ح٠خ ئاذملالثاخ تايف اصالئاضل|لثخ سالمبنجمود بنشامسلسيإي ال^ءالثين ٠وه٠بة٠رلبدة ١٤٢١م- ٢٠٠١ مؤلف الكتاب بجاتهالمنالرم المقدمة اعلم أن إمامة طى بن أبى طالب آخر الإمامة المجتمع عليما من رجال الإسلام ، وكانت بيعة على بن أبى طالب صحيحة ثابتة وقعت من أهل الحل والعقد ، الذين جعلهم الله حجته على عباده وثبتت بإجماع المسلمين ، ووقوعه فيما وقع فيه من الفتن شىء آخر ، وعندى أن علياً تولى الإمارة فى زمان كثرت فيه الدسائس الأجنبية على دولة المسلمين، كذلك وقعت الفتن والمحن،فهلكمنهلك، ونجا الله من شاءمنعباده ٠ وقد تباطأ على بن أبى طالب أولا عن خلافه أبى بكر حتى إذا وقعت ، ثم بايع ونصح واستقام ٠ ثم مات أبو بكر رحمه الله واستخلف عمراً ٠ ولم يكن لعلى بن أبى طالب رأى فى الخلافة لأن أبا بكر قطع فيها بإستخلاف عمر ، فرضى المسلمون بخلافة عمر ٠ ولما توفى عمر جعل الخلافة شورى بين ستة نفر من خيار الصحابة الذين اعتقد فيهم أنهم حجة تامة بين المسلمين ، وكان على بن أبى طالب أحد الستة ، فتولى رئاستها عبد الرحمن بن عوف الزهرى واجتهد فى أختيار الأصلح للأمة بحسب الخصال التى كان يعلمها منهم فى حالهم السابق الذى مات عليه النبى صلى الله عليه وسلم، ومات عليهأبو بكر وعمر رضى اللهعنهما، فرأى أن عثمان أولى من بقية رجال الثورى ، فبايعه بعد عهود ومواثيق أخذها عليهم فى اختيار الأصلح ، والقيام بواجبات الدين وحقوق أمة الإجابة على كل فرد فرد ، وبعد اجتهاد محص فيه القضية تمام التمحيص ، وبعد موت عثمان اجتمع المسلمون للنظر فى أمر دينهم ودنياهم ، ولم يروا أولى بها منعلى بن أبىطالب للخصال التى ذكرناها فيه، فقام بالأمر وثارت عليه ثوائر الشقاق والنفاق ، واصطدم بحجر هؤلاء المشار إليهم ، وكانت وقعة الجمل ثم تلتها وقعة صفين ، ثم وقعة الفهروان ٠ وبعد ذلك تدهور البناء الإسلامى، وانحل العقد الدينى، وانتثر الشقاق وعظم الافتراق، واعصوصب الأمر علىعلى"حتىآل الأمر على قتلهخقنلكماسبق، والأمر إلى الله وحده يغعلمايشاء ويحكم ما يريد ٠ وذكرنا أن عثمان وعلياً لم يكن لهما بعمان أى عمل إذ أحاطت بهما الحطوب من كل جانب لأسباب ذكرها أهل العلم ودونوها فى آثارهم التاريخية، ومازالت القضايا رهن القيل والقال منذ ذلك العهد إلى الآن، ونحن نقول :تلكأمةقدخلت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ٠ والله يعلم المفسد من المصلح، وإليه لمرجع والمآب ٠ ثم بعدعلى بن أبىطالب بويع لولده الحسن، فلم يكن له فى الأمر حل ولا عقد حتى ألقى إمامته إلى معاوية بن أبى سفيان الذى مازال يخطبها وما برح يطلبها حى أنتته راغمة ، فتولى الأمر معاوية المذكور ، وسار فيه سيرة الملوك إلى أن انتهى أمره وارتحل إلى ربه أسير عمله ، والله يتولى من عباده الصالحين ، ثم بويع من بعده لولده يزيد ، وهى كما علمت بيعة قمرية وقعت فى اليوم الذى مات فيه أبوه ، وهو مستهل رجب . وقيل بالنحف من رجب سنة ٦٠ ستين للهجرة ، وقام طى وتيرة الملوك آخذاً ببعض أعمال أبيه إلى أن توف ف شهي ربيع الأول سنة ٦٤ أربع وستين ، وله تسع وثلاثون سنة ، فكانت خلافته ٧ ثلاث سنين وتسعة أشهر ، ثم تولى الأمر بعده بالوراثة ابنه معاوية بن يزيد بن معاوية ، بويع فى اليوم الذى مات فيه أبوه فبقى فى خلافته أربعين يوماً ، وقيل خمسة أشهر وأياماً ، وخلع نفسه منها وخط على المنبر فذكر أفعال جده معاوية واعتداءه على أهل الحق واغتصابه الأمر عن أهله ، ثم ذكر أباه يزيد من سوء أعماله وسيىء أفعاله ، وأنبه تأنيباً وأبان ما عنده حول الأمة ، وصرح بما فى ضميره وأعلن للناس الهوايا المزعومة وعبر عن الواقع الحقيقى ووعظ الأمة ، بأبلغ الوعظ ، ومات بعد خلعه نفسه بأربعين ليلة ، وقيل سبعين ليلة عن ثلاث وعشرين سنة ، وقيل إحدى وعشرين فقط ، وقيل ثمانى عشرة سنة ولم يعقب على الصحيح ٠ ثم بويع بعده ابن الطريد مروان بن الحكم كما قال الدميرى المذكور، وقام بالأمر وتولى العراق ومصر ، وقامت على عمده حروب مذكورة فى التاريخ ، ثم مات سنة ٦٥ خمس وستين للهجرة ، وكانت وفاته بيد امرأته قعدت على صدره وهو نائم ومعما خوادمما فلم تفلته إلا ميتا ، وكانت خلافته عثرة أشمر وكان عمره ثلاثاً وثمانين سنة، وهو الذى انتسبه اليه المراونة من بنى أمية فكان هو كرسيمم الأول ٠ ٨- انتقال الدولة من آل الجلندى الى آل اليحمد بن حمد دولة اليحمد الميامين ضلت برهة كلها رضاً وارتضاء اعلم لا انتهت دولة الامام الجلندى بن مسعود رحمة الله: وتولى أمر عمان خازم بن خزيمة ، وكان بغاة آل الجلندى يتمنون ذلك ، إذ رأوا الامام الجلندى يضع السيف على أعناق أقاربه ، ولا يبالى فى المحق تأخروا عن أمانيهم : وأحجموا عن مقاصدهم ، وقد وضع الضعف كاهله طى عمان بظلم هؤلاء البغاة وآعوانهم ، وبقيت عمان بين دو قاهر ، وضعيف مقهور ، وأعوان يراوغون الأمور مراوغة الثعالب ، فمر على هذا ردح من الزمن ، وعمان ترزخ ثقل الظلم على كاهلها ، ولما رأى شبيب بن عطية العمانى الحال القى عليها أهل عمازر ، حركته خصيصة الإيمان ، طى أن يقوم بالواجب حد الطاقة ، ويقف ضد الظلم مهما استطاع ، وبقى هو والجبابرة فى صراع ، وإذا رأى غلبتهم عليه ترك الأمر وجلس فى بيته ، فاذا رأى فرصة قام بواجبه وأطن زعامته ، واستمر على ذلك الحال، وف هذه الأثناءأيضا قام غسان المحاربى من بنى هناءة ببغيه ، حيث رأى عصا المسلمين لا تصلح للقيام عليها ، وأن الأمور فوضى وكل يفعل ما يستطيع، وكان المذكورمن صناديد الرجال الذين هم البغاة فى عمان ، دخل نزوى وانتهبها فى غيرما مبالاة ، إلا اعتمادا على الرئاسة، وشمت بناس فيهاما كانوامن الأمر فى العير ولافى النفير ٠ بغيا وعدوانا عليهم،حتىقتلهآل الحارث بن كعب من أهالى أبراء من شرقية عمان، ثم غضب له منازل بن حثيث ، وقام لثأره ٠ ٩- وهكذا بقيت الأحوال فوضى ، وقام راشد بن النضر يدعى الزءامة لأنه منآل الجلندى ملوك عمان إذ ذاك، وخرج الى المهرة من أطرنف عمان الغربية ، واستتجد بطغام الناس وغوغائهم الذين لا يدرون قبيلا من دبير، وأجلاف جهلاء أتباع كل ناعق أغبياء لا يهتدون للحق سبيلا، ولا يعرفون للرشد دليلا، إلاأن راشد بن المنضرمن. ملوك عمان، حتى تغلغل بالظاهرة فجاء بجحفله يجره على عمان من الغربية على غير هدى من الله، إلا أنه يروم ملكا ولايبالى، ولما رأى المسلمون الحال على هذا الوجه، ورأوا تلاثى الأمور وتلاعب هؤلاء العتاة الأشرار، خرجوا من مخادعمم ورفعوا عقيرتهم الى إخوانهم أهل الايمان بالله ، والغيرةعطىحرم الله٠ وتكاتبوا من بعيد وقريب وتعاهدوا على القيام بالحق رغم ما يلاقون من نصب ، وقد أيقنوا أن الخروج يتحتم عليهم ، فتجمعوا وتواثقوا على نصرة الحق ، وخرجوالأداءما يلزمهم فى حق الله ، فالتقوا براشد ابن النضرة وأعوانه بالمجازة من الظاهرة ، ودارت رحى الحرب بينهم ، ولم تضع أوزارها إلا بعد سحق جيش أبن النضر وأصحابه ، حتى انهزم المذكور، ولما تحقق الهزيمة لم ير له قررا بعمان، فتستأصل شأفته ، ويقضى عليه ، هرب شارداً على وجهه الى من يلجئه ، وملأ الله روعه رعبا ، ورأى أنوار الحق قد أشرقت ، ولوامع العدل قد أبرقت ، ولما تحقق المسلمون ذلك رجعوا الى قلب عمان ليجتمعوا الى إخوانهم أعمدة الايمان ، ويتناظرون هم وإياهم فى ذلك الشسأن ، فانهم قاتلوا راشدا بلا امام ولا سلطان ، وإنما كانوا جمهوريين يتبعون علماءهم ، فنزلوا منح حين رأوا الخطب قد هان، وأن الصعوبات قد سهلت ٠ والفرصة قد حانت ٠ فرجعوا ليدبروا الأمر على تعارف عام بينمم ولوائح النصر شركة طى وجوهم ٠ ١٠ وهنا حضرهم المشايخ الهداة الأدلاء على طريق الآخرة، وهم موسى ابن لبى جابر الأزكانى، وبشير بن المنذر النزوانى، ودبروا آراءهم حتى توجهت أنظارهم الحالية الى تقديم محمد بن عبد الله بن أبى عفان اليحمدى وكان المذكورمنأهل العراق، ولعله من أهل البصرة، لأن العمانيين قطنوا البصرة كما طمت ذلك، وص ض العراق، ورأوه فى الحال أسكن للأمر فان لكل وقت سياسة ، ولكل عمل ساسة ٠ قال الامام رحمه الله: انتقال الدولة من يد الجبابرة الى المسلمين، وتقديم محمد بن أبى عفان ، وأراد بالجبابرة المنار اليهم بقية آل الجلندى ، قال : وذلك انه لما كان من أمر راشد بن النضر ، ومحمد بن زائدة ما كان، رأى المسلمون الخروج عليهما، فتكاتبوا وهم يومئذ أهل ضعف، ناجتمعوا وتآلفوا على إقامة الحق ٠ قلت : الاجتماع و انالف أمر فعال فى الأمة مهما كانت، وله أهميته الحقيقية التى لا تزدها العوارض مهما كانت، قال الامام : ويقال كانعبد الملك بنحميد يومئذ شابا ، وأنه كان يدعو المسلمين الى المبايعة على راشد بن النضر ، قال : فأول من حكم محمد بن المعلى الأخنس الفشحى من كندة ، وخرجوا فى طلب راشد ، وذكر النص الذى قدمناه عن ابن رزيق ٠ وقال فى موضع آخر : محمد بن أبى عفان هو محمد بن عبد الله بن أبى عفان ، كان رجلا من اليحمد إلاأنهنشأفى العراق،وكان ض أهل العراق،والمعنى هو غير عمانى ٠ قال : فقدموا به الى عمان ، هذا يدل أنه كان وقع بينهم وابن أبى عفان تعارف على هذا الأمر ٠٠ وأن يصل المذكور عمان ، ويولوه الامارة فيها ، وكأنهم تخيلوا فيه كفاءة ، ولمحوا فيه نجابة ، ورأوا منه صلابة، فلذلك جاعوا به الى عمان ليبايعوه بالامامة، وهذا — ١١ رأى من كانت له معرفة بالرجل أما من لم تكن له فيه معرفة بقى على ما هو عليه ٠ قال الامام : واختلفوا فى صفة امامته ، وكأنهم بايعوه بالامامة قال : فقيل كان امام دفاع حتى تضع الحرب أوزارها ، وإذ ذاك ينظرون الأصلح للأمة ٠ قال كان أمير جيش،أى لم يبايع بالامامة، لكنمم ولوه السلطة ، فاعتبر نفسه بذلك أمه امام القوم ، قال : فأساء السيرة ، وبدل وغير ، وياويل من بدل وغير عند الإباضية ، لايغتفر له خطأه ولازلله ، فان المجلندى بن مسعود لما دمعت عيذه على أبناء عمه حبن رأى جنائزهم تمر به ، غضب عليه المسلمون وقالوا له : أعصبية يا جلندى ، ،عتزل أمرنا أو اعتزل أمر اسين ٠ والامام عزان بن قيس رحمه الله : لما حمل الصفر من حصن المصنعة الى حصن الرستاق تحرجوا عليه حيث ان آل قيس بن عزان كان موطنهم الرستاق ، فصارحو ه فى ذلك حتى أقنعهم بعذر ه الصحيح فكيف بامام يغير خطة الدين ، ويتعوج فى سبيل المسلمين ، وعلام قتل الصحابة رضوان الله عليهم امامهم عثمان بن عفان إلا على التبديل والتغييرقال الامام : وكان أى محمد بن أبى عفان ، يستقبلهم بالكلام الغليظ، أى يستقبل اخوافه المسلمين بالكلام الجافى بنحو كلام جبابرة الملوك، فاستنكروا أخلاقه، فإن المسلمين أهل توادد وتراحم وتعاطف، يتألمون على اخوانهم تألم الوالد الحنون على ولده الصغير، كما وصفهم الله فى كتابه، ولكن كان ابن أبى عفان علىخلافذلك، حتى قال وائل ابن أيوب، وهو من فضلاء المسلمين وعلمائهم فى الدين: ليس ابن أبى عفان بامام، بلذلكجبار، واذا خرجت هذه الكلمة — ١٢ ونحوها من لسان مثل وائل بن أيوب رحمه الله ، وهو من سادات المسلمين، فمتىتقوم لذلك الامام قائمة، واذا سمعما الأنصار فمتى ذلك الامام يجدهم أنصارا بل سرعان ما يرى نفسه فى خلاء من الأرض ٠ قال الامام : فعزله المسلمون حين لم يرضوا سيرته ولا مذهبه وكان ذلك فى النصف من ذى القعدة سنة ١٧٩ تسع وسبعين ومائة وذلك فى عمد هارون الرشيد الخليفة العام للمسلمين فى بغداد، فانه تولى الأمر فى سنة ١٧٠ وتوفى فى سنة ١٩٣ ٠ قاه الامام رحمه الله وكانت ولايته سنتين وشهرين إلا شيئا من الأيام ٠ قال الامام رحمه الله : وفى بيان الشرع من سيرة أبى عبد الله محمد ابن روح قال : أخبرفى أبو الحوارى رحمه الله ، أنه ذكر محمد ابن عفان فقال : هو عندنا خليع ، فقال أبو الحوارى عن الصلت بن خميس رحمه الله ، عن محمد بن محبوب رحمه الله أنه ذكر محمد بن أبى عفان فقال . هو عندنا خليع ٠ قال أبو الحوارى ، وأما المؤثر فقال يضيق عن خلعه أى لا يرى خلعه ٠ قال هلو أن رجل من أهل زماننا برىء من محمد بن أبى عغان من أجل ما يجده فى الكتم عن أبى أيوب وائل ابن أيوب الحضرمى رحمه الله ، أنه قال : إن ابن أبى عفان كان جبارا ، ومن أجل إذ سمع محمد بن محبوب رحمهم الله يبرأمنه خيبرى، منه من أجل ذلك ، من أجل ذلك ، من غيد أن يصح معه من ابن أبى عفان مكفرة، فان ذلك الرجل على هذه الصغة عندنا خليع، أى تبرأمن أجل ما وجده فى الأثر ، فمذا خليع أى لأن ما فى الأثر يحتمل أن ابن ١٣- أبى عفان رجع عما كان عليه ، ويحتمل أنه تاب من كل ما يعد طيه، أو احتمل أنذلك منه علىجهة الاجتهاد، وإن أخطأ المنمج الصحيح ، فلا يليق التبرؤ منه على هذا المسبيل ، حتى يعلم منه أنه فاعل لذلك المحجور عطى جهة الانتماك أو الظلم المحض ونحو ذلك، فلما كان الحال محتملا أشياء من هذا النوع، فالاعراض عن البراءة وغيرها من المفروض عطى المسلم ٠ اعمل محمد بن ابى عفان فى عمان اعلم أن محمد بن أبى عفان ، لما تولى لمر عمان بواسطة المشايخ الذين جاعوا به من العراق وبايعوه اماما للمسلمين ، ورأى العمانيون منسه خلاه منمجمم كان من طبعمم الاسراع الى التبرى وشمق العصا وإثارة الشقاق، ولا احتمال عندهم ولا تقية، ولا تريث ولا محاباة ولا هوادة فى أقل نيل كما طمت ض أحوالهم التى ذكرناها، وشدتمم فى الدين، وكان محمد بن أبى عفان يرى أن له مطلق النفوذ فى الأمة، فكان وائل رحمه الله يقول : ان ابن أبى عفان سبيله سبيل امام حضرموت ، وهو عبد الله ابن سعيد ، وقد عزله أهل حضرموت ، وقدموا عليه خنبشا وهذا من شدة الاباضية، إذ كان الرجل إباضيا وأهل حضرموت كلهم إباضية ، كان ابن أبى عفان جعل سعيد بن زياد البكرى وزيرا فى أعماله حال إمامته، وكان هذا جاهلا عسيفا فى الأمور ظالما لا يبالى، عد عليه المسلمون أشياء كانت عندهم من أعمال ابن أبى عفان ٠ كان سعيد البكرى يتولى الأمور المامة عند المسلمين، وكان يفعل فيها بمقتضى نظره دون المسلمين، قال الامام رحمه الله : كان ابن أبى عفان قد أرسل سعيد بن زياد البكرى الى أهل الأحداث من أهل المشرق أى مشرق عمان خاصة، قال : فلما وصل إليمم وكان بينه وبينهم ما كان ، وظمر عليهم سعيد واستولى على بلادهم ، وأراد دمارها ، بعث رسولا الى موسى بن أبى جابر وقال سعيد للرسول : أن يقول لموسى ان سعيدا يقطع نخل بثى نجو، فلما وصل الرسول الى موسى قال له إن سعيدا يقطع نخل بنى نجو ، فقال له موسى : ( ما قطعتم من لينة ١٥ أو تركتموها قائمة على أصولما فباذن الله وليخزى الفاسقين ) ، فلما رجع الرسول الى سعيد وأخبره بماقال موسى ، أقبل سعيد على قطع النخل ، وكان القطع قبل ذلك لم يكن ، وكأنه استفتى الشيخ موسى ابن أبى جابر فى قصده هذا ، وفهم منه الجوازوعدم الحرج ، فلذلك قام يقطع النخل ويهدم المنازل ٠ ذكر ذلك أبو الحوارى ٠ قلت : إن هذا الحال إن صح فقدرضيه الامام العلامة موسى بن أبى جابر رحمه اللم ، إذ أقره ولم يمنعم ، وكأنه يرى له ذلك ، ولعله رأى أن بنى نجوهم أنصار راشد بن النضر ومحمد بن زائدة ، ولذلك كان القتل فيهم فى وقعة المجازة آكثر من غيرهم ، حيث هم أنصار البغاة من آل الجلندى ، فرأى الامام موسى ابن أبى جابر رحمه الله قطع نخلهم كسرا لقوتهم ، وهو واضح جلى ، وقال أبو الحوارى رحمه الله : قد حفظنا ذلك عمن حفظنا من أهل العلم المأمونين على ذلك ، وقال وائل بن أيوب : فأما ما أحرق سعيد بن زياد مما أحرق مع راشد بن النضر ، فلو ألقى فى النار لكان آهلا ، أى لو عوقب سعيد بن زياد بذلك لكان أهلا لذلك العقاب وحقيقا به ٠ قال : وأما من أحرق سعيد ممن لم يحرق فان كان بعثه امام كان ذلك فى بيت المال ، أى اذا أخطا عامل الامام ، وكان مأمورا بذلك من قبل الامام كان خطأه فى بيت المال ، حتى لا تنكسر نفسه فيجبن عن القيام بأوامر المسلمين وبيت المال أصله مشروع لمصالح المسلمين ٠ قال عبد الله بن نافع : فان الامام يومئذ كان ابن أبى عفان وهو الذى بعثه ٠ قال واتل : إن ابن أبى عهان ليس بامام بل ذلك جبار ، ١٦- قال : وحفظ الحوارى عن محمد بن محبوب عن أبى صفرة عن وائل ابن أيوب ، أنه قال : لو كان ابن أبى عفان إماما لكان ما أحدث سعيد ابن زياد فى بيت المال ٠ وقال محمد محبوب : ما سمعنا من أحد من قواد هذه الدولة أولاها ولا أخراها صنع ولا سار فى أهل حربهم بشر مما صنع سعيد بن زياد البكرى ، من سفك الدماء ، وحرق المنازل والأمتعة، وأخذ البرىءبالسقيم، وترك الأمربالمعروف والنمى عن المنكر ، إنكارا على محمد بن أبى عفان وأعماله ، فانه جعل سعيد بن زياد وزيره ، وسيف دولته وقائد جيثسه ، وقد أرسله الى أهل الأحداث من بنى نجو ، وأعوانهم الذين كانوا أنصار راشد بن النضر ومحمد بن زائدة ، وأن بشير بن المنذر رحمه الله لما استشاره سعيد فى ذلك لم يقل فيه شيئا ، فكان دليل رضائه به فلم اللوم والتأنيب وقد قام بواجب من قبل امامه القائم بالأمر ، وبعد انحلال دولة ابن أبى عفان ، وتولى الأمر الامام الوارث بن كعب ، كان سعيد بن زياد هاربا من عمان الى البحرين ، متخوفا من أهل الأحداث السابقة فى عمان منه ، وما رجع أيام الوارث إذ كان الامام رحمة الله قد جفاه وأقصاه ، ولم يقبل منهصرفاولاعدلا،فخرج الى البحرينمنأجلذلك الى أن توفى الامام الوارث ٠ وبعد و فاقه رجع فحمله الامام غسان على فرس وأحسن اليه فى وفادته طيه، ولعله رآه محقا فيما صنع،وانكانفىتلك الأمور ملاما فعلى الامام ، أو أنه جاءه تائبا مما وقع منه متعذرا بأعذار تسوغ له ما فعل ، وقال وائل بن أيوب ، وهو أشدهم على سعيد بن زياد المذكور : الوارث ليس بوكيل للمسلمين، أوقال للنساس كان يسعه مجامعة سعيد بن زياد ، أى الاجتماع به ومراجعته معه حتى يطلب اليه ١٧-- من يطلب من أهل الحقوق فينصغهم غسان منه ، ويعطيهم الذى لهم منه، وحيث لاشاكى منه فيسع الامام السكوت ٠قلت : لما رأى الناس أن الامام التفت اليه وقربه ودأناه وأعطاه فرسا كان ذلك دليل رضاه عنه وتقريبه إياه يؤثر على الغير ، إلا أن الظاهر لا يرى الامام على سعيد بن زياد شيئا والله أعلم ، وفى هذه الأثناء فجمع المسلمون بوفاة شيخ الاسلام أحدحملة العلم بشير بن المنذر النزوانى العقرى رحمه الله ، جد بنى زياد أهل العقر ، وهو من سامة ابن لؤى بن غالب القرشى ، فكان لوفاته أثر كبير فى نفوس المسلمين وكانت وفاته فى شهر ربيع الأول سنة ١٧٨ ثمان وسبعين ومائة رحمه الله وغفر له ٠ (م ٢ - عمان عبر التاريخ ج٢) - ١٨ — العمل فى عزل محمد بن ابى عفان عن الأمر لما أجمع رأى المسلمين عطى عزل محمد بن أبى عفان عن الأمر ، احتالوا عليه بالخروج من نزوى، فلما أخرج تولوا الأمور التى كانت فى يده ٠ قال أبو قحطان رحمه الله ٠ أخرج المسلمون ابن أبى عفان من نزوى حين ظهرت منه أحداث لم تعجبهم ، ولم يرضوا سيرته فأخرجو • من نزوى باحتيال ، فلما خرج من نزوى اجتمعوا واختاروا لأنفسمم إماما ، فقدموا وارث بن كعب ، قال : ولو كان لابن عفان امامة أو قال أصل إمامة ما قدموا عليه وارث بنكعبحتى يظمروا للناس ما يحل بهعزله، ويحتجوا طيه ٠ قال الامام : وف بيان الشرع قال : أخبرنا أبو محمد الفضل بن الحوارى ، عن زيد بن مثوبة أنه أخبره بأنه لما أراد المسلمون أن يعزلوا محمد بن أبى عفان حضر موسى بن أبى جابر العسكر وهو شيخ كبير مثدود على حاجبيه بعمامة وهو نائم على سرير فى العسكر، وشاعت الاشاعة بقصد القوم - وبلغ سائر المسلمين، وكان الوارثبنكعبممنبلغهذلك،وكأنهلايراه ٠ قل : وقد خرج وارث يريد العسكر مناظرا ومحتجا لابن أبى عفان ، إذ أرادوا عزله ، فقال لموسى : من إمامنا ؟ فقال موسى أنا امامكم، فلما وصل وارث نزوى أخذ موسى بيده فقدمه اماما للناس ٠ قال فما علمنا أن أحدا من الناس عاب ذلك على وارث ٠ قلت : ان كان للغيب مساغ فعلى موسى لاعلى الوارث، الا ان كان يعنى خروج الوارث مناظرا عن ابن أبى عفان، ١٩-- وأفه لميعبعليهذلكأحد منأهل لعلم ٠ قلت : ان الوارثواحد من المسلمين ، وإن كان يرى له ذلك الوارث ، هخير الوارث لا يراه وهم الحجة فى المسلمين على الوارث، وله رأيه ولا يعارض رأى غيره من المسلمين، ورأى أهل الط والعقد والمبلين بعناء الأمور هم الحجة غيما ، وكان الوارث قبل هذا التاريخ غير مبتلى بأمور أهك عمان ، وكأن الوارث كان مع القوم المجتمعين لعزل محمد بن أبى ععان، وإن كان لا يلم ما ف سى القوم ، وهذا يخالف ما يروى ف أصل إمامة الامام الوارث رحمه الله من الكرأمة التى ظمرت له فى هذا الأثناء كما سوف تراه أيما القارى فى إمامة الامام المذكور، ولعل لك الكرامة وقعت للامام قبل هذا الوقت، وكان انفعالما فى هذا الوقت المشار اليه، وكأن هذا الامام من أفضل أئمة عمان وأقوممم فى الدين ، ومن أزهد الرجال الذين عرفمم التاريخ فى هذه الآونة ، والذى يظمر أن تلك الأحدوثة التاريخية كانت للوارث قبل هذا الوقت الذى جاء فيه مع المشايخ لمذا الصدد ٠ ٢٠ -- إمامة الإمام الوارث بن كسب الخروصى بعد محمد بن أبى عفان بويع بالامامة الوارث بن كعب الخروصى من أهل بلدة هجار من وادى بنى خروص، ولا يخفى أن بنى خروص فى عمان حضيرة الامامة ، ومنبت الزهد والورع ، وبيت القصيد فى الفضل دينا وإيمانا وزهدا وورعا، ومعدن فضل فى عمان لاينكره إلاجاهل،وكيفيلحقعينالمسنكران٠ وكان الوارث أول امام من هذه القبيلة النبيلة، ثم توالت الامامة منهم وقد أشرنا الى خصال هذه القبيلة فى الاسعاف، وفى العنوان، بما لا يستدعى الإعادة ، ومن حيث ان انوارث أول حجر الدولة اليحمدية ، كما قلنا فى العنوان وغيره: و أنه لخير أول: والى اليحمد الكرام تناهت وبها منهم مثت أمراء منهم الوارث الامام بن كعب ليتما القرم بدرها الوضاء وتوالت أئمة من خروص سادة قادة المدى علماء قام سلطانمم على العدل عهدا وعلى العدل يستطاب الثنا ٠ ٢١ — قال رسول الله طلتة : الغاس معادن ٠ الحديث ، وبنو خروص معدن دين وإيمان وعلم وعمل ، وهدى وتقوى طيلة العهد الاسلامى فى عمان ، فخرجت منهم أئمة أنجبها الدين والايمان الى هذا العهد الذى نحن فيه وبنو خروص فى مقدمة الأفاضل الأخيار علما وعملا ودينا وايمانا ٠ ٢٢ - مؤهلات الهمام الوارث بن كسب للإمامة اعلم أن الوارث بن كعب أشتهر بانفضل والورع والزهد ٠ وتحدث عنه الناس بذلك فى النوادى، وشاعت كراماته حتى تحدث الكون معه بامامته وخوطب بها من حيث لا يعلم ، جل يسمع صوتا ولا يرى شخصا ، فكان فى أيام بنى الجلندى سرا مخزونا، وقد خبأه الله لوقته ٠ قال الامام فى سبب اختيار المسلمين للوارث رحمه الله : تحتمل صحته وان صح فالظاهر أن ذلك كان وقت الجبابرة من بنى الجلندى قبل ظهور المسلمين عليهم، فتكون تلك الحالة منقبة للوارث محفوظة له منذ مدة من الزمان ، فظهرت ثمرتها فى أوانها برغبة المسلمين فى تقديمه ٠ قال : وذلك ماقيلان الوارث كان يسكن هجار من وادى بنى خروص وكان يرى الرؤيا فى نومه تدل على ظهور الحق على يده ، وأنه كان ذات يوم يحرث فى زرع له فسمع صوتا يقول له : اترك حرثك وسر الى نزوى وأقم بها الحق ٠ ثم ناداه ثانية وثالثة بذلك، فألمم الوارث أن يجيب القائل بقوله : ومن أنصارى وأنا رجل صعيف ؟ فقيل له : أنصارك جنود الله ، فقال فى نفسه ان يكن هذا حقا فليكن مصاب مجزى ، هذا ينبت ويحضر من الثجرة التى أصله منها ، فغرسه فى الأرض فنبت شجرة ليمون، ويسميه أهل عمان لومى، فنبت شجرة لومى، ويقال إن هذه الثجرة موجودة الى !لآن ، وهى مركر امامته المحفوظة قلت : نعم هذا أمر متداول شائع شيوع شهرة عند الخاص والعام من أهل عمان ، وقد وقفت على هذا الشجر بنفسى وهو لا يزال جديدا كأن لم يمر طيه أكثر من نصف قرن ، واذا بالواقع قد مر عليه ٢٣- أكثر من ألف سنة ومائتى سنة تقريبا ، ولا يزال الى هذا العهد الذى أحرر فيه أنا هذه الصحائف ٠ قال : ثم سار الى نزوى وهى فى أيدى الجبابرة من آل الجلندى، وقد ملؤوها جورا وظلما، فلما وصل الوارث نزوى وجد خبازا يخبز وجنديا من جند السلطان يأكل خبزه ، والخباز يستغيث بالله والمسلمين منه، فلما رآه أى الوارث على ذلك الحال زجره ثلاثا فلم ينته ، فقتله فمضى مسرعا الى مسجد هناك على شاطىء الوادى قريبا ، والآن يسمى مسجد النصر ٠ قال : فأسرعت اليه أى جنود السلطان لتقتله، فلما وصلوا قريبا منه رأوا المسجد قدغصمن الرجال المقاتلة فلم يصلوه ٠ قالوا فلذلك اختاره المسلمون عليهم اماما، قلت ولعل القضية قد دبرت كذلك ، وقد وقع عليها التامر بأنه اذا قدر هذا الرجل على التجرؤ على هذا الأمر فنحن معه نناصره والا فنعتذر بأعذر فى المقام ، وأنا أظن هذا الوجه أرجح ، لأن المسلمين بعد وقعة المجارة رأوه لوائح النصر تؤيدهم، واجتماعمم كان فعالا على الأعداء طبعا، وسموا المسجد مسجد النضر بعد ذلك لأجل هذا الحادث وذلك ظاهر، فان بناء الجبابرة فى هذه الآونة قدهم أن ينهار ، ويمكن أن يكون هذا وغيره فى القضية وعلى كلحال هومن كرامات الوارث الذىسيجعله الله الوارث الحقيقىللأمر عن الجبابرة المفسدين ٠ قال الامام رحمه الله :وقيل انه لما خرج الوارث لاظمار العدل تخلف عنه أخوه محمد بن كعب ، ولا ريب فان الجاهل على خلاف العاقل، وبينمما تباين لايزالحتى بين الأنبياء والعلماء والصالحين، وهكذا فقالوا خزر عنه،ولعله كان على رأيه مواطئا له، فلما حق الأمر تلاوذ عنه فسموه خزيرا ، وشاع ذلك علطيه حتى عاد لم يعرف الابه، وشاع على ذريته الى الآن ٠ ٢٤- قال الامام : فبنوه يقال لمم بنو خزير ، ومر أى الوارث فى حال توجمه الى نزوى على بئر لبنى صبح أهل القرية المعروفة بقرية بنى صبح ، يقال لتلك البئر زكت بنى صبح ، وكان عليه رجل من بنى صبح ، ومعه أربعون رجلا من قومه ٠ فصحبوا الامام الوارث مناصربن له وموازين، وهذا يؤيد ما قلنا ان الرجل كان معه ناس وكان الأمر مبينا على تعارف صحيح سار عليه الوارث متجردا لله مناصرا لدينه ، قال : فأوصى لهم أى ا لوراث بايقاف مال ينفق منه على من حضر الانفاق فى موضع مخصوص من المجار إلا لمانع كمطر ونحوه ، فما زاد عن ذلك فانه ينفق على إهل الهجار وستال خاصة قال : وأوصى لأهل زكت منه بأربعين سهما ، أى عدد رؤوس الرجال الذين خرجوا معه ينفق فيهم وف ذراريمم، ولو بقى منهم رجل واحد فهم يعطون أربعين سهما ، ومنع منه بنى أخيه لخزره عنه ، قال موقفه يقسم الى اليوم على ما لوصى به ٠ قال : ولا يستطيع أحد من بنى خزير أن يأخذ منه أى الوقف لتعجيل العقوبة ، وهذه كرامة أخرى فى هذا الواقف • قال الامام : ولمذا الوقف آثار شاهرة وكرامات ظاهرة ذكرها لنا من نثق به منهما اذا أنفق فى الموضع المخصوص رأوا فيه زيادة طى القدر الذى عهدوه ، وإن أنفقوم فى غير ذلك الموضع لعذر وجدوه كما عهدوه من كيل أو وزن ، ومنها أنه اذا أكل من الوقف المذكور غير مستحقة عوجل بالعقوبة ولو دابة أكلت منه مع علم صاحبما بذلك عوقبت ، وان لم يعلم صاحبها لم يصبها شى ، أى لأنها بهيمة لم تكلفت فهذه أحوال هذا الوقف على ما ذكره المؤرخون ، وهذه الكرامات لاتزال خالدة باقية الى هذا العمد ، وهى من العجائب فى - ٢٥ — اعتبار اهل العقول قال :وعند الثقة من هذه الأحوال آشياء مما لم يتجاسر الناقل أن نأخذه عنه ، والمعنى أنما أشياء ربما لا تدخل فى أذواق العقلاء لأنما خوارق عادات ٠ ولا شك أن كرامات الأولياء معجزات لأنبيائهم،تدلعلىصدق الاتباع لمم والاخلاص للهعزوجل،ولاريب فانها ثمر الاخلاص والتقوى ، وبرهان صدق الايمان ، وكم مثل هذا ذكره أهل العلم لأشياخ المسلمين وعلمائمم أتمتهم إلا أن المعجزة تأتى طى سبيل التحدى لاعجاز الخصم ، ولذلك سميت معجزات حيث أعجزت المعارض ، أما الكرامة فلكونما إكراما لصاحبما وعلو شان له فى الدين، فان الله لا يضع الكرامة لغير كريم فى الدين كما يثير الى ذلك قوله تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وزهد الوارث وورعه وتقواه () أنزلته تلك المنزلة العالية فى الدنيا، كما أنها عنوان منزلته فى الآخرة ان عاء الله ٠ فمذه الأحوال هى التى أهلت الوارث بن كعب لأن يكون أمير المؤمنين (١) قلت وللوارث كرامات شهعة حتىمنما أن الطين الذى اصلح به جدران مسجد الامام فيه حب بر باق فى جدرانه الى هذا العهد ، وما ذلك الاكرامات ظاهرة ظهور الشمس رابعة النهار ، ومنها قال ابن رزيق العمانى فى تاريخه مر على ناس مصلوبين فى الرشاق فى الشمس ظلما فأطلقهم ، ومنها لا تزال غمامة تقف أعلى بيت الامام الوارث بالهجار تنفنف عليه قحلرات من ماء دون باقى الناس ، وعدم مس الوادى لقبره اذا جاء جارفا يدور به ولايمسه ، ويقال لما أراد أن يبنى مسجده جاعت غمامة فوقفت اعلى المكان فبنى المسجد على دورة ظلها ، ولذلك سمى بمسجد الغمامة ، وهو باق الى الآن فهل يعقل ان بناء طين يبقى هذه المدة الا كرامة لصاحبه والحمد لله . — ٢١ — جعمان ، وامام المسلمين بغير نكران ، والفتت الأنظار اليه والى عثيرته التى لم تزل تخرج للناس فصول خواتم ينفحن عطرا أو قل بحور مكام يقذفن درا ، لا بل شموس معارف يشرقن نورا ، فلم تزل الأئمة تخرج من هذه القبيلة فى عمان لصدق الايمان وصحة التقوى ، ولم تزل الامامة ضاربة أطنابها فيهم طيذة تلك العمود المارة ، وان ظهرت فى بعض الأحيان ، فسرعان ماتعود اليهم وقل أن يكون بطن منهم إلا وفيه امام أو أئمة ، لأن الدين عند الأباضية مقدم طى غيره ، وسبق لنا فى الهمزية ، والى اليحمد الكرام تناهت الأبيات والى اليحمد الكرام تناهت وبما منهم مشت أمراء منهم الوارث الامام بن كعب ليثها القرم بدرها الوضاء وتوالت أئمة من خروص سادة قادة المدى علماء قام سلطانهم على العدل عهدا وعلى العدل يستطاب الثناء للممنا ومن كمثل الممنا قوة لم تج بها الأقوياء أصلت الصلت للمعادين إصل يت إنتقام فبادت الخصماء دولة اليحمد الميامين ظلت برهة كلما رضى وإرتضاء ٢٧- تحقيق البيعة للإمام الوارث بن كسب الخروصى بعد عزل محمد بن أبى عفان تناظر المسلمون فيمن يكون هو الامام للمسلمين بعمان ، ومخضوا ما لديهم من أنظار ، واذا بالوارث بن كعب فى المقدمة ، إذ شاعت كراماته لديمم ، وفاضت فواضله اليهم ، فكان بطل الحق وأمير العدالة الذى لا تأخذه لومة لائم ، إذ بادر الجبار بقتل جنديه فى نزوى ، وبارز البغى الصريح بالحسام الأحمر الدامى ، فاجتمع المسلمون عليه ٠ قال الامام رحمه الله : هو أول امام من بنى خروص وهم من اليحمد وذلك بعدأن عزل محمد بن أبى عفان ، وكان ذلك فى ذى القعدة سنة ١٩٧ سبع وتسعين ومائة ٠ قال : وف بيان الشرع قال أخبرنا أبو محمد الفضلى بن الحورى عن زياد بن مثوبة أنه أخبره بأنه : لما أراد المسلمون عزل محمد بن أبى عفان حضر موسى بن أبى جابر العسكر، وهو شيخ كبير مشدود طى حاجبيه بعمامة ، وذكر ما قدمنا من الحديث كما ذكره أهل العلم ٠ قال أبو الحسن : بايعوا الوارث بن كعب على ما بويع عليه أئمة العدل ، وعلى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، والشرى فى سبيل الله وإظهار الحق وإخماد الباطل والجماد فى سبيل الله وقتال الفئة الباغية ، وكل فرقة امتنعت عن الحق حتى تفى، الى أمر الله لا يستحلون منمم غنيمة مال ، ولا سبى عيال ، ولا انتحال هجرة بعد النبى صلى الله عليه وآله وسلم ولا يسموا بالتسرك أهل القبلة ما بينوا الشهادتين ، أى ما داموا يقولون بهما ويعترفون بمنطوقهما ومفهومها ٠ -٢٨- قال : فقام وارث بالحق ما شاء الله والمسلمون عنه راضون، وله موازرون ، وعليه مجتمعون ، ولمن امتتع عن طاعته مفارقون ، وآمنت عمان فى أيامه ، وزال عنها ظلم الطغاة وجور البغاة ، وصارت به خير دار لأن العدل يعمر الديار إجماعا كماطم ذلك قديما وحديثا، وكان الوارث من الرجال الأوفياء لله وأهل الخوف من الله وقد تفانى المسلمون فى طاعته ٠ - ٢٩ - هلرون الرشيد يروم استرداد عمان الى خلافته لما تسنت للرشيد الخلافة العامة، وقر كرسى سلطته فى بغداد، التفت الى الممالك ليردها الى أمرة المالك، وكانت عمانكماعلمتعنما أولا وملوك بنى أمية والعباسيين أيضا واففصالها بعد ذلك حاول الرشيد ردها الى خلافته برغم رغبتها فجهز لها ابن عمه عيسى ابن جعفر بن المنصور ، وعقد له لواء على ستة آلاغ مقانل فيهم ألف فارس وخمسة آلاف راجل ، وجعل له ولايتها من غير أن يرسل للعمانيين، ويعلم ما عندهم، بل اعتمادا على القوة وتحملا للغطرسة، فجاء يسحب جيشه المذكور ، وبلغ العمانيين نبأ خروجه عليهم ليمحوهم من الوجود الاباضى الى غيره،ولكنلم يرض العمانيون ذلك، فكتب داود بن يزيد المهلبى الى والى صحار ، ووالى صحار كتب الى الامام الوارث فكتب الامام الى واليه مقارش بن محمد اليحمدى، وبعث اليه فى ثلاثة آلاف مقاتل فتلقاه الوالمى المذكور فى (حتى) بشمال صحار، فدارت رحى الحرب بينهم ، فأمكن الله من جيش عيسى بن جعفر بعد تمزق قوته ، وأسر الأكثر ، وذهب الجيش شغربغر هاربا على وجهه الى سفنه ليتحصن بها ، فقام له الليث الهصور أبو حميد بن فلج الحدانى ، السلوتى ومعه عمرون عمر فى البحر فى ثلاثة مراكب، فدخل عليهم أبو حميد بمركبه حتى تغلغل فيهم ، فسقط على عيسى بن جعفر فأسره وخرج به الى صحار ، فحبس فى صحار ، وتجهز الامام من نزوى للقاء عيسى ابن جعفر ، لأنه لا يدرى ماذا يكون منه وهل ينتصر أو يغلب ، فان جيوش بغداد مازالت تدق عمان دقا عنيفا ، والحرب سجال ، فلما وصل الامام سيفم خارجا على طريق الظاهرة لأن الغزاة دائما يكونون من هذا الطريق، وها هنا واغاه الخبر بمزيمة عيسى بن جعفر فرجع الى نزوى ٠ قال أبو الحولرى : فلما بلغ نزوى بلغه أن عيسى بن جعغر فى السجن، قال أبو الحوارى : بلغنا ان الامام الوارث قام فى الناس خطييا ، فقال : يا أيما الناس إنى قال عيسى بن جعفر غمن كان معه قول فليقل، قال : عبلغنا أن على بن عزرة وكان من فقماء المسلمين، لمقل إن قطته فواسع لك، وإن قركته مواسع لك، أى لأفه باغ والباغى حلال الدم ويجوز؛العفو عنه إذا رأى الامام الصلاح فى العفوعنه، قال :فامسكالامامعنقتلهوتركهفلسجن،قال: لماكانبعدذلكبلغنا أن قوما من المسلمين ، وفيمم رجل يقال له يحيى بن عبد العزيز رحمه الله - وكان من أفاضل المسلمين ولعله لميكن يقدم طيه أحد فى زمانه فى الفضل بعمان ، انطلقوا من حيث لا يعلم الامام حتى أتوا صحار ، فتسورا السجن فقتلوا عيسى بن جعفر فى السجن من حيث لا يعلم الامام ولا الوالى، وانصرفوا من ليلتهم ٠ قال: وبلغنا عنبشير بن المنذر رحمه الله أنه كان يقول:قاتلعيسى ابنجعفرلاتمسه النار، أو نال: لم يشم النار، أى بسبب قتله وليس حكما بالغيب ، وإنما هو حكم بالظاهر يعنى أفه إذا لم يفعل غير هذا لم يشم النار بسبه،قلت : هو مبالغه فىحليةقتله أى أن قتله لا شىء فيه من المحذور مطلقا ، لأنه باغ ظالم معتد على المسلمين فى وطنهم ، أراد أن يحتل بيضتهم ويقضى على عزتهم وكرامتم ببغيه ، قال آبو الحوارى هذا الذى حفظنا من خبر عيسى بن جعفر عن أهل ٣١- العلم المأمونين علىذلك، قال :ثم ذكر صورة الحكم فى قتله، والذى حفظناه من قول المسلمين : إن إمام المسلمين إذا قتل أو قتل والى المسلمين أن دماءهم للمسلمين حون أوليائمم، وكذلك إذا قتل قائد المسلمين فى مسيره أوقتلت سرية المسلمين ، قال : وللمسلمين أن يقتلوا من قتلهم كيفما قد رواه عليه فى غيلة أى غير غيلة ، قال : وف ذلك آثار المسلمين قائمة معروفة قلت : والى قضية عيسى بن جعفر يشير صاحب معالم الجزيرة ، حيث يقول : وف زمان هذا يعنى الوارث ، ارسل هارون الرشيد تجريدة على عمان فلم قصنع شيئا ، وكذلكا فى تعليق أمير البيان ، يقول : إلا أنهما لم يذكرا أسر العمانيين العيسى بن جعفر ، ولم يؤنبا الرشيد فى أعماله ، وإن قيل : إن الرشيد قد هلك منذ أعوام ٠ قلنا : إن تأنيب العرب ف مماجمة اخوانهم العرب يرد الضمائر الآتية عن عمل السوء فى جافب إخوانمم، إن كانت ضمائرهم صحيحة ٠ وكان الامام محمد بن محبوب رحمه الله فى مكة خرج حاجا ، فجاء عيسى بن جعفر الى عمان ، قال ابن محبوب : فبلنى خبر هزيمته فى مكة أى لكون القضية من مهمات الاسلام على العموم ، ومن مممات العرب على الخصوص ، ومن ممام أهل عمان على الأخص ، ولأن وراءها هارون ، وقد علم شأنه وقوة سلطانه عاتيا ، وقد هلك جيشه وابن عمه ، قال ابن محبوب رحمه النه : فقال والدى يعنى محبوبا لما بلغهخبر هزيمته وأنهم أخذوه أسيرا فقال محبوب للرجل الذى أخبره عن أسر عيسى بن جعفر : سرنى إذ آخذوه أسيرا ، قال قلت : ولم يسرك ذلك ياأبا سفيان ؟ قال: ليمنوا عليه ٠ قال الرجل : فقلت ٣٢٠ — لمحبوب يا أبا سفيان لو كان معه كذا وكذا من رأس لقطعوها أهل عمان أو نحو هذا من القول ، قال : فقال هكذا أ قال : نعم ٠ قلت : وفى نفسى أن الامام الوارث ربما لاحظ هذا الحال الذى لاحظه ابن محبوب رحمه الله ، فان إطلاق عيسى بن جعفر منه كبيرة على هارون وآله، وما قتل الأحرار كالعفو عنم، ولكن قدر الله على هيس بن جعفر قاض بالقتل له ولامناص منه،وأن رأى الامام الرحيلى رحمه الله سديد رشيد،قال: وفى المصنف قال: وبلغنا آن المسلمين باعوا شيئا من لخيل التى كافت مع عيسى بن جعفر ، كما ثبت أنها كانت ألف فرس ، قال وتصدقوا بثمنما على الفقراء والدار قاصية بعيدة ٠قلت ذلك لأنمم يرونما بيت مال ، فان ما فى يد السلطأن هو بيت مال المسلمين وأما آموال أهل القبلة فلا تحى مطلقا عند الاباضية معما كانت أفعال البغاة عملا بسنة الله وسنة رسوله عليه السلام ٠ قال ولما بلغ هارون الرشيد خبر هزيمة جيشه الغازى عمان ، وبله أسر ابن عمه عيسى ، وأنه الآن فى يد عدوه هزه ذلك على حرب عمان ، فهم بانفاذ جيث كثيف لعمان ليمحو الآثار ، وينشر فى أهل عمان الدمار ، حتى بلغ خبره عمان ، ولا شك أن أهل عمان يتوقعون منه ذلك، فارتاع أهل عمان لذلك واهتموا منقبله أى اهتمام ثم فى هذا الأثناء قضى الله على هارون بالموت، فمات فى طوس ليلة السبت لثلاث خلون من جمادى الآخرة سنة ١٩٣ ثلاث وتسعين ومائة ، وأراح الله ه الأمة وتلك الدنياوهذا لهعلها بأهنا والله التعان ٠ — ٣٣- لم تر عمان أيام الامام الوارث سوءا ولم يغزها غاز بعد عيسى بن جعفر ، واطمأنت البلاد واستراحت العباد ، وظمرت معالم الرشاد ، وكبح المله جماح أهل العناد، وانقطعت شأفة الفساد، وصارت عمان خير دار، وذلك كله كرامة لإمامما البطل المغوار، الممدود من المسماء بالكرامات الكبار،التىهىمن أفضل المنن من الله لعباده الأبرار ٠ -٣٤- وفاة الامام الوارث بن كسب رحمه الله بعد ما قضى بن كعب رحمه الله اثنتى عشرة سنة وأشهر! فى إمامته، قائما لواجبات الله عزوجلعاملابمقتضى الكتاب والسنة، حافظا لحقوق الأمة ، حاميا للبيضة، جاءه مالابد منه لينتقل من دار الفناء الى دار البقاء التى هى المرجع للكل ، وذلك آن حبس المسلمين كان عند سوقم مايل من نزوى فى وادى كلبوه تحت الشجر ، ولعل هناك كانت ظهرة مرتفعة عن مجرى السيل إلا إذا جاء جارفا يفيض إليها فيغمرها سيله ، وأنه وقع مطر غزير وسالت الأودية وبالأخص وادى كلبوه، وكأن الامام لما رأى الوادى يترايد ويرتفع أمر باطلاق المساجين خوفا عليهم من اجتياح الواد ى لهم ، فلم يجسر أحد أن يصل إليهم ، ولما رأى الامام رحمه الله ذلك عز علبه أن يصبح مساجينه ضحية الوادى وهو حى يغدو ويروح ، فقال قولته المشهورة : أمانتى وأنا مسئول عنهم غدا ، وارتمى إليهم لينجيهم مهما استطاع ، فطغى عليه السيل فحمله مع مساجينه وهم على ما يقال كانوا عددا ، ثم تبع الامام ناس من أصحابه ممن عاهد الله مع إمامه فى حله وترحاله ، فكانوا على ما قيل سبعين رجلا حملهم السيل فأغرقهم ٠ قال الامام : لم يزل الوارث إماما حسن السيرة قائما بالعدل حتى اختار الله له ما لديه،فكان سبب موته أنه غرق فى سيل والدى كلبوه من نزوى ، وغرق ومعه سبعون رجلا من أصحابه وذكر الحادثة بعينها ، وكذاقال ابن رزيق فى تاريخه، ولايقال إن هذاإلقاءللنفس فى التطكة التى نهى الله عنها، فانما هذاقيام بالواجب واجتهاد فى ٣٥ — الله ، والمسلمون إخوان وأعوان ، ومن الجائز أن يصل الامام وأصحابه الى غرضمم ، ومن الممكن أن يخف الماء فى ذلك الحين حتى يبلغ المسلمون أربمم، ولما كان القضاء والقدر حاكمين طى أولئك بالهلاك، فلا لوم طيهم ، قلت : ( لو كتم فى بروج مشيدة ، لبرز الذين كتب عليهم لقتل الىمضاجعهم)الآيةحملهملسيلجميعا الاماموأصحابه،والمسجونون معا ، وبعد تنازل الجارف خرجوا يتفقدونهم فى الجرى ، وإذا بالامام المرضى على شعير الواد ى عند الطريق السافل من سعال بالجانب الثرقى منه ، فصاح صائحمم وتلاقوا عليه وأراده كل فريق أن يتولوه ويدفنوه معمم ، وهموا أن يقتتلوا عطى ذلك خصوصا أهل العقر وأهل سعال ، وبلغ الأمر الاعتماد على القوة، وأخيرا اتفقوا أن يدفنوه فى المكان الذى وجدوه غيهصلحابين الطرفين، فقراضوا بذلك ودفن مكانه، وإذا طغى السيل ووصل الى ذلك المكان افترق عن القبر ولم يمسه، وهذه إحدى كراماته ، وقبره معروف عند الكل ، وكان الأئمة يزورونه باستمرار ، لكونه كان فقيد الأمة الاباضية بعمان،المنقذ لها منظلم الجبابرة من آل الجلندى وأعوانهم ، كان محبوبا فى الأمة الى حد بعيد ، كان مخلصا لقومه رءوفا بهم محسنا إليهم شفيقا عليهم ، يبذل النفس والنفيس فى صلاحهم ، لا ييالىبما يلاقى فى طاعة الله عز وجل، كثر الكرامات التى لا تزال باقية الأثر الى الآن ، انظر الى الوقف الذى منع منه آل أخيه محمد بن كعب الذى لقب بعده خزيرا لماكانمنه اذا أكل منه الخزيرى عوقب حالا أو أصيب، واذا كانت له زوجة خروصية تأكلمنوقف الوارث ولا يقدر زوجها أن ياكل منه، وإذا كانت خزيرية وزوجها خروصى فهو يأكل من الوقف وهى لا تقدر ، وهذا أمر مثاهد معهود طيلة هذه الأزمنة المارة، وهى فوق اثنى عثر قرنا، وانظر الى أئمة بنى خروص ولمائهم - ٣٦ — وأدبائهم ، ولا يوجد خزيرى عالما أو حتى شساعرا طى كثرة علماء بنى خروص وأهل الفضل فيهم فسبحان من له فى خلقه لسرار وف عباده عظيم الاعتبار ٠ كانت وفاة الامام الوارث رحمه الله فى اليوم الثالث من جمادى الأولى سنة ١٩٢ اثنتين وتسعين ومائة ، ومات الرشيد بعده بسنة واحدة فقط إذ مات سنة ١٩٣ وأراح الله الأمة من شره وشر ذويه ، وانقطع أمرهم عن عمان إلا ما سيأتى من حروب ابن بور عامل المعتضد ، وابتلت بهم عمان أشد ابتلاء حتى فرج الله أزمتهم بأهل الحق ، وأزال بغيهم ونغرتمم كما سيأتى ذلك فى محله إن شاء الله ٠ -٣٧- إمامة الامام غسان بنعد الله اليحمدى من الفجح على الصحيح عند الكل لما مات الوارث بن كعب رحمه الله ورضى عنه بايعوا بعده غسان بن عبد الله يوم الاثنين لست خلون من جمادى الأولى سنة ١٩٢ اثنين وتسعين ومائة فى عهد هارون الرشيد ، قال أبو زياد : لما غرق الوارث بنكعب رحمه لله، قال سليمان بن عثمان لمسعدة بنتميمعد فلج ضوت فى البطحاء ، أى من نزوى : نكتب الى أهل السر يأتون ، قال ابن تميم : إنما يريد عثمان أن نؤخر هذا الأمر حتى يجتمع الينا الناس، أوقال غوغاء الناس ٠ فيختلفون علينا، ولكنا نقطع الأمر، قال أبو الحسن بيعه المسلمون على ما بويع عليه الامام الوارث رحمهما الله ، فقام بالحق وعمل به ، وعز الحق فى أيامه ، وظمرت دعوة المسلمين بعمان، وكان فىأيامهجملةمن العلماء الذين هم مصابيح ظلمات الجهل، والهداة الى الله علماء أساطين ، وفقهاء ميامين ، وأخيار مخلصين ، سوف يمرطيك ذكرهم،وبعد مافرت الامامة علىكاهلغسان بن عبد الله، ورضى المسلمون إمامته،ولمينكرذلكأحدمن أهل الحق ٠ وقد قام غان الامام بحقوق الاسلام ومراشد الأنام للصالح العام ٠ ٣٨- الإمام غسان يخرج الى صحار لتوطيد الأمور هناك لا يخفى أن الطرف الصحارى فى الباطنة لا يزل منظورا اليه بأعين الاحترام من ناحية ، ومن ناحية أخرى بأعين المطامع لا سيما فى ذلك الأوان، فان الجانب الشمالى كان كرسى عمان، ومصب خيراتها، ومحط ثمراتها ، ومدخل غزاتها ، كما علمت ذلك مما حدث عنه التاريخ جاطية وإسلاما ، وأن بوارج الهند وفارس بدا منها على بحر عمان فساد ، فكانوا يخرجون غزاة للمارين فى البحر ، وللذين يظفرون بهم فى ساحل عمان، وكان هارون الرشيد قدهلكبعد ما تولىغسان أمر عمان ، فرأى من الضرورى تأمين البهر لأن طريق المسلمين فى البحر كطريقهم فى البر ، يجب أن يكون آمنا مطمئنا من معرة المفسدين فى الأرض، فخرج غسان من نزوى قاصداصحار ، وكان الخروج إذ ذاك على الرواحل وعلى الأقدام ولذلك يستدعى أياما فى الطريق، وأن السفر من نزوى المى صحارفى ذلك العهد كالسفر الآن الى الحج، إذ يبقى فى الطريق أياما ، فاذا وصل صحار كأنه وقع فى بئر بالنسبة الى داخلية عمان، فمتى تصل الأخبار عنه الى عمان الداخلية إلا بعدمدة لا سيما إذا كان المسير على الأقدام، أو الرواحل العادية، فاذا كان الأمر مثهماً فعلى الإبل المعدودة لمذا الشأن أو الخيل المهيأة لهذا ، المسومة عند أهل عمان ، قدم الامام غان صحار لخمس بقين من جمادى الآخرة سنة ٢٠١ إحدى ومائتين ٠ قال أهل التاريخ : وكان البوارج وهم كفار الهند يقعدون بأطراف عمان يسلبون المارة ، وينهبون القارة ، ويهربون الى ناحية فارس ٣٩- والعراق فكانوا فيما بلغنا يهاجمون النواحى الثماليةمن عمان، كدبا وجلفار وما حولها من تلك الأطراف، لعلهم ببعدها عن مركر الشراة العمانيين ، فرأى غسان رحمه الله أن ينظم لهم جندا يصادفهم فى البحر قطعا لفسادهم ، فاتخذ الزوارق ، وهو أول من اتخذها لتأمين البحر بعمان ، وهى ضرب من السفن ، فاتخذ منهما أسطولا لحماية شطوط عمان من القرصان الهنود وهو أول من اتخذها من أئمة عمان ، وأما الغرف فهو نوع من السفن يقرب من الشذاءات كما يسميها أهل البحر أيضا، أى أن الشذاءات هى السفن الصغيرة المهيأة لغزو القرصان فى البحر ، فغزا الجيث العمانى قراصنة البحر أينما حلوا وينما ظعنوا ، كلما جاءوا الى جانب وجدوا شراة البحر على استعداد تام ، فألقى الله الرعب فى قلوبهم ، فهربوا وانقطع فسادهم وزال بغيمم وعنادهم ٠ قال الامام: وأمن الله الناس من البوارج بهذه الشذاءات والغرف، أى السفن الصغيرة لأنها أخف سيرا وأسرع جريا فى البحر ، وأيسر مؤونة إذذاك فى ذلك العهد، ثم لما تم ما أراد رجع الامام الى نزوى يوم الاثنين لإحدى عشرة خلت من رجب سنة ٢٠٦ ست ومائتين ، فكانت مدة سفرته الى صحار ستة عشر يوما فقط ، كان الصلاح فيها عظيما والانفعال سريعا والحمد لله ٠ وبعد رجوعه رحمه الله ، قتل أبو راشد بن محمد بالأفلاج يوم الخميس لست من ربيع الأول من سنة ٢٠٧ سبع ومائتين ، وقتل صقر بن محمد بن زائدة بن جعفر الجلندانى، وكان لقتلهما أسباب غيرة على الحق،ذلك أن صقرا كان مستور الأحوال عند المسلمين،وهومنذريةآل الجلندى المتقدم ذكرهم، ذلك أن صقرا كان قد بايع المسلمين على ابن عمه راشد بن النضر بن سعيد الجلندانى، وأعان صقر المسلمين بالمال والسلاح،إذ كان من أعيان أهل عمان، وكان زعيما من زعماء آل الجلندى، فلما أزال الله ملك راشد بن النضروانتمى بوقعة المجازة من الظاهرة وهرب المذكور راغما ، وتولى المسلمون الأمركما قدمنا ٠ قال الامام : أذل الله الفاسق راشد بن النضروغيرنعمته، وأظمر الله دعوة المسلمين وكلمتهم ، خرج عطى المسلمين رجل من أهل الشرق من بنى هناءة ، وخرج معه بنو هناءة بغاة على الحق ، وكان هذا الخارج هو راشد بن شاذان بن غان بن سعيد بن شجاع المحاربى الهنائى ، فألقى بعض الناس الى المسلمين أن أخا صقر بن زائدة عند البغاة ، فاستنكروا ذلك واسترابوه ورأوه كبيرا من صقر ، حيث إنه معهم بالحال والمال والسلاح، وأن أخاه فى جيش الباغى طى المسلمين ٠ ولما ذكر لصقر ذلك قال: من يقول ذلك وإن أخى مريض عندى فى الدار، وكان صقر بومئذ فى سمائل، قال :فلماهزم لله البغاة أى المحاربى ومن معه ، وظفر المسلمون بهم تحقق أن أخا صقر كان مع البغاة، فعنذذلك اتهموا صقرا بالمداهنة لماسترعنهم أمرأخيه، وكان الامام يومئد بنزوى ، وكان الوالى على سمائل يومئذ أبو الوضاح ٠ قال : فرفع أبو الوضاح صقرا الى الامام مع سرية بعثها الامام لحمله، أى صح ذلك الحال مع المسلمين، وأرسل الامام الىصقرمن يحمله اليه بنزوى ليعاقبة أو ليستطلع حقيقة الرجل ، وخرج أبو الوضاح أى والى سمائل فى صحبة صقر المذكور الى الامام، ولايدوى خروجه هل كان لقصد الدفاع عن صقر إذ كان ييرئه من السوء المنسوب اليه فيعتنر عنه مع الامام ، أو لأمر آخر كان يكتمه فى نفسه ، وف أثناء د٤١ ا الطريق وافتمم سرية أخرى من الامام الى صقر بن زائدة ، وبعث معمم العلامة الكبير موسى بن عطى رحمه الله ٠ لئلا يقع بطش فى غير المستحق ، أو لأن صقرا كان من الزعماء الذين لهم أهمية ، فيخشى امتناعه فيقع بينه وبين شراة الامام أمر ، وكان موسى بن على الرجل الوحيد فى زمانه شرفا وفضلا وعلما وعملا ، فالتقت هذه السية بصقر ومن معه فى نجد السحاماة ، وهو المرتفع أطى وادى سمائل ووادى حلفين فبينما هم فى مسيرهم إذا اعترض ا لشراة صقرا فقتلو ه ، فلم يكن للوالى آبى الوضاح ولا لموسى بن عطى منعمم من قتله ٠ قال أبو الحوارى : وبلغنا آن موسى بن على رحمه الله خاف على نفسه ، فلو قال شيئا لقتلوه ولم يكن من الامام انكار ، أى طى القاتلين وكانت تلك الأيام الدولة فى أول شبابها ، وف صدر قوتها ونشاطما ، وجملة من المعلماء يديرون ثئونها ويقومون بمهماتها ٠ قال : فيحتمل سكوت الامام رحمه الله تعالى أحد وجمين ، إما أن يكون قد صح أن صقرا بايع عليه واستوجب بذلك القتل فأسر الى بعض الشراة أن يقتله ، ولم يتشهر هو بقتله كى لا تكون عصبية ، وإما أن يكون قد احتمل القاتل معه أن يكون قد قتله بحق علمه كما احتملوا ذلك فى تئلى عيى بعل جعفر ٠ قلت : هذا الاحتمال الأخير لاوجه له و إلا كان كل واحد يقول أقا قتلت فلافا بحق لى وليس هذا بشى٠ ، لكن الاحتمال الأول أقرب الى الصواب 1لا ترى الامام أرسل الى صقر سرية تحمله ثم أقبعما بأخرى تعززها ، همذا يدل عطى ثى٠ قد صح عند الامام ، وتد سبق أن آصل طلبمم لم أنه قد تحقق أن أخا م مع البغاة ، وأن المسلمين لما سس٤٢ - سألوا صقرا ناضل عن أخيه بقوله انه مريض معه فى الدار ، وهم قد تحققوا أنه مع البغاة، فبهذا رأوا منه ذلك خيانة للمسلمين استوجب بها القتل، وكانوا لشداء على أهل اننفاق، ونقول :ليت القوم لم يفعلوا فى صقر هذا ، وقد أعانهم بالمال والسلاح ، وايكدهم وقودى دولتهم، ولم تقم عطيه بعد حجة إلاقوله عن أخيه ذلك المقال، ولعل هناك أشياء لا ندرى حقيقتها وهم المبتلون بها ، وحاشاهم أن يقدموا علىأمركهذا إلاعلىصحة، فان أمر القتل كبير لا سيما أن الامام لميقل شيئا، فهذا دليلعلى أنهمنه وإلا ليس للشراة مثل هذا مع وجود الامام ، بخلاف قضية عيسى بن جعفر ، فان عيسى كان قائد الجيش،وكلمن قتل من المسلمين فقتله معدود عليبه باتفاق أهل العلم فى قواد الجيوش،كما يشير اليه قوله عليه الصلاة والسلام لهرقل : وإلا فعليك إثم الأريسيين ٠ قال : وأما خوف موسى بن على على نفسه لو أنكر فلم يتحقق ذلك ، وإنما هو مجرد ظن من موسى فى الشراة ، ولعله لو عارضهم وهم مأمورون بقتله من الامام لرأوه معارضا للمسلمين ورادا لأمر إمامهم، ويكون بذلك مؤيدا للباغى الممالىء على المسلمين،فلايبعد أنيكون منهم شركماظنه وهو الفطن اللبيب، وأما هو بحسب الظاهر مجرد ظن وخوف إذ قام الشراة بشدة على صقر، ولما رأى المحاربى المذكورقوة المسلمين ضاقت عليه الأرض بما رحبت ، فألقى نفسه الى اليحمد رهط الامام وهم الفجح من أهالى الرستاق ، فقاموا به عند الامام وأخذوا له عهدا من الامام غسان رحمه الله لا يعود لفساد الأرض ، وكان الامام رحمه الله قد قبل منهم ذلك ، فلعل السياسة اقتضت تفويض الفجح فيه بالعفوعماصدرت منه تلك القضايا المعدودة فى التاريخ ، فانه قام على نزوى فانتهبها وهاجم -م٤ -- دما من شرقية الباطنة ، وكان منه ما كان مما ذكره المؤرخون من قتل واليها وانتهابه لها، وكان رأس بغى وعمود ضلال ٠ وذكر ابن رزيق قضية صقر بن زائدة وأن الامام أرسل سرايا وكتب لواليه الذى يحصن سمائل وهو الوضاح بن عقبة أن يسلمه للشراة ، ولما صلوا هاجمته الشراة فقبضوا عليه ، ومضى الوالى معهم وذكر ما قدمنا من وصول السرية التى فيها موسى بن على شيخ المسلمين وعمدتهم فى الدبن ، والأحوال أولى بها من كان مبتلى بها ، وأما المحاربى المذكور فهو اشتهر بالبغى ، وفعل أشياء ينكرها العقل والنقل ، وتردد ذكره فى التاريخ والله يبتلى المسلمين بالبغاة المجرمين ، فبعد ما هاجم نزوى وانتهبها باغيا وهاجم دما باغيا ، وعاث فى أرض الله بغيا وعدوانا ، فهو أعخلم جرما من صقر الذى لم يعد طيه إلا كون أخيه مع البغاة ، وأنه كتم على المسلمين أمره ، فبهذا سيقت اليه السرايا الواحدة تلو الأخرى حتى قتله الشراة فى شميخ الاسلام موسى ابن على ، والوالى أبى الوضاح قبل أن يصل الى الامام ولو كان من الامام أمرا صادرا شاهرا ظاهرا لكان من حق موسى بن على ألايقتل فى وجهه فكيف وهو يقنل فى أيديهم الطريق ، فلماذا جاء إذا موسى بن على رحمه الله ، وهو علامة المسلمين ، ويترك المحاربى ويسكت عما فعله وهو أمر عظيم ، وصقر لم يفعل بعد شيئا ، بل فعل غقد أعان المسلمين بالمال وا لسلاح ، فانظروا الفرق بين القضيتين ، نعم الذى يجب أن نقول عليه أن الامام رأى قتل صقر فقتله ورأى العفو عن المحاربى فعفا عنه وله أن يعفو -٤- عن الباغى فى أحوال عديدة لا سيما إذا رأى المصلحة فى المعفو عذه ولا يزيده العفو عذه إلا وبالا مع الله إن لم يتدارك أمره بالتوب الى الله والرجوع اليهعزوجل، وحسن الظن بأئمة المسلمين وأهل الصلاح فى الدين واجب، وكلامنا على الفرض والتقدير والاحتمال الواجب على المسلم نحو أخيسه ٠ ٤٥- الإشادة بنزوى أيام غسان لا يخفى أنه لما توالت الغزوات على مركر الزعامة العمانية فى صحار ، وتوالى الغزاة الأشرار من العرب والفرس وغيرهم على الإمارة العمانية، ولم تزل الجيوش تساق من جمات شقى وكان مركر الامامة لا يزال ف قلق منسذ قتل الجلندى وهلم جرا الى عهد غسان الامام ومماجمة قراصنة الهذد البوارج وغيرهم ، وما كان قبل ذلك أيضا رأى المسلمون تحويل عاصمة الامامة من صحار الى داخلية عمان فى مكان يكون مالحا لاستقرار كرسى الامامة، وأنكونه فىصحار لايزل مهددا مرميا من أعداء عمان وأعداء مذهبهم بأسوأ العدوان، رأوا نزوى أمنع لمم وأصون لزعامتهم، وآقر لسلطانهم فانما فى قلب الداخلية والى الشرق منها أقرب من الغرب، وأكثر الغزاة من الجانب الشمالى الغربى دائما فاتفق نظرهم الى هذا ورأوها أصلح بلا جدال ، فأمروا أن يكون الامام بها ولا يخرج منما إلا لمهم يبدو أو لداع يستدعى الخروج ، وآن الغازى اذا جاء وبلغ خبره الامام أمكن أن يجمز له من يصده ويرده ويسد الثغور فى وجهه ، ويلتقيه بمن شساء من رجال عمان البواطقبلأنينالغراسالامأم،فانالامامفئةقومهوإيهيلجأ الخائف وإنه لنظر سديد ورأى حميد ، اعتمدوا له واتبعوا مقتضاه ، وإذ ذاك نظروا فى الجمعة فرأوها باقية لا تزال ثابتة الدعائم فى صحار ، يقوم بما نائب الامام فيها من قاض ووال ونحوهما ، وأن تقام فى نزوى مع وجود الامام بما لأنها شرعت فى بيضة المسنمين ، وأن الامام هو بيضتمم ومطمح نظر المعدو ، اليه دون غيره ٠ ٤٦ وخرجت فتاويهم فيها على هذا فلم ترل الجمعة باقية فى صحار منذذلكا العهد،كان بما امام لو لم يكن، إما بنزوى ففى أي-ام الأئمة ذلك المعنى الذى أشرنا اليه، وها نحن الآن نطالب السلطان بنقلما الى مسقط لكوفما الآن عاصمة عمان، ومنتدح أهل القطر، وبها عرش السلطان حين اختربت صحار ، وزالت عنما الصفات الحميدة وتغير الوضع فى هذه العصور الأخيرة ، فان المذهب منها هم أن يتقلص ظله ، وانتقل الأمر السلطانى الى مسقط ء وانحل عز صحار وانهار صرحها العالى، وأصبحت اسما بلا مسمى،ولله فىخلقه أحوال ولكل شىء غاية ينتمى اليما ، وحق على الله ألا يرفع شيئا من أمر هذه الدنيا إلا وضعه، وتلك الأيام نداولما بين التاس، ولقد قال الحكيم العربى: وإذا نظرت الى البقاع رأيتها تشقى كما شقى الرجال وتسعد ونزوى صارت كرسى الامامة فى عمان منذ العهد، قال الامام رحمه الله : وكان مقام الامام بنزوى فى بيت الامامة فى العقر ٠ قلت : هو الذى نسميه الآن نحن حصنا ، وهذا يدل أنهم اتخذوا للامامة فى نزوى مركرا خاصا للزعامة، وقد لازم نزوى الامام الوارث بن كعب رحمه الله،ولمتكنقبلهلذلك،بل استمر بما الحال بعده،وفى عهد الامام غسان سميت تخت ملك العرب ، أى فى عمان خاصة، فان تخت ملك العرب مطلقا كانمكةثم انتقل بمحمد عليه الصلاة والسلام الى المدينة ، ثم الى الشام أيام معاوية ، ثم الى العراق أيام بنى العباس وهكذا لكل جيل خصائص، قال الامام : وف زمانه أى زمان الامام غان رحمه الله سميت نزوى بيضة الاسلام : -٤٧- فافرق بماالبيد حتى يستبن لما فرق على بيضة الاسلام عنوان انزل فديتك عنما إن وجمتها تخت الأئمة مذ كافت ومذ كانوا قال الامام :قال ف بعض السيرولها مدائح فىكتاب سير العرب، وفى كتاب سير العجم تركت خوف الاطالة ، قلت ٠ ليتها لم تترك حتى نعلم عنما شيئا يحسن السكوت عطيه، وليتنا نعلم الكتابين المشار إليهما حتى نطلبهما، وحكاية الامام بذلكلاتكفيناولاتشفينا، والخلاصة معنا أن نزوى عرش الامامة فى عمان ، ولن يتبدل عنما العمانيون عاصمة لإمامتمم مهما كانت الحال فى عمان، فقد استوطنها الأئمة والعلماء والقضاء ، وكم حوت تربتها من امام وفقيه وزاهد وعابد : فان تيامنت الحوراء شاخصة لما مع السحب أكتاف وأحضان فحط رحلك عنها إنها بلغت نزوى وطافت بها للمجد أركان هناك انزل وقبل تربة نبتت بها الخلافة والإيمان إيمان انزل على عرصات كلما قدس للحق فيهن لزهار وأفنان انزل على عدنات النور حيث حوت أئمة الدين قيعان وظمران -٤٨- حيث الملائكة احتلت مشاهدهم لما على الحل والتعريج إدمان أرض مقدسة قد بركت وزكت تنصب فيما من الأنوار معنان ميمونة بركات الله تنفحمخا واليمن يثمره علم وإيمان رست بما هضبة الاسلام من حقب وإن قضت باستتار العدل أحيان قديمة الذكر عاذ الدين عائذها من يوم أصبح توحيد وقرآن قامت بما قبة الاسلام شامخة حتى تواضع بمرام وكيوان ولم تزل عرضة للعدلعاصمة للاستقامة فيما الدهر سلطان كما أشمر الله فيها من حسام حدى كأنما لسيوف الله أجفان كنافة لسمام الله ما فرغت مذ كان للجور شيطان وسلطان --٤٩- بحجة الله قامت فى الشقاق لما بدين ذى الثفنات الحبر أيقان لسرها واختصاص الله قائمما بالنصر والفتح برهان فبرهان تعاقبت خلفاء الله منصبها منذ الجلندى وختم الكل عزان وللامام الحضرمى رحمه الله : وكم من إمام حل نذوى وأعوانه فى الصين أو فى خراسان يالنزوى وهل لنا بعد نزوى وعليا تعاقب الخلفاء والحقيقة ما زال الأئمة بعمان يستوطنون نزوى الى هذا العهد الذى نحن فيه وقد لازمها الامام الخليلى رحمه الله تعالى آخر عمره، وفضل الموت فيها ليجاور إخوانه الكرام حتى وفقه الله لذلك المرام ، فمات بها ودفن بجوار الامامين ناصر بن مرشد وسلطان بن سيف رضى الله عنهم ٠ م ٤- عمان عبر التاريخ ج ٢ ) ه الإمام غسان يهم بأحوال الأمة باطنا وظاهرا عظمت النعمة على أهل عمان ، واطمأن الناس برا وبحرا وكثرت الخيرات ، وعظمت البركات وبورك لهم فى الأثمار ، وربحت التجار وانبسطت الفضائل من الله عز وجل ، فكان الغيث مدرارا ، والعدل يورث الأمة عزا وشرفا ، ويعلى منار الدين لأهل الوفاء ، فلم الأمطار فياضة على عمان ، بحيث ترى الأودية جاريةوالصحارى خضرا والجبال كذلك ، وليس على الأمة مهم يزعجهم أو كارث يهمهم ٠ قال الامام : وفى زمانه أخصبت عمان خصبا كثيرا وصارت خير دار وبقى الخصب من بعده عهدا طويلا ، حتى قيل إن فلج ضوت بنزوى بقى زمانا تسقى أمواله من جلبة خراسين، أى إن نبع الماء من خراسين بقى زمانا كافيا لسقى أموال ضوت من كثرة رش الماء ، حتى إن المفلج ذهب ولم يعرف له أثر بأموال دارس ، أى إن الفلج هو فى الأصل منبعه من أموال دارس ، ولما استمر الخصب أربعين سنة لم يعد يعرف أصله أين هو فضاع صوت القديم بذلك ، وهكذا بقية أفلاج عمان وكان الامام غسان رحمه الله يخرج يزور قبر الوارث رحمه المله ، ويمشى على المغيل فى الوادى يفعل ذلك كل جمعة ، فيبقى هناك فيغتسل فى ذلك الغيل ، ثم يعود الى الجامع لأداء فريضة الجمعة ، ثم يرجع الى الحصن واتخذ ذلك عادة ، وكان يتفقد الأحوال ويراعى بأحاسيسه نعم الله تعالى ، فيرى الماء صافيا كأنما سال ذلك اليوم ، حتى رأى فى بعض الأيام بالماء طمحلبا فاقشعر جلده وتأوه ، وقال فى نفسه لعل حدثا وقع فتأثر ه منه هذا الماء ، فراجع ففسه فلم يجد لديها شيئا ، ونظر الى الأمة وإذا بما فى أوفر النعم وأكمل الأحوال، ولم يزل يقول فى نفسه إن هذا أثرعنتغيير،معأن الطحلب عادة فى المياه إذا طال بها العهد، فأحضر أهل الأموال، وروى لهم بحرب الهند لأن البوارج الذين قاومهم الامام فى البحر من أهل المند وقال لهم: أريد أحرب الهند وبيت المال لا يكفى، أى للمصاريغ التى تستدعيها الحرب ، وأريد أن أجعل على التجار قرضا يكون أداؤه من بيت المال ، قال أبو إسحاق : وهذا القرض يعبرون عنه الأن أى فى الممالك الاسلامية بقرض الدفاع، القرض الذى تقرضه الأمة لدولتما لأجل الحرب، وهذا أفتى به شيخ الاسلام سعيد بن خلفان للامام عزانين قيس رحمهما الله ٠ قال : فقال الامام للمستشارين فى ذلك وهم أصحاب الأموال : أشاوركم نى ذلك فماذا ترون أ فقال أصحاب الأموال : أيما الامام التجار يسعون بالفائدة أو هم يطلبون الفائدة أى الأرباح ، وان قلت دراهمهم ضاعت المعاملة بيننا وبينهم ، ونحن أرباب الأموال والقرضة عطينا بما تريد ، فقال : طيب ! وأسرها فى نفسه وقال لا غيرها هنا ، ثم أحضر التجار وقال لهم : أريد أحرب الهند، وخزانة بيت المال لا تكفى لمقاومة الحرب، وأناظركم أريد أن أجعل قرضة على بيت المال لتقويم هذه الحرب من أرباب الأموال ، فما ترون : فقال التجار : أيها الامام أصحاب الأموال أهل حرث ، وأكثر الحروث غالبا لا تكفى مغرم ما عليها، والمراد حنا بالأموال النخل والزراعات على اختلاف أنواعها، قى عرف أهل عمان، قال : وليس فى أيديهم شىء مما يكفى لذلك، ولكن نحن عندنا ما يريد الامام ٠ فقال الامام فى نفسه : هؤلاء كالأولين ٥٢- لا غيرعندهم ، ثم أحضر الوزراء وأرباب الدولة المسئولين فيها ، فقال لهم : أريد أن أجعل قرضة على أرباب الأموال والتجار فى بيت مال المسلمين لحرب الهند ، فما ترون وهم قد علموا حركته السابقة على بوارج الهند ، وما كان مراده من ذلك كله إلا استكشاف أحوال الأمة، وهل فيها من الأحداث شىء تكون عاقبته سيئة على المجتمع ، فقال له هذا الفريق الثالث : أيما الامام هذا شىء وقع فى نفوسنا من قبل ، فقال فى نفسه رحمه الله المعلة ها هنا ، وهى تكون غالبا فى أولياء الأمور ولذلك تكون أيضا سريعة التأثير فى الأمة ، لأن بيدهم نفوذا فى الميئة الاجتماعية ٠ قال : قلما استقر عند الامام محل الغير قام فاستبدل بهم غيرهم ، أى عزل أولئك العمال الذين فى الدولة أعمال ، وجاء باخرين غيرهم ، ثم خرج فى الجمعة الآتية وهو يريد زيارة الوارث ، وف النفس التفات الى ما وقع له فنظر فى الغيل فلم ير شيئا مما رآه سابقا ، فشكر الله على ما وفق له من النظر فى مصالح الأمة التى هو مسئول عنما ، فأكرم بغسان وأكرم بأعماله فى عمان ٠ ولا شك أن معاصى بنى آدم لها أثر أثير فى جلب كل شر ورفع كل خير ( ولو أنهم أقاموا التوراه والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقمم من تحت أرجلهم ) لآية وفى الحديث : إن معاصى بنى آدم لتدرك الضب فى جحره والطير فى وكره ، وكم لهذا من أدلة عقلية ونقلية عرفما المسلمون ، وعوائد الله فى خلقه معروفة،ورحمته واسعة ٠ وهكذا ينبغى الذى يتولى أمر الأمة فلا يغفل عن مصالحها الحسية والمعنوية ، ولو سكت غسان عن الحال التى رآها وبقى يحوقل فى نخسه ، ٠ ٥٣ - وقال : إن بدلت هؤلاء لاأجد غيرهم أوربماكانوامثلهم ، وحدث نفسه بمثل هذه الأحاديث لجف الماء ، وجف المرعى ومنعت السماء قطرها والأرض نباتها وهلكت الأمة : أيغفل عن سوائمة مليك يسمى نفسه الراعى الأمينا وعلى هذا الأسلوب ينبغى أن يكون أولياء الأمور ، وإلا كان موقفهم عند الله مخطرا يوم يسألهم الله عمن استرعاهم إياهم ٠ نسال الله الهداية والتوفيق والعون على تقواه انه كريم رحيم ، فكر أيما العاقل فى أعمال غسان تجدها مثالا للنزاهة وقانونا للرعاية حتى رأى الماءزائدا عن عادته من غيرمطر؛ فضلاعن الطحلب الذى كان رآه الامام فى ذلك الحال ، فلما انغسلت تلك السيئة التى انطوى عليها أولئك المشبوهين فى الأمة ، انغسل الماء فى الوادى وزاد عن عادته ، ولم نعرف مثل هذه الأحوال لغير غسان رحمه الله ٠ ما أيقظه فى أمته وما أكرمه على الله الذى كثف هذه الأحوال له بحسن نيته، وأرشده للجهة المتى يلتمس منها العلة التى خافها على المجتمع العام ، وكما تكون يولى عليكم ، والأمة على دين ملوكها ، فأعزز بأمة غؤلاء ملوكها وأهل الحل والعقد فيها رحممم الله ٠ ه اعمال الإمام غسان فى عمان اعلم أن للامام غسان أعمالا اختص بها وجعلها من بعدم حجة يستند عليها ، وقانونا يعتمد عليه ، ولا ريب فان أعمال الأئمة عمدة الأمة ٠ وغسان رحمه الله كان الحجر المثالث الذى قام عليه بناء المسلمين لامامتهم بعمان، بعد افتراق الأمم بجور الملوك والسلاطين والأمراء المجرمين الذين لايبالون بما يأتون وما يذرون ٠ كان الامام غسان أول امام قطع يد سارق بعمان تنفيذا لحدود الله وقياما بواجباته عز وعلا ، فانه لما وصل صحار فى سفرته تلك جىء اليه بسارق سرق من حرز ، فقطع الامام يده فكانت لذلك هيية عارمة فى قلوب أهل السفه المفسدين فى الأرض ، وكان بقية من آل الجلندى فى نزوى لهم بها محلة كانت عقودا مبنية عليها الغرف وتمر الطرق تحت تلك المعقود المشار إليها، وهى مظلمة بعدم النوافذ فيها، وكان بعض السفهاء يختفون فى تلك العقود المظلمة للنساء ، فاذا مرت النساء خرجوا لهن ولعلهن المسترابات بحسب الظاهر ، فشاع هذا الحال حتى بلغ الامام فأمر بمدم تلك العقود ، أو يسرج فيما أهلها سرجا طيلة الليل، أو يخرجوا طريقا فى أموالهم للمارة بالليل قطعا لشأفة اماد، وألزم بنى الجلندى ذلك دفعا لبغيهم وفسادهم، ودرء المفسدة فدم طى جلب المصلحة،فأخرج أهل الأموال طريقا فى أموالهم بدل تلك الطريق المشار اليها،وزال المجذور ٠ هكذا قال أبو المحوارى، وقد أخذفا ذلكعنه بالمعنى، وقد ذكرها الامام السالمى فى تحفة لأعيان، ٥٥ قال :كانت لبنى الجلندى بسمد نزوى محلة ولعل موضعها المسمى 1لآن العقودية، قال أبو الحوارى : وكانت هذه الدار عقودا على الطريق، والمعنى كانت الطريق مسقفة عليها غرف ويسمونها عقودا فى عرف أهل البناء عرفا شائعا الى الآن، وربما سموا تلك الطريق على هذه الصفة صباحا والصباح هو دهليز الدار يكون عليه البناء ، ويجمعونه على صبحات أى دهاليز قال على الطريق الجائز، أى الشارع العام للمحلة المؤدى اليها والمومل منها الى غيرها،وغالبا يكون لصيانة المحلات أيام المحافات ٠ قال : وأحسب أنه كان فوق العقود الغرف وكانت العقود يقعد فيها أهل الريبة ٠قلت:لمتكن مخصوصة بذلك بل تكونسببا للاختفاء فيها، ويجد المفسد فيها سبيلا لغرضه، إذا لابد للنساء من الخروج لحوائجهن لا سيما أيام الخوف، فان النساء تخرج بالليل لتنظر المفسد من المصلح، والأعداء الذين يترصدون فى هذا الأمكنة، وتكون غالبا مغلقة بأبواب مانعة ، وربما كان على الأبواب بوابون ٠ قال : فبلغنا أن امرأة خرجت بالليل فى تلك العقود وهى مظلمة ٤ فاعترض لما رجل من الفساق فبلغ ذلك الامام فأرسل الى أصحاب الدلر وأمرهم أن يهدموا العقود ، وحكم عليهم بذلك أو يسرجوا فيها بالليل حى يرى من يعقد فيما من أهل الريبة ، فأخرج أهل الدار طريقا للناس فى أموالهم،وكان الناس يمرون فى تلك الطريق الى أن خربت تلك الدار فرجع أصحاب الدار الى طريقهم فأدخلوها فى أموالهم وعمروها ، ورجع الناس الى طريقهم الأول فد الناس هذه من الامام غسانخلاف المعتاد ، حيث كلفهم أمر شاقا، وكان الواجب تأديب المعتدى وعقوبة المقترف للإثم إلاأنالامامرأىأن*ذهألمغدةلاتزولإلابذلك٠ قال الامام نولمذه الطريق رسوم وآثار سهيلى المسجد الجامع من ٥٦ سمد نزوى ٠ قال أبو الحوارى: ولو أهل الدار لم يفعلوا ذلك ولم يسرجوا فى العقود على ما أمرهم الامام،فلعله كان يهدم الدار ٠قال : وهو وجه من الحق والعدل ان شاء الله تعالى ٠قال: فمذا غسان قد أمر بهدم الدار - لهذه المفسدة فكيف ولو كان فيها احد من البغاة لكان أعظم ذنبسا و أشد عقوبة ٠ ومنهاماصار فى فلج الخطم من ضح، وذك أن الستيل الذى غرق فيه الامام المرضى الوارث بن كعب رحمه الله ، أتى على هذا الفلج فاجتاحه من أصله ولم يعرف له أثر بعد انقطاع السيل، اذا كان جائحا عظيما غير تخوم الأرض، وسحب المبانى والنخل والشجر إذ كان تيارا عظيما ولم يجد أهل الفلج سبيلا لإخراج فلجهم إلا فى أموال أهل نزوى ، أى إن أهل نزوى كانت لمم هذاك أمول أى حدائق وبساتين بالقرب من مجرى الفلج، فمر الامام القاسم بن الأسعت، وهو أحد زعماء فلج الخطم أن يستر نفسه ، أى يختفى فى مكان قرب مجلس الامام رحمه الله، ثم أرسل الامام رحمه الله الى القاضى الوحيد فى نزوى وهو العلامة المدعو سليمان بن عثمان ، فلما أتى اليه قال له يا أبا عثمان ما تقول فى فلج القوم مثل فلج نزوى فى أرض سمد ، وهى لبنى أبى المعمر ، فأتى عطيه السيل فاجتاحه فلم يقدروا إخراجه إلا فى أموال الناس،فل لهم ذلك؟ فقال سليمان :نعم لمم ذلك، فقال له الامام : لممذلك الثمن أم بغير لثمن ؟ فقال سليمان لهم ذلك بالثمن ٠ فقال الامام الثمن يكونبما قال أرباب الأموال أم بقيمة العدول ؟ فقل له سليمان : بل بقيمة العدول ٠ قال فلما عرف الامام غسان رأى سمليمان بن عثمان فى ذلك تمسك به فلما انصرف سليمان - ٥٧ أرسل الامام الى القاسم بن الأشعث فلما أتى قال الامام : اذهب فادع خصماءك فانطلق القاسم بن الأشعث،فأتى بهم الى الاهام وهم بنو زياد، فلما حضروا معه طلب القاسم بن الأشعث مجرى لفلجهم بالئمن ، فقال أهل نزوى ليس علينا ذلك، فقال لهم الامام غسان هذا رأى سليمان ابن عثمان القاضى ، فانطلق أهل نزوى الى القاضى سليمان المذكور وأخبروه بما قال لهم الامام، وقالوا له: إنه قال هذا رأى سليمان بن عثمان، وكان القاضى من أهل نزوى وله فيهم مقام محترم ٠ فقال لمم سليمان غرتى الامام أو غرتى غسان فانطلق سليمان فأتى الامام فقال : لقد رجعت عن رأى ذلك ٠ فقال له الامام :فانى لا أقيلك وتمسك بذلك الرأى ٠ وقال الامام لأهل نزوى اذهبوا فأخرجوا لهم مجرى لفلجهم بالثمن، فأبوا عن ذلك وامتنعوا فقال الامام لأهل منح : اذهبوا فأخرجوا فلجكم فان طلبوا الحق كان لهم ذلك ورأى المسلمين أوكما قال ٠ فانطلق آهل منح فأخرجوا فلجاً أى ساقية لفلجهم فى أرض أهل نزوى برأى الامام غان، ولم تكن ذلك برأى أهل نزوى ، وهم كارهون لذلك ، وهو فلج الخطم ٠ قال الامام: ذكر ذلك أبو الحوارى ٠ قال :والفلج قائم بعينه فى أرض أهل نزوى فى يومه هذا ، قال ولعله لا يزال الى يوم القيامة قال ولم يجبر أهل نزوى حتى يأخذوا حقوقهم من أهل منح أو يبرعوا منها ٠ هذا نص القضية ولم يبحثا فيها ليفيدوا المطلع، وذلك أن الفلج لماكانفى الأصل مستقرا فى تلك الأرضمجراه،واختفى بذلك الحادث الذى هاجمه ولم يعرف أصل المجرى كان لمم ذلك، وعليهم قيمة الأرض التى يجرى فيها على رأى القاضىسليمان ، ووجه رأيه هذا لأن الأصل معروف فى تلك الأرض وبسبب الأحوال التى طرأت عليه حكم بالتضمين ، لأنه يقع الآن فى أرض مملوكة لأناس معروفين ، وأما رجوع القاضى فلأنه رأى وفى الرأى مجال للرجوع ، لأنه لم يكن نصا لم يجر الرجوع عنه ، فان للرجوع عن المنصوص عليه رجوع عن الحق، والرجوع عن الحق لايصلح بالإجماع ٠ ووجه عدم قبول الامام لرجوع القاضى عن رأيه المشار اليه ذلك فان الامام يرى ذلك الرأى فى القضية ، وأحب أن يكون من غيره وأنه وجه من الوجوه الجائزة التى لابد القول بها والقبول لها ، وإلا ضاعت مصلحة عامة لمصلحة خاصة ، وذلك خلاف المشروع ، وقول القاضى غرنى غسان معناه ، أراد ذلك منى أنا لالزام أهل نزوى رأى أنا دون رأيه ، فالامام تستر بفتوى سليمان بن عثمان ئ وقول الامام لأهل منح اذهبوا فأخرجوا فلجكم فى أرض أهل نزوى أى لامناص من ذلك ، وقوله لم يجبر أهل نزوى على أخذ حقهم فانه صح فى الأثر من عرض له حقه ، فلم يقبله فلا حق له وهو وجه ، فانه من رفض حقه اليوم فكيف يعود يطلبه غدا بعد ما أضاعه بنفسه فمن يلوم فيه والحال هذا والله أطم ٠ ثم ذكر الامام القضية أيضا فى شرح شمس الأصول فى خصوص باب الاجتهاد فى الجزء الثانى من طلعة الشمس صحيفة ٢٩٠ مائتين وتسعين ، وجعل ذلك من باب ألاجتهاد وأن المجتهد إذا اجتهد فى حادثة وحكم فيها باجتماده فحكمه فيما ماض لا يمكن نغضه ويثبت حكما شرعيا والعلم عند الله عز وجل ٠ وكذلك حبس الأمام غسان بن عبد الله صقر بن محمد بن زائدة ٥٩ بتهمة اتهمه بما هاشم بن الجلندى ، وذلك أن هاشم بن الجلندى أصيب برمية جرحته ليلا فلم يعرف الرامى ، ولكه اتهم ابن عمه صقر بن زائدة، وكان صقر المذكور إذ ذاك فى سمائل وكان منزله بها وكان هاشم بن الجلندى مع الامام غسان بدما ، فاتهم هاشم بذلك صقر بن محمد أنه أمر به من رماه ، فأمر غسان بحبس صقر فى سمائل ، فأنكر عليه القاضى سليمان بن عثمان ذلك لأنه لم يدع أنه رماه ، بل ادعى أنه أمر من رماه فرأى الامام حبسه بهذه الدعوى ، ووجهها تتبع عروق الغساد،أنه لا يكرم صقرا من أن يأمر بذلك، واذا كان كذلك غالأمر بالفساد فى الأرض مفسد تحل عقوبته ، وأما سائر العلماء يقولون لا تسمع هذه الدعوى على المدعى عليه لأنها لم تنص على نفس الأمر منه ، فجعلوها من جملة أحكام الامام غسان فى عمان ، واجتهاده ظاهر رحمه الله، وأنه لغواص على الحقائق، ولقد وقعت مثلها فى زماننا هذا وهم الامام الخليلى رحمه الله أن يقوم مقام غسان، لكن لم يظهر الادعاء من أهل الحق،وانما ظهرمن بعض لناس الذينجعلهم الامام شركاءه فى الرأى، ولكل أيام سياسة والحمد لله الذى عافانامما ابتلى به كثيرا من خلقه ، وصقر بن محمد بن زائدة ظاهر حاله مستور ، فحبسه الامام أولا بتهمة جراح هاشم ابن الجلندى ، وقتله بتهمة أخيه أنه مع البغاة من بنى هناة ، وأنه كتم على المسلمين أمر أخيه والله أعلم ٠ قال الامام رحمه الله : أنكر عليه سليمان بن عثمان وقال : ليس له حبسه لأنه لم يتممه أنه جرحه ء وأنما اتهمه أنه أمر من جرحه ٠ قال : فانما عليه يمين ولا حبس عطيه ٠ قلت : حيث تسوغ عليه اليمين يسوغ الحبس ، لأن موجب اليمين هنا التهمة ، واذا أوجبت اليمين أوجبت الحبس ، قال فلم يقبل غسان ذلك حتى غضب سليمان وهجر الامام ٠ قال بعضهم : لاأدرى كيف غضب عطى الامام وقد فعل ؟ قلت : لا أدرى أنا أيضا قوله ، وقد فعل من هو الذى فعل وماذا فعل إن كان يعنى الامام فعل الحبس فذلك هو الذى أغضب القاضى حيث انه لا يرى الحبس على صقر ، وان كان يعنى القاضى قد فعل فلم يبين ما فعل هذا القاضى ، ولعله يعنى لما قال باليمين فتح للامام باب الحبس ، فلم يغضب على الامام بذلك ، قال ولعله شاهد ما لم يشاهده ، وهذا أيضا كلام مجمل كان ينبغى توضيحه ليكون مفهوما ، فان ما ليس مفهوما لا يكون حجة عند المسلمين ، قال : والامام أحق بتحسين الظن ، أى فى أمور المسلمين ، قال الامام السالمى رحمه الله : قلت ظهر وجه غضبه أو قال بسبب غضبه وهجره من قوله افه ليس له حبس ، وانما عليه يمين ٠ قال فهذا سليمان لا يرى على صقر حبسا بذلك الدعوى وحبسه الامام رحمه الله ، وسليمان لا يرى له ذلك فى نظره واجتهاده ، وكان قد أحب له السلامة منه والتعفف عنه والمؤمن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ، ولم يبحث الامام السالمى القضية بشىء إلا بهذا وعندى تحقيقها هو ذلك الذى قدمته ٠ ومن أعمال الامام غسان أنه كان فى أيامه بصحار قوم من الشيعة ولعلهم بقية ممن خلفتهم الحرب بصحار ، وكان فيهم ناس معروفون ، ومنهم رجل اسمه بقية ، كان داعية الشيعة وداعيا الى التشيع ، وكان الاباضية يحترمون أهل لا إله إلا الله ، ممما كانوا ما لهم يفارقوا أمرا ظاهرا مما ينكره الشرع ، طلب الامام بقية المذكور . وأظن كان - ٦١ - الطلب إذ كان الامام بصحار ، فجىء به اليه فأمره بالخروج من صحار أصلا : لأنه يفسد الناس بلسانه ، وربما أضاف شرا الى شر ، فالأولى خروجه من بلاد المسلمين ، وأعطاه أجلا أربعة أشهر ليقضى ما عليه ويأخذ ماله ٠ قال أبو الوضاح : إنه مات بصحار قبل تمام المدة التى قررها له الامام ٠ قال أيو محمد : كان بقية يقال انه كاد يكون فتنة ٠ قلت : بل أشد لو بقى ، قال : وكان يظهر الاعتزال ويرضى الزندقة ٠ قلت : حينئذ ليس هو على مذهب خاص فحينا هو شيعى ، وآنا هومعتزلى ووقتا هو زنديق ، بل هو دائما زنديق ، نعوذ بالله من سوابق الشقا ٠ قال زياد ابن مثوبة : كان بصحار شيعة كان بقية أصغرهم ٠ قال : وكانوا يشددون عليهم ، قلت : لعل التشديد حين يطلقون ألسنتهم بسبب الشيخين ، فان ذلك لا يوافق عليه أحد من أهل المذاهب إلا الشيعة يسبون أبا بكر وعمر سبا شنيعا ويخرجونهما من الاسلام بغير برهان من الله ولا دليل لهم على ذلك إلا هوى أنفسهم، وان كان لهم دليل فليأتوا به إلينا فنريهم الحق فيه من الباطل ان كانوا يفقهون، وهذه كتب علمائهم تعلن سبهم جهارا سباً يقولونه فى اليهود النصارى : والله سائلهم عنه ، ومن أعمال الامام غسان رحمه الله استقضاؤه الأعمى، وكان أكثر المسلمين لايرون قضاء الأعمى، لأن غالب أحوال القضاءتتعلق بالنظر، ولايشذ عن النظر إلا القليل، ولذلك لايرون القضاء للأعمى، وناهيك إذا كان لا يصلح لتصريف أملاكه أو لقضاء ديونه واقتضاء حقوقه ، فكيف يصلح أن يكون قاضيا واستقضى غسان الامام مسبح بن عبد الله ، وكان أعمى فكان يقضى فى نزوى بين الناس أيام الامام غسان ، والقاضى يسمع -٦٢- الشمود ويقضى على الخصمين ، وهو لا يرى أحدا منهم ، فجعل المسبح قاضيا على هذا الحال من جملة أعمال هذا السيد الممام إمام المسلمين ٠ قال الامام : وبعض المسلمين لا يرى القضاء للاعمى ٠قلت:لقد أثرت لك الى بعض العلل التى تتعلق بالقضاء ويتأخر بها الأعمى عن مباشرة القضاء وهو الأولى والأسلم ما لم تدع ليه الضرورة، ولعل الامام يدى المسبح هو البصير وغيره الأعمى ٠ قال الامام السالمى رحمه الله : وأنا البصير وإن رأيتم أننى أعمى أدب وقد استعمل رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم ابن أم مكتوم على المدينة عاصمة المسلمين وهو أعمى ، واستقضى الامام الخليلى رحمه الله شيخنا ابن عبيد فى سمائل وهو أعمى ، واستقضى الشيخ العالم عبد الله بن عامر العزرى فى نزوى ، والشيخ سالم بن حمد البراشدى فى سناو والله أعلم٠ ومن أعمال الامام غسان فى عمان أن عبدا أخذ من عمان وخرج بم أخذوه الى نواحى فارس ، فبذل الامام عطى ارتجاعه من بيت مال المسلمين أموالا ولم يروا عليه نقدا فىذلك،مع أن لعبد مال وهل ينجى المال بالمال،وعلى القول به هل ينجى بقيمته أوأكثر، ولكن الامام رحمه المله يرى أن تنجيه نفس مسلمة واجب بما عز وهان ذلك أن بيت المال جعل لمصالح المسلمين، وهذا من أكبر المصالح، فان فيه — ٦٣ - تنجية نفس مسلمة من إهانتها على الباطل مع أهل البغى والفساد، وفيه صيانة الحوزة من أيدى المعابثين ، وفيه تسكين النفوس الضعيفة من روعما وما تزهق به وعطيه فلا عيبطى الامام اذا بذل المال الوافر على رد عبد أخذ اللصوص أو البغاة ونحوهم من المتمردين ، وألا ينبغى إهمال الأمة للعادى عليما وإلا كان فى ذلك قصود وتقصير من الامام ٠ ومن أعمال الامام غسان فى عمان أن الباطنة كما هى معروفة تقوم بالزجر على البقر والحمير والإبل، لكن يشق ذلك وقت النمار للحر والمعوارض التى تعرض، فكانوا يزجرون وقت الليل، ولا مقال فى الأحرار الذين يملكون أمرهم،بل فى المماليك الذين يستخدمهم كثيرمن أهل عمان وقت الليل وساداتهم نائمون على فرشهم وقت راحتمم ، فلما علم ذلك امام المسلمين رحمه الله اشمأز منه واستنكره وناقش فيه حتى رأى أنهم إذا استخدموهم بالليل أراحوهم بالنهار فوق الوقت للذى استخدموهم فيه، واقتنع بذلك إذ رأى أن الأمر لا يمكن فيه إلا ذلك، ولم يزل يردد رحمه الله فى تأوه وتأفف قائلا : اللهم إنا عدلناإلا فىعبيد الباطنة، فانه يرى ذلك مخالفا للعدل الواجب وهو إعطاء الحقوق لأهلما، إلا أن حقوق العبيد فى الباطنة لم يعطمم إياها كما ينبغى ، لأنه ليس للسيد أن يستخدم عبيده وقت الليل ما لم تدع لذلك ضرورة ، على هذا تخرج فتاوى المسلمين والله أعلم ٠ فتراهم جعلوا هذا الوجه فى عبيد الباطنة من أعمال غسان رحمه ٦٤ آلله، وكان الامام رحمه اللهطىجانب عظيم من السياسة فى الأمة، فلو قيل إنه لم يتبثلغه أحد فى سياسته لكان غير بعيد ونعنى بذلك الشرعية التى يقتضيما الدين والعدالة بحيث لم يبق الامام منهجا من منهاهج الشريعة الى وقد أخذ حظه منسه ، انظر عمله مع سليمان بن عثمان فى فلج الخطم ، وانظر عمله فى قضايا صقر ابن محمد بن زائدة فى حبسه وقتله، وفى عمل الشذاءات لطرد بوراج الهند،وفعمله إذ جىء اليه بقوم أجرموا فى المسلمين، وكانوا استحقوا القتلفى نظربعض المسلمين، فناظر الامام فيهم القاضى مسبح بن عبد الله فلم ير قتلهم وبقوا فى السجن، ثم ناظر المسلمون القاضى فى ذلك، فرجع القاضى الى رأى المسلمين الذين يرون قنلهؤلاءءثم جاء القاضى الى الامام ولخبره بأنه رجع الى القول بقتلهم، فقال له الامام :لا أقبل منكاهذا بينى وإياك حتى تقوم فى المسلمين خطيبا وتعلن ذلك إليهم ، أى لأن المسلمين قدعلمواسابقا منك عدم القول بالقتل فما بالك اليوم تقول ذلك بينى وبينك ، فقام القاضى وخطب فى الناس عن القول بعدم جواز قتلهم ، وأنه أجاز ذلك للامام ، وأنه رجع عن قوله الأول ، وفى هذا سياسة من الامام ف تبرئة ساحته عن الخلاف والشقاق وتوجيه الارتياب فى عمل الامام ، فلله دره ما أعلى نظره وأنفذ رأيه ، وهو العليم فى الفقه فى زمانه، ولكنه لايفعلحتى يعطى كل مقام حقه، ولله فى خلقه رجال يختصهم بهداه ويرشدهم لرضاه ، فبعد ما أعلن القاضى قضة القوم ما هى ، وصرح بجواز قتلهم للامام ، أمر الامام بهم فضربت أعناقمم وأنغذ الأمر فهم ، فطمر الأرض من بغيمم وفسادهم ، ولله در - ٦٥ — القاضى حيث تصلب وجاهر باعلان ما رأى من صحة الحكم بقتلهم ، وأنه أمر الامام بقتلهم رحمه ورضى عنهم ، إذ قاموا بحقوق الاسلام ، وقاومواأهل الجرائم فى الأنام، ولكل درجات مما عملوافكان الامام غسان بطلا من أبطال الاسلام بعمان وليثا من ليوثما العظام الذين تخر بين أيديهم جبابرة الأنام وتخضع لمم عتاة الأقوام ٠ م٥- ممان عبر التاريخ ج ٢ ٦٦- تصاتح آللماء للإمام غسان رحمه الله لا يخفى على المسلم مهما كان أن الدين النصيحة، وأنها واجبة بنص الكتاب والسنة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام، وعلى مقتضاها مشت خيار هذه الأمة ينصح العالم الجاهل ، والمأمور الأمير ، والكبير الصغير، وأهم شىء نصائح العلماء للأمراءفانالأمراءهم لمسئولون منقبل لأمة، والعلماء هم المسئولون منقبل اللهعز وجل، وإن كان عموم النصح مفروضا طى الكل، والى ذلك يشير الحديث الصحيح، بل والنص القرآنى كذلك ٠ اللمم إلا إذا لم يكن مجال للنصح أو تبين أنلا قبول، فحينئذ يسقط وجوب النصح ويبقى الجواز، وكلمة حق عند سلطان جائز لا تبعد عن المقام ، ونذلك علماء عمان ينصحون أئمتمم وأمراء هم ويناصحون بعضهم بعضا ، ولما كان الأئمة أهل دين وإيمان وتقوى وخوف من الله ، ويرون لإخوانهم عليهم مننا فيما قاموا به وعملوا عليه يقبلون نصحمم ويلومون عطى عدمه خصوصا إذا وقعمنممما يخالف الحق،فانكل أنشردتهم الحق لاغير، فلذلك ترى لمم نصائح تحمل الى الأئمة الاخلاص والصفا، وأحيانا التنديد على الأفعال المخالفة لسيرة السلف الصالح، وف بعض الأحوال تراها ممزوجة بالتهديد والزجر والعنيف وهكذا • وذلك لأن الأئمة يعدون العلماء شركاءهم فى الأمر وأعوانهم عليه، والواقع هو لذلك وإذا كان القوم على هذه الوتيرة فأكرم بهم وأعزز بمنهجهم ، فهم القوم الذين لا يشقى جليسهم ولا يندم رئيسهم ، ولا يظلم آميرهم ولا يتمور زعيمهم ، أشداء على الكفار رحماء بينهم لا يهمهم إلا ٦٧- أمر دينهم ، ولا ينظرون الى الدنيا إلا نظر المار فى الطريق فاذا ضلها سأل عنما ، فاذا عرفما لازمما ، وقد نصح علماء المسلمين إماممم غان ، منهم العلامة أبومودود ، وحاجب بن مودود ، ومنم مبارك بن جعفر ، ومنهم سليمان بن عثمان الذى تحدثنا عنه سابقا ، ومسبح ابن عبد الله الأعمى قاضى الامام بنزوى ، ومنهم الحكم بن بشير ، رمنهم مسعدة بن تميم، والأزهر بن على، وطى بن عزرة، وجعفر بن زيادة ، وعبد الله بن أبى قيس ، وعبد الله بن نافع ، ورايس بن يزيد ، وأبو مالك بن المزبر ، والأشعث بن محمد ، والأزهر بن عبد الملك ، وعبد العزيز بن عبد الرحمن ، قال : وضرباؤهم ، والمعنى هؤلاء مشاهير العلماءأيام غسانبنعبدلله، وبعضمم اشترك فى دولة الامام الوارث، والامام غان وبعضهم بقى الى عمد عبد الملك بن حميد ، وبعضهم لحق على إمامة الامام المهنا بن جيفر رحمهم الله ، هؤلاء الذين حرروا النصائح والمراشد الى الامام غسان، وأكرم بأمة هؤلاء أولياءأعمالهاورؤساء رجالها وزعماء أمورها ، إذا انتقدوا أمرا بادروه بسرعة شافية ، فلا جرم إذا بقى الغيل لا يتكدر كأنه ذلك الحين نزل من السحاب فان أمة يقوم بأمورها خيارها ولا يجد الى الفساد شرارها سبيلا لا يزال الخير لديهم( ولو أنهم أقاموا التوراة والانجيل، وما أنزل اليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) الآية ٠ نسأل الله الاقتداء بهم والاقتفاء لآثارهم ، إننا لا نستطيع سرد ما حرره العلماء من النصائح الى الأئمة فى تاريخنا هذا ، فانه يطول بنا ولكنا نثي الى ذلك، وان كان هناك أمر خاص أتينا به لذلك الاختصاص ، وان كانت نصائحهم مثحونة بالسياسات الشرعية ، والقواعد المرعية، فانانترك أكثرهاإسراعا الى الأهم، لطمنا أن ٦٨ كل امام له سياسة، ولكل أمة رئاسة، والخطب هنا يطول لا ينبغى أن تطلق فيه القول ، فافه لا مجال له عندنا إذ نحن معينون بتحقيق التاريخ ، وما يحتوى عليه من الأمور الناضجة والحائق الصادقة التى لابد من العمل بما، ولا ريب فان إيراد نصائح العلماء يفيد المطلع اهتمام أهل العلم بأمور الدين وأن التناصح يرشد الى الموالاة ٠ قال رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم : الدين النصيحة الدين النصيحة الدين النصيحة ٠ قالما ثلاثا ليعرب للناس بمذه الوجمة المسامية ٠ - ٦٩ — وفاة الاهام نحان دحهه اهه صلاى عاش الامام غسان بن عبد الله الفجحى اليحمدى الأزدى فى إمامته بعمان خمس عثرة سنة وسبعة أشهر ، وقيل وتسعة أشمر بتقديم التاء المثناة من فوق إلا ثمانية أيام ، وقيل ولى الأمر فعاش فيه خمن عشرة سنة وستة أشمر وعثرين يوما ، وقيل وسبعة أشمر وسبعة أيام ، ومرض رحمه المله يوم الأربعاءلثمان بقين من ذى القعدة سنة ٠٧ ٢ سبع ومائتين ، ومات يوم الأحد بعد صلاة الفجر لأربع بقين من ذى القعدة من السنة المذكورة أى سنة سبع ومائتين ، فهكان مرضه رحمه الله خمسة أيام فقضى الله طيه ، وبوفاته أصيب المسلمون أعظم مصاب ، إذ انمد طودعظيم من أطواد الاسلام الذى ملا عمان هيبة تغمر الساحل والداخل، ويخضع للحق بما كل جاهل وعاقل، ولكن الدهر لا يسالم أحدا ولله منيقدمعلى لله مقدم هؤلاء القادة القوام فى عباد الله بأمره تعالى ، والله فى خلقه ظنائن يختصهم برحمته فيجعلهم هداة أمته وساسة بريته، وبموته أقيم الخلف الصالح الذى يسد لك الثلمة ويملا ذلك الفراغ الهام السيد المهام عبد الملك الذى سيأتى ذكره، وكان ذلك من توفيق الله لأهل عمان الذى اختصوا بمذه المنقبة التىلم تكن لأحد غيرهم من أهل عمان طيلة الأزمان ، ولمذا حسدتهم الأمم فى سائر الأقطار والسد لله ٠ ٧٠ س إمامة الإمام عبد الملك بنحميد الطوى لا يخفى أن عبد الملك كان من الوجال الذين لهم الحل والعقد فى عمان، كان عبد الملكهذا من أبطال رجال المسلمين وما انتخبه للامامة ولا اختاروه لها بعد غان إلا لما رأوه من صلابته فى الدين وشدته على العتاة المتمردين ، وكان عبد الملك من رجال دولة محمد بن أبى عفان، ومن الدعاة لحرب راشد بن النضر ٠• قال الامام السالمى رحمه الله فى مقدمة دولة محمد بن أبى عفان : ويقال إن عبد الملك أو قال كان عبد اللك بن حميد يومئذ شابا ، أى عندما اتفق المسلمون على الخروج لحرب راشد بن النضر ، قال : وكان يدعو المسلمين على المبايعة على راشد بن النضر ، أى يدعو للخروج عليه وعلى حربه ، وف ذلك الوقت هو فى قوة شبابه ، ثم وقعت الخيرة على محمد ابن أبى عفان أى فى ذلك الوقت لا سيما وقد جىء به لذلك من العراق، ولما رأوا من محمد بن أبى عفان خلاف المأمول ورأوا عزله عن الأمر كان عبد الملك معهم : فاختاروا الوارث بنكعبلتلك الأحوان الكريمة المؤهلة للوارث الشهم الهمام المقدام الذى تجرأ على قتل جندى السلطان الغشوم الجائر على عباد الله،حتىمضت أيام الوارث المجيد ورأوا غسان الكفؤ الكافى لحمل هذه الممهة العظيمة، وهى الامامة فبويع غسان وكان وفق أمل المسلمين ، فمثى بها غسان مثشية الأمين الأمون ، وقام بواجب الدين خير قيام ، فحمده المسلمون ولم يروا فيه غير الحق ، ولا انتقدوا شيئا من أعماله حتى جاءه ما لابد منه يرفع له يده عنها قائلا له بلسان الحال :أديت ماعليك لها وقمت بواجبك فيها، وأخذت حظك منها فهلم الى خير منما وأبقى ، فاختاره الله الى جواره وتوفاه الى رحمته ، -٧١- فكان الخلف الصالح لهاهوعبد الملك بنحميد العلوى المرضى من بنى على بن سودة بن على بن عمرو بن عامر العلوى الأزدى، وبنو على هؤلاء هم أهالى ينقل من الظاهرة ، وينتقل هذه هى إحدى عواصم آل نبهان فى أيامهم، وكان عبدالملكسيدامن سادات المسلمين، بويع بالإمامة يوم الاثنين لثمان ليال بقين من شوال من سنة ٢٠٨ ثمان ومائتين فى أيام المأمون بن هارون الرشيد، وقيل كانت بيعة عبد الملك بنحميد لثلاث بقين من ذى القعدة من السنة المذكورة ، وهى سنة سبع ومائتين وذلك بعدما ولى الخلافة المأمون ٠ قال أبو الحوارى: وقيل النقل عن أبى المحسن البسيانى ، بايعوا لعبد الملك بن حميد على ما بويع عليه غسان بن عبد الله ، وغسان إنما بويع على ما بويع عليه الامام الوارث ، وقد بويع الوارث رحمه الله على ما بويع عليه أئمة العدل من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وعلى الشرى فى سبيه الله عز وجل ، وعلى إظهار الحق وإخماد الباطل وعلى الجهاد فىسبيل لله وقتال الفئة الباغية، والمراد بأئمة المعدل الذين بويع الوارث بنكعب على ما بويعوا عليه ، هم أبو بكر وعمر وأمثالمما من أئمة المسلمين ، لأنه لم يكن قبل الوارث بعمان إمام إلا الجلندى ابن مسعود رحمه الله ٠ وكانت هذه البيعة هى الأصل فى الإمامة وعليها يدور محور إمامة المسلمين منذ الخلفاء الراشدين، قال الامام السالمى، فسار عبد الملك الامام سيرة الحق والعدل، واتبع أثر المسلف الصالح من المسلمين ومن حيث انه تولى الخلافة وهو فى مؤخر عمره ، أى بعد ما ذهبت قوة الشسباب وبقى يسانده وقار الشبب ٠ قال صارت عمان به خير دار ٠قلت: ولم لا تصير بهخيردار إذ كان أميرها ذلك العلم ٠ ٧٢ - النزيه والفيصل الفقيوه ، العابد الزاهد الهمام المممام ، عمدة المسلمين فى الحلال والحرام ، وحجتمم فى حقوق الملك العلام ، إذ عاش آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ، قائما بحقوق شريعة الله ، عاملا بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام وبذلك تفقد الدنيا كل مؤذ فى الدين ، وترى حولما كبكبة المؤمنين ، وزعامة المخلصين هذا بالنظر الى أهل الحق والدين ، وأما أهل السوء والسفه فذلك مما يسأمون منه ولا يريدونه ، ولكنمم حجة فى شىء ما ، إنما الحجة أهل الحق وهم الذين لهم فيما الأمر والنمى ، وقد صارت عمان فى عمدنا العصيب الذى كفرت فيه الدنيا أو كادت أن تكفر ، أفضل قطر فى بلاد الله ، حيث لا قناصل ولانصارى ولايسود ولانفوذ لأجنبى ما، وأعلنت الصحف بذلك على اختلاف أنواعما وشد بذلك الأجانب وغيرهم ، فمذه تواريخ عصرنا هذا ، تعبر عن ذلك مع فقر فى البلاد وقلة المواد وصوت عمان عال فى الأفق مسموع ، تصغى اليه الآذان الىاعية ، وما ذلك إلا للحق الذى هم عليه ، غمن جاء عمان أيام الأئمة رأى لوائح العدل ولوامع الشريعة ظاهرة ، ورأى كريم الأعمال وحميد الخصال ، وصادق الخلال ومن جاءها فى غير ذلك رفع عنها ما رأى كابن بطوطة الرحالة فى أيام قنى نأهان ، وترى العلماء يتمثلون بأيام بنى نبمان ليؤنبوا بما غيرهم ، ممن لم يقوموا بواجب الدين من الأمراء والزعماء لأجل الرجوع الى الحق والانصراف عن الباطل ممما كانت دواعيه ، وباتفاق العلماء أن الامام عبد الملك سار بعمان سيرة الأئمة العدول ، وقام بالحق قيام القادة الفحول ، فلم يعب عليم شىء من أعماله ، إذ تولى الأمر وهو مستحكم الأحوال كلما ، غمو كامل العقل صحيح المرأى ، عالى النظر فى سن الرشد والكمولة ، قال أبو الحسن : بليعوا لعبد اللك بن حميد على ما بويع -٧٣- عليه غان ، فقام بالحق الى أن كبر وخافوا طى الدولة من الضياع ، وعلى الأمر التعطيل ، فقام موسى بن على رحمه الله بأمر الامام عبد الملك ، وشد أزره ، وكان إذ ذلك كما يقول أبو إسحاق شيخ المسلمين يومئذ إمام العلماء ، وعلم من الأعلام المجتمدين ولم يزل على ذلك المى أن مات الامام ٠ قال أبو المؤثر : وحدثنى الثقة أن عبد الملك بن حميد الامام قد ضعف وسقطت قوته ، وثقل مذ-ه السمع والبصر ، إلا أفه قد كان يسمع ويبصر ، أى يسمع الشىء اليسير ويبصر كذلك ، قال وقد كان فى عسكر٠ القتال ، أى ربما كان بين العسكر اختلاف يؤدى الى شق العصا ، ثم يصطلح بوجود القائمين المسددين للاحوال ٠ قال أبو المؤثر : وكانت ضعفته فيما بلغنا أثد من ضعفة الصلت بن مالك ، قال : وسألوا موسى بن على عنه وعن الواجب فى حقه الذى ينبغى أن يعامل به ما دام فى ذلك الحال ، فأجابمم أن امامته ثابتة عملا منه بالواجب فى حق الامام من المساعدة ما لم يدع داع يتبين منه عجز الامام ، قال ولم يستحل موسى ابن على رحمه الله عزل الامام بذلك الأمر الواقع عليه من الله، قال : وقال أبو الحسن : وكان بعض المسلمين أظن أنه المنذر بن بثير يصدر عن موسى ابن على إذا رآه لم يعزل عبد الملك ، وكان يقول هذا الشاب يصدعنا إذا لم يعزل الجبل ، يعنى الامام عبد الملك ، إذ كانوا يرون عزله لما كان نازلامنزلة العجز الجسمى ، نظرا الى أن الامام إذا فقتد قوته وجب عزله إذ يكون بذلك الحال مقصرأوالعاجز عن القيام بالواجب يشسد عجزه عليه ، فيجب عزله سواء كان حسيا أو معنويا ، وعطى هذا أكثر أهل اللم ، إلا أن موسى بن طى لا يدى عزل عبد الملك ، لأن -٧٤- الأمور جارية مستقيمة والأحكام نافذة ، وأمور المسلمين فى أيديمم لا يعارضهم فيها معارض ، فأحب ألا ينكد على الامام حالا من الأحوال ٠ قال وقال محمد بن الحسن : كتب موسى بن على الى الامام عبد فى أمر رجل ، ثم إن الرجل أتى موسى بن على ، فقال رد الامام كتابك ولعله أراد أن يغريه على الامام بذلك المقال ، فقال أبو على رحمه الله هو الأمون علينا وعليكم ، قال : وكان الامام عبد الملك يطرد الممرة ويطلبهم من عمان لسفكهم دماء المسلمين فى بلادهم ، قال وكانوا يلقون بأيديهم ولا يقبل منهم ٠ قلت : هذا كلام لا يحسن السكوت طيه ، فانه إذا كان الامام وهم يلقون بأيديهم اليه ولا يقبل منهم فماذا اذا يقبل وأنت تقول ويلقون بأيديهم ، ولا شك أنه اذا كان يطلبهم وهم يلقون بأيديهم اليه أن ينتصف منهم ، قال حتى أشار عليه موسى بن على رحمه الله أن يقبل منهم ويؤمنهم فأمنهم ٠ قلت : هذا هو الواجب فى هذا الحال قال : وكانوا قد سفكوا دماء المسلمين ولم يصرحوا على أى شىء سفكوا دماء المسلمين ، والظاهر أنهم قتلوا جباة المسلمين إذ خرجوا اليهم لجباية الزكاة — فتخالفوا وتقاتلوا وغلبوا على المسلمين هناك ، إذ توحدوا بهم والتفوا حولهم ، ولعل هناك جنايات من عهد المقتولين منهم مع راشد بن النضر فى وقعة المجازة ، إذ قتل فيها المهرة حيث هم كانوا الجيش وأكثر القتلى فى بنى نجو من أهل عمان ، إذ كانوا عمدة جيش راشد بن النضر ، فقيت بينهم وبين أهل عمان حزازات فى النفوس ، أخذوا بهاأهل عمان عندما أرسلوا لقبض زكاتهم ، فكان المهرة يهددون أهل عمان بذلك كماسوف ترى ذلك فى إمامة الامام الممنا بن جيفر ، حه٧- وما عاملمم به الامام المذكور عندذلكحتى أراهم قوة المسلمين تطا علىكواهلهم٠ ولم تقع أيام الامام عبد الملك حوادث مهمة، بل كانت أيامه رحمه الله أيام سلم وراحة واستراحة، إذكف الله عن أهل عمان العوادى المخوفة فأمنوا واطمأنوا فى بلادهم والحمد لله ، قال ان رزيق فى سيرته سار عبد الملك سيرة الحق والعدل والانصاف، واتبع الأثر الصالح من المسلف الآمرين يالمعروف والناض عن المنكر ، وصارت به عمان يومئذ فى أمان واطمئنان ، بويع يوم الاثنين لثمان بقيت من شوال سنة ٢٠٨ مائتين وثمان ، ولم يزل قائما بالعدل آمرا بالمعروف حتى كبر وزمن وضعف ٠ قال : وفى زمانه كافت تقع الأحداث فى عسكره ، قال فشاور المسلمون الشيخ العالم موسى بنعلى فىعزله مع كبره، وضعف بدنه وذهاب قوته ، فأشار عليهم أن يحضروا العسكر ويقيموا أود الدولة ٠ قال : فحضر موسى العسكر ، وأقام أودهم أى ردهم عن اعوجاجهم ومنع الباطل ، وعبد الملك فى بيته لم يعزلوه ولم يزيلوه حتى مات ، وهو لمم امام برىء من الطعن والريب، وكانت ولايته الى أن ضعف عن القيام ثمانى عشرة سنة على الاتفاق ، إذ هى لما بويع له بالامامة كان كبير السن واتفق الكل من المؤرخين أن الامام عبد الملك لم يختل شعوره ولا يتزعزع عقله، ولا وقع فيه أىخلل، بل كان ضعفه فى السمع والبصر وأعضاء الحركات ، ولكنه بقى فى إمامته مقبولا مطاعا تولى العلماء مصالح الجيش وعملوا بما كان من حقوق الامام، حيث كان موجودا، فهم منفذون لأوامره لا يتبرمون منه ولا يرون فى أعماله ما يرد ، ألا ترى ذلك الذى قاللموسى بنعلى :إن الامام ردكتابك،قالله:هو — ٧٦ — المأمون علينا وعليك تسليماً لأمره واعتمادا على نظره، وذلك مما ينبغى ما لم يدع الى عزل الامام داع ضورى لا سيما مع وجود أهلية القائمين بالأمر جزاهم الله خيرا عن اجتهادهم فى أحوالهم ، والله ولى التوفيق والتسديد ٠ وأما ما ذكره شكيب أرسلان فلم يصح عند المسلمين ، ويتهم عاملو١ الصلت بن مالك رحمه الله بما عاملوا بهعبد الملكبنحميد، وكان حقيقا بذلك لكنهم اجتهدوا لله مع الأول ، إذ كان الوزير موسى بن على العالم الرضى الذى كانهمتهجمعشمل المسلمين والتفافمم حول راية الحق المبين، ولما قام الصلت بن مالك كان الوزير الأكبر موسى بن موسى وأين فى الناس كموسى بن على ، فكان موسى بن موسى بخلاف ما كان عليه أبوه ، ومن سوء الحظ أن مات موسى بن على وهو شاب فخلفه موسى الثانى ، فكان الفرق كما بين الثريا والثرى ، فموسى الأول محله محل امام عادل، ولو بويع بالإمامة كان أهلا لما وأما موسى الثانى فكان زعيما غثوما أقرب الى الرئاسة منه الى العدالة ولكن مقام أبيه فى المسلمين أحله ذلك المحل، ولكل درجات مما عملوا ٠ -٧ قوام دولة الإمام عيد الملكه بن حميد أعلم أن الله جعل المسلمين إخوانا وأعوانا لبعضمم بعض ، وجعل أعوان كل إنسان بحسب حاله وما هو فيه ، ومن حسن حظ الامام عبد الملك بن حميد أن جل له أعضادا من خيرة الرجال ، وأنصارا من القادة الأبطال ، وفى مقدممم الشيخ الولى العلامة الرضى موسى بن طى السامى لأزكوى عمدة أهل العلم فى زمانه، وقدوة أهل الفضل فى أوانه، مرجع المسلمين فى المممات الدينية ، وحجة القائمين بأوامر خير البرية ، وإليه يشير الامام النضر فى لاميته حيث يقول : «« واين فى النا كموسى بنطى م» ومن قوام دولة الامام عبد الملك بنحميد الشيخ الفاضل الثقة الجليل هاشم بن غيلان المميمى من اهالى بلدة سيجا من أعمال سمائل ، كان هذا الشيخ رأسا من رءوس هذه الدولة الجليلة، وكان هاشم ابنغيلانمن المراقبين لكلما يطرأعلى الدولة من الأحوال الظاهرة، ومن الناظرين فى سير الأعمال تدلك على. ذلك رسائله الطويلة العريضة، فيما النصح ممزوجا بالنقاش فى الفتيل والنقير ، بحيث لم يترك وجما يخشى عليه فيه من جانب الامام ، أو من جانب المأمومين عملا بواجب الوارد ف الكتاب والسنة، وأكرم بدولة رجالما أمثال هؤلاء الفطاحل، وما كان للمسلمين غرض فيما قاموا له وما قعدوا عنه إلا الحق > لا يراعون حظوظ الدنيا ولا منازلما، فانما أمور لا أهمية لما عند المسلمين، ولم يقوموا لغرض دولة تجمع لمم أموالا أو بئى لمم قصورا، -٧ - أو تغدق عليهم أرزاقا ، فان ينفق كل شسر سبعة دراهم وربما فضلت عن قوته فيرد الفاضل الى بيت المال رحممم الله ورضى عنهم ٠ ومنهم عمر بن الأخنس الذى صلى بالمسلمين صلاة الجمعة و الأيام اش مرض فيها الامام عبد اللمكمنغيرأن يأمره الامام،وكان الامام فى حال مرضه موجودا بنزوى ، وكان موسى بن عطى حاضرا معهم ، وأجاز صلاتهم ولم ير طيهم نقضا ، أما ابن محبوب فرأى نقض صلاة الجميع ، وكل واحد من الشيخين حجة يتعلق بها ، ليست من قبيل التاريخ فى شىء ، وإنما الذى هو من قبيل التاريخ هو نقل صلاة عمر ابن الأخنس مع وجود الامام بنزوى مريضا ، ولم يأمره الامام ، وبعد ذلك فليقل الفقهاءأقوالهم، ومن رجال دولة الامام عبد الملك وقوام أمرها : عزان بن الصقر ، وهاشم بن الجمم ، ومحمد بن علي، ومحمد ابن موسى ، والأزهر بن على والعباس بن الأرهر ، وسعيد بن جعفر ، وأضرابهم ، وهم كثيون متفرقون فى النواحى ، وف مقدمتهم الشيخان العالمان موسى بن على وهاشم بن غيلان : فهما اللذان لايزالان مراقبين الأحوال تمام المراقبة ، وموسى بن على رئيس طى هاشم فمو قطب الرحى وعمدة الحولة، وكأن علامة جليلا هلا اسمه آثار المسلمين ، والله يختص برحمته من يشاء • فأكرم بدولة هؤلاءرجالهاوزعماءأعمالها وساسة أمورها الذين يراقيون الله عز وجل فى سرهم وجمرهم ، ويراعون مصالح الأمة على ضوء القرآن والسنة : وإذا سخر الإله أناسا لسعيد فانمم سعد ء -٧٩- نصائح الطماء للإمام عبد الملك ما زال علماء المسلمين وبالأخص المسئولين عن شئون الدولة يحررون النصائح للامام ليكون دائماعلىيقظةف الأحوال، وطى اهتمام فى الأعمال، وعلى مراقبة لحقوق ذى الجلال، وعلى دراية كاملة من حركات أهل الضلال، وعلى الاستقامة فى الأمور الدينية والدنيوية، إذ لم يولوه الأمور ويهملوه، ولا ليضعوا الثقل عطى واحد ويضيعوه، بل هم معه فى جميع الأحوال ، فانظر فى فصائحهم تجدها تلاحظ الفتيل والنقير،معنية بأمر الدينقبل كل شى^ ، مما يدلك على إخلاصمم لله عز وجل ، وحسن معاملتهم لإمامهم ، وحسن قيامهم بأمورهم ، فمم الرجال الذين تحيا بمم الدنيا وتسعد بمم الأمة ، وتقوم بمم معالم الاسلام ، جزاهم الله خيرا وغفر لهم ، ولا فراغ لنا نسيرد فيه تلك النصائح التى قالوها ، ومن أرادها همى دافية القطوف ناضجة الثمر غالية المقاصد ، وقد ذكر الامام السالمى رحمه الله أنموذجا منما مفرقا فى غضون التاريخ العمانى، وأن فيه كهاية لمن ألقى السمع وهو شهيد ٠ ٨ وفاة الإمام عبدالملك بن حميد رحمه الله من المصائب فى الدين، موت طماء المسلمين ، وأقمة العلم والدين، ولكن سنة الله فى عباده التى خضع لما كل جبار ، ورضى بما الأخيار والأبرار، جارية على الإجبار لا على الاختيار، لتدل أهل العقول طى عظم الملك الجبار، وعجز العبيد عن البقاءوأن كثر الدرهم والدينار، وعلت القصور والخول ، فكل ذلك لا آلر له ولا اختيار ، فمو البرهان الصحيح لذوى العقول ، وأهل الاعتبار عى حقيقة التخلية والتنصل من كل أمل وكل جند ، وخول وانحصار الأمر الحقيقى للإله الواحد القهار ، فالعجز عن رد حادث الموت يخبر عن العجز والذل والحيرة والدهش ، وقطع النظر والعلائق كلما عند البعث والفشور ، الى المليك الفرد فلا شفيع ولا مجير ، ولا مستجار يوم لايكيف رعبه ولا يقاس خوفه ، تنتقى فيه المعارف وتتقطع فيه العلائق ، وينتمى فيه التوجه الى اللم رغم الأحوال كلما ، جاءعبد الملك رحمه الله ما جاءإخوافه والأمبياء والرسل قبله ، فتوفى الى رحمة الله الجمعة من شمر رجب لثلاث خلون منه سنة ست وعثرين ومائتين للمجرة : وكافت إمامته رحمه الله ثمانى مثرة سنة وسبعة أيام ، وذلك فى خلافة الواثق بالله ، فأصيب المسلمون بمصابة رزية فادحة ، ولكن كون ذلك محتوم يتسلى المسلم عنه ، وبوفاة رسول الله طلنقه عزاء لكل مسلم ، وإذ ذاك بايع المسلمون المهنابن جيفردلام-ن عد الملك بن حمد : والممنسا ومن كمثل الممنا قوة لم قجى بما الأقويساء ٨١ إمامة الإمام المهنا بن جيفر اليحمدى اطم أن الامام المهنا بنجيفركان أعظم امام فى آل اليحمد بن حمى ، وإن عظمته كانت دينية ودنيوية ، وقد قام بواجبه فى عمان حتى عظم قدرها فى أيامه ، وعلا شأنها فى عمده ، وطار لما صيت فى البلاد الربية المجاورة لها ٠ وكانت بيعته رحمه الله فى اليوم الذى أصبحوا فيه مصابين بامامهم المجيد،عبد الملك بنحميد، فلما زال عنهم الجبل قام لهم جبل أضخم منه ، وذلك اليوم هو يوم الجمعة من سنة ست وعشرين ومائتين لثلاث خلون من رجب، بايعه انعلامة الجليل الذى طالما طالبوه أن يزيه عنهم الجبل ، وهو موسى بن على السامى الأزكوى ، عمدة المسلمين فى أيامه ، وقطب دائرة الأعلام فى عهده ، وذلك بعد ما محض النصيحة وفرغ من شورة المسلمين الذين هم أهل الحل والعقد ، فى ذلك العهد بايعه فرضى المسلمون بيعته ، إذ كان عمدتهم فى دينهم وحجتهم ، فى دنياهم ، وهو قط الوقت إذ ذاك والعلم هو الذى يسود الأمة ، ويقيم أودها ويرفع أعلامها ، والقيام بواجب الشريعة فى الأمة أمر مفروض على الكلخلافا لأهل الأهواء الذين لا يرون ذلك، كما بسطنا ذلك فى« العرى الوثيقة» ردا على المبطلين لواجب الإمامة فى الدين، وكانت البيعة على الأمر بالمعروف والنمى عن المنكر، ويدخل فى هذين الوجهين كل خير فى الدنيا والآخرة، وكل شر، فان الحق مهما كان داخلا فى المعروف، والباطل بأنواعه داخل فىمعنى المنكر، والأمر بالمعروف يتناول مصالح الأمة لما دينا ودنيا ، كما أن النمى عن المنكر (م٦ - عمان عبر التاريخ ج ٢ :1 - ٨٢ — كذلك ، ولا أبلغ من دين الاسمين كتابا وسنة وعقلا ونقلا ، ولا يشذ عنهما آمر آبدا مهما كان ، فقام الامام المهنا فى عمان خير قيام ، عرفه أبطال الاسلام ، فوطى رحمه الله آثار المسلمين ونهج منهج السلف الصالح فى الحل والترحال ، وسار سيرة المسلمين ، ومازايلها قيد ثسعرة ٠ قال أبو الحسن رحمه الله : سار ألمهنا سير السلف الصالح ، وقام بالحق ما شاء الله الى أن مات ، والمسلمون له مجمعون وبأمره يعملون ، والولاة فى أيامه هم الصادقون ٠ قلت : إن دين الأمة من دين ملوكها، فاذا كان ملك الأمة المهنا بن جيفر فكيف لايكون الولاة صادقين فى أعمالهم ، صالحين فى أممهم ، مصلحين لشعوبهم وكيف لا يكونون كذلك ، وأمرهم يرجع الى الصالح وراء هم والمصلح لأعمالهم ، يالتلك الأيام ما أحلاها ،ولتلك الأعمال ما أعلاها ، حيث يكون العامل يقوم بأعماله باسم الامام العدل كالمهنا : للمهنا ومن كمثل المهنا قوة لم تجى* بما الأقوياء قال أبو الحسن لم نعلم أن أحدا أظهر عليه منكرا من عظمة المهنا فى عمان، كما قال الامام ، كان المهنا رجلا مهيبا وكان له حزم فى رأيه ، وكان لا يتكلم أحد فى مجلسه ، شرف الوقار وعز سلطان التقى ، قال ولا يعين خصما على خصم ولا يقوم أحد من أعوانه ما دام هو قاعدا حتى ينهض، هى هيبة الاسلام تدهش كل من يرنو اليها والهدى روع العدا ٠ - ٨٣ — و إذا ألبس الإله أحدا لباس عز وشرف ، فلا غروى إذا اندهثت له القلوب وذهلت له العقول ، فكم اندهشت لرسول الله عليه الصلاة والسلام ، ولعمر بن الخطاب الامام الرضى ، وكذلك غيرهم من أئمة المسلمين وعمدتهم فى الدين ، وكم عند على بن أبى طالب ذهلت عقول كثير من الناس ، وللحق هيبة عالية قذهل لها قلوب كثير من الناس ، قال أبو الحسن : ولا يدخل أحد العسكر ممن يأخذ النفقة إلا بالسلاح ، أى لا يدخل على الامام المهنا عسكره إلا وهم مسلحون ، حتى الهيية لباس المشراة وتيجان رجال الدولة ، وهو أيضا عنوان الحماس ، قال وكان له ناب يفتر عنه إذا غضب فتظهر له هيبة عظيمة ، أى إذا غضب الى أن يظهر نابه فان له هيبة تأخذ من القلوب مأخذها ٠ - ٨٤ ٠ قوة اكولة ايام المهكا بن جبغر أعلم أن الامام المهنا بن جيفر رحمه الله،جد ف تقوية الدولة فى عمان ، لإرغام الأعداء وكبح جماح أهل الباطل فيما ، فجمع قوته إذ ذاك، فكانت مضرب المثل فى ذلك العصر، كان رحمه الله كما يقول الامام نقلا عن الأعلام : اجتمعت اليه من القوة البرية والبحرية اشا, الله* قيل إنه اجتمع فى البحر أسطول عظيم ضخم بلغ ثلاثمائة بارجة حربية مسلحة بالسلاح العصرى ، تحمل داية الامام مهياة لحرب العدو ، وإنما لعظيمة فى ذلك الوقت بالنسبة الى عمان فى الجزيرة العربية، قال : وكان عنده فى نزوى سبعمائة ناقة وستمائة فرس تركب عند أول صارخ،قال:فماظنك بباقى الخيل والركاب، فى سائر ممالكة ٠ قلت : إذا كانت هذه قوة نزوى فقط وهى فى قلبعمان الداخلية ، ففى الثغور أعلى من ذلك أكثر وأجل، قال العلامة الصبحى رحمه الله : بلغنى أنه كان عند الامام المهنا بن جيفر تسعة آلاف مطية ٠ قال : ولعلها لبيت المال،قلت:لاشك أنها لبيت المال، فان المهنا لامال له إلا أموال المسلمين، وإذ ذاك فعمان لا جمارك فيها، وإنما المراد ببيت المال الزكاة فقط، وما يغنم المسلمون فى الفتوح من الكفار، قال الصبحى المذكور : وكانت عساكره بنزوى عثرةآلاف مقاتل، قال : وهؤلاء بنزوى خاصة فكيف بعساكر غيرها ٠ قلت هذا يكفى مقاسا على عساكر غيرها ، والله يرفع من يشاء ويؤيد من يشاء من عباده فله السلطان القوى وحده ٠ -٨٥ قال وكثرت الرعايا فى زمانه ، قلت : كيف لا تكثر والمهنا امام المسلمين ، وكيف لا تكثر والعدل فيما ناصب أعلامه ، فانه هو الذى ينمى الأمة ويكثرها كما يقل : إن العدل يعمر والجور يدمر ، وإذا كان الماء لا يكون له طحلب كما فى أيام الامام غسان ، فكيف لا يكون له نبات وزهر طيب وثمر حلو تعيش فيه الأمة ، ومن قوة إمامة المهنا أن المهرة كما هى ألصق بعمان ، لا تزال تابعة لعمان ذلك العمد ، وكانت أيام المهذا من أعماله ، وكان اتصال الممرة بعمان شائعا ولهم فى عمان معاملات ، ولايزالون فى العواصم العمانية ، وكان للامام جاب خصيص لزكاة الماشية فى الممرة ، هو عبد الله بن سليمان رجل من بنى ضبة من خصوص أهل منح ، وكان يسكن عز قريبا من منح فخرج الى مهرة لجباية الزكاة كعادته ، حتى وافى وسيم بن جعفر الممدى ، أحد زعمائهم ، وكان قد وجبت عليه فريضتان ، فامتنع الوسيم هن دفعهما معا ، وإنما أذعن بدفع فريضة واحدة ، وتغالظ هو وعبد الله بن سليمان ، فقال وسيم لعبد الله : إن شئت أن تأخذ فريضة واحدة ، وإلا فانظر الى قبور أصحابكم ٠ قال الامام : ولعله يريد قبوو من قتل هناك من الشراة أيام الامام عبد الملك بن حميد ، كما أشرنا الى النضية فى تاريخ الامام المذكور ٠ قال الامام : فقد وقع بين الامام وبعض ممرة حرب ، فأرسل الامام إليهم السرايا حتى دوخهم ، وأذعنوا بالطاعة للامام ، وصاروا كسائر أهل عمان ، واختلطوا بهم اختلاطا مباشرا ، فلما سمع الجابى عبد الله ابن سليمان ذلك الكلام من الوسيم ، وعلم أنه اذا غالظه لابد هو مقتول ، والدار نائية والشقة بعيدة ، ورأى مجارات هؤلاء البغاة ٨٦ على ما يحبون ، يخرب أعمال المسلمين ويحل بالأمور ، تأخر الجابى عن الأخذ والمطاولة ، وانسحب عن الجباية وكر راجعا الى عمان ليبلغ الأمر الى إمامه بعمان ، وكان قد خرج معه من عمان صاحب له جمال كان سفرهما على جماله ، فلما خرج عبد الله بن سليمان عز وطنه المعروف ، وأرسل الجمال الى الامام ليخبره عن الواقع ، فقدم الجمال الى نزوى فوجد الامام فى مجلسه فى بيت الامامة ، فلما انفض الناس وارتفع الامام من مجلسه المشار اليه ،دعا بالجمال فى مكانه الخاص به ، فسأله عن عبد الله بن سليمان ، وكيف كان سفره ، فأخبره عن وسيم بما كان منه فقال له الامام : اكتم الأمر ولا تخبر أحدا بما أخبرتنى به ، وأكد عليه تمام التأكيد فى الكتمان ، وكان الامام إذذاك ف غضب على وسيم ، فلما وصل عبد الله بن سليمان الى الامام سأله الامام عن خبر وسيم ، فأخبره بمثل ما أخبره به صاحبه المذكور ، فكتب المى والى أدم ووالى سناو ، ووالى جعلان، أن إذا ظفرتم بوسيم بن جعذر المهرى فاستوثقوا منه وأعلمنى ، وكأنه يأتى غالبا من هذه النواحى ، وآنه لا يزال يأتى عمانلذلك أمر الامام هؤلاء الولاة أن يقبضوا عليه لأنه كثيرا ما يتردد على هذه النواحى ، وأهل عمان كذلك لا يزالون يختطلون بالمهرة ، ولعل وسيما لما رأى عبد الله بن سليمان انسحب خاف منه عند الامام ، فجاء مقتفيا أثره ليتسمع عن الامام ماذا يقول ، وأغلب الظن لديه أن أمر مهرة ناء عن عمان ، وأن أمر الزكاة غير كبير فى نظره ، كما أن ارتداد العرب بعد النبى عليه الصلاة والسلام كان من قبيل الزكاة ، وأن أبا بكر رحمه الله تجرد لاخضاعهم فسكنت نعرتهم ورسخ الاسلام ، فيهم وسرعان ما كتب اليه والى أدم أنه قبض على وسيم وأنه استوثق منه ، أى جعله فى وثاقه ، فذسل اليه ٨٧ الامام أبا المقارش يحيى اليحمدى المعروف مع مجاعة من أصحاب الخيل ، ثم أنفذ اليهكتيبة أخرى ، فالتقوا بهم فى الطريق بموضع المنائف بالصحراء ثم أنفذ اليه كتيبة أخرى فالتقوا بهم فى قرية عز ، ثم أنفذ اليه كقيبة أخرى فالتقوا بهم فى قرية منح ٠ قال : فلم تزل الكتائب من الامام تتراسل الى الوسيم بنجعفر المدى حتى وصلوا به الى نزوى فى أربع كتائب من جيش المسلمين ، وقد بلغت الأهمية من الامام بوسيم مبلغها ؛ فأمر الامام بحبسه ، ولعل ذلك كان حيث إن أخلاطا بعمان من سائر بلاد العرب يريد الامام أن يظهر لهم الشدة والقوة،حتى لاتتأمل نفوسهم العتو على الحق والتمرد طى العدل ،وان تذل نعرتهم وتنطفى* نخوتهم، وتسير السائرة من عمان باهتمام الامام البالغ حد٠ على المتمردين ، قال : فمكث لايقدر أحد يذكر فيه ولا يسأل عنه ، ولا يتحدث عن خبره حتى وصل جماعة من المهرة ، أى من أعيانهم فاستعانوا على المهنا بوجوه اليحمد ت قال : فجابهم الى إطلاقه وشرط عليهم ثلاث خصال ، أى واحدا منما فأجابهم الى أحدهاوهى إما أن يرتحلوا من عمان ٠ قلت : وعذا يحدثنا عن وجودهم بعمان وجودا محسوسا، ولهم علاقات بالامامة، ولعلهم يأتون لعطايا من الامام، قال : وإما أن يأذنوا بالحرب، وإما أن يحضروا الماشية كل حول المى عسكرنزوى،وتشهدعلىحضورها العحول،أىمن المسلمين أنه لم يتخلف منهاشىء، وتعدل الثهود المعدلون بأدم :فقالوا : أما الارتحال فلا يمكننا، أى حيثلهمأعمال وروابط تربطهم بالمسلمين، قالوا : وأما الحرب فلسنا نحارب الامام ، وأما الابل فنحن نحضرها ، أى وهذا أهون الأمود الثلاثة ٠ قال :فعندذلك أمر الامام بتعديل الشهود، ٠ ٨٨ ه فكانوا يحضرون إبلهمفكلسنةتدورفشهرخاص عين لإخراج الزكاة، فكانوا يراعون ذلك الشهر ، فيأتون بماشيتهم الى نزوى ، وفى هذا من إظهار المسلمين مالامزيدعليه، وتلك ثمرة القوة التى أرشد اليماالقرآن الكريم فى قوله:( وأعدوالهم ما استطعتم من قوة)، ( وأن لى بكم قوة )، ( فأعينونى بقوة ) وإنها لهى كرسى الملك وعرش الزعامة، وعى قدرها تبلغ الدعوة فى الناس ولما يخضع العتاة ٠ ٨٩-- اعمال الإمام الممنامع البغاة واهل الفساد اطم أن أعمال الامام الممنا مع أهل الفساد والبغى شديدة، وربما كانت قاسية لاقتلاع جذور البغى والفساد من أهلما، فانظر الى معاملته وسيم بن جعفر حيث أودعه الحبس حول سنة لم يقدر احد يذكره عند الامام ، وبعد ذلك لما وافقهم على إطلاقه مع تعهدهم للامام عنه بالاذعان والطاعة ، شرط طيهم تلك الخصال مع لن الجانى واحد منمم ، وإن كان زعيما فلزممم قبول إحدى تلك الخلال ، ما ذلك وأيم الله إلا لتأييده وتدعيمه بالدعائم القوية، فأذعنوا لأخفما وطاة ، وهو سوقمم مواشيمم من ممرة الى منح وتروى لأداء الزكاة، وكان أن يقصدهم الجابى الى أماكنهم فسبب ذلكا تهديد وسيم لجابى الامام ، وهو عبد الله بن سليمان الضبى من اهالى عز ، ومنما آن رجلاطعن رجلافى جسده و لعله بحديدة حتى أحماه عطى ما يظمر من كلام الامام رحمه الله،فأمر الامامبالطاعنفجلدتسعينسوطا،وقال:تسفكدماءالمسلمين على بابى ، وكان على الطاعن أرش طعنته وتأديعه بما يقتضيه نظر الامام، فأدبه رحمه الله بسوطه تسعين جلدة ٠ قال الامام السالمى رحمه الله:وذلكطىقولمنلميجدللتعزير حدا، وإن زاد عن قدر الحدود، وهو قول من أقوال المسلمين وعليه كتير من علماء المسلمين، لأن جعل التعزيز والتنكيل والتأديب موكول الى فظر القائم بالأمر من إمام ووال وقاض ونحوهم ، وعليه ان رأى أن يزيد طى الحدود المقررة فله ، لأن الشارع حدد وأطلق ، فما حدده فلا يمكن مجاوزة تحديده ، وما آطلق طماء المسلمون أفه موكول إليمم ، ألا تراه يقول للازواج فى ضربهم لزوجاتهم إذا خالفنهم ( فاهجروهن فى المضاجع واضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ) فجعل غاية ضربهن الطاعة لأزواجمن، وإن كان أكثر العلماءيرون أن التعزير لايتجاوز أقل الحدود وهو تسع وثلاثون جلدة ، لأن أقل الحدود حد العبيد وهو نصف حد الحر أربعونجلدة ، فاستعمل الامام رحمه الله الشدة فى التعزير ، ليسود الأمن وتطمئن الأمة فى أحلاس بيوتها ، لا يعدو بعضها ءلى بعض،وقدعمل بمثل الامام المهنا رحمه الله الامام الصلت بن مالك، فى تقريره لعبد الله ابن نصر ، إذ ضربه خمسين سوطا ، وإن قيل لعله اقتدى بالامام المهنا، قلنا هذا أيضا مما يؤيدعمل المهنا، لأنه لولميكنحقاما اقتدى به الامام الصلت، والعلماء إذ ذاك متوافرون، واليهم حل الامامة وعقدها ، وما الامام إلا كواحد منهم إلافيما كان خاصا به ، أى من خصوصيات الامامة والغرض من هذا كما قلغا زجر الامة وردعها ٠ فلله در الحق ما أعلاه وما أسده نظرا وما أهداه ٠ ومن شدته على أهل البغى والفساد أيضا ما عامل به بنى الجلندى، فان بنى الجلندى كماسبقفىعلمك أيها القارىء الكريم، إنهم كانوا يعدون أنفسهم ملوكا فى عمان ، وأن لهم ما ليس لغيرهم ، وكانوا كلما لاحظوا فرصة أو رأوا غفلة ، هاجموا مركرا من مراكر المسلمين بعمان، فتقوم الامامة الحالية فتقمعهم كمافعل بهم الامام الجلندى بن مسعود رحمه الله ، إذ ضرب أعناقهم وقاموا فى أيام زعيمهم راشد بن النضر وخرجوا على دولة المسلمين ، فقام لهم رجال الحق فأرغموهم على الرجوع اليه ، ووقعت وقعة المجازة من الظاهرة فدوختهم ، ٩١ وفرقت بهم فى البلاد وهكذا ، ثم قاموا فى أيام الامام المهنا بن جيفر فهاجموا تواما أى البريمى ، ذلك لأن الوالى كان غير آمل أن يهجم عليه عمانيون ليحتلوا البلاد غ وعلم الامام عليها، وصولة الامام المهنا معروفة ، وهى لا شك أنها مرهوبة ، ولعلهم ظنوا أن الضعف بدأ يدب فى جسم الامامة، لأن المهنا أخذفى السن، وبدأ الضعف الجسمى يحتل منه قواه ، فسولت لهم أنفسهم ذلك ٠ وقال الامام : وفى أيامه أى المهناتحرك بنو الجلندى، قال: ورأسهم يومئذ المغيرة بن روشن الجلندانى ، قال وشايعهم ناس من أهل الفتنة ، فدخلوا توام، وكان أبو الوضاح واليا بما للامام فقتلوه رحمه الله، فقام الامام لقمعهم ، وجمز لمم جيثا ولى قيادته الصقر بنعزان ، وأمر على أبى مروان رحمه الله، وكان واليا على صحار، بأن يخرج بمن عنده معمم ، فسار أبو مروان بجيش من صحار وفيهم المطار الهندى، وكان من أبطال الرجال، وكان أميرا فى جيش صحار على الهنود، وكان للامام جيش فى صحارى من الهنود خاصة ، كان المطار قائدهم ، فكان الجيش اثنى عشرألفا ، فهاجم الجيث البريمى ودارت رحى الحرب بينهم، فأنى لآل الجلندى الوقوف فى وجه ذلك التيار الجارف، فقتل من قنل منهم وانفضوا فى الأرض هاربين ، وانتحر الجيش عليهم انتصارا كليا ٠ قال الامام :فقنل من قتل من لبغاة،وهزم الله جمعهم، وهرب من هرب منهم وفرق الله شملهم ٠ قال : وعمد المطار الهندى ومن معه من سفهاء الجيث الى دوربنى الجلندى ، إذ كانوا متأهلين فيها آمنين مطمئنين ، وبذلك اغتروا فأحرقوها -٩٢- بالنار ، وفى الدور الدواب مربوطة من البقر وغيرها ، والرجل من السرية يلقى بنفسه فى الفلج حتى يبتل بدنه وثيابه ، ثم يمضى فى النار ليقطع عن الدواب حبالها وتنجو بنفسها من النار ، قال الامام : فقيل أحرقوا خمسين غرفة أو سبعين غرفة لبنى الجلندى ومن معهم ، فهربت النساء من تلك البيوت لائذات بالصحراء على وجوهمن ، يختفين فيها روعة من الجيش ، فلبثن بالصحراء ما ثاء الله ، وكان الجيش يشسدد اوطأة إذا رأى امرأة حاملة طعاما أو ماء أراقه وأتلف الطعام لعله لرجال هناك، فاضطرت النساء من الجوع ، وكان الجيش مخيما بالبريمى حتى إن أمة انطلقت الى القرية بالليل تلتمس طعاما وشرابا لسيداتها فى الصحراء ، فحملت ما وجدت سويقا وماء فى سقاء من أسقية اللبن ، فحملت فيه ماء وحملت السويق معها ، ولعلها أيضا حملت بعض الأثواب للنساء ، فرآها رجل من رجال الجيث متوجهة الى النسوة بذلك السويق، وسقاء الماء فأدركها الرجل ، فعمد الى السويق فأخذه فصبه فى الرمل وعمد الى الماءفأراقه م انصرفعنهن وخلى النسوةبضرهن ٠ قالأبو الحوارى :فلم يقل لفا أحدإن أبا مروان آمر بذلك ولانمى عنه، قال: ولعله قد نمى عنه ولم يسمع ٠ قلت : يحتمل ذلك أشياء أخرى منها لعله علم عنهن ضررا على المسلمين ككونهن عيونا للبغاة أو محاربات أو جارمات عطى المسلمين ، ولم يفعل فيهن شيئا إلا أخذ السويق والماء ، ولم يستحله أكلا أو شريا ولعل أبا مروان أيضا لم يعلم بذلك ، فكيف يقال ما نمى عنه ، ولعله من معرة الجيش وأنى بأبى مروان العلم بجميع ما يفعله الجيش من أحوال ، مع أن قيادة الجيش كانت الى الصفر بن عزان، فما وجه لوم أبى مروان ووقت الحرب تقع من الجيوش أشياءقدلايعلم بما القوادوالمسئولون إلا بعد مدة من - ٩٣ - وقوعها،وقد قضىعليها فيتدارك الأمر ما أمكنه، وربما سكت عنذلكفذلك الحالسياسة يقتضيها الحال ٠ والخلاصة أن الامام دوخ آل الجلندى هنا بعد ما رأوا أنهم قادرون على الخروج ، إذا توفرت عليهم النعم وشايعهم علىذلك من غره هواه ، وقاده الباطل لما يمواه ، فكانت عاقبة أمرهم خسرا ، وبعد الفراغ من الأعمال تداول المسلمون القضية انتصارا وانتقادا، فأرسل الامام رحمه الله من ينظر فيما أحرق طى أهل توام ممن لم يدخل فى فتنة آل الجلندى، ويقوم أموالهم بالأثمان ٠ قال الامام، نقلا عن أبى الحوارى : ثم بلغنا أن الامام بعث بعد ذلك رجلين الى توام الى القوم الذين احترقت منازلهم ، فدعوهم الى الانصاف ويعطونهم ما وجب لهم من الحق أه ٠ وقد تداول العلماء هذه القضية فيما بينهم نقدا وردا، وذكرها الصائغى فى نظمه وحررها الامام السالمى فى جوهره ، فكانت برهانا لمثل هذه الأحوال التى تقع من مغرات الجيوش فىكلجيل، والحجة أعمال أهل العدل لا أفعال أهل البغى والباطل، فيجوز كسر قوة أهل البغى والفساد بهدم البيوت وقطع الأشجار، وتخريب الديار، وكل ما يوهن الباغى : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فباذن الله وليخزى الفاسقين ) حتى لا تكون لهم قوة يرجعون إليها يوما ما ، فاذا تبين هدم بيوت غير المستحق أو قطع فخلهم وأشجارهم ، فعلى المسلمين ضمانه فى بيت المال،لأن الخطافى الأموال مضمون على كلحال، إن لم يحل الشرع إتلافه، وقد قام الامام رحمه الله علىآل ٠ ٩٤ — الجلندى فقمعهم ، ثم قام لمن لم يدخل ى بغيهم وقوم أموالهم ودوابهم وبيوتهم ، وليس عليه فى دين الله إلا ذلك ٠ ومنه-ا أن الامام المهنا لما كان شديدا فى أعماله مع أهل البغى والفساد، كان ولاته أيضا كذلك لأنهم كما فى الحديث علىدين ملوكمم، ومن ذلك كان أبو مروان واليا على صحار،كماطمت ذلك وكان شديدا ٠ قال الامام : كان أبو مروان يشدد طى الناس المخالفين أن يظهروا بدعتهم كالقنوت ورفع الأيدى فى الصلاة ونحو ذلك، ومنه تقديم تكبيرة الاحرام طى التوجيه، لأن هذ! كله مما خالفونا فيه، قال الامام : قلت إلا تقديم تكبيرة الاحرام على التوجيه،فان فيه قولا بجوازه فى المذهب، لكن لم يعملوا به أىعملوا بما هو الأرجح عندهم، وهو أن التوجيه من سنن الصلاة ومن مقدماتها ، وأما نفس الصلاة فقد حصرها الشارع صلى اللهعليه وآله وسلم فى قوله: أولها التحريم وآخرها التسليم ، فكانت الصلاة بهذا النص الصحيح محصورة بذلك ، فتبين أن ما كان بينهما داخلا فى حكم الصلاة، وما عداه فلا ٠ قال الامام :وإنماعملبه المخالفون أى تقديم التحريم فى الصلاة، فصار شعارا لهم، فلهذا شدد عليهم الوالى المذكور ٠ قال أبو إسحاق فى تعليقه : إن مخالفينا يمنعون متى اتخذوا مسائلهم دعاية الى مذهبهم ، وفتنوا أهل المذهب فى دينهم ، ويدلك طى هذا ما سبق لك مما كتبه العلامة هاشم بن غيلان رحمه الله الى الامام، لما ظهر القدرية والمرجئة وغيرهم بصحار أيضا وفتنوا الناس فى دينهم ، فانه كتب الى الامام بمنعهم أو إخراجهم من صحار ، بل من عمان ، أما الذين كانوا طى الترام السكينة ولا تخشى منهم بادرة ، فانهم فى حرية ٩٥- مذهبهم دون أن يصدهم عنه أحد ٠ قال : ولما كانت صحار العاصمة البحرية، ومشهورة بسوقها يومئذ صار الأوفاض التى قرد اليها من كل أرباب المذاهب والدسائس كثيرا ما لعبت هنالك ، وكلفت الامامة شيئا عظيما من المال والرجال ، وهددت الأمن، لمذا كان رجال الدولة بعد ذلك يتخذون المحيطة الضورية للمفاجآت وكذلك الواجب : ومن رعى غنما فى أرض مسبعة ونام عنها تولى رعيها الأسد واعلم أن عمان كلها ما كان فيها إلا إباضى صحيح العقيدة صالح العمل ، حتى اختلط بهم من قومنا أخلاط أخذوا منهم كل غث ، وكيف لا ونفس المجاورة دليل العدوى وسبب لها ، والصبر يفسد العسل ، وقرين السوء لابد أن ينال منه مقارنه ٠ واعلم أن هذا الدين لا تحفظه إلا بشدة كثدة عمر بن الخطاب رحمه الله : ولو كان لين القول يظهر دعوة لكان رسول الله حلو المناطق ولكنهم لم يخضعوا له حتى رأوا السيف أحمر يلمع فى الأفق ، ويقطر دما ، فحينئذ قالوا أخ كريم وابن أخ كريم ملكت فأسجح ٠ ولا ريب فان الامام المهنا صان الدين بتلك الشدة ، وحفظ البيضة بتلك الصرامة ، ولله يومه بين أيام الدهر بعمان ٠ قال أبو إسحاق رحمه الله لو سلك بقية الأئمة بالامامة مسك الامام المهنا رضى الله ٠ ٩٦ - عنه، لكائت عظمة الامامة بالغة أوجما، وكان من الدول العظمى الى اليوم، فرحم الله أولئك الرجال العلماء الذين أبصروا منمم الحق فأيغدوا الامامة، ونصروا الامام طى عدوه الى أن لقى الله وهو فى عز الاسلام راضيا مرضيا، ولكل درجات مما عملوا، والله يتولى من عباده الصالحين ٠ ٩٧-- حزم الإمام الممناويقظته فى الامود كان الامام المهنا بن جيفر رحمه الله على جانب عظيم من الحزم ، وعلى منتمى حدود الفطنة من اليقظة ، وبذلك قامت له هيبة فى عمان ، حتى اهتزت لما الأرجاءوالنواحى ، وحتى التزمت المهرة لها سوق ماثيتها من المهرة الى نزوى ، وكيف لا وثلاثمائة سفينة تمخر عباب البحر حاملة للعلم العمانى ، محافظة للبحر من القرصنة ، وخمسة آلاف فرس مهياة لأول صارخ ، وتسعة آلاف ناقة لما أهميتها ف ذلك الوقت ، معدودة لرد كل باغ على المسلمين بغير حق ، وإنى أنقل لك عن الامام السالمى رحمه الله أكثر من غيره ، لأنه الموثوق به عند الخاصة والعامة المقبول عند الأمة قبل غيره ، قال فى تحفة الأعيان : كان الامام قد أسن وكبر حتى أقعد فاجتمع الى موسى بن على جماعة من الناس ، وهو أى موسى بن على قاض للامام المذكور ، وهو شيخ المسلمين ومرجع الفتوى ، وهو يومئذ شيخ الاسلام ووزير الامام ، ورأس أهل الحل والعقد ، يرجع اليه بالمشورة خصوصا فيما يتعلق بثئون الدولة والبيعة والخلع ، هما أكبر شىء إذذاك ف نظر المسلمين ، فقالوا له : إن هذا الرجل يعنون الامام قد أسن وكبر وضعف عن القيام بذا الأمر ، يعنون الامامة ، فلو اجتمع الناس على إمام يقيمونه مكانه كان أضبط وأقوى على ذلك ، قال فخرج موسى الى الامام ، فلما دخل عليه جعل يساله وينظر حاله ، فعرف الامام معناه وفهم مراده بذلك ، فقال له : يا أبا على الى والله لئن أطعت أهل عمان على ما يريدون ، م٧- عمان عبر التاريخ ج٢) -٩٨- لا أقام معمم امام سنة واحدة، وليجعل لكل حين امام ويولون غيره ارجع الىموضعكفما أذنت لك فى لوصول لى، ولا استأذنتنى ولا تقم بعد هذا القول ، هذا ما فمم الامام من الشيخ الولى موسى بن على ، وإنه لحق لا يجهله من مارس الأمور وتنبه للمحذور، والمعنى لو فتحنا هذا الباب لأهل عمان لوقع التلاشى فى الأمر ، فالأولى أن نسد الباب قبل ١ن يتسع الخرق طى الراع٠ وكان من سياسته وحزمه ويقظته لعواقب الأمور ما ذكره الامام فى صحيفة تسع وخمسين ومائة ، قال من خيف على الدولة منه أكل ماله فى السجن ا ه • ومعناه أن من خاف الامام ضياع دولة المسلمين منه تناوله فأودعه ف السجن، وبيع ماله لطعامه ، وهذا من أعظم ما أذل به الامام من خاف منه الضياع فى الدولة، وأن هذا من الحزم بمكان لا يخفى على أهل السياسات الدولية، ونترك النقاش فيه لمحل آخر ، بل واجبنا الآن من هذه الناحية توضيح حزم الامام ، وبديع سياسته فى المقام، ولولاذلكلماقامت عظمة الاسلام فى عمان، وحسبك أنهم لقبوه صاحب الناب ، وكانوا يهددون به البغاة ، فيهتزون له رعبا، وليت أولياء أمور المسلمين كذلككلهم، ولو كانوا كذلك لما لعبت الخلاعة دورها ٠ وأقول بحق لم تعرفعظمة ولا هيية الإمام فى آل اليحمد كعظمة المهنا وهيبته ، وذلك يرجع الى حزمه وعزمه وحسن يقظته فى الأمور التى ابتلى به-ا ، فكان لنا به مزيدوصف فى شخصيته الموقرة ، ولكن الدهر لايرضى ببقاءأحد طيلة أيامه ، وأن المهنا بن جيفى بمنزلة قيد الأرض فى آل يعرب ، فانه جمع هيبة الدين والدنيا وعظمة البر والبحر ، وناهيك بجيش فى البحر تحمله ثلاثمائة سفينة ، وفى البر قحمله النياق والخيل ٠ ١١٠- ولاشك أنضبط الممالك تحتاج لمثل نحو هذه الأعمال، فاكرم بالممنا وباعماله فى عمان، ولو دونت لخبارهم وأعمالهم لكانت منتهى العظمة الدولية ، وما دون منما ضاع ، وبقينا نلتمس ذلك من ابن رزيق الشاعر الذى يريد أن يكون من أهل العلم المؤلفين ، ومن سرحان بن سعيد الأزكوى وتاريخه، لا نجده إلا فى المكاتب الأجنبية، وقد بثدل وغير ، ومن العوتبى الصحارى ومن منثور الفقهاء فى آثارهم عند مدحمم لمن يرضون أو قدحمم لمن يتمورون ، ومن المفهوم الذى تدل طيه إجماليات أقوالمم ولو دونت الأخبار لما احتجنا الى ابن الأثبر يقولفينا المغث والسمين ولاصاحب المروج ٠ وفاة الإمام المهنا بن جيفر رحمه الله كان من قدر الله عزوجل لما خرج العالم الوحيد موسى بن على من عند الامام الممنا فىتلكالحال التىقام بها الطالبون لعزل الممنا بدعوى أنه قد شاخ وعجز عن القيام بأمور المسلمين ، وأن شيخوخة المهنا أقوى من شباب غيره ، ولكن طبع بنى آدم اللل ، ولو لم يطل العهد ، فلما رجع العلامة الجليل موسى بن طى توفاه الله ف اليوم التاسع من شهر ربيع الأول من سنة ٢٣٠ ثلاثين ومائتين ، وكان ولد ليلة عاشر من جمادى الآخرة سنة ١٧٧ سبع وسبعين ومائة ، فيكون قد عاش رحمه الله ثلاثا وخمسين سنة ، وهو بهذا قد مات فى أول نضسوج معارفه ، واستكمال شعوره واستفحال عقليته ، وقيل كانت وفاته فى سنة ٢٣١ إحدى وثلاثين ومائتين ، فيكون قد عاشى فقط أربعا وخمسين سنة ٠ قال الامام : والأول أثبت ٠ قلت : فان صح الثافى فيكون ٠٠ رحمه الله الأول أصح لأدلة جلية وبقى الامام بعده متأثرا بوفاته تأشرا لا مزيد عليه،وكذلك لأسباب عديدةلا يجهلها إلا القدم الغبى ٠ وتوفى الامام المهنا رحمه الله يوم الجمعة والناس فى المسجد، قد حضروا لصلاة الجمعة ، فبعد الأذان الأول جاءهم خبر وفاة الامام ، ولم يقولوا فى صلاتهم شيئا ، فصلوا جمعتهم ظهرا ، وقاموا لتجهيز إمامهم ، وكان صلى بهم ذلك اليوم خالد بن محمد المعدى، قال الامام : وفى الأثر كان الامام مريضا، وقم الخطيب على. المنبر، فبينما هو فى الخطبة إذ جاء رجل فأخبرهم بموت الامام، فقطع الخطيب الخطبة وصلى على النبى ه، ودعا و نزل من المنبر وصلوا أربع ركعات، قال: و أحسب أنه كان فى المسجد محمد بن محبوب، ومحمد بن على ولم أبصرهما، ولكن توهمت ذلك لأنهم اجتمعوا فى بيت المشسورة ، يتشاورون فيمن يقدمونه إماما ، وكأنهم أحسوا بموت الامام فى ذلك المرض، قال وأحسب أنه قد كان فى المسجد هلال بن منير وذلك لست عشرة خلت من ربيع الآخر سنة ٢٣٧ سبعوثلاثين ومائتين ٠ فصلى عليه ابنه جير أى كان امام الصلاة على والده رحمه الله، ولاتسلعماألم بعمان من دهش وروعة لوفاة الامام حفظ البحر والبر بهمته العلية ، وعزيمته القوية ، ورعايته الوفية ، تحت ظل الديمقراطية الاسلامية والحمد لله الذى له الملمككله وله الأمر سبحانه من قادر كريم يفعلمايشاءويحكممايريدلهلخلق وله الأمر ٠ - ١٠٢ - إمامة الإمام الصلت بن مالك بن بلعرب الخروصى لما رأوا حالة الامام المهنا بتطتل الاسلام يحيط به الحمام، كماأنهعلىكلنفسلزام، ورأوا أمرا لابد منه وهو إقامة إمام ثان يخلف الأول فى المسلمين ، ويقوم بحقوق الله والدين ، اجتمعوا فى بيت المشورة وقادتهم العلماء الأمجاد والسادة الأجواد، أقطاب الهدى وعمدة أهل الاهتداء ، وهم محمد بن محبوب بن الرحيل القرشى المخزومى، والمعلى ابن المنير الفشحى، وعبيد الله بن الحكيم ، وبشير بن المنذر، ومحمد ابن على ، ومعهم من خيار أهل العلم الذين نشأوا فى ذلك الجيل الكريم الذى أحاطه ورباه المهنا بنجيفر رحمه الله، وهم زياد بن مثوبة والمنذر ابن بشير ، ورباط بن المنذر ومحمد بن أبى حذيفة ، وهاشم بن الجهم وعلى بن صالح ، وعلى بن خالد ، والحسن بن هاشم، وأبو المؤثر الصلت بن خميس، وزيادبن الوضاح، وسليمان بن الحكم، ومن معهم من خيار المسلمين ، ولله عهد يجتمع عليه مثل هؤلاء الأماجد الأبطال أخيار الأمة وعلماؤها فىذلكالعهد، نظر هؤلاء الرجال الفطاحل فيمن هو الذى ينبغى أن تعقد عليه بيعة الامامة ، فوقعت خيرتهم على الصلت ابن مالك، فبايعوه يوم الجمعة عند غروب الشمس، وذلك بعد الفراغ من دفن الامام الراحل لست عثرةخلت من ربيع الآخر سنة ٢٣٧ سبع وثلاثين ومائتين ، وهو نفس اليوم الذى مات فيه الامام المهنا رحمه الله، وقام بالبيعة له العلامة الجليل بشير بن المنذر رحمه الله، و محمد بن محبوب رضى الله عنه ٠ قال أبو المؤثر : كنا فى المشورة لما مات الممنا ، فوقع فى ثوبى — م١٠ — دم فذهبت أغسله فرجعت وقد بايعو للصلت بنمالك، أو قال انقطعت الأمور فسأله محمد بن محبوب قائلا له : أين كنت أو ما أخرجك من الناس ؟قال فقلت: وقع ف ثوبى دم فذهبت أغسله، قال فاستتابنى أى أتهمه فى خروجه أنه وقع فى نفسه أمر لم يذكره لهم : وإذ سخر الإله أناساً لسعيد فإنهم سعداء قال ابن رزيق فى سيرته : بايع المسلمون الصلت بن مالك رحمه الله وكان يومئذ رئيس المسلمين فى العلم والدين الشيخ العالم المعامل القطب الفمامة محمد بن محبوب رحمه الله ورضى عنه ، بايعوا الصلت علىما بويععليه أئمة العدل من قبله، قلت : كان قبله أربعة أئمة عدول، وكان الصلت الامام الخامس : وكانت البيعةلهعلى نسق البيعة لإخوانه المتقدمين ٠ قال الامام : وكان المشهور فيهم أى الذين بايعوا الصلت محمد بن طى القاضى، ولعله أخ لموسى بنعلى، وسليمان بن الحكم، ثم ذكر الذين سبق ذكرهم ، قال :ومنهم أناس من أهل العلم والفضل ، وإن لم يبلغوا مبلغهم فى العلم منهم بشير بن المنذر ، وكان سيدا من سادات المسلمين بعزمه وقوته على الأمر بالمعروف والنمى عن المنكر ، فبايعوا الصلت بنمالكرحمهاللهمعمن حضرهم من المسلمين، وقدموه عليهم، وسلم الناس لهم وسمعوا وأطاعوا، ولم يخالفوا فى ذلك، قال أبو قحطان : أجمعوا على إمامة الصلت بن مالك وولايته وولاية من قدمه من المسلمين ٠ قال : وأجمعوا على نصرته وتحريم غيبته والامتناع عن طاعته ، قال : وقيل فى موضع آخر ثم ولى الصلت بن مالك وكان يومئذ بقايا من أشياخ المسلمين وفقهائهم رحمة الله عليهم ، وإماممم يومئذ محمد بن محبوب رحمهالله وغفر له ، فبايعوه على ما بويع عليه أهل العدل قبله، فسار الصلت بن مالكبالحق فىعمانماشاء الله ، حتى فنى أشياخ المسلمين جملة الذين بايعوه ، لا نطم أن أحدا منهم فارقه ، وعمر الصلت بن مالك فى إمامته ما لم يعمر امام من أئمة المسلمين فيما علمنا ، حتى كبر ونشأ فى الدولة شباب وناس يتخشعون من غير ورع ، يظهرون حب الدين وبيطنون حب الدنيا ، ويأكلون الدنيابالدين، فلما طال عمر الصلت بن مالك رحمة الله عليهم ، ملوه لما كبر وضعف ، وإنما كانتضعفته من قبل الرجلين ، وأما السمع والبصروالعقل واللسان فلم نعلم نه ضاع منه شىء ولا نقص منه شىء هذ ا كلامه نقله عنه الامام فى تحفته ٠ قال: وسيأتى أنه كان يبرأ ممن عزل الصلت ٠ قال : وكان أبو مروان رحمه الله تعالى واليا للمهنا على صحار،كماسبق٠قال: فعزله الصلت فخرج أبو مروان الى نزوى ، فأقام بما حتى توف ، وولى ابن مالك صحار محمد بن الأزهر العبدى ، وقدم محمد بن محبوب صحار فى سنة تسع وأربعين ومائتين ، فولى القضاء بما من قبل الصلت بن مالك فنعم الوالى ونعم المتولى، وآكرم بابن محبوب إذ ذاك المسيد العليم الموقر جرثومة الفضل والشرفع، وبصحار فى عمدة وهى المدينة الجليلة يرف عليها العلم الأبيض تحت ظل سادة المسلمين أهل الغضل واكرى، ومن ورائهم الصلت بنمالك الذى لاينكرفضله ولايجط مقامه م الامام الصلت يجمز جيشاً لاسترداد سقطرى أصلت الصلت للمعادين إصليت انتقام فبادت الخصماء كانت سقطرى والمكلاوحضرموت والممرة كلها تحت راية إمام عمان ، حتى جاء النصارى بأسطولهم فهاجموا سقطرى على غيرعلم من إمام عمان ، وهى فى شقة بعيدة إذ ذاك ، ولا طريق لما منالبر والبحر لا يمكن عبوره إلا ف الموسم الخاص، وبذلك أخذوا الفرصة لهذا العمل ، ومن للامام ومن لأهل عمان أن يعلموا بما فى تلك الأجواء ولابرقيات ولا مخابرات ولاطيارات ولابواخر إلا التى فى المواسم المعروفة، وكان القاسم والياً عليها من قبل الامام بعمان، فاتصلت الأخيار بالإمام بعد مدة طويلة ، وكان من جملتما قصيدة أنشأتما امرأة من أديبأت سقطرى تستنهض بما الامام وتستغيثه طى هؤلاء العائثين فى البلاد ، وتخبره بالواقع بعبارات تذيب القلوب الجامدة، وتحرق الأذهان المتوقدة، وتحرك المشاعر الواهية، بأشهه بكلام الخنسا ولاريب للأدب تأثير فى القلوب أشد من تأثير النار فى جزل الغضا ، تقول فيها قل للامام الذى ترجى فضائله ابن الكرام السادة النجب وابن الجحاجحة الشم الذين هم كانوا سناها وكانوا سادة العرب أمست سقطرى من الاسلام مقفرة الشرائع والفرقان والكتب وهكذا ذهبت تذكر الأحوال الحاضرة بعد الأعم-ال الغابرة ، وتندد بالحوادث الجائرة والأفعال الخاسرة ، وتستثير حفائظ المسلمين على ما أصابهم من أولئك الطغاة المتمردين ٠ فانهم لما هجموا على البلاد قاومهم الوالى فقضوا عليه وعلى من معه ، وتولوا أمر البلاد كأنها لازائد عنها ولا رادع ولا راد ، فدمروا البلاد وهدموا المنازل ، وخربوا المعاهد حتى عم البلد الكفر ، فلا إسلام ولاداعى اليه ، ولا أذان إلا نواقيس النصارى ، وانتثرت فيها الغوضى وفضت الأبكار ، ومزقوا كل ما قدروا عليه فى بلاد المسلمين ، وفعلوا الأفاعيل المنكرة والحال هم آمنون مطمئنون يفعلون ما يثاءون ، وهكذا شأن العدو إذا رأى فرصة فى عدوه فلما تحقق الامام الصلت حقيقة الأمر هزته أريحية الدين ، وأشعلت ضميره القوى ، وهزته ولا هز العواصف لعالى الغصون ، فأجابما بلسان الحال بمثل ما أجاب المعتصم المرأة المغربية ، فكانت هذه أخت تلك ، فقام لجمع الرجال الصناديد الذين يهشون للجهاد هش الإبل العطاش الى الماء ، فانتقى شرارة الرجال ، وجهزهم تحت قيادة محمد بن عشميرة ، وسعيد بن شملال البطلين المنتخبين ، وعهد إليهما عهدا عظيما لاتسل عما حوى من فقه ، وما انطوى عليه من واجب ، وما حرر فيه من آراء ، وما بين فيه من سياسة ، وأودع فيه من أوامر ونواهى وما جمع فيه من أفكاره المتقدة وحماسه المزدحم ، غيرة على انتهاك الحرم ، ولو كان القرآن من كلام الآدميين لقلفا إنه قرآنهم ، وقد حوى ذلك الكتاب من الآثارما يبهر الأفكار ، كما اشتمك على خمس وثلاثين آية كل آية يحتمل شرحها مجلدا ضخما ، ومن الأحاديث النبوية احتوى على معانى أكثر من مائة حديث ء لما قيمتها الفقهية ، وفيه من التحريض - ١٠٧ - شىء يقيم الجائم على ركبتيه ، ويرد الثارد الى الحق ، ويجعل الجبان شجاعا فى دينه ، بحيث لايرى للموت قيمة ولاللحياة ثمناحتى يدوس على هامة الكفر برغم أنفه ، وقد قدر لهم عقيدتهم حتى لا يتزعزع عنها أحد ولو أطبقت عليه السماء والأرض، فاسمع قوله رحمه الله: وقولوا كما قال إخوافكم لوضربونا حتى نبلغ الغاف من عمان لعلمنا أنا على الحق وهم على الباطل ، وأنهم حزب الشيطان وأنتم حزب الرحمن ، وبين حكم ما يغنمون وكيف يفعلون فيه فى كتاب يصدق عليه اسم مصنف لاحتوائه على تلك التقارير الدالة على غزارة علمه وسعة فقهه وخسن سياسته، فلله در امام كالصلت الكريم ما أعلى نظره وما أوفى عمله وأصدق فعاله ، وإنه ليحق ان يجعل درسا غقهيا يلقن الطلبة فحواه ، فانه لم يبق من أحكام الفقه شيئا إلا ذكره خصوصا فيما يتعلق بأحوال الحروب ، وقد استهله بجواهر التوحيد ، وتعظيم الملك المجيد، وبث فيه من المواعظ ما تنفطر له الأكباد، وترق له الأحجار القاسية ، ووصى فيه بالتقوى ، ودعا فيه الى الصبر على البلوى، فهو حجة المسلم المخلص لربه، وعماد الشجاع المجاهد فى دينه ، وكان القائد لهذا المجيش محمد بن عثيرة ، وينوب عنه سعيد بن شملال ، وكل واحد منهما يقوم مقام صاحبه إن حدث بأحدهما حدث ، وف مقامها حازم بن همام ، وعبد الوهاب بن يزيد ، وعمر بن تميم، وعرضت تلك الأساطيل لحمل أبطال عمان، فكانت مائة بارجة وبارجة حربية مهيأة لغزو العدو ، وهى التى أحاط بما الامام الممنا ابن جيفر البحر العمانى ، فلا ترال سابحة فى البحر ليلها ونهارها ، تمخر عباب اليم طيها راية عمان البيضاء رمز الايمان والتقوى ، وشعار الرشد والهدى، فساحت تلك الأساطيل الضخمة حتى أحطت أشرعما - ١٠٨ ٠ طى الجزيرة،ولا تسال إذ ذاك عن فرح المسلمين، وضيق المشركين لما رأوا ذئاب عمان وأسودها تنزل من تلك البواخر تنادى بالجهاد ، وتقتحم حدود البلاد ، بالأسياف الحداد ، فكم عين باكية ، وكم دمعة شاكية وكم طعنة نجلاء نافذة ، تزهق روح طعينها حتى تمزق المشركين ، واجتمع شذاذ المسلمين وعسكروا بها للاطمئنان ،وكبح جماح العدوان ، حتى جرت المياه فى مجاريها ، وثبتت قواعد الشريعة على مبافيها ، وارتفع صوت عمان طى ربوعها ٠ قال العلامة أبو إسحاق : المراد بهؤلاء النصارى الحبثسة، والظاهر أن عهد الاستعمار البرتغالى للشرق لميكن منذ ذلك العهد، والعبارة تفيد أن هؤلاءحاولوا الاستيلاءطىالجزيرة منقبل،ولكن لاقبل لمم بقوة الامامة، أو كانوا هم من سكان الجزيرة، فتعاهدوا مع الامام ثم نقضوا عمدهم،قال: ولم يسبق لهذا هنا ذكر ولعله إغفال من المصنف، يعنى الامام السالمى رحمه الله، قال فقوله: خانت النصارى ونقضوا ما بينهم وبين المسلمين ، مشعر بهنا ٠ قال ذكر محمد على الزرقانى فى تاريخه المسمى عمان صحيفة ثمانين ،أن الحبشة تغلبت على سقطرى فى عهد الامام الصلت ، فأرسل أسطولا مؤلفا من مائة سفينة استعادت سقطرى ، وطردت الحبشة من الجزيرة ٠ قال ياقوت الحموى : وفيها أى سقطرى من جميع قبائل الممرة ، وبما نحو عشرة آلاف مقاتل وهم نصارى ، قال : ويذكرون أن قوما من بلد الروم طرحهم بها كسرى ، ثم نزلت بهم قبائل من ممرة وتنصرمعهم بعضمم الى أن قال : وسكثها قوم من الممرة وقوم من الشراة ، قال : وظمرت بهادعوة المسلمين،ثمكثربما الشراة فعدوا علىمن بها من المسلمين، وقتلوهم وأنت خبير أن اسم الشراة مخصوص بجيشعمان ، وكأنه يشير الى هذه القضايا ، فان الشراة قتلوا البغاة فى سقطرى وتولوا أمر البلاد، فان دعوة المسلمين ظمرت فيهابأهل عمان، لما استولى العمانيون على مهرة وحضرموت ونواحيها ، وسقطرى وما يليها ، وكأن النصارى المذكورين هم الأهالى الذين ذكرهم الحموى ، وأنهم من الروم وأكثر الروم نصارى ، فلعل القوم كانوا على عهد مع أئمة عمان، ثم سولت لمم أنفسمم على أن يستبدوا بالبلاد لبعد الشمقة العمانية ، وقيل كان بما قوم من اليونان ، وهم أيضا نصارى ، ولما احتلها العمانيون بقى النصارى على نصرانيتهم بالعهد، فلذلك قال الامام : خانت النصارى ونقضوا ما بينهم وبين المسلمين، وهى جزيرة عظيمة وبما نخل كثير وفيما أمم ، فرجعت سقطرى تحت راية الشراة ، ونصر الله الامام وأيد الله أهل الحق طى أهل الباطل،وذلك فىعمد قيام دعوة أئمة عمان ٠ وكان الصلت بن مالك رحمه الله عاصر المتوكل علىاللهجعفربن ابراهيم، ثم الواثق بالله هارون بن جعفر المتوكل على الله، ثم محمد المنتصربالله ، ثم أحمد المستعين بالله بن محمد ، ثم أبى عبد الله محمد المعتز بالله ، ثم جعفربن هارون الواثق بالله ، ثم جعفر المهتدى بالله ابن هارون ، ثم أبى القاسم أحمد المعتمد على الله بن المتوكل على الله بن المعتصم بالله،وفىعهد هذا توفى الامام الصلت ابن مالك، فهؤلاء الملوك المذين ذكرناهم عاصرهم أئمة المسلمين بعمان ، ولم يكن بينهم وبين أهل عمان بشىء منذ عهد هارون الرشيد الذى هم بحرب عمان ، لما قتل العمانيون ابن عمه عيسى بن جعفر أيام جاء عمان مهددا بغزو عمان ، فكفى الله العمانيين شره ، وشرمن بعده ، المى أن ١١ - قام المعتضد بالله، وقام محمد بن بور والى البحرين على مجان، كما سوف شىذلكإنشا٠ الله فمحله ٠ وطول مدة الامام الصلت فى الامامة لم يتحرك عليه أحد من الملوك، وذلك توفيق من الله حتى تحرك عليه أقرب الناس اليه، وهم قومه وأهل دينه ووطنه ، وكان بينهم ما كان مما دونه العلماء وطال خطبه لديهم ، والأمر لله عز وجل يفعط ما يشاء ، ويحكم ما يريد ، فتبين أن شراة الامام الصلت بنمالكهم الذين احتلوا مدينة سقطرى، ونشروا فيما الاسلام، وعلموا أهلما الحلال والحرام، وأقاموا فيمامنار العدل، وحسبنا إشارة ياقوت الحموى عنهم برهانا علىذلك،فان التاريخ العمانى الموجود لم يفصل لناشيئاعن هذه البلاد،ولا عن النصارى المشار اليمم ، وتواريخ الافرنج لم تتحدث عن الشرق ، إلا فى حدود القرن السادس المجرى ، وهو القرن المثانى عشر الميلادى ، والتاريخ العمانىقدضاعأكثرهوبقىكلماتمبعثرةهناوهناك٠ - ١١١ - الإمام الصلت بنمالك يتأثر عالمن وتبنى طيه الادعاءات لا ريب أنه ممما كان يؤثر فى الانسان كلآن،ماطال الزمان كانشهءلى الانسان بنرنكران كمايلي: أليس ورائى أن تراخت منيتى لزوم العصا تحنى عليما الأصابع وهذأ أمر طبيعى معقول لا ينكره أحد من الناس فيما علمناه : إن الثمانين وبلغتما قد أحوجت سمعى الى ترجمان وهذا من أدلة عجز الانسان، وأن الكمال لله وحده، فهو المذى لا يعتريه النقص ولا تلم به الأحداث، بلغ الامام الصلت منالكبرعتيا، وإذ ذاك اتجهت الأذهان نحو الامامة فرأى فريق القيام طى الامام ليعترل، وان لم يعتزل يعزل، وكان هذا الحال عند العمانيين من الصفات اللازمة لهم، وكان المحذور ضياع دولة المسلمين أن يقع فيما خلل أو يطمع فيما أهل الأهواء أو يرى البغى بضعف الامام فرصة تخوله الأمانى للزعامة،فيقع بذلك شق عصا المسلمين،وقدلطممماسبق قياممم طى الامام عبد الملك لما أسن رحمه الله، قاموا يحاولون عزله ولا زالوا يؤنبون العلامة الجليل موسى بن على بقولمم عذا الشاب لم , ١١٢ - يعزلعنا الجبل، وهكذا حتى وقع بين الامام عبد اللك وموسى بن على ما وقع ، مما فهمه الامام من نقاش الشيخ العلامة مختبرا حال الامام ، فرد طيه الامام بقوله : اذا أطعت أهل عمان فانهم يريدون كل يوم إماما، وما أذنت لك فى مجيئك ولا استأذنتنى ونحو ذلك الكلام ، لكن الامام بقى فى إمامته لأن الوزير الخطير لم يرض أن يزيل الجبل، ولما رأوا الامام الصلت بدا به الضعف اهتموا بأمر الدولة، وظلوا يدرسون الوضع الحالى، وهم بين راغب لعزل المذكور بنشاط، وبين معارض بنشاط ، وبين متوسط فى الأمر ، وكان الصلت واعى الذهن متقد البصير، يممه آمر الدين لاأقل من الثائرين عليه لعزله، وكان واجبهم شد أزر٠ والعون طى مهماته ، فان أمر الدولة فى أيدى رجالما ، ما كان الصلت بن مالك إلا واحدا منهم ، وهيمات أن يعارضمم فى صلاح ينومون به فى الأمة ، لكن الآراء اختلفت والأنظار تباينت ، وبذر الشقاق ٠ رأى الصلت له طلائع كأنما رؤوس الشياطين، فكان الرأى السديد ركوب أهون الأمرين، وكان الصلت وافر العقل يرى الحقيقة من خلف الستار ، وعطم أنهم غيرتاركيه لمايدرى من طبعهم ، وكان موسى ابن موسى بن على الزعيم المقدم فى أهل عمان احتراما لمقام أبيه العلامة المطاع ، فى الخاصة والعامة ، رأى موسى الثانى له فى الأمة ما لأبيه المرضى، فقام محاولا تلكأ المنزلة فسار الى فزوى لمذه المممة، وتابعه من الناس الذين هم على رأيه عبيد الله بن سعيد بن مالك الفجحى ، والحوارى بن عبد الله الحدانى السلوتى ء وفهم بن وارث الكلبى من كلمب اليحمد ، والوليد بن مخلد الكتدى ومن شايعمم حتى نزلوا بهرق ثغر نزوى ، واشتهر خبرهم ، وبلغ الامام اجتماعمم ، هنا تحقق الامام عريمة القوم ، ولطمه رحمه الله لما رأى القوم مهتمين بأمر دينمم ، -١١٣- وبشئون دولتمم سره ذلك ، فقيل إنه خرج من بيت الامامة قبل أن تصله دعوتمم ، وذلك يوم الخميس لثلاث خلون من ذى الحجة سنة اثنتين وسبعين ومائتين ، وكان قد مضى له فى الامامة خمس وثلاثون سنة وسبعة أشبر وثلاثة عشريوما ٠ قال الامام : ولما خرج الصلت بنمالكمنبيت الامامة، بلغ ذلك موسى بن موسى والذين معه بفرق ، فبايعوا راشد بن النضرذلك اليوم ، وهو يوم الخميس ٠ قال : وتفرق رأى المسلمين يومئذ ، وفسدت أمورهم واختلفوا فيما بينهم فى الرأى ، ووقعت الفتنة ، وذلك فان قوماكرهوا امامة راشد بن النضر، ولعلهم لايرونه أهلا للامامة ، وبعضهم كرهوا نهوض موسى بن موسى ويرونه استبدادا بالأمر ، وامتنع من بيعة راشد عمر بن محمد الضبى ، وموسى بن محمد على، ولعله ابن أخى موسى ابن على ، وعزان بن المزبر ، وزعر بن محمد بن سليمان، وعزان بن تميم، وشاذان بنه الامام الصلت بن مالك ، ومحمد بن عمر بن الأخنس ، وغدانة ابن محمد ، وأبو المؤثر الصلت ابن خميس، هؤلاء العلماء الجهابذة الأجلاء قادة الأمة وهداتها ٠ قال لم يزا لوا مستمسكين بامامة الصلت بن مالك الى أن مات رحمه الله ٠ قلت: من المشاكل العويصة حيث ان الامام تخلى من الإمامة واعترل الى بيته الخاص به مسلما للأمر، ويبقى هؤلاء الأشياخ الأجلاء متمسكين بامامته ويعتبرونه إماما ، وليس فى يده من الأمر شىء حسبى الله أنا أجمل تحقيق المقام على هذا الأصل،قال: وبلغ الخبر بموت الامام الصلت إذ مات رحمه الله ليلة الجمعة بالنصف من ذى القعدة سنة ٢٧٥ ، ودفن يوم الجمعة ، وكان صلى طيه عزان بن تميم ، فلما علم القاضى (م٨ - عمان عبر التاريخ ج ٢ ) - ١١٤ عمر بنمحمدخرج لى نزوى فتكلم قائلا : اليوم مات إمامكم فتمسكوا بدينكم ، أى كأنه يراه باقيا على إمامته ، ولا يرى إمامة راشد بن النضر ٠ قال : وحدث يعقوب بن غيلان عن الفضل بن الحوارى أنه دخل نزوى أيام راشد بن النضر ، فاذا هم على سبع فوق ( إنا لله وإنا اليه راجعون )، ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) ٠ ولا شك أن بذر الشقاق قد وقع ، ولابد أن يثمر الافتراق والنظر فى العواقب، يجب قبل الدخول فى الأمر وإلاكان فيه الدمار، وكان ذلك رأى العين حتىآل أمر أهل عمان على التلاشى، إذطالعليهم الأمد فقست قلوبهم ، فعوقبوا بشر ما اكتسبوا كما سترى أيها القارىء من ذلك العجب ، فان أهل العلم بعضهم يعذر موسى وراشدا ويلتمس لهم المسوغ والمبرر، ويحملهم على أحسن الأحوال عنده، وبعضمم يباين المذكوربن ويتأول فيهم التأويل الذى يطبق عليهم القضايا السيئة ، وبعضهم أشكل طيه الأمر ويقول كيف اعتزل الصلت قبل قيام الحجة، ويعلم ما عندهم ويجمع المسلمين له ويعتذر اليهم ، ويتخلى من الأمر بين أيدهم ، وكيف يقوم القوم لعزل إمام ثبتت إمامته بالاجماع ، ولم يقترف حدثا ؟ وهكذا صار النقد والانتقاد والاعتراض بين هؤلاء الأطراد ، والحقيقة من التمس عورات أخيه وجدها ، فان كل انسان له زلات وسيئات ومثكلات يعلمها فريق ويجهلها آخر، وهكذا من يحمل أخاه على أحسن الأحوال يسلم من معرة القيل والقال إنلم ير كفرا بواحا أو هوى متبعا أو إعجابا برأى ضال ، وقد فهى الله ورسوله المؤمنين الافتراق والتنازع، ولكن اذا أراد الله أمرا كان، ولا ينغع فيه نصح ناصح ،ولا يؤثر فيه عقل عاقل ،واذا جاء القدر عمى السمع والبصر ٠ — ١١٥ - فالفريق الداعى الى عزل الصلت بنمالك يقول : ان الصلت صار المى حد الضعف والزمانة العجز عن القيام بالامامة، وخاف المسلمون ذهاب دولتهم وزوال نعمتهم ، وكان موسى بن موسى فى وقته هو شيخ المسلمين وامام أهل الدين، فلما صاروا بفرق مكثوا بها ، وقد اجتمع بموسى أخلاؤه وساروا لينظر المسلمون فيما فيه عز الدين ، ولما قروا بغرق بقيت الرسل فيما بينهم والامام ، فقال الامام : ما يطلبون اً فقالوا قد صرت الى حد الضعف ، ويخافون ذهاب الدولة ، ويسألونك أن تعتزل حتى يقوم رجل يحيى به الله هذا الدين، أو نحو هذا الكلام،قال : انظر فى ذلك ، فبقوا أياما ينتظرون رأيه ثم عزم على الاعترال وحول ما فى منزله الى المنزل الذى تحول فيه، وأرسل اليهم أنى قد اعتزلت، فينظر المسلمون ٠ قال : وممن أرسل اليهم الحسن بن سعيد وحضر قوله هذا الحسن من شاء اللمه من ألشراة ، وشهدوا أنه أرسل الحسن بحضرتنا غير مجبور ولا مقمور ، ثم برز الى الناس وودعهم وداع تارك للامر معتزل بنفسه :عما كان فيه من الأمر، وأمرهم بحفظ العسكر الى أن يصل القوم ٠ قال : من قال الى ان يجىء موسى ، وقال من قال : الى أن يجىء إمامكم، وكان عنه فى العسكر خلقكثير،قال فناظره من ناظره قائلين له تترك إمامتك فزعق بممعلى ما بلغنا، ولم يلتفت اليهم، فعند ذلك انفلت من ثاء الله من الناس الذين كانوا معه الى موسى بفرق ء وجاء الى موسى رسوله، وكتاب عزان بخطه يستحثهم بالتعجيل الى العسكر ، وكان أمره وأمرهم الى المسالمة ، وعاش بجوارهم الى أن مات رحمه الله ورضى عنه ، عاش خادما للمسلمين ، ومات وهم عنه - ١١٦ راضون ، وثشهد أيضا ببراءته من الأمر الحسن بن سعيد المذكور ، ومحمد بن المقاسم ابن مسبح ٠ وقال فى موضع آخر صحيفة ٢٠٠: فأما الصلت فانه ضعيف وصار الى حد العجز عن حمايته وعزل نفسه ، وتبرأ الى المسلمين من إمامته ، وكان اعتزاله شاهرا ظاهرا ووضحت براءته من الامامة بالبينة العادلة عندما ٠قال : فلما اعتزل ولى المسلمون راشد بن النضر، وبعث الصلت ابن مالك اليه بخاتم الامامة ، ومفاتيح الخزانة ، ولم يعارضه فى شىء قلت : وهذا يدل أنهكانتلهمف الامامة اعمال خاصة كالخاتم والكمة والسيف ، فكأنها خاصة بالامامة ، ولم ندر ما صفة هذا الخاتم وما وظيفته، وكذلك الكمة،ولمندرمماهى ٠ قال : وعاش الامام الصلت فى جوار الامام المجدي د قريبا من سنة الى أن مات ٠ قال : وليس يذهب عليكم ما كان له من أعوان، ومن الاجابة والقدرة من أهل عمان، لوكان مقهوراأوأراد القتال ٠قلت : إذاكان بهذه المنزلة فكيف يقال انه عاجز وضعيف، أما إذا كان لوأراد القتال استطاعه وأن له على ذلك أعوانا يجيبون دعوته ، فليس بعاجز ، لأن الامام من أصله لا يباشر الحروب بنفسه إلا شذوذا، أماقتل الامام الجلندى، فلان الجيش كله غنى حتى بقى هو والقاضى ، وهو دليل أنه لا يباشر القتال ، وإنما كان الجلندى باشر القتال، إذ بقى فريدا مع القاضى، وفضل رحمه الله الموت مع إخوانه فىرضىللهعزوجل، قال الذى يتحدث الامام السالمى عن للذى يتحدث عنه فى تحفته ، وعندنا أن موسى كان يريد عز الدين أى وان لم يوفق فالتوفيق شىء آخر ، وصلاح المسلمين الذى أراده موسى ليتهكانعلىغيرهذا الوجه ٠ - ١١٧ - قال : والذى عرفناه من رأيه وعزمه فى آخر عمره أنه كان يريد اجتماع المسلمين مع أهل العلم فى الدين والرأى الموثوق بمم حتى ينظروا فى أمر الصلت بن مالك ، وراشد بن النضر ، وعزان بن تميم ، فحيث كان الحق تبعه وإنه راجع الى الحق فى ذلك والى رأى المسلمين ٠ قال : وكان موسى قدكتبالىمنكتبليهمن المسلمين من أهل سلوت فى آخر أيامه قلت : هذا يدل أن موسى بن موسى ندم لى ما صار ، وأراد الرجوع الى المسلمين والتسليم إليهم ، وعدم الاختصاص عنهم ، وقال فى موضع آخر ، وكتب أى الصلت الى عزان بن تميم بخطه يذكر اعتراله ويستحثنا على التعجيل، فلما صح عندى أنه برى واعتزل اتفق المسلمون هنالك على ما كانوا اتفقوا عليه، فمذا أمر الصلت بن مالك وليس عئدى فيه شك أو ريب ٠ قال وفى كتاب عن الفضل بن الحوارى قال فى الصلت بن مالك : إن الناس فيه فرق : فريق قال اعترل ، وفريق قال عنز ل وفريق قال استحق العزل، وفريق قال لم يستحق العزل ٠ قال : والظاهر الشاهد أنه قد اعتزل لأنه ترك العسكر وتخلى عن المسلمين وعن بيتما لهم وسلاحهم ، وترك سجنين مخوفين قال : وركب بعيرا وخرج حتى نزل دار ابنه من غير ألا يلقى من القوم حجة ما يريدون أو نصيحة أو عزلا أو دعاء الى توبة،وقال لمن بقى فى العسكر : احفظوا عسكركمحتى يأتيكم امامكم، وقال قوم : أتانا كتاب ممن تخلف على العسكر أن يعجلوا الى العسكر، والمراد بهم جيش نزوى خاصة ٠ قال الامام : قد اعتزل فقدم القوم اماما وساروا حتى نزلوا العسكر، وقدم امام مكانه، وبعث اليهم بالخاتم والكلمة وآلة الامامة، وكأنها أشياء تختص بشعار الامامة، ١١٨-- قال ولم يقل لهم بينى وبينكم الحق ، غانى لم أعتزل ٠ قال فأى اعتزال أبين من هذا من غير أن يرى حربا ولا اختراط سيف ولا هدا بعصا ولا رميا بحجر ،غان قالوا اعتزل تقية خاف على نفسه ، فأئمة العدل القاطعة للشرى لا تسعها التقية ، وعليها الجهاد حتى تقتل أو تقل ، كما قال الله تعالى ٠ فان قالوا كما قلنا قدصار الىحد ضعفه وعجز عن الامامة وجاز له الاعتزال، ولو أنه خرج هاربا فلحق بالرستاق أو بالجبل وترك دولة المسلمين، وقال لم أعتزل أو خرج الى جلفار وأبعد وحده وتخلى عن الأمر،ثمقال : لم أتبرأ كان على المسلمين أن يدعوا دولتهم ويضيعوها أو يقوموا بها ، مع أنها حجة ضعيفة داحضة ، واعتزاله كان شاهرا ظاهرا ، فهو إذا تحول من موضع ولم يكن له إلا أن يعرج بعسكره وخيله ورجاله، وبيت ماله ويدعو القوم الى الحق، ويكون اعتزاله الى موضع يرجو فيه الأصلح للمحاربة والاعتذار الى آخر ما أطال فيه ٠ فهذه دعوى موسى بن موسى ، وراثد بن انضر ، وهى محتملة للحق والباطل، وما تعودوا الكذب ومايستحلونه، وترك إنكار الصلت على موسى وراشد يسوغ لهم احتمال الصحة لما ادعوه عليه، لأن ترك النكير ممن له النكير حجة ، فلو باع رجل مال رجل وهو فى المجلس لا يغير ولا ينكر،وهوحربالغ عاقل قادر على الإنكار غيرخائفولامتقثبت البيع عطيه ، ولا يقال للبائع انه تعدى على غيره ، أو أنه ظلمه أو غصبه ، فظهر من ذلك احتمال صحة ما ادعاه هؤلاء ٠ قال الامام السالمى رحمه الله : وأما دعوى المتبرئين ، أى من موسى ابن موسى وراشد بن النضر وأعمالمم ٠ - ١١٩ - قال أبو قحطان : نشأ فى الدولة شباب وناس يتخشعون من غير ورع يظمرون حب الدين ، ويبطنون حب الدنيا ، ويأكلون الدنيا بالدين ، فلما طال عمر الصلت بنمالكعليهم، ملوه لما كبر وضعف، وإنما كان ضعفه من قبل الرجلين، وأما السمع والبصروالعقل واللسان خلم نعلم أنه ضاع منه شى ء ، قال : فلما ذهب أعلام المسلمين وفقهاؤهم وأهل الورع ومن يطلب الآخرة، وبلغ الكتاب أجله،وأراد الله أن يختبر أهل عمان كما اختبر من قبلهم ليعلم المطيع من العاصى ، وقد علممم من قبل أن يخلتمم، ابتلى الله أهل عمان برئيس وطماء من علمائمم، كما ابتلى غيرهم ، فلما اختبرهم قل بصرهم وزالت عقولهم ، وحاروا عن الحق ، وخالفوا سيرة المسلمين إلا قليلا ، أنقذهم الله ٠ قال . فخرج موسى بن موسى من أهل بيت علم وورع أى والده موسى بن علىوحده على ابن عزرة ، وكانوا أعيان قوممم وعيون أمتهم ،وأراد أبو قحطان بالرئيس المشار اليه موسى بن موسى المذكور ٠ قال : فقام موسى بن موسى فى أهل عمان يتكلم بلسان فصيح ، ويهتف ويصيح فى مجلسه، وفى المجامع أى يتكلم بكلام فى الدولة وأعمالها، ولعله رأى أشياء ، لا تنبغى، وما من دولة على عمد الدنيا إلا وهكذا حالما ، كما فهمنا ذلك من سير المتقدمين وتواريخ الأقدمبن، والمعول على الحق، وله أصول وفروع لا ترال معروفة،وكلشىء ليس عليه أمرنا فعو رد ٠ قال أبو قحطان : ومرة يطعن فى الامام والقاضى ، أى موسى بن موسى قال : ومرة يطعن فى الولاة والقضاة والشراة ، ومرة يطعن فى غيرهم ممن يقوم بامر الدولة ولا يوضح على الامام حدثا أحدثه، ولا على ١٢٠ أحد من أصحابه ، ولا يسم للامام بمغكرة ولا يبين ما يدعو إليه إلا أنه يظهر أنه ناصح للدولة وأهلما، ويصل الى الامام ويتكلم بما لى كان غير الصلت بن مالك لحبسه فى السجن أو يوضح علىما يقول برهانا، أويمسك لسانه عنشتمأهل الدولة، ولكن الصلت كان رفيقا بأمته ، أى يرى لموسى بن موسى مقاما محترما عند الناس ولا يحب أن يكدر صفو ه، ويحتمل فى نفسه احتسابا لله،ولا تخلودولة من هنات ، وليت موسى إذ يرى خللا على الدولة يصلحه من حيث يعلم الامام ، ومن حيث لا يعلم ، أو يقوم على الامام باخوانه المسلمين وينتقد على الامام ويسمع هل للإمام جواب معقول أو مقال مقبول، أو عذر صحيح شرعا يسوغ له ذلك ٠ قال أبو قحطان : وكان يجله لموضع والده موسى بن على رحمه اله ، قال ولم يكن يأمل فيه هدم الدولة ٠ قلت : ومن رأت لنفسه ما ليس لها هكذا تقول له نفسه ، فان المسلمين كانوا يجلون موسى بن عطى لصلاحه، ويحترمونه لفضله لا لتعاظمه طيمم، وللقدح فى أعمالمم ويرى أنه احق بذلك منهم ، وليقل فى نفسه ابتلينا بعد ذهاب علمائنا وأخيارنا ، وعلينا أن نسدد ونصلح ويشد بعضنا عضد بعض حتى يوفق الله الأمة لما فيه صلاح دينها،لاأن يتكلم مطلق اللسان بعير مبالات فى المجالس، كما يذكرون عن هذا الشيخ الرئيس أصلح الله شئون الرؤساء ٠ قال أبو قحطان : ولم يكن يأمل أى فى موسى بن موسى هدم الدولة ، لأنه كان يظهر أنه يسعى فى عزها وعز أهلها ، وإذا هو يسعى فى هدمها وفسادهاللذىسبقفىعلم النه عز وجل، تلت : لعل ذلك - ١٢١ - اجتهاده وما كل مجتهد موفق ، قال : فلم تزل الأيام ترى به ومجالسه تغلظ وهو يوشب ، أى يكبر على الدولة ، ويسعى فى هدمما وهدم عزها ، ويظهرأنه يريد إعزازها حتى انتهيت به الأيام أن مجع الأعراب والطعام من الناس ، ومن يسرع الى الفتنة ، قال : فتبعه الناس عطى مفازل مختلفة من رجل قد أغضبته أحكام المسلمين ، وأوعز به فمو يطلب عزتهم ، وآخر قد حسد من له فى الدولة درجة رفعية يطمع أن ينال مثلها ، وآخر يتعبد بغير بصر فيظن أنه محق ، و أنه يطلب حقا ولا يدرى أفه افتتن، قال : فجمع بن موسى الناس وسار بمم الى فرق ، فوقعت الفتتة ف أهل عمان، قال وكان موسى أشد فتتة على الناس، فانهم قالوا :إنوشلفرققدتحول بدعائه عذباً وذلك بعدما وصل موسى فرق ، ودعا الله أن يجعله عذبا ، قال وحتى قيل لو استنبىء بعد سملمىاللهشهو٢ئهوسأملاجى٠برس،ئلولايصا٦نذذزكل ما قل فيه، قل فلما وصل موسى فرق يطلب عزل الصلت لا يذكر غيره اعترل الصلت من العسكر الى بيت ولده شاذان، واستخلف فى العسكرمن استخلف، قال :والذىذكرلناعنهأنهقال: إنما اعتزل الصلت خوف أن يقع سفك دم بلا حجة ، وأنه لم يحضر من يحتج به قال : وف كتاب الصلت الى المجموربن سنجة يخبره كيف كان اعتزاله ٠ قال : وذكرت الذى كان فى قضاء الله وقدره من سيرهذا الرجل موسى بن موسى ، ومن كان معه ، وقعدهم فى ذلك لما أراد الله حتى اعتزلت من الموضع، وبلغك من نهب أموال بيت المال وجعلو ه دولا، وكل ما وضعت من ذلك فقد فهمتهعنكإنشاءلله، واعلم يا أخى أن هذه الدولة كان لما رجال لهم حلوم راجحة عالمة، وقلوب سليمة كانوا على أمر واحد يطأ الأخرأشر الأول،وقدكانت بينهم الأعتاب، — ١٢٢ -- فلميبلغ بهم الأمر الى مثل هذه الغاية، فلم يزالوا علىذلكحتى مضوا غانقرضوا رحمة الله عليهم ، ثم خفنا نحن وانتم من بعدهم ، وبليت بمذا الأمر من غير محبة منى فيه ، ولا طلب له إلا أن طلب ذلك من طلب الى من أفاضل المسلمين وأهل الفقه فى الدين، ورغبت فى طلب الأمر بالمعروف والنمى عن المنكر، وإقامة الحق ورجوت نصرة المسلمين على ذلك ، فكان يومئذ من قد عرفت من أشياخ المسلمين فقمت بهذا الأمر ما شاء اللهوالمسلمون لى أعوان ، ونحن وهم على أمر جامع الى أن ذهب أهل الفضل،ومن يحب الحق وأهل العدل، ونشأ اليوم شباب وناس ظهرت رغبتمم فى الدنيا ، وطلبوا الرئاسة فيها ، وكان موسى هذا يصل إلينا يقول : إنه يأتى ينصح ويكاتب الناس ، ويؤلب على الدولة، ومرة يظهر الشتم لأهل الدولة، ومرة يطلب خلاف ذلك، فلم تزل الأيام ترقى به وهو يدعو الناس إنما يطلب لهم الصلاح وإظمار الحق والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ويطلب إلينا مطالب لا أراها ولاأعرفهامن الحق، ولامقاربة لذلكوأنا أدعوه الى كتاب الله وسنة نبيه وآثار أئمة الهدى وخيار المسلمين ، ولما يجتمع اليه رأى المسلمين فيقول ويرسل الى ألا أنظر الى قول فلان ولا أرضى إلا أن تنزل الى قولى، ورأى عدله فلم أرذلك من الحق،ثم، حشدوسار الينابمن أجابه ، وكتب الى من ثاء الله من المسلمين ، حضر من حضر ، وزحف القوم إلينا وتقارب بعضهم من بعض ، فأمرت الشراة ومن كان على هذا الفىء بالشخوص، وضع العسكر، وأن يجاهدوا على الدولة فكرهوا ، فأمرتهم بالتقدم فتأخروا ولم يصلوا ، فكتبت الى عمر بن محمد القاضى بالخروج الى ولم يخرج ، وخرجت اليه ولم يخرج ، وصرت أنا فى حد من عرفت من الضعف ، وخفت أن يصل القوم ويدخلوا العسكر ٠ لم١٢ - وتلقاهم الرجال فيقع الحرب بينمم ، وسفك الدم وأنا فى البيت بلا حجة ولا أمر يكون فى إظهار الأمر ، فخفت سفك دماء الناس ، فرأيت أن تحولت الى بيت ولدى بلا ترك للامامة ولابخلع لما،ولا طوقنى الله من هذه الأمانة ، فأمرت بحفظ مال المسلمين وحفظ السجنين ، وأمرت عزان بن تميم بالقيام فى ذلك ، فلمابلغ ذلك دخلوا وزعم موسى أنه عقد للامام برأيه وكسروا بيت المال ونهبوه وأذهبوه ، وأطمعوا فى هذه الدولة عدوها وفعلوا ما لم يرض الله به وما اختلعت وما تبرأت ٠ قال :هذا ما أخذنا من كتاب الصلت بنمالك أكتب لكم الكتاب كله لطول الكلام ٠ شال : ولما اعتزل الصلت بن مالك اغتنم الفرصة موسى ابن موسى ، وعقد لراشد اماما قبل أن يدخل نزوى ، ويسأل الصلت عن اعتزاله ويحتج عليه فيه أعن خوف اعتزل أو عن ضعف عن القيام بحق ما طوقه الله أو امتناع يحدث لزمه منه الحق ؟ إن كان موسى يدعى عليه ذلك ولاسألهحجة،ولاعرض عليه التوبة ولاسمى له مفكرة، ولكنه عقد على راشد إماما على أهل عمان بالغلبة والجبرية، وقعد قاضيا له طلبا للملك والدنيا ، فوطىء موسى وراشد ومن اتبعهما إشر الصلت بن مالك، وولوا ولاته وأنفذوا أحكامه،كأنهميتولانعرف هذا من سير المسلمين، قال : فان كان الصلت بن مالك محقا فقد كغروا ببغيهم ، قال فلما استقر الأمر لراشد وموسى لبثا فى ملكهما ما شاء الله ، وهما وليان لبعضهما بعض ، راشد امام وموسى قاض له ، يدعو له بالامامة والنصرة على عدوه ، وكان فى قرب ولاية راشد خرج طيهما نصر بن منمال و فهم بن وارث أبو خالد ومصعب ، وخالد بن سعوة وناس كثير وكان فهم وأبو خالد ومصعب ممن خرج على الصلت - ١٢٤ - ابن مالك وحضرا بيعة راشد و بايعهم فخرجوا عليه بعد ذلك ، و أرسل إليهم الجيوش ، وكان موسى وليه وذلك يدعو له بالنصر ، أى يطلمب له من يناصره على الخارجين عليه ، قال فلم يزل موسى مع راشد حتى بلغ الكتاب أجله ، وأراد الله أن يبدى من عورته ويهتك من ستره ، فخرج على راشد من بعد ما قدمه واختاره ٠ - ١٢٥ - إمامة راشسد بن النضر اليحمدى كان راشد بن النضر وموسى بن موسى ضدين للصلت بن مالك ، وكانا يريانه فى أعينهما قذى يحاولان إزالته ليفتحا عينيهما فى عمان ، ويتوليا الأمر عنه نظرا الى أن الصلت عاد عاجزا لا يقدر على دفعمما ، ويرى موسى أنه الرجل الوحيد مالا ورجالاوشرفاوأنه ابن العلامة المحبوب المؤيد، وأن الصلت لا يصلح وأنهما أعرف بالأصلح وتخيلا فى أنفسهما خيالات غرتمما ، وكانا مغرمين بحب الرئاسة والترفع على المسلمين ، وتآمرا على الصلت بن مالك : وهو طى ما يظمر رجل حليم تقى رضى محق فى أموره سائر فى الأمة سيرة من تقدمه من الأئمة وقورا لا يهزه المنزق يخثى الله أن يسأله يوم القيامة فيعجز عن الجواب ، فانه لما تحقق ضعفه الجسمى ورأى الخللفىجنده، والملل فى أنصاره، وخلو المزمان من أهل الحق المناصرين له والقائمين بأمره ، ورأى تقحم موسى بن موسى على الأمر ، ورأى السواد الأعظم معه وهم عادة يكونون كذلك ، ودعا قومه للخروج الى قتال القوم فلم يجدآذانا صاغية، والمتمس من الذين يأمل غيهم القيام والمناصرة فلم يفعلوا شيئا ، وأمر على الباقين من الشراة ورآهم يتعللون بمعاريض الكلام، تيقن ضياع الأموو من يديه، وموسى ورلشد قد عسكرا فى فرق ، والأمة تنساق إليهما زرافات ووجدانا ، رأى نفسه هنا مضاعا متروكا على غيرجرم ولا سبب ، ولا احتج عليه أحد ولا ناظره أحد ، ولا خاطبه أحد إلا أن جانبه يسرى فيه الضعف وجانب خصمه يسرى اليه النشاط ،ولا شك أن الحال قاض بسقوط الأمر من يديه الى خصمه ، فقال ما يريدون فقيل خلعك عن الامامة ، فعندذلكخرجمنبيت الامامة تاركاللامر عالما بأنه غيرمراد، وحب - ١٢٦ - الجديد وترك القديم أمر تقضى به العادة البشرية، ولعلهم يجدون عند الإمامة الجديدة خيرلهم من الحال الذىهم عليه، ومنطبع الناس الميل إلى الجديد ألا تراهم إذا جاءهم غازيا انقلبوا اليه على من كانوا معه انقلاب الحية لتتمكن من اللسع، فالصلت بنمالكتحقق الرغبة فى غيره والترك له، فماذا يفعل، فكان خروجه وهو إمام باق على إمامته لكنه مخذوك بغير موجب ، فلما استقر عند خصومه خروجه عقدوا إمامتهم لراشد ، ورأوها فرصة سانحة واغتنموا الأمر غير منافسين فيه ، فكان عقد الإمامة لراشد على هذا الأساس وإنه لداع إلى التلاشى والاختلاف، وكأن موسى بن موسى غير بصير بسياسة الأمور، وإنما إعتمد على ما رأى لهمن مقام فى الناس، ومنزله عند الرؤساء ، فصال لذلك على الأمر من غير رؤية ، وهذا الحال هو الذى سيكون وبالا على موسى وراشد ، قال الإمام رحمه الله فى راشد وهو من اليحمد من الفجح وهو إمام موسى بن موسى ، وفى نفس هذه العبارة ما يفهمه الأذكياء فإنه لم يقبل إمام المسلمين ، وإنما سماه إمام موسى بن موسى ، قال : بايعه هو ومن معه بفرقلما بلغهم أن الصلت بنمالكخرجمنبيت الإمامة، فزاد هم ذلك قوة ونشاطا فى صددهم وذلك يدم الخميس لثلاث خلون من ذى الحجة سنة ٢٧٢ اثنين وسبعين ومائتين ٠ قال : وكره قوم إمامته منهم عمر بن محمد القاضى ، قلت : هذا القاضى هو الذى دعا به الامام الصلت ليناظره فى الأمر فلم يجبه ، ثم سار إليه الإمام بنفسه إلى منزله فلم يخرج له ، قال وموسى بن محمد بن على ابن عم موسى المذكور ، وعزان بن المزبر ، وأزهر بن محمد بن سليمان ، وعزان بن تميم وشاذان بن الإمام الصلت ، ومحمد بن عمر بن الأخنس وغدانة بن محمد وأبو المؤثر وغيرهم من لم يسم لنا ، ولم - ١٢٧ يزالوا متمسكين بإمامة الصلت بن مالك الى أن مات ٠ قلت : ما معنى تمسكهم بإمامة الصلت ، والصلت قد خرج من الأمور راغما ، وأصبح فى بيت ابنه وهم يدعون أنهم متمسكون بإمامة الصلت ، وقد تخلى من الأمر فما بالهم لم يقوموا مع الصلت ويقولوا له أنت صحيح الإمامة ، ولا يسعك الترك لها ٤ ونحن معك فما معنى هذا التمسك هل تعين عجزهم فيكون لهم عذراً ، هل قاموا بالصلت لى عدوه هله آزروه ؟ هل غلبوها طى الأمر ؟ هل تبقى إمامة مع العجز ٦ إنى أخالك بعد الموت تندبنى وفى حياتى مازودتنى زدا لما قام موسى بن موسى وراشد بن النضر على الإمام ونزلو١ فى فرق فأين هؤلاء الذين كرهوا امامة راشد ، وتمسكوا بإمامة الصلت بن مالك ، وهم أجل من موسى شأناً ، وأوسع علما وأسبق عملا ، وأولى بالأمر ، أيكفى يكرهون إمامة راشد وبيعة موسى بن موسى ، وهم قعود فى بيوتهم والحق يرغم ويداس ٠ قال أبو المؤثر : الصلت بن خميس أرسل موسى الى راشد بن النضر ، فبايعه على غير مشورة من المسلمين ، وما حضره يومئذ أحد ممن يثق هو به لفتيا مسألة إلا ما شاء الله ٠ قلت إما أن تكون صحيحة فليس لم أن يكرهوا الصحيح فى دينالله ٤ وإما أن تكون غير صحيحة ٤ وليس لهم السكوت عن ذلك الا أن تكون تقية ، قال وكان فيما بلغنا بعضهم كارهاً لفعله مشيراً إليه بغير ما فعل ، ولكن غلبتهم الكثرة أى هالهم أمر موسى فخافوا ٠ قلت : لهم أن يخافوا فى بيوتهم ولا عبرة بالكثرة فإن مثل هذا الحال لايكفى فيه الاختفاء فى اابيوت ، إذهو أمر جامع فعليهم أن يقوموا حتى يتعين عجزهم ، فيكون لهم عذرا عند المسلمين ، قال — ١٢٨ - وكان ساعد موسى فيما بلغنا فمم بن وارث وعبد الله بن سعيد ، وهما غير أمينين ولا رشيدين ٠قلت : لماكانا كذلك كان الخروج عليهما من اللزوم بمكان إذ غير الأمين وغير الرشيد ليسا من الحق فى شىء ، قال فلما استوليا على الأمر ودخل داخل على راشد، فقال راشد : انصحونى فإنى أقبل النصيحة ، فظن أنه عند قوله ٠ فقال الناصح : أرسل إلى نفر من المسلمين فقل لهم إنكم لم تشهدوا هذا الأمر ، وهما خيار أهل بلدهم معهم شىء من علم و فقه ، فقال له : أرسل إليهم ، فإذا اجتمعوا عندك فقل لمم إنى قد دخلت فى هذا الأمر ، فإن كنت مصيباً فأعينونى وآزرونى، وإن كنت مخطئاًفتوبونى،فقال له اكتب هذا الكلام، أى قال ذلك راشد للناصح الذى نصحه اكتبماقلت لى فكتبه له كما أراد، فلما اطلع موسى على النصيحة المشار إليها ردها موسى ولم يرض رأى المسلمين،أىلم يرض موسى ما قاله الناصح فيكون المسلمون شركاءه فى الرأى،قال فلما رد موسى النصيحة قال لهمقائل : إن الإمامة لاتقوم إلابمشاورة المسلمين ولاتقوم بمشاورة أهل الإحن ولابأهل المعصية، ولاسفك الدم ولابأهل الأطماع ٠ قال : فغضب موسى على أهل العلم واستخفهم ، قال : ثم من أتى قبلهم الى الذى أهدى اليه نصيحته جند من جنود الشيطان ، فأخافوه وأرءبوه ، أى أخافوا الذى أدلى بالنصح لراشد بن النضر ، وكان بنفسه قال : انصحونى فإنى أقبل النصح ٠ قال : ودخلوا منزله فكف الله شرهم وبأسهم ،ثم انه أتى الى راشد فما استتاباه من ذنب ولا لزمته عندهم عقوبة الا أن قالا له بايع ٠ فقال لراشد : أبايعك على كذا وكذا بشروط للهعلى الأئمة، لم يكن موسى ييصرها ولا يعلمها ، فأبى راشد أن يبايع على ذلك ، وقبض كل واحد يده — ١٢٩ -- مهماعلىغير بيعة، فقال جلساء السوء : بايعه على الجملة ٠ فقال الرجل :لالكل زمانحكمولا أبايعه إلا على التفسير،قال: وهم يعلمون تفسيرا و لاجملة لو سئلوا عنذلكلم يهتدوا ٠قال : إن الرجل قال لموسى بعثتم الينا من جنودكم من أخافنا وأرغبنا ، فقال : إنا لم نبعث أولئك، قال ثم وقعت رمية فى الدار التى سكنها راشد، فقالوا كسرت جرة من صبى كان يرمى سدرة أو يرمى طائراً ، قال : فاتهموا بتلك الرمية ابنىمحمدبن الصلت، والصلت بنمالك أيضاعلىغيرسبب فيما بلغنا، قال وقدقيل:إن غيرهما الذى رمى ولا نبرئهما ولا نحقق عليهما، قال : فعظم شأن تلك الرمية، فأمر الناس فأحرقوا بعممما شاذان بن الصلت، قال : وقد بلغنا عن الثقة وصح معنا أنه كأن بعض من هو من حزب الصلت يقول لموسى : نحن نأتيك بالغلامين أى ابنى محمد بن الصلت، فكفوا عنا هذه البعوث، ولم يلتفت موسى إلى ذلك ٠ قال : وقد بلغنا أن عزان بن تميم كان يقول ٠ يا قوم نحن نأقيكم بمما فلم يلتقوا الى ذلك حتى أحرقوا بهم ، وما حارب المسلمون عدوهم من أهل القبلة بالنارقط، قلتهذا من غرائب الأعمال أن صبيا رمى بحصاة كسر بها جرة يحرق بالنار ، وهو مسلم أو ولد مسلم أقل إن لم نقل، ولد الإمام الصلت،فقبلكلشىء أين المروءة ؟ وإذا علدمت فأين حكم الله عز وجل الذى أنزله على رسوله عليه الصلاة والسلام ؟ الا يسع ابنى الصلت بن مالك الصبيين الذين لم تجر عليهما الأحكام بعد ، ( م٩ - عمان عبر التاريخ ج ٢ ) - ١٣٠ — وإذا جرت فأين الحكم اللازم فى القضية، أيعامل المسلم بهذا وليس من الحق فىشىء ما بالنا نفعل ذلك ونحن نروم امامة شرعية تخلف رسول الله صلى اللهعليه وآله وسلم فى أمته فمذه الأعمال بحسب ظاهرها فرعونية نعوذ بالله منما ٠ ليست الإمامة منمافشى ولا سمعنا عن أحد من أهل الإسلام تكونأعمالهكذلك٠ - ١٣١ - الأعمال المشتركة بين موسى وراشد فى عمان أعلم أن راشد بن النضر وموسى بن موسى كانت أعمالهما فى عمان فى حال اشتراكمما فى الأمر منحيثإن راشداً له اسم الإمامة، ولموسى معناها،كان كل ما يفعلانه فى عمان مثتركاً بينهما،ومنذلكماكانفى ابنى محمد ابن الصلت المقدم ذكرهما ، فإن راشداً وموسى كلاهما يعد كل واحد يؤيد الثانى، وكذلك ما وقع على ناصح راشد بن النضرحتى ناله بسبب ذلك النصح ماناله، ثم إن موسى جط يستكتب كاتب الصلت، أى اتخذ ه كاتباكما كان فىعهد الصلت،وهو كان يعيب الصلت ويعيب تلك الدولة، وهذا منها ولم يعلم أنه استتابمم فكيف نعيبمم أمس، وقد رام قلع تلك الشجرة من أصلها، واليوم يتعلق بأغصانها ويستظل بظلها، وكان يعيب نفس الكاتب ، ثم أجاز شهادقه بعد ف ثلاثمائة نخلة جعلها أحد الناس صداق امرأته،ثهد لما بها ذلك الكاتب بعينه، وحكم بشهادته موسى فى نفس الدعوى ، فتراه يقبله شاهداً فى هذه الدعوى ، وهو بالأمس لما مع الصلت ابن مالك فأما أن يكون ذلك العيب حقافلايحلله قبول شهادته حتى تصح توبته ، ولم يذكر أنه استتابه ، وإن كان ذلك العيب باطلا فيلزم أن يتوب منه موسى بن موسى ومن تابعه فيه ، هذا سبيل الحق عند المسلمين ، قالوا واستعانوا بسعيد بن محمد على قصص جروح لا يؤتمن عليها إلا أهل العلم والورع فى الدين والبصر والأمانة وهو اليوم كاتب لراشد وموسى ، كان يعيب الصلت بصحبته ٠ قال : ثم إن موسى قرب شاذان بن الصلت ، وكان يعيبه ويعيب أباه فجعل يماديه يهدى هذا إلى هذا، ويهدى هذا الى هذا،قال : ثم إن فهم ١٣٢- بن وارث ومصعب بن سليمان خرجا بمن خرج معها من أخلاط الناس أهل الرستاق وغيرهم حتى نزلوا بالروضة ، موضع نحو فرسخين من نزوى ، أو يزيد بقليل ، وراشد بن النضر بنزوى وكل فريق يدعو إلى قتل الآخر لتكون السيادة له والسلطة فى يده ٤ والأمر اليه لا الى غيره وحب المرئاسة هو الشهوة الخفية ٠ وذلك أمر لا يرضاه مؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر، لأن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله،وهوهنا يقتله ٠ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول فى النار ٠ وهكذا إذا اقتتلا على الدنيا أما على الدين فلا وليس للدين هنا نصيب وإنما هو الكالب طى ادنيا* ١٣٣-- الروضة تتعرض لقتال عنيف بين اهل عمان كان من قدر الله الجارى به قلم القضاء فى الأزل أن يكون بين أهل عمان قتال عنيف بموضع الروضة من ناحية تنوف ، وسبب ذلك الاختلاف وسوء السياسة بين إخوان مسلمين فى عقر دارهم ، يختلفون فيقتتلون لغرض غير صالح ، و مقصد غير صحيح : قال الامام : وذلك أن جماعة من اليحمد أرادوا عزل راشد بن النضر ، وكان من وجوههم فهم بن وارث الكلبى من كلب اليحمد، ومصعب وأبو خالد ابنا سليمان الكلبيان، وخالد بن سعوة الخروصى ، وسليمان بن اليمانى ، وشاذان ابن الامام الصلت ، ومحمد بن مراجعة وغيرهم من وجوه اليحمد ، فاجتمعوا بالرستاق وكاتبوا مسلما وأحمد بن عيسى بن سلمة العوتبيين الصحاريين ، وسالوهما أن ييايعا لهما فى الباطنة من العتيك من بنى عمران ، ومن كان على رأيهم من آل مالك بن فمم ، وهم كثيرون فى الباطنة منتشرون فيها ، فكاتبا نصر بن منهال العتيكى الهجارى من ولد عمران ، وكان من الزعماء فى أيامه واستجاشا سليمان بن عبد الملك بن بلال السليمى ، من ولد سليمة بن مالك بن فهم فسألوه المعونة ، وكان سليمان شيخا مطاعا فى قومه بالباطنة ، وكان يسكن مجز من صحار ، وله فيها أموال ومساكن ، وكان نصر بن منهال رئيسا تقدمه العتيك فى الباطنة ، وتطيعه فاستحضر إليهما وبايعمما على نصرة ثماذان بن الصلت ومن معه من اليحمد على عزل راشد بن النضر، فأجابهما على ذلك ٠ قلت : هنا بدا دور الفتنة يتحفز للنموض ، وقد أبقت أنها كائنة لأن عملهم الذى عاملوا به الامام الصلت بن مالك لابد أن تكونلهعاقبة، ١٣٤٠ ٠ حتى ختموا ذلك بإحراق ابنى محمد بن الصلت على غير جرم ، ولا يحرق بالفار المسلم مهما كان ضلاله وفحشه ، فأراد وجوه اليحمد احضار الغلامين ليعاقبا على ما اتهما به ، وماذا الذى اتهما به رمى حصاة على طائر أو على سدرة ، فوقعت على بيت راشد بن النضر فكسرت جرة ، فكان عقابهما أن يحرقا بالنار، وفى وجه أبيهما الصلت بن مالك الذى تخلى عن الأمر لموسى وراشد من غير حرب ، ونزل فى بيت ولده ثاذان ، وأن شاذان هذاواطأالقوم وسار معهم، وآخر الأمررأوا الأحوال علىهذا المنمج، فضاقت قلوبهم واشمأزت نفوسهم ، وأصبحوا يلتمسون الغوائل للانتقام من هذا الامام ، وان كان منهم ومن أبناء جلدتهم ، لكن سوء المعاملة يجرح القلوب ويثير الضغائن : وإن الضغن بعد الضغن عليك ويظهر الداء الدفينا فقام نصر بن منهال الزعيم الكبير فى أيامه بالباطنة ، وسليمان بن عبد الملك بن بلال السليمى الزعيم الثانى، فقام المذكوران وتحمسا على الواقع وخرج نصر بن منهال الى قبائل الباطنة من العتيك وهم كثيرون أهل عدة وعدد وبأس ، ولهم أموال طائلة ، وخرج سليمان أيضا معه ليحرك أرهاط قومه ويستثير حفائظهم ويلهب احساسهم ، فطاف على آل مالك بن فمم من سليمة وفراهيد وغيرهم من سائر أولاد مالك ابن فمم ، ومن التف عليهم من القبائل ، ومن تأثر بأعمال راشد بن النضر ، وصاروا جميعا يدا واحدة ولسانا واحدا ، واتصل القوم بالشيخ شاذانابن الصلت ، وفمم بن وارث ووجوه اليحمد وأهل الرستاق ، فأكدوا والبيعة لمم واجتمع جيش ضخم فيه أبطال الرجال وقائده الحقيقى شاذان بن الصلت ، — ١٣٥ - لأنه المصاب فى أبيه وابنى أخيه وفى نخسه ، وكذلك فمم ابن وارث الذى كان أولا معمم حتى رأى ما رأى مما سئم منه حتى طاش عقله ٠ قال الامام : وخرجوا الى نزوى على طريق الجبل ، وعرف جمعهم هذا بالحرب الرستاق فساروا وغرضهم الوحيد عزل راشد بن النضر ، ولا شك أن الأخبار عنهم قد طارت الى راشد ومنمعه، وعلى كلحال فانمم لا بد أن يقوموا للقاء العدو الزاحف (ليهلكمنهلكعنبينة ويحيا منحىعن بينة)( وليقضى الله أمرا كان مفعولا) ، ولتكون الروضة تاريخاًلهذا الحادث ٠ قال الامام : الخبرقد اتصل براشد بن النضر، فلما صاروا بالروضة من تنوف من حدود الجوف ، وجه اليهم راشد ابن النضر السرايا والجيوش،فانه لما بلغه اأمر الذى يحاوله هؤلاء ، وكان يعلمماسبق منه وأنه لابد من اثارة شر على ذلك، اهتم بجمع الرجال واستنهاض أعوانه وأنصاره وأهل طاعته ، فساقمم خيلا وركابا ورجالا ، وكان من قواده يومئذ عبد الله بن سعيد بن مالك الفجحى ، والحوارى ابن عبد الله الحدانى السلوقى، والحوارى بن محمد الداهنى فكبسو هم فى مكانهم ليلا وهم نزول بالروضة، ولعلهعلى غير دعوة والحرب خدعة ، والغافل مأخوذ على غرة ، فدارت رحى الحرب بينهم ، واختلط الرجال بالرجال، والعدو بالصديق والجبان بالشجاع، والحام بالنابل،حتى انكثفت الوقعة عن قتل ذريع وقتل فى الوقعة أعيان اليحمد وأعيان آل مالك ابن فمم ٠ قال أبو المؤثر : كان راشد بفزوى ، فوجه اليهم قوادا ليس فيمم فقيه ولا أمين على حجة ، ولا بصير بسير المسلمين ف الحروب ، فلقوهم قبل وصولمم الى الروضة وسايروهم حتى نزلوا جميعا الروضة، جند - ١٣٣٦ راشد وجند فهم بن وارث وشاذان ، وقد أمن بعضهم بعضا ، فلما نزلوا الروضة بات الفريقان أمنا بعضهم من بعض ، ثم ان راشد بعث من عنده جندا أى غير الجند الأول ٠ قال : وعندهم قواد لا فقه لمم ولا فمم ، وفيهم عبد الله بن سعيد قائد الفتنة ورأسها : والخطيئة فى عدد من الناس أخلاطا منهم متمسك يحسب أن الطاعة لزمته ، فخرجوا بين مارق وفاسق ( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ) ، فهجموا عليمم فى بعض الليل ، ففزع بعضهم من بعض ، ووقع بينهم القتال ، فقتل بالليل عند ممايجة القتاك رجل من جند راشد ثم تحاجز الغريقان الا أنه بقى بقية منالرماة بين العسكرين ، قال : ودوار أصحاب راشد بفهم وأصحابه شرقا وغربا وأعلى وأسفل ، أى أحاطوا بهم من جميع الجهات ، فلما أصبحوا لقيهم رجل من صحار يقال له غيلان بن عمر ، وقد كان غزا فى سرية من قبل والى صحار ، فلقى القوم فسار حتى نزل معهم الروضة ، ولقى منهم فمم بن وارث وغيره من أصحابه ، فجعل يكلمهم ويكلمونه ، ويدعوهم ويدعونه الى السلم وهم يجيبون الى ذلك ، والناس متفرقون الى أن شبت الحرب فيما بينهم من ناحية العسكرين بعيدا من موضع فهم وغيلان ، فتواقع الناس للقتال ٠ قال : فحدثنا غيلان وكان صدوقا فيما علمناه ، أنه كان يكف الناس عن القتال ويحجزهم حتى تعب بدنه وصوته من شدة ما كان ينهى عن القتال ، فغلبه الناس على أصحاب فمم وتفرقوا عله ، وقتل من قتل فى المعركة وفرقهم فأدركوه فأسروه وناسا من أصحابه ، وقتل نصر بن منهال وهو شيخ ضعيف وكبير ضعيف عن القتال ٠ قلت : معلوم أن الحرب كالنار تأكل ما لاقته من كبير وصغير ، وإذا شبت الحرب كالنار إذا اتقدت يصعب إطفاؤها حتى تلتمم ما حولها ، قيل إن نصرا قتل وه.—و ن—ائم ٠ ٧م١ - قال العوتبى : وقعت بينهم وقعة شديدة ، ومقتلة عظيمة ، ورجال كثيرة من أهل الورع والعفاف ، وكانت الهزيمة على اليحمد والعتيك وبنى مالك بن فهم ومن معهم ، فأما اليحمد فانهم كانوا عارفين بالموضع فتعلقوا برءوس الجبال بعد أن قتل منهم جماعة ، وأسر من أعيانهم من أسر ، وأما ا لعتيك و بنو مالك بن فهم ، فصبروا فى المعركة حتى قتل نصر بن منهال ، أى زعيمهم ، وقتل ولداه أيضا المنهال وغسان ، وأخوه صالح بن المنهال العتكى ، وقتل من ولد مالك بن فهم حاضربن عبد الملك بن بلال السليمى ، وابن أخيه المختار بن سليمان بن عبد الملك بن بلال السليمى ، فى نفر من قومهم ، وقتل من آل فراهيدبن مالك بن فهم خداش بن محمد الفراهيدى، وأخوه جابر بن محمد فى جماعة من قومه ، وأسر سليمان بن عبد الملك ابن بلال السليمى ، وأسروا من اليحمد فهم بن وارث الكلبى ، وخالد بن شعوة الخروصى وغيرهم ، فحبسهم راشد بن النضر سنة أو أكثر ، ثم سئل فى شأنهم موسى بن موسى وجماعة من وجوه أهل عمان ونزوى فأطلقهم ، وكانت الدائرة على هؤلاء فدقتهم الحرب دق العصف ، فقتل سادتهم وأعيان قومهم كل واحد أكبر من الثانى ، وأسروا أيضا أعيان منهم وانفض جمعهم ، وتمزق جيشهم ، وذهبوا على وجوههم ، وكانت القضية والامام الصلت بن مالك حى موجود فى نزوى فى بيت ولده شاذان ، ثم مات بعد وقوع هذه الحادثة الرابعة التى كسرت أعمدة اليحمد ، وسرت العصبية فى أهل عمان بسبب هذه الفتنة ، وتعصبت القبائل كل تعلق بأناس لينال ثأرا من خصمه ، وطار خبرها فى شرق عمان وغربها والى البصرة ، وفيها قام ابن دريد يحرض قومه على القتال ويستنهضمم للقتال ، وهيجت الناس بعضما عطى بعض لأمر أراد الله انفاذه فيهم ، بسبب اختلافهم طى اماممم ، وهو القائم بأمرهم ، المجتهد فى اصلاحهم ، ولا بد للباذر أن - ١٣٨ ٠ يحصد ، وكل يخرج فى وقته والنبات له مواقيت يخرج فيها حصاده ، وهذه ثمرة الاختلاف فنعوذ بالله منه ٠ فكان لذلك أثر حار ، فتجمع اليحمد وبنو مالك بن فهم والعتيك ومن معهم ، وقلوبمم تغلى حقدا على راشد بن النضرومن معه ، وقرروا المصير على الحلو والمر ، وعلى الموت الساحق أو النصر ، والتف اليهم من له عصبة فيهم ، ومن كان بقلبه مثقال ذرة من الخير لمم ، ولم يزالوا من كل حدب ينسلون على أن يمحوا العار الذى لحق بهم ويأخذوا الثأر ممن قضى على اخوانهم وعشيرتهم،ولو كان ف ذلك هلاكمم ٠ - ١٣٩ - الهجوم على دار الإمارة بنزوى لما تقرر رأى القوم على مهاجمة خصمهم ، رأوا أن دار الامارة أحق بالهجوم ، وكما أن القوم باغتوهم فى الروضة فهم يبيتون مباغتة راشد بن النضر فى دار امارته ، وتكتموا بما أمكنهم فأتوا الى نزوى بعدهم وعديدهم ، ولعل راشدا يظن أن القوم لا يعودون لمثلها ، لأن أجنحتهم قد قطعت وزعامتهم قد سحقت ، فلم يكن بخلده أنهم يقومون له مرة أخرى ، قال المؤرخون العمانيون : إن اليحمد تجمعت وبنو مالك بن فهم والعتيك ، وقد ألهب ضمائرهم ابن دريد وأمثاله ، وهيجوهم على الأخذ بثأرهم ، فساروا توا الى دار الامارة بنزوى غيرمبالين بما يلاقون ، ولعلهم أكثر ما قرروا الموت ٠ قال : فأسىوا ر اشد بن النضر بعدما هزموا أعوانه ، وفضوا عساكره وعزلوه عن الامامة ، ووقع اختيارهم جميعا لعزان بن تميم الخروصى ، فبايعوا له وتولوا الأمر فى عمان، وذكر الامام السالمى رحمه الله فى تحفته قصيدتين من قصائد ابن دريد التى يحرض بها قومه على أخذ ثأرهم أعرضنا عنهما لأنهما لم يصلحا للرواية فى التاريخ لتحريفهما وتعقدهما وعدم المرجع الذى يمكن تصحيحهما عليه ٠ وأول احداهما : نبأ نابه وخطب جليل بل رزليا لهن عبء ثقيل وأولالثانية: إنما فازت قداح المنايا يوم حازت خصلما بتتوفا - ١٤٠ - عزل راشد بن النضر عن الامامة قال الامام السالمى :وذلك بعدما مضى له فى الامامة أربع سنين وثمانية وخمسون يوماقال : وسبب ذلك تحرك قلوب أهل الضغائن وكثرة الحقد عليهبقلمنقتل بالروضة من وجوه الأرد، وتحريض ابن دريد عليه ، ووافقته موسى بن موسى لمم فى ذلك ٠ قال أبو قحطان : خرج موسى على راثد من بعد ما قدمه واختاره فخلعه وفسقه وبرىء منه ، ودعا الى حربه من غير مخالفة لراشد منه ، ولم يحدث حدثا حتى يستحق به معه الخلع فى دينه لأنه كان يراه اماما ففعل بهمثلمافعل بالصلت بن مالك رحمه الله سواء بسواء ، ودعا الى عزله وألب عليه ٠ قال : قد كنا سمعنا أن راشدا خرج الى أزكى يسترضيه فلم يدرك رضاه ، قلت : على هذا يتبين أن موسى بن موسى مشوش الأفكار سريع التقلب، لأنه بالأمس حاقد على الصلت ويتكلم عليه وعلى أعماله، وينتقد على عماله ويطلق لسانه على أهل الدولة مطلقا لا يبالى بأحد،حتىقام على الصلت وعسكر بفرق حتى اعتزل الصلت الأمر، وأقام مكانه راشد بن النضر ، وخاصم معه وحارب ، وقاتل وهدد ووعد وتوعد، ثم انقلب عطى امامه يؤلبه ويثلبه ويقوم عليه بالخلع، ولم يحجه فى ثى٠ ولم يقم عليه دليلا فى شىء ، بل يصول عليه ويهاجمه بغير مبالاة ، وهذا من مستغربات الأحوال واذا به عندى كما يقول رسول الله صلى اللهعليه وآله وسلم، لعائشة أم المؤمنين رضى اللهعنما: وانه لعلىما ترين أحمق مطاع، فان الدين لا يكون ألعوبة وأحكام المسلمين لاتحلولاتعقدعلىغير أساس، والحق لا يكون باطلا وان تقلب عليه الدهر، وهكذا العكس فما لموسى بن موسى وهو الرجل الوحيد فى زمانه، يبنى ويهدم بغير روية ولا هدى من الله ، لما سلم العمانيون من العدو الأجنبى جعلوا بأسهم بينهم بغير موجب وخبطوا فى فتن تقضى عليهم وتدمر كيانهم ، فان سفك الدماء على غيروجه شرعى يفسد الدين والدنيا ، فانظر الى قتلى الروضة متى ينطقى جمر حقدهم ، ومتى يسكن روع القاتل لمم، ولهم أنصار وأتباع، ولم يكن على طريق صحيح يجيزه لمم الشرع ٠ قال : وأخذ موسى فى عزل راشد من غير أن يظهر عليه حدثا يعرفه الناس ، إلاأنه يدعو الى عزله كماكان يدعو الى عزل الصلت بنمالك،بلكان الصلت علىمايظمرمعهخيرا من راشد، لأنهخرجطى الصلت بن مالك ولا نعلم أنه خلعه ، وأما راشد فقد كان يفسقه على ما سمعنا ، فسار موسى ومن اتبعه حتى نزلوا فرق ، واجتمع شاذان ومن أجابه فى موضع معاضدين لموسى ، وكان الحوارى بن عبد المله ، والوليد بن مخلد ومن أجابه فى موضع يقال له سندان ، فى أعلى من الموضع الذى كان فيه شاذان ومن معه ، مناصرين لراشد ، وكان راشد فى موضع الامامة وموسى فى فرق ثائرا على راشد بعد أن كان والاه ، أى وولاه وأقام دولته وشد عضده وناصره وحمله على أعناق العباد ٠ قال : وافترق موسى وراشد والحوارى بن عبد الله ، والوليد بن مخلدمن بعد لألفة والأخوة، لأنهم كانوا تآلفوا على عزل الامام الصلت بن مالك ، وبايعوا راشدا وصاروا حربا لأعدائه وعادوا أعلدا ءه ، فموسى الآن يطلب عزل راشد، والحوارى والموليد يطلبان نصرته، قال : فلو كان أمرهم رشيدا فى الأصل لكان الوليد والحوارى مصيبين فى نصرهما لاماممما، ولكان موسى مخطئا إذ نكث على امامه ولكن أمرهم فى الأصل كانلغير الله،فلم يجمع لله شملهم ٠ - ١٤٢ - قلت :والله انها لمصيبة من أعظم المصائب، إذا كان مثل هذا الأمر يصدر منهم لغير لله،وهم علماء المسلمين وعمدة الأمة فى الدين، فيقومون لسفك دماء المسلمين بغير حق، قال : ورد بعضهم على بعض، قال : واجتمع موسى وشاذان بعد العداوة نعوذ بالله من الفتن،قال: فسار الحوارى والوليد ومن معمما يريدان فصر راشد وقتال شاذان وأصحابه ، والله يعلم ما أرادوا ، فالتقوا من قبل أن يصلوا راشدا ، فهزم الحوارى والوليد ومن معمما ، بعد أن قتل من قتل من أصحابمما وسار شاذان وأصحابه ، فأخذوا راشدا من موضعه بلا حرب وضربوه وحبسوه ، ووصل موسى ومن معه الى العسكر، وقد اجتمعوا من غير توبة، وقدموا عزان بن تميم كما أشرنا الى ذلك سابقا اماما والله أعلم بأمورهم ٠ قلت : *ذه أحوال أشبه بالتلاعب، فلما لم يعجبهم الصلت بن مالك ألقوه وراء ظمورهم غير مبالين به ، ثم قدموا راشدا وسفكوا الدماء ، وقتلوا المسلمين الطالبين لخلعه، فصرعوا فى الروضة أعيان أهل عمان وأخيارهم ، ثم فعلوا الفعلة الشنعاء بابنى محمد بن الصلت بسبب رمية حجر رميت فى بيت راشد بن النضر ، حتى أحرقوهم بالنار ، ولا إنكار ولاتوبة ولا رجوععلى أصل فى الدين،علىحسب قواعد مذهب المسلمين، واليوم يعاضدون موسى على راشد ، وانما كان رأس الأمر كله موسى ، فما هذا الحال الذى يمثى عليه هؤلاء ، أما حاذروا سخط الله عليهم إذ يمثون فىعباد الله بمثل هذا الحال المؤسف الذى إذا اطلع عليه أعداء المسلمين،لابدأن يسخروا منه( والله لا يرضى لعباده الكفر) ( وإن تشكروا يرضه لكم ) فمذا ينافى شكر الله عز وجل الذى هو طاعته، والدين لايحملألعوبةوالحقلايكونباطلا،والباطلايكونحقا،الأهواءهى — ١٤٣ — المملكة، والدين يناف الدنيا إذا لم يمش أهلها على الصراط المستقيم ، وكفران النعم يورث البوار، وهذا منها والعياذ بالله، وما كان الإباضية يرضون بمثل هذه الأحوال ، فان المجرم يلزم تتويبه وتوبته بحسب حاله ، فأما الامام ومن فى معناه فتوبتهم أن تكون علنا فى مجامع الناس، لأنها تنبنى على أحكام ديية،فاناللهما ترك المسلمين يروحون ويغدون كما يثاءون غير مناقشين ولا مسئولين قعالى الله عن ذك علوا كبيرا،فان الله لا يممل مثقال ذرة ولا أدنى منها ممما كان ، وهذه الأفعال ، وما سيأتى ذكره من الأحداث التى يفترقها راشد بن النضر وزميله الوزير ، وما يأتى بما قومهم من الأعمال التى لم تعرف فى دين الله عزوجل،ولا ارتضاها أحد ممن له أدنى مسكة من عقل ، فان الامامة نزيهة عن عبث الناس ، وبعيدة عن ادخا-ف، فانها لم تقم الا لتكون ضدا للظلم وشدا سلمة وخدا للجور وأهله ، ولم يعرف ف مذهب المسلمين فضلا عن أعمال صفوة الأمة الا أن راشدا كان سلطانا لموسى بن موسى ، يقضى كل واحد منمما غرض الآخر ، وكان موسى على ما يظمر رجلا غثيما وزعيما متغطرسا ، كان يحاول الرئاسة التى هى الزعامة لا الامارة الدينية،معأنه كانطى يقين من سيرة أبيه موسى بن على فى عمان ، إذ كان القدوة الصالحة لمم ، وكان راشد بن النضر تومك الى الرئاسة بالزعيم موسى بن موسى ليقضى غرضا كان له فى نفسه، وحب الرئاسة هو الشموة الخفية، التى هلكت بها أمم وانهارت من أجلها عروش ، وسوه ترى وتسمع عن راشد بن النضر ووزيره موسى بن هوسى أحوالا ، وترى لهم أعمالا فى الأمة توجب عزل راثد وتخرجه من الولاية،إذ كانت له ولاية إن صحت تلك الأعمال، والدين لايقومعلى أساس الباطل، والجوروالظلم لا يصح معمما دين ممما كان ٠ - ١٤٤ - اعمال راشد بن النضر فى حال إمامته بعمان اطم أن راشد بن النضر لما تولى الأمر بعمان، كانت أعماله كلما سيئة وهى التى تصدر منه أو من وزيره أو من قائده ، أو أى عاملمنعماله،ولاريبفان الرعيةعلىدين ملوكها ٠ كان راشد المذكور إماما لأهل عمان على رغم أهل عمان، إلا على موسى رشرذمة معه مما شايعه من أهل عمان ، من الذين طال عليهم عمد الصلت بن مالك، فتمنوا زواله لنحل محله امام جديد ينالون معه ما لم ينالوه مع الصلت، ولو كانت الدولة همتهم لشدوا عضد الصلت وقوموا أموره ، وقاموا معه وهم جميع ، ولكن لا ريب فان الله عز وجل بسط لبنى إسرائيل كل خير ، وأطعمهم المن والسلوى ، وهم فى أطيب النعم وأوفر الفضل، وإذا بهم يقولون لنبيهم عليه الصلاة والسلام : ( ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائما وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير ) الآية ٠ وأهل عمان هكذا كان عملمم هنا ليقضى الله أمرا كان مفعولا، فكانت أعمال الامام المزعوم راشد بن النضر من شره، وفى بعض كب اله المنزلة قوله فى آخر الآية : من ثمارهم تعرفونهم ٠ فكانت المفاسد فى عمان شاهرة ظاهرة ، من نهب أموال ، وقتل رجال ، وأخافة الطرق ، وانتشار الجل، وخمود العدل، وتطاول الباغى على الآمن الوادع، وأى بغى أكبر من حرق ابنى محمد بن الصلت بن مالك ، وهما صبيان لم يبلغا حد التكليف، ويحرقان بالنار مع أن أهلمما يتقدمون بتقريبمما الى الامام المذكور، - ١٤٥ - ليحكم فيهما الحاكم بما يرى من حق وغيره ، ولم يقبل منهم وهما قد رميا رمية حجر لطير كان على شجرة سدر ، أو رميا السدرة نفسها غوقعت الرمية فى بيت الامام فكسرت جرة فكانت عقوبتهما أن يحرقا بالنار ، وهذا من عمل صاحب الأخدود ضعوذ بالله من شر البغى ٠ ومن ذلك عقر جمال القوم المقتولين فى الروضة،وقيل إنجملة المعقور سته عثشر جملا وفرسا ، ونهبت أموالمم ودوابمم وثيابمم ، قال : وليس هذا من عمل المسلمين، ولا من سيرتمم فى أموال أهل القبلة ٠ قال : ورفع لنا الثقة أن الرجل من أصحاب فهم كان ينلجأفيوضع طيه السيوف، وكان الرجل يأتى طما منقادا مذعنا مسلما للامر، فيدفع إليهم سيفه فيأخذونه فيقتلونه ، ولم يظهر من موسى إنكار ولا تغيير ، ولا من راشد ابن النضر الامام ٠قال : وقد بلغنا أن لحوم الإبل المعقورة بيعت فى سوق نزوى قرييا من موسى وراشد أو لم يستطع المسلمون إنكار ذلك ٠قال:وقد كانوا يغيبون على الصلت بعض أحداث من سرايا كافت تطرأ فى أطراف عمان ، لا يدرى كانت أو لم تكن ، أى لم تثبت صحة وقوعها ، ولم يعيبوا على أنفسهم الأحداث الشنيعة وهى قريبة منهم ، يكادون يعاينوها بأعينم ٠ قال : ثم استقام الأمر لراشد واشتد سلطانه بعمان، وقد تكون الأحداث بأطراغ عمان من المهرة ونحوهم ، فربما يضربون الرجل ويستاقون الإبل ، ويعيثون فى الأرض فساداً ، وما قاومهم راشد ولا جرد لهم من يرد بغيهم عليهم ، وكأنه لم يهتم من شأنهم فلم ييعث لمم سرية واحدة أبدا ، وإنما كان شدته وسطوته على أهل الرستاق من دم ٠ ١ - عمان عبر التاريخ ج٢) - ١٤٦ - حولها ، إذ رأى الثورة عليه من هنا ، ولم يسأل عن رعيته ٠ قال : ومن أعماله فيما صح خبره معنا : أن رجلا وقف بباب السجن فتناول كتبا الى الفضل بن الحولرى، والأشعث بن محمد النضر، وهما يومئذ من أصحاب راشد ومن حزبه ،فاطلع بعض جنود راشد على ذلك فاخذوه بالكتب، وساروا به الى راشد، فلما عرف الكتب الى من هى أمر به فحبس فى السجن ٠ قال فبلغنا أنه ضرب مع ذلك فلبث فى السجن ما شاء الله ، ثم أخرج فدخل من دخل على راشد ممن أنكر حبسه فقال لهم : حبستم الرجل وليس عليه حبس لأنه انما حمل الكتب المى أصحابكم الخ٠ قال : وقد بلغنا أن قوما من أهل سلوت دخلوا طى رجل فى منزله فكسروا بابه وضربوه بالسيوف ، فحمل الرجل مضروبا منتصفا ، أى طالبا الانصاف ممن ضربه ، وان يبعث سرية الى الذين ضريو ه فلم ينصفه ، وقال : من أجل واحد أبعث الى قوم أنصار ، فلم يفعل ولم ينصف الرجل من أعوانه ٠قال : ولم يجعل ضرب السيوف كرمية وقعت نى داره ٠ ومنما أفهم بعثوا قائدا من قوادهم الى الرستاق وهو لصمشمور معروف بذلك ، فسار الى الرستاق واسمه زائد بن خطاب معروف بالسرقات ، ومعه ناس من أعوانهم الى بنى غافر أهل الرستاق ، ولم يكن من بنى غافر المذكورين الذين أرسل اليهم زائد بن الخطاب حدث يعرف، حتى يرسل السرايا ، فلما دخل واديهم أى المعروف بوادى بنى غافر ، تلقاه بعض من سرعان الناس وسفهائهم فيما سلغنا ، فهايجوه وكان بينهم هناك بعض الشرحتىجرح بعض أصحابه، وم يقتل أحد فى تلك الحركة، - ١٤٧ - وفر منهم هو وأصحابه ، فأتى الخبر الى راشد خجهز اليمم سريا وقودا جفاة عماة ، ولم يسيروا بقصد ولم يهتدوا برشد ، فعاتوا فى البلاد من أكل أموال الناس، ودخلوا بيوتهم وكسروا أقفالمم، وأهانوهم، ولم ينكرراشدعليممذلك مع أن لامامة لاترضى بذلك،ودينالمسلمينلايأمر بهذا ، ولا قريب منه ، وأودع راشد ناسا فى السجون مدة طويلة ممن شهدوا وقعة الروضة وغيرهم ٠ وهذه الأعمال لم يعملها أئمة المسلمين قال : وعمر فى سجن راشد ناس من بنى غافر وأناس ممن شهد وقعة الروضة فى القيود والموان، وكان أبو خالد بن سليمان جريحا مريضا فيما ذكر لنا نازلا فى بعض دور نزوى ، فأمر به راشد فقيد فى منزله كبعض المعبيد ، وما يعرف المسلمون لذلك وجما ٠قال : ولا نعلم أن أحدا من سلاطين العدل أو الجور سبق راشدا المى هذا الفعل يقيد رجلا فى بيته وهو مريض ٠ قال : وإن ناسا من كلب اليحمد كتبوا الى شاذان يسألونه الخروج على رائد،فكتب إليهم شاذان فيما ذكرنا العدل يقول لهم فكتابه: أما أنا فرجل من المسلمين لا أنفرد بالأمر دونهم ، ولا أريد أن أكون فى هذا الأمر رأسا — فان قام المسلمون فأنا معهم ، ونحو هذا من القول فييمارفع الينا الثقة من المسلمين ٠ فخرج اليه يمان بن مصعب بن راشد وأبو جليل ، وأبو النضر بن ابى جليل ، وأبو النضر بن راشد فى ناس فنجموا عليه ليلا ليأخذوه فظفروا به ، فأخذوه وخرجوا به ، فاجتمع من اجتمع من اليحمد معهم ولا ندرى ما أرادوا فى اجتماعهم ودعوتهم ما هى ، فلما بلغ راشدا اجتماعهم بعث اليهم من قبله قوادا جفاة لاعلم لهم بحرب المسلمين،ولا بصر لمم - ١٤٨ -- بحجة على عدوهم ، فساروا حتى نزلوا قرية يقال لما عينى من المرستاق ، وأقبل شاذان بمن معه من وادى عمق متجردا يريد فيما قيل لنا قرية يقال لما سوتى ٠ قلت : هى الان التى تعرف بالعوابى، قال هى قريبا من عينى ، قلت : نعمهى من الرستاق والعوابى التى هى سونى تبعد عن عيفى مرحلة واحدة، ولكنهاكانت من أعمال الرستاق حتى العهد الأخير الذى قام فيه الشيخ جاعد بن خميس وآله ، وتاثلوا فيها أموالا ، وخدموا خلجها حتى قوى واعتد ، وبنى الشيخ فيها البيت العالى ، وكان حصنا لهم من عدوهم ، ثم احتلته الحكومة من أيديهم وأصبح رهن يد الحاكم إماما كان أو سلطانا ، وأصبحت سونى التى هى العوابى إمارة مستقلة ، ولكنا لا تزال تخضع لحاكم الرستاق خضوع الوالد لوالده، وحق لها ذلك ٠ قال : فلما كان بين القريتين أى سونى وعينى ، وثب عليه أصحاب راشد بلا حجة ولا مناظرة ، وتلااعوا بدعوة المجفا ، وقال شأنكم خذوهم ورأس شاذان خذوه فيما رفع لنا الثقة ، وابتدرهم الناس سرعانا واقتتلوا فيما بينهم وقتل من قتل من أصحاب راشد ، ومر عامتهم وسار شاذان حتى دخل الباطنة ، ثم رجع الى الرستاق ودخل وادى عمق وتراجع أصحاب راشد واجتمعوا ،وجاء عبيد الله بن سعيد بمن أجابه من أخلاط الناس ، ثم ساروا حتى وافوا شاذان وأصحابه فى موضع يقال له الطباقة من أسفل وادى عمق ، فاقتتلوا وقتل من قتل وانهزم شاذان بن الصلت وأصحابه ، ولكن لم يظفر العدر بشاذان وجعلوا بعد الهزيمة يلقطون فتات الهزيمة ويقهرون البرى والسقيم ، والداخل معمم وغير الداخل عملا بشنشة المنتصر الذى لا يحجزه دين -- ١٤٩ - ولا يقوده علم ، فأسروا من قدروا على أسره منهم ، ودفعوهم الى سجن نزوى • قال : ولقد حدثنا الحكم بن أبى سليمان وهو ثقة مأمون أنه قال لوسى : كم مظلوم فى هذا الجيش ؟ قال وحدثنا بعض من يتولى راشدا وموسى أن رجلا من الأسارى ضعف عن المشى فسحبوه سحبا حتى مات فى سحبه ، وقد حدثنا الرجل أنه أخبر موسى بهذا فما ظمر منه إنكار ولا تغيير ، قال : ولى أن مشركا محارباً سحب على وجهه حتى مات فى سحبه لكان منكرا عظيما، أى لقوله ه : إذا قتلتم فأحسنوا القتلة ٠ قلت : وسيأتى فى التاريخ أغرب من هذا فان المشيخ القاضى عدى بن سليمان الذهلى، قتل فى الرستاق فسحب على وجهه فى سكك الرستاق، وأن رسول الله ٠ نمى عن قتل المثلة ، وهذا منه ٠ وقال رسول الله ٠ : كل شىء ليس عليه أمرنا فمو رد ٠ قاك : ثم إن شذان بن الصلت هرب وبعثوا فى طلبه قوادا من قبلمم الى الوستاق، منهم أبو الجلندى بن معران رجل معروف بالطلس والسفه ، وإنما كان من جنود الشيطان ومنهم محمد بن أبى فضيل رجل معروف بسفك الدماء من الحرام ، ومنمم محمد بن سعيد ، وأخلاط الأعراب الجفاة، فسارواحتى دخلوا الرستاق بلغنا، فقطعوا الزراعة، ولقد بلغنا أن أبا الجلندى كابر امرأة على ثى ص حليماواستفاض هذا الخبر ٠ قال : ثم بسطوا لعبيد الله بن سعيد اليد فى عمان من غير صلاح ولا وقار ولا عفاف ، و أنه لو شهد شهادة مع مرسى ما قبل شمادته فيما عرف موسى منه ، ثم سار عبيد الله بن سعيد الى صحار ، فعمل فيما أعمالا قبيحة ، فيما ذكر من استرهاب الناس ١٥ وأخذ أموالا فيما رفع إلينا، وأذعن له والمى صحار، وسلم له فيما بلغنا ٠ قال : ولقد قيل لنا وذاع وشمر أنه أرسل الى شيخ ضعيف يقاللهعبد الرحمن بن الوليد عوهو أمين للوالى على بعض ضياعه فأرسل اليه عبيد الله جندا من جنوده ليجروه اليه بغير حق ، فاستجار بالوالى فلم يقبلوا، وقال الوالى :أنا كفيل به فلم يقبلوا، وجروه اليه كرها ليسأله تأخير حق له على بعض من استعان بعبيد الله عليه، ثم هدده عبيد الله وأوعده حيث لم يشفعه ٠ قال :وقد بلغنا أن والى صحار يرفع اليه الخصماء ، وهو غير فقيه ولا بصير بحكم ٠ قال : وما فعل والى صحار الى إلا تعظيما لأمر المدنيا وممابه للسلطان، قال : وبلغنا أن عبيد اللهخطب الى رجل كثير المال ضعيف للحال واهى القوى ابنته فأبى أن يزوجه ، فأغرى سفهاء من الناس بماله ، فزوجة الرجل تقية ومخافة مما يرى ، فلما تزوج منه استولى على كثير من ماله، أوعلى جملته ٠قال : ولقد بلغا أن الرجل احتاج الى قفيزين من تمرمن ماله، فلم يدركه وتولى عليه أملاكه على هذا الحال، حتى لشترى منهما أراد من تمر من ماله ٠ قلت : هذا من الظلم بأعلى المذرى، وقال : لقد بلغنا أن والمى نخل أراد أن يدخل فى شىء من إصافه وكتب اليه راشد فيما ذكر لنا بعض أصحاب والى نخل أن هذا قصور منك الى الدولة ، أى حيث تقوم بالانتصاف من رجال الدولة، قال وقد ذكر لناعن ابن موسى أنه يكتب الى تجار صحار يسألمم القرض ، ويسألمم أن يتجروا له ، ولم يكن يسألهم من قبل هذا لكن تقوى عليمم بسبب السلطان ٠ قال : ثم خرج ابن موسى الى صحار ، فحكى عنه أخذ أموال الناس أمرا أشنع من الذى كان يروى عن شاذان أيام أبيه ٠ قال : ١٥١ فان كان. شاذان من عيوب الصلت فابن موسى من عيوب راشد ، فان قالوا إنهذا لم يصح لهم، قيل كذلك الحكايات عن أصحاب الصلت لم تصح ٠ قال : وقد صارت صحار مأكلة لفساق السلطان لأن فيها تجارا وأهل ذمة ضعفاء ٠ قال : وسجن سليمان بن أبى حذيفة رجلا ضعيفا بغير حق حتى اطلع على ذلك راشد ، فأخرجه ولم ينكر طى سليمان فعله هذا، وليس يكفى اطلاق سليمان مع تركه للانكار عليه أن لو أطلقه سليمان المذكور ٠ ثم نصحهم من نصحهم فى أمر شاذان ٠ وقال : أوفدوا اليه وفدا من صلحائكم يحتجون عليه قبل سفك الدماء ، ويسألونه ما يطلب فردوا النصيحة وجعلوها غثا وتعجبوا هن الحق ، وجهلوا سيرة المسلمين ٠ قال : ثم سارت العصبية ، وجعلوا يولون ولاة ما اختاروهم لله ٤ وإفنما ولوهم رضا وتقة ومصانعة ٠ قال : ورأى موسى رجلا ضعيفا ليس هو بامام من أئمة الدين ولا يخاف على دولة رآه جالسا على باب المسجد خارجا يوم الجمعة قبل الصلاة ، ثم أبصره يصلى بعد ما انقضت صلاتمم ، فاتهمه أنه لا يرى الصلاة معهم ففسقه ودعا عليه وشهر به ، وأغرى به السفهاء فساروا الى منزله قريبا من فرسخ ، فشدوا يديه وراء ظهره ، وضربوه فيما بلغنا حتى أدموه، ثم جاءوا به كأنه سافك دم أو قاطع طريق حتى أدخلوه السجن ، فحدثنا عدل ثقة من المسلمين أنه كان قاعدا فى المسجد، وقد جاءوا به ٠ فقال : إنه كان يسمع شيئا ليس يشبه الضرب، ولكنه يشبه الدروس أى الدق بالأرجل من شدة الضرب ، فلما أدخلوه السجن قال : واقتلاه فيما بغنا،فلبثفى السجن مريضا مرضا شديدا ، وقال لهم رجل ارفقوا به فادخلوه السجن وشدوا يديه وراء - ١٥٢ - ظمره ، قال : ولم ينكروا على من ضربه ولا منعوه منه ، قال : وأمر راشد ولاة القرى ٦لا يدعو الناس يشترون من طعام أهل القرى ، وهو وولاته يشترونه لأنفسهم ٠ قال : هذا تحليل لما حرم الله ، وقد أحل الله البيع وحرم الربا ٠ قلتهذه الأعمال إن صحت ما هى من أعمال المسلمين فى شىء أبدا ، إنما هى أعمال جبابرة الملوك فى الرعايا المستضعفين ، ولم نعلم أحد من أئمة الدين يرضى بها فى عدوه فضلا عن الضعفاء المأسورين تحت القبر ، يكون فيهم هذا تحت راية من يتسمى بالامامة وينشد العدالة، إنما هذه عرفت فى عمان لبنى نبمان كما سوف يأتى ذلك فى محله ٠ قال : وبلغنا أن تاجرا خرج الى قرية يقال لها أبيل ٠ قلت : يقولون لها الآن وبل بالواو المفتوحة أو المضمومة وهى من قرى الرستاق ، فاشترى منما برا على حساب مكوك وربع ، لابل على حساب مكوك وثلث إلا ربع السدس بدرهم ، قال : فأخذوه الى ذلك البلد فقطره وقيده حتى رد بضاعته الى الذى اشتراها منه ، ثم ان الوالى رجع فاشترى ذلك الحب على حساب مكوك وثلث زيادة على مكان اشتراه التاجر ٠ قال : فضر بالبائع وأضر بالمشترى ، أى أضر بالبائع حيث أدخل عليه الزيادة فى المبيع والنقص فى الثمن ، وأضر الشارى حيث رده عن شرائه ٠ قال : ثم ان التاجر أتى راشدا فشكا اليه فكان انصافه له أن طرحه فى السجن ، ثم أخرج من السجن فأتى الى موسى فشكا اليه من الوالى فطلب اليه الانصاف ٠ فقال نعم ننصف فلم يرفع له رأسا ولم يكنمنهشىء إلا أن موسى تكلم، فقال : إن الامام قد ترك ذلك الأمر الذى كان يأمر بهفلم يكن منهم إنصاف ولا توبة إلا هذا ٠ - ١٥٣ — قال ثم هم فيما بينهم يتهامزرن ويتطاعنون يسمون إماممم حمارا جليبا ، وتيسا عشقيا ، ويسمون قاضيهم أبا المسطور ( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ) إخوانا علانية أعداء سريرة ، إلا أنهم قد اجتمعوا على أنهم قد قمروا المسلمين وأخافوهم وأخافوا عزان بن تميم وأخرجوه من منزله وداره بكفالة لا تلزمه ، وهم يعرفون فضله ، وقد كان موسى احتاج شر١يه ٠ وقال أيضا : إفهم حبسوا محمد بن عمر بن الأخنس بلا ذنب ولا حدث منه إلا سوء الظن فيه وهو معروف فضله فى المسلمين، ثم بعد ذلك أخافوه وبعثوا اليه الخيل فخاف فىمنزله بلا ذنب ولا حدث ، حتى ضاقت عليه الأرض بما رحبت ) وألقى بنفسه إليمم فلم يجدرا له ذنبا فحبسوه فى عسكر هم ، وم يأذنوا له بالانصراف الى منزله حتى أخذوا عليه كفيلا وما ذلكمنهمبعدل، قال : وهذا من عجائبمم فى تسعة عشر شمرا منذ ملكوا، ولديمم المزيد ٠ قلت هذه هى بذور زوال نعمتهم لماكف الله عنهم العدو الكبير، وهو سلطان العراق لم تطل بهم الأيام حتى ظهرت هذه الأحوال منمم لتكون قائد النقمة عليمم ، ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيوا ما بأنفسهم ) ، وتلك هى سنته تعالى فى عباده ، من يتتبعها يجدها فى كل جيل منذ خلق الله الدنيا الى يوم القيامة، لأن الله أجل وأكرم من أن يبسط لقوم نعمة ، ثم ينزعما منمم بغير جرم ، وقد وصف راشدا بأنه لا يعقل ولا يبصر الأمور ، وأنه يحسب المخطأ صوابا لعماة ويظن للحق ما - ١٥٤ يفعله هو لا غير ،ووصف موسى بأنه يطعن فى المسلمين وببن—ول فيهم بحسب هواه ، ويصف نفسه بما يهواه والله يقول (ولا تزكوا أنفسكم ) ٠ ومن كلامه بحسب ما نقله عنه أبو قحطان يقول فان شربة النبيذ والأعراب لآمن عندى من علماء هذا الزمان ، قال وهو فى ذلك لا يستغنى عنهم ٠ قلت هذا الكلام فى غاية من الجفاء ، وفى النهاية من السخرية ،(يا أيما الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ) الآية ٠ قال : وجهله وقلة عمله ظاهر بين ، قال : ومن ذك أذه لا يحسن إقامة الجمعة ٠ قال فان المؤذن كان يفرغ من الأذان الآخر يوم الجمعة ٠ وموسى ف بيته أو حيث شاء الله حتى يخلو وقت طويل ، ثم يأتى فيخطب بالناس ويصلى ركعتين ، قال ومن السنة فى الجمعة أن المخطبة متصلة بالأذان ، والأذان متصل بالاقامة ، والاقامة متصلة بالصلاة ، لافرق بينهن هكذا وردت عن رسول الله عالته ٠ قال ومن قله علمه أنه خطب النل يوم الجمعة ثم نزل عن المنبر وإمامهم فى بيته أو حيث شاء الله ، فانتظروه وليسوا فى صلاة ولا خطبة مقدار ما استمر الامام بيته الى المسجد مرتين ، قال وبيت الامام منفسح عن المسجد ما شاء الله ، ثم صلى بالناس ركعتين بلا اعادة خطبة خلافا للسنة ، وقد قال الفقماء لو أن الخطب خطب يوم الجمعة ثم اشتغلوا عن الصلاة لأمر عناهم كان عليهم أن يعيدوا الخطبة للصلاة ولو خطبة موجزة أى أقل ما يطلق عليه اسم الخطبة كالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وإثبات الشهادتين ، وإقرار - ١٥٥ ٠ الوحدانية للهعزوجل ٠ قال انتمى تلخيص ما أردنا ذك٠ من كلام أى المؤثر ٠ قال : وهو كما ترى قدح فى سيرة موسى وراشد ، قال : والمبتون لإمامة راشد يجملون هذه الأمور وأمثالما على أسباب تسوغ لمم صنع راشد فيما صنع، يذكرون له أعذارا واحتمالات يقبلها العقل ف أئمة العدل،قلت إن بعض ما مر من الأحوال له احتمال يعقل، ولكن الأكثر ان صح صريح فى الجور والظلم والعدوان والعسف على الناس، وطى أحكام الله عز وجل وتلك الاحتمالات لما معارضات من نفسما ، وهذا الحال هو ما أوقعمم فيما بعد فى الأمور التى انمار بم_ا صرح الامامة ، واندك عرشما ، وذهبت هيبتما ، حتى اتصلت الدعوة بملوك العراق فسيقت الجيوش على عمان، ويملك أهل الباطل عرش الحق، وعاش فى عمان محمد نور الذى يسميه أهل عمان محمد بن بور بالباء الموحدة، وأعوانه كبيحره الفاسق، وتلتهم بنو بويه الذين عاثوا فى البلاد بغير حق ، وداسوا كرامة المذهب المصحيح الى أن انتمى الأمر بالقرامطة الذين كملوا القاصر، وأنمو الأمور الى حدها، وصارت عمان بعد ضياء الحق ظلاما دامسا وليلا مظلما، وأصبح دين المسلمين كالشمس فى السحاب، وكالنور داخل الحجاب : ولم تبق كرامة لأهل عمان إلا وأقدام البغى تطأ عليما ، ثم تلتما بنو نبمان الجبابرة العتاة ، والفسقة الطغاة، الذينلا يعرفون من الحق إلا اسمة، ولامن الدين إلا رسمه، وهكذا يسلط الله الفراعنة على المؤمنين ،والجبابرة على - ١٥٦ المسلمين، والظلمة على المصلحين، لتتم إرادته عز وعلا،وتكمل سنته سبحانه وتعالى ، وسوف ترى تحقيق ما قلناه فى محله ولله أمر هو بالغه ، وحكم هو نافده ٠ قال أبو المؤثر ، وأبو قحطان : إن راشد بن النضر نصب إماما مرة ثانية أى بعد ما عزل وخلع من الامامة عادوا اليه ونصبوه مرة أخرد ، ثم أيضا عزلوه فظمر أفهم نصبوه مرتين وخلعوه مرتين ء قال الامام : وظاهر كلاممما أى كلام الامامين أبى المؤثر وأبى قحطان. وظاهر الأحوال أيضا تعسهد أن هذا النصب أى الأخير كان بعد م-ا قتل الامام عزان بن تميم ، وبعدما خرج ابن بور من عمان، واستعمل عليما عماله، وقال أبو المؤثر بعد أن ذكرما ذكر: قدموا راشدا إماما ثانيةطىغلطه وخطئه ثم ضللوه وعزلوه، ثم أقاسوا الصلت بن القاسم إماما بدله ٠ وقال أبو قحطان : رجعوا الى راشد من بعد أن كان فى السجن خليعا مقيدا محبوسا أسيرا ، فعقدوا الامامة وقصروا الجمعة وجبوا الزكاة، قال : وباع راشد الصوافى جمعصافية، وهى الأراضى والدور التى جلا عنما أحلما، والأموال التى عادت الى السلطان باستخلاصه إياها، وهذه حكمماأنتكون لبيت ألمال لفقدان المالك لما، أى تكون مجسولة الأرباب، فأمره فى زمن الامام الى الامام، لأن الامام قائم بمصالح المسلمين، نازل منزلة الكل، قاسم بين الأمة الارزاق المنوطة به خاصة ٠ واعلم أن أصل بيت المال هو بيت أءده أمير المؤمنين عمر بن - ١٥٧ -- الخطاب رحمه الله، ليدخل فيه الخراج من الأراضى التى اغتنمما المسلمون من المشركين فحبسوها لمصالح الأمة، الى أن توزع الى مستحقيها ، ويدخل فى معنى بيت المال المغانم التى كانت تساق فتجمع فى ذلك البيت المعد لها الى أن توزع الى مستحقيها ، ثم قضى عمر بن الخطاب للناس على قدر الاستحقاق، فرفع من استحق الرفع عن مستوى غيره ، وخفض من استحق الخفض كذلك ورتب ، النفقات وكانت مطلقة لا راتب لما ، بل كان اذا جات غنيمة أو خراج من بلد قسمه رسول الله صلى اللهعليه وسلم على مستحقيه، كما حكم القرآن للراجل والفارس ونحوهما ، وسمم ذى اقربىخاص بهم ، فأعطى عمر المجاهدين حقمم ، وأعطى القاعدين مستحقهم، ويلتحق بذلك الزكاة والكفارات والنذور فى بعض الأحوال، واتفق ذلك وشاع حتىصار عرفا عاما جامعا لكل خراج الدولة، قال أبو إسحاق : والأقوال المجمولة الرب قعود الى بيت المال أ ه ٠ وهنا الكلام عطىييع راشد بن النضر للصوافى التى هى خاصة بيت مال المسلمين فى مسرض النقد طى البائع وأعوانه ، قال أبو المؤشر : فهذا من العجب العجيب من أفعال أهل عمان ٠ قال : ثم خذوه وتركوه ، ثم خلعوا معه الامامة وفرضها ، وما أجب الله تعالىفيها على أهلها لعبا ولهوا ، كلما أرادوا صافقوا رجلا ببيعة، ثم خذلوه انتمى المرادمن كلامه ٠ قلت : هذا نوع من اللعب والبيعة عهد فى أعناق الذين يبايعون لا يجوز لمم نقض عهد الله ورسوله بغير حجة ، ولا يصح لمم ذلك بحال من الأحوال حتى يتحقق موجب العزل ، فان تحقق وجب أن يتوب - ١٥٨ الامام ، فان تاب لم يصح عزله إلا إذا تاب فى الظاهر ، وخالف فى الباطن ، فانه ان خالف فى الباطن تبينت خيانته ، وظهرت الحجة عليه بذلك فهو على هذا مصر لا تائب ، بل تضاعفت الحجة عليه بدعوى التوبة وظهور الخيانة فى الأعمال بعد التوبة ، كقضية عثمان بن عفان أن هذا الحال يمجه حتى أقل الناس ، حيث يبايعون اماما ثم ينقضون بيعته بغير موجب ، وسيأتى من هذا النوع ما نطلق عليه الامامة المستضعفة ، كما سوف تراه ان شاء الله مما تحتار فى تصويره ٤ ويسأم التاريخ من ذكر مثله ، ولكل زمان أعمال ، ولكل وقت خصوصيات ، وللعدل أوقات كما للجور كذلك ، والله يعلم المفسع من المصلح والله يتولى من عباده الصالحين ٠ — ١٥٩ - افتراق اهل عمان الى رستاقية ونزوانية الم لما كان موسى بن موسى بن على وراشد بن النضر اليحمدى ما كان وفعلا ما فعلا من خروجمما على الامام العادل الصلت بن مالك، وتوليتمما الأمر عنه وتركه مضاعا بغير موجب، اختلف العلماء فى أمرهما وطال الجدال بينمم، وكثر القيل والقال فيمما، فرأى فريق خروجمما باطلا إذ كان خروجا على الامام العادل الذى ثبقت إمامته باجماع ، ولم يقترف موجبا لخلعه ، وزعيم هذا الفريق الشيخ أبو محمد عبد الله بن محمد بن بركة السليمى البملوى ، ومن وافقه وتبعه وأخذ عنه كأبى الحسن على بن محمد البسيانى صاحب الجامع المعروف ٠ قال الامام : وتبعهم علىذلكخلق وسميت فرقتهم الرستاقية، قال : وعارضمم من أهل عمان فريق كان زعيمه الشيخ أبو سعيد الكدمى ، وأبو عبد الله محمد بن روح بن عربى ، وتبعهم أيضا ناس وسميت فرقتمم النزوانية ٠ قال : وفيهم ألف أبو سعيد رحمه الله كتاب الاستقامة، فان الأولين أوجبوا البراءة من موسى بن عوسى وراشد بن النضر، وألزموا الناس ذلك بدعوى أنهما خرجا عطى الامام العادل الذى ثبتت إمامته بالاجماع ، فالخارج عليه باغ بالاجماع ، والبراءة من الباغى واجبة بالاجماع ٠ قال : ورأس هذه الفرقة وعميدها الذى اشتمر فيما أبو محمد إلخ، فعاوضمم فى ذلك الامام الكدمى رحمه الله، قال : ونقض عليهم مقالتهم هذ أهل الحق ، وردوا عليهم غلوهم ، فتراه سماهم رحمه الله أهل الحق، وسمى ماطيه لأولون غلوا الخ٠ - ١٦٠ قال : وألف أبو سعيد الكدمى كتاب الاستقامة فى الرد عليهم، قال وتبعهم أبا سعيد وحزبه على ذلك ناس وفقوا المى المدى ، قال : وبلى أهل عمان بمذا الافتراق بلاء عظيما . قال : وبقيت الهرقه زمانا طويلاحتى ظهر الامام المتوفق المويد داصربن مرشد ، وامات نلك البدعة واحيا منار الحق ، قدت ٠ على هذا فقد عاشت فرقتهم واستمرخلافمم لمضى سبعةقرون تقرييا ٤ بعير موجب ولا داعى له ، ولم يتوقف الدين على ذلك، ولاكلف الله بهعباده فحال من الاحوال، بل الشيطان ينزع بين الاخوان كما نص عليه المقران ، ولقد افب الامام السالمى ابا محمد وحزبه فى هذه القضيه ، حتى فى جوهو النظامى وغيره من مؤلفاته اسهيه، لم بحث الامام السالمى الموضوع بحثا تحليليا فقال : أما قرلهم ان الصلت أمام بالاجماع فمو كان كذلك لكن خصممم يدعى أنمم لم يخرجوا طي ، وإنما خرجوا لمناظرة المسلمين ومثاورتمم فى امره ، وطلبو منه أن يعتزل من الأمر فاعتزل غير مجبور ولا مقسور، وأن للامام أن يعتزل اذا طلب منه المسلمون ذلك، فمذه دعواهم تقل نحن لم نخرج طيه وأنما خرجنا للمناظرة ، ولم تقدم عليه إماما ، وإنما قدمناه بعد اعتزاله ، فان صحت هذه الدعوى فمى محتملة فلا تصح بذلك البراة من موسى وراشد ، فكيف يلزمونما الناس ثم ان هذه القضية كانت فى زمان قبل ظهور هؤلاء الغلاة، فالناس منما فى سلامة، فكيف يلزمونها من ليس له فيما ناقة ولا جمل ، وتلك أمه مضت بأعمالهاواللم لم يكلف أحدا بفعل غيره ٠ قال الامام : ولو قيل ان المسلمين فى عصر الصحابة لم يقبلوا من الطلبة بدم عثمان إلا الرجوع عن تلك والبراءة من عثمان ، وتصويب المسلمين على خلعه وعزله ، أى لضيقوا الواسع ٠ قلنا : إن الصحابة لم - ١٦١ - يدعوا الناس الى البراءة من عثمان إلا بعد اشتهار أحداثه بين الخاص والعام ، فحكم فيما المسلمون بأنما مخالفة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله طيه وآله وسلم ، وطلبوا منه الرجوع الى الحق مرارا فكان يتوب ويرجع حتى طلبوا منه الاعتزال فأبى ثم أحاطوا به ليعتزل ، فكان من قدر الله عليه أن قتل ثم ان فريقا من الناس قاموا فى الطلب بدم عثمان بعد ظمور ذلك منه وحكم المسلمين عليه، فمذه الأحوال التى ذكرها المتبرئون من موسى وراشد لخروجمما على الصلت ، وهى دعاى تحتمل الحق والباطل، وما تعودوا الكذب ولا يستحلونه، فمن ها هنا توقف من توقف من أفاضل المسلمين فى أمر موسى وراشد ، لالتباس أمرهما وكل مشكل موقوه عنه ، والواقفون منهم يتولىن أولياءهم الذين يتولون موسى وراشدا وأولياءهم الذين يتبرءون من موسى وراشدا لامكان صحة الدعوى عند كل واحد من الفريقين،ومضىطىذلكماشاء الاه ٠ن لازان ٠ قال : ثم ظمر أفاس بعد ما مضى شاء الله من الزمان، وبعد انقراض ذلك العصر فغلوا فى أمر موسى وراشد ، وأوجبوا البراءة منمما على الناس ، وقالوا لايسعجهل الحكم بحدثهما لأنمما خرجا على الامام العادل، وهو امام بالاجماع ، والخارج على امام بالاجماع باغ بالاجماع والبراءة من المباغى بالاجماع واجبة بالاجماع ، قال : والطالبون بدم عثمان إنما طلبوا الدولة والملك وجعلوا الطلب بدم عثمان ذريعة لهم، وتستروا بذلك عند العوام، فكانت بذلك فرقة عظيمة فى الدين، فالطالبون بدم عثمان كلمم فى ظاهر الأمر يتولونه على أحداثه، ويبرعون من المسلمين القائمين ليه وعطى حكممم عليه بحكم الله، فمن هناك (م ا١ - عمان عبر التاريخ ج ٢ ) - ١٦٢ - لم يعذروا أهل تلك الفتنة إلا بالبراءة من عثمان وأشياعه، وبعد انقراض تلك الفتن وذهاب تلك الأمم ، لم يلزموا الناس أن يحكموا فى عثمان وأشياعه بحكم إلا من يلزمه العلم القاطع بحدثمم ، وعرف الحكم فى ذلك ، فان يلزمه ان يحكم فيهم بحكم الله لأداء الواجب من فرض البراءة . وأما الجاهل بحدثهم وحكم حدثهم فلا يلزمه منه شى ء ، وانما يلزمه أن يتولى المسلمين على ولايتهم لمن تولوا ، وبراءتمم ممن برعوا منه ، وهؤلاء الغلاة الزموا الناس البراءة من موسى وراشد بعد مضى ثلاثة قرون ، فحكمهم ف ذلك مخالف قطعا لحكم المسلمين فى أشياع عثمان ٠ لأن المسلمين يعذرون الجاهل بعد انقراض المحدثين ، ويوسعون لمم فى الوقوف ما لم يتولوهم أويعرفوا الحكم فيهم ، وهؤلاءيلزمون الناس الجاهلين البراءة من موسى وراشد بعد انقراض ثلاثة قرون ٤ وان جهلوا الحكم فيهم قالوا يلزممم أن يسألوا عن دينهم والبراءة من المحدث واجبة ، فعليهم أن يسألوا عن واجبهم ، قلنا : ذلك فيمن وجب عليه وهو أمر خاص لا يعم الناس كلهم ، رإنما يعم من بلى به : ثم إن البراءة من الأشخاص ليست مثل الصلاة والصوم ، فانها وان كانت لازمة فانما تلزم من وصل الى علم ذلك ببصر نفسه ، أما من وصل اليه ببصر غيره، فلا تلزمه باجماع، وانما تلزمهعلىقول، ليس لهؤلاء الغلاة أن يخطئوا أحدا تمسك بقول من أقوال المسلمين ، ثم إن الدين يتم من غير أن نذكر فى اعتقادنا البراءة منفلان وفلان ، بل يكفى أن نعتقد البراءة منجملة أهل الضلال ٠ فقد بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والناس فى جاهلية عمياء فلم يكن يدعوا إلا الى الشهادتين ثم يعلمهم شرائع الاسلام، وكانوا قبل ظموره يقولون آباءهم وطواغيتمم ، فلم يكن صلى الله عليه - ١٦٣ - وآله وسلم يلزممم أن يبرعوا منهم واحدا واحدا ، واسا يكفتى منمم قبول الاسلاموالدخول فى شرائطه،ويتضمنذلك ابراءة من١خداده،وقد اككفىرسول الله صلى اللهطيه وآلهوسلممن المشركين بقبول ال اسلام، ولم تكتغ الغلاة من المسلمين إلا بالبراءة من موسى وراشد ٠قلت : وف هذا الحال تضييق للواسع والزام لمايلزمقبل أن يلزم، قال رسول اللهعنة: «أمرت أن أقاتل الناسحتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله ٠ ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويصوموا رمضان ويحجوا البيت، فاذا قالوها فقد عصموا منى دماءهم وأموالمم إلا بحقما وحسابهم على الله» وفى الحديث الآخر : بنى الاسلام على خمس ٠ ومماوسع شقة الافتراق الفضل بن الحوارى، وكان قبل الغتنة لا يختلف فى فضله وطمه ، وقد أخذ عن أبى عبد الله بن محبوب رحمه الله ، وكان فيما مضى أيضا قريبا لعزان بن الصقر حتى قال فيمما القائل إنمما فى عمان كالعينين فى جبين ، أى هما سواء لا يفضل أحدهما على الآخر ، وهما زينة الجبين ، والجبين هو عمان ، والعينان أولئك الشيخان ، فمات عزان بن الصقر قبل الفتذة ، أى فسلم من بليتها وابتلى بما الفضل بن الحوارى ، فكان يمشى فيما مثية البعير فى قيده ٠ قال الامام : وأدركما الغضل فأصاب منما ، بل قتل فى وقعة القاع فى امامة عزان بن تميم ٠ قال : وكان الفضل يرىأن لموسى ما صنعه من عقد الامامة لراشد بن النضر ، وكان يقول : ان موسى عالممم وانه الحجة عليمم، وعنه أى الفضل المذكور أن الفريق الذى رأى عزل الصلت ابن مالك أو قال إنه اعتزل أثبت امامة راشد وعقدته إلا شيخ نفسه ادعى أنه لا يجوز عزل الصلت، ولا تقديم راشد إلا بحضرته وعلمه، وحتى تسرض عليه الأمور ٠ -- ١٦٤ - قال الامام ، وكأنه يلوح بهذا الكلام الى أبى المؤثر ، قال : وقد بلغنا عن شيخ نفسه أنه قال مرة : ان كان الصلت حل عزله فراشد امام ، قال : وبلغنا عنه حينا أنه لا يقبل ذلك حتى يصح ذلك معه ، وهو كان غائبا عن ذلك ، إلا لن فريقا ممن ينتحل العلم والبصرفى الدين كانوا معا على الصلت مع من عزله يحثونه ويأمرونه ، فلما عزلوه رجعوا والدنيا أمام العامه إلا من شاء الله ، وكان الفضل بن الحوارى يحتج لراشد ابن النضر ، ويثبت إمامته ، ومن كلامه ف كتاب كتبه لراشد بن النضر يقول فيه بلغنا أنهم يحتجون عليك أن الامامة لم يجتمع عطيها ، وما لهم بذلك طيك حجة ، ولا على من معك ، لأن الامامة ليست مشتركة لجميع المسلمين ، إنما هى لمن حضر منهم ٠ قلت : هذا الكلام ما فيه من المقال لأهل الجدال أن الامامة من الأمور الجامعة المجتمع عليما التى لا تقوم بأفراد الناس ، ولو كانت الامامة تقومبأفراد لكان لكل أحد أن يقوم فينصب اماما ويلزم المسلمين امامته ولا قائل بمذا نعم إنما يثبت إذا قام بها من أهل العلم الذين هم مرجع الأمة ، فاذا عقدوا على امام كانوا حجة فى عقدهم إذ كانو! مرجع المسلمين من أول الأمر ، فهم إنما أيدوا هذا المرجع بالامام الذى اختاروه لأنهم اختاروا للامة لا لأنفسهم ، وليس للامة أن تعارض الصلاح اذا تحقق . ذال : إنما هى لمن حضر منهم العقد ، ولم يخرج عنها إلا غائب عنها من المسلمين ، أو مضاد لما منا ولأهلها ، وذلك حرام فى الدين ، لأنه أخطأ سبيل المسلمين ، وباين منهجهم ، وأما الغائب فلم يكن لهم أن ينتظروه ٠ قال : ولو كانت لا تعقد حتى يتوافى اليها جميع المسلمين ، كان جميع الأئمة ومن قد مضى قد أخطأوا ، قال : وهذه دعوى باطلة ، - ١٦٥ - لأن التقديم والعقد إنما هولمنحضرمنأهللعلم والقدم فى الاسلام وأعلام المسلمين ٠ قلت : نعم اذا قام بها من هم حجة على غيرهم جازت عقدتهم أو وجبت ، إذ رآها المسلموان صحيحة وأيدوها ، أما اذا انفرد واحد من أهل العلم قطع عقد الامامة عليهم ، فلهم النظر فيما فعل ، فان رأوه حقا تتبعوه ، وان رأوه باطلا تركوه ، ومما كلن من موسى وراشد بن النضر ، مما يوجب العزل ويوسع نطاق الافتراق بين المسلمين المسلك الذى سلكه الامام المذكرر راشدبن النضر من الأفعال الشنيعة التى لم يرض المسلمون فعلها، فكيف أوجب ابن بركة البراءة من راشد وموسى إيجابا يحتمونه على الكل ، ويفرضونه على عباد الله تعالى، ويقولون بوجوبه طى المجتهد والمقلد، لأن الامام بالاجماع يكون الخروج عليه بغيا بالاجماع، والخارج عليه باغ بالاجماع ، فالبراءة من الباغى بالاجماع ثابتة بالاجماع ، والله يقول:( تلك أمة لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) ويقول عز وعلا : ( ولا تسألون عما كانوا يعملون) غ ( ولا تزرى وازرة وزر أخرى ) فى أمثالما إلامن علم علما قطعا، وأين ذلك بعد ذهاب ذلك الجيل، وإنما كان الافتراق تثويثا على الاخوان من أهل الدين والايمان، وبالجملة فان النفوس اذا أغراها الشيطان على فعل شى ء تعمى عما وراءه وتتهافت الى هواها، وإلافما للافتراق وقدسلم منه المفترقون عليه، وما الداعى عليه، وكان الواجب أن يقال تلك أمة دانت بما يلزمها حسبما ظهر لها ، ونحن لآن فى عمد غير عهدهم ، فلم نبعث داء دفنته تلك الأيام الخالية، وقضت عليه تلك العهود الماضية، وأى جدوى فى ذلك علينا أن نستقبل الحق فى عهدنا ونتحامى لأنفسنا مهما أستطعنا ، ونعمل لمستقبل ديننا ودنيانا ؛ فما لنا نرجع على - ١٦٦ - الورى نبكى على الماضى بكاء الشيعة على الحسنين وفى أيامهما كما يقول الشاعر للعربى: إنى أخالك بعد الموت تتدبنى وفى حياتى ما زودتنى زاد إن هذا لا يسح له عاقل، ويشتغل به الكامل،ولا يعمل بما هو من نوعه الاجاهل،حتى قام هذه القضية الامام العلامة أبو سعيد الكدمى رحمه الله، وشدد الوطأة على أهل الباطل، ورد طيهمردانقضبه بناءهم من أساسه ، حتى تلاشت تلك الدعايات واضمحلت تلك المخالفات ، وجمع الله الشمل على الحق، وأعدم الله النصير لتلك البدعة، ومضى أهلها وانتهت بهم ، وسلم الناس بواعث السر، وأذهب الله إغراءات الثيطان والحمد لله طى كل حال ٠ قال شيخنا رحمه اللهوغفرله: وافترقت من فعلهم عمان وعسها الفتنة والخذلان فكانت الفرقة فيهم باقية وعن قضاء الله ما عن واقيه . ١٦٧ ٠ إعادة راشد بن النضر للامامة بعمان مرة أخرى اطم أن أهل عمان أمرهم عجيب وغريب فانهم لم يزالوا فى تقلب بلأمور وفى تناقض على المنازل ، ومذا من الداء الدفين فى النفوس غير الصافية ، فانهم أقاموا راشد بن النضر اماما بدلا من الصلت بن مالك الذى وسموه بالعجز والضعف ، وأضافوا اليه ما شاعوا من الأحوال ، وأنه ولده شاذان كان يتدخل فى الأمور باسم الصلت بن مالك ، وأنه ولد يستند على سلطان أبيه ، وأن أباه يعلم منه أفعاله ، وكان موسى ابن موسى رأسا كبيرا فى أيامه تخضع له رؤوس كثير من عمان ، فدخلوا عليه من هذه النؤاحى ، وتجمعوا بفرق ليعلم الصلت بن مالك أنهم قاصدوه وغير تاركيه ت فاعتزل لأن الحر تكفيه الاشارة ، أما العبد فيقرع بالعصا فلما تخلى الصلت من الأمر قلبوا له ظمر المجن ونسبوا اليه التخلى من الأموربغير حجة ، وأنه أضاع أمر المسلمين فحل لمم نصب امام يقوم بالأمر بعده ، فييايعوه راشدابن النضر ، ودخلوا نزوى بامامهم الجديد وتولوا الأمر بغير منازع ، وكان له فى الأمر فوق أربعة أعوام ، ثم انقلبوا عليه حتى هاجموه فىدار الامارة ، وقبضوا طيه وضربوه بالسياط ثم أودعوه السجن فبقى فيه سجينا ، ثم أخرجوه وبايعوه مرة أخرى من غير أن يحققوا عليه جرما أو ذنبا ، فيؤخذ به ، ثم يتوبونه منه ، لا بل كل ذلك لم يكن ، وإنما عادوا عليه بعد تلك الأحوال السيئة ، وهى خلع وحبس وضرب ، ثم يكون بعد ذلك إماما بغير توبة ، يعلمما المسلمون أن هذا من الغرائب التى يضحك منها أهل العقول ٠ — ١٦٨ — قال الامام فى تحفة الأعيان فى الجزء الأول صحيفة ٢٣٤ أربع وثلاثين ومائتين : تجمعت اليحمد وبنو مالك بن فهم والعتيك ، وسارت الى راشد فى دار الامامة بنزوى ، فأسروا راشد بن النضر بعد أن هزموا أعوانه وفضوا عساكره ، وعزلوه من الامامة ، وقال فى صحيفة اثنتين وأربعين ومائتين : كان أى راشد فى السجن خليعا مقيدا محبوسا أسيرا أفضى الحال براشد بن النضر الى هذا الحال، وقد قدمنا لك أنمم لم يثبتوا عليه [ ما ] يحتجون به عليه عند المسلمين ، وإنما قدموه كما شاءوا وعزلوه متى شاءوا، ثم قدموا الصلت بن القاسم اماما بدلا من راشد بن النضر الذى كان اماما لهم بدلا من الصلت بن مالك، وقبضوا على راشد بعد مهاجمة له وقتال دار بينه وبينهم ، ثم تمكنوا منه ووضعوا عليه الحديد ، فقيدوه و أودعوه السجن ، أبعد الضرب والقيد تكون إمامة، وما لمذا الامام يرضى بمذا بالأمس يضرب و يسجن ، واليوم يعود اماما سبحان الله ٠ - ١٦٩ - إمامة الصلت بن القاسم بعد راشد بن النضر لما تمكن القائمين على راشد بن النضر من القبض عليه ، وأروه من سطوتهم عليه ما أذله وأخبره أنه أسير رغبتهم ، وتحت قهر سطوتهم ، ولحقه من السوء ما لحقه منهم ، وأيقن أنه على شفا جرف هاو فانهار به فى الحضيض ، وشفى الثائرون عليه أمراض نفوسهم المتحمسة عليه بمن قتل فى الروضة، ومن أجرم عليهم راشدبن النضر فى حال امامته ٠ رفضوه ثم بايعوا بعده الصلت بن القاسم اماما وكل أمرهم منوط بالزعيم الأكبر موسى بن موسى : وكأن القاسم لم يعجبهم فخلعوه ، ولم يرتضوا منه مارأوه من أعماله ، وظاهر كلام أبى المؤثر أنهم أعادوا راشد بن النضر فى الامامة، ثم عزلوه ثانية، ثم أقاموا الصلت بن القاسم بعد العزل الثانى لراشد بن النضر، ولعلهم لما قيدوه وضربوه وحبسوه ليؤدبوه ، فلما أدبوه وشفوا أنفسهم ردوه على الامامة ، ورأوه مصالحا لها بعد تأديبه التأديب الشافى ، وأعيد للعمل مرة أخرى ٠ قال الامام رحمه الله حاكيا عن أبى المؤثر : قدموا راشدا اماما ثانية على غلطه ، أى فى أحكامه وخطئه ، فى أعماله ، ثم ضللوه أى قالموا هوضالثم عزلوه،أىبعدماصح ضلاله، ثم أقاموا الصلت بن القاسم اماما ٠ قال الامام : قال أبو قحطان : رجعوا الى راشد من بعد أن كان فى السجن خليعا مقيدا محبوسا أسيرا ، فعقدوا له الامامة وقصروا الصلاة فى الجمعة ، وجبوا الزكاة لى آخر ما جاء عنهم ٠ قال ، أى أبو قحطان هذا من العجب العجيب من أفعال أهل عمان ٠قلت : وأى شىء أعجب منهذا،فان المسألة من الغرائب لاثتمالها على حق وباطل - ١٧٠ - واختلاط هذه الأعمال حابلا بنابل، قال: ثم خذلوه وتركوه وخلعوه وخلعوا الامامة وفرضها وما أوجب الله تعالى فيهاعلى أهلها لعبا ولموا الخ ٠ فكأن الامامة ألعوبة من ألاعيب الصبيان،ماكأنعليهاعهد الله ورسوله وخيانة العهد والميثاق أمرهما كبيرعند الله،ومنخانعهد الله اقترف ذنبا كبيرا من الذنوب ، وهذه الأحوال من سوءات الرجل ومن سيئات الأعمال ، فان القادح فى المذهب يراها حجة على أهله ونزاهة هذا المذهب الصحيح تبىمثل هذه الأفعال، وهل قلت الرجال الصالحون فيبايعونهم بعد مارأوا أحوال راشد ؟ فبعد القيد والضرب والحبس والنخيل، يبقى مجال للإمامة، وهذه الخصال القادحة الفاضحة لا تزال يتداولها ؟! ألم يقل العلماء فى اللقيط والمزنيم والمولى بعدم صلاحيتهم للامامة، ولو بلغوا الذروة فى الفضل والعلم واتقوى،مع أن تلك الخصال لم تكن من العار فى حق المتصف بها ، إذ هى من سبب غيرهم لا من سببهم ذلك لأن منصب الامامة رفيع منيع لا يليق أن يدخل عليه ما يدنسه أو يثلمجانبه بشىءما٠ - ١٧١ - خلع الصلت بن القاسم من الإمامة اعلم أن أهل عمان فى هذه الحلقة، كثر التلاعب عندهم بالدين وشاع بينهم التعصب للاهواء المضلة ، فتراهم يصافقون هذا بالامامة صباحا ، ويخلعوه رواحا ، ويعدون لذلك ليلا ، ويتركونه نهارا ويقدمون زيدا اليوم ويؤخرونه غدا ، وينصبون عمرا حينا ويتركونه كذلك ، ولا موجب لذلك يعرفه الناس الا أنهمصفا لهم الجو من الأعداء ، وكفاهم الله شرالملوك الأقوياء، وبذلك نسواما كانوا عليه بالأمس، حيث يسأمون الخسف ولم ينتبهوا من تيههم كبنى اسرائيل إذ عاشوا زمنافى التيه، فوهت بذلك قوة المسلمين، وتمزق شمل المؤمنين، وطمع فى الدولة أهل الدنيا ٠ ولا شك أن الله ناظر الى صنع عباده، والى أعمالمم فى بلاده، فمجازيهم على أفعالهم ، ومنتقم منهم بسبب أفعالمم المخالفة للحق ، المنافية لما عليه سلفهم الصالح ، ( وإن الله لا يعير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ( و إذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له ) ولما بايع أهل عمان الصلت بن القاسم الخروصى بعد داشد بن النضر، إذ خلعوه لم يطل عمد الصلت هذا حتى خلعوه ، ورفضوه كراشد ، وراحوا يطلبون اماما آخر ليبايعوه ولم يذكروا للصلت هذا موجبالخلعه، فكأن الإمامة عندهم كرة يلعبون بها ، ويتلهون فى ميدانها ، والله سائلهم غدا عما يصنعون ، والعجب من هذا الذى يجب أن يتلاعبوا على اسمه إماماً٠ - ١٧٢ - إمامة عزان بن تميم الخروصى رحمه الله اعلم أنه لماخلع أهل عمان راشد بن النضرمرتين، وبايعوا الصلت ابن القاسم كما قدمنا، وخلعوه أيضا كما أسلفنا ٠ على غير هدى من الله ، ولم يقترف اثما ولم يرتكب جرما ، ولم ينتهك حثر ماً حتى إذا لم يرغبوا فيه ألقوه وراء ظمورهم كالشىء اللقا ، وهذا شىء لا يقتضيه الدين ، فان استنوا بسنة المسلمين ، فالمسلمون لما رأوا من عثمان ما يخالف منهج أهل الايمان قاموا عليه ، وبينوا ما ينكرون : وتوبوه الأولى والثانية والثالثة ، حقى تبين لهم اصراره على خلافهم ، ولما تحققوا اصراره قاموا عليه ليعتزل ، فأصر حتى أعذروا فيه ، وأهل عمان هنا لم يعرف لهم من ذلك أدنى شىء الا أنهم بايعوا هذا ثم عزلوه مرة ثم عزلوه وبايعوا غيره كماسوف ترى من هذا النوع مانثعنعون له بالامامة المتسضعفة، ليعتبر بذلك أهل العقول المصفة، ويحتزر منه أهل الأذهان الصادقة، والله يقول لنا:( وكونوا مع الصادقين )٠ ففى يوم الثلاثاء لثلاث خلون من صفر سنة سبع وسبعين ومائتين ، وهى السنة التى قتل فيها المهتدى بالله العباسى ، وقيل بل قتل هذا سنة ٢٧٩ تسع وسبعين ومائتين ، لا سنة ٢٧٧ سبع وسبعين ومائتين ولى هذا فيكون ذلك فى خلافة المهتدى بالله، وقبلوفاته بسنقين والله أعلم ٠ قاك الامام السالمى رحمه الله: وذلك أنه لما وصل موسى بن موسى نزوى وقد عزل راشد بن النضر ، أجمع رأيهم على أمامة عزان بن تميم الخروصى، فبايعوا له فى التاريخ الذى ذكرناه، وهو يوم الأربعاء لثلاث خلون من شهر صفر سنة ٢٧٧ سبع وسبعين ومائتين ، وقام له بالبيعة م١٧ - موسى بن موسى بن على، وعمر بن محمد القاضى ، ومحمد بن على أخى موسى بن موسى بن على ، وعزان بن الهزبر ، والأزهر بن محمد ابن سليمان ٠ ولما تمت البيعة لعزان بنتميم، وتأكد الأمر له وسلمت له عمان، خرج من نزوى واستخلف عليها شاذان بن الصلت بن مالك بن بلعرب ، ووصل الى أزكى وقد مات القاضى عمر بن محمد ، فصلى عليه عزان ابن تميم ، ثم رجع الى نزوى وقام ليركر امامته ويثبت دعائمها ويوطد أركان أمنها ، أخرج أمرا بعزل ولاة راشد بن النضرعامة ،وأثبت موسى بن موسى على القضاء ، وقف عزان بن المزبر على الأسطول البحرى وجعل نبهان بن عثمان معديا له فى نزوى ، وولى الأزهر بن محمد ابن سليمان صحار وما اليها ، وكان نبهان بن عثمان خطيبا لعزان بن تميم ، وذلك فى صلاة الجمعة،فان لم يكن حاضرالهعبد الله بن محمدبن محبوب ، ثم تخوف عزان بن تميم من موسى بن موسى لما يعلمه منه ، وقد عاصره وعلم منه ما علم ، وفهم منه ما فهم ، وبقى يلاحظ الأحوال ، ولما رأى أن امامته استقرت ، وأن دعائمها قد ثبتت التفت الى موسى بن موسى فحول القضاء عنه فهاج موسى لذلك وماج ، ورأى أنه هو الذى أقعد عزان على كرسى الامامة ، واليوم أصبح عزان يحول عن موسى القضاء ومفهومه أنه لايريد أعماله، وليته تأخرلما أخره الامام لكن لابد من وقوع المقدر عطىالانسان ، فان سياسة عزان هنا غير سديدة ، ولو شغل موسى بالقضاء وألهاه به ربما يسلم من القيام عليه، فان موسى أصبح يعد نفسه عمدة الزعامة وسيف الامامة ٠ قال الامام : فجمع موسى الجموع فى أزكى ورأى عمل عزان هذا - ١٧٤ - اهانة لشرف موسى بن موسى الزعيم الكبير الذى له الحل والعقد فى عمان، فلما ثساعت الأخبار عن موسى وجمعه،قالفى نفسه وربما قال له قائل إن موسى يجمع الجموع ليماجمك ويخرجك من امامتك صاغرا ، كما أخرج من قبلك والرأى أن يثعاجل موسى قبل أن يخرج بجمعه اليك ، فزحف عزان ابن تميم على موسى الى أزكى ، قال الامام : فعاجل عزان موسى خوفا أن يفعل به مثل ما فعل بمن كان قبله ، فانه قام على الصلت وعسكر بفرق حتى تنازل الصلت عن امامته حين لم يجد له أعوانا ، وقام على راشد بن النضر أيضا وهذه الآن ثوبة عزان ت فصال عزان على موسى باستعجال ، فخرج بمن معه من نزوى ، وأطلق اللصوص الذين فى سجن نزوى وسلحهم وخرج بهم ، وجيش جيشا فما شعر موسى الا والقوم فى أزكى ، فدارت رحى الحرب بينهم ، وكانت المعركة الكبرى عند حصيات الردة ، عند مسجد الحجر من محلة الجنور من أزكى ، ولما قتل موسى انكسر علم القوم وسقط العمود الذى قام عليه ذلك البناء المنيع، وهنالك صال أصحاب عزان صولة المنتصر، فقتلوا من أهل أزكى رجالا، وسلبوا أموالا ونهبوا بيوتا وأحرقوا أناسا بالنار ، ولعلهم الذين لم يخرجوا من بيوتهم وقبضوا عليها وفعلوا أفعالا شنيعة فى الأمة على خلاف ما عليه المسلمون، ولم يفعلمثلها أحد فىعمان، ماعلمنا وذلك من ضغائن تقدمت بين الأحياء ، وآوى عزان أهل تلك الأحداث وانكرها عليه المسلمون حتى انه اتخذ المحدثين أعوانا وأنصارا ، وأجرى عليهم الانفاق ، وطرح انفاق من تأخر عن المسير الى أزكى، وءاقب من عصاه وأنكر أهل العلم على عزان، فعله هذا وكان عليه أن يحضر أهل العلم ويناظرهم فيما بلغه عن موسى ، ويعتمد على رأيهم وهو واحد منهم ، ثم لما رأى أن يعاجل موسى فليقدم عليه بشراة المسلمين لا باللصوص، ثم له أشياء ليس له أن يتعداها، فان - ١٧٥ - حرق المسلمين بالنار لم يفعله المسلمون فى أحد من الكفار،فهذا لا يصح شرعا ، وان كان وقع من معرة الجيش، فعلى عزان وهو الامام أن ينصف من الفاعل، ويعاقب الجاهل الذى يتغطرس على الناس، ويفعل مثل هذه الأمور الشنيعة ، وكانت هذه الوقعة يوم الأحد سنة ٢٧٨ ثمان وسبعين ومائتين فى آخر ليلة من شعبان من السنة المذكورة ٠ - ولما كانت هذه القضية فى صالح عزان ، وقتل فيها موسى بن موسى رأته فاستوحش الناس لذلك، وخاصة النزارية ومن كان مواليا من النزارية ومن شايعها كبيرا لا سيما أن القتل شمل كثيرا من الناس ، ونهب وحرق أناس بالنار رأوه شنيعا ونفخ الشيطان فى أدمغة القوم ، وأضرم نار الحقد ليمزق الدين ، ويهلك المتدينين ٠ قال الامام : وذلك حين قثنل موسى بن موسى بأزكى ومن معه من قومه اليمانية، قال فخرج من أجل ذلك الفضل بن الحوارى السامى، الى ناحية السر ، ليستجيش من هناك ويبرم الآراء مع من يميل اليهم ، وخرج زياد بن مروان السامى الى سر ، أى خرجا متسللين مختفيين عن الناس ، قال : وخرج أبو هدية من الباطنة ولحق بالفضل بن الحوارى، ولحق الحوارى بن عبد الله السامى بالفضل بن الحوارى ، ولحق الحوارى بن عبد الله الحدانى السلوتى بجبال الحدان، وجمع بها اناسا كثيرا، ثم خرج الفضل بن الحوارى السامى الى توام أى البريمى ، فاستعان ببنى عوف بن عامر بن صعصعة ٠ فأجابه منهم ناس كثير ، واجتمع معه ناس كثير من السر من بنى سامة وغيرهم ، قال : وكان اجتماعهم بتوام ، ثم خرج الفضل بن الحوارى بنعبد لله الحدانى السلوتى، وعزموا على محاربة عزان بن تميم فخرجوا حتى صاروا بينقل من جبال الحدان ، - ١٧٦ - فبايعوا الحوارى بن عبد الله الحدانى السلوتى، وقاموا لمحاربة عزان ابن تميم فخرجوا بمن يريدون صحار يوم سادس عشر من شوال سنة ٢٧٨ ثمان وسبعين ومائتين ، ودخلوا صحار يوم الثالث والعشرين من هذا الشهر ، أى شوال وذلك يوم الجمعة ، وحضرت صلاة الجمعة فصلى بالناس زيد ابن سليمان ، وخطب الناس ودعا للحوارى بن عبد اله الحدانى السلوتى على المنبر ، وأقاموا فيها بقية الجمعة والسبت ، وشاع خبرهم هذا ، وكان عزان ابن تميم مراعيا لحركاتهم وسكناتهم ، وقد تيقن منهم الشقاق ، والخلاف ، فأقام لحربهم ٠ قال الامام : وذلك أنعزان بن تميم لما سمع بخروجهم جمع جموعه وجهز جيشه ، فوجهه تحت قيادة الأهيف بن حمحام الهنائى ، وسليمان بنعبداللك بن بلال السليمى، فى جماعة من ولدمالك بن فم، وفيهم النضربن منهال العتكى الهجارىعلى العتيك، وشاذان بن الصلتعلىاليحمد، وأمر الجيش كله بيد الأهيف بن حمحام الهنائى فى جميع قومه من بنى هناة بن مالك وسائر ولدمالك بنفهم،وكانجيشا كثيفا وعسكرا ضخما ، فلما بلغ الحوارى بن عبد الله والفضل بن الحوارى مسير هذه الجموع اليهم ، وأنهم الآن بالقرب من صحار ، اذ كانوا نازلين مجز منها بالجانب الشرقى ، أى فى منازل آل مالك بن فهم خرج الحوارى بجيشه ، وكان جيشه كما قال الامام : عسكرا ضخما، أى يجمع أكابر أهل عمان ٠ قال فالتقوا بالخيام من ظهر عوتب بموضع يسمى القاع ، فاقتتلوا قتالا شديدا، وحملت ا ليحمد والعتيك فى الميمنة والقلب، وحملت بنو هناءة وسائر ولدمالك بن فهم عطى المسرة،قال: فما كان يسمع الاطنين السيوف على صفائح الدرق والحلق والبيض ، وارتفع بين الجيشين غبار عظيم ، م١٧٧ - حتى ستر الشمس ، ودارت بينمم حرب من أشنع حروب أهل عمان إذ ذاك ، ليهلك فيها أبطالهم ويموت فيها رجالهم ، حتى انجلى القتال عن قتلى كثيرة من أعيانهم ، وأبلى فيها ابن بلال بلاء عظيما أعنى سليمان بن عبد الله بن بلال فيمن معه من أهل بيقه، وحمل فشد على الريان بن محجن السامى ، وكان من فرسان بنى سامة فطعنه فى لبته فأرداه قتيلا عن فرسه ميتا ، وانهزمت النزارية هزيمة لم ير أقبح منما ، وأسر منهم كثير ، وقتل منهم فى المعركة أعيانمم وصناديدهم وأهل البأس فيهم ٠ قان اامام : قتل منهم فى المعركة ستمائة قتيل ، وقتيل من اليمانية وأصحابمم خمسة وثمانون رجلا ، وقتل فى الوقعة الحوارى بن عبد الله ، وورد ابن أبى الدوانيق ، ويحيى بن عبد الرحمن السامى ، ومحمد بن الحسن صاحب الراية الكبيرة وكان فارس الكقيبة ، وناس كثير من بنى سامة من وجوهمم وأعيانمم ، وقتل صعصعة بن عوف العوف العامرى ، وموسى بن عبد الله الواشحى فى خلق كثير من بنى عمه ، وقتل سعيد بن المنهال الفجعى، فهؤلاء هم وجوه المقتولين ٠ قال الامام : وأما من عداهم فلا تأتى عليهم التسمية ، أى هم كثيون ، قال : وقتل من أصحاب الأهيف بن حمحام محمدبن يزيد اليحمدى ، من أهل تنعم ، ورجل من العتيك يقال له منبه بن خالد ، وجماعة منه الآخرين، وقيل إن الفضل بن الحوارى لما ترائى بعسكر اليمانية من أصحاب عزان ، قال : يا لهفى على الدنيا ما تزودت منها ، ولقد جاشت نفسى كناية عن موته ، والمعنى أيقن بالموت ، قال : وكان أول قتيل من الوجوه فى المعركة ، ( م ١٢- عمان عبر التاريخ ج ٢ م ١٧٨ - وانفلت محمد بن القاسم ليكون داعية الشر لأهلعمان، فطارعلى بعير حتى نزل توام كما يقال : بعض الجبن شجاعة، ولو جلس لقضى عليه فينطفى, جمرهم المتقد ، وتخمد نارهم الحامية ، ثم لحقه بشير المنذر الى توام ، وكان هذان الرجلان من جمر جرنان وف هذه الأثناء قيل ما من فتنة فى عمان إلا وأصلها من جرنان ، فصارت مثلا فى عمان ، قال : وخرجا الى البحرين ، وكان بها محمد بن نور بضم النون ، وهو الذى يسميه أهل عمان محمد بور بقلب النون باء موحدة ، وكانت هذه الوقعة فىعمان من أعظم الوقائع المشهورة، وذلك لأن القتلفيهاكانعلى الزعماء من أهل عمان ، إذ خرج فيها الأعيان والأكابربخلاف غيرها التى يكون القتل فيها على الجنود المرترقة غالبا،فلاتكون لهمشهرةمثل ما إذا كان القتل فىالرؤساء المشاهير، والزعماء المطاعين، واالرؤساء المتبوعين، فلذلك كان أمر هذه الوقعة مثار الضغن، ومناط الحقد بينأهلعمانكما قال المؤرخون لها ٠ قال الامام : هذه الوقعة المعروفة بوقعة القاع ، من ظهر عوتب بالخيام من صحار ، وهى من الوقائم المشهورة المذكورة بعمان ، وكانت هذه الوقعة يوم الاثنين من شهر شوال لأربع ليال بقيت منه ، فكان بينها وبين واقعة أزكى التى قتل فيها موسى بن موسى ومن معه شهر رمضان فقط ، وكلاهما على بنى سامة ومن معهم ، وقد قضى فيمما على الأعيان منهم وهكذا أبطالهم وسئقط فى أيديهم ، ورأوا أحيط بهم ولم تقم لهم بعد هذه الوقعة بعمان قائمة لها معنوية لأنهم بعد قتل موسى بن موسى سقط عمودهم الأكبر ، واندقت عصا قوتمم ، وأين أزكى منهم وهم منهزمون فى صحار ، وقد اشتد ساعد عزان بن تميم عليهم فى هاتين الواقعتين ، وهم جمرة حامية لا تنطفىء بسهولة ، فلذلك فر من فر منهم الى محمد بن بور والى - ١٧٩ - البحرين مستصرخا للمضرية نظرا الى العنصرية القبائلية ، وأغروه بألسنة معسولة حتى يتم لهم الأمر الذى حاولوه ، وهو الزعامة الكبرى التى ينشدونها لكونهم من سامة بن لؤى بن غالب القرشى ، وكونهم من أهالى جرنان التى هى قلب عمان ، وأنهم السادة فيها ، ولهم الط والعقد فى ايجاد الامامة ومحوها من عمان وهم المسئولون قبل غيرهم ٠ ١٨ - عزان بن تميم يتعرض لحرب عظيمة فى عمان لما انتصر عزان بن تميم فى موقعة أزكى التى قتل فيها موسى بن موسى الذى كان يخشاه ابن تميم ، وتجمع الموتورون من عزان لأخذ ثأرهم بزعمهم من أنصار ابن تميم ، وأثار عزان عليهم جيشه فهزمهم بالقاع من صحار شر هزيمة ، وقتل رجالهم وأبطالهم ، إذ خرج عليهم الأهيف ابن حمحام قائد لجيش عزان وهنا تعمق الشقاق بوقعة القاع ، وتأحل الاختز اق بين اليمانية والنزارية ، فكان من على نهج بنى سامة نزاريين من كان على نهج اليحمد يمانيين ، ونادى الشيطان بينهم بذلك ، فما كان يعرف إلا اليمانية واالنزارية، وذلك لسوءحظعمان ٠ قال الامام رحمهالله:لماقتلمنقتلمن النزارية وغيرهم بالقاع، اشتد الأمر على النزارية ومن معمم ، وخرج محمد بن القاسم وبشير بن المنذر الساميان بن لؤى غالب ، وهم عشيرة موسى بن موسى الى البحرين ، وبها محمد بن نورعاملاعليها للمعتضد منملوك بنى العباس، فشكيا اليه ما أصابهما من الفرقة اليمانية، وسالاه الخروج معهما الى عمان و أطعما ه فىأمورجليلة،قلت:هىملك،عمان ولعلهما أغريا ه على خصمهما، وربما قالا له إن عمان كانت تابعة لبغداد، وربما ذاكره بالواقع من أهل عمان فى قتل عيسى بن جعفر ، وأن الرشيد هم بحرب عمان إلا أن الأجل لم يسعفه، ومن هذا وأمثاله وأنك اذا فتحت عمانكبر بها شأنك وعلا بما قدرك عند السلطان ، وأن الحجاج كان منه فى عمان ما كان ، وأنت لست دونه والغاية التشفى النفسى لا غير والعياذ بالله، ان النفس لأمارة بابالسوء ،ولولم تقمعمان لهذا البطل المتمرد على عمان لكافت عمان م ١٨١ - هادئة مطمئنه ، ولكن قضاء الله وقدرة جار على الانسان ، وارادته نافذة فمازالابه فأجابهما الى ذلك، وأشار عليهماأن يذهبا الى الخليفة ببغداد ، ويذكر له أمرهما وأنهما قدما يريدان نصرته ، فسار محمد ابن القاسم وقعد بشير مع محمد بن نور ، فلما قدم محمد بن القاسم الى الخليفة المعتضد العباسى، وذكر له الأمرخف له وهث، ورآها فرصة سانحة تستعيد لهم عمان بعد طول غييتها عنهم ، وربما أخذته أريحية العصبية للنزارية فأخرج عهدا منه لمحمد بن نور على ولاية عمان ، ورجع من بغداد الى البحرين موفورا مناالخليفة العباسى ببغيته ، و أخذ محمد بن نور فى جمع العساكر من سائر القبائل ، وخاصة النزارية ، وحصل معمم من الشام من طى فكان جيثه يقألف من خمسة وعشرين ألفا فيه ثلاثة آلاف فرس وخمسمائة ، عليهم الدروع والجواشن ، وعندهم الزاد الكافى والعدة الوافية ، وعمان فى استقبالهم حتى شاع الخبر فى عمان ، إذ كانت فاتحة آذانها فى أمر هذين الزعيمين ، وما يكون من أمرهما حتى تحقق الحق بمجيئها بمحمد بن نور والى آلبحرين ، ومن ورائه خليفة بغداد ، وكانت عمان سابقا صار عليها من هؤلاء ما صار ، مما ذكره المؤرخون فاضطربت عمان لهذا النبأ العظيم ، واهتزت منكل جانب خوفا من الشائع الذى لا يدرى ماذا يكون منه ، والاخبار تأتى من بعيد مدهشة هائلة رائعة ٠ قال الامام : ووقع الخلف أى التخالف والعصابية بين النزارية واليمانية ، قال : فكانت النزارية ومن كان على رأيهم فى حزب ، واليمانية ومن كان على رأيهم فى حزب ، قال : وتخاذل الناس عن الامام عزان بن تميم ، وانتقضت الأمور وأصبح الدااعى والمدعى النزارية من جانب واليمانية من الجانب الآخر، قال فخاف أهل صحار وربما قالوا سيكون — ١٨٢ — فينا وأول من يواجه هذا الجيث صحار وما حولها من الباطنة ، إذ كانت طريق الغازى لعمانمنهناك، فرأوا أنهم لا قبل لهم بهذا الجبش المقبل عليهم ، فخافوا أن يلتهمهم ويقضى عليهم ، ويسلبهم أموالهم وأولادهم ، إذ حروب البغى ، لا تقف عند حد ، لأن القائد لها البغى ، والباغى إذا انتصر يفعل ما يهوى ، فخرج بأموالهم وذراريهم وعيالاتهم الى سيراف والبصرة وهرموز وغير ذلك من البلدان، فارين خوفا من العدو الداهم، قال : وخرج سليمان بنعبد الملك بن بلال السليمى بولده وحرمه ومن خف معه من قومه ، فركبوا البحر فى بعض السفن حتى قدموا الى هرموز ، فتحصن بها وأقام هناك الى أن اتخذ بها دارا وأموالا ، وآيس من الرجوع الى عمان فاتخذ هرموز وطنا الى أن مات ، ثم ابنه المهدى بن سليمان ، وكان أميرا عليها الى أن مات ، فبقية ولده بها ، وبعضهم رجع الى عمان وجاء بن بور بجيوشه من طريق جلفار ، أى رلس الخيمة ، ثم منها الى توام أى البريمى ، وصلها يوم الأربعاء ليست خلون من شهر المحرم سنة ٢٨٠ ثمانين ومائتين بعد حروب وقعت بينه وبين القبائل القاطعة على طريق مروره، لأن الجيث مامرعليه يحطمه طبعا، وكان محمد بن نور هذا ليس بأقل من الحجاج بن يوسف المذى عاث فى عمان بتلك الحروب التى شنها على عمان حتى دوخ عمان ، وهذا الحجاج الثانى جاءها ليأخذ دوره فيها جزاء لأهل عمان على ضياعهم لما نجاهم الله عز وجل من الشرلم يلبثوا أن تحرشوا به مرة ثانية ، فجاء هم يتدفق وهم يقودونه من زمامه الى منازلهم والله المستعان ٠ ثم سحب على أرض السر ونواحيها فسلمت له وواجهته ، ثم منها زحف على فزوى ، وإذا بأصحاب عزان يتخاذلون والناس من يلقى خيرا قائلون له : ما يشتمى ولأم المخطى* الهبل ٠ - ١٨٣ فخرج عزان لما رأى انهيار صرح امامته وسقوط عرش زعامته ، وكأن الخوف عم عمان ، فان أهالى صحار وما حولها كما سبق الكلام عنمم أنهم فروا هم وذراريهم الى بلاد فارس خوفا من شماتة العدو ، فخرج عزان الى سمد الشان من شرقية عمان متحيزا اليها ومستنصرا بأهلها ، ولما وصل محمد بن نور نزوى سلمت له إذ لا إمام بها ولا محارب فيها ، ثم مضى قاصدا سمد الشان ، فلحق بعزان بن تميم فوقع بينه وبين عزان القتال ، واشتد الحرب والنزال ، ومحمد بن نور يرى أنة منتصر إذجاء عمان وهى خاضعة طائعة ، وعلم أن تقهقر عزان الى سمد الشان انهزام من عزان،وعلىكلحال أن محمد بن نور قد لتف اليه أكثر أهل عمان ، منهم الراغب ، ومنهم الراهب ، ومنهم المداهن ، وكانت المعركة بين محمد بن نور وعزان بن تميم الأربعاء لخمس ليال بقين من صفر من نفس السنة ، وكانت المزيمة على عزان وأصحابه ، وقتل عزان بن تميم ، وقطع رأسه وبعث به محمد بن نور الى المعتضد ببغداد ، ورجع محمد بن نور الى نزوى وأقام بها فأصبح مالك أمرها وبيده زمامها ، فكان فى نفوس اليمانية ومن يميل اليمم من الحقد ما فيها ، وهنا قام الأهيف بن حمحام الهنائى يكاتب مشايخ أهل عمان، وقبائلمم منكل مكان، ويحثمم على اخراج محمد بن نور من عمان ولا يزال يستنهضهم حتى أجابوه الى ذلك وخرجوا فى عسكر ضخم وخميس جرار ، وكان فيهم الشيخ منير بن النير الجعلانى أحدحملة العلم فى أيامه، وكان بالغا فى السن مائة وعثشر سنين ، وكان اجتماع العمانبين فى شرقية عمان ، ومنها خرجوا طالبين محمد بن نور ، وكان القصد أن يسيروا اليه رويدا رويدا, ، فان خرج من عمان بغير حرب فذاك، وإلا فيكون النظر فيه ، ولما بلغه الخبر ارتاع الرجل ورأى اجتماعمم عليه لابد أن يكون له أشر : فخرج من نزوى ١٨٤ - فخرج هاربا مرعوبا، ولا يخفى أن دخوله عمان كان بسبب افتراق أهل عمان ، فان بنى سامة هم قادة جيشه وهم الساحبون له الى عمان ، ومن بقى من أهل عمان كما قلنا عنهم انهم بين راض ومداهن ومتق ، ولما اجتمع أكثرهم على حربه هاله الأمر ، ورأى أنه وقع فى مأزق ففضل الهرب ، ولكن لله أمر هو بالغه وحكم هو نافذه ، أسرع الجيش العمانى للحاق بمحمد بن نور (١) فتلاحقوا فى دماء من الباطنة وهى التى تعرف الآن بالسيب ، فاقتتلوا قتالا شديدا وكثر القتل فى الفريقين ، والجراح من الجانبين وكادت قكون الهزيمة على محمد بن نور وأصحابه ، حتى الجأوه على سيف البحر ؛ فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم ركب مددا لهم بعثه اليهم أبو عبيدة ابن محمد السامى،على كل بغيررجلان،وذلك لما علم أن أهل عمان قاموا على محمد بن نور والرجل جاء لنصرقهم إذ استنصروا به ورأوه يزحف هاربا عن عمان ، وأيقن بنو سامة أن خروج محمد بن نور من عمان يدير الدائرة عليهم ، ويعيد الكرة لحربهم ، والدماء تورث الحقد والضغائن تثير الشرفلف أبو عبيدة المضريين ومن مال اليهم بعصبيته لهم ، ولا شك أن الذين أرسلهم أبو عبيدة مددا لمحمد بن نور هم شرارة الرجال وكان من قدر الله أن وصلوا وا لحرب تدور رحاها ، (١ ) ذكر هذه القضية صاحب مرهج الذهنب وأن الامام الذى قتله ابن نور هو ا!صلت ابن مالك خطأ منه فى التاريخ وكذلك لم تكن الحقائق عنده اذ قال فى ححيفة ٢٤٤ فى الجزء الرابع افتتح احمد بن نور والصحيح هو محمد ابن نور سماه العمانيون محمد بن بور قال اغتتح عمان وكان مسيره اايها ن بلاد البحرين فواقع الثراة الابانسية وكانوا فى نحو من مائتى ألف ، وكان امامهم الصلت بن مالك ببلاد عمان نزوى ، وكانت له عليهم فقتل منهم مقتلة عظيمة وحمل كثءا من رعوسهم الى بغداد تلت ما حمل رعوسهم فغير مستذكر حيث حمل راس امامهم، واما ما عدا ذلك فالتحقيق ما ذكرناه والله اعلم ا ه سالم ٠ - ١٨٥ — وقد علا لهبها وطار شررها ، وإذا بمحمد ين نور يحاول الفرصة للهرب ، فلما وصل هؤلاء نزلوا عن ركابهم وسلوا سيوفمم ، ودخلوا الوغا ، فكان من القدر المحتوم أن القوم فى حال هزيمة فانقلب الحال بانهزام العمانيين، إذ كانوا قدكلوامن القتال، وركبهم العياء الحسى والمعنوى، وإذا هم بالجيش المناصر لابن نور يتراسل ، ولعل وراءه آخر فكان مؤثرا فى نفوس أهل عمان الفشل، والناس فى الحرب لا يزالون بين النصر والمزيمة، على حد السنان،فرب كلمة تهزم جيشا، ورب كلمة تكون نفسها جيشا وهكذا ٠ قال الامام: خوقعت المزيمة علىأهلعمان،وقتلمن أعيان جيشمم القائد الأكبر الأهيف بن حمحام وكقيرون من عشيرته وغيرهم وعمل السيف فى العمانيين لتأديبمم طى تلك الأفعال التى أوقعوها ، فى أنفسمم قال الامام :ولميسلممنأهطعمان الا منتأخر أجله، والمعنى كتاية عنكثرة القتل فيهم، وققل الشيخ الكبيرمنيربنلنير الجعلانى رحمه الله ، وكان أحد حملة العلم من خصوص بنى حضرمى بن ريام ، وكان يسكن جعلان ، وجاءوا به ليهتدوا برأيه ، ويعتمدوا على أنظاره وكانت هذه الوقعة بالقرب من المسجد الجامع مندما من الباطنة، قلت لا يعرف الآن موضع المسجد الجامع فيها أما موضع الحصن فباق معروف وكأنه قرب الساحل(() ونل الجوائح التى خربت الباطنة أتت عليه فخربته والله أطم٠ (١) اى المسجد كان قرب الساحل غلعه اجقاحته الجوائح فلم يعد يعرف مكانه ٠ — ١٨٦ - وكان ذلك يوم الأربعاء لست وعشرين خلت من ربيع الآخر سنة ٢٨٠ ثمانين ومائتين ،وذلك فى خلافة المعتضد بالله أبى العباس أحمد القائم بالأمر ببغداد الذى أخرج محمد بن نور هذا الحرب الى عمان ٠ وانه تولى الخلافة سنة ٢٧٩ تسع وسبعينومائتين ، وتوفى سنة ٢٩٠ تسعين ومائتين وكان من أشد العباسيين المتأخرين ٠ قال الامام : ولما انهزم أهل عمان رجع محمد بن نور على نزوى ، وجعل أعزة أهلها أذلة، وسام أهل عمان الضف،قلت لا شك أن عدوا قدر على قهر عدوه ، وكان قد رأى ما رأى منه من المعلااة ، وقاتله حتى أراه الذل والموان لابد أن ينتصر،فكانفعلمحمدبننور فى أهل عمان بالغا حد النماية من العنف، إذ قطع الأيدى والأرجل، وصلم الآذان وسمل لأعين ٠ قال الامام : ولحل على أهلما النكال والمون، ودفن الأنمار وأحرق الكتب، قال الشيخ أبو إسحاق رحمه الله: من أشنع الجرائم التى يرتكبما هؤلاء الظلمة ومن على طريقمم حرق الكتب فى الاسلام وفعطمم هذا كفعل الروم الذين كلما تغلبوا على قطر من أقطار الاسلام بادررا الى حرق الكتبكما وقع فى الأندلس وغيره من أقطار المسلمين متى يقسلط عليما العتاة الظالمون ، يرون لن ذخائر الطم أهم شى، ينبغى أعدامه وإفناؤه، فكان هؤلاء شركاء اعداء الاسلام فى مثل هذه الجرائم للسوداء الوحشية والهمجية ٠ قالمل أبو اسحاق : فالتشنيع الذى يوجه الى الأوربيين الذين أحرقوا خزائن المسلمين ، يوجه الى هؤلاء ٠ قلت : بل هؤلاء أحرى وبه أحق - ١٨٧ فانه لما تغلب الفاطميون على الامامة الرستمية ، فانمم أحرقوا من خزائن الكتب ونفائس العلممالميوجد نظيره، وكفعل القرامطة ١ءدا٠ الاسلام لما تغلبوا على المسلمين،فأنت ترى من هذه الحقائق التى سجلها التاريخ مبلغ الجرائم التى صدرت من أعداء العلم والدين، ضيعوا كنوزا ثمينة لا تقدر بثمن ، مهما بلغ وهذه سنة أعداء الدين كالمغول وما فعلوه فى خزائن بغداد ، ولكن بحمد الله فان معين الدين لا ينضب ، ما دام القرآنه موجودا، فانه الشجرة التى تطول السماء ، وتملاً الدنيا وتجمع الكل تحت ظلها ، وهى التى تؤتى أكلها كل حين يأذن ربما ، ومهما سعى أعداء الاسلام فى هدم أركان الاسلام وإخفاء ضوئه، وإخماد أنواره ، اشتعلت وما برحت تنقد برغم العدو الجائر ، وهكذا والله ولى المتقين، ومادام ينبوع الطم فى ضمانة اللهعزوجلفلن تزال جداوله تنفجر جارية متدفقة ٠ وكان من جملة الأنمار التى دفنها محمد بن نور فلج الملكى من أزكى، وكان نهرا كبيراً ٠ قال الامام : وكان يسقى حبوبا أى لنشاطه وغزارة مائة ، قال : وله مائة وعشرون ساعدا أى مجارى وهى فى عرف أهل عمان تسمى ساعدا ، وتجمع طى سواعد لغة عمانية ، وحقيقة ذلك أظنه خطا من النساخ فيكون الغلط زيادة لفظ مائة ويقرب من الصواب أن يقال له عشرون ساعدا،فمن لممكن لأن الفضاء الذى توجه له الفلج لا يتسع لما يقال ، إذ ربما ساغ القول بعثرين ساعدا ، وهى أيضا أقرب الى البعد لأن عثرين ساعدا إذ كان بما ماء ينصب الى مجموع الفلج المذكور ويحتاج الى ظرف عظيم كمذه الظرف الحالى عثر مر ات ٠ ٨ه١ -- هذا ومن حيث ان الذين يسمعون مثل هذه الخرافات يهزون رءوسهم ويهمهمون ، ولا يفكرون فى تحقيق الأشياء كما ينبغى لا سيما إذا جاءذلكمنمثل الشيوخ المجللين، أو عن أئمة الدينفماجاء عنهم هو الحق لاغير، وكأنهم لا يرون عليهم جوان الظط أو خطا النساخ أو نحو ذلك ولم يفهموا أن التاريخ يحمل الأقوال كما يجدها، فان كانت كذلك فقد قام بما لزم وإلا فالأمر الى من يعلمه ،ثم إن مائة وعثرين ساعدا تجعل ذلك الفضاء مثققا كما يشقق الثوب الخلق م وبالجملة فان الملكى الذى هو فلج أزكى نهر من أنهار عمان المباركة النافعة ، تكون فى الحصب نشيطة جدا تقسم الى أفلاج فى السقى عديدة ، وف أيام المحل تتنازل الى فلج واحد ضئيل — وكان وقت مجوعء محمد ابن نور عمان كان الملكى كما هو منسوب الى الملك الذى هو ساكن اللام،لغة فى لملك بكسرها لشرفه وعزازته، فأمرا بن بور بدفنه وهو يقلع الدفن ويرده ، وكلما دفنوه لفظ الدفن ، وفار بقوة، وكلما ألقوا فيه الحصى والتراب لفظه وانفجر من مكان آخر حتى أعياهم ، فمرت طيهم راعية من حوزتهم ، فرأت ما هم فيه فقالت لهم :عليكمبالصوف والشجر، أى لأن الصوف يلتوى بالشجر،والشجر يحتوى فى المضائق ، وكانت مصيبة فيما قالت : فقال ابن بورخذوا غنمها ، فأرسلت مثلا شائعا فى عمان فدفن الفلج وخربه ، وغار فى الأرض وأفسده ، ولكن بقى بحث تحقيقى ينبغى أن يعار التفاتا هو أن الفلج لأهل أزكى، وأهل أزكى إذ ذاك بنو سامة المذكورون، وهم أنصار محمد بن بور ، فكيف يكون دفن الملكى والحال هكذا إلا أنه يحتمل شيئين ، أما أولا فان الدفن أما أن يكون من معرة الجيش قبل أن يعلم أن الفلج لبنى سامة وآسا ثانيا فلعل ابن بور أى أن — ١٨٩ - بنى سامة واطأوا العمانيين على إخراجه وهذا غير بعيد ، لأن بقاء ابن بور فى عمانمسيطرا عليها لم يرده منه بنو سامة ذلك ، وإنما يريدون التشفى به من خصوممم وقد حصل ذلك ودق ابن بور أهل عمان فى سمد الشان ، حتى قطع رأس إمامهم وأرسله الى بغداد ، وهذا لابد أن يكون له فى القلوب باعث قوى على طرد ابن بور الجائرالخبيث حتى من الذى جاء مناصرا لهم ٠ وتحدث صاحب معالم الجزيرة عن أعمال محمد بن بور فى عمان ولكنه طواه فى بعضه بعض ، إذ قال : قدم عامل الخليفة على البحرين محمد بن نور بجموع وافرة من نزاروطى ففتح نزوة عاصمة عمان وقتل عزان الخروسى بالسين والصواب بالصاد ، نسبة له الى خروص بن شارى بن اليحمد ، وبقية النسب معروفة كما فى الاسعاف ٠ قال : الذى حاول أن يحكم عمان بالقهر والعسف يعنى بذلك عزان بن تميم ٠ قال : وفر كثير من الأهالى الى شيراز والبصرة ٠ قال : ثم ثار بمحمد بن نور بعض القبائل فترك مقره أى مركر إقامته وهو نزوى قال : ولحق بالمساحل يعنى فى السيب وهى إذ ذاك دما،قال : الى أن أدركته نجدة عظيمة أى لحقت به فى السيب وهى التى أرسلها أبو عبيدة السامى ، قال : تمكن بها من قمع الثورة وأرهف الحد فى الأهالى ، أى فعل بهم ما ذكرنا ، قال : وقطع الأيدى وصلم الآذان ، وعطل قنى المياه أى دفن أفلاجا كثيرة ، وخرب ديارا عديدة ، ودمر أنهارا وكان يضرب بجوره المثل ، فيقال أجور من محمد بن بور ، وخاصة بلدان اليمانية ، قال : وأحرق الكتب وفعل بالناس الأفاعيل ٠ قال أبو اسحاق : إن دخول ابن بور اللعين عمان أول مرة كان بتفرق الكلمة وتخاذل أهل عمان ، وإلا فلا يمكن لابن بور أن يدخل ١٩ تلك الامامة العظمى، ولو جد بضعف جنوده مرات ٠ قلت : قدمت لك أن ابن بور جاء به أهل عمان ، ولما نزل أطراف عمان التف عليه أوباش الناس وغوغاؤهم، وأهل المطامع وأهل الجرائم، وتساندت الأمور على هذه الأسس ، وبذلك استطاع ابن بور أن يهز عمان هزا عنيفا حتى صلم الآذان وسمل الأعين ، وقطع الأيدى ، فتركهم لا يستطيعون الأكل ، وقطع الأرجل فكانوا فى مأزق عنيف لم يعرف له مثيل ، وعمان فيما رجال من أشد الرجال لكن عقوبة الله لا يقف لها مخلوق إذا أقبلت ، فان أهل عمان فسدوا فيما بينهم وأفسدوا فيما بينمم وبين ربممكماقلنا، فكانت العقوبة منجنس العمل،وتلك سنة لله فى عباده ٠ قال أبو إسحاق : وافترق أهل عمان الى نزارية ويمانية هو الذى قوى العدو الغازى ، ولما رأى أهل عمان اتحدوا هاله لأمر وهذا يدل أن أهل عمان اتحدوا بعد ذلك الافترأق،ومنمنايعلمماقلناه فى سبب تخريب ابن بور لنهر الملكى من أزكى ، وللاوقات ما يناسبها من السيات،ولكلزماندولةورجال٠ قال أبو إسحاق : وكادت تدور الدائرة علىمحمد بن نور لولا الامدادات التى جاءته من الذين والوه من عمان وهم السامية وغيرهم ٠ قال : ففى مثل هذه الواقعة عبرة بالغة لمن تدبرها ، فان عاقبة التخاذل الانهلال والفثل، وقدقال الله تعالى: -- ١٩١ - ( ولاتنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم ) ، ولما انتصر ابن بور أخيرا لم يرقب فى المؤمنين إلا ولا ذمة ٠ ولست أدرى كيف يطعن هؤلاء الناس على الأزارقة والصفرية ، وهم يأتون أفعالمم حذو القذة بالاقذة ، فى قتالهم مع أحل القبلة ، ولكن الحق بعيدعنكليهما، ولاجرم أن مدعى الشىء ليس كمالكه، نسال الله أن يثبتنا على الصراط المستقيم، قلت :هذا غالب أفعال أهل المجهل فى الحروب الذين لم يحاربوا من أجل دين أوحق ، لايراعون فى العدو الذى يحاربهم ويحاربونه إلا هوى أنفسهم ، وهذا شىء فى الجنود الجاهلة التى تقودها زعامة الجهل والبطر ، كالحجاج وابن بور وأمثالمم ، مل وحتى جهال الاباضية وبغاتهم ، غالبا خصوصا أيام السلاطين ، أما أيام الأئمة فلاوهو الحق وأهل المزعامات القبائلية إذا تمكنوا من خصومهم يالواجهدا فى التشفى من أعدائهم مالاورجالاإلاما شاء الله،وكموقع فى جيوش أهل العدل من جهال الجيش، فاذا بلغ الامام وتحققه قام لرده ، وإلا مضى وبقى فى أحاديث المصابين به والمنتقدين والتاريخ يحمله عنهم ليحفظه ٠ ولما تمكن محمد بن بور من عمان واهلها ، وصفا له الجو فيما، وعدم المنافس له من عمان هم بالعودة الى البحرين ، وولى على عمان من قبله واليا يقال له أحمد بن هلال، قال المسعودى :هو ابن أخت الفتال ٠قلت:لم نعرف الفتال منهو ولا ممن أيضا، كما لم نعرف أحمدبنهلال والى الحجاج عى ان، هل هو اش أم لاا وكانمنحق التاريخ أن نعرفه ٠ — ١٩٢ - قال صاحب المعالم : وما كاد أى محمد بن نور أن يرجع الى البحربن حتى ثار الأهالى أى أهالى عمان ، وقتلوا العامل أى أحمد بن هلال ، الذى استخلفه ابن بور على عمان ، وعاد العمانيون على انتخاب أئمتمم ، فتوالت عدة أئمة ولخذ يعدتدهم على جهة الإجمال ، وف ابن رزيق وغيره من كتب التاريخ هو هذا الذى ذكرنا فلا داعى الى اعادته ٠ ١٩٣٠ - بنو سامة يحاولون ملك عمان إعلم أن بنى سامة حاولوا إمارة عمان وعالجوا وضع أساسها بأنفسهم ، فانهار بناؤهم بوقعة القاع من ظهر عوتب بصحار ، وتمزق جمعهم ، ثم التجأوا الى والى البحرين محمد بن نور المذكور ليستعينوا به ، فقام هذا لتأييدهم وكتب لمعتضد بغداد ليعضدهم فعضدهم ، وأقاموا دولتهم على الحجر الذى وضعه لهم محمد بن نور والى البحرين الذى احتل عمان ، ووضع قدمه على كاهلما ، ووطىء عليما وطأة سيئة فقتل امامهم عزان ابن تميم فى سمد الشان ، وقتل بقية أعيانهم فى دما ، ومن جملتهم شيخ العلم منيربن النير الجعلانى رحمه الله ورضى عنه ، ووطد دعائم إمارته فى قلب عمان نزوى وجعل عطى عمان واليا هو أحمد ابن هلال ابن أخت الفتال، ولحمد هذاجعلعلى عواصم عمان ولاة من قبله ، أحدهم على نزوى ، وهو الملقب بيحرة والمكنى أبا أحمد ، فكان بيحرة بحيرة سوء ، إذ كان يسفك الدماء ويقتل من يشاء ، ومن ذلك أن أحدا من السفهاء أغراه على قتل أبى المحوارى بدعوى أنه يبرأ هو وأصحابه من موسى ، وموسى بن موسى هو زعيم الساميين ، فأرسل بيحرة لأبى الحوارى جنديا من جنوده يقتله بغير شؤال ولا احتاج ، وانما هو مجرد هوى نفسى وإعزاز لبنى سامة ومن اليهم سواء كانوا محقين أى مبطلين ، فسار الجندى لقتل أبا الحوارى فى المسجد بعد صلاة الصبح فى مسجد الشجبى المعروف بمسجد أبى القسام فى الجمة الغربية من عقر نزوى ، فرآه قاعدا طى المحرأب يقرأ القرآن فارتاع الجندى ولم يجسر على قتله ، ثم قال له : ان أبا أحمد يعنى بيحرة يقول لك (م١٣-خمانعبرالتيخج٢) - ١٩٤ سر اليسه ٠ فقال له لا حاجة لى به ، وأخذ فى قراءته فقيل : ان الجندى قال له ذلك يريده أن يخرج لئلا يطش دمه فى المحراب فكأنه احترم المحراب ولم يحترم المسلم الصالح، وقيل انه ارتاع وخاف، وفى هذا الأثناء جاءه جندى آخر يقول له لا تفعل فى أبى الحوارى شيئا لعله قال فى نفسه هذه وشاية، ولعلها لاأصل لها، وتأخر عنقتله لتأخر أجل أبى الحوارى لالخوف من احد ٠ ويستفاد من هذه القضية جرأة هذا الوالى على أهل نزوى بحيث يأمر بقتل رجل من شيوخ العلم بغير مبالاة بقتله ولا خوفا من ألحد ، فهذا يدل عطى غاية الذل الذى ألبسم الله أهل عمان وابتلاهم الله به، ولا ريب فان محمد بن نور صلم الآذان وجدع الأنوف وقطع الأيدى والأرجل ودفن. الأنهار ، وأحل بأهل عمان البوار ، وعلى كل حال أن محمد بن بور لا يخرج من عمان إلا ويترك فيما لأحمد بن هلال حامية تؤيده وتشد عضده ، فهذه الحامية هى لا شك ولا ريب أنهم بنو سامة الذين جاءمحمد بن نور من أجلهم ، فاشتهر بنو سامة بالبلاد وما يفعله الوالى أحمد بن هول هو عن أمرهم فبذلك تم الأمر لبنى سامة ، وأنيطت بهم عرى الآمال فكانوا هم السادة فى هذه الأيام، ولذلك قال ابن خلدون فى العبر،كما نقلهعنه الامام رحمه الله،حيث يقول فى تحفته قال بعدذكرعمان : وكانت به-ا فى الاسلام دولة لبنى سامة بن غالب ، قال : وكثيرمن نسابة قريش يدفعونهم عن هذا النسب ، قلت : لقد حققناه فى الاسعاف فى أنساب قريث بعمان، والحق أنه قرشى بغيرنكران ، والحق لا يدفعه حسد حاسد ، قال : أولهم بها محمد بن القاسم السامى، أى أول دولتهم التى يذكرها ابن خلدون ، أى أول أمير من بنى سامة هو محمد بن نور من البحرين، وكان من جملة حاضرى وقعة - ١٩٥ القاع من عوتب، فان المعتضد أقام صرح هذه الدولة بعمان على أساس محمد بننور • قال ابن خلدون : بعثه المعتضد وأعانه ففتحها وطرد الخوارج الى نزوى قاعدة الجبال ، أى عاصمتما أى داخلية عمان ، وأراد بالخوارج الاباضية ٠ ومن العجب العجاب أن هؤلاء الذين يدعون العلم يمجمون على الناس فى الدين والدنيا ، فمتى كان الاباضية خوارج يا ابن خلدون ، لقد أخطأت خطأدينياوتاريخيا ان لم تكن متعمداذلك والله يقول لك :(ولاتقف هاليس لك به علم ) خصوصا فى الأمود الدينية ٠ قال الامام : وأرادبالخوارج المسلمين، قال : وأقام الخطبة بما لبنى العباس أى أقامها محمد بن القاسم ٠ قلت : غير كثير من أمير مغمور يحب الامارة الذا خطب لسيده الذى أقامه حاكما ، ولايبالى الجاهل بالدين فى سبيل الدنيا ، فان من مذهب اللوك أن تكفر ولا تستغلب أى لأن الدنيا عندهم أهم من الدين، وماذا يحاول اللموك إلا الملك، وهل يأتى الملك إلا من قبيل الدين بعد عمر بن الخطاب رضى المله عنه ما أظنه إلا نارا ألست ترى فى تاريخ عمان الامامة الصحيحة شيئا نادرا يمر عليك مر السحاب فى لحظات خاطفة، وأيام الجور والظلم تطول على الفاس قرونا كثيرةفى أكثر الأمم لا فى أهل عمان وحدهم والله المستعان ٠ قال ابن خلدون : توارث ذلك بنسوه أى بفو محمد بن القاسم توارثوا الخطبة لبنى العباس، أى الطاعة لهم، قال: وأظمروا شعار السنة ٠ - ١٩٦ قال الامام : أى سنتهم وهذا يدل لنمم استثوا بسنة القوم ولا يهمنا اذا استن جاهلنا بسنة غيرنا ، فمن أراد غيرنا أبعده الله ، قال : ثم اختلفوا سنة خمس وثلثمائة وتحاربوا ولحق بعضهم بالقرامطة ، وهذا يدل أنهم بقوا ملوكا على عمان الى هذه الغاية، أى مدة خمس وعثرين سنة ، فان محمد بن نور فتح عمان سنة ٢٨٠ ثمانين ومائتين ، وخرج عنها فى أواخر تلك السنة أول السنة الثانية، فكانت المبلاد فى أيدى العمال الى هذه الغاية ، ثم تقاتل بنو سامة على عمان بحسب كلام ابن خلدون، والصحيح أنهم تقاتلوا هم وأهل عمان الذين قاموا عليهم بنصب الأئمة، وطال المعراك بين الامامة والسلطنة، ورفع الخلاف كما سوف تراه مستعرضا فى هذه الصحائف الجوهرية الناصعة ٠ قال الامام : ووجدت أن الجبابرة تغلبوا على اهل عمان يسومونهم سوء الغذاب أربعين سنة ، وذلك بعد حرب محمد بن بور ٠ قال : ولمعل هؤلاء الجبابرة كانوا من بنى سامة وهم عشيرة موسى بن موسى ، وذكر بيحرة وولايته لنزوى ، وأنه أقام زمانا واليا عليها ، قال لم يزل بيحرة عاملا على نزوى حتى قتلوه وسحبوه ، وقبره معروف عندهم أسفل باب مؤثر قليلا فى لجية بفتح اللام وسكون الجيم، وفتح الياء المثناة من تحت بعدها تاء مربوطة ، والمراد بها موات متصل بالطريق منحنيا على الجانب الآخر هناك، على الطريق الجائز الى تخرج الى جهة فرق، يطرح عليه أهل نزوى السماد والجذوع التى يريدون اخراجما الى الأموال، أو ادخالما الى العقر، وذلك من هوانه عليهم ، وهو معروف موصوف متداول عند أهل نزوى ، صغارهم وكبارهم منذذلك لمعمد، وهو آخر القرن الثالث، ولكنه لم يذكرسبب القتل، ولعله فى ثورتمم فانمم كما قال صاحب المعالم : وما كاد يدرجع الى البحرين أى — ١٩٧ محمد بن بور حتى ثار الأهالى ثانية ، وقتلوا العامل الذى استخلفه على عمان ، وعاد العمانيون الى انتخاب أئمتهم ، فتوالت عدة أئمة مثل محمدبن الحسن الخروصى، وغزان بن الممزبر، وعبد الله بن محمد الحدانى الذى قلب هاء ه حاء ممملة ، والصلت بن القاسم الخروصى ، والحسن بن سعيد بن الحوارى ا ه من تاريخ عمان بالحرف الواحدلصاحب المعالم ، وهو عين ما يقوله شكيب أرسلان ٠ قال الامام :ان بنى سامة تقاتلوا سنة خمسة وثلاثمائة ولحق بعضهم بالقرامطة ، قلت ولا ييعد أن يكونوا هم الذبن مهدوا الطريق للقرامطة عطى قهر عمان فجاءوها ، وكان منهم فيها ما كان مما سنذكره ان شاء الله عبرة للمعتبر ، وتنبيها للمختبر وإلفاتا للأنظار للى ما يثمره الشقاق والخلاف وحب الاختصاص فى الأمة ، واعتقادنا العخليم فعظمونى وحدى لا شريك لى ، نعوذ بالله الذى له كل شى ء وهو على كل ثىء قدير ٠ قال الامام : وف بعض التواريخ انهم أى أهل عمان عقدوا الامامة على محمد بن الحسن بنزوى بعد قتل بيحرة فى سنة ٢٨٢ اثنين وثمانين ومائتين ، قال : وذلك بعد حروب ابن بور بسنتين وأشهر ، ثم تتابعت الأئمة ٠ قلت : والى هذا يشير صاحب المعالم ، والأمير شكيب فى تعليقه طى حاض العالم الاسلامى ٠ قال والسلطان الجائر يحاربهم ويحاربونه ، ويغلبهم ويغلبونه ٠ قلت : وهذا يدل على وجود سلطان فى عمان بعد حروب ابن بور ، وبعد قتل بيحرة ، وهذا المسلطان من بنى سامة ، فان بنى سامة صاروا خلفاء محمد بن بور على عمان ودعا بنى العباس ، يخطبون على المنابر بأسمائهم ويدعون لهم جمرا طاعة الملك — ١٩٨ واعتماداعلىالرئاسةوحبا للامارةوالترفععلىعباد اللهبعدذلك السيد المصلح والعالم الوحيد ، أقوى أركان الامامة بعمان موسى بن على رحمه الله وغفر له ، فكان موسى ابن على أصل زعامة بنى سامة ، فانه رجل الاصلاح وامام الاستصلاح ، خير رجل فى بنى سامة علما وعملا ، وعلاله صوت شرف فى القصر العمانى، فكان مضرب المثل فاكتسب بذلك تقدير الناس له ، وارتفاع مستواه وان لم يطل عمره ، بل عاش عمرا قصيرا ، ومات فى زهرة عمره ، فلبس ابنه موسى اسمه وتقلد سيف توقيره وتدرع درع شرفه ، فأجله الفساس وعظموا قدره وهذا أمر طبيعى فى الأمة بديهى فى الأجيال حتى تنكثف الغاية ، ويعرف المقصد بارزا فى مرأى كل أحد فى الأمة وهناك ، أما ارتفاع لأعلى أو انخفاض لأدنى ، وبذلك قام بنو سامة يدعون زعامة الأمر فى عمان ، ويحاربون من أجلما ويستنصرون ويستجيشون عليها ، وآخر ما بقى لهم زعامة أزكى مدة ثم انتهت وصاروا كغيرهم ، وكل شىء يصير الى افتماء ، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام ، والمعروفون بالعزور فى أزكى هؤلاء الزعماء ٠ — ١٩٩ القرامطة يحتلون عمان باهل عمان قال الامام السالمى رحمه الله : والقرامطة قوم من الشيعة نسبوا الى حمادقرمط ٠ قال : ويقال لهم الباطنية لأنهم زعموا أن للقرآن باطنا وظاهرا ، وأن من وصل الى معرفة باطن القرآن انحلت عنه التكاليف كلها ليمهدوا لهم عند الناس طريقا يعسا لا يخافون معها نقد ناقد ولا اعتراض معترض ، لأنهم كفار لا يصلون ولا يصومون ، ولا يعترفون مألوهية ، وزعموا أيضا أنه لا فرق بين هذا الواصل الى باطن القرآن ، وبين من فى الجنة فأهل الجنة لا تكليف عليهم ، فأبطلوا بذلك شرائع الاسلام لأنمم من أهل الجنة ، وأهل الجنة لا تكليف عليهم وتبعهم من جنود الشيطان ناس غوغاء وأغبياء وجهلاء ، يريدون استرجاع دولتهم كما كانت ٠ قال فى المعالم : القرامطة فرقة من الشيعة ينتسبون الى شخص يمانى الأصل يدعى حمدان قرمط ٠ قلت : لعل قرمط لقبه ، قال : وكان مغاليا فى التشيع لأهل البيت ، وكانت دعوته أى دعوة حمدان قرمط كانت دينية محضة انقلبت فيما بعد الى دعوة سياسية بتأثير أبى سعيد الجنابى ، أى الخارج من جنابة من قرى البحرين ، قال : وقد تغلب أى أبو سعيد هذا فى أواخر المائة الثالثة للهجرة على شرقى الجزيرة العربية ، واستولى على البحرين وهجر ، وخلع طاعة المعتمد العباسى أى خليفة بغداد ، قال : وقد قام الأمر بعد موته ابنه أبو طاهر فماجم الحرمين ، من مقره القطيف ، أى كان مقره القطيف ، ودخل مكة سنة ٣١٣ ثلاث عثروشلاثمائة هونهبما وانترع الحجر الأسود من الكعبة وبابها أيضا وبعض عتاد ٢ الكعبة ونقله الى القطيف ليبنىهناككمبة ويضعه فيها ويصرف العرب الى حجها ، قال ووضعه فى مسجد الخرار لكى يصرف الناس الى حجة عن مكة، وإنما لجرأة عظيمة على الملة الاسلامية، وأين هى وأين رجالها الذينلهم الغيرةعلى لدين، لىآخر الخلافة العباسية التى أضحت تعج فى لجةفسادلامثيل له فى العالم، بحيث يتجرأ أحدطى هدم قبلتهم التى كانوا عليما، فمذا هدم حقيقى لها، وأين أهل مكة الأشداء من أبى طاهر الجنابىسبحان من هو القادر على كل شىء يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، وان حلم اله عظيم ، وجرأة العباد أيضا عظيمة على الله الذى يملى لعباده ٠ قال : وقد ظل حكم أبى طاهر للحرمين مدة تزيد عن عشرين سنة كان الحجر الأسود خلالها فى هجر عند أبى المذكور، قال : وكان القرمطى طى صلى بالفاطميين فى أفريقيا الشمالية ، وينتسب اليمم ، قلت : لعله ينتسب اليهم من جمة اللة، فانهم كذلك شيعة قال، فلما أمره الفاطمى باعادة الحجر الى البيت القرمطى على الفاطمى، وقطع صلته ثم أعيد الحجر الى مكة سنة ٣٣٩ تسع وثلاثين وثلاثمائة ، قال وبعد وفاة أبى طاهر تلاشت القوة السياسية للقرامطة ، وانحصرت سلطته فى الحسا والبحرين ما يقرب من مائة سنة ، ثم تلاشت نهائيا ٠ قال : وتوجد الآن بقايا من القرامطة فى واحة القطيف ٠ ا ه من المعالم ٠ أوردنا ماذكره عنهم كله والحقيقة أن فعل القرامطة هذا يعود عاره على الأمم الاسلامية كلما وإلا فكيف تجترىء أمةعلى قلع الحجر من الكعبة قبلة المسلمبن أجمع ويتولاه هؤلاء العتاة ٢٠ عشرين سغة كاملة، وهو ف الحسا ولم يكن أحد اجترأ على هذا الحال من سائر - ٢٠١ ح المسلمين، أن هذا الشى عجاب من أعجب ما حدث عنه التاريخ الجاطى والاسلامى، ولقد استطردنا ف القرامطة وما أحدثوه للاعتبار لا غيي وإلا فان مممتنا تاريخ عمان، ولهم فيه أخذ ورد اذا كانوا وطئوا أرض عمان واحتلوها حين فر إليهم بقايا النزارية الذين تولوا لمر عمان بابن بور ، فانه لما خرج ابن بور من عمان قتل العمانيون عامله الذى خلعه ، وبقى أمر عمان الى أهلما ، فكان فيما امام وسلطان يتصارعان طيما وهم الذين عبر عنمم الامام بسلاطين الجور فى عمان فكان الأمير السامى فى جمة ، والامام فى جمة لخرى ، وإليك النص الذى ذكره لنا الامام ومؤرخو عمان إذ يتكلمون عن بنى سامة ٠ قال : ثم اختلفوا سنة خمس وثلاثمائة ، وتحاربوا ولحق بعضهم بالقراسطة ، وأقاموا فتنة أى لأهل عمان، قال الى أن تغلعب طيمم أبو طاهر القرمطى سنة ٣١٧ عند اقتلاعه الحجر الأسود > وخطب بهالعبيد الله المهدى أى العباسى، وترددت ولاة القرامطة عليما من سنة ٣١٧ الى سنة ٣٧٥ ، قال : فترهب واليها منهم وزهد وملكما أهل نزوى وقتلوا من كان بما من القرامطة والروافض ، وبقيت فى أيديمم ورئاستها للازد منهم ، ثم رسا بنو مكرم من وجوه عمان الى بغداد ، واستخدموا لبنى بويه طى أن يناصروهم طى ملك عمان وكان بنو بويه قادة جيوش بغداد ، والأمر اليهم معنى والى الخليفة اسما، قال وأعانوهم بالمراكب من فارس، أى من الحامية الفارسية فملكوا مدينة عمان، قال وطردوا الخوارج يعنى المسلمين الى جبائهم وكأن هؤلاء ملكوا قلهات التى هى الساحل الشرقى الشمالى بالنسبة الى عمان الشرقية، وهى التى يطلق عليما إذ ذاك مدينة عمان وصحار قصبة عمان ، وقوله : وطردوا الخوارج الى جبالهم أى المى الداخلية ٠ قال وخطبوا فيما لبنى العباس ٠ قال: ثم ضعفت دولة — ٢٠٢ بنى بويه ببغداد ، فاستبد بنو مكرم بعمان ، قلت : فهذا كان فى أيام المقتدر بالله ، فان المعتضد بالله توفى ببغاد سنة ٢٩٣ ثلاث وتسعين ومائتين، وتولى الخلافة بعده ابنه المكتفى بالله، وقيل انه توفى فى ذى القعدة سنة ٢٩٩ تسع وتسعين ومائتين ، وتولى الخلافة المكتفى بالله ولم يطل عهده ، ثم مات وتولى الأمر.أبو الفضل جعفر المقتدر بالله وهو ابن ثلاث عثرة ١٣ سنة ، أى فى أول بلوغه أو لم يبلغ بعد ، فكانت خلافته اسما فقط ، والمعنى الجيش ولم يدك عمده إذ تلاعب الصبيان ، وفرق الأموال وبذرها فى اللهو واللعب ، وماذا عسى يفعل الصبى إلا ذلك، ومنهنا ضاعت أمور المسلمين وانحلت دولتهم، وكان هؤلاء مسلمين من حيث اقرارهم بالشهادتين ، أما الاسلام الحقيقى لم يحومواحوله، وإلافكيف يتولى الخلافة العظمى التى تناط بما الممام الدينية والدنيوية صبى لا يصح تصرفه فى ماله فضلا عن غيره ، أهكذا يكون ولى الأمر وبهذا يقضى العقل الصحيح ، وبذلك أصبح الخليفة ألعوبه فى يد اللاعبين ، فان مؤنس الخادم قائد الجيش هاجم المقتدر فى قصرهوقبضطيهوعلىأمه،ثمنهب لجينالأموالالتىهىقوام الدولة، وخلع المقتدر ففسه حين رأى الموت بين عينيه ، وقتل الجند صاحب الشرطة وشردوا بالوزير ، ثم تراجع المقتدر وعاد الى الخلافة ، وأخيرا قتل المقتدرفقد قتله البرير واحتزوا رأسه ومضوابه الى مؤنس القائد ، وكان قتله لثلاث بقين من شوال سنة ٣١٦ ست عثر وثلاثمائة أيام تتلاعب القرامطة فى عمان وغيرهما، وتقتلع الحجر الأسود من البيت الحرام، وقبل قتله تولى الأمر بعده أخوه المنصور محمد بن المعتضد بالله بويع لليلتين بقيتا من شوال من نفس السنة ٠ ولماتولى قبض على ابن أخيه المكقفى بالله وأمر به فأقيم فى بيت . م٢٠ وسد عليه بالآجر والجص حتى مات غما ، وقبض على أم المقتدر وطالبما بما لم تقدر عليه فتهددها وضربها بيده وعذبهما بأنواع العذاب وعلقما منكسة حتى كان بولما يخرج على وجهما،ماتت على ذلك المحال فلسط الله عليه الجند فمجموا عليه من سائر الأبواب، فبقى يتوارى بالستر والحجاب وأخيرا قبضوا عليه وأهانوه الى غاية بعيدة حتى سملوا عينيه وذلكسنة ٣٢٢ اثنتين وعثرين وثلاثمائة ٠ وقول اون خلدون : ثم ضعفت دولة بنى بويه ببغداد فاستبد بنو مكرم بملك عمان وتوارثوه ، ما يدل على ان بنى مكرم لم يكونوا من عمان بالأصالة ٠ قال: وكان منهم مؤيدة الدولة أبو القاسم على بن ناصر الدولة المحسين بن مكرم، وكان ملكا جوادا ممدوحا، قاله المبيقهى : قال ومدحه مهيار الديلمى وغيره ومات سنة ٤٢٨ ثمان وعثرين وأربعمائة بعد مدة طويلة فى الملك ، قال وفى سنة ٤٢ اثنتين وأربعين ضعف ملك بنى مكرموتغلبطي٠م النسا، والعبيد،فزحف اليهم الخوارج يعنى المسلمين ، فملكوها وقتلوا بقيتهم ٠ قال : انقطع منها رسم الملك وصار فىحجار ٠ قال الامام : والمراد بقوله وانقطع منما رسم الملك يعنى قلمات، أى انتقل منها وصار فى حجار ، قال وحجار فى شماليها الى البحرين بينهما سبع مراحل ، قال وهى فى جبال منيعة فلم تحتج المى سور ، قال : وكان ملكها سنة ثمان وأربعين زكريا بن عبد الملك الأزدى من ذرية رئاسة ، قال : وكان الخوارج بنزوى مديفة الشراة يدينون لهم ويرون أنمم من ولد الجلندى ا ه كلامه والمله أطم بما ذكر ٠ ٢ ، قال الامام : وليس لبنى مكرم ذكر بعمان ولا نعرف من هم ولكن أهل عمان يذكرون فى كتبهم تغلب سلطان الجور عليهم بعد حروب محمد بن نور وهم مع ذلك ينصبون الأئمة ويدفعون العدو والأيام دول والحرب سجال ، قلت : لا وجه لما ذكره ابن خلدون أبدا ، ولم يذكره أحد من أهل عمان ولامن مؤرخى الشرق، وابن خلدون رجل مغربى ، وأكثركلامه غلطلاأصلله،بليأخذ الأقوال على عواهنهابغيرتحقيق، فهل من المعقول أن يفوت أهل عمان ذكرهم وقد تولوا ملك عمان ؟ هذا غير معقول وأهل عمان أعرف ببلادهم وهم أحق بذكر من يغزو بلادهم ، فان يكن صح لبنى مكرم ذكر فى عمان فهم قواد جيوش ، واذا انكسر الزعيم ضعف أمرالجند وتلاشى أمرهم وزالت سطوتمم فيقنعون من الغنيمة بالاياب ، فان كان المراد بالسلطان نوابه وقواد جيثه ومأموروه فربما كان له وجه ، وقد ذكر القرامطة بعضهم فى تاريخ عمان أول القرن الرابع، وهذا خطأ اللهم إلاأن كانوا غزاة دخلوا عمان، ثم لميكنلممفيه-اسلطان، وانما المفهوم أن كل هؤلاءالمذكورين مروا بعمان غزاة فنالوا منها ونالت منهم ، وراحوا عنها ولم يكن للقرامطة فى عمان قرار ، وانما كانوا غزاة سباغا ضارية ، تأكل ما لاقت ثم تذهب أدراجها ، وسوف ترى أن الوقت الذى تذكر فيه بعمان القرامطة بلوبنو مكرم هو وقت مشغول بامامة فى عمان ٠ ففى سيرة محمد بن روح رحمه الله : أن القرامطة جاعوا عمان فى إمامة عمر بن محمد بن مطرف الحدانى ، وأنه اعتزل من بيت الامامة ، وأن القرامطة رجعوا الى البحرين،ولعل اعتزال الامام عمربن محمد كان لعدم المناصر ، فلعله رأى التخاذل من قومه ، فان شأنهم التقلب والتلاعب عندما يجدون من الغير ما يحبون ، وإلا فما معنى اعتزال الامام من - ٢٠٥ اماته ولا يفاقش فيما ولا يقام عطيه حتى يعلم عذره ، وإلا فالاعتر ل بغير موجب خذلان للحق وهو حرام اجماعا ، وليس للامام لن يتلاعب فى إمامته اذا تقلدها وجبت عليه حقوقها ووجب على الأمة مناصرته ، فاذا تحقق خذلان الرعية له صح له الاعتزال ولم يجب فيكون اعتراله من نوع التقيهة إذا خذلته الرعية، والقرامطة لادين لهم،ولاضميرحق ولو من جنس السياسات ، فان النصارى لا يرضون بما يرضى به هؤلاء السفهاء الأوغاد الذين يعيثون فى أرض الله فسادا ، ويهلكون الحرث واندولا يبالون ٠ وحقيقة القرامطة قوم غزاة صار لهم وقت يخوضون فيه موجة عارمة بالباطل، وقد لعبوا دورهم حتى اقتلعوا الحجر من بيت لله الحرام قبلة المسلمين عامة من جميع المذاهب، والوقت فى أول شباب الاسلام إذ كان ذلك فى أول القرن الرابع كما بيناه، إلا أن الخلافة العباسية أضحت ألعوبه كما أفدناك عنما لمحة تدلعلىصحةما قلنا ه، والجزيرة العربية نفسها فى غطرسة التية حتى أراهم الله العجب بهؤلاء القرامطة المشائيم، لاأعاد اللهطى العالم الاسلامى أمثالمم، والله مع الصادقين الذين باعوا أنفسهم لله ، وجاهدوا فيه حق جماده ، ولقد أثار الله طلى هؤلاء من يريهم لفح السموم فى لرضمم الخاصة بهم ويلحوهم كما يلحى القضيب، وكذلك مايقالعن الديلم فى عمان وعن الترك فى ذلك الأوان، فكل هؤلاء غزوا عمان وقام الصراع بينهم والأهالى فى عمان ، فطور يغلبون ويحتلون قسما من البلاد ، وطورا يغلبون ويطردون منما طرد غرائب الابل — وترجع البلاد لأهلها وسرعان ما ينصب أل عمان إمامتمم وتعلو كلمتهم وتظمر حجتهم ، وتلك الأيام نداولما بين الناس والحرب سيجال : - ٢٠٦ ٠ فيوما علينا ويوما لنسا ويوما نساء ويوما نسر وهكذا الدنيا ، واذا وفرت النعم طى قوم وخاضوا فى لجما وسرحوا فى ريفما ، وأخذهم البطربما سلط الله عليهم نقمة تسحقهم وتمحقمم وترد الشارد والمارب الى مقرهما برغم الأهواء ٠ قال الامام رحمه الله: وف الأثر ما يقتضى أن ذهاب دولة القرامطة من عمان فى أيام أبى المؤثر : وأنه أمر بحرق بيوتهم ٠ فقال له قاتل : ان كان القوم مسلمين، فلايجوز خرق بيوتهم، وان كانوامشركين فبيوتهم فىء للمسلمين ، ولا يجوز حرقما بعد ذهابهم فأعرض عنه ، وقال: لابدللقوممنمخاصم أحرقوهالئلايرجعوا اليها، قال : وهذا يقضى آن ذهاب القرامطة من عمان قبل الوقت الذى ذكره ابن خلدون ٠ قلت:ومنهنايعلمأنماقاله ابن خلدون لاشىءلهمن الصحة، ولعله سمع عن القرامطة سماعا من بعيد، فعلق عليه مقاله ذلك، ومن هذا يعلم أن القرامطة قامت لهم بيوت بعمان ومساكن هى التى أمر أبو المؤثر رحمه الله بحرقها لئلا تكون لهم مأوى يأوون اليها ويتلاعبون من أجلها على المسلمين ٠ قال الامام : لأن أبا المؤثر كان قد أدرك امامه المهنا ٠ قلت : نم كما بيناه ٠ قال : وامامة الصلت بن مالك وعاصر راشدا وموسى من بعدهم وهو يومئذ ممن يؤخذ عنه المعلم ، وكان قد أخذ فى السن وقد مات قبل الموقت الذى ذكره ابن خلدون فى ذهاب القرامطة، لأن المذكور فى امامة أبى القاسم سعيدبنعبداللهأنمن العاقدين عليه ولد ولد أبى - ٢٠٧ — المؤثر ، وقد استشهد رحمه الله فى سنة ٣٣٢٨ ثمان وعثرين وثلاثمائة ، وكان قد عاش فى الامامة ثمان سنين ، إذ بويع على ما قيل فى السنة العشرين بعد ثلاثمائة ، فتبين من هذا أن ما ذكره ابن خلدون غلط فى التاريخ ، لأن المذكور تبلغه الأخبار بعد مدة وبدونها على ما بلغته ٠ قال الامام : وذكرواماكان للقوامطة من قوة وعزة، وأفما ذهبت بدولة الاسلام ٠قلت :هذا كلام أنهم كاتوا قبل الاسلام ثم ذهبت قوتهم بالاسلام وليس الأمر كذلك، وإنما كانوا فى أول القرن الرابع من الاسلام، وقامت لهم زعامة فى الحسا ،وكانوا أشداء أقوياء أهل بأس ، ولا دين لمم ، انما هم من الزنادقة الذين يبيح الاسلام دماءهم إذأنكروا الصلاة ٠ والزكاة والحج، وعارضواشعائر الاسلام بالرد ، فمم من هذه النواحى مثشركون ، ومن جهة الزندقة قد أخذوا حظهم، إذ قرروا للعوام سقوط التكاليف، لأنهم كأهل الجنة لا شىء عليهم، فتبعمم أهل السخافة فى دينهم وأهل السفاهة فى دنياهم، وأعوان الشيطان أسرع نهوضا واجرأ على المناس ، حيث ينزع الايمان من ضمائرهم والرحمة من قلوبهم ، وكانت قوتهم بالبحرين وعاصمتهم جنابة ، وغزوا العراق والحجاز وعمان ، واقتلعوا الحجر الأسود يريدون أن يجعلوه فى بيت لهم قرب القطيف ، فموضعه الآن يقال له الكعيبة يريدون أن يصرفوا العرب الى حجة كما صنع ذلك الحبشى صاحب الفيل باليمن إذ بنى كنيسة ليصرف الناس الى حجها دون الكعبة، فجاء رجل من كنانة فتغوط بما وكان ذلك من حقها ، فغضب الحبشى وأجمع طى هدم الكعبة ، فرد الله كيده فى نحره وصان بيته الكريم ، وكان مسيره وبالا عليه وتشريفا للبيت واعزازا لقدره ، فبقى على رغمه ٠ - ٢٠٨ قال الامام : شم ان قائمة من أهل الأحسان من ٠١ل بيت ابن مقرب قاموا على القرامطة وحاربوهم سبع سنين حتى انترعوا الدولة منهم ، وفى ذلك يقول ابن مقرب من قصيدته الميمية ، حيث يفتخر بذلك : سل القرامط منشظى جماجممم فلقاً وغادرهم بعد العلى خد ما من بعد أن جل بالبحرين دانم وأوجفوا الشام بالغارات والحرما ولم تزل خيلمم تغشى سنابكما أرض العراق وتغشى تارة أدما وحرقوا عبد قيس فى منازلما وصيوا الغر من ساداتما حمما ولبطلوا الصلوات الخمس وافتهكوا شهر الصيام ونصبوا منهم صنما أى هذه أفعالمم فى الديانة التى يتدينون بما ويدعون اليما أخزاهم الله ٠ قال ابن مقرب : وما بنوا مسجدا لله فعرفه بل كل ما أدركوه قائما هدما - ٢٠٩ - قلت : كيف يبذون المساجد وهم أعداؤها وأعداء أهلما قال العيونى الحر ٠ حتى حمينا على الاسلام وانتدبت منا فوارس تجلو الكرب والظلما وطالبتنا بنو الأعمام عادتتا فلم تجد بكما فيذا ولاصمما وقلدوا الأمر منا ماجدا نجدا يثفى ويكفى اذا ما حادث دهما ماضى العزيمة ميمىن نقيبته أعلى نزار الى غاياتها همما وسار تتبعه غرغطارفة لو زاحمت سد ذى القرنين لا نمدما وف شرح ابن مقرب آن القرامطة هم بنو أبى الحسن بن بمرام الحيانى، نسب الى مذهبه وأصله شخص من أهل الكوفة كان يقال له حمدان قرمط ، نسب اليه أهل مذهبه ، فقيل القرامطة الواحد قرمطى كما يقال شافعى منسوب الى مذهب محمد بن ادريس ، وحنفى منسوب الى مذهب أبى حنيفة النعمان بن ثابت ، وأولهم أبو طاهر سليمان بن الحسن القرمطى الذى قلع الحجر الأسود من الكعبة والميزاب أيضا وحملمما الى البحرين وبنى بالقطيف بيتا سماه الكعبة الخ ٠ (م١-عمان عبر التاريخ ج ٢ ) قال وكان حمله للحجر والميزاب فى سنة ٣١٢ من المجرة الاسلامية وكن ردهما فى سنة ٣٣٥ وذلك بعد موته، وكافت مدة اقامة الحجر والميزاب بالبحرين ثلاثا وعشرين سنة الى آخر ما ذكر من لخبارهم ، هكذا يملى الله العزيز الحكيم للانسان فيتورط ولاييالى، ويخذل الله ناسا حتى يرى الكل أنمم عاجنون عن أدنى شىء ، ففى ثلاث وعثرين سنة يحج الناس بيت اللهالحرام ، ولا حجر ولا ميزاب ولا تتحرك غيرة أخذ بمم البطر الى آن تجرعوا على الله عز وجل فى هدم بيته وتغييد شاء منغير قائم لله ينترع ذلك منه ويؤدب المفاعط لذلك والقرامطة أخذ بهم البطر الى ان تجرعوا لى الله عز وجل فى هدم بيته وتغبير شعائر دينه ، وابطال أوامره ،وحاولوا أن يعنوا بيتا يصرفون اليه الناس للحج وهو ركن من أركان الاسلام الخمسة التى لا يتم اسلام المرء بدون واحد منها ، ثم يخلقون أعمالا من عند أففسهم يتعبدون بما العباد برغم أوامر الله أنهم ركبوا أمرا عظيما لم يجسر عليه غيرهم ، وذلك فى العصر الذى يسمونه العصر الذهبى،إذ كان فى أواخر القرن الثالث وأول المقرن الرابع فى شباب الدولة الاسلامية، والخلافة العباسية، هذا عصرهم الذهبى كما يسمون ولا يستحون حيث يضعون مثل هذه العبارات الحاكمة عليهم بالجبن والخور وسوء الديانة، وعدم الاستقامة فى أمر الدنيا فضلا عن لمر الدين ٠ الإمامة المستضعفة بعمان اطم أن بعض الأوقات التى لم يوفق اش أهلها لإقامة الحق وإعلاء منار العدل ، وتأييد الشريعة وان نصبت فيها أئمة يكون نصيبها من ذلك الفشل ، فإن أهل عمان بعد حروب محمد بن نور بايعوا جملة أئمة ، لكن لم يكن القوفيق حليفهم ولا العدل نصيرهم ، ولا الاستقامة دعامتهم ، فقد بايعوا محمد بن الحسن بنزوى بعد قتل بيحرة فى سنة ٢٨٢ ، وذلك بعد حروب محمد بن نور بسنتين وبعض الأشمر ٠ قال الامام : ثم تتابعت الأئمة بعد ذلك وكذلك قال صاحب المعالم ، وهو عين ما فى ابن رزيق ، قال : والسلطان الجائر يحاربهم ويقاومونه ويغلبهم ويغلبونه ، حتى فرج الله ورجعت الى المسلمين قوتهم ولله المنة وله الحمد كثيرا ٠ قال وف سيرة محمد بن روح رحمه الله أن القرامطة جاءوا الى عمان فى إمامة عمر بن محمد بن مطرف للحدانى ، ولم يذكر نهاية أمر محمد بن الحسن ، وأما عمر بن محمد فقد ذكر الامام أنه اعتزل وذلك أنه رأى أنه لا قبل له بالدفاع لهم ، ثم ذكر الأئمة المنصويين فى الفترة ويعنى بها وقت تغلب سلطان الجور خليفة بغداد ، قال أبو عبد اش محمد بن روح ابن عربى : من تلك الأئمة أى التى نعبر نحن عنهم بالأئمة المستضعفين أو بالإمامة المستضعفة ، محمد بن حسن الخروضى النازل فشح من أودية الرستاق ، قال : وهو من اليحمد ٠ قال ابن عربى : بويع على الشراء فيما بلغنا ، وكان إماماً شارياً ، ثم إنه اعترل عن الامامة ولم يعلل اعتراله بشىء ، قال ثم بايع أهل عمان من بعده لثمانية أئمة منهم من بويع عطى قطع الشرى غيما بلغنا ، ومنهم من - ٢١٢ — بويع على الدفاع،قال ومن تلك الأئمة الثمانية الذين بويعوا على الامامة من بعد اعترال محمد بن الحسن الصلت بن القاسم الخروصى، النازل نزوى ، ثم ماذا صار من أمره لم يذكر عنه شيئا ، ثم من بعده عزان بن الهزبر المالكى من كلب اليحمد ٠ قال عقد له فىحياة الصلت بن القاسم فانظر يا أخى ف هذه الأحوال كيف كان أمر الصلت ابن القاسم اعتزل أم عزل وعقد من بعده لابن المزبر المالكى أهكذا الدين وأين الشرى ؟ لا أرى له هنا أشراً ٠ قال : ثم عقد فى حياة عزان المذكور لعبد الشه بن محمد الحدانى المعروف بأبى سعيد القرمطى، قال : وذلك قبل أن يعلم منه رجوع عن دعوة المسلمين الى بدعة القرامطة، وكأنهم لقبوه بالقرمطى لما رأوا منه اتباع القرامطة، ولم يذكر نفس البدعة وهل هى دينية أم سياسية ٠ قال : ثم عقد فى حياة أبى سعيد القرمطى قبل أن قعلم بدعته للصلت ابن القاسم ثانية ، ومات الصلت بن القاسم من غير اعتزال عن الامامة، أى فى هذه المرة الثانية، ولم يعلم كم لبث فيها ولا ماذا كان من أمره ٠ قال : ثم بويع من بعده للحسن بن سعيد السحتنى النازل نزوى أخى بنى ثعالة ، فلبث فى الامامة أقل من شهر ، ثم مات من غير اعتزال عن الإمامة ٠قال : ثم عقد للحوارى بن مطرف الحدانى النازل نزوى، وبويع علىمابلغناطى المدافعة ٠ قال : وكان فى البلد آخذاً على أيدى الفساق من سفهاء أهل عمان أخذا شديدا ، وكان اذا جاء السلطان الى نزوى يجبى من أهلها اعتزل من يبت الامامة الى منزل نفسه من نزوى، فاذا خرج السلطان من نزوى رجع هو الى بيت الامامة ، ووضع تاج الامامة ، على رأسه ، وقال : لا حكم شم ولا طاعة ٢١٣٠ — لمن عصى اشم ، قال : وكأن قائما له بالأمر عند السلطان قوم من بنى سامة فيما أحسب ٠ قلت : أى أمر له عند السلطان حتى يقوم به له بنو سامة ، فإما أن يكون إماماً من طرف السلطان ، وهو الواضح لسكوت السلطان عنه إذ جاء نزوى فالأمر الى السلطان وهو إمام بيته ، واذا خرج السلطان من نزوى يكون هو إمامهم اسماً دون معنى ما سمعناه فى سيرة المسلمين بهذا ، وإما أن يكون عاملا للسلطان ، وهو أكبر ، ولعل بنى سامة يقولون للسلطان اتركه فى مكانه اسماً وأنت المعنى ولا تخشى منه شيئا فانه لم يكن بيده أمر من أمور الدولة ، وهذه هى الامامة المستضعفة إن لم نقل غير ذلك والشه المستعان ما علمنا بهذا فى منهج المسلمين ، ولا ارتضاه الأئمة فى الدين ٠ قال : فلم يزل الحوارى على ذلك الى أن مات من غيراعتزال ٠ قلت : أى اعترال يراد هنا مع هذه الأحوال الشبيهة بلعب الصبيان ٠ قال : وعذر المدافع عن المسلمين عذر الشارى ٠ قال الامام : ولا عذر عندنا لأحد إلا من عذره الله ٠ قلت : لا ينبغى لأحد أن يدخل فى أمر يرى أنه يعجز عنه ولا يليق بمنصب الإمامة أنيكون كهذا الحال الذى عليه هذا الامام ٠ قال : ثم عقد لابن أخيه عمر بن محمد بن مطرف الحدانى ، وكان على نحو سبيل عمه اذا جاء السلطان اعنزل من بيت الامامة ، قلت هذا السلطان أشبه أن يكون من بنى سامة الذين مر ذكرهم ، وأهل عمان أطلقوا عليه اسم السلطان تشهيرا ببغيه فى مثل هذا المقام ، وكأنه زعيم من زعماء بنى سامة الذين تسلطوا على الأمر ، وأما سلطان بغداد الذى يتعلقون به لم يقل أحد إنه جاء عمان ، واسم السلطان كبير لا ينبغى إطلاقه على أمير يرجع الى سلطة غيره من الملوك ، وإنما - ٢١٤ - م٠ رئيس أو زعيم أو أمير ، أما اسم السلطان فلا تحل له هنا ولا ينبغى إطلاقه فى التاريخ إلاعلى المعروف بالخليفة الأكبر الذى له النفوذ من غير سلطة عليه ، ثم وجدت أن قواد جيوش بنى العباس سموا أنفسهم باسم السلطان ، وسموا السلطان العباسى خليفة ، فكان الخليفة فى بيته اسماً والسلطان المعنى اه ٠ أما شيوخ القبائل وزعماؤهم كما سوف ترى فى زعماء بنى سامة ، إذ كانوا عائلة تتمارش على ملكعمان وهم يلقبون أنفسهم سلاطين، فيكون فى عمان سلاطين عدة فى وقت واحد ، فهذا وأمثاله لا يليق أن يطلقعليه اسم سلطان إلامنلا يفهم معنى السلطان أو الخليفة أو الامام، وهكذا فهؤلاء لاعبرة بهم ف التاريخ الصحيح،وكلمنعبر عنهم باسم السلطان فقد غلط غلظاً تاريخياً وأدبياً ، كما أن العلماء يميزون مقامات هذه المراتب، فالسلطان والأمير والزعيم والدولة والحكومة ونحوها فى الاصطلاح لكل مرتبة من هذه المراتب عرف خاص بها ، ذكرذلك الشيخ أبو اسحاق فى مجلة المنهاج فراجعه إنشئت ولاتكقب إلا على مقتضى القواعد الصحيحة وللعلم حقوق يجب أن تراعى ، وللاصطلاحات اللغوية والعرفية ونحوها كذلك ٠ قال الامام : شم جاءت القرامطة بعدذلكوعمربنمحمدف الحياة، ورجعت القرامطة من عمان الى البحرين وهو حى فلم يرجع الى بيت الامامة ٠ قال : ثم كان فترة من بعده فى سنين عن عقد الامامة ، ثم عقدوا لمحمد بن يزيد الكندى النازل سمد نزوى وبايعوه على ما بلغنا على - ٢١٥ - الدفاع ، واعتل عليهم بأنه رجل عليه دين فلم يبايعمم على الشرى ، قال : ثم إن السلطان تغلب عطى البلد وهرب محمد بن يزيد ، وكأنه بهربه سقطت إمامته ا وكان فيما قيل للسلطان عسكران : عسكر بالسر وعسكر بالاعتاك أى كان له جيشان، وكأنه جعل عاصمته أرض السر ويأتى نزوى كسائر الملوك المتجولين، وكأنه لم يضغط على أهل نزوى فى عقد الامامة فإن السلطان اذاجاءتذهب الامامة كلاشىءحتى اذا خرج برزت الامامة من مخبئها وأعلنت أمرها ، فالذى بيده الحل والعقد هو السلطان، والذى له اسم الامامة، فالإمام أياً كان لا يهم السلطان أمره ولا يهوله وجوده ، قال : ثم عقد بعد الكندى فى حياته للحكم بن الملا البحرى النازل بسعال م قال الامام : قال ابن روح لانعلم أن إماماً كان من أهل القبلة مثله فى الضعفة والوهنة، مسلماً ولا مجرماً قلتكيف لا يكون كذلك وأنتم أنصاره وأعوانه ، وأنتم تعقدون عليه والسلطان فى البلاد والأمر اليه، وأنتم ترضون إمامته وهو يرضى أن يكون لكم إماماً والحال هكذا ٠ فحينئذ الامام يولى قدر المأمونين ولا يلام الحكم أكثر من لوم أنصاره،قال:ثمإن الحكم بن الملا اعتزل عن الامامة وأقام السلطان عسكراً بنزوى الى هذه الغاية ٠ يعنى الوقت الذى هو فيه ٠ قلت : منهذا يظمر أن السلطان لا يزال مع اتفاق لدى الامام، أن الامام يكونمنطرفحتى اذا تخلى السلطان عن الالمامة أقام السلطان لنزوى عسكراً يحافظون عطى البلاد، ولكن من الأسف الآسف أنمم لم يسموا واحدا من هؤلاء السلاطين السلفيين واكتفوا على قاعدتهم فى نبزهم لغير الامام باسم السلطان، والمراد به الأمير الذى لا يتولونه يطلقون - ٢١٦ - عطيه اسم السلطان إعلاماً بأنهم غير راضين به ، ولكتمم مرغمون عليه هكذا المفهوم من تعبيرهم سواء كان سلطافاً بكل معنى الكلمة أو كان أميرا مسلطا ٠ وقال. أبو الحوارى : نحن نبرأ من أبى سعيد القرمطى ونبرأ ممن تولاه ، و نبرأ ممن وقف فيه ونبرأ قمن شك فيه بعد رجوعه من السوق الى نزوى ٠ قال : أما عقد إمامته فلا نقول فيه شيئا ، وما من بعد رجوعه من نزوى ورجوعه اليها من بعد دخوله فى القرامطة فنحن نبراً منه من بعد ذلك الى هذا اليوم ، وممن تولاه وممن وقف عنه وممن شك فيه ٠ قال : ولاينبغى لعاقل أن يناظر فى أبى سعيد ولا فى عقد إمامته ، قال : وإنما كان يشبه لعب الصبيان فمن تكلم فى ذلك فينبغى أن يعرض عنه ويمقت ولايلتفت اليه،قال : وهذامن كلام السفاهة والحمق والضلالة ٠قال أبوسعيد : هذا القول معناهخاص فيمن علم من أبى سعيد ما يستحق به العداوة وعلم ممن تولاه على ما لا تسعه ولايته عليه ، وعلم ممن شك فيه بعد أن علم منه ما لا يسعه الشك خبه طيه ٠ وقال أبو الحوارى : ان عثمان بن محمد بن وائل ويزيد بن حماد السعالى بايعا محمد بن يزيد اماما ، وقد كان مع من خرج على الصلت بن مالك، وكان من أصحاب راشد وكان واليا له على سمائل يعرف ذلك الخاصة والعامة ، وقال : يزيد بن حماد وأبو عبد الله النعمان ومحمد بن عبد الله أنهم اجتمعوا فى المسجد منهم عثمان بن محمد بن وائل ، وأبو عبد الله النعمان ، ويزيد بن حماد ومحمد بن عبد الله ، ومحمد بن خالد بن يزيد وكتبوابامامة محمدبن يزيد الى الرستاق ، وخرج عثمان بن محمدبن وائل ، - ٢١٧ - وعلى بن محمد بن على الى الاعتاك يدعون الى نصرة محمد بن يزيد فيما سمعنا ٠ قال : ولأبى المؤثر وأبى قحطان كلام فى هؤلاء الأئمة ، وفيمن بايعمم ٠ قلت : أما قولهم نحن نبرأ من أبى سعيد ونبرأ ممن تولاه ونبرأ الى آخر ما جاء عنهم ليس بشىء ، وانما هو أشبه بلعب الصبيان ، فاذا برئتم أنتم ومن معكم من أبى سعيد ماذا يضر أبا سعيد ، وقد لعب دور ه وأنتم الناصبون له، وان لم تكونوا أنتم بالذات فاخوانكم وأهل ولايتكم وأهل مذهبكم وملتكم ، ومن تحتجون بهم وتعتمدون عليهم ، وهل يكفى القول عن الفط أم هذا ضرب من الحمق والسفاهة كما تقولون، وهل يليق بالامامة العظمى كهذا الحال الذى مثواعليههنا، وانه لمن المؤسف وانا اذ نذكره نريد أن نكثف للناس جد الرجال وهزلهم فى الدنيا والدين، وليعلمواأن مرت على أهل مذهبمم هى أشبه بلعب الصبيان ان لم تكن فى الحقيقة لعبا خالصا ٠ قال أبو المؤثر : قدموا راشسدا يعنى ابن النضر اماما ثانيةطىغلطه وخطئه، ثم ضللوه وعزلوه، ثم أقاموا الصلت ابن القاسم إماما ، ثم قدم عليه حمويه الفاسق ففر عنه ولم يذب عن الحريم ، فلما قضى حمويه غثمه وظلمه رجع الصلت الى موضعه ، فأنفد الأحكام وحيى الصدقات وولى الولاة وصلى الجمعات، الى أنرجع حمويه ثانية ففر الصلت ابن القاسم فحاصره ، فدفع الله شر حمويه فانقلب صاغرا ولم يدخل الجوف ٠ قال : ففعل الصلت بن القاسم فى هذا الحال أحسن من فعله فى المرة الأولى ، أى نجرد لحرب حمويه وقاومه فى هذه المرة بخلاف المرة الأولى التى لم يفعل فيها شيئا ، قال : فلما أحسن فى فعله قاموا عليه فبرعوا منه وخلعوه وكتبوا الى المسلمين كتابا، قال: فالعجب من ذلك أنهم رضوا - ٢٨ - به اماما فى أسوأ فعله ، اذ فر أى فر عن الدفاع للظالم حمويه ، ولم يقاومه وهذا من أقبح الأشياء فى الدين ، وأوهن سمعة للمسلمين ، وأضيع لحقوقه الامامة عند المؤمنين، قال : وخلعوه وهو محسن اذ الله به شر حمويه عنهم، قال : فهذه عجيبة من العجائب ٠ قلت : وأعجب منها ما يأتى وهو كما يقوك عنهم، ثم عادوا عليه فقدموه ثانية، فالعجب منهم ومن الصلت فان يكونوا مخطئين فى عزله وف خلعه فقد كان لا يبغى ألا يتخذهم وراء ه ولا يؤمنهم على البيعة ولا يقربهم فى مؤازرته إذ خلعوه وهو مصيب وهم مخطئون، وان يكن الصلت مخطئا فالعجب منهم إذ رجعوا اليه ورده اماما على خطئه، وإن قالوا قد تبيناه واستتبناه فقد اتخذوا دينهم ربا ولهوا ولبعبا إذ يظهرون الخطيئة وييطنون التوبة، فقد عظم ذنبهم على لبسهم الأموربعضهاببعض، ولبس الحق بالباطل وكتمانهم الحق وهم يلعبون ٠ فاتقوا الله يا أهل عمان وارجعوا الى ربكم يعد لله عليكم، وادخلوا فى الباب الذى خرجتم منه ، وارجعوا الى الأصل الذى تفرقتم عنه ، ولدين الله الذى لاعوج فيه، وللحق الذى لاباطل معه، وللعدل الذى لا يشوبه الجور ، وتعانوا على البر والتقوى ، وكونوا بنى الاسلام ، وألقوا عنكم العصبية والحمية، ولاتعازوابالعشائر، أى لاتتداعوا بها، وليكن عزكم بالله، أى الذى هو الأحد الفرد الصمد، وبدينه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، ودعوا عنكم اللجاج واخضعوا للحق، وتواضعوا له ، وانزلوا للمحدثين حيث أنزلوا أنفسهم ، واجتمعوا وتكاتبوا وتداعوا إلى وطء آثار أسلافكم ، قال : فاذا اجتمعتم فبايعوا اماما من أحزمكم على الخيروأصبركم على الجهاد ، وأبعدكم عزما وأوفاكم على أمر - ٢١٩ - الله عمدا ، ثم انصروه بأموالكم وأنفسكم ، فقد تعلمون أنه لم يبق من الجور ولا من خصال الشر شىء الا قد وقع وانبث بين أظهركم ، دل عليه قوله : أمراء ظلمة وأجناد غشمة وقطاع الطريق ، قد صدوا الناس عن أسفارهم وقضاء حوائجهم ، أى خوفوهم فلم يخرجوا لأعمالهم ، قال وفساق القرى قد استطالوا على الناس ، فيسفكون دماءهم ويغصبون أموالمم، ويروعونهم فى منازلهم ٠ قال : ثم داهية هى أعظم وأفحش كفرا قوم يدعون الى تكذيب رسول الله صلى عليه وآله وسلم ، يعنى القرامطة ، يدعون الى تحريف أى القرآن ، لم يمكنهم ابقاء التأويل والتنزيل معا فجعلوا ييطلون التأويل ويحرفون الكلم عن مواضعه ، لأنهم متى حرفوا تأويله وسموه بما لم يسمه به الله ، قصدوا الى ابطال تنزيله وف الحق عليكم أن تدعوا ذلك وتتفرغوا لدينكم و أحسابكم ، لأنهم يسقحلون فيما بلغنا قتل الأطفال وسبى الحرم ، ويضربون الأمثال فى ذلك ويقولون إذا قتلت العقرب فلك أن تقتل أولادها ، ويتأولون دعوة نوح عليه السلام على قومه وهى قوله : ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ٠ إنك إن تذرهم يضللوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفكاراً ) يقصدون فى أهه الجفار ومن يستحل أكل أموال الناس بالباطل بغير دين ، فكيف إذا منوهم بالخلود ، ووعدوهم استباحة القرى ، فالله الله قبل أن تنزل بكم العقوبة ، فليجقمع منكم عشرون رجلا الى هؤلاء القوم فيسالونهم عما يدعون اليه ، فان ناظروكم فناظروهم ، وإن طووا عنكم فادعوهم وأجيبوهم ، ولا تأمنوا أن يجمعوا عليكم الأعراب اللصوص قطاع الطريق ، ثم يبيتوا على قرية من قراكم فيستبيحونكم يغلظ جمعهم بالفساق ، ثم يعسر عليكم دفعهم فأدركوا ٢٢ - قبل أن يفوقكم الأمر تندموا على ما فاتكم وقد أعذرنا اليكم ونصحناكم والله يثشهد على ما نقول ويقولون ٠ وقال أبو قحطان : رجعوا الى راشد يعنى ابن النضر بعد أن كان ف السجن خليعا مقيدا محبوسا أسيرا فعقدوا له اماما وقصروا الجمعة أى صلوا وراء ه ركعتين، ولا تصلى الجمعة فى نزوى الا خلف أئمة العدل، والا كان الواجب عليهم أربعا فاستحلوا قصر لأربع ركعتين، قال : وجبوا الزكاة أى والزكاة لا تحل الا للامام العدل قال : وباع راشذ الصواف، قلت : لم نعلم بعمان صوافى قبل تغريق أموال بنى نبهان الذين ظلموا عباد الله، وسلبوا الأموال منغيرخلها، وعمان أسلمت طوعا فلمتكن يوما من الأيام صافية ، فان الصوافى هى جمع صافية.وهى ما اسقصفاه الامام من الغنيمة ، ومنه اشتق لها اسم الصافية والمراد بها عند الفقهاء أموال الكفار الذين جلوا عنها وغنمها المسلمون كخيبر ومثالها، أماعمان لم قكن يوما من الأيام صافية الا أموال بنى نبهان الذين ظلموا أهل عمان أموالهم وأملاكمم ، وأخذوا ما ليس لهم وأملاكهم ، وأخذوا ما ليس لهم بحق فرأى هداه الحق ظلمم ولم يسقطيعوا رد كل شىء الى أهله، فأشكل عليهم ذلك غاية الاشكال،فلما أشكلعليمم جعلوا المشكل كمجهول الأرباب أمره الى الامام يضعه حيث يرى له وجها يسوغ وضعه فيه ، فتكون مصلحته عامة فى المسلمين وما عمت مصلحته كثر أجره ،ولا يكلف الله نفسا فوق طاقتها وأين يدرك ذلك إذا تعددت المظالم بتعدد الظلمة، ولو لم تتعدد الظلمة بل كان الظالم واحدا وتعدد ظلمه كما إذ طال عمره وهو ظالم، فمن أين يسقطاع رد ما كسب الى أهله والحال هذا ؟ كما إذا جعل على الناس المكوس والضرائب المتتوعة فى الأسواق وف الجبايات، فما - ٢٢١ تحصل من هذا الوجه أمر عظيم ، لو شئنا لذكرناه عن أناس رأيناهم فى حياتنا ورأينا فعلهم، والله سائلهم عما كسبوا ٠ قال أبو قحطان: وباع راشد الصوافي أي وأكثر أهل العلم لايجيزون بيعها ، ومن أجاز بيعها لصلاح دولة المسلمين رأى أن تقويم أمر المسلمين أولى من ضياعه وتبقى المرافى مكانها مع ضياع أمر الدين ، ويخشى على الحوزة من البغاة أو يخشى على الدين من الطغاة، فان للامام أن يجبر الأمة عطى الدفاع عن حوزتهم واستباحة حماهم بمالهم وأنفسمم كما صح ذلك نقلا وعقلا، وبسط ذلك لا يسعه المقام فنكله الىمحله، ولكل مقام مقال ٠ قال أبو قحطان :لماذكرأن راشدا باع الصواف ولم ينكروا عليه بيعها ، قال ثم خذلوه وتركوه ، ثم خلعوا معه الامامة وفرضها وما أوجب اللهتعالىفيهاطى أعلها لعبا ولهوا كلما أرادوا صافقوا رجلا ببيعة، ثم خذلوه حتى بايعوا ست عشرة بيعة أو أكثر ، لم يفوا لله بواحدة ولا ساروا بحق الامامة ولا اقبعوهم ، ولا من قدموه فى بيعتهم سبيل الأسلاف من المسلمين ، قال : بايعوا راشد بن النضر بيعتين ، عبايعوا عزان بن تميم ، وبايعوا الصلت بن القاسم بيعتين ، وبايعوا الحوارى بن عبد الله ، وبايعوا أبا سعيد القرمطى ، وبايعوا محمد بن الحسن ، وبايعوا الحسن بن سعيد ، وبايعوا الحوارى بن مطرف بيعتين ، وبايعوا عمر بن محمد بن مطرف ٠ قال : وبايعوا محمد بن يزيد ، وبايعوا الحكم بن ملا بيعتين ، وبايعوا عزان بن الهزبر ٠قال: ولم نكتب بيعتهم أولافأولا أى على الترتيب، وكان ينبغى ذلك وهو من حق التاريخ حتى يعلم من يأتى الأسبق من هؤلاء الأئمة، ويعلم العلل والأسباب فى العقد والعزل ونحو ذلك، قال: وانما سميناهم ، قال : وعزان بن المزبر كانت بيعته قبل بيعة الحكم بن - ٢٢٢ — الملا وغيره ٠ قال : فأما عزان فلم تقم عليه فى بيعته أكثر من أنه لما ولى الأمر لم يظهر دعوة المسلمين، ولم يظمر دينه للناس، وكان من أهل دينه ، وممن يخالفه فى عسكر ه مجقمعين عثى غير بيان والحق واحد ، فدل ذلك طى وجود ناس من غير أهل المذهب ، والمسلمون ولم يقبلوا من عمر بن عبد العزيز الأموى ، وقد كانت سيرته محمودة معمم ، الا أن يظمر دين المسلمين، ولم يقبلوا منهغيرذلك، والآخر تبع للاول ٠ قال العلامة أبو اسحاق : لم يقبلوا منعمر بنعبد العزيز حين وفد ليه ولهد من أصحابنا رحممم الله ، وفاوضوه فى أمر الأمة ، وما تركه ظفاء الأمويين من المظالم وبينوا لهماهمعليه من الحق، وكلموه فى فتنة الصحابة التى هى الأصل ف تشعب الأمة ، فقبل منهم كل شىء ووافقمم علىكلشىءإلا مسلة الصحابة، فكان رأيه السكوت عنما أى لما ورد من النمى عن النبىصلى اللهعليه وآله وسلم ومنها : إذا ذكر أصحابى فأمسكوا ٠ الحديث، فقالوا له : يجبعليك إظهار الحق واعلانه دفعة واحدة ، فقال لمم : لكم يوم على أن أحيى كل يوم سنة أى من سنن الرسول، والمراد بها السنن التى عارضما بنو أمية، وقضوا عليها وخالفوا فيها سبيل المسلمين واتبعوا أهواءهم بغير برهان من الله عز وجل ، قال : وأميت كل يوم بدعة من البدع التى ابتدعها المذكورون ، وأرد الأمور على قواعدها بطرق السياسية ، أما اعلان الحق مرة واحدة فلا لأنى أخشى أن تنتقض اأمور وتنفض الأمة ، وكان الوفد شديدا عليه ، أى أن المسلمين كانوا أشداء على الحق، كما وصفمم الله تعالى فى كتابه العزيز، قال أبو اسحاق : وكان الموفد شديدا عليه فى المسالة والتى قبلها أى اعلان الحق دفعة واحدة، وامانة البدع واحياء السنن كذلك، قال : ولكتمم - ٢٢٣ - متفقون معه فيما سوى ذلك، والظاهر أنمم على نهج واحد، الا أن الذى خالف بينهم ، فان عمر بن عبد العزيز يريد استعمال السياسة والوفد يرى أن الامام العدللاتسعه لتقية ٠ قال وطى أثر ذلك الحال الذى جرت فيه المحادثة أبطل شتم طى ن أبى طالب طى المنابر، وليس ذلك الابلال بالمين، إذا كان راسخا فى أذهان الأضداد، أنه عندهم من السنة التى ينشاطيها الكبير كما حققناه تماما ، فى العرى الوثيقة شرح كشف الحقيقة ، فكانت تلك أولع صدمة عرفما أعداء الحق،عال: وجل بدل ذلك الآية الشميرة العظيمة فى بابما الفذة فى أترابها، الجامعة كل خير، الناهية عنكلشر،وهىقوله تعالى : ( إن الله يامر بالعدل والاحسان وايتاء ذى القربى وينمى عن الهحشاء والمنكر والبغى يعنكم لعلكم تذكرون) ، وأراد أمير المؤمنين عمر بايراد هذه الآية هنا الرد على أفعال القوم وابطال أعمالمم، والمعنى أن الله يأمر بهذه الأوامر ، وينمى عن هذه المناهى التى أنتم واقعون فيما والراكبون على متنما بغيرمبالاة، فان الله يأمر بالعدل وهو المساواة بين الناس فى الحق ، ويأمر بالاحسان ، وهو استحضار عظمة ذى الجلال ، فان من استحضر عظمة ربه امتنع أن يركب الباطل كما أشار الى ذلك صلى الله عليه وسلم، بقوله: الأحسان أن تعبد الله كأنك تراه فانلمتكن تراه فانه يراك ٠ أى واطم أن رؤيته مستحيلة ، وانما أراد نفس الاسقحضار أى إذا تحققت أنك لا تراه فلا تحقق أنه لا يراك بل المراد العكس ، وهو أن تستحضر فى نفسك أنه يراك ، فاذا استحضرت ذلك تباعدت عن المناهى كلها، وهو واجب المسلم وبقية الآية دليل واضح ف الرد على أهل الضلال، ولك المعانى كلها أرادها أمير المؤمنين الأموى العبه الصالح ٠ - ٢٢٤ س قال : واذا جاز لعزان الامساك جاز لغيرهقال : وقولنا فيه قول المسلمين،قال: ثم نعت الناصبين لهم، أى لأولئك الأئمة الذين مر ذكرهم بأنهم ممن غير أثر السلف الصالح ، واتخذوا رأيهم وهو أهم دينا ويقدمون رجلا ويسمونه بالامامة، ويقصرون الصلاة خلفه ويجبون الزكاة والجزية، حتى إذا خرج عليه وعليهم العدو خذلوه ، وأقام من أقام منهم مع من خرج عليه من الأجناد يحث فى اصلاح البلاد والقيام بالخراج ، وعدد الأموال حتى اذا خرج السلطان قدموه أو غيره اماما ، وخطبوا له الخطب ، ودعوا له بالامامة، وقصروا الصلاة يعنى الجمعة وجبوا الزكاة، قال : غمم يخلفون الجائر على الرعية يجبونمم، فالسلطان يجبى حينا وهم يجبون حينا ، فقد اجتمعت جبايقان جبايتمم وجباية الأجناد فى أيام الحوارى ابن مطرف ، قال : وما نعرف هذا من آثار الأسلاف ، قلت : فى هذا وما سبق من القأنيب والتوبيخ والند لأعمالمم، والرد عليهم بفحوى الخطاب، وقطع عذرهم بعدم وجود هذا فى آثار المسلمين وعدم الرضا به من المؤمنين ، وقد عطمت أنه لا جباية بلا حماية ، وأين الحماية هنا وهم تحت سيطرة السلطان الجائر كما هو عرفهم وتعبيرهم فى مثل هذه المواضع ، وهذا السلطان الذى يش-يرون اليه فى هذه المواضع المراد به الزعيم السامى القائم بالأمر فى عمان من طرف الخليفة متسيطرا به على الأمة ، راكبا به على ظهرها يفعل ما يهوى ، ويحكم بما يملى عليه الهوى ، قال : وفى آثار أسلافنا أنهم قالوا ولا نجبى جزية ولا صدقة ، حتى نكون على الناس حكاما ولا نبعث جباتنا يجبون أرضا لم نحمها ولم يجر فيها حكمنا ، ولا نمنع من جبينا من الظلم والعدوان ، قال : بهذا ندين ومن خالف المسلمين برئنا منه انتهى تلخيص ما أردنا نقله من كلام أبى المؤثر رحمه الله ، وأبى قحطان رضى الله عنه ٠ — ٢٢٥ م قال الامام رحمه الله: وغيه ٠ن النقد ط فيه، والله أعطم بحال أولئك الأئمة وبحال أولئك العاقدين ، وكلام أبى الحوارى ومحمد بن روح أهون حالا من قولهما ، وما غاب طمه لم يلزمنا حكمه اه من تحفة الامام رحمه الله ٠ وهؤلاء لأئمة الذين مر عليك ذكرهم ،وماكان من أمرهم وأمر القائمين ببيعمم ، والمنا هرين لهم والخاذلين اياهم ، وما فى ذلك الجو المظلم من الاضاعة،وما فعمد تلك الأئمة من الضعف كماعبرناعن إمامتمم بالامامة المستضعفة، احتماء لجانب الحق، وتجنبا لما لا نعلم لهدليلا، ولكتا ما نقول رعاية لجانب الذين يطلعون على الحقائق فى عمان ، ومن يفممون القضايا الشرعية ، فاذا اطلعوا على ما سطر هنا حارت أذهانهم فى تصوير الواقع ، وربما سخروا مما رأوا وسمعوا عن أعمال المذهب الذى نحن نفتخر به وندعو اليه، وفقول: انه المذهب الطاهر النزيه ، بعلمائه الأبرار الذين لا يرضون شيئا يخالف القوا ءد المشرعية ، وإذا بهم ينصبون اماما ، ثم يخلعونه ويقومون الى آخر فييايعونه ، ثم يتركونه ويعودون للاول من غير أن يذكروا له ذنبا ، ومنهم من ذكروا له ذنبا بل ذنوبا ، ثم عادوا عليه وهو فى أسرهم وقيودهم ، ثم يبايعونه مرة ولم يظهروا له توبة عما قيدوه من أجله، وكيف يليق للامامة من كان بالأمس فى القيود معاقبا ، ويصبح اليوم اماما فيقولون المقيد بالأمس ، قد أصبح اماما وهكذا ، غمذا أمر ما سمعنا بمثله فى أمة من أمم العالم الاسلاى،بل ولاغيره، وليس الدين ألعوبة ولا الامامة ملمى يتلهون به، وإفما هى عمود الله ومواثيقه وعقوده التى أمر بالوفاء بها ، والامامة لا تقوم إلا بالحق،ولا تنشد إلا الحق وحكم القرآن فيهاثابت، ومن ( م ١٥ — عمان عبر التاريخ ج٢ ) - ٢٢٦ - السنة كذلك فمن تلاعب بككاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فقد خان الله ولعب بالحق بمقتضى هواه ، ومن حيث لا علم لنا عما مشى عليه القوم، فنحسن الظن بأهل الحق، وفكل ما سمعنا الى الله عز وجل وإنها لامامة مستضعفة فقدت أنصارها رجال الله، وليتها لم تكن وهى على ذلك الحانالسيىء الذى أشبه بلعب الصبيان، فكان السلطان فى عمان هو المسيطر عليها وهؤلاء ينصبون الأئمة ويبايعونهم ، وإذا جاء السلطان دخل الامام بيته واختفى فيه حتى اذا خرج هذا السلطان من نفس البلد التى فيها الامام ، برز الامام وينادى بامامته ٠ أيفعل هذا عاقل ؟ أيقول به من له فى معنى الرجولة ؟ أيرضى به من فى قلبه مثقال ذرة من إيمان ؟ فكانت عمان على هذا الحال فوق أربعين سنة قضاها الله على أهل عمان خذلان،نعوذ بالله من مثلهذه الأحوال الواهية المستضعفة، وكان هذا والخلافة فى بغداد الى عبد الله ابن المعقز الذى توف سنة ٢٩ تسع وعشرين ه ٠ وهؤلاء من أواخر آل العباس الذين شهروا بالتلاعب، فكان هذا الحال عم الأمراء ف ذلك الوقت، وانتشرت الفوضى فى أغلب أقطاى الاسلام ، فمن راعى التاريخ رأى ذلك صحيحا فى جميع بلاد ال اسلام ، ولا يسع مقامنا لذكر ما علمناه فى هذا العمد مشرقا ومغربا ، وفيه بدأت أرواح النصرانية تتحرك لهاوتأمل من رد الكرة على المسلمين والقضا؛ عليهم ٠ -٩4 إمامة الإملم الرغى المرضى سعيد بنعبد اللع الرحيلى كان آل الرحيل بصحار عيونما الباصرة وأنجمما الزاهرة وحجتما القاهرة ، لا لكونمم قريشيين بل لكونمم عطماء الملة والدين، كان محبوب ابن للرحيل بن يوسف بن حبيرة بن أبى وهب بنعمربن عائذ بن عمران ابن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كسب بن لؤى بن غالب ، كما ف رعاية الأحساب، سيدا من سادات المسلمين ووليا من أولياء الملة والدين، وكان هو المعروف بأبى سغيان، وولدم محمد بن محبوب آكبر طماء المسلمين فى عهده وأولاده عبد الله وبشيرومجبر ، ونجالهم هم فى ذلك الموقت أعمدة المذهب الاباضى ، وهداة الأمة وحجة الله على عباده ، ومحمد بنمحبوب هو المعروف فى الأثر المشرقى عند الاطلاق بأبى عبد الله، وعبد الله هذا المكنى به حو والد الامام سعيد الذى نريد أن نتحدث عنه فى هذا التاريخ العمانى ٠ وقدعلمت لمحةعن هؤلاء القادة الأجلاء والسادة الأعزاء ، الذين هم حجة الله فى أرضه ، وصحار إذ ذاك مهدهم العزيز وموطنهم المحروس ، وهم أركان العدالة فى عمان ، وفقهاء المذهب الاباضى على الاطلاق، فكانت عائلة آل الرحيل لها المقام المرموق بن أعلام المسلمين، ولم، تكن عائلة تماثلهم فى عمان، اللهم إلا إن كانت عائلة آل مداد وهم قوم من التعب من قضاعة ، وعائلة الشيخ صالح وذراريه ، وعندى أن عائلة آل الرحيل هم المقدمون لأحوال ليس هذا محل بسطها ٠ الامام هو : السعيد بن عبد الله بن محمد ، وبقية النسب قدمناها كماهى فى الاسعاف، وفى رعاية الأحساب،وكلاهما والحمد لله لنا ٠ - ٢٢٨ - قال الامام : وسيف بنهبيرة هو فارس رسول اللهصلى اللهطيه وآله وسلم ٠قلت:لمأجدهفى عداد الصحابة حتى أذكره وعلى كل حال إن قومنا لايذكرون من كان من رجالنا إلا ثبه الغلط ، وان كان الصحابة هم لم يضافوا الى مذهب خاص إلا أن سيف هذا سيكون أصل قادة أجلاء بعمان ، وفى مذهب ابن اباض رحمهم الله ورضى عنهم ٠ قال الامام : بايعه المسلمون يعنى سعيد بن عبد الله الرحيلى ٠ بعد تلك البلايا والمحن، وأشاربذلك الىماسبق لنا ذكره من أيام القرامطة وسلاطين آل سامةبن لؤى بنغالب، وما اكتنف ذلك الجو من الاضطراب ، قال وجمع الله الشمل به وأراح به العباد ، وأحيا به البلاد ، أى ورد به على المسلمين عزتهم ونشر به دعوتهم ، وأقام به حجتهم و أيد به المذهب، وقوى به الاسلام، قال الامام :لم أجد فى شىء من السير تاريخا لوقت بيعته غير أن ظاهر الحال يدل على أن بيعت كانت فىسنة ٣٢٠ - العشرين وثلاثمائة قال : وذلك أنى وجدت أن أهل عمان بقوا فى هوان من الجبابرة أربعين سنة ، وذلك بعد وقعة ابن بور ، قال وكانت الوقعة فى سنة ٢٨٠ ثمانين ومائتين ، قال : فتتم الأربعون بدخول العشرين بعد ثلاثمائة، قلت: ويستفاد من ذلك أن عمان فى ذلك العمد تعدد أمراؤها فلعلهم كانوا كل أمير على جمة كما سيأتى فى أيام بنى نبمان، وفى أيامنا هذه ٠ فعمان فى أكثر من عشر إمارات كل إمارة مستقلة عن الأخرى ، فأرت ذلك الحال المشار اليه شبيها بالحال الذى نحن فيه، وإن اختلفت الأسباب ٠ قال الامام : وآول من عقد عليبه البيعة أو قال عقد له الامامة هو أبو محمد الحوارى بن عثمان ، ثم أبو محمد عبد الله بن محمت ابن أبى المؤثر، ثم د بن زائدة السمائلى، هؤلاء الثلاثة الفطاحل - ٢٢٩ - الذين قاموا بعقد البيعة للامام سعيد بن عبد الله ابن محمد بن محبوب رحممم الله ورضى عنهم ، إذ قاموا بتجديد الملة بعد اندراسها ، وبتأييد الشريعة فى مهدها الاسلامى فى ذلك العمد المعصوصب بالجور، المملوء بالظلم المحاط بنوايا السوء ،ومنقام فىمنل هذا العمد انهليعد من أولى العزم فى الدين، وكان الامام سعيد بنعبدالله رحمه الاه كما قال فيه رجال،فدس ٠ قال الامام : وسعيد بنعيد الله ممن أجمع المسلمون على ولايته وامامته ، فلم يطعن فيه طاعن ولم يقدم يقدح فى سيرته قادح ، قال أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبى المؤثر : إن بيعة الامام أبى القاسم سعيد بنعبد اللهجرت على الدفاع لاعلى الشراء ٠ ظت : ذلك لأن الجور والظلم والفوضى أحاطت بعمان من كل جانب، فكان غاية الأمل فى ذلك الحال الدفاع عن البيضة، وحماية الحوزة من هجوم الأعداء ومطاردتهم عنها ، حتى اذا قوى أمر المسلمين وظهر أمرهم واشتدت وطأتهم أمكنهم كلشىء، وطى العاقل ألايقفزقفاةيكون فيما هلاكة، بل يمشى رويدا رويدا حتى اذا رأى الطريق سويا والنشاط فى تقدم أمكنه ما أراد ، وما جعلالله السمع البصر فى الانسان سدى ، وانما جعلهما رشدا له وهدى ٠ قال أبومحمد بن أبى المؤثر رحمه الله كان يثنىعليه أى الامام سعيد بنعبد الله فى العلم ما لا يبلغ الواصغ الى غاية صفته ٠ وقال محمد بن روح: كان الامام سعيد بنعبد لله أعلم الجماعة الذبن كانوا معه ، قال أبوسعيد رحمه الله : وقد كان معه أبو محمد الحوارى عشمان ، وكان هذا تنويها بشأن المذكور ٠ قال : وعبد الله بن محمد ، ٢٣٧٠ - ومحمد بن الحسن ، ومحمد بن زائلدة مع نفر لا ينكر فضلهم فى الدار ، ولايجلعدلهم، ولمذا تأييد للامام المذكلار يذكر هؤلاء الأعلام الأماجد الذين أقام بهم صرح الامامة الرحيلية فىذلك العهد بعد ما كان التلاعب بالحقائق المفروضة ، والأعمال المشروعة ، على غير روية فى مذهب المسلمين ، وقال أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبى المؤثر رحمه الله : لا نعلم فى أئمة المسلمين كلمم بعمان أفضل من سعيد بن عبد الله ، إلا أن يكون الجلندى بن مسعود قال أبو ابراهيم محمد بن سعيد بن أبى بكر : ان الامام سعيد بن عبد الله أفضل من الامام الجلندى بن مسعود رحمهم الله تعالى ٠ قال أبو سعيد : ومن أحقه بذلك فانه كان إماما عادلاصحيح الأمامة من أهل الاستقامة، عالما فى زمانه،لعله يفوق ف لعلم أهل أوانه أو كثيرا منهم ، ومع ذلك قتل شهيدا رحمه الله وغفر له ونحوه ٠ قال أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبى المؤثر : إلا أنه وقف فى تفضيله على الجلندى، قال الامام،قلت : ولا أعدل بالجلندى إماما فى عمان، فانهقدجمع الصفات الثلاث العلم والعدل والشهادة معماجمعلله له من الصفات التىلاتكاد توجد فغيرهقلت : يشير الامام رحمه الله الى ما كان للجلندى بن مسعود من المنصب الرفيع، اذا كان من ذرية أولئك الملوك الأجلاء الذين أسلم أهل عمانعلى أيديهم، وكون الامام الجلندى الدعامة الأولى للامامة العمانية، والزعامة الاباضية فى عمان، وللسابق فضيلة السبق، وأول الأمور - هو المذى ض حجر الأساس لما بعده ، مع عفة وزهد وورع الى أقصى حد ، فرحم الله تلك الأنفس الطاهرة، ورضى الله عن أولئك الرجال البررة المداة الخيرة، أئمة المسلمين أعمدة الحق والدين ٠ - ٢٣١ — قال أبو سعيد فتظاهرت الأمور معنا من أهل الدار ممن ينتحل نحلة الحقعلى الاجماع عى ولاية الامام سعيد بنعبد الله رحمه لله، وهى وليناوامامنا ان شاء الله، هذه صفات هذا الامام وتلك منزلته فى قومه وأمته ، فقد أعرب مقال هؤلاء العلماء عن حقيقة اماممم ، ومنه يعرف شرفه ودينه ، وقد عرفت مقام آباؤه الغر الميامين هم جبهة الرجال فى أيامهم ، وعيون الأخيار فى زمانهم ، وكان قد تولى الأمر فى عمان يوسف وجيه وهو أحد الغزاة لعمان ، وأحد البغاة عليما وأحد العتاة فيما ، وهؤلاءكلمم أعمدة جور أمرام ظلم تسلطوا على عمان ببنى العباس ، الذين أصبحوا كرة يتلاعب بما قواد الجيوش ، حتى أصبحوا يضعون عليهم اسم السلطنة وطى أنفسمم اسم الخلافة ويدون أن اسم الخليفةأجلمنالسلطان،بلتسقروابذلكلأمرما٠ - ٢٣٢ — القتال بين 1لإمام سسيد بن عبد الله واهل الجور فى عملن لا يخفى أن الجور والظلم من طباع البشر ، والظلم من شيم النفوس، فان تجد ذاعفة فلعلهلا يظلم،ولولاذلك لما احتاج الأمر الى ارسال الرسل وانزال الكب وركوب مصاعب الجهاد فى الأمم، ولله فىكل ذلكحكمة بل حكم وأسرار ليهلك منهلك عن بينة ويحيا من حى عن بينة ٠ ومن ذلك أن يوسخ بن رجيه كان أميرا على عمان، ولعل أمراء بنى سامة كافوا السبب فى تأميره وهم أعضاد جيشه وأركان إمارته ، وكان أميرا مسلطا طى بعض أنحا، على أثر ذلك الخلاف والشقاق فى فصب الأئمة وعزلمم، وكان الامام سعيد بنعبد لله والسلطان المذكور على حال عداء حار ٠ قال وكان قد ملك ناحية من عمان ، وكان معاصرا للامام سعيد ابن عبد الله رضى الله عنه ، وكان للامام معه حروب ، وقد انخمد أمره أيام الامام سعيد بن عبد الله ، وظهر الحق عليه ، وانما ظهر بعد قتل الامام رحمه الله، وكان قتله فى سنة ٣٢٨ ثمان وعثرين وثلاثمائة، ولكن التاريخ المعمانى لايزال رهن الاضطراب،لأنأهله أهملوهوأضاعوه.، وما جعلوا له قيمة وليتهم لم يفعلوا ذلك ٠ فان المله العزيز الحكيم الذى لا تغيب عليه غائبة، ولا تفوته هاربة، يكتب كل ثىء لا حاجة المى ذلك تعالى الله علوا كبيرا، وانما أقلما فيه أن يكون حجة على صاحبه وبرهانا على واكبه، واعتبارا بأهله ومداولة الأيام ذكرها الله عز وجل اعتبارا ٢٣٣ لعباده،لكنا نحن أهملنا ولذلك ترى الامام السالمى رحمه الله يذكر امامة الامام سعيد بن عبد الله ، ثم يذكر بعدها إمامة الامام راشد بن الوليد، ثم خروج سلطان الجور على المذكور، ولايسمى هذا السلطان باسم ولا يذكر له قبيلة ولا عثيرة ولا موطنا ، ثم عقد بابا لذكر الجبابرة الذين تولوا عممان فى الزمان الأول ، وذكر فى هذا المقام يوسف بن وجيه فى صحيفة ٢٣١ إحدى وثلائين ومائتين ، والواقع أن يوسف بن وجيه هذا هو الذى حار به الامام سعيد بنعبد الله، وسعيد ابن عبد الله هذا قامت املمته فى سنة ٣٢٠ - العشرين وثلاثمائة وانتهت سنة ٣٢٨ ثمان وعشرين وثلاثمائة ، والجبابرة الذين ذكرهم نقلا عن ابن خلدون لم يكونوا فى هذه المدة، بل كان قبلهامن قدمنا ذكره وكان بعدها بكثيرغزاة لعمان احتلوها ، وسيطروا عليما ، وتسلطنوا فيما ، وذكر إمامة راشد بن الوليد ، ثم ذكر خروج سلطان الجور على الامام راشد ، وذكر ما كان بينمما وأن هذا السلطان من عمان بنى العباس ، وطى كل حال ان بنى العباس لم يجعلوا أحدا سلطانا عطى منطقة منالمناطق الاسلامية،وإنمايقولونعامل أو أميرأووال أما السلطان فلا يطلقونه لأحد من عالمم ولا يسمحون به ولا باسم خليفة المسلمين ، بل ذلك لمم خاصة إلا أنه لما ضعفت الدولة وسيطر طيما القواد، وتولوا الأمر عليهم لقبوهم بالسلاطين ، وأبقوا لمم اسم الخلافة وهو ظاهر فى تاريخمم ، اللهم إلا أن يكون هذا السلطان من بنى سامة ، وأن بنى العباس هم الذين يشدون عضده ويؤيدون لزره ، ويقوون ا٠ر٠ لتطقه بهم واعتماده عليهم ، كما عرفت ذلك عنمم ، وهذا هو آلأسبه ، إلا أن من المؤسف أنمم لم يذكروا أسماء هؤلاء السلاطين، بغضا لمم ومعاداة دينية لهم ، وذكر أن عمان كانت فى عهدهم دار كفر وففاق ، نظرا الى أن السلطة - ٢٣٤ - صارت اليهم وهمعلى غير المذهب، والنظر فى هذا الى الحاكم فان كان الحاكم كافرا كانت البلاد دار كفر نظرا الى السلطة فى الحكم، ولو كان أهلما مسلمين، وإن كان الحاكم مسلما كانت الدار تعتبر دار اسلام، ولو كان أهلها كفارا، فلما كانت عمان أيام هؤلاء السلاطين الظلمة المخالفين لمذهب المسلمين، وكانت الدار تحت سيطرتهم، وكانوا هم الحكام فيما ولمرهم الجارى طيما ، وسلطنتمم النافذة فيما ، اعتبروها دار كفر نفاق، لأن الحكام كانوا مسلمين لكنهمعلى غير المذهب القويم، ثم ذكر القرامطة وذكر بنى مكرم ، وأنهم صاروا سلاطين عمان ، فأقول : إما أن يكون أسر هؤلاء الذين يسميهم أهل عمان سلاطين قواد جيوش الأعداء ، وأركان حربهم فيتولون البلاد إذ يغلبوا على أهلما فيطلق ليهم أهل عمان اسم السلاطين ، تنديدا بهم كما هى قاعدة المذهب الاباضى ، وهى أن المسلمين هم الذين يتولون انتخاب الامام فينتخبون المرضى دينا وعطما وايمانا وتقوى وزهدا وورعا فيبايعونه على حكم كتاب اللهعزجل، وعلى سنة نبيه غليه الصلاة والسلام، وعلى نهج الخلفاء الراشدين، و إلا كان عندهم سلطانا، وإطلاق لفظ السلطان يثبت عندهم البراءة ويوجب التباعد وعدم الطاعة ، ويوجب حربه إن قدر عليه ولا يكفى كونه من أحل المذهب للقبوك منه والزضا به، وهو على مذا الحال، هذا هو مذهب المسلمين، ولذلك تراهم يطلقون لفظ السلطان على من كان بمذه الصفة آو كان أيضا اماما انتخابيا ثم جار فى الحكم وحاد عن الطريق ، ومشى كما يهوى وفعل ما يرضى ، وان خالف الحق ، ولذلك لم يرضوا عثمان بن عفان وقاموا طيه الى أن آل الأمر الى قتله كما يعرف ذلكالمسلمون،ولولاذلك لكانكل من يده الى السلطة كان مرضيا أو كانع اماما لكان الحجاج اماما،أوملوك بنى العباس فافهم، ولما - ٢٣٥ م قام أمر الامام سيد بنعبد لله خرج عليه يوسف بن وجيه ، فملك جافبا من ملك عملن، ولعله قيض على أرض السر من الظاهرة ، وعلى البريمى منغربعمان، إذ كان أكثر الغزاة لعمان يأتون من ذلك الجانب من مضى ومن يأقى، لأن فى شرق عمان يقطع البحر بين الغازى وبين آهل عمان ، ومن جنوب عمان أرض قاحلة ولا أنيس بها ولا عمارة فيها ، فكان الغزاة دائما سواء كانوا سياسيعن أو عسكريين ، يأتون عمان من ذلك الجانب، وكأن يوسف بن وجيه قد تغلغل فى عمان، ولعله أيام ضياع العمانين وغفلتمم عن المملكة العمانية، فان الذئب له صولة عند غفلة الراعى ، ولكن أذل الله يوسف بن وجيه بالامام الرحيلى النزيه ، فانه سحب جيشه على نزوى فالتقاه الامام بها وتواقعوا ، فأذل الله الجبار ونصر الله الامام والأنصار ، وخرج يوسف من نزوى خاضعا لسطوة الامام رافعا يده عن بلاد المسلمين ، مذعنا للأوامر غير معارض للامام وكان الامام على فماية حدود المنزاهة، والوقوف على أوامر الاسلام ، غلن يوسف ضرب معسكره فى نزوى ، ولما هاجمه جيش الامام خرج هاربا من البيت الذى كان يؤويه ، فيقال ان حلقة رز باب فقدت من معسكر السلطان، فاتمم بما رجل من جند الامام فعاقبه الامام حتى ردت الحلقة الى اهلها ، ولم يجسر أحد من جند الامام آو غيرهم أن يأخذ أدفى شىء من أموال هذا السلطان خوفا من عقاب الامام ، حتى شاع وذاع بين أهل عمان ذلك ، وحتى قال من قالمنأهل الباطل ان الامام وجيشهحفظة لأموال الأعداء ، خير لمم من أن يكونوا منتهبين لما ظالمين لأنفسهم فيها عاملين بما لا يرضاه الله منهم ، ولا فعله رجال الحق فيمم ، والحق آحق أن يتبع وما بعد الحق إلا الضلال ٠ - ٢٣٦ - وهذا كتاب من الامام سعيد بن عبد الله الى يوسف بن وجيه ، ينصحه فيه ويذكر له فيه حسن حال المسلمين فى السلم والحرب ، وأنهم لا يتزعزعون عن واجبات دينهم ولا يطمعون فى أموال أهل قبلتهم ، ما داموا يعترفون بأوامر الاسلام ويشهدون بمقتضى الشهادتين ، ويستقبلون قبلة المسلمين ويصومون ويحجون ، ولم يصارحوا برد شىء من أوامر الله عز وجل ، وبين له فيه عطى جمة النصح والتهديد له القواعد فى الاسلام والواجبات فى الحلال والحرام قال فيه : من امام المسلمين سعيد بن عبد الله ومن قبله من المسلمين ، الى يوسف ابن وجيه وأن فى شأننا وشأنك لعجب لحلقة حديد فى رز باب اتمم بما رجل من المسلمين ، أو قال من الرعية عندنا أنه قلعها من معسكر أصحابك بنزوى ، فحسبنا الذى اتمم بما لأنا نستحل حبس أهل التهم طى قدر استحقاقهم فى حكم المسلمين ، وقلنا للناس جمرا على رؤوس الملا ان أموال أهل القبلة علينا حرام كحرمة أموالنا على بعضنا بعض ، وحجرنا على الناس التعرض لأشيائكم ما دق منها وما جل ، حتى قال من لا علم له بأصول الدين إنكم الآن حفظة للجند طى أموالهم ، أى حيث لا تتركون جيشكم ينتهبها كما ينهبها جيشهم ، قال ومن ذلك الحبوب التى جمعت فى الأمصار التى استولينا عليها ، وجرى حكمنا طيها ، أى على الأمصار المشار اليها ، وهذا يدل أن يوسف بن وجيه امتد له سلطان فى عمان حتى جبى ، قال : لما طم الناس منا أنا لا نستحل شيئا ولا نقار أحدا على معصية الله كائنا من كان من الناس منعهم ذلك من التعرض لأشيائكم — كلها أى منعتمم هيية الحق إذ أيقنوا أن أخذوا شيئا منها يعاقبون على ما أخذوا قال : فلم يتعوضوا لأشيائكم التى كانت بجوارنا كلما من بلداتنا ولولا خوف العقوبة منا - ٢٣٧ - لانتهب ذلك بأيسر مؤنة ، والمعنى أن أهل البغى معنا مقمورىن عن ارتكاب ما حرم الله ، وفى كلأمة بغاة وأهل انقماب وأهل ظلم شأن أهل الدنيا وأهل المطامع ٠قال:ولميكنأى ذلك المنع الذى منعناه تقربا اليك ولا إبتعاء وسيلة منا اليك، ولكنا اتبعنا فى ذلك كتاب الله وآثار أسلافنا، أى فى تحريم أموال أهل القبلة كما نادى بذلك رسول الله صلى اللهطيه وآله وسلم : أن أموالكم طيكم حرام كحرمة يومكم هذا ٠ حديث ٠ قال الاسام :ومن هذا لكاب ٠قال :وحاربناك محاربة المسلمين، لأهل البغى حتى تفىء الى أمر الله ، أى أفت باغمن بغاة المسلمين ، وحرب البغاة منصوص عليه فى الكتاب العزيز نصا صريحا ، قال حتى تفىء الى أمر الله، لانماية لذلك عندنا أو تفنى روحك أو أرواحنا على احياء الحق واماته الباطل ان شاء الله، قال: ولانستحلمنك مالا ولانسبىلكعيالا،ولا ننسف لكدارا ولانعقر لك نخلا،ولا نعضد لك شجرا ولانستحل منك حراما ، ولا نجهز على جريح ولانقتل موليا تائبا ، ولا مستأمنا إلينا ولا نغنم ماله ولا ندعوا أحدا يتعدى طيه بنفس ولا مال،فانفعل ذلك أحد بأحد أخذنا له الحق اذاصح معنا، قال: ومن كان فىيدهمال فمو أولى به،لأنا لا نزيلمالاالا بحجة. زا خلاصة ما فى كتاب الامام الذى صارح فيه يوسف بن وجيه ، وكف له عن الغاية فى حربه ، وعن عمل المسلمين فى حرب أعدائمم ، وفيه من النزاهة ما فيه ومن المراحة بغير تمويه ، فكان أمر الامام الرحيلى فوق أمر يوسف بن وجيه ، ومتى كق نفسه عن معارضة ح ٣٣٨ — المسلسين ، يى للمسلسين رغبة ف معارضة من كم عنمم ولم يناصر عليمم ٠ وقال العلامة أبو سعيد رحمه الله وهى يصغ عدل الامام سيد ابن عبداللهقال: وكان من عدله وضبطه للرعية رخى الله م، ما يحكى أفه ركض بقومه على حجرة بنزوى أى فى حال حرب يوسف بن وجيه ، ولطما العقر ، قال هاستفتحما أى الامام ، وهقد أهلها بعد خروج القوم أى بعد ما خرج قوم الامارة رزة باب وشكوا اليه أى الامام فطلبما الامام حتى أتى بما بعينما وردها اليمم ، قال : ويوجد أن حلقة حديد ف رز باب قطعت ، أو قال : قلعت من مصسكر أصحاب يوسف ابن وجيه ، فاقمم رجل أنه قلعما فحبسه الامام سعيد بن عبد الله ، وكان بذلك بنزوى ٠ قال : ويوسف بن وجيه هو السلطان الذى حاربه الامام حقى ظب طيسه،وظمرالحقعلى الأعداء ، فأذل الله الباطل بالامام الصادل، وآيد الله الحق بالمحق، وعلا أمر المسلمين ف عمان، وراح يوسغ بأسوأ الأحوال خائفا صولة الامام كافا يده، وملات هيبته عمان وأشرق فيما نور الصرفان ، فكان أبو سعيد رحمه الله خزان السجن فما ظنك بأط الأعمال الأخرى، وماذا تقول فالقضاة والولاة، وقادة الجيوش، وقد طمت أن هيبته منعت من مد الأيادى الى مال عدوه العادى ، وقد قالوافيه:اناللهجمعبه الشط وأراح به العباد، وأحيا به البلاد، وفى ذلك ما يدل بصريح التعبير عنعملهذا الامام الخطير، والزعيم الأمير ، المذى أولاه الله حسن التدبير ، وشد عضده بالحق المنير ، حتى أقم الله به لى أهل عمان الفعمة ، وقامت عليمم به الحجة ، ولله أمر هو بالغه وحكم هو فافذه وإليه المصير ٠ — ٢٦٠٦ — وفاة الإمام سعيد بن عبد الله الرحيلى رحمه اله لما كان لابد للمرء من الموت لأعز موت العود المسلم الشمادة وهى من الحظوظ المخزونة لأهلما ، فان الأنبياء يودون أن يموتوا شهداء لما يعلمون من الفضل عند الله للشهيد، وقد صرح القرآن والسنة بذلك تصريحا واضحا جليا،فكانمنفضل الله لفبينا محمدعكله أنجمع الله له ذلك بود حاله واغرا من جسيع النواحى الدينية والدفيوية ، وفى جميع الأحوال أيضا، فمات صلى الله عليه وسلم شهيدا بالسم الذى سمته إياه اليمودية فى ذراع الشاة ، فكمل بذلك حاله حياة وموقا و الحمد امه ٠ وكذلك كانت وهاة امامنا هذا رحمه الله ، قال ف المعالم : وافتخمب العمانيون سعيد بن عبد الله وبعد وفاته سنة ٣٢٨، انعبوا راشد بن الوليد ، فدل أن الامام سعيد مات فى هذه السنة ، قال ابن رزيق : ووجدنا تاريخا للوقعة التى قتل فيما سعيد بنعبد الله رحمه الله سنة ٣٢٢٨ -قال هذه الوقعة انما كانت امرأة من أهل الغشب مجففة حبا فى الشمس ، فجاءت شاة فأكلت الحب فرمتما أى صاحبة الحب بحجر ، غكسرت يدها فجاءت صاحبة الثاة فضربت المرأة التى كسرت الثاة ، فاستغاثت بجماعتها فجاء احدى من جماعتما ، وجاء أحد من جماعة الأخرى ، فكان كل فريق يغيث فريقه ، وكل يتعصب لأصحابه شأن الفتنة اذا ثارت، وأولما تكونمن الشرر ثم تسير والعياذ بالله، فالتحم القوم اقتتالا وفشبت بينهم فتنة عظيمة وملحمة شديدة ، فجاء الامام رحمه الله ، وما كان واجبه والمسلمون يقققلون وهو بين أظمرهم إلا - •٢٤ مس أن يبادرهم ليكف بعضهم عن بعض ، وهل يمكته بل وهل يصح له أن يسكت وهو امامهم وهو المسئول عنهم أمام الله عز وجل ؟ وماذا يفعل الامام والسيوف تلمع والرعوس تقطع والناس فى أمر مزعج لمم أزهق أرواحمم ؟ وهل يصغى لهأحدعلىهذا الحال ؟ ومن ذا الذى يلتفت اليه فجاء اليمم ومعه بعض العسكر ليحجزوا بعضمم عن بعض ويخفضوهم ٠ ولا شك أنها محنة والمرء فى المحنة عليه فسعير الفتنة يشتد، والقتل يوقدها، فما شعر الناس الاوالامام قتل بين أظهرهم رحمه الله، فانتقل الى ضحية الشفقة والرحمة للامة، وكان ذلك فى سنة ٣٢٨ ، ولا يدرى قاتله ولعل أحدا لهعليهضغن فاغتنم الفرصة والله سائل كلا عما كانوا يطون ٠ ٢٤١٠ - إمامة الإمام راشد بن الوليدرحمه الله ورضى عنه لماقضى اللهعلى الامام سعيدبنعبد الله، وكان المسلمون فى حال جامع واتفاق شامل انتخبوا بعده من وقعت خيرتهم عليه وهو راشد بن الوليد رضى الله عنه، فكان كاسمه من الخيفاء الراشدين، والأئمة المرشدين ، قال فى المعالم : افتخبوا رشيدا يعنى راشدا ، وأطاعه الكل ورضى به الجميع ، أى من أهل عمان قال : ثم وقع اضراب فى آخر أيامه ، قال ومال جماعة أى من العمانيين الى حكم الخليفة يعنى العباسى، قال : فانمزم الامام وفارق أصحابه ، وبقيت عمان تحت حكم الخلافة الى سنة أربعمائة هجرية ، حيث ضعفت الدولة عن ادارة هاتيك البلاد ،هذا نص ما قاله صاحب المعالم ، ومثله لشكيب أرسلان ، وأوردنا كله فى محلواحد،لأنه يمرعلى لتاريخ العمانى مر السحاب،وهكذا المؤرخون الأجانب عادة فى تصغير الحقائق العمانية ٠ قال ابن رزيق : ثم بويع من بعده أى بعد بعد الامام سعيد بنعبه الله راشد بن الوليد، وذلك لما اجتمع المشايخ عبد الله ابن محمد بن أبى المؤثر ، والنعمان بن عبد الحميد ، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن صالح ، وأبو المنذر بن أبى هحمد ، وكان هؤلاء فى تلك الجماعة التى حضرت فى ذلك الوقت : هم المنظور اليهم والمشارطيهم كنحو ما كانت الجماعة التى حضرت البيعة للامام سعيد بن عبد الله ، فى زمانهم وأيامهم ، لا تنكر أهل المعرفة فضلهم ولا تجل عدلمم : ولا يجدون فى حضرتهم من أهل نحلتمم مثلمم ، ولكل زمان رجال ولكل مقال مقام ، (م١٦ - عمان عبر التاريخ ج٢) - ٢٤٢ - ولكل اهل زمن مؤتمنون طى دينهم، بذلك جاء الأثرفحجة من حضرقائمة على من غاب ، وليس للشاهد أن يغيرولاللغائب أن ينكر ، ولاللداخل أن يخرج ، ولا للقابل أن يرجع ، قال : فاجتمعوا فى بيت كان ينزل فيه راشد بن الوليد بنزوى : وكان المقدم فيهم أبو محمد عبد الله بن محمد ابن أبى المؤثر ، قال : فاجتمعوا جميعا على الوقوف عن موسى بنموسى وراشد بن النضر ، والمتبرىء منمما جميعا فى الولاية ، حيث ان مسألة موسى بن موسى وراشد بن النضرلم تزل شاغلة فراغا من الزمن فى عمان، وبقى لما فى القلوب أثر يقدح الشرويثير الضغن ، ويحرك منمم الشعود وينغرمنهم التصافى لبعضهم بعضا ، فكان من رأى هؤلاء المشايخ المصلحين العاملين لله الداعين اميه القائمين له بواجبات دينية ، وهم إذذاك الحجة فى وقتهم اتفقوا طى أن من كان وليا لموسى بن موسى وراشد بن الفضر ، ومن كان عدوا لمما ان كان فى الأصل وليا للمسلمين يبقى على ولايته ، ومن كان موقوفا فيه فمو طى حال الوقوف فيه ، وألا يكلفوا أنفسمم أمرا غاب عنمم علمه فاتفقوا على ذلك ورضوا به قال بن رزيق : ثم بايعوا الامام راشد بن الوليد طى سبيل الدفاع ، وخرجوا الى الناس بالبطحاء من نزوى فى جماعة من أحل عمان ٠ قلت : هذا يدل آن البيعة كانت فى نزوى ، قال ابن رزيق خرجوا الى الناس فى جماعة من أهل نزوى ، ومن سائر أهل القرى من شرق عمان وغربما من العفاف والفضل والجاه والرئاسة ، مستمعون له مطيعون ، لم تظمر من أحد منمم كراهية ولا نكير ، ثم قام أبو محمد عبد الله بن محمد بن شيخة على رأسة خطيبا يين الجماعة ، فخطب له بالامامة وأخبر - م٢٤ - الناس وأمرهم بالبيعة له فبايع الناس له ثاهرا ظاهرا لاينكرذلكمن الناس منكر ولا يغير منمم من مغير ، فدخل الناس فى بيعته أفواجا ، ووفد على ذلك الوفود آحادا وأزواجا وأخذ عليهم المواثيق والعمود ، وبعث العمال والولاة على القرى والبلدان ، وصلى الجمعة بنزوى وقبض هى وعماله الصدقات، وجيش الجيوشوعقد الرايات، وأنفذ الأحكام وجرت له فيما شاء الله من المصر الأقسام،ولم يبق بلد من عمان يغلب طيها سلطلن،ونأىعنه ف تلك الأيام وذلك الزمان الاجرت فيه أحكامه وثبتت عليه أقسامه ، وأقر فى ظاهر الأمر أنه امامه من غير أن يظمر شى ء من سريرته وعلانيته فيه شدة ولا غلظة يخاف بما ويتبقىولاهوادة٠ قال الامام رحمه الله: امامة راشد بن الوليد رضى الله عنه م ولعدم التواريخ لم أقف معشدة البحث على وقت معقد له ولا طى وقت وفاته ، ولا على ذكر شىء من حروبه ، ولم أجد ذكر نسبه إلا ما وجدت فى بعض القراطيس غير الموثوق بما أفه كان كنديا ، قال : وما كان معولمم طى الأنساب، بل عطى التقوى والفضل والعلم والورع ، وقد أطنب أبو سعيد رحمه الله ورضى عنه فى وصف راشد بن الوليد رحمه الله ٠ - ٢٤٤ - ا سريف بالإمام راشد بن الوليد اطم أن راشد بن الوليد رحمه الله كان من أخيار أئمة أهل عمان علما وعملا، وتقوى وعواطف دينية وصفاء ود ورشد وصلاح ، كان على المتدال كنديا من أهل نزى ،-وكان على جانب قوى من التقوى ، وعلى محل رفيع من الدين والهدى إلا أنه لم يكن من اليحمد ولا من الأزد، وإنما كان عبد الله صالحا مصلحا راضيا مرضيا ٠ قال فيه الامام أبو سعيد الكلدمى رضى الله عنه :كان رحمه الله لرعيته هينا رفيقا بارائهم شفيقا غصيصا عن عوراتهم ، مقيلا لعثراتمم بعيد الغضب عن مسيئهم قريب الرضا عن محسنهم محاويا فى الحق بين شريفهم ودفيئهم وفقيرهم وغنيمم وبعيدهم ، منزلا لهم منازل منفقدا لأمورهم وأحوالهم مثاورا منهم لمن هو دونه ، قابلامن مشاورتهم ما يأمرونه به يتجشم من رعيته الصبر على الكروب ومفارقة السرور والمحبوب ، ويصبر منمم على الشتم والأذى ويسمع منهم الخنا والقذى ، قلت : إن أمة يسمع منها امامما مثل هذا ويفضى بحالها الى أن يلقى امامها الشتم والأذى ، والخنا والقذى فأى مصير لأمة هذا شأنها ، وأى عاقبة لقوم هده أفعالها، انى أحررهذا الكلام من وصف هذا العالم الزاهد الرضى، والولى التقى وأنا أهتز رعبا وأندهث رهبا من الله ، كأن العذاب يتدلى على رأسى وكأنى أنا وتلك الأمة فى لجة الخطر، انما لداهية دهياء وحياة عمياء يسى ء أهلها فى الزاوية الخالية يتسكعون فى الخطر المرتقب ، فان الله يغار لعبده المؤمن ما لا يغاره الوالد الحنون علىءلده، قال أبوسعيد فى امامة بن الوليد : وكان الظاهر الايمان عليه ثواهد الفضل والاحسان ناهياعن الشر والبمتان صادق الفعال واللسان، ورعا عن - ٢٤٥ - المحارم مجتنبا عن المآثم ، عاملا بما علم ، سائلا عما نزل به ولزم ، متواضعا لمن هو فوقه ، متعطفا لمن هو دونه ، كاظما للغيظ بعيد الغضعب ، سريع الرضا محتملا للامة، حريصا طى اصلاح المسلمين رعوفا رحيما بالمؤمنين متوشحا بكريم الأخلاق صبورا عند مضائق الخناق ، مستقيما على الحقيقة قاصدا الطريقة ، فرحم الله تلك الممجة ، وتلك الأوصال ، وتفضل علينا وعلية بالمن منه والافضال وجمعنا واياه على جزيل ثوابه وكرامته، وفعل ذلك لكل مؤمن ومؤمنة إفه أرحم الراحمين ، وصلى الله على سيدنا محمد النبى الأمى وطى آله وأصحابه وسلم ٠ هذا هو راشد بن الوليد يعرفنا به الامام أبو سعيد ، وقد وصفه بتلك الأوصاف التى لا تكاد أنتكون إلا لنبى مرسل، ولقد علمنا راشد ابن الموليد من هذا الثناء الحميد ٠ قال الامام : هذا كلام أبى سعيد ف نعته والترحم له ، وناهيك برجل يصفه ، أو قال يثنى عليه أبو سعيد هذا الثناء ، والخلق شهود الله فى أرضه ، وأخيارهم حجة الله التى يعول عليها اهل الحق فى الناس ، فمن أثنوا عليه خيرا كان أهلاللخير وهكذا المغير ، وهنا كلمة يزدان بما التاريخ قال الامام : وذكر أبو سعيد من سيرته ما سنذكر ه ، قال : ولو أن أبا سعيد ذكر هذا الطرف من سيرته لغاب عنا طمه كما غاب عنا علم غيره من الأئمة، وذلك كله لاهمال التاريخ، وقلة الاعتناء به ، وان للتاريخ فضلا عظيما لا يقدر قدره ٠ قلت : نعم وأنا أشهد أن علماءنا أضاعوا قسما مهما من الثقافة التى لما عند غيرنا ألأهمية الكبرى ولولا ما حرره الامام السالمى رحمه — ٢٤٦ - الله من سيرة سلففا الصالح،وما لقوا ف سبيل الدعوة من الخطب الفادح لما كنا نعلم عنمم شيئا ، ولا ندرى طى أى وتيرة مضوا ، ولا بأى شىءفىسبيلالحق قضوا، ولما خرجت تلك الرسالة الوجيزة واطلع عليما رجال الدين ، وعلموا كيف كان سبيل المؤمنين ، وما كلن لمم من المجد فى الغابرين اهتزوا لما طربا وهثوا لذكرها رعبا ، ورآوا كأنمم ينظرون أولئك الأئمة بعين الحقيقة، وكأن عملمم ذلك بارز بين أدببا ونحن نؤيد العدالة فى أحلى طلماالمطاهرة، ونعزز تلك السيرة لملزهراء بكل ما لنا من شعور ء فقد أفادتنا فائدة بل فوائد هامة ، وأرشمدتنا مراشمد عامة ، وليتنا نجد من يقول لنا ردودا من ذلك المعين الصافى، واسلكوا ذلك الوافى، فرحم الله أبا محمد خاتمة العلماء الفطاحل، الذى اذا هز عصاه فى كفه ترتعد منما فرائض رجال يعدون أنفسهم الأقوياء علىكلشىء، ولقد كان فيصل المحق والباطل، فدعنى من أقوام لا يرون الا ما بين أيديهم انى لأفتح عينى حين أفتحما على كثير، ولمكن لا أرى، ولله در ابندريد حيث قال : والئاس لف كواححا وواحد كالأكف إن أمر عنا وللهدر أبو مسلم رحمه الله، وما قاله ف مقصورته، وما ذلك وأيم الله إلا لثقة وقوته القلبية بتعلقه بربه، وإلا فمو كان ضعيفا من جميع النواحى ، كان فقيرا وضريرأ من عثيرة مستضعفة ، ولكن من كان الله معه كان غنيا وقويا وبصيرا ومؤيدا منصورا ، كان هذا الحر كذلكولميكن له من عمره اتساع للتضلع بسائر العلوم، بل كان فقيما شرعيا وعلامة دينيا صادقا مخلصا لله فى جميع أحواله، ولذلك - ٢٤٧ - لم يتمكن من سائر الطوم لأنه كان ضرسا اذ لم يعفر* قارى للقراء ٦و للمطالعة ، محى نجما يتأوه على ما مضى من عمر ء فى غير ما هو بعدده ٠ ولذلك ترى الشيخ أبا اسحاق الأطفيشى يقول فيه كان من علماء المشريعة،ولم يكن من العلماء السياسيعن رحمه الله، وذلك تراه يطلق ألفاظ العامة فى تازيخه، مثل حربه وخشى ماله وتقع فيه ونحو ذلك من الاصطلاحات العامة مراعيا فيها السواد العام فى عمان الا أن بقية الناس الأجانب يجهلون ذلك فتتبادر أذهانهم الى ما تعطيه تلك العبارات، فيون ذلك فى واد ومعنى ما أداد الشيخ فى واد آخر ، ولذا ترى فى تعبيره مايجهله الكثيرمن الناس، ثم اذأ لخذ اللفظ عن أناس يضعه كما هو ، وانكان عن العوام وكان ينبغى أن يضعه فىقالب السبك الصحيح كما هو ، والظاهر أن عهده رحمه الله كان ضيقا لم يقسع لما يحاول رحمه الله ورضى عنه ، وله نيته وقد أشار الى ما قلنا بغفسه فى طالعة تحفته القيمة فجزاه الله عما فعل وعما نوى أفضل الجزاء انه كريم رحيم وقدبذل الجهد الجهيد ، فى تحرير التاريخ العمانى وابرازه الى عالم الوجود ، فتراه يلتقطه حتى من الحجر والمدر ومن المكتوب على الأبواب، ومن التعاليقوالاضافات المضافات الى الكتب والمؤلفات وبعضه من السنة الناس وأقاصيصهم حتى جمع مما أورده تحفة للناس ، وأى تحفة هى أنما لثمينة عند أهلما وعزيزة عند رجال الحق وقد تحرى ما جهل واعتذر عنه غيره ٠ وإن عاب عين الشمس أعمى فافه جمول لنفس العيب اذ فيهقد نزل -٠٢٤٨ ٦لا تراه يقول فى امامة راشد بن الوليد رحمه الله: ولعدم التواريخ لم أقف مع شدة البحث عطى وقت العقد نه ولا على وقت وفاته ، أيتوفى امام كراشد بن الوليد ولا يوجد تاريخ وفاته مع أن الأمم الأخرى تعقد احتفالات سنوية لتجديد أخبار عظمائما ، وهل عظماؤنا نحن إلا أئمتنا الكرام وعلماؤنا الفخام، وأهل الحق فى الاسلام، أترون عظماءنا الجبابرة العتاة أم الفجرة الطغاة أ حاش لله ، ولكن سقوط هممنا وتقصيرنا فى الحقوق أخرفا قأخيرا حسيا ومعنويا وقضى علينا بحكم الأمية فينا بسبب ما قلنا ، قال الامام : قال أبو سعيد : كانت بيعة راشد بن الوليد رحمه الله طى الدفاع ، قال وأول من بايع له أبومحمد عبد الله بن محمد بن المؤثر مع جماعة معه هم فى زمانهم كأمثال الذين بايعوا لسعيد ابن عبد الله ، ثم ذكر منهم أبا مسعود النعمان بن عبد الحميد ، وأبا محمد عبد الله ابن محمد بن أبى شيخة ، وابا عثمان الدمشقى بن راشد ، وأبا محمد عبد الله بن محمد بن صالح ، وأبا المنذر بن أبى بن محمد بن روح قال : وقد كافوا عرفوا من بعضمم بعض تعاتبا فى أمر موسى بن موسى : وراشد بن النضر فلما عزموا طى عقد الامامة لراشد بن الوليد تداعوا الى؛لاجتماع على سبب يعرفونه فى ذلك ، فاجتمعوا هم وغيرهم إلا أبا مسعود النعمان بن عبد الحميد ، فانه لم يحضر ذلك العقد فاجتمعوا فى بيت كان ينزل فيه راشد بن الوليد ، وكان المقدم فيهم أبو محمد عبد الله ابن محمد بن أبى المؤثر ، فاجتمعوا جمعيا على أن المواقف عن موسى وراشد والمتبرىء منمما جميعا فى الولاية وأنمما جميعا مؤتمنان على دينهما فى ذلك لم نعلم من لحد منمم أنه برىء بغير حق ، أو وقف بغيرحق ، ثم بايعوا بن راشد الوليد على طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم، على الأمر بالمعروفع والنمى عن المنكر ، وعطى الجهاد - ٢٤٩ - فى سبيل آلله وعلى سبيل الدفاع، وطى اتباع سبيل أئمة العدل قبله قسطاوعدلا قال ، وعلى هذا بايعه أيو محمد عبد الله بن محمد فى المنزل الذى كان ينزل فيه من نزوى ، ثم بايعه من بعده أبو مسعود على نحو ما بايعه أبو محمد ، وبايعه الجماعة على نحو من ذلك سوقبل منمم البيعة . وخرجوا على الناس بالبطحاءمن نزوى فى جماعة من أعل عمان ومن سائر القرى من شرق عمان وغربها : انظر أيما القارىء الكريم الى هذه البيعة لشرق عمان وغربها ، ولما جاء السلطان الجائر المحتل للبيضة ، المادم شرف الدين الأباضى ، أصبح أهل عمان ينفضون أيديمم من بيعتهم ، ويلقون باماممم وراء أظمرهم بغير موجب ، ما هذا البلاء الذى يقوده الناس على أنفسمم ويجرونه عليمم برغم ما هم طيه من العزة والمنعة والحرية والكرامة ، وأصبحوا قحت راية السلطان الجائر الغاشم المحتل للعزة والكرامة، وعمد الله ألقو فى الحضيض وراحوا يتبعون سلطانا غثوما هل كان لمم أفضل من اهاههم أو أصلح منه أو أكرم أو أنفع لمم فى دينهم ودنياهم أو أعزلمم : انما لمن الدواهى فى الدين ومن الغضائح فى الشرف والحرية ومن الأحدوثة السيئة فى التاريخ العربى عامة ، وفى التاريخ العمانى خاصة، فافك سوف ترى الحال فى مقامه ٠ قال صاحب المعالم : وف عهد الكتدى هذا جمزت الخلافة جيشا لاسترداد عمان ففر المكندى ، وانتخب العمانيون سعيد بن عبد الله وبعد وفاته سنة ٣٢٨ انتدبوا رشيد أى راشد بن الوليد ، وأطاعه الجميع وحصل اضطراب فى آخرأيامه، ومال جماعة الى حكم الخلافة فانهزم الامام وفارق أصحابه ، وبقيت عمان تحت حكم الخلافة الى سنة ٤٠٠ أربعمائة هجرية ، حيث ضعفت الدولة فى بغداد عن ادارة هاتيك البلاد ٠ ٢٥٠ ٠٤٣ خوجسلطانالجو دعلى إمامراشدبنالوليد قال الامام رحمه الله: ولعل هذا السلطان كان من عمال بفى العباس لما قدمنا من اعتنائهم بعمان بعد دخول بن بور فيها ، ولم يسموا هذا السلطان الجائر واكتفوا عن اسمه واسم قبيلته، وما كان ينبغى لهم هذا حتى لا يعرف هذا السلطان من أى الأمم ، والواقع أنه من البويهيين الذين سيطروا على الخلافة العباسية، وجعلوا لهم اسم المسلطان وللأمير العباسى اسم الخلافة ان فقط لا معفى له إلا أنه فى بيته خائف يترقب ، لأن بنى العباس استخدموا البويهيين كقواد وضباط ووزراء ، وكذلك استخدموا البرك فكان من رأيهم سحب الخلافة أصلا من هؤلاء وإلحائهم من الأمركما يلحى القضيت، وجعلهم الكرة وهم الصولجان، ومشوا فيهم على هذا حتى أخرجوهم من الأمر كله، ولم يتركوا لهم حتى الاسم، وفعلوا فيهم الأفاعيل للتى أضحت عبرة للمعتدين، وسبب ذلك ظلمهم وجورهم وتركهم أوامر الله عز وجل ٠ ويبتدى دور بنى بويه فى الخارج سنة ٣٣٢ اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، وكان هذا السلطان الخارج على الاام راشد بن الوليد ركن الدولة بويه ، قال العلامة الدميرى ق تاريخه : وف أيام الطائع لله استولى الملك عضد الدولة بن ركن المدولة بن بويه فملك بغداد ٠ قال : وخلع الطائع لله الخلع السلطانية وتوجه وطوقه وسوره وعقد له لواعين وولا ما وراء بابه ، قال وتسلم عضد الدولة الوزير أبا طاهر بن بقية وزير عز الدولة فقتله وصلبه، وهو للذى رثاه أبو الحسن الأنبارى بقوله: - ٢٥١ - علو فى الحياة وفى المملت الأبيات الغرا ٠ قال : وكان لعضد الدولة ملك العراق وكرمان وعمان وخوزستان والموصل وديار بكروحران ومنبج، والمعنى أن القواد تقاسموا اللك وكانوا قد جعلوا للخيلفة الاسم أن اكتفى به وإلا رأى الهلاك فى أهداب عينيه ، ولو كنا معنيين بتاريخ هؤلاء لرأى الناس العجب، وعرف العاقل مصير أهل الظلموالبغىفالدنياقبلالآخرة،والله المستعان ٠ طغى بنو أمية وكانوا الأصل فى الطغيان ، شم تلاهم بفو العباس وزادوا عليهم وافتمكوا الحرم الى أقصى غاية، وانسلخوا من الدبن انسلاخ الحية من اهابما وأصبحوا فى أيدى الأعادى ألعوبة ، إذ كانوا قياصرة وأكاسرة، ثم صاروا فى الكون عبرة بعد تلك العزة الشاهرة الظاهرة، ومصوا لا الزمانعنمم براض ولا أنا ولاأمثالى ٠ وكان البوهيون من العنصر الديلمى والديلم من الفرس ، وهؤلاء هم أعداء الاسلام هم والمترك والروم، ولهم فى الاسلام نوايا سيئة لما أمكنمم الفرصة على الاسلام لم يضيعوها، بلقاموا بما فى نشاط وزادوا فوق الغرض الاحتياط ، وبتى التنافس بين الذين كانوا قوادا ووزراء يتناهبون الملك ويتقاسمونه، وكانت المملكة الاسلامية واسعة الأرجاء كثيرة الأموال، فكان عضد المدولة إذ جاء عمان جاء قويا غنيا والغنى هو القوة الفعالة، ولا قوة كقوة المال اذا تولته الرجال الأبطال، لا اذا تلاعبت به الأراذل والأنذال > فان غايته الاضمحلال، و أصل الحولة ٢٥٢ البويمية الحسن بنعلى بن بويه وأولاده الثلاثة عماد الدولة وركن الدولة وهو الحسن وعز الدولة،قال الدميرى ولما ولى الخلافةعبدالله المستكفى بالله قدم اليه معز الدولة ين بويه فى بغداد سنة ٣٣٤ أربع وثلاثين وثلاثمائة، ودخل عليه رجلان من الديلم فمد يده ليصافحمما ويقبلاها كما هى عادتهم لآبائه، قال فجذبا ه من على الكرسى وقاداه بعمامته فى عنقه ، ثم سحباه الى معز الدولة واعتقل وسملت عيناه وانتهبت دار الخلافة لثمان بقين من جمادى سنة ٣٣٤ ، وبقى معز الدولة الى سنة ٣٤٣ أى هذه الحادثة قسع سنين ثبتت فيما دعائم البويهيين فى العالم العربى ٠ وذكر المعمانيون دخول سلطان الجور على الامام راشد بن الوليد ولا يعرفون هذا السلطان حتى يعلم من أجناس الأمم ٠ قال الامام : وذلك أن سلطان الجود قد خرج عليه حتىنزل السر، قلت: قد قدمت لك أن الغزاة يأتون عمان من الجمة الغربية، فمى مفتاح قفل الباب العمانى لجذ ذك اسد ٠ - ٢٥٣ — ضوحيا الاهام ٠٠ اسن لما تحقق خروج هذا السلطان على عمان تقاعس العمانيون عن القيام لصدده لا أدرى أمن وطأة العدل التى أحس بما بغاة أهل عمان ٢ أم الطمع يرونه عند هذا السلطان القادم على بلادهم ؟ أم استولى الخوف والذعر عليهم لضعف ايمانمم ٦ واذا بهم يتقدمون الى السلطان المشار اليه تقدم خضوع وطاعة وانقياد غيرناظرين الى اماممم ولامراقبين عمد الله فيه ، ولا ما حملوه علطى أعناقمم من بيعته ، ولاناظرين الى مذهبهم القويم وصراطهم المستقيم ، وهذا من العجب العجاب ، قال الامام : وخرجت رعايا الامام لمظاهرته أى لمظاهرة السلطان ومعاونته ، واستدل لك على هذه القضايا بأقوال الامام قبل غيره لعلمى باعتماد العمانيين على نقله وروايته ولحبهم له ٠ قال : ونبذوا عمودهم وراء ظمورهم ، قال : فخرج الامام فى طلبمم ليردهم فلحقمم ببهلى، وآراد أن يردهم فأبوا وأراد أن يقمرهم على الرجوع فعصوا وأظمرواله العداوة والعصيان ، وخرجوا معاندين الى السلطان ٠ قال : فبقى الامام فى الضعفاءمن أصحابه، قلت : هذه الجمل التى ذكرها الامام عنهم سهام قاتلة وقنابل مدمرة لابد أن يتأثر منها الامام بالفشل، والسلطان بالنصر والظفر ، بل هى أكبر نصر له على أهل عمان وامامهم ، وانما لمن الدواهى فى الدين قال : فبقى الامام فى الضعفاء من أصحابه بعد أن خذله الأكثر منهم ، فرجع الامام منكسر الخاطر واهى الارادة يرى علامة الخذلان تبدو سافرة الى أن وصل كدم من أعمال بهلى على غير المراد ، ورأى أنه أخذ بالحزم أى لنفسه وللشر ذمة الباقية معه ، وبهلى كانت احدى امارته ، فاذا هو يخرج منما مسلما لها الى رغبة أهلها ٠ - ٢٥٤ - قال ثم جاء السلطان بمن معه حتى دخلوا الجوف فخاه الامام ومن معه لقتلمم ، قال : فانحاز بمم الى وادى القخر استبقاء منه طى من معه من ضعفاء المسلمين ، ودعا الى حرب السلطان من أجابه واستنصر بمن قدر طيه ، فجيش أنصاره وأعوانه ، وجمزهم الى حرب السلطان، وقعد مو وض لا ض له عه بمشورة من أشار اليه بالتخلف من اخوانه رجاء منمم لبقاء رايتهم، ما بقى اماممم ٠ وكان موقفه غيربعيد عن موضع القتال، وكان السلطان بنزوى ٠ قلت :هذا يدل أن جيش السلطان زحف على الامام إذكان الامام فى وادى النخرمن جهة الحمرا، والسلطان فى نزوى فدلذلك أنجيش السلطان قصد الامام ليعدم حركته ، ويقضى على امامته تماما حتى يأمن جانبه وأعيان الدولة وزعماؤها قد أصبحوا تحت قدم السلطان ، وأصبح هو يتربع على عرش نزوى آمنا مطمئفا ، فأين النخوة العربية أ وأين العزائم الايمانية ؟ وأين الغيرة الدينية ؟ نعود بالله ، لقد أصبحت تذروها الرياح،وعلى كل لابدلهذا الانقلاب الزائخ من أسباب للعمانيين، ولابد عليهمنعقاب، فاما أن يكون امامهم محقا وقد تركوه على ذلك ولابد أن يعاقبهم الله على تركه ، وهو على الحق وهم جميع ، واما أن يكون امامهم مبطلا، وقد عرفوا بطله ولم يقوموا عليهلردهعن بطله وارجاعه الى دائرة الحق تائبا الى الله مما ارتكب، فكذلك مع الله، وقد شملهم مع قوله عز وجل : ( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ) ٠ والواقع أن الامام راشدبن الوليد من خيرة أئمة أهل عمان ، وقد بايعه العلماء الأجلاء الذين ذكرناهم وهم حجة قومهم وعمدة ديتهم ، وهم أئمة العلم وأركان الرشد والايمان، فما لهذا الخذلان الذى خذلوا ٢٥٥ به اماممم وأزالوا به من أوديهم سلطانمم ، وتادوا به ذلك الظالم الجائر الجبار المخالغ للدين، المباين لمنمج المسلمين،منأعداه الاسلام ومن شر الأنام، يا حسرتى طىما كانفذلك الزمان ٠ قال: فالتقت سرية الامام بجيش السلطان ، فنشب بينهم القتال وانمزمت سرية الامام ، وتفرقت جماعته، وزالت رايته، وكان ذلك ضحوة النمار، فما كلن العشى من ذلك اليوم حتى تفرق عنه جميع من كان معه ، غاستولى السلطان الجائر على جميع عمان الداخلية ، وتد ألقت عمان مقاليدها اليه قبل أن يتغلغل فيها ، فكيف به وقد نزل فى القلب منما وأخرج جيشه تابعا للامام فى وادى النخز غربى الجبل الأخضر، وانمزم جيش الامام ، وبلغ الكتكب أجله فى عمان ٠ قال : وبقى الامام ف رؤوس الجبال خائفا يقرقب ، أى يترقب القتل أو القمر من أهل عمان، غيقودونه الى السلطان ليتقربوا به اليه، والله المستعان ٠ قال : فطالع فى أمره واستشار ، وأخذ بالرخصة من قول الأخيار، ان المدافع تسعه التقية اذا خذلته الرعية،قال أبو سعيد : وذلكممالا نعلم فيه ٠ قال :فالقى بيده الى منزله فأرسل اليه المسلطان رسولا يعطيه منه الميثاق والأمان ٠ قال: فأعطاه ذلك بلسانه، قال :ولم يبلغنا بحمد الله أنه عرضه ليمين ولا كان الى باب السلطان من الوافدين، وانما المسلطان وصل اليه واضطره الى ذلك وجبره ٠ ومن نكد الدنيا عن الحر أن يرى عدوا له ما من صداقته بد ٠ قال : فزالت معنا بذلك امامته، وثبت للعذر الواضح ولايقه،قال : فلبث بعد ذلك قليلا محمودا ، ومات عن قريب من ذلك مفقودا ٠ قلت : لا أبرى، أعداءه من أن يكونوا هجموا طيه ، ليطمئن سلطانهم من المحذور الذى ربما . ٢٥٦ - عسا• يقوم طى السلطان وعلى الداللين فى دولته ، إذ كلمم أصبح عدوا للامام ، وكلمم يخشى منه القيام ، والأمر لله منه قبل ومن بعد ٠ هذه هى حالة الامام راشد بن الوليد الامام الرضى الرشيد، أوقعه اهل عمان فى شبكمم وأضاعوه الى ملكمم ، وأصبح أحدوثة السمر ، يجرى دم الأسف عليه ف عروق أهل الايمان بأحر من الجمر فمو لم يفعل شيئا يخالف المقصد الصحيح ، ولا تطاول عليهم فى شىء من خصائصهم ، كان كواحد منهم لايختص حى٠ عنهم، فما بالمم يتركونه كالشىء اللقا لا مرحمة ولا مروءة ولا احترام ولا محاذرة عار ، ان الناس كانوا إذ لم يردهم ايمان يردهم سوء الأحدوثة ، بل كانوا فى جاهليتهمم وهم كفار يخافون سوء الأحدوثة ، وأحاديث العار بعدهم وكم لمذا من شواحدهم ، فماذا فعل الامام الراشد اً علمنا أفه هو مبتلى بما وقع فيه ، فما جال قومه يعاملونه بمذه المعاملة لسلطان أجنبى من جميع نواحيه ، انا لله وانا اليه راجعون ٠ قال الامام أبو سيد الكدمى رحمه الله وهو يصف راشد بن الوليد : وكان فى عامة أموره غريبا معدوما ، ولم يكن عند أحد من أهل الخبرة ملوماً ولا مذموما، فجزاه الله عن الاسلام وأهله،لماقدقامفيهمن حقه وعدله ، وعنا وعن جميع من عرف صحيح فضله، ما جزى اماما عنرعيته وأخا بصحيح اخوته أه ٠ هنا ينظر العاقل المفكر فى سير الحواث فى الأمة ، ومجرى القضايا الملمة ، لأنالله لم يهمل شيئا بلا ارتياب ، ولم يقض أمرا بغير لسباب ، خما هى الأسباب التى جعلت أهل عمان على سحب أمراس الضلال — ٢٥٧ - من رجال لم يكونوا من المذهب،ولا من الوطن،ولامن الجنس لم أجد لمذا السؤال جوابا لأن الإمام راشد بن الوليد لم يقصر ف شىء من أمور الدين، ولم يمد طرفه الى تىء من أمور الدنيا ٠ والذى أظنه أن العلة لتته من الرؤساء لعلمم تحققوا منه عدم نيل مطلوبهم ، وآيسو الدية من حصول مرغوبهم ، فضاقت صدرهم بذلك ، لأن ذلك غاية مطلوبهم هذا الذى أظنه ولا ييعد أن يكون هو الواقع ، هتولى السلطان المذكور البلاد، وعاث فى الأرض بالفساد، مصداقا لقوله عز وجل :(انا الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعرذتجلها أذلة وكذلك يفعلون )، فكان هذا السلطان الجائر يدوس الديانة ويفحش فى الأمانة ، ويبث فى الأمة داء الخيانة ، فأصبحت عمان دار كفر نفاق ٠ قاه الامام : وذكر المضيف طى بيان الشرع أنه وجد أن دار عمان صارت دار كفر نفاق ، لا كفر شرك لعشرين يوما من ربيع الآخر سنة ٣٤٢ اثنتين وأربعين وثلاثمائة، وهذا الوقت وقت غلبة سلطان الجور على عمان ، وخذلان أهل عمان لامامهم راشد بن الوليد فيما يظهر من سياق التاريخ، قال العلامة أبو اسحاق، رحمه الله:والمراد بكفر النفاق هو كفر النعمة ، وانما سمى كفر النفاق لأن صاحبه أقر بالاسلام وأخفى الشرك ، واعترف بالعمل فخان فيه ، فكان كالمنافق أقر بالاسلام واضمر الشرك، وتسمية الخائن فى العمل منافقا واردة فى الحديث على لسان الشارع فى قوله ٠ : أربع منكن فيه فمو مفافق ولو صلى وصام ، وزعم أنه مسلم اه ٠ (م١٧-عمانعبر1لتيخج٢) - ٢٥٨ بس ولايخفى على المعاقل ان السلاطين لايرون إلاالدنياومايرجون غيرها إلا ما شاء لله من الناس، فلذلك تراهم لا يهتمون بأمر الدين، وكيف لا تكون عمان دار نفاق وهذا فعل أهلها، وذلك سلطانهم نعوذ بالله من سوابق الشقاء ، وأرى الامام راشد بن الوليد أنه كان رجلا غلب طيه سهام قومه، واجترءوا عليه وقد قيل : أظن الحلم جر على قومى وقد يستضعف الرجل الحليم والمقصود من هذا أن الامام لا ينبغى له أن يتوغل فى الحلم الى حيث يفضى به الحال كمذا الامام رحمه الله، فانى لم أجد له سيئة يستوجب بءا العتب علىما كانعليه، هذا ما أورده الامام السالمى رحمه الله عن الامام راشد بن الوليد، مع تعليقنا عليه مما وجدناه عن أهل العلم، أدركناه من مقتضى الأحوال الواقعة، وها نحن نسوق هنا ما قاله ابن رزيق الشاعر المتأخر تنديدا بهؤلاء الفاعلين فى امامهم هذه الأفعال، واعلاما لمن يأتى من الرجال ليكونوا على حرية الدين، وعلى مروءة أهل الايمان، وعلى سبيل أهل الحق وان عضهم الدهر بنابه ٠ قال ابن رزيق: ثم بايعوا الامام راشد بن الوليد على سبيل الدفاع، وخرجوا الى الناس بالبطحاء من نزوى فى جماعة من أهل عمان من نزوى ، ومن سائر القرى من شرق عمان وغربما ، من أهل العفاف والفضل والجاه والرئاسة، أى اشترك هؤلاء كلمم ف لمبيعة للامام المذكور، ثم قال كلمم مستمعون له مطيعون، لم تظمر لأحد منهم كراهية ولا نكير، ثم قام عبد الله بن محمد بن شيخة على رأسه خطييا بين الجماعة ، فخطب -٢٥٩-- له بالامامة وأخبر الناس وأمرهم بالبيعة له ، فبايع الناس له شاهرا ظاهرا لاينكرذلك من الناس منكرا، ولايغيرمنهممغير، ودخل الناس فى بيعته أفواجا ووفد طى ذلك الوفود أفرادا وأزواجا ، وأخذ عليهم المواثيق والعمود ، وبعث العمال والولاة ، على القرى والبلدان ، وصلى بنزوى الجمعات ، وقبض هووعماله الصدقات ، وجيثى الجيوش وعقد الرايات ، وانفذ الأحكام، وجرت له فيماشاءالله من المصرالأقسام، ولم ييقمنعمان لم يغلب عليه السلطان،ونأىعنه فى تلك الأيام، وذلك الزمان إلا جرت فيه أحكامه وثبتت طيهم أقسامه أقر فى ظاهر الأمر أنه امامه من أن يظمر شىء من سيرقه ولا علانيته ولا سريرته ثسدة ، ولا غلظة يخاف بها فيتقى ، ولا هوادة ولاميل يطمع فيه بذلك ويرتجى ، فيصانع عن تقية وينخدع لطمع أورجية ، بل كان رحمه الله لرعيته رفيقا وبآرائهم شفيقا غضيضا عن عوراتهم مقيلا لعثراتهم بعيد الغضب عن مسيئهم ، قريب الرضا عن محسنهم مساويا فى الحق بين شريفهم ووضيعم ودنيئهم ، وفقيرهم وغنيهم وبعيدهم وعشيرهم ، منزلا لهم منازلمم متفقدا لهم فى أمورهم وأحوالهم ، مساويا لمن هو دونه منهم ، قابلا مشاورتهم بما يأمرونه فلم يزل رحمه اللهعلى ذلك يتجثم من رعيته الصبر على المكروب ، ومفارقة السرور والمحبوب ، ويصبرعلى المشتم والأذى ويسمع منهم الخنا والقذى ، وهو يتأنى فى تلك الأمور يرجو من الله الدائرة على أهل الاحن تدور،كثير من أهل مملكته وعصره يتربص به الدوائر ، ويسر له أقبح السرائر تصرف فى وجو٠ الذين كفروا المنكر ، وما تخفى صدورهم أكبر ، من الغل والحسد أعظم وأكثر ، قد استحوذ طيمم الشيطان، وغلبت عليمم الشنئان حتى آلت عليه الأمور، وجرى عليهمنالله اسدور،أنظمرمنعامةرعيتسهالتخلف عنهوالمخذلان، ٢٦ - وظهر من عامة خواصه المعاندة والعصيان والمداهنة عليه السلطان ، والمباشرة له بالقلب واللسان، وخرجوا الى السلطان مظاهرين، وتألبوا على ذلك متناصرين ، فمنهم على ذلك جبر ، ومنهم قسرهم على التخلف عن ذلك قسرا ، ووقع بيذه وبين عامتهم العداوة والشحناء ، وفارقوه على ذلك من قرية بهلى ، وقد سار السلطان بالسرمقبلاوهو من الضعاف فى نفر أقلاء ، قد انفضت جماعتهم وصحت معه عداوتهم ، وانما خرج من نزوى فى ردهم عن خروجهم فى حرب العدو المقبل ، فلما رأى ما نزل به من الخذلان ، وبان له منهم من العداوة والعصيان ، واستضعف ففسه ومن معه ، وخاف أن يدهموه بالمكان ، تحيز من معه من بهلى الى كدم، ورجا أن يكون استوثق لنفسه واحتزم،فلميزلبكدمحتى صح معه أنهم دخلوا الجوف فداخله ومن معه لقلتهم الخوف ، فانحرفوا هنالك الى وادى النخر، ودعا الى حرب السلطان من حضره، واستفز على من قدر عليه ، ونصر واجتهد فى ذلك وصبر ، ودعا الى ذلك واستنصر ، وراح فى ذلك وكر وأقبل فى ذلك وأدبر ، فأمده الله بمن أمه ، فأبلى بهم طاقته وجهده ، فجيش لهم أنصاره وأعوانه ، ومن لا غنى عنه من خاصته واخوانه وقعد بهم فى مكانه وكان السلطان وأعوانه بنزوى نازلين ، وكان تخلفه عن الحرب برأى من حضره من اخوانه ، وأهل شفقته وأعوانه ، ورجا فى تخلفه عن الخروج للاسلام وأهله ، وقوة لعدله ونصره ٠ وكان تخلفه من الحيثى الذى بعثه السلطان الجائر بنزوى قريبا من المجازة على عقبة فتح لم يكن منهم ببعيد ، فأتى الله المقدور ما قد علم الله أنه اليه تصيرتلك الأمور، فهزم أنصاره وغلبوا وولوا عنه وأدبروا معا ، وهربوا فانفضت هنالك جماعته ، وزالت رايته وخرج - ٢٦١ - مخذولا مغلوبا خائفا ، يترقب مظلوما فكان ذلك ضحوهالنهار ، فلم يكن العشى من يومه حتى انفض عنه جميع منكانمعه ، ووقع فى الغلبة وآيس مع ذلك من نصر الناس ٠ فاستولى السلطان الجائر علىجميع النواحى والبلدان ، وأقبل الناس كلهم للصانعات ، وأقبل السلطان الجائر اليهم بالسرية والمداهنات ، حتى دانت له جميع النواحى، والامام خائف فى رؤوس الجبال والمساقى مشفق من السلطان والرعية ، يترقب فى كل موضع نزول المنية ، وأن تدهمه فى مرقده ومنامه ببلية ، وأصبح خائفا على نفسه وماله هارب من دارة وعياله ، وأصبح جميع أهل المصر آمنواواطمأنوا فى منازلهم وصانعوا سلطانهم ، فلم يكنع له من الاستسلام بد إذ لم يكن له الى غير سبيل ولا جهد، فطالع فى أمره واستشار وأشار له ذووا الأبصار ، واتبع فى أمره فيما ظهر حكم الأبرار ، وأذن بالرخصة من قول الأخيار ، ومما لا نعلم فيه اختلافا ، فان الامام المدافع تسعة التقية، إذ أخذلته الرعية، ولم يكن أصح لنا من ذلك الخذلان، ولا أبين لذا من تلك العداوة وذلك العصيان ، والله هو الرءوف بعباده والمنان ، وما جعل الله على عباده فى الدين من حرج ، بل الصحيح معنا أنه جعل لكل مدخل من دينه باب ومخرج ، ولكل عاجز عن فرض من فرائضه علذرا وباب فرج ولا فرق بين الامام والرعية ، ولكل منهم جار عليه حكيم القضية، فألقى بيده الى منزله ، واستسلم وجاء أن يستتر فيه ويسلم ، ووصل اليه رسول السلطان الى مكانه يعطيه منه الميثاق لأمانه ، فبلغنا أنه أعطاه بلسانه ولم ييلغنا عنه أنه عرضه لليمين ولا كان الى باب السلطان من الوافدين ، ولا من القادمين اليه والواصلين ، وانما السلطان الذى وصل اليه واضطره على ذلك وجبره عليه ، فزالت بذلك معنا امامته . - ٢٦٢ - وثبقت بالعذر الواضح ولايته،و لانعلم أن ف الأحكام ولا ما اختلف فيه من أمر الامام أن راشد بن الوليد رحمه الله يلحقه القائل فى امامته بمقال ، ولا طعن طاعن ولا عيب عائب فى حال من الأحوال ، فلبث بعد ذلك قليلا محمودا ، ومات عن قريب من ذلك مفقودا ، وكان راشد بن الوليد فى أيامه وزمانه وموضعه ومكانه ، ومع أنصاره وأعوانه ، وإخوانه فى عامة أمره غريبا معدوما ، ولم يكن عند أحد من أهل الخبرة فى أمره ملوما فجزاه الله عن الاسلام وأهله لما قد قام فيه من حقه وعدله ، وعن جميع من عرف فضله ، ما جزى اماما عن رعيته ٠ قال : وانما ذكرنا من أمر راثد بن الوليد رحمه الله ما قد ظهر ، وما نرجو أنه لم يرفع ولم ينكر ٤ وإلا ففضائله معنا أكثر من هذا وأكبر ، قال وكان أبو محمد بن أبى المؤثر فى وقعة الغشب فى سيرة الامام راشد بن الوليد فى طاعته، وكان ذوال أمر الامام راشد بن الوليد فى وقعة نزوى ، وعنها زالت رايته وانفضت جماعته، وبان خذلان رعيته له ولزمته التقية وخاف علىنفسه من السلطان والرعية أن يقصدوه بالقتل رضى للسلطان ولا برح مستقرا فى موضع من حد جلفار الى حد رعوان ، ولا جبال فى عطا ولا فى أرض الحدان الرستاق فأدهى عليه وأمر : وأعدى عليه من كل عدو وأشروالله أولى بالعذر من البشر ، وكل ومن عذره الله دينه فواجب أن يعذر ويعان فى ذات الله ، وينصر فيما قد نزل به اذا استنصر ٠ وكان راشد بن الموليد رحمه الله فيما ظهر لنا من أمره ظاهر الايمان ظاهر عليه شواهد الفضل والاحسان،ناهياعن الشروالبهتان، صادق الفعل واللسان، ورعا عن المحارم، مجتنبا عما علم سائلا عما نزل - ٢٦٣ ح به ولزم، متواضعا لمن فوقه، متعطفا لمن دونه، كاظما للغيظ بعيد الغضب، سريع الرضا محتملا للأمة حريصا على اصلاح المسلمين، رءوفا رحيما بالمؤمنين متوشحا بكرم الأخلاقصبورا على مضائق الخناق ، مستقيما على الحقيقة ، قاصدا قصد الطريقة ، تضرب به الأمثال ، ويعجز الواصف عن وصفه بالمقال، فرحم الله تلك اللمجة وتلك 1لأوصال، وتفضل علينا وعليه منه بالمن والافضال ، وجمعنا واياه على جزيل ثوابه وكرمه ، انه هو أرحم الراحمين ٠ قلت :هذا كلام العلماء فى راشد بن الموليد، وكادت هذه الأوصاف أن تكون من صفات النبيين والمرسلين وذلك حال أهل عمان معه، والظاهر أن حر العدل وتكالب المطامع من البغاة ألقى براشد ابن الوليد الى الحضيض لما رأوا ما يرجون تركوا ما يدينون، وذهبوا الى الباطل يجمحون والله المستعان، واذا ألقيت فكرة النظر فيما سطر العلماء أدركت منه كرم الامام المسمى، وقد ابتلاه الله بلاء عظيما، ووقع فى هوة لامنفذ لها ، وسكع فى لجة لا مخرج منها ، فرحمه الله علىما ابتلى عبده المؤمن،ولله أمر هونافذة، وحكم هو بالغه ٠ ولم نقدر أن نحقق وفاة هذا الامام بعد الانهزام ، فان فى التاريخ أن السلطان سار اليه فى منزله واضطره لمواجهته وملاقاته ، وجبره على ذلك ، ثم اختفت أخباره وتعمت آثاره ، فقالوا : فقد من بيته ولم يعلم بموته والله وليه فى دنياه وآخرته رحمه الله ورضى عنه ، فيما ابتلاهوبلغهفىالآخرةمناه٠ قال الامام : وذكر المضيف على بيان الشرع أنه وجد أن دار عمان - ٢٦٤ - صلرت دار كهر نفاق لا كفر شرك لعشرين يوما من ربيع الآخر ٣٤٢ سنة، وهذا الوقت هو وقت غلبة سلطان الجور على عمان، وخذلان أهل عمان امامهم راشد بن الوليد ، فيما يظمر منسياق التاريخ ٠ قلت : قد مضى لنا بحث فى الموضوع وبيان الحقيقة، قال الامام : فان كان عقد الامام عليه بعد سعيد بن عبد الله حالا فتكون امامته فوق أربع عشرة سنة ، قال : ثم صار الأمر من بعده لسلاطين الجور حتى أغاث الله عباده باجتماع الكلمة، ونصب الخليل بن شاذان ٠ قال : وسئل أبو سعيد عن سلاطين الجور ، الذين كانوا فى زمانه أيكونون مثل خردلة الجبار الذى أجازأبو الشعثاء قتلهغيلة ٠فقال رحمة لله : هم أشد من خردلة ٠ - ١٦٥ - عمان وتبادل ملوك الاجعب لما رغم اهلها الذى يظمر من نسياق المتاريخ أن السلطان الذى قضى على دولة الامام راشد بن الوليد خرج من عمان بعد ما تم له أمرها ، ولم يقم بها كثيرا إذ رأى حالتما لا تصلح له، ولا يزال يخاف انقلابها عليه، فتركها وهى تهثى طى ضو اممه الأحمر، الذى تلعنه لمتها عدا أهل الباطل فيما ، ولم نجد تفاصيل خروجه وتحقيق أعماله ، وقد داسما بقدمه إذ قادته عليها ومشت بين يديه فيها ، وكان تولى أمرها بعده الوزيرأبو القاسم المطمربنمحمد، وزيرعضد الدولة، وطردالشراة الى جبال عمان ، يعنى الى داخليتها ، وكان الأجانب يسيطرون غالبا على سواحلها ، وكانت قولية هذا الوزيرلما فى سنة ٣٦٣ ثلاث وستين وثلاثمائة فى شمر ربيع الأول ، وكان معز الدولة توفى بها قبل هذا الوقت، وهو الذى كان تولاها بعد خروج السلطان منها وتولاها أبو الفرج بن العباس نائب معز المدولة ، وخرج منها أبو الفرج وتركها فتولاها عمر بن نبهان الطائى، وكان تولاها باسم عضد الدولة، وكان جيشسه الزنج فتولوا الأمر وظبوا على عمر بن نبهان ومعمم طوائف من أهل عمان ، فقتلوا عمر بن نبهان وجعلوا بدله رجلا يقال له ابن حلاج ، فعاد عضد الدولة طيمم بجيش مت كرمان رجعل أمر الجيش الى رجل فارسى يقال له أبا حرب ، واسمه طغان ، فجاعوا على طريق البحر الى عمان، فخرج أبو حرب من المراكب الى المبر ، وسارت المراكب فى البحر تسايره الى أن وصلوا صحار قصبة عمان ، والظاهر أن نزولهم بجلفار رأس الخيمة ٠ - ٠٢٦٦ قال : فخرج لهم الجند والزنج أى المتغلبون فى هذه الآونة على الأمر بعمان ، واقتتلوا قتالا شديدا فى البر والبحر ، قال فظفر أبو حرب وغلب عليهم ، واستولى على صحار وانهزم أهلها ٠ قال : وكان ذلك سنة ٣٦٢ ، قال : ثم ان الزنج اجتمعوا الى بريم أى البريمى ، قال : وهو رستاق بينه وبين صحار مرحلتان ، قال فسار اليهم أبو حرب طغان فأوقع بهم وقعة أتت عليهم قتلا وأسرا ، ثم خضعت له البلاد ٠ وف هذا التاريخ كان أبو حرب تولى الساحل الشمالى من عمان الى صحار المى البريمى ، وكانت عمان الداخلية قد أقامت لها اماما هو أبو حفص راشد بن سعيد ، واستقل بداخلية عمان على أثر خروج السلطان منما ، وغياب الامام راشد بن الوليد مفقودا ، ولتأثرهم بأحوال السلطان المذكور أقام أهل عمان راشد بن سعيد اماما فقاومه السلطان الذى قاوم راشد بن الوليد ، وسار الى أن بلغ حرفان ، ولا نعرف حرفان هذه ولعلها غطفان ، وهو الواضح ، وكان قائده لهذه الحملة المطهر بن عبد الله ، فتقاتلا فى البحر أيضا ، قال فأوقع بأهلها وأثخن فيهم وأسر ، قال : ثم سار الى دما وهى على أربعة أيام من صحار ، قال : فقاتل من بها وأوقع بهم وقعة عظيمة ، قنل فيها وأسر كثير من رؤسائهم ، قال وانهزم أميرهم ورد وامامهم ، وأتبعمم المطهر الى نزوى وهى قصبة تلك المجبال ، أى قصبة المداخلية ، قال : فانهزموا مفه فسير اليهم العساكر ، فأوقعوا بهم وقعة أتت على باقيهم ، وقتل ورد وانهزم حفص كما يقول ابن الأثير، الى اليمن ٠ واختلط التاريخ الذى يحكيه ابن الأثير وان رام أحد تحليله عن تحقيق يستعصى عليه ، لأته يأخذ الأقوال على غيروجهها وما عليه إلا أن - ٢٦٧ — يدون كلما يجدوذلك لا يصح، فأخذ الأقوال من غير المصادر لملصحيحة لا يصح ، وهو يتبع النقلة أيا كانوا وهم يتخربطون فى النقل ، ولا يرجعون الى أصل، إلا أنا دخلنا عمان وفعلنا وملكتا وقتلنا، ولا ييالون ولا يراعون أهمية النقل ، ولا يحترمون حقوق التاريخ ، ولا يرون واجب العدالة فى حكم التاريخ، فلذلك لا تكاد تستطيع الأخذ عنمم إلاما يناصره عن أهل الصدق مقال ، أو يعضده بمعناه عن أكابر الرجال والخبر من البعيد يأتى ذا الوان وءلى نواح مختلفة ٠ قلل العلامة أبو اسحاق رحمة الله: هذه الحادثة الملفقة تدلك علىمبلغعبثهؤلاءبحقائق التاريخ، وانك لترى فىكتبهم قلب قضايا رأسا على عقب ، والقصد من هذا إما هدم مجد كما هو الشأن فى هذه المحادثة ، أو تصوير الأمر بغير صورته تقليلا لأهميته ، وطمسا لمزيته،كما ترى فىغيرهذا الموضع، ولعل الباعث على هذا لهؤلاء الكاتبين هو إظهار من خالفمم فىمظهر لا يستحق الكرامة، ولا يعتد بعظمته مهما بلغت، وهدم المزايا وطمس الحق كاد يكون الظاهرة فيهم، دون أن يجدوا مناصا منها لأنهم خدمة أغراض لا خدمة تاريخ ، فالناحية المتى يأتون الوقائع منها هى ناحية طمس المعالم التى لا تسرهم جنوحا الى هواهم السياسى أو المذهبى ، وهكذا ترى صفحاتنا التاريخية بيد هؤلاء المرضى مشوهة أو ممزقة أو معدومة ، والعجب أنك ترى تاريخا كتبع لناحية واحدى حلقاته مفقودة، وما فقدانها الا منعبث هؤلاء ، ولا يخشونفضيحة ولا يتقون للهفأمانةالعلم٠ والحق أنهلا يؤخذ ما يكتبه مؤرخو قومنا على أصحابنا على الاطلاق ، فان طمس الحق ديدنهم ولهم هوى فى ذلك ، إذ يزعمون أنه يجوز لهم ذلك فى حق مخالفيمم ، اللهم إلا النادر ، فان انصافهم لا ينكر ٢٦٨ كابن الصغير المالكى ، ومن الغريب حتى كتاب العصر الذين ينتحلون تحرير التاريخ والاعتراف بالحقيقة لذاتها ، قد وقعوا فى سقطات دون أن يتحروا الصدق ، وقد يكون ذلك عن مبلغهم من العلم ، وقد يكون عن هوى ، كما تبادر لى من محادثة بعضمم ا ه كلام أبى اسحاق رحمه الله ٠ قلت : لم يكن الموجودون الآن خيرا من أولئك الذين مضوا ، بل ربما كان أولئك خيرا من هؤلاء لتمسكمم ببعض الديانة ، أما الذين هم لآن صاروا خلفا عنهم فليسوا على شىء ، فلابدع أن مشوا على ذلك المنهح الذى يثيراليه العلامة ٠ والحقيقة أن التاريخ العمانى كما قيل دم أضاعه أهله ، فان أكثر أهل عمان كما سمعنا منهم لا يعيرون التاريخ آذانا ، ولا يهتمون به إذ لا يعتقدون له قيمة ، بل يقولون عيش آذان بهذه العبارة ، ولهذا ضاع كثير من أعمال أهل عمان ، ونزلت أهمية الأمة الى الحضيض ، وسترى من هذا الوجه شيئا هو أعجب الأشياء ، وذلك أن الترك جاءوا عمان فى امامة الامام الخليل بن شاذان ، وأخذوه وانحلت امامته ، وأقام العمانيون مقامه اماما لهم ، ثم رجع الخليل الى عمان الى آخر ما هنالك كما سوف ترى ذلك ان شاء اله ، وترى منه العجب حيث تقف مثدوها حائرا مصدوع الرأس ، ولم يتكلم عليسه أحد منهم على الحقائق التى هناك ، فلا جرام اذا ضاع التاريخ العمانى ووضعه أعداء عمان فى مظاهر لا أهمية لما ، واذا لم يقم بالحق أهله لا يرجى أن يقوم به أعداؤه ٠ قال ابن الأثير : ثم ان جبال عمان اجتمع بها خلق كثير من الشراة -- ٢٦٩ - وجعلوا لهم أميرا اسمه ورد بن زياد ، وجعوا لهم خليفة اسمه حفص بن راشد قال : فاشتدت شوكتهم ، قال : فسيروا عليهم عضد الدولة المطمر بنعبد الله فى لبحر أيضافبلغ الى نواحى حرفان من أعمال عمان ، فأوقع بأهلها ، وأثخن فيهم وأسر، ثم سار الى دما وهى على أربعة أيام من صحار ، فقاتل من بها وأوقع بهم وقعة عظيمة قتل فيما وأسر كثير من رؤسائهم ، وانهزم أميرهم وردو امامهم حفص ، واتبعهم المطهر الى نزوى وهى قصبة تلك الجبال ، فانمزموا منه فسير اليهم العساكر ، فأوقعوا بهم وقعة أتت على باقيهم ، وقتل ورد وانهزم حفص الى اليمن ، فصار معلما وسار المطهر الى مكان يعرف بالشرف قلت : لعله الشرق بالقاف بعد الراء الممملة ٠قال : به جمع كثير من العرب نحو عشرة آلاف ، فأوقع بهم ٠ قال : واستقامت البلاد ودانت بالطاعة،قال: ولم بق فيما مخالف، قال : الامام هذا كلامه والله أعطم بصحته ٠ قال : وأما حفصبن راشد إنما نصب اماما بعد موت أبيه الامام راشد بن سعيد رضى الله عنه ، وذلك فى المحرم سنة خمس و أربعين وأربعمائة ، ولم يذكر أحد من مؤرخى أصحابنا خروج سلطان العراق على حفص بن راشد ولم يذكروا أنه عزل عن امامته ، ولا أنه خرج من عمان وانا لنشك فى رواية قومنا فيما شاهدوه، فكيف نثق بهم فيما غابعنهممعأنهم أخذوا أخبارذلك من بعض أجناد الظلمة القادمين على حرب المسلمين، فيحتمل أن يكون قد اختلط عليهم الأمرويمكن أن يعتمدا الزيادة والنقص، قال :وبالجملة فانا نعلم من سياق التاريخ أن الظلمة قد عانوا فى عمان ، وتولوا أمرها من بعد أن خذل أهل عمان — ٢٧٠ - الامام راشد بن الوليد الى أن نصب الخليل ابن شاذلن، ومدة ذلك نحو خمس وستين سنة تقرييا ، والله غالب على أمر ه ا ه كلام الامام السالمى رحمه الله ٠ والظاهر أن هؤلاء السلاطين أولمم يوسف بن وجيه الذى قاتله الامام سعيد بنعبد لله الرحيلى فى عهد امامته، واستمر الحال بمم كذلك الى بنى مكرم وليسوا منعمان بغيرشك،لكنلما تسلطوا على أهل عمان من أول القرن الرايع الى أول القرن الخامس ، وكان السبب فى تسلطمم على أهل عمان بنو سامة أهل أزكى حتى تغلغلوا بعمان وسيطروا عليها تلك المدة ، صاروا كأنهم من عمان فلهذا قال ابن الأثير فى بنى مكرم : انهم من وجوه أهل عمان ، ولا علم له فى الحقيقة عن تحقيق قضايا عمان وأهل عمان ، وقواد بنى العباس الذين منحوهم آخر العمد اسم السلطان، وأبقوا لأنفسهم اسم الخليفة، ورضوامن الأمر بذلك، إذ كانوا أركان باطل وأعمدة ضلال، فلذلك سلط الله عليهم أعداءهم الديلم والترك، وآضر الأمور انمحوا بالتتار، وانتت أيامهم السوداء المظلمة بفسادهم وضلالمم،وكل مفسد لابد أن يدى عاقبة فساده، حتى يعلم أن لمذا الكون ربا يدبر، ومليكا يصرفه، ليس موكولا الى تصرفات أهل الفساد، والله يمهلولايممل ولكل شىء غاية ينتهى ايها، فقد عاث الغزاة فى عمان من هؤلاء وأمثالهم كالقرامطة ونحوهم ، وأخذوا وقتا وراحوا رهن أعمالهم ، وكذلك نكبوا أهل عمان بمصارعة الامام الخليل بن شاذان، حتى قضوا عليه ومزجوا دولته، وبددوا شمل امامته فى عمان ، ورأى منمم ما عرفه التاريخ كما سوه نذكره ف محله إنشاء الله - ٢٧١ - والخلاصة أن ذلك القرنقدمركله ملطخا بغيوم الظلم والفباد، من المسلطين طى الأمة بآل العباس ، الذين صاروا ذريعة لمم يتوصلون بهم الى مقاصدهم ، وكان بنو العباس كاخوتهم بنى أمية بلاء طى الأمة ، وشرا على المسلمين إذ كانوا أهل فجور وظلم وجور، ملكا عضوضا ونفوسا متغطرسة وأعمالا سيئة، ولكنذلك دليل فى الحقيقة على هوان الدنيا وانحطاط قدرها عنداللهعزوجل،ولوكانلها شأنعند الله لم يجعل أهلها مثل هؤلاء المفسدين من فراعنة يدعون الربوبية ، وقياصرة يترفعون عن البرية ، ويتعاظمون على أهل الحق ، وأكاسرة يتربعون عروش الملك وهم طغاة جورة ، وأمراء يتأمرون على الأمة بمقتضى الأهواء ، وملوك يفعلون ما يشتمون، وسلاطين فى النار يقتحمون ولا ييالون ، وأتباع هؤلاء كثيرون ، والمسلمون هم الأقلون ، فى كل جيل، والمخلصون الأقل أيضا فى مطلق الأزمان، ولكن اقتضت حكمة الله ذلك ليحيا منحى عن بيقه،كما يهلك من يملك عن بينه، والدنيا طريقان يوصلان الى الآخرة: وهما النجدان اللذان أشار اليمما القرآن ٠ ولقد استمرت غزوات الجيوش العباسية لعمان، الى عمد الامام الخليل ابن شاذان، فقد صارعوه وقاتلوه الى أن قضوا على امامته وقادوه آسيرا منا عمان لا يقدر على نصرته أحد ، حتى مضى على ذلك عمد وهو معمم ولا يدرى العمانيون شيئا عنه وهل هو حى أم ميت كما سوفترىذلك انشاء الله٠ - ٢٧٢ - محتويا الكتاب الصفحة مقدمة م انتقال الدولةمنآل الجلندى الىآل اليحمدى بنحمد ٨ أعمال محمد بن أبى عفان فى عمان ١٤ العمل فى عزل محمد بن أبى عفان عن الأمر ١٨ إمامة الامام الوارث بن كعب لخروصى ٢٠ مؤهلات الممام الوارث بن كعب للامامة ٢٢ تحقيق البيعة للامام الوارث بن كعب لخروصى ٢٧ هارون الرشيد يروم استرداد عمان الى خلاهقه ٢٩ وفاة الامام الوارثين كعب رحمه لله ٣٤ إمامة الامام غسان بن عبد الله اليحمدى من الفجع على الصحيح عند الكل ٣٧ الامام غان يخرج الى صحار لتوطيد الأمور بينمم هناك ٣٨ الإشادة بنزوى ليام غان ٤٥ الامامغسان يهتم بأحوال لأمة باطناً وظاهراً ٥٠ أعمال الامامغان ف عمان ٥٤ فصائح العلماء للإمامغان رحمه لله ٦٦ وفهاة الامامغان رحمه الله تعالى ٦٩ إمامة الامامعبد اللك بنحسيد لعطوى ٧٠ — ٢٧٣ - الصفحة قوام دولة الامام عبد اللك بن حميد نصائح العلماء للامام عبد المك وفاة الامام عبد الملك بن حميد رحمه الله إمامة الامام الممنا بن جيفر اليحمد ى قوة الدولة أيام الممنا بن جير أعمال الامام الممنا مع البغاة وأهل الفسأد حزم الامام الممنا ويقظته فى الأمور وفاة الامام الممنا بن جيفر رحمه الله إمامة الامام الصلت بن مالك بن بلعرب الخروصى الامام الصلت يجمز جيشا لاسترداد سقطرى لامام الطت بن مالك يتأثر بالسن إمامة راشد بن النضين اليحمدى الأعمال المشتركة بين موسى وراشد فى عمان الروضة تقعرض لقتال عنيف بين أهل عمان المجوم على دار الإمارة بنزوى عزل راشد بن النضر عن الامامة أعمال راشد بن النضر فى حال إمامته بعمان افتراق أهل عمان الى رستاقية ونزوانية إعادة راشد بن النضر للإمامة بعمان مرة أخرى إمامة الصلت بن القاسم بعد راشد بن النلضر ٧٧ ٧٩ ٨٠ ٨١ ٨٤ ٨٩ ٩٧ ١٠٠ ١٠٢ ١٠٥ ١١١ ١٢٥ ١٣١ ١٢٣ ٩م١ ١٤٠ ١٤٤ ١٥٩ ١٦٧ ١٦٩ ( م١٨ - عمان عبر التاريخ ج٢) - ٢٧٤ - الصغحة خلع الصلت بن القاسم من الإمامة ١٧١ إمامةعزان بنتميم الخروصى رحمه الله ١٧٢ عزانبن تميميتصرض لحربعظيمة ف عمان ١٨٠ بنو سامة يحالون ملك عمان ١٩٣ القرامطة يحتلون عمان باهل عمان ١٩٩ الإقامة المستضعفة بعمان ٢١١ إمامة الامام الرضى المرضى سعيد بن عيد الله الرحيلى ٢٢٧ القتال بين الامام سعيد بن عبد الله وأهل الجور فى عمان ٢٣٢ وفاة الامام سعيد بنعبد الله الرحيلى رحمه الله ٢٣٩ إمامة الامام راشد بن الوليد رحمه الله ورضى عنه ٢٤١ التعريف بالامام راشد بن الوليد ٢٤٤ خروج سلطان الجور لى الامام راشد بن الوليد ٢٥٠ خروج رعايا الامام لملاقاة السلطان ٢٥٣ عمان وتبادل ملوك الأجافب لما رغم أطها ٢٦٥ محقويات لكقاب ٢٧٢ حقوق الطبع محفوظة لدى وزارة التراث القومي والثقافة صب: ٦٦٨ - الرمز البريدي: ١١٣ مسقط سلطنة عمان رقم الإيداع: ٩٥/٢٤١ طبع بالمطبعة الشرقية ومكتبتها سلطنة عمان - ت : ٧٧١٦٩٥٢