ى٠ااذءبكلتارج تالمع .الفقيعالماملالشي 1مبىممودنشاحىليأ.يى عما نعبرالتإريخ تأيف |يسرثغ أجزراًاول ارهج|ظسة ٢.٠١٥١٤٢١م مؤلف الكتاب ( ترجمة مؤلغ الككاب ) ع إ سبن س قسس اهتم العرب بعلم التاريخ اهتماما بالغا ، واعتتوا به عناية فائقة ، وعلى أيدى طماء التاريخ ارتقى هذا العلم الانسانى فى سرعة مرموقة ومكانة بارزة ، ففتحت أبوابه ، وتنوعت طرائفه ، وتعددت آفاقه وصارت له أهدافه السلمية ومنمجه العلمى الذى تميز به عن بقية العلوم ، فلولا القاريخ لجهلت الأنساب ، ونسيت الأحساب ٠ وطى مر التاريخ يبرز طماء مؤرخون ومن أشمرهم الواقدى ، ومحمد ابن اسحاق والمدائنى، وابن الأثير والكلبى، وابن قتيبة واليعقوبى، والعبرى،وابنظدون،وابن خلكان ٠ وكان دور عمان - قديما وحديثا - دورا بارزا ٠ يذكر لعمان مدى الأجيال ، وف هذا العلم بالذات ، نجد لعثمان طماء مؤرخين طبقت شهرتهم الآفاق أذكر منهم الشيخ العلامة أبا سفيان محبوب بن الرحيل والشيخ العلامة المؤرخ سرحان بن سعيد السرحنى الأزكوى على المشهور ، والامبو على من بنى سعد الطائيين نسبا طى الصحيح مؤلف كاب كشف الغمة ، والعلامة المؤرخ ابن رزيق النخلى مؤلف كتاب الفتح المبين فى سيرة السادة البوسعيديين ، وكتاب الشعاع الشائع باللمعان فى ذكر أئمة عئمان الذينطبعتمماً وزارة التراث القومى والشقافة والشيخ ٦ العلامة سليمان بن بلعرب بن عامر النزوى مؤلف كتاب المؤتمن فى ذكر مناقب نزار واليمن ٠ والشيخ العلامة محمد بن خميس السيفى النزوى والشيخ العلامة عامر بن سليمان الريامى الأزكوى والشيخ العلامة الجليل نور الدين السالمى وغيرهم كثير ٠ ويبرز علامتنا المترجم له مؤلف هذا الكتاب، الذى هو بين أيدينا، كفارس من فرسان هذه الحلبة، أو رائد من رواد علم التاريخ ٠ « من هو مؤلف الكاب» فى الواقع هو غنى عن التعريف ، فهو أجل من أن يذكر ، وشعرته العلمية الواسعة غير منكورة وحياته العمثية الثمينة غير مجمولة، ولكن من خلال هذه الأسطر القليلة نتعرف لى بعض الجوانب المممة لنقدمها للقارى الكريم،عنهذا العلامة الجليل الكبير ٠ «« اسمه ونسبه )» هو الشيخ العلامة الجليل سالم بن حمودبن شامس بن خميس بن على بن عبيد السيابى ومن المشمور أن قبيلة آل المسيب العمانية ينتمى نسبها الى القائد البطل شهاب بن النويرة التغلبى المعلم المشمور ه بذى قار » الواقعة المشهورة فى أيام العرب ف الجاطية ، فمسيتب وحبس القبيلة الشميرة المعروفة بالشرقية فى عمان إخوان ينتميان الى ثهاببنلنويرة المذكورةآنفا ٠ « مولد ه ونشاته » ولد العلامة المترجم له بقرية «غلا من أعمال بوشر ف سنة ١٣٢٦ هجرية الموافق ١٩٠٨م وحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين ، وذلك من فرط ذكائه وكثرة حفظه ودرس تلقين الصبيان وملحة الاعراب للحريرى والفية ابن مالك فى سن مبكر بنفسه بدون أن يتلمذ على شيخ ، بل ثقف نفسه بنفسه ثم توجه الى سمائل الفيحاء المتى استوطنها فيما بعد وكانت آنذاك ترخر بالعلماء الأكابر فدرس على الشيخ العلامة خلفان بن جميل السيابى أصول الدين والفقه وأصول الفقه والفرائخ ولازمه ليلا ونهارا كما لازم الشيخ العلامة الشهير أباعبيدحمدبنعبيد السليمى وأخذ منه أيضا علما واهراً ٠ كما أشبع طموحه العلمى بمجالسته للامام الرضى محمد بنعبد لله الخليلى ومذاكرته لكل من المشايخ العلماء سعيد بن ناصر الكندى ومحمد بن سالم الرقيشى وعبد الله بن عامر العزرى ، فقد أذن لكل مواهبه أن تنشط وتتألق ومازال يدأب فى التحصيل وجمع العلم ، حتى صار فحلا من فحول العلماء الذى يشار اليهم بالبنان ٠ وهو لم يتجاوز الثلاثين من عهر٠ ٠ «« صفاته وبعض من اخلاقه»» يعتبر اليوم من أكبر علماء عثعان وأجلمم ، فمو من فحول العلماء المرموقين مكانة وصدارة فى هذأ العهد المشرق الزاهر وبالتالى هو سمح جواد حسن الاخلاق شريف النفس نقى السريرة ، آية فى الحغظ والذكاء والفمم، ومن أنشط الناس للقراءة والكتابة -فلايرى ٨ الا قارئا أو كاقبا ٠ يحب مكارم الأخلاق ويعشق المحامد منذ مباه ، علامة غيور من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر لا يخاف فى الله لومةلائم٠ وهو فيصل فى لأحكام ، شهم شجاع ، أبى الضيم ، ماضى العزيمة صعب الشكيمة ، منيع الجانب ألف مالوف محبوب عند الناس ، يحب الوحدة وجمع الشمل ، ومن الدعاة المى التمسك بكتأب الله العظيم وسنة رسوله الكريم ٠ وصغه الاملم محمد بن عبد الله الخليلى ، بأنه ممن تسد به الئغور ويوجه فى مهمات الأمور ، كما وصفه الشيخ الفقيه محمد بن راشد ابن عزيز الخصيبى فى قصيدته المسماة سموط المجمان فى أسماء شعراء عثمان فقال : وفقيه مؤرخ وهو علامة هذا الزمان ذو المكرمات ٠ السيابى سالم ابن حمود فأراجيزه من الرائعات سيما نظمه المسمى بارشاد الأقا م المبين الخافيات (( ا ممل» لما تالق نجم العلامة المترجم له ، وعلا ذكره ، استدعاه الشيخ الجليل على بن عبد الله الخليلى والى محافظة بوشر ، ليكون مدرسا ٩ لأولادم ، وذلك فى عام ١٣٥٠ ه ، فقام بأمر التدريس خير قيام وتادب عليه حوالى «٤٠ حلالبا» ولما أن توف الشيخ العلامة سعيد بن ناصر الكندى قاضى محافظة بوشر ومفتيها رضى الله عنه ٠ عثين قاضياً فى بوشر وذلك فى سنة ١٣٥٢هوبقى بها قاضيا حتى سفة ١٣٥٩ه فانفصل من العمل لظروف خاصة ورجع الى سمائل التى استوطنها ٠ وفى سنة .١٣٦ه عين واليا وقاضيا علىفخل ومتعلقاتها، فقحمل المطولة وهو أعل لما وكان بما الحاكم القدير الادارى، والقاضى المنصف الحكيم ٠ ثم فى سنة ١٣٦٩ ه عين واليا الى جعلان بنى بحسن فبقى هناك ، واليا وقاضيا ثم انفصل عن العمل لأسباب دعت ذلك، ثم استدعاء السلطان سعيد بن تيمور فعينه رئيسا لمحكمة الاستئناف وبقى بها مدة ثم ولاه محافظة السيب فأقام بها واليا حوالى عام واحد ثم نقله السلطان سعيد الى الكامل والواف من جعلان ليكون واليا وقاضيا، ثم استدعاه السلطان فعينه قاضيا فى المحكمة الشرعية بالعاصمة، وبقى منذذلك اليومقاضيا^بما ولما أشرق فجر الانتفاضة المباركة أو الحركة التصحيحية المجيدة بقيادة جلالة السلطان قابوس بن سيد 1لمعظم ٠ حفظه الله كان هو فى مقدمة المقضاة بالمحكمة الشرعية بالعاصمة مسقط ومن أبرز العلماء المرموقين لحكومة صاحب الجلالة المعظم ٠ثمفأول هذا العام ١٩٨٢م ٠ نقلت خدماته من وزارة العدل الى وزارة التراث الفومى والثقافة، ليتفرغ فضيلته فى تحقيق الكتب العلمية والتاريخية ، التى تطبعها وزارة التراث القومى والثقافة لماله من باعطويل وسعه وادراك فى كل الفنون ٠ ١- «« مؤلغاته 4 ان مؤلفاته الكثيرة التى تزيد على ( ٥٠ ) مؤلفا فى كل الفنون تدل على غزارة علمه ، وسعة اطلاعه ٠ وبالتالى تدل على خلق عظيم ونفس عالية وهمة سامية ، بالاضافة المى أنه شاعر كبير ، وأديب بار ۶ ، فمو فى الألدب والشعر قذ ضرب بسهم بعيد المرمى ، واليك أيما القارى، الكريم أسماء أهم مؤلفاته : ١ __ إرشاد الانام فى الأديان والأحكام نظم فى مائة وعشرين ألف بيت ما يقارب ١٠ مجلدات ٠ ٢ - المعقود المفصلة فى المسائل الموصلة - مجلدان - ( ٣٠) ألغ بيت • ٣ — العرى الوثيقة شرح كشف الحقيقة فى المذهب الأباضى وأصوله ٠ ٤ - مطالع الأقمار على مقاصد الأبرار شرح رجز للشيخ العلامة أحمد ابن سعيد الخليلى ٠ فى الوصايامجلدواحد ٠ ٥ - إعانة الحكام بقواعدالأحكام فظم الورد البسام ٠ ٦ م جوهر التاريخ المحمدى ف سيرة الرسول الأعظم ٠ ٧-معالم الاسلام فى الاديان والأحكام - قصائد مطولات حوالى ٢٠ألف يت٠ ٨ ٠ العنوانفتاريخعثمان - مطبوع ٠ ٩ - الحقيقة والمج-از فى تاريخ الأباضية باليمن والحجاز — مطبوع ٠ ١١- ١٠- الاسعاف فى التاريخ العئمانى مطبوع ٠ ١١- ازالة الوعثاءف أقباع أبى الشعثاء- مطبوع ٠ ١٢- طلقات المعمد الرياضى فى حلقات المذهب الأباضى - مطبوع ١٣ — عثمان عير التاريخ — الكتاب الذى بين أيدينا ٠ ١٤- أغلى التحف فى أصول الشرف ٠ ١٥- أصفى الحياض ف مذهب ابن أباض ٠ ١٦- هدى الفاروق ٠ ١٧- فصل الخطاب فى السؤال والجواب. ١٨-تابفى سلوك٠ ١٩- العقود المنظمة ف الخيل المسومة-مطيوع٠ اكتفى بذكر هذه المؤلفات القيمة الجليلة، والله أسال أن يمد الشيخ العلامة المؤلف بصحة وعافية، ويطيذ فى عمره، وختاما لايفوتتى أن أسجل آيات الشكر والثناء لصاحب السمو السيد فيصل بن على بن فيصل آل سعيدوزير التراث القومى والثقافة على ما بذله ويبذله من جمود جبارة - على ضوء التوجيمات السامية لاستخراج هذه الكتوز الثمينة وطبعما ونشرعا فى اغلب أنحاء !لمعمورة والله ولى ألتوفيق ٠٠٠ حرر : ٣ من رجب سئة ١٤٠٢ه ٢٧ ابريل سنة ١٩٨٢ م بماس ال^من الرهيم الحمد لله الذى جعل للتاريخ مستودع أخبار الأمم على اختلاف أجناسما ، وجط اطه أمنا٠٠ ف أمته لحفظ حوادثما وأحكامما ٠ مع تباين مقاصدها وتباعد أمراسها ، غخلد لوقين أخبار الماضين ، وأعرب للمقبلين عن حوادث الذاهبين ، وندد بأهل الباطل فى مجمع الخالدين ، وصرح بحق أهل الاستقامة فى المسلمين ، وكشخ القناع عن مساعى البغاة فى المؤمنين من الأولين على توالى الأرمان الى يوم الدين ٠ أما بعد ٠ فمذا تاريخ عمان الذى وهق الله له وأعان ، جمعناه من الكتب المتبعثرة ، والرسائل المطولة والمختصرة ، وألفناه بعناء لا يقاس عليه، وبذلنا الجد لإدراكه، وهذا ما حصلنا عليه، وان كان أكثره كعنقاء مغرب ، لأنه غالبا لم يدون ، وما دون منه لم ينشر ، ولم يتبين ، ولكن بعض ما وجدناه ربما أغنى عما فقدناه ، ومن لم ينفعه قليل الحكمة ضره كثيرها ، ومن أين لفا أن فحرك المفقود من تاريخ عمان ، وقد لعبت به أيدى الحدثان ، ومزقته طيلة الأزمان ، وهذا الجزء الأول منه يشتمل على مقدمة وخمس حلقات ٠ المقدمة : فى علم التاريخ وفوائده وحكمته وأصوله التى يقوم عنما ٠ الحلقة الأولى : فى التعريف بعمان قديما وحديثا ٠ الطقة الثافية : فى بيان الأمم التى قطنت عمان من الأمم التى مرت بما العصور الخالية، والأيام الماغية، من الأمم البائدة والباقية ٠ ١٤- الحلقة الثالثة : ف نزول مالك بن فمم بعثمان وحروبه للفرس بما الى انتماء أمرهم م الحلقة الرابعة : ف بدء الإسلام بعمان الى إنقضاء أيام الخلفاء الأربعة • الحلقة الخامسة : ف فضائل أهل عمان ومشاهيرهم فى صدر الإسلام وبه يتم الجزء الأول ان شاء الله من تاريخ عمان ٠ مردح قال الامام السالمى رحمم الله تعالى : « لا يخفى على عاقل أن علم التاريخ مما يعين على الاقتداء بالصالحين ، ويرشد الى طريقه المتقين ، لأن فيه ذكر من مضى من صالح وطالح ، فاذا سمع العاقل اخبار الصالحين اشتاقت نفسه أن يكون من جملتهم ، واذا سمع أخبار الطالحين أشفقت نفسه أن يقتفى آثارهم ، أى فيعد من أنصارهم ، فتراه بذلك يقتفى آثار من صلح ، ويتجنب أحوال من طلح ٠اه) ٠ فترى هذا العالم الجليل يجعل طم التاريخ مما يعين على لاقتداء بالصالحين ٠ وذلك من أفضل ما يرشد الانسان المى الأعمال المصالحات ، ولا شك أن ذكر أخبار الصالحين يصقل قلوب المؤمنين حلبعا ، و أصدق داعية لمم الى الله قطعا ، وكما أن مجالسة الصالحين تقود الانسان الع-اقل الى. خيرى الدنيا والآخرة ، فكذلك ذكر أخبار من صلح ، وكيف لا والتاريخ سر من أسرار العلوم الكونية ، وضع الله أصوله فى كتابه العزيز وأبرزه فيه بأشبه من سلاسل الابريز ، قال الله عز وجل :( أو لم يأتهم نبا الذين من قبلمم قوم نوح وعاد وثمود ) ٠ وقال عز وعلا : ( فاقصص القصص ) الآية فى أمثالما ٠ وقد شرح الله ف كتابه العزيز تاريخ الحوادث فى الأمم الماضية ، والأيام المخالية، وأيد ذلك الرسول ه بقوله: ولدت زمن الملك العادل ٠ ولا تنس عام الفيل وما وقع فيه من أمر عظيم وخطب جليل ، وقد أجمع العلماء الأجلاء علىشرفه وفضله ، وبينوا مقامه بين العلوم الاسلامية ٠ واذا هو حافظ الأمة ، وخازن سرها فى كل جيل ، فإنه حفظ بعث النبيين ورسالات المرسلين ، والى من أرسلوا اليه ، وبماذا أرسلوا ٠ وأخبرنأ عن الفراعنة والأكاسرة ٠ والتبابعة والقياصرة ، ودون لنا أعمال ١٦- الامم الظافرة والخاسرة ، وعرفنا سالف الأمم قبلنا ، ودأينا فيما الصالح والطالح ، وأدركتا منما المؤمنين ومقاصد المتقين ، وبغى المضلين وفساد الحائرين ، وسوء أعمال المجرمين ، واستفدنا من سياسات المصلحين ، وأهعال المتقين ، ومن اجتهد وجاهد فى الله لارغام الكافرين، ومن جد لارشاد الأمم الىسبل الخيرمن المخلصين، فكان لمم ف عالم الحياة الذكر الحسن والفضل المبين، وأخبرناعمن نام على فراشه راضيا بمعاشه ، ومن عمل بما فرض عليه ، و متى كلف وافترض، وطى من أوجب هقام ، ومن صد فربص ، مراغما لمن قام بو اجبه ونهض ، وعلمنا الأتمة وما مئوابه ومن قام معمم فأقاممم ومن قام عليهم فكان ضدهم ، ومن دعا الى الحق غاضطهد وشنق ، ومن تجرد لله ناصرا لدينه ، ومن دعا لاحياء الشريعة بواضح الحق وصحيح براهينه ٠ ولا يخفى ما ف ذلك من حكمة ، ولا يجمل ما يثمر ء التاريخ للعقول القوية من نشاط، وما تتحرك به القلوب الضعيفة من اغتباط، وما يستحق به الثناء على الفعل الجميل،وما يلزم به الذم والتقبيح لأهل التعطيل ٠ فالتاريخ داعية الأمم الآتية لسلوك طريق الأجيال الماضية، فمو المعبر عما سلف من عز وشرف لأهل الوفاء ، والمخبر عمن خلا من أهل الجفاء ، فيختار المخلص من مسالك أولئك المنمج الصحيح، ويصطحب الى قصده لذلك كل عمل مليح ، ويتبع فى سيره وسراه كل أمر صحيح، فالتاريخ طى الاجمال جمال الرجال الكمل، وكمال الأبطال فىكل الملل، والحاث على الأعمال الفاضلة لكل شريف ذىنبل، وهو الترجمان المعبر عن سالف الدول، طالما حدث التاريخ عن الأئمة الصالحين ، وبين من أعمال الحق فى العالمين ، وكم أنبا عن أعمال الجورة المتغطرسين، ليتجنب أفعالمم كل كريم مصلح فى الدين ٠ وهل نعمم نحن لولا التاريخ ما فعل أئمتنا الأولون، وما عمله أهل الحق من العلماء الأكرمين ، وهم مجتهدون ، وما مشى عطيه -١٧- المبتلون بأمور الأمم التى عاركتهم للتغلب عليهم ، وما قابلوا به اعداءهم من اسبر والثبات، ومامال اليه فى اصاع ذلك عندمساجلة الحروب لنا وعلينا، واذا أكبر العلماء التاريخ فقد أدوا واجبا طى عواتقهم عظيم المسئولية ، وجاء فى الكتاب العزيز قوله عز وجل ، قصصا عن أمم ضلت فى حياتها الطريق ، وسلكت بعتوها المضيق ، قال الله فيهم : ( فأما نمود فأهلكوا بالطاغية وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية ٠ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيه-ا حرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية ٠ فهل ترى لهم من باقية ٠ وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة ٠ فعصوا رسول زبهم فأخذهم أخذة رابية ٠ إنتالماطغى الماء حملناكم فى الجارية ٠ لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية) الى آخر الآيات انقامة عن أحوال هؤلاء الناس الذين تمردءا على الله، وعتوا على رسله وجاروا فى عباده، وطغوا فى بلاده فأذاقهم لباس الجوع ء الخوف ٠ وكم قص الله قصص النبيين فى الكتاب اامبين ، وحسبك قصة نبيذا سليمان بن داود عليهما السلام ٠ وما صار بين وبلقيس ملكة سبأ، فذكر الله فيها الهادهدءوماجاءبه، وسليمان وجنوده، وبلقيس وعرشها ، وما دار بين نبى الله سليمان والعفاريت فى جلب عرشها ٠ وارهابها بتلك الآيات الباهرة ، وذكر الله سياستها وغزارة عقلها، إذقال له-ا نبى الله ملتذ : أهكذا عرشك، مختبرا لعقله-ا ٠ وموهما لها فيه ، فأجابته بمثل ذلك ٠ إذ قالت : كأنه هو ٠ فلم تحقق ولم تنف، إذ تعارضت الأحوال عندها، يقيذا وعادة، وانظر قوله عز وجن : ( واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت الذذز من كبهله ) الآية ٠ وفى الحديث : « القرآن حبل الله المتين فيه خبر ما قبلكم ونيأ ما بعدكم وحكم ما بيئكم » ٠ فذكر فيه خبر ما قبلنا ونبا ما (م٢- عمان عبر التاريخ ج ١ ) - ١٨ ٠ بعدنا ٠ وهذا أصل من أصول التاريخ ، واذا أطلق العلماء التاريخ فالمراد به أخبار الأمم الماضية ، وسيرهم وحوادثمم طى العموم ٠ ولا شك أن لكل أمة تاريخا خاصا بحوادثها فى حلها وترحالها وأخبار كل جيل على حدة ، وحوادث الملوك وقتال أعاديهم وما أحدئوا من خطط ، ووضعوا من قوانين ، وأبانوا من أسرار فلهذا ان مادة تأريخ الأمم على اختلاف أحوالها ، وما بنت وهدمت وما أبدت وما أعادت ، وما طوت من أعمال ، وما نشرت من خصال ، فالتاريخ له تعلق بكل شىء ، فتعلقه باللغة من حيث حدثت ، وعلى يد من حدثت ، ومن أول من لغابما ، وفى أى عمد نشأت وله تعلق بآدابها وأسبابها ، وبالأحكام الشرعية ٠ على من أول ما أنزلت ، وما أول حكم وقع ، ومن هوأول حاكم ، وأى أول دولة قامت فى هذا الكون ، ومن أول من قام بها وما صفة قيامها ، وماذا صنعت ، وعلى أى حال انقرضت ٠ وما هى الأسباب التى قضت عليها، ومن قام بالعلوم الطبية، ومن برع فيه-ا ، ومن اخترع الكيماويات الى مأ وصلت اليه الآن ، ومن أول من اخترع السلاح،وعمل به فى الكفاح حتىتطور الى ما يعلم ما عليه الآن ٠ ولولا التاريخ من أين لنا أن نعلم الناسخ والمنسوخ من أحكام الله عز وجل ، وهو قسم عظيم فى الأحكام والحجة فى معرفته التاريخ الصحح، ولو قيل ان التاريخ يشتمل على نصف العلم لكان غيربعيد، لأن عليه تترتب أمور كالعذد والنفقات ومواقيت الحج وقعبين أوقات ألمزكاة، وعدد المطلقات فى أشسياء يطول ذكرها ٠ ولا ريب فان مدار أمور الدنياعليه - ولولا التاريخ من لناأن ندرى اجماع المسلمين فيما أجمعوا فيه حلا وحرمة ، وهو من قواطع الأدلة فى الاسلام ، ومن أمهات القواعد فى الأحكام،كمايشهد له الكتاب العزيزوالسنة النبوية ٠ — ١٩ ٠ ولولا التاريخ من أين لنا علم المجرة ، وكم فيما من أحكام تختص بها ف الاسلام ، وبمن هاجر ولحكام المماجرين ٠ ولولا التاريخ فمن لنا بمعرفة الامامة الصديقية ووقوعما، والقائمين بأمرها واحتجاجهم على اخوافهم الأنصار فيما ، ومن أين لنا أن نعرف عن الشورى ، وما جاء فيها — ولولا التاريخ فمن ذا الذى يعرفنا أحوال منخالف الحق من الأمويين والعباسيين وأمثالهم، وهل يعلم الانسان سياسات الملوك ورئاسات الممالك،ومتى نعلمعن قصة عمر بن الخطاب فى طاعون عمواس ، وما رآه المسلمون فيه من أمر واتفاق مشيخة المسلمين على الحكم بالواقع فيه، خلاف السامع به،وهاائققءليهسون٠ ولولا التاريخ من لنا بتوضيح تأسيس المذاهب ، ومتى ذهب اليها الذاهب، وبماذا يظمر فضل السبق للحقونحوه ٠ ولولا التاريخ متى نعلم عدد المطلقات تحليلا، وعدد الحيض والنفاس والرضاع المحلل والمحرم، كما قال الله عز وجل :( حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) ، ومتى تخرج المرأة من عدة زوجما طلاقها أو مءتا ؟ ومتى تحل النفقات وحضور آجال المحقوق المعلئذح بالذمم ؟ ومن أصول التاريخ قوله تعالى:( تلك القرى نقصعليكمن أنبائها ) ٠ الى قوله : ( منها قائم وحصيد ) وقوله : ( فأصبحوا لا يرى إلا مساكنمم ) ٠ وكما فممت عن الامام العالمى رحمه الله، قوله : لا يخفى على عاقل أن علم التاريخ مما يعين على الاقتداء بالصالحين ، ويرشد الى طريقة المتقين ، فتراه يجعله علما مستقلا ، وأنه يرشد الى طريقة المتقين، وهذا من اعظم فوائد العلوم فى الاسلام، فان الارشاد الى طريقة المتقين، والاعانة على سلوك الصالحين من المسلمين، أمر مطلوب فى الدين ٠ ولولا التاريخ من أين لنا أن نعلم ما صار على الخليفة الثالث عثمان ، وما علده عليه القائمون ضده حتى قضوا عليه بذلك ؟ ومن لنا أن نعرف ما صار بصفين بعد انجمل وبما استحل المسلمون القتال وسغلهالدط€ وأحكام الأموال حلا وحرمة ، وكذلك ما صار بالنهروان لىآخر ما عمل المسلمون ، وأيام الحجاج الطاغية الخبيث ، ومأ صار منه على أهل عمان وما وقع على الامام الجلندى بن مسعود رحمه الله على يد الأمير خزام بن خزيمة ، وقضية شيبان الخارجى -وعلى كلحال ان علم التاريخ حتى عند الافرنج له المقام الأعلى ٠ والمؤرخ معهم معدود من العلماء الأجلاء لأن علم التاريخ ي^ضمن انتقاد القضايا ووزن الأعمال بميزان التحقيق تأييدا للصلاح وأهله ، وتفنيدا للطلاح وذويه ،ولاشك أن أعمال المسئولين فى الأمة مثال يحتذيه التالى لهم ، ويحتج به من جاء بعدهم ، فما كان حقا كان من الواجب الركون اليه ، وما كان باطلا كان هن اللازم التباعد منه ، وقد يشير الى الحقائق التاريخية ٠ قول إمام أهل الأدب ابن نريد حيث يقول : وإنما المرء ح-ديث بعده فكن حدينا حسنا لمن وعا أى أن التاريخ يحفظ للانسان أعماله القولية والفعلية ، فعليك أيها الانسان أن تتحفظ فى أعمالك كله-ا فتكون حديثا حسنا لمنيأتىبحدك فان لسان التاريخ يخبر عنك وما حسنعت ، ويحفظ لك وعليك ما سر وما ساء ٠ واسمع ما يقول أبو طالب : ذكر الفتى عمره الثانى إلخ ٠ ٢١- أى أن الانسان يعقى له بعد موته عمره الثانى الذى هو ذكره ، فان كان الذكر حسنا كان له عمرحسن يتداوله الناس بعذ ، ويمثون على ضوئه ، وان كان الذكر سيئا ، كان على خلاف الأول ، قال فى ( لقطة العجلان مما تمس الى معرفته حاجة الانسان ) ٠ فاعلم أن التاريخ عبارة عن يوم ينسب اليه ما يأتى بعده ، وقال أيضا التاريخ عبارة عن مدة معلومة ، تعد من أول زمن مفروخ لتعرف بها الأوقات المحدودة ، قال : « ولاغنى عن التاريخ فى جميع الأحوال الدنيوية والدينية ، ولكل أمة من أمم البشر تاريخ تحتاج اليه فى معاملاتها وف معرفة أزمنتما المضروبة دون غيرها من بقية الأمم ، وأول الأوائل القديمة ٠ وأشمر ما يكون مبدأ البشر » ٠ وقال أيضا عن سعيد بن المسيب ٠ قال : « جمع عمر بن رضى الله عنه الناس فسألهم من أى يوم يكتب التاريخ» ٠ فقال على بن أبى طالب : « من يوم هاجر رسول الله ٠ وترك أرض الشرك » ، فخعله عمر رضى الله عنه ، وعن سهل بن سعد الساعدى قال : « أخطأ الناس فى العد ، فما عدوا من مبعثه عليه الصلاة والسلام ٠ ولا من وفاته انم-ا عدوا من مقدمه المدينة ، قال وعن ابن عباس رضى الله عنهما ٠ قال : كان التاريخ من السنة التى قدم فيه-ا رسول الله هج المدينة، وقال قرة بن خالد عن محمد : « كان عتاد عمر ن الخطاب عاما جاء من اليمن ، فقال لعمر ، أما تؤرخون تكتبون فى سنة كذا وكذا من ثمر كذا وكذا ، فأمر عمر الناس أن يكتبوا من مبعث رسول اللمه ٠ ٠ وقيل رفع الى أمير المؤمنين صك محله شعبان، فق-ال أى، شعبان ؟ أهو من هذا العام أو من عام مضى أو عام يأتى الى آخر ما أطال فيه صاحب ( لقطة العجلان ) ، وهو كتاب أكثره فى التاريخ ولوازمه وفوائدم ٠ قال فى جواهر الأدب ، لأحمد الماشمى : « التاريخ هو معرغة أخبار الماضين وأحوالمم من حيث معيشتمم وسياستهم واعتقادهم وأدبهم — ٢٢ ٠ ولغتمم »، أى أن علم التاريخ له تعلق بهذه الأحوال كلها ٠ واذا اعتبرت هذه الجملة رأيت لها عموما شاملا ، لأحوال الدنيا والآخرة ، عان النظر فى المعايش والسياسات مما يتعلق بأحوال الدنيا ، وما يتعلق بالعقائد والآداب واللغة ، يتناول أمور الدين التى هى النجاة فى الآخرةأو الهلاك فيها والعياذ بالله ٠ وللتاريخ من هذه الوجمات مقام عال فى نظر الفكر العربى، وهل التاريخ من خصايص أمة أو أمم أع هو لمطلق الأمم، وهو الواضح كما بينه فى لقطة العجلان ، فكل أمة عاشت أو تعيش فى جيل من الأجيال لابد لما من حوادث بحسب طبيعة حالما ، وما تدعو اليه آمالما ، وبذلك يكون تاريخها مشتملا على قضاياها ٠ ولأجل ذلك ترى الأمم أن التاريخ عنوان أمته ، ودليل على خيرها وشرها ، إذ يعرب عن نواياها ويبرهن على مالها من صعود وهبوط فى أدوار حياتها ، ومن حق التاريخ الصادق الصحيح أن يكون مع الأمة كما هى ، حافظا لما الحقائق ، وجامعا لما الدقائق ، وافعا كل شىء فى محله الذى يجب أن موضع له ٠ وللافرنج مزيد اعتناء بالتأريخ لأنه داعية الأمة أو البيئة ، أو القطر ، وبه تعرف الأمم طيلة الدهر، فانه أعظم باعث للخلف، للسير عطى نهج السلف، وأكبر دليل على حقيقة العناصر العالية والسافلة، وأصدق قيل على الشرف المتأصل ف الأمم الفاضلة، ولا تتركه أمة فى حال رقيها لما له من مقام عند السادة الأعلام، والقادة الكرام على الدوام : ألا تسمع صاحب معالم الجزيرة يقول فى صدر كتابه : « حرام على الأمم أن تفرغ من اشباع تاريخه-ا القيم والحديث دراسة وتحليلا ، ونحن لانزل نتشاغل بالت-افه من الأمور ، لنعيش فى جمل بماضينا وحاخرنا ، ومن ثم فى غفلة عما ينبغى أن نرسم من خطط المستقبل على ضوء هداية التاريخ ، ولست أدرى متى يتنبه حملة الأقلام منا وولاة - ٢٣ — الأمىر فينا الى واجب كمذا ، اعتقد أنه من العوامل الأساسمية للنهضة التى نرجوها» ٠ فانظر فى كلام هذا البطل الحر، وهكذا رجال العمل، وأنا أعتقد أن ذكرى التاريخ من أعظم العوامل الفعالة فى الانسانية ، فلذلك يحتفل الافرنج بذكرى عظمائمم ، وأحاديث كبرائمم طيلة أزمأنهم ذلك لما للتاريخ من نفوذ بوحى فعال، ولأجل ذلكلاتظمر الافرنج تواريخ الأمم التى تسيطر عليما أو تريد السيطرة عليه-ا، ولذلك لما أراد الامام السالمى رحمه الله إعادة الإمامة فقام أولا بنشر تاريخ الأمة العمانية فبرز ى عالم القضاء ، ودرسه للطلبه وشساع بين رجال الأمة ، وعرفوا أفعال أسلافمم وأعمال آبائمم ومقاصد أبطالمم ، فهبوا متثوقين اليما ومتشوقين لما ، وكذلك طبع دواوين الشعر الحماسى الداعى الى نبذ الخمول واعتناق النشاط، فكان ذلك أعظم فاعل فى النموض بالأمة حتى اهتزت من أعاليها وأدأنيها ، وديوان الامام الحضرمى كان أكبر مؤثر على قلوب الأمة، فلقحت أفكارها وتلظى شرارها، فتحركت حركة شهدها التاريخ وضج العالم العربى العمافى حتى رفع عقيرقه فى القبائل العمانية ٠ وأقام الامامة طى صرحما الكريم ، حتى أجلسما طى عرشها الذى فقدته أعواما ٠ وكل ذلك بفضل دراسة أنباء سالف الآباء ، وبما عرف من أفعال الأجداد الماضين، ولا يزال التاريخ هكذا طيلة الأدهر، فان الأمم تتحرك طبعا الى اقتفاء أفعال السلف من ملوك وأئمة ومصلحين ، كما أشار الى ذلك هرقل بقوله لأبى سفيان إذ يساله عن رسول الله يلف : «هل ف أجداده من ملك 1 » فقال له أبو سفيان : لا ٠ فقال هرقل : فقلت لى كان فى آبائه من ملك لقلت رجل يطالب بملك آبائه ، أى فاشك فى نبوته والمعنى من كان آباؤه ملوكا فمو يحلم جعلكمم ويروم أن يكىن ملكا مثلمم ، هذا فاذا درس تاريخ آبائه لابدولن يتحرك بذلك رضم العراليبى ٠ وسبق لعا ف بحى المقالات فيه عولنا : « التاريخ محرسة الحولدث -٢-- الكونية ، ولسان معبر عن ما تمثى عليه المواشى الانسانية ، ودعاية عامة الى الأعمال العالية، ونعى شاهر للأفعال السافلة، يجد الناظر فيه الأعمال الحرة الفاضلة، كما يجد ضدها من المقاصد السافلة، ويقتبس طء العاقل فوائد قد لا يجدها فى غيره، ويتسلح منه الكامل سلاح السياسة السامية» أه ٠ وهى كلمات حقماأنتكتب بماء الذهب على جبمة الدهر لتخلد طيلة الأيام عنوانا لسرالتاريخ، وممايقطع به دراسة التاريخ تلقح الأذهان وتنحب بنى الانسان ، ويورث درسما قوة الجنان ، وحصانة الرأى وصادق الاعتب-ار ، لأن فيه-ا درس أحوال الزمان، وقضايا البرية مختلفة الأحرال متباينة الأعمال، فيرى فيه قارؤه احسان الأخيار ، وإساءات الأشرار ، وجور البغاة ، وكفر الطغاة ، ويرى السياسات العالية للملوك السامية ، ويتجلى فيه خبث الطوايا وسوء النوايا ، بحيث يخرج الدارس فيه وهو من أبطال الرج-ال المثقفين ٠ ولاشك أن أفعال الأوائل سلاح الأواخر وحجة الأكابر ، وبه يأمن المرء من لوم اللائمين ، وتأنيب المختصون ، والأتباع أأمن من الابتذاع،والعمل على نمج من مضى من أهل الحق نفس الاتباع ٠ واذا أخذ العاقل بعمل من سبقه من المسلمين لم يعنفه أحد من المؤمنين ، وأفعال السابقين حجة اللاحقين ، ومن لم يفهم عمن سبق ، لم يدرك من الحق إلا القشر، ولم يعرفساكوإلاالام٠ والحقيقة أن التاريخ مدرسة عالية تجمع مختلف الإدارات ، ٠ متباين الأغراض ، وتجتمع فيها المواهب وألمطالب من جميع الانسانية أفرادا وجماعة ملوكا وشعبا ، وما أبدته الدول من تقريب أمة وابعاد أخرى على حسب مقتضى السياسات الخاصة والعامة ، وانقلاب الأمور من أمة الى أخرى ، وانهيار صرح وقيام آخر ضده ، والعمل المتباين فى الأمة يقضى على العقول بالعجز عن ادراك الحقائق، ويعبر عن الدنيا تعبيرا صحيحا لمن يفهم لا لمن يسمع بأذنيه ،ويمر على القضايا لا يلةى — ٢٥ - له-ا بالا ولو كانت على عتبة بابه ، وقد أشار القرآن الى هذا فى قوله عز وجل : ( وكأين منآية ف السموات والأرض يمرون عليها وهم عنه-ا معروضون ) ٠ ولا شك أن من حككم هواه، وتعامى عن حكم الله فانه معرض لزوال نعم الله ، فان ذلك يسبب انفجار البراكين الضخمة ، ولا يبعد عليه وقت انفجارها ، فاذا انفجرت أعجزه ردها ، وأعياه تيارها ، فغاية ما عنده الخضوع لحكمها ، والسكون تحت وطأتها ، وكم لمذا من دليل عقلى و نقلى ٠ قال الامام السالمى فى تحفته فى الجزء لأول صحيفة مائتين وثمانين إذ يذكر راشدبن الوليد المختلف فيه قيل كندى ٠ قال : « ولولاأن أبا سعيد يعنى الكدمى ذكر هذ! الطرف من سيرته، لغاب عنا علمه كما غاب عنا علم غيره من الأئمة ، قال وذلك كله لإهمال التاريخ وقلة هذه الجملة التى وضعما هنا وتأسف وتلهغ على ضياع التاريخ ٠ ولا يخفى أن التاريخ مرآة تتجلى فيها أحوال الأمم أخلاقا وأعمالا ، وعواطف ومكارم ، وغلظة وشدة ، والتاريخ خازن هذه الأحوال بعد استجلائها وكثف حقائقما ٠ وانه لمعتبر لأهل العقول ، وحجة لأهل المنقول ، ومن لم يعتبر بأحوال الدهر ، وما يتحدث عنه التاريخ ، فه-و خال من العقل ، فاقد للشعور ، يرتمى فى الهلاك غير مبال بما يلاقى ، وهيهات أن يحيا الاعلى سيىء الأحوال ، وقال عبد القادر المذكور : « ولكنها أى عمان سرعان ما اعلنت توبتها ، وانضوت تحت لواء دين الله»٠ قلت : على فرض ححة المدعى ، فالحمد لله الذى ردها الى الحق راغبة غير مقهورة ، كما أسلمت كذلك والتائب من الذنب كمن لا ذنب له،ولكن الحقهو ما قدمت لك، وانما يرجع الى أصله المجبور ٠ ٢٦ ٠ الذى لم يدخل فى الأمر الا مكرها ، وقد علم أمر عمان أنه لما أسلم ملكاها جيفر وعبد طائعين ، قاما على الفرس الباقين بعمان اذ أنه لا يجتمع فى عمان دينان ، فاما أن تدخلوا فيما دخلنا في-ه ، والا فالسيف هو الحكم حتى أخرجوهم عن بكرة أبيهم منها ، وقد خليا بين عمروبن العاص والزكاة وائتمرا بأمره ، ودعوا من خالفه الى الحق ٠ وكانا لهعونا على مممته وخرجا بصحبته الى المدينة، لما بلغتهم وفاة النبى علقه، وأخرجمما أبو بكر رضى الله عنه لقتال آل جفنة بالشام، وبعد ذلك ردهما الى بلدهما مزودين بالأوامر والنصائح ٠ وسوف ترى ما يؤيد ه-ذا حتى تعلم بئطل ما قال هؤلاء الذين يتبعون كل ناعق ويكتبون الغث والسمين غيرمبانين بما يكتبون عن الأمم التى يتكلمون عنها فى سيرهم وتواريخهم، والله سائلمم عن كل نقطة يحررونها وكل كلمة يكتبونها فى أساطيرهم ٠ واعلم أنا إذ نذكر التاريخ أو تاريخ عمان على الأخص ، لانريد أن نجعله أقصوصة من الأقاصيص اللاهية ، أو أحدوثة من الأحاديث الواهية ، أو ملمى للسمار ، أو سلوة للمجتمعين فى المجالس والنوادى ، أو الدارسين فى المساجد أو الفارغين فى بيوتهم أو العاطلين من الأعمال ٠ انما نريد أن نحدث الناس عن أعمال الوجال الكمل، أوعن الأعمال الفاضلة، التى يعتمد عليها الرجال المعنيون بحب أوطانهم أوباستقامة دينهم ، أو بسعادة شعوبهم أو بأمن رعاياهم ، أو بحسن العمل لدينهم ودنياهم ، ولندل الناس أن الحق يشترك فيه القوى والضعيف ، والغنى والفقير ، والسابق والمسبوق ، وأن الله لم يجعل الحق لناس مخصوصين أو أسرة معلومة ، وانما الحق للكل يستحقه الناس بقدر أعمالهم ، ولا نريد أن نمشى على منهج من مشى محبا للمنفق عليهم ، وان كان ظالما جبارا جائرا على الأمة، ولو أنفق عليهاأموالاطائلة، ولايسألون عنها من أين نهبها أومن أين اكتسبها ، مع العلم بأنه ظالم جائر نهاب - ٢٧ يأكل أموال الناس بغير حق ، بل نريد أن تمثى الأمة أميرها ومأمورها ، عطى الصراط المستقيم، والطريق السوى الصحيح، الذى لا شائبة فيه من الباطل غير ناظرين الى المحرم الذى يقرب الأمة مختلدعا لها بالعطاء وضاءاًلها بدينها ودنياها، فناخذ منه العطاءونرضى عذه بذلك، ونحارب من أجله ونقال معه ، وانحق يقول لنا : ( فاستقم كما أمرت ولاتتبع سبيل المفسدين ) ٠ فلو ضربنا مثلابسلطان له وزيران : أحدهما يراعى منازل الناس الدنيوية ، فيعطيهم عطاء يغمرهم به ، فيخرجون عذه يمدحون ، ولايسألون من أين أعطاهم أمن مال زيد ، أم من مال عمرو ، وآخر لا يعطيهم ما ليس لهم ويمنعمم من ذلك، ويعطيهم مالهم ولا يمنعهم اياه ويقوم بمصالح دينهم ودنياهم كما يجب لهم ، فمن الأولى بالاتباع والطاعة اً فهنا وجمان : وجه يميل بمم الى الذى يغمرهم بالعطاء فمو واياهم ينبغى اقصاؤهم معا من واجبات الاسلام ، والثافى هو الذى يجب أن يطاع ، ويؤيد ويناصر، ولكن أينهو ؟ قد لا يوجد ، قال عمر ابن عبد العزيز : مأ طاوعذى الناس على أمر أردته من الدين الا اذا أعطيتهم جانبا من الدنيا ، واذا كان الناس كذلك فالداء فيهم عياء : ولايخفى على أن الأسد مطبوع على حب الاغتراس خصوصا اذاجاع من غيرأن يواقب أن ذلك الفعل ظلم وعدوان، لا ينبغى أن يأكل حيوان حيوانا مثله عاش فى أرض الله ، وأن الذئب ياكل القاصية من الغنم ، وأن له ثنشنة على ذلك خحوحا اذا خلا بغنم ، وأن السنور لا يؤمن منه أن يسرق ، ولو كان أأدب السنانير كلها ، وأن بقية الحيوانات كلها كذلك، وأن الحق أمر صعب الوقوف على حدوده كالوقوف عطى الجمر ، وأن العمل به كذلك بل لصعب ، لكن على الانسان أن يجاهد معهم نفسه أولا ، ثم يصهرها فى بوتقة التصفيات مرات لعلها أن تنصلح ٠ فانظر فرار الناس عن على الى معاوية حتى أصبحوا يقاتلون معه ، وانظر الى هرارهم عن الأثمة الى الجبابرة العتاة ، كفرار جبلة بن -٢٨- الأيهم عن عمر بن الخطاب الى قيصر ، ولوقال جبلة لم-ا كان عمر بن الخطابلايرىالاالانصافمنىأنا،فمنبابأولىلايرى الا الانصاف ممن هودون. ، وهكذا ينبغى وعلى مثل هذا تعيثى الأمة فى أمن ورخاء وسعادة وهناء ، أى حيث ينصف من قويها لضعيفها ومن زئيسها لمرؤسها ٠ وذلك هو الذى يحييها من مماتها ، ويرهع شأوها بالأمن والاطمئنان ، وبه يستقيم الأمر لدولة المسلمين ، وبدون ذلك لا يكون صلاح : و أنا أرى أن أعطيه عينى الصحيحة وأقعد تحت ظله أعمى ولا يضرنى ذلك بل الانقياد للحق يزيدنى شرفا وعزا ، ولأن أعيش عزيزا بعدل عمر بن الخطاب السيد العربى خير لى من أن أعيث عزيزا عند قيصر بالكفر فىدار غربة لاجئا محتميا ٠ و أولى. بى أن لحدث من جاءنى حدثته عن عدل عمر بن الخطاب ، ويكون دستور الحياة الأمة الجديدة بالاسلام، ولكته لم ير هذا، بل رأى أن يعيش كافرا، ويموت كافرا ، فى بلاد غربة ، وما ذلك الا للجهل والغطرسة الجاثمة على قلبه ، وغرته لذة عاجلة لا تطول أيامها ، ولا يبعد مرامها ، فبهذا وأمثاله نريد أن نبرهن فى التاريخ العربى أن ذكرى الصالحين الذين هم على نهج جبلة أوعلى نهج معاوية بن أ:ى سخيان، خلطوا عملاصالحاوآخر سيئا ٠ فالأول ارتد ، والثانى أجرم ، وأن يعلموا أن أئمة الاباضية على خلاف ذلك هو نهجمم حيث يقتل أحدهم أبناء عمه وأهل جلدته على كتاب بيعة ، وعلى الذين يعطى أحدهم كل نهر سبعة دراهم يقتتلون بها فى غلاءمنالعيث،تاركينكلشىء للهوفى الله دخل أحد لماء الاسلام المدينة المنورة ، فلما بلغ مجتمع الأمة قال : أين قصررسول الله ا ؟ قالوا لاقصرله: قال: ولم أكان فتيرا معسرا ؟قالوا :لا ٠قال: أينقصرأبى بكر؟ فقالوا : لاقصر له ٠ فقال : ولم أكان فقيرا معسرا ؟ كالرسول ٠، قالوا : نعم ٠ قال : بلغنى أنه كانله مال٠ قالوا : أئغتذ-ه فى سبيل الله٠قال:ولمم يدن قصرا فخما يثدار اليه بالبنان منمالهلا من مال الدولة ؟ قالوا : ان ٢٩ ماله أنفقه فى عز الدولة ٠ قال : ولم لم يتعوض منها له ؟ قالوا : ما أعزه الله بالم-ال بل بالحلاح فى الأسلام والتقوى ٠ وطال الجدل فيه بينهم وإياه ٠ ثم جاء الى عمر فاتح الأمصار وجامع الأموال ، وواضع العطايا فى الدواوين : والقاهر على النواحى . فكان الأمر فيه كالأمر فى أبى بكر رحمهما الله ، ثم الى عثمان الذى جهز بأمواله جيش العسرة ونحوه؛ وكانت الأموال تأتيه كالأودية ولم يدخر منما وسعا له، وهكذا طى بن أبى طالب ٠ فقال : اذا لمن هذه القصور ؟ خقالوا : لفلان بن فلان وفلان بن فلان، وهكذا ٠ فق-ال : هل كانوا أغنى من أولئك الذين تنصب اليهم أموال الدني-ا ؟ فقالوا :لا ٠ قال : فهل هؤلاء أشرف أولئك المذكورين ؟ فتالوا : تبدلت الأحوال ٠ فقال : من أعز الآن أولئك أم هؤلاء ؟ فقالوا : أولئك ٠ فعرف انقحلاع الحجة بتوضيح المحجة ٠ فحينئذ يتبين للقارى، الكريم الذى همته أتباع الحق والاعتماد عليه، أنا نريد أن ندل على الحقائق كما هى، ونعرب عن الظواهر الواجبة التى مشت عليها الأئمة ونبرهن على زهد الجلندى بن مسعود وأعماله، والموارث بن كعب وخصاله، والمهنا ابن جيفر وجلاله ، وناصر بن مرش-د وأفعاله ي ونعرب للناس عن أئمة آل يعرب الذين ملكوا جانبا من الدنيا ولم يخلفوا ورا ء هم القصور الغخمة ولا المصانع الضخمة، إلا ما أعزوا به الاسلام، ولاكانت لهم الحدائق الغناء ولا النقود التىتفوت العد،ولا الاختصاصات الذاتية ، بل هلكوا ولا يوجد لأحدهم بيت خاص لهم دون المسلمين ، مع ما ملكوه من الأموال ولم تعرف البنوك عنهم لكوكا ولا ملايين ٠ ولا ٠ ولا، وانما عرف الدهر عنهم العدل الناصع ٠ والانصاف الجامع والحال الكامل نوالفضل الثامل، ولا يزيد المثقال عندهم عن كونه مثقالا، فالى هؤلاء فريد أن نهيب بالناس لا الى هارون الرشيد ٠ — ٠٣٠ وقيناته ومعنياته ، أولا الى ملاهيه ومتنزهاته فى الدر والجوهر المضاع على غير أهله ، وقد قاتل عليه ناس وجعله هو و أضرابه تحت نعاله يدوسه بحميره وبغاله ٠ وليعلم التاريخ العالمى ورواده أن لكل وقت سياسة لا يتبقى اخلال به-ا ، والا كان الفساد أكثر من الصلاح ، بل ربما انعدم الصلاح ٠ إذا أقبل فريقان يختصمان ، أحدهما يحمل المدفع المدمر ، وطى رأسه الصاروخ الحاثر ، وف يديه انقنابل اليدوية ، وفى جيبه المفرقعات الساحقة ، وخلفه النسافات ألعظيمة ، والآخر يحمل السيف الأحمر المصطبغ بالدم من عمد العمالقة ٠ والعصا الضخمة المقتطعة من عهد عاد الأولى ،لابل قل والرمح الأزرق والسهم ذى الأوتار ، فبيد من ترى النصر ٠ أم الى من يجنح فان أسبابه بيد الأول رغم المعقول والمنقول ، لا بيد الذى يحمل السيف البتار ،الذى لا يصل الى خصمه الاوالنار تثتعل فى أردانه ، وقد أحترق بين يدى خصمه ، فهلك قبل الميعاد بمسافات ، وقد ألق-اه الرصاص على وجهه ٠ قبل أن يتخطى الى خصمه شبرا واحدا من الأرض وهكذا ٠ وليعلم الناس أن التاريخ حدث غما سبق ، ولم يحدث عما لحق بن عما يأتى ، فمجاراة الوقت بما لا ينافى فى العقل ٠ولا يعترض لى الشرع ، أمر مطلوب قطعا ، بل واجب شرعا ، لأن الله يقول لنا : ( وأعدوالمم ما استطعتم من قوة ) ٠ وسترى أيها القارىء فى تاريخ عمان أنواعا من ذلك ، وسترى فى تغلب النصارى على المسلمين نوعا يدل على ما قلنا ، وخصوصا فى جعلان بنى بو على وهم مسلمون ، وأولئك نصارى كفار أعداء لأهل لا اله الا الله مطلقا ٠ ولأهل الاسلام عموما ٠ ولتعلم أيما القارى أنا إذ نكتب التاريخ نريد أن نجعله وسيلة لتثقيف الناس بالحقائق الروحية العارضة الزمنية ، وسبيلا لمساعدة الأمة على ما يعانون من ٣١- مشكلات تصيبهم ونوب تحل عليهم ، ونخبرهم بقضية اجتماع المسلمين فى ممماتمم الماضية ممما كان الاجتماع فمو فعال ، وإليك صورة ستمر عليك فى الاجتماع عطى حرب راشد بن النضر الجلندانى وأحزابه وتدميرهم وهكذا لتكون على ثقة كاملة ، أن الاجتماع أول مرحلة تعيش بما الأمة فى رخاء العيث وسعادة الحياة ٠ وأن الافتراق والتلاشى ، داعيان الى الانميار ، ولو شاء الناس أن يزيلوا اللجبل الأخضر من عمان بالاجتماع لأزالوه، واذاكناعطىغيرذلك فقد أضعنا أعمارنا فى لا شى ء ٠ فان تدوين قضايا التاريخ قدوقع، وان الكلعلىذلك قد اطلع، وان العمل الصحيح ما عليه المجتمع ، ان المسلمين اليوم كما رأيناهم يدرسون أنتاريخ لكى يعرفوا أن فلانا كان أشجع أو أعظم بأسا بأساليب الحرب، أو أنه أفضل من فلان، لا يزيدون علىذلك، بدل من أن الافرنج يدرسون التاريخ تحليلا للمقاصد والتفاتا الى المراصد واهتماما بالقاصد ، لا يدرسونه أقاصيص ، أو خرافات أو حكايات كتسليات ، بل هم الباحثون فيه المتعمقون فى معانيه ، والآخذون بأركان مبانيه ، لا كمن اذا سمع أقاصيص الماضى يهز رأسه ، ويهمهم أو يدمدم ، وربما يعجب من شجاع يخوض المعامع فنجا وهكذا ، بل يحاولون بالتاريخ تثقيف العقول بمافى التازيخ من عظات بالغات، وعبر صالحات ، لأن تكون دستورا ، فتراهم يدرسون تاريخ سير أفراد من الرجال فتحوا الممالك، ووضحواالمسالك وبينوا الناجى من الهالك -إلاأنهم لايفهمون عنهم إلا أن فلانا مأت شهيدا، ليتنا كنا معه، وأن فلانا مات فاسقا والعياذ بالله منه، وهم فى كلا الوجهين كاذبون أو مخادعون أو مارقون ، آو على الأقل لا تفكير لهم فى شى ء إلا مجرد أحدوثة، كان زجل كثيرالبكاء على أحد الشهداء ، وكلما ذكر ذلك الشهيد يكاد أن يتمزق لو يحترق عليه إذ قتلتلك لقتلة الشنعاء ، ومثل به العدو ٠ -٣٢ — وهكذا حتى شاء القدر ، ورأى ذلك الشهيد فى النوم ٠ والجنود محيطة به والسيوف تنتاشه ، ويرشح دمه ،وهو يجالد العدو صابرا ، وه-ذا الرجل البكاء ينظر على الحال التى عليهاذلك الشهيد، وإذا به يتقاعس ويختفى عنه ثيئا فشيئا ٠ ويود أن يتوارى بسرعة حتى لا يراه الشهيد فيستنصره على عدوه ، حتى هم بالهرب فقدر الله أن رآه الشهيد ، فى أخريات الناس فدعأه فخجل ألا يجيبه فأجابه من غير قلبه ، فقال له ترى الح-ال الذى أنا فيه ، وهؤلاء الأعداء من حولى ، فخذ هذا السيف والترس ، وقاتل معى عسى الله أن يفرج عنا بك ، فأخذ السيف والترس واختفى عن نظر الشهيد ثم هرب بمما معه وباعهما ٠ وأكل ثمنهما وراح ، فأين بكاؤه الذى يبكيه ٠ وأسفه الذى يتأسفه ، وأين غيظه على العدو الذى يزعمه فقد هرب جتى بالسلاح ، ولم يرده لصاحبه ، وان قيل هذه رؤيا منامية ٠ فالواقع هى برهان على ما فى اليقظة ، وأن أحوال هؤلاء الناس أغلبها هكذا ٠ فالتاريخ يبدى لنا تمحيص الحقائق ناصعة غير مستورة ، ويعبر عن طوايا الناس كما هى واضحة ومن يعتبر يجا الحق فيه واضحا ، أن الغرض الوحيد من التاريخ هو الاقتداء ، ومعنى الاقتداء كبير الى حد بعيد لا يكاد يستطاع لقياس عليه ، فان معنى الاقتداء يفتح أبوابا تفوت الححر وتعجز الدهر ، فمعنى الاقتداء فى الأخلاق والديانات والأحكام ، ووضع القوانين السياسية الملائمة لكل زمان ، المناسبة لكل أوان ، عملا بمعنى الاقتداء ، فانهم ساروا على النهج الصحيح الوارد عن الشارع فى اخراج الأحكام الشرعية فى محلما ، والقوانين العرفية بدلما عند عدمه-ا ،وفى تطبيق االأنظار بحسب الأصول المثروعة ، والى هذا يشير قول المقائل : أحدثوا أحداثا فاحدثنا لما أحكاما ، والمعنى أخرجنا لها أحكاما قطابق وضعما ، فان الشرع وضع أصولا لا يرجع اليها المنقول ٠ ولا ينافيما المعقول ، فان لكل امام سياسة كما -٣٣- لكل زمان كذلك وإن تطور الدهر لا يخفى على كل ذى عقل سليم ، فكم جاء فى وقت خاص ما لا يتفق الا فى وقته الخاص به ، وكم جاء مناسبا لكل وقت ، واذا أردنا أن نذكر من هذا النوع أمثلة : أتتنا مندفعة من كل وجه تزدحم على الأفكار بحيث تتركنا نقول لا حاجة الى ذكرها لشمرتها ، وهذه هى ميزة خاصة بالموضوع ، ولكل مقام مقام ٠ وهنا كلمة لعمدة المؤرخين العلامة ابنخلدون نرى أن نضعها هنا ختاما لهذا المقام فى علم التاريخ ٠ قال فى مقدمة تاريخه العبر ٠ فىظبةائدلم٠ أما بعد ٠ فإن فن التاريخ من الفنون التى تتذاولما الأمم والأجيال ، وتثد اليه الركائب والرجال ، وتسمو الى معرفته السوقة والأغفال ، وتتنافس فيه الملوك والأقيال ، ويتساوى فى فهمه العلماء والجبال ، إذهو فى ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأيام والدوام ، والسوابق من القرون الأول تنمى فيما الأقوال ، وتضرب فيها الأمثال ، وتطرف بها الأندية اذا غصها الاحتفال، وتؤدى الينا شأن الخليفة كيغ تقلبت بما الأحوال ، واتسع للدول فيها النطاق والمجال ، وعمروا الأرض حتى نادى بهم الارتحال ، وحان منهم الزوال ، وفى باطنه نظر وتحقيق وتعليل الكائنات ومباديها دقيق : وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابهاعميق، فمو لذلك أصيل فى الحكمة ءربق، وجدير بأن يعد فى علومها وخليق، وان فحول المؤرخين فى الاسلام قذ استوعبوا أخبار الأيام وجمعوها وسطروها ، فى صفحات الدفاتر وأودعوها ، وخلطها المتطفلون بدسائس من الباطل هموا فيه-ا أو ابتدعوها ، وزخارف من المروايات المضعفة لفقوها ووضعوها ، واقتفى تلك الآثار الكثير ممن بعدهم وأدوها الينا كما سمعوها ٠ ( م٣ - عمان عبر التاريخ ج ١ ا ٣٤-- وسار فى خطبته سيرا واسعا بين غيه أحوال التاريخ والمؤرخين الى مدى بعيد بعيد يطول بنا ذكره ٠ وقال : مقدمة فى فضل طم التاريخ : أعلم أن علم التاريخ عزيز المذهب جم الفوائد شريف الغاية، إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم فى أخلاقهم والأنبياء فى سيرهم والملوك فى دولهم وسياستهم : حتى تتم فائدة الاقتداء فى ذلك لمن يرويه فى أحوال الدنيا والدين ، فهو محتاج الى مآخذ متعددة ومعارف متنوعة ، وحسن نظر وتثبت يفضيان بصاحبهما الى الح-ق ، وينكبان به عن المزلات والمغالط ، لأن الأخبار اذا اعتمد فيها على مج د النقل ، ولم تحكم أصول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمران والأحوال فى الاجتماع الانسانى، ولا قيس الغائب منها بالشاهذ والحاضر بالذاهب، فربما لم يؤمن فيها من العثور ، ومزلة القدم والحيد عن جادة الطريق الصادق ، وكثيرا ماوقع للمؤرخين والمفسرين، وأئمة النقل من المغالط فى الحكايات والوقائع؛ لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثا أو سمينا، ولم يعرضوها على. أصولها ولا قاسوها بأثباهها، ولا سيوها بمعيار الحكمة، والوقوف على طبائع الكائنات، وتحكيم النظر والبصيرة فى الأخبار، فضلوا عن الحق ٠ وتاهوا فى بيذاء الوهم والغلط،ولا سيما فى احصاء الأعداد من الأموال والعساكر، اذا عرضت فى الحكايات إذ هى مظنة الكذب ومطية اله-ذر ، ولابد من ردها الى الأصول وءرضها على القواعد، وهذا كما نقل المسعودى ٠ وكثير من المؤرخين فى جيوش بنى اسرائيل ، وأن موسى أحصاهم فى التيه ٠ بعذ أن أجاز من يطيق حمل السلاح خاصة من ابن عشرين فما فوقها ، فكانوا ستمائة ألف أو يزيدون ، ويذهل فى ذلك عن تقدير مصر والشام ٠ واتساعهما لمثل هذا العدد من الجيوش لكل مملكة من الممالك حصة من الخامة تتسع لها وتقوم بوظائفها ، وتضيق عما فوقها تشهد بذلك العوائد المعروفة والأحوال المألوفة ٠ -ه- وذحب هذا المذهب منتقدا ومحققا وباحثا وقائسا ،وموبخا للذين يأخذون القضايا جزافا ولا يهتمون بنظر يتحقق معه المقام ، وأشار الى دول الغرس، وأنما أعظممنملكبنى اسرائيل بكثير، وأشار الى بخت نصر ، وما كان له من السلطان على بنى اسرائيل ، وأشار الى جيث رستم ف القادسية وما كان من أمره وأطنب فى ذكر تلك الأحوال بين بنى اسرائيل، والفرس ٠ وليس ذلك من غرضنا، وانما نشير الى أن مثل هذه الأحوال حفظها لنا التاريخ كما قال ابن خلدون ٠ وعلى كل حال ، فقد أطال المذكور فى فوائد التاريخ بحسب الفن المعروف ، ولقد أشار الى فوائده أيضا من قال وقد أجاده : نبنى كما كانت أوائلفا تبنى ونفعل مثل ما فعلوا فلولا التاريخ من أين لنا أن نعلم ما فعلت أوائلنا، وبالجملة فقد صح الاجماع على أن علم التاريخ من أشرف العلوم فى الاسلام، ومما ينبغى أن يشتغل به ويدون وأن يعار اهتماما بالغا ، ويحرر تحريرا كاملا ، فان فيه أسرارا جوهرية ، تتجلى فيها العبقرية كما هى، ولا تضيعه الا الأمم المكتوب لها الانحطاط، فان من يدرى عمل سلفه من الأعمال الفاضلة لا يرضى أن يتركها الى الأعمال السافلة، إلا إذا كان مختل المشعور أو خائر العزيمة، أو منهار العقل، فان الغالب كما أشار الى ذلك القرآن الكريم :( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ) ٠ وكم قأمت الغيرة برجال للسير الى منمج آبائهم، ويرون مخالفة ذلك نزولا عن الشرف كماصحعنكثير من الغاس أمثال ذلك فكلجيل، فنذلك ترى الافرذج تدرس سير رجالها درسا دقيقا وتتبع حركاتهم وسكناتهم بكل مالها من قوى ٠ ٣٦- والحقيقة أن ميدان التاريخ أوسع الميادين ، وأن مادته متسعة كاتساعه، فإن موضوعه القضايا البشرية، وهى كما شاءها الله عديدة ٠ لا تكاد قلدخل تحت حصر ، ومن ذلك صار التاريخ معتبرا وقانونا ومصباح سياسة ٠ وعنوان رئاسة ، وكان أحق به ذوو المناصب فى الأمة من ملك وسلطان وأمير ، وغير ممنوع منه غير هؤلاء ، فكم فى الزوايا منخبايا، وكم فى الرجال من ابقايا،والله أودع خلقه أسرار حمته وهو طبم خبر ٠ ولدائرة المعارف ، لفريد وجذى ، كلمة فى التاريخ عظيمة تؤيد ما قلنا ، نعرض عنها حتى لا يطول على القارىء هذا المقام ٠ هإن ما قلناه وحررناه هنا كاف لبيان حقيقة منافع علم التاريخ وفوائده ٠ - ٠٣٧ اسة الاولى ض شخ ضد فى التعريف بشمان ق-ال ياقوت الحموى : عمان بضم أوله وتخفيف ثانيه وآخره نون اسم كورة عربية على ساحل بحر اليمن والهند ، وعمان فى الاقليم الأول طولها أربع وثلاثون دقيقة وثلائون درجة ، وعرضما تسع عشرة درجة وخمس وأربعون دقيقة فى شرقى هجر ، أى هى واقعة شرقى هجر ، قال : تشتمل على بلدان كثيرة ذات تخل وزرع ، إلا أن حرها شديد ، يضرب به المثل ، وأكثر أهلها فى أيامنا خوارج ٠ إباضية ليس بها من غير هذا المذهب، إلا طارى غريب وهم يراد منه التأنيب والقدح (() ٠ ماذا براد به ، وإلا فكيف يخفون الحق ، وهل يخفى فى الظلام ابن جلا ، وكيف يخفونه وهر مذهبهم الصحيح الذى عاش طيه رسول الله صلى اللهطيه وآله وسلم، وعاش عليه الخلفاءالراشدون والمسلمون المخلصون الذين باعوا نفوسمم لله، وتجردوا لنصرة الحق فى هذه الحياة ، ومذهب الاباضية يستدعى الكلام كسفا عن الحقيقة ، لأن أكثر الناس يجهلونه والخيبة لمن يجهل الحق ويعتمد غير الصدق ء ومن حارب مذهب الاباضية أو نال منه فليتاهب لنقمة الله عز وجل ، وسوف نبسط ان شاء الله الكلام عن هذا المذهب فى آول الجزء الثانى من هذا الكتاب فمن أراده فليلتمسه من هناك ٠ قال الحموى المذكور : « وأهل البحرين بالقرب منهم أى البحرين الأولى التى هى الحسا وتوابعما » ، قال : هم بضدهم أى ضد الإباضية ، كلهم روافض سبأيون لا يكتمونه ولا يتحاشون عنه أ ه ٠ (١) ام الثناء والمدح ٠ - ٣٨ ٠ وهذا دليل طى أنه أراد الغمز منمم ٠ والله طى لسان كل فاطق ، قال : وليس عندهم من يخالف هذا المذهب ، أى مذهب الروافض إلا أن يكون غريبا ، قال الأزهرى : يقال : أعمن ، وعمن إذا أتى عمان ، وقال رؤية : نوم شأم بان أو مئعئمن قال : ويقال : أعمن يعمن اذا أتى عئمان ٠ قال الممزق واسمه شاس بن فمار : أحقا أبيت اللعن أن أين فرتقا على غير أجرام يريق ممزق فان كنت ماكولا فكن أفت آكلى وإلا فأدركنى ولما أمزق وفى رواية خير آكل المى أن قال : فإن يقمموا أنجد خلافا عليمم وان يعمنوا مستحقبى الحرب أغرق والمعنى أخالفمم فإن يتهموا أى يأتوا تهامة ٠ فانا آتى نجدا ٠ وإن يأتوا عمان أنا آتى العراقى ٠ وكذلك جاء فى كلام الامام أبى أسحاق الحضرمى رحمه الله قوله : لعمر ك ما أعرضت عنك ليانيا و أعمنت عن بغض ولا عن معائب - ٣٩ - أى ما أعرضت عنك لعيب ولا أتيت عثمان من أجل عيب اعده عليه ٠ وفى القاموس : أعمن أتى عثمان ٠ كال الحموى : وقال ابن الأعرابى ا لعمن : المقيمون فى مكان ، يقال رجل عامن وعمثون، ومنه اشتق عمان ، وقيل أعمن دام على المقام بعثمان ، وقصبة عثمان صحار ، وعثمان تصرف ولا تصرف ، فمن جطه بلدا صرفه ف حالتى المعرفة والنكرة، ومن جعله بلدة ألحقه بطلحة ٠ وقال الزجاجى : سميت عثمان بعثمان بن ابراهيم الخليل عليه الصلاة واللام ٠ ملت : لطه كاه يهأ ست به ٠ وقال أبى كلبى : سميت بعثمان سبا بن يفثان بن ابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام لأنه بنى مدينة عمان () وإذا كان بابنما عمان ابن سبأ بن يفثان بن ابراهيم خليل الرحمن فيكون قد سكنها هى ومن معه من قومه، لأنه لايعقل أن يكون بنأها وحده، بل لابد أن يكون مع قومه وخاصته ٠ قال : وفى كتاب ابن أبى شيبة ما يدل على أنها المرادة فى حديث الحوض لقوله عليه الصلاة والسلام : ما بين بصرى وصنعاء ٠ ومابين مكة وأيلة ٠ ومن مقامى هذا الى عثمان قال : وفى مسلم : وعرضه من مقامى هذا الى عثمان ، قال وروى الحسن بن عادية : قال لقيت ابن عمر ، فقال : من أى بند أنت ؟ فقلت من عمان، قال : أفلا أحدثك حديثا سمعته من رسول اللهعلته؟قلت : بلى،قال : سمعت (١) قلت : ومما يؤيد هذا ان عاصمة عمان اذ ذاك صحار وقد صح أن بانيها صحار بنمدين اض ابراهيم الخليل ٠ رسول الله ٠ ، يقول : انى لأعلم أرضا من أرض العرب يق-ال لما عثمان ، على شاطىء البحر الحجة منها أفضل ٠ أو قال خير من حجتين من غيرها ٠ قال : وعن الحسن يأتين منكل فج عميق ٠ قال : عمان ٠ وعنه عليه الصلاة والسلام من تعذر عطيه الززق فعليه بعم-ان٠وقال القتال الكلابى: حلفت بحج من عمان تحللوا ببئرين بالبطحاء ملقى رحالما فى أبيات ذكرها الحموى المذكورتركتاها ٠ قال : « وينسب الى عمان داود بن عفان المعمافى » ٠ روى عن أنس ابن مالك ونفر سواه ، وأبزون بن ممنبرذ العمانى الشاعر ، وأبو هارون غطريف العمانى، روى عن أبى الشعثاء عن ابن عباس : روى عنه الحكم بن أبان العدنى وأبو بكر قريش بن حيان العجلى ٠ أصله من عمان وسكن البصرة ، ويروى عن ثابت البنانى ، روى عنه شعبة والبصريون ، ومعنى قول الحموى وأكثر أهلها خوارج اباضية كعادة أعداء الاباضية الذين يلمزون الاباضية باسم الخوارج ، والا فلا جامع بين الاباضية والخوارج أبدا ، فان الخوارج كانوا يدينون بحل مال من خالف مذهبهم و بحل دمه ، وهم فى نظر الإباضية أهل كفر فى الدين حيث استحلوا ما حرم الله ودأنوا بحله حتى استحلوا قتل الأطفال وسبى الذرية ، ولم يقل بذلك أحت فى الاسلام غيرهم ٠ وقال وصفى عنتباوى ، المفتش بادارة المعارف فى فلسطين ، وسعيد الصباغ مؤلف كتابى الجغرافية العامة الحديثة وجغرافية سورية العمومية المفصلة ، الطبعة الخامسة المطبوعة ١٣٦٨ه قال : « يطلق اسم عمان على قطر كبير يمتد من الشحر على بحر ٤١ العرب الى شبه جزيرة قطر ف خليج البصرة ، عيزيد عدد سكافه طى مليونى نسمة » ، قال وبلاد عمان جبلية كبلاد اليمن ٠ وترتفع جبالما فى الداخل والساحل أيضا، وتقجه هذه الجبال الى الشمال فتكون رأسا يدعى رؤوس الجبال ٠ أو رأس ما سفدوم، ويكاد يلامس هذا الرأس بامتداده ساط بلاد ايران عند مضيق هرمز ، وهو يفصن خليج البصرة عن خليج عمان ٠ قال : وأعلى جبال عثمان الجبل الأخضر الذى يرتفع ثلاثة آلاف متر عن سطح البحر ، قلت أكثر من ثمانية آلاف متر ، ومنطقة هذا الجبل اعمر جهات عمان ، يكثر فيما السكان وتغزر المياه وتخصب الأرض ومناظرها الطبيعية بمجة للنظارين،قال:« وتشنه بلاد عمان اليمن بجوحا واأوديتها الخصبة ٤ وسكافما متحضرون كسكان بلاد اليمن ، وهم يقطنون المدن والقرى طى سفوح الووابى وفى الأودية ، غير أن كثرة المراعى إلجيدة فى السهول الواقعة وراء جبال عمان الضيقة جعلت قسما كبيرا من السكان يفضلون حياة البداوة وطشرعن فى تلك السعول»٠ قال : « وبلاد عمان تشتهر بأنها موطن أجمل الهجن وأسرعما ركضا ، وتلدعى هذه الهجن بالعثمانيات ، وهى تصدر منا لسائر أقطار جزيرة العرب » ، قال : « وفى بلاد عثمان أقنية كثيرة تحب الأرض لجرى مياه الينابيع العذبة الى المدن، وأهم مدنما الداخلية الرسقاق ونزوة»، قال : « والساحل يقع على خليج عمان أمام سلسلة الجبل الأخضر سهل ساحلى يدعى الباطنة ءهو خصب التربةيمت-د نحو ٢٤٠ كيلومترا»،قلت بل أكثر من ألف كيلو متر شمالى مسقط، ومتوسط عرضه ٤٧ كيلو مترا ، وهو مملوء ببيارات النخيل وبساتين الفاكمة التى تعتمد عليها عدة مدن فى معيشتها ، أهمها صحار وصحم والسويق ، قال : « وينخفض ساحل عمان فى خليج البصرة فيطغى البحر طى ٤٢ — البر ليلا بواسطة المد ، وتتكون هناك سبخات ملحية تعيش من استخراج ملحها قرى كثيرة ، قال : < وقد دعى هذا الساحل بساحل القرصنة أى الملصة ، قال لأن سكانه كانوا قديما يحترفون صناعة القرصنة فى البحر ، أى هم يتلصصون » ، قال : « أما اليوم فيشتغل معظمهم بالغوص على اللؤلؤ الذى يستفيد منه العمانيون كما يستفيد منه أهل البحرين والقطيف والكويت» م قال : « وأهم مدن هذا الساحل الشارقة التى سماها هى شرجه ودبى وأبو ظبى ، قال وتقع جزر كثيرة معظمها تقع طى خليج عمان وترتفع وراءها تلال عالية فيها لبراج ءالية ، وقلاع حصينة ، ويحيط بالمدينة سور عال وخارجه علدة بيوت وبعض حدائق لا تكفى محاصيلهاحاجة المدينة من الخضروالغواكه،وهى من أشد مدن العالم حرارة وتمتد تجارتما الى الهند وشرقى أفريقية ، وتصدر التمر والملح والأسماك، وهى عاصمة بلاد عمان،ثمقال:«صورتقعبين رأس الحد ومسقط ويشتغل معظم سكانها بالملاحة بين الهند والبصرة ، وتصل سفنهم البحر والقطر المصرى ، وهى مدينة قديمة يرجح أنها موطن الفينيقيين الأولين » ، فتراه يذكر مساحة عمان من الشحر المى قطر ، وأنها كبلاد اليمن ، وهى فى الحقيقة من بلاد الميمن كما سوف تسمعه فى كلام ابن خلدون الى مضيق هرمز وأم سفدم ، ويقابل حدود ايران فى البحر العمانى الفاصل بين القطرين كووصف الجبل الأخضر وأنه أعمر جمات عمان ، ولا لوم عليه لأنه وصف غريب لا اطلاع له على الحقائق لكتا ننقلعن لغير فى تعريف عمان لغرض له بالمقام المام ، ووصف عمان بأنما موطن المجن الجميلة كما وصفها أيضا بذلك غيره، والحقيقة أن الذين جاسو؟ عمان وعلموا عنها فوق ما كانوا يسمعون أجمعوا فى أوصافهم وقرروا فى جغرافياتهم كل شى، صالح فى عمان ، ولو قلناه نحن لقال قائل انهم يمدحون بلادهم ، والواقع يشهد على ما نقول ، وسوف نقول ان شاء الله بعد ما نفرغ ٤٣- من نقل ما قيل ونحقق الحقائق ، فان أهل مكة أدرى بشعابما ووصف سسهل الباطنة وعد منه صحار ، كما سماها صهار بالهاء بدل الحاء المهملة ٠ وصحم وسماها سهام بالسين المهملة بدل الصاد والماء بدل الحساء المهملة والسويق وقلب قافها كافا ولا لوم طى زبب، فانهأخذلكبالنقلنمثله٠ ووصف مسقط بشدة الحر ، وعثمان كلها غالباتغلب عليها الحرارة فى الصيف ، كما قال واصفوها جاهلية واسلاما ، من أن صيدها عتيد وحرها شديد ، وكانت عمان بأسرها كذلك ، وان كان بعضه أحر من بعض كمسقط، وذلك لأنها تحيط بها الجبال مكتظة بما من جميع الجمات، فلا يخلح اليها الهواء لعسر طريقه اليما، كأنمايشير اليها قول أبى الطيب حيث يقول : إذا أتتما الرياح النكب من بلد فما تهب بما إلا بترتيب وذكر صور وهى كما ذكر من العمران القديم وأهلما الأقدمون هم الذين عمروا صور الشام لما ارتحلوا من عمان وسموها باسمها . وأهل صور أقوى من يصارع البحر منذ الجاهلية ، وقد عرفوا بذلك وهم حتى الآن على ذلك ، ومن أشد أهل عمان على مصراع البحر باتفاق أهل الملاحة فانمم يتغلغلون فى أقاصى الهند ، ويجر الهند معروف بأنه أخبث البحار ، كثير الأمواج كثير الأخطار ، ويسبحون فى البحار الأخرى حتى النيل ، والبحر الأحمركاد أن يكون موطنمم الخاص ، وكم هلكوا فى هذه الأبحر لكتهم مطبوعون طى حب المغامرة البحرية ويشوقهم اليها ما يجدون من خيرات وما ينالون من أرباح ، فلذلك يستلذون الأسفار البحرية التى تدر عليهم بالغنى ، فيتنافسون فى ذلك أثسد منافسة ، ولا يكترثون بما يلاقون ، ومن اعتاد أمرا سهل عليه ٠ -٤٤-- و أهم مدن عمان قلهات ومحار الجاهلية خصوصا ف الساحل . وأما مسقط غكانت أهميتما الملحوظة بعمد البرتغال ، وأما نزوى فكانت أهميتما بعد تعيينها خرا للاعامة ، وسوف ترى الكلام على ذلك فى محلة ٠ أما صور فمى قديمة العمران لها موقعما الطبيعى ومقامما الاستراتيجى كما يفمم ذلك أهل هذا الصدد ، وأما صحار الآن فقد لحقت قلمات فسقطت الأهمية منها تصديقا لحديثه عليه الصلاة والسلام : ما رفع الله شيئا إلا وضعه ، وقد شهرت الآن دبى وأبو ظبى ورأس الخيمة والشارقة ، وجاعت الآن موجة عارمة لمسقط ترفعما على متن الأثيرتدعمما فيه الثروة البترولية، ونالمت الشهرة معما مطرح ، فمما العينان الباصرتان فى الساحل ، وأما الجبل الأخضرفهو عرش عمان وحصنها الرفيع ، وعلى الرغم من وجود الطائرات غمى غاب منيع لاتفتح قفله الا البيضاءوالصغراء ٠ قال عبد القادد زلوم فى كقابه الذى ألفه فى عثمان والامارات السبع قال : ان عمانجزء من الجزيرة العربية يقع الى الجنوب الشرقى منها ، ويمتد قسم منه يشكل شبه جزيرة تشبه المثلث ، رأسه الى الشمال وينطح به بلاد فارس أى يقرب منها مسافة لامتداده فى البحر حيث رأس أم سندم ، كما أن شبه الجزيرة دعيت بساحل عمان ، وهى التى تشمل الامارات السبع وجزءا من سلطنة عمان ، أما قاعدة ه-ذا المثلث فمى ترتكز على خط وهمى ممتد بين قطر وسلطنة عمان ۶ وأماباقى القطر العمانى لهشمل ساحل الباطنة عمان، والجبل الأخضر والمنطقة الجنوبية وتتاخم الأولى (() بلاد ممرة، وأما الجبل الأخضى فياخذ فى الانحدار تدريجيا حتى يتلاتتى مع كثبان الربع الخالى فى الغرب،وعلىذلك يمكن تقسيم القطرالعمانى فى الوقت الحاضرطى ه-ذا اكسل ٠ (١) قلمت : هذا خطا فبين مسقط وبلاد مهرة بعد بعيد والجبل لا يتلاشى معكثبانالربعالخالىا٠ه٠ - ه٤ - اولا - سهل الباطنة ويقع على خليج عثمان ، وهو سط ساحلى ٠ ثانيا - داخلية عمان ٠ هلظ-المنطقة الجنوبية ٠ والحالة الاجتماعية فى القطر المعماقى ان أول منسكن قطر عمان فى القديم فرع من العرب البائدة وهم العماليق ، ثم نزله بعد ذلك قبيلة عمان القحطانية التى أعطت اسمها للبلاد فدعيت ببلاد عمان ووالقطر العمانى ، ثم حدث بعد انفجار سد مأرب أن رحلت الأزد الى عمان ، وهى من كبرى بطون كملان ، وضربت فى الأرض فسكن قسم منما تلك البلاد فسموا أزد عمان، ويظهر أن أول بقعة جذبتمم لسكى تلك البلاد هى الجبل الأخضر حيث الأرض الخصبة والماء الغزير، ثم توزعوا من هناك فى سائر القطر أنجادا وسواحل ، وأما باقى البطن من الأزد فقد تابعوا سيرهم الى بلاد أخرى ومنمم أزد شنوءة وغيرهم ، وقد تبع أزد عمان قبائل أخرى عدنانية وقحطانية بعد ذلك ، فسكنت تلك البلاد ء وقد ظهر الاسلام والأزدهم أهل عمان وملوكها، وقد دخلوا فى الاسلام عندما دخل الناس فى دين الله أفواجا على يد الصحابى عمرو بن العاص ، وفى عهد ملكيمم جيفر وعبد ابنى الجلندى ، وبعد مداورات ومناورات من القائد العربى الداهية، وبين الملكين المذكورين، وكان هو أول وال دام لظك البلاد, وكانت تعرف عمان فىعمده عليه الصلاة والسلام باسم الغبيراء ، والغبراء ، فلما بلغه اسلاممم قال : « رحم الله أهل الغبيراء آمنوا بى ولم يرونى» وروى ابنعمر عن النبى ,٠ أنه قال : « إنى لأعلم أرضا من أرض العرب يقال لها عمان على شاطىء البحر الحجة منها أفضل » ٠ أو قال خير من حجتين من غيرهما ، كما ذكرت أحاديث أخرى فى فضل عمان والحث طى انتجاعها للرزق ، ومعلوم أن رسول الله طلقه قد توف والجزيرة العربية تدين بكاملها بالاسلام، وعلى ذلك ٤٦- فعمان هى قطعة من الدولة الإسلامية التى نشأت على يد رسول الله٠٠ ويقال ان عثمان قد أخذت حظها من الردة فى عهد أبى بكر رضى اللهعنه ،ولكنما سرعان ما أعلنت توبتما ٠قلت : لم تأخذ شيئا من الردة أبدا ، وانما وقع سوء تفاهم بين اهوا دبا من شمال عمان والمصدق ، فظن أن القوم قد ارتدوا ، لأن بركان الارتداد من العرب الذين لم يدخل الايمان فى قلوبهم قد انفجر، فقاس المصدق أمرهم على ما يسمع أو يسمع من غيرهم ، فعاجلمم وهم رهن الاشارة الإسلامية، فقبض عليهم قبضة قادهم بها الى المدينة، وأبلغ الخليفة عنهم فسرعان ما تبين للخليفة الغلط من المصدق ، فرد القوم الى مأمنهم مكرمين محترمين ، فلقى بذلك الطاعنون فى أهل عثمان س-بيلا لتعليق الردة عليهم ، وهل يصح أن يقال لو فرضنا ارتداد أهل دبا أنه صحيح ودبا بلاد من أدانى بلاد عمان لا أهمية له-ا من الوجمة الزعامية، ولارئاسة لها، وإنما النظريص-ح أن لوكانذلك من زعماء عمان وأولياء الأمر فيها ، وهذا أمر قاله أحد المؤرخين بناء على المشبهة التى ذكرناها ، فسرى فى أقوال المؤرخين وتداولوه فى تواريخهم ونادوا به فى عمان ليكون أحدوثة سيئة لعمان ولأهل عمان ، والحق هو هذا وسوف ترى بسط ذلك فى محله عند الكلام طى اسلام أهل عمان انشاء الله٠ ومن مدنها المشهورة ، مسقط ونزوى وصلالة وصحار وسمائل ، وتاريخما ذكر ابن خلدون أنها سميت باسم عمان بن قحطان أول من نزلها من العرب فى عهد أخيه يعرب بن قحطان ، ونقل صاحب تحفة الأعيان فى سيرة أهل عمان : « أن قبيلة الأزد اليمنية التى هاجرت الى هذا القطر بعد حادثة سيل العرم وتهدم سد مأرب هى التى أطلقت عليما هذا الاسم باسم واد كانوا ينزلون حوله بالقرب من مأرب يدعى عمان» كما تحدث عن وقوع حوادث حربية بين العرب من رجال الأزد ٤٧ المهاجرين من اليمن وبين الفرس الذين كانوا يحلون هذا القطر العربى تغلب العرب فى نهايتها على الفرس وأجلوهم عن البلاد ، ثم لحقت بعمان قبائل عربية من بنى سعد وعبد القيس وتميم وغيرهم ، فقد خضع هذا الجزء من بلاد العرب قبل ذلك لحكومة التابعة فى اليمن الذين امتد سلطانمم على كثير من أقطار الجزيرة العربية كما سبق فى موضعه، فلماجاء الاسلام كان ملكعمانالىعبدوجيفر ابنى الجلندى الأزدى ، فبعث اليهما رسول الله طلقه عمرو بن العاص السهمى بكتاب يدعوهما فيه الى الاسلام ، وقال فى تحفة الأعيان فى تعريف عمان قال ابن خلدون :«هىمنممالك جزيرة العرب المشتملة على اليمن والحجاز والشحر وحضرموت وعمان » قال الامام : « يعنى عمان بعض جزيوة العرب المشتملة على هذه البلدان»٠ قال : « وهى خامسها اقليم سلطانى منفرد على بحر فارس من غربيها مسافة ثهر ، شرقيها بحر فارس ، وجفوبيها بحر الهند ، وغربيها بلاد حضرموت ، وشماليهما انبحرين كثيرة النخل والفواكه ، وبها مغاص اللؤلؤ سميت بعمان بن قحطان أول من نزل بها بولاية أخيه يعرب بن قحطان ، يعنى أن يعرب ولى عليها أخاه عثمان فسميت باسمه وصارت بعد سيل العرم للأزد، وجاء الاسلام وملكوها بنو الجلندى » الى أن قال « وهى فى الاقليم الشانى ، وبها مياه وبساتين وأسواق، وشجرها النخل » الى أن قال : « وقلهات هى فرضة عمان على بحر فارس ومما يليها الشحر وحجار فى شماليها ، » وأراد بما صحار تحريفا للصاد المهملة بالحاء الممملة الى البحرين أى الأحساء بينهما سبع مراحل ، وهى فى جبال منيعة أى عمان فى جبال منيعة ، فلم تحتاج الى سور ، وسيأتى أن عمان كانت قبل العرب فى يد الفرس ، وأنها صارت اليمم بعد سيل العرم بعد حروب الخ الى أن قال : وانهم أسموها ياسم واد كانوا ينزلون حوله ، اذا كانوا فى مأرب ، وأن الفرس كانت تسميها مزون وفى ذلك يقول قائلهم : ٤٨-- إن كسرى سمى عثمان مزونا ومزون ياصاح خير بلاد بلدة ذات مزرع ونخيل ومراع ومشرب غير صادى وقال المسعودى فى المروج : وسنجار قصبة بلاد عثمان وأراد بما صحار ، قلت هى صحار بعينما ، وانما حرف اسمها غلطا ، وقال الأندلسى الشريسى : صحار سوق عمان ، سيأتى ذلك عند الكلام على صحار ، قال : « ومرساها فرسخ فى فرسخ » ، أى كانت مرسى عظيما تكثر فيه السفن بحيث يصير امتدادها الى. هذه المسافة ، الى أن قال : « وبلاد عمان ثلاثون فرسخا » ، قلت : إن كان أراد طول ساحل عمان ريما قارب ذلك كما سوف تقف عليه فى محله ٠ قال : ما ولى البحر سهول ورمال ، وما تباعد حزون وجبال ، وهى مدن أى عديدة، قال : منها مدينة عمان أى صحار ، لأن لما الشهرة إذ ذاك » ، قال : وهى حصينة على الساحل ، قلت : كان تحصينها بأسوار تحيط به-ا قوية متينة ، قال : « ومن الجانب الآخر مياه تجرى الى المدينة أى ان صحار كانت تسقيها المياه بالقنى المنجرة الميها من الأودية التى هى فى أعلاها ، وهى التى تعرف عند أهل عمان بالأفلاج عرفا شائعا عاما الى آخر ما وصفها به»، وسيأتى ذلك فى محله ان شاء الله الى أن قال : « أحوازها مغاص اللؤلؤ ، لأن أحواز عمان كما عرفت الى الأحساء ، وكل هذا الساحل تابع لعمان ، وان قيل تابع لصحار غير بعيد ، لأن الشهرة فى ذلك العهد لصحار فى الساحل الشمالى ٠ قال فى معالم الجزيرة صفحة ٢١ : « ان البراكين فى القديم هى التى كونت الجزيرة على هذا الوضع الحاضر ، انما هو من عمل -٤٩- البراكين التى نرى من آثارها الآن الشىء العظيم ، فجميع الحرارة الموجودة فى جزيرة العرب ماهى إلااندفاعات بركانية خلفت لنا الحجارة السوداء النخرة فوق الرمال القديمة فأمسكتها عن التفتت والزوال» الى أنقال: لقد حدثت حركات أرضية فوق الادوار القديمة سببت تكون أخدود البحر الأحمر ، وافقسام القارة العظيمة الى قسمين قسم غربى البحر الأحمر فعرفه الآن بأفريقيا ، وقسم آخر شرقية نعرفه ببلاد العرب ، وقد تكونت عمان والجبل الأخضر بحركات أرضية مماءلة، قال فان المستر برترام توماس يؤكد ف كتابه ( العربية السعيدة ) أن بلاد عمان كانت فى الأعصر الجيولوجية قسما من بلاد ايران ، قلت : ان كان يعنى أنها قسم من بلاد ايران أى تابعة لها فمسلم ، لأن الفرس تولوا عمان وألحقوهاببلادعم حتىجعلهاأحد ملوكهم منفى لمن أراد نفيه من بلاده ، ومكثوا فيها عهدأ طويلا الى أيام نبى الله موسى ابن عمران عليه الصلاة والسلام ، حتى أجلاهم العرب فى عمود قريبة من البعثة، وتم جلاؤهم بعمد الاسلام فى عمان، وان كان يعنى أن عمان من بلاد ايران وتكون هذا البحر الفاصل بين عمان وايران ففصلهما عن بعضهما بعضا، فمن الممكن ذلك إلا أنالم نقف لهعطى صحة ، وعلماء البحار يذكرون أمكنة كانت أبحرا فصارت برا ، وبرا صارا بحرا ، وذلك بعد الطوفان ، ولعل هذه الحرارة التى فى بلادالعرب نتيجة تلك البراكين أو الغازات، وأخص بالحرارة بلاد العرب وعمان من أحرها فلعلها أكثر بلاد العرب غازا، وبراكين الغازات غيها غزيرة المادة ٠ وعمان مملكة خالدة من عهد عريق تتولى ممالك فتضمها اليها أحينا وتتأخر فى معض، الأحايين فتبقى على كرسيها بعمان ، وربما غزاها غزاة فى بعض الأزمنة فيتغلغلون فى قلبها ويتولون أمرها بشأن (م- عمان عبر التلريخ ج ا ) - ٥٠ ٠ الممالك الهامة التى تطمح اليما الأنظار، وعمان كماقيلعنما كرسى الجزيرة فى الشرق كثيرة المعادن المتنوعة ٠ واعلم أن عمان قديما اسم يشتمل هذه الرقعة التى هى منتمى شبه الجزيرة الى البحرين الحسا ، فهذه كلها عمان فيدخل فيها العقير وقطر ، ثم تبدل هذا الحال بعد ذلك فانفصل عن اسم عمان ذلك الطرف الغربى المشار اليه، ثم أنفصلت قطر وأطنت أنها قطر مختص بواحاته وصحاريه ، وبقى الاسم العمانى شاملا لأبو ظبى وما يليها تشريفا الى مسقط ، ثم كاد أن ينفصل هذا الى أقطار خصيصه حتى صار الخارج من دبى يقول انه زائح الى عمان وكذلك أهل الساحل على طوله، فيبقى اسم عمان مختصا بالبلاد الداخلية وهكذا، وهذا من باب التغيرالطارى لأحوال اقتخاها الحال فى عمان، وبلغنى أن ءلى بن عبد الله آل ثانى لما أطلع على الاسعاف ورأى فيه اسم عمان يشمل قطر استنكر ذلك، ولو رجع الى أصول التاريخ لم يستنكر ذلك ولأيقن أن لعمان الشرف الطويل العريض ، ولم يتبرم من كون قطر قطعة من عمان، ولو ألقى نظرته الى كلام أبن المغرب العيوبى حيث يقول فىقصيدته اللامية الهائية وهو البيت الثالث والخمسون منها وهو قوله : وجازت قرى البحرين عيسى وأصبحت عمانيبة واستسهلتها سواحله قال الشارح : « ويعنى بالسواحل سواحل البحرين من عمان » ، أن سواحل البحرين من عثمان لونظرذلك الأمير الى همذا وأمثاله لما استنكر كون قطر من عمان ولا عبرة بالتقسيم الطارىء على الممالك، فان ذلك شىء آخر غير ما نحن بصدده ، فقد صارت عمان فى القرن العشرين وهو القرن الرابع عشر المجرى ممالك متسددة ، وأقطار منفصلة تتنافس فى الشئون ، ولا سيما لما صار الساحل المعروف بالمتصالح أو - ٥١ — المحمى كله امارات ، وف قلب عمان امامة مختصة بجانب منه ، وفى ساحله سلطنة جاثمة عليه، وهكذا حار اسم عمان يتعلق بالقلب الداخلى ، وبمذا البيان نعلم أن عمان اسم شامل لهذه الامارات كلها، وتقع البريمى فى القلبمنعمأن لاعلاقة لما بأى قطر من أقطار الجزيرة العربية، اللهم إلا إذا كان الحكم للسيف لا للقلم، فللسيف حكم التغلب والقمر وللقلم حكم التحقيق والعدل الى الحق، ويرجع العدل الى الحق لا الى التغلب، ولو كان الحكم للسيف فلعمان أكثر بلاد العرب فى الجزيرة الى رأس الرجاء الحالح بشهادة الأجانب من اليمود والنصارى، وباعتراف العرب فى معظم البلاد ٠ فانظر فى حياة الشرق وغيره من كتب التاريخ جاهلية واسلاما تجد التحقيق، أما عمان الطبيعية فهى ما يشمل ما ذكرناه لا ما يقوله الغير ٠ قال الخضرمى فى محاضراته إذ يذكر جزيرة العرب قال : « وأسياف البحرين وقطر وعمان » قال فى التعليق : « بلاد على ساحل الخليج بين البصرة وعمان » ، قال : « وكانت هى وعمان أيام بنى العباس عملا واحدا » ، أى أن البحرين وقطر وعمان كانت تعتبر بلدا واحدا فى ذلك العهد ، وذكر قطر وهى بفتح القاف وفتح الطاء المهملة قرية على سيف الخط بين عمان والعقير وهى أى المعقير بحذاء هجر ، وقال فى صحار : « كورة عربية على ساحل بحر الهند بين حضرموت وعمان ، » قال : « وتنتهى الى البحرين » ٠ أى عمان نهايتها البحرين ، قال : « وقصبتها مدينة صحار » ، قال صاحب جغرافية الشرق الأذنى إذ يذكر الشحر : « تمتد هذه المقاطعة أى مقاطعة الشحر ثسرق ثمالى مهرة وتعد جزءا من بلاد عمان » ، قال : « وينقثس سكانها فى الساحل بين جزائر كوريا موريا وجزيرة مصيرة الخ » ، وعلى كل حال ان الثسحر قطعة من عمان ، وان كوريا موريا هما من عمان باتفاق المؤرخين القدماء الذين هم الحجة فى تحقيق التاريخ، أما ٥٢- الذين يتبعون أهواءهم فلم يكونوا حجة ف شىء ما ، والتاريخ العربى والإفرنجى شاهد بما قلناه ٠ قال بعض الكاتبين : أن عمان هى جزء من جزيرة العرب تمتد من حدود قطر الى حدود حضرموت وغير مضبوط عدد سكانما ولايوجد بها احصاء رسمى ولا اهتمام لأهلما بذلك٠قلت:بللهم اهتمام عظيم ، فقد روى أن سعال وهى محله بنزوى بلغ سكانما أربعة عشر ألفا،ولو لم يكن لهم اهتمام لماعلموا ذلك فى القرن الثالث عشر المجرى ٠ ولا يعرفة أول من سكنها على الصحيح ، ذكر بعض المؤرخين أن قبائل العرب البائدة طسم وجديس كانوا بما والعمالقة هم الأخص بها ، قال : « ولا يفهم أنهم افقرضوا أو أخرجمم الفرس منها » ٠ قال : «وكتب أهل التاريخ القديم والحديث كثيرا عنها وعن سكانها»قال : « ولابن خلدون وابن الأثير قدم السبق » أى فى التحدث عن عمان ، قال : « وذكرها غيرهم كالطبرى واليعقوبى والمسالك والممالك» ، قال فيلبى : « ان الأقسام الجنوبية من شبه جزيرة العرب هى الوطن الأصلى للساميين » ، وأراد بهم ذرارى سام بن نوح عليه السلام وقد سبق لنا ذلك ٠ ذكر العوتبى فى الأنساب وهوأحدرجال العلم فى أوائل أهل عثمان ٠ وفى كلام بعض التميمين يقول : ألا يا من لصب مستهام قريح القلب قد مل المزونا ٣ بفتح الميم وضم الزاى المعجمة قال المبرد فى معناه المزون عمان وهو اسممن أسمائما ،قال الكميت : فأما الأزد أزد بنى سعيد فأكره أن أسميها المزونا والمعنى أن اسم المزون اسم لعملن فأكره أن أطلقه على الأزد أى لا أطلق عليهم اسم بلدهم : وقال جرير : وأطفأت نيران المزون وأهلها أ ه من شرح أبى الحديد على نهج البلاغة فى الجزء الرابع صحيفة ١٥٨ أ ه ٠ قلت ولنا فى رعاية الأحساب عن للعمالقة هم بنو عملاق بنو لاوذ بن سام ابن نوح ، قال السويدى : وهم عظيمة طوال القامات يضرب بهم المثل فى الطول ٠ يقال رجل عملاق ، أى بالغ الطول قامات العماليق ، وكذلك عظم الجثمان ، تفرقوا فى البلاد فكان منهم أهل المشرق وأهل عمان والبحرين والحجاز » ، قلت : وهذا يدل أن من أول من سكن عمان العماليق ، قال : وكان منهم ملوك العراق وجبابرة الشام والجزيرة وفراعنة مصر ، ومنهم قبيلة جاشم بجيم بعدها ألف فشين فميم ، قال السويدى : هم بنو جاشم بن عملاق كانت مساكنهم يثرب والبحرين وعمان الخ ٠ — ٥٤ — مناخ عمان أما مناخ عمان فمو طيب جده شتاء أو صيفا ، وان وصفت بالحر فى الصيف فقد صح أن غيرها من بلاد العرب أحر منها ، ( فنجد ) أحر من عمان بمسافات وكذلك سائر الجزيرة، وان كان العراق والشام وباقى بلاد العرب من غير الجزيرة لاحر بها فعمان طيبة الهواء جدا ، أما السموم الحار الذى يهب فى الصيف فليس لعمان منه أكثر من غيرها ، بل هواء عمان دائما سجسج وارد أو معتدل ، وكذلك البرد لم يكن بها برد شديد بالنسبة الى باقى بلاد العرب ، فالرياح فى الطرف الشرقى من جعلان الى أطراف نزوى والظاهرة طلق نظيف لطيف ، وهواء البريمى كذلك، أما هواء الباطنة ففيه بعض اللزوجة فى وقات غيرطويلة المدى ، ثم تذهب لزوجته ويبقى باردا رطبا تعشقه النفوس ، واذا تبرم منه أهل عمان فمعناه لم يتعودوا على هواء البلاد الأخرى، فالرياح لم تكن زعزعا الا نادرا ولا تقف أيضا بتاتا بحيث يسبب توفقما ثقلا على النفوس كبيرا، وأما هواء الجبل الأخضر فى الحر يكون رخيما طيبا يسلى النفس وينعش القلب وينشط الدم ، ولما فى الشتا؛ بارد جدا بحيث تؤذى برودته لغير المتعود بما لارتفاعه ، فانه يقدر ارتفاعه باكثر عن عشرة آلاف متر عن مسطح الأرض بحيث لا يحس الماشى بحر الشمس اذا مشى فيه وقت الحر ولوحافيا ، وفى الشستاء اذاوقعت الأمطار وهبت الريح يجمد الماء ٠ جبال عثمان أهم جبال عمان الجبل الأخضروهو الجبل الخاص ببنى ريام عند الاطلاق، ثم جبل الكور الخاص ببنى هناة، تم قنة وادى السحتن وهو الخاص باًل عبرة بن زهران ، ثم تبقى قطع من الجبال 08 بعمان اه -ا حكم الجبل الأخضر فى بعض الأحوال كجبل صيا فى حطاط ، وهو جناح مستطيل بوادى الطائيين وقطعة منه بجعلان تدعى بجبل قهوان ، ثم جناح يمتد من جبل بنى ريام مغربا حتى يعانق جبال الحدان ابن شمس فيستمر سائرا فى الغرب حتى يشرف على سفح البريمى -ثمتمتدجبالليسلمامن صفات الجبل الأخضر لا اسما ولاسنى ٠ وبعض هذه الجبال التى ذكرناها ليس لهاحكم لجبل الأخضر إلا فى اللون أو فى العلو أو فى البرودة فقط ، أما جبل بنى ريام فمو جنة عمان وجنتها ، وأما جبل الكور ففيه بعض من نوع ما فى جبل بنى ريام ، وأما قنة وادى السحتن فمى قطعة من الجبل الأخضر فيها بعض الصفات الملحقة لها بحكم جبل بنى ريام ، ثم بقيت جبال فى عمان فخمة ضخمة فى ذاتها لكنها تخالف ما ذكرنا فى صفاتها ، والجبل الأخضرعلى الاجمال حصنعمانمن العدو الغازى، وحوض عمان لحفظ مياهما وكرس الأمن فى غالب الأحوال ومستشفى المرضى من أمراض عديدةلاعلاج لما إلا استنشاق هواهوأكل ثمره، إذ هو روض من الرياض فى فواكمه وزهره ولطيف نسيمه وحسن رباه ٠ رمال عثمان اعلم أن عمان أخذت حظما من الرمال المتناثرة والمتكدسة القارة والمتنقلة ، ففى الباطنة رمال مفروشة عليها معروتسة وغير معروشة ، هادئة قارة لما عمقها فى الأرض صالحة للغراس على اختلاف أنواعه باجماع أهل ألفلاحة، ولذلك صار اقليم البأطنة عامرا أغلبه ماهولا مملوكا على طول الساحل المتصالح الى حيث ينتمى، وفى عمان الداخلية رمال متتوعة منها المادى وسك والمتراكم وغيره من حعلان والدقم ومحوت الى ظفار فى الجنوب والى الأحقاف فى الغرب الى قطر، وبادية الظفرة الى أبو ظبى ودبى فى الجافب الشمالى ٠ ٠٦- مراعى عثمان اعلم أن مراعى عمان كثيرة متتوعة لا يحصيما قلم كانت ممما كان ومهما صح له من فراغ وخصوصا أيام توالى الأمطار فانما تصير كلما سملا وجبلا روضة خضراء ودوحة زهراء وجنة بمجة ، الا أن أطارئ كيلة غالبا* حيوانات عثمان اعلم أن عمان بما كل الحيوانات الأهلية من الابل التى يضرب بها المثل فى حسنهطا وجمالها وفى ركضها وأحمالما باتفاق خبراء العرب الذين لهم الخبرة والتجارب ، وقد شاع هذا عند المؤرخين قديما وحديثا ، وقضت به التجربة والعادة أيضا ، وقد صح أيضا أن لبن الحيوانات العمانية أصح الألبان ولحما أطيب اللحوم بحيث لا يمترى فى هذا أحد، وأما البقر فى عمان فكالابل بغير مدافع ألبانما ولحومها طى حد سواء فالسمن العمانى لامثيل ف العالم باجماع أهل الأقاليم، وان قال بعضهم ان سمنهم قليل فيتمكتون من تصفيته ، فالحق أنه أطيب الأسمان ان لميغش،لأن المراعى العمانية أطيب المراعى، فلذلك يكون اللبن والسمن أطيب الألبان والأسماك واللحوم كذلك، فانطيب المرعى مؤثر فى الراعى وهذا لا يدفعه أحد إلا مكابرة ٠ وأما الغنم بعمان فمى كالابل والبقر فى طيب الألمبان والأسمان واللحوم ، وأنواع الغنم فى عمان كلم موجودة ولما نماية الجودة ، بل ربماقال بعض الخبراء الذين لمم الدارية الكاملة، ان حيوافات الداخل قفوق حيوانات الساحل، وحيوانات الجبال قفوق حيوانات الأودية ، والسيوح بعظم الأجسام وطيب الألبان والأسمان واللحوم 0٧ حتى بالغ بعضهم غقال بالغرق فى الأرواث لدى الأسمدة، وذلك غير بعيج أيضا ٠ وأما الخيل فخيل عمان تفوق علىخيل باقى بلاد العرب، لأنها تطعم القت والتمر العمانى، وذلك هو الذى يكسبها التفوق فى ركضما والحسن فى هيئتما وجمالها ، شم تليما خيل البحرين فخيل نجد كذلك م وأما حمير عمان فمى أنواع منما حمير الجبل الأخضر كالبغال لا تختلف عنها فى شى أبدا ولا تصلح فى الجبل غيرها وباقى الحمير عديدة الأنواع ٠ واما الحيوانات الوحثية ففى عمان الوعل والظباء. بكثرة الا أن السيارات 1لآن فرقت بها شعر بغر ، ويوجد بما الثعالب والأرأنب ، ومن المحيوانات الضارية بعمان الذئاب والضباع ، أما الأسود والنمور والفهود فلا توجد بها أصلا إذلم نجد لما ذكرا ف التاريخ القديم والحديث، وتوجد بما الحيات المتوسطة الحجم والصغيرة الحجم أيغا أما الحيات الكبار التى تذكر فى البلاد الأخرى فلا توجد بعمان أصلا ٠ واما بحر عثمان فمو بحر الخير ومخزن الأرزاق لأته كثير الأسماك الطيبة اللذيذة صغارا وكبارا وذوعا يسميه اهل عمان المعومة، وآخر يطلقون عليه ما دام طريا اسم البزية بتشديد الزاء المهملة والياء المثناة من تحت ، واذا جف سموه قاثعا بقاف مفتوحة فشين مثلثة فعين ممملة ، — ٥٨ — ومن هذه الأنواع يصدر الى الخارج كميات كبيرة تعود على الأهالى بأثمان وافرة ومبالغ مهمة ، كما تكلم على هذه الأنواع كثيون من المؤرخين ، وفى بحر عمان من أنواع السمك ما لا يوجد فى غيره كثرة وطعما ٠ وفيه مغاص اللؤلؤ الذى هو أكبر الذخائر فى العالم ، ولا يوجد فى غير بحر عمان من ذلك ، وان وجد فشىء غيركبير الأهمية، ومازل بحر عمان هادئا مطمئنا قليل الأخطار كثير الخيرات عظيم البركات ، وعند أهل عمان يرجع ذلك لدعائه عليه الحلاة والسلام حين استدعاه الصحابى الكريم مازن بن غضوبة السعدى السمائلى وقد شهد ذلك وعسى أن نذكره فى محله انشاء الله ٠ أودية عثمان لقد ذكرفا فى مقدمتعا لقاريخ عمان بعضا من أودية عمان ونذكر هنا بعض منما وأهمها فى الداخلية وادى القريات ، وقد ذكرنا مبتداه ومنتهاه ، وهو واد كثير المزارع طويل المدى فيه قرى متعددة وأفلاج مبعثرة ومزارع متتاثرة على طول خطه ٠ وقريب منه وادى عندام المنحدر من رؤوس العق والجرداء ، ويمر الى أن ينتمى فى الرمل الجئوبى من عمان، ماهول مسكون قرام وفلواقه إذ هو كثير الفلوات واسع الغابات ذو ريف جمكه لا يخفى على 4ن حى با ٠ ووادى حلفين بحاء ممملة مفتوحة بعدها لام ساكنة ففاء فمثناة تحفية قنون ينحدر من الجبل الأخضر من سفحه الشرقى ليمتد الى الرمل الجنوبى ويسقط فى الرمل كثير البلدان والمسكان ٠ — ٥٩ — ووادى سمائل النازل من الجبل الأخضر بعض شعابه الغربية ، ثم يلتقى بشعاب أخرى عديدة كثير البلدان المحتوية على عشرات الآلافه من الرجال دون النساء والولدان ، لا يزال خصبة مستمرا الى أن ينزل فى رمال الباطنة بالسيب ، يحتوى على أمهات القرى فى عمان ٠ ووادى بنى خالد فى الجانب انشرقى واد متسع مأهول كثير السكان متسع البلدان ، واقع فى شرق عمان ، من أكبر الأودية العمانية التى لما أهميتما ٠ ووادى الطائيين واد عظيم له شعاب واسعة وبه قرى وبلدان متعددة القبائل كثيرة العحد ٠ ووادى وما يش-تمل على قرى لبنى شهيم وغيرهم من سائر القبائل وبه بلدان واسعة بالنسبة الى تلك القرى الجبلية ٠ ووادى المعاول المثتمل على تلك الديار الفيحاء ذات الحدائق الجميلة ، وفى رأسه نخل وهى من أممات القرى فى هذا الوادى المنحدر من سفوح الجبل الأخضر المعروف أعلاه بوادى مستل بميم مضمومة وسين ممملة ساكنة وتاء مثناة فوقية وآخره لام ، وهذا الوادى من أكبر الأودية وأكثرها عمرانا ٠ ووادى الأبيض المعروف من أعلاه يوادى بنى خروص لاشتماله على بلدان بنى خروص وفى آخر. قرية الأبيض المأهولة ببنى صبح ٠ ووادى الرستاق أعمر الاودية العمانية وأكثرها أرزاقا على الاطلاى -لأن فى أعلاه قرى لبنى عوف وفى وسطه الى آخره قرى الرستاق المتعددة. ذات الحدائق الغناء ، والبساتين الزهراء ، والغياض الخضراء أو على الاطلاق هو وادى الخيرات، وادى الأرزاق كثير القبائل واسع الفضائل ٠ ووادى بنى غافر من الأودية المتسعة التى لها أهميتما فى عمان مأهول بقبائل عديدة تحت اسم بنى غافر فيه بلدان رائقة حسنة يبتمج بها القلب ٠ ووادى الجماور كذلك من الأودية المأهولة العامرة بقبائله العريقه ٠ ووادى بنى عمرمن الأودية الهامة المعروفة المتعددة البلدان والقرى والمزارع الذى لا يزال عامرا كسائر أودية عمان ذو أهمية قبائلية وأمته التى تعيش فيه عيشة الأحرار ٠ ووادى الجزى المنحدر من جبال واحة البريمى المنصب ف النواحى الصحارية عامر بسكانه المتعددين من كتود ومقابيل وغيرهم من المقبائل ، ويشتمل على بلدان معروفة لا تخفى طى لحد لأنه طريق البريمى الى صحار الى الشميلية فى الغرب والى مسقط فى التسرق ٠ ووادى القور آخر الأودية فى الجمة الشمالية معروف عند الكل من مواطنين وأجانب ، وسكانه كذلك لا يخفى مقاممم وبلدانهم معروفة لاتحتاج الى ذكر،وعلى كلحال ان هذه الأودية التى ذكرناها هى أممات الأودية فى عمان ،والا فقد بقيت أودية كثيرة مأهولة عامرة لم نذكرها لصغر بلدانها وقلة قطانها ، لكن مجموعما يسد فراغا هاما فى عمان الداخلية،ولايخفى انا لم نذكر البلدان الواقعة فى هذه الأودية بأسمائها فضلا عن أممما وقبائلما ، ذلك شى ء يطول وربما كان عسيرا ، فلن مساحة عثمان تقدر بمساحة بريطانيا وكلما ماهولة مسكونة مقعائل متعددة ٠ - ٦١ - ولا يخغى أن الوضع العمانى ينقسم الى قسمين.، والقاسم له الجبل الأخضر ، فانه صار سنام البعير وغاربه ، فأما الجافب الشمالى منه من جوزة رأس الحد فى الشرق الى رأس أم سندم ف الغرب ، فمو منخفض جدا نهايته المبحر ، فانه يسير فى انحدار بحيث يغلب على القياس حتى يتصل بالبحر انحدأراً ملموسا ، فترى أمطاره تنقض الى البحر انقضاضا باهرا بحيث يحسبما الرائى انفجار براكين هائلة لاصاد لهاولارادس أما القسم الجنوبى بخلاف هذا فافه يتنازل تدريجيا الى أن ينتمى فى الرمل كما قلنا ،ثم ان الله جلت قدرته جعل قيعان الأودية المنصبة الى الشمال كلما صخرا يمنع بقاء الماء فى قيعانما، بل سرعان مايسيل الى البحر، وبعكس الأودية الأخرى، ثم ان الجبال الحالة فى الوسط العمانى هى الكفيلة بتقسيم مياه الأمط-ار عاى هذا الوضع الذىذكرناه٠ الولاياتن اعلم أن عمان تشتمل على أكثرمن أربعين ولاية فى الوقت الحالى، والمراد بالولاية منطقة يحكمها وال وقاض أو أحدهما ينفذان فيما حكمهما بشرع الله ، ويحكمان على القوى والضعيف ، ويستمدان قوتهما م الحاكم الأعلى ، ولهماجنود مدنيون يقومون بتنفيذ الأوامر، وأرزاقهم جميعا إمامن السلطنة العليا أومن خراج نفس الولاية لى حسب الاتفاق بينمم،علىحدى القوانين الاسلامية عن السلف الصالح كما هو معروف عندهم أشبه بأيام الخلفاء الراشدين ٠ - ٦٢ — العواصم بعمان عواصم عثمان الساحلية : أولها : مسقط - قال الحموى : < مدينة من ئواحى عمان فى آخر حدودها مما يلى اليمن على ساحل البحر » ٠ قلت هذه صفة لم تنطبق على مسقط ، ولكتما وصف غريب يصف الشى ء على غير صفته ، فهى على ساحل البحر مما يقابل فارس أوعلى الأقلمما يلى مكران، فأين مسقط من اليمن بل هى عاصمة عمان من البحر فى الجانب الشرقى الشمالى ، فمى مدينة من ممام المدن على البحر السربى الفارسى علا شأنما وعظم مكانها منذ القرن الحادى عشر لامجرة ، حين حل بها البرتغاليون وبنوها حصنا لهم بل حصونا وسوروها من الجبال بأسوار مكينة حين صار ملك عمان بأيدى الطغاة من آل نبهان ، واستمر بها الحال أيام اليعاربة الأجلاء الذين يفتخر بسم الدين وتبتهج بهم الدنيا ، ثم اتخذها آل بوسعيد عاصمتمم الوحيدة وهكذا تطور وقتها حتى الآن،وللهفىأرضه وبلاده نظرات والحمد لله ٠ والثانية : المطرح - وهى العاصمة الراقية لاتبعدعن مسقط فوق نصف ساعة على الماشى وطى السيارة الآن عشر دقائق أو دونما ، وهى مدينة تجارية أقام صرحها الحالى البترول وأنعش روحها السلطان الحالى قابوس بن سعيد المفدى ، فقام بعنايته شرفها الجديد ، فمى مصب التجارة العمافية على اختلاف أنواعما وهى فى الثغر الباسم فى وجه القادم الى مسقط ، وهى محاطة بجبال منيعة كمسقط المار ذكرها وبها الرصيف الذى أقامه بما السلطان قابوس ٠ -٦ - ثم الثالثة :صور-وهى العاصمة الثالثة، لما المقام المرموق فى العواصم الساحلية العمانية من نواح عديدة ، فمى بالجنبة عزيزة منيعة ، وبعمان قلعة رفيعة وبالسلطان العمانى كورة وقيعة ، تمون عمان الشرقية وترمى بأبطاها فى المغامرات فى وجه الطليعة ، فى أفق مكشوف وفضاء معروف ، لها منظر بديع فى البلاد العمانية ، لا تباريها فيه يلدة من البلاد العمانية الساحلية مهما كأنت، إلا أن أهلها فاقدون الحضارة ولهم فى سبر البحر زائد الممارة ، وبهافى الأطى منها حدائق غناء ناشئة على مياه عذبة لا يتصل بها البحر ، بها مزارع للخضراوات لا تزال وافية بحاجياتها، الا أنها قائمة على الزجر لا على الأنهار ، والآن يسر الله الآلات العصرية التى تقرب من الأنهار لتيسير مؤنتها وبذلك تصبح البلاد متقدمة جدا ٠ ثم صحار فى الجانب الغربى : صحار - العاصمة الرابعة ، قال باقوت الحموى، فى الجزء الثالث، فى حرف الصاد بالضم أى بضم الصاد المهملة ، وآخره رآء مهملة ، قال : وصحار قصبة عمان مما يلى الجبل، وتوام قصبتها مما يلى الساحل، قلت : هذا غلط فاحث،ان لم يكن قلباًمطبعيا، فان الأمر بالعكس، فصحار على البحر ، وقد أكل البحر منها أذرعا بل أبوعا ٠ وتوام اسهم للبريمى ، والبريمى فى عنق عمان ، وهى احدى عواصم عمان وأكبر مقاطعاتها فى الداخل ، قال الحموى : « وصحار مدينة طيبة الهواء والخيرات والفواكه ٠ مبنية بالآجر والساج » ، أى لكون الحجر بعيدا منها فى الجبال العالية ٠ والمرتفعات النائية، قال الحموى : «كبيرة أى صحار ٠ مدينة كبيرة » ٠ ق-ال : «ليس فى تلك النواحى مثلها ، سميت بصحار بن أرام بن سام بن نوح عليه السلام ، وهو أخو رباب وطسم وجديس ٠ قال اللغويون : انها تلى الجبل ، قلت ليس هذا مما يختص به اللغويون بل هذا مما لكل ذى طم بالاطلاع عنيه أن يقوله فلا مزية للغويين فيه يختصون بها ، ثم قال البشارى : صحار قصبة ٦٤ عمان ليس على بحر الصين بلد أجل مقه عامر آهل حسن طيب نزه ذو يسار وتجار وفواكه ، أجل من زبيد وصنعاء وأسواق عجيية وبلدة ظريفة ممتدة على البحر دورهم من الآجر والساج شاهقة نفيسة ، ق-ال : والجامع عطى الساحل له منارة حسنة طويلة فى آخر الأسواق ، قال ولهم آبار عذبة وقناة حلوة أى فلج بحسب العرف العمانى ، قال : وهم فى سعة من كل شىءقال : « وهو دهليز الصين وخزانة الشرق والعراق ومغوثة اليمن » ، قال : « والمصلى وسط النخيل ومسجد صحار على نصف فرسخ أى فى وسط البلاد والمسافة لمنتمى صحار نصف فرسخ من الشرق الى الغرب أو من الجيل الى البحر أو من الكل » ، وجميع ذلك غير بعيد من الحق ، فان صحاركما وصفها انما دهليز الشرق، وان أهلها فى سعة من كل شى ء وهذا ما ليس عليه من مزيد ، وأنما خزانة الشرق كناية عن كثرة الأموال والأرزاق بها ، إذ كانت تصب اليها أموال عظيمة ، قال الحموى وهو يذكر محل مسجدها « وثمت بركت ناقة رسول الله ا » ، قلت : لم نعرف هذه الناقة متى بركت هناك ، ولعلها فى عه-د عمرو بن العاص أيام جاء الاسلام أهل عمان ، وكان الركوب على النوق وان مركوبته هى ناقة رسول الله ا ، أى احدى نوقه ملتذ ، قال : « ومحراب انجامع مكوكب يدور ، شت—ارة ترام أصفر وتارة تراه أحمر وأخرى أخضر وهكذا » ، قلت : ان المحاريب فى المساجد أول من أحدثها عمر بن عبد العزيز الأموى أيام تولى المدينة قبل خلافته تعيينا لموضع الامام من الجماعة فى الحلاة ، قال الحموى : « ولا أدرى كيغ كان بروك الناقة وكأنه أخذ ذلك نقلا عن غيره » ، ولعل حقيقته ما ذكرت لك قال « وفتحها المسلمون فى أيام أبى بكر الصديق رضى الله عنه فى سنة اثنتى عشرة صلحا » ٠ قلت وهذا من الخطأ الفاحش الذى يقع فيه المؤرخون ، ومنه يتضح خطأ ما قالوه ف - ٦٥ — ردة أهلدبا،بل ردة أهل عمان،لقدصح واشتهر عند أهل العلم بالسير والتاريخ أن رسول الله صلى الله طيه وآله وسلم أرسل عمرو بن العاص السهمى القرشى الى جيفر وعبد أبنى الجلندى ملكى عمان فى اسلام أهل عمان،وذلك فى سنة ثمان للهجرة، والقضية عند أهل التاريخ أشمر من نار على علم فسبحان من له الكمال وحده ٠ قال الحموى وإليها ينسب أبو على محمد بن زوزان الصحارى العمانى الشاعر،وكانقد نكب فخرج الى بغدادفقال يتشوق بلدته من قصيدته : لحا 4لله دهرا شردتنى صروفه عن الأهل حتى صرت مغتربا فردا ألاأيها الركب اليمبانيون بلغوا تحية نائى لدار لقيتموا رشدا إذا ما حللتم فى صحار فألمموا بمسجد بثار وجوزا به قصدا الى سوق أصحاب الطعام فأنه يقابلكم بابان لم يوثقا شدا ولم يرددا من دون صاحب حاجة ولامرت جفضل ولاآمل فدا فعوجوا الى دارى هناك فسلموا على والدى زوزان وقيتم جهدا وقولوا له إن الليالى أو هنت تصاريفما رفدى وقدكان مثتدا (م٥ - عمان عبر التاريخ ج ا ) ٦٦-- وغيبن عنى كل ما قد عهدته سوى الخلق المرضى والمذهب الأهدا وليس يضر السيف إخلاق غمده إذا لم يفل الدهل من نصله حدا وهذا ليس من محل ذكر العواصم بل من محل ذكر أعيان عمان من علماء ونبغاء وخطباء وشعراء ، ولكن ذكرناه استطراداً كالتعريف بصحار ٠ واعلم أن العواصم الساحلية هى المنظور اليها من الوجمة الاستراتيجية، فإنها هى ثغور القطر وهى أبوابه فمهما تكون قوة الأبواب وحصانة الثغور تكون قوة القطر ، فاذا كانت !لأبواب خشبية أكلتها الأرضة أو النار ، واذا كانت حديدية فيحسب قوة حديدها وضخامته وضعفه ودقته ، والقوة ف الكون هى العمدة فيه واليما المنتمى ٠ والثغور هى أسسوار البلاد وهى حمون الأقطار وهذا ما لا يمترى فيه أحل القمى ٠ أما العواصم الداخلية فمى عبارة عن مواطن الحكام الذين يحكمون البلاد وأهم العواصم الداخلية : فزوى إذ هى مقر الامامة وعرش العدالة وكرسى الشريعة منذ عمد غير يسير ، واهل عمان بطبيعة مقضى مذهبمم غير وادعين الى الزخرفة العمرية ، ولا راكبين اليما لأسباب أبعتمم طى مذ. الحال لا قخفى على عباقرة الرجال، فنز وى عرش عمان الداخلية على كل حال ٠ ٠ ٦٧ - الحلقة الثانية فى الامم التى قطنت عثمان أعلم أن عمان كغيرها من بلاد الله التى هى موطن الانسان ، وبالأخص فان جزيرة العرب هى قلب المعمورة بالنسبة الى الوضع الطبيعى ، ولذلك فان المله جعلها مقر أجل النبوات العامة منذ أوجد الله الأمم البشرية فى الأرض ، وبالأخص أيضا الأمم السامية ، وقد فرضنا على تاريخذا هذا ذكر الأمم التى قطنت عمان من سائر الأمم التى مرت بها الأزمان ، حتى يقف القارىء على تحقيق الأمم التى قطنت الوطن ، ومرحت فيه قبله عهدا من الزمن غير يسير ، وما كان لها فيه العيش وما أبدعت فيه من المصانع ، وما كان لها ، وعلى الأقل يكون محلا للاعتبار وعظة بمن سبق ولذلك أمر الله عز وجل بالاعتبار فى الكون وما احتوى عليه من بدائع وغرائب ، وعلى ذلك يعلم القارى ء علما يحسن السكوت ليه ٠ فاعلم أن من أمم عمان فى القديم السومريين وهم أول من أخرج النحاس ، أول ما أخرج للعالم أخرجوه من عمان ، وكانوا يسمون عمان أرض ماجان ، وذلك لأربعة آلاف سنة قبل الميلاد أو يزيد عليها ، وأن الكلدانيين أيضا من الأمم التى قطنت عمان كما يقول المؤرخ البريطانى برترام توماس والمؤرخ بلينى الكلاسيكى الذى كان ف القرن الأول للميلاد ، وكانوا يسموت عمان إبليتا ، وجاء الفرس شم جاء قوم عاد فسكنوا عمان حتى أجلاهم منما عمان بن قحطان لما تولى عمان من قبل أخيه يعرب بن قحطان، وكانت منازلمم بالرمل المعروف برمل الأحقاف وهو من عمان بغير خلاف ٠ وان الغينقيين سكنوا عمان وكافت صور بلادهم فارتحاوا عنما جلاء الى الشام ، وبنوا فيما مدينتمم المسروفة بصعر الشام ، بدلا من - ٦٨ ف٠ صورهم فعمان، لكن لم أعرف الذى أجلاهم،ولعلهعمانبن قحطان، قال فى المنتخب وكان مالك بن حمير قد ملك عمان ، ثم ابنه قضاعة ، ثم ابنه الحاف ثم ابنه مالك ، ثم حاربهم انسكسك الحميرى فأخرجهم من عمان ٠ قال بعض المؤرخين القدماء : «أما الآشوريون فقد استولوا على عمان وذلك زمن ملكهم تفلت فلاس الآشورى ، ثم حل محلمم البابليون الأخيرون فازدادت عمان بهم قوة وازدهارا ، ونشطت تجارتها إذ كانت الامبراطورية البابلية الثانية نأت اعتناء بعمان ، وأخذت فيها ردحا من الزمن ، وذلك فى القرن السابع قبل الميلاد ، ثم جاءكورش أحد ملوك الفرس ، فاجتاح البابلية اجتياحا من عمان ، واستطاع أن يحقق أحلامه فى السيطرة على الخليج العربى وموانئه المزدهرة على ساحل عمان، وأزل البابليين منعمان كليا، وحل محلهم الفرس»٠ فيتبين من هذه الأقوال أن أول من حل بعمان السومريون وهم أول من أخرج النحاس قبل أن يكون له وجود ، فصنعوا منه المزهريات وهم الذين سموا عمان بلاد ماجان، أى بلاد النحاس ، وذلك قبل الميلاد بأربعة آلاف سنة ، وه-ذا يدل أنهم توطئوا عمان وتمكنوا من نواصى الأعمال فيها حتى أذن الله بزوالمم منما ٠ ثم جاء الكلدانيون فنزلوا عمان وقطنوا بما لعواما غير يسيرة وهم الذين سموا عمان ابليتا ٠ ثم جاءت الفرس الأولى فنزلت عمان وتولوا زمام الأمر فيما أعواما لا تقل عن سبعة قرون ، ثم أراد الله زوالهم منما بعد ما مرحوا فيها تلك القرون المشار اليها، وزاحمت فيما قوم عاد إذأفاضوا عليها من الجزيرة العربية موجات متوالية مزدحمة ، فكانت الأحقاف مركر -٦٩- زعامتمم ومحل العتاة منهم ، كما أشار القرآن الى ذلك ، وكان لقوم عاد فى عمان النقض والابرام ، ولهم المولة والطولة ، حتى لما تعاظم بغيمم وبالغوا فى تحكيم عواطفهم وعتوا عتوا كبيرا فى أرض الله ، فأراد الله الذى بيده كل شىء الانتقام منهم أرسل عليهم نقمته ودوخهم سخطه كما قص الله عنمم فى كقابه الكريم ٠ ثم جاء عمان بن سباق الفنجديمى أحد الملوك ، فتولى عثمان وطرد منها بقايا قوم عاد وعاش فيها هو وأرهاطه ردحا من الزمن ، ثم جاء عمان بن قحطان واليا على عثمان من قبل أخيه يعرب بن قحطان ، وقد علمت أن أول من سكن عمان ، عمان يفثأن بن ابراهيم ، وقيل عثمان بن ابراهيم ، وقيل عثمان بن سبأ بن يفثان بن ابراهيم أول من بناها ، وهذا هو الأقرب الى الصواب ، قال فى ألمنتخب صحيفه ٩١ : « وصار أولاد نصربن الأزد فى أرض فارس وجوا بن ثسجر ، وهى عشيرة الجلنذى ابن كركر » ، قلت : عشيرة الجلندى بن كركر معولة ابن شمس أه ٠ وقيل هو من أولاد مالك بن فهم ثم عاش العرب القحطانيون فى عثمان ردحا من الزمن ، وعثمان إمارة مستقلة لماأهميتها فى كل عهد حتى الآن ٠ قال الخضرمى فى محاضرته : « عطف عمران بن عمرو مفارقا لقومه نحو عثمان ، وقد انقرض من بما من طسم وجديس فنزلها واستوطنها هو و بنوه وهم أزد عثمان ، فهذا يدل أن طسم وجديس كانوا هم أهل عثمان أى قبل الأزد ، ولم ذكر من أجلاهم منها ، أما الفرس وهم آخر الأمم بعمان فقد أجلاهم مالك ابن فهم، وذلك يدل أن الفرس أجلوا الأزد من عئمان حتى جاء مالك ابن فهم ، وهم العريقون بها حتى أجلاهم مالك المذكور من عثمان ٠ وتلك الأيام نداولما بين الناس ، فتبين أن الأمم التى قطنت عمانقبل القحطانيين أكثر من عشرأمم على الأقل ، فمنمم السومريون ، ثم الكلدانيون ، ثم العاديون، ثم الفينيقيون، ثم الآشوريون، ثم البابليون ثم الفارسيون الأولون ، ثم الفنجديميون ، ثم القحطانيون ، ثم السبأيون ، ثم الطسميون ثم الجديسون، ثم الأرديون الأولون، ثم الفرس الأخيون، ثم الأزد الأخيون ، وكان ملك الفنجديهيين عثمان ابن سباق ٠ والسبأيون آلسبأ بن يفثان بن ابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ، وأما الأزد الأولون فهم آل عمران بن عمرو ، ثم الفارسيون الأخيون المرازبة وأعوانهم ، ثم الأزد الأخيون وهم مالك بن فمم وأتباعه ، ويدل على أن الأزد تولوا عثمان مرتين قول مالك بن فهم لجنوده ، عند ملاقاتهم للمرازبة فى حال حربمم ، إذ قال لهم مالك بن فهم منجملة ما يحرضهم به : « حاموا عن أحسابكم ، وذبوا عن مآثر آبائكم » ٠ فقوله : عن مآثر آبائكم يدل أن لآبائهم بعمان مآثر ، فهو يحرضهم على المذب عنما،وماهى تلك المآثر هى كون آبائهم كانوا ملوك عثمان قبل هؤلاء المرازبة، والمعنى إذا كنتم معشر ألمرازبة تعدون عمان ملككم فنحنكذلك،فاما أن تقاسمونا فيمابناءعلى أنكمكنتم بها كما كنا نحن بها ع وإما أن نتقاتل بدعوى أنا كلنا ندعيها ، ولعل هذا كان أول ما اقتضاه نظر مالك بن فمم فى زحفة عليها ، وهذا الذى ذكرناه منصوص فى كلام مالك بن فمم ٠ وكان مالك بن فهم بعمان فى أيام نبى المله سوسى بن عمران عليه الصلاة والسلام، وهو الذى كان يأخذ كل سفينة غصبا، وذلك دأبه إذا أراد التنقل من بلد الى بلد آخر ، أمر بأخذ السفن المارة ببحر عمان ، وكانت قلهات عاصمة عنمان فى أيامه ، وكان أكثر نزوله بما لحصانتها من الغزاة ، فانها بلاد جبلية ضيقة على الغازى يثق عليه - ٧١ - دخول عمان منما ، وكانت تثرى الأمم على الساحل كالغنم وهم مسلوبوا سغنهم لا يدرون أين يتوجمون ، وهذا شأن الملوك إلاما شاء الله خصوصا فى الجاهلية ٠ وكان مالك من هذا الطراز ، وكانت قلمات حصنة الساحلى ، قال فيه-ا ياقوت الحموى : ١<1 مدينة عطى ساحل البحر إليما ترفا أكثر سفن الهند » قلت : ومنما يصع مالك السفن الارة على البحر العمانى إذ ترسو بها ، قال : « وهى الآن فرضة تلك البلاد ، وأمثل أعمال عثمان عامرة آهلة ، وهى من أقدم العواصم إذا اشتمر فزول مالك بن فهم بهاوتحصنه فيها » ٠ وأماياقوت فيظنها جديدة العمران ، وليس الأمر كما ظن ٠ وف مروج الذهب للمسعودى : أن مالكا سار من اليمن مع ولد جفنة بن عمرع بن عامر مزيقيا فسار بنوجفنة نحو الشام واففصل مالك نحو العراق، فملك على مضربن نزار اشنتى عشرة سنة ، فدل ذلك أن العراق إذ ذاك مضرية ، فلما نزل بما مالك كان ذلك وفق شقاق القوم فيما بينهم ، فملكوا مالك بن فمم عطيمم ، دهعاللشقاق بينهم ، قال : ثم ملك بحده ابنه جزيمة فأم ملك جذيمة الى مشارف الشام الى الروم نحو الغرات ، وكافت دلره جالموضع المعروف بالمضيرة بين بلاد الخافوقة وقرقيسيا ، قال وأقام جذيمة ملكا فى زمن ملوك الطوائف خمسا وتسعين سفة ، ون ملك ازلثجم بابك وسابور المجنود ابن أزدشير فلاما وعشربن سفة ، فكلن ملكه ثمانية عشر سنة ومائة سحة م وذكر العوتبى ف الأنساب عن الكلبى : ٠ أن أول من لحق بمان من الأزد مالك بن لههم بن غافم بن هوس بن عدفان بنعبد لله بن ذهران بن كعب بن الحارث بن عبد اله جن نصربن 4لأرد» ، قلت : نعم - ٧٢ - إن أولمن لحق بعمان من الأزد الأخير مو مالك المذكور، لأن بلاد للعرب قد عرفت فزول من نذل بها من الأزد ألمراحلين من اليمن ، وعرفت أن مالكا انفصل الى العراق وأقام بها فى جوار مضر ، فملكوه عليمم حين أبوا أن يملكهم واحد منهم لعتوهم لى بعضهم بعضا ،ثم لم ير مالك المقام مع قوم ملكوه على أنفسهم ، فكانت المنة لهم عليه بذلك ، وليس بملك من ملك لأن الملك إذا لم يكن ملكثه عن قوة له طى من ملك، فان ملكه عارية مستردة ، فلذلك حول مالك بن فهم عزيمته الى عثمان ليناطح الفرس فيها ويتملك ما يتملك منما بقوته، وعثمان سبق الأزد فيها ثم أنجلوا عنها فعاد إليها مالكليعيد ملكها له إن استطاع، ويعيث فيها عيشة الأحرار ٠ وقال بعضمم : إن الدولة المعينية وهم من عمالقة العراق ، وقيل عم من الآراميين امتد سلطانهم الى عمان ، ثم جاء الحمورابيون بعدهم ثم السبأيون الذينهمآلسبأبنحمير القحطانى، فكونوا دولة الحميريين ، ثم تلاهم الفينيقيون ، ثم الأكاديون ، ثم الكلدانيون أيضا وهم من أهالى الجزيرة العربية ٠ قال فى معالم الجزيرة إن سلطانهم أمتد على الجزيرة العربية بأجمعها الى خليج فارس والبحر الأبيض المتوسط، قلل : وأمادولته فقبن الميلاد بثمانية قرون ، قال وأما التبابعة فقبل الميلاد بتسعمائة سنة ، قال ويشترط فى التبابعة أن يكون الملك ضاما اليه مع اليمن حضرموت والشحر و إلا فلا ، يقال له تبع ، قال : وتبتدى مدتهم بسنة خمس وسبعين ومائتين بعد الميلاد، قلت : وهذا يخالف ما قاله أولا إن التبابعة قبل الميلاد بتسعمائة سنة، قال ومدة ملوكحمير تبلغ أكثر من ألفى سنة ، قال والآشوريون منسوبون الى أشور كما أن الفينيقيين منسوبون الى فينيق ، والحقيقة أن التحقيق للمدة التى عاشستها هذه الآمم -٧٣- وتحقيق ملكمم يعسر على أهل هذه العمود، فان التدوين لم يكن موجودا خصوصا مع العرب ، وأن الذى يقال إما من آحاديث النبوات وأخبارها ، وإما من أقوال أهل الكقاب والقخطيط غيه غير مستقكر ٠ وخراب سدمأرب قيل ف القرن الثالت للميلاد، وقيل فى الخامس وقيل فى السادس، ومنه يعلم خروج مالك بن فمم لى عئمان، وكم كانت مدته، وعلماء التاريخ ليس هم الذين يدونون الوقائع لو يكتبون الحوادث ونحوها ، وإنما هم الذين يستتتجون الأمور من مقدماتها ، ويفهمون الأحوال من سير لأكم ال ، ويستخرجون أحكام القضايا منوقائعما وهكذا ٠ وف التاريخ العثمافى أمور هامة وقعت فى العمود التى مرت طى الوطن فى حقما وباطلما سوف ترى ذلك ف هذا التاريخ إن شاء الله ٠ وهذه دبى ف زهوها وجمالما أصبحت طافحة بالأجانب يمتلكون نواصى الأموال ويقبضون على خيرات البلاد ويتغلغلون فى الأحوال الخاصة فضلا عن العامة ٠اللهم انكتعلم ما نقول قبل أن نقول، فأحفظ لنا ديننا من الأديان الباطلة ، واحفظ وطننا من اعدائنا إنك كر بم رحيم ٠ -٧٤- الحلقة الثالثة فى نزول مالك بن فهم بعمان وحروبه للفرس الى إنتهاء امرهم قال الامام السالمى رحمه الله ، وسمعت من يدعى المعرفة بذلك يقول : إن ذلك كان قبل الاسلام بألفى عام ، وذلك يقتضى سبقه على عهد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام بقرون ،واذا كان هذا قبل الاسلام بألغى عام، وقد علمت أن عمران بن عامر نزل عمان قبل مالك بن فهم بمدة طويلة ، وكان قد سبقه بها أيضا عثمان بن قحطان . فكان بين عمان بن قحطان وعمران بن عامر قرون متطاولة ، وبين عمران بن عامرومالك بن فهم أيضا كذلك ، فغير مستنكر إذا قيل بين ذلك وبين الاسلام ألفى عام ، فيكون القحطانيون تولوا عثمان ثلاث مرات ، وهذا قريب من الصحة بحسب استقراء التاريخ ، ولما قخى الله على مأرب بالخراب وقضى على أهلها بالانتقال والذهاب، وأن يتفرقوا فى نواحى الأرض لحكمة أرادها الله عز وجل ، وقضى بها فى محكم الكتاب، أرسل الله على مأرب سيل العرم، فأجتاج السد الذى بناه سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، فهلكت البلاد وتفرقت العباد ، وخرجت الرواد ترتاد لهم البلاد ، فكان بعضهم خرج الى مكة وبعضهم الى المدينة ، وبعضهم الى الشام ، وبعضهم الى السراة ثم الىضان٠ كان مالك بن فمم على ما يظهر آخر من خرج منهم الى عثمان ، لأن قرناءه الأجلاء الذين سبق لهم العلم الأكيد بخراب السد ء ورأوا الآيات الدالة على ذلك كما شهر من أمر كاهنتمم طريفة خرجوا الى البلاد ، وتوطنوا فيها آهلين ، وعاشوا عهدا طويلا ، ولعل مالكا كان يفضل المقام ببلاده مهما كان إمكان ذلك حتى إذا تحقق الأمر — ٧٥ - ورأى ضرورة الخروج، خرج ولابد أن يكون له سابق ءلم بعئمان من حيث إن أعيباص الأزد وعباهلها الذين قطنوا عثمان فى تلك العمود المشار إليما هم من قومه وبنى جلدته ، فلذلك على ما يظمر اختار عثمان ، لا سيما أن عمران وآله حلوا بالشام ، قال فى المنتخب إذ يذكر تفرق الأزد منهم : سار الى السراة ومنهم من سار الى مصر ، ومنهم من سار الى العراق . ومنهم من سار الى عمان ، قال : فأما من سكن عمان من الأزد فيحمد ، والحدان ، ومالك يعنى بن فمم ، قال : ومن الأرد الحجر ولهب ونارة وعائذ وبارق وسوام وحارثةوسنجار ، عطى عمان الى آخره ، فدل ذلك أن قبيلة من الأزد تلدعى عئمان سكنت فى جملة من سكنها من الأزد ، فلعط اسمها أطلق على عمان ، فشاع ذلك على القحلر كله ساحلياوداخليا ، اما يحمد فموبن حمى الأزد ، وأما الحدان فمو بن شمس فرع أزدى ، وأما مالك فمو معروف ، ولم-ا الحجر فليس من الأزد ، وأما لهب ونارة وعائذ وبارق ييق منهم بثان فيما عطمنا ، ولعلهم دخلوا فى القبائل الأخرى ، وكذلك سوام وحارثة لم نعرف عنهم شيئا ، وكذلك سنجار ، وجاء فى تحغة الأعيان أن سنجار قصبة عمان والمراد بما صحار والله أطم بما قاله صاحب المنتخب ٠ وكذلك على وعثمان أما إن كان أراد بمم بنو طى فموجودون بعثمان، أما بنو عثملن فلا ٠ ال الإمام السالمى نقلا عن المروج للمسعودى : « إن مالكا سلر من اليمن مع ولد جفنة بن عمر بن عامر مزيقيا ، غسار بنو جفنة نحو الشام وانفصل مالك نحو العراق كا سبق ، وبقى عند المضريين بالعراق ملكا مكرها محترما معظما، إلاأنه كان مملكا ولم يكن ملكا، كما هى العادة عند اللوك ، واستمر به الحال عمدا غير يسير » ٠ وقال أبو حاتم المسجستانى عن أبى عبيدة ع آبى اليقظان : « أن سبب خروج مالك بن فهم سن قومه بعد تفرقمم فى البلاد حين أخرجهم ٧٦- سيل العرم من جنتى مأرب ونزلوا بالسراة ، أن راعيا لمالك بن فمم خرج بغنم وكان فى طريقهم كلبة ، وفى رواية ثانية ففيها كلب عقور لغلام من دوس، فشد الكلب عطى راعى مالك، فرماه الراعى بسمم فقتله فتعرض صاحب الكلب لراعى مالك ، فخرج من السراة هو ومن أطاعه من قومه، وذلك لأن دوسا من أعياص مالك الأقربين اليه، فخشى الفتنة بينهم، فسمى ذاك النجد الكلبة من ذلك اليوم، فخرج مالك يريد عثمان فيمن أطاعه من ولده وقومه وعثيرته من الأزد ، ومن أطاعه واتبعه من أحياء قضاعة وسار متوجها الى عثمان ، وقد اعتزل عنهم من قبل ذلك ولده جذيمة الأبرش بمن صحبه الى العراق من سائر أبطال الأزد»٠ قال أبو المنذر بن هشام بن محمد بن السائب الكلبى : أخبرنى وشرقى ابن القطامى ، قالا : « لماخرج مالك بن فهم من السراة يريدعثمان وتوسط للطريق ، حنت إبله الى مراعيها ، وأقبلت تلتفت نحو السراة وتردد الحنين، والابل دأبهاذلك لأنها تالف المواطن وتستوطن الأماكن فوق سائر الحيوان ، وعند ذا أهاجت حفيظة مالك فأنشد شعرا له فى ذلك لم نذكره » ، قال : « سار من فوره يريد عثمان ، فجعل لا يمر بقبيلة من قبائل العرب من معد وغيرهم من قبائل اليمن إلا سال موه ووادعوه لنعته وكثرة عشيرته» ، ودل ذلك أن المسير كان على الإبل عن طريق البر، وانظر من أين يدخل مالكعثمان،قال:ثمسارفى مسيرة ذلك حتى أخذ على برهوت وهو واد بحضرموت ، فلبث فيه ريثما يستريح فوجه قصده الى عثمان فبلغه أن بعثمان الفرس وهم أهلها وساكنوها ولابد أن تقع بينه عإياهم منافرات ، فأستعرض رجاله فاذا هم زهاء ستة آلاف فارس وراجل ، فرأى أنهمكتائب تغنى عند الحاجة عن كثير من الجيوش لأسباب لا تخفى طى الفطن ، فأقبل بهم يريد عثمان على الرضا والسخط ، وقد جعل على مقدمته هذاة ابن مالك ويقاله فراهيد بن مالك ، وكان هذان النجيبان عنده من أنجب أولاده فجعلمما - ٧٧ فى آلفى فارس من صناديد الأزد وفرسانها ثم سار يؤم عثمان حتى انصب الى الشحر فتخلفت عنه هناك ممرة بن حيدان بن عمرو ابن الحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير ، تال الكلبى : كان أول من خرج من العرب من تمامة مالك بن فمم الأزدى ، وعمرو وأبنا فهيم بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن ثعلبة بن حلوان بن الحاف ابن قضاعة بن مالك بن حمير : فنزلت الشحر ، وتقدم مالك بن فهم فى قبائل الأزد ومن معه من أحياء قضاعة الى أرض عمان ، فوجد بععمان الفرس من جهة الملك دار ابن دارا بن بهمن اسفنديار ، وهم يومئذ أهلما وسكانما ، والمتقدم عليمم المرزبان عامل ملك فارس، فعند ذلك أنزل مالك بن فهم منكان معه من الحشم والعيال والنساء والأثقال الى جانب قلمات، قلت : يتبين من هذا أنه جاء عثمان من طريق البحر إذ لا سبيل الى عمان من هذه الجهة على الخيل والإبل، وكنت أحسب أنه جاء من طريق الشحرفدخل عمان من تلك الناحية الصالحة للدخول بالرواحل العادية إذ ذاك ،أما من طريق قلهات فيلزم أنه تحمل بخيله وإبله فى السفن الى قلمات، قال : «ليكون أمنع لمم وترك عندهم من الخيل والرجل من يمنعوهم » ، أى ترك لهم حامية تمنعمم من العدو إذا هاجممم،قلت لعله وجه لثقل والعائلة فى السفن على طريق قلمات وهو الواضح ٠ ٠ ٧٨ ٠ مالك بن فمم يروم التظغل فى داخلية عمان لما نزل مالك بقلهات ترك الثقل هناك للمنعة التى قصون الحرم ، لأن قلهات كورة منيعة بالجبال ، وعند الحرم حامية كافية ، فان الفرس ف صحار وما إليما من أعمال ، والى أن يبلغ خبر نزوله صئحار ويتحقق مقصده فقد قمكن من تزكيز دعائم إمارته ، وضرب معسكره بعثمان ٠ قال : « ثم سار هو ببقية عساكره وصناديد رجاله ، وقد جعل على مقدمته ابنه هناءة فى ألفى فارس حتى دخل ناحية المجوف ، وهى قلب عثمان فتغلغل فيها على عزيمة ثابتة وجأش لا يتزعزع ، رضى الفرس بقراره أم لم يثرضوا » ، قان : فعسكر بالصحراء ، وأرسل الى الفرس يطلب منمم النزول فى قطر من عثمان ، أى يريد منهم لن يخصصوه بجانب يستقر فيه فلا يضايقمم فيما عداه ،ولا يضايقوهم وكان المرزبان هو منهم بمنزلة الرئيس الملك فيهم فطلب منهم أن يسمحوا له بذلك ويمكنوه من الماء والكلا ، فيبقى بصفة لاجىء بعثمان حتى يرى لنفسه ما يصلح فيقيم معمم أو يرحل عنهم ٠ ٧٩ الفرس يعقدون مؤتمرهم فى نلك لما وصل اليهم علم نزول مالك بعثمان ، وأفه يطلب منمم النزول والاستقرار بعمانعلىحال المسالمة والموادعة والاطمئنان، لذلك أطالوا المقال فيما بينمم وائتمروا وتشاوروا ، وبعد التمحيص للخطب أجمع رأيهم على عدم قبول ما طلب مالك ، والايمكتوه وهو عربى صميم ٠أ كما أنه ملك عظيم فمم يخشون من وجوده بعمان الاستيلاء طيما رصارحوه قائلين لا نحب أن ينزل هذا العربى معنا فيضيق علينا أرضنا وبلادفا لا سيما وأن الملك دارا بن دارا ربما لا يرضى منمم وجود مالك بن فمم بعئمان، وسسورة اللك وغيرة الملوك على الممالك لاتسمح بمثل هذا الحال لمثل هؤلاء الأقيال، وقالوا لاحاجة لنا فى قربه وجواره ، فلما وصل جوابمم الى مالك بعدم الرضا بمقامه فى عثمان كثف عن حقيقة ما انطوى عليه ، وأنه لابد له من المقام فى قطرمن عثمان ، وأن يواسوه فى الماء والمرعى قائلا : ( إن تركتمونى طوعا نزلت من عثمان وحمدتكم ، وإن أبيتم أقمت على كرهكم ، وإن قاتلتمونى قاتلتكم ، ثم إن ظمرت عليكم قتلت المقاتلة وسبيت الذرية ولم أترك أحدا ينزل عثمان أبدا ) ٠ قال : « فأبت الفرس أن تقركه طوعا وجعلت تستعد لحربه وقتاله » ٠ ٨ مالك بن فهم يتأهب لمصادمة الفرس بعمان قال ثم ان هالك لما تحقق قيام الفرس عليه وأنهم غير تاركيع ٤ وتحقق ذلك بعد ما كان يظنه أثبت دعائم استقراره وقرر فى نفسه عدم الخروج ممما كانت الحال ، ولابد من الصراع بينه وبين القوم ، رتب أعماله ونظم رجاله ونفض غبار الأمن وتحمس الاسد فى غاباتما ، ولم ينظر الى الفرس إلا نظرة النمم للآكل وقرر أن يحتسيهم احتسا، السم ، فاما شفاء وإما قضاء ، وعلى العز يحيا العربى أو يموت ، وكان معسكر مالك بن فمم وقومه بواحة منح ف قلب عثمان ، وهو الذى حفربها الفلج المعروف بفلج مالك ء والفرس إذا ذاك بالساحل من عثمان ومعسكرهم بصثحار عاصمة عثمان وخزانة الشرق ، ولما رأت الفرس لابدلما من حرب مالك بن فهم أو يزول من ضان ، قامت فى عدها وعديدها وضربت أبواقها ونادت لحشدها ، وضربت طبو لها وجاعت فى جيشها الضخم الكامل فى تعبئته الشديدة الشكيمة فى صرامته حنقا على العربى المحتل قلب عثمان ، وصال المرزبان وجال وأمر أن ينفخ فى البوق الذى يؤذن فيه للحرب ، وركب هو فى جنوده وعساكره وخرج من صحار فى عسكر جم ، فيقال : إن عسكره كان أربعين ألفا ، وقيل ثلاثين ألفاً وخرج معه الفيلة، وكان الفيل الواحد فى الحرب يعدعنألغ رجل ، وتوجه لإخراج مالك من عثمان ، وكان مالك بن فهم فى جوف عمان اسما ومعنى ، فخرج المرزبان اليسه فعسكر بصحراء سلوت بالقرب من الجبل الأخضر ، فبلغ مالك بن فهم سيد الأزد بعثمان فركب ومن معه جميعا وكانوا فى زهاءستة آلاف فارس وراجل، وعلى مقدمته البطل المقدام هناءة بن مالك ف ألمفى فارس من صناديد الأزد وفهرسانها ، فأقبل فى لك الميئةحتى أتى صحراء سلوت فعسكر بازاء عسكر المرزبان فمكثوا ٨١ يومهم ذلك والروع ملء القلوب، وانشنشنة ألتعصبية تشتد بين الفريقين والنصرمن الله ، ولم يقع بينهم تلك اليوم حرب ، ثم بات الفريقان بأوامره ، وكان هناءة بن مالك على الميمنة وفراهيد بن مالك على الميسرة ، الى جيش عدوه قليل العدد، إلاأنه قوى العزائم، فكتبواكتائبهم وجمزوا جماز الحرب ، فأوقف مالك بن فمم رجاله مواقفمم وعمد اليمم بأوامره، وكان هناءة بن مالك على الميمنة وفراهيدبن مالك على الميسرة، وأكرم بمليك يكون أحد أولاده على ميمنته فى انحرب ، وثانى آولاده طى ميسرته ، ويكون هو قلب الجيش ف أهل اننجدة والشدة من أصحابه ، وبات المرزبان أيضا يعبىء جيشه ويرتبه على نظامه فى ذلك الوقت ، ولما أصبحوا فى اليوم الثانى وتواقفوا للقتال وتأهب كل واحد من الفريقين لقتال عدوه ، قام مالك بن فمم فظاهر بين درعين ولبس عليهما غلالة حمراء ، ولبس على رأسه قطعة حديد تكون وقاية من ضرب السيوف وطعن السمام والرماح ، وغطى عليها بعمامة صفراء وركب جوادا له أبلق ، ثم ركب معه أولاده طى تلك التعبئة، وقد تقنعوا بالدروع والجواشن، وكذلك فعل أبطال الأزد الذين معه والبيض على رءوسهم، فلا يرى الغاظر إلاحدق العيون تلمع كالنجوم ٠ فلما تواقفوا للحرب خطب ماكك بن فهم رجاله خطبة الحرب ودعاهم دعوة القتال ،وحرضهم تحريض المستميت وجعل يطوف عليهم راية راية وكتيبة كتيبة، ويقول فى خطبته : يا معشر الأزد أهل النجدة والحفاظ حاموا عن أحسابكم وذبوا عن مآثر آبائكم ، وقاتلوا عدوكم وناصحوا ملككم وسلطانكم، فانكم إن انكسرتم وهزمتم اتبعتكم العجم فى كافة جنودها فاختطفوكم بين كل حجر ومدر ، وباد عنكم ملككم وزال عنكم عزكم وسلطانكم ، فوطنوا أنفسكم على الحرب وعليكم بالصبر والحفاظ ، فان هذا اليوم له ما بعده أ ه خطبة مالك بن فمم لرجاله الصناديد ، وجعل يحرضمم ويناصحمم ويأمرهم بالصبر والجلد ويدور طيمم راية راية وكتيية كتيية حتى استفرغ جميع كتائبه وعساكره ٠ (م٦ - عمان عبر التلريخ ج ١ ) -٨٢- المزبان ييتدىء بفتح الحرب رأى المرزبان المهيئة العربية حوله مستعدة لقتاله وكان هوجاءمن صثحار لذلك فزحف بعسكره وجميع قواده وجعل الفيلة أمامه وأقبل نحو مالك ابن فهم وأصحابه ونادى لصحابه بالحملة طيهم قائلا لمم : يا معشر فرسان الأزد احملوا معى فدأكم أبى وأمى على هذه الفيلة فاكتنفوها بأسنتكم وسيوفكم ، أى فانها قوتمم التى يعولون عليما ، وجنتهم التى يتسترون بها ، ثم حمل مالك بن فهم وحملت أبطاله معه حملة عربية مملوءة حماسا وشدة ، وراموا الفيلة بالرماح والسهام ثم أردفوها بالسيوف، فولت الفيلة راجعة بجملتها على عسكر المرزبان، فوطئت منهمخلقاكثيرا، ثمحملمالك فى كافة رجاله الصناديد وأصحابه الأبطال على المرزبان وأصحابه ، فانتقضت تعبئة المرزبان وجالوا جولة ، ثم بانت العجم ورجعت الى بعضها بعض ، وأقبلت فى حدها وحديدها ، وصاح المرزبان فى أصحابه وكافة جنوده ، وأمرهم بالحملة فحملوا والتقى الجميع واختلط الضرب واشتد القتال، فلا يسمع إلا صليل الحديد ووقع السيوف، واقتتلوا يومهم أشدما يكون من القتال، وثبت بعضهم لبعض الى أن حالبينهمظلام لليل فانصرفوا، وقد انتصف بعضهم من بعضمم وعرفوا موقفهم الراهن ، وعظمت بينهم المحنة ، فان كل فريق يقول إن غلبنا غبنا ، وإن غلبنا لنفعلن فى العدو ما يشفى غيظنا ، وقد أكل السيف شرارة الرجال من الفريقين ، إلا من الفرس أكثر عددا والعرب أقوى جلدا ، ثم أعادوا الحرب فى اليوم الثانى طى ذلك النظام، فكثر فى الفرس القتل وقويت جرأة العرب على القتال، وما زالوا كذلك حتى حجز الليل بينهم فكان الليل لدفن الأموات وعلاج الجرحى، وف اليوم الثالث كذلك أوأشد، فكان القل اًخذاطخذ٠منالرجال،واشيفيضحكفأكفالأبطال،والأسذةههااسة النجلاء فى ثغور الأفيال، وألحرب نارتلتممكل ما تلحق بلا جدال، — ٨٣ — فلما رأوا الحالة على هذا المثال خرج أربعة رجال من المرازبة والأساورة ممن كان يعد الرجل منهم عن رجل حتى دنوا من مالك بن فمم سيد الأزد، وزعيم هذه الحرب ، فقالوا له هلم إلينا أيما العربى لننصفك من أنفسنا ويبادرك منا رجل رجل، فلم ير مالك إلا إجابتهم ولم يظن بنفسه رهبة منهم ، إذ كان جأشه ثابتا ونفسه أبيه ، وقد تجرد لمذا الأمر ووقع فيه فلا مناص ولا خلاص منه إلا بأحد الوجهين ، فتقدم سيد الأزد وقلبه جنته ، وخرج له واحد من لولئك الأربعة الأبطال وتطاردا ساعة،فما كان إلا دقائق حتى اختطفه مالك بالسيف عطى غرة ، فأرداه قتيلا ٠ قال : ثم خرج له الثانى فعطف عليه مالك ومعه نجدة الملوك وحمية العرب ، فلم يتمالك أن قضى عليه بطعنة طعنه إياها خر بما صريعا على الأرض ، ثم خرج له الثالث فكان مالك بن فمم أسدا فاغرا فاه ليلتهم ما يلاقى ، وكان الفارس الثانى ضرب مالكا على رأسه فلم تصنع ضربته شيئا،ثملما ضرب مالك الفارس الثالث وكان عليه الدرع والبيضة، ضربه مالك ضربة فلقت البيضة وانتهت الى رأس الفارسى ، وضربه أيضا ضربة على عاتقة ، وكافت عليه الدرع فأبان العاتق والدرع نصفين حتى انتهى سيف مالك بن فهم الى زج دابة الفارسى ، فرمى به فى الأرض قطعتين فلما نظر الفارسى الرابع ما فعل مالك بأصحابه اندهث، فهاله الأمر فأحجم عن ملاقاة مالك بن فهم ، وعلم أنه ان خرج فهو لا محالة مقتول : فكاعت نفسه القتال وولى راجعا ، الى أصحابه ، فدخل فيهم ثم انصرف مالك الى موقفه ونفسه فى نشساط بالظفر، وفى قوة بالنصر، وفرحت الأزد بذلك ورأت أنما منتصرة على العجم ، فانالنصر يسبب النصر ، وان المنتصر لا يز ل يأمل النصر فيزيد فى نشاطه ويعظم من اغتباطه ، فلما رأى المرزبان ماصنعمالك فى قواده الثلاثة دخلقه انحمية والغضب، وخرج من بين أصحابه وقاللاخير ف الحياة بعدهم، ثم نادى مالكا قائلا له: أيما العربى اخرج الى ان كنت تحاول ملكا، فأيناظفر بصاحبه كان له ما يحاول، ولا نعرض أصحابنا للهلاك، وكان أنصف مالكا فيما - ٨٤ - دعاه له، وقد أثار ذلك الغيظ، وفضل الفارسى العاتى الموت على الحياة فىسبيل لعز والشرف،ولعله يرى من نفسه سطوة علىمالك لم يهتد لما أولئك، وإذا بمالك ذلك البطل المقدام يزحف الىقرينه المرزبان البطل الغضبان طىقتل من قتل ف ذلك الميدان، فخرج اليه مالك برباطة جأش وشدة قلب، فتجاولا مليا والناس تتظر اليهما حيثهما زعيما تلك الحرب وقائدا وغاها ، وقد قبض الجمعان أعنة خيلمما ينتظرون ماذا يفعل الزعيمان ، وبقية القوم من الطرفين واقفون ينتظرون ماذا يكون وما وراهما، فصال المرزبان عرهالك صولة الأسد الباسل، فراغ عنه الماهر المحنك بلبان الحرب روغان الثعلب،ثمعطفعليهعطفة فلق بها رأس المرزبان من مفرقه بضربة قطعت البيضة وأبانت الرأس فخر ميتا على الأرض ، وحملت الأزد على الفرس حملة أدارت رحى الحرب ولها زفير، فحملت أبطال الفرس على مالك وأصحابه فاقتتلوا قتالاشديدامن ظمر النهار الى العصر، وأكل السيف فرسان الرجال وصدقتهم الأزد ضربا وطعنا فولوا منهزمين حتى انتموا الى معسكرهم ، وقد قتل منهم خلقكثير وكثر الجراح فى عامتم ٠ ٠ ٨٥ ٠ الغرس تطم من مالك ين فمم المدنة بعد هذه الحرب استثعرت الفرس العجز عن حرب مالك بن فمم ، ورأوا طالع نحسهم يرتفع فى السماء كلآن، وإقبال الأزد فى استقبال، وأيقنوا بالغلبة وماذا يكون عليهم غدا، فلعل رجال مالك تقضى عليهم نهائيا ، فعند ذلك أرسلوا الى مالك يطلبون منه أن يمن عليهم بأرواحهم ويجييهم الى الهدنة والصلح ، وأن كف عنهم الحرب ويؤجلهم سنة كاملة ليستظهروا طى حمل أهلهم من عثمان ، وأن يخرجوا منها بغير حرب ولاقتال، وأعطوا على ذلك العهد والجزية على الموادعة، فأجابهم مالك على ما طلبوه منه ووافقهم على ما سألوه ، فتحملوا من سلوت الى صئحار مقر زعامتهم وما حولها من البلدان المنتشرين نبها ، فبقوا فى تلك الأطراف الساحلية على المهادنة بييهم ، وأعطاهم عهدا على ذلك وميثاقا أنه لا يعارضهم بشى^ إلا أن يبدءوه بحرب وقتال ، فكف مالك عنهم الحرب وأقرهم فى عمان ما سالوه ، فبقوا فى حال أمن مسالمين للعرب ملازمين الساحل، وكانت الأزد ملوكا فى الداخلية سهولها وجبالها ، وإليهم أمر زعامته-ا ، وقد اندقت عصا الغرس و أنهار صرحمم ٠ ٨٦ - مالك بن فمم يلقى نظرة الى قلهات قد قدمنا أن مالكا خلف بقلهات النساء والأطفال، وترك معمم حامية مانعة ، فبعد افتماء حرب الفرس زحف الى قلمات ليؤيد زعامته فيها، وهى الكورة المنيعة والفرضة الرفيعة، التى لما الشأن إذ ذاك فى ساحل عثمان، لالققائما الوارد من المند الى عثمان، والوافد من بحر العرب الى الخليج العثمانى قبل صثحار ، وأظب محطات التجارة العثمافية من هذه الوجمة هنا، وربما كانت أقرب لاستطلاع الأحوال المفارسية، لأن طرق المواصلات البحرية لا تزال تؤدى اليم-ا، فانتقل اليها ريثما يتمهد أمره وتستقر دعائمه ويتوطد ملكه ، ولم يدخل بذراعيه داخلية عثمان لعلمه أن العحو لابد لن يرى منه ما يكره ، ويقصد العدو بيضة القوم فتكون الذرارى فى مأمن من الحوادث المتوقعة ، وهذا من بديع سياسته ، ولما رأى أن الدائرة تدور على الفرس ، وخرجوا من قلب عثمان مدحورين ، هب الى قلمات وللملوك سياسات بقدر ما هم فيه ٠ قال الامام السالمى : « وانحاز مالك بنفمم الىجانب قلهات، ثم لم يزل على باله أمرهم ، فكان يستعد لما أقبل من أيامه ، فافه لا يدرى ماذا يكون طيه من القوم أو من غيرهم ٠ وصرف الدهر غير مأمونة ، وقد تمرس مالك بقتال العجم ، وشاع الواقع فى أحياء العرب، فزد ذلك من إكبار مالك وإجلاله فى القلوب، وعلت هيبته المامات، وصار لا يأمل إلا حربا ولا يموى إلا طعنا وضربا، وفى أشناء ممادنة مالك بن فمم للعجم قاموا يطمسون الأممار الكبيرة، لأنمم يعلمون أنهم لا قرار لمم بعثمان إلا ريثما يرتحلون منما فى تلك المدة، لأن المراسلات والابلاغات فى تلك العمود بالراجل أو الراكب الناقة لو آلغرس، وفى كل ثى٠ حكمة إلهية، وكل زمان أحوال ومناسبات ٨٧ وقتية ، وهكذا ولم تكن الهدنة بين مالك ابن فمم والعجم تقناول إلا إعلان الحرب بينهم، ووفاءالعرب معروف عند الكل، وغدر العجم لا شك فيه لا سيما وهم يفارقىن البلاد مرغمين عطى الخروج منما ، غلا يتركون شيئا يستطيعونه إلا فعلوه ٠ وقد أشعروا الملك بما وقع عليهم من مالك بن فمم ، وذكروا له من قتل منهم من أبطالهم ومرازبتهم وأساورتهم ، وذكروا له ما حل بهم من الهوان ، وأن مالك بن فهم حكم عليهم بالجلاء من عثمان ، فمم فىهدنة منه ليرتحلوا من البلاد لا ليقروا فيها، وكان ملكهم دارا بن دازا ملكا عنيدا ، فاستشاط غضبا لقدوم مالك بن فمم على عمان ، ومن معه من صناديد العرب وقله المرزبان فى جل قواده وعسكره ، وجميع ما كان بينهم وما قابلوه به من الحرب وما صار عطيهم من الغلب، وماحل بمم من الوهن والضعف، ويطلبون منه الاذن بالجلاء من عثمان بأهلهم وذراريمم الى فارس لاستثعارهم العجز عن الحرب ٠ -٨٨- الملك يجمز قواته لحرب العرب فى عثملن لما وصل الخبر الى الملك دارا ، وصح معه ما وقع طى قومه من القتل وما فعله بن فمم فيمم ، وما أصابمم من الموان ، غضب غضبا شديدا، وداخله القلق وحميت حفيظته، وثارت به سورة الملك على العرب،ولكن كان من يثمن الطالع لمالك أن العجم لم ييلغوا الملك من أول مرة عن قدوم مالك بن فمم وعن ما طلمب منهم من النزول بعثمان على الرضا والسخط ، وإنما ظنوا أنمم قادرون طى اخراجه وطرده من البلاد، فخانمم الظنوكان ذلك خيرا لمالك، ولو أبلغوه لقاد القوات ووالى الغزوات،فلايزالمالكبنفمممذهفى أزمات، ولكن كما قيل إذا أراد الله أمراهياًله أسبابا ٠ وهذا أخذت الملك الحمية لمن قتل من أصحابه وقواده، فعند ذلك دعا بقائد من قواده المرازبة ألعظماء عنده ، وأمره بالمسير الى عثمان وعقد لهعلىثلاثةآلاف من رجاله الشجعان المجربين، وقدمه على المرازبة والأسارة، سيره ومددا لأصحابه المذكورين بعئمان الذين نكبهم مالك بن فهم وحر ض عليهم المناصرة والمؤازرة ، وعهد إليهم حرب العرب وإخراجهم من عثمان، وكل هذا ولاعلم لمالك بن فهم بشى منه، فلما وصلوا سيرهم الى عثمان، وكل هذا ولاعلم لمالك بن فم بشىء منه ، فلما وصلوا صحار واجتمعوا بأصحابهم ، وأخذوا يتشاورون فيما بينهم ويتأهبون للحرب ، حتى انقضى أجل الهدفة ، فبلغ مالك بن فهم خبرهم واهتم لهم اهتمأما كبيرا ، وجعل يستطلع الأخبار عنهم ، فتحقق وصول المدد إليهم فامجت نفسه الأبية لما سمع وثارت به سورة العرب ٠ -٨٩- ملك بن فمم يتاهب سعة العجم مرة اخرى لما تحقق مالك نزول المدد المذكوز، ووصوله صحار، وأفمم قاصدون حربه ، كان من مقتضى سياسته أن يظمر التجلد ويهتر للقاء ، وألا يروا منهوهنا أوضعفا أو استكانة،فلذلك كتب إليهم يهددهم قائلا : إنى وفيت لكم بما كان بينى وبينكم من العهد وتأكيد الأجل ، وأنتم بعد حلول بعئمان ، وبلغنى أنه أتاكم مدد من قتل الملك ، وأنكم تستعدون لحربى وقتالى، فالآن إما أن تخرجو! من عثمان طوعا وإلازحفت عليكم بخيلى ورجلى ووطأت ساحتكم وقتلت مقاتلتكم وسبيت الذرارى وغنمت الأموال ، بهذا صارحمم غير وان ولا وكل ، وهو من إذا قال فط ٠ فلما وصلهم رسوله هالمم أمره وعظم فى أعينهم خطره ، وضاق عليهم ماهم فيه وأكبروا الأمر إذ جربوه بالأمس ، وأنه لا يقول إلا ويفعل، مع قلة عسكره وكثرتهم بالنسبة اليه، وقوتهم المتغلغلة بعثمان، وبذلك وبما صارعليهم منه سابقا من القتل تحمسواوتجردوا لقتاله لا سيما وقد أرسلوا لذلك ، ولم يسعهم إلا مصادمته ، فردوا عليه أقبح رد وأغلظوا له فى المقال ، فلما رأى منهم ذلك الحال زحف عليهم كما قال ، ومعه عزمه القوى وصبره العظيم ، إذ يجاشر الحرب بنفسه ويلاقى الأبطال قبل رجاله، فخرج إليهم بخيله ورجاله، حتى أتى أماكنهم التى تجمعوا فيها ، ووضعوا قواتهم عليها ، فقامت الفرس للقاء البطل العربى والملك الأزدى الذى عرفته بالأمس وعرفما، فجاءوابالفيلة أمامهم لأنما أعظم قواتمم وهى من أعظم القوات إذ ذاك، فان الفيل الواحد يقوم مقام جيث ، وكان الفرس أعدوها لذلك ، وليس للعرب منها إلا قلوبمم وسواعدهم والنصر من اله ينصرمن يشاء ٠ فلما تقارب الزحفان ، وتلاقى العسكران ، قام مالك بن ف ٩ يتعتد أصحابه راية راية ، وكتيية كتيبة ، ويحرضمم ويلقى اليمم تعاليمه كما هى عادته السابقة، وتركمم يمترون للقاء العدو الذى جاعوا له، وكان هناءة على الميمنة، وفراهيج على الميسرة، وهما الجناحان وبهما يطير الجيش وهما قوته الموقفية وأركافه الحربية ، ونزل الشيخ فى القلب مع الأبطال المجربين،والتقوا هم و الفرس لقاء رائعا، فاقتتلوا قتالا شديدا، ودارت رحى الحرب كأشدمايكىنمليا من لنمار، ثم انكشفت العجم زالت عن مواقفما ، وخلفت فى موضع الحرب فيلما العظيم ، فقام اليه هناءة بن مالك ، وضربه ضربة كادت تقضى عليه ، ثم لحقه فراهيد الصنعيد ، فعرقب رجليه فخرج يدوس الرجال ويطأ الأبطال وله صياح، وكان ذلك مما يهزم العجم ويزعزعهم عن لمانيمم ويردهم طى ورائمم ، ويفت ف عضدهم لا سيما وأن الانمزامات لا زالت تتوالى طيمم مرة بعد أخرى ، ويزيد فشاط العرب لقتالمم ، ثم إن العجم ثابوا وتراجعوا وهم أبطال لا تقكر وليوت حرب ٠ ٩١- الحرب تشتد يين مالك بن غمم والفرس لتنتهى لما رأت الفرس فى هذه المعركة لوائح التقمقر : وأن مالكا لابد أن ينفذ فيمم ما صرح به لمم من أنه يقتل المقاتلة ويسبى الذرية ، أطنوا لرجالمم المجوم على مالك بغير مبالات، وأنيصبروا لحرب مالك صبر المستميت ورأوا أن يحملوا على الأزد حملة رجل واحد بحيث لا يبقىمنهم أحد فى موقفه ، فاما النصر على مالك وإما الانهزام النمائى ، فزحفوا اليمم بغير مبالات فجالت الأرد جولتها ونادت فى رجالما البواسل، وناداها مالك الممام قائلا : يا معشر الأزد اقصدوا الى لوائمم فاكشفوه ، فان لمذا اليوم ما بده ، وتهاووا عليهم من كل وجه ،وحمل الشيخ حملته الملوكية فموى عطى العجم كالنجم المنقض للرجم، فسرعان ما انكشف لواء القوم واختلط الطعن والتحم القتال، وعظم النزال ، وارتفع الغبار ، وثار العجاج حتى حجب عين الشمس ، فلا تسمع إلا وقع السيوف وصليل الحديد وغضة الأبطال، وتراموا بالسهام فتقصدت، وتجالتوا بالسيوف فتكسرت، وتطاعنوا بالرماح فتحطمت، وصبروا صبرا جميلا ، وكثر الجراح والقتل فى الغريقين ، فبدرت بوادر المزيمة للفرس الأشداء ، ولم يروا لمم قوة تقابل العرب غدا إذا زحفوا ليمم ، ففكروا فى المصير ، ورآوا المزيمة أو الموت النمائى ، وهما أمران أحلاهما مر ، ثم غفلوا المزيمة هولوا منمزمين عطى وجوهمم ، فأتبعمم فرسان الأزد الأبطال المنتصرعن بنشوة النصر يقتلون ويأسىون من لحقوا، وقتلوا منممخلقا كثيرا، ولسوا كذلك، والحظ فى صالحمم يمشى ٠ وف ذلك الأثناء كا المقدر أن التقى فراهيد بن مالك بن فهم بأسنفديار ابن المرزبان ، وكان من لعظم قواد الجيث الفارسى ، فطعنه فراهيد طعنة أراده بماقتيلاثمجلله بالسيف ليستاصله، فهلك تماما ٩٢ ف لك الخطفة التى اختطفه بما ، ثم سارت فرسان الأزد ف أثر العجم وهم منهزمون ، فظلوا يقتلونمم ويأمرون وينهبون الأموال غنيمة طيلة يوممم ذلك ، حتى حال بينمم ألليل فحجز هم عن يعفهم بعضا ، ولم يفلت منهمإلامنسترهلليل٠ قال الامام : فتحمل منبقى منمم من تحت ليله هاربا مستخفيا يتدارك النجاة ، ويستبقى الحياة ، حيث لم تنفع الحرب وما كانت يوما فى صالح الفرس طول تلك المعارك، وركبوا فى السفن وعبروا الى أرض فارس ، واستولى مالك بن فمم ومن معه على سوادهم ، واستباحمم وغنم أموالمم ، وسجن من الأسرى خلقا كثيرا ، فمكثوا فى السجون زمنا طويلا ، ثم أطلقهم ومن طيهم بأرواحهم ، وكساهم ووصلمم وزودهم وحملمم فى السفن الى أرض فارس، واستولى على عمان كلها وملكما وما يليها من أعمالها على الخليج العثمانى ، وسار فيها سيرة جميلة ، وبذلك انتهى جلاء الفرس من عثمان فلم يبق فيها إلامواطن تحت سلطان مالك المالك سيدالأزد فى عثمان وزعيمهم المقدام ، وبذلك شاعت له أخبار فى أحياء العرب ، وأصبحت أحاديثه ألهوجة السامرين وأحدوثة المؤرخين ، فتنادت العرب يمنها وزارها للحاق بالملك الفاتح لعثمان، وإن بعثمان الخيرات المتنوعة والمحياة العربية العزيزة ، فما مضى وقت طويل إلا ورايات العرب تتوالى على عثمان ، ولم يكن ليهدأ روع مالك بن فهم خوفا من العجم ، وقد طم ما وقع بينه وإياهم ، وتوتر الحال الى أقصى حد ، ولم يزل مالك ابن فهم يلاحظ الحركة الفارسية بدقة، ومازال مستعداً للقاءالقوم غير مطمئن من جانبهم لما سبق بينه وإياهم وهم من عرفت ، وقد خرجوا من ملك عثمان بين أسير وقتيل وجريح، والى يظهر من اس-تقراء التواريخ أن العجم لم يعودوا لحرب مالك بن فهم، ولعل ذلك لأجل أحوال داخلية عندهم ، فكان دارا بن دارا قد مات فى ذلك الأثناء ، لذلك تأخرت حركات العجم عن عمان، وتولى اللك ولد دارا بن دارا، ولم يتحرك لحرب عثمان ، فانه كان جبارا ظالما عاتيا بالغا فى العتو أقصى المبالغ ، ثم كان قله على يدى سليمة بن مالك بن فهم فى خبر عجيب — ٩٣ - ذكره المؤرخون، وأشار الى القضية الامام السالمى رحمه اللهف تحفة الأعيان إذقال: وكن الملك إذ ذاك على أرض كرمان، ولد دارا بن دابرا ، وكان الكلام فى قضية سليمة إذ قتل هذا اللك المذكور،قال: وكان ملكا جبارا كثير العسف والظلم لأهل مملكته وقومه إلخ » فدارا بن دارا ابن بممن هو الذى أرسل الإعانة للمرازبة الذين قاتلوا مالك بن فمم فى عثمان، هذا اللك الذى قله سليمة بنمالك بنفهم ابنذلك الملك، فأنهطى أثر خروج عمان من يده الى يد مالك بن فهم قضى الله عليه ، وتولى الملك بعده ابنه ، وسليمة بن مالك بن فمم ، فمما فى عهد واحد ، فدل ذلك على ما قلناه وهو واضح فان مالك بن فمم ودارا بن دارا تعاصرا وسليمة وولد دارا المشار اليه، كذلك فان الفرس عادوا الى عثمان بعدة وشدة ٠ وقال الامام السالمى رحمه الله فى تحفة الأعيان صحيفة ٤٧ من الجزء الأول :«ثم لم يزل للك فى أولاد مالك بنفهم ولم يرجع أحد من الفرس الى عمان حتى انقضى ملك ولد مالك بن فهم ، وصار ملك عثمان الى آل الجلندى ابن المستكبر ، وهو من معولة بن ثمس ، وصار مالك فازس الى آل ساسان وهم رهط الأكاسرة فتمادنوا هم وآل الجلندى بعثمان على أن يجعلوا فيما لربعة آلاف من الأساورة والمرازبة مع عامل يكون له بما عندملوك الأزد، فكانت الفرس فى السواحل وشطوط البحر ، والأزد ملوك فى سائر البلاد والأمور كلما منوطة بمم ، فمذا يدل أن الأمور تراجعت ووقعت فيها اتفأقيات تقتضى السماح للفرس بالمقام فى الساحل، وهم قدر أربعة آلاف كصفة حامية لمم، ولعله كاقت لمم رعايا أو بقيت لمم بقايا ، فراجعوا فيما واقتضت الأنظار فى ذلك الوقت السماح لمم بالحلول بعثمان لتهدا الأمور وتخف نعرة الشيطان، فكان الساحل لمم والداخل للعرب، وكان أمر العرب هو النافذ ٩٤- فى البلاد، وإن الخراج إذ ذاك فى الساحل لا ف الداخل،وإنما المنعه فى المبلاد لأهل الداخل، إلا أن الفرس يفضلون الوجود بالساحل لذلك، ولإمكان اتصالمم بقومهم، فانبين الساحل وبلاد فارس القرب المعروف، فان نيران ساحل مكران تترائى من ألساحل العثمانى ، فبقى الفرس المذكورين هناحتىجاء الاسلام فأجلاهم ملوك بنى الجلندى من عثمان إذ لم يقبلوا الدخول فى الاسلام، فارتحلوا كليامنعمان ٠ قال الامام السالمى رحمه الله :وكان مالك بن فهم ملكا عظيما، وكانت قبائل اليمن وغيرهم على منازلهم وعددهم يهابونه ويخافون بأسه فيغتخرون به ويتعززون بمنعته ، وكانت له جرأة وإقدام ما لم يكن لغيره منالملوك،وكانينزلمابينعمان الى فاحية اليمن» ٠ قلت : ولم لاتهابه قبائل اليمن وغيرهم وقد عطمت ما صار بينه والفرس من التعارك فى عثمان حتى أجلاهم منما راغمين مدحورين بعد قتال عنيف، ومالك لا يزال وسط المعمعة وتتساقط القتلى بين يديه، ولم لا يخافون بأسه وهذا حاله وقد عرفت جرأته واقدامه ونزوله ما بين عمان واليمن كان للاستطلاع على أحوال البلاد لما تحقق افكسار العصا الفارسية ، ولعله أيضا وافق حسن الحظ بموت الملك دارا كما أشرنا اليه سابقا ، فكانمالك بن فهم يتجول فى النواحى العثمانية، ويتفقد أحوال الوطن ٠ قال الامام : وأكثر نزوله بشاطىء قلهات من شط عثمان، وينتقل منما الى غيرها ،أى كان اتخذ قلهات محل أمنه وعاصمة مملكته ٠ قال : وكان فى ناحية من نواحيه أى من بلاد عثمان قد ئزل ملك من ملوك الأزد يقاللهمالك بن زهيرمنولدهعبد لله بن الأزد،ولكنهلم يحقق الناحية التى نزلها ولاممنهومن قبائل آلأزد،ولاطى أى كيفية كان نزوله٠شال: وكاد يكرن مثل ماك بن فهمفىالعزةوالمئعا;والقدرة، فخشى مالك بن فمم أن يقع بينمما تحاسد ، وأن يطمع أحدهما فى ملك الآخر فتقعبينمما الحرب، وهذا يدل أنه كان لمالكبنزهير قسم -٩٥- من ملك عمان، ولكنه لم يسبق لهذكر ف حروب الفرس، ولعله كان نزلعلىبعض العواصم العثمانية، فرأف هاك بن لهم الأعضاء والتغافل عنه ليكون له عونا وعضدا اذا تحركت المفرس عليه،فانه ف قلق من القوم، ولذلك لم يعارضه، وكان من التفكير بمكان، فوسع المجال لمالك ابنزهير»٠ قال الامام : « فخطب مالك بن فهم إبفقه الحزام بنت مالك بن زهير قطعا لشافة التحاسد والتباغض بينمما » ٠ -٩- اعمال مالك بن فمم بسد إنتماء الحرب لما رأى مالك بن فمم انهيار صرح العجم ف عمان . وإفكسار ثوكتهم رجع الى شؤوفنه الداخلية ليؤيدهأ بسياسته الحكيمة وآرائه السديدة، وآلمقى نظرتهالى ما حول عثمان من الممالك، وما يتبا من البلدان ، وظل يتردد طى الأطراف لأنما الأبواب ، وكان ينزل فى النواحى المختصة ويقيم فى الأمكنة المنظود اليها، وهو الذى كان ياخذ كل سفينة غصبا، فكان ملكا عظيما فى العرب ٠ قال الامام، فى صحيفة ٣٥ : « وكان ينزل قلمات من شط عمان. وينتقل من هناك الى ناحية أخرى» أى كان ذلك عادته، وقد علمت أمر قلهات فى عمان إذ ذاك وفتح للعرب دار الهجرة الى عمان ليطمئن بهم وتقوى شوكته بقومه فسرعان ما هاجرت العرب الى عثمان زرافات ووحدانا ، يمانية ونزارية ، حتى ملاوا عثمأن فامتد سلطان مالك فى عثمان حتى ضم إليما البحرين وأطراف العراق،فكان الملك الكبير العظيم السلطان، بين ملوك الجزيرة العربية كما أشار الى ذلك الامام السالمى رحمه اللهحيثقال : « وسبب ذلك أن مالكا لما ملك عثمان وأطراف العراق وما حول عثمان»،فدل ذلك أن مالكا ملك أطراف العراق وما حول عثمان كالبحرين وأعمالما، وكان ينتقل فى النواحى العثمانية متفقدا شؤونما ومتطلعا أحوالها،ومراقبا سير الأعمال فى الجزيرة،ولم يكن له معارض أو مزاحم ، ولم يذكر التاريخ عن مالك بن زهير شيئا من الأعمال فى عثمان، بل السلطان الوحيد والأمر النافذ لمالكبنفهم لذى لا يتغير دمه عند ملاقات الأبطال،وقدطالعمرمالك بن فمم ف لملك، فقد ملك عتمان وما حولما سبعين سنة ، ولم ينازعه فى ملكه منازع من العرب أو من العجم، وملك عطى مضر عشرين سنة، وعاش مائة و عشرين سنة، وكانت وفاته نتيجة الكيد ألأخوى الأشمبه بكيد إخوة يوسغ ، وذلك ٠ ٩٧ — أن مالك بن فمم تروج بنت مالك بن زهير كما قدمنا ، واشترط على مالك بن فمم أن يكون الملك فى ذريتما فوافقه مالك بن فهم ، ولابد أن يكون ذلك مؤثرأ فى قلوب أولاد مالك بن فمم خصوصا إذا جاءت برجال يتولون الملك بالوراثة عن بقية إخوتمم، فكان هن القضاء والقدر أن جاءت الحزام بولد سموه سليمة مبالغة له فى السلامة، وكان ولدا تلوح طيه مخائل النجابة ، وأحبه مالك بن فهم حبا بالغا ، فقال إخوته هذا ما كا نتوقعه، وان سليمة لاشك أثه سيكون الملك علينا قبعا للشرط لاذىثرطهوادأمهم1لكبنزمر،هرو١طيهأنييدو٠ب٠كيهـةشعطهمن كرسى محبة الوالد الذى له الشفقة التامة عليه، والعطف البالغ له حد الغاية، وكان مالكبن فهم وضع الحرس الداخلى الذى يسميه العصريون حرس الشرف على كواهل أولاده إذ لا يطمئن بغيرهم ممما كانوا، وكان لكل أحد منمم نوبة، فقالوا لوالدهم : أيما الملك إن ابنك سليمة لا يقوم بواجبه فى الحرس ، وإنه ينام فنخشى عليك من قبل نوبةسليمة،وكان القص-دمنذلكأنينكسرخاطر الملكعنسليمةفيطرده أو يرفضه ولا يقبل منه فى الأعمال الخاصة شيئا فينتج ذلك سقوط سليمة من عرش الملك :وكان بلغمنحب مالك لولده سليمة أنه كان يعلمه الرمى بالسهام الى أن أتقنه، وكان ذلك هو القوة فى الحرب فى ذلك المعمد، وكانيحرسكإخوته فنسب اليه إخوتهضعف الممةوثقل العجز، و أفه اذا جن الليل يعتزل عن فرسان قومه ويتشاظ جالنوم والغفول عما يلزمه ، فلا تكن لك في-ه كفاية ولا غنى ، وجعلوا يوهنون أمره عند أبيه وينسبونه الى العجز والتقصير، فقال لهم مالك : إنكم لكذلك وما أحد منكم إلا وهوقائم بماطيه، وأما قولكم فى ابنى أبى سليمة فليس هوكذلك،وانظنىفيه كطمى به، قال :«ولم ترل الإخوة (م٧- عمان عبر التريخ ج ١ ) ٩٨ يحسد بعضهم بعضا لا يثار الآباء بعضا دون بعض ، فانصرفوا من عند ه أجمعين راجعين بغير ما كانوا يأملون» ٠ قال الامام : «ثممالكدخله لنك» قلت : لم يكن شكا ولكنه رعاية وهذا شىء من واجب كل أمير ألا يكون الأمير غير ناظر فى الأحوال ، فانذلك من قبيل الإهمال الذى لا ينبغى،قال:« فأسر مالك كلاممم ذلك فى نفسه الى أن كانت الليلة التى كانت فيها نوبة سليمة ولده. فخرج سليمة فى فرسان للحرس كعادتمم، ثم اعتزل عنمم سليمة فى المكان الذى يكمن فيه، وما كان لسليمة علم بذلك التآمر الذى تآمر به الإخوة من شأنه ، ولم يكن مذه قصور ولا تقصير فيما سبق ، فكمن سليمة فى مكمنه المعتاد بالقرب من دار أبيه ، فبينما هو كذلك إذ أقبل مالك من قصره فى جوف الظلام مختفيا من حيث لا يعلم به أحد ليحقق مقالع الأولاد فى أخيهم ، فتوجه قاصدا للموضع الذى فيه سليمة ليرى ما هو عليه من الحال،فكان من قدر الله الذى لا محال عنه أن لحقت سليمة سنة فى تلك اللحظة التى ساق أله ا مالكا لتكون سببا لحتفه، فأغفا سليمة على ظهر فرسه وهذا طبعا يعترى الانسان ، وكان سليمة قد تنكب كنانته وف يده قوسه وهو على ذلك الحال، فاحست الفرس شخص،مالكوقدألمم الله الخيل من الحس وجعل لما من البصر ما لم يجعله لغيرها، وكان مالك بعيدا فصملت الفرس عند ذلك لتعطى راكبها انذارا بما أحست به ، فانتبه سليمة ذلك البطل الشاب الجديد فى حركاقه كلما، القوى على أداءأعملىه كما يلزم مذعورامن صميل الفرس.، إذ من عادة المخيل 1لا تصهل إلا لأمر تراء، فنظر سليمة الى فرسه وهى ناصبة أذنيها الى الشخص الذى أحسته ، وكان ذلك ٩٩- إخبارا منها لصاحبها ، ففوق سليمة سممه فى كبد قوسه ويممه نحو الشخص الذى تشسير اليه الفرس ولا علم له أفه أبو٠ ، ولم يعلم ما بمالك من الاهتمام فى ذلك الوقت ، فسمع مالك صوت السمم حين يجذبه سليمة موجها له نحو أبيه الملك ، فصاح به : « لا ترم أنا أبوك » فبينما هو يقول أنا أبوك ،وفد أطلق السمم محلقا فى طيرانه نحو الشخص المرمى فقال سليمة عند ذلك بصوت المتلوم على ما فرط « السهم ملك قصده » أى لا حيلة لى على رده ، فأصاب السهم مالكا فىقلبه غخر صريعا، وأرسلها سليمة مثلا،وعندذلك أنشد مالك تلك القصيدة التى جعلما تاريخا لحياته ٠ وعبر فيما عن ممام أعماله ٠ وفيها يقول نحو سليمة ابنه ٠ أعلمه الرماية كل يوم فلما أشتلد ساعده رمانى والمعنى أنى كنت أعلمه الرماية ليرمى عنى الأعداء ، فلما اشتد وقوى كان راميا إياى، وفيه تأنيب لسليمة ولعله يظنه عرف الشخص حين رماه أو أنى ناديته لا ترم فلم يكن منه إلا الرمى ، ومن أين لسليمةالعلمأنهأبوه،ولماسمعنداءمالكلميكنللسممبمالك،والقدر حاكم على الانسان ولابد من وقوعه، ولكل ثى، غاية ينتمى إليها، وليست الجريمة على سليمة فان ذلك واجبة، و لكنما نتيجة الكيد الأخوى كما قلنا ، وحب الرئاسة والتنافس فيها يقتضيان مثل هذه الأحوال ، ولكن لم نعلم وقوع هذا الحادث ف أى موضع من ضان ، لأن التاريخ العثمانى قد شاع بعدم النشر وتطاول الأيام لجا ٠ ولاشك أنخبر مقل مالك كبير له أهميته الملكية ولابد أن يكون له ذكر فى السير ، إلا أن السير العمانية ذهبت بجور السلطان فى عثمان ، وطول الزمان المار علىعثمانمنسذذلكالعمد،وليتنا أدركا، فإنه من مهمات التاريخولعلهفىقلهاتوالله أطم اولادمالك بن فمم وأصملمم بس ابيهم اعلم أن أولاد مالك بن فمم كانوا خمسة عشر رجلا ، أولهم التوبي وبه يكنى مالك، ولكه لم يذكر عنه التاريخ شيئا، ولعله مات قبل وقوع حرب الفرس ومالك ، أو أنه انعزل الى مكان آخر فلم يعرف خبره وقضايا العرب عديدة ٠ وأما جذيمة بن مللك : ويقال له الأبرش والوضاح لوضح كان به، فعدلوا عن الأبرش الى الضاح،كانملكاعظيماطالعهده، وأمتد سلطانه من مشارف الشام الى الفرات من جهة الروم، وكان ينزل بين لملخانوقة وقرقيسيا بموضع يقال له المضيرة، وعاش أيام ملوك الطوائف خمسا وتسعين سنة ، وعاصر من ملوك الفرس أزدشير بن بابك ، وولده سابرو والجنود ، ومضى له فى عهدهما ثلاث وعشرون سنة ، فكان جملة ملكة ثمان سنين مائة سنة، وقطته الزباء فىخبرشهير عند أهل التاريخ والسير ٠ وأما جماز بن مالك بن فمم : وكان اسمه زياد فلقب جمازا كان تملك على طوائف من معد بن عدنان وطوائف من اليمن ، ولكن لم يذكروا أينكان ملكه،بلذكروا أنه هو الذىذكره الله فى القرآن بقوله عز وجل: ( قال لصاحبه وهو يحاور ) الى قوله : ( وهى خاوية طى عروشها ) الآيات ، وعاش فى الملك عثرين ومائة سغة ، وكان جبارا عنبدا عاتيا ظالماكافرا يضرب به المثل ف لكفروالظلم والجبروت، فيقلل : اجبر من جماز ، و أكفر من جماز ، و أظلم من جماز ، قال الامام : « وقيل لميملك العربقط ملك كان أعظم كبيرا ولالقتللمعدمنه،ذكروا منجبره وظلمه قطرةمن بحر، ويقال كانملكعمنبلاد العالية الى. جانب أيلة من الشام»، قال الامام : « فصار كفره فى الفاس يضرب به المثل، وقهره على معذ بالغ فوق الحد ، ولم تستحلع معد أن تخرج من سلطانه ولا أن تكلمه فى شىء من الشئون ، ولا يقبل معديا يقابله مهما كان . وإن قابله أساء اليه غاية الاساءة وعامله بأسوأ المعاملة بحيث لا يبقى شيئا من *يى٠ المعاملات إلا عامله به فالوسم يشينه والشين يزيده شينا وهكذا دأبه معمم بغير مبالغة ٠ و أما هناءة بن مالك بن فهم : فكان أعقل أ ولادمالك بن فهم كلهم، وأثبتهم فى الأزمات وأعزهم نفسا ، وأكثرهم شأنا فى عثمان ، وحسبك أنه مازال ميمنة أبيه فى تلك الحروب الفارسية العصبية ، وكان مثالا للنزاهة السلطانية فى وقته ، وهو الذى ملك عثمان بعد أبيه وأحسن الى الرعية وساسها سياسة الحكيم الماهر ، فلم تقم عليه قائمة ولم ينكر عليه منكر ولا تنازل عن شبر من الأملاك العثمانية حتى مضت أيامه على ذلك ، وهو الذى كان عزز ملك أخيه سليمة بن مالك فى أرض فارس حتى ثبتت دعائمه وقوى سلطانه ، واستقر ملكه وسكتت ثائرة الفرس عليه ، واستمر ملكه فيمم عهدا طويلا حتى مات هناك على عزته وشرفه ٠ وأما سليمة بن مالك بن فمم : فقد خرج للى أرض فارس بعد قتله لأبيه كما عرفت القضية بأسبابما فتخوف من معن بن مالك ، فنزل جأشك وهى المعروفة بجأش ، ثم توغل فى أرض كرمان لاجئا فى أيام ولد دارا ابن دارا بن بهمن ، راجيا منهم الإيواء الجميل اللائق به حيث كان قاتل أبيه مالك بن فمم عدو الفرس ، فيتقرب بذلك اليمم ويمدون لم المدد الذى يؤيده فى حياته حيث قضى على عدوهم أبيه، فبقى فى كرمان حتى ساعده الحظ وسارت الأقدار فى صالحه ، حتى تملك طيهم إذ قتل ملكمم الطاغية بجوره عليهم فى حديث ما زال من طرف الأخبار الملوكية ، وتولى الملك فى ذلك القطر بمعونة أعيان البلاد حتى عاش فيهم هماما ممنعا الى أن حسدوه ، فقالوا : الى متى يملكنا هذا العربى ، — ١٠٣ وهموا بمناوأته ، وهنالك استصرخ أخاه هناءة بن مالك ملك عثمان ، فلبى نذاءه وأرسل اليه من صناديد الأزد مقاديم الرجال ، حتى نزلوا أرض كرمان ، فاهترت لهم أرجاؤها ، وقام لنزولهم دهش الفرس ، فبدل أن يزيلوا سليمة عن الكرسى أصبح سليمة يهددهم فى عقردارهم قاهرا طيهم ، وقد طردهم أبوه من عنمان ودقهم دق العصف ، فصار سليمة يطأ على أنوفهم سلطانا عليهم حتى مات هناك بأرض كرمان ، وكان له عشرة أولاد وهم نجب الأسفاهية ، لكنهم اختلفوا فيما بينهم من بعده فوجد العد باختلافهم السبيل الى زوالمم عن الملك ٠ قال الامام : « ومنهم الجلندى بن كركر أى من ذراريهم » ، قال : « وقد ملك عثمان من ولده للصفاق وتسلسل من ذراريه ملوك » ، قلت : لم أدر متى كان ملك الصفاق ولكن لا يستغرب ذلك ، فان أخبار العرب فى الجاهلية مشسورة الغموض باجماع أهل العلم والأدب ، وخصوصا فى عثمان فان الأمية فى العرب شمد بها القرآن ، فلا يستغرب إذا ذهبت عنا أخبارهم ، ولعله تملك فى الآونة الأخيرة وهى الأيام التى زال فيما اللك عنمم الى بنى الجلندى ، فانه وقع بينهم خلاف وشقاق ، وتلاثت الأمورولكلشىءغاية ينقمى إليما ٠ قال الامام : « وجمور بنى سليمة بأرض فارس وكرمان أكثر منهم بعثمان ، ولكنهم اندمجوا فيمم فلا يستطاع إخراجهم ، والذين جابرا عثمان من ذرارى سليمة أقليتمم فتناسلوا فيما » ٠ وأما فراهيد بن مالك بن فمم : كان معدودا من أشجع أولاد مالك ابن فمم فكان ميسرة أبيه فى حروبه الفارسية ، وقد شمرت شجاته وءرف مقامه ، وعاش أيام أبيه وهو سهم ثاقب ، ولا بدع فان أباه من عرفت وقد عقب ذرارى عديدة ، ومن أشبرها آل فراهيد الخليل بن أحمد فى الاسلام أكبر العلماء الأعلام وأجل ال^قهاء الكرام ٠ وأما ثعلبة بن مالك بن فهم : فمو الذى اعترل إخوته حين اختلغوا فى سليمة ، ورأى أخاه معناً يتلب عنى قتل سليمة بس ما حسدوه عندأبيه،فكأنقتلهطىيديه، فخرج ثعلبة لاالى أخواله التتوخيين إذ كانت أمه تنوخية فاندمج فيهم ، ثم سارت تتوخ بأجمعما الى جذيمة الوضاح ، وهو إذ ذاك ملك الحيرة فذرارى ثعلبة بن مالك فيهم بالشام والجزيرة الى اليوم ٠ وأما معن بن مالك بن فمم: فانه لشد الناس طى السليمة فلم ترضيه دية ولا قبل عذر سليمة ولا خضع لمقال إخوته، فكان يتحين الفرصة لسليمة فيأخذه مالك على غزة فيفتك به ، ولكته لم يظفر به حتى ارتحل سليمة من عثمان الى فارس من أجلة ٠ وأما عمرو بن مالك بن فمم : طم تكن له أخيار بعثمان ، وكذلك أولاد الحارث بن مالك بن فهم ، ومن ذراريه الشحوح المعروفون فى شمال عئمان ، ويقال إنهم لقبوا بالشحوح حين شحوا بالصدقة أيام أبى بكر رحمه الله، وهم من أولاد الحارث بنمالكبنفممطى صحيح النسب عن أهل عثمان ، ولمم لمجة ينفردون بما دون غيرهم ولهم لغة يختصون بما فيما بينهم ويتفاهمون بها وهم على ذلك منذ ذلك العمد القديم الى الآن بالنسبةالىجيرانهم٠ - ١٠٥ - القةالرايعة فى بدء الإملام بممان الم إققغاء ايام الخلفاء لأيعة لا يخفى أن بدء إسلام أهط عمان كان يسبق لصحابى الوجيه مازن ابن غضوبة بن سبيعة بن شماسة بن حيان بنمر بن حيان بن ابى بشر ابن حطامة بن سعد بن نبمان بن عمرو بن الغوث بن طى، وكان من أهل سمائل، قدم طى رسول الله ٠ ضد أول ظمور الاسلام بعمان، وأسلم ودعا له للنبى طلته ولأهل عمان بخير ، وكان من خبره أفه كان يسدن صنما له فى المجاهلية فى سمائن يقال له ناجر ، تعظمه بنو خطامة وبنو الصامت من طى ، قال مازن : فعثرنا يوما عند الصنم عتيرة ، فسمعت صوتاً من الصنم يقول : يا مازن اسمع تسر ، أى يسرك ما تسمع ، ظهر خير وبطن شر ، بعث نبى من مضر بدين الله الأكبر ، فدع نحيتا من حجر تسلم من حر سقر ، وهو اسم من أسماء النار أعاذنا الله منما : قال مازن : ففزعت لذلك فعثرفا بعد أيام عتيرة آخرى فسمعت صوتا من الصنم يقول : أقبل الى أقبل تسمع مالا يجهل ، هذا فبى مرسل ، جاء بحق منزل ، آمن به كى تعدل عن حرنار تثعل وقودها بالمجندل » فقلت : إن هذا الخيريراد بى وإنه لعجب ، أى مثل هذا الحديث عجب يظهر من الصنم ، وهو يؤنب عنيه ويعظ ، قيل فبينما نحن كذلك أى نتحدث عن هذا الحال الذى سمعناهمن الصنم،وأنهلاشك أنله نبا إذا قدم طينا رجل من أهل الحجاز،فقلنا له: ما وراك ؟ فقال : ظمر رجل من السرب يقال له أحمد ، يقول لمن أتاه أجيبوا داعى الله ، فقلت : حذافباما سمست من الصنم ، فقمت الى الصنم غكسرته ، وركبت راجلتى هقدمت على رسول الله ا وأسلمت ، وف العتبى : أن القادم قال : « ظمر رجل يقال له محمد بن عبد الله بن عبدالمطلب ابن هاشم بن عبد مناف يقول لمن أتاه : أجيبوا داعى الله ، فلست بمتكبر ولاجبار،ولامختال أدعوكم الى الله وترك عبادة الأوثان، وأبشركم — ١٠٦ بجنة عرضها السموات والأرض وأستنقذكم من فار لظىلا يطفأ لمييما ولا ينعم من سكتها » ، قال مازن : فقلت هذا والله نبأ ما سمعته من الصنم، فوثبت إليه وكسرته جذاداً أى قطعاً ، وركبت راحلتى حتى قدمت على رسول الله ٠ ، فسألته عما بعث له فشرح لى الاسلام ونور الله قلبى للهدى فأسلمت وقلت : كسرت ناجرا أجذاداً وكان لنا رباً نطيق به ضلا بتضلال بالهاشمى هدانا من ضلالتتا ولم يكن حينه منىعلى بال أى ما كنت أحتسب لدينه ولا أقوقعه حتى منء الله به على فهدانى له وهذا من الحظوظ السماوية المخزونة لأهلما ، قال : يا راكبا بلغن عمراً وإخوته أنى لمن قال ربى ناجر قالى قال العتبى : قوله : بلغن عمراً يريد بنى الصامت واسمه عمرو بن غنم بن مالك بن سعد بن نبمان بن الغوث بن طى، وقوله : وإخوته وفى رواية وإخوتها يريد بنى خطامة بن سعد بن نبمان بن الغوث ابن طى، قال مازن : « فقلت يا رسول الله صلى الله عليك وسلم و٢لك: ادع الله تعالى لأحل عثمان » ٠ فقال : « اللهم احدهم وأثبهم » أى أرزقمم الهداية والثواب، أو من الإثابة وهى الرجوع أى أرزقهم الرجوع المى الحق والمراد به الاسلام، قال مازن : فقلت : « زدنى يا رسول الله ٠ فقال : اللمم أرزقمم العفاف أى الصيانة، والكفاف، أى الاستغناء ، والرضا بما قدرت لمم ، أى بحسب تقديرك لا بحسب قدرتك ، فإن قدرة الله ١٠٧ يعجز عنما الكىن كله ٠ قال مازن :قلت : يا رسول الله البحر ينضح يجانبنا » أى قرييا منا ، أى أن بلدفا قريعة من البحر والمراد بما عمان ، فادع الله فى ميمتتا وخفنا وظلفنا ، والمراد بالميرة الطعام ، وبالخف الإبل والبقر، وبالظلف الخنم ونحوها ٠ فقال الرسول عليه الصلاة والسلام : « اللمم وسع عليمم فى ميرتمم وأكثر خيرهم من بحرهم» ، قلت : زدنى ٠ فقال : « اللمم لا تسلط عليهم عدوا من غيرهم»، فكان بحر عثمان أكثرهم الأبحر خيراً على الإطلاق ٠ قال رسول الله ٠ ٠ « قل يا مازن آمين ، فإن آمين يستجاب عتد ه الدعاء » ٠ أى إن قول آمين سبب لاستجابة الدعاء عند اللهكماصح فى روايات تتاقلما أئمة العلم وأطالوا المقال فى شرح هذه الكلمة الوجيزة، فينبغى أن تقال عقب كل دعاء يدعو به المسلم له أو لغيره، وهى خاتم رب العالمين ٠ قاك مازن : « فقلت آمين» ٠ ومعناها اسقجب على الصحيح همى اسم هط ٠ -- ١٠٨ -- ازن يعمد حاله بول اس كان من حسن حظ مازن رحمه انله ن شكا الى رسول الله علانه لما طم صدق النبوة وتحقق خالص الإيمان، ورسخ الاسلام فى قلبه، فقال يا رسول الله: إنى مولع بالطرب وبشرب الخمر، لجوج بالنساء وقد نفد أكثر مالى ف هذا ، فادع الله أن يذهب عنى ما أجد ويمب لى ولداً تقربه عيفى ويأتيفا بالحياة ، فقال الفبى علقه : « اللهم أبدله بالطرب قراءة القرآن، والحرام الحلال، وبالعهد أى الزنى عفة الفرج ، وبالخمر رياً لا إثم فيه ، وآتمم بالحياة وهب له ولداً مالحاً تقربه عينه » ، قال مازن : فأذهب الله تعالى عنى ما كنت أجد من الطرب والنشاط لتلك الأسباب ، وحججت حججاً ، وحفظت شطر القرآن ، وتروجت أربع عقائل من العرب ، ورزقت ولداً سميته حيان باسم أبويه الرابع والسادس ، وأخصبت عئمان فى ئللع السنة وما بعدها ، وأقبل عليمم الخف وكثر صيد البحر ، وظمرت الأرباح فى التجارات، وأمنعدد من أهل عثمان، فدل ذلك أن مازن المذكور قام بنشر الاسلام فيمن أطاعه، ووفق الله ناساً للاسلام بواسطة مازن المذكور وأسلموا ، وظمرت بعثمان من دعائه طلقة لهم بركات عظيمة ، وعمت عثمان كلماحيثقال رسول اللهمللقد: «اللمم اهدهم، فأهل عثمان أكثر أهل الجزيرة العربية هدى وأصدقهم إيماناً»، والدليل عليه أن 4كثر العرب ارتدواونبذوا الاسلام غيرأهلعثمان، فإنهم ثبتوا على إيمانهم ولم يغيروا شيئاً ولم يبدلوا أمراً من أمرمنذ ذلك العد، قال الامام : ولمازنفىذكذس٠ر حيث يقول: إليك رسول الله خبت مطيتى تجوب الغياف من عثمان الى العرج والعرج موضع بقرب المدينة ألمنورة والمراد به نفس المدينة -- ١٠٩ - ة 1 ال : لتشسفع لى ياخير من وطىء الثرى فيغفر لى ربى فأرجع بالغلج والمراد بالغلج النصر أى فارجع منصوراً بالإسلام ٠ قال : إلى معثر جانبت فى الله دينمم فلا دينمم دينى ولاشرجهم شرجى ومعنى جانبت خالفت ، والمراد بالشرج المخالفة أى يقال ليس من ثرجه أى شكله وطبقته ٠ قال : وكيت امرأ باللهو والمخمر مولعاً شبابى الى أن آذن الجسم بالفمج يذكر فى هذا البيت ما ذكل٠ لرسول الله عل^ة عند إسلامه ، قابدله الله بذلك الخير الذى لايناله إلا من وفقه الله، فتبدلت حال مازن الى أطيب الأحوال ، فكأنه يعرب عن شكره ويصرح بذكر الخير الذى وفقه الله له وأءانه عطيه ئ فبدل أن يكون ربه ناجراً ، ربه الله عز وجل ، وأبدله بالطرب قراءة القرآن ، وحفظه شطره فكان ذلك من حسن الحظ للشيخ السعدى رحمه الله ٠ قال مازن : فبدلنى بالخمر أمناً وخشية و بالعمر إحصافاً فحصن لى فرجى فأصبحت همى فى الجماد ونيتى فلله ما صومى ولله ما حجى ١١ هذا من الشكر بمكان ونكر النعمة شكر ( وأما بنعمة ربكع فحدث ) ٠ قال :فلما كان فى العام القابل الذى وفدت فيه على رسول الله ٠ وه ، هذا يدل أن ازناً عاد لى الرسول تلته فى السنة الثانية، فقص عليهعنحال أهل عثمان،فقلت:يا المبارك بن المباركين للطيب ابن الطييين ، قد هدى الله قوماً من أهل عمان ومن عليهم بدينك ، وقد أخصبت عثمانخصباً هنيئاً ، وكثرت الأرباح والصيد بما ، فقال عليه الصلاة والسلام ٠ لآ ديتى دن الاسلام سيزيد الله أهل عمان خصباً وصيداً ، فطوبى لمن أمن بى ورآنى، وطوبى ثم طوبى لمن لمن لى ولم يرنى ولم ير من رآنى، وأن الله سيزيد أهل عثمان إسلاماً» ، أى سينتشى الاسلام حتى يعم أهل عثمان كلهم فكان الأص كذلك* وجاء فى خبر الفرس الذين بقوا بعثمان الى أن جاء الاسلام وانتشر فى الجزيرة العربية ، وكتب رسول الله ٠ الى ملك الفرس وهو كسرى أبرويز بن كسرى أنوشروان يدعوه الى إسلام ، فمزق كقاب الض ه، فبلغ ذلك الض ٠ ، فقال طيه الصلاة والسلام : « اللهم مزق شمله كل ممزق » ، فلم يفلح كسرى بعد دعوة النبى ٠ وآله وسلم، فسلط الله عطيه ابذه فقتله ، وابته هذا هو شيرويه ، ثم إن شيويه هذا اهتم بأمر النبى عليته وخاف على نفسه ، فكتب الى عامله بعثمان واسمه باذان ، ويقال الفستحان وهو المرزبان القائم عنهم بعمان ، ولقبه المرزبان بحسب عرف العجم ، يقول له فى كتابه : أن أبعث من قبلك رجلاء عربياً فارسياً أى يعبر بالفارسية عن العربية يحسنمما معا ، صحوقاً ، أى يمكن أن نعتمد على مقاله ، ويكون قد قر الكقب ، أى له طم بخير ما يأتى من النبوات ، وأراه الى الحجاز - ١١١ - يتعرف خبر هذا النبى العربى الذى يشيع خبره الآن فى العالم ، فبعث باذان ويقبال الفستحان رجلا من طاحية يقال له كعب به برثة الطاحى ، وكان قد تنصر وقرأ الكتب ، أى كتب النصرانية ، فقدم كعب المذكور المدينة وأتى النبى طلته فكلمه فرأى فيه الصفات التى يجدها فى الكتب، فعرف أنه نبى مرسل فعرض طيه النبى ٠ الاسلام، فأسلم كعب ثم رجع الى عئمان فكان الصحابى الثانى بعئمان ، قال فأتى باذان فأخبر ه أن النبى طلنته نبى مرسل ، فقال هذا أمر أريد أن أشافه فيه الملك ، وأستخلف على أصحابه الذين بعثمان رجلا من قومه يقال له مسكان، خرج باذان الى الملك كسرى بفارس ليشافهه فيما هو بصدده من أمر هذا النبى الوارد ذكره على مسامع العالم ،ثم إن رسول الله ملت كتب الى أهل عثمان، أى يدعوهم للاسلام ، وكان الملك بعثمان فى ذلك العمد الجلندى بن المتسكبر، وأرسل إليه رسول الله يدعوه للإسلام هو ومن معه من أهل عثمان ، فأجاب الداعى وأرسل الى الفرس الذين بعثمان ، وكانوا مجوساً فدعاهم الى التدين بهذا الدين والإجابة الى دعوة محمد نابوا ، فأخرجمم الجلندى قهراً وصغراً من عثمان ، أى أرغممم طى الخروج من عمان حيث لم يقبلوا الدخول فى الدين، ولم يروا بداً من الخروج، حيث إن العرب أقوى منهم بعثمان ، وإليمم أمرها ٠ قال الامام ، وقال آخرون : « إن النبى ا وآله وسلم كتب الى أهل عثمان يدعوهم الى الاسلام، وطى أهل الريف منهم عبد وجيفر ابنا الجلندى ، وكان أبوهما قد مات فى ذلك العصر» ، قلت : من الجائز أن يكون الجندى هو المدعى أولاوقد أجاب الداعى،ثم إنه مات فكقب ٠ الى عبد وجيفر أو أن الجنلدى كما هو المشمور أنه لقب لكل من ملك عثمان فى الجاهلية ، كما قيل لكل من ملك اليمن تبع ، ولكل من ملك مصرفرعون، ولكل من ملك على الروم قيصر، ولكل من ملك على الفرس كسرى وهكذا ٠ - ١١٢ - قال فكان فى كتابه ٠ إلى أهل عمان : « فأقروا بشمادة أولا إله إلا الله وأنى محمد رسول الله ، وأدوا الزكاة ، وأعمروا المساجد وإلا غزوتكم » ، ولم يذكر فى هذه الرواية الصلاة ، ولعلما كافت مفمومة ، ونص على الزكاة لأنما مالية وشح النفوس بالمال معروف ، ويدل لما قلناه أمره بعمران المساجد ، فإفها لا تكون إلا للصلاة ، قال وعن الواقدى بإسناد : « أن النبى علته كتنب الى جيفر وعبد ابنى الجلندى الأزدى بعمان ، وبعث عمروبن العاص بن وائل السممى بكتابه إليهما ، وكان كتابه صحيفة أقل من الشببر فيما نص الكتاب : « بسم الله المرحمن الرحيم من محمد رسول الله الى جيفر وعبد بنى الجلندى ، السلام عطى من اتبع الهدى ، آما بعد فإفى أدعوكما بدعاية الاسلام أسلما تسلما فإنى رسول الله الى الناس كافة ، لأقذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين ، وإنكما إن أقررتما بالاسلام وليتكما ، وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل عنكما ، وخيلى تطا ساحقكما ، وتظمر نبوتى على ملككما » ٠ وكان الكاتب لمذا أبى بن كعب، وهو ٠ المملى خليه، وطوى الصحيفة وختمها بخاتمه المبارك ، وكان نقش الخاتم لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وف هذه الرواية التصريح منه طلقد بالرسالة الى كافة الناس كما فى القرآن، وأن الإنذار منجملةما أرسل به يلق، وأن نفس الإقرار بالاسلام يجعل المقر مسلما يولى الأمور ويتولى فى الدين ، وأن الامتناع من الإقرار بالاسلام يعيح قتال الممتنع ممها كان وفيه التصريح بأن الاسلام لا يحابى ولا يداهن ولا سياسة له غير ما يقتضيه الحق ، فمن أقر بالاسلام حرم دمه وماله ، ويقاتل على البغى منغير أن يستحل ماله ما لم يصرح بموجب الكهر ، أما ما كان من خصال الكفر بالتأويل فلا يبيح مال امرىء مسلم ولا سبيه أبداً خلاهاً لمن رأى ذلك ، وقد توعد رسول الله ٠ جيفر وعبد بزوال ملكمما إن لم يسلما ، — ١١٣- وأن خيل المسلمين لابد وان تقاتل من أبى ، وقد قاتلت العرب وغيرهم ممن أصرعلىكفره٠ قال الامام رحمه الله : فقدم عمرو بن العاص بكتاب النبى طلتد الى عبد وجيغر ابنى الجلندى بعثمان ، فكان أول موضع دخله من صحار دستجرد وهى مدينة بنتما العجم ف صحأر فى حال مهادنتهم الجلندى ، فنزل بما عمرو بن العاص وقت الظمر ، وبعث الى بنى الجلندى وهم ببادية عثمان ، ولطمم فى الداخل كما هو المروف من أن العرب فى الداخل والعجم فى الساحل ، قال : « فكان أول من لقيه عبدبن الجلندى وكان أحلم الرجلين وأحسنهما خلقاً ، فأوصل عمراً الى أخيه جيفر بن الجلندى بكتاب النبى طلقه ، فدفعم اليه مختوماًففض ختامه وقرأه حتى افتمى الى آخره ثم دفعه الى أخيه فقرأه مثل قراته» ٠ م٨- عمان عبر التلريخ ج ا ) — ١١٤ - ملك عثمان جيفر يعقد مؤتمراً للنظر فى الدعوة النبوية لما عرف جيفر جلل الأمر وهاله الحادث ولا يدرى منتمى المصير فيه؛ أرجأ الأمر واستدعى بأهل مشورته ٠ قال الامام : ثم التفت الى عمروفقال له : إن هذا الأمر الذى تدعو له ليس بصغير ، أو هذا الأمر الذى يدعو له أى النبى ملالتد بالمثناة التحتية ، وقوله من جه-ة صاحبك يدل أن الخطاب لعمروبن العاص، وأنه هو الداعى، قال جيفر وأنا أعيد فكرى فيه وأعلمك ، وأنه استحضرجماعة الأزد ودارت بينهم الآراء والأنظار ، ثم حاج الأمر الى طنب كعب بن برشة للاستفسار عما رأى من أمر النبى ٠ وللتأكد منه فأرسذوا له فسألوه عن أمر النبى ٠ ، فقال كعب : الرجل نبى مرسل، وقد عرفت صفته وسيظهر على العرب والعجم ، فأجاب جيفر الى الاسلام بعد ما تحقق الأمر ، فأسلم هو وأخوه فى ساعة واحدة ، ثم بعث جيفر الى وجوه عشسائره فبايعهم لمحمدملته، قلت :هكذا ينبغى من أهل المناصب إذا عرفوا الحق أذعنوا له وناصروه ووازروه ، وكانوا له أعيانا وعيونا ، فأدخلمم أى جيفر فى ديذه ، وألزمهم تسليم الصدقة ، وأمر عمرو بن العاص بقبضها على الجمر التى أمره بها النبى ٠ ، ثم بعث الى دبى وما ينيها الى آخر عمان أى فى الأطراف الشمالية الساحلية،قال : فما ورد رسول جيفر على أحد إلا وأسلم وأج-اب دعوته إلا الفرس الذين كانوا فى ذلك العهد بعمان ، واجتمعت الأزد الى جيفر بن الجلندى ، وقالوا : لايجاورنا العجم بعد هذا اليوم ، وأجمعوا عطى إخراج مسكان ومن معه من الفرس الباقين فى دستجرد ، فدعا جيفر بالمرازبة والأساورة فأعلن — ١١٥ — لمم بأنه بعث منسا فى العرب نبى ، فاختاروا منا إحدى حالتين إما أن تسلموا أى كما أسلمنا ، وتدخلوا فيما دخلنا فيه كوإما أن تخرجوا عنا بأنفسكم ، فأبوا أن يسلموا وقالوا لسنا نخرج ٠ قلت : هذا لسوء حظمم وقد مارسوا العرب فى عثمان منذ عهد مالك فهم وأصحابه ، ولم تزل ا للدوائر تدور عطيهم والمزائم تتوالى عليهم ، ولو دخلوا فى الدين لأحبهم العرب،ولكان لمم فى عثمان مقام ثابت الدعائم، لكن أراد لرتحالهم من عثمان كلياً ، وعيدما تحقق اصرارهم على مجوسيتهم وعلى عدم الخروج من عثمان بسهولة، اجتمعت الأزد على إجلائهم، ولم يروا بداً من قتالهم، فزحفوا عليهم بعزائم الإيمان، وكانوا قبل والكل على حال شرك والنصرللعرب فكيف بهم الآن والعرب على الإيمان، فتقاتلوا قتالام شديداً، وقتل السكان الذى أبى الإيمان، وأصرعلى عبادة النيران، وقتل من أصحاب مسكان كثير وكذلك قواد جيشه وضباطه، وبقيت منهم بقية تحصنت فى حصنهم بدستجرد ، فزحف طيهم وقد استبسلوا وصار النصر حليفهم ئ ونشوة الانتصار كادت أن تطير بهم ، فخايقوهم بالحصار أشد ما يكون ، فلما طال بهم الحصار ، ورأوا أن لا مناص لمم من الخضوع لأمر العرب طلبوا الصلح أو قل طلبوا الإذن لينجوا بأنفسهم فوافقهم العرب على الخروج من عثمان بتاتاً على أن يتركوا كل صفراء وبيضاء وحلقة وكراع ويحملوهم بأهاليهم وحاشيتهم فى سفينة حتى يقطعوا الى أرض فارس ، فأجابوهم الى ذلك وخرجوا من عثمان كلياً ، وذلك آخر عهدهم بها إلا أن الأيام لازال تغريهم على العودة الىعمان، فلم يكن لهمطلع سعيديستقرون به فى عئمان ، فكلما جاءوا غزاة قضى عليمم طالع نحسهم ، وسوف ترى منهم فى غزواقمم لعثمان العجب والدمار لا يزل حليفهم ؛ والأمر لله ٠ - ١٦ - قال الامام رحمه الله وف السيرة الحلبية أن عمرو بن العاص قال: خرجت حتى انتهيت الى عمان فعمدت الى عبد ، وكان أحلم الرجلين أى ألينهما جانباً وأسهلمما خلقاً ، فقلت إنى رسول رسول الله ه إليك والى أخيك ، فقال أخى هو المقدم على بالسن والملك ، أى هو أكبر منى سناً وهى الملك ، وأنا أوصلك به حتى يقرأ كتابك ٠ - ١١٧ - النقاشى يدور بين عبدوعمرو لما تحتق عبد بن الجلفدى صحة الأمر الذى جاء له عمرو بن العاص ، فتح له باب النقاش ، ليعرف ألغاية من هذا الطلب ، ويدرى غاية المصير فيه ء فقال : « وما تدعو إليه ، أى ، أى شىء تريد ، وما هو الذى تطلبه بصفتك رسولا ؟»قالعمرو : « قلت أدعوك الى الله وحده وتخلع ما عبد من دونه ، وتشهد أن مثحمداً عبده ورسوله ، أى أدعوك أولا الى معرفة الله وتوحيذه، وأنه لاشريك له، وترفض سائر المعبودات من دون اله عز وجل ، ثم تعترف برسالة مثحمد علقة ، فقال : أى عبد لعمرو بن العاص : إنك ابن سيد قومك فكيف صنع أبوك ، يعنى العاص بن وائل ، فإن لنسا فيه قدوة ، والمعنى أنك من أكابر قريث، لأن أباك من لا يجهل شرفه وشهرته فى قومه ، وأهل الشرف لا يليق بهم إلا قول الصدق الذى لايخل بشرفهم ، ولا يقدح فى مناصبمم ، وكأنه استكبر الأمر فإن العاص وأمثاله هم عتاة قريش، فانه لابد أن يكون حجة لنا فى هذا الأمر الذى جئت له ، قال ، أى عمرو بن العاص : قلت مات ولم يؤمن بمحمد ٠ ، وودت له لوآمن وصدق به لكان خيراً له ، وقذ كنت على دينه وعلى مثل رأيه حتى هدانى الله للاسلام ، قال عبد : فمتى تبعته أى قبل موت أبيك أم بعده ، فقال عمرو : قريبا أى أتبعته من قريب ، قال فسألنى أين كان إسلامى فقلت عند النجاشى ، وأخبرته أن المنجاشى قد أسلم ، قال فكيف صنع قومه بملكه ؟ قلت : أقروه واتبعوه ، قال أى عبد : والأساقفة اى رؤساء النحرانية والرهبان قلت : نعم٠ أى كذلك، وهنا استكبر الأمر واتهمه فيه، فقال أى عبد : انظر يا عمرو أى فيما تقول ، إنه ليس خصلة فى رجل أفضح له . - ١١٨ - أى أكثر فضيحة من كذب ، أى أن هذا الأمر الذى تخبرنى به كبيراً ولا يتأتى بالهوينا وبالخصوص عند النصارى لا سيما وهم أعداء العرب ، قال عمرو : قلت وما كذبت وما نستحلة فى ديننا ٠ثم قال أى عبد ما أرى هرقل طم بإسلام النجاشى أى هو تحت سيطرة هرقل ، وهرقل ملك عظيم ، والنجاشى من أخص أهل طاعته ٠ قال عمرو : قلت له بلى أى علم بذلك فقال بأى شىء طمت ذلك يا عمرو ؟ قلت : كان يخرج له النجاشى رضى الله عنه خراجا ، فلما أسلم النجاشى وصدق بمحمد ه، كال ا والله لو سألنى درهماً واحداً ما أعطيته أى لأن العطاء يكون عوناً له، ولاتمح إعانة الكافر فيما يتقوى به على المسلمين، قال فبلغ ذلك هرقل قوله ، فقال له أخوه : أتدع عبدك لا يخرج لك خراجاًويدين ديناًمحدثاً ، وهذا على عادتهم إذيرون عمالهم عبيداً لهم ، قال فقال : هرقل رجل رغب فى دين واختاره لنفسه ما أصنع به ؟ وحرية الأديان فى الشريعة الأولى معروفة ، أشار إليها القرآن بقوله : ( لا إكراه فى الدين) الآية فى أمثالها ٠ قال هرقل : «والله لولا الضن بملكى لصنعت كما صنع » ٠ ومعنى قونه لولا الضن بملكى أى لولا أن نفسى لا تسمح أن أتخلى عن هذا الملك الذى فى يدى لأسلمت كما أسلم النجاشى ، قلت : وقد جاء ذكر إسلام هرقل فى روايات شهيرة ٠ فقال عبد لعمرو : أنظر ما تقول يا عمرو وهو يتهمه ٠ فقال عمرو : قلت والله قد صدقتك،أىقلتلك الصدق والواقع،قالعبد : فأخبرنى ما الذى يأمر به وينمى عنه ، قال قنت : يأمر بطاعة الله عز وجل ، وينمى عن معصيته ٠قلتلمافرغعبدمن البحث عن أحوال هؤلاء الملوك وسمع ما سمع من قبولهم الاسلام وخضوعمم لأوامره واعتناقمم له ، التفت الى استفسار ما يأمر به هذا النبى وما ينهى عنه ، وهل — ١١٩ - هو مما يقبله العقل ويصوب له أم يرى فى أوامر إضطرابا ؟ ( ولو كان من عند غيرالله لوجدوا فيه اختلافاًكثيراً) ٠ وما أغزر عقل ه-ذا البطل الأزدى ما أدراه بموارد الأمور ومصادرها ، قال : ويأمر بصلة الرحم وبالبر وينهى عن الظلم والعدوان ٤ وعن الزنى وشرب المخر ، وعن عبادة انحجر والوثن والصليب ٤ قلت : وهذه الأوامر والنواهى فى هذه الكلمات الوجيزة هى عمود الاسلام وجوهره ، فان الأمر بطاعة الله عز وجل والنمى عن معصيته جماع كل خي وصرف عن كل شر ، وكذلك الأمر بالبر فهو اسم جامع لأنواع الطاعات ، وقوله وينمى عن الظلم ٤ وهو اسم لكل شر قليلا كان أو كثيراً ، فان الظلم ظلمات يوم القيامة ، وكذلك العدوان ، فان كل ما خرج عن كون طاعة وخيراً فهو عدوان سواء كان هولام أو فعلا أو نحو ذلك ، ثم حرح أيضاً بالنهى عن الزنى وثرب الخمر وعن عبادة الأحجار والأوثان ، أى التماثيل ، وكذلك الصلبان ، ففى هذه الأوامر جماع روح الاسلام وجوهره ، ولا ريب فان رسول الله علقه أوتى جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصاراً ، فلمذا خرجت أوام* بمث-ل هذه العبارات فتلقاها أصحابها منه فخرجوا بما الى سائر الأمم دعاة وهداة مبلغين عنه ومبثرين ومنذرين ٠ فلما سمع عبد بن الجندى هذه الأوامر سرته واستحسنها ، وبطبيعة الحال إن الحق مقبول وله فى القلوب تأثير ولو جاء على لسان كافر ، فلذلك قال عبد : ما أحسن هذا الذى يدعو اليه ، كما شهد به أيضا هرقل فى حديثه مع أبى سفيان ٠ قال عبد : لو كان أخى يطاوعنى لركبنا حتى نؤمن بمحمد ٠ ، أى لكان من الواجب أن نفد عليه ٠ فى مقره -١٢٠ — ، فنصدق به ونواجمه، فيكون ذلكلنا أكبر شافا وأعلى قدراً عند الله ولا نكتفى بالإيمان به من بعيد ، على لسان رسوله عمرو بن العاص ، ولله درعبدلذلك السيد الطويل النظر، الصحيح الفكر، ولله در الأخلاق إنما لدليلعلىحقائقأهلما ٠قالعبد : «ولكنأخىلايتابعنى»وفرواية « لكن أخى أضن بملكه من أن يدعه ويصير ذنباً » أى تابعاً ٠ قال : قلت إنه إن أسلم ملكه رسول الله ه ض قومه، أى لا غرض له يلة فى الأمور الدنيوية ، ويعلم عمرو بن العاص وهو رسوله تلته أن كل ما يرمى اليه النبى ٠ طاعة الله عز وجل ، و إذا لم يخضع للإسلام فلن يزكههطىملكهو*وممر على كذره،طن حجة الله على الأمة أنبياؤها على ملوكما، وملوكما على رعيتها، وبأصرأر اللوك تستباح حرم الملوك كما فى أحاديث شميرة عنه علقه، وبالانقياد للحق من الزعماء يكتفى عن الباقين كما دل عليه قول عمرو نفسه ، فأخذ الصدقة من غنيمم فردها فى فقيرهم ، أى أن الله عز وعلا فرض النفقة عطى الأغنياء للفقراء ، فكانت منه تعالى وصلة رابطة بين المسلمين، وموفرة على الفقراء أحوالمم، ومسعذة لهم من أهل الأموال ٠قالعبد : إنهذا الخلق حسن ٠ قلت كيف لا يكون حسناً وهو سياسة حكيم السموات والأرض، خالق الحكمة ومنظم الأمةسبحانه وتعالى،ما أعظم شأنه، وما أعلى ميزاته ٠ قال عبد : وما المصدقة أى ما صفتها وما حكمها ؟ قال عمرو ، فأخبرته بما فرض رسول المله ه طى أمته من الصدقات فى الأموال، أى على اختلاف أنواعما ٠قال:ولما ذكرت المواشى ٠قالعبد:ياعمرو ويأخذ من سوائم مواشينا التى ترعى فى الشجر وترد المياه ، آى رأى ذلك مستغربا عنده وغفل. عما عداها من نوعما ، لأنه كان يعلم ضرائب ١٢١٠ - الملوك على أموال العباد على غير هذا النمط ، وإفما هى قوانين تسنما الملوك طى الأمة بمقتضى الموى ، قال عمرو : فقلت نعم أى يأخذ ذلك الذى استقكرته وليس بمستنكر،واللهلا يسالعما يفط وهم يسألون ٠ فقال أى عبد : والله ما أرى قومى ف بعد دارهم وكثرة عددهم يطيعون بمذا ، أى يرونه عظيما أن يتصرف أحد فى أموالمم كمذا التصرف ، فينزع منه تسماً لأجنبى ٠ قال عمرو بن العاص : فبقيت أترحد على باب جيفر وقد أوصل اليه أخوه خبرى ثم إنه دعانى فدخلت عليه ، فأخذ أعوانه بضبعى أى عضدى ، قاله : دعوه ٠ فارسلت أى أطلقونى ، قال فذهبت لأجلس فأبوا أن يدعونى لجلس، وآظمروا لهعتواً،قال: فنظرت اليه أى فى ذلك الحال، فقال : تكلم بحاجتك، قال : فدفعت اليه كتاباً مختوماً ، ففض ختامه فقرأه حتى انتمى الى آخره ، ثم دفعه اليه كتاباً مختوماً ، ففض ختامه فقرأه حتى انتمى الى آخره، ثم دفعه الى أخيه فقرأه أىعبد ، ثم أدار النقاش جيفرمن نوع نقاش أخيه عبدقائلا: ألاتخبرنى عن قريش كيف صنعت ، أى وهم أشد مراساً وأطول يداً ولساناً ، وأخص به من غيرهم ؟ قال عمرو : فقلت اتبعوه إما راغب فى الدين ، وإما راهب مقمور بالسيف ، وإنه لجواب مدهش جامع لمقتضى المقام ، وهكذا ينبغى أن قكون رسل الزعماء والأكابر ٠ قال جيفر « ومن معه » أى الرسول عكة ٠ قال عمرو : قلت الناس قد رغبوا فى الاسلام واختاروه على غيره ، وعرفوا بعقولمم مع هدى الله إياهم لنمم كانوا فى ضلال مبين، أى آن الاسلام مال اليه الناس بطبيعة حاله الجذابة الفعالة فى العقول السليمة ٤ انقيادها الى عزها وشرفما الذى جابهها به الاسلام. وصارحها به سيد الأنام ، قال عمرو : فما أعلم أحداًبقى غيرك فى هذه - ١٢٢ الخرجة ، وأفت إن لم تسلم اليوم وتتبعه تطؤك الخيل وتبيد خضراءك قال الامام : أى جماعتك فأسلم تسلم ويستعملك على قومك ، ولا تدخل عليك المخيل والرجال،أىفانكلاشك تتأهب لحرب المسلمين للذين دوخوا الأكاسرة والقياصرة ، ولست بأقوى منهم ٠ ولما سمع هذه الكلمات من عمروبن العاص ذلك الداهية، هزته وزلزلت من كيانه ، ولعم أن الحرب ما بينه وإياها إلا رجوع عمرو بن العاص ، فقال لعمرو : « دعنى يومى هذا وارجع الى غداً ٠ قال : فلما كان الغد أتيته فأبى أن يأذن لى فرجعت الى أخيه فأخبرته أنى لم أصل اليه ، فأوصلنى اليه ، فقال إنى فكرت فيما دعوتنى اليه، فاذا أناأضعف العرب إنملكت رجلاما فى يدى وهولابلغ خيله الى هاهنا، وإن بلغتخيله ألفت أى وجدت قتالاليس كقتال من لاقى » ٠ قال عمرو : « قلت وأنا خارج غداً ٠ قال فلما أيقن بمخرجى خلى به أخوه فأصبح فأرسل الى فأجاب الى الاسلام هو وأخوه ، وصدقاً وخلياً بينى وبين الصدقة وبين الحكم فيما بينهم ، وكان لىعوناًعلىمنخالف»٠ وانظر الى جرأة عمرو بن العاص حيث يقول لجيفر لما قال فكرت فيما دعوتنى الميه ، فاذا أنا أضعف العرب إن مكككت رجلا ما فى يدى ، وهو لا تبلغ خيله الى هأهذا ، وإن بلغت خيله ألغت قتالات ليس كقتال منلاقىقال له إن لم تسلم اليوم وتتبعه تطؤك الخيل وتبيد خضراءك، أى رجالك وهذا من الجرأة بمكان حيث يقولها للك فى عرشملكه،وبينأرهاطه وجنوده، ولكنمقام الاسلام عظيم ، والرسول ف الحقيقة عين المرسل وقد انتخب الرسول ٠ ذلك الداهية المعروف بأرطبون العرب ٠ - ١٢٣ — وف الحقيقة أنعبد بن الجلندى كان داعية الرسول ه الى الاسلام ، حيث أسلم جيفر بالأفكار الطيية من عبد ، وفى النص الإلمى يقول من ثمارهم تعرفونهم ، وقد جاء فى بعض الروايات : أن عبداً قال لأخيه جيفر : أطعه فان كان الرجل صادقاً فيما يدعى كنت ممن أطاع ولك بذلك الشرف، وإن كان كاذباً فقد أطاعته العرب إلخ، وهذا من التفكير الصحيح الذى لا يهتدى اليه إلا الموفق من الناس، فلما أسلم جيفر وعبد أسلم أهل عئمان حالا ، وفشا الاسلام مصداقاً لقوله ج: الفاس ف دين موكمم ٠ ولهذا كان الرسول ه، يئحمل جرائم الأمة طىالزعماء ، لأن لهم المطاعة عليمم طبعاً ، ويدل حديث عمرو بن العاص معملكى عمان أن الأمة إذا أسلمت وجبت عليما الزكاة حالا ، فلا ينتظر بما الحول منذ وقع الاسلام ، بل يتعين الوجوب وهو اضح، وكان جيفر وعبد عوناً لعمرو بن العاص طى الناس، فبلغ بمما الأرب الذى أراده رسول الله تلنه وهو إنقاذ الأمة من هوة الكفر الموجب للخلود فى النار واكيان بالله منها ٠ ولما فشا الاسلام فى عمان وعم الدافى والقاصى فيما وصار عمرو بن العاص حاكم البلاد، ونفذت أوامره الاسلامية بمعونة ذينك الملكين الكريمين اللذين كانا عوناً لعمرو بن العام على نشر المدعوة ، وبث روح الاسلام ، وأقام عمرو بين القوم معززاً مكرماً حتى هم بالرجوع الى المدينة ، وتحفز للخروج ، وإذا بالمنية تقضى على سيد الأولين والآخرين ٠ قال الامام رحمه الله : « بعد أن مكث عمرو بن العاص فى عثمان عاملا عليها لرسول للله علقه وأهلها له طائعون ولقوله سامعون الى أن بلغته وفاة رسول الله ٠ فعزم على الرجوع الى المدينة » ٠ - ١٢٤ - عمرو بن العاص أمير عمان يخرج الى المدينة معيراً عن انقياد اهل عثمان للإسلام لقد قضى عمرو بن العاص لك الثلاثة الأعوام فى عمان ، أمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، باثاً أوامر الاسلام، معلماً للناس أمر دينمم ثم رأى الرجوع الى المدينة للتعبير عن مهمته الوحيدة ومؤديا الى ولى الأمر الواجبات المحمولةطى عاتقة، فعزم على الخروج راجعا الى المدينة عاصمة الاسلام وبيضة الدين ٠ فقام لصحبته السيد الهمام عبد بن المجلندى لسان الملك، وعون ابن العاص رسول الرسول ٠ ، مؤدياً للواجب ومعززاً للامير القرشى السممى لسان الاسلام فى عثمان ، ومظهراً لاسلام أهل عثمان ، وانتخب معه من أعيان قومه الوجال الفطاحل،مثلجعفربنجشم العتكى، وأبى صفرة سارف بن ظالم من كبراء رجال الأزد فى عمان ، ومن المنظور إليهم فى ذلك الأوان، وأن الرجل من أجلة العثمانيين كما عبر"نا عنه ٠ فى رعاية الأحساب ، مع جملة من أعيان عثمان ذكرهم التاريخ العثمانى وغيره كما سوف تسمع عنهم ، واصطحب معه الخفراء من الأزد وعبد القيس يأمن بمم فى طريقه عملا بالقضايا العربية إذذلك . ومر على المنذربن ساوى حاكم البحرين فى هجر، ومرعلى بنى حنيغة فأخذ منهم أيضا خفراء حتى نزل أرض بنى عامر ، فنزل طى قرة ابن هبيرة القشيرى ، وقيل خرج قرة بن هبيرة مع عمرو فى مائة رجل من قومه خفراء له ، قال : وأقبل عمرو بن العاص يلقى الناس مرتدين أى ٠ ١٢٥ — عن الاسلام حتى أتى ذاالقصة ، فلقيه عيينة بن حصن خارجاً من المدينة ، وذلك حين قدم على أبى بكر ، ويقول : إن جعلت لنا شيئ كفيناك ما وراك ياعيينةمنولى الناس أمورهم، قال أبا بكر:فقالعمرو:لله أكبر ٠ قال عيينة : « يا عمرو استوينا نحن و أنتم ، فقال عمرو كذبت يا إبن الأخابث من مضر ، قال : وسلر عيينة فجعل يقول لمن لقيه من الناس احبسوا عليكم أموالكم، قالوا : فأفت ما تصنع ٠قال:لايدفع اليه رجل من فزارة عناقاً واحدة ، ولحق متذ ذلك بطليحة الاسدى، فكان معه ، قال : ولما فرغ خالد أى ابن الوليدمن بيعة بنى عامر صال علىعيينة بن حصن المذكور صولة الأسد الباسل، فأوثقه كتافا وأوثق معه قرة بن هبيرة القشيرى ، وبعث بمما الى أبى بكر رضى الله عنه ٠ قال ابن عباس رضى الله عنمما : فقدم بمما الى المدينة فى وثاق، فنظرت الى عيينة مجموعة يداه الى عنقه بحبل ينخسه غلمان المدينة بالجريد، ويضربونه ويقولون : أى عدو الله أكفرت بالله بعد إيمافك، فيقول :واللهماكنتآمنت بالله ٠قال : فلم يعاقب أبوبكر رضى الله عنه قرة وعفا عنه ٤قال : وكقب له أماناً وكتب لعيينه أماناً وقبل منه،قلت : إنما كان ذلك سياسة منأبى بكررحمه الله بمؤلاء المؤلفة قلوبمم ، ولمم فى النفاق حظ واهر لكى تمدأ العرب ويسكن روعما ، فإن عهدهم بجاهليتهم قريب والشيطان يراوحمم ويغاديمم وبكفر يناديهم ٠ قال : وف كامل ابن الأثير مات رسول الله ٠ وعمرو بعئمان، قال : فأقبل حتى انتمى الى البحرين فوجد المنذر بن ساوى فى الموت ، ثم خرج عنه الى بلاد بنى عامر فنزل بقرة بن هبيرة، وقرة يقدم رجلا ويؤخر أخرى ، أى فى الارتلااد ، وقد لعب به الشيطان ليرديه ٠ -- ١٢٦ قال : ومعه عسكرمن بنىعامر، قال خذبح له و أكرم مثواه، فلما أراد الرحلةخلابهقرة،وقال :ياهذاإن العرب لاتطيعب لكم نفساً بالإتاوة، أى وهى ضريية الملوك، ويعنى بها الزكاة فمو يعتقدها من ذلك النوع. قال : فان أعفيتموها من أخذ أموالها فستسمع لكم وتطيع ،وان أبيتم فلا تجتمع طيكم ، فقال له عمرو : أكفرت يا قرة تخوفنا بالعرب ، فو الله لأوطئن عليك الخيل فى حفش أمك، والمراد به المبيت المسترذل جسكونه، وكان ذلك تهديدا من الداهية القرثى السهمى الذى قيضه الله لتركيز دعائم الاسلام كسائر إخوانه المخلصين فى مساعيهم، وفى ذلك تأييد للدين وتدعيم قواعد المسلمين ، قال : وقدم على المسلمين بالمدينة وأخبرهم فطافوا به يسألونه فأخبرهم أن العساكر معسكرة من دبا الى المدينة قال : فتفرقوا وتحلقوا حلقا ، وأقبل عمر يريد التسليم على عمرو بن العاص ، فمر على حلقة فيما على وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد ، قال : فلما دنا منهم عمر سكتوا ، فقال أى عمر : فيم أنتم ؟ فلم يجيوه ، فقال لهم : إنكم تقولون ما أخوفنا طى قريش من قتل وأسر واستئصال معدود عطى قريش ، لأن الرسول منهم وهو الأمر وهو الفاعط، وقريش قومه وهم معه، وكان ذلك يترآى له بألمعيته المخصوص بمامن الله لذلكلما قال لممهذا لمقال قالوا كلهم : صدقت، قال عمر : لاتخافوهم أنا والله منكم لى العرب لخوف منى باطله من العرب طيكم، والله لو تدخلون معاشر قريش جحراً لدخلته العرب فى آثاركم،قلتذلكلماطمهمن الرسول ي، إذ بقول الناس : تبع لقريش مسلممم دامم وكافرهم لكافرهم، وقوله : لا يزال هذا الأمر فى قريش ما قى منمم رجلان ، أو قال ما بقى فيهم رجلان أو كما فأل: طيه الصلاة والسلام،وقد رسخ ف ذهن الغاروق تحقيق - ١٢٧ الحتائق التى طمما من الشادع علته ، وما أدركه بألمعيته النيرة الوقادة رحمه الله وغفر له ٠ وبذلك المقال السياسى أيضاً أسكن حفيظة القوم وهدأ روعهم وبشرهم بمستقبلهم الحسن ، قال عمر : فاتقوا الله فيهم أى فى العرب ، قال : ومضى عمر فلما قدم بقرة بن هبيرة عطى أبى بكر أسيراً استشهد بعمرو على إسلامه ، فأحضر أبو بكر عمراً فساله فأخبره بقول قرة الى أن وصلا الى ذكرالزكاة ، فقال قرة : عهلا يأ عمرو ، فقال : كلا والمله لأخبرنه بجميعه ، فعفا عنه أبو بكر وقبل إسلامه ، وقوله لما وصلا الى ذكر الزكاة قال قرة : مملا يا عمرو أى لا تخبره فان ذلك بيت القصيد ، وقوله : كلا والله لأخبرنه بجميعه كان ذلك واجب الأمانة ادينية فى الاسلام ، وكان من سياسة أبى بكر رضى الله عنه تالف الأمة ليهدأ روعما وتسكن ثائرتها ويصطك حجر الاسلام على بعضه بعض وللرجال سياسات كما للأوقات كذلك ، قال الامام وذكر ابن الأثير ف كامله أيضا فى قدوم عمرو على معاوية بعد قتل عثمان قال : وكان قد علم الذى يكون فعمل عليه لأن المنبى طلته كان قد بعثه الى عئمان ، فسمع من خبر هناك شيئا عرف مصداقه ، فساله عن وفاة النبى هبج ومن يكون بعده، فأخبره بأبى بكر وأن مدته قصيرة، ثم يلى بعده رجل من قومه مثله تطول مدته ويقتل غيلة ، ثم يلى بعده زجل من قومه تطول مدته ويقتل عن ملا ٠ قال ذلك أشر ، ثم يلى بعده رجل من قومه ينتشر الناس عليه ، ويكون على رأسه حرب شديدة ، يقتل قبل أن يجتمع الناس -- ١٢٨ - عليه ، ثم يلى بعده أمير الأرض المقدسة فيطول ملكه ، وتجتمع عليه أهلتلكالفقةثميمو٠ وكان الرجل الذى تطول مدته ويقتل غيلةهوعمر بن الخطاب رضى اللهعنه، والمراد بالرجل الذى تطول مدته ويقتل عن ملأ هر عثمان ، إذ اجتمع عليه المسلمون من نواح عديدة وحصروه فى بيته مدة حتى قتل ، والمراد بالرجل الذى تكون على رأسه حرب شديدة ، ثم يقتل قبل أن يجتمع الناس طيه هوطى بن ابى طالب، والمرادبالرجل الذى يكون أمير الأرض المقدسة ويطول ملكه معاوية بن أبى سفيان ، وقد قال ابن الأثير بهذا فى كقابه الكامل ملقياً له بالنقل عمن لمم لعلم به ، والمعنى لذلك مال عمرو بن العام الى موطأة معاوية بن أبى سفيان ، إذ رأى القضايا جاءت قترى كماقيل له ، فكانت طبق ما قيل له ٠ ولاشك أن مثل عمرو بن العاص الداهيبة الوحيد فى قومه يرى القضايا رأى العين ، كما قيل له عنها لا يرضى أن يكون فيما ذنباً ، بل يرضى أن يكون فيها رأسا وهامة ، وقد تلقى عمرو بن العاص هذا الأمر من يهودى من يمود صثحار ، كما أشار اليه ابن الأثير ٠ قال الامام السالمى رحمه الله وهو يذكر إسلام أهل عثمان فى ( تحفة الأعيان) ، وفى تاريخ الخميس : كان عمرو بن العاص عاملا للذبى حتلتة عطى عمان، فجأءة يوما يمودى من يهود عثمان ، فقال ل٩ أرأيتك إن سألتك عن شى أأخشى علىمنك؟قال:قاللا٠قال اليمودى : أنشدك بالله من أرسلك إلينا 1قال : اللمم زسول الله. قال اليمودى ٠. آلله انك لتعلم أنه رسول الله ؟ قال عمرو : اللمم نعم ٠ فقال اليمودى : - ١٢٩ لإن كانحقا ما تقول لقد مات اليوم، فلما رأى عمرو ذلك جمع أصحابه وحواشيه وكقب ذلك اليوم الذى قال له اليهودى فيه ما قال : ثم خرج بخفر اء من الأزد وعبد القيس يأمن بمم فى طريقه ، قال ففاجأه ذلك عند المنذر بن ساوى، فسار حتى قدم أرض بنى حنيفة، فأخذ منهم خفراء حتى جاء أرض بنى عامر ، فنزل على قرة بن هبيرة القشيرى ، وذكر الحديث الذى قدمناه : ومفاده أن عمرو بن العاص تلقى من ذلك اليمودى الذى حدثه بصحار عن وفاة النبى تلقه معلومات هامة ، فسار فى حياته طى ضوئما فرآها لا ترال تأتى كما قال له ذلك اليمودى، فلذلك تحين الغرصة وءمل بمققضى ما صح معه ، وكان الأمر جليا نصب عينه ، وغير بعيد أن يصح ما قاله ذلك اليهودى ، لأن اليمود أقاهم الله التوراة وفيما ذكر الرسول ه صريحا، وذكر قومه وما يكون بينهم وما يقع لمم من النصرعلى من عاداهم والظفر لمن خاصمهم ، وقد قال اليمود فى المدينة لعمر بن الخطاب رضى اللهعنه:إنا نجدك فى التوراة، قال تجدونى ماذا ؟ قالوا نجدك قرناً ، قال قرن ماذا ؟ قالوا قرن من حديد أه ، ولا يدركون مثل هذا إلا بنص نبوى ، وقد صح ذكر هذه الأمة فى الكتب السابقة حتى تمنى موسى ابن عمران عليه الصلاة والسلام أن يكونمنها كما فخبرالألواح، فكان ما قاله يهودى صحلر أمراً واقعاً ، وكان عمرو من مثاهير رجان الدنيا الذين يرغبون فيما ويبون إباه قال الإمام رحمه الله: « دخل عمرو بن العاصعلىأبى بكر رحمه الله ومعم رجال الأزدمن عثمان ، فقام سارف بن ظالم خطيباً » ، فقال : « يا خليفة رسول :ا ، ومعاشر قريش، هذه أمانة كانت فى أيدينا ( م٩ - عمان عبر التريخ ج ا ) - ١٣٠ وفى ذمتنا وديعة لرسول الله ملتة، فقد برثنا منها إليك» ٠ فقال أبو بكر رضى اللهعنه : « جزاكم الله خيراً ، وأثنى عليهم المسلمون خيراً ، وقام الخطباء بالثناء عليهم المدح، فقالوا كفاكم معاشر الأزد قول رسول الله طللقة وثناؤه عطيكم ، ثم قام عمرو بن العاص والى عنمان ، فلم يدع شيئا من المدح والثناء إلاقاله فى الأزد، ثم جاءت وجوه الأنصار من اأزد وغيرهم مسلمين على عبد ومن معه ، فلما كان من الغد أمر أبو بكر فجمع الناس من المماجرين والأنصار ، وقام أبو بكر خطيباًفحمد الله وأثنى عليه، وذكر إلنبى فصلى عليه وقال : « معاشر أهل عثمان إنكم أسلمتم حلوعاً لم يطأ رسول الله علنة ساحتكم بخف ولا حافر ، وجشمتوه ما جشمه غيركم من العرب ، ولم ترموا بفرقة ولا تشتت شمل، غجمع الله على الخير شملكم، ثم بعث إليكم عمرو بن العاص بلا جيش ولا سلاح ، فأجبتمو ه إذ دعاكم على بعد داركم ، وأطلعتموه إذا أمركم على كثرة عددكم وعدقكم ، فأى فضل أبر من فضلكم ، وأى فعل لشرف من فعلكم ، كفاكم قول رسول الله طلتة الى يوم الميعاد »، ثم أقام فيكم عمرو ما أقام مكرماً ، ورحل عنكم إذ رحل مسلماً ، وقد من الله طيكم باسلام عبد وجيفر ابنى الجلندى، وأعزكم الله به وأعزه بكم، وكنتم طى خر حال حش أتتكم وفاة رسول الله ، فأظهرتم ما يضاعف فضلكم أى وهو انقيادكم للحق وتعزيزكم له،حيث لما بلغتكم وفاة الرسول حلا ثبتم على الاسلام ولم تتزعزعوا كما تزعزع غيركم من الناس، ولا تقلقلتم كما تقلقوا، وأنتم كثيرو العدد» ٠ ال أبو بكر رضى الله عذه : « وقمتم مقاماً حمدناكم فيه » ، وهو ثباةمم على الحق ومؤازرتمم له - ١٣١ - وتأييدهم ، قال « ومحضتم بالنصيحة » ، أى أخلصتموها وصارحتم بها ٠قال : « وشاركتم بالنفس والمال، فيثبت الله ألسنتكم ويهدى قلوبكم وللناس جولة » ، أى لابد لهم من تزعزع وحيرة ودهشة ، قال : « فكونوا عند حسن ظنى فيكم ، أى وهو ثباقكم القوى على دينكم، وفى طاعة إمامكم وزعيمكم»،قال:« ولست لخاف عليكم أن تغلبوا طى بلادكم، أى لأنكم صارعتم الجنود الفارسية مدة طويلة حتى قضيتم عليهم،« فلا أخشى عليكم أحداً بعدهم بحسب ظاهر الحال لاحكماًعلى الغيب»،قال: ولا أن ترجعوا عن دينكم، أى دلائل الحال قاضية بذلك، ودلاتل المقال عن رسول الله ٠ شاهدة بذلك، وسوف تقفعليها أيها القارىء الكريم فى فضائل أهل عثمان من هذا الكقاب إن ثا٠ الله ٠ قال « جزا كم الله خيراً »، ثم سكت أبو بكر ، ولقد ساس وهذب وقوى وأبه وحذر ودعا وأرشد، وهكذا البلغاء وعلى ذلك يقوم علم الحق فوق الرؤوس، ولله در أبى بكر سيد المسلمينوخليفة المصطفى الأمين ٠ ١٣٢- ابوبكريجمزعبدبن الجلندى ومن معه لحرب آل جفنة لقد سر أبو بكر رضى اشم عنه بملقى عبد بن الجلندى ومن معه من أبطال الأزد ، وابتمج بمم تمام الابتماج ، فأثنى عليمم فى خطبته المارة آنفا، وشكرهم شكرا لايخفىعلى أهل العقول الصحيحة، ولما رأى وما سمع عنهم وما فهم منهم عول عليهم فى حرب آل جفنة من أزد الشام ، فكان أراد أن يدق الصخر بمثله ، ويرمى الهدف عن خبرة ، فأراد من عبد بن الجلندى أن يهاجم الغساسنة العتأة فى أرض الشام فانهم حجر خشن ، فما يلكأ عبد وأصحابه على أبى بكر ، ولا اعتذروا له بالمعاذير، ولولاأنا معنيون بتاريخ عمان لذكرنا قضايا الارتداد كيف كانت، وفيمن كانت،كما أنا لم نذكر الحوادث الخارجية عن عثمان ، وإن كان وقوعمابأهل عثمان لاسيما ماكان منغير أهل عثمان، وإن كانتلهعلاقة بتاريخ ضان، لأن ذلك شىءيطول علينا وحسبنا ذكر الأهم من تاريخنا العثمانى ، وإن أشرنا الى هذه القضية العمانية الغسانية فما ذلك إلاكالتعريف بفضائل عبد ابن الجلندى وأهل ضان معه ٠ قال امام رحمه اش : وقيل إن عبداً استنهضه أبو بكر لمقاتلة آل جفنة فأجابه الى ذلك ، قال فسرى له سرية وأمره عليها ، فخرج عبد المذكور يقود جيشاً فيه أعيان المماجرين والأنصار ومن لف معمم من العرب ، قال فخرج عبد على السرية ، أى أميراً عليما وجد فى السير حتى أش آل جفنة بالشام ف ديارهم ٠ قال الالمام رحمه اش : ولها حديث يطول ذكرء٠قلت:لماكان - ٠١٣٣ ليس من أخبار بلادفا العثمافية نكتفى بالاشارة اليه هنا عن سرد ذكر قال : « وقد ممر متام عبد وعرف مكافه، قال : وكان فى السرية من شعرائه ي8 ، حسان بن ثابت الأنصارى ، فهلما قدموا من ديار ٢ل جفنة قام حسان بين ظمرافى المسلمين يعلن الثناء البليغ على عبد بن الجلندى ، ومن جملة مقاله : ه قد شهر مقام عبد فى الجاحلية والاسلام ، فلم أر رجلا أحزم ولا أحسن رأيا وتدبيراً من عبد ، هو واشم ممن وهب نفسه لله فى يوم غارت صباحه ، وأظلم صباحه » ٠ فتهلل وجه أبى بكر رضى اش عنه وسر به ، فقال « هو يا أبا الوليد كما ذكرت ، والقول يقصر عن وصفه ، والوصف يقصر عن فضله » ، فلما بلغ ذلك عبداً بعث الى حسان ابن ثابت بمال عظيم ، وأرسد اليه قائلا : لآ إن مالى يعجز عن مكافأتك فأعذر فيما قصر ، وأقبل ما قيسر » ، وعندما عزم عبد ومن معه من العثمانيين على الرجوع الى أوطانهم زودهم أبو بكر رضى اش عنه كقاباً الى أهل عثمان كافة يشكرهم فيه ويثنى علطيمم ، ولقد أقر أبو بكر رضى اشه عنه جيفر على ملك عثمان كوال لعمان من طرف الخليفة ٠ قال الامام ف تحفة الأعيان : ذكر فى بعض السير الععمافية أن أبا بكر أقر جيفر وأخاه جميعاً على ملك عثمان ، وجعل لمما أخذ الصدقات من أحلما وحملما اليه كما سوف ترى بسط ذلك فى محله إن شاء اش ، وهو دليل على جعله والياً لعثمان كما قلنا ، ولعل بعد ذلك أراد اختبار القوم ، أو أن السياسة اقتضت أمراً ، ولكل زمان سياسة ولكل وقت أعمال ، ولكل أمير وجمه وأبو بكر أفضل الأمة بإجماع من يعتد بإجماعه فى شىء بعد رسول اش علالقه ٠ - ١٣٤ - عمان وأبو بكر رحمه الله تعالى طيلة حياته لقد تولى أبو بكر رحمه الشم ورضى عنه أمر المسلمين ، وعمان بيد واليها عمرو بن العاص يدبر شئونها معززاً بملكيها ، جيفر وعبد ، ولما بلغت عمرو ابن العاص وفاة رسول اش ٠ هم بالرجوع الى بيضة المسلمين راجعاً بأمر ولايته الى الخليفة المستخلف، مصطحباً معه من خيار أهل عثمان ، سبعين راكبا تحت رايته يقدممم ذلك الممام عد بن الجلندى ملك عثمان حتى وصل المدينة، واذا بالخليفة للمسلمين أبو بكر أول إمام صحيح الامامة، وأول رجلسداشبه فراغ الثلمة التى أدهشت المسلمين وانزهقت منها أرواح أهل الإيمان ، وزاغت بما قلوب أهل الجل الذين لم يتمكن الاسلام من قلوبهم ، ولم يرسخ الإيمان فى أذهانمم،فكان أبوبكر الحجر الثقيل الذى لم يقدر الزائغون على تحريكه عن مقره ، غالقى عمرو بن العاص اليه مممته التى جاء بها ، وتلقاها أبو بكر بصدر رحيب ، وقلب منشرح ، وعزيمة ثابتة ، لا تؤشر عليها الهيشات، فأثنى أبو بكرعلى أهل عثمان ثناء بالغاً ، وشكرهم شكراً وافراً ، حيث آمنوا طائعين ووصلوه مذعنين خاضعين ، مع أن أغلب العرب تزعزعت، فمنما المرتد ومنها على وشك الارتداد، واذا بأبى بكر يجمز العمانيين من الجفنة بنواحى الشام فقاموا بمهمتمم خير قيام، ورجعوا بالنحر والظفر الى الخليفة الالمام، فأقرهم على ملك عثمان ، وأيدهم وشد عضدهم وأعرب عن مناهج مصالحمم ، فازدادوا بذلك شرفاً على شرفمم ، وءزاً يؤيد عزهم ، ورجعوا الى عثمان محترمين مكرمين ٠ — ١٣٥ - وجاء فى بعض التواريخ ، أن أبا بكر رضى الشه عنه استعمل عطى عثمان عكرمة بن أبى ج٠—ل ، ثم عزله وسيره الى اليمن ، واستعمل على عثمان حذيفة القلعانى،قال :غلم يزل والياً على عمان الى أنتوف أبوبكر رضى اللهعنه» قلت : لعل هذه ا لتولية وتولية عكرمة كانتا سياسية من أبى بكروهو الواضح،ثم لم يطل عمدها لأن أبا بكر رحمه الله لم يطل عهد خلاغته ، وقد خرج عنه عبد بن الجلندى وأمر عثمان اليه وأخيه جيفر ، فلعله بعد مدة غير طويلة اقتضى النظر تولية عبد ، ثم تولية حذيفة على أثرها أيضا ، ولم يطل العمد ذكر ف أسد الغابة بغير تحقيق ، قال : وضبط القلعانى فى نسخة أبى عمر بالقاف واللام والعين الممملة ٠ قال الامام : قال ابن الأثير: وأنا أشك فيه، قال : وضبطه الطبرى، فقال : حذيفة بن الحصين : الغلفانى بالغين المعجمة واللام والفاء ٠ قلت : لعله القلمانى وهو غير بعيد ، فإن الكلمة متقاربة فى صورتها ، قال : وله فى قتال الفرس آثار كثيرة ، قال : واستعمله عمر على اليمامة وسيأتى ذكره فى خلاغة الامام عمر بن الخطاب رحمه الله ورضى عنه ٠ وف أيام أبى بكر الصديق وقعت قضية دبا من عثمان ، وذلك فى آخر حياة أبى بكر ، وذلك أن أبا بكر وجه حذيفة بن محصن الغلفانى الذى سبق ذكر الخلاف فى ضبطه ، قال : وهو من بارق ، وجهه الى عثمان وكان حليفاً للأنصار ، وكان له بصر • قال : وليس هو حذيفة بن اليمانى فوجمه أبو بكر أميراً على عمان فصدقهم ٠ قلت : لعله كان أميراً فقط على الصدقة،وفىخبرعبد بن الجلندى المتقدم -١٣٦- أن أبا بكر رحمه اشم أمره بأخذ الصدقة ، فكأن إمارته انتسخت ٠ قال : فلما صار فى ولد الحارث ابن مالك بن فمم ليصدقمم ، تناول بعض أصحابه امرأة معفاة ليصدقها ، وكان عليها فريضا شاة مسنة ، فأعطتهم عتوداً أو عناقاً مكان الشاة أى بدلا منها ، فأبوا أن يأخذوها ما أرادوا ، فصاحت المرأة يا آل مالك ! فقال حذيفة وهو أمير الصدقة : دعوة جاهلية أى مثل هذا التداعى كان فى الجاهلية . وكان بركان الارتداد فى قوته إذ ذاك، فلهذا قال حذيفة دعوة جاهلية، وخاف أن يكون القوم قد ارتدوا، ولعله وسوس له الشيطان أن القوم مرتدين ، لذلك سمع تداعى الجاهلية وما هى وأيم اشه إلانزعة عرضت تخالفت فيها المفاهيم، وربماوقع مثلذلكمن أهل الجمل وعوام المسلمين بغير قصد الارتداد ٠ قال : فأغار عليهم حذيفة فقبض على ناس منمم وأوثقهم قمراً وهم قليلون ، ولعلهم لضعفهم فمضى بهم الى المدينة بدعوى الارقداد الذى فممه من تداعيهم ٠ قال الامام : فثار سبيعة بن عراك أحد زعمائمم وهو من صيلم، والمعلى ابن سعد الخمامى، والحارث بن كلثوم الحديدى ف أصحابمم ، فوفدوا على أبى بكر رضى اشه عنه ، فقالوا : يا خليفة رسول اش ، علقة ، إنا على اسلامنا لم ننتقل عنه ولم نمنع زكاة ولم ننزع يداً من طاعة ، ولم نرجع عن دين ، وقد عجل عاملك و كففنا أيدينا الى أن أتيناك ، فقال أبو بكر رحمه اش أصنع بكم ما صنعت بالعرب،إن شئتمخليت الم-ال وأخذت السبى، ففادوا السبى فقالوا علىكل أسير أربعمائة وخمسون درهما، قال الامام كذا ذكر العوتبى فى الأنساب ٠ قال : ويقال إن سبيعة بن عراك خرج الى أبى بكر - ١٣٧ - ، الصديق رضى اشم عنه فى سبى دبا الذين أخذهم حذيفة الغلفانى وكأن سبيعة المذكور زعيم القوم ، والمعلا بن سعد الخمامى ، وكان اسم المعلا ثعلبة ، ومن حيث إن ثعلبة اسم للثعلب ، وقد شم—٠ر الثعلب بالروغان والحيل ، سماء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الشم عنه المعلا ؛ وكان هو وسبيعة ابن عراك زعيمى القوم واليمما الحل والعقد ، فقدموا المدينة وقد مات أبو بكر الصديق رحمه اشم تعالى ، وتولى أمر الناس عمر بن الخطاب رضى اشه عنه ، فكلماه فى سبى أهل دبا ، وقال المعلا بن سعد الخمامى : يا أمير المؤمنين إن حذيفة بن محصن الغلفانى تعدى طوره ، وعظم فى الناس حدثه ، ولولا مراقبة أمير المؤمنين لكان شكامه متانا جزاء له عن غيره فيكون واعظاً لغيره ، ولكن حملنا على مخافة نكله فنرادف العثرة وسككت الحرة ، ولم نكد ٠ قلت : هذه كلمات مضطربة لا معنى لما بحسب الظاهر ، فقال عمر : يا معلا إن فى الحق سعة وكف غربك أولى بك ، إن الاسلام سوى بين الناس ، فرفع الوضيع ووضع الشريف اذا خالف الحق وأعطى كل إمرىء قسطه من خيره وشره ، ثم أمر عمر برد السبى ولذلك قال الامام السالمى رحمه اشه ٠ تأول السابى لهم يوم دبا وأنكر الفاروق ذاك المذهبا ومن هنا يعلم أن الإباضية لا يحكمون بالتأويل لتكقير الناص أى تشريكهم ، فإن التكفيربالتأويل يقع على غير أصل ، لكن الوهابية يحكمون بذلك ، فمن اقترف كبيرة شرك بالتأويل ، قالوا له : أنت مشرك دمك ح-لال ومالك غنيمة ، فاستعرضوا الناس وحكموا عليهم بما لا يرضاه الدين ولا حكم به أحد من الصحابة فيما علمنا ٠ . ١٣٨ ٠ قال الامام : وفى سيرة الشيخ خلف بن زياد البحرانى قال : بلغنا أن أبا بكر رحمه الله ورضى عنه بعث الى أهل عثمان مصدقاً يأخذ صدقات أموالمم وهم مقرون بالحكم كله ، فأعطوه الصدقة جميعاً لم يمنعها منهم أحد ، غير أن امرأة من أهل دبا شاجرت بعخ المصدقين فزعمت أنه استوف حقه جميعا : وزعمهو أنه بقى عليها بقية منه ، فتنازعا فى ذلك فقرعما قرعة استغاثت ببعض أهلها فأغاثها ، فأقبل هو ومن معه الى الذى قرعها ومن معه من المصدقين ، فتواقعوا وتنادوا عند ذلك يا آل بنى فلان حين رأوا أن القبائل قد نشبت بينهم، قال: وكانت دعوة جاهلية؛قد كان يقال لمن قالها أو دعا بها حل دمه حين يدعو بها أو يتوب ، فاقتتلوا ما ثاء الله وظهر المصدقون عليهم، فجاء حذيفة الغلفانى وكان ولى ذلك فسبى أهل دب—1 وفيهم ذرية من لم يقاتلهم من النساء والولدان ، وذرية من كان قد غاب أو كان قد مات وهو مسلم ونساؤه فى غير إفكار منهم بشىء من التزيك ، ولا امتناع منهم ، بما قبلهم من الحق ، قال : فلم يبق أحد من أهل دبا قدر عليه إلا سباه ، فوافق بذلك خلافة عمر بن الخطاب رحمة اشه عليه ، وكان أول مبعثهم فى حياة أبى بكر رحمة الله عليه، ولم-ا تحقق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب القضية غضب غضباًلم يكنغيما علمنا منه غضباً حتى قال : والله أنى لو أعلمك تسبيهم بدين دونى تقطع فيهم على لقطعتك طوائف ، ثم بعثت الىكل مصرمنك بطائفة، والمعنى لو كنت أعلم أنك فعلت ذلك بدين أى تعتقد حله فى الدين أى تدين بحله لعاقبتك عقوبة تكون عبرة لغيرك، والقصد الزجر والتغليظ لمن يجعل التأويل ديناً ٠ فرحم الله عمر لو رأى من يعتقد اليوم تأويله ديناً ماذا يفعل فيه حينا - ١٣٩ — يرى أموال المسلمين تقسم فيئاً ، والدماء تراق ديناً ، وتسبى الذرارى وهم يدينون لله بالاسلام ، ويعتقدون صحة أوامر دين اش عز وجل ٠ قال الشيخ خلف بن زياد البحرانى رحمه اته : ثم نقض أى عمر أمر أهل دبا ، أى أبطل الحكم الذى حكم به المصدق فيمم بعد ما هدده ذلك التمديد الكبير ، ورد القوم أى السبى من أهل دبا الى منازلمم إلا من استحق منهم بشىء خيانة ، أى إلا من ظهرت خيانته فيمافرض اشطيه، قال : وأجاز المسلمين بماأصيب منمم، ولما أصابهم من البلاء بثلاثمائة ثلاثمائة أى لكل واحد من المصابين بتلك النكبة، وأخرج ذلك لمم من بيت المال، ولعله رأى الخطأ بالتأويل فى بيت المسال ، وهو وجه فى آثار المسلمين ٠ قال الامام السالمى رحمه اشه: هذا حاصل قضية دبا عند المسلمين كما هى فى الكتب العثمانية ، وهم أعرف بحالهم وأخبر بقوممم ، قال الامام، ولايصح ما ذكره ابن الأثير فى كامله،حيث قال : « وأما عثمان فإن نبغ بما ذو القاج لقيط بن مالك الأزدى » ٠ قلت : وأشار بهذا الى مالك بن فمم ، وأين مالك بن فمم من لقيط ، غإن بينهما قروناً كثيرة ، فإن مالك بن فهم كان زمن نبى اله موسى بن عمران ، وكم بين موسى بن عمران ومحمداً طلقه من القرون فلا وجه لما ذكره ابن الأثيرمن هذه الناحية قبلكلشىء٠ ( قال ) (١) : وكان يسمى فى الجاهلية الجلندى ، قال وادعى بمثل ما ادعى من نتبا وغلب على عئمان مرتداً ، قال : والتجا جيفر وعبد (١) قلت هذا جهل بالتاريخ وتخليط ، والاجانب يأخذون الاخبار بغم تحقيق وخصوصا غيمن خالغهم : والحازم من يأخذها تحقيقا ، ا ٠ ٠٥ ١٤ الى الجبال ، وبعث جيفر الى أبى بكر بخبر٠ ويستمده عليه ، قال : وبعث أبو بكر حذيفة بن الغلفانى من حمير ، وعرفجة بن هزيمة البارقى الأزدى ، حذيفة الى عئمان ، وعرفجة الى ممرة ، وكل منمما أمير على صاحبه فى وجهه ، فاذا قربا من عثمان يكاقبان جيفرا ، فسارا الى عمان وأرسل أبو بكر الى عكرمة بن أبى جل ؛ وكان بعثه الى اليمامة فأرسل اليه أن يلحق بحذيفة وعرفجة بمن معه يساعدهما على اهل عمان وممرة ، فاذا فرغوا منهم سار الى اليمن ، قال : فلحقهما عكرمة قبل أن ييلغا عثمان ، فلما وصلوا رجاماً وهى قريب من عثمان ، كأنه أراد بلداً ولكن لم نعرفها بمذا الاسم ٠ قال : كاتبوا جيفرا وعباداً وجمع لقيط جموعه وعسكر بدبا ، وخرج جيفر وعبد وعسكرا بصثحار ، وأرسلا الى حذيفة وعكرمة وعرفجة ، فقدموا عليهما وكاتبوا رؤساء من عند لقيط وارفضوا عذه ، ثم التقوا على دبا فاقتتلوا قتالا شديداً ، واستعلى المسلمين لقيط أى غلب عليهم ، فرأى الظفر ، ورأى المسلمون الخلل،فبينماهمكذلك إذجاعت المسلمين موادهم العظمى من بنى ناجية وعليهم الخريت بن راشد ، ومن عبد القيس وعليهم سيحان بن صوحان وغيرهم ٠ قال : فقوى اش المسلمين فولى المشركون الأدبار،قال: فقتل منهم فى المعركة وبعثوا أربعة آلاف وركبوهم حتى أثخنوهم وسبوا الذرارى ، وقسموا الأموال وبعثوا بالخمس الى أبى بكر مع عرفجة ، وأقام حذيفة بعثمان يسكن الناس ، قال : « وأما ممرة فإن عكرمة بن أبى جل سار اليهم لما فرغ من عثمان ومعه من استنصر من قاجية وعبد القيس وراسب وسعد ، فاقتحم عليمم بلادهم فوافق بما جمعين من ممرة ، أحدهما مع سخريت رجل منهم ، والثانى مع المصبح أحد بنى محارب ، و معظم الناس معه ، -- ١٤١ - وكانا مختلفين ، فكاقب عكرمة سخريتاً فأجابه وأسلم ، وكاتب مصبح يدعوه فلم يجب فقاقله قتالا شديداً فانهزم المرتدون وقتل رئيسهم ركبمم المسلمون فقتلوا من شاءوا منهم وأصابوا ما يشاعوا من لغنائم ، وبعث الخمس الى أبى بكر مع سخريت ، وأراد عكرمة وجنده فوة بالظهر والمتاع ، وقام عكرمة حتى اجقمع الناس على الذى يجب ، وبايعوا على الاسلام انتمى كلام ابن الأثير ٠ قال الامام : وكله باطل ٠قلت :هؤلاء المؤرخين يتلقون أخباراً لا أصل لها أو لها أصل،لكنغير ما يلقى ليهم وأحياناً يتلقون أخباراً من قبل ناس ، ويعلقونما على آخرين غير أصحابها « وما آفة لأخبار إلا رواتما » ٠ ٠ ١٤٢ - الحلقة الخامسة فى فضائل اهل عئمان وذكرمشاهيرهم فى صدر الإسلام وبه يتم الجزء الأول من تاريخ عمان إن شاء اشه ٠ اعلم أن لأهل عثمان فضائل لها قيمتها عند المسلمين ، وقد نوه تلقة بها فى أحاديثه الغراء ، وشهد بما الخليفة الأول رضى الشه عنه ، وأكدها بلغاء العرب على اختلاف مذاهبهم، ولا ينكرها إلاجاهل غبى أوحاسد دنى،وهلينكر الحق إلاأهل الباطل، وهل يعرف الحق لأهل الحق إلاأهله، فأهل عثمان أسلموا طوعاًووالوارسول الله ه ولم يروه وتولوه ، فسمعوا له وأطاعوا رسوله على بعد دارهم وكثرة عددهم ، بينما أهله وبنو جلدته عادوه حتى أخرجوه من وطنه وتألبوا على عدائه إلا من شاء اش ممن سبقت لهم من اش الحسنى ، كما أن أكثر العرب ناصبوا أوامره العداء ، وعارضوا معجزاته التى يرونها رأى العين بالبذاء ، فكانوا عليه أشد من اليمود ، بينما أهل عثمان قالوا لرسوله أهلا ومرحبا وسلموا إليه مقاليد أمورهم ، وكانوا لدعوته دعاة مخلصين ؛ ولداعيه عضده اليمين ، ولأوامره خاضعين ومسلمين ، فلم ير منمم طيلة حياته إلا الخير الذى يحبه الله والجميل يتجلى بأخلاقمم لله، فلذلك قال ٠ رحم اللم أهل الغبيراء آمنوا بى ولم يرونى ، وهذا من رسول الشم ٠ ، أعظم شهادة عاى فضلهم ، وروى أحمد من طريق أبى لبيد ٠ قال : قال خرج منا رجل يقال له بيرج بن أسد ، فرآه عمر بن الخطاب رضى اش عنه ن فقال : ممن أنت ؛ قال : من أهل عتمان فأدخله عمر على أبى بكر رضى الشم عنه ، فقال : هذا من أهل الأرض القى سمعت رسول - ١٤٣ اتم يقول ، أى فيها : إنى لأعلم أرضاً يقال لها عمان ينضح البحر بناحيتها ، لو أتاهم رسولى ما رموه بسهم ولا حجر ٠ ولقد صدق الله ظنه فيهم ، فأتاهم عمرو بن العاص رسولا من عنده عيلتة فلم ير منهم إلا خيراً ولا سمع عنهم أيضا كذلك إلا الخير الذى سر ة منهم - وعند مسلم من حديث أبى برز ه الأسلمى ، قال بعث رسول الله ٠ رجلا إلى قوم فسبوه وضربوه ، فجاء إلى رسول اللم عيلنة ، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام لو أهل عئمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك ، فترى رسول الله غلته ، يتمثل بمم فى الخصال الحميدة ، وحسبهم بذلك شرفاً وفضلا ٠ وفى حديث مازن بن غضوبة السعدى قال : قلت يا رسول الله اه ، ادع لأهل عثمان ، فقال ملق : اللهم أهدههم وأثبهم ، فقلت زدنى يا رسول الله ، فقال « اللمم ارزقهم العفاف والكفاف والرضا بما قدرت لهم ، فكان أهل عمان أعف الناس فى كل معانى العفة ، وهم أقنع الناس بالكفاف وارضاهم بما قسم الله لهم بخلاف غيرهم ممن ألهاهم التكاثر واستهواهم الرياش الفاخر ، قال مازن : قلت يا رسول الله : البحر ينضح بناحيتنا وف رواية ، بجانبنا ، فادع الله فى ميرقنا وخفنا وظلفنا ٠ فقال عليه الصلاة والسلام : اللمم وسع عليهم فى ميرتهم وأكثر خيرهم من بحرهم ٠ قلت : زدنى يا رسول اشه ٠ قال ٠ : اللمم لا تسلط عليهم عدواً من غيرهم، يا مازن قل آمين فإن آمين يستجاب عنده الدعاء ، قال مازن : قلت آمين ٠ فاستجاب اللم عز وجل بمنه وفضله دعاء نبيه علقد لأهل عمان ، وظمرت بركاته فيهم بغير نكران ٠ قال مازن : فلما كان فى العام القابل وفدت على رسول اش ٠ ، أى عدت إليه واخداً من عمان ، فاخبرته بما من ١٤٤ اقهبهعليهممنبركة دعاء الرسول عملالقة ٠ فقلت : « يا المبارك ابن المباركين ، الطيب ابن الطيبين ؛ قد هدى اتم قوماً من أهل عئمان ومن عليهم بدينك » قلت : لعله أشار إلى الذين أسلموا على ي-د عمرو بن العاص ، فتحدث مازن عنهم ، قال : وأخصبت عثمان خصباً هنيئاً وكثرت الأرباح والصيد بمافقال عليه السلام : « دينى دين الإسلام. سيزيد الله أهل عئمان خصباً وصيداً ، فطوبى لمن آمن بى ، وطوبى ثم طوبى لمن آمن بى ولم يرنى ولم ير من رآنى، وأن الله سيزيد اهل عثمان إسلاماً» أى سينتشر الإسلام ف أكل عثمان وسيعممم، فكان ذلك دليلا على صدقه علقة ، فمو من معجزاقه الدالة على فبوقه ٠ وذكر الإمام أبو يعقوب فى لواحق المسند من روايات الإمام الربيع ابن حبيب ، عن شيخه أبى سفيان محبوب بن الرحيل القرشى المخزومى رحممم الله ورضى عنمم ، عن أزور رجل من المسلمين ، أن فسوة من نساء أهل عثمان استأذن على عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها ، فأذنتلمن فسلمن ليها ، وفى رواية فسلمت عليمن ، ثم قالت : من أنتن ؟ قلن : من أهل عثمان ، قال فقالت لهن : لقد سمعت حبيبى علقه يقوك ليكثرن وراد حوضى من أهل عثمان ، وفيه أيضا من روايات الربيع عن أبى سفيان ، قال : دخل جابر بن زيد على عائشة رضى الله عنها، فأقبل يسالما عن مسائل لم يسألما عنهامنقبل، أىعلى كثرة تردده عليها لأخذ العلم عنما ، إذ هى من أجلة شيوخه رحمه الله سألها جماع النبى علقه ، وإن جبينها يتصبب عرقاً وتقول : سل يا بنى، ثم قالت : ممن أنت ؟ أى لما رأته يبالغ فى السؤال حتى عن مثل هذا ، وهو كان سألما عن مقدمات الجماع التى لاحرج فى السؤال عنها، كالتقبيل - ١٤٥ — ونحوه ، كما أنها لا زالت تقول ، كان النبى علقة يقبلنا وهو صائم ، وفى رواية : وأيكم مثل رسول الله وهو أملك لأربه ، ولما قالت له ممن أنت ؟ وقال لها : من أهل المشرق من بلد يقال لها عثمان ، قال أبو سفيان فذكرت له شيئا لم أحفظه إلا أنى أظن أنها قالت : أظن أن النبى ذكره لى و أشيا ء هذا ٠ قال أبو إسحاق : المراد أنه سألها عن مقدمات الجماع التى يجوز السؤال عنها حرصا منه على نقل السنة رضى الله عنه ، وجمعها كى يكون المسلم مقتدياً برسول الله ملته فى كل أعماله دقيقها وجليلما ، لا السؤال عن نفس الجماع ، فإنه لا يجوز السؤال عنه ، ولو سأل عما لا يجوز لزجرته ولا هوادة فى الدين ، وقد شهر عنها قولها لسائلما اسألنى عما كنت سائلا عنه أمك ، أى ما جاز لك أن تسأل عنه أمك سلنى عنه ، وقول الطاعنين فى الإمام أبى الشعثاء رحمه الله لا يتلفت إليه ، فإن جابر بن زيد من أجلة علماء الشريعة ، ومن أكبر أئمة السنة ، إذ تقل عنهم جميعهم ورأوه أهلا لأن يؤخذ عنه ، واتفقوا على عدالتها وضبطه ، وإنكار بعض المتنطعين لهذ! الحديث مردود عليهم ، فليس كل السنة هم مصدرها أو لا تصح إلا منهم ، فكم ترك الأول لغيره ، وكم ورد ذلك النهر من الرجال منهم من عاش ومنهم من مات بما معه ، وكم نسى الناقلون مما نقلوا ولم يحصر العلم فى قوم مخصوصين ، أو فى أفراد معينين ، فيكون ما عندهم من المعول ، فكم قال رسول الله تلتة رب حامل فقه وليس بفقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه وهكذا ٠ وكذلك حديث : ليصلك شيخ العثمانية فعلميه جميع الدين ، وفيه فيجدنى ميتاً فى روايات ليس بمستغرب ، وف آخره أفا أحبك يا أم المؤمنين (م ٠ ١ - عمان عبر التليخ ج ١ ) - ١٦ - عملا بقونه ملتة : إذا حب أحدكم أخاه فليخبره أنه يحبه . فقالت رضى الله عنها: وأنا كذلك أحبك ٠قال :ثم لام نغسه، فقال لها : أنا أحبك فى الله، كما قال رسول الله ملته للأنصاريين إذ مرها حول المسجد ورأيا رسول الله :ه مدلياً رأسه لزوجته ترجله وهو معتكف فى المسجد، فلما رأياه على تلك الحال أسرعا مثسياً هيبة لرسول الله عملتة واحتراط له، وزوجته، فلما فرغ استدعاهما، فلما حضرا قال لهما : إنها فلانة إحدى زوجاته ، فقالا يا رسول ال!.ه حتى عليك أنت ، فقال : إن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم . أى خفت أن تثسيئا ظناً بإغراء اللعينالكما فتقعا فى الخطر ، فإن سوء الظن بالمسلم من أكبر الكبائز ، فكيف برسول الله ٠ ، فإن سوء الظن كبيرة م-ن كبائر الذنوب ، ولما قال لما جابر ما قال نهرته ، فقالت « أتظن أنا أحبك فى غير الله يا اعور » ، وكان جابر أعور رحمه الله ٠ وقال رسول الله ملته : « بدأ الدبن غريباً وسيعود غريباً كما بدا فطوبى للغرباء من أمتى » ٠ قالوا ومن الغرباء يا رسول الله ؟ قال : « الذين يعملون بكتاب اللهحين يترك ، ويتمسكون بحبل الإسلام حين يقطع » ٠ قال الإمام : « قال محمد بن أحمد الغرباء أهل عتمان ، من سره أن ينظر الى أصحاب رسول الله ه فلينظر إلى الصلحاء من أط عثمان » ٠ قلت : وإليهم يشير من قال : سمت الملوك وهى الأنبياء على أخلاقهم فكان الفقر تيجان وفى بعض الكتب العمانية : قال رسول اللهتل:« من تعذر عليه الرزق فعليه بعثمان » ، وعنه ٠ : « من أعيته المكاسب فليأت عمان ، - ١٤٧ -- بلاد الأمان لاظلمفيها ولاجور،وهذا من أعظم خصال أهلها» ٠ وعنه عليه الصلاة والسلام : يوشك فى آخر الزمان أن ينققل إليها الناس ٠ قلت لقد بدأ انتقال الناس إليها فى زماننا هذا تصديقاً لهذا الحديث ، الذى مازلنا ننتظر وقته ، ومتى هو كائن ، فإذا بالناس ينتقلون زرافات ووحداناً إلى قطر وأبى ظبى ودبى، والآن إلى النافذة الشرقية مسقط ومطرح وأعمالمما ، فهاهم وهم فى أول بدئهم قد ملئوا هذه البلاد المذكورة من جميع الأمم الإسلامية والإفرنجية والمجوسية، من مختلف البلاد أوربا فأسيا ٠ قال رسول الله ه : ة من أحب أن يسكن عثمان فليسكن ، فإن فيها القنوع والرضا باليسير » ، وهذا موجود فى أهل عثمان رجالام ونساء بالنسبة إلى أمم البلاد الأخرى ٠ وسمع عبد الله بن سلمة رجلا يودع رجلا فقال له : أين تريد ؟ فقال أريد عثمان ، قال : فالحق بها يا ابن أخى ، ، فإن بها أمان الليل وأمان النهار؛ والمعنى أن ليلها آمن كأمان نهارها لافرقفىذلك، ومنه يوشك أن ينتقل الناس إليها فى آخر الزمان فراراً من جور السسلطان وأعوان الظلمة وحطاط النبط،قال: وعن النبى ملته أنه قال: يوشك أن تكهر أمتى ويلى عليهم أعوان الظلمة فى البلدان ، أى فى بقية البلدان التى يتولاها الظلمة ، الذين يخلقون القوانين ، ويرفضون البراهين ، ويتبعون الأهواء ، ويقدسون الأقوى ، وهذا هو الكفر بعينه ، فإن المكفر منه الشرك، ومنه كفر النعمة، وفى ختام هذاالحديث يلتجىءالناس إلى عثمان ، وأن عتمان فى ذلك الزمان ، ثم وقع سقط فى الرواية وآخره نعم ، وإن عثمان عند اقتراب الساعة يعمر خرابها ، ويكثر سكانها ، وتضيق بها أمتى حتى يباع مربض الشاة ومقعد الرجل بعشرة دناني وعثرين ديناراً ، فلا يقدر على ذلك ، أى لايقدر على شراء ذلك إلا -- ١٤٨ - خواص الناس ، وذلك لكثرة الأموال فى أيدى أهلها ، ومنه وكذا فيها الأرزاق ، أى متسعة وميسورة ، قال : ويأمن الناس فيها بأوسع الأمان ، ينضح البحر بناحيتهم تأتيهم أرزاقهم من بحرهم ، وفى رواية من بحورهم ، آمن ليلهم ، طيب نهارهم ، أه ٠ غفى هذه الأحاديث المتجلى الآن أول مدلول لها ما يقضى بفضل عثمان وفضل أهلها ، ولا يخفى أن الأمان على الأنفس والأموال من أعظم النعم فى هذه الحياة الدنيا ، وأما الناس مع تيسير الأرزاق وتسهيل المؤونة أعظم فضل من الله على عباده ، وهذا موجود فى عثمان ٠ وهذه الأحاديث أذهبت وضعها فى الصحيح أقلام الرواة والنساخ ، فإن المآثر العثمانية أضاعتهاأيدى الإهمال القاضية بتلاشى الأعمال ، لكن تداولها يشهد به الواقع والحمد اله ٠ وقد ذكرت هذه الأحاديث فى كتاب من أهل نزوى لأحد رجال الحق فى عمان ، وكنا نستغربها لما انطوت عليه م-ن المعانى البعيدة ، فإذا بالأيام تعرب لنا عن معانيها ، وذكرها مرتب جوابات الإمام الخليلى رحمه الله ، وهو الشيخ سالم بن حمد بن سلمان الحارثى لنكتة لاحظها ، ولا ريب فإن أهل عثمان شاركوا فى كل فضل كما سوف ترى فى هذا الكتاب من أعمالهم السامية ، فدعا رسول الله تلته لأهل عثمان حين استدعاه الصحابى الوحيد مازن بن غضوبة السعدى ٠ ودعا لمم أبو بكر رضى الله عنه ٠ قال الإمام السالمى رحمه الله: وظمرت إجابة رسول الله عيله ودعاء خليفته لأهل عثمان ، وصدق الله توسممما فيهم فهم أكثر الناس هدى - ١٤٩ - وصوابا منهم الأئمة العادلون والعلماء الراشدون، لم يتسلط عليمم عدو من غيرهم ، ولم تخرج بلادهم من أيديمم ، ولان غلبوا على دولتمم فى بعض الأحيان لما أراد الله تمحيص المؤمنين وتمحيق الكافرين فما زالت دعوتهم بالحق ظاهرة ، وسيرتهم بالعدل شاهرة ، ودولتهم بالفضل زاهرة، منهم العلماء النجباء ، والعقلاء الفضلاء ، والخطباء البلغاء ا ه ٠ ولقد شاركوا فى صحابة الرسول ٠ بأربعة رجال عرف مقاممم وحمد مرامهم ٠ الأول : الشيخ مازن بن غضوبة السعدى الطائى السمائلى، ولا يخفى على أحد من رجال الإسلام ٠ والثانى : كعب بن برشة الطاحى ويعرف بالعودى الذى أرسله زعماء الفرس إلى النبى ٠ لاستطلاع خبره ، وكثف صحة نبوته ، وأتى النبى عالقه وعرف نبوته وصدق برسالته ، إذ كان ممن قرأ الكتب وعلم عن نبوة الرسول الأعظم، فعاد إلى القوم بصحة النبوة المحمدية، وذلك لما وصلهم قالوا : هذا أمر نريد نشافه فيه الملك، إذ كانوا يعلمون صدق كعب المذكور، فكان داعية إسلامية فى عثمان ٠ والثالث صحار بن العباس العبدى من عبد القيس من أهل عمان، فكان من أجلة العلماءالأتقياء الأوفياء المرضيين ٠ والرابع : أبو شداد العمانى المعروف عند الغير بالذمارى، كان يأتى ذماراً فقالوا فيه : العثمانى الذمارى ، ذكره صاحب الاستيعاب وغيره ممنكتبواعن الصحابة رضوان الله عليهم، وإن أنكر فضل أهل - ١٥٠ عئمان من أنكره من أعدائمم فمذه حقائق واضحة فى أفق التاريخ وضوح الشمس رابعة النهار، لا ينكرها إلا أعمى عن الحقائق، وأى فضل أعظم ممن أثنىعليه رسول الله عليلة ذلك الثناء العظيم،ثم أثنىعليهم أبو بكر رضى الله عنه ذلك الثناء الجسيم ، ثم عمر بن الخطاب رحمه الله ورضى عنه ، وأثنت عليهم الأنصار فى ملا من المماجرين والأنصار ، ولذلك لم يزالوا على الحق رغم الدهر الذى من طبعة التقلب، فأهل عئمان أهل خير لم يتزعزعوا عن دينهم منذ أسلموا ، ولا نقضوا عمداً ولاذمة ولابدلوا من الأوامر الشرعية شيئاًأبداً ، بلهمعلى لحق ثابتون، وءلى المذهب الصحيح عاضون بالنواجذ تبعاً لوصيته عليه السلام ٠ قال عمرو بن بحر المعروف بالجاحظ ، وهو يرد عطى من ينكر فضل أهل عمان قال : لربما سمعت من لا عظم له بتول : ومن أين لأهل عثمان البيان ؟ فقال الجاحظ المذكور، وهو يرد على هذا القائل كما قرر طيه : أنه لا علم له ، وهل يعدون لبلدة واحدة من الخطباء والبلغاء ما يعدون لأهل ، أى لا يوجد لأهل بلد واحد كعثمان ما يعدون لأهل عمان ، وهذا أكبر شهادة من هذا العالم الوحيد فى قومه بعلاميته الشميرة، ثم أخذ الجاحظ يذكر فضائل أهل عثمان فقال :منهم-أى أهل عثمان -مصقلة بن الرقية اخطب الناس قائماً وقاعداً ومفرداً ومنافساً ومجيباً ومبقدئاً ،أى فى كل هذه الأحوال ونحوها أخطب الناس، أى أوسعمم مقالا ، وأسرعمم بياناً ، وأقواهم حجة ، قال : وابنه من بعده كرب ابن مصقلة ٠ قال: ولهما خطبتا العجوز فى الجاعلية، والعذراء فى الاسلام ، أى هاقان الخطبتان شاعتا عند العرب الأولى فى الجاهلية ، فتناقلتها العرب، والثانية فى الاسلام، وقد جمعتا من العلم والأدب ما خضعت له أعذاق فطاحل العرب، ولولا أن ذكرهما يطول بنا لجئنا — ١٥١ — بهما ولكن لنا أغراض أخرى ، تدعونا الى السير فى أعمالنا قدماً ، قال الجاحظ ٠ قال أبو عبيدة : « ما سمعنا مثلهما فى الاسلام إلا خطبة قيس ابن خارجة بن سنان فى حمالة داحس ، فقد ضرب به المثل» ٠ قال وذلك أن قيساً أتى الجاهلين وهما خارجة بن شيبان والحارث بن عوف ، فضرب مؤخر راحلة ابنه بالسيف ، وقال : مالى وه-ذه الحمالة أيتها العيسميان ، فقئت عين بعير عن ألف بعير ، قالوا : وما عندك ، قال: رضى كل ساخط وقرى كل نازل، قال : وخطب من لدن تطلع الشمس الى أن تغوب ، أمر فيها بالصلة ونمى فيها عن القطيعة ، وخو ف الشمس الى أن تغرب ، أمر فيها بالصلة ونهى فيها عن القطيعة ، وخوف درك العواقب وما تجىء به النوائب ، قال فزعموا أنه خطب من غدوة الى الليل ، فقال قائلهم : وهو يذكر غيره فلو قال ، حتى تغرب الشمس قائماً لكان كقيس فى ديار بنى مرة ، قال : وهو خطيب قيس فى الجاهلية ، وخطييهم فى الاسلام سحيان بن وائل الباهلى ٠ قال الجاحظ : ومن خطباء عمان وعلمائما صحار المعبدى ، أبو إسحاق هو ابن العباس العبدى ، قلت : هو الذى سبق عده فى الصحابة ، فهو الصحابى الثالث من عثمان ، قال أبو إسحاق قيل أدرك النبى ٠ وروى عنه ثلاثة أحاديث ، قال وهو من أئمتنا وشيخ أى عبدة مسلم بن أبى كريمة ، وهو أول من ألف فى الأدب وله تأليف فى أمثال العرب ، ذكره أبن النديم فى الفهرست،قال:«وكان من أخص أصحاب الامام أبى الشعثاء جابر بن زد رحمهما الله » ، قال : ومن خطبائمم صعصعة بن صوحان بن زيد وأخوه ، خطيبان مصقعان ٠ قلت : لقد شهر صعصعة بن صوحان بين أعلام الأدب وأبطال العرب ، ومازالت خطبه مأثورة متداولة، يتناقلها العلماء الأعلام وتزدان بها المؤلفات ٠ - ١٥٢ ٠ قال ومن خطبائمم مرة بن البليد الأزدى ، لم يكن فى الأرض أجود هنه ارتجالا وبديهة ، ولا أعجب فكراً وتحبيراً منه ، قال : وكان رسول المملب الى الحجاج، أى وأن الرسول عين المرسل،قال: وله عنده كلام محفوظ قال : ومنمم عرفجة بن هزيمة البارقى أحد الرجال القادة فى الزعامة الاسلامية، وله الشمرة فى أيام أبى بكر رضى الله عنمه خصوصاً فى حروب أهل الردة ، قال : ومنمم بشر بن المغيرة بن أبى صفرة ، لم يكن فى أرض عثمان أنطق منه : قلت والمرء بأصغريه ، كما قال رسول الله ه ، قال : وكان خطيب المصريحى بن يعمر ، قال : وكان منشأة ومولده الى أن بلغ الأهوار، وأصله من عمان، قال وكذلك الجحاف بن حكيم وغيرهما ٠ قال أى الجاحظ : فالذى ينكر الا يكون بعمان خطيب ليس يقول ذلكبعلمأهكلامالجاحظ٠ وقال الأصمعى عنأبىعمروبن الفلاء قال : رأيت أعرابياً بمكة فاستفصحته ، أى أعجبتنى فصاحته ، فقلت : من الرجل ؟ فقال من الأزد ، قلت : من أيهم ؟ قال : من بنى الحدان بن شمس ، فقلت : من أى بلاد ؟ فقال : من عثمان ، قلت : صف لى بلادك ، فقال : سيف أفيح ، وفضاء صحصح ، وجبل صلدح ، ورمل أصيح ، فقلت : أخبرنى عن مالك ، قال :النخلقلت:وأينأنتعن الإبل، أى ولها الشمرة إذ ذاك عند العرب،فقال: كلا إن النخل أفضل،أماعلمتأن النخل حملها غذاء ، وسعفها صياء ، وكربها صلاء ، وليفها رشاء ، وجذعها غماء ، وفروها إناء ،قلت: وأنى لك هذه الفصاحة ؟أىمن أين لك هذه الفصاحة البليغة التى تجابهنى بها فى موقفى هذا بداهة ؟ قال : إنا بقطر ٠ ١٥٣ ٠ لا نسمع فيه ناجحة التيار ، أى نحن بعيدون عن ساحل البحر الذى لا يزال الأعاجم والأنباط يختلطون بأهله ، بل نحن بعيدون منهم حيث منابت الشيخ والقيصوم من عثمان أى ف داخلما ٠ وف خبر الحجاج بن يوسف الثقفى، قال : خرج الى القاوسان وإذا هو بأعرابى ف زرع له ، فقال له الحجاج : ممن أنت ؟ قال من أهل عمان قال : فمن أى القبائل أنت ؟ قال : من الأزد ٠ قال : فكيف علمك بالزرع ؟ قال : إنى لأطم منه طماً ٠ قال أى الحجاج : أى شىء خيره ؟ قال : ما ظظت قصبته واعتم نبته ، وعظمت جثته ، قال : فأى العنب خيره 1قال : ماظظ عوده وعظم عنقوده قال : فما خير التمر 1 قال : ما غلظ لحاه ودق نواه ورق شحاه ، فأدهشه بما لبداه من فصاحة علمية ٠ قال الامام : ومن أهل عثمان كعب بن سور قاضى عمر بن الخطاب على البصرة، قال : وهو أول من قدم على البصرة بعد تمصيرها ٠ قلت : ولتوليته القضاءبهاخبربديع ذكره المؤرخون، وهومن روائع الذكاء ، وبدائع الإدراكات الذهنية التى يختص الله بما من شاء من عباده ، والله يزيد فى الخلق ما يشاء ، ولن نذكر هذه القضايا، وإن كان لما تعلق بالتاريخ العربى الاسلامى العام ، فتاريخنا هذا خاص ، وإنما نشير الى الحوادث كمذه من بعيد ، ونكل على ذلك الى غيرنا ، فانأهل العلمقدذكرواكلما يلزم وفوق ما يلزم ٠ ومن أهل عثمان أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدى رحمه الله تعالى ، وقد تحدثنا عنه فى « العرى الوثيقة » بما يشفى ويكفى ، وكان — ١٥٤ غاية فى العلم والورع، مثالا للنزاهة والتقوى، ومرجعا للمشاكل ومنتمى الطالب للفقه الاسلامى بجميع ممانيه ف أيامه ، أجمعت الأمة طى ثقته وعدالته وضبطه وصيانته ، وعاشى عمراً طويلات قضاه فى تحصيل العلم وحفظه وجمعه ونشره فى الأمة ، فطلبة العلم عمد التابعين عيال عليه ، فأين رجال العلم عند جابر تلميذ ابن عباس رضى الله عنهما ٠ قال الامام: وشمرته عند الموافقى والماخلف كافية عن إطالة ذكره، وكان مقامه فى البصرة ومات بها ، وهو من أهل فرق من داخلية عثمان ، خرج لطلب العلم فكان الغاية القصوى فيه والحجة العليبا على مخالفيه، وقد بسطنا طرفاً هاماً من ترجمته ف , العرى الوثيقة » ٠ ومن أهل عثمان الإمام الربيع بن حبيب الفراهيدى صاحب المسند الصحيح، انتقل إلى البصرة ونسب إليها؛ وعاش فيهاعهداًإذهى إذ ذاك حضيرة علم ودوحة فقه ومعدن فضل، ثم رجع إلى عثمان فى آخر عمره، فعاش قدوة الأمة وعمدة أهل المذهب، قال الإمام وكان يضرب به المثل فى العلم،كذلك وضعنا ترجمته فى العرى الوثيقة، ومن أهل عمان أبو حمزة الشارى المختار بن عوف السليمى من أهالى مجز من أعمال صتحار ؛ صحب الإمام عبد الله بن يحيى الكندى المعروف بطالب الحق فى حضرموت، وكان المختار عنده السيف البتار الضيغم الزآر الذى ذكرناعنه ف ( الإسعاف )، ماساءبعض أهل الخلاف، وغاظ أهل الاعتساف ، وتحدث عنه وعن أصحابه صاجب الأغانى ، وذكر طرفاً من تاريخمم الزاهر، وذكرهم العاطر، فكانوا جمال الكتب وزينة الدفاتر ٠ قال الإمام : وهو خطيب مصقع ٠ قلت : خثطب أبى حمزة الشارى لا تخفى على أحد من أهل لعلم، فلا نذكرها؛ بل رواها أجلة الله العلماء كمالك ابن أنس ، وقال فيها مقالته المشهورة ، وهى : خطبنا أبو حمزة خطبة حيرت المبصر وردت المرتاب : وهذه أعظم شهادة من ذلك العلم الجليل بحق أبى حمزة ، وأنه على الحق حيث ردت المرتاب عن ارتيابه ، وحيرت المبحر الذى يرى أنه البصير فى دينه ، لما سمع خطبة أبى حمزة رأى نفسه فى حيرة لا مزيد عليها ، حيث كان يعتقد الحق عند ء وإذا هو خلو منه والله المستعان، إن المدى يختص بهمنعباد الله من وفقه الله ٠ أرتنى هدى زيد وفى العلم قلة وضلة عمرو والعلوم بحور قال الإمام السالمي رحمه الله : يعنى أن البصير فى دينه المخالف لأبى حمزة صار بعد سماع خطبته مختاراً غير مبصر لما سمع فيها من الحجج الباهرة ، والبراهين القاهرة ، الناقصة لما هو عليه من سوء الاعتقاد ، وإن المرتاب فى مذهبه رجع بسماع خطبة أبى حمزة إلى مذهب الحق وترك ماكانعليهمن الريب، قال : وكان يشيربالمبصرإلى نفسه، فهذا من قوله يدل على أنه صار مختاراً فى مذهبه ، حيث إنه لم يستطع جواباً لحجج أبى حمزة ؛ ولا دفعاً للحق الذى نطق به ، والحق إذا قام صرع معانده،قال: وليته ترك الحيرة وأخذ بالبصيرة، قال : ومحل ذكر خطبه فىسيرةطالب الحقمن أهل اليمن، فلا نطيل بذكرها ٠قلت :لما كان الرجل عثمانيا ، ونحن نؤرخ عن عمان ، كان من اللائق أن نذكر فضائل أهل عمان ومكارمهم فى تاريخ عثمان ، لكن أرجأنا ذلك آملين أن نجمع خطب أهل المذهب فى كتاب مستقل ، فنذكر فيه هذه الخطب وأضرابها من خطب الأعياد والجمعات والاستسقاء ، وأن نعلق عليها شروحاً تبين معانيها وتشهد بحقها ، وتعرب عن مقتضى جملها ومفرداتها مع خطب س ١٥٦ - عرفة ، وما يناسب ذلك فلهذا أخرنا عن ذكرها هنا ، غإن وفق الله لذلك فمو المسئول أن يعين عليه ، وإن حالت الأقدار بيننا وبين أملنا فنسال الله أجر ما قصدنا وهو أكرم الأكرمين ٠ ومن أهل عمان الخليل بن أحمد الفراهيدى ، وكان من أهل ودام من الباطنة ، خرج إلى البصرة وأقام بها حين أعرق أهل عثمان بها منذ عمد أبى بكر رضى الله عنه ، إذ انحاز إليها أكثر الركب المحاحب لعبد بن الجلندى وهى إذ ذاك تخطط من جديد فنسب إليها حتى لا يعرف إلا بالبصرى ، وهو علامة شهر بالعلم بين أعلام الأمم ، وفى مقدمتهم فقهاً وأدباً وتاريخاً وشعراً ، وله بدائع علمية لم تكن لغيره من رجال العلم ، ولا عرفما أحد قبله ، فهو صاحب العروض الذى لم يكن له سبق وجود فىعالم العلم ، وقد سماه باسم المكان الذى فتح له به فيه وهو العروض ، فرتب أبحر الشعر ستة عشر بحراً ٠ ورتب قوافيها على غير مثال سبق ، فكأنه من آيات أفكاره الوقادة ، وقد ذكره ابن خلكان وغيره ، وله كقاب العين الذى هو إمام الكتب فى اللغة ، وشهرقه تغنى عن ذكره وما سبقه إلى تأليفه أحد ، أى لم ينسج أحد قبله على منهاجه البديع ، وإليه يتحاكم أهل الأدب ، فإنه إمام خيه وذلك فيما يختلفون فيه فيرضون بحكمه ولا ينتظرون بعده غيره فيسلمون لحكمه ، وحو صاحب النحو ، وإليه ينسب ، وهو أول من بوبه وأوضحه ورتب ا وشرحه وهذبه ، وهو شيخ سيبويه فى النحو وسيبويه أنحى أهل الأرض فى أيامه ، وكان الخليل المذكور أخذ النحو عن أبى الأسود الدؤلى ، هذا الفن وهو أيضا صاحب الشكل والنقط فى الألفاظ العربية ، ولم تكن قبله مشكولة بل أشكلت فأزل الخليل إشكالها وهثت الأمة على عمله هذا منذ ذلك العهد تبعاً له ، ولع فضيلة السبق فيه والتقدم ٠ — ١٥٧ - ومن أهل عمان ابن د ريد المعروف بأدبه وعلمه وهو أبو بكر أحمد بن محمد بن أبى الحسن بن دريد الأزدى ، صاحب كتاب الجممرة المشهور بين أهل الأدب لغة وغيرها ، ولو لم يكن له غيره لكفى ،بلله مصنفات عدة ذكرها مترجموه ن وهو الخطيب المشهور والأديب المذكور والشاعر المعروف ، والفحسيح الذى يقف عند كلامه البلغاء ، ويستعير من بلاغته الفصحاء ء ويعجز عن مجاراته فى الأدب أجلة الأدباء ، ويستعين بعباراته اللغوية الخطباء ، خهو خطيب فى شعره مصقع فى نثره ، وقدوة فى خطبه وأدبه ، وحكيم فى وضعه وأديب فى شعره ، ومجيد فى نظمه ونثره ، لا زيادة عليه فى فنون الأدب والعلم ، ولو لم يكن له من الشعر إلا مقصورته لكفت دليلا على بلاغته وبرهاناً على حكمته ، وقد تداولها الشراح وتسابقوا إلى التعليق عليها ، لما حوته من المعانى الأدبية وما انطوت عليه من الحكم الشعرية ، خهى جامعة كلية فى الأدب العربى ، وقد ذكره المؤرخون فى كتبهم قديماً وحديثاً ، وأشاروا إليه لمن سعى إلى الأدب سعياً حثيثاً ، وإن العلم ليفتخر بمثله ٠ ومن أهك عثمان أبو العباس المبرد ، صاحب كتاب الكامل المشمور الذى هو أحد كتب الأدب ، وأيام العرب ، وقد عده كثير من أهل العلم فى طليعة الوعاة العرب ، وله مصنفات ، والكامل أشمرها ، وشيوءه عندهم غير منكور لا سيما فى تحليل المعانى الشعرية ، وذكر محتويات كلماتمم فله يد طائلة ولمجة واسعة ومقالات جامعة ، ولا يخفى أن أهل عئمان فى الركب العربى من المقدمين ى الأعمال الاسلامية بجميع معانبها ، فلاهل عثمان فى سياسات الممالك السمم الأكبر والحظ الأوفر ، وناهيك بسياسة المملب ابن أبى صفرة العئمانى الأزدى ، فقد وصفه أهل التاريخ بأوصاف سياسية يحتار فى وضعما كثير من فطاحل الرجال : وله فى — ١٥٨ الحزم والعزم على مرواغة الأبطال ، بحيث يعيبهم أمره ، وبذلك استنقذ البصرة من أيدى الأزارقة وكادت الدولة الإسلامية تؤيس من إرجاعها إلى دائرتها ، فجاءها هذا البطل الأزدى العمانى ، فأخرجها من أشداق الأزارقة وأراهم منه صولة لاتردونكايات لاتعد، ودهاء لاتصل إليه عقولهم ، فأعاروها سم بصرة المهلب ، وقد أشبع العوتبى الفكر العربى بأعمال المهلب حتى هم أن يتولى مهام الدولة إلى حد بعيد ، وهو هو فى سيره وسراه ، وكان قيامه على الأزارقة فى حرب البحرة بأبطال عثمان من قومه وآله ، وهم العمدة معه فى ذلك ، وإن كان معه من غيرهم ، ومن قرأ التاريخ العربى الإسلامى أدرك ما قلناه واضحاً ، فلم تزل المعارك دائرة بينه والأرازقة عهداً طويلا حتى ردهم الله بسببه خاسرين ، حليفهم الفشل ، وإذا استقرأ الحر القاريخ لعربى ، رأى فيه لعثمان نقاطاً هامة ٠ قال الإمام : ولهم فى الشجاعة المنزلة العلياوالسمم الأوفر وذلك فيهم غير مجمول ولا مستنكر ، قال : فمنهم بلج بن عقبة افراهيدى الذى كان يعد عن ألف فارس كوهو شاب فى سن العشرين من عمره ، قال وخبره فى سيرة الإمام طالب الحق الكندى،قلت: وكم مثله من الأبطال العثمانيين ذكر أفراداً منمم فى تاريخ الإمام سلطان بن سيف بن سلطان اليعربى ، من أرادهم فليرجع إليهم منه يجد رجالا تفوق الرجال وأبطالام لها فى الشجاعة أعلى مثال ٠ قال الإمام : ولمم فى السياسات التى يحار فيها الواصفون مقام، ونوة بسياسة المملب، ولآل المملب تاريخ ضخم يدل على الرجال المنظورين ، والأبطال المشمورين ، وهم من منابت عئمان ٠ ومن هذا الطراز فى كل دولة من دول عثمان ، ولله يوم يصبح ٠ ١٥٩ - البطل العمانى فيه مرفوع الأعلام فى أفق التاريخ ن وغير بعيد ذلك إن شاء الله ٠ فإن الزمان قد هم أن يستدير كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ، فيعرف الحق لأهله ، ويرد الباطل على ، ذويه ، وف عثمان من أهل الفضل فى المجالات الأخرى من يعد فى طليعة ركب الرجال الميامين ، ففى عمان علماء أجلاء لا يكاد يمكن أن يقاس بهم فى أدوار الحياة ، ذكرنا منهم طرفاً فى « أصدق المناهج » ونموذجاً فى العنوان ، فإذا أردنا ذكرهم هنا يضيق بنا المقام ، فإن محبوب بن الرحيل ، وولده محمد بن محبوب ، وولده بشير بن محمد بن محبوب ، وابن ابنه الإمام سعيد بن عد الله بن محمد بن محبوب ، ومحير بن محمد هؤلاء أهل بيت واحد فى صحار أشبه بهالة البدر فى السبماء ، كل واحد منهم أفضل من الثانى ، كأنما يشير إليهم القائل حيث يقول : من تلق منهم تقل لا قيت سعيدهم مثل النجوم التى يسرى بها السارى فهم فى الفضل النمط الأوساط يرجع إليه العالى ، ويلتحق به التالى وهم فى العلم البحور التى تقذف بالولى ، وهم بين الرجال فى ميامين الشرف الأطم العوالى ، هؤلاء نقطة من غيث ؛ وبلة من البحر ، وكم مثلهم فى كندة وفى خروص وف بقايا المسلمين، بعثمان إذ أردنا ذكرهم على عادة أهل التراجم ، لم تقدر ، بل إذا أردنا سرد أسمائهم وذكر قبائلهم ومواقعهم فى عثمان لم تساعدنا الأقلام ، وحسبك رجال الدولة اليعربية الذين خاضوا الأبحر فاتحين ، وصارعوا الأمم منتصرين ، ، ونظموا الجيوش محاربين ؛ حتى أصبح العالم يحسب لهم ألف حساب ، ولا بد أن يعثود لعثمان مجدها السالف وشرفما العريق ، والناس معادن ، وأهل عمان أماممم ولله فى خلقه أسرار ، والأحاديث تؤيد ما قلنا ، وعن قريب تبلغ عثمان ذروة الشرف ويشار إليها بالبنان بين الممالك ٠ وإن غداً لناظره قريب ٠ - ١٦٠ - أبو بكر الصديق وعمان لها توفى النبى ه، وقام بالأمر الخليفة الصديق أبو بكر رحمه الله ورضى عنه ، خرج عمرو بن العاص راجعاً الى المدينة للنظر فى أحوال المسلمين ، وكيف يدور مدارها ومعه سبعون راكباً من خيار أهل عمان وفضلائهم ، ولماوصلوا الى أبى بكر رضى الله عنه وسلموا اليه الأمر ، وتبرعوا اليه من أمر البلاد عثمأن ووضعوها فى يده ، وتخلوا من سلطة الأمر والنمى، فشكر هم أبو بكر رحمه الله، وشكرهم المسلمون ، وأثنى طيهم أبو بكر رضى الله عنه ثناء وافراً ، وأحبهم وأدنى مجلسهم وبعد أن تعرف الى القوم والاطمئنان بهم جهزهم أبو بكر رضى الله عنه لحرب آل حففة ، وهم غساسنة الشام ، فقاموا بما وجهه الامام إليهم ، وحمله على عواتقهم وبعد رجوعهم من الشام ، ولاهم أبو بكر أمر بلادهم وألقى إليهم ما عنده من الخطاب ، وأقرهم على أعمالهم ووضع لهم النظام اللازم ، ولما ارتدت العرب وكان أبو بكر السد الذى أوقف مجارى الاتداد ، وقضى على النزعات الشيطانية بنور الإيمان، ولم يغمد سيوف الحق عن أعناق أهل العناد، وإذ ذاك أرسل الجباة لزكاة أهل عثمان ، ووقع سوء التفاهم بين الجباة وأهل دبا من شمال عثمان ، وآل الأمر الى التداعى بدعاوى الجاهلية ، فوقع فى أنفس المصدقين أن القوم مرتدون فتأخروا ليعبئوا قواتهم للهجوم القاضى طى القوم قياماً بواجب الدين ، وفى المحقيقة أن ذلك واجبهم أن لو كان الأمر كماظنوا، إلا أن الظن لا يغنى من لحق شيئاً، وما كان القوم مرتدين، ولكن سوء التفاهم ممكد لظن الارتدادمن رجال الاسلام، فصال عليهم الجباة صولة الأسودالضارية،فماكان إلاعشية - ١٦١ - أوضحاها ، وإذا بالقوم فى وثاق الأسر بقهر أمير الصدقة ، فقبض عليهم والقوم متبرمون من صنع الأمير، ثابتون على دينهم ٤ ولو كانوا مرتدين لحاج ردهم الى الدائرة الاسلامية الى جيوش جرارة تنتج دقاً وحطيماً ، فقادها الى أبى بكر رضى الله عنه أسارى على أنمم هم وأموالهم غنيمة للمسلمين ، ولما شاع خبرهم فى المدينة وجرى الكلام فيهم بين الصحابة رضى الله عنهم، أنكر ذلك خيار الصحابة على أمير الصدقة ومن معه ، وردوا عليهم عملهم ، هذا وقد مر عليك ما جاءفيهم عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رحمه الله تعالى ٠ وف التاريخ العثمانى أن أبا بكر رحمه الله وجكه حذيفة الغلفانى أو القلعانى وهو ابن محصن ، أو ابن الحصين كما فى الرواية الأخرى ٠ وكان من بارق حليفاً للأنصار ، وكان له بصرأى حكمة فى الأمر مواردها ومصادرها ، فوجكهة أبو بكر رحمه الله الى عثمان أميراً أى على الصدقة ، فصدقهم ، فلما صار فى آل الحارث بن مالك بن فهم ، أى وهم المعروفون فى أهل عثمان بالشحوح الآن إذ علقوا عليهم صفة الشح بالصدقة ، فقيل لهم الشحوح وشاع فيهم، ولما صار المصدق إليهم تناول بعض أصحابه امرأة من القوم ، وكان عليها فريضة شاة مسنة ، فأعطتهم عتوداً او عناقاً مكان الشاة المسنة - فأبوا أن يقبلوها فأخذوا ما أرادوا أى مما وجب لهم ، فلما كان الأمر كذلك ، وكانت امرأة لا عقل لما والشح بالمال أهلك من كان قبلنا، وإنه موجود فى الرجال فكيف به فى النساء ، فلما رأت ما فعل الجباة صاحت على قومما بما كانوا فى الجاهلية يتلداعون به ، وهو قولمم يا آل فلان ، فلما سمع حذيفة تلك الدعوة قال : دعوة جاهلية ، فالوقم مرتدون فعند ذلك أغار ليمم وقبض. على رجالمم فساقمم الى المدينة الى آخر ماجاء فيمم ٠ (م ١١ - عمان عبر التليخ ج١) - ١٦٢ - وكان سبيعة بن عراك والمعلا زعيمين فيهم فلحقا بالقوم حتى تلاحقوا بالمدينة ، فشكا الزعيمان الى الصحابة فعل الأمير المصدق ، فلما تحقق عمر وتبين لصل القضية لم ير المسلمون إلارد القوم على بلادهم ، وجبر خواطرهم بالمال ، فحملوا عنهم مصاريفمم وزوكدهم من بيت مال المسلمين ما خفف الوطأة عليمم وهو ن المصيبة ، ورجع القوم الى بلادهم ، وبذلك طنطن المرجفون فى أهل عثمان ، وزعموا أنهم مرتدون زعماً لا أصل له ، وشادى بذلك ابن الأثير فى كامله أخذاً للقضايا من غير مصدرها ، وعدم توثق فى النقل فقرروا ارتداد أهل عثمان ، وكيف يرتد أهل عمان ، وقد أسلموأ طوعاً وأذعنوا للحق راغبين ، وقد سمعت ما قاله أبو بكر رضى الله عنه فيهم حيث قال : « معاشى أهل عثمان إنكم أسلمتم طوعاً ولم يطا رسول الله علقه ساحتكم بخف ولا حافر ، ولا جشمتموه ما جشمه غيركم ، أى لم تكلفوه المشاق كما كلفه غيركم من العرب ، فان أهل مكة أهله وأقاربه وعشيرته آذوه وطاردوه حتى آواه الله اليه برجال من الأنصار الأمجاد الذين وفقهم الله ، فواسوه بالحال والمال ، ووازروه ٠ فى الحل والترحال ، قال أبو بكر رضى الله عنه : <{ ولم ترموا بفرقة ولا قطيعة رحم ولا تشتت شمل » ، ثم دعا لهم أبو بكر رضى الله عنه دعاء شاملا ، وشكرهم المسلمون شكراً عظيماًخصوصاً من أبى بكر المذكور ، ثم حكى عنهم الحال الذى سره منهم قائلا : « ثم بعث اليكم عمروبن العاص بلا جيث ولا سلاح ، فأجبتموه إذ دعاكم على بعد داركم وكثرة عددكم ، وأطعتموه إذ أمركم ، فأى فضل أبر من فضلكم وأى فعل أشرف من فعلكم ، كفاكم قول رسول الله بإلقه شرفاً الى يوم المعاد » ٠ قلت : يشيرأبوبكررحمم الله الى قوله ملتد للصحابى الذى أرسله الرسول عليه السلام ، الى قوم — ١٦٣ - فسبون وضربوه ، فقال علقه ،«لو أهل عثمان لتيت ما سبوك وضربوك» ، أو كما قال ٠ ٠ ومن دعاء أبى بكر رحمه الله لأهل عثمان قوله: فيثبت الله ألسنقكم ويهدى قلوبكم فى حديث يذكره المؤرخون ، فمذه هى عمان تحت راية أبى بكر رحمه الله ، وتلك تنويهاته رضى الله عنه فيهم ، فأين دعوى الارتداد ، فأهل عثمان من ذلك العهد الى الآن لم يزالوا ثابتين على إسلاممم وعاضين على سيرة أهل الحق فيهم بالنواجذ ، وان كانوا قد غختمم الآن المذاهب الأخرى الطارئة على عمان، فلن يترعزع أهل الحق عن أصولهم ، ولن ينقلبوا طى أعقابمم ، وإن تكدر صفو دهرهم ، فان الذهب الابريز وإن أخنى عليه الدهر وطال عمده بالتراب، فمو هو وأهل عثمان كذلك،( فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض ) وأهل عمان هم الذين يمكثون فى الأرض لمنافع الناس إن ثساء الله • ولقد قال الامام سلطان بن سيف اليعربى رحمه الله: لئن أعاشنى الله، أى أطال فى حياتى لأتركن المسافر يذهب من عثمان الى مكة بغير زاد ، هذا ومازال أهل عثمان يتقدمون الأمم بأخلاقمم الحميدة ومكارممم الجميلة ، وعفافمم فى الدين بالنستة الى غيرهم ، ولا زالت غيرتم الدينية باقية ، وهانحن فى هذا الزمان العصيب ، يقول لنا الوافدون من سائر أنحاء العالم : إن بلادكم هذه بالنسبة الى الأمم الأخرى عبارة عن مسجد *لقد قال لنا بمذا كثيرون ممن سافروا ورأوا ما عليه باقى الأمم، فالحمد لله ٠ وإذا رجعنا الى أبى بكر رحمه الله والعهد بالكفر جديد ،فذاك حال أهل عثمان معه، وتلك كلماقه فيمم، وهذا حال أبى بكر رحمه -- ١٩٤ - الله معمم والله يؤتى عضئه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ٠ فأهل عمان لا ينال لحد من باقى الأمم منالمم ، غم أكرم من الريح المرسلة طى قلة ما فى أيديم ، إذ يسير الراكب فى نواحى عثان لا يحتاج الى زاد إلا إذا شاء بنفسه وإنما أهل عئمان يتزاحمون على الضيف تزاحم العطاش الى الورد ، كان الضيف كبيراً أو صغيراً ، وسواء كان معروفاً أو منكوراً ،فهل يوجد هذا فى سائر الأمم العالمية الآن ٠ وتوف ابو بكر رحمه الله وهو راض عن أهل عثمان ، وهم راضون عنه، وكانت وفاته رحمه الله ليلة الثلاثاء بين المغرب والعشاء لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ١٣ ثلاث عثرة للهجرة ، وله رضى للله عنه ثلاث وستون سنة ، وهى سن رسول الله طيلقة ، فكانت المصيبة الثانية بالمسلمين ، بعد رسول الله ه بأبى بكر خير الأمة كلها بعد نبيها ٠ — ١٦٥ - عمر بن الخطاب رضى آلله عنه وعمان لقد تقدم عن الامام الأول لدولة المسلمين الصديق الأكبر أبو بكر رحمه الله ورضى عنه وأعماله فى عثمان ، وأنه أقر جيفر وعبداً على ملك عثمان ، جعل لهما أخذ الصدقات من أهنها وحملما اليه ، وجاء فى أسد الغابة لابن الأثيرصاحب الكامل : أن أبابكر استعمل عكرمة بنأبىجهل القرشى على عتهان ، ثم عزله وسيره الى اليمن ، واستعمل على عنمان حذيفة القلعانى، ولما تولى الخلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه عزله عن عثمان ، وولاه اليمامة وولى على عثمان والبحرين عثمان بن أبى العاص الثقفى فى سنة خمس عشرة للمجرة الى آخر ما جاء من أمره ، وحكى العوتبى فى ( الأنساب ) تولية الثقفى المذكور ، وتولية أخيه الحكم طى البحرين ، ثم أمر عليه رحمه الله أن يقطع البحر الى ابن كسرى ، أى الذى قتل أباه بفارس ، وخرج عثمان المذكور بأهل عئمان الأبطال وهم ثلاثة آلاف فارس، وقيل به ألفان وستمائة من الأزد، وراسب وعبد القيس وناجية ، وكان زعماء الجند العثمانى الغازى هم صبرة بن سليمان الحدانى فى أزد شنوءة ، ويزيد بن جعفر الجهضمى رأس آل مالك بن فمم ، وكان أبو صفرة الذى لم يرغب الأمير فى مشاورته إذ أتاه أمرعمر بن الخطاب بعذ وقعة جلولا رأس بنى عمران بن عمرو بن عامر ، ومعهم جماعة فخرجوا غزاة لفارس الى آخر ما كان منمم فى مسيرهم وتغلغلهم فى النواحى الفارسية حتى نفذوا الى أرض توج فى شمال العراق ، فخاضوا قتالاء عنيفاً ، وصارعوا موجات ضخمة ، وبذلك طن لهم ف الأفق العربى صوت داو حتى تشوفت الأعين إليمم ، ومثلت العثمانيين مثلارائعاً حيث خرجوا بالأمس وفى عمد أبى بكر - ١٦٦ - رضى اللهعنهلمقاتلةآلجفنة بالشام، واليوم يخوضون أرجاء فارس كذلك فاتحين، وبذلك رمقتهم الأعين بالاكبار ولحظتهم بالوقار،وأجكمم أهل البصرة إذ أفاضوا عليما منتوج، وقد ذكر القضية العوتبى فى الأنساب، وأشار إليما الامام السالمى رحمه الله تعالى فى التحفة، وذكرناها فى العنوان، كذلك كاشارة وتفصيل الحوادث يستدعى الفراغ الواسع ، لا سيما أن التاريخ العثمانى أغمض وأعمق من كل شى ء ، حيث لمتقمله مصادر عالمية كما حدثناك عنه فى مقدمتنا لمذا الجزء ٠ ومن أعمال الإمام عمر بن الخطاب رحمه الله بعثمان قيامه طى الأمير الذى قبضعلىأهلدبا متأولاءفيهم الارتداد كما ذكره أهل العلم ، وإن كان ذلك فى خلافة أبى بكر رحمه الله تعالى ، وقد غضب عمر ابن الخطاب طى أمير الصدقة غضباً لم ير مثله ، حيث قال له : « والله إنى لو أطمك تسبيهم بدين دونى تقطع فيهم أى بمذا الحكم الذى حكمت به فيهم وهو سبيهم ، وغنيمة أموالهم لقكعتك طوائف ثم بعثت الى كل مصر منك بطائفة » وفيه المبالغة بانتهديد ، أى حيث تجعل التأويل فى محل التنزيل، والمراد به التثهير بالعقوبة ليعلم الناس لن الحق أكبر من الولاة وف بعثه به لى الأمصار قطعاً تصريح ببطلذلكلفعل، وتثهير له بين المسلمين فى أنحاء الأرض ، ورد على من يقول إن أهل عمان ارتدوا ، ولكن الامام رحمه الله أغضى عن عقاب أميره هذا حيث رأى الحال يحتمل أشياء فكان تهديده كافياً لرد جماحه الذى جمح بهعليممقبل التحقيق، ولم تقم للاميرحجةتبررفعله،بل اعتمد على شبهة ظنها حقاً فأخطاً فيما فعل ، والدين لا يثبت بالاحتمال ، ومن اتخذ الظن ديناً كما يفعل بعض فرق المسلمين فقد ركب محجوراً وتسنم ب ١٦٧ - ضلالا ، وهذه أفعال الصحابة رضوان الله طيهم فيمن فط ذلك، وهم القدوة الصالحة والحجة الراجحة ، واليه يشير قول الامام رحمه الله فىجوهره: تأول السابى لمم يوم دبا وأنكر الفاروق ذاك المذهبا أى أنكر عليه تأويله ارتدادهم حين تداعوا بدعاوى الجاطية ، فانه لا يكفى للحكم عليهم بالارتداد بذلك ، فانه يحتمل أنمم جروا على المتعارف معمم سابقاً بقطع النظر عن معنى الارتداد ، وكيف يرتد أهل عثمان وقد أسلموا طوعاً ولم يطأهم رسول الله عيلتة بخف ولا حافر مع مدحه لمم بما علم من أحاديثه الواردة ٠ قال الشيخ خلف بن زياد البحرانى ، وهو أحد علماء المسلمين القحماء رحمه الله : ثم نقض عمر أمر أهل دبا ، أى أبطل الحكم الذى حكم به المصدق فيهم بعد ما هدده ذلك التهديد الكبير ، ورد القوم أى المسببيين من أهل دبا الى منازلمم ، أى بعثمان ، ورد عليهم أموالمم التى ظنها الجابى غنيمة حيث لم يثبت منهم الارتداد قال : وأجاز المسلمين بما أصيب منهم ، أى عوضمم بدل ما ضاع طيهم بثلاثمائة ثلاثمائة ، أى لكل واحد منهم : وأخرج لهم ذلك من بيت مال المسلمين ٠ قلت : هو دليل على أن خطأ العامل من بيت المال حيث كان عامل المسلمين كامام وقاض ونحوهما ، أى أن بيت المال مجعول لصلاح المسلمين، وهذا من صلاحهم ، فكأنه رأى الخطأ بالتأويل فى بيت المال ، وما هو بيت المال ٦ هو الزكاة والغنائم لا غير ، وقد حكم الله فيهما بحكمه ١٦٨- الصحيح الصريح ، وقدأخذ العلماء من ذلك ما كان صلاحاً للمسلمين يجوز الانفاق عليه من بيت مالهم ، فان السنة فسرت القرآن وأفعال النبى تلتة واضحة صريحة وكذلك أحكام صحابته المتفرعة عن أحكامه، وللامام النظر فى مصالح المسلمين، ولذلك جعل إماماً لمم، أى لينظر فى مصالحهم بدلائل القرآن، فكان نظر الامام ابن الخطاب رحمه الله عين الحق ولسان الصدق،ولم لا وهو الألمعى البصير رضى الله عنه ٠ ولما عطم عمر من أهل عثمان الصدق ، وتقرر لديه ثباتهم أيام أبى بكر ، ورأى أحوالمم ف عهد ه ، وأنهم لم ينزعوا يداً من طاعة ، ولم يراوغوا المسلمين مراوغة الجماعة،لم ييدل فى عثمان أمراً عن أمر ، ولم يحرك ساكناً حيث اطمئن بأقوال النبى طلقه إذ سمعها بأذنه وهو مطمئن بصحتها،ولم يكن له فى عثمان عمل أكثر من هذا الذى ذكرناه ، وبقيت عثمان فى عهده كباقى المملكة الاسلامية هادئة مطمئنة ، وأهل عمان من أهدى الأمم للحق وأتبعمم وأعرفمم به برغم بعد دارهم كماقيل: أوقنى هدى زيد وفى العلم قلة وضلة عمرر والعلوم بحور طى ه-ذا عاشت عثمان أيام عمر بن الخطاب زحمه الله حتى توفى رضى الله عنه قتيلا لأربع عشرة ليلة مضت من ذى الحجة سنة ٢٣ للهجرة ، طعنه أبو لؤلؤة وكان نصرانيا وقيل مجوسياً ، ودفن مع صاحبيه النبى ٠ ، ووزيره الرضى أبى بكر رحمه الله ،هذه هى عئمان أيام الخليفتين الرضيين المرضيين أبى بكر وعمر أبن الخطاب ٠ والتاريخ أكبر شاهد وأصدق حجة ، إذ يجىء معبراً عن الحوادث وحافظاًلكل حادث من محدثه، ولك إحدى فوائده المنشودة ٠ - ١٦٩ - عثمان ين عفان وعثمان فى عمده لما توفى عمر بن الخطاب رحمه الله ، وكان جعل الخلافة شورى بين المسلمين ، حيث رأى الأنظار تتنافس فيما ، وكل يميل اليها نظرا الى الرئاسة ، وكان ينبغى التباعد منما إلا من ابتلى بما فيحتسب عناءه وأجره معاللهعزوجل،ولايميللى الرئاسة عاقل مهما كان، فان حب الرئاسة مو اسوة الخفية،نعوذباللهمنها ٠ ولا شك أن لكبر لا يفارقما طبعاً ، وقد قال رسول الله ٠ : لا يدخل الجنةمنكان فى قلبه مثقال حبة من خردل ض كبر ٠ ولا شك أن الكبرياء لله لا ينازعه فيها أحد إلاكبه اللهعلى وجهه فى النار، وما سؤال يوسف الصديق الامارة إلا لأنه يعلم من نفسه الأصلحية لما وذلك من الاجتهاد فى الحق، كما أشارت الى هذا إحدى سيدات المغاربة الأمجاد، لما جاءها الشيخ العلامة الجليل هود بن محكوم الموارى يشاورها حين طلب للقضاء ٠ فقالت له :انكنت تعلم أن فى لقوم من أصلح منك لمذا الأمر ، فقبلت فأنت خشبة فى جهنم ، أى إذا قبلت مع العلم بمن هو أصح ، فقد قبلت شهوة وحباً للامارة ، وف ذلك الهلاك نعوذ بالله منه ٠ قالت : وإذا كنتتعلم أنه ليس ليس ف الجماعة من هو أفضل منك لمذا الأمر فأبيت ، فأنت خشبة فى جمنم ، أى حيث تعين عليك الأمر وصرت مكلفاً به وجوباً ، وإذا أبيتمن فعل الواجب عليك استحقيت العقاب من الله، ولما ابتلىعمربن الخطاب بالإمامة وعلم من أحوال الناس ما علم، وخوطب فى الوصاية لما لمن يراه أصلح لها لئلا تنشق عصا المسلمين تبعاً لفعل لبى بكر رضى لله عنه، ١٧ - لم يوافق عمر أن يوصى بالإمارة لأحد من المسلمين لما رأى من الأحوال ف فج٠لهاثورىتةرجالمنخيأر المسلمين لينظروا الأصلحويكونوا حجة تقطع الشقاق ، وتدفع الافتراق ، وهم على بن أبى طالب وعثمان ابن عفان، وطلحة ابن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبى وقاص، وعبد الرحمن بن عوف ، وكان طلحة غائباً • فقال : يا معشر المهاجرين الأولين ، إنى نظرت فى أمر الناس فلم أجد فيهم شقاقاً ولا نفاقاً ، فان يكن بعدى شقاق ونفاق فمو فيكم ، تشاوروا ثلاثة أيام ، فان جاعكم طلحة الى ذلك الأجل، إلا فأعزم ليكم بالله ألاتقفرقوا من اليوم الثالث حتى تستخلفوا أحد كم فان أشرتم بما الىطلحة فمو لما أهل، وليصل بكم صهيب هذه الثلاثة الأيام التى تتشاورون فيها ، فانه رجل من الموالى لا ينازعكم أمركم ، وأحضروا معكم من شيوخ الأنحار ، وليس لهم من أمركم شىء ، وأحضروا معكم الحسن بن على، وعبد الله ابن عباس فان لمما قرابة ، وأزجوا لكم البركة فى حضورهما ، وليس لممامن أمركم شىء ، ويحضر ابنى عبد الله مستشاراوليس له من الأمر شىء ٠ قالوا : يا أمير المؤمنين إن فيه للخلافة موضعا فاستخلفه فانا راضون به ٠ فقال : بحسب آل الخطاب تحمل رجل منهم ليس له من الأمرشىء،ثمقال : ياعبد الله، إياك ثم إياك لاتتلبس بما، ثم قال : إن استقام أمر خمسة منكم وخالف واحد فاضربوا عنقه ، وإن استقام أربعة واختلف اثنان فاضربوا أعناقهما ، وان استقام ثلاثة واختلف ثلاثة فاحتكموا الى ابنىعبد الله، فلأى الثلاثة قضى فالخليفة منهم وفيهم ، فإن أبى الثلائة الآخرون ذلك فاضربوا أعناقهم ، فقالوا : قل فينا يا أمير المؤمنين ، أى ما قرى من الأحوال مقالة نسندل ١٧١٠ - فيها برأيك ونقتدى به ، فقال : والله ما يمنعنى أن أستخلفك يا سعد إلا شدتك وظظتك ، مع أنك رجل حرب ، وما يمنعنى منك يا عبد الرحمن إلا أنك فرعون هذه الأمة، وما يمنعنى إلا مفك يا زبير إلا أنك مؤمن الرضا كافر الغضب ، وما يمنعنى من طلحة إلا نخوته وكبره ، ولو وليتما لوضع خاتمه فى أصبع امرأته ، وما يمنعنى منك يا عثمان إلاعصبيتك ، وحبك قومك واهاك ، وما يشنى منك يا على إلا حرصك طيما ، وإنك أحرى القوم إن وليتها أن تقيم لى الحق المبين والصراط المستقيم ٠ هذه آراء عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى الخلافة ، وتلك فراسته فى قومه وهو أعرف بمم، وإن لمذه الأحوال من عمر بن الخطاب قيمة لا يقاومما شىء عند أهل العقول ، ولو شرحت لكانت إحدى آياته العمرية التى لايدركما إلا الكمل من الرجال، ولايهتدى إليما إلاعباقرة الأبطال ، وإنما لتحتوى على السياسة التى لاتعادلها سياسة ممما كانت ، فقد لوح رحمه الله ، وصرح كما هداه الله ، والله فى خيرته من خلقه أسرار لا يدركما إلا أمثالمم ٠ ثم ختم كلمته رحمه الله بقوله : أوصى الخليفة منكم بتقوى الله العظيم ، وأحذره مثل مضجعى هذا وأخوفه يوماً تبيض فيه وجوه، وتسود وجوه ، يوم تعرضون على الله لا تخفى منكم خافية ، ثم غشى عليه حتى ظنوا أنه قد قضى ، فجلعوا ينادونه ولا يفيق من إغمائه، فقال قائل : إن كان شىء ينبمه فالصلاة ، فقالوا : يا أمير المؤمنين الصلاة ٠ ففتح عينيه فقال الصلاة هأنذا ولاحظ فى الاسلام لمن ترك الصلاة ، فصلى وجرحه يثعب دآما ، ثم التفت إليهم ٠ وقال : قد قومت لكم الطريق فلا تعوجوه ، ثم التفت الى طى سس ١٧٢ - ابن أبىطالب فقال : لعل هؤلاء القوم يعرفون لك حقك وشرفك وقرابتك من رسول الله ه، وما آتاك الله من العلم والفقه فى الدين، فيستخلفونه ، فإن وليت هذا الأمر فاتق النه فيه يا على ، ولا تحمل أحداً منبنى هاشمعلىرقاب الناس،ثم التفت لىعثمانفقال :يا عثمان لعل هؤلاء القوم يعرفون لك صهرك من رسول الله ه وسابقتك وسنك وشرفك ، فيستخلفونك ، فإن وليت هذا الأمر فلاتحمل أحداً من بنى أمية طى رقاب الناس ثم دعا صميباً فقال : يا صهيب صل بالناس ثلاثة أيام ، ويجتمع هؤلاء النفرويتشاورون بينهم ، أخرجوا عنى اللهم ألفمم واجمعهم على الحق ولا تردهم على أعقابهم ، وول أمر أمة محمد ٠ خيرهم ، فخرجوا من عنده ، وتوفى رحمه الله من يومه ذلك ، وصلى عليه صهيب ٠ فانظروا معشر أهل الحق فى أمر عمر رضى الله عنه وهو فى حاله ذلك يصرف أمر الأمة وهو فى تلك الحال، ولم يشغله ما هو فيه ، وانظروا فى فراسته فى رجلله وفى تأنيبهم بالأحوال التى هم عليها ، إذ يقول فى كل واحد منهم ما ينبغى أن يقال بغير محاباه ولا مداراة برغم ما هو فيه ، فيقول للأنصار : ليس لهم من أمركم شىء ، ويقول لابن عباس وللحسن ولابنه عبد الله : ليس لهم من شىء ، مع تبيينه للخصال التىهمعليها، وجعل الأجل ثلاثة أيام وبعدها أمربضرب أعناقهم ، إنما من القضايا التى يتزودها عمر بن الخطاب من أمور المسلمين الهامة بالنسبة الى حاك—ه ، وهو صريع على فراشه ، ثم بين فى الستة المشار إليهم الأحوال التى تؤهلمم لحمل الامامة فى الاسلام، مع شفه عنخلالفيهملهاما بعدها،ثمحكم فى القضية ١٧-- عدة أحكام يفممها المعنيون بأمور الأمة ، ولما سألوه أن يقول فيهم ما ينبغى الا يبقى منه شىء فى واحد منمم ، قال : فى سعد الشدة والغلظة ، وهما لا يتناسبان فى الأمير فى اغلب الأحوال ، لأن الأميركالطبيج لا ينفر الطبيب من أهل العاهات والألم يفدهم طبه ، وقال لعبد الرحمن بن عوف : إنك فرعون هذه الأمة ، وهذه طعنة تافذة وقنبلة عظيمة ، لأن [ ابن عوف ] كان أغنى الصحابة بالمال ، وقال للزبيرمؤمن الرضا كافر الغضب ، والمعنى إنك إذا رضيت غعلت أفعال المؤمنين وإذا غضبت فعلت أفعال الكافرين ، أى أن الغضب يهجم بك على الأمور بغير مبالاة ، والمراد تهديده وزجره عن الغضب الذى يحمله على مالا تحمد عقباه ، فإن منكانكذلكلايمكنأن يكون ولى أمر عامة ٠ وقال : فى طلحة المكبر والنخوة، وهما أيضاًمن الخصال المذمومة فى الذين ولايرضاها الايمان ، والمراد تركها لا سيما أن أمره فى يد امرأته ، بمعنى لايخالفها وهذا الحال من أقبح الأحوال فى الرجال،ومتى يفلح قوم ولو أمرهم امرأة ، والمرأة ضعيفة العقل واهية الإرادة ، وذكر فى عثمان عصبيته لقومه وحبه لهم ، والحب يعمى ويصم ولا يتناسب مع سياسة المجتمع ، وقال فى على بن أبى طالب المحرص على الإمارة فيخشى عليه أن توكل اليه ، فإن رسول الله ملنته قال : لا نولى أمرنا من سألنا إياه ٠ وقال لبعض الصحابة رضوان الله عليمم : نفس تحييها خيرلك من إمارة لا تحصيها ٠ فى أحاديث عديدة تنفر من ذلك تناقلها علماء المسلمين والمعقول هو هذأ ، فلايطلبها عاقل قطعاً، ومن ابتلى بهاأعين عطيها ، ولقد أوضح الفاروق رحمه الله كل مخفى من أحوال هؤلاء الرجال ، ليقلع بذلك تلك الجراثيم الجاثمة على صدور هؤلاءالذين هم صفوة الأمة فى وقتمم، وعن الاسلام فرحم الله ذلك السيد الفاروق الذى لم -- ١٧٤ - يلمهعن تدبير أمر أمته ومناقشتما،وبر فى طل ذلك الحال شىء ، فلله حر الرجال الذين هم حجة الله وإن عمر بن الخطاب فى مقدمتمم بإجماع اهل الحق الذين يعتد المسلمون بإجماعمم ٠ وبعد موته رحمه الله اجتمع المسنمون فى النظر لأمر الشورى ، واجمع أهل الشورى فى بيت أحدهم ، ولحضروا عبد الله بن عباس ، والحسن ابن عطى ، وعبد الله بن عمر ، فتشاوروا ثلاثة أيام فلم يبرموا فتيلا، هلما كان ف اليوم الثالث قاللممعبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه: أتدرون أى يوم 1 هذا يوم عزم عليكم صاحبكم لا تتفرقوا فيه حتى تستخلفوا أحدكم، قالوا :أجل٠قال: فإنى عارض ليكم أمراً ، قالوا وما تعرض ؟ قال أن تولونى أمركم وأهب لكم نصيبى منها ، أى لا يكون لى فيما نصيب ، بل هى إليكم معشر الخمسة الباقين ، وكان رحمه الله نظر تشوق القوم إليما، وتطاول الأعناق لنيلما، وقد قال له عمر : إنك فرعون هذه الأمة ، قال عبد الرحمن : وأختار لكم من أنفسكم أى تحكمونى فى الاختيار ، وتفرضونى فيه ، قالوا قد اعطيناك الذى سالت : قال : فلما سلم القوم أى الأمر الى عبد الرحمن وحكموه فى القضية وتخلى هو منما ٠قاللمم: اجعلوا أمركم الىثلاثةمنكم، فجعل الزبير أمره الى على بن أبى طالب، وجعل طلحة أمره الى عثمان، وجعل سعد أمر ه الى عبد الرحمن بن عوف ٠ قال المسور بنمحرمة : فقال لمم عبد الرحمنكونوا مكانكمحتى آتيكم، وخرج يتلقى الناس فى أنقاب المدينة ، متلثما لا يعرفه أحد ، فما ترك أحدا من المماجرين والأنصار وغيرهم من ضعفاء الناس ورعاعهم إلا سالمم واستثارهم ٠ قال : أما أهل الرأى فأتاهم مستشيراً ، - ١٧٥ - وتلقى غيرهم سائلا ، يقول من ترى الخليفة بسد عمر كالمستخبر ليتلقى ذلك من أفواه الناس ، فان الله يلقيه طى ألسنة عباده برغم الأهواء الصادرة عنه ، فلم يلق أحدا يستشيره ويساله إلا ويقول : عثمان ٠ فلما رأى اتفاق الناس واجتماعمم على عثمان ، قال المسور رضى الله عنه جاءنى عشاء فوجدنى نائما فخرجت إليه ، فقال ، ألا أراك نائما فوالله ما اكتحلت عينى بنوم منذ هذه الثلاثة ، أى الأيام ادع لى فلافا وفلانا نفرا من المماجرين ، فدعوتمم له فناجاهم فى المسجد طويلا ، ثم قاموا من عنده فخرجوا ، ثم دعا عليا فناجاه طويلا ثم قام من عنده على طمع أى فى الأمر، أى كأنه يراها له ، ثم قال ادع لى عثمان فدعوته فاجاه طويلا حتى فرق بينهما أن آنت صلاة الصبح ، فلما صلوا جمعمم فأخذ طى كل واحد منمم الميثاق والعهد ، لأن بايعتك لتقيمن لنا كتاب الله وسنة نبيك وسنة صاحبيك من قبلك ، فأعطاه كل واحد منهم العمد والميثاق على ذلك ، وأيضا إذا بايعت غيرك لترضين ولتسلمن ويكونن سيفك معى على من أبى ، فاعطوه ذلك من عمودهم ومواثيقهم ، وذلك لأنه لابد أن يبايع بما أحدهم ، وطى الباقين السمع والطاعة ، والعون على من خالف الجماعة ، لأنما لا تكون للكل قطعا فنراه قد ربطم بالعمود والموائيق الا يختلفوا عليه ، وهو قد تسمع الى الناس خاصتهم وعامتهم، وعطم منمم أنهم يتوقعون ذلك لعثمان، لأنمم يلاحظون أطيته الظاهرة ، وكفاءته الثاهرة والغيب لله عز وجل ٠ قال : فما تم ذلك أخذ بيد عثمان فقال له عليك عهد الله وميثاقه لأنه بايعتك لتقيمن لنا كتاب الله وسنة رسوله يلاقه وسنة صاحبيك ، وشرط عمر لا تجعل أحدا من بنى أمية على رقاب الناس ؟ فقال عثمان : نعم ٠ ثم أخذ بيد طى بن أبى طالب وقال له : أبايعك على شرط عمر 1لا — ١٧٦ - تجعل أحدا من بنى هاشم على رقاب !لناس ، فقال على عند ذلك مالك ولمذا ، إذا قطعتها فى عنقى ، فان على الاجتهاد لأمة محمد علتد حيث علمت القوة والأمانة ، استعنت بما كان فى بنى هاشم أو غيرهم ، فقال عبد الرحمن : لا والله حتى تعطينى هذا ااشرط قال على : والله لا أعطيكه أبدا فتركه ، فقاموا من عنده ، فخرج عبد الرحمن الى المسجد فجمع الناس فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إنى نظرت فى أمر اناس فنم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعل يا على سبيلا الى نفسك ، فانه السيف لا غير ، أى عملا بوصية الامام الراحل عمر بن الخطاب ٠ وبهذا تجلت ثجاعة عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه ، فان الموقف حرج والأمر جلل ، وف مثلها تتجلى عباقرة الرجال ٠ قان : ثم أخذ بيص عثمان فبايعه وباع الناس جميعا ، وهنا انتهت قضية البيعة لعثمان ، وتركنا ما وقع من القيل والقال ، وربما يقول قائل : إنك معنى بتاريخ عثمان فما بالك خرجت الى حديث عمر بن الخطاب فى الوصية ، منه بالخلافة الى الشورى ؟ قلت : لأن عمل عمر هذا هو فى نفسه دستور عظيم ، وقانون جسيم ، فتركر عليه الامامة فى كل لدورا وجودها وأطوار حياتها ، واعتمادا على أمير المؤمنين الفاروق ، وأخذ بتلك القاعدة التى وضعها فمى من أولما الى آخرها مبادىء صحيحة ، وقواءد رجيحة ، ودعائم مكينة ، على مثلها يقوم البناء للهية—ة الاجتماعية ، وعلى مثلها تثبت الأوضاع السياسية ٠ ولا شك أن عمر هو شمس العدالة التى لا يخفى ضوؤها على أحد من أهل الحق ، ولو كان البناء مشى على أعمال لكانت الأمة فى أرفع المناصب طيلة الدهر ، ولكن لما كان الأمر رهن القضاء -١٧٧- والقدر، كان الحال على ما سمعنا وها نسمع ونرى، وعلى كل حال إن القانون الذى وضعه عمر أعجز من جاء بعده ، وأين فى الناس كأمثال عمر رحمه الله ورضى عنه ٠ فهذا الكرسى الذى قعدت عليه إمامة عثمان ، ولكن ما كل مجتهد مصيب فقد اجتهد عمر للمسلمين وهو فى ذلك الحال الحرج ، واجتمد عبد الرحمن بن عوف كذلك ، وإن لم يوفق فلا يلام بعد الاجتماد ، وهنا استقر الأمر لعثمان وصحت خلافته ، وثبتت إمامته وقام بأعماله ، فما كان منه لعثمان وماذا فعل فيها ، لم قكن عثمان أيام الخليفة الثالث إلاهىهى أيام الخليفة الأول والثانى، وحيث إن أمر عثمان مازال فى أيدى ولاتما الميامين أنجال الجلندى ملك عثمان، ولم يكن من أهلما شقاق ولا ففاق ولا افتراق ، وكان أحكام الشريعة الغراء ماشية فى نشاطما وجارية ف مجاريها لم يدر ف خلد عثمان هم عن عئمان ،ولا طن على أذنه عنها صوت يستجذب الأسماع إليه ، فيشتغل بها كما اشتغل بغيرها ، فقد قام عثمان على من قاومه من أهل الأقطار ، وفتح المسلمون على عهده فتوحاً ، وعمل أعمالا لا ينكرها أحد حتى إذا تم ستة أعوام وهو راق فى سماء المجد ، والمسلمون حوله يجييون دعوته ويؤيدون حجته ، حتى إذا أراد الله اختيار قوم ابتلاهم فى أفضل أحوالهم، وأكمل خصالهم فقامت الأحداث فى الدين، وهى تسترعى انتباه المسلمين ، وتستدعى أهل الحل والعقد من المؤمنين حتى اتقدت جحيم الشقاق ، وقام اللجاج للافتراق واختلفت الآراء ، وساءت الظنون ، وإذا بالمسلمين منكلحدب ينسلون، فكروا على عثمان بالقخلى عن الأمر اختياراً ، وترك الخلافة إلى أهلها لينظروا الأعدل والأصلح، كما أوجب (م ١٢- عمان عبر التلريخ ج ١ ) - ١٧٨ — الله عز وجل، فكان القيل والقال داعياً إلى الخذلان والوبال، حتى آل الأمر على قتل عثمان ، وساءت الحال إلى حد بعيد حتى إنه لم يشيعه فى دفنه أحد من المسلمين الذين هم الحجة والمنظور إليهم بين الأنصار والمهاجرين ٠ وهم إذذاك متوافرون، وذهب عثمان إلى الدار الآخرة ولم يشك عثمان ولمتشكههى أيضاً ، والحمد لله، وكان قتلهطى رأس ثمانين سنة من عمره ، وقيل على رأس ثمان وثمانين ، وكانت خلافته إحدى عشرة سنة وأحد عثرشمرا وأربعة عشريوماً، وقيل كانت خلافته اثنتى عشرة سنة ، وقتل وهو ابن اثنتين وثمانين عاماً ، وقيل ابن ثلاث وثمانين ، وقيل ابن تسعين عاماً ، وقيل غير ذلك ٠ وكان قتله على ملا من المسلمين ، وحوصر قيل أربعين يوماً وقيل عشرين يوماً ، و قيل تسعاً و أربعين يوماً ، وقيل عشرين يوماً ، وقيل تسعاً وأربعين يوما ، وقيل ثمانين يوما ، وكان قتله يوم الأربعاء بعد العصر ، ودفن يوم السبت قبل الظهر ، وقيل يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذى الحجة سنة ٣٥ خمس وثلاثين ، وقيل قتل فى وسط أيام التشريق ، وأقام ثلاثة أيام لم يدفن ولميصلعليه، وقيلصلى عليهجبيربن مطعم، ودفن ليلاكما قدمنا لم يشيع جنازته الأعيان ، ولم ير من عمان سوءاً ، ولم تر منه كما قلناه فيما سبق لنا من التحرير ٠ -١٧٩- طى ين ابى طالب وتان لما توف عثمان بن عفان ، ماج بالمسلمين تيار السياسة وهاج فى الإسلام الرأى العام الداعى إلى وجوب نصب الإمام، وكانت الشورى التى رآها عمر قد رشحت رجالا للامامة ، ومنهم أبو السبطين ، ووالد الحسنيين ، الذى قال فيه عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، ما يمنعنى أن أوليك ياعلىإلا حرصك عليها، وقال له عبد الرحمن بن عوف أيضاً ما قال ، وكان على بن أبى طالب يرى أفه الأحق بها من أول يوم ، فلذلك تلكأفى بيعة أبى بكر رضى لله عنه، ولم ير المسلمون له ذلك خصيصاً وقد علم أمر الخلافة بين المماجرين والأنصار ، ولم يقل أحد منهم إن علياً أخص بها ، ولذلك جعلها عمر شورى ولم يقل إن علياً أحق بالأمر من غيره، وكان أحق لما ترك المسلمون الأحق وهم أمناء الله فى أرضه ، وخلفاؤه فى بريته ، بل كان على بن أبى طالب أحد الرجال المرشحين لما برغم الرغبات،وعلىكلحال فإن الرجال محاط الأعمال، وكل يصلح لشىء خاص، وهذا الأمر لا يزال فى أحوال البشر، أما الكمال الحقيقى لله وحده عز وجل ٠ فلما تولى على بن أبى طالب أمر المسلمين ، كانت عثمان من جملة ممالك المسلمين، الخاضعة للحق والدين، التابعة لأمير المؤمنين ٠ وكان والى عثمان إذ ذاك عباد بن الجلندى من طرف أمير المؤمنين ، قائم بأمور عثمان ، خاضع للخليفة ، سامع لأوامره عامل للخلافة عملا لا هوادة فيه ، وكان على بن أبى طالب سرعان ما انصدع بناء إمارقه بما جاء به الداهية معاوية بن أبى سفيان ، إذ كان يحاول سلطان المسلمين ، ولهحب فى الإمارة لازل يتأملها بكل ما أوتى من إمكان، فلما رآها لا تقرب إليه ، وقد قرشح لما عمل على قمرها ، وأخذها من أين وجدها ، ١٨ - غير مبال بما يلاقى فيها ، فلما أفضت إلى على بن أبى طالب ، رأى إياسه منها يتقدم ، وأمله لها يتأخر ، فكان من قدر الله أن رأى أن علياً لا يقره على عمل من أعمال المسلمين مهما كان، لأن حاله ينافى استعماله ، ولا نولى سملنا من إراده ، اختلق لنفسه الطلب بدم عثمان ، ونادى أنه قثتل مظلوماً ، وصاح فى أهل الشام هذا الرأى كان على أمير المؤمنين ، وهذا ما فثعل به ولم يناصره أحد ، وفعلوا فيه وجاروا عليه ، وكان أهل الشام أتباعاً لمعاوية فيما حل وحرم ، وقد استحوذ على أفكارهم ، وتمكن من استمالتهم إليه،فقام على الإمام محتالا على الخلافة، موهماً للسواد أشياء جعلها ذريعة مقصده ، فقادهم قود الصبى للجمال مقطورة خلفه : فجاء يقرع ظنبوب الشقاق له روقان فى الغى من بغى ومن بطر ينوح فى الشام ثكلى ناشراً لهم قميص عثمان نوح الورق بالسحر فشاغل علياً واشتغل به ، واضطرب الحبل الذى فى يده ، ولم يملك استقراره ، فكانت الفتن تنبعث عليه من منامها ، والشرور تلتهب لديه نيرانما ، وذلك هو الذى قيده عن الاتصال بالممالك الإسلامية، وشغله عن أمصار الدين، فلم يكن لعلى بعثمان عمللاحل ولاعقد، حتىقضىاللهعليهمن يد عبد الرحمن بن ملجم المرادى المصرى، وكانت عثمان فىعافية من قتل هؤلاء الخلفاء الثلاثة الذين تتابعوا قتلار من أيدى إخوانهم المسلمين ٠ نعم إن قاتل عمر بن الخطاب على الصحيح لم يكن مسلماً ، وبموت على بن أبىطالب انحل نظام الخلافة الصحيحة، وصارت ملكاً عضوضاً ، وكان قتل على بن أبى طالب ليلة السابع عشر من رمضان فى ليلة الجمعة سنة أربعين للهجرة ، فمات بعد يومين ٠ - ١٨١ - قال كمال الدين محمد بن موسى الدميرى : مات سنة ٧٥ ، وقيل سنة ثمان وخمسين ، وقيل ثلاث وستين ، وقيل سنة ٦٨ ثمان وستين ، وعمره خمس وستون سنة ٠ قاله ابن جرير الطبرى ، وقيل ثلاث وستون سنة ، وهى سن رسول الله ٠ ، وسن أبى بكر وعمر ، وكانت مدة إمامته أربع سنين وتسعة أشمر ويوماً واحداً قضاها كلها فى أزمات مزقت الدين ، وفرقت جمع المسلمين ، ولم يتمكن على بن أبى طالب من إقامة أركان خلافقه، فإن صوته لم يتجاوز الحدود، وهو كان يأمل أن تكون الأيام طوع يده والأنام تحت قهرته ٠ وكا قثتلعلى بن أبىطالب كما ذكرنا، كانت المملكة الإسلامية تهتز جدرانها لتتداعى حيطانها ، والأمة فى أقطار الأرذ فى حيرة وروعة ودهث، لا يعرفون مصيرهم،فمنذقتلعمربن الخطاب لم تزل الدولة الإسلامية تتوقع قتل الخلفاء ، وإن كان ذلك غير مستغرب، لكنه مثير للقلق والروعة، داع إلى مضاعفة الهموم فى هذه المرحلة الدنيوية، وقد بويع للحسن بنعلى بعد وفاة والده نظراً لكفاءته، لأنه ابن الخليفة العالم الزاهد الهاشمى المجاهد،على بن أبىطالب، وأمه فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، وهو السبط الأكبر ٤ وقد توافرت فيه الصفات المطلوبة فى الامام ، ولم يذكر بمعيب إلا بمخالفته وصية أبيه فى قتل ابن ملجم حيث أوصى عليهم ألايمثلوا به غمثلوا، ولعل الحسن لم يكن ذلك التمثيل بأمره ولارضى به، وهو اللائق بمقامه. إلاأن الحسن ألقى الإمامة فى نحر معاوية وهو يعلم أن معاوية غير أهل للاهامة الراشدة ، وأن ذلك الالقاء لايليق بالحسن الهمام ابن على الإمام، بل اللائق خوخ بحار الدماء فى نصرة الحق وتأييده ع فإن الخلافة فى الشريعة - ١٨٢ - الإسلامية لم تي طعبة ولاغنيمة تهدى، ويؤخذ عليها الأجر لا سيما وأن معاوية لم يف للحسن بما وعده ، وقد شمر أنه دس عليه السم فمات مسموماً وصفا الجو لمعاوية ٠ ومهمتنا أن الحسن لم يكن له فى عثمان أىعمل،كما أفه لم يكن له ف بقية بلاد الإسلام كذلك أىعمل، وإنما كانت الأعمال لمعاوية، فكان سيد المسلمين وأمير المؤمنين رضوا أم كرهوا ، فإن للسيف حكماً لا يزال يعرفه كل أحد، وإنما المراد الملك والتسلط على الأمة، وقد سلم الحسن الأمر لمعاوية لخمس بقين من ربيع الأول بعد قتل قيس بن سعد بن عبادة ٠ فكانت خلافته ستة أشهر إلا خمسة أيام ، فلم يقع منه شىء يذكر ، وأراح نفسه من الخلافة بعد ما تولاها ، وقام معاوية فى المسلمين ملكاً ض على الملك بالنواجذ، فاستطردنا لذكره لما له ولمعاوية من العلاقة،فإنكلامنا يتم بذلككماسبقلنا،ولماء تولى معاوية الملك وصفا له الجو ، ولم يخش أحداً بعد على بن أبى طالب ووالده الحسن ، ورأى الأمور جاءته خاضعة طائعة ، وكان أمر عثمان إذ ذاك إلى عباد بن الجلندى ، وكان معاوية لا أرب له ف التطاول، بل كان يخشى فزع الشام من يده، وكانت عشرون عاماً التى قضاها معاوية بالشام، لها أثرها الفعال، فكان غاية ما عنده الرضا بالحال الذى حصل له، وأقام ء-لى تأييد زعامته فى الشام واعراق ومصر، وهذه هى أمهات المملكة الإسلامية، فكانت مصر حظ عمرو ابن العاص ٠ وبقيت العراق والشام ، أما الشام فمى خيئه ، وأما العراق فمى ملكه ، ولم يكن له نظر إلى ما وراء هذه الممالك ، فلم يكن له ف عمان تحريك ولا إسكان،ولاحل ولاعقدطيلة حياته،حتى قضى لله عليه ، وعمان فى يد أهلها وعباد بن عبد أميرها ، وكانت وفاة معاوية -- ١٨٣ - فى مستهل رجب ، وقيل فى منتصف رجب سنة ستين ، وكان عمره ثمانين سنة ، وقيل خمساً وثمانين سنة ، وقيل خمساً وسبعين سنة ، وقيل ثمان وثمانين سنة وقيل تسعين سنة ، عاش أميراً وخليفة أربعين سنة ، وقد عافى الله منه عثمان وأهلها ، وعافاه منهم ، وكانت له أحوال ونوايا كبيرة ذكرها العلماء المؤرخون ٠ وهكذا يحلو الزمان ويمر وماهو إلاظل زائل والمصير إلى الله الولى الحقيقى ٠ - ١٨٤ - خلافة عبد الملك بن مروان وعمان لا يخفى على المطلع أن عمان منذ عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه لم تصل إليها أيادى الخلفاء الذين جاءوا بعده ، فمضى عثمان وعلى بن أبى طالب ، ومعاوية بن أبى سفيان ، وابنه يزيدبن معاوية ، وابنه معاوية بن يزيد بن معاوية، ومروان بن الحكم، وكان الحكم طريد رسول الله ميله ، فهؤلاء الملوك الستة لم يكن لمم بعمان عمل يذكره التاريخ ، وإنما عاشت عمان أياممم وهى بيد أهلها يديرونها كما تقتضى الشريعة ، ويعملون فيها بواجبات الدين غير متزعزعين عن خطة الحق قيد شعرة ، وكان فى هذه الفترة أميرها عباد بن الجلندى ، حتى ذا بويع لعبد الملك بعد موت أبيه وولى الحجاج بن يوسغ الثقفى على العراق فى أيام سليمان وسعيد ابنى عباد ب-ن عبد بن الجلندى ، فحاول الحجاج بن يوسف إلحاق عمان بولاية العراق ، فلم ير أهل عمان طاعة الحجاج الظالم السفاك ،بللا يرون ولاية عبد الملك فضلا عن الحجاج ، فإن عبد الملك كان رجلا عاقلا فطناً بصيراً بما عليه الناس وما يرغبون فيه ويرغبون عنه • أما الحجاج فكان طاغية عاتباًسفاكاًللدماء، لايبالى بمافى نصرة هواه أو نحرة سلطانه ، ولما لم ير من عمان الخضوع والانقياد جر عليها الجيوش ، وظل يهاجمها مهاجمة عنيفة كاد أن يقضى على الروح العمانية تماماً ، لكن أبى الله إلا أن يعيش الذهب فى النار عيشه فى الثرى ، بل لم تزد حروبه أهل عمان إلا صقلا وصلابة واتقاد حماس ، فإنهم كلما صارعهم بجيوشه قضوا عليها وأرغموها على الهزيمة ؛ قال ابن رزيق فى تاريخه : بعد ما وقعت الفتنة وافتزقت الأمة ، وصار الملك والسلطان الى معاوية بن أبى سفيان ، ولم يكن لمعاوية فى عمان ئى، من الشأن ، حتى صار الملك لعبد الملك بن مروان ، غاستعمل عبد الملك الحجاج بن يوسف — ١٨٥ — الثقفى على العراق، وذلك فى ذلك الزمن على الاقفاق فىعمانمن أساطين سلاطينها سليمان وسعيد ابنى عباد بن عبد بن الجلندى ، وهما القيمان فى عمان ، وكان الحجاج يبعث غزواته عليهما وينتخب عليهما أميراً بعد أمير ، يعنى قواد الجيوش ، وهما يفضان جموعه ويبيدان عساكره فى مواطن كثيرة ، وكلما أخرج عليهما جيشاً هزماه واستوليا على سواده ، فأشار إليه بعض خاصته أن يخرج عليهما القاسم بن شعوة المرى فى جمع كبير، فأخرجه عليهما وخرج بجيث عظيم وخميس جرار على سفن كثيرة، فلما افتمى القاسم المذكور إلى ساحل عمان، أرسىسفنه على ساحل حطاط ، وحطاط كان يشمل وادى بوشر تشريقا إلى أعمال قريات ، فسار إليه سليمان بن عباد بن الجلندى بأبطال الأزد ومن معمم من العرب فاقتتلوا قتالا شديداً ، فكانت الدائرة على أصحاب الحجاج وانمزموا شر هزيمة ، وقتل القائد القاسم بن شعوة ، قل من قومه خلق كثير ، واستولى سليمان على سوادهم ، و قيل هلكوا كلهم ولم يسلم منهم أحد ، هكذا قال ابن رزيق وكذلك لشكيب أرسلان ٠ قال ابن رزيق :فلما بلغ ذلك الحجاج هاله الأمر واندهش لمذا الحادث الذى كان يأمل أن يأتيه بعمان يقودها له قود الصاغر ، ثم أستدعى مجاعة أخا القاسم المقتول ، وأمره أن يندب الناس ويستصرخمم وينادى فى قبائل النزار ، بإثارة حفائظهم وإلهاب ضمائرهم ليقضى وطره بمم ، وأن تعم دعوته حتى حلفاءهم كتذير عام لمم وشيعتمم من الأنام، ويستنصرهم على خراب عمان، أوقلطى الأقل لإخضاع عمان ٠ قال وأظمر الحجاج حمية وغضباً وأنغة أيضاً ، على أن عمان ترده على عقبه فتكون له فى الأحياء أحدوثة سيئة، وكتب ذلك إلى عبد الملك ابن مروان، وماذا يقول عبد الملك وصاحب القضية الحجاج حيث المزيمة عليه، وإن كان النصرفلعبد الملك،ولا يهم الحجاج حيث يجد العرب تضرب العرب فى رضاه ورغبته ، ولو كان يخوض المعركة بنفسه خوض -- ١٨٦ - الأبطال كعلى بن أبى طالب وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص ، لأحجم عن قصده ، ولكنه ليس هناك ، وكان من سياسته أن أقعد وجود الأزد عن الخروج فى هذا الجيش ، وكانت قوة الأمير من الأمة ، وكان بالبصرة من الأزد أبطال يدرون من أين تؤكل الكتف ، وكان عدد الجيش فى هذه المرة الذى أخرجهم الحجاج مع مجاعة بن شعوب لضرب العمانيين ٠ قال ابن رزيق : على الأصح أربعين ألفاً ، فكان الجيش فرقتين : فرقة بحرية ، وفرقة برية ، وكل فرقة عشرون ألفاً وإن جيشا كمذا لعظيم فى نظر الزعماء المعنيين بالحروب ٠ وقد ذكر هذا الجيث عدة مصادر من أهل الاطلاع ، ذكره شكيب فى تعليقه ، وشاعر دولة مسقط هلان بن بدر بن سيف ، والمشيخ الطيوانى كما ذكره أبو إسحاق صاحب مجلة المنهاج ، والزعيم البارونى والإمام السالمى رحمه الله ، وكانت لهذا الجيش شمرة بين زعماء العرب ٠ قال ابن رزيق فانتهى القوم السالكون طريق البر ، وهم كما ذكرنا عشرون ألفاً أكثرهم أهل خيل وركاب : قال فالتقوا هم وسليمان ابن عباد ومن معه من رجال الأزد وغيرهم من أهالى عمان حول الماء الذى دون البلقعة ، ويعرف الآن عند أهل عمان بالبلقعين شرق بلدة فلج الشام من وادى بوشر ، ويحسب الظاهر أن هذا الماء كان مشموراً هناك يسير عليه الوارد ، ولعلهم يتسابقون عليه هناك ، فإن البلدان التى حوله الآن حدثت قريبا وبالأخص بلدة فلج الشام من عمران هذا القرن خاصة ٠ قال ابن رزيق : التقوا دون ذلك الماء المشار إليه بخمس مراحل ، وقيل بثلاث مراحل ، قال : وهو الماء الذى يقال له اليوم البلقعين ، قلت : لا أدرى من أين كان دخولمم الذى قيس بأربعة أيام أو ئلاثة أيام دون البلقعة ، قال : فاقتتلوا قتالا شديداً : وانهزم أصحاب الحجاج وكر سليمان بن عباد فى طلبهم واستئصال شأفتم . وهو لا يعلم عنجيش - ١٨٧ ٠ البحر شيئاً ، وقد انتصر الآن والسيوف بعد لم تنجل دماؤها ، والقلوب لم تهدأ حرارتما ، وإذا بجيش البحر ينزل اليوتانة من جلفار [ أى رأس الخيمة الآن ] ونقل الأخبار بالسن السفار لا بالبرق والطيار كالآن، فلقى الجيش هناك رجلا من أهل توام 1 البريمى الآن ] فأخبرهم عن جيشمم البرى وما صار عليه ، وأن سليمان بن عباد فى أثرهم هو وجنوده ، وأن الأقلية الآن معه ، وقد تفرق قومه عنه ظناً منهم أن الحرب قد وضعت أوزارها وانتمى أمرها ، وإلى أن تأتى مرة أخرى تحتاج إلى مدة ، وأن الرجل الآن يلتقط فل الهزيمة، وقد سر بالنصر الحاسم الذى ألحق هذا الجيث بجيش القاسم بن شغوة ، وعند ذلك وصل مجاعة بن شعوة بركا، إذ كان الجيش مر على ساحل عمانكمايفهم من نزوله أولا جلفار،ثم بركا وهى كانت من بلاد عمان المممة فى الساحل، فخرج للقاء هذا الجيش شقيق سليمان وهو سعيد بن عباد بن عبد بن الجلندى ، فأداروا رحى الحرب بينهم طيلة النهار حتى حجزهم الليل ، وهم فى أزمة شديدة ، فكان القتال شديداً ، وبعد ماحجز الليل بينهم تأمل سعيد ابن عباد جيشه فإذا به بالنسبة إلى جيث عدوه كالثعرة البيضاء فى الثور الأسود، والمعنى رآهم فى غاية من القلة فى العددوالعدة لاسيما أنهم لم يبرحوا من مكان الحرب ، وإذا هم بحرب تزحف عليهم حول بيوتهم ، ولعل خلف هذا الجيش جيوشا أخرى ، فإلى متى نكون نحن والحال هذا، واستشعر العجز وفضل الفرارمن البلاد، وليته لم يفعل، فإن النصرمنعند لله وهوالذى نصرهم أولا، وهم بالنسبة إلى كثرة عدوهم قليلون ، ولو فضل الموت فى الوطن على الحياة من غيره ، لكان أولى، فإن الموتلابدمنه،ولكن إذا أراد الله أمراًظمرت له أسباب من نفسه ، وإذا خارت عزيمة الأمير انهار صرح المأمور وتدهور البناء ، وتزلزل عرشه وسقط والشاهد علىهذا كثير : - ١٨٨ - أقول لما إذا جشأت وجاشت مكانك تحمدى أو تستريحى وبالجملة لما رأى سعيد بن عباد تقهقر أمره ، وتحقق العجز عن الدفاع عن الوطن ، إذ رأى كثرة القتلى فى قومه وكثرة الجرحى ، رجع القهقرى مخلفاً وراءه فى ساحة أبطاله ورجاله ، هذا قتيل وذاك جريح لف ذراريه وذرارى أخيه سليمان ، وصعد بمم الجبل الأخضر ويقول ابن رزيق : الجبل الأكبر ، وهو جبل بنى ريام ، ويقال له رضوى بضم الراء الممملة، ولما انكشفت الحال بانمزام سعيد بن عباد وفراره عن رجاله قوى ذلك عدوه ونشط للقتال ، وهون أمر قومه فهانوا فى وجه العدو فأهانهم العدو إذ كر لاحقاً بسعيد وأخيه ، وإذا بهما ارتفعا فى الجبل المنيع، وإذا بالعرش العمانى لادافع عنه،ولاشكأن الأمة تخضع للغالبوتنقادله راغمة، ومع ذلك فإن القومحصروا الأميرينسعيداًوسليمان فى جبلهما ، فكان جيشهما تحت يد الفاتح ، وقد جعلوا كقيبة الحصار فى وادى مستل ، وتوجه باقى الجيش إلى الداخلية فدخل نزوى واحتلها ، وبهلى وأزكى ولم يجد مدافعا ، فكان له الحول والطول، وبقى الزعيمان يحاولان المرب من عمان حيث تغلغل الجيش الغازى فيها ، وقد وتر مرإت فلا بد أن يتشفى من أهل عمان وهو غالب عليمم ، ووصل إلى مسامع الزعيمين أن مجاعة أرسى سفنه دون مسقط ، ولعل أكثرها فى مسقط إذ هى المرسى الوحيد ، وكان عدد السفن ثلاثمائة سفينة بين صغيرة وكبيرة ، إذكانت سفن ذلك العمدبخلافما الآن، فغزاهاسليمان بنعباد ف مرساها ، فأضرم فيها النار لكن لم يذكر بأى شى ء أضرم النار فيها ، وبأى وسيلة إذ ذاك كان عمله ، إلا أن التاريخ يصرح بأنه احترق منها نيف وخمسون سفينة ، وانهزم باقى السفن هرباً إلى البحر بحيث لا ينالها - ١٨٩ - الغازى ، ومكث بها أهلها هناك ، وفى هذه الأثناء تصور لمجاعة أنه لا طاقة له على حرب سليمان وهم فى قلب عمان ، وأنه لا بد أن ينقض عليمم انقضاض الصاعقة يوماً ما ، وكذلك تحقيق القضية عند الإمام السالمى ، إلا أن فيه مزيد إيضاح لجيش الأزد الذى صادم به سليمان بن عباد مجاعة فى بركا أنه كان ثلاثة آلاف فارس أهل الخيل ، أن بعضه أهل بجانب ثلاثة آلاف وخمسمائة ، فيكون مجموع جيش الأزد ستة آلاف وخمسمائة ، وقد قاتلوا عشرين ألفا فهزموهم بإذن الله ، ولاريب فانهم يدافعون عن وطن وذرية وأهل وفيه فواصل مجاعة سير الليل بسير النهار حتى وصل بركا ، وذكر قتال سليمان لمم وقتال سعيد فى بركا ، وبعد انتهاء ذلك اليوم تأمل سعيد جيشه وقد قتل منهم من قتل فرآه صئيلا جدا ، فكاعت نفسه فاعترل من ليلته وعمد إلى ذرارى أخيه وذراريه فخرج بمم إلى الجبل الأخضر ، قال : فلحقه القوم فما زالوا محصورين ، وذكر قضية حريق سفن مجاعة مرسى مسقط، وذكر أنه لمافرغ من حرق سفن مجاعة وهرب الباقى منها ، قال : فخرج مجاعة من الداخلية يريد سفنه بمسقط ، وإذا بسليمان راجعا من مسقط ، فالتقيا بسمائل ، ودارت رحى الحرب بينهما ، وقتل فى هذه الوقعة من الفريقين أعيان الرجال ، فكانت مقتلة رهيية انهزم فيها مجاعة هرباً إلى سفنه ، فلما وصل مسقط تصور له أن سليمان خلفه ، فكان غاية ما عنده المرب العاجل قبل حلول الأمر المخوف ، فركب سفنه وجد ف المرب إلى جلفار ٠ ولما استقر بها كاتب الحجاج عما صار عليه وما وقع فيه من المآزق فاهتم الحجاج بالأمر غاية الاهتمام ، وانزعج له مندحشا مما تكرر على مسامعه من عمان ، فأخرج له جيشاً آخر على طريق البر بقيادة عبد الرحمن بن سليمان ، أحد أعوانه الأشقياء ، مؤلفاً من خمسة آلاف رجل أهل خيل كلمم من بادية الشام الأجلاف ، الذين لا يعرفون ديناً ولا يراعون إسلاماً ، أحرق الجمل ضمائرهم وتولى عليما الشيطان مسيطراً عليها ، - ١٩٠ تقاتل قوماً مسلمين فى أوطانهم على غير جرم ولا سبب ، بل طاعة لأشقى الخلق الحجاج بن يوسف الخبيث ٠ وكان فى القوم رجل من الأزد ولا يعلمون به ، وكان الأزدى متقد الأنفاس على ما يسمع من الحدة على قومه ، فأكنها فى ضميره ولم يبدحا لهم ، حتى إذا رأى الفرصة هرب من الجيش ليلا ولعله لم يفقد ، حتى أتى سليمان وسعيد بعمان ، ولكن لم أجد فى أى موضع وجدها ، ولكنه أدركهما فألقى إليهما مهمته وما علم من الجيش الغازى ، غأثر عليهما وانزعجا لخبره وهالهما الأمر، ولعله هول عليهما حتى أقلقهما وليته لم يفعل ، وليتهما ثبتا ثبات الأحرار ، إما موت فى كرم ، وإما حياة فىعز، وإنه لشبيه بقضية الذى أرجف بالمسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم،وفيه نزل:( اذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم) الآية، وليتهما زاد إيمانهما وقالاله نرحب بالزائر، وإن السيوف التى قاتلنا بها لفى أيدينا ، وإن القلوب التى لقينا بها الأولين لفى صدورنا ، وتحمسا على العدو القاصد البيضة، ولكن بعض الرجال يتحرك فيها الدم البارد فيؤثر على الدم الحار، ولوقال لهم ماهؤلاء إلاشرذمة قليلة وما هم إلالقمةآكل، وترك السيف يقرى الضيف والموت يعلن الصوت، والشجاع يتقلد الروعة على هامته ، حتى يحكم الله بينهم وهو خير الحاكمين، لنجح القوم، ولكن الناس يقيمهم المقيم ويقعدهم الفرد بلسانه،كمجرىمثلهذا ف العالم الإنسانى، وكم حدث التاريخ عن أناس من هذا النوع ٠ قال الامام : فاستشعرا العجز فحملا ذراريهما وسوادهما ومن خرج معهما من قومهما ، ولحقا ببلد من بلدان الزنج أى حيث لايسمعان بعمان ولا تسمع عمان بمم ، فكان مقرهما فى زنجبار منذ ذلك العهد حتى ماتا هناك، أى وكونا لمم حكومة أهلية ونشر الإسلام فى تلك النواحى النائية ، حتى أصبحت منتدحاً لأهل عمان ، وأصبح أهل عمان يتحملون ا ة ء ٤ 0 .ح ٠ش ح٢. ٤ |ء ،ج ة؛.. ح ٤٠ ن ا أبر ٤،م:٤ أاأ ةة١ - ١٩٢ - أول عامل للحجاج على عمان لما تمكن مجاعة من عمان ، وكان زميله عبد الرحمن بن سليمان معه يؤيده ويسدده ، وكانت عمان قد قضت على أخيه القاسم مع جيشه الغاشم، ودقت مجاعة المذكور مع جيشه الأول والثانى، وانتصر الجيش الثالث وصفا له الجو فى عمان ، وظمرت سيادة الحجاج على عمان بخروج سعيد وسليمان إلى أرض الزنج من أفريقيا ، وداست أقدام الجيش الفاتح لعمان كرامة أهل عمان، ولى الحجاج على عمان الخياربن سبرة المجاشعى من أعوانه العقاة، وبقى المجاشعى المذكور واداً على عمان مدة حياة عبد الملك بن مروان ، حتى مات فى شوال سنة ٨٦ ست وثمانين ، وخلف سبعةعشرولداً ، وبعد موته تولى الأمر ابنه الوليد، ثم مات الحجاج واستعمل الوليد على العراق يزيد بن أبى مسلم ، وكانت عمان إذ ذاك من أعمال العراق ، فولى عليها يزيد سيف بن الهانى الهمذانى ، ققام بالأمر فيما حتى مات الوليد فى يوم خامس عشر من جمادى الآخرة ، سنة ٩٦ ست وتسعين ، فكانت خلافته عشسر سنين ، وكان ابن المانى الممذانى هو والى عمان من قبل أمير العراق يزيد بن أبى مسلم ٠ ولما تولى الخلافة بعد الوليد أخوه سليمان بنعبد الملك بالوراثة عزل سيف بن المانى عن عمان، وولى عليها صالح بن عبد الرحمن بن قيس الليثى ، ومشى فى عمان الوالى الليثى بين الزعازع الطائفة ، فرأى سليمان ابن عبد الملكعزلهعنما ولعله رآ٠ لا يحسن إدارة شئون البلاد، ورأى رد الوالى الأول عليها الممارس لما، ولكل وقت سياسة وكل يصلح لأمر، ومدارك الرجال مختلفة الأحوال، وقد جل سليمان صالح بن عبد الرحمن مشرفاًعلى الوالى، ومراقباًحركاقه وسكناته، ومضى لمؤلاء الولاة على عمان عمد من الزمان يتداولونما حتى تولى يزيد ابن المملب بن أبى صفرة الصراق وخراسان ، وكان يزيد بن المملب بن أبى صفرة من عمان - ١٩٣ - وله فيها حنين وأنين ، إذ هى وطنه ووطن قومه من الأزد ، ولذلك ولى عليها أخاه زياداً فلم يزل عاملا على عمان محسنا الى أهلما محبوباً لديهم مطاعاً فيهم ، بقى فيها ، إلى أن مات سليمان بن عبد الملك ، و تولى الخلافة العبد الصالح عمر بنعبد العزيز رحمه الله فى اليوم الذى مات فيه سليمان بنعبد الملك بولاية العمد منه، وعدذلك م_ن حسناته الخالدة ، فكان ذلك فى عاشر صفر سنة ٩٨ ثمان وتسعين ، وقيل سنة ٩٩ تسع و تسعين ، ثم بدأ ضياء العدل هنا يبدووظلام الجور يخفى ، ومن حسنات الزمان خلافة عمر بن عبد العزيز، وللخير آثار كما للشر كذلك، وف هذه الأثناء قام دور التمذهب الدينى، وكان الإباضية قد أخذوا حظهم من الحق ، وقام لهم فى العالم الإسلامى مقامات أشمر من فار على علم قبل أن يعرف لغيرهم شأن مهما كان ، فقد دون الإباضية دواوين الشريعة وبرهنوا على الاعتقاد الصحيح ٠ ونصبوا معالم الحق مباينين لأعمال طغاة بنى أمية ، وواضعين معالم الدين ومؤسسين القواعد للمسلمين،فذلك العهد المظلم بالحجاج وأمثاله من اللجاج الذين ضايقوا المسلمين وضيقوا مسالك الدين، فكانوا - أى الإباضية - المورد والمصدر للمؤمنين قبل أن يكون فى الإسلام شافعى أو حنبلى أو مالكى أو حنفى ، كما أوضحنا ذلك فى العرى الوثيقة، والحمد لله الذى بنعمته تتم اف 11--. ٠ م١٣- همان عبر التلريخ ج ١ ) - ١٩٤ - مذهب أهل عمان اعلم لما كان تاريخنا هذا خاصا بعمان وحوادثها مع ما تعلق بها من أحوالها ، رأينا أن نذكر مذهب أهل عمان حتى يكون تاريخنا هذا أخذاً من كل شئون عمان ٠ اعلم أن مذهب أهل عمان هو المذهب الإباضى الذى عرف فى عمان . وحضرموت واليمن قديما ، والعراق ومصر حتى تقلص ، والمغرب على الأكثر حتى شاع فى نفوسة وطرابلس والجزائر وميزاب فى العهد السالف ، وكان شيوع عقائده بين رجال الحق شاهراً ظاهراً لا ينكره منكر ولا يقدح فيه قادح ، وكان الخوارج من رجال الإباضية الأشداء على أهل الأهواء ، حتى ابتدعوا مقالتهم ا لشوهاء ، ودخلوا بها على مجالس المسلمين فأنكروها عليهم ورفضوهم بها ، فأقصوهم وأبعدوهم عن مجالسهم ، وتبرئوا من مقالتهم ، وبذلك أطلق عليهم من جاء بعدهم اسم الخوارج ، وبه ألصقوا السوء عليهم لتنفير الأمة عنهم ، ومصداق ما قلناه فى مؤلفاتهم القيمة ، وكتبهم الصحيحة الواضحة ٠ وأقوالهم الشهيرة الراجحة ، فإن الخوارج ضلوا الطريق وسلكوا المضيق ، وابتدعوا بالتأويل تثشريك أهل التوحيد : وأمة المختار فارقتعم وضللتهمو وفسقتمم فما للإباضية وللخوارج ، فالاباضية مذهبهم فى الصدق والوفاء مذهب أبى بكر الصديق ، ومذهبهم فى الشدة والهدى مذهب عمر بن الخطاب ، وعقيدتهم فى دينهم عقيدة نبيهم محمد صلى اللم عليه وآله وسلم، لا يداهنون فى الدين، ولايعادون المسلمين، ولايفارقون المؤمنين ، يصفون ربمم بأوصافه الكاملة ، وينعتونه بنعوته الفاضلة ، ويفزهونه عن - ١٩٥ النقائص كلما، ويعتمدون على الكتاب والسنة، اعتمادا لا هوادة فيه، ويقولون بالاجماع ويعملون بمقتضاه ، ويأخذون بالرأى فى المختلف فيه ، ولايرضون من أحد ما خالف منمج المسلمين مهما كان ومن كان ٠ فالمسلمون بايعوا أبا بكر رضى الله عنه حقى قضى نحبه ، ولقى ربه ، ثم اجتمعوا على عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، ووالوه ووازروه وناصروه ، وكانوا معه لما كان مع الحق حتى انقضت أيامه ، ثم بايعوا عثمان بن عفان بعد الاجتهاد للمسلمين ، والنظر فى أمر الدين ، وواجبات رعاية منهج المؤمنين ، وأخذوا عليه العمود والمواثيق ، وأكدوا القضية بكل تأكيد صحيح، اجتهاداًلدين اللهعزوجل، وقياماًبحقوق الاسلام ورعاية لمصالح الأمة، وكان عثمان من أفاضل رجال الاسلام مستور الأحوال الكريمة منشور الفضائل العالية، محبوبا فى السواد الأعظم، مقبول الحديث متبعاً فى الأقوال ، لايعدون عليه شيئا ينكرونه فى دينه ، وقد اجتهدوا فى توليته تمام الاجتهاد ، إذ كان المقام مقام اجتهاد ونظر للصالح والأصلح، فبايعوه بعدذلككله،وماكانلهمعلم بالغيب فيما يحدث ، فإن أحسن فذلك ظنهم فيه وأملمم منه ، وإن زاغعن الحق وراغ عن الطريق فلا إمامة له ٠ وقد ناطحوا كسرى وقيصر وأبانوهما عن عروشهما ، فكيف برجل منهم قوموه لدينهم ، وأمروه عليهم لا يكون عليمم ضربة لازب، إذا لم يستقم لله ولم يقم بواجبات الأمة، وتعوج عن الحق ، والحق أحق أن يتبع ، وما بعد الحق إلا الضلال ، فاستقام عثمان ست سنين من صدر خلافته ولم ينقم عليه شى إ فكان على منمج صاحبيه ، والمسلمون كلمم تحت رايته ، ورهن إشارته ، حتى غير بعد ذلك وبدل، فأفكروا عليه تغييره سيرة صاحبيه، فعاتبو ه أولا لعله غافل — ١٩٦ - فينتبه ، أو جاهل فيعلم ، ومشوا معه حيناً من الدهر ، فما تحققوا رجوعه ولافهموا منه إلا بقاءه على ما أنكروا عليه ولعل علياً كان حريصاً عليها لما يرى من الأهلية له فيما ٠ فقام على ابن أبى طالب قيام الأئمة العدول، وعمل بأوامر القرآن الكريم، وهابه أهل الباطل من رجال الدنيا والدين، يتمالكون عليها وقاتل أهل الفتنة القائمين لقتاله المتسترين عند العوام بطلب دم عثمان حتى قتل منهم ألوفا ، وهزم صفوفا برجاله الأبرار ، وأصحابه المهاجرين والأنصار ، والتابعين لمم بإحسان حتى شوش عليه بعض أهل الأغراض الدنيوية حين رأوه حليف ذى الفقار ، وأليف العدل على كل جبار ، وعند ذلك تآمروا عليه إنهذا الرجل لايرىلنامن الحقشيئاولاينقاد لرغباتنا فهلم أن ندس له المكائد ، فنسجوا له نسجاً لا ينفلت منه إلا بدماره ، كما شرحنا فى العرى الوثيقة ، وبينا حقيقة على ومرام قومه ٠ ولقد خدعوه فى قضية التحكيم من نواح عديدة أولا قبولما إذ حملوه عليه، فقبل راغما، وبذلك رجعت دولة على بن أبىطالب القهقرى، وتكسر ذلك العمود الذى احتملت عليه ، وانهار صرحها المحاط بذى الفقار ، فرجعوا يضربون رقاب بعضهم بعضا ، وأوغلوا فى الشقاق ولجوا فى الافتراق ، وبقضية التحكيم وجد الشيطان مدخلا بين المسلمين ، فقام فيها القيل والقال، وطال بها الخطب وخلقت الدسائس، وأخرج طلبة الدينار رءوسهم متطاولين على الامام ، منضمين الى أضداده ليبلغ كل واحد منهم غاية مرادع ، فكان فريق يرى له التحكيم واسعاً ، وبعضهم يراه واجباً وفريق لا يراه واجبا ولا جائزا ، وانشقت به عصا المسلمين ، وأصل وضعه ليتقوى أخداد الامام ، فخرج عنه أهل طاعته ، وسيوف - ١٩٧ - دولته ، رهبان الليل أسود النهار ، الذين لم يرضوا الواقع ولم يعرهم الامام المسامع ، ولا رأى لمم ما طلبوا ففروا عنه إلى جانب ٤ غخافمم الجاهل وهابهم الظالم، ومال على قتلمم من يخاف سطوتهم، فحملوا على الامام على قتلهم بمكائد خلقوها، ودسائس نسجوها، وقدحكم لله عز وجل فى القضية المشار إليها فى كتابه العزيز، ولم يجط حكم أمثالما الى أحد من المسلمين، فكانت مثار القيل والقال والشقاق والجدال، فرأى بعضهم أن حكم الله فى القضية واضح وليس للامام أن يحكم فيه برأيه ، وهى فى الحقيقة من أهم المسائل التى لعبت بها أيدى الهوى ، وشوهت حقيقتها تبريرا للطعن فى المحكمة زوراً وجوراً ، وذلك أن الذين أنكروا التحكيم بقولهم :لاحكم إلا لله، لا يعنون غير مسألة قتال الفئة الباغية، لأن الله لم يجعل حكمها لعباده ، بل بينه عز وعلا نخسه ، وقد ثبت أن الذين حملوا السلاح فى وجه إمام المسلمين فئة باغية ، وزال الريب عمن بقى فيه ريب أو تشك بعد قتل عمار بن ياسر رضى الله عنه ، لقوله عليه السلام له: تقتلك الفئة الباغية ٠ ولم يقابل أحد من المسلمين هذا الحديث بالرد أو بالطعن ، ٠ بل أثبتوه وصدقوه ورواه علماء الصحابة ، فزال به الريب بعد قتل عمار عمن كان مرتابا من الضعفاء ، فان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم صرحفيه، بأنقاتلعمار باغ بغير شك،فتبين بذلك أن المناصبين للامام فى صفين باغون عليه بحكم الكتاب والسنة ، والتحكيم فيما كان كذلك لايجوز، فقال المنكرون لهلاحكم إلا لله، أى فيما حكم الله فيه لا يصح أن يحكم فيه بخلاف ذلك الحكم، و إلا كان رداً لحكمه عز وجل والله يحكم لا معقب لحكمه ٠ وقد أكدت السنة أيضا لحكم الكتاب، ولكن المكابرين أبوا إلا أن ٠ ١٩٨ - يصرغوا الحقيقة عن وجمما ، ويوردوها على غير موردها ، فحملوا هذه الجملة على العموم، والواقع يناقضه، وزعموا أيضا أن المحكمة أرادوا إبطال الخلافة بقولهم لاحكم إلا لله، مع أن الواقع أن المحكمة نصبوا الأئمة فىكلقطرحلوا فيه، قال العلامة أبو إسحاق الإطفيشى، وجرى معهم فى إنكار التحكيم الحسن البصرى ومالك بن أنس عالم المدينة، كما ذكره المبرد فى كامله، وحكاه فى ضحى الاسلام عنه ٠ واعلم أن رد الحق ونسفيه من أكبر الكبائر فى الدين ، وقد عاتب بعض المسلمون على بن أبى طالب ، كالأشعث بن قيس ومن معه فتابعمم ، والمحنة تحتار فيها العقلاء ، قال الامام فعاتبوه فلم يعتبهم أى لم يصغ لعتابهم، قال وخاصموه أى ظهر خصاممم عليه، فكانت لهم الحجة واضحة المحجة ، مما ورد من النصوص قال الامام فهم أن يرجع اليهم ويترك ما صالح عليه البغاة من التحكيم فىحكم لله، فقامت عليه رؤساء قومه فأطاعهم، فاعترله المسلمون بعد أنخلع نفسه من الإمامة، لأنه فىتلك المدة لم يكن هو إماماً ولا أميراً للمؤمنين، حيث الامامة فى يد الحكمين ينظران لها الأصلح، مع أن الواقع لم يكن خصم الامام إماماً حتى ينظر فى أى الإمامين أصلح للمسلمين، وإذا كان الأمر كذلك فليس المسلمون الذين ينظرون الأصلح للمسلمين أبو موسى الأشعرى وعمرو بن العاص، وهل يلزم المسلمين ما رأياه وحكما به كان صالحا أو غير صالح ؟ وهل رضاهم بحكم الرجلين لازماً بالمسلمين ؟ وهل القضية مالية يهون أمرها على باذلها ؟ وإنما هى الدين الذى كلف لله به الأمة وإذا كان على راضيا بالتحكيم فكيف يقال إنه فى ذلك الحال إمام ؟ فهذا من الأمور المتناقضة، وإذا كان هو إماماً فكيف يبسوغ له انتظار الحكمين وحكممما ؟ - ١٩٩ - وبالجملة فقد وقع على بن أبى طالب فى خطورة هامة من قبل هذه القضية ، فنعوذ بالله من الفتن ٠ قال الامام :ولماحكمعلى الرجال فى إمامته، اعتزله المسلمون وهو يظن أن الأمر باق فى يده ، وهيهات فقد أعطى العمود والمواثيق على قبول حكم الرجلين، فصارت الامامة يلعب بها الحكمان إن قدموه أو عزلوه ، فاعتزله المسلمون عند ذلك ، وقدموا على أنفسمم عبد الله ابن وهب الراسبى إماماً لهم،قال : فسار اليهم على فقاتلهم بالنهروان حتى قتل جماعتهم الذين هنالك ، وهم قدر أربعة آلاف رجل لم ينج منهم إلا اليسير ، وهم يرون أن الموت هو النجاة عند الله ، وهو الرواح الى الجنة ، فبقى من بقى منهم فى الأمصار والنواحى ، وهم خلق كثير ، فبقوا متمسكين بدينهم ، عاضين على وصية النبى ، صلى الله طيه وسلم ، فى اتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده ن متمسكين بما وجدوا عليه أسلافهم، ثابتين على الحق غير متزعزعين عنهكيفما كان الدهر لهم أو عليهم، فنصبوا على ذلك الأئمة، وباينوا الغواة من الأمة: وأذهبوا فى رضى الله الأنغس ، وفارقوا على طاعته نساءهم وأبناءهم ومساكن يرضونها حتى أقاموا شعائر الدين ، وأناروا منار الإسلام ؛ وأعادوا شريعة الله على مستقرها . حتى ظهر الدين بين الخاص والعام فى أقطار الأرض - فأظهروا للناس معالم الاسلام، وذكروهم بسيرة النبى عليه الصلاة والسلام ٠ ومذهب أهط عمان من قضية التحكيم مذهب الإباضيين على العموم ، فالقول فيها واحد ئ والولاية والبراءة كذلك، وماصح غيه احتمال فهو على ما كان عليه ، وقد ذكر بعض العلماء : أن على بن أبى طالب تاب مما وقع فيه ، كما شهر بكاؤه وندمه على أهل النهروان ، والندم توبة ، ولا يرى بعض أهل المذهب هذا حجة توبة ، لأن توبته لا تحتاج للى شمرة وشيوع ، وقد حكى القطب ابن يوسف رحمه الله توبته فى الهيميان ، إلا أنها لم تثبت صحتها معه ، ويميل على عدمها ولنا فى القضية كلام حافل فى العرى الوثيقة من أراده فليقصده يجده شافيا إن شاء الله ٠ وأهل عمان يأخذون عن الصحابة مطلقاً مالم يبن لمم باطل فيما أخذوا ، كما هو مذهب عامة الاباضية ، والقرآن هو إمام المسلمين يقتدون مماجاء فيه ، فحلاله حلال عندهم، وحرامه حرام أبداً لديهم، ويؤولون تأويل أصحاب سيد آل عدنان ، إذ هم العرب الصراح ، وبلغتهم نزل القرآن ، فلا يجهلونه ، والناس تبع لهم فيه لايرون لأحد مزيد علم على علم أصحاب رسول اللهصلى لله عليه وسلم، خصوصافيمايتعلق بأحكام الشريعة من عقيدة وغيرها، مما يتطلبه الظاهر من الأمة، وإن ادعى قوم أنهم أدركوا ما لم يدركه الصحابة فى القرآن، فمن الجائز ذلك ، ولكن الصحابة هم ترجمان القرآن ، وهم هداة الأمة ، وهم صروح الشريعة ، واليهم مقاليد أحكام الله العملية الدينية ، وإن أدرك قوم علوم الصنعة ونحوها من القرآن أو السنة ، فلا يعترضون عليمم ، بل يكلون ذلك إليمم ٠ ومن مذهب الاباضية على العموم عدم الرؤية لماتدلعليه من النقص ، والله عز وجل منزه عنه ، وأهل عمان يعتقدون كمال الله من جميع النواهى ولا يرون مذهب معتقدها إلا منهاراً لا ثبات له بحال ، ومن مذهبهم إثبات الحقوق التى جاءبما القرآن كلها، لا إنكار لثى منما أبدا ، وهى حق ذى القربى وحق الجار ، حق الصاحب بالجنب ، وحق اليتامى ، وحق المساكين ، وحق أبناء السبيل ، وحق الوالدين ، وحق ماملكت اليمين أبراراكانوا أوفجارا، وحق الأمانة، وحق الوفاء بالعهد لقومنا ولأهل ذمتنا ، وحق من استجار بنا من قومنا وغيرهم ، وحق الأمن للكاف عن قتالنا المعتزل بنفسه عنامنغير أن نشك فى ضلالة من حاد عن مذهبنا، وحق الدعاية الى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وحق موالاة المحقين فى الدين أيا كانوا من الناس وف أى موضع كانوا من أرض الله عزوجل، وحق مفارقة أهل الباطل ومعاداة أهل الضلال وموالاه المحقين رغم أعداء الدين، ومن عادى المسلمين أو مالأ على قتالهم أو أعلن عليهم أو دل عليهم أو على عوراقمم أو كاتب أعداءهم مباينة لهم، أو كاد امام المسلمين أو غشه أو خانه أو خادعه أو خذله عند القدرة على نصرته لكتا فى كل هذه الأحوال لا نحكم فيمم بحكمنا على عبدة الأوثان،ولايحكناعلىأهل الكتاب،فلانقبل منهمجزية، ولا نعد أموالمم غنيمة، ولا نعاملهم معاملة المشركين كما يفعل الأزارقة الذين يحكمون على من خالفهم بحكمهم على المشركين ، لأن رسول الله صلى اللهعليه وآله وسلم لم يحكم فيهم بذلك، ولاحكم فيهم بذلك أئمة المسلمين ، وهم علماء الشريعة وهداة الأمة الى الحق والى طريق مستقيم ٠ وكفى قدوة لنا على بن أبى طالمب فى هذا المقام ، هانه لم يحكم فيمم يوم الجمل بحكم المشركين ولا ف صفين ولا فى النمروان ، بل قال إخواننا بغوا علينا وذلك واضح شهيرعندعلماء الملة وأئمة الدين ٠ قال الامام السالمى رحمه الله : ومن أنكر الحق واستحب العمى على الهدى ، وفرق المسلمين وعاندهم فارقناه وقاتلناه حتى يفىء الى أمر الله أو يهلك على ضلالته من غير أن نزلهم منازل عبدة الأوثان ، فلا نستحل سبيهم ولا غنيمة أموالهم ولا قطع الميراث منهم ، خلافا للخوارج الصفرية ٢٠٢ - والأزارقة والنجدية ، المانعين لموارثة ومناكحة مخالفيهم ، لأنمم مسلمون موحدون ، يقرون بالقرآن ويقرءونه ويصلون ويصومون ويزكون ويحجون ، فهم بذلك مسلمون فى الجملة وإن ضلوا بالتأويل الذى تشسبه لهم ، فلا يخرجون بذلك عن حكم المسلمين فى الجملة ٠ ومن مذهب الانجاضية بعمان عدم الرضا بالغتك بمن خالف المذهب ولا قتلهم فى السر ، وإن كانوا ضلالا ، لأن الله لم يأمر به فى كتابه ولم يفعله أحد من المسلمين ممن كان بمكة بأحد من المشركين ، أى أن المشركين فى مكة كانوا اضطهدوا المسلمين ، وفى إمكانهم ققلهم غيله لو أرادوا ، لكنمم لم يفعلوا ذلك فكيف نفعله نحن الآن بأهل قبلتنا ، وقد أمر الله عز وجل نبيه أن ينبذ اليهم على سواء ، فقال : ( وإما تخافن من قوم خيانه فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين ) ٠ ومن مذهب أهل عمان جواز مناكحة قومنا ، وكذلك موارثتمم ، ويخالفون لمن أجاز الفتك بقومنا واغتيالهم ، ومن أجاز قذفهم بالزنى ، فما داموا يستقبلون قبلتنا فلهم ما لنا وعليهم ما علينا ، لأنهم مسلمون فى الجملة ، وقد كان المسلمون يناكحون المنافقين ، ويظهر من المنافقين من المعاصى أكثر مما يظهر اليوم من كثير من قومنا ، وكيف يحح أن يقذف أحد بالزنى بما لم يفعل خلافاً للخوارج المذين يستحلون ذلك ، والله يقول الحق ويأمو به ، والقذف بالزنى بعير حق قول بغير علم ، والخوارج يستحلون ذلك ، وهم مضلون لأنه تقول على عباد الله بما لم يفعلوا ٠ ويحرم المذهب الإباضى على المسلم مهما كان القول بتحليل الزنى ويبرأ منه ويعاديه ، لأنه مصادم للنص القرآنى ، مذا إذا كان متأولا ، أما إذا كان مصادماً للنص فهو مشرك حلال الحم والمال ، ولا يرى المذهب الاباضى استعراض أحد بالسيف ما دام يستقبل القبلة ويتظاهر بامتثاله لأوامر الدين ، ولو كان على ضدها فى الباطن ٠ - م٢٠ - ولا يرضى المذهب العمانى قتل الأطفال مهما كانوا أعنى أطفال الكفار، لأنهم لا تكليف عليهم ولا توجه اليمم خطاب التكليف، لا سيما فإن الرسول عليه الصلاة والسلام سأل الله ف اللاهين فاعطاه إياهم خدماً لأهل الجنة، ذلك لأن الله عدل لا يجوز عليه أن يعاقب من لم يعصه ، والأطفال لم يتبين منهم عصيان ، ولأن الفطرة الدينية شاملة لهم ٠ والمراد باللاهين أطفال المشركين، وسموا لاهين أى غافلين أى لم يتوجه اليمم خطاب الشارع ، فكيف يعاقبون على غير آثام اقترفوها ، وليس من العدل عقوبة غير المستحق، والله العادل الحقيقى، وهذا هو الشائع فى أطفال المشركين،وجاء فيهمغير ذلك مما أشار اليه قوله عز وجل : ( ألحقنا بمم ذرياتهم ) ونحوها ، والله أعلم بما كانوا عاملين آن لو عاشوا،وعلىكلحاللايحح قتلهم ما داموا أطفالا ما لم يقاتلوا، ومن قانل منهم يقتل ٠ ولا يبستحل المذهب الإباضى فرج امرأة رجل تزوجها بكقاب الله وسنة نبيه، عليه الصلاة والسلام، حتى يطلقما وتعتد منه عدة الطلاق أو يموت عنها ، فتعتد منه عده الوفاة ،ولا يقول المذهب بالهجرة من دار قومنا لهجرة النبىصلى اللهعليه وسلم من دار قومه، لأنه أمر بذلك ولم نؤمر نحن بذلك ، ومن خرج من دار قومه حاجا أو زائرا أو طالب علم أو مجاهداً فى سبيل الله ، ثم عاد الى دار قومه يبرأ منه إن سبقت له ولاية،إذ لا يلزم أحداً أنينتقلمن داره التىكان فيها لما كان بها من الشرك، فكأنه اختارها على دار الاسلام، ولا يتولى أهل المذهب إلا منعلموا منه الوفاء بدين الله، وأداء الواجب منحق للهعز وجل، وييرءون من المصرين على المعاصى من أهل دعوتنا ، لأن المقصود بالذات الحق وحدة ، حتى إذا تاب العاصى ورجع عن عصيانه ، وأناب الى الله كان له ما للمسلمين وعليهماعليهمعلى العموم، وليس للنفر القليلين المستضعفين أن يبايعوا إماماً إلا على الجهاد لأعداء الله، وإقامة شعائر الدين والقيام بحقوق الاسلام ، وإلا كانت بيعتم رداً عليهم ، فإذا بايعوا إمامهم على الطاعة لله والأمر بالمعروف والنمى عن المنكر ، فليس لمم الرجوع عن ذلك أبدا حتى يملكوا فى سبيل الله أو يظهروا على عدوهم ، لأن ما عقد على طاعة لا يجوز الرجوع فيه قبلى تحقق العجز ، ومن باع نفسه لله فعليه الوفاء ببيعته لله : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) الآية ٠ وولاية من علم صلاحه فى الدين واستقامته على منمج المسلمين تجب ولايته أيا كان ولو لم ندركه ، ولو كان من الأمم الأولى لعموم الدليل الوارد فى المقام بنصه العام إذا قامت الحجة بعدالته، وكذلك من كان من أهل الظلم أيا كانوا ، وف أى زمان كانوا منا أو غيرنا فى وقتتا أو قبلنا ٠ ومن مذهب أهل عمان البراءة منكلظلم، والوية لكل محق، ولا يسبون المذاهب الأخرى ، ولا يقولون فيها انها خارجة عن حدود الإيمان، ولا ينفرون عمن خالفهم، ولا يسمعون أهل الأهواء فى أضدادهم، ويكلون أمرهم الى خالقمم، ولا يطيعون الملوك الجورة إلا تقية لمم، ولا يجبرون أحدا على مذهبهم مهما كانت الغلبة لهم، ولا يزيدون فى الأمور الشرعية شيئا لم يفعله الرسول عليه الصلاة والسلام ولا الخلفاء الراشدون، سواء كان فى الأذان أو فى الاقامة، أو فىسائر الصلاة ٠ ويرضى المذهب العمانى من المذاهب الأخرى أن يكفوا عن سب أى أحد من الصحابة، وألا يقدحوا فى مذهب المسلمين، وألا ينكروا الحق ٢٠٥ ولا يعينوا الظالم فى ظلمه ، لايصرفوا تأويل القرآن الى مقتضى أهويتهم ، ولا مبرر لمم ولا دليل على ذلك لديمم ، كما صرف بعض أهل المذاهب تأويل ثلث القرآن أو قريب منه فى على بن أبى طالب وأولاده بغير دليل ، وألا يقدح الشيعة فى أبى بكر وعمر وعاسمة أم المؤمنين . وألا يقول الخوارج على الله إلا الحق ، ولا يرغبوا عن سبيل المسلمين ، وألا يطعنوا فى أحكاممم ، وأن يحسنوا الظن بالمسلمين ، وألا يعارض المرجئة عقيدة أهل الحق ، ولا يتدخلوا فى الضعفاء فيضلونهم بغير علم ، فإن الدين قول وعمل واعتقاد . ولا يكفى واحد عن الاثنين إذا قامت الحجة على ذلك ، وإلا كانوا أضر على الاسلام من اليمود والنصارى ، وأن يبرأ الناس من دعاة الظلم وأعوانهم ، وعلى الأقل لا يبرءوا ممن تولاه الإباضية ، ولا يتولوا من برءوا منه ، وعلى أقل الأقل إن رأوا ذلك ألا يظمروه للمسلمين ، و إلا يفارقوا أهل الحق مهما كانوا أقوياء أو ضعفاء ، وأن يوقنوا بحكم القرآن ولا يعترضوا على المسلمين فى سبيل دعوتهم الى الله ، وألا يقدحوا فى أئمة المسلمين وعلمائهم ، وألا يسفهوا أحلامهم ، وألا يعينوا بغاة الأمة على المحقين منهم ، فإن إعانة الباغى تفضى الى المكفر ، وألا يؤووا ولا يناصروا أحداً قام المسلمون عليه ، فإن ماواته مناصرة له ٠ ويكتفى العمانيون من سائر فرق الإسلام ألا يعترضوا عليهم فى أحكامهم ، ولا يكونوا حجر عثرة لهم فى سبيل سيرهم الى الله عز وجل ، ويرضى الإباضية من أهل البدع الضالة أن يستروا بدعتمم ، ولايظمروها وسعنا بذلك السكوت عنهم وأمرهم إلى الله ، ويرضى الإباضية العمانيون من بقايا الناس أن يتقوا الله ربمم ، ولا يجعلوا حكمه عز وجل تبعاً لحكمهم ، بل الله يحكم لا معقب لحكمه ، والا يتمسكوا بطاعة قوم ضلوا - ٢٠٦ أم اهتدوا وألا يتابعوا عاصى الله عز وعلا ، و٦لا يركتوا إلى الظالم ، فإن الله نمى عن الركون إلى الظلمة وألا يعينوا باغياً على محق ، ولا عذر لهم فى الجهل، بل أقل ما يلزمهم الوقوف عما لا يعلمون، فإن الله لم يأذن لأحد أن يعطى عمده من يعصى أمره ٠ والإباضية العمافيون يدعون أن يطاع الله ولا يعصى فى قليل ولا جليل ، وأن يحكل حلاله ويحرم حرامه ممما كان ، وألا يستمان بالحقوق الدينية أو الإنسانية ، وأن يقدم فى الأحكام كقاب الله على غيره ، وأن يعمل بسنة الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وسنة خلفائه الراشدين، ليس للإباضية الغلو فى الدين أو الغشم على المسلمين، ولا التعدى على أهل القبلة فى قتيل ولا نقير، فأموال البغاة لمم، ولا تحل غنيمتمم ولا سبى ذراريهم بما عندهم من الاسلام ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ما أباح ذلك منهم، ولا فعله غيهم ولا خلفاءه الراشدين رحمهم الله ورضى عنهم ، وأن حكم المرتد معنا عن دينه حكم رسول الله فيه لا زيادة ولا نقصان، إذ لم يسرغنا إلى جوار ربه إلا بعد كمال الدين : ( الي-وم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ) فتم الدين بشمادة القرآن ، وكمل فى أحواله كلها بشمادة سيد المرسلين ، تثركتم على المحجة الواضحة ليلها كنهارها،لاجل ولا تجاهل، إنا نحرم حرام الله فى كل أحوالنا إلا ما اضررنا اليه، ونحلل ماحلل الله لنا فى عسرنا ويسرنا فى بلادنا أو بلاد قومنا ؛ وطعام الذين كفروا حل لنا بنص القرآن ، وطعامنا لهمكذلكأيضاكماجاءف الكتاب العزيز، ولا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق ممما كان المطاع ، وفى كل زمان ندعو الى الله والى رسوله والى سيرة خلفائه الراشدين ، لا نرى أن نفارق شيئا من ذلك ، لا نتبدل - ٢٠٧ - للقوانين بالشريعة ، ولا نود أن يفارقنا قومنا من كانوا وممما كانوا فى أى بقعة من الأرض،ولا نقول فى الدين بما لميأذن به الله، ولا نعتقد الاستيواءالقعود فىحقاللهعزوجل،بل هوالملكواالقمروالاستيلاء لاغير، ولا نقول الشفاعة لأهل الكبائر، لأن هذا القول يناقض القرآن، ولا نقول بخروج العصاة من النار كذلك ، فإن هذا فيه النصوص الحريحة، ولا نقول إن الكفر كله معناه الشرك، ولا نشرك أهل القبلة بمعاصيهم ، ولا نرضى أن نقعدى ما حد الله لنا من الحدود ، ولا نقصر فى شىء منها ، فإن التقصير فيها من التعدى عليما ، ولا نرضى بالقهاون فيها، ولا نقول فى صفات الله عز وجل إلا ما يناسب جلاله الأعظم، ولا نرضى انتقاض أى صفة من صفاته ولا نقيس صفته على صفات مخلوقاته، ولا نقول بنزوله ولا صعوده ولا حركته ولا سكونه فى أى شىءممالايليق بجلاله الأقدس وكماله الأنفس، وأنه الواحد المالك الخالق القادر الرازق الأول الآخر الحى القيوم، ولا نقول بالشفاعة لأهل الكبائر من العصاة ، لأنه دعاية باطلة وخدعة ثيطانية لا يعول عليها إلا مغتر بالهوى ، وأن للشيطان دسائس وعلينا أن ذحذرها فى كل وقت لا نتزعزع عن المنهج الحق لأجل الأهواء الضالة أو الجاهلة أو المخدوعة بالأهواء المغلة، نعون بالله طها ٠ قال إمامنا السالمى رحمه الله : الله ربنا ، ومحمد ئبينا ، والقرآن إمامنا، والسنة طريقنا، وبيت الله الحرام قبلتنا، والاسلام ديننا، وهو من الإيمان، والايمان من الاسلام، والتقوى من الايمان، والبر والوفاء من الإيمان ، بعض ذلك من بعض على استكمال الإيمان بما فيه بمعنى، أن حذه الأشياء متلازمة لا ينفك بعضما من بعض ، ولا يغنى بعضها عن - ٢٠٨ - بعض ، خلافاً للمرجئة ، ومن الإيمان إقامة حدوده والعمل بحقوقه ، ولا يثبت الإيمان بانتقاض فرائض الله ، لأن الإيمان العملى من الايمان الاعتقادى بمثابة الجسد من الروح ، أو الروح من الجسد ، لا يصح شىء منما إلا بكمال باقيها، ولا إيمان لمن أق-ام على محارم الله، وعروة الإيمان هى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأن محمداً رسول الله،وأنماجاءبهحق، والإيمان بالله وملائكته واليوم الآخر وبالكتاب وبالنبيين ، وبالجنة والنار ، وباتيان الساعة لا ريي فيها ، وأن الله يبعث من فى القبور ، والأمر بالمعروف والنمى عن المنكر ، وإتيان الأول والتباعد من الثانى، وإقامة الصلاة بمواقيتها، والحضور لها فى الجماعة، وإقامتها كماهى لا زيادة فيها ولا نقصان منها، وكل ذلك إيمان ، فإن خصال الإيمان إيمان ، والإيمان كما قدمنا اعتقادى وقولى وعملى كما هو مبسوط فى المطولات، وخاصة التوحيد والإيمان كلها تحت قولهعز وجل :( ليس كمثله شى^) الآية فمذه هى المحيطة بكل التوحيد كما كشفنا ذلك ف سلم الاسققامة ولامية التوحيد، وقد أغنى ذلك عن إعادقه هنا، وإنما ذكرنا هنا غالباً الإيمان العملى الذى عليه أهل عمان، وبالأخص للفرق القىتجط ما عليه أهل عمان فى العقيدة لعدم اطلاع الناس على ما عليه العمانيون ، لأن المشوهين من أعداء الدين قد نفروا الناس عن العمانيين بأنهم خوارج ، ولا يعلم أهل عمان ما يبث وراءهم من الأحاديث السيئة والأحدوثات الفاحشة ، وللحق أعداء وهم أهل الباطل، وإذا لم يحارب الباطل وتحكم فى أعناقه أسياف الحق، فسرعان ما قرى الحق يهوى تحت أقدام لباطل ، والله لا يرضى لعباده الكفر، وإن يشكروا يرضه لمم، والله يعلم المفسد من المصلح ٠ ومن مذهب أهل عمان كما قال الامام : وجوب الجماعة فى الصلاة، - ٢٠٩ - ولا يؤمن لهاولا يقنت فيها ولا يقصر على المسح على الخفين، قال أبو إسحاق : وذلك أن التأمين لم يثبت عند أصحابنا، والقنوت لم يصح أو منسوخ ، وكذا المسح على الخفين منسوخ بآية الوضوء ، وأهل عمان يقولون ض أصله لم يصح، قال الامام :والقصر أى للصلاة فى السفر دون الحضر، وكذا الجمعة فى الأمصار الممصرة مطلقاً إذا أقيمت فى وقتها ، وطى شروطها الثابتة ، وعند أئمة العدل فى الأمصار الغير الممصرة إلى آخر خصال الإيمان أ ه ٠ م ١٤- عمان عبر التليخ ج١) ٢١ - سكسلة مذهب اهل عمان اعلم أن مذهب أهل عمان متسلسل من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام بنقلة وأئمة هداة وعلماء أثبات ، شهر مقامهم بين رجالات الإسلام ، وعرف منهاجهم بين قادة الأنام، وما كان من ابن إباض رحمه الله ورضى عنه وما يتعلق بذلك ، فقد كشفنا ذلك كله كثفاً واضحاً فى كقابنا « أصدق المناهج فى تمبيز الإباضية من الخوارج » وذكرنا طبقات العلماء على إجمال الى عصرنا هذا ، ونذكر هنا ما يكون جمالا لتاريخ عمان كما ذكرنا قسماً مهماً منه أيضا فى كتابنا « العرى الوثيقة على كثف الحقيقة » والحمد لله الذى أعان عليمما ٠ وهنا نقول إن : مذهب أهل عمان تناقله غطاحل الرجال الذين هم فى الدين أشهر من نار على علم ، وأول ناقل له الهمام مازن بن غضوبة السعدى ، وهو معروف فى التاريخ العمانى ، فهو صحابى عمانى ، ثم كعب بن برشة الطاحى الصحابى ، ثم صحار بن العباس العبدى العمانى الثالث ، ثم أبو شداد لعمانى الصحابى الرابع ، ثم عمرو بن العاص القرثى السممى الصحابى الخامس ٠ هؤلاء الأشياخ الأجلاءوالهداة الأدلاء ، والزعماءالأولون حملوا إلى عمان الدين الإسلامى ، وعلموا أهل عمان أصوله وفروعه وواجباته ولوازمه ومقتضياته ، وتفقه أهل عمان منهم قبل كل أحد ، وبعد ذلك انتشر الإسلام فى عمان انتشار ضياء الشمس بعد الظلام ، حتى عم عمان أولما وآخرها ، ورسخ برجالها الأبطال وعلمائها الفطاحل كالإمام أبى - ٢١١ - الشعثاء ، والإمام الربيع بن حبيب راوى المسند الصحيح ، وضمام بن السائب الندبى العمانى ، وجملة من أهل العلم العمانيين ، ومنهم سبعون راكباً الذين خرجوا مع عمرو بن العاص إلى المدينة بعد وفاة النبى صلى الله عليه وآله وسلم ، وفيهم عبد بن الجلندى سيدهم وزعيممم ٠ ومن نقلة العلم من أهل عمان إلى عمان وإلى العراق كثيون لا يحصون عدداً إلا أن طبقاتمم متفاوتة ، أما عمن نقلوا فقد نقلوا عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم ، ونقلوا عن أبى بكر وعمر وعثمان وعلى بن أبى طالب ، ونقلوا عن عائشة أم المؤمنين السيدة المصونة التى تحوى شطر الدين عن سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام ، ونقلوا أيضا عن العبادلة الثلاثة ، وهم عبد الله بن العباس حبر الأمة وبحرها الزخار ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن الزبير ، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص ، ونقلوا أيضا عن أنس بن مالك وأبى هريرة رواية الدين ، وعن أبى سعيد الخدرى ، وعن عبد الرحمن بن عوف أيضا كذلك ، وعن ءمار بن ياسر ، وعن عبد الله بن مسعود حضيرة الفقه : وعن أبى ذر، وأبى عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وأبى بن كعب، وسلمان سيد الفرس ، وصهيب إمام الشورى ، وزيد بن صوحان المقتول شهيداً يوم الجمل ، ونقلوا أيضا عن خزيمة بن ثابت ذى الشهادتين ، وعن محمد وعبد الله ابنى بديل ، وحرقوص بن زهير السعدى أحد المشهود لهم بالجنة ، وعن زيد حصن الطائى الذى نعته عائشة المقتول فى النهرواان ٠ قال الإمام السالمى رحمه الله : هؤلاء الذين ذكرهم أبو المؤشر ، - ٢١٢ - قلت : وهم علماء الصحابة وسادة أمة الإجابة رحمهم الله ورضى عنمم ٠ قال : ولأصحابنا نقل كثير عن غيرهم ، لكن قال أبو المؤثر رحمه الله : إنهم أخذوا أيضا عن كثير من رجال العلم وأعمدة الحق من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممن أنكر المنكر على أهله ، وممن شهد يوم الدار ويوم الجمل ويوم صفين ، وممن شهد النهروان مع المسلمين ، وممن لم يشهد هذه المشاهد ممن مات على دينهم ومن مات قبل اختلاف الأمة ، فهم أئمتنا وأولياؤنا رحممم الله : لا ينكر فضلمم ولا يجهل شرفهم ٠ ثم بعد الطبقة الثانية وهم : عبد الله بن وهب الراسبى وأصحابه الذين جاهدوا معه يوم النهروان حتى استشهدوا رحمهم الله على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ٠ ثم أهل الطبقة الثالثة وهم : فروة بن نوفل الأشجعى ، ووداع بن حوثرة الأسدى ومن كان معمما يوم النخيلة رحمهم الله ٠ ثم أهل الطبقة الرابعة ، وهم : قريسب ، والزحاف وأصحابهما الذين جاهدوا فى الله حق جهاده ذكرهم الامام أبو إسحاق الحضرمى ٠ ثم أهل الطبقة الخامسة وهم : المرداس بن حدبر ، وأخوه عروة ومن معمما وهم الأربعون الذين شاع ذكرهم فى عالم الاسلام بكل فضل فى الدين ، ومن باعوا نفوسهم لله حتى سالت أنفسهم على الحق ٠ ثم الطبقة السادسة وهم : عبد الله بن إباض ، وأبو الشعثاء جابر بن زيد ، وصحار بن العباس العبد ، وجعفر بن السماك ، وحتات بن كاتب ، وأبو عبيدة الضرير وهو أبو عبيدة الكبير العالم النحرير ، وأبو نوح صالح بن نوح الدهان ٠ -٢١٣- ثم الطبقة السابعة وهم : عبد الله بن يحيى الكندى المعروف بطالب الحق إمام أهل اليمن ومنمعه من الرجال كالمختار بن عوف المعروف بأبى حمزة أحد أبطال العلم ، وأقيال السنان ، وأبو الحر على بن الحصين ، ومن استثهد معمم فى جهاد أهل البغى رحمهم الله ٠ ثم الطبقة الثامنة وهم : بن حبيب بن عمرو والفراهيدى البصرى ، وضمام بن السائب الندبى ، وأبو منصور الخراسانى ومن معهم فى أياممم ٠ ثم الطبقة التاسعة وهم : الجلندى بن مسعود الامام ، وأبو الخطاب إمام أهل المغرب ، وعبد الرحمن بن رستم الفارسى ، ومن كان فى طبقتهم وهم أغاضل الأمة فى زمانهم ٠ ثم الطبقة العاشرة وهم : محبوب بن الرحيل ، وهاشم بن عبد الله الخراسانى، وموسى بن أبى جابر ، وبشير بن المنذر ، ومنير بن النير الجعلانى ، وهشام بن المهاجر ، وعبد الله بن أبى قيس ، وسعيد بن المبشر ، وعلى بن عزرة ، وهاشم بن غيلان ، وسليمان بن عثمان ، وعبد المقتدر بن الحكم ، ومحمد بن هاشم بن غيلان ، وموسى بن على ، وسعيد بن محرز ، والوضاح ابن عقب—ة وأضرابهم ، فهؤلاء الأئمة الأجلاء والأساطين الفخام هم مقدمة رجال الإباضية الذين هم معروفون فى السماء ، وإن أنكرهم أهل الأرض يأخذ بعضهم عن بعض من معاصريهم وغيرهم ، ذكرناهم لا على الترتيب الزمنى كما ينبغى ، لأن هذا يحتاج إلى فراغ واسع يأتى على ذكر منازلهم العلمية ، وطبقاتهم الزمنية وأسمائهم القبائلية، وأعمالهم العلمية ومؤلفاتهم الثمينة التى يحق لها أن تكتب بماء الذهب على وجنات الحور ، فقد قاموا رحمهم الله ورضى - ٢١٤ - عنمم مقاماً يحق له الإكبار ، وجاهدوا واجتهدوا فى حق دين الله عز وجل ، وأدوا واجبهم حتى انقضت أيامهم ، وجاء من بعدهم من أقاموا منار الدين ، وكشفوا عن منهج سيد المرسلين ، وابتلوا بالأمة حيناً من الدهر ، والله يجزيمم رضاه ويهديهم إليه سبيلا ( والذين جاهدوا فينا لنهديمم سلبنا وإن الله لمع المحسنين) أما ذكر أئمة كل قرن على حدة فهذا شاق إذ ما من قرن إلاولأهل عمان فيه علماء عديدون ، وفقهاء كثيرون ، وعلماء عمان هم فقهاء الشريعة ، لم يتخصص منمم أحد فى غير الفقه، وإن نال بعضهم منغيرالفقهحظاً فغالباً يكون ذلك كالنادر، وقد اشتمر بالطب منهم جماعة كمحمد بن هاشم الطبيب الرستاقى المشمور ، وهو صاحب لأمية الطب ، وإن كان لبعضهم فى الطب أياد إلا أنها بالعنى المعروف عند العرب ، ولهم فى الطب النبوى نصيب ، لأنه شرعى فهو فى علوم الشريعة الرعيل الأول ، ومن يعدهم غيرهم من علماء الأمة ، فهم رواة الحديث ولهم فيه السبق على غيرهم فإن الامام الربيع بن حبيب أول من ألف فيه المسند الشهير بالجامع ت إذ جمع فيه أمهات الأحكام من جوامع كلمه طيه الصلاة والسلام، وعليه بنى المسلمون قواعد مذعبهم الصحيح، ولم يذكره المؤرخون لعدم اطلاعمم عليه، فإنه لم ينشروبالأخص لم يطبع، فافظر ما يقوله العلامة التنوخى فيه،ولمم فىعلوم الأدب المقام الأكبر بالخليل ابن أحمد الفراهيدى، وابن دريد وأضرابمم ، وف التاريخ كذلك إلا أن غيرهم فيه لهم أكبر اعتناء وأعظم عمل كابن الأثيروابن خلدون والطبرى وغيرهم ٠ وإذا أردنا أن نذكر علماء عمان فى كل قرن أعنى مشاهيرهم الأجلاء فالإمام أبو الشعثاء جابر بن زيد ، والربيع بن حبيب ، وأبو عبيدة ومن - ه٢١ - معمم ، فمم علماء القرن الأول للمجرة ٠ ولا يرد علينا أن هؤلاء بصريون بل يقول هم عمانيون بغير شك ، وإن أقاموا بالبصرة فقد صارت البصرة عمانية بكل معنى الكلمة، إذ كان علماؤها هؤلاء ، وهم عمانيون، وأميرها المهلب بن أبى صفرة وهو عمانى بغير شك ، فهى عمانية به وبقومه الأزد من أهل عمان ٠ أما علماء القرن الثانى فهؤلاء وآخرون جاءوا من بعدهم : فإن الامام الجلندى بن مسعود رحمه الله فى أول القرن الثافى كما سوف تراه فى محله إن شاء الله ، قال الامام رحمه الله وهو يذكر الامام الجلندى قال قال : أبو الحسن البسيانى ، وكان فى أيامه ، أى الامام الجلندى حاجب ، والربيع ابن حبيب بالعراق ، وعبد الله بن القاسم ، وهلال بن عطية الخراسانى وخلف بن زياد البحرانى ، وشبيب بن عطية العمانى ، وموسى بن أبى جابر الازكانى ،وبشيربن المنذر النزوانى ، ومنير بن النير الجعلانى ، وهو من بنى حخرمى بن ريام قتل رحمه الله فى وقعة دما من الباطنة أيام ابن بور ، قال : وكان هؤلاء بعضهم أكبر من بعض : واقتدى بعضهم ببعخ : ومنهم الحسن بن عقبة ، والوليد بن خالد ، وموسى بن سعيد ، وجعفر بن بثير ، ومعين بن عمر ، ولوط بن سام ، وحميم بن المغير ، والهمام بن المغلس ، والنير بن عبد الملك ، وعبد الله بن أبى ، وعمام بن همام ، ومحمد بن عبد الله بن سوم ، وعمربن يحيى، وحميد ابن عبد الله، ويحبى بن يزيد، وعمربنعبد الله، ثم وصفهم بأوصاف عظيمة عند المسلمين ستأتى إن ثاء الله فى إمامة الإمام الجلندى بن مسعود رحممم الله ورضى عنهم ٠ قال : ومنهم أبو صالح الوضاح بن عقبة ، ويحيى بن نجيح ، - ٢١٦ - وكلمم عيالم فقه وأئمة هدى ، بل كاد أن يكون. أيام الامام الجلندى كل أهل عمان علماء ، أوقل على الأقل أهل ذلك القرن ٠ ومن علماء القرن الثانى أيضا شبيب بن عطية العمانى الذى قام بالأمر احتساباً ، وكان من مشاهير أصحاب الامام الجلندى رحمهم الله ، وعبد الوهاب بن جيفر ، ومحمد بن عبد الله بن حساس ، وأبو جعفر سعيد بن محمد ، وسعيد بن محرز ، ومحمد بن محبوب الرحيلى القرشى ، ومحمد ابن هاشم ، وسبق ذكر أبيه هاشم بن غيلان ، والأشعث ، بن محمد ، ومحمد بن المعلى الكندى ، ومحمد بن عبد الله زميل الشيخ موسى بن على ، وعبد الله بن محمدبن روح، ووائل بن أيوب ، والصلت بن خميس المعروف بأبى المؤثر البهلوى وهوخروصى النسب، وعلى بن عزرة ، وسليمان بن عثمان ، ومسعدة بن تميم اللذان عقدا على الامام غسان بن عبد الله ، لأنه لما مات الامام الوارث رحمه الله قال سليمان بن عثمان : نريد أن نكتب لأهل السر بالحضور ، أى للعقد على الامام الثانى الذى يلى الوارث فقال مسعدة : يريد ابن عثمان أن نؤخر هذا الأمر الى أن يجتمع إلينا الناس ، أو قال غوغاء الناس فيختلفوا علينا ، بل نقطع الأمر قبل الاختلاف ، فإذا جاء الناس وجدوا الأمر مقضياً ، والأمور منتهية ، والأحوال قادرة على قرارها ، ومنهم هارون بن اليمانى الشعبى الشهير فى أيام الإمام بالمهنا ٠ وأما علماء القرن الثالث فهم : هؤلاء المذكورون ومن التحق بمم ، وهم زيادة بن الوضاح ، و مبارك بن جعفر والحكم بن بشير ، والأزهر بن على، وعلى بن عزرة، وجعفر بن زيادة، وعبد الله بن أبى قيس، وعبد الله بن نافع ، ورايس بن يزيد ، وأبو مالك بن هزبر ، والأشعث — ٢١٧ - ابن محمد ، والأزهر بن عبد الملك ، وعبد العزيز بن عبد الرحمن ، وعمر بن الأخنس الذى صلى بالناس الجمعة • مرض الامام الملك بن حميد اعتباراً لبقاء الامام ، إذ كانوا مجتمعين ، إذا مات الامام أقاموا عنه آخر مقامه ، فلم ير موسى بن على رحمه الله النقض عليهم ، وكان العلماء يومئذ يعقبرونه الرئيس لهم ، وهو قدوتمم ، ورآ ابن محبوب وهو الرئيس الثانى لأهل العلم ، وكان رأيه فى القضية لأن كل واحد منمما يحمل على وجه من أقوال أهل العلم ، وبسط ذلك فى الفقه ، ومن العلماء يومئذ صقر زائدة ، ومن العلماء العباس ابن زائدة ، وزياد بن مثوبة ، والمنذر بن بثير ، ورباط بن المنذر ، ومحمد ابن أبى حذيفة، وهاشم بن الجهم، وعبيد الله بن الحكيم، وهؤلاء من جملة العاقدين الإمامة للامام الصلت بن مالك رحمهم الله ، ورئيسمم محمد ابن محبوب ، والشيخ أبو عبد الله بن محمد إبراهيم بن سليمان ، وعمر بن محمد الضبى، وموسى بن محمد بن على ، وعزان بن الهزير ، وزاهر بن محمد بن سليمان ، وغزان بن تميم ، وشاذان بن الصلت ، ومحمد بن عمر بن الأخنس ، وغدانة بن محمد ، وهؤلاء هم الذين بقوا متمسكين بإقامة الصلت بن مالك رحمه الله ٠ وبالجملة إذا ذهبنا إلمى ذكر علماء عمان فى كل قرن يضيق بنا الوقت ، فهؤلاء العلماء المعدودون ، وأولمم زياد بن الوضاح ، ومبارك بن جعفر ، والحكم بن بشير ، إلى غدانة بن محمد ، هم إلى عمد الامام الصلت بن مالك ، والامام الصلت المذكور كان بويع بالإمامة لستة عشر خلت من ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين ومائتين ، فمو فى صدر القرن الثالث ، وكان العلماء المشاهير الذين لمم فى الأمة الحل والعقد لايحصون ٢١٨٠ — عدداً ، ثم طال عهد الصلت بن مالك ، إذ عاش فى الامامة إلى عهد سفة اثنتين وسبعين ومائتين ، فكانت امامته خمساً وثلاثين سنة ، نشط فيها العلم وقوى سوقه ، وطالت أغصانه ، وأثمرت أيام الصلت بن مالك الثمر الحلو فى عمان، وانتشرالعلماءفىعمانففىكلءبلدتجدأجلة العلماء ، وغصت العواصم العمانية بهم ، وكان سلطان الامامة بالغاً حده ، وعمان فى ذرة الشرف وأهلها يتسابقون على العلم ، فحتى حماميرها وحطاطيبها علماء ، إذ توالت أيام الإمام وازدهر عهدها ، وقامت لهم فى أرجاءعمان كبكبة مثرقة، ( وتلك الأيام نداولهابين الناس ) ٠ فلما طال العهد بالأمة، وكانت منسنة لله تأديب عباده إذا أبطرتهم النعم ، فقاموا على الصلت بن مالك يحاولون خروجه من الأم بغير قصور ولا تقصير ، والأمور فى أيديهم ، والصلت كواحد منهم غير مختص بشىء دونهم إلا ما كان من خصائص الإمامة ، تجاسروا عليه حتى صارت أيامهم حديث سمر الناس ، وحيرة أهل الفضل ، ولم يزالوا على ذاك حتى تخلى الصلت رحمه الله من الأمرتسكيناًلسورة الثائرين ٠٠ وإلقاء للامر فى نحورهم فعظمت محنتهم ، وجلت رزيتهم ، وأصبحوا فى أزمة خخمة ، واضطراب فى القصد ، ولم يكن حلهم شافياً ، ولا عقدهم وافياً ، حتى عرفوا بلية ما وقعوا فيه ، رزية الدين تحيط بهم ، فكان فيهم البصيبر مغلوباً ، وسنذكر ذلك إن شاء الله ف محله ٠ ولقد اعتذرنا لك أيها القارى الكريم بعذرنا عنذكرعمان فى كل قرن ، وعسى أن يمن الله علينا بالسعة فنذكرهم فى سفر خاص بهم ، تخليداً لتذكارهم، وإعتباراً بآئارهم، ودعاية إلى أعمالهم ، والعلماء زينة الدهر، وجمال الأيام، ومجد عمان على الأقل ولنا فيهم : ٢١٩- قد زانت الأيام بالعلماوهم أقمار ظلمتها وشمس نمارها وهمبممينجابغيم لغنى عن أفكارنا بالنور من أسرارها نسأل الله الاقتداء بطريقتمم، والتوفيق لسلوك سبيلمم، والله ولى التوفيق والتسديد ٠ ولا يخفى عليك أنا كنا معنيين هنا بسلسلة مذهب أهل عمان، وعمن أخذوا بينهم ، وقد ذكرنا ذلك محققاً المصدر الأول ، وهو المصدر الصحيح الذى يرده الكل من رجال الاسلام وبينا سبق أهل عمان إلى خصال الخيرقبل لغير، وذكرفا أول ناقل للدين إلى عمان، وأول معلم لأهل عمان ، حتى مشى أهل عمان على المنهج الصحيح من أول أمرهم ، وقد عملوا بما أوجب الله عليهم من إقامة الحق على سبيل الصديق والفاروق، وما زالوا على ذلك الحال إلا فى أيام الانقلابات التى تتزل عليهم من أمراء الجور وملوك الظلم، إلا أنهم لا يرضخون لمم رضوخ الجاثم، أو يسكنون معمم سكون النائم، وإنما همطىحكم لتقيةحتى قلوح لمم الفرصة المواتية، فإذا رأوها هبوا لأخذها وعملوا اللازم فيها، ولم يضيعوها كما سوف يرى القارىء إن شاء الله لهذا التاريخ ذلك، ويرى أعمالمم فيه صحيحة المأخذ والحمد اله ٠ أما من عدا أهل عمان فمنذ تولى الأمر معاوية بن أبى سفيان ، هم عبيد اللوك ، جاروا أم عدلوا ، ومتى يعدلون وهم عبيد الشهوات ، وأسارى الأهواء ، ومماليك الرغبات النفسية، وبذلك يضمحل الدين ويتمزق شمل الاسلام، وتنشاً الناشئة لا ترى إلا سلطاناً تقول له لبيك وسعديك والخير كلهفىيديك، نعوذ بالله من ذلك، وفسأله المعون والمداية للطريق المستقيم ، إنه كريم ٠ ٢٢ - هذا هو الفارق بين أهل عمان وغيرهم من أمم الاسلام ، نعم يشارك اهل عمان فى هذا الحال إخوانمم أهل المغرب الذين أقاموا منار الدين بأئمة عدول ، وأبطال فحول ، فى الصدر الأول ، حتى ذهب ذلك منهم ، وكذلك أباضية اليمن وحضرموت ، أخذوا على ذلك الحال عهداً ، وبقيت دروسه يتناقلها الخلف عن السلف ، وهكذا ، وإحياء سير الرسول عليه الصلاة والسلام على الأسلوب الصحيح ، وقانونها الرجيح ، أمر مفروخ على الأمة عند الاستطاعة ، وتوفر الأسباب ، ومازال أهل عمان فى ذلك على وتيرة الصحابة رضوان الله عليهم : تعاقبت خلفاء الله منصبها منذ الجلندى وختم الكل عزان فأول إمام بعمان هو الجلندى بن مسعود الجلندانى ، وآخرهم عزان بن قيس البوسعيدى ، ثم تلاها فى هذه الآونة التى نحن بها الإمام سالم بن راشد ، ومحمد بن عبد الله ، ويعرف الأول بالخروصى ، والثانى بالخليلى ، وكلا هما خروصى ٠ وسقرى أيها القارىء فى عمان قيام علمائها على أئمة الجور من أهل عمان وغيرهم ، وترى الأئمة الأققياء الأبرار الذين لمم فى عمان الحل والعقد على نهج عمر بن الخطاب وأبى بكر رضى اش عنهم ، حتى تعلم أن الإباضية هم عمدة الدين ، وبهم يعيش ما عاش ، وهم الفرقة الناجية من الثلاث والسبعين فرقة ، لثباتمم على ما كان عليه أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأمر الخلفاء الراشدين ، أما من علدا الإباضية وبالأخص منهم الذين لا يجيزون الخروج على أئمة الجور، الذين يتولون الأمور ويمشون فيها بحسب هواهم ، فليسوا من الدين فى شىء ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس على دين ملوكمم ، - ٢٢١ - وأنت تدرى أن بعض الملوك غالباً على دين نزواقمم فاذاً يكون الناس على دين النزوات نعوز بالله ٠ أما الإباضية فيعتمون طبعاً ويهتمون شرعا إذا صار الأمر بيد ملوك هذا شأنمم ٤ أما أولئك فينامون تحت ظل الملوك نوم الوادع المطمئن ولايبالون، وأما الإباضية فيتململون مع تململ السليم، ويتأوهون على ذلك تأوه المصدور حتى يروا استقامة الأمير واطمئنان المأمور ، فانظر الفرق بين الحالين واحكم بالحق ، وربنا المستعان على ما تصفون ٠ - ٢٢٢ - علمة إجمالية طى اهراع بنى اهبة لا يخفى المطلع الخبير أن الحجاج بن يوسف ، تولى عمان فى خلافة عبد الملك بن مروان ، وأن عبد الملك تولى الأمر لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر سنة ٦٥ للمجرة ، وبقيت عمان تحت أمر الحجاج يديرها عماله وتصرفما أعماله ، وأهل عمان تحت قهره ثم توفى عبد الملك بن مروان سنة ٨٦ فى شمر شوال ، وقام بالأمر بعده ولده الوليد بن عبد الملك فىهذه الأثناء ، كان ابن الزبيرفىمكة بويع له بالخلافة فيها قبل عبد الملك بن مروان بسنتين ، فتكون بيعته سنة ٦٤ فى شهر رجب ، وذلك فى آخر أيام يزيد بن معاوية ، ومضى الوليد فى خلافته إلى سنة ٩٦ فى النصف من شهر جمادى الآخرة ، وأمر عمان فى يد عمال الحجاج الذين يتخالفون عليها ، ثم تولى سليمان بن عبد الملك بعد موت أخيه ومضى الى سنة ٩٨ ، وقيل الى سنة ٩٩ وتولى بعده ابن عمه ءمر بن عبد العزيز وهوسيدبنى أمية كلهم رحمه الله، كان إماماً صادق الامامة، تقياًرضياً قام على سوآت بنى أمية يمحقها الواحدة بعد الأخرى ، وأعاد السيرة العمرية فى طريقها الصحيح ، ومشى على ذلك الى أن توفى رحمه الله بخمس بقين ، بل لخمس مضين ، وقيل لست مضين من رجب الفرد ، وقيل لعشر يقين منه سنة ١٠١ إحدى ومائة ، وهو فى أول شبابه ابن تسع وثلاثين ، وقيل أربعين سنة ، وهو الذى استعمل على العراق عدى بن أرطاة الفزارى ، واستعمل ء-دى المذكور على عمان عمالا أساءوا السيرة فى أهلها ، فقام العمانيون وبلغوا الأمر الى عمر بن عبدالعزيزرحمه الله فأمربعزلهم واستعمل بدلهمعلىعمان بن عبد الله الأنصارى، فأحسن السيرة فى أهل عمان، قال الامام : فلم يزل - ٢٢٣ - والياً على عمان مكرماً بين أهلها ، نافذ الأمر فيهم ، وهم سامعون مطيعون ، ولم لا يكون أهل عمان سامعين مطيعين ، وخليفة المسلمين عمر بن عبد العزيز ، وهو العبد الصالح من بنى أمية ٠ وأهل عمان لازالواخاضعين لأهل الصلاح منذعهد النبىصلى اشه عليه وسلم ، فعاش فيهم عمرو بن العاص ، ولم ير منمم إلا ما سره وهكذا من بعده إلا أنهم ينفرون من الجورة ولا يرون لمم طاعة تبعاً للقرآن الكريم، كما جاه ب انس فى اجتذاب الظالمين وأعوافهم، والتباعد منهم ، قال الامام ، ومازال عمر بن عبد الله الأنصارى فى عمان يستوفى الصدقات منهم بطيبة أنفسهم حتى مات عمر بن عبد العزيز ، ققال عمربنعبد الله لزياد بن المهلب : هذه البلاد بلاد قومك فشأنك بها ء وخرج عمر بن عبد الله من عمان غير معزول ولا مرغوب فى خروجه لحسن سيرته ، وقام زياد بن المهلب فى عمان حتى ظهر أبو العباس السفاح ، وصار ملك بنى أمية إليه لا يخفى أنه بعد موت عمر بن عبد العزيز ، تولى الأمر يزيد بن عبد الملك ، وهو الذى أراد أن يسير فى الناس سيرة عمر بن عبد العزيز ، وقد أعلن للأمة بذلك ، فقام له من دمشق أربعون رجلا من أعيانهم، وقالوا لهلاتفعل هكذا وامض على وجهك، فإن الخلفاء لاحساب عليهم ولا عقاب فى الآخرة، حيث هم قائمون بأمر الأمة مجاهدون ومجتهدون ، وحلف له أربعون رجلا على ذلك فخدعوه بذلك لأغراضهم الشخصية ، وهذه أعمال القوم مع ملوكهم ، وتلك أعمال الإباضية مع سلاطينهم، فاهظروا أيها الناس كيف يلعب الشيطان بأهل الأهواء حتى يرمى بهم فى البحر العميق الذى لا يخرجون منه ، فسرعان ما تبدل الحال فى المسلمين بموت عمر بن عبد العزيز ، إلى يزيد المذكور ، ولم يبق الحال إلا أربعين يوماً إلى أن رجعت الأمور - ٢٢٤ — القمقرى ، وانممك فى حبابة وأمثالها ، وغدا مغرماً باللمو واللعب والسفه المفرط ، وهذا هو الذى أشار اليه أبو حمزة المختار بن عوف حين خطب فى الناس خطبته المشهورة ، وصرح بأفعال المشار إليه ولموه وطربه ، ولعبه بالأمور فتلك أحوال الإباضية عند هؤلاء الملوك الجورة الفسقة : فأين الثريا وأين الثرى ، إنه لبون بعيد وفرق كبير حفظه لنا التاريخ لمن يأتى فيعتبر ٠ ولما مات يزيد المذكور وولى بعده حام بنعبد الملك سنة ١٠٥ مائة وخمس لخمس بقين من شعبان ، ومشى هثام فى المسلمين على نمج من قبله من إخوانه حتى توف فى شهر ربيع الآخر بالرصافة سنة ١٢٥ خمس وعشرين ومائة ، ثم تولى الأمر بعده الوليد بن يزيد ابن عبد الملك ، وكان معروفاً بالفسق إذ كان فاسقا خليعا بالغاً فى الفسق الغاية القصوى، إذكانيجعل للخمر حياضاًوللخلاعة غياضاً ، و للسفه موارد ومصادر وهو الذى قتله أهل دمشق ، إذ كان مستهتراً إلى حد بعيد ، وقد جمع مع الفسق الزندقة وتظاهر بالكفر الصريح ، وهو الذى لما تمكن السكر منهحلفألا يصلى بالناس إلا امراته، فأخرجها لابسة ثيابه ، وهى سكرى جنب فصلت بهم ، وكان بنى للخمر بركة عظيمة ، ومشى على هذا الحال وهو أمير المؤمنين ، فمن ياترى هؤلاء المؤمنين وهذا أميرهم ، فماذا يكون حالمم ، إنا لله وإنا إليه راجعون ٠ كان إذاأجنب هذا الخبيث ينزل إلى بركة الخمريغتسلمن الجنابة ويشرب ويلعب فيما حتى يرى أن جانباً منها نزل ، وحينئذ يخرج من المغتسل ثم أرسل الله عليه ابنعمه يزيد بن الوليد بن عبد الملكالمعروف بالناقص ، فاحاط به فى تدمر فكان فيها دماره حتى قبضوا عليه وذبحو - ٢٢٥ - كما يذبح الثور ، واجتروا رأسه وأتوا به على رمح ، ثم نصبوه فى مدينة دمشق ليراه الناس، ثم بايعوا يزيد المذكور وهو ابن الوليد بنعبد الملك بن مروان سنة ١٢٦ ست وعشرين ومائة ، وعرف بالمناقص لأنه نقص الأعطيات ، وردها على ما كانت عليه أيام هشام ، وقيل لنقصان فى أصابع رجله، وكان يتنسك ويميل إلى الدين والأخلاق الصالحة، ولكنه لم تطل أيامه ، إذ كان الداعى حثيثاً فمات فى ثمانية من جمادى الآخرة من السنة المذكورة ، وتولى الأمر بعده إبراهيم بن الموليد أخو يزيد ، وكان الأمر مضطرباً والأمور فىتقهق٠هروانحطاط ، وانهيار صروح الإمارة الأموية من كل جانب ، فكان فى جمعة يسلم عليه بالخلافة ، وف جمعة بالإمارة ، وفى جمعة لا يسلم عليه بشىء ، وهكذا كانت أموره متناثرة على وشك الاضمحلال،ولله أمرهوبالغه، وحكم هو نافذه ٠ فكانت خلافته شهرين وعشرة أيام ، ثم قام عليه مروان بن محمد المنبوذ بالحمار ، أى كان يلقب بالحمار ، وهذا آخر خلفاء بنى أمية ، فأقام الله له أبا العباس السفاح عبد الله بن محمد على بن عبد الله بن العباس الهاشمى ، وظهر أبو مسلم الخراسانى ، وقام الشر العباسى ليأخذ الثأر من العنصر الأموى للذى طالما لعب دوره الخاسر، ومثى شوطه الفاجر،ولاشك أن لكل شىء غاية إليما الانتهاء ، فكان انتهاء أمر بنى أمية بمذا ، وكل هذا الحال الذى ذكرناه ، وعمان فى يد أهلما من آل المملب ، وإدارة شئونما إلى رجال الأزد دون غيرهم ، إذ هم سادتما وبيدهم زمامها، وقد أشظ الله عنما هؤلاء الأمراء الأمويين، فلم يكن لمم فيما حل ولا عقد ، بعد عمر بن عبد العزيز رحمه الله ٠ م ه ١ - عمان عبر القلريخ ج ا ) - ٢٢٦ - قال كمال الدين الدميرى : ظهر أبو مسلم المخراسانى وظهر أبو العباس السفاح بالكوفة ، وبويع له بالخلافة وجمز عمه عبد الله بن على بنعبداللهبن العباس لقتال مروان بن محمد المذكور المعروف بالجعدى، والمنبوذ بالحمار، فالتقى الجمعان بزاب الموصل واقتتلوا قتالا شديداً فانمزم مروان، وقتل من عسكره خلق كثير، وغرق منهم فى البحر كثيرون، قال : وتبعه عبد الله الى أن وصل الى نمر الأردن ، فلقى جماعة من بنى أمية وكانوا نيفاً وثمانين رجلا ، غقتلهم عن آخرهم ، ثم أمر عبد الله بسحبمم على الأرض فسحبوا وبسط عليهم بساطا ، وجلس هو وأصحابم فوقهم ، ودعا بالطعام فأكلوا وهم يسمعون أنينهم من تحتهم ، فقال عبد الله يوم كيوم الحسين ولا سوى ، ثم جهز عمه صالح بن على طريق السماوة فلحق بأخيه عبد الله ، وقد نزل دمشق ففتحها عنوة وأباحها ثلاثة أيام ، قال ونقض عبد الله سورها حجراً حجراً ، وهرب مروان الىمصرفقبعه صالح، وإذا بالمنهزم لايتحدث إلاالهزيمة والناس تتخاذل عنه وأموره تهوى ، وصروح بنى أمية تنهار وبرك الخمر قد آن جفافها، وكان هذا الحال ينتظرمنآلعلى بن أبىطالب وهم الذين وترهم بنو أمية ، فلم يكن ذلك منهم لحكمة بديعة ، بل كان من آل الحبر ، وكان قتل مروان فى أبو صير ، وهى من قرى الصعيد ، قال : وكان قصده الحبشة فبيتوه وعاجلوه ، فقيل لم-ا ضرب قال انقرضت دولتتا ، أى لا تقوم منا قائمة ٠ وكان بطلا شديدا شجاعا مقداما ، وكان قتله سنة ١٣٣ ، وكانت خلافته خمس سنين وشهرين وعشرة أيام ، وبدأت ادولة الجديدة تضع أطنابها وتمد رواقما حتى تأخذ عمدها ٠ ( وتلك الأيام نداولهابين الناس) وف التاريخ المعتبر للعاقل والله المسقعان ٠ - ٢٢٧ — عمان سحضر لتستقل عن الزعلمة العامة لما رأى العمافيون تدهور صرح الأمويين ، ورأوا أن الله أذن بزوال ملكمم وافحلال سلطانمم الغاشم، قاموا يديرون الرأى بينهم فى الانفصال عن القوم ، فرأوا أن نطاق الاسلام قد توسع ، وأن رواقه قد أمتد ، وأن سلطانه قد قوى ودخل فى حضيرقه ملوك ، واصطلم ممالك واحتوى على أقليم وقمر على أمراء ممالك عديدة ، ورأوا أن سلطان المسلمين العام ظالما وقد ناى عن سائر بلاد الاسلام، واستقل الأمراء فى إماراتهم كحكام وملوك فى الأقطار النائية، حيث أصبح الاسلام يشمل أهل المشرق والمغرب ، وتفرقت فيه المذاهب وتعدد إليها الذاهب ، رأى العمانيون ضرورة إقامة إمام لهم ، ونظروا فيمن هو الأصلح لهذا الأمر الجسيم والعبء الثقيل الذى لايقدرعلىحمله إلا أفراد، حتى وقعت خيرتهم على الجلندى بن مسعود ابن جلندى الجلندانى ، حيث اجتمعت فيه الخصال المطلوبة إذ كانمن بقية ملوك عمان، وإليهم كتب النبىصلى الله عليه وآله وسلم فى إسلام أهلعمان كما عرفت ذلك مما سبق من أخبارهم، وقد جمع الجلندى شرف العلم والتقوى وخالص الايمان، وقل أن تجتمع هذه الخصال مع الشجاعة والصلابة فى الدين، وكان الجلندى بن مسعود من تلامذة أبى عبيدة رضى الله عنه ، وحضر بيعه الامام طالب الحق فى اليمن،ثم رجع لى عمان فوقعت خيرة المسلمين طيه ، فبايعه أهل عمان بيعة ورضوا به إماماً للكل ، ولم يعترض على البيعة له معترض فيما علمنا، وأهل عمان كإخوانهم من أهل البلاد لأخرى لا يرضون لدينهم إلا الصالح، إذ كانوا على منهج عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وعلى منمج عبد الله بن وهب الراسبى إمام - ٢٢٨ — أهل النهروان، وأصحابه الميامين الأصفياء المخلصين الذين لا يرون لهم حياة صالحة إلا تحت راية الحق ، والحق أحق أن يتبع ، وما بعد الخق إلا الضلال ، وقد علمت أن الله جعل الحق فى الأمة حجة عليها ، فإن قاموا بواجب الحق نجوا عند الإله الواحد الأحد ، وإلا فقد تمت الحجة عليهم والله لا يضيع الحق بالباطل حاشاه ٠ ٢٢٩ تاريخ البيعة للإمام الجلندى بن مسعود رحمه الله لما تحقق للعمانيين صحة صلاحية الجلندى للإمامة العليا، اجتمعوا عليه وطالبوه أن يكون إماما قائما بأمورهم الدنيوية والدينية ، وكان أهل المذهب كلهم متحركين لنصب الإمامة، وقد تحقق قام طالب الحق عبد الله ابن يحيى إماماً لإباضية اليمن ، وفى نفس الوقت بايع إباضية المغرب أبا الخطاب المعافرى كما علمت، وكانت البيعة للجلندى رحمه الله فى سنة ١٣٢ اثنين وثلاثين ومائة ، وكان السفاح تولى الأمر بعد هذه المدة بسنة واحدة وبعض المؤرخين يرى إمامة الامام الجلندى كذلك وقعت سنة ١٣٣ ثلاث وثلاثين ومائة، فتكون فىنفس لسنة المذكورة، والشهير هو الأول وهى سنة الامامة، إذ كانت للإباضية قام ثلاثة أئمة فى ثلاثة أقطار العالم يقومون بأوامر الاسلام ، ويقيمون قواعده ويعملون بما فيه من الأحكام ، ويمشون على ضوئه فى الحلال والحرام ، فكانت لهم رنة فى العالم الاسلامى شرقاً ومغرباً ، واهتر العالم لهم هيبة ، وارتجت لعملهم هذا قلوب أعدائهم، ونشطت النفوس المحبة لدين الله، وأكبر الناس عملهم هذا أيما إكبار، فخافهم الملوك المجاورون وحسدهم الأمم، خلمتزل تنظر ليهم شزراً وتحاول هدم كيانهم هذا، وردهم عن التطاول فى العالم ، فتكون لمم سطوة عالية وسمعة دينية ، ويعلو شأنمم بين الأمم، وكان اجتمع على إمامة الامام الجلندى رحمه الله علماء أجلاء وفطاحل أشداء ، إذ كان أمرهم هذا فى ابتداء الامامة بعمان، والأمور غير المألوفة تكون خيرة السامع ودهشة الرائى، والاقدام عليها كبير لا سيما وأن الافتراق المذهبى قد بلغ شأوه ٠ ٢٣ — قال الامام أبو الحسن البسيانى : وقد أجمعوا على إمامة الامام الجلندى بن مسعود وولايته والمجاهدة معه ، قال : وكان فى أيامه أى من علماء المسلمين : حاجب والربيع بن حبيب بالعراق ، أى بالبصرة وعبد الله بن القاسم ، وهلال بن عطية العمانى ، وخلف بن زياد البحرانى، وشبيب بن عطية العمانى م وموسى بن أبى جابر الازكانى ، وبثير بن المنذر النزوانى، ومنير بن النير الجعلانى ٠ قال : وكان لهؤلاء بعضهم أكبر من بعض : واقتدى بعضهم ببعض ، قال الامام فى تحفة الأعيان : الامام الجلندى بن مسعود بن الجلندى رضى الله عنه ، وهو أحد بنى الجلندى بن المستكبر بن مسعود بن الحران بن عبد عز بن معولة بن شمس ملوك عمان بعد أولاد مالك بن فمم ، وغلطمننسبه لغيرذلك، قلت : لعل بعضا رآه منآل الجلندى بن كركر، وهذا من بنى سليمة بن مالك على الصحيح، قال ولقد تقدم أن سبب امامته أن أبا العباس السفاح ولى أخاه أبا جعفر المنصور على العراق ، وولى المنصور على عمان جناح بن عبادة بن قيس الهنائى ، ثم عزله وولى ولده محمد بن جناح ، فلان للمسلمين ووافقهم على ما يحبون حتى صارت ولاية عمان لهم، فعند ذلك عقدوا الامامة للجلندى بن مسعود، فكانت سببا لظهور الاسلام وقوة شوكته، وكان عادلا مرضيا قلت : سيأتى أن أهل عمان ما كانوا يفضلون عليه أحداً من أئمة عمان مع فضلهم الذى اشتهروا به إلا أن يكون سعيد بن عبد الله بن محمد محبوب ، فبعضهم يفضل الأول وبعضهم الثانى ، وبعضهم ساوى بينهما ، وفضل الامام السالمى الجلندى ءلى الكل، إذ قال: قلت ولا أعدل بالجلندى اماما بعمان، فإنه قدجمع الصفات الثلاث : العلم والعدل والشهادة، مع ماجمع لله له من الصفات التىلاتكاد توجد فىغيره أ ه ٠ — ٢٣١ م وهذا الكلام جاء فى امامة سعيد بنعبد لله الرحيلى، على أثر كلام نقله عن أبى محمد عبد الله بن محمد بن أبى المؤثر رحممم الله ، حيثقال :لا نعلم فى أئمة المسلمين كلمم بعمان أفضل من سعيد بن عبد الله ، إلا أن يكون الجلندى بن مسعود ، قال أبو إبراهيم محمد بن سعيد بن أبى بكر ، إن الامام سعيد بن عبد الله أفضل من الامام الجلندى بن مسعود، قال أبو سعيد : وما أحقه بذلك، فإنه كان اماما عادلا صحيح الإمامة من أهل الاستقامة عالم فىزمانه، لعله يفوق ف أهل زمانه أو كثيراًمنهم، ومع ذلك قتل شميداً رحمه اللهوغفر له ٠ أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبى المؤثر : إلا أنه وقف فى تفضيله على الجلندى ٠ هذه أقوال هؤلاء القادة الأجلاء والسادة الأعزاء وتفضيل الامام ٠ السالمى رحمه الله أوجه ، فإن الجلندى جمع الصفات التى اجقمعت فى الامام سعيدبنعبد الله الرحيلى، وهى العلم والعدل والشهادة، وفاق الجلندى رحمه على غيره بالسبق ، وللسابق فضله كما أشار إلى ذلك القرآن، ولأن الجلندى تسلسل من ملوك أجلاء ولم تأخذ به سورة الملكعنخطة إخوانه،ولم يعتر بغير لحق، ولم ير إعطاء الدنية فى دينه مع إمكانه ، إذ خوطب أن يعلن الانقياد لسلطان العراق ولو بلسانه فقط ، فلم ير ذلك ، وضحى بنفسه ف سبيل إرضاء ربه عز وجل ، وإكراماً لدينه ومذهبه لا يرى الخصم مذه هوادة فى شىء ما رحمه الله ورضى عنه ، وعن أهل الوفاء لدين الله ، وفيه جاء عند ذكر آل الجلندى : كالجلندى ومن كمثل الجلندى فى عمان تجلسه الفضلا -٢١٢٢ — فتلك السنتان اللتان عاثهما الجلندى كانتا الأساس الذى مشى عليه أهل عمان فى تقرير مصير حياتمم الدينية ، أما الدنيا فثمتما عند أهل عمان الفضل غير كبير، لأنها لظل الزائل والخيال، وكل منقض فغيرمممعند أهل الحقإذخلق الخلق لغيرها ٠ -٢٣٣ التليخ يحدث ض الإمام الجلندى واصحايم رحممم الله وعن اعمالمم بعمان قال الشيخ العلامة الجليل أبو الحسن البسيانى : فسار الجلندى بن مسعود رحمه الله فى عمان ، فأظمر الحق وعمل به ، و أخذ الدولة من يد الجبابرة ، وبرىء من الجبابرة وأشياعمم ، ودان بقتال أهل البغى ، ولم يستحل معذلكغنيمةولاسبى ذرية، ولا استعراضاً بالقتل من غير دعوة ، قال : وقد قال الامام منير بن النير الجعلانى : لم يأخذوا أى الإمام وأعوانه الصدقة بغير حقما ، ولم يضعوها فى غير أهلما ، والمعنى كل أعمالهم فى الأخذ والرد على الجهة المشروعة، قال : ولم يستحلوها أى الصدقة من الناس على غير الوجه المشروع ، وهو الإثخان فى الأرض والحماية والكفاية والمكافحة عن حريم المسلمين، بل أخذوها بحقما بعد إحكام الأمور التى تعينمم فى دين الله ، وحفظ الرعية ، ثم وضعوها ف مواضعها وقسموها على أهلما بحكم القرآن فريضة من الله، والله عزيز حكيم ٠ قال : ثم بلغنا عنهم فيما استقام عليه رأيهم أن يرفضوا صدقة البحر إلاماطابتبه أنفس الناس أن ييذلوه لمم، وذلك لما يتخوفون من الدخل عليهم فى سبيل الله ، إذ لم يعموم أى ولا جباية بغير حماية ، وحماية البحر لمتنس لمم بعد،قلت : لأن العمد لم يطل بالإمامة، فلعل هذا الحال فى أول سنةأوف ثانى سنة، لأن إمامة الإمام الجلندى لم تستكمل للسنة الثالثة على الشهير، و كافوا يأملون حماية المملكة العمانية كمايلزم، قال :ولا يولون أمرهم ولا يبعثون فى حوائجمم، -- ا٦٣ -- ولا يستعملون عطى صدقائهم وأهل رعيتهم ، ولا يسنقضون على اهل ولايتهم إلا أهل الشقة وأهل العلم والفهم والورع والتخرج المعروفون بالفضل الموصوفون بالخير من أهل البيوتات من قومهم ، غير سقاط ولا أدعياء ، ولا متهمين ولا مقترفين ، أى لا يفعلون شيئاً مما ذكر إلا بأهل العدل والضبط والنزاهة والورع الذى لا شائية فيه ، والمراد وصفهم بالنعوت الكاملة والأوصاف الفاضلة ، وهم كذلك فوق ما قال ، وكيف لا وهم كرسى الإمامة العمانية التى فى السائلة والمسئولة فى الأمة ، وطلى منهاجها سيكون سير ركب الإمامة رحمهم الله ورضى عنهم ٠ قال : لا يتعلق بمم التسباب ، ولا يلجا إليهم العاب ،ولا يلم بمم القبيح ت ولا يتهمون فى دينهم ، مرضيون فى إخوانهم ، متبع رأيهم ، معروف فضلهم ، معروفون به ، قد أحكمت آراؤهم فى قوة الحق ، وإحكام آرائمم فى أمور الدين ليست الدنيا من ذكرهم ، ولا جمع المال من شأنمم ، ولا الشهوات من حاجاتهم ، أى المشتهيات الدنيوية ، قال وكيخ لا يكون كذلك من باع نفسه لله ليجود بها على ترك الدنيا ويزهد بما فيها ، وكان المرء منهم يرزق فى الشهر سبعة دراهم ، أى من بيت المال فى غلاء من السعر فيصبر على القوت اليسير رغبة فى الآخرة والثواب من عند الله ٠ قال وبلغنا أنه ربما بقى مع الرجل منمم الدرهم والدرهمان فيتطوع بذلك الفضل فيرده فى فىء المسلمين ، رحمهم الله ورضى عنهم وجزاهم خيراً مع ما أظمروا من السنة فى الأمر الخلقى والأخلاقى ، فشمر اللباس ولا حظوة حتى فى النساء ، فأصدروا أوامرهم فيهن بإدناء الجلابيب ، أى لأجل ستر العورات وصيانة الهيئات قال وأمروهن برفع الخمر فوق الأذقان وستر النواصى وسائر الزينة إلا الوجه والبنان ، أما - ٢٣٥ - ما وراء ذلك فهو حرام على من أبداه من النساء ، أو من نظر إليه من الرجال شهوة، أى عملابأوامر القرآن، فإن الله ذكر النساءوأمرفيهنكمافى الرجال ، ولم يغفلمن ٠ كما لم يغفل أحداًمن أهل التكليف ، قال : وجعل النطاق من تحت الدرع إلا فقيرة لا تقدر على درع سابغة ، فلها أن تبرز فوق درعها ، ونمى النساء عن الجلوس فى السكك ٤ والخروج فى يوم المطر والريح العاصفة ، وأمر الرجال برغع ذيولهم وقصير أشسعارهم ، إذا سبغت إلى العوائق، قال : وأنكر على أهل القبلة أن يتشبهوا بزى أهل الذمة ، أى للنمى عن ذلك فى السنة ، ومن تشبه بقوم فمو منهم ، كما أنكر على أهل الذمة ان يتشبموا بزى أهل الإسلام : ونمى الرجال أن يبدوا ما فوق الركب ، أى لأن ذلك عورة للحديث : عورة المسلم مع المسلم منسرةلركبة، أوكماقال عليه الصلاة والسلام ٠ قال وكانوا أهل فقه وأهل علم وحلم ، وتؤدة وتراحم وتودد ، ووقار وسكينة ، ولب وعقل وبر ورحمة ، وصدق ووفاء وتخشع وعبادة ، وورع وتحرج وصلة ونصيحة ظاهرة مقبولة ، لا يطمعون بمطامع السوء ، ولا يتعاطون من الناس الحقوق ولا يدخلون فى خحومات الناس ، ولا يجتعلون على استخراج الحقوق ، أى لا يأخذون عاى إخراجها جعلا ، أى أجراً أو نحوه ، ولا يسترشون أى لا يأخذون الرشا على طلب الحوائج التى تعينهم من أمر الناس، ولايستفضلون فى الرزق على الشبعة ، أى لا يأخذون فضلا فوق ما يشبعهم ، ولا يغتاب بعضهم بعضاً ليس من شأنهم الغيبة ولا البغى ولا الحسد ولا التقاطع ولا التدابر ولا البغضة ولا شىء من أخلاق أهل الريبة يحرصون على آدابمم فى الدين ، ومع أهل الدين ، ويكرهون العيوب ويهجرون أخلاق أهل الفجور - ٢٣٦ — والمعاصى ، هم أنوار فى الأرض وغرباء فى الناس ، يعرفون بسيماهم أىكأنما عناهم القائل: سيما التعفف تكسوهم جلال غنى فالقلب شبع والبطن خمصان قال : وكيف لا يكون كذلك من باع نفسه لله ينتظر حتفها ليلا ونهاراً وصباحاً و مساء ، ليس له فى شى ء من الأمور ولا لأحد من الناس ، دنت رحمة أو بعدت أو عظم خطره أو صغر أو ارتفع شأنه أو تواضع إلا فيما وافق الحق مع ما لا يحصى من أخلاقهم الحسنة الجميلة ، التى زينهم الله بها فى الدنيا ، وترك عليهم الثناء الحسن الجميل فيمن خلف بأعقابهم ٠ قال الامام : انتهى كلام منير بن الجلندى وأصحابه ، وحسبك بمن أثنى عليه منير هذا الثناء الحسن الجميل ، وأطبقت الأمة على الثناء عليهم ، وألسنة لأمة أقلام الألوهية ، والناس شهود الله فى أزضه جزاهم الله عن الإسلام وأهله خيراً ، قلت : لقد حفظت أن شراة الجلندى رحمهم الله كانوا يضرب بهم المثل ؛ فيقال أزهد من شراة الجلندى ٠ واعلم أن تلك الصفات لم تكن حتى للصحابة لولا فخيلة الصحبة ، فإنما هى من معاجز الرجال ،ولا جرم لقد جعلهم الله الأصل الذى عليه من بعدهم من الأمة ، وجعل إمامهم كذلك ، ولا ريب أن طالب الآخرة لا يرى شيئا سواها ، فإنها المقر وهذه التى نحن فيها الممر ، ويافوز من جعلها ممراً ولم يجعلها مقراً ٠ -٢٣٧- الجلندى ينظم شراته لا ريب أن الإمام بمنزلة مربى الأمة ، والأمير يضع مسالك الخير لمأمورية فى جميع أمورهم الدينية والدنيوية ، والقائد يرقب الجند ويدربهم على موارد حياتمم ومصادرها ، ولا يكفى جعل الأمة جاثمة على هذه البسيطة، فإن السلطان معلم الشعب، ولقد علم الله عز وجل الأمم فى كل وجه من وجوه أمورهم ؛ وعلمت الأنبياء أممما جميع ما يلزم فى هذه الحياة وكذلك الملوك والأمراءوالزعماءمن الخلفاء، لهم تعاليم معروفة وأنظمة ملوفة، وكذلك كان الإمام الجلندى رحمه الله رتب الشراة مراتب إعدادية، فجعل الشراة كتائب، وجعل لهم مراتب، قال الامام فجط : على كل مائتين من الشراة الى ثلاثمائة أربعمائة قائد من أهل الفضل والحجا والبصيرة والثقة، والعلم والمعرفة، والفقه والحزم والقوة ٠ قلت : وهذا من نوع نظام عصرهم كماهوعململوك بنى أمية ٠ قال : وطى كل ضرة من أصحابه مؤدب من أهل الفقه يعلممم الدين، ويؤدبمم بالمعروف ، ويسددهم عن الزيغ ، ويقيممم على الطريقة ، ويهديمم سبيل الرشاد ، قلت : هذا واجب عقلا ونقلا ، وكما قدمنا إنه مؤدب و مرب لأمته وشعبه ، وأمور الدين مقدمة على أمور الدنيا ، ولا ريب فإن الدنيا والدين كلاهما لابدمنه،وعلى كلحال فإن الاستقامة فى الدنيا طريق الخير إلى الآخرة، والامام الجلندى رحمه الله إنما تقدم لطلب الآخرة، ورفض ضدعا ، ولما تحركت الطبيعة النفسية فى بعض رجال الامام ، والتفتوا الى الدنيا اسقنكرهم إخوانهم ، وارتأيوأ من قبلمم ، وكانوا سبب القيل والقال ٠ ٢٣٨٠ - قال الإمام : إن رجالا منهم تاقت أنفسهم إلى النساء ، أى للعامل الطبيعى الذى تتحرك به الشهوات ٠ ق-ال : فلما ذكروا ذلك استوحش منهم أئمقمم وقادقمم ، أى لأن المشغول بالآخرة دائماً يكون منكسر القلب محترق الأحشاء ، خوفاً ورهباً ، ومن كان كذلك أنى تتسنى له المظاهر الشموانية ، فإذا تحرك لها فكأنه أعرض عما هو فيه ونثاغل به عما هو بصدده ، قال فلم يكن من القوم إذ ذكروا النكاح نظر اليه دون أن يعرضوا أمرهم على أهل الفضل من أهل العراق ، أى لم يكن لمم إقدام عليه، حتى أبلغوا الأئمة فىهلهذا الحال ينبغى لمم أم لا؟ قال : فلما وصل ذلك إليهم فزعوا منه أى رأوه تغيراً عما هم عليه من التخلى من أمر الدنيا والإقبال على الآخرة فإن المار لا يليق به فى طريقه إلا أخذ ما يبلغه المحل الذىهوسائر إليه ٠ قال الامام : فزعوا منه وساءهم ذكر الشراة الذين باعوا أنفسهم للنساء ، وطلب الشهوات ، ورأوهم ق-د زاغوا عن طريقمم الأولى ، وخافوا أن يكون ذخل عليهم ما غير نفوسهم وحركها الى ما يسبب ملاهيها عن الآخرة، قال : فكتبوا اليهم أى أهل العراق كتبوا الى قادة الشراة ما نصه : إنكم كتبتم الينا تجبرونا عن الشراة أن أنفسهم تنازعهم الى النساء ، وهذا أمر عظيم غير أنهم إن لم يقدروا على الصبر فليعرض الفقير منمم نفسه على النساء المسلمات الصالحات ، فان قبلته المسلمة على عثرة دراهم ينجزها إياها ولا يبقى لها عليه دين بعد العشرة فليتزوج ، وإن صبر عن النساء فهو خير له ، والمعنى أن هذا الأمر غير شاغل للبشارى.عن شرائه ، وقبد فروا من أن يكون عليهم ديون يمنعهم عن قصدهم، وف هذاكسرلتلك الشهوة المتحركة فيمم ، ولا يمنع الشراة عن قصدهم ولو يرغبوهم فى النساء الجميلات -- ٢٣٩ - اللواتى يتكلفون لأجلهن المغارم ، فعشرة دراهم أمرهايسير ، وصاحبما غقير ، وقد دفع بها صاحبها الأمر الخطير ، وكل عسير فى الدين الاسلامى يسير، والمنة لله الوالى الكبير ٠ فقرى من هذا أن الامام الجلندى جعل الجيش كتائب ورايات ، بعضما مائتا رجل فتكون كتيبة ، وبعضها ثلثمائة ، وبعضها أربعمائة وهكذا ، وجعل على كل كتيبة قائدا كامل الشروط دينا وفقها وأدبا وأمانة الى آخر ما ذكر ، وهذا أمر لا بد منه فى الحياة الاسلامية الصحيحة ، كما أنه جعل لكل عشرة رجال مؤدبا دينيا و أخلاقيا تمشى الشراة على ضوء تعاليمه الصحيحة الصالحة ، فيكون الامام قد أد ى واجبه نحو هؤلاء الشراة ، كم-ا أدى واجبه نحو أمته المسلمة وشعبه المؤمن ، ويكون بذلك عند اش من الرجال الصالحين ، وحكذا كان الامام الجلندى الذى هو أول إمام بعمان ، وأول من أقام صروح الاسلام ، فى هذا الوطن الخالد بملوكه وأئمته وشعوبه الى الآن ، وكان الجلندى الإمام دستوراً للإمامة فى عمان ، وأن أعماله هذه اتبعت من جاء بعده من الأئمة ، فلذلك فلم يفضل العلماء عليه أح-داً من الأئمة إلا أن يكون سعيد بن عبد اش ، بقية الأئمة دونها واش يؤتى فض-له من يشاء واشه ذو الفضل العظيم : كذا كان الخليفة من قديم مثالا للملوك الصالحينا وأول من اتخذ الشراة الإمام الجلندى رحمه اشم ، فكانوا سهاماً على العدو مسمومة ، ورماحاً مميأة لطعن العدو عندما يقحرك بسوء على المسلمين ، وليت كل الأثمة هطوا كذلك ، بل أراد الإمام عزان بن قيس - ٢٤٠ - من أئمتنا المتأخرين رحمهم اشه أن يفعل ذلك، وكان رأياً صائبا، لكن كان الداعى حثيثاً ، فانه لما بويع لم يزل فى حرب حتى قضى اش عليه مستعجلا،فبعد ما أقام منار الدين فى تلك البرهة العاجلة، وأراد أن ينظم الشراة بعد انتخابمم ، فاجأقه المنية فقتل شهيداً رحمه اش فى مدينة مطروح فى مدة أشبه بمدة الجلندى رحمه اش ورضى عنه ، ولكل عامل نيته والحمد لله ، فكان الإمام مماباً او أراد اش بقاءه فىعمان لكان لما أعظم شأن بين دول الاسلام، إذ كان الشراة رجالا متجردين د، يقمعون كل ثورة أو حركة فى الوطن، وقد اعتدوا لذلك قلباً وقالباً ، وحملوا سيوغمم لنصرة الحق غير مبالين بما يلاقون ٠ — ٢٤١ - الإمام الجلندى يقتلابناءعمهفىاف لا يخفى أن أحفاد الملوك والزعماء الذين لمينزل منهم الإيمان منزلا صالحا يعتقدون الأحقية بالأمور دون غيرهم ، وكل واحد يرى أنه الأقدم به عن سواه ، وهذا بشىء معروف فى طبيعة العرب وغيرهم ، فاذا كان هناك وازع دينى ردهم عن التخبط ، وأرشدهم عن التهور ودلمم على الطريق الواضح طريق الخيروالسبيل الصالح، ومن ذلك النوع الذى أشرنا اليه جعفر بن سعيد الجلندى وابناه النظر وزائدة ومن معهم من جماعتهم ، كاتبوا أعداء الإمام رحمه اللم ، ولعلهم يريدون أن يبايعوا غيره ، أى الذى يأملون معه الرغبة والمنزلة ، وأهل الدنيا ضد أهل الآخرة فىكل أمة وكلجيل، قال الإمام : قال أبو الحوارى : بلغنا أن الجلندى بن مسعود رحمه اش قتل جعفر الجلندانى وابنيه النضر وزائدة علىكتاب بيعة كانت منهم على المسلمين، فلما صح ذلك عند الجلندى رحمه اشه أرسل اليمم،قال :ولم تكن منهم محاربة فيما بلغنا إلا ما ظهر من كقابهم ، فقدمهم الجلندى فضرب رقابمم على ذلك الكتاب فيما بلغنا،قال :ولما ضرب رقابهم فاضت عيناه بالدموع، أى لأنهم اقاربه وبنو جلدته ، والمراد أنه رحمه الشه استحل قتلهم بنفس تلك البيعة وبنفس الكتاب عملابما ورد ف آثار المسلمين من أنمن كاتب ع—دو المسلمين فقد صار محاربا لهم ساعيا فى هدم كيانمم بممالأته لعدوهم، وهو شمير آثار المسلمين، وعليه أهل الحق، وقد غعله الأئمة بعد الجلندى وآخرهم هم به الإمام سالم بن سليمان م١٦ - عمان عبر التليخ ج ا ) - ٢٤٢ — الخروصى فى حميد بن مسلم بن سليمان الندابى صاحب سرور لولا أن أصحابه تداركوا الأمر ، ومن دس على المسلمين أو واطأ عدوهم أو سعى فى تفريق كلمتهم أو شاقهم ف شى، ولو بلسانه فمو محارب لمم باغ عليهم ٠ -- ٢٤٣ -- المسلمون سعون على الإمام الجلندى لما قتل الامام الجلندى بن مسعود رحمه اشه جعفر بن سعيد الجلندافى وابنيه النضر وزائدة ومن معهم من جماعتهم بسبب المؤامرة التى تآمروا بما ، ورآهم تحمل جنائزهم دمعت عيناه ، ورآه أصحابه على ذلك ، وعيناه تذرفان الدموع ، فاستنكروا ذلك منه وساءت ظنونهم فيه، وكانوا أشسداء على أهل الباطل كما وصف الشم عز وجل أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام بقوله:( أشداء على الكفار) وقال عز وجل: ( وليجدوا فيكمغلظة) أى على الباطل، أماعلى لحق فهم رحماء بينهم* فقال الشراة لإماممم أعصبية. يا جلندى أى تبكى عليهم عصبية لمم ، والحق أوجب قتلهم فقال رحمه اشه فى لهف وهدوء : لا لكن الرحمة كما قال الصحابة رضوان اشه عليهم لنبيهم : تنهانا عن البكاء وتبكى يا رسول الشم، وذلك لما مات ولده إبراهيم فقال ه : إنها الرحم، وإنما نميتكم عن شق الجيوب ولطم الخدود ودعوى الجاهلية، أو كما قال عليه الصلاة والسلام ٠ فاعتذر الامام الجلندى رحمه اشه لهم بذلك، وقال غيره: كان الجلندى رحمه اش،قتلجعفر بن سعيد وغيره من بنى الجلندى ، فدمعت عينه جزعاً عليهم ، فوقع فى نفوس المسلمين عليه من ذلك، فقالوا له اعترل أمرنا فاعترل أمرهم وعد الاعتزال راحة له ولم يتبرم ، لأنه ما كان قيامه رغبة ف الإمارة أو حباً لما، وسلم اليمم إلسيف والقلنسوة، اذا كانا شعار الإمام الخاص، فلبث فيمم يغدو ويروح كواحد منهم، ثم رجعوا اليه فطلبوا أن يرجع -- ٢٤٤ - الى ما كان فيه من أمرهم ، فكره ذلك فلم يزالوا به حتى رجع الى مكانه بعد اعترالة ٠ قال : وف مواضع أنه اختزل فلم يكد يرجع ولم نعلم أنهم بايعوه مرة أخرى بعد اعتزاله ٠ قال الامام :يعنى أنه رجع الى الأمر بالعقد الأول واش أعلم ٠ ومحل الكلام هل ذلك الغقد انحل فيحتاج الى عقد آخر أمهو باق 1 ولعل نفس القبول منه ومنهم كاف لبقاء الإمامة، لأنهلميعزلعن حدث ولا وجد أنه احتج عليهم عند طلبمم اعتراله، هل لم ذلك أم لا أ وهل يصح له الالعترال بنفس الطلب منهم أو منه مثلا ؟ وقيل إنما عزلوه اختياراً هل هو معمم باطناً وظاهراً أم هو فى الباطن علىغير ماهو ف الظاهر ؟ فلما رأو٠ معمم باطنا وظاهرا طلبوا رجوعه للامر ، لأنه أحق به من غيره ولا جرم له فيه فتلكأ عليهم خوف أن يقع بينهم سوء ظن كالأول ٠ فلله در هؤلاء الرجال الصالحين الصادقين، فمؤلاء الرجال وأمثالم هم الذين أمر اش بالكون معهم ، إذ قال عز وج-ل : ( وكونوا مع الصادقين ) ٠ — ٢٤٥ — مقتل ابى اللف شييان بن عبد العزيز اليشكرى بعمان كان أبو الدلف المذكور صفرى المذهب بل كان أحد أئمة الصفرية، وكان الخوارج بايعوه بعد قتل الخبيرى ، أقام يقاتل مروان بن محمد الأموى السابق الذكر ، ثم تغرق عنه جنوده وتراخى عنه قومه ، وهرب عنه كثير من أصحاب الطمع ، حتى بقى فى قلة من قومه التى لا تجاوز أربعين ألف رجل ، وماذا عسى أن يبلغوا وهم بالنظر الى عدوهم شىء غير كبير فأشار عليهم سليمان بن هشام أن ينصرفوا الى الموصل فيجعلوها ظهرهم ، فارتحلوا فتبعهم مروان حتى انتهوا الى الموح—لى فعسكروا شرقى دجلة، وعقدواجسورا عليها من عسكرهم الى المدينة، فكاقت سيرتهم ومرافقمم منها ، وخندق مرواان بإزائهم ، وكان الخوارج قد نزلوا بالكاز ومروان بخصة، وكان أهل الموصل يقاتلون مع الخوارج، فأقام مروان ستة أشهر يقاتلهم ، وقيل تسعة أشهر ، وأتى مروان بابن أخلسليمان بن هشام يقال له : أمية بن معاوية بن هشام ،وكان مع عمه سليمان بن هشام فى عسكر شييان أسيراً ، فقطع يديه وضرب عنقه وعمه ينظر اليه ، وكتب مروان الى يزيد بن عمر بن هبيرة يأمره بالمسير من قرقيسيا بجميع من معه الى العراق ، وعلى الكوفة المثنى بن عمران العائذى عائذة قريشلى ، وهو خايفة للخوارج بالعراق ، فلقى ابن هبيرة بعين النمر فاقتقلوا قتالا شديدا ، وانصرفت الخوارج ثم اجتمعوا بالنخيلة من الكوفة ، فمزممم ابن هبيرة ثم اجتمعوا بالبصرة ، فأرسل شيبان اليهم عبيدة بن سوار فى خيل عظيمة فالتقوا بالبصرة فانمزمت الخوارج وقتل عبيدة بن سوار ، واستباح ابن هبيرة عسكرهم ، ظم تكن لمم همة بالعراق، واستولى ابن هبيرة عطى العراق وكان منصور بن جمور - ٢٤٦ - مع الخوارج ، فانمزم وغلب على الماهين وعلى الجبل أجمع ، وسار ابن هبيرة الى واسط ، فأخذ ابن عمر فحبسه ووجه نباتة بن حنظلة الى سليمان بن حبيب وهو على كور الأهواز ، فسمع سليمان الخبر ، فأرسل الى نباتة داود بن حاتم ، فالتقوا بالمرتان على شاطىء دجيل ، هانمزم الناس وقنل دارد بن حاتم ، وكتب مروان الى ابن هبيرة لما اسقولى على العراق يأمره بارسال عامر بن ضبارة المرى اليه فسيره فى سبعة آلاف أى ثمانية آلاف ، فبلغ شيبان خبره ، فارسل الجون بن كلاب الخارجى فى جمع فلقوا عامراً بالسن فهزموه ومن معه ، فدخل السن وتحصن فيه ، وجعل مروان يمده بالجنود على طريق البر حتى ينتموا الى السن ، فكثر جمع عامر ، وكان منصور بن جهور يمد شيبان من الجبل بالأموال فلما كثر من مع عامر نهض الى الجون والخوارج غقاتلهم فهزمهم ، وقتل الجون وسار ابن ضبارة مصعدا الى الموصل ، فلما انتهى خبر قتل الجون الى شييان ، ومسير عامر نحوه كره أن يقيم بين العسكرين فارتحل بمن معه من الخوارج ، وق-دم عامر على مروان بالموصل فسيره فى جمع كثير فى أثر شيبان ، فان أقام أقام ، وإن سار سار ، وألا يبدأه بقتال ، فان قاتله شيبان قاتله ، وإن أمسك أمسك عنه ، وإن ارتحل اتبعه ، فكان على ذلك حتى مر على الجبل ، وخرج على بيضاءفارس وبما عبد الشه بن معاوية بن حبيب بن جعفر فى جموع كثيرة ، فلم يتهياً الأمر بينهما فسار حتى نزل جيرفت من كرمان ، وأقبل عامر بن ضبارة حتى نزل بازاء ابن معاوية أياما ، ثم ناهضه وقاتله ، غانهزم ابن معاوية بهراه ، وسار ابن ضبارة بمن معه فلقى شيبان بجيرفت فاققتلوا قتالا شديدا ، فانهزمت الخوارج ، واستبيح عسكرهم ، ومضى شيبان الى سجستان فهلك بما وذلك فى سنة ١٣٠ ثلاثين ومائة ٠ - ٢٤٧ - قال : وقيل بل كان قتال مروأن وشيبان على الموصل مقدار شمر ثم انهزم شييان حتى لحق بفارس وعامربن ضبارة يتبعه وصارشيبان الى جزيرة بركاوان ، ثم خرج منها الى عمان فقتله جلندى بن مسعود ابن جيفر بن جلندى الأزدى سنة أربع وثلاثين ومائة ، هذا كلام ابن الأثير فى قضية شيبان الحرورى ٠ ويقول الإمام السالمى رحمه اش على أثر ه: وقد تقدم ذكر سبب ارتحال شببان من جزيرة بركاوان ، وإن تلك كان سبب حروب خازم بن خزيمة فى أيام السفاح ، فيكون أول أمر شيبان فى أيام مروان ابن محمد ومقتله فى أيام السفاح فى عمان على يد شراة الجلندى إمام المسلمين ، وذكر فى تحفة الأعيان أنه كان قد جاء الى عمان بجيثر هارباً من السفاح ، فلما قدم الى عمان ، قلت : لا يعرف مجيئه عمان على أى وجه والظاهر أنه لم يبى! لاجئاً بدليل الحرب التى وقعت بينه والإمام فانهم لابد أن يعرفوا ما عنده فى مجيئه : فلما رأوه جا— أء على حرب قابلوه بما يلزم ، قال فأخرج له الإمام رحمه اش هلال بن عطية الخراسانى رحمه اش ، وأكرم به-لال ومعه يحيى بن نجيح ، وكان يحيى مثهوراً فى الناس فضله فى جماعة. من المسلمين ، فلما التقوا وصار واصفين أى تواقفوا للقتال ، قام يحيى بن نجيح فدعا بدعوة أنصف فيها الفريقين فقال : اللمم إن كنتتعلمأناعلى الدين الذى ترضاه ، والحق الذى تحب أن تؤتى به ، فاجعلنى أول قتيل من أصحابى ، ثم اجعل شيبان أول قتيل من أصحابه ، واجعل الدائرة عليهم. وإن كنت تعلم أن شيبان وأصحابه على الدين الذى ترضاه والحق الذى تحب أن نوتى به ، فاجعل شيبان أول قتيل من أصحابه ، هامن الفريقان ، - ٢٤٨ - ثم زحف القوم بسضمم الى بعض هكلن أول قتيل من المسلمين يحيى بن نجيح ، وأول قتيل من أصهاب شيبان شييان ، ومكن اش المسلمين منمم ، واسقولوا عليمم ، هلم تبق لمم بقية فيما طمنا ٠ وكان ذكر شييان هذا فى التاريخ العمافى لدواع ٠ أولا أنه جاء عمان فقتله العمانيون ، وثانيا أن قتله كان بلاء عظيما على أهل عمان ، إذ جاءخازم ين خزيمة التميمى طالباًلثبيان هذا ، ولما وجده مقتولا وأراحمم اش منه لم يكغ خازم إلا بخضوع أهل عمان لسلطان بغداد وهو السفاح ، ولا ييالى الجاهل بما يلاقى وإلا فما جرم أهل عمان إذ جاءهم باغياً عليمم ، فقاتلوه فقتلوه ، فكلن ينبغ من خازم شكرهم وقأبيدهم ، وأن يودعمم بسلام إذ كفوهم إياه ، ولكن اش فى خلقه إرادات لابد من كونها ، والى هذه الأحوال يشير شيخنا ابن جميل عفا اش عنه فى سلكه حيث يقول : وفى عمان أول الأئمة هو الجلندى كاشغ للغمة وكان عدلا ثقة مرضيا براك وفاً عالماً تقيا وأجمع الكل على إمامقه واتفقوا كذا على ولايته الى١ئئك: قام الجلندى فى عمان عادلا وكان بالحق القويم عاملا ولستقهد الجلندى مع أصحابه على حداء وعلى صوابه - ٢٤٩ - وذاكفجلفارمنعمان عليمم سحائب الرضوان فى حديث له طويل أعرضنا عنذكرهكله٠ ويقال جملة القتلى عشرة آلاف قتيل فملكت تلك الدولة بققل الأخيار، وتملكت يد الأشرأر ابقلاء من اشه لعباده، فرحم اش الإمام الجلندى ٠ وشراته الأشداء الذين باعوا نفوسمم فى طاعة اشه عز وجل ٠ ٢٥٠ - منتمى امر الإمام الجلندى وأصحابه بعد قتل شيبان لم يكن إلا عشية أوضحاها منذ قل شييان بن عبد العزيز اليشكرى المعروف بأبى الدلف فى عمان ، حتى قدم خازم بن خزيمة التميمى الطالمب لقتل شيبان، فلما وصل عمان لميجد من أهلعمان إلا الخير وإن كانوا استنكروا مجيئه بجيش يخوض أرخ قوم ويشق بلادهم بغير إذنمم ٠ قال الإمام : وصل خازم الى عمان، وال بالامام الجلندى، وقال : إناكنانطلمب هؤلاءالقوم، وقد كفانا الم قتالهم على أيديكم ، ولكنى أريد أن أخرج من عندك الى الخليفة ، وأخبره أنك له سامع مطيع، فشاور الجلندى المسلمين أى قومه وأهل الرأى عنده فى ذلك الأمر الذى يريده خازم ابن خزيمة، فلم ير المسلمون له ذلك لأنه خضوع للجبار الظالم، واعتراف له بالطاعة، ولا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، مالم تتعين التقية،ولاتقيةهنا، لكنها المنية ليهلك من هلك عن بينة و يحيا من حيا عن بينة ٠ قال الإمام : وقيل ساله أن يعطيه سيف شيبان وخاتمه ، أى الطابع الذى يختم به الكقب ٠قال : فأبى الجلندى رحمه اله من ذلك نظر٦ الى أنه حق للوارئ ، وهذا زعيم جاهل لا يسلمه اليهم ويبقى الإمام مسئولا عنه أمام اشه عز وعلا ٠ وقال أبو محمد : طلب خازم من الجلندى تسليم خاتم شيبان وسيفه ، وأن يخطب لسلطان العراق ويعترف له بالطاعة، قال : فاستشار الإمام الجلندى العلماء من أعل الدعوة ومعهم يومئذ هلال بن عطية الخراسانى ، وشبيب بن عطية العمانى ، وخلغ بن زياد البحرانى ، فأشار عليه أن يدفع سيف شيبان - ٢٥١ - وخاتمه وما يرضيه من المال ، ويضمن لورثة شيبان قيمة السيف والخاتم يدفع بذلك عن الدولة ٠قال:فأبى خازم إلا الخطبة والطاعة، فرأوا أن ذلك لايجوزفباب الدين أن يدفع عن الدولة بالدين ٠ وإنما يدفع عنهما بالرجال والمال انتمى كلام أبى محمد رحمه اش ٠ وقال أبو عبد اش محمد بن محبوب رحممما اشه : لا بأس أن يعطو هم السمع والطاعة بألسنتهم اذا خافوهم على الدولة والرعية،قال : ولا يفعلون ذلك بش الألفة شراة كاذواأوغرشراة،ئل وأما المال فلا أه ٠ والمعنى أن المال يكونلهم تقوية ولايصح أنيقوى الظالم يالمال أو بالرجال، لأنه يتقوى به على الغير من الناس ، وكان الرأى الأول لو قبله خازم واسعاً لأن التقية بالمال القليل عن المال الكثير أجازها العلماء ، ووجمه ارتكاب أخف الضررين والمال، وضع لصيانة الحال وصيانة الدين أكبرمن كل شىءومثمور المذهب جواز التقية ٠ قال الإمال : ثم إن الجلندى أبى من إعطاء خازم ما سال فوقع القتال بين خازم بن خزيمة والجلندى ٠ قلت : أظن أن الإمام لم يكن مستعداً للقتال ، وإنما لاقى خازم بن خزيمة حين علم أن هذا جاء طالباً لشيبان ، ونحن قد قتلنا شيبان وقومه ، وتكون لنا على هذا القادم يدفى ذلك فيلاقيه الإمام بحالة سلمية، وللناس غوائل والجاهل لايبالى، فلم يجد الامام المخرج لتدارك الأمر، غكان الأمر مستعجلا ٠ والداعى حثيثاً ، ولابد لما أراد اشه عز وجل ٠ قال : فقل جميع أصحاب الجلندى ولم يبق إلا وهو وهلال بن عطية ، وكان وزيره الأكبر ، فقال الجلندى : أحمل يا هلال ٠ فقال ٠ ٢٥٢ - هلال للامام : أفت إمامى فكن أمامى ولك على ألا أبقى بحدك : قال الإمام لهلال ما قرى تقدم الإمام حتى قاد كان لهم كأسد فى الصوله أبدى ثقافه تحير الذهنا فاستسمدوا وقد حورت جلغار قال تقدم وأنا غيمن جرى وقتل القاضى وراه مقب-لا وكعقاب الجو عند الجوله مع بسالة عليها يثنى مشهدهم جاءت بذا الأخبار وهذا الذى كان يلاحظه أهل الرأى فى الموافقة لتسلم هم دولقهم وتبقى لمم عزيمتمم وكرامتهم ، ويسلم لهم دينهم ، ولكن لله أمر هو بالغه ، وحكم هو نافذه . وقضاؤه وقدره لابد من كونهما ، وقد علم أن الإمام التقى خازماً فى جلفار التى تقع مكانها الآن رأس الخيمة ، مما يدل أن الامام التقاهم الققاء صديق لصديق ، ولما وقعوا فى الأمر لم يروا إلا إعلان الوفاء لله كما شرطوه على أنغسمم ، فوفوا به وعلى الله توكلواوإليه توجهوا رحممم الله ورضى عنهم ٠ قال فى معالم الجزيرة : بعد ذكر الامام الجلندى فأرسل السفاح جيشاً لقتالمم ، أى الامام وأصحابه ، قال فانهزم العمانيون وهلك إماممم ولكن لم تكن عساكر الخليفة تصل إلى أوطانها حتى صارت أمور عمان فوضى ، واضطر الأهالى إلى عقد اجتماع وانتخاب إمام على حسب أصول المذهب ، فوقع الاخقيار على رجل يقال له محمد بن عفان إلخ ولمسا برز هلال بن عطية ، وهو يرى أنه الموت ، ويرى إخوانه وإمامه صرعى ، ولم يكن واهى العزيمة ولا خائر الأعصاب ، ولا خافق القلبه ٠ ٢٥٣ - فتقدم البطل الكرار الذى يحق له أن يلحق بجعفر بن أبى طالب وضى الله عنهما ، وعليه لأمة حربه ، فكان أصحاب خازم يتعجبون من ثقافقه ولم يعرفوه حتى عرفتهم به شجاعته وبسالته ٠ وقالوا : هلال بن عطية ، وتنادوا باسمه، وهكذا شأن الهلال، فجال معمم وجالوا معه حتى قضوا عليه، فقتل رحمه الله، وكيخ لا وقد عرفوه قبل أن يكون أباضياً رحمه الله ورضى عنه ، إذ كان من صناديد خراسان وأبطالها المشهورين ، وكان نير البصيرة صادق السريرة شجاعاً مقداماً ، وقيل إن الذى تولى قتل الجلندى الامام رحمه الله هو خازم بن خزيمة إذ رأى الجيش قد نفى وبقى الرجلان الامام والقاضى ، فقام خازم لقتال الامام ، فكأن هو قاقله بالنفس فلميزل بعد قتله مذعوراً خائفاً لا يهدأ الليل ولا ينام، ولا يزل له همهمة الذعر حتى إذا أدركته الوفاة قيل له أبشر، فقد فتح لله على يديك فقال غررتمونا فى الحياة وتغرونا فى الممات هيهات هيهات ، فكيف لى بقتل الشيخ العمانى يعنى الامام الجلندى - والمعنى أن قتل الشيخ العمانى بغير حق نقمة ساحقة غررتمو نا بها ، وتغرو نا حتى فى مثل هذا الحال، فما الذى ينجينا من قتل الشيخ المذكور ٠ ولا شك أن المرء يعلم من نفسه عقوبة جرائمه التى يقترفما بغير حق ، لكنه فى حال غطرسته لا يلتفت على شىء ولا يبالى بما يأتى وما يذر ، حتى إذ ضاق الخناق ولم ير له مناصباً قام بعض أصابع الندم ، وخرج رجل ض أهل عمان للحج فاصطحبه رجل من أهل البصرة لا يهدأ الليل ولاينام فساله العمافى عنذلكوهولايعلمأن صاحبه عمافى، فقال : خرجت مع خازم بن خزيمة الى عمان غقاتلنا فيها قوماًلم أر مثلمم، غأفا منذ ذلك الحال لا أفام، فكتم العمانى حاله عنده وبقى متعجباً من الرجل ٢٥٤- وما ابتلى به ، فقال ف نفسه أنت حقيق بذلك ولا يخفى أن قل مؤمن واحد بغير حق لا تعادله الدنيا بأسرها ٠ ولما قتلو هم ووثبوا على معسكر هم لم يجدوا فيه إلا أثواباً خلقة، ووجدوا حمائل سيوغمم من ليف ، فانظر فى الأحوال نظر اعتبار تجد الإباضية وصم قطعة من صحابة رسول الله صلى اللهعليه وآله وسلم، أخفاها الدهر ليوم ما، وليكوفوا حجة صادقة فى الدين، ولما قضى عليهم خازم بن خزيمة ف تلك المعارك التى أدارها عليمم بغير حق، وعلى غير استعداد ، بل حذه عندى أشبه بقضية ال نمروان ، إذ كان القوم ينتظرون الإمام للتفاهم بينهم، وزوال الوحشة الجاثمة اذا هم والسيوف تعملغيممحتى قتلوا عن آخرهم، وهؤلاء كذلك وإلى الله المصير ٠ ولما انتمى أمر الامام الجلندى وأصحابه، نشط التكالب على أهل عمان وارتاع العمانيون من الواقع ، وشاعت الإشاعة عن أمر سمول أثر على الأمة وألبسها الدهث، وحل على السواد الأعظم الخوف، وترادفت الظنون، وبذلك لم يقحرك من العمانيين متحرك، فانسحب خازم بن خزيمة بجيشه الضخم المنتصر ، ودوخ عمان قاهراً عليها ٠ وف ابن الأثير فى حوادث سنة أربع وثلاثين ومائة ، قال : كان قتل الجلندى فى هذه السنة وهو الصحيح عند الامام السالمى، وكذلك نقول غإن الجلتدى بويع ف سنة ١٣٢ ، وعاش سنتين كاملتين وشمراً وقيل أشمراً ٠ قال الامام : وف كامل الأثير أيضا أن خازم بن خزيمة كان ٢٥٥ — من السفاح ، وكان أخوال السغاح من بنى عبد المدان ، وهم خمسة وثلاثون رجلا ، ومن غيرهم ثمانية عثر رجلا، ومن مواليهم سبعة عثر رجلا ، قصدوا السغاح فلقيهم جازم بن خزيمة بذات المطامير ، وكان قد وجد عليهم فلم يسلم عليمم ، فلما جازهم شتمو ، ثم رجع إليهم وعاتبمم على أمر كان قد وجد به عليمم ، فأغلظوا له فى الجواب ، فأمر لهم فضربت أعناقمم جميعاً ، وهدمت دورهم ونهبت أموالهم ، ثم انصرف عنهم قال : فبلغ ذلك اليمانية ، فاجتمسوا ودخل زياد بن عبد الله الحارنى معمم على السفاح، فقالوا له : إن خازماً اجترأ عليك واستخف بحقك وققل أخوالك الذين قطعوا البلاد وأتوك معتزين بك طالبين معروفك، حتى إذا صاروا فى جوارك قتلمم خازم وهدم دورهم ونهب أموالمم بلا حدث أحدثوه ، فهم بقتل خازم فبلغ ذلك موسى بن كعب وأبا الجهم بن عطية ئ فدخلا على السغاح وقالا يا أمير المؤمنين بلغناما كان من لمؤلاء ، وأفك هممت بقتل خازم، إنا نستعيذك باللهمنذلك، فإن له طاعة وسابقة ، وهو يحتمل له ما صنع ، فإن شيعتكم من أهل خراسان قد آثروكم على الأقارب والأولالد، وققلوا من خالفكم وأنت أحق من يغمد إساءة مسيئهم فإن كنت لابد فاعلا ومجمعاً علىقتله فلا تتولى ذلك بنفسك وابعثه لأمر إنقتل فيه كنت قد بلغت المذى تريد، وإن ظفر كان ظفره لك، قال : وأشاروا إليه بتوجيمه الى من بعمان من الخوارج يعنى المسلمين، والى الخوارج الذين بجزيرة بركاوان مع شيبان بن عبد العزيز اليشكرى ، قال : وأمر السفاح بتوجيهه مع سبعمائة رجل، وكب الى سليمان بن عطى يحملهم الى جزيرة بركاوان وعمان أه ٠ وكان شيبان يقود جيشا ييلغ أربعين ألف رجل ، فليس يكون - ٢٥٦ - مناله هيناً ، فساققه الأقدار الى عمان ، فكان عليه من أكل عمان ما كان وإذا بخازم يلتحق بعمان طالبا للمذكور ولقتال أهل عمان، إذ كان مندوباً لقتال الكل، وكان أهل عمان قفلوا شيبان ولم تغسل سيوفهم من الدماء بعد حتى جاء خازم مختدعا لأهل عمان ، بأنه جاء لقتال شييان وقد كفيتمونا إياه ، فسر ذلك أهل عمان ، وما كانوا يظنون انمم مقصودون أيضا بالذات كقصدهم لشيبان ، فخرج الامام الجلندى لملاقاتهم فى شرذمة من أصحابه ليتفاهم مع القوم ، فأظمر لهم خازم تلك التعللات المرموز اليها بالخاتم والسيف ، حتى إذا رأى انقيادهم رمز لهم بالخطبة بالطاعة لسلطان العراق، وهو السفاح، وما كانوا مستعدين لحرب حتى إذا وقعوا فيها أحاطت بمم الجنود من كل جمة ووضعت السيوف على رقابهم والقوم غافلون ، وأعداؤهم غادرون، وللناس طوايا تظهر عند إمكان الفرص ، ولمم غوائل ضد كل غافل وف الغيب عجائب ٠ وكان قتل الالمام الجلندى سنة ١٣٤ ، ومكث خازم بعمان أشمراً وكان خازم أرسل برؤوس أعيان القتلى الى بغداد متبجحاً بهم ومغتخراً بققلمم، وعلى أثر ذلكسلط اللهعلى السغاح الجدرى وهو بالأنبار، وتوفى منه فى سنة ١٣٦ ست وشلاثين ومائة فى١٣ من ذى الحجة، ودفن ف قصره بالأنبار ، ولم يمكث بعد قتل الجلندى إلا أقل من السختين و دلله أطم ٠ فرحم الله الجلفدى وأصحابه ورضى عنمم ، قال صاحب معالم الجزيرة : فانتخبوا محمد بن عفان فباشر الامامة سنقين ، فلم يحسن — ٢٥٧ - العمل فخلعوه، وأقاموا مكانه الوارث بنكعب،قلت : هو محمد بن أبى عفان ، وما كان ف الحقيقة إماماً ، وإنما كان رجلا تظن فيه البطولة التامة، ولعله يكون كفؤاً لحمل أعباء الأمر، وإذا به بخلاف ذلك ويقى كضابط للجيش الى أن يرى المسلمون رأيمم،ولماظمر لهم عدم كفاءته للأمر أخرجوه منه كما سوف ترى ذلك إن شاء الله ٠ (م١٧-عملنعبرالتليخج١) - ٥٨ ٢ ٠ اًل الجندى يطنون الطاخة لخازم لما قتل الامام الجلندى بن مسعود وأصحابه، زحف خازم على عمان فاتحاً؛ كان آل الجلندى الذين اضطغنوا الامام فىقتلجعفربن سعيد وابنيه ومن معهم من آل الجلندى ،الذين كاقبوا بالبيعة على الامام ، وأقصى الامام بقية آل الجلندى الذين يميلون ميلهم ومن يظن فيهم السوء ، وأدنى منه أهل التقوى ورجال العدل وأبطال الحق، ساءهم ذلك، ولعلهمكما يقول القائل: إذا لم يكن للمرء فى دولة امرىء نصيب ولا حظ تمنى زوالها وماذاك من بغض لما غير انه يرخى سواها فهو يهوى انتقالها ولاشك أن الغالب يكون مرهوب الجانب، ولهذا تقدم آل الجلندى إلى خازم بن خزيمة سامعين له مطيعين ، لا سيما بعد تلك الحرب الطاحنة التى أفنت أبطالا، وما كان أهل عمان ليسلموا بلدهم الى الغازى لقمة سائغة ، بل اشتد الأمر بين خازم بن خزيمة والجلندى ، واسمع ما يقول ابن الأثيرالمؤرخ الشهير،قال :سارخازم الى البصرة فى الجند الذين معه ، وكان قد انتخب من أهله وعثيرته ومواليه ، ومن أهل مرو الروذ من يثق به ، فلما وصل البصرة حملهم سليمان فى السفن وانضم اليه بالبصرة أيضا عدة من بنى تميم ، فساروا فى البحر حتى أرسوا بجزيرة بركاوان ، فوجه خازم فضلة بن نعيم النهشلى فى خمسمائة الى شيبان ، فالتقوا فاقتتلوا قتالا شديداً ، فركب شيبان وأصحابه السفن، فساروا إلى عمان وهم صفرية، فلما وصلوا لى عمان قاتلهم المجلندى وأصحابه، قال : وهم إباضية ، واشقد القتال بينهم وقتل شليبان وأصحابه ، قال : - ٠١٢٥٩ ثم سار خازم ف البحر بمن معه حتى أرسوا إلى سواحل عمان ، فخرجوا إلى الصحراء فلقيمم الجلندى وأصحابه ، واقتتلوا قتالا شديداً ، وكثر القتل يومئذ فى أصحاب خازم ، وقتل منهم أخ له من أمه فى تسعين رجلا ، ثم اقتتلوا من الغد قتالا ش-ديداً ، فقتل يومئذ من الخوارج ، يعنى المسلمين ، تسعمائة ، وأحرق منهم نحواً من تسعين رجلا ، ولم يفر أحد من الفريقين عن صاحبه ، أى فقد ثبت الامام ومن معه على قلتهم ٠ ثم دارت رحى الحرب بينهم فى اليوم الثالث والرابع الى السابع ، فلم تزل المعارك دائرة بين الامام وعدوه الغازى حتى أشار على خازم بعض أهل مشورته أن يهجم على بيوت أصحاب الإمام ، وكانت بيوتاً مبنية من خشب وذلك أن يجعلوا على أطراف أسنتمم المشاقة ويوروها بالنفط ويثعلوا فيها النيران ، ثم يمشوا بها فيضرموا بها فى بيوت أصحاب الجلندى ، و كانت من خشب ، قلت : لعلها من سعف النخل ، وهو الواضح وضعوها لتقيهم الشمس والبرد فقط ٠ قال فلما فعل ذلك وضرمت بيوتهم بالنيران اشتغلوا بها وبمن فيها من أولادهم وأهاليهم ، فحمل عليهم خازم وأصحابه فوضعوا فيهم السيف فقتلوهم ، وقتلوا الجلندى قيمن قتل ، قال وبلغ عدد القتلى عشرة آلاف قتيل أه ٠ ولعلل الأكثرية من الغزاة وهو الظاهر لأن الجلندى لم يكن مستعداً لحرب خازم ، وإنما فاجأه خازم على أثر مقتل شيبان ، أو لعلهم بقية الجيش المقاتل لشيبان ، فقبل رجوعهم الى أوطانمم فاجأهم جيش خازم ، فكانت إحدى الحسنين لمم ، وقد خرجوا لذلك رحمهم الله ورضى عنمم ٠ س ٢٦٠ - باعوا بباقية الرضوان فانيهم كان لذة هذا العيش ثعبان وإن مقتلة تنكثف عن عثرة آلاف قتيل لعظيمة فى المسلمين ، وهنا برز الباقون من آل الجلندى ، لملاقاة خازم بن خزيمة لينالوا معه رغبتمم المرجوة بموت الامام الذى لم يروا معه مصالحهم ٠ قال الامام رحمه الله فى أمر عمان بعد الجلندى كلاماً واسعا بعضه نقل عن ابن الأثير ، وبعضه عن التاريخ العمانى خلاصته : أن محمد بن زائدة وراشد بن النضر ، وهما أبناء من قتلهما الامام كما سبق الحديث عنمم ، وعدوها ضغينة على الامام ، وأن خازماً بقى فى عمان أشلمراً يرتب أمر عمان ومعه آل الجلندى المذكورون ، وقد أرسل جرعوس القتلى إلى السفاح فى بغداد ، فقط قلد خازم أمر عمان محمد بن زائدة وراشد بن النضر ، ومعمم الأشعث بن حكيم ، وكان هؤلاء الجلندانيون جبابرة ظلمة ، تسيطروا على الناس بسيطرة خازم ، إذ هم له أعوان ، فكانوا عماله على قومهم ، وكان هو سيدهم والجامع بين الطرفين الظلم والعسف والجبروت، وهذه هى الخصال الماحقة، والأعمال الساحقة، ولكن أهل الظلم لايبالون، بل كانوايقتلون النبيين فكيف بغيرهم ، وقد اشتمر آل الجلندى بالجبروت فى هذه الآونة ٠ قال الالمام رحمه الله : ذكرت السير أى سير أهل عمان ، أن الجبابرة استولت على عمان بعد الجلندى ، فأفسدوا فيما وكانوا أهل ظلم وجور ، قال فمن هؤلاء الجبابرة محمد بن زائدة وراشد بن النضر الجلندانيان : قلت :قدسبق أنخازم بن خزيمة لما احتل عمان وققل الامام الجلندى وأصحابه ، واقكسرت عصا المسلمين ، ودخل خازم عمان متغلباً عليما ، - ٢٦١ - وكان جباراً ظالماً كما وصفه ابن الأثير،إذ مر على بنى عبد المدان فقتلمم ، فمنا لباء بنو الجلندى ومهدوا له طريقاً يبساً لا يخاف فيها دركا ولا يخشى ، وكانوا أعوانه وهم أعيان أهل عمان إذ ذاك ، إذ هم ذرارى أولئك الملوك المتقدمين، وأبناء عم إمام المسلمين، فتقلدوا الأمر فى عمان بخازم بن خزيمة ، وشايعمم أهل الأهواء من أهل عمان ، وأهل الباطل أكثر من الحق فى كل أمة ، وبقوا على فسادهم ، وخازم بن خزيمة ترف أعلامه على عمان ، وبقى فى عمان مدة حتى استقدمه السفاح إليه ، فلباه وعمان طوع يده ، ورهن إشارقه ، يخطب فيها للسفاح على منابرها ، وكان الالمام قتل أقاربه المذكورين على كتاب البيعة الذى وجده عليهم ؛ وكان الكل إقطاعياً كما يقول العصريون ، وعاثوا فى عمان ، وسرى الضعف فى المسلمين سريان النار فى الهشيم ، لأن صوت العدل خافت ، وصوت الباطل مرفوع،ومنذلكماكانمن الأحداث طيلة تلك المدة ٠ ومنها قتلعبد العزيز الجلندانى،وعلىما يظهر أن قتلهكان لكونه من أتباع الحق، قال الامام : وذلك فى حال ضعف المسلمين، قال : عن الوضاح بن عقبة عن مسبح بن عبد الله أن عبد الرحمن بن المغيرة أخبرهم ، وقد كان الأشعث بن حكيم والجلندانيون على حال من الخروج ، والمعنى متظاهرون بالخروج على الدولة ، وذلك فى حال ضعف المسلمين فى أيام خازم بن خزيمة ، وأن جعفر بن بشير كان هو وآخر غيره بالعراق مع أبى عبيدة وحاجب رضى الله عنهما ، حتى قدم الجلندانيون إلى العراق ، أى كانوا يراجعون سلطان العراق ، وهو السفاح المقدم الذكر، فأخبر القادمون الامام أبا عبيدة وحاجباًأن الجلندانيين نزلوا على عبد العزيز الجلندانى فقراهم ثم ققلوه، فقال لهم موسى وحاجب : لا تقبل مقالتكم على المسلمين ، فلم يقبلا قولمم ، — ٢٦٢ — قالوا : فإفا نذهب إلى السلطان ٠ قال : اذهبوا، وكانوا أرادوا بذلك الشكاية الى الامام أبى عبيدة ليدخلوا السيبل من طريقة ٠ قال : فلما حضر خروج جعفر وصاحبه إلى عمان ، قالوا لأبى عبيدة ٠ ما نقول لأهل عمان منكما فى القوم ، وقد كان أهل عمان افترقوا فى قتلة عبد العزيز فمنهم من برى منهم أى من القاتلين ، ومنهم من تولاهم أى القاتلين ، لما كان من أقوال تنبنى عليها الأحىال ، قال : ومنهم من وقف عنهم للإشكال الذى عرض لمم،هل كان عبد العزيز من البغاء أم من الثقات ؟ فقالا، أى أبو عبيدة وزميله حاجب : قولا لأهل عمان إن كل له ولاية يقولاه المسلمون ، وكل من كان على أمر من أمرهم أولى بما ضيع ، لأى يطلب الأمر إليه الذى ضيعه ، فيكون فيه عليه الحق أى يمتنع عن إعطائه ومن امتنع عن إعطاء الحق فهنالك تترك ولايته، أى أن سبقت له ولاية فبامتناعه عن إعطاء الحق تسقط ولايته ٠ قال : فهذا حديث عبد الرحمن بن المغيرة عن المسبح بن عبد الله ٠ قال الامام : وحاصله أن الطائفة الخارجة نزلوا على عبد العزيز فأضافمم فقتلوه ، فلم يستحسن المسلمون ذلك منهم ، فلهذا اختلغوا فى ولايتمم ، حتى قال أبو عبيدة ، قال هو وحاجب فى فضل القضية ، قال : وكان المسلمون يرجعون الى قولهما ، أن بنى الجلندى قد طلبوا الى أبى عبيدة وحاجب ما طلبوا من قتلة عبد العزيز ،فلما يسمعا ، فلذا قال الجلندانيون : نذهب إلى المسلطان يعنون عامل بنى العباس ٠ فقال : اذهبوا على طريق التهديد، ولم يبلغنا أنهم ذهبوا إلى السلطان والله أعلم بما كان ٠ - ٢٦٣ - شبيب بن عطية العمانى المحتسب من حوادث أيام بنى الجلندى ، ظهور شبيب بن عطية العمانى ، ولا يشتبه عليك بشبيب الخارجى إمام الصفرية ، فإن بعض الناس التبس عليهم شبيب العمانى بشبيب الخارجى ، وكان شبيب هذا من أصحاب الامام الجلندى ، ذكر ذلك الشيخان : أبو محمد وأبو الحسن ، ولم ينسباه ولم أعرف نسبه حتى أحرره ،وهذا من قصور أهل العلم ٠ قال الامام، فى تحفة الأعيان، بعد أن ذكره عن أبى محمد وأبى الحسن قال : وذكر غيرهما أنه كان يحيى القرى ، ولم يكن إماماً منصوباً ، وإنما كان محتسباً ٠ قال : والظاهر أن أمره هذا كان بعد الجلندى ، وكان رجلا صلباً فى دينه شديداً على الجبابرة ، داعياً إلى مخالفتهم ، قال وله سيرة تنبىء عن تصلبه فى دينه وشدته على البغاة ، يعنى مقالة حررها ونشرها إلى الناس ليعلموا الأحوال فى مهاج الأعمال ، وهذا معنى السيرة عند أهل عمان ، إذا قالوا فى سيرة فلان ، ولفلان سيرة إلى بنى فلان ، وهكذا وكانت سيرة شبيب معربة عن قصده ، مبرهنة عن صدده ، وفى الأثر لأهل العلم كلام على شبيب المذكور وأعماله ، وف ولايته والبراءة منه ، وذلك لتصلبه ، فمن رأى من شبيب التصلب فى أعماله قال : ليس له هذا إذ هو ليس إماماً حتى يفعل هذه الأشياء ، والذى يهمه أمر المسلمين ويود إرغام المفسدين يقول : ما فعله شبيب حق وصواب ، وإذا بالناس فريقان أو ثلاثة ، وهكذا العلماء حين يريد الله خذلانمم بعد ما قال لمم : ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) ٠ قال الإمام : صار يجبى القرى احتساباً ، فمنهم من لم ير له ذلك ، . ٠٢٦٤ لأنه ليس بإمام منصومب، ومنهم من هذر. ورآ محتسباً ، وللامام حقوق يراها أيضا بعضهم للمحتسب ٠ قال المعتمر بن عمارة بن سالم بن ذكوان الملالى: إن البراءة منه وحد السيف معاً، أو قال سواء إنى لا أبراً منه حتى يحل دمه ، قال هاشم بن غيلان ، عن موسى بن أبى جابر قال : قلت للربيع ما ققول فى أهل عمان ؟ فإنمم اختلغوا وافترقوا فى أمر شبيب قال : قال الربيع من تولاه فقولوه ، ومن برىء منه فابرءوا منه ٠ قال فقلت : ما القول فى الكف فإنى أرجو أن يكون غيه ألفة وصلاح ؟ قال : غما يقول بشير؟ قال قلت: صاحبى ولا يخالف على، فقال أنتم أعلم باهل بلادكم، وأما أنا فليس ذلك رأيى ٠قال فلماقدم موسى أشهر ذلك ولقى هادية فتابعه ٠ قال عبد الوهاب بن جيفر : من تولاه برئنا منه ، قال هاشم : وكره بشير الكف، وقال معقل: يتولاه بشير وأهل الحق قال: وسئل الفضل بن الحوارى عن الذى اختلفوا فيه من أمر شبيب ، قال : كان مجاباً، وكان يجبى القرى، فإذا قدم السلطان تركها واعتزل ٠ قلت : ولم يذكروا من هذا السلطان الذى إذا قدم ترك شبيب الجباية من أجله وهذه الأيام هى أيام السفاح فى بغداد ، ولم يقل التاريخ إن السفاح جاء عمان، ولعله عامل السلطان أو رسول برسله سلطان العراق لأخذ الجباية من عمان ، فإن جاء ترك شبيب الجباية خوفاً ، فاذا ذهب الى العراق برز شبيب وأعلن الأمر بالمعروف والنمى عن المنكر ، ودعا الى الجباية ، والظاهر أن الذى يبرز لشبيب الأمير الذى ولاه خازم وأقره سلطان الراد ض كل البدى. قال الإمام السالمى : قلت ولعل اعتر اله كان فعام لا يجبى فيه، - ه٢٦ - أى إنما يترك الجباية فىعام لا حماية لهعلى لبلاد، ويفهم من ذلك أن السلطان المشار إليه يأتى فى بعض السنوات فاذا جاء تخاذل عن شبيب أعوانه خوفا من السلطان ٠ قال الإمام : إنما جبايته كانت وقت حمايته فمتى حصلت له الحماية جبى ما قدر عليه ، ومتى زالت عنه بالعجز عنها رفع يده ٠ قال : وهذا هو الظن بشبيب إن صح ما قاله فيه الفضل بن الحوارى ٠ قال : والظاهر منه التصلب فى الأمور، فتخلية البلاد للحائر منا فيه للظاهر من حاله والله أعلم بماكانهنالك ٠ قال أبو الحوارى : من برىء من شبيب برئنا منه ، ومن برىء ممن قولاه برئنا منه ، ومن تولى من تولاه فمو على ولايته إن كانت له ولايةأه٠ هذا ما ذكروه من أمر شبيب هذا ، ولقد قام شبيب على الأقل آمراً بالمعروف ناهياً عنالمنكرعلىقدر استطاعته،فاعلاللخيرعاملالله بما استطاع كيف يبرأمنه، ومابال هؤلاءالذين يقولون بالبراءة لايغفلون شيئاً يحسن السكوت عليه، أوما بالهم ايشدون عضده ولمالم يفعلوا شيئا من ذلك ، ما بالهم ينتقدون شبيباً ويعلنون البراءة منه أيحسن الإنسان المسلم ويجازى على إحسانه بالتأنيب ورفضه من ولايته ، إن هذا لايليق فى الدين ، ولا يحسن بالمسلمين ، ولا هوادة فى الدين ، فان الحق مطلوب من أى الناس الذين يستطيعون إقامة حق فى لأمة ، وإن قيل : إن شبيباً لم تقع له بيعة من المسلمين ٠ فالجواب : كذلك بيعة أبى بكر رحمه الله ، وإنما بايعه بعضهم فقط ، ورضى الباقون فثبت إمامته ، ولا يشترط بيعه عموم المسلمين ٠ واليكم سيرة شبيب التى ذكرها الامام السالمى رحمه الله، وهى تدل على أن شبيباًكان أميراًصالحاًمطاعاًفى — ٢٦٦ - الأمة ، ماضياً فيها على الحق والحق يجب قبوله ممن جاء به وممن قام به فى الأمة ، ولى كان عبداًحبثياً مجدعاً ٠ قال شبيب : أمابعدفانهقدبلغنا أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم كان يقول : يد المسلمين واحدة على من سواهم، والمسلم أخو المسلم لايظلمه ولايخذله، وقد أمسيتم وأمسينا إخواناًطى المال التى قد ترون . اختلفت فى إعلاق الأمة وتشتت أمرها ، ووثب بعضمم على بعض كالسباع ينهش بعضهم بعضا بالظلم والدوان . والغشم وانتهاك المحارم ، ولا يعرفون حق الله ولاحرمة الاسلام ، ولايحتجرون به وأمسينابحمد الله ونعم الله عليناوعليكم سابغة، وفضله علينا وعليكم عظيم ، يؤمن بعضنا بعضا ، ويعرف بعضنا لبعض حرمة الاسلام ، وحق أهله، وكتاب الله أمامنا وأمامكم، إن كنا وكنتم صادقين ٠ يا أيما الناس : اعلموا من أمرنا أن نقاتل ونقتل من عصى الله حتى يفيئوا إلى أمر الله، أوتفنى أرواحنا إن شاء الله، ليرد منار الاسلام الى معالمما الأولى القى كانت على عهد نبى الله ءوالذين من بعده أبى بكر وعمر حلال الله حلال إلى يوم القيامة، ورضاء الله رضا الى يوم القيامة، وسخط الله سخط الى يوم القيامة ، لا تنقض الطاعة بالمعصية ، ولا تثبت الطاعة بالمعصية بل بالطاعة، ولكن حتى يستكمل الفاس جميعا المطاعة بحدودها وأعلامها ومنارها ، وأحكامها وأنسابها الرضا بها ، ومن كره هذا فالطريق له مخلى يذهب حيث يثا ء من البر والبحر ، وليكن امرؤ على حذر أن يتتبع عورات المسلمين ويكاتب عدوهم ، ويشسغب عليهم بسعيه بين المسلمين بطانة ٠ إلى آخر ما جاء فيها من بيان الحق الواضح ، والتحريض على القيام — ٢٦٧ - بالأمر ، والرد على المخالفين فى شكمم وحيرقهم أهما أورده الامام السالمى من كلام الأمير شبيب بن عطية رحمه الله، وهذه الكلمات الجوهرية من هذا البطل المسلم التى تعرب عن نزاهة نفسه وحسن سيرته ووثوقه بربه ، وغيرته على الأوامر الدينية ، وتصلبه فى إثبات الحق وقيامه بأوامراللهعزوجل لهاقيمتها عندأهل العدل الذين ينزلون الرجال منازلمم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولو قام رجال الدين كشبيس هذا كل من جانبه لما راجت أسواق الباطل، ولا تجرأعلى أهل الحق جاهل، وبماذاتعرف الرجال إلابالأفعال، فلقد أحسن شبيب رحمه اله وشكر الله لهعمله إن شاء الله ٠ ومن الأحداث التى وقعت فى أيام آل المجلندى بعد إمامهم المرضى الجلندى ابن مسعود خروج غسان بن سعيد المحاربى الهنائى فى سنة ١٤٥ فى عهد المنصور العباسى فى بغداد ، خرج على المسلمين بعمان غسان بن سعيد المحاربى الهنائى على نزوى ونهبها ، وعاب فيها بمالا يرضاه الله ولا رسوله، وقاتله بنو نافع وبنو هميم ف نزوى، غغلب عليهم وقتل منهم خلق كثير ، وكان بنو نافع من أشراف أهل العقر ، إذ هم رهط الشيخ أبى المنذر بشير بن المنذر ، وكان بنو هميم بطناً من بنى معن بن مالك بن فهم ، وكان آل الحارث إبراء أنصاراً لمم ، وبين الفئتين روابط صداقة فتآمروا على قتل غسان ، واجتمع رأيهم أن يمضوا الى العتيك، واتفق الرأى العام بينهمعلى ذلك، وخرجوا وكمنوا لغسان جين داره ودار جناح فى صحار بموضع يقال له الخور ، وقد رجع غسان عائداً رجلا مريضاً من بنى ربخة ابن هناة بن مالك ، فمر بهم وهو لا يشعر بمكانهم،ولا شك أن الطالب غالمبفلما مر عليهم تمكنوا منه فقتلوه، فغضب لذلك منازل بن خنبش، وكان منزله فى نبا بموضع يقال له العقير، - ٢٦٨ - وكان منازل المذكور عاملا هناك لمحمد بن زائدة بن جعفر بن سعيد الجلندانى ، وراشد بن النضر ، فثار هؤلاء غازين أهل إبراء من شرقية عمان ، حقى أتوا على حين غفلة من أهلها ، فلما علم أهل إبراء بهذا الغزو ، برزوا وأداروا رحى الحرب بين الفريقين ، فكانت الدائرة على أهل إبراء ، وانكشفت الوقعة عن أربعين قتيلا من أهل إبراء خاصة ، لأن الغزاة كانوا كامنين لمم على مرصد يمكنهم من قتل القوم ، وفى هذا التاريخ كان للعهد فى بغداد للمنصور العباسى ، وهو أبو جعفر عبد الله بن محمد بن على ت وفى الأندلس عبد الرحمن الداخل بن معلوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان ، وفى هذه الأثناء بدأ دور بنى الجلندى للانحلال ليحل محلهم من يصلح أمر الأمة بعد الضلال ، وينير الطريق للمسلمين لإنقاذ هم من ورطة الوبال ، ولكل شىء غاية ينتمى إليها فقد أراد الله زوال الأمر لبغيهم بعد عدلهم ٠ قال الإمام : فى الأثر والمراد به دواوين الفقه التى دونها الطماء فوضعوا فيها حقائق تاريخية تتعلق بالأحكام الشرعية ، وكذلك قولهم قال المسلمون فتراهم يطلقون ذلك ويريدون به أهل الوفاء بدين الله منمم لا مطلق من ينتحل مذهب الإباضية من السواد الساذج ، ويطلقون ذلك أيضا ويريدون به الكل ويريدون به أحيانا أهل الولاية خاصة ، ولكل مقام مقال ٠ قال أبو إسحاق اعلم أن أصحابنا رحمهم الله يذكرون لفظ المسلمين ويريدون به أهل الوفاء بالدين - أى أهل الاسلام الكامل ، فيدلك على هذا أنمم يذكرون لفظ المسلمين مقابل الجبابرة ، وكلاهما يصدق على أهل المذهب ، كما يذكرون المسلمين مقابل المخالفين ، ويذكرونه ويراد به أهل الولاية ، ويراد بقسميه أهل البراءة ، وكل ذلك يستدل عليه بمعونة -- ٢٦٩ - القرائن ، وليس المراد أن قسيم المسلمين المشركون كما هو اصطلاح الخوارج والوهابيين أ ه تعليقاً على الطبعة الثانية لتحفة الأعيان ٠ ولا يخفى أن راشد بن النضر ، ومحمد بن زائدة الجلندانيان ومن معهما ض أهل عهان، لا زالوا يرتادون المساعدة والمعونة على أهل عمان لتعزيز رئاستمما ، والتغلب على الأمة بالقمر، كما كان آباؤهما، وقد قضى الامام عليهم كما تقدم، وبقىهؤلاء يتعززون بالغزاة لعمان، ويرومون السيطرة على الأمة بدعوى أنمم أحفاد الملوك، وأولياء الأمور دون غيرهم، وكانت ششكة المسلمين أعنى أهل الحق قد ضعفت بتلاشى الأمور، قال الامام : وهم يومئذ أهل ضعف ، أى فى ذلك الحال ، وكان راشد ابن النضر قد نزل بالمهرة يطلب منهم النجدة على أهلعمان، لأن الممرة أقرب الى عمان من غيرهم، وكان سلطان بغداد إذ ذاك مشغولا بشئونه فى بلاده ، ولإذا جاء عمان وانقصر على أهلها ربما اجتاح الغث والسمين ، وأما الممرة فليس لمم ذلك ، وإنما هم أجلاف تقضى بمم لأغراض ويكثر بهم السواد ، ثم أقبل راشد بن النضر بجيشه يشق عمان من طريقما الغربى حتى بلغ أهل عمان أنه نزل المجازة من الظاهرة، كما أشار الى ذلك ابن رزيق وأخذه عنه الامام السالمى رحمه الله، ولعل أكثر أهل أهل السير من أهل عمان يذكرون ذلك، وكانت من الظاهرة وهنا تحرك العمانيون لمقاومة هذا الباغى ، فتكاتبوا من جميع النواحى وتعاهدوا على حرب هذا البغى الذى أقبل به راشد بن النضر ليقضى به غرضه فى قومه أهل عمان ، وكان عبد الملك بن حميد يومئذ شاباً أى جديد عمد وكان يدعو المسلمين على المبايعة على راشد به النضر ، ومعه محمد بن المعلى والأخنس الفشحى من كتدة ، وخرجوا فى طلب راشد المذكور متجردين لحربيه خائفين من فساده فى عمان ، فالتقوا فى المجازة من أرن الظاهرة ٢٧ - شرقى وادى المجازة ، فدارت رحى الحرب بين الفريقين فانتصر المسلمون على راشد وهزمه الله ، وقتل من قومه كثيرون ، وأكثر القتل وقع فى بنى ناحية إذ هم الأكثر وهم شرارة الجيش ، فقتل منهم خلق كثير يحصون وإذ ذاك هرب راشد بن النضر ، واستولى المسلمون على داره فنسفوها لئلا تكون له قوة يأوى إليها ويتحصن فيها هو أحزابه ، وبسبب نفسها وقع بين أهل العلم القيل والقال ف نسفها ، فقد جاء فى الأثر أن المشايخ من أهل سلوت ومن معهم غضبوا لنسفها ، فقيل من حديث الفضل بن الحوارى عن أبى جعفر سعيد بن محمد ، وعن سعيد بن محرز ومحمد بن محبوب ، وعن محمد بن هاشم عن هاشم بن غيلان أن المسلمين لما نسفوا دار راشد قدم عليهم الأشعث بن محمد وهم مع بشير فى بهلى ، فتكلم فى ذلك الأشعث بن محمد، وقال : ليست هذه الحال من سير المسلمين ، والمعنى أن هذا لم يكن من عمل المسلمين فى حروبهم ، فقلت له قد نسف المسلمون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حصن بنى النضيرفرد على ذلك أى الأشعث، قالوا بيان ذلك فى كتاب الله عز وجل ، قال الله عز وءلا : ( يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين ) ، وذلك أن المؤمنين كانوا ينسفون من قبلهم ، وكانت اليمود تنسف منقبلها،ذلك لأن المسلمين كانوا يتوقعون الهزيمة، وأرادوا أن يفوتوا اليمود ما استطاعوا تفويته واليمود يرون أن المسلمين منصورون عليهم ، ولمذا قاموا ينسفون ما استطاعوا أن ينسفوه حتى لا يستغنمه المسلمون، فنزلت الآية فىذلكبعينه، وقيل إن اليهود يسدون بما ينسفون الخلل الذى ينسفه المسلمون، والمعنى واحد ٠ وقال غيرنا : إن المسلمين أيضا قام بعضهم ينسف وبعضمم يعارض كما صرح بذلك أل التفسير ء فرد الأشعث على ذلك معارضاً له،فقال بشير بل هكذا . ٢٧١ - كان كمايقول المسلمون ، قلت : أى قال الشيخ المعارض للاشعث : وبلغنا أن أهل دار رموا المسلمين بسهم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنسفها فنسفت ، فقال الأشعث لعلمم نسفوا شرفاتها ، فقال الشيخ بشير : بل نسفوها من أصلها، قال الامام، وكان ابن راشد فى نزوى، ولعله راشد بن النضر ، وهو الواضح قال أبو جعغر : خرج المسلمون بعمان ، خلم يأخذوا الزكاة حتى كانت وقعة المجازة فى شهررمضان، أى الوقعة التى كانت بينمم وراشد بن النضر التى انهزم فيها راشد بن النضر وأعوانه من آل الجلندى، ورأووا بذلك استحلال الجباية، إذ لا جباية إلابحماية، ورأوا أن حمايتمم الآن اتضحت علىعمان، أما قبل ذلك فلا ، لأن راشدبن النضر ومحمد بن زائدة ومن معمما يسيطرون على عمان ، وبانكاسارهم فى وقعة المجازة رأوا أنهم لا يرجعون الى ظمر ، ولا يؤيدهم أحد لا سيما أن المسلمين كلهم مجتمعون ، وقد هرب راشد بن النضر شاردا من عمان ، وإن أهل ءمان قد نسفوا دار راشد ، وبعجره قد زالت قوته و انكسرت شوكته ، وخرج من عمان خائفا يترقب ، ورجع امسلمون إلى منج ، وخرج منمم من خرج الى موسى بن أبى جابر فى أزكى ، وكان مرجع المسلمين ، وكان به علة فحملوه إلى معسكرهم بمنح ، فلما وصلوا بموسى وكان معه زميله الشيخ الكبير بشير بن المنذر رحمهما الله وجماعة من أخيار المسلمين وأعيانهم فى العلم والدين، واجتمعوا للمشورة فيمن هو الذى يليق تقديمه فى المسلمين ، وتطمئن به النفوس ، ويكون كفؤاً للامر الذى هم بصدده ، وكيف يأقون هذا الأمر ، وكانت الآراء قتضارب ف الموضوع، والخلاف والشقاق مرهوب الجافب والدخول فى الأمر الجلل يحتاج الى طر طويل، والقاء الآراء على بساط المجتمع أمر يفكك الحزمة التى عليما أولئك المجتمعون، ولكن من أنضجته التجارب ودارت علبه الأيام دورات متعددة يفمم من أين تؤكل الكتف ٠ -٢٢- هنا قال الشيخ موسى بن أبى جابر رحمه الله لمحمد بن المعلى الكندى : قد وليناك صحار وما يليها ، فاكفنا أمرها وولينا فلاناً كذا ، وولينا محمد بن عبد الله بن أبى عفان اليحمدى وادى القريات وبقية الجوف ، فرضى كل موضعه ، ويسر كل واحد بولايته المشار اليها ، وبذلك فرق الشيخ موسى بن أبى جابر لمؤلاء المتطاولين للأمر ، المادين له أعناقمم ٠ وقال موسى لمحمد بن عبد الله : اقطع للناس الشرى ، وكان بشير بن المنذر معهم وهو ساكت ، وقد سمع ما قال موسى وما فعل فقال عند ذلك كنا رجوناك يا أبا على أن تسير بهذه الدولة ، فرددتها الى هؤلاء الذين يخاخون على الدولة ، والمعنى سلطمم على الأمر وهم غير مخفى جانبهم ٠ فقال الشيخ المجرب موسى بن أبى جابر : إنما كان نظرى يا أبا الحكم للدولة ، أى ناظر فى صلاحما لا فى غيره ، لأنهم قد اجتمعوا وكل يطلب هذا الأمر لنفسه ، والأمر بعده ضعيف ففرقناهم عن وجوهنا حتى يقوى الأمر ويشتد ساعده ، ونتمكن من نفوذ ما نريد أن ننفذه ٠ قال : فأمر محمد بن عبد الله بن أبى عفان أن يقطع للناس الشرى كقطع ، والمعنى أقام الجند الذى يعتمد عليه للقائم بالأمر ، وكان ذلك هو ما يجرى فى عرفهم مقاطعة العسكر على أجرة معلومة يقبلها الجندى ويلتزم بها المسئول على حسب الاقفاق ، ألا تسمعه يقول : فقطعه حتى قوى أمره ، فلما قوى الأمر أمر موسى بن أبى جابر محمد عبد الله بن أبى عفان ، فأرسل الى القرى الولاة وعزل كل من كان ولاه ، وقامت دولتهم وانه لنظر سديد ورأى رشيد ، بلغ بم موسى بن أبى جابر رحمه الله الفضل وظمر به على الدروة ، وتمكن من ترقيب ما أراد والحمد لله الذى يهدى من شاء للحق بإذنه ٠ ولولا ذلك الذى صنعه موسى لما تم لمم أمر ولا قامت لمم قناة ، - ٢٧٣ — فإنهم على ظمر شقاق وكل يحاول أن يكون هو وموسى كان يفمم مقاصد القوم ويعلم ما انطووا طيه ، ولما تفرقوا وجمع هو الجيش الذى يعزز الحركة ، ويقيم الأود ، ويرفع العلم رد •لى الولاة وأخرجهم من ولاياتمم ، وافه يعلم أنهم ليس لمم أن يخالفوا ، ولعلهم يعتقدون إن عزلوا من هنا يولون من هناك، فتسكن نفوسمم الى ذلك، وقد بلغ ما أراد واستقر الأمر واجقمع المسلمون بعد فرفتهم ، وتشتت شملمم وكان السلطان العام إذ ذاك فى بغداد الخامس من بنى العباس، وهو الرشيد فانه تولى الأمر بعد وفاة أخيه المادى ، وذلك فى سنة ١٧٠ سبعين ومائة ف ١٤ ربيع الأول من السنة المذكورة، وكانت تلك الأحوال المارة كلها فى أيام أبيه الممدى ، وأخيه المادى ، وعاش الرشيد الى سنة ١٩٣ ثلاث وتسعين ومائة ، وكان الرشيد وأيامه زهرة الدولة العباسية بكل معنى الكلمة، ولكل ثىء غاية ينتمى اليما، والدنيا لا تستقر على حال، ( وتلك الأيام نداولما بين الناس ) وف ذلك من الحكمة الإلمية مالا يبلغه عقلعاقلمممابلغمنسعة التفكير وحسن الدراية والله ولى الكل ٠ ١م١٨- عمان عبر التاريخ ج١) - ٢٧٤ - محتويات الكقاب الموضوع الصفحة ترجمة مؤلف الكتاب ( تمهيد )...................... ٥ من هو مؤلف الكتاب ، أسمه ونسبه................... ٦ مولده ونشأته ، صفاته وبعض من أخلاقه.............. ٧ أعماله........................................... ٨ مؤلفاته.......................................... •١ مقدمة........................................ .. ١٥ الحلقة الأولى من تاريخ عمان ( فى التعريف بعمان ) .. .. ٣٧ مناخ عمان ، جبال عمان............................... ٥٤ رمال عمان........................................... ٥٥ مراعى عمان ، حيوانات عمان........................... ٥٦ الحيوانات الوحشية ، بحر عمان........................ ٥٧ أودية عمان.......................................... ٥٨ الولايات بعمان...................................... ٦١ العواصم بعمان....................................... ٦٢ الحلقة الثانية ( فى الأمم التى قطنت عمان ٦٧ الحلقة الثالثة ( فى نزول مالك بن فهم بعمان وحروبه للغرس الى انتماء أمرهم ) .٠. ........ ٧٤ مالك بن فمم يروم التغلغل فى داخلية عمان............ ٧٨ الفرس يعقدون مؤتمرهم فى ذلك......................... ٧٩ مالك بن فهم يتأهب لمصادمة الفرس بعمان............... ٨٠ المرزبان يبتدى* بفتح الحرب.......................... ٨٢ - ٢٧٥ ٠ الموضوع الصفحة الفرس تطلبمنمالكبنفهم الهدنة.......................... ٨٥ مالكبنفهميلقى نظرة الى قلهات.......................... ٨٦ الملك يجهز قواته لحرب العرب فىعمان.................... ٨٨ مالك بن فهم يتأهب لمصادمة العجم مرة أخرى........... ٨٩ الحرب تشتد بين مالك بن فهم والفرس لتنتمى........... ٩١ أعمال مالك بن فهم بعد انتهاء الحرب................ ٩٦ أولاد مالك بن فمم وأعمالهم بعد أبيمم................. ١٠١ الحلقة الرابعة ( فى بدء الاسلام بمان الى انقضاء أيام الخلفاء الأربعة)....................... ١٠٥ مازن يشكوحاله لرسول اش............................... ١٠٨ ملك عمان جيفر يعقد مؤتمر للنظر فى الدعوة النبوية... ١١٤ النقاش يدور بين عبد وعمرو............................ ١١٧ عمرو بن العاص أمير عمان يخرج الى المدينة معبرا عن افقياد أهلعمان للاسلام.............. ١٢٤ أبو بكر يجهز عبد بن الجلندى ومن معه لحرب آل جفنة .. .. ١٣٢ عمان وأبو بكر رحمه الشم تعالى طيلة حياته .. .. .. .. .. ١٣٤ الحلقة الخامسة ( فى فضائل أهل عمان وذكر مشاهيرهم فى صدر الاسلام......................... ١٤٢ أو بكر الصديق وعمان.................................. ١٦٠ عمر بن الخطاب رضى الله عنه وعمان..................... ١٦٥ عثمان بن عفان وعمان فى عهده .. ١٦٩ على ابن أبى طالب وعمان............................... ١٧٩ خلافة عبد الملك ابن مروان وعمان...................... ١٨٤ - ٢٧٦ — الموضوع الصفحة أول عامل للحجاج على عمان............................ ١٩٢ مذهب أهل عمان....................................... ١٩٤ سلسلة مذهب أهل عمان................................. ٢١٠ كلمة اجمالية على أمراء بنى أمية..................... ٢٢٢ عمان تتحضر لتستقل عن الزعامة العامة................. ٢٢٧ تاريخ البيعة للإمام الجلندى بن مسعود رحمه اش...... ٢٢٩ التاريخ يحدث عن الإمام الجلندى وأصحابه رحممم اشم وعن أعمالهم بعمان...................... ٢٣٣ الجلندى ينظم شراته.................................. ٣٣٧ الإمام الجلندى يققل أبناء عمه فى لله................ ٢٤١ المسلمون يشتدونعلى الإمام الجلندى............. ٢٤٣ مقتل أبى الدلف شيبان بن عبد العزيز اليثكرى بعمان .. ٢٤٥ منتمى أمر الإمام الجلندى وأصحابه بعد قتل شيبان... ٢٥٠ آل الجلندى يعلنون الطاعة لخازم...................... ٢٥٨ شبيب بن عطية العمانى المحتسب........................ ٢٦٣ حقوق الطبع محفوظة لدى وزارة التراث القومي والثقافة ص.ب : ٦٦٨ - الرمز البريدي : ١١٣ مسقط سلطنة عمان رقم الإيداع: ٩٢/١٦٠ طبع بالمطبعة الشرقية ومكتبتها سلطنة عمان - ت : ٧٧١٦٩٥٢