سس7"=.""7 ,.٠0,١ .‎ل١ رارلا...نا7 ...ناا....7 ...... 72مفو 7 77772ارمم. 0ازا ن 2 : 5 / 771711لواا : 7اناا "777 ا... 7.1ا ان2:.دشنن نفك۔ةالتاكتققل ١ .‏. ::ٍ: , 7.‏. ٨27"..م: 7٧.٠::نفب ‏‘٦62.سد.ا ::-.:"٦9, ١7` 7‏: :‏:٦١٦٨:حجن ه04:7::ة ‏٨:.ا7:.:؛ 40:ققخ4 ::‏٦020:,ن -م.‏٨1:دن3 137 7 - 1فة ‏ ١لجزء ‏ ١لأول 2 ٩٨٤_١٤‎ .٤ه بسم اله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد نه الذي لا اله غيره ولا خير الا خيره ونصلي ونسلم على المبعوث بالهدى والرحمة محمد ية وعلى آله وصحبه وبعد . فإن كتاب غاية المأمول في الفرو ع والاصول كتاب جليل القدر منتقى من اهم المراجع الفقهية حسن التأليف جزل التعبير سهل المأخذ { المؤلف هو شيخنا العلامة محمد بن شامس بن خنجر بن شامس بن ناصر بن سيف بن فارس بن كهلان البطاشي . وهذه القبيلة يتصل نسبها بقبيلة غسان التي نزحت من اليمن بعد حادثة سيل العرم ونزلت بالشام واستوطنت دمشق وكانوا بها ملوكا الى ظهور الاسلام وبطاش اما نزولهم عمان ففي حوالي القرن الثامن الهجري وكان نزولهم في الجانب الشرقي الذي كان اهلا بقبائل طي التي تمتد من سمائل الى وادي الطائيين الى بوشر الى ناحية حطاط الى شرقي قريات ولذلك نسبوا الى طىء فنسبهم يتصل بجبلة بن الأيهم آخر ملوك غسان بالشام ولد المؤلف في العقد الرابع من القرن الثالث عشر الهجري ببلدة المسقاه احدى قرى شرقية عمان ونشأ هذا الشيخ في احضان هذه البلدة منشاء ابائه من مات ابوه وهو في سنه المبكر ولما بلغ السادسة من العمر ادخل المدرسة القرائية في البلدة وسرعان ما تعلم القرآن الكريم قراءة وكتابة واتجه بعد ذلك الى قراءة الكتب والى علم ما يسعفه به الزمن فقرأ بنفسه كتب التاريخ والأدب والقصص وحفظ الكثير من دواوين الشعراء ومقالات الادباء بحيث ظهرت عليه __ نذ الصغر محائل الحسد والاجتهاد والانصراف اللى الجدي من العلوم جعل ذلك م شاغلا له فلا يلهو لهو الصبيان ولا يعبث عبثهم . تفتح قلبه الى ما يدور حوله بوعي وادراك وانقطع الى الحفظ والاستذكار متميزا بالذاكرة الحادة والعقل المستيقظ والفكر السليم والنبوغ المبكر ومهيا يكن فمن المعروف ان المترجم له قد اعطاه الله ذاكرة واعية منذ صباه والذاكرة كيا يقرر علياء النفس والتر بية مقياس وحيد للذكاء قوة وضعفا ويظهر ان قوة الذاكرة ورثها من اباء له سلفوا وان لم ينالوا حظا من العلم :وبعد ما درس المبادىء من مقدمات العلوم تاقت نفسه الى اكتساب المزيد منها فرحل الى نزوى مدينة العلم وذلك عام ه مع اخيه الاكبر فنزل ضيفا على الامام محمد ابن عبدالله الخليلي رحمة الله‏٢ شم غرفاعليه وكان يعني كثيرا بطلاب العلم من جميع انحاء البلاد وقد خصص خاصة بقلعة نزوى بحيث تقدم فهم جميع الخدمات بالاضافة الى ما يحتاجون اليه من مؤونة المأكل والملبس مع ما يوليهم به من عناية خاصة ،بعد ذلك واصل هذا الشيخ دروس العلم ولازم كبار العلماء ومشاهير الشيوخ اهل الدين والورع وانشغل بقراءة الموسوعات يدرسها بعقل فاحص وفكر حر لا يتقيد الا بالاثر الصحيح كان يسير في هذه الدراسة وهو يافع تحت ظل ذلك الامام والعلامة الكبير وقضاته الاعلام واذا ثمت ملازمته اجدته فهي ملازمته ذلك العلامة الجليل وذلك كيا قال احد كبار العلماء عندما سئل عن وجهه قال كنت في معدن العلم والفقه فحالست اهله ولزمتهم واخذت عنهم كيا حققت تلك الملازمة لغيره من حملة العلم والفقه اعلى مقام وكانت مدينة نزوى في هذه الفترة تعيش عصرا ذهبيا وتسمى قبل ذلك (عش العلياء) والمترجم له ممن انجبه ذلك العش والبلد المنجب فاصبح من اولائك الرجال الذين قدموا لخذمة البلاد والعباد ورفعوا لواء الشر ع ومنار الاسلام قضاء وافتاء وارشادا ودعوة الى اته تعالى وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر بقلوب اصفى من الذهب المصفى وكانت نزوى تضم عددا من المعاهد والمدارس في جميع العلوم وقد زخرت مكاتبها بالكتب القيمة حتى ان القارىء ليقرأ الباب من الابواب وبوسعه ان يقف على الأدلة الواردة ني تلك المسألة مجتمعة حيث يسهل على الدارس معرفة الحق بأقل جهد وايسر كلفة } شيوخه قراء الشيخ محمد على عدد من كبار رجال العلم وجملة الشيوخ اخذ علم النحو والصرف وعلم المعاني والبيان والبديع والمنطق وعلم اوزان الشعر وعلم الأدب عن الشيخ المدرس الشهير حامد بن ناصر النزوي } وكان هذا الشيخ من الذين اوقفوا انفسهم للتدريس وغرس العلم في نفوس اولائك الشباب الذين جاؤوا تباعا الى هذه المدينة لاتتطاف ثمار العلم وبحق بان الشيخ حامد بن ناصر يعتبر من عباقرة علوم العربية ويدعى سيبويه عصره . ثم اخذ المترجم له علم التفسير والحديث واصول الفقه عن العلامة الضرير الشيخ عبدالله بن عامر العزري رحمة الله عليه كيا اخذ عنه علم الكلام هذا بالاضافة الى ملازمة الامام رحمة انه عليه ني مجالسه العلمية كيا اخذ عن العلامة ابي مالك الشيخ عامر بن خميس المالكي رحمه النه والشيخ العالم سعيد بن ناصر الكندي وغيرهم من كبار العلياء والشيوخ وقد رب نفسه تربية عالية تعلم خلالها العلوم كلها ولم يترك بابا من العلم الا وقرأ فيه فكان عالما في الأصول كيا انه عالم في الفرو ع وقد قرأ في التفسير وفي الحديث والادب والتاريخ وعلم في النسب وايام العرب جاهلية واسلاما وكان الامام يدعوه نسابة عمان يحفظ الكثير من علوم الأدب والشعر وقد طرق جوانب الشعر الا أنه بعيد كل البعد عن اشعار الغرام والغزل لا يعرف المجون والهزل . شعره في منتهى الجودة والبلاغة وأول ما قرض من الشعر قوله وذلك ايام قيامه بنزوى لتلقي العلم : يطوي المغاوز من ربى ووهادوغادييا رائحا باليعملات ساع الى كسب العلوم وعادي ارائك ووسادفوقويبيتمعيشةلاكتسابيسعىكانمن نقسادماجدبهمةاسعىفانا الى طلب المكارم لم ازل سعادوعينفاطمةبحبينمغرماوالمهيمنترانيانما بالأسادالارقالواواصل _ح۔۔ حتى احصل بغيتي ومراديواهين هدي النفس في طلب العلى قد بعتها بيعا بسوق كسادفليهن قومي بالدنا اني امرؤ فعيس الهدي قد اقبلت بالبشايردعيني وغضي الطرف يا أم عامر ناظرله كلعلم يعشوالهواصبح دين الله في الارض مشرقا كيا ان له قصيدة قالها في مثار الامام الحليلي على قبيلة السبوع : ينهدموالكفرالدينمناريقامالخذمالقنا والمرهف الصارمبسمر وبنساب السبنتى مع الغنموبالعدل تخضر البلاد وتأمن العباد وله قصيدة قالها في حادثة السليف مطلعها : في العزماتالمجدوالمجد كلالطرقاتالمعالي اصعبطرق الدرجاتتفاوتالانامبينيكنلالملحد سهلانيللو كان كيا له اجوبة نظيا ونثرا لو جمعت لكانت مجلدات لكنها لم يكتب ها البقاء مزقتها يد الاهمال وقد ترك قول الشعر منذ اكثر من عشرين سنة . ‏ _ ١له مؤلفات منها ارشاد الحائر ف احكام الحاج والزائر مجلد واحد والان قل ان يخرج حاج من عمان الا وهذا الكتاب بين يديه يهديه السبيل . ‏ ٢۔ سلاسل الذهب نظيا من بحر الرجز يحتوي على مائة الف بيت واربعة وعشرين الف بيت وهو كتاب جليل القدر كثير الفائدة جمع الأصول والفرو ع من علم الفقه حيث يعتبر موسوعة علمية كبيرة ومرجعا من المراجع الحامة ف سائر العلوم لكن وللأسف تزايد اقبال القراء على النثر في هذه الآونة الاخيرة وتركوا النظم . وله كتاب غاية المأمول في الفرو ع والاصول نثرا في خمسة اجزاء يحتوي على .من علم الفقهوالفروعالاصولمن علمابواب كثيرة --٥-- انها خلاصة دراسة فاحصة وتفكر دقيقواذا تتبعت مؤلفاته هذه وجدت حيث لخصها من امهات الكتب القيمة والمراجع الموثوق بها . اعماله :تولى قضاء ولاية الحمراء ثم ولاية بدبد حيث مثل فيها دور الوالي والقاضي ثم جعلان وولي تضاء قريات مرات وشهر بالعدالة ي الاحكام والقيام بالأمر على اتم وجه ويشغل الان منصب القضاء بالمحكمة الشرعية بمسقط وعضو في محكمة الاستئناف التي تعتبر المحكمة العليا في السلطنة . الذاكرة كثيرا العبادة مؤثرالبنية قويالقامة متوسطاوصافه :قصير .‏ ٢جميع احوالهالمظاهرحببعيد عنالتقشف في الرابعة والسبعين من العمر نسئل النه ان يبارك فى عمره واعمار بقية العلماء ولا يسعنا الا ان نتقدم بخالص شكرنا لوزارة التراث القومي والثقافة وعلى رأسها معالي الوزير صاحب السمو السيد فيصل بن على ال سعيد على ما قدموه من خدمة للاسلام من نشر تراثنا الخالد من علوم الشريعة والتاريخ والادب والله نسثل مزيدا من التوفيق . خالد بن مهنا البطاشي ‏ ١٤٠٤هربيع الأول سنة‏٢ بسم الله الرجمن الرحيم خطبة الكتاب الحمد لله العالم بجميع كائناته الواحد في افعاله واسمائه وصفاته الذي لا يراه في الدنيا ولا في الاخرة اجد من مخلوقاته ث ارسل الرسل بمعجزاته واياته ،وانزل عليهم الكتب من فوق سبع سماواته © وقضى بالخلود على اهل الدارين في كثير من اياته 3 معتقلاغدامنعداته .وتفنضل بالتوبة علىومعاداةطاعتهاهلموالاةواوجب كتابه الامر والنبى باطلاقه وتقييداته } وعحم فضله الطائع والعاصيلنا فبسي ته ©ؤ وبين فجازوا‏ ١لامورحقائقهموكشف&وبتأييدا تهبنصرهرسلهوخصمخلوقاته ئمن الطريق وامنوا من شبهاته ،وانزل اليهم الوحي بجميع كيفياته 3فسنوا للخلق السنن التي تقودهم الى مرضاته ،جل شانه عن العلة والقياس بمخلوقاته ث وتعالى عن الشبه من هلكاته ئعلى من انقذ به العالموالسلاموالصلوةاسمائه وصفاته [والقوادح ف المطهر من الانحباس المتيمم لها افضل طرقاته ،المبعوث بالصلوة والركاة والصوم مفروضة ومندوباته ،المدلج العيس من بطحاء مكة إلى منى وجمع وعرفاته 0وعلى اله الله ومرضاته ،والمهرقينطاعةنفوسهم فعتراته ث البائعينمنوالطيبينواصحابه بعدهم بامر الدين وتأبيداته ئ الوارثينسبيل الله وجناته ل وعلى القائمين مندمائهم ف الهدى والقائدين الى طرقاته & ما قام قائم لنشر العلم واثباته 0وما غردت اقلامه على .ورقاتهصحائف .بعداما فهذا كتاب عنيت بتصنيفه وتهذيبه وجمعه وترصينه وتبويبه 0الفته من كتب اصحابنا الاخيار ،الذين لا يلخق لهم في المكرمات غبار ،واكثر ما فيه عن التميني. علىالاقوالفاعتمدتوقدل‏ ١لدينونورخميسوالشيخالائمةوقطبئالمين .جارا تهمعنبا عيتصحيحها على تصحيحهم ئ لقصورترجيحهم ‌ وعولت ف _ ١ وضيق حالي عن مباراتهم الى ان يفتح الله وهو خير الفاتحين © جمعت فيه من اصول العلم وفروعه ما يحتاج اليه المبتدي ؤ ويرغب فيه المنتهي © والقصد خدمة العلم الشريف ،وابتغاء ما عند العزيز اللطيف © اساءل من رأى فيه عيبا ان يبادر الى سده ،ومن رأى فيه خطاء ان يسارع الى رده ،فاني ما قصدت الا تدوين الحق وتحقيقه © واتباع الهدى وتأليفه وطريقه } وذلك شيء زاغ له الفهم او زل به القلم والباطل مردود والحق متبع ومقصود وسميته « غاية المأمول في علم الفرو ع والاصول » والله حسبي ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا باله . باب العلمالدين _اصولكتاب العلم صفة يتجلى بها المعلوم على ما هو عليه وقبل ادراك الشيء على حقيقته والمختار عند البدر الشماخي انه ادراك الشيء بحيث لا يحتمل النقيض قال نور الدين رحمه الله وان تأملت ما عليه الاصحاب من الاصطلاح راءيتهم يطلقون العلم على العلم اليقيني الذي لا اشكال معه وعلى الاعتقاد اذا كان حقا وعلى الظن ايضا اذا كان صدقا كا يعرف بالوقوف على مصنفاتهم قال فينبغي ان يثبت على هذا الادطلاح حد يدور عليه الامر وتتاسس به القاعدة فيقال العلم ادراك الشيء على ما هو عليه فيدخل بالادراك العلم والاعتقاد والظن والشك لكن خرج بقوله على ما هو عليه والعلم ضربان قديم ومحدث ڵ فالقديم هو صفة ذات الله تعالى والحدث علم ما عداه وهو ينقسم الى تصور وتصديق وكل واد منهما اما ضروري او نظري اما الضروري فهو ما لا يحتاج الى طلب اصلا كادراك القضايا الاوليات وهي ما يدركها العقل من اول مرة كقولنا الكل أعظم من الجزء والواحد نصف الإثنين والنظري ما يحتاج تحصيله إلى طلب وهو أنواع أحدها ماحصل بالقياس العقلي كقولنا العالم متغير وكل متغير حادث وقولنا العالم حادث محتاج الى محدث . وثانيها ما يحصل بالقياس الشرعي كقولنا الدخان مسكر فهو حرام كالخمر . وثالنها ما يخصل بالتمثيل كقولنا في مثال الفعل والفاعل قام زيد وقي مثال المبتدأ والخبر زيد قائم . ورابعها ما يحصل بالاستقراء وهو تتبع غالب افراد المحكوم عليه فيبني منه قاعدة كلية كقولنا كل حيوان يحرك فكه الاسفل عند المضغ . وطرق العلم ثلاثة احدها العقل المحخض كادركنا ان الواحد نصف الاثنين وثانيها الوجدان وهو ما يجده الانسان في نفسه كالجو ع والشبع والراحة والالم والحب والبغض وثالثها الحس الظاهر وهو خمسة اشياء السمع وهو يدرك الاصوات والبصر وهويدرك الالوان والشم وهو يدرك الروائح والذوق وهو يدرك الحلاوة والمرارة والحموضة ونحوها واللمس وهو يدرك الخشونة واللين واليبوسة والرطوبة واللزوجة . ٣ فالمدرك بالوجدان لا يكون الا ضروريا والمدرك بالعقل والحس بعضه ضروري وبعضه نظري ولكل واحد من الضروري والنظري تكليف يخصه فلا يكون في غيو فمن تكليف العلم الضروري معرفة الله تعالى ومعرفة رسله ومعرفة خقيقة ما جاء به رسوله ومعرفة الموت والبعث والحساب والجنة والنار والملائكة والانبياء والرسل والكتب والقضاء والقدر والخوف والرجاء والولاية والبراءة والوقوف وكوجوب الصلوة والصوم والزكاة والحج وتحريم المظالم وحرمة الميتة والخنزير والدم المسفوح ،هذا كله بالنظر الى من بلغه علم ذلك وبعض هذه الضروريات عقلية وبعضها نقلية واما التكليف النظري فكمسائل الكلام التي لا تحصل الا بعد نظر واستدلال نفي الرؤية ووجوب تخليد من دخل النار وكمسائل تفاصيل الصلوة والصيام ومسائل الحلال والحرام التي تحتاج الى نظر واستدلال فيجب رد كل واحد منها الى موضعه اما الضروري فوجوبه قطعي كذلك ومنه ما هو ظني كمسائل الفروع التي للرأي فيها مجال فالاول من النظري لا يصح الخلاف فيه لاحد كالضروري والخالف فيه كاقر اما مشرك واما منافق كا سيأتي واما الغاني من النظري فمن سعة رحمة الله لعباده ان فوض الحكم فيه اليهم وكلف كلا بما اراه اياه لا يصح له بعد ان رأى الحق في قوله تقليد غيو الا ان كان ضعيفا فانه جب عليه التقليد في المواضع التي كلف بها ان عجز عن الدليل . وقد اختلفت الأئمة في الوجوب الذي يترتب عليه الثواب والعقاب ذهبت المعتزلة الى ان العقل هو الموجب لذلك والشرع اما مبين لما خفي على العقل ادراكه واما مؤكد لما ظهر للعقل علمه ،قال نور الدين رحمه الله فتراهم يجعلون العقل قاضيا على الشرع ،اي لا يرد الشرع بما يخالف العقل عندهم فترتب على ذلك وجوب مراعاة الصلاحية والاصلاحية على الله تعالى قال وهو مذهب باطل قائله منافق قال وذهب الجمهور منا الى ان العقل لا حكم له في شيء من الوجوب الشرعي وهو ما يترتب عليه الثواب والعقاب فلا وجوب عندنا قبل الشرع في شىء من الاصوليات والفروعيات لا فرق في ذلك بين التوحيد وغيو فان العقل وان ادرك بالضرورة ان له صانعا لا يوجب ان عليه لذلك الصانع شيئا من العبادات فلا وجوب قبل الشرع ٤ لقوله تعالى أوما كنا معذبين حتى نبعث رسولاةه ولقوله تعالى ؤلثلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسلئه فالعقل لا سبيل له على شرع بشيىء من الشرعيات بل الناصب للاحكام الشرعية هو الشارع لا غير وقد جعل العبادت نوعين © نو ع تدرك معرفته بنفس الصلوةالعقل كمعرفة وجود الصا نع ونوع لا تدرك معرفته الا با لسماع كوجوب والصيام والزكاة والحج فحكم علينا الشرع بتأدية كل واحد من النوعين متى ما ادركنا معرفته فما كانت معرفته بالعقل وجب عند صحته وما كانت معرفته بالسماع وجب عند حصوله } قال نور الدين وحمه الله وذهبت طائفة منا الى جعل العقل حاكما في بعض العبادات وهم فريقان فريق جعلوه حاكما في وجوب معرفة الله تعالى خاصة وهما الامامان ابو يعقوب وقطب الائمة قي الهميان قال ووافقهم على ذلك جماعة من الماتريدية الا ان الامامين لم يوجبا تلك المعرفة قبل بلو غ الحلم وبعض تلك الجماعة اوجببا على من قوي عقله ولو لم يبلغ . قال والفريق الثاني ذهبوا الى ان العقل حام في المفهومات فيشمل معرفة الله تعالى والعدل والانصاف وتحريم الظلم وهما الامامان ابو سعيد وابن بركة ووافقهم على ذلك ايضا جماعة من الماتريدية بيان مذهبهما ان ابا سعيد اوجب على من قامت عليه حجة وجوب فرض الصلوة ولم يجد من يعبر له كيفيتها ان يؤديها على ما حسن في عقله وان ابن بركة اوجب على صاحب الجزيرة الذي لم يبلغه شرع ان يترك ما قبح في العقل فعله كذبح الحيوانات فانها حيوان مثله قال نور الدين رحمه الله والفرق يين قول هؤلاء الجماعة وبين قول المعتزلة ان المعتزلة يحكمون العقل ويجعلونه قاضيا على الشر ع بمعنى انهم يقولون انه لا يرد الشرع بما يخالف العقل اصلا فالشرع اما مؤكد او مبين وهؤلاء الجماعة يجعلون العقل حاكا عند عدم ورود الشرع ويجوزون ان يرد الشرع بخلافه فان ورد بما يخالف العقل اوجبوا المصير الى الشرع قال نور الدين وتقسم العلم الى ما مر انما هو باعتبار حصوله في .ذهن العالم بهما باعتبار حكم الشارع فيه فينقسم الى واجب والى مندوب اليه ،فالاول هو علم ما لا يسع جهله والثاني هو ما يسع جهله ويثاب على طلبه ويجب طلب الأيل على من قدر على الطلب كسائر الفرائض تحجب على من قدر عليها على الوجه المخصوص وطالب الثاني له من ا له عظيم الجر ومنها مندوب الى معرفته لكن لا بذلك الاعتبار وانما هو باعتبار صحة الابدان الجسمانية وهو علم الطب ومنها مباح كتعليم الحرف والرمل واشباههما ومنها مختلف في اللهنور الدين رحمهالمنطق الفلسفي [ قالالاولاقساماباحته وعدمها وهو ثلاثة والصحيح الاباحة والثاني علم القلك والصحيح جوازه ايضا لأنه نظر في آيات جعلها لله اسبابا عادية لوقوع اشياء مخصوصة وليس هو من تعاطي الغيب والثالث علم ` السحر اذا لم يكن كفرا او موديا اليه فهو حرام بالاجماع قال نور الدين رحمه الله واختلفوا في جوازتعلم السحر الغير الكفر قال فذهب قوم الى منعه بظاهر قوله عيلة صَاابن.ِ..ھ.‏ ١ .ه اقتلوا الساحر والساحرة الحديث & وذهب آخرون الى جوازه حاملين ذلك الحديث وما ظلمبه عنوفائدته عنل من اجاره التحرزالديناشبهه على النو ع الكفر منه قال نور :السحرة وانشد فيه بعضهم ومن لا يعرف الشر من‌الناس يقع فيهعرفت السر لا للشر لكن لتوقيه ومن العلوم ما هو مكروه كعلم البيطرة اذ لا فائدة فيه دنيا وأخرى ورما ادى إلى تزيين المحجور كالوطى في الادبار فيحجر فأنواع العلم على قدر الاحكام الشرعية واجب ومندوب ومباح ومختلف في إباحته وحرم بالاجماع ومكروه واللازم والواجب والفرض اسماء مترادفة عند جمهورنا والشافعية وهو ما طلب فعله طلبا جازما ومعناه ما قيل هو ما في فعله الثواب وفي تركه العقاب . وذهب ابن بركة وابن محبوب الى ان الفرض غير الواجب فالفرض عندهم ما نبت بدليل قطعي كاقيموا الصلوة واتو الزكوة والواجب ما ثبت بدليل ظني كوجوب الوتر مثلا قال نور الدين وهو الراجح عندنا قال واليه ذهب الامام سعيد بن خلفان ويقابل الفرض الحرام ويقابل الواجب المكروه كراهة تحريم والخلافلفظي والمندوب ما طلب طلبا غير حا٬م‏ وبمعناة ما قيل هو ما في فعله الثواب وليس في تركه عقاب ويقابله المكروه كراهة تنزيه وهو ما طلب تركه طلبا غير جازم ومعناه ما قيل هو في تركه الواب وليس في فعله عقاب وبقي المباح وهو ما لا ثواب ولا عقاب في فعله ولا في ٦ البحث عن علم ماوجبعلى فسادهاالنية فيه ويعاقبتركه وانما يثاب على اصلاح لا يسع جهله على كل قادر على الطلب ومن ترك البحث عنه مع القدرة عليه هلك والعياذ بالله . وللقدرة ستة اركان :الأول ،المعرفة بوحود المعبر بعبارة يفهمها .والثاني & صحة البدن من الافات المانعة عن طلب ذلك .الركن الثالث وجود الراحلة اذا لم يقدر على المشي .الركن الرابع ،امان الطريق .الخامس ،وجود ما يتركه لمن يعوله .الزادوجود1‏ ٠السادس وفضل طلب العلم الواجب والمندوب اليه فضل عظم قال عز وجل وقل لا اطلبوا العلم ولويستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمونيله وعن انس عنه ع العلملطالبالملائكة لتضع اجنحتها :انقالعنه ظطريق آخرومن-بالصين رضى لما يطلب } وروى الربيع عن ابي عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله عَّقكه من تعلم العلم لله عجز وجل فعمل به جيء به يوم القيامة آمنا ويرزق الورود على الحوض الى غير ذلك من الاحاديث التي لا تحصى والله اعلم . باب اقسام السؤال السؤال لغة الطلب وفي الاصطلاح ما يبرهن به في العلم وللسؤال اربع تقسيمات } التقسيم الأل باعتبار السائل وهو ينقسم الى قسمين سؤال حجر وسؤال تفويض فالاول كأن يقول ما العنقاء اجسم ام عرض وما الابل أحيوان ام نبات .والثاني ان يقول ما العنقاء ما الابل فالاول حجر على المجيبان تجيب بغير ما ذكر والثاني فوض المجيب ان يجيب بما شاء . التقسم الثاني باعتبار حكم الشارع فيه قال نور الدين وينقسم غرضنا منه بهذا الاعتبار الى قسمين لانه اما لازم او مندوب اليه واللازم نوعان فرض وواجب © فالاول كالسؤال عن امور الدين التي لم يختلف في فرضيتها ،والثاني كالسؤال عن حال الولي اذا احدث حدثا اوجب عليك الوقوف عنه بالرأي وسيأتي بسطه ان شاء ٧١٧ الله والمندوب اليه السؤال عن العلم المندوب اليه التقسم الثالث باعتبار لفظ السؤال وهو بهذا الاعتبار قسمان ساقط او غير ساقط فالساقط الذي فيه احد خمسة اشياء احدها التناقض وهو ان يأتي السائل في آخر كلامه ما ينقض اوله كأن ينبت شيا في صدر سؤاله شم ينفيه في اخره او العكس فالاول كان يقول اذا كانت الاشياء محدثة فما الدليل على قدمها ؟ والعكس كأن يقول اذا كان العرض غير باق فما الدليل على بقائه ؟ ،الثاني الاضطراب وهو ان يدخل السائل في سؤاله الاعم في الاحص كأن يقول ما العلة التي صار بها الحدث جسما ؟ ،الثالث الاثبات وهو ان يسئل عن البات زيادة في شيىء ينفيه المسئول كأن يقول ما الدليل على ثبوت الرؤية والمسئول ممن ينفيها ؟ او ما الدليل على الخرو ج من النار ؟ والمسئول ممن لا يقول به ،الرابع جمع سؤالين وهو يجمع في سؤاله شيئين مختلفين فيطلب لهما علة واحدة او دليلا واحدا كأن يقول ما الدليل الذي صار به العالم محدثا وفانيا فيطلب لهما علة واحدة ودليلا واحدا ،الخامس دخول السؤال تحت المحال وهو ان يسائل عن شيىء لا يجوز العقل وجوده كاجتاع الضدين او غيو من المحالات ،فالاول ان يقول هل يقدر الله ان يجعل الانسان صامتا ناطقا في حالة واحدة او حيا ميتا فى خالة واحدة ومثال غير الضدين كأن يقول هل يقدر الله ان يجعل له شريكا وهل يقدر ان يجعل العالم كله في بيضة من غير ان يغير خلق احدهما . والقسم الثاني غير الساقط وهو ما عدا هذه الخمسة الاوجه ،التقسيم الرابع © باعتبار المسئول عنه وهو قسمان لانه اما سؤال عن الله فيمتنع السؤال عنه بالفاظ تأتي واما سؤال عن غيو فلا يمتنع شيىء منها 2قال نور الدين فهذه اربع تقسيمات وذكر له تقسم خامس باعتبار العلة الباعثة للسؤال قال وقسموه بهذا الاعتبار الى خمسة اقسام :الاول سؤال استفهام وهو ان يساءل عن شيىء لا يعرفه اصلا ولا نفع له فيه كقوله هل جاء زيد .الثاني © سؤال فائدة وهو ان يساءل عن شيىء يسترشد به في داريه او في احدهما .الثالث © سؤال تقرير وهو ان يساءل عن شيىء مترددا فيه ليتقرر في ذهنه .الرابع سؤال اجلال وهو ان يساءل من فوقه عن شيىء يعرفه تعظيما للمسئول واجلالا له ،الخامس سؤال تعنت وهو أن يسأل عن شيء يعرفه ليعجز بهالمسئول فاذا قال لا ادري سر بذلك وهو حرام والله اعلم . ٨ الالفاظ الممتنع بها السؤال عن الله تعالى وهي عشة الفاظ كيف ولم بكسر اللام وفتح الميم وهل ومن بفتح الميم واي بفتح الهمزة وتشديد الياء ومتى واين ومن وكم وما اما كيف فهي سؤال عن الحال التي عليها المسئول عنه الا اترى انك تقول قي جواب من قال كيف زيد هو صحيح او فهو سؤال عن العلة التي كان لاجلها المسئول عنه الا ترى انك تقول فيسقم واما جواب من قال لم كان كذا هو لاجل كذا وكذ فتصرح بالعلة ،والله ليس بمعلوم فيسأل عنه بها واختلف في جواز السؤال بها عن الافعال فمنعه ابن محبوب واتباعه مستدلين بقوله تعالى فلا يسأل عما يفعله واجازه آخرون حاملين تلك الاية على منع الاعتراض عليه تعالى لا على وجه الاطلاع على حكمه الحكيم . وأما هل فهي سؤال عن التصديق بنسبة وجود الشيىء وعدمه الا ترى انك تقول في جواب من قال هل العنقاء موجودة ام لا ليست بموجودة مثلا والله لا يصح ان يشك في وجوده . واما من فسؤال عن جنس الشبىعء الا ترى انك تقول في جواب من قال من انت بشرا او ادمي او مكي . واما اي فهي سؤال عن احد الشيئين المشتركين في حكم وعن اجزاء النفس مثال الاول اي الرجلين خير اي الفريقين خير مقاما ومثال الثاني اي زيد احسن اي اي اجزائه احسن |ڵ والرب تعالى لا شريك له ولا اجزاء . واما متى فهي سؤال عن الزمان الذي كان فيه الشيىء او يكون تقول متى كان ومتى يكون والله لا يأتي عليه زمان . واما اين فسؤال عن المكان الذي حل فيه الشيىء . واما من اين فسؤال عن المكان الذي برز منه الشيىء والله لا يحويه مكان بل كان ولا مكان ولا زمان . واما كم فهي سؤال عن العدد تقول كم درهما عندك والله واحد لا يصح الشك .وحد ‏ ١نيتهق وما يسئل بها عن حقيقة الشيىء فتقول ما العنقاء اي ما حقيقتها وجوابه طائر بالمغرب يوصف ولا يوجد وما الجبل اي ما حقيقته وجوابه حجر ولذا لا يجوز ما الله لان السؤال عن حقيقة الذات العلية باطل لا ادراك ها والله اعلم . باب الاجتهاد والفتوى الاجتهاد لغة تحمل مشقة فى أمر يقال اجتهد فحمل صخ ولايقال اجتهد فحمل ذرة وفى الاصطلاح استفراغ الفقيه الوسع فى استحصال حادثة بشرع أو عقل والفتوى بالفتح والواو فى آخرها أو الضم والياء هي تبيين العالم للحكم ،قال نورالدين وكل واحد من الاجتهاد والفتوى اما واجب أو جائز أو حجور ،فالواجب من الاجتهاد هو فيما لم يجد العالم فيه نصا من كتاب أو سنة أو اجماع وأراد العمل به أو الفتوى فعليه أن يجتهد وينظر فى أصول تلك القضية حتى يستنبط الحكم فيها 5والواجب من الفتوى هو فيما اذا سئلت عن مسئلة لا يسعك كتانها فيجب عليك تبينها ،والمحرم من الاجتهاد هو فيما اذا اجتهد فى مصادمة نص قطعى أو عقلى فالأول كاجتهادك فى جعل الصلاة مندوبة من قوله تعالى لإوأقيموا الصلاةئم» والثانى كاجتهاده فى تجويز صحة رؤية الباري .والمحرم من الفتوى هو ماصادم قطعيا أيضا سواء كان شرعيا أو عقليا 5والجائز منهما ماعدا ماذكر . وأصل الفقه القران والسنة والاجماع والمراد بالفقه هنا معرفة النفس ما لها وما عليها فيشمل الاعتقاديات وعلم الأخلاق والفروعيات لان جميعها مستنبط من هذه الأصول الثلاثة وماخالفها أو خالف شيئا منها فهو باطل والقران هو النظم المنزل علي سيدنا محمد علة للاعجاز المنقول عنه تواتر فخرج بالمنزل السنة فأنها وان كانت وحيا من عنده تعالي لكنها لابطريق الانزال بل بطريق الالام وخرج بقوله علي نبينا سائر الكتب السماوية المنزلة علي غيرو وخرج بقوله للاعجازالكرم محمد ع الأحاديث الربانية فانها وان كانت منزلة فانزالها لا علي جهة الاعجاز وخرج بالمنقول عنه تواترا سائر القراات الشاذة فانه لايعطي لها حكم القرآن لكن يخصص بها عند بعض لأنها ليست بأضعف استدلالا من خبر الوااحد والسنة بالضم هي ما صدر من قول أو فعل أو تقرير .ء .النبى ك ١٠١ أما القول فيختص بالحديث فانه لايطلق عند المحدثين الا علي السنة القولية والفعل معروف وأما تقريره فهو أن يرى قولا أو فعلا صدر من أحد من أمته فلم ينكر هي} فا لقطعيةله عليه ( وتنقسم السنة ا لى ةقطعية وظنيةعليه وسكت فهو تقرير منه المتواتر منها والمتواتر مارواه جماعة عن جماعة لايجوز تواطؤهم علي الكذب عادة كا في قوله عه « من كذب علي متعمدا فليتبواء مقعده من النار » ،وان كان المنقول فعلا فلا يكون قطعي الدلالة لانهم قد اختلفوا في هل فعله خاص به مالم يعلم وجوبه .علي الغير أو شامل له ولغيره مال يعلم عدم الوجوب والمختلف فيه ليس كالمجمع عليه .وكذلك تقريره لايكون قطعيا ،وأما السنة الظنية فهى التي لم يبلغ نقلها حد التواتر ومي نوعان لانه اما ان تزيد نقلتها علي ثلاثةثة وتتلقي بالقبول اأولا ى فالاول المستفيض وقد اختلف فيه فالحقه بعضهم بالمتواتر وبعض بالاحاد وجعله بعضهم قسما يراسه لانه لم يبلغ حدا التواتر وهو أقوى من الاحاد والثانى الاحاد وهو اما أن يتصل سنده الي رسول اللهعَيْقكُ فهو المسند المتصل أو يسقط في سنده صحابي فهو المرسل أو يوقف بسنده علي الصحابي فهو الموقوف أو يسقط التابعي فهو المنقطع ،أما المسند فالأكثر على أنه يوجب العمل دون العلم وقيل يوجبهما معا وقيل لا يوجب شيئا منهما ،وأما المرسل فقد اختلف فيه أيضا فأوجب العمل به بعضهم ولم يوجبه آخرون وبعض أن قوته قرينة من غيو أو تقوى به غيو وجب والا فلا ،وأما الموقوف والمنقطع هو في اللغة العزم والاتفاف وفى الاصطلاحعملا ولا علماا © .ولاجمعفلا يوجبان اتفاق مجتهدى أمة محمد عفية على أمر في عصر وله شروط ووأاقسام وأحكام } أما الا جماعلايخالفمتفق عليه ومختلف فيه © فالمتفق عليه هو [ نفهى نوعانشروطه قطعيا قال نور الدين وانما قلنا ذلك لأنه لايصح لأحد أن يخالف قطعيا وأن يكون مستندا على نص ظني كتأويل آية أو خبر آحاد قال وانما اشترطنا الظني فى المستند لأنه لو كان قطعيا لكان الحكم له لا للاجماع ،وأما المختلف فيه فهو ان لايتقدمه خلاف عند بعض وانقراض العصر عند آخرين وأن لايكون من غير الصحابة عند الظاهرية وأما أقسامه فهي قطعي وظني ،فالقطعي هو الذى لم يختلف فيه أصلا © والظني هو الذي ثبت في أصله خلاف هل هو اجماع أم لا وأما حكمه فهو أنه حجة قطعية في المجمع عليه يكفر به من خالفه وحجة ظنية فى الختلف فيه لايكفر من خالفه. ‎ ١١ والأصل الرابع من أصول الفقه القياس وهو حمل مجهول الحكم على معلوم الحكم بجامع بينهما وللاجتهاد ركنان مجتهد ومجتهد فيه .فامجتهد فاعل الاجتهاد وشرطه. أن يكون عالما بالقدر المحتاج اليه من الكتاب ومن السنة ومن الاجماع ومن النحو واللغة والتصريف والبلاغة وأصول الفقه ومواضع الاجتهاد . وأما أصول الديانات فليس بشرط لازه يكفي فيه أن يكون صحيح الاعتقاد ولو كان مقلدا .واختلفوا فيما اذا كان المجتهد عالما في بعض الاحكام دون بعض هل له أن يجتهد فيما يعلم أم لا حتى يعلم الجميع قولان .قال نور الدين أصحهما الال .وإليه ذهب الامام أبوسعيد . وأما المجتهد فيه فهو الحادثة التي لم يوجد حكمها في كتاب ولا سنة ولا اجماع .فاذا اجتهد المجتهد :فيما له فيه الاجتهاد فصادف الحق فقد وفقه الله الى ذلك وله من الله عظم الاجر .وإن خالف اجتهاده الحق المجتمع عليه فهو هالك والعياذ بالله خلافا للجاحظ حيث عذر من اجتهد فاخطاء ولو صادف شركا .وأما اذا كانت تلك الحادثة من غير المجمع عليه فتعارضت فيها أقوال المجتهدين .فقد اختلف فيها على أقوال ثلاثة ذهب بعضهم الى أن الحق في واحد منها فمن أخطاءه اثم ونسب الى الاصم والمريسي وذهب آخرون الى أن الحق في واحد ولا يضيق على الناس خلافه . بل من اجتهد فأصابه فله أجران .أجر اجتهاده .وأجر الاصابة .ومن أخطاءه فله أجر اجتهاده . قال نور الدين رحمه الله وهو مذهب أصحابنا من أهل المغرب وعليه ابن بركة مستدلين بظاهر قوله تعالى « :ففهمناها سليمان » على أن القضية محل اجتهاد ولو كان الحق في قولهما لما خص بذلك سليمان .ولان القولين المتعارضين في التحليل والتحريم هما ضدان ولا يجتمعان في محل .وأما عدم تخطئة بعضنا لبعض في ذلك فلعدم قطعيتنا باصابة بعضنا للحق دون الاخر ولا تبنى التخطئة على الظنون . والقول الثالث هو أن الحق عند الله في جميعها واليه ذهب جمهور المشارقة .وجمهور المعتزلة قائلين بأن حكم الله في القضية اجتهاد المجتهد فحكم على كل بما رآه .الا ترى أنه لا يصح له العدول عنه ولو كان الحق مع غيو مثلا بل ١٧١ يعذب على مخالفته واذا تعارض في نظر المجتهد دليلان وجب عليه الاخذ بافواهما فيعمل به اذا شاء العمل ويفتي به اذا طلب منه ذلك .فاذا حكم بما يخالف اجتهاده بطل حكمه كا لو حكم بما يخالف قطعيا .وان حكم بالراجح عنده ثم تغير اجتهاده استمر حكمه الاول ولا ينقضه إلا إذا عمل به بنفسه أو عمل به مقلده فانه ان تغير اجتهاده صار محجورا عليهما كما اذا رأى جواز تزويج الصبية ففعل أو فعل مقلده ثم تغير اجتهاده فرأى عدم جواز تزويجها كما هو رأى لجابر وجب عليه أن يتركها وكذلك مقلده . والترجيح قد يكون باعتبار الاسناد وقد يكون باعتبار المتن وقد يكون باعتبار المدلول وقد يكون باعتبار أمر خارج .واذا اجتهد المجتهد في حادثة فرأى الاعدلية لاحد الاقوال الموجودة فيها وجب عليه الأخذ بذلك القول الأعدل وحرم عليه الأخذ بالقول بالمرجوح في نظره خلافا لجماعة منهم ابن حنبل والتوري وابن راهويه حيث جوزوا تقليد العالم مطلقا ولاهل العراق حيث جوزوا تقليد المجتهد لغيو فيما يخصه بنفسه دون ما يفتي به لغيو اذ لافرق بين الحق وبين الفتوى والعمل .وخلافا محمد بن الحسين حيث جوز تقليد المجتهد لمن هو أعلم منه لأن إصابة الحق لا تكون بكثة العلم .وخلافا لابن بركة والبدر الشماخي حيث جوزا تقليده للصحابي لان الصحابي وغيو في الحق سواء .فانه وان شاهد مهبط الوحي وقرائن الأحوال فتلك قرائن تعبد بها من اطلع عليها واستتنى من قاعدة ان كل مجتهد لا يجوز له العمل بخلاف اجتهاده والميل من الأعدل الى الأهزل ثلاثة أشياء :أحدها واجب الأخذ به .وهو ما اذا حكم عليه حم يجب عليه اتباعه بما يرى أنه الأهزل في نظره وجب عليه أن يلتزم بقول حاكمه ويترك لذلك نظر الا اذا حكم له بذلك فانه لا يحل له أن يأخذ ما يرى أنه حرام .الثاني جائز الأخذ به وتركه وهو ما اذا كان في الأخذ بالأعدل تاس بكافر وكان في فعله وهن في الدين جاز له أن يترك الراجح الى المرجوح رعاية لتلك المصلحة ودفعا لتلك المفسدة افادة ابن أبي نبهان واستدل له بفعل رسول الله عي في القعود عند دفن الموتى بعد أن كان يقوم عند ذلك فلما مر عليه اليهودي كذلك وأخبو بأن وأمر أصحابه بالجلوس مخالفة لليهود .احبارو يفعلون ذلك جلس رسول الله ع ١٧٣١ الثالث ما فيه مخالفة الراجح مندوب اليها بأن يكون في ترك الراجح الى المرجوح نوع زهد كا اذا رأى تحليل أكل السباع فتركها زهدا وتأدبا لنهيه غرك عنها . وعلى الحاكم اذاحكم بين اثنين أن يترك الأفضلية الى الأعدلية مثاله اذا نحآكم اليه رجلان أخذ أحدهما على صاحبه سبعا بعد أن ملكه وهو يرى أن ملك السباع جائز وتركه أفضل فطلب المأخوذ عليه حقه وجب عليه أن يحكم له على خصمه بما أخذ منه . قال نور الدين واعلم أن العلماء قد اختلفوا في ذوات الناب من السباع وذوات الخلب من الطير فذهب أصحابنا من أهل المغرب وطائفة من أهل الشرق والشافعي وابن حنبل وغيرهم الى تحريم ذلك وذهب اخرون منهم الامام ابو نبهان الى تكريه ذلك وذهب اخرون الى انها مباحة قال :قال صاحب الايضاح وسبب اختلافهم معارضة ظاهر الكتاب والسنة وذلك ان ظاهر قوله تعالى قل لا اجد فيما اوحي الي&ه الاية عيي قال «اكليدل على ان ما عدا المذكور مباح وظاهر حديث ابي هرية ان النب كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام» يدل على تحريمها فمن ذهب مذهب النسخ او مذهب الترجيح قال اما باباحتها بظاهر الكتاب واما بتحريمها بظاهر حديث ابي هريرة واما من حملها على الكراهية فذهب الى ما روى انه عليه الصلاة والسلام نهى عن أكل كل ذى ناب من السباع وذى مخلب من الطير وحمل النهى على الكراهية ليجمع بينه وبين الاية } واختلفوا فيما اذا تعارضت الادلة على المجتهد ولم يقدر على الترجيح فقيل يجب عليه التوقف والاخذ بالالحوط اذا شاء العمل وقيل له ان يتخير ما شاء من الاقوال فيعمل به ،قال نور الدين واستبعده بعضهم لانه من باب التخيير بين الشيء وضده واجيب عنه بانه كخصال الكفارة :قال :قال البدر الشماحي وهو ظاهر كلام ابن بركة وقيل عليه ان يناظر في ذلك من هو اعرف منه فيه قال واستبعده المحقق الخليلي مستدلا بان قول غيو لم يزده علما فيكون له التخيير في اخذه وتركه . قال واقول عنه ليس ببعيد لانه اما ان يظهر له العالم الدليل فيعرفه بنفسه فيجب عليه حينئذ العمل بما يراه واما ان يصحح له ذلك العالم احد المذاهب فيكون مقلدا لغيو والتقليد عند عدم القدرة على الاستنباط والترجيح اذا احتيج الى :العمل واجب فظهرت فائدته ومثله الضعيف الذي لم يقدر عل ترجيح دليل اصلا فانه يجب _ _ ١٤ عليه ان يقلد من اشتهر بالعلم والعدالة والفضل وليس التقليد موقوفا على احد بعينه كا اوقفهةهؤلاء الجماعة على الائمة الاربعة ولم جوزوه لغيرهم ولو كان صحابيا واعتلوا قي ذلك بان مذاهب هولاء مدونة مضبوطة ومذاهب غيرهم لم تضبط هذا الضبط واذا قلد الضعيف عالما في قضيته هل له ان يقلد غيو في غير تلك القضية ام لا قولان : قال نور الدين اصحهما الاول قال وهو المختار عند البدر قال واختلفوا في الضعيف اذا قلد العالم في شيء هل له ان يفتي به لغيو أم مقصور ذلك على ألعمل خاصة ،فقيل له عند وجود العالم وقيل عند عدمه وقيل جائز له مطلقا وقيل لا جوز مطلقا واختلفوا في تقليد المفضول فقيل جائز وقيل لا وصوب الاول البدر الماحي مستدلا بان في الصحابة الفاضل والمفضول وصحت الفتوى من الجميع ولا انكار على احد . واختلفوا في جواز خلو الزمان من مجتهد يرجع اليه فمنعه الجباني وصحح البدر الجواز والتقليد قبول قول الغير بلا دليل فعلى هذا قبول قول العامي مثله وقبول قول المجتهد مثله يكون تقليدا ولا يكون قبول قول النبي عليه الصلوة والسلام وقبول قبول قول الاجماع وقبول القاضي قول المفتي وقول العدل تقليدا لقيام الدليل من المعجزة وتصديق قول النبي عي ورجوع الناس الى قول المفتي يوجب الظن بصدق والعلم بالعدالة كذلك وقيل التقليد قبول قول الغير للاعتقاد فيه فعلى هذا يكون الكل تقليدا والله اعلم . باب الخطأ في الفتوى الخطا في الفتوى اما ان يكون من عالم فيما علمه او من جاهل فيما جهله وعلى كل فاما ان يكون خظأ في الدين أي فيما لا يجوز خلافه او في غير الدين وهو ما يسع فيه الخلاف وعلى كل فلا يخلو ذلك الخطأ فيه اما ان يتعلق به اتلاف مال للغير او لا فان وقع الخطأ من العالم في الدين وهو الذي ورد به دليل قطعي كتوريث الام السدس عند وجود الاولاد والاخوة فقصد الى ذلك وزلت لسانه فقال لها الثلث فلا ام عليه ولا ضمان وانما الاثم والضمان على الذي قبل ذلك الباطل وعمل به لأن ١٧٥١ خطأ العالم مرفو ع عنه واصابته مثاب عليها وان كان خطأه في غير الدين فهو اولى بالعذر فيه ولا ضمان ولا اثم على من قبل فتواه وعمل بها لان المقام مقام خلاف قال نور الدين رحمه الله وجعل الامام ابو سعيد مثل العالم من كان حافظا للاثار ضابطا لها ذا قدرة على نقلها وان لم يعرفها بادلتها اذا قصد لشيء بحفظه فاخطات لسانه الى غرو قال وهو قياس جلي لا غيم عليه وان وقع الخطا من الجاهل في الدين او الرأي فاما ان يتعلق به اتلاف مال الغير او لا فان تعلق به فلا يخلو اما ان يكون من الجهال المشهورين بعدم المعرفة او من الجهال الموسومين بها عند العوام فان كان الاول فقد اختلف في تضمينه على قولين الصحيح عدم التضمين ولزوم التوبة وان كان الثاني فالضمان والوزر عليه معا كا ان ذلك على القابل منه ايضا . وان كان مما لا يتعلق به اتلاف لال الغير فلا شيء سوى الوزر على المفتي والقابل منه قال نور الدين رحمه الله ان الخطأ المرفوع عن العالم انما هو زلة اللسان فخرج به ما اذا علمالقطعي فافتى بخلافه ظانا ان ذلك له من طريق التاويل كخطا ائمة الضلال في تأويلهم المخالف للحق فان عليه في ذلك الاثم ولا ضمان عليه وخرج ايضا ما اذا كان غير عارف بالقطعي فتحرى الصواب فوقع فيما يخالف الحق اجماعا قال نور الدين وهذا وان دخل تحت الجاهل ينبغي ان ينبه عليه وهو كالاول في القول بالام عليه والخلاف في وجوب الضمان عليه ح صحح ابو سعيد عدمه واذا زل العالم فنبهه من بالحضة وعرفه خطأه فأصر واستكبر بريء منه على ذلك واذا زل ولم ينبه لزلته ولم يدرها حتى مات على ذلك كان معذورا بذلك سالما عند الله واذا اجبر على قبول فتوى العالم وفيها زال فيها يرفع عنه الاثم ويتعلق عليه الضمان لانه حينئذ كالحكم ،قال نور الدين رحمه ا له اعلم ان العامل بفتوى العالم التي زل فيها لا يخلو إما ان يعرف بطلانها او لا يعرف ،فان كان يعرف بطلانها فعمل به فهو هالك لا ينجيه الا التوبة منه بعينه وان كان لا يعرف بطلانها فلا تخلو تلك الفتوى من احد أمرين لانها اما ان تكون مما لا تقوم .به الا حجة السماع كامور الدماء والفرو ج واما ان تكون مما تقوم به حجة العقل كمعرفة وجود الله تعالى فان كانت من الثاني فالقابل لا هالك ولا ينجو الا بتوبته منه بعينه وان كانت من الأول فلا يخلو من احد امرين‌لأنهاما أن يعلم أن لله في دينه حراما وحلالا واما ان لا يعلم فان كان الثاني ولا يكاد يتصور ١٦ لمن عاصر العلماء فهو سالم وان كان الأؤل فاما ان يكون مقيما على ذلك العمل مستمر عليه كارتكاب فرج او مال واما ان يكون غير مقم عليه فان كان الثاني فتجزيه التوبة عنه في الجملة اذا لم يهتد اليه بعينه ،وان كان الاول فقد اختلف فيه & ذهب بعضهم إلى ان التوبة في الجملة تجزيه اذا لم يهتد للسؤال عنه وكان معتقدا للتوبة عن جميع ما خالف الحق والسؤال عن جميع ما يلزمه السؤال فيه ولو وجد المعبرين مثلا ولم يهتد للسؤال عنه وذهب اخرون إلى عدم عذره عند وجود المعبرين والى عذره عند عدمهم ،قال نور الدين وهذا هو المشهور عند الجمهور والله اعلم . باب في الجهل وفيما يسع جهله وفيما لا يسع جهله الجهل لغة نقيض العلم وفي الاصطلاح قسمان بسيط وهو عدم العلم بالشيىء اصلا عما من شأنه العلم بحيث لم يتصوره ولم يخطر بباله 0ومركب وهو اعتقاد الشيىء على خلاف ما هو عليه في الواقع وانما سمي .مركبا لاستلزامه جهلين : ¡ جهله بالشيىء وجهله بانه جاهل وكل واحد من البسيط والمركب اما ان يكون في الجملة او في شيىء من تفسيرها الاعتقادي او العملي ،والاعتقادي اما ان يكون في معرفة الله تعالى أو في معرفة رسله أو في معرفة ملائكته أو في معرفة كتبه او في وعده او وعيده او في القضاء والقدر او في الولاية والبرأة او الوقوف فهذه عشة والجهل بها اما بسيط او مركب والعملي اما ان يكون في المأكولات او المشروبات أو المنكوحات أو الملبوسات أو في فاعل شيىء من ذلك وكل واحد من الثلاثة وهي المأكول والمشروب والمنكو ح اما حرام لعينه كالميتة والخمر عند القائلين ان الحرمة لعينه ونكاح الام واما حرام لغنرو كمال الغير ونكاح المشركة فان الاول انما حرم لكونه ملكا للغير واما المشركة فانما حرمت لشركها والملبوس ينقسم الى ما حرم على الرجال والنساء معا ككساء الغير وزينته بلا اذن والى ما اختص تحريمه بالرجال كالذهب والحرير فالجهل البسيط صاحبه سالم لانه لا طاقة له بعلم ما لم يتصوره اصلا ولم يخطر بباله وأما الجهل المركب فلا يسلم مرتكبه ،قال نور الدين رحمه الله وذلك فيما اذا كان محل الجهل مما لا يسع جهله فاما اذا كان مما يسع جهله فهو سالم وان اعتقده على خلاف ما هو عليه في الواقع اذ لم يكلف بعلمه . ١٧ والجهل المركب ينقسم الى ما يعذر فيه صاحبه وهو فيما اذا كان محله غير الديانات الواجبة كالجهل بالطب وقواعده والحرف كذلك والى ما لا يسع جهله كجهل ما ورد فيه دليل قطعي في حال يلزمه العلم به 5واعلم ان المحل الذي يسع فيه الجهل والذي لا يسع اما اعتقاد وسيإتي في ركنه واما عمل بدني واما تركي والعملي قسمان :مؤقت وغير مؤقت } فالمؤقت هو الذي يقيد بوقت يكون الاتيان به بعده قضاء او غير مشروع فالاول كالصلوات الخمس والصوم فان كل منهما مقيد بوقت وفعلهما بعد ذلك الوقت قضاء والثاني كالحج فانه مقيد بوقت وهو يوم عرفة والاتيان به بعد ذلك اليوم غير مشروع وغير المؤقت وهو ما لم يتقيد بوقت يكون الاتيان به والحج فالغوض المؤقت اما ان تقوم الحجةكالزكوةاو غير مشرو عقضاءبعده بفرضيته على المكلف واما لا فالثاني معذور لان طريق حجته السماع ولا يؤدي العقل الى معرفته فان ادى احدا عقله الى ذلك لزمه ما يلزم الاخر على مذهب ابي سعيد والاول اما ان يسمع بكيفية تأديته فيجب عليه ان يؤديه كا سمعه إجماعا واماان يوصله عقله الى معرفه ذلك فيجب عليه الاداء على مذهب ابي سعيد ولا يجب عليه على مذهب الجمهور لان العقل ليس بحجة في السمعيات ولانه لا يأمن ان يكون ذلك وسوسة شيطان فيؤد به الى شرك بالله او كفر بنعمته فاذا ادى اليه السماع ان عليه لله فرضا في وقت كذا او خطر بباله ذلك وعرف معناه وجب عليه على الاول طلبه إجماعا وعلى الثاني عند الامامێن ومن شايعهما ،وكان عليه حجة جميع من عبر له الحق في ذلك ولو مشركا او ضبيا او سمعه من طائر او وجده منقوشا في حجر ففهم بهجاءمنالىنظرغيرمنبنفسهيقومالحقلانجميع ذلكالعبارة ف ولقوله علق «اقبل الحق ممن جاءك به بعيدا كان او قريبا ورد الباطل على من جاءك به بغيضا كان او حبيباهذا كله اذا فهم العبارة في وقت الاداء او فهمها قبل الوقت فلم ينسها الى ان دخل الوقت فان نسيها كان معذورا بنسيانه لانها وردت اليه والحال انها حجةقال نور الدين رحمه الله وذهبت الرستاقية الى أن غير العدل لايكون في ذلك .وان دخل الوقت مستدلين بدلالة قوله تعالى :ل اذا جاءكم فاسق ينباء فتبينوا ه فالأمر بالتبين عند خبر الفاسق دليل على عدم حجتيه .قال نور الدين رحمه ٥ ١٨ الله وأجيب بأن الأمر بالتبين عند خبر الفاسق مقيد بمحذور وهو اصابة قوم بهالة ولا محذور هنا قال والغرض باعتبار الوقت قسمان :لأنه إما معيار له بحيث لا يزيد الأداء عن الوقت ولا ينقص كالصوم .قال وعبر عنه البدر الشماخي بالمستغرق .واما ظرف له بحيث أيكون وقت الوجوب زائدا على وقت أداء الفعل كالصلرة وباعتبار الفرض قسمان أيضا لأنه إما أن يكون فرضا على كل مكلف بعينه كالصلوة . ويسمى فرض عين .وإما فرضا على الجميع ،ويسقط بفعل البعض كصلوة الجنازة . ويسمى فرضا على الكفاية .وباعتبار المأمور به قسمان :لأنه إما أن يكون مخير فيه أو غير مخير .فغير الخير كالصلوة والصوم .والخير فيه كتزويج أحد الأكفاء اذا خطب جماعة مثلا . قال نور الدين رحمه الله واعلم أن من قامت عليه حجة فرضية ذلك الفعل ولم عليه بعد دخول الوقت أن يساءل من قدر عليه .فاذايعرف كيفية أداءه 0وجب وجد من يعلمه ذلك وجب عليه أن يؤديه كماعلم إن أصاب المعلم الحق .وإن لم يجد وجب عليه أن يخرج في طلب من يعلمه من غير ضرر به ولا بمن يعوله .فإن خشى أن يفوته الوقت قبل وجود المعبر أو لم يستطع الخرو ج كان عليه أن يؤدي ذلك الفرض كا حسن في عقله مع الدينونة بالسؤال عن ذلك فان أداه كذلك ثم وجد من يعلمه كيفية الأداء كان عليه أن يرجع إلى ما علمه المعلم .فإن وافق تعلم المعلم فعله الأول فلا قضاء عليه اتفاقا .وان خالفه فقد اختلف في وجوب القضاء عليه ذهبت طائفة الى الوجوب واخرون الى عدمه واختلف القائلون بوجوب القضاء على قولين منهم من أوجب القضاء عليه بالفور .ومنهم من جعله دينا في ذمته يؤديه متى شاء .والنوع الثاني من العملي وهو غير الموقت وهو ما لم يتقيد فعله بوقت يكون الاتيان به بعد ذلك الوقت قضاء أو غير مشروع .وذلك كالزكوة والحج والنذور الغير المؤقتة بوقت فحكمه أن يسمع جهل العلم بوجوبه وبكيفية أداءه الى وقت حضور وفاته بشرط أن لايكون معتقدا للترك .فإنه اذا اعتقد ذلك ضاق عليه جهله ولزمه أن يعلمه وأن يدين بأداءه .فإذا أحضرته الوفاة فحينئذ يلزمه علمه ويكون عليه حجة جميع المعبرين له كا كان ذلك في الموقت فعله . ١٦١ وذهب آخرون الى عدم التوسعة في تأخير التأدية فأوجبوا عليه العلم والفعل .امكان اتيان الواجبحال وجود سبب ذلك الوجوب عخالدفةة ارالمكانم ءع.نلايؤخه,/على 1القادر ‏ ٢حجوا ا قبل ا ن .وقا ل4ربكممنمغفرةسارعوا ‏ ١ل:تعالبه .وقا 9 لاتحجوا . بالاية أن طلب المسارعة لايوجبقال نور الدين والجواب عانلاستدلال فيحملالذنوبلغفرانبالمسارعةالايةالأمر فأن ! يكوناحتالالواسع معتصييق على وجوب التوبة .وإن كان خلاف الظاهر فحمله على الأول أولى وجوابه مأمر واستدلاله بالحديث ان الأمر للوجوب حقيقة وهنا مقتض للمسارعة في الأداء فهى واجبة .قال قلنا صرفه عن حقيقته قوله قبل أن لاتحجوا فانها قرينة قاضية أن الأمر أفاضل؛بعضلمأمول .قال واستدللمع ممن ادراكوخوفالتعجيل إإنما هو للاشفاق ذذالك الى تعطيل الزكوة والحج بيانه أن المرء يؤخر الزكاة الى وقتإمكان اتيانه لايمكنه فيه فعلهما فتجب عليه الوصية فقط .ثم أنه يسع الوصي من تأخيرهما ما وسع الموصي وهكذا فينتقل الوجوب الى نفس الوصية دون فعلهما . قال نور الدين قد قيد جواز التأخير بما اذا لم يكن معتقدا تركهما .فأما من اعتقد تركهما مجتزئا بالوصية في آخر عمره فهو هالك .وأيضا لايكاد يتصور انتقال. الوجوب الى نفس الوصية إلا بالقصد الى ترك الفعل ولتعويل على الوصية فلا تعطيل والله أعلم . الحرماتتركه منفيما يجبباب اشياء كلهافارم للععنه ثلاثةلعينه وأما لغوالحرم جميعه أما حراماعلم ان. بسبب اختناق سواء كان 7أو لا والموقوذة وهي ما ضرب بالعمد أو الحجارة حتى مات والمتردية وهي ما سقط من علو الى أسفل فمات من ذلك والنطيحة وهمي ٢٠ ما مات بسبب نطح بهيمته وما أأكله السبع وهي ما افترسه حيوان سواء كان مما تعود الافتراس كالذئب أو لا كالأبل مثلا وما ذبح على النصب وهو ما ذبحه المشركون لأصنامهم وفى جميعها تنفع الذكاة ان ادرك حيا ألا فيما ذبح للأصنام فانه لا ذكاة له واما الدم فالحرم هو المسفوح منه كا في ايةة الأنعام } قال نور الدين رحمه الله لا يقال ان آية المائدة أنزلت بعد وفيها تحريم الدم مطلقا فهي أولى بالعمل لانها ناسخة . قال أن حمل المطلق على المقيد لا يراعى فيه تقديم ولا تأخير اذا اتحدا حكما وسببا كما هنا خلافا لمن جعل المطلق ناسخا اذا تأخر وإما الخنزير فقد اختلف في المحرم منه بعينه ذهب بعض الى ان الحرم لعينه هو لحمه دون الجلد والشعر واخرون الى أن الحرم جميعه © قال نور الدين ومنشأ الخلاف هل الضمير في قوله تعالى فانه رجس%ه عائد الى اللحم أو الى الخنزير واما الحرم 'لغيو فهو اشياء منها الخمر وتحريمها لقوله عيه «كل مسكر حرام» ومنها الميسر وهو القمار وتحرمه لأجل أخذ مال الغير ظلما وان تراضوا فالتراضي في هذا حجور ومنها الربا وتحريمه لاجل صفة ملازمة له وهي الزيادة في غير موضع حلها ومنها نكاح ذوات الانساب وتحريمها لتعظيم حرمتها وتذليل النكاح ينافيه ومنها الزنا وتحريمه لاجل صون النسب ولو أبيح لاختلط ومنها أخذ مال الغير بغير أذن ولا تراض فيشمل الحرم لغيو انواعا :مأكولا ومشروبا وملبوسا ومنكوحا ومركوبا وجميع الحرم لعينه ولغيو يسع جهله لمن لم يبلغه علمه ما لم يرتكبه بفعل أو قول فارتكابه بالفعل هو أن يقدم عليه بنفسه فيأكله أو يشربه لا غير ذلك أو يتولى من ارتكبه أو يبرأ امنلعلماء اذا برؤا ممن ارتكبه او يقف عنهم لذلك وأما الارتكاب بالقول فهو أن يحلل بفتواه شيئا من هذه المحرمات عمدا منه لذلك او خطا بأن توخى انه هو الصواب في ذلك أو ضل في تأويله ألا اذا زل لسانه والقصد الى غيو . قال نور الدين ومثل ما يذبح للأصنام ما يذبح للنيران وما يذبح للجان وما يذبح للعيون وما يذبح للأشجار وللأحجار & قال واختلفوا في المسلم يذبح الذبيحة لغير الله تعالى فيذكر عليها اسمه تعالى هل يحل أكلها ام لا صحح أبو سعيد الأول وذهب ابن النظر الى الثاني حيث قال : ٢١ الشهودالملاءفيذكوهولونذبحو¡ لغير الله حرموما وتعل هذه المحرمات كلها للمضطر ما خلا الخمر فاه مختلف فيه ،قال نور : الدين رحمه الله اعلم ان المضطر يحل له تناول الحرم لينجي بذلك نفسه من الملكة رحمة من ربنا 0وتفضلا علينا حيث احل لنا ذلك بقوله :هؤلا ما اضطررتم اليمه قال وللضرورة المبيحة لذلك سببان متفق غليه ومختلف فيه ولها شرطان اما السبب اجتمع عليه فهو ما تكون من الجوع الشديد ولم يجد ما يحيي به نفسه من الخلال واما المختلف فيه فهو الاكراه على اكل الحرم بحيث لا يكون نجاته الا في اكله ذهب بعض الى الاباحة قياسا على ضرورة الجوع واخرون الى منع ذلك لان التقية عندهم لا تبوز بالفعل وأما الشرطان فهما أن يكون المضطر غير باغ ولا عاد واختلفوا في هذ! البغي وفي هذا العدوان ففسو بعضهم بأنه غير باغ على مضطر مثله ولا متعد حد الضرورة في أكله واخرون الى أنه غير باغ على الامام ونحوه ولا خارج عدوا ليفسد في الأيض رجح نور الدين الأول واذا وجد المضطر انواعا من المحرما ت كميتة انعام ودم مسفوح ولحم خنزير كان عليه ان يأكل من ميتة الانعام ويترك ما عداها وقيل له ان ياكل مما شاء واذا كان محرما بالحج ووجد ميتة وصيدا فياكل الميتة ويترك الصيد وقيل العكس اختار نور الدين ان يأكل الصيد ويعتقد الجزاء قال لأن الميتة حرام لعينه والصيد لغيو قال وكذلك الخلاف اذا وجد الميتة ومال الغير فبعض ذهب الى انه . يأكل الميتة لانه لا تبعة عليه في اكله وآخرون الى انه يأكل مال الغير ويعتقد الضمان . قال واختلف القائلون بهذا في وجوب الضمان عليه فبعض اوجبه وبعض لم يوجبه © دليل الاولين ان هذا مال للغير وكل مال للغير مضمون بالاتلاف وانما ابيح له التناول للضرورة فقط ودليل الاخرين ان فهذا المضطر حقا بي هذا المال لانه لو حضر صاحبه لزمه ان يحييه فلما لم يحضر كان لهذا ان يأخذ حقه من هذا المال غير باغ ولا عاد . ويسع جهل تحريم نكاح ذوات الانساب كالامهات والبنات والاخوات والعمات والخالات ويلحق به تحريم ما حرم لأجل الرضاع لقوله عو «يحرم من الرضاع ما يحرم ٢٢ من النسب وقد اجمعت الامة على صحته وتلقته بالقبول فحكمه ضروري ويلحق به ايضا ما حرم بالمصاهرة لقوله تعالى ::وامهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجورك من نسائكم اللاتي دخلتم بهنئمه الى اخر الااية ومثله الجمع بين الاختين والجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها لما ثبت عنه عقد «لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها لا الكبرى على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى» ومثله تحريم من لها زو ج وان كانت مملوكتك لقوله تعالى :إوالمحصنات من النساء الا ما ملكت ايمانكمهه قال نور الدين ووجه الاستدلال بها أن نجعل الا في الاية بمعنى الواو كا ذهب بالمستثنى فياليه ابوسعيد في استقامته وأن جعلت الا على أصلها الاستشنان خص الاية ذوات الأزواج المشركين اذا سباهن المسلمون فأنمن يكن لهم اماء ويحل لحم الاستمتاع بهن بعد الاستبراء وانما يسع جهل تحريم هذه الاشياء اذا ل تقم حجة العلم بتحرمها او ترتكب بقول إو فعل فمثل ارتكابها بالقول ان تقول الامهات حلال مثلا او مثل ارتكابهما بالفعل ان يتزو ج احدا من أولئك فاذا قامت حجة العلم بتحريم أو ارتكب بقول أو فعل ضاق جهله على جاهله وحد مرتكبه بالفعل ان يقتل بالسيف جيىء عبدالملك بن مروان بأعرابي نكح امرأة ابيه فقال له عبدالملك لم تزوجت أمك ،فقال ليست بأمي وانما هي زوجة ابي فضرب عبدالملك عنقه وقال لا جهل ولا تحباهل في الاسلام فبلغ ذلك ابا الشعثاء فقال أحسن عبدالملك أو قال أجاد ،قال نور الدين رحمه الله وهذا كله اذا علم بالنسب أو الرضاع أو المصاهرةوأما اذا لم يعلم ذلك فواسع له ان يتزوج من شاء من النساء قال فالجاهل بالأنساب وما أشبهها أما أن يكون جاهلا لها ولحكمها معا وأما أن يكون عالما بهما وأما أن يكون عالما بالنسب جاهلا بالحكم وأما أن يكون عالما بالحكم جاهلا بالنسب وما أشبهه ،فأن كان جاهلا بهما أو كان جاهلا بالنسب عالما بالحكم فحكمهما واحد وله ان يتزو ج من شاء من النساء ولو وقع فيمن حرم عليه في علم الله لأن الله قد أحل له التو ج مطلقا الا ما حرم عليه ولو أمكن مثلا أن يقع في ذوات المحارم بأن كانت له أخت في مصر فجهلها ولم يقدر على تمييزها من غيرها فلا يحرم ذلك الأمكان عليه ما أباحه الله له من التزويج بشرط أن لا يقصد محجورا فأن قصده هلك بنفس القصد ولو وافق ٢٢ مباحا فاذا تزو ج على هذه الصورة فقامت عليه الحجة ان التي :تزرجها هي اخته أو أمه الى غير ذلك وجب عليه تركها وصداقها ان كان قد أصاب منها والحجة في هذا الموضع شهادة عدلين فان شهد واحد جاز له قبول شهادته وردها ولو كان كأبي بكر وليس لذلك الشاهد أن يبرأ من ذلك الذي لم يقبل شهادته وأما الشهرة التي تقوم مقام العيان فمتى قامت عليه تلك الشهرة بأن التي تزو ج بها أخته أو أمه وجب عليه قال نور الدين رحمه الله ومن هنا قال الشافعي وقد سئل عن رجل تزو ج امرأة وأبوه غائب فلما حضر أبوه قال للمرأة هذه ابنتي وقالت المرأة هذا أبي ان المرأة زوجة الرجل وابنة ابيه فان مات ابوهما كان الارث بينهماللذتكر مثل حظ الانثيين ،قال وهو حق فلا التفات الى من عدها من معاييه والله اعلم . باب في جهل ضلالة المصر أعلم أن العلماء اختلفوا في جهل ضلالة المصر على ثلاثة مذاهب احدها انه لا يسع جهل ضلالته مطلقا مستحلا كان او محرما ،ثانيها انه يسع جهل ضلالة المستحل ،قال نور الدين هذا كله ان لم يعلم الحكم في المصر ولم يكن المصر مصرا على حدث في الجملة أو في تفسيرها الاعتقادي عند بعض وأن لا يكون مشاهد المصر متوليا له على اصراره وأن لايك ممن بريء منه على ذلك وان لا يقف عنهم اذا برئوا منه بدين او رأي فأن كان منه أحد هذه الخصال فهو هالك ولا يسعه جهل ضلالته مطلقا ويسع الجهل بالحلل وهو المأذون فيه بالفعل والترك فيشمل المباح والمندوب والمكروه فجهله واسع لمن لم يعلم بحله بشرط أن لا يقول بتحريمه وأن لا يضلل من ارتكبه ولا يقف عنه ،فاذا كان منه أحد هذه الامور ضاق عليه جهله ولزمه علمه وذلك كالبيع والملك والنكاح على شروطها المشروعة قال نور الدين رحمه الله انه اذا قامت الحجة على المكلف بأن في دين الله حلالا وحراما كان عليه ان يترك الحرم وله ان يأتي المحلل وعليه ان يمسك عما لا يعلم حله ولا حرمه حتى يساأل اهل الذكر لقوله تعالى « :إولا تقف ما ليس لك به علمه ولقوله عَيقكه «أمر بان لك رشده فاتبعه وأمر بان لك غيه فاجتنبه وأمر أشكل عليك فقف عنه» وفي رواية فكله ٢٤ الى الله 5قال وهو حديث مستفيض تلقته الأمة بالقبول حتى صار كالمثل السائر في السنتهم ؛ قال فاذا عرفت هذا ظهر لك أن ارتكاب ما لا يعلم حله ولا حجره محجور فاذا ارتكب المرتكب ما لا يعلم بقول أو فعل فلا يخلو من أحد أمرين أما أن يوافق حلالا أو محجورا ،فأن وافق -محجورا هلك اتفاقا وإن وافق حلالا فاما ان يكون قصده الحلال وأما أن يكون قصده الرام وأما أن يكون مهمل القصد فأن كان قاصدا للحرام هلك بقصده وأن كان قاصدا للحلال أو مهملا للقصد ففي هلاكه قولان صحح أبو سعيد انه لا يهلك لأنه صادف حلالا قد أذن الله له في فعله ولم يكن له قصد عناد فيهلك به & والله اعلم . باب فيما تقوم به الحجة فيما لا يسع جهله الاصولأعلم أن الدين نوعان قطعي وظني فا لقطعي هو ما ورد فيه أحد الثلاثة :الكتاب والسنة والاجماع القطعيان والظني هو ما عدا ذلك اما الظني فلا يلزم احدا علمه ولو وصل اليه بنظر نفسه بأن كان قادرا على ترجيح الأدلة واستنباط الاحكام قال نور الدين وانما قلنا ذلك لان المطلوب منه نفس العمل دون العلم الا ترى انهم قالوا خبر الواحد يوجب العمل ولا يوجب العلم هذا هو المذهب قال وذهب اخرون الى انه كا عجب العمل يوجب العلم مستدلين بان السامع متى ما سمع خبر الواحد وجب عليه ان يعمل به ومتى ما وجب عليه ان يعمل به وجب عليه ان يعلم ان ذلك حكم الله تعالى عليه .واذا اوجب عليه ان يعلم ان ذلك هو حكم الله الذي اوجبه عليه حصل وجوب العلم الذي اردناه قال وجوابهم أن ما ذكموه من انه يجب عليه ان يعلم انما ادى اليه اجتهاده هو حكم الله فيه فهو خارج عن عل النزاع لأن الكلام في العلم الذي يضيق على الجاهل جهله ويهلك به ولا شك انه لا يهلك بجهله ما ذكر اذا فعل ما يجب عليه وايضا فالكلام في العلم الذي لا يسع الخلاف فيه وما هنا ليس كذلك قال وذهب اخرون انه لا يوجب علما ولا عملا مستدلين بأنه لا يجب العمل الا يما يجب به العلم قال وجوابهم ان لو صح ذلك لتعطل كثير من الاحكام الشرعية لثبوت غالبها بخبر الواحد واما القطعي فيسع جهله من سلم منه ما لم تغثم عليهم حجة العلم به واختلفوا في الحجة التي لا يسع الجهل معها فذهبت طائفة . ٢٥ الى ان قول العلماء بشيء من القطعيات لا يسع الجهل معه واختلف هؤلاء ايضا على قولين منهم من ذهب الى ان قول العالم الواحد المشهور بالعلم والعدالة والفضل حجة لا يسع الجهل معها في ذلك ومنهم من ذهب الى ان قول الواحد ليس بحجة ولو كان بالدرجة المذكورة حتى يكون معه غيو مثله ومنهم من ذهب الى انهم لا يكونون حجة حتى يبلغوا حد الشهرة والقول الأزل هو مذهب ابي سعيد وذهبت طائفة الى ان قول العلماء وان جلوا وكثروا ليس بحجة فيما يسع جهله حتى يبصر فيه الحق بنفسه فحينئذ يضيق عليه جهله هذا كله ما لم يلزمه العمل او الترك في شيء من ذلك فاما من .ذلك فله تفصيل تقدم في الباب قبله ذكره ورجح قول اني سعيد مااذا لزمه شي روي عنه علك «علماء امتي كأنبياء بني اسرائيل» وما روي عنه «العلماء ورثة الأنبياء» والانبياء تقوم الحجة بقول الواحد منهم فالعلماءء كذلك اذ لا يتصور في ذهن عاقل ان تشبيه العلماء بالانبياء في الفضل ورفع الدرجة وانما وجه التشبيه بينهم في الدعوة الى الله تعالى وتبليغ الحجة كا يرشد اليه قوله تعالى انما أنت منذر ولكل قوم هادم فاذا ظهر لك ان ذلك هو وجه التشبيه بينهما عرفت قيام الحجة بقول العلماء واعلم ان كل شيء وسعك جهله ثم علمته بوجه من الوجوه وطريق من طرق العلم باكتساب أو غيو كالهام ونحوه ضاق عليك جهله لانه لا يصح لأحد ان يرجع من العلم الى الجهل ومن اليقين الى الشك ولو راه مثلا في نوم فعلم حقه أو سمعه من لسان طائر أو راه منقوشا في حائط فنظر فيه وعلم حقه لزمه علمه ولو كان قبل واسعا له جهله به والله اعلم . باب في بيان الجملة وتفسيرها وما يشتمل عليها وكيفية لزومها الجملة عبارة عن شهادة ان لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله وأن ما جاء به محمد من ربه هو الحق أعلم ان اول ما يجب على المكلف ان يعلم ان له صانعا وانه هو الاله وانه ليس كمثله شيء وان له رسولا اسمه محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب القرشي وفي لزوم معرفة جده ونسبه قولان وانه صادق فيما اخبر به عن لله تعالى فاذا عرف المكلف هذا وصدق به كان مؤمنا عند الله وعند العباد حتى يضيع فريضة لزمته وللتكليف شروط احدها صحة العقل فالمجنون ونحوه غير مكلف ثانيها قيام الحجة _ ٢٦ بالملكلف به على المكلف فمن لم تقم عليه الحجة بشيء من فرائض الله تعالى من أوامر ونوه لم .يكن عليه تكليف ولو قامت عليه الحجة بغيو وسواء في ذلك الاعتقادي وغيره . قال نور الدين رحمه الله فاذ عرفت هذا عرفت ان الجملة لا يكلف بها الا بعد قيام الحجة بها كغيرها من سائر اللوازم لأن الله عز وجل حكيم لا يصح عليه التخلف في احكامه فلا يكلف ببعض العبادات بحجة وبعضها بدون حجة فيسع جهل الجملة ما لم تقم الحجة بها وقيام الحجة بها من خاطر البال في وجود الله تعالى وأما معرفة رسوله ومعرفة ما جاء به فحجتها سماعية الا اذا الحم احد معرفة ذلك الماما تاما ولا يوجد عاقل كامل العقل منفردا في جزية أو متصلا بغيو الا وهو عارف ان له صانعا فأما ان تأخذ به يد العناية فيوفق وأما ان يعتقد ان صانعه غيو تعالى فيهلك ويتردد في صانعه فيهلك باشراكه ايضا وأما الذي لم يخطر بباله شيء من ذلك فهو ناقص العقل ومن شرط التكليف صحته واذا قامت الحجة بالجملة أو بشيء من تفسيرها الاعتقادي وجب على المكلف اعتقاده من حينه ولا ينفس له في السؤال عن ذلك لان التنفيس عن السؤال فيه توسعة لجهله بعد قيام الحجة به وعدم التنفيس للسؤال في الجملة بعد قيام حجتها مجتمع عليه وفي تفسيرها الاعتقادي مختلف فيه فاذا قامت الجملةباجماع ف‏ ١شركفيه حتى يساءلعلى المكلف فترددمن ذلكبشيءالحجة وعلى رأي في تفسيرها . والحدث في الجملة على ثلاثة انواع احدها انكارها ثانيها جهلها بعد قيام الحجة بها ثالثها الشك فيها والوقوع في شيء من هذه الثلاثة مشرك بالاجماع ولا يسع جهل شركه اجماعا وكذلك لا يسع جهل ضلالة من صوبه على شركه او تولاه عليه وكذلك لا يسع جهل من شك في ضلالتهما او ضلالة احد منهما وكذلك لا يسع جهل ضلالة الشاك في الشاك في ضلالتهما ولا يسع جهل ضلالة الشاك في الشاك في الشاك او ضلالة احدهما الى يوم القيمة واختلفوا في حكم الشاك فيمن احدث في الجهلة شيئا من الاحداث المذكورة بعد اجتاعهم على ان الحدث فيها شرك فذهب قوم منهم صاحب القواعد وصاحب العقيدة الى ان الشاك في شرك المحدث مشرك وكذلك الشاك في الشاك الى يوم القيمة وذهب اخرون منهم ابو سعيد الى انه ليس مشرك وانما ٢٧ هو كافر كفر نعمة قال نور الدين وعليه معول اصحابنا من اهل المشرق حتى ان ابا سعيد نقل الاجماع عليه © قال وهو الصحيح فيما عندنا وما قبله شاذ لا يلتفت :اليه اللهم الا ان يقال اراد أهل ذلك القيل بشرك الشاك انما هو الشرك الجزني الذي لا يترتب عليه شيء من احكام الشرك . قال نور الدين اعلم ان لاصحابنا من اهل المغرب في الشرك اصطلاحين احدهما شرك ترتب عليه الحكام وهو المعروف فيما بيننا وثانيهما شرك لا يترتب عليه شيء من ذلك ويسمى في عرفهم بالشرك الجزفي وهو ارتكاب كبيق في العقائد مما عدا خصال الشرك الكلي من الجحود والمساواة كا يشهد.له ذكاء من استقرا آثارهم ،قال نفاقا وكفر نعمة ولا يصح .عندنا ان يسمىنور الدين وهذا النو ع عندنا يسمى بالشرك ،وقال الامام ابو اسحق ومن سمى المشرك منافقا أو المنافق مشركا فهو ضال منافق قال نور الدين لكن هذا المنع انما هو باعتبار ترتب الاحكام الشرعية على الأسماء لأن للمشرك أحكاما تخصه وللمنافق أحكاما تخصه ومن حكم على احدهما بحكم الحر فهو ضال منافق ومن سمى أحدهما بأسم الاخر فكأنه حكم عليه بحكمه فترتب عليه الضلال واما اذا لم يترتب علي التسمية حكم يخرج بامحكوم عليه عن حكمه الذي هو عليه ذلك الحال فلا بأس بذلك ولكل قوم ما اصطلحوا عليه . قال واختلف العلماء في ادنى ما يكون به المرؤ مؤمنا خارجا عن الشرك فذهب الجمهور منا ومن غيرنا الى انه لا يخرج المرؤ من الشرك الى الايمان بعد قيام الحجة في لزومه الجملة بالتصديق بالجنان والاقرار باللسان قال وقال القطب قال النووي ان اهل السنة مانلفقهاء والمحدثين والمتكلمين اتفقوا على ان من امن بقلبه ولم ينطق واحد منبلسانه مع قدرته كان مخلدا في النار قال القطب ولكن يرده ما ثبت 1ن لك مالك وأحمد والشافعي وابي حنيفة قولا بأنه مؤمن عاص بنزك التلفظ . قال نور الدين واستدل على جعل الاقرار ركنا يكمل به الايمان عند الله وعند لخلق بما روي ان الايمان تصديق بالجنان واقرار باللسان وبقوله طيفك «امرت ان أقاتل ا لا اله الا الله» قال واجيب عن الأزل بأنه كلام لبعض السلف لاالناس حتى ق رواية عن الرسول عي وعلى تسليم انه روايةفلا دليل فيه على أن ترك الاقرار شرك بل غاية ما فيه ان الاقرار من الامان وهو مسلم على تسليم انه امنلايمان فتركه لا يوجب شركا كيف وفي اخر الرواية ما نصه وعمل بالاركان ولم يقل احدا بان ترك العمل شرك _ ٢٨ الا الضلال من الخوار ج كالازارقة والصغرية وهم بذلك القيل ضالون مخالفين للكتاب والسنة مفارقون لجميع الامة . واجيب على الاستدلال الثاني بانه قد يقال ان النطق انما هو شرط لاجراء احكام الاسلام بدليل انه رتب عليه حقن الدماء والاموال الا بحق دون النجاة في لاخحرة بل وكل امرهم الى الله عز وجل فان خالف اعتقادهم نطقهم أو عملهم أو طابق فهو العالم بذلك الجازي عليه © قال نور الدين وذهب القليل منا ومن الاشاعرة وغيرهم الى ان الايمان بالقلب مجز دون النطق باللسان ،قال نور الدين ،قال قطب الأئمة ويدل له اضافة الايمان الى القلب مثل وقلبه مطمئن بالايمان ولم يؤمن قلبه وما يدخل الايمان في قلوبكم وعطف العمل الصالح عليه في مواضع لا تحصى ونطق اللسان من العمل الصالح وقرنه بالمعاصي كالاقتتال والقتل والظلم في نحو وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا كتب عليكم القصاص في القتلى الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم مع ما في ذلك من قلة التغير عن معناه اللغوي ومن قربه اليه ويدل على ذلك تعديه بالباء فانه يتبادر التصديق ويدل له انا اذا رأينا من احد امارة المؤمنين حكمنا بامانه وازلنا عنه حكم الشرك وكذا على عهد رسول ا له صلى ا له عليه وسلم فعلم ان الامان في القلب وانه بأي علامة كشف عنه حكمنا به سواء كشف عنه اللسان أو غير اللسان © قال القطب ولست في ذلك قاصدا لمخالفة اصحابنا ولكن ذكرت ما ادى .اليه اجتهادي قال نور الدين وليس هذا الامام بأول قائل بهذا المذهب من اصحابنا فقد حكى ابو سعيد في معتبو الخلاف المذكور وان الواجب في الايمان هو الاعتقاد ما لم يطالب بالنطق فاذا طولب به كان عليه ان يقر بما اعتقده من دين الله تعالى والا حكم عليه بالشرك المبيح لدمه وماله ،وثمرة الخلاف هل يكون من آمن بقلبه ولم يتلفظ بلسانه مؤمنا عند الله ام لا قولان ثم اختلف القائلون بالاجتزاء بالاعتقاد دون النطق هل يكون عاصيا بتركه النطق ام لا قولان اصحهما العصيان ،قال القطب وان قلت لا يتصور لمعتقد ان لا يقر قلت يتصور لانه يمكن ان يصلي بسورة ليس فيها تصريح بأن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله مع الفاتحة وان يسلم من التحيات قبل ان ينطق بذلك بل لو لم يتضور له ذلك في حال فالكلام عليه قبل تلك الحال . ٢٩ قال نور الدين ولمشترطي الاقرار في صحة الايمان عند الله تعالى اقوال فيما اذا تلفط بالجملة بغير الكلام العربي هل يجزيه ذلك التلفظ ويكون به مؤمنا مسلما عند الله وعند الخلق أو لا الصحيح انه يجزيه وكذلك اذا قدم الشهادة برسالة محمد صلى الله عليه وسلم على الشهادة بالوحدانية .ذهب بعضهم الى أنه يجزيه ذلك ويكون به مؤمنا مسلما عند الله وعند العباد وذهب آخرون الى انه لا جزيه والصحيح الأول قال ابن أبي نبهان ما لم يرد تفضيل محمد على ربه وكذلك اختلفوا فيمن قال محمد بفتح الميم رسول الله أو بالخاء المعجمة هل يجزيه في توحيده او لا يجزيه اذا كانت تلك لغته اقوال رجح الأمام عبدالعزيز في شرح النونية الاخر منها واختلفوا في معرفة اسم ابيه صل الله عليه وسلم واسم جده ومعرفة نسبه انه قرشي عربي والتصحيح انه اذا قال محمدرسول!للهيحكماله بالتوحيد لانه هو الظاهر من دعوته صلى الله عليه وسلم للخلق وأما معرفة ابيه وجده فيجب على الانسان في خاصة نفسه وكذلك يجب عليه ايضا ان يعلم أنه عفيه قد مات لأن شرعه بعد موته لا ينسخ وفي حياته ينسخ بعض بعضا وجب عليه ان يعرف ان لا اله الا الله توحيد وان تركها شرك واختلفوا في محمد رسول الله هل يجب عليه ان يعرف انه توحيد ام لا . رجح عبدالعزيز انه لا يجب واختلفوا فيمن اقر بالجملة واداها كا وجبت عليه ثم ذكرت عنده أو خطرت بباله هل عليه ان يثبت اعتقاده الأول حذرا من ان يزعزعه مزعزع وحرصا على رسوخ الاعتقاد في القلب ورغبة في ثواب الله على ذلك او لا يجب عليه ما لم يحدث حدثا ينقض الاعتقاد الاول قولان اصحهما عدم الوجوب لانه مسلم باق على إسلامه وماذكر من التعليل غير كاف لثبوت الوجوب واشغال الذمة بعد براءتها وانما هو تعليل يوجب الثواب لفاعله فتظهر منه الندبية لقائله فان فعله كان مثابا عليه وان تركه لم يعاقب علي تركه والله أعلم . باب في تفسير الجملة أعلم ان هذه الجملة اتي يدعو اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم مشتملة على حميع الدين فجميع الفرائض من اعتقاد وغيو داخل تحت معانيها وبيانه تفسير لها ولذا قال صلى الله عليه وسلم الا بحقها فانه لما كان من حقها تأدية الواجبات _ ٢٣٠ والانتهاء عن المحرمات حلت دماء من ضيع شيئا من المفترذسات أو ارتكب شيئا من المحرمات اذا كابر عليه فلولا ان جميع ذلك من حقها لما حل قتل فاعل شيء من ذلك وتفسيرها الاعتقادي هو ما تعبدنا باعتقاده من معرفة الله تعالى وكالاته وانه واحد فى ذاته وصفاته وافعاله بمعنى انه لا يشبه شيئا في جميع ذلك ولا يشابهه فيه شيء لقوله تعالى (ليس كمثله شيء) وان الموت حق لقوله تعالى (كل نفس ذائقة الموت) وان الساعة حق وهي النفخة الاولى التي ينفخها اسرافيل عليه السلام في الصور وبها يميت الله كل حي وفى الحديث ان بينها وبين النفخة الثانية التي للبعث اربعين سنة وانها مما استاثر الله بها في غيبه وان البعث خق وعو عبارة غن النفخة الثانية التي ينفخها اسرافيل في الصور وبها يخيي ا له كل ميت وان الحشر خق وهو عبارة عن جمع الحيوان الى موقف الحساب وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا أمم امثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم الى ربهم يحشرون وفي الاية دليل على حشر المكلفين وغيرهم من الانعام والحشرات وغيرهم من الاطفال اما المكلفون فحشرهم على الانقلاب اما لثواب واما لعقاب واما البهائم والحشرات وغيرها فحشرها على التلاشي والحكمة في حشرها لتقتص ممن ظلمها ثم تعود ترابا وأما اطفال المسلمين فهم في جنة الخلد مثابون ومنعمون وأما اطفال غيرهم من المشركين والمنافقين فقد اختلفت فيهم لأمة فقيل ان حشرهم على التلاشي كالهائم وقيل هم في النار مع آبائهم لكنها مردة عليهم وقيل يصيرون نوابا لاهل الجنة كالولدان وقيل وهو المذهب انهم في الجنة مثابون منعمون كاطفال المؤمنين . قال الله تعالى (ولا تزر وازرة وزر .اخرى وقال (ومن يعص الله ورسوله) الاية وهؤلاء لم يعصوا ولم يضيعوا شيئا فما بالهم ينقصون عن درجة امثالهم © وقال صلى الله عليه وسلم «كل مولود يولد على الفطرة» الحديث © فحكم جميع الاطفال في امور الاحرة عندنا سواء وان الحساب .حق لقوله تعالى روان تك مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) وان حساب الله مخالف لحساب الخلق لأن حسابه فصل وتمييز لأفعال العباد فيبين للمطيع طاعته وللعاصي معصيته ويميز بينهماقل بلى وري لتبعثن ثم لتنبئن بما عملتم وان لله ثوابا لا يشبهه ثواب اسمه الجنة اعده لأهل طاعته فهم فيها ل ٢٣١ خلدون وعنها غير منتقلين وان لله عقابا لا يشبهه عقاب اسمه النار اعده لأهل عصيانه اعاذنا الله منهم وانهم فيه خلدون وان لله جملة الملائكة عليهم السلام وهم اجسام نورانية خلقهم الله للعبادة وجملتهم غير جملة الانس والجن وان لله انبياء من بني ادم عليه وعليهم السلام وقد اختلف في عددهم والمشهور ا هم مائة الف واربعة وعشرون والرسلبجميع الانبياءالفا ومنهم الرسل والايمانوعشرونواربعةالفالفا وقيل مائتا نبي بعينهبمعرفةحجةعليهقامتالا منعددالغير ملاحظةمجز منمحملا كالمسمين في الكتاب.العزيز فيجب عليه ان يؤمن به خاصة بعد قيام الحجة عليه كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله وان لله كتبا اوحاها الى .اللهفيما شاء.خلقهوهو كلامانبياءهمنشاءمن والحكمة في انزاله تعلم الناس ما :لهم وما عليهم وبشرى للمؤمنين وانذارا للكافرين والايمان بالقضاء والقدر ومعرفة الشرك وما يترتب عليه من الاحكام ومعرفة التوحيد وما يترتب عليه واعتقاد الخوف والرجاء والولاية والبراءة والوقوف ،وأعلم ان حكم تفسير الجملة في قيام الحجة وغيو حكم الجملة ويخالفها في ثلاثة مواضع الاول ان الجملة لا ينفس في السؤال عنها بعد قيام الحجة بها اتفاقا واختلف في تفسيرها فمذهب بعض انه ينفس له في السؤال عنه وانه لا يهلك بالشك فيه قبل قيام حجة العلم به وان قامت حجة التكليف باعتقاده وذهب ابو سعيد وأحمد بن الحسين الى انه لا ينفس في السؤال عنه كالجملة . قال نور الدين رحمه الله والنظر يقتضي التفضيل بين ما كان من صفات الله تعالى الواجبة كقدير بذاته وعليم بذاته ومريد بذاته وسميع بذاته وبصير بذاته وبين ما كان من الجائزات العقلية كبعث الاموات وحشارلاجسام والثواب والعقاب الموضع الثاني الحدث فيالجملة لايسع جهله ولاالشك فيه واختلف في الحدث في تفسيرها فذهب قوم الى انه لا يسع جهله كالجملة } قال نور الدين وهو الشائع بين اهل المشرق منا قال وذهب اخرون الى انه يسع جهله والشك فيه ،الموضع الثالث انه قد اختلف في الايمان بالجملة هل يجزى بالقلب دون النطق باللسان أو لا يجزى كا تقدم واتفقوا على ان الايمان بتفسيرها لا يلزم الا بالقلب فان نطق به كان تطوعا منه © قال ٢٢ ولكنا نقول وهذا موضع رابع وهو انهم قد اختلفوا في وجوب تقرير الامان بالجملة عند ذكرها ولا خلاف في انه لا يجب تقرير الايمان بتفسيرها . وأعلم ان جملة الوحيد وتفسيرها تقوم الحجة فيها بالسماع وبالعقل لكن معرفة الالفاظ منهما مختصة بطريق السمع فلا تقوم الحجة بها الا بالسماع لانها الفاظ واصوات اللهم الا ان يكون الهام يقوم مقام السمع فيلزم على حد ما مر واما معرفة معانيها فتقوم بخاطر البال فمثلا الالفاظ التي لا تقوم الحجة عليها الا بالسماع كمعرفة ان اسم الخالق الله أو الرحمن أو الرحم أو ان له ثوابا اسمه الجنة أو عقابا اسمه النار فلا تقوم حجة التسمية في هذه الاشياء ونحوها الا من طريق السمع واما معرفة معاني ذلك فندرك بالعقل الصحيح فاذا خطرت ببال مكلف لزمه معرفة ذلك انه كذلك وذلك كأن يخطر بباله ان له صانعا وانه مثيب من اطاعه ومعاقب من عصاه ولا يعرف ما اسم صانعه ولا ما اسم ثوابه ولا عقابه فعليه ان يصدق بهذا المعنى من غير تسمية له فاذا سمع باسمه لزمه التصديق بالاسم ايضا . قال نور الدين هذا كله مبني على مذهب ابي سعيد من ان العقل حام عند عدم ورود الشرع ،قال والذي ادى اليه الاجتهاد ان معاني الجملة نوعان احدهما واجب عقلي كوجود الله تعالى ونفي الشريك عنه وكاتصافه بالصفات الكمالية الواجبة عقلا فان هذا النوع حجته من طريق العقل والنوع الثاني وهو الصفات الجائزة عقلا كبعث الرسل وانزل الكتب .ومثوبة الطائع وعقوبة-العاصي ونحوها فحجتها انما تقوم بالسماع ،وأعلم ان كل ما كان حجته من طريق العقل تقوم حجته بالسماع ولا عكس وذلك ان طريق السماع طريق قوي لا يكاد يدركه الا ذكي والله اعلم . باب التوحيد هذا الباب هو أهم ما كان من تفسير الجملة فانه ييحث فيه عن صفات الله تعالى الواجبة له تعالى والمستحيلة عليه والجائزة في حقه فهي ثلاثة انواع فأما الصفات الواجبة له تعالى فهي الوجود والقدم والبقاء والحياة والعلم والارادة والقدرة والسمع والبصر وأما الصفات المستحيلة عليه تعالى فاضداد ذلك كالحدث والعدم والفناء والموت والجهل والعجز والاكراه والصمم والعمى ومشابهة الاجسام مطلقا وأما الصفات _ ٢٢٣ الجائزة له تعالى فهي صفاته الفعلية لجواز ان يفعلها فيوصف بها وان لا يفعلها فلا يوصف بها ولما كانت الصفات المستحيلة شديدة الخطر ووقع فيها كثير من العماة المتعسفين كان الاعتناء بنفيها عنه تعالى ا هم وتنزيهه عنها تعالى الزم . قال نور الدين رحمه الله أعلم ان من صفات الاجسام اللازمة لها المكان وهو على الله تعالى مستحيل لانه لو كان في مكان للزم ان:يكون المكان اقوى منه لانه حامل له واللازم باطل فكذا الملزوم ومن صفاته الزمان الذي يوجد فيه وهو على الله تعالى محال لانه لو ان موجودا في زمان لزم حدوثه واللازم باطل فالملزوم مثله ومن صفاتها متشابهة غيرها لها وفي حق الله تعالى محال لانه لو شابهه غيو في شيء أو شابه غيو للزمه ما يلزم المشابه من الاحتياج الى المكان والزمان ومن الاعراض الطارئة عليه واللازم باطل فكذا الملزوم ومن صفاتها الحدوث وهو على الله تعالى محال لانه لو كان محدثا لكان غير قديم ولو كان غير قديم لاحتاج الى محدث فيكون مخلوقا تعالى الله عن ذلك ومن صفاتها لزوم الجهات الست وهو على الله تعالى محال لانه لو لازمته الجهات لكان محاطا به متبعضا منقسما بيانه ان ما بلي جهة العلو منه غير ما يلي جهة السفل فالله خالق لكل شيء والزمان والمكان من مخلوقاته فلو كان يحويه المكان ويأتي عليه الزمان لاحتاج قبل خلقهما الى مكان وزمان فلا بد أما ان يكونا قد وجدا قبله فيلزم حدوثه مع تبعضه وتناهيه فيكون الخالق غيو أو يكونا قد وجدا بعده فيكون محتاجا الى حادث قد خلقه بنفسه ومن كان كذلك فليس باله واما أن يكونا قديمين معه فيلزم تعدد القدماء وهو باطل . نشهد لله تعالى بالوحدانية وأنه ليس له شبيه في ذاته ولا في صفاته ولا في افعاله وانه ليس له نظير ولا وزير ولا مشير ولا ند ولا ضد ولا ولد ولا والد وليس له فوق ولا تحت ولا قبل ولا بعد ولا يمين ولا شمال كا زعمت المشبهة وخصصوه بجهة الفوق شم اختلفوا فذهب محمد بن كرام إلى كونه في الجهة ككون الأجسام فيها وهو مماس للصفحة العليا من العرش ويجوز عليه الحركة والإنتقال وتبدل الجهات وعليه اليهود حتى قالوا العرش بئط من نحته اطيط الرحل الجديد وانه يفضل على العرش من كل جهة اربعة اصابع ،قال نور الدين وزاد بعض المشبهة كمضر وكهمس وأحمد ٢٤ الهجيمي أن المخلصين يعانقونه في الدنيا والاخرة ومنهم من قال محاذ للعرش غير مماس له فقيل بمسافة متناهية وقيل غير متناهية ومنهم من قال ليس ككون الأجسام في الجهة منفرد بالأزلية كا ئن قبل كلباطلة تعال الله عنها فهو تعالوكل هذه الأقوال ضلالات شىء . قال نور الدين رحمه الله أعلم أن الموجود اقسام ثلاثة لا رابع لها فإنه اما ازلي. وابدي وهو الله سبحانه وتعالى أو لاأزلي ولا ابدي وهو الدنيا أو ابدي غير ازلي وهو الاخرة والله تعالى عالم بالشيء قبل أن يصنعه عالم بصورته التي ستكون ولونه من السواد والبياض وغيره وشكله وما اليه صائر روي في الحديث فرغ الله عز وجل 7 كل عبد خمس من أ جله ورزقه واثر ومضجعه وشقي أو سعيد وفي حديث آخر قدر الله المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين الف سنة وفي حديث آخر مامن نفس منفوسة الا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار والا وقد كتبت شقية أو سعيدة والله اعلم . باب البراهين العقلية الدالة على نفي الاشباه والشركاء عن الله تعال أعلم انه لو كان للمولى عز وعلا مشابه في ذاته جاز عليه جميع مايجوز على مشابهه وبيانه أنه متى كان الشبه متصفا بصفة وشابهه :فيها غيو اتصف ذلك الغير بما يلازم تلك الصفة © مثال ذلك قول المجسمة أنه تعالى جسم لا كالاجسام ،وقال نور الدين وجوابهم انه اذا كان جسما يجب ان يتصف بالصفات الجسمانية من طول وعمق وعرض وقصر ونحو ذلك ومتى جاز عليه هذه الصفات وجب ان يكون محاطا به محتاجا لغيرو مانلمكان ونحوه لأن الاجسام مفتقرة الى الحل ولو كان له تعالى شريك في الأزل لكان كل واحد من الشريكين صالا لأن يكون ربا مالكا مستحقا للعبادة ولا دليل يخص واحدا منهما بذلك دون الاخر فتبطل الوحدانية الثابتة بالبرهان القطعي ولو ان له تعالى في فعله معينا وزيرا كان أو مشيرا لزم ان يكون في ذاته ناقصا حيث .احتاج الى ذلك المعين وكامل الذات لا يحتاج الى غيو اصلا وانما يحتاج الى الغير من كان عاجزا عن القيام بفعله بنفسه ولو أنه تعالى كان في مكان أو زمان للزم أن يكون ناقصا في ذاته بيان الملازمة ان من كان في زمان لزم ان يكون سبقه زمان وتأخر عنه _ ٢٥ زمان ومن كان مسبوقا فليس بقديم بل حادث عاجز ويلزم ان يكون لذلك الزمان السابق خالق هو غيو لاستحالة ان يخلق المتأخر المتقدم وبيان الملازمة في المكان ان من كان له مكان لزم ان يكون ذلك المكان حاملا له ولا شك ان الحامل اقوى من المحمول فيكون المكان اقوى منه ومن كان اقوى منه غيرو فهو عاجز وايضا يلزم ان يكون المكان سابقا فيكون الحال مسبوقا والمسبوق حادث ولو انه تعالى له شريك في ملكه للزم فساد ذلك الملك وهذا البرهان هو الذي صرح به الكتاب العزيز لو كان فيهما الهة إلا الله لفسدتا وبيان الملازمة انه لو كانا مالكين لزم ان يريد كل منهما خلاف ما يريد الاخر فيتنازعا في الأمر فيفسد الملك وحال ان تتفق ارادتهما في جميع الأشياء والله اعلم . باب في صفاته تعالى الواجبة له والجائزة عليه نفيأعلم أنه ما ذكر تنزيهه تعالى عن مشابهة الاشياء له واستلزم ذلك المشابهة مطلقا صرح هنا بما دل عليه ذلك التزاما فكأنه قال اذا عرفت هذا حصل لك ان الله تعالى مخالف لخلقه ذاتا وصفات وافعالا فهو واحد في ذاته وواحد في صفاته وواحد في افعاله بمعنى انه لا يشبهه احد في شيءمن ذلك كله . قال نور الدين رحمه الله وزاد بعضه واحد في عبادته بمعنى انه لا يصح ان يشرك م وواحد في اسمائهغيره معه في العبادة فالمعبود بحق واحد وزاد بعضه. بمغنى انه لايسمى احد باسمه تعالى هل تعلم له سميا 0ومعنى الذات في حقه تعالى الموجود المنتصف بصفات الكمال وانما كان تعالى مخالفا لخلقه في ذاته لأن مدلول صفاته لا توجد في غيره تعالى وانما كان مخالفا لخلقه في ذاته لأن ذاته ليست بمتبعضة ولابمنقسمة ولا بحالة في مكان ولا حادثة في زمان وهذه صفاته الذاتية وهو عين ذاته لا غيرها وانما كان مخالفا لنا في افعاله لأن افعاله تعالى لا بمحاولة ولا احتيال ولا بمزاولة ولا استعانة بالغير وانما تنفعل له الاشياء على ما اراد فاذا اراد شيئا قال له كن فيكون وما تم تلفظ بكاف ونون حتى يلزم الاستعانة به وانما هو تمثيل عبر به عن سرعة الانفعال والعرب كانت تعد مثل ذلك من اعلى البلاغة . ٢٦ وأعلم ان أصحابنا كغيرهم اختلفوا في انه هل يجوز أن يوصف الله تعالى بالصفات المفهمة لمعاني الصفات التي صرح بها الشارع ام لا يجوز وصفه الا بما صرح به في كتابه او على لسان انبيائه ،قال نور الدين رحمه الله فاختارت الاشعرية كبعض اصحابنا الى ان اسمائه تعالى توقيفية وكذا صفاته فلا تثبت منه اسما ولا صفة الا اذا ورد بذلك توقيف من الشارع قال ومال اليه القاضي ابو بكر الباقلاني وتوقف فيه امام الحرمين وفصل الغزالي فجوز اطلاق الصفة ومنع اطلاق الاسم والصفة في حقه تعالى نوعان ذاتية وفعلية 5فاما الذاتية فهي امور اعتبارية اي معان لا حقيقة لا في الخارج وانما وصف تعالى بها نفسه ليعلمنا ان اضداد تلك الصفة منتف عنه تعالى فنحن نعتبر بكل صفة من تلك الصفات نفي ضدها لا اثبات معنى حقيقي زائد على الذات وإما الفعلية فهي معان حقيقية قائمة بالمخلوق اتصف تعالى بما اشتق منها كالخالق والرازق والمحيي والمميت فان الخلق والرزق والاحياء والاماتة معان حقيقية في الخلوق والفرق بين صفات الذات وصفات الفعل هو ان صفات الفعل تحبامعم ضدها في الوجود عند اختلاف المحل كان يوسع في رزق زيد ويضيق في رزق عمرو وأن يرزق العلم عمرا ويخلق الجهل لزيد وان يعطي فلانا كذا ويمنع فلانا كذا ويحب فلانا ويبغض فلانا وهكذا . وصفات الذات كالعلم والقدرة والارادة لا تجامع ضدها في الوجودولو اختلف المحال فلا يقال علم الله كذا وجهل كذا وان صفات الذات لا تنفي عنه في الازل فلا تقول كان الله ولم يعلم ولم يقدر ولم يرد وهكذا قال نورالدين تال البدر الثلاثي هذا ما يؤخذ من كلام المشارقة وهو يدل على ان صفات الافعال حادثة عندهم قال والذي عليه المغاربة ان صفات الله كلها قديمة ازلية لأنه يقال الله تعالى خالق في الازل ورازق في الازل على معنى سيخلق ويرزق وهكذا وان الفرق بين صفات الذات وصفات الفعل عندهم ان يقال في صفة الذات لم يزل الله عالما بما كان قبل ان يكون ولم يزل قادرا على ايجاد ما سيوجد قبل ان يوجد ول يزل مريدا لوجود ما علم الله انه سيوجد قبل ان يوجد وهكذا وصفة الفعل لم يزل خالقا على معنى سيخلق ولم يزل رازقا على معنى سيرزق وهكذا . ٢٧ قال وحاصله ان صفة الذات هي التي اتصف بها تعالى بالفعل في الازل وصفة الفعل التي لم يتصف بها بالفعل فيه وانما يتصف بها فيما لا يزال وهو راجع الى القول بحدوثها واختلف في اثبات الكلام صفة ذات فذهب الجمهور منا ومن غيرنا اللى انها تكون صفة ذات وصفة فعل وذهب المعتزلة وبعض ائمتنا الى انها صفة فعل فقط قال البدر ابو ستة اعلم ان الكلام تارة يضاف لله تعالى على معنى نفي الخرس فيكون صفة ذات وتارة يضاف اليه على معنى انه فعل له فيكون صفة فعل فمعنى كونه متكلما على الاول اي ليس باخرس وعلى الثاني خالق الكلام وأعلم ان صفاته تعالى الذاتية عين ذاته اي مدلول صفاته الذاتية هي ذاته العلية اي ليس غيره عز وجل لانها لو كانت غيره للزم اما ان تكون موجودة .بعده وهو باطل لاستلزامه ان تكون الذات قبل وجود تلك الصفات غير متصفة بالكمالات فيلزم اتصافها بالنقص وأما ان تكون مقارنة له في الوجود وهو باطل ايضا لاستلزامه تعدد القدماء والقول النصارى .بتعدد القدماء كفر وبه كفرت قال نورالدين رحمه ا له وماقررناه هو مذهبنا ومذهب المعتزلة والشيعة ،قال وذهبت الأشعرية الى أن صفات الله تعالى هي معان حقيقية قائمة بذاته زائدة عليها فهو عندهم عالم بعلم وقادر بقدرة ومريد بارادة وهكذا. قال نورالدين رحمه الله ذهب أصحابنا الى أن أسماءه تعالى هي عين ذاته أي مدلول أسمائه 5عين ذاته أي ليس هنالك آمر ثان غير الذات العلية 5قال قال البدر أبو ستة رحمه الله أعلم أن الاسم غير التسمية لأنها تخصيص الاسم ووضعه لشيىء ولاشك ان 0تخصيص الاسم لشيىء مغاير للاسم كا تشهد به البديهة وأيضا التسمية فعل الواضع وأنه منقض فيما مضى من الزمان وليس الاسم كذلك وقد اشتهر الخلاف في أن الاسم هل هو نفس المسمى أو غيو ولايشك عاقل في أنه ليس النزاع في لفظ فيس هل نفس الحيوان الخصوص أو غيو فان هذا مما لايشتبه على أحد بل النزاع في مدلول الاسم أهو الذات من حيث هي هي أم هو الذات بإعتبار أمر صادق عليه عارض له ينبني عليه & قال الحدي إتفق العلماء على المغايرة بين الاسم والمسمى وذهب أكثر إصحابنا إلى أن التسمية هي نفس الأقوال الدالة على المسمى وأن الاسم _ ٢٨ هو نفس المدلول ثم اختلف هؤلاء فذهب إبن فورك وغيو الى أن كل إسم هو نفس المسمى بعينه فقولك الله قول دال على إسم فهو المسمى وكذلك قولك عالم أو خالق فإنه يدل على الذات الموصوف بكونه عالما خالقا وقال بعضهم من الأسماء ما هو عين كالوجود والذات ومنها ماهو غير كالخالق والرازق فإن المسمى ذاته والاسم هو نفس الخلق وخلقه غير ذاته ومنها ماهو ليس عينا ولاغيرا كالعالم فإن المسمى ذاته والاسم علمه الذي ليس عين ذاته ولاغيرها. قال نورالدين وذهبت المعتزلة الى أن الاسم هو التسمية قال ووافقهم على ذلك بعض المتأخرين من أصحابنا قال وما ذهب اليه إبن فورك هو مقتضى اطلاق أصحابنا رحمهم الله ،قال قال الشيخ أحمد بن سعيد وغيو والخلاف لفظى وقيل بل معنوي ٤قال‏ نورالدين والفرق بين الاسم والصفة هو أن الاسم مادل على الذات من غير اعتبار معنى يوصف به الذات والصفة مادلت على الذات مع اعتبار معنى يوصف به الذات قال وعليه فلا اسم الا لفظ الجلالة وهو التحقيق لاما ذهب اليه بعض من أن الاسم هو الصفة المعرفة بال فان عرت عنها فهي الصفة © قال وعليه فالعلم بالتعريف اسم وبدونه صفة ،قال ولااستدلال له بقوله تعالى ( له الأسماء الحسنى ) فان الاسماء في الاية بمعنى الصفات تجبوزا لانها المفيدة للحسن فوصفت به وأما الأسماء فلا تدل على حسن ولا قبح الا إذا كانت القابا ولايسمى الباري باسم قال نور الدين رحمه الله لو ان صفاته الذاتية غير ذاته للزم عليه اما ان تكون شيئا حالا في ذاته او بعضا منه او شيئا زائدا على الذات فاستحال الأول في حقه تعالى لانها لو كانت .حالة فيه للزم ان يكون ظرفا للاشياء تعالى الله عن ذلك واستحال الثاني ايضا لانها.لو كانت بعض للزم تبعيضه وانقسامه تعالى الله عن ذلك واستحال الثالث ايضا لانها لو كانت شيئا زائدا على ذاته خارجا عنها للزم ان يكون تعالى محتاجا للغير تعالى الله عن ذلك قال البدر ابوستة قال ابو عمار رحمه الله ردا على الاشعرية في قولهم بالتعدد والتغاير والقيام بالذات ما نصه فلما ان اثبتوا صفات الته تعالى معاني متغايرة متعددة مم التمسوا لهذه المعاني المتعددة المتغايرة محلا يخلونها به _ . _ ٣٩ ومقاما يقيمونها فيه فلم يجدوه لما كان الله في ازليته ليس معه شيء غيو فلما لم يجدو لما اقدموا عليه من القول بهذا مخرجا سقط في ايديهم ورأوا انهم قد ضلوا فتجاسروا على القول بانها حالة بالصانع جل جلاله قائمة بذاته تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا © الى ان قال وما عسى ان يرد عليهم باقبح من مقالتهم حيث زعموا ان الله جل جلاله محل للاشياء واثبتوا ان ذاته محل للمعاني وضاهوا بذلك قول اليعقوبية من النصارى . قال نور الدين فهو تعالى علم لا بعلم بل بذاته اي ذاته عز وجل منكشفة لها الاشياء انكشافا تاما موصوفة بانها عالمة لانكشاف المعلومات هما لا لصفة زائدة عليها قائمة بها كا يقول هؤلاء الاشعريون والله سميع بذاته وبصير بذاته لا بسمع هو غيرو ولاببصر هو غيرو اي ذاته تعالى كافية في انكشاف المسموعات والمبصرات ها انكشافا تاما غير محتاجة الى صفة معنوية حقيقية زائدة على الذات قائمة بها تسمى سمعا وبصرا كا زعم هؤلاء ولا الى عين مركبة من حدقة واجفان كا زعم اولئك المشبهة والدليل على انه تعالى سميع علم هو انه لو لم يكن تعالى عالما لم تكن انت في ذاتك متصفا بما انت عليه من غاية الاحكام والاتقان ودقائق المحاسن التي لا تنحصر وهذا الدليل مثبت له تعالى العلم بكل كلي وجزئي كائن ما كان ممكن او واجب فهو اعم من القدرة من وجه لانها تختص بالممكنات دون الواجبات والدليل على انه تعالى سميع هو انه لو لم يكن تعالى سميعا مع اتصافه بالحياة لوجب ان يكون اصم واللازم باطل فكذا الملزوم والدليل على انه تعالى بصير هو انه لو لم يكن تعالى بصيرا هو انه مع اتصافه بالحياة وجب ان يكون اعمى واللازم باطل فكذا الملزوم وهكذا القول في سائر الصفات الذاتية فتقول هو تعالى قدير بذاته ومريد بذاته وحي بذاته وقديم بذاته . قال نور الدين رحمه الله فان قيل انكم قلتم صفاته تعالى عين ذاته وقلتمم صفاته الذاتية امور اعتبارية فيلزمكم ان تكون ذاته تعالى امور اعتبارية قلنا لا نسلم ذلك اللزوم لان المراد بقولنا صفاته الذاتية عين ذاته هو مدلول صفاته الذاتية اي مدلول صفاته الذاتية هو عين ذاته والمراد بقولنا صفاته الذاتية امور اعتبارية هو معاني تلك الصفات اي المفهوم منها والمتصور في الذهن هي امور اعتبارية بيانه ان لكل واحد من حي وقدير وعليم الى آخرها مدلولا تدل عليه وهو الذات العلية ومعنى يفهم منها وهو _ ٤٠ معنى الحياة والقدرة والعالم الى اخرها فذلك المدلول هو عين الذات وهذا المفهوم هو امور اعتبارية اي يعتبر بها نفي اضدادها فالمراد من اتصافه تعالى بالحياة نفي الموت عنه تعالى ومن اتصافه بالقدرة نفي العجز عنه تعالى ومن اتصافه بالعلم نفي الجهل عنه تعالى ومن اتصافه بالبصر نفي العمى عنه تعالى فلا اشكال والله اعلم . باب في نقي الرؤية عنه تعالى الرؤية اتصال شعاع الباص بالمرئي أو انطباع صورة المرئي في الحدقة 5قال نور الدين رحمه الله هذه هي حقيقة الرؤية التي كانت العرب تعرفها من عربيتهم ولا يطلقونها على العلم ونحوه الا تجوزا لنكتة مع قرينة وقال تعالى (وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه) قال فعلى تقدير صحة حديث الرؤية يجب ان يكون الله مرئيا بالباصرة على حد ما ذكرنا كا صرح به اللقاني في الجوهرة ومنه ان يدرك بالابصار . وكا صرح به الشيباني في قوله : يتمدداطغىزنديقنفذلكبعينهيراهالدنيافيقالومن نرويه مسنداكا جاء في الاخبارعبادهالجنانفييراهولكن قال نور الدين وعلى هذا جمهور الاشاعرة فتأويل الفخر والغزالي الرؤية بالعلم :1موضو عالحديثان يقال ان ذلكبلا دليل فالحقحقيقتهابها عنعدول سيأتي } قال ثم انا لا نقتنع من الفخر والغزالي بما قالاه وذلك انه لا بد للشيء المعلوم من ان يتصور في ذهن العالم به وحقيقة ذاته تعالى لا تتصور وللمثبتين للرؤية وهم جمهورالاشاعرة ادلة ولهم في الاستدلال على جوازها طريقان عقلي ونقلي . الطريق الاول قالوا ان الله تعالى موجود وكل موجود يصح ان يرى ينتج ان الله يصح ان يرى قالوا فدليل الصغرى ظاهر واما دليل الكبرى فلأنا رأينا الاشياء مشتركة في الرؤية لها ولا علة لاشتراكها في الرؤية الا لكونها موجودة أذ الوجود هو الوصف المشترك بين جميع الموجودات وابطلوا ما سوى الوجود من العلل الممكن التعليل بها في رؤية الاشياء من غير تكلف وتعسف قال نور الدين رحمه الله قال الفخر وهو احد أئمتهم;وهذاعندي ضعيف لانه يقال الجوهر والعرض مخلوقان وصحة المخلوقيات فيهما حكم المشترك فيهما فلا بد له من علة مشتركة والمشترك اما الحدوث أو الوجود فبطل ٤١ ان يكون هو الحدوث لما ذكرموه فتعين ان يكون هو الوجود فوجب كونه تعالى يصح ان يكون مخلوقا 0قال فكما ان هذا باطلا فكذلك ما ذكرموه من الادلة على ثبوت الرو ية وايضا فانا ندر ك باللمس الطويل والعريض وندرك بالحرارة والبرودة فصحة الملموسية حكم المشترك ونسوق الكلام الى اخره حتى يلزم صحة كونه ملموسا والتزامه مدفوع ببديهة العقل قال في المعالم هذا كلامه . والطريق الثاني قد استدلوا على جواز الرؤية من الظواهر السمعية باشياء منها قوله تعالى حكاية عن الكليم (ارني انظر اليك) ووجه استدلالهم بها على الجواز قالوا لو لم تكن رؤيته تعالى جائزة ما سألها الكليم عليه السلام لان سؤاله اياها لا يخلو اما ان يكون نشأ عن جهل باستحالتها او عن معرفة باستحالتها والاول محال لان من كان جاهلا بما يجوز على ربه وما يستحيل عليه لا يصلح ان يكون نبيا كليما والثاني ايضا مستحيل كذلك لانه ان عرف انها مستحيلة فطلب ما هو مستحيل في حق الكلم معصية قلنا سألها وهو يعلم استحالتها ولا يلزم من سؤاله اياها طلب ما هو مستحيل نعم يلزم ذلك ان لو اراد وقوعها لكنه لم يرد وانما سألها ليسمع قومه الجواب باستحالتها ،قالوا اما ان يكون اولئك القوم مؤمنين فيكفهم اخبار موسى استحالتها وأما ان يكونوا كافرين فلا يصدقون ،ثانيا اعني حيث انه ينقل لهم انه تعالى اجاب باستحالتها كما انهم لم يصدقوه حين اخبرهم بذلك قلنا ليس القوم مؤمنين واي ايمان لمن قال لنبيه لن نؤمن لك حتى نرى الله جهة ولا يلزم من عدم تصديقهم اياه في اخباره باستحالتها مع احتال ان يظهر لهم آية مع الجواب الثاني كاندكاك الجبل مثلاوايضا فالكل قد اختار منهم سبعين رجلا لذلك الميقات وكلهم قد سمعوا لن تراني فأخبارو ومعه السبعون اقوى في ظن القوم من اخباره بنفسه وايضا فأولثك السبعون هم الذين سألوا .موسى الرؤية حين سمعوا الكلام فقاسوا صحة الرؤية على وقوع الكلام قياسا فاسدا فاخذتهم الصاعقة ومما يدل على ان موسى سألها لقومه قوله تعالى حكاية عن موسى اتهلكنا با فعل السفهاء منا وقوله تعالى سألوا موسى اكبر من ذلك فقالوا ارنا الله جهر واذ قلتم لموسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهة فاخذتكم الصاعقة وانتم تنظرون) فلو كان موسى عليه السلام سأل كما سألوا لوبخ كا وتخوا وهلك كما هلكوا _ ٤٢ قالوا .هلكوا بارادتهم الاعجاز وونخوا على ذلك قلنا هذا خلاف الظاهر لأن اخذ الصاعقة والتوبيخ ترتبا غلى سؤال الرؤية وعلى من عدل به عن ظاهر الدليل ولا يكفيه استدلالا تماديهم على طغيانهم لأنه محض ظن بهم انهم لم يريدوا الا الاعجاز وان الظن لا يغني من الحق شيئا ومنها ما روي عن الصحابة من الاختلاف في ان محمدا صلى الله عليه وسلم هل رأى ربه أم لا قالوا لو لم تكن الرؤية جائزة عليه تعالى ما اختلفوا في ذلك وهم اهل عقول قلنا ما روي عنهم قي ذلك الاختلاف كذب صريح انتحله القائلون بالرؤية كيف وقد روي اولئك القائلون عن عائشة رضي الله عنها انها قالت من قال ان محمد رأى ربه فقد اعظم على الله الفرية وهذه المقالة صريحة في البراءة ممن قال بذلك لأن عظم الفرية على الله فسق اتفاقا فيلزمكم اما كذب القول بأن حمد صلى الله عليه وسلم رأى ربه واما تضليل عائشة حيث فسقت قائلا بصدق ولا محل للاجتهاد هنا لانه ليس للمجتهد ان يضيق من خالفه في اجتهاده اذا كان محل الاجتهاد ظنيا 0وقد تمسكوا في وقو ع الرؤية باشياء منها قوله تعالى (وجوه يومئذ ناضة الى ربها ناظرة) قالوا وهذه الاية صريحة في وقوع الرؤية للمؤمنين في الاخرة قلنا دعوى الصريحية في ذلك ممنوعة اما او لا فلن النظر في اللغة غير الرؤية ولذا يقال نظرت الهلال فلم اره ولا يصح ان يقال رأيته فلم اره واطلاقه على الرؤية مجاز لا يصح الا بقرينة والعدول عن الحقيقة الى المجاز خلاف الظاهر لا يقال ان القرنية هنالك لفظة الوجوه والاخذ بالمجاز ‏١مع القرنية اخذ بالظاهر . قال نور الدين لأ نا نقول ان الوجوه في الاية لا تكفي قرينة لما ذكرتم لان العرب تطلق الوجوه على ذات الشيء ويبقى وجه رهك ذو الجلال والاكرام لا يقال ان اطلاقه على غير الوجه المعروف مجاز يحتاج الى قرينة ث قال لانا نقول ان القرائن في صرفه عن الوجه المعروف ظاهرة وهي سياق الايةموملائمتها كا ستعرفه قريبا ان شاء الله واما ثانيا فلن سياق الاية دال على انتظار رحمة الله تعالى بدليل انه عطف عليها قوله ووجوه يومئذ باسرة تظن ان يفعل بها فاقرو فلو فسر النظر في الاية بالرؤية لازتفعت المناسبة بين الجملتين ولتداعى بناؤها واختل نظمها اذ لا مناسبة بين عيون رائية ربها ووجوه باسرة تظن ان يفعل بها فاقرو وأما ثالثا فلن الاية قيدت تلك النظرة في يوم القيمة لقوله يومئذ وهؤلاء الاشعرية قد اثبتوا الرؤية في الجنة واختلفوا في ثبوتها في الموقف فعلى تسليم _ _ ٤٣ ان معنى الاية ما قالوه فلا دليل في الاية على ثبوت الرؤية في الجنة واما رابعا ففي الاية ا لتصرح بأن الوجوه هي الناظرة وهؤلاء الاشعرية قالوا بانه يرى بالابصار فلا تعلق فم بها ايضا لا يقال انه اطلق لفظ الوجوه على الابصار من باب اطلاق الكل على جزءه أو الحلول على الحال فيه أو على مجاور لانا نقول ان ذلك مجاز لا يصح الا بقرينة ولا الوجوه بالنضارة مانع من اطلاقها على الابصار اذ لا توصفقرينة وايضا فوصف بذلك الابصار واما خامسا فلأن الصحابة والتابعين قد فسروا الاية بخلاف ما فسر: هؤلاء الاشعرية فقد روي عن ابن عباس وعلي بن اني طالب والحسن وسعيد بن المسيب ان معنى ناظرة تنتظر ثواب ربها ولا يرى الله احد قالوا اذا كان النظر بمعنى الانتظار فلا يعدي بالى قلنا لا نسلم ذلك فقد قال تعالى (فنظرة الى ميسرة) قالوا فاذا قرن بالوجه فلا يكون الا بمعنى الرؤية قلنا لا نسلم ذلك فقد ورد النظر في كلام العرب مقرونا بالوجه والى معا وهو بمعنى الانتظار من ذلك قول حسان : للى الرحمن يأتي بالفلاحبدر ناظرتوجوه يوم ومنها قوله تعالى للذين احسنوا الحسنى وزيادة قالوا فالحسنى هي الجنة والزيادة هي النظر الى وجهه الكريم } قال نور الدين هذا خلاف الظاهر بلا دليل فالظاهرأن درهم وزيادةالفولذا لا يفسر عنديالا من جنسهالزيادة على الشيء لا تكون بزيادة ثوب مثلا وايضا فالظاهر ان الزيادة اقل من المزيد عليه ورؤية الله تعالى بزعمهم اكبر من الجنة واعلا مقاما . قال نور الدين ولذا قال الشافعي أما والله لو لم ييقن محمد بن إدريس بأنه يرى ربه في الميعاد لما عبده في الدنيا نقل ذلك عنه الباجوري في حواشي الجوهرة وايضا فالصحابة والتابعون فسروا تلك الزيادة بغير مافسره هؤلاء المتجرون على الله تعالى فقد روي عن علي بن ابي طالب ان الزيادة غرفة من لؤلؤ لما اربعة ابواب وروي عن ابن عباس الحسنة بالحسنة والزيادة التسع ان الله يقول من جاء بالحسنة فله عشر امثالها وعن ابي ليلى الزيادة التسع انتظارهم لما يزيدهم الله من فضله ويتحفهم به ومنها قوله تعالى (الذين يظنون انهم ملاقوا رم( ونحوها من الايات قالوا فلقاء ربهم هو رؤيتهم له ،قال نور الدين لا نسلم ذلك لان اطلاق اللقاء على نفس الرؤية مجاز لا يصح الا بدليل ولا دليل ولانه لم يرد ذكر اللقاء الا في مقام التخويف والتهويل فهو بخلاف مقام الرؤية التي تزعمونها ولانه اشترك في مقام اللقاء الطائع والعاصي قال تعالى (يا أيها _ ٤٤ الانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه) وقال (فاعقبهم نفاقا في قلوبهم الى وم يلقونه) فيلزم اشتراك الطائع والعاصي له في الرؤية له تعالى وانتم تزعمون خصوصيتها للمؤمنين فيلزم تفسير اللقاء له بالبعث لان فيه لقاء وعده ووعيده ومنها اغهم رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نصه سترون ربكم كا ترون القمر ليلة البدر قال نور الدين رحمه الله الاستدلال به على ثبوت الرؤية باطل من وجوه احدها انه خبر احاد اختلف في وجوب العمل به فضلا عن افادته العلم والعقائد من العبادات العلمية وقد صرح هؤلاء القوم ان خبر الاحاد لا يثبت به الاعتقاد وثانيها ان هذا الحديث معارض لنص الكتاب (لا تدركه الابصار) الاية وثالثها ان فيه تشبيه الرب تعالى بالقمر ليلة البدر فيلزم المستدلين به ان ربهم كالبدر مستديرا منيرا في جهة مخصوصة ولا خفاء في بطلانه © قالوا في الحديث تشبيه الرؤية بالرؤية لا المري بالمرني حتى يلزم ما ذكرتم قلنا وفي تشبيه رؤيته تعالى برؤية البدر التشبيه المحض ايضا فأن رؤية البدر مستلزمة للجهة والمقابلة ونحوها من لوازم الرؤية التي فررتم منها في رؤيته تعالى عن ذلك فالحديث اما موضوع وهو الظاهر واما متؤول برؤية الثواب أو مستقر الرحمة أو نحو ذلك قال نور الدين فسقط بحمد الله جميع ما تعلقوا به وقل جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا . قال ولقد رإى محققوهم سقوط هذه التعلقات فصرح به منصفهم فممن صرح بسقوط ذلك التعلق عضد الملبة في المواقف والسيد السند في شرحه حيث قالا وانت لا يخفى عليك ان امثال هذه الظراهر لاتفيد الا ظنونا ضعيفة جدا وحينئذ لاتصلح هذه الظواهر للتعويل عليها في المسائل العلمية التي يطلب فيها اليقين قال هذا نص كلامهما وكفى بما فيه من التصري بالحق الصريح قال وان عرفت بطلان ما عولوا عليه فارجع الى ما سنورده عليك من البراهين القاطعة على نفي الرؤية واستحالتها قال اعلم انالو لم نتكر دليلا قط على نفي الرؤية واستحالتها لاكتفينا بمقام المنع لان الاصل عدمها وعلى مثبتها الدليل وقد عرفت سقوط ما تعلق به فبقي النفي على اصله ولكنلا بد ان نسمعك بعض ما نستدل به على نفيها واستحالتها بطريق العقل الثاني في بيان نفيها بطريق النقل الثالث في بيان حكم القائل بها ،المقصد الاول في بيان استحالتها عقلا قال نور الدين رحمه الله قال العضد والسيد اعلم ان للرؤية _ _ ٤٥ تسع شرائط الأول سلامة الحاسة والثاني كون الشيء جائز للرؤية مع حضوره للحاسة والثالث مقابلة للباصرة في جهة من الجهات أو كونه في حكم المقابلة كالمرني بامراة والرابع عدم غاية الصغر فان الصغير جدا لايدركه البصر قطعا والخامس عدم غاية اللطافة بأن يكون كثيفا اي ذا لون في الجملة وان كان ضعيفا والسادس عدم غاية البعد وهو مختلف بحسب القوة الباصرة وضعفها والسابع عدم غاية القرب فان المبصر اذا التصق بسطح البصر بطل ادراكه بالكلية والثامن عدم الحجاب الحائل وهو الجسم الملون المتوسط بينهما التاسع ان يكون مضيئا بذاته أو بغيو . قال نور الدين واذا عرفت هذه الشرائط ظهر لك والحمد لله استحالتها على الله تعالى لانها لا تعقل الا في جسم والله تعالى ليس ببسم ولا عرض & قال قالوا هذه الشرائط انما هي في رؤية الشاهد ولا تحمل عليها رؤية الغائب قلنا لم تعقل العرب من الرؤية الا ما ذكرنا ولم يخاطبهم الله الا بما يعقلون وايضا فقد قستم الغائب على الشاهد في الصفات الذاتية حيث قلتم انه تعالى عالم بعلم وقادر بقدرة الى اخرها فما بالكم تركتم اصلكم ها هنا فان قيل دعوى استحالتها عقلا لا تتم لاختلاف كثير من العقلاء في وقوعها وما اختلف في وقوعه العقلاء دل على جواز وقوعه قلنا لا نسلم ذلك فان العرب في الجاهلية أهمل عقول وقد ادعوا تعدد الالهة أيكون ادعائهم ذلك دليلا على جواز تعددها وقد اختلف مثبتوا الرؤية فمنهم من اثبتها في الاخرة فقط ومنهم من زعمها محمد عله خاصة ومنهم من زعمها له ولغيو من الأولياء . قال نور الدين قال الباجوري في حواشي الجوهرة والراجح عند اكثر العلماء انه صلى الله عليه وسلم رأى ربه سبحانه وتعالى بعيني رأسه وهما في محلهما خلافا لمن قال حولا لقلبه لحديث ابن عباس وغيو وقد نفت السيدة عائشة رضي الله عنها وقوعها له صلى الله عليه وسلم لكن يقدم عليها ابن عباس لانه مثبت والقاعدة ان المنبت :مقدم على النافي قال نور الدين رحمه الله هذه القاعدة انما هي معتبرة في الظنيات العمليات لا في العلميات الاعتقاديات وبعض لم يعتبرها في العمليات ايضا قال ورواية الرؤية عن ابن عباس كذب صرع لانه ممن يقول بانتفائها في الاخرة قال قال الباجوري وكان صلى الله عليه وسلم يراه تعالى في كل مرة من مرات المراجعة قال _ ٤٦ ومن كلام ابن وفا انما كان ترجيع موسى عليه الصلوات والسلام للنبي صلى الله عليه وسلم في شأن الصلوات ليتكرر مشاهدة انوار المرات وانشد يقول : ليجتلي النور فيه حيث يشهدهوالسر في قول موسى اذ يرجعه لله حسن رسول اذ يردهيبدو سناه على وجه الرسول فيا الى ان قال واختلف في وقوعها للأولياء على قولين للاشعري ارجحهما المنع فالحق انها لم تنبت في الدنيا الا له صلى الله عليه وسسلم ومن ادعاها غيو في الدنيا يقظة فهو ضال باطباق المشايخ حتى ذهب بعضهم الى تكفيو قال نور الدين انتهى بنص حروفه قال ولهم فوق ما ذكره اباطيل احببنا صون مؤلفنا عن ذكرها قال وان الاشاعرة لما رأوا الزإمنا لهم شرائط الرؤية المستحيلة في حقه تعالى من المقابلة وتحوها فمنهم من التزمها كالكرامية والمجسمة ومنهم من التجىء الى مضيق اخر فقال ان الله تعالى يخلق لرؤيته حاسة سادسة في المؤمنين يرونه بها قال وهذا القول مروي عن ابي حنيفة وذهب آخرون الى ان الرؤية بجميع اجزاء البدن ونقل هذا عن ابي يزيد البسطامي وذهب اخرون الى انها بجميع الوجه بظاهر وجوه يومئذ ناضة الى ربها ناظرة . قال نور الدين ويالله العجب من هذه النقولات الناشئة عن غير شبهة الاهل من دليل على أن الله يخلق للانسان حاسة سادسة في الاخرة .وهل من دليل على أن أجزاء البدن صالحة لادراك الرؤية أو الوجه كله صالح لذلك .أيضا قالوا الاخرة محل خرق العادات والقدرة واسعة قلنا سلمنا ذلك فهلم دليلا على أن هذا المذكور أحد تلك الخوارق مع أنا لا نسلم أن إدراك جميع أجزاء البدن مايدركه البصر من العادة التي يجؤز للعقل خرقها .فان ادراك البدن للمرفي من المستحيل عقلا اللهم الا أن يقال أن البدن يحول كله بصرا فيكون حينعذ الادراك بالبصر لا بالبدن لأن البدن قد تحول الى خلق اخر .وكذلك القول في الوجه فما هؤلاء القوم لايكادون يفقهون حديثا المقصد الثاني في الأدلة النقلية . قال نور الدين رحمه الله ويقتصر منها على آيتين احداهما قوله تعالى ( :لا تدركه الأبصار ) قال أعلم أن هذه الاية ضريحة في نفي الرؤية عنه تعالى ٤٧ من وجهين أحدهما أنه نفى ادراك الابصار له تعالى مطلقا فهى نفي لادراك كل بصر له تعالى .وثانيهما أنه تعالى ذكر هذه الاية ممتدحا بها كا تمدح بنفي الولد وبنفي السنة والنوم .قال واعترض على الأول بأن الادراك هو الرؤية المقيدة بالاحاطة بالمرني من جميع جوانبه وجهاته وهو أخص من الرؤية المطلقة ونفي الأخص لايقتضي نفي الأعم قلنا لا نسلم أن الادراك هو الرؤية المقيدة بالالحاطة لانه حقيقة في الوصول الى الشيء وتقييده بالاحاطة مجاز لا يصح الا لقرنية ولا قرنية بل القرائن دالة على نفي مطلق الادراك واعترض عليه أيضا أن الاية لسلب العموم لا لعموم السلب أي أن النفي غير عام لجميع الأبصار فيحتمل أن يراه بعضهما فيكون المعنى .هكذا لا تدركه كل الأبصار بل بعضها وهى أبصار المؤمنين .قلنا لا نسلم أنها لسلب العموم لأنها وردت مدحا له تعالى .وادراك بعض الأبصار له تعالى مزيل لهذا المدح ولا يصح أن يزول عنه صفاته التي تمدح بها تعالى اذ لو جاز ذلك لجاز أن يكون في الاخرة متصفا بالسنة والنوم والصاحبة والولد والشريك والشبيه ؛ لان هذا كله مما تمدح تعالى بنفيه عنه ولو جاز عليه ذلك لكان حينئذ ذليلا عاجزا مقهورا مغلوبا جاهلا بخيلا فيستحق على ذلك الشتم تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا . حاصل الجواب أن قاعدة سلب العموم انما هي ثابتة فيما اذا لم يدل دليل على أن المراد خلافها .أما اذا دل دليل على ذلك عدل عنها الى ما يقتضيه الدليل ودليل العدول هنا قصد القدح بننفى الرؤية فان حمل على تلك القاعدة فات المقصود لا يقال به من حلقه أشياء كالأعراض .لأنه قد اتصفأن انفي الرؤية ليس من مدائحه تعال وا لأرواح ونحوها وما اتصف به غيو لا يكون مدحا له لأنا نقول وكذلك أيضا بعض الخلوقات لا يتصف بالنوم ولا بالسنة كالحائط والشجر ونحو ذلك فلا يكون نفيهما عنه مدحا له على زعمكم .الثانية الاية التي أجاب الله بها موسى عليه السلام وهي ( لن تراني ) . قال نور الدين والاستدلال بها على نفي الرؤية من وجهين أحدهما أنه تعالى نفاها بلن وهي لنفي الاستقبال المؤبد فيكون نفيها دائما في الدنيا والاخرة . وثانيهما أنه تعالى نفاها عن موسى كليمه ومتى ما نفاها عن كليمه فغيو أحق ٤٨ بنفيها عنه واعترض على الأيل بأن لن لا تقتضي التأبيد ولو اقتضته ما أكدت به في قوله تعالى ( :ولن يتمنوه ابدا ) قلنا هذا تاكيد الشيء بمرادفه .وقد ورد في لغة العرب منه كثير فمن ذلك قوله : أنت بالخير حقيق قمن وقول الحر : جير إن كانت أبيحت دعاتوأجلمشربأولوقلن على الفردوس معتقد الرؤية أعلم أن معتقدي الرؤية صنفان :المقصد الثالث فيحكم أحدهما قالوا أن الله تعالى يرى في الدنيا والاخرة وهؤلاء صنفان فمنهم من قال أنه يراه في الدنيا والاخرة كل ولي شاء الله أن يراه وهؤلاء مشركون لمصادمة الكتاب .وصنف منهم خصوا الرؤية في الدنيا لمحمد صلى ا له عليه وسلم وهؤلاء منافقون لتأوشم الكتاب بحديث وضع لهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة الاسراء فخصصوا بهذا الحديث قوله تعالى ( :لا تدركه الأبصار ) وهذا التخصيص باطل عن راويه قال وفي كتابلأن هذا الخبر خبر آحاد لا ينبت به الاعتقاد ان لو صح الجهالات مامعناه أن من قال أن محمدا رأى ربه فهو مشرك .وعليه فكأنه لم ير تاويلهم هذا شيئا يخرجون به عن مصادمة النص . الصنف الثاني من معتقاي الرؤية قالوا أن الله لا يرى في الدنيا أصلا لا لولي ولا لنبي .وإنما يرى في الاخرة خاصة وهؤلاء أيضا صنفان أحدهما قالوا أنه يرى في الاخرة في جهة وحيز وله جسم ووجه ويد كأجسامنا وأوجهنا وأيدينا وهؤلاء مشركون لمساواعهم ربهم بخلقه فهم يعبدون صنا يزعمونه ربا .وثانيهما :تستروا عن هذا التشبيه فقالوا نراه في الاخرة بلا كيفية أي بلا هيئة ولا حالة نكيفها وهذا قرار من صريح التشبيه مع الوقو ع فيه معنى .ولذا قال الزتخشري فيهم : وجماعة حمر لعمري موكفةلجماعة سموا هواهم سنة شنع الورى فتستروا بالبلكفةقد شبهوه بخلقه فتخوفوا وزيادة بلا كيف لم يقم عليها دليل من كتاب ولا سنة .ولذا قال المحقق الخليلي : قال النبي بذا فمن ذا أردفهفالاي ما قالت بلا كيف ولا ٤٩ افك يزاد لقائل ما اسخفهأترى مقالهم بلاكيف سوى وحكم هؤلاء عندنا أنهم منافقون لتأولهم الكتاب وتعلقهم به وذلك أنهم تأولوا ( :وجههدار الدنيا لقوله تعال ) :لا تدركه الابصار ( بنفي الادراك فقوله تعال يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة ) وقد تقدم بسط الكلام في معنى الاية والله أعلم . باب في تفسير ألفاظ تعلقت بها المشبهة من الكتاب والسنة منها الجنب كما في قوله تعالى ( :أن تقول نفس ياحسرتي على مافرطت في جنب الله ) ومعناه في أمر الله إذ لا يصح تأويلها بغير ذلك لأن الندم انما يقع على ترك الأوامر وارتكاب المناهي فسقط قول من تأولها أن الله جسم وقول من زعم أن لله صفة تسمى الجنب لا نعرف ماهي لأنهم إما أن يحملوها على الجنب الذي تعرفه العرب حقيقة فيلزم التجسيم أو مجازا فيلزم ماقلنا أو على جنب لا تعقله العرب فيلزم الخطاب بما لا يعقل ومنها الأصابع لما في الرواية عنه صلى الله عليه وسلم ان قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن .ومعناه أن قلب المؤمن تحت قدرة الرحمن يقلبه كيف شاء .واطلاق الأصابع على القدرة مجازمرسل علاقته السببية ومنها الوجه المذكور في قوله تعالى ( :ويبقى وجه ربك ) كل شيء هالك إلا وجهه وهو بمعنى الذات أي إلا ذاته تعالى والعرب تطلق الوجه على الذات كا في وجوه يوم بدر البيت وتطلقه على غير الذات وفي اطلاقه على غير الذات مجاز ارسالي علاقته اطلاق اسم الجزؤ على الكل وإرادة حقيقية في حقه تعالى محال ومنها العين كا في قوله تعالى : ( تجري بأعيننا ولتصنع على عيني ) وهي بمعنى الحفظ على سبيل الجاز الارسالي علاقته اطلاق اسم السبب الذي هو الباصرة على المسبب الذي هو الحفظ لأن الحفظ لا يحصل غالبا إلا بها ومنها اليد الواردة في قوله تعالى ( :يد الله فوق أيديهم ) القدرة لا معنى الجارحةوفي قوله(لماخلقت بيدي مماعملت أيدينا أنعاما ) وهى بمعنى وبمعنى النعمة في مواضع كما في قوله تعالى ( :بل يداه مبسوطتان ) ومنها القبضة كا في قوله تعالى ( :والأرض جميعا قبضته يوم القيامة ) ومنها الاستواء كا في قوله تعالى : _٥٠_۔‎ ( الرحمن على العرش استوى ) والمراد بهما الملك أي والأيض ملكه يوم القيمة .وقال الشاعر : مهراقودمسيفغيرمنالعراقةعلىبشراستوىقد ومنها الجد كا في قوله تعالى حكاية عن موسى والجن وأنه تعالى جد ربنا فالجد في الاية بمعنى الذات أو بمعنى العظمة التي هي الكبرياء .ومنها المكر أي من قوله تعالى ( :ومكروا مكرا ومكرنا مكرا فلا يامن مكر الله إلا القوم الخاسرون ) فالمكر المسند إليه تعالى بمعنى العقوبة لأن معناه الحقيقى الاحتيال والخديعة ولا يجوزان على الله تعالى .وقد استدل المشبهة على أن الله عينا ووجها ويدا الى آخرها حقيقة بأن الصحابة لما سمعوا هذه الألفاظ وأمثالها في كتاب الله عز وجل لم يسألوا عنها وأن النبي لم يخبرهم بشيء من ذلك فلو أريد غير معناها الظاهر لبين لهم الرسول صلى ا له عليه وسلم ذلك لانه جاء بتبيين الاحكام لا بالتشكيل على الانام . قال نور الدين ليس في السكوت عن مثل هذا تشكيل لأن العيب كانوا ما وضعت له نصبوا لمرادهم منها قرينة .وكان ذلك عندهم في غاية الظهور وأتم الوضوح فلا يساءلون عنه لان البحث عنه مع ظهوره عبث وكذلك اخبار الخبر بالوضوح انما يعد من العبث فلا اشكال والله أعلم . باب الصفات الجائزة في حقه تعال اعلم أن من الجائز في حقه تعالى بعث الرسل وليس من الواجب عليه خلافا للمعتزلة والفلاسفة ولا من المستحيل عليه خلافا للبرهمة والسمتية ونحوهم . أما المعتزلة فأوجبوا بعثة الرسل على الله تعالى لأن صلاحية أمر المعاش والمعاد .إلا سهمنظامفلا يكمتوقفة على وجودهم رعايةبوجوبالفاسدمذ هبهممبني علىوهواللهرحمه‏ ١لديننورقال الاصلحية على انته تعالى ووجوب مراعاة الاصلحية مبني على قولهم بتحكم العقل ورد .ابطالهتقدمإليه وقدالشرع ٥١ وأما الفلاسفة فقد أوجبوا ذلك على الله تعالى بطريق العلة أو الطبيعة قال وبطلان مذهبهم ظاهر لأن الله هو الصانع الختار لا العلة ولا الطبيعة . وأما القائلون باستحالة البعثة فمنهم من ذهب أنها مستحيلة لذاتها لاحتال أن يكون ذلك الخبر الذي جاء الى هذا البشر انما هو من إلقاء الجن اليه وأجيب بانه يخلق الله في البشر الموحى اليه علما يدرك به أن ذلك الخبر من عند الله لا من عند الجن والشياطين ومنهم من زعم أنها مستحيلة لاستحالة التكليف مع امكانها في نفسها ومنهم من زعم أنها مستحيلة لاستحالة خرق العادة عقلا وأجيب بان خرق العادة ليس هو بأشد من ابداع خلق السموات واللأض . ومنهم من قال بجوازها وأنكر وقوعها وأجيبوا بوجود المعجزات الدالة على وقوع المعجزة حيث لا معارض ومن الجائز عليه تعالى الايحاء الى نبي لم يامره بالتبليغ فيختص باسم النبي دون الرسول والحكمة في ارسال الرسل نصبهم لنا الأدلة الكائنة سببا لهدايتنا الى سلوك طريق رضوان ربنا مقرونة دعواهم بأنهم أنبياء وأنهم رسل من الله الى خلقه وانهم مبلغون عن الله ماأمرهم بتبليغه معجزات خارقة للعادة مبطلة عبدي في كللمعارضة المعاند لهم شاهدة على تصديق مدعاهم نازلة منزلة صدق مابلغه عني وقرن دعواهم بتلك المعجزات انما هو عن محض تفضل منه تعالى لا عن وجوب ولا عن ايهاب . قال نور الدين رحمه الله قال الباجوري واعلم أن المعجزة لغة مأخوذة من العجز وهو ضد القدرة وعرفا أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي الذي هو دعوى الرسالة أو النبوة مع عدم المعارضة .قال وقال السعد هي أمر يظهر بخلاف العادة على يد مدعي النبوة عند تحدي المنكرين على وجه يعجز المنكرين عن الاتيان بمثله .وقد اعتبر اححققون فيها سبعة قيود : الأل :أن تكون قولا أو فعلا أو تركا فالأول كالقرآن والثاني كنبع الماء من بين أصبعه صلى الله عليه وسلم والثالث كعدم احراق النار لسيدنا ابراهيم عليه السلام . الثاني :أن تكون خارقة للعادة وهى مااعتاده الناس واستمروا عليه مرة بعد أخرى . - ٥٢ . الثالث :أن تكون على يد مدعي النبوة أو الرسالة وخرج بذلك الكرامة وهى مايظهر على يد عبد ظاهر الصلاح والمعونة وهمى مايظهر على يد العوام تخليصا لهم من شدة والاستدراج وهو ما يظهر على يد فاسق خديعة ومكرا والاهانة وهى مايظهر على يده تكذيبا له كا وقع لمسيلمة فانه تفل في عين أعور لتبراء فعميت الصحيحة . الرابع :أن تكون مقرونة بدعوى النبوة أو الرسالة حقيقة أو حكما بأن تأخرت بزمن يسير وخرج بذلك الارهاص وهو ما كان قبل النبوة أو الرسالة تأسيسا لها كأظلال الغمام له صلى الله عليه وسلم قبل البعثة . الخامس :أن تكون موافقة للدعوى وخرج بذلك الخالف لها كا اذاقال اية في انفلاق البحر فانفلق الجبل .صدق السادس :أن لاتكون مكذبة له وخرج بذلك ما اذا كانت مكذبة له كا اذا قال آية صدق نطق هذا الجماد فنطق أنه مفتر كذاب بخلاف ما لو قال آية صدقى نطق هذا الانسان الميت واحياؤه فأحيى ونطق أنه مفتر كذاب والفرق أن الجماد لا اختيار له فاعتبر تكذيبه لأنه أمر الهي والانسان مختار فلا يعتبر تكذيبه لأنه ريما اختار الكفر على الايمان . السابع :أن تتعذر معارضته وخرج بذلك السحر قال نور الدين وزاد ثامنا :وهو أن تكون في زمن نقض العادة كزمن طلوع الشمس من مغربها وخرج بذلك ما يقع من الدجال كأمرو للسماء أن تمطر فتمطر وللرض أن تنبت فتنبت والله أعلم . باب فيما يجب للرسل وما يستحيل عليهم ومايجوز في حقهم أعلم أن للرسل والأنبياء ,صفات جائزة وصفات واجبة وصفات مستحيلة فالواجب ٥٢٣ قال نور الدين .قال الباجوري ولو بحسب اعتقادهم كا في قوله عله كل ذلك لم يكن لما قال له ذو اليدين اقصرت الصلوة أم نسيت يارسول الله حين سلم من ركعتين .قال نور الدين أن الخبر لايوصف بالصدق بنفس مطابقة الاعتقاد دون الواقع كا هو مذهبنا ومذهب الأشاعرة فينبغي أن يقال في مثل هذا الحديث أنه علة إنما أخبر عن الواقع في ظنه فإنه طن حال اخباره ان كل ذلك لم يقع فإذا هو واقع بعضه .قال الباجوري فان قيل قد مر علك على جماعة يوبرون النخل وقال لو تركتموها لصلحت فتركوها فشاصت أجيب بأن هذا من قبيل الانشاء لأن المعنى كان ني رجاني ذلك والانشاء لايتصف بصدق ولا كذب وعدم وقوع المترجي لا يعد نقصا .ومن الواجب في حقهم اتصافهم بالتبليغ وهو ايصال ماأمروا بايصاله الى الخلق ولو أدى ذلك الى هلاكهم خلافا للشيعة القائلين بجواز ترك التبليغ واظهار الكفر من الأنبياء للتقية اذا خافوا الهلاك . قال نور الدين لو جاز في حقهم ذلكك لل ابطال الدعوة أصلا لكثة الخالفين في مبدا أمرهم والقاصدين لهم بالسوء حتى أن منهم من ألقي في النار ومنهم من نشر بالمنشار .قال وإنما قيدنا بالتبليغ بالمأمورين بتبليغه ليخرج ماأمروا بكتانه فانه يجب في حقهم كتانه وما خيروا في تبليغه وعدمه فانه يجوز في حقهم ماشاعءوا من الطرفين . ومن الواجب في حقهم الأمانة وهى حفظ ظواهرهم وبواطنهم من التلبس بمنهي عنه ولو نبي كراهة أو خلاف الأرلى فهم محفوظون من الزنا وشرب الخمر والحسد والكبر فأفعالهم عليهم الصلؤة والسلام دائرة بين الواجب والمندوب ودليل وجوب الأمانة لهم انهم لو جاءوا بفعل محرم أو مكروه لكنا مأمورين به لأن الله أمرنا باتباعهم من غير تفضيل وهو لا يأمر بمحرم ولا مكروه ولا خلاف الأرلى فلا تكون أفعالحم محرمة ولا مكروهة ولا خلاف الألى . ومن الواجب في حقهم أن يكونوا عاقلين للأشياء المعقولة .فلا يكون النبي مجنونا ولا معتوها ولا من سائر الحيوانات الغير العاقلة والدليل على أن النبي لا يكون جنونا انكاره تعالى على من وصف نبيه بالجنة أم به جنة وقالوا شاعر أو مجنون .وأما دليل وجوب عدم كونه من الحيوانات الغير العاقلة قوله تعالى :و وما أرسلنا قبلك __ ٥٤ إلا رجالا نوحي إليهم . . .الاية ه فهذه الاية صريحة في نفي إرسال غير الرجال قبل نبينا عليه الصلوة والسلام ونبينا رجل أيضا فدل على أنه لم يكن رسول من غير جنس عقلا بل جائزغير العقلاء ليس مما يستحيلمنالا نبياوجود .وا علم أنالعقلاء لكنه لم يقع ولو وقع لنقل أما قوله تعالى :ف وأوحى ربك الى النحل ه فليس هو من بيوتا ومما مجبالامحاء با لبناء وإنما هو بمعنى ‏ ١لالحام أي ألمها ربك أن تتخذ من ‏ ١لجبال في حقهم أن يكونوا حافظين لما ألقي إليهم من الوحي على سبيل الحزم منهم عن نسيان شيء منه لان الاهمال مود ال التهاون بامر الامر بالتبليغ والتهاون بامر خالقهم كبيرة وهم معصومون عنها .ومن الواجب في حقهم التفطن والتيقظ لالزام الخصوم وابطال دعاويهم الباطلة والدليل على وجوب الفطانة لهم عليهم الصلاة والسلام آيات كقوله تعالى « :وتلك حجتنا اتيناها ابراهيم على قومه مه وكقوله تعالى حكاية عن اتيت بانواعه وكقوله تعالى :ظ وجادلهم بالتي هى احسن 4وما ثبت لبعضهم من الكمال يثبت لغيو فتثبت الفطانة لجمعهم وان لم يكونوا رسلا بل أنبياء فقط فالائق وقو عا خصم على تقديربهيردونماالفطانةعندهم منيكونأن‏ ١لنبوةبمنصب جدال منهم والممتنع في حقهم ضد تلك المكارم وذلك كالكذب والجنون والعته والسفه وارتكاب المعاصي . قال نور الدين رحمه الله أعلم أن الامة اتفقت على عصمة الانبياء من ارتكاب الشرك غمدا إلا ماتقدم عن الشيعة وأجمعوا أيضا على استحالة الكذب عليهم فيما بعثوا به عمدا أو سهوا وقد تقدم واختلفوا في جواز الكذب عليهم سهوا في غير مابعثوا بتبليغه .وكذلك اختلفوا أيضا في جواز -ارتكاب الصغيرة الغير الخسيسة .وأما اللخسيسة كسرقة لقمة ونحوها فمستحيلة عليهم اتفاقا وكذلك كبائر غيرة الشرك . قال نور الدين رحمه الله وذهبت الحشوية الي جوازها عليهم ومنع الجبائي في حقهم الصغيرة والكبيرة الخسيسة وغيرها على سبيل العمد هذا كله بعد النبوة .وأما قبلها فذهب الجمهور من الاشاعرة والمعتزلة الى جواز الكبائر عليهم ومنعها بعض عاهرة‏ ١لالمعتزلة لانها ما ينفر عن ا لاتباع بعد النبوة ومنع بعضهم كل ماينفر ككون _ ٥٥ ونحو ذلك ومنعت الرافضة الصغية والكبيرة قبل النبوة } وبعدها قال نور الدين والمذ هب انهم معصومون بعد النبوة من الكبائر مطلقا ومن خسيس الصغائر ايضا لما مايستحيل عليهم .واما قبلله وعلى استحالةماخجبمن الادلة على وجوبتقدم ‏ ١معتزلة منبعضعنهم وا لعقل يجوزه عليهم وماا دعاه‏ ١لنبوة فلا د ليل سمعي يرفع ذلك أنه منفر عن اتباعهم بعد النبوة فغير مسلم لأن الاصلاح الاخير ممح للافساد الاول . قال واعلم أن تجويزنا عليهم الكبائر قبل النبوة لايستلزم وقوعها منهم لان الجواز أخص المانع ولو صح د ليل على منعهمع عدمالحالبه لاستصحاب‏ ١لوقو ع وقد قلنامن لمنعناه لأن المنع هو اللائق بمنصبهم الكريم . قال نور الدين رحمه لله ولنا على عصمتهم بعد النبوة ادلة منها انا قد امرنا باتباعهم كقوله تعالى إوماأتآم الرسول فخذوه وما نهآكم عنه فانتهوامه وقوله لإقل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم اللهمه فلو جازت عليهم الكبائر والخسائس زكنا مأمورين بارتكابهما حال اتباعنا لهم فيها وهو باطل ومنها انهم لو جاز عليهم ذلك لكانوا غير مقبولي الشهادة في شيء من امور الدنيا لقوله تعالى تان جاءكم فاسق بنبأ فتبينواهه فكيف يقبل منهم ما جاءوا به عن الله تعالى ومنها قوله تعالى حكاية عن ابليس ظ إلا عبادك منهم المخلصين“44ه وقوله تان عبادي ليس لك عليهم .سلطان ولا شك ان الاخلاص لم يفارقهم منذ اصطفاهم الله لوحيه وانهم عباده المصطفونإم» واذا كانوا كذلك فليس للشيطان عليهم سبيل فثبتت لهم العصمة لا يقال ان هذا الدليل ناف لارتكابهم الصغائر الخفيفة ايضا انا نقول ان صدور مثل ذلك منهم ليس هو من تسليط الشيطان عليهم وانما منشأ ذلك غفلة أو سهو أو تأويل من فاعله كا في قصة ادم عليه السلام فان قيل ان ما وقع لادم هو من كيد الشيطان لانه هو الموسوس المزين لهم ذلك اجبنا بانه ليس ذلك من تسليط الشيطان وانما وقع بتأول ادم عليه السلام النهي عن شجرة مخصوصة لا عن جنس تلك الشجرة فأكل من شجرة غير المشار اليها لكنها من جنسها كذا قيل . قال نور الدين وفي ظاهر قوله تعالى حكاية غن ابليس فوما نهاكا ربكما عن تلكما الشجرة ما يرده ولكن الجواب عنه ان ادم عليه السلام نسي النهي فأكل بعد _ ٥٦ النسيان لقوله تعالى ولقد عهدنا الى ادم من قبل فنسىئه وقيل اكل ادم من الشجرة قبل ان ينباً وعليه فلا اشكال لانا لا ندعي العصمةللاولياء بل للأنبياء ولا ندعيها لهم ايضا قبل النبوة ما عدا الواجب والمستحيل فهو جائز في حقهم اي فعله وتركه وذلك كالاكل والشرب والنوم والجماع ومخالطة الناس والمشي في الاسواق الا الاشياء التي يستقبح فعلها للانبياء كالبول قياما فان القوم رووا ذلك عن رسول الله عَلقكه ث قال نور الدين وهو باطل لقوله تعالى ئؤوانك لعلى خلق عظيميمهه فمن بال قائما ليس على خلق حسن فضلا من ان يكون على خلق عظيم والله اعلم . باب في تفضيل الانبياء بعضهم على بعض علىمقصوربعضبعضهم علىا لله تفضيل الا نبياء‏ ١لدين رحمهنورقال ِ السماع اي ليس لالحد ان يدخل هذا الباب باجتهاد منه لانا لسنا اهلا للحكم في الكل نبينا عككه ففضل بعضهم بعده آدم وبعضهم نوح وبعضهم موسى وبعضهم عيسى وبعضهم ابراهيم قال & قال القطب وهو الصحيح فموسى فنوحا فعيسى وبعضهم فضل عيسى على نوح فقال هكذا افضل الانبياء نبينا فابراهيم فموسى فعيسى فنوح عليهم جميعا الصلوة والسلام والدليل على افضليته علك على سائر الانبياء قوله تعالى اولئك الذين هداهم اللئه فبهداهم افتده فانه ذكر اولا اخلاق الانبياء جميعيتصف‏ ١ننبيه‏ ١مرشبهيفهم اخحتصا صهمنهم بخلقوا حلكلووصف الحلاق ولا شك ان المتصف بجميعها افضل من المتصف ببعضها وقوله عَلْقك انا اكرم الأولين والاخرين ولا فخر اي ولا فخر فوق ذلك او ولا فخر اعظم من ذلك او ولا اقول ذلك فخرا وقوله عفن انا سيد ولد ادم ولا فخر . قال نور الدين ولا ينافي هذا ما روي عنه علن انه قال «لا تفضلوني على يونس بن متى » وقوله «لا تخيروني على موسى» لالحتال ان يكون قال ذلك تواضعا او قاله قبل ان يعلم انه افضل منهم واولو العزم افضل من غيرهم وهم المذكورون في قول _ ٥٧ الشاعر : محمدوالنبيوعيسىوموسىوالخليل كلاهمااولو العزم نوح قال نور الدين رحمه الله واذا تأملت ادلة تفضيل الانبياء بعضهم على بعض رأيتها ظنية والاعتقاد علم لا يبنى على الظن فلا يجب اعتقاد هذه المفاضلة كذلك قال ولذلك لم يعتن اصحابنا المشارقبةذكر هذه المفاضلة في كتبهم لانها موقوفة على لقلنا خبر آ حادذلكخبر ولو قدرنا فيها وجودول يرد فيها تصرحمن | .الشارع‏ ١لمع نبينا على <جميع ‏١الخلقا فضليةاعتقادولو توا تر لاشتهر نعم حجببه الاعتقادلا ييثثببتت الامةايضا وقد تلاجماع الامة المحمدية غلى ذلك وللاخبار المروية عنه في ذلك بالقبول؛لك فضل الله يؤتيه من يشاء ولله ذو الفضل العظيم وعدد الانبياء مائة الف واربعة وعشرون الفا والرسل منهم ثلثمائة وثلاثة عشر على المشهور وقيل ثلثمائة واربعة عشر وقيل خمسة عشر أولهم ادم عليه ا لا وهو رسول الى بنيه وآخرهم محمد عل سبعة منهم بعثوا الى الكافة وهم آ دم ونوح وابراهيم وموسى وداود وعيسى ومحمد وزينه . قال البدر الشماخي والقياس ان يوشع ممن .ارسل الى الكافة ايضا لأنه خليفة موسى وامر باحكام التوراة وان منهم سليمان عليه السلام لانه خليفة داود وخمسة منهم واربعة منهم عربيون هودبعثوا بالسيف موسى ويوشع وداود وسليمان وحمد عل ومنعليهم ‏ ١لسلامو اد ريسوشيثآ دمسريا نيونلد وثلا; نةوصالح ومحمدوشعيب له منهم اسمان اربعة يعقوب سمي به لتعقبه بعد اخيه العيص في بطن امه واسرائيل والرابع حمدالنونوهو ذووالنالث يونسعيسى وهو المسيحوالثانياللهصفيومعناه وهو احمد علل والاجداد منهم ثلاثة آدم لأنه ابو البشر ونوح لانه لم يبق بعد الطوفان ابووهووغرمقريشمنالعدنانيينابا ولانه ابوالله سماهوابراهيم لانلهالانسل رسول اللهعلك وامة الرسول في حكم اولاده . قال نور الدين وما ورد في بعض كتب اصحابنا المغاربة من ان اربعة منهم الارض وهما الخضرالسماء وهما ادريس وعيسى واثنان فمنهم فاحياء اللى الان اثنان والياس فهو من الممكن وقوعه لكن لا يتوصل الى ذلك الا بتوقيف من الشارع ولم يصل الينا خبر في ذلك قال فلعل القائل بذلك اطلع على ما لم نطلع عليه فنحسن به _ ٥٨ الظن ويسعنا جهل ما ذكر والانبياء كلهم احرار خلافا لمن قال بنبوة عبد كلقمان فانه نوني لانا نقول ان ثبت انه نوني فلم يثبت انه مملوك هذا مع الخلاف في ثبوت نبوته وكلهم من اهل القرى خلافا لمن قال بنبوة من ل يكن منهم مستدلا بقوله تعالى للؤوجاء بكم من البدويه وجوابه ان البدو في بعض التفاسير مكان وجواب اخر انهم لم يكونوا في الاصل من البدو وانما حدثوا اليهم فجاوروهم وكلهم ذكور عند بعض مستدلا بقوله تعالى فوما ارسلنا من قبلك الا رجالا نوحي اليهمممه . قال نور الدين وليس هذا دليل على حصر النبوة في الرجال وانما هو دليل على قصر الرسالة عليهم ولذا قال ابن حجر من النساء من تنبأ وهن ست حواء وسارة وهاجر ومريم واسية وام موسى وعن غير وقد وقع الاختلاف في نبوة اربع مريم واسية وسارة وهاجر والله اعلم . باب في نسخ شائع الانبياء بشريعتنا قال نور الدين رحمه الله اعلم ان شريعة نبينا عليه الصلوة والسلام ناسخة لجميع الشرائع الاول الا ما لا يصح نسخه كالتوحيد ومكارم الاخلاق فانه بعث ليتممها لا ليبدلها اما التوحيد فلا يصح نسخه لان صفات الله تعالى لا يصح تبديلها فلا يجوز ان يؤمر هذا النبي ان يعتقد ان الله لا يرى ويؤمر هذا ان يعتقد انه يرى قال نبينا عنك لم يكن متعبدا بشريعة احد ممن قبله وقالفاذا عرفت هذا فاعلم ان بعضهم انه متعبد بشريعة ابراهيم لقوله تعالى ئؤواوحينا اليك ان اتبع ملة ابراهم مه قلنا امر باتباعه في الحنيفية المنافية للشك وادعاء الولد له تعالى ونحو ذلك وهذه الحالة مشترك فيها جميع الانبياء وخص ابراهيم باضافتها اليه لمزية هي اتفاق اهل الكتابين والمشركين على نبوته وشهرته عندهم وقيل انه متعبد بشريعة نوح وقيل بشريعة موسى وقيل بشريعة أولوا العزم والصحيح الأول واذا ورد في شيء من الشرائع الاول حكم في شيء لم يكن فيه من شرعنا شيء نسخ ولا تقرير هل يصح الاخذ به ام لا ذهب بعضهم الى المنع من ذلك لان جميع الشرائع نسخت بشرعنا والمنسوخ لا يعمل به شيء عملنا به والا رددناه الى اصل الاشياء .فان ورد فيه من شرعنا _ ٥٩ قال نور الدين اصل ذلك الشيء هو حكمه الذي انزله الله فيه قلا ينتقل عنه الا بحكم اخر ولا يلزم من هنا كون نبينا عليه الصلوة والسلام متعبدا بشريعة من قبله لاحتال ان يكون فيه حكم اخر وتقرير له لم يصل الينا نقله لا يقال ان التقرير للشرع شر عبعضهم انبل غيره وقاللا نسلم ‏ ١نه عجينهنقول‏ ١لتعبد به .لاناعينهو‏ ١لاول من قبلنا شرع لنا ما لم ينسخ ،قال نور الدين وهو عين ما نحن عليه لكن هؤلاء بنو مذاهبهم على ان محملا عفك متعبد بشريعة من قبله وقد عرفت ما فيه والله اعلم . باب في ذكر الملائكة الملائكة اجسام لطيفة من نور وقيل من غيو لكنها تضيء كالنور وليست لحما ولا دما ولا عظما قادرة على التشكل باشكال مختلفة وهكذا تراهم الرسل وقالت طائفة من النصارى ان الملائكة هي ارواح الفضلاء الطيبين من بني ادم الذين ماتوا © قال نورالدين قال القطب ومن اعتقد هذا حكمنا باشراكه لقيام الادلة القاطعة ان الملائكة ليسوا كذلك من الاحاديث الدالة على ان بعضهم خلق من النور وبعضا من الذكر ومن اعتقد غير ذلك فهو مخالف للاجماع قال والواجب ان تعلم ان كل جملة غير الاخرى الملائكة جملة والجن جملة وبنو ادم جملة فاذا قلنا الملائكة ارواح الموق الفضلاء لزم ان يكونوا من بني ادم وايضا قامت الادلة ان الملائكة تبعث على حدة فيلزم ان يكون بنو ادم مبعوثين بلا روح او غير مبعوثين او مبعوثين بارواح غير ما كانت فيهم في الحياة الدنيا وذلك كله شرك لانه انكار للبعث الموصوف شرعا بأنه ارواح وحياة وانه لا يترك منهم شيء غير مبعوث مما كان فيهم في الدنيا فكيف يبعثون بدون الرويخالتي كانت فيهم وانما ينادي الملك ايتها الارواح ارجعي الى اجسادك وزعم الحكماء انها جواهر مجردة مخالفة للنفوس الناطقة في الحقيقة فهي ارواح لم تكن في اجساد قال القطب والملائكة قسمان :قسم للعبادة وهم العليون والمقربون والكروبيون قال الله جل وعلا يسبحون الليل والنهار لا يفترون وقسم لخدمة ما امر اللهبه من وحي وسحاب ورجم وغير ذلك فمنهم المدبرات امرا اوكلهم المدبرات امرا اي القسم الثاني _ ٦٠ بعضهم سماوي وبعضهم ارضي قال اللهتعالى تلا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون» ولا يجوز وصفهم بانهم اناث ومن وصفهم بذلك فهو مشرك لقوله تعالى وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن اناثامه ولا يجوز ايضا وصفهم بانهم رجال © قال نور الدين قال الباجوري ومن وصفهم بذلك نافق . قال نور الدين وجوز ذلك بعض اصحابنا وتأولوا عليه قوله تعالى وعلى الاعراف رجاله على القول بانهم ملائكة قال ولا دليل على نفاق من قال بذلك اللهم الا ان يريد القائل بانهم رجال وصفهم بالصفات اللازمة للرجال من وجود الذكورية ولوازمها وجوز ذلك من اصحابنا لم يرد الا اطلاق اسم الرجال عليهم لا مدلول الاسم فافهم واختلف في مبدأ خلقهم فقيل خلقوا دفعة واحدة ويموتون كذلك بعد فناء الخلق وقيل خلقوا متفاوتين وهو الصحيح للاحاديث الدالة على ذلك والاولى التوقف في فنائهم هل هو دفعة واحدة ام لوالا يجوز وصفهم بانهم يأكلون أو يشربون أو ينامون . قال نور الدين ونافق واصفهم بذلك والخلف في عصمتهم ذهب بعض الى نفيها عنهم مستدلين بقوله تعالى قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماءمه الاية قالوا ففيها من المعاصي اشياء الغيبة وتزكية النفس والجواب ان الغيبة ذكر مثالب الغير مع من لم يعلمها والتزكية ذكر فضائل النفس مع من لم يعلمها ومنها الاعتراض على الله في فعله والجواب ان قول الملائكة .اتجعل فيها ..الح طلب لبيان الحكمة لا اعتراض على الصانع واستدلوا ايضا بقوله تعالى فسجد الملائكة كلهم اجمعون الا ابليسغه قالوا لوم يكن من الملائكة لما صح استثناؤه منهم ،قال نور الدين هو من الجن بدليل ان ابليس كان من الجن والاستثناء منقطم على حد : العيسوالاااليعافيرللاانيسبهاليسوبلدة قالوا فالجن اسم لبعض الملائكة قلنا هو خلاف الظاهرولادليل عليه قالوا لو لم يكن من الملائكة الما عصى بتبرك السجود قلنا الامر للملائكة وغيرهم فخصوا بالذكر لشرفهم عند الله ولاغلبيتهم في الكثة واستدلوا ايضا بما ورد في بعض الاخبار ان .هاروت وماروت كانا ملكين وقد نصت الاية على ذلك وقد وقعت منهما المعصية © _ ٦١ - قال نور الدين ليس في الاية دليل على انهما عاصيان او فعلا شيئا من المناكر والاخبار وتعليمهم الناسبذلك من كذب اليهود كيف يكونا عاصيين مع قولهما فلا تكفر السحر يحتمل ان يكون بأمر من الله تعالى فتنة للمتعلمين اذ ليس ينافي الحكمة ان يعلمهم شيئا وينهاهم عن اتيانه ويدل على انهما مأموران بذلك قوله تعالى « وماانزل على الملكين ببابلؤه فالظاهر انهما لو لم يكونا مأمورين بذلك ما سمي مااوتياه منلا . قال نور الدين وهذا اولى مما قيل انهما رجلان صالحان شبها بالملكين فاطلق عليهما اسمهما اذ لا دليل عليه واستدل المثبتون للعصمة بقوله تعالى ئإلايعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون واجيب عنها انها تكون دليلا على المطلوب ان لو استغرقت كل فرد منهم وكل زمان وليس فيها ذلك وانما دلت على انهم متصفون بذلك في الجملة فلا ينافي عصيان البعض منهم دون البعض لجواز تخصيص العام وكذلك لا يناني عصيانهم في زمان غير الزمان الذي مدحوا فيه قال نور الدين الايات اخبار عامة شاملة لجملتها والخبر لا يخصص ولا يقيد الا بمتصل به او بما هو في حكم المتصل كالعقل مثلا وهنا ليس كذلك فوجب ان يعتقد حقيقة مدلول الايات وايضا فلو جازت عليهم المعصية ماوجب على الرسول ان يصدق الملك فيما جاءه به لاحتال ان يكون كاذبا في ذلك ويجاب بان وجوب التصديق لا يتوقف على ثبوت العصمة لاحتال ان٠يرى‏ عليه شاهد الصدق فينقطع عذر التكذيب . قال نور الدين وبالجملة فليس هنا دليل قاطع على ثبوت العصمة لجميع اشخاصهم حتى .يكفر من خالفه لكن الراجح ان العموم مستغرق لافراده حتى يخصصوا ولا مخصص هنا والانبياء افضل من الملائكة السفلية الارضية واما الملائكة العلوية فذهب جمهورنا وجمهور الاشعرية الى ان الانبياء افضل منهم مستدلين بأدلة منها قوله تعالى واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادمه قال نور الدين لان المتبادر الى الذهن امر الادنى بالسجود للاعلى لا العكس لا يقال ان السجود قد يكون لوجوه فلعله لم يكن سجود تعظم لانا نقول قوله تعالى حكاية عن ابليس «أرأيتك هذا الذي كرمت علي&ه وقوله عانا خير منهئه ينفي ما عدا التعظيم من الاحتالات ومنها وعلم ادم الاسماء كلهائه والعالم افضل من غيو ومنها ان عبادة الانبياءقوله تعالى _ ٦٢ انما تكون بتحمل المشاق في قطع العوائق من قمع الشهوات ومصادفة المكروه ومن فهو افضل لقول النبي رك :افضل الاعمال احمزها اي اشقها ومنها انكان كذلك الملائكة ذوو عقول بلا شهوة والبهائم شهوة بلا عقول والانبياء قد جمع فيهم العقل والشهوة فمن غلبت شهوته عقله فهو اشر من البهائم لقوله تعالى «تؤاولئك كالانعام بل هم اضل ان شر الدواب عند اللهئه الاية وذلك يقتضي ان من غلب عقله شهوته افضل من الملائكة وهذا الدليل والذي قبل يقضيان تفضيل سائر المؤمنين عليهم ايضا وسيأتي ذكر الخلاف في ذلك . قال نور الدين وذهبت المعتزلة وابو عبدالله الحليمي والقاضي ابو بكر الى ان الملائكة افضل من الانبياء واستدلوا على ذلك بادلة منها قوله تعالى حكاية عن نبيه صلى الله عليه وسلم «إولا اقول اني ملكهم قال نور الدين لم يقل ذلك على سبيل التواضع وانما قاله ليتبرأً من دعوى القوة حيث استعجلوه بانزال العذاب الذي توعدوا به وذلك ان الملائكة اقدر على زلزلة الارض وقلبها مع ان ظاهر الاية يقتضي تفضيلهم ايضا على والخصم لا يقول بذلك فينتقض استدلاله بذلك ومنها قوله تعالى حكايةمحمد : عن ابليس ما نهاكا ربكما عن هذه الشجرة الا ان تكونا ملكين قلنا انهما رأيا الملائكة اعظم خلقه واقوى فعالا فخيل لهم ان ذلك هو الكمال ومنها قوله «لإلن يستنكف المسيح ان يكون عبدالله ولا الملائكة المقربونئه قلنا هو رد على النصارى حيث زعموا الوهية عيسى من حيث انه يحيي الموق ويبرىء الاكمه والابيص وانه لا أب له والملائكة اقدر على ذلك من عيسى بتقويةالله لهم ولا اب لهم ولا ام فلم يكن ذلك موجبا لاستنكافهم عن العبودية ومنها ما هذا بشرا ان هذا الا ملك كريم قلنا هو حكاية عن نسوة غير متفقهات وايضا فهو تفضيل في الحسن لا في الخصال وذلك أنه تخيل لهن ان الملك احسن صورة من جميع خلق الله فقلن ذلك واختلف القائلون يتفضيل الانبياء على الملائكة افضل من سار المؤمنين أم المؤمنون افضل منهم ولكل من القائلين ادلة . قال نور الدين رحمه الله وانت خبير ان ادلة التفضيل مطلقا ظنية فانها وان كانت آيات قرآنية ففيها احتالات تأويلية وما كان محتملا لمعنيين فصاعدا ولم يكن ثمة ٦٢ قاطع بارادة احد المعاني خاصة فتلك الاحالات متساوية الدلالة وترجيح احدها على الباقي او نحو ذلك ترجيح ظني فقط لا يفيد العلم القطعي والاعتقاد الجازم ثمرة العلم القطعي لا الظني فبهذا تعرف انه ليس على المكلف من اعتقاد هذا المعنى شيء وقال ولهذا سكت عنه اصحابنا المشارقة فلم يذكروه في مؤلفاتهم وافضل الملائكة جبريل قيل ومعناه بالعربية عبدالله والدليل على افضليته انه هو الرسول من عند الله الى انبيائه والرسول افضل ممن لم يرسل وهو مشاهد للوقائع التي اذن الله له ان يشهدها والمجاهد افضل من غيو فان قيل ان غيره من الملائكة ارسل وشهد قلنا ارساله وجهاده اكثر من ارسال غيو وجهاده ومن كان اكثر خصالا في الخير كان افضل عند الله تعالى وقد خرق الزخشري الاجماع حيث فضل جبريل على النبي علكه مستدلا بأن الله عز وجل وصف جبريل بقوله لانه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكينهم؛ محمدا بقوله نوما صاحبكم مجنونه فاقتصر على نفي الجنة عنه واطال فيووصف وصف جبريل بما سمعت . قال نور الدين ليس في تطويل الصفات وتقصيرها ما يدل على تفضيل وغير انما ذلك شيء اقتضاه المقام فان قريشا كانوا يقولون لرسول الله عل انه معلم مجنون فرد عليهم القران قولهم حيث نفى عنه الجنه والله اعلم . باب في الكتب والايمان بها يجب الايمان بالكتب السماوية التي انزلها الله :على انبيائه عموما وبالقرآن خصوصا والكتب هي مائة كتاب واربعة كتب كا في حديث ابي ذر خمسون منها على شيث وثلاثون على ادريس وعشرة على ابراهيم وعشرة على موسى قبل التوراة الاربعة " هي التوراة على موسى والزبور على داود والانجيل على عيسى والفرقان على سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى جميعهم وسلم وهو ناسخ لكتابتها وتلاوتها وبعض احكامها وهو افضلها ايضا ويليه التوراة فالائميل فالزيور وهو كلام عربي والتوراة عبزني والانجيل رومي والزبور سرياني كذا قيل ونزلت صحف ابراهيم لثلاث مضين من رمضان وقيل ٦٤ منهفي اول ليلة منه ونزلت التوراة لست مضين منه ونزل الانحبيل لثلاث عشرة مضت والزبور لثاني عشرة مضت منه وكلها انزلت الى انبيائها دفعة واحدة والقرآن في الرابعة والعشرين منه في ليلة القدر انزل دفعة واحدة من اللو ح المحفوظ الى سماء الدنيا واللوح المحفوظ هو درة بيضاء طولها مسيرة خمسمائة عام وعرضها كذلك وقيل جبهة ملك ثم نزل بعد ذلك منجما على حسب المصالح ثم تم انزاله بعشر سنين بمكة وعشر بطيبة وقيل بثلاث عشرة سنة بمكة وعشر بطيبة ،قال القطب وكل الكتب عن جبيل عن ميكائيل عن اسرافيل عن اللوح المحفوظ أو عنه أو عن ملائكة بالنسخ من اللوح أو عن جبريل عن اللوح اقوال والقران وغيو من الكتب كلام مركب من حروف ومعان مختلفة عباراته باختلاف لغات انبيائه وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ولو جعلناه قرآنا اعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أعجمي وعري ونظم القرآن معجز بخلاف غير من الكتب ولاعجازه جهات منها اجازه وبلاغته وبيانه وعدم كلال قارئه ومستمعه وخرق العادة في نظمه واخباره بالغيب واخباره عما مضى في الأعم الخالية وجمعه علوما لم يجمعها غيرو من الكتب من حلال وحرام ومواعظ وامثال وقصص وصرف الهمة عن معارضته وعارضه قليل فافتضحوا وهل الاية الواحدة منه معجزة للبلغاء والعلماء أو الثلاث الايات فما فوق قولان . قال نور الدين واعلم ان النظم هو ركن الكلام المنزل بل هو الركن الاعظم والركن الثاني هو المعنى فلا يجوز لقارئه سلخ معناه الى لفظ اخر وفاعل ذلك في صلاته تفسد صلاته خلافا لاني حنيفة في تجويزه قراءة القران في الصلوة بالفارسية . قال نور الدين وهي احدى اعجوباته واعتذار بعض اصحابه عنه بما لا طائل تحته غير والله اعلم .مسموع باب في خلق القران قال نور الدين رحمة الله إنه لاخلاف بين الأمة فى كلامه المكتوب في المصاحف المتلو بالألسن المحفوظ بالصدور مخلوق لأنه مركب من حروف وكل حرف منها مشروط وجوده بانقضاء ماقبله فيكون له إبتداء وإنتهاء وما كان له إبتداء وإنتهاء _ ٦٥ بالضرورة ولانه ممكن وجوده وعدمه وكل مافهو حادث والمركب من الحادث حادث كان كذلك فهو حادث بالضرورة أيضا ولأنه شيئ غير الله عز وجل فلو قيل بقدمه بطلت الوحدانية في القدم لأنه يلزم أن يكون حينئذ قديمان وهو باطل ولأن الله بقوله ظبا نه حادثا لذكرووصفوانه لذكر لك 4وصفه با نه ذكر بقوله ظ اللوح ظ بل هومايأتيهم من ذكر من الرحمن محدث 4ولأنه تعال وصفه بأنه ف فكذا الحال فيه } ولأنه تعالى وصفهقران مجيد في لوح محفوظ 4واللوح حادث بقوله ل بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ه وتلك الصدور حادثة فكذا الحال فيها ولأنه تعالى قال فيه ل إنا جعلناه قرانا 4والمجعول مخلوق وخالفت الحنابلة في هذا كله وقالوا إن كلامه تعال حروف وأصوات قائمات بذاته عز وجل قديمة معه وبالغوا في ذلك حتى قال بعضهم جهلا ان الجلد والغلافة قديمان وهؤلاء مشركون. قال نور الدين وقد حكى السيّد عنهم في حواشي الكشاف أنهم أجازوا تعدد القدماء وهذا من ذلك الباب وهو شرف ايضا وذهبت الكرامية الى أن كلامه تعالى حروف وأصوات محدث قائم بذاته لتجويزهم قيام الحوادث بالذات العلية وهذا شرك ايضا لانهم ساووا بين الله وخلقه حيث وصفوه بصفاتهم & وأما الحنابلة فقد وصفوا المخلوق بالصفة المختصة بالخالق فكان شركهما شرك مساواة. قال نور الدين وانما الخلاف في الصفة الذاتية المسماة بالكلام فذهبت الأشعرية وطائفة من المشارقة الى انه قديم لأنه صفة ذات © وصفات الذات قديمة وأطلقوا عليها إسم قران فقالوا القران الذي هو صفة الذات ليس بمخلوق ،قال وم يقم على تسمية الكلام الذاتي بالقران دليل لكن لهم أن يصطلحوا على ذلك فيكون الخلاف لفظيا حاصله هل يسمى الكلام الذاتي قرانا أم لا. قال نور الدين وأعلم أن أصحابنا إختلفوا في إثبات الكلام الذاتي فمن أثبته جعلهعبارة عن نفي الخرمر]عنهاتعالى وهم الجمهور ونفاه البعض كالامامين إبن النظر وأبي ساكن وغيرهما واكتفوا في نفي الخرس عنه تعالى بصفة القدرة ،فاذا عرفت هذا وقد تقدم لك أن صفات الذات عين الذات فاعلم أن الكلام الذاتي ليس هو شيئا غير الذات العلية وإنما هو عبارة عن اتصافها بصفة كلية ليست هي غيرها بمعنى أن الذات العلية كاملة وعبر عن ذلك الكمال بألفاظ دالة على أنواع الكمال فليس هنالك غير الله المتصف بالكمال الذاتي حتى يوصف ذلك الغير بأنه قديم فهم على مذهب الأشاعرة الزاعمين بأن صفات الذات غير الذات فيلزمهم تعدد القدماء كا مر قالوا المحذور من تعدد القدماء قدم ذاتين لاذات وصفات ،قلنا الكل محذور لأنكم إن جعلتم صفاته معانيا حقيقية هي غيو لزم إفتقارو اليها لأنكم تزعمون أنه بها يعلم وبها يقدر الى اخرها والمفتقر الى الغير ليس كا مر ،قال فإذا عرفت هذا فاعلم أنه لاوجه لقول من قال من أهل المذهب أن القرآن قديم إلا أن يريدوا أن الله تعالى ليس بأخرس فيعبرون بهذه العبارة القاصرة عن ذلك المعنى المطلوب فتنتفى عنهم البراءة بهذا الاحتمال حسن ظن بالمسلمين ولكون مذهبهم معروفا في قولهم أن صفات الذات عين الذات فيجب رد تلك العبارة منهم الى هذه القاعدة المنيعة والله أعلم. باب الحكم والمنخشابه أعلم أن من القرآن ماهو محكم متضح معناه ومنه ماهو متشابه على الأذهان لايدرك معناه إلا بتأمل لخفاءه وريما لايدرك أصلا كالحروف المقطعة أوائل السور فانه لاسبيل الى معرفة معانيها إلا بتوقيف من الشارع ولم يرد ذلك فالكف عن الخوض فيها أسلم وإنما قلنا أن من القرآن محكما ومنه متشابها لقوله تعالى « :منه تات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات 4ومن القران مجمل وهو ماخفي المراد منه إلا ببيان من المجمل بكسر المم الثانية .وهو أنواع ثلاثة :لأن خفاء المراد منه إما أن يكون بسبب اشتراك اللفظ بين معنيين فاكثر كالقرء للحيض والطهر فلا يعلم عند اطلاقه أي المعنيين أريد حتى ينصب ا متكلم قرينة تدل على مراده منه وتلك القرينة هى البيان وإما أن يكون بغراية في اللفظ وذلك كأن يكون اللفظ غريبا لايعرف معناه إلا ببيان ومثلوا له بالهلو ع من قوله تعالى < :خلق الانسان هلوعا %فقوله اذا مسه الشر جروعا الى اخر بيان للهلو ع .وإما أن يكون بسبب نقل اللفظ عن معناه المعلوم منه الى معنى اخر لم يعلم بعد كالصلوة فان معناها لغة الدعاء ونقل الى العبادة _ ٦٧ . بمثله نسيئمةونقل الى بيبيع ‏١الشيءا لزيادةلغة .وككالربا فانهمن | .الرسولببيانالخصوصة كان معه زيادة أولا ببيان من الرسول تلد . قال نور الدين هذا كله مبني على مذهب الحنفية في المجمل .أما على مذهبنا ومذهب الشافعية فهو عندنا مااحتمل معنيين لم يكن أجدهما بالنسبة اليه أظهر من الاخر فلاتكون الغرابة ولا النقل اجمالا عندنا ومن القرآن المفصل أي المبين وجد "ماظهر معناه سواء كان ظهوره بنفس لفظه ويسمى بيانه ابتدائيا أو بغيو .وذلك الغير إما أن يكون كتابا أو سنة أو إجماعا أو عقلا وما فيه البيان بنفس لفظه إما أن يكون لايحتمل غير معناه أو يحتمل غيو احتالا مرجوحا . قال نور الدين وهذان النوعان هما المسميان بامحكم عندنا كما ستعرفه فعلم أن المبين أعم مطلقا من المحكم لأن كل محكم مبين ولا عكس . ۔قال نور الدين ان الأمة قد اكثيت من الاختلافات في بيان المحكم والمتشابة وادعى كل أهل مذهب أن الحكم هو ماطابق مذهبه وأن المتشابه هو ماخالفه وتلك حكمة الله في عباده ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن ببيةواتفقوا أنهما .‏١لاحرحكمينا لفحكممنهما لهنو عكل‏ ١لكلاممننوعان قال نور الدين رحمه الله أعلم أن اللفظ إما أنه لايحنمل غير معنى واحد كأعلم أنه لا إله إلا الله .وإما أن يحتمل لكن أحد معنييه أظهر من الاخر فبالنسبة الى المعنى الظاهري يسمى ظاهرا وهو قسم من المحكم .وبالنسبة الى المعنى الاخر يسمى مؤولا وهو قسم من المتشابه إن لم يدل عليه دليل .وإما أن يكون المعنيان المتشابه .فهو المجمل وهو قسم منمرجحأي لايرجح أحدهما على ‏ ١لاخر إلابالسوا قال والحكم عند الحنفية هو مالايحتمل النسخ كالايات الدالة على صفات الله تعالى ل وهو بكل شيء عليم خالق كل شيء ه . وظا هر :ولكل قسم منهما حكم خصه .فحكم ‏ ١لنصنصو المحكم قسمان هو القطع بمراد المتكلم بمعنى أ نا إذا سمعنا قوله تعالى :ف فاعلم أنه لا إله إلا الله 4 وقوله « وأحل الله البيع وحرم الربا » حكمنا أن المراد مافهمناه وقطعنا بكفر من خالفنا في ذلك خلافا للفخر في زعمه أن الأدلة اللفظية لاتكون بنفسها قطعية ٦٨ لتوقفها على نقل اللغة والنحو والصرف ونقلها ظني والمتوقف على الظني أولى أن يكون قال نور الدين لانسلم أنها متوقفة على ظني لأن العرب تعرف معاني ألفاظها من غير توقف على نقل وما توقف منها على نقل فذلك النقل متواتر والمتواتر مقطوع .بصدقه وحكم القسم الثاني من الحكم وهو الظاهر الظن بأن مراد المتكلم منه ظاهر معناه فيجب العمل به حتى يدل دليل على خلافه ولا نخطى من خالف الظاهر في موضع يجوز له خلافه لاحتال أن يكون له دليل صار اليه واذا دل دليل على أن المراد من هذا اللفظ غير ظاهر ترك الظاهر وأخذ بذلك الدليل والأخذ به يسمى تأويلا للفظ وهذا معنى قولهم ولا يعدل عن الظاهر إلا بدليل وذلك أنه لما كان اللفظ لمعنيين ظننا أن المراد أظهرهما مع أنا نجوز أن يراد ا لمعنى الاخر فلما دل ا لدليل على أن المراد المعني الثاني عرفنا أن الظاهر لم يكن مرادا و ذلك الدليل إما أن يكون قطعيا فيوجب القطع بارادة الباطن أو ظنيا فيفيد الظن بارادته واختلف حينئذ في الصيرورة اليه لانه دليل ظني والظاهر دليل ظني أيضا فذهب بعضهم الى أن الأخذ بالظاهر أولى لأنه الأصل .وذهب آخرون الى أن الأحذ بالدليل الظني أولى . قال نور الدين وهو المذهب قال قال البدر وان تعارض العموم واخبار الاحاد والظاهر فالأرلان أقوى من الظاهر . وا لتأويل ثلاثة أقسام :قريب يترجح على الظاهر باد فى مرجح .وبعيد لايترجح إلا بمرجح قوي .ومتعذر لايقبل كتأويل بعض الحنفية .قوله علكه لرجل أسلم على عشر نسوة امسك عليك أربعا وفارق سائرهن .قالوا يحمل على تبديد النكاح . قال نور الدين ينفي ذلك قوله وفارق سائرهن فان الفراق لا يكون الا عن ثبوت عقد وكذلك قوله امسك اربعا فان الامساك لا يدل على شيء ثابت فلو اراد تبديد النكاح لامرو به صريحا لان تجديده متوقف على شروط كأذن الولي ورضى المرأة وحضة الشهود وكذلك حملهم قوله عي في اربعين شاة شاة على قيمة الشاة ووجه تعذره ان فيه ابطال العين التي هي جزء المال وهي الشاة فتبطل الحكمة المطلوب من ٦٩ المال وهو النمو وكذلك حملهم إتما امرأة نكحت نفسها بغير اذن وليها فنكاحها باطل على الصبية والامة ووجه تعذره ان المرأة لا تطلق على الصبية الا مجازا واي من صيغ العموم فهى شاملة لكل امرأة . قال نور الدين هذا حاصل ما ذكروه من امثلة التأويل المتعذرة قال واقول ان هذه الامثلة جميعها ليست من التأويل المتعذر الذي لا يقبل وانما هي من التأويل البعيد الذي لا يترجح الا بمرجح قوي ولا مرجح لهذه التأويلات فبطل الاخذ بها قال اما امثلة التأويل المتعذر فكتأويل بعض الصوفية البقرة بالنفس في قوله تعالى الإن الله يأمركم ان تذبحوا بقرة وكتأويل بعض الشيعة فيها بعائشة رضي الله عنها وكتأويل اولئك الشيعة ايضا قوله تعالى لأوجاء احد منكم من الغائطم قالوا الغائط ابو بكر وكتأويلهم قوله تعالى «لإكمثل الشيطان اذ قال للانسان اكفره» قالوا الشيطان عمر والانسان ابو بكر وكتأويلهم قوله تعالى «لإمرج البحرين يلتقيانيه قالوا هما علي وفاطمة بينهما برزخ لا يبغيانئه قالوا البرزخ هو حاجز التقوى فلا يبغي علي على فاطمة ولا فاطمة على علي يخرج منها اللؤلؤ والمرجان هما الحسن والحسين ونحو ذلك من التاويلات المتعذر حمل الكتاب والسنة على مثلها قال واكثر ما ورد مثل هذا عن اهل الباطن من الشيعة كا هو معتمد مذهبهم الفاسد اما المتشابه فهو ما اختفى معناه فهو مقابل المحكم وذلك الاختنخاء اما لاجمال في اللفظ كلفظة القر او لافهامه تشبيه الرب تعالى بخلقه كالاستواء في اسناده الى الرحمن فمن الخفي معناه ما كان له معنيان يصح حمله على كل واحد منهما ومنه الآقوالإل بمانتشابه ما كان مبهما على الخلق لا يعرفون كوقت الساعة والتسعة عشر في قوله تعالى وعليها تسعة عشرغمه والثانية من قوله تعالى ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ه فانه لا يدري اتسعة عشر ملكا ام صفا ام الفا وكذلك القول في الثانية ومن الخفي معناه ما لا يعلم تأويله الا الله وذلك كمعرفة وقت نزول العذاب على الكفار ومعرفة مقادير الثواب والعقاب ومعرفة وقت الساعة متى يكون فان هذه الاشياء مما خوطب بها العباد وخفيت عليهم . قال نور الدين والقول بانه تعالى لا يخاطب بما لا يعقل غير متوجه على مثل هذا المقام لان الخطاب به في الجملة معقول ومعناه عندهم مفهوم ولا يشترط في _ ٧٠ المعقول تمام المعرفة بمقادير الشيء وتفاصيل نعم يرد على القول بأن الحروف المقطعة اوائل السور لا يدري ما المراد منها فيجاب بان الخطاب هو توجيه الكلام نحو الغير = للافهام فيخرج ما لم يقصد به الافهام من الكلام فانه وان تكلم به المتكلم من غير ان يقصد به افهام غيرو لا يكون عبئا اذ لا يصدق عليه انه خاطب وانما يخص باسم المتكلم وقال ابن عباس ان المحكم هو الثلاث الايات التي في اخر سورة الانعام قل تعالوا اقل ما حرم ربكم عليكم الى اخر الايات ،قال نور الدين واستخرج منه الفخر ان المحكم هو ما لا ينسخ بشرع وشرع كالامر بالقسط وتحريم الظلم وقتل النفس بغير حق والمتشابه هو ميانسخ بشرع وشرع كالصلوة والصوم وقيل عن ابن عباس ايضا ان المتشابه احرف أوائل السور كالم المص المرق ص ن وقال بعض ان المتشابه هو القصص والامتال وروي عن ابن عباس ايضا ان المتشابه هو المنسوخ من الايات وان المحكم هو الناسخ وحكم المتشابه الوقوف حتى يظهر دليل على ان المراد منه كذا فيؤخذ به وذلك كا في قوله تعالى والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاث قروء فانه لما كان القرء يطلق على الحيض مة وعلى الطهر اخرى بسبيل الاشتراك بينهما لم يدر ما المراد من الاية اهي ثلاثة اطهار ام ثلاث حيض التمس الدليل على المراد من خار ج ولذا اختلف فيه فقال بعض ان المراد ثلاثة اطهار وقال بعض ثلاث حيض . قال نور الدين رحمه الله واعلم انه قد اجمع اصحابنا ومن حذا حذوهم ممن منع التكليف بما لا يطاق على منع تأخير البيان عن وقت الحاجة اليه وذلك كما اذا خاطب الله العباد بما هو محتمل لمعان ليس بعضها اظهر من بعض ثم امرهم بالعمل علمهم به مما ل يطاق وتكليف ما لا يطاق لا يصح عندنا قالالمراد منه مع عدم وجوزته الاشعرية قال وليست المسالة دينية لانهم يقولون ان حكمة التكليف بما لا يطاق هي اختبار المكلف هل يتهياً للامتثال فيثاب او لا يتهيأ فيعاقب ،قال نور الدين ثم رأيت القطب قال بجواز ذلك قال واعلم ان اصحابنا والمعتزلة انما قالوا بمنع التكليف بما لا يطاق نظرا الى جانب وقوعه لا إلى جانب الاختبار لان وقوعه ممن لا يطيق محال والتكليف بالحال محال . وحكم القسم الثاني من المتشابه وهو ما ظاهره التشبيه رده الى المحكم لقوله تعالى هن ام الكتاب وذلك لئلا يلزم تناقض القران وذلك كا في قوله تعالى واذا اردنا ‏_ ٧١ ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيهائمه فانه متشابه يجب رده الى قوله تعالى قل ان الله لا يأمر بالفحشاء فيتأول الامر الاول والا لزم تناقض الايتين وكا في قوله تعالى « نسوا الله فنسوهم6ه فانها متشابهه محكمه وما كان ربك نسيا لا يضل ربي ولا ينسى وكا في قوله تعالى الرحمن على العرش استوىئؤه بل يداه مبسوطتان فانه متشابه تحكمه ليس كمثله شيء فلو لم يرد اليها لزم التناقض وهذا مذهب اصحابنا والمعتزلة ومتاخري سلف الاشعرية الى الامساك عن تاويله مع القطع بحقيقة المراد © قالالاشعرية وذهب نور الدين والحق ما ذهبنا اليه والله اعلم . قال نور الدين وكذلك يلزمهم تقدير الدية التي وجبت على القاتل على حسب ما بقي من عمر المقتول وهذا باطل بالضرورة وانما استحق القاتل العقاب لانه مرتكب لما حرم اللهارتكابه ووجبت عليه الدية زجرا له عن مثل ذلك الفعل لا كما زعمواواما الثانية فاجاب عنها الامام عبدالعزيز في شرح النونية حيث قال وحديث ان بعض الطاعات تزيد في العمر لا يعارض القواطع لانه خبر واحد أو ان الزيادة فيها بجسب الخير والبركة ،قال نور الدين وهذه المسالة وان ظهر بطلان قول المعتزلة فيها لعدم الدليل الشاهد لدعواهم ليست من المسائل الدينية التي يفسق بها من خالف فيها ولا يموت احد قبل انقضاء رزقه وهو ما ساقه الله اليه لينتفع به سواء كان يملكه أو بدون ملكه بان كان ملكا للغير فظلمه اياه وانتفع به سواء كان مما يؤكل او يلبس او يتقي به عز الحر والبرد كان المنتفع به عاقلا أو غير عاقل هذا مذهبنا ومذهب جمهور الاشاعرة ويدل عليه ما في الخبر مرفوعا عن ابن مسعود ان روح القدس نفث في روعي لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله واجملوا في الطلب ولا يحملن احدكم استبطاء الرزق ان يطلبه بمعصية الله فان الله تعالى لا ينال ما عنده الا بطاعته وذهبت المعتزلة الى ان الرزق هو ما يملك لا ما ينتفع به . قال نور الدين وهو باطل من وجهين احدهما انه يلزم عليه ان يسمي ما ملكه له غير مرزؤقالله تعالى رزقا له وثانيهما انه يستلزم ان تكون الدواب وما لا ملك وكلاهما باطل اما الاول فلاستلزامه ان يكون الرب سبحانه مرزوقا واما الثاني لإركأين من دابة لا تحمل رزقهائه وقوله لوما من دابة علىفلمصادمته قوله تعالى ٧٢ الارض الا على الله رزقهائمه فالحق ان كل ما ساقه الله اليه لينتفع به يسمى رزقا كان ذلك حلالا أو حراما او شبهة والحلال ما ورد في جواز تناوله نص او اجماع أو قياس جلي سواء كان في علم الله تعالى انه حلال كذلك او لا فانه انما تعبدنا بالظواهر لا بما غاب عنا علمه والحرام ما منع تناوله نص أو اجماع أو قياس جلي كتحريم الخمر او يقال انه حرام بنص السنة لدخوله تحتوالدخان الملحق به في القياس الك قوله عه وكل مسكر حام فلا عبة بمن حلله والشبهة هي ان يتجاذب الشيء اصلان اصل يحلله وأصل يحرمه ولا مرجح لواحد منهما فالواجب فيه التوقف . قال نور الدين رحمه الله وتقسممم الرزق اى حلال وحرام وشبهة هو مذهب الجمهور مستدلين باحاديث رووها عن رسول اللهعفة وذهب بعض الى ان الاشياء اما حلال واما حرام لا غير قال قال الشماخي رحمه الله وهو قول الربيع وظاهر قول جابر قال وللمشايخ في الريبة ثلاثة اجوبة اذا وقع في الريبة ولم يدخل عليها احدها يمسكها ولا يبالي والثاني يبيعها ويمسك مقدار ما انفق ويتصدق بالباقي والثالث يبيعها ويمسك جميع الثمن والله المقدر لكل واحد ماننواع الرزق الني هي الحلال والحرام والشبهة اذ لا رازق سواه تعالى لكن لا ينبفي ان يقال الله رازق " كا لا يقال انه خالق القذر لا لأنه لم يخلقه لكن لما فيه من ايهام التنقيص وكا لا .يقال انه مفسد للاشياء الفاسدة وان كان في الحقيقة هو الذي فعل ذلك غير ان فعله بالنسبة اليه تعالى ليس بمفسدة بل هو حكمة خفيت علينا فكانت بالنسبة الينا مفسدة لعلمنا بظاهر المضرة وجهلنا بما فوق ذلك وذهبت المعتزلة الى انه تعالى لا يرزق الحرام بناء على ما مر من ان الرزق عندهم هو ما يملك وعلى قاعدتهم في التحسين والتقبيح العقليين وكل منهما قد مر جوابه وقال ابن اني نبهان ان هذه المسألة ليست من مسائل الدين التي يجب اعتقادها . قال نور الدين رحمه الله لكن اذا رجعت الى قواعد المعتزلة رأيتهم ينفون رزق الحرام عن الله تعالى طلبا لتنزيهه عما لا يليق به في زعمهم قال فالمسئلة حينئذ دينية لانها يلزم عليها اثبات رازق غيرو تعالى لوجود اكل المحرم وسوقه الى اكله وتقديره له وهذه كلها افعال لا تقوم الا من فاعل والفاعل على الحقيقة هو الرب عز وجل وهم ينفونها عنه فرجعت المسئلة قدرية والله اعلم . _ _ ٧٣ باب في عذاب القبر الى ثبوته لما ورد في الايات والاحاديث الدالة على ذلك حتى قال في المعالم انها متواترة معنى فمن الايات قوله تعالى«}مالنار يعرضون عليهاغدوا وعشياويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون اشد العذابك%ه ومنها قوله تعالى لإسنعذبهم مرتين ثم يردون الى عذاب غليظئه فانه ذكر انهم يعذبون ثلاث مرار فالاولى باقامة الحدود والثانية في القبر والثالثة بعد البعث كذا قيل ومنها قوله تعالى حكاية عن الكفار «فإربنا امتنا اثنتين واحييتنا اثنتينئ»فذكروا انهم اميتوا اثنتين كما انهم احيوا اثنتين وورد بان الحيوة الاولى هي الحياة قبل الوجود والاماتةالدنيوية والثانية الاخروية وان الاماتة الاول هي عبارة عن عدمهم الثانية هي التي فارقوا بها الدنيا واما الاحاديث فمنها ما اخرجه ابن ابي شيبة وابن ماجة عن ابي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله عَيْقكه يقول ريسلط الله على الكافر في علىتنينا منها نفخلو انالساعةوتسعين تنينا تنهشه وتلد غه حتى تقومقبره تسعة الارض ما انبتت خضراء) . قيل وحكمة هذا العدد انه كفر باسماء اللهالحسنى وهو تسعة وتسعين والاحاديث في هذا المعنى كثيقس تراجع من محلها واحتج النافون بقوله تعالى يا ويلنا من بعثنا من مرقدنامه قالوا لو كانوا معذبين في القبر ما سموه مرقدا واجيب بانهم سموه بذلك نظرا الى ما شاهدوا من هول الموقف حتى صار القبر بالنسبة اليه كالمرقد وبقوله تعالى ويقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعةم“ه قالوا لو كانوا معذبين لاستطالوا المدة وما اقسموا انهم لم يلبثوا الا ساعة واجيب عنه بانهم انما سموا تلك المدة ساعة بالنسبة الى ما كشف لهم من التأبيد الذي لا انقطاع له فمدة البرزخ بالاضافة الى ما بعدها من .ساعةاقل منالابد وا لحسابوا لبعثا لوعد وا لوعيد .ذكر ‏ ١لموتباب اعلم انه يجب على كل مكلف ان يعتقد ان كل حي ميت الا الله وقيل يكفيه ان يعتقد ان كل عاقل يموت والاول اصح لقوله تعالى كل نفس ذائقة الموت&%ه _ ٧٤ والبهائم ذوات انفس ويجب عليه ان يعتقد ان كل شيء هالك الا وجهه والفناء شامل للموت ومطلق العدم بعد الوجود لانه اعدام فجميع الاشياء فانية حتى عجم الذنب وهو شيء مثل حبة الخردل اسفل الصلب عد العصعص كذا في الذهب الخالص وفي المصباح ان العجم هو العصعص وما ورد من حديث «كل ابن ادم يفنى الا عجم الذنب فمنه يركب» قال القطب الاستثناء منقطع اي لكن عجم الذنب منه يركب بعد اعادته وقال في معنى الحديث انه سبحانه يعيد الاعيان الفانية ويركبها عليه لحكمة لا لتعذر الاعادة الا بذلك والاشياء منها ما هو فان على الانقلاب الى دار أخرى وهم العقلاء ومنها ما هو فان على التلاشي والذهاب وهو ماعدا العقلاء من الحيوانات وغيرها من النباتات والجمادات فانها تحشر وهو مذهب ابن عباس والجمهور على ان كل حي محشور لقوله تعالى لوما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه مه الى قوله تعالى وثم الى ربهم يحشرونمه» لكن ما عدا العقلاء وعلى التلاشي والذهاب واختلفوا ايضا في اولاد المشركين فمنهم من ذهب الى ان فنائهم على الانقلاب وهو المذهب ومنهم من ذهب الى ان فنائهم على التلاشي كسائر الحيوانات . والحق الاول لقوله تعالى واذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت&يمه ويجب على كل مكلف ان يعتقد ان البعث حق وان الحساب حوقالدليل ,عليهما قوله تعالى فزعم الذين كفروا ان لن تبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبئن بما عملتمه وامثالها من الايات فالموت مفارقة الرو ح للجسد وعرفه بعضهم بأنه انقطاع الحياة والبعث رد الروح الى الجسد تعاد الارواح واجسادها التي كانت في الدنيا خلافا لمن زعم من الكفار انها تعاد في اجسام هي مثل الاجسام الأول لا عينها ومن قال ان الارواح هي المعادة لا الاجسام والحكمة في بعث غير العقلاء هي الاقتصاص ها ممن ظلمها كا يرشد الى ذلك بعض الاحاديث النبوية واختلف العلماء في بيان الروح وتعيين ما هيتها فمنهم من ذهب مذهب الوقوف عنها قائلا ان الله تعالى لم يخبر نبيه عن ما هيتها فالوقوف بنا احق وقال الجنيد الروح شيء استاثر الله بعلمه فلم يطلع عليه احد من خلقه فلا يجوز لعباده البحث عنها باكثر من انها موجودة وخاض آخرون في بيانها متأولين للامر بالكف عن بيانها في قوله تعالى قل الروح من امر ربي%ه قائلين انه عليه الصلوة _ ٧٥ والسلام امر ان يقول هكذا ليوافق ما في التوراة فتكون تلك الموافقة اية لنبوته وذلك ان اليهود امروا قريشا ان يسألوه عن اصحاب الكهف وعن ذي القرنين وعن الرو ح وقالوا لهم ان اجاب عنها كلها أو وقف عنها فليس بنبي وان اجاب عن بعض وسكت عن بعض فهو نبي فاجاب عن الاولتين وابهم امر الروح لانه مبهم في التوراة قيل والصحيح انه لم يمت ترك الا واطلعه الله على ما ابهم عليه من امر الرو ح مما يمكن اطلاعه عليه لا على جميع معلوماته تعالى لان علم البشر جميعها محال واختلف هؤلا الخائضون في بيانها فقال بعض ان الرو ح هي الدم واستدلوا بأنه لا يفقد من الميت الا الدم . قال نور الدين ويرد عليهم بانه قد يذهب بعض الدم بجرح ونحوه فيلزم نقصان الرو ح بحسب نقصان ذلك الدم وهو باطل وقال بعض وهو المروي عن اصحاب مالك ان الرو ح هي جسم ذو صورة كصورة الجسد في الشكل والهيئة قال الباجوري . نقل اصبغ عن ابي القاسم عن عبدالرحيم بن خالد قال الروح ذو جسم ويدين ورجلين وعينين ورأس تسل من الجسد سلا وروى النووي عن امام الحرمين وصححه انها جسم لطيف شفاف ومشتبك بالجسم كاشتباك الماء بالعود الحضر فتكون سارية في جميع البدن ،قال نور الدين وكل هذه الاقوال باطلة لاستخالة حلول جسمين في مكان واحد فالتوقف اولى واختلفوا ايضا في محلها على اقوال فقيل البطن وقيل القلب وقيل مكان قريب من القلب ولا دليل على شيء من هذا كله واما ما بعد الموت فارواح السعداء بافنية القبور على الصحيح وقيل عند ادم في سماء الدنيا لكن لا دائما فلا في الارض السابعةينافي انها تسرح حيث شاءت واما ارواح الكفار ففي ,سجين السفلى محبوسة وقيل ارواح السعداء بالجابية في الشام وقيل ببئر زمزم وارواح الكفار ببئر برهوت في حضرموت . قال نور الدين ولا دليل قطعي على شيء من هذه الاقوال ايضا فالواجب فهو ميتالتوقف وكل من مات وفارقت روحه جسده بأي سبب كان او بلا سبب بأجله فاذا جاء اجلهم لأ يستأخرون ساعة ولا يستقدمون لكل اجل كتاب ،قال نور الدين هذا مذهبنا ومذهب جمهور الاشعرية قال وزعم الكعبي وهو احد شيوخ ٧٦ -۔. ‎ المعتزلة ان للمقتول اجلين احدهما اجل القتل والاخر اجل الموت وانه لو لم يقتل لبقي الى الاجل الاخر الذي هو الموت وزعم بعضهم ان القاتل قطع على المقتول اجله وانه لو اخر لبقى الى اجله الذي يموت فيه والفرق بين القولين ان الاول اثبت للمقتول اجلين والثانى لم يثبت له الا اجلا واحدا وقد قطعه عليه القاتل فمات في غير اجله واحتج الجميع بحجتين احدهما ان القاتل لو لم يكن له تأثير في موت المقتول لما استحق العقاب اذا كان المقتول مظلوما ولما لزمه الدية والثانية بما ورد من الاحاديث ان بعض الطاعات تزيد في العمر فاما الاولى فاجاب عنها ابن ابي نبهان حيث قال واما :ما اعتقده المعتزليون من أنه لو لم ينقص ذلك من عمو لم يكن مستحقا بفعله العقاب لان كل من قتل نفسا ظلما متعمدا فجزاؤه جهنم حكما من الله تعالى فقد يمكن ان يوافق قتل هذا وفاء اجله على زعمهم فلا يكون عليه عقاب وذلك من علم الغيب وحكم الله تعالى على العموم . قال نور الدين وقد تواترت الاحاديث في صحة عذاب القبر قال لكن وجوب تصديق ما ذكر من التواتر انما هو متوقف على من بلغه ذلك اما في زماننا فقد تعذر ادراك التواتر .من غيرو وصارت الاخبار كلها بمنزلة الاحاد لانقطاع الرواة الا ما اجمعت عليه الامة ان هذا متواترا او انه عن رسول الله علكه فحينئذ يجب تصديق الاجماع والقطع بصدق الخبر قال صاحب المرأة المعتبر في تصحيح الاخبار وفي كونها تواترا واحادا هو ما عليه السلف في الثلاثة القرون فما تواتر هنالك فهو متواترا وما لا فلا لكن كونه متواترا في تلك القرون لا يوجب القطع به على من في زماننا لان كلا متعبد بعلمه ممم ان رواية انه متواتر في تلك القرون لا تكون غالبا الا احادية فينقلب التواتر احاديا قيكون مظنون الصدق والعقائد لا تنبني على ظن فلذا صح الخلاف في عذاب القير وقال النافون لعذاب القبر ان تعذيب الميت خارج عن المعقول فلو قدرنا امكانه في القبر لاعادة الرو ح فيه فلا يمكن ذلك في كل ميت فانا نشاهد من قتل فصلب بعد القتل مدة طويلة حتى تفنى اجزاؤه فلا نرى انها حدثت حياة يدرك بها العذاب وكذلك من اكلته السباع إو احرق بالنار او ذري في الرياح فانا نعلم ضرورة ان اجزاءه تفرقت وحياته مع تفرق اجزاءه تعذرت واجيب عن الاول بانه يحتمل ان ٧٧ يخلق فيه حياة لا ندركها تحن وعن الثاني انه مبني على انه يشترط في الحياة وجود البنية الم العذابس به حسححياةانفردجزيخلق الله لكلانبه لامكانلا نقولونحن.77 والله اعلم . والجنة والنارالحسابباب لصا حبه‏١ال0ثوا ببه وتبين.مقدارمم.نه واالمردود وتبين‏ ١للقبول‏ ١لخير لصاحبه وتبين وتبيين انه مردود عليه وتبيين مقدار عقابه © قاقال نور الدين وعرفه بعضهم بانه توقيف وحسناتهم فيقول "" فيها .‏١‏ ١لمراد به ان يوقفهم بين يديه ويؤتمهم كتب سياتكم وقد تباوزت عنها وهذه حسناتكم وقد ضاعفتها لكم وقيل المراد به ان يخلق اله في قلوبهم علوما ضرورية بمقادير اعمالهم من الثواب والعقاب والقول الاول نقل عن اابن عباس . بين قدرته ونعمته وما جاء به الكتاب من قوله تعالى يوم نختم على افواههم.وتكلمنا ايديهم وتشهد ارجلهم بما كانوا يكسبونيمه دليل على ان الحساب غير مقصور على نفس التبيين فقط بل معه مكالمة وخاطبة وشهادة فيحمل على ان المحاسب للخلق هو خلق من خلق الله تعالى خلقه لذلك وجعل له قدرة على محاسبة الخلق كلهم الا من اعما لميكلمهم به فيسألهم عنيسمعونهخلق ‏ ١لله لهم صوتاان‏ ١ستثني ويحتمل مراتببيانالحسابوفائدةجهراوهذاسراوهذاعسيراحساباهذافيحاسب الفا سق ما اثبتله وما محي عنه فيشكر ويرىفيعلم ‏ ١لمؤمن ما كتبالكما ل وا لنقصان قال نور دين رحمه اه وف لقواعد ا ان الناس يابالنسب ة لل الحساب ثلاثة ٧٨ المشركون ،قال نور الدين وقد ظهر لي خلاف هذا القول بظاهر قوله تعالى فزعم الذين كفروا ان لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتممه قال فهذا صريح بان منكري البعث ينبئون باعمالهم وقوله تعالى إوقفوهم انهم مسئولونمه وفي السنة عن عه «يدخل الجنة من امتي سبعون الفا ليس عليهم حساب فقيل له هلا استزدت ربك فقال استزدت فزاد لي مع كل واحد من السبعين الفا سبعين الفا فقيل برحمتهالكريمة ايبيدهحثياتاستزدته فزادني ثلاثفقالربكله هلا استزدت والنلاث الحخثيات ثلاث دفعات قال القطب وحيث ورد نفي الحساب عن المؤمن فالمراد نفي المناقشة بعد ان قال ولا يسئل نبي او مشرك عن عمله شيئا فشيئا وقيل يسئل المشرك غم قال بعد ذلك هذا تحقيق المقام فدع ما سواه والجنة دار الثواب فيجب اعتقاد وجودها في الاخرة وانها غير فانية وان اهلها غير منتقلين عنها بفناء ونحوه وان لحم فيها ما تشتهي انفسهم وتلذ اعينهم والنار دار العذاب في الاخرة فيجب اعتقاد وجودها هنالك وأن أهلها العصاة أهل الكبائر الذين لم يتوبوا منها أهلها وأنها لاتغني وأن أهلها مخلدون فيها فمن دخلها لايخرج منها والجنان ثمان والنيران سبع أعلاها جهنم وتحتها لظى ثم الحطمة ثم السعير شم سقر ثم الجحيم ثم الهاوية وباب كل من داخل الأخرى على الاستواء وبين أعلاها وأسفلها خمس أو سبعمائة سنة وحرها هواء محرق ولا جمر لها سوى بني آدم والاحجار المتخذة آلهة من دون الله تعالى والشياطين أيضا وهذه النار التي في الدنيا ماأخرجها الله عز وجل للناس من جهنم حتى غسلت في البحر مرتين ولولا ذلك لم يحصل الانتفاع بها لأحد من شدة حرها وكفى بها زاجرا عن عصيان الله تعالى الموجه اليها واختلفت الأمة في وجود الجنة والنار الان فذهب جمهورنا والأشاعرة وبعض المعتزلة الى أنهما موجودان الان واستدلوا بقصة آدم وحواء عليهما السلام واسكانهما الجنة واخراجهما منها بالزلة .قال نور الدين وهذا دليل لايمكن الجواب عنه لنص محكم الكتاب به ولتواترو ضرورة حتى عند من جحد النبوة . قال نور الدين والقول بأن الجنة التي كانا فيها غير الجنة الموعود بها في الاخرة تحكم من قائله إذ لادليل عليه والأخبار الصحيحة سالكة هذا المسلك فان كثيرا منها ٧٩ مايدل على وجودهما الان .وذهب جمهور المعتزلة وبعض أصحابنا كأبي الموتر وأبي سهل وابنأبي نبهان الى أنهما غير مخلوقتين الان :وإنما يخلقان يوم الجزاء واستدلوا بقوله تعالى ::ظ فى حق الجنة أكلها دائم 4بمعنى مأكولها داحم أي لاينقطع مع قوله تعالى :حث كل شيء هالك إلا وجهه ه قالوا فلو كانت الجنة مخلوقة الان لزم فناؤها وهلاكها فلا تكون دائمة والنار مثلها إذ لا قائل بالفرق وأجيب عنه بأن دوام مأكولها إنما هو على سبيل البدل بمعنى أنه اذا فني واحد جيء بآخر أي لايتصور دوام مأكول واحد بعينه أو نقول أن كون ذاتيهما قابلتين للفناءء كاف في كونهما فانيتين فان ما اكن فيه الفناء لذاته فان على الحقيقة ورفع الفناء عنه فعلا لعارض عرض عليه من رج لايدفع ذلك الامكان الذاتي والوقوف عن تبيين محل الجنة والغار بعينه أنه في كذا أولى لأنه محتاج الى دليل ولا دليل يدل على ذلك وبعض العلماء القائلينا جمهورهم أن الجنة فوق السماءبوجود الجنة والنار أخذوا فى تعيين محلهما .فقال السابعة عند سد المنتهي .وأن النار تحت الأيض السفلى والحق التوقف كما أسلفنا والكتب التي ذكرها الله في كتابه العزيز وعلى لسان نبيه الكريم في قوله :تل فأما من أوتي كتابه بيمينه » فيقول هاؤم اقروا كتابيه الى قوله تعالى « :وأما من أوتي كتابه بشماله ه ونحوها من الايات كقوله « :ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا 4 هى صحف حاوية لاعمال العباد خيرها وشرها عبر بها عن علم المرء عمله بدليل قوله تعالى « :يلقاه منشورا مه وقوله تعالى « :هو وإذا الصحف نشرت يه فلا يصح تأويلها بالمعاني الاعتبارية التي لا وجود لها في الخارج والامان بوجودها في الخارج واجب ولا يلزمنا تعيين الصحف ماهي بل يكفي الايمان بها اجمالا كما ذكرها الله عز وجل وفي الحديث مامن مؤمن إلواله كل يوم صحيفة فاذا طويت وليس فيها استغفار طويت ولها نور ينلألأ .وفيها استغفار طويتوهي سوداء مظلمة واذا طويت قال الباجوري الأنبياء لايأخذون صحفا وكذا الملائكة لعصمتهم ومن يدخل الجنة بغير حساب .وقد ورد أن الريح تطيرها من خزانة تحت العرش فلا تخطى قال نور الدين يجب الايمان بأن المؤمن يؤتى كتابه بيمينه وأن الفاسق يؤتى كتابه بشماله أو من وراء ظهره لأنة ثبت بنص الكتاب والحوض لسيد المرسلين عثة ‏_ _ ٨٠ .به الأحاديث المتواترة قاله بعضف الاخرة حق وردت قال نور الدين وقد نقلتها الأمة بالقبول ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص حوضي مسية شهر وزواياه سواء ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه أكثر من نجوم السماء من شرب منه فلا يظما أبدا .وقد ورد تحديده بجهات مختلفة .ففي رواية لأحمد أن الحوض كا بين عدن وعمان وذلك نحو شهر .وفي رواية للصحيحين مابين صنعاء والمدينة وذلك نحو شهرين .وفي رواية فيشهرالمسافة بنحوتقديرمكة وايلة وذلك نحو شهر ولا تنافي من حيثمابين عليهتفضل‏ ١لله سبحا ره وتعالىلنآ خربعصفشهرينوبنحوبعض ا ‏ل١رواي يات باتساعه شيئا فشيئا فاخبر علك بالمسافة القصية أولا ثأمخبر بالمسافة الطويلة والاعتماد على ما يدل على أطولها مسافة . وجوز‏ ١لاخبارتواتريبلغهللمنجهلهيسعمما‏ ١مسئلةوهذه‏ ١لديننورقا ل التصديق بخبر الواحد فيها لانها من زيادة الفضائل لنبينا عليه الصلاة والسلام .ويرد الحوض من أمة محمد عيه من أوفى بعهده فمن جاء موفيا ورد الحوض ودخل الجنة بفضل الله تعالى ومن لا فلا لما روى عنه عليه الصلوة والسلام ترد علي أمتي الحوض وأنا أذود الناس عنه كما يذود الرجل ابل الرجل عن ابله فقال رجل يانبي الله تعرفنا قال نعم لكم سيما ليست لأحد غيركم تردون علي غرا محجلين من أثر الوضوء وليصدن عني طائفة منكم فلا يصلون الي فأقول يارب هؤلاء من أصحابي فيجيبني مالك فيقول وهل تدري ماأحدثوا بعدك الحديث . وفي رواية عنه عليه الصلوةة والسلام إف لأكثر الأنبياء تببععاا يوم القيمة فبينا أنا هلم فقلتبيتي وبينهم نقالرجل منعرفتهم خرجاذاحتىزمرةاذاقائم على ‏ ١لحوض الى أين فقال الى النار والله فقلت ماشأنهم فقال انهم ارتدوا على أدبارهم القهقري ثم أينهلم قلت ‏ ١لمرجل من بيني وبينهم فقالعرفتهم خرجاذاحتىزمرة أخرىاذا قال الل النار والله قلت ماشانهم فقال انهم ارتدوا على أدبارهم فلا أراه خلص منهم إلا مثل همل النعم يعني أن النا جي منهم قليل كضالة النعم بالنسبة الى جملتها .وقد ورد أن لكل نبي حوضا ترده أمته وأنهم يتباهون أيهم أكثر تبعا وإني لأرجو أن أكون أكترهم تبعا والله أعلم . _ ٨١ باب الميزان والصراط قال نور الدين رحمه الله أعلم أنه ورد ذكر الوزن والميزان في الكتاب والسنة فقالى تعالى « :ونضع الموازين القسط ليوم القيامة ه وقال ل فمن ثقلت موازينه فأولعك هم المفلحون .ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون مه وقال « والوزن يومئذ الحق » واختلفت الأمة في تأويله فذهب أصحابنا وجمهور المعتزلة الى أنه عبارة عن ثبوت السعادة لقوم والشقاوة لاخرين على سبيل الاستعارة التمثيلية حيث شبئه ثبوت العمل الصالح بثقل الموازين والعمل السيء بخفتها :على وجه لايظلم فيه أحد شيئا .وذهبت الأشاعرة الى أن الميزان قصبة عمود وكفتان كل واحدة منهما أوسع من طباق السموات والارض وجبريل اخذ بعموده ناظر الى لسانه وميكائيل آمين عليه ومحله عندهم بعد الحساب .ثم اضطربت أقوالهم في الموزون فقال بعضهم هي الكتب وقيل هي أجسام حسنة وقبيحة .وذهب اخرون الى أن الموزون هى أنوار وظلمات وقيل الموزون العامل بنفسه وكلها أقوال مردودة . قال نور الدين رحمه الله وبالجملة فهذه المسئلة ليست من المسائل الدينية التي لايجوز الخلاف فيها .أما الصراط المذكور في قوله تعالى :ل أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سريا على صراط مستقيم » وفي الروايات المروية عنه عل كالمروية عن ابن مسعود .قال يوضع الصراط على سراء جهنم مثل حد السيف المرهف مدحضةمزلة عليه كلاليب من نار يختطف بها فمشرك يهوي فيها ومصرو ع ومنهم من يمر كالبرق فلا ينشب ذلك أن ينجو ثم كالريح فلا ينشب ذلك أن ينجو ثم كجري الفرس ثم كسعي الرجل ثم كرمي الرجل ثم كمشي الرجل ثم يكون آخرهم إنسانا رجل قد لوحته النار ولقي فيها شرا شم يدخله الله الجنة بفضله وكرمه ورحمته . فهو عبارة عن الحق المشروع وذكر أصناف السالكين فيه تمثيل لرتب المكلفين كا صرح به الغزالي في المضنون به على غير أهله وبين هنالك أن مابين الحق والباطل أحد من السيف وأدق من الشعرة فالأشياء إما حق وإما باطل وذهبت الأشعرية الى أن الصراط جسر ممدود على متن جهنم يرده الأولون والاخرون حتى الكفار وفيه طريقان :يمين .وشمال .فأهل السعادة يسلك بهم ذات المين .وأهل الشقاوة يسلك ٨٢ بهم ذات الشمال وفيه طاقات كل طاقة تنفذ الى طاقة من طبقات جهنم وطوله ثلاثة آلاف سنة :ألف صعود .وألف هبوط .وألف استواء قال نور الدين وهذا كله ممكن وليست المسئلة من باب الدين فقد ذهب الى مثل ماذهبوا إليه بعض أصحابنا منهم الشيخ هود بن محكم .وأبو القاسم البرادي . والشيخ اسماعيل في القناطر وقطب الائمة في اليمان وجامع الشمل والله أعلم . الشفاعةباب الشفاعة لغة الوسيلة والطلب وعرفا سؤال الخير من الغير للغير وشرعا طلب تعجيل دخول الجنة أو زيادة درجة فيها من الريب عز وجل لعباده المؤمنين فتكون للأنبياء وغيرهم ويختص نبينا عليه الصلوة والسلام منها بخصلة هى تقدمه إليها قبل كل شافع فلا يفتح بابها إلا له ثم من بعده يشفع من شاء الله أن يشفع قيل وهو عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا 4أىالمقام المحمود الذي في قوله تعالى :ظ يحمدك فيه الأولون والاخرون حيث لم يجدوا قبلك شافعا والشفاعة لاتكون إلا لمن جانب المحرمات وأدى الواجبات فلا شفاعة لغيرو مانلأشقيا لقوله تعالى « :ولا يشفعون إلا لمن ارتضى مه وقوله « واتقوا يوما لاو نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة م» وقوله « فما للظالمين من حميم ولا ششفيع يطاع » وهذه الايات عامة كا رأيت ففي الأرلى تصريح بأن الشفاعة مقصورة على من ارتضاه الله .وفي الثالثة دليل لنم نفسه أو ظلم غيو فلا تخص المشركين كاظل معلى نفيها اعنلظالم وهو اسم لك زعموا فانها وإن كان سبب نزولها خاصا فيهم فلا عبرة بخصوص السبب مع عموم اللفظ . قال نور الدين ويعضد هذه الآيات ماسيأتي من الأدلة القاطعة في تخليد أهل الكبائر فإنهم متى ثبت يدهم في النار بالقطعيات الاتية إنتفت عنهم الشفاعة في الموقف ضرورة ،فإن من ثبتت له الشفاعة في دخول الجنة لايدخل النار فضلا من أن _ ٨٢ خلد فيها 5قال وخالفت الأشاعرة فأثبتوا الشفاعة لأهل الكبائر تعويلا عل حديث أنه خبر واحدبوجوه أحدهاقال ويجابرووه (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) لايعارض القطعي وثانيها أنه لو لم يعارض قطعيا لما أوجب العلم وثالثها أنه عارضته روايةمثله ونصها (لاتنال شفاعتي أهل الكبائر من أمتي) فهذه بتلك على أن هذه قد عضدها الكتاب وتلك قد خالفته فوجب ،أما القول بوضع تلك الرواية كما ذهب اليه المحقق الخليلي قائلا أنه لو كانت الشفاعة لأهل الكبائر لتقرب اليه المتقربون بالكبائر ءوأما القول بأنها معلقة بشرط دل عليه الكتاب وهو ما اذا تابوا فإن من فعل كبية وتاب منها كان مستحقا لأن يشفع له غيو ولايلزم من هذا تخصيص الشفاعة بمن أق الكبية ثم تاب منها دون من أوفى في طول عمرو لتغليب من عصى فتاب على من لم يعص قط والفائدة في تخصيصهم بالذكر دفع اياسهم من رحمة الله وتسهيل الطريق لهم « قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله وحكم من قال بثبوت الشفاعة لأهل الكبائر أنه كافر كفر نعمة اذا كان متأرلا وإن قال ذلك بغير تأول للكتاب فهو مشرك لأن قوله مصادم للكتاب العزيز وذلك أن إجتاع الايات الدالة على نفي الشفاعة عن الظالم وقصرها على المرضي مع الايات الدالة على تعذيب أهل الكبائر قاطعة على نفي الشفاعة لأهل الكبائر فمن أثبتها لهم من غير تأويل كان رادا لهذه القواطع والراد لشيء من الكتاب مشرك ،روى جابر بن زيد رضي الله عنه أنه لما نزلت « وأنذر عشيرتك الأقربين » جعل رسول الله علكه يتفخذ أفخاذ قريش فخذا فخذا حتى اق على بني عبدالمطلب فقال (يابني عبد المطلب إن الله أمرني أن أنذركم ألا وإني لاأغني عنكم من الله شيئا ألا وإن أوليانى منكم المتقون 3 ألا لأعرفن ماجاء الناس غدا بالدين وجئتم بالدنيا تحملونها على رقابكم } يافاطمة بنت محمد وياصفية عمة محمد إشتريا أنفسكما من الله فإني لاأغني عنكما من الله شيئا) والله أعلم. باب الخلود في على مذاهب & أحدها وهو قولقال نور الدين رحمه الله الناس 5 الأشعرية أن أهل الشرك مخلدون في النار وأهل الكبائر مما عدا الشرك إما أن يعفا عنهم _ ٨٤ فلا يدخلونها وإما أن يعذبوا بقدر أعمالهم ثم يخرجون منها 5الثاني أن أهل النار مشركهم وفاسقهم غير مخلدين فيها ونسب هذا الى طائفة خرجت عن الاسلام © المذهب الثالث أن أهل الكبائر غير معذبين قطعا وإنما العذاب لأهل الشرك خاصة ونسب هذا الى مقاتل وبعض المفسرين ،المذهب الرابع أن الجنة والنار فانيتان بعد دخول أهل كل واحدة منهما فيها ونسب هذا القول الى جهم بن صفوان ،المذهب الخامس وهو مذهب أهل الاستقامة والمعتزلة أن أهل الكبائر من معاصي الله كانوا مشركين أوفاسقين مخلدون في النار دائما وأهل الطاعة مخلدون في الجنة دائما لكن أهل الاستقامة يقولون أن التعذيب بعدل الله والثواب بفضله والمعتزلة يقولون بوجوب ذلك عليه تعالى عن ذلك بناء على مذهبهم في التحسين والتقبيح العقليين ،وقد تقدم الجواب عنه فها نحن نشرع الان في بيان مذهب أهل الاستقامة وبيان حكم من خالفهم في ذلك من أهل تلك المذاهب كلها \فنقول إن من عصى بكبية ولم يتب منها حتى مات عليها فهو مخلد في النار دائما لقوله تعالى هل ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداه. قال نور الدين واعترض بإن المراد من عصى الله ورسوله في التوحيد واجيب بأن اللفظ عام ولامخصص وبقوله تعلىللإبلى من كسب سيئة وأحاطن به خطيئته فاؤلئك أصحاب النار هم فيها خالدون وإعترض بانا لانسلم أن صاحب الكبيرة أحاطت به خطيئته من كل جانب لأن له حسنات لايظلم اياها ويجاب بأنه أحبط حسناته بإصراره على الكبية فلم يظلم شيئا لأنه قد اخبر أنما يتقبل الله من المتقين ولاشك أن صاحب الكبية ليس بمتق فلم يتقبل الله شيئا من حسناته مع إصراره على الكبيرة ولاقبله إذا مات عليه وقوله تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيهامه وإعترض بأن المراد من قتل مؤمنا على إيمانه ولايقتل مؤمنا على إيمانه الا مشرك ،ويجاب بأن سياق هذه الاية ينفي هذا التعليل لأنه ذكر اولا حكم قاتل المؤمن خطاء ثم ذكر حكم قاتله عمدا والمحكوم عليه في كلا الموضعين واحد وقوله تعالى لإن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم يصلونها يوم الدين وماهم عنها بغائبين» فلو كانوا يخرجون منها لزم أن يغيبوا عنها والفجور شامل للشرك وغيو ٨٥ وإعترض بأن المراد بالفجار هنا الكاملون في الفجور كا في أولائكم الكفرة الفجر وجاب بأنه خلاف الظاهر من غير دليل وقوله لإوالذين لايدعون مع الله الها آخر لايقتلون النفس التى حرم الله الا بالحق ولايزنون ومن يفعل ذلك يلق يلق أثاما .يضاعف له العذاب يوم القيمة ويخلد فيه مهانا الا من تاب يمه ففي هذه الاية التصريح بأن قتل النفس الحرم قتلها بغير حق يوجب التخليد والزنا أيضا كذلك كا أن من يدعو مع الله الها اخر يخلد ويعترض عليه بوجهين أحدهما أنه قال اومن يفعل ذلك 4ولم يقل ومن يفعل شيئا من ذلك فظاهرما من فعل الشرك والقتل والزنا يخلد وجاب بأنه قد أجمعت الأمة وأوأنتم معهم بأن الشرك بالله تعال موجب للتخليد في النار وإعتراضهم هذا يبطل ذلك الاجماع لأنه يستلزم أن المشرك لايخلد الا إذا قتل النفس الحرام وزنا ،وإذا ثبت أن المشرك مخلد ولو لم يزني "فما فائدة ذكر القتل والزنا في الاية الا ليبنى عليهما حكم التخليد كا أن الشرك لو إنفرد صاحبه مخلد كذلك القتل الحرم والزنا © فلو إنفرد كل واحد منهما خىلد فاعله في النار الا إن تاب وثانيهما لادليل لكم في الاية على التخليد الأبدي فلم لايجوز أن يطلق التخليد على طول المكث من غير تأبيد ويجاب بأن هذا خلاف الظاهر بغير دليل وأيضا فهذا التخليد المذكور شامل للمشرك أيضا فيلزم أينكون تخليده أيضا غير أبدي } وقد إجتمعت الأمة قبل ظهور المخالف وبعده على الأخذ بهذه النصوص القرآنية مع ما يعضدها من الأحاديث النبوية التي بلغت في تعدد طرقها مبلغ التواتر وإن لم يتواتر لفظها فالقدر الذي تواطت عليه متواتر وقد تلقتها الأمة كلها بالقبول كحديث من قتل نفسه بحديدة وأحاديث لايجد ريح الجنة ونحوها ،لكن تأولها بمن فعل ذلك مستحلا لفعله فيكون بإستحلاله ماحرم الله مشركا. قال نور الدين وهذا التأويل صارف لتلك الأحاديث عن نصوصها وزائد فيها مالم يكن منها قال وليت شعريماالذي حملهم على الدخول في هذا المضيق فإن خبر الخرو ج من النار إنما هو خبر آحاد لايعارض القطعيات ولاينبت به العلم في الأمور الظنياتزو نة لايعمل به فوالخبر المجهولرجاله جهالةوربما وقع فالاعتقاديات فضلا من أن يعول عليه في القطعيات. ٨٦ وحكم من نفى العذاب عن الفاسق مطلقا وحكم من نفى عنه التخليد فهو كافر كفر نعمة ويدخل تحته من قال أن صاحب الكبية لايعذب بل يدخل الجنة مع السعداء وفيه إغراء بمعصية الله تعالى فان من علم أنه إن آتى الكبية لايعذب سارع في إتيانها وفيه ايضا تعطيل للحكم الشرعي وهو تحريم الكبيرة فان مالا يعاقب على فعله ليس بمحرم فأين هو من قوله تعالى ئإولاتقربوا الزنا إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرامه وقوله «لإومن يقتل مؤمنا متعمدايمه الاية وأمثالها. قال نور الدين وإنما قلنا أن هذا كافر نعمة ولم نحكم بشركه مع ما خالف من تلك النصوص لأنه يتأولها بنحو قوله تعالى طإفأنذرتكم نارا تلظى لايصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولىي%ل» قال فقد قصر الب تعالى النار على من كذب وتولى والفاسق لم يكذب وجوابه أن هذا القصر إضافي لاحقيقي فإنه إنما قصرها على من كذب وتولى بالنظر الى إنقسام الناس يوم نزولها الى مكذب ومصدق ليفيد الترغيب فى التصديق والترهيب في التكذيب وجواب اخر أن قصر إصلاء النار إنما هو على الشقي وهو إسم شامل للمشك والفاسق وما بعد الشقي فهو وصف له لم يتناوله القصر لكن فهم منه على سبيل مفهوم الصفة وقد عرفت أن مفهوم الصفة دليل ظني اختلف في وجوب العمل به فضلا من أن يثبت به العلم الاعتقادى وجواب اخر لابي طاهران النار أبواب فالقصر انما هو لباب منها فلا ينافي تعذيبهم في باب اخر .واذا ثبتت هذه الاحتالات قطعنا أن المراد بالاية غير ظاهرها لثبوت القاطع بخلافه وقوله تعالى : ل انا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى » وجوابه ليس في الاية قصر العذاب على المكذب المتولي .وانما فيها اخبار عنه آنه معذب وخص بالذكر في الاية لاقتضاء المقام ذلك فانه في خطاب فرعون فلو قال أن العذاب على من كذب أو فعل كبيرة مع التصديق لم يناسب المقام . أما القائلون بأن صاحب الكبيرة غير مخلد وأن عذب فانهم يقولون هو في مشيئة الله إن شاء غفر له وعفا عنه بلا تعذيب .وإن شاء شفع فيه من شاء .وإن شاء عذبه في ناره بقدر عمله أوبالإهاشاء من المدة ثم يقطعون بخروجه منها ويتأولون في _ ٨٧ ذلك آيات منها قوله تعالى « :لابنين فيها أحقابا ه والأحقاب جمع حقب وهو ثمانون سنة وأكثر جمع القلة عشة .فتكون الثانون عشر مرات وجوابه أن الاية في المشركين خاصة لقوله تعالى :فل انهم كانوا لاييجون حسابا وكذبوا باياتنا 4كذابا فيلزمكم عدم تخليد أهل الشرك وأنتم لاتقولون به والكتاب يرده فوجب حمل الاحقاب /عدم الغاية أي مدة غير متناهية ومنها قوله تعالى ::فمن يعمل مثقال ذرة خيرا .ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره :قالوا ا فالاية دالة على أن من عمل خيرا ا رآه ومن عمل شراه : .قلنا إن حملتموها على ظاهرها لم تقد إلا العلم بعملهم لا الجزاء عليه فالله عز وجل يرى الكافر عمله لا لينتفع بهبل ليكون حسرة عليه كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وماهم خارجين من النار وإن حملتموها على رؤية جزاء الاعمال وجب دخول المشرك فيه وأنتم لاتقولون به فان قيل أن المشرك خرج بدليل اخر دل على احباط عمله قلنا وكذلك الفاسق دل الدليل على أن عمله غير مقبول إنما يتقبل اللة من المتقين فوجب حمل الروية في الاية على العلم بالأعمال لا على وجود جزئها من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها .ومن جاء بالسيئة فلا مجزىومنها قوله تعالى :ط إملامثلها مه مقعوله تعالى « :وما ربك بظلام للعبيد لا أضيع عمل عامل منكم 4 وجوابه أن الحسنة المضاعفة هى حسنة المؤمن لقوله تعالى :لأ من جاء بالحسنة فله خير منها ه وهم من فزع يومئذ آمنون ولاشك أنه لا يأمن من فزع ذلك اليوم إلا لمؤمن ومن لم تقبل حسناته لفسقه فهو الظالم لنفسه والمضيع لعمله فلم يظلمه ا له وم يضيع عمله ومنها قوله تل إن الله لا يغفر أن يشك به ويغفر مادون ذلك لمينشاء 4 مع قوله تعالى « :قل ياعبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا » قالوا ففي هذه الاية دليل على أن جميع الذنوب مغفورة ثم أخرج من جميعها الشرك بقوله ل لا يغفر أن يشك به » فبقي ما عدا الشرك من الكبائر في المشيئة لقوله < ويغفر مادون ذلك لمن يشاء مه قلنا أن في الاية الثانية غفران الذنوب كلها .فاخرج الشرك على زعمكم فوجب أن تقولوا أن ماعدا الشرك مغفور فصاحب الكبيرة مغفور له قطعا فينتقض مذهبكم ولا ينفعكم قولكم لمن يشاء فانه قد علق بالمشيئة أشياء قطعتم بثبوتها فقد قال تعالى :ويعذب المنافقين إن _ ٨٨ شاء أو يتوب عليهم ل وأنتم تخصون اسم المنافق بمن أخفى الشرك وأظهر الاسلام وجزمتم بتخليدهم وتعذيبهم في النار وقال تعالى :فل وقالت .اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء » وقد قطعتم بتعذيب اليهود والنصارى وتخليدهم فما بالكم لا تعلقون تعذيبهم على المشيئة فان قيل أن الله قد أخبرنا بقوله إن الله لايغفر أن يشك به إن المشركين لايغفر لهم فبقي من عداهم في المشيئة قلنا إن أردتم بالشرك الشرك اللغوي فلا يشمل جميع اليهود والنصارى فان منهم الموحد لغة والقرآن نزل على لغة العرب لا على الاصطلاح الثاني وإن قلم أن اسم الشرك وضعه الشرع لكل من أشرك أو كذب رسولا أو أنكر كتابا والاية على هذا الوضع فخرج اليهود والنصارى من المشركين مع ,_ٍمن خرج . قلنا وكذلك ايضا الفاسق قد خص بات اخر تدل على القطع بتعذيبه كا في آكل مال اليتم ظلما وقاتل المؤمن عمدا ونحوهما .فظهر أن المغفور له هو التائب وهو الذي شاء الله أن يغفر له لخرو ج المشركين بأدلة وأهل الكبائر بأدلة أخرى فان قيل أن ويغفر مادون ذلكالمشرك والفاسق مغفور لهما بالتوبة أيضا فما فائدة قوله تعالى : لمن يشاء » قلنا فائدته التنبيه على أن ليس كل تائب مقبولة توبته وإنما يقبل الله توبة من يشاء فيغفر له فان قيل وعد الغفران بوجود التوبة فمهما وجدت وجب قبولها لان وعده الحق قلنا نعم إن وعده حق وإن التوبة النصوح مقبولة عنده لابوجوب عليه بل بتفضل منه لكن للتوبة المقبولة شروط .فمن شاء أن يغفر له وفقه على تلك الشروط فو بها فهذه فائدة التعليق بالمشيئة لا ما زعمتموه ،وأما فائدة الاطلاق في نفي غفران الشرك في الاية مع أنه مغفور بالتوبة في ايات أخر فهي لتعظيم كبية الشرك على كبائر الفسق وتهويل شأنه حتى ينفر عنه السامع فلا تحوم حول حماه ومنها قوله تعالى في أهل النار وأما الذين شقوا ففى النار خالدين فيها مادامت السموات والأيض الا ماشاء ربككه قالوا فالاستنناء في الاية دليل على أن الخلود غير أبدي وإلا فما معناه 3أجيب بأنه لادلالة في الاستثناء على الخروج منها فإنه يصح أن تكون المدة المستثناه هي ما ابين خروج أرواحهم الى وقت دخولهم فيها 0كا نقول نقعد غدا _ ٨٩ كلها مع زيد الا مدة نصنع فيها كذا فيصح أن تكون تلك المدة المستثناه قبل القعود مع زيد وذلك أن الله أوعد الاشقياء بالخلود في النار في الدار الاخرة وأن من مات فقد حضرت آخرته وقامت قيامته بناء على القول بأنه ليس بين الدنيا والاخرة مدة فصح إستثنأهم من وقت ماقبل الدخول ويحتمل أن يكون الاستثناء لوقت أراد الله فيه تعذيبهم بغير النار 0كالزمهرير وهو واد في النار اذا أدخل فيه الشقي استغاث منه الي النار 0وفائدة إدخالهم فيه تنويع عذابهم فهم خالدون فيها بالنظر الى أنه واد فيها وجزؤ منها ،ومخرجون منها بالنظر الى أن نوع عذابه يخالف نوع عذابها ،وأيضا فلو قيل أن الاستثناء دال على خروجهم منها للزم عدم تخليد الفاسق والمشرك فإن إسم شامل فم والاستثناء وارد على خلودهم جميعا وايضا فهذا الاستثناء بعينه جاءالشقى في تخليد السعداء فيلزمكم ايضا عدم تخليدهم في الجنة 0وحكم من قال بعدم خلود أهل الكبائر في النار ومن قال أنهم غير معذبين أصلا أنه كافر كفر نعمة لتعلقه بظواهر هذه الايات. قال نور الدين رحمه الله وللقائلين بعدم الخلود اعاجيب منها ،قالوا إن العصاة اذا دخلوا النار يموتون بعد الدخول بساعة علم الله مقدارها © قال م اختلفوا في كيفية حتى يخرجواالموت فقال بعضهم انهم يفقدون أل العذاب ولايحسون بشأيصلا منها ءواختار اخرون أنهم يموتون موتا حقيقيا بزهق أرواحهم لإقل هل عندم من سلطان بهذا أم تقولون على الله مالاتعلمون إ ولهم حديث يطول ذكره ويشهد الكتاب برده فلا حاجة لذكره هنا على أنه آحادي الاسناد فعلى تقدير صحته لاينبت به الاعتقاد فكيف فولا أن يعولوا عليه دينا وأن يجعلوه علما يقينا لأقل آلله أذن لكم أم على الله تفترونئه. وورد الفرق بين منازل أهل النار في العذاب فمن ذلك ماروي عنه عفك أنه كان يقول ( أن أهون أهل النار عذابا رجل في إخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه كا يغلي المرجل بالقمقم ما يرى أن أحدا أشد منه عذابا وأنه لأهونهم عذابا ومنهم من هو في النار الى كعبيه مع أجزاء العذاب ومنهم من هو في النار الى ركبتيه مع أجزاء العذاب ومنهم من قد اغتمر) وفي رواية( أن أدنى أهل النار عذابا لرجل عليه نعلان ٩٠ يغلي منهما دماغه مسامعه جمر وأضراسه جمر وأشفار لهب النار وأن منهم من يغلي كحبات قليل في ماء كثير ) & وقال سويد بن غفلة اذا اراد الله أن يكسو أهل النار جعل للرجل منهم صندوقا على قدره من نار لاينبض منهم عرق الا وفيه مسمار من نار م تضرم فيه النار غم يقفل بقفل من نار غم يجعل ذلك الصندوق في صندوق من نار م يضرم بينهما نار ثم يقفل ثم يلقى أو يطرح في النار فذلك قوله تعالى لمن فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل فإذا يئس القوم فما هو الا الزفير والشهيق تشبه أصواتهم أصوات الحمير أولها شهيق واخرها زفير ،نسأل الله العافية وللقائلين بأن النار فانية وأن أهل النار جميعا مشركهم وفاسقهم ينقطع تعذيبهم أدلة منها قوله عيقةه رحتى يضبع الجبار فيها قدمه فتقول قط قط أي كفاني ) ورووا أنه ينبت فيها شجر الجرجير ،وعن عبدالله بن عمرو بن العاص ليأتين على النار يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها احد وذلك بعدما يلبثون فيها احقابا. قال نورالدين ولاتعلق لهم بالحديثين لأن قولها قط قط أي حسبي حسبي لايدل على إنقطاع عذابهم وإنما يدل على أن أهلها يكفونها يوم نقول لجهنم هل إمتلأت وتقول هل من مزيديهه } وكذلك حديث إبن عمرو فإنه لايدل على أن عذابهم منقطع فعلى تقدير صحته فيحتمل أنهم أخرجوا الى الزمهرير لتنويع عذابهم واستدلوا ايضا بأدلة عقلية © الأول أن القوة الجسمانية متناهية فلابد من فنائها والجواب منع تناهيها & الثاني دوام الاحراق مع بقاء الحياة خرو ج عن قضية العقل الجواب هذا بناء على شرط البنية وإعتدال المزاج ولانقول بدليل الحياة بخلق الله تعالى وقد يخلقها دائما ابدا أويخلق في الحي قوة لاتخرب معها بنيته بالنار وحكم هؤلاء أنهم كافرون كفر نعمة ،قال نورالدين في حكم هذه الفرقة بأن يقال أنهم مشركون لأن تأويلهم هذا ليس بالتأويل القوي حتى يرفع عنهم حكم الشرك ،وللقائلين بأن السعداء والأشقياء جميعا يدخلون النار أدلة منها قوله تعالى «لؤوإن منكم الا واردها كان على ربك حتا مقضيا ثم ننجي الذين إتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ،قال نور الدين ولادليل لهم فيها لأن قوله وإن منكم خطاب لمنكري البعث لقوله تعالى «إويقول الانسان اءذا مت لسوف أخرج حيا أو لايتكر الانسان انا خلقناه من قبل ولم يك شيئا فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم ٩١ لنحضرنهم حولا جهنم جثيا ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليائمه ثم قال على سبيل الالتفات وإن منكم الا واردهاه؛ أي يامعشر منكري البعث ثم قال ثم ننجي الذين إتقوا والنجاة من الشيء لاتكون الاقبل الوقوع فيه فلما جاء امرنا نجينا هودائمه فلم يكن هودا ومن معه داخلين معهم فى العذاب. وأعلم أن أصحابنا جعلوا الخطاب في اية الورود عاما للمؤمنين والكافرين وفسروا الورود في حق الكافرين بالدخول وفي خق المؤمنين بالاشراف فيلزم عليه إطلاق الكلمة على معنييها الحقيقيين أن قلنا الورود مشنرك بين الدخول والاشراف أوالحقيقي والمجازي أن قلنا بأنه حقيقة في احدهما فنلخص أن مذهبهم جواز ذلك وحكم هذه الفرقة أنهم كفار نعمة لان تأويلهم هذا مخالف لايات الكتاب منها قوله تعالى إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولثتك عنها مبعدون لايسمعون حسيسهائم ويعترض عليه من وجوه احدها ان الاية عامة مراد بها الخصوص فهي في ناس مخصوصين ويجاب بان الاصل عدم المخصص ولا ينبت التخصيص الا بدليل وليس قي آية الورود دليل يخصص به وثانيها ان قوله اولفك عنها مبعدون يحتمل ان يكون الابعاد قبل الدخول فيها ويجاب بانه يلزم عليه ان يكون الابعاد غير حقيقي بل مجازي ولا يصح العدول به عن حقيقته الا بدليل او نقول ان الابعاد مطلق ولا يصح تقييده بوقت دون وقت الا بدليل وايضا فلو كانوا قربوا منها ثم بعدوا عنها يلزم ان يكونوا .مقربين منها مبعدين عنها . وثالثها ان الاية دلت على اهم لا يسمعون لما حسا ويجاب بانه كناية عن عدم قربهم اياها قيستلزم عدم دخولهم فيها ومنها قوله تعالى لا يحزنهم الفزع الاكبر وقوله وهم من فزع يومئذ امنونؤه» فلو كانوا يدخلون النار لاحزنهم ذلك ولما امنوا من فزع ذلك اليوم ويعترض عليه من وجهين احدهما انه يحتمل ان الموصوفين بذلك ناس مخصوصون من المؤمنين ويجاب بانه تخصيص بلا مخصص وثانيهما انه لا يستلزم دخولهم النار والحزن والخوف لامكان ان يخلق الله الا من قلوبهم ويرفع الحزن عنهم جاب اما اولا فان رفع حزن من يرى انه معذب وخلق الا من في قلبه خلاف الظاهر _ ٩٢ واما ثانيا فانه وان امكن ذلك فيحتاج ثبوته الى دليل وما من دليل ومنها قوله تعالى للفريق في الجنة وفريق في السعير فلو دخلوها جميعا لزم بطلان هذا التقسيم لانهم يكونون فريقا واحدا ويعترض عليه بان محل التقسيم بعد خروجهم من النار ويجاب بانه دعوى تحتاج الى دليل . قال نور الدين رحمه الله واعلم ان حكم كفر النعمة انما كان على هؤلاء لما ادى اليه مذهبهم من تعذيب المؤمنين كا زعم بعضهم ان هذه الامة لا يصلحون لسكون الجنة الا بعد تصفيتهم بالنار فتزيل الغش عنهم اما من زعم انهم يدخلونها وهي خامدة لا يسمعون لها حسا ولا يجدون منها الما ولا يعلمون اين هي ولا متى مروا عليها فلا يقضي لهم قولهم هذا اى تفسيق لانهم لم يخالفوا فيه قطعيا الاحتال ان يؤول قوله تعالى اولئك عنها مبعدونيمه اي عن عذابها وان كان محتاجا الى دليل اما القائلون بان الجنة والنار يفنيان بعد دخول اهل كل فيها ويفنى اهلهما فيبقى الله وحده فحكمهم انهم فاسقون لتأولحم نحو قوله تعالى كل شيء هالك إلا وجهه وتأولهم الخلود في ايات الخلود بالمكث الطويل مثلا وتاولهم الابد بالمبالغة في طول المكث مثلا قال نور .الدين وقد ظهر لي بعد ذلك انهم مشركون لان شبهتهم هذه لا ترفع عنهم حكم الشرك لأن تأويلهم ليس بتأويل يقبل لابطاله تلك القواطع والله اعلم . وا لقد ر‏ ١لقضا ءبا ب يجب الايمان بالقضاء والقدر كا يجب الايمان بالرسل والملائكة والكتب واليوم الحر عملا بقوله علل لعبادة بن الصامت «انك لن تجد ولن تبلغ حقيقة الايمان حتى تؤمن بالقدر خيو وشه انه من الله تعالى» قال يا رسول الله وكيف لي ان اعلم خير القدر وشره قال تعلم ان ما اصابك لم يكن ليخطئك وما اخطاك لم يكن ليصيبك فان مت على غير ذلك دخلت النار وبقوله عفك وقد سعل عن الامان ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ولقائه واليوم الاخر وان تؤمن بالقدر خيو وشو انه من الله تعالى والقضاء بالقصر والمد اتمام الشيء قولا وفعلا والقدر بفتح الدال وسكونها هو ما ٢٣ يقدره الله من القضاء والفرق بينهما في الاصطلاح هو ان القضاء عبارة عن ثبوت صور جميع الاشياء في العلم الاعلى على الوجه الكلي والقدر حصول صور جميع الموجودات في اللوح المحفوظ وقد يطلق القضاء على الشيء المقضي نفسه وهو الواقع في قوله عليه الصلوة والسلام اللهم اني اعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الاعداء والرضى به لا يجب على هذا المعنى ولذلك استعاذ منه والواجب الرضى بالقضاء اي بحكم الله وتصرفه اما المقضي فلا الا اذا كان مطلوبا شرعا كالايمان ونحوه وقد ورد ان الله تعالى يقول همن لم يرض بقضافي ولم يشكر نعماني ولم يصبر على بلاني فليتخذ الها سوافي&ه والقدر مرضي لان التقدير فعل الله لا المقدر اذ يمكن ان يكون في تقدير القبيح حكمة بالغة وسر القدر هو ان يمتنع ان تظهر عين من الاعيان الا حسب ما يقتضيه استعدادها ولم يجوز لنا الشرع ان معن الفكر ونستقصيه في القدر لقوله عه «لكل امة جوس وجوس هذه الامة القدرية» وقوله عه «المرجئة يهود هذه الامة والقدرية مجوسها» وقوله عيه «لعنت القدرية على لسان سبعين نبيا قبلي» والمراد بالقدرية الخائضون في القدر والمتكلمون فيه بما لا يحل وهم صنفان صنف منهم انكروا ان تكون افعالهم خلق لله تعالى ونسبوا خلقها لانفسهم وهو مذهب المعتزلة بجميع فرقهم وصنف نفوا الكسب عنهم واضافوا جميع افعالهم الى الله عز وجل على سبيل الجبر منه لهم ورفع الاختيار عنهم وجعلوا انفسهم كالجت في يد المغسل وكالخيط في الهواء تقلبه الرياح لا يستطيع امتناعا وسياتي بيان شبه الصنفين ورد قولهم عليهم وذهب اهل الاستقامة والاشعرية الى التوسط بين الحالين فقالوا ان افعالنا خلق لله عز وجل وهي لنا اكتساب فنثاب ونعاقب على اكتسابنا لا على خلق الله افعالنا بدليل قوله تعالى فلها ما كسبت وعليها ما اكتسبت%ه فالاية صريح في إثبات الكسب والاكتساب لها وهي مبطلة لمذهب الجبرية ولقوله تعالى وانه هو اضحك وابكى فالاية صريح على ان الله تعالى هو خالق الضحك والبكاء فيهم وهو فعل لحم وهذا مبطل لمذهب المعتزلة واعترض عليه بان اسناد الفعل اليه مجاز عقلى والمراد انه فاعل سبب الضحك والبكاء لا نفسهما والجواب ان الاصل عدم المجاز ولا يصار اليه الا بقرينة من ارادة الحقيقة وليس هنا قرينة فاذا جمعت بين قوله انه هو أضحك .وابكى ٩٤ وقوله لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت حصل لك طريق اثبات خلق الافعال لله وعن عكرمة عن ابن عباس ان سئل عن القدر فقال الناس فيه على ثلاث منازل من قال ان في الامر المشيئة الى العباد وان الاعمال مفوضة اليهم ولا قدر فقد ضاد الله في امره ومن اضاف الى الله شيئا مما ينزو عنه فقد افترى عظيما على الله عز وجل ورجل قال ان رحمت فبفضل الله فذلك الذي سلم له دينه ودنياه وإول من قرر وقدعطاءالفاسد واصل بنالمذهبهذابقدرة العبد وخلقه الفعل وقررلقواعد القول تلمذ للحسن البصري ومكث في مجالسته عشرين سنة وقال ان الباري عادل حكم لا به ولا يجوز عليه ان يخلق للعباد شيا فتجازيهم عليه والعبد هو الفاعل للخير والشر والطاعة والمعصية والله سبحانه وتعالى مجازيه بفعله وقال ليس من الحكمة ان يكون الله سبحانه وتعالى يخلق الكفر للكافرين به وهو مبغض للكفر ومعاد للكافرين فيكون قال نور الدين وهذا مبني على جعل العقل حاكا على الشرع ولا يجوز عندهم ان يرد الشرع بخلافه وحاصل ما عول عليه ها هنا ثلاثة اشياء احدها انه لا يجوز ان يضاف الى الله شين ولا قبح لانه عدل ولا شك ان افعال المعاصي قبح وشين فلا تصح اضافتها اليه وجوابه ان القبح والشين في اكتسابها لا في خلقها وبيان ذلك ان القبح عندنا معشر الاباضية وعند من وافقنا على ذلك ما نهى عنه الشرع لا ما قبحه العقل فقط لأن الحسن والقبح شرعينان عندنا واما المعتزلة فعندهم انهما عقليان © والثاني انه لا يجوز عليه تعالى ان يريد من العباد خلاف ما يأمرهم به فعنده ان الارادة لازمة للامر وجوابه ان المعاصي قد صدرت من فاعلها فاذا كان الله لم يرد صدورها منه فيكون مغلوبا حيث كان من المعاصي شيء لم يرد الله وقوعه فيكون مكرها مقهور قال نور الدين وقد وقع هذا الجواب من ابي عبيدة رضي الله عنه لواصل روي نقالابوعبيدةقائد واصل هذانقالوكانا اعميمنعبيدةابيلقاءيتمنىواصلا كانان _ ٩٥ واصل لابي عبيدة انت الذي تقول ان الله يعذب على القدر فقال لا ولكني اقول ان الله يعذب على المقدور أنت الذي تزعم ان الله يعصى باستكره فانقطع واصل ثم قيل له سألته فتخلص وسألك فوقفت فقال بنيت له بنيانا منذ ثلاثين سنة فهدمه وهو واقف والفرق بين القدر والمقدور في كلام ابي عبيدة ان القدر فعل الله والمقدور كسب العباد ،الثالث انه لا يجوز ان يخلق الله للعباد فعلا فيجازيهم عليه وحاصله انه لو كانت افعالنا خلقا لله تعالى لم يجز ان يجازينا عليها وجوابه ان الجزاء على اكتسابنا لها لا على خلقه اياها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت تلك امة قد خلت ها ما كسبت ولكم ما كسبتم اولفك لهم نصيب مما كسبوا ونحوها من الايات وبيانه ان للفعل جهتين جهة خلق اي اباد واختراع وهي لله تعالى وبها تعلقت قدرته وجهة كسب وهي للعبد وبها تعلقت قدرته وليس فيما يفعله الحكيم قبح وانما القبح في افعالنا اذا خالفت اوامره وتشبثوا من الكتاب العزيز بآيات وهي انواع الأول ما فيه اضافة الفعل الى العبد نحو فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم ذلك بأن الله لم يك مفير نعمة انعمها على قوم حتى يغيروا ما بانفسهم الثاني ما فيه مدح وذم نحو وابراهيم الذي وفي كيف تكفرون بالله وما فيه وعد ووعيد كقوله من جاء بالحسنة فله عشر امثاشا ومن يعص الله ورسوله فان له نار جهنم الثالث الايات الدالة على ان افعال الله تعالى منزهة عما يتصف به فعل العبد من تفاوت واختلاف وقبح وظلم كقوله ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ونلو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا الذي احسن كل شيء خلقه وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين الرابع تعليق افعال العباد بمشيئتهم اي الايات الدالة عليه نحو فمن شاء فليؤمن ومن شاء فيلكفر الخامس الامر بالاستعانة نحو اياك نستعين استعينوا ولا معنى للاستعانة فيما يوجده الله في العبد بل فيما يوجده العبد باعانة من ربه السادس اعتراف الانبياء بذنوبهم كقول آدم ربنا ظلمنا انفسنا وقول يونس عليه السلام سبحانك اني كنت من الظالمين السابع ما يوجد في الاخرة من الكفار والفسقة من التحسر وطلب الرجعة نحو ارجعوني لعلي اعمل صالحا لو ان لي كرة فاكون من المحسنين والجواب حمل الايات التي فيها اضافة الافعال الى العبد وجزاؤه عليها على كسبه لما وحمل ايات الاستعانة على طلب التوفيق ٩٦ لكسبهم افعال الخير واعانتهم على ذلك اذ ليس في كل هذا تصر بان العبد خالق لفعله واضافة الفعل اليه تكفي لوجه ما لو بادنى ملابسه كيف ولا يخفى ان كسب الفعل ملابسة قوية فيصح ان يضاف الفعل الى كاسبه وان يستعين العبد بغيو على كسبه وكذلك الايات التي فيها حكاية تأسف المجرمين وتحسرهم يوم القيامة وطلبهم الرجو ع ليعملوا فانما كان ذلك منهم لتفريطهم في الكسب لا في الخلق واما الايات الدالة على تنزيه افعاله تعالى عن القبح والشين والظلم فليس فيها دلالة على ان افعالهم مخلوقة لهم وانما تدل عليان خلق الله حسن وليس في خلقه قبح ولا يظلم احدا وانما القبح والظلم في اكتسابنا لها اذا خالفنا فيها المشرو ع وبهذا الجواب تنحل جميع شبههم ان شاء الله . لنذكر الادلة التي نستدل بها ولا يمكنهم الجواب عنها ان شاء الله منها قوله تعالى «لإخالق كل شيله الاية واعتراض عليه بثلاثة اوجه احدها ان الاية عتامة لكل ما اطلق عليه اسم الشيء فان حكمتم بعمومها لزمكم ان يكون الله مخلوقا لانه شيء وجوابه ان دليل العقل قد خصص ما ذكرتم من عموم تلك الاية لان العقل قاض بانه لو كان الله مخلوقا للزم ان يكون له خالق هو غيو فيتسلسل او يدور الثاني ان الخلق بمعنى التقدير وعلى هذا فنحن نقول بعموم الاية لأن الله مقدر كل شيء وجوابه ان للشرع وضغا نقل فيه بعض العربية الى معان اخر فكانت حقيقة شرعية فيها منها الصلوة في العبادة المعروفة والصوم في الامساك المخصوص والزكوة في النصيب المحدود وكذلك الخلق ان اضيف اليه تعالى فان الشرع لم يستعمله مضافا اليه تعالى الا وهو معنى الايجاد والاختراع الثالث ان الاية عامة وانتم تقولون ان دلالة العام ظنية فما بالكم قطعتم بها هنا وجوابه ان القطع بها حيث قضى العقل بمقتضاه واجمعت الامة على ان المراد منها عمومها وكلا الوجهين قطعي ولا عبق بخلاف المعتزلبة فيها بعد انعقاد الاجماع ومنها قوله تعالى وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى فانه تصريح باسناد الرمي واعترض بان الزمي في الآية بمعنى الاصابة اياليه تعالى ولاشك انه فعل النبي ع وما اصبتهم اذ رميتهم ولكن الله اصابهم وجوابه ان اطلاق الرمي على الاصابة مجاز اي وعملكممحتاج الى قرينة ولا قرينة ومنها قوله تعالى لإوالله خلقكم وما تعملون _ _ ٩٧ واعترض بان ما موصولة والتقدير والله خلقكم والذي تعملون به والمراد الالة التي بها العمل . قالوا لو لم تكن الاية على هذا المنوال للزم اخلال النظم القرآني فانها صدرت من ابراهيم عليه السلام على سبيل التوبيخ لهم على عبادة الاصنام التي ينحتونها بايديهم فلو اراد الله خلقكم وعملكم للزم ان يكون عذرا لهم لا توبيخا وجوابه انه يلزم ما ذكرت ان لو كانوا مجبورين على اتيان ذلك العمل الذي خلقه الله فيهم ونحن لانقول به بل نقول ان الله خالق أعمالهم وجاعل لهم اختيارا فيها واكتسابا فالتوبيخ على اختيارهم ما نهوا عنه واكتسابهم لخلاف ما طلب منهم مع انه تعالى خلقهم وخلق فعلهم وجعل لهم قدرة على اكتساب ذلك الفعل فامرهم ببعضه ونهاهم عن بعضه فهذه ادلة نفلية ولنا ادلة عقلية منها انه لو كان غيو تعالى خالقا للزم ان يكون ذلك الخالق الها لما خلق فتعدد الالحة وبيان الملازمة انه تعالى اشار الى ان الخلق صنعة يختص بها الاله في قوله اذا لذهب كل اله بما خلق واذا كانت صفة الخلق وهي الايجاد والاختراع مختصة بالاله لزم من تعددها تعدد الالهة اذ لا يتصف بها الا من كان الها والعقل قاض بذلك اما قوله تعالى «لؤاذ تخلق من الطين كهيئة الطيرمه وقوله «لإوتخلقون افكامه فالخلق فيها مجاز وكذلك ما اشبههما والمراد تصور من الطين وتجبعلون الافك حديثا لكم فصح ان افعال العباد خلق الله تعالى لا غيو وانما لنا الاكتساب في افعالنا وعليه يترتب الثواب والعقاب والمدح والذم لا كما زعمت الجبرية لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ومن هنالك نال من نال بالاكتساب اعلى المراتب وهو مشاهد اكثر من ان يذكر فمنه تحصيل العلم لطالبه ونيل العز للمجد فيه وكرامات الاولياء التي لا تكاد تحصر فانا نعلم ان هذه الاشياء انما حصلت بسبب اكتساب طالبها لاسبابها وجده في استعمالها لا بخلقه تلك سنة الله ولن تبد لسنة الله تبديلا الا النبوة فلا تحصل بالكسب لمستعمل اسباب تحصيلها لانها شيء خص الله به من يشاء من عباده من غير اكتساب منهم لها فتاتيهم على وجه الاضطرار لا الاختيار وكذلك الرسالة نظرا الى الكون عند الله رسولا وقبل النبوة ضرورية نظرا الى الكون عند الله نبيا والرسالة اكتسابية نظرا الى جانب التبليغ فالخلاف بين المسلمين في كونهما ضروريتين _ ٩٨ واكتسابيتين لفظي اما الجبرية فقالوا ان الله جبر الانسان على فعله ولم يجعل له استطاعة توصله الى كفره ان شاء كفرا او طاعة والاستطاعة عرض يخلقه الله في الحيوان يفعل به الافعال الاختيارية وهي عندنا وعند الاشعرية مقارنة للفعل وعند المعتزلة موجودة قبل الفعل . قال نور الدين والخلاف فيها مبني على الخلاف في خلق الافعال فحكم من قال بمقالة الجبرية انه كافر كفر نعمة لانه حمل افعاله جميعا على الله تعالى ويبطل مذهبه هذا ارسال الرسل وانزل الكتب والوعد والوعيد والمواعظ والحكم والمدح والذم لأن من كان محجبورا على فعل من الافعال مضطرا اليه لا يستطيع عنه محولا كان ارسال الرسل اليه ووعده ان امتثل ووعيده ان لم يمتثل مع انه لا يستطيع شيئا من ذلك عبئا لا يليق بشأن الحكيم ولا يستحق المدح على امتثاله ولا الذم على عدمه اجاب الجبرية بانه استحق المدح والذم لما خلق الله فيه ذلك الممدوح والمذموم كا يقال في الالوان هذا حسن وهذا قبيح فيمدحان بفعل الغير اذ من المعلوم انها لم تكتسب بنفسها الحسن والقبح وارسال الرسل وانزال الكتب والوعد والوعيد علامة لأهل النسعادة وأهل الشقاوة قلنا عن الاول ان المدح والذم في الالوان ليس كالمدح والذم في الافعال الاختيارية فان الحسن من الالوان حسن في اي محل كان وكذلك القبيح منها والجسن من الافعال يختلف باختلاف امر الشرع ونهيه فيكون في حق هذا حسنا اذا امر به وفي حق هذا قبيحا اذا نهى عنه فرأينا الحسن والقبيح تابعين لامر الشارع ونهيه لا محلهما كالالوان وعن الثاني بانا لا نسلم ان ارسال الرسل وانزل الكتب للتعريف بان هذا سعيد وهذا شقي اذ لو كان كذلك لا كان للمواعظ والزجر والتهديد فائدة . قال نور الدين وانما قلنا بفسق هولاء القائلين بالجبر على الافعال الاختيارية ولم نقل بتشريكهم في هذه المسألة لتعلقهم فيها بظواهر آيات كا في قوله تعالى «إوانه هو اضحك وابكى وانه هو امات واحيامه قالوا فقد اخبرنا في هذه الاية عن افعالنا الاختيارية وهي الضحك والبكاء والاضطرارية وهي الاماتة والاحياء واضاف الكل الى نفسه ولم يفرق بين اختياري واضطرارى قلنا الاضافة اليه بالنظر الى انه خالق ذلك لا لانه المجبر عليه فاين دليل الجبر لا يقال ان خلقه لها جبر عليها لما سيأتي ان الخلق غير ٩٩ الجبر لا عينه 3قال نور الدين فجميع مااستدللنا به من الايات الدالة على ان الله خالق افعال العباد استدل به هؤلاء على ثبوت الجبر في الافعال الاختيارية قالوا وجوابهم اجمالا ان تلك الايات لم تدل الا على ثبوت خلق الفعل من الله تعالى ولا تدل على ثبوت الجبر فلو دلت على ثبت الجبر لزم تناقض القرآن لانه صرح بان الجزاء انما هو باعمالنا اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون ذلك بما قدمت ايديكم الى ما لا بحصى عددا فاين مقام الجبر . قال نور الدين واعلم انه لا يمكن الجمع بين الايات الدالة على ثبوت الفعل من الله وبين الايات الدالة على ثبوته من العبد الا بجعلنا للفعل جهتين احدهما تضاف اليه وهي الخلق والاخرى تضاف الى العبد وهي الاكتساب والجمع على غير هذا الطريق يستلزم صرف جملة من القران الى خلاف الظاهر من غير دليل وخلق الله تعالى لافعالنا وعلمه بهن لا يستلزمان الجبر على اتيانهن لان خلقه لهن وعلمه بهن لا ينافيان الاكتساب والاختيار الصادرين منا فانه وان خلقها لنا لا يكون محبرا لنا على فعلها لانها كانت باختيارنا وكسبنا وكذلك علمه بهن فانه عالم بجميع ما كان وما يكون كذلك لا يوجب الجبر ارادة الله تعالى لافعالنا لانه قد خيرنا بين فعلها وتركها وهو مريد لاحد الطرفين ونحن نقطع انه لا يكون الا ما يريد لكن لا على جهة الجبر وانما قلنا انه لا يكون الا ما پريد لئلا يلزم ان يكون مغلوبا . قال نور الدين رحمه الله وحاصل ذلك انه تعالى خيرنا في فعل الخير والشر وبين لنا عاقبة الامرين فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر انا اعتدنا للظالمين الاية وجعل لنا قدرة على اكتساب ايهما شئنا لا على خلقه فانه هو الذي يخلقه فينا حال اكتسابنا له وبهذا التخيير وهذا الاكتساب ارتفع الاتصاف بالجبر فلا نقول انه مجبر لنا على فعلنا وفوق ما ذكرنا انا قد امرنا بالكف عنه وترك الخوض فيه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون على انا نعلم انه هو الخالق لقدرتنا التي نكتسب بها والخالق لاختيارنا الذي اخترنا به سلوك احدى الطريقين ومع هذا كله فلا نقول انه جبرنا على فعلنا واما نقول انه نشاء باختيار منا واكتساب لنا فان رحمنا فبفضله وان عذبنا فبعدله والله ١علم. ‎ باب الايمان والاسلام للايمان والاسلام استعمالان احدهما لغوي والاخر شرعي وكل منهما حقيقة في موضعه اما الايمان اللغوي فهو التصديق بالقلب قال تعالى فقالت الاعراب امنا قل م تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنائه اي لم تصدقوا وانا الاسلام اللغوي فهو الانقياد والاذعان وترك العناد ولذا قال ولكن قولوا اسلمنا فهو الانقياد والاذعان وترك العناد الشرعانوذلكاللغويالاستعمالغيراستعمالالشرعفوالاسلاموللايمان نقلهما عن معناهما اللغوي فاستعملهما مترادفين فيمطلق الواجب كان ذلك الواجب تصديقا باللسان فقط أو تصديقا بالجنان مع نول باللسان او كان معهما عمل لازم اتيانه فمن ادى جميع ما وجب عليه كان مزمنا مسلما عندنا ومن اخل بشيء من الواجبات لا يسمى مؤمنا مسلما عندنا يل يخص باسم المنافق والفاسق والعاصي والكافر ونحو ذلك ونعني بمنع تسميته مؤمنا مسلما او مسلما فقط التسمية التي ينبني عليها حكم المؤمنين من الولاية واتباعها ما اطلاق التسمية من غير ترتب حكمها عليها فجائز لانا نقول في حق الغل بالفرائلض العمليات هذا مسلم ولا نريد به انه ولي ولكن اطلقنا عليه اسم مسلم اما باعتار المعنى اللغوي وهو الانقياد فانه وان كان غير منقاد في الكل فهو منقاد في البعض واما ان يكون استعمالا عرفيا عاما حيث اطلقناه في مقابلة المشرك . قال نور الدين واعلم ان المعتزلة وافقونا على ترادف الايمان والاسلام الشرعيين وان الشرع نقلهما الى الاتيان بالواجبات ولنا على صحة قولنا قوله عي «لا يزني الزاي حين يزني وهو مؤمن لا ايمان لمن لاامانة له» ونحوهما من الاحاديث وما قيل انها مبالغة على معنى ان هذه الافعال ليست من شأن المؤمن فدعوي لم يقم عليها دليل مع ما فيه من ارتكاب صرف الاحاديث عن ظاهرها العدول بها عن مقتضاها حملهم على ذلك الفرار عن نقل الايمان من معناه اللغوي الى معنى آ خر وقد وقعوا فيما فروا بامور تعرف من الدينعنه من النقل فإنهم جعلوا الايمان في الشرع لصد بالضرورة اجمالا في موضع الاجمال وتفصيلا في موضع التفصيل ولا يخفى ان اطلاق ١٠١ الايمان على هذا التصديق الخصوص غير اطلاقه على اصله اللغوي فانه في اللغة مطلق التصديق . قال واستدلوا على ثبوت قولهم هذا باشياء منها الايات الدالة على محلية القلب للايمان نحو اولئك كتب في قلوبهم الامان ،ولما يدخل الايمان في قلوبكم ،وقلبه مطمئن بالايمان والايات الدالة على الختم والطبع على القلوب قالوا ويؤيده دعاء النبي مكه «اللهم ثبت قلبي على دينك» وقوله لاسامة وقد قتل من قال لا اله الا الله هلا شققت قلبه ومنها انه جاء الايمان مقرونا بالعمل الصالح في غير موضع نحو الذين امنوا وعملوا الصالحات فدل على التغاير ومنها انه قرن بضد العمل الصالح نحو وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ونحو مفهوم الذين امنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم قال نور الدين والجواب على جميعها ان الايمان في هذه المواضع كلها بمعنى التصديق وهو المعنى اللغوي لا بمعنى الايمان الشرعي والشارع تارة يعبر بهذا وتارة بهذا فقد قال في الصلوة الشرعية اقيموا الصلوة ونحوها وفي الصلوة .اللغوية صلوا عليه وسلموا تسليما ونحوها وذهبت الكرامية الى ان الايمان هو التلفظ بالشهادتين وان لم يكن معه تصديق ولا عمل واستدلوا بان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين كانوا يكتفون ممن جاء مسلما بالتلفظ بالشهادتين من غير ان ينتظروا بهم الاعمال ومن المعلوم انهم لم يطلعوا على ما في قلوبهم من التصديق ورد باغهم يكتفون بذلك في الاحكام الظاهرية لانهم قد تعبدوا بذلك والكلام فيما بين العبد وبين ربه والاجماع على ان من اسر الشرك مشرك عند الله وان اظهر الاسلام واما عدم انتظارهم للاعمال فلأنه لم يرد بها تعبد بعد ولكل نازلة حكم وذهب اخرون وهم سلف الاشعرية واهل الحديث الى ان الايمان تصديق بالجنان وقول باللسان وعمل بالأركان قال نورالدين وهذا هو عين مذهب الأصحاب لكنهم لم يعمموا هذا التعميم بل فصلوا وجعلوا من الإيمان اذابالأركانوالعملالقولالزمإذباللسانوالقولبالجنانالتصديق لزم العمل ورما وقع.في آثارهم مجملا هكذا ففصله اهل التحقيق منهم كالامام ابي هيميانه وذهب آ خرون الى ان جميع الطاعات ايمانسعيد في معتبره وقطب الائمة و فرضها ونقلها مستدلين بقوله عيقدٍ «الايمان بضع وسبعون شعبة اعلاها قول لا اله ١.٢ الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق» ورد بان في الحديث اطلاق الايمان على مطلق الطاعة تبوزا لا حقيقة في فعل الواجبات فمن ضيع واحدا من التصديق والقول والعمل بعد لزومه فهو هالك لانه حينئذ يكون كافرا اما كفر شرك او كفر نعمة ولا منزلة بين الامان والكفر معنا وذهبت المعتزلة الى جعل منزلة الفسق بين منزلتي الايمان والكفر قالوا لا يسمى الفاسق مؤمنا ولا كافرا فهو بين بين لان له في الدنيا احكام المؤمنين وفي الاخرة احكام الكافرين . قال نور الدين والخلاف بي نا لفظي لانهم خصوا اسم الكفر بالمشرك ومنعوا اطلاقه على الفاسق ونحن نطلقه عليه لكنا نقيده بكفر النعمة ولا نجري عليه احكام المشركين بل نقول فيه ان احكامه في الدنيا احكام المؤمنين الا في الولاية وقبول الشهادة ونحوهما من الاحكام المختصة بالعدول وليست التسمية بنفسها موجبا خلافا معنويا بين الفرق وانما الموجب لذلك الخلاف بناء الاحكام على الاسماء كما ذهبت الازارقة والصغرية والنجدية الى تسمية صاحب الكبية كافرا واجروا حكم المشركين عليه وزادت الازارقة على الطائفتين بتسمية صاحب الصغيرة كافرا واجراء حكم المشركين عليه والايمان بالمعنى الشرعي الذي هو أداء الواجبات مطلقا ليس ينقص نظرا لل إيمان كل مؤمن فإنه في ذاته غير متفاوت بالنسبة إلى إيمان غيو بيانه ان' مان زيد مثلا التصديق والقول لوجوبهما عليه بقيام الحجة عليه فيهما ولم تةتقم عليه حجة العمل فإنه يجب عليه أن يأتي بما .قامت غليه به الحجة ولا يجوز له أن يترك القول مثلا اعتادا على التصديق ولا ينقص عنه منشيءحجةعليهقامتفانالقولفرضعنهلا ينحطبمعنى أنه العمليلمت وحب عليه الاتيان وزاد عليه إيمانه حيث زاد عليه واجب عملي فان زاد عملى آخر زاد الايمان ايضا وهكذا ولا ينقص الايمان بالنسبة الى .الشخص الواحد فانه وان امخغط عنه شيء من الفرائض لعذر يبقى بتأدية ما ل ينحط مؤمنا لأن ما حط عنه فرضه يصير معه في حكم النفل وهكذا ونقصان الايمان الذي نفاه اصحابنا هو الاخلال بشيء من الواجبات لا رفع بعض المفترضات ولا يعتبرون نفس الايمان من حيث هو هو اي مع قطع النظر عن مجله الذي هو المكلف وعن عوارضه .۔‎١ ٠ ٢٣_ التي هي زيادة الفرائض ورفعها فانه لا شك ان الايمان بهذا الاعتبار متفاوت فان ايمان زيد مثلا ناقص بالنسبة الى ايمان عمرو اذا كان زيد كلف بفرائلض دون فرائض عمرو وهكذا ايمان عمرو زائد بالنسبة الى ايمان زيد واختلف الاشعرية في زيادة الايمان ونقصانه مع اتفاقهم على ان الايمان هو التصديق بامور تعلم من الدين بالضرورة كا قدمنا فذهب الفخر الرازي وكثير من المتكلمين الى ان الايمان لا يزيد ولا ينقص لان نقصانه هو ان يحتمل النقيض ولا شك ان احتال النقيض في الايمان شك ومن كان شاكا في تصديقه فليس ممؤمن ورد بان نقصان الايمان ليس هو باحتال نقيض والشك فيه وانما هو باعتبار ضعفه وقوته والا لزم ان يكون ايمان النبى عَيْْك كايمان واحد من العوام وهذا باطل وللزم ايضا ان يكون ثواب المؤمن بالامور الدينية اجمالا كثواب المؤمن بها تفصيلا بعد قيام الحجة بذلك وهذا باطل ايضا والله اعلم . ا لولاية وا لبر عةباب الولى من علم منه الوفاء والعدو من علم منه الاخلال بشيء من الواجبات الدينية فالاول محل للولاية والثاني محل للبراءة فبقي الكلام هل هما نقيضان لا يرتفع احدهما الا بوجود الاخر او ضدان يرتفعان ولا يجتمعان فذكر الوقوف في بابهمااشعار بانهما ضدان يرتفعان عن شخص لا تعلم حاله فيجب فيه الوقوف ولا يجتمعان في شخص واحد في حال واحد وانما قلنا في حال واحد لأن الشخص قد يكون وليا في حال عدوافي حال آخر فعلم من هنا ان محل الولاية والبراءة احوال المكلف فهي موضوع هذا العلم وحده هو العلم باحوال المكلف التي يعلق بها خطاب الشارع فخرج باحوال المكلف التي يعلق بها خطاب الشارع فخرج باحوال المكلف احوال غيرو كالبهائم ونحوها ولا يخرج بالقيد بالمكلف الملائكة فانهم مأمورون منهيون فهم مكلفون بمعنى انهم ملزمون للاوامر والنواهي ولا الصبيان فان ولايتهم تبعية لابائهم فاحوال آبائهم هي المعتبرة ولا شك ان ابائهم مكلفون هذا على القول المشهور اما على القول بان جميع الاطفال في الولاية فانما هو بالنظر الى حالهم حيث انهم لم ينقضوا الميناق الذي اخذه الله عليهم ولا المجانين فان العلم بحالهم قبل الجنون هو المعتبر هنا _ ١٠٤ منهم اولياء واعداء باعتبار حالهم الأيل وخرج باحوال التي تعلق بها خطاب الشارع الاحوال التى لم يتعلق بها ذلك كالاعراض البدنية والصفات الانسانية ونحو ذلك فان الطول والقصر والذكورية والانوثية والالوان من احوال المكلفيں ايضا لكن لم يتعلق بها خطاب الشارع فانطبق الحد على المحدود وثمرة هذا العلم التوصل الى رضوان الله في موالاة اولياءه ومعاداة اعداءه وهو الفوز الاكبر والمقام الافخر ومن مرته ائتلاف والله اعلم . باب في وجوب الولاية والبراءة واقسامهما الولاية لغة القرب والقيام للغير بالامر والنصر والاهتام بالمصالح والحفظ والاتصال قال القطب وعلى هذا تنبني الولاية الشرعية فجميع ما ذكر هنالك من فصول التعريف اياهم لطاعته واعانتهم عليها .ونصرته هم علىهناوولاية الله لعباده توفيقههو موجود اعدائهم الذين من جملتهم انفسهم وشياطينهم واصل الولاية الموافقة في الدين فكل من وافقك في الدين فهو وليك سواء علمت بموافقته او جهلتها او برئت منه بالظاهر لحدث عرفته منه وهو قد تاب ورجع عنه واما حكم الولاية فهو الوجوب لمن اتصف فاعلم انه لا اله الا هوبصفة الايمان ثبت وجوبه بادلة قطعية منها قوله تعالى واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمناتم» فقرن الامر بالاستغفار للمؤمنين والمؤمنات بالامر بمعرفة الوحدانية والاستغفار نمرة الولاية ومنها قوله تعالى لؤفبايعهن واستغفر لهن الله ففي الامر بالاستغفار هن امر بولايتهن واذا امر النبي عو بامر شمل الامة شرعا الا بدليل يخصه ولا دليل هنا على التخصيص والبراءة لغة البعد عن الشيء والتخلص يقال فلان برىء من كذا اذا بعد عنه أو تخلص منه قال القطب وعلى ذلك تنبني البراءة الشرعية ثم عرف الشرعية بما نصه وشرعا البغض والشتم واللعن للكافر لكفره وهي مثل الولاية في الوجوب ويدل على وجوبها آيات منها قوله تعالى لقد كان لكم اسوة حسنة في ابراهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم انا براء منكم ومما تعبدون من دون ١٠٥ الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنوا بالله وحده)مع قوله تعالى لإلقد كان لكم فيهم اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخرومن يتول فان الله هو الغني الحميدئه فانه تعالى اوجب التأسي بابراهيم عليه السلام والذين معهم بقوله لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وبقوله لإومن يتول فان الله هو الغني الحميدئة؛ . قال نور الدين ووجه الاستدلال الأول جعل التأسي لمن كان يرجوا اللهواليوم الاحر فمن لم يرج الله واليوم الاخر فلايتاسى بابراهيم والذين معه في هذه الصفات بين انه تعالالمذكورة وهو وعيد على ترك التاسي ووجه الاستدلال الثاني انما هو حيث غني حميد عمن تولى عن التاسي بهم وهذا الكلام لا يرد الا في ترك الواجبات كما في قوله «لإومن كفر فان ا له غني عن العالمينمه ومنها الايات التي فيها ترتب اللعن على الكافر والظلم كا في قوله تعاللاولعك جزاؤهم ان :عليهم لعنة ا له والملائكة والناس اجمعين الا لعنة الله على الظالمينهونحوها من الايات ،قال واعلم ان الامة جمعة على وجوب البراءة من اعداء الله جهلة لكن اختلفوا في ثبوتهاتفصيلا في الاشخاص فمذهب الاصحاب ثبوتها في الاشخاص مستدلين ان العلة التي وجبت لاجلها البراءة في الجملة انما هي الاخلال بشيء من اوامر الله تعالى وارتكاب شيء من مناهيه فاذا وجدنا هذه العلة في شخص بعينه وجب علينا ان نحبري عليه الحكم الذي اوجبته هذه العلة فثبت القياس قطعيا للقطع بان علة الحكم في الاصل هي ما ذكرنا وهي مقطوع بوجودها في الفرع فثبت الحكم قطعا واعلم ان كل واحد من الولاية والبراءة على ثلاثة اقسام الاول ولاية الحقيقة وبراءة الحقيقة ولهذا القسم طريقان احدهما ان يرد الكتاب بما يوجب ولاية احد أو البراءة منه وهذا الطريق على وجوه احدها من صرح باسمه كالانبيا المخصوصين باسمائهم في الولاية وكابليس وفرعون وهامان في البراءة والثاني من كني عنه كأم موسى وامرأة فرعون في الولاية وكابي لهب في البراءة الثالث من جاء مبهما لم يخص باسم ولا كنية كمؤمن ال فرعون والمذكور في قوله تعالى(وجاء رجل من اقصى المدينة يسعىمن اهل الولاية وكالذي حاج ابراهيم في ربه من اهل البراءة . ١٦ الطريق الثاني ما نطق فيه رسول من رسل الله .ان فلانا من اهل السعادة او من اهل الشقاوة وفيه الوجوه المتقدمة وشرطوا في هذا الطريق ان يسمع السامع من لسان الرسول ذلك الكلام حين نطق به وان يكون السامع ينظر الى شفتي الرسول عند النطق اما اذا نقل له العدول ان الرسول قال في قلان كذا بما يقتضي السعادة او الشقاوة فليسوا عليه بحجة في الحقيقة بل ولا يجوز له أن يقطع بحقيقة قولهم لاحتمال الكذب الا اذا بلغوا رتبة لا يمكن تواطؤ مثلهم على الكذب عادة فان الخبر يكون حينئذ من باب المتواتر والمتواتر مقطوع بصدقه أما اذا لم يكونوا بتلك المنزلة بان كانوا اثنين او ثلاثة او نحو ذلك فرفعوا عن الرسول ما يقتضي الولاية بالحقيقة في شخص بعينه فان على من نقل اليه ان يتولى ذلك الشخص ل حكم الظاهر وحكمه عنده معبنشخصجميع احواله حكم الولي بالظاهر اما اذا نقلوا ما يقتضي البراءة ف بحجة على المنقول اليه الا اذا جاءوا بذلك النقل على سبيل الشهادة كأن قالوا" نشهد ان رسول الله يفك قال في فلان كذا فانه يلزم المشهود معه ان يبرأ بشهادتهم براءة حكم الظاهر . قال نور الدين وانما قلنا اهم ليسوا بحجة في نقل ما يقتضي البراءة بخلاف ما يقتضىي الولاية لان امر البراءة اشد من امر الولاية لانه خلع مسلم من الدين والولاية هي ابقاء مسلم على اسلامه } قال نور الدين وحصل ما ذكرناه ان لكل من الولاية : جهتين احداهما جارية مجرى العبادات الاعتقادية وهي كون اعتقادهما عبادة الله والثانية جارية مجرى المعاملات وتلك الجهة هي كونهما من حقوق العباد فاعتبرنا في نبوتهما بشهادة العدلين الجهة الثانية لان بشهادة العدلين تثبت الحقوق وتسقط القسم الثاني الولاية بحكم الظاهر والبراءة بحكم الظاهر ومحلهما مكلف ظهر منه موافقة او مخالفة دينية ولهما طرق يأتي الكلام عليها © القسم الثالث ولاية الجملة وبراءة الجملة وصورتها ان يعتقد المكلف ولاية اهل طاعة الله من الاولين والاخرينالى يوم الدين انسهم وجنهم وملائكتهم وان يعتقد البراءة من جميع اهل معصية الله من الاولين والاخرين انسهم وجنهم الى يوم الدين . قال نور الدين وهذا القسم هو الذي عبرنا عنه بعقيدة الانسان وانما عبرنا عنه بذلك لانه لابد لكل مكلف ان يعتقده دينا وقسما الحقيقة والظاهر ان وجبا فوجوبهما ‏_ _ ١.٧ لا على عموم المكلفين بل على من وصل اليه علم ذلك فهذه ستة اقسام بالنظر الى كل قسم من اقسام الولاية والبراءة ولاية الحقيقة وولاية الحكم بالظاهر وولاية الجملة فتلك ثلاثة اقسام للولاية والقسم الرابع براءة الحقيقة والخامس براءة الحكم والسادس براءة الجملة اما ولاية الجملة وولاية الحقيقة فلا يصح ان يفترقا لان من اخبر الصادق تعالى هو الذي اعتقدت انت ولايته فى الجملة وكذلك براءة الحقيقةبولايته عند الله وبراءة الجملة فعلم من هذا ان ولاية الحقيقة لا تكون في شخص متبرأ منه في الجملة وكذا العكس وكذا ولاية الحقيقة وبراءة الحقيقة لا يصح اجتاعهما فيق شخص بعينه لثلا يلزم كذب الصادق وكذا الولاية بحكم الظاهر والبراءة بحكم الظاهر لا يجتمعان في حال واحد لتضاد اسبابهما لكن الولاية بالظاهر قد توافق ولاية الحقيقة وقد تخالفها وبراءة الظاهر قد توافق براءة الحقيقة وقد تخالفها وذلك فيما اذا كان ولاية الولي بالحقيقة وبراءة العدو بالحقيقة لم تبلغ هذا المتولى والمتبرىء بحكم الظاهر اما اذا بلغته وجب عليه الاخذ بالحقيقة وترك الظاهر وكذا كل واحد من الولاية والبراءة بحكم الظاهر قد توافق الولاية في الجملة وقد تخالفها فيصح ان يكون الشخص الواحد في الحال الواحد وليا بالحقيقة عند فلان عدوا بالظاهر عند غيرو وان يكون عدوا في الحقيقة وليا في الظاهر بهذا الاعتبار وكذا يصح ان يكون وليا في الظاهر عدوا في الجملة وهكذا يصح ان يكون وليا في الجملة عدوا في الحقيقة ولا وليا في الحقيقة عدوا فى الجملة وهكذا . قال نور الدين رحمه الله الولي بالحقيقة لا يصح ان يبرأ منه اصلا ولو فعل موجب البراءة في الظاهر وانما تبغض منه تلك الافعال التي توجب البراءة الظاهرية لا ذاته وكذا العدو بالحقيقة فانه ان فعل موجبات الولاية بالظاهر فانما تحب منه تلك الافعال لا ذاته لعلمنا بما سيصير اليه ولا يصح لنا الرجو ع عن علمنا فاذا عرفت هذا فاعلم ان الولي لله تعالى ولي دائما ابدا وان اشرك وان العدو لله تعالى عدو دائما وان اطاع لاستحالة تغير علمه تعالى فسقط قول النكار ان المرء عدو لله في حالة معصيته ولي لله في حالة طاعته وهكذا والله اعلم . _ ١٠٨ باب الولاية والبراءة بحكم الظاهر اعلم ان موجب الولاية هو الموافقة في القول والعمل وان موجب البراءة هو المخالفة فيهما او في احدهما هذا ما اتفق عليه اصحابنا واختلفوا في الموافقة بالقول قبل معرفة العمل فاوجب بعضهم الولاية به ومنعها اخرون والاول اصح لقوله تعالى هيا ايها النبي اذا جاءك المؤمنات&ه الى قوله للإفبايعهن واستغفر لهن الله فامرو بالاستغفار لهن على نفس تلك المبايعة ولم يأمو بالانتظار في امرهن فاذا صح معنا ان فلانا موافق لنا في الاعتقاد الزمنا انفسنا ولايته من غير ان ننظر به العمل لتلك الاية وهذا شامل لمن خرج عن الشرك الى الاسلام ومن رجع عن مذهب اهل الضلال الى مذهب اهل الحق ولمن كان مختفيا علينا حقيقة اعتقاده فظهرت لنا بعد لكن بشرط ان لا تظهر منه امارة تدل على مخالفته لقوله لحديث استفت نفسك ودع ما يريبك فاذا جمعنا بين هذين الخبرين وبين تلك الاية حصل لنا المطلوب وهو انه لا يتولى بنفس القول اذا اتهم ولكل واحد من موجبات الولاية والبراءة طرق فاما طرق البراءة فهي اربع كلها متفق عليها احدها العيان وذلك ان تشاهد مكلفا يرتكب كبية لا يحتمل له فيها عذر فالواجب عليك البراءة منه الطريق الثاني الاقرار وهو ان يقر المكلف انه فعل كبيرة لم يتب منها او انه اقر بذلك على سبيل السرور بها او على سبيل الافتخار بها فانه يجب على من سمعه ان يبرأ منه لا اذا أقر بها على سبيل الندم والتحسر على ارتكابها فان هذا تائب منها الطريق الثالث شهادة العدلين بان فلان فعل كبية وسيأتي بسطه الطريق الرابع الشهرة التي لا دافع لها على ان فلانا فعل كذا وسيأتي بيانها واما طرق الولاية فهي اربعة ايضا ثلاثة منها متفق عليها وواحد مختلف فيه فالمتفق عليها هي العيان اي مشاهدة الوفاء بدين الله ورفيعه العدلين للوفاء والشهادة بالوفاء واما المختلف فيه فهي رفيعة العدل الواحد للوفاء بدين الله وسيأتي بسطه ان شاء الله . ويبرأ بشهادة العدلين ان كان كل واحد منهما يشهد بما يشهد به الاخر اما اذا شهد احدهما ان فلانا ارتكب كبية هي كذا وشهد الاخر انه ارتكب كبيرة غير الكبية التي سماها الأيل فانه لا يبرأ بشهادتهما حينئذ اما اذا اجملا في شهادتهما كأن قالا ان فلانا فعل كبية ولم يسمياها فيجب البراءة بشهادتهما اذا كانا عالمين بالكبائر والصغائر لان شهادتهما حينئذ متفقة وللعدلين ان يشهدا بذلك الاجمال ولو علم كل ١٠٦٩ واحد منهما منه بكبيرة غير التي علم بها الاخر منه وقيل يبرأ بقول العدل الواحد اذا كان ذكرا وقبل وان كان انثى كا قيل بذلك في الولاية صرح به القطب رحمه الله في الذهب وبعض المشارقة لكن هذا البعض اجمل ولم يفصل بين ذكر واننى وحكى القطب في البراءة بالسماع قولين والمراد بالشهرة الموجبة للبراءة التواتر فهما عبارتان لمعنى واحد . قال نور الدين كذا عندنا وعند الشافعية اما الحنفية ففرقوا بينهما وجعلواالشهرة منزلة دون منزلة التواتر قال والخلاف لفظي والموجب للبراءة عن طريق الشهرة انما هو الحق الذي جاءت به الشهرة لا الشهرة نفسها فخرج به الشهرة الغير المحقة كشهرة الشيع بالبراءة من الصديق والفاروق وعائشة واهل النهر رضي الله عنهم وسئل ابو سعيد عن الشهرة المحقة فقال ما حاصله ان لشهرة الحق شرطين احدهما ان تكون عن اهلها وثانيهما ان لا يعارضها من اهلها معارض مثال ذلك كان يصدرصادرة من بعض المحقين خبر ويصدر من البعض الاخر خبر يخالفه فان كل واحد من الخبرين المتعارضين احادي ليس بشهرة اما اذا كان الانكار صادرا من غير اهلها فلا يعبأ به وذلك كانكار اهل الخلاف للشهرة القاضية بحقية اهل النهر فانه انكار صادر غلى سبيل الدعوى منهم . قال نور الدين رحمه الله وها انا ابين اهل الشهرة فاقول هم جماعة لا يمكن على الكذب عادة بان كانوا من جهات شتى فلا يشترط فيهم تعيينتواطؤ مثلهم عدد خلافا لمن قال بتعيين العدد فيهم ومن شروط التواتر ان يكون مستندا الى حس اي شرط خبر التواتر ان يكون الخبر عنه محسوسا باحد الحواس الخمس السمع والبصر والشم والذوق واللمس كأن يقال قال فلان كذا او العاج ابيض والمسك طيب الرائحة او الشهد حلو او الحرير لين فخرج بهذا الشرظ الامور العقلية كقدم الله تعالى وحدوت العالم فانها مقطوع بها من مجرد العقل ولا يعتبر الاقرار طريقا من طرق الولاية لان المقر بالوفاء لنفسه مدع لنفسه فلا يثبت له اقراره حكم الولاية على الغير والمراد بالاقرار هنا هو ادعاء الوفاء بدين الله لا الاقرار بما يجب الاقرار به كالتلفظ بالجملة ولا من يقول اولاد الاولياء اولياء والوقوف عن غيراقرار الرجل بولد انه طفله على مذهب اولاد الأرلياء . _ ١١٠ قال نورالدين وهذا المذهب هو المشهور عندنا ولنا فيهم قول ثان وهو بولاية جميع الاطفال ما كانوا اطفالا قال وصححه القطب في الذهب وصرح بان الحديث الذي موضو ع وكذا الحديث الذي يوقد فيه لاولاد المشركينفيه تعذيب اولاد المشركين والمنافقين يوم القيمة نار يقتحمونها فمن اقتحمها نبا ومن وقع فيها هلك اذ لا تكليف يومئذ وقيل لا بزي اقراره بولده حتى يخبر معه امين واحد وقيل امينان اما المشاهدة فهى ان تشاهد من المكلف الاتيان بالواجبات والمسارعة الى المندوبات واجتناب محرمات والتجافي عن المكروهات فنتولاه على ذلك ونحسن به الظن في تأدية الفرائض التي لا تشاهد منه كحق الزوجة وكذا نحسن به الظن في اجتناب المحرمات في الحال التي نفارقه فيها هذا كله اذا رضيت منه جميعا افعاله المسموعة والمبصرة ووافق القلب على قبول ذلك . قال نور الدين وانما شرطنا موافقة القلب على قبول ذلك لان من ظهرت منه امارات الكبر او الحسد او الرياء او شيء من المحرمات لا يتولى على ذلك وهذا معنى قول الاصحاب رحمهم الله الولاية اصطفاء ودليله قوله عَؤكه «استفت نفسك ياوابصة وان افتوك وافتوك ولأعمى البصر ان يتولى من سمع منه اقوال الخير وظن بما لا يرى خيرا واصطفاه قلبه على ذلك لأن الولاية تصح بمجرد الظن الا ترى ان بعض اصحابنا قال بوجوبها بخبر الواحد وهو الصحيح واما شهادة العدلين فهي ان يشهدا ان فلانا ولي وكذلك خبرهما بولايته وقي حكم الشاهدين رجل وامرأتان وقد عرفت ان الحرية شرط في قبول الشهادة فلا تقبل شهادة العبد عند بعض وقيل تقبل هنا واما شهادة الحق فهي ان تتواطاً الاخبار من جماعة لا يمكن تواطؤ مثلهم على الكذب عادة واعلم ان الشهرة هنا اوسع منها في البراءة لانها في البراءة لا تثبت الا شهرة الحق وفي الولاية تثبت بمجرد الظن انها حق والخلف في وجوب الولاية بخبر العدل الواحد فذهب بعضهم الى انها تجب الولاية باخباره اذا كان حرا ذكرا وذهب اخرون الى انها تجب اذا كان الخبر عالما وهؤلاء زادوا على شرط الذكورية والحرية وجود العلم بالولاية والبراءة وبعضهم ذهب الى عدم اشتراط جميع ذلك فاوجبها برفيعة المرأة والعبد وبعض فصل بما اذا سئل الرافع واذا لم يسئل فقال ان سئل عن الولاية فاخبر بها لزمت السائل وان اخبر بها ابتداء لم تلزم وبعضهم قال بالتخيير في خبر الواحد العدل فمن شاء تولى ١١١ نخبه ومن شاء ترك وحث القطب رحمه الله في هذا بان الولاية ليست بالتخيير لانها ان ثبتت وجبت وان لم تثبت امتنعت . قال نور الدين رحمه الله والصحيح ان خبر الواحد العدل بالولاية موجب ها سواء كان ذكرا او انثى عالما كان او غير عالم لكن لا نجب برفيعة غير العالم الا اذا فسر السبب الذي استحق به ذلك المتولي الولاية او رفع الولاية عن عالم بالولاية والبراءة وذلك كما اذا قال العدل الضعيف ان الشيخ فلان يقول ان فلانا ولي وانما قلنا ان الصحيح وجوبها بخبر العدل الواحد لان خبرو يفيد الظن والولاية مبنية على ظن الخبر والفرق بين العلما والضعفاء ان الضعفاء وان كانوا عدولا فلا يؤمن منهم ان يرفعوا البراءة في موضع ليس هو محل الباءة أو الولاية في موضع ليس علا للولاية على ظن منهم انما دفعوه كذلك فاذا فسرو اا السبب نظر فيه المرفوع له فان راه موجبا لشيء من ذلك حكم به والا تركه والله اعلم . باب في احوال الولي بحكم الظاهر اعلم ان الاولياء صنفان صنف تجب ولايتهم على جميع اهل مصرهم وجميع من بلغه خبرهم وهم أئمة العدل الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر كأبي بكر وعمر بن قيس بن عرانوعزانمسعودبنوا لجلننت‏ ١لكنديبن بحمىوعبدا للهبن ‏ ١لخطاب رضي الله عنهم وائمة الدين الذابون عنه بالادلة والبراهين الكاشفون لشبه الملحدين الملزمون للمعاندين كعبدالله بن اباض وابي الشعثاء جابر بن زيد رضي الله عنهم فاهل ومن بلغه خبرهم ويسع جهلهم منولايتهم على ‏ ١هل مصرهمكلهم تجبهذا الصنف لم يبلغه خبرهم ولا يحل لاحد ولو اطلع على كبيرة منهم ان يبرا منهم مع من لم يعلم كعلمه فيهم لئلا يبيح من نفسه البراءة نعم يبرأ منهم في نفسه من غير ان يطلع احد بعلمه .مخصوصكلالنمن ا ‏١ولياءهيتولاهممنويتولىعلى دذلك على من بلغه موجب ولايتهما لثاني ل تجب ولايتهم على العامةة وا ما تجبالصنف باحدى الطرق المقدم ذكرها فمن علم بكبيرة من اهل هذا الصنف لا يحل له ان ١١٦١ يبديها مع من علم انه يتولاه لئلا يبيح من نفسه البراءة معه واختلفوا في جواز ابدائها مع من لم يعلم انه يتولاه فذهب بعضهم الى جواز ذلك لانه لم تجب له ولاية على الكل والاشياء على اباحتها ما لم يمنعها مانع وبعض يمنع من ذلك لئلا يصادف وليا له فيكون قد اباح من نفسه البراءةمع من يتولاه © وقال اخرون ان فعل ذلك صغيرة من الذنوب ورده ابو سعيد اما اذا كان فسقه مشتهرا بين الانام فلا باس بابداع البراءة منه واشهارها لقوله عليه الصلوة والسلام اذيعوا بخبر الفاسق ليحذر الناس شره مالكم والمنافق قولوا فيه ما فيه ويدخل تحت هذا الصنف البراءة من ائمة الضلال المتدينين والجبابرة المعتدين فان اشهار البراءة في مثلهم مما يندب اليه لئلا يغتر جاهل بما هم عليه او يظن ظان بسكوت المسلمين عن الانكار عليهم رضى بفعلهم وربما وجب الانكار عليهم وذلك كا اذا كان المسلمون في حيز القدرة في الانكار عليهم ويسقط الوجوب مع عدم القدرة على الانكار وتبقى الفضيلة لمن انكر فان قتل على ذلك كان من افضل الشهداء افضل الجهاد عند الله كلمة حق يقتل عليها صاحبها عند سلطان جائر واذا كان لك ولي فلا يجوز لاحد ان يبرا منه عندك ولو اطلع على ما يوجب البراءة منه فان بريء منه متبر عندك فاستتبه وان تاب فذاك المطلوب وان ابي عن التوبة فابرا منه ،قال الشيخ ابن ابي نبهان ان لم يتب فنبهه ان التوبة عليه واجبة فان حكم من قذف وليك بكبيرة أو قال برىء مني فلان الولي بلاانى فا برأ منه وكذلك موجب استحق به البراءة لانه اذا قال ذلك فقد رماه بكبيرة ويستثنى من هذه القاعدة اربع مسائل احدها ما اذا فعل وليك فعلا لا تدري انت ما حكم ذلك الفعل مع علمك بوقوع الفعل منه فبرىء منه متبرىء على ذلك الفعل فلا يحل لك ان تبرأ من ذلك المتبرىء مخافة ان يكون ذلك الفعل مما يستوجب فاعله البراءة هذا اذا علم ذلك المتبرىء انك قد اطلعت على ذلك الحدث فبرىء منه عندك وعلمت انت انه ل يطلع على علمك بذلك الحدث فعليك ان تبرىء من المتبري ولو كنت قد اطلعت على الحدث الذي برىء هو بسبب اذ لا يحل له ان يبدي البراءة من احد مع من يتولاه الا اذا علم انه اطلع على حدثه . ١١٣٢ الثانية اذا قال وليك لواحد من اهل الجملة وانت تسمعه يا فاسق او يا ضال او يا منافق فرد عليه بشيء من هذه الاسماء فلا يبرأ من ذلك الراد لاحتال ان يكون غير فاسق ولا ضال ولا منافق وانما رماه الولي فانه ان كان الولي قد رماه بذلك فذلك الولي هو الضال المنافق اما اذا قال له يا سارق او يا اكل الربى او نحو ذلك من الامور الخاصة فرد عليه بشيء مما قاله له فانه يبرأ منه بذلك في الحين لان الولي اما ان يكون محقا في ذلك القول او مبطلا فان كان مبطلا فليس كل مبطل ساقا او آكلا للرى او نحو ذلك فظهر انه قد رماه بكبية لم يكن مستحقا ها . الثالثة ما يقوله الخصم للولي المدعي عليه قد ادعيت علي ما ليس علي او يقول للشهود المتولين شهدتم علي بالزور او يقول للحاكم المتولي حكمت علي بالجور ونحو ذلك في مقام الخصومة فانه لا يبرأ منه كذا في القواعد ومختصر ،قال نور الدين ودليلهم على ذلك قوله عَيقكه ان لصاحب الحق مقالا اما اذا قال للولي المدعي انت ظالم او تظلم الناس وللشهود انتم شهود الزور او للحاكم انت حاكم الجور فانه يبر منه بذلك الاطلاق . الرابعة ما اذا كان المشهور بالفسق والضلال قد اطلعت على توبته وفسقه وضلاله ولم يطلع عليها غيرك مثلا فانه تجب عليك ولايته عما علمت منه ولا تب ممن برىء منه معك غلى ما مر ومن ادعى ولاية احد فاحتمل ان يكون صادقا في دعواه فله الحجة على من سواه اي فلا يجوز لاحد ان يبرأ منه معه اما اذا لم يحتمل انه تولاه بحق فهو مبطل ولا حجة له ومن رمى احدا من اهل الوقوف بكبية ما عدا الشرك والزنا فليس عليك منه شيء الا اذا علمت انه مبطل في قذفه اما اذا رماه بالزنا فهو فاسق وكذا ان رماه بالشرك عند اهل المغرب وان كان فيما بينه وبين الله صادقا حتى ياتي باربعة شهود في الزنا وشاهدين في الشرك وقيل يجزى ثلاثة شهود في الزنا وهو رابعهم اذا كان عدلا وشاهد اخر معه في الشرك اذا كان هو عدلا واذا احدث الولى حدثا لا بحل فعله فلا يلو ذلك الحدث من احد امرين اما ان يكون من الاشياء التي لم تتعلق بها حقوق العباد ولم يكن فيها حق الا لله واما ان يكون من الاشياء التي للعباد فيها حق فان كان من الاول كترك الفرض الواجب عليه فعله من نحو الصلوات الخمس ١١٤ أوصوم رمضان فحكم هذا الولي ان يلتمس له عذر في ذلك الترك ولا يبرأ منه في الحال لاحتال ان يكون ترك الصلوة او اكل ناسيا فان احتمل العذر بقي على ولايته وان لم يحتمل كما اذا نبه على ترك الصلوة وتضبيعه الصوم فلم يزدجر او اقرا انه فعل ذلك بغير نسيان فانه يوقف عن ولايته حتى يستتاب فان تاب رجع الى ولايته وان اصر برىء منه واذا احدث حدثا للعباد فيه حق كا لله فيه حق كقتل النفس فان فيه حقا له تعالى من حيث النهي عن قتلها بلا حق وفيه حق للعباد لما جعل اللهلولي المقتول من السلطان على القاتل فاذا اق الولي بحدث هذه صورته فاما ان يتبين حقه في ذلك الفعل فلا ينتقل عن حكمه الاول من الولاية واما ان يتبين باطله فلا قول فيه الا البراءة منه بعد ان يستتاب فلم يتب وفي قول اخر قبل ان يستتاب واما ان يحتمل حقه وباطله اي لم يقم الدليل على انه محق في قتله ولا على انه مبطل فيه فان احتمل كذلك فللأئمة فيه ثلاثة مذاهب الأول لابي علي موسى بن علي واختاره ابو سعيد وهو ابقاؤه على ولايته مادام محتملا ان يكون فعله حقا لان ولايته ثبتت بيقين ولا يزيل اليقين الا يقين مثله . قال نور الدين وهذا المذهب هو الصحيح عندنا والمطابق للقواعد الاصولية لما فيه من استصخاب حال الاصل حتى يتيقن زواله وفي الرجوع عن الولاية الى ما سياتي من مذهبي الوقوف والبراءة رجو ع عن العلم الى الشك المذهب الثاني لبعض الائمة الوقوف عن الفاعل لما في فعله من الاشكال حيث احتمل ان يكون حقا وان يكون باطلا وقد قال تعالى نولا تقف ما ليس لك به علمه وقال عر «وامر اشكل عليك فقف عنه» وفي رواية فكله الى الله . قال نور الدين ليس في هذا اتباع فيما ليس له علم فانه قد تقدم له العلم بان الفاعل ولي فهو مقتف لعلمه الاول الا لما لا يعلم وليس مع العلم اشكال فلا وقف © المذهب الثالث البراءة من الفاعل لما يقتضيه الحكم الظاهر فان الظاهر في القتل الحجر وهو الاصل ولا يحل لا بعارض ففي البراءة منه عملا بحكم الاصل ونسب هذا للامام ابي جابر موسى بن ابي جابر وضعفه ابو سعيد وحكم الولي اذا اتى بفعل محجور في الاصل لكن يحتمل ان يكون فعله بحق كحكمه اذا اتى فعلا فيه حق لله إ ١١٥ وللعباد وذلك كا اذا رأيت الولي يأكل لحمامن يد مجوسي فان ذبيحة المجوسي حرام وحكم ما في يده من اللحم حرام كذلك حتى يعلم انه ذبح تلك لذبيحة غيو ممن بوز ذبيحته فاذا رأيت وليك يفعل ذلك ففيه المذاهب المتقدم ذكرها وهي الولاية لاحتهال ان يكون قد علم ان ذلك اللحم حلال والوقوف لما اشكل من امر والبراءة بما ارتكبه لأن فعله حجور في الاصل واذا اختلف الختلفان في الدين فلا يجوز ان يكون كلاهما محقين ويجوز ان يكون كلاهما مبطلين وان يكون احدهما محقا والاخر مبطلا فاذا وقع ذلك في حضرتك او بلغه علمه من حيث لا تسك فيه فلا يخلو ذلك الختلفان من احد امرين اما ان يكونا وليين لك فيما تقدم او غير وليين فان كانا غير وليين فيما تقدم فانت في سلامة من امرهما اللهم الا ان يكون المحق منهما عالما فيقم الحجة عليك ببطلان من خالفه فحينئذ يلزمك ان تبرأ من المبطل على المذهب المختار او يكون الحدث في الجهلة فلا يسعك الجهل بضلال المضل او يكون الحدث في تفسيرها فانت على ما تقدم من الاختلاف . وان كانا وليين لك فيما تقدم فلا يخلو من احد اربعة امور اما ان يكونا ضعيفين معا او عالمين معا او المحق عالما والمبطل ضعيفا او العكس فان كانا ضعيفين معا فلك في امرهما طريقان الطريق الاول تنزيلهما من ولاية الدين الى ولاية الرأي ومعنى ولاية الرأي ان تعتقد انك تتولى امحق منهما وتبرأ من المبطل ،الطريق الثاني ان تقف عنهما وقوف رأي ومعناه ان تعتقد انك واقف عنهما لما عن لك من الامر المشكل بحيث لا يجوز ان يكون فيه كلاهما محقا وتعتقد مع ذلك انك تتولى امحق منهما وتبرأ ع`:لبطلمن قال نور الدين رحمه الله فتلخص مم ذكرنا انك اذا توليتهما برأي يجوز لك ان. تدعو لهما كما كان للولي بشريطة واذا وقفت عنهما بالرأي فلا يجوز لك ان "بدعو لهما بما يستحقه الولي حتى يتبين لك المحق منهما فتواليه والمبطل فتعاديه وان كان كلاهما عالما فلا يجوز لك الا ان تتولى المحق منهما على ما كان عليه من ولاية الدين وتبرً من المبطل بدين وهذه احدى طريقتين فيه والطريقة الثانية لا يلزمك البراءة من المبطل منهما اذا لم يتبين لك ضلاله بل يجوز لك ان تتولاه برأي وان تقف عنه برأي وهذه ١١٦ الطريقة موقوفة على شرطين احدهما ان لا نجمع المختلفين في ولاية الدين وثانيهما ان لا تبرأ من المحق منهما لاجل قوله بالحق وان لا تقف عنه برأي ولا دين وان كان المحق عالما والمبطل ضعيفا فهما بمنزلة ان لو كانا عالمين وان كان المبطل عالما والحق ضعيفا فهما بمنزلة لو كانا ضعيفين ان شاء الله وولاية الرأي هنا هي ان تبقيهما على ولايتهما الاصلية مع اعتقاد البراءة من المبطل منهما وفي غير هذا الموضع هي ان تتولى وليك على اصل ما كان عليه من الولاية مع اعتقاد البراءة منه ان كان حدثه يخرجه من الولاية الى البراءة وولاية الرأي هي ولاية الشريطة وبعضهم يعبر بولاية الشريطة عن الولاية في الجملة واما براءة الشريطة فهي ان تبرأ من الفاعل ان كان حدثه يفضي به الى البراءة وبراءة الشريطة ملازمة لولاية الرأي اي لا تكون ولاية الرأي في احد الا وتلازمها فيه براءة الشريطة قال نور الدين رحمه الله واعلم ان التعبير بولاية الرأي وبراءة الشريطة عما ذكرنا انما هو اصطلاح لآئمتنا اهل المشرق اما ائمتنا من اهل المغرب فليس معهم هذا الاصطلاح وانما يجعلون الولي على ولايته لكن يلزمون المكلف اعتقاد البراءة من كل عدو لله فهم متفقون معنا في هذا المقام وليس في الاصطلاح متنساحة ووقوف الرأي هنا هو ان تعتقد انك واقف عنهما لما اشكل عليك من امرهما حتى يتبين لك حق واحد منهما فترده الى ولايته وبطلان الاخر فتبرً منه . قال نور الدين وهذا المذهب لبعض أئمتنا من اهل عمان قال ومثلوا لذلك بالانية النجسة اذا اختلطت بالاواني الطاهرة وبلحم الميتة اذا اختلط بالمذكى والزوجة اذا اختلطت بغيرها من النساء ولم تعلم فانه يجب الوقوف في جميع هذه الامثلة حتى يتبين المباح من غيو والفرق بين وقوف الرأي ووقوف الدين هو ان وقوف الرأي انما تقف عن الولي او عن الوليين حتى يتبين لك ان ذلك الحدث الذي وقفت لاجله لا يكفر به صاحبه فترجعه الى الولاية ووقوف الدين انما تقف عن المكلف لما جهلت من حاله ولا ينقله عن هذا الوقوف الا موجب الولاية او موجب البراءة والفرق بين وقوف الرأي وولاية الرأي ان ولاية الرأي ابقاء الولي على ولايته مع اعتقاد البراءة منه ان كان حدثه يفضي به الى البراءة ووقوف الرأي هو خروج عن حيز الولاية وثمرة الخلاف ١١٧ فيهما ان المتولي بولاية الرأي يصح ان يدعى له بخير الاخرة ولا يصح في الموقوف عنه برأي والله اعلم . باب في اقسام الوقوف واحكامه الوقوف لغة انتصاب القامة واصطلاخا هو الكف عن القدوم في احد بولاية او براعة وهو في موضعه واجب لقوله تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم ولقوله صلى الله «وامر اشكل عليك فقف عنده» وقوله عليه الصلاة والسلام «المؤمن وقاف والمنافق وثاب» وعلى هذا اجمعت الامة المحمدية فوجوبه ثابت بالكتاب والسنة والاجماع وله اقسام خمسة كلها مختلف فيها الا الأل فانه محل الاجماع الذي ذكرنا وكلها يجوز الاحذ به على خلاف في بعضها الا الخامس الذي هو وقوف الشك . القسم الأول وهو المجتمع عليه وقوف الدين وسماه بعض وقوف السلامة ومحله في مكلف لم تعلم حاله بصلاح ولا فساد فانه يجب عليك الوقوف عن ولايته وعن البراءة وقوف السلامة هو ان يقف عن المحدثمنه دينا 0قال نور الدين وفي الكفاية٭ ويتولى من برىء منه من العلماء او يقف عن امحق ويتولى من تولاه من العلماء فان وقف عن المفتي والمتولي والمتبرىء فقد دخل فيما لا يسعه جهله لانه قد وقف وقوف الشك المهلك لاهله وعلى هذا فاقسام الوقوف ستة . القسم الثاني وقوف الرأي ومحله فيما اذا كان لك ولي احدث حدثا لا تدري انت حكمه فانه يجوز لك عند بعض ان تقف عنه حتى تعلم حكم حدثه فترده الى الولاية ان كان حدثه لم يخرجه منها . القسم الثالث وقوف السؤال وهو وقوف الرأي بعينه لكن بعض القائلين بوقوف الرأي اوجبوا على الواقف وقوف الرأي السؤال عن حكم حدث وليه فسموا الوقوف مع اعتقاد السؤال عن حكم الوالي وقوف سؤال فهو مع من قال به ملازم لوقوف الرأي . ٭ قوله وفي الكفاية هو كتاب جامع يقع في عدة أجزاء تأليف الشيخ محمد بن موسى بن سليمان الكندي النزوي .مصححه ١١٨ القسم الرابع وقوف الاشكال ومحله في الوليين اذا تلاعنا او تقاتلا ولم يعلم المبطل منهما من المحق فان بعض الاصحاب جوز الوقوف عنهما لما اشكل من امرهما حتى يعلم امحق منهما فيتولى والمبطل فيبر منه وسموا هذا الوقوف وقوف اشكال ولا يخفى انه نوع من وقوف الرأي . القسم الخامس وقوف الشك وهو ان يقف الواقف عن ولاية جميع الناس فلا يتولى احدا منهم الا من شك مثل شكه وهذا الوقوف محرم لا يجوز الاخذ به لما فيه من ترك ولاية المحق بعد وجوبها ولما فيه من الولاية لمن ترك الولاية بعد وجوبها © قال نور الدين فهذه الوقوفات كلها مختلف فيها ما عدا الاول & قال واختار عندي وفاقا لجمهور اهل المغيب عدم جوازها لما فيها من الرجوع عن اليقين الى الشك ومن العلم الى الجهل والله اعلم . باب في الصبغائر والكبائر من الذنوب قال نور الدين رحمه الله ذكر ابن حجر للكبائر حدودا احدها انها ما لحق صاحبها عليها بخصوصها وعيد بنص كتاب او سنة فخرج بالخصوص ما اندرج تحت عموم فلا يكفي ذلك في كونه كبيرة بخصوضه ثانيها انها كل معصية اوجبمت الحدود بانهم نصوا على كبائر كغية ولا حد فيها ككل الربى ومال اليتم والعقوق وقطع الرحم والسحر والنميمة وشهادة الزور والسعاية والقيادة والديانة وغيرها ،ثالثها انها كل ما نص الكتاب على تحريمه او وجب في جنسه حد او ترك فريضة تجب فورا والكذب في الشهادة والرواية واليمين وزاد الهروي وشر وكل قول خالف الاجماع العام © رابعها كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين ورقة الديانة مبطلة للعدالة وكل جريمة لا تؤذن بذلك بل يبقى حسن الظن ظاهرا بصاحبها لا تحبط العدالة ى خامسها انها ما اوجب الحد او توجه اليه الوعيد والصغيرة ما قل فيه الام ح سادسها انها كل محرم لعينه منهي عنه لمعنى في نفسه فان فعله على وجه يجمع وجهين او وجوها من التحريم كان فاحشة فالزنا كبية ويحليلة الجار فاحشة والصغيرة تعاطي ما تنقص رتبته عن رتبة _ ١١٩ المنصوص عليها او تعاطيه على وجه دون المنصوص عليه فإن تعاطاه على وجه يجمع وجهين او وجوها من التحريم كان كبية فالقبلة واللمس والمفاخذة صغيرة ومع حليلة الجار كبية كذا نقل عن الحليمي وفيه نظر © سابعها انها كل فعل نص الكتاب علىتحريمه اي بلفظ التحريم وهو اربعة اشياء اكل لحم الميتة والخنزير ومال اليتيم ونحوه والفرار من الزحف ورد بمنع الحصر في الاربعة ،ثامنها انه لا حد يحصرها يعرفه العباد واعتمده الواحدي من الشافعية وبعض اصحابنا قالوا لو ان للكبيرة حد بحصرها يعرفه العباد لاقتحم الناس الصغائر واستباحوها ولكن الله عز وجل اخفى ذلك عن العباد ليجتهدوا في اجتناب المنهي عنه رجاء ان تحجتنب الكبائرونظائره اخفاء الصلوة الوسطى وليلة القدر وساعة الاجابة ونحو ذلك . قال نور الدين زحمه الله والحد الخامس من هذه الحدود هو الذي عول عليه الامام ابو سعيد وجمهور الاصحاب رحمهم الله وما عداه من الحدود مدخول عليه قال فالحاصل ان الكبير من الذنوب هو ما ثبت عليه حد في الدنيا او عذاب في الاخرة وما عدا الكبير من الذنوب فهو صغير بناء على المذهب المشرقي ان الصغائر موجودة في الخارج وانها معلومة للعلماء 3قال وهو مذهب النكار وجمهور قومنا وذهب اصحابنا من اهل المغرب وبعض اهل المشرق الى انها موجودة لكنها غير معينة اذ ليس في تعيينها حكمة لانها لو عينت وهي مغفورة كان تعيينها اغراء بارتكابها والغرض انها حرام منهي عنها فيناقض تعيينها النهي عنها . قال نور الدين 7موقوف على اجتناب الكبائر ولا يدري المر انه يموت على كبية ام لا فليس في تعيينها اغراء وفي قول ثالث ونسب الى ابن عباس ان الصغائر لا وجود لها في الخارج اخذا من قوله كل معصية يعصى بها الله فهي كبية اذ ليس النظر الى المعصية وانما النظر الى من يعصى قال نور الدين فالصغائر على مذهب المشارقة هي مثل الكذب الخفيف والرقص واللعب والكذب الخفيف هو الذي لم يكن كذبا على الله ورسوله او يسفك به دم او يتلف به مال وقيل هو كبية مطلقا كان خفيفا او ثقيلا وقيل ان كان على غير الله ورسوله فهو صغيرة ومن ذلك اللطمة اذا لم تؤثر وقيل كبيرة مطلقا وصححه القطب ومن ذلك التعري حيث لا ١٦١٦٠ يراه احد والتعري ليلا ايضا ودخول الحمام في ظلمة بلا ثوب ومن ذلك الدخول بلا اذن والغيبة وصحح القطب انهما كبيرتان ومنها ضرب الدف بلا غناء ولا اجتماع وقيل كبيرة وقيل ما لم يغن عليه فهو صغيق وقيل ما لم يجتمع عليه فهو صغيرة وليس ضرب الطبل لحاجة غير لهو معصية ومنها ايضا المزمار ومنها ضرب الطنبور والات اللهو والمراد باللعب الغير المقرون باللعن كلعب الشطرنج ونحوه وغير المقرون بالاباحة كملاعبة الرجل فرسه وعرسه ورميه قوسه واعلم ان للصغائر حكمين احدها انها مغفورة بفعل الحسنات بشرط اجتناب الكبائر قال تعالى ێؤان الحسنات يذهبن السيئات4ؤه وقال تێؤان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكممه والمراد هنا الصغائر وقال «ێؤوالذين يجتنبون كبائر الام والفواحش الا اللمم ان ربك واسع المغفرة والمراد باللمم الصغائر مانلذنوب والحكم الثاني ان الاصرار عليها كبيرة قال تعالى توم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمونيه» فمدحهم بعدم الاصرار على المعصية وفي مدحه تعالى لهم بعدم الاصرار ذم للاصرار وما ذمه الله فهو كبير بيانه تعالى لا يذم شيئا وهو يرضاه لعباده وقد قال فولا يرضى لعباده الكفرئه فاستنتج من الايتين ان الاصرار كفر نعمة وفي هذا الاستدلال ما لا يخفى فبني التعويل على صريح ما يأتي من الاحاديث لشهرتها وتلقي الناس ها بالقبول قال عفة «لا صغيرة مع اصرار ولا كبيرة عند توبةواستغفار» وقال «الاصرار على الصغائر كبيرة» وقال «هلك المصرون قدما اللى النار» . قال نور الدين رحمه الله واعلم ان لركب الكبيرة حكمين احدهما بالنظر الى ما بينه وبين ربه وهو ما اوعده الله به من العذاب في الدارين بالحد والعقوبة او بالعذاب في الاخرة الا اذا تاب من ذنبه وثانيهما بالنظر الى الخلق وهو البراءة منه والمعاداة له فيجب على كل مكلف علم فسققةة ان يبرأ منه ويضلله لكن اختلفت الأئمة في بعض الى انه لا يبرأ منه حتى يستتابالقدوم على البراءة منه قبل الاستتابة فذهب قبل منه وان ابي برىء منه .فان تاب قال نور الدين وهو اختيار الامام ابي سعيد مستدلا عليه بانه لا يحكم على احد بشيء الا بعد الاحتجاج عليه ان امكن اجماعا واستدل عليه غيرو بقوله تعالى ١٢١١ ابليس ما منعك ان تسجد اذ امرتلكه 4فلم يعاجله بالطرد حتى استخبو والله عالم بكل شيء وانما هو تعلم لعباده واظهار لما فى حكمته فيستفاد من الاية ثبوت اقامة الحجة وذهب آخرون الى انه يبرأ منه قبل ان يستتاب ثم يستتاب فان تاب قبل منه وان ابى بقي على حكم البراءة وصححه القطب رحمه الله ولاهل هذا القول أنه من حين ما ركب الكبيرة صار عدوا لله ووجبت علينا معاداته فالوقوف عنه بعد وجوب المعاداة وقوف عن الواجب وإهمال عن إنقاذ الحكم ولااحتجاج عليه فيما لايحتمل إلا باطلا وموضوع الاحتجاج على المحكوم عليه انما هو شيء يكون له فيه خرج عن الباطل ولا مخرج لراكب الكبية اصلا فانها لا تقع بخطأ واما الاية فليس فيها الا انه تعالى استخبرو عما منعه عن السجود اظهارا لحجته عليه فهي دليل على حلمه تعال وعفوه ولا يجب علينا الاقتداء في مثل ذلك فكثير مما عفا الله عنه بحلمه اوجب علينا نحن ان نعاجله بالاتلاف فالكفار اخر الله عنهم العذاب في الدنيا واعطاهم الاموال والخول والزمنا عند القدرة ان نقتلهم ونسبي ذراريهم ونغنم اموالهم وغاية ما فاىلاية الاخبار عن اتصافه تعالى بالحلم علينا لا اجاب ذلك علينا وحكم من كب ذنبا صغيرا انه مسلم حتى يصر عليه لعفو الله تعالى عن الصغائر باجتناب الكبائر تێؤان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كرامه ولا شك ان من عفي عنه فهو مسلم مؤمن اما اذا اصر على ذنبه الصغير فقد ;تقدم حكمه ان الاصرار على الصغيرة كبية وقد تقدم حكم فاعل الكبية واختلفوا في صفة الاصرار الذي يصير به الصغير مانلذنوب كبيرة هفعن ابي عبيدة رضي الله عنه وقد سئل عن المصر فقال الذي لا يندم ولا يرجع ولا يتوب وعن بشير رحمه الله وقد سئل عمن اصاب صغيرا من الذنوب ونيته ان يتوب منه غدا او بعد ذلك ومن دينه التوبة من ذلك الا انه لم يتب حين مواقعة الذنب فقال ان عزم على ترك التوبة ومات قبل ان يتوب هلك وان تاب قبل الموت سلم وقوله عليه ان يتوب من حين ما واقع الصغيرة ولا يؤخر ذلك فقد اصر وهو اشد القولين والاخر افسح ثم قال من اذنب ذنبا ثم ندم عليه فهو اقلاع عنه وتوبة لان الندم توبة فكل مانكثر الندم على ذنبه اجلالا لله تعالى وتعظيما له كان ارجى لقبول توبته والله اعلم . ١٦١٢ قال نور الدين رحمه الله ويبحث في القول الذي حكاه بشير بانه لا فرق اذا يين الصغير والكبير من الذنوب لان كلا منهما تلزم منه توبة في حال المعصية ويجاب بانه مبني على مذهب من راى ان جميع ما يعصى الله به فهو كبير وعن السدي ان الاصرار على الذنب هو السكوت عن التوبة والتمادي في الذنب وعن الحسن ان اتيان الذنب عمدا اصرار وقيل لا يكون صاحب الصغيرة من الذنوب مصرا هالكا حتى يكون اتى بها مستخفا لنهى الله فيها ومستحقرا لها فان الذنب كلما استعظمه العبد من نفسه صغر عند الله تعالى وكلما استصغر كبر عند الله لان استعظامه يصدر عن نور القلب وكراهيته له وذلك النفور يمنع من شدة تاثره به واستصغاره يصدر عن الالف به وذلك يوجب شدة الاثر في القلب والقلب هو المطلوب تنويره بالطاعات والمحذور تسويده بالسيئات ولذلك لا يئاخذ بما يجري عليه في الغفلة فان القلب لا يتأثر بما يجري في الغفلة وقد جاء في الخبر المؤمن يرى ذنبه كالجبل فوقه يخاف ان يقع عليه والمنافق يرى ذنبه كذياب مر على انفه فاطاره وقد حرر القطب رحمه الله هذا المقام فجعل الاصرار باشياء منها الاقامة على الذنب ومنها الاعراض عن التوبة ومنها اعتقاد المعاودة الى الذنب ومنها اعتقاد عدم التوبة ثم ذكر بعد ذلك انه لا يحكم عليه بالاصرار وان سكت عن التوبة مثلا كا اذا قيل له تب فسكت حتى يقول انه لا يتوب او نحو ذلك واختلفوا في الولي اذا اتى الصغيرة على ثلاثة مذاهب المذهب الاول وهو الصحيح انه باق على حكم ولايته لأن الله قد عفا عن الصغير لمن اجتنب الكبائر ولا شك ان المغفور عنه مؤمن وكل مؤمن ولي المذهب الثاني الوقوف عنه لانه اتى بذنب وهو بفعله ذلك عاص ولا يكون العاصي وليا ولانه يحتمل ان يكون قد اصر على ذلك الذنب فاسلم ما يكون من الاحوال فيه ان يوقف عنه ثم يستتاب فان تاب رجع الى ولايته وان اصر برىء منه . قال نور الدين اما الوقوف عنه لكونه عاصيا بعد ان ثبتت ولايته فليس يمسلم لان عصيانه مغفور باحتناب الكبائر ومن غفر له ذنبه فهو كمن لم يعص حكما شرعيا واما الاحتال ان يكون قد اصر على ذنبه فجوابه انه يحتمل ان يكون لم يصر ايضا وهو امين في دينه فالاصل عدم الاصرار واسلم الاحوال فيه ان .يحكم فيه بما كان _ ١٦٢٢٣ عليه من الحال لا ان ينتقل فيه من حكم ثبت له بيقين الى حكم آخر لم ينبت الا بمحض تهمة مع ما فيه من اساءة الظن بالولي المذهب الثالث حسن الظن بالولي وابقاؤه على ولايته كا في المذهب الاول لكنه يستتاب من ذنبه فان تاب فذاك المطلوب منه وان اصر برأي منه لا تجب استتابته في هذا المقام بل يحسن لانها من باب الامر بالمعروف والله اعلم . القاذفالكبائر وفي احكامباب في ذكر شيء من اعلم ان من الكبائر الغيبة والتجسس والقذف اما الغيبة فهي ان تذكر اخاك في غيبته بما يكرهه على قصد التنقيص له لما روي عنه مية انه قال هل تدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله اعلم قال ذكرك اخاك بما يكرهه قيل ارأيت ان كان في اخي ما اقول قال ان كان فيه ما تقول فقد اغتبته وان ل يكن فيه فقد بهته وقولنا على قصد التنقيص مأخوذ من الاحاديث الاتي ذكرها في بيان ما يكون غيبة ولا غيبة لفاسق اذيعوا بخبر الفاسق ليحذر الناس شر وقوله عر ما لكم والمنافق قولوا فيهلقوله ع ما فيه وقوله عه من القى جلباب الحياء عن وجهه فلا غيبة له وخرج بقولنا على قصد التنقيص ما اذا لم يقصد بذكر المؤمن يما يكرهه تنقيص وذلك اشياء احدها التظلم فان من ذكر قاضيا بالظلم والخيانة واخذ الرشوة كان مغتابا عاصيا ان لم يكن مظلوما اما المظلوم من جهة القاضي فله ان يتظلم الى الامام وينسب القاضي الى الظلم اذ لا يمكنه استيفاء حقه الا به قال علقة ان لصاحب الحق مقالا وقال لي الواجد يحل عقوبته وعرضه . ثانيها ان يكون الانسان معروفا بلقب عن عيبه كالاعرج والاعمش والاعور والاصم فلا اثم على من يقول روى ابو الزناد عن الاعرج وسلمان عن الاعمش فقد فعل العلماء ذلك لضرورة التعريف ولان ذلك قد صار بحيث لا يكرهه صاحبه لو علمه بعد ان قد صار مشهورا به نعم ان وجد عند معدلا وامكنه التعريف بعبارة .اولفهواخرى ١٦١٤ تمنرى مملوكا وقد عرفه بعيب فلك ان تذكر شر ك نالها تحذير المسلم مناالش ذلك لمشتريه المسلم وان كان العبد وليا وكذلك المزكي اذا سئل عن الشاهد فله ان يقول مثلا هو بقال او دباغ او حجام وان كان الشاهد وليا وكذلك المستشار في التزويج له ان يقول أن هذه المرأة غير جميلة ونحو ذلك وهذا الرجل ليس هو من حسب ونحو ذلك وان كان المستشار فيه وليا رابعها الاستفتاء كأن يقول للمفتي ظلمني ابي او زوجتي او‏ ١اخي فكيف ان ابا سفيانطريقي في الخلاص لما روي عن هند بنت عبتة انها قالت للنبي عي رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني انا وولدي بالمعروف فذكرت الشح والظلم لها ولولدها ولم يزجرها عريقة اذ كان قصدها الاستفتاء . خامسها الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي الى منهج الصلاح فلك ان تقول فلان فعل كذا من المنكرات عند من يعينك على ردعه عن منكر وان كان فاعل المنكر وليا عند المستعان به كا روى عمر رضي الله عنه مر على عان وقيل على طلحة ررضي الله عنه فذكر له ذلك فجاء فسلم عليه فلم يرد عليه السلام فذهب الى ابي بك ابو بكر اليه ليصلح ذلك ولم يكن ذلك غيبة عندهم وكذلك لما بلغ عمر ان ابا جندل عاقر الخمر بالشام كتب اليه لإبسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العلم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب&هالاية فتاب ولم ير ذلك عمر ممن ابلغه غيبة اذ كان قصده ان ينكر عليه فينفعه نصحه ما ليانفعه نصح غيرو وقد نظم هذه الخمسة بعضهم في قوله مع غيبة الفاسق ونحذرومعرفمتظلمستةفيبغيبةليسالقذف منكرازالةفيالاعانةطلبومنومستفتفسقاومظهر والتجسس المحرم هو السؤال عن عورات الناس لقصد الاطلاع عليها عن معاوية قال سمعت رسول الله ع يقول انك ان اتبعت عورات الناس افسدتهم او كدت تفسدهم فدخل تحت قولنا عن عورات الناس عورة المسلم والفاسق والمشرك لأن السؤال عن جميع ما ذكر حرام بخلاف الغيبةفانها انما تحرم فيالمؤمن وخرج بقولنا لقصد الاطلاع عليها ما اذا سئل عن العورات لقصد سترها واصلاح العالم كسؤال _ ١١٥ الامام عن احوال رعيته وفحصه عن اخبارهم فان هذا وان كان سؤال عن العورات لكنه ليس بالتحسس المحجور لما روي عنه تة انه مر بامرأة حامل على باب فسطاط فسأل عنها فقالوا هذه امة لفلان فقال الم بها فقالوا نعم فقال ميك لقد هممت ان العنه لعنا يدخل معه قبو كيف يورثه وهو لا يحل له كيف يستخدمه وهو لا يحل له والخلفاء الراشدون والائمة المهتدون كانوا يتفحصون عن اخبار الرعية ويسألون عن احوالهم السارة والضارة ولم يعد ذلك منهم الا حزما في المملكة ونظرا في السياسة وكفى ما جرى من مثل هذا النوع لسيدنا عمر مع عماله فانه كثيرا ما يمتحنهم وكان يجعل عليهم عيونا وعلى العيون عيونا . والقذف هو رمي الغير بالفاحشة سواء كانت تلك الفاحشة زنا او غيرو كذا في اصطلاحهم لكن غلب في عرفنا اطلاق القذف بالزنا خاضة وهو حرام مطلقا ولذا شرع على فاعله الحد وهو ان يجلد ثمانين جلدة جلدا متوسطا صونا للاعراض لكنهم شرطوا ثبوت الحد في القذف شروطا منها ما هو في القاذف ومنها ما هو في المقذوف فاما شروط القاذف فالبلو غ والعقل والاسلام والحرية فلا حد على الصبي ولا على المجنون ولا على اليهودي والنصراني عند بعضهم ان قذف المسلم والصحيح ان عليه الحد لعمومه تحت ان الذين يرمون امحصنات الاية ولا على العبد وقيل يحد اربعين واما شروط المقذوف فالبلو غ والعقل والحرية والاسلام والحصان والعفه فلا حد على قاذف الصبي والمجنون وقيل يحد قاذغهما ولا حد على قاذف المملوك ولا المدبر ولا الذمي ولا يحد قاذف محدود بما حد عليه واعلم انه اذا قذف احد احدا يالزنا فلا يخلو اما ان يكون المقذوف مجهول الحال لا يدري هل هو من اهل الاسلام ام من اهل الشرك او هو حر أم عبد أو هو صبي ام بالغ واما ان يكون حاله معروفا فان كان حاله مجهولا فلا شيء على من سمع القاذف اي يسعه السكوت عنه ولا يلزمه تتويب ولا غيو وان كان المقذوف معلوم الحال قلا يخلو اما ان يكون حرا بالغا مسلما واما ان يكون غير ذلك فان كان خرا بالغا مسلما فيبر من قاذفه اتفاقا سواء كان المقذوف وليا او غير ولي وان كان صبيا أو عبدا فاما ان يكونا وليين او غير وليين برىء من قاذفهما اتقانا وان كانا غير وليين او كان المقذوف مشرك فالخلاف في حكم قاذفهم فقيل يبرأ منه _ ١٦١٦ لحينه وقيل حتى يستتاب فان اصر برىء منه هذا كله اذا كان السامع للقذف ممن تعبد بتحريمه في اصل دينه اما اذا كان السامع مشركا يستحل القذف او صبيا لم يتعبد بعد بحكمه فلا شيء على القاذف اذا كان صادقا في قوله اما اذا كان كاذبا فعليه التوبة من بهتانه وهذا كله اذا كان القذف بالزنا والله اعلم . باب في انقسام الكبائر الى كفر جحود وكفر نعمة وفي حصر الكبائر في ذينك القسمين نفي للمنزلة بين المنزلتين قال نور الدين رحمه الله اي لا منزلة عندنا بين منزلتي الايمان والكفر لان المكلف اما مؤمن واما كافر وقد تقدم في باب الايمان ان الايمان عندنا فعل الواجبات فالكفر هو ترك شيء من الواجبات او فعل شيء من المحرمات من الكبائر قال وقيدنا الكفر بالكبائر لانه قد تقدم ان فاعل الصغيرة مسلم ما لم يصر على فعله وزعمت المعتزلة ان فاعل الكبيرة التي هي ليست بشرك لا يسمى كافرا لكي يخص باسم الفاسق فالفسق عندهم منزلة يين منزلتي الايمان والكفر وذلك انهم قالوا انا رأينا احكام الفاسق في الدنيا موافقة لاحكام المؤمن من جواز مناكحته وموارثته وذبائحه ودفنه في مقابر المؤمنين واحكامه في الاخرة موافقة لاحكام الكافر اي المشرك من ادخاله النار وتخليده فيها فالاختلاف بيننا وبينهم على هذا لفظي . وذهبت الازارقة الى أن المعاصي كلها كفر وشرك مستدلين بقوله تعالى ل ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا بعيدائه والضلال البعيد هو الشرك قلنا عموم الاية خصص بقوله تعالى « ان تجنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم » الاية فمجتنب الكبيرة غير ضال ضلالا بعيدا وان اتى الصغية وايضا فلا نسلم ان الضلال البعيد مقصور على الشرك بل يطلق عليه وعلى النفاق ايضا وقالت النجدية الكبائر كلها شرك واما الصغائر فلا مستدلين على ذلك باشياء احدها قوله تعالى للمؤمنين لما جادلهم المشركون في تحليل الميتة ؤاطعتموهم انكم لمشركوني“ه قلنا معنى الاية وان اطعتموهم في استحلال الميتة لافي اكلها ولا شك ان المستحل لما حرم الله جاهرة مشرك وثانيها قوله تعالى ل}واما من اوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت ١٦١٧ انه كان لا يؤمن بالله العظمملهة والفاسق لا يؤتى كتابه بيمينه وهوكتابيهئه الى قوله ظاهر بل بشماله اذ لا ثالث هناك فيكون كافرا اي مشركا قلنا ان قوله انه ان لا يؤمن بالله العظيم ليس عاما لكل من يؤتى كتابه بشماله لان فساق اهل القبلة مصدقون بالله فلا يندرجون في قوله انه كان لا يؤمن وثالثها الفاسق ظالم لغيو او لنفسه وكل ظالم كافر اي مشرك لقوله تعالى الا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالالحرة هم كافرون قلنا يلزم مما ذكرتم تشريك الانبياء حيث اعترفوا بظلمهم فان قال ادم وحواء ربنا ظلمنا انفسنا وقال موسى رب اني ظلمت نفسي وقال يونس اني كنت من الظالمين وحاصله ان يقال ما ذكر بعد الظالمين صفة مخصصة فلا يلزم شريك كل ظالم ورابعها قوله تعالى «إواما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما ارادوا ان يخرجوا منها اعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبونيه فانه يدل على ان كل فاسق مشرك قلنا ليس قوله واما الذين فسقوا باقيا على عمومه الظاهر لانه يقتضي ان كل فاسق مكذب بيوم القيمة وانه باطل قطعا وذهبت الاشعرية الى ان فاعل الكبيرة مؤمن واستدلوا بادلة تقدم الكلام عليها في باب الايمان والاسلام . قال نور الدين رحمه الله والحاصل ان كل فرقة جعلت الكفر مقابلا للايمان فعلى حسب اختلافهم في الايمان يكون اختلافهم في الكفر قال ولنا على ان الكفر شامل للشك الفسق ادلة منها قوله تعالى ومن .لم يحكم بما انزل الله فأولعك الكافرون فان كلمة من عامة في كل من لم يحكم بما انزل الله فيدخل فيه الفاسق المصدق وايضا فقد علل كفرهم بعدم الحكم فكل من لم يحكم بما انزل كان كافرا والفاسق لم يحكم بما أنزل الله ومنها قوله تعالى وهل يجازى إلا الكفور فانه يدل على أن كل من يجازى فهو كافر وصاحب الكبية ممن يجازى لقوله .ل ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنمئه فيكون كافرا واعترض عليه بانه خلاف الظاهر لان ظاهره حصر الجزاء في الكفور وهو متروك قطعا اذ يجازى غير الكفور وهو المثاب لان الجزاء يعم الثواب والعقاب قلنا لا نسلم أنه متروك الظاهر بل هو على ظاهر والمجازاة محصورة على الكفور الشامل للمشرك والفاسق ولا تطلق على الثواب الذي يشمل الثواب والعقاب وهو الجزاء لا المجازاة ومنها قوله تعالى ويوم تبيض وجوه وتسود وجوه فاما ١٦١٨ الذين اسودت وجوههم اكفرتم بعد ايمانكميله؛ والفاسق ممن وجهه مسود بالمعصية فيكون كافرا واعترض بانا لا نسلم ان كل فاسق مسود الوجه يوم القيامة فان الاية لا تقتضي ذلك بل هي واردة في بعض الكفار الذين كفروا بعد ايمانهم لقوله «واكفرم بعد ايمانكمئ 4قلنا الاية واردة في بيان احوال الناس يوم القيمة فدلت على انهم صنفان شقي وسعيد كا يرشد اليه سائر الايات فالسعداء مبيضة وجوههم والاشقياء مسودة وجوههم ووجود صنف ثالث اشقياء ولم تسود وجوههم مما لم يدل عليه دليل وان امكن عقلا فحمل الاية على التخصيص بغير مخصص تحكم ومنها قوله تعالى «إوسيق الذين كفروامه الى قوله «لووسيق الذيرحاتقوامهإذيعلممنهأن الانسان اما متق يساق الى الجنة او كافر يساق الى النار واعترض بان ذكر قسمين لا يدل على عدم قسم ثالث قلنا ثبوت قسم ثالث غير متق ولا كافر خلاف ظاهر الاية سلمنا انها لا تدل على عدمه لكن لا يجوز ثبوته الا بدليل ولا دليل هنا ومنه قوله عليه الصلاة والسلام «من ترك الصلوة متعمدا فقد كفر» في امثاله واعترض بان الاحاد لا تعارض الاجماع على مدعاه وافى له بدعوى الاجماع وهذا الكتاب العزيز وهذه السنة المطهرة يناديان على خلاف مدعاه اينعقد اجماع على خلاف نص ايكون اجماع بلا مستند من كتاب او سنة الهم ان يشرعوا من تلقاء انفسهم ؟ والكفر قسمان كفر شرك وكفر نعمة .وكفر الشرك قسمان كفر جحود وكفر مساواة فكفر الجحود هو جحد الصانع وكفر المساواة هو ان يصف الصانع بصفقات المصنوع او يصف المصنوع بالصفات المختصة بالصانع وكفر النعمة هو ما نشاأ عن تاويل الخطا كاستحلال ما حرمه الله بتاويل الخطأ من فاعله او قائله كخلاف جميع من خالف المسمين وبرائتهم منهم بتاويل الخطا وما فعل انتهاكا كمقارفة شيع مما اوعد الله على فعله النكال فى الدنيا والعذاب في الآخرة او عذب به امة من الامم الماضية كالقتل والزنا والربا والسرقة وبخس الميزان والمكيال واتيان الرجال وعقر الناقة والاعتداء في السبت لأهل ذلك الزمان وغير ذلك فهو قسمان احدهما ما فعل باستحلال وهو ما دان به المتدين بتأويل الخطأ ويسمى مستحلا بالتأويل أما المستحل بلا تأويل فهو مشرك . ١٦١٦٩ دينه ايله فانه محرموثانيها ما فعل بانتهاك وهو ما يفعله المتدين والحال ركنالشيء حرام فيأتيه ولكل واحد منها حكم سياتي بعضه فدينه ان ذلكيعتقد ف التوبة ان شاء الله تعالى ونذكر هنا بعضه الآخر . اعلم ان حكم الملستحلين بالتأويل ان يدعوهم الامام للدخول في دين الحق وولاية المسلمين والخروج من دين الضلال والبراءة من ائمة الضلال فان اجابوا الى ذلك كان لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين وان ابوا دعاهم الى الاذعان لحكمه والتسليم له فان اذعنوا اجرى فيهم حكم المسلمين واخذ الزكوة من اغنيائهم ووضعها في فقرائهم وان امتنعوا من ذلك ناصبهم الحرب ولا يحل منهم غير دمائهم فلا تغنم اموالهم ولا تسبى ذراريهم ولا يتبع مدبرهم ولا يجهز على جريحهم الا اذا كان لهم مأوى ياوون اليه او فئة ينحازون اليها فانه حينئذ يجهز على جريحهم ويتبع مديرهم ان ظن انهم يصلون ذلك المأوى وتلك الفئة اما اذا ظن انهم لا يبلغون اليهم فحكمهم كيا لو لم يكن لهم ماوى و لا فئة وتحل ذبائحهم ومناكحتهم وموارثتهم في السلم والحرب وحكم المنتهكين كحكم هؤلاء المستحلين في جميع ما مر الا انهم لا يدعون الى براءة من ائمة الضلال فانهم يدينون بها ولا الى ولاية لأهل العدل فانها معتقدهم ويسمى كفر النعمة نفاقا لقوله يلة آية المنافق ثلاث اذا وعد اخلف واذا حدث كذب واذا أؤتمن خأن . قال نور الدين رحمه الله واعلم ان النفاق عندنا وجهان احدهما التكذيب بالقلب مع الامان باللسان وهذا النوع هو الذي نزل في أهله القرآن كقوله تعالى ان المنافقين في الدرك :الاسفل من النار وثانيهما هو ارتكاب شيع من الكبائر كيا يرشد اليه الحديث فالمنافق يطلق على من كذب بقلبه وامن بلسانه وعلى من ارتكب شيئا من الكبائر ولا يسمى الشرك نفاقا ولا المشرك منافقا والاسياء على صنفين صنف منها غختص باهل الطاعة الموفين بدين الله وهي مؤمن ومسلم ومهتدي ومتقي وطائع وصالح وصنف مختص باهل الكبائر وهذا ايضا نوعان نوع يطلق على اهل الكبائر كلهم وهي ضال وظالم وفاسق وفاجر وعاص وكافر والنوع الثاني عحتص فلا يطلق الا ‏ ١٦٣٠۔ على اهل صفة غخصوصة كالمشرك فانه لا يطلق الا على صاحب الشرك وكالمنافق فانه لا يطلق الا على صاحب النفاق وكالسارق فانه لا يطلق الا على صاحب السرقة وهكذا . والشرك ما زاد في الكفر حتى انتهى الى رد تنزيل من عند الله ورسول من رسل الله فيشمل التنزيل جميع الكتب السماوية مجموعة وآية آية فان كل آية منها تنزيل فالراد لشيء منها كالراد جميعها والراد لرسول واحد كالراد لجميعهم واذا عرفت ان الراد للتنزيل مشرك والراد للرسل مشرك عرفت بطريق الاولى ان منكر الصانع ومنكر بعض صفاته الواجبة له مشرك لأنه ان ثبت الشرك برد شيع من افعاله الجائزة عليه وهي ارسال الرسل وانزال الكتب كان برد ما هو واجب في حقه اثبت . قال نور الدين وللشرك وجوه قال في القواعد منها ان ينكر وجود الله سبحانه البتة كالدهرية الزاعمة ان الاشياء لا محدث لما ومنها ان يقيم غير الله مقامه في الخلق والانشاء والاختراع كالمانوية والديصانية الذين يزعمون ان الاشياء تكونت من اصلين قديمين وهما النور والظلمة وكالمنجوس الزاعمة ان الأشياء القبيحة مخلوقة للشيطان وما اشبه هذا ومنها ان يقيم الخلق في العبادة مقام الله تعالى كمشركي العرب الذين يعبدون الاصنام ويقولون هي شفعاؤ نا عند الله مع اقرارهم بأن الخلق والرزق والاحياء والاماتة لله وحده ومنها ان يجهل معرفة وجود الله تعالى وجميع ما لا يسع جهله من وظائف التوحيد المتقدمة ومنها ان يكذب الله تعالى بانكار حرف من كلامه او نبي من انبيائه او رسله أو ملك من ملائكته وجهله البعث والمعاد وشكه في وجه من من وجوه التوحيد وما اشبه ذلك من جميع ما لا يسع جهله ومنها ان يصف ربه بصفات الخلق ومعاني النقص من الجهل والعجز والحدوث والعدم والجور والظلم والهيئة والجسم وبالسهو والنوم والأكل والشرب والتعبد والنصب والحركة والسكون والاشكال والاضداد والصاحبة والاولاد أو يصف الخلق بصفاته عز وجل من العلم والقدرة والقدم على الحقيقة والاحياء والاماتة والخلق والاختراع من العدم الى الوجود والارسال والانزال من جميع صفاته التي لا يليق الخلق بها ومنها ان يتقرب العبد الى الله سبحانه بمعاصيه اي لا على وجه الاستحلال بالتأويل ليخرج هؤلاء _ ١٢٣١ . المتدينون فانهم يتقربون الى الله بالبراءة من اهل الحق وهي معصية وليسوا بذلك مشركين لتأويلهم ومنها ان يزعم العبد ان الله نهى عن طاعته من التوحيد وغيره مما لا يحتمل التاويل في التنزيل وجعل منها في موضع اخر ان يستحل ما حرم الله نصا او يحرم ما احله الله نصا مواجهة من غير تأويل . واعلم ان المشركين اصناف منهم اهل كتاب ومنهم ليسوا اهل كتاب فاهل الكتاب منهم اليهود وهم اهمل ملة موسى عليه السلام والنصارى وهم اهل ملة عيسى عليه السلام والصابثون على خلاف فيهم هل هم اهل كتاب ام لا وقيل هم قوم اختاروا مطائب التوراة ومطائب الانجيل وقالوا قد اصبنا دينا واما غير اهل الكتاب فهم المجوس والمشركون الذين يعبدون الاوثان وغيرهم من اصناف المشركين ولهم احكام عامة لجميعهم وخاصة في بعضهم دون بعض . فاما احكامهم العامة فمنها الحكم عليهم بان جميعهم نجس لقوله تعالى اما المشركون نجس الآية وهو مذهب ابن عباس وعن الحسن ان من صافح مشركا وهو متوض انتقض وضؤه وعليه جمهور اصحابنا وذهب اخرون منا ومن غيرنا الى ان ذواتهم ليس نجسة وانما وصفوا بالنجس لباشرتهم له وقلة تنزههم عنه ومنها ان يدعوهم الامام الى الدخول في الاسلام فان كانوا اهل قرى ومدائن دعى كبرائهم وان كانوا اهل بادية دعاهم واحدا واحدا وقيل يدعو المنظور منهم فان كانوا لا يعرفون لغته ترجم هم بأمينين وقيل يجبزى بأمين واحد ولا بد من الدعوة الى الجملة التي كان يدعو اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما روي عنه عليه الصلوة والسلام انه بعث سرية فقال يا علي لا تقاتل القوم حتى تدعوهم وتنذرهم وبذلك امرت فان اخذوا بغير دعوة ردوا الى مأمنهم لما روي عنه عليه الصلوة والسلام انه جىء بأسارى من حي من احياء العرب قالوا يا رسول الله ما دعانا ولا بلغنا قال الله قالوا آلله فقال خلوا سبيلهم حتى تصل اليهم الدعوة فان دعوتي تامة لا تنقطع الى يوم القيمة فان ابوا عن الدخول في الاسلام قاتلهم الامام وحل غنيمة أموالهم وسبي ذراريهم اينيا كانوا ممن اي صنف كانوا الا قريشا فانهم تغنم اموالهم ولا تسبى ذراريهم لحرمة النبي عليه الصلوة والسلام اي لئلا تكون انسابه ية خدما والدليل على ذلك انه كان عليه ١٧٣٦٢ الصلوة والسلام لم يسب من ذراريهم شيئا أو ان قتاله هم فعلينا الاقتداء به وفي قول آخر جميع العرب لا تسبى ذراريهم لحرمة النبي عليه الصلوة والسلام لانه منهم ولا يخفى ان هذا خالف لفعله يلة فيهم فانه سبى بني المصطلق وهم من العرب وسبى والصابئينوالنصارىفلليهوداحكامهم الخاصةواماايضامنهموهمهوزان ا لحربللجزية وتركواا نقادوااذا‏ ١جزية منهموهو قبولحكم يخصهموا لمجوس وحكم يخص اليهود والنصارى والصابئن دون المجوس وهو انه اذا ادوا الجزية حلت ذبائحهم ونكاح الحرائر من نسائهم وللمجوس حكم يخصهم مع المشركين من العرب وهو تحريم ذبائحهم ونكاح نسائهم فحكم للمجوس في قبول الجزية حكم اليهود والنصارى والصابئن وفي الذبائح والنكاح حكم مشركي العرب من اهل الاوثان والدليل على ان المجوس تقبل منهم الجزية ولا تحل ذبائحهم ولا نكاح نسائهم ما روي عنه يلة من طريق عبدالرحمن بن عوف انه قال سنوا بهم سنة اهل الكتاب غيآركلى ذبائحهم ولا ناكحي نسائهم وأما الحكم الخاص مشركي العرب من أهل الأوثان فهو انه لا يقبل منهم صلح ولا جزية ولا تحل ذبائحهم ولا نكاح نسائهم ولكن يقاتلون ويناصبون الحرب حتى يسلموا والدليل على ذلك انه تعالى خص قبول الجزية باهل الكتاب فقال تعالى :حتى يعطوا الجزية عن بدوهم صاغر ون 4وقال في حق المشركين «وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله بجواز ذلكانه تعال خص اهل الكتابوالدليل على تحريم ذبائلحهم ونكاح نسائهم الآية .حل لكم وطعامكم حل لهمالكتابالذين اوتواوطعامفقالمنهم ولا تنكحواوالدليل على تحريم مناكحة المشركين من العرب قوله تعالى : المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة» وقوله تعالى « :فلا ترجعمؤهن واما تزويج بناته يلة ببعض المشركينالى الكفار لا هن حل هم ولا هم يحلون فهن فقبل نزول التحريم وتغنم اموال المشركين في الحرب والغنيمة في اللغة ما يناله الرجل أو الجماعة بسعي وفي الشرع ما نال المسلمون من المشركين بالقتال أو بالقهر كائنا ما كان واستثنى بعضهم الاصول فلا تسمى غنيمة بل تسمى فيئا . _ ١٣٢٢٣ قال القطب رحمه الله وليس كذلك فان الفيىعء ما جاء بلا قتال وقهر كالعشر والجزية وأموال الصلح والمهادنة ومال من مات منهم في دار الاسلام ولا وارث له وخراج الاصول قيل وخمس الغنيمة ونحو ذلك ولا خمس فيه قال وهذا هو الصحيح وهو قول الثوري وعطاء وقال قتادة كل ذلك يسمى غنيمة ويسمى فيئا والغنيمة والفيىء شيع واحد وفيه الخمس وكذا حكى ابن المنذر عن الشافعي ان في الفيىء الخمس قال القطب والاكثرون على انه لا يمس الفيىعء وانه يقسم على المسلمين مطلقا بحسب المصلحة فيعطى الرجل بالنظر الى قومه والرجل بالنظر الى قتاله والرجل بالنظر الى عياله وبالنظر الى حاجته وكان الفمىعء في زمان النبي مية فيما ذكروا عن عمر خاصا به يتصرف فيه كيا شاء ينفق منه نفقة سنة على عياله والباقي في السلاح والكرائم ويصرف بعده للمقاتلة لأن بهم ارهاب العدو كالنبي مية وقيل هو للأمام وكذا الارض وسائر الاصول فان شاء الامام قسمها كسائر الغنيمة وان شاء تركها في ايدي اهلها بجزء من غلتها او بخراج يضربه عليها وان شاء فعل غير ذلك بحسب المصلحة مثل ان يرى انه لو قسمها لاشتغلوا بها عن الجهاد فلا يقسمها اما سائر الغنائم من نحو الذهب والفضلة والابل والغنم وجميع انواع الاموال فتجب قسمته على خمسة اقسام فقسم منها وهو الخمس وهو لمن ذكره النه في قوله عز قائلا : واعلموا ان ما غنمتم من شيء فان له خمسه وللرسول ولذي القربى والياتامى والمساكين وابن السبيلي . قال القطب والمراد بذكر الله تعظيمه وافتتاح الجملة به للتبرك وان من حق الخمس ان يتقرب به اليه كيا قال مالك وانه هو الحاكم في الخمس يقسمه كيف شاء وليس المراد ان له سهيا من الخمس فالدنيا والآخرة كلها لله وانما يقسم الخمس على الخمسة المذكورة بعده او سهمه سهم الرسول فليقسم ايضا الخمسة المذكورة على الخمسة المذكورة . وقال مالك والزجاج قسمه على الخمسةتمثيل باهم من يدفع اليه لا حصر فيجوز اعطاء الغير منه كقوله تعالى :قل ما انفقتم من خير فللوا لدينه الخ وقد اجمعوا على جواز انفاق الخير على غير من ذكر قال القطب والصحيح الأول وبه اقول ١٢٦٤ وعطا ء وقتادةبن محمدوا لحسنحنيفة وما لك وا بن عباسالشا فعي وا بيوهو قول .يمعلهيناللهرسولكانوهو ماوالنخعي وذكر الطبري عن ابن عباس ان الخمس مقسوم على اربعة اسهم وسهم الرسول لقرابته وليس له ولله شيع وقال ابو العالية المراد بذكر الئه ان له سهي فيقسم الخمس على ستة وسهم الله يصرف للكعبة قيل قال عن رسول الله ينة كان يأخذ المس فيضرب بيده فيه فياخذ قبضة يجعلها للكعبة وهو سهم ا له ثم يقسم الباقي على خمسة وقيل سهم الله لبيت المال وقيل يضم الى سهم الرسول وقال منذر بن سعيد قالت فرقة لفقراء المسلمين او لبيت المال ورد على هذا القول بظاهر قوله تعالى وللرسول قال وسهمه صلى الله عليه وسلم بعد موته لمصالح المسلمين وما فيه قوة الاسلام عن الشافعي وأحمد وقال فرقة للكراع والسلاح قال الاعمش والنخعي هو الذي كان ابو بكر وعمر يفعلانه وقال على وقتادة والحسن للأمام قال وهو حسن وقال ابو حنيفة للاربعة المذكورة بعده وقالت فرقة هو لاصحاب الاربعة الاخماس الباقية وهو الجيش وقال قوم لقرابته ية وقال ما لك الى رأي الامام وقال اصحاب الرأي هو لليتامى والمساكين وابن السبيل دون القرابة لانه ية لا يورث وذوو القري هم بنو هاشم وبنو المطلب يعطى منه غنيهم وفقيرهم للذكر مثل حظ الانثيين وذهب قوم الى انه ليس لاغنيائهم منه شيع وانما هو لفقرائهم وصحح القطب رحمه الله الاول مستدلا عليه باعطاء رسول الله ية عمه العباس وهو من الاغنياء فاذا ل يوجد احد من ذوي القربي فأمر سهمهم الى الامام يضعه حيث شاء من مصالح الاسلام أما اربعة اخماس الغنيمة وهي ما عدا الخمس المذكور فيقسم على المقاتلة للفارس منهم سهمان وللراجل سهم وليس لاحد منهم ان ياخذ شيئا من الغنيمة قبل القسمة لانهم شركاء في ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم «وقد اخذ من بعير وبرة فقال مالي ولا لكم منها اي من الغنيمة مثل هذه الا الخمس» ثم هو رد عليكم فادوا الخيط والمخيط فان الغلول عار وشنار على الغال يوم القيمة ولكم الأكل والركوب والعلف وليس احدكم احق بالغنيمة من الآخر ولو بالسهم وقيل يا رسول الله استشهد فلان فقال كلا اني رأيته يجر الى النار بعباءة غلها وكان لرسول الله ية الصفي وهو ما يختاره __ _ ١٧٣٦٥ لنفسه قبل القسمة وتركه اكراما لامته وادخارا لاجره ولا صفي بعد رسول الله يلة باجماع الاما قاله ابو ثور انه باق للامام وهو قول شاذ ولا يجوز لمن ذخل مع المشركين بأمان ان يأخذ شيئا من اموالهم ولا لمن دخلوا معه بامان ان يأخذ شيئا ايضا واذا دخل المسلم دار المشركين بامان فليس له ان يشتري مما غنم المشركون أو سبوا من بعضهم بعض لأنه خيانة لهم ورأى المحقق الخليلي جواز ذلك وعنده انها ليس بخيانة فهم وتسبى اولاد المشركين الصغار ما كانوا دون البلوغ مع النساء أما البلغ من الرجال. فانهم يقتلون بدليل ان سعد بن معاذ حكم في بني قريظة بقتل مقاتلهم فاقره رسول الله ية على ذلك وقال له حكمت بحكم الله الى آخر الحديث والحكمة في سبي اولادهم ثلاثة اشياء احدها ليجروهم الى الاسلام فيكون ذلك سببا لدخولهم فيه وذلك انفع لهم وا لثاني شفقة بهم حين قتل آبائهم لئلا يموتوا جوعا وعطشا والثالث تقوية لبيت المال والله اعلم . باب في كيفية الجزية قد تقدم ان بعض المشركين لا تقبل منهم جزية اصلا وهم اهل الاوثان من العرب وبعضهم تقبل منهم وهم اهل الكتاب من اليهود والنصارى والصابئين ومثلهم المجوس ولا جزية على امرأة او عبد او طفل او شيخ أوحبر او مجنون اوراهمب او مفلس وقال بعض العلياء يعطيها رهبان الكنائس الذين لم ينقطعوا ومن فرضت عليه ثم انقطع لم تسقط عنه وقيل يعطيها الراهب مطلقا ولا يأخذ الجزية الا الامام العادل بنفسه أو بأمره واذا لم يكن الامام اكوان ولم يقدر على منع الظلم عنهم لم تؤخذ منهم ومن اخذها بدون الامام لم يعامل فيها وقيل يأخذها منهم كل من منع الظلم عنهم ولو في الكتمان وقيل تؤخذ من الفقير الذي لا شيع له وقيل اذا كان له ما يكتسب منه وشدد بعضهم فقال يطلى بلبن أو عسل او نحو ذلك مما يتأذى منه بالذباب أو النمل ويحبس في الشمس حتى يعطيها لانه ترك التوحيد باختياره والجزية بحسب ما يرى الامام من قوة المشرك وضعفه وكثرة المال وقلته وشدة بغض الاسلام وعدمها حتى لو رأى الصلاح في تسويتهم لفعل وقيل دينار على كل واخد في السنة ‏ ١٢٦٦ب وان رضوا بالزيادة فعلى المتوسط ديناران وعلى الفقير دينار وقيل على اليهودي عشرة دراهم في كل سنة وعلى النصراني اثنا عشر وقيل خمسة عشر وعلى من تؤخذ منه الجزية ضيافة المسلمين ثلاثة أيام وقيل الضيافة على النصارى والمبيت على اليهود بعد اكل العشاء عند النصارى وعن عمر انه ضرب الجزية ذينارا على كل واحد في السنة وبه قال الشافعي وبه امر ية معاذا حين ارسله الى اليمن وقال له اوخذ قيمة الدنانير مغافر وهي ثياب وقد عمل به عمر في بعض القرى وروي عنه انه كتب الى عامله عثمان بن حنيف في الكوفة بأن على الغني اربعة دنانير وعلى المتوسط ديناران وعلى الفقير دينارا وروي عنه غير ذلك فدل على انها ليست محدودة وفعل النبي ية ليس حدا لها وانها برأي الامام ويؤخذ من نصارى العرب ضعف ما ياخذ الامام من المسلمين في الزكوة على اموا لهم فيعطي منهم من له مائتا درهم عشرة دراهم ومن له مائة درهم خمسة دراهم ولو كان لا زكوة على المسلم فيما دون المائتين وكذلك في الذهب والغلة والماشية وكذا فعل خالد بنصارى تغلب في الشام فأجازه عمر تؤخذ على تمام السنة من حين قهرهم الأمام وضربها عليهم وبه قال الشافعي وقال ابو حنيفة من حينه وهو ضعيف وكل ما صالح الامام عليه اهل اكتاب قبل القتال أو بعده ان لم يكن غالبا فجائز عليهم وعن علي لا توكل ذبيحة نصارى العرب فانهم لن يبلغوا من النصرانيه الا شرب الخمر واختار بعض اصحابنا في من دخل من العرب في دين النصارى قبل نزول الآية فهو منهم ومن دخل بعد نزولها قتل وانما تحل ذبائح اهل الكتاب ونكاح الحرائر منهم اذا صالحوا المسلمين وتركوا الحرب أما اذا حاربوا فلا يحل شيء من ذلك منهم . اصحابنا قال بعضهم لأنهم حينقال نور الدين | وهذا هو الذى صححه حاربوا لم تكن لهم حرمة تحل بها ذبائحهم ولا نسائهم الا ترى انه لا يحل في امرأة واحدة ان تحل لرجلين مسلمين هذا بنكاح وهذا بسباء وملك اعني لو كانت حلالا لرجل مسلم فتزوجها ليس لغيره من المسلمين ان يسبيها حين حاربوا . نسائهم في الحرب لانهقال نور الدين وهذا التعليل لا يفيد تحريم تزويج لقائل ان يقول ان من حل سبيه منهن انما هو من لم تكن منهن زوجة لمسلم أما التى ١٢٧ كانت زوجة لمسلم فلا يحل سبيها لحرمة ذلك المسلم قال وقال الشيخ عامر في ايضاحه في كتاب الذبائح ولا باس بذبائح اهل الحرب من أهل الكتاب ولا نكاح نسائهم ولا صيد كلابهم . قال نور الدين وهذا هو الظاهر من اطلاق الكتاب قال والتقييد في حل ذلك منهم بما اذا كانوا غير حرب للمسلمين محتاج الى دليل ومعنى الصغار في اداء الجزية قيل ان يأتي بها ما شيا غير راكب ويسلمها قائما والقابض قاعد ويحرك ويزعج باقلاق ويؤ خد بمجامع ثيابه ويقال له اد الجزية وان كان يؤديها ويضرب في قفاه وروي عن علي انه تحل ذبائح المجوس وحرائرهم بالجزية وحكم المرتد حكم عبدة الأوثان في انه لا يقبل منه جزية ولا صلح ولا تحل ذبيحته ولا مناكحته ولا موارثته وليس له شيء يحفظه من سيوف المسلمين الا الاسلام سواء رجع عن دين الاسلام الى عبادة الاوثان او الى دين اليهودية أو النصرانية أو المجوسية لحديث من بدل دينه فاقتلوه ويلزمه ان رجع الى الاسلام ان يقول اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله وان ما جاء به محمد من عند الله هو الحق ،قال ابو محمد ويعجبنى ان لا يعذر من قول وانه برىء من كل دين يخالف الدين الذي دعا اليه محمد ية فان من الكفار من يقول ان محمدا رسول الى العرب دون غيرهم وكذلك حكم من اشرك بالشك في وجود الله تعالى او في شيع من كمالاته او في تصديق نبي من انبيائه او في قبول شيء من كتبه فالشاك في شيع من ذلك مشرك وحكمه اذا تبين بشكه حكم عبدة الأوثان والمرتد فيدعى اولا للتصديق مما تردد فيه فان ابي قوتل حتى يصدق ويرجع عن شكه ولا يقبل منه صلح وكذلك حكم من اشرك بجهله لوجود الله تعالى بعد قيام الحجة عليه أو بجهله بشيء من كمالاته بعد قيام الحجة عليه بذلك والله اعلم . باب في التوبة واحكامها التوبة بالنطر الى حكم الشارع فيها قسمان أما واجبة أو مندوبة فالفرض ١٧٦٨٨ ووجوبها مأخوذ من قوله تعالى وتوبوا الى الله جميعا ايها المؤمنون وأما وجوب الفورية فيها فلما في تأخيرها من الاصرار المحرم قطعا واما المندوب منها فهو تكرار توبة من عصى فتاب اذا تذكر ذنبه الذي تاب منه فانه يندب له ان يعيد توبته ولا يجب عليه اعادتها خلافا لبعضهم لأن الصحابة ومن كان اسلم بعد كفره كانوا يتذكرون ما كان منهم في الجاهليه من الكفر ولا يبددون له توبة والتوبة واجبة من المعصية صغيرة كانت أم كبيرة قال نور الدين وذهب الجبائي من المعتزلة الى انه لا تجب التوبة من الذنب الصغير لان الصغائر تكفر باجتناب الكبائر . قال نور الدين تكفيرها باجتناب الكبائر لايناني وجوب التوبة منها على الاجمال فان العاصي متى ما عصى وجب عليه ان لا يقيم على معصيته وذلك الاقلاع هو عين التوبة منها فان لم يقم عليها ولم يندم على فعلها لكنه استرسل كذلك اي مهملا لا سستترابها ؤلا نادما عليها ثم مات على ذلك مجتنبا للكبائر غفر الله له تلك المعصية فتركه التوبة من الصغيرة مع عدم الاصرار عليها صغيرة ايضا فهي مكفرة باجتناب الكبائر وفعل الطاعات اما اذا اصر عليها فلا تكفرها الا التوبة واركان التوبة الشرعية اربعة كيا روي عن ابن عباس انه قال التوبة النصوح الندم بالقلب والاستغفار باللسان والاقلاع بالبدن والاضمار على ان لا يعود وبعضهم جعل هذه الاشياء ما عدا الرجوع عن الذنب شروطا للتوبة لا اركانا لها فالندم غم يصيب الانسان ويتمنى ان ما وقع منه لم يقع وانما يعتد به ان كان على ما فاته من رعاية حق الله تعالى ووقوعه في الذنب حياء من الله واسفا على عدم رعاية حقه فلو ندم لحظ دنيوي كعار او ضياع مال او تعب بدن لم يعتبر ومن اسلف ذنبا ونسبه فتويته من ذنوبه على الجملة وعزمه على ان لا يعد على ذنب ومادام ناسيا لا يكون مطالبا بالتوبة عيا نسيه والاستغفار طلب الغفران لذنبه سواء كان الطلب بالقول والقلب او بالقلب فقط لقوله تعالى والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفر وا لذنوبهم 4ولا يشترط فيه التلفظ به مطلقا وقيل ان كانت المعصية قولية كالقذف اشترط الاستغفار لفظا وان كانت غير قولية لم يشترط وتحبزى فيه التوبة بالسريرة واصل التوبة امتثال العبد لأمر مولاه وثمرتها حط الأوزار وتلك الثمرة انما هي بمحض تفضل منه تعالى لا ١٢٦٩ بوجوب عليه خلافا للمعتزلة الزاعمين انه يجب على الله قبول توية التائب عقلا ونقلا واعلم ان من الذىنوب ما هو ظاهر كالزنا وشرب الخمر واكل الخنزير واكل الربا وشهادة الزور إلى غير ذلك ومنها ما هو باطن كالعجب والكبر والرياء والحسد والغرم على الفسق ونحو ذلك وتبب التوبة من جميعها لكن توبة كل ذنب مما يناسبه فالتوبة من الذنوب الظاهرة يجب ان تكون ظاهرة على اللسان بطلب الغفران من المنان واما التوبة من الذنوب الباطنة يكفي ان تكون باطنة من غير اظهار على اللسان فان اظهرها مظهر كان ذلك فضلا له وقد فعل فوق ما يجب نقلا . قال نور الدين رحمه الله والدليل على هذا التفصيل قوله ية لمعاذ اذا غملت سيئة فاحدث معها توبة السر بالسر والعلانية بالعلانية والجهر في المعاصي هو ان يعمل معصية بدنية والسر فيها هي المعاصي القلبية والجهر في التوبة هي اجراء الاستغفار على اللسان مع الندم والانكسار في الجنان والسر منها هو الاقتصار على ما عدا .الاستغفار باللسان من الاركان فاذا عمل المكلف معصية من المعاصي البدنية وجبت التوبة عليه جهرا ثم اختلفوا في حد الجهر فقال قوم هو ما سمعته الاذنان فصاعدا وقال اخرون هو ما سمعه من يليك فصاعدا وجعل ارباب هذا القول ما سمعته الاذنان من السر وثمرة الخلاف تظهر فييا اذا عمل رجل شيئا من المعاصى البدنية وقد اطلع عليه غيره هل عليه ان يظهر التوبة عند من علم معصيته ام لا الصحيح ان عليه اظهار التوية أما الذنوب الباطنة كالعجب والكبر والحسد والرياء والعزم على الكفر فالتوبة منها هي فقدانها من القلب اصلا وانعدامها حتى لا يبقى لها ثمرة ولا تأثير مع الندم على وجودها فالعجب بضم المعجمة هو استعظام النعمة والركون اليها مع قطع النظر انها من الله عز وجل اما اذا استعظمها بالنظر الى صدورها من الله تفضلا عليه واستند بها لذلك فليس هذا بعجب قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرمما يجمعون وسبب العجب صفة كمال في النفس من علم او جمال او حسب او نحو ذلك وهو كبيرة لما في الحديث الصحيح لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو اكبر منه العجب وفي الحديث الربانى قال الله عز وجل (لولا ان الذنب خير لعبدي المؤمن من العجب ما خليت بين عبدي المؤمن وبين الذنب . _ ١٤٠ وفي حديث الديلمي لولا ان المؤمن يعجب بعمله لعصم من الذنب حتى لا يهم به ولكن الذنب خير له من العجب وروى الدار قطني ليس بالخير ان يقضي العبد القول بلسانه والعجب في قلبه وابو الشيخ شرار امتى المعجب بدينه المرائي بعمله المخاصم بحجته والرياء شرك وعلاجه ان يعلم ان تلك النعمة تفضل بها مولاه وانه هو محلها لا موجدها وليس للمحل شيع من التاثير في الحال فالواجب عليه شكر المنعم بها لا كفرانه والكبر بكسر الكاف هو رد الحق ودفعه واحتقار الناس وازدرائهم وهو من اعظم الكبائر لقوله تعالى :سأصرف عن آياتي الذين يتكبر ون في الارض بغير الحق وقوله واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد كذلك يطيع اثه على كل قلب متكبر جبار ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين» وفي الحديث اجتنبوا الكبر فان العبد لا يزال يتكبر حتى يقول الله تعالى اكتبوا عبدي هذا في الجبارين . وفي الحديث الرباني يقول الله تعالى الكبرياء ردائي والعظمة ازاري فمن نازعني واحدا منهيا قذفته في الناري وفي حديث النسائي والترمذي يحشر المتكبرون يوم القيمة امثال الذر في صورة الرجال يغشاهم الذل من كل مكان يساقون الى سجن في جهنم يسمى بولس تعلوهم نار الانبإاز يسقون من عصارة اهل النار طينة الخبال وفي حديث مسلم واي داود لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من ايمان ولا يدخل الجنة احد في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر وفى حديث مسلم ان الله لا ينظر .الى من بر ازاره بطرا قيل ان الرجل يحب ان يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة قال ان الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس والكبر انواع لانه أما ان يكون على الله تعالى وهو افحش انواع الكبر كتكبر فرعون ونمروذ حيث استنكفا ان يكونا له عبدين تعالى وادعيا الربوبية قال تعالى «إان الذين يستكبر ون عن عبادقي سيدخلون جهنم داخرين لن يستنكف المسيحي الآية وأما على رسوله بان يمتنع من الانقياد له تكبرا وجهلا وعنادا وأما على العباد بان يستعظم نفسه ويحتقر غيره ويزدريه فياي عن الانقياد له او يرتفع عليه ويانف من مساواته وهذا وان كان دون الاولين الا انه عظيم اثمة ايضا لأن الكبرياء والعظمة اتما يلبقان بالملك القادر _ ١٤١ القوي المتين دون العبد العاجز فتكبره فيه منازعة لله في صنعة لا تليق الا بجلاله فهو كعبد اخذ تاج ملك وجلس على سريره فيا اعظم استحقاقه للمقت واقرب استعجاله للخزي ومنه المتجادلون في مسائل الذين بالهوى والتعصب تأب نفسه من قبول ما سمعه من غيره وان اتضح سبيله بل يدعوه كبره الى المبالغة في تزييفه واظهار ابطاله فهو على حد قوله تعالى وقال وقال الذين كفر وا لا تسمعوا هذا القران والغوا فيه لعلكم تغلبون واذا قيل له اتق الله اخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد وقال ابن مسعود كفى بالرجل ائيا اذا قيل له اتق الله ان يقول عليك بنفسك وعلاجه بجميع انواعه ان ينظر في مبدأه ومنتهاه وفي حقيقة احواله فانه متى ما استغرق نظره في ذلك عرف ما هيته وتبين له عجزه وانكسرت عند ذلك نفسه والى هذا يشبر قوله تعال قتل الانسان ما اكفره من اي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره ثم اماته فاقبره ثم اذا شاء انشره والحسد هتومني زوال نعمة الغير بلا حق فخرج بقولنا بلا حق هو ما اذا كان التمني بحق وذلك كان يكون المنعم عليه باغيامثلا فانه يحل شرعا اضاعة ماله وكل ما حل اضاعته جاز تمني زواله ضرره وبقولنا تمنى ازالة النعمة ما اذا لم يتمن زوالها لكن تمنى ان يكون له مثلها فان هذا ليس بحسد واتما هو غبطة وفي الحديث المؤمن يغبط والمنافق يحسد . قال نور الدين وللحسد مراتب اعلاها زوال نعمة الغير من غير ان يكون للحاسد نفع في زوالها ثانيها تمني زوالها مع رجاء ان تنتقل اليه او ينتقل اليه مثلها © ثالثها تمني زوالها ليتساويا في المنزلة فلا يكون المحسود زائدا عليه بشيء وهو بجميع انواعه حرام قال تعالى أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله وقال : «إودوا لو تكفرون كيا كفروا فتكونون سواء وقال يَتيةة «الحسد يأكل الحسنات كا تاكل النار الحطب والصدقة تطفىعء الخطيئة كيا يطفىعء الماء النار والصلوة نور المؤ من والصيام جنة » أي ساتر ووقاية وفي رواية الديلمي الحسد يفسد الايمان كيا يفسد الصبر العسل وفي حديث اخر «دب اليكم داء الامم قبلكم الحسد والبغضاء وهي الحالقة حالقة الدين لا حالفة الشعر والذي نفس محمد بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا افلا انبتكم بشيء اذا فعلتموه تحابيتم افشوا السلام _ ١٤٢ بينكم» فهذه الاحاديث كلها دالة على ان الحسد من الكبائر اما قوله يێة لا حسد الا في اثنين رجل آتاه الله القرآن فقام به واحل حلاله وحرم حرامه ورجل اتاه الله مالا فوصل به اقرباءه ورحمه وعمل بطاعة الله تمنى ان يكون مثله» . قال نور الدين ففيه اطلاق الحسد على الغبطة تبوزا الا ترى الى قوله في آخر الحديث تمنى ان يكون مثله ولم يقل تمنى ان تزول نعمته وأما قوله عليه الصلوة والسلام كل ابن ادم حسود ولا يضر حاسدا حسده ما لم يتكلم باللسان أو يعمل باليد ففيه بيان الحسد المعفو عنه وهو ما يجده الانسان في نفسه اضطرارا فانه لا يؤ اخذ به حتى يحققه بالافعال الاختيارية وعلاجة ان تعرف انه يضر دينا ودنيا ولا يضر المحسود لا دينا ولا دنيا اذ لا تزول نعمة بحسد قط والا لم تبق بعد نعمة على احد حتى الايمان لأن الكفار يحبون زواله عن اهله بل المحسود منتفع بحسدك دينا لانه مظلوم من جهتك سييا ان ابرزت حسدك الى الخارج بالغيبة وهتك الستر وغيرهما من انواع الايذاء فهذه هدايا تهدى اليه حسناتك بسببها حتى تلقى الله يوم القيمة مفلسا محروما من النعم كيا حرمت منها في الدنيا والرياء ويسمى الشرك الاصغر وهو ارادة العامل بعبادته غير وجه الله تعالى كأن يقصد اطلاع الناس على عبادته وكماله حتى يحصل له منهم نحو مال احوياة او ثناء اما باظهار نحول وصفرة وجه ونحو تشعث شعر وبذاذة هيئة وخفض صوت وغمض جفن ايها ما لشدة اجتهاده في العبادة وحزنه وقلة اكله وعدم مبالاته بأمر نفسه لاشتغاله عنها بالاهم وتوالى صومه وسهره واعراضه عن الدنيا واهلها واما باظهار زي الصالحين كاطراق الرأس في المشي والهدوء في الحركة وابقاء اثر السجود على الوجه ولبس الصوف وخشن الثياب وتقصيرها وغير ذلك واما بالوعظ والتذكير واظهار حفظ السنن ولقاء المشايخ واتقان العلوم وغير ذلك من فيها وكذا الصومالطرق واما بنحو تطويل اركان الصلوة وتحسنها واظهار التخشع والحج وغيرهما من العبادات وهو بجميع انواعه حرام بشهادة الكتاب والسنة وقال تعالى «ولا يشركوالاجماع } قال تعالى«الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون بعبادة ربه احدا اي لا يرائي بعمله وقال صلى الله عليه وسلم ان اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر الرياء يقول الله يوم القيمة اذا جزى الناس باعمالهم اذهبوا ١٤٣٢ الى الذين كنتم ترون في الدنيا انظر وأهل تجدون عندهم جزاء وفي حديث اخر ان ادى الرياء شرك واحب العبيد الى الله الاتقياء الاسخياء الاخفياء اي المبالغفون في . ستر عباداتهم وتنزيهها عن شوائب الاعراض الفانية والاخلاق الدنيئة وفي حديث آخر ان اخوف ما اخاف على أمتي الاشراك بالله أمااني لست اقول يعبدون شمسا ولا قمرا ولا وثنا ولكن اعمالا لغير اللله وشهوة خفية وعلاجه هو ان يعرض عن رغبته فى كل ذلك لا فيه من المضرة وفوات صلاح القلب وحرمان التوفيق في الحال والمنزلة الرقيقة في الآخرة والعقاب العظيم والمقت الشديد والخزي الظاهر حيث ينادي على رؤ وس الخلائق ويقال للرائي يا فاجر يا غادر يا مرائي اما استحييت اذ اشتريت بطاعة الله تعالى عرض الحياة الدنيا راقبت قلوب العباد واستهزأت بنظر الله تعالى وطاعته وتحببت الى العباد بالتبغض الى الله تعالى وتزينت لهم بالشين عند الله تعالى وتقربت اليهم بالبعد من الله تعالى اما العزم على الكفر فالحق انه من جملة المعاصي وانه لم يدخل تحت الاشياء المعفو عنها بحديث ان الله تعالى تجاوز لامتي عيا حدثت به انفسها ما لم تتكلم به اتوعمل به لحديث اذا التقى المسلمان بسيفيهيا فالقاتل والمقتول في النار قالوا يا رسول الله هذا القاتل فيا بال المقتول قال انه كان حريصا على قتل صاحبه فعلل بالحرص وللاجماع على المؤ اخذة باعمال القلوب كالحسد ونحوه ولقوله تعالى ومن يرد فيه بالحاد بظلم الآية على تفسير الالحاد بالمعصية ولقوله تعالى «ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا . قال نور الدين رحمه الله وللسبكي في تفصيل حديث النفس كلام احسن فيه جدا فقال ما نصه الذي يقع في النفس من قصد المعصية على خمس مراتب الاولى الهاجس وهو ما يلقى فيها ثم جريانه فيها وهو الخاطر ثم حديث النفس وهو ما يقع فيها من التردد هل يفعل او لا ثم الهم وهو ترجيح تصد الفعل ثم العزم وهو قوة ذلك وردشويع القصد والجزم به قالها جس لا يؤ اخذ به اجماعا لانه ليس من فعله وانما ه عليه لا قدرة له عليه ولا صنع والخاطر الذي بعده كان قادرا على دفعه بصرف الهاجس اول وروده ولكن هو وما بعده حديث النفس مرفوعان بالحديث الصحيح واذا ارتفع حديث النفس ارتفع ما قبله بطريق الاولى وهذه المراتب الثلاث ايضا لو ١٤٤ كانت في الحسنات لم يكتب له بها اجرا ما الأول فظاهر واما الثاني والثالث فلعدم القصد واما الهم فقد بين الحديث الصحيح ان الهم بالحسنة يكتب حسنة والهم بالسيئة لا يكتب سيئة وينتظر فان تركها لله كتبت حسنة وان فعلها كتبت سيئة واحدة والاصح في ذلك معنا 0ان يكتب عليه الفعل وحده وهو معنى قوله واحدة وان الهم مرفوع ومن هذا يعلم ان قوله في حديث النفس ما لم تتكلم به أو تعمل به ليس له مفهوم حتى يقال انها ان تكلمت أو عملت يكبت عليها حديث النفس لأنه اذا كان الهم لا يكتب فحديث النفس اولى واما العزم فالمحققون على انه يؤ اخذ به وخالف بعضهم وقال انه من الهم المرفوع قال نور الدين انتهى كلامه لكن ذكر في شرح المنهاج ما يخالف ما هنا في الهم حيث قال اني ظهر لي الآن المؤاخذة من اطلاق قوله ية وتعمل ولم يقل أو تعمله قال فيؤخذ منه تحريم المشيعء ألى معصية وان كان الملشيء ني نفسه مباحا ولكن لانضمام قصد الحرام اليه . قال نور الدين واعلم ان توية التائب مقبولة ما لم يغرعر بالموت او تطلع الشمس من مغربها فاذا كان احد الامرين لم تقبل التوبة لقوله تعالى وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى اذا حضر احدهم الموت قال اني تبت الآن ولقوله في صفة فرعون فليا ادركه الغرق قالامنت انه لا اله الا الذي امنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فلم يقبل الله تويته عند مشاهدة العذاب ولو انه اق بذلك الايمان قبل تلك الساعة بلحظة لكان مقبولا ولقوله تعالى حتى اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون لعلى اعمل صالحا فيا تركت كلا انها كلمة هو قائلها ولقوله تعالى فلم يكن ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا ولا روي ابو ايوب عن النبي يل ان الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر اي ما لم تتردد الروح في حلقه ولقوله يتلو التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من مغربها . قال نور الدين وفي هذه الآيات والاحاديث تنبيه على امرين احدهما ان الأيمان عند الغرغرة وعند معاينة عذاب الاستئصال لا ينفع وهو مجمع عليه لانه انما كان بالجاء لا باختيار الا قوم يونس فانه اتما نفعهم ايمانهم عند معاينة عذاب الاستئصال كرامة لنبيهم وخصوصية لهم وخالف هذا الاجماع ابن العربي وحكاه بعضهم عن _ ١٧٤٥ الصوفية ايضا فزعم ان أيمان الملجي نافع وبالغ ابن العربي فزعم ان فرعون مؤمن شهيد الامر الثاني انه اذا تاب احد من ذنب ثم رجع اليه ثم تاب منه وهكذا يقبل منه اذا تاب ويترك اذا عصى ومن هنا قال حيان الاعرج في رجل ني ولاية المسلمين ويكون منه ما يكره المسلمون فيستتاب فيتوب ويعطى الرضى ثم يرجع فيدعي فيجيب ويطيع وهذه حالته انه يدعا اذا ادبر ويقبل اذا اقبل وقال ابو عبيدة رضي الله عنه في مثل هذا توبة حتى يكون الشيطان هو الخاسر واذا كان التائب من الذنب لا ترد توبته حتى يغرغر اوتطلع الشمس من المغرب فاعلم ان من اق جرما صغيرا كان او كبيرا داخل تحت هذا العموم فتوية قاتل المؤمن عمدا وتوبة من اضل غيره بمعصيته وتوبة من حلف ليبطلن حقا مقبولة لدخول الثلاث تحت ما مر وقال بعض الفقهاء ان توبة هؤ لاء وتوبة الملحقة بزوجها ولدا من غيره وتوبة من قتل نبيا أو قتله نبي غير مقبولة لحديث يروى في ذلك اجمالا ولأحاديث وردت في بعض ما ذكر قال نور الدين فاما توبة من قتل نبيا أو قتله نبي فلم يرو فيها الا حديث العام لجميع المذكورات وقد استدل به القائلون بعدم التوبة هؤلاء وكأنه صحيح عندهم التوبة غالبا لا على عدمالتوفيق لاسبابفنحمله على عدمقال وعلى تقدير صحته قبولها اذا اق بها كما وجب عليه شرعا وعبر عن عدم التوفيق بما ذكر للزجر والتنفيرعن هذه الكبائر جمعا بينه وبين تلك الادلة او نقول انه اخبار عن عدم قبول توبة هؤلاء ف اول الاسلام مثلا ثم نسخ بقبولها بعد ما ورد من الادلة على قبول توبة كل تائب بل ورد من الاحاديث على قبول توية قاتل المؤمن عمدا ونحو ذلك وبالجملة فلم تثبت معنا صحة ذلك الحديث أما قوله تعالى ومن يقتل مؤ منا متعمدا فجزاءه جهنم خالدا . فيها الآية فمقيد مما اذا لم يتب واما قوله يت ابا الله ان يجعل لقاتل المؤمن توبة وقوله ينة ان الله اى على فيمن قتل مؤمنا ثلاثا فاخبار احاد لا تعارض القطعية وعلى قبولها ليحصل‏ ١لتوفيق للتوبة غا لبا لاعدمتقدير صحتها بختمل ان ا لمرا ‏ ٥منها عدم الزجر والتنفير عن قتل المؤمن او تحمل على قاتل عخصوصا كيا روي فيمن قتل قائل لا اله الا الله ظنا انه التجأ بها عن السيف واما قوله ية ايما امرأة ادخلت على قوم من ١٤٦ ليس منهم فليست من الله في شيع ولن يدخلها الله جنته فمعناه اذا لم تتب وأما قوله عليه الصلوة والسلام ومن سن في الاسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير ان ينقص من اوزارهم شيعء فمعناه ايضا اذا لم يتب لكن من دعا الى ضلالة ثم اراد التوبة منها فعليه ان يدعو الى الخروج منها كيا دعى الى الدخول فيها فعليه ان يبلغ توبئه كل من اجابه الى ضلالته وان يبين ليا انها ضلالة هذا كله اذا كان قادرا على ذلك فان كان غير قادر كا اذا مات المدعو اليها أو كان بمكان باعد لا يستطيع الوصول اليه ولا يصل اليه كتابه فانه يعذر بعجزه عن ذلك لأن الله لم يكلف العباد فوق طاقتهم والله اعلم . التائبباب في حالات اعلم ان العاصي لربه أما ان يكون في عصيانه مستحلا او محرما فان كان مستحلا فلا شيء عليه عند الاكثر سوى الرجوع الى الحق والدينونة ببطلان ما كان عليه وان كان محرما لفعله ففعله انتهاكا فاما ان يكون في فعله ذلك مضيعا لشيء من حقوق الله كالصوم والصلوة او من حقوق العباد كاتلاف مال او قتل او ارتكاب فرج غصبا أو غير مضيع شيئا من ذلك فان كان غير مضيع شيئا من هذه الحقوق فليس عليه شيء سوى التوبة من عصيانه وان كان مضيعا شيئا من حقوق العباد فعليه الخروج منها بالخلاص الى اربابها كيا سيأتي وان كان مضيعا لشيء من حقوق الله كيا اذا ترك فرضا حاضرا ففات وقته فانه تجب عليه التوبة عن ذلك التضبيع واستدراكه بالقضا وستره بالكفارة وهي تحرير رقبة أو اطعام ستين مسكينا أو صيام شهرين متتابعين فاما وجوب التوبة فظاهر مما مر واما وجوب القضاء فلا ورد عنه ية انه كان يأمر بقضاء الفوائت فرضا ونفلا واما وجوب الكفارة في تضييع الصيام فلما ورد عن اي هريرة انه قال جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة فقال :يا رسول الله افطرت في رمضان فقال اعتق رقبة أو صم شهرين متتابعين او اطعم ستين مسكينا وقس عليه تضييع الصلوة بجامع ان كلا منهيا فرض موقت فاوجبوا في تضييعها الكفارة كا وجبت في تضييعه . ١٤٧ وقال آخرون لا شيع عليه سوى التوبة واستقبال ما يأتي عليه بالاداء واستدلوا على ذلك بقوله ية التائب من الذنب كمن لا ذنب له قلنا ومن شرط التوبة من ذلك الذنب قضاء ما فات والكفارة عنه بما ذكر قالوا قال ية الاسلام جب لا قبله قلنا ذلك في المشركين فان لهم حكيا لخر يخالف ما هنا اما الزكوة وان كانت حقا لله عز وجل فلا تدخل تحت هذا الخلاف لان ادائها غير موقت فمن ضيعها وجب عليه غرمها وما قيل في الاثر من انها مثل الصوم والصلوة في هذا الخلاف فمحمول علي ما اذا ضيعها وهو موسر ثم تاب وهو معسر لا يبد ما يغرمها به فانه على هذا القول لا شيء عليه سوى التوبة وعلى قول اخر تلزمه الوصية بها كسائر الحقوق واختلف في المصر على المعصية اذا فعل شيئا من الطاعات كالصلوة والزكوة والصوم ونحو ذلك ثم تاب من ذنبه واناب الى ربه هل يعطى ثواب تلك الطاعة ففيه ثلاثة مذاهب المذهب الاول لابن محبوب واختاره ابن ابي نبهان انه يعطي ثوابه وظاهر كلامها عدم التفصيل بين المشرك والمنافق في الاصرار المذهب الثاني لبشير واختاره الزاملى انه اذا كان هذا المصر حين فعله للطاعة مشركا فلا ثواب له وان كان غير مشرك فله الثواب بعد التوبة المذهب الثالث للفضل بن الخواري انه لا يعطى ثوابها ان كان حين فعله مشركا أو منافقا مستدلا بقوله تعالى انما يتقبل الله من المتقين ففي المسئلة اطلاقان وتفصيل . قال نور الدين رحمه الله وعندي فيها تفصيل اخر هو الحق ان شاء الله وهو ما اذا كانت تلك الطاعة التي فعلها المصر مشروط في صحتها الاسلام كالصلوة والصيام والحج ونحو ذلك من العبادات فلا يثاب عليها بعد التوبة اذا فعلها وهو مشرك لان الثواب ثمرة الصحة والصحة مشروطة بالاسلام وما هنالك اسلام فلا صحة فلا ثواب ويثاب عليها ان فعلها وهو مصر غير مشرك لانها تكون حينئذ صحيحة فيصبح ترتيب الثواب عليها اما قوله تعالى انما يتقبل الله من المتقين فلا يعارض ما قدرناه لانا لا نقول بقبول العمل من المصر حال اصراره وانما نقول بقبوله منه بعد تويته وان كانت تلك الطاعة غير مشروط في صحتها الاسلام كرفع المنكر ورفع الظلم ونصرة المظلوم واغاثة الملهوف وصلة الرحم واقراء الضيف فانه يثاب ۔١٤٨ ‎ عليها بعد التوبة كل من فعلها وان كان مشركا لقوله تعالى اولئك يبدل انته سياتهم حسنات ولقوله صلى الته عليه وسلم التائب من الذنب كمن لا ذنب له ومن لا ذنب له يعطى ثواب حسناته واعلم ان مسئلة احباط الأعمال في الآيات والاحاديث مبنية على مسئلة القطع بتعذيب الفساق فذهب اصحابنا والمعتزلة الى احباط صالح الأعمال بمطلق الفسق اذا لم يتب منه وذهب القائلون بعدم القطع بوعيد الفساق الى ان الاعمال انما تحيط بالشرك لا بشيء غيره من انواع الفسق . قال نور الدين وهي كأصلها من المسائل الدينية فيا ورد في الاثر مما نصه قال جابر بن النعمان رحمه الله اختلف المسلمون من اهل صحار في الذي يعمل الحسنات والسيئات فقال قائلون منهم انها تحصى عليه حتى يموت ثم ينظر في حسناته وسيئاته ايهيا اكثر جزي به وقال اخرون اذا عمل حسنة ثم عمل سيئة حت السيئة الحسنة قال جابر فخرجنا من صحار الى سمائل فسألت هاشم بن غيلان رحمه الله عن ذلك فقال كفوا عن هذا فقد وقع هذا بصحار وكتبوا الينا فلم نجبهم وعند هذا ومثله تقع الفرقة وبالله التوفيق هل هذا الخلاف مقرر ام مردود فالجواب فيه ان هذا المقام ليس محلا للخلاف وان القائل بان السيئة تمحو الحسنة اذا جاءت بعدها هو المصيب لكن بشرطين احدهما ان تكون السيئة كبيرة لان الصغائر مغفورة باجتناب الكبائر وثانيها ان يموت عليها لانه اذا تاب منها رد اليه ثواب حسنته . قال نور الدين وناهيك بسكوت هاشم عن الجواب عليها وبقوله وعند هذا ومثله تقع الفرقة تبنيها على انها من مسائل الدين قال فان قيل لو كانت المسئلة من مسائل الدين ما وسع هاشيا السكون عنها لحديث اذا ظهرت البدع فعلى العالم ان يظهر علمه فان لم يفعل فعليه لعنة الله قال قلت فهم هاشم ان المراد من الحديث شيئان احدهما الزام المبتدع الحجة وثانيهما انقاذ المسلمين من هلكة البدعة فعلم ان الحجة قد لزمت هذا المبتدع بظهور العلم على لسان خصمه ولا يلزم تكرار اظهار العلم ورأى ان المصلحة في انقاذ المسلمين من تلك البدعة هي السكوت عن الخوض في تلك المسئلة اصلا فانها لطوال الكلام فيها لا تسع الخرق واستطارت القضية فيعم ضررها اقطار الامصار ومتى ما كف عن الخوض فيها خمدت نارها ولم يتعد صاحبها ضررها فلله در هاشم ما اغزر علمه واثقب فهمه والله اعلم . ١٤٩ باب في توبة المحرم والمستحل اعلم ان المحرم المنتهك هو من يأ الاشياء المحرمة في دينه على غير اعتقاد لها باستحلال والمستحل هو الذي يأ الاشياء المحرمة في دين الله تعالى اعتقادا منه انها حلال متمسكا على ذلك بشبهة من كتاب أو سنة أو اجماع فهو جازم بتلك الشبهة ومعتقد انها الدليل القاطع ويلتزم بها تخطئة من خالفه في ذلك دينا اما اذا لم يكن بهذه المثابة فليس هو بالمستحل وان اعتقد.حل ذلك المحرم او تحريم ذلك المحلل وانما هذا جاهل بقواعد الدين الذي هعوليه فمن يأتي ذنبا حرم الله ارتكابه على وجه يعتقد ان ذلك الذنب حرام فان توبته منه جملا مجزية فلا يطالب بالتفصيل ذنبا ذنبا بل اذا قال انا تائب الى الله من جميع ذنوي قبل منه ويلزم المستحل للذنب الذي ارتكبه ان يتوب منه تفصيلا اي اذا كان له عدة ذنوب كلها يدين باستحلالها فانه لا يجزيه في التوبة ان يتوب عنها ذنبا ذنبا لانه يعتقدها دينا فاذا قال انا تائب من جميع ذنوبي لممنها الا يدخل ما استحله تحت هذا اللفظ اذ ليس ذلك ذنبا عنده وهذا فييا بينه وبين الناس أما فيما بينه وبين الله فاذا اعترف بخطأ ما كان عليه وضلالته فندم على استحلاله لذلك وارتكابه وعزم ان لا يعود الى شيع منه وطلب الغفران من ربه لمجمل ذنبه فانه يبزيه ذلك وقيل تحبزيه التوبة جملا حتى عند الناس ويقبل منه ان عرف انه راجع عن ذلك الذي يستحله وهو قول افتى به الامام ابن محبوب في حق محمد بن عباد وقد استحل اشياء فتاب منها عند المسلمين جملا فطلبوا منه التفصيل فبقى كالجمل المحرنجم ان تقدم نحر وان تأخر عقر فافتى ذلك الامام حينئذ بذلك القول فقبلوا منه احماله . قال نور الدين وفي الاثر ما نصه وسألته عمن يتوب فقال استغفر الله من كل ما دنت بشيء من الباطل ومن جميع ما خالفت فيه الحق ايحيزيه ذلك اذا كان قد دان بشىعمن الباطل او تولى عدوا او عادى وليا قال يحبزيه ذلك اذا كان تدينه من جهة خطا او قذف وقال من قال لا يجزيه في هذا وان كان تدينه بشيعءمن البدع والضلال فذلك لا يبزيه حتى يتوب من ضلالته تلك بعينها الا ان يكون نسيه وقد تاب من جميع ذلك فان ذلك يجبزيه فييا بينه وبين الله قال ففي هذا الاثر تفصيل بين ما اذا كان _ ١٥٠ اللستحل من احدى الفرق الضالة المعتقدة استحلال ما حرمه الله كالازارقة وبين ما اذا كان اصله من اهل الاستقامة فاستحل شيئا في دين الته حرام بدليل في زعمه فاجتزى بالاجمال في حق هذا الاخير بعض ولم يجبتز آخرون واما المستحل الأول فلم يحك فيه الا عدم الاجتزاء بالاجمال قولا واحدا ومن اق شيئا من الاشياء التي فيها حقوق العباد كاخذ مال الغير وارتكاب فرج محرم غصبا أو تأثير في نفس بما لا يجل ونحو ذلك فاما ان يأتيه ذلك الفاعل وهو معتقد لحرمته واما ان يأتيه وهو معتقد لحله فان اتاه وهو يعتقد حرمته فعليه مع التوبة ان يغرمه لصاحبه ولا تجزيه التوبة بدون ذلك ان كان قادرا على ذلك اما اذا كان غير قادر كيا اذا تعذر عليه وجود صاحبه او تعذر عليه ما يتخلص به فانه يجب عليه حينئذ ان يعتقد الخلاص عند القدرة عليه فان حضره الموت ولن يبد سبيلا الى الخلاص وجبت عليه الوصية ولا شيء عليه فوق ذلك وان كان اتاه وهو يعتقد حله فحكمه بعكس من اتاه وهو يعتقد حرمته فتجزيه التوبة من ذلك الشيء دون غرمة سواء كان قائيا في يده أكوان قد اتلفه وهذا الحكم ظاهر في المشركين لقوله تعالى قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر هم ما قد سلف 4ولقوله يلة «انما قيل للجاهلية جاهلية لجهالة اهلها وضعف علمهم فمن اسلم على شيء وهو في يده فهو له ولحكم رسول ل » في دور مكة ورباعها وقد دخلها على اهل مكة عنوة فهي لهم فسوغ لهم جميع ما في ايديهم من كسب او غصب وكان للمسلمين المهاجرين فيها دور فخالف عليها المشركون من بعدهم واغتصبوها فهناءها لهم رسول الله ية ولم يرد على أحد من المهاجرين داره لا انتزعها من ايدي المشركين وقد اغتصب عقيل بن ابي طالب دور تي ومولده ودور بني عبدالمطلب وصارت دار خديبة زوج رسول الله يلة الى اي سفيان بن حرب التي فيها مولد فاطمة رضي الله عنها فردها ابو سفيان الى داره واغتصب ايضا دار ابي احمد بن جحش فاستعدى عليها رسول الله يلة فلم يعده فقال يا رسول الله دار ابي اغتصبها ابو سفيان فاعرض عنه رسول الله يلة فأتاه من على يمينه فأعرض عنه فأتاه من قبل شماله فاعرض عنه ثم مضى وتركه وقال احمد بن جحش يعرض بأبي سفيان : تنفي ببا عنك الغرامةدار ابن عمك بعتها طوقتها طوق الحمامةانقفب بها اذهب بها ١٥١ وابتاعت تلك الدار بعد ذلك في غلاء دور مكة بمائة الف دينارزشتراها ابان بن عثمان في دور كثيرة وقال اسامة بن زيد في يوم الفتح برسول الله ية وكان رجل رسول الله يلة بيده اين تنزل غدا يا رسول الله فقال عليه الصلوة والسلام ,وهل ترك لنا عقيل من منزل انزل بالابطح وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولسنا بنازعين شيئا من يد احد اذا اسلم عليه وعلى هذا اجتمعت الامة المحمدية لكن الخلاف من وراء ذلك في اربعة اشياء احدها المرتد اذا اخذ شيئا من اموال المسلمين بعد ارتداده هل عليه رده اذا اسلم ذهب ابو حنيفة الى انه عليه ذلك والمذهب انه ليس عليه إذ لا فرق بينه وبين سائر المشركين الثانى الذي اذا اخذ شيئا من اموال المسلمين حال القطب ان عليهاعطاء الذمة هل عليه رده اذا اسلم فمذهب الزمخشري وصححه ذلك والمذهب عندنا ان ليس عليه اذ لا فرق بينه وبين سائر المشركين ايضا واخراج المرتد والذمي من العمومات المتقدمة في المشركين يحتاج الى دليل الثالث ما اغتصبه المشركون من المسلمين هل يكون هم قبل ان يسلموا وليس لصاحبه ان يأخذه منهم وتحبوز معاملتهم فيه أم لا ذهب الى الثاني ابن بركة وصاحب السؤ الات والامام افلح والمحقق الخليلي وحجتهم قوله تعالى ولن يجعل اله للكافرين على المؤمنين سبيلا وقوله يلة «لا حق لعرق ظالم ولا توا على مال امرىء مسلم» وما روى نافع عن ابن عمر انه قال ذهب فرس له فاخذه العدو فظهر عليه المسلمون فرده عليه في زمن رسول الله ية وابق عبد له فلحق بالروم فظهر عليهم المسلمون فرده عليه خالد بن الوليد بعد النبي ية وذلك في زمان اب بكر والصحابة متوافرون من غير نكير منهم على ذلك وذهب الى الأول جماعة منهم الربيع بن حبيب وابو يعقوب يوسف بن ابراهيم والمحققون من اهل المغرب وصححه القطب رحمه الله وحجتهم في ذلك ما مر من ابقاءه عليه الصلوة والسلام ما اخذه المشركون في ايديهم يوم الفتح وقد طلبه اربابه فلم ينزعه من يد المنتركين . قال نور الدين رحمه الله ويبحث فيه انه لا ذليل فيه على المطلوب لأن المغتصب الذي طلب رده هو في ايدي اي سفيان وابو سفيان هذا اسلم قبل تلك المطالبة فظهر ان الصحيح ما عليه الاولون والابحاث التي وجهت عى استدلالاتهم يمكن الجواب ١٧٥١ عنها بلا تكلف الرابع الموحد المقر برسالة محمد تي الداين بحقبة ما جاء به عليه الصلوة والسلام اذا استحل بتأويل الخطا ما كان حراما في دين الله كالازارقة والصفرية في حكمهم على اهل القبلة بحكم المشركين هل يكون حكمهم فيي استحلوا كحكم المشركين ليس عليهم الا التوبة منه ام لا ذهب بعض الى ان حكمهم في ذلك حكم المشركين قياسا عليهم بجامع الاستحلال وجعلوا من هذا الباب خروج عائشة رضي الله عنها على المسلمين فسفكت بسبب خروجها الدماء فلما تابت قبل المسلمون منها ولم يلزموها شيئا من الحقوق وجعلوا منه ايضا قتل علي لأهل النهر رضي الله عنهم حتى قالوا لو تاب علي ما كان عليه الا ذلك .قال ابن محبوب وزعمت البيهيسية ان عليا قد تاب من ذلك ثم اختلفوا في هذا المستحل حسب اختلافهم فييا اغتصبه المشركون من المسلمين هل يكون لهم قبل ان يسلموا عليه ام لا فمنهم من ذهب الى ان ما اخذه المغتصب على وجه الاستحلال كان له وليس لربه ان يأخذه منه وتجبوز معاملته فيه ولو لم يتب من استحلاله ومنهم من ذهب الى ان ذلك ليس للمستحل الا اذا تاب عليه ولا تحل معاملته فيه قبل التوبة ولصاحبه ان ياخذه ان قدرعليه وذهب آخرون الى ان هذا الحكم مخصوص باللمشركين وان الموحد المستحل لا يشابههم في ذلك الحكم فعليه ان يرد جميع ما اغتصبه او ضمانه ان كان قد اتلفه قبل التوبة من استحلاله وبعدها وكأن ارباب هذا القول يرون ان علة الحكم ها هنا هي الشرك لا الاستحلال فلم توجد العلة في الموحد عندهم فلم يثبت القياس وذهب اخرون الى التفصيل فقالوا ان تاب هذا المستحل وفي يده شيء من المغتصبات قائم العين لزمه رده الى اربابه وان تاب وليس في يده ما هو قائم العين فلا غرم عليه وكان هؤلاء نظروا الى قوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر والى قوله ما جعل انه عليكم في الدين من حرج» وجه الاستدلال بهاتين الآيتين ان من كان مستحلا لشيء لا يكاد ينوقف عند القدرة عليه فهو منهمك فيه ومتهور فيه فان ظهر له خطأه واراد التوبة منه لا يكاد ان يتيسر له الخلاص منه لعظم ما اتلفه فحصلت له المشقة والحرج ولا مشقة ولا حرج عليه في رد ما كان في يده فظهر الفرق عند هؤلاء . _ ١٧٥٣١ قال نور الدين رحمه الله واذا دار الامر بين ترجيح المذهب الأول والثاني قلنا ان الراجح ان العلة الرافعة للضمان هي الشرك بقيد الاسلام فلا يكون ما اغتصبه المشرك ملكا له حتى يسلم عليه لما مر ولا يشترط في المشرك ان يكون مستحلا لما اغتصبه لما صح ان رسول الله يلة قد حط ضمان ذلك عن جميع المشركين من اهل كتاب أو غيرهم ولا شك ان اهل الكتاب يعرفون حقيقة محمد ية لقوله تعالى لل الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم » ومن عرف الحق لا يعتقد حل معاندته ولا قتال أهله ولا يستحل أموالهم . قال نور الدين فظهر بحمد الله ان العلة في ذلك هي الشرك بقيد الاسلام ولا يعترض علينا بحط المسلمين للضمان عن عائشة فيمن قتل يوم الجمل وبقولهم ان عليا لتواب لم يكن عليه غرم ولا قود في اهل النهر لانه ليس بالمجتمع عليه لوجود الخلاف في المسئلة والله اعلم . باب في الامور التى لا تجب توبة منها منها التقية وهي اسم للفعل الذي ينقى به عن النفس سواء كان قولا او غير قول وهو المستكره عليه ولا بد من ان نبين اولا حد الاكراه ثم نشرع ثانيا في بيان المكره عليه فنقول قال العلقمي وحد الاكراه ان يهدد قادر على الاكراه بعاجل من انواع العقوبات يؤثر القاتل لاجله الاقدام على ما اكره عليه وقد غلب على ظنه انه يفعل به ما هدده به ان امتنع مما اكرهه عليه وعجز عن الهرب والمقاومة والاستعانة بنحوه وغيرهما من انواع الدفع ويختلف الاكراه باختلاف الاشخاص والاسباب المكره عليها قال مجاهد أول من اظهر الاسلام سبعة رسول الثه يو وابو بكر وخباب وصهيب وبلال وعمار وسمية اما الرسول عليه الصلوة والسلام فحماه ابو طالب وأما ابو بكر فحماه قومه واخذ الآخرون والبسوا دروع الحديد ثم اجلسوا في الشمس فبلغ منهم الجهد بحر الحديد والشمس واتاهم ابو جهل يشتمهم ويوبخهم ويشتم سمية ثم جعل الحربة في فرجها وقال الآخرون ما نالوا منهم غير بلال فانهم جعلوا _ ١٥٤ يعذبونه فيقول احد احد حتى ملوا فكتفوه وجعلوا في عنقه حبلا من ليف ورفعوه الى صبيانهم يلعبون به حتى ملوه فتركوه قال عمار كلنا تكلم بالذي ارادوا غير بلال فهانت عليه نفسه فتركوه قال خباب لقد اوقدوا لى نارا ما اطفاها الا ودك ظهري اما بيان انواع التقية فهي اما ان تتنوع باعتبار ذاتها اي باعتبار ذلك الفعل المكره عليه وأما ان يكون تنويعها باعتبار حكم الشارع فيها اما تنويعها باعتبار ذاتها فلان من الافعال ما يقبل الاكراه عليه كالقتل والتكلم بكلمة الكفر ومنه ما لا يقبل الاكراه قيل وهو الزنا لان الاكراه يوجب الخوف الشديد وذلك يمنع من انتشار الآلة فحيث دخل الزنا في الوجود علم انه وقع بالاحتيال على سبيل الاكراه وإما تنويعها باعتبار حكم الشارع فيها فهي انواع النوع الاول مباح وذلك كيا اذا اكرهه على التلفظ بكلمة الكفر منها ما يباح له ولكنه لا يجب لوجوه احدها انا روينا ان بلالا صبر على ذلك العذاب وكان يقول احد احد ولم يقل رسول الله يلة بتس ما صنعت بل عظمه عليه فدل ذلك على انه لا يجب التكلم بكلمة الكفروثانيها ما روي ان مسيلمة اخذ رجلين فقال لاحدهما ما تقول في محمد فقال رسول الله فقال ما تقول في قال انت ايضا فخلاه وقال للآخر ما تقول في محمد قال رسول الله قال ما تقول في قال انا اصم فاعاد ثلاثة فاعاد جوابه فقتله فبلغ ذلك رسول الله يلة فقال أما الأول فقد اخذ برخصة اللله واما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئا له . قال نور الدين والاستدلال بهذا الخبر من وجهين الأول انه سمى التلفظ بكلمة الكفر رخصة والثاني انه عظم حال من امسك عنه حتى قتل وثالثها انه بذل النفس في تقدير الحق اشق فوجب ان يكون اكثر ثوابا لقوله عليه الصلوة والسلام «افضل العبادات احمزها» اي اشقها ورابعها ان الذي امسك عن كلمة الكفر طهر قلبه ولسانه عن الكفر اما الذي تلفظ بها فهب ان قلبه طاهر منه الا ان لسانه في الظاهر قد تلطخ بتلك الكلمة الخبيثة فوجب ان يكون حال الأول افضل والله اعلم . النوع الثاني يحرم فعله وذلك كيا اذا اكرهه انسان على قتل انسان آخر او على قطع عضو من اعضاءه فها هنا يبقى الفعل على الحرمة الاصلية وهل يسقط القصاص عن المكره ام لا قولان . _ ١٥٥ النوع الثالث ما ذهب اليه الفخر الرازي وابن بركة العماني من انه يجب فعل ما اكره عليه اذا كان الفعل المكره عليه مما يباح عند الضرورة وذلك كيا اذا اكره على شرب الخمر واكل الخنزير واكل الميتة فاذا اكرهه عليه بالسيف فها هنا جب الاكل عندهما وذلك لأن صون الروح من الفوات واجب ولا سبيل اليه في هذه الصورة الا بهذا الاكل وليس في هذا الاكل ضرر على حيوان ولا فيه اهانة لحق الله فوجب ان يبب لقوله تعالى ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة وذهب غيرهما الى اباحة هذا النوع وعدم وجوبيه . قال نور الدين وهو الصحيح لما تقدم من الادلة على اباحة التقية بكلمة الكفر وعدم وجوبها هنالك فانه متى لم تحبب التقية بالقول فمن الاولى ان لا تجب بالفعل وليس هنا القاء بالنفس الى التهلكة حتى يجب فانه وان وجب احيائها بهذه الامور فييا اذا اضطر اليها من غير اكراه كيا اذا اضطره الجوع فلا يقاس عليه ما هنا كيف يقاس وهو لا يصدق عليه في هذا الموضوع انه قاتل نفسه ،وانما يقال انه قتل بخلاف ما اذا اضطره الجوع الى ذلك والحال ان الله قد اباحه له فانه اذا امسك عنه حينئذ حتى مات صح ان يقال انه قتل نفسه فيدخل فعله تحت قوله تعالى «ولا تقتلوا انفسكم وفي السنة النبوية وفي اثار الصلحاء من هذه الامة وغيرها ما يدل عى عدم وجوب ذلك واعلم ان التقية اما ان تكون قولا او فعلا فان كان قولا فقد ابيحت التقية به الا اذا جر ضررا بانسان او اتلف نفسا أما اذا اتلف مالا لغيره ففيه خلاف يأتي فمثال التقية بالقول اذا لم يكن في القول ضرر على احد هي كاجراء كلمة الكفر على اللسان والقلب مطمئن بالايمان وكولاية المبطل وعداوة المحق باللسان اذا كان القلب مضمرا خلاف ذلك وكالعتاق والطلاق وهل يثبت الطلاق بذلك القول الناشيعء عن الاكراه قولان ومثالا اذا كان في القول ضرر على احد كيا اذا كان في القول دلالة على انسان اريد ظلمه بنحو جرح او قتل او نحو ذلك فان هذا لا يحل لاحد لانه انما اتقى بغيره عن نفسه وليست نفسه اولى بالبقاء من نفس غيره ومثاله اذا اتلف مالا كيا اذا دهم على مال غيره وخاف انه ان لم يدهم عليه قتل او نحو ذلك وان دلهم على المال اتلفوه واعلم ان الفعل اذا لم يكن قولا فاما ان يكون من الافعال التي اباحها الله للمضطر ١٥١٦ كاكل الميتة واكل لحم الخنزير واكل الدم ونحو ذلك وأما ان يكون من الافعال التي لم يبحها الله للمضطر كاحراق النفس واغراقها والقتل بغير الحق ونحو ذلك فان كان من الافعال التي اباحها الله للمضطر فقد اختلف في جواز التقية بها على ثلاثة اقوال تقدم قولان منها الأول الوجوب والثاني الاباحة . والقول الثالث الخطر قال نور الدين واستدل القائلون به بقصر اباحة هذه الاشياء على المضطر بالجوع فان النص انما اباحها في ذلك المحل لا مطلقا والقائلون باباحتها في التقية لم يعتبروا ذلك القيد الواقع في الكتاب وهو المخمصة وانما جعلوه من باب الاغلب المعتاد وان كان الفعل من غير المباح للمضطر فلا يجوز في التقية قولا واحدا واعلم انه اذا اكره احد على فعل شيع يجب فيه الحد او القصاص ففعل هل يجب عليه الحد ويقتص منه ام لا قولان ذهب قوم الى وجود اقامة الحد عليه والقصاص منه لانه انما فعل ذلك على قصد منه في حال لا يحل له فعله ولانه انما قتل او جرح عمدا عدوانا فيجب عليه القصاص لقوله تعالى يا ايها الذين الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلى» ولقوله تعالى والجر وح قصاصر» 4ولانهم اجمعوا على انه لو قصد المكره قتله او جرحه حل لمن قصد ان يدفعه عن نفسه حال قصده اياه فلما كان توهم اقدامه على القتل يوجب اهدار دمه فلان يكون عند صدور القتل منه حقيقة يصير دمه مهدرا كان اولى وذهب اخرون الى عدم وجوب ذلك لا فيه من الشبهة بالاكراه وقد قال تلة ادرؤ وا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فان وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله فان الامام لئن يخطىعء في العفو خير من ان يخطىعء ني العقوبة وقال ية ادرؤا الحدود بالشبهات واقيلوا الكرام عثراتهم الا في حد من حدود الله وقال عتلنة ادرؤ وا الحدود ولا ينبغي للامام تعطيل الحدود وقال يلة ادفعوا الحدود عن عباد الله ما وجدتم لها مدفعا والله اعلم . باں حكم الخطأ الخطا القصد لفعل شيع بوز فعله فيخطا في غيره كيا اذا قصد ان يضرب طيرا مباحا فاصابت الضربة انسانا مثلا او يقصد ان يقول لزوجته انت بارة فيقول لها _ ١٥٧ أنت طالق مثلا أو يقصد ان يقول لعبده انت صالح فيقول له انت حر ونحو ذلك أو يقصد ان يقول اللهم ارحمني فيقول اللهم عذبني كيا جرى ذلك لبعة _ الصحابة اراد ان يقول اللهم ادخلني الجنة فقال اللهم ادخلني النار فاشتد ذلك عليه حتى قال له قال نور الذين فاذا يظهر لك ان في الخطأ نوعا من القصد ولذا صلح ان يكون سببالبعض الاحكام كتسليم الدية وتحرير الرقبة ونحو ذلك لكن لما كان القصد فيه غير تام صلح ان يكون محففا فتجب الدية على العاقنه ويرتفع القصاص بسببه أو نحو ذلك ورفع الله اثم الخطأ عن صاحبهعلى لسان نبيه يي . قال نور الدين وذهب قوم الى رفع الاحكام ايضا فلا ضمان عندهم على من اخطأ فاتلف بخطأه مالا ونحو ذلك وهل يجوز عالىلله المواخذه بالخطأ ام لا 0ذهبت المعتزلة الى منع ذلك واجازته الاشعرية وفي ظاهر قوله تعالى «لا تواخذنا ان نسينا او اخطأنامه قالوا لو لم تجزالمواخذة به ما طلبوا رفعها والاتفاق على عدم وقوع المواخذة به والذي الزمه الظاهر حكيا من الاحكام يجب عليه ان ينقاد له وان كان فييا بينه وبين الله محطىء فحكم عليه الحاكم بالقود فانه يجب عليه ان يذعن وينقاد لذلك وكمن طلق زوجته خطا كيا اذا اراد ان يقول انت بارة فقال أنت طالق فانها لا تطلق فيما بينه وبين الله فان حاكمته وحكم الحاكم بوقوع الطلاق وجب عليه الانقياد والاذعان لحكم الحاكم وذلك كمن اعتق عبده على خطأ فحاكمه عبده فحكم له بالعتق فانه يعتق والله اعلم . باب في النسيان والوسوسة البيان اما نسيان ذهول وهو ما يقنبه له بادن منبه كنسيان الرجل لبعض جهل وهو ما لا يتنبه صاحبه 1نسيه بتنبيه عليهبه وأما نسيانلا باسوهذاأعضاءه لبعه اي فعل الوسوسة وهي حديث النفس والشيطان مما لا نفع فيه ولا خير _ _ ١٥٨ كالوسواس بالكسر والاسم بالفتح يقال لما يقع في النفس من عمل وما لا خير فيه وسواس ولا يقع من عمل الخير الهام ولما يقع من الخوف ايباس ولا يقع من تقدير نيل الخير امل ولما يقع من تقدير لا على انسان ولا له خاطر واعلم ان النسيان اما ان يكون في الاشياء التي لا يلزم العمل بها ولا العلم وصاحبه معذور اتفاقا واما ان يكون في الاشياء التى يلزم العلم بها كمعرفة الله تعالى ومعرفة رسوله ومعرفة ما جاء به رسوله فصاحبه هالك اتفاقا لانه بمنزلة من جهل هذه الاشياء بعد قيام حجة العلم بها اما اذا كان المنسي نبيا غير محمد ية او ملكا غير جبرائيل عليه السلام ففي عذره قولان واما ان يكون في الاشياء التي لا يلزم العلم بها وهذا نوعان لانه اما ان يكون من حقوق الله تعالى خاصة كالصلوة والصوم ونحوهما فناسي هذه الاشياء معذور اتفاقا واما ان يكون من حقوق العباد وهذا ايضا نوعان احدهما ما تعلق بالذمة كالدين والوديعة والامانة ونحوها فناسيها معذور ايضا ولو كان متعديا في أول امره ثم تاب منه ونسي ضمانه وثانيها ما كان قائم العين كزوجة طلقها وعبد اعتقه فنسي الطلاق والعتاق فاستمر على الاستمتاع والتملك ففي عذر هذا النااسي مع اقامته على ذلك الشيء قولان من المسلمين من عذره لعموم الحديث ومنهم من لم يعذره بوسوسة النفس انما هو بعد اجتهاده في دفعها حسب طاقته فيجب عليه ان لا يجب ذلك الخاطر ولا يقرره في نفسه والله اعلم . _ ١٥٩١ اصو ل الفقهكتا ب حد اصول الفقه هو علم يقتدر به على استنباط الاحكام الشرعية من ادلتها والمراد بادلتها هي الكتاب والسنة والاجماع والقياس والاستدلال والمراد بالاحكام الشرعية هي الاحكام التكليفية } كالوجوب والندب والتحريم والكراهية والاباحة وثمراتها كالصحة والفساد والاحكام الوضعية كالركنية والعلية والشرطية أما الكتاب والسنة والاجماع فلا خلاف بين احد من المسلمين في انها تفيد الاحكام الشرعية أما قطعا واما ظنا الا من شذ من بعض مخالفينا في انكار الاجماع او انكار حجيته واما القياس والاستدلال فقد اختلف في ثبوت الحكم الشرعي بها . قال نور الدين رحمه الله اعلم ان الناس اختلفوا في ثبوت التعبد بالقياس على مذاهب الاصح منها ما عليه الجمهور من العلياء من ان القياس الصحيح مثبت للحكم الشرعي فيما لم يرد فيه نص من كتاب او سنة فالقياس على هذا احد ادلة الشرع والدليل على ذلك ما ورد من النص عنه يلة في الاشارة الى قياس شيع مجهول الحكم على شيء معلوم الحكم وذلك كيا في حديث الختعمية وقد سألته ية عن حجها عن ابيها فقال ارأيت لوكان على ابيك دين فقضيته اكان ذلك مجزيا عنه فقد اشار ية فى هذا الحديث الى قياس دين الله تعال على دين العباد ومن ذلك قوله مية وقد سئل عن قبلة الصائم هل تفسد الصوم أرأيت لو تمضمت بالماء ثم مججته اكان ذلك مفسدا للصوم فقد اشار ميني هذا الحديث الى قياس قبلة الصائم لزوجته على تمضمضه‌بالماء فهذه الاحاديث دلت على ثبوت الحكم بالقياس فيكون القياس بها دليلا شرعيا على ان الاجماع من الصحابة ورد في ثبوت القياس وذلك ان الصحابة ما بين قاس وساكت والساكت لا يسكت في مثل هذا الموضع الا عن رضى لأن القياس اذا ل يكن ثابتا بالشر ع فاحداثه بدعة بها زيادة حكم شرعي والسكوت عن تغيير مثلها من غير تقية حرام قطعا وما هنالك نقية فقطعنا ان السكوت عن الانكار رضى فثبت ١٦٠ المدعى واصول الفقه من حيث المعنى الاضافي مركب من كلمتين احداهما اصول والثانية الفقه فأما الاصول فهو جمع اصل وهو في اللغة ما يبتنى عليه غيره ثم نقل في الاصطلاح الى الادلة التى تبنى عليها الاحكام واما الفقه فهو في اللغة فهم الخطاب الذي فيه غموض ثم نقل من هذا المعنى واستعملوه عليا على نوع مخصوص من العلم وعرفوا ذلك النوع بأنه علم النفس ما لها وما عليها فعلا وتركا فالمراد بالعلم ها هنا الملكة الحاصلة من ممارسة القواعد حتى صار المتصف بها متمكنا من معرفة ما للعبد وما عليه فعلا وتركا مستحضرا لحكمه في الحال او غافلا عنه لكن اذا وردت عليه من ذلك الباب مسئلة تمكن من الجواب عنها وصاحب هذه الصفة يسمى فقيها فيخرج بذلك من يعرف الاحكام بالتلقين ومن كان مقلدا لغيره وحاصله ان الفقه هو العلم باحكام فعل العبد عملا وتركا واباحة ووجوبا فيخرج العلم بالاحكام العلمية كمسائل التوحيد وهو علم يبحث فيه عن صفات الله تعالى الواجبة له والجائزة في حقه والمستحيلة عليه وعن افعاله تعالى في الدنيا كخلق العالم وفناءه وفي الآخرة كبعث الاجسام وتابيد المكلف فيها وعن حكمه فيها كبعث الرسل وانزال الكتب ومثوبة الطائع وعقوبة العاصي ويخرج عنه ايضا العلم بالاخلاق وهو علم يبحث فيه عن صفات العبد المحمود منها كالاخلاص والمذموم كالرياء وموضوع اصول الفقه هو الادلة الشرعية من حيث اثباتها الاحكام الشرعية والاحكام الشرعية من حيث ثبوتها بالادلة الشرعية ولا بد من مراعاة حيثية اثبات الدليل للحكم وحيثية ثبوت الحكم من الدليل لأن البحث في هذا الفن انما هو في احوال الادلة التي يثبت بها الحكم وفي احوال الاحكام التي ثبتت بالادلة لا في نفس الادلة والاحكام وغاية اصول الفقه التي ينتهي اليها العارف به هي ان من عرفه ' واتقن قواعده عرف حكم الله تعالى الذى حكم به على العباد من وجوب وندب وخطر وكراهية واباحة ويعرف محل كل واحد من هذه الخمسة فيؤدي الواجب كيا امر به ويسار ع الى المندوب حسب امكانه ويجتنب المحرم والمكروه ويأتي ما احتاج اليه من المباحات ويرشد الى ذلك من امكنه ارشاده فينتهي بذلك الى سعادة الابد ويستمد من ثلاثة فنون وهي علم الكلام وعلم العربية وعلم الاحكام وحكم الله ١٦١١ تعالى فيه انه يندب تعلمه وتعليمه وربما كان فرض كفاية فانه يجب على كل اهل ناحية من الارض ان يكون فيهم من يعلمهم امر دينهم ويرجعون اليه في حل مشكلاتهم ولا يكون بهذه الصفة الا عالما بهذا الفن ولا يشترط في كونه عالما به ان يكون عالما باصطلاحاته الجديدة وانما يكفي في كونه عالما به ان يكون ذا ملكة يقتدر بها على استنباط الاحكام من ادلتها سواء عرف اسم ذلك الدليل انه عام مثلا ام لم يعرفه اذا كانت ملكته قوية على وضع الادلة مواضعها وترجيح الراجح منها عند التعارض والله اعلم . الركن الأول مباحث الكتابف الكتاب هو القران العظيم وعرف بانه النظم المنزل على نبينا محمد مية المنقول عنه تواترا والحال ان في انزاله اعجاز من قصد معارضته في شيء من احواله من نحو بلاغسته الباهرة وتراكيبه الظاهرة وبراهينه القاهرة فالنظم جنس يشمل القران وغيره من كل كلام مؤلف وما بعده فصل حرج لغير الكتاب من هذا التعريف فخرج بالمنزل على نبينا الاحاديث الغير المنزلة عليه ية فانها لم تنزل نظيا هكذا وانما انزل عليه مية معانيها والكتب المنزلة على غيره وخرج بالمنقول عنه تواترا منسوخ التلاوة وما نقل عنه يلة احادا فانه ليس بقران ولا يعطي له حكم القران وخرج بقيد الاعجاز الاحاديث الربانية على فرض نقلها . قال نور الدين رحمه الله قضت العادة بتواتر القرآن جملة وتفصيلا وقد اجمعت المحمدية على ان نقله كذلك تواتر فالزائد فيه ما ليس منه والناقص منه ما هو منه كافر لتضمنه تكذيب النبي فيما جاء به حيث اخبر ان هذا من القران والنبي يقول بخلاف ذلك وان هذا ليس من القرأن والنبي يقول منه على ان القرآن محفوظ من الزيادة والنقصان لقوله تعالى «إانا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظونئه والمراد بالحفظ اتما هو الحفظ عن الزيادة فيه والنقصان منه قال واجمع المسلمون ان من الادلة السمعية ما هو ١٦١٢ قطعي الدلالة كالمحكم الذي لا يحتمل تأويلا ولا خصيصا ومنها ما هو ظني الدلالة كالعام وخبر الآحاد ونحو ذلك قال ثم نقض الفخر الرازي هذا الاجماع وزعم انه ليس من الادلة السمعية ما هو قطعي الدلالة واحتج لذلك بان هذه الادلة اللفظية متوقفة على معرفة اللغة والنحو والصرف ورواية كل واحد من هذه الاشياء انما هي رواية آحاد فلا تفيد الا ظنا والمتوقف على الظني اولى ان يكون ظنيا . قال نور الدين وهذا الزعم باطل اما اولا فانا لا نسلم ان جميع الفاظ الادلة السمعية متوقفة على معرفة ما كره وانما المتوقف على ذلك بعض الفاظ الادلة واما البعض الآخر فانه انما يعرف معناه بنفس سماع خطابه الخاص والعام واما ثانيا فانا لا نسلم ان رواية اللغة والنحو والصرف جميعهااخ;اديىه بل نقول ان روايىه كثير منها متواتر وذلك كالالفاظ التى لا تقبل التشكيك كالسياء والارض والماء والنار ونحو ذلك وأما ثالثا فان نقلة تلك العلوم عدد كثير لا يمكن تواطوء مثلهم على الكذب عادة فاذا اتفقت روايتهم في شيع من المواضع وجب ان يعطي ذلك الشيء حكم المتواتر وقد اتفقت روايتهم في كثير من الفاظ القرآن فلا يتم للفخر مطلوبه وكل منقول عنه ينة نقلا لم يبلغ حد التواتر لم يعط حكم ما نقل بالتواتر فلا يسمى قرآنا ولا نثبت له احكام القرانية من جواز قراءته في الصلوة وحرمة مس الجنب له ونحو ذلك بلا خلاف بين المسلمين في ذلك لكن يجب علينا العمل بالمنقول الغير المتواتر في المواضع التي لم يعرض فيها المتواتر لأن غير المتواتر يوجب العمل دون العلم فيجوز لنا العمل بالشاذ من القرات بل يجب علينا ذلك في مواضع لانا ننزل الشاذ من القرات منزلة خبر الآحاد وقال عطاء ومالك والشافعى وابن الحاجب لا يجوز العمل بالشاذ من القرات بخلاف خبر الآحاد مثل ذلك قراءة ابن مسعود فصيام ثلاثة أيام متتابعات قال نور الدين ان العدالة توجب القبول فيتعين ان يكون المنقول خبر احاد وقرانا والا لزم تكذيب الناقل ولا قائل بكذب ابن مسعود قالوا يجوز ان يكون مذهبا قال فيلزم الاكفار وهو اعظم قالوا يصير خبرا مقطوعا بخطه اذ روايته قرآنا خطاءفلا يعمل به قال مهيا لم نظنه مكذوبا وجب العمل بمقتضاه وان اخطا الناقل بوضفه بالقرآنية قال واعلم ان الشاذ من القرات هو ما وراء السبعة وقال البغوي هو ما وراء العشرة _ ١٦١٢٣ فالسبعة نافع وابو عمرو والكسائي وابن كثير وابن عامر وعاصم وحمزة واما الثلاثة الذين زادهم البغوي فقال صاحب المنهاج هم ابو يعقوب الخضري وابو جعفر الطبري وقال غيره وابو محمد بن هشام البزاز واعلم ان للفظ الدال على المعنى اعتبارات اربعة : .اللغةوضعجهةمنالأولالاعتبار وذلك كالملجمل والمبين والمتشابهظهور أو خفاءالمعنى منحيٹ فهمالثانى من والمحكم . الاعتبار الثالث من حيث استعمال اللفظ فيما وضع له وفي غير ما وضع له وذلك الحقيقة والمجاز الاعتبار الرابع من حيث اخذ الحكم منه وذلك هو الدال بعبارته والدال باشارته والدال باقتضائه والدال بدلالته ولما كان الاعتبار الأول وهو الخاصوكانوالجمع المنكر والمشتركوالعامعلى الخاصمشتملاالوضعيالاعتبار اخص الأربعة وضعا واوضحها بيانا واتمها فائدة واقواها برهانا قدم مبحثه على سائر النوع .هذامباحث واحكامهباب اخا ص عرف الخاص بانه ما دل على معنى مفرد وقد يكون ذلك المعنى في الخاص حقيقيا كزيد ورجل وانسان وقد يكون اعثباريا كمائة والف ونحو ذلك من الفاظ الاعداد فانها موضوعة لمعان كثيرة في ذاتها لكن اعتبر منها ذلك القدر الذي هموائة او الف او نحو ذلك فوضع له هذا اللفظ علا عليه فهو باعتبار المجموع معنى واحد خال من شمول التعداد وباعتبار الجميع متعدد لكثرة افراده فدخل في الخاص باعتبار كونه عليا لذلك المجموع كزيد وعمرو والى نوعي كرجل وامرأة وعبد وامة والى جنسي وهو ما كان اكثر شيوعا في معناه من النوعي كانسان وفرس ونحوهما ويشمل الخاص المطلق والمقيد والامر والنهي لاجل تجردهم من العموم فاما الامر والنبي فلا خلاف في اهيا من اقسام الخاص وانما الخلاف في المطلق والمقيد فبعض جعلهيا قسمين ١٦٤ خارجين من الخاص ومن العام فهيا قسمان برأسهيا وجعل بعضهم المطلق من العام واختار اخرون ان يكونا من باب الخاص . قال نور الدين وهو المختار عندي وحكم الخاص القطع بما دل عليه لفظه الا اذا عرض عليه عارض او منعه مانع وذلك كالقرينة المانعة من ارادة حقيقة اللفظ من نحو قولنا رأيت اسدا يرمي فان قول القائل رأيت اسدا يدل على ان المرئي انما هو الحيوان المفترس قطعا وذكر الرمي مانع من ارادة اصله فيدل على غير ما وضع له دلالة ظنية ونحو قوله تعالى والمطلقات يتر بصن بانفسهن ثلاثة قورعمه فان اشتراك القروء بين الحيض والطهر مانع من القطع بارادة احدهما دون الآخر ولولا ذلك الاشتراك لكان العدد مفيدا للقطع لكونه من الخاص والته اعلم . باب الأمر عرف الأمر بانه طلب فعل غير كف لا على وجه الدعاء وهو يكون بالقول الخصوص الموضوع للامر حقيقة نحو اقيموا الصلوة واتوا الزكوة وبالقول الذي لم يوضع لذلك مع القرنية الدالة على المراد نحو كتب عليكم الصيام وقد يجيع بالفعل كقوله ميتة لابي بكر رضى الله عنه لما قضيت الصلوة ما منعك ان تصلي بالناس اذ امرتك ولم يكن هناك لفظ بل دفعه وقد يكون بالاشارة كالاشارة الى الجلوس والضرب ونحوهما وتنقسم العبارة التى هي اللفظ الدالة على طلب فعل غير كف لا على وجه الدعاء بها قسمين احدهما حقيقة في ذلك الطلب وهو ما كان على وزن افعل نحو اقيموا الصلوة وما كان على وزن ليفعل بلام الامر نحو لينفق ذو سعة من سعته والقسم الثاني مجاز وهو الامر الوارد بصيغة الخبر نحو كتب عليكم الصيام كتب عليكم القتال امرت ان اسجد على سبعة اعضاء ان الله يأمركم ان تدؤوا الامانات اى أهلها ونحو فكفارته اطعام عشرة مساكين فتحرير رقبة وانما كان الامر بهذه الصيغة مجازا لأن هذه الصيغة موضوعة للاخبار فاستعمالها في الأمر استعمال في غير ما وضعت له . _ _ ١٦٦٥ قال نور الدين ومن تعريفنا الامر بالطلب المذكور تعرف ان المندوب مأمور به وابواي الربيع والبدر الشماخي وقال عمررسفعله كا هو مذهببمعنى انه مطلوب يعقوب انه غير ماأمور به قال البدر الشماخي والجمع بين قول عمروس وابي الربيع وابو الربيع حمله على الطلب الغيران عمروسا وابا يعقوب حلا الامر على الرجوب الجاز حارم . قال نور الدين رحمه الله والخلف بينهم لفظي وحكم الامر المعرف بأنه طلب فعل غير كف لا على وجه الدعاء وهو الوجوب وضعا وشرعا ما لم تصرفه عن معنى الوجوب قرىية فانه وان كان شاملا في ذاته للوجود والعذاب لأن كلا منهيا مطلوب فالوجوب انما تعين بأدلة خارجة عن ذات الطلب منها قوله تعالى لابليس حين امتنع عن السجود «إمالك لا تسجد اذ امرتك4ه وكان الامر مطلقا عن القرائن وهو قوله تعالى هاذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا الا ابليسهه فانكر عليه ربنا ترك السجود ولو لم يكن الامر للوجوب عند عدم القرائن لكان لابليس العذر في ترك السجود لخواز ان يقول في جوابه ان هذا الامر ندب وتاركه لا يعصي لكنه لم يكن له عذر بتركه بدليل الانكار عليه وتعقيب ذلك بالطرد واللعن فدل على ان الامر للوجوب ما لم تصرفه قرينة ومنها قوله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليمإهه ووجه الاستدلال من الآية انه تعالى هدد تاركي الامر باصابته بالفتنة والعذاب الاليم ولا يكون هذا التهديد الا عن ترك الواجب ومنها قوله عليه الصلوة والسلام لاي سعيد الخدري وقد دعاه وهو في الصلوة ما منعك ان لا تستجيب وقد قال الله تعالى عيا أيها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم{» . قال نور الدين وجه الاستدلال من الحديث انه صلى الله عليه وسلم انكر على ابي سعيد ترك الاستجابة مم ذلك الامر الوارد في الآية ولا ينكر عليه الا لتركه ما يجب عليه لا سييا وهو يصلي مع قوله تعالى ولا تبطلوا اعمالكم فلو لم تكن الاستجابة نقه وللرسول اوجب من الصلوة التي فيها ابو سعيد لما امره ينة ان يتركها ويستجيب ومنها انه شاع الاستدلال بالأمر على الوجوب من الصحابة ومن بعدهم ولم يظهر من ١٦١٦ احدهم انكار ذلك والشياع من غير انكار من يعتد به اجماع قولي ان قالوا جميعا او سكوتي ان قاله البعض وسكت الباقون والكل حجة فثبت المطلوب وهو ان الامر المطلق للوجوب بالكتاب والسنة والاجماع وليس خاصا بصيغة افعل بل يجري في امرتكم وغيرها فان قامت قرينة تمنع الامر من ارادة الوجوب صرف الى ما تقتضيه القرينة من المعاني مجازا كما صرف الى الندب في قوله تعالى فكاتبوهم ان علمتم فيهم خير امه وكما صرف الى الاباحة في قوله تعالى «إكلوا من الطيبات4ه والى الارشاد في قوله تعالى واشهدوا اذا تبايعتم والفرق بين الارشاد والندب ان المصلحة في الندب اخروية وفي الارشاد دنيوية وكا صرف لارادة الامتثال في قولك لآخر عند العطش اسقني ماء والقرائن في الكل ظاهرة واما العلاقة فهي بين الوجوب والندب والارشاد المشابهة المعنوية لاشتراكها في الطلب وبينه وبين الاباحة الاذن وهي مشابهة معنوية ايضا . قال نور الدين وما قدمت لك من ان الامر حقيقة في الوجوب مجاز في غيره هو ما عليه الجمهور قال وقال ابو علي وابو هاشم لا يقتضي الوجوب الا لقرينة تقتضي ذلك وانما هو حقيقة في الندب قال وقال اكثر فقهاء قومنا بانه للوجوب شرعا فقط لا من جهة اللغة فاصل وضعه عندهم للندب وقيل بل مشترك بين الوجوب والندب وحكم الامران ورد بعد الخطر أو بعد الندب هو كحكمه ان ورد ابتداء اي اذا حرم الله شيئا ثم امر به فذلك الامر للوجوب الا لقرينة تصرفه عن حقيقته وكذا اذا نذب لشيء ثم امر به فالامر به للوجوب الا لقرينة وقيل هو للاباحة حقيقة ونسب للاكثر . قال نور الدين وظاهر كلام البدر في مختصره انه للأباحة حقيقة قال وصرح في شرحه ان ورود الامر بعد الحظر قرينة صارفة له عن الاحجاب الى الاباحة مثال ما ورد بعد الحظر وليس له قرينة تصرفه عن حقيقته قوله تعالى «فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركينهالآية بيان ذلك انه تعالى حرم قتال المشركين في الاشهر الحرم وامر به بعد انسلاخها وهذا الامر واجب على الكفاية بلا خلاف بينهم ومثال ما ورد بعد ١٦٧ الحظر وله قرينة تصرفه عن حقيقته قوله تعالى فاذا حللتم فاصطادوا فاذ تطهر ن فاتوهن ه فاذا قضيت الصلوة فانتشروا والقرينة في الكل هي ان المأمور به منفعة دنيوية ولم يوجب الشرع شيئا من المنافع الدنيوية الا التي بها يدفع الضرر فانها واجبة ووجوبها انما هو لغيرها وهو دفع الضرر لا لذاتها فثبت ما قلناه والامر ينقسم الى مقيد والى مطلق من القيد فاما المطلق فسيأتي حكمه واما المقيد فهو على انواع احدها ما القيد فيه وقت وثانيها ما القيد فيه عدد وثالثها ما القيد فيه الدوام ورابعها ما القيد فيه وصف اما المقيد بالوقت فان الفعل المأمور به في وقت من الأوقات بعينه فاما ان يستغرق الوقت كله كالصوم مستغرق للنهار ويسمى مضيقا واما ان لا يستغرقه بل يجزي به بعض الوقت ويسمى موسعا كالصلوة المأمور بها ي الأوقات المخصوصة ولا يصح ان يكون الوقت لا يسع الفعل لانه من التكليف بما لا يطاق وهو في حكمته تعالى محال فاما الفعل المضيق فلا خلاف في ان ذلك الوقت كله وقت وجوبه لكن الخلاف في الموسع اختلفت الامة في وقت وجوبه على ثلاثة مذاهب واحدها ان وقت وجوبه اول الوقت فقط ثم اختلفوا في آخره ما فائدة التوقيت به فقيل ليقضى فيه ما فات في وقت الوجوب وهو اول الوقت ولا يقضى بعده اصلا فاذا فات الظهر مثلا في اول وقته قضاه المكلف ما لم يدخل في وقت العصر فمتى دخل وقت العصر فقد فات الاداء والقضاء عندهم فلا يقضى بعد ذلك ابدا وقيل هلؤاء قد انقرض خلافهم ولم يبق احد منهم وقيل بل آخر الوقت ضرب ليدل على تخييره بين ان يفعل في اوله او في ١خره‏ المذهب الثاني ان وقت الوجوب هو اخر الوقت ونسب هذا القول الى ابي حنيفة واصحابه واختلفوا فيا فعل في اوله فقيل نفل يسقط به الفرض وقيل موقوف ان بلغ المكلف اخر الوقت وهو على صفة المكلفين ففرض وان مات او سقط تكليفه قبله فنفل المذهب الثالث ان الوجوب متعلق بجميع الوقت وان الوقت كله وقت اداء . قال نور الدين وصححه البدر الشماخي وقال عقب ذكره ووافقنا على ذلك جمهور المخالفين ومعنى كون الوجوب متعلقا بجميع الوقت هو ان العبد مخير بين الفعل والترك في اول الوقت ووسطه حتى اذا لم يبق من الوقت الا مقدار ما يسع الفعل تعين الاداء } واذا فات وقت الفرض الموقت بعذر كان في تأخير الفعل او بلا ١٧٦٨ عذر فانه يجب عليه تداركه بالقضاء اتفاقا واختلفوا في الدليل الذي وجب به القضاء فذهب اكثر العلياء والبدر الشماخي الى ان الدليل الذي وجب به القضاء هو شيء غير الدليل الذي وجب به الاداء وذلك نحو قوله تعالى فعدة من أيام اخر وقوله مية من نام عن صلوة او نسيها فليصلها اذا ذكرها فذلك وقتها فان وجوب الصوم ابتداء اغا وجب بقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه؟» ووجوب :الصلوة ابتداء بقوله تعالى لإاقيموا الصلوةئه وقيل ان وجوب القضاء انما هو بالامر الأول الذي .الاداءبه.وجا قال نور الدين ونسب هذا القول الى القاضي عبدالجبار والشيرازي وابن الخطيب واذا كان الامر غير مقيد بوقت يكون فعله بعده قضاء لا اداء فذلك الامر امر لا يقتضي فورا ولا تراخيا لان كل واحد من هذين انما يعلم بدليل غير الامر اما الامر نفسه فانما يدل على طلب الفعل فمهيا اق به المكلف عد ممتثلا سواء كان اتيانه له فورا او متراخيا وذلك كالامر بالزكوة وبالحج فان الامر بهما غير مقيد بوقت يكون فعلهيا بعده قضاء لا اداء فمتى ما فعلها المكلف على الوجه المشروع اجزاه ويصير بذلك ممتثلا وقيل ان الامر المطلق عن القيد بالوقت يقتضى الفور فيجب الامتثال عند الامكان ويعصي بالتأخير . قال نور الدين ونسب هذا القول الى كثير من فقهاء قومنا قال وهو ظاهر كلام ابن بركة حيث اوجب تعجيل الحج عند الامكان واذا كان الامر مقيدا بعدد كصل ركعة أو صل ركعتين او صل ثلاث ركعات او نحو ذلك او مقيدا بتابيد نحو صوموا ابدا وصلوا دائيا فاعتبر ذلك القيد الذي قيد به ذلك الامر من عدد او تأبيد واحكم على الامر بما يقتضيه ذلك القيد فيحكم على قول القائل صل ركعة بان المأمور به انما هو ركعة واحدة وكذا يحكم على قول القائل صوموا ابدا وصلوا ابدا فان المراد من هذا الامر دوام الفعل المأمور به كذا يحكم على الامر المقيد بغاية نحو ثم اتموا الصيام الى الليل فانه يحكم عليه بدوام الصيام في تلك المدة الى الغاية الى قيد بها الامر واذا قيد اعتبر ذلك الوصف الذي علق عليه الامر فان كان من الاوصافالامر بوصف _ ١٦٩١ المؤثرة في الحكم الثابتة بالدليل فان الامر يتكرر بتكرارها وذلك كيا في قوله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهيامه وكيا في قوله تعالى «وان كنتم جنبا فاطهر وامه فان عرف اهل الشرع قد اقتضى تكرار الامر المعلق بنحو ما ذكر في الآيتين لقيام الدليل على طلب تكراره وان كان من الأوصاف الغير الثابتة بالدليل فلا يفيد الامر المعلق بها تكرار الا بدليل آخر يقتضي التكرار وذلك نحو حج بيت الله راكبا واصعد السطح ان كان السلم مركوزا فان الحج لا يتكرر بتكرار الركوب وصعود السطح لا يتكرر بتكرر ركوز السلم نعم اذا اقتضت القرينة تكرار مثل هذا المعلق وذلك كما إذا قال لعبده كلما دخلت السوق فاشتر اللحم فانه يحكم على هذا العبد أن يشتري اللحم في كل مة دخل السوق وإذا تبرد الأمر عن القرائن أن والقيود دل على طلب حقيقة الفعل المأمور به ولا يدل على طلب إيقاعه مة واحدة ولا على طلبه متكررا ولا على طلب إيقاعه فورا ولا على طلب إيقاعه متراخيا . قال نور الدين انما عد ممتثلا لفعله ما امر به لا لاقتصاره على المرة الواحدة وقيل انه يقتضي التكرار لاموراحدها ان حمله على التكرار احوط . قال نور الدين الكلام فيما هو مدلول الامر عند تحجرده لا في حمله على الاحوطية وغيرها وثانيها ان الأوامر التي تعلقت بالصوم والصلوة والزكوة ونحوها المراد بها التكرار فيلزم في كل امر قال لا نسلم ان التكرار الوارد فيها مأخوذ من نفس الامر وانما هو مأخوذ من ادلة اخر ولو سلمنا انه مستفاد من نفس الامر لقلنا هو معارض بالامر بالحج فانه لا يجب الا مرة واحدة وقيل بالوقف عن كون الامر يقتضي المرة او التكرار لانه لثوبت للمرة او التكرار لثبت بدليل ولا دليل يقتضى واحدا منهيا فوجب ‏١الوقف . قال نور الدين قد قامت الدلالة بانه انما وضع بطلب الحقيقة مجردة عن الاتصاف بالمرة او التكرار وانما يثبت كل واحد منهيا بدليل اخر فوجب عند عدم الدليل الدال على احدهما حمل الامر على ما وضع له فانتفى التوقف ويدل الامر دلالة التزام على ان فاعل المأمور به يجيزه ذلك الفعل ويكون به ممتثلا ويتحقق بفعله ذلك _ ١٧٠ ان ليس عليه قضاء بعد ذلك سواء فى هذه الدلالة كان الام .مقيدا باحد القيود المتقدم ذكرها او خاليا عنها لان الاجزاء انما هثومرة الامر ونتيجته مع قطع النظر عن كونه مطلقا او مقيدا . قال نور الدين هذا مذهب الاكثر من العلماء وصححه البدر الشماخي رحمه الله قال وذهب القاضي عبدالجبار الى ان الامر لا يستلزم الاجزاء ونسب البدر هذا القول الى بعض المتكلمين قال وهو قول ضعيف جدا والامر ببالشيعء لا يدل على النبي عن ضد ذلك الشيء المأمور به فلا يكون الامر بالشيء هيا عن ضده خلافا لما ذهب اليه قوم منهم الباقلاني من ان الامر بالشيء نهي عن ضده . قال نور الدين ثم اختلف هؤلاء على مذاهب منهم من ذهب الى ان الامر بالشيء يدل على النهي عن ضده دلالة مطابقة فعند هؤلاء ان قول القائل قم دال بطريق الدلالة المطابقية على شيئين احدهما طلب القيام وثانيهما طلب ترك القعود ودلالته على كل واحد من هذين الشيئين دلالة مطابقة ومنهم من ذهب الى ان الامر بالشيعء اتما يدل على النبي عن ضده دلالة تضمن فعند هؤلاء ان طلب ترك العقود جزء من مدلول قولك قم والجزء الاخر هو طلب القيام فدلالته عليهما معا دلالة مطابقة ودلالته على كل واحد منهيا دلالة تضمن ومنهم من ذهب الى ان الامر بالشيء يدل على النهي عن ضده دلالة التزام فعندهم ان قول القوئل قم دال بطريق المطابقة على نفس طلب ايقاع القيام لا غير لكن طلب ايقاع القيام مستلزم لطلب ترك القعود . قال نور الدين رحمه الله وهذا المذهب هو الذي استحسنه البدر واعتمد عليه في مختصره وحمل عليه كلام الامامين ابي الربيع وابي يعقوب قال واعلم ان القائلين ان الامر بالشيء هل هو امر بضده فقال قوم ان النهي عن الشيء ليس امرا بضده وفرقوا بين الامر بالشيعء والنبي عنه قال وهو مذهب ابي الربيع وابي يعقوب صاحب العدل وهو ايضا ظاهر كلام البدر في مختصره وقال قوم منهم الباقلاني ان النهي عن الشيء امر بضده واحتجوا على ذلك بحجج منها ان النبي هو طلب ترك فعل والترك هفوعل _ ١٧١ الضد فيكون النهي عن الفعل امرا بضده قال واجيب بانه يلزم على هذا القول ان يكون الزنا واجبا من حيث انه ترك لواط والعكس وهو باطل قطعا واختلف العلياء ي الامر بالامر بشيء هل هو امر بذلك الشيع ام لا فقيل انه امر بذلك الشيع وقال البدر الشماخي وجمهور العلياء انه ليس بامر بذلك الشيع . قال نور الدين وهذا القول هو الاصح لانه لو كان الامر بالامر بالشيء امرا بذلك الشيع للزم التناقض فييا اذا قلت لاحد مر فلانا ان يفعل كذا وقلت لفلان لا تفعل ذلك ونحن نقطع انه لا تناقض هنالك وايضا فلو كان الامر بالامر بشيعء امر بذلك الشيء للزم عليه ان يأثم من قال لسيد العبد مر عبدك ان يفعل كذا لانه بذلك آمرا للعبد فيلزم عليه التعدي فيترتب عليه الاثم وهذا اللازم باطل قطعا فكذا الملزوم . قال نور الدين حاصل المقام انا لا نمنع من ان يكون الامر بالشيع امرا بذلك الشيء اذا دلت قرينة على ذلك وانما تمنع ذلك عند عدم القرائن والامر اذا تكرر فاما ان يتفق المأمور به كصل ركعتين واما ان يختلف نحو صل ركعتين صل اربع ركعات فان اختلف المأمور به فكلا الامرين واجب اتفاقا وان اتفق المأمور به ففي وجوبهيا معا مذاهب احدها ان الواجب هو الامر الأول وان الثاني تأكيد له المذهب الثاني ان كل الامرين واجب فيجب الامتثال لكل واحد منهيا فالواجب في قول القائل صل ركعتين صل ركعتين اربع ركعات وجوب كل ركعتين بالامر الا اذا صرفته عن ذلك قرينة عقلية كأقتل زيدا اقتل زيدا او شرعية نحو صم اليوم صم اليوم واعتق عبدك اعتق عبدك او عادية وذلك ان يعلم من احد عادة في تكرير الكلام احوالية نحو قول السيد لعبده اسقني ماء اسقني ماء واما ان تكون القرينة تعريفا وذلك ان يعاد الامر الثاني لتفهم المأمور وتبيين المطلوب منه مخافة ان لا يكون فهمه من الامر الاول وقد تجيء القرينة لفظية كصل ركعتين صل الركعتين المذهب الثالث الوقف عن حمل الثاني على التاكيد وعن حمله على التاسيس قالوا تكرار الامر يحتملها معا ولا مرجح المذهب الرابع انه اذا اعيد الامر الثاني يالعطف فالامر الثاني غير الأول . _ ١٧٢ قال نور الدين والا ضعف من هذه المذاهب الأول وهو القول بان المأمور به لا يتكرر مع تكرار الامر وحمل الامر الثاني على التأكيد للأمر الأول وحاصر الرد عليهم ان حكم الامر هو الوجوب حقيقة وان هذا الحكم لا يفارقه كان مفردا او مكررا الا بدليل ولا دليل لغير الوجوب في الحالين والمختار عند نور الدين انما هو القول الثاني وهو ان الحكم يتكرر بتكرر الامر الا مع قرينة من جهة واحدة فلا يصح ان يقال صل الظهر لا تصل الظهر لما فيه من التناقض ولا يترتب عليه من عبث الأمر لكن اذا كان للشيعء الواحد جهتان صح ان يتعلق به الامر والنبي تعلق كل واحد منهيا بجهة فيرتفع المحذور من التناقض والعبث لاختلاف الجهتين وذلك نحو الصلوة في الارض المغصوبة فانها مأمور بها من حيث انها صلوة منهي عنها من حيث انها في الارض المغصوبة واذا ورد عن الشارع ما هو كذلك فهل يكون فاعله ممتثلا بفعل ما امر به ويسقط عنه القضاء بذلك وان كان عاصيا في ارتكاب ما جي عنه في ادائها . قال نور الدين قال الجمهور من الاشعرية والنظام من المعتزلة وبعض اصحابنا ان يكون بفعل ذلك ممتثلا وهو مثاب على امتثاله ما امر به ومعاقب على استعماله ملك الغير قال وقال احمد والزيدية وبعض اصحابنا لا يكون بذلك الفعل ممتثلا وان عليه اعادة ما امر به وقال الباقلاني انه لا يكون بذلك ممتثلا ويسقط به التكليف فلا يلزمه قضاء واحتج على سقوط التكليف عنه بذلك باجماع المسلمين على ترك امرهم الظلمة باعادة الصلوة التي صلوها في الامكنة المغصوبة حال مطالبتهم برد المظالم . قال نور الدين اجماع المسلمين على ترك مطالبتهم بالاعادة لما صلوه في الدور المغصوبة لكون الصلوة امرا خاصا بالمصليى في نفسه وهو المخاطب بها وعليه ان يساءل عن صحتها وفسادها على ان المسلمين لا يلزمهم تغيير ما لم يصح معهم من المناكر وغصب الظلمة للدور لا يلزم ان يكونوا قد صلوا فيها الفرائض فلذلك تركوا الامر باعادتها لها ومطالبتهم برد المظالم امر جلي لا يلتبس بهذا والله اعلم . _ ١٧٢٣ باب الغهي النهي في اللغة المنع وعرفوه في الاصطلاح بتعاريف منها صحيح ومنها مزيف واختار نور الدين رحمه الله منها تعريفا وهو ان النهي طلب كف عن الفعل وذلك الطلب متوجه الى غير خالقنا عز وجل فان طلب الكف منه دعاء لا نهي وذلك تحولا تزع قوبنا لا تؤاخذنا ان نسينا ولا يشترط في تسمية النهي نهيا ان يكون الناهي مستعليا على الاصح كيا لا يشترط ذلك في تسمية الامر امرا على الاصح وللنهي صيغة حقيقية نحو لا تفعل لا تقربو الزنا لا تشرب الخمر وصيغة مجازية نحو نهيتكم عن كذا حرمت عليكم امهاتكم حرمت عليكم الميتة والدم . قال نور الدين وانما كانت هذه الصيغ مجازا في النهي لانها موضوعة للاخبار واستعمالها في النهي استعمال لها في غير ما وضعت له وهذا شأن المجاز وقد يرد النبي بالاشارة الى ترك الفعل وبالاعراض عن الفعل وحكم النهي تحريم المنهي عنه والدوام على الكف عنه ووجوب تعجيل الامتثال الا اذا دل دليل على ارادة غير ذلك فانه يصرف الى ما اقتضاه الدليل فاما التحريم فانما ثبت له بأدلة خارجة عن حقيقته أما حقيقته فتحتمل التحريم وغيره وتلك الادلة هي الادلة المذكورة في باب الامر الدالة على ان حكم الامر الوجوب حقيقة فان النهي هو امر بالكف عن الفعل لكنه زاد على الامر باقتضائه الفور والدوام واقتصاؤ ه ذلك لا يخرجه عن كون الامتثال فيه واجبا لتلك الادلة واما الدوام فهو الاستمرار على ترك الفعل . قال نور الدين واعلم ان جميع ما ذكرته من احكام النهي انما هي ثابتة له عند عدم الدليل الصارف عن ارادتها او ارادة بعضها فان دل الدليل على شيع من ذلك صرف النبي اليه ولذا ورد النهي لغير التحريم فمن ذلك التكريم نحو ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون والمراد بالخبيث الردىعء وبالانفاق التصدق والارشاد نحو لا تسألوا عن اشياء ان تبد لكم تسوعءكم والفرق بينه وبين الكراهية هو ان المفسدة المطلوبة درؤ ها في الأرشاد دنيوية وفي الكراهية اخروية والدعاء نحو لا تزغ قلوبنا _ ١٧٤ وبيان العاقبة نحو لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء والتقليل والاحتقار نحو ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم والأياس نحو لا تعتذروا اليوم قال البدر واختلف في نهي الله تعالى هل فيه تأديب ام كله زجر والاصح قوں ابن عباس انه زجر كله وزعم بعض انه كالامر واما نهي الرسول قلة ففيه التأديب والزجر . قال نور الدين واذا تأملت المقام مع ما مر من تمثيلنا للنهي في الاشارة وغيره عرفت ان نهي الله يرد لغير الزجر ايضا ويرد النهي لغير الدوام اذا دل دليل على ذلك وذلك نحو قول القائل لا تخرج فان الاسد واقف على الباب فالتعليل بكون الاسد على الباب دليل قاض على ان النهي عن الخروج انما هو لاجل هذه العلة وانه اذا زالت ارتفع النبي ومنه نهي الحائض عن الصلوة قال نور الدين حاصل ما في المقام ان النبي ها هنا اقتضى الدوام بحسب التعليل وكذا القول في النهي المقيد بشرط نحو لا تصعد السطح ان كان فيه فلانا او وقت نحو لا تصم يوم النحر فان النهي في الصورتين يقتضي تكرار الكف عن المنهي عنه عند حصول القيد ولا يقتضيه عند عدمه هذا مذهب الجمهور وذهب ابعوبدالله البصري وصححه الحاكم الى ان النبي المقيد يقيد المرة الواحدة ولا يفيد الدوام فاذا قال القائل لا تصعد السطح ان كان فيه فلان لم يفد ذلك في كل مرة يكون ذلك الفلان فيه بل اذا ترك مرة فقد امتثل واحتج ابو عبدالله بان السيد اذا قال لعبده لا تخرج من بغداد اذا جاء زيد افاد مرة واحدة واذا قال لا تخرج من بغداد واطلق القول افاد المنع من الخروج على التابيد . قال نور الدين لا فرق بين الصورتين في اقتضاء الدوام لكن النهي المطلق يقتضيه دائيا والمقيد يقتضيه بحسب ما قيد به وقد يقتضي النهي عدم الفورية ايضا بدليل على ذلك نحو لا تصم يوم النحر فيجوز الصيام الى حضوره . قال نور الدين واعلم ان ما قدمته لك من ان حكم النهي التحريم الا لدليل يصرفه عن ذلك هو مذهب الجمهور وقال قوم هو حقيقة في التكريه عند الاطلاق ولا يدل على غيره الا بقرينة والمراد بالتكريه هنا كراهة التنزيه لا كراهة التحريم وقيل ١٧٥ بالوقف وسبب توقف هؤلاء انهم زعموا ان النهي محتمل للتحريم وللتكريه ولغيرهما ولا دليل يعين واحدا من هذه الاحتمالات دون الآخر فوجب التوقف وقال قوم هو مشترك بين التحريم والتكريه بمعنى انه وضع لكل واحد منهيا على حدة فاستعماله ي كل واحد منهيا حقيقة ولا يحمل على واحد منهيا على الاطلاق الا لقرينة . قال نور الدين وارجح الاقوال كلها ما تقدم واختلف ني دلالة النبي على فساد المغهي عنه على مذاهب وهذا الخلاف انما هو في الامور الشرعية اذا نجي عنها وذلك نحو الواجب اذا نهي عنه في بعض المواضع كصلوة الحائض والمندوب كصوم يوم النحر فان الصوم في الجملة مندوب اليه والمباح كبيع الحاضر للبادي فان البيع في الجملة مباح ونهي عنه في مثل هذه الصورة وليس الخلاف في النهي عن الامور الغير الشرعية كالنهي عن الزنا وعن شرب الخمر واكل الميتة فان هذه الامور قبل النبي لم يرد فيها شرح فحالتها قبل التحريم ليست بشرعية وكذا ليس الخلاف في ان النهي لا يستفاد منه فساد المنهي عنه اصلا فان القائلين بان النهي لا يدل على فساد المنهي عنه يعترفون بانه يدل على ذلك في بعض الصور وان القائلين بأنه يدل على فساد المنهي عنه يسلمون انه في بعض الصور لا يدل على ذلك وانما الخلاف في انه هل الاصل في النبي هو الدلالة على فساد المنهي عنه ام لا . قال نور الدين حاصل المقام ان القائلين بان النهي لا يدل على فساد المنهي عنه انما ينفون دلالته على ذلك عند عدم القرينة الدالة على ذلك فاما اذا قامت قرينة على شيء من افراد النهي انه يدل على فساد ذلك المنهي عنه فانهم يسلمون دلالته على ذلك لتلك القرينة ويبعلونه كالمستثنى من قاعدة النهي وكذا القائلون بأن النبي يدل على فساد المنهي عنه فاهم يقولون بذلك عند عدم المانع عن دلالته على ما ذكر فان وجد المانع لذلك في شيعمن افراد النهي سلموا ان ذلك الفرد بعينه لا يدل على فساد المنهي عنه لذلك المانع وجعلوه كحكم المستثنى من قاعدتهم في النهي قال هذا تحرير المقام فاشدد به يدك فانه مهم جدا ولا تكاد تجده قال ومرادنا بقولنا ان النهي عن الزنا نجي عن امر غير شرعي وهو ان الزنا لم يرد فيه قبل النهي عنه حكم شرعي سواء كان النبي عنه في شرعنا فقط أو في جميع الشرائع فظهر ان الزنا قبل انزال الشرائع ليس _ ١٧٦ فيه حكم شرعي كغيره من سائر الاشياء وهكذا القول فيما اشبه الزنا من المناهي واذا تحرر لك المقام فارجع الى استماع المذاهب فاعلم ان الناس اختلفوا في دلالة النبي على فساد المنهي عنه فذهب ابو حنيفة وبعض اصحابنا الى ان النهي لا يدل على فساد المنهي عنه بمعنى انه اذا نهينا عن فعل شيع فلا يدل هذا النهي على ان ذلك المنهي عنه لا يعتد به اصلا وذهب احمد والشافعية وكثير من اصحابنا الى ان النهي يدل على فساد المنهي عنه وسوغ ابو يعقوب كلا المذهبين واحتج هؤلاء بأن العلياء لم تزل على الفساد بالنهيى عن الربويات والا نكحة وغيرها وبان الامر يقتضي الاجزاء والنهي نقيضه فيقتضي نقيض الاجزاء وهو الفساد واجيب عن الأول بانه لا نسلم الاجماع ومن استدل به فهو بان على مذهبه وعن الثاني بانه لا تسلم كون النهي نقيض الامر لانه يقتضي القبح ونقيض القبح الحسن والامر يقتضي الوجوب لا مجرد الحسن سلمنا فلا يلزم في النقيضين ان تتناقض احكامهيا من كل وجه سلمنا ان الامر يقتضي الصحة فنقيض ذلك ان لا يكون النبي للصحة لا انه يقتضي الفساد وذهب الغزالي والرازي وابو الحسن الى ان النهي يدل على فساد المنهي عنه في العبادات دون المعاملات ودلالته عى ذلك شرعية لا لغوية لأن الفساد حكم شرعي لا تعقله العرب فلا يصح ان يكون مقصودا لها في وضع النهي واما في الشرع فلا اشكال في صحة قصده واستدلوا على وقوع ذلك شرعا بان العلياء مازالوا يستدلون بالنهي على فساد المنهي عنه واجيب بانه اما يصح هذا دليلا حيث صح انهم اجمعوا على ذلك ولم ينقل اجماع وذهب قوم الى انه ان كان النبي عن الشيء لعين ذلك الشيع فالنهي يقتضي فساده وان كان النهي عنه لصفة فيه فلا يقتضي النهي فساده فمثال ما نهي عنه لذاته الكفر وبيع الحر ومثال ما نهي عنه لصفة فيه كوطيعء الحائض والصلوة في الارض المخصوية والوضوء بالماء المغصوب وفي الاناء المغصوب ونحو ذلك . قال نور الدين ولا اعلم لهؤلاء حجة على هذا التفصيل قال واذا تاملت هذه الاقوال كلها وطلبت الأرجح منها رأيت ان الارجح هو المذهب الأول وهو ان النبي لا يقتضي الفساد مطلقا وان اقتضاه في بعض المواضع فذلك انما هو لدليل خارج عن النهي لا لنفس النهي قال والحجة لنا على صحته ورجحانه على سائر المذاهب هي ان ١٧٧ معنى كون الشيء فاسدا انه لم يقع موقع الصحيح في سقوط القضاء واقتضاء التمليك والمعلوم ان المنهي عنه قد يقع صحيحا كطلاق البدعة والبيع وقت النداء فلا يكفي النهي في اقتضاء الفساد بل لا بد مدنليل اذ لفظ النبي ليافيده لما ذكرنا من ان والله اعلم .المخهى عنه قد يصح باب المطلق والمقيد المطلق ما دل بالشيوع في جنسه والمقيد ما خرج عن ذلك الشيوع اما بقيد كجاء شيخ امجد فان لفظ شيخ مطلق لشيوعه في ذلك الجنس ولصدقه على كل فرد من افراده لكن قوله امجد قيد محرج للفظ الشيخ عن ذلك الشيوع واما بحسب وضعه الاصلي كالعلم فانه لا يسمى مطلقا وانما هو مقيد بحسب الوضع الذي وضع له لانه وضع لمعين ولو كان علم جنس مثلا فانه لا يكون عليا الا باعتبار ذلك التعيين المذكور ويكتفى في العلم الجنسي بالتعيين الذهني ومثل العلم سائر المعارف اذ ليس من المعارف ما هو هو مطلق اصلا اللهم الا ان يقال ان المعرف بال المشار بها الى الحقيقة باعتبار وجودها في بعض الافراد غير معين كقولك ادخل السوق حيث لا عهد في الخارج ومنه قوله تعالى واخاف ان يأكله الذئب “4من قبيل المطلق فان المعرف بال كالنكرة في المعنى ولذا اعطى بعض احكام النكرة كالنعت بالجملة في نحو واية فهم الليل نسلخ منه النهار ونحوه ولقد امر على اللئيم يسبني وان فرق بين النكرة وبين المعرف المذكور بما حاصله ان النكرة معناه بعض غير معين من جملة الحقيقة وهذا معناه نفس الحقيقة وانما تستفاد البعضية من القرينة كالدخول في نحو ادخل السوق والاكل في نحو ان يأكله الذئب فالمجرد وذو اللام بالنظر الى القرينة سواء وبالنظر الى انفسهيا ختلفان وحكم المطلق والمقيد ان يجري كل واحد منهيا في موضعه اذا اختلفا سببا وحكيا فالمطلق يجري في اطلاقه والمقيد في موضع تقييده ولا يصح ان يحمل احدهما على الآخر هنا بلا خلاف بين الاصوليين لما بين المطلق والمقيد من التنافي _ ١٧٨ وذلك نحو قوله تعالى في كفارة الظهار فصيام شهرين متتابعين وقوله تعالى في صيام الكفارة فصيام ثلاثة أيام فان السبب الموجب للصيام في آية اليمين هو الحنث والسبب الموجب للصيام في اية الظهار هو الظهار والحكم فيها غختلف ايضا كيا ترى فلا يصح حمل مطلق الصيام في آية اليمين على مقيدة بالتتابع في آية الظهار . ابن مسعودقال نور الدين واما قال اصحابنا بتتابع الصيام ف أية اليمين لقراءة فانه قراء قصيام ثلاثة أيام متتابعات لا لنفس الحمل على ما في الظهار وان اتحعد حكم المطلق والمقيد واتفق سببها وجب حمل المطلق على المقيد بيانا سواء تقدم احدهما على الأخر او تقارنا ف الوجود ما ل يتأخر المقيد حتى يعمل بالمطلق فانه حينئذ يكون المقيد ناسخا لبعض احكام المطلق وقيل ان المقيد اذا تاخر عن المطلق فهو ناسخ له بحسب ما يتناوله وان لم يقع العمل بالمطلق قال البدر وهذا ليس بشي ع لان التقييد بيان وايضا لو كان نسخا لكان التخصيص نسخا لانه نوع من المجاز مثله ويلزمهم ان يكون تأخير المطلق نسخا لان التناني انما يتصور على الطرفين ومثالهيا اذا اتحعدا حكيا وسببا نحو قولك اعتق رقبة عن قتل الخطأ اعتق رقبة مؤ منة عن قتل الخطأ فالسبب في الصورتين هو قتل الخطأ والحكم فيها عتق الرقبة فيجب ان يحمل مطلق الرقبة في الصورة الاولى على مقيدها بالايمان ف الصورة الثانية وسواء ذلك الحكم اتصل المقيد فيه بالمطلق او انفصل فمثال ما انفصل قوله ية في خمس من الابل شاة وفي حديث اخر في خمس من الابل السائمة شاة . قال نور الدين ان الحمل ها هنا بلا خلاف بين الاصوليين قال ثم رأيت ابن السبكي نقل الخلاف وهو انه قيل ان المقيد يحمل على المطلق فييا اذا اتفقا حكيا وسببا الغاء للقيد لأن ذكر المقيد ذكر لجزئي المطلق فلا يعيده كيا ان ذكر فرد من العام لا خصصه قال وأقول انه لا يخفى ان الشارع لا يذكر شيئا عبثا وان تقييده للمطلق انما ذكر لأرادة ذلك التقييد فلا يصح الغاء القيد ولو الفي لما كان ف ذكره فائدة اصلا وان ‏ ١صحابنا كابنالشافعي وبعضالمطلق والمقيد واتفق حكمها فذهباختلف سبب بركة الى حمل المطلق على المقيد وقال ابو حنيفة وبعض اصحابنا كأبن محبوب انه لا يحمل المطلق على المقيد في مثل هذه الصورة ثم اختلف القائلون بالحمل ها هنا فقال ١٧٩ بعضهم يحمل المطلق على المقيد نصا اي من قبيل اللفظ سواء وجد جامع بين قضيتي الاطلاق والتقييد او لم يوجد وقال بعضهم انه يحمل قياسا اي اذا وجد جامع بين القضيتين حمل المطلق على المقيد وان لم يوجد جامع فلا يحمل وان اختلف حكمهيا واتفق موجبهيا فعلى هذا الخلاف المذكور ها هنا فمثالهيا اذاذا اتفق حكمها واختلف موجبهيا آيتا الظهار والقتل فان الرقبة في كفارة الظهار مطلقةوفي كفارة القتل مقيدة بالايمان فخرج في صفة الرقبة في كفارة الظهار الخلاف المذكور فبعضهم كأبن بركة اشترط ان تكون الرقبة مؤمنة حلا على ما في الرقبة من كفارة القتل وذهب ابن محبوب الى عدم اشتراط ذلك اهمالا للحمل المذكور وحمل الشافعية عليه قياسا لحصول الجامع بينهما والجامع عندهم حرمة سببهيا وهو الظهار والقتل ومثال ما اختلف حكمها واتفق موجبهيا اطلاق الايدي في قوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وايديكم وتقييدها بالمرافق في قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق فان موجب التيمم والوضوء شيء واحد وهو الحدث المعروف لكن حكمها تلف فالتيمم حكم غير الوضوء فلا يحمل مطلق الايدي ني التيمم على مقيده في الوضوء وحملته الشافعية بجامع اشتراكهيا في السبب وفي التعبير بالحكم عن التيمم والوضوء تسامح لا يخفى فان كل واحد من التيمم والوضوء محكوم به لا حكم . قال نور الدين لكن وقع هذا التسامح في عبارة بعض الاصوليين قال وحاصل ما ي المسئلة انه اذا اختلف المطلق والمقيد سببا وحكيا فلا يحمل احدهما على الآخر اتفاقا وان اتفقا سببا وحكما حمل المطلق على المقيد قيل اتفاقا وحكى بعضهم قولا بأن المقيد يحمل عى المطلق فالغي القيد وان اختلفا سببا واتحدا حكما او أختلفا حكما واتخذا سببا ففيهما ثلاثة مذاهب أحدهما أن المطلق يحمل على المقيد مطلقا وثانيهما أنه لا يحمل مطلقا وثالثهما أنه إن كان بينهما جامع حمل المطلق على المقيد قياسا وإلا فلا يحمل والله أعلم . _ ١٨٠ الما مبا ب العام هو لفظ دل دفعة على ما ل يكن منحصرا.و عم تعريف العام الجمع المعرف واسم الجنس المعرف سواء كان تعريفهيا بال كيا في قوله تعالى قد افلح المؤمنون والسارق والسارقة فاقطعوا ايديها فان حكم الوصف في العموم حكم الجنس او عرفا بالاضافة كيا في قوله تعالى يوصيكم الله في اولادكم فليحذر الذين يخالفون عن امره هذا كله اذا لم يكن تعريفهيا اشارة الى عهد فان كان اشارة الى عهد كرأيت رجالا فاكرمت الرجال وارسلنا الى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول فلا عموم فيها لان العهد قرينة الخصوص وكذا كل قرينة دلت على اخراج صيغة العام عن العموم واستعمالها في الخصوص كرأيت الرجال واوتيت من كل شيع فان العقل قاض بامتناع رؤ ية كل الرجال وباستحالة اتيانها من كل شيع كيا هو معلوم بالضرورة والحجة على ان الجمع المعرف من صيغ العموم ان العلياء لم تزل تستدل بقوله تعالى يوصيكم الله في اولادكم ونحوها على العموم واستدل عمر على ابي بكر في منع قتال اهل الردة بعموم قوله يَتيةامرت ان اقاتل الناس .حتى يقولوا لا اله الا الله واستدل ابو بكر بعموم قوله مية امرت ان اقاتل الناس حتى يقولو لا اله الا الله واستدل ابو بكر بعموم قوله يلة الائمة من قريش حين قال الانصار منا أمير ومنكم امير وكان ذلك بمحضر من الصحابة فلم ينكر عمومه أحد وايضا فان الجمع المعرف يصح الاستثناء منه فنقول جاء المسلمون الا زيدا وصحة الاستثناء من الشيء دليل عمومه والحجة على ان اسم الجنس للعموم هي ان العلياء لم تزل تستدل بقوله تعالى والسارق والسارقة على شموها كل سارق وسارقة بالشرط المعروف من السنة وبقوله تعالى الزانية والزاني الآية على شموفها كل زانية وزان الا من اخرجته السنة عن حكم الآية الى حكم الرجم ولا نكير لهذا الاستدلال فكان اجماعا على ان اسم الجنس المعرف للعموم ما لم تقم قرينة الخصوص . قال نور الدين وما ذكرته من ان الجمع واسم الجنس المعرفين من صيغ العموم هو مذهب الجمهور قال وذهب ابو هاشم الى عدم عمومها ما لم تقم قرينة على العموم ١٧٨١ فهما عنده للجنس الصادق على واحد من افراده كتزوجت النساء وملكت العبيد واكرمت الرجال اذا لم يكن هنالك عهد فان كل واحد من هذا الكلام صادق على الواحد فيا فوق . قال نور الدين ونحن نقول ان خروج هذه الاشياء ونحوها عن العموم لقرينة وهي استحالة تزوج جميع النساء وملك كل العبيد واكرام كل رجل فلولا القرينة كان اللفظ عاما ولذا يحنث بتزوج واحدة من حلف لا يتزوج النساء قال وذهب امام الحرمين في الجمع المحلى باللام الى انه للعموم ما لم يحتمل معهودا فان احتمل معهودا تردد بين العموم والخصوص قال والصواب عمومه وان احتمل معهودا لأن احتماله المعهود انما هو من احتمال العام للخصوص فلو ترددنا في عموم الالفاظ الموضوعة للعموم بنفس احتمالها الخصوص لا صح لنا الجزم بعام اصلا كيف وقد قيل ما من عام الا وقد خصص الا قوله تعالى وهو بكل شيع عليم واذا احتمل المعرف من جمع واسم جنس الاستغراق والعموم حملا عليه لانها حقيقة فيه كيا تقدم وان امتنع حملها على العموم والاستغراق فاما ان تتعين فيها العهدية او الجنسية او لا تتعين فيا تعين فيه احد الامرين من عهد وجنس حمل عليه وما لم يتعين فيه احدهما وكان محتملا ليا معا فهيا محل للنزاع ني انه اي الامرين اولى بالحمل عليه فقيل ان الحمل على العهد اولى لانه ابين وسياق التعريف لزيادة التوضيح والى هذا القول ذهب صاحب التنقيح والبدر في مختصره ونسبه البدر الى عمار بن ياسر وقيل ان حمله على الجنسية اولى واليه ذهب صاحب التلويح وغيره . قال نور الدين وهو الصحيح لأن حمله على العهدية مع احتمال غيرها فيه تخصيص بغير مخصص وايضا ففي معنى العهدية زيادة على الجنسية والزيادة لا تنبت الا بدليل ولا دليل ويخصص الجمع المعرف باللام والاضافة الى ان يبقى من مدلوله ثلاثة ثم يمتنع بعد ذلك تخصيصه لأن الثلاثة هي ادنى مدلول الجمع حقيقة فلا يدل على اقل من ذلك الا تجوزا ويخصص اسم الجنس المعرف حتى يبقى من مدلوله واحد لان الواحد ادنى ما يدل عليه فيصح اكرم العالم الا زيدا وعمرا وخالدا ولو لم يبق من بعد استثناء هؤ لاء ممن هو منصف بالعلم الا واحدا مثلا 0وقال القفال لا بد من بقاء ١٧٨٢١ ثلاثة بعد التخصيص فييا عدا الاستفهام والمجازات وهي الفاظ الجموع وكل واجمعون ونحوها من الفاظ العموم واما في الاستفهام والمجازات فيجوز حتى لا يبقى الا واحد واجيب بان الجمع موضوع للثلائة فصاعدافلا يطلع على ما دونها بخلاف العموم فليس العموم كذلك الا ترى ان قول القائل كل درهم عندي فهو لفلان عموم والكلام صحيح ولو لم يكن عنده الا درهم واحد وقال صاحب الجوهرة لا بد من بقاء ثلاثة في جميع الفاظ العموم الا صيغة الجمع فيجوز تخصيصها حتى لا يبقى الا واحد داخل تحته قال وليس ذلك بالوضع الاصلي بل بالشرع نحو قوله تعالى لكم والمراد بالناس الاول نعيم بن مسعودالذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا وقال كثير من الاصوليين لا يصح التخصيص الا مع بقاء جمع يقرب من مدلول العموم واحتجوا على ذلك بان قائلا لو لو قال قتلت كل من في المدينة وقد قتل ثلاثة لا غير عد لاعبا واجيب انه انما يعد لاعبا حيث لم يذكر المخصص واما مع ذكر اللخصص فلا نسلم ذلك الا ترى انه لو قال قتلت كل من في المدينة غير لابسي البياض وكان من فيها لابسي البياض الا ثلاثة لم يعد لاعبا وقال كثير من الاصوليين كل عموم يجوز تخصيصه حتى لا يبقى من الاعداد الداخلة ثلاثة بل يجوز اخراجها حتى لا يبقى الا واحد . قال نور الدين وصححه صاحب المنهاج واحتج لصحته بوجهين احدهما انه اذا اجاز التخصيص وهو اخراج بعض ما وضع له لفظ العموم استوى اخراج القليل واخراج الكثير اذ لا وجه يقتضي الفرق بينهيا والعموم في كلتا الحالتين مستعمل فييا دون القدر الذي وضع له فاذا كان في الحالتين مخالفا به ما وضع له فلا وجه يقتضي الفرق بين مخالفة ومخالفة مهيا بقى بعض مدلوله ثانيها انه قد وقع في قوله تعالى حرمنا عليهم شنتحومها الا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم يمه ولم يبق تحت العموم الا نوع واحد وكذلك قوله تعالى قال لهم الناس واراد نعيما ولقول عمر بن الخطاب وقد انفذ الى سعد بن ابي وقاص القعقاع مع الف فارس قد انفذت اليك الفي فارس فوصفه بانه الف واذا جاز في الفاظ العدد فجوازه في العموم اولى . _ ١٨٣١ قال نور الدين وهذا المذهب هو اصح المذاهب وقال قوم ان اقل مدلول الجمع اثنان وتمسكوا على ذلك بقوله تعالى إفان كان له اخوة فلأمه السدسركه والمراد اثنان فصاعدا وبقوله فقد صغت قلوبكيا اي قلباكما اذ ما جعل الله لرجل من قلبين واجيب عن الاول بانه لا نزاع في ان اقل الجمع اثنان في باب الارث استحقاقا وحجبا والوصية لكن لا باعتبار ان صيغة الجمع موضوعة للاثنين فصاعدا بل باعتبار انه يثبت بالدليل ان للاثنين حكم الجمع وعن الثاني ان اطلاق الجمع على الاثنين مجاز بطريق اطلاق اسم الكل على الجزء . قال نور الدين وحاصل الاجوبة كلها ان الجمع يدل على الاثنين مجازا مع قرينة في مواضع وكلامنا في اقل مدلول الجمع حقيقة لا مجازا وان الاثنين قد يعطيان جمع الجمع شرعا كيا في الوصايا والمواريث ومن صيغ العموم من وما الاستفهاميتان او الشرطيتان لا الزائدتان ولا الموصوفتان ولا الموصولتان فاما من وما الزائدتان فلا عموم ليا لأن كلا منهيا لم يذكر الا لصلة الكلام وتقويته كيا في قول الشاعر : وكفا بنا فخرا على من غيرنا اي على غيرنا وقول الآخر يا شاة ما قنص لمن حلت له اي يا شاة قنص فمن وما زائدتان في المثالين واما الموصوفتان فان كلا منهيا ي المعنى نكرة موصوفة والنكرة الموصوفة من الخاص لا من العام واما الموصولتان فان كلا منها يدل على معهود كيا في قولك اكرمت من جاءني وقرأت ما تيسر ويدل على غير معهود كيا في قولك اكرم من جاءك واقرا ما تيسر لك فهيا مترددتان بين الخصوص والعموم فلا يدلان على واحد منهيا الا بقرينة ومثال من الاستفهامية من جاءك ومن دخل القصر ولكونها عامة صلح ان يجاب عنها بكل احد ومثال من الشرطية من شاء من عبيدي عتقه فهو حر ومن شئت من عبيدي عتقه فاعتقه فمن في المثالين شرطية وهي للعموم فيعتق كل من شاء العتق من عبيده وكل من اعتقه المخاطب منهم وتخرج لفظة من عن حكم العموم اذا اعقبتها لفظة اولا فاذا قيل من دخل الحصن اولا فله كذا فدخله القوم كلهم في حال واحد فلا شيع هملعدم صدق اولا عليهم أو على ١٨٤ واحد منهم فخصوص من بهذا الاعتبار انما هو بالنظر الى عمومها عند عدم اقترانها من الشرطيةباولا لا خصوصا حقيقيا حتى لا تصدق الا على فرد واحد وحكم والاستفهامية انها تعم الذكور والنساء قال نور الدين وهو مذهب الاكثر قال وقيل لا يدخل فيها النساء قال ولنا الاتفاق على دخول الأماء في قول القائل من دخل داري فهو حر فكل من دخل داره من عبيده وامائه فهو حر واما ما الاستفهامية والشرطية فان لفظها موضوع لصفات العقلاء وذوات غيرهم وكذلك ما الموصولة ايضا فتقول ما عندك وجوابه عندي كتاب او فرس وما زيد فيقال كريم او شجاع ومن صيغ العموم جميع وهي للعموم على سبيل الاجتماع يعني انك تجعل جميع افراد معناها ني حكم فرد واحد فاذا قيل جميع من دخل الحصن اولا فله كذا فدخل الحصن اولا عشرة كان لهم جميعا نفل واحد ومن صيغ العموم لفظة كل وعمومها متناول لكل فرد من افراد الاسم الذي تضاف اليه اذا كان ذلك الاسم نكرة نحو كل نفس ذائقة الموت او معرفة مجموعة نحو وكلهم آيته يوم القيمة فردا وتتناول كل جزء من اجزاء الاسم الذي تضاف اليه اذا كان ذلك الاسم معرفة مفردا نحو كل زيد حسن فالحسن محكوم به لكل جزء من اجزاء زيد ويليها الاسياء لا الافعال فتعم الاسياء صريحا والافعال ضمنا فاذا قيل كل امرأة اتزوجها فهي طالق طلقت كل امرأة تزوجها على مذهب من يرى ايقاع الطلاق قبل الملك لا على مذهب من لا يرى انه لا طلاق فييا لا يملك فاذا تزوج امرأة مرارا طلقت في المرة الاولى دون البواقي لأن كلا تعم الاسياء لا الافعال وكلها بعكسها فتضم الى الافعال دون الاسياء وتعمها صريحا وتعم الاسياء ضمنا فقول القائل كليا تزوجت امرأة فهي طالق تطلق كل امرأة تزوجها وان تزوج امرأة واحدة مرارا كثيرة تطلق في كل مرة تزوجها هذا كله على مذهب من يرى انعقاد الطلاق قبل الملك أما على مذهب من لا يرى ذلك فلا طلاق اصلا وان دخلت كل على كثير غير محصور وقعت على فرد من افراده فقول القائل علي لفلان كل درهم انما يحكم عليه بدرهم واحد وان استأجر دارا كل شهر بكذا انما يكون العقد لازما على شهر واحد ومن صيغ العموم اين وحيث وهما موضوعتان لتعميم الامكنة قال تعالى اينما تكونوا يدرككم الموت }.وقال تعالى اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم _ ١٨٥ فقول القائل لزوجته انت طالق اين شئت وحيث شئت أنما تطلق في المكان الذي شاءت الطلاق فيه سواء شاءت الطلاق في المجلس او في غيره منالامكنة فلا يشترط وقو ع مشيئتها في المجلس لعموم اين وحيث للامكنة واشتراط ذلك خروج بهيا عن عمومهيا واستعمالها ي فرد من افرادهما بلا دليل يقتضي ذلك وذلك تحكم ومن صيغ العموم متى ومهيا وهما موضوعتان لتعميم الازمنة قال تعالى حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله اي في اي زمان وقال تعالى وقالوا مهيا تأتنا به من اية الآية فقول القائل لعبده انت حر متى شئت أو مهيا شئت يستحق الحرية في الزمان الذي شاعها فيه وكذا قوله انت طالق متى شئت ومن صيغ العموم اي وهي نكرة تعم بالوصف يعني انها في اصل وضعها غير عامة لكن تعم بحسب ما توصف به والنكرة قد تعم بالوصف كذا قيل والمراد بالوضف ها هنا.الوصف المعنوي لا النعت النحوي وعموم اي بحسب ما تضاف اليه فان اضيفت الى الزمان فهي لعموم الزمان او اضيفت الى المكان فهي لعموم المكان فقول القائل لزوجته انت طالق في اي زمان شئت كقوله متى شئت وقول القائل انت طالق في اي مكان شئت كقوله اين شئت وحيث شئت وقد تقدم جميم ذلك فان اضيف الى اي غير الزمان والمكان دخل المضاف اليه تحت حكم العموم وذلك نحو اي عبد اشتريته فهو حر واي امرأة اتزوجها فهي طالق بانه يحكم عليه بعتق كل عبد ملكه وطلاق كل امرأة تزوجها وهذا على مذهب من يرى انعقاد العتاق والطلاق قبل الملك اما قول القائل اي عبيدي ضربك فهو حر فضربوه جميعا عتقوا جميعا وكذا ان قال اي عبيدي ضربته فهو حر فضربهم جميعا عتقوا جميعا واذا وقعت النكرة في موضع فيه النفي وانسحب عليها حكمه فهي من صيغ العموم كلا رجل في الدار . قال نور الدين وعمومها ثابت لضرورة العقل ونص الكتاب وقطعي الاجماع فاما العقل فلان انتفاء فرد منهم لا يمكن الا بانتفاء جميع الافراد ضرورة واما الكتاب فقوله تعالى «قل من انزل الكتاب الذي جاء به موسى »“4في جواب ما انزل الله على بشر من شيع . ١٨٦ قال نور الدين وجه التمسك انهم قالوا ما انزل الله على بش من شيع فلو لم يكن مثل هذا الكلام للسلب الكلي ل يستقم ي الرد عليهم الامجاب الجزئي وهو قوله تعالى قل من انزل الكتاب الذي جاء به موسى واما الاجماع فلان قولنا لا اله الا الله كلمة توحيد اجماعا فلو لم يكن صدر الكلام نفيا لكل معبود بحق لما كان اثبات الحق تعالى توحيدا وقد يقصد بالفكرة الواحد بصفة الوحدة فيرجع النفي الى لوصف فلا تعم مثل ما في الدار رجل بل رجلان اما اذا كانت مع من ظاهرة او مقدرة كيا في ما من رجل او لا رجل في الدار فهي للعموم قطعا واذا تكرر الاسم في كلام واحد وفي كلامين بينهما تعلق ظاهر وتناسب واضح فلا يخلو اما ان يكون الاسمان نكرتين واما ان يكونا معرفتين او احد هما نكرة والآخر معرفة فان كانا نكرتين فالثانىي غير الاول قطعا وذلك كيا في قوله تعالى ئإفان مع العسر يسرا ان مع العسر يسراإه فاليسر الثاني غير اليسر الاول وان كانا معرفتين او الثاني منهيا معرفة فالثاني منهيا عين الاول قطعا وذلك نحو العسر في الآية الكريمة ونحو قوله تعالى كيا ارسلنا الى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول فالرسول الثاني في الآية هو الرسول الأول وان كان الاول من الاسمين معرفة والثاني نكرة ففى كون الثاني عين الاول او غيره قولان المختار انه غيره لا عينه وذلك كيا في قول الشاعر اخوانالقوموقلناذهلبنىعنعفونا كانواكالذيقوماالايام ان يرجعنعسى والدليل على ثبوت هذه القاعدة ما يروى عن الحسن انه قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوما مسرورا فرحا وهو يضحك وهو يقول لن يغلب عسر يسرين فان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا وعن ابن مسعود انه قال لو كان العسر في جحر ضب لتبعه اليسر حتى يستخرجه لن يغلب عسر يسرين لن يغلب عسر يسرين . قال نور الدين رحمه الله ووجه الاستدلال بهذه الاحاديث على ثبوت تلك القاعدة هو انه ية نبه بتلاوة الآية على ان العسر المذكور فيها عسر واحد وما ذلك الا لكونه معرفة وان اليسر فيها يسران وما ذلك الا لكونه نكرة واعلم ان هذه القاعدة في اعادة المعرفة معرفة او نكرة وفي اعادة النكرة ذكرة او معرفة هي الاصل مع التجرد ١٨٧ عن المانع وخلو المقام من القرائن وقد يصرف ذلك الحكم لدليل فتترك القاعدة لاجله . قال نور الدين قال السبكي الظاهر ان هذه القاعدة غير محررة لانتقاضها بامثلة كثيرة منها ني المعرفتين قوله تعالى لهل جزاء الاحسان الا الاحسان&ؤإه فانهما معرفتان والثاني غير الاول لأن الاول العمل والثاني الثواب وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس اي المقتولة بالقاتلة وكذا قوله تعالى الحر بالحر وفي تعريف الثاني قوله تعالى وما يتبغ اكثرهم الا ظنا ان الظن لا يغني من الحق شيئا ان تصلحا بينهما صلحا والصلح خير فان الثاني فيهما غير الاول وفي النكرتين قوله تعالى يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه فان الثاني هو الاول . قال نور الدين وقد اجاب السيوطي عن هذه الآيات باجوبة لا تخلو من تكلف قال والحق في جوابها ان يقال انه انما خرجت هذه الآيات عن تلك القاعدة لدليل اقتضى ذلك والقاعدة انما هي عند عدم الدليل المقتضي للعدول عنها ويدخل في عموم لفظ الممؤنين الانبياء عليهم السلام فاذا نزل يا أينها المؤمنون فالنبي داخل في هذا الخطاب لثبوت صفة الايمان له قطعا وكذا يا ايها الناس ويا عبادي قال الحليمى والصيرفي الا اذا اقرنا بقل اي اذا نزل الخطاب هكذا قل يا أيها الناس قل يا عبادي فلا يدخل فيه النبي لان لفظ قل قرينة عندهم تخرج النبي من عموم الخطاب . قال نور الدين قد تحقق ان النبي احد الناس واحد العباد فهو داخل في عمومها والامر بالقول لا يكفي دليلا على خروجه منهيا لأن النبي المأمور بالقول بذلك انما يبلغ ذلك القول عن ربه وأعلم ان لكل واحد من الذكور والاناث صيغة تختص به وتدل عليه فلا بدل صيغة كل واحد منهيا على الآخر بحسب الوضع الاصلي فماما صيغة جمع الاناث نحو المسلمات والصالحات فلا تتناول شيئا من الذكور اصلا اتفاقا فطالب الامان لبناته لا يدخل اولاده الذكور في طلب الامان ومن اوصى لبنات فلان وكان معه بنون وبنات فلا يدخل في الوصية البنون اتفاقا وكذا لا يعم نحو الرجل من صيغ جمع الذكور احدا من الاناث لاختصاص هذه الصيغة بالذكور دون الاناث ١٧٨٨ اتفاقا وكذا نحو المسلمين لا يعم احدا من الاناث عند انفراد ذكور المسلمين بالخطاب وقد تعم هذه الصيغة الرجال والنساء وذلك عند الاختلاط والمشاركة في الاحكام فتتناول الصيغة الذكور حقيقة والاناث تبعا فقوله تعالى اهبطوامنها جميعاه شامل لحواء مع ادم وقوله تعالى ادخلوا الباب سجدا»ه شامل لنساء بتي اسرائيل مع رجالهموانما شملت صيغة الذكور الاناث عند الاختلاط تغليبا للذكور على النساء واتباعا للنساء بالذكور في حكمهم وتناول صيغة الذكور الاناث بهذا المعنى لا خلاف فيه واتما الخلاف في كيفية تناولها هن اهو حقيقة عرفية أو مجاز مشهور ذهب الحنابلة وبعض الحنفية منهم صاحب المراة الى ان تناولها للاناث عند الاختلاط حقيقة عرفية وذهب الاكثر الى انه مجاز قال نور الدين وثمرة الخلاف هو ان اطلاق هذه الصيغة عند الاختلاط متناول للنساء ولو ل يدل دليل على ارادة دخولههن فيها عند القائلين ان تناولها هن حقيقة ولا تتناولهن عند الاكثر الا بدليل لاحتياج المجاز الى قرينة والله اعلم . باب حكم العام اختلف في حكم العام فمذهب الاشاعرة التوقف حتى يقوم دليل عموم أو خصوص وعند البلخي والجبائي الجزم بالخصوص كالواحد في الجنس والثلاثة في الجمع والتوقف فييا فوق ذلك . جميع مااثبات الحكم فالعلاءوعند جمهورالدين رحمه الله وعندنانورقال يتناوله من الافراد قال وعلى ذلك الشافعي قال وحجتنا على ذلك المعقول والاجماع اما المعقول فلان العموم معنى ظاهر يعقله الاكثر وتمس الحاجة الىا لتعبير عنه فلا بد من لظهورهاالمعاني التى وضع لها الالفاظبحكم العادة ككثير منان يوضع له لفظ وغيرهم الاحتجاجالصحابةالاجماع فلانه ثبت منالتعبير عنها واماوالحاجة ال الجمعبالوقف بان اعدادغير نكير واحتج القائلونوشاع ذلك وذاع منبالعموم ختلفة من غير اولوية للبعض وبأنه يطلق على الواحد والاصل فيه الحقيقة فيكون مشتركا بين الواحد والكثير . ١٧٨٩ معا أو اطرح احدهما كان الغاء للدليلين أو الغاء لاحدهما والغاؤ هما أو الغاء احدهما قال نور الدين والجواب عن الأول انه يحمل على الكل احترازا عن ترجيح البعض بلا مرجح فلا اجمال وعن الثاني ان التأكيد دليل العموم والاستغراق والا لكان تأسيسا لا تأكيدا صرح بذلك أئمة العريية وعن الثالث أن المجاز راجح على الاشتراك فيحمل عليه للقطع بأنه حقيقة في الكثير على أن كون الجمع مجاز في الواحد مما اجمع عليه ائمة اللغة قال نور الدين ثم انه بعد اتفاقنا والحنفية على ان حكم العام اثبات الحكم في جميع ما يتناوله من الافراد اختلفنا في كيفية هذا الاثبات قال فمذهبنا ومذهب جمهور الفقهاء والمتكلمين ان اثبات ذلك الحكم في الافراد ظنا لا قطعا ويقينا وعلى ذلك الشافعي وذهبت الحنفية الى ان اثبات ذلك الحكم قطعا ويقينا ولنا على ان التخصيص في العموم امر شائع وحكم ذائع حتى قيل ما من عموم الا وقد خصص الا قوله تعالى وهو بكل شيع غليم ولاشاعة التخصيص في العموم كان العموم محتملا للتخصيص حيثيا وجد واذا ثبت ان التخصيص عتمل في العموم فاثبات حكم العموم في جميع افراده انما هو امر ظني لاحتمال ان يكون قد خص منه بعض افراده وايضا فيجوز اخراج بعض الافراد بالاستثناء ونحوه وبعضه بالاجماع ولو كانت قطعية لم يصح ذلك كيا لو نص على فرد ثم استثناه فكيا لا يصح الاستثناء لاجل النص كان يلزم مثل ذلك في العموم اذا جعلنا شموله بمنزلة النص على كل فرد لانه لو نص على كل فرد تعذر الاستثناء اتفاقا وذلك كاف في الفرق بين دلالة العموم ودلالة الخصوص فينبني على مذهبنا اشياء منها ان العموم لا يوجب الاعتقاد لان الاعتقاد ثمرة القطعي والعموم وان كان قطعي المتن فهو ظني الدلالة ويوجب العمل لأن العمل لا يتوقف وجوبه على الدليل القطعي ومنها انه اذا تعارض الخصوص والعموم حكمنا بان الخصوص قاض على العموم سواء قارن الخصوص العموم أو كان سابقا عليه او متأخرا عنه كان سبقه عليه وتأخره بزمان واحد وبازمنة كثيرة فاما اذا قارن الخصوص العموم فهو قاض عليه اتفاقا سواءتقدم الخاص او العام وأما اذا انفصل احدهما عن الآخر فقد خالفنا فيه الحنفية وبعض المعتزلة . قال نور الدين رحمه اته وحجتنا على ان الخاص قاض على العام اذا انفصل عنه سواء ١٩٠ تقدم أو تأخر هو ان العمل بكتاب الله وسنة نبيه مهما امكن لم يحبز الغاؤ ه واذا اطرحا مع امكان الجمع بيتها لا يصح وايضا فان الخاص معلوم دخول ماتناوله تحته ودخول ذلك تحت العام مشكوك فيه والعمل لا يترك لاجل الشك وايضا فان فقهاء الامصار في هذه الاعصار يخصون اعم الخبرين باخصهيا مع فقد علمهم التاريخ وأعلم انه اذا تأخر الخاص عن العام قدر ما يمكن العمل بالعام فالخاص حينئذ انما يكون ناسخا لما يتناوله من مدلول العام ويبقى ما بقي من العام على حكمه الاول وكون الخاص بهذه الحيثية ناسخا لا ينافي ما قدمنا بيانه من قولنا ان الخاص قاض على العام قدم أو اخر لان نسخ الخاص للعام داخل تحت تلك القاعدة كيا لا يخفى ومنها ان العام وان كان قطعي المتن يصح تخصيصه بالدليل الظني من خبر احادي او قياس جلي فمثال تخصيص القطعي بالخبر الاحادي تخصيص المواريث بقوله صلى الله عليه وسلم القاتل عمدا لا يرث وتخصيص عموم الخبر المتواتر بالخبر الاحادي كتخصيص قوله يلة فيما سقت السياء العشر بقوله ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ومثال تخصيص القطعي بالقياس هو ان يقول الشارع لا تبيعوا الموزون بالمموزون متفاضلا ثم يقول بيعوا الحديد كيف شئتم فيقاس النحاس والرصاص عليه بجامع الانطباع وذلك يحصل به التخصيص لعموم اللفظ الأول فاما التخصيص بخبر الاحادي للعموم وان كان قطعي المتن فعليه اكثر العلماء . قال نور الدين وحجتنا على ذلك وجهان احدهما ان العموم وان كان قطعي المتن فهو ظني الدلالة اي دلالته على تناوله جميع افراده امر ظني فالخبر الاحادي انما خصص هذه الدلالة الظنية وثانيها ان السلف خصصوا قوله تعالى «واحل لكم ما وراء ذلكم مه بقوله يلة لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها وخصصوا قوله يوصيكم الله في اولادكم إيه الآية بقوله ينة لا يرث القاتل ولا الكافر منتعالى : المسلم ولا المسلم من الكافر ونحن معاشر الانبياء لا نورث واعترض ذلك بانهم لو كانوا اجمعوا على ذلك فاملخصص الاجماع وان لم يجمعوا على ذلك فلا دليل ورد بانهم اجمعوا على احكامها مستندين الى تخصيص العموم بها فصح الدليل قالوا :رد عمر بن الخطاب حديث فاطمة بنت قيس في انه ية لم يجعل لها سكنى ولا نفقة لما كان تخصيصا لعموم قوله تعالى «اسكنوهن من‏ ١٦٩١حي_ث سكننم» ولذلك قال عمر كيف فبانه اما تركه لترددهورداصدقت ام كذبتلا ندريامرأةربنا لقولكتابنترك فقد حكاهام كذبت واما تخصيصه بالقياساصدقتصدقها ولذلك قال لا ندري قوليه وبعضقديمفوابو هاشمالجبائيالاربعة وقالالائمةعنالحاجبابن الجلي لا بالقياس الخفي . العام بالقياس هي ان الصحابةةححصيصقال نور الدين والحجة لنا على صحة اختلفوا في تعيين سهم الجد في مسائل وكل واحد منهم بنى مذهبه على قياس لا على :قوله تعا لاية ‏ ١لكلا لة وهيلعمومخصصا لقيا ساتتلكوكل واحد مننص ان امرؤ هلك ليس له ولد وله اخ او اخت«يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة فلها نصف ما ترك الى اخرها فقال علي وابن مسعود ان الجد مع الاخت عصبته لعموم قوله تعالى فلها نصف ماترك فحكم بان لها النصف من مال كل أخ مات ولا ولد له وقال زيد بن ثابت بل الجد يقاسم الاخوات الى الثلث فان نقصت المقاسمة عن الثلث رد الى الثلث قياسا لحاله مع الاخت على حاله مع الاخوة فهذا القياس مخصص لعموم قوله تعال ان امرؤ هلك الآية وقال ابو بكر رضي الله عنه ف حد واخ لاب المال كله للجد قياسا على الاب وهذا القياس ايضا غخصص لعموم الآية . قال نور الدين ولذلك صور كثيرة مبنية على قياسات كلها غخصصة لعموم الآية فكان ذلك كالاجماع منهم على صحة التخصيص بالقياس وخالفت الحنفية في جميع ذلك فقالوا ان دلالة العلم على جميع افراده قطعية لاحتجاج اهل اللسان بالعمومات في احكام قطعية . قال نور الدين وينبنى على مذهب الحنفية في هذه القاعدة اشياء فمنها ثبوت الاعتقاد بدلالة العام ونحن تمنعه ومنها انه لا يصح تخصيص عندهم بالدليل الظني من خبر واحد او قياس لأن دلالة العام عندهم قطعية وكل واحد من خبر الاحاد والقياس دليل ظني ولا يترك الدليل القطعي للدليل الظني وزعموا ان المتأخر من العام ومن الخاص ناسخ لما قبله وذلك ان كل واحد من العام والخاص قطعي الدلالة عندهم فصح تناسخهيا ولا يحكمون بالتخصيص الا اذا تقارنا . ١٧٩٢ قال نور الدين وهذا كله مبنى على القول بقطعية دلالة العام ونحن تمنع ذلك باب العمل بالعام اعلم انه اذا ورد العام وعلم انه له شخصصا فلا يجوز الاخذ بعمومه حتى يبحث عن مخصصه فيلزم البحث عن المخصص المعلوم من اراد العمل بالعموم قبل الاخذ به اجماعا لئلا يخطأ في عمله بالعموم فيحكم بغير ما انزل الله تعالى واذا كان اللخصص غير معلوم لكنه محتمل فهل يمتنع العمل بالعموم قبل البحث عن خصصه قال المروزي وابو سعيد وابو العباس لا يجوز التمسك بالعموم قبل البحث عن اللخصص بل لا بد من الاستقصاء في طلبه ونسبه صاحب المنهاج الى الاكثر من الاصوليين وذهب الصيرفي الى جواز العمل قبل البحث عن المخصص واحتج على جواز ذلك بان الرسول ية كان يوجه اصحابه الى الاقطار ويأمرهم بالعمل بما قد عرفوه من الكتاب والسنة من عموم او خصوص ولا يأمرهم بالبحث عن مخصص ولا ناسخ . قال نور الدين وصحح البدر هذا المذهب وقال وهو قولنا وقول اصحاب الظاهر واحتج المانعون للعمل بالعموم قبل البحث عن المخصص بان المقتضي للعموم هو الصيغة المجردة ولا يعلم التجرد الا بعد البحث ورد الظاهر من الصيغ البقاء على العموم لانه الاصل واجراؤ ه عليه اولى وقال قوم بحب العمل باقل ما يتناوله العموم وهو الثلاثة في الجمع مثلا لأن اقل ما يتناوله اللفظ هو المتحقق عندهم ارادته من اللفظ فيجب اجراء العموم فيه عند اطلاقه لتحقق ارادته ولا يحتاج وجوب العمل به الى بحث عن المخصص ويتوقف فييا عدا ذلك الاقل حتى يعلم هل هو مراد من لفظ العموم أو غير مراد وذلك ان ما عدا الاقل غير متحقق ارادة دخوله تحت العام . ١٩٣١ قال نور الدين لا نسلم تحقق ارادة دخول اقل مدلول اللفظ لاحتمال ان يكون قد خرج بعض ذلك المخصص ولو سلمنا ذلك لقلنا ان ارادة اقل مدلول العام واكثره من لفظه سواء فتحقق عدم ارادة الاقل واللفظ العام اما ان يرد ابتداء اي بلا سؤ ال ولا سبب واما ان يرد بعد سؤال وسبب فان ورد ابتداء فحكمته انه عام اجماعا واذ ورد بعد سؤ ال أو سبب فاما ان يكون ذلك السؤ ال أو السبب عاما او خاصا فان كان عاما كهل الماء طاهر فجوابه العام عام مثله بلا خلاف بين الاصوليين وان كان السؤال او السبب خاصا فاما ان يكون الجواب مفتقر الى السؤال او السبب كهل عليك لي مائة درهم فيقول نعم واليس لي عليك كذا فيقول بلى فنعم وبلى جواب غير مستقل بنفسه فحكمه حكم السؤال من عموم او خصوص وكذلك حكم السبب وان كان لفظ العموم مستقلا عن السؤ ال والسبب فحكمه عندنا وعند الجمهور انه عام والسبب الخاص لايخصصه وذلك نحو قوله عفيه وقد سثل عن بير بضاعة فقال خلق الماء طهورا لا ينجسه إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه ونحو قوله علك وقد سئل عن شاة ميمونة وقد ماتت أينتفع باهابها فقال ايما اهاب دبغ فقد طهر فعموم الحديثين لا يقصر على سببهما وهو بئر بضاعة في الأل وشاة مسمونة في الثاني وهو معنى قولهم لا عبرة بخصوص السبب مع عموم اللفظ وقيل أن خصوص السبب معتبر وأن عموم اللفظ مقصور عليه وخصص به . قال نور الدين والمذهب الاول هو الصحيح قال والحجة لنا وللجمهور على ذلك وجوه اجدها ان الدليل انما هو اللفظ لا السبب واللفظ عام فلا تخرجه اخصية السبب عن عمومه .ثانيها ان الصحابة استدلوا بآية السرقة على قطع كل سارق وهي نزلت في سرقة المجن او رداء صفوان على اختلاف الرواية وثالثها ان آية الظهار نزلت في سلمة بن صخر واية اللعان نزلت في هلال بن امية ولم تقصر على سببها والله اعلم . باب فييا اختلف في عمومه اذا ورد الفعل مثبتا فلا يعم جميع متعلقاته وان كان متعديا مثلا وذلك نحو قول الراوي صلى رسول الله يتداخل الكعبة او بعد غيبوبة الشفق او جمع في السفر فلا _ ١٩٤ .لا يعم ا لحجمعينوكذ لكوا لنفل ولا ‏ ١لشفقبن‏ ١لفرضيعم تمة الفعل فانه يعم قال وهو ضعيف لان حةبعضوقالنور الدينقال حكم النكرة ولا قائل بعموم النكرة المثبتة الاعند من يجعل المطلق عاما والصواب انه حملة افراد فذلك التناول اما هو باعتبار البدلية لاالخاص كا تقدم وان تناولنو ع من الاستغراق كيا في العام اما تكرار الفعل فمستفاد من قول الراوي كان يجمع كقولهم امته فبدليل خارجيلفظ الفعل واما دخولالضيف اي لا من عمومكان حاتم يكرم لا من لفظ الفعل ايضا وذلك الدليل اما قول نحو صلوا كيا رأيتموني اصلى وخذوا او بقوله تعال لقداو عمومعني مناسككم او قرينة حال كوقوعه بعل احمال او اطلاق الفعل الليتبعموماحتج القائلونالله اسوة حسنة او بالقياسرسولكان ذلكم ف لكلك .سهى فسجد وا ما انا فا فيض الماء لثبوت حكم ‏ ١لسجودعنهبنحو ما ر وي .وافاضة الماء لكل متوضصالصلوةفساه قال نور الدين عمومه بما مر من القرائن لا بلفظ الفعل فصح انه مثل صلى قولبخلافالعموم ا ل :لفظيالمثبتة لا يقيةقتضيالافعالداخل الكعبة ونحو من الصحابي نهى رسول الله يلة واله عن بيع الغرر وقضى بالشفعة للجار فانه عام لكل واذا وقع الفعل منفيا نحو ما فعلت ولا 1غرر ولكل جار حيٹ رواه عدل عارف ‏ ١لفعل ‏ ١مليتفذعلت بخلاففذعلت ولا تفعل وهل‏ ١نومثلهمفعولاتهففهو عام وذلك ان حقيقة الفعل في حكم النكرة تعم في مقام النفي ولا تعم في مقام الاثبات وكذلك الفعل فان معنى قول القائل ما ضربت اي ما اوقعت ضربا فضرب نكرة وكذا سائر الامثلة . قال نور الدين وهذا قول اكثر الاصوليين واحتجوا عليه بصحة قبول الفعل المنفي التخصيص نحو ما اكلت الا تمرة وقبولالتخصيص دليل العموم وقال ابو حنيفة لا يعم فلا يصح تخصيصه وجوز قتل ا لمسلم بالذ مي ونحن منعه لحديث لا يقتل مسلم بكافر والنفي يكون تارة حقيقيا كيا في قولك لا اضرب ولن اضرب وذلك ما اذا اذا كان النفي بالحروف الموضوعة له وتارة يكون حكميا كالنهى من نحو قولك لا تضرب فانه لم يوضع لنفس النفي وانما وضع لطلب ترك الفعل فاستلزم طلب الترك . ١٩٥ نفي وجوده فكان نفيا حكميا وان كانت حقيقته غير ذلك وكالشرط المثبت من نحو قولك ان ضربت فعلى كذا وان قتلت مسليا فعليك القصاص اذ المعنى لا اضرب احدا فان ضربت كان علي كذا ولا تقتل مسليا فان قتلته قتلت بهأماالشرط المنفي من نحو قولك لئن لم اضرب رجلا فعلي كذا فهو خاص لانه يقعل على فرد من افراد الرجال ويبر بضربه مثلا او كالاستفهام الانكاري من نحو قوله تعالى ومن يغفر الذنوب الا الهمه اي لا يغفرها احد غيره تعالى واذا خاطب المخاطب غيره بكلام عام دخل تحته المخاطب وغيره نحو قوله تعالى وهو بكل شيء عليم فذاته تعالى داخلة تحت كل شيء فذاته تعالى معلومة له عز وجل ونحو من احسن اليك فاكرمه فاللخاطب بهذا الكلام داخل تحت هذا الحكم الا اذا منع من دخوله مانع من عقل او نقل نحو قوله تعالى خالق كل شيع فالعقل يمنع من دخوله تعالى تحت هذا الحكم لانه لا يصح ان يكون مخلوقا تعالى عن ذلك واذا توجه خطاب الشارع الى واحد مفرد نحو افعل كذا يا زيد واترك كذا يا عمرو فلا يتناول هذا الخطاب بنفس هذه الصيغة غير ذلك المخاطب بعينه لكن يقاس عليه من عداه اذا ظهرت علة الحكم فيه وقيل انه يعم غير المخاطب ايضا . قال نور الدين واختار البدر الشماخي انه يعم بدليل لا بنفسه نحو حكمي على الواحد حكمي على الجماعة احتج القائلون بعموم خطاب الفرد لغيره بوجوه منها قوله تعالى وما ارسلناك الا كافة الناسهه وقوله صلى الله عليه وسلم بعثت الى الاسود والاحمر فاقتضى ان خطابه للبعض خطاب للكل الا مخصص ومنها ان قوله صلى اله علسه وسلم حكمي على الواحد حكمي على الجماعة يدل على عموم المفرد لغيره معه ايضا ..خطاب قال نور الدين واجيب عن الوجه الاول بان المعنى في الآية والحديث انه ارسل ليعرف كل احد يما يختص به ولا يلزم اشتراك الجميع والجواب عن الوجه الثاني ان ذلك الحديث دليل عليكم لا لكم فانه لو كان خطاب المفرد عاما لما كان لسياق هذا الحديث معنى لكنه غير عام فلذا احتيج الى بيان اجراء الحكم وكذا ما خاطب به ١٩٦ النبي ية في زمانه لا يشمل من بعدهم الا بدليل من اجماع او قياس او نص فنحو يا ايها الناس خطاب للموجودين في زمانه صلى الته عليه وسلم ولا يتناول من بعدهم الا بدليل يدل عليه نحو يا ايها الناس اتقوا ربكم فالامر بالتقوى دليل على ان المراد بالناس جميع من انتهى اليه الخطاب ممن وجد في زمان الخطاب وممن يأتي من بعدهم ولا يمتنع خطاب المعدوم على تقدير وجوده بواسطة من يبلغه الخطاب اذا وجد وانما الممتنع خطاب المعدوم في حال كونه معدوما وهذا هو مذهب اكثر الاصوليين ‏٨ وقالت الحنابلة انه عام هم ولمن سيأتي من بعدهم . قال نور الدين ذلك بدليل آخر غير الخطاب من اجماع او غيره من نصر او الصبييا ايها الناس وايضا اذا امتنع فلانا نقطع انه لا يقال للمعدومينقياس ا لصلوةمتوجها لنبينا عليه‏ ١لشرعيا لخطاباجدر واذا وردفالمعد ومونوا لمجنون والسلام وخاصا به نحو لئن اشركت ليحبطن عملك يا ايها النبي يا أيها المزمل يا ايها المدثر فلا يعمنا معشر الامة معه بطريق الوضع لانه خطاب مفرد ولا يتناول خطاب نحو ذ لكبعمومقضى‏ ١لشرعي‏ ١لعرففقيل ‏ ١ن‏ ١لشرعجهةمعه وا ما منغيره‏ ١لمفرد الخطاب بدليل نحو قوله تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة الاية . قال نور الدين وعلى هذا فيجب على اتباعه يلة امتثال ما خوطب به نحو لئن اشركت ليحبطن عملك الا ما قام الدليل على انه خاص به من دونهم كنافلة لك المحققين منالخاص به لا يعم اتباعه معه هو قوللك والقول ان الخطابوخالصة الاصوليين ‏.٥ به تينالخاصالخطابانالاحمد بن حنبل وغيرهوذهبقال نور الدين الأقتداءعلى ذلك بوجوه منها انه اذا قيل لمن له منصباتباعه واحتجوامعيعمه فهم لغة انه امر لاتباعه معه وكذلك يقال فتح الملكالعدو ونحوهلمناجزةاركب موضع كذا والمراد مع اتباعه ومنها ان يا ايها النبي اذا طلقتم النساء يدل عليه لانه .لهمنداءنداءهالجميع فاقتضى انثم خاطبوحدهناداه ١٩٧ قال نور الدين واجيب عن الاول بانه لا نسلم ان اتباعه مقصودون معه في ذلك سلمنا فانه انما فهم ذلك لأن المقصود متوقف على مشاركتهم له في ذلك بخلاف ما نحن فيه واجيب عن الوجه الثاني بانه انما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم اولا للتشريف ثم خوطب الجميع واعلم ان مفهوم الخطاب ليس هو من الالفاظ فلذا نفى قوم عمومه لان العموم والخصوص عندهم من العوارض الخاص بالالفاظ دون المعانى . قال نور الدين ونحن لا نسلم خصوصيته بالافاظ بل نقول انه يكون في المعاني ايضا كيا سيأتي في اخر الباب لكن الغرض انما هو بيان العام والخاص من الالفاظ لأن غالب الادلة الشرعية الفاظ حتى نفى بعضهم الاستدلال بغير الالفاظ منها كمفهوم المخالفة مثلا لكن لما عول اكثر العلماء على جعله دليلا احتيج الى بيان حكمه كغيره قال فالحكم عندنا في مفهوم الخطاب مطلقا كان من باب الموافقة او المخالفة انما هو عمومه فيما عدا المنطوق به قال البدر الشماخي والصحيح ان مفهوم الموافقة والمخالفة يثبت بهي الحكم في جميع ما سوى المنطوق به من الصور وهو جميع معنى العموم نحو في سائمة الغنم الزكوة فيفهم منه نفي الزكوة عن المعلوفة وغيرها اي مما ليس بسائمة وكذلك مفهوم قوله تعالى لولا تقل ليا اف“ه عام لجميم ما يكون مؤذيا وكذلك مفهوم قوله تعالى هان الذين يأكلون اموال اليتامي ظليامه عام لجميع انواع الاتلافات مما عدا الاكل واذا علق الشارع حكيا من الاحكام في واقعة شخصية على علة معلومة ان ذلك الحكم يكون تابعا لتلك العلة وان تلك العلة تكون عامة لجميع افراد معلولاتها ومتناولة لجميع صورها قياسا لها على تلك الواقعة وذلك نحو قوله يي في قتلى احد زملوهم في ثيابهم بكلومهم ودمائهم فانهم يحشرون واوداجهم تشخب دما وقله ية في اعراي مات محرما لا تخمروا رأسه ولا تقربوه طياب فانه يحشر يوم القيمة ملبيا فحكم كل مسكر في التحريم حكم الخمر لعموم الاسكار له وحكم كل شهيد في التزميل بالثياب التي عليه حكم شهداء احد لعموم الوصف الذي علق به هذا الحكم لجميع الشهداء وهو كونهم يحشرون واوداجهم تشخب دما وحكم كل من مات محرما في منع تقريبه الطيب حكم ذلك الاعرابي لعموم ذلك الوصف وهو انه _ _ ١٩٨ قال نور الدين وهذا القول هو قول كثير من المحققين قال وميل بل يعم من جهة اللفظ ومن جهة القياس وقال الباقلاني لا عموم فيه لا من جهة اللفظ ولا من جهة القياس والصحيح القول الاول واذا حكى الصحابي العدل العارف بالالفاظ حكاية عن النبي ية انه فعل كذا او امر بكذا او نهى عن كذا بلفظ عام من الصحابي فانه يحكم بعمومه وذلك نحو قول الصحابي نهى رسول الله ية عن بيع العزر وقضى بالشفعة للجار فانه عام لكل غرر وكل جار حيث رواه عدل عارف كذا قيل وهو الصحيح واستظهره البدر الشماخي وقيل لا يعم . قال نور الدين ونسبه البدر والتفتازاني الى الاكثر واذا خصص اللفظ العام اطلق على ما بقي من افراده مجازا كاقتلوا المشركين فانه اخرج منه اهل الذمة فلا يقتلون فبقي لفظ المشركين مقصورا على اهل الحرب منهم وهو مجاز فيهم هذا قول الاكثر من الاصوليين وقال بعض الشافعية والحنفية بل هو حقيقة فيما بقي وقيل ان خص متصل وهو الشرط والاستثناء والصفة والبدل فحقيقة والا فمجاز وقيل ان فحقيقة والا فمجاز .بدليل لفظيخصص قال نور الدين والحجة لنا على انه مجاز في الباقي بعد التخصيص هي ان لفظ العموم وضعه اهل اللغة للاستغراق والشمول فاستعاله في غير ذلك انما هو استعمال اللفظ قي غير ما وضع له وذلك هو المجاز كيا سيأتي تحقيقة موضحا واختلف في جواز التمسك بالعموم المخصص وجعله حجة في افراده الباقية بعد التخصيص على مذاهب المختار منها ما عليه الجمهور وصححه البدر من انه يكون حجة ودليلا في ذلك الباقي الا اذا خص بلفظ مجمل نحو هذا العام خصوص أو هذا العام يراد به الخصوص فهذا لفظ مجمل لانه لم يعلم به قدر المخصص من العام فبقي العام ايضا في حكم المجمل لأنه منه والمجمل لا يعلم المراد به الا ببيان فلا يكون العام في هذه الصورة حجة ودليلا قال بعضهم اتفاقا . العموم منبئا عنان كان لفظالبصريقال نور الدين وقال ابو عبدالله اللخصص قبل ورود المخصص فحجة في ذلك الباقي والا فلا وقال البلخي ان خص _ ١٧٩٩ بمتصل فحجة والا فلا لانه صار مجملا وقيل حجة في اقل الجمع على الرائين من انه ثلاثة او اثنان لانه لا يصح تخصيصه الى اقل من ذلك فيحتمل ان يكون ما فوق ذلك غير مراد بعد التخصيص فيسقط التمسك به فيا فوق ذلك لهذا الاحتمال . قال نور الدين هذا احتمال غير ناشيء عن دليل فلا يلتفت اليه وجعله حجة في اقل الجمع خاصة تخصيص بلا مخصص قال والاصح من هذه الاقوال كلها هو القول الاول وهو انه حجة في الباقي بعد التخصيص مطلقا اي ما لم يخصص مجمل وان كثيرا من الصحابة قد استدلوا بالعمومات المخصصة ولم ينكر عليهم سائر الصحابة في ذلك فهو اجماع على صحة الاستدلال به والله اعلم . باب المشترك المشترك بفتح الراء اللفظ الذي اشترك فيه معنيان فصاعدا . .قال نور الدين اللشترك هو لفظ دل على شيئين فصاعدا بوضعه لكل واحد من الشيئين او الاشياء وضعا مستقلا من غير نقل له عن معناه السابق وحاصله ان المشترك هو ما نكرر فيه الوضع بحسب معانيه من غير امال لبعضها ويكون .اسيا كالقرء للطهر وللحيض وفعلا كعسعس لأقبل وادبر ويكون حرفا قال بعضهم كمن الجارة تكون للتبعيض وللابتداء ولغيرهما من معانيها فخرج بقوله بوضعه لكل واحد من الشيئين وضعا مستقلا المفرد خاصا كان او عاما اذ ليس فيه تعدد الوضع وخرج بقوله من غير نفل ما كان من الالفاظ منقولا من معنى الى معنى اخر سواء كان بين المعنيين المنقول منه والمنقول اليه مناسبة او لم يكن كان النقل اصطلاحيا كصخر عليا على رجل منقول عن الحجارة وكفرج عليا على عبد مثلا منقول عن اسم مصدر او مرتبلا لأن المرتجل منقول لغوي لانه مستعمل في غير ما وضع له لا لعلاقة بينهيا والمشترك حقيقة في كل واحد من معنييها وفي معانيه المتعددة كالعين حقيقة في الباصرة وفي الذهب وفي عين الماء الجارية الى غير ذلك بخلاف المجاز فانه انما يكون حقيقة في شيء واحد من معنييه الموضوع له والمستعمل فيه لعلاقة بقرينة وححكم المشترك اذا اطلق ولم يدل ٢٠٠ دليل على ان المراد به شيء من معانيه حكم المجمل وهو التوقف عنده فلا يحمل على شيء من معانيه لان حمله على بعضها مع احتمال ان يكون البعض الآخر هو المراد احتمالا مساويا ترجيح بلا مرجح وان حمله على جميع معانيه لا يصح . قال نور الدين رحمه الله اعلم ان الاصوليبن اختلفوا في صحة اطلاق المشترك على معنييه او معانيه فى استعمال واحد فذهبت الحنفية وبعض اصحابنا الى انه لا يصح ذلك اصلا وقال بعض الشافعية يصح اطلاق المشترك على معنييه او معانيه مطلقا اي سواء استعمل في حقيقتيه نحو تربصي قرء اي طهرا وحيضا ام في جاريه او حقيقته وجازه نحو لا اشتري ويراد السوم وشراء الوكيل او الشراء الحقيقي والسوم وقال بعض المعتزلة والباقلاني من الاشعرية يصح حقيقة ان صح الجمع بينهما في ارادة واحدة كالعين للباصرة وللذهب لا اذا لم يصح الجمع بينهيا في ارادة واحدة كافعل للوجوب والندب عند القائلين بالاشتراك بينهما وقال ابن الحاجب وغيره واختاره البدر من اصحابنا انما يصح اطلاق المشترك على كلا معنييه مجاز لا حقيقة قال وكذلك مدلول الحقيقة والمجاز يصح ان يراد باللفظة مجموعهيا مجاز وذهب بعض الاصوليين الى الوقف لما حصل معهم من التعارض بين الادلة وقيل يجوز لغة ان يراد به المعنيان في النفى لا الاثبات فنحو لا عين عندي يجوز عند هؤلاء ان يراد به الباصرة والذهب مثلا بخلاف عندي عين فلا يجوز ان يراد به عندهم الا معنى واحدة قالوا وزيادة النفي على الاثبات معهودة كيا في عموم النكرة المنفية دون المثبتة . قال نور الدين رحمه الله والقول بالمنع من اطلاق المشترك على معنييه او معانيه حقيقة ومجازا او مفردا او جمعا هو الصحيح عندنا قال ووجه تصحيحنا للمنع مطلقا هو ان المشترك دال على موضوعه بالوضع المتكرر اي لم يدل عليه بوضع واحد فان العرب مثلا وضعوا لفظ العين مرة للباصرة ووضعوه اخرى للعين الجارية واخرى للذهب ونحو ذلك ولم يضعوه لجميع هذه المعاني بوضع واحد فاطلاقه على جميعها بلفظ واحد خلاف ما عليه الوضع العربي ومخالفة الوضع العربي ي اللغة لا تصح لأن استعمال الكلمة تابع لوضعها الاصلي بمعنى انه لا يصح استعمالها حقيقة في غير ما وضعت له ولا مجازا بغير علاقة ومحل النزاع في ذلك هو ما اذا فقدت علاقة المجاز بين ٢٠١ معاني المشترك اما اذا وجدت العلاقة بينهما وصح ان يراد المعنيان فانه يصح حينئذا ان يطلق على معنييه مجازا كان مفردا او جمعا وذلك نحو قوله تعالى « ان انته وملائكته يصلون على النبيه والصلوة مانلله رحمة ومنالملائكة استغفار والعلاقة بينها ان الرحمة التى هي صلوة الله على نبيه سبب لحصول الاستغفار من الملائكة وقيل ان الصلوة في الآية من قبيل المتواطىء ومن ذلك قوله تعالى ولله يسجد من في السموات ومن في الارضه الآية على ان السجود من الناس معروف ومن غيرهم ما علم الله تعالى وقيل ان السجود في الآية من باب المتواطىء ومن ذلك قول الحريري : لبه فانثنى بلا عينيناخذ الشيخ عينه وفتاه والعلاقة في الآية الاخيرةوفي بيت الحريري المشابهة لأن السجود من غير العقلاء مشابه للسجود من العقلا في صفة الانقياد والاذعان وعين الذهب مثلا مشابهة للعين الباصرة في صفائها . قال نور الدين واختلف الناس في وجود المشترك فقال الاكثر من الاصوليين وغيرهم انه موجود في اللغة العربية ومنقول عن العرب وقال تعلب من النحااة والابهري من اللغويين والبلخي من المتكلمين انه ليس في الالفاظ ما وضع لمعنيمن فصاعدا مطلقا اي وان جاز وقوعه ل يقع ذلك في لغة العرب قالوا وما يظن انه مشترك فهو اما حقيقة أو مجاز او متواطىء كالعين حقيقة في الباصرة مجاز في غيرها كالذهب لصفائه والشمس لضيائها والقرء موضوع للقدر المشترك بين الحيض والطهر وهو الجمع من قراءت الماء في الحوض اي جمعته فيه والدم يجتمع في زمن الطهر في الجسد وفي زمن الحيض في الرحم وقال قوم بوجوده في اللغة ووقوعه من العرب لكن منعوا وجوده في القران العظيم خاصة ومنعه آخرون في القرآن والحديث ايضا قالوا لو وقع في القرآن لوقع اما مبينا فيطول بلا فائدة او غير مبين فلا يفيد والقرآن منزة عن ذلك ومن نفى الوقوع في الحديث يقول بمثل ذلك واجيب بانه وقع فيهما غير مبين ويفيد ارادة احد معنييه وهو الذي سيبين مثلا وذلك كاف في الافادة والله اعلم . ٢٠٢ باب الجمع المنكر ا لجمع المنكر هو لفظ دل بوضعه على كثير غير محصور بغير استغراق لكل فرد العام .وبقوله بغير استغراقالخاصبقوله لكثير غير محصورافراده فخرجمن قال نور الدين والحاصل ان الفرق بين العام والجمع المنكر هو ان العام يستغرق جميع افراد مدلولاته وان الجمع المنكر يتناول جموع الافراد من غير استغراق لكل فرد من افراده قال فلذا استظهرنا انه لا عموم فيه قال وهو القول الاشهر عند الاصوليين قال وقال ابو علي والحاكم بل هو عام واستدلوا على ذلك بثلاثة وجوه وقد اجيب عنها كلها وحكم الجمع المنكر انه لا يشمل القليل من مدلولات مسمياته فيمن حلف بالله لا يقيم في هذا المكان اياما فاقام يوما او يومين فلا حنث عليه لعدم شمول استغراق الجمع المنكر لجميع افراده واللهالايام لليوم واليومين وهو معين عدم اعلم . باب التخصيص التخصيص هو ا خراج بعض ما يتناوله لفظ ا لعموم بل ليل حرج له عن دخوله . تحت تناوله وذلك الدليل المخرج اما لفظ وارد عن الشارع ف الكتاب او ف الحديث التخصيص بالكتابواما غمر لفظ والمراد به العقل والاجماع والقياس والتقرير فمٹال ما لا 1كل وا د مهيمون وا نهم يقولون‏ ١ل ترا ‏ ١خموا لشعرا ء يتبعهم ‏ ١لغاوونقوله تعال يفعلون الا الذين آمنوا الآية فاخراج الذين آمنوا تخصيص لعموم لفظ الشعراء ومثال فاخراج العالمينالناس كلهم هلكى الا العالمونالتخصيص بالحديث قوله ن تخصيص لعموم لفظ الناس ومثال التخصيص بغير اللفظ قوله تعالى خالق كل شنيء الاية فبقيت الآيةهذهمن عمومذاته تعالبخروجالعقل قضىفان عخصصة بالعقل وهو غير لفظ ثم ان المخصص المعنوي لا يكون الا منفصلا عن ا لعام خالقالاحيان كا فبعضقوة المتصل او اقوى منه فاللخصص وان كان بعضه ف أ مخصص كا فتارة متصلا با لعموم‏ ١للفظي فانه يكونشي ء وا ما ا مخصصكل _ ٦٢٠٢٣ الاستثناء والشرط والصفة والغاية ويدل البعض وتارة يكون منفصلا عنه اى غير متصل بلفظه وان قارنه في النزول والورود فانهم اصطلحوا على تسمية ما عدا الخمسة الت في الاستثناء وما بعده المنفصل مثال الشرط اكرم الرجال ان جانبوا الاطماع فالرجال عام وقوله ان جانبوا الاطماع تخصيص له فمن لم جانب الاطماع من الرجال لا يدخل تحت هذا الحكم ومثال الوصف نحو اكرم الرجال العلماء نفالعلماء وصف تخصص لعموم الرجال فيخرج الجاهل اذ لا علم معه ومثال الغاية قاتلوا البغاة حتى يرجعوا عن بغيهم فقوله حتى يرجعوا عن بغيهم غاية مخصصة لعموم لفظ البغاة فمن رجع منهم عن بغيه لا يدخل تحت حكمهم ومثال بدل البعض اكرم العرب بني تميم فبنو تميم بدل بعض من العرب مخصص لعموم لفظه فمن لم يكن من بني تميم فلا يدخل تحت ذلك الحكم ومثال الاستثناء المتصل اكرم الرجال الا الظالمين فقوله الا الظالمين استثناء من الرجال مخصص له فالظالمون من الرجال اخرجوا من حكم الاكرام وسبب ذلك ان الاستثناء من الكلام المثبت يفي ومن الكلام المنفي اثبات فقول القائل جاء الرجال الا زيدا فزيد منفي عنه حكم المجيء فكأنه قال جاء الرجال وزيد لم يجيء ونحو ما جاء احد الا زيد فزيد مثبت له حكم المجيع . قال نور الدين هذا قول اكثر المحققين قال وقال ابو حنيفة ليس الاستثناء من النفي اثباتا ولا نفيا وانما يكون المستثنى عنده في حكم المسكوت عنه اي بمنزلة الشيء الذي لم يتعرض لذكر الحكم له باثبات ولا ينفي ولا يجوز فصل الاستثناء عن اصله الذي هو المستثنى منه بمعنى انه لا نصح تراخي المستثنى عن المستثنى منه . قال نور الدين هذا قول اكثر العلياء قال وقال قوم بجواز تراخيه وهو المروي عن ابن عباس ثم اختلف القائلون بجواز تراخيه فقال بعضهم انما يجوز ذلك الى سنة فقط وقيل الى شهر فقط وقال مجاهد بل يجوز ذلك الى سنتين وقيل يجوز في العمر كله وقال عطاء والحسن البصري انه انما يجوز ذلك مادام في المجلس فقط وقال قوم لا يصح ذلك الا في كلام الئه تعالى وقيل ان نوى الاستثناء حال التكلم جاز التراخي وصح له استثناؤ ه وان لم حال التكلم فلا يجوز وقال سعيد بن جبير انه يجوز ذلك الى اربعة اشهر اي وان لم ينو وقيل ان لم يأخذ في كلام آخر جاز والا فلا . _ _ ٢.٤ قال نور الدين رحمه الله والمنع من تراخي الاستثناء مطلقا هو القول المختار الا اذا الجاه الاضطرار الى تراخيه وذلك كيا ادرك المتكلم نفس او عطاس او بلغ ريق او نحو ذلك فان الفصل بهذه الاشياء ونحوها لا يعد تراخيا لانه في حكم المتصل اذا لم يفصله باختيار . قال نور الدين وحجتنا على المنع مطلقا هي انه لو صح تراخيه لما جاز لنا ان نقطع بمضمون جملة اصلا ولما قال يلة فليكفر عن يمينه لأن الاستثناء اسهل من التكفير وكذلك جميع الاقرارات والعتق والطلاق ولانه يؤدي الى انه لا يعلم صدق ولا كذب واحتج القائلون بصحة التراخي بوجهين احدهما قوله يلة والله لأغزون قريشنا ثم سكت وقال بعده ان شاء الله وثانيهما ان اليهود سألوا رسول الله ية عن لبث اهل الكهف فقال غدا اجيبكم فتأخر الوحي بضعة عشر يوما ثم نزل قوله تعالى ولا تقولن لشيع اني فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله فقال مية بعد نزول الوحي ان شاء الله واجيب عن الأحتجاج الأول بانه يحتمل ان يكون سكوته يلة لعارض من سعال او نحوه جمعا بين الأدلة وعن الاحتجاج الثاني بان قوله يلة بعد نزول الوحي ان شاء الله ليس استثناء لكلامه الاول وانما هموسارعة في الامتثال واعلم ان المستثنى اما ان يكون مستغرقا للمستثنى منه نحو عندي عشرة الا عشرة وهو منو ع اتفاقا لانه من العبث الذي لا فائدة مغه فلا يكون له في الحكم اثر فمن اقران عليه عشرة الا عشرة تثبتت عليه العشرة كلها والغى الاستثناء قال الرازى والامدي اجماعا ونقل القرافي عن المدخل لأبن طلحة فيمن قال لامرأته انت طالق ثلاثا الا ثلاثا انه لا يقع عليه طلاق في احد القولين . قال نور الدين وهو باطل قطعا لمخالفته الاجماع المنقول واما ان يكون اقل من المستثنى منه نحو عندي عشرة الا ثلاثة وهذا جائز اتفاقا واما ان يكون مساويا للمستثنى منه نحو عندي عشرة الا خمسة او اكثر من المستثنى منه نحو عندي عشرة الا سبعة وفي هذين الموضعين وقع النزاع بين العلماء فقال الاكثر من الاصوليين والنحويين استثناء الاكثر جائز وقالت الحنابلة لا يجوز ذلك وقال الباقلاني ولا يصح استثناء المساوي ايضا وانما يجوز عندهم استثناء الاقل فقط وقيل انما يمتنع حيث العدد ٢.٥ صريح كيا في الأمثلة المتقدمة بخلاف ما اذا لم يكن العدد صريحا توهم اكرم الناس الا الجهال لكن الجواز في المساوىء والاكثر هو المعتمد عليه عند الاصوليين قال نور الدين والحجة لنا على جوازه انه لم تمنعه لغة ولا شرع ولانه قد وقع والوقوع فرع الصحة بيان انه قد وقع قوله تعالى الا من اتبعك من الغاوين والمعلوم ان العاصين اكثر من المطيعين وقد ورد ايضا في قوله تعالى وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي طفر ومن الغنم:والبقر حرمنا عليهم شحومهي الا ما حملت ظهورهما الى خر الآية فخرج بهذا الاستثناء اكثر الشحوم كيا ترى وايضا فان فقهاء الامصار مجمعون على انه لو قال على عشرة الا تسعة لم يلزمه الا درهم ولولا ظهوره لما اتفقوا عليه عادة واذا وقع الاستثناء بعد جمل معطوف بعضها على بعض نحو اكرم الانصار واعط السائل الا رجلا مجادلا فاحكم بانه عائد لجميعها الا اذا اقام دليل يمنع من ذلك فقوله الا رجلا مجادلا مستثنى من الانصار ومن السائل ايضا فمن رأيته متصفا بالجدال من الانصار وممن سألك فلا تدخله في الاكرام ولا في الاعطاء وقالت الحنفية هو عائد لها الجملة الاخيرة وقيل غير ذلك . قال نور الدين رحمه الله واصح الاقوال القول الأول وهو ان الاستثناء عائد لجميع الجمل الا لقرينة تصرفه عن ذلك قال وهنو القول الذي صححه البدر الشماخي وحكاه عكرمة عن ابن عباس وهو قول ابي عبيدة والعامة من فقهاعنا . قال نور الدين واعلم انه لا خلاف في رجوعه الى الاخيرة ولا الى الجميع مع القرينة وانما الخلاف في الرجوع عند عدم القرينة قال وثمرة الخلاف تظهر في آية القذف وهي قوه تعالى والذين يرمون المحصنات الى قوله ولا تقبلوا لهم شهادة ابدا واولئلك هم الفاسقون الا الذين تابوا هل يعود الاستئناء الى قوله واولئك الفاسقون فقط فلا تقبل شهادة القاذف وان تاب ام يعود الى الجميع فتقبل شهادة من تاب قال والحجة لنا على من منع رجوع الاستثناء الى جميع الجمل المتقدمة ان التشريك بالعطف صيرها كالجملة .الواحدة ولأن العطف رابط وايضا فالاستثناء في ذلك ٢٦ كالشرط وكالاستثناء بمشيئة الله تعالى وقد ثبت انه اذا قال القائل والله لا اكلت ولا شربت ولا ضربت ان شاء الله او الا ان يشاء الله عاد الى الجميع اتفاقا وايضا فقد ذكر سعيد بن المسيب ان عمر رضي الله عنه قال للذين شهدوا على المغيرة حين جلدهم من رجع منكم اجزنا شهادته ثم تلا الآية وايضا لو اشتثني عقيب كل جملة لعد عيبا واستهجانا من الكلام واحتج القائلون بانه عائد الى الجملة الاخيرة فقط بامور مننها انه لو رجع الى كل الجمل المعطوف عليها لرجع قوله تعالى الا الذين تابوا الى الجلد كيا رجع الى الشهادة والاجماع واقع على ان التوبة لا تسقط حد القذف واجيب ان الحد خرج عن ذلك بدليل خاص به وهو ان القذف حق لادمي فلا يسقط بالتوبة كغيره من سائر الحقوق فوجب هذا القياس قصره على ما بعده ونحن انما نقول بعودة الجميع مع عدم الدليل الصارف له عن ذلك وحكم الشرط والغاية والوصف حكم الاستثناء ما خلا الحكم الأول وهو ان الاستثناء من مثبت نفي وبالعكس . قال نور الدين فلا يصح عندنا تراخي الشرط عن المشروط ولا تراخي الغاية عن المغيا ولا الصفة عن الموصوف الا قدر تنفس او عطاس او بلع ريق وكذلك لا يصح ان يكون كل واحد من الشرط والغاية والصفة مستغرقالأاصله ويصح ان يكون اكثر منه او مساويا وحكم هذه الثلاثة ان وقعت بعد جمل معطوف بعضها على بعض حكم الاستثناء فهي عائدة عندنا الى الجميع عند التجرد عن القرينة والى الاخيرة عند قوم آخرين فمثال الشرط الواقع بعد جمل هذا حر وانت طالق ان جاء زيد مثلا فقوله ان جاء زيد قيد للتحرير وللطلاق فهو عائد الى الجملتين ومثال الغاية علم القران وأفت السائل وامر بالمعروف حتى ارجع اليك فقوله حتى ارجع اليك حد ينتهي اليه كل واحد من التعليم والافتاء والامر فهو عائد الى جميعها ومثال الصفة اكرم الرجال واعط الزيدين القادمين اليك فصفة القادمين اليك عائدة الى الرجال والى الزيدين لا يقال ان الصحابة لم يحملوا قوله تعالى اللاتي دخلتم بهن على الجملتين قبلها وهي قوله تعالى وامهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاق دخلتم بهن فلم يعتبروا الدخول في تحريم ام الزوجة بل قالوا ابهموا ما ابهمه الله . _ ٢٠٧ قال نور الدين رحمه الله لانا نقول ان في الآية قرينة مانعة من عودها يوصف‏ ١لحملتين وكلا منا مع ا لتجرد عن ا لقرا ثن فبقي امهات نسائكم مبها ا ي بقيد يقيده فاجراه الصحابة على ابهامه والله اعلم . باب المخصص المنفصل اللخصص المنفصل انواع احدها تخصيص الكتاب بالكتاب اي تخصيص اية عامة باية اخرى اخص منها وذلك كتخصيص قوله تعالى والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء والآية شاملة لأولات الاحمال بقوله تعالى واولات الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن وقيل لا يخص الكتاب بالكتاب لقوله تعالى وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما انزل اليهم قالوا ففوض البيان الى رسوله والتخصيص بيان فلا يحصل الا بقوله قلنا بيان الرسول يكون تارة بقوله وتارة بما انزل اليه ووقوع تخصيص الكتاب بالكتاب كيا قدمنا مثاله دليل قاطم بصحة ذلك النوع الثاني تخصيص الكتاب بالسنة وهي اما ان تكون متواترة أاوحاد فان كانت متواترة فاما ان تكون قولية او فعلية فان الكتاب اتفاقا وان كانت فعلية أو احادية ففى تخصيصهاكانت قولية خصصت للكتاب الخلاف الآي ذكره النو ع الثالث التخصيص بخبر الآحاد وذلك كتخصيص اية المواريث بقوله صلى الله عليه وسلم القاتل عمدا لا يرث وكتخصيص عموم لخبر المتواتر وهو قوله ية فيما سقت السياء العشر بقوله ليس فيما دون خمسة او سق صدقة وقيل لا يكون خبر الاحاد حصصا للكتاب ولا للمتواتر من السنة النو ع الرابع التخصيص بفعله ية وذلك كيا اذا قال الوصال حرام ثم واصل او قال استقبال القبلة بالبول حرام ثم استقبل فان فعله يكون تخصيصا لهذا العموم ونسب هذا القول الى الشافعي وقال ابو الحسن الكرخي لا يكون مخصصا على ذلك المعنى المذكور بل يدل على تخصيصه وحده اذ فعله ية لا يتعده الا لدليل . قال نور الدين فالحجة لنا على ذلك قوله تعالى وابتعوه وقوله لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة فلما امرنا باتباعه والتاسي به في افعاله كانت افعاله كالخطاب _ ٢٠٨ به النوع الخامسلنا وايضا فقد اثبت انه وامته في الشرع سواء الا ما خص التخصيص بالتقرير وذلك نحو ان نظر ية من يفعل فعلا مخالفا لحكم العموم فاقره معني انه لم ينكر عليه ذلك وكان قادرا على الانكار وذلك نحو ان ينهي عن استقبال القبلة ببول او غائط ثم يرى من يستقبلها فلا ينهاه فانه يكون حصصا لذلك الفاعل من عموم هذا النهي فان تبينت علته حمل عليه موافقة بالقياس او بقوله صلى الته عليه وسلم حكمي على الواحد حكمي على الجماعة وان لم تتبين علته قال ابن الحاجب وتبعه البدر الشماخي بالمختار انه لا يتعدى لتعذر دليله وقيل بل يتعدى اذ لا دليل على الفرق قال صاحب المنهاج وهذا قول الجمهور وبعضهم لا يجيز التخصيص بالتقرير اذ لا ظاهر له واجيب بان سكوته صلى الله عليه وسلم دليل الجواز اذ لا تجوز منه السكوت على محظور ولكون تقريره ية حجة شروط نذكرها النوع السادس التخصيص بالمفهوم مثاله ان يقول ية في الانعام الزكوة ثم يقول في الغنم السائمة زكوة فيخصص به جمعا بين الدليلين . قال نور الدين فان قيل العام اقوى فلا يعارض المفهوم قلنا اذا كان مأخوذا به فالجمع بين الدليلين اولى كغيره النوع السابع تخصيص العموم بالقياس قال صاحب المنهاج مثال ذلك ان يقول الشارع لا تبيعوا الموزون بالموزون متفاضلا ثم يقول بيعوا الحديد كيف شئتم فيقاس النحاس والرصاص عليه بجامع الانطباع وذلك تحصل به التخصيص لعموم اللفظ الأول النوع الثامن التخصيص بالاجماع قال صاحب المنهاج ولا احفظ فيه خلافا الا لمن لا يجعل الاجماع حجة واما الجمهور فيثبتون التخصص به لانه دليل قطعي تارة وظني اخرى واذا اثبت التخصيص بالدليل الظني 11تقدم فالتخصيص بالاجماع ثابت قطعا اما حيث كان قطعيا فظاهر واما حيث كان ظنيا فليس هو بادنى حجة من التقرير ومن خبر الاحاد ومثال التخصيص بالاجماع تخصيص اية القذف باجماعهم على ان العبد القاذف يحد اربعين جلدة . قال نور الدين رحمه الله فهذه ثمانية انواع من المخصصات المنفصلة وسنذكر انواعا اخر هي اضعف من هذه الانواع منها اذا روى الصحابي حديثا يقتضي العموم _ ٢٠٩ في شيء ومذهبه في ذلك الشيء يقتضي تخصيص العام الذي رواه فان مذهبه في ذلك لا يكون عندنا حصصا لذلك الحديث قال هذا قول الجمهور وقالت الحنفية والحنابلة بل يخصص به قال وهو مقتضي مذهب بعض اصحابنا كاي اسحق رضي الله عنه ومثال ذلك ما روي عن ابن عباس ان النبي ينة قال من بدل دينه فاقتلوه وكان يرى ذلك في حق الرجال دون النساء فعند الجمهور ان العموم لا يخصص بمذهب راوية بل يبقى على عمومه فتقتل المرأة المرتدة لدخولها في العموم ومنها انه اذا ورد الدليل الشرعي عاما فلا يصح تخصيصه بعادة المخاصين مثال ذلك ان يقول. الشارع حرمت الربو في الطعام وكان عادة المخاطبين تناول لفظ الطعام للبر مثلا فلا يكون ذلك العام محمولا على البر خاصة بل يكون شاملا لكل ما يسمى طعاما . قال نور الدين فهذا مذهبنا ومذهب الجمهور من المعتزلة والاشعرية وذهبت الحنفية الى انه يصح التخصيص بذلك فزعموا ان الربو في نحو المثال السابق انما يحرم في البر خاصة لانه الذي تناوله لفظ الطعام لاجل عادتهم ومنها انه اذا كان مع العموم شيء معطوف عليه وفي ذلك المعطوف مقدر محذوف فلا يخصص ذلك العموم بذلك المقدر المحذوف عند الجمهور خلافا للحنفية وذلك كقوله ية الا لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده فالتقدير هنا لا يقتل ذو عهد في عهده بكافر حربي فكذلك يقدر في المعطوف عليه كيا ورد في المعطوف فيقتل المسلم بالذمي عندهم لاجل ذلك العموم .التقدير الذي خصص قال نور الدين رحمه الله والصحيح ما ذهب اليه الجمهور من انه لا يخصص بذلك وانه لا يلزم ان يقدر في المعطوف عليه ما قدر في المعطوف اذ لا وجه يقتضيه ولا دليل يدل عليه قال سلمنا ان ثم دليلا يوجب ان يكون المعطوف عليه كالمعطوف فييا يقدر فيه فلا نسلم تقدير شيء هنا في المعطوف بل مراده ولا ذو عهد ما دام في عهده تحريما لحرام العهد فقط قال ومع هذا الاحتمال لا يلزم ما ذكروه من وجوب التقدير ولزوم التخصيص به ومن المخصصات المنفصلة انه اذا ورد عموم ثم جاء من بعده ضمير يعود الى بعض افراد ذلك العام فقد اختلف ني تخصيص العام به . ٢١٠ قال نور الدين والقول بانه لا يخصصه هو الذي عدله المحققون من الاصوليين وذهب اليه البدر الشماخي من اصحابنا والجمهور من المعتزلة وقال الجويني بل يقتضي تخصيص ما عاد اليه وتوقف ابو الحسين وذلك نحو قوله تعالى لا جناح عليكم ان طلقتم النساء الى قوله الا ان يعفون فالضمير من قوله تعالى الا ان يعفون عائد الى من يملك العفو من النساء وهن البالغات العاقلات فلا يقتضي ان المراد بالنساء ني اولها من يملك العفو فقط دون الصغيرة والمجنونة بل هو على عمومه ومثل هذه الاية قوله تعالى يا ايها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ثم قال لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك امرا يعني الرغبة في مراجعتهن ومعلوم ان ذلك لا يتاق في البائنة فهل يقتضي ان المراد بالنساء في اولها الرجعيات دون البوائن فيه الخلاف وكذلك قوله تعالى والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء ثم قال وبعولتهن احق بردهن في ذلك فالضمير من قوله وبعولتهن عائد الى بعض المطلقات وهن الرجعيات ولا يصح ان المراجعة مختص بالمطلقاتيعود الى جميع المطلقات لأن منهن البوائن وحكم الرجعيات فالضمير عائد اليهن خاصة ولا يكون بعوده اليهن خاصة مخصصا لعموم المطلقات عندنا بل عموم المطلقات باق على حاله عندنا خلافا للجويني . قال نور الدين وضابط ذلك ان يتعقب العموم تقييد باستثناء او صفة او شرط لا يتأق ذلك التقييد الا في بعض ما تناوله ذلك العموم فهل يقتضي تخصيص ذلك العموم اي يكشف عن كون المراد بالعموم ذلك المقيد فقط لا غيره فيه الاقوال الثلاثة قال نور الدين وحجتنا على ذلك انه لا يلزم ان يحمل على التخصيص الا اذا عجراه ولا تنافي بين هذه العمومات المذكورة وبين التقييدبينها تناف او ما مجريكان لبعض مدلولها جواز ان يختص بعض مدلول العموم بحكم يخصه دون البعض الآخر ولا تنافي في ذلك ومنها انه اذا ضم حكم العموم ثم اق ذلك الحكم مذكورا لبعض ذلك العموم فلا يكون ذكر ذلك الحكم لبعض ذلك مخصصا لعمومه . قال نور الدين وهذا معنى قولهم ان ذكر حكم لجملة لا يخصصه ذكره لبعضها قال وقالالاصوليينالاكثر منقولرحمه الله هذاقال ابو ثور بل مخصصه مثال ذلك ‏_ ٢ لقولهتمسقوله تعال وللمطلقات متاع بالمعروف قال ابو ثور اراد به التى ل يسم ما 7 في اية اخرى ومتعوهن فالضمير عائد على المطلقات والمتعة انما هي مفروضة للتي ل يسم لها مهر ولم يدخل بها الزوج فلما كانت مفروضة للتي لم يسم لها ولم تمس والضمير اليهعادالذيعلمنا ان العمومالضمير وهو المتعة محتص بالتى ل يسم لها ولم تمس الضمير لم يرد به ظاهرة بل يتناول ما تناوله الضمير والضمير انما تناول من لم يسم لها ولم تمس فصار لفظ العموم حصصا لذكر الحكم لبعضه على هذا التحقيق . قال نور الدين قال صاحب المنهاج هذا تلخيص ما ذهب اليه ابو ثور في هذه المسألة قال قال والصحيح قول الجمهور وانته اعلم . العقليباب المخصص اعلم ان العقل يخصص الكتاب والسنة وفهم التخصيص للشرع بالعقل يدرك من اول وهلة لا يحتاج الى طلب وشدة بحث كيا يحتاج اليه ي المخصصات السمعية وذلك نحو قوله تعالى خالق كل شيء وهو على كل شيع قدير ولله على الناس حجج البيت واقيموا الصلوة فان العقل يمنع من دخول ذاته تعالى تحت قوله خالق كل شع ويحيل ان تتعلق القدرة بذاته عز وجل ويخرج الصبي والمجنون عن الدخول تحت التكليف بالحج وبالصلوة لأن الصبي والمجنون لا قدرة هم على فهم الخطاب وطلب الفهم ممن لا يمكنه الفهم محال عقلا ويخصص الحس ايضا للكتاب والسنة فقد خصص آية بلقيس وهي قوله تعال واوتيت من كل شيع والحس يدرك انها لم تؤ ت شيئا من السموات ولا من الشمس ولا من القمر وكذلك خصص الحس آية ريح عاد وهي قوله تعالى تدمر كل شيع والحس يشاهد انها لم تدمر السموات ولا الجبال ولا الارضين وغير ذلك . قال نور الدين رحمه الله وعند التحقق تعلم ان المخصص في مثل هذا المقام انما هو العقل وان الحس واسطة الادراك فنسب التخصيص اليه تقريبا للافهام قال فاذا _ ٢١٧٢ عرفت ان قوله تعالى واوتيت من كل شيع وقوله تدمر كل شيء محصصتان بالحس او بالعقل عند التحقيق وهما خبران ظهر لك بطلان قول من قال ان التخصيص لا يكون في الخبر بخلاف الأوامر والنواهي قالوا ولو وقع التخصيص في نفس الخبر لكان ذلك موجبا لكذب المخبر فيمتنع تخصيصه لذلك قلنا ان تخصيص الخبر واقع كيا في ايتي بلقيس وريح عاد والوقوع اخص من الجواز ولا يوجب كذب المخبر لانه اذا خصصه بمتصل كجاء المسلمون الا زيدا او يما كان في حكم المتصل كالعقل والحس جاز ذلك لأن المخبر لم يقطع كلامه الا وقد علم مقصوده من الاخبار والله اعلم . باب المحكم والمتشابه والمجمل والمبين ينقسم اللفظ باعتبار فهم المراد منه الى محكم والى متشابه فاما المحكم فهو الذي اتضح المعنى منه سواء كان الاتضاح قوياا بحيث لا يحتمل اللفظ غير ذلك المعنى ويسمى نصا او يحتمل غيره احتمالا مرجوحا ويسمى ظاهرا . قال نور الدين رحمه الله قال البدر الشماخي وقد يطلق النص على الظاهر لغة قال ولا مانع منه شرعا قال وقال غيره وقد يطلق النصر على مطلق اللفظ لاشتمال المقال على زيادة ايضاح بالنسبة الى الحال قال ويطلق على لفظ القران والحديث لأن اكثرهما نصوص فحكم النص القطع بان المتكلم اراد منه مدلوله الذي دل عليه لفظه فينبني على ذلك وجوب اعتقاده وتفسيق من خالفه لانه رافع لمادة الاحتمال وقاطع لمحل الاجتهاد فلا يصح معه قول بقياس ولا تستنبت بظني هذا كله اذا م يحتمل غير ذلك المعنى الذي دل عليه لفظه اما اذا احتمل غير ذلك المعنى فانا نظن انن مراد المتكلم هو ما ظهر من اللفظ حال اطلاقه ويكون حينئذ ظاهرا لا نصا فيدخل بذلك الظاهر الذي ظننا انه مراد المتكلم ولا يجوز تركه الا بدليل واضح يعلم به ان مراد المتكلم هو المعنى المقابل للظاهر وهو المسمى عندهم بالباطن واذا رجح الدليل الشرعي المعنى الباطن من اللفظ فالاخذ بالمعنى الباطن اولى كذلك الا لدليل وصف الظاهر الى المعنى الباطن بالدليل هو المسمى عندهم بالتأويل وقد يكون التاويل قريبا ٢٧٣٢ فيكفي في صحته ووجوب قبوله ادى مرجح كيا في تأويل العين بالعلم او الحفظ في قوله تعالى ولتصنع على عيني لكونها طرقا اليهما فان هذا التاويل مجازي قريب لقوة العلاقة وقد يكون بعيدا وبعده بحسب غموض العلاقة التي سوغت التجوز به وبحسب ضعف القرينة التي لاجلها صرف اللفظ عن ظاهره فيحتاج الى مرجح اقوى مما ترجح به التأويل القريب وسيأتي مثاله وقد يكون التاويل خارجا عن التجوزات الدائرة في السن الترب فلا يقبل بل يرد على قائله ويكذب بسبب ذلك وذلك كيا في تأويلات الباطنية اخخزاهم الله تعالى ثعبان موسى بحجته ونبع الماء من بين الاصابع بكثرة العلم وتأويلهم قوله تعالى حرمت عليكم امهاتكم ان المراد بالامهات العلياء وتحريم مخالفتهم وانتهاك حرمهم ومثال التأويل البعيد قول الحنفية في قول النبي يلة ايما امرأة نكحت نفسها بغير اذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل قالوا اراد يلة بذلك الصبية والامة . قال نور الدين واتما صاروا الى هذا التأويل محافظة على القياس لانها مالكة لبضعها عندهم فكان تزويجها كبيع سلعتها قال وانما حكمنا ببعد هذا التأويل لما فيه من ابطال ظاهر الحديث بلا دليل يقتضي ابطاله ومن التأويلات البعيدة ما قاله الحنفية ايضا في تأويل قوله تعالى فاطعام ستين مسكينا قالوا ان المراد منه اطعام طعام يكفي لستين مسكينا فجعلوا الستين المسكين مقدارا لحد الطعام واجازوا اطعامه مسكينا واحدا لأن المقصود عندهم سد الحاجة وحاجة واحد كحاجة ستين مسكنيا . انم جعلوا المعدوم من لفظ الآية وهو طعام موجوداقال نور الدين ووجه بعده وجعلوا الموجود فيها وهو ستين مسكينا معدوما معع امكان ان يريد الشار ع حصول الجماعة المذكورين لحصول البركة باجتماعهم ولتظافر قلوبهم على الدعاء لمطعمهم والله اعلم . ذكر المشتبه امريناحدالخفاءذلكالمراد به وسببايالمشتبه بانه ما اختفى معناهعرف لانه اما ان يكون لاجمال في لفظه كالقرء فانه لا يدري هل المراد منه الطهر او الحيض _ ٢١٧٤ واما لأن الظاهر منه تشبيه الباري بخلقه تعالى ربنا عن ذلك وذلك كآية الاستواء . قال نور الدين فالمتشابه حينتذ مجمل وغير مجمل فاما غير المجمل وهو ما كان ظاهره التشبيه فحكمه ان يرد الى المحكم لقوله تعال منه آيات محكمات هن ام الكتاب والمراد بأم الكتاب اصله واصل الشيء هو الذي يرجع اليه سائره فالمحكم اصل لسائر الكتاب واما المجمل فحكمه الوقوف عن القول فيه وعن الحكم بالمراد منه الا بدليل يظهر المراد منه ثم ان المجمل وهو احد انواع المتشابه ما قد يدرك المراد به كالاجمالات الآتي ذكرها ومنه ما لا يدرك معناه الا بتوقيف من الشارع وذلك كمقطعات اوائل السور وكالاشياء التي لم يطلع الله عليها احدا من خلقه الا من اصطفى من رسول وذلك كوقت الساعة وكمقادير الثواب ومقادير العقاب وكالاعداد المبهمة في القرآن وحكم هذا النو ع التوقف عن القول فيه بلا علم والايمان بحقيقته والجزم بانه منه تعالى اما سائر انواع المتشابه فانها قد تكون معلومة للعباد بنصب الادلة على المراد منها والاجمال يكون في اشياء احدها ان يكون في الفعل كصلى رسول الله ية داخل الكعبة فان الصلوة تكون فرضا وتكون نفلا وتكون ايضا بمعنى الدعاء فاذا لم تعلم حقيقة الصلوة التي ارادها الراوي كان اللفظ مجملا ومعناه مبهما وثانيها ان يكون في المفرد اما بالاصالة كالمشترك بين معانيه والمتواطىعء بين افراده فالاول كالعين للباصرة والذهب والشمس وغيرها والجون للاسود والابيض والثاني كشيء موجود فان ليا افراد كثيرة واما بالاعلال كمختار ومنقاد ومحتاج ونحوها فان هذه الالفاظ ونحوها انما صارت مجملة بين الفاعل والمفعول بسبب الاعلال الذي فيها لأن اصل مختار مختبر بكسر الياء في الفاعل وبفتحها في المفعول وبقلب الياء الفا حصل الاشتراك فيها بين الفاعل والمفعول وكذا القول في نظائرها فيتبين المراد منها يقرينة وهي دليل البيان وثالثها انه يكون في المركب اذا ارتبك معناه بمعنى انه لم يعلم المراد منه بسبب تركيبه وذلك كيا في قوله تعالى او يعفو الذي بيده عقدة النكاح فانه متردد بين زيادة المهر واسقاطه فان اريد بالذي في يده عقدة النكاح الزوج كان المراد بالعفو الزيادة على الواجب في المهر وان اريد به الولي كان المراد بالعفو اسقاط ما وجب من الصداق والمعنيان محتملان وبسبب التركيب في الآية حصل الاجمال _ ٢١٥ ورابعها انه يكون في المجازات اذا تعذرت حقيقتها او هجرت اي اذا لم يمكن ارادة الحقيقة في اللفظ او كانت الحقيقة مهجورة لم يجر لها ذكر في الاسستعمالات بين المتخاطبين وكان لذلك اللفظ بعد تعذر ارادة حقيقته او بعد هجراتها استعملات مجازية ولم يقم دليل على ارادة شيع منها دون الآخر فان ذلك اللفظ يكون مترددا بين تلك المجازات لصلاحيته لها كلها وللعدم المانع من ارادة شعيمنها فهنالك يكون الاجمال في اللفظ بين مجازاته وذلك نحو قول القائل ظهرت يد فلان على الناس فاان اليد حقيقة في الجارحة الخصوصة وهي في المثال متعذرة واحتمل ان يكون المراد بيده نعمته وقدرته واليد فيهما مجاز وخامسها انه يكون في مرجع الضمير كيا اذا ذكر اسمان ثم تعقب بضمير يصلح ان يعود الى كل واحد منهيا فانه يكون في صلاحيته عوده لكل واحد منهيا مثلا اجمال وذلك نحو قولك ضرب زيد عمرا فضربته فان الهاء من ضربته يصلح ان تعود الى زيد والى عمرو وسادسها انه يكون في مرجع النعت وذلك ان يذكر اسمان مثلا ثم يؤ ق من بعدهما بنعت يصلح ان يكون لكل واحد منهيا نحو مررت بغلام زيد الفاضل فيحتمل ان يكون الفاضل نعتا لغلام وان يكون نعتا لزيد وسابعها ان يكون الاجمال بسبب جهالة المخصص فمثاله في الاستثناء نحو قوله تعالى احلت لكم بهيمة الانعام الا ما يتلى عليكم فيا يتلى مجمل وسبب اجماله عدم علمنا بالمراد منه ولذا بين بقوله تعالى حرمت عليكم الميتة الى اخر الآية فذلك المجمل بين هذه الآية ومثاله في الشرط اكرم كل واحد من تميم ان دخل الدار حيث لا عهد فالدار مجهولة وبسبب جهلها حصل الاجمال وثامنها انه يكون في الصفة المجهولة نحو والمحصنات من النساء فالملحضات صفة شاملة لذوات الازواج من النساء وتزويج ذوات الازواج حرام كن مملوكات او غير مملوكات وني الآية استثناء المملوكات بقوله تعالى الاما ما ملكت ايمانكم فبقي الاجمال في المحصنات اللواتي استثني منهن تحليل المملوكات . قال نور الدين رحمه الله هذا تحرير هذا المثال والظاهر ان الاجمال انما هو في المستثنى لا في المستثنى منه او في حرف الاستثناء قال ولذا اختلفوا في بيان معناه حتى ان الامام الكدمي جعل الا في الآية بمعنى الواو فيكون المعنى معه وما ملكت ايمانكم ٢١٧١٦ اي ذوات الازواج حرام وان كن مما ملكت ايمانكم .والتاسع والعاشر والحادي عشر هو انه يكون في النسق وفي الابتداء وفي الوقف والمراد بالنسق العطف بالحروف والمراد بالاجمال فيه خفاء المقصود منه حتى لا يعلم انه عطف او غير عطف والمراد بالابتداء استئناف الكلام والمدار بالاجمال فيه خفاء المعنى فيه حتى لا يدري اهو مستأنف ام لا والمراد بالوقف السكوت بعد تمام الكلام والمراد بالاجمال فيه خفاء المعنى عنده حتى لا يدري اهو محل الوقف ام لا ومثل للثلاثة بقوله تعالى وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم الآية والله اعلم . باب فيما يختلف في اجماله اختلف العلياء بالاصول في اجمال اشياء قال بعضهم انها من المجمل وقال اخرون انها ليست منه احدها قوله تعالى حرمت عليكم امهاتكم حرمت عليكم الميتة ونحو ذلك . قال نور الدين رحمه الله وضابطه ان يكون التحريم مسند الى اسم عين قال قال ابو علي وابو هاشم والقاضي وغيرهم ونقطع انه غير مجمل لظهور المراد منه وهو في الآية الاولى تحريم النكاح وفي الآية الثانية تحريم الاكل وقال ابو عبدالله البصري .وابو الحسن الكرخي وبعض الحنفية بل هو مجمل لتردده بين تحريم العين وتحريم المنافع واجيب بانه يجمل على المعتاد من الانتفاع دون غيره فتحريم الميتة يتناول اكلها اي اذ هو المعتاد وتحريم الام يتناول الاستمتاع لذلك وثانيها نحو قوله يَێإلا صلوة الا بطهور لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل لا نكاح الا بولي ونحو ذلك ومثله لا احرام لمن لم يلب . قال نور الدين رحمه الله ذهب الباقلاني الى انه جمل لان المنفي فيه الفعل والمراد نفي صفة وهي غير معينة قال قال البدر الشماخي ان العرف الشرعى بين المقصود منه وهو نفي الصحة اي لا يكون الصيام صحيحا او الصلوة صحيحة _ ٦٢١٧ وثالثها قوله ية الاعمال بالنيات قالت المعتزلة وبعض اصحاب الشافعي وصححه البدر انه غير جمل فصلح دليلا على وجوب النية في اعمال الطاعة وقال الكرخي وابو الحسين بل هو مجمل لاحتماله نفي الكمال ونفي الصحة حيث لا نية ورابعها قوله يلة رفع عن امتى الخطأ والنسيان فعند الجمهور انه ليس مجمل للقطع بانه لم يرد رفع الخطا النسيان عن الامة لأن نفس الخطا والنسيان موجودان في الامة . قال نور الدين فعلمنا قطعا انه اراد برفع ذلك رفع اثمهيا ولم يسقط الضمان اما انه ليس بعقاب او ثبت بخبر اخر خصص فهذا الخبر فلا اجمال فيه وعند ابي عبدالله واي الحسين انه مجمل لتردده بين الاحكام التي هي العقاب والضمان وغير ذلك وخامسها نحو قوله يلة لا تصوموا يوم النحر اني اذا صائم . قال نور الدين رحمه الله وضابطه ان يكون للفظ الواحد مسمى لغوي ومسمى شرعي كالصوم في اللغة بمعنى الامساك مطلقا وني الشرع الامساك عن المفطرات في الوقت المعروف وكالوضوء فانه في اللغة بمعنى التنظيف مطلقا وفي الشرع اسم لأعمال غحصوصة وكالصلوة فيها في اللغة بمعنى الدعاء وفي الشرع اسم للعبادة الخصوصة فاذا ورد من لسان الشارع مثل هذه الالفاظ فقد اختلف فيها على اربعة اقوال القول الاول للاكثر وصححه البدر انه ليس مجمل بل تحمل على الوضع الطارىء وهو الشرعي فقد صار حقيقة فيه مجازا في اللغوي القول الثاني لبعضهم ان ذلك مجمل مطلقا فلا يصح الاستدلال به القول الثالث للغزالي انه في الاثبات الشرعي نحو اني صائم ليس بمجمل وفي النهي الشرعي نحو لا تصوموا يوم النجر مجمل القول الرابع انه في النبي اللغوي مبين وفي غيره مجمل . قال نور الدين والمعنى انه جمل في النهي عند عدم القرائن على المعني اللغوي لانه الظاهر فيه وفي غير ذلك فهو مجمل . قال نور الدين رحمه الله وصوب البدر الشماخى رحمه الله كغيره من المحققين انه لا اجمال في تلك الاشياء المذكورة لأن المراد منها معلوم اذ المراد من قوله تعالى : حرمت عليكم امهاتكم حرمة النكاح » عقدا ومسا والمراد من البواقي وهي لا _ ٢١٨ صلوة لا صيام الى آخرها عدم الصحة اي المراد بنفيها نفي صحتوا وذلك حقيقة عرفية فيها والمراد برفع الخطا رفع ائمه اي المؤ اخذة عليه ومثله رفع النسيان والصوم معلوم من ا لشرع اسيا وحكيا فيحمل ما خاطبنا ا لشارع به على ما عرفنا من عرفه فلا وجه للعدول عنه ولا للتوقف في بيان المراد منه وكذا كل ما كان له مسمى في اللغة ومسمى في الشرع انتهى وقد صحح جمهور العلياء ان المجمل واقع ني الكتاب والسنة فمنه في الكتاب قوله تعالى أو يعفو الذي بيده عقدة النجاح احلت لكم بهيمة الانعام الا ما يتلى عليكم واتوا حقه يوم حصاده لتردد معنى الآية الاولى بين الولي والزوج ولابهام ما يتلى علينا قبل نزول البيان في الآية الثانية ولتردد الحق بين الزكوة وغيرها في الآية الثالثة وفي الحديث قوله تيو امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله فاذا قالوها عصموا مني دمائهم واموالهم الا بحقها فان الحق مجهول الجنس والقدر . قال نور الدين ونفى داود الظاهري وقوعه فيها محتجا بانه ان وقع مبينا نتطويل بلا فائدة وان وقع غير مبين فتكليف بما لا يطاق واجيب بأن العمل بالمجمل لم يطلب منا الا بعد بيان معناه وزوال اجماله فلا يكون وقوعه في الكتاب والسنة تكليفا بما لا يطاق والله اعلم . باء حكم المجمل حكم المجمل اذا ورد في خطاب الشارع ان نلتمس له الدليل الذي يبين معناه ويظهر المراد منه فاذا وجدنا البيان حملنا عليه المجمل وفسرناه به والمراد بالبيان ها هنا هو المعنى الاخص وهو ما يبين المراد بالخطاب المجمل من قول او فعل ويجوز تأخير البيان عن وقت ورود المجمل الى وقت الحاجة اليه ووقت الحاجة اليه هو الوقت الذي يطلب منا العمل به فاذا طلب منا العمل بالمجمل احتجنا الى البيان فحينئذ يمتنع تأخير البيان بعد الحاجة اليه قطعا لأن في تأخره مع طلب العمل تكليفا بما لا يطاق لان العمل بما لا يعلم كنهه ولا كيفيته محال وربنا تعالى لم يكلف العباد بالمحال اي ليس من حكمته تعالى ذلك ومنع تاخير البيان عن وقت الحاجة اليه اتفق عليه من منع _ ٢١٩ التكليف بما لا يطاق واما جواز تأخيره قبل الحاجة اليه فذهب اليه الشريف المرتضي من الامامية وبعض الحنفية والشافعية ووافقهم ابن الحاجب وصححه البدر الشماخي وقال ابو طالب وابو علي وابو هاشم لا يجوز تاخير البيان عن وقت الخطاب وقيل يبوز تأخيره ني الاوامر والنواهي دون الاخبار وقال ابو الحسين ان نقدم اشعار بانه مبين جاز تأخير البيان والا امتنع . قال نور الدين رحمه الله والقول المختار هو جواز التأخير الى وقت الحاجة قال والحجة لنا على ذلك قوله تعالى ثم ان علينا بيانه وثم للتراخي قال واعلم ان اكثر القائلين بجواز تأخير البيان الى وقت الحاجة جوزوا تأخير المخصص الى وقتها ايضا وهو الذي ذهب اليه البدر وان المانعين من تأخير البيان مطلقا قالوا يمنع تأخير التخصيص قالوا لأن العموم ادا ورد غير شخصص وكان المراد منه التخصيص افضى ذلك الى التلبيس عى السامع والشرع على خلاف ذلك . قال نور الدين رحمه الله والحجة لنا على جواز تأخير التخصيص ايضا قوله تعالى يوصيكم الله في اولادكم الآية ولم تسمع فاطمة نحن معاشر الانبياء لا نورث فطلبت ميراثها من ابيها وقوله تعالى اقتلوا المشركين كافة ولم يسمع اكثر الصحابة قوله عليه الصلوة والسلام في المجوس سنوا بهم سنة اهل الكتاب ولو لم يصح تأخير المخصص الى وقت الحاجة اليه لما نقلت الآية العامة المراد الخصوص او الحديث العام المراد الخصوص ايضا الا وهو مقترن بمخصصه ومن المعلوم ان الآيات العامة والاحاديث العامة ايضا قد نقلتها الصحابة والتابعون ممن بعدهم ولم يقرنوها بمخصصها بل ربما ينقل العام من الكتاب والسنة بعض الصحابة وينقل المخصص صحابي غيره ورما ينقل العام من الصحابة من لا علم له بمخصصه والحال انه عخصص وهكذا من بعد الصحابة من التابعين وتابع التابعين الى زماننا هذا فكان ذلك كالاجماع على جواز تاخير المخصص . قال نور الدين رحمه الله وايضا فان المشاهد في زماننا ان اكثر الناس بل واكابر العلياء يسمعون عمومات خطاب الشارع وغالبها خصص يطلعون على خصصها _ ٢٢٠ غالبا الا بعد شدة البحث عن الاطلاع عليه واغراق النظر في طلب الوقوف لديه ولو لم يكن تاخير المخصص جائرا ما احتج الى هذا الحال في طلب الوقوف عليه وايضا فان تأخير البيان جائز بما تقدم من الادلة فتأخير المخصص مثله ان لم يكن اولى منه بالجواز قال البدر الشماخي وجائز تاخير بعض المخصصات عن بعض نحو فاقتلوا المشركين ثم اخرجت اهل الذمة ثم المرأة ثم العبد على التدريج ومنعه بعض وكيا ان تاخير البيان الى وقت الحاجة اليه جائز فكذلك يجوز للرسول عليه الصلوة والسلام تأخيره عن وقت نزوله الى وقت الحاجة اليه وتأخير التبليغ من وقت الى وقت نظر للمصلحة جائز مثل ان يؤمر الرسول ان يبلغ اقيموا الصلوة فيقتضي نظره تأخير هذا التبليع الى وقت وجوب اقامتها لمصلحة يراها فذلك جائز له ما لم يؤمر بالتبليغ فورا . قال نور الدين وقيل لا يجوز له ذلك لأن الله تعالى يقول يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فيا بلغت رسالته قالوا والامر موضوع للفور مع ما في الآية من التهديد على ترك التبليغ . قال نور الدين لا نسلم ان الامر موضوع للفور كيا قدمنا تحقيقه والتهديد في الآية انما هو على ترك التبليغ رأسا لا على تاخيره فقط قال فان قيل اذا صح تأخير التبليغ عن وقت النزول فيا الفائدة في انزاله على الرسول قبل وقت الحاجة اليه اجيب بانه يمكن ان تكون فيه فائدة الواجب لموسع وهي الثواب على اعتقاد الامتثال والتهسىء للامتثال والاستعداد له ويكون البيان بالعقل ويكون بالنقل فاما البيان العقلي فنحو قوله تعالى افمن يخلق كمن لا يخلق قال البدر الشماخي وجميع حجج الله على الكفار بل جميع الحجج مطلقا انما بياخها بالعقل يعني ان الرب تعالى الزم المشركين في احتجاجه عليهم امورا لا يمكنهم انكارها عقلا فالعقل قاض ببيان تلك الامور فهو بيان .عقلي واما البيان النقلي فيكون بالكتاب للكتاب وللسنة نحو قوله تعالى يوصيكم الله في اولادكم الآية بيان للنصيب المفروض في قوله تعالى ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والاقربون مما قل منه او كثر نصيبا مفروضا او ما اشبهها ونحو قوله تعالى يا نساء النبي لستن كاحد من النساء الى قوله تعالى انما يريد الله _ _ ٢٦٢١ ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا بيان للاهل في قوله مة اذكركم الله في اهل بيتي قال البدر فبين الله تعالى ان اهل بيته هن نساؤ ه خاصة ويكون البيان بالسنة قولا وفعلا وتقريرا لقوله تعالى وانزلنا اليك الكتاب لتبين للناس ما نزل اليهم ولقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا فاما بيان القول فلا خلاف فيه وذلك نحو قوله يلة ليس فيما دون خمسة او سقى صدقة بيان لقوله تعالى وآتوا حقه يوم حصاده وهو كثير لأن اكثر العبادات وردت في القران مجملة فبينها يلة واما البيان بفعله وتقريره يلة فالجمهور على وقوعه . قال نور الدين وهو الصحيح لعلمنا برجوع الصحابة اليهما كالرجوع الى قوله وقد بين يإةةالصلوة بفعله وقال صلوا كيا رأيتموني اصلي وكذلك الحج وقال خذوا عني مناسككم وقال بعض لا يصح البيان بالفعل ولا بالتقرير والصحيح الأول ويكون البيان بالاجماع اتفاقا ممن اثبت حجية الاجماع وذلك نحو ما اجمعوا عليه من قول ابي بكر الصديق رضي الله عنه وايم الله لاقتلن من فرق بين الصلوة والزكوة بيان لقوله يلة فاذا قالوها فقد عصموا مني دمائهم واموالهم الا بحقها فبين اجماعهم على قول الصديق ان من حقها ان لا يفرق بين الصلوة والزكوة . قال نور الدين رحمه الله واعلم ان البيان قد يكون اقوى من المبين وقد يكون مثله في القوة وقد يكون ادنى منه في القوة فلا يجب اذا كان المبين متواترا او مشهورا ان يكون البيان مثله بل يجوز ان يكون بيان المتواتر احاديا ومنع البدر الشماخي ان يكون البيان مساويا للمبين او ادنى منه قوة . قال نور الدين وقد سبقه الى هذا المنع ابن الحاجب قال ومنعها من ذلك غير جيد قال واحتجاج البدر على ذلك يما حاصله انه اذا كان البيان اضعف لزم الغاء الاقوى وان تساويا فليس احدهما اولى بالبطلان من الآخر لان ابطاله من غير دليل تحكم فممنوع اما اولا فان هذا الالزام انما يتوجه على تخصيص العموم وتقييد المطلق والعدول عن الظاهر الى المعنى الباطن قال وكلا منا انما هو في بيان المجمل وبيان المجمل انما يكتفي فيه بادنى اشارة او قرينة واما ثانيا .فقد وردت الادلة في تخصيص العموم بخبر الاحاد والقياس ونحوهما ولا شك ان عموم الكتاب اقوى منها متنا وان _ _ ٢٦٢٢ تساويا في الدلالة قال ثم انه بعدما جرى القلم بما ها هنا رأيت في كلام البدر في شرح مختصره ما يدل صربحا على ان المراد بالبيان الذي اشترط فيه ان يكون اقوى من المبين انما هو في تخصيص العموم وتقييد المطلق والعدول عن الظاهر خاصة واما المجمل فيكفي في بيانه ادنى دلالة ولو مرجوحا لعدم التعارض واوجب ابو الحسن الكرحي ان يكون البيان مساويا في قوته للمبين ومن ها هنا لم يقبل خبر الاوساق المبين لقوله ية فيما سقت السياء العشر لأن حديث الاوساق آحادي وهذا الحديث متواتر وحجته على ذلك هو ما تقدم من حجته على منع تخصيص القطعي بالظني والخواب واحد قال نور الدين فتحصل في المسئلة ثلاثة اقوال الأول للاكثروهو قول ابي الحسين والقاضي وغيرهما انه يصح كون البيان اضعف نقلا الثاني للكرخي انه يجب استوائهيا القول الثالث لابن الحاجب انه يجب ان يكون البيان اقوى حيث يتفاوتان . قال نور الدين واقوى المذاهب وارجحها واحسن الاقوال واصحها هو القول الأول واذا ورد البيان بتكرار بعد ورود المجمل فاما ان يتفق البيانان في المعنى المشروع واما ان يختلفا بان يكون مدلول احدهما مخالفا مدلول الآخر فان اتفقا فالاول من البيانين هو البيان وان جهلنا التاريخ مثلا والثاني منهيا تأكيد للأول وان كان اوهى دلالة مثلا وقال بعض الأصوليين ان اوهى البيانين واضعفهيا هو بيان المجمل وان الاقوى منهيا هو المؤكد واحتجوا على ذلك بان الاقوى لا يؤكد بالاضعف . قال نور الدين واجيب بان هذا في التأكيد الغير المستقل اما المستقل فلا يلزم فيه ذلك الا ترى ان الجملة تؤكد بجملة دونها نحو ان زيدا قائم وان اختلف البيانان فاما ان يتقاوما في القوة واما ان يتفاوتا فان تقاوما في القوة تساقطا اذ لا دليل يرجح الاخذ باحدهما دون الآخر ويبقى الاجمال على حاله وان تفاوتا في القوة كيا اذا كان احدهما فعلا والآخر قولا فانه يكون الاقوى منهيا هو البيان ويلغي الاضعف وذلك كيا اذا امرنا يلة بطواف واحد وطاف هو طوافين وكان هذا بعد نزول آية الحج المشتملة على الامر بالطواف فان القول عندنا هو البيان لمجمل الآية وفعله يتي اما اذا طاف طوافا واحدا وامرنا بطوافين فالواجب علينا ما امرنا به وليس لنا ان نترك منه شيئا لانه ختص بذلك من دوننا . _ ٢٢٢٣ قال نور الدين وهذا كله تقدم القول على الفعل او تأخر قال وقال ابو الحسين البصري البيان هو المتقدم منهيا كيا في قسم اتفاقهيا اي فان كان المتقدم القول فيحكم الفعل كيا سبق او الفعل فالقول ناسخ للزائد منه . اولى والله اعلم .النسخ ما قدمناهعدمنور الدينقال باب الحقيقة والمجاز الحقيقة ماخوذ من حق الشيء اذا ثبت سميت بها الكلمة المستعملة فييا وضعت له لثبوتها في موضعها فهي فعيلة بمعنى فاعل على سبيل التجوز في اسناد الحقيقة اليها والمجاز ماخوذ من جاز بالمكان اذا تعداه سميت به الكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له لمجاوزتها الموضع الذي وضعتها له العرب فالحقيقة هي اللفظ المستعمل فيما وضع له شرعا او عرفا او لغة فهي تنقسم الى ثلاثة اقسام احدها الحقيقة الشرعية وهلي لفظ استعمله الشارع في معنى من المعاني وغلب عليه سواء كان له معنى في اصل الوضع فنقله عنه الى معنى ثان او لم يكن له معنى في الاصل مثلا وذلك كالوضوء فانه في اصل وضعه انما هو للنظافة مطلقا ثم استعمله الشارع في غسل الاعضاءالمخصوصة على الوجه المخصوص وكالصلوة فانها في اصل وضعها للدعاء ثم استعملها الشارع في العبادة المشتملة على الاذكار والافعال على الوجه الخصوص وكذلك الزكوة والصيام فالحج ونحوها فهذه الاشياء استعملها الشارع ي معان غير ما وصفت له فصارت لا يتبادر منها عند الاطلاق الا ما استعملها فيه الشارع فهي حقيقة شرعية النوع الثاني الحقيقة العرفية وهي ما اذا استعمل اهل العربية شيئا من الالفاظ في غير ما وضع له لغة ثم يغلب استعماله عليه حتى يكون هو المتبادر عند الاطلاق كالدانة مثلا فانها في اصل الوضع لكل ما يدب على الارض كيا في قوله تعالى وما من دابة في الارض الا على الله رزقها ثم غلب عليها استعمال العامة لها في ذوات الاربع فهم يقصرونها عليها ولا يتبادر عند الاطلاق منها الا ذلك كالغائط فانه في الأصل للمكان المنخفض ثم نقله العرب الى زبل مخصوص وكالحائض فانه في الاصل لكل فائض يقال حاض الوادي اذا فاض ثم نقل الى فيض ٢٢٤ الدم المخصوص وقد يكون العرف خاصا بقوم دون اخرين فيسمى اصطلاحا وعرفا خاصا وذلك كالفعل فانه في اصطلاح النحاة اسم لنحو ضرب واخبر وهو عرف خاص بهم لأنه في اصل الوضع اسم للحدث مطلقا وكذلك ايضا في عرف العامة وكالفاعال والمفعول والتمييز والحال والظرف وغير ذلك فان لأهل النحو في كل واحد من هذه الاشياء استعمالا شحصوصا لا يتبادر من اطلاقه فييا بينهم غيره فهو حقيقة عرفية فى حقهم وتسمى اصطلاحية ايضا النوع الثالث الحقيقة اللغوية وهي اللفظ المستعمل في اصل ما وضعته له العرب كالانسان لابن ادم والدابة لكل ما يدب والاسد للحيوان المخصوص والحجر للجماد المعروف وغير ذلك فهذه الاشياء ونحوها قد استعملتها العرب فيما وضعت له في الاصل فهي حقيقة لغوية وهي اصل الحقائق وقد يكون للشيعء الواحد اسمان فصاعدا كالآدمي والبشر والانسان لأولاد ادم وكالكتاب والقران للكلام المنزل على نبينا عليه الصلوة والسلام وكالبر والقمح للطعام المخصوص ويسمى هذا النوع مترادفا والله اعلم . باب احكام الحقيقة للحقيقة احكام منها اثبات المعنى الذي وضعت له حقيقة كان عاما او خاصا او امرا او نهيا فيثبت حكم العموم في العام نوى او لم ينو وكذلك الامر والنهي وثبوت ذلك المعنى اما قطعا في حكم المنصوص واما ظنا كيا في الظواهر على حسب ما تقدم ذكره ومنها انه لا يصح نفي المعنى الذي وضعت له الحقيقة بخلاف المجاز فلا يقال في الاب ليس ابا ويقال في الجد ليس ابا اما قوله تعالى ما هذا بشرا فليس المراد منه نفي الحقيقة واما المراد منه المبالغة في تشريف يوسف وتعظيمه والكلام في نفي الحقيقة رأسا على سبيل التجوز ومنها ان الحقيقة ترجح على المجاز اذا دار الكلام بين الحقيقة والمجاز فالحقيقة هي الراجحة فيه لانها لا تحتاج الى قرينة خارجية تهدي الى المراد منها وانما يفهم المراد منها بنفس اطلاقها والمجاز يحتاج الى القرينة ومنها ان الحقيقة المشتركة يرجح عليها المجاز لوضوحه وكثرة دورانه في السن العرب والحقيقة المشتركة كالعين للباصرة وللذهب وللشمس ولاأحد الحروف والجون للاسود والابيض وكالناهل للريان والعطشان فاذا دار اللفظ بين ان يكون مجازا ومشتركا نحو النكاح فانه يحتمل _ _ ٢٢٥ انه حقيقة في الوطىء مجاز في العقد وانه مشترك بينهيا فالمجاز اقرب لأن الاشتراك يخل بالتفاهم عند خفاء القرينة بخلاف المجاز لأن القرينة الهادية الى المراد منه لا تفارقه ولأن المجاز اغلب من المشترك بالاستقراء فاللائق الحاق الفرد بالاعم الاغلب ولأن الملشترك قد يودي الى مستبعد كيا اذا كان حقيقة في ضدين فان اعطاء الضدين حكيا واحدا مستبعد اذ المعهود من الاضداد تعاكسهيا في الاحكام اما اذا ظهر المراد من المشترك بنصب القرينة الدالة عليه فهو أولى من المجاز لأن العلة التي رجح بها المجاز عليه وهي اخلال المشترك بالتفاهم معدومة حينئذ والله اعلم . ذكر المجاز المجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقته مع قرينة فخرج بالمستعمل في غير ما وضع له الى آخره الحقيقة فانها لفظ مستعمل فيما وضع له كيا مر والعلاقة والقرينة شرطان للمجاز لأنه لو لم تكن القرينة هادية الى معناه المراد به لما صرف عن اصله الذي وضع له ولو لم تكن هنالك علاقة لما صح التجوز والعلاقة اتصال ما بين المعنى الذي وضع له اللفظ والمعنى الذي استعمل فيه وذلك الاتصال هو الذي وضع له اللفظ والمعنى الذي استعمل فيه وذلك الاتصال هو الذي يعرف عند علياء البيان بوجه الاستعارة وبعلاقة المجاز وهو اما تشبيه كاطلاق الاسد على الرجل الشجاع من قولنا رأيت اسدا على فرس فالاسد في الرجل مجاز والعلاقة بينهما المشابهة في الشجاعة وقولنا على فرس قرينة صارفة للفظ الاسد عن معناه الحقيقي وقد يكون التشبيه اعتباريا بان ينزل التقابل منزلة التناسب بواسطة تمليح او تهكم كيا في اطلاق الشجاع على الجبان او تفاؤ ل كيا في اطلاق البصير على الاعمى والمغازة على المهلكة او مشاكلته في اطلاق السيئة على جزائها وما اشبه ذلك فكانت العلاقة في نحو اطلاق اسم الشجاع على الجبان المشابهة في ادعاء المتكلم وهي معدومة حقيقة فاثبتها المتكلم اعتبارا وكذا :يقال فيما بعده هذا حيث يكون الوصف ظاهرا والفرض حاصلا لأن الوصف الخفي لا يكون علاقة للمجاز فلا يطلق على ابخر الفم انه اسد لخفاء هذه الصفة في الاسد لانه اشتهر بصفة الشجاعة وهي المتبادرة عند التشبيه وكذلك لا _ ٢٢٦ يطلق المسك على اسود اللون لأن الوصف الذي اشتهر في المسك انه هو طيب الرائحة لا سواد لونه وقد تكون العلاقة الكون والاول فاما الكون فكقوله تعالى واتوا اليتامي اموالهم فانه لا يؤتون اموالهم الا وهم بالغفون فتسميتهم يتامى مجاز والعلاقة فيه تسمية الشيء باسم ما كان عليه وما الاول فكقوله تعالى انك ميت وانهم ميتون . فاطلق اسم الميت عليه وعليهم وهم جميعا احياء في حال ذلك الاطلاق تجبوزا والعلاقة فيه تسميتهم بما سيؤلون اليه يقينا او ظنا وقد تكون العلاقة السبب والمراد به اطلاق اسم السبب على مسببه كاطلاق اسم اليد على القدرة نحو للامير يد اي قدرة فاطلاق اسم اليد على القدرة مجاز علاقته تسمية اسم الشيء باسم سببه فان اليد سبب للقدرة واطلاق اسم المسبب على السبب كاطلاق اسم الموت على المرض الشديدلأن المرض الشديد سبب للموت غالبا وقد تكون العلاقة شرطا والمراد به اطلاق اسم الشرط على المشروط او العكس سواء كان الشرط شرعيا كاطلاق اسم الايمان على الصلوة في قوله تعالى وما كان الله ليضيع ايمانكم اي صلاتكم التي استقبلتم بها البيت المقدس فاطلاق اسم الايمان على الصلوة مجاز علاقته تسمية الشيء باسم شرطه لأن الايمان شرط لصحة الصلوة شرعا وقد تكون العلاقة تسمية الشيء باسم جزءه نحو عندي الف رأس من غنم والمراد الرويس مع جثتها قائمة بتمام خلقها ويشترط في هذا الجزء ان يكون له من بين سائر الاجزاء مزيد ارتباط بالكل بحيث ينعدم الكل بانعدامه كالمثل الذي ذكرناه او بحيث يكون المعنى المقصود منه انما يوجد بالعين وقد تكون العلاقة اطلاق اسم الكل على الجزء كاطلاق الاصابع على الانامل وهي جزؤ ها في قوله تعالى يجعلون اصابعهم في آذانهم وهم انما يجعلون اناملهم وهي اطراف الاصابع وقد تكون العلاقة الحلول والمراد به تسمية الشيء باسم محله كقولك شربت قدحا والمراد شربت ماء ملء قدح فاطلاق اسم القدح على الماء الحال فيه مجاز علاقته تسمية الشيء باسم محله وقد تكون العلاقة المجاوزة كاطلاق الراوية على مزادة الماء واطلاق الجري على الميزاب من قوله جرى الميزاب واعلم انه اذا كانت علاقة المجاز المشابهة كاطلاق الاسد على الرجل الشجاع فالمجاز يسمى استعارة مأخوذة من استعار الشيء اذا اخذه عارية فكأن اسم الاسد استعير ٢٢٧٢ للرجل الشجاع فسمي به وللاستعارة انواع محل ذكرها علم البيان اذ لا تعلق للاحكام الشرعية بانواع الاستعارة وانما يتعلق بعضها باصل المجاز فلذا يبحث عنه في هذا الفن وان كانت العلاقة غير المشابهة من نحو السببية والشرطية والكون والاول الى غير ذلك فالمجاز يسمى مرسلا سمي بذلك لعدم تقيده بعلامة واحدة اذ المرسل في اللغة المطلق واعلم ان شرط المجاز قرينة تصرف اللفظ عن معناه الحقيقي الى المعنى المجازي . قال نور الدين رحمه الله وليست هي جزءا من مفهوم المجاز كا ذهب اليه البيانيون لكنها شرط لصحة المجاز كيا عليه ائمة الاصول وهي اما عقلية كيا في قوله تعالى واستفزر من استطعت منهم بصوتك فان العقل يمنع من حمل هذا الامر على حقيقته ويصرفه الى التهديد فان الحكيم تعالى لا يأمر بالفساد واما حسية وهي اما لفظية نحو رأيت اسدا يرمي فان يرمي قرينة لفظية صارفة للفظ الاسد عن معناه الحقيقي لأن الرمي لا يصدر من الحيوان المخصوص الذي وضع له اسم الاسد واما غير لفظية نحو لا اكل من هذه النخلة فان الحسن الذي هو اللمس مثلا يمنع من اكل اصل النخلة ويصرف هذا اللفظ الى ثمرها واما عادية . قال نور الدين ومثل له بعضهم بيمين الفور وهي ما اذا حلف رجل على امرأته وقد ارادت الخروج فقال ان خرجت فانت طالق قال ذلك البعض ان هذه اليمين تحمل على الفور لاقتضاء العادة ذلك فلا تطلق ان خرجت بعد ذلك الوقت عنده ومثل علياء البيان لهذا المقام بقولهم هزم الامير الجند اذ العادة قاضية بان الامير لا يباشر القتال بنفسه واما حالية وهي ان يكون حال المتكلم مقتضيا لصرف اللفظ عن حقيقته الى مجازه كيا في قول المسلم اشابني الدهر وغيرهم صروف الايام ونحو ذلك فان حال المسلم يقضي بصرف هذا اللفظ عن حقيقته اذ اعتقاده يوجب ان فاعل ذلك هو الله تعالى والمجاز واقع في اللغة العربية وفي القرآن العظيم هذا هو الصحيح الذى عليه جمهور العلياء . قال نور الدين وقد نفى وقوعه في اللغة العربية الاستاذ ابو اسحق الاسقرايني وابو علي الفارسي قالا وما يظن مجازا نحو رأيت اسدا يرمى فهو حقيقة قال ابو ٢٢٨ ‏ ١لحسن وهذا باطل لانا كا نعلم با ضطرارا تهم يستعملون لفظ الحمار للبليد ولفظ استحقاقا نهم قصد وا ‏ ١لتجوز وا لتنبيه واننعلم ضرورةللرجل ‏ ١لشجاعالاسد البليد للفظ الحمار ليس كاستحقاق البهيمة ولذلك سبق ال الافهام من قول القائل رأيت الحمار البهيمة دون البليد . قال نور الدين ومنعت الظاهرية وقوع المجاز ني القران لوجهين احدهما انهم قالوا يقبح وقوعه في القرآن لأنه كذب بدليل انه يصح نفي مثبته فيصدق النفي الا ترى انه يصدق قولك لمن قال ان زيدا حمار انه ليس بحمار فلو كانت الجملة الاولى صادقة لم يصدق نفيها وثانيهما انهم قالوا لو وقع المجاز في القران لزم ان يوصف البارى بانه متجوز قال واجيب عن الوجه الأول بان المجاز يمتاز عن الكذب بالقرينة المنصوية على المعني المراد منه والكذب لا قرينة معه فالملجاز صدق لا قبح فيه واجيب عن الوجه الثاني بان اسياء الله متوقفة على الاذن السمعي ولانه يوهم انه يتهاون بفعل قبيح او صغير كيا في الشاهد اذا قلنا فلان يتجوز في الامور وما اوهم الخطا امتنع اطلاقه على الله حقيقة كان ام مجازا وايضا فنحن نقطع ان المجاز وقع في القران وذلك نحو قوله تعالى واسأل القرية والمراد اهلها وقوله تعالى حكاية عن قول فرعون يا هامان ابن لي صرحا وليس هامان هو الباني حقيقة لكن بامره وقوله تعالى واخفض ليا جناح الذل وليس للذل جناح لكن شبه الولد بطائر له جناحان جناح ذل وجناح تعزز فامر بخفض جناح الذل ليا وللمجاز علامات يعرف بها احدها نقل ائمة اللغة له بان يقولوا ان لفظ الأسد مثلا مجاز في الرجل الشجاع وان العين مجاز في الجاسوس ونحو ذلك وثانيها عدم الاطراد علم ان من حق الحقيقة الاطراد اي اذا وضع لفظ لشيء من الاشياء فحق ذلك اللفظ ان يطرد في جميع افراد ذلك الشيء كالانسان فانه حقيقة في بني ادم وهو حقيقة في جميع افرادهم بمعنى انه يصخ اطلاقه على كل فرد من افراد هذا الجنس ونحو ذلك واما المجاز فلا يصح اطراده في كل ما وجدت فيه تلك الصفة التي تبوز باللفظ لاجلها الا ترى ان الاسد لما كان موضوعا للسبع الشجاع وكان اطلاقه على الشجاع من غير هذا الجنس مجازا لم يطرد بل صح وصف الرجل الشجاع بانه اسد ولا يصح وصف كل ما تشجع من الحيوان بانه اسد فلا يوصف ٢٢٩ الهر اذا تشجع بانه اسد وكذلك يوصف الرجل الطويل بانه نخلة ولا يوصف كل طويل بذلك وكذلك لا يصح ان يقال واسأل البساط والمراد اهله . قال نور الدين رحمه الله وقد ذكر النحاة ما يدل على صحة نحو اسأل البساط قال فقد ذكر ابن مالك في تسهيله انه .يجوز حذف المضاف واقامة المضافليه مقامه ف اعرابه وقسم ذلك الى قياسي وغير قياسي وذكر ضابط ذلك انه ان امتنع استقلال المضاف اليهبالحكم فهو قياسي نحو واسأل القرية واشربوا في قلوبهم العجل اذ القرية لا تسئل والعجل لا يشرب وان لم يمتنع ذلك فهو سماعي .قال وهو مصرح بجواز ما منعه الاصوليون قال وحاصل المقام ان عدم الاطراد في المجاز مبني على اشتراط نقل افراد المجازات واعتبار شخص العلاقة لانواعها قال فالصحيح ان ذلك من اعتبار نو ع العلاقة فقط فلا يكون عدم الاطراد على هذا علامة للمجاز وثالثها لن فهم المعنى من المجاز انما يحصل بعد الوقوف على القرينة فاذا قال القائد رأيت اسدا تبادر الى الذهن ان المراد الحيتان المخصوص فاذا قال رأيت اسدا على فرس علمنا ان المراد به الرجل الشجاع فمها سبق الى الذهن من معنى اللفظ هو حقيقة اللفظ فللتبادر علامة الحقيقة وعدم التبادر علامة المجاز ورابعها ان المجاز يلتزم تقييده للفرق بينه وبين الحقيقة فان الحقيقة لا يلزم تقييدها وان كانت مشتركة مثلا كعين جارية . قال نور الدين رحمه الله وحاصل المقام ان الفرق بين المجاز والحقيقة المشتركة هو التزام التقييد بالقرينة في المجاز وعدم التزامه في الحقيقة المشتركة وخامسها ان بعض المجاز يتوقف صحة اطلاقه على ذكر الحقيقة لكون لفظ المجاز مضاهيا للفظ الحقيقة فاطلق عليه لتلك المشابهة وهذا يسمى بالمشاكلة وهي التعبير عن الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقا نحو ومكروا ومكر الله اي مكروا فجازاهم الله على مكرهم فاطلاق المكر على المجازاة مجاز لوقوع المجازاة في صحبة المكر واللهاعلم . _ ٢٢٠ باب انقسام المجاز إلى شرعي ولغوي وعرفي ينقسم المجاز الى شرعي كالصلوة في الدعاء والصيام في مطلق الامساك والحج في نفس القصد فان هذه الالفاظ قد نقلها الشر ع عن معناها اللغوي وصارت حقيقة شرعية في الاشياء التي سماها بها الشرع فهي في مسمياتها الاصلية مجاز شرعي والى لغوي كاطلاق الصلوة والصيام والحج على العبادات المخصوصة فان مسميات هذه الالفاظ في اللغة غير هذه العبادات فاطلاقها على هذه العبادات مجاز لغوي وان صارت حقيقة شرعية فهذه الأسياء ونحوها تكون حقيقة لغوية في معناها اللغوي وحقيقة شرعية في معناها الشرعي ومجازا شرعيا في موضوعها اللغوي ومجازا لغويا في مسماها الشرعي والى مجاز عرفي كاطلاق الدابة على كل ما يدب من ذوات الاربع وغيرها فان العرف خصص اسم الدابة بذوات الاربع فاطلاقه عليها وعلى غيرها استعمال له في غير ما وضع له عرفا . قال نور الدين رحمه الله وانما صح لنا هذا التقسيم في المجاز بناء على ان المعتبر في المجاز نوع العلاقة لا شخصها قال ومن ها هنا قال بعض اصحابنا وهو موسى بن علي في رجل انكح رجلا امرأة فقال اشهدوا ان فلانا ادى الى فلانة كذا وكذا وعلى ظهره كذا وكذا وقد اعطيناه فلانة أو وهبنا له فلانة اسم المرأة قال موسى هو جائز وقال ابو عبدالله حمد بن محبوب ان قال المزوج قد زوجتنك واملكنك أو اخطبتك وانكحتك فكل ذلك جائز وقال ابو الموثر اما قوله انكحت أو املكت فثابت واما قوله ا خطبت فان جاز بها لم افرق بينهما وان لم يكن جاز بها فاحب الى ان يجدد النكاح . قال نور الدين فهذا ابو على اجاز في التزويج املكتك واخطبتك .واجاز ابو الموثر ملكتك وتوقف في اخطبتك قال وجميع هذه الألفاظ مجاز عن لفظ انكحتك وذلك ان لفظ الهبة والعطية والتمليك انما وضعت لملك الرقبة ووضع النكاح لملك المتعة وملك الرقبة سبب لملك المتعة ولما كان ملك الرقبة متعذرا في الحرة صرفت هذه الألفاظ الى ملك المتعة فهي من اطلق اسم السبب على المسبب والسببية في اخطبتك اضعف منها في الألفاظ الأول فلذا توقف فيه ابو الموثر والله اعلم . ٢٢١ باب احكام المجاز للمجاز احكام منها ثبوت الحكم الذي قصد به من التجوز سواء كان ذلك دارهيتناولحيثاو عاما نحولا ادخل دار فلانيرمىالحكم خاصا نحو رأيت اسدا بالملك وبالاجارة وبالعارية . قال نور الدين رحمه الله ذهب بعض الشافعية الى ان المجاز لا عموم له لأنه ضروري كالمقتضى والضروري لا عموم له لأن ما ثبت ضرورة يتقدر بقدرها والضرورة تندفع بلا عموم .قال وذهبت الحنفية الى ثبوت العموم للمجازكالحقيقة وعلى ذلك اصحابنا رحمهم الله واستدلوا عليه بوجوه منها ان الصيغ المقترنة بأدلة العموم تفيد العموم مطلقا حقيقة كان او مجازا منها ان المجاز احد نوعي الكلام فكان مثل النوع الآخر في افادة العموم والخصوص ومنها ان عموم اللفظ ليس الا لما يلحق به من دليل العموم لا لكونه حقيقة والا لكان كل حقيقة عاما واللازم باطل فكذا الملزوم ومن احكام المجاز ايضا صحة نفي المعنى الحقيقي عنه فيصح ان يقال للجد ليس باب اي في الحقيقة لكنه اب مجازا وكذا يصح ان يقال للشجاع ليس باسد باعتبار انه ليس هو من افراد جنس الحيوان المسمى بذلك ومن احكام المجاز ايضا انه يجوز التمسك به ويصح الاخذ مدلوله بل يجب ذلك اذا قامت القرينة على ارادته وان كانت الحقيقة في اللفظ ممكنة الا اذا دلت القرينة على ان المراد من هذا اللفظ معناه المجارى وجب التمسك به في ذلك المعنى وان كان المعنى الحقيقي يمكننا في ذلك اللفظ لأن القرينة هي التي صرفت اللفظ عن معناه الحقيقي الى المعنى المجازي . وايضا فان المجاز احد طريقي تأدية المعنى كالحقيقة وهو طريق مسلوك والتعبير به كثير فاذا قام الدليل على انه المراد من اللفظ فلا معنى للعدول عنه الى غيره وان كان غيره هو الأصل ومن احكام المجاز ايضا ان يرجح على الأضمار وعلى النقل في مقام التعارض فاذا احتمل اللفظ الواحد ان يكون مجازا وان يكون فيه اضمار أي تقدير محذوف فحمله على المجاز اولى لأن المجاز اكثر استعمالا في العربية ولأنه لا يحتاج الكلام معه الى تقدير والاضمار لا يصح الكلام معه الا بتقدير وكذا اذا احتمل _ ٢٢٣٢ اللفظ الواحد ان يكون مجازا وان يكون منقولا فحمله على المجاز اولى لأن النقل لا يحصل الا اذا اتفق ارباب اللسان على تغيير الوضع واصطلحوا على استعمال ذلك اللفظ في معنى اخر وهذا عسير ومن هنا منع النقل من منع اما المجاز فان القرينة كافية فيه وحصول العلاقة مصححة لاستعماله هذا وقيل الاضمار اولى من المجاز لأن قرينته متصلة . قال نور الدين وصحح البدر وغيره تساوي الاباز والاضمار فلا يرجح احدهما على الآخر لاحتياج كل منهيا للقرينة قال وثمرة الخلاف تظهر فييا اذا قال السيد لعبده يوالدي فمن حمله على المجاز اوجب العتق حيث اطلق اسم الملزوم الذى هو الولد على اللازم الذى هو الحر لأن الحرية لازمة لبنوة المالك فكأنما قال له يا حر ومن حمله على الاضمار لم يوجب العتق لأن المعنى معه يا من هو كولدي واذا احتمل اللفظ ان يكون من باب الاضمار وان يكون منقولا فحمله على الاضمار اولى لأنه اكثر استعمالا وايسر وجود او قيل حمله على النقل اولى لأنه لا يحتاج الى قرينة واذا احتمل ان يكون منقولا وان يكون مشتركا فحمله على النقل اولى لأنه لا يحتاج الى قرينة فالنقل اولى من الاشتراك والاضمار اولى من النقل والمجاز اولى من الاضمار وهذه الأربعة وهي المجاز والاضمار والنقل والاشتراك هي التي يقع باحتمالها في اللفظ التعارض بين معانيه وقد تقدم وجه الترجيح فيها قيل وقد يحتمل اللفظ مع هذه الاحتمالات الاربعة احتمالا خامسة وهو التخصيص وحكمه انه يرجح على جميعها فاذا احتمل الكلام التخصيص والمجازية فالتخصيص اولى . قال نور الدين فالصحيح انه نوع من المجاز لأنه قصد اللفظ على جميع مد لولاته الى بعض افراده وهو خلاف الوضع الاصلي واعلم انه لما كانت الحقيقة هي الأصل والمجاز خلفا عنها كانت اولى بالاستعمال من المجاز ولم يصح العدول عنها الا لداع يرجح التعبير بالمجاز وذلك الذاعي هو الحكمة التي لاجلها وقع التجوز وهي امور كثيرة منها ان المجازابلغ من الحقيقة اي اكثر بلاغة في الوصف واوجز لفظا في العبارة فان قولك رأ يت اسدا يرمايبلغ وصفا من قولك رأيت رجلا يرمي وأوجز لفظا من قولك رأيت رجلا بالغا في الشجاعة مبلغ الأسد ومنها ان المجاز يتوصل به _ _ ٢٢٣ الى المحسنات البديعية من نحو السجع والمطابقة والمجانسة اما السجع فنحو ان تقول لقيت اسدا شاكى السلام فتعاطينا الرماح واما المطابقة وهي الجمع بين شيئين متضادين نحو فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا واما المجانسة وهي تشابه الكلمتين في اللفظ مع اختلاف المعني فكقول الشاعر : اؤى قدمي اراق دميالى حتفي سعى قدمي وجميع انواع المجاز انما تتيسر غالبا بالمجاز دون الحقيقة ومنها ان المجاز يحصل به التلطف في الكلام بخلاف الحقيقة وذلك نحو استعارة بحر من المسك موجه الذهب لفحم فيه جمر موقد فيفيد لذة تخييلية وزيادة شوق الى ادراك معناه فيوجب سرعة التفهم بخلاف قولك فحم عليه جمر ومنها ان التعبير بالمجاز يكون فيه زيادة بيان عن التعبير بالحقيقة فان قولك رأيت اسدا ابين في الدلالة على الشجاعة من قولك رأيت شجاعا ومنها ان المجاز يتيسر به اختراع المعاني اللطيفة والنكت البديعة الظريفة فمن ذلك التنظيم كاستعارة ابي سعيد لرجل عالم فان يدل .على كثرة علمه فيحصل بذلك تعظيمه ومن ذلك التحقير كاستعارة الهمج وهو صغار الذباب للجهال من الناس ومن ذلك ترغيب السامع كاستعارة ماء الحياة لشيء من المشروبات ومن ذلك تنفير السامع كاستعارة السم لشيء من المطعومات ومنها ان الحقيقة قد تكون وحشية يمجها الاسماع كالخنفقتين فيعدل عنها الى المجاز لعذوبته فيعبر عنها بلفظا الداهية ومنها طلب النزاعة نحو قوله تعالى توما لم تمسوهنهه فان فيه نزاهة لم تكن في قول القائل ما لم تولجوا الذكر في الفرج والله اعلم باب ا خروف والمراد بها الحروف المعنوية وذلك ان قد جرت العادة بالبحث عن معاني بعض الحروف والظروف لدلالتها على معان بعضها حقيقة وبعضها مجاز يتوقف شطر من المسائل الفقهية عليها وكثيرا ما يسمى الجميع حروفا تغليبا وتنقسم الحروف المعنوية الى مجاز والى حقيقة كسائر الكلم العربية مثال ذلك ان الواو مثلا حقيقة في مطلق الجمع مجاز في الحال والفاء حقيقة في التعقيب مجاز في التراخي وفي مطلق الجمع وثم ٢٢٤ حقيقة في التراخى مجاز في التعقيب وفي مطلق الجمع ايضا وهكذا واته اعلم حروف العطف الواو حقيقة في مطلق الجمع اي جمع الأمرين فصاعدا وتشريكهيا في الشيء كان ذلك الشيع ثبوتا نحو قام زيدا وقعد عمرو أو حكيا نحو قام زيد وعمرو اوذاتا نحو قام وقعد عمرو قالوا وفي جميع هذه الأمثلة انما هي لمطلق الجمع بين معطوفيها وتشريكهها في ذلك الشىء من غير دلالة على معية او ترتيب بل اذا اريد واحد من المعية او الترتيب جىع له بقرينة تدل عليه وعند الاطلاق فلا تفيد الا مطلق الجمع هذا قول الجمهور . قال نور الدين وقيل انهاأتفيد المعية ايضا ونقل هذا عن مالك وقيل انها تفيد ‏ ١لشافعى ونسب إل أبي حنيفة ومعنى المعية هي مقارنة‏ ١لترتيب ايضا ونقل هذا عن المتعاطفين وجودا في الزمان ومعنى الترتيب هو تأخر المعطوف عن المعطوف اليه في الزمان . قال نور الدين والحجة للجمهور على ان الواو مطلق الجمع امور منها ما ذكره الرضي من انه يحتمل ان يكون الفعل من نحو قولك جاء زيد وعمرو حصل من كليهيا في زمان واحد وان يكون حصل من زيد أولا ومن عمرو ثانيا والعكس فهذه احتمالات عقلية لا دليل في الواو على شيء منها ومنها النقل عن ائمة اللغة حتى ذكر عن اي على دعوى الاجماع على ذلك ومنها الاستقراء فانا نجد الواو مستعملة ف مواضع لا يصح فيها الترتيب ولا المقارنة والاصل في الاطلاق الحقيقة وذلك مثل تشارك زيد وعمرو واختصم بكر وخالد والمال بين زيد وعمرو وجاعءني زيد وعمرو قبله او بعده ومنها انهم ذكروا ان الواو بين الاسمين المختلفين بمنزلة الالف بين الاسمين المتحدين فكي لا دلالة لمثل جاءني رجلان على المقارنة والترتيب بالاجماع فكذا جاعءني رجل وامرأة . قال نور الدين فاذا ظهر لك مما ذكرناه ان الواو العاطفة لمطلق الجمع من غير معية ولا ترتيب فاعلم انه اذا حلف حالف بانه لا يأكل التمر والزبيب مثلا فاكلهما واحد او اكل التمر اولا والزبيب ثانيا علىحالمعا ف1عمينه سواءفكان حانثا . ٢٢٣٥ الترتيب مع مهلة او مع عدمها او اكل الزبيب اولا والتمر ثانيا ففي كل هذه الاحوال يكون حازثا الا اذا قيد بمعية اتورتيب كأن يقول لا اكل التمر والزبيب معه او بعده او قبله فانه لا يحنث الا اذا فعل ما حلف عليه من ذلك كذلك لا يحنث ايضا اذا اكل التمر وحده او الزبيب وحده وكذلك لا يحنث ايضا اذا قال لزوجته ان قام زيد وقعد عمر فانت طالق فقام زيد ولم يقعد عمرو او قعد عمر ولم يقم زيد وتستعار الواو للحال لأن الواو مطلق الجمع والاجتماع الذي بين الحال وصاحبها من محتمالات ذلك الجمع وذلك نحو قول القائل لصاحبه اعتق غلامك فلانا وعلى قيمته فانه يلزم القائل قيمة الغلام ان اعتقه سيده لأن الواو في قوله وعلي قيمته للحال اذ لا وجه للعطف ها هنا لأن الحملة الأولى فعلية طلبية والثانية اسمية خبرية وبينها كمال الانقطاع والأحوال شروط لكونها مقيدة كالشرط فمعنى قولك اعتق فلانا وعلي قيمته اعتقه حال كوني ضامنا لقيمته والله اعلم . ذكر الفاء الفاء حقيقة للتعقيب وهو عبارة عن كون وجود معطوفها بعد وجود ما عطفت عليه بعدية زمانية بغير مهلة سواء كانت للعطف او لربط جملة الجواب بالشرط وتكون تلك البعدية في كل شيع بحسبة فيقال تزوج فلان فولد له اذا لم يكن بينهما الا مدة الحمل وان كانت مدة طويلة ويقال دخلت البصرة فبغداد اذا لم يقم في البصرة ولا بين البلدين ثم العاطفة ان عطفت مفردا على مفرد تفيد ان ملابسة المعطوف لمعنى الفعل المنسوب اليه حاصلة له بعد ملابسة المعطوف عليه بلا مهلة فمعنى قولك قام زيد فعمرو حصل قيام عمرو عقيب قيام زيد بلا فصل وان دخل على الصفات المتتالية والموصوف واحد فالترتيب ليس في ملابستها لمدلول عاملها كيا كان في نحو قولك قام زيد فعمرو واتما هو في مصادر تلك الصفات وذلك نحو قولك جاعني زيد الأكل فالشارب فالنائم اي الذي يأكل فيشرب فينام وان لم يكن الموصوف واحدا فالترتيب في تعلق مدلول العامل بموصوفاتها كيا في الجوامد وذلك نحو قولهم في صلوة الجماعة يقدم الاقراء فالافقه فالاقدم هجرة فالاسن . ٢٢٦ قال نور الدين رحمه الله فاذا عرفت ان الفاء للتعقيب وظهر لك معنى التعقيب ما هو فاعلم انه لا حنت على من حلف على زوجته مثلا فقال لها ان كلمت زيدا فعمرا فانت طالق مثلا اذا كلمت زيدا ثم فصلت بزمان طويل ثم كلمت بعد ذلك عمرا فانها لا تطلق عليه بذلك لعدم التعقيب في فعلها وهو انما حلف على التعقيب وكذلك ان كلمت عمرا قبل زيد او كلمتها معا بكلام واحد في حال واحد وكلمت واحدا منهيا وقد تكون الفاء للتعليل فتدخل تارة في حكم العلة نحو دخل الشتاء فتاهب وتخص فيه باسم السببية فيقال لها فاء السببية وتدخل تارة على نفس العلة اذا دامت تلك العلة كيا يقال لمن هو في قيد ظالم ابشر فقد اتاك الغوث فان الغوث بعد ابتداء الابشار باق وهو علة للابشار وتسمى في هذا الموضع فاء التعليل وهي في الحالين غير خارجة عن حكم التعقيب خلافا لمن زعم ان فاء السببية لا تستلزم التعقيب . قال نور الدين رحمه الله وقد فرعت الحنفية على كل واحد من فاء السببية وفاء التعليل فروعا فمن تفريعهم على فاء السببية قول القائل فهو حر في جواب من قال بعت منك هذا العبد بكذا قالوا هو قبول البيع واعتاق للعبد لأنه ذكر الحرية بحرف الفاء عقب الايباب للترتيب ولا يترتب العتق على الايجاب الا بعد ثبوت القبول فيثبت ذلك بطريق الاقتضاء بخلاف ما اذا قال هو حر بلا فاء او وهو حر بالواو ومن تفريعهم على فاء التعليل ما قالوه فمن قال لعبده اد الي الفا فانت حر انه يعتق حالا وتقديره عندهم اد الي الفا لأنك حر ومن ذلك ايضا فيمن قال لحربي انزل فانت امن انه آمن نزل او ل ينزل وتقديره عندهم لانك آمن قال وهي تفريعات مطابقة للحق وقواعد الاصحاب شاهدة لها بذلك وقد تخرج الفاء عن حقيقتها التي هي التعقيب فتستعمل مجازا بمعنى الواو في نحو جاء زيد فعمرو قبله اي وجاء عمرو قبله وبمعين في قوله تعالى «ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحيامه لأن بين خلق هذه الاشياء مدة من الزمان ومن التفريع عليها وهي معنى الواو قول القائل لفلان علي درهم فدرهم قال بعض الحنفية يلزمه درهمان لآن الفاء للترتيب ولا يمكن رعايته بين العينين بل بين الفعلين والدراهم في الذمة في حكم العين فلا يتصور فيها الترتيب فتجعل الفاء مجازا عن الواو لمشاركتها ي نفس العطف . ‏_ _ ٢٣٧ وقال الشافعي يلزمه درهم واحد لأن الحقيقة قد تعذرت لا محالة فيحمل على كأنه قال فهو درهم .حملة مبتدأه قال نور الدين والقول الأول اصح لأنه مجاز وفي قول الشافعي اضمار والمجاز اولى من الاضمار والله اعلم ( .ذكر ثم وبل ولكن) اعلم ان ثم حقيقة في المهلة والترتيب المعبر عنهيا بالتراخي فلا حنت على من خلف لا يأكل خبزا ثم تمرا فاكلهما متعاقبين بلا مهلة بينها وكذلك ان اكل التمر قبل الخبز لعدم الترتيب هنالك وكذلك ان اكلها معا في حال واحد وانما يجنث بما اذا فعلها على التراخي مقدما الأول ثم الثاني على الترتيب فقول القائل اوقفت هذه الضيعة على اولادي ثم على اولاد اولادي بطنا بعد بطن انما يكون الايقاف على الترتيب فيكون اولا لأولاده فاذا انقرضوا يكون لأولاد اولاده وهكذا وتستعمل ثم مجازا بمعنى الفاء كيا في قول الشاعر : كهز الرديني تحت العجاج جرى في الأنابيب ثم اضطرب اذا المعنى فاضطرب اذ ليس بين الجري في الأنابيب وبين اضطراب الرمح مهلة وتستعمل ايضا بمعنى الواو مجازا كيا في قوله تعالى هو الذي خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها فالجعل قبل خلقنا ولفظ بل موضوع الاعراض عن الملعطوف عليه مع تدارك الحكم وثبوته للمعطوف سواء كان في حيز الاثبات كقام زيد بل عمرو واضرب زيدا بل عمرا او في حيز النفي كيا جاء زيد بل عمرو ولا تضرب زيدا بل عمرا فالمعطوف عليه في هذه الامثلة ونحوها اما هو في حكم المسكوت عنه بمعنى انه لم يتعرض له باثبات ولا بنفي وهذا معنى الاضراب واذا وقع قبل بل لا كان نصا في نفي الأول كجاء زيد لا بل عمرو ثم ان هذا الاضراب انما يكون فيما يحتمل الرجوع عنه كالاخبار وبعض الانشاءات اللغوية ولا يكون في الانشاءات الشرعية لأنه لا يصح الرجوع عنها بعد ثبوتها فقول القائل لزوجته انت طالق واحدة بل اثنتين يثبت به ثلاث تطليقات لأن قوله انت طالق واحدة انشاء شرعي لا يمكن الرجو ع عنه فهي تطليقة واحدة وقوله بل اثنتين تطليقتان اخريان فيصير الجميع ثلاثا فان قال انت طالق غدا لا بل اليوم فهي تطليقتان بخلاف ما اذا قال علي لفلان درهم بل درهمان _ ٢٢٨ فانه اتما يجب عليه درهمان فقط لأن المراد بمثل هذا الكلام عادة التدار ك بنفي انفراد ما اقر به اولا لا بنفي اصله كيف واصله داخل في الثاني ومثاله قولهم سنى ستون بل سبعون فان الستين داخلة في عدد السبعين وهو اخبار يحتمل الرجوع عنه ولكن لفظ موضوع للاستدراك اي التدارك وهو دفع التوهم الناشيعء من الكلام السابق مثل ما جاءني زيد لكن عمرو اذا توهم المخاطب عدم مجيئي عمرو ايضا لمخالطة وملازمة بينهيا فتفيد اثبات ما بعدها فان وقم بعدها مفرد وجب ان يكون ما قبلها منفيا يحصل منه توهم نفي المستدرك كيا في المثال السابق وتقع بين الجملتين فيجب مغايرة ما بعدها لما قبلها اما لفظا نحو جاء زيد لكن عمرو لم يجيء او معنى نحو سافر زيد لكن عمرو حاضر ليحصل معنى الاستدارك ثم ان الاستدارك انما يستفاد منه لكن بشرط انتظام الكلام بان يصلح ما بعد لكن تداركا لما قبلها وذلك بأمرين الأول ان يتحقق بين اجزاء الكلام ارتباط معنوي ليحصل العطف والثاني ان يكون محل الاثبات غير محل النفي ليمكن الجمع بينهما اما اذا فات احد الامرين فانها تحمل هنالك على الاستئناف وذلك كيا في قول السيد لأمة تزوجت بغير اذنه لا اجيز هذا النكاح لكن اجيزه بألف درهم لأنه نفى اجازة النكاح عن اصله فلا معنى لاثباته بالف او بالفين وانما يكون منتظيا لو قال لا اجيزه بالف لكن اجيزه بالفين ليكون التدارك في قدر المهر لا في اصل النكاح والله اعلم . ذكر أو اعلم ان لفظ اوموضوع لأحد الشيئين فصاعدا بمعنى انه ان وقع بين شيئين او اشياء فهو دال بوضعه على ثبوت الحكم لأحد ذينك الشيئين او تلك الاشياء فقول القائل اعتق هذه الأمة او هاتين الأمتين انما يكون ايقاع العتق لأحد هذين الشيئين اما الأمة المشار اليها اولا او الامتان المشار اليهيا ثانيا فان اوقع المأمور العتق على الامة فليس له ان يوقعه على الامتين الأخريين وكذا العكس . قال نور الدين رحمه الله فاذا عرفت هذا فاعلم انه ان وقعت او في الانشاء يستفاد منها اما التخيير واما الاباحة فمثل قولنا افعل هذا أو ذاك يستعمل تارة لطلب ٢٢٩ احد الامرين مع جواز الجمع بينهما ويسمى اباحة نحو جالس الفقهاء او المحدثين وتارة في طلبه مع امتناع الجمع ويسمى تخييرا كقوله بع عبدي هذا او ذاك وثبوت الاباحة والتخيير بحسب القرائن فمن دلائل الاباحة ان يكون الكلام بعد سبق الحظر نحو لا اكلم احدا الا فلانا او فلانا او ان تعرف الصيغة المرغوبة في كل واحد منهيا نحو جالس الفقهاء او المحدثين او يكون مقصوده اظهار السماحة نحو خذ من مالى هذا او هذا . قال الازميري ومن هنا قالوا فيمن حلف لا يكلم احدا الا فلانا او فلانا ان له ان يكلمهيا جميعا وكذلك لا اقربكن الا فلانة وفلانة فليس يمول من المستثنيتين وانما يكون موليا عن عداهما ولو قال قد برء فلان من كل حق لي قبله الا دراهم او دنانير ان له ان يدعى المالين جميعا لأن هذه مواضع اباحة والاباحة من دلائل العموم . قال نور الدين وهذه التفريعات كلها صحيحة وقد توجب او المساواة في الحكم كيا في قول القائل انت طالق غدا او بعد غد فانهم قالوا فيه انها تطلق في الأقرب من ذلك لأن معنى قوله انت طالق غدا او بعد غدا انت طالق في غد او في ما بعدها على سواء وليس من التخيير او التي في قوله تعالى انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف ايونفوا من الارض وانما هي في الاية بمعنى بل كذا قيل فهي عند هذا القائل كالتي في قوله تعالى فهي كالحجارة او اشد قسوة فيكون المعنى بل يصلبوا اذا وقعت المحاربة بقتل النفس واخذ المال بل تقطع ايديهم اذا اخذوا المال فقط بل ينفوا من الارض اذا خوفوا الطريق وقال مالك ان التغيير ثابت في كل نوع من انواع قطع الطريق بقوله تعالى «إان يقتلوا الى اخر الآية وان وقعت او في الخبر فانها توجب الشك غالبا كجاء زيد او عمرو والتشكيك والابهام . فقال نور الدين والفرق بين الثلاثة ان الشك هو اخبار المتكلم بانه شاك اسناد الجكم اى احد الشيئين فصاعدا والتشكيك هو ان يقصد المتكلم حصول والمتكلم يعلم ذلك اواسناد الحكم لأحد الشيئين فصاعداالسامع فذهنالذضمك ف _ ٢٤٠ لا يعلمه والابهام هو ان يقصد المتكلم خفاء من اسند اليه الحكم على السامع لنكتة كاظهار النصفة في قوله تعالى وانا او اياكم لعلى هدى او في ضلال مبين وتفيد او العموم اذا استعملت في سياق النفي وما بمعناه كالنهي لفظا او معنى فالأول نحو ما جاعني زيد او عمرو اي لا هذا ولا ذاك ونحو قوله تعالى ولا تطع منهم اثيا او كفورا اي لا هذا ولا ذاك والثاني هو ان تقطع في اليمين المثبت نحو ان فعلت هذا او هذا بمعنى لا افعل شيئا منهيا او في الاستفهام الانكاري نحو افعلت هذا او هذا بمعنى ما فعلت شيئا منهيا . قال نور الدين والسر في افادتها العموم ها هنا انها لاحد الامرين من غير تعيين وانتفاء الواحد المبهم لا يتصور الا بانتفاء المجموع فقوله تعالى ولا تطع منهم اثيا او كفورا معناه لا تطع احدا منهيا وهو نكرة في سياق النفي فيعم وقد تخرج او عن كونها عاطفة فتستعمل بين الفعلين مجازا استعاريا بمعنى حتى او بمعنى الى او معنى الا ان للمناسبة بين او وبين هذه الحروف والمانع من كونها للعطف اما لفظي او معنوي فاللفظي نحو قوله تعالى ليس لك من الامر شيع او يتوب عليهم فان عطف الفعل على الاسم غير جائز واما المانع المعنوي فنحو قولك لغريمك لا لزمنك اتوعطيني حقي فان المقصود وهو كون اللزوم لأجل الاعطاء لا يحصل مع العطف فسقطت حقيقته واستعير لما يحتمله وهو الغاية او الاستثناء والله اعلم . الجرباب حروف ذكر الباء من حروف الجر الباء وهي موضوعة للالصاق الذي هو تعليق الشيء بالشيء وايصاله اليه وهو على نوعين حقيقي ان كان مفضيا الى نفس المجرور كامسكت بزيد اذا قبضت على شيع من جسمه أو ثوبه الذي على بدنه ومجازى ان افضى الى ما يقرب من المجرور كمررت بزيد . قال نور الدين رحمه الله فاذا عرفت ذلك فاعلم ان الباء قد تدخل على الالة نحو مسحت الحائط بيدي فتكون لاستيعاب المحل لا الآلة وقد تدخل على المحل كيا _ _ ٦٢٤١ في قولك مسحت يدي بالحائط فتكون لاستيعاب الآلة لا المحل ومنه قوله تعالى فامسحوا برؤ سكم فلا يجب استيعاب الرأس بالمسح في الوضوء عند جمهورنا وعند الحنفية هذه الآية وذهب الشافعي الى ان المفروض فيه اقل ما يطلق عليه المسح ولو شعرة لاطلاق قوله تعالى وامسحوا برؤ سكم والمطلق يسقط بادنى ما يصدق عليه . ١سمه‎ قال نور الدين ورد بانه لو كان كذلك لفعله عليه الصلوة والسلام ولو مرة في العمر لاسقاط الواجب لكنه لم يمسح ما دون الناصية قطعا وليس في الشرع واجب أو جائز لم يبينه الشارع بفعل او بتعليم وذهب مالك الى ان المفروض في مسح الرأس الاستيعاب مستدلا بان الاية مجملة بينها حديث عبدالله بن زيد انه عليه الصلوة والسلام توضأ ومسح رأسه واستوعب والقياس على اية التيمم وهي قوله تعالى وامسحوا بوجوهكم . قال نور الدين ورد بان الحديث محمول على الاستحباب حمعا بين الدليلين والقياس ليس بشيع اذ لا قياس بين الاصل والبدل وتكون الباء للاستعانة ايضا عل شيء مئل كتبت بالقلم .المعونة بشيءطلبوهي قال نور الدين رحمه الله وقيل انها راجعة الى الالصاق لأن الالصاق معنى لا يفارق الباء فالاستعانة على هذا القول انما هي مستفادة من القرائن قال وهو الصحيح عندي دفعا للاشتراك ولظهور معنى الالصاق في جميع مدخولات الباء ما لم تستعمل في غير ما وضعت له مجازا وتفيد معنى الاستعانة فيما اذا دخلت على الوسائل والالات اذ بها يستعان على المقاصد ومن الوسائل الاثمان كيا في اشتريت هذا العبد بالف فان المقصود الاصلي من المبايعة هو الانتفاع بالمملوك وذلك في الشيء المبيع والثمن وسيلة اليه (ذكر على) لفظ على موضوع حقيقة للاستعلاء صورة كركبت على الفرس ونحو وعليها وعلى الفلك تحملون وهو الغالب او معنى نحو تأمر عليهم ونحو ولهم على ذنب ونحو فضلنا بعضهم على بعض والاول استعلاء حقيقية والثاني جازى ثم وضعت على بالوضع الشرعي او العرف العام لشيئين احدهما الوجوب نحو له على دين وعلى ٢٤٢ قضاء الصلوة وعليه القصاص فعلى في هذه الامثلة كلها بمعنى الوجوب عرفا لغويا ووضعا شرعيا وهي في اصل وضعها للاستعلاء فهي في هذه المعانى مجاز لغوي لحصول معنى التشبيه فيها بالاستعلاء فقول القائل على دين بمنزلة قولهم ركبة دين فمن اقر بان لفلان عليه الفا يحكم عليه بانه دين في ذمته الا اذا وصله بقوله وديعة فيحمل على ان معه وديعة لما في حفظ الوديعة من الوجوب ايضا تصحيحا لكلام العاقل فانه لو حمل على الدين لزم الغاء لفظ الوديعة وثانيها الشرط نحو قول الرجل لأمرأته انت طالق على تسليم الف درهم فان طلاقها مشروط بحصول الالف فكأنه مت لي الف درهم وكونها للشرط حقيقة عرفية وشرعية وجاز لغوي لق ان سطال قال أنت لأن في الشرط معنى اللزوم وتستعمل على مجازا بمعنى الباء فتكون للعوض كيا في الملعوضات المحضة التى لا تحتمل معنى الاسقاط كالبيع والاجارة والنكاح فقول القائل بخنلك هذا العبد على كذا بمعنى بعتكم بكذا فيلزم العوض المذكور وكذا ما بعده فان قالت المرأة لزوجها طلقني ثلاثا على الف فطلقها واحدة وقع الطلاق رجعيا ولا شيء له عليها من الألف لأن على في هذه الصورة محتملة للشرط وللمعاوضة فحملها على الشرط لكونها حقيقة عرفية وشرعية اولى من حملها على المجاز الذي هو المعاوضة والله اعلم . (ذكر من) لفظ من موضوع لغة لابتداء الغاية مكانا كانت او زمانا كخرجت من البصرة وصمت من اول الشهر وتستعمل للتبعيض وعليه المحققون والفرق بين من الابتدائية والتبعيضية ان من الابتدائية تعرف بان يحسن في مقابلتها الى او ما يفيد فائدتها نحو اعوذ بالله من الشيطان الرجيم لأن معنى اعوذ به التجىع اليه فالباء ها هنا افادت معنى الانتهاء والتبعيضية تعرف بان يكون هناك شيء ظاهر هو بعض المجرور يمن نحو خذ من اموالهم صدقة او مقدار نحو اخذت من الدراهم اي شيع وتستعمل من لبيان الجنس نحو علي لفلان عشرة من فضة وتستعمل زائدة وتكون في زيادتها على وجهين احدهما زيادة يختل المعنى باسقاطها نحو ما جاءني من رجل فان المعنى ما جاءني احد من هذا الجنس فان زيادتهيا في هذا الكلام افادت التنصيص في نفي العموم فلو سقطت منه لم يفد التنصيص المذكور وثانيهما زيادة لا يختل المعنى ٢٤٢٣ باسقاطها معه وهى الزائدة في نحو ما جاءني من احد فان زيادتها هنا ليست الا محض التأكيد وتستعمل بمعنى الباء كيا في قوله تعالى يحفظونه من امر الله والله اعلم . من حروف الجر(ذكر الى وحتى) الى وحتى وهما موضوعان للدلالة على انتهاء الغاية مكانية كانت او زمانية فاما الى فاذا دخلت في الازمنة فقد تكون للتوقيت وقد تكون للتأجيل والتأخير ومعنى التوقيت ان يكون الشيء ثابتا في الحال وينتهي بالوقت المذكور ولولا الغاية لكان ثابتا فيما ورائها كقولك والله لا اكلم فلانا الى شهر فان ذلك الشهر يكون لتوقيت اليمين ولولاه لكانت مؤ يدة ونحو اجرت هذه الدار الى شهر ونحوهما وشرطه ان يكون صدر الكلام قابلا للتوقيت كيا في المثال المذكور فان كلا من عدم التكلم والايجار قابل للتوقيت فعلى هذا تكون الى في نحو بعت الى شهر لتوقيت التاجيل والمقدر في الكلام لا لتاخير البيع المذكور والا لفسد الكلام لعدم قابلية المذكور للتوقيت واما حتى فهي على ثلاثة اوجه احدها ان تكون جارة وهي على نوعين احدهما ان تكون بمعنى الى لانتهاء الغاية وهذا الوجه هو الاصل في موضوعها وثانيهما ان تكون بمعنى كي كقولك للكافر اسلم حتى تدخل الجنة ولا تجر في هذا الا الاسم المؤ ول المسبوك من ان الملضمرة والفعل المنصوب بخلافها على المعنى الأول فانها تجر الصريح كيا في حتى مطلع الفجر والمؤ ول نحو اسير حتى ادخل البصرة اي الى ان ادخلها الوجه الثاني ان تكون عاطفة وهي كالجارة في افادة معنى الغاية والفرق بين الجارة والعاطفة ان الجارة قد تكون بمعنى كي كيا مر والعاطفة لا تكون كذلك وان العاطفة يجب ان يكون ما بعدها جزؤ الما قبلها وداخلا في حكمه نحو ضربت القوم حتى زيدا اكوجزئه بسبب الاختلاط نحو ضربت السادة حتى عبيدهم واما الجارة فالاكثرون على تجو يزركون ما بعدها متصلا باخر اجزاء ما قبلها نحو نمت البارحة حتى الصباح وصمت رمضان حتى الفطر كيا يكون جزؤ ا منه ايضا نحو اكلت السمكة حتى رأسها بالجر وانما وجب ان يكون ما بعد العاطفة جزؤ ا لما قبلها او كالجزؤ منه من حيث افادتها الغاية لا من حيث العطف لاقتضاء العطف التغاير فما بعد حتى العاطفة غاية لما قبلها في العلو ٢٤٤ كمات الناس حتى الانبياء او فى الدنو كجاء الناس حتى الحجامون اما حتى الجارة فلا يجب دخول ما بعدها في حكم ما قبلها لعدم وجوب ان يكون ما بعدها جزؤ الما قبلها لكن يدخل ما بعدها في حكم ما قبلها تارة وهو الغالب من استعمالها ولا يدخل اخرى وذلك بحسب القرائن ومثل حتى الجارة في هذا الحكم الى فتدخل تارة معها الغاية في حكم المغيا كيا في قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق فالمرافق داخلة في حكم الغسل ومرة لا تدخل نحو قوله تعالى ثم اتموا الصيام الى الليل فالليل غاية للصيام وهو غير داخل في حكمه وان تحبردت العاطفة من معنى الغاية حملت على معنى الفاء مجازا استعاريا نحو ان لم اتك حتى اتغد عندك أي فاتغد عندك فيجري فيها حكم الغاء العاطفة كيا تقدم الوجه الثالث ان تكون حرف ابتداء يستأنف معه الكلام وهي الداخلة على الجمل الاستئنافية اسمية او فعلية فمثاله في الاسمية قول الشاعر : بدجلة حتى ماء دجلة اشكلومازالت القتلى تمج دمائها ومثال دخولها على الجملة الفعلية حتى يقول الرسول في قراءة الرفع وهي قراءة نافع ولا بد في الابتدائية ان يكون ما قبلها سببا لما بعدها لأن الاتصال اللفظي لازال بسبب استئناف الكلام شرط فيها السببية التي هي موجبة للاتصال المعنوي فان السبب متصل المسبب مثنى حتى يكون جبرا لما فات من الاتصال اللفظي . قال نور الدين رحمه الله فحاصل معاني حتى انها تكون للغاية وهى الاصل فيها فان جرت الأسم الصريح او المؤ ول كانت جارة والا فهي العاطفة فان خلت الجارة عن معنى الغاية فهي بمعنى كى وان خلت العاطفة عن معنى الغاية فهى بمعنى الفاء تجازا استعاريا وان استؤ نف الكلام بعدها فهي الابتدائية وتحمل على الغاية فيها اذا احتمل صدر الكلام الامتداد وعجزه الانتهاء اليه نحو حتى يعطوا الجزية وتحمل على معنى كي ان صلح صدر الكلام ان يكون سببا لما بعد حتى وكونها بمعنى كي مجاز استعاري وتجمل على العطف المحض فيي اذا لم يحتمل ما قبلها الامتداد والسببية واللة اعلم . _ ٢٤٥ ذكر في الظرفية لفظة في للظرفية الزمانية والمكانية كانت الظرفية حقيقية كالماء فوضعت الكوز او مجازية كزيد في البلد وحكمها اذا حدفت مع ظرف الزمان كحكمها اذا اظهرت معه فانهم سووا بين قول القائل انت طالق في رمضان وبين قوله انت طالق غدا ولا نية له في الصورتين فقالوا في الصورة الأولى هي طالق من اول يوم منه عند طلوع الفجر وقالوا في الصورة الثانية هي طالق حين طلع الفجر من الغد وكذا قالوا فيمن قال هي طالق في الليل انها تطلق اذا جاء الليل . قال نور الدين لكن في بعض المواضع من الاثر ما نصه واذا قال لزوجته ان بت هذه الليلة نى هذا البيت فانت طالق فباتت حتى كانت في بعض الليل وخرجت فلا طلاق الا ان تبيت الليلة كلها ي البيت فان قال ان نمت في هذه الليلة فان نامت بعض الليل فانا نخاف ان يقع الطلاق قال ففي هذا الاثر اشارة الى الفرق بين ما اذا ذكرت مع الزمان وبينما اذا حذفت ثم ان في نفيه تقييد الحكم يما دخلت عليه مطلقا في ظرف الزمان كطالق يوم يقدم فلان او ي يوم يقدم فلان فان ذلك اليوم المذكور قيد لا يقع الطلاق فيه وكذا ايضا تفيد التقييد مع المكان اذا صلحت مع ما بعدها ان تكون قيدا لذلك الحكم ككل هذا الشيعء في البيت فان البيت قيد لحكم الأمر . قال نور الدين رحمه الله وعليه مسئلة الضياء ونصها ان قال ان بت في هذا المنزل فانت طالق فباتت الى نصف الليل اقل او اكثر ثم خرجت اودخلت المنزل بعد النصف اقل او اكثر حتى اصبحت طلقت فان قال ان بت في هذا المنزل الليلة فحتى تكون في المنزل مذ تغرب الشمي حتى يطلع الفجر ثم يحنت قال فقد اعتبر في الصورتين التقييد بالمكان المجرور بفي والزمان المتضمن معنى في ويلغى ما لا يصلح ان يكون قيدا والله اعلم . ٢٤٦ ذكر اسياء الظر وف من اسياء الظروف مع وهي لفظ موضوع للمقارنة سواء وصف به ما قبله اوما بعده ويستعمل مجازا بمعنى بعد كيا في قوله تعالى فان مع العسر يسرا ومنها قبل وهي للتقدم فتدل بوضعها على سبق ما وصف بها في المعنى وبعد بعكس قبل فهي موضوعة للتأخر فتدخل بوضعها على تأخر ما هي له وصف في المعنى فقول القائل انت طالق واحدة مع اثنتين او قبلها اثنتان يوجب الثلاث التطليقات سواء كانت مدخولا بها او غير مدخول بها لأن قوله انت طالق واحدة قبل واحدة او قبل اثنتين فانها لا تطلق الا واحدة اذا كانت غير مدخول بها لأن القبلية قائمة بالواحدة السابقة لأن فاعل الضمير عائدا اليها فلم يبق محل للأخر ولو قال لها انت طالق واحدة بعد اثنتين طلقت ثلاثا مطلقا كانت مدخولا بها او غير مدخول بها فالحكم في بعد على عكس الحكم في قبل ومن اسياء الظرف عند وهي لفظ موضوع للحضور حقيقة نحو عندي دراهم او حكيا نحو ان الدين عند الله الاسلام لأن المعنى ان الدين في حكم الله الاسلام فقول المقر عندي الف درهم لهذا الرجل انما يدل على نفس حضورها معه فيحمل الاقرار على الوديعة دون الدين اما اذا قال عندي له الف درهم دينا فانه يحمل على الدين لأنه يحتمله في الجملة والله اعلم . كلمات الشرط من كلمات الشرط ان وهي حرف موضوع لتعليق حصول مضمون جملة بحصول مضمون جملة اخرى في المستقبل كان دخلت الدار فانت حر فالحرية له حاصلة بدخوله الدار وتدخل ان هذه الامر المعدوم المشكوك في وجوده وعدمه ولا تستعمل فيما هو قطعي الوجود او قطعي الانتفاء الا على تنزيلها منزلة المشكوك لنكتة مثال استعمالها فيما هو قطعي الوجود قولك لمن عق اباه ان كان هذا اباك فاحسن اليه والنكتة فيه تنزيل المخاطب منزلة جاهل الابوة حيث لم يراع حقها ومثال دخولها على ما هو قطعي الامتناع فان استقر مكانه فسوف تراني فان استقرار الجبل مع تجلي تلك الآية قطعي الامتناع والنكتة فيه اظهار امتناع الرؤ ية ومن كلمات الشرط لو وهي _ ٢٤٧ حرف موضوع لامتناع الشرط واستلزامه لامتناع جزاءه نحو ولو شئنا لرفعناه بها فمشيئةالرفع له ممتنعه واستلزمت امتناع الرفع بالآيات وذلك فيا اذا كان الشرط سببا مساويا للجزاء او اعم منه اما اذا كان الجزاء اعم من الشرط كيا في لو طلعت الشمس لكان الضياء موجودا فلا يستلزم امتناع الشرط امتناع الجزء لأن الضياء قد يوجد بغير طلوع الشمس . قال نور الدين رحمه الله فاذا عرفت هذا فاعلم ان قول القائل لعبده لو دخلت الدار لعتقت لا يقع به عتق قال . .قال صاحب المراة لكن الفقهاء استعاروه لأن كيا ي قوله تعالى ولو اعجبكم ولو كره الكافرون الى ان قال فاذا قال انت طالق لودخلت الدار لا يقع طلاق حتى تدخل . قال نور الدين والذي تقتضيه القواعد العربية والاصولية انه لا طلاق بهذا أصلا لا ان نوى الطلاق بذلك لأن جعل لو بمعنى ان انما هو مجاز استعاري وقد تقرر ان المجاز لا يصار اليه الا مع قرينة تمنع من إرادة الحقيقة اما اذا قال لدوخلت الدار فانت طالق فالفاء فرينة لاستعمال لو بمعنى ان لأن اللام هي التي تدخل جواب لو والفاء تدخل في جواب ان فيقع الطلاق بالدخول في مثل هذا اللفظ كيا لو قال ان دخلت الدار ومن كلمات الشرط لولا وهي حرف موضوع لا متناع الشيء لوجود غيره نحو لولا زيد لجئتكم فامتناع مجيئك اليه انما هو بوجود زيد وحكمها في المنع حكم الاستثناء فلا تطلق المرأة بقول الزوج لها انت طالق لولا دخولك الدار لأن معناه عدم وقوع طلاقك لوجود دخولك الدار فهو بمنزلة قوله انت طالق الا ان دخلت الدار ومنها متى وهي للوقت اللازم المبهم فقول الرجل لزوجته انت طالق متى لم اطلقك تطلق بما اذا سكت عن طلاقها في وقت يمكن تطليقها وان قل ذلك الوقت وقوله لها انت طالق مني شئت تطلق متى شاءت الطلاق في المجلس او بعد المجلس لأن متى للوقت المبهم وهو يتناول الزمان كله كيا ان اين تتناول المكان كله فقوله انت طالق اين شئت لا يقصر على المجلس بل تطلق في اي مكان شاعءتالطلاق ومنها اذا وهي موضوعة للظرف عند البصريين وتضاف الى جملة فعلية في معنى الاستقبال وقد _ _ ٢٤٨ تستعمل لمجرد الظرفية من غير اعتبار شرط وتعليق كقوله تعالى والليل اذا يغشى اي وقت غشيانه على انه بدل من الليل وتستعمل ايضا للشرط بلا سقوط معنى الظرف نحو إذا خرجت خرجت أي أخرج وقت خروجك تعليقا لخروجك بخروجه بمنزلة تعليق الجزاء بالشرط والله اعلم . ذكر كيف وغير اعلم ان كيف موضوعة في الأصل للسؤ ال عن الحال يقال كيف زيد اذا اريد البحث عن حاله اي اصحيح ام مريض الى غير ذلك واستعملت في معنى الشرط مع ملاحظة الحال نحو كيف تجلس اجلس واستعملت ايضا لمجرد الحال مع خلوها عن السؤ ال والشرط كاضرب زيدا كيف وجدته فان امكن مراعاة الحال فيها مع السؤ ال او مع الشرط او مجردا منهيا حمل على ذلك والا الغى فمثال ما يمكن الحمل فيه على الشرط مع مراعاة الحال قول الرجل لامرأته كيف تجلسين تطلقين فانها تطلق بنفس الجلوس على اي حالة كان واشترط بعضهم في كونها للشرط ان يكون فعل الشرط وفعل الجزاء من جنس واحد نحو كيف تجلس اجلس وعلى هذا المذهب فلا يستقيم كلام الزوج بل يجب الغاء كيف ويقال في جوابه انه ان كان نوى الطلاق فيقع بغير تعليق ومثال ما يكن فيه الحمل على مجرد الحال قول الرجل لأمرأته انت طالق كيف شئت فانها تطلق كيف شاءت واحدة او اثنتين او ثلاثا اذا شاءت ذلك في المجلس ومثال ما يتعين الغاؤ ه ولا يمكن اعتبار الحالية فيه قول السيد لعبده انت حر كيف شئت فانه يعتق من حينه ذلك لأن العتق لا كيفية له اما غير فلها استعمالان احدهما ان تستعمل صفة لنكرة كجاء رجل غير زيد ولا تتعرف بالاضافة لشدة ابهامها وثانيهما ان تستعمل استثناء لمشابهة بينها وبين الا لأن ما بعد كل واحد منهيا مغايرا لحكم ما قبله نحو جاء القوم غير زيد والفرق بين الاستعمالين بوجهين الأول ان استعمالها صفة مختص بالنكرة بخلاف الاستثناء الثاني انه لو قال جاءني رجل غيرزيد لم يكن في ان زيدا جاء او لم يجىء بل كان خبرا ان غيره جاء ولو قال جاء القوم غير زيد بالنصب فانه يفهم ان زيدا لم يجىعء لغة وعرفا فباختلاف الاستعمالين اختلف _ ٢٤٩ الحكم فقول المقر على درهم غيرربع بنصب غير يوجب عليه ثلاثة ارباع الدرهم لأنه بمنزلة ان لو قال علي درهم الا ربعا ويجب عليه درهم تام فيا اذا رفع غير او جرها اما الرفع فلانها تكون صفة للدرهم فهو بمنزلة قوله على درهم مغاير للربع واما الجر فلانها تكون حينئذا لغوا لا معنى لها فيثبت الاقرار بالدرهم كاملا والله اعلم . مبحث الصريح والكناية الصريح والكناية قسمان للحقيقة والمجاز من حيث استعمال اللفظ في معناه وبينهما وبين الحقيقة والمجاز عموم وخصوص وجهي لأن بعض الحقيقة صريح وبعضها كناية وبعض الصريح حقيقة وبعضه مجاز وبعض المجاز صريح وبعضه كناية وبعض الكناية مجاز وبعضها حقيقة اما الصريح فهو ما ظهر المراد منه ظهورا بينا من حيث كثرة الاستعمال له كان ذلك اللفظ المستعمل حقيقة أو مجازاوحكمه ثبوت ما وجب به بلا توقف على نية لأنه لوضوحه قام مقام معناه في اجاب الحكم بحيث صار المنظور اليه نفس العبارة لا معناها فيقضي بموجب العبارة في الحكم الظاهر وان لم ينوه اما في الديانة فانه يصدق في دينه اذا قال نويت غير موجب هذا اللفظ اذا كان لكلامه محتمل وذلك كيا اذا نوى بقوله انت طالق رفع القيد الحسي عنها لا طلاقها منه فانه يصدق ديانة لا قضاء اما الكناية فهي لفظ مستتر المراد منه كان حقيقة او مجازا وهي في اللغة ان يتكلم بشيء يستدل به على المكنى عنه كالرفث والغائط وهي في عرف الاصولبين ما استتر المراد به في نفسه حقيقة او مجازا فالحقيقة التي لم تهجر والتى هجرت وغلب معناها المجازي ني الاستعمال كناية والمجاز المتعارف صريح وغير المتعارف كناية عندهم وقد اشتهر بينهم اطلاق لفظ الكناية على الفاظ يقع بها الطلاق وهي على ثلاثة اقسام منها ما يصلح جوابا وردا لا سبا وشتيا نحو اخرجي اذهبي اغربي قومي تقنعي استتري تخمري ومنها ما يصلح جوابا وشتيا لا ردا نحو خلية برية بائن بتة حرام ومنها ما يصلح جوابا لا ردا ولا شتيا نحو اغخندي واستبرىء رحمك وللكناية حكمان احدهما ثبوت ما يراد بها مع النية والقصد لذلك فاذا لم ينو شيئا لم يقض بثبوت موجبها وثانيها عدم اثباتها ما يندد بالشبهة فيجب دفع موجبها _ _ ٢٥٠ اذا كان مما يدفع بالشبهات كالحدود فلا يحد اذا اقر على نفسه بموجب الحد بطريق الكناية كا اذا قال جامعتها او واقعتها او نحو ذلك وكذلك ايضا لا يحد بتعريض كيا اذا قال لست انا بزان تعريضا بان المخاطب زان فانه كناية ايضا فان قيل لو قذف رجل رجلا فقال اخر هو كيا قلت يحد مع انه ليس بصريح اجيب بان كاف التشبيه تفيد العموم عندهم في محل يقبله وهذا المحل قابل فيكون ننبه له الى الز ني بلا احتمال والله اعلم . مبحث دلالة اللفظ على الحكم اعلم ان معنى الدلالة عند علياء الأصول والبيان فهم المعنى من اللفظ اذا اطلق بالنسبة الى العالم بالوضع فاللفظ هو الدليل والمعنى هو المدلول عليه والعالم بالوضع الآخذ بالدليل هو المستدل وفهم المعنى من اللفظ هي الدلالة الوضعية اللفظية وتنقسم الى ثلاثة اقسام الى مطابقة كدلالة زيد على الشخص المسمى بذلك وكدلالة الاسد على الحيوان المفترس المخصوص والى تضمن كدلالة الحيوان على بعض انواعه دون بعضريرذلك كيا اذا قلت رأيت حيوانا راكبا على فرس فان لفظ حيوان ها هنا دال على الانسان من بين سائر انواعه بقرينة الركوب على الفرس والى التزام كدلالة اللفظ على لازم معناه نحو قوله تعالى واحل الله البيع وحرم الربا فانه دال على التفرقة بين البيع والربا وهي لازم المعنى والمعتبر عندهم في دلالة الالتزام مطلق اللزوم عقليا كان او غيره بينا كان او غيره ولهذا يجري فيها الوضوح والخفاء ثم ان اللفظ الدال على المعنى اما ان يدل عليه بعبارته او باشارته او باقتضاءه او بدلالته فاما الدال عليه بعبارته فهو ما دل على ما سبق له باحدى الدلالات الثلاث التى هي المطابقة والتضمن والالتزام ومعنى ما سبق له هو ان يكون المعنى مقصودا اصليا فمثال ما دل على المعنى بعبارته دلالة مطابقة ذكر العدد في اية النكاح وهي قوله تعالى فانكحوا ما طالب لكم من النساب مثنى وثلاث ورباع فانها مسوقة لبيان القدر الذي , اتيح لنا من جمع النساء وهي دالة على ذلك بطريق مطابقة اللفظ لمعناه ومثال ما دل بالتضمن قولالرجل لزوجته وقدعاتبته على تزويجه عليهابأخرى كل امرأة له فهى طالق يريدبها المرأةالجديدةفان مقام العتاب قصرهذااللفظ عن معناه العام الى بعض ما _ ٢٥١ يتضمنه فيدل على طلاق الحديدة بطريق التضمين وهو مصدق في ذلك ان قال نويت طلاق واحدة بعينها ويحكم عليه بطلاق الكل عند القضاء ومثال ما دل بالالتزام قوله تعالى واحل الله البيم وحرم الربا فانه عبارة في التفرقة بين البيع والربا اللازمة للمعنى المطابق لأنه انما سيق ردا على زعم الكفار ان البيع مثل الربا واما الدال باشارته فهو ما دل على ما ليس له السياق بدلالة المطابقة او التضمن او الالتزام مثال الدال بالمطابقة قوله تعالى واحل الله البيع وحرم الربا فانه اشارة في بيان الحل والحرمة وهو المعنى المطابق فها ومثال الدال بالتضمن قول الرجل لأمرأته كل امرأة له طالق اذا كان اتما ساق هذا الكلام لطلاق غير المخاطبة فانه يحكم عليه بطلاق المخاطبة ايضا لأن كلامه يتضمن طلاقها ايضا وان كان عبارة في طلاق غيرها كيا مر ومثال الدال بالالتزام نحو قوله تعالى وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن فانها اشارة في ان النسب الى الاباء وهو لازم للولادة لاجل الاب واما الدال باقتضاءه فهو مضمر مقصود يتوقف عليه صدق الكلام او صحته الفعلية او الشرعية ولا يكون الا بطريق الاستلزام فمثال ما توقف عليه صدق الكلام لغة قوله ية رفم عن امتي الخطأ والنسيان فان صدق هذا الكلام متوقف على مضمر محذوف تقدير رفع عن أمتي اثم الخطاء والنسيان فلفظ الاثم هو المضمر المحذوف الذي احتاج إليه الكلام واقتضاه لأن الخطاء والنسيان موجودان في الأمة ومثال ما توقف عليه صحة الكلام عقلا قوله تعالى واساءل القرية التى كنا فيها فان العقل لا يجوز سؤ ال القرية نفسها فتوقفت صحة هذا الكلام عقلا على اضمار لفظ الأهل ومثال ما توقفت عليه صحة الكلام شرعا قوله ية لا صلوة لجار المسجد الا في المسجد لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل ولولا تقدير الصحة في الحديث الثاني والكمال في الحديث الأول ما صح هذا الكلام شرعا واما الدال بدلالته فهو ما دل عليه اللفظ في محل النطق اي يكون حكي لغير المذكور وحالا من احواله . قال نور الدين رحمه الله اعلم ان طائفة من الاصوليين قسموا باب دلالة اللفظ على معناه الى قسمين منطوق ومفهوم وعرفوا المنطوق بانه ما دل عليه اللفظ في محل النطق ان يكون حكيا للمذكور وحالا من احواله سواء نطق به او لا وهو بهذا المعنى متناول للدال بعبارته والدال باشارته والدال باقتضائه وفسروا المفهوم مما تقدم في تفسيرنا للدال بدلالته قال وهي طريقة الاصوليين من اصحابنا والشافعية فينقسم ‏_ _ ٦٢٥٢ الدال بدلالته المعبر عنه بمفهوم الخطاب الى قسمين مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة فاما مفهوم المخالفة فسيأتي بيانه واما مفهوم الموافقة فهو ما وافق منه المسكوت عنه حكم المنطوق به وهو نوعان لانه أما ان يكون المسكوت عنه اولى بذلك الحكم من المنطوق به لأشديته في المناسبة بذلك وذلك كتحريم ضرب الوالدين وشتمهي المفهوم من قوله تعالى ولا تقل ليا اف الآية فان المقصود منها تحريم ايذاء الوالدين والضرب والشتم اشد ايذاء من التأفيف ويسمى هذا النوع فحوى الخطاب واما ان يكون مساويا له وذلك كتحريم حرق مال اليتيم المفهوم من قوله تعالى ان الذين يأكلون اموال اليتامي ظليا الآية فانها صريح في تحريم اكل اموال اليتامى وهي دالة بمفهومها على تحريم حرق اموالهم واتلافها بغير الأكل والحكم في جميع ذلك سواء ويسمى هذا النوع لحن الخطاب ولحن الخطاب معناه وحكم مفهوم الموافقة من حيث هو هو انه يفيد القطع في مدلوله اي اذا سمعنا من الشارع نحو قوله ان الذين يأكلون اموال اليتامى ظلا الآية قطعنا بان ما عدا الأكل من انواع الاتلافات داخل تحت هذا الحكم الا لعارض يقتضي عدم القطع به وذلك نحو اذا كان القتل الخطاء واليمين الغير الغموس يوجبان الكفارة فالعمد والغموس اولى والمعنى المقصود من ذلك الزجر عن ارتكاب ما نهينا عنه من القتل وانتهاك حرمة اليمين وهذا المعنى في قتل العمد وفي اليمين الغموس اشد منه في الخطأ وفي غير الغموس والعارض ها هنا هو امكان ان يكون المعنى الذي قصد من الكفارة في قتل الخطاء واليمين الغير الغموس هو غير الزجر المذكور اذ يمكن ان يكون المقصود بالكفارة هنالك التدارك والتلافى والعمد والغموس لا يقبلان ذلك لشدتهيا اما مفهوم المخالفة وهو ان يخالف المسكوت عنه حكم المنطوق به نحو في الغنم السائمة زكاة مفهومه ان غير السائمة ليس فيها زكاة السائمة منطوق به وغير السائمة مسكوت عنه وحكم المنطوق به هنا اجاب الزكوة فيه وحكم المسكوت عنه عدم ابابها فيه ويسمى هذا النوع دليل الخطاب واختلفوا في كونه دليلا وحجة اثبته قوم دليلا لفظيا من حيث اللغة وقوم من حيث الشرع وقالت الشافعية هو حجة لغوية فيا عدا مفهوم اللقب وانكر ابو حنيفة كون مفهوم المخالفة دليلا اصلا واثبت كثيرا من الأحكام الثابتة عند غيره بمفهوم المخالفة وجعل ثبوتها من _ ٢٥٢ باب استصحاب الأصل في الاباحة الأصلية مثال ذلك عدم وجوب الزكوة في الغنم المعلوفة رأسا فان هذا الحكم عنده ثابت بالاباحة الأصلية فان الأصل عدم وجوب الزكاة رأسا وحديث في الغمم السائمة زكاة إنما أوجب الزكاة في الغنم السائمة دون غيرها فبقى ما عدا ذلك على اصله الأول وكذلك عنده فيا عدا هذه الصورة ووافقه على ذلك جماعة من غير اهل مذهبه . قال نور الدين رحمه الله واختار اصحابنا كون مفهوم المخالفة حجة من حيث اللغة لقول كثير من ائمة اللغة منهم أبو عبيدة وعبيد تلميذه قالا في حديث الصحيحين مطل الغنى ظلم انه يدل على ان مطل غير الغنى ليس بظلم وهم انما يقولون في مثل ذلك بما يعرفونه من لسان العرب وقد فهم يلة من قوله تعالى ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله فهم ان حكم ما زاد على السبعين بخلاف حكمها حيث قال خيرني الله وسأزيده على السبعين واستدل المنكرون لحجية مفهوم المخالفة بأمور منها انهم قالوا لو ثبت الأخذ بالمفهوم احتاج في ثبوته الى دليل وهو اما عقلى ولا مجال للعقل في ذلك او نقلي فاما تواتري او احادي والتواتري لم يكن والأحادي لا يؤخذ به في ذلك ورد بان المفهوم امر لغوي يثبت بالأاحادي كنقل الأصمعي والخليل وابي عبيد وسيبويه وينقسم مفهوم المخالفة الى سبعة انواع مفهوم الغاية ومفهوم العدد ومفهوم الحصر ومفهوم الشرط ومفهوم اللقب ومفهوم الوصف ومفهوم الاستثناء . قال نور الدين رحمه الله وزاد بعضهم مفهوم الزمان ومفهوم المكان قال وهما على التحقيق داخلان تحت مفهوم الصفة فاما مفهوم الغاية فهو نحو قوله تعالى ثم اتموا الصيام الى الليل وقوله تعالى فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ففهم من الآية الأولى ترك الصيام بالليل ومن الآية الثانية رفع وجوب الانفاق بعد الوضع واما مفهوم العدد فهو نحو قوله تعالى فاجلدوهم ثمانين جلدة يفهم منه ان ما فوق الثمانين محظور وخالف في هذا المفهوم بعض من قال بمفهوم الغاية وابو الحسين . قال نور الدين والمختار عند اصحابنا والشافعية ثبوته لأن الحكم لو ثبت فييا زاد على العدد المذكور لم يكن لذكر العدد فائدة وايضا فقد فهمت الأمة من جعل حد القاذف ثمانين حظر ما زاد عليه وأما مفهوم الحصر فيكون تارة بانما كيا في قوله تعالى _ _ ٢٥٤ انما الهكم الله انما الصدقات للفقراء الآية وتارة يكون بغيرها من ادوات الحصر فمن ذلك ما والا نحو ما زيد الا قائم ومن ذلك تقديم ما حقه التأخير نحو العالم زيد اي لا غيره حيث لم يكن عهد ايضا وغير ذلك والحصر بما والا اقوى من الحصر بغيرهما واختلفوا في افادة الحصر من هذه الأدوات ما عداما والا فقال قوم ان الحصر منها مستفاد من منطوقها وقال اخرون لا تفيد الحصر رأسا . قال نور الدين والمختار ان الجميع يفيد الحصر بمفهومه لا بمنطوقه وأما مفهوم الشرط فهو نحو اكرم زيدا ان دخل الدار مفهومه ترك اكرامه ان ل يدخل الدار وخالف في هذا المفهوم ابو علي وأبو هاشم والقاضي عبدالجبار واحتجوا على ذلك بانه قد يرد لا للتقييد وذلك كقوله تعالى ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ان اردن تحصنا فان مفهوم الشرط لا يعمل به هنا بالاجماع ونظائر ذلك كثيرة . قال نور الدين رحمه الله والجواب عن ذلك ان الآية ونظائرها جارية على مجرى الأغلب المعتاد عند العرب ولم يقصد بها التقييد ونحن نسلم انه لا مفهوم في مثل هذه الصورة وانما المفهوم فييا اذا كملت شروطه واما مفهوم اللقب والمراد به ما عدا المشتق من الأسياء كالعلم واسم الجنس فهو نحو قول القائل اكرم الرجال مفهومه عند من قال به ترك اكرام النساء والقائل بهذا المفهوم الدقاق والصيرفي وبعض اصحابنا ومنعه الجمهور من قومنا احتج القائلون به بان الله تعالى اذا علق الحكم على الاسم الخاص ولم يعلقه على الاسم العام علمنا انه غير متعلق به اذ لكوان متعلقا به لعلقه الله عليه وذلك نحو ان يقول في الغنم زكاة فيعلم انها لو كانت الزكوة تحجب في غير الغنم من الحيوان لعلق الزكوة به ايضا . قال نور الدين واجيب بانه انما علمنا ان لا زكوة في غير الغنم لأنه لم يقم دليل على وجوبها فيه لا لاجل حكمه بوجوبها في الغنم فلم تحصل الدلالة على ذلك بذكرها للغنم بل بفقد الدليل فلا فائدة في ذكر الغنم الا ايجاب الزكوة فيها فقط وايضا لواخذ بمفهوم اللقب لكان قول القائل محمد رسول الله كفرا لتضمن انكار نبوة الأنبياء وكذلك زيد موجود يكون كفرا لتضمن كون من عداه معدوما واما مفهوم الصفة والمراد بها ما كان صفة في المعنى فنحو اكر م الرجال العلياء مفهومه ترك الاكرام لغير _ ٢٥0٥ العلياء وبه قال الشافعي وابن حنبل وغيرهم ومن قال بمفهوم اللقب وانكر الاستدلال به ابن سربج واكثر المعتزلة والحنفية المنكرون لمفهوم اللقب احتج المنكرون للاستدلال به بان المعلوم من اللغة ان تعليق الحكم بالوصف لا يفيد نفيه عيا لم ينصف به كتعليقه باللقب اذ علمنا باستقراء اللغة ان وضع الصفة انما كان للتوضيح ‏ ٠فاذا قلت جاعنى زيد العالم فانما جئت بالعالم لتوضيح الذي جاءك من الأشخاص المشتركين ني التسمية بزيد ولم تقصد بذلك نفى مجىعء من ليس بعالم واجيب بان الصفة كيا وردت للتوضيح وردت ايضا للتقييد اتفاقا بل التقييد هو الغالب من احوالها اتفاقا وذلك كيا في قوله تعالى قد افلح المؤمنون الآية فان جميع ما فيها من الصفات انما وردت بيانا لتخصيص الفلاح يمن كان من اهل تلك الصفات دون من عداهم واما مفهوم الاستثناء فهو نحو قام القوم الا زيدا مفهومه ان زيدا لم يقم . قال نور الدين ولا خلاف في هذا المفهوم عند الموافقين وجمهور المخالفين الا ما تقدم ذكره عن الحنفية من قولهم ان الاستثناء من النفى ليس باثبات وكذا العكس وكثير من علياء الادب يجعل مفهوم الاستثناء من باب المنطوق ورد هذا المذهب بانه ل يصرح في لفظة بنفى ولا اثبات والمنطوق ان يقال قام القوم ولم يقم زيد او والا زيدا فلم يقم بخلاف قول القائل قام القوم الا زيدا فانه يفيد نفي قيام زيد بمفهومه لا بمنطوقه واقوى هذه المفاهيم مفهوم الاستثناء والشرط والغاية والحصر حتى ان قوما زعموا انها من المنطوق . قال نور الدين والصحيح انها مفاهيم قال واضعف هذه المفاهيم كلها مفهوم اللقب ويليه في الضعف مفهوم الصفة ثم مفهوم العدد وقيل ان مفهوم العدد من المنطوق ايضا ثم مفهوم الحصر بغير انما وقيل انه من المنطوق ايضا ثم مفهوم الحصر بانما تم مفهوم الحصر با والا تم مفهوم الشرط ثم مفهوم الغاية ثم مفهوم الاستثناء فهذا ترتيب المفاهيم في القوة والضعف واعلم ان المنكرين لمفهوم المخالفة احتجوا بامور منها ما قدمنا ومنها انهم قالوا لو صح كون الوصف موضوعا ليفيد التقييد لما صح ان يرد لغير التقييد والمعلوم انه قد ورد لغير التقييد . ٢٥٦ قال نور الدين ورد بان وروده لغير التقييد لا يمنع من كونه للتقييد بل يحمل على عدم التقييد ان قام الدليل على ذلك وان لم يقم دليل على ذلك حمل على التقييد . قال نور الدين وشرط وجود هذا النوع أن لا يكون هنالك أمر يقتضي عدم تخصيص الحكم بذلك المذكور أعلم أن المقتضي لعدم تخصيص الحكم بذلك المذكور أشياء منها أن يكون ذلك المذكور جاريا مجرى الأغلب المعتاد فان العرب قد تذكر الشيء ولا تريد به نفس التقييد وإنما تذكره لكونه الأغلب وجودا من سائر الأحوال كا في قوله تعالى « وربائبكم اللاتي في حجورك ل فهذه الصفة جارية على مجرى الأغلب من أحوال الربائب فان غالب الربائبيكن في حجورنا أي فى تربيتنا فلا يخص تحريم الربيبة بالربائب اللاتي في حجورنا بل المحرم جميع الربائب عندنا فليس في الاية مفهوم . قال نور الدين وخالف في هذا الشرط امام الحرمين حيث قال ان المفهوم من مقتضيات اللفظ فلا تسقطه موافقه الغالب واجيب بان المفهوم فائدة خفية لا تعتبر عند وجود فائدة ظاهرة يمكن حمل المذكور عليها ومنها ان يكون المذكور انما ذكر جوابا لمن ساءل عن حكم ذلك الشي ع بعينه كيا اذا قال السائل هل في الغنم السائمة زكاة فيجاب في الغنم السائمة زكاة فان ذكر السائمة في هذا الموضع لا مفهوم له لكونه ذكر جوابا فقط ومنها ان يكون المذكور انما ذكر لكون السامع جاهلا بحكمه دون حكم للسكوت عنه فيعلم ان في الغنم السائمة زكاة مثلا فلا مفهوم للسائمة ها هنا ايضا انتهى واعلم انه اذا تقارن امران في كلام واحد بطريق عطف الثاني على الأول فاما ان يكون الثاني ناقصا اي لا يتم معناه الا بملاحظة المعطوف عليه كجاء زيد وبكر فالثاني منهيا مشارك للأول في الحكم اتفاقا واما ان يكون الثانى كلاما تاما مستقلا بنفسه كيا في قوله تعالى اقيموا الصلوة واتوا الزكوة فقيل ان الجملة الثانية لا تشارك الجملة الأولى في جميع احكامها لأن المشاركة في الحكم انما هي لنقصان المعطوف لو لم يشارك الأول في ذلك وهذا كلام تام لا نقصان فيه فلا يلزم فيه التشريك في الحكم ولا يدل عليه العطف وقال بعض قومنا بوجوب التشريك في الحكم مطلقا واستدل بهذه الآية على رفع الزكوة عن الصبي كيا رفعت الصلوة عنه . ٢٥٧ قال نور الدين وذهب بعض اصحابنا ايضا الى اعطاء القرين حكم المقارن مطلقا القردةاي ما .يقم دليل على تخصيص احدهما بحكم دون الآخر فاستدل على حرمة بعطف الخنازير عليها 2قوله تعال وجعل منهم القردة والخنازير قال وحاصل استدلاله انه لو لم تكن القردة والخنازير في الحكم سواء ما قرن بينهما قال وانت خبير بانه لا يلزم من هذه المقارنة التشريك في جميع الاحكام وانما يلزم التشريك في الحكم المذكور ني تلك الجملة وهي ها هنا كون المخسوف بهم منهم من جعل قردة ومنهم من جعل خنازير لكن يستدل على تحريم القردة بجعلها في الخسة والخبث بمنزلة الخنازير بدليل مسخ الله قوما على صورتهيا والمسخ دليل الاهانة والنكال وقد حرم علينا ربنا الخبائث فالقردة حرام لمشاركتها الخنازير في الخبث والدليل على خبثها المقارنة في الآية والله اعلم . باب النسخ للنسخ استعمالان احدهما لغوي والآخر شرعي فاما اللغوي فهو ان النسخ في لسان العرب إزالة الاعيان كيا يقال نسخت الريح اثار بنى فلان اي ازالتها . قال نور الدين رحمه الله وقال القفال بل هو في اللغة النقل لا الازالة لأن العرب اذا قالت نسخ فلان الكتاب انما تقصد أنه نقل الذي فيه الى الكاغد الآخر ولم تقصد انه ازال ما نقل منه بالكلية والنسخ الشرعي هو رفع حكم شرعي بعد ثبوته بحكم اخر .شرعي قال نور الدين فخرج بالقيد الأول المباح في الأصل ثم طراء عليه حكم شرعي كاباب الصلوة والزكوة والصيام ونحوها فان هذه الأشياء كانت قبل ورود الشرع مباحا فلا يسمى اجابها نسخا لاباحة تركها لأن اباحة تركها انما هو بالاباحة الاصلية والاباحة اصلية ليس بحكم شرعي وخرج بالقيد الثاني وهو قولنا بعد ثبوته التخصيص المتصل فانه انما يرد قبل ثبوت الحكم واستقراره وخرج بالقيد الآخر رفع الحكم بسبب العوارض العارضة على الأهلية كالحيص والسكر والجنون والمرض والموت والنسخ جائز عند جميع اهل الملل الاسلامية وغيرها لا خلاف بينهم في جوازه عقلا ونقلا خلافا لبعض اليهود وبعض من لا يعبؤ بخلافه من الاسلاميين واحتج _ ٢٥٨ المتفقون على جوازه بالعقل والنقل اما العقل فلأن النسخ فعل من افعال الله تعالى واذا كان فعلا من افعال الله فاما ان نعتبر فيها المصالح العبادية تفضلا على ما عليه الجمهور ولم تعتبر فان لم تعتبر فجوازه ظاهر لانه فاعل محتار يفعل ما يشاء وان اعتبرت المصالح تفضلا بجوازه ظاهر جواز اختلاف المصالح باختلاف الأوقات والازمان واما النقل فلأن الاستمتاع بالأخوات كان حلالا في زمن ادم عليه السلام ثم نسخ في سائر الشرائع ولأن الختان كان جائزا في شرع ابراهيم ثم وجب في شريعة موسى عليها السلام ولان الجمع بين الأختين كان جائزا في شريعة يعقوب ثم حرم في سائر الشرائع وزعمت اليهود الا العيسوية منهم ان النسخ غير جائز فذهب بعضهم الى منم جوازه عقلا ووافقهم على ذلك عبيد بن عمرو وغيره ممن لا يعبؤ به وذهبت فرقة ا منهم الى منع جوازه نقلا احتج المانعون من جوازه عقلا بانه ان كان الفعل المأمور به حسنا فالنهي عنه قبيح وكذا العكس وعلى التقدير ان يلزم السفه او الجهل وكلاهما وقت فالأمر ف وقتبا طل واجيب بان ا لفعل يكون مصلحة ف وقت ومقسدة ف المصلحة والنهى في وقت المفسدة واحتج المانع من جوازه نقلا بما نقلوه عن موسى ان لا نسخ لشريعته وعن التوراة تمسكوا بالسبت مادامت السموات والارض واجيب بانه لا تسلم ان ذلك المنقول من قول موسى عليه السلام كيف وهو انما قيل انه من التوراة التيوضع ابن الراوندي ومن كذبه على موسى ولا نسلم ان ذلك ثابت ف انزلت على موسى وثبوته فيما في ايديهم لا يكون حجة لانها محرفة لقوله تعالى يحرفون الكلم عن مواضعه وقوله تعالى ويقولون هو من عند انه وما هو من عند الله وقد ثبت وقوع النسخ بالنقل الصحيح المتواتر لان شريعة نبينا قد نسخت من قبلها اجماعا وكذلك ما سبق من الشرائع بعضها ناسخ لبعض اجماعا والوقوع دليل الجواز فلا ينبغي ان يخالف احد من الاسلاميين في جوازه بعد الاجماع على وقوعه ومحل النسخ الأمر والنهي الشرعيان وان ورد بصيغةالخبر كامرتكم بكذا ونهيتكم عن كذا ومنه احلت لكم بهيمةالانعام حرمت عليكم الميتة والدم ولله على الناس حج البيت ونحو ذلك لكن يشترط في صحة النسخ في الأمر والنهي المذكورين ان يكونا فرعيين فلا يصح نسخهيا اذا وردا في معرفة الله تعالى او معرفة صفاته كاعلم ان لا اله الا الله ونحو ذلك وكذلك لا يصخ نسخها في نحو اطيعوا الله واطيعوا الرسول اما الخبر الذي لم يكن في معنى الامر والنهي فلا يصح نسخه ويبوز نسخ الكتاب والسنة مع بالحكم .معناهما المقصود والمعبر عنه _ ٢٥٩_ البدر الشماخي ومجوز ايضا نسخ التلاوة دون الحكمقال نور الدين وبذلك صرح ووقع ذلك كقول عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان فيما انزل الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجوهما البتة ويجوز ايضا نسخ الحكم دون التلاوة كنسخ اية السيف لايات كثيرة وتلاوتها باقية وكالاعتداد بالحول نسخ باربعة اشهر وعشر او تلاوتها باقية ومثال ما اذا نسخ التلاوة والحكم معا ما روى عن عائشة رضى الله انها عشر رضعات يحرمن شم نسخن بخمس . قال نور الدين وما ذكرته من جواز نسخ التلاوة والحكم معا ونسخ احدهما دون الآخر هو ما عليه جمهور الاصوليين قال وخالف بعضهم ف نسخ التلاوة دون الحكم والعكس فمنع من نسخ احدهما دون الآخر قال قال البدر ومنع نسخ التلاوة دون الحكم ظاهر كلام بعض ائمة عمان واجازه ابويعقوب قال وهو الصواب واعلم انه يجوز نسخ الفحوى واصلها معاصرح بذلك الاصوليون . قال نور الدين رحمه الله قال صاحب المنهاج ولا اعرف في ذلكخلافا مثاله ان ينسخ قول الولد لوالديه اف وان يضربهيا ويجوز آيضا نسخ اصلها دونها نحو ان ينسخ تحريم التافيف باباحته دون الضرب قال فهذا جائز عندنا وعند المعتزلة واختاره ابن الحاجب وصححه البدر الشماخي واما العكس وهو ان ينسخ الفنحوى دون اصلها قال صاحب النهاج ففيه تفصيل وهو انه ان لم يكن حكم الفحوى اولى من حكم اصلها في كونه منهيا عنه او مأمورا به جاز نسخ الفحوى دون اصلها كيا يجوز نسخ اصلها دونها مثال ذلك قوله تعالى ان يكون منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين فها هنا اصل وفحوى فالاصل وجوب ثبات عشرين لائتين والفحوى وجوب ثبات واحد لعشرة فيجوز نسخ الفحوى وهو ثبات الواحد للعشرة دون الاصل وهو وجوب ثبات العشرين للمائتين فلما كان الفحوى واصلها مستويين في الحكم اي لا اولوية لاحدهما بالأمر دون الآخر جاز نسخ احدهما دون الآخر اذ لا وجه يقتضي منع ذلك وان كانت الفنحوى اولى من اصلها بالحكم فلا يجوز نسخ الفحوى وذلك كنسخ تحريم الضرب ونحوه للوالدين دون التافيف ليا لأن من البعيد ان يباح ضربهيا وهو اغلظ حكيا ويحرم التافيف بهيا وهو اخف حكيا فلا يصح نسخ الفحوى دون اصلها لأن فيه نوعا من المناقضة ويجوز نسخ مفهوم المخالفة دون الاصل الذي ثبت به المفهوم وكذلك ٢٦٠ ايضا بوز نسخ الدليل الظني بمفهوم المخالفة اذا تأخر عنه وهذا الجواز انما هو على مذهب من جعل مفهوم المخالفة دليلا شرعيا اما على مذهب من منع كونه دليلا فلا يثبت النسخ فيه ولانه لكونه غير دليل عنده ولا يكون النسخ بغير دليل مثبت للحكم اما نسخ المفهوم مع اصله فلا اشكال فيه . قال نور الدين ونسخ اصل القياس نسخ لفرعهملا يصحبقاء حكم الفرع مع نسخ الاصل لأن الاصل هو الذي اخذ منه حكم الفرع من تحريم وتحليل وغير ذلك قال هذا قول اكثر الاصوليين وصححه البدر وقيل يصح بقاء الفرع بعد نسخ اصله . قال نور الدين والحجة لنا على عدم صحته ان العلة بنسخ حكمها خرجت عن لصح ثبوت حكماصلهكونها معتبرة فلا فرع وايضا فلو صح بقاء ا لفرع مع نسخ شرعي بلا دليل وهو باطل قطعا وللنسخ شروط بعضها متفق عليه وبعضها غختلف فيه فاما الشروط المتفق عليها فمنها كون الناسخ والمنسوخ حكمين شرعيين فان العجز والموت كل منها يزيل التعبد الشرعي مع انه لا يسمى ذلك نسخا وكذلك ازالة الحكم العقلي بالحكم الشرعي لا يسمى نسخا ايضا ومنها كون الناسخ متأخرا ومنفصلا عن المنسوخ فان الاستثناء والغاية لا يسميان نسخا ايضا وهذه الشروط فيها فمنها كونا لنالسخاختلف‏ ١لنسخ واما ا لشروطكلها معلومة من تعريف ‏ ١لكتاب وا لسنة ومنها ا شترا ط ا لبدل المنسوخ ومنهاواحد منوا لمنسوخ من جنس اشتراط كون الناسخ اخف من المنسوخ او مثله فانها شروط عند قوم دون اخرين ومن الحكم قبل وقت الفعل او قبل ايقاعه فقبل ذلك جائزالشروط المختلف فيها نسخ لان الشرط في جواز نسخه انما هو امكانه في العقل اي امكان اعتقاده بالعقل لا امكان وجوده بالعقل والحكمة في ذلك اختيار المكلف هل يتهيا للامتثال ويصمم عزمه عليه فيثاب على ذلك او لا يتهيا لذلك بل يعزم على خلافه فيحكم عليه بالضلال ونسخ الآية او الحكم الى غير بدل جائزون قال اكثر الاصوليين وخالف فيه داود الظاهر ي فمنع من النسخ الى غير بدل . قال نور الدين والحجة لنا على جوازه وقوعه في الكتاب والسنة فمن ذلك نسخ وجوب الامساك عن المفطرات للصائم بعد الفطر فانه كان يجب على الصائم إذا أفطر ولم يكن للامساكبعد المغرب ان يمسك عن كل مفطر الى اخر اليوم الثاني ثم نسخ _ ٢٦١ بدل حجب علينا بل ان شينا امسكنا وان شيثا افطرنا ومن ذلك ايضا وجوب تقديم الصدقة على مناجاة الرسول قة ثم نسخت لا الى بدل ويكون النسخ ببدل اخف من المنسوخ وببدل اثقل منه اما نسخه الى بدل اخف منه فمتفق عليه واما الى بدل اثقل منه ف التكليف واشق عل النفس فذهب ال جوازه اكثر الاصوليين وخالف في جوازه الشافعي وداود الطاهري فزعا انه لا يجوز نسخ الاخف بالأاشق . قال نور الدين وجواز ذلك هو الصحيح اما اذا لم نعتبر المصلحة فظاهر واما اذا اعتبرناها فقد تكون المصلحة بالاخف والالقل وايضا فنسخ الاخف بالاثقل واقع فمن ذلك نسخ وجوب صوم يوم عاشوراء بوجوب صوم شهر رمضان ومن ذلك ايضا نسخ حبس الزانيات في البيوت بالحد وهو اشق ونسخ القران بالقران اتفاقا كيا في قوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا وصية لأزواجهم متاها الى الحول غير اخراج الاية نسخت بقوله تعالى يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا وكذا نسخ وجوب ثبات الواحد للعشرة بوجوب ثبات الواحد للاثنين ومن ذلك نسخ اية السيف لآيات كثيرة كقوله تعالى واعرض عن المشركين وهذا النوع كثير ولم يخالف في جوازه ووقوعه احد من المسلمين وينسخ ايضا القران بالسنة المتواترة او المشهورة المتلقاة عند الأمة بالقبول وذلك كنسخ الوصية للوالدين من قوله تعالى ان ترك خيرا الوصية للوالدين والاقر بين بقوله يت لا وصية لوارث وكحبس الزوانى في البيوت الواجب يقوله تعالى فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت او يجمل الله لهن سبيلا نسخ بقوله يلة قد جعل الله هن سبيلا الثيب بالثيب الرجم الحديث وانما صح نسخ القران بالسنة المشهورة لأن السنة المشهورة المتلقاة بالقبول مقطوع بصدقها كالمتواتر فالنسخ بالمشهور المتلقا بالقبول نسخ بدليل قطعي ونسخ السنة بالقران كنسخ وجوب التوجه الى بيت المقدس واستقباله الثابت بالسنة بقوله تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره وكنسخ صوم يوم عاشوراء وكان واجبا بالسنة بقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه ونسخ السنة بالسنة والمتواتر بالمتواتر والاحادي بالاحادي مثال ذلك قوله يلة كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها وقوله عَقُ في شارب الخمر فإن شربها الرابعة فاقتلوه ثم أتي بمن شربها رابعة فلم يقتله فنسخ قوله بتركه اما نسخ المتواتر من الكتاب والسنة بالآأحادى فلا يصح لأن المتواتر دليل قطعي والاحادي ظنى والظني لا يعارض _ _ ٢٦٢ القطعى ولا جماع الصحابة على رد ما خالف القرآن من الآحاد كقول عمر بن الخطاب في خبر فاطمة بنت قيس لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لخبر امرأة لا ندري اصدقت ام كذبت وجوز اهل الظاهر نسخ المتواتر بالاحاد قال البدر وهو ظاهر كلام ابن بركة العماني واحتجوا على ذلك بأمور احدها ان اهل قباء سمعوا مناديه يَێ الا ان القبلة قد تحولت فاستداروا ولم ينكر عليهم رسول الله يتي وثانيها ان النبى يَتية كان يرسل الآحاد بتبليغ الاحكام مبتدأة وناسخة اه واعلم أن كل واحد من القياس والاجماع يكون مخصصا للعموم ويكون مبينا للمجمل كيا مر بيان ذلك في عله ولا يكون كل واحد منهيا ناسخا ولا منسوخا اما منع كونهما ناسخين فلانه اما ان يكون كل واحد منهيا مستندا الى دليل شرعي فالنسخ حينئذ انما هو بذلك الدليل لا بالقياس ولا بالاجماع واما ان يكون ناشئا عن غير مستند شرعي فالقياس والاجماع حينئذ باطلان لمعارضة النص ليا واما منع كونهما منسوخين فلان الاجماع لا يصح نسخه باية ولا بخبر لتقدمهيا عليهولا بقياس لما سياتي ولا بإجماع لأنه لا طريق للأمة الى معرفة انالمصالح والمفاسد فلو قدرنا انهم اجمعوا على خلاف ما قد جمع عليه لم يخل اما يكون لهم مستند من الكتاب والسنة والاجتهاد اولا والثاني باطل لما سياق من انهم غير مفوضين وان كان لهم مستند من اية اخوبر لم يصح من اهل الاجماع الأول مخالفته الا مستند اخر معارض له لأن القياس والاجتهاد لا يبطل بهيا النصوص لا سياق وذلك يقتضي كون مستند الاجماع الاول ناسخا او راجحا على مستند الثاني ولا يصح الاجماع على العمل بالمنسوخ ولا بالأضعف لأنه اجماع على خطاء واما القياس فلا يصح نسخه ايضا لأن صحته مشروطة بان لا يعارضه قياس اقوى منه او مساوله هبطل كونه منسوخا من جميع الوجوه وجوز عيسى بن ابان نسخ النصوص بالاجماع واحتج على ذلك بقول عثمان لابن عباس حين قال له كيف تحجب الأم بالاخوين وقد قال تعالى فان كان له اخوة والأخوان ليسا اخوة فقال عثمان حجبها قومك يا غلام يعنى اجمعوا على حجبها . قال نور الدين واجيب بانه انما يكون ذلك نسخا اذا قلنا بالمفهوم وثبت بدليل قاطع وان الأخوين ليسا اخوة بدليل قاطع ايضا فاذا ثبت ما ادعاه عثمان من اجماعهم وجب تقدير نص اجمعوا لاجله والا كان الاجماع خطاء قال وحاصل الجواب انا لا نسلم ان معنى الاخوة المذكور في الكتاب منسوخ بالاجماع على الحجب بالاخوين ‏_ ٢٦٢٣ لعدم الدليل المانع من اعطاء الأخوين حكم الاخوة وانما غاية ما في ان الاجماع بين ان للاخوين حكم الأخوة ولو سلمنا ان الأخوين ليسا كالاخوة في هذا الباب وان معنى الآية منسوخ لقلنا أنه منسوخ بدليل اخر علمه المسلمون فاستنندوا اليه فيي اجمعوا عليه فالنسخ حينئذ انما هو بذلك الدليل لا بالاجماع نفسه والله اعلم . واعلم أن طريق معرفة النسخ انما تكون بأحد أمرين أحدهما أن يعلم المتقدم من الدليلين المتعارضين ويعلم المتأخر منهما فانه يحكم هنالك بأن المتأخر منهما هو الناسخ للمتقدم ومعرفة السابق منهما من المتأخر إنما تكون بالاطلاع على نزول الايات وورود الأحاديث وتكون أيضا بمعرفة التاريخ بأن يقال نزول هذا في سنة كذا وورد هذا في سنة كذا ويقال بأن هذا ي الغزوة الفلانية وهذا في الغزوة الفلانية ونحو ذلك فان لم يعلم المتقدم منها من المتأخر وجب التوقف ومنع المسك بأحد الدليلين إلا إذا كان هنالك دليل يدل على أن أحدهما الناسخ والاخر المنسوق وقيل نختار من الدليلين واحدا فنعمل به . قال نور الدين وهو ضعيف لأنه اذا لم يكن لاحد هما مرجح على الآخر فليس احدهما اولى بالتمسك به من الآخر قال واختار بعضهم ان يكون التوقف مع تعارض الدليلين القطعيين والاختيار مع الدليلين الظنيين ووجه ذلك ان المتخير مع تعارض القطعيين لابد وان يصادف اختياره دليلا قاطعا يمنعه من ذلك بخلافه مع الدليلين الظنيين فانه وان صادف هنالك دليلا يمنعه من ذلك فذلك الدليل انما هو ظنى وهذا الاختيار مع التمسك بذلك الدليل ظني ايضا والظني يعارض بالظني والأمر الثاني نص الشارع على ان هذا الحكم او هذه الدلالة منسوخ بكذا وهذا اقوى طرق هذا النوع ويليه في القوة ان يذكر ما يدل على النسخ دون التصريح بلفظ النسخ وذلك مثل قوله تعالى الآن خفف انه عنكم الآية وقوله يلة كنت نهيتكم عن زيارة القبور الا فزوروها وكنت تهيتكم عن ادخار لحوم الاضاي الا فادخروها اما قول الصحابي بان هذا الحكم منسوخ بكذا فلا يقبل عند الاكثر اذا كان المنسوخ قطعيا اما اذا كان المنسوخ ظنيا فلا خلاف في قبوله . _ - ٢٦٤ قال نور الدين وذهب ابوعبدالله البصري والكرخي الى وجوب تبول قوله في ذلك مطلقا وحجتهم على ذلك ان النسخ ليس بقول الصحابي وانما هو بالدليل الذي اخبر الصحابي انه ناسخ فقول الصحابي انما هو معين للناسخ لا ناسخ لانه قد علم ان احد الدليلين المتعارضين ناسخ والآخر منسوخ واعترض بان قول الصحابي لما لم يصلح ان يكون ناسخا فكذلك لا يصلح ان يكون دليلا معينا للناسخ واجيب بان الشيء قد لا يقبل ابتداء ويقبل فيي اذا كان المال اليه كيا لا يقبل الشاهدان في الرجم للزنا ويقبلان في الاخصان الذي ماله الى النسب فكذا قول الصحابي لا يكون ناسخا لكنه يكون دليلا على تعيين الناسخ وماله الى الناسخ قال صاحب المنهاج وهذا ضعيف عندي جدا في هذا الموضع خاصة لأن في العمل بالظنى ابطالا لحكم قطعي والقطعي لا يبطل بالظن بيان ذلك ان الخبرين اذا كانا متواترين كان الحكم الثابت بكل واحد منها قطعيا بلا ريب فان عملت بالظنى في ان احدهما منسوخ فقد ابطلت حكمه بالظن مع كونه قطعيا فلا يصح ذلك . قال نور الدين والظاهر ان هذا التضعيف اما يتوجب علي ما اذا كان الناسخ الذي عينه الصحابي ظنيا ولا يتوجب على ما اذا كان ذلك قطعيا لأن الابطال انما يكون )بذلك القطع لا بخبر الصحابي كيا تقدم والله اعلم . الركن الثاني في مباحث السنة السنة في اللغة الطريقة والعادة وفي اصطلاح الفقهاء العبادات النافلة وفي اصطلاح المحدثين والاصوليين ما صدر عن النبي ية غير القران من قول او فعل او تقرير والأول مختص باسم الحديث فانه اذا اطلق لا يفهم منه الا السنة القولية والمراد بالتقرير هو ان يرى فعلا او قولا صدر من امته او من بعضهم فلم ينكره وسكت عليه مع القدرة على انكاره والله اعلم . باب بيان انواع الوحي الوحي الذي اوحاه الله الى نبيه نوعان وحي باطن وهو اجتهاده يلا في الأشياء الى لم ينزل عليه فيها شيء وسيأتي الكلام عليه ووحي ظاهر وذلك له خمس كيفيات احدها ان يأتيه الملك في مثل صلصلة الجرس وهي اشد حالات الوحي والثانية ان _ ٢٦٥ يأتيه ني صورة رجل فيكلمه وهاتان الكيفيتان اقوى من سائر الكيفيات لأن الوحي في كل واحدة منها مسموع والثالثة ان ينفث في روعه الكلام نفثا كا قال متل ان روح القدس نفث في روعي وهي ف القوة دون ما قبلها ولا يكون على هذه الكيفية شيء من وحي القرآن لان جميعه مسموع الرابعة ان يلهمه الله ذلك المعنى بغير واسطة الملك وهي في القوة دون ما قبلها الخامسة ان يأتيه الملك في النوم مما يأمره الله به قبل ومن هذه الكيفية الوحي بسورة الكوثر وجميع هذه الكيفيات حق وهي حجة على النبى وعلى سائر المكلفين بلا خلاف نعلمه بين احد من المسلمين واما الوحي الباطن وهو ما ينال بالاجتهاد والتامل في حكم النص فمنعه الاشاعرة واكثر المعتزلة وجوزه احمد وابويوسف والشافعي وجوزه بعض في الحروب دون احكام الدين قال البدر المختار وقوعه لقوله تعالى عفا الله عنك لم ادنت هم الآية ولقوله يلة لو استقبلت من امري ما استدبرت ماسقت الهدى واحتج المانعون بانه لو جاز ذلك لجازت مخالفته كسائر المجتهدين والاجماع على منع مخالفته واجيب بان الله قد اوجب علينا اتباع قوله سواء صدر عن وحي ام عن اجتهاد بخلاف غيره وحينئذ لا حالفة فاجتهاده وحي باطن يعنى انه الهام منه تعالى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى احتج المانعون من وقوعه في الاحكام دون الحروب بانه لووقع في شيء من الاحكام لحازت مراجعته فيه وترجيح غير رأيه كيا كان يقع من اصحابه في اجتهاده في الحروب فانه يرى الرأي ولا يرونه فيراجعونه فيرجع كحديث محطته في يوم بدر عن رأيه فروجع فانتقل وكذلك في صلح يوم الأحزاب حتى هم ان يصالحهم على ثلث ثمار المدينة فروجع في ذلك فرجع وقد راجعوه في صلح يوم الحديبية حتى اخبرهم انه وحي ونحو ذلك كثير واجيب بان اجتهاد انه في الاحكام الشرعية يخالف اجتهاداته في الآراء والحروب لأنها تأدية أحكام فلم تجز مخالفته فيها ولأنه في تأدية الأحكام معصوم عن الخطاء وإلا لم نثق بشيء منها بخلاف الاراء والحروب فليست بهذه المنزلة . قال نور الدين والمختار من هذه المذاهب كلها جواز تعبده يت بالاجتهاد مطلقا فى الاحكام الذينية والآراء السياسية لكنه لم ينقل الينا وقوع ذلك منه الا في الحروب واعلم ان المجوزين لتعبده مية بالاجتهاد اختلفوا في جواز خطاءه فيه فجوزه بعضهم لقوله تعالى عفا الله عنك لم أذنت لهم وقوله ما كان لنبي أن يكون له اسرى الاية حتى _ _ ٢٦٦ قال عفك لو نزل عذاب من السماء ما نجا منه غير عمر لأنه أشار بقتلهم ومنعه آخرون لأمرين أحدهما أن الأمة معصومة عن الخطاء في اجتهاده فالرسول أولى بالعصمة منهم وثانيهما أن الشك في اصابته منفر عن قبول قوله فينتقض الغرض بالبعثة قال نور الدين وفي تجويزو خطاءه عله نظرا لانا إذا قلنا بصحة تعبده بالاجتهاد وأن الاجتهاد منه وحي يوحى فثبوت خطاءه في ذلك بعيد جدا أما أولا فلأن المطلوب من المجتهد ما أداه إليه ظنه لا غير ذلك فلا خطاء حينئذ مع توفيه الاجتهاد حقه وأما ثانيا فقوله تعالى إن هو إلا وحي يوحى والوحي لا يجوز عليه الخطاء أما ما نزل من عتاب الله له في بعض القضايا فلعله إنما عاتبه على التعجل في ذلك ولم ينتظر الوحي انتظاره المعتاد ثم أجمع المجوزون لخطاءه في الاجتهاديات والمانعون من ذلك على أنه لا يقرأ على خطاء فان أخطاء عند من جوز عليه الخطاء في ذلك نبه على خطاءه حالا فان استمر على اجتهاده وأقر عليه ول ينزل عليه فيه عتاب علمنا أنه إلمام من الله سبحانه وتعالى فكان دليلا شرعيا يجب على الأمة اتباعه قطعا بلا خوف بين ا أحد من المسلمين والله أعلم . مبحث الحديث الحديث المنقول عن الرسول ييل اما ان يتصل نقله به بحيث يرويه الراوي حتى ينهيه اليه يلة واما ان ينفصل في روايته عنه فلا ينتهى اليه بل يقتصر به على الصحابي او يكون في اسناده الى النبي واسطة بينه وبين الراوي ولم تذكر تلك الواسطة اوتقع واسطة بين بعض الرواة عن بعض ولم يذكرها الراوي اما المتصل اسناده بالنبي وتل فهو نوعان ما اتصل به اتصالا غير كامل وهو المعبر عنه بالمتصل والمستفيض وسيأاق الكلام واما ان يتصل اسناده به يل اتصالا كاملا وهو المعبر عنه في اصطلاحهم بالمتواتر وهو ما رواه جماعة لا يمكن تواطى مثلهم على الكذب عادة عن جماعة مثلهم بحيث انه لا يمكن تواطى منلهم على الكذب عادة ايضا ينتهى به النقل كذلك الى الرسول يي فان نقل اللفظ بعينه سمى متواترا لفظيا وان نقل المعنى فقط سمى تواترا معنويا وشروط التواتر التي ذكرها الاصوليون اربعة احدها ان ينقل الخبر فئة كثيرة فما _ ٢٦٧ نقله الاربعة فليس ممتواتر قطعا اذ الاربعة ليس بكثرة الشرط الثاني ان يكون عدد الناقلين لا يمكن في العادة ان يتواطا مثلهم على الكذب لاجل احوالهم من كثرة وغيرها لا لمجرد كثرتهم فما من عد الا ويمكن منهم التوافق على حال من الأحوال الا ترى ان عائشة لمامرت بالحؤاب نبحتها كلابها في محرجها على علي همت بالرجوع لاجل خبر ذكره هما وية فتمالاء عبدالله بن الزبير في اربعين رجلا من خيار العسكر على الشهادة بان الموضع ليس الحؤاب وانما الجؤاب بالجيم وهي اول شهادة زور وقعت ف الاسلام ولا شك ان الاربعين عدد كثير وان خبرهم تواتري حيث لم يكونوا على حال يجوز في مثلها التواطىء وذلك الحال نحو ان يكونوا من جهات شتى ولم يجتمعوا قبل تادية الخبر ومن ذلك ان يكون المخبرون لا غرض لهم فيما اخبروا عنه يدعوهم الى الاخبار بذلك مع كونهم جماعة لا يتصور في العادة انه اتفق منهم الكذب من غير تواطى بل اتفق خبرهم اتفاقا لا لغرض حاصل مع كل واحد منهم في تعمد الكذب . قال نور الدين ولأجل مراعاة هذا المعنى اختلفت اقوال العلماء من اصحابنا وغيرهم في عدد من يحصل بخبرهم العلم فقيل اذا كانوا خمسة فصاعدا حصل بخبرهم العلم ووجب القطع بصدقه وقيل اذا كانوا عشرة فصاعدا وقيل اذا كانوا اثنى عشر وقيل عشرين وقيل اربعين واشترط بعض اصحابنا ان يكون في الاربعين ثقة وقيل اذا كانوا سبعين فصاعدا الى غير ذلك الشرط الثالث ان يكونوا في خبرهم مستندين الى المشاهدة نحو الاخبار عن البلدان والملوك والاصوات والمطعومات والمشمومات فيخرج بذلك الاخبار عن الأمور العقلية كيا لو اخبر جمع كثير من جهات ختلفة بان العالم حادث او ان القران خلوق فانه لا يكون خبرهم بذلك تواترا في الاصطلاح لأن الأمور العقلية مما يكن النظر فيها لكل عاقل فليس لكثرة المخبرين فيها اثر واشترط بعضهم الاسلام والعدالة كا في الشهادة مستدلا بانه لو ل يشترط لافاد اخبار اليهود بقتل عيسى عليه السلام العلم به وأنه باطل بالضرورة . قال نور الدين وهذا الشرط فاسد لأن اهل'فسطنطينية مثلا لو خبروا بقتل ملكهم يحصل لنا العلم به وان كانوا كفارا واما خبر اليهود بقتل عيسى فلاختلال شرط التواتر فيه اما في القرن الأول او في القرن الاوسط اي لقصور الناقلين عن عدد التواتر ٢٦٨ في احدى المرتبتين والظاهر ان قصور ذلك انما وقع في القرن الأول منهم فلذلك لم يكن خبرهم تواترا لا لعدم عدالتهم واسلامهم بعد ثبوت عدد التواتر فاذا ورد الخبر كيا وضعنا من استكمال الشروط فاقطع بانه صادق لأن الخبر المستكمل لهذه الشروط يفيد العلم الضروري وكلا افاد العلم الضروري يقطع بصدقه وتتفرع على القطع بصدقه مسائل كثيرة منها وجوب اعتقاده ان كان من المسائل الاعتقادية ومنها وجوب اتباعه والاخذ مدلوله ان كان من المسائل العلمية ومنها تفسيق من خالفه وان كان متاؤلا إلى غير ذلك من الفروع وكون العلم بمدلول الخبر المتواتر ضروريا هو قول أصحابنا وأكثر المعتزلة وقال أبو الحسين وغيو بل هو نظري . قال نور الدين رحمه الله فالحجة لنا على انه ضروري هى انه لكوان نظريا لاختلف العقلاء في العلم عنه والمعلوم ان جميع العقلاء الذين تواترت اليهم اخبار البلدان كمكة ومصر وغيرهما لا يختلفون فيها بل يتفقون على القطع بها كيا يتفقون على القطع بما يشاهدون ودون رتبة المتواتر في القوة رتبة الخبر المشهور فان المتواتر يوجب العلم القطيي باجماع المسلمين وان اختلفوا في كونه ضروريا ام نظريا واما الخبر المشهور فلم يجتمع على انه يفيد العلم القطعي فالمتواتر لاشبهة في اتصاله صورة ولامعنى وخبر الواحد في اتصاله شبهة صورة ومعنى حيث لم تتلفته الأمة بالقبول والمشهور في اتصاله شبهة صورة لكونه احاد الاصل لا معنى لأن الأمة قد تلقته بالقبول فافاد حكيا دون اليقين وفوق اصل الظن وهو على هذا رتبة بين المتواتر والآأحاد والمشهور وهو الذي لم يتصف في قرن الصحابة بشرط التواتر ثم اشتهر في القرن الثاني والثالث فقبلوه واستمر معهم على القبول فهذا هو الخبر المشهور وعبر عنه بعضهم بالمستفيض والله اعلم . مبحث الخبر الآحادى اعلم انة اذا اتصل اسناد الخبر من الراوي الى النبى اتصالا غير كامل بمعنى انه ل يستكمل الشروط التي تقدم ذكراها في نقل المتواتر فهو الخبر الاحادي نسبة له إلى احاد النقلة وحكمه انه لا يفيد العلم القطعي كي افاده التواتر ولا الطمأنينة الحاصلة للنفس كيا افادها الخبر المشهور لكن يفيد وجوب العمل به مع حصول الشرائط ٢٦٩ المذكورة ف الراوي لحصول الظن بصدق خبر العدل اعلم ا نهم اختلفوا ف جواز التعبد بخبر الآحاد فمنعه قوم وجوزه اخرون ثم اختلف المجوزون له فقال بعضهم ان التقيد به غير واقع وان جاز عقلا وقيل بل هجوائز وواقع ثم اختلف هؤلاء فقال .أ لعلم وا لعمل معا‏ ١لعمل فقط وقيل بل يوجببعضهم انه يوجب قال نور الدين والصحيح انه يوجب العمل دون العلم ووجوب العمل بخبر الواحد ثابت بالعقل والنقل اما ثبوته بالعقل فهو ان من احضر اليه طعام وأخبره من صدقه ان فيه سيا فانه اذا اقدم عليه مع غلبة ظن انه مسمو استحقيغلب ني ز. الذم قطعا وذلك هو معنىالوجوب واما ثبوته من جهة النقل فانه قد علم من تواتر الاخبار عن النبي يلة انه قد يبعث السعاة والعمال الى الجهات النازحة ليرووا عنه ما يجب عليهم في اموالهم والزمهم قبول اخبارهم وايضا فالصحابة والتابعون قد اجمعوا على الأاخد بخبر الآحاد وعلى العمل به وبيان ذلك ان الصحابة كانوا يرجعون الى خبر الواحد فيحكمون به كخبر عبدالرحمن بن عوف في المجوس فانهم تحيروا في حكمهم حتى قال عمر ما ادري ما اصنع في امر المجوس وكثر سؤاله عن ذلك حتى روى عبدالرحمن بن عوف عنه ية انه قالوا سنوا بهم سنة اهل الكتاب غير آكلى ذبائحهم ولا ناكحى نسائهم وكان عمر لا يسوي بين الأصابع في الدية فترك مذهبه لاجل كتاب عمرو بن حزم وكذلك عمل بكتاب عمرو بن حزم في زكاة المواشي وتفاصيلها وايضا فقد روى عن ابي بكر انه كان يرجع الى اخبار الصحابة وكذلك عمرو كذلك عثمان وكذلك علي وقد عمل بحديث عمر والمقداد في حكم المذي وكان جميع ذلك من غير انكار من بعضهم بل كان منهم العامل بذلك ومنهم القابل له والمصوب عليه فكان اجماعا على وجوب العمل بخبر الواحد وكذلك ايضا اطبق التابعون وفقهاء الامصار على قبول الاخبار التي ترويها الآحاد فكان اجماعا من خبرالتابعين ايضا فان قيل انه كيا نقل قبولهم للاحاد فقد نقل ردهم اياها كرد عمر فاطمة بنت قيس ورد ابي بكر خبر عثمان ان النبي يت اذن له في رد الحكم مزمطرده فتعارضت الرواية فتساقطت اجيب بانه لا نسلم ان نقل الرد كنقل ,القبول بل الذي نقل انه رد اخبار يسيرة جدا ولم ترد لكونها احادية وانما ردت لشك في روايتها ولهذا ردها بعضهم دون بعض فان خبر فاطمة قبله غير عمر احتج المانعون من جواز التعبد بخبر الآحاد ومن جواز الاخذ به بوجوه احدها قوله تعالى ولا تقف ما ليس لك به ٢٦٧٠ علم وقوله تعالى ان يتبعون الا الظن قالوا قد نهينا عن اتباع الظر ,بالكتاب والسنة وخير الآحاد لا يفيد الا ظنا فوجب اطراحه وثانيها ان القول بوجوب العمل بالآحاد يؤدي الى العمل بالمتضادات لوقوع التعارض في الآحاديات واجيب عن الأول ان تلك الآيات الواردة في اتباع الظن انما هي فييا يكون المطلوب فيه العلم اي ذم اتباع الظن في الأمور القطعية الاعتقاد به وكلامنافي الأمور الفرعية العملية جمعا بين الادلة واجيب عن الثاني بانه لا تضاد في ذلك لأن من صوب جميع المجتهدين فهذا لا يقدح عليه اذ حكم الله تعالى من كل واحد منهم ما اداه اليه ظنه فاذا تعارض عليه الخبران ولم يعرف نسخ احدهما للآخر رجع الى الترجيح فان عجز عن الترجبح فعلى الخلاف في العمل على الاطراح أو التخيدر فلا يلزم ما ذكروه من التناقض واحتج القائلون بأن خبر اللحاد يوجب العلم والعمل معا وهم أهل الحديث بأنه قد وجب علينا العمل بخبر الالحاد ما تقدم من الأدلة ونهينا عن اتباع الظن لما تقدم من الأدلة على ذلك أيضا فعلمتا أن خبر الاحاد يوجب العلم والعمل معا لأنه لو لم يوجب العلم ما جاز لنا العمل به وقد نهينا عن اتباع الظن وأجيب بأنه إنما نهينا عن اتباع الظن فيما يكون المطلوب فيه العلم لا فيما يكون المطلوب فيه العمل فقط . قال نور الدين واعلم ان اهل الحديث فرعوا على مذهبهم بان خبر الآحاد يوجب العلم والعمل قاعدتين عظيمتين من قواعد اصول الدين فارقهم المسلمون عليها الأولى انهم اثبتوا اصول الدين من المسائل الاعتقادية وغيرها بخبر الآحاد واحتجوا على ثبوت قاعدتهم هذه بان الأدلة الدالة على وجوب العمل بالخبر الحادى ل تفصل بين اصول وفروع واجيب بانه انما دل على قبوله بشروط منها ان لا يكون مصادما لا قوى منه ولهذا قال بعضهم انه مع تكامل شرائطه يجب عرضه على كتاب الله لقوله ييلة انها ستكثر عنى الاخبار فيا وافق كتاب الله فهو منى وما خالف فليس منى قال نور الدين وحاصل الردان مسائل اصول الدين انما يؤخذ فيها باليقين وخبر الآحاد لا يثمر اليقين وانما يثمر الظن فلا يجوز ترك ما يثمر العلم لأجل ما يثمر الظن الا ترى ان عائشة حين سألها السائل هل رأى محمد ربه ياهذا لقد قف شعري مما قلت وتلت قوله تعالى لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وني ذلك رد الاخبار التى نقلت في اثبات الرؤية وكذلك ردت عائشة خبر ابي عثمان في تعذيب الميت ببكاء _ ٢٧١ اهله وتلت قوله تعالى لا تزر وازرة وزر اخرى فاذا عرفت هذه القاعدة وانها عن الحق بمعزل فاقض برد كل حديث احادى اقتضى خلاف الدليل القطعى القاعدة الثانية وهي فرع على التي قبلها وذلك انهم قضوا بوجوب قبول الخبر الاحادى وان خالف الدليل القطعي وحجتهم على اثبات هذه القاعدة الفاسدة انه لما كان كل واحد من الادلة الشرعية موجبا للعلم والعمل معا لم يكن بعضها اولى من بعض في القبول فوجب علينا قبول كل واحد من ذلك . قال نور الدين واجيب بانا لا نسلم ان كل واحد من الأدلة الشرعية يوجب العمل والعلم معا بل نقول ان بعضها موجب للعمل فقط كاخبار الآحاد لأنه لا يشك عاقل في ان خبر الواحد يحتمل الصدق والكذب لكن بعدالة الراوي ترجح الظن بصدق خبره فاين محل حصول العلم منه ولو سلمنا حصول العلم لوجب ان لا نساوى بين العلم الحاصل بالكتاب والمتواتر من السنة وبين العلم الحاصل من الآحاد فيلزم رد الاضعف لمعارضة الأقوى له فنهدم قاعدتهم واذا عارض خبر الآحاد القياس ففي تقديم احدهما على الآخر مذاهب احدهما وهو قول الأكثر من اصحابنا والمتكلمين وهو قول عامة الفقهاء من قومنا ان يقدم الخبر على القياس فيكون العمل به اولى من العمل بالقياس فيبطل القياس المذهب الثاني لمالك وغيره ان يقدم القياس على الخبر فلا يقبل الخبر المخالف للقياس عندهم المذهب الثالث لاي الحسين وهو انه ان كانت العلة ثابتة بطريق قاطع فالقياس اقدم وان كان الاصل قطعيا والعلة ظنية فموضع اجتهاد وقال ابن الحاجب ان كانت العلة ثابتة بنص ارجح من الخبر المخالف للقياس فالقياس اقدم اذ كان وجودها في الفرع قطعيا وان كان وجودها فيه ظنيا فالوقف وان كان خلاف ذلك فالخبر اقدم احتج القائلون بتقديم الخبر على القياس مطلقا بوجوه الأول اجماع الصحابة على تقديم الخبر على القياس فانهم كانوا اذا عرضت لهم حادثة حاولوا الاجتهاد فيها ونظروا فيما ترد اليه من الاصول حتى يروى بعضهم فيها خبرا فيتركوا التعويل على ما سوى ذلك الخبر الا ترى ان عمر ترك القياس في دية الجنين حين روى له في الخبر وقال لولا هذا لقضينا فيه برأينا وهذا نص صريح من عمر بان الخبر اولى من القياس الوجه الثاني ان الخبر دليل مستقل بنفسه بخلاف القياس فانه يحتاج الى النص والا لم يصح والمستقل اولى من غيره الوجه الثالث ان معاذا قدم النص على القياس فصوبه يلة احتج المقدمون للقياس على الخبر بان الخبر يدخله _ ٢٧٢ الغلط والكذب والنسخ والقياس سالم من ذلك فكان اقدم ورد بان دليل العمل بخبر الواحد صيرة كالمأمون غلطه ثم انه لا يؤمن الغلط في القياس ايضا عند تعارض العلل وقد اشترط بعض الاصوليين في قبول الخبر الحادى شروطا احدها ان بعضهم اشترط في قبوله ان يكون في غير ما تعم به البلوى لأن ما تعم به البلوى تتوفر الدواعي الى نقله فيستلزم كثرة الناقلين فيشتهر بين الصحابة فلا يختص بنقلة واحد دون الاخرين . قال نور الدين ولا نسلم اشتراط ذلك الا في اصول الدين والحجة لنا على عدم اشتراطه في الفروع انه لم يفصل دليل وجوب العمل بخبر الواحد في العمليات بين ما نعم به البلوى وبين ما تخص على ان الاغلب في الاحكام الشرعية عموم التكليف بها وقد اجمعت الصحابة على قبول الخبر الاحادى في العمليات من غير تفصيل واحتج الملشترطون لذلك بوجوه احدها ان العبادة اذا كانت عامة فعموم فرضها يقتضي ظهور نقلها كا جرت العادة بنقل الحوادث العظيمة الوجه الثاني قالوا ان المنقول اذا كان فرضا عاما فلابد وان يتبين لجميع الامة لأن جميعها مدفوع ال وجوب العمل به الوجه الثالث انه نقل عن الصحابة رد خبر الواحد فييا تعم فيه البلوى فرد عمر خبر الاستئذان فقال السلام عليكم اءدخل كرره ثلاث مرات فاستنكر عمر فعله ذلك فقال انه من السنة فلم يقبل خبره حتى اق بشاهد ورد ابوبكر حديث الحدة وهو انه صلى الله على وسلم فرض فها السدس حين رواه المغيرة حتى كبر الراوي والجواب عن الأول ان العادة تقضي بانتشار نقل مايستعظم فى النفوس وباستفاضة ما تستغربه ول تقضي باستفاضة ما عدا ذلك فغير المستغرب من التكاليف وغير المستمظم من الحوادث لا تقضي العادة باستفاضته كا هو معلوم بالمشاهدة واذا قضت العادة باستفاضة شيع دون شيع فلا يحمل ما ل تقض باستفاضته وانتشاره على الذي قضت فيه بذلك والجواب عن الثاني ان بعض العمليات مشروع على جميع من بلغه علم فرضه كالصلوات الخمس فان التكليف بها عام فتجب استفاضة مثلها .لأن الشارع خوطب بتبليغها الى من امكنه بلاغها ففي هذا النوع لا يقبل خبر الواحد فلو روى راو زيادة شيع مانلفروض على هذه الفروض المتواترة قطعنا بكذبه والجواب عن الوجه الثالث ان ابابكر وعمر ل يردا الحديثين قبل ان تكثر رواتهيا من اجل ان الحديثين مما تعم فيه البلوى لكن ردا ذلك شكا في الراوي بضعفه واشترط ابوالحسن _ ٢٧٢٣ الكرخى في قبول خبر الآحاد ان يكون في غير الحدود اما الحدود فلا يقبل فيها ذلك لان الحدود تدرء بالشبهات وتجويز الكذب في الآحاد شبهة ورد بان كونه آحاديا ليس بشبهة كالشهادة لان الشهادة يثبت بها كون الحد مستحقا كيا ثبت ذلك بالخبر ووجه الردان شهادة العدلين محتملة للكذب كاحتمال خبر الواحد له وقد شرع لنا اقامة الحدود بشهادتهيا مع درئها بالشبهات ولم يؤثر احتمال الكذب فيها شيئا فكذلك خبر الاحاد قد شرع لنا الاخذ به لما تقدم من الادلة فاحتمال الكذب فيه ليس بشبهة تدراء بها الحدود ويجوز لمن كان عالما بالالفاظ العربية نقل حديث رسول الله ية بالمعنى دون لفظه وقيل لا يجوز ذلك بل يجب على الراوي ان ينقل الحديث باللفظ والمعنى حتى يؤديه كيا سمعه وكذلك يجوز حذف بعض الحديث مع رواية البعض الآخر ما لم يكن ذلك المحذوف قيدا لذلك المذكور كالشرط والبدل وعطف البيان والصفة المتصلة والغاية الاستثناء فالشرط نحو في الغنم ان بلغت اربعين شاة شاة والبدل نحو في الغنم اربعين منها شاة وعطف البيان في السائمة الغنم زكاة والصفة نحو الغنم السائمة زكوة والغاية نحو قوله ية لا تبيعوا الثمرة حتى تزهر والاستثناء نحو قوله يلة لا تبيعوا البر بالبر الا سواء بسواء لأن حذف مثل هذه الأمور غخل بالمعنى فلا يجوز حذفها وكذلك لا تبوز الزيادة على الخبر ما ليس منه لأن الزيادة فيه كذب قطعا وقد حرم علينا الكذب على غيره مية فكيف بالكذب عليه على انه قد ورد النصر عنده يلة بالوعيد الشديد على من كذب ليه متعمدا لكن تقبل الزيادة في الخبر اذا رواها الثقة بمعنى انه اذا رووى الحديث ثقة ورواة ثقة اخر وفيه زيادة على رواية الثقة الأول فان تلك الزيادة من ذلك الثقة مقبولة لأنها تكون بمنزلة ان لو روى خبرا مستقلا ما لم يقم عليه في روايته في الزيادة دليل يدل على انه غافل في رواية ذلك الحديث وذلك كيا لو حضر المجلس جماعة كثيرة لا تقضي العادة باجتماعهم على الغقلة عن تلك الزيادة فيرويها واحد من بينهم فان العادة تقضي بغفلة ذلك الواحد دون الجماعة . قال نور الدين ونقل الحديث بالمعنى مذهب اكثر الاصوليين ونسب الى الحسن البصري وابراهيم النخفي قال واختاره البدر الشماخي وعليه اصحابنا من اهل ٢٧٢٤ عمان وذهب الى المنع مطلقا محمد سبرين وثعلب وبعض المحدثين قال والحجة لنا على جواز ذلك مطلقا ان المقصود من رواية احاديثه ية تأدية المعنى فقط وانه لا تعبد علينا ي تلاوة لفظ السنة بخلاف القران ولاخلف في ذلك بين الأمة واذا عرفنا ذلك المعنى الذي فهمناه من السنة بغير الفاظها لكن انما يجوزفيجوز لنا حينئذ ان نؤدي ذلك مع الضبط لمعانيها بحيث لا يخشى ان يحصل في العدول عنها زيادة ولا نقصان فى المعنى لأن ذلك هو المقصود من ايراد السنة وايضا فان الصحابة نقلوا عنه ية احاديث في وقائع عدة بالفاظ محتلفة شائعة ذائعة ولم ينكره احد فجرى مجرى الاجماع واحتج المانعون من ذلك بقوله مية رحم الله او نضر الله امراء سمع فوعاها واداها كما سمعها ورب حامل فقه الى من هو افقه منه واجيب بانه انما دعا له لأن نقله بلفظه هو الأولى وليس فيه دلالة على منع الرواية بغير اللفظ وبان الحديث يتضمن العبادات فوجب اداؤ ه بلفظه كا ان القران لما تضمن العبادات وجب اداؤ ه بلفظه واجيب بانه انما وجب في القرآن بدليل خاص دل على ان تلاوة لفظه عبادة وان لم يفهم تاليه المعنى بخلاف السنة فتلاوة لفظها ليس بعبادة وبان في بعض الفاظ السنة عبادات وجب علينا نقلها بالفاظها كالآذان والاقامة والتوجيه والتحيات فعلمنا بذلك ان لفظ الحديث معتبر نقله ايضا فلا يصح سلخ المعنى منه واجيب بان ذلك انما وقع في الفاظ شخصوصة فلا يحمل غيرها عليها لثبوت الخصوصية لها دون غيرها بالادلة المنقولة والله اعلم . ذكر شروط الراوي يشترط في الراوي الذي تقبل روايته شروط احدها ان يكون بالغ الحلم فلا تقبل رواية الصبي اتفاقا وقيل بقبول روايته ان كان مميزا ضابطا . قال نور الدين والصحيح انها لا تقبل لأنه اذا علم انه لا اتم عليه في الكذب فلا يؤمن منه ان يجترىء عليه فيميد ذلك الشك في صدقه وايضا فان العدالة شرط فى قبول الرواية وهي ي الصبي غير متحققة اما اذا تحملها وهو صبي ثم اداها بعد بلوغه ففي قبول روايته قولان ونسب القول بقبولها الى الاكثر الشرط الثاني ان يكون عاقلا فلا تقبل رواية المجنون والمعتوه اتفاقا الشرط الثالث ان يكون ضابطا والمراد به ٢٧٥ علىسهوهغلبفلا تقبل روا ية منا لسماع وا لمحافظة عل حفظها لمعنى عنداتقان ضبطه اتفاقا واختلفوا فيمن يعتريه السهو ولم تكن حالة ضبطه اغلب قيل بقبول ان ينظر في روايته فان دل دليل علىروايته وقيل بردها وقيل انها موضع اجتهاد ومعناه ترجيح صدقه فيها قبلت والا تركت احتج القابلون لروايته باجماع الصحابة على قبول وغلطه هددهغفلته وذ هوله فا نهم حن عثروا على كثرة سهو ‏ ١بي هريرةكثرتخبر من عمر وعائشة ونهوه عن تكثير الرواية ومع ذلك لم يمنعوا من قبول خبره ولا فرقوا بين ما من الاقرار بالشهادتين والتصديق بما جاء به محمد تلة فلا تقبل رواية المشرك اجماعا واختلفوا فيمن يلحقه الشرك بالتأويل فقيل لا تقبل روايته مع ذلك وقيل تقبل وكذلك الخلاف في فاسق التأويل ايضا وحجة من رد قبول روايتها هي ان قبول روايتهما ركون اليهما وقد قال تعالى ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار وكافر التأويل وفاسقه كل منهيا ظالم لنفسه . قال نور الدين رحمه الله ورد بانه لا نسلم ان ذلك ركون اليهم كيا لا نقول لمن ساءل ذميا احوربيا عن ضالته او عن الطريق فأخبره فعمل بخبره لصدقه فهذا ليس ركونا بالاجماع كذلك من عمل بخبر كافر التأويل وفاسقه مع قوة ظنه بصدقه لما قدمناه احتج القابلون لروايتهيا بان كفر التاويل وفسقه لا يمنع من حصول الظن بصدق خبرهم فيجب قبوله لحصول الظن بصدقه اذ من يعتقد الكذب شركا كالازارقة والصفرية فان الظن بصدقه يكون اقوى . ابن بركة على رد خبر فاسقظاهر وان نصقال نور الدين فهذا الوجه عندي التاويل وقال البدر لم احفظ في قبول رواية المبتدع الشرط الخامس ان يكون الرواي ذا مروة تحفظه من فعل ما يهلكه من المعاصي ومن فعل ما يشينه عند ذوى المروات وهذه الحالة عندهم معروفة بالعدالة فخرج بذلك الفاسق الغير المتاول في فسقه لأنه لم يتجنب الفعل المهلك له اما الفاسق المتاول اذا اجتنب ما يدين بتحريمه فهو عدل في دينه وفي قبول روايته الخلاف المتقدم وخرج ايضا من يفعل الأمور الدينية من الحرف السر:ية ومخالطة الارذال ومجالسة السفهاء ونحو ذلك فانه لا تقبل رواية من هذه صفته اذ لا مروة له تمنعه من فعل ما يشينه فلا يؤمن منه الكذب وباشتراط العدالة ٢٧٢٦ في الراوي تسقط رواية من لا تعرف حاله اهو عدل ام غير عدل لأن المشروط في قبول خبر الواحد ظن صدقه ولا يظن بصدق خبر المجهول بل يستوى فيه الحالان ظن صدقه وظن كذبه وايضا فلو ظن السامع صدقه مثلا مع جهالة حانه ما صح له قبول خبره لأن الأدلة المسعية منعت من اتباع الظن ان يتبعون الا الظن ولا تقف ما ليس لك به علم فحرم اتباع الظن عموما وخصص الاجماع من ذلك العموم قبول خبر العدل لظن صدقه فيبقى ما عداه في حكم التحريم . قال نور الدين رحمه الله وذهب بعض قومنا الى جواز قبول خبر مجهول الحال واحتجوا على ذلك بوجوه احدها انا لم نؤمر بالتثبت في الرواية الاحيث علمنا الفسق بل نقول ان سبب التثبت ظن الفسق وذلك لا يرتفع الا بمعرفة العدالة الوجه الثاني قوله مية نحن نحكم بالظاهر ورد بانه لا نسلم ان الظاهر في المجهول الصدق الوجه الثالث ان الشرع جوز قبول خبره في التذكية وملك ما يبيعه ونحو ذلك فيجب قياس سائر اخباره على ذلك ورد بان الشارع جوز ذلك مع تيقن فسقه ومنع من قبول روايته مع تيقن الفسق الشرط السادس ان لا يكون الراوي عمل بخلاف ما روى فان من روى رواية ثم عمل بخلافها كان ذلك موجبا لتهمته اما في الرواية واما في المساهلة في العمل وجميعها حل بقبول روايته الشرط السابع ان لا يترك الاخذ بروايته غيره من العلياء فان ترك العلماء للاخذ بروايته مع سماعهم منه انما يكون لطعن في الراوي او لطعن في الرواية الشرط الثامن ان لا يتاول الرواية راويها فان تأولها وقف عن قبولها وعن ردها لأن ذلك التأويل منه اما يكون لشىعء في تلك الرواية كحديث معارض فها او نحو ذلك الشرط التاسع ان لا يكون ذلك الراوي مدلسا في روايته لأن التدليس نوع من التلبيس ولا تقبل رواية ملبس فكذا رواية المدلس وصفة التدليس ان يروى الراوي الرواية ويوهم انها من غير من اخذها عنه ليقبل السامع ما روى كيا اذا روى الرواية عن ابي هريرة مثلا واوهم السامع انها عن ابن عباس او كان من روى عنه مساميا لمن شهر بالفضل والعدل فيقول روى فلان ولم يبينه بصفة تميزه عن ذلك الفاضل المشهور ليقبل السامع الرواية اذ المتبادر من ذلك الأسم هو الرجل الفاضل او كان لمن روى عند اسم مشهور يدل على نقصان غيه فيترك ذلك الاسم ويسميه باسم اخر عن الاسم الذي شهر به فانواع‌التدليس ثلاثة كلها عيب في الرواية وقد شدد اصحاب التدليس حتى قال شعبة لأن ازى احب الى من ان ادلس الشرط ٢٧٧ العاشر ان لا يكذب الراوي اصله الذي روى عنه كيا اذا روى عن ابن عباس مثلا فقال ابن عباس ما رويت هذه الرواية ولا حدثت بها احدا فان تلك الرواية لا تقبل وان كان الراوي عدلا مثلا لحصول الشك فيها اما اذا قال لا ادري هذه الرواية اولا اعلم ان رويتها اولا احفظ ذلك والراوي جازم بانها عنه قبلت اتفاقا لصحة الذهول والنسيان ونحو ذلك فيحتمل ان يكون من رويت عنه نسى ذلك فتقبل من الراوي لكونه عدلا مثال ذلك انكار سهيل بن ابي صالح حديث القضاء بشاهد ويمين وقد رواه عنه ربيعة ثم كان يرويه سهيل عن ربيعه ويقول حدثنى ربيعة عني . قال نور الدين ونحن لم نرد هذا الحديث فهذه العلة لكن لعدم صحة الحديث معنا والله اعلم . ذكر صفة العدل وحكم التعديل عرف العدل بانه هو الذي يفعل جميع ما يجب عليه من اوامر ربه ويتنجب جميع المحرمات التى نهاه الله عنها فمن كان بهذه الصفة سمى عدلا وتقيا ووجب قبول روايته وشهادته وفوق درجة العدالة درجة الصلاح وهي ان يفعل فوق الواجبات ما امكنه من فعل المندوبات ويترك فوق المحرمات ما لا بأس به حافة الوقوع فيما فيه بأس به واعلى من درجة الصلاح درجة الصديقية وهي ان يسارع الرجل الى فعل جميع الفضائل حسب طاقته ويترك فوق المحرمات ما لا بأس به لا لمخافة شىء من الأمور وتماتان الدرجتان زيادة فضل لصاحبها اما المشروط لغرضنا من قبول الرواية والشهادة فهى درجة العدالة لا غير نعم اذا تعارضت رواية العدل ورواية من فوقه ولم يمكن الجمع بينهيا بوجه من الوجوه قدمت رواية من فوق العدل لأن الظن بصدقه اقوى فاذا علمت عدالة العدل قبلت روايته وشهادته واذا لم تعلم اخذ بقول المعدل فيها ويبزي في نقل التعديل قول الواحد العدل سواء كان ذلك في قبول الرواية ام الشهادة وكذلك التجريح ايضا لأن كل واحد من التجريح والتعديل خبر لا شهادة والمعتبر في الخبر حصول الظن بصدقه اذ لا سبيل الى اليقين والظن بالعدالة والجرح يحصل بخبر العدل . ٢٧٨ قال نور الدين وقال بعض المحدثين لا يثبت بخبر واحد في الرواية والشهادة لأن التعديل والجرح شهادة على المعدل والملجروح فاعتبر العدل قال ورد هذا القول بانه لا نسلم بانه شهادة بل خبر ولا وجه للحكم عليها بانها شهادة اذ لا دليل على ذلك وليس من اخبر عن شخص بكذا له حكم الشاهد اذ المطلوب الظن واختار البدر الشماخي قبول قول الواحد في التعديل دون التجريح وهو قول سعيد بن المبشر فانه قال يجوز التعديل بواحد والتجريح باثنين وكانه نظر في ذلك الى قبول الولاية بقول العدل الواحد دون البراءة فانها لا تقبل على الصحيح عندنا الا بعدلين . قال نور الدين والفرق بين الولاية والبراءة وبين التعديل والتجريح ظاهر اذ لا يلهم من طرح رواية الرجل اورد شهادته ثبوت الولاية له على ان اصحابنا لم يشترطوا في تعديل الشهود وتجريحهم غير معدل واحد ومثله الراوي لأنه ايسر حالا منه واشترطوا في البراءة عدلين على الصحيح واختلف في كيفية تادية وصف التعديل والتجريح فقال الباقلاى يكفى الاطلاق في التعديل والتجريح كقول المعدل هذا عدل والجارح هذا مجروح وقال الغزالي والجوينى ان كان عالما كفنى الاطلاق في التعديل والتجريح وان لم يكن عالما فلابد من التفصيل . ابويعقوب واختاره بعض اصحابنا المشارقة وقيل لاقال نور الدين وصححه يكفى في التعديل والتجريح الاطلاق وان كان من عالم بل لابد من بيان السبب في ذلك وقال الشافعي انما يكفى الاطلاق في التعديل دون التجريح وقال غيره بعكس ذلك واختلفوا في رواية العدل عن مجهول الحال هل ذلك تعديل له ام لا قال بعض تعديل لأن الظاهر من العدل لا يروى الا عن عدل قال البدر الشماخى ومثله عمل العامل برواية المجهول اذا كان يرى العدالة شرطا في قبول الرواية فتهوعديل والا فلا وكذا حكمة بشهادته اذا كان يرى العدالة شرطا في قبول الشهادة واما اذا كان لايرى العدالة شرطا في قبول الرواية والشهادة والعمل فليس بتعديل واختلف الناس في الصحابه فقال الاكثر من الاصوليين والفقهاء من قومنا والمحدثين الصحابة كلهم عدول ثم اختلف هؤلاء فقالت الاشعرية مطلقا والمعتزلة الا من ظهر فسقه منهم ولم يتب كمعاوية واشياعه وقيل بل هم في العدالة كغيرهم لا يقبل الا من ظهرت عدالستة منهم او من عدله عدل وقيل بل هم عدول الى حين الفتن فلا يقبل الداخل فيها لأن الفاسق منهم غير معين . ٢٧٩ قال نور الدين رحمه الله قال صاحب المنهاج وهذا القول يروى عن عمرو بن عبيد لأنه توقف في الفاسق من المقتتلين يوم الجمل وعن النظام الجرح لهم وكذا عن الامامية الا من قدم عليا ف الخلافة . قال نور الدين وهذه الأقوال كلها للغير وبعضها باطل لا يقبل الحق اصلا وهو القول بتجريح جميع الصحابة والقول بجرحهم الا من قدم عليا ي الخلافة فان هذين القولين اشنع اقوال المسئلة وابعدها عن الحق لمضادتها قوله تعالى لقد رضى اه عن المؤمنين اذ يباعونك تحت الشجرة وقول محمد يلة والذين امنوا معه اشداء على الكفار رحماء بينهم الآية وكثير من اى الكتاب يقضي بثبوت الفضل لهم والعدالة على الجملة نموله يلة اصحابي كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم ويليها ني البعد قول الاشعرية بثبوت العدالة هم مطلقا اي قبل الفتن وبعدها وهذا القول يبطل به ثبوت البغى وفسق الباغى وقد صرح الكتاب بفسق البغاة حيث قال وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصحلوا بينها فان بغت احداهما على الأخرى فقاتلوا الى تبغى حتى تفىع الى امر الله فاخبرنا ان الباغية خارجة عن امر الله وان حدها القتل حتى ترجع عن بغيها وكل خارج عن امر الله حده القتل فهو فاسق قطعا كالكافر فانه خارج عن امر الله وحده القتل حتى يرجع وني هذا كفاية لمن انصف ولم تبذبه امراض التعصب والهوى الى الند هده في مهاوى الردى . قال نور الدين والقول الفاصل بين الخصوم في هذا المقام وهو المطابق لظاهر الكتاب والسنة ان نقول انهم جميعا عدول الا من ظهر فسقه منهم قبل الفتن اما بعد الفتن فمن علم منه البقاء على السيرة التي كان عليها رسول الله يلة فهو عدل مطلقا وهي الجماعة التي قامت على عثمان ونصبت عليا وفارقته يوم التحكيم طلبا لاقامة كتاب الله ومن لم يعلم منه البقاء على تلك السيرة فلا يسارع الى تعديله حتى يختبر لكثرة المفتتنين واختلاط الموفين بغيرهم والله اعلم . ذكر الخبر الغير المتصل مرسلا او منقطعا او متصلاسواء كانالله نبرسولوالمراد به ما ل يتصل سنده بالصحابي فقط وهو الموقوف واختلف في حد المرسل على ثلاثة اقوال القول الأول ٢٨٠ للاصوليين وهو ما سقط من اسناده راو واحد فاكثر من اي موضع كان القول الثاني للمحدثين وهو مازفعه التابعي الى النبي يي سواء كان من كبار التابعين كجابر بن زيد وسعيد بن المسيب والحسن البصري او من صغار التابعين كالزهري وابي حازم ويحن بن سعيد الانصاري القول الثالث لبعض اهل الحديث وهو ما رفعه التابعي الكبير الى النبي ية فعلى هذا يكون ما رفعه التابعى الصغير داخلا في المنقطع عند ارباب هذا القول وحكم المرسل ان كان من مراسيل الصحابة قبل بلا خلاف لأن رواية الصحابي محمولة على السماع اذاقال الصحابي قال رسول الله او عن رسول الله ية حمل ذلك على انه سمع منه لأنه ادركه ولأن الصحابة كلهم عدول قبل الفتن الا من ظهر فسقه منهم والصحابي العدل يتحاشى عن اخذ الرواية من الفاسق فوجب الأخذ مرسل الصحابي اجماعا وان كان من مراسيل التابعين او تابعيهم فقد اختلف في قبوله على مذاهب الاول انه يقبل مرسل العدل مطلقا ونسب الى الجمهور الثاني لا يقبل المرسل مطلقا ونسب الى بعض المحدثين الثالث لعيسى بن ابان وابن الحاجب او من التابعي او من امام نقل المذهب الرابع للشافعي وهوانه لا يقبل من الصحابي انه لا يقبل الا ان يعضده ما يقويه من ظاهر كنص او عمل صحابي او ارسال تابعي كمراسيل ابانلمسيب او اسنده غير المرسل وشيوخهيا مختلفة في الاسناد والارسال او انه لا يرسل الا عن عدل .عرف قال نور الدين رحمه الله ونقل الاجماع من الحنفية على قبول مرسل الصحابي ظاهر الصواب فلا ينبغي الخلاف فيهلان الصحابة قذ ارسلوا وم ينكره احد منهم بل كانوا بين عامل به ومصوب ومنه قول البراء بن عازب ليس كل ما احدثكم سمعته من رسول الله ولة الا انا لا نكذب يعنى انه قد يقول قال رسول الله ية ولم يسمعه منه بل رواة من يثق به فارسل وارسل ابن عباس رواية انما الربا في النسيئة فلما سئل هل سمعته من رسول الله ية قال لا بل رواه لي اسامة ولم ينكر عليه ارساله فكان اجماعا على تصويبه ومن ذلك ان ابن عباس روى ان النبي كينز ل يقطع التلبية حتى رمى جمرة العقبة ثم اخبر انه اخبره بذلك الفضل بن عباس ولم ينكر عليه وقد روى ان ابن عباس لم يسمع من الرسول يق الا القليل مع كثرة روايته عنه قال عيسى بن ابان هذا انهم لما ل يردوا خبرا لأنه خبر واحد كذلك ل يردوا خبرالأنهوالذى يصحح مرسل اي فيكون الاجماع على قبول المرسل كالاجماع على قبول خبر الواحد العدل ٢٨١ وثبوت هذا الاجماع وصحته احتج القائلون بقبول مرسل الحديث مطلقا وذلك انه لما لبت الاجماع من الصحابة على قبول الخبر المرسل لعدالة الراوي وجب ان يقبل الارسال في كل وقت اذا كان المرسل عدلا على ان الاجماع من التابعين قد وقع على قبول المرسل ايضا لأنه لم يرو عن احد منهم رد المرسل وهم بين مرسل ومصوب فمن ذلك قول النخعى اعلموا اني ان سمعت الحديث من واحد عن ابن مسعود قلت حدثنى فلان عن ابن مسعود وان سمعت من جماعة قلت قال ابن مسعود يعنى انه يرسل حيث يقوى ظنه وقد وقع الارسال ايضا في كثير من رواياتججابر بن زيد وروى ابن الحاجب الارسال عن ابن المسيب والشعبي والنخفي والحسن البصري وغيرهم فكان ذلك اجماعا من التابعين على قبول المرسل فلا وجه لدفعه قال بعضهم ان رد المرسل بدعة حدثت بعد المائتين والمقطوع ما جاء عن تابعي من قوله او فعله موقوفا وليس بحجة والموقوف ما قصر على الصحابي قولا او فعلا ولو منقطعا وهل يسمى اثرا نعم ومن قول الصحابي كنا نفعل ما لم يضفه الى النبي يلة فان اضافه اليه كقول جابر بن عبدالله كنا نعزل على عهد رسول ا له ية فمن قبيل المرفوع وان كان لفظه موقوفا لان غرض الراوي بيان الشرع وقيل لا يكون مرفوعا وقول الصحابي من السنة كذا او امرنا بضم الهمزة او كنا نؤمر او نهينا او ابيح فحكمة الرفع ايضا كقول الصحابي انا اشبهكم صلوة به يلة وكتفسير تعلق بسبب النزول وحديث المغيرة كان اصحاب رسول الله يلة يقرعون بابه بالاظافير صوب ابن الصلاح رفعه ولو قال تابعي كنا نفعل فليس بمرفوع ولا بموقوف ان لم يضفه لزمن الصحابة بل مقطوع فان إضافة لزمنهم احتمل الوقف لان الظاهر اطلاعهم عليه وتقريرهم واحتمل عدمه لأن تقرير الصحاي قد لا ينسب اليه تقريره تقية واذا اق شيء عن صحابي موقوفا عليه مما لا مجال للاجتهاد فيه كقول ابن مسعود من انى ساحرا او عرافا فقد كفر بما انزل على حمد يلة فحكمه الرفع تحسينا للظن بالصحابة قال الحاكم والضعيف ما قصر عن درجة الحسن بسبب وهن في سنده كالطعن في بعض رواته وتفاوت درجاته في الضعف بحسب بعده من شروط الصحة والمضعف ما لم يجمع على ضعفه بل في منعه او سنده تضعيف لبعضهم وتقوية للبعض الآخر وهو اعلى من الضعيف والمنكر القوي لا يعرف متنه من غير جهة راويه فلا متابع له ولا شاهد مثاله حديث ابي ذكير يجى بن محمد بن قيس عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة كلوا البلح بالتمر ٢٨٢ والشاذ ما قلت رواته وينقسم الى غريب وعزيز وفرد فالغريب ما انفرد راو بروايته او برواية زيادة فيه عمن يجمع حديثه كالزهري احد الحفاظ في المتن او السند وينقسم ال غريب صحيح كالافراد المخرجة في الصحيحين والى غريب ضعيف وهو الغالب على الغرائب والى غريب حسن وفي جامع الترمذي منه كثير والعزيز ما انفرد بروايته اثنان او ثلاثة دون سائر رواة الحفاظ المروى عنه والفرد يكون مطلقا بان ينفرد الراوي الواحد عن كل واحد من التقاة وغيرهم ويكون بالنسبة الى صفة خاصة وهو انواع فمنه قول القائل في حديث قراءته ية في الاضحى بقاف واقتربت لم يروه الا ضمرة بن سعيد فقد تفرد به عبيد الله بن عبدالله عن واقد الليثى ومنه ما هيل براو خصوص حيث لم يروه عن فلان الا فلان كقول ابي الفضل بن طاهر عقب الحديث المروي في. السنن الاربع من طريق سفيان بن عبينة عن وائل بن داود عن ولده بكر بن وائل عن الزهري عن انس ان النبي يي او لم على صفية بسويق وتمر لم يروه عن بكر الأوائل ولم يروه عن وائل غير ابن عبينة فهو غريب وكذا قال الترمذي انه حسن غريب والحكم بالتفرد يكون بعد تتبع طرق الحديث الذي يظن ان فرد هل شارك راويه الاخر ام لا فان وجد بعد كونه فردا ان راويا .اخر ممن يصلح ان يخرج حديثه للاعتبار والاشتهار به وافقه فان كان التوافق باللفظ سمى متابعا وان كان بالمعنى سمى شاهدا وان ل يوجد من وجه بلفظه او بمعناه فانه يتحقق فيه التفرد المطلق حينئذ والموضوع هو الكذب على رسول الله ية ويسمى المختلق وتحرم روايته مع العلم به الا مبينا ويحرم العمل به مطلقا وسببه نسيان او افتراء او نحوهما ويعرف باقرار واضعه او قرينته في الراوي او المروي فقد وضعت احاديث يشهد بوضعها ركاكة الفاظها ومعانيها قال الربيع بن خيثم ان للحديث ضواء كضوء النهار يعرف وظلمته كظلمة الليل المنكر قال نور الدين ومما يعرف به الموضوع ايضا ان تعارضه الأصول القاطعة حيث لا يمكن الجمع بينها وبينه كحديث الرؤية فانه .معارض لقوله تعالى لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار ولقوله تعالى ليس كمثله شيء فان هاتين الآيتين قاطعتان بنفى رؤيته تعالى وبنفى المشابهة له ولا يمكن الجمع بينهيا وما حؤول من الجمع في ذلك ' باطل قطعا اما المنقطع وهو ما سقط من رواته واحد من مكان واحد او من مكانين واكثر بحيث لا يزيد سقط كل منها على راو واحد والمعضل وهو ما سقط من رواته اثنا ٢٨٢ . وا لصحيح‏ ١مرسلنو عفهيا منالله تترسولما لك ق لكتول‏ ١نتوا نمق كر .‏ ١علمم' لنهقبرفا الله عليه وسلممبحث فعله صلى اعلم ان فعله يلة على انواع احدها جبلي منسوب الى الجبلة وهي الخلقة البشرية بمعنى ان الخلقة البشرية محتاجة اليه كالأكل والشرب والنوم ومباشرة الأزواج والقيام والقعود ونحو ذلك وحكم هذا النوع الاباحة لكل بشر اتفاقا النرع الثانى ما ورد بيانا لشىع من الكتاب والسنة كصلاته ية بيان لقوله تعالى اقيموا الصلوة بدليل قوله يلة صلوا كا رأيتمونى اصلي وكحجة بيان لقوله تعالى ولله على الناس حج البيت الآية لقوله زتية خذوا عنى مناسككم ونحو ذلك النوع الثالث ما ورد من فعله ية عخصصا لعموم الكتاب او السنة كيا لو نهانا عن العمل في الصلوة ثم سوى رداءه فيها فان لعموم النهى اد لا تحبوز عليه المعصية وحكم هذا النوعتسويته رداءه فعل خصص والذي قبله حكم ما ورد بيانا له اوتخصيصا فانه ان كان المبين واجبا كان الفعل واجبا ايضا وان كان المخصص واجبا كان الفعل المخصص واجبا ايضا وقد تقدم بيان كل واحد من ذلك في محله من بابي البيان والتخصيص النوع الرابع ما دل الدليل على انه يلة خصوص به من دون امته كتزوج تسع زوجات معا وكوجوب الاضحاء والضحى وقيام الليل ونحو ذلك فان الدليل الشرعى قد بين خصوصيته يلة بهذه الافعال فلا يحل لغيره اتباعه فيها على الجهة التي اوقعها عليه اما منع تزوج ما فوق اربع فظاهر بنص الكتاب واما منع اتباعه في وجوب الاضحاء والضحى وقيام الليل فوجهه انه لا يجل لاحد ان يأق هذه الطاعات معتقدا وجوبها على نفسه ون جاز له فعلها ندبا النوع الخامس ما ورد على غير هذه الأنواع وهو قسمان الاول ما علمت صفته من وجوب او ندب او اباحة فحكمه على ما علم من ذلك وامته مثله في ذلك وجوبا وندبا واباحة ما لم يقم دليل يمنع التاسى به شيء من ذلك لعموم قوله تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة وظاهرها وجوب التاسى به في اجاب ما وجب وندب ما ندب واستباحة ما استباح وقيل لا يلزمنا التاسى به في شيع من افعاله الا فيما قامت دلالة شرعية على تكليفنا به اذ لا دليل يقتضي وجوب ذلك علينا فيما فعله ولم ياءمرنا ان نفعل كفعله كيا قال صلوا كيا رأيتموني اصلي وقوله خذوا عنى مناسككم فاما قوله تعالى لقد كان لكم _ ٢٨٤ في رسول اه اسوة حسنة الآية فلا نسلم انها تكفي في وجوب التاسى بدل انها مجملة وبيان اجمالها انا قد علمنا ان في افعاله ما لا يلزمنا اتباعه فيه وفيها ما يلزمنا اتباعه فيه ولا يتميز لنا هذا من هذا الا بدلالة تبين لناما يجب علينا اتباعه فيه ورد بانه انما يصح ما قلتم لو لم يكن قد تميز لنا ما لا يجب علينا التاسى فيه فاما وقد تميز لنا ني الصورتين اللتين قدمنا علمنا ان ما عداهما فهو المقصود في الآية الكريمة فوجب امتثالها وهو المطلوب ثم انا ندعى الاجماع على وجوب التاسى فيه في غير العبادات كيا يجب فيها فانهم رجعوا الى ازواجه في قبلة الصائم وفيمن اصبح جنبا لم يفسد صومه وني تزوجه ميمونة وهو حرام او حلال وغير ذلك القسم الثاني ما لم نعلم صفته من وجوب او نحوه وانما فعله ية ولم تدل قرينة على جهة ايتائه له اهو على جهة الوجوب ام غيره اختلف الاصوليون على ما يحمل فنوقعه عليه نحن فقال ابن سريج انه يحمل على الوجوب فيلزمنا ايقاعه لوجوبه وقال الشافعي بل يحمل على الندب فقط وقال مالك بل يحمل على الاباحة وقال بان الحاجب ان ظهر منه يلة قصد القربة فندب والا فمباح وقيل بالوقف احتج القائلون بالوجوب بعموم قوله تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة وقوله فاتبعه وبعموم وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وايضا فقد خلع نعله في الصلوة فخلعوا نعالهم واجيب عن الأول بانه انما يجب التاسي والاتباع على جهة الوجوب حيث يعلم ان الفعل واجب اما حيث لم يعلم ذلك فلا دليل على ان الفعل واجب واجيب عن الثاني بان المراد من قوله تعالى وما أتاكم الرسول اي ما امركم به بدليل وما نهاكم عنه واما خلع نعالهم فلقوله صلوا كيا رأيتموني اصلي احتج القائلون بالندب بانه لكوان واجبا استلزم التبليغ بالقول ولا تبليغ والاباحة منتفية لقوله تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة فصار مندوبا على كل حال احتج القائلون بالاباحة بان الاباحة هي المحققة حيث لا دليل على ما فوقها فوجب الوقوف عليها واجيب بان الدليل على الندبية حاصل من قوله تعالى فاتبعوه احتج القائلون بانه ان ظهر قصد القربة فندب والا فمباح بان فضل القربة قرينة تثبت رجحان الفعل على تركه فيستدل بها على الندبية وعند عدم القرنية فهو مباح اما القائلون بالوقف فانما وقفوا لتعارض هذه الأدلة معهم ونحن نقول ان حمله على الندبية هو الصحيح لأن افعاله يتي شرع له ولغيره الا ما قام الدليل بخصوصيته _ ٢٨٥ به فترفعنا به عن المباح لثبوت المزية له على غيره ولم نبلغ به درجة الوجوب لأن اثباته هذا الفعل الوارد عنه تنينامر الزامي لا يثبت الا بدليل ولم يكف فالوجوب لثبوت هذه الاحتمالات فيه . قال نور الدين يعرف حكم فعله يلة بالاضطرار الحاصل من قرائن احواله في مقصده فان الضروري قد يحصل عند الامارات فيا عرفه المشاهدون له من قصده ضرورة وجب عليهم اتباعه واذا نقلوه الينا وجب علينا العمل به مع صحة النقل بتواتر اوغيره ويعلم ايضا حكم فعله بما يصفه به ية من وجوب او ندب او اباحة فيعمل بمقتضى وصفه اياه ونعلم ايضا حكمه بكونه فعله بيانا لخطاب مجمل فحكمه حكم المبين كغسله الذراعين مع المرفقين بعد نزول قوله تعالى وايديكم الى المرافق وطريقنا الى كونه بيانا اما قوله او معرفتنا بقرينة حال ان فعله امتثالا لذلك الخطاب وما فعله يي من الافعال في الصلوة بعد ان نهانا ان نفعل فيها فعلا يخالفها اقتضى الاباحة نحو ان يرمى بالنخاعة او يسوى رداءه ونحو ذلك لأنه ية لا تجوز عليه المعصية وقد امرنا بالاقتداء به في افعاله واقواله فنقطع بان فعله بعد النهى تخصيص لعموم النهى حينئذ وكذلك ما فعله ية ولم نعلم جهة حكمه ولا دليل على الوجوب فندب اذ قد امرنا بالأسى به فاذا لم يكن واجبا تعين الندب والله اعلم . مبحث تقريره صلى الله عليه وسلم اذا رأى صلى الله عليه وسلم فعلا او سمع قولا من احد وكان قادرا على الانكار فلم ينكره كان ذلك تقريرا منه على ذلك الفعل فيكون دليلا على جوازه اتفاقا لكن بشرط ان يكون ذلك الفعل والقول معلوم الحرام كالكفر بالله ونحوه فانه لروأى يَل مجوسيا مارا الى الكنيسة فلم ينكر عليه ما كان ذلك منه تقريرا على جواز المرور الى الكنيسة واعلم ان لحجية تقريره يلة شروطا احدها ان يعلم بذلك الفعل ولم ينكره وثانيها ان يكون قادرا على الانكار فلم ينكره وثالثها ان يكون ذلك الفعل مما يحتمل النسخ فيخرج نحو الكفر بالله فليس في السكوت عنه تقرير ورابعها ان لا ينكره عليه في حضرته غيره مخافة ان يكون قد اكتفى بذلك الانكار وخامسها ان يعلم من حاله انه منتبه لذلك الفعل غير غافل عنه فان احتمل انه غافل فلا تقرير هذا كله اذا ل يظهر منه استبشار لذلك الفعل او ذلك القولاما لو ظهر استبشاره كان ذلك ادل على الجواز ولا يكون دليلا على التعبد به . ‏_ _ ٢٨٦ قال نور الدين فلا وجه لتمسك الشافعي باستبشاره ية بقول المدلجي وقد مدت جعل القيافة طريقا شرعيافالاقدام بعضها من بعضله اقدام زيد واسامة ان هذه خذ بها في النسب لأنا نقول ان استبشاره انما كان لموافقة الحق والزام الخصم ما يؤ انه يكون ناسخا ومنسوخا فانيلزمه على اصله وحكم تقريره مين حكم فعله حيث ا لتحريم ثم رأى من فعل ذلك ا لمرم فلم ينكره عليه كان ذلك نسخا للتحريمسبق وكذا يكون بيانا للمجمل وخصصا للعموم على ا لصحيح والله ا علم . اختلف في مذهب الصحابي هل يكون حجة على غيره ويلزمنا اتباعه ام لا على ثلاثة مذاهب احدها انه يلزمنا اتباعه سواء كان قوله يدرك بالقياس ام لا لأن قوله ان كان عن سماع فيها وان كان عن رأى فرأيهم اقوى من رأى غيرهم لأنهم شاهدوا طريق النبي ية ي بيان الاحكام وشاهدوا الأحوال التي نزلت فيها النصوص وثانيها لا يجوز تقليده مطلقا لأهم قد ظهر فيهم الفتوى بالرأي واحتمال الخطاء في اجتهادهم ثابت لعدم عصمتهم من الخطاء واذا احتمل الخطاء لم يجز لمجتهد اخر تقليده كا لا يجوز تقليد التابعي ومن بعده وثالثها يجب تقليده فيا لا يدرك بالقياس اذ لا وجه له الا السماع او الكذب والكذب عنهم منتف واما اذ ادرك بالقياس فلا بب لأن القول بالرأي منهم مشهور والمجتهد يخطاء ويصيب . قال نور الدين والصحيح ان مذهب الصحابي لا يكون حجة على غيره اذ لو كان حجة على احد لزم ان لا يقع بين الصحابة خلاف في مسئلة اصلا وبيان ذلك ان الخلاف قد وقع من الصحابة في كثير من المسائل فلو كان قول الصحابي حجة على غيره لزم ان يكون من سبق منهم الى قول حجة على غيره فيلزم الباقين اتباعه ولا يسعهم خلافه والمعلوم انهم قد اختلفوا والله اعلم . خاتمة اختلف في شرع من قبلنا من ا لرسل هل يكون ما ل ينسخ منه شرعا لنا ام لا فيه ثلاثة مذاهب المذهب الأول لا يكون شرعا لنا مطلقا المذهب الثاني يكون شرعا لنا _ ٢٨٧ منه شرعا لناما ل ينسخالثالث ان يكونعلمنا بقاءه المذهبمطلقا لانه اذا .ينسخ بشرطين احدهما ان يقصه الله علينا او نبيه من غير انكار له وثانيهما ان يكون ذلك على جهة التشريع لنا كيا في قوله تعالى حكاية عن شعيب عليه السلام ويا قوم اوفوا المكيال والميزان بالقسط الاية وكيا في قوله تعالى حكاية عن لوط عليه السلام انكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من احد من العالمين وكيا في قوله تعالى حكاية عن التوراة وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس والعين بالعين الآية فان هذه الآيات ونحوها قص الله علينا فيها انه قد شرع على من قبلنا حكمها ولم ينكر علينا شيئا من هو الذىالمذهبشرعا لنا وهذاالتشريع لنا فكاناحكامها وقد قصها على جهة اختاره نور الدين حمه الله . قال ولقائل ان يقول اذا قصه الله او رسوله على جهة التشريع لنا فليس هو بشرع من قبلنا وانما هشورع نبينا لأن محل النزاع فيما لم يكن قد شرع لنا ولم ينسخ لا فيما شرع فيكون ما اختاره نور الدين هو نفس القول بان شرع من قبلنا ليس بشرع لنا وهذا ظاهر فيكون الخلاف لفظيا احتج القائلون بانه ليس بشرع لنا ولو لم ينسخ بان نبينا ية كان اصلا في الشرائع بدليل قوله تعالى واذ اخذ الله ميثاق النبيين لما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لا معكم لتؤمنن به فانه من ابين الدلائل على انهم منزلة امة من بعث اخرا في وجوب اتباعه فلا يجوز ان يكون نبينا يلة تابها لشريعة من تقدمه والا لزم ان يكون تابعا ومتبوعا وفيه حط مرتبته احتج القائلون بانه شرع لنا ما لم ينسخ بالنقل والعقل اما النقل فقوله تعالى اولئك الذين هدى الله فيهداهم اقتده والهدى اسم للاممان والشرائع جميعا فيجب على النبي اتباع شرعهم وبقوله تعالى شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والدين اسم لما يدان لله تعالى به من الايمان والشرائع واجيب عنه بتخصيص الهدى والدين باصول الشريعة اي الايمان واما العقل فهو ان الرسول الذي كان شريعته منسوبة اليه لم يخرج من ان يكون رسولا يبعث رسول اخر بعده فكذا شريعته لا تخرج ان تكون معمولا بها ببعث رسول آخر ما لم يقم دليل النسخ فيها واجيب بانه لا نسلم ذلك لان شريعة الرسول السابق يصح نسخها ببعث الرسول الثاني بخلاف صفة الرسالة فانه لا يمكن نسخها بعد ثبوتها له على انا نقول انه قد قام ٢٨٨ الدليل على نسخ ما سبق من الشرائع بشرع نبينا ية الا ما قصه الله او نبيه على سبيل التشريع لنا وذلك قوله تعالى ياأيها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة الآية وقوله ية حين رأى صحيفة من التوراة في يد عمر امتهوكون انتم كيا تهوكت اليهود والنصارى والله لكوان موسى حيا لما وسعه الا اتباعى وايضافالمعلوم من حال الصحابة رجوعهم عند فقد النص منه يلة الى القياس والاجتهاد ولا يلتفتون في البحث عن الحادثة الى الشرائع المتقدمة فكان ذلك منهم اجماعا على ان شرع من قبلنا ليس بشرع لنا ولو ل ينسخ ما لم يقصه الله او نبيه على سبيل التشريع لنا . قال نور الدين وهذه المسئلة متفرعة على مسئلة صورتها هل كان نبينا يلة متعبدا بعد البعثة بشريعة من قبله ام لا وانما جاء بشريعة مبتداءة قولان قال والحق انه ميلة انما بعث بشريعة مبتداءة سواء وافق بعضها حكم الشرائع السابقة او خالف اما قبل البعثة فقيل انه متعبد بشرع من قبله من الأنبياء وقيل انه لم يتبعد وتوقف اخرون وهو الحق اذ لا علم لنا الا بما انتهى إلينا علمه وكلا الحالين في حقه ممكن والذي يقتضيه ظاهر سيرته ية انه كان قبل البعثة غير متعبد بشرع من قبله اما التوحيد وما تقوم به حجة العقل فقد كلف به جميع العقلاء وقد وفق يلة قبل البعثة وبعدها وقد كان قبل البعثة ايضا محفوظا من قاذورات الجاهلية تسديدا من الله تعالى وحسن توفيق له فنشاء في كنف الله تعالى وحفظه مقرونا بالملائكة عليهم السلام حتى انتهى الى الوقت الذي اراد الله له فيه ظهور الكرامة العظمى ية ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم والله اعلم . الركن الثالث في مباحث الاجماع الاجماع ي اللغة العزم يقال اجمع على كذا بمعنى عزم عليه والاتفاق يقال اجمع القوم على كذا إذ اتفقوا وهو في عرف الاصوليين والفقهاء وعامة المسلمين اتفاق علياء اتفاق امة حمد ين ف عصر على أ مر وزاد بعضهم ولمالأمة علل حكم ف عصر 71 يسبقه خلاف مستمر فيخرج على ا لتعريف ‏ ١لأول عوا م الأمة ويدخلون على ا لتعريف الثاني وله شروط ومحل يأق بيان كل واحد من ذلك ف محلهان شاء الله وصورة الاجماع او يكره او يباح او انان ينطق كل واحد من المعتبرين بانه عجب كذا او يحرم او يندب يفعل كل واحد من المعتبرين فعلا يوا طى ف ذلك فعل صحابه نحو ان يصلوا على ٢٨٩ الجنازة باربع تكبيرات لا يزيد بعضهم عليها ولا ينقص او يتفقوا على ترك شيء نحو ان يتركوا الآذان في صلوة العيد او نحو ذلك فيكون اجماعا على انه غير واجب فيها او يقول بعضهم قولا او يعمل عملا ويسكت الباقون بعد انتشار ذلك القول او العمل عليه كا اذا قال بعضهم صلوةفيهم ومع ا لقدرة عل أ نكاره فلا ينكروه بل يسكتون الكسوف مشروعة فانتشر فيهم هذا القول فلم ينكره احد منهم كان اجماعا على شرعيتها فلو قال مثلا مفروضة ولم ينكروه ثبت الاجماع على فرضيتها فالاجماع نوعان احدهما اجماع قولي وهو ما فيه اتفاق اقوالهم اتوواطى افعالهم على شيء واحد والنوع الثاني سكوق وهو ما فيه قول بعضهم او عمله مع سكوت الباقين عليه بعد انتشار النوعين حكم مخالف حكم الآخرذلك فيهم ومع القدرة على انكاره ولكل واحد من اما حكم الاجماع القولي فهو انه حجة قطعية يفسق من خالفها عند الجمهور لكن كونها قطعية بعد كمال شروطها الاق ذكرها وفني موضع لا يكون فيها خلاف هل ذلك الحال اجماع ام لا فيا وقع فيه الخلاف انه اجماع ام غير اجماع فليس بحجة قطعية اتفاقا . قال نور الدين وخالف النظام والرافضة وبعض الخوارج فزعموا انه ليس بحجة قال وللجمهور على ان الاجماع القولي بعد كمال شروطه حجة قطعية ادلة من الكتاب والسنة والاجماع فاما ادلتهم من الكتاب فمنها قوله تعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا احتج به ابوعلي الجبائى وبعض اصحابنا قال الجبائى فجعلهم بمنزلة الرسول في الشهادة والشهادة تستلزم العدالة فاقتضى ذلك عصمتهم اى عصمة جماعتهم من الخطاء فحرمت مخالفتهم ومنها قوله تعالى ومن يتبع غير سبيل المؤمنين قوله ما تولى نصله جهنم وساءت مصيرا ارجه الاحتجاج بها انه تعالى توعد اتباع غير سبيل المؤمنين كيا توعد على مشاقة الرسول تة فوجب كونه حجة واما استدلاهم من السنة فهو قوله متينة لانزال طائفة من امتى على الحق ظاهرين وقوله ية يحمل هذاالعلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتاويل الجاهلين وقوله ية من سرته بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة وقوله ية من فارق الجماعة قد شبر فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه وقوله يلة من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية وقوله يلة عليكم ملازمة الجماعة ونظائر ذلك كثير فهذه ونحوها اخبار متعددة من طرق مختلفة صحيحة متواترة على _ ٢٩٠ معنى واحد وان اختلفت عباراتها فقد صح تواتر معناها كتواتر شجاعة حلى وجود حاتم قال ابوهاشم ولأن هذه الاخبار واردة في اصل كبير وهو الاجماع ووجوب الرجوع اليه كالرجوع الى كتاب الله وما كان واردا في اصل كبير لم يجز اذا لم يعلم الساكت عن سادسةان ثم صلوةرا و‏ ١لنكير عليه بل ينكره كا لو روىيتركانروا ية صحته مفروضة على حد فرض الخمس فان من ل يعلم صحة ذلك لا يمكنه السكوت عن انكاره فكذلك هذه الأخبار الواردة في تنزيل الاجماع منزلة الكتاب والسنة المتواترة ني وجوب الرجوع اليه لو لم يعلم الساكت عند روايتها صحتها لانكرها فعلمنا بهذه اتباع الأمة فييا اجتمعت عليه قال صاحبوجوبالاخبار المروية فالطريقة صحة المنهاج وهذه الطريقة اقوى من التي قبلها خلا ان لقائل ان يقول وبما عرفتم انهارويت في حضرة جامعة ولم ينكرها احد واين السبيل الى ذلك وهي في نفسها احادية . قال نور الدين وهو يميل الى ان الاجماع حجة ظنية لا قطعية لكون ادلة الاجماع ظنية عنده واما دليلهم من الاجماع فهو ما قاله ابن الحاجب وتبعه البدر الشماخي وهو ان الصحابة اجمعت على تخطئة من خالف اجماعهم قال ابن الحاجب والعادة تقضي ان الجماعة العظمى لا تجمع على تخطئة احد الا عن دليل قطعي لا ظني فاستلزم ذلك القطع بحصول اطلاعهم على دليل قطعي لاجله اجمعوا على القطع بخطاء خالفهم وان لم نعلمه وما حكم الاجماع السكوتي فهو حجة ظنية توجب العمل ولا خلبر العدل فمن خالف الاجماع السكوي لا يحكم بفسقه على الصحيح تفيد العلم مث كيا لا يحكم بفسق من خالف الخبر الآحادي لان التفسيق لا يكون الا مع مخالفة الدليل القاطع وقيل ان الاجماع السكوتي حجة قطعية ايضا وقيل انه ليس بحجة رأسا وانما هو بمنزلة قول العالم الواحد فيلزم المجتهد ان ينظر لنفسه ولو خالف الاجماع السكوق . قال نور الدين والصحيح ما تقدم لما اوردنا من الحجة على ذلك واعلم ان وقوع الاجماع من اهل الاجماع ممكن وكذا بلوغ العلم باجماعهم الينا ممكن وكذا نقل اجماعهم لمن بعد عنهم ممكن فلا استحالة في شيء من هذه المقامات الثلاثة وقد خالف بعض اهل الأهواء في المقام الأول فزعم النظام وبعض الخوارج والروافض امتناع وجود الاجماع واحتجوا على امتناع وجوده بان انتشار الامة يمنع نقل الحكم الى _ ٢٩١ كل واحد منهم فيمتنع اجماعهم على حكم واحد واجيب بان المجتهدين عدد قليل ولحم اجتهاد ئي البحث عن الاحكام فلا يلزم مع ذلك امتناع اطلاع كل واحد منهم على ذلك الحكم وخالف بعضهم في المقام الثاني فزعموا ان الاجماع وان صح في ذاته لكن العلم بانه اجماع ممتنع واحتجوا على ذلك بانه لو صح الاجماع لكان اما عن دليل قاطع واما عن دليل ظني فان كان عن دليل قاطع وجب ان ينتهي نقله الينا كيا انتهى اليهم وان كان عن ظني منع الاتفاق على مضمونه لاختلاف القرائح واجيب بان ذلك غميرنوع في الطرفين اذ قد يستغنى بالظنى عن نقل القطعى وقد يكون الظنى جليا وخالف بعضهم في المقام الثالث فمنعوا من صحة نقله الينا بعد تحبويزهم :امكان وجوده وامكان الاطلاع عليه في زمانه واحتجوا على ذلك بانه لو قدرنا حصول اجماع السلف على حكم فان العادة تقضي بمنع نقله الينا وحصول اليقين لتجويزنا خفاء بعض اهل ذلك العصر لحادث اما مرض او اسرا وخمول اوكذبه او رجوعه قبل قول الآخر ولو سلم فنقله مستحيل عادة لأن الاحادي لا يفيد والتواتر يفيد واجيب بانه لا نسلم هذه الأمور فانا قاطعون بتواتر النقل بتقديم النص القاطع على الظن ولا نعتد بانكار النظام وبعض الشيعة وبعض الخوارج والله اعلم . ذكر اهل الاجماع يعتبر في انعقاد الاجماع وفاق كل مجتهد ومتبع والمراد بالمجتهد كل من كانت له ملكة يقتدر مها على استنباط الاحكام الشرعية من ادلتها والمراد بالمتبع كل من كان سالكا طريقة السلف الصالح فيخرج بذلك الفاسق فانه لا يعتبر بخلافه وكذلك ايضا يخرج المبتدع وهو من حاد عن طريقة السلف الصالح بتاويل يفسق به او يشرك عند من اثبت الشرك لبعض المتاولين فان خلاف هؤلاء لا ينقص اجماع المعتبرين من اهل الحق وقال ابوهاشم بل المعتبر المصدقون لنبينا ية من مؤمن وفاسق واحتج على ذلك بقوله ية لا تجتمع امتى على ضلالة ونحوه من الأخبار فظاهره عام لجميع امته والامة تطلق على المصدق من مؤمن وفاسق . قال نور الدين عموم الح ديث مخصص بالكتاب وذلك قوله تعالى لتكونوا شهداء على الناس اذ يشترط في الشهداء العدالة قال واذا صح خروج الفاسق عن المعتبرين ٢٩٢ في صحة الاجماع عرفت ان فسق احدى الطائفتين يصير قول الأخرى اجماعا وباشتراط المجتهد دون غيره في صحة انعقاد الاجماع يخرج الفقهاء فقط وهم المعروفون بتحصيل المسائل الفرعية نقلا لا استنباطا وان كان عن تقليد فلا يعتبر خلافهم في صحة الاجماع وقيل بل يعتبر خلافهم ويعتد باجماعهم دون اجماع غيرهم لأنهم اهل التحصيل للاحكام والاقبال على .حفظها ويخرج ايضا الاصولي والمراد به من كان له معرفة بالأصول فقط دون سائر الشريعة فلا يقدح خلافه وقيل يعتبر خلافه فلا ينعقد الاجماع الا مع وفاق . قال نور الدين واهل هذه الاقوال لا يخطىء بعضهم بعضا لأنه مقام اجتهاد وحجية الاجماع على كل قول من الأقوال المذكورة انما هي حجة ظنية عند من اثبتها حجة هنا لك فيلزم العمل بها دون العلم ولا يكون الاجماع حجة قطعية يحكم بتفسيق من خالفها الا اذا اجتمعت الأمة عالمها وجاهلها ومؤ منها وفاسقها ومحقها ومبتدعها فاذا اجتمعوا جميعا على حكم لم يسبقهم فيه خلاف وانقرضوا على ذلك من غير ان يرجع احدهم عن ذلك الحكم فهاهنا يكون الاجماع حجة قطعية باجماع جميع من اعتبر الاجماع وذلك بعد كمال الشروط الآق ذكرها ومنها ان لا يكون اجماعهم خالفا للنص وان ينقل اجماعهم الينا التواتر الى غير ذلك من الشروط المعتبرة ودون هذا فالاجماع حجة ظنية ويكفى اعتبار المجتهدين في كون الاجماع حجة ظنية على حسب ما اختاره نور الدين وليس يجبزي في صحة الاجماع وفاق بعض مجتهديالأمة مع خلاف البعض الآخر وان بلغ المتفقون على ذلك عددا كثيرا ولو خالف من اهل الاجتهاد واحد او اثنان واتفق الباقون . قال نور الدين رحمه الله وذهب الخياط وابن جرير وابوبكر الرازي الى ان خلاف الواحد والاثنين لا يحزم الاجماع بل يكون الاجماع حجة قاطعة لقول يلة عليكم بالسواد الاعظم على غير ذلك من الاحاديث الموجبة لا تباع الاكثر وقيل ان انكر المتفقون خلاف ذلك المخالف كان اتفاقهم ناجماعا والا فلا ورد القولان بان المعتبر الاجماع من الجميع وهو في الصورتين غير موجود فلا اجماع وكذلك لا يكون اجماع اهل المدينة مع خلاف غيرهم حجة لأنهم بعض الأمة والمفروض اجماع جميع الأمة اما جميع مجتهديهم وعلمائهم واما جميع العلياء والعوام وقال مالك ان اجماع اهل المدينة _ ٢٩٢ حجة اي وان خالفهم غيرهم في ذلك قال الحاكم والمشهور عن مالك انه رد الخبر بفعل اهل المدينة حتى قال ابن ذويب يستتاب مالك والحجة على ذلك قوله ينة المدينة طيبة تنفي خبثها ورد بانه دليل على فضلها وذلك لا يستلزم كون اجماع اهلها حجة والالزم ذلك في مكة ولا قائل بذلك ثم ان اكابر علياء الصحابة كانوا خارجين عنها فان عليا وابن مسعود وابا موسى وغيرهم كانوا في الكوفة وانس في البصرة وابو الدرداء بالشام وسلمان بالمدائن وابو ذر كان في الربذة ومن المحال ان لا يعتد بخلاف هؤلاء لأهل المدينة وكذلك ايضا لا يكون اجماع اهل بيت النبي ية مع خلاف غيرهم اجماعا وقالت الزيدية وابو عبدالله البصري من المعتزلة ان اجماعهم حجة واحتجوا على ذلك بان جماعتهم معصومة من الخطأ لمخالفة حكم الله في قول او فعل ورد بانه لا نسلم ثبوت العصمة لهم بل هم وغيرهم في ذلك سواء فكيا يجوز على غيهم الخطاإ كذلك ايضا يجوز عليهم وكذلك لا يكون اتفاق الخليفتين ابي بكر وعمر مع خلاف غيرهم اجماعا لانهيا بعض الأمة ولا اتفاق الخلفا الاربعة اجماعا لأنهم بعض الأمة وزعم بعض الظاهرية ان اجماع الخلفاء الاربعة حجة والحق خلافه . قال نور الدين فاذا عرفت ان وفاق جميع المجتهدين معتبر في صحة الاجماع وان اتفاق بعضهم مع خلاف البعض الآخر لا يكون اجماعا وان كثر المتفقون فاعلم ان التابعي اذا بلغ درجة الاجتهاد في زمن الصحابة كجابر بن زيد وجب اعتباره مع من ادركه من الصحابة فيكون وفاقه وفاقا لهم ولا ينعقد مع خلافه اجماعهم وقيل لا يعتبر معهم فاذا خالفهم لم يعتد بخلافه بل قد تم الاجماع دونه . قال نور الدين وعلى هذا ابن بركة والخلاف في ذلك مع من لم يعتبر اجماع من عدا الصحابة فانهم زعموا انه لا يعتد به ورد بان المعتبر اجماع اهل العصر ولا شك انه قد صار من اهل العصر فاعتد به وايضا فان الصحابة لم ينكروا فتاوي التابعين اذ قد كانوا يفتون في وقتهم كجابر بن زيد وشريح والحسن وسعيد بن المسيب وغيرهم وايضا فالتابعي بعضه الأمة فاذا كان ممن يعتبر بنظره فكيف لا يعتد بخلافة فلا يصح ان يقال احمعت الأمة وهو مخالف لقولهم اذ لا اجماع تحت وكذلك ايضا لا يكون الاجماع موقوفا على اهل زمان دون غيره لأن الجميع امة محمد يلة فيكون اتفاق اهل ٢٩٤ كل عصر اجماعا فاجماع من بعد الصحابة كاجماع الصحابة وقالت الاماهرية واحدى الروايتين عن احمد لا يعتد باجماع من بعد الصحابة والحق خلافه ومحل الاجماع قضية لم يرد فيها نص من كتاب او سنة ولم يوجد فيها خلاف لبعض من تقدم في شيء من الأزمنة السابقة اما النص فلكونه اقدم في الشرعيات واما تقدم الخلاف في القضية فلانا لا نجوز صحة الاجماع على كون كل واحد من القولين حقا فلا يصح وقوع اجماع على احدهما اذ يصير اجماعا على ان ذلك المحق خطأ وهذا لا يصح . قال نور الدين وذهب الكرخى وغيره الى ان الاجماع بعد الخلاف يصير حجة قاطعة كيا ولو لم يسبقه خلاف وقال الشافعي وبعض اصحاب ابي حنيفة ان اجمع اللختلفون فحجة اذ لا قول لغيرهم على خلافة وان اجمع غيرهم فلا لما مر .قال نور الدين والقول الأول هو الصحيح والله اعلم . ذكر شروط الاجماع للاجماع شروط الشرط الأول ان يكون للمجمعين مستند يستندون اليه من كتاب او سنة او اجتهاد سواء كان ذلك المستند قطعيا او ظنيا فان علمنا مستندهم كان ذلك زيادة لنا في الاطمئنانية وتوسعا في العلم وان جهلناه مع حصول الاجماع منهم وجب علينا ان نحسن الظن بهم وانهم لم يجمعوا على ذلك الا وعندهم مستند من قبل الشارع كاجماعهم على تعيين امصار معينة لاقامة الجمعة فيها فى خلافة عمر فانه عين لها امصارا ثمانية او سبعة على اختلاف الروايات ولم ينقل من واحد منهم انكار لذلك وكاجتماعهم على حد شارب الخمر فانه كان يجلد اربعين جلدة ثم اجتمعوا ني خلافة عمر على انه يجلد ثمانين جلدة . قال نور الدين فنحن نقطع بانه لم يكن فعلهم في هذه الاشياء ونحوها عن هوى بل نقول انه كان عن محض اجتهاد لدين الله ونصح للأمة وانهم مستندون في ذلك الى دليل عندهم من قبل الشارع ولا يجوز اجماعهم على المجازفة والهوى خلافا لمن قال بذلك من.اهل الأهواء واحتج على ذلك بانهم لو افتقروا الى الدليل ما كان للاجماع فائدة واجيب بان فائدته سقوط البحث وحرمة المخالفة ثم ان كون المستند دليلا قاطعا مما اتفق عليه القائون بصحة الاجماع واما المستند الظني من خبر آحادي او امارة _ ٢٦٩٥ فقد اختلف في صحته جعله مستند للاجماع وكذلك ايضا اختلفوا في كون القياس والاجتهاد مستندا للاجماع والصحيح انه يجوز ان يجمعوا عن قياس او اجتهاد وقد اجمعت الصحابة عن اجتهاد في قتال اهل الردة وفي امامة ابي بكر وفي حد الشارب الشرط الثاني يشترط في صحته ان لا يكون هناك نص من كتاب او سنة او اجماع يخالف ما اجمعوا عليه فان الاجماع على خلاف نص الكتاب او السنة ضلال ولا تبتمع الامة على ضلال وزعم ابوعبدالله البصري من المعتزلة انه يصح الاجماع على خلاف اجماع تقدمه . قال نور الدين والحق انه لا يصح ان يجمعوا على خلافه وايضافالمعتبر اجماع اهل كل عصر من الأمة دون من سيأتي من بعدهم فان خلاف من جاء بعد انقراض العصر الذي وقع فيه الاجماع لا يعتبر اتفاقا الشرط الثالث انقراض العصر اعنى عصر المجتمعين قال به ابوعلي واحمد بن حنبل وابرز فورك وبعض اصحابنا . وقال الجمهور لا يشترط ومعنى ذلك أن لا يظهر خلاف ممن قد كان يمكنه النظر في الحادثة المجمع عليها وفي الحياة احد من اهل ذلك الاجماع وقيل يشترط في الاجماع السكوى فقط . قال نور الدين والصحيح ان انقراض العصر ليس بشرط في انعقاد الاجماع لأن الدليل لم يعتبره وانما اعتبر اتفاق اهل العصر على قول واحد في الحكم احتج المشترطون لانقراض العصر بان ابابكر سوى بين الصحابة في العطاء وخالفه عمر في التفضيل بعد اجماعهم على رأي ابي بكر فاقتضى كون انقراض العصر شرطا وكذلك اتفق رأي علي وعمرو غيرهما من الصحابة على تحريم بيع ام الولد ثم ان عليا خالفهم بعد ذلك ورأى جواز بيعها فاقتضى ان انقراض العصر شرط والا لم تبز مخالفته اياهم في ذلك واجيب بانه لم ينقل عنهم تمام اجماع في الصورة الأولى ولا في الثانية اذ لو صح سبق الاجماع لم تبز مخالفته الشرط الرابع قاله بعض الاصوليين وهو انه يشترط ني المجمعين ان يكونوا كعدد اهل التواتر حيث لا يمكن تواطى مثلهم على الكذب عادة لأن من دون ذلك العدد لا يؤمن تواطهم على الكذب . ٢٩٦ قال نور الدين والجمهور لا يشترطون ذلك لأن الدليل السمعي لم يفصل بين عدد وعدد بل اعتبر الأمة وان قلت فلو لم يبق من الأمة الا واحد فقيل يكون قوله حجة اذ هو الأمة حينئذ والحجة قول الأمة والسبيل الى معرفة الاجماع احد امرين اما المشاهدة واما النقل فاما المشاهدة فهى ان يكون المشاهد معاصرا لأهل الاجماع فيرى منهم اتفاق القول بالقطع في قضية على حكم او يرى القطع من بعضهم والسكوت من الآخرين مع انتشار ذلك فيهم وارتفاع التقيد عنهم وتحقق ان سكوتهم انما كان عن رضى بذلك القول فان هاتين الحالتين اجماع ولكل منهم حكم تقدم ذكره واما النقل فهو نوعان احدهما ان ينقل الاجماع الينا التواتر فهذا الاجماع مقطوع به كالمشاهد ان كان في نفس اصل الأمر قطعيا وفسقوا من خالفه جعلهم الاجماع دليلا قاطعا كالكتاب والسنة النوع الثاني ان ينقل الاجماع الينا خبر الآحاد وحكم هذا النوع ان يكون حجة في وجوب العمل دون العلم لأنه ليس بمقطوع به وان كان في نفس الامر اجاعا كاملا لأن نقل الآحاد له بصيره مظنون الوقوع كخبر الآحاد وقال الغزالي وابورشيد ان الاجماع المنقول بخبر الآحاد لا يصح ان يكون حجة قال صاحب المنهاج ولا وجه للفرق مع كونها جميعا حجة احتج المخالف بوجهين احدهما ان الاجماع حجة قطعية فلا يبوز فيه خبر الواحد الوجه الثاني قالوا ان في اثبات الاجماع بخبر الواحد اثباتا للاصل بالظن والأصول لا تثبت بالظن واجيب عن الوجه الأول بان الاجماع انما يكون حجة لكونه اخبار معصومة عن الخطاء فان تواتر فقطعي والا فظني كاخبار الرسول قلة واجيب عن الوجه الثاني بان اثبات كون الاجماع حجة بدليل قاطع فجاز ثبوته من بعد تقرير كونه حجة بالاحاد كيا في الاخبار والقياس واختلفت الأمة في جواز احداث قول ثالث بعد ما استقر الخلاف من الأمة على قولين فقيل لا بوز ذلك مطلقا وقالت الظاهرية بل يجوز مطلقا وقيل يجوز فييا اذا لم يرفع القول الثالث القولين المتقدمين بان يأخذ من كل واحد منهيا طرفا بخلاف ما اذا رفعها فانه لا يجوز لأن رفعها خرق للاجماع فهو حرام . قال نور:الدين ونسب هذا القول الى الجمهور ومثال ما اذا لم يرتفع به القولان السابقان ان يقول بعض الأمة ان الطهارات كلها تفتقر الى النية ويقول باقي الأمة بل كلها لا تفتقر الى نية فياق من بعد من يقول ان بعضها يفتقر وبعضها لا يفتقر وكفسخ النكاح بالعيوب الخمسة قيل يفسخ بها وقيل لا فالقول بان بعضها يفسخ دون بعض _ _ ٢٩٧ قول ثالث لا يرفع القولين السابقين بل اخذ من كل واحد طرفا ومثال ما رفعهيا كوطىعء الامة المشتراة البكر قيل يمنع الرد وقيل بل ترد والارش للوطىع فالرد مجانا قول ثالث يرفع القولين السابقين احتج المانعون مطلقا بان الثالث فصل ولم يفصل احد فقد خالف الاجماع بها ويلزم عليه تخطئة الأمة واجيب بان القول بالتفصيل ليس قولا ينفى الخلاف المتقدم بل تقرير له ولا يلزم من ذلك تخطئة الامة على مذهب من يرى تصويب المجتهدين في الفروع قالوا المختلفون هم المؤمنون والثالث اتبع غير قال نور الدين ان المراد بسبيل المؤمنين في الآية ما اجمعوا عليه لا ما اختلفوا فيه احتجت الظاهرية بانه قد وقع من التابعين احداث القول الثالث ولم ينكر عليهم احد من الأمة فدل على جواز ذلك بيان ذلك ان ابن سيرين قال في زوجة وابوين للأم ثلث المال وقال في زوج وابوين ان للام ثلث ما بقى ففصل بين المسئلتين والصحابة لجم تفصل بل قال بعضهم ثلث ما يبقى في الصورتين جميعا وقال بعضهم لها ثلث جميع المال فيها جميعا فقول ابن سيرين قول ثالث . بجوازالأقوال الثلاثة القولهذهمنرحمه الله والصحيح عنديقال نور الدين احداث قول ثالث مطلقا سواء رفع القولين السابقين او لم يرفعها لأن المحرم عندنا انغا هو خلاف الاجماع دون ما عداه من الخلاف واختلاف الأمة على قولين دليل على جواز الرأي في تلك القضية فضح لغيرهم مثل ما صح لهم من الرأي والاجتهاد بل يلزم المجتهد ان يخالفهم اذا رأى ان الراجح خلافهم ولا يصح له تقليدهم عندي كا لا يصح له تقليد عجحتهد مثله بعدل تمكنه من ‏ ١لاجتهاد وقدوته عليه وا لله ا علم . الركن الرابع في مباحث القياس القياس في اللغة التقدير يقال قاس الثوب هل يكمل قميصا قياسا اذا قدره تقديرا والمساواة يقال هذا الشيء لهذا الشيءقياس اي مساو له وفي اصطلاح الاصوليين حمل مجهول الحكم على معلوم الحكم بجامع بينهما كالخمر فان حكمه معلوم بنص الكتاب على تحريمه ويسمى في اصطلاحهم اصلا ومجهول الحكم كالتتن ونحوه فانه إ ينص على حكمه كتاب ولا سنة ولا اجماع ويسمى فرعا والجامع الوصف الذي لأجله ٢٩٨ كان ذلك الحكم في ذلك الاصل كالاسكار في الخمر فانه انما حرمت الخمر لاسكارها فاذا وجد ذلك الوصف في شىء من الصور وجب حمله على تلك الصورة المعلومة الحكم ووجب اعطاء ذلك الحكم ولذا سمى ذلك الوصف جامعا لأنه جمع بين الصورتين في حكم واحد فهذه ثلاثة اركان من اركان القياس وهى الاصل والمراد به الصورة التي نزل فيها الحكم كالخمر والفرع والمراد به الصورة التي لم يرد فيها حكم بعينها كالتتن مثلا والوصف الجامع والمراد به ما يكون الحكم في الأصل لاجله فان زال ذلك الوصف فقد ذلك الحكم وبقى ركن رابع وهو الحكم والمراد به الوجوب او الندب او التحريم او التكريه او الاباحة مثاله اذا قسنا النبيذ على الخمر فالحكم فيه التحريم والاصل الخمر لأنه المشبه به والفرع النبيذ لأنه المشبه والوصف الجامع بينهيا الاسكار وهذا الوصف يسمى في اصطلاح الاصوليين علة وسياق لكل واحد من هذه الاركان بسط كل شيع في موضعه ولا بأس ان نسوق ها هنا امثلة لقياس الفرع على الأصل ليتضح المقام للافهام فمن ذلك جلد قاذف المحصن من الرجال قياسا على قاذف المحصنة فان قوله تعالى والذين يرمون المحصنات الآية نص ف قاذف المحصنات من النساء فقاس عليه المسلمون قاذف المحصن من الرجال ومن ذلك قياس سريان عتق الأمة على سريان عتق العبد فان السنة وردت فيمن اعتق حصته من عبد له فيه شرك عتق العبد كله فقاس المسلمون الأمة على العبد فى هذا الحكم لاستوإئهيا في العلة وهي كون كل واحد منهيا مملوكا عتقه قربة فهذه الأشياء كلها واضحة القياس لحصول العلة في الأصل والفرع حصولا واضحا فهي من قبيل القياس الجلي ويسمى ايضا قياس المعنى وللقياس الخفي امثلة منها ما قالوه في سور الفار فانهم اختلفوا في طهارته ونجاسته فالقائلون بنجاسته قاسوه على السباع لأن سور السباع عندهم مفسد قالوا وكذلك الفار والقائلون بطهارته قاسوه على الوحوش الطاهر سؤرها ومنها قياس ميتة ما لا دم له من الدواب كالعقرب والذباب والذرة على ميتة الجراد فان السنة وردت في حل ميتة الجراد والله اعلم . مبحث الأصل والفرع وشر وطهيا التي عبر عنها الاصوليون بمحلاصل القياس هو الصورة التى نزل فيها الحكم وهي الحكم كالخمر فانه نزل فيها التحريم بالكتاب فهي اسل في تحريم كل مسكر ان ل ٢٦٩٩ نعتبر السنة في تحريم المسكرات مثلا وكالبر فانه ورد فيه حكم الربا بنص السنة فيقاس عليه الارز وكل ما شابهه في ذلك بعد ان تستنبط علة الربا فيه ونحو ذلك وقيل ان اصل القياس هدوليل الحكم يعنى به الدليل الذى ورد من جهة الله تعالى كاية من الكتاب او سنة عن النبى يلة فالأصل على هذا في المثالين السابقين انما هو الآية التي حرمت الخمر والحديث الذي حرم الربا من الربويات وقيل ان الأصل حكم تلك الصورة المقيس عليها فعلى هذا فالأصل في المثالين انما هو تحريم الشرب في المثال الأول تحريم الربا في المثال الثاني لكن المختار القول الأول وعليه جمهور الأصوليين والفرع هو الصورة التي ترده في حكمها الى الأصل كالنبيذ فرع على الخمر في التحريم لان الجميع مسكر وكالارز فرع على البر في تحريم الربا فيه لكون الجميع مطعوما او مكيلا او مدخرا على الخلاف في علة الربا في البر واعلم انهم اشترطوا في قياس الفرع على الأصل شروطا لا يصح القياس بدونها الشرط الأول مجمع عليه وهو ان يساوى الفرع الأصل في وجود العلة فيه وذلك كالاسكار فانه موجود في الخمر وني النبيذ مثلا فان ساواه والا فسد القياس اجماعا وكالطعم فانه موجود في البر والارز مثلا فصح قياس الارز عليه في كونه ربويا الشرط الثاني أن يساوي الفرع الأصل في الحكمة فلا يقاس التيمم على الضوء في كون التثليث مسنونا فيه لأن التيمم شرع على وجه | التخفيف وهوالمسح يصيب ماأصاب من العضو وبخطىء ماأخطاء منه فلايقال على. الوضوء في شرع التثليث لأن الوضوء مغلظ فيه والتيمم مخفف فلا يثبت التثلث لمجرد القياس بل إن دل عليه نصر عمل به وإلا فلا يثبت بالقياس فقط الشرط الثالث أن يساوي الفرع الأصل في ثبوت الحكم بحيث أن العلة التي أثبتت حكم الأصل توجب مثله في الفرع فلو اقتضيت في الفرع خلاف ذلك الحكم فسد القياس وذلك كقول بعضهم في صلاة الخسوف في الاستدلال على ركوعاتها الزائدة صلاة شرع فيهاالجماعةفيشرع فيباركو ع زائدكالجمعةزيدفيهاالخطبة فأثبت بالعلةفي الفرع حكما مخالفا لحكم الأصل لأن حكم الأصل زيادة الخطبة وحكم الفرع زيادة ركوع. قال نور الدين وهذا لا يصح عندنا لأنه لا وجه يقتضيه الشرط الرابع ان لا يتقدم شرع حكم الفرععلى شرع حكم الأصل وذلك كقياس الوضوء على التيمم في وجوب النية فيه نحو ان يقول الشافعي للحنفي الوضوء طهارة تراد للصلوة فنتجب _ ٢٣٠ فيها النية كالتيمم فيقول الحنفي ان التيمم انما شرع بعد ان شرع الوضوء فكيف نقيسه عليا رسو سحر عنه وقيل ان كان قد قام دليل على وجوب النية في الوضوء غير هذا القياس صح الاستظهار بهذا القياس مع ذلك الدليل وكان قياسا صحيحا والا فلا واعلم ان الوصف الذي لاجله ثبت الحكم الشرعي وهو المسمى بالعلة اما ان يكون منصوصا عليه او مستنبطا وكل واحد منهيا اما مطلق او مقيد فان كان الوصف مطلقا وجب اجراء الحكم مهعه حيثما وجد ما لم يكن هنالك مانع وان كان مقيدا فيجب اعتبار قيده في جميع الصور وينبغي ان تعتبر اوصاف ذلك الأصل الذي ورد فيه الحكم باحدى الطرق التي سياق ذكرها ايضا فيا وجدته من ذلك الوصف صالحا للتعليل على الشروط الآق ذكرها فاجعله علة لذلك الحكم واجر الحكم في جميع الصور التي وجدت فيها ذلك الوصف ان كان الوصف مقيدا فاعتبره مع قيده وان كان غير مقيد فاعتبره كذلك مثاله ان تقول جعل البر ربويا لوصف فيه ثم تسبر ذلك الوصف ما هو فتقول لكونه برا مثلا ام لكونه مطعوما ام لكونه مكيلا ام لكونه مدخرا ام لكونه مزكى ام لكونه من ثمار النباتات فهذه الأوصاف جميعها موجود في البر لكن بعضها لا يصلح للتعليل لكونه قاصرا وهو كونه برا وبعضها لا يصلح لعدم استكماله الشروط التي سيأق ذكرها فنختار كونه مطعوما فنجري حكم الربا في كل مطعوم قياسا عليه كذلك إذاجعلنا العلة في هذا المثال كونه مطعوما مدخرا فيجب ان نعتبر هذين الوصفين في جميع الصور فحيث افترقا ارتفعت الربوية وحيث اتفقا حكمنا بثبوتها واعتبار الوصفين معا هو ا لذي يسميه بعضهم وصفا مركبا والعلة المركبة وبعض الاصوليين يجعل التعليل باحد الوصفين ويجعل الآخر قيدا له وشرطا مثال ذلك القتل فانه يشترط في احبابه القول بان يكون على جهة العمد العدواني فالقتل خطاء لا يوجب القود وكذلك القتل الغير العدواني فاذا وجدنا هذا الوصف وهو القتل مع قيديه وهما كونه عمدا وعدوانا وجب هنالك اثبات القود ما لم يحصل مانع مثاله اذا حصل مانع ان يكون القاتل ابا فان الابوة مانعةمن القود فلايقاد الوالد بولده وان قتله عمدا وعدوانا ولا يشترط عدم مخالفة الفرع مذهب العالم الملستنبط وان كان ذلك المستنبط صحابيا على الصحيح واشترطوا الحكم الاصل المقيس عليه شروطا لا يصح القياس بدونها الشرط الأول ان لا يكون دليل الحكم متناولا بعمومه للفرع فلا يصح قياس النبيذ المسكر على الخمر اذا جعلنا دليل التحريم في الخمر قوله ٢٣١ ينة كل مسكر حرام لأن هذا الحديث بعمومه متناول للنبيذ كتناوله للخمر فالنبيذ حينئذ انما حرم بالنص لا بالقياس الشرط الثاني ان يكون ذلك الحكم ثابتا غميرنسوخ فانه اذا كان منسوخا لا يصح القياس عليه لأن الحكمة في القياس انما هي اثبات حكم غير ثابت فاذا قيس على حكم غير ثابت لم تحصل تلك الفائدة الشرط الثالث ان لا يكون ذلك الحكم عقليا فان القياس في العقليات لا يصح عند الجمهور وقيل بل يصح الشرط الرابع ان يكون ذلك الحكم حكيا شرعيا كالوجوب والندب والتحريم والكراهة والاباحة فخرج بذلك الحكم اللغوي كالتسمية فان اللغوى لا يقاس لأن اللغة لا تثبت بالقياس وذلك نحو ان نقول في اللائط وطىء وجب فيه الحد فيسمى فاعله زانيا كواطىع المرأة فهذا لا يصح لأن اجراء الأسياء انما يثبت بوضع اهل اللغة فلا يثبت مثل ذلك بالقياس هذا قول جماعة منهم ,الحرمين والغزالي وذهب ابن بالقياسبالقياس؛ وقيل تثتهثبتت‏١ثبتاللغةانالبركةوابنوالرازىوالشيرازيسريج من اللغات الحقيقة دون المجاز . قال نور الدين والصحيح الأول لأن اللغة نقل محض فلا يدخلها القياس الشرط الخامس ان يكون ذلك الحكم غير خارج عن الطريقة المعهودة في القياس الشرعي فان الطريق المعهود في القياس الشرعي كون ذلك الحكم معللا بعلة منصوصة او مستنبطة وكونه موجودا في صور كثيرة الوجود علته فيها لا مقصورا على صورة واحدة وان يكون ذلك الحكم غير مقصور على محل واحد مع وجود علته في غير ذلك المحل والأمور الخارجة عن سنن القياس منحصرة في ثلاثة انواع النوع الأول ما لا تدرك له علة من الاحكام كاعداد الركعات في الصلوات ولجمعلت الظهر أربعا والمغرب ثلاثا والفجر ركعتين ولم جعل الركوع مفردا والسجود مثنى ونحو ذلك وكالقسامة والشفعة فانهما غحالفان لما تقتضيه القياسات الشرعية الا ترى ان القسامة تجب على من ل يدع عليه ولي الدم القتل ولا تسقط بها عنهم الدية ووجبت على عدد خصوص وجعل الخيار الى ولي الدم فيمن يحلف وكل ذلك مخالف للأصول وكذلك الشفعة مخالفة للقياس في وجوبها للشريك والمجاور ولا سبب له من ارث ولا غيره وكوجوب الدية على العاقلة في جناية الخطاء النوع الثاني سان يكون ذلك الحكم موجودا في صورة وله علة مفهومة وحكمة معلومة لكن لا نظير له في الشرعيات كقصر المسافر للصلوة في السفر دون الحضر فان القصر حكم شرع لأجل م"قة السفر والحكمة ني ذلك _ ٢٣٠٢ التخفيف عن المسافر فهذه العلة وهذه الحكمة قد عرفا في هذا الحكم لكن عدم نظيره ولما كان السفر مظنة لوجود المشقة خص حكم القصر به وجعلوه علة للحكم والغوا المشقة في غيره فلذا لم يصح لمزاول الاثقال في الحضر القصر النوع الثالث ان يكون ذلك الحكم مقصورا على بعض افراد ذلك النوع مع وجود النظير لكن قصر لدليل شرعي اوجب قصره عليه وذلك كبيع العرايا وذلك ان رسول الله ية رخص لصاحب العرايا ان يبيعها بخرصها تمرا قال الربيع العرزيا نخل يعطى الرجل ثمرتها للآخر ثم يقول له بعد ذلك لا طريق لك ومن ذلك اختصاص خزيمة من بين الناس بقبول شهادته وحده ومن ذلك قوله لابي بردة وقد ضحى بالجذع من المعز تجزيك ولا تبزى احد ابعدك فهذه الأنواع كلها خارجة عن سنن القياس فلا يصح ان يقاس عليها الشرط السادس ان لا يثبت بالقياس عليه نص مصادم لنص قاطع فان ذلك القياس لا يصح بالاتفاق واما اذا صادم نصا ظنيا ففيه خلاف هل يرجح الاخذ به ام بالنص المخالف للقياس الشرط السابع ان لا يكون حكم الاصل ماخوذا من اصل ثابت بقياس فان كان ثابتا بقياس لم يصح القياس عليه عند الجمهور . قال نور الدين وقال ابوعبدالله البصري والحنابلة بل يصح قال وهو مذهب اصحابنا واعترض بانه ان كانت العلة فيهما واحدة فذكر الوسط ضائع كقول بعض الشافعية في السفر جل مطعوم فيكون ربويا كالتفاح ثم يقيس التفاح على البر وان ل تكن العلة واحدة فسد القياس لأن علة الفرع غير معتبرة فى الأصل حينئذ وعلة الاصل لم توجد في الفرع وذلك كقولك في الجذام عيب يفسخ به البيع فيفسخ به النكاح كالقرن والرتق ثم تقيس القرن على الحب بقوات الاستمتاع فان علة الفرع الأصل وهو القرن وانما اعتبر فيه فواتوهي كونه عيبا ل تعتبر فوهو الجذام الاستمتاع لقياسه على الجب وعلة الاصل وهو الاستمتاع مع القرن غير موجودة في الفرع الشرط الثامن لابن بركة العماني وبشر المريسي قالا يشترط في الأصل المقيس عليه ان يتفق على حكمه الخصمان نحو ان نقول الوضوء عبادة فتجب فيه النية كالصلوة فالخصمان متفقان على ان الصلوة عبادة فلو لم يكن المنازع في وجوب نية فيها النية لكونها عبادة ل يصح القياسان الصلوة عبادة واغها تجبموافقا فالوضوء عندهما احتج بشر على ذلك بان الاصل ان ل يكن مجمعا على تعليله ولا ورد النص بتعليله .يامن القائس الخطاء فيه اذ لا يعلم صحة ما علله به قال ولأنه لا يصح _ _ ٢٣٢ القياس على الصلوات الخمس في اجاب صلوة سادسة ولا على شهر رمضان في اجاب صوم شهر اخر ولا وجه يمنعه القياس الا لكونه لم يرد نص بتعليله ولا اجمعوا عليه . قال نور الدين واجيب بانه اذا قامت الدلالة على انا متعبدون بالقياس المثمر للظن صار ذلك المظنون كالمعلوم لانا نعلم يقيناإنه حكم الله فينا حينئذ فنامن الخطاء بعد حصول الظن وان لم يحصل نص ولا اجماع كيا يحصل من المعلوم واما الصلوات الخمس ورمضان فانما لم يصح القياس عليها في ايجاب غيرها لفقد الطريق الى حصول علة وجوبها في غيرها والله اعلم . مبحث العلة اختلف الاصوليون في تعريف العلة الشرعية على اقوال اجودها ان العلة هي المعرف بكسر الراء بمعنى العلامة الدالة على وجود الحكم فكأنها هي التي اعلمت بوجود الحكم في صورة الاصل . قال نور الدين واعلم انهم فرقوا بين العلة الشرعية هالعلة العقلية بخمسةوجوه الوجه الأول ان العلة العقلية موجبة للحكم الذي علل بها فان الحركة موجبة كون المحل متحركا والعلة الشرعية غير موجبة لمعلولها وانما هى امارة تدل عليه فان الزنا امارة لوجوب اقامة الحد ولا يقع الحد بمجرد وجوده كا ثبت كونه متحركا بمجرد وجود الحركة الوجه الثاني ان العلة العقلية لا يصح ان تعلم الا بعد ان قد علم الحكم الموجب عنها لأنه هو الطريق إلى اثباتها والدليل عليها الا ترى انا لم نعلم الحركة الا بعد علمنا بحصول الجسم متحركا والعلة الشرعية قد تعلم قبله فانا لا نعلم وجوب الحد على الزاني الا بعد ان قد علمنا وقوع الزنى منه ونظائر ذلك كثيرة الوجه الثالث ان العلة العقلية لا تفارق المعلول اي يكون وقت وجودها وثبوت معلولا واحد الا يصح اختلاف الوقت اذ توجبه لما هي عليه في ذاتها بمعنى انه تعالى جعل ذات العلة العقلية موجبة لمعلولها فلو تراخى عنها خرجت عيا هي عليه في ذاتها الوجه الرابع ان العلة العقلية لا تقف في ايبابها المعلول على شرط سوى وجودها ووجودها ليس بشرط لابابها وانما هو شرط لحصولها على صفتها المقتضاة التي لاجلها يوجب موجبها فلو وقفت على شرط غير ذلك لم يكن اجابه لها لذاتها وفي ذلك قلب جنسها الوجه _ ٢٣٠٤ الخامس ان العلة القاصرة وهي التى لا تتعدى الى فرع تصح ي العقليات كتعليل الاحكامواختلف فعالا لذاته فيقال هو عالم لذاته فلا يصح ف غيرهكونه تعال المنصوص عليها فقال قوم انها 1الأصل معللة فيا وجد على علته نص فذاك وما ل يوجد فيلتمس له ا لتعليل بحسب ما يقتضيه المقا م ثم اختلف هؤلاء فمنهم من ‏ ١وجب تعليل الحكم بجميع اوصاف الأصل الموجودة فيه ما لم يمنع من التعليل بشيء منها مانع كمخالفة نص او اجماع او نحو ذلك ومنهم من ذهب الى انه انما يعلل بالوصف المتميز الصالح للتعليل دون ما عداه من الأوصاف . قال نور الدين وهو الصحيح لأن تعليل الحكم بجميع اوصاف الأصل يسد باب الأصل اوصاف كلها تصلحالاحكام فان وجد فالى تناقض فالقياس ويؤدي ان الأصل ف الاحكام عدم تعليلها فلا يعلل منها الاللتعليل اختبر ارجحها وقال قوم المخصوصة تعليلهاف تعليله واعلم بان القائلين بان الأصل ف الاحكامما ورد نص عليه مانع من نص او اجماع فمنهم من ذهب الى ان جميع الاحكام الشرعية يصح القياس عليها ومنهم من ذهب الى منع ذلك . قال نور الدين وهو الصحيح لأن اني الاحكام الشرعية ما لا يعقل معناه اي علته كالدية فانا لا نعلم وجه فرضها على القدر المعلوم من كل جنس والصفة المحدودة ومهيا لم نعرف الوجه لم نعرف القياس وكذلك اعداد الركعات والسجدات واختصاصها بالأاوقات وصحة القياس فرع على معرفة المعنى وهو العلة والله اعلم . مبحث العلة الشرعية العلة الشرعية وصف ظاهر منضبط مجاوز هذا هو المتفق عليه عند جميع من اعترف بالقياس والخلاف فيما دون ذلك والمراد بالوصف معنى قائم بالموصوف ولذا ترى كثيرا من الاصوليين يطلقون المعنى على العلة فيقولون هذا معقول المعنى وهذا غايفرعالمع اقلوجحلوا ارلمحعنىكالواقلتملراد بذلك معلوم العلة وغير معلومها والمراد بالظاهر ما كان من والزنا علة للحد وشربعلة للقود وا لجرح علة للقصا ص الحمر علة للجلد والسرقة علة للقطع ونحو ذلك فيخرج بذلك الصفات الخفية _ ٢٣٦٥ والمراد بها صفات القلب من نحو الرضى والسخط فان في التعليل بها خلافا والمراد بالمنضبط ما كان من الأوصاف مستقرا على حالة فيخرج ما ليس كذلك كالمشقة فانها غير منضبطة في حالة واحدة بل تتخلف بتخلف الاحوال فقد يكون في الحال الواحد مشقة على بعض الناس دون بعض الا ترى ان السفر يكون مشقة على من لا راحلة معه لاسييا مع قلة الزاد ويكون للاغنياء راحة بكثرة الآلات وتوفر اسباب الراحة والمراد بالمجاوز ما كان من الأوصاف موجودا في غير محل الحكمكالاسكار يوجد في غير الحمر وكالكيل والطعم يوجدان في غير البر ويسمى هذا الوصف علة متعدية فيخرج ما ليس يمتعد كالنقدية في الذهب والفضية فانه وصف لا يوجد في غيرهما ويسمى علة قاصرة وني التعليل بها خلاف قيل يصح وقيل لا يصح وقيل يصح التعليل بها ني المخصوصة دون المستنبطة . قال نور الدين والصحيح الجواز مطلقا لأن العلة الشرعية هي امارة دالة على الحكم ولصحنة ذلك في المنصوصة نحو قوله تعالى اقم الصلوة ان الصلوة تنهى عن الفحشاء والمنكر هذه العلة لا تتعدى الصلوة واذا ثبت في المخصوصة فلا مانع منه في المستنبطة ولأنه يَيلة لعولل بعلة ولم يتعبدنا الله بالقياس لعلمناها علة وان لم تتعد وقد يكون ذلك الوصف لازما بمعنى انه لا ينفك عن محل الحكم كالثمينة للزكوة في المضروب عند الحنفية فان الحجر من الذهب والفضة خلقا ثمنا وهذا الوصف وهذه النمنية لا ينفك عنهيا كانا مضروبين او غير مضروبين حتى تحبب الزكوة في الحلي لاجل هذا الوصف وقد يكون ذلك الوصف عارضا بمعنى انه غير لازم لمحل الحكم بل قد ينفك عنه اذ ليس ذلك من صفاته اللازمة له وذلك كالكيل للربوافانه ليس بلازم للحبوب فانها قد تباع وزنا وقد يكون ذلك الوصف وصفا جليا كالطواف بمعنى الطوافة علة لسقوط النجاسة من المرة وقد يكون ذلك الوصف خفيا غامضا مثل تعليل ثبوت الحكم برضى العاقدين وقيل التعليل بالوصف الخفي لا بوز لأن خفي فلابد وان يكون جليا اذ لاالوصف المعلل به معرف للحكم الشرعي الذي هو يعرف الخفي بخفى مثله واجيب بان الوصف وان كان خفيا لكنه بدلالهةالصيغ الظاهرة عليه كدلالة الايجباب والقبول على الرضى او بدلالة التاثير صار من الأوصاف الظاهرة فيجوز التعليل به وقد يكون ذلك الوصف مفردا كالثمينة لوجوب الزكوة في الذهب والفضة وكالاسكار للتحريم في الخمر وكالطعم للربا في البر وقد ٦٢٦٦ يكون وصفا مركبا من شيئين يعني ان العلة قد تكون مجموع امرين فصاعدا ويعتبر جميع ذلك علة واحدة ويكون كل وصف منها جزؤا للعلة وذلك كيا اذا عللنا ثبوت الربا بوجود الكيل والجنس معا فان كل واحد من الكيل:والجنسية جزؤ للعلة وتكون العلة مجموع الأمرين مثلا . قال نور الدين رحمه الله اعلم انهم اختلفوا في جواز ان يكون ما جعل علة على حكم شرعي مركبا من اوصاف متعددة بمعنى انه لابد لثبوت الحكم من اجتماع تلك الأوصاف حتى لو كان كل يعمل في الحكم بانفراده كاجتماع البول والغائط والمذى والرعاف فان كل واحد ان لو انفرد استقل بالحكم فاذا اجتمعت كان مجموعها مثلا علة لوجوب الطهارة وكقتل العمد العدواني علة لثبوت القود فذهب الجمهور الى ان مجموع هذه الأؤصاف علة مركبة توجب بمجموعها القود وذهب بعض الأصوليين ومنهم الأشعري وبعض المعتزلة إلى منع كون العلة مركبة بل أوجبوا أن تكون مفردة وجعلوا العلة من هذه الأؤصاف أقواها وجعلوا الباقي قيودا لها فالعلة الموجبة للقود عندهم القتل والعمدية والعدوانية شرطان لها واستدلوا على ذلك بوجوه كلها مردودة واستدل الجمهور على جواز كون العلة وصفامركبا أن النبي ه عللفي المستحاضة بالمركب حيث اعتبر اسم الدم وصفة الانفجار وبان ما يثبت به كون الوصف الواحدة علة يثبت به كون المركب أيضاعلة من نص أومناسبة أوسبر فكماجاز ذلك جاز هذا أيضاوكا تكون‌العلة وصفا فكذلك تكوناسماوتكون حكمامرتبا على الدليل فمثال التعليل بالاسم قولعهلية لمستحاضة سالبة عن الاستحاضة توضيء وصلي وان قطرالدم على الحصيرفانه دم عرق انفجروهذا تعليل باسموهو الدم ووصف عارض وهوالانفجار فهي علة مركبة واعلم أن الاسم إذا جعل علة فان كان مشتقا من فعل كالضارب والقاتل فيجوز أن يجعل علة لأن الأفعال يجوز أن تجعل عللا في الأحكام وان لم يكن مشتقا فان كان علما كزيد فلا يجوز التعليل به لعدم لزومه وجواز انتقاله وإنما يوضع موضع الاشارة وليست الاشارة بعلة فكذا الاسم القامم مقامها وان كان اسم جنس كالرجل والمرأة والبعير والفرس فمنهم من جوز التعليل به كابن بركة وبعض الاصوليين ومنهم من لم يجوزه وهو الصحيح لأن تعليل الأحكام الشرعية بالالفاظ اللغوية مما لايصح أصلا لأن الشارع لم يعلق أحكام الشرع بألفاظ اللغة ٢٣٧ وإنما علقها بمعان اخر قال نور الدين وبهذا يظهر لك فساد ما اعتل به ابن بركة في ثبوت حكم الزاني ه ذزلكنا معتلا بان العرب تسمى الدخول في كثلجعل اللائط وللواطىع في الدبر حي المضيق زنا قال وكل من دخل بفرجه في مضيق عليه فهو زان وكل من استحق اسم الزان فالحد واجب عليه الا ما قام دليله فقد جعل تسمية العرب علة لثبوت الحكم الشرعى حتى انه اوجب بها ثبوت الحد وفساده لا يخفى ويظهر لك ايضا فساد مذهب من قال بتحريم القهوة البنية لانها تسمى قهوة كالخمر ويظهر لك ايضا فساد مذهب من قال بطهارة دم الباغي مستدلا بان سفك دم الباغي طهارة الارض فهذه المذاهب وامثالها مبنية على تعليل الحكم الشرعي بالأسياء اللغوية وهو باطل وبيان بطلانه انه يلزم عليه ثبوت حرمة البيت الحرام لكل عمران يسمى بيتا وثشوت جواز الحج اليه وثبوت حرمة رسول الله يلة لكل من يسمى محمدا وكذلك الى ما لا غاية له وهو ظاهر البطلان . قال نور الدين اما نحن فانما اجزنا التعليل بالاسم لان مرادنا منه المعنى النائم بذاته لا لفظه ومثال التعليل بالحكم حديث الختعمية فانه يلة قاس اجزاء الحج عن الاب على اجزاء قضاء دين العباد عنه والعلة كونها دينا وهو حكم شرعي لأنه عبارة .عن وصف ف الذمة وذلك حكم شرعي قال نور الدين اعلم اهم اختلفوا في تعليل الحكم الشرعي بالحكم فذهب جمهور الاصوليين واهل التحصيل من اصحابنا كابي سعيد في تخريباته وابي نبهان في تفريعاته وغيرهما رحمهم الله الى صحة ذلك ومنعه بعض الاصوليين احتج الجمهور بما تقدم من جعله عيل الدين لاجزاء الحج عن الغير في حديث الختعمية وأيضا فان العلة ان جعلت بمعنى الامار فلا امتناع في أن يجعل الشارع حكما علما على حكم آخر بأن : يقول اذا حرمت كذا او اوجبت كذا فاعلموا اني حرمت كذا او اوجبت كذا وان جعلت بمعنى الباعث فلا امتناع ايضا في ان يكون ترتيب احد الحكمين على الآخر مستلزما لحصول مصلحة لا تحصل من احدهما بانفراده واعلم ان ما جعل علة يكون تارة منصوصا عليه كالدم والانفجار في حديث الاستحاضة وكالدين في حديث الختعمية والطواف في حديث المرة الى غير ويكون وصفا مستنبطا كالكيل او الوزن او _ ٢٣٨ الادخار في تعليل الربا فحاصل انواع العلة انها تكون وصفا ظاهرا منضبطا متعديا كالقتل والسرقة وتكون وصفا عارضا كالصغر في جعله علة لاحتياجه الى الولاية والقيام بامره والجنون في جعله علة للقيام بأمر المجنون فان كل واحد من الوصفين عارض لصحة انتقاله ويكون وصفا خفيا كالرضا في صحة البيع والتزويج مثلا ويكون كل واحد من هذه الأ نواع منصوصا عليه ومستنبطا . قال نور الدين واعلم ان العلتين المختلفتين قد تؤثران في حكمين متماثلين كتحريم الوطىعء بالحيض وبعده لعدم الغسل والعلل المتماثلة قد تؤثر في احكام ختلفة كقتل الحر والعبد فهو متماثل واثرتا في القصاص والقيمة وهما غحتلفتان وقد يصدر عن علة واحدة حكمان بشرطين نحو ملك المبيع وملك الثمن بشرط كونها مما يصح تملكه وقد يصدر بشرط واحد عن ":علة واحدة حكمان كوجوب الدية ووجوب الكفارة صدرا عن القتل بشرط الخطاء وقد يصدران عن واحدة من غير شرط كوجوب الكفارة والاثم عن الخنث وقد تقتضي الاحكام لمحلها كالحيض يقتضي تحريم دخول المسجد والقراءة في الحائض وحدها وقد تقتضيها في غير محلها كالقتل يوجب القصاص على واحد او جماعة والله اعلم . ذكر شر وط العلة اعلم انهم اشترطوا في العلة لصحة القياس عليها شروطا الشرط الأول ان تكون العلة موجودة ف الأصل والمراد به محل الحكم فلا يصح التعليل بوصف ليس بموجود في محل الحكم فلا يقال حرمت الخمر لكونها جامدة اذ الجامدية غير موجودة في الخمر لأنها من المائعات وكذلك يشترط :يضا في صحة القياس ان تكون العلة الموجودة ي الأصل موجودة في الفرع فلا يصح قياس البطيخ على البر في الربوية اذا جعلت علة الربا في البر الادخار او الكيل لأن كلا الصفتين غير موجودة في البطيخ الشرط الثاني ان لا يكون للعلة مانع يمنعها من الجريان في الصورة المقيسة فانها اذا لم تجر في شيء من الصور لمانع لا يصح قياس تلك الصورة على محل الحكم لتخلف العلة عنها بوجود المانع وذلك كيا لو قتل الوالد ولده عمدا عدوانا فانه لا يصح ان يقاس على القاتل الأجنبي في وجوب القود لوجود المانع وهو الابوة الشرط الثالث ان لا يكون هنالك نص او اجماع معارض لتلك العلة فانها اذا عارضت نصا او اجماعا بطلت _ ٢٣٩ وفسد القياس ومثل ذلك ان يقول الشارع او يقع الاجماع ان كل سبع طاهر فيقول القائس الكلب نجس لأنه سبع ونحو ذلك فهذا حالف لا اقتضاه ظاهر نص الشارع او اجماع الأمة فلا يقبل الشرط الرابع ان يكون حكمها موجودا في جميع الصور التي تكون فيها تلك العلة فلا يتخلف عنها الا مانع وهذا الشرط هو المسمى عندهم بالاطراد قال صاحب المنهاج وهذا لا خلاف في اشتراطه قال ومعنى الاطراد ان يثرن حكمها عند ثبوتها في كل موضع فلو تخلف عنها لا لخلل بشرط ولا لحصول مانع بطلت علتها اتفاقا قيل ولابد ايضا ان تنعكس وهي ان ينتفي الحكم عند انتفائها وقد وقع في ذلك خلاف من جوز تعليل الحكم الواحد بعلتين قال ابن الحاجب واما العكس وهو انتفاء الحكم لانتفاء العلة فاشتراطه مبنى علي منع تعليل الحكم بعلتين لانتفاء الحكم عند انتفاء دليله . قال نور الدين واعلم انهم اختلفوا في جواز تخصيص العلة وهو تخلف حكمها عنها في بعض الفروع على خمسة مذاهب الاول لا بوز تخصيصها سواء في ذلك عندهم المخصوصة والمستنبطة لان طريق عليتها اقتضاءها الحكم فاذا تخلف عنها فلا علية الثاني يجوز تخصيصها مطلقا لأنها امارة للحكم فجاز اقتضاؤها الحكم في موضع دون آخر الثالث يجوز في المخصوصة دون المستنبطة لأنها في المخصوصة بمنزلة اللفظ, العام الرابع ييوز التخصيص في العلة المستنبطة دون المخصوصة لأن المخصوصة دليلها نص عام لجميع مواضعها فتخصيصها مناقضة فلا يحبوز بخلاف المستنبطة فلا مانع من تخصيصها اذ هي امارة الخامس يجوز في المستنبطة حيث كان التخصيص لانتفاء شرط او حصول مانع ولا يبوز لغير ذلك قال صاحب المنهاج والمختار عندنا هو المنع من التخصيص مطلقا قال والحجة لنا على ذلك ان تخصيصها يمنع اطرادها فيعود امتناع اطرادها على كونها علة بالنقص لأن اطرادها شرط في صحتها بلا خلاف وانما الخلاف في الانعكاس هل يشترط ام لا الشرط الخامس ان لا تعود العلة الى اصلها بالابطال اي لا تكون مبطلة للاصل الذي ورد فيه الحكم مثاله بان يقال في الهر سبع مفترس فتجب نجاسته كالكلب فان هذا التعليل يبطل نجاسة الكلب لأن الرسول :تينة قد حكم بان السبع طاهر حيث قال وقد سئل عن دخوله بيتا فيه هر وامتنع من دخوله بيتا فيه كلب ان الهر سبع يعني فليس بنجس فنقضت العلة حكم الاصل. الشرط السادس ان لا تكون العلة متاخرة عن حكم الاصل اذ لو تاخرت لثبت ‏_ _ ٢٣١٠ المتأخرة ما مر منومثالامارة كانت تعريف المعرفالحكم بغير باعث وان قدرت قياس الوضوء على التيمم في وجوب النية . ذكر الشبه اعلم ان للشبه معنيين اعم واخص اما الاعم فهو ما يرتبط الحكم به على وجه حميع العلل الت يمكن معها القياس واما الاخص فهوالقياس عليه .وهو متناوليمكن ما يتعلق ا لحكم به اولى من تعليقه بنقيضه وهذا المعنى هو المراد ها هنا . قال ابنحتىالاصولييننور الدين وقد اضطربت في تعريفه اقوالقال ‏ ١لسبكى ‏ ١لشبه منزلة بين المناسب وا لطرد قال ولم اجد لاحد تعريفا صحيحا فيها قال ولا حاجة الى نقل اقوالهم في بيان حقيقة هذا المسلك فلنكتفي في بيان حقيقة بما مر وقد اختلفوا في افادة هذا الطريق للعلية فقال الشافعي هو حجة نظرا لشبهه بالمناسبة وقال الصيرفي والشيرازي هو مردود نظرا لشبهه بالطرد وقال الرازي المعتبر ئي قياس المشا هة بين ا لشيئن لعلة ا لحكم او مستلزمها قال ا بن‏ ١لمشبه ليكون صحيحا حصول الحكم والصفة ثم القياسالسبكي واعلى قياس الملشبه قياس غلبة الاشتباه ف .الصوري قال نور الدين ومعنى كلامه ان الطريق الذي هو الشبه يكون شبها ي الحكم ‏ ١لحكم فنحو غرم‏ ١لصورة وقد يكون غر ذلك ايضا فاما المشا مهة فشبها فويكون المملوكة وجبت قيمته بالغة ما بلغت وان رددناه الى الحرالعبد ان شبهناه بالقيميات لشبهه به ل يتعد غرمه دية الحر فرجح الشافعى وبعض اصحابنا قياسه على القيميات المملوكة لان شبهه بها اغلب احواله بيان ذلك انه اشبهها في كونه يباع ويوهب ويوقف ويؤ جر ويعار ويوصى به ويرهن ويودع ويضمن ولم يشبه الحر الا في كونه مكلفا حاملا للامانة مأمورا منهيا ورجح سائر اصحابنا شبهه بالحر غردوه الى دية الحر ان زادت قيمته عن ذلك ومن ذلك النكاح الفاسد فانه يشبه الزنا لكونه ممنوعا من ‏ ١لصورةالاقدا م عليه ويشبه ا لنكاح ‏ ١لصحيح ف ثبوت ‏ ١مهر وا لنسب واما ا لشبه ف شعر ‏ ١مر ة بعل‏ ١لزكهة وكقياسوجوبا لخيل على ‏ ١حمير وا لبغا ل 1عدمفكقياس _ ٢٣١١ . قطعه بشعر رأس الرجل في اباحة النظر اليه وبيان ذلك ان شعر المرأة لا يحل النظر اليه فاذ :قصع فقد قيل باباحة النظر اليه ولا مستند للقائل بذلك الا قياسه على شعر رأس الرجل والجامع بينهما المشابهة في الصورة ومثله شعر العانة ومن ذلك الخلاف في جزاء الصيد فالواجب مثله لظاهر الاية فيحتمل مثله في الخلقة على ما يقول اهل المذهب ويحتمل مثله في القيمة على ما يقوله غيرهم وجعله مثله في الخلقة هو الشبه الصوري قال نور الدين والمشابهة في الاحكام اقوى من المشابهة في الصورة والله اعلم . ذكر الدوران اعلم ان الدوران عبارة عن وجود وصف من الاوصاف مع حكم من الاحكام وعدمه مع عدمه اي اذا وجد ذلك الوصف وجد معه ذلك الحكم وان زال ذلك الوصف زال معه الحكم فالرصف دائر مع الحكم وجودا وعدما مثاله تحريم الخمر مع الشدة فانه قبل وجودها يكون عصيرا لا حرمة فيه وبعد زوالها يكون خلا لا حرمة فيه ايضا على المختار فوجود الشدة مع وجود التحريم وعدمها مع عدمه فعلم من ذلك ان الشدة علة للتحريم مثلا وقد اختلف في افادة هذا الطريق العلية على مذاهب الاول ان هذا الطريق شرعي تثبت به العلة فتقتضي الحكم حيث وقعت ثم اختلف القائلون بذلك على قولين فمنهم من ذهب الى انه يفيد العلية ظنا وهو قول الاكثر ومنهم من ذهب الى انه يفيدها قطعا المذهب الثاني ان ذلك ليس بطريق مطلقا لا في العقليات ولا في الشرعيات المذهب الثالث انه طريق الى العلية بعد علمنا بورود التعبد بالقياس لا قبل ذلك المذهب الرابع انه طريق الى معرفة العلة بشرط ان يتقدمه اجماع على ان الحكم معللا ودلالة على ذلك ثم تحصل طريقة سبر وهو حصر الاوصاف المحتملة وابطال كل واحد الا الوصف المختار للعلية وفي هذا المذهب ابطال كون الدوران طريقا مستقلا . قال نور الدين احتج اهل القول الأول وهم المثبتون لهذا الطريق بانه اذا حصل الدوران ولا مانع من العلية حصل العلم او الظن عادة بان العلة كيا اذا دعي _ ٢١٢ انسان باسم فغضب ثم ترك فلم يغضب وتكرر ذلك علم انه سبب الغضب حتى ان الاطفال يعلمون ذلك واجيب بانه لولا ظهور الاسباب من غير دعائه بذلك الاسم اما ببحث عن سبب غضبه او بان الاصل عدم ما سوى دعائه به ل يظن واحتج المانعون من قبوله مطلقا بان وجود الوصف مع الحكم وانتفائه مع انتفائه لا يلزم منه كون ذلك الوصف علة للحكم لجواز ان يكون الوصف ملازما للعلة لانفسها كرائحة المسكر المخصوصة فانها دائرة معه وجودا وعدما وليس علة ورد بان ملازمة الوصف للعلة المقتضى عدم انفكاك احدهما عن الاخر يقتصي وجود العلة وان ل نعلم عينها وهذا ينبغي ان يكون كافيا في المقصود احتج ارباب القول الثالث وهم لمثبتون لحجيته بعد العلم بالتعبد بالقياس بان طرق العلل الشرعية كطرق العقلية فكيا ان دوران الحكم على الوصف نفيا واثباتا طريق الى العلة العقلية كذلك نقول في العلة الشرعية بعد ورود التعبد بالقياس . قال نور الدين رحمه الله وانت خببر بان هذا القول راجع الى القول بثبوت الدوران لكن فيه زيادة قيد وهو قولهم بعد العلم بالتعبد بالقياس فظاهره ان من لم يعلم ذلك فلا يصح له ان يثبت العلة بهذا الطريق قال وثبوت ذلك غير متوقف على ما ذكروه لان الغرض من ثبوته بيان انه طريق لمعرفة العلة وكونه طريقا الى ذلك غير مستلزم للعلم بالتعبد بالقياس والله اعلم . ذكر الطرد اعلم ان الطرد عبارة عن وجود الوصف حيث وجد الحكم ولو لم ينعدم عند انعدامه وبهذا المعنى فارق الدور ان واشترطوا في الطرد عدم مناسبة الوصف للحكم فانه ان ناسبه كان من باب المناسبة لا من باب الطرد ولم يشترطوا عدم المناسبة ف الدوران بل ظاهر كلامهم ان الوصف في الدوران قد يكون مناسبا وقد يكون غير مناسب فان قيل انه اذا كان الوصف مناسبا فالاثبات بالمناسبة لا بالدوران اجيب بان الكلام في الاثبات بالدوران من حيث انه دوران من غير نظر فيه للمناسبة لتعين الوصف للعلية وقد اختلف العلياء في افادة الطرد العلية فقبله بعض من قبل الدوران ورده الاكثر . _ _ ٣٢١٣ قال نور الدين والصحيح قول الاكثر لان الطرد تعليق الحكم بالعلة في الفرع الدور والله اعلم .الاصل فيلزموذلك فرع عل صحتها ف باب القياس الجلي والخفي قسم الأصوليون القياس الى جلي وخفي فاما الجلي فهو ما علم فيه نفي الفارق بين الاصل والفرع كالامة والعبد في سراية العتق لانه ورد في الخبر عنه يلة انه قال من اعتق شقصا له في عبد قوم عليه الباقي فورد النص في العبد دون الامة واجمعت الامة عل انه لا فارق بينه وبينها في ذلك ومثله قوله تعالى في الاماء الزواني فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب فاوجب نصف الحد على الآماء ولم يذكر العبد لكن اجمعت الامة على انه لا فارق بين الآمة والعبد في تنصيف الحد فهذا قياس جلي عند الجمهور واما الخفي فهو نقيض الجلى وهو ما ل يقطع فيه بانتفاء الفارق بين الفرع والاصل بل قامت عليه امارة ظنية وهو ما تباذبته اصول مختلفة الحكم يجوز رده الى كل واحد منها ولكنه اقوى شبها باحدها مثاله الوضوء عبادة فنتجب فيه النية كالصلوة فيقول الحنفي طهارة بالماء فلا تجب فيه النية كازالة النجاسة فقد تجاذبه اصلان وهما الصلوة وازالة النجاسة سمي خفيا لأفتقاره الى نظر في ترجيح اي الشبهين وترجيح احد الشبهين على الآخر يسمى بقياس غلبة الاشباه وينقسم القياس باعتبار ذكر العلة فيه وعدم ذكرها الى قسمين قياس علة وقياس دللاة فاما قياس العلة فهو ما صرح فيه بالعلة كيا يقال النبيذ مسكر فيحرم كالخمر سواء كانت العلة منصوصة او مستنبطة وقيل ان قياس العلة هو ما صرح الشارع فيه بالعلة كقوله ية في شهداء احد زملوهم ف ثيابهم بكلومهم فاهم محشرون واوداجهم تشخب دما وانما سموا هذا قياس علة لتصريح الشارع بعلته واما قياس الدلالة فهو ما لا تذكر فيه العلة بل وصف ملازم لها وحاصله ان يثبت حكي في الفرع لوجود حكم اخر فيه توجبها علة واحدة في الاصل كوجوب قطع ايد كثيرة اذا اشتركوا في قطع يد واحدة كيا يقتلون اذا اشتركوا في قتله والجامع وجوب الدية عليهم في الصورتين قال صاحب المنهاج وتحقيق كيفية تركيب القياس ان نقول في قطع الايدي بيد واحدة جناية من جماعة توجب على كل واحد منهم دية كاملة فلزم ان توجب القصاص عليهم كيا اوجبته في _ _ ٢٣١٤ القتل وها هنا اصل وهو القتل وفر ع وهو قطع اليد وعلة وهي وجوب ديتها على كل واحد وحكم وهو وجوب القصاص عليهم جميعا فاذا كان الفرع وهو قطع اليد قد شارك الاصل وهو القتل في العلة وهي لزوم الدية على كل واحد وجب ان يشاركه في الحكم وهو القصاص انتهى من ذلك الاستدلال على عدم وجود سجود التلاوة بجوازه على الراحلة كالنوافل لان الجواز على الراحلة من احكام النوافل وذلك انه ل يذكر في هذا القياس علة التنقل وذكر وصف يلازمها وهو الجواز على الراحلة وانماس سمي هذا قياس دلالة لان العلة فيه دالة على حصول موجب الحكم قال صاحب لمنهاج ويلحق بهذا القسم ما ثبتت علته بالاستنباط باي وجوهها . قال نور الدين وظاهر كلامه ان قياس الدلالة هو ما لم يصرح الشارع بعلته فيكون مقابلا لقياس العلة على التعريف الثاني وظاهر كلام البدر عدم اشتراط ذلك فيكون قياس العلة على كلام البدر كلا صرح القائس فيه بالعلة سواء كانت العلة منصوصة او مستنبطة كيا مر وقياس الدلالة هو ما لم يصرح القائس فيه بالعلة لكن صرح بامر يلازم العلة سواء ثبت ذلك من طريق النص او الاستنباط واللهاعلم . مبحث القوادح اعلم ان الاعتراضات الواردة على القياس خمسة وعشرون قال نور الدين وحصرها صاحب المنهاج في احد عشر نوعا قال قال واكثرها المرجع به الى القدح باختلال شرط من شروط الاصل او الفرع او العلة قال وقال ابن الحاجب وكلها راجعة الى الممانعة او المعارضة والالم تسمع قال صاحب المنهاج بل الى المنازعة في كمال الشروط والالم تسمع قال نور الدين والخلاف بين ابن الحاجب وصاحب المنهاج في هذا المعنى لفظي وبيان ذلك ان غرض المستدل اثبات مدعاه بدليله وغرض المعترض عدم اثباته به والاثبات بالدليل يكون بصحة مقدماته ليصلح للشهادة وسلامته من معارض لتنفذ شهادته فيترتب عليه الحكم فالمعترض اما ان يهدم شهادة الدليل يمنع مقدمة من مقدماته وطلب الدليل عليها واما ان يهدم نفوذ شهادته بالمعارضة يما يقاومها ويمنع ثبوت حكمها فالاول هو الممانعة والثاني هو المعارضة ومالم يكن واحد من النوعين المذكورين فلا تعلق له بمقصود الاعتراض فلا يسمع . ٢٣١٥ ‏٠قال نور الدين وقد حصر البدر الشماخي الاعتراضات كلها في سبعة انواع بعد ان ذكر انها خمسة وعشرون اعتراضا النوع الاول ما يرجع الى الالفاظ من دعوى الابهام وغيره فيجب فيه الاستفسار النوع الثاني ما يرد على تمكن المستدل من الاستدلال بالقياس في تلك المسئلة النوع الثالث ما يرد على المقدمة الاولى وهو دعوى حكم الاصل ومنع حكم الاصل او منح احد محتملى اللفظ المتردد بين شيئين النوع الرابع ما يرد على المقدمة الثانية وهو قول المستدل والحكم في الاصل معلل بكذا والقدح فيه اما منع وجود العلة او منع علتها او عدم تأثيرها او عدم الافضاء اعودم ظهورها اعودم انضباطها او عدم اطرادها وهو النقض والكسر او عدم انعكاسها او وجود معارض فتلك عشرة النوع الخامس ما يرد باعتبار المقدمة الثالثة النوع السادس ما يرد على المقدمة الرابعة وهي قول المستدل فيوجد الحكم في الفرع وفي هذا النوع المخالفة والقلب النوع السابع ما يرد على ادعائه عدم النزاع بعد ثبوت الحكم في الفرع وفي هذا النو ع القول بالموجب وسيأتي بيان كل واحدة من هذه الاشياء ان شاء الله والله اعلم . بيان الاعتراضات من الاعتراضات على المستدل الاستفسار وهو طلب التفسير اي تبيين معنى اللفظ وذلك انما يسمع في موضعين احدهما فيما اذا كان لفظ المستدل مجملا وثانيها فيا . اذا كان لفظه غريبا ولا يسمع في غيرهما لأن المعترض في غيرهما متعنت مثاله اذا كان اللفظ جملا ان يقول المستدل بان البطلان فيقول المعترض ما معنى بان فانه يكون بمعنى ظهر وبمعنى انفصل ومثاله اذا كان اللفظ غريبا ان يقول المستدل مثلا ايل ل يرض حين اكل فلا تحل فريسته كالسيد فيقول المعترض ما الايل وما معنى لم يرض وما فريسته وما السيد فيجيب المستدل بان الايل هو الكلب ولم يرض لم يعلم وفريسته صيده والسيد الذئب وعلى المعترض بيان كونه جملا لأن الاصل عدم الاجمال لأن اللفظ اما وضع للبيان والاعتراض الثاني فساد الاعتبار وهو عبارة عن ابداء المعترض دليلا شرعيا من كتاب او سنة او اجماع معارضا لقياس المستدل وجوابه ان يطعن المستدل في ذلك الدليل المعارض لقياسه اذ كان مما يصح الطعن فيه كخبر الآحاد او _ ٢١٦ يتناوله بما يوافق قياسه ان كان مما لا يصح الطعن فيه كاية من كتاب الله او سنة متواترة او مشهورة او يبين المراد من الدليل ويظهر انه غير مخالف لقياسه الذي اظهره بل هو دليل له لا للمعترض اويعارض ذلك الدليل بدليل مثله يشهد لصحة قياسه فيتساقط الدليلان ويبقى القياس واصله سالمين من المعارض فاذا اجاب المستدل عن قياسه باحد هذه الامور سلم قياسه من القادح المذكور مثاله قول من لم يشترط التسمية في الذبح ذبح من اهله في محله فيحل وان لم يسم كذبح ناسي التسمية فيقول المعترض هذا القياس معارض بقوله تعالى ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه فيجيب المستدل بان ذلك متأول بذبح عبدة الاوثان بدليل قوله يلة ذكر الله على قلب المؤمن سمى او ل يسم الاعتراض الثالث فساد الوضع وهو عبارة عن مجيء علة ذلك القياس الذي ابداه المستدل في حكم مضاد للحكم الذي اخرجه المستدل وحاصله ان يبين المعترض ان هذا القياس باطل لكونه على غير هيئة القياس الصحيح لأن الشرع اعتبر تلك العلة في نقيض ذلك الحكم والجواب عن هذا الاعتراض هو ان يبين المستدل الوجه المانع من ثبوت ذلك الحكم لتلك العلة في الصورة التي ابداها المعترض فان لم يبين ذلك بطل قياسه مثاله قول المستدل التيمم مسح فيسن فيه التكرار كالاستجمار فيقول المعترض هذا فاسد الوضع لأن المسح لا يناسب التكرار لانه ثبت اعتبار كراهية التكرار في مسح الرأس فيجيب المستدل بوجود المانع في اصل المعترض فيقول اتما كره التكرار في مسح الرأس لئلا يعود غسلا الاعتراض الرابع وهو منع حكم الاصل وهو عبارة عن التعرض لابطال حكم اصل قياس المستدل فيبطل بذلك قياسه رأسا وهو نوعان لأن هذا الابطال اما ان يكون منعا بعد التقسيم واما ان يكون بدون التقسيم اما المنع بعد التقسيم فسيأتي قريبا واما بدون التقسيم فهو ان يمنع المعترض من ثبوت حكم ذلك الاصل مطلقا مثاله ان يقول المستدل الهر حرام لانه سبع كالكلب فيقول المعترض لا نسلم ان الكلب حرام لقوله تعالى قل لا اجد فييا اوحى الي محرما على طاعم يطعمه الى اخره ومن ذلك ما لوقال المستدل جلد الخنزير لا يقبل الدباغ للنجاسة الغليظة كالكلب فيمنع المعترض كون جلد الكلب لا يقبل الدباغ والجواب عن هذا الاعتراض هو ان يظهر المستدل دليلا غلى ثبوت _ ٢١٧ حكم اصله من نص او اجماع فاذا اقام الدليل على ذلك سلم قياسه من هذا الاعتراض المذكور واما المنع بعدد التتسيم فهو ان يكون في لفظ المستدل احتمالان احدهما حق والآخر باطل فيمنع المعترض احد الاحتمالين لكونه باطلا اما مع السكوت عن الآخر لانه لا يضره او مع التعرض لتسليمة لانه لا يضره ايضا مثاله ان يقول المستدل في صحيح فقد الماء في الحضر هذا غير واجد للياء فيتيمم لوجود سببه كالمسافر فيقول المعترض اما ان تريد ان تعذر الماء مطلقا سبب اوتريد تعذره في السفر فالاول ممنوع واختلف في قبول هذا الاعتراض فقيل لا يقبل لان ابطال احد محتملي كلام المستدل لا يضره لجواز ان يكون المعنى الباطل غير مراد المستل قال البدر كان الحاجب والمختار قبوله اذ به يتعين مراد المستدل وايضا له مدخل في هدم الدليل وفيه تضييق على المستدل وربما عجز عن تتميم الدليل لكن بشرط ان يكون ذلك الوجه الذي ابطله المعترض لازما للمستدل فاما اذا لم يكن لازما له فلا يسمع لعدم قدحه في قياس المستدل الاعتراض الخامس منع وجود العلة في الاصل وهو نحو قول من منع من تطهير الدباغ جلد الكلب حيوان يغسل الاناء من ولوغه سبعا فلا يطهر الدباغ كالخنزير فيقول المعترض لا نسلم ان الخنزير يغسل الاناء من ولوغه سبعا وجوابه ان يثبت المستدل وجود ذلك الوصف الذي علل به في ذلك الاصل الذي قاس عليه بدليل شرعي من نحو نص او اجماع فان وجد ذلك الدليل سلم قياسه من الاعتراض المذكور وان لم يجد دليلا على ذلك من الشرع اثبته بالعقل او بالسمع اما اثباته بالعقل فكيا لو قضى العقل بان ذلك الوصف غير مفارق لذلك الاصل الذي قاس عليه ويصحح ذلك بالادلة العقلية واما اثباته من جهة السمع فكي اذا نقل ثبوت ذلك الوصف في الاصل عمن يقبل المعارض عنه فانه يكتفي في دفع الاعتراض بتسليم الخصم المعترض وقد يجاب في اثباته بجهة الحس كوجود طيب الرائحة في المسك ووجود الحلاوة في العسل ونحو ذلك الاعتراض السادس منع وجود علية ذلك الوصف بعد تسليم وجود العلية في الاصل وهوان يمنع المعترض كون ذلك الوصف علة لذلك الحكم بعد ان سلم وجود ذلك الوصف في الاصل قال صاحب المنهاج وهو من اعظم الاسئلة لعمومه وتشعب مسالك العلل الى ان قال ٢١٨ وهذا الاعتراض راجع الى دعوى اختلال شرط قال ابن الحاجب والمختار قبوله والا ادى الى اللعب في التمسك بكل طرد وقيل لا يقبل هذا المنع لأن المستدل قد استكمل القياس وهو رد فرع الى اصل بجامع بينهما ورد بان المراد بجامع يغلب في الظن صحته قالوا عجز المعترض دليل صحته فلا يسمع المنع واجيب بانه يلزم عى ذلك ان تصح كل صورة دليل يعجز المعترض عن اعتراضها وان لم يصح المستدل مقدماتها . قال نور الدين والجواب عن هذا الاعتراض ان يبين المستدل علية ذلك الوصف باحد طرق العلة المشهورة التي قدمنا ذكرها انفا فيلبت عليه بالاجماع ان كان او بالنص ان وجد نص من كتاب او سنة صريحا او تلويحا وان ل يوجد شيء من ذلك التمس اثبات ذلك باحد طرق العلة المستنبطة كالسبر والمناسبة الى آخرها ولا ينقطع عند ذلك المعترض بل له ان يعترض ما ابداه المستدل يما يرد عل كل طريق من تلك الطرق من المطالبة بما هو شرط فيه فيرد على ظاهر الكتاب الاجمال والتأويل والمعارضة بامارة اخرى والقول بالموجب كأن يقول دليلك الذى اثبت به عليه هذا الوصف مجمل او متأول بكذا وهو على غير ما تظن او انه ليس بدليل لك بل عليك او انه معارض بدليل آخر وهو كذا ويرد على السنة بما يرد على ظاهر الكتاب والطعن بانه مرسل او موقوف وضعف راوية ويرد على كل واحد من الطرق المستنبطة ما مر ذكره في مواضعه وما سيأ من القدح في المناسبة ونحوه الاعتراض السابع والثامن والتاسع والعاشر وهي منع التأثير في الوصف ومنع التأثير في الاصل ومنع التأثير في الحكم ومنع التأثير في الفرع فهذه اربعة انواع يجمعها نوع واحد وهو دعوى عدم التأثير وهو عبارة عن ابداء وصف لا اثر له فاما ان يكون لا اثر له مطلقا وهو الذي عبر عنه بعدم التأثير في الوصف واما ان يدعا عدم تأثيره في الحكم واما ان يدعا عدم تأثيره في الفرع فهذه اربعة اقسام اما الاول وهو عدم التأثير مطلقا فنحو ان يقول المستدل الصبح صلوة لا يقدم اذانها على وقتها لانها لا تقصر كالمغرب فيقول المعترض العصر لا اثر له في عدم تقديم الاذان مطلقا واما الثاني وهو منع التأثير في الاصل فنحو ان يقول المستدل في بيع الغائب مبيع غير مرئي فلا يصح كالطير في الهواء فيقول المعترض ان المؤثر في عدم صحة بيع الطير في الهواء تعذر التسليم لا الغيبة فلا اثر لعدم الرؤ ية في ٢٣١٩١ الاصل واما الثالث وهو منع تأثير العلة في الحكم فنحو ان يقول المستدل في المرتدين مشركون اتلفوا مالا في دار الحرب فلا يضمنون كالحربي فيقول المعترض لا تأثير لكونه في دار الحرب واما الرابع وهو عدم التأثير في الفرع فنحو ان يقول المستدل امرأة زوجت نفسها فلا يصح كيا لوتزوجت بغير كفوؤ ها فيقول المعترض انه لا تأثير لعدم الكفاية في فساد تزوجها نفسها وانما المؤثر عدم الولي فيعود الى معارضته في الاصل الاعتراض الحادي عشر والثاني عشر وهما ادعاء خفاء العلة وادعاء عدم انضباطها اما ادعاء خفاء العلة فكيا اذا علل المستدل بحكم بشيء من افعال القلوب كالسخط والرضى والحب والكراهية ونحو ذلك مما لا يطلع عليه فيقول المعترض هذا وصف خفي لا يصح التعليل به لأن الخفي لا يعرف الخفي وجوابه ان ينصب المستدل امارة ظاهرة تدل على وجود علته كالعقد عند صفقة البيع فانه امارة على وجود الرضى اذ لو ل يكن راضيا بالبيع ما حصل منه العقد وكالسكوت عند مشاورة البكر فان الشرع جعل سكوتها امارة على رضاها وكالانكار للشيعء امارة على كراهيته والنوع الثاني ان يدعي المعترض عدم انضباط المعلة كيا اذا علل المستدل بالحكمة كالمشقة والانزجار عن المعصية فيقول المعترض هذا وصف غير منضبط لاختلاف المشقة باختلاف الاحوال والاشخاص فقد يكون الحال الواحد مشقة على بعض الناس دون بعض والانزجار عن المعصية قد يكون في بعض الاشخاص بادى ادب ويحتاج في بعضهم الى التشديد فيى العقوبة وجوابه ان يضبط المستدل ذلك الوصف بحالة ملازمة له لا تكاد ان تفارقه غالبا كالمشقة في السفر الاعتراض الثالث عشر النقض وهو عبارة عن تخلف الحكم من بعض الصور مع وجود العلة فيها مثاله قول المعترض للمستدل على حرمة الربا بعلة الطعم قد وجدت العلة المذكورة في الرمان وليس بربوي فقول المعترض بذلك نقض لعلة المستدل وهو قادح عند الشافعي وبعض اصحاب ابي حنيفة وقيل انه غير قادح اذا كان التخلف لدليل . قال نور الدين واعلم ان القائل بجواز تخصيص العلة لا يرى ان تخلف الحكم عنها في بعض الصور فادح مطلقا ومن منع من جواز تخصيصها يبعل ذلك قادحا مطلقا سواء كانت العلة منصوصة ام مستنبطة وسواء كان التخلف لمانع او لعقد شرط _ ٢٢٠ او لغيرهما والجواب عن هذا الاعتراض هو ان يبين المستدل المانع من وجود الحكم في الصورة المذكورة فاذا اظهر ذلك المانع او كشف ان تخلفه هنالك لاختلال شرط او نحو ذلك مما يكو مسليا عند الخصم استقام قياسه وسلم من ذلك المعارض الاعتراض الرابع عشر وهو الكسر وهو عبارة عن وجود الحكمة في بعض الصور مع تخلف العلة والحكم عنها مثاله من جوز القصر للمسافر العاصي بسفره هذا مسافر فيترخص كغير العاصي لحكمة تخفيف المشقة فيقول المعترض وكذلك صاحب الحرفة الشاقة في الحضر كمن يحمل الاثقال ويضرب بالمعاول فانه يترخص له فوجود المشقة في الصورة التي ذكرها المعترض مع تخلف الحكم والعلة فيها يسمى كسرا واختلف في كونه قادحا فقيل انه قادح لاعتراضه المعنى المقصود قال المحلي والراجح انه لا يقدح لانه ل يرد على العلة واما ورد على الحكمة فقط الاعتراض الخامس عشر وهو تخلف بعض اجزاء العلة اي اذا كانت علة المستدل وصفا مركبا من شيئين او اشياء وقد تخلف بعض تلك الاشياء فان تخلف ذلك البعض في بعض الصور يكون قادحا في صحة تلك العلة اما القدح بكون الوصف مركبا ففي قبوله خلاف مبني على الخلاف في صحة تركيب العلة وقد تقدم ان الصحيح جواز ذلك واعلم ان المستدل اذا ادخل في العلة وصفا وجعله جزءا منها وهو معترف ان حكم الاصل لا ينتفي بانتفائه لكن لو الغى ذلك الوصف انتقضت العلة في بعض الفروع فان ذلك الجزء مردود اي لا يصح كونه من العلة وبقية الاجزاء غير مردودة على الاصح ي الطرفين الاعتراض السادس عشر وهو القدح في نفس المصلحة بترجيح المفسدة عليهاجميعا اعلم انه اذا تعارضت المصلحة التي تكون مقصودا للمستدل مفسدة راجحة عليها او مساوية لها فان ذلك يكون قادحا في قياس المستدل لانه لا مصلحة مع مفسدة مساوية او راجحة لأن دفع الضرر اهم فيجب الحمل عليه واما اذا كانت المفسدة مرجوحة فلا تقدح مثاله التخلي للعبادة افضل لما فيه من تزكية النفس فيقول المعترض فيه مفسدة اقوى وهي عدم كسر الشهوة وعدم كف النظر وعدم اتخاذ الولد لحفظ الدين وهذا ارجح من مصالح العبادة فيجيب المستدل بترجيح المصلحة لانها لحفظ الدين فهي اولى من حفظ النسل ومن ذلك ايضا ان يقول المستدل مسافر سلك الطريق _ ٢٢١ البعيد لا لفرض غير القصر فانه لا يقصر لأن المناسب وهو السفز البعيد عورض بمفسدة وهي العدول عن القريب الذي لا قصر فيه لا لغرض غير القصر حتى كانه حصر قصده في ترك ركعتين من الرباعيات الاعتراض السابع عشر وهو القدح في افضاء الحكم الى المقصود وهو ان يقدح المعترض في افضاء الحكم الذي اخرجة المستدل الى المصلحة المقصودة شرعا مثاله ان يقول المستدل النكاح واجب لانه يرفع الحجاب فيفضي الى المصلحة وهي دفع الفجور فيقول المعترض نمنع ان رفع الحجاب يفضي الى عدم الفجور بل تلاقي الرجال والنساء عند رفع الحجاب يفضي الى الفجور فيجيب المستدل بان النكاح يكسر الشهوة فيفضي الى عدم الفجور الاعتراض الثامن عشر ان يعارض علة المستدل بعلة اخرى اكثر فروعا من علة المستدل ويسمى هذا النوع بالتعدية مثاله ان يقول المستدل في البكر البالغ بكر فتجبر على النكاح كالبكر الصغيرة فيعارض بان العلة في الاصل الصغر فيتعدى الى الثيب الصغيرة الاعتراض التاسع عشر ان يعارض المعترض علة المستدل بعلة تقتضي في الفرع عكس الحكم الذي اخرجه المستدل مثاله ان يقول المستدل في العبد مملوك فنتجب فيه قيمته كغيره من المملوكات فيقول المعترض مكلف فلا يتعدى به دية الحر فعارض علة الفرع با يقتضي نقيض حكمها فيحتاج في تقرير ما عارض به الى احد طرق العلة فيصير مستدلا بعد ان كان معترضا وفيه .قلب التناظر . قال نور الدين واعلم ان هذا النوع والذي قبله يسميان بالمعارضة وقد اختلف في قبولها على قولين قال ابن الحاجب والمختار قبولها اذ لو لم تقبل لم يمتنع التحكم يعني في المدعي علة لأن المدعى علة ليس باولى بكونه علة او جزءا من العلة من وصف المعارض فان رجح رد المعارةسة بان في اثبات العلة تكليفا بالعمل وفي ردها توسعة الاصل باسقاط التكليف . وقد قالتعالى يريد الله بكم اليسر اجيب بانه يلزم على ذلك منع الدلالة لأن فيه توسعة ولو سلمنا ان الاصل التوسعة لعدم العلة المعارض عارضناه ايضا بان الاصل انتفاء الاحكام فنترك الدلالة عليها وبانا نعتبرهما معا اذ في تخصيص احدهما تحكم واذا اعتبرناما لزمت المعارضة قالوا لو استقر كل واحد من المتعارضين بمناسة _ _ ٣٢٢ الحكم لزم كون كل واحد منهيا علة فيه وذلك لا يجوز فوجب رد المعارض واجيب بان هذا الحكم باطل اذ قلتم برد العلة المعارضة لما عللتم به اولى من ان يرد خصمكم ما عللتم به قال صاحب المنهاج واختلفوا هل يحتاج المورد للمعارضة الى اصل يرد اليه فقيل يحتاج كالمستدل قال والصحيح انه لا يحتاج لأن حاصل المعارضة دعوى نفي الحكم لعدم العلة او صد المستدل عن التعليل بذلك وايضا فأصل المستدل هو الاصل للمعارض فلا يحتاج الى غيره . قال نور الدين فاذا عرفت ذلك فالجواب عن المعارضة يكون اما بمنع وجود الوصف الذي عارض به او المطالبة بتأثثيره ان كان مثبتا بالمناسبة او الشبه لا بالسير وبأن الذي عارض به خفي او غير منضبط ويحقق حصول الخفاء وعدم الانضباط او لا يحقق بل يمنع ظهوره او انضباطه او يجاب بان الوصف الذي عارض به هو عدم معارض في الفرع مثاله قياس المكره على القتل في وجوب القصاص على المختار بجامع القتل فيعترض بالطواعية فيجيب بان عدم الاكراه المناسب نقيض الحكم وذلك من قبيل الطرد الاعتراض العشرون ان يمنع المعترض وجود تلك العلة في الفرع مثاله ان يقول المستدل على صحة امان العبد الغير المأذون امان صدر من اهله كالمأذون فيقول المعترض لا اهلية في المحجور وجوابه بيان وجود ما عناه بالاهلية كجواب منعه في الاصل قال ابن الحاجب والصحيح منع المعترض منن تقدير انتفاء وجود الوصف في الفرع لان المستدل مدع فعليه اثباته لئلا ينتشر الكلام الاعتراض الحادي والعشرون والثاني والعشرون والثالث والعشرون الفرق وهو عبارة عن ابداء مخالفة بين الاصل والفرع وهو على ثلائة اقسام لانه اما ان تكون تلك المخالفة في الحكم واما ان تكون في الضابط واما ان تكون في جنس المصلحة فاما القسم الأول وهو المخالفة في الحكم فتكون باحد شيئين اما ابداء مانع في الفرع من اجراء ذلك الحكم فيه واما بابداء خصوصية في الاصل لم تكن موجودة في الفرع واما القسم الثاني وهو اختلاف الضابط في الاصل والفرع فنحو ما يقال في احباب القصاص على الشهود تسببوا بالشهادة فوجب القصاص كالمكره فيقول المعترض ان الضابط في الفرع الشهادة وفي الاصل الاكراه فلا يتحقق التساوي وجوابه ان الجامع ما اشتركا _ ٢٢٢٣ فيه من التسبب المضبوط عرفا او بان افضاءه في الفرع مثله او ارجح كيا لكوان اصله المغري للحيوان فان انبعاث الاولياء على القتل طلبا للتشفي اغلب من انبعاث الحيوان بالاغراء بسبب نفره الحيوان وعدم علمه فلا يضر اختلاف اصلي التسبب فانه اختلاف فرع واصل كيا يقاس الارث في طلاق المريض على القاتل في منع الارث واما القسم الثالث وهو اختلاف المصلحة في الاصل والفرع فهو ان تكون مصلحة الاصل مخالفة لمصلحة الفرع الذي ابداه المستدل مثاله ان يقول المستدل على حد اللائط ا ولج فرجا في فرج مشتهى طبعا محرم شرعا فيحد كالزاني فيقول المعترض المصلحة فبي الفرع الصيانة من رذيلة اللواط والمصلحة في الاصل دفع اختلاط الانساب وقد يتفاوتان ني نظر الشرع وهو راجع الى المعارضة وجوابه ان ينكر المستدل ان الحكمة في الاصل دفع اختلاط الانساب فقط بل يقول ان الحكمة دفع اختلاط الانساب مع الصيانة عن تلك الرذيلة وغيرها من المفاسد العامة والا لزم جواز الزنا بالطبية والايس اذ ليس فيها ذلك المحذور وهو باطل الاعتراض الرابع والعشرون القلب وهو عبارة عن دعوى المعترض ان الدليل الذي جعله المستدل دليلا لمدعاه اتما هو دليل عليه لا له فيقلب حجته عليه لا له وهو ممكن التسليم بمعنى ان الدليل الذي قلبه المعترض ممكن ان يكون مسلي عند المعترض فيكون عنده صحيحا ويمكن ان يكون عنده غير صحيح وسكت عن الكلام فيه لكن قلبه عليه ان صح انه دليل كيا اذا قال ان هذا الدليل ان صح فهو عليك لا لك اما لو صرح المعترض بتصتيف الدليل ورده فلا يكون محتملا للتسليم بعد ذلك بل هو عند المعترض مردود وقيل ان القلب تسليم لصحة الدليل المستدل به سواء كان صحيحا ام لا وقيل هو افساد له مطلقا لأن الغالب من حيث جعله على المستدل مسلم لصحته وان لم يكن صحيحا ومن حيث لم يجعله له مفسد له وان كان صحيحا وقيل هو شاهد زور يشهد لك وعليك حيث سلمت فيه الدليل واستدللت به على خلاف دعوى المستدل فلا يقبل ثم القلب نوعان لأنه اما ان يقتضي تصحيح مذهب المعترض مع السكوت عن مذهب المستدل واما ان يقتضي ابطال مذهب المستدل وكل واحد من النوعين يكون تصريحا وتلويحا لانه اما ان يصرح المعترض بتصحيح مذهبه واما ان يلوح على ذلك ٢٣٢٤ واما ان يصرح بابطال مذهب المستدل واما ان يلوح على ذلك مثاله ان يقول المستدل على وجوب الصوم في الاعتكاف لبث في مكان مخصوص فلا يكون قربة بنفسه كالوقوف بعرفة فيقول الشافعي في عدم اشتراط الصوم في الاعتكاف لبث في مكان خصوصن فلا يشترط فيه الصوم كالوقوف بعرفة فقد صحح الشافعي مذهبه بعلة المستدل وهي اللبث في مكان مخصوص ومثال ما فيه ابطال مذهب المستدل تصريحا ان يقول الحنفي في مسح الرأس عضو وضوء فلا يكتفى فيه باقل ما يطلق عليه اسمه كغيه فيقول الشافعي فلا يتقدر بالربع كغيو فعلق المعترض على علة المستدل مايبطل به مذهبه ومثال ما فيه ابطال المستدل تلويحا أن يقول الحنفي في تصحيح بيع الغائب عقد معاوضه فيصح مع الجهل بالمعوض كالنكاح فيقول الشافعي فلا يشترط بيارقالبصحتهقالمنأنوبيانهكالنكاحالرؤيةخيارفيه. قالالملزومانتفىاللازمانتفىفاذالصحتهلازمالرؤيةفخيارالرؤية البدر والمختار قبول القلب وقيل لا يقبل وهو نوع مخصوص من المعارضة الاعتراض الخامس والعشرون القول بالموجب وهو عبارة عن تسليم مدلول الدليل مع بقاء النزاع ويسمى ارخاء العنان وشاهده قوله تعالى يقولون لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل فان معنى هذا الكلام مسلم عند المسلمين لكن الاعز عند المسلمين هو رسول الله يلة والاذل عندهم هو ذلك القائل والاعز عند المنافق هو نفسه فمدلول كلامه مسلم والخلاف بينهم باق وهو انواع ثلاثة النوع الاول ان يستنتج المعترض من المستدل ما يتوهم انه محل النزاع او ملائمة زمن مثاله قول من يوجب القصاص على القاتل عمدا بالمثقل قتل بما مثله يقتل في العادة فلا ينافي وجوب القصاص كالقتل بالحاد الخارق فيقول المعترض ان عدم المنافاة ليس محل النزاع ولا هو نقيضه وانما محل النزاع وجوب القصاص ،النوع الثاني ان يستنتج المعترض ابطال ما يتوهم انه مأخذ الخصم مثاله قولنا للحنفي التفاوت في القتل لا يمنع من وجوب القصاص كي لا يمنع من القتل نفسه فيعترض بانه علة فيقول المعترض لا نسلم كونهعلة عدم وجوب القصاص وهو التفاوت بحيث اني اقول لو بطل ذلك بطل وجوب القصاص بل العلة شيء آخر منع الحكم الذي هو وجوب القصاص او فقد شرط من شروطه ولا يلزم من انتفاء مانع واحد انتفاء الموانع جميعا او الشرائط او ‏_ _ ٣٢٥ المقتضي } النوع الثالث ان يسكت عن المقدمة الصغرى من مقدمتي القياس وهي الاولى مع كونها غير مشهورة نحو ان يقول ما ثبت قربة فشرطه النية كالصلوة ويسكت عن قوله الوضوء قربة فيرد عليه الوضوء لكونه قربة ولم يشترط فيه النية عند الخصم او ذكر المقدمة الصغرى لم يرد عليه الا المنع لكون الوضوء قربة والجواب عن النوع الثاني أن يبين المستدل أن ذلك محل النزاع أو مستلزم له كما لو قال لاا يجوز قتل المسلم بالذمي فيقول المعترض نعم لا يجوز قتل المسلم بالذمي لانه ليس بجائز بل واجب فيقول المراد بقولنا لا يجوز تحريمه لا ما زعمت واذا كان ذلك هو المراد لزم انتفاء قولك انه واجب والجواب عن النوع الثاني ان يبين المستدل ان ذلك هو المأخذ نحو ان يبين ان انتفاء المانع من حصول القتل بالمثقل يؤخذ منه انتفاء المانع من .وجوب القصاص فيه ايضا لأن وجوب القصاص ازهاق الروح فاذا لم يمنع المثقل من ازهاق الروح بل حصل له فقد حصل به موجب القصاص فيجب اذ لا مانع والجواب عن النوع الثالث ان يبين المستدل ان الحذف شائع فيرتفع المطعن والله اعلم . قال نور الدين والصحيح عندي عدم اعتبار هذا الشرط لانه انما يكون شرطا في العلل العقلية الموجبة للحكم ذون الشرعية فانها علامة للحكم ومعرفة له الشرط السابع ان لا يكون ذلك الوصف عدما مقدرا اي فلا تعلل الاحكام الشرعية بالوه صف العدمي . قال نور الدين اعلم انه يصح كون العلة امرا موجودا في الحكم الوجودي وفي الحكم العدمي اتتفاقا مثال ذلك الزنا علة في وجوب الحد والجنون علة في انتفائه اما التعليل بالامر العدمي ففرء خلاف قيل انه يصح التعليل به مطلقا ونسب هذا القول الى الجمهور مثال ذلك لم يصل فوجب قتله لم يمتثل فحسنت عقوبته فهذه علة عدمية في حكم وجودي ونحو قولنا غير عاقل فلم يصح بيعه فهذه علة عدمية في حكم عدمي ايضا .وقال ابن الحاجب وغيره لا يصح ان تكون العلة عدما في الحكم البتوتي . قال نور الدين والصحيح ما ذهب اليه الجممور من ان الامر العدمي يصح ٢٢٦ ان يكون علة مطلقا لأن العلل الشرعية انما هي كاشفة لا موجبة كالعلل العقلية فالشرعية امارة للحكم او باعثة والامارة والباعث كيا يصح ان يكون اثباتا يصح ان يكون نقيا الاترى ان خلو الدار من الخور والغلمان امارة لكون الامير ليس فيها كا ان الاختلاف اليها وكثرة الداخل والخارج امارة لكونه فيها وايضا فلا خلاف بين احد من المسلمين في ان المعجز انما يثبت معجزا لانتفاء قدرتنا على مثله فانتفاؤها علة في ثبوته معجزا الشرط الثامن ان تكون العلة مشتملة على حكمة مقصودة للشار ع ني شر ع الحكم لانها ان كانت مجرد امارة مستنبطة من حكم الاصل كان دورا . قال نور الدين كذا قال ابن الحاجب قال وتبعه في اشتراط ذلك البدر الشماخي قال قال صاحب النهاج وفي هذا نظر لأن النص قد دل على حكم الاصل فاذا استنبط علة ما اقتضاه النص من الاصل صح وكانت امارة على ثبوت الحكم في الفرو ع ولا يلزم الدور كيا زعم ابن الحاجب والمراد بالحكمة تحصيل المصلحة او دفع المفسدة والراد بالمصلحة اللذة ووسيلتها والمراد بالمفسدة اا ل ووسيلته وكل منها اما نفسي او بدني وديني او دنيوي فان تعارض دليلان او علتان في احدهما تحصيل مصلحة وفي الاخر دفع مسفسدة ولم يمكن الجمع بينهيا بوجه قدم الدافع للمفسدة على الجالب للمصلحة لأن دفع المفسدة اهم من تحصيل المصلحة وكل واحد من جلب المصلحة ودفع المفسدة منقسم الى ثلاثة اقسام الى ضروري وحاجي وتحسيني اما الضر وري فهو ما يفضي الحال فيه الى الضرورة وهو خمسة اشياء الأول حفظ العقل ولأجله شر ع تحريم الخمر وسائر المسكرات فالعلة في تحريم المسكرات هي السكر والحكم التحريمي والحكمة حفظ العقل الثاني حفظ الدين ولا جله شرع الجهاد وقتل الزنديق والمرتد والساحر وعقوبة اهل البدع ونحو ذلك فالعلة في الجهاد كفر الكافر او بغي الباغي والحكم فيه وجوب الجهاد او ندبيته والعلة في قتل الزنديق والساحر زندقته وسحره والحكم وجوب تتله او جوازه والحكمة حفظ الدين والثالث حفظ النفس ولأجله شر ع القصاص والدية والعقوبة على من اتهم بالقتل فاتلاف النفس ونحوها في هذه الاشياء هو العلة والحكم فيها وجوب ذلك المذكور من قود ودية وعقوبة والحكمة حفظ النفس & قال البدر ومنه اخذ المربية ٢٣٢٧ . للصبي الذي لا ام له وشراء مأكوله ومشروبه اي لأن حياة الصبي متوقفة على ذلك الرابع حفظ النسل من الاختلاط وعبر عنه بعضهم بحفظ الانساب ولاجله حرم از وشر ع حد الزني اذ لم لو لم يحرم ذلك لما عرف نسل ولما ضبط نسب فالعلة في ذلك الزنى والحكم فيهه التحريم ووجوب اقامة الحد والحكمة حفظ النسل الخامس حفظ المال ولاجله شر ع حد السارق وحد قاطع الطريق ليأخذ المال وسائر انواع الضمانات فالعلة في هذا النو ع اتلاف مال الغير واخذه والحكمة وجوب اقامة الحد على السارق وحد قاطع الطريق ليأخذ المال وسائر انواع الضمانات فالعلة في هذا النو ع اتلاف مال الغير واخذه والحكمة وجوب اقامة الحد على السارق والقاطع والزام الضمان على المتلف فهذه الضروريات الخمس التي روعيت في كل ملة فشر ع حفظها في كل شريعة وزاد بعضهم نوعا سادسا وهو حفظ العرض ولأجله شر ع حد القاذف وحكم اللعان فالوقو ع في عرض الغير على الوجه المخصوص علة ووجوب اقامة الحد حكم وحفظ العرض هو الحكمة ورمي الاجل امرأته بالزى حيث لا شهود معه علة اللعان والحكم الملاعنة والحكمة حفظ عرض اللمرأة ويلحق بالضر وري ما يتوقف الضر وري عليه بمعنى انه شرط لحصول المصلحة الضرورية او شرط لذفع المفسدة الضرورية وذلك كاعتبار البلوغ في قتل المحارب واعتبار التكاني في القصاص وتحريم الخلوة بالاجنبيات وتحريم شرب قليل المسكر وتنجيسه عند من قال به مبالغة في ابعادها وقليلها يدعو الى كثيرها والخلوة تدعو الى الزنى واما الحاجي والمراد به الذي تمس الحاجة اليه نسب الى الحاجة لشدة حاجة الناس اليه فهو نوعان احدهما ما يحتاج اليه في نفسه ولاجله شر ع البيع والاجارة والنكاح والمساقاة والمضاربة والولاية وما اشبه ذلك من انواع المعاملات فا ن هذه الاشياء وان ظنت انها ضرورية فبحسب الاحتياج الى المعاوضة لا تؤدي الى فوات شىء من الضروريات الخمسة المتقدمة وقد يكون بعضها ضروريا كشراء المأكول والاجارة في تربية الصغير الذي لا ام له النو ع الثاني ما كان الحاجة الى غيره لكنه وسيلة الى حصوله ولاجله شر ع وجوب الكفارة ومهر المثل لانه اشد لدوام النكاح وان كان يتم دونه وكذلك الخيار والشرط والشفعة ودفع الغبن ويسمى هذا النو ع _ ٢٢٨ مكملا للحاجى واما الاستحسان فهو ما قضت العادة باستحسانه عند اهل العقول الوافرة والاخلاق الكاملة وهو قسمان موافق للقياس وخالف له فاما الموافق للقياس فحكمه النظافة من الانجاس وخصال ابراهيم عليه السلام والزكوة وصلة الارحام ومكارم الاخلاق كالتخلص من البخل والدناءة والرق والاتصاف بمقتضى المورءة من الكرم والحرية والبسالة ونحو ذلك وكسلب العبد اهليه القضاء والشهادة والخلافة وان كان ذا عقل ودين وعقل لانه ناقص عن المناصب الشرعية ولو جعل لا لحصل به مصلحة مثثل ما تحصل في الحر ولا مفسدة فيه فان هذه الاشياء ونحوها موافقة للقواعد واما المخالف للقياس فكمكاتبة السيد عبده فان المكاتبة شىء حسن لكونه موصلا الى فك الرقبة لكنه خادم للقاعدة لانه تعويض مال السيد بماله وبيان ذلك ان ما يسعى به العبد لسيده لو لم يكاتبه وبيع الرجل ماله بما له امر لم يعهد في القواعد الشرعية فالمكاتبة وان كانت شيئا حسنا فهي مخالفة للقياس كيا ترى وبقي نو ع من الشرعيات لا يلوح فيه تعليل جزئي ولم يكن ان يلوح فيه تعليل كلي وهو العبادات الدينية كالصلوة والصوم لأن العقل لا يهتدي الى معانيها ولم يلح من الشار ع الاطرف من مباديها لكن فيها تذليل النفس للعبادة والتعظيم لخالقها وتجديد العهد بالايمان وتحقيق الاستسلام والانقياد ان الصلوة تنهي عن الفحشاء والمنكر والله اعلم . ذكر حصول المقصود من شرع الحكم حصول المقصود من شرع الحكم على انواع احدها ان يحصل يقينا كالبيع للملك ولحل التصرف والنكاح لحل الاستمتاع ونحو ذلك فان المقصود من البيع والنكاح اباحة التصرف واباحة الاستمتاع وهما حاصلان يقينا النوع الثاني ان يحصل ظنا كالقصاص للانزجار عن القتل والحد للانزجار عن الفاحشة والقذف وشرب الخمر ونحو ذلك فان المقصود من القصاص والحد الزجر عن القتل العمد العدواني والردع عن المعاصي المذكورة والكل من ذلك حاصل ظنا فمن ثم ترى ظهور الطاعات واختفاء المعاصي عند ظهور العدل النوع الثالث ان يكون حصوله وعدمه سواء وذلك كمن تزوج امرأة لأجل حصول النسل فان المقصود من ذلك التزويج. _ ٢٣٢٩ وهو حصول النسل من تلك المرأة مشكوك فيه فحصوله وعدم حصوله على سواء النوع الرابع ما يكون -ےرم الحصول فيه أرجع وذلك كنكاح الآيسة فان المقصود من النكاح النسل وعدم حصول النسل من الآيسة ارجح من حصوله منها النوع الخامس ما كان المقصود منه فائتا بمعنى انه مقطوع بعدم حصوله عادة كاستبراء فرج امرأة اشتراها بائعها ني المجلس فان المقصود وهو معرفة براءة الرحم فائت ها هنا اي مقطوع بان رحمها غير مشغول بشيء من قبل بائعها وكلحوق الولد برجل من عمان تزوج امرأة من المغرب مع القطع بعدم تلاقيها في الظاهر فهذه انواع حصول المقصود بالنظر الى المكلفين واختلفوا في جواز التعليل بهذه الانواع فاجاز بعضهم تعليل الحكم بها ومنعه اخرون . قال نور الدين وخلافهم هنا مبني على خلافهم في جواز تعليل الحكم بنفس الحكمة لأن نفس الحكمة هي عين المقصود ها هنا وقد صححوا جواز التعليل بالحكمة اذا كانت ظاهرة منضبطة والله اعلم . ذكر انقسام كل واحد من الحكم والعلة الى الجنس والعين ينقسم كل واحد من العلة والحكم المطلوب بالقياس الى جنس والى عين والمراد بالجنس ها هنا ما شمل اشياء سواء كانت تلك الاشياء متجانسة ام غير متجانسة والمراد بالعين نوع من الانواع لا مع اعتبار المحل فمثال الجنس في العلة العجز فان عجز الانسان عن الآتيان بما يحتاج اليه وصف هو علة الحكم فيه تخفيف بدلالة النصوص الدالة على عدم الحرج والضرر وهذا العجز عجز شامل لما ينشأ عن الفاعل وعن محل الفعل وعن الخارج وهو الجنس العالي بالنسبة الى عجز الانسان وتحته اجناس متوسطة وهي العجز الناشيء عن الفاعل وعن محل العمل وعن الخارج وتحت كل جنس منها جنس مثلا تحت العجز الناشيعء عن الفاعل مطلقا اي عن اختيار او عن عدم اختيار حتى يشمل عجز المسافر والمحبوس جنس هو العجز الناشيء عن الفاعل لا عن اختياره على ما يشمل عجز المجوس وغيره وتحته جنس ايضا هو العجز بسبب القوى الظاهرة او الباطنة على ما يشمل عجز المريض وغيره وتحته جنس ايضا هو العجز بسبب عدم العقل على ما يشمل عجز الصبي والمجنون _ ٢٢٣ وتحته جنس وهو عجز الصبي والمجنون يقابله كل واحد من هذه المراتب حكم فيتعلق بالعجز بسبب عدم العقل حكمة هو سقوط ما يحتاج الى النية كالعبادات ويتعلق بالعجز بسبب القوى حكم هو سقوط وجوب الحج والجهاد ويتعلق بالعجز الناشيعء عن الفاعل بدون اختباره وحكم هو سقوط المطالبة في الحال وهو وجوب الاداء في حق الصلوة ويتعلق بالعجز الناشيء عن الفاعل مطلقا حكم هو سقوط المطالبة في الحالة في العبادات البدنية والرخص بقصر الصلوة ويتعلق بمطلق العجز الشامل لما نشاء من الفاعل او من المحل او من الخارج حكم فيه تخفيف في الجملة ومثال العين في الوصف الاسكار فانه لا افراد له وانما هو وصف واحد وان وجد في محال كثيرة فلا اعتبار بالمحل ها هنا وكالطعم في تحريم الربا فانه وصف لا افراد له وان وجد في مواضع كثيرة ايضا ومثال الجنسي في الحكم الوجوب او التحريم .او الاباحةمثلا فان كل واحد من هذه الاحكام شامل لجملة انواع بحسب ما تضاف اليه ومثال العين في الحكم وجوب الوتر ووجوب ركعتي الفجر ووجوب الجمعة بلا امام وجوازها في غير الامصار السرو ووجوب الزكوة في مال الصبي الى غير ذلك مما لا افراد تحته الا باعتبار مواضع الحكم ولا يعتبر ذلك ها هنا وكل واحد من الوصفين المتقدم ذكرهما والمراد بهيا الوصف الجنسي والوصف العينى مؤثر في كل واحد من الحكم الجنسي والحكم العيني فيؤثر جنس الوصف في جنس الحكم وفي عين الحكم ويؤ ثر عين الوصف في عين الحكم وجنس الحكم فمثال تأثير جس الوصف في جنس الحكم سقوط الصلوة عن الصبي فان العجز الذي هو عدم العقل مؤثر في جنس سقوط ما يحتاج الى النية من العبادات وكتأثير جنس المشقة في جنس التخفيف فالحائلض لا تقضي الصلوة والمسافر يقصر ويجمع والمريض يجمع وكتأثير جنس الجنابة في جنس القصاص وكتاثير جنس ما يدعو الى الحرام في جنس التحريم كشرب قليل الخمر والخلوة في الزنا ومثال تأثير جنس الوصف في عين الحاكم تأثير جنس الحرج في جمع الصلاتين لأن الحرج جنس يدخل تحته المشقة في السفر والتاذي في الحضر ومثال تأثير عين الوصف في عين الحكم كتاثير عين السكر في تحريم عين الشرب وتأثير عين الحيض في تحريم عين الوطىء وتأثير عين العدة في تحريم عين ٢٢٣١ العقدة وتأثير عين الردة في فسخ النكاح ومثال تأثير عين الوصف في جنس الحكم تأثير اخوة الاب والام في جنس الحق كحق الارث وحق الولاية في النكاح وكتأثير عين الصغر في جنس الولاية اي ولاية المال والنكاح والله اعلم . ذكر طرق العلة المنصوصة تعرف العلة المنصوص عليها باحد امرين اما نص على علتها او اجماع على ذلك فاما الاجماع فهو اتفاق المجتهدين ي عصر من الاعصار على كون وصف معين علة للحكم المعين مثاله الصغر في ولاية مال الصغير فانه علة لها بالاجماع ثم يقاس عليه ولاية النكاح واما النص فهو ان ينص الشارع على وصف من الاوصاف بانه علة لحكم من الاحكام وهو نوعان لأنه اما صريح وهو ما دل باصل وضعه على العلية واما ماء وهو ما لزم من مدلول اللفظ ويسمى ايماء واشارة وتنبيه النص وهو نوع من الدال باشارته ولكل واحد من النص الصريح والايماء مراتب اما مراتب الصريح فمنها وهي اقواها ما صرح فيه بالعلية وذلك بان يذكر بلفظ لا يستعمل في غير العلة مثل ان يقول العلة كذا او لاجل كذا او كي يكون كذا او اذا يكون كذا كيا في قوله تعالى من اجل ذلك كتبنا على بنى اسرائيل الآية وقوله تعالى كى لا يكون دولة بين الاغنياء منكم ومنها ما ورد فيه حرف ظاهر في العلية مثل لكذا او بكذا او ان كان كذا وهذه المرتبة دون ما قبلها فان هذه الحروف وان كانت ظاهرا في التعليل لكن اللام يحتمل العاقبة نحو لدوا للموت والباء يحتمل المصاحبة وان يحتمل مجرد الشرطية ومنها ما دخل فيه الغاء في كلام الشارع اما في الوصف مثل قوله عليه الصلوة والسلام زملوهم بكلومهم فانه يحشرون واوداجهم تشخب دما واما في الحكم نحو قوله تعالى . والسارق والسارقة فاقطعوا ايديها والحكمة فيه ان الفاء للترتيب والباعث مقدم في العقل متأخر في الخارج فجوز ملاحظة الامرين وهذه المرتبة دون ما قبلها لأن دلالة الفاء على الترتيب في الاصل ودلالتها على العلية استدلالية ومنها ما دخل فيه الغاء في لفظ الراوي مثل سهى فسجد وزنى ما عز فرجم وهذه دون ما قبلها لاحتمال الغلط الا انه لا ينفي الظهور واما مراتب الامماء وهو ان يذكر مع الحكم وصف لو لم يكن ذلك الوصف او نظيره علة لذلك الحكم كان ذكره هنالك بعيدا بل يعده ذو الفهم _ ٢٢٣٢ القوي والفطنة الواقدة من الهذيان فمنها ان يذكر الشارع مع الحكم وصفا مناسبا له نحو لا يقضي القاضي وهو غضبان ففي هذا الحديث اشارة الى ان وجود الغضب علة مانعة من صحة القضاء وهي مناسبة لذلك لأن الغضب مشغل للقلب والقضاء امر عظيم يحتاج معه الى فراغ البال ونحو قولنا لا نعقد الامارة لطالب الولاية فان ذكر الطلب مقارنا لمنع الولاية يقضي بانه علة وهو مناسب لذلك لأن طالب الامارة لا يؤمن منه ان يكون قد طلبها لدنيا او لشيء من الحظوظ النفيسة . ومن هذا النوع ما يذكر اجل مدح او ذم نحو اكرم العالم واهن الجاهل فان كل واحد من العلم والجهل انما ذكر ليكون علة للحكم المقارن به وهو الاكرام مع العلم والاهانة مع الجهل ونحو قوله يلة :لعن الله اليهود اتخذوا قبور انبيائهم مساجد فان قوله اتخذوا قبور انبيائهم مساجد علة للعنهم ولو لم يرد به التعليل لكان ذكره هنالك بعيدا ومنها ان يذكر الشارع نظير المسألة كقوله عليه الصلوة والسلام لعمر وقد سأله عن قبلة الصائم هل تنقض الصوم فقال يلة ارأيت لو مضمضت بماء ثم مججته اكان ذلك مفسدا للصوم فقال لا فنبه على ان مقدمات الشيء لا تنزل منزلته فجعل مقدمة الجماع كمقدمة الواصل الى البطن ومنها ان ينبه بالس ال عن الشيء على كونه علة لذلك الحكم كقوله عليه الصلوة والسلام وقد سئل عن جواز بيع الرطب بالتمر فقال اينقص الرطب اذا جف فقالوا نعم فقال فلا اذا فنبه عليه الصلوة والسلام ان النقصان علة منع البيع . قال نور الدين رحمه الله لا يقال فهم التعليل من الفاء واذن لانا نقول لو قدر سقوطها لما انتفى فهم التعليل ومنها التفرقة بين الحكمين بوصفين اما بصيغة صفة مع ذكر الوصفين نحو للفارس سهمان وللراجل سهم او مع ذكر احدهما نحو القاتل لا يرث ولم يذكر غير القاتل فذكر الفروسية مقرونا بتمليك السهمين وذكر الرجولية مقرونا بتمليك السهم وصفان فرقا بين حكمي الفارس والراجل فكان كل واحد منهيا علة للحكم المقرون به ولولا ذلك لكان ذكره لغوا ولما ثبت بالدليل الشرعي توريث الوارث علمنا من هذا الحديث تمييز الحكم بين الوارث القاتل وبين الوارث الذي لم يقتل واما بصيغة الغاية نحو قوله تعالى ولا تقربوهن حتى يطهرن ففرق في _ _ ٢٣٣ الحكم بين الحيض والطهر وكذلك قوله تعالى فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فان كل واحدة من هاتين الآيتين بيان ان حكم ما بعد الغاية مفارق لحكم ما قبلها واما بصيغة الاستثناء نحو قوله تعالى فنصف ما فرضتم الا ان يعفون ففي هذه تنبيه على ان حكم ما بعد الاستثناء مفارق لحكم ما قبله فالعفو مسقط لنصف المفروض وعدمه موجب له واما بصيغة الشرط نحو اذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم فاختلاف الجنسين علة للبيع المطلق بخلاف ما اذا لم يختلفا ففيه فرق بين حكم الحالين واما بصيغة الاستدراك نحو قوله تعالى لا يخؤذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤ اخذكم بما عقدتم الايمان ففيه فرق بين حكم اللغو واليمين الصادرة عن قصد القلب وتصميمه واختلف في اشتراط حصول المناسبة في الوصف المنبه عليه باحد مراتب الايماء فقيل يشترط ذلك ومعناه ان الوصف المومي اليه لا يصح علة الا اذا ظهرت مناسبته للحكم وقيل لا يشترط ذلك بل يصح ان يكون علة ولو لم تظهر مناسبته للحكم وقيل يشترط ظهور المناسبة فيما اذا فهم التعليل عند المناسبة نحو لا يقضي القاضي وهو غضبان لا فيما عدا ذلك من المراتب واللهاعلم . ذكر طرق العلل المستنبطة اعلم ان الحكم اذا كان معللا بعلة وردت عن الشارع او عن اجماع المسلمين فتلك العلة معتبرة عند كمال شروطها بلا خلاف بين احد من المسلمين حتى عند من انكر كون القياس دليلا شرعيا فانهم انما ينكرون ذلك في غير العلل المنصوص عليها اما مع العلل المنصوص عليها فانهم يثبتون القياس هنالك لكنهم لا يسمون اثبات الحكم بهذا الطريق قياسا وانما يسمونه نصا . قال نور الدين وتسميتهم له بذلك غير مسلمة لأن النص اثبات الحكم من نفس الدليل الشرعي لا من نفس العلة التي نص عليها الدليل وان لم يرد عن الشارع ولا عن الاجماع تصريح شيء من الاوصاف انه علة لشيء من الاحكام فالمانعون من . القياس يمنعون من تعديه ذلك الحكم عن محله الذي نص عليه الشارع والمجوزون ‏ :٠للقياس يلتمسون لذلك الحكم وصفا يعللونه به ثم يجبرون ذلك الحكم حيثيا وجدوا ‏ ٢٢٤۔ ذلك الوصف والتماسهم لذلك يكون باحد امور وهي السبر والمناسبة والشبه والدوران والطرد وبعضها اقوى من بعض فان المناسبة قد اثبتها كل من اعترف بالقياس فهى اقوى من سائر الطرق والسبر اقوى من الشبه والدوران والطرد والشبه اقوى ما بعده والدوران اقوى من الطرد فالسبر في اللغة الاختبار يقال سبرت الرجل اذا اختبرت ما عنده وفي عرف اهل الاصول حصر اوصاف الاصل وابقاء ما يصلح للتعليل منها وحذف ما لا يصلح لذلك فكأن السابر اختبر اوصاف اصل القياس مثاله في علة الربا في البر الكيل او الطعم او الاقتيات او الادخار الى آخر اوصاف البر فيقول المستدل هذه اوصاف البر التي تصلح للعلة وبعضها اولى من بعض فالكيل مثلا باطل لرجوعه الى الاصل بالابطال وكذلك الاقتيات لظهور ما هو اكثر فروعا منه وهو الطعمية فانه شامل لكل مطعوم كان مقتاتا به او غير مقتات فبقي بعد سبر اوصاف الاصل واختبار ارجحها صفة الطعم فتقول هي العلة التي بني عليها تحريم الربا في البر فتقيس على البر كل ما وجد فيه صفة الطعم ويكفي المستدل في بيان ذلك ان يقول بحثت فلم اجد الا هذا لأن الاصل عدم غير ذلك فان اظهر المعترض وصفا وجب على المستدل ابطاله وصح الحصر على الصحيح لأن للمستدل ان يقول هذا ما وجدت ولم يدع القطع وهو صادق وقيل يبطل الحصر لأنه ادعى الحصر فلم يتم . قال نور الدين اعلم انه لما كان طريق السبر مركبا من امرين احدهما ابقاء الوصف الذي يصلح للعلية وثانيهما حذف ما لا يصلح لذلك وقد بين وجه ما يصلح للعلية عند ذكر العلة وذكر شروطها احتاج الى بيان ما يجب حذفه من الأوصاف فذكر للحذف طريقين الطريق الأول المسمى بالطرد عندهم وهو حذف الوصف الذي علم من الشارع الغاؤ ه مطلقا اي في جميع الاحكام او الغاؤ ه في بعضها دون بعض فيا علم الغاؤه مطلقا كالطول والقصر في الانسان فان هاتين الصفتين ونحوهما ل يعتبرهما الشارع ي شيء من الاحكام فيجب على طالب بيان العلة حذفهيا ولا يصح له التعليل بشيء منهيا واما ما علم الغاؤ ه في بعض الاحكام فكالذكورية والانوثية فان الشارع لم يعتبر شيئا منهيا ي حكم العتق حيث اوجب عتق الرقبة فيجزي عتق الذكر والانثى وان اعتبر الذكورية والانوثية في القصاص والديات وغير ذلك من _ ٢٢٥ الاحكام فيجب اعتبارهما حيث اعتبرهما الشارع والغاؤ هما حيث الغاهما اللطريق الثاني حذف ما لا تظهر مناسبته للحكم فان وجه المناسبة معتبر في طريق السبر ولا يلزم من المناسبة اللظهور التام كيا هو في الطريق الآتي لكن يكون منناسبة هذا الطريق دون مناسبة ما يليه فيكفي فيها ظهور ملائمة بين الوصف والحكم ولو بادنى موافقة فيا لا يظهر فيه شيء من ذلك وجب حذفه ولا يصح التعليل به ويكفي الناظر بحثت فلم اجد له مناسبة للحكم فان ادعى المعترض ان المستبقى كالملغي في عدم المناسبة رجح سبر المستدل لمناسبته للتعدية وهنا طريق ثالث وهو المسمى عندهم بالالغاء وهو بيان اثبات الحكم بالؤصف المستبقى فقط وذلك ان يستدل القائس على اثبات الحكم لاجل وصف ويلغي ذكر ما عداه من الأوصاف . قال نوور الدين قال ابن الحاجب وطريق العمل بالسبر والمناسبة وغيرهما انه لا بد من علة للحكم المشروع لاجماع الفقهاء على ذلك ولقوله تعالى وما ارسلناك الا رحمة للعالمين وهذ ا يقتضي ان في كل حكم شرعه تلة وجه مصلحة للعباد وهو المراد من العلة وان بدا وجه العلية بين الوصف والحكم من قوة المناسبة بينها فمعرفة العلة بهذا الطريق يسمى بالمناسبة ومثال ما ظهرت علتة بقوة المناسبة كالاسكار في تحريم المسكرات فأن الاسكار لما كان مغيرا للعقل وكان العقل هو المقصود بخطاب الشارع ولاجله حمل الانسان التكاليف ناسب ان يمنع الشارع من تغييره وكذلك الصغر في ثبوت الولاية فان الصغير لما كان غير مميز في احواله وغير حافظ لما له ناسب ان يجعل له من يحفظ له ماله فاثبت له الشارع الولاية وهكذا في جميع ما اشبه ذلك فالفرق بين هذا الطريق والذي قبله ان العلة في هذا الطريق تعرف من نفس المناسبة من غير حصر وابقاء وحذف وفي السبر لا تعرف العلة الا مع ذلك فالمناسبة في السبر شروط لصحة العلة والمناسبة ها هنا طريق الى معرفة العلة واعلم ان الوصف المناسب ينقسم الى تقسيمات ثلاثة التقسيم الأول باعتبار شرع الحكم والتقسيم الثاني باعتبار حصوله والتقسيم الثالث بالنظر الى اعتبار الشار ع له اما التقسيمان الأولان فقد تقدم الكلام عليهيا لأن الأول هو نفس الحكمة التي قسمناها الى ضروري وغير ضروري وحاجي وغير حاجي والتقسيم الثاني هو الذي ذكرناه في حصول المقصود من شرع _ _ ٣٣٦ الحكم واما التقسيم الثالث فهو الذي نذكره هنا اعلم ان الوصف المناسب ينقسم بالنظر الى اعتبار الشارع اياه اربعة اقسام مؤثر وملائم وغريب ومرسل ووجه انحصاره في هذه الاربعة هو ان الوصف المناسب اما ان يعتبر الشرع عينه في عين الحكم فهو المؤثر واما ان يعتبره بترتيب الحكم على وفقه بحيث يوجد هو والحكم في محل واحد فهو الملائم واما ان لا يعتبره اصلا بل الغاه فهو الغريب وان لم يعلم اعتباره ولا الغاؤه فهو المرسل ولا بد من بيان كل واحد من هذه الاقسام الاربعة . اما التقسيم الأول وهو المؤثر فهو ان يعتبر الشرع عين الوصف في عين الحكم بنص او ايماء او اجماع مثاله اعتبار تأثير عين الاسكار في عين التحريم الدال عليه قوله ية كل مسكر حرام وكاعتبار عين الشرك في عين القتال الدال عليه الايماء من قوله تعالى اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم فان الشرك علة للقتل وهو وصف مناسب له لانه لو ترك المشرك وشأنه ما ظهر الاسلام فهو من الضروريات الدينية وكاعتبار مس الذكر في نقض الوضوء المستفاد من حديث من مس ذكره فليتوضأ وكاعتبار عين الحدث في عين القيء والرعاف الدال عليه قوله يلة من قاء او رعف في صلاته فلينصر ف وليتوضا فانه اعتبر عين القيىء والرعاف في عين الحدث في الصلوة فاوجب الانصراف والتوضيعء ومثال ما اعتبر الاجماع عينه في عين الحكم تعليل الولاية في المال بالصغر فانه اعتبر عين الصغر في الولاية في المال بالاجماع . واما القسم الثاني وهو الملائم فهو ان يعتبر الشرع الوصف المناسب في محل الحكم وذلك بان يكون قد ثبت بنص او اجماع اعتبار الوصف بعينه في حبس الحكم الذي تريد القياس علليه كالتعليل بالصغر في حمل النكاح على المال في الولاية فان عين الصغر معتبرة في جنس الولاية بتنبيه الاجماع على الولاية على الصغير او اعتبر جنس العلة في عين الحكم كالتعليل بالحرج في حمل الحضر في حال المطر على السفر في رخصة الجمع فان جنس الحرج معتبر في عين رخصة الجمع بما روي انه كان ية يجمع في السفر او اعتبر جنس العلة في جنس الحكم كالتعليل بالقتل العمد العدوان في حمل المثقل على المحدود ئي القصاص فان جنس الحناية معتبر في جنس القصاص كالاطراف والعين والاذن فان الشرع لما سوى بين المثقل والمحدد في الاطراف حسن _ ٢٢٧ قياس النفوس عليها لاشتراكهيا في جنس.العلة التي هي الجناية التي نبه عليها قوله تعالى النفس بالنفس الى قوله والجروح قصاص فاعتبر جنس الجناية في جنس القصاص فيقول الشافعي للحنفي حيث لم يوجب قصاصا على القاتل بالمثقل قتل عمد عدواني فيجب فيه القصاص كالقتل بالمحدود فهذا مناسب وقد اعتبر الشرع جنسه في جنس الحكم في غير محل النزاع . واما القسم الثالث وهو الغريب فهو ما علم من الشارع الغاؤ ه كايجاب صيام شهرين في كفارة الظهار او القتل ابتداء لمن علم منه انه لا ينزجر عن ذلك بنفس العتق فان الارتداع عن الدخول في المحجورات مشروع لكن الشارع لم يعتبر هذا المناسب في هذا المحل بل الغاه واوجب العتق عند وجوده ثم الصيام عند عدم العتق لجميع الناس فلم يفرق فيه بين من يردعه ذلك وبين من لا يردعه فالقول بان العتق لا يجزي في كفارة الظهار او القتل لمن لا يردعه العتق اعتبار لمناسب قد الغاه الشار ع فلا وجه له . واما القسم الرابع وهو ما ل يدل دليل على اعتباره ولا على الغاءه فهو المرسل ويعبر عنه بالمصالح المرسلة وقد اختلف في صحة التعليل به فقبله مالك بن انس مطلقا رعاية للمصلحة حتى جوز ضرب المتهم بالسرقة ليقر ورده الاكثر من العلماء مطلقا لعدم ما يدل على اعتباره ورده قوم في العبادات لانه لا نظر فيها للمصلحة بخلاف غيرها كالبيع واالبد وقد شرط الغزالي في قبوله شروطا ثلاثة ان تكون ضرورية لا حاجية وقطعية لا ظنية وكلية لا جزئية اي محتصة بشخص مثاله كيا لو تترس الكفار بجمع من المسلمين وعلمنا انا ان تركناهم استولوا علينا وقتلونا ولو رمينا الترس لتخلص اكثر المسلمين فتكون المصلحة ضرورية لان صيانة الدين وصيانة عامة المسلمين داعية الى جواز الرمي الى الترس وتكون قطعية ايضا لأن حصول صيانة الدم وتفوق المسلمين برمي الترس قطعية لا ظنية كحصول المصلحة في رخص السفر فان السفر مظنة المشقة وتكون كلية ايضا اذ استخلاص عامة المسلمين مصلحة كلية فخرج بشرط الضرورة ما لو تترس الكافر في قلعة مسلم لا يحل رمي الترس لان فتح القلعة ليس بيقين برمي الترس فلا يكون الرمي الى الترس _ ٢٣٢٨ ضروريا وبالقطعية ما اذا لم نعلم تسلطهم علينا ان تركنا رمي الترس وبالكلية ما اذا لم تكن المصلحة كلية كيا اذا كانت جماعة في سفينة وثقلت السفينة فان طرحنا البعض في البحر نجا الباقون لا يجوز طرحهم لأن المصلحة ليست بكلية . قال نور الدين رحمه الله وان اذا تأملت مذهب الاصحاب وجدتهم يقبلون هذا النوع من المناسب ويعللون به لما دل عليه جملا اي وان لم يدل دليل على اعتباره بعينه او جنسه فان الادلة الشرعية دالة على اعتبار المصالح مطلقا كيا في قوله تعالى ويسألونك عن اليتامى قل اصلاح لهم خير وان تخالطوهم فاخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح مع ان المقاصد الشرعية انما اعتبرت المصالح جملة وتفصيلا فينبغي الحاق ما لم يعلم اعتباره منها بما علم لعلمنا بمراعاة الاصلحية منه تعالى تفضلا على خلقه وتكرما على عباده لا وجوبا ولا ايجابا فمن ذلك جسعل بعض الاصحاب الميراث للمطلقة في المرض ثلاثا لئلا ترث منه قياسا على حرمان القاتل الميراث بجامع ان كل واحد من التطليق المذكور والقتل فعل محرم لغرض فاسد فان الشرع لم يعتبر البات ميراث لمن لا ميراث له لاجل صدور ما يسقط به لقصد اسقاطه فلم يعتبر الشرع عين هذه العلة ولا جنسها في عين اثبات الميراث ولا جنسه والاصحاب اعتبروا ذلك فعارضوه بنقيض قصده حتى يصير الحكم بتوريث المبتوتة معارضا له بنقيض قصده كحرمان القاتل عمدا معارضة بنقيض قصده فان قصد المطلق ثلاثا ني المرض حرمان الميراث وقصد قاتل موروثه استعجال الميراث له فكان مناسبا كيا ترى لكن الشارع لم يعتبره في واحدة من الحيثيات المتقدمة فكان مناسبا مرسلا . قال نور الدين واعلم ان لهذا النوع امثلة كثيرة منها حظر النكاح على من عرف من نفسه العجز عن الوطىء وهو يخشى عليها المحذور فان من قال ان الدخول في نكاح من يخشى عليها ان لم توطا الوقوع في المحظور وهو يعرف من نفسه العجز عنه محظور لا حجة له على حظره الا القياس المرسل وهو انه عرضها لفعل القبيح والشرع يمنع من تعريض الغير لفعل القبيح في بعض الصور ومنها قتل الزنديق وهو من ينكر القول بحدوث العالم قال صاحب المنهاج فقد اختلف العلياء اذا ظفرنا به واظهر التوبة فقيل تقبل كسائر الكفار وقيل لا تقبل توبته بل يقتل بكل حال اذ مذهبه جواز _ ٢٢٣٩ التقية بان يظهر خلاف ما يتدين به فلو قبلناها لم يكن زجر زنديق اصلا والزجر مقصود في الشرع فلم يرجع لذلك الى اصل معين قد اعتبره الشرع بل رجع فيه الى مصلحة جملية اعتبرها الشرع وهو الزجر على سبيل الجملة ومنها رمي البغاة بالمنجنيق وتهديم معاقلهم التي يخشى ببقائها عودهم الى البغي بتحصنهم فيها وبتمنعهم عن انفاذ حكم الله فيهم ومنها اضاعة اموالهم التي تكون لهم قوة على بغيهم كطمس انهارهم وخشى نخيلهم ومنها قطع المواد عنهم ومنع ان يصل شيع اليهم فان القائل بجميع ذلك من اصحابنا لم يكن له متتند الا القياس المرسل وهو النظر فيما يعود نفعه الى الاسلام وظهور العدل ولم يكن من ذلك شيع بعينه ولا بجنسه معتبرا بنص الشارع او الاجماع ومنها ما قاله الشيخ ابو المؤثر في حرق بيوت القرامطة فانه امر بحرقها بعد خروجهم منها لئلا يعودوا اليها فقيل له ان كان القوم مسلمين فلا يحل حرق بيوتهم وان كانوا مشركين فهي غنيمة للمسلمين ولا يحل حرقها ايضا فاعرض عن القائل مغضبا وقال لا بد للقوم من خاصم احرقوها لئلا يعودطاليها . قال نور الدين ولا مستند لابي المؤثر في هذه المسئلة الا القياس المرسل وهو النظر في صلاح الاسلام واهله ونحو ذلك كثير في اثار اصحابنا وغيرهم والله اعلم . مباحث الاستدلالالخامس فالركن الاستدلال في اللغة طلب الدليل وفي العرف عبارة عن اقامة الدليل يقال استدل فلان على كذا اذا اقام الدليل عليه وفي اصطلاح الاصوليين اسم لنوع خاص .ولا اجماع ولا قياسالادلة وهو ما ليس بنصمن قال نور الدين رحمه الله اعلم انه لما كان كثير من الاحكام الشرعية خارجة عن ظاهر تلك الادلة بمعنى انه ل يوجد من واحد من الادلة ما يدل على حكم فيها استدل العلماء على ثبوت احكامها بامور منها استصحاب حال الاصل ومنها الاستقراء ومنها المصالحة المرسلة الى غير ذلك مما سيأتي في هذا الباب وسموا تلك الاشياء استدلالا وقد اختلفوا في تعريف حقيقته فقال بعضهم هو ما ليس بنص ولا اجماع ولا قياس _ ٢٤٠ واعلم ان القائلين بثبوت الاستدلال اختلفوا في اشياء قال بعضهم انها من الاستدلال وقال آخرون انها ليست منه وهي الاستدلال على ثبوت الحكم بوجود السبب وعلى انتفائه بوجود المانع منه او فقد الشرط وغير ذلك مما سيأتي بيانه . قال نور الدين ويشمل الاستدلال القياس الاقتراني وهو احد نوعي القياس المنطقي وكذا يشمل النوع الثاني من القياس المنطقي وهو القياس الاستثنائي اعلم ان القياس المنطقي قول مؤلف من قضايا متى سلمت لزم عنه لذاته قول آخر فان كان اللازم وهو النتيجة أو نقيضه مذكورا فيه بالفعل فهو القياس الاستثنائي والا فهو القياس الاقتراني مثال القياس الاستثنائي ان كان النبيذ مسكر فهو حرام لكنه مسكر ينتج فهو حرام او ان كان النبيذ مباحا فهو ليس مسكر لكنه مسكر ينتج فهو ليس بمباح ومثال القياس الاقتراني كل نبيذ مسكر وكل مسكر حرام ينتج كل نبيذ حرام وهو مذكور فيه بالقوة لا بالفعل وسمي النوع الاول بالقياس الاستثنائي لاشتماله على حرف الاستثناء وهو لكن سموا لكن حرف استثناء اما ان يكون اصطلاحا للمناطقة خاصا بهم واما ان يكون مبنيا على التشبيه فان معنى لكن يشابه معنى الا فان كليهيا لرفع توهم يتولد من الكلام السابق وسمي النوع الثاني بالقياس الاقتراني لاقتران اجزائه والله اعلم . مبحث الاستصحاب والعكس الاستصحاب عبارة عن ابقاء ما كان على اصوله التى كان عليها من وجود او عدم او نحو ذلك ما لم يرد دليل ينقله عن حكم اصله الى حكم آخر فنقول الاصل ابقاء ما نفاه العقل كوجوب صوم رجب على حاله الاول حتي يقوم الدليل بوجودب صيامه وكذا نقول ان الاصل ابقاء العموم على عمومه وابقاء النص على حاله حتى يرد اللخصص للعموم او الناسخ للمنصوص وهكذا في كل شيء علم وجوده او نفيه من شرع او عقل او حس فان الاصل بقاء على حاله الذي علم عليه حتى يقوم الدليل على انتقاله . _ ٢٣٤١ قال نور الدين وهو حجة عندنا وعند الشافعى يدلان الظن ببقاء ما كان على ما كان حاصل ما لم يصح انتقاله الى حال آخر اما حكمنا على المفقود بالوفاة بعد الاربع وعلى الغائب بالوفاة بعد الاجل المذكور فمبني على ان الظن بحياتهيا بعد الاجلين ضعيف لان الغالب من احوال امثالها الهلاك في مثل تلك الحال اذ لو كانا حيين لجاء عنهيا خبر في غالب الاحوال فحملنا المفقود والغائب بعد الاجلين على اغلب الاحوال استحسانا وكان القياس عدم الحكم بموتهيا حتى يصح ذلك وقالت المعتزلة والحنفية ان استصحاب الحال ليس حجة شرعية وقيل حجة في الدفع به عما ثبت له دون الرفع به عيها ثبت ومعنى هذا القول ان استصحاب الاصل حجة في بقاء ما كان على حاله الاول من غير ان يزاد حكيا اخر مثال ذلك استصحاب حياة المفقود ذافعة لغيره من اخذ ماله بسبيب الارث فماله لا يورث لاستصحاب حياته قبل الاجل وهو مع ذلك لا يكون وارثا من غيره عند صاحب هذا القول للشك في حياته وشروط اخذ الميراث عند هذا القائل يتقن حياة الوارث بعد موت الموروث فحصة المفقود على هذا موقوفة حتى يتحقق موته او حياته بعد موت موروثه . قاللىه نور الدين رحمه الله وهو عندنا وارث وموروث بناء على حجية الاستصحاب كيا هو مذهب اكثر الاصحاب وان كان لازم مذهب بعضهم عدم حجيته قال والحجة لنا على حجيته الاستصحاب قوله يلة ان الشيطان ليأتى احدكم فيقول احدثت احدثت فلا ينصرفن حتى يسمع صوتا او يجد ريحا وكثير من قواعد الشرع دالة على استصحاب الاصل فمن قال لا اله الا الله محمد رسول الله حرم دمه ارتداده وهو معنىبعدها ابدا حتي يصحيسمع منه تشهدوماله مدة حياته ولو الاستصحاب وكذلك الحكم في الاشياء الطاهرة ببقائها على طهارتها حتى يصح تنجيسها وكذلك الحكم في الاشياء المحرمة ببقائها على حرمتها حتى يصح تحليلها بوجه شرعي ونحو ذلك كثير ومن الاستدلال قياس العكس وهو اثبات نقيض حكم شيء لضد ذلك الشيء لتعاكس وصفيهيا مثاله حديث مسلم أيأتي احدنا شهوته وله فيها اجر قال أرأيتم لو وضعها في حرام اكان عليه وزر فقد نبه الحديث المذكور على ان حكم وضع الشهوة في الحلال مضاد لحكم وضعها في الحرام فوضعها في الحرام _ ٢٣٤٢ موجب للوزر ووضعها في الحلال موجب للاجر ويسمى الاستدلال بهذا الطريق قياس العكس ومن انواع الاستدلال الاستدلال على ثبوت الحكم بوجود السبب المقتضي لوجوده كيا تقول وجد السبب الموجب للتحريم في صورة كذا فيجب ان تعطي تلك الصورة ذلك الحكم ومنها الاستدلال على نفي الحكم بوجود مانعه كيا تقول وجد المانع من كذا في صورة كذا فلا تعطى ذلك الحكم ومنها الاستدلال على انتفاء الشىء بانتفاء شرطه كيا تقول انتفى الشرط في صورة كذا فلا يثبت فيها ذلك الحكم المشروط ومنها الاستدلال على انتفاء الحكم بعدم وجود دليله عند المجتهد الضابط للادلة الكثير الاطلاع على احوال الشرع الخبير باختلاف وقائعه مثاله قول المجتهد المذكور لم اجد لهذا الحكم دليلا يدل عليه فقيل ان قوله بذلك دليل على انتفاء ذلك الحكم اذ في الظن لكوان لذلك الحكم دليل لما فات هذا الحافظ الضابط وقيل لا يلزم من عدم وجدان الدليل انتفاؤه . قال نور الدين وهو الحق قال وكذا اختلفوا في الثلاثة الانواع التى قبل هذا النوع فقيل انها ليست باستدلال وانما هي دعوى دليل فعلى مدعيه البرهان وقيل بل .اعلمواللهدليلهي مبحث الاستقراء من الاستدلال الاستقراء وهو عبارة عن تتبع افراد الجنس في حكم من الاحكام فاذا وجدنا ذلك الحكم في جميع افراد ذلك الجنس قطعنا بان حكم ذلك الجنس كذا مثاله ان نتتبع افراد الحيوان فنجد كل فرد منه متحركا فنعلم من ذلك التتبع ان الحيوان متحرك وكذا اذا تتبعنا افراد الجماد فرأينا كل فرد منها ساكنا حكمنا بان الجماد ساكن وهكذا وهذا التتبع المخصوص هو معنى الاستقراء عبند الاصوليين وهو نوعان كامل وناقص فاما النوع الكامل فهو ان يتتبع المستدل جميع افراد ذلك الجنس حتى لا يبقى من افراده الا الصورة التي طلب معرفة حكمها فيحكم بان حكم تلك الصورة حكم بقية افراد الجنس مثاله اذا رأينا فردا من الحيوان فنقول هل هذا الحيوان متحرك ام لا فنتصفح افراد ذلك الجنس فاذا رأينا جميعها متحركا _ ٢٣٤٢٣ استدللنا بذلك على تحرك ذلك الفرد واما النوع الناقص فهو ان يتتبع المستدل غالب افراد الشيء فاذا وجدها متفقة في حكم اجرى ذلك الحكم في جميع الافراد اذ في الظن ان اقل الافراد حكمة حكم اغلبها مثاله ان يتصفح افراد الحيض في اقصى مدة الدم فيجد اغلبهن لا تزيد على عشرة ايام فيحكم بان اكثر مدة الحيض في كل النساء عشرة ايام استدلالا بذلك الاستقراء ويسمى هذا النوع عند الفقهاء الحاق الفرد بالاغلب . به واعتمد عليهالطريق وقد اعتنىالكدمي عمسك مهذانور الدين وللامامقال قطعيفقيل انه دليلالاولالنوعيوهو دليل ظني اتفاقا واختلفكثيرةمواضعف ونسب هذا القول الى الاكثر من العلياء وقيل ليس بقطعي لاحتمال مخالفة تلك منزلة العدم والله اعلم .الاحتمال منزللبقية الافراد ورد بان ذلكالصورة المصا لح المرسلةمبحث من الاستدلال المصالح المرسلة وهي عبارة عن وصف مناسب ترتبت عليه مصلحة العباد واندفعت به عنهم مفسدة لكن الشارع لم يعتبر ذلك الوضف بعينه ولا بجنسه في شيع من الاحكام ولم يعلم منه الغاء له وبذلك سمي مرسلا لان المرسل في اللغة المطلق وقد تقدم تحقيقه في مبحث المناسب وقد ذكرنا امثلته هنالك وبينا ان للاصحاب به اهتماما فكثير من فروعهم مبني على هذا الاستدلال . قال نور الدين وإنما كان هذا النوع من الاستدلال لانه ليس بنص ولا اجماع ولا قياس وقد عرفت أن ما عدا الثلاثة فهى استدلال والله أعلم . مبحث الاستحسان من الاستدلال الاستحسان قال نور الدين وقد قال به المعتزلة والحنفية وحكاه ابن الحاجب والبدر الشماخي عن الحنابلة وانكره الشافعية وبشر المريسي من الحنفية قال الشافعي من استحسن فقد شرع اي من قال بحكم من الاحكام الشرعية بالاستحسان فقد احدث شريعة غير شريعة رسول الته ية وهذه مبالغة في تقبيح القول بالاستحسان . ٢٤٤ قال نور الدين على انه قد حكى اصحابه عنه الاستحسان في بعض المسائل: كالتحليف على المصحف وكاستحسانه في المتعة ثلاثين درهما ونحو ذلك وقد اعتذروا عنه بان ذلك من الاستحسان اللغوي لا من الاستحسان الاصطلاحى المختلف فيه قالوا انما قال ذلك لاخذ فقهية مبينة في مجالها . قال نور الدين وكذلك المستحسنون انما قالوا ذلك لاخذ فقهية ايضا قال واعلم ان مثبتي الاستحسان اختلفوا في بيان حقيقته فقال بعضهم هدوليل ينقدح في ذهن العالم المجتهد تقصر عن اظهاره عبارته ولذا ترى كثيرا مانلعلماء يقولون في مواضع وفي نفسني من كذا ورد بان ذلك الدليل المذكور ان تحقق عند المجتهد فهو معتبر اتفاقا ولا يضره قصور عبارته عنه قطعا وان لم يتحقق عنده فمردود قطعا وقال اخرون هو عدول عن الدليل الى العادة للمصلحة كدخول الحمام من غير تعيين زمن الملكث وقدر الماء والاجرة فانه معتاد على خلاف الدليل للمصلحة وكذا شرب الماء من السقاء من غير تعيين قدره وقيل هو العدول عن قياس او هى الى قياس اقوى منه وكل هذه الاقوال مردودة قال المخالف فلم يتحقق معنى للاستحسان يصلح محلا للنزاع . قال نور الدين رحمه الله ولا يلزم القائل بالاستحسان اثبات معنى محتلف فيه فان الاستحسان عند كل طائفة من اهل هذه اأ٦قوال‏ هو ما فسروه به فان وافق الخصم على ثبوت الاستحسان بتلك المعاني فقد اثبت الاستحسان بتلك المعاني فقد البت الاستحسان الذي اثبته غيره فيرتفع الخلاف في ثبوته قال وذكر بعضهم للأستحسان نظائر من مسائل الحنفية منها من حلف بان ما يملكه صدقه وبان امواله صدقة قالوا القياس انا سواء في انه يقع على جميع ما يملكه الا انا استحسنا في قوله اموالى صدقة انه يكون محمولا على اموال الزكوة لقوله تعالى خذ من اموالهم صدقة فعدلوا فى هذا الموضع عن الاصل الى ما قالوا به استحسانا لاجل هذا الظاهر وقووه على الاصل الموجب للتسوية ومنها ما قالوه ي الاكل ناسيا في رمضان ان القياس ان يفطر كالحيض واستحسنا لا يفطر الآكل للخبر ومنها ما قالوه ان جميع انواع النوم ينقض الطهارة واستحسنا في بعضه لا ينقض للخبر . _ ٢٤٥ المذهب على هذا الحال الذى ِوبعص هذه المسائل موجود فقال نور الدين ذكروه والبعض الآخر يقبله المذهب لوجود نظائره فيه والله اعلم . مبحث الالها م من الاستدلال الالهام عند من اثبته حجة وهو ايقاع شيع في قلب الولي ينثلج له قلبه اي يطمئن به صدره فان كان ذلك الملهم نبيا كان ذلك الالام حجة اتفاقا لانه نوع من الوحي وان كان غير نبي فقيل الصحيح انه ليس بحجة لعدم العصمة اذ لا يؤمن ان يكون ذلك وسوسة شيطان وذهب بعض الصوفية الى انه يكون حجة في الهم دون غيره .منحق قال نور الدين وهو مقتضى مذهب الامام الكدمي فانه جعل الالمام حجة يضيق بها جهل الجاهل والزمه العمل بها في بعض المواضع والله اعلم . قبل الشر عالاشياءحكم اما ثبتت بعل ورودالاحكامالاباحة فانالشرعحكم الاشياء كلها قبل ورود الحكم .الدليل على ثبوتلعدملا قبل ذلكما حرمحرمالشرائع وبعدها قال نور الدين هذا قول جماعة قال قال البدر وهو قول الشيخ ابي يحيى زكريا بن ابي بكر واختاره ابو يعقوب قال وقال اكثر اصحابنا واكثر معتزلة بغداد والامامية والشافعية بل حكمها الخطر وتوقف الاشعري والصيرفي ثم اختلف القائلون بالخطر فمنهم من قال اما ما لا يقوم البدن الا به من طعام وشراب ونحوهما فمباح عقلا وما زاد على ذلك فمحظور ومنهم من قال بل كل ما مست الحاجة اليه فمباح وما سواه فمحظور ومنهم من قال بل الجميع على الخطر . القائلين بالخطر ومن القائلينقال نور الدين وانت خبير بان كل واحد من اما ثبتت بعد وروده لاحكا قبل ورود الشرع والاحكامبالوقف قد اثبتوا للاشياء قال والصحيحجعل العقل حاك|الا عند منذلكمنقبله فلا سبيل الى اثبات شيء ٢٣٤٦ ان الحاكم هو الشرع قال والحجة لنا على تصحيح هذا القول هي انه لا تخالف في جواز التنفس وجذب اجزاء الهواء ودفعها وذلك نوع انتفاع بالاشياء فيقاس عليه سائر الانتفاعات بالاشياء احتج اهل الخطر بانه تصرف في ملك الغير فلا يجوز الا بأذنه ورد بانه اتما امتنع التصرف في الشاهد لتضرره بذلك بخلاف القديم فانه لا ضرر عليه في شيء من الاشياء سلمنا انه يمتنع التصرف في ملك الغير وان لم يتضرر فنقول انه انما يمتنع ذلك في ملك غير الله سبحانه لما يخشى من تفويت مصلحة يرجوها في وقت من الأوقات والاشياء قبل ورود الشرع جميعها ملك لله سبحانه وتعالى ولا ضرر عليه بتصرف غيره فيها ولا منفعة له منها وانما خلقها لينتفع بعضها ببعض . قال نور الدين واعلم انهم اختلفوا في حكم الاشياء بعد ورود الشرع ايضا على ثلاثة مذاهب فقيل ان الاصل في الاشياء التحريم وقيل ان الاصل فيها الحل وقيل ان اصل المنافع التحليل واصل المضار التحريم قال وكا" ميل الامام الكدمي الى القول بحل الاشياء ما لم يرد المحرم فانه قد عذر من أتى شيئا على الجهل فوافق حلالا ولو كان مذهبه في ذلك التحريم او الوقف لأوجب على من اق شيئا من ذلك . على الجهل بحله التوبة من اتيانه كيا اوجبها القائلون بذلك والله اعلم . ذذر قواعد الفقه اعلم ان قدماء الفقهاءء من اصحابنا وغيرهم بنوا الفقه على خمس قواعد القاعدة الاولى قولهم ان اليقين لا يزيله الا يقين مثله وهو نوع من الاستصحاب المتقدم ذكره لأن بقاء حكم اليقين مستصحب وان ورد عليه الشك حتى يتيقن انتقاله ومن فرو ع هذه القاعدة ان من تيقن الطهارة وشك في الحدث يأخذ بالطهارة القاعدة الثانية قولهم ان الامور بمقاصدها ومن فروع هذه القاعدة وجوب النية في الطهارة القاعدة الثالثة قولهم ان الضر يزال ومن فروع هذه القاعدة وجوب رد المخصوب وضمانهبالتلف القاعدة الرابعة قولهم ان المشقة تجلب التيسير ومن فروع هذه القاعدة جواز القصر والجمع والفطر في السفر وجواز الجمع للمستحاضة والمبطون وفي وقت الغيم ونحو ذلك } القاعدة الخامسة قولهم ان العادة محكمة اي حكمها ٢٣٤٧ القاعدة بيان اقل الحيض واكثره ومسائل التعارف ونحو ذلكالشرع ومن فروع هذه والله اعلم . ذكر قسم الادلة على الترجيحات الترجيح في اللغة تمييل احدى كفتي الميزان على الاخرى بفضل فيها وفي الاصطلاح عبارة عن اقتران الامارة التى يستدل بها على الحكم بما تقوى به على معارضتها واعلم انه لا يصح تعارض للدليلين في نفس الامر بل ولا بد وان يكون احدهما ناسخا والآخر منسوخا او نحو ذلك فاذا لم نعلم الوجه الذي يرتفع به وجه التعارض بين الادلة وقع في ذهننا ان تلك الادلة متعارضة فاحتجنا الى العمل بواحد منها حيث لم يمكن الجمع بين المتعارضين فان :كان في احدهما مرجح يقوى به على معارضة وجب علينا الاخذ بالراجح وطرح المرجوح ولو كان في علم الله ان الذي ظهر لنا منسوخ فلا يضرنا ذلك اذ لم نكلف بما في علمه تعالى وانما كلفنا بما ظهر لنا علمه ولا ترجيح في القطعيات لعدم التعارض بينهما والصحيح وجوب العمل بالراجح وان كان المرجح ظنا لأن المعلوم من حال الصحابة ومن بعدهم من التابعين والعلياء انهم عند تعارض الامارات يعتمدون الارجح ويرفضون المرجوح فكان ذلك اجماعا منهم على وجوب العمل بالراجح فاما اذا لم يمكن المجتهد الترجيح بين الدليلين فقيل انهما يتساقطان ويلتمس الحكم من غيرهما ان وجد وقيل لا يتساقطان ممكن يخير المجتهد في العمل بايهما شاء . الامامين ابي سعيد وابن بركة وقيل لا يحكمقال نور الدين وهو مذهب بتساقطهيا ولا بالعمل باحدهما فهذه ثلاثة اقوال قال المحلي اقربها التساقط مطلقا كما في تعارض النيتين وفي المسئلة قول رابع وهو التخيير بينهما كيا في الواجبات لانه قد يخير فيها كيا في خصال كفارة اليمين والتساقط في غير الواجبات . قال نور الدين واقول ان التخيير بين الدليلين مطلقا سواء كانا نى الواجبات او فى غيرها لا معنى له اذ ليس احد المتعارضين اولى بالاخذ به من الآخر فالمتمسك _ ٢٤٨ باحدهما متمسك بدليل معارض بمثله والعمل به من غير مرجح تحكم والقول بالوقف اقرب الى السلامة والقول بتساقطهيا هو الصحيح عندي ولا يصح التعارض بين الادلة القطعية كدليل اثبات الروية ونفيها فلا بد وان يكون احدهما باطلا اتفاقا وجوز المحلى القول بصحة تعارضهيا وهو باطل قطعا واما تعارض الدليلين الظنيين فقد اختلف في جوازه ونسب القول بجواز التعارض فيهيا الى الجمهور لان ذلك لا يؤدي الى محال عندهم فقيل بجواز تعارضهيا في ذهن المجتهد وفي نفس الامر ونسب هذا القول الى الاكثر . قال نور الدين والحق انه يمتنع تعارضهيا في نفس الامر ولا يمتنع في ذهن المجتهد اما تعارضهيا في نفس الامر فيلزم منه اما ان يكون كلاهما عن الشارع او لا فان لم يكونا عن الشارع فهيا او احدهما كذب وان كانا عن الشارع فلا بد وان يكون احدهما ناسخا والآخر منسوخا ولا يصح تواردهما عن الشارع على غير ذلك التقدير وقيل انه لا مانع من تعارض القطعيين ايضا بالنظر الى ذهن المجتهد لا بالنظر الى نفس الامر فان ذلك محال وتعارضهيا في ذهن المجتهد ممكن لاحتمال جهل النسخ وعدم الاطلاع على الاسباب . قال نور الدين ان القطعيين لا يصح تعارضههيا من حيث هما قطعيان فان عرض عليهما ما يصح معه تعارضهيا صارا ظنيين قطعا اما القطعيان العقليان فلا ' يصح تعارضهيا اتفاقا فلا تعارض بين ما يقتضي حدوث العالم وبين ما يقتضي قدمه بل المقتضي قدمه باطل والالزم اثبات متناقضين واجتماع ضدين وهو محال وكذلك لا يصح التعارض بين قطعي وظني لانه لا وجود للظن مع ثبوت القطع . ما قررناه فاعلم انه ان ورد دليلان وتوهمتقال نور الدين فاذا عرفت تعارضههيا فاحملهيا على ان احدهما ناسخ والآخر منسوخ لئلا يلزم التناقض في كلام الله او كلام رسوله ية فان علم المتقدم منهيا حكم بانه منسوخ وعمل بالثاني لانه الناسخ نوان جهل المتقدم منهيا التمس الجمع بينهما ان امكن فان تعذر الجمع بينهما التمس ترجيح احدهما على الآخر بوجه من الوجوه التي سنذكرها مثل ما امكن فيه ٢٣٤٩ الجمع بين المتعارضين حديث الترمذي وغيره أيما اهاب دبغ فقد طهر مع حديث ابي الشامل للاهابداود والترمذي وغيرهما لا تنتفعوا من الميتة بأهاب ولا عصب المدبوغ وغيره فخصصنا الحديث الاخير بالحديث الاول فجعلناه ي غير الاهاب من اجزاء الميتة جمعا بين الادلة وقيل يرجح الارجح من المتعارضين وان امكن الجمع بينهما والاول هو الصحيح لأن في الجمع بينهيا ابقاء لهيا وفي الترجيح الغاء احدهما ثم ان الملغى وان كان مرجوحا من وجه فمدلوله الممكن العمل به عند الدليل المعارض له باق على حاله لا معارض له حتى يرجح عليه فلا دليل على اطراحه راسا مثاله دلالة الحديث الثانى من هذين الحديثين على تحريم الانتفاع بما عدا الاهاب من اجزاء الميتة فلو اطرحناه بمعارضة الحديث الأول له للزم اطراح دلالته في تحريم ما عدا الاهاب من الميتة ولا دليل على ذلك لأن الحديث الاول انما عارضه في الانتفاع بالاهاب لا عير . قال نور الدين واعلم ان ما ذكرته من الاحكام في تعارض الادلة جار فيما اذا كان الدليلان من الكتاب او من السنة او من كتاب وسنة ولا يقدم في ذلك الكتاب على السنة ولا السنة على الكتاب اذا كانا في القوة والدلالة سواء وقيل يقدم الكتاب على السنة لحديث معاذ المشتمل على انه يقضي بكتاب الله فان لم يجد فبسنة رسول الله واقره رسول الله ية على ذلك وقبل تقدم السنة على الكتاب لقوله تعالى لتبين للناس ما نزل اليهم مثال ذلك قوله ينة في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته مع قوله تعالى قل لا اجد فيما اوحي الي محرما على طاعم يطعمه الى آخر الآية فكل واحد من الدليلين متناول خنزير البحر فالقائل بتقديم الكتاب على السنة يحرمون خنزير البحر بهذه الآية والقائلون بتقديم السنة على الكتاب يحللونه لذلك الحديث : . قال نور الدين ونحن نجمع بين الدليلين فتحمل الآية على خنزير البر لانه المتبادر الى الاذهان ونقضي بعموم الحديث لكنا نكره اكل خنزير البحر لشبهه بخنزير غيرفعندنامعاذ فمحمولالآية اما حديثمرادا فان يكونالبر ولاحتمال التعارض واما قوله تعالى لتبين للناس ما نزل اليهم فلا يدل على تقديم السنة _ ٢٥٠ لاحتمال ان يكون البيان بما انزل ايضا سلمنا ان المبين مقدم على المبين فمن اين لنا باب في وجوه الترجيح يرجح من الدليلين المتعارضين اقواهما سواء كانت تلك القوة في اسناد ذلك الدليل او في متنه والمراد بالاسناد طريق النقل والترجيح بقوته انما يكون في الاخبار الآحادية والقرآات الشاذة ونقل الاجماع والمراد بالمتن ما يتضمن الكلام من عموم وخصوص وامر ونهي واطلاق وتقييد واجمال وتبيين وصريح وكناية وعبارة واشارة ونحو ذلك والترجيح فيه غختص بالكتاب والسنة المتواترة والآحادية فيرجح الاقوى من المتنين على الآخر مثاله تقدم الصريح على الكناية وتقدم العبارة على الاشارة وتقدم المبين على المجمل فان كل واحد من هذه الاشياء مقدم على الآخر لكونه اقوى منه دلالة وقس عليه فانه الواضح للبقائس البصير والمتامل الخبير فتقول الخاص مقدم على العام ولو كان خصوصه من وجه دون وجه فهو مرجح على العام من كل وجه لأن في العمل به عملا بالدليلين جميعا وفي خلاف ذلك الغاء الخاص ولأن تطرق التخصيص الى العام من كل وجه اكثر من تطرقه الى العام من وجه لأن جهته التى قد يخصص منها لا يدخلها بعد ذلك تخصيص فظهر لك ان تطرق التخصيص الى العام من كل وجه اكثر قال صاحب المنهاج واقرب ما يمثل به لو قال يلة كل مسكر حرام ثم قال ما اسكر بالخلقة فهو حلال فالاول عام من كل وجه والثاني خاص من وجه وهو كونه مقيدا بالخلقة عام من وجه وهو كونه يعم كل مسكر من هذا الجنس فيرجح العام من وجه واحد على العام من كل وجه لما ذكر ويقدم ايضا العام الذي لم يخصص على العام الذي خصص وذلك لضعف دلالته حينئذ بتخلف العموم الذي وضع له لهذا قال بعض العلياء قد صار مجملا لا يستدل به على ما بقي داخلا تحته ويقدم تخصيص العام على تأويل الخاص لكثرة تخصيص العام بخلاف تأويل الخاص فهو قليل ولهذا كانت اكثر العمومات مخصصة واكثر الظواهر الخاصة مقررة غير مؤ ولة ومن ثم كان المطلق الدال على واحد لا بعينه مرجحا على العام ولأن الخاص اقوى _ ٢٥١ احد الدليلين لفظة مشتركة بين معنيين وفي معارضة لفظة مشتركة بين معان ثلاثة فالاول رجح لبعده عن الاضطراب قيل ويؤ خذ من هذا ترجيح الخبر على الامر لآن الامر يأتي على معان كثيرة كالتهديد والارشاد والاباحة ونحو ذلك بخلاف الخبر ونرجح الحقيقة على المجاز ويرجح المجاز الاقرب على المجاز الابعد وانما يكون المجاز اقرب لأحد امور اما لكثرة استعماله في الالسن كاطلاق الاسد على الرجل الشجاع فان هذا الاطلاق شائع الاستعمال بخلاف اطلاق الأسد على الرجل الابخر لنتن ريح في فم الاسد لأن ذلك قليل الاستعمال واما ان يكون احد المجازين اقوى شبها بالحقيقة لقربه منها مثاله قوله مية العينان تزنيان والرجلان تزنيان فان الزنا ئي الملوضعين مجاز لكن زنا العينين بمنزلة النظر الى الاجنبية اقوى شبها بالحقيقة من زنا الرجال الذي هو المشي الى الأجنبية ويرجح المجاز على اللفظ المشترك ويرجح من اللفظي اشدهما استعمالا سواء كانا حقيقتين ام مجازين ام حقيقة ومجازا والمجاز اشهر ارجح من الحقيقة لانه بالشهرة صار كالحقيقة وصارت الحقيقةفانه لأجل الشهرة بالنسبة الى المجاز الاشهر في منزلة المجاز لسبق الذهن الى المجاز المشهور ويرجح اللفظ الذي استعمل في الشرع في معناه اللغوي على اللفظ الذي استعمل في الشرع في معناه الشرعي دون معناه اللغوي مثاله قوله تعالى وصل عليهم فان الشرع استعمل لفظ الصلوة في معناه اللغوي فلو عارضه ولا تصل الى احد منهم مات فان الشرع استعمل لفظ الصلوة في معناه الشرعي فيرجح الاول لتطابق اللغة والشر ع واذا تعارضت الدلالات رجح الدال بعبارته على الدال باشارته والدال باشارته على الدال باقتضاءه والدال باقتضائه على الدال بدلالته والله اعلم . الاسنادجهةالتراجيح منبيان جهة الاسناد يكون تارة من جهة نفس الخبر المزوى وتارة يكونالترجيح من من جهة الراوي فاما الترجيح من جهة المروي فكترجيح الخبر المشهور على الاحادي الغير المشهور وقيل ويرجح الخبر المتواتر وان لم يذكر سنده على الخبر الاحادي المسند ٢٥٢ قال صاحب النهاج وهذا فيه ضعف لأن المتواتر يفيد العلم فهو قطعي والمسند انما يفيد الظن ولا تعارض بين قطعي وظني ومن ذلك ايضا تقديم الرواية التي فيها سمعت رسول الله ية على الرواية التي فيها عن رسول الته او قال رسول الله او نحو ذلك لاحتمال الارسال في العبارة الثانية دون الاولى ومن ذلك ترجيح الخبر الذي وردت صيغته بلفظ النبي ي على الخبر الذي لم يرد فيه ذلك ويرجح الخبر بكونه غير محتلف في السنة الرواة على الخبر الذي اختلفت روايته في عبارته واما الترجيح من قبل الراوي فيكون بوجوه منها كثرة عداله الراوي وثقته بان يكون اشد ورعا وتحفظا في دينه ومنها علم الراوي وفقهه فان رواية العالم الفقيه مقدمة على رواية غير الفقيه وان كان امينا اذ الظن بضبط العالم الفقيه ارجح ومن ذلك تقديم رواية من علم ضبطه على من لم يعلم منه ذلك ولو كان عدلا ومنها تقديم رواية اكابر الصحابة كابي بكر وعمر على غير الاكابر لأن الظن بان اكابر الصحابة اضبط للشريعة واخبر باحوال النبي يلة فخبرهم مقدم على خبر غيرهم عند التعارض ومنها ترجيح خبر من كان قريبا ي المجلس من رسول الله يلة على خبر من كان بعيدا منه لأن الظن بسماعه اقوى كرواية ابن عمر انه يلة افرد فى حجه وكان تحت ناقته حين لبى فكانت روايته ارجح من رواية من روى انه كان قارنا وكان ابعد مكانا ومنها تقديم رواية من كانت روايته مشافهة على خبر من لم يشافه كرواية القاسم بن محمد بن ابي بكر عن عمته عائشة ان بربرة اعتقت وكان زوجها عبدا على رواية من روى عنها انه حر وهو الاسود لانها عمة القاسم فهو محرم لها ويشافهها وهو ينظر اليها فراويته عنها اكثر تحقيقا ممن روى عنها وهو لا يراها ومنها تقديم رواية من عمل بروايته على من لم يعمل بها فانه اذا كان الراوي عاملا يمقتضى ما رواء والآخر غير عامل بما رواه فالعامل بما روى اولى بقبول خبره ومنها ان يكون الراوي مباشرا لسبب الرواية كرواية ابي رافع انه صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة وهو حلال وكان ابو رافع حينئذ هو السفير بينما فرجحت روايته على رواية ابن عباس انه ية نكحها وهو حرام اي محرم والمراد بالنكاح العقد القصة كقول ميمونةلا الوطىء ومن ذلك ترجيح رواية الراوي بكونه صاحب تزوجني رسول الله ية ونحن حلال فخبرها ارجح من خبر ابن عباس ومنها تقديم _ _ ٢٣٥٢٣ رؤاية من علم منه انه لا يروي الى عن عدل على رواية من لم يعلم منه ذلك وهذا انما يكون في تعارض المرسلين ومنها تقديم خبر المشهور بالفضل والعدالة على رواية غير المشهور ون كانا عدلا فاضلا ومن ذلك الترجيح بكثرة المزكين وكثرة عدالتهم ومنها ان يكون الراوي قد تحمل الرواية بعد البلوغ فان رواية من تحمل الرواية بعد البلوغ مقدمة على رواية من تحملها قبل البلوغ ومنها ان يكون المرسل للخبر تابعا فان مرسله مقدم على مرسل غيره قال صاحب المنهاج والاصح عندنا انهما سواء مع استوائهما ي العدالة والمرجحات باعتبار الراوي وغيره كثيرة وضابطها ان ما كان اقوى في الظن كان ارجح في القبول والله اعلم . بيان الترجيح من جهة الحكم يكون الترجيح من جهة الحكم بوجوه منها ان ما دل على التحريم مقدم على ما دل على الاباحة وعلى ما دل على الندب وعلى ما دل على الوجوب وعلى ما دل على الكراهية اما تقديمه على ما دل على الاباحة فلأن الأخذ بالحظر أحوط والأحوطية مطلوبة منا شرعا لقوله يي «دع ما يريبك الى ما لا يريبك» قال نور الدين هذا قول أصحابنا وبه قال الكرخى والرازي وأحمد بن حنبل قال وذهب عيسى بن ابان وابو هاشم الى أنهما سواء فتساقطا واما ترجيحه على ما دل على الندب فلأن دفع المفاسد أهم واما ترجيحه على الدال على الكراهية فلأن الأخذ بالحظر أحوط فهو أبلغ في درء المفاسد وأما ترجيحه على الدال على الوجوب فلأن الوجوب لجلب المصالح والحظر لدفع المفاسد ودفع المفسدة أهم ومنها ان الدليل الدال على الوجوب مقدم على الدليل الدال على الندب وعلى الاباحة وغيرهما مما عدا الحظر لأن الوجوب أحوط ومنها ان الدال على درىء الحد مقدم على الدال على ثبوته لأن الحدود تدرا بالشبهات ولأن الخطأ في ترك الحد أهون من الخطأ في فعله ولا شك أن الخبر المقتضى لسقوط الحد يورث شبهة فيسقط به الحد ولان مداخل الخطا والغلط في اثبات الحد أكثر منها فى درىء الحدود ومنها تقديم الدليل الموجب للطلاق والعتاق على الناني ليا وقيل بل يرجح الدال على انتفائهيا احتج أرباب القول الأول بان موجبهيا موافق لنفي _ ٢٥٤ أصل النكاح والملك بالرق بخلاف الناني ليا فانه غير موافق لذلك الدليل بل يخالف له واحتج أرباب القول الثاني بان الناني للطلاق والعتاق موافق للتاسيس أي يفيد حكيا طارئا متجددا وهو ثبوت النكاح والملك قال نور الدين والصحيح الأول لأن ما يوجب الطلاق والعتاق قاض بحرمة ذلك التزويج وذلك الملك المخصوصين وقد عرفت أن ما يفيد الحظر مقدم على غيره ومنها تقديم الخطاب المقتضي للتكليف على الخطاب المقتضي لوضع التكليف لأن ثمرة الدال على التكليف حصول الثواب للممتثل وهو جلب مصلحة خلا منها الدال على وضعه وقيل ان الدال على وضع التكليف راجح على الدال على التكليف . قال نور الدين والأول الصحيح لما فيه من الاحتياط المطلوب شرعا ومنها تقديم الدال على التخفيف على الدليل المقتضي للتشديد لقوله تعالى «يريد اله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» وقوله «ما جعل عليكم في الدين من حرج» ولقوله يي لا ضرر ولا ضرار في الاسلام وقد يرجح المقتضي للحكم الأثقل على المقتضي للحكم الأخف لأن الشريعة انما شرعت لمصالح العباد تفضلا والمصلحة في الاشق لقوله ية ثوابك على قدر نصبك ومنها تقديم الخبر المثبت للحكم على الخبر النافي له وذلك كخبر بلال انه مية دخل البيت وصلى وقال أسامة دخله ولم يصل وذلك لاشتمال المثبت على زيادة علم ولأن المثبت يفيد التأسيس والنافي يفيد التأكيد والتأسيس أولى من التأكيد وقيل بل هما سواء وذهب الامدي الى تقديم الناني على الغيت والله أعلم . بيان الترجيح من خارج يرجح الدليل على معارضة بأمور خارجية أي ليست من نفس الدليل ولا من نفس مدلوله ولا من قبيل الراوي منها موافقة القياس فاذا تعارض خبران أحدهما موافق للقياس والاخر مخالف له فالموافق للقياس مقدم على مخالفه ومنها أن يكون أحد _ ٢٣٢٥٥ المتعارضين معللا معنى أن راويه تعرض لذكر علته والاخر لم يتعرض لذكر علة حكمه لأن المعلل أقرب الى انقياد سامعه مضمونه ولدلالته على الحكم من جهتين من جهة لفظه ومن جهة دلالته عليه بواسطة دلالته على علته ويرجح أيضا ما كان معقول العلة على ما ليس بمعقول العلة لأن شرع المعقول أغلب من شرع غير المعقول حتى قيل انه لا حكم الا وهو معقول حتى ضرب الدية على العاقلة ونحوه ما ظن انه غير معقول ومنها تقديم الدليل الذي أيده دليل اخر من كتاب أو سنة ولو كان ذلك الدليل خبر واحد لم يبلغ حد الشهرة لأن الظن حيث تظاهر الأدلة أغلب ولأن العمل بمخالفه يستلزم مخالفة دليلين والعمل به يخالف دليلا واحدا ومنها ترجيح الخبر الذي عمل به بعض الصحابة على الخبر الذي لم يعمل به أحد منهم لأن الظن بثبوت ما عمل به الصحابي أقوى منه فيما لم يعمل به ومن ذلك ترجيح العام الذي عمل به على العام الذي لم يعمل به ومنها ترجيح الذي فسره راويه بقوله أو فعله على الخبر الذي لم يفسره راويه لأن الراوي للخبر يكون أعرف وأعلم بما رواه ومنها ترجيح الدليل الذي الحكم فيه أمس بالمقصود على الدليل الذي ليس كذلك كيا في قوله تعالى «وان تجمعوا بين الأاختين» فانه مقدم على قوله تعالى «أو ما ملكت أيمانكم» لان مدلول الأولى أمس بالمقصود اذ المقصود فيه تحريم الجمع بين الأختين ولم يكن الجمع مقصودا في الاية الثانية وأيضا فالمفسدة المطلوب دفعها بتحريم الجمع بين الأختين في التزويج موجودة في الجمع بينهيا في التسري فلا وجه لتخصيص الاية الأولى بالثانية ومنها تقريب الأقرب بالمعهود والمراد به ما عهدته العقلاء من جلب المصالح ودفع المفاسد فاذا تعارض دليلان مدلول أحدهما أقرب لجلب المصلحة أو أبلغ في دفع المفسدة رجح على معارضه فان تعارض الدليلان وكان أحدهما جالبا للمصلحة والاخر دافعا للمفسدة رجح الدافع للمفسدة لأن دفع المفاسد أهم من جلب المصالح ومنها ترجيح ما صرح الراوي بسبب نزوله أو وروده على الدليل الذي لم يصرح فيه بذلك لأن ذكر السبب يدل على زيادة اهتمامه بما رواه ومن ذلك ترجيح العام الوارد على سبب خاص كيا في حديث بئر بضاعة وشاة ميمونة فانه يرجح على العام المطلق في ذلك السبب دون ما عداه فان العام المطلق عن السبب مقدم على العام الوارد على سبب في غير ذلك السبب والله أعلم . ‏_ _ ٢٥٦ بيان ترجيح أحد القياسين على الاخر اذا تعارض القياسان رجح أحدهما على الاخر بوجوه منها ان ما كان أصله أقوى على الاخر كان أرجح منه وقد عرفت وجه رجحان الأدلة فيا كان أرجح هنالك كان فرعه مقدما على فرع الاخر فلا نطيل بتفصيل ذلك وقد عرفت أيضا شروط حكم الأصل فيا كان أكمل شروطا فهو مقدم على ما دونه وقد مر تفصيل ذلك ومنها تقديم القياس القطعي العلة على ما لم يكن كذلك فاذا تعارض قياسان علة أحدهما ثابتة قطعا لثبوتها بالنص القطعي أو بالعقل أو بالمشاهدة وعلة الاخر ليس كذلك قدم ذو العلة القطعية على معارضه وكذلك يقدم ما كان علته مقطوعا بوجودها في الفرع على ما لم يكن كذلك ومنها تقديم ما الوصف فيه مفرد على ما كلن الوصف فيه مركبا لأن الوصف المفرد أقرب للانضباط من الاخر ولما في التعليل بالوصف المركب من الخلاف ومنها تقديم ذي العلة المنضبطة على ذي العلة المضطربة فاذا تعارض قياسان علة أحدهما منضبطة على الاخر كالسفر للقصر وعلة الاخر مضطرية كالمشقة للقصر قدم ذو العلة المنضبطة على الاخر ومنها تقديم ذي العلة المطردة المنعكسة وهكذا يعتبر جميع ما مر في باب القياس فيقدم السابق هنالك على المؤ خر عنه الا اذا كان للمؤ خر سبب عارض عليه يقتضي تقديمه على ما قبله فقدم القياس الثابتة علته بالنص على ما كانت علته ثابتة بالاجماع وقيل بالعكس لأن الاجماع مأمون النسخ بخلاف النص . قال نور الدين ان كان كل واحد من الاجماع والنص ظنيا كيا هو شأن المتعارضين فتقديم النص أولى لأنه نقل عن الشارع والاجماع نقل عن غيره وان كان أحدهما قطعيا فلا وجه لبقاء الاخر معه قال وهذا انما يكون في معارضة النص الصريح للاجماع وأما لو عارضه الايماء فان الثابت بالاجماع مقدم على الثابت بالاماء لكون الاماء اخذ من اشارة الدليل والاجماع صريح في ذلك وكذلك يرجح على ما ثبتت علته بالسبر لأن الايماء نص وان لم يكن صريحا والسبر مستنبط والمنصوص ٢٥٧ عليه أقوى من المستنبط ويرجح الثابتة علته بالسبر على ما ثبتت بالمناسبة لتضمن السبر انتفاء المعارض وكذلك تقدم المناسبة على الشبه والشبه على الدوران والدوران على الطرد . قال نور الدين وحاصل المقام ان الراجح من الدليلين ما كان الظن بثبوته أقوى من الاخر قال وليس ما ذكرته من أنواع التراجيح حصرا لها وانما ذكرت منها انغوذجا يعتبر بد ما كان مثله وما علمت أن أحدا من المصنفين استوعب جميع أفراد التراجيح لفواتها عن الحصر والله أعلم . القسم الثاني من الكتاب في الأحكام اعلم انه لما كان أصول الفقه مشتملا على الأدلة من حيث اثباتها الأحكام ومتناولا للأحكام من حيث ثبوتها بالأدلة جعلت هذا الكتاب على قسمين وقد مر قسم الأدلة وهذا القسم الثاني في الأحكام وهو مرتب على أربعة أبواب لأن الكلام فيه اما في نفس الحكم أو في نفس الحاكم أو في المحكوم به والمراد به الأشياء التى كلفنا الشرع بها من عبادات وغيرها أو في المحكوم عليه والمراد به المكلفون بذلك ولكل باب سيأتي ان شاء الله والله أعلم . باب الحكم الحكم اثر خطاب ا له تعالى كالوضع والتخيير والايجاب والمراد بالوضع هو جعل الله الشيء سببا لحكم كالدلوك سبب لوجوب الصلاة والنصاب سبب لوجوب الزكاة أو جعله شرطا كالطهارة شرط الصحة والصلاة أو جعله مانعا كالحيض مانع لصحة الصلاة ورافع لوجويها وانما سمي هذا النوع وضعا لأن الوضع هنا بمعنى الجعل فهو موضوع أي مجعول سببا وشرطا وعلة ومانعا ونحو ذلك والمراد بالتخيير _ ٢٥٨ كون الشيعء ميرا في فعله وتركه وهو المباح وقد يتناول المندوب والمكروه باعتبار رفع العقاب عن تارك الأول وفاعل الثاني والمراد بالاجباب الزام الفعل وهو الواجب أو الترك وهو التحريم فالحكم وضعي وتكليفي فالوضعي هو ما قدمنا بيانه والتكليفي ما عدا الوضعي وهو التخيير والاباب وقد عرفت ان المراد بالتخيير ما عدا الواجب والمحرم بالنظر الى رفع العقاب عن تاركه وفاعله فيكون الحكم التكليفي خمسة أنواع سيأتي بيانها ثم ان الحكم التكليفي قد يكون أثرا للفعل كالملك اثر للشراء واباحة الاستمتاع اثر للتزويج ونحو ذلك ومن هذا النوع الأداء وهو فعل ما فعل في وقته المقدر له شرعا أولا والاعادة وهو فعل ما فعل في وقته فعلا ثانيا لخلل وقع في الفعل الأول والقضاء وهو فعل ما فعل بعد وقته استدراكا لما فات من فعله في وقته وانما كانت هذه الثلاثة من هذا النوع لانها اثر لأفعال العباد في المؤقتتات الشرعية وقد يكون وصفا للفعل كالوجوب صفة للفعل الواجب وكالتحريم صفة للفعل المحرم وكالندبية صفة للفعل المندوب وهكذا فالقسم الأول وهو ما يكون اثرا للفعل لا يبحث عنه في هذا الفن لأنه من مباحث الفقه وانما يبحث في هذا الفن عن الحكم الذى يكون وصفا للفعل وهو الوجوب ونحوه ومقصود ا لحكم يكون تارة دنيويا كالمنافع الدنيوية ودفع المفاسد الدنيوية ويكون أخرويا كجلب الثواب ودفع العقاب وينقسم الحكم بالنظر الى كل واحد من المقصودين الدنيوي والأخروي الى أقسام اما قسمه باعتبار المقصود الأخروي فسيأتي واما أقسامه باعتبار المقصود الدنيوي فهو انه ينقسم بالنظر الى ذلك الى قسمين صحيح وفاسد فاما الصحيح فهو ما ترتب عليه ذلك المقصود مثاله البيع مشروع لقصد حل الانتفاع وشرع التزويج لأجل حل الاستمتاع فاذا كان العقد في البيع والتزويج يترتب عليه ذلك الفرض المقصود كان ذلك العقد صحيحا وان لم يترتب عليه ذلك فهو الفاسد ويعلم ترتيبه ذلك وعدم ترتيبه بموافقة مقتضى الأوامر فيا كان موافقا لأوامر الشرع تاركا لمناهيه فهو الصحيح وما عداه فهو الفاسد والباطل وينقسم الحكم باعتبار المقصود الأخروي الى عزيمة ورخصة فاما العزيمة فهو ما شرع ابتداء غير مبني على أعذار العباد كوجوب التمام في الصلاة ووجوب الصيام في رمضان وتحريم أكل الميتة ولحم الخنزير ونحو ذلك وأما ٢٣٥٩ الرخصة فهو ما شرع ثانيا مبنيا على أعذار العباد كاباحة أكل الميتة للمضطر وكجواز القصر والفطر للمسافر فاباحة الأكل من الميتة للمضطر شرع بعد شرع تحريمها مبنيا على حصول الضرر والقصر في الصلاة شرع بعد شرع تمامها مبنيا على عذر السفر وكذلك فطر المسافر ولكل واحد من العزيمة والرخصة أقسام فأما أقسام الرخصة فستاتي وأما أقسام العزيمة فانها تنقسم ال قسمين أحدهما مطلوب فعله والاخر مطلوب تركه فاما المطلوب فعله فهو الوجوب والندب وأما المطلوب تركه فهو المحرم والمكروه وما كان خاليا من طلب الفعل ومن طلب الترك فذلك مباح ككسب المعيشة فوق الكسب اللازم وكالأاكل والشرب والنوم ونحو ذلك فان العبد يفعله كيف شاء ما ل ينته الى حد يمنع ا لشرع فعله وليس في فعل ا مباح ثواب ولا عقاب وكذلك تركه لكن النية معتبرة فيه فيثاب العبد بفعل المباح اذا نوى به طاعة ويعاقب على فعل المباح اذا فسدت نيته فيه حاصل المقام ان المباح يتحول بالنية فيكون تارة طاعة وتارة معصية لما يعرض عليه من صلاح النية وفسادها ولا بد من بيان الفرق بين الواجب والمندوب والمحرم والمكروه فاما الفرق بين المحرم والمكروه فسيأتي وأما الفرق بين الواجب والمندوب فاعلم ان المطلوب فعله اما أن يكون طلبا جازما فهو الواجب واما أن يكون غير جازم فهو المندوب والمراد بالجازم ما لو تركه العبد عوقب على تركه والمراد بالغير الجازم ما لو تركه المكلف لم يعاقب على تركه ولكل واحد من الواجب والمندوب أقسام أما أقسام الواجب فستاأتي وأما أقسام المندوب فهي انه ينقسم الى سنة ونفل فأما السنة فهي ما كان من المندوبات طريقة سلكها الرسول ينة أو غيره ممن هو علم في الدين قال يلة عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي وأما النفل فهو ما لم يكن مواظبا عليه من الطاعات ويسمى طاعة ومستحبا أيضا وتنقسم السنة الى مكؤدة وغير مكؤدة فالمؤ كدة كسنة المغرب والفجر ونحوهما وغير المؤ كدة كصلاة الضحى والسواك ونحوهما ولكل واحد من النوعين حكم فأما حكم المؤ كدة فهو ان تاركها ملوم على تركها شرعا ولا يبلغ به عقابا وهو خسيس المنزلة عند المسلمين ولا يتولونه على ذلك ان لم تكن سبقت له ولاية معهم ولا يبرأون منه بنفس ذلك الترك وأما حكم غير المؤ كدة فهو ان تاركها لا يلام ولا يكون خسيس المنزلة عند _ ٢٦٠ المسلمين لكنه يكون تاركا للفضل ما لم يكن الترك رغبة عن الخير فان كان رغبة عن الخير فهو خسيس النزلة في جميع الأحوال والله أعلم . أقسام الواجب للواجب تقسيمات منها ما يكون باعتبار دليله ومنها ما يكون باعتبار حصوله من المكلف ومنها ما يكون باعتبار المأمور به فأما الأول وهو ما يكون باعتبار دليله فهو ان الواجب بهذا الاعتبار ينقسم الى مقطوع به كوجوب الصلوات الخمس وصوم رمضان والى غير مقطوع به كوجوب الوتر ونحوه وانما كان الآول مقطوعا به لأن دليل وجوبه قطعي بخلاف الثاني ولكل واحد من النوعين خكم فأما حكم النوع الاول فهو انه واجب الفعل وتاركه فاسق ان كان في تركه غير مستحل ومشرك ان كان مستحلا لتركه أو كان تركه له استخفافا ووجه ذلك ان المستحل لترك الواجب القطعي من غير تأويل مشرك لأن في استحلاله ذلك ردا للنص المتواتر وان الاستخفاف بالأحكام الشرعية مصادمة للنصوص واعراض عن الانقياد واستحقار لما عظم الله وأما حكم الواجب الظني فهو انه يجب فعله لكن التارك له لا يحكم بفسقه فان كان تركه مستحلا لتركه بدليل عنده وكان من أهل النظر والاستدلال فهو مصوب بذلك لأنه من المسائل الاجتهادية وان كان غير مستدل لكن مقلد لمستدل فحكمه حكم من قلده وان كان غير ذلك فانه ينظر في حاله ومقاصده ولا يفسق بذلك الا اذا ظهرت منه المعاندة والكابرة لما يوجب الشرع الانقياد له كحكم الحاكم عليه بذلك فانه لا يسعه خلافه ويسمى كل واحد من الواجب القطعى والواجب الظني فرضا فالواجب والفرض عندنا والشافعية مترادفان عرفا وذهبت الحنفية وبعض أصحابنا الى التفرقة بينهما فخصوا الفرض بالواجب القطعي وخصوا الواجب بالواجب الظني . ٢٣٦١ قال نور الدين وهو خلاف لا ثمرة له ولا بأس به وينقسم الواجب بالنظر الى حصوله الى قسمين فرض كفاية وفرض عين لأنه اما أن يطلب حصوله في الجملة من غير أن يلزم كل واحد بعينه واما أن يطلب حصوله من كل واحد بعينه فالأول فرض كفاية والثاني فرض عين ولكل من القسمين حكم فأما حكم فرض الكفاية فهو انه يلزم جميع المخاطبين فاذا قعله بعضهم انحط عن الجميع ولهذا سمي فرض كفاية لأن فعل البعض له يكفي عن الباقين وذلك كصلاة العيدين وصلاة الميت وجهازه ودفنه والجهاد وأمثالها وقيل ان فرض الكفاية لا يلزم جميع المكلفين وانما يلزم بعضهم . قال نور الدين ولعل القائل بذلك نظر الى الاكتفاء في أدائه بفعل البعض . قال البدر الشماخي والقول بأن فرض الكفاية فرض على البعض ليس بشيء لأن الجميع اذا تركوه يكفرون ولولا لزومه على الجميع لما فسقوا كلهم بتركه وثمرة الخلاف تظهر فييا اذا كان أهمل مصر قد وجب عليهم فرض كفاية هل عليهم أن يدؤوه حتى يعلموا ان بعضهم قد أداه أم ليس عليهم ذلك حتى بعلموا انه لم يؤد . قال نور الدين والصحيح انه عليهم المحافظة على أداء فروضهم حتى يصح انحطاطها عنهم والا لزم تعطيل الفرائض واهمال اللوازم واما فرض العين وهو ما طلب حصوله من كل واحد بعينه كالصلوات الخمس وصيام رمضان فانه يلزم كل واحد أن يدؤيه كيا طلب منه وليس يصح الاجتراء فيه بفعل غيره وينقسم الواجب بالنظر الى المأمور به الى واجب معين والى غير معين فأما المعين فهو ما تعلق بواحد فقط وهو أكثر الواجبات كالوضوء والغسل والصلاة ونحو ذلك مما يكون المأمور به واحدا خصوصا وقد مر بيان حكمه وأما الواجب الغير المعين فهو ان يكون المأمور به واحدا من أشياء خير العبد في فعل أيها شاء كحضال الكفارات فان ربنا تعالى قد أمرنا بفعل واحد من الاطعام والكسوة والعتق وخيرنا في فعل أيها شئنا وحرم علينا ترك جميعها فعلمنا ان الواجب منها واحد غير معين ومن ذلك تزويج أحد الأكفاء الخاطبين اذا كانوا عشرة مثلا وقالت المعتزلة الجميع واجب ويسقط بالواحد وقال _ ٢٣٦٢ بعض الواجب واحد معين عند الله تعالى وهو ما يفعله العبد فيختلف بالنسبة الى المكلف وقال بعض الواجب واحد معين لا يختلف حكمه لكنه يسقط به وبالاخر والله أعلم . والممكروهالمحرمذكر اعلم ان المطلوب تركه اما أن يكون طلب تركه طلبا جازما واما أن يكون غير جازم فان طلب تركه طلبا جازما فهو الحرام كأكل الميتة ولحم الخنزير والدم وأمثالها وان طلب تركه طلبا غير جازم فهو المكروه وقد علمت مما مر ان الواجب ما طلب فعله طلبا جازما وان المندوب ما طلب فعله طلبا غير جازم فالحرام مقابل للوجوب والكراهية مقابلة للندب ويعطى كل واحد من الأربعة عكس حكم ضده فحكم الوجوب عكس حكم الحرام وحكم الندب عكس حكم الكراهية مثاله ان الفعل في الوجوب لازم وفي الحرام محرم والفعل في الندب مندوب اليه ومع الكراهية مكروه وكذلك الكف فانه مع الحرام لازم ومع الوجوب حرام ومع الكراهية مندوب اليه ومع الندب مكروه وهكذا سائر الأحكام وكي ان المندوب ينقسم الى سنة ومستحب كذلك المكروه ينقسم الى ما كانت كراهته شديدة وهو ما ورد في النبي عنه دليل .خاص كالنهي عن أكل لحوم السباع وذوات المخالب من الطيور والى ما كان مكروها كراهية خفيفه وهو ما ل يرد نص في النهي عنه لكن علم من أدلة اخر انه مكروه في الشرع قال بعضهم كترك المندوبات لأن ترك المندوب مكروه ويطلق المكروه على الحرام أيضا وقسم الحنفية الحرام الى حرام ومكروه كراهة تحريم وجعلوا الحرام اسيا لما حرم بالدليل القاطع والمكروه كراهة تحريم اسيا لما ثبت تحريمه بدليل ظني فالحرام عندهم مقابل للفرض والمكروه كراهة تحريم مقابل للواجب واختلف علياء الأصول في جواز ان يحرم واحد غير معين من أشياء متعددة ويكون المكلف خيرا في ترك أيها شاء وهي مسألة النبي عن واحد لا بعينه فمنعها معظم المعتزلة ثم اختلفوا في وجه المنع فمنهم من ذهب الى أن المنع من ذلك من قبيل اللغة واحتجوا عليه بقوله تعالى _ ٣٦٢٣ «ولا تطع منهم اثيا أو كفورا» حيث كان النهي في الاية عن طاعة الجميع ومنهم من منعه من جهة العقل لأن النهي اذا تعلق بشيعء اقتضى قبحه فاذا تعلق بأحد الشيئين لا بعينه قدر تقبيح كل واحد منها على حياله فيتصف كل واحد منها بما يتصف به الاخر فيلزم تقبيحهيا معا مثال ذلك قول القائل لا تضرب زيدا أو تكلم عمرا أو تكرم خالدا أو نحو لا تضرب زيدا أو عمرا أو خالدا فالمنهي هاهنا لا يعد ممتثلا مهيا ترك واحدا ولم يترك الاخرين بل يجب عليه ترك الثلاثة جميعا ألا ترى ان القائل لو قال لا تاخذ هذا الثوب أو هذا أو هذا كان معناه دع هذه الثلاثة جميعا ولك أن تأخذ ما عداها ولو قال حرمت عليك أحد هذه الثلاثة ولم يعين المحرم صارت الثلاثة محرمة كلها كيا قالوا فيمن طلق احدى نسائه ولم يعينها فانه يجب عليه اعتزالههن جميعا . وقال ابن الحاجب يبوز أن يحرم واحد لا بعينه خلافا للمعتزلة قال وهي كالمخير يعني كالواجب المخير وقد عرفت الفرق بين الواجب المخير وبين المحرم فانه يصح الامتثال بفعل واحد من أشياء وجب أحدها لا بعينه ولا يصح ذلك في المحرمات واعلم انه لا يصح التخيير بين فعلين أحدهما مطلوب والاخر غير مطلوب فلا يخير بين واجب ومباح ولا بين محرم ومباح وهكذا لأنه اذا خير بينهما سقطت حرمة الحرام وصار مباحا وكذلك يسقط ايباب الواجب فلا يكون واجبا وكذلك أيضا لا يصح التخيير بين الواجب والمندوب ولا بين المحرم والمكروه اذ بالتخيير بينها يسقط تحريم الحرام والزام الواجب فلا يصح التخيير بينهما واعلم انه لا يصح في ‏٠ العقل ان يكلف الله العباد ولا مثوبة ولا عقوبة لأنه لا تكليف عند عدم الثواب والعقاب والله أعلم . بيان أقسام الرخصة الرخصة نوعان حقيقية ومجازية فأما الحقيقية فهي نوعان أحدهما أنسب بتسمية الرخصة من الاخر فأما النوع الأول فكاجراء كلمة الكفر على لسان المكره وقلبه مطمئن بالايمان وكافطار المكره في رمضان وكي في ترك الخائف على نفسه الأمر _ ٢٣٦٤ بالمعروف وكيا في تناول مال الغير مضطرا فان هذه الأشياء كلها محرمة وأبيحت للمكره رخصة من الله تعالى على شرط الضمان في اتلاف مال الغير فكان اطلاق اسم الرخصة عليه حقيقة أنسب من اطلاقها على غيره وحكم هذا النوع ثبوت الأجر لمن أخذ بالعزيمة فيه وترك الرخصة حتى مات على ذلك لأنه بذل نفسه احتسابا لاقامة دين الله وأما النوع الثاني من الرخصة الحقيقية فنحو افطار المسافر في رمضان لأجل سفره وحكم هذا النوع أن الأخذ بالعزيمة فيه أولى فيندب ترك الرخصة ان لم يخف المسافر بتركها ضعفا في قوته عن طاعة الله فان خاف ضعفا ندب له الأخذ بالرخصة وان خاف بترك الرخصة الضرر على نفسه وجب عليه الأخذ بها لوجوب دفع الضرر ما أمكن وأما الرخصة المجازية فهي نوعان أيضا أحدهما أتم في المجازية من الاخر لبعده من حقيقة الرخصة وهو ما حط عنا من الأثقال المشروعة على من قبلنا كاشتراط قتل التائب في صحة توبته كيا دل عليه قوله تعالى «فاقتلوا أنفسكم ذلك خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم» فانه رفع عنا هذا الحكم المشروع على من قبلنا ولم يشترط علينا ذلك فكان رفعه بالنسبة الينا رخصة قال بعضهم روي أن الاصر في بني اسرائيل كان في عشرة أشياء كانت الطيبات محرمة عليهم بالذنوب وكان الواجب عليهم خمسين صلاة في اليوم والليلة وزكاتهم ربع المال ولا يطهر من الجنابة والحدث غير الماء ولم تكن صلاتهم جائزة في غير المسجد ويحرم عليهم الأكل في الصوم بعد النوم وحرم عليهم الجماع بعد العتمة والنوم كالأاكل وكانت علامة قبول قربانهم احراقه بنار تنزل من السياء وحسناتهم بواحدة ومن أذنب منهم ذنبا بالليل كان يصبح وهو مكتوب على .‏ ١ ٥رهبا ب قال نور الدين وانما كان هذا النوع رخصة مجازية لأنه لم يستكمل حد الرخصة فانه وان شر ع لنا شرعا ثانيا غير الشرع الذي شرع لبني اسرائيل فان شرعه لنا ثانيا غير مبني على الأعذار وانما هو توسعة وتيسير من جانب الحق تعالى وحكمه وجوب تركه فلا يحل لأحد العمل بشيء مما وضع عنا من تلك التكاليف فالمترخص المشروع فيه واجب وأما النوع الثاني من نوعي الرخصة المجازية فهو ما يكون فعله مشروعا لنا ف بعض المواضع دون بعض كقصر الصلاة مشروع لنا في السفر غير مشروع في ‏٢٦٥ الحضر وكالاكل من الميتة والدم ولحم الخنزير مشروع لنا في حال الضرر لقوله تعالى «الا ما اضطررتم اليه» غير مشروع في حال السعة لقوله تعالى «حرمت عليكم الميتة ( ». .الاية) وحكم هذا النوع وجوب الأخذ بالرخصة في الموضع المشروع فيه الرخصة حتى انه لتورك الأكل من الميتة وهو مضطر اليها حتى مات جوعا كان هالكا عند الله لقوله تعالى «ولا تقتلوا أنفسكم» وهذا قاتل لنفسه وفي غير وقت الرخصة فالواجب الأخذ بالعزيمة وهو اتمام الصلاة في الحضر واجتناب الميتة في السعة . قال نور الدين واعلم ان بعض الفقهاء يطلقون اسم الرخصة على أسهل القولين في المسائل الاجتهادية نطرا منهم الى سعته ويسره بالنظر الى مقابله فاطلاق اسم الرخصة على ذلك مجاز عرفي وحكمه وجوب الأخذ به فييا اذا رأى المجتهد انه الصواب دون مقابله وجواز الأخذ به للمقلد الذي لا علم له بترجيح الأدلة وتصحيح الأقوال والله أعلم . ذكر العوارض المكتسبة من العوارض المكتسبة الجهل وهو بالنظر الى حال الجاهلين على اربعة اقسام لانه اما ان يكون جهلا غير قابل للديانة كجهل من يعبد الاصنام فان عبادة الاصنام لا تكون دينا في شيع من الشرائع ولا يقبل العقل جعلها دينا واما ان يكون قابلا للديانة كجهل النصارى شريعة نبينا حمد ية فان النصرانية الخالصة الملحقة كانت دين نبي الله عيسى عليه السلام والقسم الثالث جهل المتأولين الضالين من هذه الامة وجهل البغاة والمتمردين والقسم الرابع جهل يكون عذرا للمتلبس به كأكل لحم الخنزير المقطع وهو لم يعلم انه لحم خنزير ولكل واحد من هذه الاقسام حكم فحكم القسم الاول وهم عبدة الاصنام انم يدعون الى الاسلام فان اجابوا فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين وان ابوا فحكمهم ان يناصبوا الحرب ويقعد لهم في كل مرصد فليس لم الا الاسلام او السيف وان رأى الامام ان صلحهم اقوى لأمر المسلمين كان له ان يصالحهم انتظارا للنصر كيا فعل رسول الله يلة والقسم ٣٦٦ الثاني مثل جهل اهل الكتب السابقة شريعة نبينا ية ولأهل هذا الصنف احكام منها ان اهل الكتب المتمسكين بشرائعهم على صنفين اهل ذمةواهل حرب فاما اهل الحرب فانهم يناصبون الحرب وتسبى ذراريهم وتغنم اموالهم ونقتل مقاتلتهم حتى يدخلوا في الاسلام او يذعنوا للجزية واما اهل الذمة فانهم يقرون على ديانتهم التي دانوا بها ولا يصح لنا التعرض عليهم في شيء من ذلك ويجعل لهم من الاحكام جميع ما ثبت في شريعتهم ولا يتعرض لهم وان اكلوا لحم الخنزير وشربوا الخمور وتزوجوا ذوات المحارم اذا كان في اصل الشرع الذي تدينوا به ان ذلك حلال كتمسك بشتريعة نبينا ادم فان في شريعته جؤز تزوجالحارمالمجوس في تزويج ذوات الاخت وقد نسخ ذلك ويثبت لهم النسب بذلك النكاح لا الميراث وتجرى عليهم بسببه النفقات وكذلك تثبت لهم المعاملة فيما بينهم نحو الخمر ولحم الخنزير مما هو مكنحلال ي دينهم حتى انه يضمن مانراق خمرهم ومن اضاع لحم خنزيرهم يؤمرون بستر ما يخالف شرع المسلمين ولا يقرون على فعل ما لم يكن في شرعهم كاكل الربا فلا يعطون ذمة ولا عهد لهم حتى يتركوا الربا اما القسم الثالث من اقسام الجهل فهو على ثلاثة انواع النوع الاول جهل من اعتقد في دينه الحموى بجهله صفات المولى سبحانه او بجهله حكم الله في الآخرة وذلك كجهل الاشعرية ومن وانققمهم في اعتقادهم ان صفات الذات معان حقيقية قائمة بالذات وفي اعتقادهم ان ذاته تعالى يصح ان ترى وانها سترى سبحانه وتعالى وفي اعتقادهم ان الشفاعة لأهل الكبائر من امة محمد ية وفي اعتقادهم خروج الفاسق من النار وهذا كله جهل لما عليه الادلة لكنهم تأولوا تلك الادلة بالشبهات فالتبس عليهم الحق بالباطل وحكم هؤلاء ان يبين لهم فساد معتقدهم ويوضح لهم الحق فان قبلوهفهم اخواننا ي الدذين وان تمادوا فى طغيا -هم دعاهم الامام الى الدخول في طاعته والانقياد لحكمه فان اذعنوا كان لهم ما لنا من الاحكام وعليهم ما علينا ويتركون ومعتقد هم لكن يمنعون من الدعوة اليه ومن اظهاره للعوام فان لم يمتنعوا عاقبهم الامام النوع الثاني جهل البغاة وهم الذين خالفوا الامام وافسدوا في البلاد وهؤلاء صنفان مستحل ومنتهك فاما المستحل فانه يدعى الى الدخول في الطاعة فان اجاب كان له ما للمسلمين وعليه ما عليهم وان . ٢٣٦٧ امتنع المستحلون ناصبهم الامام الحرب حتى يذعنوا ولا تغنم اموالهم ولا تسبى ذراريهم ولا يطالبون في شيع مما اتلفوه من دماء المسلمين واموالهم واما المنتهكون فانه يدعوهم الامام الى الدخول في الطاعة فان ابوا قاتلهم وحكمهم في حال الحرب حكم المستحلين الا ان قطاع الطريق منهم يقام عليه حد المحارب بخلاف المستحلين فان فاء البغاة ورجعوا الى الحق فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين النوع الثالث جهل يكون شبهة يدرأ به الحد دون غيره من الاحكام وذلك كمن تسرى امة زوجته يظن انها له في ذلك كمثل امته فلا يرجم لأن الحدود تدرأ بالشبهات لكن يصح لنا ان نبرأ منه لانه عاص وان كان جاهلا وعليه ان يتوب من فعله القسم الرابع من اقسام الجهل وهو ما يكون عذرا لصاحبه ولا اثم يلحقه بسبب وهو كجهل الوكيل عزله عن الوكالة او جهل الشفيع شفعته او جهل المتزوج انسابه او جهل لحم الخنزير المقطع فاكله من يد من تجوز ذبيحته بيان ذلك ان الوكيل اذا عزله الموكل ولم يعلم فجهله بالعزل يكون عذرا له في التصرف في مال الموكل حتى قيل ان بيعه وشراءه ثابت وكذلك الشفيع اذا بيعت شفعته ولم يعلم ثم علم بعد ذلك فان له اخذ شفعته ولا يكون جهله ببيعها مسقطا لحقه وكذلك من تزوج ذات محرم منه ولم يعلم انها ذات محرم فان جهله بنسبها يكون عذرا في رفع الحرج عنه فمتى علم انها ذات محرم لزمه تركها وكذلك اكل لحم الخنزير لا اثم عليه حتى يعلم ومن العوارض المكتسبة السكر وهو تغير العقل بسبب ابخرة تصعد الى الدماغ من شرب المسكرات او اكلها والسكر نوعان لانه اما ان يكون سببه حلالا واما ان يكون سببه حراما فاما السكر الذى سببه حلال فكسكر من سكر من الاشياء التى ابيح له اكلها او شربها لحال الضرورة مثاله لو اضطره الجوع او جبره سلطان على شرب الخمر فانه يباح له على قول احياء نفسه من المسكر فاذا احياها من ذلك المباح فحكمه حكم المغمى عليه في الصلوة والصيام ومنع التصرف واما السكر الذي سببه حرام فهو ان يسكر من شرب المسكر او اكله على غير الضرورة فان هذا السكر لا يناني الخطاب لانه متعرض بنفسه لتغير عقله اختيارا فناسب ان تجرى عليه الاحكام الشرعية فيثبت طلاقه لزوجته وعتقه لعبده حتى قيل انه فعل في سكره موجب الحد كالزنا والسرقة اقيم عليه _ ٢٦٨ الحد وقيل لا يقام عليه لان الحدود تدرأ بالشبهات وهو الصحيح عند نور الدين قال .الهزلالممككتسبةالعوارضاشهر ومنوالاول قال نور الدين وقد فسره بعضهم بانه ما لا يراد به معنى لاحقيقي ولا مجاري بل يراد اماله والحاصل ان العزل لفظ استعمل في اللعب ولم يرد به معناه الحقيقي ولا معناه المجازي وهو نقيض الجد ولا يناني الاهلية فثبتت الاحكام الشرعية فيه لكن ترد اخبار الهازل لأن الهزل كذب خالص ويلزم الاسلام في الهزل فلو اسلم كافر هازلا اجبر على الاسلام ومن ارتد هازلا اقيم عليه الحد ويثبت به النكاح والطلاق والعتق اما سائر المعاملات فانها لا تصح اذا شرط فيها الهزل بيانه لو قال رجل لآخر نظهر عند الناس البيع في كذا ونحن لا نريد ذلك انما نزيد الهزل ليظنوا انه بيع فاذا تواضعا على ذلك انهدم ذلك البيع الا اذا اعرضا عن الهزل وقصدا الى البيع الى الجد فانه يكون بيعا صحيحا وكذا سائر المعاملات هذا فيما بينهم اما اذا ترافعا الى الحاكم وطلب احدهما ثبوت البيع فان تقاررا بالهزل حكم بفساد البيع و.ن تناكرا كان على الهزل البينة لانه مدرع فساد البيع وان تقاررا بالهزل فادعى احدهمامن ادعى الاعراض الى الجد كان على من ادعى الاعراض البينة ومن العوارض المكتسبة السفه وهو لغة الخفة والحركة وفي الشرع تخصيص العمل بما يخالف الشرع من وجه واتباع الهوى وخلاف دلالة العقل ومعنى مخالفة الشرع من وجه هو ان يكون ذلك الشيء مأمورا به من وجه منهيا عنه من وجه اخر كالانفاق فانه مأمور به في الخيرات منهي عنه في المعاصي وهو لا يناني الاهلية لان السفيه باختياره يفعل خلاف ما يقتضيه العقل والشرع فنجرى له وعليه الاحكام الشرعية بتمامها ديانة ومعاملة وغير ذلك لكن شرع في حقه لطفا به اذا بلغ سفيها ان يمنع ماله لقوله تعالى ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياما ولكن ينفقون منها ويكسون كيا كانوا قبل البلوغ لقوله تعالى وارزقوهم منها واكسوهم فتحجر عليهم اموالهم الى ان يؤنس منهم الرشد ومعنى الرشد صلاح في العقل وحفظ المال فاذا رأينا منهم علامات ذلك دفعنا اليهم اموالهم واذا طرأ عليه السفه بعد البلوغ فمذهبنا انه يحجر عليه الحاكم التصرف في ماله نظرا في حاله ورفقا به وقال ابو حنيفة لا يصح الحجر عليه لانه عاقل ٢٣٦٩ محتار قلنا وكذلك من بلغ سفيها وقد نزل الكتاب في الحجر عليه فلا وجه للفرق بينها من العوارض المكتسبة السفر وهو ان يخرج المكلف من وطنه قاصدا ان يتعدى الفرسخين فاذا خرج على هذا القصد شرع له التخفيف في العبادات منذ خرج من عمران بلده ومن التخفيف المشروع للمسافر قصر الرباعيات والافطار في رمضان سواء صام من الشهر بعض ايامه او ل يصم خلافا لمن اوجب عليه احدى حالتين اما الصوم واما الافطار وذلك ان بعض العلياء اوجب على المسافر اذا صام في سفره ان يتم شهره صياما ومنعه من الافطار لانه قد اختار الصوم ودخل فيه فيلزمه عنده اتمامه وكذا قال فيمن اختار الافطار ودخل فيه حتى قال ان الصوم بعد الفطر في السفر لا يصح . قال نور الدين والصحيح انه يصح وان للمسافر الصائم ان يفطر ومن العوارض المكتسبة الخطأ وهو ان يفعل فعلا من غير ان يقصده قصدا تاما وذلك ان اتمام قصد الفعل بقصد محله وفي الخطأ يوجد قصد الفعل درن قصد المحل وهو عذر يسقط به الوزر لقوله يلة رفع عن امتى الخطا والنسيان والمراد رفع الاثم وكذلك يسقط بالخطا الحد والقصاص اما الخطأ في موجب الحد فكيا لو قصد الى مدح انسان فسبقت لسانه بقذفه مع قيام القرائن على صحة قصده واما الخطأ في موجب القصاص فلا خلاص قصده ال غير الفعل الذي فعله لكن يلزمه من قتل مؤمنا خطأ تحرير رقبة مؤمنة فان لم يجد فصيام شهرين ودية على عاقلته مسلمة الى اهل المقتول اما الكفأرة فعقوبة عدم التثبت منه واما الدين فجبر دم المؤ من واما كونها على العاقلة فهو تخفيف له حيث لم يقصد الى قتله ولا يسقط الخطا شيئا من حقوق الخلق ومن العوارض المكتسبة الجبر ويعبر عنه بالاكراه وهوحمل الغير على ان يفعل ما لا يرضاه ولا يختار مباشرته لخولى ونفسه فيكون معدما للرضى لا للاختيار اذ الفعل يصدرعنه بأختياره حيث اثر الجانب الاسهل على الجانب الاشق ولذا كان الجبر غير مناف للخطاب فان الخطاب الشرعي متوجه للمجبور فتثبت الاحكام الشرعية في حقه لكن خفف عليه بسبب الاكراه اذ جوز له الترخص في كثير من الاحكام حتى في كلمة الشرك وكذلك يصح له الترخص بترك الصلوة حتى لو لم يمكنه الا التكييف في نفسه ٢٧٠ كيفها وكان ذلك عذرا له وكذلك يجوز للمجبور الترخص بفعل بعض المحرمات والمحرمات منها ما لا يصح الترخص بفعله عند الاكراه ومنها ما يصح التقية به اما الذي لا يصح الترخص به فهو قتل المسلم بغير حق او اتلاف عضو منه .والزنا واشباهه اما القتل ونحوه فان نفسه ليست اولى بالسلامة من نفس غيره واما الزنا فانه بنفسه لا يقبل الاكراه حتى لو زنى عد مختارا للزنا لان الآلة لا تساعده الا عند الرضا واما المحرم الذي تصح التقية به فكاكل الميتة والدم ولحم الخنزير وجميع ما ابيح ف الضرورة لأن الاكراه نوع من الاضطرار فينبغي ان يعطى احكامه في صحة الترخص لكن لما كان المجبور لم يحمل نفسه على الملكة بترك التقية من اكل الميتة ونحوها وانما حمله على ذلك بالبار جوزنا له ترك الترخص بخلاف ضرورة الجوع فانه ان لم يترخص فيها يكون حاملا لنفسه على الهلاك فيجب عليه الترخص هنالك وذهب ابن بركة وغيره الى وجوب الاخذ بالرخصة في اكل الميتة عند الاكراه وجعلوه كضرورة )الجوع . قال نور الدين والفرق بينها واضح قال وذهب بعض اصحابنا الى منع الترخص باكل الميتة ونحوها في حالة الاكراه وقصروا جواز الترخص بذلك في حالة المخمصة عملا بمفهوم قوله تعالى فمن اضطر في مخمصة الآية قلنا لا مفهوم للمخمبصة في الآية لانها انما ذكرت لكونها الاغلب في حالات المضطر وكذلك يصح للمجبور الترخص باتلاف مال الغير بشرط ضمانه لصاحبه ومعنى ذلك انه لا يكون اثيا في اتلافه لأن النفوس تفدى بالمال ولا عكس والله اعلم . الخاتمة في الاجتهاد الاجتهاد لغة استعمال القدرة الحادثة في تحصيل امر على وجه يشق يقال اجتهد فحمل صخرة ولا يقال اجتهد فحمل درة وفي اصطلاح الاصوليين هو ان يطلب الفقيه حصول حكم حادثة بشرع ويبذل في ذلك مجهوده بحيث لا يمكنه المزيد عليه في الطلب مثاله اذا طلب معرفة الارز اهو ربوي او غير ربوي اذا استفرغ طاقته في التماس هذا الحكم سمي ذلك الطلب الشديد اجتهادا عندهم فللاجتهاد ركنان ٢٣٧١ مجتهد وهو الفقيه ومجتهد فيه وهو الحادثة التي طلب حكمها وهي المعبر عنها بمحل الاجتهاد فاما المجتهد فهو العالم بكيفية الاستنباط الطالب لحكم القضية واما المجتهد فيه فهو القضية التي يطلب حكمها ولكل واحد منهيا احكام وشروط واعلم انهم اشترطوا في المجتهد شروطا لا يكون مجتهدا الا بها منها ان يكون عالما بالنحو والمراد ان يكون عارفا باحكام اواخر الكلمات بناء واعرابا والمراد بالكلمات هي الكلمات التى تكون موجودة في الادلة الشرعية من الكتاب والسنة والكلمات التي تمس الحاجة اليها في استنباط الاحكام كالاقرارات والفاظ البيو ع والتزويج ونحو ذلك ولا يشترط فى صحة الاجتهاد معرفة ما فوق ذلك ومن شروطه ان يكون عالما باللغة والمشترط معرفته ها هنا من اللغة هو ما توقف فهم معاني الادلة والاحكام عليه ومن شروطه ان يكون عارفا بتغير ابنية الكلمات العربية وعارفا بمقتضى كل صيغة منها والمشترط معرفته من هذا النوع ما يتوقف فهم معنى الادلة والاحكام عليه وذلك ان الفاظ الادلة من الكتاب والسنة عربية فيتوقف فهمها على معرفة النحو واللغة والصرف ومن شروطه ان يكون عارفا باصول الديانات واصول الفقه فاما اصول الديانات فهو معرفة العقائد الاسلامية ويشترط منه في هذا المقام ما يكون حافظا للمجتهد من العقائد الضالة واما اصول الفقه فيشترط منه ما يكون المجتهد متمكنا به على استنباط الاحكام الشرعية من ادلتها وفوق ما ذكرناه لا يكون شرطا في صحة الاجتهاد لكنه كمال في حقه ومن شروطه ان يكون عالما بالبلاغة اي عارفا بمطابقة مقتضى الحال في المخاطبات ومقتدرا على التعبير عن المعنى الواحد بطرق مختلفة في الوضوع والخفاء والمشترط ها هنا ما يتوقف فهم معنى الادلة عليه لا ما فوق ذلك وكذلك يشترط معرفة كل فن لا يستغنى عنه المجتهد في استنباط الاحكام فينبغي ان يكون عارفا بالسير النبوية لان فيها معرفة افعاله واحواله عليه الصلوة والسلام وان يكون عارفا بسير يالصحابة واحوالهم لأن الدين ما عليه الصحابة وقد قال يلة عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي وان يكون عارفا باسباب نزول الآيات واسباب ورود الاحاديث وان يكون عارفا بقواعد التفسير وغير ذلك ومن شروطه ان يكون عالما بالكتاب محكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخحه وخاصه وعامه وجمله ومبينه ٢٣٧٢ ومطلقه ومقيده وغير ذلك من احكامه وان يكون عارفا بالآيات التي تستخرج منها الاحكام ومن شروطه ان يكون عالما بالسنة واحكامها وناسخها ومنسوخها وخاصها وعامها وآحادها ومتواترها الى غير ذلك من احكامها وان يكون عارفا بالاحاديث التى تستنبط منها الاحكام قال بعضهم والمشترط من ذلك ان يكون المجتهد عارفا مواضع الآيات والاحاديث التي تؤخذ منها الاحكام حتى يرجع اليها عند الحاجة ولا يشترط ان يكون حافظا لها على ظهر الغيب . قال نور الدين وهو ظاهر الصواب لأن كثيرا من مجتهدي الصحابة كانوا لا يحفظون القرآن على ظهر الغيب وانما يحفظون منه ما شاء الله ان يحفظوا وكذلك كانوا لا يحفظون جميع الاحاديث وانما يحفظون منها ما ينتهي اليهم علمه قال البدر الشماخي والصواب ما ذهب اليه الشيخ سليمان بن يخلف وهو ان يكون عالما بجميع الكتاب والسنة لأن كثيرا من الاحكام استخرجها العلياء من الكتاب من غير الخمسمائة اية التى تعلقت بها لاحكام كاقل الحمل وقطع يد النباش وغيرهما . قال نور الدين وهذا مبنى على منع تبزي الاجتهاد قال وسيأتي ان الصحيح جوازه فلا يشترط عندنا العلم بجميع ذلك بل يكفي من ذلك معرفة ما يتعلق به الحكم الذي فيه النازلة ومن شروطه ان يكون عالما بالمسائل التي اجتمعت عليها الامة لئلا يخالف اجتهاده الاجماع لان الاجماع احد الادلة الشرعية كيا مر وهو مقدم على القياس فليس للمجتهد ان يخالفه فاذا كملت هذه الشروط في المجتهد جاز له الاجتهاد اجماعا حتى على مذهب من منع القياس اذ قد تقدم انهم انما يمنعونه في غير العلل المنصوصة اما اذا اختل منها بعض الشروط وكان عالما بشىء دون شىء كيا لو كان عالما بادلة النكاح دون غيرها او بادلة البيوع دون غيره او نحو ذلك وكان متقنا لما علم منها اتقانا تاما فهل يجوز له ان يجتهد في استنباط ما علم من الاحكام ام لا يجوز له حتى يكون عالما بجميع احكام الكتاب والسنة ذهب الامام الكدمي الى جواز ذلك ونسب هذا القول الى اكثر الاصوليين وقيل لا يجوز الاجتهاد في بعض المسائل دون بعص . _ ٣٧٢٣ قال نور الدين وهذه المسألة معروفة عندهم بتحري الاجتهاد قال والصحيح ما عليه الامام من جواز ذلك واعلم ان المجتهدين اذا اختلفا فاما ان يكون اختلافها في شيع من المسائل القطعية واما ان يكون في شيع من المسائل الظنية فان كان اختلافهما في شيع من المسائل القطعية فسيأتي ان المصيب واحد منهيا والآخر مخطي ء فاسق وان كان اختلافهما في المسائل الظنية والمراد بها مسائل الفروع التي لم يقم علي بيان حكمها دليل قطعي فمذهب اصحابنا من اهل عمان الا ابن بركة ومذهب ابي يعقوب من اهل المغرب وكثير من الاصوليين ان الصواب مع كل واحد من المختلفين وان حكم الله في تلك القضية التي اختلفوا فيها متعدد بحسب اختلافهم فحكمه عند كل واحد من المختلفين ما اداه اليه اجتهاده وذهب اصحابنا من اهل المغرب وابن بركة الى ان المصيب فيها واحد وان المخطىع غير آثم نظرا منهم الى منع تعدد حكم الله تعالى في القضية الواحدة فاثبتوا لمن اصاب الحق اجرين اجر الاجتهاد واجر الاصابة وجعلوا لمن اخطأ حكم اللله فيها اجر الاجتهاد ولم يؤتموه لعدم ورود القاطع في القضية ولكل واحدة من الطائفتين حجج سيأتي ذكر بعضها . قال نور الدين والخلاف بينهيا لفظي اذ لا ثمرة له وذهب الاصم وبشر المريسي الى ان الحق فيها مع واحد والمخالف له محطىعء احتج المصوبون للجميع بوجوه الاول انه قد تكرر الكلام بين الصحابة في المسائل الفروعية وظهر اختلافهم ظهور شائعا ذائعا فلو خطا بعضهم بعضا في ذلك وحكم بتاثيمه لنقل ذلك على حد نقل الاختلاف لأن الداعي الى نقل الخلاف هو بعينه داع الى نقل ما قيل فيه من التخطئة والتأثيم اما ما نقل عن ابن عباس فمن باهلني باهلته فهذا يحتمل المبالغة وانه اراد من زعم انى فيما قلت مخطي ع واثم فهو مخطىعء آثم فمتى باهلني بعد التخطئة باهلته واما قول علي لأبن عباس في نكاح المتعة انك رجل تائه فهذه انما يدل على ان الناظر اخطأ الارجح واما قول عائشة للمرأة التي سألتها بئس ما شريت وبئس ما اشتريت ابلغي زيدا ان الله احبط جهاده مع رسول الله ية فذلك يحتمل انها ظنت انه فعله مع اعتقاده للتحريم اذ لم يرو عن غيرها مثل ذلك فهذه الثلاث مسائل ابلغ ما روي مما ظاهره التخطئة ولم تظهر كظهور الاختلاف عنهم ولم تنقل كنقل الاختلاف فلا يجوز _ ٢٣٧٤ ان تجعل حجة على تخطئة المجتهد في الظنيات الوجه الثاني قوله تعالى ما قطعتم من لينة او تركتموها قائمة عى اصوفها فبأذن الله فانها نزلت في رجلين من اصحاب رسول الله ي جعل احدهما في حال حصاره لبني النظير يجتهد في افساد نخيلهم وقطعها وجعل الآخر يجتهد في تقويمها وتصليحها فنمي .خبرهما الى النبي مية فاستحضرهما وسألهيا عن شأنهيا ني ذلك فقال الذي كان يفسدها اما انا يا رسول الله فخشيت ان لا يحصل الاستيلاء عليهم فاردت ان لا ينتفعوا بها ان تقووا وقال الآخر وانا وثقت من الله تعالى بالنصر لرسوله فتبقى اراضيهم فيئا للمسلمين فتوقف ية في تصويب ايها حتى نزلت فيهيا الاية فصرح فيها بتصويب كل واحد منهيا الوجه الثالث قصة داود وسليمان اذ يحكمان في الحرث ففي هذه الآية ما يقتضي تصويب داود وسليمان معا الوجه الرابع قوله يلة اصحابي كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم ولو كان احد اقوالهم خطا لم يكن هدى واحتج القائلون باصابة واحد من المختلفين بوجوه منها انهم قالوا لا دليل على الحكم بالتصويب والاصل عدمه ورد بان الدليل على ذلك ما قدمناه من الاحتجاج ومنها انهم قالوا لو كان كل واحد مصيبا لزم كون الشيء حلالا حراما في حالة واحدة كيا لو تزوج شافعي مجتهد حنفية مجتهدة من غير ولي وكذا لو تزوجها يعده مجتهد بولي قبل فسخ او طلاق فيكون نكاحها حراما لاصابتها حلالا لاصابته . قال نور الدين ورد بان ذلك يلزمكم ايضا اذ لا خلاف في لزوم اتباع ظن والتحقيق ان ذلك كله يعمل فيه بحكم الحاكم فيرتفع نقيض ما حكم به ومنها ما روي عن السلف مما يدل على ان في الاجتهاد ما هو صواب وما هخوطأ مما روي عن اي بكر رضي الله عنه انه قال في الكلالة اقول فيها برأي فان كان صوابا فمن الله وان كان خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه وقال عمر رضي الله عنه لكاتبه اكتب هذا ما رآه عمر فان يكن صوابا فمن الله وان يكن خطا فمن عمر ويؤ يد ذلك قوله ية اذا اجتهد الحاكم فاصاب فله اجران واذا اجتهد فاخطأ فله اجر فحكم ي على بعض المجتهدين بالخطأ واجيب بان هذه الاخبار لا تعارض ما قدمنا من الادلة على تصويب جميع المجتهدين في الظنيات وذلك لأن هذه الاخبار لم تبلغ حد التواتر في نقلها والظني لا يعارض القطعي ولو سلمنا ذلك فليست بيمصرحة مما يزعمون فانه _ ٢٣٧٥ يحتمل ان قول اي بكر وعمر ارادا به ان قصرنا في اجتهادنا حتى ل نصب اقوى الامارات فخطا بامنا اي من تقصيرنا لا انه تعالى لم يرشدنا الى الاقوى فقد نصبها لنا لكنا قصرنا عن طلبها واما قوله ينة ان الحاكم ان اخطأ فله اجر فلعله اراد به ان حكم بخلاف مذهبه غير متعمد فله اجر فصل الخصومة دون اجر اصابة مذهبه وان اصابه فله اجران اجل الفصل واجر اصابة مذهبه واحتج القائلون بتاثيم المخطيع في الظنيات بما مر عن الصحابة كابن عباس وعائشة وغيرهما وقد مر جوابه واستدلوا على التخطئة بجميع ما استدل به القائلون بالتخطئة دون التاثيم وقد مر الجواب عن جميع ذلك حاصل المقام ان القائلين بتاثيم المخطيء جعلوا مسائل الظنيات كالمسائل القطعيات فجعلوا الرأي دينا . . قال نور الدين وهو خطأ عندنا معشر الاباضية واما القائلون بان المصيب في الظنيات واحد ولا اثم على من اخطأ فيها فقد مز انه لا خلاف بيننا وبينهم في المعنى وانما الخلاف في اللفظ فقط لانهم يسمون بعض المجتهدين في الظنيات مخطئا ونحن لا نسميه بذلك واختلف في جواز الاجتهاد في مسائل الدين التى ثبتت بالادلة القاطعة كمسائل الاعتقاد ووجوب الصلوة والصيام وغير ذلك مما ثبت بالادلة المتواترة وبالادلة العقلية فقيل لا يجوز النظر والاجتهاد فيها بل يجب التسليم |والتقليد . قال نور الدين ونسب هذا القول الى الحشوية وبعض المجبرة وقيل بجواز الاجتهاد فيها قال وهو الصحيح اذا لم يكن المجتهد قبل النظر والاجتهاد شاكا فيها قال حاصل المقام ان النظر فيها جائز والشك حجور فان كان الناظر المجتهد انما نظر ف القطعيات ليزداد طماأنينة وايقانا فاصاب وجه الحق فله اجر الاجتهاد واجر الاصابة وان اخطأ وجه الحق فيها فهو آثم هالك لمخالفته الادلة القطعية والدليل على جواز النظر والاجتهاد في القطعيات قوله تعالى افلا ينظرون الى الابل كيف خلقت (الآية) وقوله تعالى الم تر الى ربك كيف مد الظل وقد مدح سبحانه وتعالى خليله ابراهيم عليه السلام في قوله رب ارني كيف تحي الموق قال اولم تؤمن قال بلى ولكن ٢٧٦ ليطمئن قلبي واما دليل تاثيم وفسق من اخطا في الدين فيا علم بالضرورة من هلاك اليهود والنصارى والمشركين واما هلاك من اخطأ الحق من غير المشركين فلقوله مت ستفترق امتى على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة على ان المسلمين قد اجمعوا على تفسيق من اخطا في الدين وبيان ذلك ان كل فرقة من فرق الاسلام تفسق من خالفها فيما تدين به فظهر من ذلك تفسيق المخالف في الدين اجماعا ويلزم المجتهد ان ينظر في الادلة ويستخرج حكم القضية في حالتين احداهما ما ذا سأله سائل عن رأيه في تلك القضية وكان السائل محتاجا للعمل فيها والاخرى ما اذا شاء المجتهد ان يعمل في شيع مما يصح الخلاف فيه فانه يلزمه ان ينظر في اقوى الامارات ويأخذ بمقتضى ارجحها فان تعارضه معه الادلة ولم يمكنه الترجيح وجب عليه الوقوف ويلتمس الارجح ان رجى حصوله فان غلب في ظنه عدم وجود الارجح فقيل يطرحها جميعا ويرجع في تلك الحادثة الى حكم العقل وقيل بل يقلد الاعلم ان كان عنده ان غيره اعلم منه في العلوم كلها او الفن التي تلك الحادثة منه وقيل بتخيرواحدا من الادلة فيعمل به . قال نور الدين والصحيح انه يكو في تلك الحادثة بمنزلة الجاهل فيجب عليه اذا شاء العمل ان يأخذ بقول غيره فيها كيا يجب ذلك على الضعيف ويلزم المجتهد البحث فييا استدل به عن ناسخه ومحصصه اي ان كان العالم يستدل به حتى يعلم او يظن انه غير منسوخ ولا متاول بتاويل يخالف ظاهره وان كان عموما فيبحث عن كونه مخصصا ام غير خصص وحكي عن الصيرفي انه لا يجب البحث عن ذلك بل يستغني بما حضر في ذهنه قال صاحب المنهاج واذا وجب البحث فاعلم انه ليس يجب عليه استقصاء الاخبار بل يكفيه البحث في كتاب جامع لاخبار الاحكام وجملة الامر ان البحث على وجهين احدهما ان يوجب عليه استقصاء الاخبار الواردة عنه تيتو حتى يبق شيع مما روي عنه الا وقد اطلع عليه فلم يجد فيها ما مخصصيعلم او يظن انه دليله او ينسخه والتكليف بذلك شاق غاية المشقة بل لو قبل متعذر لم يبعد لكثرة الرواية عنه يلة والرواة حتى خرجت كثرة ذلك عن حد الضبط في تصحيح الرواية بالتعديل للرواة والنظر في المجروح والمعدول ومعرفة احوالهم قال وهذا الوجه لم ٢٧٧ يوجبه اهل التحقيق من علياء الاصول والفروع الى ان قال والوجه الثاني انه لا يجب عليه البحث الا فيا ظهر تصحيحة الى ان قال ثم انه لا يجب عليه البحث فييا عدا الآيات والاخبار الواردة في الاحكام الخمسة وقد جمعها اهل الحديث في كتب متفردة وزعموا انهم قد استقصوا فيها ما يتعلق بالاحكام حتى لم يبق شيء يدل بمنطوقه ولا بمفهومه على حكم شرعي الا وقد ذكروه فيا افردوه للاحكام فحينئذ لا يلزم البحث في غيرها لأن اخبارهم مثلا بان هذا الكتاب قد احاط باحكام باخبار الاحكام يفيد الظن القوي لظهور عدالتهم واطلاعهم واعلم انه لا يصح ان يصدر قولان متناقضان من عالم واحد لسائل واحد في وقت واحد وحادثة واحدة لتعذر اجتماع معتقدين متناقضين في محل واحد وجاز ذلك ان تكرر السؤ ال في وقتين اكوان السائل اثنين واذا اجتهد العالم في حادثة وجب عليه ان يلتزم ما رأى انه الصواب في حقه فاذا اراد الحكم فيها لزمه ان يحكم فيها بما اداه اليه اجتهاده ولا يصح له ان يعدل عن اجتهاده فيحكم بغيره وكذلك لا يصح له ان يعمل بغيره فان حكم او عمل بغير ما اداه اليه اجتهاده بطل حكمه بذلك اتفاقا واذا اجتهد المجتهد في حداثة فرأى جوازها فعلم به ثم تغير اجتهاده فرأى انها حرام فانه يحجر عليه الاقامة على ذلك الفعل ففعل او رأى ان الطلاق ثلاثا بلفظ واحد لا يقع الا واحدة او نحو ذلك فعمل .بما رأى ثم رأى بعد ذلك ان ذلك العمل فعل حرام لزمه ان يترك زوجته . قال نور الدين وهذا مبني على ان الاجتهاد ينقض الاجتهاد وهو الصحيح وقيل ان الاجتهاد الآخر لا ينقض به الاجتهاد الاول وانما يلزمه العمل به فى مستقبل .استمرارهبعل لا فمنفيا ابتدأهايالاوقات فقط قال نور الدين ومحل النزاع انما هو في الاشياء المستدامة كالاستمتاع بالزوجات لا في الاعمال الماضية فانه من عمل باجتهاده في صحة الوضوء او الصلوة او الحج لا يلزمه قضاؤه وان تغير اجتهاده اتفاقا قال وهذا فرع على هذه المسألة وهو انه اذا رجع المجتهد عن اجتهاد كان قد قلده فيه مقلد هل يلزمه اعلام مقلده بالرجوع ام لا فقيل انه يلزمه ذلك ليرجع المقلد الى قوله الآخر حيث هو مستلزم لمذهبه في رخصه _ ٢٧٨ وعزائمه وهذا مبني على القول بان الاجتهاد ينقض الاجتهاد وقيل لا يلزمه اعلام مقلده بالرجوع لانه عامل في ذلك بقول من اقوال المسلمين وله ان لا يرجع عنه وان .اللله عنهرضيغسانالاماموهو مذهبالمفتىرجع قال نور الدين وقد عرفت مما مر ان الخلاف في نقض الاجتهاد باجتهاد اخر انما هو فييا يستدام من الاعمال وهو ها هنا كذلك فلا يلزم العامل اعلام مقلدة فيما فات اتفاقا ولا يصح لمن اطاق الاجتهاد في شيء من المسائل الظنية ان يقلد غيره فيها ولو كان الغير اعلم منه او صحابيا بل يجب ات ينظر لنفسه ما هو الحق في حقه ويحرم عليه تقليد غيره سواء اجتهد في تلك الحادثة فظهر له الراجح فيها ام لم يجتهد وقيل لا يحرم تقليد المجتهد لغيره قبل ان يجتهد في تلك الحادثة فاذا اجتهد فيها ورأى الراجح حرم عليه تقليد غيره قيل اتفاقا وحكى بعضهم الخلاف فيه ايضا وقال ابن حنبل والثوري بل يجوز له ذلك مطلقا اي سواء كان المقلد اعلم منه او ليس باعلم صحابيا كان او غير صحابي خاف ان يفوت الوقت باشتغاله بالاجتهاد او لم يخف لقوله تعالى فاسألوا اهل الذكر } ورد بانه قيد ذلك بقوله ان كنتم لا تعلمون والمجتهد يمكنه العلم وقال حمد بن الحسن بوز تقليد الاعلم فقط لأن الظن بصواب من هو اعلم منه اقوى من الظن بصوابه ورد بانه رجوع عن الواضح الى المشكل وقيل انما يجوز له تقليد الصحابي لا غير لقوله يلة اصحابي كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم ورد بان ذلك انما هو في حق من يصح له التقليد اما المجتهد ففرضه العمل باجتهاده ويجوز لمن لا قدرة له على الاجتهاد ان يقلد العالم المجتهد بشرط ان يكون معروفا بالعلم والعدالة بل يجب عليه تقليده اذا شاء العمل في القضايا التى لا يعرف الحكم فيها لقوله تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون فلو لم يكن تقليد العامي للعالم جائزا ما امر العوام بسؤ ال العلياء وظإهر الامر للوجوب فهو واجب عند الحاجة اليه وقيل لا يجوز التقليد في العمليات بل يجب عليه ان يساءل العالم لينبهه على طريق الحكم لأن العامي يمكنه العلم فلزم تكليفه به كالعالم وقيل انما يجوز التقليد في العمليات في المسائل الظنية لا القطعية لان الحق في المسائل القطعية مع واحد فلا يأمن المقلد فيها ان يقلد المخطيعء فيكون اقداما على ما لا يؤمن قبحه ورد بانه لأووجبنا على العامي _ ٢٣٢٧٩ ان يميز بين المسائل القطعية والظنية من الفروع لكنا قد الزمناه علوم الاجتهاد والاجماع على انه لا يلزمه اما كونه لا يامن خطأ من قلده فكذلك لا يأمن ان المجتهد في الظنيات ليس عليه ولم يفته بما هو الحق عنده حاصله ان العامي مأمور بابتاع العلياء وذلك هو فرضه في المسائل الظنية فلا اشكال فيه لصواب جميع المجتهدين واما ي المسائل القطعية ففيه اشكال من حيث ان الخطأ فيها غير معقول لوجوب الاخذ بالحق فيها اجماعا لكن المسئلة حينئذ قدرية فاذا طابق اعتقاد العامي الحق بتقليده اهل الحق واتباعه لهم كان ذلك بتوفيق الله له وان خالف ذلك فهو من سوء حظه والله سبحانه وتعالى لا يسئل عيا يفعل وهم يسئلون . قال نور الدين والحجة لنا على جواز تقليد العوام للعلاء تواتر اجماع السلف جواز ذلك قولا وفعلا وتقريرا ورضى . قال نور الدين اما قول اصحابنا في منع التقليد فمرادهم به العمل بقول الغير من غير مبالاة اصاب ذلك الغير ام اخطا والتقليد بهذا المعنى حرام اتفاقا اما بالمعنى الذي اردناه وهو الاخذ بقول الغير مع ظن الصواب والتماس الحق فالاصحاب متفقون على جوازه في الظنيات وكذلك في القطعيات ان وافق الحق واعلم انه يجب على المقلد البحث عن حال المفتي في الصلاحية للفتوى وهل هو جامع للاجتهاد والعدالة ام لا وقيل لا يلزمه ذلك اذ لا طريق له الى تحقيقه والاول اصح ويجوز لضعيف العلم حكاية قول العالم في الاحكام بلا خلاف بين العلياء لأن ذلك ضرب من الاخبار ولا خلاف في صحته عند الضبط والاتقان لكن الخلاف في جواز افتاءه بقول العالم الذي اخذ عنه تلك الفتيا وذلك بأن يسوق الكلام مساق الجزم بالحكم فيقول هذا حلال وهذا حرام مثلا فقيل بجواز ذلك مطلقا واشترط بعضهم في هذا القول ان يكون المفتي انما يعني بنص قول امامه وقيل لايجوز مطلقا لانه ليس اهلا للافتاء وقيل ان كان مطلعا على ماخذ امامه جاز له ذلك وقيل اتما يجوز للمخرج الافتاء بتخريجه عند عدم المجتهد لا مع وجوده في تلك الناحية اذ لا يجوز العمل _ ٢٨٠ بالاضعف مع امكان الاقوى والصحيح ان فتوى الضعيف بنص عبارة المفتى جائزة في غيبة المفتي وفي حضرته عرف عدلها او لم يعرف اذا كان متثقا بمن اخذ عنه لان ذلك ليس باشد من عمله فاذا جاز له ان يعمل بقول المفتي جاز له ان يفتي به اذ لا فرق بينهيا واعلم ان تقليد العامي لعالمين فصاعدا اما ان يكون تقليده لهما في شيء واحد او في شيئين فان كان فى شىء واحد فاما ان يتفق قولها في تلك الحادثة واما ان يختلفا فيها فان اختلفا فلا يصح تقليدهما في حال واحد معا اتفاقا لان تقليدهما معا في تلك الحادثة وذلك الحال مفض الى التناقض لأن احدهما بوز له الاقدام مثلا والآخر يمنعه وان اتفقا في تلك الحادثة ففي جواز تقليدهما خلاف . قال نور الدين والصحيح عندنا جوازه لأن الظن بصواب عالمين اقوى منه بصواب عالم واحد وايضا فلو لم يصح تقليد عالمين اذا اتفقا لم يصح تقليد ثلاثة اذا اتفقوا وكذا الاربعة وكذا الخمسة فيؤ ل ذلك الى ابطال حجية الاجماع رأسا وهو خلاف المشروع وان كان تقليده ليا في شيئين فصاعدا او في حالين فالصحيح ايضا عندنا جوازه سواء كان قد التزم مذهب عالم من العلياء او لم يلتزمه فيصح له ان يأخذ من هذا العالم مسئلة ومن الآخر اخرى وهذه المسئلة معروفة عندهم بمسألة الانتقال امام اخر .امامه الى مذهبمن مذهب قال نور الدين وحجتنا ان كل مجتهد مصيب فلم يحرم علينا في الشرع الا الانتقال من الصواب الى الخطأ لا من صواب الى صواب فلا مقتضى لتحريمه لا عقلا ولا شرعا اذا يصير كالواجب المخير وانما الخطر في ذلك على القول بان الحق مع واحد والمخالف مطيع وقد بينا بطلانه وقيل ليس للمقلد الانتقال بعد الالتزام مذهب امام ال مذهب امام اخر لغير مرجح لانه اختار المذهب الاول ولا يختاره الا وهو ارجح من غيره عنده فليس له الخروج عنه كيا ليس للمجتهد الانتقال عن اجتهاده لغير مرجح وهذا مما لا خلاف فيه في حق المجتهد ولا علة لتحريمه الا كونه خروجا عيا قد اختاره لغير مرجح للخروج فكذلك خروج المقلد لغيره ونسب هذا القول الى الاكثر قالوا وتحجويز ذلك يؤدي الى التهور في الاعمال الشنيعة وتتبع الشهوات بان يختار لنفسه من الاقوال ما يؤديه الى نيل شهوته لا لكونه دين الله . _ ٢٨١ قال نور الدين وهذا كله مما لا دليل عليه فان السلف من الصحابة ومن بعدهم كانوا على خلاف ذلك فان المعلوم من حال الصحابة انهم لم يلزموا من ساءل واحدا منهم عن حكم واحد وعمل بفتواه ان لا يساءل غيره عن غير ذلك الحكم ولا انكووا عليه ذلك ولا نقله احد لا عدل ولا غير عدل ولو وقع لنقل واشتهر لانه مما تقضي العادة بنقله وكذلك في زمن التابعين ومن بعدهم الى وقتنا هذا فكان اجماعا على جوازه اما قياسهم المقلد على المجتهد فممنوع لوجود الفارق بينهيا وهو ان المجتهد اذا تبين له الراجح منع من العدول عنه لكونه حكم الله في حقه وحال المقلد بخلاف ذلك فان اخذه بقول العالم ليس طريقا الى معرفة الراجح وانما هو اختيار منه لكون اقوال جميع المجتهدين صوابا نعم نمنع الانتقال من مذهب الى مذهب لمجرد التشهي والحظوط العاجلة لان ذلك يؤدي الى الانهماك في الرخص وعدم المبالاة بالديانة حتى ان اصحابنا رحمهم الله منعوا من افتاء طالب الرخصة قبل الوقوع فيها وما ذلك الا لخوف التساهل في الديانة وطلب الحزم في امور الدين والنجاة للمسلمين واذا تعدد المجتهدون واختلفت اقوالهم وكان فيها الفاضل والمفضول فقال ابن الحاجب وغيره يجوز للمستفتي ان يقلد غيره الافضل ولا يلزمه ان يتحرى الاكمل في ا لعلم المصحح ف كل واحد منهموالورع اذا كانوا جميعا اهل اجتهاد وعدالة اذ قد حصل وقيل بل يلزمه تحري الاكمل في معرفة علوم الاجتهاد . قال نور الدين والصحيح جواز تقليد المفضول مع كمال اسباب الاجتهاد والثقة بعدالته وسكون القلب الى فتواه والدليل على ذلك ان الافتاء قد شهر في زمن الصحابة من جماعة فيهم الفاضل والمفضول ولم ينكر احد منهم افتاء المفضول ولم يعنف سائله ولو كان ذلك غير واسع للناس ما سكت عليه الصحابة فهو اجماع على جوازه منهم واذا وجد السائل عالمين احدهما اعلم والآخر اورع فقد اخلتفوا هل الاعلم اولى ام الاورع فقيل الاعلم لقوة معرفته مأخذ الحكم وقيل الاورع لجده واجتهاده في توفية الاجتهاد حقه وتوقي التقصير . قال نور الدين والصحيح الاول اذا كلمت عدالته لان العدالة تصونه من التقصير فاذا استوى المجتهدون في العلم والفضل فقيل ان السائل يخير ي الاخذ بايها ٢٨٢ شاء كالمجتهد اذا تساوت معه الدلالات وهو مذهب على بن عزرة والحسن بن احمد وقيل بل يأخذ بالاخف في حق الله تعالى لقوله تعالى يريد الله بكم اليسر وبالاشد في حقوقنا لانه احوط وقيل بل ياخذ باول فتيا لانه بسؤاله قد لزمه قبوله وقيل بل يخير ني حق الله تعالى لقوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج واما في حق العباد فيأخذ بالحكم لترتفع الخصومة وقد اختلف الاصوليون في صحة الاجتهاد في عهده ية فقال الاكثر من العلياء بصحته في غيبته ومنهم من منع الاجتهاد في عصره يلة ني الغيبة والحضرة لامكان الرجوع اليه بالمشافهة او المراسلة ولان الاجتراء بالاجتهاد مع وجود النبي ية اجتزاء بالظن عن العلم . قال نور الدين والصحيح ان الاجتهاد في عهده ية جائز وواقع والدليل على ذلك ما روي انه يلة امر بلالا فاذن في الناس من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر الا في بنى قريظة فسار الناس اليهم وقد شغل جماعة من الصحابة بما لم يكن لهم منه بد عن المسير لبني قريظة ليصلوا بها العصر فاخروا صلوة العصر الى ان جاءوا بعد عشاء الآخرة امتثالا لقول يلة لا يصلين العصر الا في بنى قريظة فصلوا العصر بها بعد عشاء الآخرة وبعضهم صلى العصر في وقتها في اماكنهم وقالوا ما يريد رسول الله يل منا ان ندع الصلوة وتخرجها عن وقتها وانما اراد الحق على الاسراع فيا عابهم الله في كتابه ولا عنفهم رسول الله يلة لان كلا من الفريقين مجتهد وكذلك ما نقل من تقريره ية للرجلين حدهما يقطع اللينة من بني النظير والآخر يصلح ذلك ونزلت الآية بتصويبهيا وكذلك ما نقل من خبر معاذ حين وجهه تلة الى اليمن وقد قال اجتهد برأيي واقره يو واختلفوا في امكان خلو الزمان من مجتهد يرجع اليه عند الحادثة فقيل جائز ان يخلوا الزمان من مجتهد . قال نور الدين واختاره البدر وهو الصحيح قال واظن انه مذهب الجمهور وقيل لا يجوز خلوه من مجتهد ونسب هذا القول الى الجبائي والحنابلة وقال ابن دقيق العيد لا يجوز خلو الزمان من المجتهد ما ل يتداع الزمان بتزلزل القواعد فان تداعى بان بانت اشراط الساعة الكبرى كطلوع الشمس من مغربها وغير ذلك جاز الخلوعنه _ ٢٨٢ والمنع من خلوه مطلقا هو مقتضي مذهب من منع تقليد الميت لانه اذا منع من تقليد الميت وجب ان يكون في كل زمان مجتهد يجوز للناس اخذ دينهم عنه لقوله تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ولا يأمرنا تعالى ان نساءل غير موجود . قال نور الدين ونحن لا نمنع من تقليد الميت بل نجوزه فلذا يجوز خلو الزمان من المجتهد واعلم انهم اختلفوا في جواز تقليد الميت على ثلاثة مذاهب فقيل بجوازه مطلقا وقيل بمنعه مطلقا وقيل ان افتاه في حياته بقى على تقليده فيما كان افتاه به وان مات ولم يسمع الفتوى منه في حياته وانما نقلت اليه بعد موته فلا يجوز له تقليده حينئذ اذ لا يعقل تقليد من قد سقط عنه التكليف بالموت ومحل الاجتهاد حادثة لم يوجد فيها حكم عن الله تعالى في كتابه ولا على لسان رسوله ولم ينقل في حكمها اجماع من المسلمين فان كان في الحادثة شيء من الاحكام الثلاثة وجب اتباعه وحرمت مخالفته اجماعا وان لم يوجد فيها حكم من الاصول الثلائة وجب هناك الاجتهاد على من اطاقه من الامة وفيها لزم العامي التقليد اذا شاء العمل والقضية المنصوص على حكمها لا يصح فيها الاجتهاد لاحد وان نظر في اصوفها فانما غاية نظره العلم بحكمها من اصلها والتسليم لها ولا يصح خلافها بخلاف القضية الخالية من النصوص والاجماع وتوضيحه ان الاجتهاد في القطعيات وان جاز لا يكون جامعا لاحكام الاجتهاد وانما يجوز لاجل الاطمئنانية واليقين والاجتهاد في الظنيات مستكمل لاحكام الاجتهاد والله اعلم . تم نسخ الجزء الاول من غاية المأمول ني علم الفرو ع والاصول بقلم مصنفه ‏ ١٣٧٦هجرية ببيتالعبد له محمد بن شامس البطاشي ‏ ٢يوم عشرين المحرم سنة البديعة من بلدة المسفاه . ٢٨٤ الصفحةالموضوع القدمة .............................................................أ خطبة الكتاب ...........................................................‏١ كتاب أصول الدين _ باب العلم ..........................................‏٣ باب أقسام السؤال ........................................................‏٧ الألفاظ الممتنع بها السؤال عن الله تعالى .....................................‏٩ باب الاجتهاد والفتوى ....................................................‏١٠ ‏١٥....................................................باب الخطا في الفتوى باب في الجهل وفيما يسع جهله وفيما لا يسع جهله .........................‏١٧ باب فيما يجب تركه من المحرمات ..........................................‏٢. باب في جهل ضلالة المصر ..............................................‏٢٤ ‏٢٥باب فيما تقوم به الحجة فيما لا يسع جهله ................................ باب في بيان الجملة وتفسيرها وما يشتمل عليها وكيفية لزومها ..................‏٢٦ باب في تفسير الجملة ....................................................‏٢٣٤ ‏٣٢٣......................................................باب التوحيد باب البراهين العقلية الدالة على نفي الاشباه والشركاء عن الله تعالى .............‏٣ باب في صفاته تعالى الواجبة له والجائزة عليه ................................‏٣٦ ‏٤١باب في نقي الرؤية عنه تعالى .............................................. باب في تفسير ألفاظ تعلقت بها المشبهة في الكتاب والسنة ...................‏٥٠ _٢٣٨٥ الصفحةالموضوع ‏٥١باب الصفات الجائزة في حقه تعالى ........................................ ‏٥٢٣باب فيما يجب للرسل وما يستحيل عليهم وما يجوز في حقهم ................. باب في تفضيل الأنبياء بعضهم على بعض .................................‏٥٧ باب في نسخ شرائع الأنبياء بشريعتنا ......................................‏٥٩ باب في ذكر الملائكة ....................................................‏٦٠ باب في الكتب والايمان بها ................ ...............................‏٦٤ باب في خلق القران .....................................................‏٦٥ باب المحكم والمتشابه ....................................................‏٦٧ باب في عذاب القبر .....................................................‏٧٤ ‏٧٤..........................باب الوعد والوعيد ث ذكر الموت والبعث والحساب باب الحساب والجنة والنار ................................................‏٧٨ باب الميزان والصراط .....................................................‏٨٢ باب الشفاعة .....................................................‏٨٣ باب الخلود في الجنة ..................................................‏٨٤ باب القضاء والقدر ........................ .......... ..................‏٩٣ ‏١٠١باب الايمان والاسلام ................................................. ‏١٠٤باب الولاية والبراءة ...................................................... باب في وجوب الولاية والبراءة وأقسامهما ...................................‏١٠٥ ‏١٠٩...........................................باب الولاية والبراءة بحكم الظاهر باب في أحوال الولى بحكم الظاهر ........................................‏١١٢ . ٢٨٦ الموضوع باب في أقسام الوقوف وأحكامه ................ .....................................الصغائر والكبائر من الذنوبباب ف باب في ذكر شىء من الكبائر وفي أحكام القاذف باب في انقسام الكبائر إلى كفر حجود وكفر نعمة ء ...............................................الفقهاصولكتاب الركن الأزل فى مباحث الكتاب ................ .........................وأحكامهالخاصباب _ ٢٨٧ ............................................ذكر المشتبه ................................باب فيما يختلف في اجماله باب حكم المجمل ........................................ .....................................باب ا لحقيقة وا مجاز شرعي ولغوي وعرفي ...................‏ ١مجاز إل‏ ١نقسامباب ...................................الجازباب أحكام _ _ ٢٨٨ ٢٥٠..............الصريح والكناية ...................................مبحث مبحث دلالة اللفظ على الحكم ............................ خ ................................باب النس الركن الثاني فى مباحث السنة ............................. باب بيان أنواع الوحي .................................. ة ....................................حاء الاجماع ...........................مباحثالركن التالث ف ذكر أهل الاجماع ........................................ ‏٠......................................الا جماعذكر شروط ٢٨٩ الركن الرابع في مباحث القياس ................................ مبحث الأصل والفر ع وشروطهما ............................. الحكم .........................شر عمنالمقصودذكر حصول ٣٢٣٠...........ذكر انقسام كل واحد من الحكم والعلة إلى الجنس والعين ..... ... ذكر طرق العلة المنصوصة .................................... ذكر طرق العلل المستنبطة .................................... ٣٤٠........... ..........................مباحث الاستدلالالركن الخامس ف _ ٢٩٠ باب في وجوه الترجيح .................................. ............................جهة الاسنادبيان الترجيح من بيان الترجيح من جهة الحكم ............................ _ ٢٣٩١