرائع المذهبية الإباضية. وأصبحت الاتجاهات المعتدلة تدريجياء أحد وجوه الثقافة المُمانية في المنطقة الساحليةء خلافا لداخل البلاد حيث جرى التمسك بالمواقف المسماة «محافظة». سججل مجىء أحمد بداية تغيير في بنية السلطة. وبما أنه ابتعد عن النموذج التقليدي للإمامة فإنه لم يعد يستند إلى العلماء وحدهم؛ وفضّل إحاطة نفسه بالأقارب والأبناء للمشورة ولإدارة شؤون الإمامة. كما عي ولاة وقضاة دون الرجوع إلى العلماء ودون الحصول على موافقتهم. وقد تعرضت الأعراف في السلطة السياسية إلى بعض التغيير. وهكذا وجدت التقاليد السياسية نفسهاء أيضا تتغير بالضرورة والتدريج. وبصورة موازية لذلكء ضعف نفوذ العلماء الإباضيين ضعفاً ملموساً على مستوى القرار السياسي والسلطةء أي بعبارة أخرىء وجدت الحركة الإباضية نفسها معزولة شيعا فشیفاًء على الرقعة السياسيةء الأمر الذي قل من تأثيرها فى السيرورة التاريخية الحديثة. إلا أن نفوذ الحركة الإباضية بقيء في المقابل راجحاً داخل اليلاد. ومن جهة أخرى» تكوّنت» خلال فترة السلام والاستقرار النسبى التى شهدتها طبقة تجاريّة واسعة ونافذة ساهمت في حمل هذه المرحلة إلى ذروتها على المستوى الأقتصادي والتجاري. وسوف تساهم هذه الطبقة الجديدة بدورها في إرساء أسس النظام السياسي القادم. ِن أحد التساؤلات الرئيسية التي يطرحها هذا السياق الجديد يتعلق بمسألة تطوّر النظام القبلي وسيرورته. والجواب لا يمكن إلا أن يكون محدوداً. فبعض القبائل كانت قد قويت مراكزها خلال الحرب الأهلية الطويلة وتوصّلت إلى تشكيل معارضة ۱۳ لبعض الأئمّة. وقد وجدت فى النظام الجديد بديلاً يلى مصالحها العشائرية المتناقضة مع المقتضيات التقليدية لنظام الإمامة السياسي. ` ومهما يكن من أمر فغالباً ما دعمت القبائل نظام الإمامةء وأعطت؛ على مر الزمن؛ علماء عديدين وقضاة وأئمة للبلاد. وكانت أهمية بعض القبائل تقوم تاريخياً على كونها قدمت للتاريخ والثقافة رموزاً ونماذج وشخصيات من الدرجة الأولى. إلا أن هذا الواقع الها والخاصٌ بالمجتمع الحماني يجب أن لا يخفي واقعاً آخر. ذلك أنه يمكن للخلافات القبليةء في غياب إمام قوي؛ أن تسهم في تراجع ممارسة مبداً الشورى وإضعاف نظام الإمامة وانحرافهء بل وتحطيمه. ومن جانب آخر فقد هيا الإمام أحمد أبناءه لخلافته في الحكم ومتحهم لقب «السادة»؛ وليس لذلك أيه علاقة بالطبع بلقب «السادة» الذي يحمله المنتسبون إلى النبي (ص). وهنا أيضاء وضعت مسألةٌ «الخلافة» الوريثَء في ظل النظام السياسي الجديد على المحك. كما كان على هذه المعطيات أن توجه التاريخ التُماني إلى طريق جديدة خاصة وأن الحركة الإباضية لن تلبث أن تستبعد وأن يتضاءل تأثيرها في النظام السياسي. ٢ . الانقسام: غمان الداخل وغمان الساحل (مسقط) كانت الفترة التي تلت وفاة أحمد بن سعيد عام ۱۷۸۳ حاسمة في التاريخ الحديث» إذ ظهرت خلالها خريطة سياسية وطنية جديدةء ومن ثم ثُقافة سياسية وطنية متباينة بين النظامين: نظام الإمامةء ونظام السادة؛ وسوف يعرف هذا النظام الأخير 4 لاحق باسم السلطنة. بعد وفاة أحمد بن سعید؛ انتخب ابنه الرابع سعیيد إماماً. وكان هلال؛ الابن البكر الأكثر شعبية لدى العُمانيين قد فقد بصره في شبابهء وذهب إلى الهند ليتابع فيها علاجاً وتوفي هناك. أا بالنسبة للثانيء سلطان؛» وللثالثء سيف فقد كفا في ١۱۳ ذلك الوقت» نتيجة لتحدياتهما لأييهما عن أن يكونا مقبولين من جانب العُمانيين. إلا أن سلطان كان مدعو لن يلعب فيما بعد دوراً تاريخياً. في الواقع› لم تكن خلافة أجمد محسومة لدی وفاته. فلم یکن سعید قد حصل على بيعة الإمامة. وقد سمى سعيد نفسه إمامأء كما يقول المؤرّخ الُماني الشيخ السيابي» دون الحصول على بيعة أهل الحل والعقد”. إن التاريخ لا يذكر لقب سعيد بعد أبيه. ومن هنا التساؤل: هل كانت و«إمامته» بموجب إرث أم بموافقة «استثنائية» من العلماء؟ وليس في هذا ما يعطيه لقد سبق للسالمى أن أجاب على هذا السؤال بقوله: لقد عرف سعيد باسم الإمام وخاطبه ايو نيهان بهذا اللقب””^'. والمعروف أن أيا نيهان كان أحد أبرز علماء ذلك العصر. لكن هذا لا يعني أن سعيداً كان إماماً دستورياً أو أنه حصل على إجماع العلماء أو البيعة. وعلى کل حال فإن القائد الجديد سعيد بن أحمك لم یکن رجل دولة لا سيما وأن عُمان كانت تجتان إذ ذاك مرحلة هامة من تطورها. والواقع أن سعيدا لم يكن منذ عهد والد» مقبولاً من خاصّة منذ عهد إليه والده ببعض المهمات الرسمية. وكان أحد أبرز الماخحذ عليه أنه أعطى سلطات كبيرة لابنه حمد ممثله في المنطقة الساحلية حيث كان يمارس سلطة حاكم بمجرد كونه ينتمي إلى اأسرة البوسعيدي. ۱ وفي عام ۱۷۹۲»› وبعد تسع سنوات من عهده ثار عليه أخواه قيس وسلطان؛ وأرغم سعيد على التنازل عن الحكم لصالح ابنه حمد بن سعيد. وكان هذا الأخير يتمنّع بشخصية قوية وقد کشف میکراً عن طموحاته للسلطة. ونلاحظ هنا صمت المصادر حول أحداث هذه الفترة: فعلماء الحركة الإباضية كانوا قد تدريجياء وتأثْر بذلك دورهم وکم رکز ثقل سياسي. (١۱) السيايي (سالم بن حمود)؛ عع سابق» الجزء ص ۱۸۲. المع السايق› ص ١۱۸. (۱۸) السالمي (عبداللّه بن حميد)» مرمع ساب» الجزء الثائي» ص ١٤٠ ٠. ٦١۱۳ وهكذا تعمق أكثر فأكثر الانفصال بين الحركة الإباضية والسلطة السياسية. إننا نجهل مواقف وآراء علماء ذلك العصر ولكن من المؤكد أن الإمام سعيداً لم يتخل عن لقبه كإمام بل تنازل بالاحرى عن السلطة السياسية لابنه السيّد حمد. وإذا کان سعید قد احتفظ بلقبه رسمي» وبقي في الرستاق› فإن ابنه حمد - الذي أصبح بعد ذلك الحين صاحب السلطة الفعلية - اتخذ القرار التاريخي بنقل عاصمته السياسية إلى مسقط. وقد أثر هذا القرار التاريخي والاستراتيجي تأثيراً كبيراً على التطور اللاحق للتاريخ الُماني. فهو لم يُكرس فقط أول انفصال بنيوي بين النظام السياسي والنظام الديني› بل عرض أيضاً العاصمة الساحلية الجديدة والبلاد كلهاء للنفوذ السياسي والعسكري والثقافي الأجنبي» البريطاني خاصّة. فكان لعُمان؛ إا عاصمتان: نزوى» العاصمة التقليدية» والمركز الديني والروحي ومسقط العاصمة التجارية والسياسية للساحل. ۱ ۱ يجب أن نرى في هذا التدبير كما يقول المؤرّخ الروسي بوندارڭسكي» نجاحاً لشركة الهند الشرقية البريطانية التي توصّلت» على هذا النحو إلى زرع أول وت لها في عُمان» على الرغم من عدم وجود علاقات رسمية بين عُمان وبريطانيا. فتَقَل العاصمة إلى مسقط تَقرّر فعلاً باقتراح من التاجر الهندي رام شاندار رادجي ‎Chandar Raadji)‏ وكيل شركة الهند الشرقية في مسقط”٩. كان ذلك عصر انعطاف» ولكن عهد حمد بن سعيد لم يطل؛ إٳذ توفي القائد الجديد في السنة نفسها التي تولى فيها السلطة رسمياً. ونتيجة لذلك› تجدّد الصراع على السلطة بين «الإمام الرسمي» سعيد الذي بقي وحيداً في الرستاق وأخويه قيس وسلطان. ولكن الفرص لم تؤاتٍ سعيداً لاستعادة سيطرته على البلات في حين بدا سلطانء بشخصيته القويةء في البروز كالبديل وكرجل الدولة الكفء. Bondarevsky (G.), op.cit., p. 59. (۱۹) ۱۳۷ وخلال اللقاء بين ورثة السلطةء في ميناء بركا الصغير عقد اتفاق يتعلّق بتقسيم عُمانء تضمن ثلاث نقاط رئيسية. فسعيد «الإمام بقي في الرستاقء في حين استولى سلطان على السلطة في منطقة مسقط واتخذ قيس منطقة صحار القريية من مضيق هرمز مركزاً لسلطته. وهكذاء بالمساعدة الفعلية للبريطانيين› خرجت دولة تحمان الإسلامية الموحدة التي كانت موجودة منذ أكثر من ١٠٠٠ سنة من المسرح 4 لم يمتّل هذا الانفاق بداية تاريخ سياسي وثقافي جديد بل عنى نفياً تدريجياً لتقاليد الإمامة. وقد عاشت غُمان فترة اضطرابات وتحوّلات سياسية وثقافية. وخرجت مسقط من ذلك بصيغة سياسية وثقافية واستراتيجية جديدةء وبعبارة بهوية وطنية جديدة. وقد لعب المحيط الجغرافي» بدوره دوراً هاماً في تثبيت الصيغة الاجتماعية - السياسية الجديدة في عُمان..ووجدت البلاد نفسها بشكل دائم إلى متطقتين شبه «منفصلتين» أو بشكل أدق متمايزتين› على الرغم من عدم وجود حدود جغرافية واضحة. فبقيت الحركة الإباضية قائمة في القسم الداخلي؛ مع عاصمة لها هي نزوى أو الرستاق. وأشرف السلاطين على منطقة الساحل؛ التي كانت تشمل صور وصحار وجعلان ومسقط ومطرح وساحل الباطنةء وجعلوا من مسقط عاصمتهم الدائمة. ولأن هناك لا ريب» علاقة حاسمة بين المحيط الجغرافي وطبيعة النظام السياسي فقد تبلور هذا التقسيم تدريجياً إذ مضى الساحل في الانفتاح وبدا جلياً أنه مقبل على مزيد من الأنفتاح بقدر ما يلتزم بالشروط الخارجية ويوفق بين مصالحه ومصالح شركائه في حين كان على الداخل» من جانبه» أن يعاني العزلة موطداً في الوقت نفسه قيمه المحافظة. وعلی هذا النحو تعيمقت الهوة الثقافية شيعا فشيئاً بين ما يسمى به«محافظة» )٢۲( ‎Ibid., p.60.‏ ۱۳۸ الداخل وما «انفتاح» الساحل واندشست بریطانیا في هذه الهوة؛› واتجهت إلى تحويلهاء فيما بعد إلى انقسام وطني وسياسي وثقافي. القّسم الثاني العلاقة القمانية « الفرنسية ١ء من عصر الأنوار إلى حملة مصر تاريخياًء كانت عُمان المُمَوّن الرئيسي لجزيرتي موريشس» (جزيرة فرنسا)› والريونيون» (بوربون)» الواقعتين في الزاوية الجنوبية للمحيط الهندي. كما كانت؛› من جهة أخرى» الحليف التاريخي والتقليدي للهندء وكان من الطبيعي أن تكون هذه المعادلة الجغرافية - السياسية مدعوة لأن تكتمل؛ وأن تكون عُمان الحليف الاستراتيجى لفرنسا فى شرق إفريقيا والمحيط الهندي. لا سيما أن بریطانیا کانت قد بدأت آنذاك ف الظهور كخطر يهدد غُمان والهند وكل بلدان الخليج. ۱ ومع ذلك؛» فإن فرنسا لم تتصور أهمية هذه المعادلة إلا متأخّرة. وقد أدركت نتائج ذلك أولا خلال الفترة الثورية عام ١۱۷۹› ثم في عهد القنصلية عام ١۸۰٠ء عند إرسال ممئليها إلى عُمان. إلا أن هاتين المحاولتين الآيلتين لخلق اتجاه جديد في تاريخ المنطقة أخفقتاء لظروف مستقلة عن إرادة الطرفين؛ دون أن تضعا حداً نهائياً لعلاقة على مستوى عال بين البلدين. ومن جهة أخرى» كان للحروب الدائمة بين فرنسا وبريطانياء وعلى الأخصّ حرب السنوات السبع - انعكاسات على النشاط البحري والتجارة بشكل عامٌ في المنطقة. وكان النزاع الفرنسي - البريطانيء قد وضع عُمان في موقف غير مريح تماماً. فبقدر ما كان الموقع الفرنسي يضعف حيال بريطانياء بقدر ما كانت عُمان تجد نفسها قوة إقليمية مقيّدة. وبالمقابل فكلما كان الموقع الفرنسي يقوى أمام بريطانيا» كان الموقع المُماني يزدهر ويتعزز. ۱۳۹ كان لفرنسا فى البصرة منذ عام ١٠٥۷٠ ثم أقامت فيها قنصلية عام ٥ وفي الوقت نفسه ظهر في بغداد أسقف کائولیکي فرنسي قام أيضاً بوظيفة قنصل لفرنسا. ومع في ١۱۷۹ - ۱۷۹۷ كف الممتّل الفرنسي عن تمثيل الكنيسةء وحصل على لقب «مبعوث العلاقات الخارجية»› المماثل للقب أا الاتصالات العُمانية - الفرنسية فتعود المباشرة إلى ما قبل مرحلة أحمد بن سعيد. وقد عبر الإمام أحمدء منذ بداية عهده عن أهمية صداقته مع فرنساء على الرغم من أن العلاقة بين البلدين لم تكن قد بدأت في أحسن الظروف. علماً أن الإمام أحمد كان قد رفض؛ في الوقت ذاته؛ أي اتصال مع بریطانیا. في ناء حرب السنوات السبعء حجز أسطول الأميرال ديستان ‎)D’estaing)‏ عام ۹ في الخليج؛» سفينة لمسقط «المنودي»” (ربّما كانت المحمودي)› فاحتج أحمد رسمياً إلا أن فرنسا على ما يبدو لم تأخذ الاحتجاج بعين الاعتبار. وقد تكرر هذا الحادث عام ١۱۷۸» فاحتجزت البحرية الفرنسيةء مركباً عُمانيا آخر (الصالحي)› في عملية دامية قتل خلالها القبطان العُماني وبعض البحارة. فاحتج أحمك من جديد لدى السلطات الفرنسية وطالب بتعويضات. وقرر فوق ذلك فرض الحظر على بعض المواد الغذائيّة المتوججهة إلى المستعمرات الفرنسية. وقد وجدت هذه الاحتجاجات إذ ذاك صدى لدى السيد دو سوياك ‎(De Souillac)‏ حاکم جزيرة فرنسا والسيد روسو ‎›)Rousseau)‏ القنتصل الفرنسي في بغداد. وأيّد هذان المسؤولان مطالب أحمد لدى السلطات الفرنسيةء وعملا على حت هذه الأخيرة على تقديم التعويضات المطلوبة. لوریمر ج) الجزء الأول ص )٢۲( .74 ‎Kajare (F.), op. cit., p.‏ ۱ إذا كان مسؤولو جزيرة فرنسا مد حاولوا التخفيف من شأن العدوان وعملية القرصنة المقَترَفين ضد السفن حصرها في إطار قانوني بحت» فلقد المسؤولون الفرنسيون» في تقريرهم إلى السلطة المركزيةء وجهة نظر روسو وأكدوا على قيمة الصداقة الُمانية الفرنسية وطلبوا فتح قنصلية في مسقط. وفي هذه الأثناى أرسلت فرنسا سفينة فینوس التي كان يقودها روزيلي في رحلة علمية. وجاء هذا الأخير إلى مسقطء وؤبجهت إليه شكاوى جديدة من طرف الإمام أحمد الذي أكد على صداقته مع الفرنسيين بل وقدم لهم فوق ذلك؛ وكالة تجارية في مسقط - الامر الذي كان قد رفضه بالنسية لانکلترا۲). وتشير هذه المبادرة من الإمام إلى أهمية العلاقة المُمانية ‏ الفرنسية وإلى شعوره بضرورة إيجاد حلف جديد من شأنه أن يحدً من النفوذ البريطاني. ومع ذلك› تأخرت حكومة لويس السادس عشر ([۷× وننا0]) فى الرد على هذه المبادرة الطيبة وکان هذا التأخير مصلحة البلدين› لا سيما ُن الوجود البريطاني کان یزداد توطدا في المحيط الهندي. ويقول كاجار إن الكونت دو كودراي ‎Coudray)‏ ءD)›‏ خليفة السيد دو سوياك ء() في منصب حاكم جزيرة فرنساء لم يستطع شراءِ م رکب يحل محل الصالحي الذي حجز قبل ذلك بتسع سنوات إلا بعد أربع سنوات من توليه هذا الملنصب ولم يصل المركب إلى وجهته إلا في ١٠ آذار (مارس) ۱۷۹۰› وقد سلم في احتفال وهكذا يتبين أن هذا المركب - عربون المصالحة - لم يصل إلى وجهته في حياة الإمام أحمد بن سعيدء بل بالأحرى في عهد ابنه سعيد الذي رأى فيه كسباً لمُمان وتجديداً للصداقة بين البلدين. Ibid., p.15. (۲۳) Ibidem. ‏)٢٤۲(‎ ۹١١۱1 من جهة أخری» بدت مسقط؛ مع وصول السيّد سلطان بن أحمد إلى الحكم؛ عام ۱۷۹۲» باستعادة مكانتها الإقليميةء كما كانت في عهد أبيه. وقد قام السيد سلطان بعملیتین عسکريتين وسياسيتين كبيرتين ناجحتين» فاحتلٌ منطقة جوادر» (جزء من باكستان الحالية)» وشن في الوقت نفسهء حملة بحرية ضد مشايخ قبيلة معان العربية المقيمة في جزيرتي هرمز وقشم. ثم طلب عام ١٤۱۷۹ من حاكم فارس الجديد آغا محمد استعجار ميناء بندر عباس. ويشير المؤْرّخ بوندارئسكي» معلقّاً على هذه المكتسبات» على أنها قد تحقّقت بفضل دعم شركة الهند الشرقية البريطانية”° ". لا شك في أنه قد جرى تعاون بين السيد سلطان وشركة الهند الشرقية. ومع ذلك فلا شيء يثبت أن النجاحات السياسية - العسكرية العُمانية قد تحفّقت» أو حتى قد شجعت من جانب الإنكليز كما يحاول بوندارٹسكي التلميح. وفضلاً عن ذلك فإن سلطان بن أحمد كان بعيداً عن أن يكون على علاقات طيبة مع بریطانياء والأمر لم يتحشن حتی بعد توقيع المعاهدة البريطانية - العُمانية لعام ۱۷۹۸ التي سنأتي على ذكرها لاحقاً. على الجهة الأخرى للخليج؛ كانت لفرنسا أغراض سياسية واسعة. وقد أرسلت الحكومة الثورية عالِمَي طبيعة شهيرين هما بروغيير ‎(Olivier)‏ ‏في مهمة إلى تركيا والشام ومصر وفارس. ودامت رحلتهما خمس سنوات؛ (من ۳ حتى ۱۷۹۸). وفضلاً عن الملاحظات العلمية التي جمعها هذان العامان› ساهمت البعثة في التحضنير لحملة نايليون بونابرت ‎)Napoléon Bonaparte)‏ على مصر عام ۷۹۸٠ . وكان من أهداف هذه البعثء أيضاً إقناع الدولة العثمانية وفارس بعقد تحالف مع فرنسا ضد روسياء العدو التقليدي لهاتين الدولتين الإسلاميتين وعضو تحالف «الملكيات الأوروية» آنذاك الثورة الفرنسية"°. (٢۲( .60-61 ‎Bondarevsky (G.), op. cit., pp.‏ (٢۲) لوريمر (ج. ج) سبع الجزء الأول ص ٢٢۲ - ٢٢۲. راجع ايضا: .57 ‎Bondarevsky (G.), op. cit., p.‏ (۲۷) العقاد (صلاح) سمع ص ۱۳. ١6٤ في ٤ شباط (فبراير” ١۱۷۹ء» أنشَأتُ اللجنة المسماة «لجنة السلامة العامة« ‎(Le Comité de Salut Public)‏ قنصلية في مسقط وعينت لإدارتها المواطن بوشان )auchampءB)‏ الذي اختاره عمه دوم میرودو دو بورغ ‎)Dom Miroudot du Bourg)‏ أسقف بغداد» معاونا دينيا له: «وسوف يثبت المواطن بوشان» بعنايته وحماسته ونشاطهء حسن اختيار الحكومة ل وسوف يبذل كل جهده من أجل أن تصبح نفقات القنصلية الجديدة مفيدة للجمهورية”". يذ كر أن بوشان معروف كذلك كعالم ورخالة وفلكي. فضلاً عن شخصية المبعوث البارزق فقد كانت أهمية هذه البعثة تعبر عن نفسها با بالتعليمات المعطاة لبوشان في المذكرة التي سُلّمت إليه. فقد كانت مهمتهء فى الوقت نفسه؛ سياسية واستراتيجية واقتصادية وثقافية. وقد عهدت هذه المذ كرة إلى المبعوث بدراسة طباع الشعب العُماني الذي وصف في المذ كرة بأنه أول «شعب في العالم» وأعرقه. وبالفعل فإن هذا النصٌ يكشف الخطوط الكبرى للسياسة الفرنسية ومراميها الاستراتيجية الطويلة الأمد في المنطقة؛ تقول المذ كرة: إن مؤسسات فرنسية في مسقط ستكون مفيدة جداً لمستعمراتنا في جزيرتي موريشس والريونيون. فمثل هذه الؤسسات ستؤمن لمستعمراتنا ما تحتاج إليه من مدد ومون غالباً ما تفتقد في زمن الحربء وقد أثبتت ذلك الحرب الحالية. ففي أيلول (سبتمبر) ١۱۷۹٠ كانت هاتان الجزيرتان في حالة مجاعةء تقريباء ولم تكونا لتعانيا ذلك لو كان لناء في ذلك الحينء وكيل فی وکانت ال لتعليمات الثانية تتّصل بتقصّي المعلومات عن القوى السياسية في (۲۸) ٤ شباط (فبراير) ١۱۷۹: هذا هو التاريخ الذي تذكره الوثيقة الدييلوماسية لوزارة الخارجية الفرنصية. إلا أن لجنة السلامة العامة (مناPub‏ ادلدS‏ عل غانCom‏ ع]) التي انبثقت عنهء اتحلت في تشرين الأول Af. Eu. N.S. Mascate, vol. 37, p. 168. (۲۹) Aff. Eu. N.S. Mascate, vol. 37, p. 171. ‏ر۳۰(‎ ۳٢۱1 المنطقة العربية وعلى الرقعة الهنديةء ولا سيّما عن القَوّات البريطانية؛ تقول المذ كرة: «يجب على المواطن بوشان أن لا ينسى أنه في مسقط بقصد إعلام الحكومة بكل ما سوف يمكنه أن يعرفه عن الوضع السياسي لكل قوى الهندستان وعن كل عمليات الإنكليز في هذه المناطق والبحار التي تحيط بها. ويجب أن لا يفلت أي شيء من انتباهه ويجب أن يكون منضبطاً كل الاتضباط في تعريف الحكومة بكل أمر هام سوف يعرفهء”". وتنصٌ المذكرة نفسها على أن على المواطن بوشان أن يبذل جهده ليخدم أيضاً العلوم والأدب. وعليه أيضاً أن يحاول العثور على مخطوطات لمكتبة باريس الوطنية. ولم تهمل هذه المذكرة أيضاً أن تطلب من المبعوث دراسة الخيول العربية وطبيعة الأمراض التي يمكن أن تصيبهاء وكذلك طرق العلاج المتبعة عند العرب”" "° كانت المهمة محذدة ودقيقة ا أن الأمور لم تسر في المجرى المتوقع. فالمواطن بوشان الذي أعيد توجيهه» في اللحظة الأخيرةء لم يصل أبداً إلى مقر بعثته. فبدلاً من جعله يلتحق مباشرة بمرکزه كلف بالتعرّف على مختلف طرق آسيا الصغرى. وعندما وصل بونابرت إلى مصر وجد بوشان مريضاًء دون ووفق العقاد فإن بوشان اعتذر عن مواصلة مهمته نتيجة لحملة نابليون التي أثارت شعوراً قوياً معادياً لفرنس* وهكذا انتهت أول محاولة لإرساء علاقات فرنسية عُمانية متينة. بعد ذلك حملة نابليون بونابرت» لتغيّر المعطيات السياسية والاستراتيجيةء بل والتاريخية Ibid., p.172. (۳۱) ‏بشأن تفاصيل التعليمات المعطاة لبوشان» راجع المذكرة في‎ )۳۲( Aff. Etr. N.S. Mascate, vol. 37, pp. 186 a 176. Auzoux (A.), «La France et Mascate, aux XVIlle et XIXe siêcles», Revue d'histoire (TY) diplomatique, 1910, p. 235. (٢) العقاد (صلاح) عع سا ص ۱۳. ۱4۹ ٢ . همله نابليون بونابرت على مصر سجلت حملة نابليون بونابرت ‎)Napoléon Bonaparte)‏ على مصر بداية مرحلة جديدة غيرت السيرورة التاريخية في مجموع المنطقةء بما فيها المحيط الهندي والخليج. وقد تَغيّر بسببها توازن القوى. ولكن بريطانيا التي في البدء مصالځها تمكنت من تجاوز المحنة. ۱ وقد أرسل الجنرال بونابرت» الذي كان قد أدرك الأهمية الخاصة بعد وصوله إلى مص رسالة إلى سلطان مسقط يعيد فيها تأكيد الصداقة الفرنسية - الممانية القديمةء ويطمئن السلطان إلى أن وجود القوات الفرنسية في مصر لن يضر بالحركة التجارية والبحرية الُمانية نحو السويس. ومما ورد في الرسالة: «إلى إمام مسقطء أكتب إليك هذا الكتاب لأخبرك بما قد علمتهء دون شكء عن وصول الجيش الفرنسي إلى مصر. وبما أنك كنت, دائماء صديقناء فيجب أن تكون على قناعة برغبتي في حماية کل سفن أمتكم التي سوف تبعثون بها إلى السويس للتجارة. وأرجوكء أيضا إبلاغ هذه الرسالة إلى تيبو صاحب في أول مناسبة تسنح لذلكء". إلا أن الإنكليز احتجزوا هذه الرسالة التي لم تصل إلى السيد سلطان إلا بعد سنة. ولم تأ بريطانيا جهداً خلال هذه السنة في إعاقة أيّة اتصالات بين عُمان وفرنسا. عاملة في الوقت نفسه على تحييد غُمان كقوة إقليمية فاعلة. ٢ . معاهدة عام ۱۷۹۸ ونتائجها على امتداد مرحلة الشورة الفرنسية› عاشت بريطانيا حالة خوف من احتمال قيام حلف فرنسي - ماني - ميسوري» (ولاية في الهند معارضة للنفوذ الإنكليزي). والواقع أن هذا الحلف كان قائماً عملياء وذلك بسبب الصداقة التقليدية بين الأطراف المعنية› (٢٥۳( ‎Graz (Liesl), Les Omanais: nouveaux gardiens du Golfe, Paris, Albin Michel, 1981, p.22.‏ 40 (كانت فرنسا ممثلة بجزيرتي فرنسا - موريشس لاحقاً - والريونيون). وقد کان هذا التعاون المستمي يعرقل المشاريع الاستعمارية البريطانية في منطقة المحيط الهندي وشبه القارة الهندية وشرق آسيا. وهذا ما كانت بريطانيا تريد تجئّبه باي ثمن. وفي هذه الأثناي انتشرت موجة سخط ضدًّ فرنسا من جانب البلدان العربية والإسلامية وكانت تلك إحدى نتائج حملة نابليون بونابرت على مصر. واستفادت إنكلترا التي لم تكن تنتظر سوى هذه الفرصة لتقلب الوضع لصالحها. وكانت إحدى المبادرات الأولى إجراء اتصالات وإرسال بعثات دبلوماسية وسياسية فعالة وهامة إلى المنطقةء بما فيها فارس وجدة وغُمان. ويقول الغقاد بأن السياسة البريطانية رمت حتى ذلك الحين؛ إلى تجتّب التوسع أو التدخل الحربي ما أمكن حتى لا تتكلف نفقات لا تعود عليها بربح مؤكد. إلا أن هذه السياسة تغيّرت عند وصول حاكم جديد هو الماركيز ويلسلي إلى كلكتا في نيسان (أبريل) ۱۷۹۸. وكان هذا الرجل من أتباع سياسة التوسشّع وعدم الَقَّد بالاعتبارات المالية البحتة. وبدافع منه أعادت حكومة بومباي التفكير في سياستها في وبموجب هذه المبادرات البريطانيةء كلف مهدي علي خان أحد ممثلى شركة الهند الشرقية في بوشهر وهو من الجنسية الفارسيةء الاتصال بالسيّد سلطان بن أحمد ومحاولة عقد اتفاق معه. وعلى عكس كل توقع؛ نجح هذا المبعوث» بعد عشرة أيام من المحادثات؛ في إقناع السيد سلطان بضرورة عقد اتفاق أول مع بريطانيا؛ وفعلا تم توقيع هذا الاتفاق في ١۱ تشرين الأول (أكتوبر) ۷۹۸ ۱. كانت المعاهدة تنطوي على سبعة بنود وتهدف بصورة رئيسية إلى تحييد عُمان وقطع العلاقة العُمانية - الفرنسية عن طريق استرجاع المقر الذي أعطى للوكالة الفرنسية في مسقط والتسهيلات الممنوحة للسفن الفرنسية أو الهولندية التي هي في حالة حرب مع إنكلترا خاصة. وأكثر من ذلك» فإن الفقرة الأخيرة من المادة الثانية (٦٢) العقاد (صلاح) سمع ص ٦۱. ١۱ نضّت على أُن: «ايصبح صديق أحدنا صدیق الأخر وعدوّه عدوّه». وكانت المادة السابعة والأخيرة تنص بصورة موازية على منح تسهيلات عسكرية للبحرية البريطانية في ميناء بندر عباس في فارس» الخاضع لسلطة مسقط منذ عهد السيد ونظراً للظروف التي وفعت فيها هذه المعاهدة؛ فقد شكلت نجاحاً من الدرجة الأولى للسياسة البريطانية. وكانت» فضلاً عن ذلك؛ المعاهدة الأولى بين بلد عربي وبريطانيا. كما أعطت نوعا من الغطاء «الشرعي» للوجود البريطاني في المنطقة. واستطاع دنكان (صaصنD)‏ حاكم بومباي؛ أن يكتب إلى ويلسلي؛ الحا كم العام لهند قائلا: «لقد حصل مهدي على خان بهذا الاتفاق على أكثر مما کنا نامل ٠ والواقع أن هذه الوثيقة جت بالنجاح سيرورة كاملة من التوسشع الاستعماري تصوّرها البرتغاليون» وسار بها الإنكليز إلى غايتهاء بمزيد من النجاح؛ يقول النقيب: «بیين عام ۱۸۸ وعام ۹ نجحت بریطانيا فی تحقيق الخطة الإمبريالية العظمى التي وضع البرتغاليون أول تصور لهاء ولكنهم فشلوا فى تحقيقها. ففي عام ۸۸١۱ء استطاع الإنكليز انتزاع السيطرة من الهولنديين على مضيق هرمز وتحكموا الهولنديين من مواقعهم في الخليج العربي عام ١٦۷٠ وتجحوا في تثبيت أول موقع قدم لهم في مسقط عام ۱۷۹۸. وبذلك استطاعوا التحكم بالتجارة عن طريق مضيق هرمز. وإن حلقات هذه الخطة العظمى التي وضع أول تصور لها البوكرك عام ١٠١٠ قد اكتملت أخيراًء وأحدة بعد Aitchison (C.V.A.), Collection of Treaties, Engagements and Sanads relating to India and (TV) Neighbouring Countries, Delhi, Manager of publications, 1933, vol. XI, pp. 287-288. )۳۸( العمّاد (صلاح)› سر ص ۸٦ ۱۹. (۳۹) النقيب (خلدون حسن) ف الغليع المريية بيروت؛ مركز دراسات الوحدة العريةء ۱۹۸۷ء ص ۸۳. ۱۷ تبين هذه اللمحة جيداً النقطة التي وصلت إليها السيطرة البريطانية على الخطوط البحرية للمحيط الهندي وعلى الموانىء الشرقية الرئيسيةء وكذلك التحكم فيما بعد بتجارة الشرق» وهى تبي الأسباب الفعلية التي كانت وراء توقيع السيّد سلطان بن أحمد للمعاهدة. ۱ وفضلاً عن ذلك؛ فإن المناخ السياسي العام المعادي لفرنسا دفع آنذاك بعض الدول العربية والإسلاميةء وإن على شيء من التردتء إلى تبني فكرة الانفتاح على النفوذ البريطاني» وهكذا فإن شريف مكة استقبل مثلاً المندوب البريطاني ويلسون ‎)Wilson)‏ فى جذة واستلم منه الرسالة التي أرسلها نابليون بونابرت إلى سلطان بن أحمد وتييو صاحب واحتجزها أما بالنسبة لعُمانء وعلى عكس كل توقم فلم تتمکن هذه المعاهدة المُفَيّدة أن تؤثر في سياساتها. علماً بأنه لو طبقت حرفياء لكان من شأنها أن تنتقص؛ تدريجياء من استقلال قرار مان السياسي كدولةء وأن تحدً من دورها كقوة إقليمية تقليدية. ولكن تمان حافظت؛ خلافاً لذلك؛ على استقلال قرارها السياسي والاستراتيجي. وبقيت البلاد ملتزمة بالعلاقات المعقودة سابقا مع جزيرتي فرنسا والريونيون. فسرعان ما سعى السيّد سلطان إلى التخلّص من عبء هذا الاتفاق. ويروي المؤْرّخ البريطاني ويلسون ما مفاده أن سلطان رفضاً قاطعاً السماح بإقامة مركز بريطاني في مسقط بذريعة أن ذلك سيورّطه في حرب مع الفرنسيين والهولنديين؛ وعلى الرغم من أنه قبل في البداية تعيين سفير بريطاني في مسقط إلا أنه عاد وسحب هذه وخشيت بريطانيا من جهتها أن تبقى المعاهدة مع تمان مجرد حبر على ورق فاتخذت حكومة بومباي مبادرة إرسال ميعوثها الشهير الكابتن جون مالكولم ليقابل من جديد السيّد سلطان ویذ کره بالتزاماته حیال اتفاق ۱۷۹۸. (٤٤) العقاد (صلاح) سمع سا ص ۱۹. ویلسون؛ رمع ص ۱۱۹. ۱4۸ ولم يكن السيّد سلطان يرغب في استقبال المبعوث البريطاني. فغادر مسقط على ظهر سفينته الخاصّة إلى جزيرة قشم الواقعة عند مدخل الخليج. إلا أن مالكولم لم يتردّد في اللحاق به على متن سفينته واستعمال التهديدات لإرغامه على توقيع اتفاق جديد وطّد معاهدة ۱۷۹۸. وقد ذكر المبعوث البريطاني السيّد سلطان بطرد الفرنسيين شبه الكلي من الهنتء كما صوّر له تفوق إنكلترا على كل الدول. وأكثر من ذلك فقد هدده بإغلاق موانىء الهند في وجه السفن وبهذه الطريقة حصل على توقيع”* اتفاق جديد من نقطتين (كانون الثاني - يناير . ١٠۱۸): الأولى تعيد تأكيد التزام ۱۷۹۸ وتصفه بأنه «ثابت وساري تُسمَي الدكتور بوغل ‎)B081€(‏ وكيلاً سياسياً بريطانياً. ويما أنه كان جراحاء فقد أصبح أيضاً طبيب السيّد سلطان الخاص؛ («ومن شأن مهنته أن تزيد من نفوذه وتسهّل استماع الأمير له وفضلاً عن ذلك فإن كاتب سيرة حياة السير مالكولم يختتم روايته لهذه الحملة الدبلوماسية بعبارة مالكولم التالية: «إن أمبراطوريتنا في الهند مدينةء في للتجارة كان ذلك ثاني نجاح استراتيجي حاسم لبريطانيا في قل من سنتين. فقد توصل هذا المبعوث السياسي فعلاًء إلى لعب دور سياسي هام والتأثير في الموقف الشخصى للسيد سلطان. بل يمكن القول إنه أحدث انقلاباً في سياسة السلطان حيال الفرنسيين› مع أن إقامته في هذا البلد كانت قصيرةء إذ قضى نحبه فيه نهاية عام ® ‎Di۸‏ العقاد (صلاح) رمع ص ۷۷. Aitchison (G.U), op. cit., p. 288. ‏)۳٤(‎ ‎Auzoux (A.), op. cit., p.239. ‏)٤4(‎ ‎Ibid., p.239. ‏)٥4(‎ العقاد (صلاح)› سعع ص ۷۷. ۹١١۱ القسم الثالث إعادة النظر بمعاهدة ١۱۷۹۸ وظمور الوهاييين فى بداية العام ١ الصنراع الذي كان قد اندلع بين الوهابیين وباشا بغداد من جهة وبين الوهابيين والُمانيين من الجهة الأخرى» وأخذ يبحثون عن دعم لدی «حلفائهم» الجدت الإنكليز. ولكن هؤلاء رغبوا في البقاء على دخلت المسألة الوهابية بصورة مستمرة في التاريخ المحماني. وقد ألفى هذا الموقف السلبى من جانب بريطانيا حيال «حلفائها» العُمانيين قيمة معاهدة ۱۷۹۸ ضمنياً. ووجدت عُمان في ذلك فرصة للتخلص من هذا الالتزام الثقيل؛ء ولإعادة تنشیط العلاقات الغُمانية - الفرنسية. وکانت فرنسا بدورها مستعدة لرد مباشر ولكن حدث» على ما يقول أوزو (×نz0ن۸)‏ في مقالة تعود إلى العام ٠ «أن القراصنة (الفرنسيين) استولوا على ثلاثة مراكب مسقطية: الأحمدية والمصطفى والقيدلم ورفض ماغالون (حاکم جزيرة فرنسا) الاعتراف بشرعية هذه الاستيلاءات واعتبرها انتهاكا لحقوق الناس. وكلف ضابط السفينة شاتوئيل إعادة المراكب الثلاثة إلى الهند, لردّها إلى الأمير الذي كان يفكر فى التحالف معه”**. وأعاد السيد لافيت هذه السفن مع اعتذارات رسمية من حاكم جزيرة فرنسا. وأ کٹر من ذلك واستجابة لطلب سلطان بن أحمك أرسل الفرنسيون جزعاً من سلطان عن امتنانه بالتعبيرات التالية: لافيت وكذلك الهدايا التي تكرمتم بإرسالها إلينا ويستحيل علينا )۷٤( ‎Auzoux (A.), op. cit., p.240.‏ وصول القوات التي تكرمتم بإرسالها إلينا والتي استقبلناها بارع مفتوحة والتي سنعتبر أفرادها أخوة لنا وأصدقاء...ء”. قضت القوّات البحرية الفرنسية حوالى سنة ونصف السنة تحت قيادة السلطات المانيةء وساعدت سلطان بن أحمد على إنزال ضربة قوية بقوات العتوب والوهابيين› وفي احتلال جزر البحرين التي عهد سلطان بحكمها إلى ابنه سالم عام ١٠۱۸. ولم يقتصر الأمر على عودة العلاقات - الفرنسيةء بل إنها بدت بعد ذلك الحين في أفضل مظاهرها. ويشهد على ذلك قائد المركب شاتوثيل الذي رافق السلطان العربى طوال خمسة عشر شهراء حيث يقول: «خلال إقامتي في مسقط عوملت بكل الاعتبار وأعفيت من كل نفقاتي. وكلفني الأميرء عندما رحلت. أن أنقل للجنرال يانه يعرض عليه خدماته لتموين المستعمرة”**. الأحداث. وقد بلغت العلاقات العمانية - البريطانيةء في ذلك العصر حالة توتّر كاملة. واتخذت إنكلتراء للرد على ذلك» تدابير واستخدمت ضغوطاً اقتصادية قاسية ترمي إلى خنق الاقتصاد وربّما إلى إضعاف موقف سلطان بن أحمد نهائياً فألفت حكومة الهند الامتيازات الممنوحة لمان بعد معاهدة ۱۷۹۸ وكذلك الامتيازات التجارية بين عُمان *. والواقع أن هذه الامتيازات التي كان يتميّع بها العُمانيون والهنود كانت قائمة قبل توقيم المعاهدة مع إنكلترا وكانت تدخل في إطار العلاقة المُمانية - الهندية التي رأت النور قبل وضع بريطانيا يدها على الشرق بزمن بعيد. ‎Ibid., p.240. (4۸)‏ (۹٤( ‎Ibid., p.241.‏ (٠٠) العقاد (صلاح) رمع ص ۷۸. وللرة على هذه التدابير الانتقامية البريطانية اتخذ السيّد سلطان مبادرة تتّلت بإرسال ممتّله الشيخ علي؛ء الذي يسميه المؤرّخون سفير غُمان؛ إلى ماغالون حاكم جزيرة فرنساء وكان هذا الشيخ معروفاً بعدائه لإنكلترا وبمواقفه المؤيّدة لتوطيد العلاقات الفرنسية - المُمانية. ويشير ماغالون» في رسالة إلى وزير البحرية في ١٠ شباط (فبراير) ۳٠۱۸» إلى أهمية هذه الزيارة فيقول: «... إن الهدف السياسي هام جداً. ومن المهمٌ لمصلحة هذا الأمير أن يبقيها سراً وأن يطلب صداقة الجمهورية الفرنسية وحمايتها الخاصةء ويبدو أن لدى هذا الأمير الكثير من الشكوى من كيد الحكومة الإنكليزية...»”. لقد عبر ماغالون عن سعادته بطبيعة الحال بالمبادرة التحمانية. ولكن وضع استراتيجية مشتركة ضدً التهديد البريطاني تَأخر ولم يتم اتخاذ تدبير عملي إلا بعد سنتين من طلب سلطان؛ أي عام ١۱۸۰ عندما قرر القنصل الأول”°›› مدر کا لأهمية عُمان الإقليميةء إرسال مبعوثه كاثانياك قنصلاً لفرنسا في عُمان. ولكن هذا الاختيار لم يكن موفقاء إذ لم تكن لدى كاثانياك لا المرونة ولا اللباقة الضروريتان لمثل هذه المهمة”°°. وفضلاً عن ذلك فإن وصول بعثة كاثانياك في تشرين الأول (أكتوبر) ۸۰۳٠ء تزامنت مع خرق معاهدة أميان (وenنmص۸)‏ وعودة القتال بين فرنسا وإنكلترا. عندها لم يعد أمام سلطان بن أحمد إلا الاعتذار عن استقبال البعثة خشية أن تستغلٌ بريطانيا صد عُمان نصوص معاهدة وخاصة المادة الخامسة التي تنص على حياد مسقط في حالة الحرب بين فرنسا وإنكلترا. ذلك أن إنكلترا كانت تستطيع في هذه الحالةء تعليق تصدير المواد الغذائية الرئيسيةء كالأررٌ الهندي إلى عُمان» أي فرض حصار اقتصادي على البلاد. Auzoux (A.), op. cit., p. 242-243. (°۱) Aff. Etr. N.S. Mascate, vol. 37, p. 162. (°۲) Kajare (F.), op. cit., p. 80. 9 لذلك توجه خلفان» الموفد الشخصي لسلطان بن أحمك لاستقبال البعثة الفرنسية وليعرض على كاثانياك موقف حكومته الجديد: السلطان يستقبلكم بحفاوة. أما الآن وقد أعلنت الحرب بينكم وبين الإنكليز فسوف يستاؤون من استقبال سيّدي لكم. إن لدينا عشرين سفينة كبيرة في في البنغال أو على ساحل مالابارء ولا شك في أنهم سيستولون عليها حالما يعلمون باستقبالە إياكە.»*. لقد فشلت المحاولة الثانية إذاً. ولكن هذا الفشل لم يضع طبيعة العلاقات بين تُمان وفرنسا موضع مساعلة. وأظهر كاثانياك تفهّمه للموقف الحرج الذي تجد فيه الحكومة العُمانية نفسها وحيادها الصعب. وني عام ١٤٠۸٠ تجذد الصراع الإقليمي بين الومّابيين وغُمان. ومضى سلطان بن أحمك هذه المرة يسعىی إلى الحصول على دعم باشا بغدات› خصم الوهابيين. ولكن هذا المسعى باءِ بالفشل. ونی طريقه إلى مسقط؛ اصطدم اصطداماً قاسياً بالأسطول البحري للقواسم› حلفاء الوهابيين الاقوياى الذين سدوا عليه الطريق. وفي معركة بحرية قريية من لنجة لاقى سلطان بن أحمد حتفه (٤ ۱۸۰). ١ . الوهابية على أُثُر نداء محمد بن عبد الومُاب» في النصف الثاني من القرن الثامن عش ولدت الحركة الوكّابية فى نجك وسط الجزيرة العربية. وخلال أربعين سنة تقريبا توضّلت هذه الحركة التي تبنّاها الأمير ابن سعود مذهباء إلى توحيد قبائل المنطقة فأقامت الدولة السعودية الأولى (۱۷۹۳ - ۱۸۱۸). وشهدت المرحلة الثانية التوسّع الإقليمي للمذهب الومّابي وانتشاره في مناطق مجاورة. وقد اهترّت عُمان نفسها بصراع مذهبي وسياسي. فالحركة الوهابية Auzoux (A.), op. cit., p.252. (° ‏)٤‎ التى كانت تقدم نفسها بوصفها موحدة لم تتردّد في استعمال كل الوسائل لفرض مذهبها ومد نفوذهاء وهو ما يؤكده المؤْرّخون السعوديون أنفسهم. وبالفعل فإن المؤرخين الوهابيين› (مثل ابن بشر)» ذكروا الهجمات السعودية التي شنت ضد مدن الخليج والعراق الثرية. ووصفواء بروح الفخر الغنائم التي استولوا في هذه لن نتطرق هنا لمسألة الخلافات العقائدية بين الإباضيةء وهي مدرسة فكرية خاصة ولدت فى حضن الدولة الإسلامية الأولىء وذات تقاليد عريقةء وبين الوهابية» وهي فرقة حديفةه فذلك لا يدخل في إطار هذا العمل. ولكننا سنعمل على إيضاح الوجه السياسي الإقليمي لهذه الحركة وتأثيرها على الأخصٌ في عُمان وفي منطقة جلفار التي ستعرف لاحقاً باسم «ساحل عُمان». ففي سياق هذا التوسعء حوالى نهاية القرن الثامن» عشر تبنت الوابية بعضٌ قبائل هذه المنطقة من «ساحل عُمان»» كقبائل النعيم وبني كعب وبني جتب» وبسبب وجود هذه القبائل في واحة البريمي» أحد أهمَ التجمعقات العُمانية على حدود الدولة السعوديةء فإن النفوذ منذ ذلك الحين؛ في تاريخ تلك المنطقة ثم في تاریخ غُمان بعد ذلك احتلت قوّة وقابية على رأسها القائد المعروف الحارق» واحة البريمي وأخحضعت قلاعها وقبيلة النعيم والظواهر. واستخدم الومّابيون هذه الواحة خلال السنوات الثماني عشرة التاليةء كقاعدة هجوم ضدّ عُمان وفرضوا جزية على سلاطين البوسعيدي”"°. ٥( نظ العقاد (صلاح) سمع ماین؛ ص ۰۸. تضم واحة البريمي تسع قرى» ست منهاء بينها العين؛ تابعة لأبو ظبي؛ وترتبط الثلاث الأخرىء صعراء وحماسة وقرية البريمي بسلطنة غُمان. وسنورد فيما بعد معالجة قضية البريمي. (۷٠) كيلي (ج. ب)) لسّبه الهزيرة المرييةء ترجمة خيري حماف بيروت» دار الحياق ۱ ص ٢٥۸. 1o ضدّ عُمان)» كان «كارثة وبلاء فقد استحل دماء المسلمين واتهمهم بالشّرك وقتل کل من لم يعتلق مذهبه وأرغم الزعماء على دفع الجزيةم^°°. ومع تبني القواسم؛ وهم قوة بحرية في منطقة رأس الخيمة والشارقة المذهب الومّابي» حوالى نهاية القرن الثامن عش بلغت الدولة الومّابية أوجها تقريباً. وعندما تبنّت قبيلة بني بوعلي المذهب في مطلع القرن التاسع عشر استطاعت الحركة الوصول حتى جعلان فى المنطقة الشرقية من غُمان. واعتباراً من بداية القرن التاسع عشرء وكما سنرى شيئاً رمى النفوذ الوتابي الفقال بكل ثقله على الساحة العمانية وقد تُرجم ذلك بتدخلات دائمة فى الشؤون الداخلية العُمانيةء وعلى الأخصٌ إبان ثورة الإمام عزان في فترة ١۱۸۱ - ١۱۸۷ ومع قضية البريمي في منتصف القرن العشرين. ۲ ء سعيد بين سلطان البوسعيدي (١۱۸۰ خلال السنتين اللتين تلتا وفاة سلطان بن أحمك دخلت عُمان من جديد طور صراع مستميت على الحكم بين ولدي السيّد سلطان القاصرين؛ سالم وسعيكء وولدي عمهماء قيس وبدر. وبفضل النفوذ الومّابي الذي كان قد تسلل إلى الاسرة وبعد حرب داميةء انتصر بدر. ولكن الوقابيين فرضوا على الحاكم الجديد اتفاقاً ينص على دفع جزية سنوية تبلغ ٠٠ ألف دولار (دولارات ماريا تيريزا)» لعاصمتهم الدرعية. وللسهر على تنفيذ هذا الاتفاقء وضع الوهابيون ٠٠٠ فارس سعودي في بركا". ولكن بدراً لم يبق في مكانه طويلاً ٍذ سقط بمناسبة صراع عائلي جديد على الحكم الذي استولى عليه سعيد. وصل سعيد بن سلطان إلى الحكم عام ١٠۱۸. وكان عمره انذاك سبع عشرة سنةه وحکم طوال نصف قرن» حتی وفاته ١١۱۸. وکان اول سيد لمان يلب 9 السالمي (عبدالله بن حمید)) رمع ساب الجزء الثاني› ص ۷١۱. ٥( .5-6 ‎Maurizi (Vicenzo), History of Sa'id, Cambridge, Oleander Press, 1954, p.‏ ٥0 ب السىلطان»» ثُمَ دُعى فيما بعك وكان قوياً وطموحاًء فوطد مؤسسة السلطنة التى ستعرفها غغمان حتى أيامنا هذه. دفع الجزية السنوية التي كان يدفعها بدر. ولكن السعوديين لم يغيرواء من أجل ذلك مواقفهم وأطماعهم حيال عُمان. وهكذا كانت علاقتهم بعُمان مطبوعةء خلال قرن ونصف القرن» بتوثر وعنف دائمين. ويقول كاجار في هذا الصدد: «(...) كانت الدولتان الأوروبيتان الكبيرتانء فرنسا وإنكلتراء ضدًّ سعيد. فإنكلترا كانت تسعى إلى إرضاء الوفًّابيين وتوؤيّد طموحهم وفرنسا بسبب فشل مهمة كافانياك عام ‎AY‏ ‏وكان السلطان الجديد المعجب بنابليون قد أدرك جيداً أهمية علاقة بلده بفرنساء على غرار بيه سلطان وجذه الإمام أحمك استعداده لفكرة توطید علاقه الصداقة والتعاون التقليدية مع فرنساء لا سيما وأن موقف بريطانيا من النزاع التحماني - الوهابي كان ضد المصالح الغُمانية. ولكن البريطانيين كانوا يرمون إلى إفشال انفتاحات الحاكم الجديد هذه. «وفي تموز (يوليو) ١٠۱۸ أسرت سفينة فرنسية هى لوئيجيلان (#صوانعVi‏ من جانب الفرقاطة الإنكليز ية كونكورد في ميناءِ مسقط”۱٩. وقد ثارت هذه الإساءة استياء لدی الفرنسيين والغمانيين. وفوراً اتخذ سعیيد ماغالون» جاءِ فيها: «من المؤكد أن سعادتكم لا تجهلون وقاحة الأمة الإنكليزية (٠1) السيد سعيد السلطانء كان يخاطب أحياناً بلقب الإمام. ونجد هذا بشكل خاص؛» فى وثائق الخارجية الفرنسية. ‎Kajare (F.), op. cit., p. 85. (1۱)‏ )١1( ‎Ibidem.‏ ١١۱ الإنكليزية أثار استياءنا إلى درجة أرسلنا معها إلى بومباي. إحدى سفننا مع رسائل إلى الجنرال تتعلق بهذه القضية ونأمل, بعون اللهء أن نستطيع تحرير السفينة الفرنسية من أيديهمء”`°. ولم يكتف السلطان بذلك؛ بل أرسل إلى السلطات الفرنسية مبلغاً من المال كتعويض. وأراد أن في الوقت نفس على أسفه للحادث وإخلاصه لفرنسا فكتب» دون أن يخلو ذلك من مبالغة في المجاملة: «... وآمل أن تتفضّلوا سعادتكم باعتبار بلدنا بلدكم وتثقوا باستعداده الدائم لطاعتكم””`. لحسن الحظ لم يُفسر الجنرال دوكان» هذا الكرم والمبالغة العربيين حرفياً. ولكن؛ وعلى الرغم من تصرف السلطان الإيجابي» حجز دوكان سفينته ومبعوثه وحاول الاستفادة من الوضع. وطلب من السلطان أن يرسل إليه ممقّله مزؤداً بصلاحيات كاملة. فأرسل سعيدٌ ماج بن خلفان وعهد إليه بالصلاحيات السياسية القانونية المطلوبة. كان هذا المبعوث من أبرز الشخصيات الحُمانية. وفي تموز (يوليو) ۱۸۰۷ وفع مع دوكان اتفاقاً هاماً من أربع نقاط رئيسيةء نص بشكل خاصٌ على السماح لأهالي عُمان بالذهاب إلى موانىء الخصم البريطاني» ومن هناك إلى ميناء محايد قبل الاتصال بالموانىء الفرنسيةء كما أَلزم عُمان باستقبال وکيل وبقدر ما كان هذا الاتفاق يدخل في الاستراتيجية الفرنسية فهو كذلك كان يخدم الأهداف الممانية التي ترمي» بصورة متزايدة الوضوح» إلى التعاون بل والتحالف بين عُمان وفرنسا. ومهما يكن من أمر» فقد اعتبر هذا الاتفاق والحاصل فى ظروف صعب مكسباً للعلاقة بين البلدين. إلا أنه اصطدم بعائق قانوني إذ لم بُصادق حكومة الأمبراطورية على الاتفاق بحجة أنه ضدّ التشريم البحري الذي Auzoux (A.), op. cit., p.258. ‏)۳٦(‎ Kajare (F.), op. cit., p. 86. ‏)٤٦(‎ Al-Wasmi, (Khêlid), Oman entre l'indépendance et l'occupation coloniale, ‏)٥1٦( أنظر النص في:‎ Genève, Labor et Fides; Paris, Publications orientalistes de France, 1986, p. 39. 1۷ (1 نص عليه مرسوما ١۱۸۰ و۱۸۰۷ حول الحصار القاري (۱۸۰۸)» وعلى غرار المشروعات الهامة الأخرى فشل هذا المشروع أيضا. ولكن الوقت كان يضغط» لا سيما وأن ميزان القوى في المحيط الهندي كان يميل بوضوح لصالح بريطانيا. وبالفعل فإن هذه الأخيرة فرضت» في السنوات التي تلت» حصاراً قاسياً على جزيرة فرنسا. وعلى الرغم من الدور التاريخي الذي لعبه العُمانيوتء وعلى الرغم من قدرتهم على كسر الحصار الاقتصادي على هذه الجزيرة وإنقاذ سكانها من المجاعق فقد سقطت جزيرة فرنساء في كانون الأول (ديسمبر) ١٠۱۸ في أيدي الإنكليز وأعيدت تسميتها باسم جزيرة موريشس. كان يمكن للصداقة الفرنسية - المُمانية أن تعدّل ميزان القوى فى المنطقة وتوازن التفوق البريطانى فيها. إلا أن هذه الصداقة التى أساءت السهر عليها الملكية كما الحكومة الثورية كما الحكومة الأمبراطوريةء اقتصرت بسبب ذلك على علاقة بين تمان والجزر الفرنسية القريبة منها. وهو نصف تدبير لم يؤدٌ في نهاية المطاف إلا إلى تقوية النفوذ البريطاني وتوفير نقطة استناد جديدة له. ولکن عُمان شهدت مع أفول الصداقة الفرنسيةء تلاشى علاقة بديلة ريبما كان من شأنها أن تسمح لها بضمان سيادتها تجاه التوسع الأمبريالي الإتكليزي ونفوذ المتزايد. فقد ترك الانسحاب الفرنسي النظامَ الشلطاني الجديد يواجه وحده التهديدات الجديدة اللي تحدق بعُمان. Kajare (F.), op. cit., p.87 ‏)١1(‎ ۸١۱ الفصل الخامس سال غمان.: التاريخ المشترك » جلفار | ساحل عمان. تُعرف المنطقة الواقعة شمال غرب ُمان» تاريخياء باسم «جلفار»» المسماة أحياناً «الصير» وعموماً «ساحل عُمان». ومنذ النصف الثانى من القرن الثامن عشر شهدت هذه المنطقة ظهور تشكيلات عرقية وسياسية وعندما وقفت هذه المنطقة في وجه إنكلتراء أطلقت هذه الأخيرة عليها اسم «ساحل القراصنة» ولكن عندما أخضعتها بالقوة بعد أن وقعت القبائل «معاهدة الهدنة البحرية» عام ١١۸٠ أعادت تسميتها باسم «الساحل المهادن» أو «الساحل المتصالح». سوف يعالج هذا الفصل تشكل الهوية الوطنية لهذه المنطقةء وكذلك غُمان و«ساحل غُمان). القسم الأول تذکیر تاريخي تمتد هذه المنطقةء ذات الأسماء المتعددة والتي لكل منها تعبيره التاريخي اليوم» على ٠ كم على طول الساحل الجنوبي للخليج؛ء من شبه جزيرة دې شمال شرق مدينة رُس الخيمة حتی قطر غربا. كما تملك أرضاً ۹١١۱ ٥ كم من السواحل على خليج عُمان. ترافق ظهور سلالة البوسعيدي في منتصف القرن الثامن عشر في غُمان مع ظهور کيانين قبليين سياسيين مستقلين في منطقة «ساحل غُمان». الاولء هو اتحاد قبيلة بني ياس وحلفائهاء وكان يؤلف قوة برية تسيطر عليها أسرة آل نهيان التي أقامت أولاً في الظفرة ثم في جزيرة أبو ظبي. والثاني» القواسم وهو قوة بحرية هامةء وقد اتخذ مدينة رأس الخيمة مر کزاً رئيسيا. وإذا أولينا هذه الظاهرة التاريخية انتباهنا» نلاحظ أن هذين الكيانين بدا بالظهور بعد سقوط الإمامة اليعربية والحرب الاهلية الطويلة ۱۷ - ۱۷۳۷) التي تلت ذلك. كما أن الخصوصيات القبلية التي لُجمت في زمن الإمامة استيقظت مجدداً بسبب انتعاش روح العصبية القبلية ظهرت القوتان الاجتماعيتان اللتان ستؤثران في تاريخ غُمان و«ساحل غُمان»: الغافرية والهناوية. كانت أعظم التحولات؛ الجغرافية - السياسية قد بدأت؛ء آنذاك في هذه المنطقة. فمع ظهور البوسعيدي في غُمان والقواسم وبني ياس في منطقة «ساحل عُمان» وجد هذا الواقع الجديد تعبيره السياسي - الإقليمي ووضع حداً للحدود التاريخية القديمة لتظهر محلها حدود سياسية جديدة ومستقلة. ١ . القواسم لقد لعب القواسم مبكراً دوراً رائداً في تاريخ «ساحل غعُمان» بل في تاريخ غُمان ومنطقة الخليج ككل. وكان أحد أجدادهي قاسم الكبير قد جاءِ ليقيم في جلفار منذ القرن السابع عشر. وبفضله اصبحت هذه المدينة المر كز الرئيسي للقمواسم وعرفت منذ ذلك الحين باسمها الجديد «رأس الخيمة). Heard-Bey (Fronke), «Le développement d’un Etat-Cité maritime dans le Golfe: L'exemple ‏)ا(‎ du Dubayy», in: La péninsule arabique d'aujourd'hui, sous la direction de Paul Bonnenfant, Paris, C.N.R.S., 1982, tome II, p. 523. Al-Sabah (Salem Al-Jabir), op. cit., p.61. (\) 1۹۰ إل أن المؤرخين يختلفون على مسألتين: أصول القواسم وتاريخ مجيئهم إلى جلفار. فالمؤرخ البريطاني كيلي يعتقد أن القواسم كانوا يؤلفون فرعاً من بني غافر الذين هاجروا من نجد الواقعة وسط شبه الجزيرة العربية إلى غُمان في القرن السابع عشر تقريبا. وبالمقابل» فإن المؤرخ المصري سيد نوفل؛ يقول بأنها قبائل عربية يعود أصلها إلى عدنان وكان مسكنها الأول سامراء فى العراق. وريما تكون وطنها الجديد حوالى النصف الأول من القرن الثامن عشر. | ولكن إذا كان من الصعب تأكيد أحد فمن الممكن التدقيق في تاريخ الوصول. وهذا الامر لا يخلو من الاهميةء لتعلقه بتحديد بداية ظهور القواسم وبروز دورهم في المنطقة. فمما يلاحظ أنه عندما تم تحرير جلفار من الاحتلال البرتغالي والفارسي عام ۳۳١۱ على يد أحمد بن علي؛ أحد قادة الإمام اليعربي ناصر بن مرشد لم ترد لدى المؤرخين أيّة إشارة إلى القواسم. ومع ذلك يبدو جيداً أن القواسم كانوا قد سكنوا المنطقة قبل التاريخ الذي يذكره نوفل› عام ۱۷۲۳. والواقع أنه في هذا التاريخ بالذات؛ عام ۱۷۲۳ء اشترك القواسم» بشكل فاعل؛ إلى جانب الغوافر» في الحرب الاهلية العُمانية. وقد لعبوا دورا رائدا خلال حرب التحرير ضد الفرس (۱۷۳۷ - ١٤۱۷). ولذلك فمن المنطقي الاعتقاد بأن وصول القواسم تلا تحرير جلفار من الفرس في المرة الأولى عام ۳۳٠٠ء وسيق اندلاع الحرب الأهلية الغمانية (۷۱۸٠ - ۱۷۳۷))› أي أنه جرى في الفترة ما بين الحدثين التاريخيين العُمانيين. ۲ . رأس الخيمة ومستقط انطبعت إعادة الصياغة الجغرافية - السياسية لهذه المنطقةء خلال القرن الثامن (۳) کيلي (ج. ب)؛ بریطانيا رالضلیچ› مرجع سابق الجزء الأول ص 03 نوفل (السيد)› العليع المريپ رالعبرد السرتَية للهزيرة المريية؛ دار الطليعةء ص ٢٢۲. ۹١٦۱ تفسه على أكثر من مستوى: القبلي والعقائدي. وهذا المستوى الأخير كشف عن تباين واضح بين القواسم:. «الغوافره» السنّيين حتى تبنيهم المذهب الوهابي› والبوسعيدي الإباضيين. وخلال الحرب الأهلية - ۱۷۳۷) وقف القواسم إلى جانب زعيم الغوافر محمد بن ناصر الغافري» في حين قاد المعسكر الأخر رئيس الهناويين خلفان بن محمد الهناوي. وفي عام ۳ أي بعد خمس سنوات من اندلاع الحرب الأهلية شارك الشيخ رحمة بن مطر القاسمي (۱۷۲۲ - نعلا بقوة مؤلفة من ٠ رجل تنتمي غالبيتهم إلى «شحوح» رؤوس وبعد وفاة الزعيم الغافري محمد ين ناصر عاد القواسم إلى مواقعهم الأصلية في رأس الخيمة. ومع وصول الحملة الفارسية إلى عُمان عام ۷۳۷١ وضع المُمانيون حداً لخلافاتهم ليتصدوا للفرس. ووقف القواسم إذ ذاك إلى جانب تكتل القبائل الممانية التي شنت حرب التحرير الوطنية. وانضموا إلى أحمد بن سعيد الذي كان يحاصر القوات الفارسية في صحار وساعدوه على الانتصار عليهم. ثم اشتبك القواسم مع الفرس في معسكرهم الخاص في ميناء بندر عباس على الساحل الإيراني”. وبفضل هذه الحرب أعيد تكوين وحدة القبائل المانية. إلا أن إعادة التوحيد هذه بدت قصيرة الأجل بل كانت المرة الأخيرة التي استعادت فيها القبائل وحدتها فيها وأکد فیها سکان «ساحل غعُمان» تضامنهم مع بقية القبائل الأخرى. ولكن بعد تحرير عُمان عام ١٤ تصدعت المصالحة القبلية ومعها الوحدة الوطنية. وعلى الرغم من أن الحرب الأهلية كانت قد انتهت وحلّت محلهاء أوّل الم روح التضامن فإن )°( الشّحوح قبائل تسكن منطقة رؤوس الجبال الواقعة بين عُمان والإمارات؛ ويتميز الشّحوح بلهجتهم المحلية الخاصة بهم والصعبة على الفهم. (وقد دُهش المُمانيون لدى وصولهم؛ إذ اعتقد البعض نهم ليسوا عرباً). )٦( .111 ‎Voir Inb Ruzayq, op. cit., p.‏ )۷( عبدالله (محمد مرمرع مایل؛ ص ۳٩. ۲٦۱ العصبية القبلية الغافرية والهناوية سرعان ما برزت ثانية ومعها مسألة الإمامة. وعلى ما رأينا في الفصل الرابع» عاد بلعرب بن حمير إلى الظهور على المسرح السياسي بعد تحرير البلاتء وذلك بفضل القواسم الذين لم يتردّدوا في دعمه. وعلی رغم هذه المعارضة القوية تمكن أحمد بن سعيد البوسعيدي من الانتصار على مرشح القواسم والقبائل الغافريةء بلعرب بن حمير الذي توفي فاستولى أحمد على السلطة السياسية في تمان بَيدَ أنه لم يستطع؛ بطبيعة الحالء الحصول على بيعة القواسم ولا أن يفرض عليهم - فضلاً عن ذلك - سلطته بصورة نهائية فاحتفظوا منذ ذلك الحين بشبه استقلال ذاتي في منطقة رأس الخيمة. وعلى هذا النحوء ومع بروز منطقة رأس الخيمةء بدأت ترتسم الحدود السياسية لكيان «ساحل عُمان» أكثر فأكثر. ويجدر بنا أن نلاحظ هناء أن سيرورة ظهور هذه المنطقة لم تبداً إلا بعد سقوط الدولة اليعربية الذي أسهم بدوره في ظهور كيان البوسعيدي في عُمان. وبعبارة أخرى» ترافق ظهور منطقة «ساحل عُمان» مع ظهور البوسعيدي. وهكذا فإن هذه المنطقة لم تخضع في ذلك الحين؛ لسيطرة مسقط المباشرة أي لسيادة البوسعيدي؛ وخاصة بعد مرحلة الإمام أحمد بن سعيد ۱۷ - في حين كانت قد خحضعت» قبل ذلك؛ للإمامة اليعرية (١ ۲١٦۱ - ١ ۱۷۱). ومهما يكن من أمر فبسبب الصلات القبلية ظلت بعض القبائل الهناويةء (بني ياس وآل بوفلاسا)» في منطقة «ساحل عُمان» على علاقة غُرفيَة تقليدية مع البوسعيدي في غُمان حتى عصر قريب. ولأن الجغرافية غالبا ما تحكم السياسةء فقد أفرز هذا الواقع الجغرافي - السياسي الجديد نتائج سياسية وعسكرية. ففي فترة ١١۷٠ - وقعت الثورات الاولى› المسماة ثورات اليعاربةء على الإمام أحمكء في صور وجعلان وأعقب ذلك تمرد القواسم في رأس الخيمة. وقد أرسل الإمام أحمد إلى المنطقة أسطولاً استطاع قمع هذه الانتفاضات وَوَضع حدً مؤقتٍ لها“. (۸) مایلز (س. سمع ساب ص ٢۲۲. ۳٦۱ لم يكن لهذا الخلاف إلا أن يدوم. وهكذاء عندما ثار ابنا الإمام أحمد بن سعيد ضد والدهماء عام ۱۷۸۷» ساند القواسم هذه الثورة بناء على طلب الابنين. وتجدد هذا المشهد لاحقا بعد وفاة الإمام أحمد وتسمية ابنه سعيد خلفا له فقد طلب سيف وسلطان مجدداً دعم القواسم ضد أخيهما هذه المرة. وعلى عكس المظاهن لم يكن الأمر صراع أشخاص؛ بل بالأحرى» كان صراعاً جغرافياً - سياسياً. فبعد استيلاء سلطان بن أحمد على الحكم في مسقط (۱۷۹۳ - ١۱۸۰)› وبعد استنجاده بالقواسم مرتين على أبيه وعلى أخيه سعيدء نشب نزاع بينه وبين حلفائه أي بينه وبين رأس الخيمة التي كانت تريد الاستفادة من الصراعات على السلطة في عُمان لتوطيد استقلالها. وفعلاً توفي سلطان بن أحمد عام ١٠۱۸ء في مواجهة بحرية مع القواسم. ولكن الصراع بين مسقط التي ترغب في تأكيد سلطتهاء ورأس الخيمة مقر القوة النافذة الرئيسيةء استمر حتى وقوع هذه الأخيرة بين أيدي البريطانيين عام ۸۲۰ ۱. القسم الثاني الصراع بين الفواسم وبريطانيا إذا كان القواسم قد متلواء خلال كل هذه الفترةء قوة بحرية من الدرجة الأولىء (قدرت ب٠٠۷ سفينة و۸١ ألف بحار)» فإن كفاءتهم العسكرية البريةء لم تكن بنفس المستوى. وعلى الرغم مما بسطوه من نفوذ على معظم القبائل الغافرية في منطقة «ساحل عُمان» فإنهم لم يستطيعوا أن يقاوموا طويلاً ضغط الوهابيين الذين تحالفوا مع وهي قبيلة أخرى في المنطقة. وشن الوهابيون» بمساعدة حلفائهم› حوالى نهاية القرن الثامن عشرء هجومين على القواسم في رأس الخيمة. وبعد فشل الهجمة الأولى نجح أربعة آلاف رجل بقيادة مطلق المطيري» في محاصرة مدينة رأس ولم تلبث المدينة المحاصرة أن إبراهيم (عبد العزيز عبد الغني) صاع دار الساقي» ص ٢٦۳. ٦۱ استسلمت» وخضع رئيس القواسم صقر بن راشد القاسمي (۱۷۲۲ - لسلطة الوهابيين. كان على القواسم بعد هذه الهزيمةء تبني المذهب الوهابي الذي كانوا اول الأمر قد عارضوه بقوةق وقد دفع خضوعهم هذا بالدولة الوهابية إلى أوجها. ويجدر بناء على كل حال» أن نشير إلى أن سكان رأس الخيمة احتفظوا بالمذهبين السائدين بينهم› (الشافعي والمالكي)› وحافظوا عليهما حتى أيامنا هذه. ولكن القواسم» بدلاً من أن يضعفهم هذا الوضع كسبوا من تبنيهم المذهب الوهابي ورقة سياسية رابحة. فقد قوّى تحالفهم مع القوة الوهابية الصاعدة في المنطقة موقفهم السياسي ضد البوسعيدي في مسقطء الخصوم التقليديين للوهابيين› كما توطدت سيادتهم على «ساحل غُمان». ولكن تبنيهم للوهابية لم يدعم موقفهم حيال التوسع الاستعماري البريطاني. فقد بدا التوطد التدريجي لقوة القواسم التجارية والعسكرية يقلق الوجود البريطاني فعلاً. ففي النصف الثاني من القرن الثامن عشس بَلَم أسطول القواسم المرتبة الثانية في الخليج بعد أسطول مسقط وكان في نمو متزايد. وفي مطلع القرن التاسع عشر ضضم هذا الاسطول ۷۳ سفينة كبيرة الحمولة و١٠۸۱ سفن صغيرة واستخدم ما يتراوح بين ۸ و٥۲ ألف وهكذا لم يكن القواسم يشكلون قوة اقتصادية وتجارية منافسة للأسطول البريطاني فقطء بل كانوا يعيقون أيضاً سياسة الهيمنة الاستعمارية الإنكليزية في منطقة الخليج. ١ . المواجهات الأولى مع البريطانيين في عام ٥٠ء تحالف الإنكليز مع بدر» سلطان مسقط أنذاك الذي کان يسعى إلى ُن يستعید من القواسم ميناء بندر عباس الذي احتلوه لدى وفاة سلطان بن (١٠) العابد (فؤاد سعيد)› سيامة بيطانيا ف المرب› الكويت؛ دار ذات السلاسل› (بدون تاریخ)› ص ۳٤. ١٦1۱ أحمد أَناءِ حملة بحرية. هزم المتحالفون القواسم؛ وتلت ذلك معاهدة بين إنكلترا والقواسم نصّت على الصلح بين شركة الهند الشرقية من جهة وسلطان بن صقر القاسمي وكل رعاياه من جهة أخرى. وما يلفت الانتباه أن بريطانيا لم تفرض أي تنازل على القواسم المهزومين عسكرياً. والأكثر من ذلك هو أن هذه المعاهدة اعترفت بسيادة القواسم وقوتهم البحرية. ولكن هذه المراعاة المفاجعة من جانب الإتكليز لم تكن منرّهة من المصلحة. فقد كانوا يهدفون إلى كسب الوقت» آنذاك في هذه المنطقة لانشغالهم بالصراع الذي عاد إلى الاشتعال بينهم وبين الفرنسيين في أوروبا. وتأثرت اللعبة السياسية - الدبلوماسية في المنطقة بهذه المعاهدة غير المتوقعة التي شك الوهابيون في أن يكون وراءها تحول في موقف القواسم من بريطانيا. ونتيجة لذلك؛ قرر الحكم الوهابي التخلص من رئيس القواسم سلطان بن صقر. وفي عام ۸ استدعي سلطان إلى الدرعية عاصمة الوهابيين؛ ليلام على عصيانه تعليمات الوهابيين واستبدل به مؤقتاء ابن عمه حسين بن علي (۱۸۰۸ - ١۱۸۱)) ثم حسن بن رحمة حتى حملة ۱۸۱۹ - ١۱۸۲ الإنكليزية. وعلى الرغم من ريبة الوهابيين» لم تعتبر بريطانيا معاهدتها مع القواسم إلا مجرد تدبير تأجيلي. فقد كان الاصطدام بين قوتي هذه المنطقة البحريتين محتوماً إذ لم يكن للقطع البحرية التجارية والعسكرية الإنتكليزية الموجودة في الخليج إلا أن تعيق نشاطات الأسطول المحلي. ولم يکن لدی القواسم من بديل عن التهيؤ لاحتمال نشوب نزاع مسلح. وكدلالة على استيائهم من الوجود المتزايد للبريطانيين› احتجزوا السفينة الإتكليزية منيرقا (r۷۵عMin).‏ ثم قرروا عام ۹٠۱۸ أن يطلبوا من حكومة بومباي دفع رسوم مرور لعبور المراكب الإأنكليزية في مياه الخليج ولضمانة سلامتها" `. (١۱( ‎Al-Sabah (S.A), op. cit., p.65.‏ (١٠) أنظر العابد (فؤاد سعيد) رمع سایق ص ٤٤ - ٤٤. ١۱۹ كان القصد من وراء هذا الإجراء تأكيد سيادتهم واستقلال الأسطول التجاري العربي في الخليج. إلا أن بريطانيا رأت في ذلك تحدياً لمصالحها وقررت القيام بحملة ضد رأس الخيمة. ولم تتردد بنعت القواسم بالقراصنة وحتى ب أعداء الإنسانية». وبما أن ذريعة الحملة قد توفرت؛ فقد قصفت المدفعية البريطانية الثقيلة رأس الخيمة دون هوادة. وحسب الؤرخ بوندارئسكي أحرقت خمسون سفينة عربية راسية فى الميناء كانت وسيلة الارتزاق الوحيدة للسكان المحليين. واجتازت البعثة بعد ذلك الخليج وأحرقت ميناء لنجة الذي كان وقتذاك تحت سيطرة حكام رأس الخيمة”. على أن دفاع سكان رأس الخيمة عن أنفسهم كان موضع إعجاب البريطانيين ودهشتهم. وفق شهادة أحد رسمييهم» سميٹ ‎(Smith)‏ «لا يمكن أن نتخيل تصميماً أكبر من هذا التصميم من جانب أعدائنا (القواسم). لقد واجهنا مقاومة شرسة لأنهم قرروا الدفاع عن مواقعهم حتی آخر رجل»””. وتستحق هذه الواقعة أن نتوقف عندها بعض الشيء لأنها تطرح بوضوح طبيعة علاقة المُستَغمر ففي غياب أية قوة منافسة ترك البريطانيون لأنفسهم أن يفسروا الوقائع بما يخدم مصالحهم. وهكذا فلقد عدوا احتجاز مينرقا ضرب قرصنة وذريعة للحرب. وكما رأينا فإن الذي أدخل القرصنة في المنطقة لأول مرة هم البحارة البرتغاليون» منذ أن غزوا تمان ومناطق أخرى من الخليج (۸١٠٠ - ١١٦۱) واحتلوها؛ إذ كانت هذه الممارسة قبل ذلك غريية على المنطقة. ومن الصعب» على كل حال؛» الحديث عن قرصنةء عندما يُبدي بلد رفضه حيال وجود أجنبي. ويُعيد المؤرخ الروسي وضع هذه القضية في سياقها السياسي الأدق» ويؤكد أن هذا الدفاع كان بالفعل أحد أشكال التضال ضد ‎Bondarevsky (G.), op. cit., p. 75. (۱۳)‏ (١١) العابد (فؤاد سعيد)؛ مع ص ‏۷٦۹ ‎ المستعمرين البريطانيين الذين حرموا السكان المحليين من مواردهم الحياتية ذات الصلة الوثيقة بالبحر”. إن ما يسميه البريطانيون قرصنة ليس كذلكء بل ممارسة شرعية لسيادة وطنيةء وممارسة واجب وطني مقدس. وفضلاً عن ذلك» فعندما احتجزت قوات القواسم السفن الإنكليزية قام القواسم بإخضاعها لنوع من «طقوس التطهير» إذ نظف البحارة السفن وطهروها وبخروها قبل أن يقتادوها إلى رأس الخيمة كغنيمة حرب. والغرض من «طقوس التطهير» هذه على حد تعبير إزالة «الرجس الأوروبي» منها. ويؤكد بأنه لا يوجد في كل تاريخ القرصنة الذي يمتد ألوف السنين شبيهاً لهذه الطقوس. وهذا دليل على أنه لا ينبغي أن نرى فيه قرصنة. فلم تكن هذه الممارسة ترمي إلى الثورة بقدر ما كانت تطهيراً لها بالمعنى الحقيقي والمجازي للكلمةء من مستعمرين أجانب نجسين” 0. ويلاحظ كذلك أن القواسم الذين أسرواء عند استيلائهم على السفينة زوجة القبطان» السيدة تايلور التزموا حيالها أكبر قدر من الاحتراه'°. وذلك بشهادتها هي نفسهاء وهذا موقف يتباين تبايناً كبيراً مع مواقف القراصنة الحقيقيين المعروفة حيال النساء. والتناقض الأخير هو أن بريطانيا لم تتردد في أن توقع قبل ذلك مع القواسم اتفاقيات ومعاهدات متنوعة. فهل يعقل أن يفاوض «حماة الحضارة» قراصنة وأن يعقدوا معهم الاتفاقات؟” . ومن جانب آخر» كانت هذه العمليةء سياسياً ودبلوماسياً من أفضل العمليات تحضيراً. فقد عملت بريطانياء قبل حملة ١٠۱۸ على رأس الخيمة بالالتفاف على الوهاييين. ففي رسالة وجهها البريطانيون إلى حكام الدرعية» أشعروهم بأن هدف حملتهم على رأس اللخيمة هو إنزال ضربة بالقرصنة المحلية. ولدى تلقي هذه الرسالةء عقد علماء الدرعية اجتماعاً قرروا خلاله أن الإتكليز «أهل كتاب وجهادهم غير Bondarevsky (G.), op. cit., p.75. (۱ ‏(٥‎ ‎Ibid., pp. 73-74. ‏)٦۱(‎ ‎Maurizi (V.), op, cit., p. 52. (۱۷) Bondarevsky (G.), op. cit., p.76. (۱۸) ۱۱۸ واجب» وتلقفت السلطة السياسية رأي العلماء ' وأعادت صياغة سياستها حيال البريطانيين. وإنه لمن قبيل المفارقة أن يتبنى الوهابيون هذا الموقف بعد اعتدائهم على القواسم وأسر قائدهم بذريعة عقده منفرداء اتفاقية عدم اعتداء مع شركة الهند الشرقية كما أشرنا من قبل. إن الوضع السياسي المستجد في المنطقة هو الذي يفسر دون أدنى شك؛ هذا التغير المفاجىء في موقف الوهابيين. فبريطانيا كانت قد تمكنت آنذاك من تهميش الخصم الفرنسي في المحيط الهندي› (بعد سقوط جزيرة موريشس عام ١٠۱۸۱)› وبصورة موازية لذلك؛» توصلت إلى خنق الحركات الوطنية في الهند. فلم يبق أمام بريطانيا من حاجز في وجه طموحاتها في المنطقة سوى القواسم ورأس الخيمة. أما الوهابيون المدركون للتغيير في ميزان القوى فلم يتردّدوا في تغيير موقفهم من حلفائهم. ولكن الشيخ سلطان بن صقر الحاكم السابق لرأس الخيمة الذي خلع وسجن حتى عام ۸٠۱۸ء استطاع الهرب» في هذه الأثناى من الدرعية وتمكن من اللجوء إلى محمد علي حاكم مص الذي أرسله إلى عُمان ليهيىء حلفا مع سلطان مسقط ضد الوهابيين. وقد لاقت المبادرة المصرية قبولاً حسناً في من جانب آخر أعادت الضربة الإنكليزية إطلاق النشاط السياسي - العسكري للقوى الإقليمية. وهكذا شن سلطان عمان حملتين متعاقبتين على رأس الخيمة الأولى عام ۸۱۳ والثانية عام ١۱۸۱. وقد فشلتا كلتاهما عسكرياء ولكنهما أسهمتاء على كل حال» في توطيد موقع حليف مسقط الجديد الشيخ سلطان بن صقر القاسمي› حاكم رأس الخيمة السابق» الذي ولي على منطقة الشارقة بدعم من سلطان عُمان. وهكذا أصبحت إمارة الشارقة شبه مستقلة سياسياً وإدارياً عن رأس الخيمة على الرغم من خضوعها لأسرة القواسم. إبراهيم» (عبد العزيز عبد الغني) صاع الژماى مرجع ص ١٠. (٠۲) راجع: لوريمر (ج. ج) سرع الجزء الثاني ص ١1۹. ۹٦۱ ۲ء حملتا ١۱۸۱ ٠ ۱۸۱۹ وسقوط رأس الخيمة ا كان التفوق البريطاني ما يزال يصطدم بمقاومة القواسم فلقد شنت القوات البحرية البريطانية عام ١ حملة على رأس الخيمة آملة أن تنزل بها الضربة القاضيةء ولکن هذه الحملةء وعلى خلاف توقعات المسؤولين البريطانيين» كان من نتائجهاء على عكس ما كان يريده المسؤولون: الإنكلين تثبيت حكم القواسم في المنطقة. ولكن البريطانيين كانوا على يقين بأنهم لن ينجحوا في مشروعهم الاستعماري فى المنطقة ما دام الأسطول العربي لم يدمر تدميراً كاملا في رأس الخيمة لم بيأسوا. وما هو جدير بالملاحظة هناء ليس فقط قدرة السكان على الدفاع عن أنفسهم بل هو أيضاً قدرتهم على إعادة تكوين أسطولهم البحري» وبعث مدينة رأس الخيمة من دمارها بعد كل حملة مدمرة. وبعد فشل حملة ١۱۸۱› وخلال ثلاث سنوات تقریباء ضاعفت حكومة الهند البريطانية المبادرات والتحضيرات من أجل القضاء على القواسم خصمهم الأخير في المنطقة وعلى رأس الخيمة رمز مقاومة التسلل الاستعماري. ونظراً للمقاومة التي أبديت حتى ذلك الحين» لم تكن الدبلوماسية الإنكليزية تريد ترك أي سبيل دون سبر. وهكذا نراها تعمد إلى جس نبض الدولة العثمانية وفارس ومسقطء وإلى الاتصال أيضاً بباشا مصر. ولقد أبدى شاه فارس رغبته في الاشتراك إلى جانب القوات البريطانية في حملة ضد قوات القواسم المقيمين على الساحل الفارسي› مغتنماً الفرصة لطرد العرب نهائياً منه. وكان القرار الأكثر انتظاراً هو قرار مسقط التي كانت» حتى ذلك الحين؛ أكثر ميلا إلى معارضة المصالح الإنكليزيةء ولكنها كانت معنية برد رأس الخيمة إلى عُمان. فأعطى السلطان موافقته الكاملة على التحالف الذي يقوده البريطانيون» بل واستعد لأن يلعب فيه دوراً متقدماً. وفي ۲ كانون الأول (ديسمبر) ۸۱۹١ء أبحر الأسطول البريطاني نحو رأس الخيمة مصحوبا بسفينتين حربيتين قادمتين من مسقط على متن إحداهما السيد سعيد نفسه 1۷۰ يواكبه ١٠٠ رجل من رجال القبائل ". وكانت هذه القوة البحريةء إلى جانب الأسطول الذي عينت حكومة الهند البريطانية الجنرال كير على رأسه وضع حوالی ٢۰٥۳ جندي وضابط ۲ أکبر قوَة بحرية تجتمع في الخليج إلى ذلك الحين. غالبية سكانها. كما أحرقت ٢٠۲ سفينة عربية كات معظمها يمارس الصيد والتجارة”". ومع الاستيلاء على رأس الخيمةء طويت صفحة نصف قرن من المقاومة الوطنية موة الاستعمارية الغربيةء وتحطم آخر حاجز كان يصطدم به الضغط البريطاني في الخليج ولم تعد منطقة «ساحل غُمان» بعد ذلك تشكل عقبة في وجه الهيمنة الاستعمارية. وفضلاً عن ذلك تمكن الإنكليز من أسر رئيس القواسم› الشيخ حسن بن رحمة وبعض شخصيات المنطقة. وفي عام ۱۸۲۰» فرضت بریطانیا على حکام الساحل؛ الشيخ شخبوط بن ذيبان ممثل حاكم أبو ظبي» ومحمد بن هزاع بن زعل» ممثل حاكم دبي المعاهدة المسماة «تعهداً ُو ليا ‎(Preliminary Engagement)‏ و التي کان من شأنها أن تُهىء لتوقيع «معاهدة عامة» ‎)Genera[ 7reaty(‏ نهائية. وقد وقع حسن بن رحمة التعهد الأول عن رأس الخيمة*. ولكن ينبغي أن نسجل أنه قد أضيفت إلى النسخة التي وقعتها حكومة رأس الخيمة مادة إضافيةء (المادة الأولى)» تقتضي أن تكون مدينة رأس الخيمة بين يدي الحكومة البريطانية°". بعبارة أخرى» أن يخضع سكان رأس الخيمة لسلطات الهند البريطانية المباشر. (۲۱) العاید (فؤاد سعيد)؛ سرع ص ۷۳. )٢۲( ‎Bondarevsky (G.), op. cit., p.77.‏ ‎Ibidem. (۲۳)‏ (٤۲) يجب أن نشير هنا إلى أن عجمان وأم القيوين لم هذا التعهد نظراً لخضوعهما لسلطة القواسم. إلا أن الوضع سيتغير لاحقاً لينسجم مع الاستراتيجية البريطانية الرامية لتجزئة هذه المنطقة. Aitchison (G.U.), op. cit., p.241. ‏(٥۲(‎ ١۱۷ ووقع الشيخ سلطان بن صقر حاكم الشارقة تعهداً مماثلاء لكن تعهده تضمن مواد استثنائية حول استسلام القواسم وأعوانهم للسلطات البريطانية في منطقة الشارقة. كما فرض هذا التعهد تسليم القلاع والسفن والمدافع الموجودة في الشارقة وعجمان وأم القيوين إلى الجنرال كير. وقد احق بالتعهد الأولي ملحق هو بحق أهم ما في متن التعهد نفسه. فقد نص هذا الملحق على أن: «حالة الحرب بين الجنرال وسلطان بن صقر قد توقفت بموجپ بهذا التعهدء ولكن (وذلك هو الاهم) سفنهم (أي سفن القواسم) تمنعء استثنائياء من الملاحةه”.. كان هدف هذه المادة الإضافية خطيراء إذ إنها تجعل من الحصار الاقتصادي حلقة رئيسية في الاستراتيجية البريطانيةء وحق سفن القواسم في الملاحة المقدمة هنا كملحق كان منذ البدى رهان الحرب وسببها. وكان الحصار الدائم يعني بوضوح أن مصير المنطقة قد قرر وأنه لن يكون؛» بعد ذلك الحين قابلاً للفصل عن مصير بریطانیا فیها. ٢۲ . الصعاشدة العامة مح الشيوخح اللعرب (٠۱۸۲) ونشانجها على أنقاض رأس الخيمةء استدعى الجنرال كير من جديدء شيوخ الساحل وفرض عليهم توقيع المعاهدة العامة. وقد أطلق عليها اسم «المعاهدة العامة مع قبائل الخليج ودون الدخول في التفاصيل؛ یمكن القول إن هذه المعاهدة كرست سيادة بريطانيا على المنطقة وعلى سكانها كما على حكامها. وبذريعة محاربة القرصنةء (على ما يرد في المادة الأولى)» أعطت بريطانيا نفسها حق مراقبة السفن التجارية فى كل منطقة الخليج؛ وحق التدخل في الشؤون الداخلية للقبائل من أجل حل )٢٦۲( ‎Ibidem.‏ ‏(۲۷) انظر النلص في: ‎Ibid., p.240.‏ ۱۷۲ الخلافات الناشبة بينها. والخلاصة أن بريطانيا أصبحت السلطة التشريعية والتنفيذية العليا في المنطقة. ومن هنا يمكن القول بأن سقوط رأس الخيمة فتح عصر هيمنة - دون منازع - للقوة الاستعمارية البريطانية في الخليج. ومع ذلك وجدت حكومة الهند البريطانية ما يقال في هذه المعاهدة. إذ انتقدت الجنرال كير بسبب قلة حزمه حيال سکان «ساحل غُمان». فقد حرر حسن بن رحمة وحسن بن علي ولم يحدد عدد المراكب التي تستطيع القبائل امتلاكها ولا حجمها وحمولتها". ولكن الجنرال لم يجد مشقة في الدفاع عن موقفه وعن نصوص المعاهدة أمام حكومة الهند. وهكذا يتبين لنا إلى أي حد كانت شروط السيطرة البريطانية متشددة وقاسية. وتعتبر هذه المعاهدة علامة فارقة في تاريخ الحماية البريطانية على «ساحل عُمان»› الذي سمي منذ ذلك الحين رسميا على الخرائط البريطانيةء ثم على يقية الخرائط العالميةء «ساحل القراصنةه”. وذلك لما سيكون لسقوط رأس الخيمة وتحطيم الأسطول العربي من نتائج سلبية حادة على تاريخ المنطقة. فقبل كل شي ي ثبتت هذه المعاهدة على الصعيد الجغرافي - السياسي» وبصورة رسميةء الحدود السياسية المستقلة لكيان «ساحل تحمان» وكرست الأمر الواقع ‎LÎ .(De facto)‏ بالنسبة لسلطان عُمان الذي رمى بكل وزنه السياسي والعمسكري باشترا که في حملة ۱۸۱۹ إلى جانب بريطانياء فإن طموحاته لم تتحقق. فبعد سقوط رأس الخيمة كان على السلطان العودة إلى عُمان والاهتمام بشؤونها الداخلية وعدم التدخل في شؤون منطقة «ساحل عُمان» التي تركت على عاتق بريطانيا وحدها. وبصورة أدق» أدت الضربة القاسية التي نزلت بأسطول القواسم العربي إلى انهيار الاقتصاد المحلي» إذ كان قوام هذا الاقتصاد التجارة الخارجية التي نمت نموا ملحوظاً (٢۲) العقاد (صلاح) سمع سا ص ۱۰۷. ‎Bondarevsky (G.), op. cit., p. 78. (۲۹(‏ ۱۷۳ ني النصف الثاني من القرن الثامن عشر. وكانت المصادر الأخرىء من صيد الأسماك والغوص على الولو تبدو بالمقارنة مع هذا التجارة محدودةً جدا. ومن هنا الطابع المأساوي الذي طبع حياة المنطقة بعد تحطيم أسطولها وتحييد ما تبقى منه. وإذا أضفنا إلى ذلك إغلاق الخطوط التجارية العربية من الخليج إلى الهند وإلى إفريقيا وبالعكس» توضحت صورة الحصار الاقتصادي الذي ضرب على المنطقة. وأخيرا فإن التدابير الجائرة العامة قد عرضت نشاط الصيد والملاحة المحلية لخطر الانطواء الاقتصادي. خاصة وأن المراكب الصغيرة نفسها كانت مقصودةء هي أيضاً بتدابير المنع. وهكذا يمكن القول إن المنطقة وسكانها عاشوا لمدة قرن ونصف القرن تحت وطأة معاهدة ۰ ۱۸۲. ولقد كان لهذا الانهيار الاقتصادي انعكاس حا على التطور الاجتماعي. فقد أعاق النمو الطبيعي للمجتمع. ونتيجة لخنق النشاطات التجارية والاقتصادية وشبه الصناعيةء (بناء السفن وصيانتها مثلا)» نكب جرء كبير من السكان العاملين أو المنتجين. ونتيجة لذلك أيضاً أجهض ظهور «طبقة متوسطة» ضرورية لسيرورة النمو الاجتماعي» فاضطربت لوقت طويل حركة المجتمع إن من حيث نموه أو من حيث تجانسه» أو حتى من حيث سعيه إلى بلورة هويته الوطنية والثقافية. وأخيرا وفي غياب نمو اقتصادي طبيعي» كرست المعاهدات المعقودة مع القبائل الوضع القبلي المتبعثر. ومنذ ذلك الحين؛ء ومع غياب إطار مركزي وطني موحد لهذه المنطقةء تمصت بريطانيا دور السلطة المركزية العليا وتحولت التجمعات القبلية الصغيرة المتناثرة إلى قوى شبه سياسية لم تستطع المحافظة على نفسها كوحدات اجتماعية - سياسيةء شبه مستقلة» إلا من خلال ارتباطها بالوجود البريطاني. ولم يبق على بريطانيا إلا أن تغذي هذا الوضع الذي ثبتته وأطرَنّه بصيغة «المحميات البريطانية»» التي مثلت الهوية السياسية الرسمية الوحيدة لهذه المنطقة حتى عصر قريب. فإلى جانب الثقافة القبلية المفككةء كان البديل الوحيد ثقافة التبعية لبريطانيا في إطار المحميات. ۱۷ القسم الثالث ِ تطور الأوضاع ني غمان و.ساهل غمان. وصوك إلى نظام المحميات ١ . تطور الأوضاع في مان لم يكن ممكناً لاشتراك السلطان في حملة ضد رأس الخيمة أن يمر دون انعكاسات سياسية على الوضع الداخلي لا سيما وأن مسقط لم تحصل على أي من النتائج المنتظرة من هذا التحالف غير الطبيعي مع الإنكليز. فبعد تلك الحملق عاد السلطان إلى بلده صفر اليدين› في حين سقطت المنطقة نهائيا تحت السيطرة المباشرة للانكليز. وفي بداية العشرينيات من القرن التاسع عش وبعد سقوط رأس الخيمة مباشرق عرفت منطقة جعلان الواقعة في الشرق عصياناً مسلحا واسعا احتجاجا على موقف السلطان من رأس الخيمة... وجمعت هذه الثورة قبائل متنوعة على رأسها قبيلة بني بوعلي الوهابية. ولمجابهتها طَلّبَ السلطانٌُ دعم إنكلترا التي رفضت ذلك أُوَل الأمر. إلا أن واقعة طارئة جعلت بريطانيا تغير موقفها. فقد وقع أحد المراكب اللإنكليزية بين يدي بني بوعلي وسل مبعوث ليطلب تفسيراً لهذا العمل فمات فيي الطريقء وهو ما جر بريطانيا إلى الحرب”” . منذ ذلك الحين أخذ قمع عصيان بني بوعلي يهم الإنكليز بقدر ما يهم السلطان إن لم يكن أكثر. فجرّدت حملتان على الثوار لم يشترك السلطان إلا في الأولى منهما حیث کاد يقضي عندما حاول نجدة أحد الضباط البريطانيير.” "٩ ولم تكن بريطانيا تستطيع أن تقبل هزيمة من شأنها أن تتعكس على موقعها وعلى مكانتها العسكرية بعد انتصارها على القواسم. فجمعت حكومة الهند البريطانية كل قواتهاء وقررت أن تدفع الثمن مهما بهظ؛ وتهيأت لحملة جديدة سميت «الحملة التأديبية». ولتجنب هزيمة أخرى جمعت حكومة بومباي جيشاً يضم أكثر من ۳۰۰۰ ۳۰۱( عبدالله (محمد مرسي)» س ساق ص ۰٠٦۲. ١٥۱۷ جندي بينهم ۳١۱۲ أوروبياً و١۸١۱ هندياً عهد بقيادته إلى الكولونيل سميث”"". في بداية شباط (فبراير) اصطدمت القوات البريطانية بقوات جعلان و کان ميزان القوى لصالح الإنكليز. ورغم فداحة الخسائر في المعسكرين؛ فلقد انتهى الاصطدام بهزيمة منكرة لجعلان وأسر ١١٠ رجلاً في المنطقة الشرقية منهم ٩٥ رجلا ينتمون إلى قبيلة البوعلي. وعلى حد قول أعضاء مجلس شركة الهند الشرقيةء فإن قبائل بنى بوعلى حازت بدفاعها البطولى عن أراضيها وسكانهاء الاحترام العام على الأقل”. وقد تفي بعض القادة الأسرى إلى الهند حتى نهاية حياتهم. لقد كشف هذا العصيان عن أزمة سياسية داخلية سوف تصبح [حدی ثوابت المجتمع العُماني وتعبر عن نفسها بصورة شبه مستمرة. ولكن هذه الحادثة حسّنت؛› في الوقت نفسه العلاقة بين مسقط وبريطانياء وهي العلاقة التي كانت قد اجتازت طوراً «باردا» بعد سقوط رأس الخيمة. وقد سمح تنشيط العلاقة لإنكلترا أن توطد حضورها بتوقيعها مع السلطان سلسلة من المعاهدات تلحظ في عداد ما تلحظ الحدٌ نن تجارة الرقيق. يذكر أن عُمان كانت قد وقعت تعهداً مع بريطانيا عام ١۱۸۲ تعتبر تجارة الرقيق بموجبه فعل قرصنةء بالتزامن مع دخول إنكلترا إلى جانب السلطان في قمع عصيان جعلان. وبعد ذلك وقعت إنكلتراء التي خرجت عام ۱۸۲۲ منتصرة من هذه الحرب مع السلطان» تعهداً ثانياً ينص على منع تصدير الرقيق إلى كل الممتلكات البريطانية أو الأوروبية بل ومنع نقله على سفن عربية نحو ممتلكات أوروبية. كما نص هذا التعهد أيضاً على تعيين موظف بريطاني مكلف بالإشراف على تطبيق هذا الاتفاق في ممتلكات السيد سعيد في شرق إفريقيا(* وغني عن القول هنا بأن تطبيق هذه التعهدات المتعلقة بتجارة الرقيق أدت إلى عرقلة النشاطات الاقتصادية لبلدان الخليج. وبالفعل قامت السفن البريطانية بأعمال (۲۲) المع ص ٢۲۹. (٢۲) المع المان› ص ٢٦۲۹ - ٢۲۹. العابد (فؤاد سعید) مرمع ص ٦٩. ۱۷۹ بوليسية› فأوقفت المراكب العربية للتفتيش وصادرتها مع حمولتها عندما كانت تكتشف فيها عبيدا؛ (سوف نعالج هذا الموضوع بصورة مفصلة أكثر في الفصل التالي). ٢۲ . تطور الأوضاع ني ,ساحل غمان. أما في منطقة «ساحل عُمان» فسرعان ما أدى هذا الشكل من الحصار إلى ترّي المناخ الاقتصادي والاجتماعي. فتعمّقت الخلافات القبلية من جراء الأزمة وخاصة بين الذين طبعوا من قبل حرب عُمان الأهلية (۷۱۸١ - ۱۷۳۷) بطابعهم. وقد عرّز هذا السياق الركود الاقتصادي. فتأثر صيد اللؤلق الذي أصبح بعد انهيار النشاطات التجارية الأخرىء مصدر الارتزاق الرئيسي إلى جانب الصيد تأثراً محسوساً. وقد عانی المستوى المعيشي من جراءِ ذلك معاناة كبيرة. ومتل هذا الواقع أحد الأسباب الرئيسية لاتفاق الهدنة البحرية الموقعة فى ١٠ أيار (مايو ١۱۸۳. وفعلاً لجأت الأطراف المتنازعة إلى بريطانيا لحل خلافاتهاء وعقد شيوخ من المنطقةء أو ممٹلون عنهم؛ اجتماعاً مع نائب المقيم البريطاني في بوشهر. وفي عام ٠ وقع أول اتفاق بين القبائل وسمي اتفاق الصلح البحري. وهو لم يُعّطء (في البدء) إلا فترة موسم صيد اللؤلق أي مدّة ستة أشهر. وجدد في السنة التالية ثم أعلن قابلاً للتجديد سنوياً بموافقة المقيم العام حتى عام ١٤ ومن ثم اقترحت حكومة بومباي أُن يصبح تعهد الصلح حكومة بومباي منه حقٌ الإشراف على تنفيذ هذه الهدنة وهو ما كان يبرر لها ممارسة دورها العسكري في المنطق من جهةء ويمنحهاء من ناحية س رعيه تخدم استراتيجيتها. العقاد (صلاح) مع ص ١۱۱. ۱۷۷ وبصورة موازية لذلك؛ وقعت بريطانيا عام ۱۸۳۹ مع سلطان بن صقر زعيم القواسم في الشارقة تعهداً أولياً يحرم استيراد الرقيق. وكان زعماء قبليون آخرون قد فعلوا الشيء نفسه. إن قراءة سياسية لهذه المسألة تكشف عن كون هذا التعهد يدخل؛ هو أيضاء ضمن المصالح البريطانية» بمعنى أنه يعطي؛› مرة صفة رسمية ل«حق» الأسطول البريطاني في المراقبة والتضييق على ما بقي من الملاحة البحرية العربية بل وفي إعاقتها. () معاهدة السلام البحري الدائم (١١۱۸) بموجب المنطق الذي سارت عليه بريطانيا» حتى ذلك الحين؛ وانسجاماً مع استراتيجيتهاء عقد عام ١١۱۸ اتفاق السلام البحري الدائم مع وهو المسمى أيضاً «الهدنة الدائمة». وقد نصّت إحدى هذه المواد على أن تشرف إنكلترا على تطبيقه بين القبائل العربية. وهكذا نرى الحضور البريطاني يقوم من جديد كضامن للتوازن السياسي القبلي في المنطقة. وقد أصبح إصرارها على الاحتفاظ بهذا الشكل من الحضور واحداً من أهم ثوابت استراتيجيتها. ويشير العقّاد إلى أنه يجب اعتبار اتفاق ١١۸٠ بمثابة نهاية عهد في تاريخ «ساحل غعُمان). فهذا الاتفاق لم يمنع الاشتباكات البحريةء بل ساعد على المحافظة على الوضع القبلي القائم علماً بأن بعض المَشيّخات يبلغ من الصغر حداً يصعب معه استمرارها كوحدة سياسية قائمة بذاتها. ومن جهة أخرى مكن هذا الاتفاق بريطانيا أن تصبح حكماً مُستديماً يفرض الغرامات على المشيخات التي تهاجم سفنها - أو سفن أية دولة أو مشيخة أخرى - أو التي لا يروق لها منها تصرف سياسي معن( . وتجدر الملاحظة إلى أنه عندما تم التوقيع على ما سمي المعاهدة التمهيدية عام ٠ بعد سقوط رأس الخيمةء لم توقعها عجمان وأم القيوين على اعتبار أن العقاد (صلاح) مع ص ١ ۱۷۸ هاتين المنطقتين كانتا خاضعتين في ذلك الحين لسلطة القواسم. ولكن بريطانياء في جهدها لتفتيت قوة القواسم› فصلت هاتين المدينتين وثبتت ثبتت انفصالهما بضمَهما إلى توقيع «المعاهدة العامة للقبائل العربية». إن معاهدة ١١۸٠ هذه التي حکمت على مناطق الخليج بالانقسام والتبعية» كان لهاء على الأقلء فضل إزالة اسم «ساحل القراصنةء المهين الذي كانت إنكلترا انتحلته لهذه المنطقة في بداية صراعها مع القواسم وأعيدت تسميتها باسم «الساحل المهادن). وهذه التسمية الجديدة عبرت؛ء بشكل أفضل عن الوضع في المنطقة حيال بریطانیا. وقد بهي معمولا به خلال کل الفترة الاستعمارية البريطانية وعلى الأخص في المفردات الإدارية لحكومة الهنكء في حين بقي اسم «ساحل تحمان» مستعملاء على صعيد شعبي حتى الستينيات من القرن العشرين. (ب) التعهد المتعلق بالتخلي عن أراض (۱۸۹۲) في عام ۲ فرضت إنكلترا على هذه المنطقة تعهداً جديداًء ُرف باسم «التعهد المانع؛ وهو يرغم الشيوخ» من بين أمور أخرى» على أن لا يتخلوا أو يبيعوا أو يرهنوا أراضيهم أو يتركوها تُحتل بأية صورة من طرف غير الحكومة البريطانيةء وأن يلتزموا بذلك هم وورثتهم وخلفاؤهم› وعلى أن يصبح أصدقاء الإنكليز منذ ذلك الحين أصدقاء الشيوخ وأعداء الإتكليز أعداءهم. وبالمقابل› تتعهد بريطانيا بحماية المنطقة من كل تدحل أجنبي. وهذا التعهد في غنى عن أي وكان تعهّد ممائل قد وفع مع عُمان عام ۱۸۹۱ء في عهد السلطان فيصل بن تركي (۱۸۸۸ - ١۱۸۹). ولكن السلطان لم يقرر التوقيع إلا بعد أن هددت بريطانيا بإعلان الحماية الرسمية البريطانية على عُمان مثلما حدث لزنجبار بعد فصلها عن عُمان عام (وسوف نعود إلى ذلك لاحقا). وهكذا تحول الساحل العربي إلى محميات بريطانية. فقد تمكنت بريطانياء طوال ٠ سنة من الاحتلالء من عزل هذه المنطقة كلياً وحرمانها من كل اتصال Aitchisson (G.U.), op. cit., p. 256. ‏أنظر نص التعهد في::‎ )۳۷( ۱۷۹ تجاري وثقافي مع العالم الخارجي. وكان على الساحل أن يعيش حالة فقر اقتصادي وانغلاق اجتماعي وضمور ثقافي. ويكفي دلالة على ما نقول أنه لم تكن هناك أية مدرسة أو مستشفى حتى منتصف القرن العشرين. وهذا ليس سوى مثالء من أمثلة عديدق على حالة البأساء والفقر التي لم تتغير إلا مع بداية تصدير النفط وتكوين اتحاد الإمارات العربية المتحدة عام ١۹۷ ١۱۸ خاتمة الباب الأول يستخلص من دراستنا لهذا الجزء عدد من التجارب والدروس السياسية الخاصّة بئُمان. فنظام الإمامة القائم على دستور وقوانين إباضية أصيلةء والذي هو ثمرة بناء دؤوب» لم يكن في منأى من الأخطار ومن الاختلال الداخليء على غرار ما كان مع سقوط إمامة الصلت بن مالك في القرن الهجري الثالث؛ (التاسع الميلادي) أولا ثم مع انحراف الدولة اليعربية ۲١٠ - ١٤۱۷)› وسقوط نظام الإأمامة وتصدع الوحدة الوطنية وظهور العصبية القبلية بالإضافة إلى سلسلة من الحروب الطويلة والمنهكة. وعلى الرغم مما يعتري نظام الإمامة من قصور في بعض ومن ضروب الشقاق التي يمكن أن تنجم عنهء فلقد بقي بالنسبة للعُمانيين مرجعاً أساسياً للتوازن وللوحدة قائماً على مبدا الشورى والإجماع. وبعبارة أخرى» قائماً على قيم ديمقراطية أصيلة. ۱ بالمقابل فإن سقوط نظام الإمامة والانقسامات التي ظهرت بالتزامن مع ذلك أدت دائماً إلى تقسيمات جغرافية مختلفة. وهكذا تحولت عُمان» بعد سقوط إمامة الصلت؛ إلى ممالك ومقاطعات شبه «مستقلة». كما حدث أيضاً بعد سقوط الدولة اليعربيةء أن تشكلت كيانات جغرافية - سياسية جديدة. ١۱۸ يجد البرتغاليون في مواجهتهم› بعد سقوط إمامة الصلت؛ أية مقاومة منظمة وتوصلواء على هذا النحو إلى احتلال السواحل لمدة قرن ونصف القرن. فليس من قبيل الصدفة إِذاً أن يكون التاريخ الحماني قد كف بعد زوال الدولة اليعربية وانحدار البلادء عن أن يكون تاريخ الحركة الإباضية وحدها. فلقد أعقب النخلي عن الإمامة تصدّع في الهوية الوطنية والثقافية طيلة العصر الحديث. هل كانت نهاية نموذج عُمان الإباضي محتومة؟ الجواب هو النفي بالتأكيد إذا نظرنا إلى التجربة الماضية لأن الإباضية كانت حتى ذلك الحين بمثابة بوصلة البلاد. ولكن المعطيات الجغرافية - السياسية كانت قد تبذلت بدلا جذريا. وکانت بريطانيا قد أخذت تلعب دوراً أساسياً فى كل هذه المنطقة وكان لها مصلحة فى أن تغذّي فيها الضعف والاتقسامات. ` | ونتيجة لمجموعة من العواملء كانسحاب فرنسا وسقوط الهند الحليفة التقليدية بين أيدي الإتكلين وكذلك سيطرة الإنكليز على موانىء وخطوط الشرق والمحيط الهندي» تم تهميش الأسطول العماني تدريجياء وإضعاف موقع البلاد كقوة إقليمية. وأخيراً أنزل انهيار أسطول القواسم وتدمير رأس الخيمة على يد الإنكليز ضربة قاضية على النمو الأقتصادي والاجتماعي والثقافي› لا في منطقة عُمان و «ساحل عُمان» وحدهما بل أيضا في کل الخليج. إن القوة البريطانية التي استهانت أكبر الاستهانة بالتجربة وبالثقافة السياسية المتراكمة في هذه البلدان وخاصة في غُمان» مستودع التراث الإباضي العريق› - هذه القوة لم تفرض على المنطقة بكاملهاء بنئ ومصالح غريبة عن بناها ومصالحها فحسب بل فرضت عليهاء أيضاء تاريخاً استعمارياً قاسياً. ۱۸۲ «إن مصائر بلدان الخليج أصبحت تقرر من على بعد الاف الأميال عن أصحابها الأصليين» اللورد سالسبوري» رئيس وزراء بريطانيا ۹0۳-۱۸۳( التحدي الاستعماري والإجابة الإماميّة: من تفكيك الأمبراطورية الغمانية إلى العصر الحديث الباب الثاني مدخل الى الباب الثاني كانت استراتيجية بريطانيا» بعد تحقيقها لأهدافها الرئيسية في فترة أولى» (من نهايّة القرن الثامن عشر إلى منتصف القرن التاسع ترميء في طورها الاستعماري الثاني إلى تقسيم الدولة التُمانية - الإفريقيةء أي فصل زنجبار عن غُمان (۱۸۱۱). وكان خضوع مان أحد الشروط اللازمة لإكمال توطيد المواقع البريطانية في منطقة بهدف تأمين السيطرة على طريق الهند. ومع تزايد النفوذ البريطاني في غغمان» بلغ التدهور الاقتصادي درجة لم يعد معها من مخرج سوى البديل الإمامي. وعلى هذا النحوء كان على الحركة الإباضية التي كانت تتابع تطورات البلاد عن كثب أن تقرر» عن وعي بالوضع القيام بالثورة. وإنه لمما يدل دلالة خاصة على قوة الحركة الإمامية وشعبيتهاء إبان تُورة ۹١٦۱۸ - ١ء أن العاصمة سقطت بعد أقلَ من شهر فقط واضعة حداً مؤقتاً لنظام السلطنة. وكان عزان بن قيس» أحد قادة الثورة قد انتُخب إذ ذاك إماماء ونجحت الحركة الإباضية فى إعادة نظام الإمامة بعد انقطاع دام نصف قرن تقريباً. ولكن بريطانيا تمكنت» في نهاية المطاف» من خنق إمامة عزان اقتصادياً وإسقاطها. كذلك الأمر فالسلطان تركي (۱۸۷۱ - ۱۸۸۸) الذي يرجع إليه فضل إعادة نظام السلطنةء لن يتوضّل إلى حل مشاكل عُمان وسوف يتسم عهده وعهد خليفتهء ٥۱۸ ابنه فيصل (۱۸۸۸ - ۱۹۱۳))› بالاضطرابات القبلية والتدهور الاقتصادي وتزايد النفوذ البريطاني. وفي عام ۱۹۱۳› أعلنت الحركة الإباضية ثورتها من جديد. وعلى غرار ثورة (۱۸۹ - ١۱۸۷) تميّزت هذه الثورة بحماسة وحدّة بالغتين. ويمكن القول إِنّه لولا الدور البريطاني لكان من شأن نظام السلطنة أن يسقط. ولكن هذه الثورة أيضاً لم يكتب لها النجاح وأرغم الإماميون على توقيع معاهدة السيب (٠۱۹۲) الشهيرة التي فُسّمت عُمان بموجبها إلى قسمين متمايزين: «إمامة عُمان» و «سلطنة مسقط». رکود وشلل کليين. ومع دخول المنطقة في العصر النفطي؛ء لم يكن للنزاع بين بريطانيا ورموز الإمامة إلا أن يتجدد. وعلى الرغم من أن ثورة ١٥۹٠ - ١١۱۹ قد جعلت عُمان تجتاز مرحلة جديدة من تطورها السياسي» وعلى الرغم من أن القضية استطاعت أن تجد لها مکانا على المسرح الدولي» في إطار حركة التحرير العالميةء فإن الثورة نفسها لم نود إلى أية نتيجة هامة بصورة مباشرة. إلا أنها أسهمت؛ على کل حال› في تأ کید الوعي السياسي الوطني العُماني وإنعاشه ورسمت منعطفاً تاريخياً. ولكن تمان وقضيتها بقيتاء مع ذلك مجهولتين إلى حذ بعید. ٦۱۸ الفصل السادس الدولة القمانية . الإفريقية » سلطنة عمان ورزنجبار أولت الدولة المُمانية - اليعربية التى ارتبطت» منذ أصولهاء بالجماعات العربية - الممانية - الإسلامية القاطنة شرق إفريقياء (ساحل زنجبار)» عناية خاصة بهذه الصلة خاصة بعد تحريرها من النير البرتغالي بداية القرن السابع عشر. وكان يُنظر إلى الساحل الإفريقي الذي رقي إلى مرتبة القطب الثاني في الاهمية الاقتصادية للقوة شيئاً فشيئاء كامتداد لمان حتى أصبح؛ في القرن التاسع عشرء المركز الحقيقي للدولة المهدّدة بالاختناق على يد التوسّع البريطاني» حتى أن السلطان نقل عاصمته إلى زنجبار. وبالإضافة إلى الروابط التاريخية البعيدة» تميزت هذه العلاقة بوضع استثنائي في العصر الحديث. يناقش هذا الفصل تطور هذه الصلات من بدايتها حتى وقوع الاأنفصال في النصف الثاني من القرن الثامن عشر. القسم الأول الصلات الشُمانية . الإفريقية حتى نهاية القرن الثامن عشر تشمل منطقة إفريقيا الشرقية مجموعة جزر ومدن ساحلية أهمها زنجبار وبمبا )nbaعP)‏ و كیلوه (waاKil)‏ وممياسا ‎.)M0mbas4(‏ وهذا المجموع الساحلي الذي ۱۸۷ يبلغ طوله ١٠٠٠ كم تقرياً هو الذي عرف باسم منطقة زنجبار. يعود الوجود العربي» وخاصة المماني» في هذه المنطقة إلى القرن الثاني الهجري› التاسع الميلادي» رغم أنه من المحقّق أن صلاتٍ قامت قبل هذا التاريخ بكثير. على هذا فإن بداية التواجد والرسمي والفاعل؛ لا يرقى إلا إلى التصف الثاني من القرن السابع عشر. ما من شك في أن وراءِ هذه الاتصالات المبكرة أسباب ذات طابع تجاري. إلا أن إلى جانبها دوافم ذات طبيعة سياسية - دينية. فبعد سقوط دولة الخلافة الإسلاميةء فى النصف الثاني من القرن الأول وبسبب صراعات دينية داخليةء أرغمت بعض القبائل والجماعات العربية على ترك منطقة البصرةء التي كانت إذ ذاك مركزاً إسلامياً وثقافياً كبيراء والالتجاء إلى عُمان والبحرين ومنطقة شبه الجزيرة العربية. وفيما بعك هاجر عدد من هذه الجماعات إلى منطقة شرق إفريقيا. ولكن الهجرة إلى هذه المنطقة تسارعت» بصورة أوضح؛ بعد سقوط إمامة عُمان الأولى» إمامة الجلندى بن مسعود تحت ضربات العباسيين وبعد القمع الدموي الذي عقب ذلك وطال العلماء. توصل المحمانيون إلى إقامة إمارات عربية عدّة في هذه المنطقة. فقد أنشأت قبيلة الحرث مدينتي مقديشو (shoع44ع13) ‎)Brava(‏ حوالى عام ٤م وتمتّع مجموع هذه بعيداً عن خحصومات الدولة العربية الإسلامية وصراعاتها ويفضل غنى هذه المنطقة باستقرار سياسي واقتصاد مزدهر دام أكثر من سبعة قرون» ولم يضطرب إلا مع وصول البرتغاليين مطل القرن السادس عشر. فواقع الحال أن هذه المنطقة لم تدخل فترة عنف وتوتر ولم يلجم فيها الازدهار المحلي إلا مع وصول دو البوكرك عام ١٠٠٠ الذي كان في طريقه إلى غزو )۱( أنظر القاسمي (سلطان بن محمد) تَقَسير الإمبراطررية النياتية: ۱۹ -_ ۸۱9 دبي› البيان؛ ۹ ص ١۱. (الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي هو الحاكم الحالي لإمارة الشارقة). ۱A۸ الشرق. وعبفاً حاول السكان حمل الأسلحة ضدً الغازي ولكن القوة العسكرية البرتغالية والإرهاب الذي بسطته على كل هذه المنطقة تفوّقا عليهم تفوقاً واضحا. فانتقل مسرح الحرب الصليبيةء في القرن السادس عشرء حسب شهادات الرحالة الفرييين» من المتوسط إلى المحيط الهندي”"°. وهكذا وجدت منطقة إفريقيا الشرقية نفسها خاضعة كلياً للسيطرة البرتغاليةء واعترف سكان زنجبار عام كما يقول القاسمي» بسلطة البرتغال على جزيرة زنجبار» ووافقوا على دفع جزية سنوية. وبعد ذلك بمذة قصيرةء تم للغزاة البرتغاليين احتلال المدن الساحلية وتدمير تجارتها حيث دخلت المنطقة بعد ذلك حالة من التخلف لم تتخلص منها أبدا. وقد أعادت السيدة لوكور غران ميزون رسم مراحل الوجود العُماني كما يلي: «عرف التوسع على الساحل السواحلي ثلاث مراحل نمو: مرحلة أولى كان فيها هذا التوسع مدفوعا بقوة عُمان السياسية المستعادةء ومرحلة ثانية انعكست فيها اضطرابات غُمانء حيث تصدّعت الوحدة الداخليةء على الممتلكات الإفريقيةء وأخيرا مرحلة ثالثة وطدت خلالها الجماعة المنتصرة في غُمان سلطتها في إفريقيا الشرقية. وكانت تلك بداية أكثر الفترات ازدهاراً للوجود الُمانى على الساحل الشرقى الذي عرف ذروته منتصف القرن التاسع عشر ` ` وهكذل في القرن السابع عش قام الإمام سلطان بن سيف الأول (٤٤٦۱ - ۱۸)› بطلب من التجممعات العُمانية الإأفريقيةء بتحرير مناطقها من المحتل البرتغالي. وبفضل هذا التدحل نَدَعُمَ الوجود التحماني في هذه المنطقة التي لعبت فيها عُمان» بعد ذلك الحين» دوراً سياسياً راجحاً. والأكثر من ذلك هو أن واجهة إفريقيا الشرقية غدت» منذ ذلك الوقت» تابعة رسميا لمُمان. )۲( انظ السيار (عائشة)› سمع ص ۸۲. (۳) القاسمي (سلطان بن محمد)؛ قير الأمراطررية مرجع سابق؛ ص ١٠. )٤( ‎Le Cour Grandmason (C.), «Présentation du Sultanat d'Oman», op. cit., p.278.‏ ۱۸۹ وقد الإمامُ سلطان بن سيف الأول محرر هذه الأراضيء ولا من الشخصيات المُمانية عهد إليهم إدارة جزر زنجبار وبامبا وممباسا. وهكذا استقبلت هذه الأخيرة» وهى ذات أهمية استراتيجية واقتصادية مساوية لأهمية زنجبار» أسرة المزروعي المانية على رأسها. وهكذا رأت «الدولة الإفريقية النور. اهتممت الدولة اليعربية بتوطيد الصلات التجارية والثقافية القائمة مع القطب الإفريقي» وثبتت فيه خاصّةء القوائين والشرائع الإسلامية الإباضية. ولكن المنطقة احتفظت بطابع أصيل. فكان من امتزاج الدم العربي بالدم الإفريقي أن نشأت ثقافة عُمانية - إفريقيةء وأن نشا نموذج اجتماعع عرقي خاصٌ عرف» فما بعك باسم «السواحلى». وقد اقتصر استعمال اللغة العربيةء فى هذه المنطقة على العلماء والنخية في حين ظلّت اللغة السواحلية هي السائدة. ` وفي أثناء الحرب الأهلية العمانية (۷۱۸٠ - ۱۸۳۷) انقطعت العلاقات الرسمية بين عُمان ومنطقة شرق إفريقيا أيء في الواقع› بين الولاة وحكومتهم المركزية. إلا أن هذا الوضع؛ على الرغم من تمتع الولاة بشيء من الاستقلال التقليدي؛» لم يۇ إلى حالة انفصال ولو أن الحرب الأهلية لم تخل من انعكاسات على القسم الإفريقي. إلا أنه مع تدهور الوضع في عُمان مع نهاية الحرب الأهلية وانهيار الدولة اليعربية ۲٦ - ١٤۱۷) كان على سيف بن سلطان اليعربي الثاني أن يعي الشيخ محمد بن عثمان المزروعي والياً لمدينة ممباساء وأن يعهد إليه بسلطة كاملة على هذه الجزيرة مقابل دفع ضريبة سنوية. ولكن هذا التدبير غير المألوف وضع الجزيرة أمام وضع ملتيس.. ولدى وصول الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي (١٤۷٠ - ۱۷۸۳) إلى الحكم أعطى جميم ولاة منطقة إفريقيا الشرقية بيعتهم وأعلنوا ولاءهم للإمام الجديك ما عدا والي ممباسا الذي رفض سلطة أحمد وتوققف عن دفع الضريبة السنوية لُمان. وحيال هذا الوضع الانفصالي؛ لم يترد الإمام أحمد في اتخاذ تدابير حاسمة فحاولت قواته مرات عدّة عبثاء استعادة جزيرة ممباسا التي بقي وضعهاء في نهاية المطاف غامضاً حتى مجيء السلطان سعید بن سلطان (٦۱۸۰ - ١١۱۸). | ۱۹ ١ء فرت سعد بن سلطان في التصف الأول من القرن التاسع عشر أبدى السلطان سعيد اهتماماً خاصّاً بجزيرة زنجبار» وكان من منجزاته أن شجع إدخال زراعة القرنفل المستورد من جزيرة موريشيس ۱۸۱۸› وهي زراعة سرعان ما أصبحت الثروة الرئيسية لهذه المنطقةء جاعلة من زنجبار ول مصدر عالمي للقرنفز ° ترافق هذا النجاح مع هجرة كبيرة للتجار الذين أقاموا بصورة شبه دائمة في شرق إفريقيا. وتنامت زراعة القرنفل في هذه الأثناى فبلغ عدد أشجاره مليوناً في جزيرة وفي حين اكتسب الموقع الاستراتيجي والاقتصادي لهذه المنطقة أهمية متزايدة› فإن الوجود توطد فيها توطداً كبيراً هو الآأخر(. ومنذ عام ١۸۳١ كان السلطان يقيم في زنجبار أكثر منه في مسقط ثم جعل منها عاصمته الإفريقية بين عام ۱۸۳۷ و١٤ ۱۸. وخلال سبع سنوات» أصبحت هذه المدينة مقر تجارة مزدهرة. وقد بلغت حركة مرفاً زنجبار عام ١٤ من حيث الواردات والصادرات مجتمعةء مليون ومائتي ألف قرش إسباني» أي أكثر من ستة ملايين فرنك”. بل إن زنجبار انتهت إلى أن تصبح إذ ذاك؛ الشاغل الأول للدولة على )٥( .101 ‎Phillips (Wendell), Omar - A History, Beyrouth, librairie du Liban, 1971, p.‏ (١) المغيري (سعيد بن علي) اللغبار ف تريغ تباب سلطنة عُمانء وزارة التراث القومي والثقافف الطبعة الثانيةء ١۱۹۸ء ص ۸۰. (۷) وتصف جريدة لر ديا م]) الفرنسية غنى زنجبار وقتذاك كما يلي: «إن السلطان نفسه يعمل على أن يضيف إليها (إلى زراعة القرنفل) السكر والقطن والبهارات وهذا التنوع في المنتجات مميز. إن بعضها من أصل إفريقي خالصء ولبعضها الآخر مثيله في الجزيرة العربية والهند. وتبدو «زراعاتء أخرى. مجلوبة من اللمستعمرات الأوروبية في أمريكا الجنوبية وحتى من جزر المحيط الهادي. تلك صورة أمينة لبلد يجمع وحده صفات عدة بلدان أخرىء فيه شيء من إفريقيا من حيث موقعه ومناخه وفي الوقت نفسه شيء من الشرق المسلم من حیث جواره والمسيطرون عليهء ومن الهند من حيث بعض نباتاته ومن أمريكا اللاتينية من حيث زراعاته الوليدةء؛ راجع: 149 ‎Journal des Débats, in: AfT. Etr. M.A. Afrique, vol.‏ ‎Journal des Débats, in: AfY. Etr. M.D. Afrique, vol. 149. (۸)‏ ۱۹۹ حساب عاصمتها الأسيوية مسقط. وكان هذا الاهتمام بالساحة الإفريقية يزيد على حساب عُمان التى أذ فى إهمالها تدريجياء وبدأت تفقد أهميتها السياسية والتجارية على حد سواء. ل أن مسقط بقیت» من منظور جغرافي - سياسي» مركز الاهتمامات الاستراتيجية البريطانية. وفضلاً عن ذلك فإن قدوم السلطان إلى المنطقة وإقامته في جزيرة زنجبار لم يتما بسلام. فقد كان عليه أن يواجه معارضة قوية من قادة منطقة ممباساء أسرة المزروعي» الذين رفضوا حكم البوسعيدي ورفضوا دفع الضرائب السنوية. فكان على السلطان أن يُجرّد الحملات عليهم. لم يكن خضوع ممباسا سوى أمر مؤقّت. فقد عارضت المدينة التي عادت إلى أسرة المزروعي مشاريع الإمام عام ١۱۸۳. ولم يستطع سعيد الأستيلاء عليها نهائيا وأسر حكامها وقتلهم إلا في حملته الرابعة التي امتدت من تشرين الثاني (توفمبر) ٦ حتی یلول (سبتمبر) ۱۸۳۹٩. وهكذا تيمت استعادة السيطرة على منطقة أصبحت اقتصادياء حيوية بالنسبة للدولة الممانية. ومنذ ذلك الحين أضيفت مهمة إعادة تحديد التوازنات الدبلوماسية الإقليمية إلى جدول الأعمال. وقد كثف السلطانء من موقعه الجديد في زنجبار علاقاته مع بريطانيا وفرنسا وكذلك مع الولايات المتحدة. بل إن بعض السفن المُمانية بدأت في رفع العلم © ولا سيّما منها سفن المناطق الشرقية من عُمان وصور وجعلان ولكن رفع العلم الفرنسي لم يلبث أن استحال أزمة فرنسية - إنكليزية عُرضت على محكمة لاهاي عام ١ ١۹٠. ۲ . العلاقات . الفرنسية . البريطانية شهدت بداية القرن التاسع عشر توطد السيطرة البريطانية على منطقة الخليج؛ وهو (J.L.), «Oman et l'Afrique Centrale au XIXe siêcle», in: La péninsule arabique (۹) d'aujourd'hui, sous la direction de Paul Bonnenfant, Paris, éd. CNRS, 1982, tome IH, p. 294. Ibid., p.301. .۲۱۹ ‏أنظر أيضاً: لاندن (ر. ج) كرات منذ ١۱۸۵ ترجمة محمد أمين عبداللّه بيروت» ص‎ ۱۹۲ الأمر الذي سبقت الإشارة إليه. ولم يكن هذا التطوّر غير ذي تأثير على الشق الإأفريقي من الدولة الغمانية. لذلك باشر السلطان؛ء الحريص على الاحتفاظ بهامش مناورة على الرغم من الوجود الإنتكليزي المربك؛ تقارباً مع فرنسا التي عادت إلى المحيط الهندي بعد أن استردّت جزيرة بوربون» التي عرفت باسم الريونيون» بموجب معاهدة باریس» (آذار ١ ١۱۸). وقد حدا هذا التطور بالسلطان إلى تنشيط التحالف التقليدي مع الممتلكات الفرنسية في المنطقة بقدر المستطاع. وفي الأول من نيسان (أبريل) ۱۸۲۲ وفي أیار (مایو ۱۸۲۹ وقعت سلطات جزيرة بوربون قرارين يُعيّنان بنود تفاهم تجاري مع الإمامة (السلطنة). ولكن فرنسا لم تحصل على حقٌ تعيين قنصل في مسقط إلا عام ۱۸۳۷› وحصلت على حي تعيين قنصل في زنجبار بموجب معاهدة التجارة والصداقة عام £ 4٤ بطبيعة الحال لم تنظر إتكلترا بعين الرضا إلى التقارب الفرنسي - المماني الذي قد يضع اتفاقية ۱۷۹۸ موضع مساعلةء ولأن هذا التعهّك كما يقول كيليء كفيل بجر إنكلترا على المدى الطويل إلى حرب مع فرنسا '). وعلى حد قول كاجار فإن السيّد سعيدء الذي كان ما يزال يخشى الطموح البريطاني ويفهم أن موقع مسقط لا يوقّر له ضمانات الاستقلال المرغوب به قرر الاعتماد أكثر فأكثر على ساحل إفريقيا'. وتنامى هذا الوضع عندما نقل السيّد سعيك في هذه السنة نفسها ٤١٤ بناء على نصيحة الممتلين الفرنسيين› عاصمته إلى زنجبار بحيث يصبح أكثر استقلالاً عن القوة الإنكليزية وأقرب من ممتلكات صدیقته Kajare (F.), op. cit., p.95. (۱۱) AfT. Etr. N.S. Mascate, vol. 37, pp. 162-167. (۱۲) (١۱) راجع کيلي (ج. ب)) بيطانيا رالضْليي؛ مرجع سابق؛ الجزء الأول ص ١۱۱. )٤۱( ‎Kajare (F.), op. cit., p.93.‏ ٥( ‎Ibid., p.97.‏ ۱۹۳ وفي سعيه وراء توازنات جديدة تلف السيطرة الإتكليزيةء التفت السلطاتء كذلك» نحو الدبلوماسية الأمريكية. فوقع عام ۱۸۳۳ أول اتفاقية مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية. وكانت تلك» بالنسية لهذه ثاني اتفاقية تعقد مع بلد عربي» (وقعت الاتفاقية الأولى مع المملكة المغربية). وصرح المبعوث الأمريكي روبرتس (6اrءتاRo)‏ بهذه المناسبة بأنه سعيد لرؤية الولايات المتحدة مرتبطة بصداقة مع أسطولٍ أكبر من أسطول الولايات المتحدة. وبالفعل لم يكن هذا الأسطول يضح ۹١۱ أقل من خمس وسبعين سفينة . في عام ۱۸۳۹» أيدت فرنسا رغبتها في تنمية علاقاتها بُمان وفي إرسال مبعوث رسمي إليها لكي يعقد معاهدة مماثلة لتلك التي وقعها السلطان مع الولايات المتحدة عام ۳۳. وعلى الرغم من العلاقات المتوترة بين عُمان والإنكليز وجد السلطان من الأنسب استشارتهم. فوججه كتابين إلى حكومة الهند البريطانية يسألها رأيها من النوايا الفرنسية وما ينبغي اعتماده من سياسة حيال فرنسا. وقد أوصى الر بطبيعة الحالء بعدم توقيع أي اتفاق مع هذه الأخيرة. ولم تنس حكومة الهندء تذ كير السلطان يبنود اتفاقية ۱۷۹۸ وتشير نسخة من التعليمات التي سلّمها السيد دو هييل (اعi‏ ¢)› حاكم بوربون» ستيفنسون (رتشارد)» «لمحة حول بدايات العلاقة التجارية القنصلية الأمريكية مع سلطنة عُمان (۲۳ - ١4)۸ (مجلة) دراسات الضليع رشبه العهزيرة المريية جامعة الكويت؛» العدد ١١ء السنة الثانيةء تموز (يوليوع ص ١۲٠ - ١۱۲. في ى محاولة لتنمية العلاقات العمانية - الأمريكيةء» أرسل السلطانٌ أحمد بن علي بن نعمان مبعوثاً إلى الولايات المتحدة عام ١٤۸٠ على متن سفينته سلطانة «وكانت تلك أول رحلة رسمية لمبعوث عربي وأول سفينة .عربية ترسو في ميناء نيويورك. وأثار وصولها ضجة في الصحافة الأمر يكية إلى درجة تراجعت معها أخبار الانتخابات. الأمري يكية إلى المرتبة الثانية» (صادف وصول هذه السفينة مع انتهاء ولاية الرئيس مارتن فان بورن)» راجع: إيبتس؛ سلطانة ف نيريرركك» سلطنة عُمان؛ وزارة التراث القومي والثقافةء أرشيفات العرب» القاهرة ١۹۸ ۱. (۱۷) راجع: القاسمي (سلطان بن تقسيي اللمبراطررية المإنية: ١١۱۸ - ١۱۸۱ء مرجع سابق› ص ٩٤ ۱۹ إلى الكابتن باج رءع) تائد لافاقو ريت ‎›)La Favorite)‏ بتاريخ ٢ اب (أغسطس) ١ إلى أن فرنسا أرسلت مبعوثهاء الكايتن غيان (صندااننG)›‏ لزيارة السلطان للبحث في موضوع إقامة السيّد نويل بصفة وكيل قنصلي لمرنسا في زنجبار وإقامة السيّد بن خلفان» بالصفة نفسهاء في مسقط. ويضيف السيد دو هييل: «منذ مرور السيد غيان بمسقطء. أوشك ظرف جديد أن يفقدنا المزيد من استعدادات الإمام الطيبة. فلقد وجه إِليّ اعتراضاً على احتلال فرنسا لجزيرة نسييه ‎)10058s:-Bًé(‏ ولا كان لا أساس لهذا الاعتراض فلقد بادرت إلى رفقضهء”. وشرح السيّد دو هيل أنه إذا أتى في محادثات مقبلةء على ذكر موضوع جزيرة نسیبه و قضية مایوت (٤٤May)‏ فيجب أن تكون سياسة فرنسا واضحة وحازمة. إذ قال: «لا أعترف لأية قوة بحقوق فى مدغشقر ‎)Mdagascar)‏ ‏وتوابعهاء من طبيعتها أن تتقدم على مصالح فرنسا وحقوقها. أما فيما يتعلق بالجزرء فإني أعتبرها بلدانا مستقلة. وأعتبر أن لكل منها أن تسعى إلى ما يتيح لها تامين رفاه سكانها على افضل وجه ممكن.”. وبالفعل› وخلاف كل توفع لم يذ كر موضوع الجزر قط وما إن اطمأن السلطان إلى موقف فرنسا من استقلال مسقط وزنجبار وسيادتها حتی تغير موقفه جذرياً. وفي عام ٤٤ ۱۸› وفعت معاهدة فرنسية - عُمانية تمت المصادقة عليها في ٤ شباط (فبراير) ١٤ ۱۸. وكانت المادّة الخامسة من هذا الاتفاق تعترف اعترافاً قاطعاً بالحق المتبادل للطرفين المتعاقدين بتعيين قناصل ووكلاء قنصليين في بلديهما. ووفقاً لهذه المعاهدة أقامت فرنسا وكلاءِ في مسقط كما في ۱ Aff. Etr. M.D. Afrique, vol. 149, p.6. (۱۸) Afr. Etr. M.D. Afrique, vol. 149, p.6, 7. (۱۹) Aff. Etr. N.S. Mascate, Vol. 37, p.167. Al-Wasmi (K.), op. cit., p.230. ‏(٠۲) انظر نص المعاهدة في:‎ ٥۱۹ متّلت هذه المعاهدة بالتأ كيد مكسباً كبيراً للبلادين حتى ولو جرى توقيعها متأخراً جداً. وساهمت» على كل حال» في تسعير المنافسة بين فرنسا وبريطانيا في هذه المنطقة. وقد نوقش بعض هذه الموا لاحقاً في عهد السلطان فيصل بن تركي )۱۸۸۸ - ۱۹۱۳( وفي باريس لحُصت جريدة لر دييا مضمون النص كما يلي: تصوّر المعاهدة مع السلطان بروح ليبرالية تشرّف ذکاء المستقبل أن يدخلوا بحرية كاملة إلى بلادهء وأن يقيموا فيها ويتجوّلواء وسوف يتمتّعون بكلٌ الحصانات المعطاة أو التي قد «وقد أعطى السلطانء فوق ذلك أوامر من أجل أن تقبل في المستقيل قطعة الخمسة فرنکات. التي كانت ت قيمتها. سراق بقيمتها الحقيقية”. وقد زادت هذه التطوّرات الهامة ذات الدلالة في تاریخ غُمان السياسي؛› من الخلافات العُمانية - البريطانية› وكذلك من الخلافات الفرنسية - البريطانية. وفي عام ٤ أرسلت فرنسا الكابتن فريستال إلى السلطان سعيد ليحصل على موافقة لشراء جزر كوريا موريا إلا أن السلطانء تحت ضغط إنكلتراء اضطر أن يرفض الطلب ويقدم هذه الجزر هديّة للملكة يكتوريا عام ‎Le Journal des Débats, in: Aff. Etr. M.D. Afrique, vol. 149. (۲۱)‏ (٢۲) مايلز (س. ب) الضليع بلدائه مرجع سابق» ص جزر كوريا مورياء الواقعة في بحر العرب» على بضعة كيلومترات من الحدود - اليمنيةء لها «تاريخ» ملفت للانتباه. فخلال حكم سعيد بن سلطان (١٠۱۸ - ١١۱۸)) وفي أوج الصراع البريطاني - الفرنسي» عبرت فرنسا عن رغبتها في استعجارها إلا أنه وبترتيبات من عمل البريطانيين» قدّمت هذه الجزر هدية للملكة فكتوريا. ولاحقاء في ‏٦۱۹۹ ‎ وفى الوقت نفسه؛ وحيال الازدهار الاقتصادي الذي عاشته إفريقيا الشرقية منذ ۸ وحتی عام ۱۸۷۰› أي إلى ما بعد رحيل السيّد سعيد)› تراجع دور غمان كقوة بحرية تراجعاً ملموساً إلى درجة أن «المتروبول» لم يعت بعد ذلك الحين» قادرا على الدفاع عن سيادته الوطنية. ويُسجل كيلي أن عدد القطع البحرية العُمانية هبط عام ١١۸٠ إلى خمس قطع؛ بل وإنها لم تكن كلها صالحة للإبحار. أيضاً أنه لم يعد لدى السلطات ضباط بحرية أو بخارة("". وهكذا لم يعد للسلطنة بعد تجريدها من مسقط على أيدي البريطانيين» حضور فعلي إلا في شفّها الإفريقي. والحق أن قادتها قد أخذوا هذا الاعتبار في الحسبان ويشهد على ذلك نقل العاصمة إلى زنجبار. ولكن إلى كم من الوقت كان في استطاعة ملاذ الازدهار في إفريقيا الشرقية أن يصمد وأن ييبقى في مأمن من الطموحات الاستعمارية الإنكليزية؟ ٢ . مشكله تجارة الرفسق على الرغم من مناداة الإسلام بتحرير العبيد وتشجيعه على ذلك فإن تجارة الرقيق ظلّت قائمة فى هذه المناطق الإسلاميةء بل وكانت تشكل مصدر دخل هاماً للساحل السواحلي. وذ تمثل هذه التجارة صفحة قاتمة في تاريخ هذه المنطقة فإن المطالبة البريطانية بوضع لها كانت محمولة على أهداف سياسية واستراتيجية بالدرجة الأولى. ومن أجل ذلك يجب النظر إلى سياسة بريطانيا الهادفة إلى إلغاء الرقّء بكثير من التمن. من جانب آخر فقد ساهمت و«الجمعية الفرنسية لأصدقاء السود منذ القرن عهد سعيد بن تيمور» (۱۹۳۲ - ١۱۹۷)› عندما رأت بريطانيا بأن لا أهمية استراتيجية لهذه الجزر» أعادتها إليه دون أن يطلب ذلك. ولكن بالمقابل استأجرت منه بريطانيا جزيرة جوادر. وتفيد التقارير البريطائية الصادرة عن ‎Record Office‏ عناPu‏ أن إعادة جزر كوريا موريا كان كفيلاً بتغطية قرار السلطان المتعلّق بجوادر وبإظهاره على حذٌ قولهاء كشخصية وطنية. (٢۲) کيلي (ج. ب)؛ بيطائيا رالضليع؛ مرجع سابق؛ الجزء الثاني ص ٢ ۳۳. ۱۹۷ الثامن عشرء في لفت اهتمام الرأي العام تدريجياً إلى هذه القضيّة وفي تجييشه ضدها. ويعود فضل تبي هذه القضية إلى بعض المفكرين الأوروبيين› من رجال الدين وحتى من السياسيين. ولكن القادة البريطانيين وجدوا في هذه القضية الإنسانية والنبيلة غطاء شرعياً وأخلاقياً طالما حلموا به بعد حربهم على «القرصنة» المزعومة لاستكمال تطبيق استراتيجيتهم الاستعمارية. ألم يكن من قبيل المفارقة فعلاء أن نرى بريطانيا التي قضت أكثر من قرنين في تد لات واعتداءات استعمارية ضدّ شعوب المنطقة مدمُّرةٌ اقتصادها وحضارتهاء ترفع راية الدفاع عن حقوق الإنسان؟ لقد دخل منع تجارة الرقيق حيز التنفيذ بموجب الاتفاقيتين الموقعتين مع إنكلتراء عام ١۱۸۲ أولا ثم بعد نهاية ثورة جعلان عام وقد وضعت إجراءات قانونية وعسكرية ضربت النهوض التجاري العربي ضربة مؤثرة. كما لجأت السفن البريطانية إلى أعمال بوليسية بالمعنى الحرفي» وحجزت مراكب عربية مفتّشة إياها ومصادرة حمولاتها عندما كانت تكتشف أنها تحمل عبيداً. والواقع أن إجراءات المصادرة لم تقتصر على القطع التي تحمل عبيداً بل أصابت أيضاً بعض السفن التجاريةء وهو ما أثار احتجاجات وشكاوى إلى حكومة الهند البريطانية التي أنكرت دائماً مسؤوليتها عن الأحداث. وهكذا فقدت المراكب التجارية العريية حرية الملاحة وسلامتها. وانتهى استياء المُمانيين بممارسة ضغط على السلطان الذي اجتهدء من جانبهء في إيجاد مخرج للأزمة من خلال تنمية علاقاته بفرنسا على الرغم من تردّد أُوَلي قويّ. ومن هنا كان عقد اتفاقية الصداقة العُمانية - الفرنسية عام ١٤١٤۱۸ والتي أثارت بریطانيا حولها ضجّة حقيقیة(*"٩. لاستعادة السيطرة ة على الموقف؛› عملت بریطانیا على توقيع اتفاقية ثالغة لمنع تجارة الرقيق› إنماء هذه المرق في منطقة زنجبار نواة السيادة الاقتصادية والسياسية (٤۲) راجع الفصل الخامس القسم الثالث. (٢۲) راجع نص المعاهدة في: .230 ‎Al-Wasmi (K.), op. cit., p.‏ ۱۹۸ المُمانية الصلبة. ولا جدوى لبيان أن قضية الرق لم تكن في هذه المناسبةء سوى ذريعة حل في منطقةٍ عاصية على النفوذ البريطاني. لقد كانت تجارة الرقيق مصدر دخل هام للسلطان. وكانت الموافقة على معاهدة من هذا تعني› مع الزمن؛ قطع مصادر دخله. ومن أجل ذلك وضع مسبقاً أربعة شروط: ١) ضم البحرين إلى ممتلكاته» شريطة أن تلتزم بريطانيا ضمان حكم السيّد سعيد ۲) عدم تدحل بريطانيا في عمليات نقل العبيد من داخل إفريقيا إلى زنجبار. ۳) عدم مسؤولية السيّد سعيد عن خرق اتفاقات منع تصدير العبيد إذا جرى ذلك بدون علمه. وقد أضيفت نقطة أخرى» اعتبرت» وفق «شرطاء رابعاً من الشروط التي تدم بها السيد سعيد ومفادها على ما يورده: «نأمل ونرجو من الحكومة البريطانية بأن تنظر بعين الرضا إلى نجليناء السيّد خالد والسيّد ثوينيء” . هناك نقطتان رئيسيتان في هذه الشروط. الشرط الأول: قضية ضم البحرين إلى تُمان. فهذه المنطقةء التي هي موضع طموح قديم للسلطان؛» لم تكن؛ بعك موقعاً استراتيجياً لبريطانيا. ومن هنا توفع أنها لن تعارض» مبدئياء تسليمها للسلطان. ولكن السياق كان دقيقا: فتسليم البحرين إلى السيّد سعيد كان يعاكس› فعلاء مصالح الفرس والومابيين معا؛ الفرس بحكم أطماعهم الإقليمية في البحرين؛ والوهابيين بسبب خلافهم العقائدي والتاريخي مع عُمانء ناهيك عن تحالفهم مع قبائل العتوب التي تحكم البحرين. وبريطانيا لم تكن تريد أن تسيء إلى علاقاتها بأصدقائها الفرس ولا بحلفائها المحتملين؛ القوة الإقليمية الكبيرة القادمة. وكان «الشرطء الرابع هو أهم بند طرحه السلطان حيث تمنى فيه «أن تنظر ٢۲( أنظر کيلي (ج. ب)) بيطانيا مرجع سابق› الجزء الثاني» ص ٢۲۲. ۱۹۹ بريطانيا بعين الرّضا إلى ولديه السيّد خالد والسيّد ثويني». ولم تكن بريطانيا تستطيع أن تأمل بما هو أكثر من ذلك. وفعلاً فرت هذا «الشرط» كطلب من السلطان لأن تضمن الحكومة البريطانية الخلافة في الحكم لولديه أحدهما في مسقط والثاني في زنجبار. وبعبارة أخرى» كان ذلك مدخلا لتقسيم السلطنةء وللفصل بين مسقط وزنجبار أي مدخلا لنهاية الدولة العربية - الإفريقية. كان هذا «الشرط»» من وجهة النظر البريطانيةء يمتّل «وصية» السلطان السياسيةء وهي وصية كانت تخدم مصالحها بصورة مدهشة ولذلك حرصت؛ على تنفيذ‌ها. ومن هنا جاء الإهمال النسبي الذي مرت به على الشروط الأخرى التي طرحها سعيد. إلا أُنّها لم تلبث أن أجبرته على توقيع الاتفاقء مهملة كل الشروط التي تَقَدّم بها. ويروي كاجار بهذا الصدد أن إنكلترا توصّلت؛» غداة المعاهدة بين فرنسا وسلطان مسقطء إلى عقد أتفاق مع هذا الأخير بتاریخ ٢۲ تشرین ن الأول (أکتوبر) ١۱۸ نص على التالي: ١) يتعهّد سلطان مسقط بمنع تصدير العبيد إلى خارج ممتلکاته لإفريقية تحت طائلة أقسى العقوبات. ۲) يتعهّد. كذلكء بمنع استيراد عبيد من أصل إفريقي إلى مملكته في آسيا وباستعمال نفوذهء لدی کل رؤساء الجزيرة العربية للهدف نفسه. ٢) تُمنح سفن صاحبة الجلالة البريطانية الحربية وسفن حكومة الهند الحقٌ في تفتيش نتيش كل السفن التي تمارس تجارة العبيدء سواء كانت ملك سمو السّلطان أم ملك رعاياهء باستثناء تلك التي تنقل عبیداً بین مختلف ممتلکاته الإنذريقيةء أي بين خط العرض 7٠, ۱ وخط العرض ۲,٩ جنوباً. بما في ذلك زنجبار وبمباء إلخ... ٤) يدخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ في أول كانون الثاني (ینایر) ١٤۱۸. عقد في زنجبار. في ۳ تشرين الأول (أکتوبر) ١١٤ ۸١”". Kajare, (F.), op. cit., pp. 108-109. (۲۷) Yee أثار محتوى هذا الاتفاق» كما هي تساؤلاً لم يتوانَ الموْرّخ البريطاني الرسمي کیلي عن طرحه: كيف استطاع السلطان سعید قبول محتوی اتفاق ١٣٤ ۱۸؟ اسباب ذلك تبقى غامضة ومجهولة”"٩. والحقيقة أن هذه الأسباب لم تكن على هذا القدر من الالتباس» خاصّة بالنسبة لمؤرخ مثل كيلي» لأن الرة البريطاني على السلطان بمثابة رة فعل على تقارب عُمان مع فرنسا في إطار اتفاقية ٤٤ وعلى كل حال فإن هذا الاتفاق الذي كانت تأمل إنكلترا منه موازنة معاهدة ۷٠ تشرين الثاني (نوفمبر) ١٤٤۱۸ الفرنسيةء ببسط سيطرتها على كل سفن السلطان لم ينت إلى النتائج التي كانت تتوقعها منه بسبب موقف فرنسا(". وهکذا أصبح دور فرنسا حيال الممانيين متزايد الحيوية بالنسبة لحماية عُمان وزنجبار. القسم الثاني من انفصال زنجبار إلى إعلان ١١۱۸ الفرنسي . الإنكديزي لدى وفاة السيّد سعيد فى ۳۰ تشرين الأول (أكتوبر) ١١۸٠› خلال سفره من مسقط إلى زنجباںر أعلن ثويني» ثالث أبناء السلطان الوريث الوحيد للسلطة في عُمان وبتلك الصفة عاهل كل توابعها. ذلك أن وحدة الأمبراطورية بقيت سليمة إذ قشم والده الإدارة فقطء وليس السيادة التي افترض أن تبقىء كما في الماضيء خاصّة بسلطان المتروبول الأسيوي” ”°. كانت الظروف تعمل ضدًّ مبداً الوحدة هذا. فقد أعلن ماجد نفسه بعد وفاة أبيه مباشرة بدعم من بعض الوجهاى سلطاناً على زنجبار. وهو ما کان يعني بديهياء انفصال القسم الإفريقي من عُمان. رفض ثويني من جانبه قبول قرار (٢۲) کيلي (ج. بيطاتيا رالضليع؛ مرجع سابق؛ الجزء الثاني ص ۳۳۳. ‎Kajare, (F.), op. ci!., p. 109. (۲۹)‏ (۳۰( کان البکر خالد قد قبل والدهم عام ٤٥١۱۸« في حين أستبعد الثانيء هلال› من جانب ‎Kajare (F.), op. cit., p.112. (۳۱)‏ ‎ ‎ ماجد وأرسل إلى زنجبار مبعوثهء محمد بن سالم الذي نجح في التوصل إلى اتفاق ودي بين الأخوين. فقد وافق ماجد على دفع إتاوة لثويني تبلغ قيمتها ٠ ألف كورون؛» أي قيمة ما كان يقتطعه أبوه من دخل زنجبار لميزانية إلا أن هذا الحلٌ لم يكن يحسم شيئاً فيما يتعلّق بوضع زنجبار السيادي. فقد رأى ثويني في الجزية المدفوعة علامة تبعية زنجبار ماجداً لم يکن یری ذلك. وبعد سنة انقطع عن دفع مساهمته ملغيا بذلك الاتفاق. ولم يستطع ثويني الذي كان يواجه أزمات داخلية وإقليمية أن يرد إلا بعد سنة من قرار أخيه. فجمع إذ ذاكء حوالى خمسة عشر ألف رجل وأپحر نحو زنجبار. ولکنه على مسافة بضعة أميال من مسقط من قبل الأسطول الإنكليزي الذي أعاد سفن السيّد ثويني إلى الميناء بموجب السيادة المطلقة التي ارعاها لنفسه دائماً في هذه البحار”. ودخلت قضية زنجبار طورها الحاسم. وبضغط الظروف الجديدةء قبل السلطان ثويني وساطة الملك وتحكيمه ولكنه عبر عن حقّه في الحفّظء وهو ما رفضته بريطانيا بدورها رفضاً قاطعاً. بل ونجحت نهاية الأمر في الحصول على وثيقة أولية تعهّد ثويني بموجبها بقبول قرار التحكيم دون أي شرط مسبق. وفي کتاب مۇرخ في ۳۱ الول (سبتمبر) ۹٥۱۸ء أقر ثويني بما يلي: «أنا الموقع أدناهء السيّد ثوينيء أصرّح بأني وقد رجتني حكومة الهند العليا أن لا اقوم باي بعمل ضدَ زنجبار. أمتنع عن ذلك نزولا عند رغبتها وكما أحكُم في كل خلافاتي مع اخي ماجد الحكومة البريطانية بوساطة الكولونيل روسل العطوف. والآنء ومهما كان القرار المحتوم لسعادة الحاكم العام في تحكيمه بيني (۳۲) راجع أيضا القاسمي (سلطان بن محمد)› تقسير الم راطررية المرإئيةٌ: ١۱۸۵ - ١۱۸۱ء مرجع سابق› ص ولوریمر (ج. ج) مع سابق» الجزء الثاني ص ٢۲٦ - Aff. Etr. N.S. Mascate, vol. 1, p. 53. ‏كذلك:‎ ‎Aff. Etr. N.S. Mascate, vol. 1, p. 53. (۳۳) وبين أخي ماجد ومهما جرى. فإني أتعهّد بالخضوع له. وانا مصمّم على الخضوع لقراره مهما يكن هذا القرار” بعبارة أخرى» وفع ثويني» دون حذر» نوعاً من شيك على بياض حول مصیر عُمان ومصيره. وطلب السيّد ماجد بدوره غير آبه إلا بمصالحه الشخصيةء طلب إلى إنكلترا أُن تکون «محاميه)» ضدً أخيه وضدٌ غُمان. وقد لزم نفسه كما يلي: «... لقد عهدت بحل الخلاف وتهدئة الشقاق المذكور إلى سيادة الحاكم نائثب صاحب الجلالة السامية في حكومة الهند. ومهما يكن قرار الحاكم المذكورء فإني أقبله وأوافق على كل حال ما سيحكم به فيما يتعلق بي كان الخكم في تلك المناسبةء قاضياً وطرفاً. فينفس روح اتفاقية تقسيم عُمان الموقعة في بركا عام ۱۷۹۳ بين الاخوة الثلاثةء سعيد وسلطان وقيس» كانت بريطانيا تعمل على تفكيك» بل على تفسيخ؛ الدولة وكان انقفصال القسم الإفريقي من عُمان يدخل في هذا المسار الاستراتيجي بوصفه المرحلة المقبلة الأكثر منطقية. وما تبقّى هو أن تعطى هذه الخطوة شكلاً شرعياً لإنقاذ المظاهر أله على الصعيد الدولي› أمام المنافس الاستعماري الفرنسي. وهكذا أخرجت بريطانيا رسالة السيد سعيد الموجهة إليها خلال المفاوضات على معاهدة تشرين الأول (أكتوير) ٥ والذي يقول فيها: «نحن نأمل ونرجو من بريطانيا رعاية ولدينا السيّد خالد والسيّد ثويني» وتظاهرت بأنها تعتبر هذا الكتاب «وصية» السلطان. ولكن هذا الكتاب» ولو اعتبر كذلك؛» لم يكن يشير مطلقاً إلى أن السلطان يتمتّى تقسيم الدولة الُمانيةء بعد وفات بين الأخوين! والحقيقة أنه لم يكن في هذه «الوصية» شيء يمكن أن يسمح لبريطانيا بالتصرف» شرعياً وقانونيا بأمبراطورية السيّد سعيد. ولكنه لم يكن على بريطانيا في Al-Wasmi (K..), op. cit., p. 238. ‏)٤۳(‎ ‎Ibidem. ‏(٥۳(‎ أنظر القسم المتعلق بالتقسيم؛ الفصل الرابم القسم ١. انگ هذه المرحلة من توسعها الاستعماري» أن تبرّر أعمالها وقراراتها قط. وقد فرت الكتاب المذ كور كهوصية» وفق مقتضيات مصالحها السياسية والاستراتيجيةء وكلفت الجنرال كوغلان (صواتطجo)‏ السهر على تنفيذ هذه «الوصية»»› أي تنفيذ هذه الخطة المقررة مسبقاً. ١ . «التحكيم,: تقرير الجنرال كوغلان ونتانجه كما كان متوقعاء الح التقرير الذي أرسلته اللجنة المنتدبة من حكومة الهند التي تولى رئاستها الجنرال كوغلان على ضرورة التقسيم مستندة إلى النقاط التالية: أولاً المحافظة على الأمن. فقد ذكر التقرير أن سعيداً رغم الهيبة التي يتمتع بهاء لا يستطع تجنيب السلطنة القلاقل والثورات الداخلية. فكان كلما ذهب إلى زنجبار اشتعلت ثورة في عُمان» وإذا انتقل لإخمادها تعرضت إفريقيا للاضطرابات. ثانياء إن المستعمرات العربية في إفريقيا - في بداية عهد سعيد ‏ كانت مجرد «دحضانات» لتربية الرقيق. أما الآن فقد أصبحت مدناً كبيرة تفوق في أهميتها عُمان ثالڭاًء تسهيل مكافحة الرقيق. رابعاًء الاعتراف الدولي الذي حصل عليه ماجد من الدول الكبرى بما في ذلك فرنسا. خامساء مصلحة بريطانياء وهو الأهم في ألا تقوم دولة محلية كبيرة في المحيط الهندي. وأضاف التقرير أن سياسة التقسيم من شأنها أن تجعل كلا من القسمين محتاجاً إلى بريطانياء القسم الأسيوي الذي سيتلقى الإعانة المالية بضمان من بريطانيا» والقسم الإفريقي الذي سيصبح مديناً لها (۳۷) قاسم (جمال زکریا)» دراس ف تاريغ الإمارات - ١۱۹۱)› الكويت» دار الدراسات العلميةء ١٤۱۹۷› ص ٦۸. ولقد وعدت الحكومة البريطانيةء في الوقت نفسه بحل «منصف» للخلاف بين الأخوين اللذين التزماء على هذا النحوء بقبول تحكيم نائب ملك الهند. وقرر اللورد کانتغ ‎(Canning)‏ أن يدفعٌ سلاطينُ زنجبار لسلاطين مسقط مبلغ .٠٤ أل یکو سنويا”"» (حوالى ۸۰ ألف روبية هندية) دون أن يتضممن ذلك أية فكرة ارتباط أو كذلك وقد أشار نص التحكيم بوضوح» إلى أن الدفعات السنوية لا تتضمن أبداً ارتباط زنجبار بمسقط بل تتضمن؛ بالأحرى» التخلي والتنازل الكلّي عن المطالبة الحمانية. وكان يضمن أيضاً عدم تدخل عُمان في شؤون زنجباي وهكذا أصبح الطرفان» نتيجة لهذا التحكيم منفصلين سياسياً بعضهما عن بعض. ومنذ ذلك الحين» منحت بريطانيا لقب السلطان للأخوين: السلطان ثويني والسلطان ماجد. ومن البديهي أن هذا الارتهان المفروض من جانب السياسة الجائرة لدولة أجنبية على مستقبل وطن الأخوين اللذين رقيا إلى مرتبة رئيسَي دولة مقابل تفكيك أمبراطوريتهما لم يتم دون أن يترك آثارا عظيمة. وقد جرت مساجلة طويلة بين ممثلي الطرفين المعتيين حول الأسس الشرعية والحقوقيةء وحتى الدينيةء لهذا التقسيم. أي حول معرفة ما إذا كان من حقٌ السلطان من وجهة نظر الشريعةء أن يقسىم «الامبراطورية المُمانية». ولكن المسألة الأساسية كانت تقع في كون التقسيم لم يخضع لوصية السلطان بل بالاحرى› لمقتضيات الاستراتيجية البريطانية وحدها. يقول كاجار: «لم يكن التحكيم؛ كالعادةء طوعياء بل على الطرفين. وبريطانيا هي التي لمصلحتها الخاصةء بين المطالبين بخلافة السيّد سعيدء وفرضت الالتزام بقبول وساطتها والالتزام بالخضوع لنتائج هذه الوساطة ”. Af. Etr. N.S. Mascate, vol. 1, p. 53 et S4. (۳۸) Kajare (F.), op. cit., p. 115. (۳۹) كان نجاح السياسة الاستعمارية الإنجليزيّة عظيماً. وقد اعتبر حاكم بمبي التقسيم مساوياً من حيث الأهمية لاستعمار الهند( وواقع الحال أنه لم يكن هناك على حدّ قول بيلي المقيم البريطاني في الخليج - الذي يورده لاندن - ما يعادل هذا الانفصال أهمية سوى إدخال الطرق البحرية الحديثة في المنطقة( أا المؤرخ الأمريكي لاندن» فيصف» بصورة مستغربة جداً هذا القرار بأنه مع إضافته أن هذا «الحل» الذي فرضته حكومة الهند كان أسواً من المشكلة ذاتها. لقد جرا هذا التقسيم دولة موحدة عرفت بوصفها «الدولة البحرية الأولى» وفكك اقتصادها ووحدتها السياسية والاجتماعية كما أسهم في إضعاف النشاط التجاري البحري. وإذا كانت اتفاقية بوكا لعام ۱۷۹۳ قد قسمت عُمان ووضعت حذاً لإمامتها الموححدة فإن هذه الاتفاقية الأخيرة أزاحتهاء نهائياء عن المسرح السياسي” مدّمرة موقع السلطنة القوي والنافذ. وهكذا ارتدّت الدولة المُمانيةء وقد خنقتها الوصاية الاستعمارية بسبب وضعها الملتبس» دولة مُستَعْمَرَةً بصفة غير رسمية. وكي نختتم حديثنا عن طبيعة هذا التحكيم الذي ناء بثقله جداً على مصير الأمبر اطورية المُمانيقه لا بأس من إيراد التعليق المتذمر الذي ختم به كاجار تحليله: .. إن ما جرى - على الرغم من اسم التحكيم الذي أطلق عليه لم يكن تحكيماً حقيقياً ولا حتى وساطةء بل کان تدخُلاً وهو تدخل غریب جداء لأنه لم يعتمد على القسوة والتعسّف بل على القانون ظاهراً على (٠٤) أنظر: القاسمي (سلطان بن تقسير اللمبراطررية المرإتي: ١١۱۸ - ١1۸۱ء سبق ص ۸. لاندن (ر. ج) سمع ساق؛ ص ۱١۱۰۱. (٤٤) راجع الفصل الرابع من الباب الأول. ‎Kajare (F.), op. cit., p. 116. 39‏ والحق أن هذا التدخل لم يخدع أحداً في ذلك العصر وخاصة الدبلوماسية الفرنسية فهذا التحكيم المزعوم لم يكن سوى ضربة مديرةء تستدعي عليها ۲ . إعلان ١۱۸۱ الفرنسي ۾ الإنكظيزي أثار الاحتجاج الفرنسي على التحكيم البريطاني أزمة دبلوماسية جديدة اقترحت بريطانيا تهدئتها بالعمل على أن تتعهّد الدولتان المتنافستان تعهّدا قاطعا باحترام استقلال زنجبار. ولكن فرنسا التي ظهرت ضعيفةء إبان قضية التحكيم رادت المضئ أبعد من ذلك وطالبت بأن يشمل التعهّد أيضاً سلطنة مسقط. وهكذا نص «الاتفاق الثنائي» الموقّع في ١٠ آذار (مارس) ١١۱۸ على أن الحكومتين الفرنسية والإنكليزية تتعهّدان باحترام استقلال سلطنتي مسقط وزنجبار. وقد ورد في النص أنه: «نظراً لأهمّية المحافظة على استقلال سمو سلطان مسقط وسمۇ سلطان زنجبارء وجدت فرنسا وبريطانيا من المناسب التعهد. بصورة متبادلة. باحترام استقلال هذين العاهلين.” **. كان إعلان والاتفاق الثنائي» - الذي يبدو مجرد إعلان سياسي - حاسماً في مجرى التاريخ السياسي العُماني. إذ كان من شأن هذا الإعلان أن يمنع بريطانيا من إعلان الحماية الرسمية على عُمان» أي من إعلان استعمارها الرسمي. وهو ما يعلق عليه لوريمر بالقول: «وكان ذلك البيان الذي لم يثر اهتمام أحد أو ملاحظته وقت توقيعهء حيث لم تعرف حكومة الهند عنه شيثا حتى عام ١۱۸۷ء قيداً غير ملائم لحركة الموقعين عليه والواقم أن الأمر لم بسكل بالنسبة لفرنساء أي تضييق بل كان بالأحرى مكسباً لسياستها الخارجية. أمًا إنكلترا فقد شعرت بهذه الاتفاقية كقيدء ولذلك لم تلبث أن خرقتها بإصرار» مراراً متكررة» وبقيت على المدى الطويل المستفيدة الرئيسية من تطور اللعبة السياسية سواء في منطقة الخليج أم في المحيط الهندي وشرق إفريقيا. )٤٤( ‎Rapport du Comité spécial de l'Oman, op. cit., p.27.‏ (٥٤) لوريمر (ج. دليل الضليي؛ مرجع سابق» الجزء الأول ص ۳۸۹. V۷ وهكذا نرى أن عهد الذروة الاستعمارية في القرن التاسع عشر كان السابقة الثالثة التي يسجلها التاريخ لسيطرة كاملة على طرق الخليج البحرية. فقبل بريطانيا لم يكن قد توصل إلى ذلك إلا العباسيون والبرتغاليون؛› (القرنان السادس عشر والسابع عشس ۲ وقد عرفت بريطانياء التي لم تكتفٍ بالهيمنة على مياه الخليج ودولهء كيف تمد مصالحها حتى الواجهة الشرقية لإفريقيا ملاحقة ازدهاراً عُمانياً كان يمكن لإشعاعه أن يقلق مصالحهاء وضمنت بعملها على تقسيم الدولة العُمانية - الإفريقية تقسيماً نهائيا ألا تقوم من بعد ذلك لدولة عمان الكبرى قائمة. (٤٦٤) کيلي (ج. ب) بيطانيا مرجع سايق» الجزء الأول» ص ۷. الفصل السابع ثورة المام عزان ين قيس السوسعيدي )۱۸۱۹ء ۱۸۷۱) «قبل مهاجمة جسم الشعوب, تهاجم نفوسها». جيرار لو كليرك؛ الت ري رل ريا غمان بهد انفصال زنجبار في حين كانت بريطانيا تسهر على تثبيت وجودها وتقويته في المنطقةء کان تاريخ عُمان يجتاز هرّات وانشقاقات لم يكن لأحد وقتذاك؛ أن يراوده خاطر بأنها ستترك مكانها لنهوض لا سابق له. فقد كان المثل الإباضي الأعلىء رغم فداحة الركود الاقتصادي والإفلاس السياسي» أكثر حيوية منه في أي وقت مضى. بحيث إنه ليس من قبيل المبالغة أن يقال إن عُمان حافظت خلال کل ما عرفته من محن على قوامها كأَمة بفضل البديل الذي يعبر عنه النموذج الإباضي. فعندما شرعت جماعة صغيرة من الشخصيات المحترمة والمصممة في بعث هذا النموذج» عرفت الإمامة الإباضية نجاحاً ساطعاً فاجأت سعته كل المراقبين ابتداء بالبريطانيين أنفسهم. وقد تراجعت كل الآفات القديمة التي كانت .تنخر عُمان منذ عقوت ثُم انطوت أمام السلطة المستعادة لإمام محترم من الجميع: الصراعات القبليةء روح العصبية والعشائريةء التسلّل الخارجي» وكلها آفات حمل إليها الإطار الإباضي المستعاد معالجة سريعة وأكيدة. هذه الإعادة للنظام والانطلاقة الاقتصادية التي تلتها لفتت النظر وأخذ البريطانيون يكتشفون؛ أو يلمحون بالأحرىء مصادر حضارة كانوا قد رفضوا دائماً التوقف عندها. وقد انعکس ترددهم؛ وقد أخحذوا بین إعجابهم ومصالحهم› ۰۹ على خطهم السياسي. ومع ذلك فإن هذا الخط السياسي هو الذي توف عليه في نهايه المطاف؛ مصیر عُمان السياسي الذي حځكمَ عليه من ذلك الحين نصاعداء بأُن يصطدم کل إشعاع حقيقي لإمامة مستقلة بعقبة الاعتراف الرسمى البريطاني . القسم الأول التطورات الجديدة للسياسة اليريطانية قبل الدخول في ولاستيعاب ما تمثله الإمامة بصورة أفضلء يجب أن نعيد التأمَل والنظر في تطوّر عُمان وبلدان الخليج بعد انفصال زنجبار. فقد سجلت هذه الفترة بالنسبة طوراً من الانحدار التاريخي الذي قاد البلاد إلى الإفلاس السياسي والاقتصادي والمعنوي. لقد كان هناك بالتأكيدك تطوّر ولكن في اتجاه دَفْع كل منطقة الخليج للانخراط آکٹر فاکثر» تحت جناح الاستعمار البريطاني. وکانت أهم مظاهر هذا الانخراط إدخحال خطوط بريدية وبرقية إلى وهي ضروب تقدّم تكنولوجية في عُزف ذلك العصر ولكنها لعبت دوراً ناجحاً في توطيد القوة البريطانية. وهكذا عادت عمانء حتى في انحدارهاء قطباً رئيسياً من أقطاب الاستراتيجية البريطانيةء وكتب عليها أن تتحملها كعبء تاريخي آخر. بصورة موازية لذلكء حدثت؛ عام تغييرات هامّة في الخطتين السياسية والإدارية في الهند. فقد حلت شركة الهند الشرقية القديمةء بمرسوم من حكومة الهند (لعام ١١۱۸)» الإدارة القديمة. ومنذ ذلك الحين أصبحت السلطة العليا للإدارة بين يدي وزير الدولة لشؤون الهند الذي كان عضواً فى مجلس الوزراء البريطاني يحمل لقب «نائب الملك في الهندء. وقد ساعد هذا الوزير في مهمته مجلس وزراء خاصٌ بالهند كان أعضاؤه مسؤولين سياسيين؛ متقاعدين في هذا البلد(. وكذلك حدثت تنقلات بين المسؤولين السياسيين والعسكريين العاملين في )۱( لاندن؛ (ر. ج( س ص ۷١۱. AD منطقة الخليج. وفي عام رفع التمثيل البريطاني في مسقط إلى مرتبة التمثيل في زنجبار. وسمي الضابط بنجلي (رازBen)‏ مقيماً سياسياً في مسقط؛ ولکن إقامته كانت قصيرة الأجل وحل محله الميجر جيرانت (rantءG)‏ الذي لم يبق هو نفسه» في وظيفته إلا سنة واحدة. وفي عام ١٣۱۸ خلفه الميجر هيربرت ديسبرو ‎)Herbert Desbrew)‏ في حين سمي الكو لونيل لويس بيللى ‎)Lewis Pelly)‏ مقيماً سياسياً عاماً للخليج في بوشهر. وقد أعلنت هذه التطوّرات في الجانب البريطاني منعطفاً حاسماً في تاريخ الخليج ولا سيما تاريخ عُمان. ١ء ثويشي بن سعید (٦۱۸۵ . كانت هذه الفترة الحرجة تحتاج إلى قائد قوي يجمع عدداً من الصفات؛ أهمهاء أولاء الالتفاف الوطني حوله ودعم العلماء وثانيا موقف واضح من بریطانیا. وبما أن ثويني لم يكن بدعم العلماى فإنه لم يكن يستطيع أن يلبي الشرط الأول. وبما أنه كانت له صلات وثيقة مع بريطانيا وكان نظامه يعتمد عليها مادياً وسياسياً فإنه لم يكن يستطيع كذلك تلبية الشرط الثاني. كان الواقع الغماني يبدو أكثر من أي وقت مضى» في مأزق حاسم. ما لا شك فيه أن سبب الأزمة الوطنية الحقيقية هو الانفصال بين زنجبار وعُمان. فهذا الانفصال كانت له نتائج مباشرة فورية على الوضع الاقتصادي والاجتماعي› مشت نظام السلطنة نفسه. فلقد كان اتفصال زنجبار يعني للغُمانيين› في ذلك الوقت» تقسيماً تعشفياً للأسرة وللقبيلة وللاقتصاد والتاريخ والمستقبل. وكان في نهاية المطاف تمزيقاً للدولة ول«الوطن». وهكذا يمكن القول بأن تاريخ عُمان دخل؛ بعد انفصال القسم الإفريقيء طور انحدار مستمر. والأمر الأكثر جلاء على الصعيد الاقتصادي» أنه على أثر التقسيم انتقل التجار إلى (۲) المع ص ۱۷۳. ٢۲ القسم الإفريقي الذي كان أكثر ازدهاراً. كما غادرت تمان رؤوس الأموال التي كانت قد أنمشت الاقتصاد الوطني. وعانى القطاعان الزراعي والتجاري من ذلك معاناة قاسيةء وهكذا تلقى الاقتصاد المُماني ضربة قوية. ومن جرا ذلك أيضاً صُربت البنية الاجتماعية نفسهاء وأصبحت الأزمات أكثر حدّة. ووجد المجتمع نفسه على عتبة كارثة حقيقية أخحذت» منذ مطلع القرن المشرين› وبسبب الأدوار البريطانيةء أبعاداً مأساوية دامت أكثر من قرن. ولم توقّر هذه الأزمة أسرة البوسعيدي نفسها. ذلك أنه ما إن انفصل فرعا الأسرة العربي والإفريقي» بعضهما عن بعض» حتى لجا الإخوة الأربعة إلى السلاح لحل خلافاتهم. ففي القسم الإفريقي؛ واجه السيّد ماجد تمرداً شبه عام قادته الفروع الإفريقية لقبيلة الحرث التي رفضت قرار اتفصال زنجبار. وفضلا عن ذلك دخل برغش» أخو ماجد» مدعوماً من فرنساء في نزاع معه. وقد دان ماجد للإنکلیز بأن تمكن من وضع حد لهاتين الانتفاضتين. وفي القسم العُماني» رفض السيّد تركي› أخو السلطان ثويني› بدوره» قرار التقسيم وثار على أخيه عام وفي محاولة يائسةء حاول تركي فصل منطقة صحار التي كان يحكمها عن سلطة مسقط. هنا أيضاً ساعد الإنكليز السلطان على سحق هذه المحاولة. وفيما بعد أسر ثويني تركياً وأودعه السجن) حتى عام ١١۸٠ حيث حصل تركي على حرية مشروطة ألزمته الصمت. وأطلق قيس بن عزان» حاكم مدينة الرستاق - المركز التقليدي للحركة الإباضية - والتي كانت تتمنّع بنوع من الاستقلال تحدياً آخر لسلطة ثويني. کان قیس ینتمی إلى الفرع الثاني لأسرة البوسعيدي ولكنه كان أحد رجالات الحركة الإباضيةء أي نصيراً للنظام الإمامي» كما كان يتمع باحترام العلماء وكذلك باحترام سكان مناطق غُمان الداخلية. وبصورة موازية لذلك ثارت قبيلة آل سعل› من منطقة الباطنة هي أيضاأًء على (۳) لوريمر (ج. ج)؛ دليل الضليي؛ مرجع سابق؛ الجزء الثاني ص ۷۳۳. ٢ حكم مسقطء وطلبت من قيس وضع المنطقة تحت سلطته. ولكن قيساً قتل في معركة هلال» حاكم تلك المنطقةء كما قتل خصمه فيه وما كاد السلطان ثويني يضع حداً لهذا النزاع حتى وجد نفسه أمام تح آخر أكثر خطورة هذه المرة. ذلك أن كل هذه التوترات لم تكن؛» بديهياء من طبيعة قبلية بل كانت ذات أبعاد سياسية ووطنية عامة. فقد برز عزان» خصم ثويني الذي کان قد أصبح حاکم الرستاق بعد وفاة أييهء قيس» كشخصية أكثر قوة وتصميما؛ كشخصية تمثل البديل التاريخي. ودخل الطرفان مرات عدة نزاعات مسلحة دامت سنتين دون نتائج تذكر. وفي هذا الجر المثقل بالنزاعء وإذ كان السلطان ثويني يتَأهب لمهاجمة مدينة الرستاق» أرسل السديري؛ القائد العسكري السعودي الذي كانت قواته تحتل البريمي» قوات يقودها عبد العزيز بن مطلق؛ وكان قد دخل تمان مموّها مطامحه باقتراح نفسه وسيطاً بين الطرفين وخشية من أن ينتهز هذه الفرصة من جديد في الشؤون المُمانية تخلى السلطان ثويني عن مشروعه. ولكن هذا التراجع لم يغيّر من أهداف مطلق الذي توجه نحو المنطقة الشرقية ليلتقي فيها بحلفائه» قبيلتي آل بو وهيبة وآل بوعلي. وفي عام سشنّت هاتان القبيلتانء مدعومتين من القوات الوهّابيةء غارات عنيفة وكاسحة على قوات السلطان في المنطقة وعلى ما يورد كما يقول لوريمر› على الأَقلّية الهندية التي تسكن مدينة صور. عند ذلك قررت بريطانيا التدححل» فوجه الكولونيل بيللي المقيم السياسي في الخليج؛» تحذيراً إلى الأمير طالباً منه اعتذارات خطية وتعويضاً عن الأضرار الحاصلة”. وبما أنه لم يتلق أي رد من فقد استدعى» بموافقة من السلطة البريطانيةء وحدات بحرية وأمرها بالقيام بعمليات ضدٌ ميناءي القطيف والدمام في (٤) السالمي (عبدالله)› ممع الجزء الثاني ص ١۱۸. )٥( المرمع ص ۱۸۸. )۱( نظ لوریمر (ج ج) ساب الجزء الثاني» ص ۷۳۷. ۳ حين كانت قوة بريطانية أخرى تهاجم حلفاء في المنطقة الشرقية في غُمان. وأخيراء تلقّى بيللي» في ٠ شباط (فيراير) ١١۱۸ من الأمير الومابي عبدالله الذي كان قد تولى الحكم خلفاً لأبيه فيصل رسالة تعهّد بامتناع أمير عن مهاجمة القبائل العربية المتحالفة مع بريطانيا وخاصّة قبائل غُمانء ما دامت تدفع الزكاة المفروضة عليهاء وقد تعهّدت بريطانياء بالمقابل› السهر على دفع هذا المبلغ وأصبحت بذلك الضامن لتنفيذ هذا الاتفاق. وبفضل الكولونيل بيللي› وبمناسبة هذا النزاع الجديد» استطاعت بريطانيا أن تعود إلى تسجيل نقاط لصالحها فى المنطقة. وانطلاقاً من ذلك؛ أصبحت تدخحلاتها اعتيادية وشبه مقبولة من الأطراف المتنازعة في الخليج. لا بل أصبحت هذه الممارسة مألوفة كأنها جزء من المعادلة والتوازن السياسيين في المنطقة. ألم يكن نص على الكولونيل بيللي» نفسه يعني ضمناً أن بريطانيا هي الممتّل الرسمي لمان في الخليج؟ حاول السلطان ثويني أن يستفيد بدوره من تراجع الومابيين المسائل الناجمة عن وجودهم ولا سيما مسألة البريمي» التي كان يحتلها الوهابيون. فجمع صالح بن علي الحارثيء حليف السلطان القوي عدداً من القبائل التي تعارض النفوذ الومهابي لدعم ثويني في إطار وحدة وطنية. وبصورة موازية لذلك؛ أعدٌ السلطان لمواجهة خصومه قوة مسلحة عهد بقيادتها إلى ابنه سالم. وجدير بالذكر أيضاً أن السيد تركي الذي تصالح مع أخيه هب لمساعدته. إلا أنه قُدّر لسلطنة ثويني أن تحمل طابع الإحباط والتعتّر. فلقد حاك الوهابيون مؤامرة أشركوا فيها ابن سالم الذي كان في ذلك العهد حاكماً لمدينة صحار. وبدلاً من أن يقود سالم جيش أبيه ضدً الوابيين؛» جاء بنفسه ليقتل أباه أثناء )۸( نومه )۷( المرمع ص ۷۳۸. (۸) ص ۷۳۹؛ راجع أيضاً: قاسم (جمال رمع سا ص ۷٩. ٤ كانت جريمة قتل الأب التي سمحت بوصول سالم إلى الحكم سبباً كافياً لعزله في قصره في مسقط حتى سقوطه. ولكن سالم دعم من جانب القبائل الغافرية حليفة الومابيين› وعاش الممانيون طوال سنتين فترة من أل الفترات زهو وأكثرها مرارة في تاريخهم. قام موقف بريطانياء يبداية على رفض الاعتراف بسالم سلطاناً على عُمان. وجاء الكولونيل بيلليء كما يقول إلى مسقط ليطلب إلى سالم التخلي عن الحكم. وبديهي جداً أن يرفض سالم هذا (أو الأمر). وعلى أثر ذلك» غادر بيللي مسقط معلناً خيبته. ولا يذكر لنا السالمي؛ء مع الأسف؛ اسم البديل الذي بریطانيا لم تكن قد اعترفت بعد بسلطة سالم وکانت تبحث عن بدیل له فلقد وقفت بحزم في وجه محاولة السيّد تركي؛» وأرغمته على عدم القيام بأي تحرك ضد سالم بل نفته إلى الهند. لماذا هذه القسوة لو لم تكن راضية حقاً عن تولّي سالم الحكم؟ إن التفسير الحقيقي الوحيد لهذا الأمر يعود إلى كون تركي قد وقفء سابق ضدً القرار الإنكليزي بفصل زنجبار عن عُمان عام ١١۱۸ وأنه ناضل؛ حتى ذلك الحين» من أجل إعادة التوحيد. ولذلك فإن بريطانيا لم ترغب قط في تأييد تمرد يتزعُمه هذا القائد. كان أول هم لسالم هو الحصول على اعتراف السلطات البريطانية. وفعلاً لم يلبث أن طراً تعديل على المشهد السياسي: فبيللي الذي كان مُعارضاً بشدّة لهذا الاعتراف في الماضي» قام بزيارة رسمية إلى مسقط وقدم لسالم الاعتراف الرسمي به سلطاناً على عُمان. ومنذ عام فتحت قنصلية بريطانية في مسقط". ومن جهة أخرى» ويما أن المساعدة التي تدفعها زنجبار عُلْقت من جانب )۹( السالمي (عبدالله بن حمید)› سم ساب الجزء الثاني ص ١۱۹. (١۱) لوريمر (ج. ج) صمع ساق الجزء الثاني» ص ١٤۷. ۵٥ السلطان ماجد بعد وصول سالم إلى الحكم فإن بريطانيا طلبت من ماجد؛ بصفتها ك«وسيط» استعناف دفعها. وقد بريطانيا هذا الترتيب» كما يقول لوريمر› كلا تجري بين الطرفين اتصالات مباشرة. القسم الثاني ثورة عزان بن فیس (۱۸۱۹ ء ۱۸۷۱) ١ . النهضة الإباضية كانت كل الشروط المطلوبة لإشعال ثورة قد اكتملت؛ إلا أن وصول سالم إلى الحكم عجّل بالأمور أكثر. فقد تدهور الوضع العام وبلغ حداً لم يعد لمان معه مخرج آخر سوى ثورة تنفتح على نهوض حقيقي. ولم يكن من خلاص للبلاد إلا في روح الإمامة. علماً أن الزحف بالنسبة لاإمامين› هو خطوة أولى نحو النهضة الإباضية. وبهذا الصدد يقول ولكنسون إِنّه من الصعب جداً تأريخ النهضة الحديثة للإباضية التي لم تكن قد أفلت قط فالذي أفل هو الإمامة نفسها. وهذا ما كان العلماء الإباضيون لا يغالطون أنفسهم في أمره. وحتى الإمامات التي تعاقبت خلال القرون الأخيرةء لم تكن - في رأيه - وفية كل الوفاء للمثل الأعلى كان على رأس حركة النهضةء إلى جانب مجموعة من العلماء الإباضيين؛ أربع شخصيات رئيسية: العالم الجليل سعيد بن خلفان الخليلي» والعالم محمد بن سليم الغاربيء وصالح بن علي الحارثي› وعزان بن قيس الإمام المقبلء وكان الإماميون مصحمين على إقامة إمامة قوية ومحصّنة من كل انحراف أو انزلاق. وفي شهر أيلول (سبتمبر) نفّذوا خطتهم بالهجوم على مسقط من (١) المع ص ٤٤٥٤۷. ‎Wilkinson (J.C.), The Imamate Tradition of Oman, Cambridge University Press, 1987, (\V)‏ ‎p.230.‏ ٦۲ جهتين؛ فتقَدّم عزان بن قيس نحو العاصمة خارجاً من الرستاق واستولى» في طريقهء على مدينة بركا الساحلية. وكان على جيشي عزان والحارثي أن يلتقيا قرب مسقط قبل الهجوم النهائي. وقد أمهل العلماءُ السلطانٌ سالم قبل هذا الهجوم وتركوا له فرصة التوبة. ولكن سالماً المتأكد من الدعم الإنكليزي رفض هذا وفي ٩ أيلول (سبتمبر) استولى عزان على مطرح؛ المتاخمة لمسقط وفي بداية تشرين الأول (أكتوبر) سقطت العاصمة. وفي ١٠ تشرين الأول (أكتوبر)» استطاع سالم بموافقة الإماميين› المغادرة على مركب بريطاني ومضى إلى بندر عباس؛» ولم يُكتب له أن یری غُمان ثانیة وكان الإنكليز قد حاولواء في بداية القتال؛ إنقاذ نظام سالم مستخدمين قواتهم البحرية لمنع تَقَدّم قوات عزان نحو مسقط. إلا أن الانهيار السريع لنظام سالم خيب أملهم ولم يعد أمامهم سوى التسليم وقبول الأمر الواقع. وهكذا انهار نظام السلطنةء بعد أكثر من تسعين سنة على قيامه. وكان سقوط سالم يعني سقوط نظام لم يملك يوماً مصداقية أو شرعية تقليديةء نظام مفتقر إلى کل دعم شعبي. لم يثبت سوى عجزه التام عن قيادة البلاد في الوقت الذي كانت تظهر فيه متغيّرات سياسية ‏ استراتيجية - اقتصادية كبيرة عمّت المنطقة بأسرها. وبهذا الصدد يكتب لاندن قائلاً: «إن من يبحث في أحداث هذه الفترة التاريخية, لا بد أن يتأكد من أن حكام هذه الأسرة لم يكونوا واعين أسباب التخبّط الذي يغرقون فيه. فثمة أحداث كالتدخُل البريطاني والتغييرات الاقتصادية والملاحية في المحيط الهندي تخرج عن سيطرة أي حاكم ولربما كانت هذه الأسباب الأسباب الرئيسية للاتهيار”” °. (١۱) لاندن (ر. ج)» مع ص كذلك السالمي (عبداللّه بن حميد) مع سابق» الجزء الثاني ص ١۱۹ - ۱۹۷. (٤٠) لوريمر (ج. ج) سعع الجزء الثاني» ص ٢٤۷ - أنظر كذلك: السالمي (عبدالله بن حميد)› رمع سابق» الجزء الثاني ص ۱۹۸. (١٠) لاندن (ر. ج) سرع سای ص ۲۱۳. ۲۷ إن رأي لاندن هذا لا يخلو من صحة. ولكن الأسباب الرئيسية للأزمة كانت في مکان آخر في داخل عُمان نفسها وليس في الخارج فقط. ويقدم ولکنسەن فى هذا الصدد وجهة نظر تبدو لنا أقرب إلى الواقع» حيث يقول: «كان العُمانيون قد فهموا جيّداً أن مثل هذه التقلّبات خارج سيطرتهم إلى حدّ بعيد. وكان التساؤل يدور على معرفة ما إذا كانوا سيبذلون جهدهم لحماية المصالح أو ما إذا كانوا سيضعفون أمام مطالب البريطانيين ورعاياهم المتزايدةء حتى ولو كانت هذه المطالب تضرَء في الواقعء بشعبهم” `. أما فيما يتعلّق بانتصار الإماميِين؛ فإن لاندن يعلق عليه كما يلي: «إن انتصار المحافظين سنة ١١۱۸ يعود في أسبابه أولاء إلى تأييد قسم كبير من العُمانيين لبرنامجهم. وإلى الزعامة المخلصة للطبقة الدينية المحافظة؛ ثانياء إلى وجود بعض الزعماء الشرعيين من قبيلة قيس في معسكر المحافظين؛ ثالثاء إلى إيمان الزعماء القبليين بقضية المحافظين بعد سنة رابعاء وأخيراء إلى الضعف والتفكك المتزايد في صفوف الحكام يبقى أن قوات الثوار أظهرت» على الرغم من مركباتها القبليةء انضباطاً مدهشا. فهجومها الأخير على مطرح ومسقط لم يسبب أي ضرر أو ضحية بين السكان أو الأقليات الهندية. ويذكر السالمي أن عزان بن قيس أعطى» في خطابه مام الجيش قبل الهجوم النهائي› أوامر مشدّدة للجنود ومنعهم من أن يمسوا أموال السكان وأملاكهم. ولكنه سمح لهم في المقابل بمصادرة كل ما يجدونه في قصر السلطان”'. وجدير بالذ كر أن الحركة الإباضية لم تنتخب هذه المرة إمامها قبل إعلان الثورق Wilkinson (J.C.), The Imamate Tradition of Oman, op. cit., p.235. ‏(١۱(‎ (۱۷) لاندن (ر. ج) ص ٢٠٦۲. السالمي (عبدالله بن حميد) معرع سابق» الجزء الثاني؛ ص ١۱۹. ۱۸ بل بعد النصر مخالفة العرف بشكل استثنائي. وكان على مجلس عام مؤلف من العلماء وقادة الثورة ورؤساء القبائل الذين دعموهاء أن يجتمع للمرة الأولىء في مسقط. وقد ترأس هذا المجلس العالم البارز سعيد بن خلفان الخليلي. وقدّم بموجب الدستور والتقليد الإباضيين» بدعم من صالح بن علي الحارثي› عزان بن قيس كمرشّح لمنصب الإمام. وقد وافق العلماء على هذا الترشيح بالإجماع وهكذا اجتمعت كل الشروط المطلوبة لشرعية الانتخاب. علماً أن الإمام كان فضلاً عن صفاته الشخصية من وجوه أسرة البوسعيدي. «فقيادة النهضة أخذت (مع ذلك الانتخاب) ظهيراً سياسياً بتحالفها مع فرع قيس الذي كان يستطيع المطالبة بالخلافة الشرعية لإمامة أحمد بن سعيد كما يستطيع المطالبة باستعادة تراث صحار والرستاق.”. وتبعاً للمراسم التقليدية أعلن العلماء البيعة. ولكن بيعة عزان كانت بيعة «الإمام الضعيف». لماذا؟ لأن الإمام إذا لم يكن عالماً لم يكن في وسعهء حسب الدستور أن يحصل على بيعة الشراى أي بيعة «الإمام القوي». وهكذا فلقد لزم الإمام عزان بموجب الدستور والتقليد الإباضيين الرجوع إلى مجلس الشورى؛ء المجلس قبل اتخاذ أي قرار كان وكانت بيعته تشين على وجه الدقّةء إلى هذه القواعد: «لقد بايعناك على شرط ألا تعقد راية ولا تنقَّذ حكماً ولا تقضي أمراء إلا براي المسلمين ومشورتهم”. ومهما یکن من امسر فمن المهم أن نشير إلى أن شروط هذه البيعةء لا تقلل من موقع الإمام. بل على العكس» تعرز كما تعرّز نظام الإمامة ذاته. لأن الرجوع إلى مجلس الشورى ضمانة أساسية للمشاركة في الحكم ولتطبيق مبداً الإأجماع. وجملة ‎Wilkinson (J.C.), The Jڵmamate‎ Tradition of Oman, op. cit., p. 231. (۱۹)‏ (٠۲) راجع النص الكامل للبيعة في القسم الثاني من الفصل الأول. ‎۹ ‎ الممارسة هذه هي التي يقوم عليها التقليد الديمقراطي الُماني وهي التي تمنحه فيمته. ٢ . تشكيل الحكومه لم يمتّل وصول عزان إلى الحكم تغييراً في شخص القائد فقطء بل في طبيعة الحكم نفسه وأسسه أيضاً فقد سجل تولي الإمام الجديد مرحلة هامة بإلغاء نظام الوراثة وثقافتهاء ولكنه كان متّل أيضا ما يشبه التصحيح لمجرى التاريخ العُماني. وكانت إعادة عقد الصلة مع التاريخ الإباضي تعني أيضاء بالنسبة للعلماي إعادة عقد الصلة مع المستقبل» وتحذياته الجسام. كان مجلس الشورى مؤلفاً من قادة الثورةء وكانت السلطة الاستشارية والتنفيذية العليا مركزة فى هذا المجلس. وكان إلى جانب الإمام رئيس الحكومة وقائد الجيش والمسؤول عن بيت المالء ثلاث شخصيات تاريخية. الأولى شخصية سعیيد بن خحلفان الخليلي الذي کان مرشد الشورة ومنظمها ومرجعها التشريعي والقانوني ورئيس القضاةء بل السلطة الأخلاقية العليا وأبا الثورة فضلاً عن قيامه بمنصب حا كم العاصمة مسقط. كان الخليلي› على غرار أسلافهء يسعى منذ شبابه إلى بناء [مامة مماثلة لإمامة تمثلت الشخصية الثانية بصالح بن علي الحرث؛» قائد قبيلة الحرث» وصالح هذا من تلاميذ الشيخ الخليلي» وقد انخرط في الثورة منذ بدايتها. كان عضواً في حكومة عزان» ولكن تأثيره على القرار السياسى كان محدوداً نسبياً. أما الشخصية الثالثة فالعالم محمد بن سليم الغاربي وهو عضو نافذ فى قبيلة آل سعد المقيمة على ساحل الباطنة. كان لآخرين سوى هؤلاء أدوار لا يستهان بها في الحكومة کإبراهيم بن قيس» شقيق الإمام وهو شخصية عسكرية بارزة وهلال بن سعید البوسعيدي› ولكن الأمر Ve الأهم هو أن المحرك الأساسي لهذه المجموعة كان المثل الإباضي للدولة الإسلامية: الإمامة. وهذا ما جعل القوة الأخلاقية لهذه الشخصيات القليلة وإيمانها وتضامنها يطبع النظام الجديد بطابع نادر. ٢ من برنامج الحكومة إلى المراحل للنهضة ممحور برنامج الإامامة بصورة رئيسيف؛› حول أربع نقاط: أولاء إلغاء السلطة المستقلة للقبائل المعارضة للإمامة بإخضاعها من جديد للسلطة المركزيةء ووضع لحالة الفوضى وإعادة تطبيق القوانين الإباضية وتعيين قضاة وولاة جدد. كانت کل هذه الأهداف حيويه من أجل إعادة توحید المجتمع في إطار النهضة. ثانياء تحرير منطقة البريمي من الاحتلال الوممابي ووضع حدّ نهائي لنفوذ في عُمان. ثالٹاًء وضع حدًّ للنفوذ والسيطرة البريطانيين والعمل على إلغاء الالتزامات والاتفاقات التي فروضت على عُمان خلال عهد السلطنة. وكذلك محاولة الحصول من بريطانيا على الاعتراف بإمامة عزان» مع إعادة تأكيد استقلال مان وسيادتها دون رابعاًء استعادة زنجبار ومعالجة فضيّتي جوادر وبندر عباس اللتين کانتا خاضعتین لمان قبل الثورة. من جانب آخرء وكما هو معتادء أرسل علماء تمان كتاباً إلى إخوانهم إباضيَي شمال إفريقيا يعلمونهم فيه بوصولهم إلى الحكم وذلك؛ على حد قولهم؛ لوضع حذٌ لحالة القمع وانتهاك المقمدذسات وعدم تطبیق القوانين الإسلامية وسيادة الجهلة ولإعادة العدالة والمساواة تحت حماية الإمامة. وقدموا كذلك في هذه الرسالة إمامهم الجديد (۲۱) لمزيد.من التفاصيل حول محتوى هذا الكتاب ولغته الخاصةء راجع: السالمي (عبدالله بن حمید)› س سابل الجزء الثاني ص 00 آ. ٢۲ كان أول تدبير اتخذته الحكومةء على الصعيد الداخلي؛ التنفيذ الفوري والحازم للنقطة الأولى من هذا البرنامج. إذ سرعان ما أنهت حكومة عزان حالة الفوضى التي تسود البلات لا سيّما في المدن الكبيرة وطبقت القوانين والشرائع الإباضية. وشمٌي قضاة وولاة جدد فى المناطق الخاضة لسلطة الإمامة. وقرّرت الحكومة كذلك مصادرة أموال وأملاك السلطان السابق› وعدت هذه الأموال جزعاً من بیت المال. وقد أُقرَ العلماء هذا التدبير بناء على سابقة تعود إلى القرن الخامس عشرء حيث قرّر الإمام عمر بن الخطاب اليحمدي ٤١٤٠ - ١٤٤٠) مصادرة أموال الملوك النبهانيي.” "٩ . أما على الصعيد القبليء فعلى الرغم من أن الإمام تمنّع بدعم غير محدود من القبائل الهناوية على حد قول السالمي» من بعض قادة القبائل الغافرية فإن البعض الآخر من قادة هذه الأخيرةء وهى المعارضة للإمامة تقليديا عارض الحكم الجديد. ۱ إنصرف الإمام عزان إلى معالجة المعارضة القبلية دون تردّد. وقد طبّق نفس التدابير الصارمة التي طبقها الإمام ناصر بن مرشدء قبل قرنين ونصف القرنء لوضع حدٌ للسلطة القبلية المتمردة. وهكذا تحقّقت وحدة عُمان فى إطار الإمامة باستثناء ساحل تُمان. وكان ذلك أول هدف أنجزه الإمام عزان في أول سنة حكم له. وهو ما يعلق عليه لوريمر بالقول: «وأثبت نجاح عزان الساحق هذا أنه رجل على قوة في الخلق والعزيمة لم تألفها عُمان في حكومتها منذ زمن ۲۳ 7 ويشير لاندن أن أهجَ ما أنجزته حكومة عزان هو إخضاعها البلاد كلها لسيطرتها وهذا ما لم يتسنٌ إلا للقليل من رجال الحكم في عمان”". من جانبه يسجل بيللي (٢۲) المع ص ٢٠۲. (٢۲) لوريمر (ج. ج) ساب الجزء الثاني» ص (٢۲) لاندن (ر. ج) ص ۲۱۹. ٢۲۲ بهذا الصدد أن تمسك هذه الحكومة بالنظام المركزي بدلا من التظام الإقطاعي المفكك أمر يدعو إلى العجب”” "°. وقد أسهم إبراهيم بن قيس» شقيق الإمام في تحقيق هذا الهدف الأول: فوفقاً للأهداف التى رسمتها الإمامةء قام بعدة حملات على القبائل الغافرية التى كان يقودها الجبري في منطمة أزركي؛ ثم أخضع قبيلة آل بوعلي في منطمّة جعلان(۲٩. ومنذ ذلك الحين؛ فتح الطريق أمام استكمال البرنامج الإباضي. ٤ . قضية واحة البريمي وتوطد هذا النفوذ على أثر تبني قبيلة النعيم للومّابية”". كانت هذه القبيلة تعاني من الاحتلال الوهمابي؛› وشکل انتخاب الإمام عزان فرصة لها للخلاص من ذلك الاحتلال. وهكذا طلب قائدها محمد بن عل مساعدة عزان لطرد فأعلن الإمام الذي لم يكن ينتظر سوى هذه الدعوة الحرب عليهم^"°. وفي ١٠ كانون الثاني (يناير) وبعد أربعة ايام من هجوم قوي ځرت البريمي من الاحتلال. وعلى الفورء اتخذ عزان تدابير لإزالة أثار النفوذ الومابي بصورة كاملة. فألفيت القوانين المفروضة على هذه المنطقة وعُي لها قضاة وولاة من السكان. كما قام الإمام على الفور برد الأموال التي صادرها الومابيون لأصحابها الأصليين. ومرة أخرىء سجل عزان نقاطاً لصالحه بفرض نفسه قائداً يجمع إلى القوة العدل. ويلاحظ كيلي أن نجاح الإمام في طرد الومّابيين من البريمي أسهم في اکتسابه الشقة والقبول لدى المواطنين المحليين الذين ظلوا لعدة أعوام يواجهون (٢۲) أنظر: كيلي (ج. بيطائيا رالضليع؛ مرجع سابق؛ الجزء الثاني ص ٠ ۷٠. )٦۲( السالمي (عبدالله بن حميد) ممع الجزء الثاني › ص ص ۲۲۱ ۲۱۲. (۲۷) راجع القسم الثالث من الفصل الرايع والفصل العاشر. (٢۲) السالمي (عبدالله بن حميد) مع الجزء الثاني» ص ۲۰۸. ۳ صلف الوهابيين والخوف الدائم من عدوانهم”"). وهكذا أحرزت الإمامة منذ السنة الأولى من عهدهاء خمسة نجاحات تاريخية: إعادة توحيد المجتمع إلغاء القوة القبليةء تحقيق السلام والاستقرار تحرير البريمي» وأخيراً إعادة نظام الإمامة. وبهذا الخصوص تسجل التقارير البريطانية الملاحظات التالية: «في خريف عام ۹٦۱۸ء وصل نفوذ الإمامة في غُمان إلى ذروته. وکان أقوی حکم شهدته غُمان في کل تاريخها. فقد امتدت سلطة الإمام عزان حتى شملت البلاد كلهاء داخلها وخارجهاء مناطقها الساحلية ومناطقها القبلية. (...) وهو عمل يحق للإمام عزان أن يفخر وقد مر الإمام لدى عودته المظفرة من البريمي› بمنطقة «ساحل عُمان» وکان لهذه الزيارة هدف مزدوج: التذ كير بالروابط التاريخية والمصالح المشتركة أولاء وتهميش النفوذ الوكابي فيها ثانياً. وفعلا وفع الإمام عزان اتفاقية دفاع متبادل ضدٌ الوقابيين مع زايد بن خليفة الأول رئيس قبائل بني ياس في ابو ٠ . الإمامة وبريطانيا: العلاقات الخارجية في الوقت الذي كان الإمام يعمل فيه على حسم القضية القبلية وإعادة توطيد نظام الإمامة في الداخل باشر بصورة موازية لذلك؛ معالجة شؤون السياسة الخارجية› الاستعمارية من إمامة عزان كما يلي: «أسخط استيلاءُ عزان على الحكم بداية الأمر السلطات البريطانية أكثر ممًا أسخطها ربّما سَلفُّه قاتل 9 ۲( کیلي (ج. ب) ہریطانیا رالضليع› مرجع سابق؛ الجزء الثاني» ص ا۷۱ لاندن (ر. ج) سعع ص ٢٤ ۲۷. ‎I.O.R.: R/15/6/36, The «Clyde» Affair, p. 11. (۳۱)‏ لوريمر (ج. ج) سصعع الجزء الثاني» ص ٥٤ ٥۷. Yt وبالفعل؛ فإن ما أقلق بريطانيا هو أن الحاكم الجديد كان إماماً منتخباً يتمئّع بشرعية كاملة وشعبية عظيمةء وأنه كان ينتمي إلى الحركة الإباضية التي يقوم فكرها منذ ولادتها قبل ألف عام أي قبل أن تعرف بريطانيا مفهوم السيادة والأمةء على الاستقلال وسيادة الأمة والوطن. وأكثر من ذلك هو أن برنامج الإمامة الوطني كان يرمي إلى جعل كل الاتفاقات والتعهّدات التي فرضتها بريطانيا على عُمان باطلة. وكان هدف هذا البرنامج› أيضاء إلغاء القرار البريطاني الذي فصل زنجبار عن عُمان عام ١٦۱۸ء وإعادة توحيد القسمين - تلك هي الأسباب الحقيقية لغضب بريطانيا. ومهما يكن من أمر فقد تصرف الإمام عزان حيال الحكومة البريطانية تصرف رجل دول حيث أرسل وفداً عُمانياً إلى الهند ليدرس صيغة العلاقة - البريطانيةء وليحاول إعادة تأسيسها على مبداً المساواة المتبادلة. كان هدف هذه البعثة النهائي هو الحصول على الاعتراف البريطاني» ولكن عبثاء لأن بريطانيا لم تر بصورة إيجابية على هذه المبادرة العُمانية وعاد الوفد خائبا. والأكثر من ذلك هو أن بريطانيا بذلت جهدها لخنق إمامة عزان الفتية وخنق تجربة إعادة البناء هذه. فعندما أسْقّط ناصر بن ثويني» ابن السلطان المتوقى ثويني› حاكم الإمام في جوادر واستولى على الحكم فيهاء سارعت بريطانياء مثلاً إلى تأييد هذا الانقلاب”" "٩ ودعمته باعتراف رسمي؛› وبالمقابل› عندما بادر الإمام عزان إلى إرسال سفينة حربية لاستعادة جوادر منعه المقيم البريطاني في مسقط من ييقى أن ذلك لم يكن الموقف المتحيز الوحيد الذي اتخذته بريطانيا حيال سياسة الإمام. فقد أقنع البريطانيون السلطات الفارسية بإلغاء العقود الموقعة مع عُمان أثناء حكم ثويني والمتعلقة خاصة بتأجير ميناء بندر عباس. ومتعوا الإمام كذلك من بسط سلطته على هذا الميناء. وأصبحت القضيتانء مسألة جوادر ومسألة السيطرة على بندر (۲۳) لاندن (ر. ج) سمع ص ۲۸۱. (٤۳) لوريمر (ج. ج) سبع سابق» الجزء الثاني ص Yo عباس» ورقتين بين أيدي القادة الإنكليز تسمحان لهم بالضغط على حكومة الإمام. على أن هاتين المسألتين الم تكونا سلاحهم الوحيد. فقد كانت بريطانيا تستطيع أن تلعب» على هواهاء بزمام الاقتصاد والتجارة. ولم تتوقّف عن إعاقة نشاط المراكب التجارية الُمانية من على طريقّي الهند وإفريقيا الشرقية. وتذرّعت» أيضاً بوجود جاليات هندية في مسقط ومطرح لتندسٌ في السياسة الداخلية بحجة تبعية الأقليات المذ كورة للتاج البريطاني. ١ . الأعتراف البريطاني الوهابية في تشرين الأول (أکتوبر) ۹ء قزرت حكومة الهند البريطانية إرسال الكولونيل بيللي إلى مسقط لدرس الوضع الداخلي للإمامة. وفي تلك الفترةء كان الإمام عزان البريطانية على أن الاعتراف البريطاني بحكم الإمام كان يتوقّف على نتيجة هذا النزاع. وكتب بيللي أنه لو خرج الإمام عزان منتصراً من المواجهة المسلّحة مع هذه القبيلة لوطد حكمه إلى درجة يبسط معهاء على إقليم مسقطء حكماً أكثر حزماً من أي حکم آخر 9 كان ما يخر قرار بريطانيا النهائي› فضلاً عن توطد نظام الإمامة هو المسألة فالاعتراف الرسمي بعزان كان يمكن أن يؤدي إلى إثارة غضب الومابيين على بریطانیا› من جهة وإلى تمويه حکم عزان مام خصومه من جهة ری( وهو ما لم تكن بریطانیا ترغب فیه. وقد أخذ بيللي» بعد تأكده من متانة الإمامةء في دراسة وضع الأقلية الهندية ليحاول أن يتين ما للتدابير والقوانين الإباضية عليها من تأثيرات سلبية. ولكن بيللي› على عکس ديسبرو المقيم البريطاني في مسقط الذي كان عدوا لدوداً للإمام عزان وحكومته» وجد أن هذه الأقليات لا تعانی من اي قمع أو تميين (٥۳( .7 ‎L.O.R.: R/15/6/36, The «Clyde» Affair, p.‏ لوريمر (ج. سصعع مابن» الجزء الثاني» ص ۷٥۷. ٢۲ لا دينياً ولا عرقياً. وأنها على العمكس من ذلك؛» تتمتّع بكل امتيازات الضيافة والكرم الُمانيين التقليديين. والواقع أن العلاقات العُمانية - الهندية قديمة جداً. والأقليات الهندية وغيرها عاشت في عُمان بسلام وأمن في ظل نظام الإمامة كما في ظل نظام السلطنة. ولم يتعكر مناخ التفاهم بين الشعبين العُماني والهندي إلا منذ أن زرعت بريطانيا نفسها في المنطقة وفرضت نفسها «وسيطا). ۹ رسالة إلى بيللي يعرض فيهاء النجاح الكامل لحملته التي تُوّجت بالتحرير «بعد أربعة أيام من المعارك تم تحرير البريمي. فأنقذ شعب الأموال والأملاك التي كان الوقّابيون قد صادروها إلى أصحابها الحقيقيين. وهم يحمدون الله على تحريرهم. إنهم؛ء من الآن فصاعداء فی سلاو بإمامته» وأضاف أنه سيبقى منتظراً لهذا الاعتراف. وكان عزان قد كسب احترام الكولونيل بيللي وإعجابه إلى درجة أنه كتب» مع رسالة جوابية أرسلها للإمام هذه الملاحظة الجافة إلى ديسبېرو: «أتشرّف بان أطلب إليكم تسليم هذه الرسالة إلى عزان بصوره مهذبة ثم إعلامي بانكم فعلتم ذلكء”". وقد وعد بيللي الإمام عزان بتقديم طلبه إلى حكومته وتأييده. وبالفعل كتب بيللي في ١٠ نيسان (أبريل) تقريراً إلى سلطاته طلب فيه الاعتراف بحكومة عزانء وكان هذا الطلب يشير إلى النقاط التالية: 1.O.R.: R/PS/9/50, Letter from the Imam Azzan to Colonel Pelly, p. 1159. (۳۷) I.O.R.: R/PS/9/50, Letter from Colonel Pelly to Desbrew, p. 1159. (۳۸) ۲۷ «نجب أن ل تعتير أن مٹل هذا الاعتراف يیستلزم؛ء ربّماء إعادة جوادر و ممتلكات مسقط الخارجية الأخرى: بوساطتنا )...( وكذلك تجديد تأجير بندر عباس وتوابعه والإبقاء على دفع مساعدة زنجباره”. ومن السهولة بمكان تقدير العأثيرات الإيجابية لمثل هذه النقاط على الوضع الاقتصادي» وخاصّة النشاط التجاري لا سيما أن الإنتاج الزراعي كان قد بدا يتحسىن تحسناً واضحاً خلال تلك الفترة. وفي تقرير آخر مورخ في ٠۲ تشرين الثاني (نوفمبر) ۹٦۱۸ يشير بيللي إلى ان الإمام إلى حين الاعتراف بحكومتهء حر من كل الالتزامات التي تنطوي عليها الاتفاقيات مع بريطانيا؛ ولكن حكومة الهند البريطانية لم تتقبل راي مقيمها في الخليج ورذڌت عليه ما يلي : «إن المعاهدات المعقودة بین الحكومة البريطانية ومسقط تبقى سارية المفعول بصرف النظر عن كل التغييرات التي يمكن قائدها. ومن المستحيل أن نعتبر معاهداتنا معلقة في حين أننا أبقيناء باستمرارء وكيلاً مقيماً في مسقط وألححنا على الحقوق والامتيازات التى تضمنها لنا هذه المعاهدات”*°. تلك هي لغة المنطق الاستعماري. ولكن لم يكن لها لدى الإباضيين خاصة أيَة قيمة. ذلك أنه كيف یمکن لائمّة منتخبین تجدید تعهّدات فرضت على سلاطين؟ وکیف یمکن ان نتخيل إمامة تناضل من أجل الحرية تتقبل تعهّدات ذات طابع استعماري؟ ومهما يكن من أمر» وعلى الرغم من أن حكومة عزان لم تعلن موقفها الرسمي حيال التعهدات المعنيةء فإنها اعتبرتهاء عملياء باطلة ولاغية. وفي بداية عام ١۱۸۷ فرضت حكومة الإمامة القوية بنجاحاتها الداخليةء نفسها I.O.R.: R/15/6/36, The «Clyde» Affair, pp. 11 et 21. (۳۹) Ibid., p. 10. ‏(٤٤(‎ ۲۲۸ سوى التراجع وإعادة تقويم موقفها العام منها. وفي رسالة مؤرّخة في ١٠ شباط (فبراير) ١۱۸۷۰» توجه الكولونيل بيلليء وبدرجة كافية من الحزم إلى حكومته طالباً منحه کل السلطات الضرورية للاعتراف رسمياً بحكومة عزان بن قيس« *. كانت هذه التطوّرات الهامة وقوة الإمامة المتنامية قد أثارتا مناقشة حامية داخل الحكومة البريطانية في لندن. فكتبت سلطات لندن إلى حكومة الهند البريطانية مذ كرة اعترفت فيها بحيرتها وعجزها عن السير في اتجاه سياسي واضح حيال حكومة عزان. وهذا ما تشهد عليه: «إننا ندرك الصعوبات التي سنواجههاء في حال الاعتراف بحكومة الأمر الواقع ءD)‏ القائمة في مسقط قبل أن تتوضح توجهات حكومة صاحبة الجلالة فيما يتعلق بالسياسة التي يجب تبنيهاء » مستقبلاًء ومن أجل ذلك نطلب بإلحاح توضيح النقاط التالية: أولاً) هل إن الاعتراف بعزان بن قيس يجب أن يصاحب بتصريح عن سياستنا المقبلة حيال مسقطء وببيان عن نيتنا الإبقاء على كل المعاهدات القائمة مع دولة مسقطء وإذا لم تكن حكومة صاحبة الجلالة مستعدّة للإبقاء على كل المعاهدات والتعهّدات السابقة, فمن الضروري أن نعلم ما هي تلك التي يُقترح التخلي عنها وتلك التي يقترح إبقاؤها. ‎i‏ هل ينبغي الاستمرار في ضمان دفع معونة زتجبار. وفي حال لم نستمر في ضمان ذلك هل يجب إعلام حاكم مسقط اتنا سنتدځل لمنع العودة إلى الوضع الذي كان قائماً عندما اللورد كاننغ (عnنصnصa))‏ كوسيط بين عُمان وزنجبار. وهل عليناء فى حال قيام تهديدات بالقتال. كما كان الوضع آنذاكء أن نروسل قوة مسلّحة لمنع حاكم مسقط من المطالبة بما يعتبره - دون شك حقاً مكتسبا”. ‎Ibid., p.15. 39 Ibid., p.22, 23. ‏)٦٤(‎ ‎۲۹ ‎ أا النقاط الثلاث الأخرى فكانت متعلقة بقضيّتي جوادر وبندر عباس» وكانت تعترف» ضمناء بسلطة تمان على هاتين المنطقتين. وعلى وجه الإجمال؛ تُظهر هذه المذكرق دون التباس» تراجعاً واضحاً في الموقف البريطاني. فلم يعد اعتبار التهديدات السابقة وقضية زنجبار نقاطاً لا تقبل التفاوض عليها. وفي حين كانت حكومة الهند البريطانية تجد نفسها في حالة ترد وحيرة حيال حكومة الإمامةء كانت هذه الأخيرة تواصل مراكمة المكاسب في موضوع السياسة الخارجية. ففى ١٠ آذار (فبراير) ١۱۸۷ وصلت سفينة فرنسية إلى مسقط كان قائدها يحمل اعتراف حكومته الرسمى بإمامة عزان. وجاءت» أيضاء بعد ذلك مباشرة» سفينة هولندية تحمل اعتراف بلادها بالحكومة العُمانية” *. أقلق هذان الاعترافان بريطانيا التي لاحظت» فضلا عن ذلك؛ أن فتح قناة السويس؛ عام ۹٦۸١ء سوف يعدّل المعطيات السياسية في الخليج لصالح إمامة عزان. ونتيجة أمرت حكومة الهند البريطانية الكولونيل بيللي بأن يسرع في الاعتراف رسمياً بحكومة الإمامة. كذلك؛ كان من الطبيعى أن تحعل هذه النجاحات السياسية والديبلوماسية الإمام عزان يتأهب لمطالبة الأمبراطورية البريطانية بالاعتراف باستقلال عُمان وسيادتها. القسم الثالث منعطف ١۱۸۷ وسقوط الإمامة مجدداء دخلت المسألة الوكابية لتقلب مجرى الأحداث في المنطقة ولتعيقَ الاعتراف البريطاني. ذلك أن حكومة الهند البريطانية علمت أن الومابيين يحضّرون هجوماً واسعاً جداً على البريمي» وأن سالم» السلطان السابق› سيشترك. فيه. وبالفعل› أرسل الومابيون رسالة تهديد إلى الإمام عزان الذي لم يأبه لها ولكنه تهيَا لاحتمال هجرمهم. Ibid., p.11. (4۳) .٣ إلا أنه لم يكن للهجوم ولا للاعتراف البريطاني أن يحدثا. فقد دخلت الأحداث في هذه اللحظة التاريخية منعطفاً جذرياً. إذ توصّل السيّد تركي بن سعيد إلى إقناع الحكومة البريطانية بقدرته على قلب إمامة عزان» وطلب المساعدة الإنكليزية. ووافقت بريطانيا على مساعدته شريطة أن يتخلى» نهائياء عن آرائه حول إعادة ضمَ زنجبار. نتيجة لهذا التعّد قذّمت له بريطانيا دعمها المادّي والمعنوي. وفوق ذلك ضمنت له دعم أخيه ماج سلطان زنجبار. أما على الصعيد الداخلى» فكانت القبائل الغافرية مستعدة تمام الاستعداد لدعم «ثورة مضادة» تقلب الإمامة وكذلك کان الأمر بالنسبة لقبيلة آل بوعلي في الشرقية. كما وجك حتى بين الهناوية» قبائل مستعدة لدعم السيّد تركي نظراً لمعارضتها بعض إجراءات الإمامة. وفي أيار (مايئ ١۸۷٠ ذهب تركي بن سلطان إلى منطقة «ساحل عُمان» وحاول» عبثاء أن يستحصل فيها على التأييد المعنوي والسياسي للقبائل المحليةء لأن شيخ ابو ظبي» زايد بن خليفة الأول المؤيد لعزانء طلب إلى الشيوخ الاخرين عدم تأييد مشروع تركي. إلا أن محاولته الثانية كللت بالنجاح. فقد وافق كل الشيوخ على دعمه باستثناء زايد بن خليفة الذي رفض ذلك وتمسشك؛ بحزم› بموقفه لخوفه من أن يفتح رحيل الإمام عزان الباب واسعاً لعدوان وهابي. وهكذاء جمع تركي كل الشروط اللازمة لنجاح خطته: الاستعداد القبلي الغافري› تأييد شيوخ «ساحل عُمان»» تأييد الذين كانوا يريدون الانتقام من الإمام المساعدة المالية والسياسية من زنجبار» وأخيرا مساندة بريطانيا. وفي أيلول (سبتمبر) ١۱۸۷ نزل تركي في منطقة خورفكان واتجه نحو البريمي حيث التقى قبائل بني جب وبعض قبائل النعيم في حين رفض قائد النعيم على غرار زايد بن خليفة الانضمام إلى العملية. واستطاع تركي» مع ذلكء جمع حوالى أربعة آلاف رجل«*. وفي ١٠ تشرين الأول (أكتوير) ١۱۸۷ء» التقى جيشه I.O.R.: R/15/6/36, The «Clyde» Affair, pp. 28 et 32. ‏)٤٤(‎ ۲۳۱ وجيش الإمام في منطقة ضنك وفي هذه المعركة حلت بجيش الإمام أول هزيمة كبيرة. وبعد ذلك بقليل؛ء مع نهاية عام ١٠۱۸۷› التقى جيش سيف بن سليمان البوسعيدي» وهو حليف آخر لتركي» بجيش الإمام. ودارت معركة طويلة شهدت في ٠ كانون الثاني (يناير) ١۸۷١ موت الإمام عزان وخصمه. ولم تلبث الإمامة نفسها أن سقطت. وإن ربح تركي المعارك التي جرت بعد ذلك ضد الإمامةء ودخل العاصمة منتصرل غير أنه لم يعرف فيها السلام. فعلى الرغم من سقوط الإمامة ورمزهاء واصَل الخليلي وابنه وجماعته المقاومة في قلعة فى مسقط. وألهمته إرادته الثابتة على مواصلة نضال الإماميين أن يطلب إلى إبراهيم بن قيس» شقيق الإمام المتوفى» أن يقبل خلافته. ولكن إبراهيم لم ير نفسه على مستوى المهَمّةء فاعتذر عن هذا العرض وانسحب مع جماعته إلى عُمان الداخل. حاول جيش تركي» عبثأء ثني إرادة العالم الخليلي الذي كان قد كرس كل حياته لمعتقداته ومثله الإباضية العليا. كما حاول بعض القادة القبليين» بعد ذلك أن يلعبوا دور الوسطاى ولكن الخليلي طعن بهم آخذاً عليهم خيانتهم للإمامة. إلا أنه قبل الوساطة الرسمية للكولونيل بيللي وللمقيم البريطاني في مسقط الميجر واي الذي كان قد حل محل ديسبرو. وقد نجم عن ذلك اتفاق بين الخليلي وتركي وواي. نص على تسع نقاط؛ من بینها: ه أن لا حسابات على الخليلى يؤديها لأحد على كونه دخل فى خدمة الحكومة الماضيةء ولا على التغييرات الطارئة على الأشخاص والممتلكات خلال وجود هذه الحكومة. ه أن بوسعه الإقامة حيث يريد وأن السيّد تركي ملزم بحمايته من مضايقات أي شخص يتدم باتهامات ضدَّه وفي المقابل يتعهّد الخليلي بألا يساند أو أي عدر للسيّد تر كي وألا بيت أيه نية سيئة تجاهه. كما طالب الخليلي بألا يحص لقادة القبائل الغافرية» أو قادة الهناويةء إيقاف أو ٢۳ مضايمة أصدقائه والمقربين إليه: عبدالله بن سلیمان بن حمودة› سيف بن على› .ل . ‎to‏ ‏حمد بن خليفةء نجم بن محمد واخرین” . وحرص بيللي بأن يضيف إلى هذا الاتفاق فقرة أشار فم فيها إلى أن بريطانيا غير مسؤولة عن حسن تنفيذه منكراً بذلك الدور الرسمي لبريطانيا؛ وإذا كان الكولونيل بيللي حاول التملص من الاتفاق سياسياء فإنء شاء أم أبىء مسؤول عنه أدبياً. وفي فإن كلمة بيللي وواي والتزامهما الأدبي هما اللذان جعلا الشيخ يقرر النزول من القلعة التي اعتصم فيها. على أن هذا الاتفاق لم يُلتزم به ويُحترم. فبعد شهر من قبول الخليلي الخروج من القلعةء حيكت مؤامرة ضدّه وضد ابنه. فقد انهم بإجراء اتصالات مع إبراهيم بن قيس وبتحريضه على التمرد. واستّدعي الشيخ الخليلي إلى مقابلة مع السلطان تركي الذي أعلمهء كما يقول السالمي› بغضبه وقال له: «أخرجتمونا من أوطاننا وفعلتم وفعلتم. .. فردٌ الشيخ «ما فعلنا إلا ما تقتضيه الشريعة». فما کان من السيّد ترکي إلا أن أمر بتقييده مع ابنه وإيداعهما سجن الجلالي”*. وفي صبيحة ١٠ شباط (فبرایر) ۱ أعلنت وفاة الخليلي. وفي ۱۷ شباط (فبرایر) أعلنت وفاة انه محمد( ۷'٩ 7 ميجر واي الذي کان قد رتب ب المفاوضات ورعاها وحصل على ثقه نمه الرسمية براي ُن واپنه عوملا معاملة وضّربا حتى الموت» ‏ ٹم دفتا في س )۸٤( (٥٤( .33 - ‎R/15/6/36, The «Clyde» Affair, p.32‏ )٦٤( السالمي (عبدالله بن حمید) مرمع ماب الجزء الثاني› ص ٢٦۲۲. L.O.R.: R/15/6/36, The «Clyde» Affair, p. 34. ‏)۷٧٤(‎ I.O.R.: R/15/6/52, Confidential: Letter from Political Agent, Muscat, to Political Resident, (£۸) Bushire, June 27, 1929, p.219. Wilkinson (J.C.), The Imamate Tradition of Oman, op. cit., p. 237. ‏أنظر أيضاً:‎ ۳۳ کان التبرير الرسمي للسلطة العُمانية أن موت الخليلي وابنه نجم عن «الإسهال والخوف». أُما الميجر واي الذي عرف الحقيقة فمد صعق من هذا التبرير وتحسساً منه بمسؤولیته الأدييةء لم يكن منه منه إل أن وضع المسدّس في رأسه وانتحر( ۹( ١ . تأملات حول سقوط الإمامة نجحت بريطانيا في إفشال ثاني أكبر ثورة عُمانية في التاريخ الحديث بعد ثورة اليعاربة في القرن السابع عشر. وهكذا أجهض مشروع الدولة الإسلامية الإباضي؛› ودُمُر حلم أغلبية الُمانيين من جديد. وهذا الواقع يقودنا إلى سؤال يستحقٌ الوقوف عنده ‏ سۇؤال مفاده: ما هو المنطق الحقيقي الذي حمل بریطانیا على إعافة مجری سوف يكون من قبيل الاختزال أن لا نرى» خلف هذا المنطق؛» سوى مصالح استعمارية. إنها حقيقة هامة بالتأكيدء ولكنها لا تكفي لتفسير جهل القوة الاستعمارية الكلّي بتاريخ هذه المنطقةء وخاصّة عُمانء وثقافتها وقيمها وحضارتها. بادجر وهو سياسي ورجل كنيسة عاصر الأحداث وكان كذلك عضواً في لجنة المد دالسارق يدم شهادة لا لبس فيها حول هذا الموضوع حيث يقول: «من الجدير بالملاحظة (...) أنه على الرغم من علاقاتنا السياسية والتجارية الوثيقة ثيقة شمان منذ القرن الماضي: ا قمعرفتتا الو سطی» ) ‎GR‏ ‏بدوره شار ولكنسون إلى عجز الإنكليز أو سوء نيتهم فيما يتعلّق باستيعاب واقع المنطقة وثقافتها وقبولهما: )۹٤( ‎Wilkinson (J.C.), The Imamate Tradition of Oman, op. cit., p.237.‏ أُنظر أيضاً: کیلي (ج. ب) ہیطانیا مرجع سابق؛» الجزء الثانيء ص Wilkinson (J.C.), The Imamate Tradition of Oman, op. cit., p.237. ‏(۰٥) راجعه في:‎ ٤۳ ووكلائها في الخليج فيما يتعلّق بتفهّمهم لكل وجهة نظر محلية لا تتفق مع وجهة كذلك الأمسر فكل من بادجر وبیللی› وهما شخصيتان هامتان؛ يعبران عن وجهات نظر تؤكد ما نذهب إليهء وتدعم إحدى فرضياتنا الرئيسيةء وهي أن بريطانيا يقول بادجر: «من حق السيد عزان. مثله مثل غيره من المتنافسين على الحكم فى عُمانء أن يتولَّى مقاليد السلطة فيها. فقد أظهر السيد عزان من الشجاعة والجراة والحنكة السياسية - وهي صفات لا بد من توفرها لحفظ النظام بين القبائل المتناحرة - ما يفوق غیره من وبدوره ر يمصضیى بيللي› لہ ة» بعيداً فی ر تحلیله. فلقد أدرك أُن إمامة عزان قادرة على قيادة المجتمع المماني إلى مستوى وحدة ملحوظ. ومرة أخرى؛ لا يخفي بيللي› على الرغم من کونه خصماً سیاسیاً طبيعياً لعزان› إ[عجابه بهذا الإمام واحترامه لإنجازاته إذ يقول: «يبدو لى أنه بصرف النظر عن العواطف الشخصية حيال حكومة السيد عزان أو الطامحين إلى خلافته من سلالة السيد سعيدء فإن تحت هذه العواطف قضية المركزية ضدً الإقطاعية. فخلال عهد الحكام المنتمين إلى سلالة السيد سعيد كان كل الزعماءء ولا سيّما زعماء الداخل والجنوبء محترمين لا تُمَسٌ سلطاتهم. لكن حكومة عزان - الخليلى شكلت محاولة لتفكيك سلطات رؤساء القبائل المستقلّة ولإحلال حكام محليين (ولاة) أو مندويين عن الحكم المركزي محلهم )0.0( ولمثل هذه )۱٥( .326 ‎Ibid., p.‏ ‎Badger (G.P.), «Introduction and analysis», in: History of the Imams & Seyyids of Oman, (°‏ op. cit., p. CXIX. ۳e المحاولاتء. من وجهة نظر أوروبية. سوابق ناجحة. إلا أن قابلية تطبيق مكل هذه السياسة بشكل دائم وناجح بين العرب مثار شك وفي رسالة أخرى يلخص بيللي حياة عزان بقوله: «لقد عاش بطلاً ومات بطلا كان السبب الرئيسى لسنقوط إمامة عزان بن قيس انعدام الاعتراف البريطاني. وهناك لا شك؛ جوانب اقتصادية مرتبطة بالاعتراف أو بالأحرى» بعدم الاعتراف. ذلك أن بريطانيا كانت قد أغلقت الموانىء الهندية والإفريقية في وجه التجارة العُمانية وقد سيب ذلك ركوداً اقتصادياً في البلاد. وهذا الوضع الذي دام آکٹر من سنتين أرغم التجار الُمانيين على مغادرة البلاد فَحُلَت مسقط من أي نشاط تجاري. ويلخص لوريمر أسباب سقوط الإمام عزان كما يلي: «لولا رفض الحكومة البريطانية الاعتراف به رسمياء وفقدانه بالتالى معونة زنجبارء وإطلاق حكومة الهند عدوّه الخطير السيّد تركى. لكان عزان استطاع أن يتغلب على الصعوبات التى اعترضته جميعاء ولاستطاع أن يقيم ملكية على درجة عالية من التنظيم والكفاءة ولو لفترة من الزمنء”“““. إن هذه التجربة تقَدّم على الرغم من فشلهاء درساً في التاريخ وسابقة. هامة. فإلى جانب تجاحاتها على الصعيد السياسي الداخلى» استطاعت الإمامة إرغام بريطانيا على التراجع وأوقفتء ولو لبرهةء توسع سيطرتها وكادت أن ترغم بريطانيا على الاعتراف باستقلال عُمان وسيادتها وشرعية حکومتها بالتأکید. ۲ : ترکي ان اسشیف (۱۸۷۱ ء ۱۸۸۸) )۳٥( .29 ‎L.O.R.: R/15/6/36, The «Clyde» Affair, p.‏ (٤ ٥) أنظر: کيلي (ج. ب) بيطاتيا رالضليي سبق ذكره الجزء الثاني» ص ۹٠٠. (٥٠) لوریمر (ج. ‎td‏ الجزء الثاني› ص ۱۱٦۷. ٦۲۳ وصوله سجل بالنسبة لمُمان بداية فترة طويلة من الحرب الأهلية تجاوزت عهده وعهود خلفائه. ويرى بيللي أن موت عزان فتح الطريق لتركي لكنه جعل الاستقرار شبه مستحیل يقول ولكنسون: «بعد الموت الرهيب للإمام العالم الجليل سعيد بن خلفان الخليليء أعلنت حرب لا هوادة فيهاء شبيهة بتلك التي قامت منذ ألف ومائة سنة بين الحركة الإباضية وآل كان صالح بن علي الحارثي» ثالث شخصية في عهد إمامة عزانء قد نجا مِما آل إليه مصير الخليلي وواصل شنّ هجمات شديدة على مسقط. كذلك لم يتوقف إبراهيم بن قيس» الذي كان قد انسحب إلى داخل غُمانء عن شن هو لاخر ضدًّ قوات تركي. وهكذاء فإن تركي استطاع بمساعدة بريطانياء قلب الإمامةء ولكنه لم يستطع؛ مع ذلك؛ السيطرة على الوضع الداخلي. فحتى المساعدة البريطانية بدت هذه المرة عاجزة. وفضلاً عن ذلك فإن بريطانيا أعطت نفسها بعض الوقت قبل أن تعلن اعترافها بحكومة تركي. فموثُ الشيخ الخليلي وابنه المأساويٌ وكذلك انتحار الميجر واي› جعلاها متحفّظة. فلم تعلن اعترافها الرسمي إلا في ١۱ حزيران (يونيو) ١۸۷ ولكن هذا الاعتراف بداء على الصعيد الداخليء عديم الجدوى تماماً. ويناء على نصيحة الميجر روس المقيم السياسي الجديد في مسقط أعلنت بريطانيا حمايتها الرسمية لمدينتي مسقط ومطرح ولكنها لم تستطع؛ بعد ذلك بسط هذه الحماية على کل عُمان. فقد كان إعلان ١٦۱۸ الفرنسي - البريطاني المشترك يمنعها من ذلك" (وسوف نعود إلى هذه النقطة في الفصل التالي). I.O.R.: L/PS/9/17, Muscat, 1869, pp. 223-231. ‏)٦°(‎ ‎Wilkinson (J.C.), The I/mamate Tradition of Oman, op. cit., p.238. (°۷) L.O.R.: R/15/6/36, The «Clyde» Affair, p. 36. (°۸) 9 ٥( راجع الفصل السادس. ۳۳۷ لقد سمح للميجر روس» إِذا بإعلان هذه الحماية رسمياً. وبالإعلان أيضاً أن بريطانيا قد قررت» لأسباب خاصّةء دعم موقف تركي ضدٌ كل عدوان عليه طيلة حياته» ولكن شريطة أن يحكم عُمان بطريقة تقبلها حكومة وفيما بعد مضت حكومة الهند البريطانية في دعمها لأسرة البوسعيدي في مسقط فصرحت» بدون التباس» أن المجلس سينظر بسرور إلى إِبقاء عرش مسقط في هذه الأسرة التى ربطتها بالحكومة البريطانية علاقات وثيقة منذ بداية القرن الحالي› ولضمان مثل هذه النتائج أعلنت عن نيتها ممارسة كل النفوذ المعنوي الذي تملكه لهذه الغاية ومن جانب آخر قام السلطان تركي عام ١۱۸۷ - ۱۸۷۲ء بمحاولة الاتصال بسلطان زنجبار» برغش» الذي كان قد وصل إلى الحكم بعد وفاة أخيه ماجك أي في الوقت الذي وصل فيه السلطان تركي نفسه؛ وذلك للحصول منه على معونة زنجبار. ولكن بريطانيا تدخلت من جديدء لتجنب عودة انعقاد الصلات السياسية والأسرية المباشرة بين الطرفين والأخوين؛ وفرضت أن تدفع المعونة بواسطتها. ولكن تركي للوحدة المُمانية - الإفريقية ولفكر عُمان الكبرى مضى» عام ١۱۸۸» في محاولة شجاعة لتجاوز الوصاية البريطانية باقتراحه على أخيه برغش أن يصبح سلطان زنجبار وتحمان معاً. وبعبارة أخری» كان تركي مستعداً للتتازل عن منصبه من أجل إعادة تكوين الوحدة - الإفريقية على الرغم من الإنكليز'). ومن الملفت أن لوريمر يذ كر هذا الحدث دونما التوسع في التعليق عليهء ولكن من البديهي أن بريطانيا وأدت هذه الخطة قبل أن تنتضج. فمن الصعوبة بمكان تصور ترك وقد انحاز نهائياً عن فكرة عزيزة عليه كما أنه من الصعب أن نتخيل أن يکون هذا العرض الكريم قد استُقبل استقبالاً من جانب برغش. بل يجدر بنا أن لوريمر (ج. ج) ممع سابق» الجزء الثاني ص ٠٠ 8. )۱٦( ‎I.O.R.: R/15/6/36, The «Clyde» Affair, p.44.‏ (١1) لوريمر (ج. ج) عع ساب الجزء الثاني» ص ۰۲ ۸. ۲۳۸ نفترض أن سلطان زنجبار رأى فرصة غير متوقعة لإعادة بناء السلطنة الكبرى لمصلحته وإعادة عحمان وزنجبار موحدتین على غرار أیيه سعید بن سلطان (١۱۸۰ - ولكن الانقسام بل كان النصيب الموعود للسلالة السلطانية العائدق كما كان كل بديل عظيم ممنوعاً عليهاء بعد ذلك الحين؛ من جانب سيطرة بريطانية لا لاجم لھا. وكدليل على تفكك الحكم نشير إلى اغتنام الوهَايِين فرصة مجيء تركي الذي كانوا قد دعموه ليوطدوا نفوذهم في واحة البريمي. وهكذا وجدت عُمان نفسها بلدا دون بنية سياسيةء ودون سلام اجتماعي ‏ بلدا ممزقا بحرب اهلية قوت من جديد الروح العشائرية والقبلية. ووجدت نفسهاء خاضعة للحكم البريطانيء بل أصبحت إنكلترا الممثلة الرسمية ولن يكون من شأن هذه السيطرة إلا أن تتوطد في عهد فيصل بن تركي الذي نعالجه في الفصل التالي. ۳۹ الفصل الثامن مان بين الاستقلال والتبعية «إن ما أتمسك به هو استقلالي. ولن تمس بريطانيا دولتي ما دمث الللطان فيصل (۱۸۸۸ - ۱۹۱۳) السلطان فيصل بن ۱۸۸۸ . ١۱۹۱) طبع عهد فيصل بن تركي بالنزاع الإنكليزي - الفرنسي وبنضال السلطان في سبيل استقلال بلاده. فبريطانيا التي تخلت عن مشروع ضم مسقط ومطرح إليهاء وفشلت في مشروع فرض حماية مباشرة على عُمان؛» نتيجة لاعتراض فرنساء وجدت البديل جميعاً في التعهد المانع الشهير (١۱۸۹) الذي تحولت معه عُمان إلى مستعمرة غير رسمية. في عام ۱۸۹۹› قرر فيصل منح فرنسا مستودع فحم فاحتجت بریطانيا بعتف وأدت هذه القضية إلى أزمة عرفت باسم «أزمة مسقط». ولم يلبث أن أعقب هذه الأزمة عام ١٠۹٠ خلاف على شأن الأعلام الفرنسية التي كانت السفن المُمانية ترفعهاء وجرى التحكيم عليها أمام محكمة لاهاي الدولية. ولكن ذلك العهد كان أيضاء على الصعيد الداخليء عهد تمرّق ومنازعات حادة اندلعت مع سقوط إمامة عزان عام ۱۸۷۱ واستمرت خلال سلطنة فيصل حتی ثورة ۱۹۱۳ - ١۱۹۲. القسم الأول مازق فيصل تبنّى فيصل غير المعروف جيدا من المؤرخين» على عكس السلاطين الذين مواقف وطنية واضحة وحاول التعبير عن موقف حازم من بريطانيا. وقد ٢ اعتبرت حكومة الهند التي كان يرئسهاء إذ نائب الملك اللورد كورزون ‎)Curzon(‏ والحكومة البريطانية برئاسة اللورد سالسبوري (ryنطsاSa)›‏ هذا الموقف تحدياً غير مقبول من جانب «أمير كانتا قد فضّلتاه على أخيه الأكبر محمد ' ولم يكن ينبغي عليه أن ينسى أبداً أنه قدين لهما بوصوله إلى الحكم. غير أن فيصل لم يرغب في أن یکون حکمه مجرد امتداد لحکم والده. بل کان يطمح إلى أن يصبح سيد دولة موحدة مستقلّة استقلالً حقيقياً عن أي نفوذ أجنبي. ويبدو أن فيصل كان ممتعضاً بنوع خاص من سيطرة الإنكليز على سياسة حكومة مسقط لا سيما أنه كان لا يجد لذلك مبرراً منطقيا٩. ولم يكن السلطان الشاب الذي تولى الحكم في الرابعة والعشرين من عمره يرمي إلى بناء سلطنة مستقلّة فقطء بل كان متأثراً أيضاء إلى درجة معينةء بالنموذج الإباضي للدولة الإسلامية: الإمامة. ولذلك أعطى نفسه لقب إمام بدل لقب سلطان. وكلّف العام نور الدين عبداللّه السالمي» بكتابة تاريخ عُمان المعروف بتمفة اللعيات ية اقل ولكن الحركة الإباضية التي دخلت بعد سقوط عزان في شبه مرحلة كتمان لم تتقبل السلطان فيصل رغم ميوله المؤيدة لنظام الإمامة وموقفه الحازم من سياسة بريطانيا. فكان على فيصل» إذا مواجهة ريبة شعبه والنزاعات المستمرة التي كانت تقوم ضده» من والتغير في موقف الإنكليز الراغبين في إحلال غيره محلهء من جهة أخری. ولم يكن ليغيب عن فيصل أن بيت القصيد أولاً وآخراً هو بقاء الكيان العماني. فيموجب الإعلان الإنكليزي ‏ الفرنسي (۲١۱۸)› كانت عمان تعد دولة مستقلّة وذلك ما كانت تستند إليه مواقف السلطان فيصل المناوئة لبريطانيا. ولكن النفوذ البريطاني كان قد بلغ بعد سقوط [مامة عزان بن قيس عام ١۱۸۷› درجة لم تدع هامشاً لممارسة أي شكل الاستقلال أو السيادة. (۱) لاندن› (ر. ج) سمع سان ص 1 ١ . تقرير أوقافي ‎O۵۷‏ (٤۱۸۹) في عام ١٤۱۸۹ وصل السيد نائب قنصل فرنسا إلى مسقط. وسرعان ما اكتسب» وهو النشيط البارع صداقة السلطان وثقته. ولقد لعب دوراً ملحوظاً في الدفاع عن مصالح بلاده مستفيداً من مناخ الخلاف الحاد بين السلطان ويريطانياء كما دعم في الوقت نفسه اتجاهات السلطان الاستقلالية. إلا أن كفاءته» وربما انعدام وسائل الاتصال الحديثةء كثيراً ما حملاه على حل في الشؤون الداخلية الُمانية دون الرجوع بالضرورة إلى رؤسائه. وقد أسهم على كل حالء في زج السياسة البريطانية في عمان والخليج في أحرج المواقف وأكثرها إرباكا. في ١۱ کانون الثاني (ینایر) ١۱۸۹» قدم اوتاڻي لوزاراته في باریس تقريراً سياسیاً هاما أعطى فيه صورة دقيقة ومفصلة عن الوضع السياسي في عمان ومنطقة الخليج ولم يفته التذ كير فيه بالسيطرة البريطانية على كل الخطوط البحرية المؤدية إلى الهند» والتي كانت تتهیاً لتصبح مرکز ثقل يشبه ما كانت عليه روما التي كانت «كل الدروب تؤدي إليها» حيث كان الإنكليز يقولون: إن الطريق البحريةء من البصرة إلى الإأسكندرونة ومن مسقط إلى قبرص» يجب أن تكون في عهدتهم لأنها إحدی طرق الهند. استفاد أوتاثي من ذلك ليطلب من حکومته اتخاذ تدابير ترمي إلى وضع حد للنفوذ البريطاني الذي بداً يسيطر على كل الخطوط البحرية القديمة التي كانت ما تزال نشطة منذ العصر البابلي تصل بين مناطق وشعوب الخليج. وإذا كانت عُمان محور هذا التقرير فلأنها كانت أيضاً محور السياسة الفرنسية في منطقة الخليج والمحيط الهندي. ويؤكد ذلك أوتاثي حيث يقول: «بدلاً من أن ندع إنكلترا تستمرٌ في التحكم بمصائر عُمان وسلطنات الخليج الفارسي الصغيرةء وبدلا من أن تعتبر نفسها اللمسؤولة الوحيدة عن الدفاع عن الإنسانية ضدَ البربريةء وبدلاً من أن نترك لها احتكار التجارة والملاحة... بوسعنا لربّما أن تُحَصَل في عُمان نصف السيادة التي تخولنا إِيّاها اتفاقيتا ۲ و ‎A4‏ Aff. Etr. N.S. Mascate, vol. 1, p.65 (۲) ئ كان محتوى هذا التقرير الجيد يعلن؛ فضلاً عن التفاصيل والشروحات المستفيضةء تغييراً فى موقف فرنسا التقليدي حيال عُمان. فلم تعد غُمان القوة الإقليمية والحليف المحترم من قبل فرنساء بل تحوّلت إلى قطعة «حلوى» تتقاسمها مع بريطانياء وهكذا كشفت فرنسا عن نواياها الاستعماريةء هي الأخرىء تجاه حليفتها التقليدية والتاريخية. وهكذا حاولت فرنساء بشخص أوتاثي وبكل التصميم الممكن؛ فرض نفسها على أرض عُمان كشريك ند لإنكلترا. ولكن هذه المحاولة ما لبثت أن مُنيت بالفشل. ۲ . الوضح الداخلي وفي هذه الأثناء كان على فيصل مواجهة أحد أخطر التحديات ضدً حكمه فلقد قامت القبائل الهناويةء المناصرة لنظام الإمامة عام ٥ء بعصیان استنفر کل غُمان. ولقد تقوت هذه الانتفاضة إثر نقض صالح بن علي؛ء رئيس قبيلة الحرث بيعته للسلطان وانضمامه إلى الحركة. وفي شباط (فبراير) ١۸۹٠› سقط القسم الأكبر من المناطق المحيطة بمسقط وحوصرت العاصمة وكاد السلطان أن يقتل خلال إحدى الهجمات. وفي آذار (مارس)» جرى لقاء هام بين الممثل السياسي البريطاني ومحسن بن عم أحد قادة الانتفاضة يرافقه شيخ من الحرث. استعرض القائدان المحليان دوافع هذه الانتفاضة التي وصفوها بأنها «حركة اجتماعية» ترمي إلى قلب السلطان» وهو الأمر الذي يلي في رأيهما رغبة الجميع. ودافعا عن فكرة إقامة حكومة قوية قادرة على فرض احترامها في كل البلد. وفي هذه المناسبةء عبر المندوبان شخصياً عن رغبة شيوخ قبائل الحرث في إخضاع سلطنة تمان لحميد بن ثويني» سلطان زنجبار. وفي حال تبينت استحالة هذا الحل عبرا عن رغبتهما في أن يكون على راس عمان أحد أبناء عزان. فطلبت إنكلترا وقتاً لدراسة هذه الاقتراحات. وعلى الرغم من المساهمة الهامة لولدي الإمام عزان بن قيس» حمود وسعود؛ في (۳) لوريمر (ج. ج) مرمع سابقء الجزء الثاني» ص ۸۲۹ - ۸۳۱. Yt هذه الانتفاضة ومحاولات الأخير لقيادتهاء فإن الحركة الإباضية لم تكن قادرة بعد سقوط رئيسيها التاريخيين» عزان بن قيس والخليلي» على تبني هذه أو بالأحرى لم تكن مستعدّة لذلك بعد. ۱ وفي آذار (مارس) ١۱۸۹› جاء المقيم السياسي البريطاني» شخصياء للقاء صالح بن علي الحارثي لإطلاعه على الجواب النهائي لحكومة الهند على مقترحات ممثلى الانتفاضة. وقد أعلنت بريطانيا أن توحيد عمان وزنجبار مسألة غير واردة إطلاقاً. وأن ممتلكات الرعايا البريطانيين يجب أن تحترم تحت طائلة اتخاذ تدابير انتقامية. ومع ذلك فإن بريطانيا لم تطلب إلى قبائل الحرث إنهاء ثورتهاء بل إنهاء في المقابل› رفضت طلب السلطان مساعدته لمواجهتها. وبالفعل› تعممدت السلطات البريطانية ترك هذه الأزمة تتفاقم للاستفادة منها لمتابعة تَقَدّم مصالحها في عدَة نقاط. علماً أنه كان لديها ثلائة بدائل تختار بينها: ١) ضم مسقط ومطرح إلى الممتلكات البريطانية وتعويض السلطان عنها. ۲) إعلان الحماية البريطانية على عُمان كلها. ۳) توجيه إنذار إلى كبار شيوخ عُمان بأنه مهما بلفت الخلافات بينهم وبين السلطان فإن الحكومة البريطانية - دفاعاً عن مصالحها الهامة في عُمان - لن تسمح بأي هجوم على مسقط أو مطرح. كانت النقطة الأولى تعر عن مزايدة استعمارية ونتيجتهاء في كل الفشل الحتمي لأنه من الصعب «ابتلاع» هذا المشروع غير المعقول حتى بالنسبة للأمبراطورية البريطانية. أما البديل الثاني لأنه ما كان لفرنسا أن تقبل به. ولذلك تقرر اعتماد البديل الثالث الذي ينص على مطالبة رؤساء قبائل عُمان في توفير مسقط ومطرح من هجماتهم مۇق (٤) لوريمر ج) سم ساب الجزء الثاني› ص ٩٣٤ ۸. (٥) راجع بيان السلطان للشُمانيين في: .172 ‎Aff. Etr. N.S. Mascate, vol. 2, p.‏ to وبدا أُن بريطانيا لم تكن منزعجةء في نهاية المطاف» جديا ولأاسباب سياسية مختلفة من هذه الانتفاضة طالما أنها لن تمس مسقط ومطرح. والمفارقة هي أن إضعاف السلطان من شأنه أيضاً أن يخدم المصالح البريطانية. وفعلا حاول بعض قادة الانتفاضة في البدى إبقاء بريطانيا بعيدة عن النزاع. وقد حافظت القبائل على كلمتها ووفّرت المصالح البريطانية وممتلكات الهنود والإنكليز. إلا أن الانتفاضة تجاوزت أطرها. فعندما شرع بعض قادة الحرث في القيام بتنازلات لبريطانيا والتفاوض معهاء تحولت الانتفاضة إلى العنف والتخريب. بل إن القنصل البريطاني في مسقط؛ هوايت (عtن)›‏ كتب رسالة إلى السلطان يحمّله فيها مسؤولية هذا التخريب ويطلب منه التعويض عن هذه الخسائر. ويطلب منه أيضاً فرض ضريبة على قبائل الداخل. ويذكر القنصل؛ في رسالته إلى السلطان› ما يلي: «نرجو من جلالتكم إعلام القبائل المعنية أن وراء هذه الضريبة الإلحاح البريطانيء”°. وبعبارة أخرى» كانت بريطانيا هي التي تتولى» صراحةء الشؤون وكانت صاحبة السلطة المطلقة لا الحكم فقطء وكان على القبائل الاعتراف بها بهذه الصفة. ومع ذلك؛ فقد انتهت هذه الانتفاضة أخيراً على أساس «تعهّد بعدم الاعتداء) وقعه المتحاربان صالح بن علي الحارثي والسلطان فيصل وكانت بريطانيا الوسيط فيه. وأشار أوتاثي في أحد تقاریره إلى أن السلطان دفع مبلغ ٠ ]يکو ‎(Ecus)‏ ‏لقاء رحيل القبائل عن مسقط. واستنتج من ذلك أن فيصل بقي على هذا النحو سلطاناً ولكنه في حكم المهزوم(. وبهذا التعهّك ضعف نفوذ فيصل فعلياًء ضعفاً شدیدا ولم يعد حكمه يمت بعد ذلك؛ إلى خارج حدود مسقط ومطرح. وظل الو ضع على شفا الانفجار من جدید. م )٦( .48 ‎Aff. Etr. N.S. Mascate, vol. 2, p.‏ ‎Aff. Etr. N.S. Mascate, vol. 1, p. 135. (۷)‏ ٢٢ ۲ . تعویض زنجبار كانت بريطانيا قد قدّمت؛ قبل ذلك» مساعدة مالية قدرها ۸۰ ألف روبية إلى حكومة السلطان كتعويض عن المبلغ الذي كانت تدفعه حكومة زنجبار بموجب اتفاقية التقسيم المفروضة عام ومن المفيد التذكير بأنها كانت قد أوقفت هذه المساعدة عند وصول الإمام عزان إلى الحكم عام ۱۸۱۸ء ولم تستأنفها إلا بعد سقوطه» مع حلول السلطان تركي» ولكنها أعادتهاء هذه المرةء في إطار تطبيق سياسات معينه. ويسجل لوريمر أن حكومة المتروبول البريطانية وحكومة الهند اقتسمتاء بصورة متساويةء دفع هذه المساعدة وأنهما أعلمتا تركي» في حينه» بأنهما ستواصلان دفع التعويض» طالما بقي السلطان وفيا لالتزامات المعاهدة المعمول بهاء وطالما تمسشك بصداقته مع ولكن الحقيقة تخالف ما يذ كره المؤرخ الإنكليزي الرسمي لوريمر تمام المخالفة. ذلك أن بريطانيا لم تكن تقتطع المبلغ المدفوع من ميزانيتها ولا من ميزانية حكومة الهند بل من دخل زنجبار. وهذا الأمر تؤكده الوثائق الدبلوماسية الفرنسية إذ تقول: «يجب أن يتبين بوضوح أن زنجبار هي التي تدفع المبلغ لمسقط. وإذا كانت إنكلترا التي استولت اليوم على زنجبار وورثت التزاماتها حيال السلطنةء أي دفع هذا المبلغء فهي تفعل ذلك أو يجب أن تفعلهء بموارد زنجبار وليس من ميزانية والواقع أُن بریطانیا سبق أن قرت بند المساعدة من زنجبار لمسقط لمر مشروع تقسيم الدولة - الإفريقية عام وقد استطاعت» بهذا الدعم ويبفضل التهديد» امتصاص احتجاج ثويني الذي لم يوافق؛ بطبيعة الحالء على هذا القرار ولکنه لم يكن يملك يارا آخر. 4 .Y۷ ‏س سال . الجزء الثاني» ص ٢‎ a ‏لوریمر )ج۰‎ (۸) Aff. Etr. N.S. Mascate, vol. 1, p. 56. (۹) ۷٢٤ وفيما بعد ادّعت الحكومة البريطانية السهر على تغطية هذه «المعونة» أو هذا «التعويض» والحت على أن يُدفع عن طريقها. وكان ذلك بهدف قطع كل صلة رسميه بین عمان وزنجبار. وعندما تحقق هذا الهدف؛› صرحت بأنها نعتبر هذه المعونة بخسة على الرغم من أنها بلفت» في ذلك الوقت» ربع ميزانية السلطان. وهكذا وجدت البلاد نفسها ضحية مرتين: ضحية التقسيم وضحية نتائج هذا التقسيم وفقدان استقلالها وسيادتهاء ثانياً. وقد لاحظ أوتاثي مفارقة الموقف ولخصه كما يلي: «لا تبدو موارد السلطان المضمونة متجاوزة لمبلغ ٠60٦ ألف فرنكء يشكل "دعم" الحكومة البريطانية ربعها (...) كما الهند»”. ۱ وني عام ١۱۸۹» انتهت إنكلترا بإعلان الحماية على سلطنة زنجبار. وهكذا تحوّلت زنجبار رسمياء إلى مستعمرة بريطانيةء وتم الانفصال الام بين القسمين. وهكذا أيضاً وجدت عمان نفسها مرغمه على أُن تخوص وحدهاء بعوة عير متساوية› الصراع بريطانيا. وكان الرهان بالنسبة للبلاد هو تحديد مستقبلها: الاستقلال أو ٤ . التعهد الخاص بالتخلي عن الأراضي حاول فيصل توطيد علاقاته بفرنسا في سياق جهده لإضعاف النفوذ البريطانى ولخشيته من أن تعرف تمان مصير زنجبار نفسه. وكان ذلك اختياراً ضرورياً لتوفير حدّ أدنى من التوازن على صعيد علاقاته الخارجية. فاستقبل: للمرة الأولى» فى مسقط مندوب روسياء وهي بلد حليف لفرنساء الذي كانت مهمعه استعناف العلاقات العمانية ‏ الروسيةء وتلك خطوة ضرورية لإقامة توازن. Aff. Etr. N.S. Mascate, vol. 1, p.44. ‏)١۱(‎ 4۸ على الرغم من نتائج هذه الاتصالات السياسية المتواضعة والمحدودةق فقد ملت في ذاتهاء تحدياً جديداً للسيطرة البريطانية. فشرعت هذه الأخيرةء من جهتهاء في اعتراض هذه الخطة فوراً. القد د نكرت الحكومة البريطانية في ا اتخاذ " 1 تضم ر 01 ر ل النفود لبريطاني لولا الإعلان ر المشترك لعام ۲١٦۱۸ الذي سد فى وجهها هذه الإمكانية. فلجأت الحكومة البريطانية إلى حل آخر حيث أعدّت»ء عام ۱۸۹۱ء تعهّداً فرضته على السلطان» يرغمهء كما يرغم خلفاء» على ألا يسمح هو أو من يخلفه بأية امتيازات فى أرضه لأية دولة من الدول الأجنبية عدا ۱ ۱٩. اولشمویه هذا التعهّد المعروف سیاسیاً يا اسم وا «التعهد م وقعت إنكلترا» في يعتبر هذا التعهّد السري أحد أخطر الوثائق التي وقعتها عُمان في تاريخها أجمع. ومن الصعب جداً تخيل حاكم أو سلطان مستقل يوافق على مثل هذا التعهّد ما لم يكن قد أجبر عليه. والتقرير الخارجية أفرنسية» و ونحن ر إليه لمر لأولى» يكشف ل ۸0« ر السلطان فيصل السّيد ا في سره. فبعد أن اعترف له بالطغيان الذي يمارسه عليه وعلى بلده العملا الإنكلير الهنوكُ أطلعه السلطان على نص اتفاقية سرية موفعة مع الكولونيل روس» المقيم الإنكليزي في في ٠ آذار (مارس) ۱. ويضيف التقرير أن السلطان لم يُحُفِ على السيد أوتاثي أنه وفع تحت التهديد ويقول السلطان في هذا الصدد: «ولكن استقلالي هو ما أتمسَك بهء ولن تمس بريطانيا دولتي (١۱) لوريمر (ج. ج)؛ عع ساب الجزء الثاني ص ۹٢ ما دمت حيا... ولو أردت الحماية فبالتاكيد لن أتوجّه إلى الحكومة الإنكليزيةء لقد تعلمت من مثال زنجبار. لقد وفعت تحت التهديد... وکنت مُستفردا. تلك هي» إِذا الأسباب التي دفعت السلطان إلى قبول ما لا يبل ولكنه كان حاسماً في موقفه تجاه بريطانيا. إلا أن صحة تقييم فيصل لاستقلاله يبقى موضع مساءلة على الرغم من حرصه على حماية غُمان من السيطرة البريطانيةء الرسمية على الأقَلّ. ذلك أن الوزن المعنوي والسياسي لهذا التعهّد لا يدع أيه إمكانيةء ولو افتراضية لاستقلال مان أو سلطانها نفسه ولا لسيادتهما. لقد كان هذا التعهّد هزيمة سياسية لطموحات فيصل الاستقلالية. ويلخص أوتاثي» في تقرير آخر إلى وزارة الخارجيةء في باريس؛ وضع عُمان (١۱( وهم» . وفيما يتعلق بالوضع العام للخليج يضيف ما يلي: «لم بعل الخليج الفارسي سوی يحيرهة إنكليزية؛ فعلی مدخله مسقط المملوكة سرا وفي وسطه البحرين المملوكة علنا”. يعتبر تعهد ۱۸۹۱ هذاء دون أي شك» أكبر انتصار أحرزته بريطانيا في المنطقة بعد أول معاهدة (عام ۱۷۹۸) وبعد فصل زنجبار (عام كما يمثل النتيجة المنطقية للسياسة البريطانية وتتويجها. فبعد منعطف ١۸۹٠ لم يعد بوسع عمان أن تكون بلدا مستقلاً وسيداً مهما كانت مقاومة السلطان قوية. ولقد سبق للورد کورزون ‎(Curzon)‏ نائب ملك الهنكت أن شرح الموقف البريطاني من القضية العُمانية بصورة دقيقة لا تدع مجالاً في مقال نشر AfT. Etr. N.S. Mascate, vol. 1, p. 84. (۱۲) Aff. Etr. N.S. Mascate, vol. 1, p.61. (۱۳) Aff. Etr. N.S. Mascate, vol. 1, p.62. ‏)٤۱(‎ e. عام ۱۸۹۲ في جريدة التايمن وأعادت نشره جريدة لو ريبا الفرنسية عام ۱۸۹۹ء إذ يقول: «ديمكن أن تعد عُمانء بحقّ, تابعة لبريطانياء فتحن نعطي معونة لرئيسها ونحن نملي سياستها... ولا ينبغي علينا التسامح مع أي تدخّل أجنبي. وليس لديّ. شخصياً. اي شك في انه سياتي يوم نرى فيه العلم البريطاني يرفرف فوق أسوار إن هذه الأقوال لا تحتاج إلى تعليق. إلا أن الأحداث لم تجر كما كان الإنكليز يأملون» أو يتوقعون. والتعهّد المرهق الذي فُرضّ على فيصل لم عن مواقفه التي بقيت معادية لبريطانيا. وقد تَرْجَمَ عن استياء السلطان» على أثر محاولات الهيمنة البريطانيةء كشْمُهُ عن التعهّد السري في عام ١۱۸۹ لأوتاثي. ثم منح الحكومة الفرنسيةء عام ۸۹۳١ مقراً ثابتاً لقنصليتها. وكان هذا المقر واحداً من أجمل بيوت مسقط وقد أطلق عليه فيما بعد اسم «ييت فرنساء. ومن جهة أخرى» لم يستجب السلطان للضغوط البريطانية الرامية إلى منع التجار الُمانيين من رفع الأعلام الفرنسية في المناطق الشرقية وصور وجعلان. وهكذا استعمل فيصل دون أن يلقي بسلاحه؛ الهامش الضعيف المتبقّي له ليسجل في كل مناسبة امتعاضه من الأطماع البريطانية. القسم الثاني أزمة مسقط إنّخذ فيصل الوفع لمنطقه وقناعاته السياسيةء بعد ذلك؛ تدابير أبرز. ففي ٠۲ تشرين الثاني (نوفمبر) أعلنت جريدة لى دیبا خبر سماح مسقط لفرنسا بإقامة مستودع فحم في منطقة الجصة (على مسافة خمسة أميال إلى الجنوب الشرقي من مسقط). وأضافت الجريدة المذكورة قائلة: «ولكن بريطانيا احتجت على ذلك ل٥( ‎Journal des Débats, 25 Fêévrier 1899. Voir aussi: AfT. Etr. N.S. Mascate, vol. 33, p.S.‏ )٦۱( .1898 ‎Journal des Débats, 20 Nov.‏ Ye وبالفعل» فإن بريطانيا اعتبرت هذه المحاباة ضربة كبيرة لمصالحها ولسمعتها في المنطقة. ولقد أدَى الهياج السياسى الذي أعقب ذلك إلى أزمة حقيقية. رفت هذه القضية التي حرّكت حولها وزارة الخارجية الفرنسية ومكتب الهند والوكلاء الفرنسيين والبريطانيين في الخليج ونائب ملك الهند» اللورد كورزوت› باسم «حادث مسقطه. ورغم أن الإنكليز لم يحرزوا انتصارا حاسماء فن الحادث كان مثالاً على السياسة الأمبريالية التي كانت بريطانيا تمارسها في ا ۳ 0 فلقد كتب اللوزد كورزون» وهو أحد أشرس دعاة التوسّع الاستعماري البريطاني› فى ١٠ كانون الثاني (يناير) ۱۸۹۹› رسالة إلى اللورد جورج هاملتون ‎(Hamilton)‏ ‏وزير الدولة لشؤون الهند يعلمه فيها أنه أصدر أوامر للميجر فاغان (صaع۴a)›‏ المقيم السياسى فى مسقط ليطلب إلى السلطان تقديم إيضاحات حول وليعلمه› فى حال تأكدت صحة الخبر بأن عمله يعد مساً بمعاهدة وبأن الحكومة البريطانية لن تسمح به. وبصورة موازية لذلك؛› أرسل کورزون إلى مسقط الكولونيل ميد المقيم البريطاني في الخليج» ليقوم بمراجعة كاملة للعلاقة البريطانية مع السلطان. وقد أوصاه بالتالي: «إذا وجد المبعوتُ السلطانَ ميّالاً إلى المصالحةء موقفه مع موقف السلطان. أما إذا تبي أن السلطان عتيد وبدا أن مواقفه ستبقى معادية لبريطانيا فعلى المبعوث ميدء مرغماًء أن يتبنى إذ ذاكء مواقف أكثر حزماء. ويضيف کورزون: «فيما يتعلق بالمعونة الممنوحة للسلطانء يسعدنى أن أن الإابقاء عليها مشروط بسلوكه الحسن والتزامه بالاتفاقيات والمعاهدات الموقّعة معه. وقد يكون التهديد بوقف المعونة سلاحاً مفيداء يجعل السلطان يركع على الفوره”. Le Cour Grandmaison (C.), «Présentation du sultanat d'Oman», op. cit., p. 279. (۱۷) Letter from Lord Curzon to Lord Hamilton, 12 January 1899. I.O.R.: MSS Eur. DS10/1. (\A) YoY إن هذه الرسالة تلص ببلاغة العقليةً والفكر الاستعماريين لا سيّما وأن كورزون؛ وهو أحد محاور النظام الأمبريالي» لم يكن؛ بالتأ كيد ميالاً لتفهم مواقف السلطاتء وأقل تفهماً لشرعية مطالبته بالسيادة الوطنية. وبما أن موقف فيصل قد تأكت فإن بريطانيا لم تتردّد» من أجل إخضاعهء عن قطع المعونةء مسهمة أكثر فأكثر في دفع مسقط نحو الأزمة الاقتصادية. وكتب أوتاثي» وهو شاهد على هذه الوقائم› تقريراً إلى وزارته تظهر فيه التساؤلات التالية: «... لماذا يلعب قناصل مسقط الإنكليز بهذه المعونة لينتزعوا كل التنازلات التي يريدونها من عاهل عُمان؟ لماذا يهدد العملاء "الأنكلو - هنود" (ianلn[-0اعAn)›‏ لدى أدنى معارضة يُبديها السلطان بحرمانه من معونة له الحقٌ فيهاء وذلك بموجب قرار تعسفي صادر عن نائب ملك الهنده”. إن التسليم بالرؤية البريطانيةء القائلة بأن السلطان يخرق بموقفه هذا معاهدة ۱ يعني قبول القيمة القانونية والأخلاقية لهذا التعهّت أي قبول شرعيته السياسية والدولية. هذا في حين أن هذه المعاهدة التي على عُمان بالتهديت تُمنّلء في ذاتهاء انتهاکاً للسيادة الوطنية المُمانية. وما يزيد في عدم إمكانية قبولهاء على الصعيد الدولي» شكلاً وأساساً على حد سواى هو مخالفتها الإعلان البريطاني - الفرنسي المشترك لعام ألم يصرح اللورد هاملتون نفسه بأن تعهّد ١۸۹١› (السري)› لا فق مع بیان ۲۰۱۸۱۲)؟ وفي الواقعء ومن وجهة نظر قانونية خالصة كان قرار السلطان تزويد فرنسا بمستودع للفحم متّفقاً مع المادة ١٠ من معاهدة الصداقة الفرنسية - الحُمانية (٤٤۱۸) التي تنص على أنه: «سوف يكون بمقدور الفرنسيين الحصول في زنجبار أو في Aff. Etr. N.S. Mascate, vol. 1, p. 56. (۱۹) Letter from Lord Hamilton to Lord Curzon, 14 April 1899, I.O.R.: MSS Eur, 126/1. ‏(٢۲(‎ YoY ية نقطة أخرى من أراضي سمو سلطان مسقطء على مستودعات تموین من أي نوع کانتء”". لقد تصرف فيصل عن وعي بالأمور. وبمنحه هذا الترخيص ووفائه بالتزاماته حيال فرنساء لم يكن يخرق تعهّداته مع بريطانيا. والواقع أن هذا القرار لم يكن سوى محاولة محدودة للتعبير عن سیادة بلاده. ويؤكد هاملتون» فى الكتاب المشار إليه أعلام أنه كان من حقٌ فرنساء من وجهة نظر القانون الدولي» إقامة هذا المستودع وأنه من المستحيل إنكار ذلك عليهاء إل أن الموقف الرسمي البريطاني لم يأخذ بوجهة نظر هاملتون الخاصّة بل استند إلى تحليل كورزون الذي بعض مواد المعاهدة المعنية تفسيراً ملتوياً في أفضل تقدير. وهكذا فتفسيره للمادة ١٠ هو قوله: «إن كلمة "الفرتسيين" تعني الأشخاص الفرنسيين وليس الحكومة الفرنسية». ولذلك فإن حصول فرنساء في على مستودع فحم كان ناجماً عن «مكيدة) وكان يتضمن أخطاراً استراتيجية(""). ولا يقتصر الأمر على أن كورزون لم يكن يعترف باستقلال السلطان وبلده» بل إنه كان يعلن صراحة عن نيّته وضع السلطان في موقع التابع. وهكذاء فهو يقول مشيرا إلى زيارة ميد لمسقط: «إنها فكرة جِيّدة لتلقين السلطان درساً هاماً ووضعه في مكانه ودالمكان الصحيح» كان يعني أن السلطان يجب أن يكون مطيعاً. ويلاحظ أن تبادل المراسلات بين كورزون في الهندء وهاملتون الذي يُعبر في الوقت نفسه عن وجهة نظر رئيس الوزراي اللورد سالسبوري في لندن؛ لم تكن Al-Wasmi (K.), op. cit., p. 230. ‏(٠۲) أنظر النص في:‎ Letter from Lord Curzon to Lord Hamilton, 19 January 1899, I.O.R.: MSS. D 150/1. ‏)٢۲(‎ ‎Ibidem. ‏)٢۲(‎ تعكس اتفاقاً كلَياً بين المسؤولين حول قضية مستودع الفحم الشهيرة. إلا أن الأهع من تباين وجهات النظر غير المتّفقةء هو اتفاقٌ الشخصيتين القاطعُ والحازمُ على ضروره استبدال السلطان فیصل. وقد صرح کورزون؛» بهذا الصدت «لن نسمح لهذا الزعيم الصغير بأن يتحدًانا». «إن تصريح ۲٦ء كما أقرأهء يعني استقلال العرش وليس استقلال الشخص (...) وإذا كانت ثمّة حاجة فإن أخاه الوفئ فى القصرء وهوء بشهادة ميدء مؤْهُّل لأن يرث العرش إذا دعت الحاجة ويرد عليه هاملتون قائلاً: «نعم؛ أنا متّفق معك تماماء ينبغي أن لا تسمح لهذا المتسلط الصغير بتحدّیناء”*. ولکن کورزون ما لبث أن راجع نفسه في موضوع شقيق السلطان الذي كان «ضعيف ولا يلبّي غرضناء وإذا كنا في حاجة إلى مرشح آخرء فيجب أن يكون عمَّه الذي يعيش في بومبايء” "٩. أما فيما يتعلّق بالإعلان المشترك فإنه لأمر مذهل أن يكون اللورد كورزون قد وصل به الأمر إلى هذا التفسير لأن التصريح المعني الذي يثبت أن فرنسا وبريطانيا لا ر يحتما أي Letter from Jord Curzon to Lord Hamilton, 9th February 1899, I.O.R.: MSS. D 150/1. ‏(٢۲(‎ ‎Letter from Lord Hamilton to Lord Curzon, 3 March 1899, I.O.R.: MSS. 126/1. ‏(٥۲(‎ ‎Letter from Lord Curzon to Lord Hamilton, 23 March 1899, L.O.R.: MSS. D 150/1. ‏٦۲(‎ (۲۷) راجع القسم الثاني من القفصل السادس. Yoo ولكن وزير الخارجية تحدّث باللغة نفسها وأيّد وجهة نظر كورزون - بعد أن أعطت اللجنة القانونية فى الوزارة رأيها - القائل بأن إعلان ١١۱۸ ينص على استقلال الأراضي وليس الفرد الذي يتبوا العرش«“"°. وهكذاء وبعد قراءة أولى ملتوية للمادة ١٠ من المعاهدة الفرنسية - خرج الجهازان الحكوميان البريطانيان» في الهند ولندن» بقراءة ملتوية أخرى» لانه من نافل القول أن لا استقلال تاماً لبلد دون استقلال حاكم هذا البلد. وهل تتحفّق سيادة البلد بدون سيادة حا کمه؟ ١ . سياسة العنف في شباط (فبرایر) ۱۹ء وبأمر من اللورد کورزون؛ قَدُم مید؛ المقيم السياسي في بوشهر» إلى السلطان مذكرة تتضمّن عدّة مطالب بريطانية يرمي أولها إلى الرجوع عن قرار منح الفرنسيين مستودع فحم وثانيها إلى إعفاء الشيخ عبد العزيز الرواحي من منصبهء وهو شخصية وطنية معادية للنفوذ البريطاني وکان يشغل منصب وزير ومستشار لدى الس لان "°. رغم امتعاضه من الضغوط البريطانية عبر السلطان عن استعداده لقبول معظمهاء بما فيها عزل وزيره. ولكنه لم يشا الرضوخ في موضوع مستودع الفحم ذلك أنه لم يعتبره تنازلا إقليمياء ولا مشا بتعهد ١۸۹١ء فطلب إلى المسؤولين البريطانيين منحه مهلة تفكير حول هذا الموضوع. رفض البريطانيون هذا الاقتراح وردّوا عليه بلهجة مهدّدة ومقلقة بأن «فترة المرونة والتسامح قد انتهت». ووجهوا إليه إنذاراً مدته ٤۲ ساعة للتراجع عن مواقفه. ولم يتأَخر السلطان في الرّد: ففي ١۳٠ شباط (فبراير)» أعلن في رسالة إلى الممقّل السياسي قراره بإلغاء «امتياز» مستودع الفحم. ومضى أبعد من ذلك مطالباً على حدّ قول Letter from Lord Hamilton to Lord Curzon, 10 Marck 1899, L.O.R.: MSS Eur. C120/1. (Y۸) ‏٢( راجع: لوریمر )ج۰ ج( سمع سابل ٠ الجزء الغاني› ص ٥۸ - ٦٥۸.‎ 9 آ1 لوريمر» بالحماية البريطانية خشية ردود الفعل . على أننا لا نستطيع تأكيد صحة هذا المطلب. وهكذا تحفّقت عملياً كل المطالب البريطانية على الصعيد السياسي كما على الصعيد الاستراتيجي. ولكن المطالب البريطانية لم تتوقّف عند هذا الحدّ. فبعد ذلك بقليل› وصلت السفينة إ كليبس (عsمiلحE)‏ إلى مسقط قادمة من بومباي تحمل على متنها الأميرال دوغلاس (4sا8ںهD)‏ قائد الوحدات البحرية الهندية. وقد سبقته السفينة برست ‎.)Brest(‏ كان هدف هذه القوة حمل فيصل على الاستسلام› وإنزال ضربة حاسمة ونهائية في نفس الوقت بالنفوذ الفرنسيء في عُمان كما في الخليج. وفي ٥ شباط (فبراير) أرسل ميد إنذاراً إلى السلطان يطالبه بأن يلغي علناً «الامتيازه الفرنسي في مؤتمر عام وبأن يكتب برقية رسمية بهذا الصدد. لم يترد السلطان في تلبية هذين المطلبين الجديدين. وأعلم أوتاثي نائب القنصل الفرنسي بقراره إلغاء «الامتيازات» الممنوحة لفرنسا. ولكن ذلك لم یکن كافياء أيضاء في نظر البريطانيين. فقد أصرّوا على أن يصعد إلى متن سفينة الأميرال دوغلاس» في حين كانت السفينة الثانيةء إكليبس» تتأهُب لتدمير القصر ومعاقل المدينة”°. متمتّعاً إذ ذاك بالدعم الكامل للحكومة البريطانية كان كورزون يريد المضيّ بمنطقه إلى حدّه الأقصى› ليثبت نفوذ بريطانيا الذي لا معقّب عليه وليضع حا لكل طيف تمرد من جانب السلطان. وكانت تلك؛ أيضاء فرصة لا تعوض لإعطاء درس جيد لحكام الخليج الاخرين. وفي ١٠ شباط (فبراير) وجد السلطان نفسه مرغماً على الرضوخ لمطالب كورزون. فصعد إلى متن سفينة الأميرال وأعلن تسليمه غير المشروط بكل المطالب البريطانية. وفي اليوم التالي» زار دوغلاس السلطان وسلمهء (على ما يبدو)» صيغة التصريح الذي عاد فأدلى به» (السلطان) في مؤتمر عام حضره كل وجهاء مسقط. وكان مما أعلنه السلطان سحب الامتيازات الممنوحة ۳۰۱( المجرع المابلق. ص ٦۸. (۲۱) المع الالء ص ۷٥۸. Yoe۷ لفرنسا وتجديد علاقة الصداقة مع استُّقبل هذا الحادث بألم واستياء من جانب العمانيين؛› بمن فيهم معارضو السلطانء كما هذه المشاعر سکان الخليج. وقد بلغت ردود الفعل وتعابير الاستياء العالم إذ ندّدت صحف عديدة هندية وفرنسية على الأخص؛ بالفطرسة التي أبداها نائب ملك اللورد كورزون؛ الذي لم يختلف من حيث سلوكه عن سلوك الغازي البرتغالي ألفونسو دو البوكرك في بداية القرن السادس عشر. وبالفعل فإن رؤيةٌ اللورد كورزون وقِيَمَةٌ كانت» من وجهة نظر الفكر السياسي الاستعماري› استمراراً لسابقه ألفونسو دو البوكرك رغم فارق ثلاثة قرون بينهما. عبر اللورد سالسبوري» بدوره» عن حرجه من سلوك كورزون ومرؤوسيه» ولكن ذلك لم يكن؛ وهنا المفارقةء بسبب الضغوط الممارسة على السلطان فيصل وخاصّة فيما يتعلّق بإرغامه على الصعود إلى متن سفينة حربية بريطانيةء بل بسبب إرغام القائد على التخلي علناً عن تعهّداته حيال فرنساء وهو أمر أساى على حد قول إلى سمعة بريطانيا وأوشك على إفساد العلاقات الإنكليزية - الفرنسية. وقد رد اللورد كورزون على احتجاج حكومته بالقول دون مسحة تردد: «لقد لجانا إلى القوةء على هذا النحوء لأن الشعب الهندي وشعوب الخليج العربي والشعوب الشرقيةء عموماء لا تفهم إلا هذه اللغة. إن مكانة الأمبراطورية هي بيت القصيد من السياسة الخارجية لحكومة الهند البريطانيةء ولقد كان لما قمنا به تأثير كبير على أذهان عرب الخليج وهوء باي حال. أجدی من خطب السيد دلكاسيه في الجمعية الوطنية الفرنسية.”“. إن من يكتب مثل هذه الرسالة المليئة بروح العنصرية هو مسؤول عالي في الجهاز البريطاني» نائب ملك الهند الاستعماري في كل جلاله. وباستثناء الجهل فإن هذه الرسالة تلقي الضوء على نقطتين هامتين: الأولى هي أن التفكير الاستعماري الذي (۲۲) المعع ص (۲۳) داود (محمد الضليع المرب ١۱۸۹ - ١۱۹۱ء القاهرق الجزء الأولء (دون تاریخ)» ص ۹٩. Yoe۸ يقف وراءها يزدري ازدراء حقيقياً قيم الشعوب الهندية والعربية وثقافاتها وحضاراتها. والثانية هي أن هذه الرسالة تلص مبادىء السياسة الاستعمارية البريطانية في المنطقة طوال ما يقارب من قرن ونصف القرن. وفضلاً عن ذلك حاول کورزون أن بير عمله بقوله: «دحتى لو كانت مسقط نظرياً دولة مستقلةء فإنها تشبه؛ إلى حدٌ ماء مملكة كمبوديا شبه الفرنسية التى مارست عليها الحكومة الفرنسية سيطرة كاملة لا تسمح تدخُل “. وبهذه التطوّرات وصل النفوذ البريطاني في عُمان إلى ذروته. وليس بالأمر المستغرب أن يتلقى السلطان؛» والحال هذه أمراً بأن يرجع إلى المقيم السياسي البريطاني في مسقط قبل ان أي قرار سواء اکان ذلك على الصعيد الداخلي ام على صعيد العلاقات الخارجية. وهكذا أصبحت سلطات المقيم السياسي البريطاني في مسقط أعلى من سلطات السلطان نفسه. وهكذا انتهت تطلعات السلطان فيصل الاستقلالية وطموحات بناء دولة مستقلّة. لكن ميد الذي كان «جنتلماناً إنكليزيا» لم ينس أُن يذ کر بأنه: «يحس بانجذاب معين إلى السلطان فيصل الذي سلم بهذه التطورات بكرامة لقد أنهى هذا الوضع الجديت خصوصية العلاقة التُمانية - الفرنسية. فكفّت فرنسا عن معاملة مسقط كنواة دولة شبه مستقلة متحررة نسبياء من النفوذ البريطاني. ولم تعد تتطلع لا لتحييد غُمان› ولا لتقاسم النفوذ في البلاد مع بریطانیا› حسب استراتيجية أوتاثي. ومع ذلك حافظت فرنسا على تمسكها بتصريح ١١٦۱۸ المشترك الذي كان من شأنه أن يمنع بريطانيا من إعلان حمايتها الرسمية على عُمان في المستقبل. ومن جانب آخر» وباستثناء بعض الاحتجاجات الرسمية المدلى بها أمام الجمعية الوطنية الفرنسيةء لم تكن ذاالأزمة التُمانية» انعكاسات سلبية حقَّاً على العلاقات Letter from Lord Curzon to Lord Hamilton, 23 February 1899, L.O.R.: MSS Eur. 150/1. (۳T4) Letter from Lord Curzon to Lord Hamilton, 23 March 1899, L.O.R.: MSS Eur. D 150/1. ‏(٥۳(‎ ۹٢ الفرنسية - البريطانيةء بل إنها دفعت» على العكس من ذلك» بالدولتين إلى المزيد من الحوار لا سيّما حول موضوع «الحدود الاستعمارية» الشائك والذي كان يستدعي ُن يُعالج في إطار «سياسي - قانوني». كما أن لم يكن في أولویات فرنساء بسبب ما كانت تمر به من أزمات داخليةء أن تتبتىء على الصعيد الاستعماري› مواقف والمفارقة هي أن بريطانيا زوّدت فرنساء بعد هذه الضربة الإأنكليزية التي أضرت بُمان وبالسلطان فيصل إضرارها بالمصالح الفرنسيةء مستودع تموين بالفحم في منطقة حضرموت» في موقع غير بعيد عن الأراضي الحُمانية. ووجهت بريطانيا» دون حياي إلى السلطان رسالة رسمية تعلمه فيها أنه لم يعد هناك بعد ذلك الوقت» أي محظور من حصول فرنسا على هذا المستودع منذ أن أعلنت السلطات البريطانية عن رغبتها في هذا الأمر وموافقتها عليه. وعلى الرغم من كل هذه التطوّرات التيْ خدمت مصالح بريطانياء فإنها لم تسقط من الحسبان فكرة استبدال السلطان. وفي وبعد ثلاثة أسابيع من «أزمة مسقط» کتب هاملتون إلى کورزون: «سوف أطلب إلى الحكومةء قريباًء منحك السلطات الضرورية للضغط على السلطان أو تبديله عند اللزوي” ”٠ ٢ . قضية الأعلام الفرنسية كانت فرنساء جرياً على علاقتها التقليدية بحمان التي أعادت اتفاقية ٤٤۱۸ تأكيدهاء قد منحت؛» بصورة استثنائية» وثائق رسمية وأعلاماً فرنسية لبعض السفن التجارية الغُمانيةء (حوالى ٠٠ سفينة). كان الهدف من هذا القرار ذي الوزن السياسي الكبير ضمان سلامة هذه القطع من تنكيلات الأسطول البريطاني. كان هذا الأخير يعرقل بانتظام ملاحة المراكب العربية بذريعة قمع تجارة الرقيق. كان عمل الدوريات الإنكليزية قد أنزل ضربة قوية بالمراكب التجارية الشراعية Letter from Lord Hamilton to Lord Curzon, 3 March 1899, I.O.R.: MSS Eur. D126/1. ‏۹٣٦۳(‎ ۰ العربية إذ إنها كانت تُفمّش وتُحؤّل لدى أدنى ريبة بتعاطيها تجارة الرقيق وتحرّق بمجرد أن تدان بذلك. وقد أكد القتصل الأمريكي في زنجبار السيّد ويب (اطء))› أن ۷۱ سفينة عربية دُمُرت على هذا النحو من قبل الدوريات الإنكليزية بين عامي ۸٦۱۸ - وكان ذلك في الواقع دماراً للنظام القديم الذي قامت عليه القوة العُمانية - الزنجبارية. ولهذا التجأت الملاحة العربيةء جزئياء إلى رفع الراية الفرنسية. وقد ارتفع عدد أصحاب المراكب الشراعية التي تحمل الأعلام الفرنسية ارتفاعاً كبيراً اعتبارً من عام ۱۸۷۳ من حوالى عشرة في ذلك التاریخ إلى ۲۳ عام ۱ و٤٤ عام ‎AAT‏ . وخلافاً لقانون ٩ حزيران (يونيو) ١٤۸٠ الذي نص على فُرَنَسَة سفن المستعمرات» والذي وضع بعد استعمار نسيبه ومايوت ‎(Nossi-Bé et Mayotte)‏ عام ١١٤۱۸ وعام ١٤۱۸ء لم تكن هذا الأمر ليضع السفن تحت النفوذ المباشر لفرنسا. وعلى ما يقول كاجار فإن منح العلم الفرنسي لم يكن ليجري بصورة اعتباطية بل وفق القواعد المعترف بها كان ذلك قراراً استثنائياً لحالة استثنائية. وعلاوة عليه فإن السلطان فيصل كان موافقاً على مثل هذا التديير» بل كان يرى فيه على خدمة للعمانيين: «... لم يكن عاهل البلاد يبدي أي اعتراض على توسيع حماية مالكي السفن الشراعية وقباطتنها وطواقمها بما أن هذه الحماية من خلال تشجيع التجارةء في إثراء البلا»” وإنه لمن المنطقي تماماً أن يكون السلطان قد رأى في ذلك تعبيراً عن استقلال أو بالأحرى عن عدم استسلامه للنفوذ البريطاني. وفوق ذلك» لا يمكن أن نهمل أن هذا التدبير قد انتصاراً على الهيمنة البريطانية في المنطقة. فبريطانيا لم تقبل هذا Miege (J.L.), «L'Oman et Afrique orientale au XIXe siêcle», in: La péninsule arabique (TY) d‘aujourd'hui, sous la direction de Paul Bonnenfant, Paris, C.N.R.S., 1982, tome IIL, pp. 300-301. Kajare (F.), op. cit., p. 142. (۳۸) Tbhid., pp. 147-148. (۳۹) ۱ الوضع. بل اتهمت الفرنسيين بحماية تجارة الرقيق وممارسة نوع من التدخل في الشؤون والواقم أن بض الانّهامات البريطانية بصدد تجارة الرقيق لم تكن باطلةء فالسواحل الشرقية كانت مشهورة إذ ذاك بهذا النشاط. ولكن فرنساء كما يقول کاجار› كانت قد أخذت ضمانات لتجنّب إساءة استعمال عَلمها. ولم يکن مح عَلَمها يتم إلا ووفق معلومات غير مؤكدة؛ يذكر بأن أوتاثي حاول عام ١٠۹٠ أن يعلن الحماية الفرنسية على منطقة صور. ولكن هذه المحاولة أثارت كوكس المقيم البريطاني في مسقط. وكردً فعل عليها اصطحب كو كس السلطان في زيارة رسمية لميناء صور. وخلال هذه الزيارةء طلب السلطان إبدال الوثائق الفرنسية بوثائق غُمانية› وكذلك إبدال الأعلام. أثار هذا الموقف ردود فعل حادّة من جانب الحكومة الفرنسية ضدّ مسقط وليس ضدًّ بريطانيا هذه المرة. وأرسل السفير الفرنسي في لندن؛ء السيد كامبون كتاباً إلى وزير خارجيته دلكاسيه الذي كان متحمساً إذ ذاك لتحسين علاقة بلده ببريطانيا. وقد عبر له فيه عن استيائه من هذا الحادث الذي أراد السلطان به حسب أقوالهء تعكير العلاقة الإنكليزية - الفرنسية. واقترح كامبون على حكومته المطالبة بتعويض من السلطان. وجاء في كتابه أيضاً أنه التقى برئيس الوزراء البريطاني» اللورد سالسبوري» الذي أخبره بأنه ليست لديه معلومات كافية فيما يختص بالموضوع› ولکنه أضاف قائلا «ماذا تريدون؟ إننا ندقع لسلطان مسقط. وهو يتخيّل بتصرفه هذا أنه يُقَدُم لنا عرابين امتنان لنا وبراهين على أنه يكدح فى سبيل ما ٤ إن رؤية كامبون للسلطان لا تختلف عن الرؤية الاستعمارية البريطانية حيث إنه يهاجم السلطان فيصل الذي برهن؛ قبل أزمة مسقط وخلال كل سنوات عهده عن Ibid., p.142. ‏(٤٠٤(‎ ‎Aff. Etr. N.S. Mascate, vol. 27, p.211. ‏)١٤(‎ ٢٦۳ نيته الثابتة في تمتين العلاقات المُمانية - الفرنسية وتحسينها. بل إن محاولاته الماضي و يتجاهله؛ وهو صديق لفرنساء سوی أنه «عربىء وأنا لا أعرف عربياً من كيار الزعماءء ليس للبيع”**. ذلك هو رأي الفرنسيين في العرب. علما بأن الوثائق الفرنسية - ولم يكن في مقدور کامبون اُن يجهل ذلك أبدا ‏ تبي كيف أن فيصل رفض إلحاح بريطانيا على وقف استعمال الأعلام الفرنسية. ولكن يبدو أن التخلي عن السلطان» في هذه المرحلةء كان في نظر الدبلوماسية الفرنسيةء تضحية ضئيلة تقدم في سبيل التقارب مع بريطانيا. ٢ء محكمه لهاي بعدما انتهت بريطانيا من حرب البویزس (rsءBo)‏ عام ۱۹۰۳ء وظهرت بوادر تقارب إنكليزي - فرنسي توج بەالميثاق الودّي» لعام ١١۹٠ء تم الاتفاق في ۳٠ تشرين الأول (أكتوبر) ١ ١۹٠ على إحالة قضية الأعلام الفرنسية إلى محكمة لاهاي. وفي ٢۲ كانون الثاني (يناير) كتب رئيس الجمهورية الفرنسية ما يلي: «بما أنه قد وقعت في لندنء في ١٠ تشرين الأول (أكتوبر) ٤ء تسوية بين فرنسا ومملكه بريطانيا العظمى وإيرلندا المتحدة. وبما أنه جرى تبادل وثائق إبرام هذا الميثاق في لندن في ١٠ كانون الثاني (يناير) ١٠۱۹ء فإن التسوية المذكور نصّها أدناه ستدخل حيز التنفيذ الكامل: نظراً لكون الحكومة الفرتسية وحكومة صاحبة الجلالة قد أقرتاء بموجب إعلان ١٠ آذار (مارس) ۲٦۱۸ء "التعهد المتبادل" باحترام استقلال جلالة سلطان مسقط...»”*. من جانب آخر برزت» حسب عرض رئيس الجمهوريةء بعض الصعوبات إثر رفع السفن التابعة لمواطنين عُمانيين أعلاماً فرنسيةء وهو السبب الذي تقرّر من AfT. Etr. N.S. Mascate, vol. 27, p.212. ‏)٢٤(‎ ‎Journal Officiel, in: Aff. Etr. N.S. Mascate, vol. 33, p.33. ‏)۳٤(‎ ۳ أجل اللجوء إلى تحكيم دولي رسمي. وعليه فقد اتفق الطرفان على تسمية فيكتور ‏ إيمانويل ‎(Victor-Emmanuel)‏ حكماً حيادياً بين البلدين؛› (بريطانيا وفرنسا)» وعلى تسمية حَكُم مفوض لدى ملك إيطاليا. ثم عينت حكومتا الجمهورية الفرنسية وصاحب الجلالة البريطانية أعضاء المحكمة”*°. من الملفت للنظر أن أي خلاف بين الدولتين لم يقع فيما يتعلّق بأعضاء المحكمة ولا بتاريخ الاجتماعات التي أجلت أكثر من مرة. ولكن الخلاف بينهما اندلع عندما قدّمت هذه الأخيرة إلى المحكمة مذكرة باسم الحكومة الإتكليزية وسلطنة مسقط. رمت بريطانيا من وراء ذلك إلى هدفين: الأول تقديم شکوی باسم في محاولة للتأكيد على أن مسألة رفع أعلام فرنسية على السفن تدخل غير مرغوب فيه وشک في حد ذاته» انتهاکاً ا«السيادة» العُمانيةء والثاني هو إعادة تأكيد تمثيلها الرسمي لما إحتججت فرنسا على هذه المذكرة ووججه سفيرها في لندن» كامبونء رسالة إلى الحكومة البريطانية» يعرض فيها ما يلي: «إن مثل هذه الصياغة إلى جعل الحكومة البريطانية محامي سلطان مسقط المستقل والوصيّ الشرعي عليهء ويستحيل على حكومتي التسليم بهذا الادعاء. فليس لسلطان مسقط أية صفة للتدخّل في نزاع يتعلق حصراً بتفسير تصريح ٠ آذار (مارس) ١١۱۸ الفرنسي - الإنكليزي. وهو ليس طرفاً في هذا التصريح ولا في تحكيم ۱۳ تشرين الأول (أكتوبر) ١١۱۹». وينهي كامبون رسالته بالعبارات التالية: «إنني مكلف من جانب حكومتي بأن ألفت نظركم إلى هذا الأمر (٤٤) جونکیر دو سافورنان ومان ‎›)Jonkheer de Savornin Lohman)‏ وزير داخلية هولندا السابق وعضو محكمة التحكيم الدائمة؛ السيد ملفيل و. فولر .۳ رئيس المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية› عضو محكمة التحكيم الدائمة؛ السيد هتري لاماش riصع])‏ عضو مجلس السادة في البرلمان عضو محكمة التحكيم الدائمة. أنظر: 202 ‎ArT. Etr. N.S. Mascate, vol. 33, p.‏ وم يذكر أن السيد لومان يمثل فرنسا والسيد فولر يمل بريطانياء في حين كان السيد لاماش المحكُم الرئيسي. وبأن أشعركم باننا لا نقبل إدخال عاهل مسقط في القضية المطروحة أمامٌ محكمة لاهاي التحكيميةء””*°. إن بيت القصيد في هذا الموضوع هو معرفة من هو الطرف الرئيسي» أي الطرف المعني» وتحديد موضوع النزاع أمام هذه المحكمة. هل عُمان هي الطرف المعني› مبدئيا» بتصریح اذار (مارس) ۱۱۸۲؟ هل إن مفاد التصریح هو احترام استقلال مسقط من جانب بريطانيا وفرنساء أي عدم التدخل في شؤونها الداخلية والخارجية» بمعنى احترام سيادتها الوطنية. بهذا الصدد سوف تلاحظ لجنة الأ المتحدة الخاصة بعمان» أن: «أهمّية هذا التصريح ليست في تكريس استقلال مسقط وعُمان وحسب. إنما في الشكل الذي أعطته الحكومتان لهذا الاستقلال کواقع ثابت حمایتهء”*. من ثم نرى أن دور محكمة لاهاي لم يكن تحديد حقّ البلد المعني في إطار استقلاله وسيادته» بل تحديد «شرعية» النفوذ والهيمنة الاستعماريين» البريطانية أو الفرنسيةء من أجل إعطائهما شرعية دولية. أما بالنسبة لمان البلد المعني» فلم ينتظر المستعمرون أن تكون معنية حتى بمصيرها. ولم تلح بريطانيا كثيراً على هذه النقطة ولكنهاء في المقابل» أرسلت الميجر كوكس المقيم السياسي في بوشهر إذ ذاك؛ إلى السلطان في مسقط لينسشق معه. وكانت السلطات البريطانية تنتظر من هذه الزيارة أن تَوتّر في أعمال محكمة وأن تَقوّي موقفها. ومن جهة أخرى» أرسل السلطان إثر هذه الزيارة إلى القتصل الفرنسي في مسقط رسالة شدّد فيها من لهجته ليعلمه بأن: «قضية الأعلام تُدرس حالياً من جانب محكمة لاهاي التحكيمية. والحكومة البريطانية هي التي تمثلني أمام هذه المحكمة. وبالتالي فإن هذه القضية من اختصاص الحكومة البريطانية وتعنيها وهذا لا يحتاج إلى تفسير.”*. AfT. Etr. N.S. Mascate, vol. 33, p. 52. ‏(٥٤(‎ ‎Rapport du Comité Spécial de L'Oman, op. cit., p.27. ‏)آ٦٤(‎ ‎AfT. Etr. N.S. Mascate, vol. 33, pp. 117-118. ‏)۷٤(‎ ٦e‎ ولم تكن فرنسا لتشك في أن السلطان فيصل قد أرغم هذه المرة أيضاء على كتابة هذه الرسالة. وفضلاً عن ذلك» فإن نائب القتصل الفرنسي في مسقط أرسل حول ذلك تقريراً إلى وزارته جاءِ فیه: «سرَي: : لقد أعلمني السلطانء بصورة سرية جداء أن هذا الاحتجاج قد أملي ° وكتب نائب القنصل› بعد ذلك؛ تقريراً بعلم فيه مستنداً إلى معلومات مستمدة من أشخاص مقربين من السلطان؛» بزيارة كوكس والأساليب التي استعملها هذا الأخير لإقناع السلطان بأن يجعل بريطانيا تمثله مباشرة؛ خاتماً بأن هذه الأساليب وخوف السلطان من «إغضاب حماته الإرهابيين»» جعلاه يرد إيجابا على الدعوة الموجهة ل9٤ إلا أن هذه الخلافات لم تضع حداً لعملية التحكيم التي انخرطت فيها الدولتان اللتان قررتا كلتاهما حل هذا النزاع عن طريق العدالة الدولية. وقد نص حكم محكمة لاهاي على أن الذين حصلوا على الامتياز قبل سنة ۱۸۹۲ لهم أن يستمروا في رفع الأعلام الفرنسية. وأا الذين حصلوا عليه بعد هذا التاريخ فيسقط عنهم الامتياز. وقد اختير عام ۱۸۹۲ لأنه يزامن الموعد الذي تقرر فيه تعديل نظام بروكسل الخاص بالتفتيش البحري ومكافحة تجارة الرقيق» وقد نص الحكم أيضاً أنه يجوز التعرض للسفينة الغمانية التي ترفع العلم الفرنسي حتى في مياه مسقط الإقليمية في حين منع انتقال امتياز تمتع السفن بالجنسية الفرنسية من شخص إلى آخر حتى ولو كان من ورثته. ولهذا النص مغزى هام إذ أنه كتب على الأعلام الفرنسية أن تختفي بعد مدة من وهكذا انتصرت بريطانيا «قانونياً» في عملية إضفاء «الشرعية» على نفوذها في عمان. ولكنها في الواقع كانت قد فرضت نفسها على الساحة قبل صدور محم AfT..Etr. N.S. Mascate, vol. 33, p.119. ‏)۸٤(‎ ‎AfTf. Etr. N.S. Mascate, vol. 33, p. 126. ‏(۹٤(‎ (٠٠) العقاد (صلاح) رمع ص ٢۲۰. ۹٢ لاهاي بكثير. وهذا ما يؤۇكده المؤرخ البريطاني لوريمر بقوله: «أما دسائس فرتسا في عُمان فقد أحبطها الإنكليز بالعمل الحاسم في مسقط. والحق أن مسالة الأعلام الفرنسية قد حُسمت فعلياً قبل أن تصدر هيئة التحكيم في لاهالي قرارها لصالح البريطانيين.”” إلا أنه إذا أردنا عدم التوقف عند مجرد القيمة القانونية لهذا الحكم القايلة لكل تفسير ونقدء وبصورة مستقلة عن المكاسب التي حققتها بريطانيا على فرنساء فإن المحتوى السياسي والاستراتيجي هو في أن بريطانيا قد كسبت بفضل هذا الحكم «شرعية» دولية أو بالأحرى «شرعية استعمارية». بوصفها الممثل الشرعي لمان في شؤونها الخارجيةء وبوصفها وصية على مسقط أا الخاسر الحقيقي في هذه القضية فكان الطرف المعني: عُمان. وهكذا لم تلبث الأعلام الفرنسية أن تُكست في أعقاب هذا الاتفاق من على السفن العُمانية وتقلص نفوذ فرنساء من جراء ذلك تدريجيا. ٤ . فيصل ومسألة التنحي ما من شيء يدل على تردي الوضع العام في مان أكثر من رؤية السلطان عازماً على من منصبه. فقد قرر فيصل بعد كل الإهانات والإحباطات التي أنزلتها به إنكلتراء التنازل لصالح ابنه تيمور. وفعلا أبلغ السلطانٌُ الوكيلٌ السياسئ في مسقط بهذه النية قائلاً: «منذ بعض الوقت أفكر جدياً بالتخلي عن مقاليد الحكم»”. ورد السلطان على الوكيل الإنكليزي؛ الذي سأله عما إذا كان المرض أو الشيخوخة وراء هذا القرارء بأن الدافع لا هذا ولا ذاك بل هو بالأحرى» المشاكل المستمرة التي كان يصادفها مع القبائل» من جهةء وصعوباته المالية من جهة أخرى. كانت تلك بالفعل الأسباب الظاهرة لكنها لم تكن الأسباب الحقيقية التي من )۱٥( لوریمر (ج. ‎(E‏ س ساق الجزء الأول ص ١۱۲. )۲٥( .4-5 ‎I.O.R.: R/15/6/51, pp.‏ ۷٦ شأنها أن تدفع سلطاناً مثل فيصل للتنحي. ولم يغفل الوكيل السياسي البريطاني عن ذلك. وقد حاول التوصّل إلى الأسباب الحقيقية لقرار السلطان. ويلحص في التقرير الذي كتبه إلى حكومة الهنت الوضع كما يلي يلي: «يبدو لي أن واقع الحال هو التالي: إن السيّد فيصل كما يعبر عن ذلك بصراحةء متعب من الهموم التي يثيرها الموقف الصعب والمصطنع الذي يجد نفسه فيه أي كونه “سلطاناً اسمياً" فقطء». ويضيف إلى ذلك قوله: «إنه يرغب في أن يتجنّب: آمام شعبه ومن آجل کرامتهء بان يظهر بمظهر الرجل الذي يتخلّى عن وطنه ويضع حكومة بلاده بين أيدي يكشف التقرير كما نرى» عن معرفة بعيدة بالوقائع المحلية. ودوافع القرار السلطاني محللة فيه تحليلاً صحيحاء ولكن هناك دوافع أخرى لا يأتي التقرير على ذکرها. فالسلطان كما يشهد غلى ذلك الوكيل السياسي نفسه في مراسلاته كان قد فكر في هذا التنحي يعد حادث الأعلام الفرنسية. ولم تكن تلك على كل حالء سوى القطرة التي أترعت الإناء. ذلك أن المسألة الحاسمة التي لا تذكر في الوثائق الدبلوماسية البريطانية كانت الإهانة التي وجهها الإنكليز لفيصل ا موضوع مستودع الفحم عام ۱۸۹۹. فقد أجبروه» وقتذاكء على ركوب سفينة بريطانية للدلالة على استسلام حاكم مسقط لبريطانيا. وإنه لذو دلالقه حقاًء أن يكون الوكيل السياسي لم يحاول إقناع السلطان بالعدول عن قراره. بل انصب اهتمامه بالأحرى» على معرفة ما إذا كان الوضع السياسي في عُمان سيكون» في حال وصول ابنه تيمور إلى الحكم؛ شبيهاً بوضع زنجبار أي خاضعاً خضوعاً كاملاً للسلطة الإنكليزيةء ورد عليه السلطان بالإيجاب. ومهما يكن من أمرء فإن بريطانيا رأت أن التوقيت لم يكن مناسباً لتنخى السلطان ‎L.O.R.: R/15/6/51, pp. 5-6. (۳)‏ ۲۹۸ لا سيما أن ابنه تيمور كان صغيراً جداً. فأقنعته بأن ييقى في الحكم» مدركة جيدا انه قد ضعف تماماً ولم يعد يمثل تحدياً ولا معارضة للنفوذ البريطاني. فبريطانيا حطت به نهائياً إلى درك زعيم لا طموح له ولا مثل أعلى ولا سلطة. ومن جانب آخر فإن النشاطات المرتبطة بتجارة الأسلحة التقليدية في البلا سرعان ما غدت بدورها هدف حملة استعمارية جديدة» كانت ذريعة جديدة لإرباك نشاط السفن التجارية العمانية. وكانت تسوية هذه القضية موضع مساومة بين فرنسا وبريطانياء في نفس الوقت الذي كان يبحث فيه رسم الحدود بين الأمبراطوريتين» لا سيما أن تجارة الأسلحة الُمانية قد ازدادت؛ على حد قول لا كور غران ميزون» زيادة ملموسة اعتبارا من عام ۷.. وكان الاتفاق الفرنسي - البريطاني› عام ١١۹٠ء يقتضي موافقة فرنسا لوقف هذه التجارة. فجرت محاولات تبادل عديدة بين الدولتين الاستعماريتين أبرزها مقايضة تجارة السلاح في الخليج بأراضي غامبيا في إفريقيا الغربيةء وهي أرض بريطانية محصورة ضمن مستعمرة السنغال الفرنسية”” إِزاءِ ما كان يسود البلاد من تمزق ويرهقها من تبعية وإزاء شعور السلطان فيصل الذي كانت تحركه أصدق النوايا في ما يتعلق بسيادة بلاده واستقلالهاء لم ير مفرأء بعد أن تبددت كل طموحاته وتفرق الجميع من حولهء سوى التنحي؛ ولكن البريطانيين حالوا بينه وبين هذه الرغبة الأخيرة وحكموا عليه بأن يتحمل؛ حتى النهايةء مسؤولية دولة محتضرة. وهذه المحنة هي التي سوف تفضي إلى ثورة ۱۹۱۳ - ١۱۹۲ء الثورة التي رسمت الخطوط العريضة لمصير غُمان الحديث. Le Cour Grandmaison (C.), «Présentation du Sultanat d'Oman», op. cit., p. 280. ‏)٤ ٥(‎ ۹ الفصل التاسع سلطنة مسقط وإمامة غمان «لا تبلغ الحرية دون الدم والدموع. والخوف هو لعنة الحياةء والشك بالنصر هو الهزيمة. العالم عبداللّه السالمي - ١١۱۹) رة ۱۹۲ ١۹۲۰ إستطاعت بريطانيا - وقد رأت التحكيم في النزاع حول الأعلام الفرنسية أمام محكمة لاهاي ١ ١۱۹› ينتهي لصالحها ‏ أن تُّكرس «الشرعية الدوليةء لنفوذها في عُمان وأن تضع حداً للمنافس الفرنسي. وإذ غدا شعار مكافحة تجارة الرقيق غير مُجدٍ للاستراتيجية البريطانية خَلَفَهُ شعار مكافحة تجارة السلاحء ومن نافل القول أن هذا الشعار الجديد لم يكن سوى ذريعة جديدة لإحكام السيطرة البحرية على المنطقة لضمهاء بصورة أوثق» إلى استراتيجية الأمبراطورية البريطانيةء في كل الشرق. ومن أجل ذلك كان من المناسب الاحتفاظ بالانظمة القائمة في حالة ضعف وتجزئة وتبعية للقوة الاستعمارية التي تناور في الكواليس بدلاً من إعلان الحماية البريطانية عليها رسمياً. تلك هي «البحيرة البريطانية» الآسنة على كل المستويات. ولم يكن خطو فقدان الهوية الوطنية والثقافية والانحداژ المتزايد على جميع المستويات المحيطة بنظام «السلاطين» ليدع أمام العُمانيين الواعين بديلاً عن الحركة الثورية. وهكذا فسوف تهز النهضة العُمانية «البحيرة البريطانية» من عام ۹۱۳٠ حتى عام ١۱۹۲. تلبث أن فرضت تقسيماً جديداً للبلاد بين الإمامة في الداخل والسلطنة على الساحل ۷۱ وهو وضع لم يكن مرضياً لأي من الأطراف ولم يكن من شأنه سوى الإسهام في عزل البلاى مؤخُراً نوها الاقتصادي ونضجها السياسي. القسم الأول ' البريطانية, وتحدي الحركة الإباضية أظهرت الحكومة البريطانيةء منذ وصول بلفور (0u۲؟841)‏ إلى وزارة الخارجية عام ٢ مزيداً من الاهتمام بمنطقة الخليج والعراق. وحاولت أن تمارس فيها سياسة أدق وأوضح. ذلك أنها كانت مقتنعة بأنه ينبغي» لتثبيت وجود بريطانيا في الهند وآسيا الشرقيةء دعم مواقعها في الخليج؛ بل إن ذلك كان شرطا لأزما. وإنفاذا لهذه الاستراتيجيةء قررت وزارة الخارجية خلق لجان خاصة عرفت باسم «لجان بونزن» ‎Bunn Committee)‏ ءط) لدراسة المعطيات الإأقليمية الجديدة بمزيد من التفصيل كما كلفت تلك الملجان» أيضاء بدراسة الخريطة الجغرافية - السياسية الجديدة. وفي عام ١٠۱۹» قام اللورد كورزون بزيارة رسمية لعدة بلدان في الخليج› بينها مان و «ساحل غعُمان» المسمى» إذ ذاك؛ «الساحل المتصالح). كان الهدف من هذه الزيارة التاريخية لهذا الرجل «المنتصره» الإعلان رسمياً عن نهاية النفوذ الفرنسي وعن حصرية النفوذ البريطاني فيها من الآن وصاعداً. وميا صرح به كورزون في خطابه الشهير الذي ألقاه في الشارقة في تشرين الثاني (نوفمبر) ١٠۹٠ء بحضور حكام «الساحل المتصالح): «إنكم لم تفقدوا استقلالكم, بل حافظنالكم على هذا الاستقلالء ولا بد لنا من المحافظة على السلام في هذه المياه وسيظل نفوذ الحكومة البريطانية هو السيد في هذه (۱) نوفل (سيد)› الرضاع السياسية ف امارات الضليع المرب دنرب العبزيرة؛ القاهرةء معهد البحوث والدراسات العربيةء اليونيسف» الكتاب الثاني ۹۷۲ ص ٩۷. Zorgbibe (Charles), Géopolitique et Histoire du Golfe, Paris, P.U.F., 1991, p.36. ‏راجع أيضا:‎ ٢۲۷ ولكن الواقع كان مختلفاً تماما. وتشهد على ذلك أقوال رئيس الوزراء البريطاني اللورد سالسبوري الذي أعلن دون تردد: «إن مصائر بلدان الخليج تقرر. من على بعد آلاف الأميال من أصحابها هذا التصريح› علاوة على أنه تكکذیب قاطع ورسمي لخطاب کورزون واعتراف بنظام التبعية الاستعماريةء يلخص السياسة الثابتة التي حددت مسار تاريخ بلدان الخليج خلال قرن ونصف القرن على الأقل. يبقى أن زيارة كورزون لم تكن مجردة من خلفية عسكرية. إذ كان من أهدافها أيضاء البحث عن مواقع للتواجد العسكري وهو الأمر الذي سوف تكون له نتائج سياسية وديمغرافية وثقافية ثقيلة الوطأة على المنطقة بأسرهاء والذي سوف يضع الهوية الوطنية والثقافية بشكل خاص على المحك. إن فرض سيطرة بريطانيةء بالقوق على الخليج كانت تعني› للاندن خاصة طبع هذه المنطقة ببصمات - بريطانية». وواقع الحال أن تاريخ بلدان الخليج أكد هذه الرؤية للأمور لا سيّما مع تسارع التطورات بفعل اكتشاف النفط”. وهكذا لا تبدو الخريطة الاجتماعية - السياسية - الثقافية لبلدان الخليج اليوم؛ إلا ثمرة لسياسة بريطانية فى بداية هذا القرن. كان رهان بريطانيا رهاناً لا يستهان به طالما أن الهدف من ورائه كان العمل على إضعاف البنية الاجتماعية والهوية الثقافية العربية نفسها من أجل فرض سيطرة استعمارية كلية بشكل أفضل. إلى أي حد يجب دفع السيطرة الاستعمارية على المنطقة؟ هذا السؤال كان ما يزال مطروحاً في وزارة الخارجية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. وقد ناقشت لجنة بونزن؛ء على حد قول بوندارفسکي؛ خلال الحرب»› بعض )۳( المرمع الماين. V۳ المشاريع الرامية إلى خلق «خلافة» عربية تشمل مجمل شبه الجزيرة العربية وكل مناطق التجمعات العربية في الخليج. ولكن هذا الاقتراح لاقى معارضة من غرانت (صGa)‏ رئيس القسم الأجنبي في إدارة الهند الاستعمارية البريطانيةء ومن هرتزل رئيس القسم السياسي النافذ في مكتب الهند اللذين أشارا في تقریرهما إلى أن بريطانيا لا ترغب في جزيرة عربية موحدةء بل في جزيرة عربية ضعيفة مفككة مجزأة إلى إمارات صغيرة تحت السيادة البريطانية؛ والأهم إمارات لا سبيل إلى توحدها يوماً ضد السيطرة البريطانية(°. مع نهاية الحرب العالمية الأولىء وجدت بريطانيا نفسها السيدة المطلقة في المنطقة. وكانت الضفة الأخرى من الخليج؛ الضفة الفارسيةء قد عاشت صراعاً بين مناطق: الروس في الشمال؛ الإنكليز في الجنوب والمنطقة الوسطى محايدة. إلا أن الثورة البولشفية في تشرين الأول (اكتوبر) غيرت هذا التقسيم إذ سقطت إيران كلها بين أيدي البريطانيين. أما الوضع في المنطقة العربية من الخليج؛ فبقي شبه جامد خلال ما يقرب من القرن والنصف. وهكذا تحقق حلم سالسبوري و کورزون الشهير وکسبت المنطقة لقبها المعروف بوالبحيرة البريطانية». إلى ذلك فإن استيلاء بريطانيا على المرافىء الإفريقيةء من جهةء وعلى المرافىء الهندية ومرافىء شرق آسيا من جهة أخرى» وكذلك السيطرة على الطرق البحرية البريطاني کيلي بأنه استحال حطاماً: «تحول أسطول عُمان الذي كان في السابق أكبر الأساطيل وأقواها إلى كومة من الهياكل الخشبية المحطمة القابعة فى مراسیهاء”. ويكفي هذا الوصف لإعطائنا فكرة واضحة ليس عن النشاطات التجارية فقط )٤( .102 ‎Bondarevsky (G.), op. cit., p.‏ )°( کیلي (ج. ب)؛ بریطانیا والخليج؛› مرمع ساب الجزء الثاني» ص 4 التي انعدمت بل كذلك؛ عن الوضع الاقتصادي العام وعن نط حياة الُمانيين. وبطبيعة الحالء فقد كان الإنتاج الزراعي يتناقص مع غياب النشاط التجاري. فقد تقلص تصدير التمورء وهو محور هام في الاقتصاد الوطني› بل تلاشى. وكان المجتمع الغماني في حالة قريبة من الاختناق. أا اتصال عُمان بالعالم الخارجي فكان يقتصر» حسب قول وينغيت نفسه؛ على سفينة واحدة أسبوعية(› علماً بأن المرافىء المُمانية كانت تُؤُويء قبل وصول البريطانيين منذ قرث؛ مئثات السفن. كذلك؛» لم يكن بوسع السلطان فيصل سوى أن يسلم كل شؤون بلاده» تقريباًه إلى السلطات البريطانية. بل إن لاندن يذكر أن السلطان قد تخلى عن إحدى صلاحياته الأساسية التي هي الإشراف اليومي على شؤون البلاد لصالح المقيم السياسي البريطاني في مسقط الميجور وينغيت» وأنه تلقى بالمقابل ١٠٠ ألف روبية هندية أتاحت له تسدید دیونه٩. وهكذا تحول غسق الدولة العُمانية الذي بدا يطلع في منتصف القرن التاسع عش بعد انفصال زنجبار إلى ظلمات مع نهاية عهد السلطان فيصل (۱۸۸۸ - وكتب على عُمان أن تبقى غارقة في هذه الظلمات قرناً ونصف القرن. بل قل كان ذلك احتضاراً بطيئاً لبلد وشعب. ولكن من مياه «البحيرة البريطانية الاسنة لم تلبث أن انبعشت تيارات عميقة وقوية بقدر ما كانت مكبوتةء وأن تضافرت الظروف الكفيلة بإخراج البلاد من سيرورة التحلل. تلك هي النهضة العمانية. ١ء هركة النهضة على غرار ما كانت عليه الحال عشية ثورة ناصر بن مرشد في القرن السابع عشرء ومن ثم ثورة عزان بن قيس في القرن التاسع عشرء كان الحل الوحيد لوقف هذا Wingate (R.), Not in the Limelight, London, Hutchinson and Co. Ltd., 1959, p. 82. (۱) ‏لاندن (ر. ج) مع ص‎ )۷( Vo الانهيار وإنقاذ هو التفاف جميع حول الحركة الإباضية ومحاولة إعادة إقامة الإمامة. ضمّت قيادة النهضة أربعة عشر عالماً ورئيس قبيلةء وبرز نور الدين عبدالله السالمي كموجه لهم. وقد سمى هؤلاء القادة حركتهم ب«حركة النهضة وهي تسمية تشهد في الحقيقةء على الآمال المعلقة على الحركة الإباضية. على هذا فن مشروع النهضة الذي بدا قابلاً للتحقيق قبل أربعين سنة بدا أبعد متناولاً مع توطد الوجود البريطاني في عُمان. يذ کر آبو بشير محمد السالمي› (الابن)› مۇرخ هذه الثورة وأحد قادتهاء أن أباه عبدالله السالمى» الذي كانت له صلات وثيقة بالسلطان فيصل طلب إلى هذا الأخير تغيير مواقفه من البريطانيين. وتعتبر خطوة السالمي هذه تقليداً إباضياء كما تمثل تحذيراً من العلماء قبل إعلان ثورة قادمة. ولكن فيصل الذي كان قد فقد الأمل في الاستقلال تجاهل هذه المبادرة. فأخذ عبداللّه السالمي؛ الكفيفُ البصر منذ السادسة عشرةء (علماً أن هذه العاهة لم تِه في شيء إذ قدم إسهاماً أدبياً وفقهياً كبيرا) - أخحذ يُحضّر للثورة بكل القناعة وقوة العزيمة المعروفة لديه. وكان يُردد شعاره الشهير: «لا تبلغ الحرية دون الدم والدموع. والخوف هو لعنة الحياة والشك بالنصر هو الهزيمة».”. لعب السالمي؛» على غرار العالم سعيد بن خلفان الخليلى خلال ثورة عزانء وعلى مثاله» دور الموحد والموجه والب الروحي لهذه النهضة. ومن هنا جاءِ لقبه لوالنهضة العُمانية في القرن العشرين». ۱ كان السالمي يتصور امتداد هذه النهضة إلى العالم العربي عبر العلماء الإباضيين. ووفق ولكنسن» فلقد شهد ذلك العهد توسعاً للحركة الإياضية نحو ما يشبه دعوة إياضية جامعة ‎(Pan-Ibadisme)‏ بمعنى بمعنى أن الجماعات الإباضية بدأت تتفاعل فأكثر مع بعضها وتعمل على بلورة منهج مشترك). (۸) السالمي (محمد بن عبداله) تحضة اعيات بعرية خُرإات» القاهرة (دون تاریخ)» ص ۱۳۰. ‎Wilkinson (J.C.), The Imamate Tradition of Oman, op. cit., p.243. (۹)‏ ٢۷ نوى السالمي أن يحج إلى مكة وأن ينتهز المناسبة تلك ليلتقي بالعلماء الإباضيين القادمين من الجزائر وتونس؛› وخاصة محمد بن يوسف أطفيش. كان يريد إعلامهم بقرب اندلاع الثورة العُمانية والحصول على دعمهم المعنوي والمادي. وقد شهدت هذه الفترة التي انتشر فيها الأدب الإباضي» تعاون علماء المغرب والمشرق وتمتين صلاتهم ليؤمنوا الدعم للمشروع الإباضي في غُمان. ولكن؛ نظراً لخطورة الوضع الداخلي العُماني» تويب على السالمي العزوف عما نوى عليه. وقام بدلا من ذلك بجولة داخل غُمان بغية الاتصال بقادة القبائل وتهيئتهم للثورة. وبصورة دبلوماسية جداً كانت الزيارة الأولى من نصيب «أمير الجبل الأخضر الشيخ حمير بن ناصر النبهاني» الرئيس الغافري لتنوف» وهي مدينة تاريخية مجاورة لنزوى. وكان لهذه الزيارة معنى خاص لأن القبائل الغافرية لم تكن قد لعبت دوراً هاماً خلال إمامة عزان بن قيس الذي حظي؛ على العكس من ذلك بدعم القبائل الهناويةء وقد مثل غياب دعم القبائل الغافرية أحد الأسباب الرئيسية لسقوط إمامته عام ۱۸۷۱. كان السالمي الذي يعرف العقلية القبلية جيداً يتوق إلى محو هذا الاختلال في التوازن بمبادرة لم يغفل النبهاني عن تقديرها. وبشكل مواز عمل السالمي على تتشيط الصلات مع القبائل الهناوية. فاتصل برئيسها عيسى بن صالح الحارثي الذي أبدى شيا من التردد قبل أن أعلن دعمه للإمامة المقبلة. وكان لهذا الاجتماع هدف وحيد: انتخاب إمَام. اقترح عبداللّه السالمي ترشيح العالم سالم بن راشد الخروصي ولكن الخروصي الذي لم يكن يتوقع هذا الاقتراح حاول أن يعتذر بالقول إنه أتى لإعطاء بيعته لا للقي إلا أنه لم يكن من حقه ولا السالمي (محمد بن عبدالله)› سمع ص ۱۳۸. ۲۷۷ في مقدوره لا من وجهة نظر مذهبية ولا من حيث التقاليدء أن يعتذر عن هذا الترشيح. الترشيح كان يعني رفض الثقة التي وضعها العلماء فيه لا سيما وأن مثل هذا الرفض كان يمكن أن يعني أيضا انقسام صفوف المسلمين” '. ولم يكن للخروصي سليل الأسرة التي أعطت عبر التاريخ العديدء علماء وقضاة وأئمةه سوى الموافقة. فتممت له البيعة إذاً في مسجد الشريعة في المدينة نفسهاء› طبقا للمراسم التقليدية. وقد شارك فيها مجموع العلماء وبعص رؤساءِ القبائل. وقد قام العالم عامر بن خمیس بن مسعود المالكي› والعالم عبدالله بن محمد بن زریق الأزكوي؛ بقراءة البيعة واتخاذ ما تستبعه من تدابیر” وکانت هذه البيعة بيعه الظهور”. وهكذا أعلنت الإمامة الجديدة وأعلنت نزوى» المركز الإباضي الروحي› عاصمة لها. كان برنامج إمامة الخروصي يموم على أربع نقاط: إسقاط نظام السلطنةء إنهاء الوجود والنفوذ البريطانيين› العمل على توحيد البلات وأخيراً إعادة إقامة الإمامة على كل البلاد. ويلاحظ في كل الإمامات الإباضيةء في التاريخ الحديث؛ برامج مماثلة تقريياأ كانت خصوصيتها الوحيدة في الزمان والسياق. بعد شهر من هذه البيعة تقريبا وصل الشيخ عيسى بن صالح الحارثي مصحوبياً يبعض رؤساء القبائل الهناوية إلى تنوف وهي منطقة تتبع للقبائل الغافريةء وبايع الإمام الجديد. بفضل السالمي والخروصي؛› أمكن حصول اتفاف؛ بعد خمسين سنه من النزاعات» بين رئيسي القبائل المتنازعةء الغافرية والهناوية. وهكذا الثورة أحد أهم شروط نجاحها: وحدتها. وعلى هذا النحو بدا أن المجتمع العُماني قد استعاد وحدته حتى قبل إقامة الإمامة. كذلك يمكن القول إن هذه الثورة حظيت بظروف ولكن الغريب هو أن عيسى بن صالح الحارثي اقترح بعد إعطائه بيعته» وساطة (١٠) راجع القسم الثاني من الفصل الأول. )۱۲( السالمي (محمد بن عبدالله)› س سای ص ١١۱. (۱۳) راجع القسم الثاني من الفصل الأول. ۷۸ بين الإمام والسلطان فيصل. وكان يمكن لهذا الاقتراح غير المتوقع أبداً أن يزرع: على حد قول محمد السالمي؛ التخاذل بين الإمامين في الوقت الذي لم تكن الثورة إلا في طورها الأول؛ ولكن هذا الاقتراح رفض رفضاً قاطعاً شكلاً ومضموناء من جانب العلماء؛ وأثار أكثر من ذلك» السخط والدهشة معا. وطبقاً للتقليد» أرسل الإمام الخروصيء» في هذه الأثناء رسالة رسمية إلى السلطان يعلمه فيها بقيام الإمامةء ويطلب فيها منه إنهاء النفوذ البريطاني وتطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد. بعبارة أخرى يطلب منه التنازل عن الحكم. وبصورة موازية لذلك؛ أرسل الإمام مبعوثين عبر البلادء ورسائل لرؤساء القبائل يخبرهم فيها بقيام الإمامة ويطلب بيعتهم. وقد رد معظم الزعماء إيجابياً ومنحوه بيعتهم. وفي زمن قصير أعلنت كافة المدن الرئيسيةء تقريبء ولاءها له. ولكن بعض المدن التي بقيت ويلاحظ التقرير البريطاني الذي يلخص الوضع؛ أن عصيان قبائل عُمان تحت قيادة إمام تنوف» سالم بن راشد الخروصي» يغطي على كل الأحداث الأخرى التي شهدتها عمان تلك السنة. وينسب هذا التقرير اندلاع «العصيان» إلى الدعاية التي بثها الشيخ الإباضي الرئيسي› عبدالله بن حميد السالمي”” '. أي يكن فلقد تجلى دعم عام للإمام لا سيما في المدن التي بايعت. وبحق كان على البريطانيين أن يقلقوا لا سيما وأن شخصيات قريبة من السلطان» مثل سيف بن سلطان البوسعيدي وأخحيه حمود؛ التجأت إلى الإمام وأعطته بيعتهاء بل طلبت إليه أن يصفح في تموز (يوليو) ۱۹۱۳ء وصل الميجر مورفي (hطurp)›‏ من دائرة المخابرات» من بوشهر ليدرس الوضع بقصد الوصول إلى تسويات أو إذا اقتضت الضرورةء القيام بإنزال قوات بريطانية من أجل الدفاع عن مطرح ومسقط. وفي ١ L.O.R.: R/15/6/337, Administration Report of the Muscat Agency for the year 1913, p.51. 4) .۱۸۱ ‏السالمي (محمد بن عبدالله)› ص‎ (۱ ۷4۹ تموز (يوليو) طلب السلطان المساعدة من المقيم السياسي” `. ولكن هذه التدابير لم تمنع تقدم قوات الإأمامة. فبعد شهرين من إعلان الإمامة تقريبا سقطت منطقة أزكي تحت سلطتهاء تلتها منطقة العوابي» والتحق واليهما بالإمام. وأخيراء في آب (أغسطس) ١۹۱٠› سقطت منطقة سمايل الاستراتيجية في أيدي الإماميين. ومن جراء ذلك تَغيّر ميزان القوى لصالح الإمامة. ومنذ ذلك الحين لم تعد سلطة السلطان تشمل سوی مسقط ومطرح وبعص المدن الساحلية. وعدا ذلك أصبحت كل البلاى تقريبا خاضعة لسلطة الإمامة. ولم يبق من أجل أن تصبح الإمامة الواقع التاريخي سوى مرحلة أخيرة: تحرير العاصمة. حيال هذا الوضع جمعت بريطانياء التي كانت تعلم جيداً أن سقوط مسقط سيعني نهاية نفوذها فى عُمان» قواتها حول المدينق عازمة على أن تنقذ معقلها الأخير. كما أرسل المقيم البريطاني في مسقط رسالة تهديد وتحذير إلى الإمام الذي كان يهيىء لهجومه النهائي. ورد عليه الإمام قائلا: وأن كل ملك (سلطان) خالف العلماء فهو خليع عند الدولة الإسلامية وأن فيصل قد قامت عليه الحجة مراراً عديدة (...) وأنتم يجب عليكم أن تكفوا عن أمر المسلمين ويجب أن لا تعتدوا علينا ومن اعتدى علينا فالله يعيننا عليه وكفى بالله ولياأ وكفى بالله نصيراء. وفي هذه الأشناى توفي السلطان فيصل في ٤ تشرين الأول (أكتوبر) ۳ وانتهی عهد دام ٢۲ سنةء كان صاخباً بقدر ما کان صعباً. واعتلی ابنه تیموں؛ فی ۸ تشرين الأول (أكتوبر) العرش وكان عمره آنذاك ۷٠ سنة. ويجدر بنا أن نورد هناء رأي البريطانيين في السلطان المتوفى فيصل. فقد وجه .O.R.: R/15/6/337, Administration Report of the Muscat Agency for the year 1913, p.52. (\1) .۱۹۸ - ۱۹۷ ‏السالمي (محمد بن عبدالله) مرمع سایق ص‎ T۸۰ الميجر رنكس ‎))Ron×(‏ المقيم البريطاني في مسقط رسالة مؤۇرخة في کانون الثاني (يناير) ١١۱۹ إلى رئيسه البريطاني لوريمر المقيم السياسي في الخليج؛ رسم فيها عن فيصل الصورة التالية: «إن السيد فيصل بن تركيء الذي كثيراً في حیاته. ماسوف عليه جداء في كثير من الأوساط. لقد كانء دون أي شكء حاكماً ضعيفاء ولكن تصرفاته الطبيعية اللطيفة وحضوره المميز أكسباه شعبية واسعة. وهو لم يفتقر قط إلى الشجاعة الشخصية وکان. دون آي شك إنسانا ودودا”. هذه شهادة عادلة جداً ولكن متأخرة. ذلك أن الإنكليز لم يعاملوا فيصل على الرغم من كل صفاته كما كان يجب أن يعامل. أما بالنسبة لضعفه المزعوم فمرده إلى الضغط الإتكليزي المتواصل الذي نجح في تحطيم إرادته أكثر مته إلى طبعه الخاص. من جانب آخر هناك رأي ثانِ يستحقٌ أن يذ كر وهو رأي العلماء الإباضيين. فعلى الرغم من أنهم كانوا يعدّون فيصل غير مقبول من سياسيأء فقد وصفه السالمي» وهو سلطة البلاد الأخلاقيةء بأنه رجل جليل حليم وصل السلطان الشاب تيمور إلى الحكم؛ على غرار أييهہ في وقت کانت فيه البلاد تغرق من جديد في أزمة داخلية خطيرة ودائمة. وهذا ما جعل مصیيره آکٹر مأساوية من مصير والده. فلقد كان عليه أن يواجه ثورة هي الأطول في التاريخ العربي الحديث إذ دامت سبع سنوات» حددت مسار التاريخ الحديث لبلاده. وكان وضع السلطنة الاقتصادي يتدهور بسرعة وكانت خزينة الدولة فارغةء والجنود الذين يتأخر تسديد رواتبهم يستسلمون للإحباط إلى درجة التهديد بالالتحاق بالإماميين. ولكن لنسمع أولاً رأي السلطات البريطانية في السلطان الجديد: L.O.R.: R/15/6/337, Administration Report of the Muscat Agency for the year 1913, p.49. (\۸) ‏السالمي (محمد بن عبدالله)› س مال؛ ص ۰٠۲۰.‎ (۱۹) ۸ إليه مدافع الأسطول البريطاني(...) وهو يقيم مقطوعاً عن القبائل العربية بسبب تمرد. اندلع قبل تسلمه السلطة في عاصمة معظم سكانها بريطانيون وهنود وبلوش وسود ولیس فیها زعيم واحد يمثل الرأي العام العربي (العُماني)»” “. أما فيما يتعلق بطبعه وسماته الشخصية فإن التقرير يتابع قائلا: «فضلاً عن ذلك فإنه يدع المرء يتفاءل بحكم جيدء وهو ذو حسٌ سليم جداً عندما يُترك لنفسه؛ وقد يجعل منه هذا الحسٌ حاكماً أفضل من جده أو أبيه إذا يقي له من شيء بحکمهء۱٩. وجدّه واجها من الضغوط أكثر مما تمتعا به من الاستقلال. على صعيد آخر فقدت الإمامة في كانون الثاني (يناير) ١ ١۱۹› أحد أيرز زعمائها الروخيين» قائد النهضةء (الشيخ نور الدين)› عبدالله السالمي. وفقدت معه ايضا مۇرخاً وصفه المؤرخ الروسي بوندارئسكي بأنه أيو التاريخ المُماني. وعلى الرغم من وفاته في حوالى الاربعين من عمره» فإن حياته القصيرة كانت ذات خصوبة استثنائية. فقد ترك حوالى عشرين مجلداً في الفقه والأدب» منها اثنان في تاريخ غُمان. وقد انطبعت حياته بالنضال المستمر في خدمة عُمان وحريتها وخدمة المشروع الإباضي. ولقد انمكس غيابه بشكل ملموس على القرار السياسي لهذه الثورة واتجاههاء بل وعلى مصيرها. ومما تجدر الإشارة إليه أنه لم يُخَلّف إلا عام ٥٠ حيث انتخب العلماء العالم عامر بن خميس المالكي لمنتصب «مدير شؤون الإمامة» وهو لقب لم يكن معروفاً من قبل. LLO.R.: R/15/6/337, Administration Report of the Muscat Political Agency 1916, (1°) pp. 122-123. Ibid., p. 123. YAY ٢ . الحرب العالمية الأولى: الإمامة على المحك حاول السلطان تيمور» مدفوعاً من إنكلترا المنشغلة بالحرب العالميةء الدخول فى مفاوضات جدية مع الإماميين ولكن عبثا. عند ذلك تقدم الشيخ حمدان بن زايد آل بوفلاح› حاكم أبو ظبيء كوسيط بين السلطان والإمام. وفي ٩ كانون الأول (ديسمبر) جرى لقاء بين ممثل الإمام عيسى بن صالح الحارثي؛ والشيخ حمدان بن زايد في منطقة السيب الواقعة على حوالى ٠۷ كلم من مسقط والتي أصبحت المقر الدائم للمفاوضات. ونجح حمدان في إقناع الحارثي بمصاحبته لزيارة السلطان في مسقط للبحث في مقدمات اتفاق محتمل. وعلى رغم الترددات الأولية لقادة الإمامة افق على لقاء جديد للتفاوض على هذا الاتفاق. خلال اجتماع مسقط مع السلطان تمت صياغة اقتراح من ثماني نقاط؛ غير أن الحارثى اشترط عرضه على الإمام لأخحذ موافقته. وقد نصت النقاط على التالى: أن لا يتعدى الإمام حدوده الحالية وأن يرد حصن بدبد وسمايل للسلطان› وأن ل يتخلى السلطان عن شيء من «المملكة العمانيةء لصالح الإنكلين وأن لا يُؤوي السلطان أي هارب من عدالة الإمامةء وأن لا يسعى لهم بضر ظاهر ولا باطن. ونصت النقطة الخامسة على أنه يجب على السلطان تطبيق العدالة حسب الشريعة الإسلامية وأن يرقم المظالم. وأخيراً أن لا تتجاوز الرسوم الجمركية التي تفرضها مسقط على تصدير التمور والمنتجات الزراعية ٠ بالمائة من قيمتهاء وأن لا تخضع الواردات المتجهة إلى الإمامة لتفتيش سلطات مسقط” "٩. كانت معظم نقاط هذا الاتفاق لصالح الإمامة ومع ذلك رفضها الإمام وصرح› فيما يتعلق بالنقطة الأولىء بأن منطقة سمايل كانت «محررة» وأنها تمتّل جزءاً من أراضي المسلمين وأنه لا يمكن بهذه الصفةء ردها إلى الجبابرة (القادة غير الشرعيين). فانتهت هذه المحاولة الأولى إلى الفشل؛ ولكن المفاوضات سجلت نجاحاً أُوّل للإمامة إذ اعرف بها من ذلك كواقع يجب أخذه في الحسبان. إلا أن اللقاء بين الشيخين عيسى بن صالح الحارثي وحمدان بن زايد في مسقطء (٢۲) السالمي (محمد بن عبداله) مع سایق؛ ص ۲۱۸. A۳ أثار جدلاً بين العلماء. ذلك أن الإنكليز حاولواء إذ ذاك الالتفاف على الحارثي› ليزرعوا الشقاق بين الغوافر والهناويين» على أمل أن يفرق ذلك بين قيادة الثورة. وبالفعل استُقبل الحارثي استقبالاً جيداً في مسقط حيث تلقى بعض الهدايا من السلطان وهو ما يفسره التقرير البريطاني على أنه بداية محاولة لفك ارتباط القبائل الهناوية بالإمامة. على خط آخر كانت المواجهة العسكرية بين الطرفين قاسية. ففي عام ١١۹٠ وللمرة الأولى» شن الإماميون هجوماً على العاصمةء ولكن هجومهم هذا فشل لنقص خبرتهم العسكرية في مواجهة الجنود البريطانيين والهنود المجهزين جيداء وقد خسروا في هذه المواجهة ٢٥۳ رجلا مقابل ۷ قتلى و١٠ جريحاً في الصفوف المريطانية”. وفي كانون الثاني (يناير) تلقَّى الإمام الخروصي رسالة من القنصل البريطاني في مسقط الكولونيل روبرت أرثر إدوارد بين (عصنBa)›‏ يخاطبه فيها بوصفه شيخاً وليس بوصفه إماما مسجلا بذلك إرادة بريطانيا تجنّب الاعتراف بالإمامة ككيان مستقل؛ جاءِ في تلك الرسالة: «إن السلام هو أحد أعمدة الشريعة الإلهية. (...) وأود أن أنصحك بعدم التاخر في إطلاعنا بشكل مفصل على نواياكم في هذا الشأنء بحيث نقف على معرفة ما إذا كان هناك حقا من أمور خطيرة تستوجب الحل. أنتظر جوابكە»”*". وفي آب (أغسطس) ١٠۹٠ جرى أول لقاء رسمي بين الإماميين والبريطانيين في السيب. وكان الحارثي وقاضي الإمام الشيخ سعيد بن ناص يمثلان الإمام. وقد ترأس السيد بين (عصنة8) الوفد البريطاني وكان هدف هذا اللقاء دراسة المعطيات الجديدة واقتراحات الإمام واخر اقتراحات مسقط. ‎LO.R.: R/15/6/337, Confidential: Report from Political Agent, Muscat to S.G. Knox, (YY)‏ ‎Bushire, 8 Feb. 1916, p.75.‏ Rapport du Comité spécial de l'Oman, op. cit., p.29. ‏(٢٤۲(‎ At كان من شأن هذا اللقاء أن يوصل الطرفين إلى بداية اتفاقء ولكن بن أصرَ على انسحاب القوات الإمامية من منطقة سمايل الاستراتيجية. وكاد الحارثي أن يقبل ذلك ولكن سعيد بن ناصر رفض هذا الشرط رفضاً قاطعاء وانتهت المفاوضات. فقررت بريطانيا التي كانت تعرف جيدا الوضع الاقتصادي والظروف المعيشية في مناطق الإمامة - قررت أن تطبق عليها سياسة ذات ثلاثة محاور: إخحضاع منطقة الداخل لحصار اقتصادي اول ثم لعب الورقة وأخيراً كسب الوقت. وفيما بعك أرسل كوكس (×ه) خليفة بين» رسالة إلى حكومة الهند يقول فيها ما فحواه أن خطة العمل هذه رسمت في انتظار موت الإمام المبكر من أجل التوصل بعد ذلك؛ إلى صلح مالي مع حمير*"). وهذه العبارة الأخيرة تدعو إلى الظن بأن الإتكليز كانوا ينوون وضع خطة لاغتيال الإمام. فالإمام لم يكن مريضاً ولا مسنًاً: فلماذاء يُنتظر موته؟ ومهما يكن من أمر فقد استمر الوضع العام في التدهور» خاصة في عُمان الداخل التي أحذت تعاني من الحصار الاقتصادي. بالتأكيدء كان الزمن حليف الاستراتيجية الإنكليزية ومع ذلك رص المانيون صفوفهم حول إمامهم في هذه الفترة الصعبة بل إن شخصيات مقربة من السلطان التحقت بالامام. ولزيادة الضغط على الإمامةء رفع السلطان؛ بناء على نصيحة المقيم البريطاني› الرسوم على المنتجات الزراعية الواردة من الداخل؛ من ٥/ إلى ٢۲ على التمور و٠ ٠./ على الرمان. وقد ترتب على هذا القرار نتائج كبيرة على المدى الطويل. فققد كان الإتكليز يعلمون جيداء أن المُمائيين إنما يعيشون من تصدير تمورهم الشهيرة وكما هو متوقم شل هذا التدبير اقتصاد الإمامة ونشاطاتها التجارية. وكانت تلك Peterson (J.E.), «The revival of the Ibãdi Imãamate in Oman and the threat to Muscat, (°) 1913-20», in Arabian Studies, HI, published for Middle East Centre, University of Cambridge, 1976, p.175. I.O.R.: R/15/6/337, Administration Report of the Muscat Political Agency and Consulate (Y1) 1920, p. 196. YAo بداية فترة اختناق بالنسبة فزاد التضحُم ونقصت الأموال. وفي عام ۸١6۹ء منعت حكومة مسقط خروج الأموال من البلاتء وهو ما فاقم الوضع أكثر. ويقدر لاندن» مستنداً إلى تقرير بريطاني» أن الخسائر البشرية التي عاناها تجاوزت إذ ذاك بكثير الوفيات التى سببها وباء الكوليرا عام ۱۸۱۸ - ۱۸۱۹ (٠۲ ألف ضحية) ومما زاد الطين في الكارثة أن العجز التجاري بلغ ٠٠٠٠٠۳ جنيه استرلينى تقريباً؛ ما تجار مسقط الهنود» فكانوا قد أغلقوا مخازنهم وغادروا ٤ . الإستراتيجية البريطانية الجديدة خلال ثلاث سنوات تقريباء لم يحدث أي تغيير جوهري في الوضع العام للبلاد. كانت تلك فترة رکود کلي. وضعت بریطانیاء بعد خروجها منتصرهة من الحرب العالمية الأولىء تصوراً لسياستها ما بعد الحرب. ففيما يتعلّق بمسقطء كان أحد وجوه هذه السياسة يرمي إلى إصلاح الإدارة وضمان الأمنء وذلك من أجل توطيد نظام السلطنة الذي أضعفته وفي مطلع أخذت بريطانيا في صياغة حل يمكن أن يقبل بها قادة الإمامة. والأهم من ذلك أيضاًء هو انها بدت مستعدة لتقديم تنازلات لصالح الإمامة وبدت مستعدة بشکل خاص» لقبول الاعتراف بالامام كسلطة معنوية في البلاد. اقتراح الوكيل السياسي, الذي يمكن بموجبه اعتبار السلطان الزعيم الزمني والإمام الزعيم الروحي لمان الموحدةء رفقض فورا من جانب الزعماء العُمانيين. واتفق على أن تسوية قائمة على أساس الوضع القائم هي الحل الوحيد الممكن, بحيث يدير (۲۷) لاندن (ر. ج) سعع ساق ص ٢٥٥۲. ‎LO.R.: R/15/6/337, Administration Report of the Muscat Political Agency 1916, p.130. (۲۸)‏ A٦‎ العُمانيون (الإماميونء أهل الداخل) بلدهم والسلطان بلده مع حرية التنقل والمبادلات ومع تبادل الطرفين الضمانات في حالة ۲۹( 1 العدوان» . لقد تم اتخاذ القرار وعزمت بريطانيا على تقسيم عُمان. أما عن رأي السلطان في ذلك فإننا لا نجد له ذكراً في أية وثيقة. ورغم أنه سيتبدى لاحقاً أن السلطان لم يكن مؤيّداً لمثل هذا الحل؛ فلم يكن في مقدوره تغيير القرار أو التأثير فيه حتى وإن كان ذلك متعلقاً بمستقبل بلاده. أما فيما يتعلق بالعلاقة الفرنسية - الممانية التى لم تكن قائمة إلا من حيث الشكل (خاصة بعد قراز محكمة لاهاي عام ١١۱۹)› فقد أرسلت فرنساء فى ٤ شباط (فبراير) ۱۹۱۹» السيد لوكوتور ‎Coutur(‏ ع]) ليحل محل منتصب القنصل السيّد جينيه (rءنصanع[)‏ الذي توفي في ۳ أيلول (سبتمبر) ۱۹۱۸› بعد ثماني سنوات من الخدمة في مسقط كان قد تُسي فيها تقريياً. لم یکن القنصل الجديكت على غرار سلفه؛ يتمتع بأية مزایاء ویمکن القول إن وجوده في مسقط کان عديم الجدوى تماما. وقد کتب؛» بعد حصوله ذلك التقرير: «حدٹڻني (السلطان) عن فرنسا بعبارات ودية وقد تبينت دون مشقةء خلال المحادثات التي جرت بيني وبين جلالته. أن السلطان لم يكن راضياً أبداً عن الوضع السياسي لمسقط وهو الوضع الأكثر هشاشة قياساً إلى ما مضى». ويضيف القتصل؛ فى فقرة أخریء تقیيمه الشخصي لحالة السلطان: وجود تعليمات من سعادتكم. الرد على بعض الأسئلة المحددة من LO.R.: R/15/6/337, Confidential: Administration Report of the Muscat Political Agency (Y۹) 1919, p.175. YAY جانب جلالته وبقيت في حالة تحفظ مطلق تفرضها علي الظروت»”. إن محتوى هذا التقرير يبين أن السلطان قد فهم جيداً أن بلاده سقطت نهائيا بين يدي بريطانيا هو نفسه» لم يعد يملك من متصبه سوى اللقب . ولكن يبدو أن السلطان كان يجهل ُن التحالف الفرنسى 0 أثناء الحرب بل ميزان القوى والمعطيات السياسية - الاستراتيجية. ومن جهة أخرى» فإن فرنسا الاستعماريةء لم تعد تنظر آنذاك إلى عُمان كدولة مستقلة كما كان عليه الحال أثناء الثورة» وعهد نابليون الأول» وأا السلطان الذي لم يكن قد فهم ذلك إلا متأخراً فكان يحاول إيجاد مخرج ما من هذا المأزْق التاريخي. وفى مكان آخر وعلى أثر رفض قادة الإمامة للاقتراحات البريطانية الجديدةء كان الميجر هوارث قد وجه في أيار (مايو رسالة إلى الإمام يدعوه فيها إلى استثناف المفاوضات. لم تكن لهجة هذه الرسالة تخلو من تهديد› إذ كانت تتحدث بلغة مستعمر ومنتصر. ونظراً لأهميتهاء فإننا سنستشهد هناء بعدة مقاطع منها: «كما تعلمون فلقد انتصرت بریطانيا العظمى وحلفاؤها على العدو وله الحمد. وقد احتلت جيوشنا ألمانيا والنمسا وبلغاريا وتركيا. وقد سلمت ألمانيا أسطولها وأكثر قطعه أصبحت ملك أننا احتللنا أستنبول: وآما بغدأد فيين أيدينا منك وقت طويل». ويتابع التقرير مدققاً في المشاريع والسياسات المرسومة للبلدان العريية: «وسوف تشكل حكومة عربية في بغداد والبصرة وسيكون يحكموا هناك. أما في الحجاز فإن صديقنا الشريف حسين قد أصبح ملك الحجاز وأصبح يتمتع بقوة كبيرة. وأاصبحت المدينة المنورة تحت حكمه بموجب الهدنة المبرمة فيما بيننا وبين الأتراك. وفي اليمن فإن سعيد باشا قد استسلم وهو سجين لدينا. Aff. Etr. Asie 1918-1929, Golfe Persique Mer Rouge, vol. II, p.20. YAA (...) وما من شك في أن تأكيدات هذه الأخبار لن تصلكم عن غير طريقنا. وإنني أكتب لكم هذه الأسطر لأعلمكم أننا نرغب الإاسهام في تشكيل حكومة عربية تحكم بموجب تقاليد هذه أما فيما يتعلق بالعلاقة بين بريطانيا ومسقط تحديداء فتشير الرسالة إلى أن وضعاً غير مستقر في مسقط قد أرغم بريطانياء عام ١۸۹٠ء على أن تبلغ الزعماء القبليين بأنها تدعم السلطان. ويكتب الميجر هوارث: «ومن أجل ذلك أيدنا تركي وفيصل بعدهء وسندعم الآن تيمور». نم یهدد: «لدينا ٠٠٠ ألف جندي متمرس, أنهوا عملياتهم في العراق ولم يعد وجودهم ضروريا في ذلك البلد. وبضعة الاف منهم كفيلون باحتلال كل عمان لو كان في نيتنا أن نفعل ذلك وأن نُضِرٌ بکم»”“. ويضيف» أخيراء أن بريطانيا تسيطر على الساحل وأنها تستطيع في لحظةء أن تفرض رسوماً مرتفعة على السلع «المتجهة إلى بلدكم أو قادمة منها دون أن تستطيعوا معارضة ذلك بشيء). ثم يُنهي بهذه الكلمات: «تعلمون أيضاً أننا نسيطر على البحار. وهكذاء فإذا خطر لكم معاداتنا قسوف نعمل بحيث يستحيل عليكم شراء الأرز والقمح والملايس وبيع تموركم. علما بأن كل مبادلاتكم التجارية تجري مع بلدانناء”". كما نرى» لم يوفر الميجر هوارث أي نوع من التهديد بما فيه الحرب المباشرة بين القوات البريطانية وقوات الإمامة وحتى التجويع إذا اقتضى الامر ذلك. كل الوسائل كانت مقبولة لتركيع الإمامة. Rapport du comité spécial de L'Oman, op. cit., p. 30. (۳۱) Ibidem. (۳۲) Ibid. (۳۳) ۸۹ وفى آب (أغسطس) تلقى الميجر وينغيت (عatعWing)‏ الذي كان قد أنهى مهمته في الهندء وهو في طريقه لتسلم مهمة جديدة في العراق» أمرا بتغيير وجهته والمضي بسرعة إلى مسقط ليشغل فيها منصب القنصل والمقيم السياسى العام. ويبدو أن هذا القرار اتخذ إثر معلومات تفيد أن السلطان تيمور بن فيصل ينوي فعلياً التتحي أو على وجه الدقةء التنازل عن العرش. وكان يبدو أن الرجل الأكثر أهلية المعالجة مثل هذه الأزمة هو الميجور وينغيت» العسكري عشرة مرة» مقيميها السياسيين وقناصلها في مسقط؛ ثمانية منهم في عام ١۱۹۱. منذ وصوله؛› قام وینغفیت بالاتصال بقيادة الإمامة وطلب مقابلة الحارثي. کان وینغیت على معرفة جيدة بالوضع في عُمان. وکان يعلم أن الثورةء وهي على عتبة سنتها السابعة تواجه أزمة اقتصادية حادة. وإذا كان العلماء الإباضيون وأتباعهم ما زالوا قادرين على تحمل مثل هذا الوضع بفضل تمسشكهم بمعتقداتهم وخیاراتهم؛ فإن إمكانية صمود سائر السكان فى هذه الظروف الصعبة لفترة طويلة أمر ضعيف الاحتمال. وفي مثل هذا الوضع؛ كان من عادة المسألة القبلية أن تعود حاسمة. وكان وينغيت يريد أن يلعب ورقة الهناويين الذين يقودهم الحارثي والذي بدأت ويشير تقرير القنصل الفرنسي لوكوتور» في ١١٠ أيار (مايو ۹١۱۹ء إلى أن الشيخ عيسى كان ينوي التخلص نهائياً من مقاومة البدو واستعادة سلطته بشكل لا يقبل المناقشةء في نفس الوقت الذي غُهَّدّت النية فيه على إعادة سلطة السلطان في غُمان. ومن نافل القول أن المقصود بمقاومة البدو هنا ثورة الإمامة. من جانب آخر لم يكن على الإنكليز انتظار موت الإمام طويلاً. ففي عام ۹٠۹٠ وقبل توقيع معاهدة السيب» قتل الإمام سالم بن راشد الخروصي. وكان Aff. Etr. Asie 1918-1929, Golfe Persique Mer Rouge, vol. IL, pp. 22-23. ‏(٤۳(‎ ۹4. القاتل بدوياً هارباً أفلت من عدالة الإمامة ينتمي إلى قبائل بني وهيبة الهناوية المقيمة على أرض السلطان. كانت وفاة الإمام نهاية جهاد تُوّجت بسبع سنوات على رأس الشورة. ولأن الخروصي كان قائد الثورة الإباضية الثالثةء أطول ثورات التاريخ الحديث» فقد سميت» «ثورة الإمام الخروصي». لقد حاول قادة الإمامة عبثاً إِلقاء القبض على القاتل. فطلبوا من سلطان مسقط تسليمه» ولكن دون نتيجة. والوثائق الإنكليزية لا تعطي أي تفصيل حول هذه النقطة مكتفية بملاحظة أن: «القاتل هرب إلى منطقة الساحل المهادنةء ولم يمكنء على أي حالء شيءء ودفنت القضيةء“". كانت منطقة «ساحل عُمان» «الساحل المُهادن»» تحت السيطرة المباشرة للسلطة البريطانيةء ولهذا السبب اعتبر كاتبُ التقرير القضية منتهية. ولكن هذا التصريح يساوي اعترافاً بالمسؤولية. والواقع أن الثورة لم تفقد إماماً كبيراً فقطء بل فقدت شخصية هامة الشيخ حمير بن ناصر النبهاني» رئيس التجمع الغافري والقائد العسكري للثورة منذ بدايتها - الذي توفي في تلك الآونة أيضاًء في نيسان (أبريل) ١۹۲٠ على الأرجح. وكتب المقيم السياسي البريطاني بوقاحة وقد سرته وفاته: «لقد قاتلت الآلهة الإمام بأخذها منه الشيخ حمير بن ناصر وبشكل استثنائي حل محل هذا الأخير اينه سليمان بن حمير البالغ من العمر أربعة عشر عاماً. وكما هو متوقع فإنه عمره» إضافة إلى شخصيته› بدا مُعَوّقين لوحدة قبائل وبديهياء لوحدة الثورة. وقد أثار موت أبيه خلافاً داخل القبائل الغافريةء كان له هو الاخ انعكاس على مجرى الثورة. .O.R.: R/15/6/337, Confidential: Administration Report of the Muscat Political Agency (T°) and consulate 1920, p. 220. Ibid., p.196. ‏)٦۳(‎ ۲۹۹ القسم الثاني إمامة محمد بن عبدالله اللي ١۱۹۱ » ١٥۱۹) يعد وفاة الخروصي مباشرة انتخب العلماء محمد عبدالله الخليلي إماماً جديداً وكان العالم عامر بن خميس المالكي؛» رئيس قضاة الإمامةء هو من اقترح الإمام الجديد وأثنى عليه العالم ماجد بن خميس العبري» وهو مجاهد قديم في ثورة عزان› ثم أعطى العلماء الأخرون موافقتهم. ومما يذكر أن الإمام الجديد هو أحد أحفاد العالم الشهير سعيد بن خلفان الخليليء مرشد إمامة عزان بن قيس - ۱١۱۸۷ ). كان الخليلي رجلا بارزاً وصاحب كفاءة؛ إل ُن وفاة الإمام الخروصي كانت قاسية على قادة الإمامة. ذلك أن الخروصي كان يمثل رمز الوحدة الوطنيةء خاصة عندما دخلت الثورة طورها الحرج. وهكذا سرعان ما أعلن الحارثي وابن حمير رئيسا القبائل› عن خلافاتهماء بل وعن خلافهم مع الإمام الجديد. و بدا آنذاك أن خطين سياسيين في طريقهما إلى الظهور: خط العلماء المؤيد لاستمرار الثورة وخط القبائل التي لم تعد ترى فيها فائدة وأخحذت تسعى إلى تسويات. في هذه الأثناى في آذار (مارس) ۹٠۱۹ء قرر السلطان تيمور زيارة الهند. وقد وصفت هذه الزيارة بأنها زيارة رسمية. إلا أن قرار السلطان مغادرة بلده فى هذه المرحلة الحاسمة كان له أسباب لم تتكشف إلا لاحقاً. رافق السلطان فی رحلته الميجر وينفيت» في حين كلف السلطان والي مطرح؛ محمد بن حمد بن القيام بشؤون البلات وتسلم الكابتن ماك كولوم (صuااCo‏ منصب وزير. فكان أول وزير بريطاني للبلادء بل المسؤول الحقيقي عن شؤونها. ١ء السيب (۱۹۲۰) قرر وینغیت منذ عودت؛› وبالاتفاق مع الوزير الجديد تشديد الضغط الاقتتصادي على الإمامة لإرغامها على قبول ومما يذكره هو نفسه حول هذا الموضوع: «لقد بدا لي أن هناك طريقة واحدة لحمل العمانييىن على ٢۹ جداً ولم يستطيعوا الردء فربما : يتغير موقفهم وينفتحوا على منافشة تسويه بعبارة أخرى» سوف يرغم الإماميون على التفاوض. ولهذه الأسباب قرر وينغيت العودة إلى الهند والحصول على تفويض رسمي من السلطان. والواقع أنه حصل منه على تفویض کلي بالحكم. ويقول بهذا الصدد: «لقد نجحت في الحصول منه على شيك على بياض».”". وهكذا تم رفع ارسوم على التمور انواردة من ار راضي المامة بمعدل ‎Os‏ بالمائةڭ زعزع توازنها السياسي. وبعد سلسلة من المراسلات› قرر الإمام الدخحول في المفاوضات لإيجاد حل يجنب عُمان والشعب العُمانى وبلده على حد قول الدمار والماسي. وني أيلول (سبتمبر) ١۱۹۲ء التقى الطرفان في السيب» كان الوفد التُماني مۇلفاً من عده علماء بارزین›» بینهم الكندي› أحد فمهاء غُمان› والحارثي الذي کان یتولی الشؤون الخارجية للإمامة ويرئس وفدها. أمَا الوفد البريطاني فترأسه وينغيت الذي كان يمٹل› ذ في الوقت السلطان تیمور. كل من الطرفين المتحاربين عن التدخل في شؤون الاخر. ونتيجة لذلك؛ قبل وينغيت تخفيض الرسوم على تصدير تمور الإمامة. ولكن المفاوضات اصطدمت بمسألة أسأسية أثارها الإنكليز. فقد رفض وينغيت طلب الوفد أن توقع المعاهدة النهائية من جانب السلطان وإمام المسلمين معاأ. لماذا؟ يشرح وینغیت الفكرة التي ألهمت رفضه على النحو التالي: ‎Wingate (R.), op. cit., p. 87. (۳۷)‏ )٢۳۸( ‎Ibidem.‏ ۹۳ «كان الأمر محتوماًء وكنت أعلم أني ريما لا أستطيع الموافقة باسم السلطان, لأن. ذلك يعني أن السلطان يعترف بزعيم آخرِ وهو زعيم روحي منتخب وزعيم مقبول من القبائل. انطلاقاً من اعتراف كهذاء لم يكن يبقى سوى اجتياز خطوة واحدة من أجل أن تصبح القيادة الروحية والتمثيل الزمني للقبائل مطلباً لمجموع عُمان» ۳۹( كانت المشكلة حقيقية فعلاً. ولكن المفارقة هي أن الإنكليز سبق وتصوروا حلا مماثلاً يكون السلطان بموجبه الحاكم الزمني والإمام السلطة الدينية والروحية. وكان لهذا الحل؛ في زمانه» أهمية كبيرة. ولنتذ كر بأن هذا الاقتراح الإنكليزي قد رفضه الإمام نفسه. إلا أنه لم يبق للثورةء التي بلغت من الضعف ما بلغت ما يكفي من الوزن لفرض إرادتها. بالمقابل» فمن الواضح أن لعبة وينغيت لم تكن تعني الشيء الكثير. ولننظر كيف حاول المناورة في هذه المفاوضات› تار کین له أن يروي الوقائع بنفقسه: «دهمس لى اهتشام بالإنكليزية: قص عليهم قصة النبي (ص) ومفاوضاته مع آهل مكةء. ويتابع وینغیت: «رويت لهم القصة التي كانواء بديهياء يعرفونها. فالنبي قد تفاوض في الحديبية على اتفاق مع أهل مكة وحاولء بعد ذلك توقيعه كما لو كان قد عقد بين أهل مكةء و"محمد نبي الله". وقد لاحظ مندوبو مكةء بفطنة كبيرة, أنه لو كان محمد نبي الله لما كان هناك ضرورة لعقد صلح معه بهذه الصفة. فكيف يمكن لنبي الله أن يكون طرفاً في اتفاق مع مجرد بشر؟ وفهم النبي ووقع الاتفاق باسم "محمد بن عبدالله " (...)». ويضيف وينغيت أنه بعد تداول رسمي؛» ابتسم الشيخ؛ ولم تستعمل كلمة «إمام» في نص الاتفاق نفسه الذي كان مجرد إعلان للشروط المتفق عليها بين حكومة السلطان وعيسى بن صالح ممثل القبائل العُمانية” *. Ibid., p.89. (۳۹) Ibid., p.90. Voir aussi: Rapport du Comité Spécial de l'Oman, op. cit., p.32. ‏(٤٤(‎ ۹4 على أن هذا الحل الذي بدا لوينغيت لعبة «سياسية - قانونية» ماهرق لم يحقق النتائج التي توقعها الإنكليز. فلقد صودق على المعاهدةء في نهاية المطافء من وفي ٢۲ أيلول (سبتمبر)» توصل الطرفان إلى الصيغة النهائية لهذه المعاهدة التي عرفت» فيما بعك باسم معاهدة السيب ووضعت حداً لثورة ۱۹۱۳ - ١۱۹۲. ۲ ء نص معاشدة السيب (۱۹۲۰) بسم الله الرحمن الرحيم السلطان تيمور بن فيصل والشيخ عيسى بن صالح بن علي الحارثي عاملاً باسم الشعب بوساطة السيد وينغيت. الوكيل السياسي وقنصل بريطانيا العظمى في مسقطء المخول من قبل حكومته التدخل بينهما كوسيط. من الشروط المدرجة أدناه. أربعة تتعلق بحكومة السلطان. وأربعة بالشعب العُماني. أما الشروط المتعلقة بالشعب فهي: أولا) يستقطع مبلغ ٠٠ على الأكثر من البضائعء المصدرة من عُمان والموردة إلى مسقطء ومطرح وصور.ء أو إحدى مدن الساحل مهما كان نوعها. ثانياً) يتمتع جميع العُمانيين بالأمن والحرية في جميع مدن الساحل. ثالثا) ترفع جميع القيود المفروضة على الدخول إلى مسقط ومطرح أو إلى أي من مدن الساحلء أو على حرية الخروج منها. رابعاً) لن تعطي حكومة السلطان حقّ اللجوء إلى أي مجرم يحاول الفرار من العدالة العُمانية. وستسلم إلى العُمانيين كل مجرم يطلب منها تسليمه. ولن تتدخل في شؤونهم الداخلية. أما الشروط الأربعة العائدة لحكومة السلطانء فهي: 4e حكومة السلطان ويتعهدون بألا يهاجموا مدن الساحل وبألا يتدخلوا شؤُون في خكومة السلطان. ثانياً) يتمتع بالحرية جميع أولئك الذين يدخلون عُمان لغايات مشروعة أو لإجراء عمليات تجارية. ولا يخضعون لأي حصر في ثالثا) تطرد عُمان كل مجرم أو شرير يحاول اللجوء لديهاء ولا تمنحه حق اللجوء. رابعاً) تدرس الطلبات التي يقدمها التجار وغيرهم ضد بعض العُمانيين ويفصل فيها على أساس العدل ووفق شريعة الإسلام. الموافق ٢۲ أيلول (سبتمبر) ١۱۹۲. بصفتي مساعداً لإمام المسلمين محمد بن عبدالله الخليلي إمام المسلمين. حرر بخط یدیهما عیسی بن صالحء وسلیمان بن وقد أرسلت نسخة لإبرامها من الإمام وأعيدت إلى وينغيت في ۷ تشرين الأول (أكتوبر) ١۹۲٠ مع الملاحظة التالية من الإمام: موضوع هذه الترتيبات. صُدَق من إمام المسلمين محمد بن عبداللّه (الخليلى) بخط 1 ىده 6 وبصورة موازية لذلكء صدّقت نسخة أخرى من السلطان الذي كان ما يزال› إذ ذاك مقيماً في الهنك ورت إلى وینغیت فی ۱۸ تشرين الأول (أكتوبر) من السنة Rapport du Comité Spécial de l'Oman, op. cit., p.95. Voir aussi: The Treaty of Sib 1920, in: 39 FO/371/126, p.884. Rapport du Comité Spécial de ‘Oman, op. cit., p.95. ‏()٢٤(‎ ٦۹ نفسها. ومع أن السلطان لم يكن موافقاً على كل ما تضمنه الاتفاق لكن لم يكن في وسعه التعبير عن ذلك. وهكذاء بعد سبع سنوات من الحرب» انتهت ثورة ۱۹۱۳ إلى تقسيم عمان إلى قسمين شبه مستقلين: «إمامة غُمان» في الداخل و «سلطنة مسقط» على الساحل. ويعلق وينغيت على مكاسب هذه المعاهدة كما يلي: «وصل العُمانيونء من وجهة نظرهم الخاصة, إلى الاستقلال الكامل وهم عملياء على حقٌء على الرغم من أن السلطان يمكن أن يقول بأنه ليس لديهم سوى حكومة ومهما يكن من أمرء فبهذه المعاهدة التي رتبها الإنكليز وفرضوهاء تبادل الطرفان الاعتراف» وأصبح منذ ذلك واقعان تاريخيان. وعلى الرغم من أن الإنكليز لم يُسَلّموا بسلطتئ هذين النظامين إلا بوصفهما «شبه مستقلين» فلقد اعترفوا ظاهرا باستقلالهما. ولكن هذه المعاهدة لم تخل من بعض العيوب القانونية: فلم تُعَوَف حدود أراضي الطرفين كما لم يتطرق أي بند فيه لقضية العلاقات الخارجية. ومع ذلك كان هناك حدود رغم التباسهاء معترف بها بصورة تقليديةء والواقم أن ما قارب من ٢۷ بالمائة من الأراضي كانت» وقت التوقيع على معاهدة السيب» تخضع لسلطة الإمامة. وعلى الرغم من هذه الشوائب فإن معاهدة السيب تبقى معاهدة تاريخية. وسوف تدور حولها في الستينات نقاشات قانونية - سياسية حامية جداً في الأ المتحدة. وهناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن الغموض المحيط بتحديد الكيانين لم يكن مره إلى إهمال من جانب وينفيت» بل لعلَّه كان» على المكس من ذلك» مقصوداً لاستعمال 1 لاحق. وفی تحليل استراتیجی لجوهر هذه المعاهدة؛› يتصور وینغیت باه كلما تطورت المنطقة الساحلية ازدادت عزلة المنطقة الداخلية. وهكذا لا تعود الإمامة تمشل 1.O.R.: R/15/6/337, Confidential: Administration Report of the Muscat Political Agency (£۳) and Consulate 1920, p. 200. ۹۷ تهديداً للسلطة فى المستقبل. فكان واضحا إِذاً أن الاستراتيجية البريطانية ترمي إلى عزل الحركة الإأباضية فی الداخل. وعلی حد قول ویلکنسون» لم یکن لدی وینغیت أوهام حول ما حقّقه من خلال هذه المعاهدة. ويستند ویلکنسون إلى التقرير الذي كتبه وينغفيت نفسه في ۲۰ تشرين الأول (أكتوير) ١۹۲٠ والذي يقول فيه دون التباس: لم نأخذ في الاعتبار إلا مصلحتناء ولم يُوْل أي انتباه للظروف السياسية والاجتماعية الخاصة بالبلد وحكامه. وبرشوتنا للسلاطين وحملهم على تطبيق تدابير غير شعبية كنا المستفيدين دون سواناء وبالسماح لهؤلاء السلاطين بالحكم دون معارضة تمكنًَا من عزل الداخل ومتعنا السلاطين من إعادة بسط سلطتهم على مجمل البلادء” **. ذلك هو اعتراف أحد أقطاب السياسة الاستعمارية والواضع الحقيقي لهذه المعاهدة. وهذا اعتراف لا يؤول إلا إلى تأكيد تحليلنا: فهذه المعاهدة التي كان يفترض فيها إنهاء الثورة العُمانية بالتحكيم البريطاني نظمت وقئنت وضعاً قائماً هو وضع تجزئه يسایر مصالح الدولة الاستعمارية وحدها. ۲ . تشازل السلطان تيمور بن فيصل وانعزال الإمامة لم تكن زيارة السلطان تيمور للهندء في آذار ٠ - أي قبل توقيع معاهدة السيب بستة أشهر - زيارة طبيعيةء بل كانت أشبه بمنفى اختياري أو بالأحرى برفض» ليس للعرش فحسب» بل أيضا لبلد لم يعد بلده. ذلك أن تيمور تدم منذ وصوله إلى الهنت بطلب شفوي إلى الحكومة البريطانية للسماح له بالتنازل عن العرش. وكان السلطان تيمور بعد سبع سنوات فقط من تولیه الحكم على أهبة الاستعداد للإاقدام على ما سبق لوالده أن نی القيام Wilkinson (J.C.), The Imamate Tradition of Oman, op. cit., p.251. ‏)٤٤(‎ ۹۸ فظاهرة استياء القادة من الحكم وهي ظاهرة غير معروفة في أي مکان آخر ربماء كانت تتكرر في عُمانء بسبب الإتكليزن من الأب إلى الابن. ولا شك بأن مثل هذا القرار يمٹل إدانة تاريخية لمسؤولية بريطانيا الكاملة عن وضع غُمان وما وصلت إليه من مصير مأساوي. وبادرة التخلي هذه المؤلمة حتماً للسلطات› تشير بصورة صريحة إلى الاثم التاريخي للقوة الاستعمارية. وقد صدم الخبرء الذي بقي سرياء السلطات البريطانية في الهند ولندن المعروفة عموماً بتحفظها ورباطة جأشها. وحيال هذا الموقف غير المتوقع في مرحلة حرجة بالنسبة لمان لم يعرف الإنكليز للمرة الأولى ربما كيف يتصرفون» لا سيما وأن الوريث الشرعي للسلطان تيمور ابنه سعيك لم يكن قد تجاوز الحادية عشرة من العمر. بدأت بريطانيا التي لم تكن قد أخذت؛ بادىء الأمر قرار السلطان بالتنازل مأخذ الجد بإظهار لامبالاتها. واكتفت بالرد عليه بأنه لا اعتراض لديها من بقائه في الهند ثلاثة أشهر أخرى قبل العودة إلى مسقط في شهر حزيران (يونيو. وكانت سيطرة بريطانيا على السلطان تبلغ حدَاً يسمح لها بأن تقرر بدلا عنه مدة إقامته في الهندء وحتى تاريخ عودته إلى مسقط. على أنه قد جرى في هذه الاثناء تبادل مجموعة كبيرة من المراسلات والتقارير الرسمية بين المقيمين البريطانيين في مسقط وبوشهر وبغداد وحكومة الهند البريطانية من جهةء وبين وزارة الخارجية فى لندن من الجهة الأخرى. وكان المسؤولون البريطانيون يحاولون فيها الإجابة عن السؤال التالي: ما الذي يجب أن تكون عليه سياستنا في حالة التنازل؟ كان المأزق كبيرا. ۱ وفي هذا السياق كتب وينغيت الذي حاول أن لا يدع الأحداث تتجاوزه» تقريراً مفصلاً بتاريخ ٢۲ نيسان (أبريل) ١۹۲٠ء حاول أن يرسم فيه السياسة البريطانية المقبلة في المنطقة. وأرسل هذا النص إلى المقيم السياسي في بغداد. وقد بدا بالتقييم التالي لشخصية تيمور: «لقد ورثٹ عن أبيه أفكاراً عبثية عن موقعه واستقلالهء - أفكاراً ۹۹ هي في جزء كبير منها نتيجة الموقف الإنكليزي - الفرنسي من مسقط. ولكنه حالياً قد تخلى عن كل هذه الأفكار ووضع نفسه؛ دون تحفظء؛ تحت رحمتناء“. أما بالنسبة للسياسة التي يجب انتهاجهاء فيتصورها التقرير على النحو التالي: سيتعلق الأمر أُولاً بتشكيل حكومة مؤقتة تحل محل السلطان› - إلى حين بلوغ سعيد سن الرشد ‏ يُعهد إليها إدارة شؤون عُمان الداخلية والخارجية. وكان وينغيت يتصور هذه الحكومة المؤفتة على صورة «مجلس وصاية» يتألف من ثلائة إلى خمسة أعضاى بينهم مستشار بريطاني يتمتع بحق الفيتو ويرجع إليه في كل القرارات الهامة. والطريف هو أن وينغيت لم يكن يرى أية نتيجة سلبية لتنازل محتمل؛ لأن السلطان في رأيهء لم يكن يتمتع بأية شعبية. ولذلك اقترح أن تؤخذ تربية سعيد السلطان المقبل مأخذ الجد("). ومن الملفت أيضاً أن وينغيت لم يهتم كثيراء في هذا التقرير» بالدوافع العميقة لتنازل السلطان: فلا تلميح إلى صعوبة تحمل الوضع في ولا إشارة إلى أن لقب السلطان قد أفرغ من محتواه السياسي والعملي. ومع ذلك كان وضع عُمان قد تدهور إلى درجة فرغت معه العاصمة من سكانها الُمانيين. وكان هؤلاء قد قرروا ترك بيوتهم وأملاكهم والهجرة. وأا السلطان فكان فيها مم بعض المقربين يمارس حكمه على أقليات أجنبية. فكيف لا نفهم هواجسه وتساؤله عن جدوى الاستمرار في الحكم في مثل هذا الوضع؟ وصف قائد السفينة لايزو ألتايير الفرنسي؛» الذي وصل إلى مسقط فى ٢٠۲ أيار (مايو ١۹۲٠ حالة العاصمة فى تقرير موجه إلى باريس على النحو التالى: ۱ «من اللمعروف جيداً أن عُمان خاضعةء منذ زمن بعيد؛ للتأثير الإانكليزي ولكن ما يتاكد الآن هو أن هذا التأثير يسير في اتجاه I.O.R.: R/15/6/52, Secret: Report from Political Agent, Muscat, to the Civil Commissioner, (£°) Baghdad 28 April 1920, p. 35. Ibid., p.37. ‏)آ٤(‎ سيطرة كاملة على السلطان (وعلى) بلده. والسلطان يبدو كعاهل لا مال لديه ولا جيش ولا سلطة ما وراء بضعة كيلومترات في البحر..»”*. وكان السلطان قد اتصل؛ منذ وصوله إلى بومباي» بالقنصل الفرنسي؛› السيد الدالا الذي كتب بدوره تقريراً إلى باريس» في ٦۱ آذار (مارس) ١۱۹۲ يقول فيه: «لقد وصل للتو إلى بومبايء. وما كاد ينزل من السفينة حتى جاء ليراني ودعاني إلى العشاء (...). إنه يرغب أكثر من أي وقت مضىء في الذهاب إلى فرنسا على متن إحدى سفننا مما لا ريب فيه أن السلطان اليائس كان يبحث عبثاً عن مخرج ليتخلص من السيطرة الإنكليزية. وكان السلطانء كما ذكر تقرير القنصل الفرنسي» قد ألم على خصوصية العلاقة بين البلدين: «لقد قال لي بان في الجزائر (مزاب) وتونس (جربه) کثيرا من الإباضيينء وأن رئيسهم يراسله في القضايا الدينية. وتلك صلة إضافية بين فرنسا وعُمان»”*. وذكر القنصل في المناسبة نفسهاء أنه ينتظر من فرنسا أن تؤيد هذا السلطان الشاب المنفتح على الأفكار الغربية. والحق أن وراء دفاع القتصل عن السلطان اعتباره أن مسقط لم تفقد أهميتها بالنسبة للمصالح الفرنسية. ولكن وزير الخارجية ردء في رسالة موجهة إلى قتصل فرنسا في بتاريخ 1١ نیسان (أبريل) ١۱۹۲› بأنه لا يرى أي سبب يبرر قدوم سلطان مسقط إلى فرنسا" . وبالفعل› وفي هذه الأثناي في ١٠ حزيران (يونيو) ١۱۹۲ تحديداء وقبل أن يتصل السلطان بقنصل فرنسا في بومبايء كانت فرنسا قد قررت ترك حليفتها AFT. Etr. Asie 1918-1929, Golfe Persique, vol. II, p. 53. ‏)۷٤(‎ ‎Ibid., p. 108. ‏)۸٤(‎ ‎Jbid., p. 109. ‏)۹٤(‎ ‎Ibid., p. 111. ‏(۰٥(‎ بريطانيا تدير شؤون مسقط بمفردها فأغلقت قنصليتها فيها وتنازلت عن «بيت فرنسا» - هدية السلطان فيصل - إلى بريطانيا ولكن يبدو أن تيمور کان على غير دراية بكل هذه التطورات. ومن جهة أخرى لم يكف المسؤولون البريطانيون في الهنك خلال هذا الوقتء عن محاولة إقناع السلطان بالعودة عن قرارهء ولكن كل هذه المحاولاأت لم تنجح. فهم منعوا السلطان مثلاً من شراء بيت في الهندء ثم أعلموه بأنه في حال بقائه في الهنك فإن مخصصاته السنوية ستخفض من عشرة آلاف إلى خمسة الاف روبية هنديةء وربما لن يكون له ذات يوم الحق بشيء. في ۷٠ تمو (يوليو) ١۹۲١ أي في نهاية الأشهر الثلائثة التي منحه إياها الإنكليز للبقاء في الهندء أرسل السلطان كتاباً إلى وينغيت يعتذر فيه عن عدم قدرته على العودة إلى مسقط لأسباب صحية ويقول فيه: «إن سيب تأخري هو أنني قيد المعالجة. ولا يخفى عليكم أن كل علاج طبي يجب أن يأخذ وقتهء ولدي شهادة بهذا الخصوص»”. وعندما لم يعد بيد الإنجليز أي خيار آخرء علق القنصل الإنكليزي في مسقطء في برقية له إلى نظيره في بوشهر بلهجة ساخرة قائلاً: «من الصعب حقاً تحريك حاكم مستقل معه شهادة وهكذا كان على إنكلترا معاودة دراسة موقف السلطان والبحث عن بديل يوافق استراتيجيتها. والحق أن وكيل وزارة الخارجية في حكومة الهند البريطانية قد صاغ ثلاڻة سيناريوھات: ١) السماح للسلطان على أن يحل محله ابنه مع مجلس وصايه. .O.R.: R/15/6/52, From Political Agent, Muscat, to the Deputy Political Resident, Bushire, (9 \) 26 June 1920, p. 54. I.O.R.: R/15/6/52, Telegram From Political Agent Muscat, to Political Resident, Bushire, (9Y) 17/7/1920, p. 60. عدم لسماح له بالتنازل مع السماح له بان ايبقی. . لأسباب معيناً من اشهر السنة في بلاده. ٢) إرغامه على العودة والبقاء في بلده بصورة دائمة". ولكن وكيل وزارة الخارجية يضيف أن اعتماد الحل الثالث في وضع سلطان متمسك باستقلاله صعب التصور. ومن الطريف أن تلاحظ أن بریطانيا التي كانت تسيطر على معظم شؤون البلاد تقريباء وتؤٹر في مصیرها منذ زمن بعیك؛ كانت مصرق مع ذلك على التأكيد على استقلال السلطان. ييقى أن حكومة الهند البريطانية طلبت من السلطان» قبل تقرير قرارها النهائي» أن يصدر أوامره بتشكيل «مجلس وزراء» على أن يتمتع هذا المجلس بسلطة إداريةء ليس في أثناء غياب السلطان فقط بل أيضاً خلال تواجده في مسقط إذا لزم الأمر. وكان يمكن للسلطان؛ء بموجب هذه التعليمات البريطانية نفسهاء أن يحتفظ لنفسه بالقرارات العليا المتعلقة بدولته وسلالته. وبالفعل» أرسل السلطان» في ۸ أيلول (سبتمبر) ١۱۹۲ء رسالة إلى محمد بن أحمد بن ناص القائم بأعماله في مسقط يعلمه فيها بالأمر: «لقد قررت تشكيل مجلس وزراء لإدارة حكومتي. وينبغي على هذا المجلس أن يجتمع مرتين أسبوعيا. وعینت لهذا الفرضء أربعة أشخاص تقع عليهم مسؤولية الإشراف على حسن سير الأمورء مع استثنائهم من بعض السلطات التي سأيينها لدی عودتي إلى مسقط في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم. وما أريده حالياً هو أن ينفذ الوارد أعلاه على أن يتالف المجلس من أخي نادر ومحمد بن أحمدء والي مطرحء والشيخ راشد بن عزيز والحاج زبير بن علي. وعلى أن يوكل إلى أخي نادر رئاسة اللمجلس. دون أية سلطة خاصة (مستقلة عن المجلس) وتكون L.O.R.: R/15/6/52, Confidential: Deputy Secretary, Foreign, 18 August, 1920, p.69. ‏)۳٥(‎ أصوات الأربعة متساويه. كما ينبغي ا ستشارة ممٹل الحكومة البريطانية في مسقط في الأمور الهامةء”” “°٠ كان ذلك أول قرار من نوعه يتخذه سلطان في تاريخ البلاد الحديث. إلا أنه لم يحل مسألة التتحى عن الحكم. وحملت مذكرة مسؤول الدائرة السياسية والشؤون الخارجية فى حكومة الهند المرسلة في ١ تشرين الأول (أكتوبر) ١۱۹۲ إلى المقيم السياسي في الخليج» في بوشهر القرار النهائي للحكومة البريطانية حيال السلطان. فلقد رفضت رفضاً قاطعاً فكرة تنازله عن العرش بحجة أن الاعتراف بحكم قاصر ‏ في الوقت الذي ما يزال والده على قيد الحياة - يتعارض وسياسة بریطانيا. وتضيف المذ كرة: «وهو (هذا التنازل) غير مقبول بشكل خاص في وضع سلطنة مسقط حيث يفترض أن يكون السلطان منتخبا من رعاياه. والعاهل الحالي هو الوحيد الذي تولى العرش بالخلافة دون أن يكون قد جاز على الأقلء انتخاباً شكليا. ولذلك يجب أن يستبعد هذا يكن الاكتفاء بالقول إن هذا الكلام عبث ولا يستحق التوقف عنده. ولكن لننظر إليه من كثب. ما الذي يعنيه المسؤولون البريطانيون بقولهم إنه يفترض في السلطان أن ينتخب من رعاياه؟ هل حدث أن انتخب سلطان من السلاطين قط؟ لقد كانت السلطنة. وراثيةء ولم يكن النظام الانتخابي يطبق إلا على الأئمة. ومهما يكن من أمر فإن حكومة الهند البريطانية انتهت إلى أنه ينبغي على السلطان أن يقيم إلزامياً أربعة أشهر فى السنة على فى على أن يتلقى خلال إقامته فى بلده عشرة آلاف روبية شهرياً ولا يتلقى سوى خمسة آلاف عند إقامته في الهند في أشهر السنة الثمانية الأخرى. ولكن السلطان تجاهل هذا القرار تماماً. I.O.R.: R/15/6/52, Air Force Mess. Ambala, 8/9/1920, p. 78. ‏)٤ ٥(‎ IL.O.R.: R/15/6/52, From the Secretary to the Government of India in the Foreign and (°°) Political Department to the Political Resident, Bushire, 1 Dec. 1920, p. 114. أمام هذا المأزقء كان على بريطانيا تشديد ضغوطها أكثر لكسر إرادة السلطان الثابتة. فأعلمته بأنها قررت تخفيض مخصصاته إلى ألفى روبية شهرياً فقطء وأن التعويض السنوي عن خسارة تجارة الأسلحةء وكان يبلغ عشرة آلاف روبية في فكان على الإنكليز التسليم بأن تهديداتهم وضغوطهم لم تؤثر على السيد تيمور الذي نقل عنه قوله بالمناسبة: «لم يبق لى إلا بضع سنوات قيد ا لحياة وأرغب فى أن أعيشها بقي تيمور في الهند لكنه استمر حتى في هذا المنفى» في الإبقَاء على وَهُم الحكم بإملاء من البريطانيين. وفي عام ۱۹۲۳› أرغم على التصريح التالي: «لن نستثمر النفط الذي يمكن أن يكتشف فى أي نقطة من أراضيناء ولن نمنح الإذن باستثماره دون استشارة المقيم السياسى فى مسقط ودون موافقة حكومة الهند العلياء”””°. وفي حزيران (يونيو) ۱۹۲۹» أي بعد عشر سنوات من وصول السلطان إلى الهندء قرر أخيراء العودة إلى مسقط والتنازل فيهاء في السنة التاليةء لصالح أي شخص يعينه الإنكليز”. فى ذلك الوقت كان ابنه سعيد فى العشرين من عمره تقريباء أي كان قد بلغ سن الرشد. وفعلا کان سعیيد قد بدا في ترؤۇس مجلس الوزراۍ الأمر الذي يعتبر قرينة على أنه سيكون السلطان المقبل. وأخيراً يسلم أحد التقارير البريطانية بأن الأسباب الحقيقية التي حملت السلطان على مغادرة بلاده والعمل باستماتة للتتحي› هي الاستياء حيال ممارسات الوكلاء IL.O.R.: R/15/6/54, From Political Resident Bushire to the Foreign Secretary to the (°1) Government of India. Nov. 1931, p. 369. ‎Wilkinson (J.C.), op. cit., P.274. Aitchison (G.V.), op. cit., p.319. (°V)‏ )يجب الملاحظة بأن هذا الاتفاق نفسه سبق وأن وقع من قبل بعض حكام البلدان الخليجية الأخرى). ‎1.O.R.: R/15/6/52, From the British Resident and Consulate general, Bushire to Sir Denis (°4) ‎Bray, foreign secretary of the government of India. 6 August 1920, p.230. ‎ البريطانيين في مسقط؛ ولا سيما الميجر هوارث والميجر وينغیت: «إنه يشعر بأن السياسة البريطانية هي التي أفضت به إلى هذا الوضع وعلى حد قول التقرير نفسه لهذا السبب قرر السلطان غسل يديه من شؤون بلدي مسقط. ولم يعد تيمور إلى بلده قط سوى مرة واحدة. وفي ۷٠ تشرين الثاني (نوفمبر) ١ وبموافقة المسؤولين البريطانيين أرسل إلى المقيم في بوشهر كتاباً رسمياً يعلن فيه عن تنازله لصالح ابنه: «لقد رفعناء منذ اليوم؛ يدنا من كل حقوق الحكم؛ واخترنا خلفاً لنا ابننا السيد سعيد بن السيد تيمور كسلطان لحكومتنا. ونحن نسلمه قيادة سياسة الدولة وإدارة الحكومة. وأوصيناه باستشارة المقيم السياسي في مسقط في الأمور الهامةء”`°. وقد قام المقيم البريطاني يإعلام سعيد بقرار أيه بالتنازل ويتسلمه العرش. وفي ١٠ شباط (فبراير ) ١۱۹۳ء رد السلطان الجديد على المقيم السياسي في بوشهر كما لي: «تلقيت بسرور كتابكم المبجل المؤرخ في ۹ كانون الثاني (يناير) ١۱۹۳ الذي تعلمونني فيه بأن والدي تنازل عن عرش دولته وعينني خليفة له”٩. جدير بالملاحظة أن بريطانيا هي التي تولت أمر كل التفصيلات المتعلقة بالتتحي› وكذلك بتسنم العرش. وكانت هي كذلك التي صاغت كتاب التنازل ثم كتاب السلطان الجديد إلى المقيم السياسي؛» وهكذا دواليك» وهي مَن أُبْلَم البلدان الأجنبية Ibid., p.231. ‏)۹٥(‎ IL.O.R.: R/15/6/54, translation. Letter of Abdication of Sultan Taymur to the Political (1°) Resident in the Gulf, 17 Nov. 1931. See also the original letter of Abdication, in 1.O.R.: R/15/6/ 52, 22 July 1929, p.225. IL.O.R.: R/15/6/54, letter from Said Bin Taimur to the Political Resident in the Persian Gulf. (\\) 10/02/1932, p.419. المعنية بهذا التطور. وفي ١٠ شباط (فبراير) ١۱۹۳› تولى سعيد بن تيمور الحكم رسمياً. و کان في العشرين من العمر تقريبً. تربی سعيد في مدرسة الأمراء في مايو (0)› في مقاطعة أجمير ‎(Ajmere)‏ ‏في الهند لمدة ٥ سنوات. كما قضى كذلك فترة تدريب في العراق تحت رعاية برتان توماس ‎(Bertin Thomas)‏ عضو مجلس وزراء مسقط الذي عرف فيما بعك بقصص رحلاته في المنطقة. والواقع أن السلطان السايق كان قد تمنى أن يبعث ابنه سعيد للدراسة في مصر لدى محمد رشيد رضاء أحد أيرز وجوه النهضة العربيةء ولكن الإنكليز اعترضوا على ذلك خوفاً من أن يتأثر السلطان المقبل بالفكر القومي العربي. بدا السلطان الشاب» على عكس أبيه وجدهء مطيعاً للإنكليز: فمنذ وصوله إلى العرش» نقذ أمرهم بحل مجلس الوزراء الذي شُكل في غياب أييه. وفضلاً عن ذلك» أفهم الإنكلير السلطانَ الجديد بأنه لن يحتاج إلى مجلس وزراى بل إلى وزيرين» واحد للخزينةء وِثانٍ للعدل. وقد عين الكابتن ألبان وهو إنكليزي: وزيراً للدفاع والخزانة» والشيخ زبير وزيراً للعدل. تلك كانت حكومة السلطان الجديد. من جهة أخرى» كانت الإمامة قد شكلت حكومتها في الداخل. وعينت؛ طبقاً لتقاليدهاء ولاة وقضاة فى كل المدن الخاضعة لهاء ولكن الإمامة كانت قد انطوت على نفسهاء تدريجيا لأسباب متعددة. لا بل يمكن القول إن النهضة العُمانيةء نهضة السالمي والخروصي والكندي وأصدقائهم› نهضة القرن العشرين الإباضية - وجدت نفسها «محاصرة) بمعطيات هذا القرن العشرين المتسارعة في الخليج وخارجه. لقد نجحت بريطانياء في نهاية المطاف» في تحقيق هدفيها: عزل الإمامة في الداخل؛› و«تقويم» نظام السلطنة و«توطيده». ولكن السلطنة ذاتها لم تلبث أن انطوت هي الأخرى على نفسها وأن وجدت نفسها مقطوعة فشيعاً - كلياً تقريباً - عن العالم. لتصبح حسب كلمة صحفي بريطانيٌ تيبت هو ‎»)7ibet(‏ ‏«شبه الجزيرة العربية»! على أن الأمر لم يقف عند هذا الحد. فتحت إملاء مصالحها النفطية لم تتأخر بريطانياء في الخمسينات؛ عن مهاجمة الإمامة وعن التسبب في إندلاع ثورة ١٥۹٠ - ٤ وسوف يعرض الفصل التالي لتطور نهاية التاريخ المُماني اللحديث. الفصل العاشر ثورة ١۱۹ ٠ ١۱۹ تجو نشاية التقسيم الستعماري «فإذا تعيّد شعب ما بالطاعة, فإنه بتعهده هذا نحل ويفقد صفته كشعب.. ج. ج. روسو؛ حول المق امي ذهاية النظام الإمامى بقي تقسيم البلاد بين إمامة تمان وسلطنة مسقط قائماً في حدود ما اتْفْق عليه بموجب اتفاقية السيب الموقعة عام أي في حالة «هدنة». وكانت هذه الهدنة على الرغم من هشاشتهاء مقبولة بوصفها «شبه طبيعية». لم يكن هناك اتصال جدي بين قادة الکيانين» ولکن لم تكن هناك فيما يتعلق بالسكان» أية قطيعة أو اختلاف باستثناء التمايز في الولاء. ولقد بقي الوضع الذي خلقته بريطانيا قائماً إلى حين بدا يقصّر عن تلبية مطامعها مع حلول عصر النفط في المنطقة فكان لا بد من تغییره. ويمكن القول بأن فترة ١۱۹۳ - ١۱۹۷ كانت» دون شك» أسواً فترة عرفتها البلات لا سيما منها الساحل ومنطقة مسقط فى تاريخها الحديث. فالسلطان سعيد بن تيمور الذي اعتلى العرش فى وقت كانت تمان تسیر فيه نحو الانحدان لم يكن عديم الاهتمام يتطور بلده فحسب» يل كان يعارض كل تقدم وکان يرهق شعبه بقوانين استبدادية لا مثيل لهاء جاعلا من بلده أرض المحرمات والممنوعات. ولم يكن في مقدور بريطانيا أن تأمل بسلطان أفضل منه تنزلق معه البلاد إلى النسيان› بل تخرج معه من التاريخ. وفي سياق هذا الفراغ الظاهر عام ١٥۹ ٠› ثورة قلبت صفحة من التاريخ ۳.۹ الحديث لتُوصلنا إلى خاتمة هذا البحث. إلا أنه يجدر بناء قبل ذلك؛ التوقف عند أزمة كانت أشبه بالمقدمة لذلك وهي مشكلة واحة البريمي. القسم الأول البريمي: النزاع النفطي ونتائجه . عادت مشكلة واحة البريمى - المعلقة منذ أكثر من قرن - إلى الظهور اعتباراً من بداية الثلاثينات من هذا القرن» مع تزايد الصراعات النفطية الدولية. ولنتذ كر بأن هذه المنطقة المؤلفة من تسع قرى» (ست تابعة لأبي ظبي وثلاث كانت منطقة خلافات دائمة منذ ظهور الدولة السعودية الأولى في النصف الثاني من القرن الثامن عشر. وغالباً ما اتخذت حالة التوتر الدائمة هذه مَظْهَرَ نزاع حدودي أحياناء ومذهبي أحياناً أخحرى. أُمًا المعطيات الجديدة فجعلته يتخذ هيئة صراع نفطي. ففي تموز (یولیو) ۱۹۳۳ منح ابن سعود امتيازاً نفطياً لشركة «ستاندارد اويل كومبانى أوف كاليفورنيا» ‎)Standard Oil Company of California)‏ في منطقة متسعة ومبهمة الحدوت حددت بوصفها «الشطر الشرقي من مملكتنا العربية السعوديةء داخل حدودها'» ونظراً لقلة الوضوح والدقةء طلبت الولايات المتحدة إلى بريطانيا» حامية عُمان وأبو ظبي» تدقيق حدود «الأطراف الثلاثة المعنيةه. بنت إنكلترا ردها على ما كان يسمى «الحدود الشرقية» أيء في الواقع› الخط المعروف باسم «الخط الأرق» الذي اقتضاه الاتفاق الإنكليزي - التركي عام ۱۹۱۳ - ٤. إلا أن هذا الخط كان يبعد مئات الكيلومترات عن منطقة البريمي. فرفضت المملكة العربية السعودية هذا الرد ودخلت الأطراف الثلائةء إنكلترا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعوديةء فى مناقشات ومراسلات دامت حتى عشية الحرب العالمية الثانية. ۱ وفي عام ١٤ بدأت شركة فأرامكو« ‎(Arabian American Oil Co.)‏ Heard-Bey (Frauke), From Trucial States to United Arab Emirates, London, Longman, 1982, (\ ) p. 303. ۴۰ عن الفط قرب حدود منطقة أبو ظبي» مما أثار من جديد خلافاً أدى فيما بعد إلى اتفاق عن طريق لجنة تحكيم. وكانت الوثائق الوحيدة المتوفرة لتعيين الحدود الحقيقية وثائق إنكليزية وقد رفضتها المملكة العربية السعوديةء وطلبت إلى اللجان الاستناد إلى الولاءات القبلية. ولكن لم يكن لهذا الحل أن يكون مقبولاً على الصعيد الدولي» فهو أَولاَ غامض وذو طبيعة متغيرة؛ كما أنه ثانياء لا یمکن تحدید حدود دولة ما على أساس الولاءات القبلية. وفى شباط (فبراير) ١١۹٠› انعقد مؤتمر في الدمام في المملكة العربية السعودية بحضور ممثلي الولايات المتحدة وحاکم ابو ظبي وقطر يصحبه السير روبرت هاي ‎)Sir Robert Hay)‏ الممثل البريطانى فى المنطقة. ولكن هذا المؤتمر لم يصل إلى أية تتيجة. ‎W7‏ هذا الخلاف المتروك مرة أخرى معلقاء كاد يفتح الطريق مام رسم جدید للحدود بين الأطراف الموجودة. ففي تشرين الأول (أكتوير) ١١۹٠ أرسلت المملكة العربية السعوديةء مدعومة من أرامكو تركي بن عطيشان بصفة ممتّلها في حماسة وهى إحدى قرى البريمى» وأعلن نفسه حاكماً لها( فاحتجت عُمان ويد من بريطانياء على هذا التدخل الذي اعتبرته مساً بسيادتها. إثر ذلك اجتمعت قوات عُمان وأبو ظبى وقوات ليفيس (s5زiv])‏ الإنكليزية - ويقال إن الإمام كان موافقاً على دخول قواته في هذا التحالف - وحاصرت القواتِ السعوديةة في حماسة وقطعت عنها المؤن والإمدادات. واستمرت الأزمة هذه حتى نهاية عام ١٤١۹٠› وهو العام الذي اتفقت فيه المملكة العربية السعودية وبريطانيا على طرح هذه الأزمة في إطار نوع من مؤتمر دولي. وفعلا شُکلت لجنة جمعت ممثلي كوبا وباكستان والمملكة العربية السعودية وبريطانيا» وترأسها قاض بلجيكي. ولكن عُمان» مرة أخری غيٍبت. F.O. 371-126 881, The Sultans of Muscat and Oman, 28/07/1957. (۲) ۹ عقدت الجلسات الأولى لهذه اللجنة في نيس في ٢٤۲ تشرين الأول (أكتوبر) ١٥۹١« ولكنها انتهت إلى الفشل بعد ثلاثة أيام. وفي هذه الأثناي كانت بريطانيا قد تحققت من وجود نفط في منطقة الفهوت على حدود الإمامةء وتزامن ذلك مع انتخاب الإمام غالب بن علي على أثر وفاة الخليلي - ١١۹٠)› فقررت تغيير استراتيجيتها وحلٌ المسألة عسكرياً. وهكذا انضمت قواتها إلى قوات السلطان لطرد القوات السعودية وإعادة المنطقة إلى السلطة الشرعية العُمانية. كان قرار حسم المسألة عسكرياً هذا يستهدف» بشكل خاص؛» تحويل منطقة البريمي إلى قاعدة عسكرية قادرة على مواجهة تطورات الإمامة الجديدة وقطع اتصالاتها من جهة المملكة العربية السعودية. فما كان من المملكة العربية السعودية إلا أن حملت المشكلة إلى مجلس الأمن حيث لم تلق أي صدى. وبقيت واحة البريمي نقطة خلاف بين غُمان وأبو ظبي» من جهةء والمملكة العربية السعودية من الجهة الأخرىء كما انعكس الأمر على العلاقات الأميركية - البريطانية. وواقع الحال أن هذه المشكلة لم تحل نهائياً إلا في الثمانينات. ١ء ثورة ١٥۱۹ ٠ ۹۱14 في الوقت الذي كانت تحتدم فيه الصراعات الدولية حول موضوع البريمي؛› خَلفَ عام ١٤٥۹٠ إمامٌ جديد هو القاضي غالب بن علي الهنائي» البالغ من العمر ٤٥ عاماً محمد بن عبداللّه الخليلي الذي توفي في السنة نفسها. إلا أن هذا التاريخ سجل بالنسبة لمان ولكل منطقة الخليج؛ منعطفاً فى تاريخها الحديث. فقد كان بداية مرحلة نو لا سابق لها على صعيد النتشاطات النفطية وكانت تغييرات جذرية في طريقها إلى الظهور اهتزت معها كل موازين القوى» والمعادلات السياسية القديمةء بل فقَلت. كانت مجتمعات الخليج قد بدأت تعيش» آنذاك طفرات سريعة ومؤثرة على الصعيد الاقتصادي والسياسي؛» ثم الاجتماعي - الثقافي» باستثناء عُمان التي فُرض Le Monde, 24 janvier 1956. (۳) ۳\۳ عليها أن تنتظر حتى السبعينات. وفي هذا السياق» احتل الخليج مقدمة مسرح الاستراتيجية الغربيةء والبريطانية على الأخص. فخلافاً لما توقعه وينغيت مهندس معاهدة السيب (١۱۹۲)› من أن تنغلق الإمامة على نفسها بعد هذه المعاهدة مُسَرعة بذلك نهايتهاء صمدت دولة الإمامة جيدا. بل بقيت» على الرغم من عزلتهاء متلاحمة من الداخل. أما بالنسبة لمنطقة الشريط الساحلي؛ فلم يقتصر الأمر على أن بريطانيا لم تحدث فيها أي تغيير بل إنها اختارت إهمالها كليا. ومع الدخول في عصر النفطء بدأت الإمامة «المنطوية على تمثل عقبة في وجه الاستراتيجية البريطانية الجديدة. وكشف السلطان بهذا الصدد للمقيم السياسي في البحرين عن نيته قلب نظام الإمام ومد سيادته إلى عُمان الداخلية”°. وهكذا شكلت مسقط المدعومة من الشركات النفطية البريطانيةء من جهة والمملكة العربية السعودية المدعومة من شركة «أرامكوه الأميركية من جهة أخرى» محوري صراع نفطي جدید. وقد دت المعطيات الجديدة بالمملكة العربية السعودية إلى المراهنة على الإمامة كقوة قادرة على مواجهة مسقط وعرقلة المشاريع البريطانيةء وهو الأمر الذي لا يخفى وجه المفارقة فيه. فالمملكة العربية السعودية الوهابية هى الخصم العقائدي والتاريخي للإمامة الإباضية إلا أن الصراعات النفطية جعلت م الحكم السعودي الحليف الأول للإمامة. وكان رأي الإنكليز في هذا الحلف الجديد يعبر عن الرهان الحقيقي المستجد: «فالسعوديون الذين يتحركون من خلال الإمامة يمكنهم أن يربكوا جديا عملياتنا النفطية. والأخبار تشير إلى أن أموالا وأسلحة وعملاء سعوديين بدأوا يتسربون إلى عُمان الداخليةء”. وفی عام ٢ أعطت عُمان امتیازاً لشركة النفط العراقية - البريطانيةء ولكن التتقيب في الأراضي الواقعة تحت سيطرة السلطانء (بموجب المعاهدة الحدودية F.O. 371-114 578, Letter from Residency in Bahrain to the Foriegn Office, April 5, 1955. ‏)٤(‎ ‎F.O. 371-114 583, Letter from Shuckbough to Sir H. Trevelyan, Cairo, Nov. 18, 1955. (°) ۳ بين السلطة والإمامة)» لم يؤَدٌ إلى نتائج هامة. وفي عام ١٤١۹٠ أمرت بريطانيا بالتنقيب فى منطقة الفهوت داخل حدود الإمامة. ومن أجل ذلك تهيأت لكل الاحتمالات وشكلت جيشاً خاصاً على حساب الشركة النفطية عرف باسم قوة «مشاة مسقط وعُمان). وقد تم فعلاً اكتشاف نفط في هذه المنطقةء ولكن بكمية محدودة. احتج الإمام على هذا العدوان» ورأى فيه مساً باستقلال الداخلية» وبسيادة الإمامة بل وخرقاً لمعاهدة السيب» وتهياً للمواجهة العسكرية. وكانت بريطانيا التي توقعت رد الفعل هذا مصممة على الاستفادة من هذه المناسبة لوضع حد نهائي لنظام الإمامة في عُمانء ولضم المنطقة الداخلية إلى كنف السلطنة بحيث تنفتح كل أراضي عُمان كذلك أمام تنقيباتها. هكذا دخلت بريطانيا حرباً معلنة ضد الإمامةء وفي نهاية عام ١١۹٠ احتلت القوات البريطانيةء بالاشتراك مع قوات السلطانء مدينة عبري. وفي عام ١٥۹٠ قرر مجلس الوزراء البريطاني إشراك قواته الجوية واحتلال عاصمة الإمامة نزوى. وقد عرفت هذه العملية باسم «عملية نزوی»٩. وأمام تصاعد الأخحطار أذاع بياناً يستنكر فيه الغزو ويدعو إلى الالتفاف حول الإمامة والتهيؤ للنتضال ضد المعتدي البريطاني”. كانت بريطانيا ترمي إلى إنزال ضربية حاسمة بالإمامة وإلى إطاحة الإمام نفسه. وقد نصح نوري السعيدء رئيس وزراء العراق» آنذاك وأحد حلفاء بريطانيا الأوفياء في المنطقةء وأحد القلائل الذين أغلموا بعملية نزوى - نصح الدولة الاستعمارية بالتأكد من تصفية الإمام غالب شخصيا. ويقول التقرير البريطاني في هذا الصدد: «کان يامل في أن تعتقل قوات مسقط الإمام وأن تنتهي منهء وكان هذا يعنيء في نظري. أنه يخشى إذا سمح للإمام بالهرب F.O. 371-114 583, Confidential: Foreign Office to 10 Downing Street, Nov. 16, 1955. See (1) also: F.O. 371-144 583, Advance Warning of the Nazwa Operation, Nov. 30, 195S. (۷) أنظر نص الإعلان في: .908 371-126 ‎F.O.‏ ۳\4 إلى المملكة العربية السعودية أن يتحوّل شوكة في قدمناء مثل رشيد عالي. ومفتي القدس في الماضيء”. يبقى أن القوات البريطانية استطاعت ضرب مقاومة الإماميين في عاصمتهم نزوى واحتلالها. ومع ذلك؛ فإن هذا النصر لم يغير ميزان الحرب» فقد التف حول الإمام نمت المقاومة الوطنية وجرى التهيؤ لحرب شعبية طويلة. كما شكل الإمام غالب لجنة لقيادة الثورة مؤلفة من أخيه طالب بن علي والشيخ سليمان بن حمير النبهاني وصالح بن عيسى الحارثي. وكان الأخيران من أحفاد قادة ثورة الخروصي (۱۹۱۳ - اتخذ هؤلاء القادة مقراً لهم في الجبل الأخضر وسط عُمانء ونظموا العمليات العسكريةء دون انقطاع خلال السنوات ١١۹٠ - ١١۹٠. ولكن قوات الثورة منيت بخسائر كبيرة في الرجال والممتلكات» إذ إن بعض القرى والمدن الصغيرة دمرت تماما - ومنها مدينة تنوف الشهيرة - وذلك إثر غارات جوية كثيفةء (وهي طريقة عسكرية كان العمانيون يجهلونها حتى ذلك العهد)› و١١٠ هجمة برية. وأخيراء في بداية توصل المظليون البريطانيون إلى احتلال منطقة الجبل والتمركز فيها. ولدى سقوط هذه المنطقة الاستراتيجيةء أرغم الإمام على اللجوء إلى المملكة العربية السعوديةء وكذلك فعل بعض قادة الثورة. ورغم أن المقاومة الشعبية استمرت عدة سنوات. فإن قرار مغادرة البلد كان قاضيا بالنسبة للقادة؛ فقي محاولتهم للنجاة بأنفسهم حطموا صورتهم في أذهان الإماميين. ٢ » الفضال السياسي: الجامعه العربية منذ ما قبل تولي الإمام الجديد عام ١٤١۹٠ حاولت الإمامة مد جسور بين غُمان الداخلية والدول العربية. وقد سبق لغالب أن أرسل كتابا إلى الجامعة العربيةء بعد تأسيسها عام ١٤ ۹٠› يطلب فيه انضمام عُمان الرسمي إلى هذه المنظمة. ولأن المدوان الثلاثي على قناة السويس» عام ١١۹٠» ترافق مع تكثيف العمليات العسكرية F.O. 371-144 585, Secret telegram from Baghdad to Foreign Office, December 16, 1955. (۸) ضد الإماميين فى ُمان» فقد ارتبطت القضية العُمانية ارتباطاً وثيقاً بالقضية العربية وتوسع دور الجامعة العربية من جراء ذلك» فشمل تمان ومنطقة المحميات البريطانية» وساحل عُمان» بل والخليج بكامله حتى أصبحت القضية الممانية قضية الجامعة العربية. والغريب أن السلطان كان أحد زعماء المنطقة القلائل الذين أيدوا الاعتداء الثلائي على مصر)”. وفى هذه الأثناى كانت المواقع الاستعمارية الموروثة من القرن التاسع عشر تتأكل بسرعة كبيرة وتفقد مبرراتها. فلاحظت جريدة الواشنطن برست ‎)Washington Post)‏ في تموز (یولیو) ١١۱۹› في تعليق لها على أحداث غُمان؛ء مثلاٌ أنه إذا كان ممكناً في الماضي سحق أية ثورة بالقوة فإن فشل الهجوم الأنكلو - فرنسي على مصر قد جعل نجاح سياسة العنف هذه مستحيلاً في یامن 0. لقد تغير اتجاه الرياح وكان الاستعمار الكلاسيكي يعيش أيامه الاخيرة في ظل انتقادات الرأي العام الدولى. ومن هذه الناحية فإن تعليق الواشنطن برست لم يلخص في الواقع الأجواء الصحفية العامة التي أجمعت على إدانة الاعتداءات البريطانية على تُمان. وكان الرأي العام يرى فيها عمليات منذورة للفشل أمام صعود القومية العربية. ومما يستحق الذكر أن الرأي العام البريطاني نفسه احتج بشدة على سياسة حكومته. ويمكن على سبيل المثال الاستشهاد برسالة وجهها أحد المواطنين إلى الحكومة البريطانية جاء فيها: «إن الأحداث قد برهنت عن لاأخلاقية مغامرة السويس وسوء حسابها. هل يجب أن تتكرر هذه اللامبالاة المحزنة بالحياة الإنسانية (...) من خلال التدخل الحاليء وسط خصومة محلية وباسم المصلحة النفطية المقدسة؟ هل يجوز أن تكون الحياة الإنسانية آخر مشاغل هذه الحكومة؟ ألن تتعلم أبدا؟ أم إنها حقا . ١۱ مجرده من أي إحساس وضمیر؟ء” F.O. 371-126 869, Annual report on territories in Persian Gulf, Muscat, 1956. (۹) F.O. 371-126 879, Internal Political Situation in Muscat & Oman. F.O. 371-126 880, Letter dated July 23, 1957, in Internal Political Situation in Muscat and (۱۱) Oman. ۳۱۹ إن مئل هذه الإدانات الصادرة عن الرأي العام البريطاني نفسه لم تجد أي صدى لدى الحكومة القائمة. ولكن الصلة انعقدت في الوعي بين حملة السويس والعدوان على عُمان» وتوطد الفكر القومي من جراء ذلك من مصر إلى بلدان الخليج. وفي الحالتين كانت الضربات على الأرض مصحوبة بقفزة نوعية كبيرة في الوعي والفكر السياسي؛› ليس بين مناضلي الحركات القومية فقطء بل فى صفوف الشعوب أيضاً. فارتبط النضال العُماني» منذ ذلك الحين؛ بنضالات الفلسطينيين والجزائريين وغيرهم. والمفارقة هي أن الحركات الوطنية المعادية للاستعمار كانت تتوطد على الرغم من الخيبات العسكرية وذلك من خلال يقظة وعي سياسي عربي. كل ذلك جعل القضية المانية تلقى داخل الجامعة العربية تأييداً ملحوظاً. وقد لعب الشيخ إبراهيم اطفيش» وهو سليل أسرة من كبار العلماء في مزاب» الجزائر دوراً سياسياً نشيطاً لصالح عُمان. وإذ عرف بصفته «سفير الإمامة» في القاهرةء فقد وضع كل ثقله ليحصل على انضمام غُمان إلى الجامعة العربية وعلى إدانة الاعتداءات البريطانية. وكذلك الأمر فلقد تبنت المملكة العربية السعوديةء بسبب مصالحها الخاصة القضية داخل الجامعة العربية واتخذت كل من مصر وسورية مواقف لصالح عُمان. ولم يقتصر تأييد هذه البلدان على المواقف الدبلوماسيةء ولكن أيضاً على الدعم المالي والعسكري . على الرغم من دعم هذا العدد من الدول العربيةء لم يكن التحاق الإمامة بالجامعة العربية أمرأً ممكناً. فقد درست اللجنة السياسية للجامعة العربية الملف التحماني ثم أحالته إلى مجلس الجامعة. ولكن معظم الأعضاء أيدوا تحفظهم عندما حان موعد التصويت وكان مرد هذا التردد إلى الوضع الاستثنائي للإمامة والغموض الذي يحيط بكيانها السياسي (سوف نناقش هذا الموضوع لاحقا). وفى هذه الأثناء كانت بريطانيا تحاول عرقلة انضمام الإمامة بطلبها إلى حلفائها الامتناع عن التصويت كما كانت تطالب بتدخل الولايات المتحدة لتغيير الموقف السعودي. ولكن تصاعد العمليات العسكرية قاد الجامعة العربية إلى اتخاذ قرار ۳۱۷ بتشكيل لجنة ثلائية لدراسة القضية وكانت مهمة هذه اللجنة دراسة الأوضاع السياسية والاجتماعية في تمان وكذلك في منطقة «ساحل عُمان». وقد أثار هذا التدبير الأول من نوعهء قلقاً حقيقياً في أوساط الحكومة البريطانية. وفي ۳ تموز (یولیو) ٠ قدمت الجامعة العربية طلباً إلى السلطان للسماح لهذه اللجنة بدخول عُمان. ولكن السلطان أهمل هذا الطلب» وردت بريطانيا بأن السلطان لم يكن يتحدث عموماء هو نفسهء بل كان يطلب» في الأغلب» أن يتحدث أحد آخر باسمه. والواقع أن موقفه كان يمضي إلى ما هو أبعد من ذلك فالسلطان لا يعترف» على حد تعبير بالجامعة العربيةء ولا ينوي لهذا السبب الرد عليها '٩. وقد حمل موقف السلطان هذا والإدانات الدولية المنصبة على بريطانيا التي عمدت إلى تكثيف عملياتها العسكرية آملة الانتهاء من هذه المسألة سريعاً - حمل الجامعة العربية على التقدم بطلب في آب (أغسطس) ١١۹ ٠» إلى الدول العربية الأعضاء في الأ المتحدة للقيام بعمل مشتركء وطلب اجتماع عاجل لمجلس الأمن حيث وصفت الاعتداءات البريطانية بأنها «تهديد للسلام والأمن فى الشرق الأوسطء. وفضلاً عن ذلك وعلى الرغم من أن الجامعة العربية لم تقبل انضمام الإأمامة إليهاء فقد قررت» في مؤتمر الدار البيضاء عام ١٠۹٠ء تخصيص ميزانية ثابتة لدعم إمامة عُمان” '°. حيال هذه التطورات» حاولت بريطانيا الالتفاف على الإدانات الدولية والضغوط الخارجية والداخلية. فاقترحت على قادة الإمامة الدخول فى مفاوضات مباشرة. فقبل الإماميون الاقتراح دون تردد. وفي عام ١٦۱۹ عقدت ثلاث اجتماعات؛ في بیروت؛ بين ممثلي الإمامة والمقيم السياسي البريطاني في البحرين الذي كان يمثل؛ في الوقت نفسه؛ السلطان سعيد بن تيمور. F.O. 371-120 576, Confidential: Letter from the British Consulate in Muscat to the British (\Y) Residency in Bahrain, August 16, 1956. )۱۳( رات مرجع سابق› ص ١. ۳۱۸ أولء عودة الوضع في عُمان إلى ما کان عليه قبل عام ١٥۹٠. ثانياًء تحرير كل الأسرى الممائيين من المعتقلات البريطانية. دفع البريطانيين تعويضات عن كل أنواع الدمار التي تسببوا بها. قبل المفاوضون البريطانيون دراسة هذه الاقتراحات؛» وقدمواء بدورهم اقتراحين: أول على الإمامةء المبادرة إلى سحب الشكوى المقدمة إلى الأ المتحدة. ثانياء وقف الأعمال العسكرية. وقد رد ممثلو الإمام على النقطة الأولى بالرفض. وعللوا ذلك يأن المتحدة قامت أساساً لحل الخلافات السياسية ولا مبرر لكفّها عن النظر في هذه الشكوى قبل أن تحل المسألة. واعترض ممثلو الإمام على النقطة الثانية باعتبار أن الأمر غير ممكن طالما أن البريطانيين لم يثبتوا رغبتهم الحقيقية في السلام. من جهة أخرى اقترح الممثلون البريطانيون بأن يعود كل الزعماء مع اللاجئين ويعيشوا تحت حكم السلطان والبريطانيين. وقد رد ممثلو الإمام قائلين إن الأمر لا يتعلق بأفرات» بل بقضية وطنية. وهكذا انتهت اللقاءات دون أية نتيجة” `. وفي عام ١٤١٦۱۹› أي بعد خمس سنوات من خروج القادة من عُمانء عقد الإماميون وأنصارهم مؤتمراً في الدمام في المملكة العربية السعودية. وقد شكل المؤتمر مجلسا أعلى مؤلفاً من خمسة أعضاء برئاسة الإمام غالب بن علي. وضم كلاً من سليمان بن حمير النبهاني» صالح بن عيسى الحارثيء طالب علي الهنائي ومحمد بن عبدالله السالمي. وفي بيانه الختامي» طالب المؤتمر بأن تدار دولة عُمان المقبلة بواسطة حكومة جماعيةء وكان ذلك تقدماً ملحوظاً. وقد تشكلت أيضاً لجان عسكرية وثقافية وماليةء وأرسل المجلس محمد بن سالم المعمري ممثلاً عُمان» في بيروت وعبدالله بن حمد الحارثي ممثلاً لها في الجزائ Rapport du Comité Spécial d'Oman, op. cit., pp. 55-56. ‏)٤۱(‎ ‎.۱۰۳ - ‏(١۱) خرات»؛ مرجع سابق ص ١۱۰‎ ۳۱۹ من ثم يمكن القول إن هذا المجلس كان شبه #حكومة لدولة عُمان في المنفى»» لا سيما أنه أخذ على عاتقه تموين الثورة بالاسلحة وتدريب المقاتلين في الدول العربية ودول أوروبا الشرقيةء والاتحاد السوفييتي. ومع ذلك فلم تلبث الأحداث أن تجاوزت «حكومة المنفى» هذه التي تأخر تشكيلها ولم يكتب لها أن تَعمّر. ٢ . الأمم المتحدة غُرضت قضية غُمان أمام الم المتحدة لأول مرة في آب (أغسطس) ۷١۱۹ عندما طلب ممٹلو إحدى عشرة دولة عربيةء في رسالة مؤرخة في ١٠ اب (أغسطس) ١١۹ اجتماع مجلس الأمن بموجب المادة ۳ من الميثاق لدراسة «عدوان المملكة المتحدة البريطانية وإيرلندا الشمالية المسلح على استقلال عُمان وسيادتها وسلامة أراضيهاء” ٩ كانت بريطانيا تخشى وصول «المسألة أو «القضية إلى الأم المتحدة وأن تتعرض بذلك لإدانة دولية. وبالفعل› فإن الموقف العربي كان يقوم على اعتبار أن «القضية المُمانية» يسري عليها مبداً «حق تقرير المصيره. | لقد احتجت بريطانيا على هذا الموقف» ورفض ممثلها مطالب المجموعة العربية متذرعاً بأنه لا وجود لدولة عُمان المستقلةء وأن قطاع عُمان هو جزء من سلطة مسقط وتمان وأن سيادة عُمان على المناطق الساحلية والمناطق الجبلية معترف بها في عدة معاهدات طرحت المسألة إذاً بكل أبعادها التاريخية والجغرافية والقانونية. وكان مدار الأمر على مصير الإماميين وعلى مصير السلطان سواء بسواء. ذلك أن مشكلة Rapport du Comité Spécial d'Oman, op. cit., p.12. See also: F.O. 371-126 883, Confidential: (\ 1) from Foreign Office to Baghdad, August 16, 1957. Rapport du Comité Spécial d'Oman, op. cit., p. 12. (۱۷) ۳۲. الوجود السياسي والفعلي للنظامين هي التي كانت مطروحة للنقاش. على الرغم من التفهم العام واتفاق وجهات نظر الدول العربية حول سلامة القضية المُمانيةء فإن المسألة لم تدرج على جدول أعمال مجلس الأمن إلا في آب (أغسطس) ١١۹٠. وقد اعترضت على ذلك فرنسا وأستراليا وكولومبيا وكوباء في حين أيد عرضها كل من العراق والسويد والفلبين والاتحاد السوفييتي» وامتنمعت الولايات المتحدة والصين عن التصويت. ولكن تأييد العراق» حليف بريطانياء لوضع القضية على جدول الأعمالء لم يكن يعني إقراره بعدالة القضية العُمانية. فالعراق كان يريد تجنب الإحراج بين الدول العربيةء وبريطانيا كانت على ثقة من أن صوته لن يغير النتيجة النهائية. علاوة على أنه کان قد سبق وطماأن بريطانيا إلى أن تصويته لن يؤثر على علاقته الخاصة معها. أما امتناع الصين عن التصويت فكان ناجماً عن عدم معرفتها بالقضية؛ ومن هنا جاء الاقتراح الصيني الداعي إلى مزيد من التعمق في دراسة الموضوع. أما الامتناع الأمريكيء فكانت له دوافع مختلفة كليا ولكن هذا الامتناع كان يعادل الاعتراض. وبما أن الأصوات السبعة المطلوبة لم تجتمع فلم يكن ممكناً إدراج القضية على جدول الأعمال. ومع ذلك فقد كانت بريطانيا تخشى أن يُفَسّر تحفّظ الولايات المتحدة على أنه عدم اعتراف بوحدة مسقط وتمان وأن يمنع إعادة فتح القنصلية الأمريكية في مسقط التي كانت الولايات المتحدة قد أغلقتها في عهد تيمور بن فيصل (۱۹۱۳ - ۱۹۳۱). وفي أيلول (سبتمبر) ١١۹٠› وصل إلى نيويورك ممئل للإمامة للتعاون مع الوفود العربية على وضع القضية الغمانية على جدول أعمال الجمعية العمومية للام المتحدة. ولكن المجنموعة العربية فشلت في هذه المحاولةء وتأجلت القضية إلى عام ۸٥۹ ثم إلى عام ١١۹٠٠ وأخيراً إلى عام ١٠۱۹. إلا أن الهجمات المتكررة التي شنها البريطانيون» طوال عام ١١۹٠ حملت الأمين العام للام المتحدة السيد داغ همرشولد ‎Hammarskjold)‏ عDa)‏ على التصريح بأن «القضية العمانية ليست مسألة لق تتعلق بالعرب فقط بل بالإنسانية كلهاء بسبب المجازر وأنواع التدمير التي تحدث هناك وفى أيلول (سبتمبر) قدمت عشر دول عربية مذكرة تتضمن مشروع قرار يرمي إلى إدراج قضية غعُمان على جدول أعمال الدورة الخامسة عشرة للجمعية العموميةء وأحيل الطلب إلى اللجنة السياسية الخاصة التي درسته في الجلسة ال(٥۲) حتى الجلسة رقم وفي هذه الجلسة (٢٠۲) قدم مندوب أندونيسيا مشروع قرار موقعاً من ۱۳ بلداً. وكان هذا المشروع يدعو الجمعية العمومية إلى الاعتراف بحق تُمان في تقرير المصير والاستقلال› مذكراً بقرارها ١١١٠ (۷) «إعلان حول منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة). وخلال هذه الجلسة قررت اللجنة تأجيل بحث قضية عُمان إلى الدورة السادسة عشرة. وقد أرسل الإمام إلى هذه الدورة للم المتحدة وفداً عالي المستوى مؤلفاً من طالب بن عليء شقيق الإمام والشيخ سليمان بن حمير ومحمد مين "٩ وفي الدورة السادسة عشر للجمعية العموميةء درست اللجنة الخاصة بقضية عُمان الملف على مدى الجلسات ٢۲۹ و٠٠۳. وفي التصويت بالمناداة بالأسماى قررت» بأغلبية ٠٠٤ صوتاً ضد ٢۲ وامتناع ٢۲ عن التصويت» الاستجابة لطلب استماع قدم باسم الوفد العُماني. وفي الجلسة الثلائمئةء تحدث محمد أمين عبدالله أمام اللجنةء فصرح بأن عُمان تمتعت بالحرية والاستقلال خلال قرون وأضاف أن هذا الاستقلال نيت في نهاية الأمر بمعاهدة السيب عام ١1۹۲٠. وإذا كانت بريطانيا قد تدخلت في عُمان» قذلك لأن الشعب رفض أن يتخلى لها عن سيادته وموارد بلاده” (۱۸) راء مرجع سابق؛ ص ۱۳۲. ‎Rapport du Comité Spécial d'Oman, op. cit., p.13. (۱۹)‏ (٠۲) محمد أمين عبدالله» مناضل وطني» كان عضو «جبهة التحرير الممانية» التي شكلت في الفترة نفسها. ترجم عدة کتب عن غُمان. توفي في وطنه؛ مسقط عام ۱۹۸۲. ‎Rapport du Comité Spécial d‘Oman, op. cit., p. 13. (۲۱) ‎۳Y٢‎ ‎ ؛ . بريطانيا والولايات المتحدة: من الحرب المقنعة إلى اقتسام النفوذ ٥1۹ ‎u‏ ۱۹۷( وكما كان متوقعاء فإن الصراع السياسي والدبلوماسي في الجمعية العمومية بين الدول العربية من جهةء ومندوب بريطانيا وحلفائها من جهة أخرى» أدى بالمندوبين العرب إلى مطالبة الدول الأعضاء بالرجوع إلى معاهدة السيب التي كانت قد فُرضت من جانب بريطانياء والموقعة من مندوبها وينغيت والمصادق عليهاء بعد ذلك؛ من جانب السلطان» كما من جانب الإمام عام اليس يموجب هذه المعاهدة أن قسمت عُمان؛ إلى قسمين: «إمامة عُمان» و «سلطنة مسقط»؟”. إلا أن الولايات المتحدة التي لم تكن قد نسيت موقف بريطانيا وأعمالها العسكرية خلال أزمة واحة البريمي» رأت في معاهدة السيب ذريعة للضغط على البريطانيين» ليعترفوا بالمصالح الأمريكية في المنطقةء ولتحقيق مكاسب استراتيجية فيهاء لا سيما وأن استمرار وجود خلل ضمني بين الدولتين في هذه المنطقة کان يدقع في نظر بعض المراسلين الأمريكيين في لندن؛ إلى مواجهة محتملة بين المصالح البريطانية والمصالح الأمريكية” ". المصالح الغربية في المنطمقة وعلی الرغم من استعداد بریطانیا للتعاون مع الولايات المتحدة فإن وزارة الخارجية البريطانية لم تتأخر عن إعادة تأكيد موقفها الميدئي بوضوح: تمارسها في الخليج لا تعني سواناء وأن ما نحن في حاجة إليه هو التفهمء وحتى التأييدء من جانب ولكن ليس التدخل الأمريكي )...0( لقد أكد البريطانيون بأنه إذا زال نفوذهم قسوف يقسح ذلك المجال للقومية العربية». (٢۲) أنظر القسم الثالث من الفصل العاشر. F.O. 371-128 76, From Washington to Foreign Office, July 23, 1957. ‏)٢۲(‎ بذ ويخلص التقرير إلى أن هناك موقفاً بريطانياً وليس موقفاً أمريكيا أر أنكلو - أمريكي ولكن زاد العلاقات بین البلدين تعكيراً مصادرة القوات البريطانية في آب (أغسطس) ١١۹٠» أسلحة أمريكية كان السعوديون قد أرسلوها إلى الإماميين. وقد استاءت بريطانيا من هذه الأمر الذي لم يتعدٌ خبره» مع ذلك نطاق وزارتي الدفاع والخارجية. ذلك أن الخط السياسي البريطاني كان يقوم على تجنب جعل عُمان موضوع مجابهة مع الولايات المتحدة. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) ١١۱۹١› أجرى رئيس الوزراء البريطاني محادثات جدية مع الرئيس الأمر يکي ايز نهاور )senhowerآ)‏ لحل الخلافات بين البلدين› أدت إلى «إعلان الهدف المشترك» الذي اقام استراتيجية جديدة ودشن فترة تعاون بین البلاين: الترابط العضوي بين بريطانيا والولايات المتحدة باعتبار أن مفهوم الاكتفاء الذاتى القديم قد سقطء وباعتبار أن بلدان العالم الحر لا تستطيع المحافظة على أمنها إلا بتنسيق طاقاتها وبتقاسم المهمات فى ما بينها. ولقد اتفقت حكومتا المملكة المتحدة والولايات المتحدة على العمل من الآن فصاعداء وفق هذا الميدا”". وبالفعل فإن هذا المبداً لا يزال يطبع تاريخ المنطقة بطابعه إلى أيامنا هذه. فقد رسمت منطقتا النفوذ البريطاني والنفوذ الأمريكي بوضوح. وقسمت المنطقة رسمياء كما يلي: تخضع غُمان ومنطقة «ساحل عُمان» واليمن والبحرين وقطر والكويیت لمنطقة النفوذ البريطانى» وتبقى المملكة العربية السعودية وإيران تابعتين للنفوذ الأمريكى مريڪي. ولكن اقتسام النفوذ التالي للاستعمار لم يحل قضية تمان التي بدا أن بريطانيا F.O. 371-120 575, Foreign Office letter dated March 2, 1956. ‏)٤۲(‎ CAB. 90/129 Secret, Cabinet. Anglo-American cooperation. Note by the Prime Minister (°) 1Sth Nov. 1957. Y4 ما زالت مصممة على الاحتفاظ بها تحت وصايتهاء ولو كلفها ذلك خوض معركة «قانونيه وسياسيه) حول معاهدة السيب أمام الأ المتحدة. القسم الثاني حوار الهويه والشرعية إذا كان مبداً التعاون المشترك بين الدولتين الكبيرتين هو أحد ثوابت السياسة الدولية فإن الموقف الأمريكي لم يسمح بحسم الخلاف حول منطقة البريمي وبالفعل» حاولت الولايات المتحدة أن تلعب ورقة الإمامة عبر حلفائها السعوديين الذين ساندواء حتى ذلك الحين؛ وفق ما دعتهم إلى ذلك مصالحهم قضية الإماميين. في خضم اللعبة الصعبة تصرف الإماميون بغفوية وقلّة خبرة. وكان موقفهم هذا أحد عوامل سقوطهم. أما السياسة الأمريكيةء فقد ركزت على قضيتين: الأولى» المحافظة على المصالح النفطيةء والثانيةه ضرورة الإبقاء على النفوذ الأمريكي في المملكة العربية السعوديةء لتجنب وقوف هذه الأخيرة في صف الموقف المصري. فقد كان من شان مثل هذا الانرلاق أن ينعكس حتماً على المصالح الأمريكية في المنطقة بكاملها. وفي هذه الأثناى وفي حدود المطلب الرامي إلى الرجوع إلى معاهدة السيب (١۱۹۲) طلب عبد الخالق حسونd‏ الأمين العام للجامعة العربيةء من السلطان أن يقدم له نسخة من المعاهدة المذكورة. ولكن بريطانيا رفضت هذا الأمر لأنها كانت تعلم جيداً أن كلمة «معاهدة» التي تعني في القانون الدولي اتفاقاً بين دولتين مستقلتين ذاتي سيادة؛ سوف يضعف موقفها. وبهذا الصدد نقراً في التقارير البريطانية: «إننا نتساءل كيف يمكن للفظ معاهدةء وهو غير مصاغ بدفهء أن لا يُلوى بحيث يتحول إلى سلاح بين أيدي خصومنا وهذا الاحتمال هو الذي جعلنا نقرر عدم السماح للأمريكيين بالحصول على نسخة منها عندما طالبونا بذلك مؤخرء”". F.O. 371-114 S81, Letter from Eastern Dept. to Chancery, Cairo 23/8/55. ‏(٦۲(‎ ۳Yo كان في نية بريطانيا أن تخفي» بكل الوسائل» محتوى هذه المعاهدةء حتى عن حلفائها. وقادها قلقهاء أكثر من ذلك» إلى البحث عن عنوان مهندس المعاهدة السير وينفيت» لمعرفة ما إذا كان ما يزال على قيد الحياة أم لا. وفعلا تمكنت من العثور عليه في دبلن فأصدرت إليه التعليمات أن يكون رده إذا جاء صحفيون لسؤاله بأن المعاهدة لم تتعلق إلا بالشؤون الداخلية”" للبلد المعنىء وذلك وفقاً للتصريحات البريطانية السابقة. ولقد حاول السير وينغفيت› وقد أسعده کونه لا يزال نافعاء بعد سبع وثلائين سنة من الخدمات التي أداها للأمبراطورية البريطانية - حاول استرجاع الظروف التي أحاطت بعقد هذه المعاهدة وشرحها: كان الوضع؛ إذ ذاك على حد قولهء من الخطر بحيث إنه لم يكن ممكناً إبقاء السلطان حتى على الخط الساحلي دون التوصل إلى اتفاق مع القبائل الداخلية. وعلى هذا الأساس عقدت هذه المعاهدة. واقترح وينغيت أن يستند الموقف البريطاني إلى أن الإمام لم يوقع هذه المعاهدةء وأن هذه الأخيرة لم تكن سوى مجرد اتفاق مع القبائل(”" وهو أمرء كما نعلم؛ غير صحيح لأن القبائل لم تكن تستطيع» في السياق التاريخي لذلك العصر أن توقع المعاهدة دون موافقة الإمام. وقد رأينا سابقاً أن الإمام قد كلف ممثليه بتوقيع المعاهدةء وقد صادق عليهاء هو نفسهء مثل ما فعل السلطان بعد ذلك. وأخيرل نشرت جريدة نیریررك تایمز ‎7imes(‏ ٥۷ ٤) في آب (أغسطس) ۷١ ثلاث نسخ مختلفة من معاهدة السيب. الأولى صادرة عن مكتب الإمام في القاهرةء والثانية عن الشيخ صالح بن عيسى الحارثي؛› ابن عيسى بن صالح الحارثي الذي وقع المعاهدة باسم الإمام والثالثةء صادرةء على ما يبدو عن مركز المعلومات العربي في F.O. 371-126 884, The Agreement of Sib, August 16, 1957. See also: F.O. 371-126 884, (YY) Confidential, Foreign Office correspondences. August 21, 1957. F.O. 371-126 887, Confidential, Sir Ronald Wingate and the agreement of Sib, Sept. 5, (Y۸) 1957. (۲۹) يجب أن نلاحظ أن النسخة المقدمة لم تكن النسخة الأصلية وذلك لسببين: الأول هو أن إحدى ٦۳ ومهما يكن من أمر فلم يكن هناك فرق كبير بين النسخ عدا أن نسخة الإنكليزي» (المعروض في الفصل تبدو مطابقة لهما تمام المطابقة. وعبثاً حاولت بریطانیا التتصل من مسؤوليتها عن هذه المعاهدة› مع تأ كيدها أنها لم تكن تتعلق إلا بالشؤون الداخليةء كما حاولت أيضاً التقليل من قيمة الوثيقة يإشارتها إلى أن هذه الوثيقة «اتفاقية» وليس كان من المهم بالنسبة لبريطانيا إثبات أنها لم تعترف قط بسيادة إمامة الداخل› وفي هذا السياقء جرى التذرع بأن العلاقات الخارجية ظلت بين أيدي السلطان. ولكن الواقع كما بنا هو أنها كانت بين أيدي الإنكليز أنفسهم. أما بالنسبة للإمامة فصحيح أنه لم یکن لھا علاقات واسعة مع الخارجء ولكن سبب ذلك كان؛ في الدرجة الأولىء حالة الحصار التي فرضتها بريطانيا عليها طيلة هذه الفترة. أما فيما يتعلق بالجوازات› فصحيح أن السلطان هو الذي كان يصدرهاء ولكن الإمام محمد الخليلي أصدر هو أيضاء جوازات باسمه وصِقَيِهِ وكانت هذه الجوازات تتضمن ما يلي : «إن حامل هذا الجواز هو من رعايا الإمام محمد بن عبدالله الخليلي. ومسموح له بالسفر إلى كل البلاد المذكورة أعلاه. وإننا نطلب إلى جميع من يهمهم الأمر في البلاد الصديقة السماح لحامله بالتنقل بحرية وبتقديم جميع التسهيلاتء”. ومن جانب آخر صرح وزير الخارجية الأمريكيةء في تعليقه على المعاهدة في النلسختين كانت لدى الإنكليز الذين رفضوا الكشف عنهاء أَمًا الثاني فلأأن نسخة الإمام حفظت لدى شخص یدعی شعبان بن حامد في غُمانء ولكن هذا الأخير هوجم في بيته وانتزعت منه كل وثائقه» بما فيها المعاهدة. را اجع: .32 ‎Rapport du Comité Spécial d'‘ Oman, op. cit., p.‏ من الطريف أن نلاحظ أنه عندما أرسل الإمام الشيخ صالح إلى البحرين عام ١١۹٠ لمناقشة يعض التعديلات على المعاهدة رد المقيم بأن المملكة المتحدة تصرَ على الإبقاء على المعاهدة في تصها الأصلي . ُنظر : .33 ‎Rapport du Comité Spécial d'Oman, op. cit., p.‏ ‎Rapport du Comité Spécial d'Oman, op. cit., p.40. (۳۱)‏ YY آب (أغسطس) ١١۹٠› خلال لقاء مع السفير البريطاني في واشنطن بما يلي: «... لقد تضمن هذا التعهد عدة بنود غير مألوفة بين عاهل ورعاياه. وأكٹر من ذلك لا يسعنا أن نغفل الدور البريطاني وأن الاتفاق سمي معاهدة.”". وعلى وجه الإجمال» لم ينصب النقاش حول الوثيقة على محتواها القانوني الذي يثبت استقلال الإمامة بإثبات صفتها التعاقدية. ولكنه تركز على قبول الوثيقة أو عدم قبولهاء» أي على الاعتراف بالإمامة كنظام ودولة مستقلة أو عدم الاعتراف بها. وكانت بريطانياء برفضها معاهدة السيب» تدعي إعادة طرح المسألة الحقيقية: مسألة وحدة عُمان التي لم تكن في الواقع شأناً بريطانياً. وله لمن سخريات التاريخ أن جَعَل معاهدة اليب التي فرضتها بريطانيا عام ٠ - فخورة بعملها آنذاك - الأساس القانوني لاستقلال الإمامة وسيادتها في نظر القوانين الدولية. ومن المفارقة أن تتحوّل هذه المعاهدة نفسها إلى موضع إنكار ورفض من جانب بریطانیا! والحقيقة أن عُمان قد عايشت يشت» منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشرء واقعين غير قابلين للتجاوز. الأول هو نظام الإمامة الذي حافظ على استقلاله التقليدي في الداخل؛ والثاني نظام السلطنة الذي ساد في مسقط والشريط الساحلي. وإذا كان الأول تمتع بشرعية عقائدية وتاريخية وبتأييد ُهل الداخل فإن نظام السلطنةء وإن كان مدعوماً من الخارج» عرف مع ذلك؛ ما يقرب من قرن ونصف القرن من الوجود» وهو زمن كاف ليرسي شرعيته التاريخية والسلاليةء وليجعله مقبولاً بوصفه الواقع الأخر. ۱ ١ . اللجنة الخاصة بقمان )۱۹۱۳ ٠ ١٤٦۱۹) رغم كل الجهوت لم يحسم النقاش السياسي والقانوني الطويل حول معاهدة F.O. 371-126 883, Secret, Telegram from Washington to Foreign Office, August 20, 1957. (TY) PTA السيب والهوية الوطنية ولا النزاع السياسي والدبلوماسي المعروض على الأ المتحدة. ولم تمر اجتماعات اللجنة السياسية الخاصة ولا التصويت ني الجمعية العمومية عن نتائج إيجابية. وعلی هذا الحو وجدت القضية المانية نفسها تۇجل من دورة إلى أخری حتی عام ۳.. وبفعل الضغوط التي واجهها مندوب المملكة المتحدة دعاء باسم السلطان؛› ممثلاً شخصیاً للأمين العام للام المتحدة لزيارة عُمان وإعداد تقرير حول الورضع في البلاى شريطة أن لا تتخذ الجمعية العمومية أي قرار في هذه المرحلة. بناء عليه تم اختيار سفير السويد في إسبانياء السيد هربرت دو ريبينغ ‎.(Herbert de Ribbing)‏ فقام المندوب بزيارة لمان وقابل السلطان؛› وكذلك الرمام غالب» فی منفاه فی المملكة العربية السعودية. وبعد عودته من هذه الزيارة التى دامت من ٢۲ يار (مایو) إلى ٩ حزيران (يونيو) رفع تقريراً إلى الأمين العام. إلا أن هذا التقرير أثار ونتيجة للطلب الذي قدمته المجموعة العربية لدى انعقاد الدورة الغامنةء أحيلت «القضية التحمانية»» رغم المعارضة البريطانيةء إلى اللجنة الرابعة المتخصصة يتصفية الاستعمار وجرت مناقشة حامية لمعرفة ما إِذا كانت «دولة» مسقط کد اعتمدت على «دولة» عُمان. وأمام هذا السؤال» تساءلت اللجنةء دون أن يخلو ذلك من ارتباك كبیر» عما يمكن أن یعنیه اسم عُمان نفسه. فقد ظلت هذه النقطة الأساسية غامضة. وتمحور عدد من الاسئلة الاساسية حول مسألة التعريف هذه: ١) تستعمل كلمة عُمان أحياناً بمعنى شامل يُغطي المناطق الخاضعة للإمامة ۲) هل تشكل مسقط وعُمان كيیاناً واحدا أو أن لکل منها کیانه الخاص؟ ٢) هل من المرغوب فيه تشجيع فكرة فصل عن مسقط باسم مبداً حرية تقرير المصير حتى ولو أن المنطقتين تشكلان كيانا واحدا؟ ٤) إذا لم تكن المسألة مسألة استعمار فهل هي مسألة استعمار محدثٹ وهل يدخل بحثها ضمن صلاحيات اللجنة ۳۲۹ الخاصة؟ على أنه ومهما يکن فإن القضية أصبحت قضية دولية بحق ويجب أن تكون موضع اهتمام الأمم المتحدة”". | في كانون الأول (ديسمبر) ١١۹١ قدمت البرازيل باسم ۳٠ دولة من أمريكا اللاتينيةء؛ مشروع قرار يدعو اللجنة الرابعة إلى تشكيل «لجنة خاصة مؤلفة من خمسة أعضاء يعينهم رئيس الجمعية العموميةء وتكون مهمتها دراسة القضية المُمانية بمزید من التعمق وإجراء تحقيقات ميدانية والاجتماع مباشرة يكل المعنيين لتقديم مفصل ودقیق إلى الامين العام. وبموجب قرار الجمعية العمومية الصادر في العام ۸٤۹٠ء شكلت لجنة خاصة في كانون الأول (ديسمبر) مؤلفة من خمسة أعضاء هم: كوستاريكاء نيبال» نيجيرياء السنغال وأفغانستان. وسمي السيّد عبد الرحمن بازهاوك ‎Rahman Pazhawk)‏ مندوب أفغانستان» رئيساً لهذه اللجنة. لم تكن مهمة هذه اللجنة سهلة. وكانت إحدى أولى الصعوبات التي اصطدمت بها تقوم كالسابق على تعريف لفظة «تحمان». وقد تبين للجنة أن بعضهم استعملها للدلالة على منطقة جغرافية واسعةء واستعملها آخرون للدلالة على مناطق أقل اتساعاء واستعملها آخرون للدلالة على كيان سياسي» وغالباً ما استعملت بمعنى مبهم او عام دون ا يتبين» بالضبط؛ إذا كانت تعني کیانا جغرافیاً م کیاناً سیاسیاًء م كانت تدل› أحيانا أخرى» على الاثنين معا "٩. وكانت اللجنة قد وضعت خطة منهجية لدراسة القضية العُمانية بدءاً بدراسة التاريخ من خلال المؤلفات الرئيسية المنشورة حول هذا الموضوع. كما عكفت على دراسة الاتفاقيات بين السلطان وبريطانياء واتصلت بالأطراف المعنية وطبقاً لهذه الخطة أرسلت اللجنة كتاباً إلى السلطان تطلب إليه فيه الموافقة على Rapport du Comité Spécial d'Oman, op. cit., p.17. (۳۳) Ibid., p.18. ‏)٤۳(‎ ۴۴۰ زيارة اللجنة لمسقط وعُمان. ولكن السلطان رفض دخول اللجنة إلى البلاد معتبراً ذلك تدخلاً في شؤونه الداخلية. إلا أنه فيل أن يلتقي أحد أعضاء اللجنة أثناء زيارة كان سيقوم بها إلى لندن. وبالفعل تم لقاءان بين رئيس اللجنة السيد بازهواك والسلطان في ٢۲ آب (أغسطس) و٢ أيلول (سبتمبر) ١١۱۹› وفي الوقت نفسه التقى أعضاء اللجنة المسؤولين البريطانيين في وزارة الخارجية. ومن أجل تبين طبيعة العلاقات بين سلطان مسقط وبريطانيا بموضوعية درست اللجنة من بين ۲۳ اتفاقا ومعاهدة موقعة بين البلدين› السبعة التي عدتها الأهم والتي تعود إلى الأعوام ۱۷۹۸ ۱۸۰۰ ۱۸۳۹ء ۱۸۱۲ ۱٥1۹ ۸٥۹ ولكن اللجنة لم تكن على علم بهالمعاهدة المانعة» التي فرضت على السلطان فيصل عام ١۸۹٠ وعلى شيوخ «ساحل عُمان)» عام ۱۸۹۲ء علماً بأن هذه المعاهدة كانت؛ دون شك» أصدق الوثائق وأكثرها دلالة على تبعية السلطنة لبريطانيا لأنها كانت بالفعل إعلان حماية غير رسمي وكانتء وحدهاء كافية لدحض کل الحجج البريطانية حول «استقلال مسقط وعُمان» وإسقاطها. إلا أن اللجنة كانت تجهل ذلك على ما ييدو. في ضوء هذه الوثائق جمعت اللجنة مختلف وجهات النظر وتبينت أن المدافعين عن القضية العُمانية يعدون هذه المعاهدة المفروضة على مسقط إحدى التجليات الأو لى للاستعمار البريطاني. ذلك أن هذه الاتفاقيات والمعاهدات كانت تنص على التزامات ثقيلة تؤدي إلى وضع السلطنة تحت الحماية. وإن أي بلك كائنا ما كان› يقبل مثل هذه الالتزامات التي تقلص من حريته وسيادته إلى الحد الأدنى لا يمكن أن يكون بلداً مستقلاً. وإذا كانت مسقط بلداً مستقلا فلماذا لا تممّل نفسها أمام منظمة الأ المتحدة بدلاً من أن تترك هذه المهمة لبريطانيا؟ إلى ما تقدم أشار الإماميون إلى أن التدخل المستمر في شؤون مسقط ومان الداخليةء وشن الحملات العسكرية لضرب مواطني الداخل وتدمير مدنهم وقراهم مظهر آخر من مظاهر الاستعمار. ورد مندوب المملكة المتحدة الذي كان يتحدث أيضاً باسم السلطان قائلاً إن ۳۹ سلطنة ١ مسقط وتُمان» هي دولة مستقلة ولا ينبغي أن تعد مستعمرة بريطانية ولا شبه مستعمرة. وة تمسك بأن هذه المعاهدات والاتفاقيات إنّما عقدت بين دولتين مستقلتين ويأن قرارات محكمة العدل الدولية في لاهاي عام ١١۹٠ تعترف باستقلال مسقط وتمان( ورداً على حجة التدخل؛ أجاب المندوب بأن الأمر لا يتعلق إلا بمساعدات تقدمها بريطانيا إلى بلد صديق بموجب التزامات متعاقد عليها بين السلطان وبينها. ولقد رد عليه الشيخ صالح مستشهداً بالقانوني البريطاني الشهير هايد الذي يرى أن مبادىء القانون الدولي لا تسمح لدولة التدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى من أجل قمع ثورة شعبية» حتى تطبيقاً لمعاهدة تسمح يتدخل من هذه الطبيعة. ومثل هذا التدخل» في رأي هايد أيضاء لا يمكن أن يسمح به قانون» على اعتبار أن القيام بمثل هذا العمل ضد شعب بلد أجنبي يشكل خرقاً لحق الشعوب في الثورة على حكوماتهاء» وواقع الحال أن هذه المبادىء البسيطة والمعروفة هي في أساس القانون الدولي””. وبصورة موازية لهذه المناقشةء التقت اللجنة بالإمام في الدمام» في المملكة العربية السعودية› وطرحت عليه السؤال التالى: هل هو مستعد للعودة إلى وضع ما قبل ٥ كتسوية؟ ورد امام بأُن الأهم هو ان يغادر الإنكليز عُمان. وعندما يذهب یرید استبداله» فهو الإمام أُول من يمټٹل والتقت اللجنة أيضاً مجموعة من المهاجرين إلى المملكة العربية تحقيقات مباشرة كانت الإجابات عنها ذات دلالة. فقد ألحت كل هذه الشخصيات المعارضة لنظام السلطان سعید بن تیمور على أن المهم فی الدرجة الأولى هو خروج في الحقيقة جرت مناقشات حول الأعلام الفرنسية التي كانت ترفعها السفن في غياب تُمان» البلد المعني بالدرجة الأولى» والتي كانت ممثلة من جانب بريطانيا. راجع القسم الثاني من الفصل السايع. Rapport du Comité Spécial d'Oman, op. cit., p. 55. ‏انظر:‎ ‎Ibid., p.67. (۳۷) r۳Y الإنكليز من تمان" ورداً على الأسعلة التي طرحتها اللجنة فيما يتعلق بمستقبل لقراره. وأوضح عضو نافذ في المجلس الثوري أن المجلس لا يناضل لمنح السلطة إلى هذا الإمام أو ذاكء بل من أجل حرية البلد واستقلالهء على أن يختار الشعب بعد ذلك نظام الحكم الذي يناسبه "٩ . ويجب أن نلاحظء من جهة أخرى» أن جماعة من المناضلين الإماميين المقريين من الإمام بدأتء بمناسبة التحقيقات التى أجرتها اللجنةء تبدي تبايناتها معه. وكان قسم من هذه الجماعة مؤلفاً من عُمانيين من الداخل؛ إباضيين «تقليديين»»› يرفضون شرعية الإمام غالب بن علي لکونه قد غادر مقر نزوۍ» عام ١٥۱۹ تاركاً شعبه يناضل وحده ضد المستعمرين. في حين کان عليه اُن يناضل حتى الموت كما تقتضي مهمته كإمام وهو أمر لا يغفر في نظر هذا البعض. وكانت جماعة أخرى لا ترفض شرعية الإمام وتواصل النضال في إطار الإمامةء قد تأثرت بالتيارين القومي والناصري وبدأت تجد في الإمامة نظاماً مر عليه الزمن. ويقول تقرير اللجنة الخاصة يبُمان إن بعض أعضاء المجلس الثوري صرحوا بأنهم يرغبون بإقامة جمهورية» وقال أحدهم إن هذا هو الحكم الذي ينتظر أن يؤسّس في البلاد في المستقبل» مؤكداً أن مجلس الثورة يعتبر الإأمامة نظام حكم تجاوزه الزمن”*. كانت هذه الإجابات تعبر عن تطور ذي دلالة في الوعي السياسي. فتفكير النخبة المفاوضة الذي تفتح بمناسبة الثورق وضمن إطار الإمامةء بدأ يصب في آفاق جديدة غريية عن الرؤية الإمامية التقليدية. هل غدت الإمامة حقاً غير متكيفة مع الوقائع الجديدة؟ من الصعب اقتراح إجابات موضوعية عن هذا السؤال. إلا أنه لا يمكن أن نسدل ستار الصمت على أن (۳۸) كان هناك حوالى ١٠ آلاف لاجىء غُماني في المملكة العربية السعودية وه آلاف في الكويت Rapport du Comité Spécial d'Oman, op. cit., p.67. (۳۹) Jbid., p.68. r۳ معطيات سياسية وثقافية جديدة قد أثرت» إذ ذاك في تصورات شخصيات المنفى. وهكذا فإن انتشار الوعي القومي اللاحق لمرحلة النهضة التي جسدها عبد التاصرء طبعت بعمق النخية المُمانية المعارضة. فالمرحلة كانت مرحلة سيادة الفكر والقيم التحررية في العالم العربي الثالث» بكامله. وأخيرا فمما ينبغي عدم إغفاله هو أن الشبيبة العُمانية في المنفى كانت تتلقى في البلدان التي تستضيفهاء (مصرء سوريةء العراق)› إلى الدعم والسياسي والعسكري» تأثير هذه الأفكار. ٠ وقد لاحظت اللجنة الخاصة بعُمان شغف كل هؤلاء العُمانيين بمبداً النظام الانتتخابي. سواء أكان ذلك في إطار الإمامة أم في غيره. ولاحظت اللجنة أيضا الاستعمال المتكرر لمصطلح «إرادة الشعب». وعندما طرح عليها السؤال عن كيفية تحقيق إرادة الشعب هذه أجاب البعض بأنه يقر الطريقة التقليديةء أي طريقة انتخاب الإمام لأنها تعبر عن طموحات الشعب من خلال الرؤساء الروحيين ورؤساء القبائل› في حين اجاب آخرون باتهم يميلون إلى طريقة جديدة تسمح لکل فرد بان ينتخب وحده وبصورة ويجدر بنا أن نستخلص» من هذه الآراء المتنوعةء إحدى سمات الثقافة السياسية الحمانيةء وهي التعلق بالنظام الانتخابي الذي كانت الإمامة مستودعه ونموذجه خلال ۲ قرنا. وإذا كانت الإمامةء في ذاتهاء لم تعد تحظى بتأييد الجميع؛ فإن الانتخاب الذي هو أحد مبادئها الأساسيةء بقي يمثل جانباً أساسياً من الثقافة الممانية وعنصراً قابلا لمواكبة التطورات. من جانبه» صرح الإمام بأنه مستعد لقبول إرادة الشعب الذي يريد أن يعيش مع عصره وأنه على استعداد لترك الحكم إذا رغب الشعب استبداله برئيس آخر. وتبين للجنة أيضاء أن بعض أعضاء المجلس الثوري أبدوا استعدادهم لتغيير طراز الحكم القديم بطراز حديث”*. Ibid., p. 81-82. ‏)۱٤(‎ ‎Ibid., p.82. ‏)٢٤(‎ r ولا يمكن؛ من وجهة النظر المذهبيةء اعتبار موقف الإمامة وموقف أعضاء مجلسها إلا قفزة نوعية في الفكر الإباضي الحديث. فهل كان هذا التطور يعنى نهاية الإمامة في مفهومها التقليدي والسياسي كما عرفتها تمان طيلة تاريخها؟ أم كان› على العكس» علامة على أن الفكر السياسي الإباضي قابل للتطور من أجل التكيف مع الأحداث والعصر الحديث؛ بحيث تستفيد تمان من تراثها الديمقراطي لتوظفه فى بناء عُمان الجديدة؟ واقع الحال أن الإمام عبر عن استعداده للتفاوض مع السلطان آملاً في العودة إلى وضع ما قبل ولکن السلطان الذي كان يستشرف نهاية الإمام لم يستجب لهذا الاستعدادات. منتصف عام ١١۱۹ أنجزت اللجنة تقريرها بهدف عرضه على الدورة التاسعة عشر للجمعية العمومية للام المتحدة في أيلول (سبتمير) من السنة نفسها. وختمت هذا التقرير الطويل والهام بتقديم بعض التوصيات التي منها أن قضية عُمان تشكل مسألة دولية خطيرة يجب أن توليها الجمعية العمومية انتباهاً خاصا. على هذا فإن اللجنة كانت ترى إذاً أن الأزمة وليدة السياسات الأمبريالية والتدخل الأجنبي في مسقط وعُمانء وأن على كل الأطراف المعنية أن تتفاوض بهدف حل القضية دون المساس بجوهر موقف هذه الجهة أو تلكء وأن تمتنع كل جهة عن القيام بما من شانه اُن یشکل عقبة في وجه تسوية سلمة ۲٩ . وكان يمكن لسيرورة التسوية أن تبداً. فقد انتهت العمليات العسكرية في عُمان الداخلية مع نهاية عام ولكن نزاعاً وقع في هذه الأثناى بين قادة الإمامة الذين بدأوا فى تبادل الاتهامات. وكانت جماعة من المناضلين يقودها الشيخ صالح بن عيسى الحارثي» المتحدث بلسان المجلس الوطني للثورة المُمانية» قد شكلت «جبهة التحرير العُمانية4» ولكن هذه الجبهةء وكذلك إمامة غالب» انتهتا على عتبة عام ٥ تقريا. Ibid., p. 82. (4۳) ۳۳o ومع هذا الإمام الأخير زالت الإمامة نفسها بمفهومها السياسي الوطني والتقليدي” ولكن هل كانت إمامة غالب إمامة تقليدية وروحية حقيقية؟ إن كونها كذلك موضع شك على ویمکن أن نعتبر أن إمامة محمد بن عبداللّه الخليلي - كانت الإمامة الأخيرة. على الرغم من هذه المجريات جميعاً يبقى ما انتهت إليه اللجنة حول طبيعة النظام المرغوب فيه صالحاً للتأمل: «... وتعتبر اللجنة أن العُمانيين, الذين غادروا البلاد منهم لسبب أو لآخرء - يمن فيهم الإمام - متعلقون بالميادىء الديمقراطية وبأسلوب التمٹيل عن طريق الانتخابات وذلك بغية تأسیس حكکم ديمقراطي في بلادهمء*. ۲ من غمان الوسطى, إلى المستقبل «مستقبل عُمان) هو العنوان الذي حملته مجموعة من الوثائق البريطانية تعود إلى نهاية الخمسينات. وهكذاء ففي البرهة التي كانت بريطانيا تدافع فيها عن «استقلال» مسقط ووحدة عُمان أمام الأمم المتحدق كانت تعمل على وضع خطط لمستقبل هذا البلد وصياغة مصيره في القرن العشرين. وعلى أثر الثورة العُمانية المسلحة التي دامت حوالى ست سنوات (١٥۹٠ - ونتيجة للضغوط الدوليةء كثفت بريطانيا دراساتها للعلاقات المُمانية - البريطانيةء كما درست الصيغ المناسبة لاستراتيجيتها لما بعد الثورةء وبنتيجة هذه الدراسات وضع عدد من ونظراً لأهمية هذا الموضوع نورد النقاط كما وردت في التقرير: «إذا كان لا يمكن لهذا الوضع أن يدومء فالاحتمالات الممكنة هى التالية: (٤٤) ما زال الإمام غالب يعيش في المملكة العربية السعودية على الرغم من أن بعض أعضاء أسرته والمقريين منه يعيشون بسلام ويعملون في سلطنة كما عاد الشيخ صالح بن عيسى الحارثي إلى عُمان مؤخراً. )٥٤( .82 ‎Rapport du Comité Spécial d'Oman, op. cit., p.‏ ۳۹ ا) بما أنناء في كل الأحوالء على هذه الدرجة من التورط في القضيةء علينا أن نعلن مسقط وعُمان محمية بريطانية وأن نتكيف مع ذلك. ب) بما أنه يمكن لحُّمان أن تكون بالنسبة لنا ثقباً لا قاع له. فينبغي علينا أن نغسل أيدينا من هذه القضية موضحين للسلطان أننا لن نساعده إلا فى المناطق الساحلية. أما عن الاعتراضات على الفقرة (١) المتعلقة بإعلان الحماية فهي أن السلطان نفسه قد لا يوافق على ذلك ولا القبائل؛ ثم إن ذلك لم يعد من روح العصر. كما أن الأمر مكلف مالياً حتماً والأرجح بشرياً أيضاً. أما الاعتراضات على الفقرة (ب) فهي أن ذلك سيهز جديا ثقة السلطان بناء كما أنه سيهز استطراداً ثقة بقية الخليج بعد أن استمدت سمعتنا مكانة فى الدفاع عن غُمان ضد السعوديين. فضلاً عن أنه يمكن أن تنطوي الأراضي العمانية على خزائن نفطيةء وفى حال تحقق ذلك فسيكون له انعكاسات إيجابية على موقفنا الإاستراتيجى فى الخليجء وهذه الاعتراضات تستبعد النقطتين و (ب) ومن ثم فالأفضل أن نحاول تحسين موقفنا الحالى (ج)»” **. وفق تشخيص هذه المذكرة فإن الاعتراضات على الحمايةء كما على الانسحاب التام من غُمان قد انتصرت؛ واتخذ القرار النهائي بالمحافظة على الوضع القائم مع إدخال بعض التحسينات على الجهاز الإداري والأمني. وأقر إِذاً استمرار العلاقة بين البلدين على صورتها التقليدية المبهمةء كما يصفها التقرير المكتوب بهذه المناسبة(*. ‎F.O. 371-126 919, Secret. Memorandum, Muscat & Oman, August 7, 1957.‏ F.O. 371-126 904, Confidential, Foreign Office to Sir B. Burrows, Bahrain, August 30, (4V) 1957. r۳۷ ولكن بريطانيا لم تدخل؛ في الواقع؛ سوى تحسينات عسكرية لأنها فضلت الإيقاء على الجمود الكامل. بل إن المسؤولين السياسيين البريطائيين رغبوا في أن تبقى العلاقة الرسمية بين البلدين ملتبسة. وهكذا بقيت عُمان خلال العقود الثلاثة الي ة من عهد السلطان سعيد بن تيمور (۱۹۳۲ - ١۱۹۷) في وضع لا تحسد عليه. ويمكن القول إن انحدار مسقط قد بدا منذ عهد ثويني (١١۸٠ - بعد انفصال زنجبار وإعلان الحماية البريطانية عليها عام وعندما تولى السلطان سعيد بن تيمور مقاليد السلطةء خلفاً لأبيهء عام ١۱۹۳ء كانت تمان قد عاشت» من قبل حوالى ٠۷ سنة من الانحدار شبه المستمر. ولكن السلطان الجديد لم يحاول إصلاح الوضع؛ بل عارض ذلك. ويقول مراقب إنکليزي: «لقد أراد السلطان منع القرن العشرين من نقل العدوى إلى القرن الخامس عشر الذي كان قد احتجز فيه شعبه»”*°. وبطبيعة الحال» فإن هذا المراقب لم يذكر نصيب بلاده من المسؤولية عن هذا الوضع القروسطي. ومع ذلك فإن وضع عُمان في العصر الوسيط كانء من جوانب عديدة» أفضل بكثير منه في عهد سعيد بن تيمور في بداية القرن العشرين. ومن المفارقة أن تمان كانت في الحقيقة تعيش عيشة العصور الوسطى في النصف الأول من القرن العشرين فقد وضع السلطان سعيد قوانين وترتيبات مذهلة. فباستثناء بعض المدارس القرانية منع التعليم العام في بلده. ولم یکن في البلات طيلة عهده سوی ثلاث مدارس ابتدائية في عُمان. بل إنه أغلق عام ١۹۷٠ هذه المدارس قائلاً لأحد مستشاريه البريطانيين: «لقد خسرتم الهند, لأنكم علمتم هذا في حين أن التعليم شبه الرسمي كان قد بدا في تمان في نهاية القرن الثامن Eric Rouleau, «Oman ou la Révolution refoulée», Le Monde, 28 mai 1971. ‏)۸٤(‎ ‎Halliday (Fred), Arabia without Sultans, New York, Random House, 1975, p. 288. ‏)۹٤(‎ ۳۳A عش فى عهد الإمام بلعرب بن سلطان (۸۸١۱ - ١۱۷۱) الذي أسس أول مدرسة 0 كذلك لم يكن في البلادء حتى نهاية عهد السلطان سعید بن تیمور» سوی مستوصف واحد في البلات في مطرح؛ ولم يكن به من أدوية إلا الأسبيرين. ويستشهد الكاتب البريطاني فريد هاليداي في هذا الصدد يرواية عدة أشخاص أتيح لهم زيارة تمان عام ١١۹٠ وشهدوا هذا الحرمان بأم العيمن ليستنتج أنه «لم يكن في أية قرية من قرى عمان شخص واحد بصحة جيدة» ويضيف أنه بعد عشرين عاماً من التجول في الشرق الأوسط بوسعه أن يؤكد أنه لم ير شعباً يعيش مثل هذه المعاناة من الفقرء ومن الأمراض القابلة للشفاء لو توفر ج(“ ٠ كانت عُمان في ذلك العصر بلد الممنوعات: ممنوع بناء منازل من اللبنء ممنوع وضع نظارات شمسية على العينين» ممنوع التدخين؛ ممتوع اقتناء الكتب؛ ممتوع خروج النساء إلى الخارج... إلخ. بل كانت كل هذه الأفعال تعد جنحاً تعاقب عليها «القوانين». فوق ذلك كان على المواطنين دفع ضرائب متعددة وثقيلة. وطوال سنوات كانت أبواب أسوار العاصمة المبنية خلال الاحتلال البرتغالي (۸١٠٠ - تغلق كل مساى عند مغيب الشمس. وكان على السكان الراغبين بالتجول داخل الأسوار حمل الفوانيس باعتبار أن مصباح البطارية كان ممنوعاً. لقد كانت هذ القوانين تمس في شخصه وفي كرامته وفي روحه. في حين كان يخيل للسلطان أن شرط بقائه في الحكم هو اعتقال شعبهء ومصادرة البلاد وإيقاف الزمن» أي نفي العمانيين في التاريخ. ومع ذلك فإن الوعي العُماني لم يدع كل هذه التدابير المرهقة تفرض عليه. فد وجد البعض في التاريخ الإباضي الطويل متراساً للهوية الوطنية وسبياً للأمل في التغيير Ibid., p. 287. ‏)٥(‎ r4 السياسي. ومن جهة أخرى» عبر بعض المُمانيين عن رفضهم لهذا الواقع باشتراكهم في حركات سياسية ذات روح حديئة. وهکذا اندلعت ثورة ١٦۱۹ - ١٤۱۹۷. ولکن فکر هذه الثورةء على الرغم من تجسيدها لامال بعض العُمانيين من جيل الستينات› لم يکن سوى إسقاط على التاريخ الروحي العُماني. وإذا كان لهذه الثورة من إيجابيات» فهي أنها قد عجلت بحركة التاريخ. لقد عجلت بأن يأني» عام ۰٠۹۷ السلطان قابوس» الذي أعطى السلطنة أحدث وجوهها بإطلاقه برنامج تنمية طموحاً حقّق لعُمان تقدما مدهشا. ۴۰ خاتمة الباب الثاني كانت الاستراتيجية البريطانية المرسومة ني بداية القرن التاسع عشر قد سارت بانتظام مكن بريطانيا من القضاء على الازدهار الكبير الذي عاشته عُمان في عهد السلطان سعيد بن سلطان - ١١۱۸)› ولا عجب» فعُمان القوية هي الخصم الإقليمي للقوة البريطانية. لم توفر بريطانيا أية وسيلة لإرساء سيطرتها النهائيةء ومن ذلك المعاهدات المكيلة ومراقبة الخطوط البحرية وإدخال السفن البخارية ووسائل الاتصال الحديثة. وقد أدى كل ذلك تدريجياء إلى إضعاف عُمان كقوة تجارية في البدى وفي ما بعد إلى عزلتها كقوة إقليمية وتهميشها. وعلى أثر وفاة السلطان سعيد وانفصال زنجبار لم تعد عُمان سوى بلد ضعيف» مستبعد تماما من الرقعة السياسية الإقليمية. وفي الواقع فإن بريطانيا لم تتردد في استخدام كل الوسائل الممكنة لتحقيق استراتيجيتها. فقد دمرت السفن العُمانية وأحرقتها أو صادرتها. وتم كل ذلك بذريعة محاربة تجارة الرقيق أو «القرصنة). ومع ذلك فمن الواضح أن تزايد النفوذ البريطاني وانهيار الوضع الاقتصادي كانا يحرضان الباحثين عن مخرج لبلادهم على التجمع حول الحركة الإباضية. وكان اللجوء إلى الثورة محتوماً في مثل هذا الوضع. ثورة عزان بن قيس - ۱) هي ذا نتاج کل هذه الفترة. ولهذا أوشكت هذه الثورة أن تشكل منعطفاً ۹٤۳ حاسماً في التاريخ لولا تدخل بريطانيا وتضافر مجموعة من الظروف الاخرى. ومنذ ذلك الحين أصبحت الحركة الإباضية التي فرضت نفسها كحركة وطنية تاريخيةء الخصم الطبيعي لبريطانيا في المنطقة. وفضلا عن ذلك وعلى الرغم من ان إنكلترا أعادت نظام السلطنة في شخص تركي» فإنها لم تسمح للسلطان الجديد بالتمتع بأي استقلال» بل فرضت عليه من الضغوط السياسية والمالية ما عرقل عمله تماما وفعلت الشيء نفسه مع خلفه فيصل الذي حاول» دون نجاح الإفلات من السيطرة البريطانية. لقد عاشت الحركة الإباضية على موعد دائم مع التاريخ. وربما مثلت ثورة الإمام الخروصي - التي استمرت سبع سنوات» أطول ثورة عرفها العالم العربي. ويبدو جلياً أن التعلق بالاستقلال الوطني هو أحد ثوابت الفكر والثقافة السياسيين للغمانيين. ولكن اختلال ميزان القوى سمح لبريطانيا› في نهاية المطاف» بفرض معاهدة السيب (٠۱۹۲) التي استهدفت عزلة الإأماميين في الداخل. أا مسقط فوجدت نفسها طوال ١٠ عاماً تقريباً بدون سلطان» تحكمها بریطانيا عن طريق «مجلس وصاية» وذلك إلى أن تسلم سعيد بن تيمور العرش عام ۱۹۳۲ وقد غرف عهده الطويل (۱۹۳۲ - ١۱۹۷) باالعصر العماني الوسيط». وإذا كان سعيد بن تيمور قد سَجَنَ غُمان خلال عهده هذا في زنزانة القرون الوسطى فإن بريطانيا التي عملت طوال قرن ونصف القرنء على إلغاء التاريخ التماني» عمدت في عهده إلى إلغاء تمان من التاريخ وحكمت على الشعب العماني بأسره أن يعيش منفيا: داخل البلاد وخارجها. ولكن وجود الإماميين أصبح؛ مع دخول المنطقة في العصر النفطي» عائقاً بوجه الاستراتيجية البريطانية ومراميها. ففي مطلع الخمسينات» عبأت بريطانيا نفسهاء عسكرياً واحتلت قواتها مدن الإمامة الرئيسيةء عبري والرستاق والعاصمة نزوى. وأمام هذا العدوان أشعل الإماميون ثورة ١٥۹٠ - ١٠۱۹ التي أتاحت فتح ثغرة في طوق ٢٤۳ العزلة السياسية. ولكن بريطانيا تمكنت من هذه الثورة على الرغم من التفاف الُمانيين حولها والدعم الذي لقيته من البلدان العربية المجاورة. rı۳ الخاتمة العامة إن مساراً أصيلاً يميز السياسة والثقافة والتاريخ المُماني. ومفتاح هذه الأصالة هو دون ريب» الفكر الإباضي وتجربته. فالإباضيةء وهي المثل الأعلى للأيام الأولى ولأزمنة الشدة ولتجربة الحكم في عمر النضج تتماهى مع تاريخ عُمان وتمتزج به. ثلاث نتائج هامة يمكن استخلاصها من دراسة التطور السياسي لعمان: فأما الأولى فتدور على النموذج الأصيل للدولة الإسلامية الذي قدّمه المذهب الإباضي منذ الأزمنة الأولىء وأما الثانية فلجُها ديمومة «الأسطورة» ومتانة التجربة الإباضية عبر التاريخ السياسصي وما الثالثة فهي عمق التراث الديمقراطي الذي خلفته الإباضية للثقافة المُمانية اليوم. إن مبدأي الشورى والبيعة - الإجماع والتعاقد - مضافاً إليهما قيم المساواة الاجتماعية والمساواة أمام القانون ومبادئها تمثل ركائز الديمقراطية الإسلامية في عُمانء وفلسفة الثقافة الاجتماعية والسياسية لدولة الإمامة. وقد كان الشغل الشاغل للحركة الإباضيةء المتصف بمثابرة غير عاديةء هو تشييد دولة ومجتمع إسلاميين على مثال دولة الخلافة. على أن إحدى الخصائص الأولى لنظام الإمامة الإسلامي أنه لا يمكن اختزاله إلى ۴10 نظام ثيوقراطي» (حكومة دينية أو بالأحرى حكومة كهنوتية)» قائم على «الحق الإلهي». كما هو الحال في أوروبا المسيحية. فلم ي يكن الإمام إل قائداً منتخباً وممثلاً للأمة يستمد شرعيته منها. وقد شكلت الممارسة الإباضيةء بمحافظتها على مبداً الانتخاب الحر للإمام الذي تكرسه البيعةء مجموعة قيم وأسس ديمقراطيةء قريبة جداً من حيث الجوهر مما يسمى اليوم بالديمقراطية. لقد دخلت الديمقراطيةء «ديمقراطية الشورى»› إلى عُمان مع المذهب الإباضي؛ء أي مع الدين. إنّها إذاً روح الثقافة السياسية المُمانيةء ومن ثم فالديمقراطية القائمة على الانتخاب الحر للأئمة لا تمثل نموذجا سياسيا فقطء بل هي فوق ذلك؛ سلوك اجتماعي وثقافي وقيمي. وبفضل ممارستها الطويلةء أصبحت» بحي تقليدا ثابتاً للمجتمع بل قانوناً للحياة الجماعية وللدولة. وعلى مر القرونء وبمضل هذه الديمقراطية استطاع العُمانيون تحقيق مبادىء العدل والمساواق وكذلك السلام الأهلي والوحدة الوطنية. وفضلاً عن ذلك أتاحت هذه الممارسة بلوغ صورة انسجام عالية بين الأمة وقادتها. وهكذاء يستنتج؛ أن تطبيق الديمقراطية الإسلامية المُمانية ضَمِنَ استمرار نظام الإمامةء طوال أكثر من ألف عام وبدوره ضمن نظام الإمامة استمرار هذه الديمقراطية. وعلى الرغم من أن لمنصب الإمام بصورة صبغة صبغة روحيف فان وظائف الإمام لا تقتص أبداء على الممارسات الدينيةء بل تشمل کل شؤون الدولة السياسية والمسكرية والمالية. علماً أن الإمامة لم تكن حكراً على العلماء. فقد شغل هذا المنصب» في قسم كبير من تاريخ الإمامة المُماني» شخصيات وطنية مستقلة لا تنتمي إلى جماعة العلماء. إن الحرية وسيادة الشعب هي في أساس الثقافة السياسية المُمانية. فسلطة الإمامة السياسية تقوم على مبداً مشاركة الشعب بمجموعه في الحياة السياسيةء وذلك على كل المستويات؛ المحلية والإدارية من خلال ممثليه كالعلماء والشخصيات القبلية. وكذلك قامت دولة الإمامة على مبداً الفصل بين السلطتين التشريعية والتتفيذية ۳۹ على الرغم من أنه لا تمييرً صريحاً بين الاثنين. ويجدر بنا أن نشير إلى أن العلماء مثلوا «مجلساً تشريعياً طوال التاريخ لعُمان. ومن جهة أخری» فإن تفويض السلطة في مختلف المناطق إلى ولاة تساندهم مجالس إقليمية استشارية وقضاة مستقلون كان يعطي هذه المناطق استقلالاً إدارياً واسعاء ولم تكن هذه البنية اللامركزية للإمامة سوى التعبير الفعلى عن مبداً مشاركة المواطنين الفاعلة فى الحياة السياسية. ۱ ويستخلص بوضوح من التاريخ أن العلماى أهل الحل والعقكء ضمير المجتمع وممثليهء لعبوا دورا مركزيا في تخليد نظام الإمامة والحركة الإباضية. وفضلاً عن دورهم كمرشدين روحيين للمجتمع وكقضاة وكحراس لتطبيق مبدأي الشورى والعدالة الاجتماعية إلى غير ذلك؛ يعود إليهم؛ أيضاء أمر التشريع في إطار مبداً الاجتهاد في كل مستجدات الحياق وخاصة في الشؤون التجارية والعلاقات الخارجية. وبما أنهم كانوا الأمناء المتميزين على ثقافة بلادهم السياسيةء فقد حرصوا على أن يكونواء أيضاء من خلال أعمالهم النظرية والفقهية والتاريخيةء ذاكرة هذه الثقافة السياسيةء بل ذاكرة الحضارة العُمانية ثقافة وهوية. وللحركة الإباضية وريثة تقاليد دولة الخلافة الرشيدةء وصاحبة الرؤية الخاصة والخبرة بما يجب أن تكون عليه الدولة الإسلامية المثاليةء لهذه الحركة وجهة نظر حول مسألة الخلافة تبدو لنا غاية في الأهمية إلى حدّ لا يمكن معه لأحد ادعاء معرفة التاريخ الإسلامي بعمق دون أخذها بعين الاعتبار. یقی أُن الممارسة الثابتة لمبدأي الإجماع والتعاقد على مدی ائئي عشر قرناً - في حين كانت هذه الممارسة قد ألغيت أو علقت في المجتمعات الإسلامية الأخرىء منذ الدولة الأموية أي منذ القرن الثاني الهجري» الثامن الميلادي - قد سمحت باستقرار المجتمع وسلامة نظام الإمامة واستمراره. وبالفعل فإن هذه الثقافة كانت مطبوعة بقيمها السلمية. ولسنا نجدء خارج الخلافات ذات الطبيعة القبليةء سوابق تمرد على إمام شرعي. من هنا يمكن القول أيضاً إن السلام كان ضمانة للسيادة. ۳4۷ أا مبداً المساواة الاجتماعية والمساواة أمام القانون فمن الأعمدة الرئيسية للثقافة السياسية الإباضية التي تؤكك دون التباس؛ء مكانة الإنسان كإنسان من خلال حرصها على مصلحة المجتمع العامق مصلحة الأمة. ذلك أنه لم يكن ممكناً لكرامة الإنسان أن تبلغ كاملةء في نظر هذه الثقافة إلا من خلال تحقيق كرامة الامة الجماعية. وفعلاً كان الإسهام في الحياة الاجتماعيةء بصورة مباشرة أو غير مباشرةء يقوي مواطنة الشماني ويوطدها. وهنا تبرز سمة أخری من سمات هذه الديمقراطية الاصيلة. وأخيرا فقد كشف المجتمع العُماني» بمركباته القبليةء عن كونه منظماً وذا بناء متماسك. ولا ينبغي أن ننسى أن هذه القبائل» المتصفة بالنزوع الحاد إلى الحريةء أسهمت في توطيد لامركزية نظام الإمامةء أي تأكيد الديمقراطية العُمانية. وإذا أضفنا إلى هذه المركبات بنى اقتصاد مفتوح يستند خاصة إلى نشاط بحري هام نتبين أن الحركة الإمامية الإباضيةء لم تتسبب بأي ضرر على مستوى نو البلا بل على العكس من ذلك فقد كانت مان خلال مرحلة الإأمامة العمكس الكامل. فثقافتها السياسية القائمة على مسؤولية المواطنين وقادتهم تجعل منها أمة ذات سيادة ومحترمة معاء بالإضافة إلى كونها مستقرة ومسالمة. إن الواقع الاستراتيجي الهام الذي ميز البلاد وعكس نفسه على تاريخهاء كان وراء كل الأطماع والاعتداءات الخارجية عليها. وواقع أن الغمانيين كانوا ملزمين يمواجهة تحديات شبه مستمرة والدفاع عن وطنهم هذا الواقع ساهم بدوره في تأ کید الهوية الوطنية وغرس في الثقافة السياسية العمانية مبادىء الحرية والاستقلال الوطني والسيادة. ولكن بريطانيا توصلت» خلال القرن التاسع عش إلى تفتيت الوحدة وشطب هذه الدولة الإسلامية الموحدة. كما خلال قرن ونصف القرن» على تهديم ثقافتها السياسية لتعيد رسم البلاد وتاريخها وفقاً لمقتضيات الاستعمار ومصالحه. وهكذا نجحت في السيطرة على المنطقة الساحلية وإلى تطويق نظام ۳t۸ الإمامة في الداخل. ولكن الثقافة العُمانية ذات البعد الروحي كانت أعمق من أن تُقتلع من جذورها. ۰ مع نهاية إمامة الخليلي (۹١۱۹۱ - ١١۹٠)› انتهت الإمامة كمؤسسة وكنظام سياسي. ولم تعد مؤسساتها التقليدية تجعل منها البديل التاريخي السابق ولم يعد دورها السياسي يلبي مقتضيات المجتمع العُماني المعاصر. ولكن التجربة الإباضية تبقى ميراثاً وتراثاً وطنياً لا يقدر بثمن؛ لا بالنسبة للإباضيين وحدهم» بل أيضاً وبالتأكيدء لمجموع إباضيين كانوا أم غير إباضيين. وتبقى كذلك تجربة عربية وإسلامية رائدة. يبقى أن الحركة الإباضية - حتى وإن غابت في هذه المرحلة عن المسرح السياسي - حاضرةٌ وفاعلة في الحياة الدينية والاجتماعية. وهيء كمذهب» تبقى دائماًء المرجعية الاخيرة في البلاد. إن المنطق التاريخي والخصوصية الثقافية والواقع الاجتماعي - السياسي يردنا إلى الاقتناع بأن نظام الديمقراطية الغربي لا يمثل نموذجا مثالياً قابلاً للتطبيق› أو حتى مرغوباً فيه حيثما كان. ولا سيما أن المجتمع كان قد تصور وصاغ نموذجاً ديمقراطياً خاصاً به آخذاً بالاعتبار المحيط الثقافي والديني. ولا شك أن هذا التموذج قايل للتكيف والتحديث تدريجياً في سياق الثقافة السياسية العُمانية. ومن المنطقى الاعتقاد بأن استلهام التراث السياسي الديمقراطي الغني وتٹمیره فانه یمکن أن ييعث نموذجاً مميزاً للديمقراطية العُمانية في العصر الحديث. إن المزاوجة بين التراث والقيم ومقتضيات الحاضر ضرورة تاريخية لصيانة ثراء الماضى وحماية المستقبل معاً. ولا يمكن لمان أن تربح رهان المستقبل دون أن تتبنى ماضيها وتعترف به. فإغلاق الباب في وجه الماضي هو إغلاق للباب في وجه الحقيقة ذاتهاء في وجه مصادر الهوية الغمانية وحضارتها. إن العودة إلى مصادر التراث هي› سیاسیاء أمر ملح لأمن البلاد واستقرارها. وعلى ۳1۹ حُمان» اليوم أن تجد التوازن الضروري بين تجربة الماضي ومقتضيات الحاضر لتوطيد الدولة المُمانية في دورها التموذجي كدولة عربية - إسلامية حديثة وقوة ضرورية لتوازن الخليج وسلامه. إن نهضة غُمانية حقيقية تستكمل منذ حوالى ربع قرن. فقد بنيت دولة حديثة وَحدذدت البلاد من جديد وحققت السلام الأهلي:› وزؤدت هذه الدولة بمۇسسات متقدمة. كما احتضنت الحكومة العُمانيةء ببصيرة وروح مصالحة وطنية نادرة» بعض الشخصيات السياسية الوطنية التي كانت في «المعارضة» سابقاً وأشركتها في بناء البلاد: بنا تحمان الحديثة وتوطيد صورتها كدولة. وحتى الإماميين باركوا جهودها الضخمة ويباركونها على الرغم من بقائهم متحفظين حيال النفوذ الغربي» لا سيما الثقافيء في البلاد. لقد أخرجت عُمانء خلال الربع قرن الأخير» من حالة القرون الوسطىء وأرسیت» بثبات» فى القرن العشرين. فعلى الصعيد الاقتصادي وصعيد التنمية العامة وضعت الحكومة موضع العمل على الرغم من الموازد الاقتصادية المحدودةء مشروعات لا سابق لها في البلدان النامية بما فيها بلدان الخليج النفطية. وهو ما سمح بتركيز البنية التحتية الاقتصادية للبلاد وبإطلاق مشاريع تنموية على كل المستويات» ملبياء بذلك› خطة اقتصادية اجتماعية سياسية حقيقية. وفي محاولة جدية ولكن حذرة لتوظيف التراث السياسي في إدخال إصلاحات سياسيةء اتخذت حكومة عُمان» عام ۱۹۹۱» قراراً في غاية الأهمية. فلأأول مرة في تاريخ السلطنة أنشىء «مجلس شورى» مؤلف من ٥٠ عضواً منتخباء كنواب وممثلين للشعب المُماني. وفي دورته الثانيةء أي بعد ثلاث أعوام فقط عام ١۹۹٠› وُسّع هذا المجلس ليصل عدد أعضائه إلى أكثر من ۰٠۸ عضواً. كما شاركت لأول مرة ممثلتان في هذا المجلس. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) ١۱۹۹ وضع السلطان قابوس لمان ولأول مرق «نظاماً أساسياً للدولة» يأخذ على عاتقه تنظيم مسألة الخلافة وصلاحيات السلطة السياسية في البلادء وهي بادرة ستساهم لا شك في تعزيز الاستقرار السياسي في البلد. هكذا بدأت؛ إذاء مسيرة «الديمقراطية العُمانية» تلقى بظلالها على الحياة السياسية والثقافية لمُمان الجديدة. ومن المؤ كد أن الانتخاب المقيد للمجلس؛ ويشكل خاص ضيق هامش السلطة التشريعية المنوطة به» لا يخلو من أن يفتح أبواب نقاش واسعة. وما من شك في أن المطالبة بتحسين هذه المؤسسة وتوسيع صلاحياتها لن تنقطع؛ ولكن» مما لا شك فيه أيضاء أن القيادة التي أخرجت عُمان من حالة القرون الوسطى وأدخلتها قرن العشرين أدرى بالسرعة التى يجب اعتمادها فى السير على دروب الإصلاح السياسي وتطوير «الديمقر اطية المُمانية» الحديثة. ۱ ۳e ثبت المراجع المراجع تنقسم مراجع هذا البحث ومصادره إلى عدة أقسام ولكن العمدة فيها على اثنين: مخطوطات إباضية يعود تاريخها لقرون خلت قامت وزارة التراث القومى والثقافة العمانية بطباعتها ونشرها حديثاً. وهذه المخطوطات لا تمثل على أي حالء وجهة النظر الرسمية. والأرشيف الرسمي الفرنسي التابع لوزارة الخارجية الفرنسية ‎)Afaires Etrangêres)‏ والأرشيف انكليزي ‎(Indian Office Record and the Foreign Office Files)‏ وحرصاً منا على تسهيل مهمة الباحثين في هذا المجال فلقد عملنا على تقديم كل المراجع الرسمية الفرنسية المتعلقة بمحمان» وهي في الغالب كل ما هو موجود في أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية. ۱ . الهريسه ه أبتس (ه ف) سلطائة لے نيريرركك سلطنة عُمانء وزارة التراث القومي والثقافةء أرشيف العرب»› القاهرة› ۰٠۹۸ ® إبراهيم (عبد العزيز عبد الغنى)› مراع لندن؛ دار الساقيء ۰ ه ابن کٹیر (إسماعيل بن عمر)؛ البراية رالنہاية› القاهرةء دار أي حیانء ١۱۹۹. ه الباكر (عبد الرحمن) سن البعرين الك المنفى» بيروت» مكتبة الحياق ١١٦۹٠. ٠ خليفات (عوض محمد) الأصرل التاريية ليه الإباضيف سلطنة عُمان› وزارة التراث القومي والثقافة الطبعة الثانية 0.۱۹۸۸ حح ن1 المرلة الإباضيف عمان؛ دار الشعب؛ء ۱۹۷۸. ه داود (محمود علي) الضليع المرليكء الجزء الأول دار المعرفةء القاهرة (بدون تاريخ). ه الزرقا (محمد علي)› عُرات ديا دمشق› ه السيار (عائشة)› درلة عُراث سرن أنريقيا ١۱۱۲ - ١١۱۷ء بيروت» دار ١۱. ه الشهرستاني (محمد بن عبد الكريم)» الملل دالتمل» ببروت» دار الفكر» (بدون تاريخ). ٠ الشيتي (عبداللكه)» ممرلة المريف دمشق› ١١۱۹. ه العايد (فؤاد سعيد)» سياسة بريطانية ف الضليع المري؛ الكويت» دار ذات السلاسل؛ (بدون تاریخ). ٠ عبدالله (محمد مرسي) امارات السامل رمات دالسرلة السمودية ارف الجزء الأولء القاهرق المكتبة المصريف ۱۹۷۸. ٠ عبده (محمد) الإسعزم والتهرإئية بين العلى دالمرنية؛ الجزائر المؤسسة الوطنية للكتاب» ۹۸۸ . ه العبيدلي (أحمد) الإمام عزات ابن تيس ۱۸۱۸ - ١۱۸۷› بيروت» دار الحدائة ١٤۱۹۸. ٠ العقاد (صلاح) التيارات السياسية ف الضليع المرب القاهرةء المكتبة الأنكلو ‏ مصرية ٤ . ه العقاد (عباس محمود) الريمرتراطية ف الإسعرم القاهرةء دار المعارفء ه الإمام علي بن أي طالب» نمع البمرغق الطبعة الثانيةء القاهرةء دار الكتاب المصري» ١۹۹٠. ه قاسم (جمال زكريا)» دراسة لتاريغ الإمارات المريية - ١۱۹۱)› الكويت» دار الدراسات العلميةء ١ ۱۹۷. ه القاسمي (سلطان بن تقسير المرإنية ١۱۸۵ - 5٦1۸ء دبي الإمارات العريية المتحدة البيانء ۱۹۸۹. س المعرتات المرإنية ١٠۱۷ - ١٠۱۹ء الإمارات؛» دار الغرير للطباعة والنشر ۳ . ه كاشف (سيدة إسماعيل) عُرإت ف نمر الإسعرم» سلطنة غُمان؛ وزارة التراث القومي والثقافق ۹ . ٦٥۴ ه کيلي (ج. ب) بريطانيا دالضليع. ١۱۷۹ - ١۱۸۷ ترجمة محمد أمين عبدالله؛ سلطنة عُمان› وزارة التراث القومى ۱۱۹ (مجلدان). العبرد السرنيه ليه العهزيرة ترجمة خيري حمات؛ بیروت» مطبعة الحياف ١۱۹۷. ه لاندن (روبسر جیران)› رات من ١۱۸۵› ترجمة محمد مين یروت ۱۹۷۰. ه لوريمر (جون دليل الضليع؛› ترجمة حكومة قطر الطبعة الثانية (١۱۹۷)› (١١ ه مايلز (سامویل باریت)› بلرانه رتبائله ترجمة محمد مين عبدالله سلطنة عُمان› وزارة التراث القومى والثقافف ۱۹۸۲. ه مروة (حسين)› التزعة ژے اللسنّة الريية الإسطرمية؛ بيروت؛› الفارايي› الطبعة الرابعفء ه النقيب (خلدون المهتمع دالمرلة ف الضليع دالهزيرة الريية بيروت» مركز دراسات الوحدة العريف 0.۱۹۸۷ 0 نوفل (سید)› الصليع اليپ الس تيه المرييف بيروت» دار الطليعةء ۹۔.. الرضاع السياسية لإمارات الضليع العمربي دنرب المزيرة القاهرق مركز البحوث والدراسات العربيةء يونيسيف» الكتاب الثاني ۱۹۷۲. ه ويلسون (أرنولد تالبوت)» تاريغ الضليع؛ ترجمة محمد أمين عبداللهء سلطنة عُمانء وزارة التراث القومي والثقافة ١۹۸٠. ه عُرال› دمشق؛ طبعة مكتب «سلسلة البحوث العريية4› ١١٦۱۹. ٠ رال ل الممائل الدرليف دمشق› مكتب إمامة عُمانء ١١٦۱۹ ٠ تضية عُرإاتث ل على المتمرة القاهرة مطبعة مكتبة إمامة عُمانء ١١۱۹. ه فاع رات بیرن الاس رالیرم» دمشق؛› مکتب إمامة غُمان› ۲ . الإباضية ه الأزكوي (سرحان بن سعيد) تاريغ عُرإت: لشف الفمة الهامع غبار الامة تحقيق عبد المجيد حسيب القيسي» أبو دار الدراسات الخليجية (١٦۱۹۷). rov ه السالمي (عبدالله بن حميد)» تمقة اعيات بسيرة آهل خُرإت» القاهرةء مطبعة المام ١۹1 ه السالمي (محمد بن عبدالله)» اللعيات غُرإاتء القاهرة› (بدون تاريخ). ه السعدي (جميل بن خميس)› امرس السريمف سلطنة عُمانء وزارة التراث القومي والثقافة ۲ (۳ مجلدا). ه السمائلي (سالم بن حماد بن شامس السیابي)› ازال عن أتباع أي السُعناى تحقيق سيدة إسماعیل كاشف» سلطنة غُمان» وزارة التراث القومي والثقافةء القاهرة 0.۱۹۷۹ والثقافة ١۱۹۸ء (٤ مجلدات). ۰ الشماخي (سالم بن سعید بن عبد الواحد)› کاب السيب تحفيق أحمد بن سعود السيابي› سلطنة عُمان» وزارة التراث القومي والثقافة ۱۹۸۷. 0 عامر ابن علي بن عمیر)› رات اليم سلطنة وزارة التراث القومي والثقافة (بدون تاریخ). 0 القلهاتي (محمد بن سعید الأزدي)» رن › تحقيق سيدة إسماعيل كاشف؛ سلطنة عُمان» وزارة التراث القومي والثقافة القاهرة› ٠۹۸ (مجلدان). ‎e‏ الكدمي (محمد بن سعید)› اللسكمَام؛ سلطنة عُمان؛ء وزارة التراث القومي ١٥۱« (۳ مجلدات). ‏0 الكندي (أحمد عبدالله بن موسی النزوي)› سلطنة عُمان؛ء وزارة التراث القومى والثقافق ۱۹۸۳(٤٤ مجلدا). ‏0 الكندي (محمد بن [براهيم) بیان لسع ء سلطنة عُمان؛ وزارة التراث القومي والثقافڭ (۷۳ مجلدا). ‏معمر (علي یحیی)› بین الإسلرمىية؛› سلطنة عُمان؛› وزارة التراث القومي ۰ المغيري (سعید بن علي)› مہينة الاضيار ئاریغ زنمیابں تحقيق محمد علي الصليبي› سلطنة غُمانء وزارة التراث القومى والثقافةء الطبعة الثانية ١۹۸ ۱. ‏٠ ناب الزشتراى تحقيق سيدة إسماعيل كاشف» سلطنة وزارة التراث القومى والثقافة ١۹۸ ٠. ه لتاب السير رالهرابات› تحقيق سيدة إسماعيل كاشف» سلطنة غُمان؛ وزارة التراث القومى والثقافف ١۱۹۸› (مجلدان). ‎۴o۸ ۳ الفر اساك ‎Barros (João de), Da Asia, Lisboa, Regia officina Typografica, 1781, réimpr. Paris,‏ ۰ 1981 (trad. par 'Ambassade d'Oman a Paris). e Benoist-Méchin (Jacques), Ibn-Séoud ou la Naissance d'un royaume, Paris, Albin Mi- chel, 1955. » Berreby (Jean-Jacques), La Péninsule Arabique, terre sainte de l'Islam, patrie de 'ara- bisme et empire du pétrole, Paris, Payot, 1958. e Braudel (Fernand), Ecrits sur l'Histoire, Paris, Flammarion, 1969. « Burdeau (Georges), La Démocratie, Paris, Seuil, 1966. » Chelbod (Joseph), Le Droit dans la société bédouine, Paris, Librairie Marcel Riviêre et Cie, 1971. » Djalili (Mohammad-Reza), Le Golfe Persique, problêemes et perspectives, Paris, Dal- loz, 1978. » Gardet (Louis), L'Islam, religion et communauté, Paris, Desclée de Brouwer, 1967. La Cité musulmanne, vie sociale et politique, Paris, Librairie philosophique J. Vrin, 1981. Les Hommes de l'Islam, Paris, Hachette, 1977. e Graz (Liesl), Les Omanais, nouveaux gardiens du Golfe, Paris, Albin, Michel, 1981. e Hegel, La Raison dans Histoire, Paris, Christian Bourgois, 1990. e» Humaidan (Ali), Les Princes de lor noir, Paris, Hachette, 1968. » Iqbal (Mohammed), Reconstruire la pensée religieuse de l’Islam, Paris, Librairie d’Amêérique et d’Orient Adrien Maisonneuve, 1955. » Kajare (Firouz), Le Sultanat d'Oman, étude d'histoire diplomatique et de droit interna- tional, Paris, A. Pedone, 1914. » Laoust (Henri), Le Califat dans la doctrine de Rashid Ridê, traduction annotée d’al- Hilafa au al-Imûma al-’uzmû (Le Califat ou 'Imûma suprême), Paris, Librairie d’Amérique et d’Orient, 1986. » Montesquieu (Charles de Secondat, baron de), De l'esprit des lois, Paris, Flammar- ion; 1979. » L'Oman et la France, quelques éléments d'histoire, Archives et documentation, Paris, Ministére des Affaires Etrangêres, 1989. e» Prélot (Marcel), Lescuyer (Georges), Histoire des idées politiques, Paris, Dalloz, 1990. » Robin (Maurice), Histoire comparative des idées politiques, Paris, Economica, tome 1, 1988. ۴o4 e Rousseau (Jean Jacques), Du contral social, Paris, Flammarion, 1966. e Ruethe (Emily), Mémoires d'une princes arabe, Paris, Karthala, 1991. » Al-Sabah (Salem al-Jabir), Les Emirats du Golfe, histoire d'un peuple, Paris, Fayard, 1980. e» Stevens (A.), Oman citadelle entre sable et mer, Ed. Terra Incognita, [s. 1., Belgique], 1990. » Tur (Jean-Jacques), Les Emirats du Golfe Arabe, Paris, P.U.F., 1967. e Al-Wasmî (Khãlid), Oman entre l'indépendance et l'occupation coloniale, Genêève, La- bor et Fides; Paris, Publications orientalistes de France, 1986. e Zakariya (Fouad), Islamisme ou laicité, les Arabes û l'heure du choix, Le Caire/Paris, Al-Fikr/La Découverte, 1991. » Zorgbib (Charles), Géopolitique el histoire du Golfe, Paris, P.U.F., 1991. ٤ الإنكليزية ‎e Barbu, (Z.), Democracy and dictatorship, N. Y., Grove Press, 1956.‏ e Bondarevsky (G.), Hegemonists and Imperialists in the Persian Gulf, Moscow, Novos- ti Press Agency publishing House, 1981. e Halliday (Fred), Arabia without Sultans, New York, Random House, 1975. e Heard-Bey (Frauke), From Trucial States to United Arab Emirates, London, Long- man, 1982. e Al-Maamiry (Ahmed Hamoud), Oman and Ibadhism, New Delhi, India, Lancers Booms, 1989. » Mansfield (Peter), History of the Middle East, London, Viking, 1991. e Maurizi (Vicenzo), History of Sayid Sa‘id, Cambridge, Oleander Press, 1954. e Peterson (J.E.), Oman in the twentieth century, London, Croom Helm, 1978. » Phillips (Wendell), Oman a history, Beyrouth, Librairie du Liban, 1971. » Al-Qasimi (Sultan ibn Muhammad), The Myth of Arab piracy in the Gulf, London, Croom Helm, 1986. » Ibn Ruzayq (Humayd), al-fath al mubîn fî sîrat al-bû Sa'îdiyîn. translated and edited «History of the Imãams and Seyyids of Oman», by G.P. Bager, London, Draf Publi- chers Ltd., 1986. » Said Zahlan (R.), The Origins of the United Arab Emirates, London, Macmillan Press Ltd., 1978. e Weber (Max), Economy and Society, New York, Bedminster Press, 1968. ۳۰ » Wilkinson (John, C.), The Jڵmamate‎ Tradition of Oman. Cambridge University Press, 1987. Water and tribal settlement in South East Arabia A Study of the Aflãj of Oman, Oxford, Clarendon Press, 1977. e» Wingate (R.), Not in the Limelight, London, Hutchinson and Co. Ltd. 1959. » Wolpert (Stanley), A new history of India, 2nd edition, Oxford University Press, New York, 1982. ه البريك (ناصر المرشد) و«الإباضية في الفكر السياسي الإسلامي واثارها في قيام الدول» الزمتہاں بيروت؛ العدد ۱۳ ۱۹۹۱. ه (جريدة) الضليي؛ الشارقة (الإمارات العرية المتحدة)› ١٠ آب (أغسطس) ١۹۹ ه ستيفنسون (ريتشارد)» «نظرة على بداية العلاقة التجارية والقنصلية الأميركية مع سلطنة تمان (۳۲۳ - ١4)۸ في مجلة درابات الضليج رالهزيرة عدد ١١› السنة الثانية تموز/ ۱۹۷۷). ه فرغوت (أنطوان)» «الدين والعلمانية في أوروبا نے المعرتات بين المضارات المريية وال[وروبية» '(مؤتمر هامبورغ؛ نيسان/أيريل ۱۹۸۳)› الدار ١۹۸٠ ه المناب الجزء © رقم ۲۳ء ١۱۹۲› الخلافة الإسلاميةء صفحة ۱٦۳ - ۳۷۲. ه المتاب الجزء ١٠ رقم ٠6 ١۹۲٠ الإسلام وأصول الحكم صفحة ١٠٠ - ١٠٠. ه المناب الجزء ۳ رقم ١٠٠ ١۹۲٠ الإسلام وأصول الحكم؛ صفحة ٢٠۲ - ۷٠۲. المناب الجزء © رقم ٠۲ء ١۹۲٠› هيئة كبار العلماء في كتاب الإسلام وأصول الحكم صفحة ۲٦۳ - ۳۹۳. ه المناب الجزء ١٠ رقم ۲۳ء ١۹۲٠ الأحكام الشرعية المتعلقة بالخلافة الإسلاميةء صفحة ۹ - ٢٥V.‏ ١ . الدوريات الفرنسية ‎Auzoux (A.), «La France et Mascate, au XVIIle et XIVe siécles», Revue d'histoire‏ » diplomatique, 1910. » Heard-Bey (Frauke), «Le développement d’un Etat-Cité maritime dans le Golfe: ]’e- xemple de Dubayy», in La Péninsule arabique d'aujourd'hui, sous la direction de Paul Bonnenfant, Paris, C.N.R.S., 1982, tome Il. ۳۹ e Le Cour Grandmaison (C.), «Présentation du Sultanat d’Oman», in Péninsule arabi- que d'‘aujourd'hui, sous la direction de Paul Bonnenfant, Paris, C.N.R.S., 1982, tome II. e Miège (J.-L.), «Oman et Afrique centrale au XIXe siécle», in La Péninsule arabique d'aujourd'hui, sous la direction de Paul Bonnenfant, Paris, C.N.R.S., 1982, tome Il. » L'Oman et La France, quelques éléments d'histoire, Archives et documentation, Paris, Ministêre des Affaires Etrangêres, 1989. » Rouleau (Eric), «Oman ou la Révolution refoulée», Le Monde, 28 mai 1971. » Wilkinson (J.C.), «Changement et continuité en Oman», in La Péninsule arabique d'aujourd'hui, sous la dir. de Paul Bonnenfant, Paris, C.N.R.S., 1982, tome Il. e Journal officiel, in AfT. Etr., N.S. Mascate, vol. 33, £33. e Journal des Débats, in Aff. Etr. M.D/Afrique, vol. 149. e Journal des Débats, 20 nov. 1898. e Journal des Débats, 25 février 1899. e Le Monde du 24 janvier 1956. e Le Monde du 28 mai 1971. e Le Monde diplomatique, mars 1970. e Le Figaro, vendredi 7 février 1992. e Bathurst (R.D.), «Maritime trade and Imamate government: two principal themes in the history of Oman to 1728», in Hopwood (Derek), ed. et Alii, The Arabian Peninsual: Society and Politics, London, George Allen and Unwin, 1972. e Eickelman (Dale F.), «From theocracy to monarch: authority and legitimacy in inner Oman, 1935-1957», in International Journal of Middle East Studies, 17, 1985. «Religious Knowledge in Inner Oman», Journal of Oman Studies, 1983. «Religious tradition, economic domination and political le- gitimacy», in Revue de l’Occident musulman et de la Méditerranée, 29, Aix-en-Provence, 1980. e Kell (J.B.), «A prevalence of furies: tribes, politics and religion in Oman and Trucial Oman», in Hopwood (Derek), ed. et alii, The Arabian Peninsula: Society and Politics, London George Allen and Unwin, 1972. ۳۹۲ o Peterson (J.E.), «The revival of the Ibãîdi Imãîmate in Oman and the threat to Mus- cat, 1913-20», in Arabian Studies, YI], published for Middel East Centre, University of Cambridge, 1976. » Wilkinson (J.C.), «Bio-bibligraphical background to the crisis period in the Tbãdi Im- amate of Oman (end to th to end of 14th century)», Arabian studies, vol. Il, London, 1976. «The Julanda of Oman», in Journal of Oman Studies, 1975. «The Ibãdi Imêmat», in Bulletin of the School of Oriental and African Studies, XXXIX, London, 1976. «The Origins of the Oman State», in Hopwood (Derek), ed. et alii, The Arabian Peninsula: Society and Politics, London, George Allen and Unwin, 1972. e International Herald Tribune, 6 Feb. 1992. » The Times of 16 January 1956. ۸ء الوثائق الفرنسية ‎Archives du ministêre des Affaires Etrangères‏ ‎Aff. Etr‏ ‎e N.S. Mascate, vol. 1.‏ (Le Golfe Persique et les puissances, tome 1, 1891-1895) e N.S. Mascate, vol. 2. (Le Golfe Persique et les puissances. Dossier général, tome Il, 1895) e N.S. Mascate, vol.4. (Le Golfe Persique et les puissances. Dossier général, tome IV, 1899) e N. S. Mascate, vol. 5. (Le Golfe Persique et les puissances. Dossier général, tome V, 1900) e N. S. Mascate, vol. 6. (Le Golfe Persique et les puissances. Dossier général, tome VI, 1901) e N. S. Mascate, vol. 7. (Le Golfe Persique et les puissances. Dossier général, tome VIL, 1901-1902) e N.S. Mascate, vol. 8. (Le Golfe Persique et les puissances. Dossier général, tome VIII, 1902) ۳۹۳ » N.S. Mascate, vol.9. (Le Golfe Persique et les puissances. Dossier général, tome IX, 1903) e N.S. Mascate, vol. 10. (Le Golfe Persique et les puissances. Dossier général, tome X,` 1903-1904) e N. S. Mascate, vol. 11. (Le Golfe Persique et les puissances. Dossier général, tome XI, 1904-1905) e N. S. Mascate, vol. 14. (Le Golfe Persique et les puissances. Dossier général, tome XIV, 1908-1910) » N. S. Mascate, vol. 17. (Le Golfe Persique et les puissances. Démonstration navale franco-russe, 1902- 1903) e N. S. Mascate, vol. 18. (Consulat de France 1893-1905) e N.S. Mascate, vol. 20. (Trafic des armes. Dossier général, tome II, 1908-1910) e N. S. Mascate, vol. 22. (Trafic d’'armes. Dossier général, tome IV, 1912) e N. S. Mascate, vol. 23. (Trafic d’armes. Dossier général, tome V, 1913-1914) e N.S. Mascate, vol. 24. (Arbitrage franco-anglais, tome I, 1912) e N.S. Mascate, vol. 27. (Boutres frnacais, tome II, 1889-1900) » N. S. Mascate, vol. 30. (Contentieux franco-anglais, tome V, 1903) e N.S. Mascate, vol. 31. (Boutres francais, Contentieux franco-anglais, tome VI, 1903 - 1904) e N.S. Mascate, vol. 33. (Boutres francais, tome VIII, 1905) » N. S. Mascate, vol. 34. (Boutres francais, tome IX, 1905-1906) e N.S. Mascate, vol. 35. (Boutres francais, tome X, 1906-1916) e N.S. Mascate, vol. 36. (Affaires politiques générales, tome I, 1895-1898) e N.S. Mascate, vol. 37. (Affaires politiques générales, tome IT, 1901-1907) e N.S. Mascate, vol. 39. (Affaires politiques générales, tome IV, 1913-1918) e N.S. Mascate, vol. 4l. (Dépêt francais de charbon, tome II, 1899-1900) e N.S. Mascate, vol. 42. (Tome I11) » N. S. Mascate, vol.43. (Dépêt francais de charbon, tome IV, 1901-1918) e N.S. Mascate, vol. 45. (Boutres francais, Traite des Noirs, tome IL, 1897-1902) e N.S. Mascate, vol. 46. (Boutres francais, Traite des Noirs, tome III, 1899-1902) » N.S. Mascate, vol. 47. (Boutres francais, Traite des Noirs, tome IV, 1902-1914) Aff. Etr. e C.C.C. Zanzibar, vol. 1. e C.C.C. Zanzibar, vol. 3. (Correspendance commerciale, tome III, 1866-1874) e» C.C.C. Zanzibar, vol. 4. (Correspendance commerciale, tome IV, 1875-1880) e C.C.C. Zanzibar, vol. 6. (Correspendance commerciale, tome VI, 1883) e C.C.C. Zanzibar, vol. 9. (Correspendance commerciale, tome IX, 1890) Aff: Etr. e M.D. Afrique, vol. 149. (Mémoires et documents; tome II, 1842-1847) ۳\6 Aff: Etr. e» Asie 1918-1929, Golfe Persique, vol. 1. » Asie 1918-1929, Golfe Persique, vol. 2. » Asie 1918-1929, Golfe Persique, vol. 3. 4 . الوثائق الإنكيزية ‎Indian Office Records Files (I.O.R.)”)‏ » R/15/1/436 Muscat Rising, 1913. 25 April 1917. 26 Oct. 1920. » R/15/1/437 Muscat Omani Relations: renewal of 1920 Treaty. 4 April 1932 - 18 Oct. 1946. » R/15/2/626 Function and Powers of Council of State Muscat. 19 Feb. 1947 - 4 March 1947. » R/15/2/743 Middle East Services Cairo. Anglo-American Policy in the Middle East. 2 May 1944 - 22 June 1944. » R/15/6/36 Muscat précis. Printed narrative of Muscat affairs. Oct. 1869 - Dec. 1892. » R/15/6/46 Peace negotiation between Imam and Sulta. 14 June 1915 - 8 Nov. 1915. » R/15/6/50 Succession and Recognition of Sayyid Faysal. 18 June 1888 - 23 April 1890. » R/15/6/51 H.H. Sayyid Faysal’s proposed to abdicate in favour of Sayyid Taimur. 26 Oct. 1903. e R/15/6/52 Sultan’s abdication plan. 28 Dec. 1929 - 6 June 1932. » R/15/6/54 Abdication of Sayyid Taimur & succession of Sayyid Said 11 Nov. 1931 - 2 Feb. 1932. » R/15/6/216 Muscat State affairs. Sir Sayyid Sa‘id ibn Taimur: Position and personal- ity. Question of title and letter after Sultan’s names. 16 Aug. 1937 - 18 May 1946. » R/15/6/251 Sultan's relations with tribes: future development Trucial States and Cen- tral Oman. 12 Jan. 1951. » R/15/6/337 Muscat Administrative Reports and related correspondence. » R/15/6/161 Soviet Broadcasting in Near and Middel East. 16 March 1933 - 10 June 1933. The Oriental Section of the Britisch ‏مع‎ The India office Records ‏في عام ۱ء تم توحيد‎ Oriental and India Office Collections (O0.1.0.C) ‏فصب مها‎ Library ۳۹۹ » R/15/6/162 Anticommunist publicity policy. 21 May 1948 - 24 July 1948. » R/15/6/243 Shaikh Sultan Ibn Himyar of Jabal Akhdar. 5 June 1949. e IOR L/PS/9/50 Muscat 1869. » JOR L/PS/9/17 Muscat 1869. IOR: MSS. EUR. » D 510/1 Private Correspondence India, Part II, Curzon to Hamilton, vol. XIII. 4 Aug. 1898 - 5S Jan. 1899. » D 510/13 Private Correspondence India, Part I, Curzon to Hamilton, vol. XXIV. 1 Jan - 30 April 1903. » D 510/14 Private correspondence India, Part II, Curzon to Hamilton, vol. XXVI. 7 May - 15 Oct. 1903. e C. 126/5 Private Correspondence India, Hamilton to Curzon, vol. IV. 1903. Foreign Office Files (F O) 371 1955 General Correspondence: Political Department. Index. 114 561 Visit to Middle East by UK Representative. 114 564 Proposal to return Kuria Muria islands, ceded to Queen Victoria in 1854, to Sultan of Muscat. 114 575 Oil Concessions in Dhofar. 114 576 Annual Reviews for the P. Gulf and Trucial States for 1954. 114 577 Monthly Summaries of Events in P. Gulf. Dec. 1954 - Nov. 1955. 115 578 Situation among tribes & shaikhs of Muscat & Oman, involvement of Arab League in affairs of Oman: Saudi Arabian threat, and gun running opera- tions against Imam of Oman headquarters at Nazwa. 114 579 Ditto 114 580 114 581 114 582 114 583 114 584 114 585 ۳\۷ 114 586 Bahrain internal political situation. Demands for Constitutional and adminis- trative reforms following distrubances between Shia and Sunni Communities. 114 587 Ditto 114 588 Kuwait interna! political situation. 114 590 Views of Foreign Minister of Iraq on possible confederation of Persian Gulf States & membership of Arab League. 114 591 Communism in the Persian Gulf. 114 592 Report from Political Agent Dubai for 6th and 7th meetings of Trucial council. 114 594 Question of admittance of Persian Gulf States to Arab League. 114 596 Political relations between Egypt and the Trucial States: unauthorized visits. Egyptian Diplomats to Persian Gulf Islamic conferences at Mecca. Gulf Ru- lers discouraged from attending. 114 608 Burimi Arbitration Tribunal to establish frontier between Saudi Arabia and Abu Dhabi and Sovereignty over Buraimi area. 114 609 Ditto 114 610 — 114 611 _— س 612 114 114 613 _— ب 614 114 114 615 _— 114 16 _ س 617 114 114 618 _— 114 619 _— 114 620 114 621 _— 114 622 _— س 623 114 114 624 س 625 114 114 26 _— 114 627 _- 114 628 _- 114 629 _- ۴۳1۸ 114 630 114 631 — 114 632 _ 114 633 — 114 634 Saudi Arabia infraction of Buraimi: Arbia infraction of Buraimi: Arbitration Agreement. 114 635 Ditto 114 636 — 114 637 _ 114 638 _— 114 639 Conflicting claims to the Sea-bed, claims by Persia to Bahrain. 114 640 Claims by Persia to Abu Mussa & Tunbs and Bahrain, dispute between Kuwait Saudi Arabia over lands in the Neutral Zone. 114 64] Ditto 114 642 Negotiations between Sultan of Muscat and Pakistan for lease or sale of Gwader. 114 643 Ditto 114 646 Frontier between Sadi Arabia and Kuwait, Neutral Zone. 114 647 Claims by rulers of Qatar & Abu Dhabi to ownership of Island of Halul. 114 648 Land & Sea boundaries of Trucial Sheikhdome. 114 649 Sharja & Sultan dispute to three villages boundary. 114 707 Relation between Qatar petroleum company & government of Qatar, new agreement. 114 708 Kuwait oil company. Agreement between Ruler of Kuwait and Kuwait oil Co. 114 709 Ditto 114 710 — 114 711 114 712 114 713 Oil concessions in Persian Gulf States. 114 714 Operations of the Bahrain Petroleum company. 114 715 Political Agreement between UK and Petroleum Development Ltd. concerning the Exploration Agreement between the Company and the Ruler of Fujairah. 114 719 Brief on use of oil reserves for development in Persian Gulf. 114 746 Anti-British propaganda in Persian Gulf. ۳۹ 114 747 Anti-British propaganda in P. Gulf from Egypt. 317 1956 General Correspondence: Political Department. Index. 120 540 Persian Gulf: annual report for 1955. 120 541 Periodic politica! reports on Persian Gulf. 120 542 Internal politica] situation in Muscat & Oman. 120 543 Ditto 120 552 Internal political situation in Persian Gulf. Interstate relations, Confederation of Shaikhdoms. 120 553 Internal Political situation in Trucial States. 120 55S Call by Egypt for strikes and response from Persian Gulf States. 120 557 Security situation in Persian Gulf States. 120 558 Ditto 120 559 _- 120 560 Political relations between Persian Gulf States & other Arab countries. 120 561 Attitude of Egypt to Persian Gulf States. 120 565 Political relation between Iraq & Persian Gulf States. 120 567 Reaction of Persian Gulf States to U.K. policy towards Egypt & Israel. 120 571 Reappraisal of British policy in Persian Gulf States. 120 574 Attitude of Pakistan towards Persian Gulf States, Diplomatic Representation. 120 S75 Brief for talks in Washington between U.K. & U.S. on relation between countries in Arabian peninsula. 120 576 Oman & Arab League. 120 577 Negotiations between Saudi Arabia & U.K. over Buraimi. 120 578 Ditto 120 579 120 580 — 120 581 ‏س‎ ‎120 582 120 583 120 584 _— 120 585 _— 120 586 ‏س‎ ‎120 587 _— PVs 120 588 — 120 589 120 596 Negotiations between Pakistan & Sultan of Muscat over Gwader oil rights. 120 597 Ditto 120 617 British forces in Persian Gulf. 120 618 Ditto 120 619 _— 120 620 Persian Gulf Defence, Internal Security Schemes. 120 621 Ditto س 622 120 120 640 Radio and Tele in Persian Gulf. 120 647 Oil concessions in Muscat and Oman. 120 650 Oil interests of U.K. in Persian Gulf. 120 651 Oil interests of Arab League in Persian Gulf. 120 654 Oil surveys in the Gulf, particularly Muscat. 371 1957 General Correspondence. Political Department. Index. 126 869 Annual reports on territories in Persian Gulf. 126 871 Internal political situation in Persian Gulf. 126 872 Ditto س 873 126 Oman 1957 126 874 Internal political situation in Muscat and oman. 126 875 Ditto 126 76 126 77 126 878 126 879 126 880 126 881 — 126 882 126 883 ‏س‎ ۳۷۹ 884 885 886 887 888 889 ب 890 ك 891 892 898 Broadcaste in Arabic from Radio Cairo. 900 Internal political situation in T. States. 903 Press Comment in foreign press on political situation in Oman. 904 U.K. policy on future of Muscat and Oman. 908 Political relation between Muscat and Oman and Saudi Arabia. 910 Political relation between States in Persian Gulf and U.S. 919 Political relation between Muscat and Oman and U.K. 920 Ditto 923 Importance of States in Persian Gulf to future of Middle East. 924 Talks Between U.K. and U.S. on situation in Persian Gulf. 925 Dispute between S.A. and U.K. over Buraimi. 926 Ditto 928 Negotiations between Sultan of Muscat and Pakistan concerning Gwader oil rights. 929 Ditto 940 Guerilla warfare and sabotage in Persian Gulf. 941 Development plan for T. States. 942 Ditto س 943 951 Armed forces of U.K. in Persian Gulf. 956 Development of agriculture in T.S. 962 Anti-British propaganda in persian Gulf States. 969 Oil concessions in Muscat and Oman. 975 Mineral deposist in Muscat and Oman. 989 Sabotage in Persian Gulf. ۳V۲ 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 126 994 Security in persian Gulf. F O 371 1958 132 523 Periodic reports of events in persian Gulf. 132 524 Internal political situation in Muscat and Oman. 132 5 Ditto ب 6 132 ب 527 132 132 58 — 132 529 132 30 — 132 554 Press interview with Ruler of Sharjah. 132 563 Method of addressing mail to persian Gulf or Gulf of Arabia. 132 566 Development in Muscat. 132 597 Oil concessions and boundaries in Muscat and Oman. 132 601 Surrender of oil concessions in Persian Gulf. 132 605 Amendments to 1956 orders in council for Trucial States. Cabinet 128 Minuts. 129/60 Saudi Arabian frontier dispute 129/65 Persian Oil. 129/83 Bagdad Pact Organisation; Privileges and Immunities. 129/87 Persian Gulf. ۰٠ى ونانق الأمم المتحدة ‎e Rapport du comité spécial de l'Oman, Assemblée générale, Nations Unies, New York,‏ .1964-1965 ‎Oman, Ref. A/6700/Rev 1, N.Y. 1967 (ch. XII]).‏ - ‎Oman, Ref. S/7200/Rev 1, N.Y. 1968 (ch. XVII).‏ - ‎Oman, Ref. A/7623/Rev 1, N.Y. 1969 (ch. XIV).‏ - rv۳ 1« الطروحات ‎e Ennami (‘Amr Khalifah), Studies in Ibadism, thesis, University of Cambridge, 1971.‏ e Hamaidan (Ahmed), Le Mouvement national moderniste au Bahrein (1954-1980), thèse de doctarat, Université de Paris X, 1983. ۲ . مصادر اخری ‎e Aitchison (C.V.A.), Collection of treaties, engagements and sanads relating to India‏ ‎and neighbouring countries, Delhi, Manager of publications, vol. XI, 1933.‏ ‎e» Encyclopédie islamique, nouvelle édition, Paris, 1975, tome III.‏ » Glassé (C.), Dictionnaire encyclopédique de l'Islam, traduit et adapté de l'anglais par Yves Thoraval, Paris, Borads, 1991. Yt فهارس الكتاب فشرس أعلام الرجال ۶ إبن إباض (أنظر التميمي؛ عبدالله ابن إباض المرَيٍ). ابن يشر ١٤١٥۱. اين سعود ‏ ١٥١۱ء أيو بكر الصدذيق ‏ ١۱ء ۱۷ء ۹ ۲ء ٦۱. أبو جعفر المنصور ۸٠° ايو نبهان ١٦۱۳ أحمد سعد بن ۱۳۳ ۹١۱« 4 ١« ٤۹« 1 ۱۳۰ ‏سلطان بن‎ NEY EY ANV ANT o0 ۹ N۸ NEV A ‏۱١ ۲٥ ۳٥ل ٥ ٦٥«‎ ٤۹ ١٦ ٦١۱۱ ۲۰۳ ۳VYV أحمتد سيف بن ١۱۳۰ ۱۳۳› ١۳ ١٦۱. أحمدء علي بن ۱۰۹. أحمد قيس بن ١۱۳۲ ۱۳۷ ۳۸ أحمد, هلال بن ۱۳۲ الأزدي: عبدالله بن وهب الراسبى 5۳ء 5£ ٥٥. الأزدي يو جایر بن زید ١ 7 5۸ 5۹ ١1. . الأزدي الربيع بن ٤ 0۹. حبيبا الأزديء محمد بن عفان ٤٤. ابن الأزرق ‏ 1۳. الأزكاني. موسى بن ابي جابر ‏ ٤٤. الأزكويء سرحان بن سعيد ‏ ۳۸ء ۸۹ الأزكويء عبداللّه بن محمد بن زریقن ۲۷۸. الإسكندر المقدوني (الكبير) ٤04 إسماعيل ١4. إبن إسماعيل. محمد ١٠. الأشعري: ابو موسی ٤ إطفيش, إبراهيم ‏ ۳۱۷. إطفيش,ء محمد بن يوسف ‏ ۲۷۷. آغا محمد ١٤۱. نايلأ‎ أنس بن مالك ١. أوتائي ‏ ٤٤٦ ٤٢٤٦ء ٦٢٤۲ ٢٢٤۲ء ‎«oY «Xo No) N0. ۹‏ ۹ وزو ١٠٥۱. أوليفييه ‏ ١٤۱. أیزنهاور. دوایت ٢۳۲. اب باج ١۱۹. بادجر ٢٤۳٦ ٢۲۳. بازهاوك, عبد الرحمن ۳۳۰ ۳۳۱. بروغییر ١٤۱. بلعربء يعرب بن ۱۱۸ ۱۱۹› ‎AN‏ ‏بلعرب بن بلعرب ‏ ۱۱۲۳ء ۱۲۸ .۱۱۳ ۳۰ ۹ .۲۷۲ روفلب‎ بنجلي ۲۱. بوديري, شیفالییه ‏ البوسعيدي, أحمد بن سعيد ۸٠٠٠ ‎Y۳‏ ۲ ٢۲ ۲۷ ‎«N۲۸‏ ‎«N۳۳ ۳Y A۳ AW A۹‏ ٤۳ ١۳ ١N۳«‏ 0 ۱١« ۹ ۹۲ ۱۱۳ ۱ ١٦« ۰ مسقط) ‏ ١٥٠٥۱ ١٦۱٠. البوسعيدي. حبيب بن سالم ‏ ١۱۲۹. حمود بن سلطان ‏ ٢۲۷۹. محملذ ٤۱. البوسعيدي. سيف بن سلطان ‏ ۹٩۲۷ء - البوسعيدي. سيف بن سلیمان ۲۳۲. فيس ١٦۱. اللبوسعيدي. هلال بن سعید ‏ ۲۲۰. بوشان ‏ ١٤۱ ١٤٤۱. بوغل ‏ ١٤۱. PVA بونايرت, نابليون ‏ ٢۲ء × ١ ١ ١۱ ۸٤N«‏ ۹ ۲۸۸. بوندارفسكي ۳۷ ٦N ‎«NY‏ ‎YAY «YY «۸‏ بيليء لويس ٦ ۱۱ء ۱۳« ‎«۲V XY XYYY No NE‏ ‎«Y۴ YY XWe YY‏ ٣٥۳ ٦۳ء ‎.Y۳۷‏ ‏بین روبرت أرثر إدوارد ‏ ٢٤۲۸. ات تایلور ۸٦۱. تركيء فيصل بن ۹ء ٦۱۸« ‎YE YEN ۳۹ ۹‏ ٤W‏ ‎«Wo. NEA NEA NEN NEN‏ ‎«Woo «Xot Xo «XOY «X0‏ ۷ک ۸٥ک ۹٥ ‎«W1.‏ ‏۹ ۲ ۴۳ ٢٤٦ ٢٦ ‎«Vo N1۹ YA N N‏ ‎(YAS YAY XA XV‏ ٢۳ ا۳۳ ٢W‏ ٽرکيء محمد بن ‎S3831‏ ‏تشارليء روبرت ۹۸. أبو بلال مرداس بن عدية ‏ ١٤ ۷٥ ۸٥ ۹٥ ۱۸. التميمي., عبدالله بن إباض المريٌ ا4 ۷ ۸٥ ۹٥ ١ك ۲ء ۱۳. توکئیل ‏ ۱۳. برتان ‏ ۳۲۰۷. تیبت ‏ ۳۰۷. تيمورء سعيد بن ۹۹ ‎«۳.e‏ ‎WV Fe Foo Fek NY‏ ‎۳Y۹ Yo FA ۹‏ .۳ ‎۳۳A YY YW)‏ ۹ء ٢٢٤۳. ت ثوينيء حميد بن ٢٤٢٤۲. ثويني, سالم بن ٤٠۱٦ ٦ء ۲۱۷. ثويني: ناصر بن ٢۲۲. الجبري ۲۲۳. جفیر محمد بن ١٦۱۰. الجلندى (ابن) ‏ ٢۳. الجلندىء سعيد بن عباد بن عبد بن ٢٤ الجلثدىء سليمان بن عباد بن عبد بن 1 الجلندىء عبد بن الجلندى بن مسعود دل ۳٣٤« ۸ک ۸۸ء جواء دوم ۱. .۲۱۱ تناریج‎ .۲۸۷ هینیج‎ الحارثيء صالح بن علي ‎«Ye N1۹ YN NNT NE‏ ‎.YVYV «X8٦ Y0 YY‏ الحارٹيء صالح بن عیسی ‏ ٢٦۳۲؛ عبدالله بن حمد ‏ الحارٹيء عيسى بن صالح ‏ ‎«YY Y4 ۸O NAL NAY‏ ۳ ۹ ۹ ٦۹ ٢۳« ۹ء ٢۳۲. الحبسي: راشد بن خمیس ‏ ۱۱۳. الحجاج بن يوسف ۳۹› الحسن بن علي بن أبي طالب ٥٠. حسّونة. عبدالخالق ‎.۳۲o‏ ‏الحسين بن علي بن أبي طالب ١۱٠. حمید, عبدالله بن ۷۷. ج خان مهدي علي خان ميرزا محمد تقي الخروصيء سالم بن راشد ‎«YAS YY YY‏ ‎TEY Flo FeV NAY ۹N‏ الخلافي. علي ١٩ خلفان. سليمان بن ٥ . خلفان. ماجد بن خليفة, حمد بن الخليليء سعيد بن خلفان ‎YY NY N NN‏ ٤ ٢۳« ۲. الخليليء محمد بن سعيد الخليلي, محمد بن عبدالله ‎FEA PTY NY Y۹‏ خميس أبو الحسن بن ٦ ۷ ۱. 1 1۸ «۹۰ ۰ ۳١١« ۷ا١١ ۱. 11 «۸ «Y۳۳ «YVT Yo ۳۳ «۲۲ 9 دلکاسیه ‏ ۸٢٥۲ء ۲٦۲. دنکان دو ألبوكرك, الفونسو ‎.YoA «NANA «\ YY‏ دو ألمیداء (دوم) فرانشیسکو ۷١ ۱. ۷۲ ۹« .۳ ۴۸A دو باروسء جواو ‏ ۹۲ء ٥۹. دو يوا ١۱. دو بورغء (دوم) ميرودو دو ريبينغ. هربرت دو سوياك ١٤۱٠ ١٤۱. دوغلاس دوکان دو کودراي. (الکونت) دو هيبل ١٤۱۹. دو نغي ٤۲. دي غاماء فاسکو .۹۳ ٤١ . .۳۹ ۷ا٢۲. ٩ ۷١١۱. ١۱. «۹۳ ‏۹۱ء‎ AA دیسبروء هیربرت ۲۱۱ ۷ء ۲۳۲ دیستان ١٤۱. ا رادجي رام شاندار رحمةء. حسن بن ۷۱ ۷۳ رحمة بن مطر الفارسي رضاء رشید ٦۱ ۱۹ء ۳۰۷. رنکس الرواحي, عبد العزيز روبان» موريس ٩ روبرتس ‏ ١٤۱۹. ۱۷. ۳۳ ١۱۹« ۲۸۱. ٢۲. روزیلي ١۱. روس روسل ٢۲۰. روسو (القنصل الفرنسي) ١ ۱. ۷ء ٢۲۳۸ء ‎Y۹‏ ‏١ روسوء جان جاك ۳ ر فلاح) ‎Y۳‏ ‏زریق» (ابن) زعلء محمد بن هزاع بن ۹ ٢۲۳. ۱١. اس ‎L253‏ سالسبوري ‎XVE VF NY‏ سالم محمد بن ٢۲۰. عبداللّه بن حميد ‎A AY AY AA‏ ٤١« ۱۸ء ۳۹« ٦١ء ٥« ‎«Y۳‏ ‏۹. ‏السالمي: محمد بن عبدالله ٦٢۲« ‎F۹ FV NAY V۹‏ السالميء نورالدين بن عبدالله ٢٤۲ ۲۷۱ ۷۷ ۸۲ السديري ٢۲ سرغون سعد بن سلمة سعید اشا ۱۸۸. سعیدء برغش بن ۲۱۲ ۹. سعید تركي بن ١۱۸٠ ‎«YY XY YY N8‏ ‎FA NA NY NPY No‏ TEY YAS eYAY (YEY ۱۹۹ ‏سعید, ٹويني بن‎ «YN Yoo Ne NY «Yo NXE X۳ ۲ ‏۱١‎ ‎.۲ ‏۷٧‎ سعید, حمد بن ۱۳۲۱ ۱۳۷. سعيد خالد بن ۹ ۰٠۰« 1 سعیدء خمیس بن ۱۰۹. سعيید, بن ۲۰۱ ‎YY N No Nek Nae‏ ۹ء ٢۳ء ۲۳۸ سلطان, بلعرب بن ۱٦۷ ۱۱۳ ٤ ‎NV‏ ۳۳۹ (اليعربى) ۹ ۰ ١٠۱« ۱ ۲ء ۱۳ ۸۹ء ١۱۹. سلطان بن سيف الثاني ١٦۱٠٠ ۷. سلطان, سالم بن ١٥١۱ ۰٠٢۲ سعید بن ١٥٥۱ ٦١١۱› ‎VT Vs oy‏ ۹۰ء ١۱۹۱« ۹۲ ۹۳ ۹۹ ۱۹۷ ۹۹« ‎Y۳ N N NN Ne‏ سلطان, (الأول) سيف بن ١٠٠› ٦.. سلطان, (الثاني) سيف بن ١٤۱٠ء ۹٦ ٤۲ء ۲۸ ۰ ۱۹. الثاني ۹ ١۲ء ۲۱ ‎«N۲۲‏ ‏۳ ١۲ ۱۲۸. سلطان, ماجد بن ١۱۲. سلطان, مهنا بن ۸١۱۱ء ۱۱۹. سلیمان (الكبير) ٦٩. السمائلي: سالم بن حمود بن شامس السيابي ‏ ٤٤. سمیث ‏ ۱۱۷ ٦۱۷. سور کعب بن السيّابي› أحمد بن سعود ۹ السيّابي: سالم بن حمود ‏ ١۱۳. سيف الدين ٤ . PAY A اس ۰٥٠ ١١۱. شارل الثاني ۱۰۳٠. محمد إدريس بن عباس ۳۹. شخبوطء بن ذيان ‏ ۱۷۱. الشرهان. (الدكتور) علي ¶. الشريف حسين ‏ ۲۸۸. الشريفء عمر الشقصيء خميس بن سعيد الشماخى, أحمد بن سعيد الشهرستاني: محمد بن عبد الكريم ۹ ٦. ص صاحب» تيبو ۱۳۲ ١٤۱ ۸٤۱. ٤ عباس الأول (الشاه) ۹ء ١١۱. «۹۸ ۷ عبداللهء محمد مين ٢۳۲. عيد الملك بن مروان ‏ ٤٤ ۷٥ ٩٥٥› ۱ ۲ ۱۳. عيد الوهاب, محمد بن عید ٥ء محمد ۷. عثمان بن عفان ۲آ ۷ ٦ء ٦ ا ۲ص ۷ى عدي بن سلیمان ۱۱۸ ۱۱۹ ۰ سلطان بن أي ١٠٠. العرب, مالك بن أي ١٠٠. غُریقء ابن ١۱۲۹ عزان» حمود بن ٢٤٢٤۲. عزَانء سعود بن ٢٤٢۲. عزان» قیس بن ۲۱۲ ۲۱۳. عزیزء راشد بن ۳۲۰۳. عطیشان, ترکي بن ۳۱۱. العقات صلاح ١۳ ١٤ء .۱۷۸ ‎O4 Y۳‏ 005 1٦ ۳« ٤ ‎o۲ ‏ا١‎ 4 ‏عليء حسن بن ۱۷۳. علي رشید ‏ ٢٥٠۲. ‏عليء زیر بن ۳۰۳ عليء سیف بن ۲۳۳. عليء صالح بن ٢٤٢٤۲. علي مالك بن ۹۰. ‏عليء محمد بن ۱۲۳. ‏عمر بن الخطاب ۱١ ۱۹ء ۳۹« ‏۲ء ٦ ۹ء ۷۳. ‎AY عمرء محسن بن ٢٤٢٤۲. عمران. علي عمرو بن العاص .۳ العميري. مانع بن سنان عنون, علي ٩ عیسیء صقر بن عیسی بن مريم (المسيح) ‏ ۳۸ ۳۹ء 0%« ٦ ۱. .۱ ۸ ۰ ع الغاربيء محمد بن سليم ٠۲. ٦« غاردیه:ء لويس 1 الغافري: محمد بن ناصر ۲۱ ۲۲ء ۱۲ء ١« غانم. لیليان ۹. غباش» سماح غانم ۹. غرانت ‏ ٢٤۲۷. غیان ٥. ف فاطمة بنت محمد فاغان ‏ ٢٢٥۲. قالدالا فریستال فيصل تيمرربن ۱٢١ . ٦. ۷٦٢۲« ۹« ۸۰« ۱٢۲۸« ٢۸٢« ‎NAS YAY‏ ۹ ۹ ۹۲« ‎۹Y‏ ۹ ۹ ٦۹ ۹۷« ‎FoF F٦ Fo) ۹۹ X۹۸‏ ‎YN FN FT Foo Neg‏ ٢٢۲. فيصل عبدالله بن ٢٠۲. فیصل, نادر بن ۳۰۳. فیکتور - إیمانویل ‏ فیکتوریا ٦٩.. ق قابوس ين سعيد ۲۸ء ۰٢۲ قاسم الكبير ١٠۱٠. القاسمي. حسيرن بن على ١٦۱۱. القاسمىء. سلطان بن صقر ١١١› ۹ء ۷۲ء ۱۷۸. ۱ لقاسمى: سلطان بن محملذ ۱۹. القاسميء صقر بن راشد ١٥ القلهاتي. محمد بن سعیيد الازدي ا ‎o4 o۳ o۲‏ ۳A فقيس, إبراهيم بن ۲۰٢۲ء ۲۲۳؛ ٢۳ ‎YY Y۴‏ قفیيس, عران بن ۸٩٦ ٢٤۷ ٢۷ ‎XN XN ۸0‏ ‎YY XYY NYY NY Y۹‏ ‎«YYA «YYN XY NYo NYE‏ ‎۳o NY XY Ne NYA‏ ‎YN YEY XEYN NPV NW‏ ‎«YVY «XV XV NEN No‏ ‎۷A۸‏ ۹۲ء )٤T‏ ك کاجار ١٤۱ ۱۹۳ ۰٠۲۰ ٦۰ ٢٦٢۲. كاشف, سيدة ٢٦۳. كافئفانيكك ١٠١١ ١٠١٠٠ ١ ۱. كامبون ٢۲٦۲ء ۳٦۲ کاننغ ‏ ۲۰۰ ۹٢۲۲۹. كريمةء بو عبيدة مسلم بن ابي ۱٤ ‎OAV oY 4‏ الكنديء سعيد بن أحمد ١۱۳٠ ۳ء ‎T۰۷‏ ‏کورزون ‏ ٢٢٤۲ء ٢٥٦ ٢٢٦› ‎«YoY «Xo 1 Xoo Xot «XoY‏ VV YY (YVY «Xe كوغلان ‏ ٢۲۰. کوکس ‏ ۱۲٦۲ء ٢٥٦۲ء ٢٦۱٦۲ ٢۲۸. ماك ۲۹۲. كير ١۱۷۱ء ۱۱۷۲ء ۱۷۳. کكکيیلي ج.ب ‎«۳Y YF Y۸‏ ‎«W1 ۹۹ ۹V N۹ ce‏ ۳٢ ٤ ‎.YV‏ ل لافيت ١١۱. لاندن» ر.ج. ٥ ٦۰ء ۱۷« .YVo YN YY «Y\۸A لوریمر ج.ج ۲۸ ١۱۳ ۲۱۳ ‎«YA NYT NYE NYY «X۹‏ ‎.Y۸A\ «YY YoY YY‏ لو کوتور ‏ ۸۷٨۲ء ۲۹۰. لوکور غرانمیزون ١۱۱ ١١۱۱ء ١١۱۱ء ۹ء لويس الخامس عشر ١۳٠١٠. لويس الرابع ١۱۰٠ء ١٠۱٠. لويس السادس عشر ١٤ ۱٠. م ماجدء أحمد بن ۱. ماغالون ۰٥٥ ١٥١١۱ ١١۱٠. مالك بن فهم مالك الحواري بن ١٠٠. مالك الصلت بن £44 4° ۷٤ء ‎TY NAY NAY c۹‏ مالكولم. جون ‏ ۸١٤۱ء ١٤۱. اللمالكي, عامر بن خميس بن مسعود ‏ ۸٢۲۷ء ٢۲۸۲ء ۲۹۲. مانويل الأول ۹۲ء ۹۳. مایلز ٢۳ ٦۳ء ۱۰۷ ۱۲۳. ميارك خلف بن ١۱۲۰. محمد أحمد بن 4۰ ۱١ ۹« 331 محمد بن عبداللّه (ص) ۸ ۳۹ ا ۲٥ ۹۱« ۹ ١۱۳ ٢۲۹. محمد علي (الكبير) ‏ ١۹١۱. محمد, ناصر بن ۱۳۱. محمد نجم بن ۲۳۳. المزروعي: محمد بن عثمان مسلم أبو عبيدة ‏ ۳٥. مطلق, عبدالعزيز بن ۲۱۳. المطيري. مطلق ۰٤ ١٦۱. معاوية بن أبي سفيان ٤٤ء ٠۰ ۲٥ ٤ ٥ ١ ٦. المنذرء البشير بن 4£. .۲۹ المهلب بن أبي صفرة ‏ ۳۹ء ١٤ء آ٤٤. مورفي ‏ ٢۲۷۹. موسی بن موسی ‏ ٤٤ء مونتسڪيو ١٤۱. مید ٢٢۲ ٢٢٢۲ ٢٢۲ ۷٢ ۹٢۲. ميلوء جون دومنيك ۹. ن ١١۱۰ء ۱۲۲ ۱۲۳› ۹٤ ١۱۲. ٠ . ۹ء .Y۸o YAEL ۳٢۳ .۲۲ «۲۷۷ سعيد بن ناصرء محمد بن حمد بن الثبهاني: سلیمان بن حمير ۲٢۲« ٦٩« ٥۳« ٢٢ء توح (البي) ‏ ۳۷. نوري السعيد ٤ا۳ نوفل سید «۲۱ «۳۹ ۷١ ۱. ٦۳۸ نویل هاليداي. فرید ‏ ۳۳۹. هماملتونء جورح ٤ ٢٥۲ ۰٦۲. آ٥٢ ۳٢٢« هايء روبرت ۱١۲۱ء هاید هرتزل ٢٤ ۲۷. الهلالي. عاي بن قطان الهلالي. ناصر بن قطان همرشولدء داغ ‏ الهنائي. طالب بن علي ۹ ٢۳۲. الهنائي. غالب ين علي ٤ ١۳ ٦۳۱ ۳۱۹« ‎E YF SPY Ys‏ ٦۲. ۱۸ ٥۳« A1 «۳۹ ‏٥۳۳«‎ الهناوي. خلفان بن محمد هوارٹ هوایت هود (البي) ‏ ٢٦۳. ١٦۱. ۹ء ٢٦٢۳۰ ٢٦٢ ۲. و واي ٢۲۳۲ء ۲۳۳ ٢٤۲۳ء ۷۳۷. ولكنسون 1٦۲۱ء ۲۱۸ ٢۲۳؛› ۳۷ء ٦۷ء ‎.Y۹۸‏ ‏ویب ١۲۱۱. ويلسلي آ٦ ۷٤۱. ويلسون ٦۳ء ۹۳ء ٤۹ء ١۸٤ ۱. ویتغیت ٢٥۲۷ء ۲۹۹۱ء ۲۹۲› ‎Y۳‏ ۹ ۹ ٦۹ء ۹۷ ‎W1 F۲ Fe ۹۹ ۹۸‏ ۳ ۳۲۳ ٦Y‏ ي اليحمدي, عمر بن الخطاب ٢٢۲۲ء يزيد بن معاوية بن أيي سفیان ١٦. عرب اليعربيء سلطان بن مرشد ۲۳ ۱. اليعربي. ناصر بن ٤٤٠ ٥۷› ‎۸A‏ ٥ 1٦۰ ۰۷ ١ا« ۳ ۱۹ ۱۹ء ۲۰ء ١۱۹« .۲Vo YY ‏۰٢‎ PAY فشرس الشعوب والجماعات والقبائل ‏ الإباضية ٥ ۷ ۸ء ۹٢« ۳ ٤ ٥ ٦٤ء ۲ص ۳ص ٥ 0۷« ۱ ۲ ۳ ١٤۹ ‎AY‏ ۸ 1۹ء ‎«V۰‏ ‎YA NY NT NO‏ ‎AA AO AE‏ ۹71« ۷ ١۱ء ‎«N۱۳‏ ‏۹٦ ۱۷ء ‎«N۲۲‏ ‏۳۲ ۳ء ١۳« ۳۸ ٥ ١۸« ۸ ۹۰ ۰۹« ٦ء ۱۸ء ۱۹« ٢۲۲ ۲۳ ٢۲ں« ‎YEY XY NYE‏ ا ١ ۳ ۰ ۱ء ‎Y۲‏ ا ٢ئ ‎«O0 4۸ Y۷‏ ۸ 5۹ ۰« ٦ء 1٦1 ‎«V۴ NY N‏ ‎CAY A)‏ ٥ ٦١١« ٤ا ١٠« ۷ ۱۲۹« ۹ ۳۷« ۲ ١٥۱۸« ۱ء ۱۲« ٢۲« ‎«۳Y Y۸‏ ٥٤ ٦۷« ۳A۹ Y4 YAY YAY MF FeV Fo NA N۹N TEY FEN FFA Yo YY TEY PEA FEY FET Eo .۸۸ ‏الأتراك 8۸ ١5› 5٥۹ 1٦۹‎ ‏الأحباش‎ الأزارقة (قبائل) ‏ ۳۹ 4ء °۷› 4۹ ۲ ۳ء 11. الأزد (قبائل) ‏ ۳۷ ۳۸ ١٤ء ٩٤ء الأشوريون ٢ء الأمريكيون ١٤۹١ ١1٦۲ء ۲٠۳۱ء ‎Yo FYE YF YN NY‏ الأمويون ۳۹ ١٤ء 7٤ء 4۳ء ٤٤ء ۲ ۳ ٢ ۷٤۳ الأنصار 5۳ء ١1. c1. CAA CAS cA ‏الإتكليز ۸ ۹۹ء ۰۰ل ا۰« البريطانيون‎ «N۳۸ NMA MANY ANY NEE AEN Not No «o01 NEA NEN NET NEE A10 Non Nos NEY No «۱۹۹ ‏٤ ٦ ۹۹ ۸ء‎ ANT AVON NV ۹ NVE NYY AVY AVY Ve AE N۴ AY NAY AVA «NAV eANNVN NNT NXE YY TY YANN NeY AAY «VY ۹۹ NA NAV ANT No E۹ NET NEY CYA «Y۲ ۱۱ ‏ا‎ N۹ Nee NN NN Ne Xo Noy NYE XYYY YANA NNE YAO YAS CNA YAY XVE ‏ا۹ ۹ ٥۹ ٢۲ ٢۳ ٥٤ک ۲٥ل ٦٢«‎ ۹4e «Y۹ ۸ N Y8 YN FY ee NAS YA ۹۹ YT XVE XY eXVY FANT N۴ FN FeV so YAN NAO NAE XAT NM PPF PY YY A Wt F۴ ‏أهل الدعوة(أتظرأيضاً 6۹۳ 5۹۸ ٢‎ PN PAY FN Fe o ‏الإباضية) ١4 ۷٥ ۸٥ ٩0.‎ ۳۱۸ PNY FN 10 ‏٤‎ ‎«۳YA «YT FYE FY FY) ۳۳۸ ‏۹ء‎ اب البلوش البرتغاليون ‏ 6°› £ 4°› البوسعيدي (قبائل) ۰ ١« ‎ANY ANF NTN AN Ae AY Ae AA (AE chY‏ YA Y۹ YY ۹۹ ۹۷ ‏1٦۹‎ ۹ AE A AY ا ‎N ۴ A‏ بوعلي (قبائل) ‏ ١۱۲۱ء ١٥٥۱ ‎NPN NYT YY YN AVY le No۹4 N 1 0‏ ۱ ۲ ل ۷٤۱ ۷٦۱ بو فلاسا (تبائل) ‏ ۳١۱. .۲۱۳ ةبيهو ‏بو‎ YA CNA CAA CAY AY الأوروبيون ‏ ٦۹ء ١۷٠ ١۱۷١› ۱۹۸. ۴۹4۰ ات التميمية (تبائل) ١۱. ج جتب (تبائل بني...) ١٤٥٠ ۲۳۱. الجزائريون ٤۸ء ۳۱۷. الجلندة (قبائل) ‏ ۳۸ء ۲۳۷. جماعة المسلمين (أنظر أهل الدعوة). الجنوب العربية (القبائل) ‏ ۳۷. ح الحرث (قبائل) ‏ ۸١۱۸ء ١0۱۲ء ۲ ۲ ٢۲ء حمیر (قبائل) ٢۲۸. ج الخروصي (قبائل) الخوارج ۹ ۰ ا ‎oY‏ ‎O ۳‏ 05 ٦o‏ ۷٥ ۳ ١1٦« ٦. ‏ر ‏الستمية (الدولة. ‏ ۳٤. رواحة (قبائل بني...). ‏ ١۱۲. الروس ٢۲۷. ريام (قبائل بني...). ‏ ١۱۲. ‏اس ‏سعد (آل) ‏ ۲۱۲ ۲۲۰. السعوديون ١١٠› ۳۱۳› ‎TY Yo YE‏ الشنّة ا٥ ٦م ۷م ١6 ١ك ۷۳ ۹ ۲ ١٦ . السواحلي (العرق) ‏ ١۹٠. السود ۲۸۲. السومريون ‏ ٦۳. ‏ا ‏الشحوح ١٦۱. ‏الشراة (أنظر أيضاً المُحَكّمة والخوارج) ‏ ١٠. ‏الشوافعم ١٦٠. ‎٥O٦6‎ ›©°5 ‏الشيعة 46ء ١©‎ ATA NT e SE ‏ص ‏الصفويون ٦۹ء ۹۷. الصليبيون 0.۱۸۹ ‏ظط ‏الظواهر (تبائل) ‏ ١١٠. ‏ع ‏عاد (شعب) ‎۳۹۱ Nol NEY NSA XY NYE O NAA العباسيون 4۳ 44 4°› ۳ «Y۲ ‏٦ ا۹ء‎ o۸ ۸ NV N NN N NE oN do, n YAY YAY XW SVT Vo ‏مدوب نل‎ YY XAV NAT YAO YAT NEY AV A ‏العثمانيون ٥۹‎ ٠ ۹۳ ۹ ٢۹ ٦۹ء ۹۷ PNY Fle Poh PoNV YA ‏عدنان (قبائل) ۹١۔‎ ۹ FA FAN Plo PE ANY 4Y AAS CAA ‏اللعرب‎ Y۹ YA YY FY Ye AVS AVA NYY Ve ‏٤«‎ ‎te PA PT FE FY So No۸ NPT NY Ms PE Pte FEF PEY E PTY PT YAY XVE e E۹4 EA .۳۷ ناطحق ‏عرب‎ عزان (قبائل) ‏ ۲۷. ۱ العُمانيون ١۱ ١۱ ۰٠ ٢۳› ٤ ۷ا ۸ ۹ ٤ ۷ ۲ک ۸۹ الغافرية (قبائل) ‏ ١۱۲۲ء ‎Y۴ Ae A4 AeA Ae AY‏ ۴۳ ١۳ ٦ ١۹« ‎AY A‏ ١ ٥ ‎AVY A4 ۴ AY A1‏ 10« ‎YY NPY NPN XY YYY AY AYY AYY ANA ANAY‏ ‎T۹ AE YVAN AE AYY AYE‏ ٦۳ ۳۹ ١ ۳ ١٤ ۰٥ ا ١٥ ١١ ف ۸۹ ۸£ ‏۷ا ٥ ۲ ۷ ١۷ الفرس ۹٦۳ ۳۷ء ۳۸ء‎ ‏۹۹ء ٠«‎ ۹۸ ۹1 ۹0 E ۹ AS NAA cNAY ANV N۱۷ ‏١۱‎ ۰۹ 8 e۴ Nol AA AT AA A۹ «N۲۸ ‏٤۲ ١۲‎ ۲۴ ۳ YA NNN X10 NI۴ XY) ۱۹۹ ۱۲ ۹ ۲V NYT NYo NYE NYY ۳۹۲ ۳ ٤ ١۱« الفرنسيون ‎NEA Mtoe MELE AMEY‏ ۰ ا ٦ ١۹۱ ‎N۹۸ ۹ ۹۳ ۹۲‏ ‎YE4۹ NY XYo NY‏ ۳٢ ٥ک ٦٢٥ ۷٢٢« ‎YY N ۰ ۹‏ ‎TN NA N NE‏ ‎PT Pee YANA CYAY‏ الفلسطينيون ‏ الفينيقيون ق قریش ٤٦۰ ١٦› ١1. القواسم (قبائل) ‏ ۱۳۳٠ء ۰ ۰٦ ۱۹۱ ۹۲ 8 ٦ ۹ ۷ ‎«NYY «VY NV ۹‏ ‎NAY «V۹ NYY o‏ قيس (قبائل) ۲۱۸. ك كعب (قبائل بني...) ‏ ١٤٥۱. الكوشانة ٦۳. ۴ مازن (قبائل) ‏ ۳۸. ۹٤ء ۹ء ‎«Y۳‏ ‏آ٢۲« ‏۸٢٥« ‏۳« ‏۲۷۱« ۱۳« ۳١۱« ۸ء ۳« المالكية ال مُحَكُمَة(أنتظرأيضاً الخوارج) ‏ 40 O۲٥‏ ۳م دە ۷ ٩ المزروعي (آل) ‏ ١۳ء ١۹ء ١۱۹. المسلمون ۳۸ ٤۷ ١٥٠ ۲۸۰. معان (قبائل) ١٤۱. المعاول (بائل) ‏ ١۱۲۳. المغول ‏ ۸۸؛ ١۹. المهاجرون ١1. ن النبهانيون (آل نبهان) ‏ 4° ۷ک ‎AA‏ 0 ۸ 1 النجدات (قبائل) ‏ النعيم (تبائل) ١٥١١ ١٦١ ۲۳ء ٥ الهابسبورغ ١٠٠. الهناوية (قبائل) ‏ ۱۲۳› ‎ANY AF AY Ae A‏ ‎VY NEE NPY NPY NYY‏ ‎۷A۸‏ ٤ ۹۰ء ‏الهندو - أوروبيون ٦۳. الهنود ٢۳ ۹۲ ١١١ ١۷ ‎XV XY XNA NAY‏ ٦N«‏ ‎«VY «No4 No۸ No N۹‏ ‎.Y۸o «YAS YAY‏ الهولنديون ٤۸ء ۹۸ء ‎TW NEA NEV Ne e‏ الهولة (بائل) ‏ ۱۲۳. الوهمابيون ٤۸ء ۳٢ ٥ ٥ ۱۹ ۱۱۲« ٤۹ ۹ ۱۹۹ ۹۸ء ۹٦۱« ۹۹ ۱۳ء ١٤۱ ٥۱ ۲۱« ‎«W۳. NYN NYT NYE NYY‏ 4 ۱ء ۳۹ء ۳۱۳ ۳۹4 9 ي پاس (قبائل بني...) ۳ ۷۷ء ٢٤٢۲ء اليحمدي (قبائل) ۹۰ ۸ ١٦۹« نوينميلا‎ اليعاربة ‏ ٦۲ء ۳۷ء ۸٤ء ٦۷ء ٤۸ ‎N‏ ۰ ۰ل ۰۸ ۰۹« ۱ ١۱ ۱ ۱۱۹ ۱۷ ۲۱ ۲۳ ٥۲ ۲۷ء ١۳« ‎NAY NAY AY A A)‏ ٠٨ ٢ ۳. فشرس المناطق والبلدان والسصدن ‏ ۳۱ ‏أبو ظبي ٤٦٤ ٢٤۲۲‎ PNY PN Pe NAY الاتحاد السوفييتي (أنظر روسيا). أثیوبیا أجمير الأحقاف (منطقة) .Y۸Ae ‏أزكي‎ إسبانيا ۹۲ء ٥۹ء ١١۱. .۲۸۸ لوبنتسا‎ الإسكندرونة ٢٢٤۲. آسيیا ۳۹ ۱۲۸ ١٤١٤۱ ۱۹۲ ۰ شرق آسیا ٦۲ء ۲۷ء ١١٤۱ء ۲۷۲؛› ٤. إفريقيا ۳۹ء ۸۱ء ۹۳ء ١۱۱۲ء ‎«۸Y NAO NYE «NYA «o‏ «۹۳ ‏۹۲ء‎ ۱۹۱ ۹۰ ۹ Y۸ Not No Ne Nae «YA XT XWE XY .۲۷ ‏۹ء ٢٤‎ ۷ إفريقيا الشرقية ‏ ٦۲ء ۳٤ء ۸۳ء ‎AE‏ ۹ ٥۰ل ١۱ء ١۱ء ١۱« ‎«NAA ANAN AVY A۹ A)‏ Y۲ ۹۷ ۹۱ ۹ ۸۹ ›۷۰ ‏إفريقيا الشمالية ١4ء ۸٥ء‎ YY NY AE cAY .۳۳۰ ‏أفغانستان‎ ‎.۲۸۸ ‏ألمائيا‎ الإمارات العربية المتحدة أم القيوين ‏ ١۱۷۲ء ۱۷۸. أمريكا اللاتينية ٠۸. ۳ أمستردام ۸۹ الأمم المتحدة ‏ ۹۷ء ۲١۳۱ء ۸٠۳۱ء ‎«Ww «۳۹‏ ۱٢۳۲« ٢۳۲« ‎re FY Fe YA Yo‏ ٢۲. ‏أندونيسيا ‏ ۹۸ء ١۰٠۱ء ۳۲۲. إنكلترا أنظر بريطانيا. ‏أورويا الشرقية ‏ ۳۲۰. ‏أورويا الغفربية ١6 16۰0ء ۸۷ء ‎۹Y AY ۹ AA‏ ا ‎«N0۳‏ ‎TFTA TAY .۳۲۰ ايلارتسوأ‎ ‏إيران‎ ‏إيرلندا‎ ‏۲٦۱ ٤۷ء ٤T۲‏ ۲۳ء ۰٣۳ ‏اب ‏باب المندب ۳٩۹. بابل ٢۲. باتا ‏ ۱۱۲ ۱۳۱. ‎JEP ANAT AA MEE‏ ۳۱ ‏باریس ‎AR‏ 0 ۳۰«( ‏الياطنة ‏باکستان ‏البحر الأحمر ‏٤. ‏۲ء ۲۲۰. آ٤ ۳۱۱. ۸۸ ۹۱ ۹۳« ‏بحر العرب ۳۲ ‎N۱۲‏ ‏البحر المتوسط (حوض) ‏۸ء ١۰ ‏٢٥۳« ‏البحرين ٤ ٥ ۹۳ ۹۸« ‏۷ ا١« ‎«Yo. ۹۹ ۸۸ ‎TYE NA PNY ‏بدید (حصن) ‏ ۲۸۳. ‎.۳۳۰ ليزاربلا‎ ‎.۱۸۸ اًارب‎ ‏البرتغال ‏ ۹57 ۹۳ء ۹4ء ۹۸ء ‎T۳۹ ۸۹ e۳ ‏برکا ١٤۱۲ ١۱۲ ۱۳۳ ۳۸ ۳٢۲ ‏بروکسل ‏ ٦۲۱. ‎›۹۹ ‏۸٤ء ٩٤ء ۹۷ء‎ ایئناطیرب‎ NY AYY Me «N٤١ ‏٤‎ ۳۹ ۳۷V AY N٤۸‎ ۷ ‏٥ ۹١‎ NY ‏۰٥ل ا٥ل ١٥ ٦١١«‎ ۹ «۱۹۱۷ ‏۸٥ل ۹٥ل ۹۹ء‎ ۷ «NYY «VY Ve A1۹ ۸ «NYY ANV Vo AVE ANY «NAT «NAO NAY «NV AVA «N۹۸ ۹۷ ۹۹ ‏آ۹ ۹۳ء‎ «Y۳ ‏۰ک ا۰ک ۲ک‎ ۹ «Yo 4 YA Noo Nef ‏٤۱ ١«‎ ۱۳ ۱ NYE XY\Y YN N Y۳. Y۹ NY Y۹ N۳Y NTT YE XY eX) «NE YEY NEY XWA YA YEA NEN NET No NEE «Yo No «Xo ‏۰ک‎ ۹ «Yoh «Xo No1 «Xoo Y۳ ۲ ‏۰٦ء ا۹‎ ۹ «۱۸ ۷ ‏٢٦ ٦‎ ۹8 «VE XV XVY X۹ (YAT (YAO YAY (YAY «YM «40 N4 YAS cXYAA YAY Wet Fe Fe N۹۹ N۹۸ We FA FeV Fe o ‏١۳‎ ۳۴ PY N e WY. F1 P۸ PN F۹ «۳Yo FYE PYF FY «۳. PY YA FYY ۳۳A FY FFT YY FW) T۸ YE۴ EY YE) ›۲۱۳ ‏البريمي (واحة) ١٥١۱‎ ۲V NYE NY NYY NNE ۳) ‏ا‎ ۴۹ NY Y۳ ۷ اليصرة ‏ ۱۲ء ۳۹ء ١4 ١٤ء ۷٥› ۸ ۹ ۹۱ ۹۲ ۱۳۲ ١٤« TAA (YEW eA بغداد ١١٤۱ ٢۲۸۸ء ۲۹۹. P4V بلاد ما بين النهرين ‏ ٢۰۳ ٢۳؛› ٦ ۷. البلدان العربية ‏ ۲۰ء ۲۳ ۸ ۹۲ ٦۹ ١٤١٤ ١٤ء ۸٤۱ ۰ ٥۳ ٢۳۲ بلغاريا ۲۸۸. بميا ۱١۱۳۱ ۱۸۷ ۱۹۰ ۰۰ ٢۲. بندرعياس ‏ ۹۹ء ١٠۱ آ۰ ۲۰ ۲ ٩ ۱۲ء ‎«YYA (XY NYY NAY‏ ٠۲. اليندقية ۸۸. الينغال ‏ ۱۰۳›ء ١١۱. بهلۀ ٢٤۳ ۰٩. بوريون (جزيرةء أنظر أيضاً ريوٽيون) ۳١۱۹ء ١٤۱۹. بوشهر ‏ ۱۲۴۳ء ٩١٤۱ ۱۷۷ ۱١۲۱ء ۹ء ٢٢۲ ٢٦ء ۷۹ء ۹۹« ٢۳ ٢٤۳۰ ٢٦٢T۰‏ ۳ ١۱ ۹١ ۷« ۱۷۷« بومباي ۸ء ۷ا٢ ا٢۰ ۷ا ٦ ١۷« بیروت ‏ ۱۳۱۸ء ۳۱۹. بیسان ١۱. لت ترکیا ‏ ١٤۱ ۲۸۸٦ء تشالدیران ١٥۹. تنزانیا ‏ ۸۳. تنوف V۸٢ ‎.YV۹4‏ ‏تونس ‏ ٤٤ء ۷۷٦۲ء ج الجامعة العربية © ٢٠۳› ١٦٠۳ء ‎۲o FA OY‏ الجانجهر ١٠٠. الجانجز ٤۹. الجبل الأخضر ١۱۲ ٢٠۳. جدة ‏ ١٤۱ ۸٤۱. (Wel eYYYV AY ‏الجزائر‎ ‎.۳۱۹ ‏۷ء‎ الجزيرة العربية (أنظر أيضاً شبه الجزيرة العربية) ‏ ۳۳ء ١ء ٥ ۳١١ جسك ۸٩. جعلان ١۱۲۱ ۱۳۸ ١٥۱ ۱۳ ‎«YY N۹۸ ۹۲ ۷‏ الجلالي (قلعة) ‏ ۹۷ ۹١٠٠ء ۱۳۳. جلفار ۹۱ ۹۳ ۹۹ ۹٠6۰ ۳ء ‎«N۳۲‏ ‏١ ۲« ‎«N۷۳ ۷۱‏ ٢٢ ٢٤۲« ٤« ۱۳« ۹« ۱٢۳٢« ۹« ٤« ۱۷۸« 1 TYE PNA FT F۹ 7۰١۰« ١٥٦« ۹ء ۲۹۱« «YY YY\ NEY ٦۳۹ ۳۷ ٦ ۳« جوادر ۲۳۰ ج الحجاز ۲۸۸ الحديبية ٤۲. ۰٦۲ حماسة ٢ ج خراسان ۱١ 0۸. خصب ۱۳. الخليج (منطقة) ۳ ٥۳ ٦۳( ۸٤« «۹۷ ‏ا۹۱ ۹۳ ٥۹<‎ AA ۱١« ۱۲« ١۱۳« ٤٦« ٥٦٠٤« ۳۹۸ آ۰« ۳« ۹« ۷« ٦۱ء ۰۳« ١٥« ٠ ۹٤ء ۷« ٥٦ ٦ء ۷٢« ‎«ANV cA «۹‏ ۸ ۹۹« ٠ ۱١۱۱« ۷ ١۱۳« ‎E3831‏ ‏٤ ١٦« ‎A3‏ «NAY «NVA AVY AVE AVY «Y١ ‏۰ا‎ Y۸ ۹Y ۸0 Y۴ ‏٢۳‎ YA NNE YAY «۹ ‏۸٥‎ ۷ oY o. «Wes YAY NVE XV XY NV PNT N YAY Yo FY Ys YY خورفکان ‏ ۹۳ء ٤۹ء ۱۱۲۲ء ۲۳۱. ل الدار البيضاء ۳۱۸. دیلن ٢٦۲۲. الدرعية ۸١٦۱ء 1۹٦۱. دلمون (مملكة) ٢۳. الدمام ١۲۱۳ء ۱١۳۱ء ۳۱۹ ۳۳۲. ډيو ۳٩ء ۱۱۲. ۶ رأس الخيمة ۳۳ء ١۹ء ۹ ٦ ۹۲ء ۹۳ ٤٦« ٦ ۹۷ ۹۸ء ۹۹ ۷۰« ‎AVY AN‏ ۷۴ ٣۷ ۷1« ۷۸ء ۱۸ء الرجاء الصالح (رأس) ١. الرستاق 45 ١۰٠ ١٦٠٠ ‎ANYA AYE AY ANS A۸‏ NTA ANV ANY Ae FEY Y۹ ۹V YY ‏روسيا ١٤۱› ٢٢٤۲ء ٢٤‎ ‏روما ٢٢٤۲.‎ ‏الريونيون (جزيرة ١۳۲٠‎ .۱۸ ‏۳٢ ٩ء‎ ر زنجبار ‏ ۸۳ ٤۸ ‎«NAN «NAO «AVA‏ ۹۰ ۹۱ ۹۲ ۹۳« ‎«V1 «Yes AA AAY‏ 0 ۷ک ۰اک ١۱« ‎«YY «XYo «XY\ «N0‏ ا۳ ٣٤۳ ‎«Y۳‏ ‏۹ ٤ ٢٥٤ ۷٤N«‏ ۴ ٥ ۱٦« ۳۸ء ا٢٤ ۳. اسي ساحل الباطنة ۱۳۸. ساحل غُمان (أنظر جلفار). ساحل القراصنة (أنظر جلفار. ٢۲٣« «۳۲۰ «۹ ۱١۳« ۹ء ٥۹٠« ٢« ٢« ۹« ‎c۳۸‏ ‏۸٤۲« ‏٢٥۲« الساحل المتصالح (أنظر جلفار). الساحل المهادن (أنظر جلفار). ۳۹۹ سامراء ١۱. سيا ٦٢ السعودية ‏ ۳١۱ ١١۱ ‎«۱V o0 P۴ FY‏ ۹ ٢٤۳۲ ٢۳۲ ۳۲۹ ۳۳۲ ۳٩. سمائل ‏ ١٦١١۱۰ ۲۸۰٢ء ۲۸۳ ٢۲۸. سمد الشان ١٠١٠. السنغال ۹٠٦۲ء ۲۳۰. سورات ٩۹۹. سوريك ‏ ۳۱۷ ٢۳۲ ٢۲۳. سوسة ٢۲. سومر ٢۳ء ٦۳. السويد ۱١۳۲ء ۳۲۹. ١١٤۱ ١٠٦۳ء ۱٦۳۱ ۳۷. ۹۸ ۲۹۷ ‏السيب ٢۹› ٦۲۹‎ PYF PYY FYE FN ۹ PEY Y۹ FYA FY Yo ۰ اش الشارقة ٥ ۱۹ ۷۲« ۷۸ن ٢۲۷. الشام © 00 ۸۸ ١٤N‏ شبه الجزيرة العربية (أنظر أيضاً الجزيرة العربيهة) ۷ ٢٤« ‎.W۰۷V VE NAA‏ الشرق ۰× ٢٦ ۹۱ء ۹۲ ۹۳› ‎«NYY AM. ۴ ۲‏ ۸٨٢۲ء ۱ ۲۷. الشرق الأوسط ‏ ۸٢۳۱ء ۳۳۹. شط العرب ‏ ۱۳۲. ص صحار ‏ ۳۷ ۱۰۹ ۱۲۲ ۱۲۳؛ ‎«YN NIY ANA NYA AME‏ ۲۹. صفين ۹ ۲ ۰ ٤٥ صنعاء صور ٢٥۳ ٦۱۰ ۱۰۹ ۱۳۸ ۳ ۹۲ ۳ ا ۲ ٥۲. الصير (أنظر جلفار. الصين ٢٥۳ ١١٤۱ ض ضنك ۲۳۲. ط طرایلس ۳٤. الظاهرة ١۱۲. الظفرة ١٠١٠. ع العالم العربي ‏ ٢٤۳۳ء ٢٤ ۳. عبري ٦٠٠ ١٤۳۱ء ٢٢۳. عجمان ١۱۷۲ء ۱۷۸. عدن ۳٩۹ العراق ‏ ۳۷ 7٤ 5۳٥ ‎«YAS YANA «NT o8‏ ‎YY FY FAN FeV Ne‏ ٤ غُمان ۹ ١۱۱ ۱۲ ٢۲ ٢٦۲ ۷« ‎۳V ۹T 0 6 F۴ Y۸‏ ۳۸ ۹ م ا ‎4E EF 4Y‏ 40« ‎o۸ 4۹ A Y۷‏ 04 ٠ ١1« ‎«۸O AE AY Ase ONT Ne‏ ‎E AF Ae AS cAA AY‏ 40« ٦۹ ۹۷ ل ۰۳ ۰ ٥۰ 1 ۷ ۸ ۰۹ ۰ا ۱ ۱۴ ۱۹ء ۱۷ ‎c۰‏ ‏۲۲ ۲۳ ١٤۲ ١۲« ‎«N۳Y «NY AW ANYA NYY‏ ‎ANA APA APY APT AYE‏ ۱ ١ ل ۹١۱ ۸« «۰ ٥« ۰7۰٤ء ۷« ۱١۸« ۸۸« ۳« ۱٢« ۰۸« ۳« ۱۸٢« ۷٢۲« ٦۲« ٢٤« ۹٩ء ۷٥۲« ٦« ٢۷٣« ‎«Y۸‏ ‎c۸۸‏ ‏٥« ‏۱١۳« ‏۳۳« ‏۳۱۸« ‏٤« ‏٢۳۳« ١١« !3 ۱١« ۱۹ء 31 ۱۹ء ٤۹« ‎«Y۳‏ ‏۹٢« ‏٤« ‏۱٢٢٢« ‏۲۹« ‏۳۷٢« ‎«Y۳‏ ‏۰٢۲« ‏۹٢« ‏۷٢۲« ‏:8 ‏٢۸٢« ‏۲۸۹« ‏٦ء ‏۰۹« ‏٤۳« ‏۳۹« ‏۸٣۳« ‏۳۳« ١١۱« ۷٥« ١۱« ‎A‏ ‏٥۸« ‏٠۰۱۹« ‏٦۰۱۱ء ‏٤۰« ‏۰« ‏٥۲« ‏٢٢٢« ‏۳۰« ‏۲۳۸« ‏:3 ‏٥٢٢۲« ‏۰٦« ‏۸٢٦۲« ‏٢٥۲۷« ‏٢٥۲۸« ‏۹۰« ‏۲۷« ‏۰« ‏٥۳« ‏۳۲۰« ‏۳۹ء« ‎«۳o‏ ۳« ۱۸« ۱۳« ۱۷۷« ۱۹ء ۱١۱۹ء ۷« ٥۰« ۱٢۲« ٦« ٤٢« ٢۳٢« ۹٧« ٥ ٢« ‎«YoY‏ ‏٤٦« ‏۹« ‏۲۹« ‏٦۲۸« ‏۲۹۳« ‏۹« ‏۱١۳۱« ‏٦« ‏۱٢۳« ‏۳۳۰« ‏٦۳۳« ٤١« ۹« ٤ء ۱۹ء ‎«۸Y‏ ‏۹۲« ‏۹ء ‏٢« ‏۲٢٢« ‏۲۷« ‏٢٥٢٢« ‏٤« ‏٢٢٤« ‏۸٨٤۲« ‎O:‏ ‏٢٦« ‏۱٢۲« ‏۸۰« ‎c۸۷‏ ‏٤۹« ‏۳۲« ‏۳۷« ‏٢٢۳« ‏۱١۳۳« ‏۳۳۷« ‎Pte FFA FS YA‏ )٤ ‎‘T۸ ۴V F٦ 10 FY‏ ۰ ا٢٢۳ غُمان خلیج) ‏ ۲۳. العوابى ۲۸۰ ع غامییيا ۲۱۹. غمبرون ۹. غوا ۱ ۳ء ۷. فس فارس ‎A)‏ ۹۲ ۹۷ء ۹۸ ۹۹« ا١ ۹٦۰ ۳۲ ١ ١۱ء ‎YY YE۳ oV NY ‏فرق (مدينة) ‎۱۲۷ ۱۰۳ ‏٦۲ء ٦١۱‎ N١‎ ۹ ‏آ۳ ۳۹ ٤ل‎ ‏۰٥ل ٥‎ ۸ ۹ 4 «oA «oY ‏1٥«‎ ۳ ۱۹۹ ‏آ۹ ۹۴ ۱۹ ١۱۹‎ NY Noy No Noe ۹۸ Wo NEE NEF NEY N) Wot «Xo «Xo\ «XEA NAN 1. ‏۷٥ ۸٥ل ۹٥‎ ‏٢٦ء ٦۱‎ ۳ ۲ ‎TY Fe eYAA (YAY («YY ‏۲٢۳۱ء‎ دوهفلا‎ ‏الفيليبين‎ ‏ق ‏القاهرة ‏ ۱۷١۳ء ۳۳۲. قبرص ‏ ٢٢٤۲. قرطبة ٢٥ قریات ‏ ۹۳ء ٤۹ء ١٦۱۰› ۸۸. قشم ۱۰۰ ۱۱۷ ١١٤۱ء ۹٤۱. قصری ‏ ۱۰۷. قطر ۹١۱› ١۳۱۱ء ٢٤۳۲. القطيف ۳٠۲۱. قلهات ٩۰٩۹ ۳٩ء القيروان ۳٤. ‏ك ‏کانتون ‏کلکته ۹۱ء ١١۱ ۸٢۲. کمبودیيا كوبا ۳۱۱ ۳۲۱. کوریا - موریا ‏ ٦۱۹. کوستاريكا ‏ ۳۳۰. الكوفة ۳٥ ١٦. ‎t٢‎ الكویت ‏ ٢٤۳۲ء ۳۳۲. کیلوه ‏ ١۱۱ ۱۸۷. کینیا ۹۱. ل لارك ‏ ۱۱۷ لاغاش لاهاي ۹۲ ٢۲ء ۲۳ ٢٦« ‎TTY YAY YY YY Y۹‏ لشبونة ‏ ١۹۱› لنجة ‏ ١١۱ ۳١۱. لندن ۸۹ ١٢٥۲ء ٢۲ء ۱۲٦۲ ٤٦ ‎YY X۹۹‏ ليبيا ٢ ٤. ۴ مالابار ١١٥۱. مالاقة ‏ ٤۹ء ١۱٠١۱. مالندي ۱٩ ٤٩. مايو ‏ ۳۰۷. مایوت المحيط الهندي ‎Y۳‏ ٦۹ ١۱۱ ۱۲۳ ۳۱ء ‎«N۳۲‏ ‏۱۹« ۹٩ ۳۳ء ٢۳« ۱ ١ ۹١۱ ۸« ۸ ۱۹٦۱ء ۱۸۲« ٤۰« ‎Y۳ ۷‏ ٤ ‎«۱۸۹ ‎t۳ ‎.۱۰۳ ‏مدغشقر ١۱۹. ‏المدينة المنورّة 46ء ۹© ۲۸۸. مزاب ۳۱۷. ‎ نوزم‎ ‏مسقط ‏ ۲۷ ٥٤ ۸ ۹۰ ۹۳ ‏گ۹ ۹۷ ۰ل ٦۰ل ۰۹ ‎N۱۳‏ ‎«N۳۳ ۱۳۱ ‏٢۲ل‎ ۲ N٤١ ‏٤ ٤‎ AYA ANY ‏١ ١ ۹٩ ۷٤«‎ ۳ ‏ا١٥ ٥ل«‎ ۰ ۹ ۸ ‏۳٢ ٦ل ۹۳ء ١٤٦۱ء ١٦۱«‎ «N۸٦ ‏٥۷ ٦۷ء‎ ۷۰ ۹ «VW. ۹V A۹۳ ۹۲ ۹ «Y١‎ N Noo N) «۱۷ ‏٤ا ١ک ٦۱ء‎ ۳ ‏۲۰ک ٢۲‎ ۱۹ ۸ «YY XY XWe XY NYA YEE NYE NEY NEY CYA YEA «XET No «Yoo «Xof YoY NoY «Y۳ ‏۹٥ک ۰٦ء ٢ء‎ oy «Y۸ ۷ ‏٦ ٦ک‎ ۹6 «YAY eYANY (YA YAY eYAT (YAO Wee ۹۹ ۹ ۹۱ ۹ Woo Ft Fe FY FN FE PF FA N N FY PY FTA YY FY PFA PPV PFT Pe NY ٢٤ ۳. مُسَندم ‏ ۳۳ ۹١٥۱. A۲۷ ۹ ۸۸ ‏مصر ٢٦٦ ٢٤۳‎ ۷۰ ۹ ۹ N AY FE Yo Te PV N المُصَوّع © ٤۹. «۱۸ ۲۱۷ ۱۳۸ ‏مطرح ٦١۱‎ SESE ESR A F۹4 Fe Yo YA NVA مغان ٢۳ء ٢٦۳. المغرب ‏ 47ء ٤٤ء ١۱۹. مقدیشو ۱۸۸. مكة ‏ ٩٤٤ ٢٤۲۹. المملكة المتحدة (أنظر بريطانيا). المنتريب ٢۳. موريس (جزيرة) ‏ ۱۳۲ ۱۳۹ 1 موریشس (جزيرة) ١٤۱ ۸١۱› ۹ ۹۱. مومياساء ٤۹ء ۱۱۲ ١۱۱ ۱۳۱ ۷ ۹۰ء ۱۹۲. الميراني (قلعة) ‏ ۹۷ ۹١٠١ ۱۳۳› 1 میسور ١۱۳۲ ١٤۱. مینا ٢۲. ن نانتير (جامعة) ٩. نجد نخل ١٦۱۰. نزوی ٤٤ ٥4 ۸٥ ٤۸ء ‎NY NYY ANA ANY A‏ ‎«1o NE NYA XVYV ANYA‏ ۳ ٢٤۳ (جزيرة) ‏ النمسا ۲۸۸. الثهروان ‏ ١4ء 5£ °٥ ۷٠. ثیبال ۳۳۰. ٹیجیریا ٹیس ۳۱۲. ثيويورك ‏ ۱١۳۲ء ٦۳۲. هرمز ۳۳ ۸۸ ۸۹ ۹۰ ۹۳ ‎AY ۹° AE‏ ۹۸ ۹۹ .٠( ‎NA MV N۴ Ao A۴‏ ٤ ۷٤ ۱. الهند ٦۲ء ۱۲۷ ٢٤۳ ٢٥۳ ١۸ ‎AA AY‏ ا۹ ۹۲ ۹۳ ۹5 7٦۹« ‏۸ ۹۹ء .ل ا۰ل ۰۳ل ۰ا« ‎«N٤١ ‏١۳ ۳۹ء‎ ۳۲ ۴۹ «0. ۹ N N٦‎ Ng «NV «VY «Vs A1۹ O) «۸Y Y۹ NV Vo ANE «Woe ANA NE N۹ ۸0 VV N N8 No۴ ey «Y۲ ‏ا ۱۷ ٢۲۲ ٢‎ ‏۹٤۳ ٦۳«‎ ۳۰ ۲۹ YYA «YEA NEV «Xo YE CYA ‏٢٢ ٤٥ ٦٢«‎ ۲ ۰ «TV «YA Yoh XOY ‏۲٦۹«‎ ۹۳ ۹۲ ۹۰ ۸ ‎Wot Fe Fe NA N۹۸ ‎TYA eV o ‏هولندا ‏ ۹۷ ۱١۱۰ء ١۱۰ ١٤۱. و ‏وادي الأندس ‏ ٦۳ء ١٠٠. ‏ووادي سمایل ‏ ١۱۲. ‎.۳۲۸ نطنشاو‎ ‏الولايات المتحدة الأمريكية ۹۲ء ‎۲) PN FP ‏.ا‎ E ‎FYE YY ‏ي ‏اليمن ۲۳ء ٦۳ء ١4ء 4۳ء 4°٤ ‎‘TYE eYAA (AA c0۸ الإأهداء ۷ شڪر ۹ مدمه عامه ۹١۱ الديمقراطية والشورۍی ‎AEE‏ ‏الديمقراطية الإسلامية المُمانية ۴9 الباب الأول دولة الإمامة من أول نشأتها إلى استتباب الاستعمار البريطاني بمشابه تمهید ۳۳ ا( حضارة غُمان القديمة ‎PÊ‏ ۲) الأصول العُمانية ۴۹ عُمان ويدايات الإسلام : ٤) ولادة الحركة الإباضية ‎e‏ ‏٥) عُمان من القرن الثامن إلى القرن السادس عشر: وحدة غير مُكتملة مد خل إلى الباب الأول ۷٤ الفصل الأول المذهب الإباضي: الأصول. الفكر. التقاليد القسم الأول: الأصول الإباضية ١) موقف المُحكمة (الخوارج) ۲) من الخوارج إلى الإباضيين ۳) مرحلة البناء ٤) كتاب عبدالله بن إباض إلى الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان الإباضية في السياق المذهبي الأسلامي Ê ۱ eY e۷ ۹. ۹ 1 القسم الثاني: نظام الإمامة: من انتخاب الإمام إلى حالات الإمامة الأربع ١) حالات الإمامة أو مسالكها ٢) مراتب الإمامة وطرق البايعة ۳) إجراعات انتخاب الأئمة ٤( موانع الإمامة 0( إمكانية خلع الإمام ‎EEE‏ القسم الثالث: مؤسسات الإمامة العلماء والمجلس ۲) الولاة ... 7 ۳) القضاة و WT Y۸ ee VÊ ٤) بيت المال ٥) الجيش ... ‎EES‏ ٦) العلاقات الخارجية .. الفصل الثاني الحقبة البرتغالية ٠ المر حلة الاستەماود نة الأو لی ‎e‏ القسم الأول: لمحة تاريخية ١) طريق الحرير . ‎EEE‏ ‏1 الغزو البرتغالي ا القسم الثانى: السيطرة البرتغالية على محك المنافسة ١) المرحلة الهولندية والبريطانية 0 ۲) من وصول الفرنسيين إلى حل الصراعات الاستعمارية الفصل الثالث المثال الإباضي للدولة الإسلامية في التاريخ الحديثت الدولة اليعربية (4 16٦6 - ١٤ ۱۷) ا القسم الأول: الإمام ناصر بن مرشد اليعربي )٤٦-۹٤٦۱( ٢) سلطان بن سيف اليعربي (٤١٤٦۱ - ۸۸٦۱) ۳) الانتخاب الخلافي: بلعرب بن سلطان - ١۱۷۱) ا القسم الثاني: سقوط الدولة اليعربية ١) الحرب الاهلية (۱۸ ۱۷ - ۱۷۳۷) ... ٢) الغزو الفارسي (۱۷۳۷ - ١٤ ۱۷) ۳) نهاية الوجود الفارسي ... ۸ AT eee A۳ AY eee EY EEE ۹۸... ۱۴ القصل الرابع دولة البوسعيدي: أصول نظام السلطنة المرحلة الانتقالية من نظام الإمامة إلى نظام السلطنة العلاقة الخمانية - الفرنسية وبريطانيا ‎a‏ 1 القسم الأول: الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي ۱۷ - ۱۷۸۳) ١) عُمان في عهد أحمد بن سعيد ۴ ۲) الانقسام: غُمان الداخل وعُمان الساحل (مسقط) ۱۴6 القسم الثانى: العلاقة العّمانية - الفرنسية ١) من عصر الأنوار إلى حملة مصر ۱۳۹ ٢) حملة نابليون بونابرت على مصر ‎LEE‏ ‏۳) معاهدة عام ۱۷۹۸ ونتائجها ...١14 القسم الثالث: إعادة النظر بمعاهدة ۱۷۹۸ وظهور الوهابيين ١) المسألة الوهابية ۴ ۲) سعید بن سلطان البوسعيدي - ٦٥۱۸( 90 الفصل الخامس ,ساحل غمان.. التاريخ المشترك (۵۰٥۷٠ .٠ جلفاو/:ساحل عغمان؛ ۹ القسم الأول: تذکیر تاریخي ۱( القواسم ‎AEE‏ ‏۲) رأس الخيمة ومسقط ۹0 القسم الثاني: الصراع بين القواسم وبریطانیا ١) المواجهات الاأولى مع البريطانيين ‎CEE‏ ‏٢) حملتا ١۱۸۱ و ۱۸۱۹ وسقوط رأس الخيمة ۷ ۳) المعاهدة العامة مع الشيوخ العرب (٠۱۸۲) ونتائجها ‎WY‏ 41۰ وصولاً إلى نظام المحميات ١) تطور الأوضاع في غُمان ‎EEE‏ ‏۲) تطور الاوضاع في «ساحل غُمان» ٧۱۷ () معاهدة السلام البحري الدائم عام ١١۸٠ ۱۷۸ (ب) التعهد المتعلق بالتخلي عن أراض لعام ۱۸۹۲ 1۷۹ خاتمة الجزء الأول ۱۸۹ الباب الثاني التحدي الاستعماري والإجابة الإمامية: من تفكيك الأمبزاطورية العمانية إلى العصر الحديث مدخل إلى الباب الثاني ١٥۱۸ الفصل السادس الدولة . الإفريقية (۰٥٠٦٠ ٠ سلطنة عُمان وزنجباۈ . ۱۸۷ القسم الأول: الصلات العُمانية - الإفريقية حتى نهاية القرن الثامن عشر ١) فترة سعید بن سلطان ۱۹1 ۲) العلاقات العُمانية ‏ الفرنسية - البريطانية ۱۹۲ ۳) مشكلة تجارة الرقيق .. ۹۷ القسم الثاني: من انفصال زنجبار إلى إعلان ١٦۱۸ الفرنسي - الإنكليزي ١) وال لتحکیم» تقرير الجنرال كوغلان ونتائجه ‎Ye...‏ ۹١٤ ۲) إعلان ١١۱۸ الفرنسي - الإنكليزي ا الفصل السابع ثورة الإمام عزان بن قيس البوسعيدي ء ۱۸۷۱) عُمان بعد انخصال زؤنجبا ‎OO‏ القسم الأول: التطورات الجديدة للسياسة البريطانية ١( ثویني بن سعید - ٦۱۸۹( و ۲) سالم بن ثویني - ١) النهضة الإأباضية ۴ 77 ۲) تشكيل الحكومة ا ۳) من برنامج الحكومة إلى المراحل الأولى للنهضة ‎a‏ ‏٤) قضية واحة البريمى ‎EEE‏ ‏الإمامة وير يطانيا: العلاقات الخارجية 7 ٦) الاعتراف البريطاني والقضية الوهايية ........., ا القسم الثالث: منعطف ١۸۷٠ وسقوط الإمامة ١) تأملات حول سقوط الإمامة لای ۲( تر کي بن سعید ۱۸۷ - ‎e (\A۸A۸A‏ الفصل الثامن مان بين الاستتلال والتيعية السلطان فيصل بن تركي (۱۸۸۸ - ١۱۹۱) ا القسم الأول: مأزق فيصل ١) تقرير أوتافي (٤۱۸۹) ‎a‏ ٢) الوضع الداخلي ا ۳( تعويص زنجبار و t۱١‎ VV ۹4 RE لی ...٦۹ AEE WV T۴ eee YY eens TV ee TE eee TT eee AES ۴ eee TE eee TEV eee ٤) التعهد الخاص بالتخلي عن الأراضي )۱۸۹۱( القسم الثاني: أزمة مسقط ١) سياسة العنف . ۲) قضية الأعلام الفرنسية ۲۳) محكمة لاهاي ٤) فيصل ومسألة التنخي الفصل التاسع سلطنة مسقط وإمامة غمان ثور ١۱۹۱ - ١۱۹۲ القسم الأول: «البحيرة البريطانية» وتحدي الحركة الإباضية ١) حركة النهضة العُمانية ۲) إمامة سالم بن راشد الخروصي (۱۹۱۳ - ۱۹۱۹) ۳) الحرب العالمية الأولى: الإمامة على المحك ٤) الاستراتيجية البريطانية الجديدة القسم الثاني: إمامة محمد بن عبدالله الخليلي - ١) معاهدة السيب (١۱۹۲) ‎a‏ ۳) تنازل السلطان تيمور بن فيصل وانعزال الإمامة الفصل العاشر ثورة ١۹٠ ٠ نحو نهاية التقسيم الاستعماري والفوضصى نهاية النظام الامامي القسم الأول: البريمي: النزاع النفطي ونتائجه ١) ثورة ١٥۹٠ - ١٦۱۹ الا 1 النضال السياسي: الجامعة العربية ‎e‏ 7 4۱۳ Y۸ ۰ ۳ ۷ فف Vo ۳V۷ YAY ٦۸ ۲٢۹ ٥۹ T۹۸ a. ۳I eee P10 e. ۳( الأ المتحدة ‎۴Y.‏ ‏٤( بریطانیا والولايات المتحدة: من الحرب ۲ اقتسام النفوذ ۱ - ۷٥۱۹( یی القسم الثاني: حوار الهوية والشرعية ١) اللجنة الخاصة - ١٤٦۱۹) ‎ALES‏ ‏۲) من عُمان الوسطى» إلى المستقبل ‎PET‏ خاتمة الباب الشاني ٢٤۳ الخاتمة العامه ۳1o ‏شت المراجع‎ ror ‏فهارس الكتاب‎ YY a, ‏فهرس اعلام الرجال ا‎ PA ‏فهرس الشعوب وال جماعات والقبائل‎ ۴4 ‏فهرس الناطق والبلدان والمدن‎ EV ‏فهرس الحتويات‎ 1۹4 يستعرض هذا الكتاب نظام الإمامة الإسلاميّ في غمان وهو نظام تجشد في تجربة حكم امتدت لأكثر من ألف عام وشكلت نموذجاً أصيلا وناجحاً لما يمكن وصفه دون إسراف أو تجاوز ب الديموفراطية العربية الإسلامية. إن إلقاء الضوء على هذه التجربةء مسارها ومقومات نشأتها واستمرارهاء لهو دون ريب مساهمة في إعادة تعريف «التراثء العربي الإسلامي بحيث لا تبقى هذه التجربة إباضية ولا غُمانية حصرا. عليهء فهذا الكتاب من حيث استغراقه للتاريخ السياسي الغماني ومن حيث منهجه الموضوعي هو أداة وعلمية لا غنى عنها للمهتمين بشؤون هذه المنطقة وهذه التجربة ولا غنى عنها قبل أولئك وهؤلاء للمعنيين بالحوار الإسلامي - الإسلامي والعاملين في سبيله. الدكتور حسين غباش: كاتب من الإمارات العربية المتحدة. MANNII 2910355721