ئاذغيدح تأليف |سالذابلالثخ سالمبن^مودبنشامسلسياي ١لجزلاهئش طبة"ابة مؤلف الكتاب — ه ا— إمامة الإمام الخليل بن شاذان اعلم أن الإمام المخليل بن شاذان بن الصلت بنمالك بن بلعرب الخروصى، أحد الأئمة الأجلاء فى عمان، واليه ينتسب آل الخليل الذين بعمان ، والى جده الصلت ينقسب صلوت بنى خروص ، وأيوه الشيخ شاذان بن الصلت من أهل العلم والفضل، وأخوه محمد بن الصلت كذلك: وهؤلاء عائلة بارزة بالفضل والعلم والتقوى فى صان، وهـ فى خلقه أسرار والخلق سادن ٠ لحديث ٠ واعلم أن القرن الثالث الهجرى ابتدأ بحوادث متعددة، منها الإمامة المستضعفة وما صار عليها من أهل عمان فيما بينهم ، وإمامة الإمام سعيد ابن عبد الله الرحيلى ، وبأمراء بنى العباس الذين صلرعوا الإمامة وقضوا عليما من عهد يوسف بن وجيه وبنى مكرم وغيرهم من البويهيين الى القرامطة المعروفين فى التاريخ، وإمامة الإمام راشد بن الوليد، وتسلط أمراء بنى العباس عليه، واحلوا إمامته وتولوا أمر عمان الى تمام القرن الرابع ، وهم فيها الامرون الناهون لا يردهم راد ولا يصدهم صاد ، وفى ذلك العمد صارت عمان دار كفر ونفاق، لانطماس العدل، واختفاء آثار المسلمين باندراس معالم الدين، وبتسلط الجبابرة الظالمين، الذين هم أعداء الدين والوطن والجنسية عقوبة لأهل عمان على تضييعمم الأمر منذ الإمام الصلت، الى أن وقعت الطامة الكبرى بتضييع إمامة راشد بن الوليد، خكانت عاقبة ذلك الأمر الوبال والخذلان، مع تلاعب بالإمامة فى عهد إمامة الأئمة المستضعفين، وكل ذلك إضاعة للدين وتضييع لمنهج المسلمين ، حتى بويع للامام الخليل بن شاذان بن الصلت بن مالك بن بلعرب الخروصى ٠ قال الإمام رحمه اسم : بويع له بالإمامة بعد راشد بن الوليد بزمان طويل ، تجير فيه السلطان على أهل عمان ، وسامهم سوء العذاب بما بدلوا من نعمة اشم ولعدم وفائهم بعهد افه ، حين خذلوا الإمام راشد بن الوليد وظاهروا عليه عدوه، ومن أعان ظالما سلطه اشعليه، أى ليذوق وبال أمره ، ولايخفى العهد الذى بين الإمامين راشد بن الموليد ، والخليل ابن شاذان ، وعمان ترزح ثقلا بوطأة المجورة الظلمة المفسدين للدنيا والدين، المتسلطين طى بيضة المسلمين، فان ذلك القرن قام فى أوله الامام سعيد بن عبد الم الرحيلى ، فجمع الشمل ولم الشعث وأيد الحق الذى يدعو اليه المسلمون ، ورفع مستوى أهل الايمان ، حتى قضى اش عليه بمناقى من أعمال الرستاق وقبره بها ، ثم قام على أثره الامام الراشد بن الوليد، فانقلب عليه أهلعمان بغير جرم ارقكبه، ولا حدث اقترفه، ولاشقاق أوقعه، ولكن ابتلاه اللم بذلك، وعسى أن تحبوا، وعسى أن تكرهوا ، وكل شى ء بيد اللم ٠ قال الامام : وبقى أهل عمان يكابدون النكال تحت قمر الجبايرة من بنى سامة وغيرهم ، حتى عقدوا الامامة على الخليل بن شاذان فى سنة سبع وأربعمائة ، وف بعض الكتب فى سنة بضع وأربعمائة ، فسار فيمم سيرة حسنة جميلة ، ودفع عنهم الجبابرة وأمنت بعدله البلاد ، واستراحت فى ظله العباد، ودانت له الممالك، ووفدت اليه الوفود لظهور العدل، وانتشار الفضل، وقام الخليل يواجبات الأمة فى حلهاوترحالها، ودافع الخصوم وصازع الجبابرة ، وجاهد فى الله حق جماده ، وانتشر له صيت شاع فى الجزيرة الى اليمن ، وحضرموت ونحوها ، وقامت امامته على أعمدة العدالةوالانصافوالمساواة بين المسلمين ٠ ووفد عليه الامام أبو اسحاق ابراهيم بن قيس بن سليمان الخضرمى ، من أرض حضرموت مستنجدا به ومستعينا بالمسلمين على حرب أهل بلاده الخارجين عن طاعته فى حضرموت واليمن ، فأمده الإمام — ٧ — الخليل بالمال والرجال،حتى وطد به دعائم ملكهف لك الأطراف اليمانية ، و فيه يقول من قصيدة : وذكر امام شاع فى الناس ذكره وطلعب الثنا فيه الخليل بن شاذان الى آخر القصيدة ٠ وقال فى أخرى : وارموا بنا نحو الامام المرتضى المفزع المأوى لكل دخيبل ذاك الذى جلى عماناً بعدما وأراهم غيم الطغى بذيول الىآخر ما قال فيها من الثناء والمدح والاستنهاض، حتى مكته اته من عدوه وأثيت به قواعد دينه ، ودوخ به أعاديه ، وبعد ذلك أرسل الى الاماميحدثه عن واقعه وعما صار اليه أمره بقوله : سل الوفد عنى يا امام ألم أكن تسربلت يوم الروع ثوب العزائم وهلكانهمىغير ما كنت ذاكرا وهل نمت عن طرف الجواد وصارمى الىأنقال: سل الخطبا لما دعوا لك جمرة على رغم أهل الجور عند التصادم ٨ وسل عرب البيداء هلا أذقتمم عشية خانوا العهد سم الأراقم قوله : عرب البيداء أراد بهم البدو خاصة وهم نهد وعقيل ، وهاهنا يخبره بلسان المقال عن حقيقة الحال فيقول : وأما نواحى حضرموت فإنها بحول إلهى طوع أمرى كخاتمى فاستقر الأمر للامام الحضرمى البطل المقدام فى أرض حضموت بهمة الامام الجليل الخليل بن شاذان رحمه الله ٠ وكان للامام الخليل وزير يتولى مهمات دولته ويقوم بواجباته فى حضوره وغييته اسمه محمد بن صلهام ، وهو يناصر الامام المحضرمى ٠ قال صاحب المعالم : ولم يجد أبو اسحاق فى حضرموت من يناصره فى صد غارات القرامطة ، فالتجأ الى الخليل بن شاذان الاباضى امام عمان طالبا منه النجدة ، وقدم اليه قصيدة جاء فيها يشكو اليه الحال الذى هم فيه : يا خير خل خربت أوطاننا واستعبد السفهاء كل نبيل يا خير خل لم نطق دفع الأذى عن أخذ مكنون وجذ نخيل يا خير خل أصبحت أسواقنا أسواق سحت واعتداء محول يا خير خل قد غبنا فانتصر وانظر لنا بالرأى عزم أصيل ٩ وجاء فى قصيدة أخرى يذكر ما نال من الامام !لخليل رحمه اش وما وفقه الله له من المنصرفيقول : وجدت له بالعذر بسطاً وجادلى بما فيه نصر لا عدته المكارم فها أنا ذا بالمال والبيض والقنا على حضرموت بالسلامة قادم سلا تخبرا عنى اذا صرت نحوها وناديت فى الإخوان أين اللمامم قال : وعاد أبو اسحاق الى حضرموت بعد أن أمده المخليل بن شاذان بالمال والسلاح ، قال : وقد استطاع بهذه المعونة أن يجمع حوله جنودا وأنصارا فرق بهم أعداءه ، حتى لم تبق منهم سوى طوائف ، التجأت الى القرى الواقعة بأطراف البلاد ، قال : وفى هذا يقول أبو اسحاق من قصيدة أرسلها المى الخليل إمام عمان ، مع وفد وجهه الميه عقب انتهاء الحرب يخبره فيها بما تم له من النصر ، وهى القصيدة التى أشرنا الميها ومنها قوله : سل الوفد عنى يا إمام ألم أكن تسربلت يوم الروع ثوب العزائم الى آخر ما جاء فيها ، وفيها يشير أيضا الى الصليحى أحد حكام اليمن فى ذلك العهد إذ يقول : ولميبق لى إلا الصليحى قائماً وها هو أيضاً معده غير قائم ١- الىأنقال يذكر منه : اذاوفده ولى الى مصر رائداً مضى وفدنا قصداً لخير المعالم يعنى عمان أى اذا ولى وفد الصليحى الى مصر مضى وفدنا الى عمان ، فهو يستنجد بمصرفنحن نستنجد بعمان ٠ قال : إن الخليل أمده مرة بالمال فقط ومرة أخرى بالمال والرجال ، فمذا يدل على تردده على الامام المذكور فى تقويم واصلاح شئونه ، وكان يفتخر بذلك ويهدد به الخصم ويعلن بذلك فى المجامع ٠ قال : ويزعم الشيخ سليمان البارونى أن أبا اسحاق أقام عاملا بحضرموت للخليل بن ثاذان مدة حياته ، فلما نصب راثد بن سعيد اماما بعمان بعد الخليل بقى عاملا على حاله وله مع الامام راشد قصائد يعترف له فيها بالولاء ، منها قصيدته التى أرسلها يعرض فيها للامام راشد النجدة فى حربه مع نهد وعقيل حيث يقول : إباضية زهر كرام أفاضل مناقبهم فى كل سامى علا تبدو وأنت لنا من بعدهم صرت قيما حمولا لثقل الخطب يورى بك الزند وللامام الخليل رحمه الشه فضائل أعمال وجلائل خصال أولاه الله عز وجل إياها ، وقد ساد الخليل عمان سيادة ازدهرت بها البلاد ، وشط فيها الرشاد ، وارتفعت به فيما رعوس الأمجاد ، وكان علماء المسلمين بعمان أنصار الإمام الخليل، وأعوان السيد الخليل، وكانوا لا يداهنون ااما ولا سلطانا اذا خالغ الحق ، ففى يوم الثلاثاء لعشر - ١١ - ليال من شهر رمضان سنة تسع وأربعمائة ، أى بعد وقوع البيعة للامام الخليل بسنتين ، أنكر العلماء بعض الأشياء فى عهد هذا الامام النبيل ، فاجتمعوا ضحوة نهار الثلاثاء من اليوم المذكور ، وهم موسى بن أحمد ، وأحمد بن محمد ، والحسن بن أحمد ، وعمر بن محمد ، وراشد بن محمد ومن معهم من إخوانهم المسلمين ، ونظروا فيما استنكروا وكتبوا فيما أنكروا كتابا الى وزير الامام محمد بن صلمام قالوا فيه كلاما طويلا من جطته : وبعد هذا فنحب أن يقف الأخ طى طرف من الأمور التى تجرى فى بلادنا من القائمين بما ، أى من طرف الامام المتولين لأمورها ، من تركهم اتباع سنة رسول الله صلى اشم عليه وسلم ، وآثار المسلمين وسيرهم فى الرعية بغير الحق ، حتى كثرت المناكر ، ومات الحق وأهله ، وارتفع الباطل وحزبه ، وصار أهل الحق لا يقدرون على الأمر بالمعروف ، ولا النهى عن المنكر ، لأن المنكر ابتلى به من تسمى بالحق بلساقه ، ويخالف ذلك بأفعاله، وقد خشينا من ذلك زوال النعم وتغيير الحال، وقد كتبنا للامام نصره اشه عام أول كتابا مترجما لمه فيهما كنا نتوقعه من هذه الأشياء ، ولم نرد بذلك إلا نصيحة له ، وخروجا مما يجب طينا مما تعبدنا الش به ، فرجع الجواب الينا على غير ما كنا نرجوه ، وأنزلنا فى ذلك بمنزلة التهمة ، غلما رأينا ذلك قوسعنا بالسكوت ، لأنه يوجد عن بعضمم أنه قال : اذا كان الذى ينكر المنكر لا يقبل منه ويستخف به لم يكن عليه ، أن يعرض نغسه للاستخفاف أو نحو هذا من اللفظ ، وهنا أقوام ممن قد عرفوا بكثير المناكر، صاروا يكاقبون الامام نصره الله رقعة بعد أخرى ، ويزينون فعل من قد ساعدهم على مناكرهم ويقولون غير الحق ، ويشهدون بالباطل ( ستكب شهادتهم ويسألون ) كل هذا خثية أن يولى طيهم من يشد عليهم ويمنعمم من المناكر التى قد شمروا ١٢- بها ، ويصيروا هم وغيرهم من الرعية سواء ، فإنما هم يرجعون على الامام فى كتبهم بغير الحق ، وقد أمنوا ألا يبحث عن أفعالمم ، ولا يسأل عن صحة قولهم ، ولو كان الامام نصره اللم ينظر فى هذه الأمور وصحتها ، ويسأل عن حقها وباطلها ، وصحيحها وسقيمها ، فضر أهل الباطل باطلهم عنده ، ونفع أهل الحق حقهم عنده ، لما اجترأ أحد أن يكتب اليه الكذب ، ويتقول على لسان الرعية مالم يكن ، ولكان هذا الباب قد انغلق ، ولم يتجاسر أحد أن يكتب اليه إلا الحق ٠ ولمبا ضاقت أنفسنا من هذه الأمور التى شرحناها ووصفناها ، رأينا اطلاع الأخ المعزيز أدام اشم أنسنا به على ما عندنا ، وشرح ما نحن فيه لعلمنا أنه ممن يغضب للحق ولا يرضى الباطل ، فإن رأى أن يطلع الامام نصره اش على ما ذكرنا وشرحنا، فإنا لمنذكرله ما عندنا إلا اختصاراً ، ولو ذهبنا نصف كل ما نراه ونعانيه من هذه الأمور لم تبلغكلذلك،إلاأنالكل أمورنا الى اشه، ثم رأى الأخ فيما كتبنا ليه ورد جوابنا مما نستدل به منه على وصول كتابنا اليه ، وما يقتضيه رأيه فى ذلك إن شاء اشم والسلام عليه صن جماعتنا، ويسلم ما على الشيخ أبى الحسن على بن راشد، متعنا اش ببقائه، والحمد لله وصلى الشه على رسوله محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً ٠ قال الامام رحمه الله: ولم نظفر بجواب هذا الكتاب، غير انى وجدت جواباً من أبى على الحسن بن أحمد النزوانى وهو فيما أحسب قاضى الامام الخليل رحمهما اش تعالى، كتبه أبو على جواباً فى مثل هذه التضية : قال رحمه الله تعالى : فهمت ماكتب به الشيخان فى مال المشايخ ، وتعدى من تعدى فيه وترك المنع من الإمام نصره الله ، قال الإمام : ما ولى عليها محمد بن حمزة ، ولا أمره بقبض الصدقات منها ، وانما سأله بعض أهلها أن يكون معهم للأنس وللانكار فيما قدر عطى ١٣ انكاره، والمعروف من آثار المسلمين أن الإمام اذا كان فى حال المحاربة، ولم نستول على المصر أنه مخير فى الأحكام، إن شاء حكم وإن شاء ترك الحكم ، حتى يفرغ من محاربة عدوه ، وقول ليس له ذلك وليس عليه أيضاً، ولا يضيق طى الإمام ماوسعله المسلمون، إلا أن الذى نختاره له ونحبه له ألا يدع شيئاً من الأحكام، ولا من الانكار مع القدرة عليه ، وهما قد عرفا ما جرى فى مال بنى زياد بسمو نزوى من الخراب، وأخذ الدواب واتلافها واتلاف الثمار فى أيام الإمام ، فما عاب أحد طى الإمام حتىسهل اش وتبين للوللى للنظر ف ذلك، ومنع عنه ، وكان لم يزل يجرى فيه المخراب مرة بعد أخرى ، للى أن كان أيام دهمان، ومنع عنه ، وكان جرى نى المال الذى تركه على فى السر ما جرى ، ومنع الوارث وهو يصيح ويستغيث ، فما عيب على الإمام ذلك ، وليس أريد بهذا احتجاجاً من الظلمة إلا أنى أذكرهما ما يعرفانه لئلا يتوهما فى الإمام غير ما هو عليه ، وهؤلاء المشايخ حرسهم الله ، لو وصلوا الى ما لمم وقاموا فيه لكان كل من قدر على معونتهم بالحق من إمامهم أو غيره أعانمم ٠ وهذا يدل أن هناك أهواء ومنافسات ، ولعل ذلك بين بعض الزعماء وأهل العلم بحسب المفهوم من سياق الكلام الذى تقدم من المشايخ ألأولين ، وف الكلام الأخير ما هو من نوعه وهو واضح ٠ ولم يكن الإمام رحمه الله ممن لا يقبل أقوال أهل العلم ، ولا ممن لا يقبل النصح حاثاه ،بلهو أحفى بذلك وأولى يرى ما لا يراه غيره ، ولعل له عذراً وأنت تلومه ، وعلى كل حال إن الإمام رحمه اش مبتلى بأمور الأمة ، وعليه الصبر على ما يرى ويسمع ٠ ١٤ قال الإمام أبو اسحاق زحمه اشه : من شاء يعلمماكانت أوائلنا فيه فسيرتنا تكفيه برحانا هذا الخليل إمام المسلمين حكت أنوار سيرته فى العدل نيرانا والمراد قوة الاضاءة فكأنها نيران تثقعل لا ناراً فقط ، وذلك كناية عن قوة الاشتعال وقوة الاضاءة تجوزاً عما لايخفى، ويليه قوله : يا أيها العلم العدل الذى كملت له الخصال مروءات وإيمانا انى أحبك والرحمن يعلمه حب احتساب الى ذى للطول قربانا ومنها : حتى عبرت اليك البحر منتصراً أيام عدت بما أوليت جذلانا ومنها : إن الذى عمرت صنعاء دولته بالفسق أصبح من مولاى فزعانا هذه هى حالة الإمام الجليل الخليل بن شاذان رحمه اش ، ومضت — ١٥ — أيامه عطى هذا !لمنمج الكريم والصراط المستقيم ، ولم تعرف له سوءة تذكر إلا ما أشار اليه مقال أولئك الأشياخ الذى أوردناه لك عنمم، وله فيه عذر، وعذر عند اش وعند عباده ٠ قال ابن رزيق : ولما ركدت زعازع بغى الخلفاء العباسيين عن عمان ، وافقطعت مادتهم عنها بالبغى والعدوان ، عقد أكابر عمان الإمامة على الخليل بن شاذان، فسار سيرة العدل والانصاف، واتبع أثر السلف الصالح، وأقر عيون المرعية، وجعل الفقير والغنى بالسوية، والضعيف والقوى فى اتخاذ القضايا الحكيمة ، وصارت بعدله أرض عمان فى أمان واطمئنان ، وقطع شقشقة لبغاة ، وجدع أنفا شماء من الطغاة ، فعاش حميداً ومات كريماً ، وكانت دولته على الأشمر يع عشرة سنة لأنه مات سنة ٣٢٥ على التحرى ، وبعده بويع راشسد بن سعيد ، وعاش الى عام خمس وأربعين ، ومن هنا صار لابن رزيق الغلط فى مدة إمامة الإمام الخليل بن شاذان، إذ قال كانت مدة إمامته خمساً وأربعين سنة ، وذلك أن راشد بن سعيد مات سنة ٣٤٥، وكان بويع سنة العشرين بعد ثلاثمائة، وكان الزعماء الذين تسلطوا على الخلافة للعباسية جعلوا التنكيل بأهل عمان كالمفروض عليهم، ونظر الى ما قاله ابن رزيق، ولما ركدت زعازع بغى الخلفاء العباسيين عن عمان ، اشارة الى أن زعازع رياحمم لا تزال تعصف بعمان وتسفى عليها من غبار الطغيان ، ولم-ا كانت ال مزعامة العباسية ، مسيطرة على عمان فى هذا العهد منذ انمحت دولة الإمام راشد بن الوليد، وسقطت عمان فى الحضيض، وصارت دار كفر ونفاق منذ ذلك العهد كماقدمنا، ولما هانت وطأة البغى وتراخت الزعامة العباسية ءن عمان ، وظلت عمان واهية الارادة ، هامدة الأهمية، وقد خمدت فى ذلك الحال نار البغى، وهانت الأمور، قام أهل العلم ورجال الحق كعادتهم عند حلول القرص، فبايعوا الإمام الخليل بن شاذان، وقاموا لاحياء معالم الدين والايمان، واخماد ما أثاره أهل البغى واعادة الحق الى مجاريه ، فقام الإمام المذكور بواجيم - ١٦ - امتثالا لأمر ربه ، واتباعاً لسلفه الصالح ، وشاع أمره وظمر صيته ، جهزت له البغاة قوتما لكسر ه-ذه الإمامه الخليلية ، وهدم مبانيها القوية ، فجاءت جيوشها بقيادة أركان حربهامن المترك العتاة ٠ قال الإمام رحمه اله : وخرجت الترك على عمان أيام الخليل بن شاذان ٠ قال : ولعل هؤلاء كانوا جند بنى العباس ، فإنهم قد استخدموا الترك وغظبوا على أمرهم حتى صارت الدولة اليهم ، وصار بنو العباس آلة فى أيديهم ، فخرجوا على عمان وأسروا الخليل بن شاذان ٠ ونصب اهل عمان بعد أسره محمد بن على إماماً ، ثم إن الترك ردوا الخليل الى هنا انتهى ذكر هؤلاء الترك وفعلهم فى عمان ، فاذا نحن بحثنا التاريخ سائلين : متى كان أسر الخليل ا وفى أى بلد أسر ؟ وعلى اى سفة كان أسره (١) فان قوله : فخرجوا على عمان ، وأسوا الخليل ، لا فرى لنا فيه جواباً ، ولا يكفينا إذ لا نرى فيه صواباً عن بحثنا، فمو كلام أشبه بمقطوع الراس أو منهار الأساس ، فإن للتاريخ حقوقاً يجب أن تراعى ، وهى كشف غموضه اذا أمكن ، واستخراج وجوهه فى فلسفة أدبية لا يجهلها إلا الأغبياء ، فإن أسر الخليل وهو إمام فى قومه فهو كلام أشبه بمقطوع الرأس أو منهار الأساس ، فإن للتاريخ حقوقاً يمكن أسره على هدوء كما يفهم من التاريخ الذى بين ايدينا ؟ أم كان بعد حرب غلب فيها وذلك غير مستنكر أ أم نادوه فأجابهم وخاطبوه فأذعن لهم فقادوه سامعاً مطيعاً للأمر ؟ لا نظن ذلك ، وأين ترك جنده وكيف حكم بيعته ؟ وعهد الله فى الأعناق وأين عمدة أمره الذين أقاموه إماما للناس ، وبايعوه على أقوى أساس ؟ لم يذكر التاريخ الذى بين أ يدينا شيئاً مما نشير اليه ، ولا يكفينا ذلك عنه ولا يشفى غليل البحث على هذا الوضع منه ، لكن الأمر يحتمل أحد شيئين : (١) لم نتلق جوابا ٠ -١٧- أما الأول فإنه لابد هناك من وقوع حرب انتصر فيها البغاة، وبذلك قضوا على الإمام وأخذوه أسيراً ، وهذا من الجائز والممكن، وأنه لابد أن يكون ذلك مذكوراً فى التاريخ، كما ذكروا حادثة الإمام عزان ابن تميم، وأنه لما قتل قطع رأسه، وحمل الى بغداد، ولكن التاريخ ضاع فلم يوجد ، وهذا عذر لكنه أوهن من بيت العنكبوت، لأنه شبيه بالمستحيل أن يقع مثل ذلك وينطمس ذكره بتاتاً ، فلا يوجد له اشارة فضلا عن ذكر جلى يحسن السكوت عليه ٠ وأما ثانياً فأن يقال انه لما شاع خروج الترك على الإمام المذكور، فر عنه جنده كما فروا عن راشد بن الوليد ، إما طمعا فى دولة السلطان الخارج ، وإما خوفاً منه واستشعاراً للغلبة ورهبا من شماتة الأعداء ، ولعل هذا أقرب الى الصحة وأوضح فى المقام ، فإن الجنود العراقية مازالت تغزو عمان أيام ضعفها، وقد وقع الإمام الراشد بن الوليد من نوع ما نتكلم نحن هنا عنه ، فأصبح الإمام خائفاً يترقب ، حتى آل به الأمر أن أصبح مفقوداً من بيته ، فلعل قضية الخليل بن شاذان من هذا النوع ، ولما رأى العجز أخذ بالرخصة واستسلم للأسر ، وهما أمران أحلاهما مر، ولكن اذا ابتلى المرء أخذ بالممكن، والأمر د عز وجل ٠ ولعل أيضاً لما دخل الترك عمان، وجدوا الإمام الخليل فويداً ذليلا بترك قومه له فقبضوا عليه راغماً ، وقادوه أسيراً ،ثملمالم يروا لديه أمراً هاماً يعرقل مساعيمم ، وعمان اذا أرادوها وجدوها رهن أياديهم، فلذلك قالوا للخليل : رح الى بلادك وأولادك، مانين عطيه بذلك ، لكن هذا ييعده أيضاً اجتماع العمانيين بعده حالا على بيعة لمحمد بن على إماماً بعمان ، ولعل الخارج لم ير صلاحاً له فى عمان ، لأنها ضعفت فى ذلك الحال، الى أقصى حدود الضعف عن الدفاع للغزاة، م٢- عمان عبر التاريخ ج ٣ ) - ١٨ إذ المال فيما قليل ، وقد مزقها الأعداء وذهب الخيرمنها ، فلعله خرج عنها تاركا لها،ولما علم العمانيون ذلك بايعوا محمد بنعلى ولم يذكروه ممن ولا من أى البلاد ، ثم لما رجع الخليل بن شاذان رجع اليه أهل عملن ، وأعادوا الإمامة لم ف تامر جرى بينهمم لرعايه الاصلح لمم ، ولعل الخليل أيضاعطم من الغزاة التزك لعمان لعدم الصلاح لهم فيما، وإلا فكيف يقبل أن يعود إماما لعمان ؟ وقد رأى وسمع ما ساءه من العدو الخارج ، وأنه ربما خرج غدأأيضا أمر أشكل تحقيقه ونظر صعب تدقيقه ، وعمل ابتلى به قوم ، وحوادث وقعت أردنا أن نفهمما لنعل فيها بعد العلم بها بما يجب علينا ، واذا ألقينا نظرة الى قوة الغازى ، وضعف أهط عمان فلن يقبل الإمام أن يعود إماما لأهل عمان ، بعد ما صار عليه ما صار بين أظهرهم ، ولا يرضى أن يكون كمن سبق اذا جاء السلطان دخل بيته واختفى ، واذا خرج السلطان برز الى الناس ونادى أنا إمامكم هلموا نحوى، هذه الاحتمالات نحررها للاشكال الذى أدى اليه الحال من أمر الإمام الخليل بن شاذان، وأسره بعمان بين الأفصار والأعوان ، والأقارب والإخوان ، ولم يذكروا سبب ذلك واشه أعلم بماهنا لك ٠ وأنه يفمم من قولهم خروج الترك على عمان ، خروج تركيا الدولة المعروفة وليس كذلك ، وإنما هم على الصحيح قواد جيوش الدولة العباسية ، الذين تولوا الأمر على بنى العباس ، فأطلقوا عليهم اسم السلطنة ثم ألحقوه بعد ذلك بمعناها تقية لهم، اذا أصبحوا يتلاعبون بمم تلاعب الصولجان بالكرة ، ولم يبق لبنى العباس حتى الاسم عقوبة على تضييعهم أوامر ربهم وتعلقهم بالهوى ، واتباعهم لكل من غوى وأن الله لايغيرما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ٠ -١٩- المسلمون يأتمرون بعد رجوع الخليل الى عمان لما تحقق رجوع الإمام الخليل الى عمان سالماً نظر المسلمون فى القضية ومن هو الأولى بالإمامة، فرأى فريق من المسلمين أن الإمام الأول حكمه حكم المفقود اذا رجع الى زوجته ، وقد تزوجت بعده أن له الخيار، اذا أرادها ينزل عنها المثانى، وتعود المى زوجها الأول، وإلا فله أقل الصداقين وذلك للترغيب فى المعودة الميها وكذلك الإمامة اذا أرادها الإمام الغائب عنها رجعت اليه بذلك العقد الأول ٠ قال الإمام : تنصيب أهل عمان من بعد أسره محمد بن على إماماً ، ثم إن الترك ردوا الخليل، ومال الناس اليه بحبهم له، ورغبتمم فيه لعدله ، أى كان محبوباً فيمم مقبولا لديهم ، فيقال : إن الإمام محمد بن على اعتزل الأمر بنفسه، ورد الأمر المى المسلمين فردوا الإمامة الى الخليل بعد خلاف وقع فى المسألة أ يمما الإمام ٠ فقال بعضهم : إن عقد الأول سابق وانه هو الإمام أى مع وجوده ، وقال آخرون : إن الأول زالت إمامقه حين صار فى يد الدو ، وإن عقد الثانى هو الثابت ٠ قال الأولون : بل الإمام الأول يكون فىحكم المفقود الذى حكم بفقده، وتمت أيام مدة فقده واعتدت امرأته وتروجت ، فإنه إن رجع بعد ذلك خير بين امرأته وبين أقل الصداقين ، فأيهما اختار كان له ، فلولا أن تزويجه سابق ئابتماكانله التخيير، فالإمام اذا أسرثم رجع يكون مثل ذلك ٠ قال الإمام السالمى رحمه اشم : والذى أقوله إن الإمامة قد تزول بالعجز عن القيام بما، لأنها أحوال منوطة بقدرة القائم، فاذا زالت المقدرة فالمسلمين أن يقدموا غيره ، فاذا قدموا غيره كان هو الإمام ٠ قلت :ذلك دليلعلى أن إمامة الإول تزول بالعجز عن القيام بها،قال : وليس لمم أن يتركوا عقده لرجوع الأول اليمم بعد أن عقدوا له بوجه ٢٠-- صحيح ، فأما لو انتظروا رجوعه كان لهم ذلك جائزا ، وحين اعترل الإمام الثانى اختيارا وقيل المسلمون منه ذلك ارتفعت المئونة وانتفى الخلاف ، لأن للإمام أن يعتزل عن مشورة المسلمين اذا قبلوا منه ذلك ، ورجوا أن غيره أعز وأقوى على الأمر ، وأصلح للدولة ، لأن المقصود بالذات صلاح المسلمين ، وقد قيل إن الإمام الجلندى بن مسعود رحمه لشه، اعتزل مرتين،وما كاد فى الثانية أن يرجع إلابشق الأنفس حين لم يجد عذرا من المسلمين ٠ ويفهم من الأحوال أن الإمام الخليل كان صاحب أخلاق واسعة ، وعواطف جامعة ، أخذت من قلوب الأمة مأخذها ، ولولا ذلك لما أرادوا الوجوع اليه ، وقد وجدوا الخلاص منه بقهر العدو الداهم له ، وانحلال أمره بذلك لكن العواطف الجميلة لها فعل جذاب لنفوس صفوة الأمة، ولم لاوأخلاق الصلت عرفها الكل فى صان ٠ ٢١ وفاة الإمام الخليل بن شاذان رحمه اله لماكان لابد منه محتوماً على الانسان، وكان الإمام الخليل بن شاذان ممن عاش فى أيامه كلها مشغولا بأمور المسلمين ، معنى بحقوق رب المعالمين ، وقد مرت عليه ثشدائد فى حيلته ، منما أسره فى أيد عدوه ، وزوال الأمر عنه بذلك حتىقاسى من ذلك ٠ *٠٦ قال الإمام : كان فى إمامته مشكوراً وصار سجل الثناء طيه بعده منشوراً ، توفاه اش الى رحمته ورضوانه فى أول سنة ٤٢٥ (١) التحرى ، إذ ليس نص صريح فى تحقيق حياته وموته ، وب قضية أسره كما قدمت ذلك، فإن اهمال التاريخ وعدم النشر يقفى بذلك داللم عند الله ٠ (١) هنا اشكل كبير فى التاريخ فان الامام الخليل توفى سنة ٢٢٥ . -٢٢ إمامة الإمام راشد بن سعيد اليحمدى وأنه كان إماماً شمارياً مجاهداً فى البر والبحار كان الإمام راشد بن سعيد رحمه الله من أهل سوفى بايعه المسلمون بالإمامة فى سنة ٤٤٥ خمس وأربعين وأربعمائة على أثر موت الإمام الخليل ابن شاذان بن الصلت ، وكلاهما من عنصر واحد ، ويحسب ظاهر التاريخ العمانى أن الزعامة المعراقية تأخر رائدها عن عمان ، وذلك بعد رجوع الإمام الخليل بن شاذان رحمه شه،وكانذلك فى عهد المكقفى باشه العباسى ، وكان افحطاط القوم فى هذا للعهد قد بلغ نهايته ، قال الخضرى فى محاضراته سنة ٣٣٤ : وقد كان الخليفة المكتفى باش ، وكان البويهيون هم السلاطين والعباسيون هم الخلفاء اسماً دون معنى٠قال:كانمن أهم مقاصد ابن بويه المسير الى العراق بعد الاستيلاء على واسط ٤ فصار أحمد بن بويه يسير الى واسط ، ثم يعود عنها حتى كاتبه قواد بغداد يطلبون اليه المسير نحوهم للاستيلاء على بغداد فوصلها فى احدى عشر من جمادى سنة ٣٣٤ أربع وثلاثين وثلاثمائة ، والخليغة بها المكتفى باش ، فقابله واحتفى به وبايعه أحمد، وحلف كل واحد منهما لصاحبه هذا بالخلافة، وهذا بالسلطنة، وفى هذا اليوم شرف الخليفة بنى بويه بالألقاب، فلقب علياً صاحب بلاد فارس عماد الدولة وهوأكبرهم، ولقب الحسن صاحب الرأى والجبل ركن الدولة، ولقب أحمد صاحب العراق معز الدولة، وأمر أن تضرب ألقابمم وكناهم على النقود، وهذا اليوم هو تاريخ الحور الثانى للخلافة العباسية ، وهو تاريخ سقوط ٢٣- السلطان الحقيقى من أيديهم ، وصيرورة الخليفة منهم رئيساً دينياً لا أمر له ولا دى ء ولا وزير ، وإنما له كاتب يدبر اقطاعاته واخراجاته لا غير ، وصارت الوزارة لمعز الدولة يستوزر لنفسه من يثاء ، ومعنى هذا أن الأمر اليه كله نقضاًوابرامأ، وحلاوعقدا، وأمراًونهياً، وعليه فقد انتمت الخلافة تماما ، وانقضى دورها ، ولكل شى ء غاية ينتهى اليها ( وتلك الأيام نداولها بين الناس) ظن بنو العباس أن الدنيا خلقت لهم، والخلافة خصت بمم، والأمر اليهم وتأولوا الأحاديث، واستدلوا بتأويلهم أن الخلافة الى آخر الدهر فيهم اليهم ، وما دروا أن الله هو السلطان الحقيقى ، وأن كل العبيد تحت قهر، وتصرفه ، وأمرهم بيده ، فعاثوا فى الأرض فساداً ، وف الدين ضلالا ، وفى الأحكام جورا ، وفى الحق باطلا ، فسلط اله عليمم عحوا أدنوه منمم ، وقربوه بأنفسهم ، فسلطوه على الأمة فتسلط عليهم عقوبة بغيهم وفسادهم ، وتكبرهم وعنادهم ٠ قال الخضرى فى محاضراته : وكان يخطر ببال معز الدولة أن يزيل اسم الخلافة عنهم بلعن عامة آل العباس ويوليها علويالأن القوم كانوا شيعة زيدية ، وكانوا يعنقدون أن بنى المعباس قد غصبوا الخلافة الى آخره ، والقوم قد انحلوا من الأمر تماما قبل هذا التاريخ، وتولى عليه خداممم الذين كانوا جنودا وضباطا، وأصبح اسم السلطان يعلن لهؤلاء ، واسم الخلافة لأولئك، وكان السلطان اليه الحل والعقد وليس للخليفة إلا اسمه وهى قاعد فى لهوه وطربه ، نائما بين قيناته وغوانيه ، متمتعا بلذاته واغانيه ، وهكنا وهذا شاهو ، ظاهر ، ولو كنا معنيين بتاريخمم لرأى الناس فيه العجب ، وذكرنا هذا توطئة لسكون النزوات من نحوهم على عمان وعدم الاعتراض على العمانيين، ٢٤ إلا أن الخوف من غاراتهم لم يزل يطن على آذان أهل عمان ، وكان الإمام راشد بن سعيد من أجلة أئمة أهل عمان إذ كانت بيعته على الشرى ، وهذا كان دليلا على قوة نهضته فى عمان ٠ قال الإمام : وكان إماما شارياً يعنى راشد بنسعيد، وكان لفظ الشرى الذى يشارى عليه هذا الإمام ، إذ كان عماله يأخذون له البيعة من الناس بهذا اللفظ ، وهو أنت قد شاريت الإمام راشد بن سعيد على طاعة اللم وطاعة رسوله، وعلى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وعلى الجهاد فىسبيل اش عز وجل،وعلى أنعليك ماعلى الشراة الصادقين ، بهذا العقد المذى يعاقدون به الدجال فى الدين وهو عظيم ، فلن الثارى متجرد للموت فى سبيل اش لا ينشنى ولا يخشى فى اشه لومة لائم ، أو تفنى روحه أو ينصره اش على عدوه ، وبنفس هذه البيعة اهتزت عمان هيبة له إذ كان أمره جللا، وبذلك اندهش البغاة فرأوا أن سيوف الإمام وحزبه مسلولة ليلاونهاراً ، اذا جاءهم الصريخ لبوه كالهيم العطاش، وكالأسود الضارية ، شكت عمان تحت قدمه وقرت عيون أهلها بين يديه ٠ وفى هذا الأثناء لبته المزعامات ، وقامت قناته على الرؤوس والهامات ، ولم تتحرك عليه فى عمان حركة ، إلا أن بعض الغزاة من بادية اليمن وهم نهد وعقيل ، كانوا يأتون أطراف عمان ، فينهبون من لاقوا من ضعفاء المسلمين فى الطرق، وكانوا ينزلون بأطراف الأحساء ، ويناوعون الإمام عداء ،ويظاهرون عليه عدوه ، إلا أنهم لم يقدروا أن يقروا فى أرض خاصة خوفاً من هجوم الإمام عليهم ، ولما تبين للإمام رحمه الله أنهم ينزلون الأحساء ، خرج اليهم بجيش جرار ، فما شعروا إلا والإمام ٢٥ راشد بن سعيد حولهم ، وسرعان ما تفرق جمعهم وتشتت شملهم ، وتفرقوا فى الأرض شاردين والرعب حولهم كما يقول المتنبى ، حتى إن هاربهم اذا رأى غير ثنى ء ظنه رجلا ، فانمحى فساد هؤلاء الأوغاد ، وهم انما تحصنوا بالبعد ويظنون أن يد الإمام لا تنالهم ، وما دروا أنه من باع نفسه للههانعليهكل صعب، ورأى المر أحلى من العسل، وبذلك تمون عليه المصاعب، ويتجشم الأمور راجياً عليهاعند الله فوزاً عظيماً ، وفضلا عميماً ، وكان من الحزم بمكان ، ومن العزم فى أعلاه ، ومن الورع فى منتهاه ، وزاره أبو اسحاق الحضرمى الذى زار قبله الإمام الخلبطل بن شاذان ، واستنجد به كما استنجد بمن قبله وردد أصوات الثناء عليه فى الأثير المترامى ، فسير اليه من غرر شعره جواهره قائلا فيه ومخاطبا له : ألا حى منما ما حوى العلم والتقى الى همة تعلو اليها والمرازما ومن سل سيف الحق للحق داعياً اليه مجداً قد أزاح الأشائما أما ما بنزوى قائما قام فى الورى بعدل فاضحى الحق إذ قام قائما أديبا لبيباً يحمد يا غضنفرا من الأزد ليثا فى حمى الحرب غانما أيا راشد انا لعمرك نزدهى بذكراكم فى حضرموت تعاظما - ٢٦ — اذا ما عمانى ألم بأرضنا أحطنا به نسأله عنكم تزاحما هنيئا لكم أهلا لما قد حباكم به اش من فضل له الحمد دائما وما زال الإمام الحضرمى يهتف بالإمام وينادى به فى الأوطان الحضرمية والمجامع اليمانية وفى قصائده الشعرية ، ومنها قوله من قصيدة أخرى : وبيض بأيدينا خفاف صوارم ثقال الظبى مشحوذة بالمبارد معودة هتك الجماجم أظهرت سبيل إمامينا الخليل وراشد وقال فى أخرى ويذكر فيها أحوال نهد وعقيل الذين شرد بهم الإمام وهربوا عنه هروب النعام الجافل فى الفلا، وكناه بأبى غان فقال : ألا أبلغوا عنى السلام تحية إمام عمان راشدا أيها الوفد وسار فيها سير المشوق المحب المغرم بمن أحب ومدح وأثنى وردد الذكرى قائلا : وما كان من أبناء نهد وأختها عقيل أولى البغى الذى شابه الحقد لقد زال عن آرى عقيل وأختها لنسل الفتى شاذان والديلم الرشد ٢٧م أى زال عنهم الرشد إذ خاصموا الإمام فتى شاذان ومناصرتهم للديلم أيام الخليل بن شاذان ، فردوا على أعقابمم خاسرين وقال : كذلك نهد قد أزلت رقابها لنصرهم الأعدا لقد عجزت نهد لقد جمع الأقوام طراً وخالفوا جيوش أبى غسان فاستوثق الحشد ومضى يصف الحال التى وقع فيها أولئك الأوباش والأوغاد : وأموا للقيام بجيش عرمرم ولم يثبتوا عند اللقاء ولا اشتدوا ولما ترائى العسكران تدابروا كمثل نعام شارد خلفه الأسد فقتل منهم فى المعارك عصبة على حنق خاضت دماءهم الفمد فإن عدلوا عن بغيهم وتراجعوا الى عسكر الاسلام والحق وارتدوا فأهلا وسهلا بالعشيرة إنمم اليكم باخلاص لرب السما أدوا وإن هم أبوا فاستصرخونا فاننا قريب وما للقوم من صحبهم بد -٢٨ أى نادونا فانا معكم نجيب الندا وفرد المعدا ولم نجد من ذلك بدا : وما بين وادى حضرموت وبينكم اذا سركم إتياننا نحوكم بعد أى ما بيننا ونحن فى حضرموت وبينكم وأنتم فى عمان بعد اذا أردتم مناصرتنا لكم عليهم فانا مستعدون لها الى أن قال: متى يأتنا منكم صريح نؤمكم بعسكر جرار يضيق به النجد كهولا وشبانا صباحا مساعرا ورادا الى الهجا اذا استعصب الورد بكل ردينى أصم ومرهف كمثل شعاع الشمس تحملنا الجرد شه درك يا أبا اسحاق وأنت البطل المقدام لايشق لك غبار، ولا يستطاع لك لحاق، تجردت لله وبعت نفسك لرضاه، وش إمامنا الر أشد اسماً ومعنى ٠ وكان الإمام راشد أديباً لبيباً له رقيق يدل علىملكة عالية ونفس سامية وبلاغة فى سهولة مورد ، وعذوبة ذوق ، ودماثة خلق ونشاط جميل ، ورأى أصيل وذكاء فاضج ، وفهم واسع ، وشعر يدل على شعور كامل وذهن حاد، يتجلى على نفسه الوثابة للمجد وهمته العارمة على كل وغد منها : - ٢٩ د لمن منزل قفر تعفت جوافبه وغيره من سافح القطر ساكبه كأن لم يكن فيه من البيض شادن تضاحكه أترابه وتلاعبه فأضحى أسى من بعد أن كان سلوة تجربه أذيال خز كواعبه انظر لطف هذه الأبيات وسلاستها وحسن التخييل فيها ، بحيث تسلب اللب وتجذب القلب ، وتحرك الجامد وجدا وتنعش الجامد حباً وتحيى النفوس المترمتة شوقا ٠ وانظر المى ما يقوله فى نفس القصيدة من المحكمة البليغة فى عبارتما المنيعة : من الجهل أن تعنى بأمر كفيته وتترك ما كلفته لا تطالبه اذا المرء لم يعرف مذاهب سعيه لدى وعيه غالته يوما مذاهبه ومن لم يفكر فى عواقب أمره مدى دهره صارت عقابا عواقبه ففى هذه الأبيات من الحكمة مالا يخفى على أديب ، واسمعه يعظ : وما هارب إلاالى الموت آيب ولا سالب إلا وذا الدهر سالبه لقد صدق والله فى هذا كما صدق فىقوله: لا إله إلا اللم الى أن قال فى هذا المقام : مدى الدهرلاينجومن السخط والرضا فإسخاطه قوما لقوم مواهبه وما عاقل فى الناس من راح واغتدى بغالب فى دنياه ما هو غالبه و أجهل أهل الجهل من كان جاهلا ولم يدر أن الجهل يهلك صاحبه وأجهل منه جاهل ظن أنه بصير وقد عابته جملا عوائبه ولا خير فى خير ترى الشر بعده ولا فى أخ دبت اليك عقاربه فقد جاء فى هذه الأبيات الثمينة والكلمات الرزينة بحكمة غالية وموعظة سامية أبرزها فى قالب الأدب الصحيح ، وأخرجما من لجما المزاخر الى الفضاء فى منهجها الرجيح ، واسمعه يبدى شيئاً مما فى نفسه الجياشة : ولا العيش إلا أسمر اللون عاسل وأشقر فى يوم عبوس تلاعبه ورقن تعاطيه الحمام وفارس تعاطيه حيناً ثم حيناً تضاربه ٣١-- ذرينى وخلقى يا ابنة القوم إننى رأيت لأذى حرباً لمن لا يحاربه على أننى إما امرؤ ضمه الثرى وإما فتى جلت بقوم كتائبه وإما فتى أبكى عيون عداته وإما فتى تبكى عليه أقاربه وإما فتى يقضى عليه حمامه وإما فتى تقضى عليه كتائبه وفى رواية قواضبه ، وانها لقنابل حماسة تحملها نفسه الحساسة وتعرب عنما ثاعريته الانسانية ، وطويته الإيمانية ، وما يجيش به الصدر تقذفه اللسان ، وما يهتز له الجان ، يذيع به البيان والمرء بأصغريه كما قال رسول اشه صلى اشم عليه وسلم ، واسمعه يثنى على ا لحضارم إذ واعدوه القيام على نهد وعقيل اذا أراد منهم ذلك كما فى كلام الإمام الحضرمى ، حيث يقول متى يأتنا منكم صريخ نؤمكم بعسكر جرار الخ فقال : وفتيان صدق من رجال حضارم أوائلهم أعيت على من تغالبه لهم همم تطو العلى وعزائم يصدقها فعلا كرام مناقبه وأما إذ اشتد البلى بنفوسهم وبالمال ما إن ضن بالمال واهبه -٣٢- و أكرم بقوم قولهم هو فعلمم ولا فعل إلا مكرام مناسبه واسمعه يؤنب من كان بخلاف ذلك من الرجال : وكم قائل فى قوله غير فاعل إلا أن شر القول ما أنت كاذبه لقد صدق واش وبهذا جاء القرآن العظيم، وحديث النبى الكريم وبذلك يقضى حكم المروءة فى الانسانية الطيبة النزيهة ، واسمعه يعرب عما فى نفسه الصافية من الأدران الصادقة الإيمان : ولست امرأ يرضى سلامة نفسه وإن يتلف الدين الذى هو طالبه سلى هل قطعنا سبسبا بعد سبسب تعاوى به سيدانه وثعالبه سل النسر هل زرنا فلم نقض حقه وقد نشبت فى لحم قوم مخالبه فمازال يخفى الليل ما فى سواده الى أن بدت عند الصباح عجائبه واسمعهيرثى لساقط لهمة الخاملفى الأمة بقوله: متى يكسب المعروف من كان همه غداء يغدى أو فتاة تراقبه ٠ ٣٣- أى همته بطنه وفرجه ، بئس من كان هذا غاية مطلبه ، وفيه يقول رحمه اته : اذا هم صدته زواجر خوفه وعاقته من دون الرحيل حبائبه قال الإمام : وإنما ذكرفا القصيدة بأسرها لسمولة موردها وعذوبة مشربها ، وهى مع ذلك دللة على سمو همة الإمام وغزارة فممه ، وبعد مرامه وحسن اقتداره ٠ قلت : وإمامنا السالمى رحمه اش يعشق ما كان كذلك من الشعر ويطرب لهطبعا، فلله دره من همام وشه در ذلك الامام ٠ وقد سكنت عمان أيام هذا الإمام الرضى الشارى الولى الذى باع نغسه برضى الش عز وعلا ، ولم يبلغنا أن قائمة قامت عليه من اهل عمان ولا غيرهم ، وانما انتقد بعض العلماء بعض الأشياء رأوها تقع فى جيوش الإمام راشد بن سعيد فاستنكروها، وجردوا فيما سؤالا للإمام رحمه الله ، وأرادوا أن يعلموا ما عنده فيها فأجابهم عنما على نحو سؤالهم مع علمه بما يشيرون اليه ، وقد برح الخفا ولا حيا فى الحق، ولا طاعة لملخوق فى معصية الخالق، والاستكشاف قثلج به الصدور وتصح به الأمور ، وسوف ترى ذلك قريبا إن شاء الته ٠ وقال شيخنا ابن جميل فيه : والحضرمى نشر الأشمعارا فى فضله ورغع المقدارا (م٣ - عمان عبر التاريخ ج٣) -٣٤-- معناه رآه أهلا لأن يمدح وتنشر فضائله وتذكر جمائله ، ومن مدحته الأخيار وأثنت عليه الأبرار ، كان أهلا لأن يذكر بكل جميل ، والخلق شهود الش فى أرضه ، وف، ككب من الإمام رلشد بن سعيد أوردها العلماء فى آثارهم ، ليؤخذ منها أحكامه وتهمم منما نوايا. ، ويستدل بها على غزارة علمه ويعرف منها مبلغ حزمه ، ويمتعان بما على المراشد التى تتبغى من أولياء الأمر وقادة الأمة ، وتجلما دستورا هاماً فى الدين يقول على مثله هداة المسلممين ، منما ما كان بصفة فتوى من الإمام ، ومنها ما هو مراشد للولاة ، وتوصيات للقضاة ونصائح للاخصاء من الإخوان ، ودعايات المى واجبات الدين والإيمان ، ومنما تحريض للعمال على ملازمة الأعمال، وتحذير لمم من الميل والركون للى الدنيا وأهلمامن أصحاب الأموال ٠ قل الإمام السالمى رحمه اش : وفى الأثر مماكان يبتلى به الإمام راشد بن سعيد رحمه الشه، وسئل عنه ما تقول أيها الإمام فى الإمام اذا غزا قوما من أهل البغى ممن هو معروف مشهور بسفك دماء الناس ، وأخذ أموالهم مثل عقيل ونحوهم ، فوقع على بعض أصحابهم وأغار عسكره عليهم، وقتل من قتل منهم، وأخذوا لمم جمالا وجواليق، ولم يمنعهم الإمام ذلك الوقت من أخذ الجمال، لأنه كان يحفظ الأثر أنه جائز أن يستعان على البغاة بخقهم وكراعهم ، وهى الخيل والابل ، فسكت عن الانكار لهذا ثم نظر واذا بعض عسكره قد جعل ما أخذه من تلك الجمال غنيمة لنفسه ، ورآهم قد حملوا عليهم حبا ، وركبوها ولم ينكر طيمم ذلك ما يلزم الإمام على هذه الصفة أيلزمه توبة وضملن، أم توبة بغير ضمان ، أم لا يلزمه شىء من ذلك ؟ ! فأجاب الإمام رحمه اله قائلا : أما الضمان فلا يلزمه فى هذه الجمال على ما وصفت ، — ٣٠س ولكن عليه أن يعلم من أخذ هذه الجمال أن غنيمتما .لا تجوز لمم ويأمرهم بالتخلص منما الى أصحابما ، وإن لم يعرغهم أع لم يعرف أحدا منمم دان شه بالانكار عليهم اذا عرفهم ٠ ومنما ككاب كقبه الإمام راشد بن سعيد رحمه اشه الى أحد عماله وهو أبو محمد عبد الله بن سعيد والى منح ، قال فيه : من الإمام راشد ابن سعيد : سلام عليك فإنى أحمد اتم، اليك وآمر بطاعة اشه، وأوصيك وأنماك عن معصية اشم القادر عليك، وبعدهذا فانى أعلمك نصر اش لحق بك أن الأطماع قد اتسعت فى أموال الناس ، وجعل كل فريق من ادعى فى مال رجل دعوى طرح يده فيه ، والوجه أن تنادى ف البلدان كل من يطرح ده فى مال فى يد غيره يحوزه ويمنعه ويدعيه ملكا له ، فانه يعاقبب على ذلك ولا يحصل على شىء غير العقوبة،ولانطلبعليه لبينة العادلة، بل يرجع ف ذلك الى قول أهل البلد، فاعرف ذلك واعمل بهولا تقصر فيه حتى تنحسم مادة الطمع ، وزول الظلم وينغلق هذا الباب ، ولاتؤخر ذلكإنشاءاله٠ قال الإمام السالمى رحمه اشم : وهى سياسة من الإمام أى راشد بن سعيد ونظر منه فى قطع مادة الفساد جزاه الشه خيرا ، فان رأيه سديد ٠ وهذا كتاب من الإمام راشد بن سعيد رحمه اشم ، الى عامله أبى المعالى محمد بن قحطان بن محمد بن القاسم ، عهدا عهد به اليه يعلمه فيه شرائط العدل ، ويتوخى فيه مسالك امحق لديه ، ويتقى اشه باريه ، ٣٦٠- فانه هع المالك لأعر٠ والعالم بسره وجمره ، قال فلقيته ف جميع أموره التى جعلت له السبيل اليما وأوحدته المدخل فيما ، على شىوط يشتمل كتابى هذا عليها فأول ما ابقدأغا به بعدحد اش تعالى فيه ، وصلى اش على سيدنا مصد صلى اش عليه وآله وسلم ، رإنى فأوصيك يا أبا المعالى قحطان بن محمد بن أبى القاسم بطاعة اش وطاعة رسوله صلى اش عليه وآله وسلم ، والانتماء عما حرم اش طيك فى زواجر. ، والعمل بما أمرك اش به من أوامره ، فيما ساك أو سرك ، أو نغك أو ضرك ، وأن تأمر بالمعروف وتعمل به ، وتنمى عن المنكر وتقف عنه ، ولتحذر من خدائع الشيطان ، وممن يؤازره طى ذلك من الأعوان ، احذرهم ونفسك وهواك وشهوتك ودفياك ، فقد قال اش تعالى ( إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى لن ربى غفور رحيم ) وقال : ( أفرأيت من اتخذ إلمه هواه وأضله اشه على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ) ، ( ويريد الذين يتجعون الشموات أن تميلوا ميلا عظيما )، ( إنما الحياة الدغيا لعبا ولمو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر فى الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصغرا ثم يكون حطاما وفى الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحاة الدنيا إلا متاع الغرور ) ، واذكر حق الله عليك ، واشكر نعمته لديك ، ولا تذهب بك حمية ولا تمنعك تقية أن تساوى فى الحق بين وضيع الناس وشريفهم ، وقويهم وضعيفهم ٤ وبغيضهم وحبيبهم ٤ وبعيدهم وقريهم ، وقد جعلت حماية صحار وما يتصل بما من العفة المى صلان اليك ، وعولت فيها عليك ، فقم فيما وليتك من ذلك حق القيام ، واستفرغ منك الطاقة والجهد التام ، وشمر فيه عن ساق الجد ، واحسر معه عن ذراع الشد ٣٧-- أى لأن صحار هى البلد المنظور اليه فى ذلك الطرق ، وخصوصا فى ذلك الموقت ، والمحذور عليه من العزاة الذين طالما هاجموه ٠ قال : من لير أن تتعدى فى ذلك محظورا ، أو تركب فيه منكورا ، أو تعترف فيه ظلما ، أو تكسب غيه حوبا وإثما إلا ما تعتمده من منع ظالم فى حال عدوانه من غير أن تعاقبه على شىء من عصيانه ، فلترفعه امى القاضى بصحار ، أى هو الذى يفرض العقوبات ، وذلك لحفظ الوالى من التهور ، لأنه لا يؤمن من الجاهل أن يضرب من حيث يظن النفع ، أو يفسد من حيث يظن الصلاح ٠ قلل : حتى يحكم عليه بما يلزمه من فعله ، ويعاقبه بما يستحقه على فعله ٠ واعلم أنىلم أجعل لك شيئا من الحكومات، ولا أمرتك بشىء من العقوبات، بل جعلتك لحماية البلاد، وأمرتك بالمنع عن الفساد، ولدفع أهل الباطل عن ظلم العباد، فلا تتعاط ما لميؤذن لك به،ولا تقصر عما أمرتك بفعله ، وكن للقاضى أبى سليمان مناصرا ومعاونا ومؤازرا ، ما دام فى حكمه قائما، فقد أوجبت لهذلك عليك ما دام فىحكمهعادلا، وبطاعة ربه عاملا ، وأوجبت لك عليه وقبله أن يعينك على ما أهلتك له ، وأوجبت على الشراة ما أوجبت عليه إلا أن تستعين بهم فيما لا يجوز لكولالهم المعونة فيه، وحجرت عليك وعليهم خذلان بعضكم لبعض فيما يجب عليكم من المعاضدة والمعاونة والمساعدة ، وفيما يعود بطاعة رب العالمين، وفى إعزاز دولة المسلمين وكسر شوكة المعتدين، فافمم ما ذكرته لك وتدبر فيه ولا تجاوز حده ومعانيه ، وقد أوجبت على الشراة أن يطيعوا الشراة وغيرهم ممن تجب عليه طاعته فى طاعة الله ربهم أن يطيعوا أمرك ، ويقووا على الحق يدك ، ما كنت فى طاعة اش -٣٨ داعيا ، وعن معصية اشه ناهيا ، وحجرت عليهم عصيانك وخذلانك اذا استنصرت بهم على محاربة أهل الظلم ، ومن يعتمد فى المسلمين بالجور والغشم ، على أن تستمل فى ظعنك وإقامتك وحربك ومسالمتك للمسلمين غير ما أحل الش لك ولدولتك ، ولا تحرم غير ما حرم اله عليهم وعليك ، فان فعلت ما رسمته لك فذلك رجائى وحاجتى اليك ، وان خالفته بعمل الباطل والجور وكون الى الشىء المحرم المحجور ، فانى برىء من فعلك وأنت مأخوذ بما يجب عليك فيه فى نفسك ومالك ، فاتق الشه فى قولك وأعهالك ، واستعذ به من المورطة فى الممالك ، واستعنه على ما يتقرب به اليه ، واعتصم به على ما تحذره وتتقيه ، وتوكل فى جميع الأمور عليه ، ( من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ) ، ( الذين إن مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولشم عاقبة الأمور ) والحمد لشم رب العالمين وصلى اش على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم أه ٠٠ فترى هذا العهد العظيم من الإمام الكريم لواليه طى صحارى ، فشل القاضى والشراة الذين هناك ، وقد ربط الإمام رحمة الش بينهم بهذا الرباط الوثيق ، على هذا العهد الحقيق أن يكتب بماء الذهب ، فقد بين فيه الواجب والجائز وما ينبغى فى مصالح الدين والدنياً ، وما يرام فيها بين المسلمين من الأعمال الخاصة والعامة ، فلله در إمام يراعى أمته فى بعدها وقربها ، وفى حلها وترحالها ، ويؤيدها مع الحق ويتبرأ ويتنصل من أفعالها إن خالفت للحق غير مبال بها فى طاعة اقه وطاعة رسوله ، فالحمد لله الذى جعل فى الاسلام مثل هؤلاء الأئمة الأعلام ، والمداة الكرام الذين لا يخافون فى الش لومة لائم ، ولا عذل — ٣٩ — عاذل، قرييهم المطيع لله، المستقيم طى النهج الذى عليه المسلمون، وبعيدهم من يخالف ما عليه المؤمغون فلا عفصرية ولا عصبية ولا مذحبية إلا الحق فى كل دور من أدوار حياتهم ، فهم فى سيرهم وسراهم د وف الله ٠ بمثل هؤلاء الرجال تسعد الأمة ويعلومقامما عند اشه ويجمع اشه بها المشمل ٠ هذه هى سيرة أئمتنا الكرام أعاد اش علينا وطى الأمة أمثالمم ٠ الإمام راشد بن سعيد يقضى بفصل قضية موسى بن موسى وراشد بن النضر والصلت بن مالك فى يوم الخميس لأربع عشرة ليلة بقين من شهر شوال سنة ٤٤٣ ثلاث وأربعين وأربعمائة ، جمع الإمام راشد بن سعيد المشايخ الذين معه ، وهم : أبو على الحسن بن سيبد بن قريش القاضى ، وأبو عبد اشم محمد بن خالد ، وأبو حمزة المختار بن عيسى القاضى ، وأبو عبد اشه محمد بن تمام ، وأبو النضر راشد بن القاسم الوالى ، وأبو على موسى بن أحمد بن محمد بن على، وأبو الحسن على بن عمر ، وأبو بكر أحمد بن محمد بن أبى بكر ، وعرض عليهم رأيه فى قضية الأئمة : الصلت ابن مالك ، وراشد بن النضر ، وموسى بن موسى ، وأفاد ما عنده فى القضية فصلا حاسما لنزاع لم يزل بين مشايخ العلم فى تلك الحادثة التى لم تزل أحدوثة السمر ، وبها قد انشقت عصا المسلمين ، وحصل بينهم بسببها الحقد والكدر ، والإيمان يدعو الى التآلف والتازر ، ورفض ما يفرق أمر المسلمين، وهم جميعاً كمانص بذلك القرآن الكريم حيث يقول : ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) وكما نص الحديث الشريف عنه عليه الصلاة والسلام : كونوا عباد اللهم إخوانا وعلى الخير أعوانا فى أشاله ٠ قال الإمام رحمه اشه فى كتاب حرره فصلا للقضية المثار اليها وهو قوله : بسم الله الرحمن الرحيم ، من إمام المسلمين راشد بن سعيد ، قد اجتمعت بحمد اشه ومنه كلمة عمان على أمر واحد ، ودين قيم ، وهو دين الش الذى أرسل به رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم ، فمنهم من تولى الصلت بن مالك رحمه الم، وبرى منموسى بن موسى وراشدبن النضر ، ومئهم من تولى المسلمين طى ولايتهم الصلت بن مالك رحمه اشه ، وبراءتهم من موسى بن موسى وراشد بن النضر ، واجتمع طى الدينوفة بالسئال فيما يجب عليهم السؤال فيه عند أهل الحق الذين يرون السؤال واجبا ، واجتمع رأيهم على أن من دان بالشك فمو هالك ، وكذلك اتغقوا على أنمنعلم من محدث حدثاوجهل الحكم فيه أن طيه السؤال فيه ، وأن علم الحدث والحكم كان عليه البراءة منه ، اذا كان حدثه ذلك مما يجب به البراءة من فاعله والحمد لشه حق حمده ، وصلى اله على خيرته من خلفه محمد النبى وآله وسلم ٠ وكتب هذا الإمام راشد بن سعيد بخط يده فصدق عليه المشايخ ، ورضوا به فصلا للقضية وحجة تقضى على تلك البلية، التىصار لما بينمم عظيم الأهمية ، إذ هى قضية دينية ٠ قال المناقل عنهم : ولأجل هذا الكتاب غضبت الغلاة فى أمر موسى بن موسى ، وراشد بن النضر ، على الإمام راشد بن سعيد غضب الخيل على اللجم ، قال : فأضمروا فى أنفسهم ما أضروا ، ولم يستطيعوا كيذا للامام ولا إظمار عداوة ، بل انقادوا فى الظاهر وأخفوا بدعتهم فى أنفسهم ، كما سترى بعض كلامهم فى إمامة ولدم حفص بن راشد بن سعيد ، أى حين اختلف الوضع وتبدل الشخص عادوا الى ما كانوا طيه والشيطان يتلاعب بالناس تلاعب الكرة بالصولجان وقاصد الخير لا يبعث الشر، والداعى الى الحق لا ينبغى مقه السعى الى الباطل، وموسى بن موسى وراشد ين النضر، والصلت بنمالك، ا يخص من جاء بعدهم شىء من أعمالهم، واش لا يكلف قوما بأعمال غيرهم، ولا يرضى فى عباده إلا الحق ، ولا فعل هذا صحابة رسول اش صلى الله عليه وآله وسلم ٠ وقد وقعت بينهم فتن وحوادث ٤ ونزلت بينهم قضايا هامة وهى على كاهل أهلها ( تلك أمة قدخلت لهاماكسبت وعليهاما اكتسبت ولاتسألون عماكانوا -٤٢- يعملون ) فما بالنا نحن كلما طال الزمان جددنا المأساة ، وأعدنا العداوات بها ، أيرضى بهذا عاقل عافاه الله من ذلك ، إن هذه لعجب ٠ وكان الإمام راشد بن سعيد رحمه اش يشارى الناس ، وبقى البحث هنا فى هل يبقى حكم الشرى بعد موت الإمام أم لا ؟ فأفتى الشيخ أبو الحسن بن سعيد ببقاء حكم الشرى على ما كان عليه ، حتى يموت المشارى يراه عقدا طى طاعة لا يصح نقضه إلا بالموت ، أى لا يرتفع عن المعاقد إلابموته، وربما يوى بعض العلماء أن تلك صفقة صافقها المشساوى إمامه وعليه الالتزام مادام مصافقه حيا، فاذامات انحل ذلك لعدم المصافق، وبهذا أفتى محمد بنخالد أحد علماء ذلك الوقت والله أعلم ٠ قال ثيخنا ابن جميل عفا اشه عنه : ولم يزل كذلك فى الإمامه حتى تونى بالغا حمامه وقبره ينزوى قد روينا لا أعرفن موضعه تعيينا وتوف الإمام راشد بن سعيد رحمه اله فى المحرم سنة ٤٤٥ بنووى رحمه اشه وقبره بها ٠ وهذا كتاب من الإمام راشد بن سعيد المى الشيخ موسى بن ئجاد ، والى منح وأدم معا فى أحوال بعض السرايا التى سيرها الإمام المذكور فى بلاد المسلمين، وانتقد بعض الناس منهم أحوالا، وذكرواعنمم أعمالا ، ولا تخلو هذه الحياة من حوادث تنتقد ، وأعمال تعقمد ٠ -٤٣- قال الإمام رحمه اشم على أثر ذلك: فإن كان أحد من أهل هذه السرية قد ركب جورا أو فعل فعلا منكورا غأنا برى* منه ، أى لم أأمر بفعل الجور ولا أرضى به ، ولا يسعنى السكوت عنه اذا قامت حجته ، قال رحمه اشه : أنا برىء مغه ومن فعله ، معاقب له على ذلك بعد الصحة ، منصف بما يجب فى الحق عليه ، غير راض بجمله وتعديه ٠ وما بعثت هذه السرية إشارة للسرية التى وقع النقاش من أجلما لم أبعثهم ، حتى نميتهم عن ظلم العباد ، أى تقدمت عليهم بذلك كما هى سيرة أئمتنا منذ الجلندى ، بل منذ أبى بكر الصديق رضى الشه عنه ، إذ كان يتقدم على كل السرايا تحذيرا وتنبيها وتنصلا الى اله، ثم لمى المسلمين إخوانه حتى لا يقع عليه سوء ظن رحمهم اشه وجازاهم عن الدين أفضل الجزاء ،ماكان لهم نظر فى غير المصالح الدينية، فهم هداة الأمة المى الحق، وهم الدعاة الى إحياء الشريعة المحمدية، لم يغتروا بالبيضاء والصفراء وإن كثرت ، كما روى عن على بن أبى طالب أمير المؤمنين قوله : يا بيضاء ويا صفراء لا تغرينى وغرى غيرى ، أى لست المغتر بكلا أرب لى فيك، ولا يميل قلبى ليك إنما أنت فتنة فلا أفتن بك ونحوه عن أهل العلم المخلصين شعزوعلا فى المذهب ٠ قال الإمام راشد بن سعيد رحمه اش : وأمرتمم فى غزوتهم المشار اليها بطاعة رجل من أهل الصلاح والرشاد، ولابد للسرية من أمير من طرف الإمام،هكذا قال، فان كانوا تجاوزوا فى ذلك الى مالايجوز لم فعله فعليهم وزر ما فعلوه، وضمان ما أتلفوه على المناس وأحدثوه، ولست بداخل معمم فى عصيان ولا مثارك لهم فى ضمان ، فان يكن أحد يدعى على أحد من أصحاب السرية حقا فليصل الى حتى أوصله الى -٤٤- حقه، وليس علىعلمماغابعنى، ولا إنصاف من لم يطلب الإنصاف منى،ولن تقوم الحجة على العسكر بالخط، أى بكقاب يرسله المدعى عليهم ، بل عليه أن يحضر ، وعلى الإمام إحضار الخصوم ، ثم يترافعون اليه ، فان شاء أن يحكم بينهم حكم وإلا دفعمم الى من يراه أهلا لفصل هذه القضايا من أهل العلم ٠ قال رحمه الله: لا تقوم الحجة عن العسكر بالخط والقرطاس، أى لاحتمال أشياء فى المقام كما أشرفا الى وجه من وجوهها ٠قال : ولا المى كلام من لا يلتفت الى كلامه من الناس، أىكذلك لا تقوم الحجة على المسلمين بكلام الغوغاء والمرجفين الذين لم يكونوا حجة فى دين اشه، كما نصعلى ذلك الكتاب والسنة، قال رحمه الشم: وللمسلمين بحمد الله مداخل فى العدل و مخارج من الجهل، ينكرها منلا بصر له ولا تمييز معه ، ويعرفها من هداه الله لمعرفتها ونفعه اش بها ، ومن نطق بقول لا بصر له فيه ولا يعرف حلاله من حرامه ، وقصد من لا يعرف جور ه من عدله، لم يسلم من ذلك ولمو أصاب فى قوله وفعله،أى لم تغنه إصابته تلكلأنها كانتعلىغير علم، كما أشار الى ذلك حديث الربيع وغيره فى قوله عليه الصلاة والسلام ، ولو أنه أصاب الحق فى خصوص حديث من أفتى مسألة أو فسر رؤيا بغير علم الحديث اه ٠ ٠ وهذا الكتاب الذى كتبه الإمام راشد بن سعيد لوالى منح، وكتبه أيضا لوالى أدم، وكتبه لوالى سنى، وجعله حجة بينه وبين الولاة المذكورين فكان سداً مانعاً عما قد يكون من بعض الناس المذين قأخذ بمم معرة الجيوش ونشوة النصر ، والله الهادى للحق باذنه ، فرحم اش الإمام الواشد ورضى عنه، وأن هذا هوسبيل أئمة الهدى 8 الوقاة من الرهى، والدعاة الى الاهتدا، فان أصل قعاممم الإيمان باشه ، والإيمان يحتم عليهم الطاعة التى لا شائبة فيها ، والتباعد من أهل السوء كما يفهم من قوله عز وجل : ( وليجدرا فيكم ظظة ) ، والمراد بما التمسك بالأوامر الإلهية والثبات عليما ف المكره والمنشط، والعض عليما بالنواجذ ٠ ورد من يرتد عنها اليها ، وإرغام من عاداها طيها، ولن يقوم الاسلام الذى هو دين اشه الذى فرضه على عباده، وأراده منمم وأرشدحم اليه فى الأيام الخالية ، فكان شمس المدى العالم كله أضوأ من شمس السماء التى تعرفها العوام الجملة إلا بذلك، وما أشرق ضوء تلك الشمس إلا وأصبح العالم كله يتلالأ نورا، ويشرق ضياء ، ينادى بلسان الحال كل ذى نمى فى الكون ٠ ٤٦ إمامة الإمام حفص بن الإملم راشد بن سيد قال ثيخنا ابن جميل بعد ذكرراشدبن سعيد : ونصبوا من بعده سليله حفصا وكان فى الممدى مثيله وكان سلطان العراق نقلا جيثا على حفص وكان اقتتلا وانهزموا ولم يزل إماما حتى توف واحتسى الحماما والمعنى أنه لم يزل على إمامته حتى توفاه اشه لا كما يقول ابن الألاير فى خريطته التى يدونها بغير تحقيق ، ويعلق الأخبار متلقفا لما من ألسن الأعداء الذين لا يبالون بما يقولون ولا بما ينقلون ٠ لقد عرفت نسب راشد بن سعيد مما تقدم ، وهذا ولده حغص بن راشد ، وقد توفى راشد بن سعيد فى سنة ٤٤٥ ، وبويع ولده حذا بعده ٠ قال فى معالم الجزيرة : وبويع بعد راشد بن سعيد ولده حفص ٠ قال الإمام : ذكر فى بعض السير أنه نصب من بعد راشد بن سعيد ولده حفص بن راشد،قال : ولم يذكروا تاريخا لبيعته ولا لمدة إمامته، قال : وظاهر كلام بعضهم أنه مات فى الإمامة، فانه قال مات ولم يعزله المسلمون ، قال : وكلام أبى الحسن البسيانى وهو من الغلاة فى أمر موسى وراشد أن بيعته عنده غير صحيحة ٠ قال : ولعل ذلك لسلوكه طريقة والده فى أمر موسى وراشد، فإن - ٤٧ أبا الحسن سئل بما نصه : ما تقول أيها الشيخ فى حفص بن راشد إن تاب ورجع وجددت إمامته يرجع إمام المسلمين أم لا ؟ فان عقد له من متعلمى أصحابنا وثقاتمم خمسة أنفس تنعقد له الإمامة وإن بلينا به وطلب منا النصرة والمخدمة ما نعمل،وما يكون قولنا له ؟قال : أما العقد الأول فانه لم يصح وعلى ما ذكر بعض من دخل فيه رأيته عقدا غير ثابت ، وأمرا مشكلا ، وقد جرى بعد العقد الذى هو غير ثابت أحكام غير جائزة ، ومشهور فسادها ، ودخل فيها من لم يكن يجوز أن يتقدم بأمرها ، ومع ذلك أيضا حدث قتل من قد علمتم فتكا بغير صحة ولا حجة علمناها ، وأوحشفا ذلك ، فقد طلب منه تصحيح ذلك الحال أصحابنا ، فلم يدينه ، وقولنا فى ذلك قول المسلمين ، ونحن نتوب الى اشه ٠ وأما إن اجتمع أمر المسلمين وأهل المشمورة فى الدين على شىء ، ووقع التراضى على إمامته، فبعد التوبة وإظهار ذلك والإنصاف أو حجة أى تخرجه مما يدعى جائز أن يعقد له إن تاب ٠ قلت : إن هذا الشيخ ينكر العقد للامام حفص بن راشد ، ولم يبين وجه ما يقول ولا ما ينكر ، وليته بين حتى يعلم المسلمون ما عنده إن كان حقا تبعوه عليه، وإن كان باطلا اجتنبوه معه، حتى يعلموا من الإمام الحق الذى لاريبة معه، أما الحكم بالبطلان وعدم صحة المعقد ليرتب عليه عدم صحة الإمامة فلا يكفى ، فانه اذا اكقفى به هو لم يكتف به غيره من المسلمين، والأمر الذى يميل اليه الجممور أولى من الأمر الذى يتبعه الأقل خصوصا فى الأمر الجامع كالإمامة ونحوها، فانهامن الأمور العامة بين المسلمين، وليتهم لم يشقوا العصايينمم وإخوانهم فما يقوم به بعضهم يقوم به الباقون ، وهو الذى يدعو انيه القرآن ويأمر به الرسول الأعظم صفوة آل عدنان، ولاينتج الافتراق -٤٨-- والتلاشى إلا من نوعه ، وبذلك تسقط قوة المسلمين وتذهب بيتم من قلوب أعدائهم ، وبذلك يطمع فيهم من كان يخافمم ويخشاهم ٠ قال الإمام : وساله آخر أى سئل الشيخ أبا الحسن فقال : أفتنا ف حفص بن راشد أكانت إمامته صحيحة أم لا ؟ وقد بايعنا له محمد بن الحسن الليانى على الأمر بالمعروف والنمى عن المنكر، والجماد فى سبيل اذ فبايعناء ، وخرجنا عندهم فلم نر من ذلك شيئا ، وسلمنا الى الثقاة من أهل دعوتنا شيئا من الزكاة فقبضها وأنفقها، فوقع المخوف فمرب وانتهبت فضمنما ذلك الانسان الذى قبضها ألنا من هذا براءة عند الخالق أم لا أ وذلك إنا كنا دائنين بطاعته مسلمين جاهلين بالبحث عن الإمامة، وكذلك ابتليت أنا لهم بقبض ثىء من الناس بأمر أصحابه أطى فيه ضمان أماقبض بيدى فلا، ولكن كنت أحضر ذلك وآمر فيه ما يلزمنى فى ذلك ؟ بين لى رحك اش ، هذا سؤاله وما كان ينبغى له أن يسأل عن طل هذا وقد بايع على حق بحسب الظاهر، ولا ينبغى له ذلك لأن هذا يكون من نوع ما نمى اش عن السؤال عنه فى قوله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) الآية ولما سأل عن هذه الأشياء أجابه الشيخ أبو المحسن بقوله : هذا أمر مستور ، وأمره كان مقبورا أى مكتوما فى النفوس ، فلا أغيا فيه ظمورا ، وأما أنا فقد بلغت الغاية وأفصحت الأمور مع الريب الذى فيه ، وطلبت تصحيح ذلك فوجدت الأمر فيه غير ثابت فى العقدة ، والعل غيد مستقيم ، ولم أكن دائنا شه بطاعتهم ، وكتت غرمت ما قبضوا منى ، وأبدلت صلاتى يوم صليت الجمعة عندهم ، وأما أنت على ما سألت فان المستحل المدائن لشه بالطاعة اذا أخطأثمطم بخطئه فأكثر القول أنه لا ضمان عليه، وعليه التوبة والرجوع عن ذلك، وأما - ٤٩ ٠ الشيخ لعله يعنى أبا محمد ، فرأيت يوجب الضمان على من دخل مستحلا بغلط ، وقد كلن ألزمنى ضمان ما كان أيام راشد بن الوليد ، لط أرادوا من الذى دغعت وقبضت سوى الذى ف الاسقحلال والدينونة ، والذى أحبه لك أن قدرت لى الخلاص من ذلك أن تبدل مكان زكاتك وتستحل من أخذت منه شيئا إلا أن يكون رسولا لصاحب الزكاة الى الوالى ، فلا ضمان، وأما الأحكام عند الخالق فذلك اليه، وإنما تعبدنا بالحكم ما يعلم فى الظاهر فعلمناء والسلام ٠ قال الإملم رحمه اش : هذا كلام أبى الحسن البسيانى وفيه ما فيه على حفص ، وما أراه إلا من قبيل مخالفتمم فى الغلو فى أمر موسى وراشد ابن الفغر ، حيث إن الإمامين لم يكونا على بدعتهم ، وكتبت بعد كلامه مائل تثبه الرد طيه ض كابها ٠ قلت : هى فى الحقيقة رد عليه لأئها تعارض مدعاة ، وتقضى بالاعتراض على ما أبداه ، وهذا مما يخل بالأمر فى الاسلام ، لأن اش يقول : ( ولاتنازعوا فتغشلوا وتذهب ريحكم ) ، وكان ينبغى الاجتماع على الأمور ودفن كل سيىء مهما أمكن ، وكفى بالمرء نبلا أن تعد معائبه ، ولا يسلم الانسان من هفوة وسقطة ممما كان ، والذى ينبغى التكاتف والتآزر وإلغاء العنصرية والعصبية فى الممكن إلا أن يكون كفرا بواحا وهوى متبعا واعجابا برأى فهناك التناصح مغروض والتجاونا مرضى • ومن تلك المسائل التى تشيربالرد على المشيخ أبى الحسن قوله : قالم البعض إن الإمام لا يحتاج المى العقدة اذا وقع الرضا بم والتسليم له ثبقت إمامته ، والمعنى أن المعتبر الرضا لا العقد ، فان وقع خمسين ( م ٤ — عمان عبر التاريخ ج ٣ ) مرةعلىغير الرضا لا يكونحجة، الا ترى اذا كان العقد على المقس والإجبار لا يكون حجة ، وإن كان الغ عقد ، أما الرضا ممن هم الحجه فى الدين من علماء المسلمين وقادة المؤمنين ، فانه حجة ثابتة شرعية ، ومن ذلك إمامه عمر بن الخطاب رضى اشم عنه ، وإنما قدمه أبو بكر فقط فرضى به المسلمون وأذعنوا ، فثبتت إمامته عليهم ، ووجرت فيهم ، ولم ينكر ذلك أحد من المسلمين ، وإنما أنكر بعضهم غلظة عمر وشدته ، والقضية مشهورة بين المسلمين ، معروفة صحتها فى الدين ، وبها احتج هذا القائل المعترض على هذا الشيخ الطاعن فى إمامة حفص بن راشد رحمهما اشه ٠ قال : ومن ذلك إمامة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، إنما قدمه على الإمامة للناس أبع بكر وحدع رضى اشعنه، فلما وقع التسليم والرضا بإمامته ثبتت له من غير عقدة ا ه بنصه ٠ قال : ومنها ما معناه أن الإمام مصدق فيما يكون فيه مؤتمنا فلا يطللب بالبينة على يد سارق قطعها ، ولا على حد أقامه ، ولا على حكم أمضاه وأنفذه ، وإنما يكون محجوجا فى الأشياء التى هى والرعية فيها سواء ، مثل الحقوق التى للعبلد فيها تعلق وتخرج منه مخرج الأحداث ، كما من غيره أيضا وفى هذا انتقاد واعتراض على الشيخ أبى الحسن المنتقد طى الإمام الحفص، المبنلى بأهل عمان فى ذلك الزمان، وكان أيضا الشيخ أحمد بن عمر بن أبى جابر المنحى من الغلاة فى أمر موسى بن موسى ، وراثد بن النضر ، وكان يلوح بالانتقاد على حفص ابن راشد ، إذ كان يرى فيهما رأى أبيه ، وكان الغلاة يغضبون عليه خب الخيل طى اللجم ٠ قيل لمذا الشيخ : ما تقول فى إمام غير ثابت الإمامة ألمزم رجل من المسلمين المدخل عنده فى أسباب ، وكان يأمره أن يكتب إطلاقات فى ٥١ الجبايات، إن كان إطلاق هذا الرجل لمذا المال على مبيل الاحتساب أنه يطلقه للغقراء وابن المسبيل ، وكان اعتماد هذا الرجل على حذه النية لا ليمضى أمر هذا الامام ولا يسمل برأيه ، وإنما هو طى قدر ما يرى من يستحق هذا المال لفقرلاغيرذلك،هليسعهذلك؟قال:يسعه٠ قال الشيح يسعهذلكطىهذه الصفة ؟قيل له: فان أمره أن يحلف له رجلا ممن يخشى هذه كما يفعل الأئمة، قال الشيخ المذكور يحلفه للعسلمين لاله،قيل له: فان أمره أن يبايع له أحدا من الناس هل لهذلك ؟ قال الشيخ : ييايعه للحقلا له، قيل له: فأن أذذ_ذه لغزو عدع للمسلمين أو لقمع ملصة 1 قال الشيخ : يكون احتسابه ذكر بالمعروف والنهى عن المنكر ، فان امتنع عليه من أمره بالمعروف ونهاه عن المنكر ، وكان منكره المذى ارتكبه عيانا كان له محاربته إن حاربه بعد أمره له بترك المنكر الذى ارتكبه، وإن كان على وجه التهمة له مثل قطعه الطرق والتعرض لمظالم الناس والتعدى عليهم، ولحقه هذا القائم بالأمر بالمعروف والنمى عن المنكر، م يحاربه إلا بعد الاحتجاج عليه بأن المسلمين قد رأوا الامساك فى الحبس على الأشياء التى قد نسبت اليك، وشمرت عليك من المناكر، وقصدك الى الظالم، فان أجاب لميكن إلا ما رآ المسلمون، وإن امتنععنذلكعملوا له على الاستيئاق منه ، فان شمر السلاح وحارب على ذلك ولم يرجع الى الحق كان قصدهم فى مجاهدتمم هذه طى أنهم يمسكونه عن الأشياء التى قد نسبت اليه من المظالم والقصد لما، والمناكر والعمل لما، فان تلفت نفسه ف ذلك لم يكن فيه تبعة على هذه الصغة ٠ قيل له : فان أراد هذا الإمام الخروج الى بعض النواحى لغزو قوم ظلمة معتدين ، وطلب صحبة هذا الرجل ل يصحبه ؟ قال الشيخ : إن شرط عليه ألا يفعل ولا يقدم على شىء إلا برأيه وعرغ صدقه فى ذلك أغه يقبل منه ولا يغضبه فى شىء جاز له الخروج معه على هذه الهةوأللهأطماه٠ — ٥٢ وعلى كل حال إن محاربة البغاة وأهل الفساد فى الأرض والأمر بالمعروف والنمى عن المنكر أمور مفروضة على كل فرد من عباد الله ، ولولا ذلك لضاع الاسلام وانهد كيانه وتبعثر بنيانه ، واذا كان هذا الإمام غير صحيح العقد فى الإمامة ورضى به المسلمون ثبتت إمامته كما ثبتت إمامة غيره بغير شك ، وأى جرم اجترم حفص بن راشد حتى يفتقد عليه ، أما متابعة والده فى مقاله فى موسى بن موسى وراشد ابن المنضر ، والصلت بن مالك ، فلم يفعل والده شيئا يقدح فى إمامته ، وقد رام الوجل أمرا يكون صالحا أمر المسلمين جامعا لشملهم ، وأن تموت تلك الزعزعة العاصفة بالأمة وينقطع غبارها ، وتنطمس آثارها ، وألا تبقى تعاد طول الدهر لاثارة الشقاق وإقامة بواعث الافتراق ، ولقد أحسن فيما صنع ولكل نظره واشه ولى القوفيق ٠ اما ذكره ابن الأثير فى كامله فى آخر إمامة راشد بن الوليد ، وهو يقول ذلك فى إمامة حفص بن راشد المذكور ، ففيه تخليط ، أما أولا فقد أورده فى حوادث سنة ٣٦٣ ثلاث وستين وثلاثمائة ، وأما ثانيا فلأنه ذكر خروج سلطان العراق على الإمام حفص بن راشد ، وأن حفصا هذا جعل له أميراً اسمه ورد بن زياد ، وأن حفصاً بعد قتال سلطان العرأق انمزم وفر الى اليمن فصار معلماً الى آخر ما قاله ، وكله لا أصل له فى التاريخ العمانى ولا غيره ، وإنما هو تلفيقات أوردها وأخاليط اعتمدها آخذاً لما من ألسن العوام الذين لا يعرفون قبيلا من دبير ٠ أما الحقائق العمانية التاريخية لم تذكر من هذا شيئاً أصلا ، وقد يؤخذ من نقله أشياء ٠ قال ابن الأثير المذكور : اجتمع بجبال عمان خلق كثيرمن الشراة ، واختص اسم الشراة بالإباضية وهى إحدى مزاياهم، قال : وجعلوا لمم أميراً اسمه ورد بن زياد ٤ وجعلوا لهم خليفة أسمه حفص بن راشد ، فاشتدت شوكتمم ٠ قال : فسير اليمم عضد الدولة المظهر بنعبد اش ف البحر أيضاً فبلغ الى نواحى حرفان ٠ — ٥٣ — قلت : لم نعرف حرفان بهذا الاسم ، ولا علمنا عنها شيئا من أعمال عمان ٠ ، قال : فأوقع بهم وأثخن فيهم وأسر ثم سار الى دما ومى على أربعة أميال من صحار ، فقاتل من بها وأوقع بمم وقعة عظيمة قتل فيها وأسر كثيراً من رؤسائهم ، وانهزم أميرهم ورد وإمامهم حفص واتبعمم المطهر الى فزوى ٤ وهى قصبة تلك الجبال ، فانمزموا منه فسير اليمم المعساكر فأوقعوا بهم وقعة أتت على باقيهم ، وقتل ورد وانمزم حفص وفر المى اليمن فصار معلما ٠ وجاء عنه أيضا : أن الخوارج يعنى المسلمين فى حوادث سنة ٤٤٢ قال : فى هذه السنة استولى الخوارج يعنى المسلمين ينبزهم بذلك إن لم يكن جاهلا بالأصل وإلا فكيف يطاق على المسلمين الخوارج ، ولا يطلق ذلك على غيرهم ، واذا سميناهم لأجل المتمييز فقط إباضية ، من أين وجد الإباضية خوارج إلا إن كان يعنى خوارج عن الباطل ! فأهلا وسهلا ، ولكن ما أراه أراد ذلك قال : استولوا على مدينة قلك الولاية ، وأراد بذلك نزوى إذ هى عاصمة الداخلية ٠ قال : وسبب ذلك أن صاحبها الأمير أبا المظفر بن الملك أبى كاليجار ، كان مقيما بما ومعه خادم له ، قد استولى على الأمور وحكم على البلاد ، وأساء السيرة فى أهلما فأخذ أموالمم فنفروا منه وأبغضوه ، وعرف افسان من الخوارج يقال له ابن راشد المحال فجمع من عنده منهم وقصدوا المدينة ، فخرج اليه الأمير أبو المظفر فى عساكره ، فالتقوا واقتتلوا فانمزمت الخوارج وعادوا الى موضعهم ، وأقام ابن راشد مدة يجمع ويحتشد ، ثم سار ثاقباً وقاتله الديلم ، وكان الديلم هم جند الأمير أبى المظفر المذكور ، ولا شك أنهم سيطروا على بنى العباس فى عراقهم ، فكانوا جنداً ، صاروا أمراء على الأمة ، وأنه أهل البلد لسوء سيرة الديلم فيهم ، فانمزم الديلم وملك بن راشد البلد ، وقتل الخادم وكثيراً - ٥٤ - من الديلم، وقبض على الأمير ابن المظفر وسيره الى جباله مستظهراً عليه وسجن معهكل منخط بقلم من الديلم وأصحاب الأعمال ، وخرب دار الإمارة ، وقال : هذه أحق دار بالخراب ، وأظمر العدل وأسقط المكوس ، واقتصر على ربع عشر ما يرد اليهم ، وخطب لنفسه وتلقب بالراشد باشه ، ولبس الصوف وبنى موضعاً على شبه مسجد ، قال وقد كان هذا الرجل تحرك أيام أبى القاسم بن مكرم ، فسير اليه أبو القاسم من منعه وحصره ، وأزال طمعه هذا كلامه واقه أطم بصحته اه ٠ وعطيه فماذا يؤخذ منه فانه قال أولا : إن حفص بن راشد انمزم الى اليمن وصار معلماً ، وهنا يقول خلاف ذلك كما تراه ، أما تخريبه دار إمارة الظالم فصوابه ظاهر ، وقوله ٠ أظمر العدل فالعدل هو أنشودة أئمتنا رحممم اشه ، وأما قوله : وأسقط المكوس واقتصر على أخذ ربع العشر مما يرد اليهم ، يعنى بذلك ما يؤخذ فى الجمارك من أموال البحر المواردة للتجارة ، وهى صواب وهل يبعد الصواب عن الإباضية فيما حرم اش وما أحل ؟ لا واش انمم أحق بذلك من غيرهم ، ولذلك ينصبون الأئمة ويتجشمون المصاعب المهمة ، وهذا هو بغية الاسلام من رجاله الكرام ، وأما قوله : وبنى شبه مسجد لا نعرفه ف أصحابنا فضلا عن أئمتنا ، اللهم إلا أن يكون موضعاً خصصه لصلاته حيث لا يمكته الخروج الى المسجد لأجل الحزم كصلاة الأئمة فى غرفة المصلاة بنزوى، وبالرستاق وجبرين وهكذا، وأما قوله: وخطب لنفسه، فعلى كلحال اذا كان هو الإمام لابدأن يخطب لنفسه، لأنه الإمام أو يخطب له غيره بأمره ٠ وقوله : ولبس الصوف لم يختص أئمتنا بحمد افه بلباس مخصوص ، يكون شعاراً لمم ، وإفما يلبسون ذلك زمداً وقناعة كما كان على ذلك الصحابة رضوان اشم عليهم ، وأئمتنا مازالوا ولن يزالوا على طريقة الصحابة فىكلجيل، من رآهم نادى بأعلى صوته هؤلاء الصحابة ، أو من أراد أن ينظر المى الصحابة فلينظر ٥٥ الى أئمة الإباضية ، وهذا لايزال يردده الأجانب ، وسمعناه منمم والحمد له ٠ قال العلامة أبو اسحاق الإطفيشى قوله: وتلقب بالراشد بالشم الى آخره، هذا اللقب وأمثاله لم تكن الأئمة من أمحايناتلقب به فى قطر من أقطار الإمامة فى المشرق أو المغرب ، وهذا من تخليط مؤرخى قومنا ، وانظر الى قوله : وبنى موضعاً على شكل مسجد ، فإنه تعبير سخيف فيه شىء من التهكم لتستدل على مقصد هذا وأمثاله فى حق من يخالفهم ، ولتكن على بينة من أنهم حتى فى الحقائق الواضحة المشتركة ، لا يعبرون عنها تعبيراً صحيحاً اذا ساء لمم الهوى ، وإلا وأى غضاضة لو قال بنى مسجداً وكأن هذا يرى أن الإمام ثار على خليفته فى زعمه ، وقد لفق كلامه هذا ليبغى عليه زعمه ، ولكن تعبيره الأخيركثسف مرايه وأبدى عواره، والإمام قائم بأمر الله تعالى تبعا لنغسه من الأئمة، فمم ينتخبون إماما بعد إمام اذا مات منهم سيد قام سيد ، والحقائق لا ينكرها إلا عديم البصيرة ، واذا أنت أضفت الى قول ابن الأثير قيل وانهزم ، حفص الى اليمن فصار معلما ، فهو أسطورة ، ومؤرخو عمان أثبتوا أن الإمام حفص مات فى إمامته دون خلاف كما لديك اليقين فى الحكم على هذا التشويه التاريخى ا ه ٠ وقد قدمت لك التحقيق عن مقاصد هؤلاء المؤرخين ، وقد وجمنا كلامه على أحسن الوجوه اللائقة!هذا ما قاله المذكورون، وفى ابن رزيق قال : ثم عقد بالامامة بعده أى بعد راشد بن سعيد على ولده حفص بن راشد بن سعيد ، فسلك نهج السلف الصالح فى سيرته الحميدة ، فما لبث فيها إلا يسيرا الى أن توفاه اش اه ٠ - ٥٦ - وهذا يدل على أن الإمام حفص لم يطل عهد إمامته ، والتحقيق لم نتمكن منه وعمى إن شاء افه أن ندركه فنرفعه للاطلاع ، ومن المستنتج المفموم من المقام أن الإمام حفص بن راشد عاش زمانا واسعا فى إمامته لاكما يقول ابن رزيق فانه تولى الأمر وقام طيه الأعداء من زعماء السلطنة العباسية كما تردد المقال عنه فى ذلك ، وصار وما صار بينه وجيوش السلطنة المشار اليها ٠ ٥٧ إمامة راشد بنعلى من أئمة الطائفة النزوانية قال ابن رزيق فى سيرته :.ثم عتد بعده أى بعد حفص بن راشد على راشد بن على ، فان كائت هذه البعدية تاريخية فذاك ، وإن كانت وقتية احتملت الفراغ فى الوقت ، وظاهر الكلام دال على أن راشد بن على بويع بعد حفص بن راشد وهو الواضح ، قال : فحمدته الخاصة والعامة وسارسيرة العدل وقمعالبغى والظلامة ٠ قال الإمام رحمه الله : ولم أجد تاريخا لوقت بيعته ولا عرفت نسبه ، غي أن الأحوال تقتضى أنه بويع بعد حفص بن راشد ، وعلى ذلك ترتيب السير أى لم يكن مانع بعد الإمام حفص بن راشد من إعادة الإمامة، والعمانيون لا يرون لهم قرارا إلاتحتظل الإمامة لما غيها من الاستقامة فى الأمة ، ومالديها من العدل والمساواة ، وما تدعو اليه من الإنصاف بين الناس، فلذلك ترى أهل اذا قامت الإمامة كانوا أعوانها وأنصارها ٦ ورأيتمم تحت أجنحتها مسرورين بوجودها ؟ واذا زالت تضاءلوا وانضووا فى بيوتهم مختفين حتى اذا رأوا الفرصة لها بروزا من مخابئهم ، وخرجوا من أكواخهم منادين لإخوانهم ، ناشرين لأعلامهم مؤيدين لإمامهم ، جامعين لأمتهم تحت ظل عدلهم ، وحسن الظن فيما قاموا له على أحسن التوجيهات التى تليق فى الدين ، وعلى أحسن المقاصد فى المسلمين ٠ قال الإمام رحمه اش : ووجدت تاريخا لتوبته الآتى ذكرهاقريبا، أى فيستفاد منه وقت إمامته ، قال إنها كانت أى توبته فى سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة ، فيكون على هذا هو على أثر حفص بن راشد كما أثار الى ذلك ابن رزيق ، لأن راشد بن سعيد رحمه الله توفى فى سنة ٥٨ خمس وأربعين وأربعمائة ، وبويع بعده لولده حفص ، ثم بويع بعد حفص بن راشد للامام راشد بن على المذكور ٠ قال : فحمدته الأمة وشكرته الرعية، وقام منار العدل ٠ قلت إنما بويع لذلك وطلب منه هذا ومثله وهو حقيق لأن يكون كذلك ، والأوجب عزله واقامة من يقوم بذلك عنه ، وقوى ساعد هذا الإمام وعلا صوته فى عمان ، وطال عمره فى الإمامة وهو الذى قتل القاضى نجاد بن موسى أحد المخارجين عليه فى سنة ٤٩٦ فى ذى القعدة لأحوال اقتضاها الحال ، والله أعلم بمنهو المحق ومن هو المبطل،ولمنكلفعلمماغابعنا، وبحسب المظاهر أن الإمام راشد بن على لما قامت إمامته بعمان واشتدت صولته فى الأوطان، وصفاله الجومنعمالبنى العباس الذين طالما آذوا أئمة عمان ، وطالما قادوا عمان بسلاسل الجور ، وقد عرفت ذلكمما مضى، وهذا الإمام اذا سلم من أعداء عمان لا ينبغى أن يسلم من أهل عمان ليأخذ قسطا مما أخذ إخوانه الذين تولوا الأمور قبله ، وصارعتمم الليالى والأيام ، وقد علش الإمام راشد بن على فى الامامة عمدا واسعا فانه مات فى سنة ٥١٣ ثلاث عشرة وخمسمائة فيكون قد عاش قريبا من ثلاثين سنة تقريبا ٠ ٥٩- خوج الأعيان لى 1لإمام راشد بن على لما قام عمود إمامة الإمام راشمد بن على انبعث عرق الشقاق ، ونبض داعى الافتراق ، ونفخ الشيطان فى الناس نفخته التى أثارت إحساس فريق منهم ، وما كانت لمم أفكار تردعمم عن شق العصا بينمم وإمامهم ، وأن ينضموا حول إمامته شادين عضده ومؤيدين دولته ، داعين اش للتوفيق على طاعته ، وأن يصرف عنمم معرة الجيوش الأجنبية ، بل قام هؤلاء الأعيان المنظور اليهم فى عمان، وهم نجاد بن موسى بن ابراهيم والقاضى أبو بكر أحمد بنعمر بن أبى جابر المنحى، ومن معمم من حزبمم وأهل طاعتهم ، خرجوا على الإمام راشد بن على لعزله عن الإمامة ٠ قال الإمام : وخرجت على الإمام الغرقة الرستاقية يريدون عزله ، ورؤساؤهم يومئذ القاضى نجاد بن موسى والقاضى أبو بكر وهو أحمد بن عمو أبى جابر المنحى ، خرجوا الى الرستاق فى ذى القعدة سنة ٤٩٦ ست وقسعين وأربعمائة فلم نجد ذكرا لما كان بينمم ، قال الامام : غير أنى وجدت تاريخا قال : فيه خرج نجاد بن موسى مغلوبا مطرودا ليلة الاثنين من سنة اثنتى عشرة وخمسمائة ، ولم يذكر أين كان الاجتماع للنقاش والمناظرة ، ولعله كان فى الرستاق وخرج القاضى المذكور وهو رئيس الجماعة القائمين ، ورجع الى نزوى وعلى أثر خروجهم من الرستاق الى نزوى لحق بهم الإمام راشد بن على ، ولعله لما خرج القاضى مغلوبا وأى له الإمام حركة فتنة عليه ، فعاجله بالقتل فإن هذا القاضى قتل فى هذه الأثناء ، قتله الإمام راشد بن على ، قال الإمام رحمه الشه وقتل أى القاضى يوم السبت لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر رجب سنة ٥١٣ ثلاث عشرة وخمسمائة ، فكان بين خروجهم على الإمام وبين قتل القاضى المذكور سبعة عشر عاما ، وسبعة أشهر وبعض الأيام ، وهذا يدل على أن الأحوال بين الإمام راشد بن على وبين هذا الحزب الخارج توترت ومازالت تزداد توترا حتى آلت على وقوع القتل بينمم ، وكان الإمام أمر على القاضى من يقتله فقتله أنصار المذكور ، كما يشير الى هذه الأحوال كلاممم عنها ، وهذا الذى نحن نلوم عليه فان الاحتمال فى الممكن الذى يكون له محتمل فى الدين ، ويسع المسلمين السكوت بل فى العسكوت عنه إطفاء لثائرته وإخماد لحرارة النفوس من جهته : وما مضى قبلك لو بساعه دعه فليس البحث عنه طاعه وكان قتل القاضى الإمام فى نزوى ، فخرج الإمام من نزوى طى قتل القاضى فى نلك السفة ليلة الجمعة لأربع ليال بقين من شهر شوال ، وتوفى الإمام راشد بن على بعد ذلك بيسير فى هذه السنة ، وهى سنة ثلاث عشرة وخمسمائة ، والى الشه المصير والأمر اليه ، وهو العالم بأحوال عباده ٠ قالوا إن موسى بن نجاد عاش ستا وخمسين سنة ، وما مات حتى قتل ممن قتل أباه ثمانية عشر رجلا ممن يدعى السيادة ، وكان الإمام راشد بن على من بنى خروص ، فان هذا الوقت وقت سيادة أئمة بنى خروص ، فانه منذ الوارث بن كعب الى هذا الوقت لم يكن إمام بعمان إلا منهم ، إلا ما كان من إقامة عبد الملك بن حميد ، وإمامة سعيد ابن عبد الله الرحيلى رحمهم الله ، فلذلك يدعى لهم السيادة ، فان الدولة اذا حلت فى قوم رأوا أنهم هم السادة للأمة ، وكان القاضى المذكور له أتباع من نسبه ذكر منهم الإمام ولده موسى بن نجاد الذى قام بعد أبيه يأخذ ثأره ممن قتله ، ومنهم ولده كهلان بن موسى ، ومنهم ولده معمر ابن كهلان ، وكان لهم أتباع وأنصار يؤيدونهم ويقومون معهم ، وبذلك استطاع موسى بن نجاد قتل القوم الذين اشتركوا فى قتل أبيه حتى قتل منهم ثمانية عشر رجلا ، وهذه عاقبة الثقاق والافتراق ، ونعوذ باشم منه ونسأله عز وجل جمع الشط تحت راية العدل ٠ ٦١- وهذه رسالة بعث بها الشيخ القاضى أبو عبد اش محمد بن عيسى السرى رحمه الله ، الى الإمام راشد بن على ينصحه بها ، ويشترط عليه فيها ، ويدلى بما عنده من الصراحة للامام فيما يجب الدخول فيه من أمور المسلمين ، وما لا ينبغى نوردها ليؤخذ منها المغزى الذى عليه ! لإمام المذكور وأصحابه ، وما يجب لمم وعليمم ، قال فيما : أما بعد : فاذا طلبتم منى الاجتماع والألفة ، وبذلتم من أنفسكم قبول النصيحة فانى راغب فى مقاربتكم وموافقتكم ، وكاره لمباعدتكم ومغارقتكم ، غير أنه لا يصلح اجتماع على غير طاعة اشه ، وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام ، فانه جعل وى طاعته المحبة والاجتماع والألغة ، وجعل فى معصيته العداوة والبغضاء والفرقة ، فان أردتم منى اجتماعا فى الظاهر ، فانى لا يمكننى من ذلك غير ما أنا فاط ، وإن أردتم اتفاقاً فى الظاهر والباطن ، فحتى أرى منكم غير ما أنتم عطيه والشه لا يستحى من الحق ٠ وكأن هذا الشيخ ينكر على الإمام ومن معه الأحوال التى هم عليها كما يدل كلامه على ذلك ٠ قال : ولا دهان فى المدين ، ونحن غدا مسئول بعضفا عن بعض ، وقد قال تعالى : ( يا أيها المذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين أو الأقربين إن يكن غنياً او فقيراً فالله أولمى بمما فلا تتبعوا الهوى إن تعدلوا أو تلووا أو تعرضوا فإن الشم كان بما تعملون خبيراً ) ، وقد أنزل اشم كتابه وأرسل رسوله وأوضح دينه ، ولا جهل ولا تجاهل فى الاسلام ، وقد تقدم من المسلمين خلفاء وقضاة وأئمة وولاة ، أخبارهم شاهرة وسيرتهم معروفة ظاهرة ، فمن اتبع سبيلهم اهتدى ، ومن خالفهم ضل وغوى ٤ وقد قيل اتبعوا ولا تبتدعوا ، وقيل شر الأمور محدثاتها ، وقبل كل شىء اذا ذهب منه شىء ذهب كله ٠ قلت : هذا مبفى على أصل المذهب الصحيح أن الدين لا يتجزأ ، بل اذا ذهب بعضه ذهب كله ، ويدل عليه الحديث : -٦٢- لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن ٠ الحديث بخلاف بقية الأشياء التى لما أجزاء أو تجوز تجزئتها ، فما بقى منما له حكمه قطعا ٠ قال : والمسى. مخذول واشه مع الذين اتقوا والذين حم محسنون ٠ فأول ما اشترطه عليكم أن تتصحون وتعرفون عيوبى : وأن تقبلوا نصائح المسلمين ولا تردوا المحق على من جاعكم به بعيدا كان أو قريبا ، بغيضا كان أو حبيبا ، وأن تتوبوا الى اش من جميع ذنوبكم ، وتتقوء عز وجل فى سركم وجمركم من المعمل بطلعته ، وأداء لفراقضه واجتنابا لجميع محارمه، واقتداء بللسلف الصالح من المسلمين مع الورع الصادق، والوقوف عن كل ثسبمة وألا تعملوا عملا إلا بحجة ، والأمر بالمعروف والنمى عن المنكر ، والانتماء عنه والموالاة شم والمعاداة فيه ، ومشورة المسلمين أط العلم والورع فيما يعود طيكم من الأمور ، وقد قال الله تعالى : ( وشاورهم فى الأمر فاذا عزمت فتوكل على اش ) ولا تقتدوا برأيكم ولا تعجلوا فى أموركم ، ثم حسن الرأفة بالرعية عامة ، وبأهل الصلاح خاصة والرغق بهم والعدل فيهم ، وأن يتفقد الإمام أمر رعيته وقضاته وعماله ، وإن اطلع على جور من عامل له أو غيره أنكر عليه ، وقام فىذلك بما يلزمه ولا تطلبوا العلو والرفعة فى الدنيا، ولا تستنكفوا ولا ترفعوا أنفسكم عن أدنى منازل المدين، ولا يكون القاضى إما أن يعطى الأمر كله وإلا غضب وجذب يده ووقف عما يلزمه ، فإن من كانت هذهصفته لم يجز تفويض أمور المسلمين اليه، إذ ليسذلك من صفات المسلمين، فإن ولى الإمام واليا عطى بلد بمشورة غيره من المسلمين لا يغضب، وإن كلن القاضى وال على بلد فعزله الإمام بغير رأيه لم يغضب، ولم يقفعمايلزمه ولم يترك ما يجب عليه، وكذلك غير هذا من جميع الأمور ، وأن تقتدوا بمن سبقكم من أئمة المسلمين وقضاتهم وولاتمم ، وأن تتبعوا سبيلهم وأن تهتدوا بهداهم ، فقد قال الله تعالى : ( ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساعت مصيرا ) ، وألا يخلف القاضى الناس لنفسه بما يحلف به ٦لإمام، فإن هذالايعلم — ٦٣ ٠ أن أحدا سبق اليه من ولاة المسلمين وقضاتمم وأن تردوا الخيل التى أخذت من الرعية ٠ هنايتجلى بعض ما فى نفس هذا الشيخ من الأمور التى ينتقدها، فكأن هناك أشياء شاع معهم أمرها ، ولا ريب فإن المناس لايخلون من الأحوال يخالف ظاهرها باطنها وربما شاعت عليهم على غير وجمما اللازم لها ، وربما كان لها فى الحق مخرج ، وربماكان للامام فيها عذر ، ولكل مقام مقال ٠ قال : ومع ردها عليهم أى الخليل لا يجبرهم القاضى على الخروج معه لغزو ولا غيره ، إلا أن يتفق للامام الخروج بنفسه من أمر يجب عليهم الخروج معه ، ولا يكون لمم عذر ف ذلك، وأن تنصفوا الناس فى معاملاتكم ومدايناتكم ، فإن كان لأحد عليكم حق فلا تمطلوه ليرضى بدون حقه تقية أو ضرورة ، أو تلجئوه الى أخذ شىء من العروض ، حتى يأخذها بأكثر من قيمتها ف البلد ، ولا تبيعوا ولاتشتووا لأنفسكم إلاأن توكلوا فى ذلك غيركم من الرعية، ممن هو غير داخل فى حرمه وأمره ، ولا يعلم أن المشترى لكم ، ولا تقبلوا من الرعية الهدايا والعطايا، وأن تمنعوا خدمكم وأصحابكم من ذلك، ولا تقبلوا من الغاس أموالهم على وجه ، ولا ترسلوا اليمم فى ذلك إلا أن يتبرعوا هم من تلقاء أنفسهم ، أو يشير بعضهم الى بعض من غير رسالة منكم ، ولا تتحملوا الديون إلا من ضرورة فى نفقة أو كسوة أو تقووا أمرالمسلمين، ولاتبذروا أموال المسلمين، حين يحتاجوا الى أموال الوعية ، وتأخذوا منهم على وجه القرض أو المداينة أو المعونة ، وتحتجوا أنكم فعلتم ذلك ضرورة أو حاجة ، فليس هذا مما يوجد لكم عذرا فى أخذ أموال الوعية، وأن ترفعوا الطمع فيمالا يجب لكم على الرعية، وأن تسووا فى الحق بين البعيد والقريب والبغيض والحبيب ، ولا تصفحوا عن أحد وتأمنوه ثم تأخذوه وتعاقبوه بعد الصفح والأمان ، ولاتخرجوا الى النواحى والبلدان بعسكر لا تضبطونهم ولاتشدونهم عن الظلم والفساد ، ولاتلزموا الناس ما لايلزمهم من الخروج ، بل تعذروا من ٦٤ له عذر من مرض أو غيره ، ولا تغوضوا أمرا يحرج الناس الى العرفاء والجهال فيبعدوا ، وتأخذوا الرشاء منهم ، ولا تجبروا الناس طى الخروج بلا زاد اتكالا على الضيافة من عند الناس ، ولا يجبروهم على الرباط بلا نفقة ، ولا تستفتحوا بلدا من بلدان أهل القبلة ، وأنتم لا تقدرون أن تتولوا عليما وتحموها وتأخذوها من ظالم وتسلموها الى ظالم ، وأن تبذلوا الإنصاف لأهل السر والسنينة من حرق منازلمم وخراب أموالمم ٠ وهذه أيضا مما نفس الشيخ تنتقده عليمم وتتحرج منه صرح به الآن ، وكأن هناك أحداثا واقعة منهم لم نقف على تاريخها إلا ما نفممه من كلام شيخنا هذا رحمه اش ، ولا نعلم عذر المسلمين فيما ولا مقالمم عنما ، فاشه أعلم بها ٠ قال : وتعرفونهم عنها وأنكم أيضا تعرفون جميع النواحى التى تجرى فيها الأحداث من عسكركم وأصحابكم ، وتظهروا اليمم الانصاف حتى يعلموا أن الحق مبذول عندكم لمن طلبه ، والباطل مردود على من فعله ، ولا تخرجوا اليهم بعسكر تفعلوا عنده مثل ما فعل عسكركم الأول ،واذا شكت الرعية عاملا من عمالكم ، وطلبت عزله عنهم أن تعزلوه عنهم ولا تكلفوهم طيه البينة ، وأن تردوا مكاتباتكم المى ما كان عليه مكاتبات من سبقكم من المسلمين ، وأن تفوا بعهدكم ووعدكم ، وقد قال اشم تعالمى : ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا ) ولا تكتبوا لأحد رقاعا خالية فارغة ، غإن ذلك يخرج مخرج السخرية والهزل ، وقد قال تعالى : ( لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ) ، ولا تفوضوا الى أحد الحكم بين الناس ، ولو كان لكم وليا حتى يكون ممن يبصى الحق ، ويعرف وجه الحكم ، ولا تولوا واليا على بلد ولا على حرب ولو كان لكم وليا حتى يكون عالما بعدل ما تولونه عليه ، ولا تأخذوا امزكاة من الناس بالقيد والحبس على التمم ، ولا تقولوا لمن نتهمونه ٦٥-- بكتمان الزكاة إنا لا نقبل منك إلا بكذا وكذا، وهذا كأنه حكم، ولا يجوز الحكم مع المسلمين بالتهمة ، وألا تبعثوا فى طلب الزكاة من الناس غير الثقاة لتوكلوهم فى تسليمها اليكم ، فإنه قيل إن هذا لا يجوز ، وألا تزيدوا على خدمكم فيما تعطونهم من أجرة خدمتهم خلاف سعر البلد ، ولا تأخذوا اعطياتكم بغير حساب ، فان هذا لا يفعله صاحب دين ولا دنيا إلا ما شاء اش ، وألا تكتبوا الى ولاتكم وأمنائكم رقاعا لا يجوز لهم أن يعملوا بها وألا تنفوا المسلمين ولا تعاقبوهم بالتهم والظنون ، فإن العدول لا تهمه عليهم ، وإن عاقبتم أحدا من المسلمين فعرفوه الخطا الذى أوجب عقوبته عندكم ، وإن بلغكم عن أحد من أهل الصلاح ما تكرهونه فلا تعجلوا فى عقوبته حتى تظهر الحجة عليه عند المسلمين ، وألا تعرضوا لأحد فى فعل منكر تأويلا منكم أنكم لم تأمروا تصريحا لم يلزمكم فى التعريض ، بل قد قيل إن التعريض يقوم مقام الأمر الصريح ، وألا تعملوا بالآحاد من الأخبار التى لا عمل عليها عند المسلمين ، وأن تقربوا أهل الصلاح وتدنوهم من أنفسكم ، وتبعدوا أهل الجهل والسفل ، وتنزلوا كلا واحد منهم حيث أنزل نفسه ، وأن تعتذروا الى من لحقه منكم جفاء من المسلمين ، وأن ترجعوا فى العبدة التى اشتريت من عند أبى الفرج والبيت الذى اشترى من عند موسى الفرقانى المى قول المسلمين ، وما يوجب الحق فى ذلك ٠ وهذه النقطة الشالثة التى يعرب انتقاد الشيخ أبى عبد الله لما ، قال : وأن ترجعوا فى حكم المال الذى يمنح الى قول المسلمين ، ولا يستبد القاضى فيه برأيه دون المسلمين ، وألا تعرضوا من عند أبى العرب بن أبى جابر شيئا من ماله بقرض ولا معونة ولا عارية ، ولا تمنعوا ورثة ابراهيم بن عبد الشم من مالهم بغير حجة ولا حكم ، فانا لا نعلم أن فى ذلك جوازا ، واذا سألكم أحد حاجة فإما : نعم منجزة وإما لا مريحة - أى إما وعد صادق وإما تفى كذلك ، فإن خلف الوعد نفاق (م٥ - عمان عبر التاريخ ج ٣ ) — ٦٦ — ومطل الوعد تنغيص ٠ قال : فإن المماطلة عند الموعد تنغيص وتنكيد ، والمماطلة مع الحرمان تخلية وهزل ، وكلا الحالين مذموم عند نوى المدين ، وإنما يفعل ذلك من هانت عليه نفسه ودينه وعرضه ، والمعنى أن ذلك من الأخلاق المستزلة التى نمى الشارع عنها ، فلا يرضى بها إلا أهلالدنايا،ولا يرضى بها المسلمون ٠ فإنه قلتم : إن ذلك من خدمكم وأصحابكم ، فلو طموا منكم الكراهية لم يتجرعوا على ما تكرهونه إلا ما شاء لله، فأما اذا كانوا لا يتقربون بذلك اليكم فإن عاره وإثمه راجعان اليكم، ولا تحرموا الفقراء والمساكين هذا المال ، فإن لهم فيه سهما ، ولا تقفوا فى شىء يلزمكم وتزيلوا عن أنفسكم إثم العذر فى التخلف فى العمد والوعد والتممة بذلك ، قد بذلتم لهم الأمان ، فلم يثقوا بأمانكم فلا أرى وأن تؤمنوا من خوفتم من المسلمين ، وتردوهم الى منازلمم ، فإن قلتم هذا سقط مه ححة عنكم ، ولا يوجب به عند المسلمين عذركم ، إذ كانوا قد عرفوا منكم الرجوع فى عمدكم ووعدكم ، بعد بذل الإمام خطة لهم بالأمان ، وخافوه أن يفعلوا منهممن بعدكما فعلتم من قبل، وأن تبدوا الإنصاف لأهل السر فى تلك الأحداث الشاهرة ، وتفعلوا كما يوجد عن محمد بن محبوب رحمه الله أنه كتب به الى بعض الأئمة، وعليك اظهار الانكار فى ذلك والطلب لمن فعله حتى يعلم الناس أن من فعل ذلك فإن الحق معروف ، وأنك مؤثره على ما سواه وتظهر الدعاء الى الإنصاف حتى تبسط لطالب المحق بلسانه ، وأنا أشير عليكم فى الأحداث التى جرت فى السر وغيرها من النواحى والبلدان ، وجميع الأحداث التى تجرى من عساكركم وأصحابكم ورعيتكم حتى يظهر عند الناس أنكم أنكرتم الباطل ولم ترضو! به ولم تواطئوا عليه ، ولم تتركوا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وتزيلوا عن أنفسكم الأوهام الفاسدة ، فأما اذا كنتم تنادون بتخويفهم و تظهرون الغضب طى من تتهمون أنه أراد أن يككب الى الإمام، ويعلمه بما يجرى من لأحداث فكيف يتجاسر الضعيف والمظلوم -٦٧- أن يرهعوا اليكم وينتصفوا ممن ظلمهم ، وإياكم والتقحم طى الأمور بعي حجه ولا برهان، وإياكم وسوء التأويل فإفه روى عن النبى صلى اذ عليه وسلم أنه قال : أخوف ما أخافه على أمتى ثلاثا :ذلة العلماء ، وحيل الحكماء ، وسسوء التأويل ٠ فانظروا لانفسكم وسلوا المسلمين عما يجب عليكم ويلزمكم اتباع ككاب ربكم وسنة نبيكم ، وآثار الصالحين قبلكم ، ولا تميلوا بالناس يمينا وشمالا ، واحدروا يوما حذركم اله إياه فقال فى محكم ككابه : ( واتقوا يوما ترجعون فيه الى اش ثم توف كلنفسماكسبتوهملايظلمون)٠ وأنا استغفر الله مما خالفت فيه الحق والصواب، وصلى الشم على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما ٠ و الإمام أراه ضعيغ المعرفة قليل العلم والبصيرة، ولا أرى له أن يولى واليا ولا ينصب قاضيا ولا ينفق من مال المسلمين المى أحد من اناس،ولا يفعل شيئا من هذه الأمور الا بمشورة المسلمين أهل العلم والورع ، ممن يكون له حجة فى ذلك ، وليس كل المسلمين يكون حجة فى هذا، وإنما الحجة هو المفقيه، وهو الذى يجتمع له حالان : العلم والورع، فإن فعل شيئا من هذه الأمور ببصر نفسه أو بمشورة من لا يكون حجة له فى ذلك ، فإنى أخاف ألا يجوز له ولا يسعه ولا يجوز لمن دخل معه فى ذلك ولا يسعه ، وإن كان الإمام ضعيف المعرفة قليل العلم والبصيرة لا يعرف المثورة، ولا يهتدى لهاولايعقلما فأخاف ألا يثبت له عقد ولا يجوز للمسلمين أن يجعلو ه إماما ، ولو كان لمم وليا وسلوا المسلمين عن ذلك ، ولا تأخذوا منه إلا ما وافق الحق الصواب ، وأنا أستغفر المه من كل خطأ كان منى فى هذا الكتاب وغيره ، وصلى اشه على سيدنا محمد وآلمه وصحبه وسلم تسليما كثيرا ٠ انتمى كلام الشيخ أبى عبد اش محمد بن عيسى رحمه اش، ويستفاد ٦٨- من كتابه وقوع أحداث من الإمام وجيشه وأعولنه ، كما نص عليما الثيخ وكآنها واقعة لا محالة، وما وقع من الجيش فمو من جملة ما يعد على إمامه إلا ما خرج منه بحجة صحيحة، وكان الإمام كما يقول الشيخ السرى أنه قليل العلم ضعيغ المعرفة ، ولعلهم لم يروا غيره أصلح منه إذ ذاك ولكل زمان رجال ، ولكل إمام أعمال ، ولعله له عذرا وأنت تلومه ، فهذا الكلام ظاهره مسوق الى الإمام من هذا الشيخ احتجاجا عليه ، ولم نعرف عذر الإمام غيه ولا عذر أصحابه الموجه اليهم فيه الخطاب ، ولابد لهم من جواب ، ولابد إما أن يكىن حقا أو صوابا لمم فيه العذر أولا، ولعل توبة الإمام الآتى ذكرها كانت لأجل هذه الأحداث التى ذكرها هذا الشيخ الزاهد الرضى رحمه اش وجزاه عن الاسلام خيراً ، وهو الواضح فانهم حرورها على رأى الشيخ أبى على الحسن بن أحمد ابن نصر الهجارى ، قرر فيها ما يجب على الإمام أن يتوب منه وأن ينشر توبته منه للاطلاع طيها من أهل العلم الذين فى نفوسهم اشمئزاز من وقوع ما وقع ، وأرادوا بذلك إظهار الإمام بالدينونة فيما يلزمه آن يدين لله فيه عتد المسلمين ، فإنه ابتلى بأمور المسلمين ، ولما ابتلى بقى فى حيرة من الأمر الذى دخل فيه بعير علم ، والإمامة أمرها عظيم وخطبها جسيم ، وللمسلمين أن يقدوا المغضول اذا تحققت المصلحة فى تقديمه ، كتقديمهم للإمام عزان بن قيس رحمم اله ، مع أن المقدمين له كلهم أعلم منه ، إلا أن أحوالا أخرى أهلته للتقديم ، وأجلته للمقام الكريم ، وكذلك تقديمهم للإمام سالم بن راشد بن سليمان الخروصى فى عصرنا ، فإن فى الجماعة من هو أعلم منه ، ولكن لكل مقال ، ولكل زمان رجال ، وكل يصلح لثى* لا يصح له غيره ، والمسلمون مكلفون بالقيام بأمور الدين ابتلاء من الشه الذى يعلم المفسد من المصلح واش ولى التوفيق ٠ بسم اشم الرحمن الرحيم : توبة الإمام راشد بن على، عمل القاضى أبى على الحسن بن أحمد بن نحى الممجارى ، أى رقبها له على هذا الوضع لينشرهابين المسلمين ، معترفا بما جاءفيهامن اعتراف ٤ وإذعان -٦٩- وخضوع ولنقياد للمسلمين بحسب ما جاء فيها من الأقوال ، والرجوع المطلوب من الإمام على أثر تلك القضايا التى وقعت، وعدت على الإمام، والحقيقة ليست التوبة عملا صناعيا ولا قولا مسطورا ، بل هى رجوع قلبى وخضوع إذنى ، واعتراف نفسى يتجلى على لسان التائب نطقا ، وعلى هيئته صفة وعلى جميع جوارحه خضوعا وانقيادا شه وللمسلمين ، الى ما يعدونه ليه مخالفا للحق ، ومباينا لمذهب المسلمين ، وهذه التوبة التى يصنعها هذا الشيخ أبو على الحسن بن أحمد لإمامه راشد بن على ليقبل المسلمون منه، وأن يرفضوا الحرج عليه ويكون عندهم بالمنزلة المرضية المقبولة فى دين المسلمين ، لأن التائب من المذنب كمن لا ذنب له، والمعترف بما عليه تنصلا لا يطالب بضده فى الحكم ولكل حالة حكمماولكلقضيةمقامها٠ وهذا نص التوبة المشار اليما يقول فيها بعد البسملة والحمد له: أنا أستغفر الة وتائب اليه من جميع ذنوبى كلما قليلها وكثيرها ، صغيرها وكبيرها ، ظاهرها وباطفها ، ما علمت منها وما لم أعلم ، كان ذلك منى على العلم أو الجهل أو الخطأأو النسيان، أو التدين أو الاستحلال، أو التحريم، كنت متأولا فيه أو دائنا به بلسانى، أو اعتقدته بقلبى ، وتائب الى الله تعالى من السيرة التى سرتها بغير العدل مخالفة للحق ، ومن كل خطأ منى فى إلزام أهل النولحى الخروج منها ، ومن ترك النكير على نجاد بن موسى بعد علمى بسيرته ، وفجاد هذا هو الذى قتله هذا الإمام، وكأنه وقع منه أمرأنكره المسلمون، استوجب بهالقتلفقتلكماسبقذكره وكأنه أى القاضى المذكور سار سيرة غي مرضية ، ولكن لم يبين الإمام حقيقتها ، وكان يتولاه فندم على ولايته ، وتاب منها ، وكان ولاه الأمور وهو يرى أحداثه ، وهذا الشيخ الذى عمل هذه التوبة للإمام معه على أحداث نجاد بن موسى ، وهذه الأمور هى التى أنكرها الثيخ محمد بن عيسى السرى فى كتابه •٧ - المتقدم ، قال الإمام فى توبته : ومن ترك التكير على نجاد بن موسى بعد علمى بالسيرة التى سارها مخالفة للحق والعدل ، ومن ولايتى له على ذلك وتوليتى إياه بعد علمى بأحداثه وفعله ، ومن الجبايات التى أمرت بها وجبيت بغير حق ، وأنفقت فى غير أهلها ومستحقيها ومن العقوبات التى عاقبت بها بغير الحق ، وتعديت فيها غير الواجب ، أو أمرت بذلك من فعله ومن إخلاف لكل وعد ولم أوف به ، ورجعت عنه ، ومن كل عهد عاهدته ثم نقضته ، ومن تقصيرى عن القيام بما يلزمنى من الحق والعدل ، ودائن لم تعالى بما لزمنى فى الأحداث التى أحدثت فى القرى على أهل القبلة من الخراب والحرق ، وأخذ الأموال وعقر الدواب والأحداث فى تخريبها وما جرى من العساكر التى أخرجتها ومن كل حرب حاربتها ، وسفكت الدماء فيها بأمرى وملزم نفسى بذلك ، وما لزمغى من حق وضمان ودية وأرش وغير ذلك ، فأنا دائن لله بالخروج منه ، وقابل قول المسلمين ، وراجع المى قولهم ، وقابل نصيحتهم ، نادم على ما سلف منى فى فغى أحد من المسلمين ، أو عقوبته بغيره يلزمه ، ومعتقد أنى لا أرجع الى ذنب ، وإن علمت بذنب بعد هذه التوبة فهو داخل فى هذه التوبة ، وهذه التوبة لازمة لى الى الممات ومن كل تولية وال وليته ، ولم يكن أن أوليه ، ثمهد اشه وكفى به شهيدا ومن حضر من المسلمين ٠ وكانت هذه التوبة من الإمام راشد بن على بحضرة القاضى أبى عبد الله محمد بن عيسى المسرى رحمه الم ، والقاضى أبى على الحسن بن أحمد بن نصر الهجارى ، والشيخ أبى بكر بن عمر بن أبى جابر ، وأخيه أبى جابر محمد بن عمرو بن أبى جابر ، وعلى بنداود ، وعبد الشه ابن اسحاق المنقالى وغيرهم من المسلمين ، وكانت هذه المشهادة يوم الاثنين لإحدى عشر ليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة ٤٧٢ اثنتين وسبعين وأربعمائة ٠ هذا تمام هذه التوبة المحررة باسم الإمام راشد بن على المنشورة - ٧١ - بين أهل العلم من أهل زمانه ، وهى ثمرة ذلك الكتلب الذى حررة ذلك الشيخ السرى رحمه اللم وهى جامعة لكل ما يتعلق بأمور الدنيا وللدين ، وعسى أن يكون مقتضاها من الإمام المدعو لها من صميم القلب وخالص الإيمان ، واله يتولى من عباده الصالحين ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ٠ ولم نجد للإمام اعترافا بذنب خاص وتوبته تتناول كل ما يلزم ، واش الموفق للخير وحده ، وقد عرفت ما ندد به الشيخ السرى محمد بن عيسى على الإمام ، ال فى خلقه ضنائن والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالات ٠ ولما بلغت هذه التوبة المى الشيخ المذكور ، وعرف مقتضاها ، أجاب الإمام بقوله فيها إذ سأله الإمام عن ذلك قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، من القاضى أبى عبد الله محمد بن عيسى رحمه اش ، الى الإمام راشد بن طى ، فيما سأله عنه من هذه التوبة ، وما رد عليه فيها ، سألت عن التوبة التى دعاك المجماعة اليها والى للكتاب الذى كتبوه لك فيها ، فاعلم أنى فظرت فى ذلك على قدر ضعفى وقلة بصيرتى ، فرأيت الكتاب يشتمل على معان كثيرة يطول شرحها ، غير أنى أذكر لك من ذلك ما يسر اشه ، واشه أسأله التوفيق لذلك ، أما توبتك من المسيرة المتى سرتها بغير العدل مخالفة للحق ، غإن كان ذلك قد جرى منك على الاستحلال والتصويب لنفسك ، فلا أرى هذه التوبة تكفيك ولا تصح لك ،ولا يقبلها المسلمون منك حتى تفسر ذلك تفسيرا غير هذا ، وتتوب منه بعينه على التفسير ، وإن كان منك على التحريم والتعمد لمخالفة الحق عند فعلك فما كان فيها من تلف نفس أو مال ، فعليك الضمان والخلاص من حقوق العباد فى الأموال مع التوبة ، إن كان ذلك مغك جهلا بحرمته ، وظنا منك أفه واسع لك من غير تعمد للحرام ، ٧٢- ولا قصدا منك لمخالفة الحق والاستحلال لذلك بديانة و تأويل، فقد يوجد مثل هذا يخرج مخرج التحريم ، وقد تقدم القول فى المحرم ، وما يلزمه فى الأموال والأففس والخلاص من ذلك، وأما توبتك من الجبايات المتى أمرت بها وجبيت بغير الحق ، وأنفقت على غير أهلها ومستحقيها ، فالأمر فيه على نحو ماتقدم من الكلام فى المحرم والمستحل، فإن كان ذلك على وجه الاستحلال لماحرم لله فلا أراك تكتفى بهذه التوبة، ولا يصح ذلك حتى تفسر تفسيرا غير هذا ء وتتوب منه بعينه على للتفسير ، وإن كانمنكعلى وجه التحريم، فقد تقدم الكلام فى المحرم، وعليك الخلاص من جميع ما أنلفته من الأموال والأنغس ، وإن كان ذلك على وجه العمى والظن أنه واسع لك، فقد تقدم القول فى ذلك أنه يخرج مخرج القحريم ، واما توبتك من العقوبات التى عاقبت بها بغير الحق ، غانها تجرى مجرى ما تقدم من القول به والجواب واحد ، وأما توبتك من كلع حرب حاربتها ، وسفكتالدماءفيها بأمرك فإن كنت حاربت حربا بعد حرب منها ما هو بالحق وما هو بالباطل ، فتبت من جميع ذلك فلا يجوز لل أن نتوب من الحق، وعليك التوبة من توبتك من الحق، وعليك التوبة أيضا من الحرب التى حاربتها بالمباطل، وإن كان على الاستحلال فقد تقدم الكلام فى المستحل ، وإن كان على التحريم فقد تقدم الكلام أيضا فى المحرم وما يلزم فى ذلك من الضمان فى الأموال والأنغس ، وإن كفت مخطئا ف جميع محاربتك من أول الأمر الى آخره فقد أصبت فى التوبة منعا ، وأما الضمان فمو على ما تقدم فيه الكلام من المستحل والمحرم وأما توبنك من ولايتك لصاحبك، فإنكنت علمت منه حالا تحرم به ولايته عليك أو توليته على أول وجه لا يجرز لك آن تتولاه عليه ، فقد أصبت من توبتك فى ولايته ، وإن كنت توليته من أول وجه يجوز لك ولايته عليه ولم تعلم عنهحدثا مكفرا، فقد — ٧٣ ٠ج أخطأت فى توبنك من ولايته بغير حجة ، وعليك أن تتوب من توبتك من ولايته، وإن كانقدصح عندكعليهحدث مكفر بشمرة لا دافع لما أو شهادة عدلين مع تغسير الحدث ، أو شهادة عالمين بالحدث بتفسير أو بغير تفسير ، أو شاهدت أنت منه حدثا مكفرا ، أو أقر عندك بذلك وتوليته من بعد ، فقد أصبت فى توبتك من ولايته على هذا الوجه ، ولكن استتبه من ذلك فإن تأب وكان مستحلا، فقدقيل إنه يرجع الى حالته الأولى من الولاية ولانعلم فى ذلك اختلافا، وإن كان محرما ففى أكثر القول أن يرجع الى ولايته الأولى ، وقيل فيه قول آخر ولا أرى لك أن تهمل أمره، ولا أن تترك استتابته، ولا الإنكار عليه اذا قدرت على ذلك ، فإن لم تفعل ولم تستتبه فأخاف أن تكون أتيت خلاف ما عليه أهل الحق والعدل من المسلمين، وأما توبتك من تولتك إياه بعد علمك فى أحداثه وفعله، فإن كنتعلمتمنهحدثا مكفرا ووليته على ذلك الرعية فجار طيهم فى أففسهم وأموالهم ، وأنت محرم لذلك فأخاف عليك ضمان ذلك فى أحداثه ، إن أتلف شيئا من أموال الناس وأنفسمم ، وإن كنت مستحلا لذلكغقد تقدم من الكلام فى المستحل والمحرم والجاهل ما فيه كفاية إن شاء الله تعالى، وأما قولك وملزم ففسك مالزم للعباد من حق وضمان ودية وأرش ، وأنك دائن بالخلاص منه فمذا هو الصواب ، اذا صدقته بفعل وقيل لخلاص نغسك لحقوق الله وحقوق العباد ، وأما القول وحده بلا فعل ولا قيام ولا اجتهاد فى خلاص النفس ، فما النفع فىذلك فقد قيل لا ينفع التكلم بالحق إلا بإنفاذه، وقد قال الله تعالى : ( يا أيما الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبرمقتاعند لله أن تقولون مالا تفعلون ) وإن كفت محتل فى هذه الفصول كلما والمعانى التى دعاك الجماعة الى التوبة منهاولميكنمنكخطأفى الظاهر، ولا فى الباطن فتبت من الحق ليرضوا عنك ، فلم يكن لمم أن يدعوك الى التوبة من -٧٤- الحق ، ولا كل أن تجيبهم الى أن تتوب من الحق ، فاذا فعلتم ذلك جميعا كان ذلك عليك وعليهم التوبة ، ولو أن الجماعة عند استتابتهم لك سلكوا بك مسلكا غير هذا الذى حملوك وحملوا أنفسهم عليه ، ربما كان أسلم لك ولهم وأخف وأسهل عليك وعليهم ، ولا مخافتى لا يسعنى السكوت ولا التغافل عن جوابك ، فيما سألتنى عنه لم أذكر لك شيئا من هذا ، ولكنك سألتنى عما يلزمك فى تلك التوبة ، فاستصعبت الإمساك عن رد جوابك ، فقد ذكرت لك ما تد ذكرته على قدر ضعفى وقلة بصيرتى ، فإن كان حقا فهو من الشه فخذ به ، وإن كان فيه مخالفة للحق فلا تأخذ به ، وأنا أستنفر الله من كل من خالفت فيه الحق والصواب ، وصلى الله على رسوله محمد النبى وآله وسلم تسليما ٠ انتهى كلام القاضى أبى عبد الشه محمد بن عيسى السرى رحمه اشه تعالى ولم نجد جوابا لكلامه ، وما ندرى ماذا كان بعد هذه النصائح البليغة الصادرة عن الصدق الإخلاص ، غير أنى وجدت أنه قتل رحمه الله فى نزوى فى موضع على طريق مساجد العباد ، غربى المقبرة الكبيرة تمر على حضيرة غلافقة ، ولم يسموا قاتله ولم يؤرخ وقت ذلك ، وهذا دأب الأمة هذا داع للحق صادع به وهذا مضاد له معاد لأهله ، لا يبالى بما يلاقى ٠ وإن قتل المعلماء عند اله عز وجل عظيم ، يهدم كيان الدين ولكن الحظوظ الإلهية لا تفوت أهلها مهما كانوا وأفضل موته بموتها العبد الصالح القنل فى طاعة الله عز وجل ، فإن للشهيد منزلة يغبطه عليها حتى النبيون طيهم الصلاة والسلام ، نسأل الله الفوز بأعلى المنازل عند اش والتوفيق لما يحبه اشم ويرضاه ٠ -٧٥- إمامة الإمام عامر بن راشد بن الوليد الخروصى رحمه الق كان هذا الإمام عامر بن راشد من أفاضل الأئمة ومن أخيار الأمة لكن لضياع التاريخ العمانى الذى طال ما تكلمنا عنه فى هذا التاريخ ، وطال ما ضاعت منه حقائق يأسف عليها العاقل ، ويرثى اللبيب لما ، ضاعت عنا مهام هذا التاريخ ، فإن التاريخ كما قلنا عنه حافظ أعمال الأمة صالحها ، وطالحها ، وديوان جامع لما مضت به الأجيال ، وما وقعت فيها من أعمال ٠ قال الإمام : عقدت له الإمامة سنة ٧٤٦ ست وسبعين وأربعمائة ٠ قلت : هذا الوقت هو وقت إمامة راشد بن على المتقدم ، وقد توفى سنة ٥١٣، اللهم إلا أن يكون الغلط فى تاريخ بيعة الإمام راشد بن على أو بيعة الامام حفص بن راثد ، فإن والده راشد بن سعيد رحمه اللم توفى سنة ٤٤٥ ، وبويع ولده حفص بن راشد بعده ، وعند بعض أهل التاريخ أن حفص بن راشد لم يطل عهد إمامته ، بل هو عند بعضهم عاش فى الإمامة فقط سنة واحدة، لكنه لم يظهر له تحقيق ٠ قال الإمام نقلا عن المؤرخ لهذا الإمام : كان رجلا عالما زاهدا ذا ذكاء وفطنة محسنا فى الرعية ، قال : وكان إماما شاريا ، قال : وهو آخر الأئمة الثراة من بنى خروص ، قال : فاستقام طى الحق حتى توفاه اش رحمة الله عليه ٠ قال الامام رحمم اشه : وأفت تدرى أن هذا الوقت الذى ذكر فيه بيعته هو وقت إمامة راشد بن على بعينه ، فإن صح ما ذكر فكأنه إنما بويع فى وقت إمامة راشد ، فإن الناس قد اختلفوا على راشد على حسب -٧٦- ماتقدم، وفى هذا التاريخ اخطراب، ولعل هذا الإمام من أئمة الطائفة الرستاقية، فان كان كذلك خربما صح التاريخ و الله أعلم ٠ ولما كان النباهنة ظهروا على ملك عمان فى أول القرن السادس للهجرة، وكان الإمام الخليل بنعبد الله قام والنبهانية قائمة السيطرة وقاتلها وقاتلته، وتولى بعضملكعمان كنزوى ونخل والرستاق والباطنة، وما بقى من اك عمان ، بقى فى أيدى النباهنة ، دل ذلك على أن هؤلاء الأئمة الثلاثة قاموا فى أول قيام دولة النباهنة، وإن قيل إن الإمام محمد بن غسان كان أكثر حربه المحسا ، وأرض فجد ، فلعل النباهنة كانوا يستجيشون أهل الحسا ، وأهل نجد ، وكانوا يتحيزون اليها عندما يجدون صراعا عنيفا وغلبة من الإمامة ، لا سيما أن ذلك فى بادىء الأمر ، فالذى ينبغى أن يعول عليه أن عامر بن راشد بن الوليد ، ومحمد ابن غان بن عبد اشه ، والخليل بن عبد الله ثلاثتهم ناموا فى صدر الدولة النبهانية فى أول القرن السادس ، فان النباهنة برزت سيطرتهم فى عمان بعدمضى النصف الأول من نفس القرن المذكور ٠ وسيأتى إن شاء اللهم تحقيق ذلك قرييا عند الكلام على تلك الدولة التى عبرنا عنها فى العنوان بالدولة المرابعة من دول عمان ، وذكرنا ما قيل فى أول نشأتها على سبيل الإجمال ، وكان الإمام عامر بن راشد آخر من بويع بالشرى فى عمان ٠ ٧٧-- إمامة الإمام محمد بن غسان بنعبد اله الخروصى من أغاضل المسلمين هذا الإمام الرضى محمد بن غسان بن عبد الشم ، ولعله من ذرية الإمام غسان بنعبد الله ، الذى قام عقب الإمام الوارث ابن كعب رحمهم افه تعالى ، وانها ذرية طيبة ، وكان هذا الإمام أيضا من الأئمة المجهولة تواريخهم ، ووقت إمامتهم ، فان كانوا من أئمة الطائفة الرستاقية فاتم أعلم بأحوالهم ، فانهم لم يذكروا من بايعه من المشايخ ، ولا وقت بيعته ولا مكان إقامته،ولا يمكن مثل هذا أن يختفى إلا أن الدهر الذى مر على العمانيين فىذلك العهد كله اضطراب ٠ وسبب ذلك الاضطراب موسى بن موسى ومن معه ومن شايعهم ومن الغلاة فيهم، ومن الدعاة ضدهم، وكان ذلك داعية تفرق للكلمة بين المسلمين، ووضع شقاق فى الدين، وأهل العلم اذا لم يقصدوا بالأمر لله وحده سرعان ما يكون فيه اضطراب ، وخبط الأمور على غير هدى من الشه ٠ قال الإمام رحمه الله : كان إمام دفاع فأرادوه أن يكون شاريا، فخاف ألا يطبق الشرى خوفا من خلفاء بنى العباس أو قال خوفا من خلفاء بغداد، لأنهم طالما جهزوا الجيوش على عمان، وطالما هاجمما جنودهم فيستمر الصراع عهدا ، فتارة يغلبون على العمانيين فيقبضون على دولتهم ، وتارة يستغلبون فينهزمون الى بغدادهم ، كما عرفت ذلك ممامرعليكفى تاريخنا هذا، والحرب لاتزال سجالا طيلة الدهر الخئون، وأهل عمان ، إمامتهم رحمه للأمة، لكن رحمة اش لا تدوم إلا ريثما تمر على الأمة لإقامة الحجة عليهم ، وهذا الإمام محمد بن غان من خيرة الرجال فى عمان ، لكن كأنه لم يمتد له عهد فى الإمامة ، أو لم تكن له حروب يسجلها التاريخ فى الأمة ٠ -٧٨- قال الإمام رحمه الله : وكان رجلا عالما بليغا زاهدا ذا حلم ورأفه للرعية، غيورا على الممالك، قال : وكان أكثر حربه الحسا وأرض نجد ٠ قلت : لعل نهدا وعقيلا عادوا على ما كانوا عليه أيام الإمامين السابقين للذين عاصرهما الإمام الحضرمى ، أو أن بغاة نجد وأجلافهم كما عهد منهم المنهب والعيث فى الأرض فسادا ، والحسا هى دار بغى فى السابق ، فكان فيها القرامطة من شر البرية ، وفيما الخوارج الذين لا ييالمون يالمواجبات فى الدين ٠ قال : وكان فى إمامته عادلا لم يعب عليه شىء ولا عابه أحد فى زمانه ، ولا طعن عليه فى شىء من أحكامه حتى توفى رحمة اللم عليه ٠ قال : وكانت إمامته تسع سنين إلا خمسة أشهر ٠ قلت إن تسع سنين لها شأن وقدر ، ولها تأثير فى الإمامة ، وإن كانت أيام السرور قصارا ، فان إمامة تستمر هذا العهد لابد أن يكون لهاذكرجلىفى العالم العمانى على الأقل ٠ قال الإمام : ومن خصاله أى من خصال الإمام محمد بن غسان الحميدة وأفعاله الغريبة ، أن كل أحد أراده بسوء وعزم على حربه مخاصمته ، ووصل هذا الإمام فى ساحته ، يسلم المخاصم له الأمر من غير قتال ٠ وكان ذلك كرامة له رحمه اشم ، ولعله لإخلاصه لثه فى حله وترحاله ، ومن كان مع اشه كان اشم معه ، وسهل اش لهكل صعب ، ويسر له كل عسير ، وليتنا وجدنا تحقيق تاريخ هذا الإمام الميمون وأعماله ورجال دولته ، حتى تفيد الأمة عنه ، فلله در التاريخ وشه در رجاله الأجلاء الحافظين لماثر الأئمة المخلصين ، والملوك العادلين ، والمتغطرسين الذين لا يعتبرون الأمة إلا قطعان غنم أو عبيدا مماليك ، يتصرفون فيهم كما يثاءون ٠ -ر٧٩ - ومن مزايا التاريخ إن تركنا نأسف على ضياع كثير من الماثر الاسلامية السامية ، ونعض عليها أصابع الندم ، ونبذل فى إدراكما ما عز علينا ، فان وجدناها طابت أنفسنا وانشرحت لها صدورنا ، وإلا تولى الأسف علينا ، والأمر لله من قبل ومن بعد ، لقد أجمع العلماء على فضل التاريخ وأشار إليه من قال : تلك آثارنا تدل علينا فانظروا بعدنا المى الآثار فالتاريخ جماع الآثار كلها ، وسجل الحوادث فى الأمة ، واليه ينظر المناظر فى الآثار ، وبه يكون الاعتبار بعد انتهاء أدوار أمته وانقراض دولهم ، والشه حض الى الاعتبار بماضى الدهر وحوادثه ذوى الأبصار ، وأساطين الأفكار من للرجال فى عموم الأدوار ٠ إمامة الإمام الخليل بن عبد الذبن عمر المخليلى وهذا نسبه الخليل بنعبد الله بن عمر بن محمد بن المخليل بن شاذان بن الصلت ابن مالك بن أبى العرب ، لا يخفى على المطلع أن أشرف بيت فآل اليحمد بن حمى بيت آل الخليل بن شاذان بن الصلت ، إذ توالى الفضل فيه الى وقتنا هذا، وكان هذا الإمام الجليل من ذرية الإمام الخليل ابن شاذان بن الصلت، كما صح نسبه ، كان ثالث الأئمة المجمولة تواريخهم وبيعتهم وأمكنتهم وحروبهم ، وأكثر أعمالهم ، وذلك لإهمال التاريخ ، وكان هذا الإمام من أئمة الطائفة النزواغية ، وقد بويع فى أول وقت بدأت فيه روح الدولة النبهانية فى عمان ، تجسس جسمها وترمز اسمها ، وتعلن عهدها الذى تتوقع ظهورها فيه فى هذا القرن الذى أراح الشه فيه عمان من حروب بغداد ٠ وكانت بيعته فى نزوى ، ولم نعرف من بايعه ولا من شايعه ، وإنما وجدنا أنه قاتل النباه^ة فى نزوى ، واستولى عليها وقهر الرستاق ، ونخل وجميع أقطار الباطنة ، وكأنه قامت له قوة خافها بنو نبهان أنتقضى عليهم ، فاستجاشوا الجبور وبنى هلال، قال :ولم يزل يقاتلهم فىكل أرض، فكأن القتال استمر بينه وإياهم، والظاهر أن شرق عمان ووادى سمائل كان مع النباهنة، والرستاق والباطنة مع الإمام، وكأن الأيام مازالت بينهم فى تداول لقوله، ولم يزل يقاتلهم فى كل أرض ٠ قال ولم يعب عليه فى إمامته أحد حتى توفى رحمه اشم عليه مستقيما عطى طريق الحق ولا يخفى أن جيوش بغداد لمتكن لها فى هذا العهد عمل فى عمان ، ذلك لأن الدولة العباسية قد انهارت صروحها منذ أول القرن الخامس ، ولكن بقى لما اسم فقط، ثم انتمى أمرها اسما ومعنى، ٨١- وقوضت بتمام القرن السادس وبالنصف الأول من القرن السابع ، انمحت آثارها تماما غلذلك لاترى لها أثرا فىعمان، ولكل شىء غاية ينتهى اليها، وكل شىء مرتهن بوقته والأمر لله فلذلك لا ترى لما هنا بعد ذلك ذكرا بعد ما كانت تعانى عمان منما النصب ، وترى منما البلاء الماحق والوبال الساحق ، بطرا وعدوانا بغير حق ، كما عرفته مما تقدم ، والأمر شه ٠ ولكن قام هنا دوربنى نبهان وهم إذ ذاك ملوك عمان والملك شه يؤتيه من يشاء وسبيل بنى نبهان كغيرهم من الملوك ، وبدأ أمر القوم فى عمد هذا الإمام الخليل،ولكنلم يتم لهم أمر الملكحتى منتصف القرن السادس، واستمروا إذذاك حتى قامت دولة اليعاربة فى أول القرن الحادى عشر ، وهم فرع من النباهنة المشار اليهم ، كما سوف تقف طى ذلك أيها القارىء فانه ستأتى بعد هذا الإمام أربعة أئمة ، ثم انتقلت الدولة الى بنىنبهان كليا،ذلك لأن أهل عمان هنا تحزبوا فصاروا حزبين : رستاقية ونزوانية ، وظلت كل فرقة تنصب أئمتها لقتال الأخرى ، وجعلوا بأسهم بينهم، فسلط اللم عليمم النباهنة عقوبة لهمعلى ذلك وشه فى خلقه أسرار ٠ (م٦ -عمان عبر التاريخ ج ٣ ) ٨٢ إمامة محمد بن أبى غسان وهو من أئمة الطائفة الرستاقيه كما أشرنا الى هذا والأشبه أن يكون خروصيا ؛ وأن يكون بن الإمام راشد بن سعيد الذى كناه الإمام أبو اسحاق الحضرمي بأبى غسان فى شعره كما عرفت ذلك ، وكافت إمامته وقت إمامة راشد بن على الذى سبق ذكره ، وقد عرف التنافس إذ ذاك بين الطائفتين وهو الذى سبب ضعف أمور المسلمين وقيام الجبابرة عليهم ، واغتصابهم للامر رغم أهل الحق منهم فان الباطل يجد أنصارا والحق قد لا يجدهم إلا فى أوقات خاصة تمر على الناس مرور الشمس على العالم ، ثم يعود الظلام أدراجه ٠ وكان إذ ذاك بالباطنة أخيار أيدوا محمد بن أبى غسان تأييدا شاهرا على أضداده ، وكان هذا الإمام كاتبهم وراسلهم واستعان بهم وف جوابهم له ما يدل على ما نقول ، وقد روى الإمام السالمى كتابه لمم وجوابهم له فى تحفة الأعيان ، وأنه كان كتابا حافلا نثرا ونظما ، اكتفى الإمام المذكور بذكر النظم عن النثر ، ولما فيه من العذوبة ولطف الذوق الحسى ، وما له من فصاحة رائعة نعرض فحن عن الكل إذ كان ذلك قد عرف ودرس ، وأخذه أهل الأدب ، وقد مدحه أهل الباطنة مدحا رائقا وأثنوا عليه ثناء فائقا > واليك جملة واحدة من ذلك تستدل بها على ما هناك ٠ يقولون فيه الذى خلص عند النقد والتمييز خلوص الذهب الإبريز ، ثم استزسلوا فيه الى حد بعيد حتى ألحقوه بخيرة الأتمة ، وعبروا عن خالص رضاهم عنه وكان وزيره وسيف دولته الهمام أبو المعالى نجاد بن موسى بن نجاد ٠ وكان من أركان دولته الشيخ أحمد بن عيد اشه ابن موسى المعروف ٠ ٨٣- الإمام محمد بن أبى غسان يشن حربا على أهل عقر نزوى لقد نفر عنه أهل نزوى وخصوصا اهل العقر ، إذ هم فى ذلك العهد حجة أهل نزوى ، وخالغوه لأنهم يقدحون فى إمامته بسبب الافتراق الذى أشرنا اليه ، فلم تزل الحرب قائمة بينه وإياهم ، حتى أمر بقطع نخيلهم وكسر أنهارهم ، ودمر كل ما قدر عليه من أملاكهم ، وقامت معرة الجبش تعيث فى الأرض ، وذلك هو شأن الجيوش فى كل أمة غالبا إلا ما ثاء الله ٠ وكان أهل العقر ينتقدون أعمال هذا الإمام قبل الحرب ، ولعلما هى التى أهاجته على حربهم ، وحملته على خضد شوكتهم ، فكانت الحرب أضر على القوم مما كانوا ينتقدون ، ولكن أمر اش عز وجل سابق فى أزله ، وهناك حوار ونقاش فى إمامة المذكور بين من يرى صحة إمامته ، وبين من يعاكس الوضع ، وهذا كله من مكائد الشيطان بين أهل الإيمان فى بلد واحد ، وعلى مذهب واحد ، والأمر لله من قبل ومن بعد ٠ وقد تركا ما قيل فى مدح هذا الإمام والثناء عليه ، إذ حفظ ذلك كله أثر المسلمين ، وكان محمد بن غسان المذكور انتصر على أهل نزوى ، ولم اجد تحقيقا لوقت بيعته بالذات أو وقت وفاته ، وهل قتل أم مات حتف أنفه ، ولكنه على الإجمال هو من أئمة القرن السادس ٠ — ٨٤ - الملكمحمد الك من المفهوم من استقراء التاريخ أن محمد بن مالك ، قام على ملك عمان بعد محمد بن أبى غسان ، وتولى ملك عمان ، ومن المحتمل أن هذا المك كان من الأزد إلا أنه لا يعرف من أى بطون الأزد لعدم التواريخ التى يمكن الاعتماد عليها ، إلا أن الأحوال ظاهرة على أفه أزدى ، لأن أعوانه غابا من الأزد ، وكان ملكا عادلا حسن الأخلاق ، عاقلا ذا أناة وتؤدة وعقل واعى وبصيرة تتصل بالأعلاق النائية ، وتمتد الى إلأعماق البعيدة، وكان الملك المذكور قائما بواجبات الشريعة ولا يلزم فى الإمامة نفس العقد ، اذا قام لأمي بحقوق إشه وأجرى الشرع فى مجاريه ، وحمل الناس على الأمر بالمعروف والنمى عن المنكر ، وأذى ما لزم من حق الشه عز وجل ، وحمى البلاد وحفظ بيضة المسلمين ، ولم يتعد حقوق المسلمين ، ولا ترك أوامر الدين ، فان المطلوب من الإمام هو هذا لا غير ٠ وهذا عمر بن الخطاب رضى الله عنه لم يعقد عليه الإمامة ولا قام بالبيعة له أحدا أبدا ، إنما عهد اليه بالخلافة أبو بكر رضى الشم عنه ، ورضى به المسلمون خليفة ، ومحمد بن مالك لما قام بالعدل ، كان من الواجب تأبيده فان المعتمد على الأعمال لا على الألقاب، فان لقب الإمام أو الخليفة أو السلطان ونحو ذلك لا معول عليه فى جانب الحق ، إنما المعول على الأعمال الصالحة ، ولكن اذا أراد اشه امراً أنفذه وإن رغم أنف الدهر ، وحب الذات والاستبداد هما اللذان يوقعان الفرقة والثتات ، ويفرقان الجماعات ، وإلا فكيف يرفض رجل قام بحقا ، ودعا الى حق ، ليس هذا من الدين فى شىء ، وهل الإمام إلا ملك و إلا سلطان ، وهل السلطان إلا إمام من حيث المعنى ٠ - ٨٥ — وعلى أثر قيام هذا الملك واستيلائه على الملك قام المنافسون له فبايعوا موسى بن أبى المعالمى بن نجاد بن موسى ، ولم يعرف نسبه من أى القبائل إلا أن الأشبه أنه حفيد القاضى نجاد بن موسى الذى كان قاضيا للإمام محمد بن أبى غان،وهانحن نفرد له بابا خاصا للكلام لى أحوال إمامته ٠ -٨٦- إمامة موسى بن أبى المعالى بن نجاد بن موسى بويع بالإمامة سنة ٥٤٩ وهذا الوقت اشترك فيهثلاثةأئمةمع اللك محمد بن مالك ، وكل ذلك لاختلاف الأمور وتسلط الأهواء ، وحب الرئاسة لا غير ٠ . ولن تقوم قناة قوم والحال هكذا، ولكن كل الأمور بيد اله عز وجل يصرفما كيف يشاء ، وإلا فما الداعى الى هذه الأحوال التىتقع بين أهل مذهب واحد فى قطر واحد ، وما الداعى الى الافتراق فتصير الأمة الى فرق شتى وفى هذه الأثناء افترقوا الى رستاقية ونزوانية، فكثرت الأئمة وضعنت الأمة ، وحل الخذلان والشتات فى إخوان مجتمعين والله المسمتعان ٠ — ٨٧ - الصراع بين الملك محمد بن مالك والإمام موسى بن أبى المعالى لما تولى الملك الملكمحمد بن مالك، قام أكثرية أهل عمان ضدة، فبايعوا موسى بن أبى المعالى ، ولما علم الملك بالواقع أهمه جدا وأقلقه : وكانت الأكثرية معهم والسواد الأعظم عليه ٠ ويقول الإمام رحمه الله : خرج طيه أهل عمان وكان يومئذ إماممم موسى بن أبى المعالى بن موسى بن نجاد « فى عسكر لا يحصى ولا يعد » ، قال : وخرج الملك فى جملة اليحمد ، إلا أن الأقل منهم أى أن غالب اليحمد هم الذبن كانوا أنصار الملك محمد بنمالك، وكان الملك كما يظهر من حاله عادلا قائما بواجبات الملك، مراعيا لأحوال الأمة بالعدل، مصلحا للأحوال التى يستدعيها الوقت الذىهم فيه، وكلنت له نصائح الى هؤلاء القائمين عليهخوفا من شق العيا، وابتعادا من إثارة الغرقة بينهم ٠ ولكنلم يكن ذلك مجديا، بل أصر أنهار الإمام على للقيام عليه، أو يتخلى عن الملك ، ولم يرض هو أيضا أن يتخلى عما تولى ، وبذلك افشقت العصا بينمم، فظل هو يجمع الجموع،وهمكذلك لكن كان السواد الأعظم مع الإمام، وأهاج الشيطان الفتنة، واحتج الملك على القائمين عليه، بحجج لم يقبلو ها ولم يسلموا لها، و كأنمم لم يلتفتوا الى أقواله ٠ وذكر فى كتابه الأخير لهم تحقيق الصدد الذى هم فيه غائبا عليهم بقوله :إنى قد كتبت قبل كتايى هذا كتابا أطلب فيه إيضاح الحق، وإظهار برهان الصدق ، ولم يرجعوا الى جوابا يقطع ولا أتوا بايضاح ينفع » الى آخر ما جاء فى كتابه من العتاب ، وما ورد فيه من الخطاب ، وقد اعتذر إليهم بأعذار غير خارجة عن الحق ، ولم يذكروا جوابا لما ٨٨ ولا اعتذارا فى قيامهم ،ولا عدوا عليه ما يوجب القيام عليه ، ولعطه كونه تولى الأمر على غير صحة من رضى المسلمين به ٠ والظاهر هو هذا ، وكان كتاب الملك عبارة عن تاريخ حافل بالنقاش مشحون بالاحتجاج ، مملوء بالأدلة من القرآن ومن السنة ، أورده الإمام كله للاعتبار ء باعتبار من النصائح والاستعطافات ، وجميل المخالقة والتنصل ، و لكن لابد من أمر أراده الله ، يقول فى آخر كتابه ، وكأنى أقرع حجرا أصم أو أكلم أخرس أو أصم ، فانا لشه وإنا إليه راجعون ، ومنه : وإن طعن على طاعن فيما أنا فيه ، فأنا مقر بالتقصير ، ومعترف بالخطأ ، ودائن لله تعالى بالواجبات ، والتخلص من التبعات ، ولن وجدت قوما لش كنت منهم ولهم ، وله أمر هو بالغه ، وحكم هو نافذ ه الخ ٠ إنهذا الرجل هو الإمام الصحيح الإمامة ، الرجيح فى الاستقامة ، الذى تجب مناصرته لا الخروج عليه ، ولا يصح قتال رجل لا تعد عطيه جريمة فى شى، ما ولم تقم عليه حجة شرعية مع إذعانه بالواجبات ، وامتثاله للطاعات ، وانقياده للحق ، وقد دل كتابه هذا على استقامته ٠ وبرهن به عن الحال التى يرونها ، وقام له بواجب يرى أن اش ألزمه اياه(١) ولم يجد من القوم إلا الإصرار على قتاله ، وكان قد وقع بينه وإياهم أمر كبير فى ناحية كدم ، وأس منهم جملة ولم يعاقبهم ، بل أطلق سراحمم ولم يثنهم ذلك عن قتاله ، وهنا تتم الملحمة التى ينتهى بها الأمر بينمم ، فكان اللقاء بينهم فى حوزة الطو ، واستمر الجيش من عقبة بوه الى الطو ، وكانت الدائرة على القائمين عليه وقتل منهم الكثير ٠ (١) الا انه تولى الامر على غير اجتماع عليه من المسلمين وعلى غع بيعة منهم له و بهذا احتجوا عليه . ٨٩-- أعيان المقتولين فى هذه الوقعة قتل فىهذه الوقعة رئيس الجيش وأخوه أبو المعالمى بنعبد اش، وعبد الله بن خنبش بن أزهر ، وأحمد بن محمد المعروف بالصيلحى ، وجماعة من أهل سمد ، ومن سائر القوم عدد لا يحصى ٠ قال الإمام رحمه الله فى تحفة الأعيان : فانهزمت أهل عمان ولم يعقب أحد ، فقتل الرئيس وأخوه وقتل من الناس خلق كثير ما لا يحصى ، وكذلك الموت بالعطش،أىعلك كثير بالمعطش، ولعل القضية كانت فى وقت الحر ٠ قال الإمام :ولمينج إلا ذو عمرطويل، قال : وأتت اليحمد والبدو على جميع التجافيف والدرول والسلاح، قال : وكانت القضية بالطو ، وليست هى بالطو ، بل فى طريق الطو ، فى عقبة بوه وهناك أحاطت اليحمد وأنصارها بجيش ابن أبى المعالى ، وذلك المكان مضيق جبال ٠ والقوم أكثرهم غرب لا يعرفون المسالك،وقيل : إن ارئبى أبا المعالى ومن ذكر معه هؤلاء كلهم أسرهم جبش الملك ، وأخذوا منهم السلاح، وباء أهل عمان بهزيمة منكرة، أكثر المؤرخون ذكر هذه الوقعة فهى أشبه بوقعة تنوف ، ووقعة القاع من ظهر عوتب وكأن الملك انتصر على الإمامة وأركانها إلا أنه لميعد لهخبر بعدهذا، وهذا من إهمال التاريخ أوذكر٥ولكن لم نطلع عليه ٠ وإنما جاء بعد هذا ذكر إمامة خنبث بن هشام ، وقرائن الأحوال تدل أن هذا الوقت وقت ضيق بين أهل عمان أنفسمم ، فان الرستاقية تحاول الاستيلاء طى الأمور ، وتروم السيطرة لى عمان والنزوانية ضدها، والصراع لا يزال فى هذه الآونة، فانهم ذكروا إمامة خنبش، وإمامة ولده بعده، وإمامة أبى المعالى فى وقت واحد، اللمم إلا اذا كان ٩ العهد غيرطويل للامامة الأولى، فيقوم الإمام الثانى أثر السابق ، ويسرع الموت عليهم بالقنل ، فان هذا الوقت اختلط تاريخه بهؤلاء الرجال ، الذين لعبوا فيع حورا هاما ، وفعلوا فيه ما فعلوا فان إمامة ابن أبى المعالى فى تاريخ سنة ٥٤٩ وانهم قالوا : إن خنبش بن محمد بن هشام المذكور ، مات فى جمادى الأولى سنة ٥١٠ ،هوبعد ابن أبى المعالى، وهذا لا يصح إلا أن يكون غلطا كما قلنا أو سهوا من الكتاب ، وإن ولده محمد بن خنبش بويع فى تلك السنة ، فان صح ذلك غيلزم أن يكون ابن أبى المعالى بعدهما فى التاريخ ، وإن وضعه قبلهما خطأ من المؤلفين ، وقد قالوا : إن محمد بن خنبش مات سنة ٧٥٥ سبع وخمسين وخمسمائة ٠ وجعل بعضهم أن محمد بن خنبش هو محمد بن أبى غسان مما يدل على اضطراب التاريخ ، مع أنهم قالوا أيضا إن هذا الوقت وقت إقامة راشد ، فاضطرب التاريخ اضطرابا كثيرا ٠ واختلط حابله بنابله ، سر توضيحه غاية العسر ، وكذلك لم يبينوا خنبش وولده ممن من القبائل ، وعلى إلأقل من أى البلاد ، وكذلك راشد بن على ، وقد عرفت أيضا مثل هذا فى شان الملك محمد بن مالك ، وليتهم بينوا وليتهم وضحوا توضيحا يحسن المسكوت عليه ٠ ومن يعتبر فى كتاب الملك يجده عظيما يحتوى على قواعد هامة ، ومعارف عامة ، وقد أورده الإمام فى التحفة ، وإنه ليعبر عن عقل صحيح ورأى رجيح ، ولم نورده لأنه يطول به علينا المقام ، ونكتفى بالإشارة اليه ، لأنه ميسور التناول ، وإنه ليفيض ببيان صحيح ، ولسان المرء دليل عقله ، والله يؤتى ملكه من يثاء ، والحمد للم ، وكان يسمى ذلك الكتاب فى الأثر العمانى كتاب الملحمة أى المقتلة ٠ ٩١- إمامة خنبش بن محمد بن هشام لم أدرك نسب هذا الإمام كما أشرت إليه آنفا ٠ قال الإمام رحمه الشم : وأظنه من أئمة الطائغة الرستاقية ، وهو ظن لا يحقق ، غير أن العاقد لمحمد بن خنبش أى ولده ، فإنه بويع بعده كما سوف تراه ٠ وكون العاقد له صاحب المصنف وهو من الطائفة الرستاقية، قال : وكأن إمامتهما أى إمامة محمد بن خنبش ، وإمامة أبيه خنبش بن محمد بن هشام ، كانت فى وقت واحد ، وهو وقت من ذكرنا إمامتهم ٠ قال الإمام : وهو المقدم فى نقلنا عنه خصوصا فى المختلف أيا كان لتحريه الحق، واعتماده على الصدق بحسب الإمكان،قال : فأما خنبش ابن محمد فلم أجد لسيرته ذكرا فىشىء من الككب إلا ما قالوه فى تاريخ موته ، إنه توف يوم السبت من جمادى الأولى سنة ٥١٠ ٠ قالوا جرى على الناس بموته مصيبة عظيمة ، فكأنه كان محبوبا ، ويفهم من ذلك صلاحه غيهم واستقامته فى الدين ٠ولاشكأن الصالح مفقود ، وأن المحق مأسوف عليه ، وأن الدين والإيمان هما عروة وثيقة لها مقامها عند الشه ، ولما تأثيرها فى النفوس ٠ والشه يؤتى فضله من يشاء ٠ -٩٢-- إمامة محمد بن خنبش بن محمد بن هشام عقد على محمد بن خنبش فى اليوم الذى مات فيه أبوه ، وإن متولى العقد عليه العلامة نجاد بن موسى ، وكان المذكور قاضيه ووزيره ، وسيف دولته، وكذلك الشيخ أبو بكر أحمد بن محمد، وهذا الوقت كما قلنا آنغا إنه آخر إمامة راشد بن على ، وعاش هذا الاملم فى إمامته الى سنة ٥٥٧ سبع وخمسين وخمسمائة ٠ وكان العقد على هذا الإمام « بسونى» التى هى العوابى الآن، فى علاية الرستاق، وهذا الإمام من حملة الأئمة الذين ذكرنا انبمام تواريخ إمامتهم ، فإن هذه الآونة هى وقت إمامة محمد بن أبى غسان ، وإمامة موسى بن أبى المعالمى، وإمامة راشد بن على ٠ وإمامة خنبش ابن محمد، وإمامة ولده محمد المذكور، والاحتمال يوجب كون المذكورين فى نفس تواريخهم ، لأن عمان فى هذا الأوان قسمان ، وبها إمامتان ، فمما دولتان والله المتعان* ومات الإمام خنبثى وولده المذكورين بنزوى ، وكان محمد بن خنبش إماما عادلا ، وأميرا فاضلا ، بكت عمان عليه من صميم قلبها ، لعدله وحسن سيرته مع طول مدته ، وعلى كل إن للعدل ثمنا غاليا وقدرا عاليا،وشرفا ساميا والحمدش٠ انسحب ذلك القرن فسحب بقية العلماء الذين زاولوا الإمامة فى تلك الأيام ، وأقاموا دعائم الحق ، وإن كانوا اختلغوا فيما بينهم ، فإنما هو خلاف فى أمر القيام بالعدل بين المسلمين، ولكل واحد اجتهاده، فإنا لا نقدر أن نلوم أحدا منهم ، وإن تأسفنا على الواقع فالأمور الاجتمادية كل يرى أنه المصيب فيما أتى ، والمحق فيما فعل ، ورحمة اشه واسعة، وليس لعلمائنا أهواء تخالف الشرع حاشاهم، وإنما جل اجتمادهم بل كل أعمالهم هى فصالح الأمة، وبصالح الدين والوطن، والله ولى كل ثىء وإليه المرجع وعليه الاتكال ولا حول ولا قوة إلا بالله ٠ ٩٣-- المئوك النباهة ودورهم لقد لعب بنو نبهان بعمان دورا كبيرا ، وابتنوا لهم قواعد ، رغعوا لهم معالم ، وركبوا فى أيامهم كل صعب وذلول ، ولا شك أن الملوك لهم مذاهب معروفة ، ومعالم موصوفة ، ومقامات لها شأنها ، ( إن الملوك اذا دلخوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون ) ، أى ذلك شأنها إلا ما شاء اشم ، ممن وفقه اشم لسلوك سبيل الحق ، والعمل بواجبات الشرع ، وسنة الله فى عباده ألا تبقى الدنيا علىحال (وتلك الأيام نداولها بين الناس )وتلكهى سنة اشه فى عباده ولن تجد لسنة الله تبديلا ، وهو الحكم فىكل ما يأتى وما يذر ، وإنما العبادآلات تحركها اليد الإلهية التى لها الحلول والطول فى الكائنات ٠ والنباهنة قوم من العتيك معروفو النسب ، صار الملك إليهم بعد الأئمة السابقين ، وذلك لأمر أراده الله تعالى فى عباده ، فإنهم لما افترقوا فرقتين ، وصاروا طائفتين متعاديتين ، نزع اشه دولتهم من أيديهم ، وسلط عليهم العقوبة من أبناء جلدتهم ، وأهل ملتهم ، وجعلهم رعايا بعد ما كانوا رعاة ، وضحايا بعد ما كانوا هداة ، وأسارى فى أياد لا تعرف لهم حقا ٠ ولا ثكأن لله يظهر العدل فى الكونعلى يد من ارتضاه من عباده ، لتقوم حجته عز وجل على الناس ، وينفذ سلطانه فيهم بما اكتسبوا، فإن الافتراق شئوم، وإن الاتفاق قوة، وإن الاختلاف داء ٠ (ولا تغازعوا فتغثلوا وتذهب ريحكم ) واش ولى التوفيق ٠ كان بنو نبهان أسرة بارزة فى محيطها لها قدرها وشأنها الأزدى ، فإن عمان من أول أمرها أزدية باتفاق ٠ — ٩٤ - تسلط النباهنة كان العلماء يعالجون إقامة الإمامة فى آنها، ويصارعون الباطل بالحق ويداغعون الجور والظلم بالعدل والإنصاف ، ولم تزل فى عمان تلك الأيام ، والأيدى تحمل أعلام السلطنة وبنود الإمامة ، ولم تزل المصاولات فى حل وقرحال ، ولكل عمله ، فالملوك فى بلدان والإمامة فى أوطان ، والسلطان فى مكان والإمام فى آخر ، وربما غلبت الإمامة فى بعض الأحيان ، ويرجع الأمر بعد ذلك الى السلطان ٠ وهكذا استمر الحال عهدا ، وقد أشرنا الى وميض من الحركة النبهانية وهنا علا لهبها وعظم حطبها وكثر موقدوها ، ملك بنو فبهان عمان مرتين ، كان بينمما فاصل غير قوى ، إلا أن الشه الحكيم فى صنعه ، المعليم بخلقه ، يرى عباده مطالع قدرته ، ما يستدل به العاقل على الأحوال التى تنبغى ، وقد ضاع تاريخهم التفصيلى ، وكان ينبغى حفظه ليكون لسانا معبرا عن الأحوال التى أحاطت الأمر إليهم ، ثم أحالته الى غيرهم ، والظاهر أن أولمم الذى ترشد إليه المعارف الأدبية بالاشتراك ٠ ٩٥- أول ملوك بنى نبهان أبو عبد اشه محمد بنعمر بن نبهان، وأخوه أبو الحسين أحمد بن عمر بن نبهان ، وأخوه الثالث أبو محمد تبهان بن عمر بن نبهان ، هؤلاء الثلاثه لا يرف هل هم تتابعوا على الملك، أم كانوا اقتسموه فى آن واحد ؟ ومشوا فيه مشية ازدهاء ، ولا يعرف تسلطهم على الأمة بأى طريق كان ، ثم بعدهم أبو القاسم على بن عمر بن محمد بن عمر بن نبهان ، وأبوالحسن ذط بن عمر ،ثم أبو العرب يعرب بن عمر ، وهو الذى تفرع عنه اليعاربة الميامين ٠ وأبو اسط ق ابراهيم بن أبى المعمر عمر بن محمد بن عمر بن نبهان، ثم توالت الأيام بأبنائمم وذراريهم ، ومنهم أبو عبد اله محمد بن عمر وأبو المعالى كهلان بن محمد ، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن عمر ، وأبو محمد نبهان بن ذهل ٠ توالى هؤلاء على الملك، وسيطروا على الأمة قمرا، وفعلواشنائع تشمئز منها النفوس ، وذهب تاريخهم ضياعا ، حيث إن العلماء كانوا يبغضونهم ولا يعتنون بأخبارهم ، وهؤلاء العشرة تتابعوا أول بنى نبهان، غهؤلاء المذكورون لم يعرف تاريخهم، وكان فى الصبا وصل الى جدول جامع لهم فيه تواريخ مواليدهم ، ووفياتهم وأسمائهم ، وعاصمة كل واحد منهم، وإذ ذاك أنا فىسنالصبالم أدر أين ضاع ذلك الجدول منى، مع أنى فى ذلك العهد لم تكن لى أهمية ناشطة لهذا الصدد ، بل كنت أقرأ أو أسمع كلمات لبنى نبهان ، تدل على التأنيب لهم ، وأنهم جبابرة ظلمة م ولما حاج الحال المى العلم عنهم ، والتعرف على أحوالهم تاريخيا ، ضاع ذلك المذكور،كماضاع منى تاريخ الإمام سلطان بن سيف — ٩٦ - ماحب الحزم ، وهو القصيدة الميمية التى ذكرها الإمام وشرحها ، وكنت استطعت أن أنسخ نظمها ، ثم ضاعت منى أيضا وكذلك أيضا ضاع منى « سراج المسترشد فى تاريخ الإمام ناصر بن مرشد » رحمه اش ٠ ومن كلماته فيهم يقول : إن بفى نبهان كانوا ملوكا عظماء بعمان ، ولهم فيها من الملاحم والمكارم شأن أى شأن ، فمن أين يكون بعمان ملوك عظماء بالأخص اذا لم يكن بيدهم إلا عمان ؟ نعم اذا كان يعنى ملوكا عظاما فى ظلم الناس ، فنعم لقد ظلموا العباد ، وجاروا فى البلاد ، فأخذوا أموال الناس ، وجعلوها أموالهم ، وشردوا العباد عنها مستأثرين بها دونهم ، فملوك عمان بهذه المثابة لا ينبغى أن يطلق عليهم إلا أمراء فقط ، وكل ملوك عمان الماضين ، اللهم إلا ما كان فى عصرنا الحالى ، حيث أصبح سلطان الان ويده مملوءة بالمال ، بسبب ما أخرج اله لعمان من البترول ٠ غإن الملك يعتبر فيه الغنى ، ألا تسمعون ما يقول اللم فى كتابه حكاية عن طالوت يقول اله فيه على لسان القوم : ( إن اش بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال ) الآية ٠ فإن الشرط فى الملك الغنى والأمة والبلاد ، وبقدر ذلك يكون الملك ٠ وأثمهر ملوك بنى فبهان فلاح بن محسن ٠ قال الإمام رحمه اشه : فاذا استقربت للتواريخ ، أخبرك الحال أن بنى نبهان ملكوا مرتين ، فملوكهم الأوائل هم المذين كان يمدحهم أبو بكر أحمد بن سعيد الستالى ، وهو شاعر مشهور خروصى المحتد ، وله فيمم قصائد غراء ، ذكر الإمام منها طرفا ، قال : وحيث كانت دولة هؤلاء مبنية على الاستبداد بلأمر ، وقمر الناس بالجبرية لم نجد لدولتهم تاريخا، ولا لملوكهم ذكرا إلا من ذكر الستالى فى ديوانه، ولشاعر الشباب ٩٧- السيد هلال بن بدر بن سيف بن سليمان البوسعيدى يقول فى همزيتم التاريخية : وملوك من آل نبمان صالوا وبنوا ملكمم على الكبرياء ومضوا لا الزمان عنهم براض المى آخر ما قال ٠ والذى يدل عليه الحال أن بنى نبهان قاموا فى القرن السادس الهجرى ، أى بدأ نشاة دولتمم حين كانت الإمامة المستضعفة ، فعضوا على الملك بالنواجذ ، حتى رسخ فيهم عمدا وأصبح من مألوف الناس ، فطالت أعناقهم وكبرت نفوسهم ، ولم يروا من يقوم لردهم عما هم فيه ٠ وعلى هذا كانت قشأة امقوم حتى اجتاحوا ملك عمان، وتسلطوا على أهطها بالظلم والعدوان، فحاول أهل العلم إزالة ظلممم، ولم ينجحوا كما ينبغى ، فإنهم بايعوا بالإمامة لأناس كما سوف تقف عطيه أيما المقارىء ٠ فكان الصراع بين الإمامة والملكية مستمرا، وما برح الخلاف والشقاق يتوالى بينمم، والملك لله وحده كلما رأى العلماء فرصة للقيام بالعدل والعمل بكتاب اش، بايعوا إماما فيظل الصراع مستمرا، وف الغالب أن الناس أعنى أكثرهم لا يحبون الإمامة ، لأفها تأخذ على أيديهم ، وتعترض طى أهويتهم ، لأن أهل للجط هم السواد الأعظم ، وأهل الحق هم الأقلون حتى عهد النبوات، ولذلك أدلة من الكتاب وللسنة، وبنو نبمان شمروا بالفساد فى البلاد ، وبظلم العباد والاستيداد ٠ (م٧ -عمانعبر التلريخ ج ٣ ) - ٩٨ - قال شكيب أرسلان فى التطيق طى حاضر للعالم الإسلامى: استولى على املك بنو نبهان ، وتلقبوا بالملوك ، واستمر ملكمم مائتين وستين سنة ، واستمر فى ذكرهم الى أن قال : ثم أخذ بنو نبهان يظلمون ويعسفون ، فلم يطق الأهالى حكمهم ، وانتخبوا إماما من قبيلة الأزد ، ويشير بذلك الى الإمام عمر بن الخطاب الخروصى، إذ هو الذى خضد شوكة الغباهنة، وكسر أجنحتهم، فكانت له بذلك شهرة فى عالم التاريخ، وإلا فقد بايع العمانيون عهد بنى نبهان أئمة عديدين ٠ قال شكيب : وانتهى ملك بنى نبهان فى نحو سنة ٠٨٣٩ قلت : أما تحديد مدة ملكهم فأهل عمان أعرف لأنها على كواهلمم ، أما شكيب وأمثاله تأتيهم الأخبار من بعيد لا تحقيق فيها ، وإنما يأخذون ما يسمعون ٠ قال : وكان بنو نبهان قد ضبطوا أملاكا كثيرة ، فاستردها عمر بن الخطاب من سلالة شاذان بن الصلت ، وما لم يوجد له أصحاب كأن يكون هؤلاء انقرضوا أو غابوا غيبة منقطعة ، رده الى بيت المال ٠ قلت : هذا من جملة ما لم يعرف شكيب مصدره ، وسوف تقف إن شاء الله على تحقيق هذه الأملاك التى يذكرها شكيب، وف معالم المجزيرة العربية،عينما قاله شكيب، وأما دليل الخليج،فلم يكن لديه معلومات عن تاريخ النباهنة، لأنه كان حديث عهد بالخليج، فكتب أكثرماكتبه ف عهد وجود بريطانيا ، وإنما أشار الى النباهنة إشارة خاطفة ، وذكر عهد اليعلربة ، وكقب عنمم بعض الأحوال ٠ والواضح أن غموض تاريخهم بسبب جورهم وظلمهم فكرهتهم الأمة والظلم لا تبنى طيه دلر ، ولا يقوم له منار ، وإنما هو البوار ، فلا يعتر به إلا جاهل ظيع٠ — ٩٩ - كهلان بن نبهان واخوه عمر بن نبهان لقد استمر النبهانيون طيلة القرن السابع المجرى ، وف سنة ٦٦٠ ستمائه وستين ، كان السلطان منهم أبو المعالى كهلان بن نبهان ، خرج عليه أمير من هرموز يسمى محمود بن أحمد الكرستى ، والمصادر عنه فى حديثها متحدة ، ففى.كشف الغمة لسعيد بن سرحان الأزكوى ، وابن رزيق وأخذه عنمما الإمام السالمى فى تحفة الأعيان ، أن محمود المشار اليه وصل الى قلهات، وذلك لأنها إذ ذاك إحدى عواصم عمان، وهى على ساحل البحر فىجبال منيعة، إلا أن الظلم يكسر تلك المنعة ، ويمهد الطريق للغازى كما هو المعروف فى الطباع البشرية ، خإن المظلوم لا يزال يطلب الغوائل للظالم لينتقم منه ولو بعدوه ٠ ولما وصل محمود قلهات، كان أبو المعالى فى داخل عمان فدعاه فلبى دعوة محمود خوفا ، ولم يكن لديه ما يدفعه به من قوة ، فلما حضره طلب منه المنافع ، وبعبارة أوضح ، طلب إتاوة من عمان ، وخراج أهلها، فاعتذر أبو المعالى اليه وقال :إنى لا أملك من عمان إلا بلدة واحدة ٠ فقال له محمود : خذ من عسكرى ما سئت واقصد به من خالغك من أهل عمان، وانظركم كان عسكر محمود، اذ بلغوا مبلغا كبيرا خمسة آلاف رجل، وعمان تحتوى على مئات الآلاف من المرجال، غينزل عليها محمود ويهدد ملكها فى عاصمته، إلا أن الجند الغالب هنا هى الجور والظلم ٠ قال أبو المعالى. إن أهل عمان ضعفاء ، لا يقدرون على تسليم الخراج ، فحقد طيه محمود وأضمر له المكيدة ، واستدعى محمود أمراء البدو من عمان ، فكساهم وأعطاهم ، فوعدوه بالنصر على أهل عمان والخروج معه ، وانظر أيضا هنا طلب محمود لبدو عمان ، وإجابتهم له على ما طلب ، لولا ظلم الحاكم لما لبوه ، وانظر اليه هو لم يقدر على ١٠ - منعمم من إجابة عدوه ، ومن قبولهم عداياه وهو يرى ويسمع ، ولكن الله عز وجل زحزحه عن أن تتم البلية طى أهل عمان ، فلو دخل عمان لاستباحها ، وحمل نساءها وذراريها ، واستعبد أهلما ٠ ولكنه واعد البدر على العودة ، وتوجه الى ظفار على أن تكون عودته إليهم من جهتهم ، فيدخل عمان من ناحيتهم ، ولو تم له ذلك لكانت بلية على أهل عمان ، من أعظم بلايا بنى نبهان ، ألا ترى بإنه لما وصل ظفار ، قتل أكثر أهلها ونهب أموالهم ، ورجع قاصدا عمان لتنفيذ مخططه ٠ قال الإمام : وأخذ طريق البر أى ليمر طى بدو عمان من عفار وحسريت ووهيية وجنبة ونحوهم ، وكان قد حمل أثقال على سغنه ، ولما تمكن فى الصحارى الظفارية العمانية ، نقص عليهم الزاد لأنهم لا يعرفون قدر المسافة ، فيأخذون لها ما يلزم ، فأصابهم جوع وعطش شديد لقلة الماء فى الطريق ، فمات من عسكره قدر خمسة آلاف رجل ، وقتل أكثرهم ٠ والمفهوم أن الأكثر ماتوا جوعا وعطشا لا سيما أن الموارد فى الطريق قليلة ، ولا يهتدون لها ، ومن هناك لم يحدث التاريخ عنه هل هلك أم لا ، إلا أن أخباره اختفت ، ولطه قنع من الغنيمة بالإياب ، وأراح اش منه البلاد والعباد ، وانتقم الله منه ( والثه عزير ذو انتقام ) ٠ وكذلك أيضا اختفت أخبار أبى المعالى ولعله مات وتولى بعده أخوه عمر بن نبهان ٠ - ١٠١ - عمر بن نبهان واهل شيراز فى عمان لما تولى عمر بن نبهان سلطنة عمان بعد أخيه ، خرج عليه أيضا أهل شيراز بقيادة فخر الدين أحمد بن الداية (١) ، وخيه شماب الدين وهم أربعة آلاف وخمسمائة فارس تبعا لخروج محمود الكوستى ، والنصير لهؤلاء فى خروجهم ظلم ولى الأمر فى عمان ، و إلا كيف يتسنى لمثل هؤلاء دخول عمان ، وهم أربعة آلاف وخمسمائة رجل ، وعسكر فى عمان فى أيام الإمام الممنا أربعون ألمفا، وفى بلاد عمان آلاف الرجال ٠ ولا شك أن ألف رجل فى بلد مواطنين فيما أقوى من عثشرة آلاف رجل غزاة، إلا أن الباطل ظمير لهم ، وانظر أفعالهم التى فعلوها فى عمان ٠ قال الإمام السالمى نقلا عن التاريخ العمانى،قال :حل على عمان منمم « أذى كثيرلاغايةله»قال: وأخرجوا أهل العقر من نزوى من بيوتهم ، وأقاموا على ذلك أربعة أشمر فى عمان ، قال : وحاصروا بملى ٠ فانظر الى خمسة آلاف رجل يتغلغلون الى داخلية عمان، ويقتلون وينهبون ويخرجون الغاس من بيوتهم ، ويحتلونها ويقيمون فيها أربعة أئهر بين ظمرانى أهلها ، إنها لمن الدواهى التى لا يرضاها حر ، ولا يقف معها من فى وجهه حياء ٠ وهكذا ثأن الغازى اذا تسلط فى أمة، وا شك أن الأنصار لهذا الغازى هم أهل عمان الذين أوغلوا فى عتوهم وجورهم ، يرسل طيهم من يريهم الذل والموان ، واذا جاءت الغقنة عمت - والعياذ باش -لا تصيبن الذين ظلموا مفكم خاصة ٠ - ١٠٢ - كهلان بنعمر وآل الريس فى عهان وبعد حصار ابن الداية لبهلى ليحتلما فحماها الله منه لأنه لم يقدر عليها حيث اجتمع أهلها وتعاقدوا باخلاص وف أثناء ذلك مات ابن الداية وكسر الله شوكة قومه ، وانحل أمرهم وذهب عمر بن نبهان ، وتولى الأمر كملان ابن عمر بن نبهان ، ورأى أهل شيراز أن الطريق معبد للخروج الى عمان لاعلالها ٠ ففى ثوال من سنة ٦٧٥ خمس وسبعين وستمائة خرج أولاد الريس على كهلان ليلعبوا دورهم بعمان ، فخرج لهم كهلان المذكور بمن معه من جنوده وعساكره ليلقاهم بالصحراء ، وخرج معه أهل العقر من نزوى ، فتخالفوا فى الطريق فدخل آل الريس العقر ، وأحرقوا سوقها وأخذوا جميع ما فيها من أموال ، وسبوا النساء ، وهم كما علمت ثنسرذمة قليلة بالنسبة الى نزوى فضلا عن بقية أهل عمان ، وأحرقوا الكتب التى فى مخازن الجامع وفعلوا تلك الأفعال فى نصف يوم واحد ٠ ثم التقى بهم كهلان بالسراة فى أول يوم من ذى القعدة من السنة المذكورة ، وكان مع آل الريس آل الحدان بن شمس ، ولعل هناك ضغائن للقوم وألفت بينهم فزحف آل الريس ، ومعهم من آل المحدان ، وكانوا قدر سبعة آلاف رجل ٠ ودارت رحى الحرب بينهم فقتل من الغريقين خلق كثير ، ويقال إن جملة قتلى آل الريس والحدان ثلاثمائة قتيل ٠ ودارت الدائرة عليهم غولوا منمزمين ،ثم لم يعد لمم ذكر فى التاريخ ، فلعلهم كفتهم الوقعة ، والحرب نار تلتهم كل ما تصل اليه ولا خبر فيها ٠ — ١٠٣ خردلة بن سهاعة بن محسن فى سمائل كان خردلة بن سماعة بن محسن بن سليمان بن نبهان على سمائل وتوابعها ، جبارا فى منتهى حدود الجبووت ، وكان اشم عز وجل ابتلى به أهل ذلك المطرف ، غأذلهم واستعبدهم الى حد بعيد ، بحيث أصبح لا يقدر أحد أن يزوج ويته!لا بإذنه ، وشرط على الولى أن يكون له نصف الصداق العاجل، واذا طلقت أو مات زوجها كلن الآجل كله لهوكان يكلف الناس من الأعمال مالا يطيقون ولا يبالى، كان يأخذ من النخل باسم الزكاة السبع أى من السبع النخلات نخلة ، ويسقى أمواله بماه الناس ، ويتولى أموال المساجد والمدارس ونحوها ، ويكلف الناس حمل الخراج الذى يفرضه عليهم المى الحصن بعنف ، ويكلغ أهل قيقا وبدبد وما اليهما يحملون متاعهم من تمر وثمر ونحوه على ظهورهم وظهور دوابمم ، ويأخذ نصف حق المدعى ولا يحلف المنكر ، بل يريه من العذاب ما يحمله على الإقرار ، حتى يحصل المطلوب ، وعليه ما طى الانسان إلا أن يدعى وهو المنفذ للمدعى، وإن رغم أنف المدعى عليه ٠ فابتلى به العباد، وساءت به حاله البلاد، وتكدر الصفو وظل الناس يرتحلون من تلك النواحى، من سوء تلك الأفعال، وأتم القضية بقتل الشيخ أحمد بن النضر ع1ىضثى، ويقال إنه أرسل المى جماعته وأقاربه فقتلوا فى بيوتهم ، وأحرق كتب الشيخ ، ونهب كلما فى بيته، فكانت الضجة الى الملكوت الأعلى ٠ وبالجملة أفعال تشمئز منه المنفوس، وتنفطر له الأكباد، وخرجت منازل بنى النضر، واشتطت الوطأة عليهم المى الآنوالش المستعان ٠ ،وها هى قبورهم فى بساتينهم - ١٠٤ ٠ إمامة المحوارى بن مالك فى العمد النبهانى بويع الحوارى بن مالك فى العهد النبهانى فى سنة ٨٠٩ تسع وثمانمائة أى فى العقد الأول من القرن التاسع ، فقام بواجب الشرع ، وبذل النفس والنفيس ، وبقى فى إمامته ثلاثا وعثرين سنة ، أدى فيها واجب الحق ، وأقام أعمدة العدالة حد المستطاع ولم أجد شقاقا بينه وبين بنى نبهان ، ولا ذكروا له حروبا ، وهذا الوقت وقتهم ، ولعلهم تهادفوا هم وإياه ، فإن الأئمة فى غالب عهد بنى نبهان يكونون فى بلد ، والسلطان النبهانى فى آخر ، اذ كان العمانيون وحدهم ، فيكون الصراع بين الإمامة ، والسلطنة ويقوم الخصام والنزاع هكذا ٠ فتارة ترتفع راية الإمامة ، وتارة تقوم الملكية ، ولها كبكبة ، وهكذا كان الحال ، والحوارى بن مالك يعيش ثلاثا وعثرين سنة ، بين أولئك العتاة ، ولعل الله كف شرهم عنه ، وتوف الإمام الحوارى المذكور فى سنة ٨٣٢ اثنتين وثلاثين وثمافمائة ، وبايعوا ولده مالك بن الحوارى ٠ -١٠٥ - إمامة مالك بن الحوارى فى العهد النبهانى لما توف الجوارى بن مالك الإمام، رأى أهل الفضل ابنه أهلا لأن يكون إماما بعد أبيه ، فاجتمع عليه أهل العلم ، فبايعوه بالإمامة بعد أبيه حالا، وكان عقد الإمامة له بنزوى ، ومنها تولى جبل بنى ريام ، ولعله أراد أن يجعله عاصمة لإمامته، وإنه لخليق بذلك،فإنجبلبنى ريام من أعظم عواصم عمان ، ثم هبط بعسكره الى الرستاق ، ووقعت بينه وبين من بها من الجنود مناوشات ، وقتل من عسكره ناس ولكن لم بصرح التاريخ السبب الموجب لذلك ٠ وقيل إن الإمام المذكور أمر عبد الله الملقب بالمول أن يغزو الرستاق، وأمر بحرق سور القلعة ، ولعله أراد بذلك أن يخرج الذين تحصنوا بما ، فيقاتلمم إذ لا يستطاع احتلالها مصادمة، إذ لا طائرات إذ ذاك ولا دبابات، ولا مدافع تعمل شيئا له أثر، وكان عمر هذا الإمام قصيرا، فإنه ما عاش فى الإمامة إلا سنة واحدة ، ثم توق فأراحه اشه سنه عناء ما هو بصدده، فإنه توفى فى سنة ٠٨٣٢ - ١٠٦ - إمامة ابى الحسن بن خميس بن عامر فى العمد النبمانى لم يعرف تحتيقا بعد موت مالك بن الحوارى ماذا صار حتى بويع للامام أبى الحسن المذكور ، والمدة نحو ست سنين فإنه مات سنة ٨٣٣ ، وبويع أبو الحسن فى شهر رمضان سنة ٠٨٣٩ قال : وخاصمه بنو صلت ٠ قلت : لم نعرف بنى صلت المخاصمين للإمام المذكور،ولا فى أى بلد كان هذا الخصام، وحاربوه فإن كان المراد بهم آل الصلت بنمالك،فهم فى بهلى ولم نعرف الحقائق التى يشير إليها المتاريخ ، وكان لهذا الإمام ولد يدعى عبد السلام ، روى عن أبيه المذكور أنه أمر بخشى نخل بنى ربيع خدم بنى صلت ، وهو يومئذ إمام عمان، لأن بنى ربيع خاصموه عند بنى صلت ٠ وف الأثر كان أمره يخشى نخلهم الشيخ العالم ورد بن مفرج ، شسهد بذلك سليمان بن راشد بن صقر العدوى ، ودهمان بن راثد ، ذلك لأنهم حاربوه وأفتاه الشيخ المذكور بجواز خشى أموالهم عقوبة لمم ، وتجوز عقوبة الباغى بإتلاف أمواله التى يتقوى بها عطى بغية ٠ قال ابن رزيق : عقد لأبى الحسن بعد أحمد بن محمد الزنجى ٠ قلت: لعله كانت إمامته فى تلك المدة التى لاحظناها بينمالكبن الحوارى وأبى الحسن ، وهى ست سنين ٠ قال : وأقام فى الإمامة سنة واحدة ، فخرج عليه سليمان بن سليمان بن مظغر ، فمات أبو الحسن عند خروج سليمانعليه والشه أعلم٠ ٧ إمامة عمر بن الخطاب فى العهد النبهانى لما توفى الإمام أبو الحسن بن خميس بن عامر فى سنة ٨٤٦ ، بقيت الأمور فى يد بنى نبهان يتلاعبون فيما كيف شاءوا ، ويفعلون فى الأمة كما تموى أنفسهم ، ورأو! ذلك هو العز والشرف ، أغمار غظب عليهم الجهط واستمروا للباطل ، وكانت عقولهم مقصورة على كلمة السيد أو السلطان لو الملك ، ولم يرفعوا رءوسهم الى أطى من ذلك المستوى ، غعوت المملكة العمانية وتحطمت أركانها ، وأصبحت تتناقص أطرافها ، ويتقلص ظلها ، وينضب معينها ، وهم فى تيمم عاكفون على الشموات يتظالمون فيما بينهم ، ويظلمون الرعية ، ويمتصون الثروة أين وجدوها ، ويستصفون أموال العباد ولا يبالون ٠ وفى سنة ٨٨٥ ضاق المسلمون بمم ذرعا ، فاجتمعوا فيما بينهم وتثاوروا فى أمرهم ، فاعتمدوا على مبايعة عمر بن الخطاب ، فقام بالأمر ، وكان السلطان إذ ذاك سليمان بن سليمان صاحب الديوان الحماسى ، فثار المذكور بجيشه ، وخرج الإمام برجاله ، وكان الالتقاء ببلد حممت من وادى بنى رواحة ، وهى التى تعرف الآن بالجناة ، وكان أكثر أنصار السلطان فى هذه البادرة هم بنو رواحة ، وهم القوام بأمره ، فانمزم الإمام وعسكره ، ورأوا أنهم وقعوا فى كبيرة أمر ، فلزممم أن يتوبوا ويتراجعوا ، ولعلهم كانوا استخفوا بالأمر ، فعوقبوا عليه ، فجددوا المبيعة له مرة ثانية ، فصال على النباهنة صولة الأسد الباسل ، فهزمهم هزيمة أتت على سحق قوتهم، وإبادة شملهم ٠ ولكن لم يذكر التاريخ أين وقعت الوقعة بينهم ، ولا ذكروا من قتل منهم ، فإنه لابد أن تكون وقعت طيمم وقعة أو وقعات ، أوجبت خضوعمم ، فإنهم لا يخضعون بالهوينا ، ولايكفى من المؤرخين مثل هذا التعبير ، فإن الذكر الذى يعتمد عليه ينبغى أن يكون واضحا ، فإنهم قد أشادوا بذكر نصر الإمام وانتصاره عطيهم إجمالا ٠ وهذا الإمام السالمى المؤرخ الكبيريقول: وفى بنى اليحمد من أسد الشرى إمام صدق كان يدعى عمرا كذا أبوه يدعى بالخطاب مسامياً لعمر الصحابى وقد قضى على بنى نبهانا خبابراً كانوا على عمانا قضى بأن مالمم لمن ظلم من العمانيين لكن ما علم فجعلوا ذلك بيت مال الخ لكن المؤرخين العمانيين يجازفون الحقائق غالبا ٠ قال الإمام السالمى :صال عطى النباهنة صولة الأسد الصائل، لهأكه الله منهم ، وأرثه أرضهم ، وديارهم ، وحكم بتغريق أموالهم ، وهذا التعبير يرمز الى سلطة كبيرة كانت للامام المذكور: وليتها كشفت حتى تعلم طى أى الوجوه كانت ، فإنهم لم يبينوا من قتل ومن أسر، وطى أى صفة كانت هزيمتمم ، حتى صفا الجو للامام ومن معه ، بحث يتمككون من حكم التغريق، ويستطيع العلماء القيام بمذه المممة الساحقة التى تقضى أموال القوم، حتى أقلموا للمظلومين وكيلا، وللسلاطين وكيلا، والوكيلان ينظران فى الأمور ، ويحققان القضايا ، ويستطيع العلماء أن يسجلوا الحكم، ويصححوا عليه ٠ والحال يدل أنالسلطنة النبهانية هنا وهت، ولم تعد تستطيع القيام فى وجه الإمام لمعارضة حكمه القاضى بتغريق أموالهم، وتمزيق شملمم، وتمكن المسلمون من تنفيذ أحكام للشرع تمكنا تاما صحيحا لا هوادة فيه ، وخمدت الشرارة النبمانية ، إلا أنها بقيت وميضا تحت الرماد ، فإنه لم يطل العهد حتى طلع لها نجم كما سوف ترى ٠ - •١١ - صفة الحكم فى أموال بنى نبهان اعلم أن المسلمين نظروا الى النباهنة نظرة الحنق ، لأن القوم انخرطوا فى سلك الجبروت والظلم الفاحش ، وبلغوا فيه مبلغا كبيرا وكثر المتظلمون منهم والشاكون جورهم ، وعند هذا الحال نظر الإمام عمر بن الخطاب المبتلى بأمر المسلمين بعمان ، وناظر العلماء وناظروه ، وآخر الأمر أقاموا للمظلومين وكيلا يشكو من النباهنة المظالم ، وأقاموا للملوك وكيلا يدافع عنهم ، وعشية لأربعاء لسبع خلون من جمادى الآحرة سنة ٨٨٧ سبع وثمانين وثمانمائة اجتمعوا لمذا الصدد ، وللتشاور واستخراج ما يبتنى عليه الحكم ، فإنهم مسئولون أمام اشه عز وجل ٠ قرروا أن سعيد بن زياد بن أحمد بن راشد البملوى للحكم فى أموال بنى نبهان ، وأقام أحمد بن عمر بن مفرج وكيلا للملوك المقدم ذكرهم وكان القاضى فى هذه القضية هو الشيخ العالم أحمد بن صلح بن محمد ابن عمر ، بجميع مال آل نبهان من أموال ، والمراد بها بساتين النخل ٠ قال : من أموال وأرضين ، و نخيل وبيوت و أسلحة وآنية ، وغلال و تمر وسكر ، وجميع ما لهم كائنا ما كان من ماء وبيوت ودور ، وأطوى وأثاث وأمتعة ، قضاء واجباً تاماً ، وقبل محمد بن عمر بن محمد بن أحمد هذا القضاء للمظلومين من أهل عمان من غاب منهم ومن حضر ، وكبر وصغر ، الذكور منهم والإناث ، غصارت هذه الأموال بالقضاء الكائن الصحيح للمظلومين ٠ والمظلومون قد جهلت معرفتهم ، فصار كل مال مجهول ربه جاز للإمام قبضه ، ويصرفه فى أعزار دولة المسلمين ، وكل من أصبح حقه وأثبته فمو له من أموالهم ، ويحاسب بالتجزئة لما يصح له بقسطه إن أدرك ذلك ، وإن لم يدرك التجزئة ولم يحط بها فذلك نصيب غير معلوم ، وهو مجمول للفقراء ٠ وللإمام أن يقبض الأموال المغيبة وأموال الغقراء ومن لا رب له ، -- ٠١١١ ويجعله فى عز دولة المسلمين ، فقد صح هذا المحكم والقضاء فيه ، فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه طى الذين يبدلونه إن الم سميع عليم كتبه الفقير لله تعالى على بن محمد بنعلى بنعبد الباقى، وصلى اشه على رسوله وآله وسلم ، شهد بجميع ذلك : أحمد بن صالح بن عمر بن أحمد بنمفرج وكتبهبيده٠ وهذا تاريخ وقوع الحكم المشار إليه : بسم اشم الرحمن المرحيم ، وقع الحكم والقضاء للمسلمين المظلومين بأموال أولاد نبهان فى عشى الأرباء لسبع ليال خلون من شهر جمادى الآخرة من سنة ٨٣٧ هجرية نبوية محمدية، على مهاجر ها أفضل الصلاة والسلام، وطى أثر ه كتب : أقام الشيخ القاضى المجاهد سيف الإسلام ، وقطب عمان ، أبو عبد اش محمد بن سليمان بن أحمد بن مفرج بن عمر بن أحمد بن مفرج ، وكيلا للملوك المقدم ذكرهم ، فقد صح عندنا ذلك ، فقضى أحمد بن صالح بن محمد بن عمر بجميع مال آل نبهان من أموال وأرضين ، ونخيل وبيوت وأسلحة وآنية ، وغلال وتمر وسكر وجميع ما لمم من ملك ، فقد صح ذلكلمنظلممن المسلمين من أهل عمان الذين ظلمهم السادة الملوك من آل نبهان ، من لدن السلطان المظفر بن سليمان بن المظفر بن نبهان ، المى آخر من ظلم من نسله وولده الملكين سليمان بن سليمان وحسام بن سليمان، هذا الحكم الذى هو فى البلدة، وقد سجل هذا الحكم جملة من أهل العلم ، وكل من عرض عليه هذا المحكم أثبته وأمضه من جملة المسجلين إثباته ٠ عبد بن مداد بن محمد ٠ وقال الشيخ محمد بن عبد الله بن مداد : صح عندى وثبت لدى أن جميع الأموال والأملاك التى خلفها السيد سليمان بن المظفر قد استلكتها الديون التى طى سليمان والضمانات، وقد صارت جميع هذه الأملاك - ١١٢ والأموال للإعام دون أولاد سليمان، ينفذها فى عز دولة المسلمين، وكذلك الزروع الحاضرة وغيرها ، صارت للامام ، وأنفذ الإمام عمر بن الخطاب رحمه اشه هذا الحكم، واستحل تلك الأموال، وأدخلها فى بيت المال، فبيت المال الموجود بعمان هو أصله أموال ملوك بنى نبهان ، لأن عمانلمتكن بيت مال فحال من الأحوال، لأنها أسلمت طوعاكما علم ذلك الخاص والعام، وقد صرح أهل العلم فى الأثر بذلك، فكل الأموال المتى كانت لبيت المال بعمان من سمائل ، وأزكى ، ونزوى ، وبهلى ، ووادى المقريات ، ووادى السحتن ، الرستاق ، وأوديتها ، والعوابى ، ونخل كل هذه الأموال هى أموال المذكورين،إلا بدبد فقد عرف أمرها، وبعض أنهار أجراها أئمة اليعاربة ، وأفلاج فى عمان وهى يسيرة بالنسبة الى أموال بنى نبهان ٤ ولحق بها بعض الأموال كأموال بنى رواحة ، وأموال بعض آل بوسعيد، التى غرقها الإمام عزان، وأموال بعض عتاة أهل عمان ٠ وعمان أيام الإمام عمر بن الخطاب كانت غاصة بأهل العلم، وكلمم وافقوا على ذلك التغريق ووأمضوه ، لما صح لديهم من أعمال بنى نبهان الذين استمرءوا الظلم وركنوا اليه، واشه يملى للظالم حتى اذا أخذه لم يفلته ، وسحق اش الظلم ومحا أرسمه فى قوم عاد وفرعون وقوم لوط وأصحاب الأيكة، كل ذلك بسبب ظلمهم، والظلم لا تبنى طيه دار والياذ باشه ٠ وسالع الإمام محمد بن اسماعيل عن الأموال التى غرقها الإمام عمر بن الخطاب من أموال بنى نبهان ، ما وجه تغريقها ؟ وما هو العمل فيها ؟ وهذا معنى السؤال يتضمنه جواب الشيخ العالم أحمد بن صالح ابن عمر بن أحمد بن مفرج، يقول فيه : ١١٣- بسم اش الرحمن الرحيم ليعلم الواقف طىكتابى هذا من المسلمين، أنه قد سألنى الإمام المعظم الهمام المكرم إمام المسلمين محمد بن اسماعيل عن أموال بنى نبهان ، وحوز المسلمين لها ممن تقدمه الأئمة مثل عمر بن الخطاب بن صحمد ، وكيف سبب حوزهم ؟ وهل عندك حفظ ممن تقدم من المسلمين والائمة الماضين أنهم بماذا أحلوها لمم ؟ وبأى وجه دخلوا فيها أ أفأجبته بما حفظته ووجدته ونظرته فى ورقة فيها خطوط المسلمين ، وفى تلك الأيام علماء وفقهاء أخيار ، نظروا فى بنى نبهان أنمم أخذوا أموال امسلمين ، وسفكوا دماءهم ، وصار جميع ما أصابوه من الأموال والدماء والقتل ، وصاروا لم يعرفوا لكل ذى حق حقه ليعطوه إاه،ولمعرفالهاأهلا٠ وقد قال المسلمون : إنكل شىء لم يعرف له أهل فمو راجع الى الفقراء ، والإمام أولى بكل شىء مرجعه الى الفقراء من الصدقات والوصايا وغيرها ، فهو اولى بخلك ويجعله فى عز دوله المسلمين ، وبمذه الحجة أجازوها وأحلوها للامام عمر بن الخطاب ، فجطت تنتقل من إمام الى إمام المى يومنا هذا، ولم يعب أحد ذلك، وكان ف ذلك الأوان جمة من العلماء الأتقياء ، البلغاء الفصحاء ، فهذا حفظى عنهم، ونظرت خطوطهم فى الورقة المتقدم ذكرها ، والحق أحق أن يتبع ، وما بعد الحق إلا المضلال، ولاتوفيق إلاباش عليه توكلت وإليه أنيب، ولاحول ولا قوة إلا باش العلى العظيم، كتبه العبد الفقيرتعالى أحمد بن صالح ابنعمر بن أحمد بن مفرج بيده ، وصلى الله على رسوله محمد النبى صلى اله عليه وسلم ٠ وقد أجزت للإمام المقدم الذكر أعزه اش ، حوز هذه الأموال المقدم ذكرها اقتفاءلماتقدم من الأحكام من العلماءالأبرار الأتقياءالأخيار، ولا حجة لمحتج على الإمام فى حوزه لما ومنعه إياها ، إذ هو مقتف أثر م٨ - عمان عبر التلريخ ج ٣ ) - ١١٤ - غيره من الأئمة الماضين ، وحكم الطماء المتقدمين ، ولا عليه مطعن لطاعن ، ولا حجة لمحتج ، والسلام على من اتبع المدى ٠ كتبه أحمد بن صالح بن عمر بن أحمد بيده ، وصلى اش طى رسوله محمد وآله وسلم تسليما كثيرا ، وسجل عليه وصححه الشيخ أبو القاسم بن شائق بن عمر بيده، وصححه الشيخ سالم بن راشد بن خاتم ، وصححه أيضا وثبته الشيخ سليملن بن أبى القاسم بن محمد ، وحكم بصحته أيضا الشيخ خالد بن سعيد بن عمر بن اسماعيل ، وحكم بصحته أيضا الشيخ عمر بن موسى ، والشيخ راشد بن غان ٠ واستمر العلماء الأبرار والقادة الأخيار كل من وصل إليه ذلك الحكم أثبته وأمضاه وأوجب العمل به واعتمده الجماعة على التوالى ، ذلك لأن جماعة بنى نبهان خلطوا المظالم كبيرها وصعيرها أرضها وماءها ، وغللما وحيواناتما ، وأصولها المنقولة وغير المنقولة ، والدماء بأنواعما ، والحل والمنازل ، وكل ما يطلق عطيه اسم مال ، اذا أرادوه طردوا أهله عنه ، وناهيك بأعمال خردلة فى سمائل ، وقد مرت عليك الإشارة ٠ وهكذا كان الحال من القوم طيلة تلك المدة التى عاشها النبهانيون ، وهذها عملمم ، فلما رأى العلماء تراكم الضمانات ، وتزاحم الجنايات ، ورأوا أن انتزاع المظالم من الظالم ، وردها الى صاحبها المظلوم ، عسر عليمم معرفة أموال زيد من أموال عمرو ، واختلاف أنواع المظالم وتداخلها عطى بعضها بعضا جعلوها مجهولة الأرباب ، ومجمول الأربابب محل مخرجه الفقراء ، وما كان محل الفقراء من هذه الأنواع فهو راجع الى نظر الإمام فى زمن وجوده يفعل فيه ما يراه حقا ، ورأى الإمام إنفاذ تلك الأموال فى عز دولة المسلمين ، أعم منفعة و أعلى شأنا ، و أولى مخرجا حيث عز الدولة يشترك فيه العامة من المسلمين ، فصارت تلك الأموال بيت مال المسلمين منذ ذلك العمد ، حتى الساعة ٠ - ١١٥ - ، ولا يخفى أن المسلمين لم يكوفوا مختصين بهذا العمل دون غيرهم فإن عمو بن الخطاب رضى اشه عنه ، أول من وضع حجر زاوية التغريق ، ومبنى ذلك على أعمدة التحقيق ، وحكم فى عمد خلافته والمسلمون متوافرون ، وأهل الحق من أجلة الصحابة حاضرون ، وله موالون ومؤازرون ، ولم ينكروا شيئا من هذا العمل ، بل رأوه حقا وصوابا ، وعلى ذلك بنى أئمة عمان الإباضبين المخلصين أحكام تغريق أموال الجبابرة الظلمة ، ومازال ذلك جاريا والعمل عليه ، وقد عمل به فى المتأخرين الإمام عزان بن قيس ، ثم تبعه الإمام سالم بن ركد ، وأقره العلماء ، وفيه ألف العلامه أبو مالك عامر بن خميس المالكى غاية التحقيق فى الانتصار والتغويق ، والله أعلم به ٠ وبعد هذا الامام الخروصى أعنى عمر بن الخطاب رضى اش عنه ، عمل به الامام محمد اسماعيل كما سوف تقف عليه إن شاء اش ٠ وتوفى الإمام عمر بن الخطاب رحمه اش ورضى عنه فى نزوى ٠ - ١١٦ - إمامة الإمام محمد بن سليمان بن احمد لما انتهت الأمور النبهانية ، وتقرر حكم تغريق أموالهم ، ولنطبق عليه المسلمون، وتمت الحجة على ذلك، اختار اشه عز وجل لعبده ما عنده، فتوف الإمام عمر بن الخطاب ، وبقى فى نفوس أهل الباطل من للسوء ما بقى كما عرفت ، بايع المسلمون محمد بن سليمان بن أحمد بن مغرج القاضى البهلوى،ولميطلعهده فإنه من المحتمل أفه رأى الأمور تنظر إليه شزرا بحيث سبق من آبائه تغريق أموال الملوك النباهنة، والملوك مرهوبون من قبل سواد الأمة، فاعترل عن الإمامة أو أنمم عزلوه للأحوال التى يلاحظ وميض نارها وما كل مجتهد مصيب ، فإن من الناس من لا تواطئهم الأحوال ولا تثبت لمم بحال ، ولا سيما اذا اختلفت آراء الأنصار ، فإن الإمام بأنصاره ، أما وحده فلا يقدر على فعل تشترك فيه الأمة،وهناك أحوال تتلاعب فيها الأهواءوالأمرش٠ - ١١٧ - إمامة عمر الشريف من الأمور التى يقف لما الانسان حائرا مثل إمامة محمد بن سليمان الآنف الذكر، وإمامة عمر الشريف فإنهم لم يعرفوابمذا الرجل ولابلقبه المشار اليه، ولا ض هو ض القبائل،وعلى الأقل من أى البلاد هو حتى يعلم عنه شىء يحسن السكوت طيه ، وأقام عمر الشريف فى إمامته سنة كاملة ، ثم لما خرج من نزوى المى بهلى ، بايع أهل نزوى إماما بعده ، وهذا ليس من الحق فى شى ء ، فإنه كان قصر أو رأوه عاجزا عليهم أن يقووه وإلا فعليهم أن يحتجوا عليه ، وييينوا له وجه الأمر الذى يعدوه ، فيقتنع ويكون لهم معذرة عند اشه وعند العباد ، أما كون إمامهم خرج الى بلاد لإصلاح أحوالها ، فلا يعلم إلا وإمام آخر قام عنه ٠ فهذا الحال شبيه بلعب الصبيان لا يرضاه الدين ولا الإيمان، ومن العجائب أنهم لما تركوا الإمام محمد بن سليمان بن أحمد الذى اعتزل عن الإمامة ، رجعوا إليه فبايعوه مرة أخرى ثم لم يعرف ماذا صار عليه ، فلم يذكروا من أحواله شيئا ، ولعلهم ذكروا فضاع المذكور كما ضاع الكثير من التاريخ العمانى ، أما كون الأمور طى هذا الشكل ، فمن القبائح التى ليتها لم تكن ، فإن هذا العمد تبص فيه نار النباهنة تحت الرماد ٠ ٠٠ع|ج-غ ٤٤ ي ي ع -م : ٠ ٣ ٠ ۶- .. ٤٤٤. 2٤٤٤ت ١ة ع ٠ة * ٠ ع وج ب £ ع٠:؛ق لألأ ٠ا: • ا٤3٤ ح1؛غز - ١١٩ - إمامة الإمام أبى الحسن بن عبد السلام إن أبا الصن كان من نزوى ، وكانت نزوى تضم كتوزا من أهل التقوى، ورجال الدين والإيمان، ومنهم ابن أبى الحسن بن عبد السلام، ولآبائه ذكر فى أهل الفضل بنزوى، ومضى لابن الحسن فى إمامته سنة واحدة ، فخرج عليه سليمان بن سليمان النبهانى ٠ قلت : هنا يتبين ما توخيناه من عزل الإمام محمد بن سليمان ، وعمر الشريف ومن بعدهما ، فإن الوميض النبهانى يلمع تحت لرماد باتقاد ، وله من أهل للبغى أعضاد، ومن الجهلة والعوام أنصار وأجناد، ولم يبينوا عنه شيئا ، والذى يفهم من الأحوال أن السلطان عادت له قوة طرد بها ابن عبد السلام ، وتولى الأمر واستأسد ، ولم تقم لابن عد السلام قائمة، فإنمم ذكروا عن سليملن المذكور بعد هذا القيام الذى قامه طى أبى الحسن بن عبد السلام ، هاجم امرأة من أهل نزوى خرجت لفلج الغنتق حيث اعتادت النساء يخرجن لحوائجهن فيه ، فما شبرت إلا وهذا الظالم وراءها ، فهربت من الفلج عارية تستجير وتستغيث ،ولا يقدر أحد أن ينجيها مما يدل على تسلط سليمان بن سليمان مرة أخرى ٠ ولم يعتبر بالحال الذى صارعليهولميتعظبماوقعمن الإمام عمر ابن الخطلب ، حتى تجرد له محمد بن اسماعيل كالمخاطر بنفسه ، فصرعه لى الأرض حتى تغر المرأة المسكينة الضعيفة من هذا الجبار الذى يتمجم طيما كالجمل الصائل بئس ال فط وبئس الرجل ٠ ١٢ ٠ إمامة الإمام محمد بن اسماعل الحاضرى إن الإمام محمد بن اسماعيل بن عبد اش محمد بن اسماعيل الحاضرى ، وهو معروف النسب مذكور فى التاريخ العمانى ، فلا حاجة المى إيراد نسبه هشا فمو من قضاعة بن مالك بن حمير ، كان هذا الرجل بطلا ملأه اشم إيمانا ، وشد قلبه وأيده بروح من عنده ، ومن ينصر الله حقا ينصره اشم على أعدائه ٠ رأى محمد بن اسماعيل تلك الضعيفة التى لا مجير لما من هذا الجبار الذى هتك سترها وانطلق ورااءها جهارا ، عند هذا فضل محمد بن اساعيل رحمه الش الموت على الحياة لأنه يعلم أن المرجل غيرتاركهحيا، ولكن من حسن الحظ أن أنعش الله أهل الإيمان ، فقاموا عند محمد بن اسماعيل قومة رجل واحد، فتداركوا الأمر قبل استئصال الخطب، ورأوا جرأة محمد بن اسماعيل يخوله الإمامة ، فإن الإمامة من شرطما الشجاعة ، فلا إمامة لجبان،وكان محمد بن اسماعيل يسكن الحارة الغريية من سكة باب مرار ، لا كما يقول ابن رزيق كان من أهل أزكى ، وأن محمد بن اسماعيل لما صرع السلطان سليمان بن سليمان جرد له خنجره وذبحه ٠ وقال الإمام رحمه الله : وسبب اختيار المسلمين له أن سليمان بن سليمان هجم طى امرأة تغتسل بفلج الغنتق ، فخرجت من الفلج هاربة عنه عريانة ، فجعل يعدو فى أثرها حتى وصل حارة الوادى ، فرآها محمد بن اسماعيل فخرج اليه وأمسكه عنها وصرعه على لأرض ، حتى مضت المرأة ودخلت العقر، فخلى سبيله،فعندذلكفرحبه المسلمون لما رأوا من قوته للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، فنصبوه إماما ، وذلك فى سنة ست وتسعمائة • وقام هذا الإمام بعمان قيام الأئمة الكرام والسادةالأعلام، وآمنت — ١٢١ — البلاد فى أيامه ، واستراحت المرعية طيلة أعوامه ، وذلك توفيق من اشه عز وجل ، والله يؤتى فضله من يشاء واشم ذو الفضل العظيم ٠ لما تمكن قدم إمامة محمد بن اسماعيل نظر فى أحوال الجبابرة وأعمالهم ، وكان قد عرف عمل الإمام عمر بن الخطاب رضوان اشه عليه ، فحكم بتغريق أموال بنى رولحة الذين دخلوا فى أعمال سليمان المذكور ، وقادوه على الناس فى الفتن الآنفة الذكر التى كان يمارسما سليمان ، وولده سليمان فى أهل عمان ، وقادوا أيضا مظفر بن سليمان ، حكم الإمام محمد بن اسماعيل بتغريق أموالهم بسفك دماء المسلمين ، ونهب أموالمم ، وهتك أعراضهم ، وكان العلماء إذ ذاك متوافرين ومتناصرين ، يؤيدون الحق على الباطل ، ولا يبالون عندما يجدون سنوح الفرصة لهم ٠ - ١٢٢ - صفة الحكم فى أموال بنى رواحة اعلم أن الإمام عمر بن الخطاب ، نظر الى الجبابرة من نبهان ، وأن الجرائم التى إقترفوها تختص بهم ، إذ هم الفاعلون حيث لهم السلطان ، ولم ينظر المى من كانوا لهم أعوانا ، ولا شك أن لهم أعوانا يقومون بأمورهم ويمتثلون لما يرومون فعله ، وما من دولة إلا ولها رجال هم يدها الباطشة، وهم عينها الباصرة، وهم لسانها الداعية، ولكن لم يلتفت الإمام عمر بن الخطاب إلا الى الملوك المذكورين ٠ والتفت الإمام محمد بن اسماعيل الحاضرى الى الأعوان، ومن بينهم بنور رواحة الذين قادوا سليمان النبهانى ، ومظفر بن سليمان ، وكانوا لهمسهاماعلى عباد اش، وكانت الواقعة الكبرى بينهم بحممت من وادى بنى رواحة ، وحممت هى التى تسمى الآن الجناة ، وهى الىاقعة التى انهزم فيها الإمام، ثم تلاوم المسامون وتراجعوا فصالوا على النباهنة ، ومكنهم اش من خضد شوكتهم ، وكسر أسنتهم ، وغل أيدى الضلال بذلك الحكم الذى حكم به علماء دولة ذلك الإمام، فأمضاه الإمام المذكور ٠ وهذا الإمام محمد بن اسماعيل يتمم العملية فيغرق أموال بنى رواحة،وهى التى فى الجناة وهى أموال معروفة عند أهلعمان، ولكن لطول العهد وتبدل الأحوال، وتلاثى الأمور بانحلال السلاطين المذكورين، رجعت أموال بنى رواحة إليهم، ولعل بعض الأئمة رأى من الصلاح إرجاعما إليهم فى مقابلة استقامتمم له، فإن لكل دولة رجالا، وهذا مالا يختلف فيه أهل لعلم، فإن الإمام اذا رأى من قوم استقامة له - ١٢٣ - أن يخصهم منبيتمال المسلمين لما يراه من مصلحة المسلمين، ولكل وقت سياسة، وكم مال رد لأهله فى عمان بعدما صار عليه القمر منحاكم مصلح فى الأمة ، بل ومن جائر أيضا اذا رأى صلاحه فى تقريب قوم و إبعاد آخرين ٠ ولكن بقى الفرق بين نظر أهل الفضل وغيرهم ، فقبض الإمام محمد ابن اسماعيل أموال بنى رواحة وأضافها الى بيت المال واستغلما طيلة إمامته، وكذا الأئمة بعده ٠ وحكم هذا الإمام فى إبطال بيع الخيار ٠ - ٠١٢٤ صفة الحكم فى بيع الخيار لا يخفى أن أئمة عمان مازالوا ولا يزالون مع مقتضيات الشريعة يراعونها فى أدنى النقاط فضلا عن أكبرها ، ولا غرض يمممم إلا إجراء أحكام الشريعة فى مجاريها ممما كانت ، ومنحيث إن بيع الخيار فيم علل لاتزال معروفة ، والعلماء فيه على طرف نقيض منهم المثبت ومنهم المبطل ، ومنهم المتوقف ، ولذلك عقد الإمام محمد بن اسماعيل رحمه اش مؤتمرا للنظر فى هذا الأمر ، واجتمع معه العلماء ، فكتب كتابا بين فيه رأيه فى هذا البيع كما فى الأثر ، إفه لما كثرت معهم المعاملات من الربا والفساد والحيل ، فصاروا يظهرون أنهم يتابعون بيع الخيار ، ويجعلونه تغطية على ما أسسوه وأرادوه ، ليكون لهم حلالا فى الحكم الظاهر ، وباطنهم الزيادة للدراهم ، وأخذ الثمرة على قدر ما يسلمون من الدراهم، اذا قلت الدراهم أخذوا له قليلا ، واذا كثرت أخذوا له كثيراً ، والمراد بكثرة الدراهم وقتها أنه اذا كان البيع معقودا بمائة ريال أخخوا غظة من البائع ، بقدر المائة المذكورة ، واذا كان البيع مثلا بألف ريال أخذوا من البائع غلة بقدر الألف، ولا يريدون مالاممماكان، وإنما المراد غلة الدراهم والمبيع حيلة بينهم فقط ، فلا يراعون كثرة المبيع وقلته ، وإنما الذى يراعونه نفس الغلة ، وليس القصد بذلك العقد الأصلى ، وإنما اذا رأوا المدة القى جعل الخيار فيها قد قاربت أن تنتمى زادوا مدة أخرى ، ويتظاهرون بذلك كحسن خلق ورأفة بصاحب المال ألا يفوته ماله فكأن المال باق له ولم يخرج عن ملكه ، وهم يمتصون دمه ، إذ يقوم هو بمصارف المال ، وما يحتاج إليه من مغارم طى أنه ماله ، وهم يأخذون غظته سالمة لا شىء عليهم فيها ٠ — ١٢٥ — والمراد بالمال عند العمانيين فى مثلهذا المقام الأصول، سواء كانت نخلا وهى المراد عند الإطلاق ، أو مياها أو أرضا أو مبانى ونحوها ، فيبيعونها بالإقالة لمدة سنوات على هذه الشريطة المذكىرة، وربما عقد الشارى مع البائع الغلة أن تكون كذا وكذا عددا أو نوعا ، وهذا كله حرام محض ، إذ هو ربا فى نظر الشرع لأن المقص-ود ظة دراهم معروفة ، وهى باقية فى مال البائع ، والأقل منهم من يسلم الثمرة للشارى، فيتناولها غلة له والمال فى يد البائع، وفشا هذا الحال بين الجهال وأهل الباطل، واستمرءوه ولا يبالون، وقد صرح الأثر المنقول أن البيوع طى ما عقدت عليه فى الأحكام ، وعلى ما أسست عليه فى الحلال والحرام ٠ فلما رأى المسلمون والمراد بهم أهل الفضل الذين هم الحجة فى الأرض ، أهل هذا الزمان همجا رعاء لا يتقون الحرام مع ما يحتاجون اليه من المكاتبة والإشمهاد ، خافوا أن يحاط بهم ، وأن يقعوا جميعا فى المعصية إن لم ينهوهم عن ذلك، ويكونوا كمن قال اش فيهم:( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا ما يفعلون ) ٠ — ١٢٦ الطماء يجتمعون لمراجعة آثار المسلمين فى هذا الصدد لما كثر القيل والقال فى هذا الصدد ، اجتمع المسلمون الموجودون فى ذلك العهد لمراجعة اثار السلف الممالح، وما قرره العلماء فى مثل هذا البيع المشار اليه ، وهم المشايخ الغقهاء الاجلاء ، ذين هم القدوة إذ ذاك ، وف مقدمتمم مداد بن عبد ال بن مداد العقرى النزوى ، والفقيه عبد الشه بن محمد بن سليمان عمر النزوى ، والقاضى آبو غان بن ورد ابن أبى غسان البهوى ، وعمر بن زياد بن أحمد البهلوى ، ومحمد بن أبى الحسن بن صالح بن وضاح المنحى، وجماعة آخرون ممن كان من أهل العلم عند الإمام العادل الكامل العاقل محمد بن اسماعيل - نصره اش - بقرية نزوى، وطالعوا الاثار، رأى الواردة عن أهل العلم السابقين والأئمة الماضين ، المسندة الى سيد المرسلين نبينا محمد ، صلى اش عليه وآله وسلم، الوارد بها الوحى المبين عن رب العالمين، فوجدوا فيها أن غلة بيع الخيار حرام ، فحكم الإمام رحمه اش ومن معه من العلماء المذكورين ، والفقهاء المشهورين بتحريم غلة بيع الخيار ، وبفساد امبيع أيضا ، وأن ذلك أقرب للتقوى وأصح فى التقوى، وأسلم عند الله من البلوى لقوله عليه الصلاة واسلام :«من أجبا نقد أربا»٠ وهكذا ما كتبه الإمام محمد بن اسماعيل رحمه الله فى ذلك ، بعد ما صح معه الدليل، واتضح لديه السبيل، قال: بسم اشم الرحمن الرحيم ، لما كان فى نهار الأربعاء لست ليال خلون من شهر جمادى الآخرة أحد شمور سنة ثمان وعشرين وتسعمائة ، قد صح الحكم الصحيح الثابت الصريح من الإمام العادل؛ إمام المسلمين محمد بن اسماعيل ومن حضره من المسلمين ، وما أجمعوا عليه ، بأن غلة بيع الخيار لا تجقوز ، وأنها حرام وأن امراد بها الثمرة، وأنما ربا ، ووافق ما نهى عنه النبى صلى اشم عليه وآله وسلم « من أجبا فقد - ١٢٧ — أربا » ، وقد جاء الأثر عن عمرو بن على فى قول المسلمين فى بيع الخيار ، أنه غير ثابت وهذا قول من لا يراه ثابتا ، فإن الأصل عنده فيه أن هذا بيع وقع على الشمرة لا عمى الأصل ، ومثل هذا لا يصح فى حكم المسلمين، لعلل عديدة تتناول هذا البيع بالفساد، وليس محل بسطما، وقد ألفت فيه رسالة خاصة سميتها « توضيح المنار فى إبطال بيع الخيار » ، وذلك فى أيام الصبا ، أوردت فيها أقوال العلماء والأحاديث المروية فى هذا المقام، مع شرح لمعانيها وبيان محل الاستدلال بها، فكانت رسالمة جامعة ، وأصبحت الآن لا أطم عنها أين صارت ، واشه حسبى ونعم الوكيل، أحتسب عنده أجرها، فإن العنا والتعب الذى ألاقيه حال التاليف كبير، إذ ا مساعد ولا فراغ، وإنما هو صراع للحياة، واشه ولى التوفيق ٠ وإنما بيع الخيار حيلة على تحليل الغلة، بل لا أقوللى تحليلما إنما هى حرام ، وما كان حراما فى نظر المسلمين لا يزال حراما الى يوم الدين، وكذلك يقول العلماء الذين يقولون بتحريم هذا البيع وتحريم غلته، قالوا :لما صح عندنا أن بع المخيار المراد به الثمرة حينئذ قلنا بفساد ذلك البيع، وكان هذاالمقال موافقا لنمى الرسول صلى اش عليه وآله وسلم فى قوله : « من أجبا فقد أربا » ، والدليل على هذا ما صح عندنا منقوله : إنهم جعلوا هذا البيع طريقا يتوصلون بها الى تحليل الثمرة على الجملة من قولمم ، وأظمروا هذا البيع على تغطية مالا يجوز ، أى تستروا بذلك فى الظاهرة عن إشاعة ركوب المحرم، فكان قولمم هذا موافقا للرجل الذى تزوج امرأة فى السريرة تحليلا لمطلقها ، أو كالرجل الذى كان فى نيته فى بيع باعه مكوكا بمكوكين ، أو تمرا بحب ، أو حبا بتمر ، ثم أظهر ذلك عند عقدة البيع أنه بدارهم ، أو كالذى يخطب امرأة فى السريرة ، فأظمر أنه قد عقد عليها نكاحا وأنه قد تزوجها ، وما يجىء بحق هذا وهذا كله، فقد قيل : إن النيات هن المملكات وهن المنجيات، وكذا قال رسول اشه صلى اشه عليه وآله وسلم « إنما الأعمال بالنيات - ١٢٨ ٠ ولكل امرىء ما نوى » وقال عليه الصلاة والسلام : « نية المؤمن خيرمن عمله ونية الفاجر ثر من عمله» ٠ لما صح عندنا أن المراد بالبيع المخيار الثمرة ، وإنما جعلوا هذا طريقا فيما عزموا للتغطية على تحريمها ، والدليل على فساد هذا : أن كل هذا البيع وقع لنخلة فكانت الثمرة لربها ، وإن كان البيع المراد به الثمرة فقد وافق هذا البيع قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم : « من أجبا فقد أربا » فهذا أحد وجوه الفساد فى ذلك ٠ والوجه الثانى : مثله ، كمثل رجل تزوج امرأة ثم طلقها ثلاثا فتزوجها لاستحلالها لزوجها الأول ، أى ليحللها لزوجما الأول ، فهذا مما قال بفساده المسلمون طى الزوج الأول والزوج الثانى ٠ والوجه الثالث : رجل وافق رجلا على شراء حب أو تمر من عنده المكوك بمكوكين ، أو تمرا بحب ، أو حبا بتمر ، ثم أشهد على نفسه بدراهم فهذا أيضا حرام لما كان فى السريرة من الفساد ، قال : فهذا قولنا فى بيع الخيار والله أعلم ٠ هكذا جاء الأثر كتبته كما وجدته منها ، وهذا تقرير الإمام لهذا المكتوب ، يقول رحمه الشه : نعم ما كتب على فمو من إملائى ، والحق أحق ان يتبع وما بعد الحق إلا الضلال ، وكتبه اش سبحانه الإمام محمد ابن اسماعيل بن عبد اللم بن محمد بن اسماعيل الحاضرى بيده حامدا لشه وحده ، ومصليا مسلما مستغفرا ٠ وهذا تأييد العلماء إذ ذاك لهذا الحكم ، يقول الشيخ مداد بن عبد الله بن مداد بن محمد : صحيح ما حكم به الإمام من تحريم غلة بيع - ١٢٩ - الخيار، فهو الحق والصواب موافقا لآثار المسلمين من المسلف، وبذلك جاءالأثر وعليه العمل،كتبهالعبد الفقيرمداد الخ ٠ و بمثل ذلك أيضا قال الشيخ محمد بن أبى الحسن بن صالح بن وضاح نصا بعينه ، وكذلك أيضا الشيخ العلامة عبد اشم بن محمد بن سليمان ، وكذلك عن الشيخ العالم أبى غسان بن غسان بن أبى غسان ، ويمثل ذلك النص أيضا كتب الشيخ العلامة عبد الله بن عمر بن زياد بن أحمد، ، وكذلك أيضا كتب الشيخ العالم أحمد بن مداد بنعبد اش بن مداد ، وكلهم على عبارة واحدة ، وكلهم بنص فى عبارته بعدل الإمام محمد بن اسماعيل ٠ واذا كان هؤلاء العلماء الأجلاء يثهدون لهذا الإمام بالعدل ، فما وجه ما يقوله بعضهم من أن الإمام محمد بن اسماعيل له أحداث استوجب بها البراءة ، وأحمد بن مداد بنفسه يصف الإمام محمد بن اسماعيل بالإمام العدل ، ثم يعود يقول إن لمحمد بن اسماعيل أحداث استوجب بها البراءة عنده ، من ذلك أن جبى الزكاة من رعيته بالجبر من غير حماية منه لهم ، وغير منع من الجور والظلم ٠ قلت : إن صح ذلك فمن لمحمد بن اسماعيل أن يقوم به طى ردع ألمل الجور والظلم ، وقوته يستمدها من أنصاره الذين هم حجته على عدوه، وكيف تتسنى لمحمد بن اسماعيل الحماية ولا مال بيده إلا الزكاة، والزكاة لا ينالها إلا بالجبر من أهل الأموال،ولا مال له بنفسه، ولو كان له مال أيلزمه أن ينغقه فى تقويم دولتهم 1 وهل المسئولية عليه أكبر من المسئولية على أنصاره ؟ أما علموا ما قام به محمد بن اسماعيل فى ( م٩ - عمان عبر التاريخ ج ٣ ) — ١٣٠ — اعتراضه لذلك الظالم الذى يطارد المرأة فى الشارع،وهىكما فى بعض القول عارية ، ولا يقدر أحد أن يجيرها منه ، فتجرد هذا البطل لذلك الجبار، ولابد أن يكون متوقعا للخطر منه، وقد عرفت أعمالمم فى أهل العلم والمفضل ، وعرف ظلمهم وجورهم ، و متى يمنع محمد بن اسماعيل الناس عن الظلم والجور، وهذا حال أنصاره، واليك سرد الأحداث المشار اليها والتعليقعليها٠ - ١٣١ - الاحداث المعدودة على الإمام محمد بن اسماعيل لقد عرفت ما قيل آنفا إن الإمام محمد بن اسماعيل جبى الزكاة من رعيته بالجبر من غير حلية منه لهم ، وغير منع من الجور والظلم ومنها جبر رعيته على شرا ء الزكاة من ثمرة النخل بما تقومه عماله من الدنانير ، وأخذ تلك القيمة بالجبر منهم ، ومنها أنه جبى المعاشير غير الزكاة دفانير بقيمة ثمرة النخل من أموال رعيته بما تقومه أعوانه وعماله من الدنانير، بالجبر من رعيته اليتامى والبالغين والأرامل وغيرهم ، لنفسه وعماله وأعوانه وأضيافه وعياله هدرا وقرضا بالنية ٠ ومنها أنه جبى الخراج وأخذ الكسرة وهى المغرم المقدر للجبابرة من أموال رعيته بالجبر على الخوف ، وخثية الظلمة على دولته ونفسه ورعيته وأموال رعيته اه ٠ هذا ما عده عليه المنتقد لأعماله ، ولاشك أنه ليس الجبر كالمعاينة ، فإن أولئك الرجال هم المبتلون بما هنالك، أما شراء المزكاة من النخل بما تقومه العمال ، فإن كان هؤلاء العمال أمناء ، واتفقوا على تثمين الزكاة فهذا وجه يجوز بحسب ظاهر الحال ، وقد أجازه العلامة الخيلى للإمام عزان بن قيس رحمهما اله ، وعمل به فى عمدنا الإمام محمد بن عبد اش الخليلى رحمه اشه ، ولم ينكر عليه أهل العلم الذين هم فى منزلته العلمية ، وهم كثيرون، يضيق المقام بذكرهم فردا فردا ٠ واذا اتفق العمال وأهل الأموال على ذلك ، جاز إجبارهم فى تسليم ما اتفقوا عليه حقا شه عز وجل ، لا سيما لتقويم دولة المسلمين ، واذا لم يجبرهم بعد الاتفاق ئ وأصروا على عدم التسليم ، فماذا يصنع بهم ٦ ولا يتصور الاجبار إلابعد الإصرار، والعمل ما داموا أمناء الإمام فهم أمناء المسلمين ، لأن من تحت راية العدل فحكمه العدالة ، ويجب أن يحسن به الظن ، والمعاشير التى يذكرونها إن كانت هى المعروفة - ١٣٢ بالعشور التى تؤخذ من المبيعات بالأسواق فمى حق المسلمين ، تكون كأجرة على استعمال أرض المسلمين، أى أرض بيت المال، وهذا أمر جار لا سيما فى مواضع الخراج ٠ ولا شك أن ما وجب فى الأموال عم الكل ، فاليتامى والأرامل والغياب ونحوهم كلهم فى ذلك سواء ، وقولمم : وجبى الخراج فإن ما حل لغيره من الأئمة فله أيضا حلال لا فرق بينه ويين غيره ، هذا اذا احتاج ، أما اذا أغنا ه اش فالزكاة لا حق له فيها ، وإنما شرعها اشم لأصناف مخصوصين ما لم يكن الإمام أحد الأصناف إلمذكورين ، واذا احتاج الإمام الى الزكاة كانت حاجته مقدمة على حاجات الفقراء والمساكين ومن إليهم نزل الإمام منزلة المسلمين كلهم لينظر فى المصلحة العامة للامة، أما أخذ الكسرة التى تجعل للجبابرة دفاعا لشرهم ، فالإمام حاشاه أن يرضى بأخذها، اللهم إلا إن كانت مما احتمل الحق والباطل، ولم يترجح أحدهما على الآخر ، واضطر لأخذها جاز لم أخذها للضورة ، ولاحتمال أنتكونحقا، وليس كسرة يتولاها الجبابرة تكون حراما، فلعلها كسرة كانت لوجه بر، فتولاها جبار حائزا لها عن أهلما الذين وضعت لمم ، فاذا جاء الإمام المحق حق له أخذ ما وضع لوجه بر ليصلح به شئون المسلمين ٠ ولا شك أن بقاء دولة المسلمين أولى من ذهابما،ولا شك أن الدول تحتاج الى المال ، فما كان لغقراء امسلمين وما أخرج لوجه ، وحتى الكفارات التى يوصى بها المكفرون اذا رأى الإمام الحاجة إليها فمو أولى بها من غيره لصيانة دولة المسلمين ، ومن ذا للذى يبيع ماله لينفقه على إملم المسلمين ودولته ٠ بل الأمة بطبيعتما تطالب الإمام لينفق طيها وهذا هو المعروف غالبا من أحوال الأمة ٠ وهذا الإمام الحضرمى رحمه الله يقول : -١٣٣- كل من طالبت منهم قال لى كم لى وكم لابنى وكم لامرأتى حتى اذا ما قلت أبشر بالعطا انمض وشمر قال قبلاهاتى هذاهوغالب حال الأمة إلاماشا، الله ٠ قال الإمام رحمه اشه وهو يذكر أحمد بن مداد الذى يعد طى الإمام الأحداث : « وقد أطال فى الاستدلال على أبطال هذه الأسياء بأمور مسلمة عند الفريقين » أى هى بحسب ظاهرها لا تبعد عن منهج الحق ، ولكن لابد أن للامام فيها وجهاهو أحق، لأنهم وصفوه بالعدل، فهم مجمعون على عدالته ، ومتفقون على صحة إمامته ، وأى إمام سلم معمم من الانتقادمنذ المجلندى بن مسعود رحمه الله ٠ قال الإمام : وما أدرى ما يقول المنتصر لهفى بعض هذه الأمور، فإنها لا تخرج عطى شىء من أقوال المسلمين، قال : ولعلمم ينكرون وقوع ذلك منه، وكان هذا الإمام السالمى رحمه اش، أشار الى ذلك أول الكلام حيث قال : وكان أحمد بن مداد يذكر لمحمد بن اسماعيل أحداثا استوجب بها البواءة عنده ، وكان غيره من بعض معاصريمم يعتذر لمحمد بن اسماعيل فى ذلك ويحتج له بحجج لا يسلمها أحمد بن مداد ، ويقول هنا أيضا : ولعلهم ينكرون وقوع ذلك منه، ويحتجون للبواقى بالترخص ببعض الرأى المأثور عن المسلمين ، لأجل الضرورة اليه ٠ قال : أما الجباية والخراج فلا يجقمعان أصلا، ليس للإمام أن يجبى أرضا يأخذ الجبار خراجها إلا اذا حماها ومنع الجبار من خراجما ، ورفع اليد عن مظالمها ، وأنصف بعضها من بعض ، فها هنا تطيب له الجباية بالقهر، لأنه قد حماها وأقام فيها العدل، وكذلك أخذ العشود من الأموال التى لا زكاة فيها، فإن ذلك لا يجوز ولا يقبل الرأى، فإن صح هذا أن أحدا فعله واستتب فلميتب، فإنه يكونخليعا أى اذا كان إماما - ١٣٤ - وقارف ما منعه منه الشرع ، واستتيمب من ذلك الذى فعله ولم يتب ، فقد ركب محجورا تسقط به إمامته لأنه يصير عاصيا محتاجا لأن ينتصف منه ٠ قال الإمام :لكنلا يكون ذلك بالدعوى خصوصا على الأئمة، فإنهم أعظم حرمة ٠ قال : وأما القرض فقد احتج له من احتج ، ورخص له من رخص ، لأجل الخوف على الدولة ، ولا يرى ذلك الفقيه أحمد بن مداد، وأنه كان يبرأ من العامل والمرخص ٠ قلت : ليس له أن ييرأ ممنعمل ما رآه المسلمون واسعا فى الرأى فيما يصح فيه الرأى ، قال : وأما الخرص للثمار ، فإنه وإن كان الأصحاب على غيره فلا يخرج عن دائرة الرأى ، لكن جبر الرعية على تسليم الدنانير عن الزكاة المخروصة فى رؤوس النخل شىء لا يجوز ٠ هذا تحرير المقام فى هذه القضايا التى ابتلى بها الأئمة فى معاناة أمور الأمة، إن أقدموا على شىء تدعو اليه الأحوال الضرورية نوقثوا من جهة من ابتلاهم بالأمر ، أو من أمثالهم ، وإن سكتوا أصيب الدين والدنيا بجبار لا يردعه دين ولا ضمير ، ولا يتجنب أى مركب يجده ، فتذهب بذلك دولة المسلمين ، وينهار صرح الدين ، والأمر فه ٠ وقد عاش الإمام محمد بن اسماعيل الى سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة ، فكانت إمامته ستا وثلاثين سنة ، وبعد موته حالا بايعوا ولده بركات ٠ - ١٣٥ - الإمام بركات بن محمد بن اسماعيل لما قضى اش طى الإمام محمد بن اسماعيل فى التاريخ المذكور بنزوى ، وكان فى مقدمة العلماء اذ ذاك العلامة عبد اشم بن عمر بن زياد الشقصى النزوى ، ومحمد بن أحمد بن يفسان ، فقام ضده الفقيه أحمد ابن مداد ، لأنه لم يرض إمامته ، وطعن فى إمامته ، وعلى كل حال إن الطعن فى إمامته طعن فى العاقدين عليه ، وتبرأ ابن مداد من هذا الإمام ، وممن نصبهلأنه ليس بولى عنده ولا بأهل للإمامة، وذلك لولايته لأبيه على أحداثه التى ذكرها عنه وأنه عمل بأحداث أبيه من بعده ، وقلده فىذلك٠ هذا هو جرم بركات عند هذا الفقيه ، وهنا سوف تنكشف المصائب التى يقع فيها الناس ، ويتلاشى بها الدين الحنيف ، وتعود الأمور المى شر ماعاد ، وهذا الذى نشير اليه ، ولكن لا راد لأمر الشه عز وجل ٠ بقى بركات فى إمامته عند المرتضين له حتى سنة ٩٦٤ أربع وستين وتسعمائة ، وفى هذه الآونة عادت السلطة النبهانية تعود سيرتها الأولى ، فإنه سيأتى أن سلطان بن محسن بن سليمان بن نبهان ، تولى نزوى فى هذا التاريخ، وذلك لاختلاف الكلمة والأمر لشهعزوجل٠ فكانت إمامة بركات يقرب عمدها من إمامة أبيه ، إلا أن أباه كان إمام عمان كلها ، وكانت شوكة الجبابرة منكسرة ، ودعوتهم خامدة ، ولكن نتيجة للخلافات التى أتت هنا مكنت النبمافية المعودة المى معاهدها ٠ - ١٣٦ - إمامة عمر بن القاسم الفضيلى عندما سخط الشيخ الفقيه أحمد بن مداد على بركات ، ورأوا أن الأمور الآن ميسورة ، ومتناولها قريب ، وإقامة إمام يرتضى ضد إمام غير مرتضى كذلك ، بايع هذا الفريق الساخط عطى بركات عمر بن القاسم المذكور ، فقام هذا الإمام فى عهد بركات ، وبقى الناس بين إمامين متضادين متخالفين متخاصمين ، وأحزابهما معمما ، وكل يرى صاحبه البطل والآخر المحق ٠ وقال الإمام ، وغيره من أهل العلم : إن أحمد بن مداد يثنى على الإمام الفضيلى ويحمد سيرته ويتولاه ، قال الإمام : وذكر غيره أى ابن مداد أن المسلمين رضوا إمامته ، قال : ولم يؤرخوا وقت بيعته ولا وقت وفاته ٠ قلت ، ولا ذكروا شيئا من أعماله وأين بويع و أين حل ؟ وماذا فعل ؟ فإن هذا الوقت رقصت فيه أيضا إمامة أخرى ليتم ما قضى اش فى غيبه ، فإنهم بايعوا فى هذا الأثناء عبد اش بن محمد القرن ، وكأنه واسطة بين الفضيلى وبركات واشم المستعان ٠ ١٣٧- إمامة عبد اللل بن محمد القرن قام فريق يرى له فى النظر ما ليس لغيره فقدموا عبد اشم بن محمد القرن من العنصر الهنائى، ولم يذكروا ماذا فعل الإمامان القائمان قبله، ولاما آل اليه أمرهما ، وهذا من البلاهة ٠ بمكان يعرفه كل انسان ، وهنا ترى ثلاثة أئمة فى بلد واحد ، وفى مذهب واحد ، وحوزة واحدة ، والأثر يقول : وباطل سيرة فيها الإمامة فى اثنين لو بلغا فى المجد ما كملا وأنت تدرى هنا ثلاثة أئمة فى عهد واحد ، إنها لمصيبة تقضى على الدين كما أشار المى ذلك القرآن حيثيقول : (ولا تتازعوا فتفشلوا ) وأى تنازع أكبر من هذا ، وأى فشل مما وقعوا فيه بعد ذلك ، إذ أديل الجبابرة مرة أخرى وضعوا أيديهم على ما شاءوا ، وكانت البيعة لعبد الله بن محمد القرن فى منح يوم الجمعة لخمسة عشر يوما من رجب سنة ٩٦٧ سبع وستين وتسعمائة ، وكأنه خرج من منح الى بهلى ، فدخلما لليلتين بقيتا من هذه السنة ، أى بعد مضى خمسة أشهر وثلاثة عشر يوما منذ وقعت له البيعة ، فأخذ بهلى من آل عمير ، وكان آل عمير قد اشتروا حصنما بثلاثمائة لك من محمد بن جيفر بن على بن هلال الجبرى ، وكان محمد بن جيفر المذكور قد أخذ هذا الحصن بالغلبة من عامل بركات ، وهذا يدل أن محمد بن جيفر عارض بركات حين رأى الأمور تسير على ورائها، واذا هبت الرياح المعواصف قام كل أحد يلتقط نصيبه ، فمن العامل بركات أن يكون معه وبركات نفسه ٠ ولاشك أنه عندمايتبعثر الأساس ينهارالبناءطبعا، قال الإمام : وكان دخول آل عميرحصن بهلى يوم الثلاثاء لتسع ليال بقين من جمادى ٤ت. ٤٢ - ١٣٨ - الآخرة سنة ٠٩٦٧٠٠ نبع ٠ وسقين وصعمائة ، غما٠٠ بثه آل٠ عمو فى إلا يسيرا حتى أخذه منهم عبد الشه بن مصمد القرن ، وف ليلة الا لثلاث بقين ض رهفان ش٣ دخل الام بركات به سايل بهلى ، وأخرجوا منه عبد الله بن محمد القرن ، وبنصب الأئمة فى واحد تشتت الكلمة ، وتفرقت الجماعات وضعفت دولة المسلمين ووهت قوتهم وطمع فيهم من كان لا يطمع ٠ -١٣٩- تفرق ملمك عمان الى رؤساء متعددين لا يخفى أن المتنازع فى الأمر داع للفشل ، ومسبب للوهن ، ومازالت علة المسلمين فى دينهم تفرقهم ، واختلافهم فى الأمور واجتذاب هم لأمراس الشقاق ، وأخذهم يمينا وشمالا ، وقد قرأت فى هذا التاريخ أحوالا من ذلك ، وعلمت ما صار اليه أمر المفترقين ، وما انتمى إليه الحال ، وقد التأم حالهم حين اجتمعوا مع الإمام عمر بن الخطاب ، فنصرهم اشه عز وجل حتى سحقوا دولة السلاطين النباهنة ، وتمكتوا من خضد شوكة البغى ، وقطع شأفة الفساد ، ثم تراهم سرعان ما اختلفوا فى أمرهم ، وراحوا ينصبون الأئمة ويتجاذبون الأمور ، ويتخاذلون فيما بينمم ، وكل فرقة ترى الحق لها ، وترى أنها أولى بالأمر من غيرها ٠ وبهذا الحال أصبحوا فى انحلال ، فترا هم يبايعون إماما ثم لم يشعر إلا وإمام آخر يقوم خلفه ، وبذلك تفككت القوى ، ووهنت الأمور ، وأصبح العدو يطمع فى القهر على أهل الحق ، فكانت العاقبة غير محمودة ، واش يقول لنا فى كتابه العزيز : ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) أى قوتكم ، وحكمة اش بالغة ، ودعوته نافذة ، ولو أغضى المسلمون لشر رأوه مخافة الوقوع فيما هو أضر ، لكان أولى بهم وأبقى لدولتهم ألا ترى أنهم لما غاضبوا عمر بن عبد العزيز وخرجوا عنه على الحال الذى رأوه لاممم إخوانمم ، وما زالوا يلومونهم الى الآن ، وكذلك الحال فى قضية خازم ابن خزيمة مع الإمام الجلندى رحمه اشم ، وإن كانوا رأوا أمرا يوجبه الشرع ويقتضيه الدين ، فالشرع والمدين يدعوان الى ارتكامب أخف الضررين وقول الحكيم : إن الكريم اذا ألم بجسمه مرضان مختلفان داوى الأخطرا فالتغاضى والاحتمال لأمر فى مصلحة أعلى منه وأنفع وأولى ، وهذا شى ء قرر ه القرآن والسنة والمعقول ، ولكن اذا حل القدر عمى السمع ١٤ والبصر ، وصغار العقول عم الأكثر واليهم يرجع السواد الأعظم ، فيرى الأقلون أنهم مغلوبون فيخضعون لما يرون ، وبهذا ينزل الضعف على الجسم الإيمانى وتسرى ناره فيه والأمر لله ٠ ٠ وفى هذه الآونة ثارت الووح النبهانية الى العرش العمانى مستظة ذلك الافتراق،وماخرجعنهاقام لهآلهلال رهط الجبور وآل عمير، وللمديفى نصييه ونصيب آخر لرجال آخرين من هناءة بن مالك ، والمداهية هى البرتغال إذ ذاك ، جاءت تسحم قواتها وتجر جحفلها لتأخذ نصيعها من المملكة العمانية، فإنها دخلت وآن حصادها، فمذا لاقط وهذا شارى، وهذا بائع ولكل درجات مما عملوا، فكان الإمام بركات بن محمد بن اسماعيل فى الوجود ، واسم الإمامة مرقوم عطى صحيفة إمامته والقوم يقتسمون المملكة،فكان فى هذا الأوان لسلطان بن محسن بن سليمان بن نبهان ملك نزوى وتوابعها ، وكان لفلاح بن محسن ملك ينقل وما يتبعما ، ولعرار بن فلاح ملك بهلى وتوابعها ، وكان لمهنا بن محمد الهديفى ملك صحار وما إليها، وكان لعرار بنفلاحملك الظاهرة، وكان ينوب عن سليمان بن مظفر فى بملى ، وكان لعمير بن حمير ملك سمائل وتوابعها ، وكان لمالك بن أبى العرب وهو جد الإمام ناصر بن مرشد ، وهو من العنصر النبهانى ملك الرستاق، وكان لنبهان بن فلاح ملك اسيات ٠ وتولت البرتغال الساحل، هذا مآل ملكعمان فى هذه الآونة التى أعقبت خلافات أهل عمان غيما بينهم ، وتلاعبوا بنصب الأئمة كما بيناه آنفا واش عز شأنه لا يغير ما بقوم حتى يغيوا ما بأنفسمم ٠ بقى هؤلاء الأمراء والرؤساء يتزعمون الملك، وكل واحد منهم يرى أنه الأحق بالملك والأولى بالسلطان، واختلفت الأهواء ووقع الذل المرير على أهل الفضل فى عمان، وكاد سلطان المسلمين لايبقىلهأشرولاتقوم له قائمة فى هذا العهد ، وش أمر هو بالغه وإن رغم أنف الدهر ٠ - ١٤١ - ذكر ملوك النباهنة المتاخرسن اعلم أن النباهنة المتأخرين هم أحفاد النباهنة الأولين ، بقيت فى نفوسهم دعوى الملك وأحقيته دون غيرهم ، لأنهم أبناء السلاطين المتقدمين ، وقد اقتسموا الملك كما بيناه ، ولكن مازال بينهم تنلفس ، ومازالوا يلتمسون الغفلة من بعضهم البعض فاذا أمكنتهم الفرصة اغتنموها وإن لم تمكتهم نكصوا على أعقابهم ورجعوا الى مراكزهم ، وأول هؤلاء الملوك بحسب المعروف سلطان بن محسن بن سليمان بن نبمان ٠ ١٢ - الأمير سلطان بن محسن بن سليمان وأولاده الثلاثة خرج هذا السلطان على الإمام بركات بن محمد بن اسماعيل بمن معه من الناس الذين تسوءهم وطاة الإمامه ، ويرون السلطنة أولى بالأمر ، لأنه لا ينال معها ما لا يناله مع غيرها ، فتملك نزوى سنة ٩٦٤ وبقى عاضا عليها بالنواجذ، وعاش فى ملكه تسع سمنين ونزوى هى كرسى عمان الداخلية كما سبق الكلام عليما ، وكان هذا السلطان حجر أساس النبهانية الثانية ، وبعد موته كان له أولاد كان المقدم فيمم مظفر بن سلطان ، وهو الذى تولى الأمر بعد موت أبيه ، وكان الحصاة الثانية فى بناء هذه الزعامه النبهانية ، فكانت نزوى فى يده إرثا له من أبيه ونصيبا من ملك عمان ، وما تبعها فى ذلك الوقت منوطا بمالمكها ، وكان ثانى أولاده طهماس ، وثالثهم سلطان بن سلطان ، وكلهم يحاولون أخذ الأنصباء ، لأنهم هم الخيرة فى الأمة ليس لأحد حق فى السلطنة غيرهم ٠ وهذا طبيعى فى الناس والذين لهم عناصر ٠ مسلطة لا يزالون يحلمون بالسلطة 6 ويماولونها بما عز وهان ، ويرتكبون من أجلها المخاطر ويبذلون عليها النفس النفيس ، حبا للعاجلة وترفعا على المغير ، وإن لهم فى ذلك شنشنة لا تبرح من نغوسهم ، ولايزال أحدهم يراها له ويقاتل عليها أبام وأخاه ، وقد أعماهم الجهل عن الواجب الأخروى والملك الأبدى الذى ينبغى التنافس فيه ٠ - ١٤٣ - فلاح بن محسن بن سليمان بعد موت سلطان بن محسن تولى الأمر مظفر بن سلطان ، ولم يترك لأخوته رايا فى الأمر إلا أفا لم تطل أيامه فمات وخلف ولدا صغيرا اسمه سليمان لا يصلح للقيام بأمر الملك ، وكان فلاح بن محسن عم أبيه مالكا لحصن مقنيات ، وقيل إنه هو بناه وشيد أركانه ٠ قال ابن رزيق حميد - وهو يذكر فلاح بن محسن : هو الأكثر منهم جودا وسياسة ، وكان مسكنه مقنيات من أرض المسر والصواب من أرض الحجر بحسب عرف اهل عمان ، قال : وهو الذى بنى حصنها السامك فسماه الأسود : وهو حصن عال على مرتفع منيع ، وكان لفلاح هذا نوع اهتمام بالغراس والزراعة ، وهو الذى جلب شجر المانغا لعمان ، وهى الشجرة التى تسميها أهل عمان الأمبا ، ويسميها أهل شمال الباطنة الممبا بقلب الهمزة هاء غرسها فى مقنيات ، فتسامع بها أهل عمان فتهافتوا على جلبها ، حتى فشت بعمان كلها إلا ما شاء الشه ٠ وكان فلاح محبا للأدب العربى خصوصا الشعر ، وكان موسى بن حسين بن شوان شاعرهم الخاص ، كان كثيرا ما يمدح فلاح بن محسن وبنيه وبنى عمه ، وكان له فيهم ديوان شائع عند أهل عمان يتداولونه ويعرف بالكيذاوى عرفا عاما أو بالكيذا تشبيها بالكاذى الشجر العطرى المعروفع للطافته ورقته ، ومدحهم الكثير من أهل عمان من أهل هذا الفن فأجازوهم وأعطوهم وكانوا لا يحتجبون عن وارد ولا عن صادر ، بل يدخل عليمم من شاء متى شاء ، ودخل عليه فى وقت جلوسه رجل من أهل الأحسا ، فاندهث ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لكل داخلى دهشة ٠ فأراد أن يسأل طعاما لفرسه ، وبدهثته تلك قال - ١٤٤ — أريد خيلا لقتى ، والقت هو البرسيم وهو الفصفصة أو القصفصة القت اليابس ، ثم انتبه فأعاد قائلا أريد قتا لخيلى ، فقال فلاح أعطوه قتا وأعطوه خيلا ، وأعطوه مالا وكسوة كما هى عادات الملوك ف إكرام الوافد ، وخالفه أهل وادى بنى خالد من شرق عمان ، واعترموا بالجبال الشاهقة المنيعة ، وأصروا على خلافهم فجهز لهم جيشا خضما سحبه من ظاهرة عمان الى شرقيتها ، فدخل الوادى ولم تمنعه الجبال من الدخول ، وقد ذكر القضية الشاعر المذكور كما هى فى قصيدته النونية التى يقول فى مطلعما : زج فمذى رسوم الأثل والبان ومنها : واسأل معالمها الملاتى خلت وعفت عمن بها كانمنحى وجيران منازل قاضها حكم الزمان من ال بيض الحسان بآرام وصيران كم قد سحبت بها ذل الشباب وكم فى سوحما صدت من عين وغزلان الىأنقال: شعر يردد معنى البديمة فى عليا فلاح يحاكى لفظ سحبان ثم سار فيه يمدحه الى أن عاد الى وصف الجيش : وأقبلت من نواحى الأرض مقبلة تأتى اليك السرايا يا ابن نبمان ١٤٥- حتى نهضت بجيش والملوك به موفون من آل قحطان وعدنان (١) وسرت بالجيث من بهلى الى سمد الى سياق الى صور فجعلان (٢) جيث به مالك الرسناق ما لك مثمور الثنا فى بغى نضر بن زهران(٣) وناصر وعدى والفتى سسند بنو شماس سليل القرم سرحان والمرعفان القنا فى كل معركة بنو ربيعة والندب بن شيخان وآل عمرو مع الحدان قاطبة فى آل دهمش فى جند ابن جيلان وآل وحثى جميعا فى عطارفة من آل يثئر ومن آل غيلان وآل صلت وهم أهل العناد وهم فيبه وفيه بنو ذهل بن ثيعان وفيه آل عمير يقدمون على صواهل ضمر تموى بغرسان وفيه آل عزيز مع بخى عمر مع آل حمير مع عبس وذبيان ( ١) أشار به 1لى الامراء الذين فى الجيث ٠ (٢) وارادبسياق سيق من هذه الناحية . (٣) وكلنسلط^نالرسقىمعه وهو ملك بن ابى العرب ٠ م ٠ ١ا - عمان عبر التاريخ ج ٣ - ١٤٦ وغافر وشكيل الصوارخ هم فى الروع أثبت من أركان ثملان وآل عبرة فى ابنا عدى وبنو هناة هم خير أنصار وأعوان وآل محرز أرباب العلا وبنو يطاش أهل النمى والأمر ، والشان وفيه آل شهيم جملة وبنو حبس هم فى التلاقى أسد خفان وهكذا مر يصف ذلك الجبش الى أن قال : جيش يعبعبع مثل البحر متلط سم التيار بالموج فى بيد وغيطان حتى فتحت به شم المجادل من وادى بنى خالد من بعد عصيان وكانت هذه القضية ألبست هذا السلطان تاج الشرف وأخضعت أكثر أهل عمان وأبدت هذا المليك على خصومه حيث هى أكبر حادثة فى تاريخه ٠ ولما مات سلطان بن محسن سنة ٩٧٣ وكان ولده المظفر أكبر إخوته تولى الملك بعد أبيه ، وفى ابن رزيق أن الذى تولى الملك بعد فلاح ابن محسن ولده عرار بن فلاح حتى توفى بتاريخ عشر خلون من ثد الحج سنة ٩٩ ولعله بعد تنسع مائة وتسع وتسعين وأنه لم يمكث فى الملك إلا مدة شمرين وفى قول آخر : أن مظفر بن سليمان هو الذى تولى الملك بعد فلاح بن محسن ، وهو الذى بقى فى الملك شهرين فقط ، وف تحفة الأعيان : توفى سلطان بن محسن ليلة الاثنين لاثنتى عثرة ليلة - ١٤٧ - بقيت من ربيع الآخر سنة ٩٧٣ ، وترك ثلاثة أولاد وهم طهماس وسلطان ومظفر ٠ وكان المظفر هو المتقدم عليمم فى الملك الى أن مات وتزك ولده سليمان صغيرا لايقدر على القيام بأعباء الملك، وكان عم أبيه فلاح بن محسن مالكا حصن مقنيات ، فلما علم بموت مظفر جاء الى بهلى وأقام مكانه ٠ قال الإمام : ويقال إنه عدل فى ملكه وكانت مدة ملكه عثر سنين ثم مات وملك بعده سليمان بن مظفر الذى سبق الكلام عليه ، وهو ابن اثغتى عثرة سنة واستولى على الأمر فى عمان ونواحيها ، وأخذ خراج اهلها من الطائع والعاصى والدانى والقاضى ٠ قال : وحاربه أهل نزوى وكان معهم جبرى يقال له محمد بن جيفو ، وعنده جيش عظيم فتآمر عليه النبهانيون والتفوا عليه من جميع النواحى فقضوا عليه ٠ ١٤٨-- عرار بن فلاح بعد موت فلاح تولى الملك ولده عرار بن فلاح بن محسن، وكان طى وتيرة أبيه فلاحف الاخلاق والاعمال والكرم العربى وخصال الملوك، ولم تكن فى أيامم حروب بعمان مما يذكره التاريخ ، وكان ممدوحا من ألسنة الشعراء على اختلاف أحوالممم ، وكان عرارملكا له فى اللك صوت عال فى الافق العمانى ، ولموسى بن حسين شاعرهم فيه مدائح طويله عريضة تدل إن دلت على شى ء فعلى الكرم وحب المثناء ومن اراد أن يعرف مقامه فليلتمسه من شعر شاعره ٠ قال ابن رزيق : مضى عطى طريقة أبيه فى الكرم وحسن الخلق ، وكان عرار المذكور أحد أركان الحرب عندما دخل محمد بن جيفر الجبرى نزوى ، فقام عليه سليمان بن مظفر ، وعرار بن فلاح ، وناصر ابن قطن حتى قنل محمد بن جيفر فى الواقعة ، وعقب محمد بن جيفر ولدا اسمه محمد بن محمد وأمه بنت عمير بن عامر ، فتروجها سليمان ابن مظفر وشغف بها ، فكان يركن اليها ببادية الشمال شتاء ويتولى أمر بهلى عرار بن فلاح ، ويقال هو الذى بنى الركن الشرقى من حصن بملى وزخرفه ونظمه ، وكان يعرف بحصن عرار بن فلاح ، وكان ملك الظاهرة ولمخزوم ملك ينقل، وكل واحد من هؤلاء بدوم الاستبداد دون أبيه وأخيه أن لو ساعدته الأقدار ، فهم أبناء عم أقارب ، وهم من ناحية الملك أباعد وأجانب ، إذكل واحد يرى أنه الأحق بالملك من غيره كما قالت بنو اسرائيل ، لما قيل لمم : ( إن اش بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكونله الملك علينا ونحن أحق بالملكمنه)فهذه الأحقية لاتزال ضاربة أطنابها وواضعة دعائمها فى أدمغة الانسانية ، وأين هم من نفس تحييها خير لك من إمارة لا تحصيها ٠ - ١٤٩ - العجم يماجمون صحار فى هذه الأثناء كانت صحار بيد مهنا بن محمد المهديفى ، والمعجم بجلفار فتحركت العجم لاحتلال صحار منمهنا بن محمد المذكور، فلما علم مهنا بن محمد عما يرومه العجم ، استجاش سليمان بن مظفر ، فلباه سليمان بجيش جرار وعسكر ضخم ، ونزل معه صحار فوصلت العجم بعدها وعديدها على طريق البحر ، فنشبت الحرب بين المفريقين ، وكانت حربا حامية أثارها العداء الخالد بين المطرفين ، ودارت الدائرة على العجم فانهزموا شر هزيمة أرجعتهم الى ورائهم ، وتبين منهم فى الحال عدم الحراك ، فرجع سليمان بن مظفر الى بهلى وهى عاصمة المذكور ، ومعه بنو عمه وهم عشرة ، وإخوته اثنان وهما نبهان ومخزوم ، و أولاد فلاح كان المقدم طيهم كما سبق عرار ٠ وباستقلال مخزوم بملك ينقل بقى عند سليمان بن مظفر من بنى عمه حمير بن حافظ وأولاده الأربعة : وهم حافظ وسلطان وكملان وهود ، ومن بنى عمه ممنا بن محمد بن حافظ ، وعلى بن دحل بن محمد بن حافظ، وكان لسليمان المذكور همم غير هينة وله صولة جبروتية مهزوجة بالدم النبهانى ٠ - ١٥٠ . سليمان بن مظفر وأعماله الغاشمة كان سليمان كما قدمنا عنه جبارا زاد فى جبروته وعتوه انتصاره فى الحركات التى رت ، وكان له وزراء فى القرية وفى أزكى وفى سمد الشمان ، يديرون أعماله ويقومون بأوامره ولا بيالون بما يدخلون فيه من أعماله ، نظرا الى دولته وكانت سمد الشان للجماضم من آل مالك بن فهم ، وهم سكانها ، وكان سليمان جائرا عليهم ضاغطا طيهم يعاملمم بالإهانة التى أوجبت خروجهم من بلادهم وتفرقهم فى نواحى بلاد عمان ثلاثين سنة ، وهم على هذا الحال لا يقدرون على الرجوع الى وطنمم ، وعلى ذلك يلتمسون المخرج من بليته ، ويرومون القيام عليه وأخراجه منها ، وعلى الأقل على القرار فى بلدهم ، وكان بنو هناءة من أنصار سليمان هم المقدمون معه ، وهم يده اليمنى التى يتناول بها وبقية الناس يده اليسرى ٠ وكان يقود بنى هناءة خلف بن أبى سعيد ، وسيف بن محمد بن أبى سعيد ، وكانا عنده قدوة أهل زمانهما فافترقوا فيما بينهما ، بسبب شقاق وقع بين بنى معن وبنى النير ، وكلاهما من آل مالك بن فهم ، وسبب الافتراق امرأتان تخاصمتا على شى ء يسير على الحثيش من مال بنى النير ، فتضاربتا ثم كانتا سبب الفتنة والافتراق ، فانحاز بنو النير الى بنى هناءة ، ورجع بنو شكيل وبنو معن الى سليمان بن مظغر ، فعند ذلك سار خلف ابن أبى سعيد المى داره دار سيت ومعه بنو عمه وكانسليمان بن مظفر فى هذا العهد بالبادية الشمالية ٠ ولما علم سليمان بن مظفر أرسل الى وزيره الذى فى القرية ، وهو محمد بن خنجر ، أن قل لخلف يترك شأن القوم ، أى لا يتدخل فى الأمر ، فأبى وأظهر أنه يريد الإصلاح بين بنى معن وبنى النير ، ولعله يريد أن يجمع شملمم ليكونوا عونا له ، لأنهم من العنصر الهنائى ، فأرسل محمد - ١٥١ - ابن خنجر الى سيده سليمان بن مظفر أن خلفا لم يقبل ما أمرت به ولم يكف عن التدخل فيما بين القوم ، فأرسل سليمان الى وزيره المذكور أن افعل فى أموال بنى هناءة من القرية من كدم ، وكانت أموال للشيخ خلف بن أبى سعيد ، فوقعت العداوة والبغضاء بين الشيخ خلف هذا وسليمان بن مظضر ، وتعكر الصفو واغبر الأفق ، فاشتد الشيخ خلف على تدمير أمواله ، وأمر بنى عمه على غزو بهلى ، فغزوها فقتلوا منما ناسا ، يكتب الوزير بذلك الى السلطان سليمان بن مظفر وأطمه عن الواقع ببهلى ٠ فلما بلغ سليمان ذلك انتقل من الشمال المى بهلى ، وأراد الصلح بينهم وبين بنى هناءة فلم يقع فإن العداوة قد ضربت أطنابها بين الفريقين ، وضرب الشيطان مخيمه ، فيهما كل فويق همته لحرب الآخر ، فجمع سليمان الجموع وهيأ جنده وعساكره لقتال بنى هناءة ، فلما تحقق الشيخ خلف الأمر أرسل الى عمير بن حمير ملك سمائل وتوابعما ييستنصره على سليمان بن مظفر ، فسار عمير بن حمير ناصرا للشيخ الهنائى حتى وصل غبرة بهلى ، فالتقاه سليمان فوقعت الحرب ساعة واحدة بين الزعيمين ، وبعدها رجع كل الى عاصمته (١) وكان الأمير عمير بن حمير ترك للشيخ خلف من قومه حامية فىدار سيت خوف المجوم من سليمان بن مظفر ، وكان هذا الأمير موصوفا بأخلاقى حميدة ، وبحب الخير أكثر من حبه للثر٠ وف هذه الآونة رأى الفرصة لإرجاع بنى جهضم المتفرقين فى بلدان عمان ، المشتتين فى النواحى ظلما وعدوافا بغير حق ، فأرسل اليهم فجاءوه ، وأرسل الى سلطان الرستاق وهو مالك بن أبى العرب جد الإمام ناصر بن ( ١ ) الذى يظهر من السياق أن الامير عمير اخضع سليمان وتأخر عن استمرار الحرب خ ولذلك ترك حامية عند الشيخ خلف خوف أن يتحرك سليمان على الشيخ خلف بعد خروج لامي نيير بن حمع فلينظر فى ذلك . - ١٥٢ - مرشد ، وكان ذا مكانة بين أمراء الوقت ، ولعله لأجل الرستاق ، فجاءه وبصحبته أبو الحسن على بن قطن ، ولما وصل سلطان للرستاق المذكور تفاهم هو والأمير عمير بن حمير فى شأن الجهاضم ،وماهم عليه من الذل والموان الذى ألقاه عليهم سليمان بن مظفر ، وبعد ذلك خرجوا بهم الى سمد الشان فأقروهم فى بلادهم وأيدوهم وناصروهم وأمدوهم بالمال والرجال ، وبنوا لمم مبانى تحفظ كرامتمم من الامتمان وحلول الهوان ٠ وكان إذ ذاك العمانيون وحدهم فى داخليتمم ، وترك معمم الأمير عمير بن حمير بعض رجاله وما يحتاجون اليه من الطعام وآلة الحرب التى فى وقتمم ، ورجع الأمير الى سمائل والسلطان الى الرستاق ٠ — ١٥٣ -- الصراع بين عمير بن حمير النبهانى أمير سمائل واسطان سكان بن ؤ لما رأى سليمان بن مظفر أن مالك بن أبى العرب قام عونا لعمير ابن حمير فى إرجاع الجهاضم ، الذين شرد بهم سليمان وأجلاهم عن أماكنهم ، أضمر العداوة لمالك وللامير عمير ، واستمرت الحرب بين بنى هناءة وسليمان بن مظفر ، فقام الأمير والسلطان وتوجها الى نزوى ، ولعلهما يظهران إرادة الصلح بين الطرفين ، فنزلا نزوى وسليمان بن مظفر فى بهلى ، ولما خردا فى بهلى قام أهل محلة عينى من الرستاق ، فأخرجوا وزير المسلطان من عينى وأرغموه على الخروج منها ، فأرسل الى سليمان بن مظفر يطلب النصرة منه ، فأعانه ببعض قومه ، وقد سر سليمان بذلك ، فأرسل عرار بن فلاح قائدا لجيشه ، فلما بلغ ذلك السلطان أشغل باله ، فهم السلطان مالك بالعودة الى الرستاق ، واذا بالأمير عمير يجاذبه ويرى تأخيره وينوه له فى التأخير بأنه من صالحه ، ولعلها سياسة منه ٠ وهنا استجاش بنو هناءة بعمير بن حمير وأشاروا عليه باحتلال بملى له من سليمان بن مظفر فلبى دعوتهم ، ولما قرب من بهلى ، واستقر بنزوى خسار اليه الشيخ سيغ بن محمد الهنائى من بلده دارسيت ، المى نزوى وجرى بينهما عتاب اقتضاه الحال ، وأخيرا قال الأمير عمير لسيغ بن محمد : خذ من الرجال ما شئت ، وسار بهم المى دارسيت ، وبقى الأمير بنزوى ينتظر ماذا يكون ٠ فلما بلغ خبرهم سليمان بن مظفر وأنهم ربما يحاولون القرية أو سيفم أو بهلى ، فعند ذلك قام سليمان ورتب رجاله على الجمات الثلاث، وكان ذا حزم وعزم، وأقام له بناء على رأس فلج الجزيين حتى لا يتأمل عدوم تدميرم ، وكذلك قبض الخضرا وحارة المغاف وجامع بملى - ١٥٤ - ومعهم حميربن حافظ ، وكان ابن عمه عرار إذ ذاك فى المرستاق فى نفس عينى منها ، فسار سيف بن محمد من دارسيت المى بهلى عنما رأى أن قرى سليمان بن مظفر تفرقت ، وأفها بتفرقها يمون عليه صراعها ، فدخل بهلى من الجانب الغربى حيث تسوروا المسور ، وتمكنوا من الدخول من غير أن يشعر بهم أحد ، فهنا قسم سيف بن محمد جيشه ثلاثة أقسام : قسما على اليمين وقسما على الشمال ، وقسما على الوجه ، وهى التى تواجه الجامع من البلاد ، وأحكم أرصاده ، ورتب مقابضه فى الأ لكن التى يرى لها النفوذ فى البلد ، وحاصر الجامع ومسجد بنى عمر ، وجميع أبواب العقر ، وما بقى لسليمان بن مظفر شىء من البلد الا الحصن والخضرا ، ودارت رحى الحرب بين الفريقين ، فكان المقتل مسلطا على قوم سليمان بن مظفر ، فأخذ جانبا منهم بل قتل أعيانهم فى تلك الليلة التى كان دخول سيف بن محمد فيها ، وعلا صوته فى البلاد ، ونادى بالأمان فى البلاد ، وكان الكثير من أهط البلد لما يرون من ظلم سليمان بن مظفر ٠ ولما وصل الخبر الى الأمير عمير بن حمير بنزوى ، ركب بمن بقى معه ومعه الأمير سلطان بن محمد ، والسلطان مالك بن أبى العرب ، وطى بن قطن وأهل نزوى ، وسار الشيخ خلف بن أبى سعيد الهنائى من دارسيت بمن عنده أيضا من الرجال ، نصرة لأصحابمم ، وكان دخولمم ليلا ، ونزل الأمير عمير بن حمير بحارة الغاف ، وكافت الخضرا فى يد السلطان سليمان بن مظفر ، وبها رجاله ومعهم على بن ذهل ، فأرسل إليهم الأمير عمير ليخرجوا بما عندهم من القوة ، فأقبل طى ابن ذهل على قومه يحرضهم على القتال ، فلم يرمهم التفاتا الى ما يقول ، وهموا بالخروج ، وإذ ذاك بلغ الخبر عرار بن فلاح وهو فى عينى من الرستاق ، فنهض بمن معه ومن قدر عليه ، ونزل القرية وكانت إذ ذاك فى أيديهم ٠ » ١٥٥ وكان الأمير عمير بن حمير وسيف بن محمد قد سيطرا على بهلى ونواحيها إلا الحصن ، وهم يحيطون به من كل الجمات ، وقد أحكموا رصدهم حتى إنهم وضعوا فى شجرة الصبار التى فى السوق برجا من خشب، ورموا منه رجالا فى المحصن فقضوا عليهم، وكذلك قوم الأمير بنوا برجا بالجامع فضرب صاحب البرج رجلا فى داخل الحصن ، ثم زحف القوم طى الحصن فقشعوا جافبا من سور الحصن ، ليدخلوا منه طى من بالحصن فصدهم عسكر سليمان بن مظفر ، ثم إن العسكر رأوا سلامتمم فى الخروج فخرجوا بعد ثلاثة عشر يوما ، وطلبوا من الأمير عمير بن حمير أن يسيرهم بما عندهم ، وسير معمم وزيره ، ثم طلع سليمان مظفر وبنو عمه وعسكره مسيرين من بهلى الى القرية ، وذلك أنه رأى الخلل فىقومه، وأيقن بالغلبة، فلما نزلوا القرية خرج هو وعرار بن فلاح الى الظاهرة ، فعند ذلك أمر الأمير عمير بن حمير قشع الحصن فقشع ، ولم يتركوا منه جدارا قائما على الأرض ، وإذ ذاك جعل عمير خلف ابن أبى سعيد واليا على بهلى من طرفه ، ورجع هو الى سمائل فبقى خلف ابن أبى سعيد فى بهلى أربعة أشمر حتى ليلة ربيع الأول سنة ١٠١٩ تسع عشرة وألف سنة ٠ لم يثسعر خلف بن أبى سعيد إلا وسليمان بن مظفر وابن عمه عرار ومن معهم يدخلون الحضرا وهم فى العقر ، وكان سيف بن محمد وهو ومن معه من أعيان الرجال فى السر من الظاهرة ، فأرسل سليمان بن مظفر لخلف بن أبى سعيد ليخرج من بهلى ، ويسيره بما عنده من عدة ، فعند ذلك استشمعر العجز ، ورأى أنه خارج راض أوكاره ، فعول على الخروج بأمان من سليمان ، وخرج معه من شاء اشه من أهل البلد الذين تظاهروا بالعداء لسليمان،ولماعلمسيف بن محمد وطم الأمير عمير ابن حمير جاءا كل واحد منهما بما معه من قوة ، فأما الأمير عمير حالا هلجم القرية فاحتلها وسلمها لسيف بن محمد ، ورجع هو الى نزوى وبقى بها أياما يفكر فى الأحوال التى هم بصددها ٠ - ١٥٦ - وبعد أيام توف سليمان بن مظفر ، وكان له ولد صغير المسن ، فملك من بعد عرار بن فلاح ، ثم قام سيف بن محمد الى نزوى يطلب المعونة من الأمير عمير بن حمير ، فلبى طلبه وأعطاه رجالا من جيشه ، فدخل بهم القرية وبقى فيها سبعة أيام ، وبعدها هاجم بهم محلة أبى مان من بهلى ويسمونها الآن محلة بيمان ، وهناك أحاط بهم عرار بن فلاح وحصرهم مدة أيام ، ثم طلبوا منه الأمان وأن يسيرهم بما عندهم من المتاع وآلة الحرب ، وبقى له حصن القرية ، وكان ذلك فى السادس من صفر ١٠٢٤ ٠٠٠ للهجرة ، وتمام هذه السنة توفى عرلر بن فلاح فى خصوص الحادى عشر من شهر الحج من نفس السنة ، وملك من بعده مظفر بن سليمان ، وبقى فى الملك مدة شهرين فقط ، وتولى الأمر بعده مخزوم فلاح ، وبقى فى الملك شهرين فقط أيضا فخرج عليه نبهان وسيف ابن محمد المنائى فأخرجاه من الحصن على شرط لا يخرج من الحصن بسلاح ونحوه ، فرأى لابد له من ذلك أى من امتثال الأمر ، فخرج مرغما الى ينقل ، فتولى أمرها مدة وأقام ببهلى نبهان بن فلاح ، واستوزر فيها ابن عمه على بن ذهل ، ثم أخرجه وجعل بدله سيف بن محمد ، وراح هو الى عاصمته مقنيات ، ثم طرد ابن عمه من بهلى وهو سلطان ابن حمير ، وذلك لأنه خافه عليها ، فراح سلطان بن حمير المى صحار ، وتولى أمر بهلى سيف بن محمد ٠ ثم ثار الأمير عمير بن حمير طى بهلى فمنعه سيف بن محمد فرجع الى نزوى ، وكانت نزوى تحت سلطته طيلة هذه المدة ، وهو يرتب أمور الهجوم على بهلى ، وكان رجلا ذا تدبير وسياسة وله عقل غير هين ، ولما رأى الفرصة مواتية دخل العقر من بهلى ولم يعلم به أحد إلا وهو متمركر فيها ، وكان سيف بن محمد فى بلده دارسيت ، فمجم على بهلى ودخل الحصن ، لأن الحصن فيه قومه وبيدهم أمره ، وهنا أرسل الى نبهان بن فلاح يطلب الى بهلى ، وأنها لاتزال بيده فظل نبهان يجند الجنود قصدا الى بهلى ، و أخذ فى الاستعداد لأن عميربن حميرأحكم - ١٥٧ - مقابض البلد ، فأنى له الدخول على هذا الحال ، وبقى سيف بن محمد فى الحصن ، وعمير فى البلد ولم ير نبهان بن فلاح الدخول على هذا الحال ، فرأى الخروج من حصن بهلى فطلب من الأمير عمير بن حمير أن يسيره الى القرية ، فأنعم له بذلك هو ومن معه ، وبما معه أيضا من عدة ، ثم تراجع الأمير عمير بن حمير وسيف بن محمد على حسن الصحبة ولمعونة وا لمناصرة : والناس من يلق خيرا قائلون له ما يشتمى ولأم المخطىء الهبل فرأى لابد له من ذلك أى من امتثال الأمر ، فخرج مرغما الى ينقل ، فتولى أمرها مدة وأقام ببهلى نبهان بن فلاح ، واستوزر فيها ابن عمه على بن ذهل ، ثم أخرجه وجعل بدله سيف بن محمد ، وراح هو الى عاصمته مقنيات ، ثم طرد ابن عمه من بهلى وهو سلطان بن حمير ، وذلك لأنه خافه عليها : فراح سلطان بن حمير الى صحار ، وتولى أمر بهلى سيف بن محمد • — ١٥٨ التهارش بين أبناء العم من النباهة كان سلطان بن حمير، وممنا بن محمد بن حافظ، وعلى بن ذهل بن محمد بن حافظ مسكتمم صحار بالقرب من محمد بن مهنا الهديفى حاكم صحار إذ ذاك ، ولعلهم وهم بالقرب منه يحاولون فيه ما يحاولون فى إخوانهم ، وكان الهديفى المذكور دواعى وبصيرة فى أمره ، وذا حزم على ما فى يده ، وكان الرجل يحاول الإصلاح بينهم ، وابن عممم نبمان ابن فلاح ، فتكون له عليهم يد بذلك ويستريح أيضا من عنائمم ، إذ هم معه بصخة لاجئين ، وكان عمهم المذكور فى مقنيات وهى إذ ذاك جديدة تختال فى صباها عروسا رائعة ، وكان مخزوم بالقرب من نبهان بن فلاح ، إذ كان بينقل وهى أخت مقنيات، وكلاهما فتنة المغتر، فحاول المديفى الصلح بين المذكورين ، ولم يقفق وأين الاتفاق وكل واحد يدعى فى نفسه أنه الملك، وكل واحد يخثى الآخر ٠ وفى هذه الأثناء أشيع أن سلطان بن حمير وطى ذهل يرومان بهلى ، وقد خرجا بجيش ضخم وخميس جرار ، ولما بلغ هذا الخبر الأمير عمير بن حمير ، أهمه فتحرك له وجمع جموعه وخرج بعسكره من سمائل يروم بهلى قبل أن ينزل بها سلطان بن حمير وعلى بن ذهل ، وواصل سيره حتى جاء بهلى ، وكان سلطان بن حمير قد دخل حارة بنى صلت ، وكانت لها إذ ذاك أهمية، ولما وصل عمير بنحمير وتلاه مناصرا له سيف بن محمد الذى كان واليا لبهلى من طرفه ، فدارت رحى المحرب بين الطرفين، ووقع القتال، واستمر الحال علىذلك، وكل يحاول النصر له ، وكانوا أحاطوا الحارة المعروفة بمراصد مهمة ومقابض حصينة ، عند ذلك رأى عمير بن حميرأن الأمر أمبح ليس بمين ، ولذلك أرسل المى من يأمل منامرته، وعند ذلك أيضا لبى دعوته الزعماء الميامين وهم الشيخ ماجد بن ربيعة بن أحمد بن سليمان الكندى بجماعته من سمد نزوى ، والشيخ عمر بن سليمان العفيغ من سفالة نزوى ، والشيخ - ١٥٩ — سعيد بن أحمد بن أبى سعيد الناعبى مع رجال من أهل نزوى من أهل الحلوالعقدفيها٠ وجاءه أيضا ناس من أهل منح،ولما تكالموا ببهلى أحاطوا بسلطان ابن حمير فى حارة بنى صلت ، وطبقوا الحصار عليها ، والقاعدة كما قيل كل محصور مغلوب عادة، ولما ضاق الخناق بسلطان بن حمير، ورأى أنلاحيلة لهعلى زحزحة هذا الحصار إلابالإذعان والتخلى طلب من الأمير عمير بن حمير التسيار والخروج أى الإذعان له والإذن بالخروج من بهلى بعد ما اشتد عليه المحصار ولا يدخل عليه داخل ، ولا يخرج من تلك الحارة خارج وتحقق الغلبة ، فسيره الأمير عمير بن حمير بما عنده عدة وما لديه من قوة ، فتوجه الى الظاهرة واجتمع سلطان المذكور ، وأخوه كهلان ، وعلى بن ذهل ، ومهنا بن محمد بن حافظ ، بمقنيات مدة حتى خاف منهم نبهان حاكم البلاد ، وأوجس منهم أن يخرجو ه من مقنيات ، فاحتال عطى إخراجهم منها قبل أن يخرجو ه ، فمضوا الى صحار لاجئين مع محمد بن مهنا الهديفى ، وظلوا معه سنة كاملة، وإذ ذاك عمل سلطان بنحميرحركة يشتغل بهافىحال قيامه بصحار عند الهديفى المذكور ، فأشار للهديفى أن يغزو دير عمير بن حمير فى باطنة السيب ، لأن عميرا المذكور أصبح سلطانا هاما فى قلب عمان ، ينقض ويبرم ويحل ويعقد ، ويجر الجيوش ، وأصبح مقبولا فى السواد الأعظم ٠ وكان بالمدير الخاص عمير بن حمير أبناء عمه وهم سنان بن سلطان ، وعلى بن حمير ، وسعيد بن حمير ، فأثر ذلك على المديفى فثار ، ولعله احتال عليه بأن عمير بن حمير لابد أن يثور عليك بوجودنا معك ، ويخرجنا نحن وإياك من صحار ، والأولى أن نبدأه قبل أن يعتدىء بنا وهو يريد أن يتذرع بالهديفى ، لأن الحركة تحتاج الى مال ولا مال لسلطان ، فركب الهديفى محمد بن ممنا ومعه سلطان فى جيش كثيف من — ١٦٠ ٠ صحار ، فسبقهما الخبر الى الأمراء سلطان بن حمير ، وعلى بن حمير وأخيه سعيد بن حمير ، وتحققوا خروج الهديفى وربعه من صحار ، قادمين لغزوهم وما كان إلا قدر ما يخلع الرجل نعليه أو يغسل الرجل رجليه وإذا بالقوم هاجمون عليهم ، فالتفت العساكر وسلت البواتز ، فوقع القتال بأسرع حال ، وعظم النزال حتى بلغت لقلوب الحناجر ، فانكثفت الوقعة عن قتلى عديدة من بينهم الأمير على بن حمير ٠ وعند ذلك انفصل القتال ورجع محمد بن ممنا ومن معه مسرعين الى صحار خوفا من مهاجمة الأمير عمير بن حمير ، إذ هو قريب منمم بسمائل ، ولما علم عما جرى طى إخوته وبنى عمه بالسيب من محمد ابن مهنا الهديفى ومن معه وكان إذ ذاك وهو فى بهلى عقد عقيدة الحزم ، وامتلأ غيظا وحنقا على الواقع ، وكان الرجل ذا همة عالية ونفس سامية ، يقال إنه حلف لا يرجع عن صحار حتى يحصدهم بالسيف ، ويحرقمم بالنار ويبدد شملهم فى كل دار ، فأخذ فى جمع العساكر من عمان من حيث تصل دعوته ، وطلب ممن رجا نصرته من كل مكان ، وأرسل الى سلطان هرموز يطلب نصرته فساق اليه جيشا أرعن حمله فى المرااكب محملا بالعدة الكافية من المال والرجال وآلة الحرب ٠ وشاءت الأقدار أن نلقى الى الأمير عمير ما أراد وما لم يرد إذ جاء مركب من الهند بعسكر كثير وقوة حربية ساقته الريح الى مسقط (١) وكانت مسقط للأمير عمير بن حمير ، ولعله جاء بطلب منه من حكومة الهند إذ ذاك وهو المتبادر ، فإن البرتغال إذا ذاك ضربوا على الهند بيد من حديد ، ويحاولون التدخل فى الخليج ، وأن هذه البادرة سوف تممد لمم فيه طريقا يبسا لا عوج فيه ولا أمتاً ٠ (١) الواضح ان الا صرطلب ض البرتغال المناصرة كماطلب من امير هرموز ، غرات البرتغال ان الفرصة قد حانت فخرجت بأسطول ضخم مسلح كما ينبغى ٠ ١٦١- ولا شك أن الطالب لمذه النصرة منهم هو الأمير عمير ، ولما وصل هذا المركب اهتز الأمير وتحركت نفسه ناثطة ، وما يدرى أن عاقبة ذلك وضع اليد على صحار وغيرها بقوة لا يقدر على زعزعتها يوما ما ، وهذه أول بادرة كانت يد الاستعمار تمتد بها بعمان الى ما سيأتى خبره ، وما صار اليه الأمر ولو صبر هذا الأمير على عدوان قومه ، ولم يدخل الاستعماريين فى بلاد المسلمين لكان أولى ، ولكن أنفس الزعماء الذين لا يهمهم امر الدين ، بل يهمهم فقط أمر الدنيا ويرغبون فى الاستعلاء ، على المعادى ولو بذهاب الحياة كلها ، خرج هذا الأمير بجيشه المشار اليه ، وعسكر بالسيب سبعة أيام يرتب الحركة القاضية ، وعند ذلك تحرك المتعصبون لمحمد بن مهنا الهديفى وفى أولهم محمد بن جيفر ، خرج بجيش لمناصرة الهديفى فى صحار ، ولما وصلها استبشر به محمد بن مهنا وأدخله الحصن ، ولما اجتمعا بالحصن جرى بينهما حديث فى بعض الشئون ، وانقلب الحب عداوة ، والمناصرة شرا ، والذى فى قلوب الرجاللا يحيط به إلا الملك المتعال* عند ذلك أمر محمد بن جيفر بالقبض على محمد بن مهنا وإذ ذاك ألقى بنغسه من سور الحصن الى الخارج ، وصاح على قومه الذين فى الحصن وكان بعضهم فى برج داخل الحصن ، فوقع بينهم القتال ساعة من النمار خرج بعدها محمد بن جيفر بقومه من صحار ، ولم يكن يتحقق الداعى لذلك من الجانبين ، ولما وصل هذا الخبر الى الأمير عمير بن حمير توجه الى صحار بمن معه من الرجال ومالديه من القوة برية وبحرية ، وأتى صحار نهار تسعة عشر ربيع الآخر ، واذا بمحمد بن مهنا المديفى وربعه على استعداد للقتال ، فاستقامت الحرب على ساقها طيلةذلك اليوم الى الليل وبعد ذلك اليومهبطتجنود النصارى البرتغاليين من المراكب بما عندهم من آلة حربهم ، وكانوا يجرون أمامهم قطع القطن (م١١-ء٠انءبرالتاريخج٣) - ١٦٢ - ليتقوا بها رصاص بنادق عدوهم ، وكانت الأسلحة غير ما هى طيه الآن ، وكانت عند النصارى مدافع تمشى معمم على أعجال الخشبب فى البر، وعليما ما بقى من رصاص العدو ٠ وكان بالحصن برج فيه عسكر الهديفى فجزت عليه النسارى والمدافع وقطع القطن أمامهم ليقيهم رصاص عدوهم ، وكان الرصاص يلتوى بالقطن فلم تكن للرصاص أهمية كبيرة ، لأنه خلاف رصاص عمدفا ، فإن رصاص هذا العهد حتى الجبال لا تقى منه ولا يقى منه الحديد ، فضربت البرتغال البرج المذكور ، غانهدم وخرج منه قابضوه ، فدخله جبش البرتغال ، وعند ذلك صاح صائح العرب على البرج المشار اليه ، وتراكضوا عليه بالسلاح الأبيض وبما لديهم من قوة فانكشفت الوقعة عن قتل محمد بن مهنا الهديفى زعيم الحصن وحاكم صحار ، ومعه على بن ذهل وكانت الموقعة ليلا ولما علم الأمير عمير بن حمير بقتل المذكورين واحتلال النصارى قوى نشاطه وزاد اغتباطه و اشتد الحرب ٠ — ١٦٣ صحار تتعرض للدمار لا يخفى أن الجيش المنتصر لا سيما اذا كان جيش عدو بالطبع لا شك أنه يفعل ما يهوى ويقضى كما يشاء ، بعد قتل المديفى وقتل أعيان من حماته وأنصاره منهم على بن ذهل ، وسقوط البرج فى يد العدو ، قام عن الهديفى سلطان بن حمير بن محمد بن حافظ النبهانى وأخوه كملان بن حمير ، وابن عمه مهنا بن محمد بن حافظ ، وعسكرهم الباقون فى الحصن ٠ ولما علم الأميد عمير بن حمير أن سيد القوم أى الهديفى قتل ندب قومه للقتال بكل الوسع، فكان القتال بينهم مستمرا فى النخل وف الطرق وفى الحوائر ، حينئذ خرج عميي بن حمير بمن معه من جهة جامع البلد، ولم يتعرض له أحد، وفى أثفاء ذلك قتل سلطان بن حمير الذى قام بالحرب بعد الهديفى وانمزم قومه شر هزيمة ، ولم يجدوا لمم عونا ولا مناصرة ، بل ظلوا أذلاء حيارى لا يدرون أين يتوجمون ، وشأن المنهزم هذا ٠ قال الإمام : صاروا شتاتا متفرقين ، فمنهم من قتل ومن أحرق بالنار ، ومنهم من أسر ومنهم من جرح ، ومنهم من خرج ذاهبا طى وجهه لا يدرى أين يذهب ولا أين يتوجه ، وطى هذا جميع أهل البلد ٠ قال : وأحرقت البلد بأجمعها من أولما الى آخرها، قال : وأقام النصارى فى حصن صحار ، وهذا يدل أن الجيش استباح البلد ، وأرى أهلما الهوان وشمت بهم من كان له علاقة بالهديفى وأصحابه ، ومن لم تكن له علاقة( واتقوا فتنة لا تصيين الذين ظلموا منكم خاصة) ، بل شأن الفقنة شأن النار ، وتمركر العدو فى مركر المسلمين ، واغتفمما فرصة ليضع مخططه الذى كان يحلم به فى قهر البلاد ٠ وبحسب الواقع أن الأمير عمير بن حمير انتصر فى هذه الوقعة - ١٦٤ - انتصارا هائلا ، ورجع الى بلده سمائل جذلا مسردرا ، والحقيقة ليس هو نصر مادام العدو يتمدكز فى العاصمة لمامة صحار مركر سلاطين عمان ، وبعدها سنوالى بقية المراكر ، ولكن الآن المنتصر الأمير ، وفى هذه الآونة أصبح هو الذى له فى عمان الحول والطول ، وءاث النصارى فى صحار ، ودمروا المنازل وقضوا على أهلعا بالفل والهوان ، وأصبح ذلك المعهد مقلم حزن وعويل على من قتل من الرجال ، وأحرق من الأبطال ومن هلك على وجهه هاربا ، وإفها لمن البلاد الفادحة ، ولكن المقدر لابد من كونه والم يتولى من عباده الصالحين ٠ — ١٦٥ ٠ البرتغالع يواصلون عملهم لما قر البرتغال بحصن صحل ، وتولوا أمر البلد ، ورأوا أفهم أهل الحل والعقد ، وأن عمان الد اخلية مملوءة خلاقا وشقاقا وافتراقا وتحزبا وحنانات اغتنموها فرصة فلعبوا دورهم ، والفرص اذا لاحت يغتنمها الرجل الذمر ، فتولوا أيضا بعد صحار مسقط ، وإن كانت لا أهمية لها إذ ذاك بالنسبة المى صحار ، ولكنهم رأوها الحصن الحصين ، لما يحاولون ثم مشوا بعدها الى جلفار فتولوها ، وضربوا بأيديمم على الباب الشرقى لعمان وهو صور فتولوها ، ثم أناخوا بقريات فاحتلوها ، وأصبح الساحلى العمانى بأسره فى أيديهم ، وأصبحت أبواب عمان التى عليها المعول تحت سيطرتهم يفتحون ويغلقون ولا منافس لهم من أهل عمان ٠ ومن هناك أيدوا مسقط لحصانتها وإحاطة الجبال بما ، فتولوا القسم الداخلى من أهله برغم أنوفهم ، فأحاطوه بسور لا يزال باقيا الى الآن ، وبنوا الحصنين الكبيرين على جبالما ، والثالث القلعة على سور الخندق ، وحغروا الخندق وأدخلوا فيه البحر ، وطردوا الأهالى منها إلا ما كان لا يعبأ به خارج السور ، وحصنوها تحصينا كاملا وتمركروا فيها ، وجعلوا لها قوات هائلة ، ووضعوا فيها تجارة هامة ، وعاثوا فيما وأهل عمان فى الداخل ٠ وعلى أثر خروج الأمير عمير بن حمير من صحار ، كان مخزوم أميرا على حصن ينقلع ، وكان سيى ء السيرة فى الأهالى ، وكان قبض على رجلين منهم فأراد قتل أحداهما ، وأمر خادمه ليقتل المذكور ، فأخذ السيف ليضربه وهو يستجير ، وكان من القضاء الذى لابد منه أن وضع مخزوم يده على فم الرجل عند الضربة الثالثة ، والخادم يرسل السيف عليه ، فأصاب السيف يد مخزوم على فم الرجل فجرح مخزوما جرحا - ١٦٦ مات مفه بعد سبعة أيام والله هو الضارب عز وجل ، والرجل المقصود بالضرب عاش بعد ذلك ، إذ مر عليه العبد الضارب ليسحبه معتقدا أنه ميت ، ورجل آخر هناك ، ولما تركم الخادم قال للرجل الآخر : ألا من يعيننى على دفن هذا المقتول ، فقال له أنا حى ، فحمله على كتفه وأدخله البلد ، فعالجه حتى صحا من ذلك ، و عاش باقى أجله ٠ ولما علم نبهان بموت أخيه ركب من مقنيات المى ينقل ، وترك بعض عسكره فى حصن مقنيات للحفاظ عليه ، وكانوا قد ملوه من كثرة جوره وظلمه وفساده وبغيه ٤ وتآمروا على إخراجه من مقنيات ، فأرسلوا الى الأمير عمير بن حمير ، وسيف بن محمد إذ هما المنظوران بعمان وإليهما أمر الخوف والأمان ، فقاما معا ملبين لدعوة المنتصر بمما ، وراغبان فى الملك ، وخرجا بقومهما الى مقنيات ودخلا الحصن ، ولم يعارضهما معارض ولا رأوا من أحد خلافا ، وبقيا بها مدة يممدان أمور ها ، ويضعان خططهما عليها ، ثم توجها المى يفقل لقطع مادة الفساد التى طال ما سئم منها العباد ، فلما علم نبهان بهما خاف منهما وخرج من البلد هلربا يترقب ، ولحق بأخواله الرئائسة طلبا لنصرتهم ، أو قل على الأقل لحمايتهم من الأمير عمير بن حمير ومن معه ، وذلك لاثنتى عشرة من شهر صفر ١٠٢٦ ست وعثرين سنة وألف سغة ٠ وأقام الأمير المذكور ووزيره سيف بن محمد بينقل مدة ولم يريا حركة من أحد ، وإذ ذاك سلم الأمير عمير البلاد لأهلها ، فكانت له بذلك المنة الكبرى وزاد الناس فى حبه ورجع هو الى مقنيات وأرسل الى أط البلد ، فسألمم عن أعمال نبهان المذكور فيها ومعاملته لأهلها ، وأجابوه بأنه كان يأخذ نصف غلة النخل ، وربع ظة الزرع ٠ قلت : ولعله يعتبرها بيت مال وهو الزعيم واليه أمر بيت المال ، فأسقط الأمير عنهم غلة النظ ، واكتفى بربع غلة الزرع ، وأما أموال - ١٦٧ - بيت المال فهى لمن يقوم بالحصن وشئونه ، وجعل عمر بن أبى سعيد واليا عليها ورجع هو وسيف بن محمد الى بهلى ، وفى هذه الأثناء تحرك نبمان المذكور ، واستجاش أخواله آل الريس، وجاء الى الظاهرة ودخل فدى وأقام بها ٠ ثم جاءه بعض أصدقائه فى ينقل ، ولكل أمير أعوان ولكل أحد أخدان ، وحركه فتحرك وأغرااه فقام وواعدوه بالنصرة والمعونة على من يقوم عليه ، فراح مع هذا الواصل ودخل ينقل ليلة النصف من ربيع الآخر من نفس السنة المذكورة آنفا، وأحكم مقابض البلد ويذل قوته لحرسها وسورها بما استطاع أولها وآخرها إلا الحصن الذى هو قلبها ، فإنه كان فى يد الذين ولاهم إياه الأمير عمير بن حمير ، وهم بنو على وحصرهم نبهان واستقامت الحرب ونشب القتال بين الفريقين ، وف هذا الحال خرج رجل من حماة الحصن فى خفية ، وذهب الى آل قطن بن قطن وكان ألأمير فيهم يومئذ ناصر بن ناصر ، واستصرخمم لنصرة قومه المحصورين بحصن ينقل فلبوا دعوته وثار معه ركب منمم يقوده محمد بن محمد بن محمد بن جيفر ، وعطى بن قطن بن قطن بن قطن بنعلى بن هلال ، وناصر بن ناصر بن ناصر بن قطن بمن عندهم من الرجال الذين هم أبطال الرجال، وكانوا ببادية الشمال، ولما دخلوا ينقل قامت الحرب على ساقها بينهم وبين نبهان بن فلاح ، واشتد الأمر إذ كان هؤلاء مهاجمين وأولئك قابضين المبلد ، ومتمركرين فى حصنها ، ودارت معارك حامية وطال لهبها وحميت فارها واشتد أوارها ، حتى ارتفع العفاج وأظلمت الفجاج ولا بد أن يكون النصر حليف طائفة ٠ عند ذلك رأى السلطان نبهان أن كفة القوم ترجح ، وأن ميزان نبهان يخف ، وأن نار العدو يعظم خطبها ، فانهزم جنده وأخذ القتل منهم جائبا كبيرا حتى ضجوا وأرسلوا الى العدو المماجم يطلبون الأمان للخروج ، وانحل أمرهم الى الدمار الساحق ، وكان سيف بن محمد ١٦٨- الهنائى جاء بجيثه لقتال نبهان ، فبلغه خبر خروجه من ينقل فى الطريق ، وأن الرجل تد انهار أمره وتمزق شمله ، وانحلت عرى قوته ، فرجع سيف بن محمد الى بهلى ٠ وكان الأمير عمير فى سمائل يجمع الجموع ويكتب الكتائب وينظم عدة حربه لإخراج نبهان بن فلاح من ينقل ، ولما بلغه الواقع تهيأ لحرب بنىلمك فى الرستاق حيث اشتقوا هم والسلطان مالك بن أبى العرب اليعربى، وكان هذا السلطان هو والأمير عميربنحميركنفس واحدة ، فخرج جيشه الى الرستاق ودوخ بنى لمك وقر قرار السلطان بالرستاق ، وهذا السلطان هو جد الإمام ناصر بن مرشد رحمه اش ورضى عنه كماسوف يأتى خبرإن شاءالله ٠ - ١٦٩ . التفرق عنوان الوهن هذا حال المملكة العمانية فى هذه الأثناءتدور على مقنيات وينقل وبهلى ونزوى وسمائل وسمه الشان والرستاق ، وهنا موطن التهارش القتال والقلاقل والاضطراب ، فصغرت المملكة العمانية حتى أصبحت أشبه بمشيخة قبائلية ، تتهارش على هذه الفريسة حبا للرئاسة ، ولو كانت غي كبيرة الشأن بعدماكانتعمان تسيطر على النواحى النائية الى حضرموت والبحر الأحمر، والى اليمامة والى البحرين مما طم ذلك مما مر ، أصبح اسم السلطنة مقصورا على هذه الرقعة التى هى قلب عمان ، فإنه فى هذه الأثناء صار ملك بهلى للشيخ سيف بن محمد الهنائى ، ومار ملك سمائل الى نزوى، وسمد الشان الىالأميرعمربنحمير، وصار ملك الرستاق الى السلطان مالك بن أبى العرب اليعربى ، وصار ملك الظاهرة الى آل هلال رهط الجبور، وصار الساحل العمانى من صور الى مسقط وصحار وجلفار الى البرتغال، وهكذا لقتسم هؤلاء هذه المملكة السامية المنيعة، وتلاعبوا فيهاحتىصحعلىحالها قول القائل : وتفرقوا شيعا فكل قبيلة فيها أمير المؤمنين ومنبر هذاما أفضى اليه الحال العمانى، فمتى ينجلى الكوكب الدرى الذى يقضى بسعده الجامع ، على نحس المغرق ، الواقع ويجتمع الشمل ويلتئم الثسعث ، وتعود المياه فى مجاريها ، انظر هذه الأحوال فصوت الحق فيها خافت ، وراية العدل فيها مطوية ، وأعلام الشر على الرؤوس لاترال منشورة ، وأوجه العلماء غير مرئية ، ومصابيح الشريعة لا تعرف ، إنا للم وإنا إليه راجعون ٠ قال الإمام رحمه الله : وخربت عمان وعاشت فيها الجبابرة ، وقل فيما العلم ، وذهب منها الخير ، وارتغعت منها البركات ، وانضمت - ١٧٠ - العلماء فى بيوتها ، ولازمت سربها ، كما أمرها رسول اتم صلى الله عليه وآله وسلم ، حيث قال : ( فاذا رأيتم هوى متبعا وشحا مطاعا وإعجاب كل رأى برأيه فالزم حلسا من أحلاس بيتك ) ٠ أفضى الحال بأهل عمان فى هذا الجيل المتهارش أن أمير وبل من أعمال الرستاق من اليعاربة،ولعله منطرف السلطان مالك بن أبى العرب ، احتاج الى قاض فلم يجد قاضيا من أهل المذهب الحق ، فاتخذ قاضيا من أهل الخلاف ، فكاد أن يضل الناس ويزلهم عن مذهبهم ، وإذ ذاك قام بعض أهل الغيرة من أهل العلم فنصحوه وبينوا له مغبة الحال، وما يئول اليه الأمر، فاستجاب ذلك الأميرلهم، فعزل القاضى المشسار اليه، وأرسلوا له رجلا من أهل المذهب، فأخذ العلمعنهجملة من أهل الرستاق، وإذ ذاك لاح للأمة وميض ضياء كانله بعد ذلك أثرا أضاء البلاد ، وأحيا أرواح العباد ، وشع له بالطرف الرستاقى نورا امتد بسلطان الله عزوجل، وقد تعهد الهعز وعلا أن بعث للأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ، ويحفظ لها كرامتها ، ويعيد إليها نبراس حياقها ٠ وكل هذه الأحوال التى نكتب عنها تحتوى علىحكم إلية، وتمتاز فيها أعلاء بفضائل ، وتهوى بها رجال الى الحضيض الأسفل ، واشه ولى التوفيق ٠ فى هذا العهد قامت حوادث بعمان أشبه بإرهاصات النبوة ، وشمرت أحوال ذكرها المؤرخون إن دلت على شىء فإنما تدل عطى إشعاع سماوى يتجلى على ربوع عمان المظلمة بغيوم الغتن التى مرت ، وبظلام الشرور - ١٧١ - التى طال ما أرخت سدولها على هذا الأفق العزيز،وش لأمر من قبل ومن بعد ، ونرى أن نعرض عنذكر ما حكى التاريخ، ونذهب المى الأهم واهـ نسأله العون والرضا إنه كريم منان ٠ هنا انتهى الدور الذى لعبه بنو نبهلن بعمان طيلة تلك المدة النائية التى ما زالت مغطاة بغبار المظالم، ومشحونة بالحوادث السيئة التى تباعدت عن مقتضيات الشرع الشريف ، وأخذت جانبا قصيا عن معالم الحق ٠ . ١٧٢ مقدهة العهد اليعربى بعمان عهد اليعاربة بعمان يشكل عمد١ جديدا للأمة العمانية ، حيث كانت المملكة العمانية انحطت الى الحضيض الأسغل، وتأخرت تأخرا محسوسا، وأصبحت كمشيخة غير كبيرة الثأن وإن انتفخت زعماؤها فى هذه الآونة المعلنة بانتقال الدولة الى اليعاربة، وادعوا أنهم ملوك أو سلاطين، والحال هم إذ ذاك مما يقول القائل: وتفرقوا سبعا فكل قبيلة فيها أمير المؤمنين ومنبر ذلك لأن المملكة أصبحت نهبا مقسما واقتصرت على ما يحدث بصحار فى الساحل الشمالى، وبجعلان فى الجانب المشرقى الجنوبى، وهذه المرقعة أثبه بماترى العين من دائرة القمر، وإن كان إذ ذاك لا أهمية لدبى ولا روح لأبوظبى، ولكن كانت عمان الى الحسا وأليمة وحضرموت وما إليها عدا الممالك الأخرى التابعة لها ، ولكن قال رسول الشم صلى الشم عليه وآله وسلم :(ما رفع لله شيئا إلا وضعه )وقدحكم اش عز وجل على أيام الدنيا بالتداول : فبينما ترى قوما فى الأوج العالى والمحل الأرفع ، وهم فى نمو زائد مالا ورجالا وذرية وعيالا بحيث يصبحون والحال فبم مما يتول القائل : من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم التى يسرى بها السارى وبعد حين ترى الديار بلاقع كما قيلع أيضا : كأن لم يكن بين الحجون الى المخا أنيس ولم يسمر بمكة سامر — ١٧٣ ولما أراد الله أن تستعيد عمان مجدها السالف، ويعود اليما عزها أقام لها الدولة اليعربية ، فقام مجدها ، وعاد شرفها ، كما سوف يقف عليه القارىء إن شاء اشم ٠ قال شكيب أرسلان فى تعليقه علىعمان بعد ما ذكر ما قبل اليعاربة قال : « ولم يتأثل المك » وترسخ قواعده إلا فى أيام ناصر بن مرشد ، وناصر المذكور هو الدعامة الكبرى فى بناء الدولة اليعربية، والحجر الثقيل فى أساسها الذى تقوم عليه ٠ وفكلام بعضهم : أدرك الشه الأمة بالدولة اليعربية ، فجاء الإمام ناصر وجمع شملها وداوى جرحها وأصلح شأنها ، وزالت بسببها النزوانية والموستاقية ، وأصبحت ذات أسطول عالمى هزم البرتغال ، وطهر الخليج من الجنوب الى الشمال ، وأعاد لعمان الشرف الباذخ والمجد الشامخ ا ه ٠ قال شكيب وهو يصف الإمام ناصر : كان من نبعة عربية صريحة ، ومن أقدم الأرومات الإباضية،قال :ولما استلم ناصر الزمام كانت بعض المدن المحصنة فى الداخل بأيدى زعماء يلقبون أنفسهم ملوكا، وكانت مدن أخرى يحكم فيها مجالس شيوخ من أهلها ، ولم يكن بقى من الثغور البحرية بأيدى الأهالى سوى فرضة ( لاوة ) يعنى لوى ، قال :والباقى كان دخل فىحكمأميرهرمز،لى أن قال : وكان إذ ذاك قد استأسد البرتغال ، وظهروا على جلاد الشرق ، ثم ذكر البوقرق الى أن قال : ومن جملة مغازيه سواحل عمان التى كان البرتغاليون فتحوا قسما منها أى من مراسيها ٠ أما المدن البحرية التى كان فيها حاميات برتغالية عظيمة فكانت مسقط وصحار والمطرح ، وقريات ، قال : فسار ناصر بن مرشد أولا الى لاوة، أى لوى فاستعان أهلها بالبرتغال، فأمدوهم بالمال والسلاح، ولكن ناصرا تغلبعليهم وفتح لبلدة، ثم هاجم أنفس البرتغاليين فى - ١٧٤ — المدن التى كانوا فيها فانتزعها منهم وبقيت حامياتمم ممتنعة بقلاعما ليسلها أيد تمتد الى لمبلاد، ثم طرد البرتغاليين من رأس الخيمة، وكان البرتغاليون قد اضطروا أخيرا لأجل الاستقرار فى قلعة مسقط أن يؤدوا للإمام ناصر جزية ، فبعد أن أدوها مدة امتنعوا من أدائها ، فزحف عليهم ودارت رحى الحرب بينهم ، وافتهت بصلح ثقيل الشبروط طى البرتغاليين ، إذ انتزع من أيديمم عدة حصون فى المطرح والقلاع الخارجية فى مسقط، وأجبرهم على عدم التعرض لحرية التجارة وعلى أداء الجزية ، ثم افتتح ناصر مدينتى صور وقريات ، وطرد الأجانب منها ، و بالاختصار فإنه منذ بداية ملكه وضع نصب عينه تطهير البلاد من المعرة الأجنبية ، وفهم فى ذلك الوقت ما لم يفهمه كثيون من ملوك الشرق وأمراء الاسلام ، من كون الأجنبى الأوربى اذا نشب براثنه فى محل لم ينته منه إلا باستخلاص جميع البلاد، واستعباد منفيها من العباد، وأن الأولى بالعاقل توقى هذا المرض قبل أن ينثس، والمبادرة الى اقتلاعه بكل الوسانل قبل أستفحل* قال : وجرت ثورات فى زمان ناصر فأطفأ ثائرتها بحزمه وحكمته ، قال : وقد أكمل عملا عظيما ، وبنى مملكة عمان على بوانيها ، وحررها من السلطة الأجنبية الى أن قال : وكان حازما جادا شائحا فى الأمور، فاضلا تقيا،أحبه الأهالى الخ٠ وبحق أقول : إن الإمام ناصر بن مرشد رحمه اش ، أعاد سيرة السلف الصالح فى عمان، وجدد من المعالم ما أبلته أيدى الزملن، وأعاد المسيرة النبوية متوجة بتاج الإيمان، فهو الذى أعاد المجد الذى كان لعمان أيام الجلندى بن مسعود ، وسعيد بن عبد اشم الرحيلى ، ووضع حجر الإيمان الصحيح رغم أهل الطغيان فكأن عمان بعهد ناصر بن مرشد ، إنما ولدت فى عمده ، وأقام مجدها بعزمه وجهده ، فمو رحمه اشأمةواحد٠ - ١٧٥ مشاهي دولة الإمام ناصر بن مرشد لقد قيض اش للامام ناصر بن مرشد رجالا قاموا بأمور دولته ، وكانوا له أياد قوية ، وسماما حادة ، وسيوفا ماضية ، عاركوا البغاة ، وقاتلوا الطغاة ، وصارعوا العتاة ، ودوخوا أهل الباطل ، وأسسوا دولة ضخمة بعمان امتد لها بعد ذلك صوت عال فى بلاد العرب ، كما سوف يراه القارىء فى هذا التاريخ ، ولكل دولة رجال ، ولكل رجال أعمال ٠ كان يضرب المثل بالإمام ناصر فى الزهد والورع والعبادة ، وكان رجاله كذلك ، واذا أراد اله أمرا هياً له أسبابا ، وأقام له دعائم ، وسخر له من يقوم ببنائه ، وكذلك اذا أراد هدم ذلك ، ودولة الإمام ناصر قامت على أثر رسوخ الظلم والفوضى بعمان ، وهى الفوضى التى خلفها بنو نبهان المذين لعبوا دورا طويلا بعمان ٠ ولا شك أن لكل أمة غراسا وغراس دولة الإمام ناصر العدل والفضل ونشر العلم ، وحمل الناس على الصراط السوى الذى وضعه اشم تعالى لعباده ، وكلفمم سوكم ، ويسر لمم المسير على جادته ٠ ومن رجال دولة الإمام ناصر بن مرشد المشاهير الشيخ العلامة خميس بن سعيد الشقصى الرستاقى ، صاحب كتاب منهج الطالبين فى الفقه ، وهو كتاب من أمهات الكتب ، يحتوى على عدة أجزاء ٠ ومنهم العلامة البطل : مسعود بن رمضان النبهانى ، وهو سيف من سيوف الحق ، قام بواجبه ، وسيأتى ذكره فى حروب الإمام رحمه اش ٠ ومن رجال الإمام ناصر بن مرشد المشاهير الشيخ خميس بن رويشد الضنكى، الذى مازال يقود الجحافل لحرب بغاة الظاهرة ٠ — ١٧٦ — ومن مشاهير رجال الإمام ناصر بن مرشد ، محمد بن سيف الحوقانى، الذى قام بدور هام فى أيام الإمام لإقامة معالم الاسلام فى ربوع عمان ٠ ومن مشاهير دولة الإمام ناصر بن مرشد : محمد بن على بن محمد كان بطلا مقداما لا يرهب ضوضاء السوء ، ولقلقة أهل الباطل وستخبر عنه أحواله فى دولة الإمام ٠ ومن أبطال دولة الإمام ناصر بن مرشد : العالم الهمام عبد الش بن محمد بن غان الكندى النزوى ، مؤلف خزانة الأخيار ٠ ومنهم حافظ ابن جمعة الهنوى ٠ ومن مثساهيرهم : على بن أحمد الذى قاد سرية جلفار كما سوف يأتى ذكره إن شاء اله ٠ ومن مشاهيرهم : محمد بن صلت الريامى ، وعلى بن محمد المعبرى ، وأحمد بن بلحسن البوشرى ٠ ومن صناديدهم : سعيد بن خلفان القرشى ، الذى أبلى بلاء سفا ف دولة الإمام ، ولم أدر من أى بطون قريش الذين بعمان هو هؤلاء الرجال الذبن أقاموا دولة الإمام المؤيد ناصر بن مرشد رحمه الشه، وإن كان معهم كثيون من رجال عمان إلا أن المذكورين هم الرؤوس الذين قاموا بقيادة الجيوش فى حروب الإمام رحمه اش لبغاة أهل عمان ، وبمم قرت دعائم الاسلام بعمان ، وكأن طورا جديدا قام بعمان حتى كأن لم تكن عمان أسلمت قبل ذلك ، ومن جملة قواد جيوش الإمام ابن عمه سلطان بن سيف اليعربى ، وأخرنا ذكره لأنه صار بعد ذلك الإمام الثانى من اليعاربة ، وهو الذى فتح مدينة صور من البرتغال ، الذين طوقوا ساحل عمان بالقهر ، وهو الذى أجلاهم من مسقط فى عهد إمامته ، وطاردهم فى السواحل الأخرى كما يأتى ذلك مفصلا فى إمامته إن ثاءاشه - ١٧٧ - الإمام ناصر بن مرشد رحمه الة لما كان لكل عمل رجال ، وأن الأعمال الدينية يلزم أن ينتقى لما الرجال الدينيون ، والذين تطمئن بهم النفوس لحط الأمانة التى أبت السموات والأرض والجبال أن يحملنها وأشفقن منها وحملما الانسان ، فهذا الانسان يجب أن تكون فيه أهلية صالحة لحمل الأمانة ، أهلية تقوى ، أهلية غيره شم على حرمه ، أهلية تدعو الى العمل الصالح ، أهلية لا ترى لمن خالف دين اللم حقا يجب احترامه حتى يعود الى المصىاط المستقيم، والمنهج القويم ٠ فبعدما تمزق ملك عمان بتلاعب الظلمة وأعمدة الفساد ، وأهل البغى والعناد وانحطت الزعامة العمانية الكبرى الى الحضيض ، واقتحم لاقتناص صيدها كل من لم يكن من أهلها لأمر أرداه الله بأهط الظلم والفساد ، وكان اشه عز وجل بفضله وبرحمته تعهد أن يعيد للامة دينها على رأس كل مائة سنة ، لإقامة الحجة طيها وإيضاح المحجة لما ، حتى لا يقولوا ماجاءنا من بشيرولا نذير ، فى هذه الأثناء وما علم من انتقاص الأرض من أطرافها بقلة العلم ، وظهور الجهل ، أثرا للزعامة الجائرة ، شاء الله أن يمحو ذلك الأثر كما هى سنته فى عباده ، أطلع طالع سعد ينير الطريق ، ويكشف المضيق ، ويرفع نير الظلم والجور ، ويعيد الحرية الى عمودها • أخرج اش عز وعلا فى هذه الآونة السيد الهمام المقدام ، ناصر بن مرثد رحمه الله ، فشع له شعاع فى عالم الدين ، وبرق له من بريق فى أرجاء عمان ، فتحدث بأخلاقه الدينية الركبان ، وعطف الشه عليه قلوب أهل الإيمان ، وألفت اليه عقول أهل الخير فى الوطن ، واذا أحب اشه عبدا من عباده لإخلاصه واستقامته فى الدين ، أعلن ذلك فى الملأ الأطى، ثم نودى به فى أهل الأرض ، وإذ ذاك كان هذا الإمام يتيما رباه الشيخ (م ٠١٢ -عهان عبر التاريخ ج ٣ ) - ١٧٨ - العلامة المحسن خميس بن سعيد الشقصى صاحب منهج الطالبين ، فنشأ نشأة أهل الفضل والإيمان يحمل دينا وإيمانا وتقوى ، مع خصال الخير وأعمال البر التى يتطلبها القائم أو من يقوم بشرعة الشهعز وعلا ٠ وكانت المدرسة الوستاقية غاصة برجال من أهل العلم والعمل تسابق رجالها الى تحصيل العلوم، وتنافسوا فى خصال الفضل، وكانت الرستاق نصيب آباء هذا الإمام حين اقتسم الزعماء الممالك العمانية ، ومازال أمر الرستاق راسخ الأقدام فىآل مالك بن أبى العرب، وكان الإمام المذكور من البيوتات المعروفة شرفا وعزا ، ويقال : إن أباه مات عنه يتيما وتزوج أمه الشيخ الشقصى المذكور وتربى فى بيئته وعلى وتيرته فو فقه الشه للصالحات،وكلميسر لماخلق له، وماجرى به قلم لأزل لا بد من وقوعه ، واذا أراد الله أمراً هيأ له أسبابا ٠ وكان ناصر بن مرشد رحمه اشه من أسباب الخير لعمان فى هذا العمد العصيب الذى كاد تختفى فيه معالم الدين وتموت الروح الإسلامية ولا يقوم لها وجود : -- ١٧٩ — الافتراق داعى الخذلان لقد أشرنا آنفا المى بعض ط كان طيه الحال فى الآونة التى أثار اشم فيما الدعوة اليعربية ، وأقام الشه عز وجل برحمته عبده الأواب ، والسيد المهاب ، عالمى الجناب ، وأحب الأحباب ، ناصر بن مرشد اليعريى ، وكان ملك عمان فى أيدى المتزعمين ، فكانت نزوى لسلطان بن محسن بن سليمان ابن نبهان ، وكانت سمائل لمانع بن سنان العميرى ، وكافت بهلى لسيف ابن محمد الهنائى ، وكانت سمد الثان لعلى بن قطن الملالى ، وكانت أبراء لمحمد بن جيفر بن جبر الجبرى ، وكان صور وقريات ومسقط والجانب الشمالى من الباطنة للبرتغال، وكانت نخل لعمه سلطان بن أبى العرب ، وكانت الرستاق فى يد أبيه ، وبعد موته تولاها بنو عمه ، وكان حصن الغبى لآل هلال رهط الجبور ، وكان حصن مقنيات فى يد الجبور أيضا ، وكانت ينقل فى يد الجبور أيضا ، ومالكما ناصر بن قطن وكانت لمحمد بن جيفر ، وكانت صحار بيد البرتغال وكذلك مسقط ، بل هى العاصمة إذ ذاكلمالها من الأهمية، وكانت جلفار بيد العجم والمالك لها ناصر الدين العجمى ٠ هذه هى الحال التى كان عليها أمر عمان فى هذا العمد ، ولتفرق الملك فى أيدى البغاة حكمة بديعة يعقلها أفراد من المرجال،وش أمر هو بالغه ، وحكم هو نافذه ، واذا أراد اش أمرا كما قلنا آنفا هيأ له أسبابا ، وأراد اشم الذى له كل شى ء أن يعيد نور الشريعة على الأفق العمانى ليكون هدايةلذلك الجيل فىذلك القرن ٠ — ١٨٠ ذكر مؤهلات الإمام ناصر بن مرشد لهذا المصب العالى أولها أنه كان رحمه اشه من بيوتات الشرف كما قدمنا ، فهو من العنصر اليعربى العربى ، وجده سلطان الرسناق وتوابعها ، وقد مضى لها عهد وهى حكومة مستقلة ودولة منفردة بعمان كما عرفت ذلك فيما سبق ٠ ثم كان هذا الهمام النجيب علامة فقيها وسيدا نبيها ، والفقه فى المدين هو الحجة التى يعتمدها الزعيم المسلم ، ثم كان على جانب عظيم من الزهد ، فكان أزهد أهل عمان فى عصره ، والزهد فى الدنيا من صفات عباد اله الصالحين ، فلما رأى أهل العلم فى وقته هذه الخصال متوافرة فيه ، ورأوا الحال العمانى متفكك القوى ، جعلوا ذلك العون الصالح لمم لا سما وقلوب الناس متوغرة من فعل الجبابرة ، وبصفة عامة رأوا تلك الداهية الدهياء البرتغالية ، تهم بالتهامهم ، والفرص اذا لاحت وجب اغتنامها ، وهنالك أقام العلماء هذا العمود الصالح ، لأن يستند عليه الدين فاجتمعوا على بيعته والحمد لشم ٠ -- ١٨١ — العلماء المنين اجتمعوا على البيعة لهذا الإمام لا يخفى أن أمرعمان من قديم المزمان مازال الى طمائها، وهم المذين يحلون ويعقدون ويقومون ويقيمون ، فى هذه الآونة شاء القدر أن تكون له ثلة من رجال المعلم ، أهل الفضل والهدى والرشد والتقوى ، الذين يعلو بهم البناء ويقوى ، وف مقدمتهم الشيخ العلامة خميس بن سعيد الثقصى والعلامة الجليل مسعود بن رمضان النبهانى السمدى النزوى ، والعلامة الصالح صالح بن سعيد الزاملى النزوى العقرى ، والشيخ العالم خميس بن رويشد المحروقى، والشيخ العلامة الجليل عبد اشه بن محمد بن غسان مؤلف خزانة الأخيار ٠ وقال الإمام السالمى رحمه الله: قيل إنجملة العلماء أربعون عالما أو يزيدون ، فكان الأساس بهم مكينا والبناء قويا والحمد لشه الذى بنعمته تتم الصالحات ، ولا يخفى أن ذلك من حسن حظ هذا الإمام وش فى خلقه أسرار ٠ قال الإمام السالمى رحمه لله ، وهو يذكر الإمام ناصر بن مرشد : وهو أول إمام من اليعاربة ، وأول من قامت به دولتهم ، وكانوا قبل ذلك كغيرهم من العرب ، أى العمانيين رؤساء فى الرستاق وما يليها ، أى كانت الرستاق وتوابعها نصيبهم منملك عمان إذ ذاك، فإنهم من العنصر النبهانى، وكان النباهنة كما علمت اقتسموا الملك بعمان، الى أن قال : وسبب ذلك أى اجتماع المسلمين بعد فرقتهم أى بعد الافتراق الذى تقدم ذكره الى رستاقية ونزوانية ، وبسببه خذلهم الشم وتسلط عليهم الظلمة يسومونهم الخسف ، وما وقع عليهم من أمراء الظلم وملوك العشم من تراكم الفتن وشدة المحن ، واختلفت آراء أهل الدستاق ووقعت بينهم المحنة والشقاق ، وسلطانهم يومئذ مالك بن أبى العرب المقدم ذكره ٠ وهذا يدل أن أهل الرستاق اذترقوا فيما بينهم ٠ قال : وهو جد — ١٨٢ — الإمام ناصر بن مرشد ٠ قلت : لقد وضعت نسبه المى يعرب بن عمر بن نبهان فيما كتبته من أنساب أهل عمان ٠ قال : ثم مات مالك وبقيت المرستاق فى يد بنى بنيه وهم أولاد عم الإمام ، فقبين منه أن الإمام عند موت أبيه كان يتيما ، وقد صح أن الشيخ خميس بن سعيد ، وهو من أكابر أهل الرحاق ، تزوج والدة الإمام ناصر ٠ قال : فتراسل المسلمون وتشاوروا أن ينصبوا لهم إماما يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ، وقدوة المعلماء يومئذ خميس بن سعيد الشقصى المرستاقى ، صاحب منهج الطالبين ٠ قيل : وفيهم مسعود بن رمضان النبهانى من أهالى سمد نزوى ، وصالح بن سعيد الزاملى من عقر نزوى أيضا ، بلقيل إن عدة العلماء يومئذ كانوا أربعين عالما أو يزيدون قال ولعلمم لم يحضروا البيعة كلهم بل حضرها بعضهم ، ورضى الباقون ٠ وكانت بينهم المراسلات والتشاور فوقعت خيرتهم على ناصر بن مرثد وكان فيما قيل ربيبا للقاضى خميس بن سعيد ، وكان قد عرفه قبل ذلك ، فدلمم عليه فرضى به الجميع ٠ قلت : كيف لا يعرفه وقد رباه تلك التربية الصالحة، وأخذ به الى المنهج الذى أراده الش من المسلم فزاده العلم شرفاعلىشرفه، وتوجته التقوى تاج المحبة والصفا ٠ قال : فعقدوا عليه الإمامة بالرستاق فى عام أربع وعشرين بعد الألف ، فكان مسكنه قصرى محلة من الرستاق أى عند شيخه زوج أمه ذلك العلامة القدوة سيد العلماء يومئذ ٠ قال الإمام : الممالك فى يد الرؤساء يثير بذلك الى ما قدمناه، فقام بأموره رجال اليحمد بأنفسهم وأمدوه بأموالهم وذخائرهم ٠ - ١٨٣ - قلت : وفى مثل هذه الأحوال يحسن إنفاق المال ، ومن طلب الخير فليحتمل فيهكل ما عز وهان ، فإن سلعة اشم عز شأنه لها ثمنها الرفيع ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الشم فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا ) الآية ، ومن طلب العلياء لم يغلها مهر ، قال : وأجمعوا أن يهجموا على القلعة ليلا ، فما كان إلا أن حميت حفائظهم وتجردوا للمصاعب ، فما شعر بنو عمه وهم فى تلك القلعة الشماء فما شعروا إلا وأسود الشم يقتحمون عليها ، فاستفتحوها وكانت لهم فألاللفتح، فإنها من أصعب الحصون فى ذلك العمد الذى لم تكن الآلات النارية موجودة فيه ولا السلاح البارودى أيضا موجود ولكن عزائم الرجال هى السلاح الفعال ٠ - ١٨٤ - الزحف على نخل ولما تم فتح الرستاق وقبضت عليها يد الحق سارت الركبان فى أرجاء عمان بهذا الحدث الداهم ، واذا بالقلوب تنصرف اليه ، واذا بالرجال تتشوف عليه ، فزحف على نخل يقدمهم الرعب ، وفى نخل عمه سلطان بن أبى المعرب ، فأحاط بها أياما وحاصرها حصارا عاما ، فما كان هنها إلا أن خضعت للحق وسلمت الأمر ، وعلتها راية العدل ، وأيقن المسيطرون على الحصون أنها زائلة عنهم ، فنزل عمه من قلعتها وعلاها الحق فقرأعلى عرشها ٠ ومن حيث إن أهل البغى يسوءهم ما يرون من العدل الذى يقهر أياديهم على روائها ، ويردهم عن غيهم ، فثارت عليه فرقة من أهلها ممن لا يرى إلا الفساد ، فما شعر الإمام إلا والقوم محيطون به ، فحصروم ف قلعتها ، فجاءه رجال اليحمد ففرجوا عنه الحصار وبصروه على عدوه ، فبدد الله شمل الأعداء ، وأقام أعلام الهدى برجال أشبه بصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم عاد الإمام الى الرستاق ، فكانت عاصمته ، وفى هذه الأثناء جاءته دعوة من أهل نزوى يدعونها لملكها وإزالة ما بها من ظلم وجور فلبى دعوتهم ، وخرج على شريطة المناصرة والمساعدة والمعاضدة والمؤازرة ، لأن الإمام لم تكن عنده مواد كافية ، لأنيسقند عليها ٠ خرج الإمام من الرستاق على طريق الجبل الى نزوى فلم يشع خبر خروجه حتى نزل بسمد نزوى فى شرجة صغد ، واذا بالداعين له لم يفوا بما وعدوا ، ورأى الأمور غير متهيأة للمرام ، فرجع منها المى الموستاق ، ثم تواصلت سلاسل الطلب من عدة أناس منهم الشيخ أحمد بن سليمان الرواحى فى رجال من بنى رواحة ، ومنهم وفود من مانع بن سنان العميرى أمي سمائل إذ ذاك ، فأقاموا معه يطلبون منة القيام على سمائل - ١٨٥ - ووادى بنى رواحة ولعل مانعا كان طلبه اختبارا لنوايا الإمام ، واكتشافا لماعليه من القوة، فإنه بعد ما تبين نفاقه وكان أحد المناوئين للامام، فإن الإمام رحمه اشه اعتمد عليه فى الأموال ، فتجلى ففاقه سافرا ، ففى هذه الآونة أعلن الخضوع للإمام والانقياد للأوامر، فجاء الإمام برجاله المخلصين على طريق خدث حيث كانت نخل تحت سلطانه ونزل وادى بنى رواحة ، ولعل أحمد بن سليمان كان يحاول المال الذى غرقه الإمام محمد بن اسعاعيل الحاضرى، ومانع بن سنان يحاول أيضا أحوالا، فأقام الإمام بهذه الأيام فى هذه الرقعة آملا من الداعين الصفا والموفا ، فداربينهم مدار النظر، وعلاصوت الحق على البلطل، فأسلمت له أزكى قيادها ، والشيخ الشقصى هو زعيم فى هذه الدولة الفتية الجديدة ، التى تحمل مشعل النور لتضىء الظلام الدامس المتراكم، ثم إن الاتجاه الى نزوى من هذه الطريق التى مهدها اللم عز وجل لعبده الصالح ، وعصبته الميامين ٠ فدخل الإمام نزوى على حال هدوء واطمئنان ، كما دخل أزكى كذلك ، فكانت هذه الخرجة مباركة يحيط بها التوفيق ، فنزل الإمام بالعقر إذ هى مركر نزوى من العهد القديم ، ولكن تحرك بنو أمبو سعيد من أهل العقر ، وكانوا إذ ذاك قوم غلبت عليهم الأهواء ، ودخلتمم حمية جاهلية ، وباينوا الإمام بالسوء السافر ، وتظاهروا بالحمية الجاهلية ، ولكل قوم مقاصد ، فشايعهم من سوقة نزوى قوم آخرون ، وضعوا مخططعم لقتال الإمام عند خرجه لصلاة الجمعة، ذلك لأن الإمام يخرج للصلاة على حالة هادئة غيد متهيىء لحرب هكذا فى أنفسهم ، ولما صح مع الإمام أمرهم ، وتحقق صحة القصد ، أمر بإخراجهم من البلاد وطردهم من أماكن الإمام ، فقد صاروا محاربين ، وأمرهم الى الإمام ما يراه فيهم ، فأخرجوا من نزوى صاغرين ، وذهبوا عن الأرض لاجئين ، فكان فريق منهم عند مانع بن سنان وهم لملجممور فا واهم ٠ - ١٨٦ وبذلك انكشفت خيانته وأسفر عما أضمر، وكان أعطى الإمام العهود والمواثيق على الطاعة ء ولكفها مواثيق نفاق وعهود ضلال ، والتجأت فرقة منهم الى سيف بن محمد الهنائى ، وكانت بهلى إذ ذاك بيد المذكور ، وحركته طى حرب الإمام فما شعر الإمام إلا والممنائى يعلن الحرب على الإمام فى نزوى، فقابله الإمام بالمثل، وأمر فى أثناء الحرب ببناء الحصن الذى أسسه الإمام الصلت بنمالك، فأتم الإمام بنيانه، واستقر قرار الإمام بنزوى، ولم يفلح الهنائى فى سعيه، ورجع الى بهلى خائفا يترقب صولة الإمام، فتركه الإمام فى الحالعلىماهوعليه لعله يتراجع أو يرجع المى الحق ، فإن أنشودة المسلمين هى الرجوع للحق ، وفى هذه الآونة جاء أهل منح يطالبون من الإمام القيام بالعدل فى بلادهم، فخرج لهم بجيش أخضع به منح وتوابعها ، وقضى على الفساد الذى بما وقد ظاهره أهلها وأمدوه بالمال والوجال ، وظهر علمهم بين أعلام المسلمين ٠ وبعدما أتم أمر منح عاد الى نزوى ، ثم جاء أهط سمد الشان يدعونه الى ملكه وكان المالك لها على بن قطن الهلالى ، كما قدمنا بيانه فجهز الإمام لها جيشا ولى قيادته الى ذلك العلم مسعود بن رمضان النبهانى ، فأخضعها راغمة وتخلى الهلالى منها وتولى القائد أمرها ، ثم جاءت رجال الشرقية وعاصمتها إذ ذاك ( أبراء) ، وكان المالك لها كما ذكرنا سابقا محمد بن جيفر بن جبر ، فلبى الإمام طلب القوم ، فجيش لها جيثسا ضخما فاجتاحها تياره ، وبفتحها انتهى أمر الشرقية ، ولم يبق فيها منافس الى جعلان ما خلا صور بالساحل الشرقى ففيها البرتغال ، وكذلك فى قريات ومسقط وصحار ، فإن البرتغال تولوا الأبواب من عمان ٠ ولا شك أن الدخول والخروج من الأبواب وأما الاقتحام من الخلف فأمر صعب لا يصار اليه إلا بعد ما يتعذر أمر الأبواب ، والمنغشمون يتهورون فى الأمور ، إلا اذا توفرت القوى ، وبعد هذه الآونة سحب الإمام جيشه لمحاربة الهنائى ببهلى ، حتى اذا قاع المرخ من حدود بهلى ، - ١٨٧ - رأى فى الجيش بعض الفتور ،ولطهناك شيئا من الدسائس متى تعترى الجيث فى بعض الأحيان ، فإن النوايا تعتريها فى بعض الأحيان أحوال تخالف سياسة الوقت، فرجع الإمام علىغيرحرب، واستقر بنزوى وطن الإمامة بعمان ، وبعد مدة اجتمع له جيش ضخم من عمان ، فتوجه به لبلاد الظاهرة وترك المنائى ببهلاه حتى يحين وقت حينه ، فافتتح هذا الجيش وادى فدى وهو مفتاح تلك الثغور ، فبنى حصن فدى ، ورأى من أهل علاية ضنك عونا ناشطا ، ومساعدة فعالة ، ذلك لأن القائد لهم ذلك البطل الشيخ العالم خميس بن رويشد الذى قدمنا ذكره ، ولا شك أن أهل الخير يدعون للخير ويعينون عليه ، ولما فرغ الامام من أعماله هنا انسحب بجيشه متفقدا للبلاد حتى انتمى الى سمد الشسان ، وأكثر الجيث فى هذه المرة بنو ريام ثم عاد الى الرستاق ٠ - ١٨٨ - النفاق يثير الشقاق ويدعو الى الافتراق كان الإمام ناصر بن مرشد رحمه الله يغلب عليه الحلم ، ولذلك يعاهد الناس ثم يخونون فيعرض عنهم استبقاء لهم وحقنا لدمائهم ، وقد علمت رجوعه عن أهل نزوى ورجوعه عن أهل بهلى ، وهكذا غالب أحوال أهل العصر ما لم يروا بريق السيف ، فى الآونة هاجم محمد بن جيفر بلدة نخل واحتلما ما عدا قلعتها ، فنهض إليه الإمام بمن معه وشد عضده رجال المعاول ، فلم يبق لمحمد بن جيفر ما يتعلق به مما كان رامه ، بل لم ييقوا بنخل إلا ليلة والليلة الثانية هربوا من المبلاد ، وعلى كل حال أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض فالحق هو المباكى والباطل هو ألزائل ٠ - ١٨٩ — الظاهرة تظمر عدائها تحركت عصابات الفساد بالظاهرة ، حين رأوا حلم الامام لأرشد لايعاجل الجناة بالعقاب، وذلك ممايجرأأهل الباطل فى هذه لأثناء، وعندما فرغ الإمام من نخل اذا بالغبى تتعرض لفساد عاجل عندما وصل الإمام الرستاق ، وقر قراره بها ، تواطأت رجال الظاهرة على حرب الإمام ، واشتهر به ال هلال وهم رهط الجبور ، ومعهم طغام الظاهرة الذين لم يعرفوا إلاسفك الدماءوالسلب والنهب والتمرد والعتو على أهل الحق ، وكان مجتمعهم بحصن الغبى بين العراقى وعبرى ، فجاء ذلك البطل المقدام الشيخ خميس بن رويشد يستنهض الإمام ، ويذكر الأحوال ويحركه على قطع مادة الفساد، فثار البطل المجاهد الزاهد العابد ، وجمع الجموع وتولى قيادتها بنفسه حتى نزل بالصخبرى ، وجاءه أهل المسر الذين لايمالئون أهل الباطل، وجاءه رجال الضحاحكة يحملون اليه المال ، ويسوقون اليه الرجال ٠ وهذه الأعمال هى التى تخلد لأصحابها الذكر الحسن الذى يشتاقه أهل الإيمان، فزحف على الغبى وتلاقت الأبطال، وتزاحفت المرجول، ودارت رحى الحرب ، ونادى منادى الدين والإيمان ، هلم ياحماة الأوطان، من أبطال عمان، فوقعت بين الفريقين مقتلةهلك فيها الكثير من المسلمين وغيرهم ، وقتل فيها أخو الإمام وهو جاعد بن مرشد ، وانكثسفت الوقعة عن حال يسىء الطرفين ، ولم تنته إذ ذاك فعاجل الإمام عبرى التى هى عروق الشر ، فقبض على ناصيتها ثم عاد الى الغبى وحاصرها حصارا قضى بإذعانها له ، فخرج بغاتها وتولاها الإمام ، وولى فيها خميس بن رويشد المذكور ، ثم تولى حصن بات ، وكانت له أهمية إذ ذاك فولاه من ارتضاه من أهل الرسقاق من يعلم ثقته وحزمه ، وناصره بمحمذ بن سيف الحوقانى وعهد اليهما بفتح ما بقى من حصون الظاهرة ، إذ هما محل ثقته وأمانته ، ويعلم حقيقتهما ٠ - ١٩٠ - ورجع الإمام الى وطن الإمامة نزوى ، وف هذه الأثناء وبعد العلم برجوع الإمام من حرب الغبى ومتعلقاتها ، ثارت عليه ثلرة البغى من آل هلال الذين مازالوا إذ ذاك شرا مشتعلا لايزال يظهر ف بقاع من عمان ابتلاء من اش لأهل عمان ، حتى يميز الشم الخبيث من الطيب ، واش يبتلى عباده اختيارا لهم، ولا شك أنه العالم بأحوالهم،ولكن تلك سنته تعالى فتجمع آل هلال ومن معهم بضنك ، وضربوا معسكرهم بالأفلاج ، وظلوا غزاة على الظاهرة حيثهم بادية على طائراتهم من النوق فى ذلك العهد، فالتقاهم المولاة الذين قررهم الإمام حماة لتلك النواحى، ففضوا فضا ، وقضوا على جمعهم واستولوا على إبل قطن بن قطن زعيم القوم ، وحاصروا حصنه ، وكان هو خارجا منه فجاء الى الإمام معتذرا متبرئا متنصلا مماوقع أنهلم يكن بعلمه ولا بأمره، فسلم الحصن للإمام على أن ترد له إبله ، فردها الإمام عليه وهو القرصان المنافق والمفسد فى الأرض ، أحد قطاع طرقها وأكبر بغاتها ، يعامله الإمام رحمه اش معاملة المؤلغة قلوبهم المرجورجوعهم المحذور فسادهم ٠ - ١٩١ - الإمام يعهد الى ولاته بفتح باقى حصون الظاهرة بعد افتهاء قضية عبرى والغبى ، وما كان للإمام فيهما من النصر المؤزر رجع الإمام الى نزوى وعهد المى الولاة الذين تركهم على الغبى وعلى عبرى ، وبات وأمرهم بفتح ما بقى من حصود الظاهرة ، لأنه خلف لديهم جيشا ضخما من هييته ، وجحفلا جرارا من المرعب يقوم عنه مع ولاته بفتح ما بقى من الحصون ، فإن هيية الحق هى التى تدوخ جنود الباطل وتدعم زعامة المسلمين ، فإن بنى هلال وهم رهط الجبور خرجوا على الظاهرة آملين أن ينالوا مرادا أبعد غيبة الإمام ، فتجمعوا بضنك كما قدمنا ، والتقاهم الولاة بقلوب غير مرتاعة ففضوا جموعمم ، وأخذوا إبل الطاغية قطن بن قطن ، ولما خضع المذكور للامام رد الإمام عليه إبله ، وليته ما دها عليسه لأنه شيطان ، ولو قبلها الإمام لكان خيرا له وللمسلمين، ولكن غلب على الإمام الحلم الذى عرف به ٠ ثم حاصر الولاة حصن مقنيات وكان بيد الجبور ، فثار الجبور بجيش ضخم من طغام الظاهرة الذين لا يفقمون دينا ولا يهتدون سبيلا ، وبعد ما رأوا عجزهم انقلبوا الى حصن بات نظرا الى أنه واسطة العقد فى طريق المسلمين ، واذا قبضوه رأوا أنهم قبضوا طريق الثورة من ناحية الشرق ، والتقاهم الولاة هناك ، فدارت بينهم المعارك منذ صلاة الفجر الى نصف النهار ، وكثر القتل وعظم الخطب ، ولم تزل الدماء سائلة والسيوف تعمل فى الرجال من الجانبين ، وكادوا أن يعجزوا عن دفن المقتلى ، فكانوا يحفرون الحفر ويرمون القتلى فيها السبعة والثمانية ٠ وهكذا ولم يتسلط البغاة على حصن بات إلا أن شوكتمم بقيت ناشطة ، والقلوب بسبب القتلى حرى دامية جريحة ، وعند ذلك سار الإمام من نزوى ، ووصل بهلى وكان المنائى السالف الذكر أحد البغاة العتاة ، وأحد الذين ناصروا الجبور ، فرأى الإمام قلع هذه الشجرة - ١٩٢ - الفاسدة ، وعند ذلك ثارت الجبور لمناصرة الهنائى ببهلى ، لأنه أحد أركانهم فى حرب الإمام ، وولاته وكان دخول الإمام بهلى ليلة عيد الحج ، وكان المنائى قد استعد لحرب الإمام لعلمه أن أفعاله تستدعى ثورة المسلمين عليه ، وأن الإمام لابد له من زحفه طيه ، ولكن البغى يصرع صاحبه ، فحاضره الإمام وجيش البغاة ، فاقتتلوا فى البلاد وحواليها وحول حصنها ، ودارت معارك دامية وقتل من جيش الجبور أحد قواده وهو قاسم بن مذكور الدهمشى ، وقتل معه رجال كثيرون ، ورجع الجبور منهزمين ، وبقى المنائى فى حصنه ولم يزل محصورا حتى رأى أن لابد له من الخروج فطلب الأمن من الإمام فأمنه هو ورجاله وماله وآلة حربه ٠ وتولى الإمام الحصن وولى طيه والياً ورجع الى نزوى ، وكان الإمام ناصر ابتلاه اشه بالبغاة من عمان ، ومازال هو وإياهم فى أزمات متتابعة وثورات حامية ، كلما سكن حركة بلد قامت عليه أخرى ، والمال قليل والحروب تتوالمى ابتلاء من اشه عز وجل لتعلو منزلته مع اش ، وكان من عباد المسلمين وزهادهم ، لا يميل الى الدنيا ولا يطمح اليها ولا ترتفع عيناه الى رياشها كل همه إنصاف مظلوم وإغاثة ملموف والنمى عن المنكر والأمر بالمعروف ، والناس ظب عليهم العتو ولا يبالون بأمر الدين ، ولا يراعون إلا الرئاسة التى يرفعون بها خسيستهم ، ويأكلون مما هب ودب ولا يسألون عن حرام ولا حلال ، لأن العهد الفاسد طال عليهم عهدا طويلا كما عرفت ، ويرون الإمامة تمنعهم عن هطالبهم وتقهرهم عن ماربهم ، ولذلك يتكاتبون ويتعارفون بأن يفاصر بعضهم بعضا ٠ — ١٩٣ مانع بن سنان العميرى ثعلب سمائل كان مانع بن سنان واليا على سمائل ، ولما جاء الإمام ناصر بن مرشسد المى وادى بنى رواحة انضم مانع الى الإمام ، وكان من أقرب الناس اليه، وتظاهر للامام بالطاعة والصداقة، فأقره الإمام على سمائل ، بل ترك عنده من جيش المسلمين فرقة ، والذى يفمم من حال مانع بن سنلن أنه يريد الإشاعة بأنه مع الإمام على حال اتحاد ليتقوى بذلك فى أعين أعدائه، أو أنه يريد المكر بالإمام ليكون الإمام طوع رغبته، فإنهكان منجملة الداعين للإمام الى ملك سمائل، وقبض وادى بنى رواحة لأنه المضيق الذى يفضى من داخلية عمان اليها ، ومن سمائل المى عملن الداخلية فإنه هو الحلقوم، كما أن وادى المعق كذلك لشرقية عمان ، واتفق مانع بن سنان مع الإمام على أن يسير معه الى نزوى ٠ ولما طرد الإمام أط عقر نزوى وهم أمبو سعيد حين رأى منهم ما يخل بالأمر ، ورأى نفاقهم المعلن شقاقهم التجأ فريق منهم الى مانع ابن سنان فى سمائل ، فآواهم بعد العهود والمواثيق التى واثق بها الإمام على الطاعة، فتوجه الى الإمام لحرب المذكور، وعندما وصل الإمام سمائل لباه مانع بن سغان ، وتصنع للأمام بالأكاذيب الخاطئه وصالحة الإمام على ألا يخرجه من حصنه ، ويكون تابعا للامام مذعنا للحق ، فتركه علىماهو عليه وفى الآونة الأخيرة كاتب سيف بن محمد الهنائى الذى كان ببهلى سرا على الإمام، وجمعا الجموع ودخلا نزوى، واحتويا على العقر وجميع شئونه ، ولم يبق للامام إلا حصنه و هو محصور فيه ، وكادوا يحتلونه كليا ، هموا أن يقتلعوه من أصله وهم جموع وافرة ٠ وعند ذلك قيض الشه للإمام أنصارا يؤيدونه فجاء ه أهل أزكى ورهط من بهلى وقوم من بنى ريام ففرجوا أزمته وقاتلوا عنه حتى أيده اشم بمم، ولما تم أمر نزوى وظهر أمر الإمام على عدوه، هم بهدم حصن ( م١٣ - عمان عبر التاريخ ج ٣ ) - ١٩٤ - مانع بن سنان فى سمائل لئلا يكون مأوى لبغيه ، فخرج الجيش له حتى سمائل ، ولما علم مانع بن سنان بالقصد هرب المى فنجا راجيا أن يرجع الجيش عن الحصن حيث إن مانعا غير موجود به ، فقضى الجيش على حصن مانع ، ولما تحقق مانع هدم الحصن راح الى مسقط ملقمسا له مناصرا ، ومنها المى لوى عند محمد بن جيفر ، ثم راح الى جلفار وكل هذه الأماكن التى راح لها ف يد البرقغال إذ ذاك، وكان يحاول النصرة منهم ، ورأى الإمام أن قتل مانع بن سنان أمر لابد منه ، فأمر الإمام مداد بن هلوان فعمل مداد الحيلة لمانع، وتعارف مع والمى لوى حافظ بن سيف ، فكاتبه مداد وأطمعه فى إدخالمه حصن لوى ، وأخذه من يد الوالى بالحيلة ، فتواعدا فى ليلة معلومة ٠ وكان إذذاك فى دبا عند الشحوح فجاء فرحا مسرورا طامعا فى حصن لوى ، ونزل صحار ليدبر هو ومداد الحيلة لحصن لوى ، فعين له مداد الليلة الموعودة، وإذ ذاك فرق الولى عسكره فى البلاد كأفمم جواسيس يتجسسون أحوال البلد ، وتعاهدوا أن يلتقوا فى مكان خاص ، ويكون مانع قدصل ذلك المكان،فما شعر ماغع إلا والرجال محيطة به من اليمين والشمال ، فقبضوا عليه قهرا وقطوه صبرا وأراح الله المسلمين منه ، هذه قضية المذكور أوردناها مسلسلة حتى الفهاية ٠ — ١٩٥ - الإمام ناصر بن مرشد يجدد حصن سمائل بعد خروج مانع بن سغان من سمائل فارا من الإمام ، وتولى الإمام الحصن أمر بتجديد بنائه فأنغق عليه آلافا من النقود ، وكان من جملة البناء الذى بناه الإمام المذكور القلعتان العاليتان المتقابلتان، واحدة فى الجهة الثسمالية المربعة،والثانية الجنوبية المستديرة، وبنى فى السور أيضا وكان الباب الرئيسى للحصن المذكور مقابل مسجد قرنة قائد الذى فى بستان الحوض ، وإنما بدله فى موضعه الحالى أحمد بن عبد اش الرواحى فى أيام تهارش أولاد سعيد بن سلطان ، خصوصا بولاية عبد العزيز بن سعيد ، والمذ كور أحمد بن عبد الله ، وانتقل عنه الى سمد الشان ، فرأى أحمد بن عبد الله أن عدوه سيأتيه من قبل السفالة باعتبارها غافرية ٠ فحول الباب المشار اليه الى الجمة الجنوبية ليقابل العلاية فتكون نصيرته ، واستمر على ذلك وهذا الباقى منه هو بناء الإمام ناصر خصوصا القلاع،وبقىعلى ذلك الحال ومن حيث إن الإمام المذكور كان رحمه اش يزن الأمور بميزان عقله ، وينظر الى الدخل بميزان صحيح كان بناؤه متوسط الحال، لاسيما أن الإنفاق على البغاء كما يتطلب الوقت يحتاج الى مال واسع ، مع أن الحروب التى ستنزف المال لا تزال مستمرة ، ولكن اشه عز وجل حكيم يضع رسالته حيث هو أعلم بمحلها ، وأخبر يرجالها ، لقد ضرب المثل بأيام هذا الإمام زهدا وتقوى وطاعة ورحمة ، وأصبحت عمان فى عهده أثبه بالمدينة فى عهد رسول اله صلى اش عليه وآله وسلم فيها فدرت الخيرات وعظمت البركات ٠ - ١٩٦ - حرب مقنيات لقد أشرنا الى حرب الإمام لمقنيات، وذلك أن الإمام لما رجهع الى نزوى بعد انتهاء قضية سمائل ، جهز جيثا المى مقنيات ، وتولى قيادته بنفسه ، ولما وصلها حالا نشبت الحرب بين الطرفين ، وكان حصنها مانعا وكان جديد عهد لأنه وليد الدولة النبهانية كما عرفته مما تقدم ٠ وليست لدى ذلك العهد نسافات أوطائرات، فكان السلاح لمثل هذه الأحوال الحصار ، حتى اذا فرغ ما عند المحصور طلب الصلح للخروج، وهكذا أحوال ذلك العصرفحاصر الإمام هذا الحصن ثلاثة أشهر فنفذ ما عند قابضيه ، فاضطروا للخروج وتولاه الإمام ، وولى فيه محمد بن على بن محمد الخراصى كما يقول ابن رزيق فى تاريخه والله أعلم ٠ - ١٩٧ — البغة يتجمصون لحرب الإمام لا شك أن المصائب يجمعن المصابين ، ويؤلفن بين المنكوبين فى كل زمان ومكان ، ولما كان فى هذه الآونة للجبور زعامة وصولة غير هيبة لكثرة من يناصر البغى غالبا،فبعجحرب مقنيات رأى أهل البغى المظاهرة لبعضهم بعض على حرب الإمام ، ورأوا الخضوع للحق صعبا عليهم ، ومنذ العهد القديم أن بلايا عمان من ناحية الظاهرة غالبا ، وأن رجلا يقال له سعيد بن مسعود الحيالى من قبيلة امخيالين من بعض فصائل عمان الجديد ، وكان يتزعم فريقا من البغاة ، فكاتب الجبهور وكاقبوه وبقوا يتراسلون ويتآمرون على حرب الإمام ، واجتمع مجتمع القوم فى قرية المصخيرى ، وهنا بدأ تناوشهم ، فقتلوا رجلا من الضحاحكة وقتلوا ناسا من شراة الإمام ، وقامت الحرب والقوم فيها يمرحون بطرا وعنادا للإمام رحمه اش، حيث هو يريد الحق وهم يريدون الباطل ٠ ولا شك أن جنود الباطل أكثرفىكلأمةمنذخلق الله الخلق، ومنذ أرسل الرسل وأنزل الكتب، وما زالت الوقائغ بين هؤلاء البغاة وأنصار الإمام ورعاياه ومن أطاعه ، ومازال الصراع قائما على أشده ، ووقعت بينهم ست وقائع هائلة كاد يترعزع منها ركن الاسلام لولا أن اله بفضله ربط على قلوب المسلمين ، وحبب اليها الصبر على البلاء ، منما وقعة شديدة بموضع يقال له العجيفة أو العقيقة بالقاف بدل الجيم ، والثانية وقعة مثلها بموضع يقال له الغاية ، والثالثة وقعة بموضع يسمى المطمرة ، والرابعة وقعة شديدة بموضع يقال له الزيادة ، وهى التى هلك فيما الكثير من الناس ، وفقدت فيها أشخاص من الرجال ٠ وكان قائد المسلمين فى هذه الوقائع التى ذكرها التاريخ إجمالامحمد ابن سيف الحوقلنى فيما أحسب ، وهو البطل الذى صارع تلك الرجال الجائرة المغالب عليها البطر ، فدوخها ولم يتزعزع عن مواقفه ، ولشه رجال — ١٩٨ — تقربهم العين، وتسكن اليهم النفوس، وعند الابتلاء تبرز رجال الحق وتظهر على مسرح الأحداث ، معلنة تأييد الحق غير متبرمة فى شىء ما ٠ مع أن المذكور فر عنه أكثر رجاله حيث ملوا الحرب وضاق بها ذرعمم ، وما بقى معه إلا المقليل ، وهو فى أزمة شديدة يتذرع فيها الصبر ، ويحتمل وطأة البغى صابرا محتسبا ، وآخر أمره انحصر فى حصن الغبى وقد أحدقت به الرجال فحصرته حصرا شديدا حتى أغاثه الشم بوالى مقنيات ، وهو محمد بن على بن محمد المعروف ،جاء بجيش كثيف وأبطال افتخبهم ، فدخل الخبى لىحين غفلة من جيش العدو، فما شعروا إلاوالجيش متغلغل فى البلد تعمل سيوفه فى المرقاب، فارتاع البغاة روعاً شديدا، وتفرقوا فرارا فى الأرض على وجوههم ، منهم الى بلدة ينقل ، ومنهم الى الصخبرى ، ومنهم الى الفيافى والقفار ، ونحل أمرهم من الغبى وفجا الوالى ومن معه من شرهم ٠ — ١٩٩ - سرية لبلاد سيت كان سيف بن محمد الهنائى فى بلاد سيت من عتاة للرجال الذين يرون أنهم أولى بكل زعامة من شأفها الهسيطرة بعمان ، فإنه لما خرج من بهلى حدثته نفسه أن يينى حصنا ببلاد سيت يكون مأوى له ولمن معه من للرجال البغاة، ولما علم الإمام الأرشد ناصر بن مرشد ذلك الحال منه ، وقد عرفه فيما سبق من حاله جمز له جيشا وجعل قائده العلامة عبد الله بن محمد بن غسان مؤلف خزانة الأخيار فى بيع الخيار ٠ ولما حل الجيش بدار سيت استشعر المذكور العجز وأيقن بالذل، ففضل الخضوع والعرب من البلاد، فتولى الشيخ القائد الأمر فى البلد، وأمر بهدم لحصن المشار اليه فهدم، وبعد ذلك ضاقت الأرض بالمذكور فجاء المى الإملم مظهرا للتوبة يطلب العفو من آلإمام والصغح عما أحدث، فعفاعنه ومنع البناء لمثل هذا الحال أصلا، وهدأت سورة المذكور واستكان لسلطان اسين ٠ ٢٠٠ م الإمام يزحف بنفسه على ينقل لما انتهى أمر الهنائى سيف بن محمد فى بلاد سيت ، خرج الإمام رحمه اشه بجيش ضخم الى ينقل لتأديب ناصر بن قطن صاحب ينقل فنزلها جيشه المرهوب ، وأحاط بالبلاد وطبق عليها المحصار فضاق ذرع الهلالى ولم يبسعه حصنه، فطلب التسيارمن الإمام فسيره وولى على البلد واليا ورجع الى الرستاق عاصمة إمامته مكللا بالنصر والظفر ٠ مرية الىشمل عملن من حيث قلنا سابقا إن داء عمان لايزال يأتى من شمال عمان ، وإن أرض المجوهى المصباح المطل على عمان الشرقية ، ومنه يتراءى الغربيون شرق عمان وأن الموتورين ببغيهم لايزالون متحيزين الى ذلك الأفق، عند ذلك جهز الإمام سرية كبيرة تفوت الاصطلاح فى السرايا، جعل قوادها أولئك الأبطال الذين جربوا الحرب وجربتمم ، وهم عبد اش بن محمد بن غسان الذى هدم حصن سيف بن محمد فى بلاد سيت ، وخميس بن رويشد الضنكى ، وحافظ بن جمعة المهنوى ، ومحمد بن على الرستاقى ، ومحمد بن سيف الحوقانى ، هؤلاء الخمسة هم أركان الجيش فخرج ذلك الجحفل الأرعن له زحزحة فى الأرض ، يقدمه الرعب ، فجاء أولا الى الجو والمراد بها ناحية البريمى ، وهى المرأس إذ ذاك الذى يجب أن يكسر أولا أو يقطع،ولما نزلماطم لحق خضعت نعرتها وسنكت شرتها ولم ترفع رأسما خوف قطعة ، فتولاها الشيخ محمد بن سيف الحوقانى العمود الصلب، وبعد ذلك انسحب الجيش الى أرض الشميلية بالساحل على طريق وادى الجزى ، فنزل لوى وكان بما جبابرة ، فاختلفوا فيما بينهم ووقعت بينهم فتن قتل فيها محمد بن جيفر ٠ وكان ذلكسبب تغلل العداوة فيما بينهم، فنزل القائد الأكبر عبد الشم بن محمد بالجامع منما ، وأمر الجيث أن يحيط بالبلد وبالحصن ، وكان إذ ذاك فيه سيف بن محمد بن جيفر وفر عنه إخوته وأعيان قومه ، والتجأوا بالنصارى البرتغال وفى صحار ، وقاموا يمدون إخوانمم المحصورين بحصن لوى بالطعام و آلة الحرب، ويغزون بالليل لجيش المسلمين ، فرأى القائد المذكور أن يجهز من الجيش سرية أمر عليما محمد بن على ، ووضع لهم برنامج سيرهم وهجومهم على عدوهم الذى بصحار ، سواء كان من العرب أو النصارى ، فلم يشعر المذكورون إلا والجيش محيط بهم ، وقبل الصباح بقليل كان الجيش ٢٠٢ بالموضع المسمى منقل مقرن ، وهو مكان يقع جنوب الحصن ، فدارت المعركة بين الطرفين واشتد أمرها وعلا لهبها وقتا قضى اشه فيه ما شاء أن يقضى فانقطعت غزواتهم إرسال المدد لحصن لوى مع الحصار المستمر به ٠ وبعد مدة رأى صاحب الحصن أن لا محالة عن الخروج ، فطلب من القائد الأمان لينزل من الحصن ، ثم خرج خفية ولعله خاف القتل ، وكذلك من معه بعده ، وتولى الشيخ القائد الحصن ، وكان الحصار ستة أشهر تماما قضاها المسلمون فى هذه الوقفة الحرجة ، وكان ناصر بن ناصر بن قطن ورجال العمور قد ظاهروا المسلمين على حصار حصن لوى ، ذلك للخلاف الذى وقع بين الجبور أنفسهم ، كما أشرفا الميه آنفا ، ولذلك ولاه قائد المسلمين رجلا من الجبور المناصرين للمسلمين ، وجعل مع هذا الوالى الرجال الذين يثق بهم دينا وايمانا واخلاصا للمسلمين ، لأن الجبور لا يؤمن شرهم ، ولكن كانت تلك الولاية كمكافأة من القائد للناصرين ، وترغيبا لهم فى ثباتهم بجانب الإمام ، ورجع القائد المظفر بفتح الجو ، وفتح لوى و أنه لأمر غير هين ٠ ولكن من ينصر الشم ينصره الله ويؤيده طى عدوه كما صرح بذلك عز وجل فى كتابه الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ٠ - م٢٠ - المسرية الكبرى الى مسقط لما كانت مسقط إذ ذاك بالمكانة المرموقة، وهى المدينة المحاطة بالجبال الشاهقة والمحصنة بالقوات الكاملة، لعلم البرتغال بأن الدار لابد لأهلها منها ، ولابد من هجوممم طيها ، ولا جامعة تجمع بين الطرفين ، وإنما الاعتماد على القوة، وكان البرتغال قد أخذوا أهبتهم لما كان أهل عمان متهارشون فى داخليتهم غير ناظرين الى الساحل بنظر طويل ، هنا جهز الإمام المجاهد الناصر لدين الله، المتجرد لقتال أعداء اش، بكل ما لديه من قوة جهز جيشا أسند قيادته الى العلامة المجاهد مسعود بن رمضان النبهانى من أهالى عقر نزى ، فخرج المذكور حتى أتى المطرح، ونزل بطوى الرولة ، وضرب معسكره بها ، فجاءته جنود الأعداء فالتقاهم بأبطال عمان الذين مارسوا الحروب وقابلوا الرجال ٠ قال ابن رزيق المؤرخ ، بعد أن ذكر وصول الجيش : فدارت رحى المحرب بين المسلمين والمشركين فنصر اشم جيش المسلمين أو قال جيش الإمام ، قال : فهدموا من مسقط بروجا باذخة ، ومبانى شامخة ، وقتلوا كثيرا من المركين،قال :ثم إن النصارى طلبوا الصلح فصالحمم القائد المذكور،أى بعد ما راجع الإمام على فك ما بأيديهم من أموال العمور وأموال الشيعة التى قبضوا عليها فى صحار، قال : فأذعنوا بالطاعة فأمنهم مسعود على ذلك، وأخذ منهم العمود والمواشيق على الوفاء ٠ ورجع الى الإمام ، وكان من جملة الشروط التى وقع عليها الصلح أن يؤدى النصارى المذكورون الجزية رأس كل سنة، وألا يؤذوا مسلما اذا وفدوا على مسقط ا ه ٠ وكان هؤلاء النصارى البرتغاليون جبابرة عتاة طواغيت، لما تسلطوا أساءوا الى الناس تماما وغظبطيهم البطر، ورأوا أنهم قاهرون، ٠ ٢٤ - وقد تغلغلت عداوتهم للمسلمين طبعا ، وكان النصارى المذكورون قبضوا على أموال العمور وأموال الشيعة فى صحار حين ناصروا المسلمين ، وصحار إذ ذاك فى أيديهم ، وكان جنودهم نازلوا جيش المسلمين فى مطرح عند وصوله بها ، وانهزموا الى مسقط بعد قتل وقع فيمم ولحقهم الجيش فى قلب مسقط، ولم تمنع المسلمين الجبال المحيطة بمسقط ، بل قبضوا البلاد وهدموا أبراجا على جبال مسقط ، وقلاعا منيعة إلا أن الحصنين الكبيرين الجلالى والميرانى المنيعين يصعب فتحمما إلابعد حصار طويل وشسدة عزيمة، غرأى القائد البطل الملح فى الحال أصلح الى أن تراجع قوة المسلمين ٠ ورأى النصارى أيضا الصلح لهم أففع فى الحال والنظر فى المقبل من الطرفين المعتاديين، والبادى أظلم، لكون البلاد بلاد المسلمين النصارى تعدواعليمما، لاسيما بعد ما جرت الدماءووقع القتل والنصارى هم المعتدون طى ممالك المسلمين وفى بلادهم ، وكانوا أجبروا الأهالى على المتخلى من أملا كهم من رقعة مسقط وطردوهم منها وحصنو ها بسور مانع ، وضربوا علبه الأبواب الضخمة التى تقوم عليها سلطنتهم الظالمة ، ومنعوا العربمن الدخول أصلا ٠ وبعد ما تعاطوا كؤوس الحمام وعخلم بينهم الالتحام، وبعد ما حمى الوطيس بينهم كما قال الإمام فى تحفة الأعيان ، حيث يقول : وقتل منهمخلق كثير لا يحصون عددا « وتمنعوا بالكيتان وبعالى البنيان» وبقوا بمسقط على هذا الصلح المعلق بالشروط الثقيلة التى أشار اليما أميرالبيان فى تعليقه كما عرفته حتى أخرجهم منها الإمام سلطان بن سيف ابن عم الإمام ناصركما سوف تراه فى محله إن شاء اشه ٠ - ٠٥ ٢ — السرية الشانية لفتح جلفار لما رجع القائد النبهانى من مسقط منتصراً ورأى الأمام رحمه اش أن سياسة القائد حسنة أو مستحسنة ، ورأى من للواجب القيام على جلفار لأنها باب عمان الغربى الشمالى ، وبما كما قدمنا العجم ومعمم بعض النصارى مناصرون لهم ، جمع الإمام الجيش وانتقى من الرجال الابطال ، وعقد لواء هذه السرية باسم على بن أحمد وعضده ببنى عمه من آل يعرب ، فسار الجيش الى جلفار ، وكان عليها ناصر الدين العجمى ، فكانت سهمه الحالى من ملك عمان والعجم يراعون فى جلفار معنى لم يهتد إليه غيرهم ، فأحاط بها الجيش وقامت الحرب على ساقها وأطلقت الحصون نيرانها والنصارى تقذف بمدافعها من البحر فما كان من المسلمين العمانيين إلا الاقتحام لأسوار الحصن وأبراجه،ولم تكن إلا فترة قصيرة واذا ببرج الحصن فى يد المسلمين أخذوه ليلا وقتلوا من فيه ، وتسابقوا المى الحصن فاحتلوه باسرع من رصاصهم ، ودوخوا المبلاد قهرا ومزقوا العدو قسرا ، وكان على ساحل البحر حصن للبرتغال فزحف عليه فريق من الجيش بقيادة الدهامش ، ورجل آخر يقال له خميس بن محزم فهجموا على المحصن نهارا واختطفوه بأسرع ما يمكن واحتووا على ما فيه من العتاد والسلاح ٠ وبنى المسلمون حصنا جديدا خوف المهاجمة الباغتة فقام بأسرع وقت ، ونزل القائد بقواته وبذلك سقط فى يد المعدو ، وطلب للنصارى الصلح فصالحهم القائد وأخرجهم من البلد خزايا وندامى يعضون على أصابعهم راغمين ، وبعد ما استقر الأمن فى المنطقة ولى القائد على الحصون واليا يعرف من أين تؤكل الكتف ، ورجع الى نزوى فابتمج الإمام بهذا الفتح والعمل الطيب الشمين ٠ - ٢٠٦ — الإمام والمسلمون يعالجون أمر صحار ولما يسر اشه عز وجل بفتح جلفار ، دار النظر حول صحار، وقد رأى المسلمون أنمم سحوا ثغر جلفار ، وأوقفوا مجارى المياه الى صحار ، أخذوا فى أمرعا وهى كما لا يخفى أمرها جوهرة العقد وكرسى الطرف الشمالى فى ذلك العهد ، ودارت انظار المسلمين المبتلين بأمر هذه الديار ، وبعد ذلك اتفقوا أن يأمر الإمام والى لوى أن يتقدم الى صحار ، ويبنى بها حصنا يكون ملجأ للمسلمين ، ومعقلا ينزلونه عند مصاولة الأعداء ، وكان اوالى بلوى إذ ذاك حافظ بن سيف الذى اتفق هو ومداد بن هلوان سابقا على قبض مافع بن سنان العميرى ، كما قدمنا قضيته ٠ وكان مع حافظ المذكور رجال العمور شراة متجردون لمناصرة الحق ، وتأييد العدل ، وكان البرتغال بصحار ضربوا أطنابمم ، وخيموا فى رحاب صحار ، عاضين عليها بالنواجذ ، ولما تقرر عزم الوالى على تنفيذ أمر الإمام ، وهو يعلم أن الشر غير بعيد عنه ، أرسل الى من بقربه من القرى من بنى خالد وبنى لام والعمور ، واجتمع معه كثير وعسكر غير هين ، وكان بصحار رجال يحبون الحق ويتعارفون مع الوالى المذكور فى ملك ٠٠ وعلى كل حال إن المسلم لا يود أن يسيطر عليه عدو أجنبى لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر ، وإذ ذاك خرج الوالى المؤيد بجيشه الى صحار لصدده وبات بعمق ، وعميت الأخبار على أهل صحار ، حتى صبحما ضحوة النهار فى آخر يوم من محرم الحرام عام ثلاث وأربعين وألف سنة للهجرة ، فنزل بموضع يقال له البدعة ، وأظهر عزيمة الحرب للمشركين الذين هم البرتغال ، وزحف بجيشه الباسل حتى وصل الى حصن ابن الأحمر ، وهو من عتاة العجم وطغاة الفرس ، وحالا دارت رحى الحرب عند وصوله ، واشتدت الأزمة ، وكانت النصارى ترمى بنيران مدافعها من حصن صحار ، فقوى الله المسلمين وأيدهم بنصره فانتقل الوالمى بجيثه متقدما الى العدو ، ووقع القتال ٠ — ٢٠٧ - وجاءت طلقة مدفع من مدافع البرتغال ، فأصابت راشد بن عباد من أعيان رجال الوالى، وفى مجلسه، ومات شهيدا رحمه اشه، وهنالك تمركر الوالى وهم ببناء الحصن الذى أمره به الإمام ، واجتهد فى بنائم بأسرع ما يمكن والمرجال اذا عزمت على شىء بنشاط وإخلاص، لابد أن يغفعل، فتم بناء هذا الحصن ونزله الوالى وعند ذلك توالت المناوشات بين الطرفين ليلا ونمارا ، وقامت حرب متواملة بقوى متفاعلة ٠ وكان من السياسة أن تقوم قوة من الإمام تقضى بمشاغلة البرتغال ف مسقط حتىلاتكون لهم عزائم فى الساحل الشمالى تؤيدحرب صحار، غعقد الإمام لواءه لسرية خرج بها العلامة خميس بن سعيد الشقصى ، حتى نزل قرية بوشر، ولما علم النصارى ذلك أرسلوا اليه يطلبون الصلح ، فأجابهم وتقرر وصوله مسقط ، وعند ذلك أرسل عيونه إليها خوف الغدر من أهل الكفر ولما وصل مطرح واجمه أكابر البرتغال، وقرروا الصلح على شروط معروغة لهم وعليهم تكون صالحة للطرفين من نواح ، هى أصلح للمسلمين ٠ كانمنها فك الحصار عن النصارى، وفك المقابض المحيطة بمم، والترخيص للناس فى السغر اليهم وكف الأيدى عن القتال على شرط أداء الجزية المفروضة عليوم وعدم تعرضهم للمسلمين بأى أذى ، ورجع لهم المقابض التى أخذها منهم ، ولعل القصد من هذا تبريد حركتهم وتوهين قوتهم ما دامت قوةغير كافية لقلع شجرتهم، ولكل وقت سياسة، وبهذا يتأخر العدو عن الاستعداد ، مع أن القوم كانوا أقوياء عدة وعددا، ولهم دولة بالغة أوج عزها إذ ذاك، وخاف المسلمون من هياج الحرب أن يتقوى العدو فى البلاد زيادة ، وعلى شرط ألا يتعرضوا لحرب المسلمين فى أى مكان من عمان ، فقر البرتغال فى مسقط وف صحار على ما هم عليه والمسلمون حولهم يواقبون الحركات والمسكنات ٠ - ٠٨ ٢ ؛ج ا فتحصور لا يخفى أن صور من المدن المهمة نى ,عممان لا سيما وهى على المساحل الشرقى ، رأى الإمام أن صحلر بقيت على جناح المصراع ، وقد سد الإملم عليها الثغر الغربى بحافظ بن سيف ، وصالح البرتغال فى مسقط ، ولم يدخل صود فى صلح مسقط ، وإذ ذاك أرسل اليها الإمام جيشا بقيادة ابن عمه سلطان بن سيف بن مالك ، الذى كان فى علم اشه عز وجل أن يكون الخلف الصالح لناصر بن مرشد، والمصلح لعمان كما سوف نرى ذلك فى محله إن شاء الله ٠ خرج هذا الهمام البطل يقود جيشا عمانيا لتطمير البلاد من الإجنب ، ولما ومال صور احاحإ بالحمن ، دلم يطل ك٠د حصاره الأمر وقبضه الجيثش وأذعن البرتغال له إذعانا كليا وخضعوا له فى تماما والحمد شه ٠ ٠ ٢٠٩ — المزحغ على قريات إن قريات من الثغور البحرية المؤدية الى الداخلية ، وكم دخل العدو منها الى عمان ، فأرسل لها الإمام فرقة من الجيش الغازى لصور، وكان البرتغال قد قووا حامية قريات لأجل مسقط، فنزل بها الجيش وشرع حالا فى بناء حصن بها ليكون ملجأ لحصار البلاد ، ورأى القابضون لها عدم إمكان استقرارهم فيها ، فسلموا الأمر ولم تنفعمم حامية مسقط ، لأنها هى الخائفة على نفسها ، وواقعة تحت نير الشىوط المتى صالحهم عليها القائد المحنك العلامة مسعود بن رمضان النبهانى ، وباحتلال قريات لم ييق إلا صحار ومسقط ، بقى فيمما النصارى على ذلك الصلح الذى ذكرناه ن واحتوى الإمام على جميع عمان ما عد١ا هاتين المدينتين المذكورتين الى أن يوفق اشم للاستعداد لزوال هذه الآفة الكبرى ٠ فإن هؤلاء النصارى قد تغلغلوا فيهما وقبضوا عليهما بأياد من حديد لا تنغك بالسهل ، وحال الإمام وأهل عمان كل يوم فى صراع وعراك لتعاظم البغى ف الرؤساء ، وأهم هؤلاء البغاة فى هذه الآونة هذا القرصان الطاغى ناصر بن قطن الهلالى الذى لا يزال يغزو عمان فى كل سنة ، يأتى من ناحية البريمى على طائراته، ويلتف معه الغوغاء من كل صوب من هذه الناحية ، ويسحب من عمان المواشى ، وينهب من لقى ولا يبالى ويفعل فى الناس ما لا يرضاه اشه،ثم يمرب الى الأحساء وذلك بعد خروجه من حصن ينقل ، فرأى الإمام أن يجعل للوالى محمد بن سيف عينا لهذا القرصان الظالم ٠ م ١٤- عمان عبر التاريخ ج ٣ ) - ٢١٠ - حرب الطاغية ناصر بن قطن لم يزل هذا الطاغية شرارة متقدة وسمما حاميا يوقد عليه النار بغاة أهل عمان ، وأيده أهل الضلال والعدوان ، الذين يسوء حم الحق وهم موجودون فى كل زمان ، وقد ابتلى الله بهم أهل عمان ، ولا ريب فإن اشه ابتلى الأنبياء بشياطين الإنس والجن ، وللمسلمين من ذلك حكمة بديعة يجهلها كثير من الناس ، وكان هذا المقرصان العاتى يتحصن ببعد امسافة ، ولا يعرف متى يكون وجوده بعمان ، فإذا خرج التف عليه البغاة المفسدون ، وعاثوا فى الأرض ينمبون ويقتلون ، وكل ما يلاقونه لا يتحرجون من شى ء ما ولا يراعون شيئا لصديق أو عدو ، بل كل ما عندهم الذ٠بوسبواشلفىء٠ان٠ ولم يزل يغزو بادية عمان واهتم الإمام بأمره وأمر محمد بن سيف الوالى للطرف الشمالى أن يلقى باله لهذا الطاغى، ويجعل له العيون الواعية،فاذاعلم به التقاه رجال المسلمين فقام الوالى المذكور، وجمع عسكراً جما وبقى مراقبا لهذا القرصان من أى جهة يخرج ، ولما بلغه خروجه تلقاه الوالى فهرب منه ودخل الظفرة واحتصن بحصنها وتعصب له بنو ياس، فعاد منهم ف منعة، وإذ ذاك وجه رسله الى الوالمى يطلب الصلح، وكان الوالى قل عليه الزاد، وبعدت ليه الدار، واختل عزمه لهذا وتأثر به وخاف الفشل فصالحه على رد ما نهبوا ، وغرم ما أتلفوه مما كسبوا ، ونهبوا من عمان واقتنع الوالى بذلك فى هذا الحال، ورجع الوالى المى مقره بمنمعه من القوم، وبعد رجوع الوالى المذكور هم ناصر بن قطن ، بالهجوم على حصن الجو ، أى البريمى ، فجمع البدو من الظفرة وغيرهم، وكان والى الجو إذ ذاك أحمد بن خلف ، واذا بأهل الجع كلهم عاى الوالى مع ناصر بن قطن، ولعلهم تأثروا من وطأة العدل التى عليها الولاة، فإن الوالمى والرعية غالبا يكونون ضدين، فما شعر الوالى إلا والجنود محيطة بهمن كل جانب ، وحوصر الوالى فى حصنه ٠ - ٢١١ - ولما علم المولاة من المظاهرة والباطنة ، جاءوه مناصرين ، ولما بلغ ناص بن قطن ذلك خرج من البريمى ومن معه منهزمين ، ثم لحق بهم القائد الأكبر عبد الش بن محمد من نزوى ، فأمر بمدم حصون الجو ، فهدمت كلها إلا حصن الإمام كسرا لقوة أهل البغى ، وبذلك تفرق الأعداء ، وكل اتخذ له وجهه يتحين فيها الفرص ، فأما عمير بن محمد فالتجأ بالنصلرى فى صحار ، وأما بدو الحسا فتعلقوا بطريق جلفار ، ويرون لهم هناك منعة وحمى ، وضريوا معسكرهم على عقبة جلفار متحصنين بها ، وظلوا يقطعون المطرق من هناك ء يغزون اليلدان المجاورة حتى شاع خبرهم ، ونمى الى الولاة أمرهم ، فقاموا عليهم ووقع قتل فى الفريقين ، وانهزم البغاة ، وشردوا من هناك ، وقبض الولاة على إبل ناصر بن قطن وتولوها ليستعينوا بها على حربه فكانت فى يد محمد ابن سيف ٠ وعلى أثر هذه الحادثة هجم ناصر بن قطن ومن معه من البغاة على الباطنة من ناحية الشميلية ، فأخذوا إبل بنى خالد ، وبنى لام ، وكل ما صادقوه انتهبوه وسلبوا من وجدوا من نساء ورجال ، ورحلوا الى الأحسا مقرهم ، وبعد عهد جاء ناصر بن قطن غازيا ، وكانت الباطنة أسهل شى ء يراه البدوى ، فإفها لا يشق عليها الكر والفر عندما يرون الغلبة عليهم ، فإن البدوى يفر على طائرته القى هى ناقته وقد أعدها لذلك العمل ، وهنا جهز لهم الإمام جيشا جعل قائده على بن أحمد ، وعضده بمحمد بن صلت الريامى ، وعلى بن محمد العبرى ، وأحمد ين بلحسن البوشرى ٠ وهؤلاء رجال أبطال تجردوا للشهادة فى دين اشه ، فأتى الجيش لوى وهنا هاجمهم فاصر بن قطن ، فوقع بينهم القتال ، ففر ناصر بن قطن مشرقا فأتى قرية مجيش من أعمال صحار ، فأتبعه الوالمى بمن معه ، ففر الى الناحية الشمالية لعلمه أنه لا ناصر له هنا إن غلب ، - ٢١٢ — فتبعه الوالى بمن معه وكان أول من لحقه أحمد بن بلحسن البوشرى ، ومعه مراد وداشد بن حسام، ويعض الشراة، وكان ذلك فى موضع يقال له الخروس ، فتلقاهم الطاغية بمن معه من رجاله ولعلهم استضعفوهم لقتلهم ، ورأوا أن الجيش خلفهم وهؤلاء مقدمته فاقتتلوا هم وإياهم قبل أن يصل الجيش ، فقضوا عليهم عن آخرهم ، ولما وصل لجيش رأوا إخوانهم صرعى، ولم يروا أحدا هناك من قوم ناصر ولا يعلمون أين توجسوا ٠ ورجع الجيش أدراجه بعد قنل هؤلاء ، وطى أثر ذلك قام محمد ابن عثمان المخالدى المعروف بابن حميد ، وكان من رجال ناصر بن قطن ، فغزا بلاد السر ، وكان فيها محمد بن سيف الحوقانى واليا ، وفيها سعيد ابن خلفان أحد أنصار الإمام ، فأناخ ابن حميد بقرب الغبى ، فعلم سعيد ابن خلفان وطلب من ابن حميد المواجهة للمفاهمة ، فأجابه الى ذلك من غير أن يأخذ لنفسه أمانا ، فتواجهوا فى مسجد للشريعة من الغبى ، فجرى بينهما كلام فى التجرؤ على أموال الناس ، وقتلهم ونهبهم ، ونهب أنعاممم ومواشيهم ، فقال سعيد بن خلفان لابن حميد : أما ترد ما أخذت ونهبت من أموال العباد فأعرض ابن حميد عن كلام سعيد بن خلفان بوجهه ، وتولى وحاش وكلا أى لا يرد ذلك ٠ وأظهر عتوا وعنادا ، ولعله كان مستخفا بسعيد بن خلفان ، فأمر سعيد بأسره ، فأسر وأمر به ، فأدخل حصن الغبى ، ثم أمر بقيده فقيد ، ثم ركبوا به الى الرستاق فأرسل سعيد الى الإمام يخبره فأجابه أن يجعله فى قلعة الرستاق ، فحبس بها خمسة أشهر و قيل سبعة أشهر فمات فى حبسه ٠ ٢١٣- سرية يراسما سيد بن خلفان لقبض إبل ناصر بن قطن كان ناصر بن قطن أعد أبلا بخيبات لغزوه ناحية عمان ويحلق عليها عندما المضيق يحيط به ، وف هذه الآونة أرسل الإمام سعيد بن خلفان لقبض هذه الإبل التى جعلما ناصر قوته التى يصول عليها، وعضده جفير بن محمد بن جفير أو جيفر ، وأمره أن يسير المى الإبل المذكورة فيأخذها، لأنها قوة القرصان الباغى، فسار القائد المذكور، ولما قارب المظفرة التقاه بنو ياس واعترضوه فى مراده ، وعارضوه فيما قصد له قرب الشعيبة من ناحية الظفرة ، غدارت المعركة بينمم وإياه واشتد الأمر بينهم بغيا منهم وعدوانا على رجال للحق ٠ وف هذه الأثناء قتل زعيم بنى ياس صقر بن عيسى ، فثار أخوه محمد بن عيسى غضبا لقتل أخيه ، وقال : لا خير فى العيش بعده ، ورأى الموت خيا من الحياة ، فحمل على جيث المسلمين ، فقاتل فقتل واندقت عصا بنى ياس ، ورأوا أنهم أصيبوا بقتل الأميرين ، فطلبوا العفو من القائد فعفا عنهم ، ورجع قبل الوصول الى الهدف ليفاهم الإمام ، ورأى الإمام أن أمر ناصر بن قطن لا يمكن السكوت عنه فجمع جيشا آخر من الباطنة، ومن داخلية عمان، ولعه من أكثرية الباطنة، لأنهم لا يزالون يصابون من بغاة الشمال ومن معهم ، وجعل قيادته الى سعيد بن خلفان المذكور ، وعضده بعمير بن محمد بن جفير الجبرى ، وأمرهم أن بحوا الى ماء يقال له: دعفس لا تزال إبل ناصربن قطن عليه، فلما وصلوا وجدوا الإبل فأخذوها ورجعوا منتصرين ، لم ينلهم سوء ، وسلموا الإبل الى عمير بن محمد بن جغير الجبرى ٠ وكان لعمير بن المذكور راع للإبل ويعرف عند أهل عمان بطناف — ٢١٤ - الإبل ، أما الراعى فيحصونه برا على الغنم والبقر عرفا عاما ، فجاء من جاء الى الطناف وقال له : سر بهذه الإبل الى ناصر بن قطن ، وسلمما اليه فتكون لك معه يد ، ولعله خوفه بالقتل من ناصر بن قطن وهو الظاهر ٠ وهذه فى الحقيقة غلطة من قائد الجيش ، حيث ترك الابل بيد ابن محمد بن جيفر الجبرى فى تلك الزاوية النائية ، وناصر بن وعمير بن محمد من عنصر واحد ، وقد علمت الأحوال السابقة ، البشر يخطى^ ويحيب ، والأمور تجرى بمشيئة اشم عز وجل ٠ ٢١٥ - سرية تقع فىمثل ما وقعت فيه الأولى بموضع الخروس لما رأى الإمام أن هذا القرصان لا يقف لعهد وميثاق ، ولا يرتد عن عمله ، وكان عاضمده على بن محمد المذكور آنفا ظلا يكسبان وينمبان فى أطراف عمان الغربية هم ومن معهم ، ولا يزالون يقطعون الطرق ، فتخوف الناس منهم وفرت البادية من منازلها الى البلدان والقرى ، وإن رأوط عليهم ضيقة ، ولكن ألجأتهم الضرورة الى ذلك الحال ، وعند ذلك جهز الإمام لهم جيشا أخرج فيه جنى عمه سيف بن مالك ، وسيف بن أبى العرب وحزاما وأخرج معهم رؤوس القبائل ، لأن قوة الإمامة مستمدة من رجال عمان عادة ٠ فخرج هذا الجيش يطلب ناصر بن قطن ومن معه من أهل البغى بشمال عمان ووصل المجيث الى هدفه ، وكان من قضاء الشم وقدره أن شرارة الجيش وأهل البسالة فيه أول من وصل الى العدو ، فتلقاهم الطاغية فى رجاله ، فدارت رحى الحرب بينهم وأحاطوا بهم من كل صوب حتى قضوا عليهم عن آخرهم ، وهرب الباغى عجلا الى ا لأحسا لا يرى له ملجأ بعد هذه الكارثة إلا الفرار الى الديار النائية، فإن غالب جيش المسلمين مشاة ، والمشى شى ء شاق لا سيما فى حال البعد ، أما ناصر إذ هم بغزو عمان ، أهب الإبل المبلغة للصدد ، وخرج يركبه لا يريد وجهة خاصمة ولا بلدا خاصا ، وهكذا إذ لا ثار له عند أحد أوعندقبيلة، لكنهفتاك نماب لا يبالى بما يأتى وما يذر، وهذه القضية هى أخت وقعة الخروص بشمال عمان ، والنصر بيد اش يؤتيه من يشاء ، وقد أثر قتل هؤلاء الرجال طى المسلمين ، وبعد هذه الحادثة لم يعد ذكر لناصر المذكور، ولعله مات أو سلط الله عليه أمرا أعجزه ٠ ومازالت سرايا الإمام مشرقة ومغربة ، لم يبرح طيلة أيامه فى حرب وما زال معه أهل عمان طوع أمره ، وتحت سلطانه ، وانتشر - ٢٦ — عدله بين الخاص والعام ، واستولى على عمان كلها ساحلما وداخلها ، إلا مسقط بقيت فيها النصارى البرتغال ، ويعرفون أيضا بالبرتكس فى عرف أهل عمان ، وهم العتاة إذ ذاك ، والقاهرون على الممالك الشرقية ، رفم أهلها الذين انحرفوا عن واجب الحق الذى شرعه اشه لعباده ، وكلفهم به وأمرهم أن يتعاملوا به فيما بينمم ، فتركوه وعملوا بالأهواء ، فسلط اش طيهم عدوا من غيرهم ، فتولى الأمد عليهم وسيطر على ممالكهم ، وأصبحوا يرزحون تحت ثقل وطأة هذا العدو الداهم ، وقد عاهدوا الإمام ونكتوا ، ثم عاهدهم مرة أخرى ونكثوا اعتمادا لى قوتمم الكاملة فى مسقط ، وقد علموا أفهم اذا خرجوا من مسقط خرجوا من الخليج المعربى كله ، ولكن ولم يزل الإمام محيطا بحركاتمم وسكناتمم، وقطع عنهم العرب المعاملة التجارية ، وانقطع الساعى الى مسقط من عمان وغيرهم ، وبذلك سرى الضعف وهذا هو الحصار بعينه ٠ قال الإمام فى تحفته : ثم نصب لهم الحرب حتى وهنوا وضعفوا ، ووهى سلطانهم ، وتفرق أعوانهم ، وكان الموت والقتل يأتى طى أكثر هم ٠ ولا شك أن للامور إقبالا وإدبارا وقد كان إقبالهم لما كان العمانيون يتمارشون فيما بينهم كما قدمنا ، وهنا جاء الإدبار حين اجتمع العمانيون ، والتقوا تحت راية واحدة ، ولا ريب فإن الاجتماع له فى الكون انفعال صحيح ، وقد جربتهم الأمم ٠ ويقول اشم لنا فى كتابه العزيز : ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) والله هو الولى وهو علىكلشىءقدير ٠ — ٢١٧ - وفاة الإمام ناصر بن مرشد لما كان لكل نفس أجل محدود فى هذا الوجود لا يزيد ولا ينقص، أمر محتوم على الكل لغاية لها ما بعدها، وبذلك قضى اشعلىعبده الصالح الذى شماع ذكره فى الجزيرة العربية ، وانتثر عدله فى ربوعما ، وازدهرت به البلاد ، وسعد به العباد ، و أذل اش به أهل العناد ، فكان ذكره سلوة كل محزون ، وبهجة كل مصدور ، ومفتخر كل مسلم ، ففى يوم الجمعة لعشر ليال خلون من ربيع الآخر سنة ١٠٥٠ خمسين وألف سنة توفى رضى اله عنه والمسلمون عنه راضون ، ودفن بنزوى عند ساجد العباد ٠ وكان عمره رحمه اشه ستاً وأربعين سنة ، ولم يعقب إلا بنية واحدة ، قعد ذلك الحال من كراماته إذصار لهمثلماصار للنبىصلى اش عليه وآله وسلم ، إذ كان عقب بنتاً واحدة وهى الزهراء فاطمة رضى اش عنها ٠ وكانت للإمام المذكور رحمه الله كرامات عديدة طار لها ذكر فى الأفق العمانى، وتداول حديثها الأكثرون، ودونها الكثيون، وعقدت لما الأبواب، وطال بها الكلام عن الأئمة الأعلام، فنرى ذلك كافيا عن إعادتها هنا ، فإنا معنيون بالحوادث التاريخية ، ولأئمة المسلمين بعملن كرامات خالدة خلود الجبال ، وما أعلاها وما أكرمها فى نظر أهل الحق ، ربما سخر منها بعض المخالغين الذين لم يعرف لمم من نوعها شىء ، ولم يذكر لهم عنما شى، فيما علمنا ، ولم يحدثنا تاريخهم عن شى منها أبدا ، فلذلك سخروا من كرامات أئمة الإباضية ، والذين رأوا الأنوار باعينهم ، وأعياهم أمرها قالوا : لط هناك شيئا من الجن فرأوها تجوز للجن ، - ٢١٨ - ؟*٤: ولم تجز للإباضية ، مع علمهم بأن الأنوار تجوز للملائكة ، لأنمم أنوار أى أجسام نورانية ، بخلاف الجن ، فإن الجن لم يعرف الأنوار لهم ، وإن كان غيهم صلحاه ٠ ثم ماذا يفعلون بما بقى من كرامات الإمام الوارث بن كعب ، مرت عليها مئات السنين ، وهى باقية حتى الآن كما هى ، إن الذين يهتدوا بضياء الإيمان لا غرو إن أنكروا كرامات الإباضية حسدا من أنفسهم ، والحمد شه ٠ رضينا باله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وبالقرآن إماما ٠ - ٢١٩ - ثناء العطماء على الإمام الأرشد ناصر بن مرشد لقد أثنا الطماء على الإمام ناصر رحمه الله ثناء عظيما، إذ كاد أن يكوننبيا أثنى عليه الكثيرون ثناء يسجل عند اشه ذكرا عاطرا، فإن الخلق شهود الحق ، ومن أثنى عليه أهل الحق كان أهلا الثناء ، والخلق شمود لكلمحق، فمن أثنواعليهخيرا كان أهلا للخير، ومن أثنوا عليه شرا كان أهلا للشر، وقد ذكر الإمام السالمى رحمه اشه طرفا من ذلك الثناء الشاهد على تلك النغس الطاهرة، وذكر للشعراء عنه مالا مزيد عليه من الفضائل الباهرة، والمحاسن النادرة التى لم تذكر إلا للنبيين والحمد شه رب العالمين ٠ ٢٢٠ - عمود الإمام ناصر بن مرشد لولاته وعمله ذكر العلماء عهود الإمام رحمه اله دليلا على طهارة نفسه الزكية، ودليلا على سيرته المرضية ، فإفها تعبر عما فى طوية ذلك السيد الزاكى ، والإمام التقى الزاهد المجاهد، الذى لم يزلطيلة أيامه فى قتال وفزال وصراع لأهل الباطل والضلال ، وما زال رحمه اش ساحبا جيشا ومخرجا كتيية وعاقدا لواء ، وقائما بحرب، فلله تلك الأيام ما أعزها، وشه تلك الحياة ما أكرمها، وش تلك الأفعال ما أعطى شأنها، ولم نذكر تلك العمود فنكتفى بالإشارة إليها إذ حفظها التاريخ بين طياته ، فنراها مرجعا لمن أرادها ومستندا لمن رام السير على منهاجها ، ولله فى عباده أسرار ، وف خلقه عظيم الاعتبار،والله ولى المحسنين ٠ - ٢٢١ - خطبة الإمام نلصر بن مرشد فى صلاة الجمعة إن الإمام الأرشد ناصر بن مرشد رحمه الله ، كان يخطب فى صلاة الجمعة خطبة واحدة كما هى المذهب ، ولم يصح عند المسلمين أن رسول الش صلى الش عطيه وآله وسلم كان يخطب خطبتين ، ولا صح جلوسه فى الخطبة أو بين الخطبتين كما يقولون،ولوصح ما تركه المسلمون مع شدة تمسكهم بأعماله، وتتبعهم لأفعاله وأقواله، وأخذهم بما صح عنه ، وإنما هى خطبة واحدة فقط خطبها النبى طيه الصلاة والسلام فى بنى سالم بن عوف حين صلى الجمعة أول جمعة فى المدينة بمسجد الوادى ، وحفظها المناس عنه ،ورواها المؤرخون ٠ وهى كلمات يسيرة ذكرها فى تاريخ الخميس وغيره ، ورواها أئمة السير ، والذى ذكره رواة السنن لا عمل طيه عندنا فإنمم رووا كتيرا ولم يصح عند أصحابنا ، وهم أشد الناس تتبعا لما رواه الثقات عن النبىصلى للهطيه و٣له وسلم، ولقد اجتمع فى عصرنا هذا علماء فطاحل أخذوا من الفقه بحظ وافر ، وفى مقدمتمم الإمام السالمى رحسه اش ، وهو الذى قام بإمامة الإمام سالم بن راشد لخروصى ، وبعد فتح نزوى أقام الجمعة بها والكل حاضرون وهم كبكبة من أهل لعلم الذين لم تصغر منازلهم عن صحابة رسول اش صلى اله عليه وآله وسلم ، لولا فضيلة الصحبة ، ولا يسع ذكرهم ، ولم نعلم عن أحد منهم قال فى صلاة الجمعة بخطبتين، ومضى الإمام على ذلك حتى توفاه الله ٠ ثمقامعنه الإمام محمد بنعبد لله الخليلى، وكان جمهورأولئك العلماء باقين لم يتغير منمم إلا الإمام العلامة الكبير سيدهم عبد اشه بن حميد السالمى رحمه اشه ، وعاش الإمام الخليلى قريبا من أربعين سنة ، وهو يخطب خطبة واحدة ، وهو أطم الجماعة الذين معه وهو أحد تلامذة العلامة السالمى أيضا، وقدزاره علماء الآفاق، ولم نسمع من أحدهم إنكلرا لعمله بخطبة واحدة ، والذى يرى غير هذا الحال ٢٢٢ - اجتهادا لا نوافقه طيه بعد مضى أربعة عشر قرنا ، يأتينا اليوم يرى أنه أهدى سبيلا من أولئك الطماء الأجلاء ، والأساطين المشار إليمم ، فالحق مامضى عطيه علماؤنا و أئمتنا ، ولاخلاف لمذجهم ٠ وقد كتبت رسالة فى الموضوع سميتها « الأصول المتبعة فى أحكام صلاة الجمعة » وذكرت أمر الخطبة كما أشرت اليها هنا وبينت البعض من الأدلة المتبعة عند أهل العلم ، وسكت عمن روى عنه غير ما عليه الأصحاب رحمهم الله ، وحسبنا اتباع آثارهم والاعتماد على أقوالمم ، والحق أحق أن يتبع وإن قل أهلوه ، والباطل أولى أن يقرك وإن كثر ذووه ٠ وإليك عبارة الإمام السالمى رحمه الله فى هذا المقام قال : « وهذه خطبة الجمعة فى عصر الإمام ناصر بن مرشد بن مالك اليعربى أعزه الشه ونصره على البغاة » وهذا التعبير دال بمفهومه ومنطوقه على أنها خطبة واحدة ، وأنها أيضا هى التى يخطب بها طيلة حياة الإمام المذكور ، لاشتمالمها على المواعظ العظيمة المطلوبة لهذا المقام الحافل الجامع للمسلمين ، الذين يهتموا بأمر دينهم وينظرون الى الآخرة بستر رقيق ، أسود النهار رهبان الليل ، الذين شهد لمم الحق أنهم رجاله وأحبهم العدل إذ هم أبطاله ، وعشقهم الإيمان إذ قامت بهم أعماله ، وابتهج بهم الدهر إذ هم جماله ، حملت تلك الخطبة أعلام الهدى ، وأعلنت للمؤمنين الابتعاد عن مسالك الردى ، وحذرت المتدينين على اختلاف طبقاتمم من اتباع الموى ، وعظ خالص له فى القلوب تأثيره ، وتحذير عام له فى النفوس تقريره ، يكاد يقضى على العقول التى تخاف الم ، كأنه يعبر عن مصارع الموت ، ويدل على مراسم الحياة الأخرى ، غيكثر الباكون اذا تلى عليهم ، ويخضع العاتون اذا ألمقى اليهم نسجته أيادى الهدى ، لى وتيرة البلاغة ، ووضعته صاغة البيان بأكمل الصياغة ، وام يزيد فى الخلق ما يشاء ٠ - م٢٢ - إمامة الإمام سلطان بن سيف نسب الإمام سلطان بن سيف بن مالك وفيه يلتقى بالامام ناصر بن مرشد بن بلعرب بن سلطان بن مالك بن أبى العرب بن محمد بن يعرب بن سلطان بن حمير بن مزاحم بن يعرب بن محمد بن يعرب بن مالك بن يعرب ابن عمر بن نبهان ، بويع بالإمامة فى اليوم الذى مات فيه الإمام ناصر رحممما اذ ، وكان كما قدمنا أحد قواد دولة لإمام ناصر ، وهو الذى فتح مدينةصور ، وطرد البرتغال منها فى عهد الإمام ناصر ٠ قال شكيب أرسلان ، وهو يذكر الإمام ناصر بنمرشد قال : وخلفه ابن عمه سلطان بن سيف ، غنسج عطى طرازه فى الاشتغل بإجلاء البقية الباقية من حامية البرتغال فى سواحل عمان ، قال : وكانت له عيون على هؤلاء يقضون اليه بعوراتمم ، قال فأرسل اليه سبرا رجل هندى كان وكيلا لأمورهم وموضع ثقتهم ، وقص قضية سكبيلة وكبريتا البرتغالى العنيد ، واستطرد فى القضية بتمامها كما قدمناها عن المؤرخين العمانيين ، وذكر البارجتين اللتين تحاميان عن حصن المطرح ، وتضربان البلاد مطرح ومسقط ٠ قال : فقصد هما العرمب فذبحوا من فيهما أى وغنموهما ، قال : ولم يكتف سلطان بالفتك بالبرتغال فى بلاده ، بل قصدهم الى بلاد الهند فأرسل بوارج حربية تغزوهم فى ساحل كوجرات فى المهند ، قال : فاجتاحت عساكر ه الديو » و « دامان » وقفلت بغنائم وافرة وآنية كثيرة مما كان فى الكنائس ، قال : ووجه سلطان بن سيف معظم همته الى ترويج التجارة وعمارة أسواق الأخذ والعطاء ، واستجلاب الأسلحة والخيول لتقوية جيثه ، قال أنفق فى هذا السبيل أموالا طائلة ، قال وجدد قلعة - ٢٢٤ - نزوى ، وترك آثارا صالحة ، قال : وكان من أفراد الملوك فى سيرته فى الرعية ، وسداد آرائه وصواب أنحائه ٠ قال : وتوافدت الناس الى داره مرضيه ، وتسارعت الى امتثلل أوامره واجتناب نواهيه ، قال : وكل ذلك بسايق المحبة والأمانة وجاذب الإخلاص والمناصحة،قال : إذ كان يخرج كسائر الناس ويغشى المجامع ويختلط بالعامة ، وهو بدون خفير ولا قرين ، بل خفارته من ثقة قومه وصحابته من معرفتمم لفضله وإجلالهم لقدره ١ه٠ هذه الأخلاق التى ذكرها شكيب أرسلان ، هى أخلاق أهل الإيملن، وإنهالجمال لذلك الإمام السيد الكريم الذى عرفه التاريخ وأثنى عليه البعيد والقريب ، بمثل هذا الثناء الفاضل - فإن هؤلاء الأئمة الخمسة الذين سوف ينلى عليك تاريخهم ، هم جوهراليعاربة ،بل جوهر أهل عمان فى ذلك العمد ، كما تخبر عنهم أعمالهم ، وكل أهل التاريخ فى الأفق المشرقى يثنون عليهم ويأسفون على فقدهم ، إلا أن الشريعة باقية ، والسيرة التى سار عليها الصحابة معروفة لمن أرادها ، ومن أراد غيرها تبعا لهواه ، نلكل درجات مما عملوا واشم يتولى من عباده الصالحين وعلى كل حال لا بقاء للدنيا وإن طال العهد ، فيى سوق الآخرة وكل يأخذ منها ما يحلو له ، وفى حديث ابن رزيق : لم يمكث الإمام سلطان بعد البيعة بعمان إلا أياما معدودة الى أن أسرع الوثبة لحرب النصارى الذين بيدهم زمام بلدة مسقط ومطرح ، وهم المسمون البرتكيس ٠ قلت : هذا عرف أهل عمان فيهم ، قال : وهم يومئذ أشد النصارى قوة فى المملكة والسلطان ٠ قلت : اتفق المؤرخون على أن البرتغال فى ذلك العهد هم أقوى دول النصارى ، وبقية دولهم تخضع لأوامرهم ٠ قال ٠ وأما معسكر الإمام سلطان بن سيف بطوى الرولة من المطرح ٠ - ٢٢٥ — قلت : لم نعرف هذه الطوى بعينها إذ تبدلت الحال ، وصارت المطويان فى مطرح خصوصا التى هى داخل السور ، قال : كان جيش الإمام من طوى الرولة بمطرح المى سدورى والسد المشار اليه هو الذى على ثغر وادى العدى ، الممتد هذا السد من الجنوب الى المشمال ، وعطيه قلاع باقية الى عهدنا هذا ، قال : ومعه من الجند خلق كثير ٠ قلت : الجند هم الجيش الذى وصفه المتد من طوى المرولة بالمطرح الى سدروى الآنف الذكر ٠ قال : فطفق جنده يغزون البرتكيس صباحا ورواحا وهم أى البرتغال مستعدون لحربه لم يظهرو له الجبن ولا الإذعان ٠ قلت : الملك غال لا يباع رخيصا ، ولا يسلم بالهوينا ٠ قال : وقد أفعموا حصنى مسقط يعنى الجلالى والميرانى وبرجها وسورها وجبالما برجالهم الشهيرة بالصبر على القتال ٠ قال وحد غزوات عسكر الإمام سلطان بن سيف عليهم الى بئر الراوية من مسقط ، إذ هم قد بنوا على رؤوس جبال مسقط بروجا وأكمنوا فيها رجالهم أهل التفق ، أى البنادق ، وقد نصبوا سلسلة فى الهواء ، فكل من اقترب منهم من عسكر الإمام رمو ه برصاص التفق ، و مدوا سلسلة من حديد عليها سور من حديد من البرج المسمى الآن برج والدى محمد بن رزيق الى البرج المسمى الآن المربع ، قال : فلم يزل من كمنوا فى سور تلك السلسلة المذكورة يرمون من اقترب منهم من عسكر الإمام برصاص التفق ٠ قلت لم أعرف معنى هذا السور الذى على السلسلة ، فالسلسلة لا يمكن أن يبنى عليها سور ، فلعل السلسلة على السور ، فيكون فى الكلام قلب فى التعبير ٠ قال وقد قبضوا الجبل المسمى السعالى من أوله المى آخره ، وقبضوا على جبل الملا من أوله الى آخره ، وصوت التفق من الكامنين فى الجبال وسائر المقابض لايفتر لاسيما اذا جن الليل ٠ (م١٥ - عمان عبر التاريخ ج٣ ) - ٢٢٦ - قلت : ذلك ليهييوا طى أنفسمم خوفا من صولة العرب التى لا بد منها ٠ قال : وحراسهم وجعاسيسمم يترددون عليهم بالليل والنهار ، وقد أخذوا من حزممم ا لغاية ٠ قلت : لا يغنى ذلك شيئا عندما يأذن اش بجلائمم ، قال : وقد بلغوا من الحذر النهاية ، وقد أفعموا الصيرتين أى الحصنين المصغيرين ، أو القلعتين اللتين على ثغر المينا بمسقط رجالهم المتقنين ضرب النفق والمدفع ، وما تركوا عليهم سبيلا ، فكانت الحرب بينمم سجالا ٠ قلت : ليست هذه الحرب الموصوفة بأنهاسجالا ، ولكن ابن رزيق لا يتقن التعبير ٠ قال : لا قدرة للبرتكيس أن يخرجوا الإمام وعكره من المطرح ، ولا قدرة للامام وعسكرع أن يدخلوا مسقط على النصارى ٠ قلت : والتحقيق أن الإمام اقتضى نظره حصرهم فى مسقطهم وءلى كل حال أن كل محصور مغلوب ، وهذه قاعدة مطردة فى قضايا الحرب و أمثلتما لا تحصى ٠ قال ابن رزيق : بل كانت عسكر الإمام تزحف عليهم فيقتلون من يرونه حذاء الراوية فى الأرض ، ويقتلون من يرونه سائحا فى المكان الذى يسمى حلة العجم والبحارية ونحوهم ، ويرفعون أصواتمم الى من بالسور من البرتغال ، ناجزونا بارزونا فإن الشجاع مع الحرب لا يتحصن بالقلاع والسيران ، ويعيونهم طويلا أى لقصد تهييجهم للخروج من القلاع ٠ قال : فلم يخرج منهم أحد لعلمهم أنهم ليسوا كفؤا لهم للمبارزة بالسيف والرمح الذى هو سلاح العرب إذ ذاك ، وسلاح العدو البنادق والمدافع التى تأخذ العدومن مسافة نائية، وبقى المسلمون لايقدرون لى الاقتراب من القلاع والسيران ، لأدما ترسل صواعقها الى عدوها من بعيد فتدفعه عنما ٠ - ٢٢٧ - قال ابن رزيق : الحرب على ذلك بينهم على تلك الحال حتى كاد الإمام وحزبه أن يثنوا عزيمتهم عنمم لعدم القدرة على الدخول عليمم ٠ قلت : حاش الإمام أن يثنى عزيمته عنهم ، بل لعله يعالج القضية بسياسة أخرى وأكبر شىء عليمم حصارهم بين تلك الجبال الشاهقة ، وقد قبض المسلمون البحر والبر ، فمن أين يأتيمم المدد ، وعندما يتحققون الضيق سيطلبون الخروج بأنفسمم ، لكن من قدر اشه أن وقعت تلك القضية بين رئيس البرتغال المسمى فرفرة ، ونورتم المقائد المندى وهو المعروف عند أهل عمان بالبانيان ، وهم قوم يعبدون البقر لعنهم اش ، ثم جاء ابن رزيق بقضية الزواج التى قدمنا ذكرها ، فكانت السبب الفاتح للمسلمين ، ولعل دعوات أهل الإيمان استجيبت لمم ، وأذن اش بزوال هؤلاء الكفرة الفجرة ، الذين طغوا فى البلاد ، فأكثروا فيها الفساد ، وسرد ابن رزيق القضية كما هى عادته بكلام طويل يحصره يسير الكلام ، وربما أفاد فى بعض المواضع فلا نعيدها مرة ثانية ٠ ولما اقتحم المسلمون السور ودخلوا مسقط الداخلية ، زحفوا على الحصنين فأحرقوا أبوابهما بالنار ، ولم يجد من فيهما ما يدافع به فسلموا الأمر راغمين ، وقضى عليهم طالع النحس بالزوال ، ليسترد أهل الحق حقهم المغصوب ، وكان الإمام سلطان هو قائد الجيش ، ولما وصل بالجيش عقبه الوادى أحضر القوم وجدد البيعة معهم ، وأخذ طيهم العمد والميثاق على الصبر على الموت ، فبايعوه لى ذلك ومضى بهم وشعارهم الشه أكبر ، اللهم انصر المسلمين طى عدوهم ٠ ولما دخلوا خذل اش المشركين ، وأيد الله المسلمين ، وقوى قلوبهم وشد عضدهم ، فكانت الدائرة على أهل الككر ٠ فكان كما قيل إن للدماء سالت الى البحر ، ولم يبق إلا أمر للبارجتين أراد المسلمون الزحف عليمما فشاور الصارمى الصارم المغيوتى البطل ، فخرج الى المداخلية وجاء برجال — ٢٢٨ - معدودين انتخبهم لمعرفته بهم ، وأطمعمم بالمال الجزيل ، فتقاحموا على البارجتين كالأسد على فرسيتها فاصطلموهما بأسرع وقت ، وانتهت قضيتهما إذ ذبحوهما، وقادوا البارجتين الى الإمام، ولا تسل عن سرور الإمام والمسلمين ذلك اليوم الذى قلع الله فيه تلك الشجرة الكافرة ، ومحا فيه أرسم الباطل ٠ وأخذ الإمام رحمه اش فى جلب المعدات الدولية ، ومن جملتها الخليل ، فجمع منها كثيرا سيأتى ذكرها فى إمامة ولده سيف ، وفتح أبواب التجارات الى العالم من كل صوب ، وجلب لعمان الخير من جميع للنواحى ، فأمنت الرعية ، ودرت الأرزاق ، وكثرت الأرباح ، وعلا شأن العمانيين بين أمم العالم ، فنظرت اليهم الأمم بأعين الإجلال والإكبار ، إذ هم الذين قلعوا تلك الشجرة اللونة فى المقرآن ، وولى الإمام على مسقط سيف بن بلعرب اليعربى ، وترك معه عساكر جمة ، وأمره بالحزم والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، ونزول الوعية المى الحكم بالسوية ، ورفع الجزية عن نورتم وأهل بيته جزاء إعانته ٠ ورجع الإمام الى نزوى فاهتزت عمان له فرحا ، وعلت البشرى على أوجه أهلها ، وأتاه أهل نزوى أكابرها وأصاغرها يهنئونة بالنصر والظفر والفتح الذى وفقه اشه له ، وأذل به المشركين ، وطى أثر ذلك أمر الإمام بمطاردة المشركين فى سواحل عمان ، فاستفتح « الديو » ضربة أخرى لأهط الكفر ، ودمر وكلابوه وعكة ، فملاً العالم الشرقى فى آسيا هيبة ورعبا ، واختفت بغاة أهل عمان الذين آذوا الإمام ناصر ابن مرشد ، وسقط فى أيديهم ، ورأوا أنهم رهن إشارته ، وأنفق على بناء قلعة نزوى لكوكا وملايين ، وبهر بها أعداء الدين ، وأصبحت حتى — ٢٢٩ - الآن مفخرة المسلمين ، وأحدث فلج البركة الذى هو بين أزكى وفزوى ، وهو الى أزكى أقرب ، وعامل فى التجارات للدولة فربحت كثيرا من الأموال التى قوم بها أود المسلمين ، فإن الدول بالمال ، ألا تسمع قول بنى إسرائيل ولم يؤت سعة من المال ، فاستنكروا أن يكون ملك وليس عنده سعة مال ٠ ٢٣٧٠ — أخلاق الإمام سلطان كانت للامام سلطان أخلاق كريمة ، وخصال حميدة ، عرف بها فى الأمة ، لأنه تربى فى احضان إمامة معروفة بالتقوى ، مشمورة بالورع ومجانبة الأهواء ، كان رحمه اش لين الجانب لإخوانه ، رءوفا بمم شفوقا عليهم ، خاليا من الكبرياء ، نزيها ، مما تعاب به الرجال ، يؤيد الحق على الباطل وإن كلفه الحال غوق المنتظر ٠ وصفه الإمام السالمى رحمه الله قال : كان متواضعا لرعيته ، ولم يكن محتجبا عنهم، وكان يخرج فى الطرق بغير عسكر، ويجلس مع الناس ويحدثهم ويسلم على الكبير والصغير والحر والعبد ، ووصفه صاحب فواكه العلوم بصغات رائعة فقال : أضحى رحمه الله قوى الجنان باسط البنان ، بنيانا مرصوصا فى الهيجاء ، سحابة وطفاء فى العطاء ، مرتديا برداء العفاف والمورع ، ولا يهوله من عدوه فزع ولا تأخذه فى دينه محاباة ولا طمع ، عامرا للديار وحافرا للأنهار ، غارسا للاشجار ، ليعيش فيها ضعفاء المسلمين الاتقياء الأبرار ابتغاء مرضاة الملك المجبار ، متأسيا بالرواية السالفة عن السلف الصالح : اعمل ما شئت كأنك تموت غدا وأعمر ما شئت كأنك لا تموت أبدا ، وهذا من قوته وحذاقته ، حوى على كلتا الحالتين سخيا سمحا بنوال المسألتين ، سيدا وسندا ووليا من الصالحين، قال : وكثي من غضائله لم أحص عدها ٠ قلت : هذه لا تحتاج الى زيادة وأخلاق ، هى من مكارم القادة ، وقد أثنى عليه بمالا مزيد عليه ، والخلق شهود اشم فى أرضه ، والحقيقة أن أخلاق الانسان هى الشاهد الصحيح كيف كانت ومهما كانت ، وإن قيل غي الواقع لا يثبت إلا الحق، واذا أحب اش شخصا هداه للحق بإذنه ، وأرشده الى المرضى عنده ، ولشم فى خلقه أسرار ، وهذه الشجرة اليعربية أظلت أناسا فى هذا العالم من لفح سموم الجور والظلم ، وأعزت رجالا أصبحوا بها قادة الأمة ومن ثمارهم تعرفونهم ٠ - ٣٣٧١ - اعمال الإمام سلطان فى عمان لقد قدمنا أن الإمام ناصر بن مرشد هو الذى أزال غثاء البغى من عمان ، ووضع كرسى العدالة بين أهلها ، وأنعش ميت الحق وأمات إحياء الباطل ، وطهر عمان من معرة الفساد والضلال ، حتى صار الورد صالحاً والماء صافيا للوارد ، وحبال السوء طرأ رثها فما عادت تصلح الالمزابل٠ وعندمابويع الإمام سلطان ، وجه عنايته المى تقوية الهيئة الحكومية أولا ، وتأييد العدالة بالقوة الفعالة ٠ قال صاحب كشف الغمة فقام بالعدل وشمر ، وجاهد فى ذات اشه وما قصر ، ونصب الحرب لمن بقى من النصارى بمسقط ، وسار عليهم بغفسه حتى نصره اله عليهم وفتحما بإذن الله ، وقام يجاهدهم أين كانوا وأين وجدهم فى بر وبحر ، فاستفتح كثيرا من بلدانمم ، وخرب كثيرا من مراكبهم ، وغنم كثيرا من أموالهم ، فقيل إنما بنى القلعة التى بنزوى من غنيمة الديو من أرض المهند ، وسيأتى الكلام على بنيانما فى محله إن شاء اشه ٠ وقام بنشر العلم فكثرت الفقهاء ، واعتمرت عمان فى دولته ، واستراحت الرعية وازدهرت البلاد بحسن السيرة ، ورخصت الأسعار وصلحت الأثمار ، وكان خير خلف لخير سلف ، هذا وصف أعماله عند هؤلاء ، وذلك وصغ إجمالى كما هو شأنهم ٠ والذى يعبر عن أعمال هذا الإمام العظيم تعبيرا صحيحا يضيق به المقام ، فإنه لما تولى الأمر أول شى ء ، جعله نصب عينيه تطهير البلاد من كل رجس أجنبى ، فساق جيثا ضخما فيه أبطال الرجال الذين هيئتهم دولة الإمام الراحل ، وعلمتمم العمل المطلوب منهم فى المستقبل ، نزل الجيش بسيح الحرملع الذى تقع عليه الآن مطرح الكبرى ، فملاء — ٢٣٢ - حتى الوطية ، وفى نفس الليلة لدغت ولده الإمام سيف بن سلطان حية فى سيح الحرمل، إذ كان أرضا خالية احتوت عليها الحثرات الأرضية، فقيل للإمام فى ذلك إنا نرى فألا غير صالح،فقالماجئنا إلا لإحدى للحسنيين، جئنا للموت لا للحياة إلا اذا يسرها اش لنا، وما أحب أسمع مثل هذا الحديث أو كلاما هذا معناه، وبعد صلاة المفجر زحف الجيش على مسقط فكاد يطير إليها ثوقا ٠ ٢٣٣ مسقط فى العمد البرتغالى لا يخفى أن البرتغال مازالوا يتوقعون زحف العمانيين عليهم مادام علم إمامتمم يرف على رءوسهم ، ولذلك قاموا بتحصين مسقط تحصينا كاملا ، ووضعوا قواتهم المائلة بها ، وحصنوها كما قال ابن رزيق وغيره من المؤرخين عربا وإفرنجا ٠ قال فسورتها النصارى من حد جبل المكلاالىجبللسعالى٠ قال وأحدثت فيها حصنين كبيرين شرقيا سموه الجلالى باسم بانيه ، جلال خان ، وغربيا وسموه الميرانى باسم بانيم ، وهو ميران ولعله ميران خان ٠ قال : وأحدثوا فيها صيرقين أى قلعتين صغيرتين مانعتين من دخول العدو للمينا ، لأنهما تطلان عليه ، وبنوا عليما سورا ضخما لايزال أثره باقيا حتى الآن يفصل البلد نصفين ، نصفه الداخلى لهم ، والنصفة الذى خرج عنه للاهالى ، وجعلوا نفس القسم الداخلى حصنا حصينا ، إذ جعلوا على نفس السور بروجا ضخمة وقلعة ضخمة ، سموها قلعة كبريتة ، وهو قائد هندى معمم ، وسيأتى ذكره بعد هذا المقام ، وأقاموا أبنية ضخمة على جبال مسقط ومطرح وجعلوا للطريق خمس عقبات ، كل عقبة عبارة عن قلعة من حد المطرح الى مسقط ، وآخر هذه العقبات من ناحية مسقط عقبة ريام ، وأولى العقبات من أول المطرح الى أول ريام ، وتعرف بعقبة الخيل ، والثانية التى اليها آنفا المطلة من الجانب الشرقى على مسقط ومن الجانب الغربى على ريام ، والثالثة منمحلة كلبو٠ لى مسقط، والرابعة من آخر مسقط على جهة سداب وتعرف بعقبة سداب، والخامسة من آخر مسقط الى الوادى الكثي المفضى الى روى ، وجطوا على هذه العقاب السلاح المناسب لذلك الوقت. ح - ٢٣٤ — وهذه العقاب فى غاية الصعوبة، وقد كسرت هذه العقاب مرات عديدة لاقتضاء الوقت ذلك، وعادت الآن بالأرض لا يعرف الجيل الحاضر عنها شيئا إلا أسماءها ، وملئوا مسقط من رجالمم الأقوياء ، وكما أنمم مازالوا يعاهدون الإمام ناصر ثم يخونون لما مات الإمام ناصر نكثوا العهد الذى وقع أخيرا ، ورأوا أن قوة العمانيين سيؤثر عليها موت الإمام المذكور ، وبذلك قطعوا أولا الجزية التى كانوا يؤدونها للإمام ناصر ، ومنعوا المسلمين من دخول مسقط ، وأظمروا عتوا وعنادا وتكبرا ، وضاعفوا قواتهم على جبال مسقط ، وجعلوا أشد رجالهم عليها ، ومدوا سلسلة حديد فى رأس الجبل المشرف على محلة ميابين ، وعلى الوادى الذى يمر على محلة برزنجى الى الجبل الذى به الآن البرج المربع ، وهو الجبل المشرف على حلة الأفغان ، وجعلوا على هذه السلسلة سورا من حديد ، وأكمنوا فيه رجالا من قومهم ليصدوا المسلمين عن الوثبة عليهم من نفس السور ، وكانوا حفروا خندقا يحيط بالسود من خارجه ، وأطلقوا عليه البحر الصغير الذى هو شرقى الباب الصغير ، وهذا يدل أمن البحر كان يخترق الرقعة الداخلية من مسقط ، وإنما خفى الآن وجوده لتبدل المكان بما طرأ عليه من بناء جديد ، ومن كيس ومن تبديل ٠ قال وجعلوا على السور عساكر جمة ، قال وكان للنصارى وكيلان من البانيان أى الهندوس، يسمى أحدهماسكبيلة والثانى نورتم، أى هما قائدان عنيدان يقومان بتأييد الحامية ، وينظمان الأمور ، وقد تمرسا بأحوال أهل عمان وعرفا حرب العمانيين ، ولذلك كانا هما اللذان يرشدان النصارى الى الأحوال الحربية التى يستدعيها الوقت ٠ ومسقط ذلك العهد ليست هى مسقط عهدنا الحالى ، فإنما كانت الجبال الشاهقة محيطة بها ، ولا يصار إليها إلا بجهد جميد ، ولا مدخل إلا من طريق - ٢٣٥ - البحر ، فيجر القوارب الصغار جرارون ، ويسيرون وهم رهن الخطر هذا فى حال السلم ، فكيف بحال الحرب أما الطرق التى هى لما الآن ما كانت فى الحسبان، ولا يأتيها إلا القوى الشديد ، ويصلها باك تعب ، وبغاية النصب ، والأموال تخرج منها بطريق البحر فقط ، أما مساجد السنية فيها فحديث من عهد جديد ، وأولها مسجد الزواوى يوسف بن أحمد ، ففى عهد المسلطان فيصل ، ومسجد على بن موسى كذلك ، ومسجد نصيب فى عهد للسلطان تيمور ٠ — ٢٣٦ - الضغط يسبب الانفجار كان من القضاء والقدر الذى يمهد السبب لتأييد المسلمين على عدوهم ،هو أن لسكبيلة اللعين بنتا جميلة رآها أمير الحصن الشرقى فعشقها ، فأرسل الى سكبيلة يخطبها ، وبذل فى زوااجها مالا كثيرا ذحبا وفضة وجواهر ثمينة، فشق هذا الطلب على سكبيلة وعظم فى عينه لأنه غير مألوف بينهم وفى طبيعة النفس النفور من غير المالوف ، ولذلك نفر النعمان بن المنذر من تزويج كسرى أنو شروان ، حتى عظم الخطب، وأدى الى ما أدى اليه مما يعرفه كل أحد، وأصر سكبيلة على عدم تزويج البرتغالى حتى جابهه قائلا له : ما كان فى القديم ولا فى الحديث النزاوج بيننا ، وهذا شى ء لا يمكن أن يكون بيننا الآن ، فغضب البرتغالى وهو يرى أن سكبيلة مأموره ولا يمكن أن يخالفه ، لأنه هو الذى ولاه أمر الحصن الكبير، وجعل اليه الزعامة فى أولممره، فهدده إنلم يمتثل، فتحقق سكبيلة أن من راء الامتناع الملاك والدمار، ويستولى النصرانى على المرأة غصبا ، فبلغ الضيق منه مبلغه ، فأراد أن يرميه بدلاهية تقضى عليه وتسحقه ، وعند ذلك تلاين سكبيلة لرئيسه فى أمر المرأة، وقال له: إنكنت معولاعلى هذا الحال وراغبا فيه فالأمر سهل لاتعزعليك بنت ولكن أمهلنى الى كذا و كذا من المدة، وف رواية أمهلنى سنة حتى أتمكن من صوغ ما يلزم لبناتنا الأبكار فى أعراسنا، فاذا تم الصوغ المطلوب ووصلنى دفعت اليك المرأة فأمطنى لهذا الصدد فسر النصرانى بذلك وابتهج ورفع منزلة سكبيلة، فكان لا يحل ولا يعقد إلا بمثسورته واصطفاه تماما ٠ ولما رأى سكبيلة التمكن من القائد، قام للعملية للنى ماهاً فى نفسه للانتقام من هذا الطاغية العنيد، فقال له: إن الماء الذى فى الحصنين قديم فيه دود ، وأخشى أن يطول الحصار علينا من المسلمين ، فالرأى تجديد الماء وكذا البارود ، فإنه فاسد والرأى تجديده ، ٢٣٧ وهذا البارود الخاص بالمدافع إذ كانت فى ذلك العهد يلقى فى بطونها البارود لكلطلقة، ثم تلقى الرصاصة عليه ثم تضغط بالمدك وهكذا ٠ قال : والرأى تجديده بالدق أيضا، فأجابه الى ذلك وتخيله ناصحا له فىذلك، وهو وإن كان الواقع كذلك، إلا أن سكبيلة كان له غرض الانتقام من النصرانى الذى أراد أن يرغمه بزواج ابنته ، فنسج حيلة يسلم لها القائد، ولا يجد فيها إلا ظاهرة النصح، فأخلى سكبيلة الحصنين من الماء ، وأخرج البارود للدق مرة ثانية، وإذ ذاك كتب للإمام عن الواقع وأخبره عما جرى له من النصرانى العنيد ، وأرشده على الموثبة على السور، وبين له الوقت المناسب لذلك، وهو يوم الأحد عند طلوع الشمس ، ذلك اليوم هو يوم عيد النصارى ، فكانوا يشربون الخمور ، ويدقون الزمور ، ويضعون السلاح ، ويشتغلون بالأفراح طرباولهوافاغتنم المسلمون الفرصة، وتوجهوا الى العدوبقلوب متحمسة ، صالوا صولة الأسد الهائجة على فريستها ٠ وكان الإمام البطل فى المقدمة، فاقتحموا السور وتهاووا على الحصون، كالمعقبان المنقضة من السماء ، فاختلفو هما فى الحال، وقتلوا من كان فيهما من النصارى ، وفى نفس الواقعة يقول ابن رزيق : أخبرنى غير واحد أن الإمام سلطان ضرب واحدا من النصارى فى الجزيرة ، وهى قلب رقعة مسقط الداخلية، وكان النصرانى لائذا على مدفع هناك كبير ، فالتف بعصفور المدفع وهى الجديدة الناتئة فيه لسحبه ، فقطع السيف عصفور المدفع ، وفخذى اللعين فجل الخبيث يقول لكل من مر به من المسلمين : ما هى إلا ضربة واحدة قطعت العصفور وفخذى ، ولم يفتر عن ذلك حتى مات ، وتولى الإمام وجنوده مسقط ، ولم يبق له محارب إلا كبريتة ، وكان شجاعا مقداما عنيدا ، وكان بيده القلعة التى على السور المعروفة بقلعة كبريتة ، فكان يهاجم المسلمين ببسالة فائقة ، واستمرت المعارك بينه وإياهم أياما حتى حان حينه فى سوق البز من مسقط، فحصره رجال الإمام المصاليت ، حتى قضوا عليه هنا هو ومن معه من -- ٢٣٨ - الجنود ، وطهر الله الأرض منهم ، وانتمى أمر مسقط وبقيت حامية المطرح، فاستول عليها الرعب وكادت تضيق بها الأرض ، وهناك بارجتان من بوارجمم فى المرسى تحاميان طى الحصن ، فتجرد العرب العمانيون لهم بعزم أقوى من الحديد وأدهى من الموت ٠ فزحفوا عليهم فى سفن صغار فماجموهم فى البحر ، فقتل فى أثناء الهجوم أكثر الجنود البرتغال ، ولم ينج منهم إلا من حبسه الأجل ، ولما رأوا لا بد من الاستسلام سلموا الحصن للامام وطلبوا من الإمام أن يعبرهم الى جوه فعبرهم، وتولى الإمام كلها، واحترم الإمام سكبيلة ونورتم ، وعفاهم من الجزية عنهم وذراريهم ومن كان من أقاربهم لمناصحتهم للمسلمين فى هذه البادرة وتحقق قولهم الضغط يسبب الانفجار ، ولى هذه الحرب يشير الشيخ خلف بن سنان المغافرى فى قوله : ثم أورى لمسقط سقط عزم أسقط الظالمين منه ضرام فطار طائر البرتغال من الأوكار العمانية، وتركما لأهلها راغما، فعاد الحق لأهله ٠ وفى القضية وأمثالما معتبر رائع يفهم منه الانسان الكونية التى تخرجها الأيام، فكانت أيام الباطل قائدة للاجنبى ليحتل بيضة المسلمين، ويتمركز فى أوكانها ، وعادت أيام الحق تمحو ذلك الباطل البغيض ، وهكذا الأيام تبرهن للعاقل عن الغراس الصالح ، وعن المزارع الوبائية التى يزرعما الظالمون ٠ وكان احتلال المسلمين لمدينة مسقط فى يوم عاشر من شمر رجب سنة ١٠٥٩، وتتابعت الفتوح بعد ذلك والحمد لله ٠ -٢٣٩- الحق تحت ظلال السيوف لما انتمى إجلاء النصارى البرتغال ، الذين يسميهم اهل عمان البرتكيس ، من عمان تماما نظر الإمام رحمم اش أن العدو خرج ولا بد إن استطاع أن يحيك المؤامرات العدوانية ممما كانت ، وأيا كانت ، وما ينبغى لنا أن خقبع فى مخدعنا نترجى نزول العدو علينا مباغتا لنا ، ولا ندرى ماذامبلغفعلهفينا،وقد ثبت عن نبيناعليه لصلاة والسلام قوله : ( ما غزى قوم فى عقر دارهم إلا ذلوا ) ٠ فينبغى أن نتقدم للعدو ليكون الرعب ملازما له ، والخوف محيطا به، وهكذا ٠ ولما كان مقر العدو الهند وجه الجيش اليهم بها فتغلغل فى الهند حتى اجتاح ساحلما ، وقبض على طرقها البحرية ، فهاجم الديو وهى أقوى بلاد الهند إذ ذاك ، فافتضها وغنم منها أموالا طائلة ، وساق ستة آلاف أسير دخلوا عمان فأسلموا واندمجوا فى أهلما ، وبنى من غنيمتها قلعة نزوى التى لبث بناؤها اثنتى عثرة سنة ، فكانت المثال الرائع ٠ - •٢٤ -- ظفار قطعة من عمان لما كانت ظفار كالجزء من عمان، أو كالجارحة من الجسد للعمانى، تولاها الإمام سلطان، وجعل فيها حامية عمانية لئلا يتطرق عليها العدو إذ ذاك ، فيتمركر فيها ويكون شره لعمان من الجسم العمانى ٠ ولما انتقل الحفاظ على عمان الى البحر الأحمر، وكانت ظفار من ضمن قلب المملكة العمانية، تركما الحيثى العمانى إذ لا محذور هفا والجيش قد ضرب أطنابه فى البحر الأحمر مطاردا لأكبر دولة استعمارية كافرة بالشه عزوجل، ثم أقبلعزم الإمام على المحيط العمانى ليحفظ القطر من جميع جهاته ، خرج الجيش الذى كان فى ظفار وخلف بما مدافع وآلة حرب ، وعند ذلك ظن ملك اليمن أن إمام عمان وقع عنده ضعف وخلل، وسرعان ما سحب الى ظفار واستولى على المدافع وقبض البلد ٠ ولعل بعض أهلها دعاه الىذلك، فلما علم الإمام بالواقع وكان فى أول نشاط دولته لم ينزل الضعف منهمنزلاما، ولكنه لم يشمئز من نزول الملك المذكور ، وهو اسماعيل بن القاسم من ذرية على بن أبى طالب، وإنما اشمأز من أخذ المدافع، وتجاسر الملكعليهامععلمه بأن وراءها سائلا عنها وغيورا عليها ، ولعله تصور له ضعف إمام عمان أو بعده عن البلاد ، مع أن البلاد شافعية المذهب ، وأهلها بدو أشبه بالرط إن لم يكونوا رحلا ، وأن إمام عمان ما سحب جيشه إلا لداع دعاه الىذلك، فكتب له الإمام فىذلك كتابا جميلا لايطلب منه إلا رد المدافع، وسكت عن البلاد استبقاء له، وإبقاء للصحبة التى يستدعيما الوقت بالنظر الى العدو الذى يطارده الإمام حتى يرى منتهى الأمر، وما كان كتاب الإمام إلا كتاب أخ لأخيه، أو كتاب صديق لمصادق ٠ - ٢٤١ - ولما وصل الكتاب الى اسماعيل بن القاسم ، شخر ونخر وأرعد وأبوق ووعد وتوعد ، وصال وهدد ، وجاء كقابه مشحونا بالصواعق التى يكاد فحواحا ، يمحو الإمامة العمانية من عقر دارها ، فاستغرب الامام ذلك الطيش والفزق الذى سمعه من هذا الانسان الذى ينتسب الى سلالة على بن أبى طالب ، وما كان يحمل به ذلك ولا يليق الطيثش والنزق بأهل المناصب، وليته ترك الجفا، وعدل الىنمج الصفا،ولو لم يكن فيه وفا ، فلم يجبه الإمام عليه وإنما أجابه بأساطيل تمحو الأباطيل وبرجال تزيل الضلال ، وقد أخبر ه فى كقابه حيث يقول : ثم لتعلم أيها الملك أنه وصل إلينا فى مدة أيام قد تصىمت، وشسور قد تخومت ، رجل من جنابكم يزعم أنكم أرسلتم بيده طروسا بما درر من رائق لفظكم، وخطلبكم، غير أنه يقول إن المركب الذى أقبل فيه عابه الانكسار،فغرق فى ليم، فأدرك الطروس المسطرة حكم التلف، ثم بيد أنه قد أفا، إلينا من نتائج لسانه ، واتضح لنا من واضح نطقه وبيانه ، أنكم علينا عاتبون ، ومنا واجدون لأجل قطع خدامنا فى العام الماضى مراكب رقاب المشركين على بابكم، وأخذهم لسفنهم الواردة لجنابكم، ولعمرى إنا لندرى أن العتاب بين الأخلاء عنوان الموده الخالصة والصفا ، وزايد محض المودة الصادقة والوفا .ب غير أنه يجب عفد اقتراف الجرائم، وإنتهاك المحارم،فإنانحن لم نقصد الى انتماك ذلك سبيلا،ولا نجد لكعلى إلزام فعل ذك دليلا، إذ ئ لم نجهز مواكبنا، ونتخذ مخالبنا ليسارة رعيتك، ولا استباحة دم أهل حكمك وقضيتك، ولكن جمزنا الجيوش والعساكر، واعددنا اللمازم والبواتر، لتدمير عبدة الأوثان، وأعداء الملك الديان، تعرضا لرضاء رب العالمين، وإحياء لسنة نبيه الأمين ، ورغبة فى إدراك أجر الصابرين الجاهدين ، وحاشا لمثلك أن يضب لقتلل عبدة الأوثان والأصغلم، وأعداء اشه والاسلام، ألست من سلالة على بن أبى طالب ، الساقى المشركين ربى المشارب ، وأنت م١٦ - عمان عبر التاريخ ج ٣ - ٢٤٢ سن تدرى بما جرى بيننا وإياهم منقبل فى سواحل عمان وفى سائر الأماكن والبلدان ، من سفك الدماء ، وكثرة الصيال ، وتناهب الأملاك والأموال ، وإنا لنأخذحم فى كل موضع تحل به مرا كبهم ، و تغشاه سغنمم ، حتى من كنج وجيون بندرى الشاه ، ولم يظمر لنا من أجل ذلك عتابا ولا قكيرا ، وإن كنت فى شك فاسأل به خبيرا ٠ أولا نذكرك أيها الملك والذكرى تتفع المؤمنين ، وإنا لك من المنذرين ، وعليك من المحذرين ، إنا لما ملكنا تلك الايام بلدة ظفار ، وهى عنا نازحة الفيافي والقفار ، ولم تر فى ملكما صلاحا لشىء أوجبه منا النظر ، وحاكته الأذهان والفكر ، فتركناها لا من خوف قوة قاهرة ، ولا كلمة علينا ظاهرة ، ولا يد غالبة ، ولا كف سالبة ، وحينما خرج عنما عاملنا خلف بها شيئا من مدافع المسلمين ، لغفلة جرت عن حملها فى ذلك الحين ، ولما ملكتم أنتم زمام عيسها ، واجتليتم ضوء بدرها وشمسما ، لم تدفعوا لنا تلك المدافع ، كأن لم يكن وراءها ذائد ولا دافع ، فاطم أيها الملك أن البعل غيور ، والليث هصور ، والحر على غير الإهانة صبور ، ومن أنذر فقد أعذر، وما غدر من حذر ٠ طى أننا فى إصلاح ذات بيننا وبينكم راغبون ، ولإطفاء الفتن وإخماد المحن بيننا وإياك مؤثرون ، فإن كنت راغبا فى الذى فيه رغبنا ، وطالبا لما له طلبنا ، فادفع لنا إياها ،ولا تحتس بسرعة الاعتداء حمياها ، وإن أبيت إلا الميل الى اغتنامها، والجزم على خبط ظلامها، ففى الاستعانة بالله على من اعتدى سعة ، ومن كان مع الله كان اش معه ، وحسبنا اش ونعم ا لوكيل ، والسلام عليك ورحمة اش ٠ فالإمام سلطان رحمه اش يذكر ملك اليمن بحال الكفرة وأفعالهم ، وما دار بينه وإياهم فى سواحل عمان ، وأن رجاله يحتلون الأعداء حتى فى كنج وجيون اللذين هما من أكبر بلاد إيران، ولم ينكر عطيمم اللك - ٢٤٣ — الفارسى الذى هو أعظم من اسماعيل بن القاسم ملكا وأكثر قوة وأنصارا ، ولم يطلب الإمام من اسماعيل الا المدافع فقط ، وجعل المسلم أخا للمسلم ، فنحن تركناها وهذا مسلم تولاها ، وأن المحذور أن يتولاها الكافر عدو الكل ، ثم إنما أى المدافع مال مسلمين ، ولا يحل مال المسلم بحال من الحال ٠ والإمام يذكره الصحبة ، ويحيله الى إبقائها والمى عدم الشقاق والفتنة ، ولكن الرجل غلب عليه الطيش ، ولم يتحاث عنه ، ولذلك يؤسف طيه ، والواضح من خطابه أنه متهور ، حيث قال ٠ إنها أى المدافع أول غنيمة من قطرك الثاسع ، كيف يجعل مال المسلم غنيمة ، وهذا شىء حرمه الشرع الى آخر ما جاء فى كابه ٠ ولم نذكر الكابين معا لأنهما موجودان فى سير المسلمين : محغوظان فلا نطيل بذكرهما ، وإنما أشرنا اليهما وذكرنا فقرات من كتاب الإمام ، لندل بهاعطى الصدد المطلوب ٠ وقال الإمام السالمى رحمة الش بعد ذكرهما : وبكل أسف لم نعثر على جواب الإمام على هذا الكتاب ٠ قلت : المفهوم من هذا أن هذا الكتاب لا جواب له عند الإمام إلا أحد شيئين، إما السكوت والإغضاء عنه وعن المدافع إبقاء للسلام ، وإما أن توجه اليه مدافع أخرى تسترد تلك المدافع ٠ قال الإمام رحمه اش : وما أظنه إلا كما قال الشاع : وهل تغنى الرسائل فى عدو اذا ما لم تكن بيضا رقاقا قال : وأئمتنا بحمد اشه تعالى ممن ذكرهم اشه فى كتابه بقوله : - ٢٤٤ - ( واذا خاطبمم الجاهلون قالوا سلاما ٠ والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما ) الى قوله تعالى : (والمذين لا يشهدون الزور واذا مروا باللغو مروا كراما ) فهم الأئمة الفعالة ، وغيرهم الأئمة القوالة ، وكأن هذا الرجل زيدى المذهب ، وكأنه يثبت الوصاية لعلى ٠ قال ٠ ودلائل الحال تقتضى أن بينهما وقائع ، ولكن لم نطلع على ذكر شىء من ذلك ، وتمكن هذا الإمام من اليمن والهند وغيرهما يقتضى أن الأمر صار على خلاف ما يزعمه ملك صنعاء ، وكذلك تمكن الأئمة من بعده فإنهم ذكروا لهم من القوة والسلطان ، والتمكن من البلدان النائية والأقطار القاصية ، على ما سيأتى ذكر بعضه ، وذلك يقتضى أن الإمام ومن بعده من الأئمة تمكنوا من اليمن وغيرها ما خلا صنعاء ، فإنا لم نجد تاريخا فى التمكن منها نفسها ، وأما آثارهم فظاهرة فى أطراف اليمن ، واش أعلم بما وقع بعد تلك المخاطبة الى آخره ٠ ٢٤٥- معارك الجيوث العملنية للإفرنج إن معارك الإمام سلطان للإغرنج بواسطة قادة جيوشه علديدة، لا يسع المقام ذكرها تفصيلا ، فإنها تستدعى مؤلفا مستقلا ، ذكرها المؤرخون وذكرها الشعراء العمانيون فى مدائحهم ، وأولما مسقط ، وقد ذكرناها لأن ذكرها ضرورى، إذ هى المفتاح الذى للقفل البرتغالى، ومنما وقعة كنج أكبر وقعة بين العمانيين والبرتغال ، بلغ صداها أقصى بلاد الشرق واهتز لما العالم وسباهم الجيش، وقاد سفنهم الى عمان، وساق الغنائم وإليها يشير الشيخ خلف بن سنان حيث يقول : ولدى كنج كان منه لمم ما كاد منه تدكدك الآكام أى كاد الجبال تندك منه ، وجاء البرتغال فى غزوة من غزواتمم ، فأحرقوا الدوحة من ضواحى مسقط ، وذلك بعد « غزوة الديو » ، وكان قائد الجيش الى الهند راشد بنعلى، الذى مدحه الشيخ خلف ابن سنان فى قصيدته الميمية ، وكان السبى ألفى أسير ، وفى بعض النقل ستة آلاف أسير ، أشرنا إليهم فى « العنوان » ، وغنم منهم كتوزا عظيمة ، ووقعة ممباسة التى هى مضرب المثل فى الوقائع، كما ذكرها المؤرخون، واصطلمما منمم ورغع العلم العمانى عليها عهدا ٠ ومنها وقعة كلوة وهى وقعة قادت ذلك الصقع معما راغما ، وقادها العمانيون من أنفها صاغرة ٤ وزاد نشاط العمانيين ، وظلوا يتقاحمون على تلك القرى تقاحم الأسود الصائلة ٠ ومنها وقعة زنجبار ، ولا تسل عن استبسال العمانيين فيما ٠ ومنها وقعة بمبى خاصة ، فكان الأهالى يفرون منها الى برارى المند - ٢٤٦ - النائية خوفا ، ووقعة مخا ، ووقعة باب المندب فى البحر الأحمر ، وقعتان اصطلم العمانيون فيهما جنود الكفر ، وقادوا البواخر بما فيها غنيمة أصبحت ترفع العلم العمانى فى البحر الأحمر ، وهو يهتز لها هيبة ، ويقلق لها رعبا، واستفاد الشراة الذين احتلوا هذه الوقائع آلافا طائلة ٠ ومنها وقعة مسبيج التى قهر فيها الأعداء ، وقطعت رؤوسمم إلا ماشاء اشه، ولم يحصنها من الاحتلال العمانى حصن ولا قلعة ٠ ومنها غزوة ( بتة ) وقائد الجيش الشيخ الصارمى محمد بن مسعود صاحب عين السواد فى أمطى ، فاحتلها بعد قتل ذريع وقمر سريع ، وفيها قال قصيدته الحائية ، وفيها قال الشيخ خلف بن سنان قصيدته الرائية ، ومطلعها : هو السيف مقرون به العز والنصر وكانوا فقط مائة وعثرين رجلا يتغلغلون فى الهند لا يبالون بما يلاقون أن أيام الإقبال زهراء ذات بهجة تكاد بطبيعة الحال تتصرف فى صالح الأمة ٠ وتوف الإملم سلطان رحمه اش يوم الجمعة الذى توفى فيه الإمام ناصر بن مرشد رحمه اله ، وكلاهما توف وقت الضحى ، لكن الإمام غاصر توفى فى يوم عاشر من ربيع الآخر ١٠٥٩ سنة وهذا توف يوم سادس عشرمن ذى القعدة ١٠٧٩ سنة ٠ - ٢٤٧ - الإمام بلعرب بن سلطان لا يخفى أن الإمام بلعرب بن سلطان بن سيف بن مالك بن بلعرب ابن سلطان اليعربى، وبقية النسب قدمضت، لما مات الإمام سلطان خلف ولدين هما بلعرب وهو الأكبر ، وسلطان وهو الأصغر ، وأختا لمما ، وكان بلعرب متوجا بالشيم الطيبة والفضائل الجميلة، والأعمال الحسنة، رأى أن الدولة كاملة فى جميع أحوالها لا غضاضة عليها فى شىء ما أبدا ، إلا أن ناحية العلم محتاجة الى همم تستثيرها ، وأعمال تقوم بما ، ورعاية تحددها ، وكان بنى قصر جبرين قبل إمامته ، ويقال إنه بناه من صلب ماله ، فتم بناؤه قبل وفاة والده بسنتين ، وإنه ليعبر عن غنى هائل فىعمان فىذلك الوقت، إذ بناه بملايين الملايين كما قيل، وخزن فيه لطوارى الدهر مثل ما بناه به ، وكان آية فى روعة الصنعة ، بحيث أصبح يضرب به المثل ٠ قال ئكيب أرسلان ، المعروف بأمير البيان ، وهو من أكبر المؤرخين ومن المطلعين على أحوال الأمم قال، وهو يذكر الإمام سلطان : قد خلفه( وده بلعرب )،وكانهذا محبا للعلم والعلماء ، بنى مدرسة فى يبرين ، وجعل إقامته فيها ، بل بنى ، القصر المعروف الذى سبق كلامنا عنه، وكانت المدرسة ف القصر، قال : وثار على بلعرب أخوه سيف ابن سلطان ، قال : وعضد هؤلاء الفقهاء ، أى انقسم الفقماء بعضهم مع بلعرب يؤيده فى أعماله ، وبعضهم مع سيف يؤيده على أخيه ، وقد أشرنا المى هذا الحال ، وأسبابه فى كتابنا لد العنوان» ، قال شكيب : فانقسمت الرعية الى قسمين متساويين ، أولا ثم جعل حزب سيف يتقوى على حزب بلعرب ، وكان هذا أى بلعرب سخيا جوادا مواسيا للفقراء ، فلقبوه أبا العرب لكرمه ، فلما طالت الفتنة بينه وبين أخيه ، واضطرب حبله صاروا يلقبونه بلاء العرب ٠ - ٢٤٨ - قلت : هذا لم نجده إلا عن أبى رزيق ، ولعل شكييا تلقاه عنه ، وحاش أهل عمان أن يقولوا ذلك ، اللهم إلا إن كان عن الجهال الذين لا يهتدون للحق ، قال شكيب متمثلا بقول القائل : والناس من يلق خيرا قائلون له ما يشتهى ولأم المخطىء الهبل أى من ساعدته الأقدار ، فالناس معه على ما هو عليه ، واذا انقلب الزمان عليه كانوا أيضا كما قال النبهانى : والناس أعوان الكريم لذاته وهم عليه اذا هوى أعوان قال شكيب : وأخيرا استصفى سيف أكثر البلاد ، ولم يبق لبلعرب إلا يبرين ، وبينما أخوه يحاصره إذ قبض فاستراح ، واستراح بموته أخوه ، وصفا الوقت لسيف اه ٠ وقال ابن رزيق وغيره من مؤرخى عمان ، كصاحب كثف الغمة وغيره وقعت بين الإمام بلعرب وأخيه سيف فتن عظيمة ، وأصاب كثيرا من أهل عمان من فقهائهم ومشايخهم أهل الورع والزهد والعلم عقوبات شديدة ، الى أن كادت تنفر نفوسهم قبل الحمام من أتباعمم السفهاء ، واقتفاء آرائهم وقبول كلمتهم ، هذا أورده ابن رزيق وأخذه عنه الإمام السالمى رحمه اشه ، ولم يذكروا تلك الفتن التى يشيون إليها ولا أسبابها ، وهذا الكلام الذى ذكره ابن رزيق يحتاج الى تحليل ، فإنه ذكر أن تلك الفتن أصابت الفقماء والعلماء وأهل الزهد والورع ، وأن عقوبات كأنها جائتمم من سيف بن سلطان ، ولم يذكروا لنا شيئا منه مما يحسن السكرت عليه ، وهذا من المشاكل ٠ وأقول لولا قيام الإمام سلطان على أخيه ، واستيلاء الحصون عنه - ٢٤٩ - وحصاره إياه فى جبرين ، حتى مات الإمام بلعرب فى الحصار ، لقلت هذا كذب لا أصل له، لأن أهل الفضل لا يفعلون ذلك، ولكن القيام على الإمام العادل المجمع على إمامته لا يصح ما لم يقترف ذنبا فيتوب منه ، غإن تاب بقى فى إمامته ، وإن لم يتب وجب خلعه ، ووجب الانتصاف منهإنظلممالا لأحد، وإن أصر على ما هو طيه وجب قتاله، ولم يذكروا فى تاريخ الرجلين شيئامنذلك، وربما كان إحتمال الذى ذكرته فى « العنوان » يليق بمقامهما واش أعلم ٠ وإنها لمصيبة كبرى لابد لها من أثر يوما ما ، فكان غير بعيد عنمما ، وبذر الشر كالبذر يختفى فى الأرض حتىإذ بله لمطر نبت فكذلك بذر الشر يختفى ثم يظهر بعد حين ٠ ولما رأى الإمام بلعرب هذه الأحوال التى تحيط به غير مراعية فىحقه إلا ولا ذمة، خرج من تروى كالمختبر للحال ماذا وراء ذلك، خرج من نزوى وتوجه ناحية الشمال متفقدا للاحوال ، فلما رجع الى نزوى منعه أهلها دخولها ، وأظن أن المنع قرر ه أخوه سيف فلم يقدروا على خلافه، وإلا فما الموجب لمنعه ماكان جبارا ولا ظالما ولا فاسقا كان إماما رحيما بالمؤمنين سخيا بما لديه يقرب أهل العلم ، ويحب أهل الخير أبهذا يمنع من دخول البلد ، ولا موجب أن هذا الداء الدفين فى الروح العمانية طرأ طيها ليقضى على إمامتها ، إنش وإنا إليه راجعون ، بعد الإياس توجه الى جبرين مقره ووطنه وبيته الذى بناه من ماله كما قيل ، وبعد استقراره بيبرين اجتمع أهل هؤلاء على البيعة لأخيه ، وهو حى موجود ،ولا يحتج عليه بشىء إنها لمن المصائب الفادحة ٠ قال ابن رزيق : « وكان كل واحد رضاة تقية» ٠ قلت : هذا يدل أن البيعة كانت إجبارا وقمرا وهذا حرام فى الدين ، - ٢٥٠ - قال : فعاقب بعضهم طى عدم الدخول فى العقد ، قال : وخرج سيف على أخيه وأخذ عليه كافة حصون عمان ، وخاصم كل من كان لأخيه محبا ومساعدا ٠ قلت : وهذا أعظم قال : ولم يبق بيده إلا حصن يبرين قال : ووقعت بينهما حروب كثيرة ، حتى قال بعض الناس لبلعرب هو بلاء المعرب ٠ قلت : الذى قاله شكيب أرسلان فى تعليقه ، قال وقال : بعضمم سيف جلاب ، وبلعرب قصاب ، لكثرة سفك الدماء التى كان سببها منهما ٠ قلت : لم أفهم معنى ذلك الكلام ، وهو لا شك يرمز الى شىء خفى ، قال : وافترق الناس فيهما ، فمنهم من يصوب بلعرب ، ويقول سين باغ طى أخيه فى خروجه عطيه ، ومنهم من يقول : إن سيف هو المحق والمبطل ٠ قلت : عرفنا قول القائلين أن سيفا باغ طى أخيه ، وهو الظاهر لأنه لم تقم على بلعرب حجة توجب عزله أو الخروج عليه ، ولم نعرف ما يحتجون به لسيف ٤وهذا عين الإشكال ٠ قال ابن رزيق : ثم إن سيفا جمع جيشا عظيما وبلعرب يومئذ بحصن يبرين ، قال : فحصره حصرا شديدا حتى مات بلعرب فى الحصار ، وقيل إنه لما اشتد على بلعرب الحصار ، وتعذر عليه الانتصار ، توضأ وصلى ركعتين ء وسأل الشه ربه أن يميته وهو راض عنه ، فاستجاب له دعاءه ، غمات من ساعته ٠ قلت : هذا من الممكن ولكن من ذا الذى يطلع على ما بين بلعرب وربه اللمم إلا أن يكون عبيده وكان جاهرا بالدعاء ، وأظن أن هذا أمر - ٢٥١ . مظنون غير محقق ، وإن تداوله المؤرخون ، ولعلمم رأوا ميتا فى مصلاه ، وظنوا أنه قد دفن فى نفس المكان الذى قبض فيه فى مصلى أعده لخلوته فى نفس للقصر على وجين الفلج ، فإن الفلج فى نفس القصر ، وقد زرناه هناك رحمه اش ورضى عنه ، لقد أدى واجبا كبيرا فى الاسلام ، حيث أحيا العلم وأكرم العلماء ، وسوف يأتى الكلام على المدرسة المشار إليما إن شاع الله ٠ وكان الإمام السالمى رحمه اش يثبت خروج سيف بن سلطان على أخيه ، إذ قال فى تحفة الأعيان : ذكر خروج سيف بن سلطان على أخيه الإمام وحصاره له بيبرين ، قال حميد بن محمد بن رزيق الشاعر المتأخر : لم يزل الإمام بلعرب تضرب به الأمثال فى العدل والجود، حتى وقعت بينه وبين أخيه سيف فتن كثيرة ، قال : وأصاب كثيرا من فقهاء أهل عمان ، وأكابرها وأهل الورع والزهد عقوبات من سيف ، وشد سيف على أخيه بلعرب الحرب ، فخرج بلعرب من نزوى ، وذكر القضية التى قدمناها بالحرف الواحد ، الى أن قال : وهو يذكر حصار سيف لأخيه بلعرب فى حصن جبرين ، قال فلما عجز عن ملاحمته أى عجز بلعرب عن مقابلة سيف ، اجتمع أكابر أهل عمان ، فعقدوا الإمامة لأخيه سيف ، قالع : وكثير من أهل عمان دخل فى البيعة تقية ، لأن سيفا عاقبهم على عدم الرضا بإمامته ، وخرج فأخذ حصون عمان كافة إلا حصن بيرين ٠ قلت : هذه إمامة قهريه ليست على أمول المسلمين ولا على نهجهم ، إفما هى الغصب أشبه بإمامة معاوية ومن بعده ٠ قال : فحصره أى فى جبرين ، وجعل يضرب الحصن بالمدافع، وكان عند بلعرب رجال مشمورون بالثجاعة،فكلمادناجيش سيف بن سلطان من الحصن خرجوا له فكشفوه ، وقتل فى تلك الحرب من قوم سيف كثير ، قال : ثم إن أكابر هؤلاءوهؤلاء اتغقوا على الكفاف عن الحرب، وقالوا : الرأى أن نغمد السيف عن بعضنا بعضا فاذا اقتتل سيف وأخوه بلعرب ، وقتل أحدهما - ٢٥٢ - صاحبه صرنا رعية الباقى منهما وتبعا ، والمعنى ما فى استطاعتنا إلا ذلك ، فإن الأمر مقمور بالقوة كأن الجوليس لأهل العلم نظر أبدا إنما هى أشياء قهرية ، سبحان لشه المدبر للكون بحكمته ٠ قال : فإن أبيا عن المبارزة مكثث كل واحد منا فى العسكر ، فاذا طالت المدة على ذلك رجع كل واحد منا المى وطنه ، والظاهر ليس هذا فى وسعهم بل تحت القهر من سيف بن سلطان ، والقتال ليس شه ، إنما حو لأجل الدنيا إنا لله وإفا إليه راجعون ٠ قال : فلما بلغ بلعرب خبر القوم ، توضا وصلى ركعتين لشه ، وسأل اشه أن يميته ، فلما فرغ من صلاته إلا وقد خر على البساط الذى صلى فيه ميتا ، قال : فعند ذلك خرج بعض خدامه من الحصن ، فأخبروا أخاه سيفا بوفاته ، فاتهمهم وقال : قتلتموه قاتلكم اشه ، فحلفوا له أنه قد مات حتفت أنفه ، ثم خرج أصحابه من الحصن كافة ومضوا الى أخيه فأخبروه عن أخيه بلعرب كما أخبرته عبيده عن خبر وفاته ، قال : فمضى سيف الى الحصن وغسل أخاه وكفنه وصلى عليه ودفنه الخ ٠ هذه قضية سيف بن سلطان وانها لمن سيئات القضايا وانها لتنذر بزوال هذا الملك من أيديهم عن قريب ، فإن بذر الشر وحب الذات داء دفين يسلب الخير من أهله ، ويبث الشر بينمم ، ولذلك كان العهد غير بعيد المدى واش المستعان ٠ - م٢٥ - الطم حيلة الاهة كان الإمام بلعرب بن سلطان رحمه اش رأى أن العمانيين قد بلنوا شأوا بعيدا فى الزعامة ، وأضافوا الى عمان ممالك عديدة ، أصبحت تلبى دعرتهم وتجيب نداءهم ، ولمم صوت عال فى العالم يتقدم يوما فيوما إلا أن العلم قليل بالنسبة الى اتساع الدولة، وعطو شأنما واتساع رقتما ، والأمل فى المقبل سيرها قدما ، غإن جيوشها عبر الأقاليم فى آسيا شرقا وغربا ، ولها نشاط محسوس ، فمالت نفسه الى نشر العلم فى عمان كما ينبغى تبعا لقوله عز وجل : ( فلو نفر من كل فرقة طائفة ليتفقموا فى الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ) ٠ وكان من قدر المه أن زار عمان فى هذه ألأثناء أحد علماء الإباضية أهل المغرب ، يقال له الشيخ عمر بن سعيد بن محمد بن زكريا الجربى من أهل جربة خاصة ، فرأى أحوال عمان وتقدمما فى العدة والعدد ، واتصالما بالمعالم الخارجى ، ورأى جيوشها الضخمة ، وجنودها المفخمة ، وعساكرها المتحمسة ، فسره ما رآه وابتهج بما رأى وسمع ، وعلى كل حال إن المحب يسره تقدم أحبابه فى الخير ، ولكنه لاحظ معاهد العلم لا تقدم لما ولا نشاط فيما بالنسبة الى نشاط الدولة، فكتب للامام بلعرب كتابا يدعوه فيه الى الالتفات نحو الناحية العلمية ، والحقيقة كل يدعو المى ما يحب ، والعلم هو الحياة رغم كلشىءولا عز ولاشرف إلابالعلم، ولاترقى إلا به ٠ وهذا أمر مجرب معقول فى كل جيل ، فكان الشيخ المجربى جاء فى نصيحته بتحقيق لا ينكر ، ومقال لا يستنكر ، بل بين كل شىء يلزم فى هذا المقام ، وتحدث فى كتابه عن كل لزام ونبه وأيقظ وبين وحرض ، وما قصر فى سبيل ما هو بصدده ، وعلى كل حال إنما تنجح المقالة فى المرء اذاصادفت هوى فى الفؤاد ٠ - ٢٥٤- كانت رغبة الإمام مائلة الى غشر الطم والاعتناء به، فجاء الشيخ الجربى فقدح الزناد وحرك الفؤاد ، وأبان المراد ووضح الصلاح والسداد ، واستفرغ الوسع فى التصح والإرشاد ، فكانت دعوته فى هذه مستجابة وفصيحته بالغة مبلغها من الإمام رحمه الله ، فقام بواجبه واجتهد مبلغ طاقته ، وأمر بالتعليم فى جميع نواحى عمان ، وخصص مدرسة جبرين بالرعاية ، فدعا المعلماء والمبتدئين والطلبة من العمانيين فقابلهم بالاكرام التام ، ورعاهم بالإحسان والإنعام ، وغذاهم بأطيب الطعام ، لتطيب نغوسهم وتنشط الأفهام ، وتنتبه القلوب وتتسابق الطلبة، وتتقدم فى ميدان الجد والاجتهاد فكان لهم أبا رحيما وسيدا كريما ٠ قال الإمام السالمى رحمه اش ٠ ٢٥٥-- مدرسة جبرين وذكر بعض المتخرجين كان الإمام بلعرب رحمه اله المحب للعلم بطبيعة الحال ، ومن أحب شيئا دعا اليه ، ومن أحب شيئا أكثر من ذكره ، ولما جاء الشيخ المغربى الجربى رحمه اش وكقب للإمام المرضى رحمه اش تلك النصيحة الصادقة التى أثارت حفيظة الإمام ونشطته، فأقام المدرسة بالقصر خاصة ، وعين الغرف العالية من القصر لما ، وهى غرف فاخرة جميلة ، ذات رونق بديع لما اتصال بالفلج الذى فى بطن القصر ، ولا يرى من فيما فى حال دخوله وخروجه أحدا من عوائل القصر وخدمه ، للمندسة التى يسرها الش لمذا الإمام الجليل فى هذا القصرالعظيم، فإنه من بدائع البناء الذى يحتار فيه الواصف، فكان الإمام معمم ليلا ونهارا، وكان له اعتناء عظيم بهم ، فكانوا يقبلون اليه من شتى النواحى كما يقول القائل : فكانوا يقبلون على حماه كأسراب الظباء رأت معينا فقامت لهذه المدرسة كبكبة من رجال العلم والأدب ، وشاع لها ذكر ، وابتمج بها العمانيون غاية الابتهاج ، فأثمر غراسها الشمر الحلو الذى تحيا به البلاد والعباد ٠ قال الإمام رحمه اش : فيقال إنه خرج من هذه المدرسة التى ف حصن جبرين خمسون عالما كلهم أهل اجتهاد ٠ قال : وقد أكثر الناس الثناء على هذا الإمام ٠ قلت : إن الذين تخرجوا من هذه المدرسة أكثر من خمسين عالما الذين بلغوا درجة الاجتهاد ، فما ظنك بغيرهم ممن هم دونهم ، وما خلخل ع بالأدباء والشعراء الذين استنار قرائحمم بنور - ٢٥٦ ٠ العلم ، واتسعت مداركهم بقوة الفمم ، وكيف لا يكونون كذلك وعواطف الإمام تربيهم ، ومراحمه حافة بهم ، وعنايته شاملة لمم ، والشجر اذا سقى طال واقسق و أثمر ٠ قال الإمام رحمه اله فقيل إنه كان يخدممم بنفسه هنالك ، وكان يختار لمم العطورات المقوية للاذهان والأطعمة المولدة للحغظ اهتماما كليا من صميم القلب ، قلل ابن رزيق ، وهو يذكر حمن جبرين ، قالى : ونصب فيه مدرسة للعلماء والمتعلمين ، قال : ورغبمم ببذل المال وأكل الفواكه ، فنالت العلم بكرمه الطلبة ، فدا من كان متطما أى معه مبادىء علمية، فقيها أى اتسع أفق علمه ، فصار فى صف أهل العلم المنظور اليمم بأعين التوقير ، وصار الطالب ءالما ٠ قال : ومن كان أديبا أى له ذوق فى الأدب صار شاعرا فحلا متصرفا فى المعربية ، له فهيا يد ، قال : فمن المتعلمين الذين ماروا بعد ذلك علماء جمابذه مثل الثيخ خلف بن سنان الغافرى ، والشيخ سعيد ابن محمد بن عبيدان وغيرهما كثير ، قال : ومن جملة الذين تربوا بكرمه الشيخ راشد بن خميس الحبسى الضرير ، وغيره ٠ قلت لم يذكر منمم الذين يستحقون الذكر علماء وأدباء وعبادا وزهادا وغيرهم وهذا من قصور التاريخ ٠ وتوفى الإمام بلعرب بن سلطان سنة ١١٠٤ أربع ومائة وألغ أى فى أول المقرن الثانى عشرللمجرة ٠ قال الإمام رحمه الله وهو يذكر الإمام بلعرب قال : وقد أكثر الناس فى الثناء على هذا الإمام ، قال ووأيت فى مدحه ديوانا حافلا محتويا على قصائد طنافة ، بلغت من فنون البلاغة مبلغا عظيما ، وعلى هوامشما تنبيهات على أنواع البديع فى الأبيات ،قال : وقد غاب عنى هذا - ٢٠٧ - الديوان فلم أره منذ زمان ، وإنما رأيته أيام الصغر : وأحفظ من أوائل بعض القصائد أبياتا يسيرة ، قال بعضهم فى أول قصيدة لامية : لمى بوادى الدوح دور وأطلال سقتما غواد من ملث وآصال وهمهم فى أرجائها الرعد برهة اذا ما انقضى وبل تعرض هطال قال : وقال آخر فى أول قصيدة لامية أيضا : زم المطى فعقد الدمع محلول وقال آخر : الله أهبر جاء الفتح والمظفر وأشرقت فى للدياجى الأنجم المزهر وأصبحت سبل الإسلام واضحة أعلامها واستقام السمع والبصر قال : وغيرما أشرت اليه كثيروكلما مدائح فى الإمام، قال : والخلق شمود اشه فى أرضه،فمن أثنواعليه خيرا كان أهلا للخير، ومن أثنوا عليه شرا كان أهلا للشر،الخ وذكر الإمام رحمه اش على أثر ذلك المشماعر الخاص الذى أخرجته تلك المدرسة ، وهو راشد بن خميس بن جمعة بن أحمد الحبسى النزوى من جملة من تعلم فى ظل هذا الإمام وصار من جملة من مدحه وأثنى عليه ٠ م ١٧ - عمان عبر التاريخ ج ٣ ) - ٢٥٨ — ذكر قصر جبرين كان الإمام بلعرب بن سلطان قد بنى قصر جبرين على ماقيل من صلب ماله فى حياة والده ، وتم بناؤه قبل موت والده بسنتين ، هنا يعجب الانسان وتأخذه الحيرة ، بالمال الذى بنى به هذا القصر ، أما لو كان بناه فى حال إمامته لكان من المعقول أنه بناه بأموال الدولة ، وذلك العهد الدولة نشيطة بالخراج الذى يأتيها من الممالك العديدة ، حيث توسع نطاقها كما يعلم ذلك المؤرخون ، أما كونه من مالمه الخاص فمن أين هذا المال وأبوه حى ولم تعرف له تجارة أ وأموال والده أموال الدولة ، هذا من الإشكال الواضح الذى لا يستطاع إيضاحه ، وكان هذا القصر كما هو موجود فى غاية الروعة صنعة وضخامة وإبداعا ، فاذا ألقى المعاقل اليه نظرة ييقى حائرا فى تصويره وتصوره ، والحال أنه من بدائع البناء ، ومن مدهثات الأفكار فى النظر الصحيح ، فكان للإمام رحمه اله موضعا لجثته بعد مماته ، إذ دفن فيه قرب المنمر فى مكلن اتخذه الإمام مصلاة فى خلوته ، ولقد أطال ا لواصفون فى وصفه ، وأكثر الكاتبون القول فيه نظما ونثرا ، وهو فوق الوصف ٠ وبالجملة هو دليل على عظة تلك الدولة واتساع أيديها بالمال ، ومعتبر لمن يأتى من نواح عديدة ، وكم لآل يعرب فى أيامهم تلك من عجائب ، واذا ذكرنا قلعة نزوى أو قصر الحزم أو الجيوش التى يخوض العالم ف ستة وتسعين ألف عنان من الخيل ، أو نظرنا الى المدافع التى خلفتها تلك الدولة الطائرة الصيت ، أو الأفلاج التى أجرتها بعمان ، حتى هم صاحب الحزم أن يجل عمان كجنتى مأرب ، وأن يذهب الحاج من عمان بلا زاد إنها أحوال تسجل لعمان الشرف الباذخ ، ولآل يعرب الممم -- ٢٥٩ - التى تبهر عباقرة الرجال، وليتها طال عهدها على ذلك الوضع لكن الدهر يأبى إلا المتقلب ٠ ولقد ضرب باليعاربة المثل لمن يأتى بعدهم، ولقد صدق القائل : تلك أثارنا تدل علينا فانظروا بعدنا الى الآشار واله يؤتى ملكه من يشاء ٠ - ٢٦٠ - تقلب الأحوال بجبرين اعلم أن جبرين بعد موت لإمام بلعرب تقلبت به أحوال ، وتوالت عليه من الدهر أعهال ، ولعبت فيه أيام الدوله اليعربية نفسها رجال لترى الأيلم الناس فى تبادلما بينهم أعمالا يعتبر بها العاقل ، لقد تعب فيه الإمام بلعرب رحمه اش فأنفق فى بنائه ثلاثا وعئرين كرا ، وخزن فيه لحوادث الدهر مثلها ، وبعد موت بلعرب تولاه أخوه سيف بن سلطان ، وبقى فى يده عهدا ثم عاد عليه ولده أى ولد الإمام بلعرب ، وهو يعرب ابن بلعرب ، فوجد فى الحصن تخرييا فأصلحه ، فبلغ إصلاحه أربعين ألفا ، وسبب التخريب الحرب التى دارت بين سيف وبلعرب ٠ وبعد ذلك افترق آل يعرب وتخاصموا فيما بينهم ، وقام كل واحد يدعى الزعامة له ، واستنصر بعضهم بخلف بن مبارك المعروف بالقصير بصيغة التصغير ، بعد ما كانوا يريدون عمان ، وهم أهل الحل والعقد ، وتعلق بعضهم بمحمد بن ناصر الغلفرى بعد ما كانوا مرجع الغافرى والهنائى ، قال أمر حصن جبرين أن يقتعده محمد بن ناصر ليجعله ملجأ ه الذى يلجأ اليه،ومأواه الذى يأوى فيه ٠ وكان العقد فى كل ثشسهر بشلاثمائة محمدية ، ولعله حيلة مدبرة ، فكان من قدر الشه أن قنل محمد بن ناصر فى حلية بصحار فى حال خصامه لخلف بن محمد ء فقبض ناصر بن محمد بن ناصر على حصن جبرين ، وبقى فى يده عهدا ثم تآمر عليه اليعاربة فقبضوا عليه أى ناصر بن محمد عند باب بادى فى بلد بهلى ، فلم يقتلوه إلا بتسليم الحصن ، فرأى الموت بين عيتيه ، ففدى نفسه بتسليم الحصن لهم ، و بقى فى أ يديهم ٠ وكان بنو غافر يضمرون لهم العداوة فكان بجادين سالم يتحين غغلة اليعاربة حتى أمكنته الفرصة فقبض هذا الحصن فى حال غفلة - ٢٦١ - اليعاربة،وعلىكلحال إن المأخوذ غافل والمطلوب مقهور يوماما، ولما قبضه بجاد سلحه الى ناص بن محمد وعض عليه بالنواجذ ، ثم إن بلعرب بن حمير بن سلطان وهو ابن أخى الإمام البانى مكنه اشه من بجاد المذكور فقبضطيه٠ وكان المذكدر قاهرا لتزوى ، فأودع بجاد السجن ، ثم قتله فى السجن بحصن نزوى ، وعاد الحصن لآل يعرب وتمركروا فيه ، حتى عادت الأقدار لتنزعه منهم وتريهم ما يسوءهم فأخذ هذا الحصن بنو غافر سنة ست وثلاثين ومائة وألغ بعد موت الإمام سيف بن سلطان قيد الأرض بشلاث عشر سنة ، ولم يزل الحصن فى يد بغى غافر الى سنة سبع وخمسين ومائة وألف ، أى واحدا وعشرين سنة ، وهم يديرون الحيل لاسترداده اليهم فدخلوا فى خادم لراشد بن حميد الغافرى ، وأدخلمم الحصن فتولوه ، وبقى الخادم عند اليعاربه محترما ، ولكن ماذا يكون من هذا الخادم الذى خان لآل يعرب ، لابد أن يخون لغيرهم ، ولا يطمئن ار خاش الاجاهل* فبعدمضى ستة أشهر دخل الخادم الحصن بحيلة من العسكر القابضين له ، وهم مطمئنون من الخادم لأنه كان معهم باطنا وظاهرا ، فلما دظ أظق الباب وأطلق الرصاص على العسكر فقتل منهم سبعة رجال ، غاجتمعوا عليه وحصروه ، وما يريد الخبيث ؟ أيريد أن يكون سيد الحصن ؟ فلم يقدروا عليه لأنهم لا يدرون أين هو ، واذا رأى أحدا منهم رماه ولكنهم أحرقوا الباب ، وهجموا عليه بغير مبالاة ، فلما أحس أنه مقتول أطلق النار على مخزن البارود ، وكان مخزناكبيرا يجمع أبهرا عديدة من البارود ، غقام البارود كالرعد واشتعلت فيه نار عظيمة ، غاحترق غالب الحصن > إذ ظلت النار تموج فيه كالبحر وتطير قطعا كالسحاب ٠ — ٢٦٢ — وأخيرا تولاه آل يعرب وكان زعيمه محمد بن سليمان اليعربى ، فقام عليه راشد بن حميد بن راشد بن ناصر بن محمد بن ناصر ، وأحاط به هو وجماعته ، وكانوا رهطا وكان زعيما مطاعا ، فخرج منه محمد بن سليمان بوم سابع من شهر شعبان سنة تسع وخمسين ومائة ألف ، وبقى آل يعرب فى بهلى ، فقام طيهم فيها فطردهم منها ، وبقيت بهلى وجبرين فى أيدى أولاد راشد بن حميد الى أن أخرجهم منها الإمام عزان بن قيس رحمه الله ٠ ثم عاد اليهم بعد انتهاء دولة الإمام المذكور ، ثم أخرجمم منها الإمام سالم بن راشد الخروصى رحمه الله فى عهده ولم تعد إليهم الى اليوم ، هذم أحوال جبرين التى تقلبت به أوردناها مسلسلة وإن خالفت أسلوب التاريخ للإفادة ٠ - ٢٦٣ - الحكم على جبرين البلد المعوف لما تم الكلام على حصن جبرين لقصد البيان والتبيين ، وجب الكلام علىنغس البلد لمالما من التعلق بالمقام، قال الإمام رحمه اش، قال ذو الغبرا وهو الشيخ خميس بن راشد ، والد الشيخ ماجد العبرى فى حصن جبرين : إنه يحتاج الى حكم من أهل العلم، لأن أربابه تفرقوا ، وقد خلت أمة بعد أمة ، قال : وأما أموال يبرين فقد سمعت عن كثير من الناس أنهم لم يأكلوا منها ، وقالوا : إنها حرام ٠ قال : وينبغى لمن حرم شيئا أن يأتى فيه بحجة صحيحة ، وكل آية لما تفسير ، وكل مسالة لها جواب ٠ وقال فى كلام قبل هذا قلت لصاحبى : هل عندك صحة فى جبرين وما قالوا فيه ؟ فقال أما الماء والأموال والمراد بالماء هو ما تسقى به النخل والشجر والحروث من زرع وغيره ، والمراد بالمال هو الحدائق ذات النخل والشجر عرفا عمانيا عاما شائعا إطلاقا قال : فالأكثر آل الى الشيخ ناصر بن محمد المغافرى ، وشىء منها آل اليه بالإرث ٠ قال : وسمعت هذا من محمد بن عدى بن محمد العبرى وسعيد ابن سليمان الزرعى ، قال : وقد رفعا عن الذين يئقون بهم فى زمانمم الذين أكبر منمم سنا و أرجح عقلا ، وقالوا : إن الشيخ ناصر بن محمد أشهدهم وأمرهم بالكتابة بكتجك من لأموال فى وصيته ، وطلق نساءه بحضرتم ، وأثشمدهم بذلك ، وأمرهم أن يكتبوا الماء والمال الذى آل اليه بالإرث والشراء من آل يعرب من ييرين لبببت المال ، فلما مات الثيخ ناصربن محمد شهد هؤلاءبذلك ٠ قام : والمال الذى خلفه ناصر لم يقسم طى ورشته ، قال : و أما حصن يبرين فلم يصح فيه بيع ولا هبة من آل يعرب الى يومنا . ١ ه كلامذىالغباواشأعل٠ - ٢٦٤ — قلت : أما اليوم وقد انقرض آل يعرب ولم يعد فيه مطالب بحق فقد صار مجهول الأرباب ، وكل مجمول الأرباب يرجع أمره المى الإمام عند وجوده ، وقد قبض الإمام الخليلى رحمه لمشه فى زماننا هذا بواسطة عاملهعلى بهلى، وهو الشيخ عبد اش بن محمد المريامى المعروف بأبى زيد : وأخرج منه قاضيه وهم عائلة الشيخ ناصر بن حميد العطلبى ، لكنا لا ندرى على أىطريقكانقبضههلهوخوف الافتتان عليه أ أم خوف باغ يتمركر فيه ؟ وقد بلغنا أن الشيخ أبا زيد أصلح فيه كثيرا من التخريب من بيت المسلمين ، وهو علامة جليل من خيار المسلمين ا ه والأم لله عز وجل ٠ - ٢٦٥ - أدب الإمام بلعرب بن سلطان كان الإمام بلعرب من الأدباء الذين يقولون الشعر، ومن شعره المعرو فع يقول : اذا ما دعتك النفس يوما لريبة فعاص على حال هواها وخالف ولا تتبع ما مدة العمر إنما اتباع هواها قائد للمتالف وجانب هواها ما استطعت فإنما مجانبة الأهواء حرفة عارف وخف من إله العرش ثدة بطشه لعلك تنجو يوم نشر المصاحف وله ايضا رحمه اشم : ولما بلوت الناس لم أر صاحبا أخاثقة فى النائبات العظائم وأبصرت فيهم فى رخاء وشدة فلم أر منهم غير كسب الدراهم فإن كنت ذا يسر غحولك أنهم مماليك أو عسر كأضغات حالم وثقت بمن أحيا العظام رميمة وأنثأها خلقا لطيف المناسم — ٢٦٦ — إمامة الإمام سيف بن سلطان قيد الارض لا يخفى أن سيف بن سلطان تولى الأمر على أخيه الإمام بلعرب بن سلطان ، وقهر أكثرية أهل عمان بالعنف ، وأطاعه أكثر الناس تقية كما علمت ذلك مما سبق من الحديث الذى قدمناه فى الكلام طى الإمام بلعرب ، وقد احتملنا له احتمالا فى « العنوان » والغيب شه عز وجل ٠ قال الإمام السالمى رحمه الله واجتمع أكثر أهل عمان وعقدوا الإمامة لأخيه سيف ، قال : و أحسب بعضهم دخل فى الأمر تقية ، وأحسب أن بعضا عوقب بتركه الدخول فى العقد ، قال خرج سيف طى أخيه وأخذ كافة حصون عمان ، ولم يبق إلا حصن جبرين ، قال : فسار اليه سيف بنفسه وحاصره فوقع بينهم الحرب حتى مات بلعرب فى الحصار ، فطلب أصحابه الأمان ليخرجوا من الحصن ، فأمنهم سيف فخرجوا من الحصن ٠ قال : وأحسب أن بعضا من أهل العلم لم يزالوا متمسكين بإمامة بلعرب حتى مات ، ويرون أن سيف بن سلطان باغ على أخيه ، قال واستولى على حصون عمان وضبط الممالك وأحسن السيرة وأنصف الرعية ، وهابته القبائل ، قال : وتسمى بالإمامة ٠ قلت : كيف لا يتسمى بالإمامة وقد تقدم أن أكثر أهل عمان اجتمعوا وعقدوا عليه بها ، فهو بهذا إمام ، وقولهم ان بعضا دخل فى الأمر تقية لا يخل بعقد الإمامة اذا كان أهل الحل والعقد هم الذين عقدوا ، فمن حاول لشغب وجب عقابه ، وقولهم خرج على أخيه باغيا لا نعلم عذره فى ذلك ، فيجب السكوت فإنه سيأتى أنهم اجتمعوا للنظر فى إمامته واتفقو! أنهصحيح الإمامة ٠ -- ٢٦٧ - قال الإمام : ولقب بقيد الأرض لضبطه الممالك وتقييده البلاد بعدله،ولم يعبعليه أحد من سيرته شىء إلاماكان منه ف أول أمره من خروجه على أخية الإمام العادل ٠ قال الإمام : وسمعت شيخنا محمد بن مسعود يذكر أنه وجد أن العلماء جلسوا يوما فى مجلس يتذاكرون إمامة قيد لأرض ، فقاموا على أنه صحيح الإمامة ، قال : ولط ذلك بعد تتويبه من خروجه على أخيه وتجديد العقد عليه بعد موت أخيه ، وإلا فالعقد الأول غير صحيح ٠ قلت : لم يبينوا العلماء الذين عقدوا عليه الإمامة، ولم يعينوا الذين اجتمعوا للنظر فى إمامته ، ولم يوضحوا وجه صحة إمامقه ٠ وخلاصة الأمر هم المبتلون بما هناك واش المعين، قال : والخروج أى على الإمام العدل غير جائز ٠ قلت : ومن ذا الذى يقدر على تتويب قيد الأرض ، وقد دخل الأكثر فى إمامته تقية ٠ قال الإمام : وباب التوبة مفتوح،قال: ولم يزل على حسن السيرة وسياسة المملكة اه ٠ لقد رفع سيغ بن سلطان رأسه ينظر الى العالم الخارجى ليمد سلطان المسلمين فيه ، وينشر العدل فى نواحيه ، وكان توفيق اح حليفه > وكانت له همة عالية كما مول ألقائل : ألا يا شيخنا للكندى أعندك مثل ما عندى فعندى للعلى همم تفوق النجم فى البعد والحقيقة الرجال بمممها وعلى قدر همة الانسان تكون أعماله ، وف -٢٦٨- الحديث عن النبى صلى اش عليه وآله وسلم : الأرزاق على قدر الهمم ٠ وناهيك ه بقيد الأرض » لم يضعوا له هذا اللقب عبثا ، إنه لقب كبير يدل على أمر خطيرتجلى ذلك الأمر فى أعمال هذا الشخص الفذ الذى هز الأفق الثرقى من أفريقيا الثرقية . كما سوف تقف على شى ء منه إن صا ء اشه ٠ قال شكيمب أرسلان فى التعليق على حاضر العالم الاسلامى ٠ واجتاح أسطول سيف جزيرة سلريت بقرب بمباى المند ، وكذلك « مدينتا بارسالور ومانغالور» ،قال :ولم يقدر راجاكارناتيك فى داخلية المند، قال : وكان سيف حكيما مدبرا محبا للعمران، بصيرا بالإصلاح، فانتظم بإدارته جمهور المرافق المصالح ، والتأم بنغاذه شمل المعاون والمناصح ٠ قلت : نعم لأن دين الرعية من دين ملوكها ، واذا كان الملك صالحا كانت الأمة كلها صالحة، قال : وهو الذى شرع فى بلاده بحفر قنى المياه تحت الأرض ٠ قلت : هذا غلطه به ذلك لالعمانيين من قديم ، وإنما قام هو بنوع من مثله ٠ قال : ويسمون ذلك فى عمان فلجا ٠ قال : والفلج بفتحتين النهر الصغير ، وأما بضمتين الساقية التى قجرى الى البستان ٠ قال : ففاضت الخيرات بهذه ؛لتفى ، وترقت الزراعة ترقيا بالغا ٠ قال : واعتنى سيف بمدينة الرستاق ، واعتنى أيضا بغراس النخيل ، واستجلب أصنافه وبلغ فى ذلك غاية الاعتزام ونهاية الإلتزام، وصار ذا ثروة طائلة ونعمة لا تحصى،قيلإنهكان يملكثلث نخيلعمان قال : وكانت حاضرته الرستلق ٠ وتوف بها يوم ثالث رمضان سنة ١١٢٣ هذا كلام رجل أجنبى بعيد عن عمان ، يتحدث عن عمان بصفتها بلاد عربية فمو يفتخر بها ويعتز بالحديث عنها ٠ م ٢٦٩ - فمرس الكتاب الموضوع الصفحة إمامة الإمام الخليل بن شاذان ٥ المسلمون يأتمرون بعد رجوع المخليل الى عمان ١٩ وفاة الإمام الخليل بن شاذان رحمه الله ٢١ إمامه الإمام راشد بن سعيد اليحمدى ٢٢ الإمام راشد بن سعيد يقضى بفصل قضية موسى بن موسى وراشد ابن النضر والصلت بن مالك ٤٠ إهامة الإمام حفص بن الإمام راشد بن سعيد ٤٦ إمامة راشد بن على من أئمة الطائفة النزوانية ٥٧ خروج الأعيان لى الإمام راشد بنطى ٥٩ إمامة الإمام عامر بن راشد بن الوليد الخروصى رحمه اشه ٧٥ إمامة الإمام محمد بن غسان بن عبد اش الخروصى ٧٧ إمامة الإمام الخليل بن عبد الله بن عمر الخليلى ٨٠ إمامة محمد بن أبى غسان ٨٢ الإمام محمد بن أبى غان يشن حربا على أهل عقر نزوى ٨٣ الملك محمد بن مالك ٨٤ إمامة موسى بن أبى المعالى بن نجاد بن موسى ٨٦ الصراع بين الملك محمد بن مالك والإمام موسى بن أبى المعالى ٨٧ أعيان المقتولين فىهذه الواقعة ٨٩ إمامة خنبش بن محمد بن هثام ٩١ إمامة محمد بن خنبش بن محمد بن حام ٩٢ الملوك النباهنة ودورهم ٩٣ تسلط الفباهنة ٩٤ أول ملوك بنى نبهان ٩٥ كهلان بن نبهان وأخوه عمر بن نعهان ٩٩ عمر بن نبهان وأهل شيراز فى عمان ١٠١ ٢٧ م الموضوع الصفحة كملان بن عمرو ال الريس فى عمان ١٠٢ خردلة بن سماعة بن محسن فى سمائل ٠٣ ١ إمامة الحوارى بن مالك فى العهد النبهانى ١٠٠ إمامة مالك بن المحوارى فى العهد النبهانى ١٠٥ إمامة أبى الحسن بن خميس بن عامر فى العمد النبهانى ١٠٦ إمامة عمر بن الخطاب فى العهد النبهانى ١٠٧ صفة الحكمفى أموال بنى نبهان ١١٠ إمامة الإمام محمد بن سليمان بن أحمد ١١٦ إمامة عمر الشريف ١١٧ إمامة أحمد بنعمر بن محمد لزنجى ١١٨ إمامة الإمام أبى الحسن بن عبد السلام ١١٩ إمامة الإمام محمد بن إسماعيل الحاضرى ١٢٠ صفة الحكم فى أموال بنى رواحة ١٢٢ صفة الحكم فى بيع الخيار ١٢٤ العلماء يجتمعون لمراجعة آثار المسلمين فى هذا الصدد ١٢٦ الأحداث المعدودة على الإمام بن إسماعيل ١٣١ الامام بركات بن محمد إسماعيل ١٣٥ إمامة عمر بن القاسم الفضيلى ١٣٦ إمامة عبد اش بن محمد القرن ١٣٧ تفرق ملك عمان الى رؤساء متعددين ١٣٩ ذكر ملوك الفباهنة المتأخرين ١٤١ الإمام سلطان بن محسن بن سليمان واولاده الئلاثة ١٤٢ فلاح بن محسن بن سليمان ١٤٣ عرار بن فلاح ١٤٨ سليمان بن مظغر وأعماله الغاشمة ١٥٠ الصراع بين عمر بن حمير النبهانى أمير سمائل والسلطان بن مظفر ١٥٣ - ٢٧١ -- الصفحة الموضوع ١٥٨ التهارش بين أبناء العم من النباهنة ١٦٣ صحار تتعرض للدمار ١٦٥ البرتغال يواصلون عملمم ١٦٩ التغرق عنوان الوهن ١٧٢ مقدمة العمد اليعربى بعمان ١٥ مشاهير دولة الإمام ناصر بن مرشد ١٧٧ الإمام ناصر بن مرشد رحمه اله ١٧٩ الافتراق داعى الخذلان ١٨٠ ذكز مؤهلات الإمام ناصر بن مرشد لهذا المنصب العالى ١١ العلماء الذين اجتمعوا على البيعة لهذا الإمام ١٨٤ الزحف على نخل ١٨٨ النفاق يثير الثسقاق ويدعو الى الافتراق ١٨٩ الظاهرة تظهر داءها ١٩١ الإمام يعهد المى ولاته بغتح باقى حصون الظاهرة ١٩٣ مانع بن سنان العميرى ثعلب سمائل ١٩٥ الإمام ناصر بن مرشد يجدد حصر سمائل ١٩٦ حرب مقنبات ١٧ البغاة يتجمعون لحرب الإمام ١٩٩ سرية لبلاد سيت ٢٠٠ الإمام يزحف بنفسه على ينقل ٢٠١ سرية الى سمائل عمان ٢٠٣ السرية الكبرى الى مسقط ٢٠٥ السرية الثانية لغتح جلفار ٢٠٦ الإمام والمسلمون يعالجون أمر صحار ٢٠٨ فتح صور ٢٠٩ الزحخ على قريات ٢٠ حرب الطاغبة ناصر بن قطن - ٢٧٢ — الموضوع الصفحة سرية يرأسها سعيد بن خلفان لقبض إبل ناصر بن قطن ٢١٣ سرية تقع فى مثل ما وقعت فيه الأولى بموضع الخروس ٢١٥ وفاة الإمام فاصر بن مرشد ٢١٧ ثناء العلماء على الإمام الأرشد بن ناصر بن مرشد ٢١٩ عمود الإمام ناصر بن مرشد لولاته وعماله ٢٢٠ خطبة الإمام ناصر بن مرشد فى صلاة الجمعة ٢٢١ إمامه الإمام سلطان بن سيف ٢٢٣ أخلاق الإمام سلطان ٢٣٠ أعمال الإمام سلطان فى عمان ٢٣١ مسقط فى المعهد البرتغالى ٢٣٣ الضغط يسبب الانفجار ٢٣٦ الحق تحت ظلال السيوف ٢٣٩ ظفار قطعة من عمان ٢٤٠ معارك الجيوش العمانية للافرنج ٢٤٥ الإمام بلعرب بن سلطان ٢٤٧ العلمحياة الأمة ٢٥٣ مدرسة جبرين وذكر بعض المتخرجين ٢٥٥ ذكر قصر بن جبرين ٢٥٨ تقلب الأحوال بجبرين ٢٦٠ الحكمعطىجبرين البلد المعروف ٢٦٣ أدب الإمام بلعرب بن سلطان ٢٦٥ إمامة الإمام سيف بن سلطان قيد الأرض ٢٦٦ طبع بالمطبعة الشرقية ومكتبتها - تليفون : ٧٧١٦٩٥٢ حقوقالطبعمحفوظةلدى وزارة التراث القومي والثقافة صب : ٦٦٨ - الرمز البريدي: ١١٣ مسقط سلطنة عمان رقم الإيداع: ٩٥/٢٤١