عمانعبرالتاريخ تاليف |لئتي٠الئاذلالثخ سالمبنجمودبنشامسلسي^ي الجزء الرابح الطبةا لابة ٢٤٢١- ٢.٠١ مؤلف الكتاب الإمام سيف بن سلطان ينظم الجيوش كانت للإمام سيف بن سلطان همم عالية، وكان له نشاط ملموس، رأى أن الجماد يحتاج المى استعداد بسلاح الوقت، وكانت الخيل كما وصفما اشم عز وجل قوة المسلمين ، وعدة الأئمة فأقبل سيف بن سلطان علىجلبما منجميع النواحى، وأنفق عليها الأموال الطائلة، فاجتمع له أمر ليس بهين ، فكان جملة الفحول منها ستة وتسعون ألف حصان ، دخل بها أرض الهند ، فاجتاح ساحلها ٠ وإن جيشا يكون جملة الخيل فيه هذا العدد إنه لعظيم لم يبلغنا فى تاريخ الدول التى قرأنا تواريخها ، حتى لم يجتمع هذا المبلغ لنبى اشم سليمان بن داود عليه المسلام، فإن لهذه الخيل ركابا ولها سواس ولها بوارج تحمل طعامها، فكم يتصور العاقل طعام هذه الخيل كل يوم، وقد ساح هذا الجيش العمافى برجاله الأبطال ، وصناديده الأقيال ، حتى لم يقف إلا فى أفريقيا كما ذكره المؤرخون إلا الإفرنج المطلعون، الذين لا يحبون إشاعة هذه الأشياء للعرب على الخصوص، وللمسلمين على العموم ، بل شأنهم يصغرون أهمية غيرهم من المسلمين وبالخصوص العرب ٠ الجيثى البرى بعمان يحتار العاقل اذا وجه نظره الى الأحوال اليعربية ، ولا يقدر أن يتصور الحقائق كما هى ، فإن اليعاربة بعد استقرار أمر عمان فى داخليتها ، اندفع اليعاربة على العالم الخارجى كالبحر يطمو على كل جمة ،.لقد ملا الإمام سيف بن سلطان مراكز عمان رجالا من صناديد الرجال ، وأبطالا أقامهم على بقية الأعمال ، ويفتكر الإنسان من أين هؤلاء الرجال ، وأين تربوا وهم بين الشيخ والقيصوم والضال ، أصبحوا يديرون أمور الأمة على أحسن نظام ، فهم فى عمان فى أعمالها عالمون ، وهم للجيوش فى الخارج قائدون ، وهم لفل الكفر مطاردون ، وفى أسرع وقت هم للمجد بانون ، فالقالاع برجال عمان مملوءة : والثغور بهم من العدو محفوظة ، والممالك الأخرى من رجال الأساطيل مرتاعة ٠ والعلم اليعربى العمانى على الكل خفاق ، واسم عمان جمال القرى والبلدان وأيام عمان زهراء نيرة ، وطالع العدل والإنصاف على ربوعما مشرق وقاده حيث البحر اذا زمجر وهاج ، رأى على هامته علم عمان كالتاج ، واذا زخر وماج ، سال على ظهره الذهب الوهاج ، واذا تلاطم وزمجر لأى بسيل على متنه الدم الأحمر ، هى عمان الحرة التى عرفها التاريخ منذ عهدها الأول، الذى لم يزده الاسلام إلاإكبارا، لوأهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك ، إنها القلعة الكبرى التى تنظر إليها الأعين بالإعجاب ، وإنها نجمة الفجر فى الندى ، والشهاب الثاقب فى أيام العدل بين الشعوب ٠ ٧ الجيثى البحرى العمانى لقد جارى الإمام سيف بن سلطان العصر ، فنظم جيشا بحريا لا تزال بوارجه تمخر عباب البحر ، وتخوض مياهم يرف عليها العلم العمانى الأبيض ، الذى تحسبه قمر السماء يخفق على الخليج العربى ، وعلى البحر العربى حتى ينتمى برأس الرجاء الصالح فى عهد الإمام سلطان بن سيف ، قيد الأرض رحمهما اشم ٠ وكانت مشاهير الأساطيل فى هذا العهد أولها كعب رأس أضخمما حجما، وثانيها الفلك، وثلثها اللك بسكون الدم، وكان اللك مسلحا بثمانين مدفعا ، ومن هذه المدافع ومن عددها يتصور العاقل عظم هذه البارجة الحربية ، ورابعها الناصرى ، وخامسها الوافى ، وسادسما نزوى ، وسابعها منح ، وثامنها بهلى ، وتاسعها سمائل ، وعاشرها المرستاق ، وبعضها لما أسماء أخرى وألقاب فخمة ، ذكرها صاحب حياة الشرق ٠ فهذه البوارج بعضها كان غنمه العمانيون من البرتغال ، وبعضما من الأمم التى اصطلمها العمانيون ، وبعضها أهدتها الدول للإمام تحببا اليه وخوفا منه، وجلبا لصداقته، وفى التاريخ العمانى : كانت ثمانية وعثرين مركبا حربيا ، أى هذه التى تمخر عباب البحر ، عليها الرجال والمدافع لا غي ٠ أما السفن فأكثر من مائة سفينة ، قال : فى حياة الشرق ، فعدت دولة عمان فى هذا العهد الدولة الرابعة من دول البحار بعد صلاح الدين الأيوبى ، فكان العلم العمانى هو النجم الشرقى الذى يسير عليه الناس فى هذه الآونة، فانظر أيها العاقل فى عمان بعهدها النبهانى، وقابله بعهدها اليعربى ، وعمان هى لا غير ، وهكذا ومازال يخطب ود الإمام القريب والبعيد خوفا ورهبا ، وفى قصيدة الشاعر المنتفقى محمد بن صالح البصرى يقول مثيرا الى الأساطيل التى ذكرناها : وانشد مراكبه التى صدمت مر اكبهم وأهدتها بنادق حاميه الملك ثم الفلك ثم الناصرى مع كعب راس كالجبال الراسيه كم أخرقت كم أغرقت كم أحرقت من بريشة حزبية أو باغيه كم غادرت جثث الكلاب مجافة أو جيفة فى البحر تذهب طافيه الفرس سلهم حين فروا بعد ما نظروا فوارسهم أتتمم عانيه الىأنقال: آها على تلك الرئاسة والسيا سة والفراسة والخصال المزاكيه ومنها فسل النصارى ما رأوا فى بحرهم والبر من تلك الجنود الغاشيه لقد رأى النصارى من الإمام سيف بن سلطان ما ساءهم ، وللرحمانى ماليس لغيره من القوة ، وهو الذى بقى فى يد أحمد بن سعيد المبوسعيدى وارث العرش اليعربى ، وهو الذى دخل به الجبش العمانى البصرة فى أيام الإمام أحمد بن سعيد ، إذ كان مسلحا بالألماس الثمين ، فقطع السلاسل التى أغلق بها مدخل البصرة وكذلك الصالحى غير بعيد عنا • ٩ الإمام سيف بن سلطان يقيل طم عمران عمان لا يخفى أن صدر الإمام سيف بن سلطان كان واسع النطاق الى حد بعيد ، فإنه والحال كما عرفت عنه أقبل على عمران عمان من نواح عديدة ٠ منها أنه أقبل على خدمة أفلاج بعمان ما كان لما وجود ، أو كان لها شبه وجود ، فخدمها فأصبحت قرى طيبة يعيث فيها مئات من الناس ، بلآلافكفلج البركة الذى بين نزوى وأزكى، فصارت البركة من أبهج بلاد عمان ٠ ومنها فلج الصائغى الذى بالرستاق ، فأدخله فى حوش الحصن كماهو الواقع الحاش ٠ ومنها فلج البزيلى بالظاهرة من أعظم أفلاجما ٠ ومنها فلج الكوثر الذى هو فلج الحزم من ناحية الرستاق الموجود حاليا ٠ ومنها فلج برزمان من ناحية البدو من داخلية عمان ٠ ومنها فلج مسفاة وادى السحتن ٠ ومنها فلج مسفاة وادى الرستاق ٠ ومنها فلج الموب ، ومنما أفلاج جعلان التى ف بلاد بنى بوحسن، والفلج المعروف حتى الآن بفلج سوق الإمام بقى أطلال البناء حتى الآن ، ويقال إن جملة الأفلاج التى أجرها هذا الإمام المذكور بعمان سبعة عثر فلجا هذه التى ذكرناها وغيرها ٠ ١- قال الإمام رحمه الله ، نقلا عن بن رزيق وغيره ٠ إنه غرس فى عمان أى فى الداخلية ، وفى ناحية بركا من الباطنة من المبسلى وهو نوع خاص من نخل عمان ، يطبخ بسره فى حال عقاد قبل أن يصير رطبا يطبخ ، بالنار فى مراجل معدودة ، ثم يجفف فى الشمس قدر أسبوع ، ثم يساق الى الهند فيباع بأثمان وافرة ٠ غرس الإمام سيف من هذا المنوع فى بركا ثلاثين ألف نخلة ، ومن المنارجيل وهو المعروف بالجوز الهندى ستة آلاف نارجيلة ٠ قال : وله غير ذلك أموال فى المصنعة من الباضة لا تحصى قال : وعمر عمان كثيرا ، أى ساعد الأهالى وفى بعضها اشترك معهم ، ومن هذا النوع « حمرا » العبريين ومنه السليف و أمكنة أخرى ٠ قال الإمام : وأجرى فيها الأنهار وغرس فيها الأشجار ، قال : وجمع مالا جما ، وملك إماء وعبيدا ٠ قال : وقويت عمان وصارت خير دار ٠ قال الإمام : قيل وكان شديد الحرص على جمع المال ، وقال : فى موضع آخر : وملك من الإماء والعبيد سبعمائة وألمفا ٠ قال : وغرس بالجبل الأخضر أشجارا من الورس والزعفران ، وجلب من سواحل أفريقيا ذباب النحل ، ولا يزال منذ ذلك العهد موجودا بالجبل الأخضر ٠ قال بن رزيق بعد أن ذكر أعمال الإمام سيف بن سلطان قال : وغرس ببئر النشاوة والروصة والمنذرية نخلا كثيرا وهذه آبار معروفة عندهم ، قال : واشترى أموال بنى لمك ، وأموال بنى عدى من وادى السحتن وقول أمير البيان : كان يملك ثلث نخل عمان ، غير بعيد بالنظر الى بيت المال الذى تحت يد الإمام ، فإنه ما كان يملك شيئا لنغسه ، فجمع ما اشتراه وما غرسه وما اجتلبه لبيت المال ، فإن نزوى ثلثها بيت مال ، - ١١ د وثلثها أوقاف ، وكذلك بهلى وأزكى وسمائل ، ونخل والرستاق والعوابى وبلدان الظاهرةأغلبها بيت مال الإمامة إلاما شاء اشه ٠ والأفلاج التى أحدثها الإمام كالبركة وكذلك بدبدكلها بيت مال، فبالنظر الى هذه الأحوال لا يبعد ما يقال ، وكان المال مع الإمام محظوظا مصونا غير مضاع ، فقد روى أن بدويا جاء يسال الإمام شيئا من المال فلم يلتفت إليه أو لم يعطه ، فقال البدوى : كنا نأتى والدك ونسأله فيعطينا ، فقال : « أبى سلطان و أما أنا سيف » ٠ والمعنى الظاهر أن أبى سلطان والسلاطين من صفاتها المعطاء ، وأما أنا سيف وصفات السيوف قطع الرقاب ، وكأن الامام لم يرد أن يعطيه فيتخذها عادة ، وهو سوى قوى ، بل أراده أن يحترف لنفسه ويترك السؤال والطلب ، مع ما فيمما من مهانة وذل ، ثم إنه لا يروى غليلا ، ومن عاش على السؤال عاش جائعا ، وبحفظ الإمام للاموال ألبس الدولة قوة ، ووضع لها فى قلوب الناس هيبة ، وكيف لا وتلك الجيوش الجرارة التى عرفت لها ودوخت العالم فى أيامهما ، وقضت على المزاعم مطلقا ومحت رسوم الاختصاصات وقطعت شأفة الفساد ٠ ١٢- سلاح العولة اليعربية لما كان عهد الإمام سيف بن سلطان ، وعهح أبيه قبله وولده سلطان الثانى ، كان سلاح الدول الذى له الشأن فى الوقت الحالى المدافع التى ترسل إليها الطلقة من فوهتها ، فتلقى فيها كياس البارد ، ثم يلقى الرصاص المصبوب من الحديد ، ثم ترسل النار على البارود من ثقب يكون له اتصال عاجل به ، فتثور ناره المزعجة ، وهكذا ٠ فجلب الأئمة اليعاربة من هذا السلاح شيئا كثيرا زودوا منه الحصون والقلاع والبروج ومرصد القتال ، وجعلوا أهمه على حصون البحر وهى البوارج المحيطة بالجزيرة من شتى الجهات ، ويكفى برهانا على ما قلنا ما بقى من ذلك السلاح على عهدنا منه ما دفن تحت الأنقاض بعد ما تبدل الموضع ، منه ما انفتق عند إطلاقه حين يخالف القياس ، ومنه ما بقى فى القلاع حتى الآن تذكارا لذلك العهد ، ومنه ما هو مكتوب عليه سيف بن سلطان ، ومنه ما هو مكقوب عليه قيد الأرض ، ومنه ما هو مكتوب عليه أسماء ملوك آخرين كعباس خديوى مصر ، وهذا يوجد فى حصن بدبد ، ولعله أهدى للامام من ملك مصر المذكور ٠ ويكفى تذكارا من هذا النوع ما بقى فى حصن الحزم ، وقلعة الرستاق ، وهذه الأسلحة التى ذكرناها كانت موجودة بعمان بكثرة ، وهى أكبر دليل على القوة العمانية ، وقد علمت أن الملك كان يحمل ثمانين مدفعا فما ظنك بغيره ٠ إن اشم يعز من يشاء ويذل من يثاء ، والحمد شه ٠ - ١٣ - الإملم سلطلن بن سيف بن سلطان وهو المعروف بسلطان الثانى ، قال أمير البيان فى تعليقه : فقل هذا كرسى المملكة الى مدينة الحزم ، أى جعل الحزم عاصمته ، قال ابن رزيق : بنى حصن الحزم وانتقل من الرستاق إليه أه ٠ ولما كان لكل نفس أمل ، ولكل انسان عمل ، ولكل قلب هوى ، وقد علمت ما كان لآبائه وأعمالهم ، وهواية كل واحد منهم ، آما سلطان الأول فهوايته رفع شأن نزوى وإعلاء قدرها ، وكانت رغبة بلعرب ابن سلطان التوسع فى واحة جبرين حين توسع نطاق الدولة ، ورآها تزدلف إليه لا محالة ، وأن جبرين أوسع من نزوى لا سيما لمثل تلك الأيام الزهراء المشرقة ، وكانت همة أخيه سيف بن سلطان فى تتظيم الجيوش برية وبحرية ، كما مر عليك ذلك أيها القارىء الكريم ٠ وكانت رغبة ولده سلطان فى موقع واحة الحزم ، إذ رأى أن الرستاق لا تصلح أن تجعل عاصمة ، إذ هى مكتظة بالمجبال ومزدحمة بالسكان ، ورأى الحزم أرضا مكسوفة تتصل بسهل الباطنة ، فتقسع لكل ما يرام فيها من مناخ ومساكن وغيرها مما يقتضيه الوقت ، فقام ببناء الحصن فيها ، وأنفق فيه أموالا طائلة ، وجعله آية الدهر وروعة الفكر فى ضخامة أركانه ، ومتانة جدرانه ، وقوة حيطانه ، من رآه من خارج لا يستكبره ، ومن رآه من داخل يحتار فيه فكره ، ويندهش فى صفته وتصوره ،واذا أراد المواصف أن يصفه أذهلته عظمته ، ولن يهتدى لدخوله غريب أبدا ، ولو أخذ مدة فإن فيه آبارا تعلن خطر الداخل بغير دليل ٠ ١٤ ، قال الإمام السالمى رحمه الله : وبنى حصن الحزم بالجص والحجر قال وانتقل لبنائه من الرستاق ،وأنفق فيه أى فى بنائه مما ورثه من المال من أبيه ، وقد علمت الأموال المتى جمعما أبوه ، قال : واققرض كثيرا من أموال المساجد والوقوفات ألوفا ولكوكا، قال : ووجدت أنجملةما اقترض من أموال الأوقف خمسمائة فراسلة فضة ٠ قلت : هذا أمر عظيم يدل على يسر عظيم ، فإن خمسمائة فرااسة فضة بعرفنا الحالى عن خمسة وعثرين بهارا فضة من خصوص الأوقاف ، وهذا يفوق المليارات،فماظنك ببقية الأموال ٠ ودخله الشيخ سليمان باشا البارونى رحمه الله ، فقال : ما كعت أظن تبنيه أو قال تبنى مثله إلا ملوك أوربا ، ويحتار العاقل فى إدخال تلك المدافع التى فيه بأى وسيلة أدخلت فيه ، مع أن ناقلات العصر لاتوجد فىذلك العصر ٠ ١٥- عقد البيعة للإمام سلطان بن سيف لا يخفى أن إمامة سلطان بن سيف كما هى بطبيعة الحال تبع لإمامة أبيه سيف ، ولما مات الإمام سيف لم تبعد أهلية الإمامة عن ولده لوفور متطلبات الإمامة فى هذه الذرية التى بارك اشه فيها ، وجعلها حجة فى عباده ، وهدى ورشادا فى بلاده ، لما قضى الله عاى الإمام سيف ، وأعلام الإمامة ترف على الأصقاع النائية عن عمان ، وجيوش الدولة سائحة فى البلاد ، اجتمع العلماء الأجلاء فى ذلك المعهد ، وهم المشايخ : عدى بن سليمان ، والشيخ خلف بن محمد بن خميس ، والشيخ سليمان ابن محمد بن ربيعة المربوعى ، والشيخ سعيد بن على الذى أطلق عليه اسم الوالى ، والشيخ ناصر خميس ، والشيخ خلف بن سنان ، والشيخ ناصر بن سليمان بن مداد ، ومعهم بقايا من أهل العلم والفضل ، لأن أمر الإمامة كبير، ومنصبهاخطيرفى جميع الأمود ٠ قال الإمام : وكلهم ثقات فقهاء فى هذا الزمان فيما قيل ، وكان الإمام يحكى هذا الكلام عن الناقل، قال : وأناس من أهل الغشب أى مع المذكورين أناس من أخيار الغشب بلدة من الرستاق ، مسمون وغير مسمين ، أى منهم مذكور باسمه ومنهم غير مذكور ، قال : وكذا أهل الرستاق مع كثير من المشايخ اليعاربة ، قال : وبلغنى أنهم استتابوه أى استتابوا سلطان المذكور ، لأنهم يعدون عليه أشياء من أعمال أبيه قيد الأرض الذى دخل فى الأمر من غير وجهه ، قال : وهو يحكى القضية نقلا عن غيره ، قال : وفى هذا الكتاب الذى أرسل المينا أن المسلمين رضوا به وأذعنوا له بالسمع والطاعة على شروط شرطوها ، وعمود ١٦- عليه أخذوها منه ألا يتقدم على أمر قليل ولا جليل ، إلا برأى المسلمين مع أثياء يطول ذكرها ٠ قلت : ليتهم ذكروها لأن التاريخ يطلبها ٠ وقال العبد الفقير سعيد ابن بشير الصبحى قد ألمزمت نفسى ولاية هذا الإمام ، وطاعته مع ما صح معى وصحت حجته على يد المسلمين ، وصحت عقدته وهو سلطان بن سيف بن سلطان، قال : وعندى - واش أطم - أن إمامته فى ظاهر الأمر أوجب من إمامة أبيه ، لأن المسلمين دخلوها ٠ قال : وحكم التقية زال عنهم فيما بلغنى ٠ قال : وعندى أن طاعته واجبة على جميع الرعية، وولايته لازمة جميع من صح معه صحة إمامته ، كان من رعيته أو من غيرها ٠ قال : وقد قيل لى فى حصن المسلمين بنزوى ، بحضرة المشايخ ناصر بن خميس ، وناصر بن سليمان ، وسليمان بن محمد ، ودرويش بن جمعة وغيرهم من المسلمين ، ما تقول فى هذا الأمر ؟ فكان جوابى : إنى قد ألزمت نفسى ولايته وطاعته ، ودعوت إليها من أجابنى ، قال : وقد افترقنا على أمر واضح نهار سابع ، عشية تاسع ، وبكرة اثفى عشر من شهر رمضان ٠ قال الإمام : يعنى أنه حصل لمم النظر فى هذا الأمر ثلاثة مجالس ، قال : وقد اتفقنا على إمامته بلا كراهية ولا تقية من الجميع ، قال : وهذا يقتضى جواز الدخول ، وتتفيذ الأحكام مع الأخذ والعطا ، وجميع أمور المسلمين بعد التحديد منه وفيه وقبله فيه اختلاف لمن جاز له الدخول ، قبل ، قال : وكقب سالم بن عبد اشه من إملاء الشيخ سعيد ابن بشير الصبحى ٠ قلت : كان هذا الشيخ من رجال العلم إذذاك ، وف مقدمتمم ، وكان أول الكلام عنه يقول الإمام ، وكتب العلامة الصبحى لبعض ١٧-- إخوانه إن سيف بن سلطان صح معنا موته ، ثم صح معنا تقديم المسلمين ابنه سلطان إماما لكافة المسلمين ، تلقفت صحة ذلك من الفقيه ناصر بن خميس ، وخلف بن سنان رحمهما اشم ، وكأن هذا الشيخ لم يكن مع الحاضرين للعقد ، وإنما كان يسكن قرية بنى صح التى هى الآن من أعمال الحمراء ، ولكن بعد ذلك دخل فى الأمر ، وتحقق الحق ، وما كان يعد على هذا الإمام من أول الأمر ، إلا دخوله فيما دخل فيه أبوه ، وأمر أبيه كان فيه ما فيه مما ذكره المسلمون ، ولما أرادوا منه توبته تاب وقبلوا منه ذلك ، ولم يعدوا طيه شيئا فيما بعد ، واش يعلم المصلح من المفسد ،واش يتولى من عباده الصالحين ٠ م ٢ - عملن عبر القلريخ ج)) - ١٨ ٠ الإملم سلطلن يتحفز لجماد الاعداء لما رأى العجم تقلص ظل المبرتغال من الخليج، تحركوا للبحرين، فاحتلوها، ولما رأى الإمام العجم يرومون أن يحلوا محل البرتغال فى بلاد العرب ، وهم لهم بعمان سوابق شر ، جهز لهم الإمام جيشا بقيادة المشيخ حمير بن سيف بن ماجد ، وعضده برجال من أهل عمان الذين تعودوا الحروب ، فزحف الجيش على البحرين ، ودارت رحى الحرب بين الفريقين ، فاندقت العصا الفارسية بالصخر العمانى فكسرها ، وفر المعجم من البحرين ، وتوالت عليها الولاة العمانيون الى أن كان آخرهم سيف بن ناصر بن محمد الغافرى الذى بنى حصن العينين من خراج البحرين كما سوف ترى ذلك فى محله إن شاء اش ٠ وقد أشار الإمام السالمى رحمه اشه الى ذلك بقوله، نقلاعن ابن رزيق وسرحان بن سعيد قال : ثم إن الإمام قام واستقام وجاهد الأعداء فى البر والبحر ، وحارب العجم فى مواضع شتى ، وأخرجمم من بلدانمم ودمرهم فى أوطانهم ، وأخذ البحرين والقسم ولاك وهرموز ، أى اجتاح هذه الأماكن حيث هى على خط الساحل فى الخليج العربى ، وكانت هرموز فتحها الشاه عباس وطرد البرتغاليين منما فاستلمها الإمام منهم ، ثم سحب على الباقى واجتاحه ، ولم يقف له معارض أبدا ، ومازال الساحل الإيرانى على الخليج العربى بأيدى العمانيين الى عهد قريب، سوف نذكره إن شاء اش ٠ والى قضية البحرين التى يترنم بما شاعرنا الحبسى فى قوله : ١٩- ألا فانظروا كيف الأعاجم صاروا غدوا سجرات مالمن قرار طغوا وبغوا فى الأرض حتى أصابمم عقاب أليم مملك ودمار ومشى فيها الحبسى المذكور الى أن قال فى آخرها : وقد صارت البحرين فى ملك سيد كريم زكى فرع له ونجار سلالة سيف نجل سلطاننا الذى لنا أمنت سوج به وقفار وقد قتل فى وقعتها قائد السرية المذكور، وراشد بن عزيز ، ومبارك ابن غريب ، ومحمد العضد الحضرمى الذين هم أركان الجيش العمانى فى هذه الحرب البحرينية الفارسية ، فرف العلم العمانى الأبيض البراق ، الذى يخاحك السلاح الأبيض، والوجوه البيض، والعمائم البيضاء ، وكان البطل الحضرمى ممن يقدم على العدد الوفير فى الجيش ، والى هؤلاءيشير الشاعر بقوله: وما ضرنا من غير موت كرامنا لأنمم عدل بما وخيار كحمير الزاكى بن سيف بن ماجد فى بعده النوم اللذيذ مطار ونجل عزيز راشد ومبارك سليل غريب هم هديت ذمار ٢٠ — ولم أنس ذاك الحضرمى محمدا فموتتم للمسلمين خسار شجاع كفاح لم يقاومه ضيغم وعضب وغى لم ينب منه غرار ومن هنا تعلم مقام الدولة اليعربية وقوتما ، حيث أصبحت بلاد العرب على البحر الأحمر تحت رايتما ، والخليج العربى كذلك ، والساحل الهندى كذلك ، والجزائر الأفريقية أكثرها ٠ فأكبر بعمان فى ذلك العمد وأعظم بتلك الدولة اليعربية ٠ وقد أقبل سلطان الإمام على عمران عمان مطلقا ، وحسبنا هنا ما قوله فيه الإمام السالمى رحمه اشه حيث يقول : وهم أن يجعل عمان كجنتى مأرب ، وهو الذى يقول لأن أعاشنى الله لأجعلن المسافر للحج يخرج من عمان بلا زاد ، يعنى سيعمر البلاد العربية التى يمر فيها الحاج من عمان الىمكة ، لأن البحر الأحمر معهم والى البحرين كذلك ، ولم يبق إلا اليسير فى ذلك العمد ، وهذه كانت نيته لو أراد اشم لأهل عمان خيرا لأطال عمر تلك المدولة ، ولكن أمر اش محتوم من الأزل ، وش أمر هو بالغه وحكم هو نافذه ٠ قال رحمه الله : وتوفى بحصن الحزم الذى بناه للعزة والمنعة ، فكان من قدر الله أن صار موضعا لوفاته ، ومحلا لجثته بعد مماته ، قال فدفن فيه فى البرج الغربى النعشى ، قال : وهذا الحصن غاية فى التشييد ، وهو من عجائب الدنيا ، قال ذكر لى بعض الأصحاب أنه ألف فيه أى فى وصفه وفى بنائه كتاب نظما ونثرا ، فالنظم قصيدة ميمية ، والنشر شرحما ، ولم أقف طى هذا الكقاب ٠ ٢١- قلت وقفت عطيه أنا أيام الصغر عند مشايخ بنى خروص اهل سمائل ، وقرأت بعضا منه ، ولم يتح لى القدر نسخه ونسخت منه القصيدة بطولما لتبقى عندى تذكارا ، وعندما حاولت كتابة هذا التاريخ لم يساعد الحظ على الوقوف على هذا الكتاب ، وكان فيه تاريخ هذا الإمام العادل البطل وهذا مطلع القصيدة المشار إليما: لقصر بكر العلى والمجد والكرم قصر نشا فى مقر العز بالحزم هذا البيت الوحيد فى ذاكرتى منذ أكثر من خمسين سنة ، وبمذا يضيع التراث العمانى ويتلاشى التاريخ ، وكان فى هذا الكتاب من أعمال اليعاربة شى ء غير هين ، ولكن ماذا نقول ، ولا حول ولا قوة إلا بالله أن عدم نشر الكتب بالطبع يمحق الماثر ، ويدمر الأعمال ويخفى أفعال الرجال ، وأقول بحق إن كل واحد من أئمة اليعاربة له تاريخ مستقل ، إلا أن عدم الاهتمام بذلك أضاع الحقائق ، والذى كقبه عنهم المتأخرون هو لقط ما تبعثر هنا وهناك ، وبعضه تلاعب به النساخ ، وبعضه قضى عليه الأعداء والأمر شم ٠ قال الإمام : وتوفى أى الإمام سلطان بحصن الحزم الذى بناه للعزة والمنعة ، فكان من قدر اشم أن صار موضعا لوفاته ومحلا لجثته بعد مماته فدفن فيه فى البرج الغربى النعثى ٠ فال : وهذا الحصن غاية فى التشييد الى آخر ما سبق من الكلام فيه ، قال : وكانت وفاة الإمام سلطان يوم الأربعاء لخمس ليال خلون من جمادى الآخرة سنة ١١٣١ إحدى وثلاثين ومائة وألف ، قال : وكانت إمامته سبع سنين وتسعة أشهر ، قال : وبموته انتقص الشر بعمان ، وجرت فيهم العصبية والحمية ، قال : وأرادت الرؤساء أن تجعل الدولة مي^ااثا ٠ ٢٢- قلت :حذاهوغالب أحوال الأمة جاهلية واسلاميا، اذا استمر الأمر فى قوم عضوا عليه بالنواجذ ، ورأوا أنهم أحق بالأمر من غيرحم ، ولم ينظروا الى أصل الأمر، وأنه الصلاح والعدل وهكذا، ويرى أن الذى كان الأمر الى أبيه أو الى قريبه ، كان أسرع انقيادا اليه ولذلك يميلون اليه، وإن كان مفضولا من الناحية الدينية، إلا أن انقياد الناس اليه أسرع ولقبول أمره أطوع ٠ — ٢٣ ٠ إملمة الإمام ممنا بن سلطان ابن ماجد بن مبارك بن بلعرب اليعربى كان هذا الإمام الممنا بن سلطان عالى المنزلة فى العائلة اليعربية ، مرموق المقام فى الأمة العمانية ، ولذلك تزوج بنت الإمام سيف أخت الإمام سلطان الراحل ، قال أمير انبيان : مات سلطان تاركاً ولدين ، أحدهما اسمه سيف وكان يافعاً والآخر ، مهنا وكان بالغا رشيدا ، فانقسم الناس فى أمر الخلف ، إذ بعضهم أرادوا سيف إماماً والآخرون اعترضوا من جهة حداثة سنه ، وأرادوا مهنا ، وكان هوى العامة مع سيف ، وهوى الخاصة والعلماء مع الممنا ، وكان لذلك العمد رجل عظيم الوجاهة تافذ القول اسمه الشيخ عدى بن سليمان الذهلى ، فتدخل فى الأمر فى أثناء الفتنة ، فنادى بسيف إماما ولكنه كان بفتح الهمزة أى أمامكم بمعنى قدامكم ، والعامة لا تفرق بين معنيى الفقح والكسر ٠ قال وسكن بذلك العامة ريثما انقطعت تلك الهيعة فأدخلوا ممنا القلعة سرا ، وجعلوه إماماً سنة ١١٣١ الموافق سنة ١٧١٨ والمعنى أن المعامة وهم طغام الناس وغوغاؤهم ، وهم البلاء العام فى الاسلام ، وكانت سياسة الشيخ الفقيه عدى بن سليمان ، وهو الركن الأكبر فى هذه الحركة السيئة ولو أنه تناول الأكابر وفاكرهم فى هدوء واطمئنان ، وبين لهم الحقائق وأرضاهم من ناحية الدنيا التى يطلبونها حتى تستقر قواعد الأمن على قرارها ، وبعد ما يرى اليد قد قويت يستدرج القوم زرافات ووحدانا ، ولكن ما قدر لابد من كونه ، ولقد انتفخ أهل الكبر والبطر فركبوا ظهر الشقاق غير مبالين ، وكل غرضهم من هذا أن تكىن لمم بذلك عند سيف بن سلطان يد يتسلطون بما على عباد اشه ، وإلا فما — ٢٤ — بالمم يعارضون العلماء ، وقد علموا أن الإمامة لا تقوم إلا على محور العلماء ، ومن هنا ينبعث الشر ، ويقوم فى الأمة الأمر المضر ، ولقد أراد الشم أن يمحص المؤمنين الذين ابتلاهم بأمر الدين ٠ قال أمير البيان : وكان مهنا على جانب عظيم من المحذق والممارة وطول الباع فى الإدارة ، فإنه بدأ يجعل مسقط مرفأ حرا بأن أسقط المكوس وسائر ما يؤخذ على البضائع مما زاد حركة الأخذ والعطا ، قال : وبشس بمستقبل عظيم إلا أنه افتلت بأمر لم يكن يفطن له ، وهو أن أهالى الرستاق ونفس عشيرته قاموا يطلبون الإمامة ليعرب بن بلعرب ، ورفعوا لواء العصيان ، وزحفوا الى مسقط ودخلوها ، وقعد الآخرون عن نصرة مهنا ٠ قال : فاعتصم بقلعة الرستاق ، ومعنى هذا أنهم احتلوا مسقط وتولوا أمرها ، وهو بالرستاق لم يجد من يناصره فيقوم معه ، وبعد ذلك زحفوا على الرستاق مصممين على قهره وانتزاع البلاد من يده راخيا أو كارها ، وماذا كان جرمه أظن كونهم أدخلوه قلعة نزوى على حين غفلة من الناس ، وبايعوه وأعلنوا إمامته ، وكان الرؤساء وأتباعهم يعهدون الإمام سيف بن سلطان الذى يريدون أن يتلاعبوا بدولته ٠ فتآمروا لطيه هم والمتنطعون من بقية اليعاربة، وبذلك أصبح السواد الأعظم عطيه، والأقلون معهقال : ثم داخلوه فى الأمان فأمنوه وسلم لهم القلعة ، فلما صار فى أيديهم ورأوا أنهم الغالبون عليه باقوه وقتلو ه سنة ١١٣٣ ٠ قلت : هنا ارتكبوا أمربن عظيمين ، أولا أمنوه على العهد والميثاق ثم قتلوه بعد الأمان ، أمران أسهلهما عظيم عند اشه ، بل أصل قياممم عليه مصيبة كبرى ، ولابد أن تكون الثمرة لهذه الأعمال كبيرة تمحق ٢٥ — الدين وتهدم الشرف وتقطع أعضاء دولة المسلمين التى بناها أولئك الأئمة الغر الميامين ٠ قال الإمام السالمى وكذلك سرحان بن سعيد وابن رزيق : أن ممنا بن سلطان بن ماجد بن مبارك بن بلعرب ٠ وهو الذى تروج بنت الإمام سيف أخت الإمام سلطان، بايعوه بعد موت الإمام سلطان فى ذلك الشهر بعينه ٠ قا ل: رأوه أهلا للإمامة لكونه ذا قوةعليها،أى والحال فىمثل ذلك الوقت يستدعى القوى لحمل الأمانة الكبرى ٠قال : ولم يكنكثيرعلم لكنه يتعلم ويسأل ولا يقدم على أمر إلا بمشورة العلماء ، قال : وسبب بيعته أنهلما مات الإمام سلطان أرادت اليعاربة، ورؤوس القبائل أن يكون الإمام ولده سيف بن سلطان ، وكان صبيا لم يراهق ، وأراد أهل العلم وبنت الإمام سيف بن سلطان أن تكون الإمامة لممنا بن سلطان، وهو ابن عمهم لأهليته ،وقال أهل العلم للناس : إن إمامة الصبى لا تجوز على حال ، ومن لا يجوز أن يكون إماما فى الصلاة ، فكيف يجوز أن يكون إماما على المسلمين يتولى أحكامهم ويلى أمورهم فى الدماء والفروج، والتولية للولاة والقضاة والعزل والولاية والبراءة، وهذه أمور تستدعيها الإمامة الكبرى ، والصبى لا يجوز أن يقبض مال يتيم ، بل لا يجوز أن يقبض مال نفسه فكيف يجوز أن يقبض مال اش ومال الأيتام والأغياب ومن لايملك أمره، فكيف يملك أمرغيره ٠ قال : فأبت العامة إلا إمامة الصبى، وأعاروا العلماء أذنا صماء ، وتجمعوا واجتمعوا بالسلاح ، وربما أشمروا سلاحا ووقع بعض الجراح ، وعند ذلك خاف العلماء الفتنة وشق عصا المسلمين كبير فى الدين، واذا بالبلية الدهياء لتبرز فى الميدان لتأخذ دورا فعالا ٠ قال : فخاف المعلماء -٢٦- الفتنة وانتشار الشر، فقال القاضى عدى بن سليمان الذهلى، وهو العنصر الأكبر إذ ذاك فى الإمامة، إذ هو القدوة الصالحة، قال : أمامكم سيف بن سلطان بفتح الهمزة أى قدامكم ، وأراد بذلك تفريقمم وإطفاء الفتنة فعند ذلك نادت العامة بإمامة سيف بن سلطان ، وضريت المدافع أى أطلقت إظهارا للأمر وإشهارا للإمامة، وانتشر الخبر الكاذب فى البلدان أن الإمام سيف بن سلطان،قال : فلما سكنت الحركات وهدأت الناس أدخلوا الشيخ مهنا الحصن خفية، وعقدوا له الإمامة فقام بالأمر واسقراحت الرعية فى زمنه وحط عنهم المعشرات فى مسقط لأنما الميناء الوحيد لعمان، قال : ولميجعل بها وكيلالمذا الصدد، قال : وربحت الرعية وراجت التجارة ، ورخصت الأسعار ، وبورك فى الثمار ولم ينكر عليه أحد من العلماء فى شىء من سيرته ٠ قا ل: لبث على ذلك سنة ، ثم خرج عليه يعرب بن بلعرب بن سلطان ولد الإمام المحصور فى جبرين ، قال : وسبب ذلك أن اليعاربة وأهل الرستاق أضمروا العداوة للإمام ، ممنا وللقاضى عدى بن سليمان ومن معهما من المسلمين بسبب ما وقع عند بيعة مهنا ، أى جعلوا ذلك ضغنا وحقدا فى قلو بهم ، وظلوا يتحينون الفرصة لمذا الصدد ، وهنا فتح لمم الشيطان الباب الذى يدخلون منه طى الإمام ٠ قلت : وأنا أعتقد أن ذلك لسوء سياسة عدى بن سليمان ومن معه ، حيث رأوا تعصب السواد الأعظم لسيف بن سلطان ، ونادوا به إماما وأطلقوا المدافع، وجاءت القبائل تلقى إليمم إذءانها،وبعدذلك ماشروا وهم على ما هم عليه ، واذا بمدافع القلعة تطلق معلنة إمامة ممنا ، وهذا - ٢٧ — مما يدعو ألى التحاقد والمتاغض والتنافر، وعلىكلحال إن السواد الأعظم هو البلاء الأكبر طى المسلمين، ولذلك ترى الأمر كما أشرنا اليه ٠ قال : فلم يزالوا يكاتبون يعرب بن بلعرب ، ويحرضونه طى القيام بأمر سيف المخذول بحسب مافى نفوسهم ، وطى الخروج على مهنا حتى خرج المذكور، فسار مختفيا الى مسقط، فدخل الكوت الشرقى أى الحصن الجلالى، قال : ووالى مسقط يومئذ الشيخ محمد بن مسعود الصارمى المقدم ذكره فى حروب الإمام سلطان ، قال فلم يشعر إلا ويعرب قددخل الحصن قال: ولعل أهلها لم يخلوا منخيانة٠ قلت : لو لم تكن خيانة كيف يدخل ، واذا دخل كيف يستقر قرار والحال أنه معتدى ٠ قال : وكان الإمام خارجا الى فلج البزيلى من أرض الجو ، فبلغه الخبر فرجع الى الوستاق ، وقام وشمر عن ساق الجد ، ودام الفموض على هذا الثائر الذى لم يدخل الأمر من بابه ، وطلب من أهط الرستاق النصرة فخذلوه ، وهذا الداء العقيم فى الأمة تراهم يقومون به مع من يموون بالمال والرجال فى رغبة ونشاط ، وحينا تراهم يخلدون الى الأرض،ولم يكف أهل الرستاق أنهم خذلوه فقط، بل ناصبوه الحرب حتى ضاق ذرعم، ولم يكن بالقلعة استعداد كاف، فطلب الأمان على العهد والميثاق أن ينزل من القلعة فأعطوه عمد اش وميثاقه على نفسه ومالمه ومن معه ، ففكر فى أمره ، فرأى أنه مخذول إذ لم يقم له مناصر ومسقط قد خرجت عنه ومو بقلعة الرستاق محصور ، ولم يكن له مناصر يدافع عنه المحيطين به فقبين له الخذلان من أهل عمان ، فأجابمم الى - ٢٨ - ما أعطوه من الأمان فنزل من القلعة فزالت بذلك إملمته ٠ قال : فأخذوم وحبسوه هو وواحد من عمومته وبعض أصحابه ، وبعد ذك خشبوه فى قيد وخشبة هو ومن معه وأذلوه ذلا لا مزيد طيه ثم لم يكتفوا بذلك بل جاء خدامهم فذبحوه فى خشبته هو وأصحابه كما يذبح الخروف ، لا حيلة لمم ولا أى حركة يستطيعون ٠ قال : واستقام الأمر ليعرب بن بلعرب بن سلطان ، قال : ولم يكن يدعى الإمامة لنفسه ، وإنما يدعيها لسيف بن سلطان الصغير الذى نادوا بإمامته أولا، وكأن يعرب المذكور قائم بأمر ه، وشاد لأزره وسلمت لهم جميع حصون عمان وقبائلها، قال : كان هذا فى ستة ثلاث وثلاثين ومائة وألف فلبث على ذلك حولا ، ثم انقلبوا اليه وبايعوه إماما بعد ماكلن محافظا لأمر سيف بن سلطان ، فهاتان اثنتان كل واحدة أكبر من أختها الأولى خروج سيف بن سلطان على بلعرب وحصره له فى حصن جبرين حتى مات غما ٠ والثانية هذه التى فعلوها فى مهنا وأصحابه وإنها لفعلة منكرة لا يرضى بها من له أدنى مروءة فى عدوه فضلا عن أخيه وابن عمه ، هنا بدأ الملك العضوض لهذه الدولة العلية التى تحدثنا عنها،وكان كما علمت خرج على الإمام مهنا باغيا ٠ قال : فتاب من بغيه ورد الأمر الى القاضى عدى بن سليمان الذهلى زعيم العلماء إذ ذاك، قال : فاستتابه من جميع أفعاله ومن بغيه على المسلمين ، وتعديه على ممنا بن ساطان واغتصابه لدولة المسلمين ٠ قال الإمام السالمى رحمه اش : قالوا : وكان يعرب مستحلا فى خروجه هذا لأنه يظن أن الإمامة لسيف ، و أنما قد غصبت منه ٠ قال : فلم ير الشيخ عدى عليه ضمان ما تلف لشبمة الاستحلال والمستحل لا يلزمه غرم ما أتلف فقبلوا توبته من غير غرم ، هذا ، ما أورده المؤرخون العمانيون ونقله الإمام عنمم فى هذا المقام ٠ -٢٩ إمامة يعرب بن بلعرب بن سلطان بن سيف قال أمير البيان : وتولى يعرب فى البداية باسم سيف بن سلطان الصغير،قال :ثمجعل نفسه إماما أصيلا، قال : و أخذ حكما شرعيا من قاضى ذلك الوقت بأنه أحرز الإمامة بحق ، وأنه ليس بعاص ولا خارج ولا غاصب، حتى إن الأموال التى اغتصبها هىحل له،بحجة أن التوبة تكفى عن الذنب ، وكانت البيعة سنة أربع وثلاثين ومائة وألغ ، فاستقام له الأمر وسلمت له حصون عمان ، ولبث فى الرستاق أياما يسيرة ، ثم سار الى نزوى غدخلها يوم تسعة وعشرين من شعبان من هذه السنة ٠ قال الإمام : فلم يرض إمامته أهل الرستاق فقعصبوا لسيف بن سلطان الصغير ، فكاتبوا يعرب بن ناصر اليعربى وهو خال سيف بن سلطان ، وكان بنزوى مع سيف المذكور ، قال فما زالوا به حتى خرج بعد ما نفخوا فى دماغه ، فخرج من نزوى متكتما عن الإمام سيف الذى هومغه بتلك الحال، وكان خروجه من نزوى لست ليال مضت من شوال من نفس السنة ، قال : وقصد بلاد سيت فحالف بنى هناءه على القيام معه طمعا فى الرئاسة وتلاعبا بالأمر ، وطمعا فى الدنيا ، وتعهد لبنى هناءة أن يطلق لهم ما حجره عليهم الإمام الولى ناصر بن مرشد ، وكان الإمام المذكور رحمه ام حجر على بنى هناءة حمل السلاح ، ومنعهم من المبانى المخوفة وأشياء أخرى منعمم منما نظرا منه رضى الله عنه ، فما تجاسر أحد أن يفك ما حجره ذلك الإمام ، ولم يقدر بنو هناءه أن يحلوا شيئا منه وأعطاهم يعرب بن ناصر عطايا ضخمة ، فقاموا معه الى الرستاق ، فهذا تراه طامعا فى الأمر ٠ ٣٠ — ومن حنا بدأ بالاستجاشة على رأى الداعين له ، ولما وصلوا الرستاق أعلنوا المحرب وأحاطوابالحصن، وشدواعليه من كل جافب حتى أحرقوا باب الحصن بالنار ، فخرج الوالى منما راغما ، وبسبب ذلك الحريق احترق وجه الحصن والباب وتصدع جداره ، فظمر بالحريق المذكور مال عظيم مخزون فيه ، إذ كان الحريق عظيما مخطرا ، واحترق فيه رؤساء بنى هناة ورؤساء بنى عدى المجتمدون فى الأمر ، وكثير من الناس ، فقيل : إن جملة المحترقين خمسون ومائة رجل ، فكافوا طعمة الفتح المشار إليه، واتصل الحريق بداخل الحصن واحترقت منه مكتبة الحصن ، وذهبت بذلك الحريق كتب جليلة فقهية وغير فقمية من أمثال بيان الشرع والمصنف وغيرها من الكتب القيمة الثمينة ، ومنما كتاب الاستقامة ٠ قال الإمام : واحترقت كتفبكثيرة لم يكن لما نظيربعمان، وأسفرت القضية عن خسائر كبيرة يرثى لما فى عمان ، وقام أمر يعربه ابن ناصر ، فلما بلغ الأمر الإمام وعلم ما صنع أهل الرستاق مع الخارجين عليه ، جمز سرية أمر عليها صالح بن محمد بن خلف السليمى وأمره بالمسير الى الرستاق ، فسار حتى وصل العوابى فرأى أن لا قدرة له على دخول الرستاق، لما بلغه من احتدام الأمر وشدة الزيغ عن الحق، فرجع صالح بن محمد بمن معه الى نزوى ، وإذ ذاك قام يعرب بن ناصر ، وكتب الى والى مسقط أن يسلم البلاد لمم ، وكان الوالمى بما الشيخ حمير بن منير بن سليمان الريامى الأزكوى من أط حارة الرحى فسلمما الى عمان يعرب ٠ -٣- وفى هذه لأثناء سلمت نخل لرجل يعرب بغير حرب ، ثم قام المذكور وأخرج سرية ولى عليها مالك بن سيف بن ماجد اليعربى ، فوصلت السرية الى هدفما وهو سمائل ، فسلمت لهم سمائل بغير حرب ، وتوجت السرية فى صددها وخرج معما بنو رواحة وجاءت الى أزكى ، فأذعنت لهم تباعا لمن قبلما وخرج الوالى منها فى شهر ذى القعدة من هذه السنة ٠ ٣٢- الإمام يعرب يخرج الى جرنان لما كانت أزكى تعد من أبواب نزوى فى الجانب الشرقى ، وهى كما عرفها التاريخ ، اهتم الإمام بالخروج ليتأكد من أمرها ، هل هى معه أم طيه ؟ فإن أمر اليعاربة الآن تتقاذفه الأمواج ولا يدرى أين ترمى به ، خرج الإمام يعرب بمن معه من الرجال خصوصا أهل نزوى وبنى ريام ، والشيخ عدى بن سليمان الذهلى ، ووصل الى أزكى وخرج اليه مشايخ أهل أزكى يتلقونه بالكرامة، وقدموا له الضيافة والطعام له ولدوابه، وقد رأى منهم حالا حسنا ، وتفاهم معمم فى الأمر ، فقالول له : نحن معك فمكث بها يكاتب مالك بن سيف ليخرج من الحصن ، فلم يخرج فنصب له الإمام الحرب ٠ وأطلق عليه طلقتى مدفع فلم يصغ ولعله كانت بينه وبين بنى هناءة مفاهمات سرية ٠ فإنه فى هذه الأثناء وصلت كتيبة من بنى هناءة مناصرة لمالك بن سيف يقدممم رئيسهم على بن محمد العنبورى من فرق بنى هناءة ، ولما وصل المذكور فر عن الإمام جنوده ، وتفرق رجاله وركبمم بنو هناءة بالسيف يقتلونهم حتى قتل منهم خلق كثير ، وكان من الصدف الغريبة أن رصاصة مدفع أطلقت من جانب خصوم الإمام ، فدخلت فى فم مدفع الإمام وألجمته فاخترب،فكاندليلاطىسوءحظ المذكور، ولما رأى الفشل ينزلطيهكر راجعا الى نزوى، وأما القاضى الشيخ الذهلى توجم الى الرستاق فقبض عليه قوم يعرب بن ناصر ، ومعه سليمان بن خلفان ، ولم أعرفه من أى القبائل فصلبوهما ، وجاء أعوان يعرب بن ناصر ، و لعله عن أمره فقل القاضى وهو فى القيد والصلب، وققل سليمان بن خلفان ، وعاملوهما معاملة لم يعمد أن عامل بها جبابرة عمان أحدا من أحل عمان أو من غرهم ، فإنهم أمروا بسحبهما فى الطرق كما تسحب الفرائس ، وذلك فى يوم الحج الأكبر من هذه السنة ، ولم يحترموا على الأقل العلم ، وقد قتلوهما فما الداعى على سحبمما ، ولو كانا مجرمين غإن قطع رؤوسمما أهون من سحبهما فى سلك الرستاق ٠ ولكن أسباب الانحطاط هذا من أعمالها ، فإن الدور اليعربى يمثى فى هذه الآونة فى الهبوط وقد اشتغل أهل عمان بأهل عمان فتقلص ظل الدولة وسار يتبع عروب شمسمم وش الأمر ٠ قال أميرالبيان وهوينقل التاريخ العمانى عن الأجانب : كان لسيف أنياع وأنصار لم يخضعوا لمذه الثورة ، وهو يشير الى ثورة يعرب بن بلعرب ٠ قال :فقام بلعرب بن ناصر بأمر سيف المغير ، وزحف الى المرستاق ففر يعرب ، أى الإمام ، الى نزوى وقتل القاضى عدى بن سليمان ، وطيف بجثته فى الأسواق ، قال : وتفاقمت الفتنة فتوسط أناس فى الأمر ، قال : فتحول يعرب أى الإمام الى يبرين وأقام بقلعتما ، وأقيم سيف بن سلطان إماما بكفالة عمه بلعرب، والصواب هوخاله ٠قال أمير البيان :وقيل إنه لما جاءت وفود القبائل تهضء الإمام الجديدباللك أساء بلعرب هذا مقابلة محمد بن ناصر زعيم بنى غافر ، وقيل : إنه توعده فانصرف هذا مغاصبا وداخل يعرب فى الاتفاق على سيف وعمه بلعرب ، ثم انتقض محمد بن ناصر على الإمام ظاهرا أى تظاهر بالخلاف ، واستولى على الرستاق ثم أسر الإمام واستبقاه رهنا فى قبضته ، ومازال أمره يقوى حتى دخلت جميع عمان فى حوزته ما عدا مسقط وقلعة برقة ، أى « بركا» ٠ قال : ومات فى أثناء ذلك يعرب الذى كان محمد بن فاصر يحارب من أجله ويقاتل باسمه ، فلم ييق رئيس فى وجم محمد بن ناصر إلا خلف (م٣ -عملن عبر التلريخ ج ) ) - ٣٤ — ابن مبارك المسمى بالقصير بالتصغير المشدد ، فوقعت الحرب بينسما والتجأ القصير الى حصن برقة أى بركا ، فحاصره محمد بن ناصر فلم يقدر عليه وف كسف الغمة مضى العنبورى الى نزوى ، وجعل يكاتبة الإمام وهو فى قلعة نزوى ، ودخل عليه أناس من أهل نزوى فسالوه الخروج منها حقنا للدماء ، فلم يزالوا به حتى أعطاهم ذلك على أن يتركوه فى حصن يبرين ، ولا يتعرضوا له بسوء فأعطوه العهد على ذلك ، وخرج من نزوى فزلمت إمامته بذلك، ومضى الى جبرين، ودخل العنبورى قلعه نزوى وضرب جميع مدافعها ، ونادى بالإمامة لسيف بن سلطان فخلصت لهجميعحصونعمان وسلمت لمم كافة القبائل والبلدان ٠ ٣٥ - محمد بن ناصر الغافرى يعيد الحرب سيتها الاولى لما كان محمد بن ناصر من الرؤساء المتبوعين ، ومن أهل الأرهاط الناشطة يرى له بذلك المقام الموقر والمحل المحترم ، ( ولولا رهطك لرجمناك ) فقد تأثر محمد بن ناصر من تهديد يعرب بن ناصر الذى جاء مهنئا كغيره للإمام ، فرجع محمد بن ناصر ونار حقده تتقد : ومرجل وعيه يغلى كغلى الحميم ، وشاء القدر أن يتسع خرق الشقاق على الراقع ، ويطول مدى الشر لقنهار المملكة العمانية من أساسما ، ويستقل الولاة فى لالخارج مستخلين ولاياتهم ، جعل محمد بن ناصر يكاتب يعرب ابن بلعرب المخذول آنفا الذى أخرجه خلف بن مبارك العنبورى من قلعة نزوى ، ويكاتب أهل بهلى، فإنهم من جملة من هددهم يعرب بن ناصر ليقوموا بالحرب التى سيقوم بها فهيأهم ٠ ثم ركب الى البدو العمانيين بالظفرة وبنى نعيم وبنى قتب وغيرهم من طغام الناس ، وهم بحرب المهددين له حتى يتشفى منهم عما صار عليه ، ويعلو أغق الزعامة التى يتزعمها ، وعند ذلك علم يعرب بن ناصر بنوايا محمد بن ناصر الغافرى ، فكاتب أهل نزوى أن يصلوا اليه فجاءوه فتظاهر لهم بكرامة بارزة ، ورأو منه التفاتا ، وأمرهم بالبيعة لسيف ابن سلطان وقصده التفاف ( أهل نزوى ) المشار إليهم تحت رايته ليتوصل بهم للدفاع عندما يصبح محمد بن ناصر مناوئا له ، وكان متمركرا بقلعة الرستاق ، وإذ ذاك سرى سرية الى يعرب بن بلعرب لتأتيه به الى الرستاق ، وجعل أخاه سليمان بن ناصر قائدها ، فخرجت السرية على طريق وادى سمائل ٠ ٣٦-- وقعد أهل نزوى عنده بعد ما طلب منمم الخروج مع السرية ، فظلوا يتعللون له بعلات ، وأخيرا تشفعوا بأعيان أهل المرستاق فتركمم ، ولما نزلت بلدة فرق للمبيت، بعث لهم أهل نزوى طعاما لدوابمم وعثاء لهم، فبينما همكذلك قبل أن يناموا فى مناخهم، سمعوا ضرب المدافع فى قلعة نزوى ، فسألوا عن الخبر فقيل لهم إن يعرب بن بلعرب ، دخل القلعة، ومعنى دخول القلعة ملكنزى، لأن المعادة عند العمانيين مالوفة بأن قابض حصن البلد هو المالك مهما كان، وكيف كان فلما تحققوا سقط فى أيديهم ورأوا الرجوع الى الرستاق أولى ، فأشار من أشار على سليمان بن ناصر بقبض حصن أزكى ، فقبضه بعد رجوعه من فوق وتمركر فيه بقواته، ومكث بأزكى ٠ وكان يعرب بن ناصر الرئيس سرى أيضا سرية أخرى الى يعرب ابن بلعرب ، ووجههم إليه من جهة الظاهرة ، ولعله كان أراد أن تلتقى عليه السريتان كل واحدة منجهة، فلما وصلت هذه السرية المشار إليها بملى ، تصارخ عليمم أهل بهلى من كل جمة ، وتمكنوا منهم فقضوا طيهم و أودعوهم السجن ٠ وكان أيضا بحث سرية أخرى الى وادى بنى غافر غازية ، فأصيبت نم رجعت الى الرستاق ، وأما يعرب بنه بلعرب الإمام الحالى ، فإنه بحث سرية الى أزكى لإخراج سليمان بن ناصر منها وزودها بمدفعين ، فلما وصلوا الى أزكى هاجموا حالا الحصن ، ودارت رحى الحرب بينمم فانهزموا ، وقتل منهم ناس ورجعوا الى نزوى ، ثم سرى سرية أخرى الى أزكى فتمركروا بالجنى الغربيات ، ولم يستطيعوا الدخول ، ورجعوا من ليلتهم إذ رأوا أن البلاد محصنة تماما ولم يجدوا مستطاعا لإعلان ٣٧- الحرب ، ثم جمز الإمام سرية أخرى ، ووصلت أزكى أى نفس المكان الذى وصله من قبلمم ، ولم يستطيعوا الدخول ، بل ظلوا يطلقون مدافعمم على الحصن من هناك ، وبقوا فى ذلك المحل قدر خمسة عشر يوما على ذلك الحال ٠ وفى هذه 1لأثناء وصل أزكى مالك بن ناصر من الرستاق مددا لسليمان ابن ناصر ، ولما قر قراره بالحصن قرر المجوم على قوم يعرب بن بلعرب فى مركرهم المعروف ، فانهزموا ورجعوا المى الحصن وعند ذلك أغارت البدو من قوم يعرب بن بلعرب على سدى ، وحارة الرحى من أزكى ، ولطهم رأوا أنهم أنصار سليمان ومن معه ، فعاث البدو فى ضواحى أزكى ، ونهبوا من لقوا وأحرقوا منازل عديدة من بينها منزل الشيخ حمير بن منير الريامى خارج حارة الرحى ، ثم جاءت فرقة أخرى فماجمت اليمن من أزكى ولم يتمكنوا ، وقتل منهم ناس من بينهم أمير السرية محمد بن سعيد بن زياد ا لبملوى ، ولما بلغ مالك بن ناصر أن أهل النزار خرجوا مع سرية يعرب بن بلعرب ، وركضوا على اليمن ، أرسل الى مشايخ النزار وقيدهم بالمجامع من أزكى ٠ ثم استجاش أهل الشرقية فجاءته منهم رجال كثيون ، وجاءه أيضا بنو هناءة ومعهم جمع كبير من رجال الغربية ، واجتمع الكل بأزكى ، وتراحمت الكتائب ليكبر الضغن بين أهل عمان من بعضهم على بعضهم لتنهار صروح الزعامة العمانية وتندك مبانى الدولة اليعربية ، إذ خرجت كل سرية مع زعيمها ، وكل فرقة خرجت من جمة ، ودقت الطبول ، ونفخ الشيطان بينهم فى أبواق الكل منهم من جاء من جهة المنزلية ، ومنمم من — ٣٨ — جاء من ناحية العتب يوم الجمعة عند زوال الشمس ، والتقى الكل على غير هدى من الش ، بل على نزعات الثيطان ، فتوااقعوا ذلك الوقت ، ودلرت رحى المعركة ، واشتد القتال ٠ وظل الحال إذ ذاك لا تسمع إلا البغادق كالرعد، ولا ترى إلا السيوف كبروق الصيف فانكشفت الوقعة عن انهزام جمع الإمام ، وقد وقع فيهم قتل كثير ، وصار جملة القتلى من الفريقين قدر ثلاثمائة رجل ٠ — ٣٩- ملك بن ناصريثي حربابغيي هدى من الد لما رأى مالك بن ناصر اليعربى أن بيده سلطة من الزعامة اليعربية ، وأنه أحد الرجال الذبن تقف العيون دونمم ، خرج بمن معه ممن أطاعه من الطغام الذين معه ليفسدوا فى الأرض ، ويعيثوا فى الأمة ، خرج الى بلدة منح بقومه ، وانتثروا فى البلاد ينهبون ويسلبون ، وأغارت شرذمة على فلج وادى الحجر الذين هم لا فى العير ولا فى النفير ، فققلوا من وجدوا على حين غفلة منهم ، ونهبوا ما وجدوه فى تلك البلدة الحقيرة ، وأفسدوا الزروع وأحرقوا السكاكر، وخرجوا مخرجهم ذلك الى نزوى، وظلوا محاصرين لها ، وضربوا معسكرهم فى بلد فرق عند مسجد المخاض منما ، وأحرقوا المقامات التى فيها وهى منازل الأهالى وقت القيظ ، وعاثوا فى الأرض فسادا ، وتبدل الوضع من حرب دولية الى قبائلية بغير حق ، ولما رأى أهل نزوى ما هم عطيه تامروا فيما بينهم ، ورأوا أن الشر أحاط بهم فخرجوا بمن معمم من عساكر يعرب بن بلعرب ، والتقوا فى أطراف نزوى فوقعت الحرب ، وقتل من قتل ٠ ثم رجع كل الى مكانه وبقوا على هذا الحال بينهم الغارات والغزوات ، حتى كثر القتل والجراح ، ولنتد على أهل نزوى البلاء ، وبقوا فى خوف محدق بمم لا كاشف له إلا السيف ، فتجمعوا وزحفوا على عدوهم فى أطراف نزوى ، فوقعت بينهم معركة حامية ، وقضى اشه فيها على رجال عدة ، وكاد أهل نزوى أن ينتصروا على عدوهم ، وكاد جند مالك بن ناص أن ينهزموا ، إلا أنهم رأوا أن الرجال أحاطت بمم منكلجانب وأنمم لا مناصر لمممن القتل ولا مخلص لهممن العدو، وراموا للهرب إلا أنهم لم يجدوا له سبيلا ، فصبروا صبر المستميت بعد ما فر منهم من وجد للفرار سبيلا ، و بقى القتل بين الطرفين مستمرا ٠ والحرب مازالت رحاها دائرة ، فصبروا رغم الأنوف ٠ ولما رأى أهل نزوى أن القوم فى ضعف .* وقد أحيط بمم اشتغلوا بالنهب والسلب ، وراحوا يلتقطون سلاح الهاربين وأثاثمم ، وهم مستوثقون من عدوهم أنه هالك لإحاطتهم به ، وعند ذلك صال طيمم عدوهم ومالوا عليهم بالسلاح الأبيض والأسود ، فهزموهم وأكثروا القتل فيهم ، وأثخنوا الجراح وطردوهم الى جنور الخوصة من نزوى قربيا من جناة العقر ، وانكسفت حربهم هذه عن قنلى كثيرة ٠ ورجع قوم مالك بن ناصر الى معسكرهم ، ولم تزل الحرب بينمم قائمة كل يوم على البغى والظلم ، وفى هذه الأثناء زحف مالك بن ناصر بقومه ، وساق كافة أصحابه معه إلا قليلا منهم تركمم حفاظا لمعسكرهم وهاجم نزوى حتى وصل جناة العقر ، وأراد أن يحاصر أهل نزوى فى بستان مويخ ، وقام بثقب جدرانها لوامى البنادق فيرمى منها العدو ، فثار عليه أهل نزوى ، ودارت رحى الحرب ليقضى اشه أمرا كان مفعولا ٠ فقنل فيما مالك بن ناصر وانمزم قومه ، فرجعوا الى معسكرهم وأقاموا هنالك يديرون الآراء ويكاقبون من يعلمون أنه من أنصارهم ، ولكن بطبيعة الحال اذا قنل الزعيم هوت الرايات ، وتأخرت الجماعات ، وضعفت القوات ، ولكن لم يزاالوا حربا لنزوى ورماة لها يقتلون من يجدون ، وبقيت الغزوات مستمرة والحرب بينهم قائمة حتى وصل الصنديد الكبير محمد بن ناصر الغافرى بجيث سحبه من الغربية ، فتلقته أعداؤه فى عدة مكانات كلما جاء الى بلد لها شسف فى عدوه اعترضه رجالما وتواقعوا عدة وقعات ٠ قال المؤرخون العمانيون وغيرهم : جاء محمد بن ناصر بجيش من الغربية بعد حروب كثيرة ، وكانت بها وقعات عظيمة منما بوادى ضنك ، ومنما بولدى الصقل ، ومنها بالجو ومنما بالغبى ، قالوا فلما وصل محمد بن ناصر أمر بحرب الباقين ، من قوم مالك بن ناصر المحاصرين لنزوى ، وحالا أحاطوا بهم إحاطة السوار بالزند ، والخاتم بالأصبع ومازالوا طول ليلتهم فى قتال ، وتزاحف من بعضمم حتى استشعر أولئك المذكورون المعجز ، وكان قد علم محمد بن ناصر أنهم يرومون الفرار والنجاة ، فأمر أن يترك لمم الجانب الشرقى ، فرأوا ارتحال عحوهم من ذلك الجانب فاغتنموها فرصة للمرب ، فأصبحوا ولم ييق بمعسكرهم أحد ، وذهبوا على غير وجه ، وانحلت أزمتهم وانكثف جانبمم ، فدخل محمد بن ناصر نزوى ، وكان يعرب بن بلعرب الإمام مريضا فى هذه الأثناء فى قلعة نزوى ، فأقام محمد بن ناصر بنزوى أياما قلائل ٠ وكان الحصار الذى وقعه مالك بن ناصر على نزوى قدر ثمرين إلا ستة أيام ، وف هذه الأثناء توجه محمد بن ناصر الى الرستاق بجيش جرار وجحفل ضخم ، فدخلها ونزل بفلج ا لشراة وأراد أن يماجم لبومة التى فيها على بن محمد العنبورى ، وهى المرصد المحكم فى عرف أهل عمان ، قالوا : وسرعان ما جاءحم العنبورى كالأسد الصائل ، فتلقاه قوم محمد بن ناصر ، فدارت رحى الحرب فكان العنبورى وسط المعمعة قتيلا ، وقتل من قومه الكثير وانهزم الباقون ، ورجع محمد بن ناصر المى معسكره بفلج الشراة ٠ — ٤٢ وفى اليوم الثانى انتقل الى فلج المدرى ، فجاءه يعرب بن فاصر مذعنا منقادا ناسجا حيلة له أن توفق لتنفيذها ، ذلك أفه صالح محمد ابن ناصر على تسليم قلعة الرستاق ، ويكون منه فى أمان ، فواافقه على ذلك ، وكان قصد يعرب بن ناصر أن يدخل محمد بن ناصر القلعة فيقبض عليه ويقضى علىحياته، لكن الرجل أحذر من غراب،لاسيما اذا كان الأجل نائيا ، أما اذا دنى الأجل فلا تنفع الحيلة كيف كانت ، فدخل محمد بن ناصر قلعة الرستاق بقومه ، وقبضها بيد من حديد ، ولما قبض محمد بن ناصر القلعة انطلق قومه فى البلد ينهبون ويسلبون بدعوى أنهم أنصار يعرب بن ناصر ، الذى أثار هذه الحرب ، ولاسيما أن القوم الذين عند محمد بن ناصر كلهم شلاعة نهابة ما جاءوا إلا ليحتطبوا لأنفسهم من يابس العمانيين ورطبهم ، وقد مروا على ديار الغربية من عمان، فأكلوا مالاقوا ٠ قال الإمام رحمه الش : وسبوا الذرارى ونهبوا الأموال، قال : حتى بيعت أى ذرارى أهل عمان فى الأسواق خارج عمان ، وذلك بما كسبت أيديهم جزاء بما كانوا يعملون ، وبما فعلوا فى الشيخ العالم عدوى بن سليمان ، والقاضى سليمان بن خلف ، وربما فعلوا فى إمامهم مهنا ، وبما فعلوا فى أفاضل المسلمين واش لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسمم ، عاهدوا إمامهم على النزول من القلعة،فنزلعلى لعهدوالميثاق فقيدوه وذبحوه فى قيده وخشبته ، وطافوا بجثة عالمهم فى الأسواق والسلك ، وهذه أفعال تؤذن بالنقمة التى تعم وتمحق الأمن والشرف وتسحق الدين والمروءة ٠ وفى هذه الأثناء مات الإمام يعرب بن بلعرب بنزوى ، ومحمد بن - ٤٣ فاصر فى الرستاق ، وذلك لثلاث عشرة خلت من جمادى الآخرة من سنة خمس وثلاثين ومائة وألف ، قال : وكتم أهل نزوى موته خيفة أن يقوى عليهم عدوهم نحوا من خمسين يوما ، لأن محمد بن ناصر لايزاال بالرستاق ٠ ولما قبض محمد بن ناصر على يعرب بن ناصر أودعه القيد ، وقبض منه الأمر بتخليص حصون عمان التى يرجع أمرها اليه ، ولم يبق إلا مسقط وبركا فى أيدى بنى هناءة ، وفى كوت مسقط جاعد بن مرشد بن عدى اليعربى بصفته واليا لها ، فاحتالوه وأخرجوه من مسقط على أن يولوه نخل ، وأقام محمد بن ناصر بالرستاق ، وأشاع أن الإمام سيف بن سلطان ، وهو مع ذلك كله غيربالغ الحلم ٠ قلت : يتذرعون به فى أوجه السواد الأعظم الذين اذا قيل لمم جمل قالوا جمل ، واذا قيل لهم جبل قالوا جبل ، وامتلأت الرستاق خوفا من قوم محمد بن ناصر فوق الحد حتى خرجت الأهالى والذرارى خوف البدو ، أن يحملوهم فيبيعونهم فى الأسواق بيع العبيد ، وحل بالرستاق من الموان مالامزيد عليه ٠ قال الإمام وتفرق أهل الرستاق فى الجبال والأودية ، فقيل إنه وجد فى كمف كلاة بلدة المهاليل مائة نفس من صبيان ونساء ميتين من العطش ، خافوا القرار بالرستاق ، ثم خافوا الرجوع إليها فيحملمم البدو فيبيعونهم ، وهذه مأساة عظيمة أرسلها اشه عليهم ، وفى هذه الأثناء ومحمد بن ناصر مخيم على عرش قلعة الرستاق ، جاءته كيبة من بدو الغربية بعد قبضه الرستاق بثلاثة أيام خمسمائة رجل وألف ٤٤- رجل من بنى قليب وبنى كعب وأصحابهم ، يحملون السلاح لأسود والأبيض ، ثم لحقهم بعد ذلك رحمة بن مطر بن رحمة المولى ، ومعه قدر خمسة آلاف رجل من بدو وحضر ٠ قلت : بل كلهم بدو لا حضر فيمم ٠ قال الإمام : وفيهم من لا يعرغه العربية ولا يعرف صديقا من عدو ٠ قلت : نعم جاءوا لإشعال الشر الذى يتقد هنا وليأخذوا نصيبهم منه وليفعلوا بمايقابلمم فى عدوهم ٠ - ٤٥ محمد بن ناصر وخلف بن مبارك يقتتلان فى عمان باهل عمان لمارأى محمد بن ناصرأنه له السلطة الكبيرة، وله النفوذ الفعال فى عمان ، ورأى جيوشه تترى فى البلاد ، وعلم أنه السيد المطاع أرسل الى حصون مسقط يطلب تسليمها له ، لأن حصون عمان كلها سلمت له وبقيت مسقط وبركا فى أيدى بنى هناءة ، أرسل إليهم محمد بن على المخروصى وجماعته، ليكون واليا لحصن بركا، غتنا وله بنو هناءة فقتلو ه هو ومن معه إلا من تمكن من المفرار الى محمد بن ناصر ، فأخبروه بالواقع فأمر محمد بن ناصر على الجيش بالمسير الى بركا ، فخرج القائد الأكبر رحمة بن مطر بن رحمة بقومه ، وخرج القائد الثانى حمزة بن حماد القليبى نقومه ، والقائد الثالث أحمد بن على الغافرى بقومه فى عسكر ضخم ، واسائد الرابع محمد بنعدى بن سليمان الذهلى ولد الشيخ المقتول، الذى طيف بجثته فى سلك الرستاق بقوم جاء بمم من الصير لأخذ ثأر أبيه ، والقائد الخامس محمد بن ناصر الخراصى بجماعته ٤ سار هؤلاء الأبطال كل واحد منهم قائدا لرهطه إلا الذهلى ، فإنمم ليسوا وهطه ، لكهم ملبين دعوة الزعيم الأكبر محمد بنناصر، نزلهذا الجيش المصنعة غربى بركا ٠ ولاشك أن بنى هناءة يتوقعون الزحف عليهملما فعلوه ولما تأصل من العداوة بينهم وخصمهم، ونزل الكل المصنعة كما ذكرنا لتكون لهم منطلقا لحصار بركا ، وبعد جاءهم كتاب من قرع الدرمكى من بنى هناءة وكان قرع أحد القواد لبنى هناءة ومن صناديدهم ، يقول فيه لرحمة بن مطر : لا تصلنا نحن نصلكم تمديدا لمم ، فلما قرأه رحمة أمر - ٤٦ - بالمسير لملاقاة قرع الدرمكى، وقد مر أمامه عيونا يكشفون الحقائق، وإذ بقرع المذكور مقبل بقومه عليهم ، فالتقاهم أولا رحمة المذكور بموضع وادى القاسم من بركا ، وانطلق فى أوجممم من قومه قضيب المولى على فرس ، والقوم يتخابون وراءه ، فقتل رحمة عشرة رجال وانهزم قرع بقومه ، وجرح قضيب المذكور جرحا غير كبير ، وسار رحمة مشرقا فى أثر المنمزمين حتى نزل بالحفرى التى للجبور فى بركا ، لكى يستريحوا ويأكلوا وقد قدم العيون أمامه ليعلم ما وراءه القوم ، ورجع العيون مخبرين عن خلف بن مبارك القصير مقبلا بجنوده ليناصر قومه الذين ببركا ٠ وكان خلف جاء بجيش بحرى وجيش برى فوق الكثرة ، جمعهم من عدة قبائل ومن أجناس مختلفة ، وكان عدد جيش محمد بن فاصر يبلغ خمسة عشر ألفا من بدو وحضر من سائر المقبائل الذين سبق ذكرهم ، فالتقوا غربى بركا إذ جاء المذكور ليحيط بجيش محمد بن ناصر من جهاته ، ولكن لم يكن النصر حليفه ، فدارت رحى الحرب بينمم ، ونادى منادى الطعن والضرب ٠ وكان عند أصحاب رحمة مدافع يسحبونها ليضربوا بما حصن بركا ، فضربوا بها السفن التى فى البحر ، غأغرزت ونجت بمن فيها ، وانهزم خلف بن مبارك وأصحابه ، وركب ناقته وفر وخلف المعركة ونارها تثتعل ، وانهزم قومه وراءه فتبعهم أصحاب محمد بن ناصر ، يقتلون ويأسون ، ووجدوا جيش محمد بن ناصر محيطا بهم ، فتهافتوا الى السفن وهى قد فرت من ضرب المدافع فلم يجدوا ملجأ من القتل ، وكانوا يدخلون البحر ليتخلصوا من المراكب، فأغرزت بحرا فلم يتالوها، والقوم من البر تطلق عليمم النار فهلكوا جميعا ، وأخذ أصحاب محمد بن ناصر بسلبهم و مواد حربهم وجميع ما معهم ٠ ٤٧ قال الإمام السالمى رحمه اشه ، نقلا عن ابن رزيق : إن القتاى الذين لفظهم البحر اثنا عشر ألفا واثنا عشر رجلا، قال :ولم يزالوا يتبعونمم حتى دخلوا حصن بركا ، أى باقيهم التجا بالحصن ، وانتقل محمد بن ناصر بجيشه لضرب معسكر ه ناحية السوادى قرب الجبل ، وحاصروا الحصن ، فأقام على ذلك أربعة أيام ، ثم إن أهل الحصن خرجوا منه فى المواكب المذكورة الواقعة فى البحر، ولعل خروجهم كان ليلا، وراحوا الى مسقط ولم يبق ف الحصن إلا القليل،ولم يبق فى لبلد أحد منمم ولا من غيرهم خوفا من معرة الجيش ، إذ قد علموا ما صار فى الرستاق وإذ ذاك أرخص محمد بن ناصر لقومه بالعودة الى للرستلقى ، ورخص لرحمة بن مطر بالعودة الى وطنه ، ورجع محمد بن ناصر أيضا الى الرستاق ٠ وفى هذه لأثناء أصيب بمرض الجدرى واشتد عليه حتى أشرف على الموت ، شم عوف منه وأمر بالمسير الى ينقل ، وجعل فى الرستاق واليا محمد بن ناصر الحراصى ، وعنده أصحاب بهلى وزعيمهم سنان بن محمد ابن سنان المحذور الغافرى فى قلعة الرستاق كعقيد للعسكر ، وخرج محمد بن ناصر واصطحب معه سيف بن سلطان ، وحمل معه كافة اليعاربة وهم ذرية غير كثيرة ، وترك يعرب بن ناصر مقيدا وكانت إقامته بالرستاق بعد الرجوع من حرب بركا قدر شهرين ، ونزل مقنيات وأرسل الى قبائل الظاهرة وعمان يستمدهم ، والى بنى ياس أيضا فجاءه قوم ييلغون اثنى عشر ألف رجل ، وكان معسكره بفلج المناذرة من ينقل ، وإذ ذاك أرسل المى أهل البلد أن يدخلوا فى طاعته ويسلموا له الأمر ويتخلوا عن الحصن ، فأبوا بل لم يردوا له جوابا وصباح يومه تحرك يريد الانتقال الى الجافب الأعلى طى شريعة فلج المحيدث من البطحاء ، فالتقاه بنو ■ ا ٤٨ —— على بمن معمم من أحل ينقل ، فدارت رحى الحرب تطحن الرجال ، وقتل من بنى على قوم كثيون ، ومن بينهم ابن شيخهم سليمان بن سالم ، وقتل من أصحاب محمد بن ناصر سالم بن زياد الغافرى ، وسيف بن ناصر الشكيلى ، وأحد من الجرحى ،ثم إنه نزل شريعة المحيدث وهو المحل الذى أراد النزول فيه من الجانب الأعلى، وحصر ينقل وضريما بالبنادق ، وأطلق عليها مدفعا ، وتلاقى الطرفان على الأبيض ، فانكفت الحرب عن قتلى كثيرة وقتل من أصحاب محمد بن ناصر الوالمى محمد بن خلف القيوضى واحد من بنى عمه ، ثم إنهم كسروا عنهم الفلج فلم ييق معمم ماء يشربونه ، وإذ ذاك أذعنوا بتسليم الحصن راغمين ، وتولاه محمد بن ناصر ٠ وفى هذه الحال جاء الى محمد بن ناصر الخبر أن سعيد بن جويد دخل حلة السليف مع الصواوفة من بنى هناءة بقومه ، فأمر محمد بن ناصر الجيش بالمسير الى السليف، فتوجه ذلك الجحفل الجرار، ولما وصلما حالا أرسل الى سعيد بن جويد وأهل السليف أن يؤدوا له المطاعة، فأبوا ووصل إليه الصواوفة من أهل ننعم مؤدين له الطاعة خوفا أن ينحال عليهم ، ولما رأى إصرار القوم وجه الجيش بالزحف على حصن المراشيد من السليف ، فاختطفه الجيش فهدمه على من فيه من رجال ونسا ء وأولاد ، وسقط فى يد سعيد بن جويد ، ورأى أنه رهن إشارة محمد بن ناصر ، فطلب منه التسيار الى بلده هو وأصحابه فسيرهم محمد بن ناصر كما زودهم بما يحتاجون ، وبقى بالسليف حصن الصواوفة وحصن المنادرة ، ووقع فى أفكار المناذرة مما رأوا مما حل بحصن المراشيد ، وما وقع فيه سعيد بن جويد وأوا أن لا محالة من الخضوع لمحمد بن ناصر والإذعان له ، وقد أخذوا الدرس من أصحابهم ، -٤٩- وذكروا ينظروا بعقله لا بعينه ، فأدوا الطاعة لمحمد بن ناصر وسلموا الأمر إليه ، فسلموا أنفسهم وساسوا الحاضر ، ولم يصروا إصرارا يردهم على ورائهم ويقضى عليهم ، فلم يصبمم بأس وأقرهم مكانهم ٠ وأما الصواوفة لم يخضعوا لمحمد بن ناصر حتى تدور رحى الحرب وتأخذ حظها ٠ فأقام محمد بن ناصر يقطع نخل الصواوفة ، وسرى القتل فيهم كل يوم ٠ قال الإمام نقلا عن التاريخ العمافى : وفسح محمد بن ناصر للبدو من أصحابه إلا بنى ياس وقبائل الحضر ، ودام الحصار شمرين ، ولما رأى الصواوفة العجز صالحوا محمد بن ناصر على هدم حصنمم بأيديهم فهدموه ، وهذا من سوء السياسة ، ومحمد بن ناصر تعود لا يهزم له جيث ، ولا تنتكس له راية ، ولا يفل له سيف كما سمعت وكما ستسمع فيما أقبل من حروبه حتى آخر ذرة من حياته ٠ م ٢- عمان عبر 1لتاريخ ج ) ) خلف بن مبارك يحاصر الرستاق لما رأى خلف بن مبارك أن محمد بن ناصر مشتظ بحرب السليف زحف على الرستاق ، وأحاط بحصنها وحاصرها ، ولم يكفه ليعتبر بمن قتل من قومه ببركا ، والغريب من القوم الذين يتبعونه وهو طى هزيمة تلو هزيمة ، ولا يثبت لمواقعة محمد بن ناصر ، قام خلف بن مبارك لحصار الرستاق، وقنل الزعيم الذى ولاه محمد بن ناصرقلعة الرستاق، وهو سنان بن محمد بن سنان الغافرى ، وأخرج الوالى محمد بن ناصر الحراصى من الحصن ، فدخل خلف بن مبارك الحصن وخلصت له الرستاق ، وكان سباع العنبورى قد أخذ صحار ، وبلغت الأخبار الى محمد بن ناصر ولم يلتفت الى شىء منها حتى انتهى أمر السليف حتى لا يقوى عليه أمر عدوه ٠ وكانت سياسته مبنية على القوة ، وأنه يرى لو ترك السليف قبل النهاية، وذهب الى الرستاق فكأنه لم يعمل شيئا، وإذ ذاك وخلف بن مبارك يزحف على حصن الحزم ليضيفه الى حصن الرستاق، وكان الوالى فيه عمر بن صالح بن محمد الغافرى ، فحاصره خلف وأحال الفلج عنه وأرسل الى الوالى المذكور أن يخرج من الحصن هو وأصحابه بأمان ، فأبى وكتب الى محمد بن ناصر يخبره بالحال ، وأنهم لم يبق معمم ماء إلا بركة قليلة، فتوجه محمد بن ناصر الى الحزم بعدما صالح أهل السليف ، وهدم حصونهم بجيش عظيم لا يعلم عدده إلا اشم ٠ ٥١- فلما وصل الحزم صال على أصحاب خلففقتلمنقتل منمم وولوا هاربين وتركوا آلمة حربهم من مواد عديدة بارودا ورصاصا وطعاما ، وهذا حال خلف بن مبارك فى حروبه مع محمد بن فاصر ، وهذه أحدوثة غير لائقة بالحر فى كل مرة ينهزم ويفر بل الموت أولى من أحدوثة كهذه ٠ ٥٢ محمد بن ناصر يزحف على بلاد سيت لما رأى محمد بن ناصر أن خصمه الألد خلف بن مبارك ، وأنه لا يزال يجاذبه الحبل وغير تاركه على حال، وكانت بلادسيت بلاد بنى هناءة بل هى عاصمتهم ، وديوان أمرهم ، ومركز فدوتهم ، كان محمد ابن ناصر أراد أن يوقع بها كسرا لقوتهم وانتقاما منهم ، فإنه لما فرغ من أمر الحزم توجه الى الظاهرة ليجمع الجموع لحرب بلادسيعت ٠ قال الإمام السالمى رحمه اشه : خرج محمد بن ناحر من الحزم الى الظاهرة، ولم يمر بالرستاق لأنه كان قصده بلادسيت،قال : وحشر من البدو والحضر، واجتمع عنده عسكر كثير، وسار من الظاهرة الى بلاد سيت ، ولما وصلها أرسل إليهم أن يؤدوا له الطاعة فأبوا ، فحاصرهم وأمر القوم بالهجوم عليهم فهجموهم ، وقتلوا منهم خلقا كثيرا ، ثم هجموا على العارض وكانت لبنى عدى فأخذوها منهم ، وأخذوا أيضا غمر وخضعت له بلدان بنى هناءة كلما ، ولم يبق فيها أحد منمم ، فالذى قتل قتل والذى طلب التسيار سيره بأمان ٠ قال الإمام : وقتل من أصحاب محمد بن ناصر فى أول الهجوم طى باب بلاد سيت قدر عشرة رجال وجرح أناس ، وانتهى أمر بلاد سيت وتوابعها وخرج عنها محمد بن ناصر وهذا حالها ٠ - ٥٣ عودة محمد بن ناصر الى نزوى للنظر فى الأحوال وصل محمد بن ناصر نزوى بعد حرب بلاد سيت ليدبر أمور ه فى صدده ، وأقام بها ستة أشهر فى أيام الشتاء ، وتأكد من عدوه وصديقه ، وقد أصبح الحال فى عمان ولا زعامة لأحد إلا لمحمد بن ناصر ، ويجاذبه المحبل خلف بن مبارك ، وإذ ذاك أرسل الى أهل منح خصوصا أهل حجرة البلاد أن يدخلوا فى طاعته ، فأبوا وامتنعوا ، فجمز لمم جيشا فأحاط بهم ولا منقذ لهم ولا معين ، فقطع الجيش نخيلمم من الفيقين وجر عالى ، حتى اذا رأوا أنهم مغلوبون لا محالة خضعوا وأذعنوا بعدما ذهبت أموالمم ، فخرج عنهم متوجها الى الظاهرة ، ونزل الغبى وأخذ فى جمع له جحفل ضخم بدوا وحضرا ، وأمر بحمل التمر من الظاهرة الى الحزم ، وصحبهم أهل وادى بنى غافر ، ومن هو من أصحابهم وتوجه بنفسه شرقا يريد حرب العوامر ، لأنهم ناصروا سابقا خلف بن مبارك هم والحبوس وآل وهيبة وكثير من قبائل الشرقية ، ومعهم بنو هناءة ، لأن بنى هناءة جاءوا الى العوامر مناصرين لهم لما بلغمم أن محمد بن ناصر يريد حربعم ٠ وكان محمد بن ناصر وخلف بن مبارك ، بل مطلق بنى غافر ومطلق بنى هناءة اشتدت العداوة بينمم لهذه الحروب والفتن التى يخوضونها على الرئاسة والزعامة ، والدم أكبر مثير للضغن وأعظم مورث للحقد والعداوة ، سحب محمد بن ناصر جيثه على بلدان العوامر ، فالتقته الجموع من العوامر وآل وهيبة وبنى هناءة، فدارت رحى الحرب بينهم، وعظم الخطب وعمل السيف عمله ، وزهقت أرواح ٠ ٥٤ — قال المؤرخون العمانيون وفيهم الإمام رحمه الشم : وقعت بينمم حرب عظيمة ، حتى كاد أن تكون المزيمة على أصحاب محمد بن ناصر ومن معه ، ثم إنهم ثبتوا وتراجعوا ، فوقعت المزيمة على بنى هناءة ، وقتل منهم خلق كثير فولوا الأدبار هاربين ، وأصحاب محمد بن ناصر خلفهم ، حتى أدخلوهم حجرة العاقل ، فرجع محمد بن نلصر ومن معه غالبا مظفرا ، وكان سيف بن سلطان معه ، فتوجه جبرين ولكنه لم يقر قراره لنشوة النصر حتى صار أشمى شىء اليه الحرب ، فإنه مالبث فى جبرين إلاقليلا، ثم توجه الظاهرة ليجمع جيشا، وعلى كلحال إن المنتصر يزداد نشاطا وقوة وتميل النفوس إليه عادة أيا كان، فلذلك تراه كلما توجه الى قوم لبوا أمره، ويظمر أنه كان مبذالا للمال، فاجتمع معه جيش كبير خرج به الى نزوى ، وجمع معه أهل نزوى وأهل أزكى وأهل بهلى أيضا ، وبنى ريام وسار بهم الى سيفم، وكل يظن أن الجيش قاصد اليه ، وفى سيفم أرسل الى سعيد بن جويد الهنائى ومن معه من أهل العقير والغافات ، لديدخلوا فى طاعته ، فأبوا ، وأظهروا عتوا ، وكأنه لم يكف ابن جويد الدرس المتقدم ، ولم يجعله معتبرا ٠ ويرى قوة خصمه متوافرة، لكن اذاضلت العقول علىطم لم تفد النصائح، فأمر محمد بن ناصر بحصار القوم ٠ وفى أثناء الحصار خرج سعيد بن جويد خفية متسللا ليستجيش من يظن يرجو نصرته ، فمر على الظاهرة الى صحار ، فجمع قوما من صحار وينقل ، لأن ينقل نكثت الصلح الواقع بينها وبين محمد بن ناصر ، فاجتمع عند سعيد بن جوي د ا لهنائى جيش ، وجاء الى عملى وضم وجمع معه بقية بنى هناءة ومن شف منهم وأرادتمم ، وكذلك أهل وادى العلا -٥٥- وجميع بلدانهم ، وكان ذلك فى ظرف سبعة أيام ، لأنه يعمد أصحابه محاطا بهم ومحصورين ٠ ولا شك أن يقظة محمد بن ناصر تقيل معهم وتبيت ، وقد تحقق أمر ابن جويد عند محمد بن ناصر تماما ، فاستعد لملاقاته ، حتى اذا نزل سعيد بن جويد العبشى أراد الهجوم على حمد بن ناصر وأصحابه مباغتا لهم ، فالتقوهم فى صدر الغافات ، فدارت المعركة بين الطرفين ، فوقع ابن جويد قتيلا وقنل معه زعيم بنى على غصن ، وقتل جملة فى هذه المعركة ، وأثر عليهم قتل سعيد بن جويد وغصن المعلوى ، وأعيان رجالهم وانهزم الباقون شر هزيمة ، واهتز محمد بن ناصر نشاطا ٠ قال الإمام : وأمر محمد بن ناصربالغزوة فىكل بلد ملكها من بهلى ونزوى وبلدان الظاهرة ، لإظهار الناموس ٠ قلت : لم أعرف معنى إظهار الناموس إلا أن يكون القوة ٠ قال : وسحب أصحاب محمد بن ناصر سعيد بن جويد الى الغافات ، وفيما حصنه وفى الحصن عياله وأهله وأولاده وقومه ، لينظروه ويخضعوا بالطاعة لمحمد بن ناصر ، فأبوا وأصروا ، فضرب عليهم الحصار ، وبقى محاصرا لهم قدر شهرين حتى فرغ ما عندهم من الزاد ، حتى أكلوا الأنعام وأفنوا ما لديهم من الطعام ٠ وكان القائد لهذه الحرب من جهة محمد بن فاصر مبارك بن سعيد ابن بدر الغافرى ، وكان محمد بن ناصر بعد قتل ابن جويد وهزيمة قومه عهد بالأمر الى مبارك بن سعيد والى جبرين ، ولما رأى آل سعيد بن جويد أن لا مناص من الخروج حين نفد ما عندهم ، وقتل من قتل من قومهم ، وبعد ذهاب أموالهم بالاستهلاك نخلا وحروثا وحيوانا ، صالحوا ٥٦ على هدم حصنهم ، أى على أن يهدموه بأنفسهم فهدموه بأيديهم ، ووصلوهم بأمان وبقى حصن العقير محاربا ،ولعله يخقظر العقر وإلا فقد رأى أمامه دروسا يحسن السكوت عليما ، ولكن بعض النفوس لا تهتدى حتى لصلاحها ٠ وفى هذه الأثناء عزل محمد بن ناصر مبارك بن سعيد بن بدر ، وجعل مكانه راشد بن سعيد بن راشد الغافرى ، وأقام هذا محاصرا لحصن العقير المشار اليه ومعه جيش كبير من أهل بهلى ونزوى وأزكى والظاهرة وبنو عافر وبنو ريام ، وداروا بالحصن كالخاتم بالأصبع وطوقوه بالحصار ، فلا يخرج منه خارج ولا يدخله داخل حتى أكلوا ما عندهم ، ورأوا أنهم فى ذل قاهر لهم ، وإذ ذاك طلبوا الصلح على أن يهدموا حصنهم بأيديهم فوافقهم القائد فهدموه، فكانوا كما يقول اش عز وجل : ( يخربون بيوتهم بأيديهم ) وذلك بعدما خربت بلدانهم ، وقطعت نخيلهم ، ودمرت أوطانهم ، ولم تبق لهم نخلة ولا فلج يجرى على وجه الأرض ، ورجع الأقوام كل الى وطنه ٠ ر ٥٧ خلف بن مبارك يزحف لحرب نخل ولما رأى خلف بن مبارك أن محمد بن ناصر مشتغلا بحروب الداخلية ، خرج من مسقط الى بركا واستجاش من قدر طيه ومن خف معه، وجاء الى وادى المعاول واستجاش المعاول وطلبمنهمحربنخل فأجابوه ٠ قال ابن رزيق والإمام أيضا : أما خلف بن مبارك فإنه جمع جمعا ونزل وادى المعاول، وانتقل بهم الى نخل فحاصرها، وكان فيها مرشد بن عدى اليعربى ، قال : فمكث أربعة أيام ، ثم خرج مرشد من المحصن ، وكأنه كان على غير استعداد فيه ، قال : فأحرقوه وهددوا منه ما قدروا عليه ، ومع ذلك مالحه أهل حجرة الجميمى ٠ قال : ثم عقب عليهم من عقب ، ودخل على حين غفلة من أهلها ، قال : هرب أهلها الى سمائل، وبعضهم التجأ فى حجرة الجناة مع بنى مملل،قال : ثم إن الذين بقواعند بنى مهلل أرسلوا الى أهل نخل أن يجيئوا من جانب الحمام ، أى من أعطى البلد ، فجاءوا بقوم من حيث لا يدرى بهم آل مهلل ، فدخلوا عليهم على حين غفلة منهم ، وقتلوا من قنلوا فخرجوا الى وادى المعاول حتى إن المعاول نصروهم ودمروا لمم الحرب الى حجرة الجناة ، وكأن بنى مهلل هم من عصبة المعاول ٠ قال : فمكثوا يحاربونهم ثلاثة عشر يوما لا يهدأ ضرب البنادق حتى انمزموا من الحجرة،وكثر فيهم القتل وتخيبوا، ثم إن المعاول قالوا لا نبغى حجرة فى الجناة فهدموها ، وكأن علاية نخل هى تابعة للمعاول ، وتخربت نخل وتشوه وجمما وساءت حالما ٠ لآره قال الإمام : ومكثت نخل مدة من الزمان لم يوجد فيها من الإنس إلا الكلاب والسباع على القتلى،وبعدذلكقسم بنوهناءة نخل على بنى هناءة ، ومكثوا فيها - أى بنو هناءة — الى أن ملك سيف بن سلطان أى أخذوا فيها مدة كما سوف تراه وهذه من الخطأ (١) حيث تؤخذ أموال أهل المقبلة فتغنم بغير حق، ويتولى المسلمون أموال إخوانهم يأكلونها بغير حق، وعضوا عليها بالنواجذ الى أنملك سيف بن سلطان بعد ما بلغ الحلم، وأقيم إماما فعند ذلك سلموها لهم وذلك أوان تخليج النخل ، فصاروا يتوسلون بالقاضى ناصر بن سليمان المدادى فى نزوى ، فجاءوا بكتاب الى المعاول فسلموها لهم وتراجع أهلما الذين فروا منها والذين اختفوا فى جوارها ٠ (١) اى حيث استحلوا أموال اهل القبة ض غير حق وش الجهل والبغى لا يبقيان دينا والعياذ بالله ٠ ٠ ٥٩ - محمد بن ناصر يجمز الجيوث لحرب الحبوس لما كان متوقعا عند الحبوس أن محمد بن ناصر لابد وأن يغزوهم يوما ما حيث تظاهروا بحربه مع عدوه خلف بن مبارك ، وكان خلف بن مبارك يرى أن لا مناص من حرب محمد بن ناصر للحبوسى ، بقى هو وإياهم يتراسلون فى أمر محمد بن ناصر ، ويتفاهمون وكأنه من المقرر لديهم ذلك ٠ قال التاريخ العمانى : وأما محمد بن ناصر فجمز جيشا من المبدو والحضر ، فقصد به بلدان الحبوس من الشرقية من المضيبى والروضة ، ولما علم خلف بن مبارك صحة ذلك تجهز لمناصرة الحبوس ، فخرج بجيش مسقط والباطنة ومن معه من جماعته ، وكان الالتقاء بالمضيبى لأكثر الله هذه اللقاءات على هذا الحال ٠ قال الإمام رحمه اشم : والتقى — أى محمد بن ناصر — بجيش خلف بن مبارك ، بالقصير والحبوس وغيرهم من بنى هناءة بالمضيبى ، فوقعت الحرب وجلت المعركة ٠ قال الإمام : فوقع بينهم حرب عظيمة وانكسر خلف بن مبارك ، وتحصل فى حجرة المضيبى فحاصرهم محمد بن ناصر وقطع نخلهم وخشاها ، ولما استشعروا العجز عن دفاعه طلبوا الصلح والأمان، فأمنهم محمد بن ناصروأدوا له الطاعة، ولمم يعلم محمد بن ناصر أن خلغ بن مبارك معهم فى حجرتهم ، ثم شاع الخبر بوجود خلف معمم ، وأنه متحصل فى حجرتهم فلم يستحسن محمد بن ناصر أن ينكث العهد الذى عاهدهم به ، وأن ينقض صلحه الذى صالحهم إياه ، ثم خرج خلف هاربا الى إبرا ء عند آل الحارث ، فاتبعه محمد بن ناصر بجيشه حتى وصلا إبراء ، ودخل خلف إبراء ولم يظن أن محمد بن ناصر يتبعه ، فأقام مع آل الحارث فأرسل اليهم محمد بن ناصر أن يؤدوا له الطاعة ويخرجوا خلفا من عندهم ، فأبوا ورأوه صعبا طيهم أن زعيما التجأ بهم فيسلموه لخصمه ، فأعلن محمد بن ناصر حربمم ، وما كان خلف بن مبارك إلا جارا لهم بلاء أراد أن يغمسهم فيه ، ولعطه كان يراهم من أنصاره ، فأقام محمد بن ناصر يقطع نخيلهم ويدمر أنهارهم ، ولم يقدروا على دفعه حتى رأوا لابد من إخراج خلف من بينهم، وأن البلاء بوجوده بينهم لا يزال مستمرا عليهم ، وماذا عسى أن ينفعمم وهو لا يزال فى سأم الهزيمة ، ومحمد بن ناصر فى نشاط النصر والظفر ، فبين الحالين فرق كبير ٠ قال الإمام رحمه الله : فأخرجوا خلفا ، وكان خلف رئيس بنى هناة كافة ، وكان مقرة مسكد وهى مسقط ولا تزال فى يده ٠ قال : ثم إنهم صالحوا محمد بن ناصر من بعد خروج خلف من عندهم وقبل منهم محمد بن ناصر وأعطاهم الأمان على العهد والميثاق ، ورجع عنهم وأقام بيبرين ، وكان أكثر إقامته بها ، ثم إنه لم يطل المقام بها بل خرج الى الظاهرة ٠ ٦١- محمد بن ناصر يتجمز لحرب الرستلق لما تبين لمحمد بن ناصر أن أهل المرستاق لممميلالىخلفبن مبارك ٠ وأنمم ظاهروه لما زحف الى الرستاق فى حال دخوله عندما كان محمد بن ناصر مشغولا بحرب بنى هناءة ، فأكن لهم سوءا يتحين له الفرصة، وكل ذلك عقوبة من الله لأهل الرستاق علىما فعلوه فى الإمام ممنا ، وما فعلوه فى القاضى عدى بن سليمان وزميله ، والفتنة اذا جاءت يعم شرها الأمة صالحها وطالحها ٠ خرج محمد بن ناصر من جبرين الى الظاهرة ليجمع جيشه منما ، وكان أكثر ما يستجيش أهل الظاهرة لقساوتهم وغلظ أكبادهم وعدم مبالاتهم بما يلاقون ، فجمع من الظاهرة جيشا ضخما وغرب بمم ، ولم يعلم به أحد من قومه أين يريد ، فهر ببلدان بنى نعيم وجمع ناسا من بنى ياس وبنى نعيم أيضا وغيرهم من القبائل ، وسار بهم على طريق وادى الجزى ، ومر على بلدان بنى قليب ، فصحبه من رجالهم من صحبه ومضى على خط الباطنة يسحب جيشا أرعن ، فخاف منه أهل صحار فلم يغشهم ، ثم أخذ فى الشرق سائرا فخافه أهل فلج الحواسنة أن يدمر واديهم ، وأصحابه يأخذون كل ما يجدون من إبل وغنم ، وفيهم من لا يعرف الصديق من العدو، وارتاعت القبائل ف الباطنة، كل يظنه قاصده ، وكان المذكور يروم حرب الرستاق ، فالتقاه خلف بن مبارك بمن معه من قومه عند أفلاج عرعر من الرستاق ، فالتحم المقوم قتالا ، وأحاط محمد بن ناصر بجيش خلف ، وليت خلفا تأخر عن هذه الأمور المتىتجلبلهعار المزيمةفكلمرة٠ - ٦٢ - قال الإمام : ولى أصحاب خلف هاربين منمزمين ، ودخل خلف فى بيت هنالك ، واختفى فيه واتبعه محمد بن ناصر بقومه ، ولم يعلم أنه هناك مختفيا ٠ مالك يا خلف فى كل مرة تنهزم ثم تختفى ، أبرز لمحمد بن ناصر الذى جئت لملاقاته المرات العديدة،قال :وظنخلف أن محمداً تركه بعد القدرة عليه ، فدخل محمد بن ناصر الرستاق ، ولا تسل عن خوف أهل الرستاق لما رأوه منه فى المرة الأولى حيث خرجوا من البلاد فتاهوا فى الفلا ، وماتوا جوعا وعطشا ، فقام محمد بن ناصر يدمر أفلاج الرستاق ويقطع النخيل ٠٠٠٠ ويراسلهم أن يذعنوا بالطاعة ، وهم يأبون خوف العاقبة التى لا يدرون فيها مصيرهم فدمر فلج الميسر وهو أكبر أفلاج الرستاق ، ودمر فلج أبو ثعلب وفلج الحمام ، وقطع نخلا ٠ ولم يكن لأهل الرستاق قدرة على الخروج لحربه ومنعه ، ولما رأوا العجز ورأوا أن الرجل غير تاركهم ، وقد رأوا منه وسمعوا وهموا بالخضوع فساعدهم القدر إذ جاءت الرسل من الظاهرة تخبره أن راشد بن سعيد الغافرى أخذ حصن مقنيات ، والوالى فيه مبارك بن سعيد بن بدر حسدا منه لمبارك المذكور ، لأنه رأى محمد بن ناصر يقدمه ، فأمر محمد بن خاصر بترك الرستاق على حالها ذلك ، ونمض تاركا لها بعدما دمر أنهارها ٠ وكان على بن ناصر بن حمد الكلبانى أحد زعماء بنى كلبان ، قام لراشد بن سعيد وناصحه وخوفه سطوة محمد بن ناصر ونقمته التى لا يقدر لها راشد ، ومن كان مثله وسلم له الحصن بعد ما ضمن له من محمد بن ناصر ألا تصيبه منه عقوبة ، وكان محمد بن ناصر يعرف أقدار المرجال ، وكانت حربه على قانون الحروب الصحيحة ، لا على غطرسة ٠ ٦٣ - الباقين ، فقبض على بن ناصر الحصن الى أن وصله محمد بن ناصر ، فترك فيه مباركا واليا ، وترك معه الحواتم — فرقة من بنى غافر -وسار قاصدا الى يبرين وكانت هذه القضية رحمة لأهل المرستاق حيث استنهضت محمد بن ناصر من بلدهم ، وإن كان قد قضى وطره منهم ودمر أنهارهم ، إلا أنه ا يعرف ماذا يفعل بعد ذلك فيمم ، وأقام بيبرين مدة ، ثم انتقل بجيشه الى نزوى وتمركر بها وهو الحاكم القوى فى عمان الداخلية كلها ، وله الحول والطول فى عمان ،واش يعز من يثاء ويذل من يثاء ٠ كان محمد بن ناصر من رؤوس القبائل العمانية ، ومن الزعماء المعروفين ، فأصبح الآن يطلب الزعامة الكبرى للسلطنة أو الإمامة ، ولكنه كان بطلا صنديدا لا يعرف للموت ولا للذعر أبدا ، واذا كان من العلم ما يقوم به أوده كان حقيقا بالزعامة الكبرى ، لأن الزعيم اذا لم يكن شجاعا جريئا لا يصلح أن يكون قائد أمة،كماقيل : اذا كان القائد ثعلبا كانت أسود الأمة ثعالب ، واذا كان قائد الأمة أسدا كانت ثعالبما أسودا وهكذا ٠ ومحمد بن ناصر فى وقته أقوى رجل عرفه التاريخ ، فإنك كما قرأت عنه ستقرأ أنه ما خرج من حرب إلا قام لمثلما ولا رجع من غزوة إلا خرج لمثلها وهكذا أيامه بغير ملل ، ولا خوف ولا سآمة ، ولا تحدثه ففسه إلا بالنصر والواقع هو كذلك ، فإنه لم تعرف له هزيمة أبدا ٠ — ٦٤ - إمامة محمد بن ناصر الغافرى نسبه : محمد بن ناصر بن عامر بن رمثة بن خميس الغافرى ، قال الإمام : نسبة الى غاغر جد له ، قال : ووجدت أنه من سامة بن لؤى بن غالب القرثى ٠ قلت : وقضية سامة بن لؤى بن غالب المذكور ذكرناها فى « العنوان » وسبب خروجه الى عمان وصحة نسبه الى لؤى بن غالب ، وإن دفعه بعض نسابة قريش ٠ قال الإمام : وسبب ذلك أى سبب إمامته أن محمد بن ناصر لما كان منه لميا ذكرنا من الحروب ، أى وتوجهه الى نزوى بعدما قضى أعظم مهماته ، وصل نزوى بمن معه ، وأرسل الى رؤوس القبائل وأهل العلم من غرب عمان وشرقها ، فاجتمعت إليه جموع كثيرة ولما اجتمعوا طلب منهم أن يبرأ من الإقامة بالحرب وبأمور المسلمين ، وأن يقيموا من أرادوا مع سيف بن سلطان ، واعتذر إليهم فلم يعذره القاضى ناصر بن سليمان بن مداد ، ومن حضر من المشايخ من رؤساء القبائل ، ولم يزالوا فى معالجة هذا الأمر ، وغلقت أبواب حصن نزوى والعقر ، فلا يدخل داخل ولا يخرج خارج اهتماما بهذا الأمر الجال الذى يريد محمد بن ناصر أن يتخلى عنه ، وهم لا يرون له أحدا إلا محمد بن ناصر الذى لم يعرغ له انهزام فى حرب ، ولا لسبقه نبوة عند الضرب ، ولا لسهمه التواء عند الطعن ، ولم تعرف له خغقة فى حروبه التى مرت على القارى ء ٠ ٦٥ قال الإمام : وما زالوا كذلك ليلتهم حتىقرب الغجر، فعقدوا له الإمامة وضربت مدافع قلعة نزوى ، ونادى المنادى له بالإمامة والعز والأمان ، لكل قبيلة تؤيد المواجمة من يمن ونزار من بدو وحضر ، وكلن هذا ليلة السبت لسبع ليالى خلون من المحرم سنة ١١٣٧ سبع وثلاثين ومائةوألف للهبرة ٠ (م٠ - عملن عبر التلريخ ج٤) — ٦٦ — الإمام السالمى يناقش القضية قال الإمام رحمه اش : وانظر فى مبايعتمم له بعد تلك الأحداث المنكرة والأمور الممولة، عال : وفى كف العمة أنمم بايعو، تقية، قال الإمام :قلت : ولا يسوغ ذلك لقضاة المستين وعطمائهم، وكان الإمام، رحمه اشم وعفا عنه ، ينظر الى الأحوال الواقعة فى حروبه من فعل جيوشه من حمل أولاد الناس ، وبيعهم فى الأسواق ، وانتهابهم لأموال عباد اشه ، ولا يردعمم ولا يزجرهم ، وإن منصب الإمامة منزه عن مثل هذه الأحوال ، وأن الإمام من شرطه أن يكون من خيار أهل الإيمان والتقوى مع العلم الذى يجب لحامل هذا المنصب، وأن محمد بن ناصر من الرجال الذين يقاتلون من أجل الدنيا ٠ قال الإمام : غير أن الأمر يحتمل شيئين، أما الأول أن يكون محمد ابن ناصر محقا عندهم فى حروبه السابقة ، لأن يعرب بن ناصر وأشياعه كانوا بغاة على المسلمين، وعلى هذا الاحتمال،فيقال إن تلك الأحداث إنما كانت من معرة الجيش ، ومن أحداث بعض السغهاء كما وقع بعض الأحداث فى جيوش أهل العدل، وهم لم يرضوا بذلك ولا صوبوا فاطه قال : ٠٠٠ والاحتمال الثانى أن يقال إن تلك البيعة كانتعلىسمبيل الدغاع حتى تضع الحرب أوزارها ، وللمسلمين أن يقدموا فى الدفاع اذا غشاهم العدو ض لاولاية له عندهم، اذارأوا صلاحيته، وأن غيره لا يقوم مقامه ، فشبتت إمامته طيهم على هذا الشرط الذى شرطوه طيه وتجب عليهم طاعته اذا دعاهم لدفع عدوهم على حسب ما بايعوه ٠ قال : وإنما جازت الإمامة هاهنا لمن لا ولاية ل، لأن الدلفع واجب على الكل ، فمم إنما قلدوه واجبا عليه رجوا أن يقوم به ، وأن يكىن لهم به الظفر ولا تزيد هذه الإمامة إن لم يصلح منزلة فوق منزلتم ا - ٦٧ - وجوب الطاعة فى الدفاع،وذلك إن لم يصلح حاله، فإن صلح فلكل درجات مما عملوا ، ورب إمام بويع على الدفاع أولا ، ثم ترقى أمره حتى صار فى منزلة الظمور ، وأكثر الأئمة من بعد مهنا بن سلطان إفما بويعوا على الدفاع فيما يظهر من حالمم ٠ قال : واذا نظرت الى فعل المسلمين فى أول ظهور أمرهم بعمان ، وفى تقديمهم لمحمد بن أبى عفان على ما قيل فيه سهل عليك الأمر ، واتضح السبيل ، وبرح الخفا ، وعلمت أن الدين سط يسر ٠ قلت : لما بويع محمد بن ناصر بالإمامة أصبح متتوجا تاج الفخر والشرف، وعظم بذلك قدره وشاع فى الناس ذكره، وعلا صيته وارتفع قدره ، وعند ذلك ثار حسد أعدائه وزاد حنقهم ، وغظت مراجل حساده فى عمان ، فقاموا يتظاهرون لمعاداته حسدا من عند أنفسمم ٠ -٦٨- الحسد عنصر الشر لما علم أعداء محمد بن ناصر ما صار اليه من العز والشرف ، وما رقى اليه من المجد ، قاموا يتعسفون فسادا فى الأرض ، وأخذوا فى التقحم طى الأمور بغير هدى ، وراموا أمورا تركسهم فى الباطل على هاماتهم ، ولا يخلفون وراءهم إلا سوء 4لأحدوثة ، ومع ذلك يشاهدون أحوال هذا البطل القوى ، ويعلمون عنه ما يكفى لإرشاد أهل الأفكار ، ولكن اذا عمى السمع والبصر لا يكون للانسان إلا العثار ، فإن محمد بن ناصر لما تقرر عقد البيعة له بالإمامة ، وانتهت الأمور على هذا الحال ، بقى فى نزوى حتى صلى الجمعة ، ثم توجه الى جبرين وفسح للاقوام المتجمعة معه إلا القليل منهم ، وأقام بجبرين مدة يسيرة ، ريثما يصلح أحواله ويرتب أعماله ويهيىء عماله ، بلغه أن مانع بن خميس العزيزى هجم على الغبى ، وقهر حصنها ونهب سوقما ، وأغسد فيها ، وأغار مهنا بن عدى اليعربى ، وعامر بن سليمان بن بلعرب الريامى ، وسليمان ابن حمير بن على الميعربى على خزانة المتركة وأخذوا ما فيها ، واتصلت أخبار هذه الحوادث الى الإمام محمد بن ناصر ٠ فقام متوجها إليمم ، وأرسل الى القاضى ناصر بن سليمان بن محمد ابن مداد ، والوالى عبد اقه بن محمد ليلحقوه بالقوة الذين دءاهم لمذه البادرة الحاضرة ، والمتجمعون بنزوى وهو يسير أماممم لأنه لم يمر نزوى ، بل جاء عن طريق خميلة ولم يكن عنده من العسكر إلا القليل ، لكقه عنده جيش من عزمه لم يتعود الانمزام ولا الذعر ، وبذلك هجم على أهل البركة الذين احتلوا ذخيرة الدولة ، واغتنموا بغيا وبطرا على أهل الحق، وكان المجوم وقت الضحى حين ترى العين أختما، ولم يرد ٦٩- قتالهم ، بل ناصحممم على الرجوع عن مثل هذه الأحوال ، وعلى رد ما أخذوا من غالة بيت المال ، فأبوا وأصروا على حربه وقتاله ، وسرعان ما صنعوا لهم مرصدا على مسجد الشريعة ، وهو الذى يسميه أهل عمان بومة ، وهذه التسمية أصلها غير عربية ، وقبضوا الجبل الشرقى ، وكسروا فلج البركة واشتدوا فى أمرهم، فصنع الإمأم بومة تقابل العدو بالمسجد الأسفل من شريعة البركة والجيل الأسفل كذلك، وبقى بين الطرفين إطلاق النار ، وقذف الرصاص ٠ قتل منه بعض عزابة الركاب من أصحاب محمد بن ناصر ، وجرح كذلك ، فصالت بعد ذلك رجال محمد ناصر البواسل كالأسد الكاسرة ، فمرب القوم منهزمين ، وإذ ذاك قبض رجال محمد بن ناصر على ناصر بن بلعرب الريامى ، وعلى بن صالح من أهالى كمه بغتح الكاف والميم آخره هاء ساكنة، بلدة بأطى نزوى على سفح الجبل الأخضر، وكان هذا المجوم من محمد بن ناصر قبل أن يصله أحد من المدد ، بل كان ذلك بالذين كانوا مع الإمام أول ما وصل كما ذكرنا، وانسحق شر القوم، وانمحى كما يمحو الماء المداد ٠ وأمر الإمام بحمل التمر الباقى فى خزانة البركة الى ييرين، ورجع الإمام المى نزوى ونزل بمساجد الغنتق، لأن ذلك المكان أوسع له ولم يدخل ففسهخوف من عدوه، ولو كان خائفا لتغلغل بالحصن وقلعته الحصينة ، وكان فى هذه الآونة أراد حرب أهل تنوف ، لأنمم صاروا أعوان العدو فى البغى على الناس ، ولكن توسط بين الطرفين رجال من الأعيان ، فتركهم بعد ما قرر تخريب تنوف عن آخرحا لما كان منمم ، فأذعنوا له وواجموه وعاهدوه ألا يخونوه ، وكان عخواً اذا أذعن المجرم غير متأثر مما فعل ، موفقا فى مساعيه ، منصورا فى إقدامه لا يثبت له عدوه فى ميدان الحرب، ولما رأى الانقياد من أهل تنوف طابت نغسه طيمم وعفا عنهم ، وبعد ذلك توجه المى الغبى ومعه ستة رجال ، فلم يشعر أهل الغبى إلا ومحمد بن ناصر يقتحم سور الحصن ، ويدخل طيمم برجاله المستة ٠ وكان فى الحصن مانع العزيزى كما سبق الكلام عليه معاديا لمحمد ابن ناصر ، وكان يظن أن محمد بن ناصر سيأتيه فى جيش ، واذا به يحتل ذلك الحصن الذى تولاه عدوه بستة رجال هو سابعمم ، إنما لبسالة يضرب بها المثل الرائع ، فخرج العزيزى ذليلا هاربا من الحصن تولاه وسيطر عليه فكان الخوف والرعب من محمد بن ناصر أقوى من جيشه ، وخرج القوم الذين معه هربا لا يلوون على شىء ما أبدا ، بل فرارا من الخطر الداهم هو محمد بن ناصر ، فكان روعهم منه كفيلا بطردهم عنه ، وقتل خادم لمانع المذكور ٠ وتولى الحصن وولى عليه واليا ورجع هو الى ييرين مقره المعروف ، ثم انتقل الى نزوى وطلب حضور القبائل اليه ، فحضرته جموع كثيرة وخرج بتلك الجموع يريد ضنك إرجاع الوحاشا بضم الواو وحاء ممملة وشين بعدها ، قوم من أهالى ضنك ويردهم الى بلدهم ، غإنه أخرجمم منها صاغرين ، ودمر حصنهم ، وكسر قوتمم ، حين عأدوه ٠ والان لما خضعوا وأذعنوا وقمرت عليهم يده ورجعوا عن مظاهرة خلف بن مبارك ، فإنهم ناصروا المذكور ، وصاروا فى طاعته ، فغزاهم محمد بن ناصر قبل إمامته ، فدك صرحمم وقضى طى نصرتمم، فلم يقحر - ٧١ - خلف بن مبارك أن يرد عنهم ، وبذلك لاموا أنغسمم وعرفوا حقيقة الأمر ٠ ولما شاع هذا الحال وأن محمد بن ناصرجاءلمذا الصدد ، تبرم آل عزيز أهل ضنك ، ولم يرضوا أن يبنى الآن عزيز حصنهم ، ولا أن يرجعوا الى وطنهم ، وبذلك دخلوا على بعض طغام مظاهرة ، فلقوا لفيفا منهم ، وجمعوا جمعهم ، وراموا حرب محمد بن ناصر ، فجاعوا بجمعهم والتقاهم محمد بن ناصر بطل الحرب فى ضنك نفسها ، فسرعان ما تمزق شملهم وفرق جمعهم ، وانهزموا تماما وحينئذ تحققوا أن لا طاقة لمم بحربه ، وعمل محمد بن ناصر فى ضنك ما شاء أن يعمل فى مضاء لا يعرقله أى شى ء ٠ ٧٢ مانع بن خميس يلتجى، بالنعيم لما خرج مانع بن خميس المعزيزى من حصن الغبى هاريا بعد ما عاث فى ذلك البلد هو ومن وازر ،لمير له ملجأ يلتجى به ، وكلدت الأرض تضيق به ، وفعل السوء لا يكون منه إلا الوبال لاكبه ، قصد مانع بن خميس السنينة ليحتمى بحماها الذى لا يحميه من محد بن ناصر كما لم يحمه حصن الغبى من بطل الحرب ، فكيف بالسنينة ، ولكن من لم يفكر فى أموره لا يزال حائرا ذليلا ، فلما علم محمد بن ناصر بوجمة مانع المذكور، خرج فى إثره طالبالهفى شرذمة من الرجال قليلة أصحاب خيل وإبل ، فلم يشعروا به إلا وهو معهم فقبض مانع بن خميس أسرا ، ورجع به قائدا له برغم أنفه،وجاء الىضنكحيثلمانع القوة والرهط، وهل يتحرك أحد من قومه مناصرا له ، فلم يكر ثم توجه الغبى فمر طى أفلاج بدو آل عزيز جماعة مانع المذكور الذين نهبوا سوق الغبى بالأمس مع مانعمم ، غنزل محمد بن ناصر على أفلاجهم فدمرها ، ورجع الى للغبى وأقام سوقها ولبث ما شاء اش أن يلبث ، ثم حثد من جانبها من قبائل الظاهرة ماشاء اش، وتوجه الى جبرين وأقام بما أياما قلائل، ثم توجه لنزوى فنزل ببيت المزرع ليجمع رجالا من نزوى، ثم مضى الى أزكى وأخذ منها رجالا، وأرسل الى الشرقية فلباه أهلما ولا يعلم أحد أين يريد ، وبقى عدوه فى كل بلدة خائفا يقول هذا الجيش على ٠ وهكذا فسرت بذلكهيبتهفى أرجاء البلاد ٠ ٧٣٠ — الإمام محمد بن ناصر يهاجم اهل علاية سعل كان فى سمائل إذ ذاك أناس تمردوا كما يقول أحد كتاب الإفرنج، ومنمم البكريون فى سمائل وأهل فلج الحيلى ، وقوم عكاشة ويفى ربيعة وأولاد سعد أمبو طى ، و أفسد فى سمائل آل عمير أيضا قبلهم ، فجاء هذا البطل لتطهير البلاد من السوء الذى بها، والتمرد على الحق، وكانت جموعه التى جمعما كما ذكرها ٠ قال الإمام رحمه الله : فخافت منه بنو رواحة أى لعلاقتمم بأهل العلاية ، فلم يلتفت الى بنى رواحة بشىء حتى أتى سمائل ، فأول شىء طه ألتى نصحه للبئر ٠ قال الإمام : فلم يزل يناصحمم وأهل الحيلى وقوم عكاشة، ولكن يا للأسف لم يبين التاريخ عماذا يناصحهم أ وما هى الأعمال التى ارتكبوها ؟ وكأنها أمور لها أهمية كبرى ، حيث اجتاحت المى هذه الحركة الكبرى ٠ قال الإمام : فأما أهل الحيلى وأصحاب عكاشة فصالحوه وأدوا الطاعة، فأرسلهم الى البكريين ليناصحوه فلم يقدروا عليهم، وكأنمم أصروا على خلافهم ، فأمر بالركضة عليمم فى ليلة باردة شاتية مطيرة مظلمة ذات رعد وبرق ، فلم يشعروا به إلا هو فى أعلى السور مع الحارس يقول له : عمن تحرس ؟ فقال : مخافة أن يهجم علينا محمد بن ناصر ، فقال له : هذا محمد بن ناصر عندك ، فسقط فى يده ، وانخذل حالا وانخذل أهل الحجرة كلمم لما نادى محمد بن ناصر عطى رأسما ٠ وطلمب أكثرهم الخروج بأمان فأمنهم ، ولم ييق من الحجرة شى ٧٤-- إلا برج واحد وشىء من الغرف فيها بكر وأولاده وبنو عمه ، فأطلقوا عليهم النار حتى قتلوا عن آخرهم ، وقتل من قوم الإمام أربعة رجال فيهم مملوك للامام اسمه بخيت ، كان قدمه على جميع الخدام ، فجاءته رصاصة فقضت عليه ، وهدمت الحجرة كلها ، وأقبل على أولاد سعد أمبو على فأودعهم القيد ، وهدم المهم من حجرتهم ، ولأجل البيان فإن عرف العمانيين أن الحجرة فى البيوت الملتفة على بعضها بعضا ، تحيط بما أسوار و أبواب ، فهى كالحصون فى معناها ٠ قال الإمام : وسلمت له سمائل زكاة ثلاث سنين ، ومنه نتبين أن الخلاف بينهم والإمام محمد بن ناصر من جملته امتناع زكاتمم ، فكانت تلك المعاقبة،قال :وكانآلعميرقد أفسدوا فى سمائل، وجازوا جميع أموال الأغياب ، فرد محمد بن ناصر كل مال لأهله ورد الأمور على القرار الصحيح ، وأجراها فى مجاريها والرجل غير متغطرس كما تشمدلهأعاله،والفالدالةعلىمافىنفسالاعل٠ محمد بن ناصر يلاقى خلف بن مبارك فى حيل العوامر بلغ محمد بن ناصر وهو فى سمائل أن خلف بن مبارك يروم الخروج من مسقط لحرب الرستاق ، حين علم أن محمد بن ناصر مشغول بأمور سائل ، فتجهز له محمد بن ناصر ليلاقيه فى حيل العوامر من السيعب ، فيلتقيه قبل قصده فوصل الباطنة وكان خلف بن مبارك فى مسقط ، وكان محمد بن ناصر يخرج من معسكره بالحيل الى غبره بوشر لعله يلتقى بخلف فى هذه البيئة ، فلم يخرج خلف بل بقى خائفا هجومه على مسقط ، غما رأى له إمكان الخروج كان محمد بن ناصر يخرج هو ومملوك له اثنان فقط ، وهو يعلم أن خلف بن مبارك اذا خرج لا يخرج إلا بجيش ، فهنا يتجلى ما يقوله الناس إن محمد بن ناصر عنده أسرار ٠ يدلك طى ذلك أنه لم يهزم مرة واحدة ، ولم يصب برمية واحدة فى كل تلك الحروب التى خاضها ، مع أنه ياشر الحرب بنفسه قبل أن يصل الجيش فيقتحم الأسوار ، وياشر بصدره خطوط النلر ، ولم يتعثر بأى ثىء يعرف ، وهذا هو هنا يتلقى خلف بن مبارك ومعه مملوك من خدمه فقط وهذا أكبر دليل طى ما قيل ، فإنا ما قرأنا فى التاريخ عبقريا من الرجال يغامر بنفسه كهذه المغامرة ، ويرتكب هذه المراكب الصعبة ، ولا بأس عليه ولا خوف ، وشم فى خلقه أسرار ٠ وإذا تتبعنا أحوال محمد بن ناصر فى حروبه أيقنا أن الرجل اوتى شيئا فوق العقل ، فإن وقائعه مع أعدائه لها أهميتما البالغة ، فإن الحرب فى جميع الأمم تكون سجالا الا حرب محمد بن ناصر لم تكن سجالا ، بل -٧٦- هى انتصار محض ، وهذه المحررات التاريخية من شك ، فليتتبع ذلك يجده كما قلنا ، فإن أبطال الحرب معروفون جاهلية وإسلاما ، ولم يعرف لواحد منهم نصر محض فى كل موقعة ، وكذلك لم تكن لهم سلامة نفسية ، ومما يدل على أنه ذو خصائص سرية لما كان عند آخرذرة من حياتة فى صحار ،إذجاءه الخبر أن خلف بن مبارك أقبل فى جيش كيف ، قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، هذه ساعة لا لنا ولا علينا ، ما ندرى ماذا يقضى اشم فيها ، فقضى الله فيها بقتل الرجلين كما سوف يأتى إن شاء اش فى مطه ٠ ولازال خلف بن مبارك خائفا من محمد بن ناصر فى مسقط ، وقد سد الأبواب ، وأقام المحرس على الطرق ، ولم يقصده محمد بن ناصر قصداً خاصاً فى مسقط ، ولو قصده لم تكن لتمنعه أكثر من بقية حصون عمان وقلاعها ، ولأن العادة قاضية بينهما بانهزام خلف بن مبارك ونصرة محمد ابن ناصر ، وقد أقام محمد بن ناصر فى حيل السيب قدر نصف شهر منتظرا خروج خلف ولم يخرج من مسقط ٠ -٧٧- محمد بن ناصر والمعاول لما أيس محمد بن ناصر من خروج خلف بن مبارك من مسقط رجع الىسمائل،وكانالمعاول أنصارا لخلف بنمبارك، كما أنهمهم لذين قادوه على حرب نخل كما سبق ، ثم وقع بينه وإياهم شرهة وعتاب رأوا أن يهاجموا حصن بركا ، فاحتالوه على دخوله فدخلوه بصفة الاحتيال ، فتولوه ليعلم خلف بن مبارك أنهم ينفعونه ويضرونه ، ويؤئرون عليه إذا لم يتراجع عن سياسته التى هو عليها فى جافبهم ، وإذ ذاك أرسلوا لمحمد بن ناصر فى سمائل يخبرونه عما فعلوا ٠ وكأنهم يتخوفون من خلف أن يهاجمهم ، فجاء محمد بن ناصر الى السيب والتقاه المعاول، وعاهدوه على حرب خلف بن مبارك، وعلى تخريب مسقط ولم يجر كلام فى حصن بركاء من الطرفين ، بل هو فى يد المعاول ، والمذكورون هم بعهدهم مع محمد بن ناصر ٠ ولما افترقوا غرب محمد بن ناصر فظن المعاول أن محمد بن ناصر توجه لقبض الحصن ، فلحقوا به ونزلم هو الحرادى من بركا ، ونزل المعاول فى مناخه وعند غروب الشمس ، فرشوا على ركابهم يرومون التوجه إلى بلدانهم ، ولكن أرادواا أن يصلوا المغرب فنزلوا الساحل أفراداا، ومن هناك يتسابقون الى الحصن، وقالوا لنطناف الركاب سر بركابك فى خفية حتى تدخل بهن وادى المعاول ، ىسرعان مانكثوا العمد ، فلما تحقق محمد بن ناصر أمرهم أرسل إليهم ما بقى من متاعمم فى مناخم ، وتوجه راجعاً إلى سمائل وكان أهله بما فحمل أهله منها وتوجه إلى جبرين ٠ ٧٨- محمد بن ناصر يماجم بغاة البدو من عامر بن ربيعة لايخفى أن البدو أفسدو خلق الله من أول يوم عرف فيه التاريخ ، ذلك لأنهم أشد كفرا ونفاقا، وأجدر ألايعلموا ما أنزل اشه، وقد عاشوا على الغزو والنهب ما لم تصرفهم عنه قرينة هى بريق السيف ورصاص البنادق ، ولما كان محمد بن ناصر قد برز بسيفه فى الميدان يقطع روؤس البغى ، ويرد الطاغى عن هواه برغم أنفه ، فإنه لما رجع من الباطنة ودأى من المعاول خلاف ما عاهدوه عليه ، أحب ابقاءهم على ما هم عليه إرغامالخلفبن رك٠ ولماقفل من سمائل قصد البدومنعامربن ربيعة وآل سعلى، ومن اشتمل عليهم ومن واطأهم من سكان الباطنة ، وهجم عليمم فى باديتهم ، وتوجه أولا الى ركابهم فخلل يعرقبها ويعقرها ، لأنما قوتمم التى يفسدون بها فى الأرض ، وهرب منه الرجال فقتل إبلا كثيرة تمكن من قتلها ، وكان راكبا على فرس ، وبيده كتارة أمضى من عزمه ، ومعما رمح طويل ، فكان يضرب الإبل يمينا وشمالا يقطع أعناقها ، ويعرقب أرجلما ، ولم يسمح لأحد يأخذ شيئا ، ذلك لأن يييح كسر قوة الباغى ، ولا يحل ماله لعصمته بالقوحيد ، عمد بالنص الموارد عن رسول اش عليه الصلاة والسلام، فتقتل خيل الباغى وإبله وبغاله وحميره، وتخشى أمواله نخله وشجره ، وتهدم قصوره وحصونه ، ويقتل عندما يتمكن المسلمون منه، أط غم أمواله فلاأبدا، ويستعان بسلاحه وآلة حربه علىقتاله، وهذاهوعمل المسلمين منذ عهد الخلفاء الراشدين ٠ قال الإمام نقلا عن التاريخ العمانى : ووصل الى فريق من فرقانمم فقتل رجالمم ، فصاحت نسائمم بالأمان يا خلف بن مبارك إنا ف طاعتك ، ٧٩- يظنونه خلفا ٠ قال : فأكثر فيمم القتل ، وهو إملم القوم لم يلحقه إلا أهل الخيل والإبل السيارة ٠ قال : وسيف بن سلطان معه لايفارقه فى جميع حروبه وغزواته حتى قضى غرضه من هؤلاء البدو البخاة المغسدين فى الأرض ، ثم رجع الى الحزم فأقام بها أياما قلائل ، ورجع الى بلدة سنى بكسر السين الممملة ، وبكسر النون مخففة بعدها ياء ساكنة لا يظهر عليها الإعراب، وهى فى وادى بنى غافر ٠ قال : فأقام بها أياما ثم رجع الى يبرين ، قال : وكان إقامته بها ، وكانت البدو من عمان قد أفسدوا الطريق ينهبون ويقتلون فلا يقدر أحدأن يسافر الى مكان إلابجماعة كثيرة ٠ قلت : وهذا شأن البدو فى كل الأجيال ، وهنا وجدوا الباب مفتوحا لمخالفة خلف بن مبارك ، ومحمد بن ناصر ، وكثرت الصيال والقتال والغارات المتواليات ، فأظلمت الطرق ، وتخوف الناس ، وتعطل السعاة ، وتوقفت الحركات القجارية إلا ما شاء الله ، وأصبح الناس تأخذ منمم مأخذ ها ٠ - ٨٠ - محمد بن نلصر يسوق زعماء وهيبة لواحة جيرين لما كان آل وهيية أكثر البدو نهبا وسلبا لاسيما كونمم أنصار خلف ابن مبارك ، وقد استأذت الناس من بطشهم ، وكان لمم رئيس يقال له بوخرق ، لأن البدو غالبا يستعملون الألمقاب ولا يتبرمون هنها كمذا اللقب وكخرق الفضعة وأمثالما ، قال : وخاصة آل وهيية ٠ قال الإمام رحمه اتم : فحشدهم أى محمد بن ناصر بجميع أهلمم وإبلمم وغنمهم ، وأمرهم بالنزول حوالىجبرين ، قال : وذلك قمر منه لمم حتى ماتت إبلهم وأغناممم ، وضعف حالهم ، ولم يقدروا على مخالفته ، فلما كانت ليلة أحد عثر من شهر الحج ، خرج محمد بن ناصر بمن معه من القوم قاصدا منازل آل وهيية ، وهاجم بلدهم السديرة ودمرها ء وقتل من وجد فيما منهم ٠ قال : فكانوا يهربون الى الرمل من أسافل عمان وخرابها ، أى من جهة الجنوب ، وكل موضع ليس فيه ماء يظنون أنه لا يتوصل إليهم لقلة اهتداء الحضر لتلك الأماكن ، وقلة دلالمتمم بمواردحا ٠ قال : فمضى اليهم أى تابعا لمم ليقطع عروق الفساد ، ويستأصل شأفة القوم ، قال : فقتل منهم ستة وثلاثين رجلا من أكابرهم ، وأسر خمسة وتسعين رجلا ، وقتل إبلمم وأغنامهم وحمل الأسارى الى يبرين مربوطين فى الحبال ، قال : وأما بوخرق فإفه قصد مسكد أى مسقط ودخل مع بنى هناءة ، قال : وقيد محمد بن ناصر الأسارى فى يبرين شمرا وأرسل بوخرق الى الإمام أنه يعاهده لا يضر أحدا ، ولا يفسد ٠ قال الإمام : وأمنت الطرق ٠ قلت : كيف لا تأمن الطرق وسيف ٨١ — الإمام لا يزال على أعناق البغاةلايقى منه واقى ولا يرده راد، ويقول الشاعر العربى الحكيم: بسغك الدما يا جارتا تحقن الدما وبالقتل تنجو كل نفس من القتل ولا شك أن أهل البغى والفساد لا يردعمم إلا القوة الغالبة، ومحمد ابن ناصر أقوى رجل فى عمده ، فإن آل وهيعة أنشط قبيلة وأقوى فى بادية عمان فجمعمم حول جبرين رغم أنوفمم ، ويموى على بقيتمم فى سديرتمم ، فيهز تلك السديرة هزا روع أهلها فيرتحلون هاربين عنما الى الرمل النائى، ثم يتبعهم الى تلك الأماكن، فيقتله الرجال ويؤسر الباقى فى الحبال، كما تقاد الأغخام للبيع إفها لخطوة لا يستطيع مثلها قادة الدول الكبرى الذين عرفمم التاريخ من العهد البعيد،فللهدرتلك التخصية انبارزة ملء عيون عمدها إنما لخصيصة قل أن يوجد مثلها خلق اش للحروب رجالا ، ورجالا لقصعة من ثريد ، سبحان من يمنح من يشاء من عباده خصالا عديمة المثال ، ويرفع أقدار بعض الرجال حتى يظمر بمم من اطانه ما هاء ، م٦- عملن عبر التليخ ج اً بفي ٨٢ — ينقل تظمر الخلاف لمحد بن ناص وحعرض للمجوم لقد سبق أن أهل ينقل رفضوا ما بينهم ومحمد بن ناصر ، وتداعوا لحربه ٠ قال الإمام ، وابن رزيق ، والمعنيون بالتاريخ العمانى : إن محمد بن ناصر أمر بالحشد إليه بيبرين ، أى طلب اجتماع جفوده المطيعين له فى عمان من شرقها وغربما ، فاجتمعت إليه فى يبرين جموع عظيمة لا يطم عددهم إلا اشم ، وأرسل الى بنى هناءة من بلدان وادى العلا والحيل ، وضم وعملى ، فأطاعته جميع بنى هناءة ولم يعصه أحد . هذه عبارتهم بنصما ، وهى تدل على قمره الباهر وسلطانه القاهر ، قال : وسار بمم قاصدا ينقل، ونزل فى أعلى البلد وأرسل إليهم ليخلصوا له المحصن ، فأبواوشدوا الحرب • قلت : هذا جنون سافر حيث عرفوا حق الرجل ، وعلموا العلم اليقين عيانا وسماعا ، وجربوه فلم يعصونه ؟ فاذا صال طيمم لم يقفوا له فى كل معركة يبتدعونما ويهربون آخرها ، أليس لهم عقول يمتدون ؟ ألميس لمم رؤوس تنصحهم 1 أليس لمم أصدقاء تبين أ ! وقد داس محمد بن ناصر وهاجم القلاع بالقلة من الرجال ، وكيف وقد سحب عليهم الجحفل الموفير ٠ قال لإمام : فخرج ذات ليلة رجل من أهل ينقل يقال له عصام ، فصالح الإمام محمد بن ناصر إلا أن البلد ليست فى يده ٠ قلنت : ليس ممن يصالح ، بل هذا ممن يخضع ليد يديدحا عند محمد بن ناصر ٠ ٨٣ قال الإمام : فقال له محمد بن ناصر : جماعتك لأجل حقن الحماء ، قال : يتبعوه ، والمعنى ناصحمم فلم يقبلوا منه ٠ قلت لو قبلوا منه لكان أعز لمم وأكرم ، ولكن اته سلب عقولمم ، قال ، وأقاموا الحرب غير مفكرين فيما يكون ، قال وكان بيت عصام على السور ، فأدخل محمد بن ناصر ومن معه البلد ، فلما دخل محمد ابن ناصر البلد ، أطلق للسيف حده وأعطاه عند ذلك زنده ، فلم يزل يعمل اللازم اللقى على عاتقه حتى طلبوا الأمان خدنهم ، وهذا غاية أمرهم ، أليس كان الأمان فى أول الأمر وقبل انكشاف العجز والاعترأف بالذل وطلب الأمان فيمن به طيهم ٠ قال الإمام : فقيد أشياخهم ، وحملوا الى يبرين مصفدين فى الحديد ، قال : وترك فيمم واليا وادت له الطاعة والمعنى خضعت له راغمة ٠ - ٨٤- نهاية المزاولة بين محمد بن فاصر وخلف بن مبارك والمراع المرير لما كان لكل شىء نهاية ، ولكل قائم غاية ، وهذا حكم اشه فى عباده وإن بلغوا ما بلغوا ، وفعلوا ما فعلوا ، وعاشوا فى هذه الحياة ما عاشوا ، فإن محمد بن ناصر ، لما فرغ من أعمال ينقل ، ورتب أمورها توجه لصحار وقدم أمامه من رؤساء جيشه ربيعة بن حمد الوحشى ليناصح بنى عمه القابضين لحصن من طرف خلف بن مبارك بل باسمه ، ليمبطوا من الحصن ، فلما وصلهم قال : شدوا الحرب إذ كان ميله نحو خلف بن مبارك ، وإنما كان مع محمد بن ناصر بالقسر ، وأما محمد بن ناصر فكان من الرجال الذين اذا تولوا يتولون بخالص ضمائرهم ، واذا خاصموا كانوا بتلك الضمائر ٠ قال الإمام، وابن رزيق، وابن سرحان وغيرهم من مؤرخى عمان : لما دخل محمد بن ناصر صحار التقته بنو هناءة الذين مع خلف بن مبارك ، وقامت الحرب عطى ساقما بين الطرفين ، وهم بحصن صحار ، غوقع القتل فيهم ، فقط منهم جملة ، وجرح ربيعة بن حمد الذى قدمه محمد بن ناصر ليناصح قومه عن الحرب وأخذ أسيرا جزاء خيانته ، وانكسر بنو هناءة كما هى العادة التى يمشى فيما محمد بن ناصر ، شبحان الذى يعز من يثا ء ، ويذل من يشاء ٠ وتراجع بنو هناءة الى الحصن بعد المزيمة ، ونزل القوم بالجامع الكبير ، ونزل محمد ين فاصر فى بيت ابن محمود أحد أعيان صحار ٨٥ إذ ذاك ، وطلب إحضار ربيعة بن حمد ، فلما حضر ، قال له : إن شئت أن تقيم معنا فعليك الأمان، أى لا تخاف لأجلمافعلت، وحذا من الحلم بمكان ،قل أن يوجد مثله ، وإن أردت أن تسير الى أصحابك بالحصن سيرناك بأمان ، فأراد المسير الى الحصن فسيره ، وكان لمحمد ابن ناصر اثنتا عشر فرسا ، كانت وظيفتها كشف الأحوال ، واستطلاع العدو ، يبعثها عيو نا تطالع المشرق ، تراقب خلف بن مبارك ، هل له نهوض الى صحار عندما شاع خبر مسير محمد بن ناصر إليها ، وكان بلغه أن خلف بن مبارك جمع بنى هناءة من الرستاق ومسكد ، ومن شف معه من القبائل ، وأنه نزل بحصن ضخم ، وكان محمد بن ناصر قد استخلص جميع صحار وسلمت له رعاياها ، ونادى مناديه فيها بالأمان لكل أحد ٠ قال الإمام : وأمن أهلها من جميع الطوائف ، فلم يؤخذ على أحد منهم شىء ، وكانت عنده البدو من بنى ياس والنعيم ومن اشتمل عليهم ، والحضر أيضا كذلك ، فأصبحت ليلة من الليالى قد خرب زرع دخن من طوى فى البلد، فجاء صاحبها المى الإمام شاكيا فسأله من خرب زرعك ؟ فقال: بنو ياس والنعيم والبدو الذين سك، فقال له: تم غرامة زرعك ؟ خذ مائتى محمدية، إذ كانت العملة المتداولة فى ذلك العمد، فأبى صاحب الزرع أن يقبلها ، فقال له : خذ أربعمائة محمدية ، فأبى فقال له : خذ خمسمائة محمدية ، فقال : لا أرضى إلا أن تنصف لى منمم ٠ قال : فأرسل الى مشايخهم فحضروا عنده ، فأمر بهم فصلبوا ، وما كانت نصفته إلا الجلد فجلدوهم جميعا وهم يستغيثون به ، فلم يغثمم الى أن انقضت النصفة فأطلقهم من الحبال ٠ ٨- قال الإمام : وكائت هذه حيلة من بنى هداءة ليففروا عنه البحو ، قال : وكان هذا من محمد بن ناصر عن جل بالأحكام، فإن أمر التعزير والعقوبات راجع الى نظر الإمام لإ الى صاحب الحق ، ولا الى سائر الرعية وإنما لصاحب الزرع غرم زدعه فقط ، فإن عرض طيه حقه فلم يقبله فلا حق له ، وقيل يجبر عطى قبول حقه وليس لم أن يتحكم على الإمام فى عقوبة الجانى ٠ قال : ثم إن البدو خرجوا من عند محمد بن ناصر الى بلدانمم راجعين ، فعلم خلف بن مبارك بخروجمم ، فزحف عليهم بمن معه من القوم ، وهجموا عليهم بعد طلوع الشمس قليلا ، فجاء من جاء الى محمد بن ناصر يخبره أن خلف بن مبارك وصل بمن معه من بنى هناءة ، فقيل إنه قال : « هذه ساعة ليست لنا ولا لمم إلا ما شاء اش ) ٠ قلت حذا ما أشرنا إليه سابقا أن محمد بن ناصر كان له أسرار يمثى على ضوئما ٠ قال الإمام رحمه لمشه : ثم ركب فرسه وركب أصحاب الخيل معه والتقوا خلفا ومن معه طى باب حصن صحار ، فوقع بينمم القتل وقتل خلف بن مبارك ، وهو أى محمد بن ناصر يتبعمم ، حتى وصل تحت جدار المحصن ، فضرب محمد بن ناصر من فوق الحصن ضربة تقق ء وأخذه أصحابه فمات ، وقتل من أصحابه قدر خمسة عشر رجلا ٠ قال الإمام : ودغن خلف بن مبارك داخل الحصن ، ودفن محمد بن ناصر فى بيت غربى الحصن عند حجرة الشيعة ، قال : ومكث بعدحا دفن ثلاثة أيام لم يعلم بموقه إلا الخاصة ، قال : وكاد أصحامب الحصن أن ٠٠ ٨٧ م يسلموه ، قال : وقيل واش أعطم إن أحدا بعث محمد بن ناصر من عره ، ورمى به خارج للبلد، وذلك بعد أن رجع كل الى بلاده ٠ وهنا انتهت مزاولة الرجلين ومنافستمما طى هذه الحياة ، ولم يحصلا على شى ء منها كما يقول المتنبى : تفانى الرجال على حبها وما يحصلون على طائل وقد تواقع هذان الزعيمان فى عمان بأهل عمان بأكثر من خمس وقعات التى يياشرها كلا الزعيمين ، أما الحرب التى خاضما محمد بن ناصر فكان النصرحليفه فيما بعمان ٠ — ٨٨- إمامة سيف بن سلطان بن سيف نسبه : هو سيف ، الذى كان رؤوس القبائل يريدونه للإمامة ابن سلطان صاحب الحزم ابن سيف قيد الأرض بن سلطان بن مالك بن أبى العرب اليعربى، الذى كانمحمد بنناصر لا يزالحاملا له فجميع حروبه وغزواته ، ويتذرع به على الإمامة ليقتاد به سواد الأمة ، وآل الأمر على إمامة محمد بن ناصر فقام قياما دوخ القبائل ، وقهر به العتاة ، وأذل به البناة الى آخرذرة من حياته ٠ ولما قضى اشم عليه ، وعلى خصمه خلف بن مبارك ، رجع الناس إلى سيف بن سلطان المذكور ، وهذا مقصد الرؤساء الذين أرادوا حذا الأمر للمذكور، فعاكسهم فيه القدر، وسلط اشعليهم محمد بن ناصر يقطع الرؤوس ، ويقهر العتاة ، حتى اذا انتمى دوره ، ورجع الأمر الى سيف بن سلطان المذكور ، وكان قد بلغ الحلم وأخذ درس الحرب من ذلك الصنديد الغافرى، الذى مازال معه فحله وترحاله ٠ قال الإمام المسالمى رحمه اشه : سيف بن سلطان الصبى الصغير الذى مات عنه والده صغيرا، ومالت الى تقديمه غوغاء الناس أهل الشقاق من أكابر الرستاق، وهذه الجملة من هذه الإمام العلامة، أشبه بقنبلة ذرية رمى بها ذلك العالم ٠ قال : وكان ذلك سببا للفتنة العظيمة والبلاد الطويل، (ولو شاء اش ما اقتقل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ، ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ، ولو شاء اش ما اقتتلوا ولكن اله يفعل ما يريد )، فكان سبب اختلافمم ما قصصناه وما سنقصه إن شاء اش، وش الملك الدائم، وهو الواحد المقهار ٠ ٨٩ قال : وكان سيف بن سلطان هذا لم يفارق محمد بن ناصر ، لأن محمدا كان يحمله معه فى جميع حروبه ومواقفه سياسة منه وطمعا ف انقياد الناس بسجبه ، فلما قتل محمد بن ناصر بصحار ، رجع بنو غاغر ومن معهم بسيف بن سلطان الى نزوى ، وذلك حين ما بلغ الحلم ٠ قال : فأقامه القاضى ناصر بن سليمان بن محمد بن مداد إماما للمسلين يوم الجمعة بعد الزوال فى المعشر الأوائل من شمر شعبان من سنة أربعين ومائة وألف ٠ قال : وإنما قدموه إماما لتقدم ولايته بسبب ولاية أبيه ، فإن أباه كان إمام المسلمين ، وكانت ولايته على رعيته واجبة وأطفاله تبع له فى ذلك حتى يبلغوا الحلم ، ويحدثوا حدثا يخرجهم من الولاية عند المسلمين ، وقيل إن البالغ منمم يكون فى الوقوف حتى يعلم منه حال يوالى طيه أو يعادى عليه ، فتمسك القاضى بأحد القولين ، نظرا منه للأمة ، وطلبا للسداد ومحاولة لجمع الشمل ، ولاراد لقضاء اش ، ولا معقب لحكمه ٠ قال : فإن سيف بن سلطان لبث ماشاء اش ، ثم أحدث أحداثا لا يراضاها المسلمون ، فعزلوه ولا طاعة لمخلوق فى معصية المخالق ، وكان سيف بن سلطان قبل عزله طلب من الشيخ سعيد بن بشير الصبحى ٤ أن يزيد فى الجعل المقرر للامام لمعاشه فى بيت مال المسلمين ، ويعرف فى العرف العام بعمان جالغريضة ، أى الشىء المفروض له والمقدر لمعاشه ، طلب سيف المذكور زيادة على من سبق من الأئمة قبله ، وكان أمر المعاش منوطا بنظر المسئولين فى الدولة من خيار المسلمين الذين اليمم الحل والعقد منذ عهد الجلغدى بن مسعود رحمه الشم ، عملا بتقرير عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، لأن الإمام بمنزلة الأجير فى بيت مال المسلمين ، ليس له أكثر عن حاجته الخاصة ٠ وكان المسلمون قد جعلوا للائمة شيئا معينا لا يتجاوز. الإمام ، ولما نصب محمد بن نلصر الغافرى زاده المسلمون حين رأوا حاجته تتجاوز اللازم الذى يفرضه المسلمون سابقا ، فزادوه طيه نظرا منمم رحمهم الله ، وأراد سيف بن سلطان أن يجعلوا له مثل ما جعلوه لمحمد ابن ناصر ، وكان الوالى سالم بن راشد البهلوى قد ألح على الشيخ الصبحى فى ذلك ، فقال له : لا بل فريضة آبائه لأن العاقدين الإمامة لجده الإمام ناصر بن مرشد رحمه اله ، لم يألوا جهدا ولم يتركوا اجتهادا ولو جاز لهم ، ووسعمم فوق الألف ، الذى جعلوه لجده الإمام ناصر لما بخلوا به ، فرحم اش الإمام الناصر ، كان أزهد القوم وأعلممم وأتقاهم ، ولم تطل عينه الى رياش الدنيا ، ولم يخره حطامها ، ولا طالت إليها عينه بأكثر مما يسد جوعته ويستر عورته ، ويحفظه من العدو ، ويقيه الحر والبرد ، كانوا جعلوا له كل سنة ألف محمدية عملة ذلك العمد ٠ قال الإمام السالمى رحمه اش : ولو جاز لمم أن يزيدوه لما بظوا عليه حاشاهم ، ولو لكل يوم ألف لو جاز لمم ذلك لجاز للامام أخذه وقبوله منمم إذ لا غرم طيهم فى أموالهم ، ولا دخل على الإمام ف قبوله منمم إذ صار للعطاء المفروض فى بيت مال الله ، ولو جاز لهم ما اختارو لجاز للامام ما فرضوه ٠ قال الإمام : وأرجو أنمم أخذوا ما فعلوا تأويلا من قول اشه عز وجل : ( والذين اذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) ، أى وسطا بين لحالين ، فإن القوام معناه ما تقوم به الحياة ٠ فقال الشيخ الصبحى للامام سيف : هذ هى فريضة آبائك ، وشم م٩١ - حر آبائه الكرام ، وليته لم يتجلوز خطوهم ولم يخالف سيرقمم ، ولكن الأمر لله عز وخلا وكلما يفعل العباد يحفظ لمم عند اشجل شانه، فخذها سيدفا فريضة هنية وحبة برية لا وبية ، خارجة عطى حكم التقية ، ولا أعطم أن جدك الإمام سلطان بنسيف، ولاجدك سيف، ولا عمك بلعرب ، ولا أباك سلطان طلبوا ولا أخذ أحد منمم زيادة على ما مضى عليه إماممم الزاهد العبد الصالح ناصربن مرشد، وتلك فريضة كافية، ومات عليما الأسلاف، ولا أريد لك خلاف ما عليه السلف، فمذا اختيارى، والجمدة منى، ولاخفت ف أمرك لومة لائم، بل اخترت لك ما اختاره اشه لمثلك من لأئمة، واختار السلمون لمم ذلك نظرا ومعونة، وموافقة لكتاب الله ٠ قال سالم بن راشد : كيف جطت فريضة الشيخ محمد بن ناصر أكثرمنهذا^ قال الشيخ : أخاف أن يكون وقوعها عطى وجه التقية والحلال أولى فىحكم له وحكم البرية، وكان هذا نمار ٢١ شعبان سنة ١١٤٥ خمس وأربعين ومائة وألف للمجرة ٠ قال : ثم غير السيرة بعد ذلك ، وعزلوه أى رأوا منه أشياء تخالف سيرة الصالحين قبله ، وهم إنما يريدون أن يحملوه على تلك السيرة الزاهرة والدولة الطاهرة ٠ قلت : أما أمر المعاش فيختلف باختلاف الأوقات غلاء ورخصا كما قرروه فى نفقة من لا يملك أمره ونفقة المرأة على زوجها ، ونفقة الأولاد طى أبيهم، وأن ذلك موكول الى فظر الحاكم اكرعى، فيجارى فيه حالة الوقت، فإن الأحوال تتحول من حال الى آخر، ولكنهم رحممم اشه كانوا على سيرة سلفمم حراصا أشداء ، ولضبط النفس عن الشموات أشد ، رضوا من الدنيا بقوت الأكل ، رحممم اش ورضى عنهم ٠ — ٩٢ - ولما عزلوا الإمام للاحداث التى عدوها عليه راح الى نخل ، وكان الموالى فيما جساس بن عمر بن راشد الحراصى ، فأدخلوا بلعرب بن حمير الحصن وسيف بن سلطان بالبطحاء ، ولم يدروا بدخوله ومنعوا الحصن من سيف بن سلطان ، ونهض المذكور الى بطحاءوهى من وادى المعاول ، وأرسل خاله سيف بن ناصر الى مسقط فقبضها ، وأما بلعرب ابن حميرفأقامو ه بنزوى إماما ٠ — ٩٣ - إمامة بلعرب بن حمير لما عزل سيف بن سلطان عن الإمامة ، بويع بعده بلعرب بن حمير ابن سلطان بن سيف بن مالك بن بلعرب اليعربى بنزوى ، وذلك فى سنة ١١٤٥ ، وقام معه فريق من أهل عمان ، وبقى فريق آخر عند سيف بن سلطان متمسكين بإمامته كما أرادوها من أول الأمر ، أى من يوم هو صغير لم يبلغ الحلم ٠ وها انقسم أهل عمان فرقتين ، فرقة آزرت الإمام الجديد ، وفرقة بقيت على ولائها لسيف بن سلطان ، فتولى الإمام نزوى وبهلى ، وأزكى وسمائل والمشرقية وعمان الداخلية ، وبقى فى يد سيف بن سلطان مسقط والباطنة والرستاق ٠ ٩٤ الحرب يقيمما الإمام بلعرب على سيف بن سلطان لما رأى بلعرب أنه الإمام المقبول ، ورأى أن سيف بن سلطان مرغوض من الإمامة لأحداثه لزمه القيام عليه ليرفع يده عن المملكة العمافية ، وليدخل فيما دخل فيه المسلمون ، وحو يرى أفه الإمام المؤيد من أول يوم ، وأنه الأحق بهذا الأمر لما سبق من حاله ، وبيده نصف المملكة العهانية ، فإن مسقط والساط كله يقوم مقام الداخلية ، وهنا يبطى اش عباده حيث يخالف الفام أمر ربهم ٠ جمز الإمام بلعرب جيشا لحرب بنى رواحة الذين يناصون سيف ابن سلطان على الإمام العدل ، ولما علم سيف بن سلطان بذلك جمز جيشا لمناصرة بنى رواحة ، وجعل قائده أخاه بلعرب بن سلطان ، والتقى الجيشان واصطدما فى وادى بنى رواحة ، وانمزم بلعرب بن سلطان وقومه ، وفروا إلا من تحصن منهم فى حجرة وبال ، فحاصرهم جيش الإمام بها ، وأمر بقطع نخل بنى رواحة، الى أن رأوا ضورة الانقياد والخضوع لما لابد منه ، فأذعنوا وشزلوا على حكمه راغمين ، وبعد ذلك رفع الحرب عنمم وأذن لقومه بالرجوع الى أوطانمم ، وهدم بروجمم ورسم لمم خطة القمر والغلبة ، وأراهم ما يكروهن ، وارتحل عنمم بسد ما تحقق خضوعمم ٠ ٩٥ الزحغ على بفى هناة فى بلاد سيت لما رجع الإمام بلعرب من تدويخ بنى رواحة رأى من المحتوم الزحف على بنى هناءة الذين ما زالوا طيلة تلك الأيام اليعربية منذ عمد الإمام ناصر بن مرشد ، وهم طى حال مغالبة ومطاولة حتى صار طيمم ما صار ، وتقاتلوا هم ومحمد بن ناصر ، ووقع بينمم وإياه ما وقع ، وأحاط الإمام بلعرب بن حمير ببلاد سيت ، وقطع نخلها ودمر أفلاجها وهدم مبانيها حتى أخضعها لسلطانه راغمة ثم خرج عنها ٠ ٩٦ الزحف على جبرين وفيه بنو هناءة كان سيف بن سلطان لما تولى الأمر أدخل بنى هناءة حصن جبرين وولاهم إياه ، فعضوا عطيه وظنوا أنما أنشودة أدركوها ، وعزة وصلوا إليها ، وأن هذا الحال من هذا الإمام ضد ما كان عليه محمد بن ناصر فإنه كان يطاردهم ويستمر الصراع بينهم وإياه ، واذا بمذا الإمام يعكس القضية فيوليهم المقام الذى جعله محمد بن ناصر غابه وعرينه ، غأذلهم هذا الإمام وأخرجمم منه ، وسيرهم بأمان الى أوطافمم مع أهلمم وعيالهم وذراريمم وأمتعتمم ، أوصلمم الى بلدانهم وأراحمم فى الحال ، واستراح منهم وهدأت الحال بينمم واباه ، والدحر يعمل ما يدق به العصف ويطيل به الخلف وهكذا الأيام نداولما بين الناس ٠ -٩٧-- سيف بن سلطلن يجر الأعداء على عمان لما رأى سيف بن سلطان أن الأمور تسير فى غير صالحه ، طلب من أط مكران نصرة على قومه أهل عمان ، ولم يبال بما يكون منهم فى الوطن والدين ، فجاءه رهط من البلوش أهل بنادق ، والتقاهم ولف جموعه معهم ، وأقبل بهم على طريق الجو ، فالتقاهم بلعرب بجيشه العمانى ، ودارت رحى الحرب بينهم لاكثر اش من أدارها على هذا الطريق ، واقتتلوا قتالا شديدا ختى كادت الهزيمة أن تكون على الإمام بلعرب وأصحابه ، ولكنهم صبروا وقاتلوا حتى لان الحديد من حرارة النار ، فانهزم سيف بن سلطان وجنوده ، ومزق اش شملمم وفرق جمعم ، وركبهم العمانيون قتلا وأسرا وسلبا ، ومنهم من فر عطى وجمه ومات عطشا وجوعا ، ومنهم من لا يهتدى لطريق فتاه فى الأرض فهلك ، وسقط فى يد سيف بن سلطان ، ورأى أن عدلوة أهل عمان تتجسم فى وجهه وأنه لا وجه له معمم لهذه الأحوال التى اقترفها وهو كذلك يرى آن العداء قد تناهى ، وأنه لا يزيله إلا غلبته عليمم ولا يمحوه إلا أمر يذل العمانيين ويقمرهم فيأتوا اليه خاضعين ٠ م٧- عمان عبر التاريخ ج ٤ - ٩٨ - طلبسيفبن سلطلن من العجم النصرة غلى اهل عمان لما رأىسيف بن سلطان سقوط الأمر من يده، وأن وراء ذلك الذل الذى يرمى به فى الحضيض ، طلب من ملوك العجم وأرسل أعوانه هذا الصدد ، ولا يدرى أن القوم لا يبذلون أرواحهم ، ويسفكون دمائهم لأجل سيف بن سلطان، لكنهم يريدون ملك عمان إذ تذكرهم الأيام بعهدهم السالف فيها ، ولكنه غير مبال ، ولعله متمذهب بمذهب ضيرىالكغرخر1لهضالعبةوالي1ذ بالله ٠ ولما وصل طلبه الى القوم بادروا بسرعة ملموسة لإجابته، عسى أن يدركوا محو هذه الأرسم العربية من أرضها ، أو اغتنا ما لديها على الأقل ، فجاء جيش العجم ونزل خورفكان آخر ليلة الخميس من شهر ذى الحجة سنة ١١٤٩ تسع وأربعين ومائة والف للهجرة ، وقصدواً الصير ، فخرج سيف بن سلطان ليتلقاهم وترك فى مسقط عنه واليا ، وعلم بلعرب بن حمير عنه ، فحثسد الجموع وخرج من نزوى أول شهر المحرم سنة ١١٥٠ خمسين ومائة وألغ للمجرة ٠ والتقى الجيثان بالسمينى ، واجتمع سيف بن سلطان وبلعرب ابن حمير اليعربيان وأجنادهما فى غرة ننسمر صفر من نفس السنة المذكورة ، ووقع بينهم تناوش، فقتل من قوم بلعرب الأكثر حتى آخر ذلك اليوم ، وائعزم بلعرب وقومه ، و أخذ كل مالديمم من عدة ولم يرجع أحد منمم إلا هرب عن الوقعة ، ولم يرجع أحد بشىء مما لديه من سلاح وعتاد وغيره ، وبعضمم ضل الطريق وتاه فى المضيق ، وقتل بعضمم — ٩٩ — فى الطريق ، لأن المنمزم كل يتعاطا ه لتأثير المزيمة عطيه عادة ، وضاع ذلك الجيش الذى قاده بلعرب فى هذه المرة بجامع ما لديه من قوة وقدرة وآله حرب ، ولم يرجع أحد بعد الهزيمة فكانت شر هزيمة ٠ وبذلك استولى سيف بن سلطان على الجو ، أى البريمى وضنك والغبى وأدت له الطاعة وأعلنت له الخضوع القبائل التى بهذه المنطقة الحساسة ، وأدت له هذه القبائل المى الظاهرة الخراج ، وساق له الأموال العظيمة أهلها اتقاء لشر العجم الذين معه والمغالب يتشفى من المغلوب كما يشاء ، وانساق العجم على أوجههم حتى دخلوا عبرى وأوقعوا بأهلها الشر العظيم، قتلا وسلباونهبا، وأخذت أموالهم كلها رغم أنوفهم ، وهذا فيمن اكتفوا منه بذلك ، وحملت نساؤهم وصبيانهم وذراريمم ٠ قال الإمام : وأصابهم ذل وهوان ، ورجعت العجم الى مركزها بالصير بغنائمها من عمان ، قال الإمام : وأما سيف بن سلطان فإنه مر بقومه على بملى وناوشته الحرب ، ئم خضعت له واصطلحت معه خوفامن عجمه المشار اليمم، ولما سلمت له الأمر ولى عليها سالم ابن خميس العبرى ، ومضى فبات بطيمسا فارتاع منه أهل نزوى حتى الذين فى قلعتها ، ففضلوا المرب منما خوفا من سيف بن سلطان حتى كاد بلعرب بنفسه يخرج من الحصن مرتاعا لما شاع بينهم من الذعر ، إلا أن سيف بن سلطان لم يقصد نزوى ، بل جاء منح ثم أزكى ثم سمائل ، وأناخ بفلج العد المعروف الآن بالمدرة أعطى سمائل، وطلب قبائل وادى سمائل ، فواجموه هناك ولبوا دعوته ، ثم توجه لمسكد ولم يتعرض للحصون بل أعرض عنها سياسة منه ، ثم انتقض أهل الغبى وقام معمم بنو غافر فاستولى بنو غافر عطى الغبى ، وخرج الوالى منها ثم جاء أهل بهلى الىبلعرب بن حمير فأدخلوه واستولى عليها ٠ - ١٠١ - سيف بن سلطان يواصل جيوشه هن العجم على أهل عمان لما رأى سيف بن سلطان أن عمان قلته وغيرراغبة فيه لهذه الأحوال التى رآها الناس والنوايا التى يتحسسونها منه ، وهو قد خرق حجاب الشرف وكسر جسر الإيمان ولم يبال بما يلاقى تبعا للملوك الجورة ، وقد رأى محمد بن ناصر وحروبه بعمان ، وهو دائما معه لا يفارقه ولم يره يوما يميل الى أعداء الدين والوطن ، ولكن كان أول اليعاربة خير أول وها هو الآن يريد أن يكون آخرهم شر آخر، فسبحان الذى يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ٠ فإن سيف بن سلطان طلب من ملك العجم زيادة جنود فأرسل اليه رهطا عديدا من عتاة القوم ، فجاءوا على طريق شيراز ٠ ولما نزلوا الصير انضموا الى أصحابهم وتقوى بعضهم ببعض ، ونشط البغاة الظالمون ، وف يوم التاسع عشر من شمر شوال من سنة ١١٥٠ خرجوا الى عمان على طريق البريمى والظاهرة، ووصلوا الى بهلى وتحرك أهل بلى لحربهم واسقاهم أبطالما فدارت رحى الحرب ، فقتل من العجم الكثير، وكذلك من أهل بهلى بل الأكثر، وانهزم أهل بلى ودخلت العجم بهلى فى اليوم الثالث عشر من ذى القعدة من نفس سنة ١١٥٠ ، واستولى عليها وهرب أهلها ، وقتل من قتل من الأهل والصبيان والنساء والولدان والأطفال بغير مرحمة ولا بعض عطف حتى على الأطفال الضعاف ، و سلبوا جميع ما فى بهلى ، و على كال سيف بن سلطان جريمتهم يوم القيامة وإن اش ليجزى كلا بعمله واشه المستعان على هؤلاء الجورة الذين لا يراعون الحق ولا يشمئزون من الباطل ٠ العجم يعيثون فى ننوى لما أنمى العجم أمر بهلى خرجوا الى نزوى ليعملوا عملمم للذى جاءا له ، وقد تركوا حامية فى بهلى ، وكان خروجهم لنزوى أول يوم من شهر الحج من سغة الخمسين ومائة وألف ، وقد ضاق ذرع أهل نزوى من هذا العدو الداهم ، وكان أهل عمان فى تيه بنى اسرائيل لا يهتدون لشىء مما ألم بهم ، ولم يتحركوا لمناصرة إخوافهم ومعاونة أخدافهم ، وقد سمعوا ما حل بجيرانهم ، وأنه لاشك نازل بهم بل غاية أمرهم أن يكونوا مع العدو المهاجم حتى ضاق الحال ببلعرب بن حمير فى قلعته التى هى الحصن الحصين، فاستولى الرعب على الكل فمرب بلعرب كما هرب غيره، وبقيت البلاد ولا مدافع للعجم ولا منازع، والقجأ بلعرب بوادى بنى غافر ٠ وكان بالقلعة بنو حراص فثبتوا فيها ، ولم يتزعزعوا منها ، وخضع بقية أهل نزوى للعجم وصالحوهم على ما أرادوا منمم ، فلما تمكن العجم من نزوى ، ورأوا أن أهلها استشعروا الذل والخوف ، وضعوا عليمم الخراج وامتصوهم، ثم عذبوهم أشد العذاب فقتلوا الرجال والنساء والأطفال والكبار والصغار لقصد الإرهاب ويث الروع والخوف فى الأرض ٠ قال الإمام رحمه الشم: وحملوا من النساء من أرادوا حمله، وفعلوا فى نزوى أفعالا قبيحة ، وأذاقوهم أليم العذاب حتى قيل إنمم قتلوا من أهل نزوى مقدار عشرةآلافمنلرجال والنساءوالأطفال ٠ قال الإمام :ولميسلممنأهل نزوى إلامن قدر على المرب وهم - ١٠٣ — القليل واش المستعان ٠ قال الإمام : ولسيف بن سلطان من ذلك النصيب الأوفر من الوزر ، حيث قلد اليهم الأعداء ، ونسى ما فطه آباؤه وما وقع فيهم من آبائم الكرام، وظن أنهم ينصحون له وهم أعدلؤه ٠ قال الإمام : وما ينتج رأى السفيه إلا مثل هذه الأفعال القبيحة ، قال ولم تقدر العجم على القلعة ٠ قلت : لا سيما وهى جديدة العمد ، وليست لديهم النسافات العصرية ، ومن حسن الحظ لأولئك السادة الأمجاد ، بقاؤها ذكرا لهم بعمان ٠ قال الإمام : وكذلك الحصن لم يقدروا عليه ، لأن القلعة هى الحامية له ، وقد بلغ العجم أربهم من نزوى حيث لا دافع لهم ، وإنما بقيت القلعة حامية نفسها فقط ، ومازال العجم فى نزوى يعيثون فى ذلك الحرم الذى يغار عليه كل من فى قلبه ذرة من إيمان بعمان ، قال رسول اشم صلى الله عليه وآله وسلم : « إن من الناس ناسا مغاتيح للخير مغاليق للشر ، وإن من الناس ناسا مفاتيح للشى مغاليق للخير » ٠ الحديث ٠ فكان سيغ بن سلطان مفتاح شر لعمان ، وش الأمر من قبل ومن بعد ٠ ثم خرج العجم من نزوى يوم ستة عشر من شهر الحج بعدما حجوا ذ نزوى وقضوا مناسكهم فيها الى ازكى ، فصالحهم أهلها وأدوا لهم ما أرادوا منهم ، ثم الى سمائل والى الباطنة بعد خروجمم من أزكى لم يقفوا فى سمائل ولا فى غيرها حتى دخلوا مسكد فى اليوم الرابع والعشرين من ذى الحجة من نفس السنة ، واحتووا على المبلد وما فيها ، ولم يبق سوى الحصنين الجلالى والميرانى، وحاصروهما واحدا وأربعين يوما حتى يوم الخامس من صفر من سنة ١١٥١ واحد وخمسين ومائة وألف للهجرة ، ولم ينجحوا فيهما ، ثم خرجوا من مسكد ومضوا الى بركا وصحار ٠ قال الإمام : فرد شر سيف بن سلطان عليه ، جاء ليقس بهم صديقه الذى يزعم أفه عدوه ، فطلبوا قهره بنفسه ، وحاصروا حصونه وهرب هو عنهم فى مراكب فى البحر حتى نزل ببركا ، وخرج الطو وتلقاه أهلما بالكرامة وصحبوه الى نخل ، ثم توجه الى الظاهرة والتقى هو وبلعرب ابن حمير بوادى بنى غافر ، إذ كان بلعرب هاربا عن العجم من نزوى لما وصلوها الى بنى غافر : ولم يزل معهم حتى هذا العهد ، وإذ ذاك قام بعض مشايخ بنى غافر ومن معهم من بقية شيوخ القبائل ، وقاموا لبلعرب يستعفونه من الإمامةويرجعوها لسيف بن سلطان رضاء له ودفعا لشره وقطعا للمفسدة العظمى ، وإنما كان هذا من رؤساء القبائل وشيوخ البلدان الذين رأوا الأعمال التى سلفت وهو بسببها ولم يشترك معهم أهل العلم والفضل ٠ قال الإمام :فما بلى أهلعمان بهذا البلاء إلابمخالفتهم لأهل العلم وأهل الفضل ، فإن أهل العلم يدعون الى الحق والى ما أوجب اشه على عبادب ، وأهل الدنيا يدعون الى شهواتهم وما ينالونه من حطام دنياهم ، فإنهم لا يعرفون الحق، ومن عرفه يفضل وجمة الطمع على وجمة الدين، وبعضمم يرى أن أمر الدنيا مقدم على أمر الدين ، لأن الدنيا هى كرسى الدين ، ولا بأس اذا كانت الدنيا تأتى من ناحية الدين ، أما إذا كانت تأتى من حضيرة الشيطان ومن شر بنى الانسان فلا خير فيما بل فيما الشر فنعوذ باشم مما لا يرضاه اشم ٠ ٠٥ سيف بن سلطان يتغلب على الأمر بعمان لما كان سيف بن سلطان لا يبالى بما يأتى وما يذر ، ولا يفتكر فى حق ولا باطل ، بل غاية ما عنده نيل السلطة ممما كانت وكيف كانت ، ورأى الناس الأحوال خارجة عن نهج الحق ، وأصبح أهل عمان يئنون ويبكون على الواقع فيهم من القتل ومن سبى ذراريهم ونسائهم وولدانهم، وتدمير منازلهم ونهب أموالهم ، وتبدل حبهم لليعاربة وتوقيرهم إياهم للأعمال التى لاقوها من سيف بن سلطان وعجمه ، إذ قتلوا من أهل نزوى خاصة أكثر من عثرة آلاف قتيل غير المسبيين ، وتبدل الحال الأول بهذا الحال الحالى، وتأثر الناس بذلك، لم يعد لحب السابق لهذه العائلة التى هذه أفعالها ٠ وإذ ذاك اجتمعوا حين رأوا المكروه ولا يدرون ماذا يكون من هذا الذى غير الوضع وكدر الصفو، وأوقع الناس فى المآسى الكبيرة، وصاروا هنا يداً واحدة رغم الواقع ، ورأوا انقطاع العجم الذين خرجوا من مسقط وأصبحوا فى بركا وصحار ، وبقيت بقية قابضة على ناصية بهلى ، وانقطعت عنهم أخبار أصحابهم ، بعثوا منهم قدر مائة نفر فرسانا ليأتوهم بخبر أصحابهم ، وأين هم الآن ؟ وماذا الذى اقتضاه نظر هم ؟ فإن هؤلاء فى قلب الداخلية ٠ وكان قصدهم أولامسكد ليعلموا ماهمطيههناك ولما نزلوا وادى سمائل ، تلقاهم أهل وادى سمائل ، وحمير بن منير بقومه أول النهار يوم ثامن من شمر صفر ، فقاتلوهم وققلوا أكثر هم ، شم صار حمير بن منير بمن معه من العسكر وأهل أزكى وبنو ريام الى بهاى يوم تاسع عشر من صفر ، ودخلوها يوم واحد وعثرين ، واستولوا عليما ، ، ولما اشتد عليهم الحصار خرج واحتصن العجم بحصنها فحاصعهم فريق منهم ولعلهم يريدون بذلك الخروج المتخفيف عن المؤنة التى عندحم ، أو يريدون التسلل شيئا فشيئا ، فلما خرجوا اعترضهم المحاصرون لهم ، فقتلوا أكثرهم وبقى من بقى منهم ، لم يقدروا على الخروج من الحصن ، سلطان ومن معه فأخرجوهم بسلاحهم فى حصنهم لأنهم يعلمون أنهم بخروجهم مقتولون جزاء ما فعلوا فى البلاد ، وبقوا ، وجاء سيى بن ومتاعهم ودوابهم ، وأوصلهم سيف بن سلطان بأمان ، لأنه جاء بهم وهو السبب فى مجيئمم ، وأصحبهم مبارك بن مسعود الغافرى الى صحار كخفي لهم من طرف الإمام ، لا بارك الش فى تلك الإمامة التى هذا عملها ٠ وفى كلام شكيب : أن سيف بن سلطان التجأ الى نادر شاه صاحب فارس ، وساق العجم لحرب عمان باسمه ، وذكر الحوادث التى ذكرها التاريخ العمانى كما هى ، وكانت نلك أعمال سيف بن سلطان فى عمان ، وتبدل حال عمان من مجد مثرق بلغ رأس الرجاء الصالح ، ثم أصبح بلاء وبيلا ، عم الصالح والطالح ، وهذه الفروق التى تمتاز بها الرجال وتختلف لديهم الأعمال ، ولكل درجات مما عملوا ، والشه يتولى من عباده الصالحين ٠ قال ثكيب إن سيف بن سلطان مازال يخثى ابن عمه بلعرب ابن حمير ، فاستمد العجم فأنجده بجيش تقدم الى الظاهرة ومعهم سيف ابن سلطان المذكور وجماعته ، قال فتغلبوا على بلعرب وأفحثوا فى القنل والنكاية حتى رجع سيغ الى نفسه ، ورأى عداوة ابن عمه أهون عليه من صداقة العجم ، فانحاث الى مسقط كما قدمناه أنه جاء بهلى ، ثم منح وأزكى وسمائل ، حتى جاء مسقط وذلك حين رأى أن الأمر بيد العجم لا ببده ، ولا يلتغتون الى أمره، وهم إنما جاءا لغرض الانتصاف، وأخذ الثأر من أهل عمان لما سلف من الأحوال التى لايزال التاريخ المعمانى يرتلها عن العهد القديم ، ثم جددته الدولة اليعربية الزهراء ، وقادت الأعداء بن أنوفهم راغمين ، إلا أنها لم تفعل شيئا لم يأمر به الشرع ، حتى جاء دور سيف بن سلطان ، فدمر موارد الشرف المورودة ، ثم قضى عطى المجد العمانى حين ساق له من يبتلعه منه ٤ وهو يرى ولا قدرة لهعلى أمر ولا نمى ولا حركة ولا سكون، وأصبح العجم يحتلون الحصون منه برغم رغبته ٠ قال : ولبث العجم يجتاحون البلاد ، ويوقعون بالأهالى ، حتى قام بنو غافر على بلعرب وأجبروه على التخلى عن دعواه الإمارة ، ومبايعة سيف بن سلطان بدون منازعة ، قال : فلما ثقلت حملة العمانيين باتفاق كلمتهم على العجم، جلوا عن البلاد إلا الجيش الذى كان أمام صحار ، فإنه بقى يحاصرها وفى هاتيك الأثناء قام رجل فى مدينة نخل اسمه سلطان بن مرشد من بنى يعرب ، فادعى الإمامة سنة ١١٥٠ الموافق سنة ١٧٣٨ ، وانتزع البلاد من يد سيف بن سلطان ومن جملتها مسقط ، قال : فاستغاث سيغ بالعجم ووعلدهم بالتخلى لهم عن صحار إن ضمنوا له الاستقلال بالإمامة، قال : فسرح العجم جيشا المى مسقط استولى على البلد والحصون ، قال : ولكنهم لم يسلموها الى سيف ، فذهب هذا الى بلدة الحزم ومات بعدذلكبقليل، قال : أما سلطان بن مرشد فمات على أثر جراحة فىقتال العجم عن صحار ٠ هذا كلام أمير البيان شكيب المصرى ، و هو يتلقى الأنباء من بعيد ، وأكثرها من كتب الأجانب ، فإن الحروب التى خاضها سيف بن سلطان أعرف بها أهل عمان ، قالوا : إن العجم الذين انكسروا من مسكد ساروا الى الصير ، وفيها إخوانهم وركب منهم أناس المى بلدانهم ، وبقيت منهم بقية بالصير ما شاء الله من الزمان ، وسار إليهم سيف بجيش عظيم من البر والبحر، وسيرإليمم المراكمب من البحر، فلما وصل بلدة خت بالخاء المعجمة والتاء المثناة من فوق وهى قرب الصير ،جاءه الخبر أن مركب الملك، بسكون اللام، أحد مراكب الدولة اليعربية قد احترق وغرق بمن فيه ، فعزم على الرجوع ، إذ هذه فادحة هامة ، فإن هذا المركمب هو الأسطول الضخم فى الدولة ، وهو أكبر البواخر المهمة ، وفيه الأموال والرجال والسلاح والعتاد ، فرجع سيف بن سلطان عن العجم الى عمان ، وبقوا هم بالصير ودانت له جميع حصون عمان ، وأدت له الرعية المطاعة ٠ فلبثعلى ذلك الحال مدة ثم ظهرت منه أحداث لم يرضها المسلمون، قال الإمام : ولا رضوا مبدأ أمره ولا منتهاه ، ووضع الخراج على المرعية، واتفقوا على غيره فنصبوا سلطان بن مرشد ٠ ١٠٩ إماهة سلطان بن مرشد اليعربى قال الإمام رحمه اش : هو آخر أئمة اليعاربة فيما انتمى الينا طمه ٠ قلت .٠٠ سيأتى بعده بلعرب بن حمير المخلوع لأجل سيف بن سلطان فإنهم بايعوه مرة أخرى فيكون آخر أئمة اليعاربة ، أما سلطان ابن مرشد فإنه بويع بعد أن استغاث الناس والرعية من أحوال سيف ابن سلطان ٠ قال : فاجتمع من شاء اش من مثايخ العلم من بهلى ونزوى وأزكى ورؤساء القبائل من بنى غافر وغيرهم ، وأهل وادى سمائل ومثشايخ المعاول ، واجتمعوا فى نخل وتناظروا فيما بينهم ، فاتفقوا على إمامة سلطان بن مرشد وعقدوا عليه بعد الاتفاق بجامع نخل ليلة الحج ، أى ليلة عرفة التاسعة من ذى الحجة سنة ١١٥٤ أربع وخمسين ومائة وألغ ، فقام بأمر اشه واستقام بحمد اش على الحق والعدل ، وخاضت له الحصون ، وهى كما قلنا عنها سابقا يراد بها طاعة البلاد كلها ، لأن الطاعة وعدمما منوطة بالحصون التى هى الحجة فى المملكة العمانية إذ ذاك ، بخلاف عمدنا الحالى حيث الأوضاع تغيرت ، وأصبحت ترمى من السماء ، وبذلك أصبحت الحصون غير كبيرة الأهمية حيث لا تحصن من فيها ، بل ربما صارت وبالا على أهلها كما شاهدنا فى عهدنا الحالى ، ونحن على رأس القرن المرابع عشر للهجرة ، وقبل هذا كله كان المعول على الحصون وكان التطاحن والتنافس عليما ٠ فسبحان من يظهر بدائع ملكوته فىكلآن وهو طى كل شىء قدير ٠ - ١١٠ ٠ سيف بن سلطان يستعد لمصادمة الإمام ثم ينمزم لماعلم سيف بن سلطان اجتماع أهل عمان على سلطان بن مرشد، وقد قلدوه الزعامة الدينية ، ووضعوا على هامته تاج الإمامة ، أيقن أنهم عادوه وباينوه ، وعلم بل تحقق أنهم قادمون عليه فى رستاقه ، تجمز للحرب وضرب معسكره أعلا فلج الميسر من علاية الرستق، لأن طريق المقادمين من هناك وبقى متأهبا فى ثسدة ، ثم دخله الرعب وتصور فى نفسه غلبتهم طيه ، إذ كان اجتماع المسلمين مع إمامهم شم وف الله ووقع الخوف فى نفسه ، واستشعر العجز عن مقاومتهم ، فعند ذلك فضل المرب عن أصحا به ٠ فلماجن الليل انسل الرجل من معسكره تاركا فيه كل حاجاته لئلا يعلم أحد من القوم بمزيمته ، ولما وصل الإمام سلطان بن مرشد أعلا الرستاق ، حيث المعسكر المشار اليه صباح الجمعة آخر شمر شعبان ، لم يجد مقاومة وتحقق أن السيف أغمد وكفى اشه المسلمين شره ، ودخل الإمام الرستاق طى حال هدوء واطمئنان، وتلقاه أهلها بصفاء القلوب من غير أن يرى من أحدهم شيئا ، وقابلوه بالكرامة ، ودخلما بحال السلامة ، ولما رأوه أهلا للإمامة ، ووازروه وناصروه ، واحتوى على جميع علائق الرستاق ، ولم يبق له معارض إلا حصنها فيه عبيد سيف بن سلطان ووالدته وبعض عياله، فخاطبهم الإمام بالنزول من المحصن ولم يقبلوا ، وفى أنفسمم رجاء لسيف بن سلطان ، فحصرهم الإمام وأحاط الجيش بهم من كل جهة ، ومازلوا على ذلك الحال ، والجيث محاصر لمم ، وبقوا شهرين وعشرة أيام ، ولما لم يروا من سيف بن سلطان حركة، نزلوا من الحصن وتولاه الإمام ٠ -- ١١١ - ولنكشف بعد ذلك أن سيف بن سلطان فى مسقط، وكان قد جمع قوما من مسقط ومطرح والسيب وبركا ، وعسكر ببركا وحث الإمام له بعض قومم ، وأمر عليهم أخاه لأمه سيف بن مهنا اليعربى ، فتوجه بجيثه الى بركا فالتقاهم سيغ بن سلطان بجيشه ، ودارت بينهم معركة حامية رهيبة ، أسفرت عن انتصار الإمام على سيف بن سلطان ، وقتل من جيشه القليل ، أما جيش سيخ فهلك أكثره ولم ينج منه إلا القليل الذين انهزموا ، أو الذين ألقوا بأيديهم الى الإمام ، وانهزم سيف المذكور الى مسقط ، ورجع سيف بن ممنا الى 4رستاق بالنصر المؤزر والظفر الأكبر ٠ ولما قر قرار سيف بن سلطان بمسقط ، جا ءته ثيبة أى جماعة مناصرة له هكذا فى العرف العام عند أهل عمان ، وهم بدو من طغام الظاهرة ، فنزلوا الحزم ، ولما علم بنزولهم طلع هو من مسقط وجمع من الباطنة قوما فجاءته جنود كثيرة ، من مرترقة البدو وغوغائهم ، الذين لا يعرفون دينا ولا يتبعون دليلا من عامر ربيعة ء أجلاف لا خبرة لمم بحرب،ولاغرض لهم إلا السلب والنهب، وكان من قدر اشم أن وقع بينهم شقاق وتنافس ، أثار الشر بينهم فاقتتلوا فيما بينهم وعمل السلاح عمله فانهزموا عن قنل ذريع فيهم، ثم تنافروا الى أوطانهم وبقى بدو الظاهرة فى الحزم ، ورأوا أنهم على غير طائل من أمرهم ، وبذلك فضلوا الرجوع الى أوطانهم، ولماتحقق الإمام سلطان بن مرشد سوء أمور سيف بن سلطان ، جمع قوما من الرستاق وتوجه الى نخل ٠٠٠ واستجاش أهلها وصحبه منهم الكثير ، ثم خرج الى بدبد واستجاث أهل وادى سمائل ، ثم وصل أزكى وجمع من رجالها رهطا هاما ، وخرج بهذا الجمع الى مسقط يوم الخميس ثانى ذى الحجة من هذه السنة ، - ١١٢ - ولما وصل روى ضرب معسكره فيما ، وكان جيشه ضخما كثير العدد ء وكان نزوله روى ليله رابع ذى الحجة ، ثم خرج بقومه إلا القليل منمم تركهم فى روى حفظا للمعسكر ، ثم زحف برجاله طى مسكد ليلا فهاجمما تحت ظلام الليل ، فأحدر القابضين للجبال وأغزلهم الى الأرض من ليلته تلك ، وتمكن من جميع مقابض مسقط من بروج وسيان وقلاع ٠ وتولى الإمام البلد إلا الحوتين الجلالى والميرانى ، وهما الحصنان المانعان وأرسل شرذمة من الجيش لحصن المطرح فاحتلته حالا ، وكان من أمر سيف بن سلطان هرب على طريق البحر ، ولما علم به الإمام أرسل فى طلبه مراكب إلا أنهم لم يتوفقوا فإن ريحا عاصفا هب عليمم دون ناحية خور فكان فغرقت بالقوم وتلاشى أمرهم وكان قائدهم بجاد ابن سالم ، فرجع بجاد بقومه الى مسكد ، أما سيف بن سلطان فانكسرت دقالة مركبة فى حوزة خورفكان قبل الموصول اليها ، فاستأجر سفنا أوصلته الى خورفكان ، ثم توجه بمن معه وهم فقط خمسة رجال ، وقيل ثمانية رجال ، وتوجه من هناك الى العجم الذبن بالصير ، ثم منها الى فارس ليعيد البلاء على عمان ، ولما علم العجم الذين هناك تلقوه خيالتهم وحملوه على فرسانمم ، وبقى المركب هناك ، فتولاه أحمد بن سعيد البوسعيدى الذى ورث العرش بعدهم كما سوف يأتى إن شاء ش فى تاريخه ، وخرج سيف بن سلطان الى شيراز ٠ -م١١ - احمد تن سعيد بن احمد البوسعيدى يبرز فى الميدان ليتولى ملك عمان كانوا يقولون إن أحمد بن سعيد اتصل بسيف بن سلطان فى صدر دولته ، وإنه ولاه صحارلأهميتها فى ذلك الموقت، لمارأى فيه من الكفاءة، ويقول بعضهم إن سيف بن سلطان أراد مشيرا له فى أموره بصفة وزيرا يستعين به فى ممماته ، وكان أحمد بن سعيد تاجرا جمع ثروة وتحصل طى أموال ، فاختاره سيف بن سلطان خصيصا لصدده ٠ قال شكيب فى تعليقه على حاضر العالم الاسلامى : وكان سيف بن سلطان محتاجا الى مثيريعتمدعلى رأيه، فأشار الناس عليه برجل من المتجار كان معروفا بالاستقامة اسمه أحمد بن سعيد من عترة يقال لها البوسعيد ، قال : فتولى هذا مدينة صحار ، قال : وأحسن ادارتها وحمد الناس طريققه، قال : فحسده سيف بن سلطان على المنزلة التى نالما فى قلوب الأهالى، قال : و أراد أن يقبض عليه إلاأن الناس أصلحوا بيفهما ٠ وفى ابن رزيق قال : وقد عدم سيف بن سلطان الصديق الذى يفرج عنه الكروب،فقال له رجل من خاصته : لا أرى لك اليوم للمساعدة رجلا حازما تقر به عينك إلا أحمد بن سعيد البوسعيدى ، فإنه هو فى انرأى الحميد نهاية، وفى الشجاعة غاية، فقال : أى سيف بن سلطان، ومن لى به؟ فقال له: أنا إن شاء اللهآتيك به، فكان من التوفيق المقرر للتصديق أن الإمام سيف بن سلطان ، قد أزمع المسير من مسقط الى الرسقاق ، ثم منها الى نزوى ، واذا بأحمد بن سعيد مقبلا على (م٨ - عمان عبر التريخ ج ٤ - ١١٤ - ناقته ، وكان الإمام سيف بن سلطان لم تسبق له معرفة بأحمد بن سعيد ، فعرفه به أحد رجاله قائلا له : هذا أحمد بن سعيد الذى تسمع به ٠ وكان الإمام على فرس فنزل الى الأرض وترجل كل من معه من رجاله ، ونزل أحمد بن سعيد أيضا ، فتصافحا باليدين ، وأخذ الإمام بأحمد فجلسا فى ناحية عن القوم يتحدثان فيما بينهما ، ويقول الإمام لأحمد بن سعيد الى أين تريد ؟ فقال : للمطرح لقضاء أغراض خاصة ، فقال : امض اليها ، واذا سمعت برجوعى من الرستاق الى مسقط فائتنى بمسقط ٠ فلما رجع الإمام سيف بن سلطان وسمع به أحمد بن سعيد أنه رجع اليها وفد عليه فأكرم مطه،ثم بعثه لى الحسا لقضاء وطرله، فمضى اليها وأتاه بما أراد ، فشكر صنيعه ، وأكرم وأدنى محله الى أن قال : فلما رآهأهلا للولاية ولاه مدينة صحار وأعمالها، أى ومن أعمالها الطرف الثمالى كله، فتسيطر صحار على ذلك المجانب، فتولى وتعزل وتبدل وتغيروتسود ذلك الإقليم العمانى الى آخر حدود عمان، لأن ذلك الحال كانلهامنعهد الجاهلية،إذكانتهى كرسى عمان معا، قال : فأظمر أحمد بن سعيد العدل والإنصاف بين الرعية ، وفشى إحسانه وكرمه فيمم ، فأحبوه على ذلك ، وأتته قبائل الشمال والظاهرة أفواجا وفرادى وأزواجا ، فأكرممم وأحسن اليهم ٠ ولا شك أن للكرم تأثيرا فى النفوس، قال : وألان جانبه لمم وساوى بينهم فى المعاملات ، قال : وقصدته شيوخ الجبور من الحفرى والحرادى وحى عاصم ، فرفع منزلتهم وأحسن اليهم ، وسرى صيته فيهمم وعم البلاد وأذعنت له الناس بالانقياد ، وأظهر العدل ، فأثنت - ١١٥ - طيه الأمة ٠ قال، فلما بلغ صنيعه ذلك الى الإمام سيف بن سلطان، قال لبعض خاصته :واش ما فعل أحمد بن سعيدخلك إلا لينفر الناس منى ، وليجعلمم اليه ، وأنه يحاول بهذا الشأن ليتولى الأمر عنى ، فإنى إن لم أعزله من ولاية صحار ليشقينى ٠ وكلاما مثل هذا مما يدل عطى تبرمه والحجة عليه أن واجبه هو هذا الحال فلم يعدل عنه ولم يترك الحق ويركن الى غيره ؟ وهو يتسمى بالإمامة وهو أبعد منها بعد الثريا عن الثرى ، وليس أحمد بن سعيد بمجرم ، إنما هو المجرم ، إنما فعل أحمد بن سعيد الواجب وتظاهر بما ينبغى، فما باله الآن يتأثر بأفعال كان هو حقيقا بها ٠ قال ابن رزيق : فبعث له كتابا يطلبه فيه بالوصول اليه بمسقط ، فلبى دعوته فجاءه معه خادم يدعى مسعدا وهو لا يدرى ما عند سيف بن سلطان ، ولم يعمد أنه صدر منه ما يخالف الحق ، أو يحدث حدثا يوجب تغير الوضع بينه وبين سيف بن سلطان ، واذا بسيف بن سلطان ينوى الانتقام من أحمد بن سعيد ، وكان أمر خاصة عبيدة بقبضه وإيداعه السجن بالكوت الشرقى، وربما رام قتله ٠ وكل هذه الأحوال تعسفات منسيف بن سلطان التىلايبقى له معها عمل مرضى ، واذا كان قد ساءه عمل أحمد بن سعيد ، وأراد عزله فللعزل مناهج صحيحة وطرق لايتبرممنها عامل، فبالأمس عاملك واليوم ترميه للنار تأكله ، ليس هذا من الحق فى شىء ، ولكن الأمور عند إدبارها ترى الناس العجب فأحمد بن سعيد بالأمس حئت به لتنتصر -١١٦- به ، وتستعين بارائه ، واليوم تعامله بسوء المعاملة ، وأنت تتسمى جالإمامة،ثم إن عمد آبائك نصب عينيك لم تبل سرابيلهم، وقد أبليت أنت سيرتمم وعملت بضد أعمالهم ، أما كنت غنيا عن هذا الحال ٠ قال ابن رزيق : وكان بيت الإمام سيف بن سلطان هو البيت الذى صار بعده لداود الماردينى ، قال : ولما وصل أحمد بن سعيد قرية روى جاء هو وخادمه من عقبة وادى الكبير حتى نزلا على الزبادية من ذلك الجانب ، فأناخا ناقتمما هنالك ، وقصد أحمد بن سعيد يريد الإمام سيف بن سلطان بغفسه فردا يظن أن عند الإمام شيئا من الأمور السرية، فيتفاهم معه فيها ٠ قال ابن رزيق : حتى بلغ حذاء بيت جده رزيق بن بخيت بن سعيد بن غسان ، وكان قد تلقى من الإمام ما يريده فى أحمد بن سعيد منسوء الفعل قال : وكانت بينهما مكاتبات ومراسلات ودية، فسأله عن قصده فأجابه أنه جاء إجابة لدعوة الإمام له ، فأفذره رزيق وحثه طى الرجوع والنجاة بالنفس من الوقوع فى الهلكة ٠ قال ابن رزيق : فقال أحمد بن سعيد لأبن رزيق المذكور : لعله يريد أن يعزلنى عن ولاية صحار ؟ فقال ابن رزيق : أجل ويريد أن يقتلك ، ولما تحقق أحمد بن سعيد ذلك من ابن رزيق هذا كر راجعا على أثره ، لأنه رأى صدق مقال ابن رزيق، لأنه مطلع ودلائل الأحوال تؤيده، وكان أحمد بن سعيد يرى افهيار صروح الدولة بأعمال سيف بن سلطان ، وقد صار أحمد بن سعيد سيد الطرف الغربى للشمالى بالسيرة الحسنة ، وبائتلاف الناس وتأليفمم ، فخرج من مسقط وطى - ١١٧ ٠ وجمه حلة حنق وف قلبه حقد على رجل يروم قتله فى غير ما جرم ، وعطى الأقل يروم عزله فى غير ما سبب ، بعد ما تالف الناس وألفمم ٠ ولكن الرجل كان ممن يدزى ويدرى أنه يدرى ، فعمل بالحزم وأخذ يمد أياديه المى الحجر القوى ، ويأخذ الأشياء من مظانما ويتهيأ للأمر الذىهو أكبر وهو الاستيلاء على الأمور بيد من حديد ، وفتح أبواب السياسة وهيأ نفسه للرئاسة ، فاجتلب أهل الباطنة وواثق أهل الحد والعقد بالعمل المثمر ، وبسط يده لمن رآه من الرجل الذين يعول طيمم ، وقابل الأمور بلوازمها ، وركر معالمم فى ذلك الأفق طى القوى المعتبرة ، وربط الأمور كما ينبغى ، وبقى يخايل الحوادث بقلب لا يمك وعزم لا ينثنى ، يرى أن الناس قد اشمأزت من سيف بن سلطان وأعماله وأنهم نافرون منه مباينون له ، والذين معه إنما يجارونه تقية له خوف تعسفه ، والناس يبتلون بمثل هؤلاء الرجال الذين لم يكونوا للأمور بأهل ،وإنما عندهم إنما أنا ابن الإمام الفلاش أو السلطان الفلانى ٠ وهكذا ولا يفهمون أن غلانا صار سلطانا أو إماما بأعماله الحسنة ، وأن سوء الأعمال يهدم الشرف ويسحق الأثر الجميل ، ويبقى أحدوثة السخرية ، وباختلاف العقول وتباينها تتباين الأعمال ، وتلك حكمة اشه عز وجل فى خلقه ، وبها يتفاضلون وبمقتضاها يمتازون ٠ وما من شرف يكون فى أمة إلا وأصله فيها الصلاح ، وتلك سنة اش فى عباده ولن تجد لسنة الله تبديلا ، واشم يعلم الفسد من للصلح ٠ - ١١٨ — وساق ابن رزيق القضية بين أحمد بن سعيد وسيف بن سلطان بلمجة العامة، وعلى أسلوبما الطويل الفارغ، ولذلك ترانا نلخص القضية ونضعها فى أسلوب الناسب وعبارات لما قيمتها ، وإنما نأخذ من ابن رزيق نفس المعنى ونضعه فى قالب صحيح من نوع الوضع العربى المعتبر ٠ ولما تحقق سيف بن سلطان ، أن ابن رزيق جد الشاعر هو أنذر أحمد بن سعيد ، و أعرب له عن نوايا سيف بن سلطان فيه ، ورجع الى صحار وعض عليها بالنواجذ ، وقرر فى نفسه الا يخرج منما إلا اذا أرغمه القدر،لأنسيف بن سلطان لم يعد يصلح لإدارة ملك أو لقيادة أمة، لاسيما أن الأمة العمانية قد لفظته لأفعاله السيئة، وعند ذلك تتاول سيف بن رزيق وزج به فى السجن بعد ما هدده ، وظل المذكور يتلطف له وينكر إنذاره لأحمد بن سعيد ، وهذه هى فى الحقيقة واجبة على ابن رزيق ، حيث علم بقتل رجل مسلم على غير حق ، فبقى فى سجن سيف بن سلطان ثلاثة أشهر ، وكان سابقا من المعتمدين عنده والمقربين فى أعماله ٠ ثم طلب سيف بن سلطان أحمد بن سعيد مرة ثانية ، ليأتيه الى مسقط فتعلل له واعتذر بأعذار لا يسلم لها سيف بن سلطان ، لأنه الأمير وأحمد بن سعيد المأمور ، وعلى المأموم أن يتبع إمامه ، ولما تحقق سيف بن سلطان إصرار أحمد بن سعيد على إجابته ، تجمز إليه فى أربعة مراكب من مراكب الدولة الكبار منها ، وما يدرى سيف بن سلطان أن الأمور تتحول بمعناها الكلى الى أحمد بن سعيد ، وأن فى الغيب مناديا - ١١٩ - يناديه لما ، وأن عمد بنى يعرب قد آن انتماؤه ، ولكل شىء غاية ينتمى اليها ، وتلك الأيام نداولما بين النلس ، وأن اشه يفعك ما يريد ٠ وخرج سيف بن سلطان بأساطيله الضخمة المشحونة بالمال والرجال، والمجهزة بسلاح الوقت حتى أرست بجانب حصن صحار ، وأرسل سيف ابن سلطان الى أحمد بن سعيد بالوصول اليه ، فتوجه اليه فى قارب صغير يسير سيرا عفيفا ، وقد وقف الناس ينظرون الى هذا الشخص الذى له عند الإمام هذه الأهمية، ولما قارب من مركب الإمام ناداه خدام الإمام ارجع الى حيث كنت ، فرجع فأخبر الإمام برجوعه بعدما دنى منهم ، فقال : اتركوه لعله نسى شيئا ذهب ليأتى به ٠ ومن هنا يدرك العاقل معنى الانقلاب منسيف الى أحمد،حيث أصبح عبيد سيف بن سلطان يصرخون لأحمد بن سعيد بالرجوع الى مقره ، وبقوا فى انتظاره يومهم ذلك الى الغد ، وبقى سيف بن سلطان فى مراكبه ، وأحمد بن سعيد فى حصنه ، ولا يعرف أحد ماذا يكون وكل واحد من الرجلين يدبر أمره ولا يريد أن يتظاهر بالعداء السافر ، وكان سيف بن سلطان كل يوم يرسل الى أحمد بن سعيد يدعوه بالحضور ولا يرد له جوابا ٠ وشاع الخبر فى البلاد بالأزمة التى وقع فيها الرجلان ، فكان الغاس ينثالون الى أحمد بن سعيد ، ويتكاثرون حتى ثار الجبور من الحفرى والحرادى وحى عاصم ، وكانوا كثيرا أعيانا فى بركا ، فجاءوا سيف بن سلطان فى أسطوله ، وتكلموا معه بشأن أحمد بن سعيد ، وأن المرجل متخوف منك ، ولن ينقادلك وأنت على هذه الحالة ، واذا اختصمتما - ١٢٠ — فإما لك وإما عليك ، وما كان أحمد بن سعيد مستحقا منك مثل هذه المعاملة بعد ما صان البلاد وحماها من الأعادى ، وقام بواجبه فى حق الأمة، ونهاية الأمر أصلح الجبور الحال بصالح أحمد بنسعيد، ولعله ذلك كان عن تعارف بينهم ، فكان الصلح أن يواجه سيف بن سلطان هلال بن أحمد ، وهو أكبر أولاده ٠ وكا هلال رجلا عاقلا منظورا اليه فى الناس، وهو الذى قاد الحملة العمانية المى البصرة لانقاذها من براثن الفرس ، كما سوف يأتى ذلك فى محله إن شساء اشم ٠ فواجه هلال بن أحمد عن أبيه ، وعلى أن يبقى هلال عند سيف بن سلطان نيابة عن أبيه ، وأشاعه الى الناس عن اتفاقهما ، فأكرم سيف ابن سلطان هلال بن أحمد وأجله، فرجع سيف بن سلطان بأساطيله الى سقط،وهلال المذكور معه ٠ وكأن الحال أصبح على هدوءبينهما لاسيما أنعمان الداخلية فيها منافس كبير لسيف بن سلطان ، وهو الإمام سلطان بن مرشد اليعربى ، الذى احتل الداخلية كلها،فلميرسيفبن سلطان إلا احترام أحمد بن سعيد ، برغم ما هو فيه ، ورجع الى مسقط ولم يزل هلال كذلك يغدو ويروح عند سيف بن سلطان ، حتى جاءه الخبر أن العجم الذين طلبهم ، وصلوا خورفكان ، ووصلته كتب شاه العجم بذلك ، وإذ ذاك أذن سيف ابن سلطان لهلال بن أحمد أن يعود الى صحار ، فرجع هلال الى أبيه أحمدبنسعيد، وأخبره عما علم ٠ ولا شك أن أحمد بنسعيد أصبح فى أزمة أكبر من الأولى، حيث - ١٢١ - قد تخالف هو وسيف بن سلطان ، وأدى الحال بينمما الى ما علم كل أحد ، وهؤلاء العجم يكونون قوة لسيف بن سلطان ، فلعله يرميه بهم أحمد بن سعيد ليتشفى منه وهم نهمون الى صحار والى بطلما الكرار ، اذا ساعدتمم الأقدار ، وكان سيف بن سلطان وعدهم بها وهم يدعونما من قديم العمد ، ولهم رغبة الى الأخذ بناصيتها ، والتحكم طيما ، ولكن الأمور فى يد القدر واش ولى كل شى ء ٠ - ١٢٢ . العجم يندلون خورفكان بناء على طلب سيف بن سلطان النصرة من العجم للمرة الثافية ، جاءوا بجيش عظيم ونزلوا خورفكان ، وكان أحمد بن سعيد فى بلدة العوابى ، فزحفوا على صحار لأن أحمد بن سعيد استعصى على الإمام وباينه ، وليس الغرض الحقيقى هذا ، وإنما هو سحق أحمد بن سعيد ، لأن العجم رأته حجر عثرتها فيما تحاوله ، وأحاطوا بالحصن يضربونه بالمدافع، وإذ ذاك سارت الرسل الى أحمد بن سعيد بالعوابى، فجاء مسرعا واشتدت شكيمته على العجم ، ووقف لهم وقفة الليث فى عرينه ، وكان زحفهم على صحار حال وصولمم خورفكان ، واغتنموا فرصة غياب أحمد بن سعيد عنها لاثنتى عشرة ليلة خلت من ذى الحجة سنة ٠١١٤٩ وشاع خبر وصولهم فى عمان ، فاستوحش الناس منهم وحشة لا مزيد عليها ، لما عرفوه منهم فى المرة الأولى ، وما فعلوه فى عمان فى عهد غير بعيد ، وهذه أفعال سيف بن سلطان المريرة التى تزيد الرجل بغضا فى قلوب الأهالى ، واشمئزازا منه ، ومن بقية اليعاربة الذين يمتون اليه بصلة ليمحى الشرف اليعربى ، ويهوى الى الحضيض الأسفل ، وكان العجم وهم على ما يقول ابن رزيق ، ستون ألفا انقسموا قسمين ، قسم تجرد لحرب صحار ، وقسم توجه بمعية سيف بن سلطان الى عمان عن طريق البريمى ، فكتب اليه بعض أهط العلم ينصحه عن هذه الأفعال ، ويؤنبه فيها ويبين له أحوال القوم، ولم يذكر هذا الناصح باسمه خوفا من سيف بن سلطان وأعوانه ٠ ومنجملة ما قاله : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيوا ما بأنفسمم )، -١٣٣- واذا أراد اش بقوم سوءا فلا مرد له من اش،( وإنه لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور ) ، هذه مصيبة علينا وعطيكم ما أعظمما ، ورزية ما أشأمما ، فإن ظفروا طغوا وليسومونكم سوء العذاب ، يذبحون أبناعكم ويستحيون نساءكم ، وفى المثل اذا أتاك امرؤ أوغرت صدره فلا تأمنن مكره وكيده وغدره ، يثسير بذلك المى ما سبق من آبائه الأئمة الكرام حال اصطلامهم لفارس وتوابعها ، قال : أأنت نائم أم يقظان اً أم استولى على قلبك الشيطان ؟ أم لك حجة على المسلمين ؟ أم سلطان أتى لك أن تتولى قوما غضب اش عليهم ، وتبعث كقبك ورسلك قاصدة اليهم ، وتدعوهم الى حضرتك ، وترجوهم لنصرتك ؟ إنها لأكبر العبر لمن اعتنر ، أجهلت أم علمت ٠٠٠ فغفلت ما حل منمم فى جزيرة البحرين من قتل رجالهم ، وأخذ سفنهم قسرا ، وما صنع بكبيرهم مهراب سلطان ، ومن معه من عجم وزعاب ، وجرثومتهم محمد ابن عبد اشم البحرانى ٠٠٠ الى أن قال : واش لو كانت القلوب لها أبواب ، وفتحت لوجدتم نيران العداوة تتقد ، ولظاها يخرج من خياشيممم الخ ما قال ، ولكن النصح يؤثر ويقبل اذا كان فى النفس إيمان ، أما اذا كانت منهارة لا تعول إلا على هواها ، فليس للنصح مجال : إنما تنجع المقالة فى المرء اذا صادفت هوى فى الفؤاد ولكن نفس سيف بن سلطان زاغت عن الحق واستمرأت السوء ٠ - ١٣٤ — العجم وحصارها لحصن صحار رأى العجم أن أحمد بن سعيد هو الخط الذى يجب أن يمحى من صحيفة عمان ، فإنه البطل الذى لخطته جمرة حمراء ، وحية عسراء ، وقد رغب إليها سيف بن سلطان أن تكون صحار لها اذا نصرته لإثبات إمامته التى يحملهابلاء لعمان ، وقد شدد العجم الحصار لصحار ، وضربوا حصنها بالمدفعية التى معهم ، حتى كاد أن يتهدم من شدة ضربهم إياه ، وكانت مدفعيتهم ثقيلة جدا بالنسبة الى عهدهم ، ولما رأوا صموده لهم ووقوفه فى أوجههم كالطود، أقاموا لمم بنيانا محاصرا للحصن، وليكون ملجأ لهم ومعتصما ، ومن لأحمد بن سعيد ينصره فى أزمته ، وعمان الداخلية تتلاقى عليها موجات من سلطان بن مرشد ، وبلعرب بن حمير الذى خلع إرضاء لسيف بن سلطان ، وأن سيفا المذكور عدو أحمد ابن سعيد ، لا سيما أن العجم الذين جاءوا لمناصرته كانوا موعودين بمحار لهم طعمة, طى مناصرتم،وهملايزالون عاشقيهامنلعهد الأول ٠ قال ابن رزيق : كان عدد المحيطين بصحار ستين ألفا ٠ قلت : الصحيح عشرون ألغا، والباقون توجموا لعمان الداخلية مع سيفهم ليعدوا له اسع ٠ قال : وعدد سفنهم خمسمائة سفينة ، قال : ومضت سرية منمم الى وادى المعاول غزاة، فبلغوا دون مسلمات، فهزمهم المعاول، قال : ومضت منهم سرية الى قريات فقتلوا منما خلقا كثيا ، وأسسوا نساء وصبيانا ، فبعثوا بمم الى شيراز ٠ - ١٢٥ ٠ قال : ومضت منهم سرية الى مسقط ، وفيها سيف بن مهنا اليعربى والى الإمام سلطان بن مرشد ، فتلقاهم فى سيح الحرمل الذى هو الآن مطرح الكبرى ، فدارت رحى الحرب بينمم حتى انكشفت عن ملحمة عظيمة انمزمت فيها العجم الى روى ، ثم كروا فى اليوم الثانى فقاتلمم سيف بن مهنا بمن بقى معه من العرب ، فقتل المذكور ، وقتل معه من اليعاربة ثلاثون رجلا ، ومن سائر قومه خلق كثير ، وقيل إن جملة قتلى العرب ثمانون رجلا ، ثلاثون من اليعاربة والباقون من بقية عسكره ، واحتل العجم المطرح ومسقط ، ثم زحفوا على الحصنين الجلالى والميرانى ، وقام الصراع على أشده ، فانهزموا ولكنهم بقوا مسيطرين على البلاد ، والكوتان محصورتان ، حتى وصل اليهم ربعمم المحيطون بصحار ، فإنهم لم يزعزعوا من صخرة أحمد بن سعيد شيئا أبدا ، وعند ذلك تركوه وتوجهوا لمسقط عندما بلغهم أفهم فتحوها ، ولما وصل هؤلاء أعادوا الكرة على الكوتين مرة أخرى ، فاحتلوها وهلك أكثر من فيمما وعند ذلك تمكنوا من البلاد وعسكروا فيما ، ومن جملة الذين باعمم العجم أبناءجدحميد المؤرخ ٠ - ١٢٦ الإمام سلطان بن مرشد يتوجه لحرب العجم الذين بصحار لما تحقق الإمام سلطان بن مرشد حصار العجم ، جمع جيشا توجه به لمناجزة العجم فى صحار ، لأن أحمد بن سعيد صار ضد سيف ابن سلطان، وأن سيفا المذكور عدو الطرفين، وأن العجم أعداء الكل، خرج الإمام المذكور بجيشه مناصرة لصحار ولأميرها أحمد بن سعيد ، الذى لم يتزعزع عن مركره ولم يخضع لجيش العجم ، إذ كان على استعداد كامل، ولما وصل الإمام الخابورة بلغه أن العجم بعثوا سرية منهم الى القصير القريب منها ، وأن أهل البلد خرجوا لمم بعدما رأوهم مشتغلين بالنهب ، فإنهم تمكنوا من البلد ، وقاموا ينهيون ما يلاقون ، فحينئذ كر عليهم أهل البلد ، فوضعوا السيف فيهم ، فكشفوهم وقتلوا الأكثرمنهم،ولم يرجع الىصحار منهم إلا القليل ٠ قال : وأمر أميرهم الخان الخائن بالغارة على صحم وما حواليها، ومنها القصير أيضا ، فصادفوا الإمام سلطان بن مرشد ، فاقنتلوا هم وإياهم ، وسقط فى المعركة من فرسانهم الكثير ، ثم توجه الإمام بمن معه الى العجم الذين بصحار ، وعندما وصلوا وجدوا العجم قد تهيأوا لهم فى أكمل أهبة، فقام القتال على أشد ما يعرف، وكان جيش الإمام الذى وصل به صحار بالنسبة الى جموع العجم الذين بها ، ومن لف معمم كالشعرة البيضاء فى الثور الأسود، وتعاطى الفريقان كؤوس الحمام ، فسقط من أمراء العجم كلب على ، وقتل من رجالهم المشاهير كثير ، وقتل من العرب رهط الإمام مهنا بن سلطان ، وثلاثون رجلا من اليعاربة وأصابت الإمام أيضا جراحات من العجم ، لأنه باشر الحرب - ١٢٧ — بنفسه لقلة الجيش ، فتناولقه سيوفمم ورماحمم ولكقه استطاع البقاء عليها حتى دخل حصن صحار الذى جاء لمناصرته عند أحمد بن سعيد ، فبقى فى الحصن يوما واحدا ، وقيل عاش ثلاثة أيام فقضى اشه طيه رحمه اش وغفر له وللمسلمين المجاهدين معه ٠ وكان سيف بن سلطان فى هذه الآونة فى حصن الحزم ، والعجم تفعل أفاعليها فى عمان وأهل عمان ، فاسترسل بطن سيف بن سلطان ، ولم يلبث إلا أياما يسيرة فمات وانتمى أمر الرجلين ، والحرب قائمة بين أحمد بن سعيد والعجم على ساقها ، ولم يروه فى يومهم إلا وهو أشد من أمسهم ، وعند ذلك رأوا أنمم لا يقدرون طيه ، فوهنت عزائممم وضعفت نفوسهم ، ورأوا أحمد بن سعيد كل يوم يشتد ساعده وتقوى همته، فطلبوا مسالمته وحاولوا النجاة منه، وفضلوا الارتحال عنه ، فصالح قائدهم أحمد بن سعيد على الارتحال بما معمم ، وقنعوا من الغنيمة منه بالخروج عنه والإياب ، فأجابهم الى ذلك ، وقد استدعى أميرهم ومعه عشرة رجال من أعيانمم ، فأدخلوا الحصن وأكرمهم ، وقدم لهم الطعام، فلما أكلوا وشربوا واطمأنوا، طلب أميرهم من أحمد بن سعيد أن يوسع لأصحابهم الذين بمسقط أن يخرجوا بما معمم ، كما وسع لهمؤلاء ، فأذن لمم أحمد بن سعيد أن يحملوا مامعهم منآلة حرب وغيرها من أسبابهم التى فى أيديهم ، وطلبوا منه أن يحملمم الى بندر عباس فقال إنشاء اش٠ كلمة شرطية لا يعرف جراء شرطها ما هو ، وعند ذلك خرجوا عنه ، ولم يمكثوا فى البلاد أكثر من ثلاثة أيام ، وقيل يومين فقط ، ثم ركبوا سفنهم ومضوا الى بندر عباس ٠ - ١٢٨ ٠ احمد بن سعيد يزحف الى بركا ليتولاها لما ارتحل العجم من صحار ، وصرف اش شرهم ، وغرب نجم بعيهم ، فلا يعود طالعا إن شاء إش ، خرج أحمد بن سعيد وعلى هامته تاج شرف يلمع فى وجوه الأعداء ، وعليه وقار المجد ، وقد تدرع هيبة ألمفتت الأنظار اليه ، ورفعت معنويته فوق ما كان عليه ، وانتخب من رجاله ألفى رجل خرج بهم الى بركا ، وكان حصنها بيد المعاول فسلموه له ، ولعل تعارفا تقدم بينهم وإياه ، فتولى الحصن المذكور ، وولى عليه خلفان بن محمد السعيدى المعروف بالمحل ، ورجع هو الى صحار منتظرا للأمور كيف يكون وضعها ، وهل للعجم عودة فإن صحار أصبحت حديث السمر عند القوم ٠ - ١٢٩ أحمد بن سعيد يستعمر بركا ميناء لعمان بدل مسقط رأى أحمد بن سعيد أن العجم الذين بمسقط قذى فى عينه ، لكن زوال ذلك القذى غير هين فى الحال ، ومن سياسته أن يتحين الفرص ، فاذا آن أوانها لم يضيعها ، ورأى الرأى أن يتركمم ومسقطهم الآن حتى تدق ساعة زوالمم منها ، ورأى مما يذلهم استعمار بركا كعاصمة وميناء لتجارة عمان ، فاذا قامت سوقها لم يأت مسقط أحد ٠ وبذلك يظلم أفقها فى أوجه العجم ، و تنهار حياتها ، وبانهيارها يصبح العجم فى لا شىء طبعا ، فأقام فى بركا كل حاجيات عمان وضرورياتها ، وأن لو تحرك العجم إليما لكانوا فى أوهن من بيت العنكبوت ، فإنهم فى مسقط فى حمن منيع لإحاطة الجبال الشاعقة بها،ولاسيما اذا سقط العدو المماجم فى بطنها بقى الحصتان فى منعة ، أما بركا فلا لأن الحصن فى يد العرب ، وهى أرض ساحلية مكثسوفة ٠ وكأنه لم يحب أن يتحرش بالعجم ، ولم يبتدئهم بحرب ، فانحاز الناس الى بركا للبيع والشرى، وللاخذ والعطا، وسارت اليها للسفن من البحر ، وناقلات الأمتعة من عمان إبلا وحميرا وغيرها ٠ فغى التاريخ : وأقيمت الموازين فى بركا لوزن الأمتعة القى تجلب من المند ومن عمان ، كما كانت تجلب الى مسقط أيام سيف بن سلطان ، وكان الوالى خلفان بن محمد بن السعيدى المعروف بالمحل، هو المعامل من طرف أحمد بن سعيد ، قال : فاستقامت فى بركا سوق راج فيها ما كان يروج فى غيرها ، وقصدها المناس لحوائجهم من شتى الجهات ، (م٩ - عمان عبر التاريخ ج ٤ ) - ١٣٠ — وانتقل إليما التجار منعمان، قال: وانتمى اليما وفود عمان والظاهة للبيع والشراء ، وحمل ما يحتاجون اليه منها، وبذلك انقطعت المادة عن مسقط ، وسقط فى أيدى القابضين لها ، وضاق ذرعمم فيها ، وضجروا بمقاممم وانقطاع المواد عنهم ، فإن ممقط كما يعلم حالها ، واذ غير ذى زرع تحيط بها الجبال الجرداء ، وهيهات أن اتيها العمانيون فى حالما ذلك ، وزاد فى ضعف العجم ارتحال أصحابمم من صحار ٠ ثم زإد خوفهم أيضا لما بلغهم موت سيف بن سلطان ، الذى جاءوا طى اسمه ، فعند ذلك بعثوا رسولا الى الحزم يطلبون أقرب رجل الى سيف بن سلطان يصل إليهم بمسقط ، فلما بلغ أهل الحزم رسول العجم ، أرسلوا إليهم رجلا اسمه ماجد بن سلطان ، فلما وصل إليهم طلبوا منه أن يسير الى شيراز بكتاب منهم ، أن يسلموا اليه البلاد ، ووافقهم فكتبوا له كتابا الى الثاه يخبرونه فيه بموت سيف ابن سلطان ، وأن الواصل بكتابهم هو أقرب الناس الى سيف بن سلطان رحما ، وأنمم بقوا فى مسقط ومطرح فى أضيق حال ، وقد انقطعت العرب عن مسقط ، وانحصرت المادة ولا شىء فى مسقط مما يعتاشون به ، وقالوا لماجد، أظهر الطاعة للشاه، أى تلطف له وجددبيفك وإياه عمدا ، فإنه إن كب إلينا بتخليص ما بأيدينا من معاقل مسقط والمطرح إليك نخلصها لك، فأجابهم ماجد الى ذلك، وخرج الى شيراز عن طريق بندر عبامى ٠ فلما واجه الشاه وأعطاه الكتاب الذى زوده إياه العجم من مسقط، وقرأه وفمم ما فيه أقامه فى دار الضيافة ثلاثة أيام ، ثم كتب له كتابا الى أصحابه الذين بمسقط يأمرهم فيه بأن يسلموا ما بأيديمم من معاقل - ١٣١ - مسقط والمطرح، ورجع ماجد طى الطريق الأولى، ومن بندر عباس ركب سفينته التى جاء فيما فضربها الريح ، وثار عليما طوفان البحر وهى سغينة صغيرة لا تقدر على مصارعة أمواج البحر ، فقذفتما الأمواج الى صحار ، فمضى الى أحمد بن سعيد فى حصن صحار ، وأخبره بما جاء به من عند الشاه ، وأنه أمره تسليم المعاقل اليه ، فأخذ أحمد بن سعيد الكتاب منه ، وأرسل به أحد جماعته وهو خميس بن سالم البوسعيدى ، وأمرم بقبض المعاقل المشار اليها ، وإن يظهر لمم أنه رسول ماجد وأغهم اتفقوا هم وماجد المذكور على حال صلح ولا فرق بينهم ، وإن ماجدا مقيم عند أحمد بن سعيد ، فسار خميس بن سالم ، ومعه أربعمائة رجل من رجال أحمد بن سعيد ٠ غلما وصل إليهم وعرض عليهم كتاب الشاه ، ظنوا أنه من جماعة ماجد بن سلطان ، وقد بثه ماجد إليهم فسلموا له المعاقل كلها ، فترك فيها خميس بن سالم أصحاب أحمد بن سعيد الذين جاء بهم من صحار ، قال وكتب خميس بن سالم الى أحمد بن سعيد بقبض معاقل مسقط ومطرح من العجم ٠ وقد أشار الى قضية ماجد أمير البيان ، حيث قال : إن أحمد بن سعيد هذا لم يكتف بتخليص صحار حتى استولى على بركا ، فحاصر مسقط ، فأرسل الإيرانيون ماجد بن سلطان من أبناء عم سيف ابن سلطان الى الشاه يلتمسون منه الأمر اللازم الى الحامية الفارسية بتسليم الحصون إليه ، فوقع الأمر باتفاق غريب فى يد أحمد بن سعيد ، فأبلغه الى الحامية وخرج هؤلاء على أنهم سلموا الأمر والحصون الى أحمد بن سعيد باسم ماجد بن سلطان ، والحقيقة أن أحمد تسلمما بالخديعة ٠ ١٣٢- وقيل : إن أحمد بن سعيد لما رأى سفينة ماجد جاءت على غير قانون سير المسفن ، استنكرها فأرسل جنده لما ، واذا فيها ماجد بن سلطان ومعه كتاب الشاه ، فقبض عليه ثم سجنه ، وتولى منه الكتاب وأرسل به الى العجم ، هذا الذى شاع ، وهذا كله من حظوظ أحمد ابن سعيد ، حيث انساق إليه الإمام سلطان بن مرشد ، فمات فى حصن صحار عند أحمد بن سعيد ، ثم جاء الآن ماجد بن سلطان حاملا استلام مسقط ، فاستلمها أحمد البطل الذى قام ليلتقط شذاذ الملك العمانى عند تبعثر ه ٠ وبعد ذلك صنع أحمد بن سيد وليمة عظيمة للإيرانيين فى بركا ، كانت نهايتها أن الأهالى هجموا عليهم وذبحوهم ، ونجا فلهم بالسفن قاصدين ساحل إيران ٠ قال ولما كان ملاحة السغن هم العرب ، فإنهم أخرقوا السفن لإهلاك الإيرانيين الذين كافوا منهزمين بما المى بلادهم ، وقذفوهم أنفسهم فى اليم وفجوا بسباحة الى الثاطىء ، قال : وممارة العمانيين فى السباحة واقتحام البحر معلومة ، وهكذا لمنتهت غزاة الفرس ببلاد عمان ٠ وف التاريخ العمانى : أن أحمد بن سعيد استدعى العجم بصحبة خلفان بن محمد المحل المى بركا ، وبعث اليه ألفى رجل من رجاله الذين يعتد عليهم من رعايا صحار ، فإنهم أصبحوأ أنصاره الخاصين ، وكذلك أهل بركا وطبعا أن والمى المنطقة يكون فى أهلها طاعة وانقياد لاسيما اذا كان محسنا إليهم يصير محبوبا فيهم مطاعا لدبهم ، وهؤلاء الرجال أرسلمم أحمد بن سعيد الى خميس بن سالم والمى مسقط فى هذه الآونة ليتركهم على مقابضها وحصونها عندما يخرج بالعجم الى بركا كما أمر أحمد بن سعيد ، ففعل خميس ما أهره به سيده أحمد بن سعيد ، ولما — ١٣٣ — وصل بركا ومعه العجم المشار إليهم ضربوا خيامهم بالقرحة لتحل عليهم قرحة الدمار ، وإذ ذاك بعث إليهم أحمد بن سعيد الضيافة ولخيلمم بالطعام ٠ قال ابن رزيق : أخبرنى أبى محمد بن رزيق عن أبيهجد حميد وهو رزيق بن بخيت بن سعيد بن غسان ، والشيخ معروف بن سالم الصائخ ، والشيخ خاطر بن حميد البداعى ، والشيخ محسن القصاب العجمى ، وقد دخل كلام بعضهم فى بعض ٠ - ١٣٤ - احمد بن مسيد ياخذ ثار العمانيين من العجم قالوا لما رجع العجم من مسقط الى بركا فى صحبة خميس بن سالم السعيدى ، وفيها يومئذ أحمد بن سعيد ، أى فى بركا ضربوا مخيمهم فى القرحة ، وكان أحمد بن سعيد أعلن لأهل بركا بإكرام العجم المذكورين إكراما عاما ، وأنيتظاهروا بالرعاية التامة ٠ قال :فما يمر أحد على حلة من حلل بركا إلا ورأى فيما قدورا تغور بالطعام ضيافة للعجم من أحمد بن سعيد ، ولا يمر أحد بحلاو -والمراد به صانع الحلوى المعروفة فى عمان — فى سوق بركا ، إلا وهو يصنع الحلوى بأمر أحمد بن سعيد للعجم ، ولا يمر أحد بزراع إلا ورآه يجز زرعه لخيل العجم ٠ قال : وما بات لأحد درهم أو فلس على أحمد ن سعيد ، فضلا عن دينار ٠ قالوا : وكلام الناس على حدة يقولون : إن العجم لا يستحقون هذا الإكرام ، وإنما يستحقون أن تضرب أعناقهم بالسيف ، قالوا وبعد ما خيم العجم ببركا لثلاثة أيام ، خرجت موائد كثيرة للعجم فى صوانى رحبة ، وهى الجفان التى يوضع فيها طعام الأضياف غالبا ٠ قالوا ودخل أكابرهم الحصن مع رسول أحمد بن سعيد ، أى خميس ابن سالم ، قالوا : وعدد الداخلين خمسون رجلا وهم أعيافهم ، قالوا : فما كان بعد دخولمم الحصن إلا ساعة من النهار ، حتى ضرب طبل فى الحصن ، ومعه منادى ألا من له وتر فى العجم فليأخذه منهم ٠ قال : فما استتم كلامه إلا والصائح يصيح من كل مكان ، فخرج م ١٣٥ - عليمم الصغير خلف الكبير ، من أهل بركا ، ومن انغاغ إليمم من سائر البلدان ، فوضعوا فيمم السيف ، ففشا فيمم القتل ، وقام لمم كل أحد من جانبه ، فما بقى إلا قدر مائتى وجل يصيحون الأمان 4لأمان يا أحمد ابن سعيد ، فلما بلغ أحمد كلامهم ، وارتفع إليه ضجيجهم نادى المنادى من للحصن ارفعوا عنهم السيف ، فرفع عنمم وبقوا رحن الذله والصغار جزاء أعمالمم التى أوقعوها فى العمانيين ، وحصارهم لأحمد ابن سعيد ، وضربهم إياه بالمدافع ، ولو تمكنوا منه لقتلوه ٠ وقالوا : وأما أكابرهم الذين دخلوا الحصن فقد ضحى بهم الحصن ف ضحوتهم تلك ، وتركهم جزر السباع ، فذاقوا وبال امرهم ، وغسل بهم أحمد بن سعيد عار العمانيين ، وأخذ بهم الثأر ، فإن ذلك الإكرام الذى تظاهر لمم به أحمد بن سعيد ، أراد به تسكين ففوسهم وفك حزمهم ، وتفكك جمعهم ، فلما رأى العجم ذلك منه تناسوا ما فعلوه فيه وفى قومه ، واطمأنوا الى الهدوء الذى رأوه ، وما دروا أن الدم العمانى غال عند أهله ، وأن أحمد بن سعيد هو الذى يغار عليه عندما أضاعه سيف بن سلطان ، وكان من سياسته التى امتاز بها فى هذه البادرة أنه لم يكن منه لمم عهد ولا ميثاق فى اطمئنانهم ، فيقال إنه غدر بهم أبدا ، بل كان متلفتا ومحترزا مما يسجل عليه وصمة فى هذه الحادثة ، ولاطلب من أولئك الخمسين الذين دخلوا عليه لكنه كان متوقعا ذلك منهم حين اطمأنوا بين ربوع بركا ، ونسوا فعلمم ، ولم يمتموا بشىء من أمر العمانيين ٠ ولا شك أن الحرب خدعة، ثم إن اللائذين به، الصارخين له، -١٣٦- لما أر برفع السيف عنهم ، طلبوا منه القسيار فسيرهم فى سفن أحل بركا الى بندر عباس ، وفى الطريق التى جاءوا منها ، وخرج معمم العمانيون ، فلما لججوا بهم خرقوا السفن ، وتقاحموا عنها سبحا فى البحر ، فغرقوا جميعا ، وبذلك نال أحمد بن سعيد من العمانيين المكانة انعالية ، وعظم شأنه فيهم ، وجل سلطانه وطار له صيت ف لأ الآفاق وتتوج هيبة الملوك على الإطلاق ٠ ٧م١ - أحمد بن سيد يعيد خميس بن سالم لمسقط لا يخفى أن أهل مسقط لما جاء العجم هربوا منها بذراريمم خوفا منهم ، ولم ييق إلا أعمى أو ضعيف لا يريد ولا يراد ، وتفرقوا فى الباطنة جماعات وأفرادا ، وبعضهم فى حطاط ، ولما قر قرار الأمن بمحو رسم العجم ، أرسل أحمد بن سعيد خميس بن سالم عائدا لمسقط ليصلح من شأنها ، وأمر أن يصحبه كل من كان يسكن مسط والمطرح ٠ فلما وصل خميس ومن معه لم يعرفوا حدود بيوت الأهالى الخارجة من السور ، إذ خربتها خيل العجم إذ كانت غالبا مبنية بالسعف والجريد ، فأكلتها خيل العجم ولم تبق منها باقية، وعاثت فيها إذ كانت مطلقة لا تربط حيث يحيط بها سور من الجبال المنيعة ، واذا بأرواثها ملء الأماكن ، وقامت الغتنة بين الأهالى وأشهر والسلاح ءلى بعضمم فى وجه خميس بن سالم ، ووقع القتل ولم يقدر خميس على منعهم حقى انكثفت الفتنة عن ستين قتيلا ٠ وبعد الشقاق واضطراب الأمر ، سكن خميس نارهم بالتعب والنصب، وقسم خميس المنازل والأمكتة التى لم تعرف بينهم نخى التحرى ، ووارى بينهم فى الدماء التى سفكت ، وقاموا بعمرانها من جديد ، وخططوها على أهلها ٠ وكان خميس بن سالم هو الوالى، وتراجع الناس إليها ، وقامت سوقها هى والمطرح ، لأن المطرح وليدتما فى الحرب والسلم ، أمرهما واحد وعاد العمانيون إليهما ٠ -- ١٣٨ ٠ احمد بن سعيد يزحف الى الداخلية لما اطمأن أحمد بن سعيد من العجم فى الحال ، زحف بجيش كثيف الى الداخلية ليضعما فى يده كما وضع مسقط العاصمة ، وليجمع شمل الكل فى إطار عزيمته ، خرج الى الرسقاق فسلمت له ، وكيف لا تسلم له وقد عرفته العبقرى الكريم ، ثم مضى المى سمائل ، وأذعنت له تماما غير ناظرة فى شى ء ما ٠ ثم ارتفع الى أزكى فألقت اليه مقاليدها راغبة ، فقبضها بغير نزاع ، وإنه للكفؤ الكريم ، ثم مضى الى نزوى فصافحته بأكفها مصافحة الود والرضا ، ثم توجه لبهلى وهى منتمى القصد ، وقد تأهبت للقياه بإخلاص وصفا ، لم يجد من هذه البلاد كلها إلا الرضا به سيدا كريما ، وهماما عظيما ، وعليه علم العدل يرف ، ويد الإحسان مبسوطة البنان ، والسيف والسنان جمال الميدان ، وكان سليمان بن محمد بن عدى اليعربى واليا بسمد الشان ، فأتاه يحمل الخضوع والإذعان ٠ وكان قد ولاه إياها الإمام سلطان بن مرشد ، فقبضها أحمد بن مسعيد ، وولى سليمان المذكور حصن نخل ، وتعاهد أحمد بن سعيد ، وسليمان بن محمد ألا يخون أحدهما صاحبه ، وتولى أحمد بن سعيد ملك عمان بغير معارض أو منازع ، وأصبح هو الحاكم المطلق فى عمان كلها ٠ قال ابن رزيق : فمذا سبب انتقال الدولة من اليعاربة الى أحمد بن سعيد البوسعيد ى ٠ ١٣٩- احمد ين مسيد ويلعرم بن حمم فى التاريخ العمانى أن بلعرب بويع بالإمامة مرة أخرى ، فإنه لنخلع منما أولا على يد مثايخ بنى غافر إرضاء لسيف بن سلطان ، ورجاء لكفاف ثره ٠ قال الإمام السالمى رحمه اش، وهو أولى بالنقل عنهفمثلهذه النوازل قال : إن سياق التاريخ يقتضى أن بويع له مرتين ، مرة قبل سلطان بن مرشد رحمه افه ، وذلك فى سنة ١١٤٥ ،ثم استعفى من هذه الإمامة وترك الأمر لسيف بن سلطان، حين خافوا العجم طى عمان، بافتراق سيف و بلعرب ٠ قال : والمرة الثانية بعدذلك،لكنهلم يعرف تاريخها أى لم يجد لما تاريخا ، وهو الذى حكم بتفريق أموال سيف بن سلطان ، ومعه الشيخ حبيب بن سالم أمبو سعيدى العقرى النزوى ومن معه من المشايخ ، وهذا الشيخ اضطرب حاله مع إمامه المذكور وقيده، ومن هنالك تكدر الصفو بين الإمام والشيخ ، وعاد الشيخ يعد على الإمام أحداثا ، ورأى خلعه بها إلاأنه لم ينخلع بكلام همذا الشيخ، بل انخلع بجيش أحمد ابن سعيد فى وقعة فرق ، وذلك بدل أنه عاد الى نزوى وأعلن إمامته ، وقام بدوره فى عمده ، فخرج عليه أحمد بن سعيد برؤوس القبائل من عمان ، واحتج عليه فى نقاش طال بينهما فى بلد فرق ، فإنه خرج ليتلقى أحمد بن سعيد بمن معه ، فاقتتلوا فى فرق وقتل بلعرب وأكثرية جيشه ٠ وكان النصر حليف أحمد بن سعيد ، وهناك نصائح أوردوها وأحداث -- ١٤٠ - عددوها ، وأقوال دونوها ، وآثارا عولوا على مقتضاها ، والحقيقة كل إنسان له جانب مدح لمحبيه ، وجانب قدح لمنافسيه ، ذلك لأن الكمال شه وحده ، وكان جانب القادحين فيه قويا ، والأخذين عليه لهم مقال محفوظ ٠ قلت : والمفموم من سياق التاريخ ، أن بلعرب عاد الى إمامته بالعقد الأول فقط ، ولذلك لم يجد الإمام السالمى رحمه الله ، تاريخا لإمامته الثافية ، فإنه لما مات سلطان بن مرثد بصحار ، ومات بعده سيف بن سلطان بالحزم ، لم ييق منافس لبلعرب هذا ، فجاء بإمامته الى نزوى ٠ وكان أحمد بن سعيد قد تولى البلاد ، والتف حوله أكثر أهل عمان ساحلا وداخلا ، وأصبح هو صاحب الحل والعقد ، وظهرت قدرته الساحقة للعجم ، ولم يرد العمانيون قائدا لهم غيره لا سيما فى تلك الآونة الحرجة التى لها أثرها الرائع ٠ قال الإمام :وكانقتله بعدخلعه بسنيات ٠ قلت : تلك السنيات هى التىمشى فيها سيف بن سلطان مع العجم الأخيرين ، حتى انتمى أمرهم على يد أحمد بن سعيد العبقرى اليقظ الذى تصدى لسحق تلك القوة العجمية المتغلغلة فى مسقط ٠ قال : خرج عليه أحمد بن سعيد البوسعيدى ، وذلك بعد أن استولى على حصون الباطنة وما حولما ، وخرج الى نزوى وهذا الكلام يوهم أن ذلك فى حال خروج أحمد بن سعيد الى الداخلية ، وليس كذلك ، بل ثبت أنه تولى الحصون أحمد بن سعيد بغير حرب وخرج عنها ، وهى فى يده ، ثم جاء بلعرب الى نزوى ، وأعن إمامته فخرج له أحمد بن سعيد ٠ - ١٤١ - قال : وذكر بعضهم أن أحمد بن سعيد التقى ببلعرب بن حمير ، وقال له : أنت إمام فوق إمام يل هذا ؟ أى كيف صح إمامان فى حوزة واحدة ، ليس هذا من دين المسلمين ؟ فاحتج بلعرب على أحمد بن سعيد بأن سيف بن سلطان غير السيرة ، وخالف الجماعة ، وسد باب الطاعة ، واختار المسلمون إماما غيره عغلذلك عزلوه ، ثم اختارونى وعقدوا لى الإمامة ، قال : فقاتله أحمد بن سعيد برؤوس القبائل ، فقتل بلعرب بفرق وخلصت نزوى لأحمد بن سعيد ، وذلك فى سنة ١١٦٧ ٠ وف هذا الكلم ما فعه من اعتياض ، لأنهم ذكروا دخول أحمد بن سعيد عمان الداخلية بعد انتهاء أمر العجم فى بركا ، وأنه لم يعارضه أحد من أهط عمان ، حتى انتمى الى بهلى ، ثم جاء امرستاق عن طريق الجبل ، وبذلك انتمى أمر اليعاربة ، وتقلص ظلمم ، وأقبل أمر عمان ينساق الى أحمد بن سعيد كما عرفته متتابعا ولله الأمر كله يغعل ما يشاء ويحكم ما يريد ٠ إن رحمد بن سعيد ممن له فى عمان غيرة كبيرة ، وله بما اهتمام عظيم عرفه التاريخ ، وله صمود وصبر على الحوادث اذا نزلت ، ومن اعتبر فى أعماله ومساعيه عرغ منه بطلا عبقريا لا يقعقع خلفه بالشفان ، ولا شك أن الرجال بعزائمها ، فإنه لما كانت عزائم بنى العباس نابعة من العنصر الصحيح ، كنت مفخرة عربية يعتر بها العرب ، حتى اذا جاء الخلف الأخي على منهاج الخلاعة خرت المملكة على وجهها وتبعشر بناؤها ، وتلاعب بها أعداءها انظر بين المعتصم والمستعصم ترى عجبا ٠ - ١٤٢ - احمد بن سعيد فى طالعه السعيد كان أحمد بن سعيد من أهالى أدم ، وكان الشيخ خلف بن سنان الغافرى معروفا بأسرار إلهية ، زار أدم ولقى أحمد بن سعيد ، وتفرس فيه النجابة التى تؤهله لأن يكون ملك البلاد وسلطانها، وكان من عنصر زعامة معروفة بعمان، وكان يقال إن الشيخ خلف من أهل الكتف وهم الذين منحهم الم علما عما يحدث فى الكون ٠ فلما رأى أحمد بن سعيد وكان غلاما صغيرا ، وأحسب أنه أيضا كان يتيما ، تلقاه الشيخ بوقار ، ومسح على رأسه قائلا له : اتق اش فى الرعية معربا عنه أنه سيملك أمر عمان ، ونشأ وشب وشاع له ذكر فى الوسط من الناس ، حتى اتصل بسيف بن سلطان الميعربى ، واستعمله سيف بن سلطان المذكور ، فوجد منه كفاءة لم يجدها من غيره حتى جعله محل ثقته ، وسيف دولته ، وألقى اليه أهم أموره ، وكافت صحار ولاتزال هدف الغزاة ، ولبعدها عن العرش العمانى نزوى ٠ وكان والى صحار يعتبر بمنزلة حاكم مستقل له حله وعقده فى الطرف الشمالى من عمان الى الحسا وما إليها، ولكفاءة أحمد بنسعيد وللأحوال التى تناط بصحار ولاه إياها ، غأداب شئونها إدارة رفعت قدرها وأعلت منارها، وأصبح علمها منظورا اليه بأعين الإكبار كما قال الإمام ، وجد سيف بن سلطان من أحمد بن سعيد كفاءة لم يجدها من غيره ، فجعله سيف دولته ، وموضع شوكته وصرلته ، فوض اليه الأمور كلما٠ - ١٤٣ - قلت : ومن هناك جد الرجل حتى لحظته العيون بالوقار ، وعلا صيته وهو الذى هيأه اش أن يكون خليفة المستقبل فى عملن ، وعمان إذ ذاك فى أرفع مكانة فى الجزيرة،كما أنها كذلك من عهدها الجاهلى الأول ٠ قال الإمام : إن أحمد بن سعيد هو أول هذه الدولة للبوسعيدية ، بل هو رافع بناءها وواضع حجر أساسها ، وهو أبو ملوك العصر ، وأشار الى ماقلناه ف التاريخ العمانى، وذكروا فى استيلائه علىملك عمان وجهين : الأول : أن سيف بن سلطان أرسله ليخلص له حصون عمان ، ويقاوم بلعرب بن حمير الذى هو ضد سيف المذكور ، وخرج بجمع كبير من زعمان القبائل حتى انتمى الى نزوى وفيما بلعرب ٠ فقال له أحمد ابن سعيد : أنت إمام فوق إمام، كيف هذا ؟ أى هذا لا يصح، وساق القضية التى ذكرناها ، وأن أحمد بن سعيد قاتله حتى قتل فى فرق ، وإذ ذاك عقدوا الامامة لأحمد بن سعيد حين رأوه أهلا لها ، والصحيح عند أهل التاريخ هو ما قدمناه ، وكان أحمد بن سعيد واليا بصحار ، واليعاربة تتهارش فى عمان ، فسيف بن سلطان يقول أنا الإمام ، ومعم جانب من أهطه عمان ، وسلطان بن مرشد يقول أنا الإمام الصحيح للإمامة، وبلعرب بنحمير يقول أنا الإمام وهكذا ٠ وكان أحمد بن سعيد من حزب الإمام سلطان بن مرشد عندما رأى أحوال سيف بن سلطان تجرى فى غير طريقها ، حتى وقع من سيف بن سلطان ما وقع من انقلابه على أحمد بن ممعيد ، وهمه بقتله ، - ١٤٤ - وأن أحمد بن سعيد اتحد مع سلطان بن مرشد حين رآه على الصراط المستقيم ، وهذه من محامد أحمد بن سعيد ، ولذلك لما أحاط العجم بصحار ، وحصروا أحمد بن سعيد فيها خرج سلطان بن مرثد لمناصرة أحمد بن سعيد ، واعترضه العجم فى الطريق ، فاقتتلىا هم وإياه ، وجرح الإمام المذكور ولجأ الى أحمد بن سعيد ، ثم مات معه فى حصن صحار ، إذ أصابته جراحات من سيوف العجم ، وأن أحمد ابن سعيد لما أصبح العلم المفرد بعد سيف بن سلطان ، وبعد سلطان ابن مرشد ، سلطه اش طى العجم فمحا رسمهم من عمان ، ثم خرج الى الداخلية ليتولى ما بقى من ملك عمان كما قدمنا ، حتى صفاله الأفق ، وذرت رياح عزيمته غبار أعدائه فى عمان ، ونظرت عزيمته الى منافسيه نظرة الحر اليقظ ، وكان على أوف المرام فى إرساء دءائم الملك ، ولا يزل ينظر الى الأعداء بأعين الحزم ، ويحسب لما حساب من لا يطمئن بالدهر اذا سكن ، فإنه سرعان ما تتقلب أحواله ، ويتغير عن مجراه الطبيعى ، واذا نام الراعى تعاوت الذئاب على الغنم ، وعاث الوحش فى المراعى ، وصعب الأمر على القائد والسائق ، إلا اذا ساعد الحظ ٠ وأحمد بن سعيد من الرجال الأفذاذ فى عمان ، ومن الملوك الأجلاء الذين هم الشهب اللامعة ، وإنه العبقرى العظيم فى عهده ، ولو لم يكن له من العمل فى عمان إلا سحق العدو الفارسى الذى كان منه بعمان ما تذوب له الأكباد ، وينهصر له وعى العقل ونور الغؤاد ، ومن كأحمد - ١٤٥ - ابن سعيد صارع العدو عن الوطن ، وكافح الشر حتى سكن ، ودافع عن البيضة بصدر رحب ، وجد واجتهد حتى جلا السوء عن وجه عمان، وأطار فى ربوعماطائر اليمن،فله بذلك الحمد الخالدوالشكر الذى لا ينمحى من سجل التاريخ فلله دره من همام والرجال بالأسال ٠ م ١٠ - عمان عبر التشه ج ٤ ) - ١٤٦ - احمد بن سعيد وزعماء بنى فافر لا يخفى أنه لما أصبح أحمد بن سعيد حاكم عمان ، واليه أمرها ، وبيده الحل والعقد فيها ، وكان بنو غافر بقى فى أدمغتهم من عمد محمد ابن ناصر من نوع ما بقى فى نفوس اليعارية من الادعاء بالملك ، ومن الانتساب اليه كما هو شأن الأمم غالبا اذا كانت فيها زعامة دينية أو دنيوية ،ترى طيلة العهد أن لها ما ليس لغيرها ، وهذا أمر معروف فى كل الأجيال ، ألا ترى هرقل لما قام يبحث عن النبى صلى اش عليه وآله وسلم ، قال هل كان فى أجداده من ملك ؟ فقيل له :لا ٠٠٠ فقال : قلت : لو كان فى أجداده من ملك لقلت رجل يطلب ملك آبائه ٠ والمعنى أن دعوى الملك لا تكاد تنمحى من نفوس ذرية الملوك سواء كان الملك إماما أو سلطانا تبقى دعوى الملك فى نريته ، لذلك بقى فى نفوس ذرية محمد بن ناصر شىء مما ذكرنا ، ولقد قام أحمد بن سعيد بأمر عمان واحتوى على الساحل والداخل إلا ما كان من أمر الظاهرة ، فإنه بقى صوت بنى غافر صتاجا فيها ، وتبين لأحمد بن سعيد ما يخالف لأمره ، وما يخشى من وميض رماده ، فخرج على القوم بقوته العسكرية ليتحسس أحوال القوم ، ويجس نبض عروقهم هل هو ساكن أو متحرك ؟ واذا بم غير ساكن فقيل إنه دس طى رؤوس بالقتل ، فققل جملة منهم ٠ قال الإمام السالمى : قال ذو الغبرا : لما ملك أحمد بن سعيد وساد ، ودانت له الخلائق واستقام ملكه ، وخذل عدوه ودلقه نفسه بقل أكابر بنى غافر ، فلما قتلهم مثى الى ديارهم بجيش عظيم ، فالتحوا بالأثيلة ، غصح عليهمم الكسر وهم فئة قليلة ، وف حديث الشيخ - ١٤٧ - ناصر بن جاعد أنه جيش عليمم ثلاثين ألفا الى للظاهرة ، وخرج لمم مقدلر سبعين رجلا ، وكروا الجيش كله ، ومات كثير منهم بالجوع والعطش بعد أن ولوا الأدبار،قلل: وكثير منهم لم يتمكن فى المزيمة أن يستريح مقدار نصف ساعة أو ربع ساعة ، ولذك ماتوا ٠ قلت : لا يعقل أن ينمزم جيش بلغ ثلاثين ألغا بسبعين رجلا ، إلا أنه يحتمل أن تكون فى لملجيش خيانة، ولعل القوم كانوا يرون أن قتل شيوخ بنى غافر كان غير مرضى عندهم ، وهنا خانوا وانقلبوا بللجيش الى المزيمة المنكرة ، حتى لم يقر لأحد قرار حتى ربع ساعة ، وحتى ملت الأكثر بالجوع والعطش،نعم لو كافت القضية قضية نبوة تلك معجزة، وأما والحال على خلاف ذلك فمنا تتبين مؤامرة فى الجيش أخفيت وراء الستار،واشأعلمما هنالك ٠ إلا أن لمذه الهزيمة لما شاع خبرها اثر على السواد الأعظم فى عمان ٠ قال ابن رزيق وغيره : إن تلك الحرب وقعت بين أحمد بن سعيد ، وفاصر بن محمد بن ناصر الغافرى ، وقال : وكان النصر فيها لناصر بن محمد بن ناصر ، وقتل من قوم أحمد بن سعيد اثنا عثر ألفا ، فيستفاد من كلام الشيخين : ناصر بن أبى نبهان ، وخميس بن راثد المعروف بذو الغبرا والد الشيخ ماجد ، أن أحمد بن سعيد قتل مشايخ بنى غافر ، ولا ثك أن القتل لا يكون إلا بسبب،و بقى النظر فى المسبب هل هى حقأوغيرحق،ولعطهما أشرنا إليه والش أطم بما هناك ٠ ولعل قتل شيوخ بنى غافر المذكورين هو الذى وقع على يدى هلال ابن أحمدبنسعيد،وأنهلالالميقل للقاتلين شيئا، خام لما استجابوا - ١٤٨ - لداعيه ووصلوا اليه ، وصاروا فى ذمته هوى عليهم فريق من قومه فقتلو هم عن آخرهم ، وهم الذين يقال. لهم أولاد فرخ الريح من أهل القرطبى.، وكان محمد بن حمير اليعربى وهو الذى جاء بهم الى هلال ، وطلب هلال منهم تسليم حصن القرطى فلم يوافقوا ، وكانوا فى أمان محمد بن حمير أحد أركان ثورة هلال بن أحمد بن سعيد ، وكانوا أخص الخاصة لناصر بن محمد بن ناصر الغافرى الزعيم الكبير فى الظاهرة ، وهو صاحب حصن العينين ، كما سوف يأتى خبره فى محله ، وهؤلاء للشيوخ المقتولون هم شرارة الظاهرة ٠ ولما بلغ قتلهم أحمد بن سعيد لم يقل شيئا فظن الناس هو الآمر بقتلمم، والى هذا يشير كلام المشايخ وتحقيق الحق لا يدركه إلا الله عز وجل ، ولذلك على أثر القضية المشار إليها جمز أحمد بن سعيد جيثا ليطفىء به ثائرة الظاهرة ، وليريها أفه القوى على إطفائها ، وله السلطان الذى لا تقدر الظاهرة أن تظهر عليه ، فسحب جيثا أرعن جمع فيه أهل عمان من نزوى الى جعلان ، وأضاف اليه أط الباطنة فخرج به وهو كما وصف ثلاثون ألفا دخل به الظاهرة من الجهة الغربية ، ولما سمع به بنو غافر تجمعوا له ، وكانت الظاهرة كلها تحت إمرة ناصر بن محمد والجيش الوافد كلهم كانوا غربا ، ونزولهم ساحة القتال فى حال تعب وفصب من الطريق ٤ إذ كانوا مثاة على الأقدام طيلة طريقهم ، وكان الوقت حارا شديد الحرارة والناس فى أشد التعب لذلك ، ولما دنى بعضهم من بعض سرعان ما انهزموا وبانمزام فريق واحد تعم الهزيمة الكل، فكان الأمر كما قيل إنمم هلكوا كلمم إلا ما شاء اش ٠ - ١٤٩ - اخلاق احمد بن سعيد وصفاته كان لأحمد بن سعيد أخلاق حسنة عرف بها ، وصفات اتصف بها ، والأخلاق الجميلة فى الزعيم أيا كان تضعه على هامة النفوس ، بل على قلوب الرءوس ، وأى رئيس يكون فى الأمة ، ولم تكن له أخلاق حميدة ، سرعان ماتنفض الناس منحوله ٠ قال اشم عزوجللنبيهعليه الصلاة والسلام : (ولوكنت فظاظيظ لقلب لانغضوا منحولك )، وصفه بصفةكانت مدحا عظيمال ه،إ ذق ل:( وإغكلعل ىخلقعظي م)٠ قال ابن رزيق : إن امرأة بشرته أنه يكون إمام عمان ، فلما صدقت بشارتها أبقى لها فى نفسه ما يرعاها به ، لكنه أدركها ميتة ، فأجرى لذريتها فريخة مكافأة لها ، وكذلك العجوز التى اختفى فى بيتها بينقل من الظاهرة أبقى لما مقاما هاما ، وكان أراد أن يعلم ود قومه له ، ومحبتهم له ، فخرج فى خفية ولم يعلم به أحد ، وأشيع أنه لا يعرف فى أى مكان أو أنه ميت ، فلما بلغه ثورة بلعرب بن حمير ، خرج فأحس من قومه الإصرار على أوامره ، وعلم أنهم ثابتون على ولائه محافظون على زعامته عاضون عليما بالنواجذ ، كما أكر الجبور الذين جاءوا إليه ، حين زحف طيمم سيغ بن سلطان فى حصن صحار بسفنه لإخراجه منها ، وأصلحو الحال بينهما بجعل ولدههلال بن أحمدعند سيف بن سلطان ليطمئن من منافسة أحمد بن سعيد له ، فكان معه حتى وصول العجم الى خورفكان ، ثم أرخصه ٠ وقد صاهر الجبور المذكورين تألفا لهم وتقريبا لهم حين رأى منهم ما سره ، وأكرم صالح بن صباحية من أهل حوائر الوادى من نزوى ، ١٠ وجعل له الوئاسة على قومه لأجل ضيافة كانت منه له فى نزوى ، وكلن يحل الأعيان ويحترمهم ويوقر الصغير والكبير ، أكر من توقيرهم إياه ، وكان اذا أراد الخروج من الرستاق الى بركا يأمر أن تصنع له حلوى فى الرستاق ، ولعلها كانت لما شهرة ، وكان اذ جاء نزل بنعمان فيقيم فيها يومين أو أكثر ، فاذا نزلما جاءه أولاد الفقراء والضعفاء والمساكين ، فيعطيهم من تلك الحلوى ، فيذهبون بها الى أهليهم وهم مسورون منه وكذلك أهلهم ، وهذا يعم سكان المنطقة من حد حى عاصم فى الشرق الى الحفرى فى الغرب ، ثم تأتيه رعايا بركا للتسليم عليه ، وكذلك أهل السيب الى المصنعة ، فيستقبلهم ببشاشة وطلاقة وجه وحسن التفات ، ويقضى لهم حوائجهم ثم يتوجه الى مسقط ، فاذا جاء روى خزل بها فيمكث فيها يومه ذلك ٠ وبالصباح الباكر يتوجه الى المطرح فتصطف له أهلما على الطريق من منطقة سيح الحرمل الى ثغر المطرح ، فاذا وصل الى المطرح نزل فى بيت بالدكة ، فيأتيه بنو حسن للتسليم عليه أولا ، ثم تتبعهم اللواتيا ، ثم بنو زراف ، أما بنو حسن لكونهم أهل البلد وأما اللواتيا وبنو زراف ، لكونهم تجار البلاد ، فهو يراعيهم لذلك ، ويرعى لهم أحوالهم هنالك ، ثم يتبعهم بقية أهالى المطرح ، فاذا تم أهل المطرح توجه الى مسقط فى المقوارب القى تجر فى البحر ٠ فاذ وصل الجريزة أطلقت المدفعية طلقات من الصيرتين ومن الكوتين ، ومن المراكب الراسية فى البحر ، فلا تسمع إلا دوى المدفعية فى جبال مستط تتردد لها زجل عظيم ، فيبرز للناس فى الجريزة فتأتيه الناس زرافات ووحدانا حتى اذا انتمى استقبالهم ومقابلتهم ، دخل جيته بالحريزة ، وكان واسع الصدر كثير البذل ، جم النوال معطاء - ١٥١ - مبذالا ، كما يلزم وفوق اللازم ، ذا تواضع وتؤدة وحلم والتفات الى الرعايا ، ويفلك غرس حبه فيهم ، وأطبقوا على تعظيمه ، وتهافتوا على طاعته ، كان صبورا على كيد العدو لا يتأثر من الخلاف والشقاق ، واذا رأى الفرصة لم يضيعها ، شجاعا مقداما لا يبالى بالعدو كيف كان موفقا ف غالب أحواله ٠ وذكر ابن رزيق له أسرارا اش أطم بصحتها ، وكرامات قبل أن يتولى الأمر ، وهى دالة على توليته ، ولقد أحسن إدارة شئون الوطن والبلاد حين أمنت واطمأنت ، وسكنت ٠ قال الإمام السالمى رحمه اش كانت أيامه أيام راحة واستراحة جعد الغتن والمحن ٠ قلت : وكانت له همة عالية فى بناء مجد عمان ، وإعلاء شأنها ٠ قال ابن رزيق : لقد حاز أحمد بن سعيد قصب المسبق فى مكارم الأخلاق ، توفيقا من ربه الخلاق ، فقد ساوى بين الغنى والفقير ، والبصير والضرير ، ورعى رعيته بإحسانه ، وأقر أعينهم بمكين مكانه ، فعو فى الكرم آية ، وفى الشجاعة غاية : لولاه لحارت عمان وأهلها فى حكم العجم ، وأضحوا هم الملوك وأهل عمان لهم خدم ، فجرع أكثرهم كأس الحمام لما أحاطوا بصحار ستين ألفا أو يزيدون فى المقدار ، صالحوه لما رأوا عزيمته أحد من السيف البتار ، ورجعوا الى بلادهم أذلة بعد العزة ، وأخرج من كان بمسقط الى بركا ، فقضى عليمم فيها ٠ وكان ولى خلفان بن محمد بنعبد اشم البوسعيدى شئون الخراج - ١٥٢ - بمسقظ ، وولى خميس بن سالم شئون العسكر بمسقط ومطرح ، وولى حسن الصرهنج على مراكب السلطنة ، وولى القضاه بمسقط الشيخ محمد بن عامر بن عريق العدوى المعولى من أهالى حلة المطلع من أفى ، وولى قلم الحسابات رزيق بن بخيت بن سعيد بن غسان ، جد المؤرخ حميد المعروف بابن رزيق ، ورتب أعمال السلطنة أحسن ترتيب ، يتناسب مع العصر ، واشترى العبيد الزنوج ألف عبد من الزنوج ، وألف عبد من النوبان ، وأسكنهم الرستاق ، وأضاف اليهم من العمانيين ألف جندى ، جعل الجميع بالرستاق إذ جعلها هى العاصمة ، وجمع الخيل والإبل المعدودة لمهمات الدولة بالرستاق ، واتخذ أربعة أعلام خاصة به تنتشى على موكبه عندما يتحرك لمهم ، اثنان رأساهما من ذهب ، وائنان رأساهما من فضة ، واذا خرج الى مكان خرج بأهل العلم الموجودين معه من مثاهير العلماء ٠ وكان لا يطيل بمسقط بل كان لا يتم شهرا فيها وفى كل مرة يتفقد حصونها ت وما بها من عدة ، وما يلزم لها من مؤونة ، ثم يمر على الفرضة عند خروجه من الحصون ، وينادى أن كل ما نزل هذا اليوم بالفرضة لا عشور عليه قل أو كثر ، وكان دخل الفرضة التى تعرف الآن بالجمرك قدر ثلاثة لكوك صافى المصاريف كلها ، ويرتفع أحيانا الى خمسة لكوك ت وكان له عسكر كثير فى المراكر المممة والعثور المنظور إليها رعاية لحفظ المملكة من هجوم العدو المباغت ، فإن الحزم هو الحفاظ وهو سور المملكة ، وكان أكثر عسكره بالرستاق حيث هو بما وهو المقصود بالذات من ناحية الأعداء ، ثم بصحار لأنها فى وجه الغازى ، ثم فى مسقط لأنها الميناء الممم ٠ ٠ ١٥٣ - قال الإمام : وأعطى المملكة حقها، وعدل فى الرعايا، قال الأمير شكيب : أحسن التدبير ، وسن للمملكه قوافين مالية وتجارية ، واستبقى لنفسه إمارة الجيش المبرى ، وعهد الى رجل من خواصه بنظر الأسطول ، ونظم جيشا دائما ٠ قال الإمام السالمى : أعطى أحمد بن سعيد المملكة حقها ، والمعنى صان البلاد وحماها ، واحتمل على كاهله أهم الأمور ، وهو عداء العجم ، وكان حكيما ف أعماله يعلم أن بغض العجم قد تغلظ فى قلوب أهل عمان ، وعم ذلك البغض اليعاربة الذين جاءوا بهم الى عمان لغير موجب إلا التنافس الضار، وما من أحد يجر عدوا على وطنه إلا كان لدماره غارسا لما يقلعه من أرضه ، فإن غرس الشر لا يكون ظلا لغارسه ، ولا يثمر إلا الذعاف له ، وهذا أمر جربته الأمم قديما وحديثا ، واذا أراد اش أمرا هيأ له أسبابا ، وكان أحمد بن سعيد ممن بعثه اشه لحفظ الوطن فى تلك الأزمة، وليعلم أهل عمان أن الأمر اذا لم يعضده الدين والإيمان سرعان ما ينهار ٠ فإغه لما كان الإمام ناصر بن مرشد الرجل المؤمن أيده اشه وصره وشد عضده ، وقوى عزيمته ، ثم جاء بعده أولاد عمه الذين خلفوه على الأمر يحملون تيجان الإيمان وأعلام الرشاد ٠ أصبح العمانيون يضعون روسهم لهم لوقايتهم من الأسواء ، ويفدونهم بالأرواح ٠ ولما جاء سيف بن سلطان على خلاف ذلك خرج منه كالشعرة من العجين ٠ ٠ ١٥٤ - أحمد بن سسيد يفلصر الدولة السثمانية طى العجم بالبصرة كانت الدولة المعثمانية مدت أياديها الى الشرق العربى، وكافت البصرة من جملة ما تولته تلك الدولة ، فزحف إليما من الإيرانيين جحفل ضخم اصطلمما من أيدى رجال الدولة المثسار إليها ، وحيث ذلك الوقت بزع فيه الطالع السعيد لأحمد بن سعيد ، وشاع له صيت بلغ مسامع الدولة العثمانية ، فطلبت منه المساعدة على الفرس المحتلين للبصرة ٠ قال أمير ابيان : استولى العجم على البصرة ، فذهب أحمد بن سعيد بعشر سغائن حربية تجر عددا كبيرا من القوارب ، حمل عليما ععرة آلاف مقاتل ٠ قلت : وفى بعض الروايات ثمانية عشر ألغ مقال ، وقائد الحملة حى ولده هلال بن أحمد ٠ قال شكيب : وهزم الإيرانيين ونصر الدولة نصرا مؤزرا ، قال : فسرت الدولة منه وأجرت له راتبا سنويا كان لا يزال يتقاضاه أئمة مسقط الى أواخر القرن التاسع عثى ، قال : ومن جملة أسطوله طراد اسمه الرحمانى ، هو المذى كسر سلسلة الحديد التى وضعما الإيرانيون فى شط العرب لمنع أسطول عمان من الدخول الى البصرة ،فأرسله أحمد ابن سعيد الى مانغالوا فى جنوبى الهند سائلا عن السبب فى حجز مؤونة الأرز التى كانت ترد عمان كل سنة ، قال : فاستقبل تييو عامل السلطان أعلم من فى مملكة غرناتيك مندوب عمان بكل حفاوة ، وأخيره أن السبب فى ذلك هو من متلصصة البحر الذين هم بساحل المالابار ، قال : فقصدهم الطراد الى ديارهم ، وقتل زعيممم ، أى وبعد ذلك تأدبوا عن الاعتراض للمارة فلله در أحمد بن سعيد ٠ الظاهرة واحمد بن سعيد كنا قلنا تحت عنوان أحمد بن سعيد وزعماء بنى غافر ، إن بنى غافر لما كانوا عاشوا تحت علم محمد بن فاصر ، وكان محمد بن ناصر بحيث لا يخفى مقامه فى وقته ، حتى بلغ درجة الإمامة ، وكانت بسالته مضرب المثل فى عمان ، وكان للنصر حليفه فى كل وقعة ، وكان يباشبر الحرب بنفسه ، ولم تعرف له قط كبوة ، ولا لسيفه نبوه ، حتى عظم قدره وعلاذكره ٠ وافترقت عمان بينه وخلف بن مبارك المنائى ، وتغلغلت العداوة وخصوصا فى قلوب المغلوبين ، حتى شاع ذلك وذاع ، ولما مكت محمد ابن ناصر ، وخلف بن مبارك قتيلين بصحار ، واعتقل بالأمر من جاء بعدهم بقى فى نفوسهم ما بقى مما خلفه المذكور ، ولذلك قاموا ببلعرب ابن حمير حين رأوا أحمد بن سعيد يتقدم طى حصون عمان ليتولى ملكما ٠ ثم كان الأمر على خلاف رغبتهم ، وكانت حرككهم مزيجا من بنى غافر واليعاقيب ، ومن اشتمل عليهم من دروع وظواهر وبنى ققب ، وبنى كلبان ومن إليهم الذين كانوا أنصار محمد بن ناصر، وكذلك النعيم ، وبنى ياس وهؤلاء تألبوا على أحمد بن سعيد ، وباينوه بالعداء وانهزموا فى وقعة فرق ، ورجعوا وقلوبهم حامية حقدا على أحمد بن سعيد ، ولذلك تألبوا عليه من امتلاك حصون الظاهرة ، وقصدعم أحمد بن سعيد ، فلم ينتصر عليهم ، بل انتصروا عليه ، وبذلك نمجوا الى غير عمان ، وتعلقوا بأفاس آخرين حتى تبدلت جميع صفاتهم وتركوا قوميتهم الى قومية أناس آخرين ، لأن قلة العلم وظبة الجهل وإشتعال الحقد فى قلوبمم أثمر تغيير أفكارهم ومعتقداتهم وأخذ بهم الى موالاة غيرهم - ١٥٦ فعم ذلك وبعد حين أكثر قبائل الظاهرة الى ما شاء الله ٠ ولم يزل يسرى فيمم داء الجهط والفوضوية حتى أنه لم يعرف فى الظاهرة بعد الدولة اليعربية عالم ولا حتى متعلم أو متخلق بإخلاق المتعلمين ٠ ونتيجة لفوضويتهم وجهلهم أضمروا عداء للسلطات العمانية التى هى جامعتهم ، ولكون الجهل يسرى فقد لحق بأهل الظاهرة أهل جعلان التى خرج منما أول عالم جليل هو ، منير بن النير الجعلانى وبإختلاطهم مع بعض أهل الظاهرة ونفورهم من أبناء خلوتهم ، خيم عليهم الجل فأصبحوا لا يعرفون من معتقدات الدين الاسلامى شيئا فأورثمم جملمم فوضوية مطلقة ، ومع تأكدهم أنهم فقدوا العلم والمعرفة فقد أصوا على ما هم فيه من جهل ونعرات جاهلية ، لذلك فقد تغير الوضع العمانى من أقاصيه وأصبح الأفق العمانى وعطيه غبار الجهط والضلال ، فإنهم أصبحوا أنصار الباطل من أول يوم وقعت فيه حرب بلعرب بن حمير بغرق ٠ ثم قام أحمد بن سعيد فقبض على شيوخهم فزادت النفرة ونأت النفوس الى حد بعيد ٠ ثم زاد الطين بلة ، الواقعة التى وقعت بينهم وأحمد بن سعيد التى لم يخططها تخطيطا كاملا ٠ لذلك لم يفتصر فيها أحمد بن سعيد ، فلذلك ابتعدوا عن دولتمم العمانية وبقيت فيهم نخوة بنى غافر ومعرة النفوس فيها ، وفيمن افضاف إليهم وتفرقت الوحدة الدينية الى مذاهب شتى ، إذ لم يكن بعمان سابقا الى هذا العمد الذى ذكرناه غير وحدة علمية دينية قديمة واحدة ٠ وقد عانت السلطنة العمانية من هؤلاء الفوضويين ذوى النعرات الكثير، الكثير ٠ وأصبحت الظاهرة بابا لغزاة عمان وأصبح العراك مستمرا بين الغزاة والسلطات العمانية حتى عهد قريب • قال أمير البيان : وكانت بلاد الظاهرة بمكانتها من الداخلية لم تخضع تماما لأحمد بن سعيد، وكان علو الكلمة لبنىغافر ٠ قال : فثار منما أحدهم وهو ناصر بنمحمد، أى ولد الإمام الآنف الذكر ٠ قالع : واشتعلت الحرب بينه وأحمد بن سعيد ٠ قال : فساق إليه هذا عساكر ٠ ١٥٧ - من العمانيين فانكسروا وأخيرا تصالح الفريقان على أن تبقى الظاهرة فى يدبنى غافر ويعترفوا بالسيادة للإمام أحمد ٠ ومضى الحال على هذا غير مرضى من الجانبين ، بل كل فى نفسه على خصمه ٠ قال ابن رزيق : وسبب حرب الإمام أحمد بن سعيد ، وناصر بن محمد الغافرى ، أن ناصربن محمد كان من دهاة العرب ، وكان صاحب أموال ورئها من آبائه ، وكان له مال جزيل حيث تولى البحرين من الإمام الطيب الذكر سلطان بن سيف اليعربى بعد فتحها من العجم ، كما قدمنا ذكرها فى كلام على هذا الإمام ، ولما مات الإمام المذكور رحمه اشه ، ووضع النزاع بين اليعاربة بعمان ، اغتنم العجم الفرصة ، فزحغواعلى البحرين بجيث ضخم، أحاطوا بالوالى المذكور وحصروه، وطال الحصار ، واستمرت الحرب ، وناصر قابض على الأمر بيد من حديد ،ولا يزال ينتظر نصرة الدولة ، فتأتيه فتفرج أزمته والدولة أصبح داؤها فى جسمها ، ويعالج جروح روحما ، فأنى تكون نصرتما لوالى البحرين وقد حاول العجم فزول ناصر بن محمد من قلعة عراد التى بناها العمانيون، ولم يقدروا على ذلك، وأرسل العجم الى ناصر فى صورة الناصح أن الإمام قد مات ، وأن اليعاربة الآن فى خلاف ونزاع فيما بينهم ، وأهل عمان منقسمون أيضا كل مع واحد والاضطراب سار فيهم،فخذماشئتمن المال،ولاعارعليك فذلك، فلم يصغ إليمم أولا ، ولما طال العمد ، راى أن لابد من الخروج ، لأنه لا ناصر له من قومه، فصالح العجم على النزول علىما بيد ه من المال، وما يدفعونه له ، وكان قد جمع أموالا طائلة، إذ بقى مدة على ولاية البحرين ، وخراج البلدكله إليه ٠ فخرج من البحرين وسلمها للعجم ، وجاء الى عمان حقى جاء الغبى ، وكافت هى كرسى الظاهرة ، وبها واجهة أكثرية الظاهرة ، وصار ١٥٨ هو الرئيس عليمم ، فطلب منمم أن يبنى بيتا فى العينين على رموس الأغلاج ليكون لمم حصنا ومرجعا ، وليسيطر به على الغبى وغيرها ، فلم يسمحوا له بذلك ، وبقى يفكر فى الطريق الذى يتسنى له به مطلبه ، حتى اذا صار الأمر الى الإمام أحمد بن سعيد ، وزال الأمر عن اليعاربة ، وقع اتصال خاص بين الإمام أحمد ، وناصر بن محمد ، حتى صاهر الإمام ناصرا ، والتحم الصفر والحديد بعضه ببعض ٠ وبذلمك رأى أهالى الظاهرة أن الأمور جاءت منقادة الى ناصر بن محمد ، فإنه ابن الإمام المعروف ، وأنه الغنى الموصوف ، وتلك أهم مؤهلات الزعامة، وكان ناصر المذكوركما هو معروف من دهاة العرب، فعند ذلك قال ناصر للإمام : على أى شىء تركت حصن الغبى بيد غيرك ؟ قال له الإمام :أنا لاأحب الفتنة،فقالناصر: بينى وبين أهل الظاهرة، فقال ناصر : وأى فتتة وأنت إمام عمان كلما ، فكيف لا تكون الغبى من حملة ممالك عمان ٠ قال الإمام : لا أحب الفتنة بينى وبينهم، وبالأخص لما صرت أنت صهرى ، وقدموك عطيهم فصرت الرئيس عليهم ، فقال ناصر : أرى أن تقبض حصن الغبى ، غاذا قبضته لم يبق لك عدو يقدر على إظهار عداوته لك من أهل الظاهرة كلها اذا كانت الغبى هى المركر اممم فى الظاهرة، ولايهولنك الأمر، فأنا أقبض الحصن وأقبضه من تريد من الولاة ، فوافق الإمام على ذلك ، فأرسل معه محمد بن عمير البوسعيدى فقبض ناصر حصن الغبى ، وقبضه الوالى الذكور بدون منافس ٠ وقال ناصر للوالى :لا تهتم من أهالى الظاهرة، ولاتمتم من أهالى الغبى، فأنا أكفيك أمرهم وعندى المال والرجال، وهذا كله مكر — ١٥٩ - وخداع،فلما أحس أهل للظاهرة بحر الإنصاف من الموالى المذكور، وخصوصا جبابرتهم وعتاتمم الذين تعودوا أن يسيروا كما يهون ، وجاعوا الى ناصر بن محمد يثكون أمر الوالى ، فقال لهم ناصر بن محمد : واشه ماصنع فيكم غير العدل والإنصاف، و لكنكم يا أهل الغبى لا تحبون العدل بينكم ولا الإنصاف منكم،وكلمنصار لكم محبا صرتم له أعداء ، أردت أن أبنى بيتا فى العينين بمالى لا بمالكم ، وفى أرضى لا فى أرضكم ، ليكون معقلالعزكم، غأبيتم وأنا حالى حال الإمام أحمد بنسعيد، فمن أطاعم منكم فمو محب لى، ومن عصاه منكم فأنا عدو له ٠ ولم يزل ناصر بن محمد بن ناصر يتردد على الإمام ويدخل معم ويكثر المسير اليه ، وقد اصطفاه الإمام وأعلى مقامه عنده ، وهو يدرس له جبابرة الظاهرة فردا فردا ، ويشير اليه بقيد من يريد له قيدا منمم ، فلما رأوا تقدمه مع الإمام ، ورأوا تأييد الإمام له ، وكيف لا يؤيده الإمام وقد تقدم اليه بحصن الغبى أكبر حصن فى ذلك العهد ٠٠٠٠ فحينئذ تراجع القوم ، وقالوا فى أنفسهم : إن ناصر سيقمرنا قمرا بالإمام والأولى إرضاؤه ، فجاءوه وقد سرى الضعف فيهم فقالوا : ابن ما شئت أن تبنى نحن غلطنا فى منط حسب المفهوم ٠ فقبل ذلك منمم وشرع فى البنيان، ولما أكمله وسكن فيه،وحط فيه ثقلهخرج لى الإمام ومعه بقية الذين يخشى منمم ٠ وقال : للإمام ما بقى من يخشى منه الخلاف لك ، ولا بقى خصم فى الظاهرة إلا هؤلاء القوم الذين جئت بهم إليك، وأخبره بأسمائمم واحدا واحدا فاحبسمم وقيدهم ولا تطلقمم حتى يهلكوا فلذا هلكوا - ١٦٠ انقادت لك الظاهرة كلما، ففعل الإمام، وكان مستصفيا له ٠ واذا به يعمل لنفسه بإهلاك معانديه، فلما رجع عن الإمام وبلغ الى مكان يسمونه دفع الأودية وهو مضيق بين الجبال قال لجماعته : إن الإمام لا يحب إلا هلاكنا، فإنه ما احتثمنى لماأتيته ببقية المحبين فلان وفلان وعدد أسماءهم فقيدهم وهربت أنا عنه خوف أن يقهرنى معمم فى غغلة منه ومن رجاله ، والآن عزمت على حربه ، فمو بهذا مكر بجماعته إذ ساقهم الى الإمام ليقيدهم بدسيسته ، ويقضى عليهم انققاما له حين عارضوه،ثممكر بهمهنا قائلا لهم: إن الإمام يريد يهلكنا ليكونوا فى جانبه ، وقد بلغ مراده من الإمام ومنهم ٠ وهذا من جملة دهاه الذى عرف به ، ولكنه يفكر لعل يوما ما تكسف عن هذا فيكون وبالا طيه من الجانبين ، وقال لمم : إن كان حالكم حالى فابنوا بروج واديكم ، وشنوا الغارات عطى الرستاق ، فأنا معكم بالمال والحال، ولقد كفانا ما أتانا منه، فأجابوه علىذلك، إذ الظاهر كما يقول والغيب لا يعلمون عنه شيئا ، فبنوا بروج واديهم بغاية السرعة ٠ ولما رجع الى الغبى قال لأهلها كذلك، ولما أجابوه على حرب الإمام كتب الى ابن رحمة الهولى بوصوله اليه للمفاهمة ، وأن يجى، بقومه ، ولوح له بإشارات من كيده ومكره ، فجاء المذكور ومعه قدر خمسمائة رجل،فعندذلك أمر أهل الغبى بمناوثة الوالى، وأن ييينوا له خلاف ماكانواعليه، واجتمعوا بالعينين للمشورة على حرب الوالى إن خالفمم ، ولما احس الوالى الخلاف من اهل الغبى ، وكان ناصر هو المتعمد للإمام بمناصرة الوالى ، وبلغ الوالى أفمم مجتمعون بالعينين -- ١٦١ - سار إليهم لشكوا لمم ما سمع وما رأى ، فدخل عطيهم ، واذا بهم طى شركة حرب وله ظنهم طيه لا سه ٠ قال لناصر ما الذى عزمت عليه أنت ، وجماعتك بهذا الاجتماع ؟ قال : لقد عزمت أنا والجماعة طى حربك اذا أبيت الخروج من الحصن وتسليمه الى،فمن أنذر فقد أعذر، فقال الوالمى : أريد منكم المملة شلاثة أيام، إما سلمت إليكم الحصن، وإما بادرتكم بالحرب، فقالوا له كلهمعن لسان واحد :ذلك لك ٠ فلما رأى الوالى أنلاطاقةله بحربمم سلم الحصن إليمم ذلك اليوم، لأنهتحقق ألا يقدر طى عمل أى ثى، وهو بين ظهورهم ، وإمامه بعيد منه ، فخرج كما دخل ولم يفكر ناصر ابن محمد أن وراء الوالى إماما حاكما قويا ، لكن فى ففس ناصر أنه أقوى من الإمام فى الظاهرة، وأن الإمام لايفعل شيئا مهما ف الظاهرة، فإن قواته التى يقوم بها من عمان وأهل عمان الشرقية لا يهتم منهم أهل المظاهرة لبعد الشقة، وكون الطرق فى أيدى غافرية الظاهرة ويرون من أصعب الأمور حرب الظاهرة ٠ ١م ١١ - عمان عبر التليخ ج ٤ ) - ١٦٢ أحمد بن سعيد يجمز ولده هلالا لحرب الظاهرة لما وصل والى الغبى الى الإمام أحمد بن سعيد وأخبره عن الواقع ، وأن زعيمهم الذى كان الإمام يعتمد عليه أصبح هو عميد العدلوة ، وأن أهل الظاهرة جعلوه رئيسهم ، استغرب الأمر واستعظمه حيث لم يكن منه فى حق ناصر أصبح إلا إمضاء رغبته ، وإمتثال أمره ، وهو الذى طلب من الإمام أن يقبض حصن الغبى ، وهو الذى أشار على الإمام بقبض أولئك الشيوخ الذين جاء بهم ناصر الى الإمام أحمد ابن سعيد ٠٠٠٠ ، وأشار عليه بقتلهم ، وأنهم هم المحذورون فى الطرف الظاهرى ، وبصرفهم يستريح من نوازل الظاهرة ٠ ولما حصل المطلوب وأصبح ناصر معاديا للإمام أحمد بن سعيد بغير موجب ، فتبين أن له غرضا خاصا ، وليته لما أراد ذلك أبقى صحبة الإمام قوة له وسندا يعتمد عليها فى سواد الأمة ، وساس الأمور بغير هذا العداء السافر ، فأين الدهاء الذى عرف ه ، ولكن هزة المال تجلب للنفس العطب ٠ ولو قال للإمام إن عاملك رأيناه لا يصلح لسياسة الحال الحاضر فى الظاهرة ، ونحن عمالك والحصن نحن سلمناه إليك ، ونحن هنا منك وإليك وعدما تأمر بأمر فنحن نقوم به إن شاء اش ، ولكان الامام يقبل منه ولو تحقق فى الباطن أن الرياح منه والمطر منه ، إلا أن الأحوال تكون مستورة عن سواد العامة ، وإن كان ظن أن أهل الظاهرة يتهمونه بقتل الشيوخ الذين سعى هو بقتلهم عند الإمام ، فإن الظاهر يعبر عن الواقع ، أن الإمام هو الذى قتلهم ، فلا تعلق لهم بناصر بن محمد بن ناص المذكور إذ هو بنفسه خرج هاربا من الإمام كما يزعم ، ولكن أبى اش - ١٦٣ - إلا ينكشف غدر فاصر للإمام والناس،فعندذلكجهز الإمام أحمد بن سعيد قوته للزحف على هؤلاء فى دفع (١) الأودية أولا ليزيل ما هناك من شوك الشر الذى قامبه ناصر بن محمد، وجعل ولده هلالا القائد لمذا الجيش ، وكتب لمحمد بن سليمان بن عدى اليعربى والى نخل ، أن يذمر له رجالا من نخل ينصافون الىهلال بن أحمد، ويكون أميرهم محمد ابن حمير اليعربى ، واستدعى أيضا قبائل الشرقية الى جعلان ، وطلب نجدة من بلوش مكران، ومن الزدجال ٠ وأثار الإمام الكتائب من جهات عديدة ، ومضى هلال بن أحمد يقود القوات المتجمعة مع الإمام ، حتى أتى دفع الأودية وهو المضيق المهم فلم يقدر بنو غافر عطى الدفاع (٢) عنها وهرب القابضون لتلك الأبراج التى حصنوا جها ذلك المضيق ، فقبضها وقضى عليها ثم جاء القرطى وهو لبنى شكيل ، وكان بنو شكيل من أنصار ناصر بن محمد بن حمير يناصحمم فانقادوا له ، وأتى بمم الى القائد هلال بن أحمد ٠ وعندما وصلوا اليه وقد أعطاهم محمد بن حمير الأمان إذ سلموا حصن القرطى الى القائد هلال ، وإذ ذاك وثب عليهم من قنلهم جميعا ، وكانوا اثنى عثررجلايلقبون أولاد فرخ الريح، وكلهم أولاد عم ، وهم أخص الخاصة من بنى شكيل ، وأخص أنصار ناصر بن محمد الغافرى ، فحمل بنو غافر قتلمم على محمد بن حمير اليعربى ، وأضمروا العداوة لمحمد بن حمير وأقاربه ، وبقوا فى حقد متقد لم يبرد حتى قتلوا سيف ابن مالك بن سيف اليعربى فى نفس القرطى ٠ (١) اسم مكان معروف . (٢) المثل اسع يصدق هنا اذا جاء مودى والقى العصا الخ . - ١٦٤ وقضى هلال بن أحمد أيضا على حصن القرطى وهذه القضية هى التى يشير اليها الشيخ أبو نبهان ، ورجع هلال بن أحمد الى أبيه منصور وغانما من هذه الحملة ، حيث قضى على القوة رجالا وحصونا ، وكان الإمام أحمد بن سعيد بصحار ، وقد اجتمع معه جحفل ضخم ، وجيش جرار من شرق عمان كلها ، فخرج بمذا الجيش على طريق الظاهرة ، وجاء على طريق السليف ، وكان الوقت حارا ثديدا إذ كان وسط القيظ ، فمضى حتى سيح الطيب والقوم فى تعب ، إذ أكثرهم مشاة ، غدارت رحى الحرب بينهم ، فانهزم جيش الإمام إلا المزدجال ، وآل وهبية والبلوش ، حتى قتل هؤلاء كلهم جميعا ، ولم يفلت منهم أحد ٠ وهذه الوقعة تعرف بوقعة سيح الطيب ، أفنت رجالا عديدة ، وهلك المنهزمون بالعطش ، لأنهم غرب لا يعهدون الموارد ، وتوجه الإمام وولده منفردين لا ثالث لهما على طريق فجد الحديد الى نزوى ، وتغرق ذلك الجيش كله كما يقولون شغر بغر ، ولم ينج منه إلا من لاذ بالغبى ، فإن ناصر بن محمد أكرمهم وسيرهم الى أوطانهم بحال السلامة ٠ — ١٦٥ - احمد بن سعيد يثن الحرب على فخل كان بنخل محمد بن سليمان اليعربى على اتفاق هو والإمام أحمد بن سعيد ، وتعاهدا إلا يخون أحدهما صاحبه ، وكان من أولاد الإمام أحمد بن سعيد سيف وسلطان أرادا أن يتوليا الأمر على أبيهما ، وحاولا حصن بركا ٠ قال ابن رزيق كان ولد ا الإمام أحمد بن سعيد سيف وسلطان مستنكفين عن طاعة والدهما الإمام أحمد بن سعيد ، يحاولان انقياد الرعية إليهما دونه ، فأرادا أن يقبضا عليه حصن بركان ، فمكثا فى حصن نعمان أحد حصون بركا وهو محل إقامة الإمام فى بركا ، أى يتحينان الفرصة لحصن بركا ، فمكثا فى نعمان ئم بعثا الى سيف بن سلطان اليعربى بنخل ، إذ كان نائبا لمحمد بن سليمان فى نخل حال غيابه الى وادى بنى خروص طلبا أن يرسل إليهما مائة رجل من أهل نخل ، فلما وصله كتابهما لم ينتظر عودة محمد بن سليمان من وادى بنى خروص ، ولم يشساوره فى هذا الصدد ، ولعله ظن أن ذلك عن اتفاق يينهم ، فقام بطلبهما وذمر الرجال ، وجعل القائد عليهم رجلا من أهل حلة ا لعتيك اسمه خنجر بن سمعود • فلما وصل خنجر بن سعود بقومه من أهل نخل ، قام الأميران سيف وسلطان واقتحما بهم حصن بركا ، وما شعر قابضوه إلا والقوم معمم فى الحصن ، ولما علم أهل الحصن أنمما أبناء الإمام لم يكترثا منمما ، ولعلهم ظنوا أن الإمام أمرهما بذلك خوف عدو تخشى مباغته هجومه ، وكان أحمد بن سعيد إذ ذاك بالرستاق ، فلما بلغه الخبر استنكر الأمر من ولديه اللذين يرجو أن يكونا له عوفا على عدوه ، وإذ بهما يقتحمان - ١٦٦ - على الأمر منافسين له ، ولعله غرة الشباب وسورة الملك حرككهما ، فإئه كماقيل لا يلد الأسد إلاأسداولاتلد الحية إلاحية٠ وعند ذلك توجه الإمام أحمد بن سعيد بوجه حنق على فعل ولديه المذكورين ، فأحاط بحصن بركا وطوقه بالجيش وحصره حصرا حارا ، وأطلق عليه مدفعية ثقيلة ، ولم يزل الحصن يتحطم من ضرب المدافع حتى كاد أن يندك وهما فيه ، ولم يقدر أحد أن يقترب منه لشدتهما ومرارة صبرهما تحت غبار رصاص المدافع الداوى كالرعد فى صعقاته ، حتى استأذن القضاة الذين صحبوا الإمام من الرستاق ، سألو٥ الإذن فى الدخول عليها لإلقاء النصح لهما، فدخلوا عليهما ونصحوهما وبينوا لهما أن اشم لا يرضى عليمما ولا يوفقهما ماداما معاديين لأبيهما مخالفين لأمره ، فأثر نصحهم فى الرجلين وامتثلا أمر والدهما وخرجا من الحصن الى أبيهما ٠ وأخرج أهل نخل الى نخلهم ، وعفا الإمام عن ولديه وأعرض عن أهل نخل،ولكنه أضمر العداوة لمحمدبن سليمان واتهمه بالمواطأة لهما، واتغاقه معهما أما هما ، فقد قبل منهما عذرهما آملا فيهما عدم العودة لمثل ذلك، وأن الحركة التى أقاماها غلطةمنهما، وأما محمد بن سليمان اعتقدفيه نكث العهد، وعدم الوفاء بالوعد، ولما علم محمد بن سليمان بماكانمنأهلنخل بواسطة نائبه،ولم يملك من الأمر شيئا إذ السهم ملك قصده ، ولم ير التوجه بعذره الى الإمام ، والحرب قائمة بينه وبين ولديه علىساقها، وهويطلق المدافع علىحصن بركاوأهل نخل، و بقى حائرا لم يدر ماذا يغعل ٠ ولما انتمى الأمر بنزول سيف وسلطان، ورجع الإمام الى الرستاق ٠ ١٦٧ قام محمد بن سليمان يكاتبه ويعتذر له فى ذلك بأعذار عنده ، فلم يقبل الإمام عذره ، والحقيقة أن طريق العذر غير معبدة ، وصفة العذر غير واضحة، ولو كان ذلك كما يقول لنزل حالا الى الإمام وألقى ما عنده واعتذر إذ ذاك بما لديه من عذر ، أما كونه بقى ينتظر الأمر لمن يصير فاذا صار لسيف وسلطان فهو معهما بمقدمة رجاله ، أو صار للامام توجه اليه بعذر ه أنه غير موجود ٠ فمذا العذر أوهن من بيت العنكبوت،وكلأحديفهم العذر المشار اليه أنه واهى ، وقرر المزحغ على نخل ، فجمع جيشا ضخما من السند ومن الزدجال ومن الرستاق ومن سائر بلاد عمان داخليا وساحليا، فاجتمع له جحفل جرار ، وتوجه بهذا لنخل والحقيقة أن سيف بن سلطان هو المذى جر البلاء على نخل فى هذه القضية والجاهل لا يبالى وقديما قيل : وجرم جره سفهاء قوم فحل بغير جارمه العذاب فدخل الإمام نخل ولم تقاومه البلد، إنما قاومه الحصن، فوجه اليه المدافع ذات القنابل الوارية وقد ضرب الجيش معسكره فى نخل كل فى مكان ، أما المزدجال فعسكروا فى بيت الشريحة المذى لبنى عزان غرقة من أهل نخل ، وبقية القوم انتشروا فى نخل الى حضين ، حتى لا يأتيهم عدو يباغتهم على طريق عقبة الصخبرى ٠ وكان الشيخ عبد اش بن صالح الرواحى رئيس بنى وواحة ، وشيوخ المعاول غير راضين بحرب نخل ، نظرا الى أن محمد بن سليمان ما أحدث حدثا يجب أن يعامل عليه بسخط ٠٠٠ - ١٦٨ - قلت : أما فى نظر الإمام فإنه حدث هام حيث ساق عامله جيشا لمناصرة ولدى الإمام أحمد بن سعيد ٠ قال ابن رزيق : فلما طال الحصار خرج الشيخ عبد اش بن صالح بجماعته بنى رواحة الى بلدانهم ، وخرج أيضا شيوخ المعاول بقومهم ، كذلك بغير إذن من أحمد بن سعيد ، وكان هو لما طوق الحصن بالحصار ، وأمر بضربه بالمدافع وأحكم الرصد عليه توجه المى الرستاق للتدابير اللازمة ، فكان خروج الذين خرجوا والإمام غير موجود بنخل ، وبقى باقى الجيش على حاله يعيث فى البلاد ، يقطع النخل ويهدم البناء ، وبققلع الشجر من أصوله ، وما أبقوا من النخل والشجر إلاقليل ، وأهل البلاد هاربون منها وأرسل يطلب من زعماء الظاهرة المناصرة ، فلم يتحصل منهم على مفيد ، ورجع بالخيبة ٠ ثم توجه الى النعيم وكان زعيهم إذ ذاك شامس بن محمد بن بيات الئامسى ، فأجابه بألف رجل من نعيم و بنى قتب ، فمر بهم على طريق جبرين ثم على طريق وادى بنى رواحة ، وتسللوا فى الوادى فى حال خغية وانقسموا جماعات وفى دفعات أيضا ، وتوجهوا للمطرح ليثساغلوا الإمام فى فكره ، وليشوشوا عليه فى هذه الجهة المهمة ، وكان دخولمم المطرح عن طريق عقبة مراخ ، وهجموا البلاد ، ونهبوا وسلبوا وعائوا فى البلادكلها، وانتهبوا المسوق وحملوا أموالا على الأهالى والتجار، وتجموا الى نخل فاعترضمم المعاول،ولم يغنواشيئاولعلهم لم يبذلوا جهدا لأنهم خرجوا عن الجيش هم وعبد الله بن صالح الرواحى ٠ وكان جيث الإمام خرج من نخل زرافات ووحدانا ، وحل محلهم قوم جاءوا لنصرة محمد بن سليمان من بنى غافر أعداء الإمام ، وجاء - ١٦٩ - قوم من بلدة الحزم التى هى تحت الرسقاق ، ثم خرج أهل الرستلق ، وأخيرا خرج الزدجال ٠ ولط الإمام يبذل فى حرب محمد بن سليمان وكان سيب فشل جيش الإمام أحمد بن سعيد خروج عبد اش بن صالح والمعاول ، وبخروج هؤلاء تزعزع قرار الجيش ، وظل يتملص من نخل خارجا ، ولما وصل الخارجون من مطرح ووصلت نجدة بنى غافر وأهل الحزم ، تقوى محمد ابن سليمان وأحاط على الجيش المحاصر لحصن نخل ، فأحاطوا بأهل الرستاق والزدجال ، ولما ضاق عليهم الحال طلبوا من محمد بن سليمان أن يسيرهم بما عندهم من السلاح فوافقهم ، فخرجوا من نخل ٠ قلت يتبين أن أحمد بن سعيد لم يجتد فى هذه الحرب أولا لأنه خرج وترك الجيش يعيث فى البلاد ، ثم لم يعد عليه بعائدة ، ثم بلغه خروج الخارجين منه ولم يرسل قوما يدلهم ، وعلم عن وصول المناصرين لمم ولم يتحرك بشىء ما ، وهما يؤيد ما نتحراه أن السعاة لما رأوا أحمد بن سعيد غير مجتد فى حرب محمد بن سليمان ، سعوا بالصلح بينهم على أن يبقى محمد بن سليمان مكانه ، وألا يخون أحدهما صاحبه ، وانتهى الأمر فى قضية نخل على هذا الحال ٠ ولعل الإمام أحمد بن سعيد فى تراخيه عن حرب نخل خاف استفحال الخطب بينه وبين المناصريين لمحمد بن سليمان من أهالى الظاهرة ، وكان لكل عهد سياسة ، وكان أحمد بن سعيد السائس الأكبر المحنك المشمود له بذلك فى أحوال عديدة ٠ - •١٧ - سيف وسلطان ابنا أحمد بن سعيد يحتلان مسقط لقد سبق أن سيف وسلطانا ابنى أحمد بن سعيد احتلا حصن بركا بأهل نخل ، وقام والدهما أحمد بن سعيد عليهما ، فأخرجهما من الحصن بعد شدة ، وسلما أمرهما لوالدهما الإمام ، واصطلح الحال بينمما وأبيهما ، وظن الإمام أحمد لا يعودان لمثلها ، واذا بهما يقتحمان طى الحصنين الجلالى والميرانى ، فقبض سيف بن أحمد الحصن الجلالى ، وسلطان الميرانى ، وبقبضهما قبضا على ناصية مسقط ، واحتلاها وأخرجا من فى الحصنين من جنود أبيهما ومعهما الشيخ جبر بن محمد الجبرى ، وبعض الرجال فواجههما أهل مسقط من تجار وغيرهم وتمكنا من البلاد ٠ ولعل ذلك كان عن خيانة من القابضين والدراهم تفعل أكثر مما تفعله الجيوش ، ولما بلغ خبرهما أباهما أحمد بن سعيد هبط من الرستاق بجيثن لا يزال مرابطا معه معتدا له دائما للحوادث الطارئة ، فلما دخل مسقط هم بضربهما بالمدافع ، وكان معه أخيار الرستاق ، وبالأخص هم الذين أخرجوهما من حصن بركا برضا أبيمما ، فساروا إليهما بصفة الفاصح المشفق بالكل ، وصورا صلحا بين الطرفين ،هو أن ينزلا الى أبيمما مذعنين له ، وأن يبقى سيف مع أبيه فى حله وترحاله ، وأن يكون الحصنان فى أيديهما لا ينزعمما منهما ، ولا يرفع أيديهما عنهما ، فقبل الطرفان هذا الصلح والداعى لهما الى ذلك ، كأنهما أحسا بأن أباهما قدم عليهما ولده سعيد ، وتخيلا ميل الناس اليه ، وقد ظمر هذا الحال بعد أبيهما وبقى الحال على ذلك سنة كاملة ٠ - ١٧١ - وبعده هبط الإمام أحمد بن سعيد من نزوى وولده سيف معه ، ولما وصل بدبد قيد ولده سيف وحمله امى مسقط مقيدا ، ولما وصلما هم يضرب الحصنين بالمداغع على من فيمما من العسكر أيا كانوا ، فقام الناس بينهما ٠ بالصلح على أن يسلما إليه الحصن الغربى ، ويبقى الحصن الشرقى فى أيديهما ، ويطلق الإمام ابنه سيفا من القيد ، فأطلق ولا يلزمه ملازمة أبيه ، بل إن ثساء سار ، إلا فعلى رغبته متى يريد المسير اليه لمقابلته م ورجع أحمد بن سعيد من مسقط الى عاصمته الرستاق ورجع ولداه الى بركا ، ونزلا حصن نعمان وكانا يقيمان فى نعمان غالبا ، ولم يزالا بعين الإمام ، وهما لم يحاولان أمرا لو نبا السيف دونه لما عيب ٠ وبناء على ها أثسرنا اليه سابقا أنهما لحظا عطف أبيهما على ولده أرادا أن يعملا به عمل إخوة يوسف بيوسغ ، ليخلو لهما وجه أبيهما ، وكان المذكور تأثل أموالا بالبلد حبرى من وادى المعاول،ولعلذلكمن جملة ما غاظمما ، فسارا اليه بصفة زائرين ، ومكثا معه يومين فقابلمما بكلع حفاوة وجميل ، ولعله لم يتصور ما يريدان ، فطلبا منه أن يصحبمما الى نعمان بصفة زائر لهما فولفقمما وخرج معمما ، فلما وصلا فعمان قيداه وحملاه فى سفينة الى مسقط ونزلا بالحصن الشرقى ، إذ كافت فى أ يديهما بالصلح المتقدم ٠ فلما بلغ خبرهما أحمد بن سعيد قام من الرستاق مغضبا ، و نزل مسقط بجمع كبيرفأرسل اليمما أن يطلقا أخاهما المذكور، فأبيا وأصرا عطى عدم إطلاقه ، وعند ذلك أمر على قابضى الحصن الغربى بضربهما بالمدافع ، ونصب على الحصن المذكور المراصد ، وهى السيب المحاصرة - ١٧٢ - له المحيطة به ، وأمر قادة المراكب أن تضرب الحصن بالمدافع من البحر ، فاطلقت النيران على الحصن الجلالى من كلجانب، فلاتسمع ف مسقط إلا صعقات المدافع بشدة مريعة ، وبقيا فى حصنمما والمدد يصل اليهما من بطانتهما ، فإن لهما بطانة ، ولكل أحد بطانة ٠ فكان أهل طيوى وأهل صور ومن معمم بسحبون لمم المؤونة اللازمة بأنواعها تمور! وأغناما وغيرها مما تدعو اليه حاجتهما ، حتى طالت الحرب بينهما وأبيهما ، فهرب أهل مسقط الى يتى وقريات وغيرها من الساحل خوفا من رصاص المدافع الذى ينتشر فى البلاد ، حتى تكسر جانب كبير من الحصن : فلما حاول الجنود الركضة عليه لم يقدروا، إذ وجدوا رصاصا أحمر يخطفهم ، فقتل منهم رجالا فى حال زحغهم عليه ، وكان الشيخ الجبرى معهم، فخرج الى الطرف الشمالى يستجيش أهل ذلك الجانب ، وجاء بجيش أميره صقر بن رحمة الهولى ٠ وكانت سياستهم تقتضى الإحاطة بالرستاق مادام أحمد بن سعيد محيطا بالكوت فى مسقط، وأنه كان يغار على الرستاق كثيرا ، لأنه اتخذها عاصمة ووطنا ، فأحاطوا بحصنها ، وأرجفوا بها إراجافا شددا ، فكان من القدر أن خان أحد الخدام فى الجلالى ، وأهبط سعيد بن أحمد الى أبيه بحبل من الكوت يحمله على ظمره ٠ وكان الخادم قويا ويعرف بابن منح فجاء بسعيد الى أبيه ، ولما أصبح الصباح تحققا هرب أخيهما سعيد والخادم معه ، وكانا جعلاه الحارس الخاص على أخيهما المذكور ، ولما بلغهما إحاطة المولى بالرستاق ، خافا اجتياحه إياها ، ثم يعود علطى مسقط فيجتاحها ، إذ قيل — ١٧٣ له إن عنده ثلاثين ألفا ، فأرسلا الى أبيهما بالخروج من الحصن ، وواجها أباهما بالجريزة ، وطابت نفسه عليهما وأعطاهما عطايا ، وحمد نظرهما وما لا حظاه فى هذه المبادرة وخرج أبوهما الى الرستاق وهما الى نعمان ، والى هذا يشير أمير البيان حيث قال : ولم يكف كون بنى غافر مستقلين بالظاهرة ، واليعاربة مالكين بعض الحصون ، حيث ثار على أحمد ولداه سيف وسلطان ، واعتصما بقلعة بركا ٠ ثم ذكر حرب مسقط الى أن قال : ثم إن أحمد أخذ هذه المسألة بالتؤدة ، وانتهت بينه وبين ولديه بسلام ، والمحقيقة أن أحمد بن سعيد لم يتأثر من ولديه كل التأثر ، لما للولد فى قلب الوالد من الحنو والعطف ، ومن ناحية الرجلين رأى فيهما الحفاظ على الملك وأنهما لن يضيعاه ، وأن تلك الحروب التى قاما بها ما هى إلا دروس تعبر عن المستقبل الذى سوف يعترضهما ، فمن هذه الناحية رأى فيهما المعزم الذى يحبه منهما ، وعرامة الولد فى صغره دليل عقله فى كبره ، وأن أحمد بن سعيد فى آخر عمره فضل الرفق ، واحتمل عدة أسايا ٠ ومن ذلك سكوته عمن أحاط بالمرستاق فى حال الحرب بمسقط جينه وبين ولديه ، وأن ذاك كبير فى اعتبار المزعامة العامة ، الى آخر ما عرف له من أخلاق واشتهر به من رعاية ، فإنه كما قال الإمام السالمى رحمه اشه وكان أحمد بن سعيد صاحب همة عالية ، ومطلب سام ، وجرأة وإقدام ، فصار ملك عمان كله إليه إلا ما شاء اش . — ١٧٤ - قلت : هذا الذى استثناه الإمام العلامة هو ملك الظاهرة من عمان كما أشرنا إليه ٠قال : ودانت له القبائل، وسكن الحركات، وأطفأ كثيرا من الفتن ، وأمر ، ونمى ، وقام بأمر الدولة ، وأعطى المملكة حقها ، ودافع العجم ٠ قال : واستراحت الرعية وتجدد الملك ا ه ٠ - ١٧٥ مقام أحمد بن سعيد من الناس إن مقام أحمد بن سعيد من الأمة بعمان بحسب المعلوم مقام وطيد ، لا يترعزع حبه خصوصا أهل الساحل من صحار الى مسقط لهم فيه محبة خاصة ، لأنمم ألفوه أكثر من غيرهم واصطفاهم قبل غيرهم ، فكان يقوم ويقعد بهم ، وجعلوه بمثابة الأب الشفيق عليهم خصوصا فى حال أزمة العجم ، وخوف الناس منهم ، وأما أهل عمان الداخلية ، فمقامه عندهم مقام هيبة ، لأنهم علموا منه ما أكبروه عليه فى أحوال متعددة ، فاهل الساحل عطى طول الخط لا يرون لأحد فضلا كفضل يرونه لأحمد ابن سعيد ، فلا تسمع منهم إلا الإمام ، وابن الإمام ، وسوق الإمام ، وبلاد الإمام ٠ وهكذا حتى رسخ فى قلوب الذرية ، وحتى إن بعضهم يلهج بهذا فى حواره وحديثه ، ولا يعرف من هو الإمام المعنى بهذا فقرر ذلك فى قلوب النشء بعدهم متوارثا حتى الآن ، يجرى ذلك على ألسنتهم وإن كانوا لايعرفون المعنى بهمنهو ٠ ولاشك أن للفضل مقام، وللزعامة لزام، وجبلت القلوب على حب من أحسن إليها، وهو قد أحسن الى أهل الباطنة ليكونوا له أداة صالحة عندما يتهجسون من العدو شيئا أن يكونوا مع الإمام بكل مستطاعهم، واذا كان الإمام ذا أخلاق وذا رعاية، وله شعور حساس ، وله حفاظ صحيح طى الأمة ، أنزلته الأمة منزلة التوقير والتعظيم ، وبذلت فى صالحه ما عز وما هان ، واذا كان بخلاف ذلك كان الأمر على العكس، واش يعلم المفسد من المصلح ٠ — ١٧٦ وكان أحمد بن سعيد من صالحى الملوك ، ومن السلاطين المحبوبين فى سواد الأمة ، على المعروف فى الجيل الذى عاش فيه ، وكان أحمد بن سعيد حجر أساس هذه الدولة البوسعيدية ، وواضع دعائم أساسها بالسيف ، وكان البانى لأركانها ، والمشيد لمعالمها ، والموطد لعرشها ، والمعبد لطريقها ، بحيث يعرف ذلك الكل من أهل عمان ، فإنه لم ينلما بالهوينا ، ولم تأته ميرائا ، وإنما جاءته بحد الصارم الذكر ، وببذل المال على المرجال الذين هم الدعاة اليه ، والحماة له ، والرعاة لأوامره ، وبسمر الليالى بين السيف والرمح ، ومن طلب العلا سمر الليالى ، واحتمال الأذى وركوب المشقات قال أبو تمام : طلب المجد يورث المرء خبلا وهموما تفضفض الحيزوما فتراه وهو الثجى خليا وتراه وهو الصحيح سقيما ولقد قضى أحمد بن سعيد طى المدولة اليعربية حين رآها على الطريق النائى عن الحق ، ورآها تجنح الى الباطل ، وتجمع الى فساد عمان بحر الأجنبى اليها بعدما أخرجآباؤه منها الى الأيدى الأثيمة ، حتى قضى على ظلمما وفسادها ، الذى طم على الأمة ، وغسل أحمد بن سعيد العار عن وجهها ، وأعاد إليها سمعتها ، وكبح جماح عدوها ، بحيث أصبح انتقامه من العدو يغطى ما فعله بعمان ، وعليه فيجب أن يرفع شأنه ، ويعلى مكانه ، وتؤيد ذعامته ، فانه البطل الغيور ، والليمث الممور ، الذى قام بواجب الوطن ٠ — ١٧٧ وفاة أحمد بن سعيد الإمام وحيث ان كل حى ميت ( إنك ميت وإنهم ميتون ) وإن ذلك لابد منه فقد توفى أحمد بن سعيد فى سنة ١١٩٦ بالرستاق وقبره بما غربى الحصن ٠ قال الإمام السالمى رحمه اش : كانت أيامه أيام راحة واستراحة بعد تلك الغتن والمحن،يعنى الفتن التى قام بها سيف بن سلطان، والعجم بعمان ء وكانت مدة ملكه بعد العقد تسعا وعشرين سنة ، وقبل العقد منذ أن كان واليا على صحار كذلك،فكانعمده له أثره الخالد ٠ قال ابن رزيق : وكانت وفاته فى حصن الرستاق ليلة الخميس من شعر ذى القعدة سنة ٠١١٨٨ قال أمير البيلن :كانت مدة ملكه أربعا وثلاثين سنة،قال : وكلن خلام عمان من العجم على يده ٠ قلت : وكانت مصيبته على أهل عمان كبرى ، لأنه أصبح السد المنيع لعمان من العدو الأجنبى الذى يحاول فىعمانما يحاول، فإن الشر العمانى الفارسى لا يزال من العهد الأول الذى عرغه التاريخ، ولكن كل شى يجرى بمثيئة الشم عز وجل ، واشم يعز من يشاء ويذل من يشاء ، وكل ثىءينتمى إليه ، وتلك هىسنته ٠ وبموت أحمد بن سعيد وقع الخلاف فيما كان منظورا إليه ، فإن (م ١٢ - عمان عبر التاريخ ج ٤ ) - ١٧٨ - خلاف أولاد أحمد بن سعيد بزغ فجره فى أيام أحمد بن سعيد كما علمت ، وقد حاول سيف وسلطان الاستيلاء على الأمر فى عمد أبيهما ، وقيدا أخاحما سعيد بن الإمام ، فماذا يكون الحال والعمانيون الذين يستظون الخلاف ينتظرون دق ساعته ، لينضم كل فريق الى جانب ، وقد أصبح الملك ييكى بانيه ، ويندب بالأسف المضنى راعية ، فإن أحمد بن سعيد بذل فى صالح الأمة النفس والنفيس ٠ - ١٧٩ - اولاد احمد بن سعيد لقد توفى أحمد بن سعيد وترك أولادا ذكورا سبعة : أولمم وهو أكبرهم : هلال بن أحمد ، الذى قاد الحملة الى البصرة ، وهو الذى قضى على مشايخ بنى غافر فى حرب القرطى فقرطهم قرطا أتى على آخرهم ، ومات بالسند إذ أصيب بالعمى ، فخرج للعلاج ، فكان سبب موته بالسند ٠ والثانى : سلطان ، وهو الذى قام هو وأخوه سيف بالحرب عهد أبيهما فى بركا ، وفى مسقط كما سبق ٠ والثالث : سيف الذى تواطأ هو وسلطان على تلك الحرب المشار إليها ، والى سلطان تتصل الملوك فى عمان وزنجبار كما سوف يقف على ذلك القارى ء إن شما، المم ٠ والرابع : هو سعيد الذى كان أحمد بن سعيد يحبه ، وهو الذى تامر عليه أخوه سيف وسلطان وقيداه ، وهو الذى تولى الملك بعد موت أبيه كما سوف يأتى خبره إن شاء اش، واليه ينتسب أولاد بدر بن حامد ٠ والخامس : قيس بن الإمام الذى تولى الرستاق العاصمة المحبوبة لأحمد بن سعيد ، وتولى صحار أيضا ، واليه تقصل سلسلة آل عزان كما سوف يأتى بيان ذلك إن ثاء اشم ٠ والسادس : محمد وإليه يتصل نسب أولاد راعى ظبية المعروغون ، وهو الذى تولى السويق أولا، وسيأتى خبره مفصلا ٠ ١٨٠ والسابع : طالب الأعمى الذى تولى الرستاق أيضا، وله فيماحل وعقد وقد كان شديدا، ولم يعقب وسنفرد لكل واحد منمم ذكرا خاما لإيضاح قضايا تاريخهم واش ولى التوفيق ٠ قال الإمام السالمى : وهو يذكر وفاة أحمد بن سعيد قال : وخلف أولادا منهم سعيد بن 1حمد ، وسلطان بن أحمد ، وقيس بن أحمد ، ومحمد بن أحمد، وطالب بن أحمد، وهؤلاء كلهم يقال لمم أولاد الإمام، قال : فأما سلطان فهو أبو ملوك مسكد وزنجبار، وأما قيسفهو أبو ملوك الرستاق ، وكانوا قبلع ذلك على صحار وتوابعها ، وأما محمد وطالب فإنمما وليا من قبل إخوتمما فولى طالب الرستاق ، وولى محمد السويق من الباطنة، وأما سعيد فمو الذى ملك بعد أبيه بالحال، وتسمى بالإمامة، وخاطبه بما أبو نبهان لمعنى خاص ٠ قال : واشتمر بهذا من بين إخوانه فأولاده يقال لمم أولاد الإمام ابن الإمام ، قال : ولم يعدل فى ملكه ، ولم يرض المسلمون عليه ، وكان أديبا لبيبا معدودا من أدباء عصره ، قال : ومما ينسب اليه من الشعر قوله متغزلا: يا من هواه أعزه وأذلنى كيف السبيل الى وصالك دلنى وتركتنى حيدان صبا هائما أرعى النجوم وأنت فى عيش هنى عاهدتنى ألا تميل عن الهوى وحلفت لى يا غصن لا تنثنى هب النسيم ومال غصن مثله أين الزمان وأين ما عاهدتنى - ١٨١ - جلد الزمان وأنت ما واصلتنى يا باخلا بالوصل أنت قتلتنى واصلتنى حتى ملكت حشاشتى ورجعت من بعد الوصال هجرتنى لما ملكت قياد سرى فى الهوى وعلمت أنى عاشق لك خنتنى غلاقعدن على الطريق فأشتكى فى زى مظلوم وأنت ظلمتنى ولأشكونك عند سلطان الهوى ليعذبنك مثل ما عذبتنى ولأدعون عليك فى جنح الدجى غسساك تبلى مثل ما أبليتنى هذه الأبيات الرقيقة ذات الانسجام العذب ، والمشرب الحلو فى أسلوبما اللطيف ، ولفظها الرائق ، ذات الذوق الحلو عند أهل الفن ٠ - ١٨٢ - 1لإمام سعيد بن احمد بن سعيد لا يخفى ان أحمد بن سعيد الإمام هو البانى لهذه الدولة البوسعيدية، وواضع حجر أساسها ، وهو هيولاها طى الصحيح ، وبجهوده وعزمه قامت على أنقاض تخريبات سيف بن سلطان ، الذى ساء فعله عندما تولى الأمر، وقد قلده العمافيون أمرهم، وخضعوا له احتراما لآبائه الذين كانوا يتولونهم ويرضون عنهم ، ولما تولى سيف المذكور جاء فى طريق خاص به اختاره لنفسه ، ولم يصغ لنصح ناصح ، ولا لرأى مجرب للأمور، ولا للعارفين بالحقائق من مشايخ العلم الذين يقوم البناء على كواهلهم ٠ فإن الإمامة قضية طمية تقوم بأهل الطم وتقعد بمم ، ولما ظن اليعاربة أن الدولة ميراث سواء كان الوارث صالحا أو غير صالح ، ورأوا أنهم السادة فى عمان ، نزع اش ذلك من أيديهم ، ووضعه فى أيدى غيرهم ليعلموا أن الأمر فى الحقيقة بيد مالكه الحقيقى الذى يعز من يشاء ويذل من شاء ، وهو الذى ينزع الملك من أيدى مالكه الذى يظن أنه الحقيق بم، والمالك له، ويضعه فى يد الآخر الذى لم تحكم به النغوس ، ولم تتصوده العقول واش أطم حيث يضع رسالته ٠ ولما مات أحمد بن سعيد كرسى الدولة البوسعيدية ، وواضع حجر أساسها ، تولى الأمر ولده سعيد ، وتسمى بالإمامة من غير أن يجتمع عليه أهل الحل والعقد ، ممن هم الحجة فى الدين ، فإن الإمامة فى المذهب أصلها اختيار المسلمين لصالحها لالكل من يقول أنا الإمام، فإن إمام الصلاة لا تصلح إمامته إلا اذا رضيته الجماعة، فكيف بالإمامة العظمى ، التى تترتب عليها أحكام شرعية ليس لأحد أن يقضى فيما إلا بأمر الإمام الذى تجب طاعته من الناحية الشرعية ٠ - ١٨٣ - وكان سعيد بن أحمد الابن المحبوب لدى والده أحمد بن سعيد ، فإنه يتوسم فيه سمات الخير ، ويرجو منه المصلحة العامة فى الأمة ، ولذلك غار منه أخواه سيف وسلطان ، غأركباء الأدهم ، وأودعاه الجلالى ، وخاف أبوم عليه أكبر من ذلك ، ولكنه نجا منمما ، وبعد أبيه تولى الأمر على إخوته ٠ وكان ابن رزيق يصفه بالشجاعة وفصاحة اللسان والأدب العربى ، وله رواية ودراية ، وله ثعر أوردنا منه تلك الأبيات المارة آنفا ، وبعد موت أبيه تولى حصون عمان إلا حصن الحزم ، وحصن نخل وحصن جبرين ، وهو الذى ولى أخاه قيس صحار ، وجيش لأرض السر جيشا ضخما أراد به إخضاع قبائل الظاهرة ، فقتل منهم عدة رجال خصوصا من بنى غافر ، فإن بنى غافر بقوا على الحال الذى كان عليه والده ، وراى الظاهرة عدوه الذى لابد من الأخذ على يده ممما كان ٠ قال ابن رزيق وغزا الحمرا فقتل شيخهم ، وهابه أهل عمان ، واتخذ الرستاق عاصمته إذ ذاك ، وولى على مسقط الشيخ محمد بن خلفان البوسعيدى المعروف بالوكيل ٠ ولما كانت الحرب التى قام بما محمد بن ناصر الغافرى ، وخلف بن مبارك الهنائى ، سسيئة الأثر بعمان ، وكان من أثرها تأصل الضغن بين العمانيين ، وتحزبوا من أجلما ، وتنلنلت العداوة فى قلوبهم لبعضمم بعضا ، وشمل ذلك كل من دخل فيها من القبائل ومن لم يدخل ، وسرى ف النغوس سريان النار فى المثيم ، فانقسم الناس من أجلما فى عمان قسمين كما هو ملوم ، فأثر ذلك العداوة بين المسلمين فى الوطن والدين ، وأصبحوا حزبين متعاديين أشد العداوة ، واذا اعتبرت الأحوال ربما — ١٨٤ وجدت لمحمد بن ناصر العذر ، لأن أكثر المسلمين كانوا معه حتى بايعوه بالإمامة ، وعاش إماما يقوم ويقعد باسم الإمامة ، ولم يقل أحد من أهل العلم إنه أحدث حدثا يوجب خروجه من اسم الإمامة ، وكانت القبائل معه ، وأما خلف بن مبارك بخلاف ذلك ، ولكن للضعف أسباب منها الجائز ومنما غعف الجائز ، وأهل عمان لا يليق بهم والأعداء محيطة بهم من كل جانب ، إلا أن يكونوا يدا واحدة ، ولسانا واحدا ، ويتركوا كل ما يخل بموقفهم ، و إلا أكلتهم الأمم المحيطة بهم ، وهم فى فخ عداوتمم لبعضهم بعضا ليس ولعمر الحق هذا من صفات الرجال الأحرار ٠ ولم يصرح لنا التاريخ عن الصفة التى تولى بها سعيد بن الإمام أحمد الأمر بعد أبيه ، هل هو بولاية العهد له أ أم باتفاق العلماء الذين هم الحجة فى الإمامة ؟ أم تولى بحكم القهر والغلبة مع أن أخويه سيف وسلطان نافسا أباهما على الأمر وقاتلاه كما عرفت ، وقبضا على سعيد المذكور وأودعاه لسجن ، وهما هنا موجودان ولم يعرف لهما نزاع فى الأمر،ولامقال ولا احتجاج ٠ وكان سعيد المذكور فى عهد أبيه تولى نزوى ، وهذا يدل على مكانته من أبيه إلا أنه لم يحسن العمل فعزله أبوه وولى غيره ، وكان أهل نزوى ممن يكرهه حتى شكوه الى أبيه ، وكان الشيخ الصائغى كذلك وهو من أهل نزوى لا يرغب فى سعيد بن الإمام أحمد ، بل اعترض له عمله ٠ قال ابن رزيق إن الإمام سعيد بن الإمام أحمد أحدث أحداثا بعمان غير صالحة ، قال : فمقته أهل عمان كافة ، ومالوا الى أخيه قيس وهموا بعقد الإمامة له فى المصنعة ، ومعهم سيف وسلطان وطالب ومحمد ، ولم تنته القضية ، وأرجأو ها الى العاصمة ا لسعيدية الرستاق ، فتوجموا إليها ، وكان سعيد المذكور فيها وأرسلوا إليه بالحضور معمم فلم يحضر ، ولمعله خاف على نفسه فأرسل اليهم بالضيافة ليشاغلمم بما — ١٨٥ — عن الحضور ، ولما تحقق الأمر الذى اجتمعوا له باغتهم بإطلاق مدافع القلعة عليهم ، ووافق ذلك حال فراغهم من الأكل ، فتفرق القوم عن غير شىء يحسن السكوت عليه ، وكان اجتماعهم بمحلة قصرى من الرستاق ، وتبعثر الرأى الذى بيتوه ، ولعلهم رأوا نار المفتنة تشتعل بهم ، فغضلوا التأخير الى وقت أخير ٠ حتى فى السنة الثانية من ولاية المذكور ، اجتمعوا فى نخل لمذا الصدد بعينه ، وكان بها محمد بن سليمان بن عدى اليعربى ، وطلبوا حضوره معمم ولم يحضر ، ولعلهم رأوا منه العداوة وهم فى بلاده ، وكان أيضا أرسل لمم بالطعام لهم ولدوابهم ، ولعله خائف من الأولى التى وقعت عليه من نائبه فى عهد الإمام أحمد بن سعيد ، وخرجوا من نخل ولم يتم لهم أمر ، وعلى كل حال إن الأمور مرهونة بأوقاتها وفساد الرأى اذا تردد ٠٠٠٠ -- ١٨٦ - حمد بن معيد بن الإمام أحمد بن ميد كان للإمام سعيد بن الإمام أحمد ، ولدان هما حمد وأحمد ، وكان لكل واحد منهما كياسة وعقل، وكان حمد أعقل الرجلين، ولعله أدحاهما، ولما رأى عدم قابلية أهل عمان لأبيه سعيد ، وأن عدم قابليتمم له لابد أن يؤثر على الأمر، وكانت له أفكار بعيدة، وكان أيضا يحاول الملك من أبيه ولكقه يرى أعمامه سيف وسلطان وإخوتمم حوله كالأسود الضارية ، ومثلمم كما قيل من تلقى منهم تقل لاقيت سيدهم ، فأراد أن يدخل الحظيرة من بابها ، وقد ممد سياسة لمرامه قد لا يفطن لها منهم إلا غواص ذو فكر ثاقب ٠ قال ابن رزيق : كان حمد داهية من دواهى العرب ، لما رأى أحوال أبيه لا يقتضيها الحال، فعند ذلك التفت الى أهل عمان بما يقربهم منه، وتدخل فيهم وفتح لمم باب الاتصال رامزا الى والده استكشاف ما عندهم ، والاطلاع طى ما تقضيه نواياهم ، ولم يبسأم والده من ذلك ، فكانوا يأتونه زرافات ووحدانا ، وكان لأبيه بمنزلة الوزير ، وكانوا يأتونه يتوسلون به الى أبيه فيما يهمهم ، فيقوم معهم ويكرمهم ، فأحبوه وأخلصوا له المعاملة كما ينبغى ، واذا رأوا من أبيه شيئا يحذرون منه أو يخافونه ، أتوه فقام معهم ، وبذلك فال منزلة فى قلوبمم ، وسار به حديثهم، ويقرب أهل العلم والفضل والورع ٠ قال ابن رزيق : فأحبه أهل عمان وزاد بغضهم لأبيه ، وتآمر هو وبعض أهل عمان فى الاحتيال على أن يتولى الملك عن أبيه، لأنه الأحق به، وسوغوا له ذلك ورغبو، فيه، ولكنه يتظاهر لهم بضدذلك ٠ ولعله ٠٠٠ ٧ه١ ٠٠ سياسة منه ، ولعله خوخا أن يطلع عطيه أبوه ، فلم يفتح لأحد منمم باب مجارات فى الموضوع ، ولكنه يعمل ف نغسه فغس المطلوب ، وم بحسب الظاهر يتباعد عن الصدد بعيدا ، ويمنع الحديث فى الموضوع أصلا ، ولكقه يعطى الولفدين عطاء هاما ، وييذل لهم بذلا فوق الحد ، وهكذا كان حاله حول هذا المقام المام ٠ قال ابن رزيق : وأكثر النقل هنا عنه ، وإن كان بعبارة أخرى لأنه فى الغالب لا يعبر تعبيرا صحيحا ، بل يأتى بكلام العامة ٠ قال : ومازال حمد المذكور يتحين الفرصة ليتناول ما بيد أبيه من السلطة ، حتى ثارت فتنة بين أهل اليمن ، وأهل النزار من أزكى ، ووقعت بينهم حرب دامت مدة ، وسعيد يسمع ويرى ولا يتحرك ، فقام حمد على أبيه فى هذا الصدد ، وثار سعيد بجمع كبير من أهل عمان ، وبالأخص أهالى الرستاق ، وبعد ما تمت قضية أزكى قام حمد لأبيه قائلا : إنك وليت على مسقط محمد بن خلفان بن محمد البوسعيدى المعروف بالوكيل ، وإن محمدا المذكور أخرج العسكر الذين تركتهم أنت فى الحصن الشرقى، وكذلك عسكر الحصن الغربى ، واستبدل بهم صبيح الضويانى فى الحصن الشرقى ، وكذلك الحصن الغربى ترك فيه مسعود بن أحمد البارحى ، وهذا يدل على تصرف يوهم الاستبداد بالأمر ٠ فقالسعيد:ماأظنذلك إلا لمصلحة لنا، وما يراه الحاضرلايراه الغالب،فكانسعيد يحمل القضية على محمل حسن، وهو مطمئن من المذكور لا يعتقد فيه إلا الطاعة، وكان حمد يريد بذلك غتح باب الدخوله -١٨٨- على الأمر الذى بيد أبيه ، وهنا قال له : اكتشف للأمر أرسل له يرسل لنا در اهم وأرزا لمقابلة شئوننا هنا ، فإنه قد اجتمع معنا خلق كثير ، ويحتاجون المى عطاء ، واكتب له ذلك بخط يدك خاصة ، فإن أرسل المطلوب ، فهو كما تعتقد أنت ، و إلا فالرجل ليس بواليك ٠ فواغقه وكتب الإمام سعيد لمحمد بن خلفان بالمطلوب ، وإذ ذاك دس حمد لمحمد بن خلفان اذا جاءك كتاب من والدى يطلب كذا وكذا من . الدراهم والأرز ، فلا ترسل له شيئا ، فقد حصل كفايته من هنا ، واعلم أنه يريد الهجوم عليك بالقوم الذين معه ليخرجك من عملك ، لأن الناس قد أوحشوه بك لما بدلت العسكر ، وإنك شريت جملة من العبيد ، وإنك بسطت لصبيح بالعطاء تريد ليكون معك وإفك رفعته فوق قدره إذ أمرته أن يدخل سوق مسقط على حصانه والمعسكر خلفه ، وأمامه ، وهكذا فى سكك مسقط ، وإن هذا كبير قد تأثر منه فى نفسه وأضمر لك ما أضمر ، وكذلك تقريبك لمسعود بن أحمد البارحى ، وبذلك العطاء له داخل فى نفسه ، وإنك أمرته يتعمم بالشالات الكسميرية ، وهى ملابس فاخرة يتزيا بها الأكابر فى ذلك العهد ، واذا أرسلت له ما طلب ليصلك بخيله ورجله ، فيعزلك من الولاية اذا سلمت من القتل ٠ قل وتلك مكيدة من حمد وحيلة منه يريد بها أن يصل الأمر إليه من أبيه ، فوصل كتاب حمد الى المذكور محمد بن خلفان الوللى ، قبل أن يصل اليه كتاب أبيه ، فلما قرأ كتاب حمد ظنه إخلاصا منه ومودة ، وتصور صدقه ، وأنه له ناصح أمين ٠ ولما وصله كتاب الإمام سعيد ، وعرف ما فيه ، قال له ارجع - ١٨٩ - إليه ، وقل له يقول لك محمد ما عندى لك شىء ، وهذا جوابه شفاهيا غقط ، ولما رجع الرسول الى سعيد وأخبره بما رد عليه محمد بن خلفان ، وعند ذلك خلا بولده ، وأخبره بجواب الوالى له ، وأنك ياحمد صدقت فيما قلت ، فقال له حمد : أنا ما قلت لك إلا حقا ، فإن لى رجالا بمسقط يكاتبوننى عن صنيعه كله ٤ فإنك صرفت همتك عن مسقط ، غلا تظن أن مسقط لك ، فقال له : ما الرأى إذن فى القضية ؟ فقال له حمد : أرسل ولدك أحمد ليناصحه ويتعرف حقيقة الرجل ، ليطلع على أخباره ، ثم يرجع إلينا حتى نعلم حقيقة الأمر عنه ، ولسنا بمنصرفين من أزكى الى الرستاق، ولا الى غيرها حتى يرجع إلينا ولدك الأخ أحمد ٠ واتغقا علىذلك، وهنا قدمحمد لمحمد بن خلفان الوالى كتابا إذ أتاك أخى أحمد أحبسه وأودعه القيد ، قبل أن يحبسك ويقيدك ، فاذا فعلت ذلك قطعت طمعه منك وطمعه منك وطمعه من مسقط، وأرسل به رسولاعانيا،وسرإليهبذلك٠ فلما وصل أحمد مسقط حبسه الوالى وقيده فى الجريزة ، وهرب أصحابه الى أزكى وأخبروا سعيد الإمام بالواقع، فتأثرمنه وعيل صبره ، ورأى نفس الأحدوثة فى الناس كبيرة ، وقال لولده : حمد هذا عاقبة رأيك الذى قلت لى به إنه الرأى السديد ، فأجابه حمد : أرى أن نمضى الى مسقط بمقدار هين من الرجال قدر مائة رجل فقط، فننزل روى وأنا أمضى الى مسقط ، واجتمع بمحمد بن خلغان ، وأخلص أخى من حبسه،ثمآتيك به فقال سعيد، أما تكفى الأولى عن الشانية، أى ربما حبسك أنت فتكون الرزية أعظم ، والجريمة أجل ، وكأنى به فاعل ٠ وكان علىوجمه لايظن أن القضية هىعمليةحمد، فعذله ابنه - ١٩٠ -د حمد قائلا : دع الوساوس وطاوعنى فى هذا الأمر ، وألح طى أبيه وأكثر له المقال، وأطال معه الجدال، والوالد الحنون يتلوى على الابن الثانى لمحبته له ، لا يرضى أن يلحق بأخيه فى الأسر والشماته ، ومازال حمد بأبيه حتى وافقه ومرجل غافل لا يظن فى الولد إلا خيرا ٠ وكان حمد يحاذر أن لو وصل الإمام ، وقبض مثلا على الوالى أن يبين منه ثى، دسائسه ضد أبيه وأخيه ، فتنقلب الأمور عليه قبل أن يتمكن على الحصول من نتيجة العملية التى وضع خطتها ، ورتب مجراها ٠ ولا ثمك أن المأخوذ غافل، والملك له ثمن، والنفس تتطلبه بما عز وهان لا سيما أولاد الرؤساء ، فإن هذا أمر وضعه اشه فى الطبيعة البشرية من أول عهدها ، ومازال التنافس عليه فى العرب والعجم ، ولولا ذلك لما احتاجت الأمم الى التطاحن بالمدافع، ولما هلكت الجيوش العظيمة بذلك،وكمممنقتل أباه على الملك فضلا عن غيرهم، وعند هذا الحال كتبحمد المى الوالى محمد بن خلفان يقول له : اذا وصلك كتابى هذا أجمع أهله مسقط ومطرح وخدامك وعسكرك ، وانزل بهم فى سيح الحرمل، وهذا السيح هو الذى تقع عليه الآن مطرح الكبرى، فاذا أبلغك عنا أنفا نزلنا روى أبعث لنا رسولا ومعه كتاب منك للوالد تقولفيه : إن كنت تريد إطلاق ولدك أحمد فليأتنى ولدك حمد ، وله الأمان منى ، وامكث أنت ومن مك فى روى ، فاذا تقدمت إلينا فترا من روى تقدمنا إليك بخيلنا ورجلنا والسلام ٠ وأرسل حمد بكابه هذا رسولا سريا، فلما وصله هذا الكقاب جمع س ١٩١ - الوالمى جموعه كما أمر حمد ليوهم سعيد بن الامام القوة عليه ، وكان المذكور غافلا، والعملية تمشى فظلامغغلته، فلما وصل الإمام سيد روى ، أخبرهم العوام من الناس الذين لا علم لمم إلا بظاهر الحال ، وكلمن القابضون بسد روى وأهل البلد روى يخبرون سعيدا وولده عن الجمع الذى جمعه الوالى ، وأنه معسكر بسيح الحرمل بجيش ضخم ٠ فمكث سعيد ومن معه فى روى ، ومضى حمد الى الوالى ، ولما تصافحا وهش أحدهما صاحبه ، والعملية بينهما لها مقامها ، ولما أثرها وشكر محمد بن خلفان رعاية حمد له ، وكان حمد ماكرا بالرجلين معا ، ومحتالا عليهما، وتبادلا الحديث، وكل واحد منهما يثكر الآخر على حسن الصنيع معه، والحيلة ماشية فى نشاطها، فأمر حمد بإطلاق أخيه أحمد ، وأنهما يرجعان معا وأبيهما الى الرسقاق لإتمام البرفامج المخطط ، وكن أنت يا محمد مكانك لا ينازك فى الملك منازع، وسوف أعود طيك بعد استقرارنا بالرستاق ٠ وحقيقة المعنى لأضعن والدى وأخى بالرستاق ، وأصل أنا لسلخك من الحكم ، وقبض الأمر عنك ، والظاهر أصلك لحسم الصلح بينك والوالد، فإنا لا نرضى لضياعك أنت ولا نرضى ما يريده الوالد فيك، وأنت الحر اليقظ الذى قمت بالواجب ، وأيدت الدولة ، ولك عندنا مقام ، ونحن معك لا مع الوالد الذى يريد هدم هذا البناء الشامخ والركن الباذخ ٠ ووضع لمحمد بن خلفان وضعا نام عليه فى وطاء مميعء على حسب الظاهر، وللرجال عوائل لها تأثيرها، وبعد رجوع الإمام سعيد وأولاده وخاصته الى الرسقاق ، تصور له أن مسقط خرجت من يده ، وأن محمد ابن خلفان عاض عليها بالنواجذ ، ولعله عنده من يؤيده ، وبالجملة — ١٩٢ -- استولى اليأس على الإمام المذكور من مسقط، وبقى حائرا لا يعرف الطريق الموصل الى حل هذه الأزمة الجاثمة على كاهل إمامته ٠ وبعد أيام قام حمد لأبيه قائلا : ألك يا والدى حيلة على قبض محمد ابن خلفان أو قبض ما فى يده بغير حرب ٠ فقال : لا ، وماذا أفعل ؟ وقد تمكن الرجل من الأمر وساعدته الأقدار ، فجمع أموالا وافرة واستجلب لتأييده أناسا ، وربما ساء ظنه فى إخوته الذين عرفت منافستهم له سابقا ، وقد تبين منه العناد والرد للأمر ، وهذا يعبر عما هو عليه ض المخالفة, ثم قال لأبيه بعد ما تحقق عجزه : أرأيت إن عملت حيلة وأخرجت الأمر من يده ، وتمكنت منه أنترك لى ذلك ؟ قال : نعم قال : أتعاهدنى على ذلك ، وعلى أن تترك لى حصون عمان أدبرها بنفسى إلا حصن المرستاق، ولك على الطاعة والامتثال فيما يرضاه اش ٠ فقال له: نعم، نظرا لأن أمر الولد لا يبعد عن يد الوالد، فأجابه على ذلك من غير تردد ٠ والظاهرأن هذا الحال لايدلطىعقل مميزولاعلى وعى صحيح، قالع حمدلأبيه : أنا أذهب الى مسقط لتدبير الأمور، واذا وصلك كتابى أدعوك فيه للوصول الى مستط ، فأسرع الكرة ولا تتعرقل ، وأقدم بمن معك من الرجال ، ثم عزم الرجل على تنفيذ خطته ، واصطحب معه قدر رجل ، فجاء مسقط مباغتا مع أنه كان قد مهد له طريقا يبسا لا يخاف معه ولا يخشى ٠ ولما نزل الجريزة، وكانت المناخ الصالح، فأجلس رجاله فى - ١٩٣ — مناخه ، وذهب هو الى بيت الموالى ، فلما تلاقيا هو ووالد الوالى خلعان ، تصافحا وربما تعانقا ، وبعد حديث ودى دار بينمما عاجلا منه ، جئت لأصلح الشأن بينك والوالد، وبين الوالد وولدك محمد، ذلك هو أن يدفع ولدك محمد للوالد كذا كذا من الدراهم سنويا ولمحمد ما قبضت يده من المعاقل لا ينازعه فيه منازع، فسر خلفان بذلك وأنعم له بذلك إنعاما قلبيا ، وطلب حمد المقام بمسقط ثلاثة أيام ، فأجابه البلاد بلادك غأقم بها ماشئت لاحرج عليك، وطلب أن يخلى له جانمب من بيت النواب ، فأخليا له ذلك وسبقت إليه الفرش والأوانى ، لأممما رأياه أحسن إليهما الإحسان الكامل ، حيث أعطاهما ملك مسقط وتوابعما بعد ما كان المذكور واليا أصبح حاكما ٠ وفى الليلة الثافية خرج عندما تمكن الليل وهبط الظلام على الأرض، وحمل معه شيئا من النقود ، ومعه خمسون رجلا من قومه ، وسار توا المى الحصن الشرقى، فلما كان بالباب الأول من الحصن نادى باعلى صوته صبيح الضويانى أميم عسكر الحصن ، فأقاه ففتح الباب وأدخل حمد الحصن هو ومن معه من الرجال ، فلما رأى حمد أفه تمكن من الحصن، قال للضويانى المذكور : لقد كفرت النعمة التى أفعم بها عليك أبى أيام مقامك معه بالرستاق ، فصرت لنا بعدما أفعمنا ليك عدوا أزرق ، ما حملك على ذلك ؟ وكان الضويانى يعمد أن حمدا والوالى على حال اتحاد، فلذلك أدخله الحصن، ولكنه عن أن الدخول فى مشل هذا الوقت فيه مافيه، ئم قالحمد للضويانى : والدى أرسل لك هذا المال، وأمرنى أن أقعد معك برجالى حتى يأتى هو الى مسقط ، وأمرنى آن أبلغك أن تعصى أمرمحمد بن خلفان،فإنهعاملنا فلا تطعه فى ل شىء م١٣ - عمان عبر التلريخ ج> ) - ١٩٤ - من الأمور فاذا جاء الى هنا أن ترده خاسئا أو تطلق عليم النار ثم أى أحد من رجاله ٠ فامتثل الضويانى أمر حمد، وأخذ المال وأعطى الشراع وجهة الريح لا سيما رأى أفه مغلوب طى الأمر ، ومقمور فى حصنه ، فلما رأى حمد تحقق أمر الحصن ، هبط وأبقى أصحابه الخمسين رجلا فى الحصن ، ثم توجه الى الحصن الغربى ، وكانت العملية هى هى نفسما وكان الثعارف بينه والبارحى منذ مدة قد تقرر ففتح الباب ، ودخل حمد ومعه الخمسون من رجاله، وأفاد البارحى أن الملك لكموأنمحمدبن خلفان عاملكم ولا مانع لدينا ، ويا بواب افتح لا سيما حين طم أن الحصن الشرقى الآن فى يد حمد ، وأن رجاله فيه ، وأن الضويانى سلم الأمر له ، فقال حمد لمسعود نفس ما قال للضويانى ٤ فإن أتاك هو أو أحدمن رجاله أطلق عليه الرصاص ٠ ولما تمكن من وضع عمليته هنا هبط أيضا وقد نال ما طلب ، وقد أنغذ خطته كاملة كما أرادها ، وكان ذلك كله فى نفس الليلة المشار إليها ، وخرج حمد منهيا عمليته فى الحصنين ، يريد الحصن الشرقى واذا بماجد ابن خلفان أخى محمد بن خلفان فى الطريق ، وكان متخفيا فظنه حمد بن سعيد ، فجاء الى أبيه قائلا ، إن حمد بن سعيد راح الى الحصن الشرقى ، وقد احتال عليك ووضع برنامجا عنده للحتيال ، فغالطه أبوه بأن حمدا عندى أسراره والى يلقى ما عنده ، فلا تظن الأمر غير ما عندى ، فقال له : اذهب الى مناخه فى بيت النواب ، فإن وجدته ووجدت أصحابه معه فالغلط منى، فسارا معا واذا بالمكان خالى إلا الفراش فقط والأثاث، . ١٩٥ فعلم محمد بن خلفان أن المكيدة قد انتهت من حمد ، وأن تلك المراسلات كلما خداع ، فافتظر محمد بن خلفان طلوع الشمس ، وإذ ذاك تجمز فى خدمه وحثمه ، وسار يريد الحصن ، فلما دنى منه أطلق عليهم الرصاص ثم رجعوا الى الحصن الغربى فكان الأمر كذلك ٠ وبذلك سقط فى يد محمد بن خلفان هذا ، وعلم أن الأمر انتمى لحمد ، فوجع الرجل الى بيته يفكر فى الحادث على هذا الوضع ، وماذا يكون بعده وعند ذلك أرسل حمد الى أبيه بالثورة عاجلا ، فجاء أبوه بقوته العاجلة حتى دخل مسقط ولا منافس له ولا منازع، وإذ ذاك أطلقت من الحصنين والسفن الراسية فى الميناء ، ونشرت الأعلام المخبرة عن الواقع وهبط حمد لمقابلة والده ، وأرسل الى محمد بن خلفان أن يحضر، فحضر المكل فى بيت الجريزة ٠ ولما استقربهم الجلوس قالحمدبنسعيد لمحمدبن خلفان : قد عزلناك عن الولاية، وسامحناك عماسبق منك من الإساءة والاجتراء طينا فلك الأمان منا ، فمضى محمد بن خلفان وإخوته وأبوهم معا الى بيتهم ، ثم بعث حمد الى سليمان بن خلفان بن محمد ، فولاه مسقط وقد قبضها حمد فطقها عن خلفان وأولاده بعيدة بوضع رجاله فى الحصنين ، وتولاها عن الوكيل وأبيه ٠ والحقيقة أن هذه العملية كان المقصود بها والده سعيد ، وهو الذى رفع قدر محمد بن خلفان المى المحل الذى رمى به منه ، لأنه لم يكن عمرو ابن العاص ، وإنما كان أبا موسى الأشعرى ، ومكث سعيد بن الإمام أحمد فى مسقط ثلاثة أيام،ثمعاد الى الرستاق،وقدعلم أن أمر ملك — ١٩٦ - عمان بيد ولده حمد ، وأنه هع تحت مراحم حمد المذكور ، فكانت الرستاق وطن سعيد بن الإمام لا يخرج منما إلا لغرض خاص ، ثم يعود إليها وبقى حمد وحو السيد المطاع، والملك المتبع، فأصبح له الحل والمعقد فىعمان كلما، وجاءته القبائل خاضعة ومسلمة إذكانت معه ف عمد ملك أبيه كما قدمنا، وسار سيرة حمده المسلمون فيها، وعدل فى الناس وكان كريمامطلقليد، وأحسن الى الكثير من الناس، وكان على حال يرغب فيه المسلمون من حسن الرعاية كما سبقت الاشارة عنه ٠ قال ابن رزيق :فكانمنجملة خاصته من أهل العلم والورع، الشيخ القاضى مبارك بن عبد اشه النزوى ، والشيخ سليمان بن ناصر المهللى ، والشيخ أحمد بن ناصر الحراصى ، والشيخ خميس بن سالم الهاشمى ، والشيخ فضل بن سيف اليحمدى ، وغيرهم من أهل العلم والورعوالفضل، وجعل مسقط وطنه الخاص ٠ - ١٩٧ — الحرب بين المعاول واعل فخل فى أيام حمد المذكور ، قامت حرب بين أهل نخل والمعاول ، سببها ثورة أهل نخل على حجرة الجناة التى لآل مهلل على رءوس أفلاج أهل نخل ، وكان بناء تلك المحجرة مراغمة لأهل نخل بمساعدة من السلطان سعيد بن الإمام أحمد بن سعيد أيام احتلال نخل ، وف هذه الأثناء وجد أهل نخل متنفسا لهم، فثاروا على الحجرة المذكورة ثورة موحدة، فقضوا عليها ، قتل فيها من قتل من الطرفين ، ولكن انتصر فيها أهل نخل ٠ وعند ذلك قام المعاول مناصرين لآل مهلل ، إذ هم من أهل عصبتمم ، ولم تزل الحرب فى اشتعال ، وسعيد الذى هو السلطان أصبح سلطانه المى ولده حمد ٠٠٠ وكان المذكور متعصبا لآهل مهلل ، ولعله يرى تلك الثورة مخالفة، وأنها لم تكن عن اتغاق ٠ قال ابن رزيق ، الذى هو المعنى بهذه الحوادث : ولما اشتدت الحرب بين المعاول وأهل نخل من قبل هدم أهل نخل لحجرة الجناة التى لأولادمهلل، أعان حمد المعال علىحرب أهل نخل بالمال والرجال ٠ قلت : ما كان ينبغى من الحاكم الذى هو المرئيس العام ، أن يعين فريقا على آخر أو طائفة على أخرى ، بل عليه أن يقوم لإطفاء الفتن وردع المثيرين لها ، اللهم إلا إن لم يكن قادرا عطى الإنصاف ، وتحقق عجزه ٠ قال ابن رزيق : أخبرنى غير واحد أن حمد بن الإمام معيد حشد أيام حربه لنخل من أعراب جعلان ، وهم بنو بحسن وحلفاؤهم ، وأضاف ١٩٨- إليمم أعراب الساحل ، وأهل الرستاق وغيرهم من الحضر ، قال : فركض بمم عطى نخل ومعهم رجال المعاول قال : فانكشف جيشه ٠ قلت : لعل فى الجيش خيانة وإلا فنخل يكفيها المعاول إن كان القيام على الحق ، اللهم أن يكون مع أهل نخل تعصبات من أفاس آخرين ، وهذا من الغلط الذى يقع فيه كثير من الحكام الذين لا يجالون بإخلال أحوال المنصب العام ، الذى يستدعى أن يكون الحاكم الميزان المعدل فى الأمة ٠ قال ابن رزيق : ثم رأى أى حمد الصلاح فى إصلاح شأنهم ، أى بعد ما انكشف جيشه وتحققت ، راح الى بركا ٠ قال : فاستدعى مشايخ الجبور الذين فى بركا والحكمان والنوافل ، فأرسلهم المى والى نخل ليأتوه به لإتمام المصلح ، وكان الوالى المذكور ممنا بن محمد بن سليمان اليعربى ، الذى مازال فى نخل منذ الإمام أحمد بن سعيد : فقام المشايخ المذكورون بما كلغوا وكتبوا للوالى المذكور ، فلبى دعوتهم بمن معه ، وجاء على طريق الطو تفاديا من لقاء المعاول ، وليكون أهل الطو العضد له ، ولعل المشايخ المرسلين إليه كدوا قاصدين إليه ، فالتقوا بعقبة الطو ، وكانوا جمعا كبيرا فتوجه الكل الى بركا ، فلما تقابلوا عند حمد ، تمم الصلح بينهم ولم يبينوا حقيقة الصلح على أى صفة كان ، ولعله علىهدمماوقع ٠ قال ابن رزيق . واستفتى - أى حمد - أهل العلم فى حربه لنخل ٠ قال : وزعم أن حربه لهم لرأى رآه استحقوا به الحرب ، قال : فلم يلزموه الضمان ، أى لأنه كان مستحلا لحربهم ، قال : فتاب عما كان منه ، أى ليس عليه إلا التوبة ، وهو المفروض على المستحل إذ رأى هو أو رأى من يعتمد عليه من أهل العلم خطأه فى حربه ، والمرجع الى الشم ٠ - ١٩٩ - قال فضرب الطبل فى حصن بركا بالأمان على أهل نخل ، وقال حمد لمهنا الوالى : ارجع الى نخل فإنى ساتيك ، أى لإتمام الصفا وإعلان الوفا ، ثم جاءه حمد المذكور لإصلاح الشأن بين الوالى عن اهل نخل والمعاول من الشق الثانى ، وجمع حمد الكل لإصلاح الشأن ، وقابلهم مهنا الوالى بنخل بما يليق إذ استضاف الكل ، ثم عاد حمد أيضا المى نخل بصفة ودية سه والوالى لتدعيم العلاقة فى المستقبل ، ودخل الحصن عند صلاة الفجر ، والتقى بالوالى وصليا معا ٠ وقعدا يقرأن القرآن حتى طلوع الشمس ٠ وكان حمد المذكور وصل نخل مفردا فقط ، ثم تواصل أصحابه عند الضحى مبلغ ألف رجل ٠ هذا خلاصة ما فى المقام مع ترك إطالة الحكاية عنهم حيث نوخوا ، وحيث يتتاجون ، وماذا قال أحد الزعيمين للآخر الى آخر ما جاء لابن رزيق مما يشبه أقصوصة ألف ليلة وليلة ٠ ٢ اعمال حمد بن سيد ايام دولته قال ابن رزيق ، وهو يصف أعمال حمد بن الإمام سعيد قال : بنى برجا على مكلا مسقط ، أى ثغر البحر عند المدخل الى ميناء مسقط ، فقال مصحح ابن رزيق ، يصف المكلا : جمهورية اليمن الجنوبية ، ولم يعلم المكلا الذى يعنيه ابن رزيق ، فذهب بسموه الى البلد المعروف بهذا الاسم فى اليمن ، ولم يسبق لهذه البلدة أو المنطقة ذكر فى تاريخ عمان ، فهذاليس من التصحيح ، لكن من البلية إسناد الأمر المى غيرأهله ، وكم مثل هذا ٠ قال ابن رزيق : وأودعه — أى برج المكلا - مدافع كبارا، أى لأئه فى وجه الداخل لثغر مسقط ، قال : وبنى قلعة بروى ، وهى المعروفة حتى الآن ، وبنى قلعة بحصن بركا ، وأدخل فيها المدافع الضخمة التى تليق للدفاع فى ذلك العصر ، قال : وأمر بصنع باخرة حربية فى زنجبار ، وهو الذى سموه الرحمانى ، وكان مركبا ضخما بديع الصنعة ، غريب الشكل ، يحمل ثقلا كبيرا ائتهر فى دولة آل بوسعيد ، واستقضى فى بركا الشيخ سالم بن محمد المعروف بأبى الأحول البلحسنى الأزكوى الشاعر الأديب ، وأحسن اليه كما ينبغى ، وعلى كل حال أن الإحسان فى أهله شبه الواجب ، بل مما تحمد عقباه ٠ ويسجل التاريخ لصاحبه الثنا، الحسن الجميل ، ويبقى أحدوثة حسنة حليلة الدهر ، من ذلك أنه أمر ببناء بيت خارج سور بركا ، ولما كمل بناؤه ساق اليه التمر والأرز والسكر والأوانى اللازمة ، حتى الصناديق المعتاد استعمالمها والفرش التى يستدعيها الحال ، ثم أرسل — ٢٠١ ب الى أهل الشيخ للوصول الى بركا على اسم الشيخ المذكور، وكان الشيخ بحصن بركا قائما بأعمال القضاء فلما وصل أهل الشيخ بركا، وكافوا ظنوا أن سالم مريض ، فاستدعى وصولهم اليه ، أمر حامليهم أن ينزلوهم فى ذلك البيت ، وأمر أن يخبروا أن البيت بيتمم ، وأن كل ما فيه لمم ، خلما بلخه وصولهم قال لسالم : قم لنمشى متفرجين فلما قربوا من البيت ، قال له : إنهذا البيت لك،وكلمافيههو لك، وإن أهلك الذين خلفتهم وراءك هم الآن فى البيت ، فلما دخل الشيخ البيت عجب من الحال الواقع حيث وجد البيت مملوءا من المال على اختلاف الأنواع، غحمد الشيخ اش ، وشكر الأمير حمد شكرا من عميق شعوره ، وفيه قال تلك القصيدة الرائقة التى يقول فى مطلعها: ما بين بابى عين سعة واليمن سوق تباع به القلوب بلا ثمن ومشى فيها يتغزل ويشبب المى أن قال متخلصا : لازلت مقتصرا عليه كما غدا مولاى مقتصرا على الفعل الحسن حمد الذى حمدت جميع خلاله فحلت به للخلق أخلاق الزمن وذهب يمدحه مدحا يعبر عن الواقع من المذكور ،لاعن صفات مستعارة أو مختلفة،وعلى كلحال إن اللها تفتح للما، وتنطق العى حتى يظن أنه من الفصحاء أهل النمى ٠ - ٢٠٢ ولما ثاع صيته ، وتحدث عفه الناس تأثر من حديثمم عمه سلطان ، وخاف منه أيضا عمه سيف بن الإمام أحمد لمقدمات جرت بين سيف وأخيه سعيد والد حمد ، حيث قيده هو وأخوه سلطان ، وحملا ء الى كوت مسكد كماعلمت ذلك مما سبق، وأن الخادم ابن منح أخرجه من الكوت والمدفع يدوى فى جبال مسقط ، ووالده فى بيت الجريزة ، لهذا ولما بقى فى النفوس خرج سيف المذكور الى لاموه من أفريقيا الشرقية من أرض الزنج ، وإذ ذاك خاف حمد من عمه سيف ما يريد أن يصنع فى تلك الأرض وهى مستعمرة عمانية ٠ ولما وصل وجد عمه سيف ميتا ، فرجع الى عمان وبقى عمه سلطان ، وكل واحد منهما يخثى بأس الآخر ، وكان سلطان وسيف متواليين وهما شقيقان ، فعد سلطان مسير حمد الى لاموه ضغينة وحرجا كبيرا ، حيث إن سيف تزك حمدا لا يعارضه فى أمر عمان ، وأضمر له العداوة ، فجاء سلطان الى نزارية وادى سمائل كما يقول بن رزيق ، وطلب منمم المناصرة على حرب حمد بن سعيد المذكور ابن أخيه ، فعاهدوه على المناصرة، فأول شىء عمله اقتحم على حصن سمائل فتولاه، وطرد مفه عمال حمد ، وكان دوخلهم له هن جهة السوق ، ثم خرجوا منه حيث طردهم البرج المربع منه ، فلم يقر قرارهم فيه ، وعند ذلك زحف سرحان ابن سليمان الجابرى السرحانى على عوامر سيجا ، وكانوا من أنصار حمد متحصنين فى حجرتمم ، فاحتلها منهم وشرد بهم ، فغضب حمد على بنى جابر وتأصلت عداوته لعمه سلطان ، فجاء بجيش ضخم ، ولما وصل لم يجد من يكون معه لما جاء به ، ووقعت الخيانة فى الجيش ، فتعللوا له بعلل رآها ترده على ورائه ، فرخص الجيث كله ، وتوجه - ٠٩٢٠٣ حو الى مسقط، ولم يعول على شىء فى وادى سمائل ، وأعرض عن حرب بنى جابر ، إذ رأى فى قومه مالا يرغب فيه وللناس أنظار ٠ ثم رجع حمد من مسقط الى الرستاق ليتفاهم مع أبيه فيما هو بصدده ، ولما علم سلطان بتوجهه الى الرستاق هاجم سلطان مطرح بقومه من وادى سمائل ، فدخل عليها من عقبة مراخ شرقى الوطية ، فنهبوها وحملوا أموالا طائلة ، ثم ضرب معسكره بدار سيت شمالى بيت الفلج، وإذ ذاك جاءه والى مسقط سليمان بن خلفان بن محمد الوكيل القائم بها من طرف حمد بن سعيد ، وعنده جمع من خدام وأحرار وعساكر مسقط ومطرح ، فكان جمعا كبيرا ، فالتقاهم سلطان بمن معه من نزارية وادى سمائل ، يعنى الغافرية على رأس عقبة دار سيت ، فانهزم الوالى وجيشه ، ووقع فيهم قتل كثير ، وجراح أكثر أثختهم ، ورجع عنهم سلطان وجنده من جبروه ، وبقوا فى دار سيت ، ولم يقدر الوالى أن يعود عليهم مرة أخرى ، ثم عاد سلطان الى وادى سمائل ، وضاق حمد بسلطان ذرعا وأهمه أمره كثيرا ، وبعد عهد غير طويل ، تواقف كل واحد منهما عن صاحبه ٠ وفى هذا الحال غزا حمد أهل وادى السحتن ، فمدم بروجمم وقمر قوتهم ، ثم توجه لمسقط وأقام بها أياما ، ثم توجه الى نزوى وحشد الحثود من قبائل الداخلية، فهاجم بهلى إذ كافت فى راشد بن مالك السبرى من أهل العراقى،وما كان مع راشد المذكور من الرجال المعول عليهم إلا قدر سبعة رجال ، وكان بينه وبين بنى كلبان عداوة ، وهم الذين أثاروا حمد عطى حرب بهلى ، ولم يشعر بهم إلا وهم محيطون بالحصن ، ومازال راشد بن مالك يموى عليهم هوى الأسد الضارى ، - ٢٠٤- حتى كاد أن يخرجهم من البلد ، فضلا عن الحصن ، ولكن القدر قضى عطيه فقتل بعد ن هاجمهم سبع مرات بأولئك الرجال السبعة، فقتل المذكور وقتل معه رجل يعرف بالشمار، وبقتله سلم الحصن لحمد وتولاه، فولى عليه بنى هناءة ٠ ثم رجع يريد مسقط ، ونجح حمد فى حرب بهلى ، ولكن لم تكن فى صالح بنى كلبان ، إلا أن بنى كلبان كان نصيبهم منها شغوا غيظمم من راشد العبرى ، وقد ذكر شكيب أرسلان أعمال حمد فى عمان وفى أفريقيا بموجز من الكلام ، كما تراه فى العليق والبسط فى بعض الأحوال يتتضيه الحال ، ولكن ابن رزيق يدون القضايا بحسب معرفته ، ويضعها بلغته ، ولا يميز بين القبائل بأنسابها ، وإن ذكر القضايا بأسبابها ، ثم جاء المصحح فزاد الطين بلة، إذ كان لا يعرف المصطلحات العمانية فياخذها كما يفهمها، وكان واجب المؤرخ أن يدرس أولا المصطلحات، وليس له أن يحكم فى قضية قبل العلم بتحقيقها ٠ قال ابن رزيق : وكان حمد يجل عمه سلطان الى حد بعيد ،كما أن سلطان كذلك كما سوف تراه فى كلام الإمام السالمى ٠ قال ابن رزيق : وكان حمد مع عظم هيبته التى سرت فى عمان وغيرها ، اذا ذكر عمه مسلطان يقول ما أظن أحدا من الملوك أهل امقوة والبأس، إلا دون سلطان ٠ قال ٠ واذا ذكر سلطان حمدا قال : لا نظيرلحمد فى الهيبة والباس ٠ وكان مما حكاه ابن رزيق من اهتمام يرويه عن القاضى سعيد ابن أحمد بن سعيد اليحمدى : وكان كثير الملازمة للشيخ فضل بن سيف اليحمدى ، وهو كان كثير الملازمة لحمد بن الإمام سعيد ، وذات يوم ٢ خرج معه من مسقط الى بركا ، ووصل سلطان نعمان قبل وصولمم ، وكلن سلطان يعالج حمدا ليقبض عليه،ومعذلكلماقضوا صلاة الفجر قاموا لقراءة القرآن كما هى العادة معمم ، فاعترل حمد فى جمة خاصة ، وظل يفكر فى هيئة الممموم ، وبعد الفراغ قال لم فضل اليحمدى : أسألك بلشه ما هذا الغكر الذى أنت فيه ؟ قال : أتفكر فى ثلاثة أشياء لاطيبللعيشإلابا،فقاللفضلبنسي فماهى؟ فقال : أولا ممباسة فإن حصنها قوى وحصولما كالمتعذر ، وحلفاء بنى مزروع الونيكة،وهم قوم كثيع العدد، وقد تحالفوا مع المزاريع علىالمناصرةلمم٠ وأما الثانية : فبمبى الهند فمى بلدة كثيرة العدد شديدة العدة ٠ وأما الثالثة: وسكت قليلاثمقال: أعظم شأنا من الحالتين، وهى الرجل الواصل الى نعمان قبل وصولنا، ويعنى به عمه سلطان ٠ فجعله أهم من حرب ممباسة فى عددها وعصبيتها ، وأهم من بمباى الهندية فى قوتها ، فقال له فضل : هو عمك وما معه أكثر من اثنى عثشر رجلا ، قال هو أعظم من أمر ممباسة وبمبارى شأنا عندى ، ثم أمر بالمسير إليه ، فقربت الخيل والمركاب ، ثم توجه اليه فى جمع كبير ، وف أثناء الطريق اذا هم بسلطان ومعه الاثنا عشر رجلا أصحابه ، ولما رآهم سلطان ترجل المى الأرض وترجل أصحا به أيضا للقاء حمد بن سعيد ، وجعل يمشى وخطام ناقته فى يده ، فابتدأه حمد بالسلام ، وهو على ظهر جواده ، ولم ينزل كما نزل عمه والجند محيطون به ، فقال : يا عم تقضل معفا للضيافة ، فأجابه سلطان أنت تفضل معنا ومن معك لتقيل فى نعمان ، فأجابه بالوغلق وذهب معه الى نعمان ، فقال معه طى ضيافقه ، وبقى ٢٠٦ معه الى الظهر ، ثم رجع حمد وسلطان عمه معه مشيع له الى أخريات الطريق ، ثم رجع سلطان الى حصن نعمان ، فسأل فضل بن سيف حمدا فى اليوم الثانى : واجهك عمك سلطان وهو يمشى ويقود ناققه تعظيما لك وأنت لمتنزلمنعلىظهر حصانك وهو والدك، فإن العم بمنزلة الوالد ؟ فأجابه حمد : إنى واللم لعلى ظهر حصانى ، وعمى راجل وفغسى ما تحدثنى بالسلامة ٠فقال له فضل : كيف تخافه والجنود والعساكر من حولك ؟ فقال : لو أن سلطانا عمى سل سيفه النجم - وهو اسم السيف — لما بقى معى أحدا أبدا ٠ وقال آل وهيبة لسلطان وأكثروا عليه : إن حمدا ليس لك بكقوء حتى تترك الملك فى يده ، وأنت قادر على نزعه منه ، فنحن علينا أن نترصد له اذا خرج من بركا ، قاصدا مسقط ، فنبيته ونهجم عليه وأصحابه ليلا ، وبحول اشه لنفرقهم عنه يمينا وشمالا حتى تقبض حمدا بيدك ، وتودعه المقيد ٠ فقال لمم سلطان : دعوا عنكم هذا الكلام، فإن حمدا ليس ممن يقبض باليد ، فلا تتحدثوا بهذا ومازالوا به على هذا الحال حتى خرج حمد من بركا يريد مسقط ، فجاءوا الى سلطان وأخبروه وأنهم بيتوه فى روى، وأنهضوا سلطانا لهذا الصدد، وكان سلطان يحاول هذا الأمر من حمد ، لكن بصفة غير محرجة ، وخرج سلطان بآل وهيية وباتوا بالقرب منمبيتحمد،فحركآل وهيبة سلطانا للهجوم فى وسط الليل، ولم يتحرك ، ولما أصبح توجه الى حمد ، ولم يكن حمد يعلم عن سلطان شيئا حتى رآه مقبلا اليه بصحبه ، فأخذ إبريقا فى يد أحد خدامه وتوضأ وصلى ركعقين ، وبعد ذلك أرسل الى عمه وكان قريبا منه ينتظر فراغه — ٢٠٧ — من للصلاة فلما تصافحا قال لعمه سلطان : أطم ماجئت له، وهذا لا يحسن بكولا يليق منك، وأنا الآن بين يديك، فافعل ما بدالك، فقال سلطان : لا يا حمد لا تظن هذا الظن ، وأنت ولدى وما فى يدك فى يدى ولا يهم الأمر فكن مطمئنا ٠ فافترقا وشيع سلطان حمدا الى المطرح ، وأمر له بعطاء وافر ، ورجع سلطان الى سمائل ، فقال آل وهيية : كيف أفلت الرجل وقد تهيأت لك الغرصة ولميكنعندحمدمن السلاح إلا خنجره فقط ؟ فقال لهم :هبته وما كان بسلطان وهن ولا روع ولاجبن ٠ولكنهيبةحمد حالت بينه وبين سلطان وقصده ٠ وقال الإمام السالمى رحمه اشم ، وهو يتحدث عن حمد وسلطان ، قال : حدثنى من أثق به من أولاد الإمام أنه كان لسعيد بن الإمام أحمد ابنسعيدولد يقال لهحمد، كان قدطلعطلعة حسنة وثار ثورة مباركة، غكان يأمر بالمعروف وينمى عن المنكر فى أيام والده ، وكان أبوه بالرستاق ، وكان هو ٠ ببركا ، وكان يطوف بقومه على عمان باطنة وظاهرة ، ثم يأتى الجوف والشرقية يصنع ذلك فى السنة مرتين يتفقد الممالك والرعايا، وحصلت له فى القلوب هيبة ومحبة ٠ قال : فدخل على أبيه يوما وكان قدجاء من سفر وأبوه بالرستاق ، وكان بارزا فى غرفة الصلاة ، وكان قد تحزم بديولى بفتح الدال الممملة وياء تحتانية ساكنة وواو مكسورة ولام مكسورة أيضا بعدها ياء ساكنة رداء يعمل من الإبريسم والزرى،قال: فقام له أبوه ليحييه، ٢٠٨- فلما رأى حمد لباس أبيه لم يتمالك أن تناول الحيولى من حزام أبيه فجذبه إنكارا لما رأى فدار أبوه بذلك دورين أو ثلاثة ، أى جذبه بعنغ وغضب ٠ قلت أساء فيما فعل ، وقد أمره اشه أن يحسن السيرة مع والديه ، وأن يصاحبمما معروغا ويقول له الله : ( ولا تقل لهما أف ) فكيف بمن يجذب والده حتى يدور دورين أو ثلاثة فى حضرة الناس ؟ ! إنما لسيئات يقع فيها أمثال هؤلاء الناس ٠ قال الإمام السالمى رحمه اش وكان عمه سلطان أى عم حمد المذكور عند آل وهيية فى سيوحهم الحدرية ، ساكنا معمم أى كان يحب البداوة لصحتها وما فيها من الفراغ ، وتجميم القلوب ٠ قال : وكان همه وعزمه هم الملوك وعزمهم ، فأخذ يوما سبعين راكبا وقصد بركا ليقتل ابن اخيه خوفا على الملك أن يستولى عليه دونه ، فلما وصل بركا وافق حمدا خارجا فى البلاد عطى فرس ومعه فارسان ، أو قال ثلاثة ، فتلقى حمد عمه بالترحيب ونزل عن فرسه وحياه ، ثم ركب فرسه وقال أغا قدامكم ، ومضى الى الحصن مسرعا ، فقال أصحاب سلطان كيف أفلت الرجل وقد عزمت على قتله ا ولا تجد له فرصة مثل هذه ؟ فقال : إنى هبته ٠ قال الإمام : وما كان بسلطان من وهن فى باب الرجال ، غير أن الأقران تعترف للاقران ، قال : ثم أناخ على الكرامة وترخص ومضى ، فما لبث حمد بعد ذلك إلا قليلا من الزمان ، ثم توف ورثاه أبوه بأبيات قال فيها : -- ٢٠٩ - ج٤ة وافى حمامك يا حبيعى بالعجل نار لهب فى ضميرى تشتل الى آخر الأبيات، ونسى الأب المحنون أخذ حمد الملك ف الرستاق ، وكبى حين جذبه من حزام. الديولى جذبة دار دورات فى غرفة الصلاة بحصن الرستاق فى ملا من الناس ، الوالد وعطفه على الأولاد أمر غير مخفى ٠ ( م ١٤ — عمان عبر التاريخ ج٤) - ٢١٠ - المحل يحل على عمان فى عهد حمد بن سعيد أصاب المحل عمان فى عمد حمد بن سعيد بن الإمام أحمد بن سعيد ، فلجتاح أكثر النخل وقضى على المزارع ، وخرج أهل عمان أثر ذلك يلتمسون العيش فى الباطنة حتى كادت تضيق بهم : وبلغ فى عمان مبلغا حتى بيع دلو الماء فى مسقط بعشرة خلوس ، حتى تأثر منه الكثير فى عمان، ولعل أغلاجا يبست منه ابتلاء من اشه لعباده ٠ فخرج حمد بمم للاستسقاء فى مسقط ثلاث مرات فى ثلاثة أيام كل يوم بواد من أوديتما ، فأجاب الله عز وجل دعوتمم ، وأفاض عليهم غيثا مدرارا ، وأرسل لمم سحائب غزارا واش أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين ، لا يتعاظمه ذنب عباده اذا رجعوا اليه ، وكان حمد المذكور ملازما للصلاة فى الجماعة ودراسة القرآن، ونوافل الصلاة كالضحى والإشراق، وكان رجلا ممابا وله همة عالية فى أولاد الإمام للقيام بامر الملك ورعاية الأمة، وبذلك أحبه الناس، ولكرمه الذى عرف به، فإنه كان كريما ، وقبل موته جمع جببا أرعن جعل مخيمه فى بركا وهو بنفسه ف مسقط ٠ فلما اجتمع الجيش كما أراد فى عدته وعدده ، ولم يعلم أحد ماذا يريد بهذا المجمع الكبيد ، بل ظن صاحب الحزم أنه يريده ، وظن عمه قيس بن الإمام أنه يريده فى صحار ، إذ كانت صحار إذ ذاك فى يده ، وظن آخرون أنه يريد حرب ممباسة ، لأنهم كانوا يسمعون منه حديثا عتها وظن كل فريق جمة ، ثم خرج مستط الى سيح الحرمل قاصدا بركا فأصيب - ٢١١ - بالحمى ، فرجع الى مسقط فاشتدت الحمى به ، وظمر عليه جدرى كثير ، فكتب الى أبيه بالوصول الى أبيه فى مسقط ٠ وف هذه لأثناء قدر اش حرق المركب الرحمانى أم مراكبه ، ولما بلغه ذلك زاد مرضه ، ثم توفى ببيت الجريزة من مسقط ليلة الجمعة ثامن شمر رجب سنة ١٢٠٦ ، ودفن وقت الضحى فى ظمر الوادى الأوسط من مسقط قريبا من قبرى الشيخين الشقصى ، والشيخ الصبحى ، وجعل أبوه مكانه أخاه أحمد بن سعيد الذى سماه باسم جده الإمام أحمد بن سعيد ، وولى على بركا على بن هلال بن أحمد الإمام ، ومضى ٠و الى رستاقه مقتنعا بما ، وا لحقيقة أن الرستاق عاصمة مممة لما شأفها فى عمان ٠ - ٢١٢ - سعيد بن الإمام أحمد والعيريين لا يخفى أن أحمد بن سعيد توف سنه ١١٩٦ ، وقام بالأمر بعد. اده المحبوب سعيد ، ولم يحسن إدارة المملكة ولم يرضه أهل عمان ، ورأى ابنه حمد أن الأمر اذا تلاشى ستكون عاقبته غير محمودة ، فقام حمد بعد مضى ثلاث سنين منذ تولى أبوه الأمر واحتال على الملك كما تقدم . فتولاء وأداره بمهارة وسار فيه سيرة غير سيئه ، وقام بواجبه حتى توفى فى سنة ١٢٠٦ وسعيد بن الإمام موجود على قيد الحياة ٠ وكان أمر الملك راجعا اليه ، ومازال هو والعبريون على طرفى نقيض حينا يقوم طيهم ، وآنا يصالحهم ، وأحيانا يزحف عليهم بجيوشه فينالون منه أكثر مما ينال منهم ٠ قال الامام رحمم اش حاكيا عن الشيخ ناصر بن جاعد رحمهما اشم . إن السلطان سعيد بن الإمام قال مال الى نسف الهناوية ، وتنكرت عليه الغافرية ، قال : ومن جملة من خالفه العبريون ورئيسهم يومئذ الشيخ سالم بن مسعود ، قال أبو نبهان : فكم مرة جاء المى بلدهم الحمراء بجيوش كثيرة ، وأعداد وفيرة ، ولم يقدروا أن يشربوا منها ماء ٠ قال : ويخرج لقتالهم أناس قلة ٠ قال : وفى مرات لم يعم الجميع بمم فييادرهم أناس قليلون من الخمسة عشى رجلا أو يزيدون قليلا أو أقلع ، وفيمم كبيرهم هذا ، أى سالم بن مسعود ، فيقتلون فيهم ويولون الأدبار ، والقتل فيهم وأهل البلد فى هيئة البوأز لهم ، وذلك اذا كان — ٢١٣ — مجيئهم على غفلة منهم ٠ قال : فلما لم يقدر عليمم صالحهم وأعطاهم العمود والمواثيق بالأمان عليهم جميعا ٠ قلت : وهذا يدل على تكرار الحال بينه وإياهم ، قال ٠ وقرب أخا الشيخ سالم بن مسعود وأعطاه عطايا واغرة ، والقصد أن يكون ضدا لأخيه الشيخ سالم ، وبنى بينه وإياهم صداقة ، ووعدهم بالزيارة تأكيدا للصحبة وتدعيما للصداقة وتمام الألغة بينه وإياهم ، وجاءهم بجيش كبير وجحفل ضخم ٠ وكان من سياسته أن ترك معظم الجيش وراء الحورة حتى لا تشمئز نغوسهم ، ودخل البلد بأناس قلة ونزل البلد ، فقابله العبريون بما يجب فى حقه ، وما يلين بهم فى حق الضيف الكبير ، وهم معروفون بالكرم ٠ قال الإمام : فذبحوا له للضيافة وعظموا الكرامة وقعد معمم آمنا منهم وهم آمنون منه ، ولما حضر أكابر البلد وكانت نيته أن يقبض الأكابر ويهلكمم ، فما كان غير قليل إلا ورأى العبريون أن جيشا أحاط بمم ، فظنوا أن وصول هذا الجيش لم يكن عن أمره ، ولم يكن عن علمه ، وإنما هو عملا بالعادة أن السلطان تتبعه الناس أين حل وأن رط ، ولا سيما فى المهمات التى تلم بهم ، فما شعر العبريون إلا والسيوف تلمع على رءوسهم مسلولة عليهم ، وأحاطت بهم الرجال من كل جانب ، فقتلوا أولا أخا الشيخ بن مسعود ، وعند ذلك ثار ثائر العبريين أولاد حكم الصايح كما يقولون ، ودارت المعركة بين المطرفين ، وكانت بسالة العبريين معروغة، وشجاعتمم مومولهة ٠ قال الإمام وكانوا يفرقون منهم لشمرتهم بشدة البأس ، وقلة - ٢١٤ - المالاة بالموت وعدم روعتهم فى الحرب ، قال : فانمزم القوم وولوا الأدبار والقتل فيهم ممن حضر الشيخ لا غير ، قالى : ولم يعلم بمم من فى البلد إلا والقوم قد خرجوا من البلد فبعدوا عنهم ، واستمر الحال بين السلطان سعيد بن أحمد والعبريين عهدا ، فلما تولى الأمر ولده حمد لم يذكر عنه من هذا القبيل شىء ، وإن هذه الأحوال وما كان من نوعما أورث سعيد بن الإمام أحمد بغضا فى قلوب أهل عمان ٠ ولا شك أن سوء العمل وسوء التصرف فى الأمور يورث صاحبه الخذلان ٠ ٢١٠- قيام الشيخ ابى نبهلن للأمر بالمعوف والنمى عن المنكر لا يخفى أن الشيخ أبا نبهان كان من خيرة أهل العلم، ومن أفضل أحل زمانه ، ولعله لا يماثله أحد هدى وتقوى وعلما ، وآتاه اشه جاها ووسع اش له الثروة ، فكان من أغنياء زمانه ، وآتاء اشه ذرية مباركة ، فكان فى أولاده الرجال الذين يشار اليهم بالبنان كالشيخ ناصر، والشيخ خميس ، ولم تزل ذرية هذا الشيخ تتوالى طى نمج الغضل ، ومازال أهل العلم يخرجون منها حتى فى عمدفا هذا ٠ ولكن لم يكن من صددنا الآن ذكرهم أفرادا، وإنما المقام مقام الشيخ العلم الهمام جاعد بن خميس أصبح فى عهده كعبة القصاد لمختلف المآرب الدينية والدنيوية، ولما كان كذلك رأى من الواجب القيام للأمر بالمعروف والنمى عن المنكرحد المستطاع، وكان أهل نزوى ظمر فيهم السفه وأخذت بمم النفوس الدنيئة الى الأحوال المسترذلة، فخرجوا فى بعض جبال سمد نزوى بنساء مسترابات ، وقام عليهم أهل سمد ، فكانت الفتنة بينممحتى وقع لقتل، وكان هؤلاء الخارجون من أهل سفالة نزوى ، من خصوص حوائر الوادى ، و كانت الوقعة بينهم وأهل العلاية وتت الظهر، فسلت السيوف، وأطلقت البنادق، فوقع أربعة رجال قتلى ، واثنان من الخارجين عليهمم ، وكذلك الجراح عم الطرفين ٠ وكان عالم أهل نزوى إذ ذاك الشيخ سعيد بن أحمد الكندى، ورئيس أهل سمد كلها الشيخ عبد اش بن محمد الكندى ، صاحب بيت سليط أحد حصون نزوى المممة ، وكان هذا الشيخ زعيما كبيرا فى نزوى - ٢١٦ م لغناه، وكان جماعته أهلطاعة له، وكان مسئولا كبيرا فى علاية نزوى خاصة ، وكان السلطان سعيد بن أحمد بالرستاق ، فكتب اليه الشيخ سعيدبن أحمد الكندى يقول له : أما بعد فإن السوقة طغوا وبغوا ، ونهيناهم مرارا فلم ينتموا ، فالآن قتل منهم أربعة رجال الى آخر ما جاء فى كتابه ٠ ولم يرد له السلطان جوابا ، قام أكابر أهل سفالة نزوى يطلبون من عبد اشه بن محمد القاتلين فوعدهم بالغد ، مشاورهم الشيخ سعيد بن أحمد الكندى عالم نزوى إذ ذاك ٠ فمنعه من تسليم القاتلين الى أحد، لأن الناس أصبحوا لا يؤمنون فى شى ء ، حيث استولى عليهم الهوى ، فخاف التعدى فى العقوبة ٠ ثم كتب أكابر عقر نزوى الى السلطان بصفة الواقع ، وما وصلوا اليه ، فجاءهم بجيش فلما وصل نزوى طلب من عبد الله بن محمد رئيس سمد نزوى المقتولين ، فاعتذر اليه بأنهم اختفوا طيه ولم يعرفمم ، ثم طلب منه بعد ذلك سبعة رجال ضمانة عنمم حتى يأتى بهم ، فأجابه الى ذلك خوفا منه ، وكان أحد السبعة ولده ، ثم طلب منه بيت سليط ليجعل فيه رجالا من طرفه، وكان البيت لعبد اشه المذكور ملكا بناه فى أرضه المسماة سليط ، وكان حصنا منيعا على رأس فلج دارس الذى هو زمام نزوى وعمدتها ، فأبى عبد اشم أن يسلمه للسلطان ، ولما أبى من تسليم بيته أضمر له العداوة فاستجاش أقواما وجمع جموعا ، وقبض مقابض نزوى وخصوصا العلاية ، واجتمع أهل العلاية فى بيت سليط ، وفى جامع سمد ، والسلطان وجموعه فى الحصن ، وأهل السفالة فى حرائرهم ، وأهل العقر فى عقرهم ، وبقيت الأمور بين الطرفين غير ٢١٧ مستقيمة من تاسع شوال الى خامس عشر من ذى القعدة ، وكانت القضية وقعت يوم شامن شوال سنة ٠١١٩٨ ولم تقع فى هذه الأيام التى ذكرناها حرب إلا كونهم متقابضين المعاقل ، وإنما قتل رجل واحد جامودى من أهل علاية نزوى ، أطلق عليه رصاص من الحورة من بعض رجال السفالة ، ولما تحقق عجز الشيخ سعيد بن أحمد الكندى ، والشيخ الزعيم عبد اشه بن محمد عن إخراج المقبوضين من يد السلطان ، رجعوا بأمرهم الى الشيخ العلامة أبى نبهان ، وتناظروا فيما بينهم واستنهضوه لهذه المممة ، فجاء الشيخ المذكور يوم خامس من ذى القعدة من السنة المذكورة ، ونزل بالحذفة عند نفسه لا عند أهل العلاية ، ولا عند أهل السفالة ، ولا عند السلطان، وكتب المى السلطان كتابا يقول فيه : أما بعد فإنى جئت مع نفسى لامع عبرى ولا ريامى ولا كندى ، ولامع غيرهم ، بل جئت مع الحق ، والحق مع من اتبع الهدى ، وله أردت ، وقد بلغنى أنك قبضت رجالا بغير جنية ، فهذا لا يصح لك ولا يجوز فى دين اش ، وفك عقولهم الساعة قبل اليوم ، ولا تتأخر ساعة واحدة ، وعليك من ذلك التوبة ٠ وكان السلطان يحترم الشيخ العالم أبا نبهان ، فأجابه بالسمع والطاعة ، وأرسل له هدية قبلها الشيخ منه ، وقال السلطان : أنا ما أريد إلا الغاعلين بأنفسهم ، فوعدوه بهم على أن يأتوه بمم وطلبوا منه أن تكون عقوبتمم فى الرستاق لا فى نزوى ٠ خوفا عليمم من أصحاب المقتولين ، غأجابمم وأطلق المقبوضين ، ونادى مناديه بالأمان ، وفسح - ٢١٨ - ، لأكثر رجالم بالعودة الى أوطانمم ، ولال القيل والقال فى هذا المجال حتى ولى أل سمد نزوى أمرهم الشيخ سالم بن مسود زعيم العبريين على ما سبق بينه ، والسلطان من الحرب المتقدم ذكرها ، وحينئذ امتنع سالم بن مسعود من تسليم المطلوبين الى السلطان ، بل أذعن بتسليممم الى ثقات المسلمين لا غير، وأظمر حقدا على السلطان حيث قتل أخاه فى أمان ٠ وانضم الى الشيخ جاعد الشيخ سالم بن مسعود ، وأخيار المسلمين الذين يرون الشيخ جاعد الرجل الفذ فى وقته ، ومع ذلك كاتبهم أخ السلطان سلطان بن الإمام أحمد فى القيام معممعلى أخيه، فاشترطوا عليه أن يكون الأمر الى خيار المسلمين ، فيقدمون من يرونه أصلح للامر ، فواهقهم فقبلوا منه وطلبوا وصوله ، وشاع الحديث عن هذا الصدد ، فجاء سلطان بن الإمام الى وادى بنى رواحة فمنعوه من الطريق، لأن شفعمم عند أخيه سعيد،ولعل ذلك المنع كان عن تعارف بينهم وبين السلطان، فلم تتم عمليتهم، ولو أراد اشه لما إتماما لجاء سلطان وادى العق ، وأصبح معهم فى نزوى ، ولكن الأمور تجرى بمشيئة اش عز وجل ، فقوى أمر السلطان سعيد برجوع أخيه سلطان بن الإمام أحمد ٠ وبقيت الأمور فى نزوى تترامى فى لجنة المحاولات ، ولم يعستقر للناس قرار على أصل صحيح ، والأحوال أقرب للخوغ منها للأمن ، والسلطان طى كلحالغير مأمون الجانب، والشيخ جاعد فى مناخه المعروف، والناس تتوافد اليه، والسلطان فى الحصن، ورأى الشيخ جاعد اجتماع الناس حوله والتفافهم عليه، وأن العلامة الجليل الموقر فى الأمة، قحركت ففسه لإقامة سنن العدل وإعادة السيرة التى سار عليها الأئمة فى عمان، وذلك واجب كل مسلم عند الإمكان ٠ - ٢١٩ - قال الإمام السالمى رحمه اش : وأما أبو نبهان فإنه لما نزل للحذفة من نزوى ، ورأى القبائل متجمعة على السلطان ، أحس فى نفسه للقوة على ما كان يحاول ، فأخبر عن نفسه أنه نزل الحذفة ليكون غير والج معهم ، وفى معزل عن غيرهم لمعنى أراده ، قال : ثم أرسل الى السلطان يخبره بنزوله بها ، وأن أمره اليه لا الى غيره الى آخر ما ذكر ٠ وحاول الشيخ ومن معه دخول العقر ، لأنه أحد حصون نزوى المعروفة ، وفى أنفسمم اذا دخلوا العقر تمكنوا من الأمر ، لأن العقر غيه كل ما يستدعيه الحال من المال والرجال ، والتحصن فيه من هجوم كل ضد لهم خصوصا عند الاتحاد ، وكل المحاولة زوال السلطان ، ورد الأمر الى أهل العلم والإيمان وبتمكتهم من العقر تكون لمم قوة على المحصن ٠ أما القلعة فمى أيضا ميسورة المنال ، اذا قبضوا على العقر والحصن ، ولكن لم يكن التوفيق إلامن عند اش ، وما النصرإلامن عنده ، ولكل شىء سبب ، وشاء اش ألا يتم الأمر الذى أراده الشيخ أبو نبهان لأمر أراده اشه فى أزله ، ولا يكون إلا ما يريد الله عز وجل ، وبعد محاولة من الشيخ ومن معه لدخول العقر ، اقتضى النظر الاقتحام عليه من السور ، فقلوا عليه السلالم ودخلوا فى الثلث الأخير من ليلة ثامن عشر من ذى القعدة سنة ١١٩٨ ، والسلطان نائم فى حصنه ، فلما انتبة من نومه قال له بعض أصحابه : نخرج على القوم قبل أن يتكاثروا ، فقال السلطان :لا، لأنا لا نعلم الدولة الداخلة قليلة أم كثيرة ؟ وخاف السلطان الخديعة غاقتضى نظره الخروج من البلاد ليستجيش أقواما يعزز بهم قوته قبل أن يحاط به فى حصنه ، وتسد عليه طرق المواصلات ، فييقى محصورا، ولا يعلم ما وراءه ٠ - ٢٢٠ - فخرج حالا فى نغر قليلين ، وكان خروجه من باب السوق على خيل وركاب ، ومضى الى إبراء من امشرقية ، وحثد أهلها ومن نواحيها من هناوية الشرقية ، من حيث استطاع وضل فى مخرجه ذلك سبعة أيام يجمع الجموع ، وأبو نبعان ومن معه فى العقر محاصرين للحصن ، ولعلهم استهانوا بأمرالسلطان فظنوه هاربا منهم،ولعله لا يعودخوفا منهم، واذا به عشية الأحد ، بعد سبعة ، يصبحهم بجيث عرمرم كالجراد المنتشى ، من الجنود ،ولا يخفى أن الناس تتبع السلاطين طمعا فيما معمم ، وإذ ذاك خرجوا لهم ف سعال ، وكان ولاء الخارجون أبطالا جربتهم الأيام وجربوا الحروب ، وهم فى بسالة معروفة ، الأمور تجرى بمشيئة اشم عز وجل ٠ قال أبو نبهان نفسه : إن فى الخارجين من أولى الثسدة والبأس يقاتلون كثيرا ، وإن قلوا يعرفون بذلك ، وهو يشير بذلك الى الشيخ سالم بن مسعود العبرى وجماعته، قال : كانوا معروفين فى قتال السلطان غي مرة ،وف قتال غيره ممن هو أقوى منه ، فلا يقدر طيهم بحيلة ٠ قال : وفى هذه الوقعة تولوا على ورائهم منهزمين فى الحال ، من ىب٠ ماقتلولاقتال، لأمر أراده اللم تعالى فى بقاء هذا السلطان،علىما هو عليه من لبغى والعدوان، والغى والطغيان، وعسى أن يكونوا كذلك أهلا ، كذلك لا مرد لأمر الله ، ولا معقب لحكمه ، ولابد من كون ما فى سابق علمه ٠ ثم رجع الشيخ أبو نبهان الى العقر بمن معه ، ونزل السلطان فى جامع السوقا ، ونزل جيشه معه حتى ملأ حوائر الوادى والبطحا ، أى المسيل المستطيل الى برج القرن، وبهذا أصبحت محاولة لا أثر لها، فقام ناس بالصلح بين السلطان والشيخ، وقال الشيخ أبو نبهان : إن السلطان أرسل اليه مع أناس من أعوانه كتابا يدعوه فيه الى الصلح، - ٢٢١ - فأجابمم الى ما طلبوه لما رأى أنه فاته مارلم بالتخاذل عن القيام لقهر البلاد ومجاهدة أهل العناد لإرضاء رب العباد، ووصل ناس من أولى الشدة والبأس ، ففرح الشيخ بهم وأراد منهم أن يقفوا على الأسوار خوف هجوم العدو عليهم ، فلم يجد منهم إلا الخذلان ، بل سمع منهم ما يسوءه مما يخالف أمله ، بل أراد منهم الوقوف على الأبواب والاسوار الى الصباح فقط ، ولم يقدر عليهم ، والحقيقة لا لوم عليمم حيث جنود السلطان محيطة بما وربما وجدوا عند السلطان المال ولا يجدونه عند الشيخ ، وهذا هو الزمام الذى يقود الناس من أنوفها ، وبالأخص السواد الأعظم ٠ وهذا الحال هو الغالب فى كلع أمة ، وكل زمان ، وحالة الشيخ هنا ضئيلة جدا، غلا معاش ولا عتاد ولا سلاح، فلا لوم عليهم على هذا الحال ، وأشار على الشيخ أحد أصحابه بجبر أهل البلد أن يبايعوهم الطعام بالقيمة ، فأبى أن يجيرهم إذ لم يصح معه أن لمم فضلا عن حاجتمم ٠ قلت : ولو جبرهم لجاءوا بالسلطان على الشيخ حالا ٠ قال الشيخ ناصر بن أبى نبهان يعنى والده : أجاز جبرهم على بيع الطعام لمثل هذا الأمر الذى ذكره أن لو عرف أن معهم فضلة عن فوتهم لسنتهم ، وكان الشيخ أبو نبهان غيما حكاه عنه الشيخ ناصر أن دخوله فى هذا الأمر ، لأن أخ السلطان وعدهم بالإعانة على حرب السلطان ، وقد هيأ الأشياء اللازمة كلها،ولكنحيل بين ما يشتهى وبينه ورجع القمقرى، وكل ذلك فى صالح السلطان لأمر أراده الشعزوجل٠ ولما قرر الشيخ ( الخروج ) من العقر لم يقف بفزوى وأراد أهل سمد وقوفه معهم فلم يوافقهم لما رآه من ( فشل ) ما خطط ، وانهياد - ٢٢٢ - ما بنى ، وراوده الشيخ سالم بن مسعود زعيم العبريين ومن معه من أبناء عمه الأبطال الذين عرفهم الشيخ زايد بن نبهان وغيره ، إلا أن الوقوغ يحتاج الى ألوف، وأن الرجال تحتاج الى مال والدول، خصوصا فى أول تأسيسها وهذا من لاينكر ه عقل ولانقل ٠ قال : ولما تحقق خروج الشيخ من العقر ثم من نزوى خرجت جنود السلطان الى سمد نزوى فاوقعوا بأهلما قتلا وتثديدا ٠ - م٢٢ مد سلطان بن أحمد يحتل ملك عمان كان سلطان بن أحمد أكثر مقامه بعمممائل عند 1خواله المجبور ، فاذا خرج من سمائل لمهم عاد إليها خصوصا بد وفاة أخيه سيف بن أحمد شقيقه، وكان صاحب همة عالية وعزيمة طائلة وكيف لا وأبوه أحمد ابن سعيد وأخواله آل محمد بن ناصر ، ومازل العداء بينه وأخيه سعيد مستمرا لا سيما لما تولى الأمر حمد بن سعيد ، وقام قياما حمده فيه الناس اهتم بذلك سلطان اهتماما فوق الحد ، وحاول قهر حمد مرات بدعوى أن حمد ولدنا ونحن آباؤه لا يمكن أن يتولى علينا ، حتى اذا قضى الشم على حمد ، وعاد الأمر الى سعيد مرة أخرى ، خرج طيه سلطان و تولى عليه الأمر برغبة أهل عمان غيه وإعراضهم عن أخيه ، ولم يبق ف يد سعيد بن الإمام أحمد إلا الرستاق ٠ وعلى كل حال زالت عنه دنياه وزال عنه أهلها، ومقتوه لا سيما اذا كان مطاعا من أجلها ، وكان سلطان رجلا عاقلا ذا رأى وتدبير، وأحسن الى الشيخ أبى النبهان ورعاه واحترمه ، ولم يأنس منه شيئا يكدره أبدا ، واستراح فى أيامه أبو نبهان وذريته ، وقام فى عمان مقاما حمد فيه من الجافبين المناوى والغافرى، وألمف بين الناس وساد الكل على وتيرة أبيه أحمد بن سعيد ، وزاد بالبذل فإنه كان مبسوط اليد لا يرد سائلا ولا يدخرعنقومهشيئا ستفه، فكان الناس معه بطبيعة الحال يوقرونه برغم ما يرون مما يؤثر عليهم من أمر المناوى والغافرى ٠ - ٠٢٢٤ قال أمير البيان : وانتزع سلطان مدينة بركا من يد على بن هلال كما قدمنا ، ثم أخذ مسقط واستبد بالأمور ، قال : وفى سنة ١٧٩٨ فى ١٢ أغسطس انعقدت بين شركة المند الإنكليزية ( معاهدة ) أمضاها جون مالكولم سنة ٠ ١٨٠ بين الشركة المذكورة وبين سلطان على بعض المسائل التجارية ، قال : وتبعها معاهدة أخرى بينه وبين الإنكليز أمضاها جون المذكور ، يحق بموجبها لإنكلترة إقامة معتمد بمسقط ، قال : وأخذ يمد سلطته فى البلاد ، فانقزع من يد أخيه سعيد ثغرى السوق والمصنعة ، وافتتح جزائر قشم وهرموز والبحرين فى الخليج ، وجعل ابنه سالما أميرا عليها ٠ قال إلا أن قبيلة العتوب التى كانت نلى أمور تلك الجزر عادت فاسترجعتها ، وطردت ابنه منها ، قال : وفى هاتيك الأيام غزا الوهابيون عمان ، واجقبوا الزكاة من الظاهرة ووقع الخوف من تقدمهم الى الجنوب وكان سلطان قد حج تلك السنة ، فلما عاد من الحج وجد البلاد فى المقيم القعد ٠ قال : فعقد مجمعا قرر فيه النفير العام لصد الوهابيين ، فلما بلغ ذلك قائد الحملة الوهابية ، عجل الانصراف وظهر أن الأمر استوثق سلطان إلا أنه بقضاء اشم وقدره ، هلك بعد ذلك بقليل فى قصة عجيبة ، وهى أنه زار البصرة وبينما هو قافل منها زل من سفينته فى مرسى لنجة ، وركب قاربا قاصدا بندر عباس ، وكان الوقت ليلا فالتقاه ثلاث قوارب عليها رجال فتقاتلوا وأسفرت المعركة عن مقتل سلطان ، وذلك فى ١٣ شعبان سنة ١٢١٩ الموافق ٣٠ فوفمبر سنة ١٨٠٤ ٠ ٠ ٢٢٥ - قال ابن رزيق : كان سلطان طويل القامة، جميل الصورة شجاعا بطلا صنديدا ، لا يعبأ بكثرة أعدائه اذا كان فى قليل من أهل خاسته فضلا عن الكثير منصفا من الظالم للمظلوم ، وقد احتل حصن بركا من على بن هلال ابن أخيه ، وفى حال هجومه على حصن بركا صادف رجلا من العسكر خارجا يريد السوق لقضاء أغراضه ، فققله أصحابه وقتل سلطان بواب الحصن بخنجرطعنه بها ، فأرداه ققيلا٠ كان هو ومن معه اثنى عشر رجلا فقط ، فيهم خميس بن راشد الهنائى ، ومصبح بن غريب القرينى ، و محمد بن حمد الوهييى ، وسالم لبن ثانى الجابرى ، ثم دخل الحصن فلم يقدر من فيه طى معارضته ، بعث رسولا الى الطو يطلب منها رجالا ، فجاء ه مائة رجل فرقهم فى مقابض الحصن ، ولم ييق فيه أحد من رجال على بن هلال إلا بنو رواحة فى القلعة تقبضوا فيها ريثما يؤدوا واجبهم ، ويتضح عذرهم ، ثم نزلوا منها ٠ وكان نزولمم على يد شيخمم ربيعة بن أحمد الرواحى من أهالى محلة الجنينة من بركا، وحملوا كلما لديمم من آلة وعدة، وأتى سلطان أخواله الجبور و١مدو٠ بالمؤوفة اللازمة من تمر وأرز وسائر الحوائج ، وأرسل كقبه ورسله الى المعاول و نخل وسمائل، وطلب منهم أن يلاقو ه فى القرم من أعمال مطرح ، فجاءه القوم الذين طلبهم بحسب الميعاد الذى قرره لهم ، فاجتمع معه جيش ضخم ٠ ولما علم على بن هلال بما وقع من سلطان من احتلاله حصن بركا وزحفه على مسقط ، أنبه أبوه ولامه وعض على أصابع الندم ، ثم أمره (م١٥ - عمان عبر التلريخ ج اً) ٢٢٦٠ - أن يتدارك مسقط فيأتيها من طريق البحر قبل دخول سلطان لما ، فجاءم المصنعة وركب منها سفيشة تقله الى مسقط ، وكان من قدر الله أن ومل على بن هلال مسقط قبل سلطان ، وتمكن منها لأن سلطان إذ ذاك بعده فى القرم ، وكان سلطان كتب من القرم الى أهالى مسقط ، وأن لمم الأمان طى أموالهم وأففسمم ، ولم يشعر أن طى بن هلال فيها ، وكتنب أيضا الى رزيق بمثل ما كتب للتجار والأهالى، وأمره أن يتصل بعم ويبلغهم عنه ما قصد له ٠ وكان رسوله سعيد بن مصبح الرواحى ، ثم صار الى أحمد بن سعيد وعلى بن هلال ، وأخبرهما ما وصله من عمهما وأراهما كنابه ، وعندما أطلعا على الكتلب تكلما بكلام ظاهره يعبر عن قدرتهما على معارضة سلطان ، ولكن عندما تحقق الأمر إذ بهما دون ما قالا ، واذا بسلطان يدخل مسقط، ولمانادى المنادى بدخول سلطان مسقط لم يقدرا على الخروج لما قالاه، فهجم سلطان على الباب الكبيرغقتلمن أصحابه ستة رجال ، فانمزموا عنه ثم كروا عطيه الثانية فقتل منهم ستة رجال ، وانهزموا أيضا ، ثم جاءهم على بن عبد الله شيخ بنى وهيب ، وكان قابضا للباب الصغيرمن طرف أحمد بن سعيد، فقال لسلطان وأصحابه أفا أدخلكم فأدخلمم من الباب الصغير بغير شىء ، فلما دخلوا قال سلطان لطى بن عد الله: قبحك الله يا خاش، اطردوه من هنا فطردوه جزاء خيانته ، وترك بالباب المذكور سرحان بن سليمان الجابرى ، ومعه مائة رجل من جماعته ٠ ثم دخل سلطان الجريزة وهى إذ ذاك الحصن الكبير فى رقعة مسقط ، وكان دخوله من الباب الثرقى المقابل لدكان محمد بن حبيب - ٢٢٧ — الرمحى الصائغ، ودكان عبد الغفور الصائغ مولى الحرث واشتبك القتال فى مسقط من الجلالى والميراانى ، ونادت مدافعهما بفتح الميدان ، وزحف محمد بن خلفان على عقبة كلبوه ، وكان من أنصار سلطان ، وكان القابضون العقبة رجال حمد بن سعيد ، وعلى بن هلال ، فانهزموا وقبض محمد بن خلفان العقبة المذكورة وهى باب من أبواب مسقط ٠ ومازالت قوة حمد بن سعيد والى مسقط تضعف وقوة سلطان تتقدم ، ثم سلمت الصيرتان وهما القلعتان اللتان على ميناء مسقط، وكذلك القطع البحرية سلمت لسلطان ، وبذل محمد بن خلفان فى نصرة سلطان النفس والنغيس ، ولما تمكن سلطان من مسقط كتب المى أخيه قيس : أفى قبضت مسقط لك ، وإنما أنا سيف دولتك وأنت أولى بالأمر منى ، فإذا أقاك كتابى فانهض بقومك وعسكر بهم فى وادى القاسم ، وطيك أن تثغل أخى وأخاك سعيد عن الزحف لمسقط و فيكون قوة لولده حمد وابن أخيهعلىبنهلال، وتطول الفتنة وتكبر الىحد بعيد ٠ فقام قيس كما أراد سلطان ، وضرب معسكره فى وادى القاسم مهددا لأخيه بالمعنى المفهوم ، إنك اذا توجهت لمسقط فأنا أتوجه للرستاق ، وأن سلطان ما دخل مسقط إلا بإذنى،ولا قام لها إلا بأمرى، فكن مكانك فى رستاقك ، واترك ولدك وسلطان وشأنهما ، وأنذره بالتهديد ٠ فوفف سعيد بن الإمام مكانه ، وبقى سلطان وحمد وعلى بن هلال ومن معمما فى صراع لمسقط ، ولكن كان أمر سلطان يتقدم ، وأمر الرجلين يتأخر ، وخرج محمد بن سليمان العدوى من الحصن الشرقى لينهب بيت أولاد عمه ولما بلغ الخبر سلطان وهو فى بيت الجريزة ، — ٢٨ - قام كالأسد الخادر المغضب ، فلما رآه محمد بن سليمان ومن معه مقبلا عليهم هربوا منه فلم يتمكن منهم إلا طى رجلين أرادهما ققيلين ، وأما الباقون فدخلوا المحصن الشرقى،وكان محمد بن سليمان المذكور فى حال هروبه صادف مسعود بن محمد بن سيد بن عبيدان ، فطعنه برمح فى أنفه وأخرج السنان من عنقه ، وقتل من أصحاب سلطان رجلا ظاهريا برماصة أراده قتيلا فمات أما مسعود ، فيقال إنه عاش بعد سلطان عهدا ٠ وفى هذه الأثناء قام أط الخي الذين لا يحبون الفتن ، ولا يرضون بعا فى الوطن ، فسددوا الحال على أن يبقى الحصن الشرقى لسعيد بن الإمام ، والحصن الغربى فى يد محمد بن خلفان بن محمد الوكيل ، باسم سلطان ، ولقيس بن الإمام حصن المطرح ، وخراجها وكل أمرها إليه ، ودخل مسقط لسلطان وعليه تموين الحصن الشرقى الباقى باسم أخيه سعيد ، وتموين المراكب للراسية فى البحر ، ويكون محمد بن خلفان هو والى مسقط ، وصو عامل سلطان وأن سلطان يقيم بالجريزة مادام فى مسقط ٠ وبقى الأمر كذلك مدة ثم خرج حمد بن الإمام سعيد من الحصن وولى أمر ه محمد بن عبد اله ا لشقصى بأمر أبيه ، وخرج على بن هلال من الحصن الغربى وسلمه لمحمد بن خلفان والى مسقط ، وقبض قيس حصن المطرح وترك فيه عماله وكل واحد منهم يتحين فرصة الآخر حتى جاء ذات يوم سلطان مسقط على حين غغلة من أهلها ، واذا بمحمد ابن عبد اله الشقصى فى الجريزة ، فجاء ليسلم على سلطان فقبضه وأمر أنيكفتومنحظهسلم من القتل، بل قال له سلطان : حياتك بتسليم -- ٢٢٩ - الحصن ، فسلمم راغما ولمم تنفعه الحيل القى أبداها بين يدى ذلك البطل الذى مازال أمرمسقط ممتزجا بدم دماغه ٠ ولما قبض سلطان الحصن سلمه الى الجبود وجعل الأمير طيمم أحد خدامهم يسمى محيسن بن سعيد المعروف بالزهييى ، وككب سلطان لأخيه قيس بقبض الحصن الشرقى وأنه لك ليهدىء الحركة وكن واقفا لأخى سعيد مراعيا حركاته وسكناته ، وانتمى أمر مسقط الى سلطان وبقى محمد بن خلفان فى مسقط بصفة وال لسلطان ، ولكن لكل واحد عملية يدبرها نحو صاحبه ، فقام محمد بن خلفان يينى الحصن الغربى ويقويه ، ويضاعف له العدة ويشيد أركانه ويجلب له المدافع القوية ويزيد فيه الرصاص والبارود ، ويملاً مخازنه بمثل هذه الأحوال من للرصاص وآلة الحرب ٠ ٢٣٠ - محمد بن خلفان يتحفز لحرب سلطان لقدحاولمحمدبن خلفان الاستقلال بأمر مسقط عن سلطان، وكل يرغب أن يكون ملكا ، رأى محمد بن خلفان فى نفسه قوة على قمر مسقط والاستبداد بهاعن غيره، وليس بين ذلك إلا أخذ لأهبة للدفاع عن الحصون بالمعدات وبالرجال، إذ كان العمافيون وحدهم، بعث محمد ابن خلفان الى خصيف بن مطر الهنائى أحد الرجال المقاديم فى بنى هناءة ، يطلبه للوصول الى مسقط بمن عنده من الرجال الذين هم ممن يعول عليه ، فجاء ه بمائة رجل من بنى هناءة من خاصة بنى عمه وأقاربه ، ولما وصلوا قابلهم محمد بن خلفان بالجميل وانبسط لهم، وبسط لهم اليد وأعطاهم العطايا الوافرة ، وأحسن إليمم تماما وأنزلهم فى الحصن الغربى،ولا يخفى أن مائة رجل فىمثل ذلك الحصن، وفى مثل ذلك الوقت ماذا يخرجهم إلا القدر ٠ وجعل خصيف المذكور واليا طيهم ، ثم ذهب واشترى عبيدا من الزنوج وكانوا يجلبون بكثرة فحلاهم بالخناجر والسيوف، وهى إذ ذاك من سلاح الوقت،ولما بلغ هذا الحال سلطان بن الإمام أوجس منه خيغة ، وحاك فى ثفسه ، وتأثر من هذا العمل عليه محمد بن خلفان ٠ وظاهر الحال أن محمد بن خلغان يخدم دولة سلطان ، فالناس من هذ، الناحية تقدره كما ينبغى، ولكن سلطان ذلك العبقرى المحنك الذى أعطته أيامه دروسا من مراسم السلطنة ، وعطمته ما ينبغى أن يفعل هن حيث لا تدرى الأيام وأهلما ماذا يفعل ، فإن اد عز وجل خلق عباده ٢٣١ - كلا لعمل ، ومنهم لقصعة من ثريد ، فتغافل سلطان أعمال محمد بن خلفان ، وكأنه لم يستنكر منه أصلا ٠ ثم خرج سلطان من بركا يريد مسقط ، ومعه زعيم آل وهيبة محمد ابن حمد فى مائة رجل من جماعته ، فركب سلطان بهؤلاء الرجال ومن افضاف إليمم من خاصته سفينة ومعه أيضا بدر بن أخيه سيف ، وكان سلطان كما هو الفطن اليقظ ، وخبرة الحصن عنده بتمامها وكان للحصن المذكور بابع سرى من ناحية البحر أعد للطوارى ء المباغتة ، وكذلك أيضا للحصن الغربى ، وكذلك لحصن المطرح ، وكانت هذه الأبواب مغطى عليها ومحفوظة بحرس خاص ٠ فدخل سلطان من هذا الباب المشار اليه وهو من جهة مغب ، أى الجانب الشرقى ، مشاع فى البلد دخوله وأشيع أيضا أنه مصاب بألم الجدرى فلما بلغ محمد بن خلفان هذا النبأ ، وأن سلطانا فى الحصن ، وأن به جدريا ، توجه محمد المذكور وأبوه خلفان وأخوه على ليعودوا سلطان ، فلما كانوا بالجريزة لقيهم ماجد بن خلغان أخو محمد بن خلفان ، وأخبروه عما توجهوا له ، وما بلغهم بسلطان من مرض الجدرى ، فقال لهم ماجد ما بسلطان شىء من مرض أبدا ، ولا تتعرضوا لنقمته منكم ، وإياكم والقدوم عليه وما هى إلا إشاعة حيلة ليصطادكم بها ، واتركوا سلطانا وحصنه ، ولا توقعوا أنغسكم فى الشبك ، وقد علمتم بصنيعه فى الشقصى ، وله من هذا النوع نوادر ٠ فلم يرق كلام ماجد لأخيه محمد ، ولم يصغ له فتوجهوا إليه واذا به بارزا فى صحن الحصن لا بأس به ، وعند ذلك أوجس محمد بن خلفان ٢٣٢ - حوفا من سلطان، فلما أرادوا الخروج قال سلطان : أما أنت أيما الوالد خلفان فمرخوص ، وأما ولداك محمد وعطى فلا ٠ فقل له خلفان بن محمد : وما تريد من تأخيرهما ؟ فقال : أريد الحصن الغربى ، ثم أشار الى قبض محمد بن خلفان فقبض ، وأخذ الى المحبس ، فهبط خلفان والد محمد مذعورا مرتاعا يقول لمن يلاقيه قبض محمد قبض محمد ٠ أما على فرخصه سلطان بعدذلك، لأن المقصودبالذات هومحمد ابن خلفان ، وغاية ما عند ماجد أن ركض هو وخصيف بن مطر على أهل السوق لينهبا أهل السوق، لماتحققاحبس محمد بن خلفان، فنهبوا ما قدروا عليه وما أمكنهم، وبذلك طافت على أهل مسقط موجة ذعر عارم وابتأس الناس، فإن الشركالنار يأكل ما يلاقى، وأغلق التجار دكاكينهم ، وصك الناس على أنفسهم بيوتهم ، وملا الخوف البلاد ، لأنهم يعلمون أن عند سلطان بدو وهيبة ولبسوا بأقل شرا من غير هم ٠ وكان ماجد وحصيف أرادا بذلك الاعتداد لحرب سلطان ، ونشرا علم الحرب المعتاد إعلانا بذلك، واذا ذاك أرسل سلطان الى رزيق بن بخيت جد المؤرخ المعروف ، وأمره أن يأخذ معه ناسا فيهدم مبانى محمد بن خلفان فى مسقط ، فقال له رزيق : يا مولاى هذه مبانيك ومحمد ابن خلفان عاملكلا يملك شيئا فلا تخربوا بيوتكم بأيديكم، فوافق سلطان ، ولكنه أمره بقفلها طى ما فيها ، لأنها بيت مال ، وما فيها راجع الى السلطان وأمره أيضا أن يرسل الى القطع البحرية بإطلاق مدافعما على الحصن الغربى فصده رزيق بدعوى أن الحصن أعلى منها اذا ضربما دمرها ، فتركها سلطان ٠ ٢٣٣- ثم دخل رزيق على محمد بن خلفان فى الحبس ، وناصحه بتسليم الأمر لسلطان ، فامقثل فسلمها لسلطان وأمر خصيف الهنائى بالتخلى منها وبالخروج عنها ، وبعد أخذ ورد ، وبوساطة الشيخ ماجد بن سعيد البروانى ، أن يحمل خصيف من الحصن ما يريد ، وانتقل محمد بن خلفان الى بيت الفلج هو وخصيف الهنائى ، وكان معه خمسون رجلا من جماعته ، وكذلك حصن المطرح استخلصه سلطان من يد عمال قيس بن الإمام بعد ضرب مدفع ، وإطلاق نيران البنادق ، وبقى اثنى عثريوما ، وكل يوم والمداغع ترسم التاريخ ، وف النهاية انتمى أمره الى سلطان بحرب محمد ابن خلغان فى بيت الفلج ، ثم سحب سلطان المدافع التى فى أسوار بيت الفلج وبروجه صلحا بينه وبين محمد بن خلفان ٠ - ٢٣٤ — سلطان بن الإملم يحصن مسقط لما قبض سلطان مسقط ومطرح ، وقص أظافر محمد بن خلفان بسحب مدافع بيت الفلج ، انتفى المحذور ، وإذ ذاك أقبل سلطان على تحصين مسقج فأمر ببناء قلعة ضخمة على أرض الراوية ، لتكون حصنا لمسقط فى ذلك الثغر ، لأن أكثر الداخلين لمسقط المهاجمين لها يدخلون من ذلك الثغر، فقام خلفان بن ناصر البوسعيدى الذى ولاه سلطان مسقط ببناء هذه القلعة ، فبغاها وبنى البرج المقابل لها كحامية لما ، وبنى البرج الآخر الشرقى الجنوبى كذلك ، فقم بنيان الجميع فى ثلاثة أشهر ، وجعل سلطان فى هذه المبانى رجالا انقخبهم واليه المذكور وحصن مسقط تحصينا كاملا لعلمه أن إخوته لا يقلون عنه عزما وهمة وأنهم ينظرون إليه ثسزر ا ٠ لاشك أن الملك لمنغلب ولابد أن يتحركرا يوما ما لمماجمة مسقط ٠ ٢٣٥ - قيس وسعيد ابناء الإمام يحاولون حرب سلطان لمنا تبين لقيس وسعيد أن سلطانا يحاول أن يكون السلطان اسما ومعنى ، وهم كلمم أولاد الإمام أحمد بن سعيد ، ولا خصوصية لأحد ، لكنه لابد أن يكون السلطان أو الإمام أحدهم لأنه ليس من المعقول فى الأمم كلما إلاهذا، أما كونهم يتقاتلون على السلطة والرئاسة، فهذا ليس من الحق فى شىء ، بل هذا الحال هو الذى نمى اشه عز وجل عنه بقوله : ( ولا تنازعوا غتفشلوا وتذهب ريحكم ) ٠ واختلاف الكلمة وتلاثى الأمور مما يثير الضغن، ويدخل العدو على الصديق والاعتبار بالماضين أكبر مرشد لأهل العقول، وأصدق شاهد على مانقول، لكن أنفس الزعماء ممزوجة بحب المنافسة، وكان قيس بن الإمام حاول العمانيون أن يبايعوه بالإمامة، ولكن لم يكن التوفيق حليفهم ٠ وقدمرعليكأيها القارى، الكريم ذلك،وأماسعيدفهو الذى تولى الأمر بعد أبيه ولكن لم يسعده الحظ، وأما سلطان فمو الذى مازال يحاول السلطنة فىعمان، لما يرى ف ففسه من القدرة عليهما وهو الرجل العبقرى الغذ الصريح ، وكان عاش وقتا غير قصير فى بادية وهيبة فى سيوحهم الحدرية كما قال الإمام السالمى رحمه اش ٠ وكان كلما لديه من وعى وإدراك يحاول به السلطنة فىعمانحتى حذا الحال الذى تمكن فيه مسقط ، وقام أخواه يستجيشان عليه وأكبر - ٢٣٦ ٠ محرك لهما محمد بن خلفان المحل الذى أخرجه سلطان من مسقط والمطرح راغما ، فتعاهد قيس وسعيد ومحمد بن خلفان على حرب سلطان ، فاستجاش قيس من الظاهرة والباطنة خلقا ، واجتلب حتى العفار المذين هم بين عمان وظفار فقيل إن جيشه بلغ ستين ألفا ، وجمع سعيد بن الإمام أيضا من جانب المرستاق من استطاع ، فلما بلغ أمرهم سلطانا أهمه جدا فأرسل الى أهل الشرقية ومن يأمل منامرته من أهل عمان الى جعلان ، ولم يأته إلا ماجد بن سعيد البروانى ، وكان هو الرئيس على الحرث ، ولم يكن معه إلا قدر مائة رجل فزحغ قيس وسعيد بجيثمهما الى القوم من ناحية ا لوطية ، وضربا معسكرهما وملا جيشمما تلاع الرقعة كلها ٠ فما كان من سلطان إلا أن أمر بإشعال النيران بالسليط فى جبال بيت الفلج ، وروى وما إليها طول الليل ليوهم قيسا وسعيدا وقومهما أن الجبال كلها مملوءة رجالا، وما كان عند كل نار إلا واحدا واثنان يوقدان النار فى السليط على الخرق والجوانى ، فظن قيس وسعيد أن عند سلطان جيثا ملأ المسهل والجبل ، والحقيقة ليس معه إلا رجال ماجد البروانى ، وقليل من الجماعة ثم إن سلطانا أرسل الى تيس كقابا يقول فيه : إذا وصلك كتابى هذا فامض بقومك مسرعا الى بدبد ، وأقم بها حتى آتيك لأخلص لك بدبد وسمائل وذر مسقط حتى نتفاهم نحن وإياك فيما بيننا ، و أوهمه أشياء ٠ وكان قيس تغلب عليه سلامة المدر ولعل قيسا تخيل أن بدبدا مضيق عمان وبقبضها سيكون القوى على الداخل والساط ، فلما - ٧م٢ - وصله كقاب سلطان تلقاه بالصفا وتأثر به ، ورأى غيه النجاح ، فارتفع حالا الى بدبد وعسكر بها وتفرق جيشه إلا ما شاء اش ٠ فلما تزحزحوا عن مسقط ، وانحلت الأزمة الداهمة أحكم سلطان قبض مسقط ، وأتم عمليته فيما بأسرع ما أمكن ، ثم خرج على طريق حطاط الى سمائل ، غلما وصلها صرخ فى أط وادى سمائل بأن قيسا جاء بالداهية الدهياء ليفعل أشياء تكون وبالا على البلاد، وعنده من لا يعرغ الصديق من العدو ، فاستئار حملس القوم ، وأثار حغائظمم فقاموا معه قومة رجل واحد ، فأثعلوا الحرب وأطلق حصن بدبد مدافعه على قيس ومن معم ، وقد نفد زادهم لأنهم جاءوا ليقبضوا الحصن بغير عناء ، واذا به يلهب نارا ويلقى عليهم من لفحه شرارا ، فتشاور الزعيمان قيس وسعيد» وتحققامن سلطان برقاخلبا، فافترقا من هناك فتوجه قيس الى صحار وسعد الى الرستاق ، وقد فرغ ما بأيديهما من المال الذى جمعاه لرخصة الجيش ، فوقفت الحرب فى المحالإلاأن الضغائن بلغتمنتهاها ٠ ولا شك أن الملك ثمين ولا ينال بالموينا ولكنه بركوب المخاطر وبقطع رقاب الأباعد والأقارب ، وواجه سلطان كل أهل عمان من شرقها وغربها ، ولباه جميع أهلما واستقر قرار أمر. فيه ، واعلن سيادته عليما ، ولما كان خصيغ بن مطر المنائى لم يزل فى قلب سلطان له حقد لايزال باقيا خرج سلطان الى نزوى بصغة سرية ، وكأفه متغافل أمر الرجل أو معرض عنه فأمر على خادمه سويلم بن سالمين ، ومحمد بن عيسى النيرى الهنائى أن يرجعا الى مسقط ويتحينا الفرصة لقبض المذكور ، وهو - ٢٣٨ - لا يزال عقيد بيت الفلج ، ولكنه ينزل الى مطرح لحوائجم الخاصة لكنه على حالة حزم وعلى صفة يقظة ٠ وفى هذه الأثناء يرى أن سلطانا فى داخلية عمان ، ولعل حقده قد زال وكان بين خصيف المذكور ومحمد بن عيسى ضغن أيضا ، فساق القدر خصيفا الى مطرح ليقضى بعض أوطاره آمنا من ناحية سلطان والمأخوذ غافل طبعا ، وكان معه اثنا عشر رجلا من جماعته ، وكان سويلم بن سالمين و محمد بن عيسى النيرى ومن معهم كامنين لخصيف على طريقه ، فما ثعر خصيغ إلا والقبض يعمل عمليته فيه ، وفرعنه جماعته لا حر ة راعتهم ، وقضوا خصيفا وقيدوه وأودعوه السجن ، ومنعوه الطعام والشراب بحسب الأمر حتى مات ، فألقوه فى البحر بعيدا وانتمى أمره ٠ - ٢٣٩ - سلطان يزحف على المسويق والمصنة ولما استقر أمر مسقط وأمر وادى سمائل الذى هو حلقوم عمان ، زحف سلطان على السويق على أثر قمره لوادى سمائل وطرده لأخويه قيس وسعيد ، وكانت السويق إذ ذال فى يد سعيد بن الإمام ، فقال سلطان الملك لا يكون مثتركا لما يخثى فيه من الأحوال التى يعرفها أهل هذا الشأن ، فسلمت ل. ه السويق حين عرفته السلطان لما ، ثم عطف على المصنعة فلم قبعد عن أختها بعيدا ، وتم له هذا العمل متتابعا فى عمد غير بعيد المدى ، وعند ذلك وجه عزمه الى ما هو أبعد من هذا فاصطلح مع محمد بن خلفان لما يخشاه من مكره وتدبيره ٠ ٢٤٠ — سلطلن يتحفز لحرب شعبار وتوابعما لما تم الأمد لسلطان كما ذكرنا تحرك لاسترداد المستعمرات العمانية فى الخارج ، فقام سلطان فى قوته الوفيرة ، وف عزيمته الشهيرة ، فزحف برجال عمانعلىتلك البواخر الكبرى التى هى كللجبال الرواسى، غنزل ساحط سهبار من بلاد مكران ، فسلمت له ما سبق فى روعها الخالد أنها بالأمس عمانية ،ولا شك أن اليوم تبع لأمس ٠ ثم زحف بجيشه الضخم الى القسم و كانت من مهام بلاد بلوجستان ، فاحتلها بعد يسير من الأمر السياسى ، فقويت فى ساحل مكران شوكته ، ثم زحف على هرموز التى هى سويس الخليج ، وكان احتلالها بآل معين الذين هم الزعماء فيها ، وكان سلطان يدرى من أبن تؤكل الكتف ، فأكرم سلطان بنى معين فرفعوا العلم العمانى عليها بعد ما غاب عنها عهدا، وتبدل وضعما ٠ ثم تابع زحفه الساحق وهجومه المتلاحق على البحرين فاحتلما راغمة ، وقبضها مسالمة ، وولى عليها الشيخ سيف بن على بن محمد المبوسيدى ، وبقى فيها عهدا غير طويل ، ثم عزله وولى عليها ولده سالم بن سلطان ، وكان ولدا صغيرا لم يجرب الأمور كما ينبغى، ولم يمارسها وفق المطلوب ، فعضده بالشيخ محمد بن خلف الشيعى نظرا الى أن بين زعماء البلاد والشيعة تباينا وتنافسا ، وهذا من أخطاء السياسة ٠ فلما مضى وقت يسير اذا بعملية أهل البحرين تشرف على النجاح بتجمعمم طى سالم بن سلطان واحتشادهم عطيه وحصرهم إياه فى قلعة عراد ، ثم صور نوع من الصلح وحر إخراج الشيخ الشيعى ومن معه - ٢٤١ - بما فى أيديهم من سلاح وعتاد ، وزاد وزناد ، وخرج الشيعى فأخرج سالم بن سلطان معه وسويلم بن سالمين كذلك و سائر رجالمم الى مسقط ، وقبض شيوخ البحرين بلادهم ووضعوا رئاستهم عليها ، وهجم الزعماء على البحارنة أى الشيعة بعد منصرف سالم بن سلطان وأصحابه منها ، وقتلوا الكثيرمنمم وأذلوا الأكثر، وحازواالأموال وتفرق جمع الشيعة فى سائر البلدان ، وعذبوا الباقين منهم بها عذابا أليما وفكلوا بهم فوق الحد بدعوى دخول سلطان البحرين ، لأنهم يدعون أن دخوله كان بسببهم ، وأنهم هم الذين حركوه عطى البحرين واختلاف المذاهب بين الطرفين يؤيد المقصد ، ورأى الشيعة البحارنة من أهط البحرين ما ساءهم فوق الحدو سيأتى لهذا المقام مزيد بيان فى التعليق عليه إن شاء الشه ٠ (م١٦ - عمان عبر التلريخ ج ) ) - ٠٢٤٢ المنعيم يهاجمون صحار من المصائب فى عمان ، ولا مصيبة مثلها معنى الهناوى والغافرى ، وما وضع الشيطان بلية بعمان مثلها ومن أجلها ثورة النعيم على صحار ، إذ تصور لمم أن آل أحمد بن سعيد هناوية يحبون الهناوية ويميلون إليهم ويقربونهم 1كثر من غيرهم ، فقام النعيم على صحار متذرعين بأن لفا عادات من صحار وما أعطينا إياها ، ودسائس أخرى يحوكما العمانيون وحدهم ، فنزل النعيم فى العوهى من اعمال صحار ، وبالقرب منها ، فما شعر أهلها إلا والقوم قد غشوا البلاد يقتلون وينمبون ويغطون فيما غحر الجميل ، ولم يقدر قيس بن أحمد على زعزعتهم منها ، لأنهم كثيون وبادية البريمى تنساب إليهم زرافات ووحدانا ، وأهل الأطماع من طعام الظاهرة كذلك ٠ ولما رأى قيس أن لا مزعزع لهم منها ، استغاث بأخيه سلطان وطلب منه النجدة العاجلة لكشغ هذا المهم النازل ، فاستصرخ سلطان أهل عمان الداخلية إلىجعلان ، فجاء ه رهط غير هين واستثار أخاه سعيدا حاكم الرستاق خوفا من استغحال الخطب وتعديه الى أبعد ، وكذلك دعا سلطان سيف بن على بن محمد ، واحتشد جند عظيم غصت به صحار وكان قيس يحاول حل قضية القوم بالتى هى أحسن نظرا لشر القوم القريب من صحلر منذ عهد سابق ، فكتب المى الفعيم أن يرجعوا الى ديارهم بغير قتال ، ووعدهم بالمال الذى يريدونه ٠ وكان قد استمال من بادية البريمى الظواهر وحلفاءهم ، وقرب أهل ينقل والسليف ، ولما لم يقبل منه الرجوع ولم يريدا من الحرب ، عباً كتائبه ورتب جيثه ، وجعل على الخيل سيف بن على بن محمد ، ٠٢٤٣٠ لأن الخيل تكون فى المقدمة ، وبقية القبائل كل قبيلة برايتها ، ومع أميرها ، وانضاف بنو ياس الى النعيم وهم خصوصا أهل دبى وأميرهم هزاع ، وكذلك بنو قتب ٠ فالتقى القوم بموضع يقال له الدباغ من صحار ، فدارت رحى الحرب فهلك فيها ثلاثمائة رجل من النعيم ، ومائة رجل من قوم قيس وسلطان ، وكانت الهزيمة على النعيم لبغيهم المفرط ، ثم خرج النعيم وقبضوا وادى الجزى ، وهو مضيق معروف نظرا الى أن المناصرين لقيس وسلطان من أهالى منطقة البريمى والظاهرة لا طريق لهم إلا وادى الجزى ، وبالأخص الظواهر ، ووقع فى أذهان الظواهر أن شوكة النعيم انخضدت بتلك الواقعة التى تركت القتلى ملء ساحة الدباغ ، ولما توسط القوم فى وادى الجزى كر عليهم عدوهم كرة غضب وحقد ، فأنقتل من الظواهر ومن كان معهم قدر ثلاثمائة رجل ورأوا — أى النعيم — أنهم أخذوا ثأرهم ، وارتحلوا الى البريمى ، ولما تلاحقوا فى البريمى ثارت الحرب بينهم بالغارات والغزوات ، ولم ترل عمدا طويلا ، وأغارت وهيبة على النعيم ، فهجموا على القبائل فقتلوا من النعيم عدة رجال ، وأغار سلطان على دبا عن طريق البحر ، فقتل من قوم الشرقى ٠٠٠ والنقبيين جملة ، وأفسدت الدروع السبل ، وخوفت الناس ومازال التعصب يواصل أعصابه حتى جاء سلطان بن الإمام الى تلك الجهات فسدد الأحوال وأطفاًنيران الضلال ٠ - ٢٤٤ - سلطلن يقوم ببناء حصن الفليج نظر سلطان بن الإمام أحمد أن لابد للعائلة من مكان خاص لائق بعيد عن العواصف وهيشات الحروب ، فاختا واحة الهليج لقربها من بركا ومن مسقط ، وغير بعيدة من وادى سمائل الذى كان يألفه سلطان فى واحة مطلقة الهواء لينة الموطىء منحازة عن معرات الجيوش ، وهى واحة الفليج التى بين بركا ونخل والطو ، فبنى سلطان ذلك البيت الحلو الأنيق فى مدة وجيزة ، وأسكن فيه بعض أهله ، وكان كثيرا ما يتردد عليه ويقيم غيه ، وولى على مسقط بعد موت خلغان بن ناصر البوسعيدى الوالى بها سيف بن مسعود البوسعيدى ، ثم عزله عنها وولاه بهلى ، وولى على مسقط سليمان بن سيغ بن سعيد الزاملى ، ثم لم يطل عهده وولى عطيها ماجد بن خلفان بن محمد الوكيل البوسعيدى ، ثم أخرجه وولاه الشرقية وجعلان وصور ، وولى على مسقط بعده سيف بن محمد ثم عزله، وولى عليها خصيف بن خميس بن حمدون الوهييى، ثم ولى طيها بعده خلوف مولى لبنى هناءة ، ثم ولاها بعده سيف بن حفظل البوسعيدى ، ثم ولاها بعده سيف بن محمد البوسعيدى ، ولم تزل ولاته نتخالف طيها ، ولم يزل مهتما بما كل الاهتمام ، ويدير الآراء بشأنها فى كل آن ٠ ثم أقبل عليها بهمة فعالة ، فبنى فيها قصر العلم ، ذلك القصر الضخم الرائع ، وجعلما وطنه الخاص ، وهو أول من تلقب بالسيد من أولاد الإمام أحمد بن سعيد ، وعلى أثر هذا العهد أوفد عبد العزيز السعودى الى عمان عبدا نوبيا من عبيده ليغتح له ثغرة بعمان ، ويبنى له فيها بنا ء جديدا تسجله الأيام فى تاريخ السعودية فى عمان ، حين ظل أمراء عمان من آل أحمد بن سعيد يتقاتلون على الملك ، وبتهارشون على الدنيا خلاغا لسبيل المسلمين وعدم اهتمام بأمر الدين ٠ ٠ ٢٤٥ - الاضطراب فى عمان فى عهد سلطان بن الإمام كان سلطان بن الإمام تزوج بنت ناصر بن محمد الغافرى أخت حميد بن ناصر ، فتوفيت عنده فطلب سلطان ميراثه من أخيها حميد فلم يتيسر له شى ء منه ، بدعوى أنكل ما بيده هو بيت مال لا إرث فيه لأحد ، وامتنع حميد من دفع شى ء لسلطان بن الإمام من تركه أخته ، فوقع فى النغوس أمر كان سبب التنافر والشقاق بين سلطان بن الإمام وحميد بن ناصر ، فطلب سلطان مواجهة حميد ، فامتنع حميد خوفا من سلطان يقبض عليه ، فتحقد سلطان وأضمر السوء لحميد بامتناعه من تسليم الارث له وعدم إجابته لدعوته ، فدس سلطان على حميد الدسائس من جهات شتى ، وبأنواع مختلفة النواحى ، ومنها أرسل من مسقط أحمد بن يوسف بن موسى الشيعى لكسر مدفع ضخم أمام حصن جبرين ، كان من الصفر وكان هذا الشيعى صفارا أى يعمل من أجل الصفر وأنواع منها ، فسار الى نزوى وأقام بها صفارا ثم طلبه حميد الى جبرين ليعمل له مراجل كبيرة ، ولما رأى الفرصة سانحة عمل عمليته فى كسر المدفع الصفر المذكور فكسره ، ثم هرب بالليل الى مسقط وكان ذلك المدفع من أشهر المدافع فى قصر جبرين فقضى عليه ٠ قال ابن رزيق : فكثرت الغزوات والغارات ، وتفاقم القتل ومالت النزارية كما هو تعبيره بذلك ويعنى به الغافرية ٠ قال : مالت النزارية وحلغاؤهم من أهل الحمراء والجبل وسيفم والظاهرة الى حميد بن ناصر ، فكان هو القطب ٠ قال فى شأن الوالى سيف بن مسعود : فوقع القتل بينه وبين أط جبرين ، وأصابه جراح برصاصة من إطلاق نيران القوم ، فرجع هو - ٢٤٦ — وقومه الى بهلى متحيزا بها ، فعاش ثلاثة أيام ، فمات فى بملى وظلت الحال س١ر٠ على هذا الحال ، ومن المعقول اذا كانت الأمة لا جامع لما تحت راية وحدة لعب بها الشيطان وأغرى بعضها على بعض ، فكان ذلك أعضل أدوائما وأصعب أمراضما ، وهنا تغلغل هذا الداء وكاد لا يزول ولا يزال له عروق تنبض به لتمزيق عمان ، اللمم إلا اذا كان للامة جامع قوى من عدل وإنصاف ، وإنزال الناس منازلهم وتأيد الحق أين كان ، وممن كان وإلا فالأمر جلل والداء عضال ٠ - ٢٤٧ - سلطان بن الإمام يتهيا للحج وفى النفس مآرب اخرى فى سنة ثمانى عشرة ومائتين وألف ، تهيأ سلطان بن الإمام للحج ، غاصطحب من أهل عمان جملة من رؤسائها من شمال عمان منهم الشيخ محمد بن مطر الشرقى ماحب الغجيرة، ومهنا بن سليمان اليعربى، والشيخ ربيعة بن أحمد الرواحى ٠ ولما مضى على توجممم الحج بعض الأيام ، وتحقق ذلك بدر ابن سيف بن الإمام أحمد ، قام بمن معه وكان يسكن حبرى من بلدان وادى المعاول ، فدخل مسقط ليلا ومعه بعض الرجال ، فدخل على ماجد بن خلفان بن محمد الوكيل البوسعيدى ، وتعاهد هو وإياه على أخذ الحصن الشرقى من مسقط ، وكان سلطان ترك فيه أحد خادمه يقال له كومبو بضم المباء الموحدة بعدها واو أميرا على المحصن ٠ وكان عتيقا شقيقه سيف ابن الإمام والد بدر المذكور واختفى بدر عن الناس هى وأصحابه فى الليلة التى دخل فيها مسقط فى بيت ماجد بن خلفان ، فلما كانت الليلة الثانية ليلة العملية مضى بدر الى الحصن الثرقى وبصحبته خادمه براكا المعروف بالصرملة بسكون الراء الممملة وكسر الميم وتشديد اللام المفتوحة عتيق والده أيضا سيف بن الإمام ، وخمسة رجال من أصحابه ، وحمل معه كيسا فيه ألف قرش ، ولما ومل هو وأصحابه عند باب الحصن نادوا ( كومبو ) فأشرف عليهم من كوة بالحصن قائلا : من أفتم ؟ فقال لم بدر أنا مولاك بدر بن سيف بن الإمام أحمد ، افتح الباب لأدخل مك لقصد المفاهمة ، وهذاا لك ألف قرث مقدما ( فأدلى كومبو ) له قفيزا - ٢٤٨ — ويحذف أعل عمان نقطة الزاى فيجعلونها راء مهملة ، فلما وصلت الدراهم الى ( كومبو ) قال لبدر ارجع الى ورائك وإلا أطلقت عليك الرصاص ، ثم رماهم بحجر فرجعوا بالخيبة ٠ فلما رجعوا الى ماجد بن خلفان ، قال لهم إياكم والمبيت فى مسقط ، فرجع بدر وأصحابه من ليلتهم الى حبرى ، ثم توجه منها لنجد ، وكان مر على عجمان عند صديقه راشد بن حميد النعيمى ، ثم توجه الى الدرعية فألقى ما عنده الى الأمير عبد العزيز إمام الدرعية فتحالف معه ٠ ولما رجع سلطان من الحج أخبر عن شأن بدر وعمله قيد ماجد بن خلفان ، وسأل عن الخادم ( كومبو ) ماذا صنع ، فأخبر أنه قبض الدراهم وطرد بدر وصحبه ، وقبض على الصرملة براكا وقيده فى الحصن الغربى ، وقطع عنه الطعام والشراب حتى مات ، ثم أمر به غألقى فى البحر ، وأما بدر فقد اتصل بالدرعية فاهتم من أجله كثيرا لأن الخطر لابد أن يكون هاما جدا ، وليقه مكث فى حبرى أو فى بعض بلاد عمان فإن مسيره الى الدرعية فيه الرزية من قبل أهل الغرب وكان فى العرف العام بعمان إطلاق لفظ الغرب على أهل نجد ومن إليهم ، وبذلك كانت لأهل الغرب طرق لغزو عمان مهدها الأمراء المتنافسون على الملك المذين لا يراعون إلا نفس الرئاسة ، على أى حالة كانت ، وبذلك انجر حبلهم حتى امتد الى عمان بواسطة القبائل والزعماء الذين أشرنا إليهم ، ومن جر العدو على وطنه ضايقه فى سكنه وأذله فى أهله وتسلط عليه ، ومن ذلك أغار بدو البريمى والظاهرة على مسارح الباطنة من السويق وحواليها ، وعندهم من طغام بدو عمان أخلاط ، وكان سلطان فى بركا ، فلما وصله الخبر ونمى إليه الصريخ أمر على محمد بن حمد الوهيبى ومن معه من آل وهيبة ، وكانوا المقربين معه ٠ - ٢٤٩ — فخرج الركب فى طلب الغزاة المشار إليهم ، وها قد دخلوا وادى الحيملى فتلاحقوا بالوادى المذكور ، ولكن الغزاة تمكنوا من قبض الطريق ، وجاء آل وهيبة يسيرون فى بطن الوادى ، فأطلق طيمم الرصاص من رءوس الجبال ، فانقتل الشيخ الوهييى وأكثر رجاله ، ولم يسلم منهم إلا القليل ، فلما وصل خبرهم الى سلطان تأثر منه وضاق به صدره وعيل وصبره وخاف ما هو أكبر منه ، فانتقل من بركا الى الفليج واستدعى والى نخل مهنا بن محمد بن سليمان اليعربى ، وتغاهم معه واتفقا على طلب أهل عمان لهذا الصدد المهم ، فإن له ما بعده من أمر القوم ولا تدرى المنهاية ولا يعرف المصير ٠ ٠ ٢٥٠ - سلطلن بن الإمام وأهل عمان يعقد مؤتمرا فى بركا دعا سلطان بن الإمام بقبائل عمان الداخلية الى جعلان ، وعين لهم الاجتماع ببركا ، فجاء الكثير فنهم وكذلك أعيان آل بوسعيد أولاد عمه وإخوتم أولاد الإمام أحمد بن سعيد ، وهم أحمد بن سعيد بن الإمام ، وعزان بن قيس بن الإمام ، وطلب بن الإمام ، وأخوه محمد بن الإمام ، وسيف بن على بن محمد والمشايخ ومحمد بن خلغان بن محمد ، وأخوه ماجد بن خلفان بن محمد ، والشيخ ماجد بن سعيد البروانى ، ووالى نخل المقدم الذكر مهنا بن محمد بن سليمان اليعربى ٤ والشيخ حجى ابن سعيد الحسنى وسالم بن على العلوى ، والشيخ عيسى بن صالح الحارتى ، وخادم بن محمد الهاشمى ، وكان المجتمع بحصن بركا ، ولما استقر بم الجلوس ، افتقح سلطان الكلام ، وأخبر الحاضرين عن كتل أصحابه ، وأنه متأثر بقتلهم حتى قال فى نقل ابن رزيق فبقيت ككف بلا أصابع ، وهذه الحرب متفاقمة عطينا من كل مكان ، ومن كان لى محبا صار لى عدوا ، ومن زعم أنه لنا صديق فهو لنا غير نافع فى حزات الضيق ٠ وهو يشير بذلك الى أناس من أهل عمان ٠ قال : فما رأيكم فى هذا الشسأن ؟ فسكت القوم وبقوا كل طائفة تنتظر جواب الأخرى ، وحتى تكلم الثيخ سيغ بن على محمد البوسعيدى ، وها نحن نحررها بفحواها لابنقل ابن رزيق ٠ قال ٠٠ إن أهل عمان باقون على ولائمم ثابتون على عمدهم ، لم شدة وصبر على الحرب ، لا يرهبون الأعداء ولا يخافون ، وما محمد بن حمد الوحييى ، إلا واحد من كثير وكذلك أصحابه ، وف عمان من م - ٢٥١ - أشد لقتال الأعداء فمن ذكرت ، وأثبت فى الأزمات ٠ فما نحن بجازعين من الوهابية وغيرهم من الأعداء فإن قلوبنا التى نعصى بها الأعداء فى صدورنا ، والسيوف التى فضربهم بها على أكتافنا ، وما خضاب الرجال إلا الدم، فطعم الحرب لنا كالمن والسلوى ولاخير ف مقال لا تزكيه أفعال ، وليعلم النجديون والأضداد امجاهرون أن منقلب ينقلبون ٠ ثم سكت فتكلم بعده آل بوسعيد مؤيدين لمقاله، وقال أكابر عمان والشرقية و بدية وجعلان : ما أحلى لنا حرب الطاغين ٠ ٠ وا لباغين ، ففى أعيننا كثيرهم قليل وفى قلوبنا عزيزهم ذليل ، يأبى العزيز أن يعيش ذليلا، فبينما هم كذلك فى هذا المجال وتداول المقام، إذ ورد على سلطان رسول من قيس بن الإمام يحمل كتابا منه يقول فيه : إن الحريق أحد خدام عبد العزيز وصل ، وأنه ضرب معسكره بالعوهى بفتح العين المهملة وسكون الواو وكسر الماء بعدها ياء مثناة منتحت من أعمال صحار ، ويسأل أخاه سلطانا الننجدة قبل استفحال الخطب ، ويستحثه بالوصول إليه، فليرجع كل واحد منكم الى بلده وقومه، وليأتتى بما عنده ومن هم فى طاعته من الرجال ، وجعل موعد اللقاء الخابورة دون صحلر ، وافترقوا على هذا ومضى سلطان معه محمد بن خلفان واخوه ماجد الى مسقط للاستعداد المستعجل، وحالا أمر سلطان بشحن العدة والعتاد وآلة الحرب فى باخرته الكبرى الفلك من مخلفات الدولة اليعربية عليها السلام ، وحملها جميع ما تدعو إليه الحاجة من الأمور الحاجية ، ومضى بحمولته وتوجه سلطان على طريق البر فعسكر بالخابورة لتلقى القوم بهاء وجاعت القبائل العمانية تترى من كل صوب : فكان الجيش اثنى عشى ألف رجل ، ولن يفلت جيش هذا عددم بشهادة الرسول عليه الصلاة ٢٥٢ - والسلام ، ولما بلغ الحريق هذا الأمر الذى قام به قيس وسلطان ، لم يتمالك لقلع مخيمه ، بل أشعل النار فيه روعا واستولى عليه الذعر ، غهرب بأسرع ما يمكن ، ولم يتراجع إلا فى البريمى ولم ييق بها عمدا بل سرعان ما ارتط الى نجد ليلقى مهمته الى سيده ، وزحزح اش شره وصرف بلاءه حالا وعند ذلك جاء شيوخ البحرين مذعنين لسلطان خوفا منه حيث بلغهم الحريق وجنده ، خافوا من سلطان أن يرد الكرة عليهم ٠ وف هذه الأثغاء اصطلح الحال بين سلطان وحميد بن ناصر الغافرى ، ولا شك أن القوة هى التى تمهد طرق السيطرة وتدعم السلطان ، لو أن لى بكم قوة ، وعدوا لهم ما استطعتم من قوة ، إنى عليه لقوى أمين ٠ -- ٢٥٣ - محتويات الكتاب الموضوع الصفحة الإمام سيغ بن سلطان ينظم الجيوش ٥ الجيش البرى بعمان ٦ الجيش البحرى العمانى ٧ الإمام سيف بن سلطان يقبل على عمران عمان ٩ سلاح الدولة اليعربية ١٢ الإمام سلطان بن سيف بن سلطان ١٣ عقد البيعة للامام سلطان بن سيف ٥ ١ الإمام سلطان يتحفز لجهاد الأعداء ١٨ إمامة الإمام مهنا بن سلطان ٢٣ إمامة يعرب بن بلعرب بن سلطان بن سيف ٢٩ الإمام يعرب يخرج الى جرنان ٣٢ محمد بن تاصر الغافرى يعيد الحرب سيرتها الأولى ٣٥ مالك بن ناصر يثير حربا بغير هدى من اش ٣ محمد بن ناصر وخلف بن مبارك يقتلان فى عمان بأهل عمان ٤٥ خلف بن مبارك يحاصر الرستاق ٥٠ محمد بن ناصر يزحف على بلاد سيت ٥٢ عودة محمد بن ناصر الى نزوى للنظر فى الأحوال ٥٣ خلف بن مبارك يزحف لحرب نخل ٥٧ محمد بن ناصريجهز الجيوث لحرب الجبوس مه محمد بن ناصر يتجمز لحرب الرستاق. ١ إمامة بن ناصر الغافرى ٦٤ الإمام السالمى يناقش القضية ٦٦ - ٢٥٤ - الموضوع الحسد عند الشر مانع بن خميس يلتجىء بالنعيم الامام محمد بن ناصر يهاجم أهل علاية سمائل محمد بن ناصر يلاقى خلف بن مبارك فى حيل العوامر محمد بن ناصر وا لمعاول محمد بن ناصر يهاجم بغاة البدو من عامر بن ربيعة محمد بن ناصر يسوق زعماء وهيبة لواحة جبرين ينقل تظهر الخلاف لمحمد بن ناصر وتتعرض للهجوم نهاية المزاولة بين محمد بن ناصر وخلف بن مبارك والصراع المرير إمامة سيف بن سلطان بن سيف إمامة بلعرب بن حمير الحرب يقيمها الامام بلعرب على سيف بن سلطان الزحف على بنى هناءة فى بلاد سيت الزحف على جبرين وفيه بنو هناءة سيغ بن سلطان يجر الأعداء على عمان طلب سيف بن سلطان عن العجم النصرة طى أهل عمان سيف بن سلطان يواصل جيوشه من العجم على أهل عمان العجم يعيشون فى نزوى سيف بن سملطان يتغلب على الأمر بعمان إمامة سلطان بن مرشد اليعربى سيف بن سلطان يستعد لمصادمة الامام ثم ينهزم أحمد بن سعيد بن أحمد البوسعيدى يعرز فى الميدان ليتولى ملك عمان العجم ينزلون خورفكان الصفحة ٦٨ ٧٢ ٧٣ ٧٥ ٧٧ ٧٨ ٨٠ ٨٢ ٨٤ ٨٨ ٩٣ ٩٤ ٩٥ ٩٦ ٩٧ ٩٨ ١٠١ ١٠٢ ١٠٥ ١٠٩ ١١٠ ١١٣ ١٢٢ - ٢٥٥ -- الموضوع العجم وحصارها لحصن صحار الإمام سلطان بن مرشد يتوجه لحرب العجم الذين بصحار أحمد بن سعيد يزحف الى بركا ليتولاها أحمد بن سعيد يستعمر بركا ميناء لعمان بدل مسقط أحمد بن سيد يأخذ ثأر العمانيين من العجم أحمد بن سعيد يعيد خميس بن سالم لمسقط أحمد بن سعيد يزحف الى الداخلية أحمد بن سعيد وبلعرب بن حمير أحمد بن سعيد فى طالعه السعيد أحمد بن سعيد وزعا ء بنى غافر أخلاق أحمد بن سعيد وصفاته أحمد بن سعيد يناصر الدولة العثمافية على العجم بالبمرة الظاهرة وأحمد بن سعيد أحمد بن سعيد يجهز ولده هلالا لحرب الظاهرة أحمد بن سعيد يثن المحرب على نخل سيف وسلطان أبناء أحمد بن سعيد يحتلان مسقط مقام أحمد بن سعيد من الناس وغاة أحمد بن سعيد الإمام أولاد أحمد بن سعيد سعيد بن أحمد بن سعيد الإمام حمد بن سعيد بن الإمام أحمد بن سعيد الحرب بين المعاول وأهلنخل أعمال حمد بن سعيد أيام دولته المحل يحل على عمان فى عهد حمد بن سعيد سعيد بن الإمام أحمد والعبريين الصفحة ١٢٤ ١٢٦ ١٢٨ ١٢٩ ١٣٤ ١٣٧ ١٣٨ ١٣٩ ١٤٢ ١٤٩ ١٤٩ ١٥٤ ١٥٥ ١٦٢ ١٦٥ ١٧٠ ١٧٥ ١٧٧ ١٧٩ ١٨٢ ١٨٦ ١٩٧ ٢٠٠ ٢١٠ ٢١٢ ٢٥٦ . الموضبوع الصفحة قيام الشيخ أبى نبهان للأمر بالمعروف والنمى عن المنكر ٢١٥ سلطان بن أحمد يحتل ملك عمان ٢٢٣ محمد بن خلفان يتحفز لحرب سلطان ٢٣٠ سلطان بن الإمام يحصن مسقط ٢٣٤ قيس وسعيد ابنا الإمام يحاولان حرب سلطان ٢٣٥ سلطان يزحف على السويق والمصنعة ٢٣٩ سلطان يتحفز لحرب ثهبار وتوابعها ٢٤٠ اننعيم يهاجمون صحار سلطان يقوم ببناء حصن الفليج الاضطراب فى عمان فى عهد سلطان بن الإمام سلطان بن الإمام يتهيأ للحج وفى النفس مارب أخرى سلطان بن الإمام وأهل عمان يعقدون مؤتمرا فى بركا ٢٤٢ ٢٤٤ ٢٤٥ ٢٤٧ ٢٥٠ طبع بالمطبعة الشرب ومكتبتها - صفون:٧٧١٦٩٥٢ حقوق الطبع محفوظة لدى وزارة التراث القومي والثقافة صب : ٦٦٨ - الرمز البريدي : ١١٣ مسقط سلطنة عمان رقم الإيداع: ٩٥/٢٤١