قراءات في فكر السالمي حصاد التندوة التي أقامها المنتدي الأدبي الفترة من ٤-٠ ربيع الأخر ٤٤١٤ ٠ه / الموافق ٠-۲ توفمبر ۱۹۹۲م الطبعة الثانية ‎p۳ /EYY‏ يسيم الله الرحمن الرحيم» كلمة معالي الشيخ / محمد بن عبدالله بن زاهر الهنانى «وزدر الزراعة والثروه السمكيه ›. راعی الندوه». الحمد ل رب العالمين والصلاة والسلام على الهادى الامين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اصحاب المعالي ... اصحاب السعادة ... العلماء الاجلاء ... اسرة المحتفى به ... ايها الحضور الكريم ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : اما يعد ... فانه لمن دواعي السرور أن نجتمع لنحتفى بتكريم علمائنا ونعترف لهم بالفضل لا قدموه من فكر وعلم أنار لنا الطريق وأرشدنا الى سيل الصلاح حيث مكنهم حسهم الفائق من أن يروا في حياتهم ذلك المستقيل الذى عملوا من أجله نبراسا لأجيالهم اللاحقة ومنارة فكر يهتدى بها من بعدهم لاصلاح مجتمعاتهم على نهج ترعاه الهداية وتقومه العقيدة. ولقد افرزت كل مرحلة من مراحل التطور التاريخى ثقافتها التي تعبر عنها وفكرها الذي يرسم طريق الامم وينير معالمها ... وقد كان الشيخ السالي المحتفى بتكريمه أحد الاعلام البارزين ف رسم معالم الفكر العماني لتلك المرحلة والمراحل التى تلتها ولا نزال نترسم نتاجه الفقهي وربي اجيالنا على مناهجه. ويعتبر الفكر اللينة الاولى للتأسيسات الحضارية والمعين الذى يغذي المجتمع لاجيال متلاحقة مؤهلة لأن تلعب دوراً ساسياً في البناء الحضاري والرقي بالانسان وهو السمة التى اتسم بها العمانتيون من بداياتهم الاولى لتأسيس عمان وتأهيلها لتلعب ادوارها التاريخية عبر الحقب الماضية. ان تكريم أعلام الفكر والعلم سمة حضارية ولفتة كريمة لابد من اللوقوف عندها والحث على استمراريتها وهى منهاج صحيح لتعريف مجتمعنا بحضارته وفكره وأجياله وتراثه وأدبه وجذوره الاولى وهو يستعد لدخول بوابة القرن الحادي والعشرين متكا على ماضيه المشرق ليصنع مستقبله المضىء. ان مناسبة كهذه تتيح لنا الفرصة لقراءة التاريخ العماني › ماضيه وحاضره في شتى المراحل والحقبء وكل قراءة تعتير اضافة جديدة لمسيرتنا نحتاج إلى التوقف عندها لناخذ منها فكرها ومعرفتها وحكمتها. ونحن اذ نحتفي بتكريم العلامة الشيخ/ نور الدين السالمي - طيب الله ثراه ‏ فاننا نرجو أن يكون على القائمة عدد من العلماء الاخرين في طريقهم للتكريم. وفقنا الله ما فيه الخير والصلاح . وبارك لعمان في باعث مجدها العظيم وراعي حاضرها السعيد وباني مستقبلها المشرق حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان. والسلام علبكم ورحمة أله ویرکاته ‎e‏ كلمة سعادة رئيس المنتندی الحمد لله العل مكانُه ... المذير برهانه ... واشهذ أن لا اله الا الله ... وان محمدا رسول الله وبعد ا معالي الشيخ محمد بن عبدال بن زاهر الهنائي وزير الزراعة والثروة السمكية راعي الندوة .. اصحاب السمو والمعالي ... اصحاب السعادة .. اسرة المحتفى بذكراه ... ايها الجمع الكريم ... إنه لمن يمن الطالع أن يأتي احتفالنا الثقاقي هذا بذكرى العلامة المحقق نور الدين السالمي ونحن تعيش هذه الأيام فرحتنا الكبرى بالعيد الوطني الثانى والعشرين المجيد . بروح وثابة تغمرها طموحات الثقة والامل . فكل أحلامنا الجميلة التى صورتها بالامس نهضة قابوس المباركة أضحت واقعاً ملموساً تسري ف نفوسنا كالندى الشذي يلامس أغصان الاشجار العطشى لتدب ف أوصالها روح الحياة فتمرح وتخضل. معالى الشيخ محمد بن عبدالل بن زاهر الهنائي وزير الزراعة والثروة السمكية راعي حفلنا الثقاقي هذا ... اصحاب السمو والمعالي ... اصحاب السعادة ... اسرة المحتفى بذكراه ... أيها الحضور الأفاضل ... وانه لا يخفى للعيان أننا قطعنا - والحمد لله شوطاً أكبر من ذلك » حينما اضحت النهضة العمانية المعاصرة نموذجاً فذا للوجه الجميل الحسن ء بين ابناء امتنا واصدقائنا » وكما يعلم الجميع فان مسئولية هذا النموذج تتعاظم كل يوم على كواهلنا › بقدر الآمال المعقودة على أيناء هذه الامة كما جاءت تجربتنا الايمقراطية في مجلس الشورى وعلاقاتنا الودية والمتميزة مع الجوار لتؤكد على اصرار القائد المفدى جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم على دعم هذه التجارب لتكلل بكل مقاييس النجاح ومفاهيمهء ف إطار نهضة علمية تقنية , تتميز بطابع اعلامي قادر على الاحاطة بالمكان بأبعاده الشاسعة , وبالزمان ف أدق لحظاته ... نهضة تضع على قائمة أولوياتها بناء الانسان العماني القادر على إدراك النتائج المترتية على سلوكه وتصرفاته ليعرف كيف يتصرف بحسب الأولويات وكيف ينهض بواجبه بالتضامن من أجل تحقىق الرخاء والرفاء لمجتمعه ولأمته . معاي الشيخ محمد بن عبدالله بن زاهر الهنائى وزير الزراعة والثروة السمكية راعي ندوتنا المباركة هذه ... اصحاب السمو والمعالي ... اصحاب السعادة ... اسرة المحتفى بذكراه ... أيها الحضور الأفاضل واننا إذا كنا ندرك أن عصرنا هذا هو عصر تفجر المعارف الانسانية واننا في السلطنة نعي تماماً ما يدور حولنا فان أمرا مثل هذا وذاك يجب أن يدفعنا بصدق إلى أن نكرم من سبقونا من أعلام الفكر والانسانئية حين صاغوا لنا بجهودهم الخلاقة نسيجا تراثيا نظموه ف قلائد تراث حضاري مشرق , راجين أن يكون التكريم ليس احتفاء فحسب بمقدار ما هو وقفة تأمّل ومراجعة للنفس نتعرف من خلالها أين نقف وكيف نخطط ف انطلاقتنا للمستقيل؟ معالى الشيخ محمد بن عبدا بن زاهر الهنائى وزير الزراعة والتروة السمكية راعي الندوة ... اصحاب السمو والمعالى ... اصحاب السعادة ... اسرة الحتفى بذكراه ... ايها الجمع الكريم . “۸ لقد كان المرحوم السالي وأقرانه من علماء عمان يؤمنون أن التاريخ لا يرضى للعلماء الزلل والسقوط في حنايا المتاهات ... بل يريدهم أن يكونوا منزهين فوق كل الشيهات جريئين مصداقين لا يتراجعون عن قول الحق مهما كان الثمن . فاذا زلت أقدامهم فتلك جريرة مايعدها جربرة . وموقف ما بعده موقف ... فانصرفوا عن الدنيا ... وأقبلوا على الأخرى ... وكانت علاقتهم بين هذه وتلك كمن يعد العدة للرحيل من دار فائية إلى أخرى باقية ... والسالمي الذي نحتفل يذكراه لخيبر مثال على هذا النموذج من العلماء العمائيين ء فقد كان - برحمه الله - ... ميارك الطلعة وقوراً ثييلاً مهيبا انصرف إلى العلوم الدينية والفقهيه واللغويه . فامتطى صهوتها › ولانت له عريكتها برع فيها ونال شهرة عظيمة ... لم بؤثر عنه الا العفة ... حمل نفسه على المركب الخشن › إيثاراً للمروءة ... والتزم هذا فلا هدنة مع المنكر ... ولا تهاون ف تطبيق حدود الشرع ... كان - برحمه الله - كما كان علماؤنا طرازاً خاصاً من الناس ف نقاوة قلوبهم وطيب سريرتهم . ومحبتهم للخير . واستعدادهم الفطرى لمساعدة كل محتاج ... يكرهون التعصب والجمود ويؤمنون بأن الثقافات ف تجدد وتلاحم ... وان,العلم يأتي بالجديد مع كل لحظة. وإنني فق خنام كلمتى هذه لأرجو الله أن نكون في هذه التظاهرة العلمية قد حققنا الهدف ورددنا جزءاً من جمىل طالما طوق اعناقنا كما يسعدنى في ختام كلمتي هذه أيضا أن أتوجه بالشكر لمعالي الشيح محمد بن عبداه بن زاهر الهنائى وزير الزراعة والثروة السمكية الذي تفضل برعاية هذا الحفل التكريمي ... كما اخص بالتقدير الجهود المتواصلة التى بقوم يها صاحب السمو السيد فيصل بن علي بن فيصل آل سعيد وزير التراث القومي والثقافة في ۹ رسم معالم الطريق أمام المنتدى الادبي › وتسديد خطواته بتعليماته القيمة . وملاحظاته الدقيقة ... واتوجه بالشكر الى سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة على اضاءته التي يشارك فيها ضمن هذا الملتقى الفكري ٠ وأرحب بضيوف المنتدى الأفاضل فضيلة القاضي اسماعيل بن علي الاكوع من اليمن وفضيلة الشيخ ناصر بن محمد المرموري من الجزائر والدكتور احمد درويش من جمهورية مصر العربية ٠ ويبقى السالمي علامة مضيئة ف دروب الفكر العماني ونجماً يتألق ف سماء الملعرفة وتبقى مؤلفاته مصدر اعجاب المفكرين من دارسين وباحثين ومحققين ويبقى - رحمه الله الى ماشاء الله المعلم المرشد 4 والمؤمن المدرك والمؤرخ الموثق , وختاماً أدعو الل - جلت قدرته - أن يجعلنا ممن قال فيهم وهو أصدق القائلين ... بسم الله الرحمن الرحدم : (وآخر دعواهم ان الحمد لله رب العالمين) والسلام عليكم ورحمة الله وىرکاته. يسم الله الرحمن الرحيم كلمة الشيخ / سليمان بن محمد السالمي الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نيي بعدهء وأشهد أن لا إله الا الله وأن محمداً عيده ورسوله َي . قال الل تعالى <« من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا اله عليه وأكبر فخر لي بأنك لي أب وأعظم نعت لي بقولك ذا ابني أيي واذا ما قلته فكأنما أتادي وأدعو ياملاذي آياركني لقد كان - رحمه اتةه - من الذبين قطعوا علائقى الشهوات وأسرجوا مراكب المجد بصدق العزمات واتجهوا الى الله بصالح العمل واخلاص النية. وتوسلوا اليه بصفاء القلب وصدق الطوية . فمروا بالخضرة الذاتنة مسبحين. وعن الحطب اللاهب مستعيذين. فلم يعبأوا بالعقباتء ولم يلتفتوا الى المغريات. صانوا وجوههم عن الابتذال وطهروا أقدامهم من الأوحال . استعائوا بال على صعوبة الطريق. فذلل لهم صعابهء وعلى يعده فلملم لهم رحابه. فلما اجتازوا الصعاب ساألوا الله فتح الباب. فلما استطابوا المقام بعد حلول السرى قالوا : الحمد نل الذي صدقنا وعده. أولئك أحياء الله صدقوه العهد فصدقهم الوعد ومحضوه الحب فمنحهم القرب. من آنست نفسه بالل لم يجد لذة في الأنس بيغيره. ومن أشرق قلبه بالنور لم يعد فيه متسع للظلام. ومن سمت روحه بالتقوى لم يرض الا سكنى السماء. ومن أحب معاي الأمور لم يجد مستقراً إلا في الجنة. ومن أحب العظماء لم يقنعه إلا أن يكون مع محمد يَيٍ. و من أدرك أسرار الحياة لايرى جديراً بالحب إلا الله. ان فقيدنا الكبير أجزل الله ثوايه وأعلى عنده مقامه - رحمه الله - کان شدید التحسس لأمراض مجتمعه . مدرکاً لکری مشكلاته متابعاً بعقله وقلبه لأهم قضاياه السياسية والاجتماعية منذ أن كان طالباً للعلم حتى آخر أيام حياته. وكان وعيه الاجتماعي يزداد مع مرور الأيام قود وعمقاً وفهماً واستيعاباً. لقد كان شديبد التحسس لا يهدد المجتمع الاسلامي في بلادنا العربية ويي غبرها من غزو عقائدي. وما يدور في البيئات المثقفة من شُبه خول الإسلام . ومن افتراءات وتشويهات دسها المستعمرون والأعداء › وكان يشعز بمرارة ما ران على المجتمع منذ عصور من مظالم اجتماعية تتحمل وطأتها الكثرة الكاثرة من جماهير الشعب الساذج المؤمن , الذي كان واحداً من أفراده. وماكان عليه العرب في عصره من تبعية لغيرهم والانتمار وارتسمت في ذهنه صورة واضحة لكبرى مشكلاتنا الإجتماعية والفكرية والسياسية. فانطلق يعالجها بثقافته الاسلامية الواسعةء وحسن فقهه الدين. وبحسه المرهف وإخلاصه الشديدء وخبرته التي دونها كل عاطفة من عواطفه. فعالجها بعمله الدائب ونضاله المستمر يي جميع الميادين السياسية والفكرية والاجتماعية بحماسة نادرة وجرأة لاتعرف حداء واخلاص شديد وصدق وصراحة لاتعرف المجاملة. ومن هنا كانت الخصومات حوله من وجهة النظر وطرىق الإصلاح في أسلوب أو نقصان الوعي لمشكلات الحياة والبعد عن فهمها. كان - رحمه الله - فاهماً للاسلام أحسن الفهم . مدركاً لمراميه ومقاصده عارفاً من خلال اطلاعه على الكتاب والسنة والآراء ۲ا -۔ الفقهية لأهداف الشريعة. فأزال بحكمته ما كان في الواقع بين الدين والحياة من جفاء وبُّعد. وإِن الدين ليس مقالة تكتب في كتاب أو كلمة تلقى في الجماهير. أو مجلة تنشر فترمى بالطريق› أو منحصراً في فئة صغبرة محدودة لاتصدر منها الا التأوهمات والحسرات .. إن الدىن من حقه أن تكون هذه الجماهير تشارك في طريق دينها لتسيير العمل لصالح الإسلام لأنه مناط عزها وسيب سعادتها. لم يكن - رحمه الله - درس في مدرسة منتظمة ولا ممن درسوا في الجامعات الأوربية بل كان رائداً من رواد الفكر والمعرفة وباعث نهضة وأستاذ جيلء ومُنشىء رعيلء ومؤلفاً كبيراً ومنتجاً عظيماً وعالماً باحثاً ينظم ذلك كله في فكرة واحدة حملها في عقله وقلبه ونفسه . وجميع مشاعره. وهي: الدعوة الى الإسلامء ورسالته في الحياة كلها وهي الدعوة الى الله. لم يستغل الدين في سبيل السياسة. يل جعل السياسة خادماً للدين محققاً لأهدافه النييلةء ووسيلة لخدمة أمته وتحرير العقول من الشرور والمفاسد والمظالم › في غير تهور ولا جمود فالتهور منقود والجمود مفقود وخير الأمور أوسطها. ولم يكن مقلداً ولا متبعاً إلا الحق. كان يؤمن أن من حق العقل أن يبحث ويدرس ومن حق المجتمع أن يبحث ويدرس. ومن حق الإنسانية على عقل العالم أن ببحث وأن يمتص ذلك الرضاب الكريم من تشريعات رب العالمين. ثم يقدمها جنى شهياً فيه شفاء العقول والقلوب. | ولم يكن خائفاً ولا جباناً ولا رعديداًء وإنما واجه الناس بما يؤمن به أنه الحق وأن فيه الخبر. إيمانا منه بكرامة الكلمة وكرامة الإنسان لايهمه أن تبقضب الناس أو برضون. انما هدفه أن يرضي الحق - تعالى - وأن يكون الإسلام قاهرا لا مقهوراً. ليس ف الإسلام ولا فيي التشريعات الإسلامية ولا الفقه الإسلامي العيب. إنما العيب في عقول تقف حجرة جامدة في حق الوطن. فتغلق دونه الأيواب وتضيق حوله الرحاب وتثير في وجه الباحثين التراب . حتى يكون الإسلام لايتحرك ٠ مع أن الإسلام دين الحياة منذ كان وسيظل دينها في كل زمان ومكان إلى أن تطوى الأرض ومن عليها وماكان الإسلام أن يواجه الحياة إلا اذا كان متجدداً بحیويته وقوته وسحره وجماله. وصلاحيته حاملة له عقول راجحة فاهمة وزنه. أخلصت دينها لله وأخلصت للحق وجاهدت من أجل أن تجعل هذا الدين مدداً للإنسان في حياته وأن تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى. ولئن آثره انه الى جواره بعد أن أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الآأمة وجاهد ف الله حق جهاده. فإنه سيبقى أيد الدهر ملء قلوب الأجيال وعقولها تحفزها ذكراه للمضي في طريق الإسلام العظيم . وان المشعل الذي أوقده - رحمه الله - من نور عقله وقليه وروحه سببقى مناراً هادياً لها الى أن تصل الى أهدافهاأو تستشهد دونها في سیدل الته. لقد هم كثيرون أن يستأنفوا السير على آثارك. فان نجحوا فقد تعلموا ممن عرفت أن تعلمهم إياه. وإن لم ينجحوا فقد أدوا القسط الذي يطيقونه. فعليك رحمة الله ورضوانه. لقد عشت للإسلام ف أوضح معانيه وعملت للإسلام في أحلك زمانه في هجوم عليه من الاستعمار ومن الفساد الاجتماعي ف الداخل والخارج وكنت تريد أن تهذب المسلمين وأن تدفع عنهم كيد خصومهم وعداوة أنفسهم لأنفسهم. وسلام عليك حياً وميتاً. والسلام. القراءةالأولى: منهج السالي 9 في الفشفهية « محاضرة سماحة الشيخ / أحمد بن حمد الخليلى مفتي عام السلطنة بسم الله والحمد لله رب العالمين . والعاقبة للمتقين. ولا عدوان الا على الظالمين. الحمد لله الذي صدق وعده؛ء ونصر عبدهء وأعز جندهء وهزم الأحزاب وحده.. أحمده - تعالى ‏ لا هو له أهل من الحمدء وأثني عليه واستغفره من جميع الذنوب» وأتوب اليهء وأومن بهء وأتوكل عليه .. من يهده الله فلا مضل لهء ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا اله الا الله وحده لاشريك لهء وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله. أرسله الله رحمة للعالمين وسراجاً للمهتدين. وإماماً للمتقينء ونعمة على الخلق أجمعين فبلغ الرسالةء وأدى الأمانةء ونصح الأمةء وكشف الغمة. صلوات الله وسلامه عليهء وعلى آله وصحبه المهاجرين والأنصار . والذين اتبعوهم بإحسانء وعلى أعلام الأمة العاملينء ومن سار على نهجهم الصحيح إلى يوم الدين وبعد .. معالي الشيخ محمد بن عبدالل بن زاهر الهنائيء وزير الزراعة والثروة السمكية ... أصحاب الفضيلة .... أصحاب السعادة .. أيها الإخوة الحضور ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. انها فرصة سعيدة أن نلتقي بكم في هذا الصرح الأدبى. وف هذا المكان الطيب, في هذه الليلة المباركة الطيبة في ذكرى علم من أعلام الهدىء ونور من أنوار الدجىء هيأه الله - سبحانه وتعالى - لتجديد الدين ٠ ولحماية الوطنء وللقيام بالتكاليف التي ناطها الله - سبحانه وتعالى ‏ بالعلماء ١ -۔ الراجحين إنه الإمام المجدد العملاق نور الدين عبدالله بن حميد السالمى - رحمه الله تعالى وطيب ثراه -. وان من أسعد الفرص أن يشرفني صاحب السمو السيد فيصل بن على بن فيصل آل سعيد وزير التراث القومي والثقافة بتوجيه دعوته الكريمة ال لكى أشارك في هذا المنتدى الأدبي ببحث حول (منهج السالمي في مؤلفاته العلمية والأدبية) وانها لقلادة فخر قلدني اياها سموه ولكن أنى لي أن أقوم بذلك مع تراكم الأعمالء وتزاحم الأشغالء ومع قصور الهمة عن القيام بمثل هذا الأمر الجللء فلذلك اضطررت الى الاعتذار اليه بأنني لا أتمكن أن أقوم بهذه المهمة في وسط هذا الزخم من الأعمال .. اللهم الا أن أشارك بشيء من الحديث أعتصر فيه ذهنيء لعلني أجد به بعض ما علق به مما قرأته من مؤّلفات هذا العلم الجليلء ولا أستطيع أن أقول بحال من الأحوال بأنني قادر على أن أسلط الضوء على هذا اللوضوع لأن الموضوع ليس بحاجة أن يسلط عليه الضوءء وماذا عساه أن يغني ضوء الذبالة إذا سلط على عين وانما قصارى جهدي في هذا المكان أن أتحدث بعض الحديث فيما يتعلق بمؤلفات الإمام الحتفى به الفكرية والفقهية. أما الجانب الأدبي فإن فارس هذا الميدان الأخ العزيز الدكتور ابراهيم بن أحمد الكندي قد أعطاه حقه من الدرس والتمحيص والشرح والتحليل في محاضرته التي شارك بها فى هذا الحفل كما استمعنا أيضا الى محاضرة قيمة ألقاها فضيلة الشيخ اسماعيل بن علي الأكوع فيما يتعلق بالجانب التاريخي في مؤلفات الإمام الساليء. وقبلها استمعنا الى العديد من المحاضرات التى تحدثت عن حیاته منذ ولادته الى وفاته. وإنني أؤكد بأن حياة هذا الإمام مهما تحدث عنها المتحدثونء وألف فيها المؤّلفون لا أوفوها حقهاء فحياته - رحمه الله حافلة بجلائل الأعمال. وانني لاأجد جملة موجزة تتحدث عن مقام هذاالإمام كما وجدتها في شطر بيت شعري قاله شاعر العرب» الشاعر الإسلامي الكبير أبو مسلم في قصيدة رثاه فيها وذلك عندما قال: ‹ جمع العحالم في حبزومه « وكفى بهذا وصفاً لهذا الإمام الجليلء كما انني لا أنسى كلمات عذبة قالها شاعر عمان الكبير الشيخ عبدالله بن علي الخليلي في وصف هذا الإمام وإرادته عندما قال: « الذي هم فضاقت عن هممه همم الدهر وأراد فعجزت عن نفي ارادته ارادة الزمن ». ولست الآن في مقام الحديث عن حياة الإمام ومنجزاته الكبيرة التي قام بهاء فذلك أمر لعله يخصص له ندوةء ولعله يعتنى بتدوين بحوث ومؤّلفات فيه › وانني - كما قلت من قبل - أحرص على أن أعتصر ذهني لعلني أجد شيئاً علق به مما قرأته من مؤّلفات هذا الإمام الكبيرء فأقدمه اليكم لا على سبيل تسليط الضوء ‏ كما سبق وأن قلت وانما هي ومضات أستمدها من نوره العظيم. الإمام نور الدين السالمي - رحمه الله تعالى - عني عناية بالغة بالتأليف في مرحلة مبكرة من عمره المبارك وقد بارك الله - سبحانه وتعالى - في عمره فأمدنا بما أمدنا به من مواهبه السنيةء وتيسر له أن يؤلف في مجالات شتىء حيث ألف في مجال العقيدةء وألف في مجال الفقه وفي اللغة العربية وعلومها وفي التاريخ وفي موضوعات متعددة . وكان في جميع هذه المجالات التي يؤلف فيها عالاً محققاً جامعاً بين المعقول والمنقول. وناهيكم اذا رأيتم مؤلفاته التى يربط فيها القضية بالدليل ٠ سواء كانت هذه القضية قضية فكرية أم كانت قضية فقهية في الجوانب العقائدية فاننا نجد انه يجمع فيها ما بين العقل والنقلء وهو لايقدم العقل على التقل بحيث يرد الدلائل النقلية لمجرد أنه يراها مخالفة يادىء - ۱۷ ذي بدء للمدلول العقلي . ولكنه يحاول أن يستهدي بنور العقلء فيغوص في أعماق الأدلة من جل اكتناه الحقائق التي يتحدث عنهء كما انه أيضاً لم يطمس على نور العقل فيوفر على حسابه في الجانب النقلي ؤيتعامى عن الحقائق العقلية؛ بل حاول أن يوائم بين العقل والنقل ثي بحوته الكلامية. وهو واسع الإطلاع لايأنف أن يستفيد من أي أحد کان. وقد عني بمطالعة الكتب التي ألفت في هذا المجال من قبل الفرق اللتعددة . سواء في ذلك الأشعرية والمعتزلة والماتريدية وغيرهمء وأخذ يبحث المسائل التى طرحوهاء والقضايا التي ناقشوها على ضوء الأدلة العقلية والنقلية ‏ كما قلت من قبل - واستخلص منها الجوهر الذي قدمه الى قرائه في مؤّلفاته وكتيه. أما الجانب الفقهى فهو بلا ريب - المقصد العام الذي استطاع أن يربط الفقه بالسنةء وأن يربط الفروع بالأصولء وقد كان واسع الاطلاع في علم الحديث . كما انه كان واسع الإطلاع قوي المأخذ في علم أصول الفقهء وقد تمكن من ربط الفروع بالأصول. واستطاع أن يأتي في مؤلفاته بتحقيقات لم يسبق اليها في مجالات متعددةء وكان يعتمد أكثر ما يعتمد على الدليل. فلا يكاد يخرج عن الدليل كما بين نفسه منهجه عندما قال: فإنني أقفقو الدليىل فاعلما لم أعتمرد على كلام العلما فالعلماء استخرجوا ما استخرجوا من الدليل وعليه عرجوا فهم رجال وسواهم رجل والحق ممن جاء حتماً يقبل كان يرفض كل الرفض الاعتماد على أقوال العلماءء لأن أقوالهم - وان جلت منزلتهم - لاتتعدى أن تكون دعاوى تعوزها البينات إن لم تقترن بالأدلةء ولربما كان الإمام السالي - رحمه الله تعالى ‏ عندما يفتى أو عندما يؤّلف, لايعتمد كثيراً على مراجعة المؤلفات السابقةء فلذلك ياتى بقول يذكر فيه أن هذا القول لم يجده لغبره مع انه موجود في بطون “۱۸ الكتبء ولربما رجع من بعد فذكر بنفسه أنه اطلع عليه بعد أن کان غير مطلع عليه. من الشواهد على ذلك أنه - رحمه الل تعالى - كان يرجح بأن الخمر اذا تخللت ؛ حلت؛ واعتماده في ذلك على النظر الى مقصد الشرعء فان الشرع انما قصد في تحريمه الخمر الحفاظ على العقول وسلامتهاء فاذا زالت العلةء زال المعلولء فحكم الخمر منوط بزوال الإسكار فيهاء ومع زوال الإسكار يرتفع عنها الحرمء ولكنه عندما اعتمد هذا القول ذكر انه لم يجده لغيرهء وذلك عندما قال: وبعد أن زال وصارت خلاً فالذهب المختار عندي حلا هذا هو التنقيح في ذا الملوطن ولم أجده لسواي فأفطن ومع أن القول موجود في كتب علماء المذهب وغيرهم؛. ومن علماء الملذهب الذي ذهبوا الى هذا القول؛ العلامة ابن بركة في الجابيةء وذهب جماعة آخرون أيضاً الى هذا الرأي نقسه. ويذكر مثلاً في كتابه (مدارج الكمال) حكم المستحاضة فيبني حكمها على أن الشهر يجمع ما بين الحيضة والطهرء وان أقصى مدة الحيض عشرة أيامء كما جاء ثي حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه الذي أخرجه الإمام الربيع عن أبي عبيدة عن جابر بن زيدء ونص الحديث: «أقل الحيض ثلاثة وأكثره عشرة أيام» . وعلى هذا فعشرون يوماً تبقى للطهرء ولكنه عندما ذكر هذا الرأي في مدارجهء قال بأنه إنما قاله من تلقاء نفسه ولم ينقله عن غيره من العلماء وانما استنبطه من هذا الدليلء وبعد ذلك عندما شرح المسألة في معارجه قال: انه وجد هذا القول في الإيضاح مع أن هذا القول موجود في الكثير من الكتبء منها الإيضاح والتيل وشرحه وحاشية الوضع وكتب أخرى نصت على ذلك الرأي. وهناك العديد من الأمثلة التي نجد أنفسنا لسنا بحاجة الى التعرض لها في هذا الوقت تدل على أن الإمام ‏ رحمه الله - كان يعتمد أكثر ما يعتمد على ما يتوجب اليه من فهم الدليلء وقد كان رأيه يختلف بين الحين والآخر اختلاف كتابه حسب نظره في الأدلةء ولعل مسألة المياه من المسائل التى اختلف فيها رأيه عدة مراتء وذلك أن رأيه في غالب كتبه أن الماء يفرق بين قليله وكثيرهء فينجس قليله بمجرد النجاسةء ولو لم يتغير وصف من أوصافهء وهذا الرأي هو الذي نص الماء مته طاهر مطهر طاهر لادطهر ومنه رجس صح فيه النجس فاأول المطلق ليس ينجس أو كان دون القليتن وقعحفا فيه ولم يتغير فاسمعا همذاهوالأصح‌لاماقيلا مالم يغفيره وإن قليلاً ثم نجده بعد ذلك يرجع عن هذا الرأي في معارجهء ويرجح؛الأخذ بالرأي الذي روي عن أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهما - وقد قال به جماعة أتوا بعدهم فمنهم جابر بن زيد ء ومنهم أبو عبيدة مسلم ابن أبي كريمة التميمي من علماء المذهب؛ وهو الذي قال به الإمام أبو نبهان من العلماء المتأخرين. وهو الرأي الشهير في المذهب المالكيء وقال به الإمام الغزالي من علماء الشافعيةء واعتمده جماعة من علماء المذاهب الأخرى كالظاهرية› وهو عندهم لا فرق بين قليل الماء وكثبرهء فالاء لاينجس إلا اذا تغير لونه أو طعمه أو ريحهء هذا الذي اعتبره في معارج الآمالء وكان اعتماده على الرأي مبنياً على عموم الحديث «الماء طهور لاينجسه الا ما غلب عليه فيغير من لونه أو طعمه أو ریحه». وقد رأى الإمام أن هذا الحديث وان كان عاما لم يأت حبڊيث مخصص يمكن أن يخرج بعض أفراد مدلولاته عن حكم العموم: لأنه قال بأن حديث «إذا كان الماء قدر قلتين فلا يحمل الخبث» هو حديث ظاهره غير مرادهء فانه ينص على أنه لايحمل الخبثء ولكته يحمل الخبثء كلما كثر كان آقدر على حمل الخبثء فظاهره غير مرادهء سلمنا - كما يقول الأمام - بأن ظاهره متعدد وبين وذلك انه يبينه الحديث: «قدر: قلتين ماء لاينجسه شيء». إلا أن ذلك الحديث مرسلء ونفس هذا الحديث أيضا فيه شخص مجهولء فلذلك لايمكن أن نعتمد على الأحاديث المرسلةء وعلى الأحاديث التى فيها الأشخاص المجهولونء فتخصص بها وهناك الأحاديث الثابتة الصحيحة., الا انه في شرع اللسند ‏ وشرح المسند متأخر عن المعارج كما هو معلوم من تاريخ تأليفه للكتابين - ومن احالته في شرح المسند على المعارج نجده يرجح هذا الرأي ليقول بأن التفرقة بين القليل والكثير هي جمع بين الأدلة الواردة في الأثرء فترى انه في هذا اختلف رأيه بين الحين والآخرء فكان له رأيء ثم رجع عنه الى غيرهء ثم رجع بعد ذلك الى الرأي السايق. على أن من قرن بين ترجيحاته في المعارجء وڻي شرحه على مسند الإمام الربيع بن حبيب - رحمه الله - وجد أنه في شرح المسند كان أكثر اعتماداً على جانب الحديث منه في المعارج. وانما يرجع ذلك إلى سعة أفقه في علم الحديث بعد سفره الى الحج في عام واجتماعه هناك بعلماء الآفاقء ومن بينهم العلماء المتخصصون في علم الحديثء وماكان بينه وبينهم من مناظراتء وهذا الرأي دعاه الى الرجوع لكثير من المؤّلفات الحديثيةء فكان كثيراً ما يحرص على المطالعة في الأمهات الستء وغيرها من كتب والتي بصماتها ظاهرة على غيرهاء ومن أمثلة ذلك؛ انه كان في (المعارج) يرجح بأن المصلي إذا شرع في الصلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبهاء ففاجآته الشمس في الطلوع وفي الغروب فعليه أن يقصرء وهذا الرأي المشهور في المذهب وله علماء متاصرون أيضاء غير علماء المذهبء ولكنه في شرحه على المسند الصحيح اعتمد على الذهب الآخر الذي يقول: انه يستمر في صلاتهء ولا يلتفت الى طلوع الشمس لأنه نهي عن الشروع في الصلاة لا عن الإستمرار فيهاء وهذا ا۲ ۔ الرأي يستند الى حديث أبي هريرة - رضي الله تعالی عنه - «من صلى ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاتهء ومن صلى ركعه .من العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته» فقد بنى رأيه هذا على الحديث . مع انه أشار الى هذا الرأي في المعارجء وذكر بأنه يوجد في كتب أهل البرء ثم قال: ولعله قول الأقدمين. أشار اليه في (التضعيف) في المعارج. ولكن هذا الذي صححه واعتمد عليه في شرحه على مسند الإمام الربيع بن حبيب. هذا ولربما أصل أصلاء واعتمده في تأصيلاتهء ولكنه يخالف ذلك الأصل فيما بعد وهذا ‏ فيما يبدو لي - انما يبني ما يبنيه من رأي عندما يخالف أصله على النظر في مقاصد الشرع تارةء.وعلى النظر في سد الذرائع تارة أخرى. ومن أمثلة ذلك انه يقول في (شمس الأصول) بحكم الاستثناءء وهذا الحكم ينطبق على جميع التخصيصات المتصلة: واحكم به للكل إن تلا جمل معطوفة الا لمانع حصل کاکرم بيني مخزوم واعط السائلا الا فتى رأته مجادلا وقال قوم هو للأخبرة وھھنا مذاهب كثبره أصح ذين أول القولين وساأائر الأقوال دون ذىن وذكر في شرح هذه الأبيات خمسة أقوال في المسألةء وصحح القول الأول الذي صححه في المتنء ولكنه نفسه في جوهره يخالف هذا التأصيل عندما قال بأن شاهد الزور وقاذف المحصنات, وان تابا لاتقبل شهادتهماء وذلك أنه قال: ف سورة الذور أتى لا تقبلوا ‏ له شهادة فكيف تفعلوا مع أن التأصيل هنا يقتضي خلاف ذلك وذلك لأنه قال بأن الاستثناء يعود على جميع الجمل المتقاطعة, اذ حكم العطف أن يشرك الجمل المتعاطفة فيجعلها كجملة واحدة وهذا - فيما يبدو لي - راجع الى النظر “۲ في سد ذرائم الفساد, اذ لعل هذا الشاهد الذي شهد زوراً فيه بقية من مخالفته لطريقة الحق ٠ وتوبته التي تظهر لنا بتوبة أصوليةء ولم ير أن تهدر الحقوقء وتنقل الأموال من ملك للك بمجرد مثل هذه الشهادة. على أن مخالفة الفروع للتأصيلات عند العلماء موجودة في كثير من المذاهب الفقهيةء وكثيراً ما تجد مذهباً معيناً يؤصل أصلا ثم بعد ذلك عندما نرجع الى فروع الفقه في ذلك المذهب نجد أن الفروع جاءت على خلاف تلكم الأصول؛ وفي مسألة واحدةء وقع في هذه المسألة علماء الشافعية والمالكية والحنفية وهى مسألة الكافر إذا لجأ الى الحرم ولنستمع الى العلامة المالكي ابن العربيء ماذا يقول في هذه المسألة عندما يحكي مناظرة وقعت بين أحد علماء الحنفيةء ورجل آخر حنفي دخل عليهء فأراد العالم أن يختبره. يقول العلامة ابن العربي: كنت في البيت المقدس - طهره الله - بمسجد أبي عقبة الحنفيء والقاضي الجرجاني يلقي علينا الدروس في يوم الجمعةء فبينما نحن كذلك, اذ ظهر علينا رجل بهي المظهر . عليه الأطمارء فسلم تسليم العلماء وتصدر في صدر الجلس بمدارع الرعاعء فقال القاضي: من السيد؟ على عادة كرام العلماء في المبادرة فوقعت القرعة على مسألة الكافر اذا لجأ الى الحرم هل يقتل؟ فأجاب بأنه لا يقتلء فطولب بالدليل فقال: الدليل قوله تعالى ولاتقاتلوهم عند اللسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيە. الآية فيها قراءتان: الأولى : ل لاتقتلوهم وهي نص بالموضوع. - والثانية: ل لاتقاتلوهم 4 وهي دالة على النهي عن القاتلة التي هي سبب القتلء واذا امتنع السبب امتتع المسبب. فقال القاضي منتصراً لمذهب مالك والشافعيء وان لم ير رأيهما: هذه الآية منسوخة بقوله تعالى إفاذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم» فأجاب : هذا لايليق بمنصب قاض مع الدلالة بأن الآية التى احتججت بها خاصة. والآية التي اعترضت بها عامةء والخاص لاينسخه العام فبهت القاضي من سرعة جوابهء وهذا من غريب الكلام. هذه المناظرة التى وقعت بين عالين حنفيين في هذه المسألةء وكلاهما في وجد من حالهء ولكن أحدهما أراد أن يختبر الآخرء فطرح عليه هذه المسألة أولاء ثم بعد ذلك سأله عن الدليلء ثم اعترضه على الدليلء ثم سمع الإجابةء وقد كانت الاجابة ‏ كما فهمت - بأن الدليل الخاص لإولاتقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه لايمكن نسخه بالدليل العام وهو قوله تعالى عز 0 انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا الملشركين حيث و (حيث) لعموم الأمكنةء فيدخل في مدلولها ما حول المسجد الحرام أي ا الشريف) . ولكن بما أن تلك الآية المتقدمة كانت خاصةء فلا يقوى هذا العموم على نسخ ذلك الخصوص لأن العام ظني الدلالةء وان كان قطعي المتنء والخاص قطعي الدلالةء فان كان قطعي المتنء كانت حجته قطعية - بلا ريب مع أن تأصيلات الحنفية تدل على أن العام عندهم هو قطعى الدلالة كالخاص: ودلالة العام قطعيةء ولذلك يبنون على ذلك بأن الأدلة العامة يمكن أن تنسخ الأدلة الخاصة. والشافعية والمالكية في هذه المسألة يرون رأي الجمهور في فيرون أن الخاص قطعي الدلالة. والعام ظنيّهاء فلا يمكن للعام أن ينسخ الخاص, ولكنهم في هذه المسألةء فرعوا على غير أصلهم: والحنفية فرعوا على غير أصلهم فالشافعية والمالكية فرعوا على أصل الحنفيةء والحنفية فرعوا على أصل الشافعية والمالكية. والإمام السالمي - رحمه الله تعالى - كان كما سبق وقلت - غير متحيز إلا إلى الدليلء وقد كانت كتبه ملأى بآراء علماء المذاهب الإسلامية الختلفةء وكان يحرص دائماً على ما يجمع الشملء ويرأب الصدعء وكان يستفيد مما كتبه الكاتبون من العلماء البارزين في شتى فقد كان كثيراً ما يعتمد في التفسير على الإمام الفخرء وبصمات تفسير الإمام الفخر واضحة على (معارج الآمال) . ففي المقدمة الكثير من أصول الدين بل وفي سائر الكتب. ففي المسائل الفرعية؛ نجد كثيراً من أقوال الإمام الفخرء نجد جملاً واسعة من نصوص كلامه في أجزاء المعارف المختلفةء ففى المسائل العقائدية التي بحثها الإمامء وأشبعها بحثاء وكان كىلامه مفعما بكلام الإمام الفخرء (مسألة التكليف بما لايطاق أو التكليف في المحال). ومن المسائل الفرعية التي نقل فيها كلام الإمام الفخر بنصه وفصّه مناقشته للحنفية في اجازتهم قراءة الفاتحة بالفارسيةء كما انه قد يورد للإمام الفخر كثيرا من المسائل التي يكون له فيها رأي مخالف لرأي الإمام الفخرء من أمثلة ذلك؟ مسالة (الضاد) و (الظاء) . فالإمام الفخر يرى أن التقارب بين المخرجين يقتضي التسامح في هذين الحرفينء فلى أن أحدا أخطاء فأخرج (الضاد) من (الظاء). والعكس لايؤدي ذلك الى اي حرج في صلاته. وكان الإمام نور الدين له رأي يخالف هذا الرأي ٠ وقد تعقب كلام الإمام الفخرء بأن لكل حرف من هذين الحرفين مخرجاً خاصاًء ويجب أن يخرج کل منهما من مخرجهء وان على من لايحسن اخراج هذين الحرفين من مخرجيهما أن يتعلم ذلك. كما أشبع (معارج الآمال) وشرح (المسند) بتحقيقات الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباريء ويبدو أن الإمام كان معتنياً بالفتح آکثر من غيره من شروح كتب السنةء وما أجدره بذلكء ويبدو أن عنايته بالفتح كانت قبل سفره الى الحج بفترة من الوقتء فقد كان يعتني بهذا الكتابء وبصماته واضحة على شرحه على (مدارج الكمال) وشرحه على (مسند الإمام الربيع بن حبيب). 7 هذا ؛ وقد كان الإمام لايخفي أيضاً نزعته الإصلاحية في آرائه الفقهيةء فقد كان يواجه المجتمع الذي ريما كان يحرص على آراء العلماء ويرى أن لتلك الآراء قدسيةء ولكن الإمام السالمي في مواجهة ذلك يأتي بالقول الذي يترجم بالدليل وربما واجه الذين يعارضونه في ذلك مواجهة عنيفةء ومن أمثلة ذلك مثلاً مسألة الأذا ن التي كان للمجتمع العماني فيها عمل خاصء اذ كانوا يرون أن يقيم الإمام دون المؤذن, والإمام السالى - رحمه الله - رأى الرجوع في هذه المسألة الى ما کان عليه السلفء وقد شدد النكير على الذين خالفوا نهج السلف في هذه اللسألةء كما هو واضح في معارجه وفي فتاواهء وفي جوهره؛ ولربما واجه معارضة من بعض الجامدين في عصره؛ فأدى به ذلك الى رد عنيف عليهم كما في قوله: حتى أتى من جهلوا المسنونا وهم بالاحتياط يدعونا فيدلوا وياليتهم ما بدلوا حتى ادعاها سنة واحتالا وهي لعمري جدل محرم وانه ساع لهدم لو كان سنة كما قد زعما وفعله صل عله ريه والخلفاء الراشدون أجمع ورسخت بقلب من لايعقل على ماثبتوهابما قد قالا لأنه يقول مالا يعلم لم تفتن أسلافنا والعلما لما عليه العلماء السالفقفه إلى أنتهائهم عليه أجمعوا فترون أن الإمام يحرص على اتباع ما كان عليه رسول الله يي وماكان عليه خلفاؤه الراشدون» وما كان عليه سائر الصحابة - رضي الل عنهم - ولا يؤثر عليهم قول أحد من غيرهم. وقد یواجه ما کان عليه العمانيون من قبل بحزم وعزم وشدةء حتى استطاع أن يغير تلك الحالة التي كان عليها من قبلهء ومن أمثلة ذلك أيضاء مسألة الأوقاف الموقوفة على قراءة القرآن في المقابرء فقد شدد النكير على من يرون جواز قراءة القرآن في القبورء ومع احترامه للعلماء السابقينء فانه لم يبال بمخالفتهم في ذلك وبين أن القول الصحيح السليم هو الذي تعضده سنةء وانه لايبا ي في مخالفة من خالف ما دام متمسكاً بالسنةء فقد قال انكاراً على قراءة القرآن في القبور: أتعمر قبورنا الدوارس وهشزذه المساكن المعحدة والمصطفى قد زارها وما قرا حسيك أن تتيع المختارا ولو تردد اليها الدارس نجوبها وهي لذلك عده ال سلاماً ودعا واديرا وأن ىقولوا خالف الآثارا وفي مؤلفاته العقائدية والفكرية يحرص أيضاً على ما يجمع شمل الأمة ويلم ويوحد كلمتهاء ویرأآب صدعهاء ولذلك کان حرص بالشهادتين, لأن للشهادتين حرمة عظيمةء ومن أمثلة ما قاله في ذلك ما جاء في أرجوزته (كشف الحقيقة لمن جهل الطريقة) عندما قال: ونحن لانطالب العيادا فمن أتى بالجملتين نا إلا اذا ما أظهروا الضلال قمنا نيبن الصواب لهم فما رأيته من التحربر جحد مسائل ورد شبه قمنا ئردها ونيدي الحقا فوق شهادتين واعتقاداً اخوائنا ويبالحقوق قمنا روا ق ديهم محالا وتحسين ذلك من حقهم يي كتب التوحيد والتقرير جاء بها من ظن بموجبه بجهدنا كي لادضل الخلقا ونكتفي منهم بأن يسلموا ولا أدل على حرصه على جمع الأمة تحت لواء التوحيد من رسالته الجوابية . التي وجهها الى المصلح والقائد الكبير الشيخ سليمان باشا الباروني عندما سأله عن رأيه في اجتماع المذاهب الإسلامية تحت كلمة سواء » تحت كلمة واحدةء وما ينبغي أن يتخذ من الوسائل من أجل ذلك وقد أجابه اجابة شهيرةء وهي موجودة في فتاواه» وکتب آخری . هذا » وقد كان للإمام نور الدين السالمي - رحمه الله طموح الى إصلاح اللجتمعء وتحقيق العدالةء وجمع الكلمةء وقد كانت مۇؤلفاته تنم عن ذلكء ولذلك عندما نذكر مواجهة الظلم والظالين وتحقيق العدل نجد طموحه يتجلى في كلماتهء من أمثلة ذلك ما قاله عندما ذكر المرداس مبايعته أصحابه على الشراء من أجل اعلاء كلمة الله: بايع صحبه على الشرا وما طال زمانه الى أن يكرما نالوا الشهادة التي قد طلبوا وبرضى الرحمن منها انقلبوا كما انه عندما ذكر الإمام اليمني طالب الحق عبدالله بن يحيى الكندي. وما قام به من الإصلاح المالي عندما فتح صنعاء. ووجد خزائن الأموال فيها الكثير من المال الذي جبي من أهل صنعاء بغير حقء فما استباح أن يأخذ من ذلك شيئا لنفسه ولا شيئا لأصحايه: وقد سجل الإمام ذلك بعبارات تنم عن اعجابه العظيم بمثل هذا المذهبء وتطلعه الى مثل ذلك العملء ولذلك قال: وطالب الحق بصنعا حكما بجعلها ف أهلها واحتشما لم يأخذن من مضيق يومه شيئاً من الستر ولا لقومه تعففا منهم ومن كمثلهم أكرم بهم من عصبة أكرم بهم وانهم ماتوا على ما أبصروا من الهدى ما بدلوا أو غبروا كما انه أيضا كان يبدي اعجابه بفحول العلماء والأئمة الذين يتصدون للظلم؛ ويقفون ثي وجهه؛ ويجرأون على اصدار الأحكام والفتاوى التي تتفق ومصلحة الأمة في مواجهة الظلم والظالمين, كما - ۸ يتضح ذلك عندما أيدى اعجابه بمسك الإمام عمر بن الخطاب وحكم به المحقق الخليلي في ذلك الوقتء وقد قال في هذه المسألة: وقي بني أسد الشرى كذا أيوه يدعى يبالخطاب من نسل شاذان وذاك العلم فقد قضى عل بني نبه انا قضی بان الهم لن ظلم فجعلوا ذلك بيت مال شابهه بالاسم والتصلب امام صدق کان يدعیى عمرا مساميا لعمر الصحابي دوخ أهل الظلم حين ظلموا جيبايراً كانوا على عمانا من العمانبين لكن ماعلم لجهلهم يمالك الأموال على أولي الظلم فلا تستعجب ولخفاء هذه الدقائق قاموا يخاصمون من بها حكم وحسن فهمها على الخلائق عزان وذلك العحلم افتى به في الماء واللخيل إمامنا اللحقفخى الخلىلى فاستنکروه وهو لم ستنكر لأنه الواضح مثل القمر هكذا نجد شخصية الامام العلمية والعملية تتجلى فى مؤّلفاتهء. والمجال واسع فى ذلك ولكن المدة قصيرة والوقت أزف وقد أخذت منه اكثر مما اعطيت , ولذلك اعتذر اليكم ولا أننسى أن اذكر أن الامام - رحمه الله مع علمه الواسع . وشجاعته الفائقة وشخصيته الفذه كان ورعاً زاهداً عابداً » يخشى الله - تبارك وتعا ى - ويتقیه ٠ ويراقبه في سريرته وعلانيته ٠ ويخلص له العبادة . وقد أتى بأوصاف رائعة له ولحزيه العلامة بو مسلم في رڻائه للامام نور الدين السالى عندما قال في وصفهم. خيت إذا جن الظلام رأيتهم طاروا إلى الملكوت بالاسرار هذه هی صفات الإمام: وهذه ومضات مماء تركه لنا من ثروة علمية ۹٧ -۔ هائلةء واننى أهيب بالشباب الطامح أن يبحث في هذه الكنوز ليغرف من معينها الثر الفياض ما يفيد الأمةء وأسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يتغمد الإمام السالي بواسع رحمته؛ وأن يسكنه فسيح جنته؛ وأن يبارك في جهوده وأعمالهء وأن يجعل في الخلف الصالح من يمشي على طريقه في الاستقامة على الحقء واتباعهء والحرص عليه. ولا يفوتنى أن أشكر في هذا المقام صاحب السمو السيد فيصل بن على ين فيصل آل سعيد وزير التراث القومي والثقافة على هذه البادرة الطيبةء وأشكر هذا المنتدى وأشكر الأخ العزيز سعادة رئيس المنتدى على هذه الجهود الجبارة من أجل الخروج بالتراث العماني الأدبي والعلمي من مضائقه التي يقبع فيها إلى الاأنطلاق الفسيح بحيث يدرس على مسمع ومرأى من الحاضرين والغائبينء بحيث يسمعه السامعون: ويتلوه التالونء في هذا الوقت الذي حرص فيه القائد الملهم المفدى - بارك الله في حياته ‏ على أن يكون حلقة تصل المستقبل المشرق بالماضي العريقء حتى يضم طارف المسجد الى تليدهء فأسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك في الجميعء وهو ولي التوفيق. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعينء وشكرا لكم. والسلام عليكم ورحمة الله ويركاته س ٢۳ الضراء د : المنهج العلمي ) في مؤّلفات السالي التاريخيه « إعداد / فضيلة الشيخ اسماعیل بن علي الأكوع لاجرم أن من يطلع على كتاب «تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان» للشيخ العلامة الضرير نور الدين عبد الله بن حميد السالمى المتوفى سنة ۲ هجرية سيشاركنى الرأي في أن مؤلفه كان ذا دراية واسعة ومعرفة بعلوم متعددة. ومعارف جمة متنوعةء فهو ديب شاعرء وفقیه بارعء وهو عدا ذلك مورخ ملم بتاريخ بلاده في جاهليتها وإسلامهاء كما يعرف كذلك مدى علاقتها بالدول المجاورة لها في الجزيرة العربية وف بلاد فارسء حيث هيأت له هذه المعارف العديدة أن يضرب بسهم وافر في ميدان التأليفء فكان كتابه «تحفة الأعيان» أحد ثمار معارفه الواسعة. وهذا الكتابء وعلى الرغم من صغر حجمه بالنسبة لكانة عمان الدولية التاريخيةء وموقعها الجغرافي الاستراتيجي الهام فقد حوى بين دفتيه خلاصة تاريخ عمان منذ فجر التاريخ حتى عصر مؤلفهء وهو لاريب حصيلة جهد كبير من الاطلاع في أمهات كتب التاريخ العامة. وكذلك كتب التاريخ الخاصة بعمانء والتي كان سيسعد قراء كتايه بذكرها كلها عند النقل منهاء أو الاستشهاد بما ورد فيها مما يتعلق بمواضيع كتابهء علماً أن اغفال ذكرها غير المقصود لايقلل من قيمة كتابهء ولا ينقص من مكانته العلمية. لأن الشيخ نور الدين السالى - موضوع کلمتنا هذه - کان حصیفاء امین فیما يملي على کاتبه حتی لو كان بالمعنى فإنه لايبعد كثيراً عن النص. تبين لي ذلك من خلال ايراده في الجزء الثاني من كتابه المذكور (صفحة ۷٠) رسالتين متبادلتين بين إمام عمان سلطان بن سيف ء وبين ا۳ -۔ ملك اليمن الإمام المتوكل اسماعيل بن القاسم محمد وكلاهما من أعيان المئة الحادية عشرة للهجرةء. فقد قابلت بين نص هاتين الرسالتين على نسخة أخرى لهما موجودة في خزانتي فوجدتهما متطابقتين لايختلف ما في «تحفة الأعيان» عما عندي إلا في ديباجة الرسالتينء وفي بعض ألفاظ لاتخرج عن المعنى في شيء وامانته تتمثل في انه أتى بنص رسالة ملك اليمن بحذافيرهاء ولم يغير أو يبدل أو يعدل في ألفاظها على مافيها من إرعاد وإبراق» وانذار وتهديدء ووعيد بالويل والثبور ووخيم العقاب لأمام عُمان. وغاية ما فعله الشيخ نور الدين السالمي أن عقب عا هذه الرسالة بقوله: «وبكل أسف انا لم نقف على جواب الأمام ‏ أي إمام عمان ‏ لهذا الكلام ! ثم قال: وأئمتنا بحمد الله تعالى ممن ذكرهم الله في كتابه بقوله: ل وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماء والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً ‏ الى قوله تعالى ءل والذين لايشهدون الزور واذا مروا باللغو مروا كراماً 4 (النور ١٠ - ۷۲) فهم الأئمة الفعالةء وغيرهم الأئمة القوالةء وكان هذا الرجل ‏ يقصد ملك اليمن ‏ زيدي المذهب. وكأنه يثبت الوصايا لعليء وما افتخاره بقتل أهل النهروان الا كافتخار اليهود بقتل عيسى وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم * (النساء ۷) ء وكذلك من قتل في سبيل الله #ولاتقولوا لن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لاتشعرون (البقرة ١٠٠) . ثم قال: ودلائل الحال تقتضي أن بينهما وقوع وقائع؛ ولكن لم نطلع على شيء يمن ذلك. وتمكن هذا الأمام - أي إمام عمان ‏ من اليمن والهند وغيرهما يقتضي أن الأمر صار على خلاف ما يزعمه ملك صنعاءء وكذلك تمكن الأئمة من بعده فانهم قد ذكروا لهم من القوة والسلطان والتمكن من البلدان النائية والأقطار القاصيةء وذلك يقتضي ان الامام ومن بعده قد تمكنوا من اليمن وغيرها ما خلا صنعاء فإنا لم نجد تاريخاً في التمكن منها وأما أثارهم - أي آثار أئمة عمان - فظاهرة في أطراف اليمن والله أعلم بما وقع بعد تلك المخاطبةء ثم ختم تعقيبه بقوله : والأمر لله وحده ملك الملك يؤّتي الملك من يشاءء وينزع الملك ممن يشاءء والحمد لله رب العالن. ` وفي هذا التعقيب شيء من الغموض فان أراد الشيخ نور الدين السامي - رحمه الله أن نفون أئمة عمان قد شمل اليمن وغبرها ما خلا صنعاءء فهذا خبر هام جداء أقرأه لأول مرةء وكان عليه أن يذکر مصدر هذا الخبر فإنى لا أعرف في حدود علمى أن شيئاً قد حدث من ذلك. وان أراد بالتمكن انتشار المذهب الأباضي وظهوره في اليمن فهذا صحيح ولاغبار عليه. فقد انتشر في أصقاع من بلاد حجةء وفي بلاد السودة في المئة الخامسة للهجرة على يد الحطيط بن عبد المجيد ويذكر بعض مصادر التاريخ اليمنى أن الأمير ذا الشرفين قد جند جنوده لمحاربة أتباع هذا المذهب حتى أخرجهم عنه؛ وحولهم الى المذهب الزيدي الهادويء كما انتشرت كذلك ثي مخلاف وريما كان ذلك على يد عبدالله بن يحيى الكندي الحضرمي الأباضي المعروف بطالب الحقء وقد استمرت هذه الطائفة في هذا المخلاف حتى الئة السادسة ء ثم ساد بعد ذلك المذهب الشافعي. أما المذهب الذي سلكه الشيخ نور الدين السالىء والذي هو عنوان هذه الكلمة فانه أقرب الى منهج المؤرخين المتقدمين منه الى المنهج الحديثء ذلك أنه وضع لكل مرحلة من مراحل تاريخ عمان عنواتاً ملحقاً بكلمة (باب) ويندرج تحته موضوع معين . يتناول فيه ذكر ما يتعلق بتلك المرحلة من شتى جوانبها المختلفة. ولعله قد تأثر بمنهح الإمام اللغوي النحوي أبى العباس محمد بن يزيد المبرد الأزدي العمانى المتوف سنة ٢۲۸ في كتابه الملشهور (الكامل في اللغة والأدب) الذي استعمل كلمة (باب) عنواناً لكل فصل من فصول كتابه من دون أن يضيف اليه ما يميزه عن سائر الأبواب الأخرى إلا بما يتبعه من أخبار. ۔ ۳۳“ وقد افتتح الشيخ السالي كتابه بالتعريف بغمان مستعيناً بما قاله ابن خلدون وال مسعودي صاحب كتاب «مروج الذهب» ٿي وصف عمان وتحديد مكانه من جزيرة العرب وذکر حدوده ومن سکنهء وذکر آشهر جباله وسهوله وأنهاره وشواطئه وخيراتهء وأنواع ما يزرع فيه من ثمار وفواکه. ثم خص الباب الأول من كتابه بفضائل أهل عمانء وخلص بعد ذلك الى ذكر بعض علمائه وزعمائه وقادته وأعيانه فذكر من علمائه الخليل ابن أحمد الفراهيدي المتوفى سنة ١۷٠ مؤّسس علم العروض والقواقِ. وصاحب كتاب (العين) في اللغةء وذكر المبرد الذي تقدم ذكرهء ثم ذكر أبا بكر أحمد بن محمد بن دريد الأزدي المتوفق سنة ۳۲۱ صاحب کتاب «الاشتقاق» كأمثلة مشرقة على ما لهؤلاء العلماء وغيرهم الذين هم أزديو الننسب عمانيو المحتد من أياد بيضاء على الحضارة الإسلامية. ثم ساق الشيخ السالي بار بلاده باب باب حتى انتهى الى زمنه . ويمكننا أن نصنف تاريخ عمان الى عدد من الفترات الزمنية التي لها بداية ولها نهاية فتبداً الفترة الأولى بدخول المرب الأزديين الى عمان وانتزاعها من أيدي الفرس الذين كانوا قد تملكوهاء فجاء العرب اليها من اليمن بعد خراب سد مأرب فأزاحوهم عنها. وهنا لابد من الإشارة الى ذكر أسباب انهيار سد مأرب أعظم معالم الحضارة البيئية لا في ذلك من عظة وعبرة لمن اعتبرء فالمؤرخون المسلمون قد قصروا السبب في خرابه على فعل الفأر الذي تقول الروايات التاريخية أنه ظل يحفر في جسم السد حتى تسرب الماء من الثقوب التي حفرها فانهار بنيانه المشيد والى ذلك أشار الشاعر المؤرخ عمارة بن علي اليمني الحكمي في قوله من قصيدة: ولاتحتقر كيد الضعيف فربما تموت الأفاعي من سموم العقارب فقد هد قدماً عرش بلقيس هدهد وخرب حفر الفأر سدا لمأرب أما علماء الآثار فانهم يعزون خرابه الى تراكم الطين الذي كانت تحمله السيول الى السد حتى امتلاً به حوض السد فسد منافذ الماء ومخارجه فلم يقو جسم السد على تحمل ذلك الثقل فانهار السد. ومهما كانت الأسباب فقد غفل المؤرخون عن ذكر السبب الذي تضمنته الآيات البينات في قوله تعالى ¥ لقد كان لسباً في مسكنهم أية جنتان عن یمین وشمال کلوا من رزق ربكم واشکروا له بلدة طیبه ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي اكل خمط وآئل وشيء من سدر قليل. ذلك جزيناهم ہما کفروا وهل نجازي الا الكفورء وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين . فقالوا ربتا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل إن في ذلك لآيات لکل صبار شکور “چ (سباً ١٠ - ۱۹). ويدخل ضمن الفترة الأولى من تاريخ عمان فترة حكم مالك بن فهم مؤسس الدولة العربية في هذا البلد المبارك وكذلك حكم أولاده الذين توارثوا الحكم بعده حتى انحسر الملك عنهم لتبدا المرحلة الثانية بانتقال لملك الى بني معولة بن شمس الذين استمر الملك فيهم الى بداية ظهور الإسلام وتبدا المرحلة الثالثة بدخول أهل عمان في دين الله أفواجاً ويتولى حكمها ولاة مرسلون من عند رسول الله ية ثم من عند الخلفاء الراشدين ثم من قبل الخلفاء الأمويينء ثم من قبل السفاح الخليفة وي عهده تبدا الفترة الرابعة فقد عقد العمانيون للجلندى بن مسعود بن جيفر بن جلندى الإمامة على عمان فكان أول إمام لها في تاريخها وقد استمر نظام الإمامة في عمان معمولاً به الى عهود متأخرة رغم الصراع الشديد بين الأئمة على الحكم حتى بلغ الأمر ببعضهم الى المشاجرة فالقتل. وبينما هم على هذه الحالة اذ تأتي الطامة الكبرى وهي بداية المرحلة ٥۳„ الخامسة فقد أرسلت الحكومة البرتغالية حملة صليبية تبشيرية مزودة بالأسلحة النارية التي ظهرت لأول مرة في ذلك الحين فجاءت عن طريق رأس الرجاء الصالح للسيطرة في ظاهر الأمر على الطرق البحرية لاحتكار التجارة الدولية وإحكام قبضة أيديهم على مصادرهاء ولكنهم كانوا يهدفون في قرارة أنفسهم الى اعادة الكرة بشن حروب صليبه أخرى على المسلمينء فقد أشاعوا انهم سيهاجمون المدن المقدسة عند اللسلمينء وشجعهم على ذلك بل وجرأهم زوال الدولة العربية الإسلامية من الأندلس على أيدي الأسبانء وماكان في استطاعتهم فعل شيء في اللسلمين لولا انقسامهم على أنقسهم واستعانة حكام بعضهم بالافرنج على بعضهم الآخر مما يسر القضاء على دول الطوائف جميعهاء وما أشبه اليوم بالبارحةء وقد جابت السفن البرتغالية مياه البحر الأحمر في محاولة منها الى النزول في موانىء الحجاز فلم يجرأوا ونزلوا في جزيرة كران ثم تخلوا عنها بعد ردم آبارها وهدم معاقلها واتلاف أبرز معالمهاء ثم ذهبوا الى عدن ونزل بعض قواتهم الى سواحلهاء ولم يطق البقاء فيها كثيرا لحصانة المدينة فيممت بعدئذ صوب الخليج وتمكنت من نزول قواتها في بعض الشواطىء العمانية وتحصنت بمعاقلهاء ولولا الصراع بين أئمتها لما تمكنت تلك القوى الغازية من وجود موطىء قدم لهاء ولم تلبث الا قليلاً حتى هب المسلمون وعلى رأسهم قوات من الجراكسة جاءت من مصر للدفاع عن ديار المسلمين فاندفع العماتيون لقاومة وجود البرتغاليين. وكان لإمام عمان سلطان بن سيف بن مالك نشاطاً بارز في ملاحقة سفن النصارى»ء وقتل من ظفر به منهم كما يتضح ذلك من رسالته الى امام اليمن المتوكل اسماعيل الذى سبق الإشارة اليه في صدر هذه الكلمة حيث قال: «واتضح لناس واضح نطقه - أي من نطق رسول المتوكل الى إمام عمان - بيانه آنكم علينا عاتبون ومنا واجدون لأجل قطع خدامنا في العام الماضي مراكب رقاب المشركين على بابكم. ٦۳ -۔ وأخذهم لسفنهم الواردة لجتابكمء ولعمري انا لندري أن العتاب بين الأخلاء عنوان المودة الخالصة والصفاءء وزائد محض المودة الصادقة والوفاء. غير أنه يجب عند اقتراف الجرائم وانتهاك فانا نحن لم نقصد الى انتهاك ذلك سبيلاًء ولا نجد لك على الزام فعل ذلك دليلاء اذ كنا لم نجهز مراكبنا ونتخذ مخالبنا لسيارة رعيتك ولا استباحة دم آهل حكمك وقضيتكء ولكن جهزنا الجيوش والعساكرء وأعددنا اللهاذم والبواتر لتدمير عبدة الأوثان وأعداء الملك الديان تعرضاً منا لرضاء رب العالمين واحياء لسنة نبيه الأمينء ورغبة في ادراك أجر الصابرين اللجاهدين. وحاشا لمثلك أن يغضب لقتال عبدة الأصنام وأعداء الله والإسلام ثم أخذ يخاطب إمام اليمن قائلاً له «ألست من سلالة علي بن أبي طالب الساقي للمشركين وبي المشارب. أنت تدري بما جرى بيننا واياهم من قبل في سواحل وفي سائر الأماكن والبلدان من سفك الدماء وكثرة الصيالء وتناهب الأملاك والأموالء وانا لنأخذهم في كل موضع تحل به مراكبهم وتغشاه حتی من كنج وجيرون بندري الشاه ولم يظهر لنا من أجل ذلك عتاباً ولا تكيرا». وقد انزعج التصارى من المقاومة العنيدة لهم التي أظهرها العمانيون فكتب النتصارى الى إمام عمان سيف بن سلطان اليعربي المتوف سنه ۲ هجرية هذا الخطاب كما ورد في «تحفة الأعيان» )ج / ‎“A‏ ١). «الحمد لله فاطر السموات والأرض أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا اعلم بأننا جنود الله مخلقون من سخطهء مسلطون على من يحل عليه غضبهء لانرق لشاكي, ولا نرحم عبرة باكيء قد نزع الله الرحمة من قلوبنا فالويل كل الويل لمن لم يمتثل لأمرنا وقد خربنا البلادء وأهلكنا العبادء وأظهرنا في الأرض الفساد فان أعجبكم شرطنا كان لكم ما لنا وعليكم ما علينا. وان أنتم أبيتمء وعلى بغيكم تماديتم فالحصون منا لدينا لاترد ولا تدقع لأنكم أكلتم الحرام ۳۷ وضيعتم الجمع فابشروا بالذل والجزع اليوم تجزون عذاب الهون لا كنتم تعملون. فان أعجبكم كلامنا إننا كفرهء وقد صار عندنا انكم فجرة. قلوبنا كالجبال وعددنا كالرمال, كثيركم عندنا قليلء وعزيزكم عندنا ذليل. وقد ملكنا الأرض شرقاً وغرباً وأخذنا من كل سفينة غصا. قد أرسلنا اليكم هذا الكتاب فأسرعوا برد الجواب قبل أن ينكشف الغطاءء ولم تبق لكم باقيةء وينادى عليكم بالفناء (هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً) وقد أتصفناكم وأرسلنا عليكم جواهر الكلام والسلام. وقد أجاب عليه الإمام ہما يلي: ل قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير كله إنك على كل شيء قدير چ قد حصل الوقوف على هذه الكتبة الشاهرة لقولكم: قد نزع الله الرحمة من قلوبكم . فهذا من أقبح عيوبكم. وأشد اشنعء وبغيتم: وذكرتم انكم كافرون ألا لعنة الله على الكافرينء من تعلق بالأصول فلا يبالي بالفروعء ونحن المؤمنون حقاً لايصدنا عنكم عيب ولا يدخلنا شك ولا ريب والقرآن علينا قد نزلء فهو رحيم بنا لايزلء وخيولنا برية وبحرية وهممنا سامية عليةء ان قتلناكم فنعم البضاعةء وان قتلتمونا فبيننا وبين الجنة ساعة «ل ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الل أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ¶ وقولكم : قلوبكم كالجبالء وعددكم كالرمال: الجزار لايبالي بكثرة الغنم الكثيرة. وان الله مع الصابرين فنحن بالنع عالية أمينةء ان عشنا عشنا سعداءء وان متنا متنا شهداء ألا ان حزب الله هم الغالبون» فقل لصاحبك: اذا رصع وشيد مقالته حصل الوقوف على هذا الكتاب كصرير باب وطنين ذباب #إسنكتب ما قالوا ونمد لهم من العذاب مدا وما عندنا بعد ذلك إلا الخيل تمطر بالويلء والنار مظهرة العارء والسيوف مسقية بالحتوف» “۳۸ والسلام على من اتبع الهدىء وخشي عواقب الردى. وأطاع الملك الأعلى واختار الآخرة على الأولىء والصلاة والسلام على خير الأنام محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. ويعقب هذه الفترة مرحلة أخرى يحتدم فيها الصراع بين الأئمة اليعاربة لينتقل ملك البلاد منهم الى آل بوسعيدء وأول من تملك منهم السيد أحمد ين سعيد. ومن أبرز من تولى زمام الحكم منهم في المئة الثالثة عشرة للهجرة وربما في المتقدمين السيد سعيد بن سلطان الذي وطد نفوذ الدولة البوسعيدية في شرق افريقيا وامتد نفوذه الى بلاد فارس فكان لواليه عليها سيف بن نبهان يد كبرى في تملك قلاع كثيرة ومناطق شاسعة لحزمه وسياسته الحكيمةء ولكنه بمجرد وفاة السيد سعيد بن سلطان في عرض البحر وهو عائد من عمان الى زنجبار حتى انقسم أولاده على أنفسهم وانقسم ملك أبيهم 'فكان للسيد ثوينى عمان وللسيد ماجد شرق افريقيا الذي ما لبث أن نازعه أخوه السيد برغش حيث يتوقف السالي فى كتابه عند هذه المرحلة من التاريخ العماني . راجيا أن اكون قد وفقت فيما عرضت له فى هذه العجالة . والسلام عليكم ورحمة الله ويركاته ۳۹ -۔ الضراء د : السالي « اجتهد الجدد› إعداد / فضيلة الشيخ ناصر بن محمد المرموري التهديم : الحمد لله الذي أوضح معالم الهدىء ولم يترك الناس سدىء بل أرسل رسله بالهدى ودين الحقء وأيدهم بدلائل الصدقء حتى يكونوا هداة للخلقء وختمهم بامام المرسلينء وقائد الغر المحجلينء فأنزل عليه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى واتاه الحكمة وفصل البيانء فدعا الى سبيل ربه حتى أتاه اليقينء فالتحق بالرفيق الأعلىء وقد خلف فينا ما إن تمسكنا به لن نضل أبداء كتاب الله وسنته المبينةء ثم قام بالأمر بعده. العلماء ورثة الأنبياءء وخلفاء الرسلء فنهضوا بمسئولية التبليغ والدعوة من بعدهء ولم يألوا جهداً في الإرشاد والتبيين. ولا يزالون يتوارثون الأمرء خلفاً عن سلفء وكذلك كتب الله على نقسه الرحمةء على هذه الأمةء أن يهيء لها من أمرها رشداء فكان يبعث فيها على رأس كل قرن عاناً يجدد لها أمردينها » يدفع عنه تأويل الجاهلين المبطلينء وانتحال الغالينء أولئك أقمار الدجىء وشموس الهدى» كلما خلا منهم سلف حمید, قام منهم خلف رشید, يقيم حجاه الله على عباده وینير الطريق لرواده ويهيء حوض العلوم لورادهء في مواكب يقتفي لواحقها بسوابقهاء وقوافل تترى كلما مضت أوائلها تبعتها في نهجها القويم أواخرهاء تلك هي منة الله على عباده المؤّمنين ء يبعث فيهم هداة مرشدین. ولایترکهم حیاری وكان فضل الله عظيماً على المؤّمنين. ومن هؤلاء العلماء العاملين. ذلك الطود والعلم الشامخء العالم النتحرير. والمجتهد الكبيرء والبدر المنير: نور الدين الشيخ أبو محمد عبدالله بن حميد بن سلوم السالي العماني - رضي الله عنه - وجازاه على خدمة العلم خير جزاء وأوفاه. ا٤ ۔ التعريف بالشيخ السالمي رحمه الله - هو الشيخ العلامة : نور الدين أبو محمد عبدالله بن حميد بن سلوم السالىء ولد في بلدة الحوقين من أعمال الرستاق من أبوين كريمين في عام )۸ه( ونشأ بها وتعلم القرآنء وحفظه على والده حميد بن سلوم بن عبيدء وقد رزقه الله حافظة قويةء فكان لايسمع شیئ الا ويحفظهء وقد كف بصره في السنة الثامنة عشرة من عمرهء فعوضه الله عنه نورا في بصيرتهء فکان لایکاد ینسی شيئاً مما حفظه ويعیه فهما وفقهاً وكان ذا عزيمة قوية صارمة تفل الحديد فبز أقرانه علماً وأدبا وفقها وتحقيقا. شيوخه والفنون التي أخذها عنهم: وقد التحق بالرستاق. ولازم مجالس علمائها الأفاضل يكرع من مناهلهم الصافية الفزيرةء وكانت الرستاق يومذاك عامرة بمجالس العلماءء فظل شيخنا ملازماً لهم حتى بعد ذهابه الى الباطنةء ومن هؤلاء ولي مقدمتهم: الشيخ ماجد بن خميس بن راشد العبري. والشيخ راشد بن سيف اللمكيء والشيخ محمد الهاشمي. والشيخ محمد بن سيف الرحيليء والشيخ محمد بن مسعود وقد لازمهم اثنين وعشرين عاما (۲۲) ٠ ثم انتقل من الرستاق الى الشرقيةء حين سمع بفضل العالم الكبير: الشيخ صالح بن علي الحارثيء فنزل أول الأمر ببلدة المضيبي في جوار الشيخ سلطان بن محمد الحبسي. ثم انتقل الى القابل بلد الشيخ صالح المذكورء وهناك استقرء وألقى عصا التسيار › فلازمه ست سنوات (۱)› الى أن وافاه أجلهء فخلفه بعده في نشر العلوم والدعوة والارشاد وأكثر ما أخذ العلم عنهء ويمكننا القول إن نسب الدين في عمانء جاز على الشيخ السالمي على طريق شيخه صالح بن علي لكثرة ما درس عليه من فنون العلمء فقد أخذ عنه التفسير والحديث وأصول الدين وأصول الفقه والنحو . والمعاني والبيان والبديع والمنطق , ثم بعد وفاة شيخه ظل ينشر هذه العلوم في طلبته الذين أصبحوا بعد أكثر شيوخ أهل عمان. تلاميذه ومعاصروه في المشرق والمغرب: لانبالغ اذا قلنا إن جل شيوخ عمان في القرن الرابع عشر (٤٠) أغليهم من تلاميذ الشيخ السالي - رحمه الله وفي مقدمتهم: الإمام محمد بن عبد الله الخليليء ومنهم: الإمام سالم بن راشد الخروصيء ومنهم الشيخ نتاصر بن راشدء والشيخ عامر بن خميس الالكي. والشيخ عيسى بن صالح الحارثي. والشيخ عبدالڭ بن محمد آبو زيد الريامي. والشيخ سعود بن حميدء والشيخ محمد بن سالم الرقيشي. وابن غابشء وغيرهم كثير وكثيرء انتشروا في القطر العماني انتشار النجومء ينشرون التور ء ويهدون الناس الى صراط الله القويم. ومن تلاميذه ولداه العالمان الشيخ حمد بن عبدالله والشيخ محمد أبو سلیمان - رحمهما الله -. مؤلفاته وأثاره : ترك - رحمه الله - مؤّلفات كثيرة في مختلف الفنون منها: في أصول الدين منظومة في ثلاثمائة بيت من الرجزء سماها «أنوار العقول» وقد شرحها مرتين. شرحها شرحا مختصراً سماها: «بهجة الأنوار» ثم شرحاً مطولاً سماه «مشارق الأنوار». وله أيضاً في التوحيد قصيدة في سبعة وسبعين بيت جمع فيها قواعد التوحيد وما لا يسع المكلف جهله سماها صواب العقيدة , وله أيضاً منظومة فى التوحيد محكمة سماها «غاية المراد في الاعتقاد» وله أيضاً في الموضوع: «كشف الحقيقة لمن جهل الطريقة» منظومة. كما ألف في أصول الفقه ء فقع نظم أرجوزة في ألف بيت سماها «شمس الأنوار» في أصول الفقه من أبدع النظم وامتنه شرحها في مجلدين شرحاً ضافياً سماه «طلعة الشمس» . ومن مۇلفاته شرح مسند الإمام «الربيع بن حبيب» في ثلاثة وله في الفقه منظومة تنيف على ألفي بيت نظم فيها مختصر الخصالء للشيخ أبي اسحاق ابراهيم بن قيس الحضرمي ‏ رحمه الله - وشرحها في ثمانية مجلدات ضخمة في شرح بديع في فقه مقارن سماه «معارج الآمال على مدارج الكمال» انتهى فيه إلى الاعتكافء وقد انتصف ماكان نوى أن يتمهء فقد كان ناويا أن يجعله في ستة عشر مجلداً لو لم تعاجله المنيةء وله في الفروع كتاب «تلقين الصبيان» ومن أجل مؤلفاته كتاب «جوهر النظام» في الأديانء وهو أرجوزة تنيف على أربعة عشر ألف بيت في أسلوب سلس محكم متينء قل أن يكون له نظيرء وله في الفتاوى والمسائل كتاب: «العقد الثمين» في سبعة أجزاء. ومن مؤلفاته كتاب «المنهل الصافي في العروض والقواقي» في أرجوزة شرحها شرحاً بديعاً ولم نستقص كل مؤلفاتهء وانما ذكرنا منها ما تم طبعه وتناولته الأيدي. وله أيضا كتاب «الحق الجلي في سيرة صالح بن علي» وله كتاب «الشرف التام في شرح دعائم الإاسلام» شرح فيه بعض قصائد ابن النضر صاحب الدعائم. ومن تأليفه كتاب قيم جمع فيه تاريخ عمان سماه: «تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان» جعله في جزأين. ويذكر له ديوان شعر بديع في منتهى البلاغة. وليست أثاره محصورة في تأليفه ورسائله وفتاویه نثراً أو نظماً ورجزا ء بل کان غرسها غرسا طیباً فی قلوب تلاميذهء وأفكارهم. هؤلاء التلاميذ الذين انتشروا في كل مكان ينشرون العلم؛ ويخرجون الناس من ظلمات الجهل الى نور العلمء تقبل الله منهمء وجزى الله كلا من المعلمين والمتعلمين خير جزاء. ٤4 - وفاته ومدفنه: توفي الشيخ نور الدين السالمي - رحمه الله - في بلدة تنوف في شهر ربيع الأول من عام اثنين وثلاثين وثلاثمائة وألف (۱۳۳۲ه) من هجرة الرسول ودفن في البلد الذي توفي فيه بجنب قبر الشيخ حمير ابن ناصر النبهاني»ء وقد توفي عن سن تناهز السادسة والأربعين وكان سبب موته سقوطه من راحلته وهو ذاهب الى تنوف ليصلح خللاً وقع بينه وبين شيخه ماجد بن خميس العبري من أجل فتواه أي فتوی الشيخ السالي في الأوقاف التى وقفت على قراءة القرآن على المقابرء انها ترجع الى الورثةء فلما سمع الشيخ ماجد بهذه الفتوى غضب, فذهب اليه الشيخ السالي لإزالة ماحدث من الجفوة وليصلح الخلل ءويرجع العلائق الى ما كانت عليه - فرحم الله الشيخين وجازاهما عن الاسلام خير الجزاءء وكفانا شر الشقاق والخلاف. وكانت وفاة الشيخ السالى في نفس الشهر الذي توفي فيه قطب الأئمة الشيخ اطفيش - رحمه الله - وقي نفس العام الذي توفي فيه الشيخ التقي عبد الله بن يحيى الباروني في جبل نفوسة - رحم الله هؤلاء الأقطاب الثلاثة - وقد تهاطلت المراثي على الشيخ السالي . وأجودها مرثيتان للشيخ أبي مسلم ناصر بن سالم بن عديم الرواحي - رحمه الله . يصدر مرثيته الرائيه بقوله: ريب المنون مقارض الأعمار وحياتنا تعدو الى .المضمار والنفس تلهو فوق تيار الردى ياليتها حذرت من التيار قرت على رنق وزخرف باطل مثل القرار على شفيرهار وفيها يقول - رحمه الله - : مالئا يكي الفقيد ونحن من حب الذي أرداه في استهتار شغف النفوس بما يراقيه الفتى وأثر الهوى وتغرة الأوطار وفيها يقول : ماالهول من يوم النشور أشد من هول النعي بسيد الأبرار العالم القطب المجدد عمدة العلمعلماء طراً كعبة الأسرار ليث المعارك مريع الفضل الذي رفع المخار ولات حين مار حامي حمی الإاسلام حجتخه معز الديىن سيف الملة اليتار بحر المعارف والكمال مسدد الأعمال ق الإقفال السالمي أبي محمد امف الذأكر طود المجد يدر الساري ويمضي في الانشاد حتى يقول : يامن أذاب الصخر حر مصايه وزعت بين الدين والوطن الأسى ودعوت في الإسلام دعوة مخلص ثابت اليك عصائب وهبية ثم يصدر القصيدة اللامية بقوله: نكسي الأعلام يا خير اللل وفيها يقول: يارجال العلم أودى قطبكم فتكت بالسالي المرتضى جمع العالم في حيزومه توزيعك الطاعات ف الأطوار ثابت اليك بها ذوو الأبصار رزىء الإسلام بالخطب الجلل بل جميع العلم أودى والعمل غارة شعواء ماعنها حول فتية وهو على الكون اشتمل أثر العالم في القبرنزل ويمضي فيها منشداً حتى يقول في أواخرها : ما فقدناك وعرفنلك في إن رب العلم حي خالد ما تركت الكون حتى تركت وأقول مع القائلين: ش ما حويت ياتتنوف شمس العلوم مالها كسوف لكن جلا ضياءها التأليف أضفى عليك ربنا الرؤوف وغمرتك بالرضى ألوف صفحات الكون ضوء يشتعل ولو أن الذات بالوت انتقل خطة الحمد لك الحمد الجلل ضممت بحرا دره صنثنوف وأزور فيك نورها المعروف فيه الهدى والنور والكشوف سحائبا وابلها وكوف من رحمات ربنا تطوف ومنزلته يبن العلماء: لقد كان الشيخ السالمي - رحمه الله ورضي عنه - على جانب عظيم من العلم والفقه والسداد وحسن النظرء فهو معدود من العلماء الملجتهدين دوي الفهم والبصائر. وثفي مثله يقال: «كم ترك الأؤائل للأواخر» فهو من المجددين الذين جاء الحديث في وصفهم «ان الله يبعث في هذه الأمة على رأس كل قرن عالم يجدد لها أمر دينهاء ينفي عن کتاب الله تحريف الغالين. وانتحال المبطلينء وتأويل الجاهلين». لقد كان الشيخ - رحمه الله - كوكبا دريا بين أقرانه العلماءء يمتاز بمميزات ظاهرة لاتنكرء يظهر ذلك في مؤلفاته مثل : شرحه لمسند الإمام الربيع بن حبيب» وفي كتاب «معارج الآمال» الذي هو موسوعة علمية. ذات قيمة فاخرةء وفي فتاويه التي حررها أحسن تحريرء وقررها على الدليل الصحيح والمنطق السليم: أيما تقرير فلنأخذ لذلك مثلاء شهادة ثلاثة من أفاضل علماء عصرناء وهم : الشيخ أبو اسحق في تقديمه على جوهر النظامء والشيخ عز الدين التنوخي في تقديمه على شرح الشيخ - 4۷ للمسند في الحديث؛ والشيخ محمد محمد في تعقيبه على الجزْء الأول من فتاوى الشيخ السالي - رحمه الله -. كلمة أيي اسحاق اير اهيم ظهر ذلك العلم الفخمء أحد أقطاب العلم المجتهدين العلامةء المحقق: نور الدين أبو محمد عبدالل بن حميد بن سلوم السالميء كان معروقاً بغزارة العلم والاجتهاد, اليه انتهت رئاسة العلم بما بلغنا بعمان. وظهر ذلك في تآليفه الجمة في مختلف الفنون الشرعيةء والعربيةء وهو من أهل التحقيق والاجادة في التأليفء كان - رحمه الله - ضريراً قوي الذاكرة في منتهى الذكاء والفطنةء ذكر تحدثاً بنعمة اللء في بعض تأليفهء أنه وقع أمامه حادث وهو في المهدء وما كبر ذكر مابقي في ذهنه لوالديهء فحسبوا ما مضى من أيامهء فاذا هو ابن عشرين يوماً (ان لم تخني الذاكرة) وكان شديد اليقظة على تطورات الأمة بعمان - أقول وفي سائر البلاد الإسلامية - . كلمة الشيخ عز الدين التنوخي - رحمه الله - : يقول الشيخ عز الدين التنوخي في مقدمة شرح المسند: «ويفهم من شرح هذا المسند أن الشارح من المستمسكين بالحديث وأرباب العقل الراجح والمعظمين للرسول ييو في أقوالهء والمهتدين بسنته وأفعالهء فهو في شرحه لهذا المسند يمحص أقوال العلماءء ويختار على أقوال أهل المذهب ما صح من حديث الرسول فليس هو ممن یری العمل على الفقه لا على الحديثء قال «شارح الصراط المستقيم» : اذا وجد تابع المجتهد قولاً صحيحاً مخالفاً مذهبه هل له أن يعمل بهء ويترك مذهبه؟ فيه اختلاف. فعند المتقدمين له ذلك. قالوا: لأن المتبوع والمقتدى به هو النبي ية ومن سواه فهو تابع له فبعد أن علم وصح قوله ية فالتابعة لغيره غير معقولةء قلت : ولذلك لايجوز التعصب للمذاهب تعصباً يستهتر بهء بحديث الرسول فان ذلك من الفسق, والبعد من الدينء والخروج على سيرة الصحابة والتابعين ومن هؤلاء المتعصبين الجامدين كما يقول بعض الأئمة من اذا مر عليهم حديث يوافق قول من قلدوه انبسطء واذا مر عليهم حديث يخالف قوله أو يوافق مذهب غيره ربما انقبضوا ولم يسمعوا قول الل تعالى لل فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا ف أتفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليماً . وماكان أهل عمان أقرب فرق الخوارج الى أهل السنةء الا أن مذهبهم كما اطلعت عليه مبني على السنة وتقديم العمل على الحديث لا على الفقه والمذهب عملاً بما جرى عليه امامهم جابر بن زيد الذي عمل بنصيحة شیخه عبدالله بن عمر الذي روی عنه. فقد جاء في الحجة البالفةأن ابن عمر قال لجابر بن زيد: «انك من فقهاء البصرة فلا تفت الا بقرأن ناطقء وسنة ماضيةء فانك ان فعلت غير ذلك هلكت وأهلكت» . ولذلك نعتفد ونقول : ان المعقول ومن القلب المقبول أن لانهتدي الا بقوله تعالى ق فإن تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول 4 انتهى ويقول الشيخ محمد محمد الدهان : في تعليقه على الجزء الأول من فتاوى الشيخ السالمي ما نتصه: «وبعد فقد رغب إلى الأخ الصادق في محبتهء المخلص في صحبته العلامة الشيخ سالم بن حمد الحارثي بالإشراف على طبع وتصحيح كتاب: «العقند الثمين» . للعلامة الجليل فخر المتأخرين وسابق المتقدمين الشيخ أبي محمد عبدالله بن حميد السساليء فشكرت له حسن ثقته وبدأت أطالع هذا الكتاب الميارك فوجدت نفسي أمام موسوعة نادرة في شتی مجالات العلم وألوان المعرفةء تجلت فيها شخصية المؤلف الفذةء وإدراكه 4۹ -۔ الشاملء وبصيرته النيرةء وعقله الكامل › ولا غرابة في ذلك فانه رغم حداثة سنهء وفقد بصرهء خلف جيلاً من أكابر العلماءء ترجع اليهم الأمة في شؤون دينهم: وأمور دنياهمء وزود المكتبة الإسلامية بالكثير من الكتب القيمةء والمؤّلفات النافعهة ...اه. اجتهاده وتجديده وأمثلة أخرى: لقد كان الشيخ السالي - رحمه الله - مجتهداً محققاء مجدداء لايرجح من الأقوال إلا ما أيدته الدلائل من الكتاب والسنة الصحيحة أو الإجماع أو القياس أو الاستدلال والملصالح المرسلةء اللعتبرة في موازين الشرع الحنيفء التي تحقق مقاصد الشريعفةه الإاسلامية. وكل كتاباته ناطقة بذلك؛ ماکان منها نثراً وما کان نظماء ولئن أتينا بنماذج من ذلك فلفرض التمثيل لا الحصرء وهذا نموذج من نظمه الذي يقول فيه: وربما أخالف المشهورا وأذكرن ماالم يكن مذكورا لأنني أقفو الدليل فاعلما لم أقتصر على مقا العلما' فالعلماء استخرجوا مااستخرجوا من الدليل وعليه عرجو فهم رجال وسواهم رجل والحق ممن جاء حتماً يقبل وفي الجوهر يقول : (فنحن) فنحن حيث أمرالقرآن لاحيثماقاللنافلان (١) يقول محقق الجوهر المعلق الشيخ أبو اسحاق ابراهيم اطفيش في تعليقه على هذا البيت: يخبرنا االصنف - رحمه الل - في هذه الأبيات تحدثاً بنعمة الل انه يستند على الدليل لا على كلام العلماءء ولا على مجرد الترجيح. شان العلماء المجتهدين الذين نبذوا التقليد وراءهم ظهرياًء واعتمدوا على الإعتداد بالدليل. واستنباط الأحكام منهء وذلك مشاهد ي تأليفه. ويشير في كلامه الى ماروى عن بعض من الصدر الأول لما سئل فقال: ماجاء عن الله ورسوله فعلى الراس والعين, وما جاء عن الصحابة فبعضه مقبول وبعضه مردودء وماجاء عن التابعين. فهم رجال وتحن رجالء وليس الناظم - رحمه الله - ممن يسودون ويقولون نحن مؤلفون. ولا من الذين يتهوكون؛ ويحتطبون بالليل. ولكنه محقق ومدقق. جزاه الله عن العلم والدين خير جزاءء ونفعنا بتأليفه. ويقول في تقديم الحديث على القياس: نقدم الحدىتث حىث جاء على قیاسنا ولا مراء (جوهر النظام) ويقول في المشارق: والأصل في الفقه كتاب الباري إجماع بعد سنة المختار والاجتهاد عند هذي منعاً وهالك من كان فيها ميدعاً والرأي في غير الأصل جوزا وواجب أن نتحرى الأجوزا (مشارق الأنوار) - باب العلم - نماذج من فقهه من خلال مؤلفاته وفتاويه: لقد كان الشيخ السالي - رحمه الله - معجباً بأهل التخريج والتفريع: والتحقيق. من علماء مثل : الشيخ أبي سعيد الكدميء والشيخ أآبي محمد عبدالله بن محمد بن بركةء والشيخ أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصيء يسميهم أهل التحصيل. وكان يقول في تحريه الأدلةء والتمسك بهاء والإعراض عن التقليد (حسبك أن تتبع المختارء وإن) حسبيك أن تتيع المختارا وإن بقولوا خالف الآثارا ولنأخذ أولاً نموذجاً من رأيه في الاجتهادء يتبين منه مدى تعمقه في الفقهء وتحرره من قيود التقليد الأجوف» وتحريه في طلب الدليل (من العقد الثمين) جاء في فتاوى الشيخ في الجزء الأول منها مانصه : سئل الشيخ ‏ رحمه الل - عن قول الشيخ سليمان بن يخلف بأن الاجتهاد مخصوص بالنازلة التى لم تكن في الكتاب ولا في السنةء ولا في أثار المسلمين الذين كانوا قبل النازلةء كيف الوجه في ذلكء وكيف الذين لم ا0 ۔ يكونوا قبلهاء لايجوز لهم الإجتهاد وهي مسألة رأي مع آنا شاهدنا اللسلمين يضربون صفحاً عن بعض الآراء الى ما رأوا. فأجاب ‏ رحمه الله قال : لاوجه لا قاله الا على رأي من يجوز للمجتهد أن يقلد غيرهء وهو قول ضعيف جداء بل الحق أن عليه أن يستعمل اجتهادهء ويأخذ بما رأى في ذلك ٠ وهو أيسر القول والله أعلم. وسئل عمن حفظ مسألة من أثر المسلمين أو من سؤاله للعلماءء أيجوز له أن يفتي بهما من جاء يسأله عنهاء وهو محتاج اليها؟ فأجاب - رحمه الله - قال: إن كان في الأرض مفت أعرف منه وأبصر بأمر الدينء فلا يفت مخافة الخطرء وان كان الناس محتاجين اليه ولايجدون من هو أعرف منهء فلابأس أن يعلمهم بما وجده في الأثرء أو أخذه من الأشياخ, والله أعلم. أه (من طلعة الشمس الجزء ^) ويذكر - رحمه الله - في معرض حديثه عن ضرورة علم أصول الفقهء وهو يندد بالجمودء يقول في شرحه للبيت الذي في منظومته «شمس الأنوار» في أصول الفقه. : وبعد فالعلم بفن الفقه مندرج تحت أصول الفقه يقول في الشرح: وفن الفقه هو النوع الملخصوص من العلومء وسيأتي تعريفه في اضافة الفن الى الفقه إضافة المسمى إلى اسمه؛ لأن الفقه اسم للفن المخصوص بما سيأتي ومندرج أي منطوء وأصول الفقه علم على الفن وسيأتي تعريفه أيضاء والمراد باندراج الفقه تحته هو أن معرفة الفقه متوقفة على معرفة أصول الفقهء ولذا قال صاحب الايضاح - رحمه الله تعالى ‏ : «من لم يتحكم على الأصول قلما تتحصل عنده الفصول». وقال بعضهم: «مامنعهم من الوصول إلا تضييع الأصولء: فلما بطلوا تعطلوا» . ثم يستمر في شرحه ومناظراتهء حتى يقول: «وأهل زماننا تعذر عليهم الوصول الى استنباط الأحكام من أدلتهاء إلا بعد معرفة اصطلاحات الفن وممارسة قواعده وضبط علله وقوادحه إجمالا وتفصيلاًء وقد رغب عن ذلك كثير من أهل زماننا بما فيه من ۲٥ ۔ وصعوبة ما فيه من التدقيق فقصارى متفقههم حفظ أقوال الفقهاءء وغاية نباهة أحدهم رواية ما قاله النبهاءء لايدرون غث الأقوال من سمينهاء ولا خفيفها من رزينهاء قد حبسوا في التقليد المضيقء عن فضاء التحقيقء وليتهم لا وقفوا هنالك عرفوا منزلتهم بذلكء ولم يدع احدهم منزلة ابن عباس ويقول: «ايها الناس فإنا لله وإنا اليه راجعون. فذهب العلم وأهلوهء وبقى الجهل وبنوه» اه. ومن طلعة الشمس أيضاً (الجزء الثانى) ء ويقول ‏ رحمه الله في باب الاجتهاد في أواخر الجزء الثاني من کتابه (طلعة الشمس): وإن أطاق الاجتهاد عليه تقليد سواه فاعلما وقيل لا يحرم حتى يجتهد بعد الاجتهاد فالمنع يرد وقيل بل يجوز مطلقاً وقي هذا من البطلان ما لايختفي وقيل إن كان صحابيا يصح وقيل لا وهو المقال المتضح وقيل إن كان يفوت العمل بالاجتهاد جاز وهو الأسهل وهو يقول في الشرح: لايصح ان أطاق الإجتهاد في شيء من المسائل الظنية أن يقلد غيره فيهاء ولو كان الغير أعلم منهء أو صحابياًء بل يجب أن ينظر لنفسه ما هو الحق ي حقهء ويحرم عليه تقليد غيرهء سواء اجتهد ثي تلك الحادثةء فظهر له الرابح فيهاء أم لم يجتهدء ويمضي في الشرح الى أن يقول: وقال محمد بن الحسن: يجوز تقليد الأعلم فقطء لأن الظن بصواب من هو أعلم منهء أقوى من الظن بصوابه ورد بأنه رجوع من الواضح الى المشكلء وقيل أنه يجوز تقليد الصحابي لاغيرء لقوله : «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم». ورد بأن ذلكء انماهو في حق من يصح له التقليد, أما المجتهد ففرضه العمل باجتهاده. وقال ابن بركة: تقليد الصحابي جائز في بعض الأحكام؛ ثم قال بعد : يجوز تقليد الواحد منهم إذا قال قول ولم ينكر عليه غيرهء وأما اذا علم له مخالف فلا .. إلخ. من شرحه للمسند (جِزء ۸) ما جاء في الرقعة في الصلاة - آبو عبيدة عن جابر بن زيدء عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله يو يقول : «إذا ثوب للصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وعليكم السكينة والوقارء وما أدركتم فصلواء ومافاتكم فاقضوا ء فان أحدكم في صلاة ماكان يعمد الى صلاة». يقول الشيخ - رحمه الله في أثناء شرحه للحديث: «قوله وما أدركتم فصلواء» أي مع وفي رواية بالفاء قوله : «ومما فاتكم أي فأدوا كما أمرتمء وهو معنى الإتمام؛ وفي رواية أبي قتادةء فان أكثرهم رواة بلفظ«فأتموا» وروي أيضا «فاقضواء كما في رواية اللصنفء والمعنى واحدء والأداء يسمى قضاءء ومنه قضاء ٠ وانما وقع الفرق بينهما في اصطلاح الأصوليين فقطء وهو اصطلاح جديد لايصح أن يحمل عليه معنى الحديث. فليس فيه حجة لمن قال: إنما أدرك هو آخر صلاتهء ولا لمن قالء هو أولهاء لكن يستفاد من قوله: «ومافاتكم» إن أول الصلاة قد فاته مع الإمامء فلم يدرك إلا ما بعد ذلكء فهو يصلي ما أدرك ويقضي ما فاته والذي أدركه هو آخر صلاة الإمام فيلزم أن يكون آخر صلاتهء لأنه به أمرء فهذا هو موضع الاستدلال ؛ لا في قوله: فاقضوا أو أتمواء كما وقعت عليه الأفهام حتى لاتجد مستدلاً بغير ما ذكرته من وجه الاستدلال كالنص على أن ما فاته أول صلاتهء وما أدركه آخرهاء والله أعلمء وبه التوفيق والتسديد». اه. فأنت ترى هذه النكتة اللطيفةء والمعنى الدقيق, الذي يخفى على كثير من الناس ولا يتفطن له الا الفحول من العلماءء أولي السبق , والتعمق في الفهم. وفى شرح المسند أيضا (الجزء ٢) - ماجاء في وجوب الحج على التراخي : ومن طريقه أيضاً أي ابن عباس: « أن رسول الل لم يحج ٤0 -۔ الا بعد عشر حجج من هجرته؛ ولا أنكر على من تخلف عن الحج من أمته». يقول الشيخ ‏ رحمه الله - في أثناء شرحه لهذا الحديث: هذا منه - رضي الله عنه استدلال على أن وجوب الحج على التراخى واستدلا له بوجهين. أحدهما فعله ‏ - في تأخير الحج الى السنة العاشرة والثاني تقريره وهو عدم أنكاره على والقول بالتراخيء هو مذهب الجمهورء منا وبه قال الأوزاعيء وأبو يوسف» ومحمد والشافعي. وقال قوم إنه على الفورء وبه قال بعض أصحابناء وأبو حنيفةء ومالك وأحمدء وبعض أصحاب الشافعيء وأجابوا عن الاستدلال المتقدم؛ انه قد اختلف في الوقت الذي فرض فيه الحجء ومن جملة الأقوال أنه فرض في سنة عشرء فلا تأخيرء ولو سلم أنه فرض قبل العاشرة فتراخيه - َي - انما كان لكراهة الاختلاط في الحج بأهل الشركء لأنهم كانوا يحجون ويطوفون بالبيت عراةء فلما طهر الله البيت الحرام منهم حج ‏ يَيةٍ - فتراخيه لعذرء ومحل النزاع التراخي مع عدم العذرء وحجة القائلين بالفور حديث ابن عباس. أن النبي ‏ ية قال : «تعجلوا إلى الحج (يعني الفريضة) فإن أحدكم لايدري ما يعرض له» . رواه أحمد عن سعید بن جبير عن ابن عباس عن الفضلء أو أحدهما عن الآخرء قال: قال رسول الله : «من أراد الحج فليعجل فإنه قد يمرض المريضء وتضل الراحلةء وتعرض الحاجة» رواه. وعن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب: «لقد هممت أن أبعث رجالاً الى هذه الأمصارء فينظرون كل من له جدة ولم يحجء فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين .. ما هم بمسلمين» رواه سعيد في سننهء والله أعلم. فأنتم ترون من خلال تعقيبه هذاء ترجيح القول بفورية الحجء ولو لم يقل به إلا ابن بركةء من أصحابناء وهو القول الذي يؤيده الدليل: ومن شرحه للمسند أيضاً (الجزء ۳): أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال : اختلفت أنا وأبو سلمة بن عبد الرحمن, في المرأة الحامل, اذا وضعت بعد وفاة زوجهاء بليالء قال: فقلت عدتها آخر الأجلينء فقال أبو سلمة إذا وضعت حلت فجاء أبو هريرةء فسئل فقال: أنا مع أبي سلمة. فبعثنا کربیا مولی ابن عباس. الى أم سلمة فسألها عن ذلك فقالت: ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بليالء فذكرت ذلك لرسول الله يي فقال «قد حلت» . قال الربيعء قال أبو عبيدة: وهذه رخصة من النبي ية للأسلمية. وأما العمل . فعلى ما قاله ابن عباس وهو المأخوذ به عندناء وهو قول الله عز وجل في کتایه: يشرح الشيخ ‏ رحمه الله هذا الحديث شرحاً طويلاً في خمس صفحاتء يتعرض فيه لرواية البخاري ومسلم . وأهل السنن» ولأقوال العلماء فيهء بما يدل على سعة اطلاعهء وتجرده في طلب الدليل المرجح: ويقول في أثناء الشرح: قال الربيعء قال أبى عبيدة: وهذه رخصة من النبي يَأ - للأسلميةء وأما العملء فعلى ما قال ابن وهو المأخوذ به عندناء وهو قول الله عز وجل - في كتابهء وهو المنقول عن علي بن أبي طالب واختلف النقل في ذلك» عن ابن مسعودء وقال به محمد بن عبد الرحمن وابن أبي يعليء ونقل عن سحنون أيضاًء قال ابن عبد البر: لولا حديث سبيعة لكان القول ما قال عليء وابن عباس» لأنهما عدتان مجتمعتان بصفتينء. وقد اجتمعت في الحامل المتوفى عنها زوجهاء فلا تخرج من عدتها الا بيقين واليقين آخر الأجلين. قال ولأن القاعدة أن الدليلين إذا كان كل واحد منهما عاماً من وجه؛ خاصاً من وجه؛ فاته يخصص عموم كل واحد منهما بخصوص الآخر عملا بالدليلين معاًء قال: وهاهنا كذلك, فان قوله تعالى: «ل وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن » ظاهرها العموم في كل حامل فيخص بقوله تعالى: « والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وهذه الآية ظاهرها العموم في كل متوفي عنها زوجها حاملاً كانت أو غير حاملء فيخص عمومها بقوله : ¥« وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن فلابد من وضع الحمل . وان زادت على أربعة أشهر وعشراً فقد عمل بالدليلين معاًء بخلافه على المذهب الآخرء فانه عمل فيه بعموم آية الطلاق فقطء واحتج لمذهب أبي سلمة بحديث البابء فان دعوى الخصوصية محتاجة الى دليلء وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجةء وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وغيرهمء عن أبي مسعود أنه بلغه أن علياً يقول: «تعتد آأخر الأجلىن» فقال: «من شاء لاعنته» . إن الآية التي في سورة النساء القصوىء نزلت بعد سورة البقرةء بكذا وكذا شهراء وأخرج عبد بن حميد عنه أنها نسخت ما في البقرة وأورد ابن مردويه عنه انها نسخت سورة النساء الصغرى في كل عدة ... إلخ. وقول أبي عبيدة ‏ رحمه الله : «هذه رخصة من النبي ‏ يَيٍْ - للأسلمية يدل عليه ما في رواية الأسودء عن أبي السنابل أن النبي - َة - قال لها: فانكحي من شئتء ولو رغم أنف أبي السنابلء وذلك أنه. لا ولدت سبيعة بعد زوجهاء خطبها أحدهما شاب والآخر كهل. وهو أبو السنابلء فمالت الى الشاب فقال أبو السنابل: لم تحلي بعد وكان أهلها غيباً ورجا إن جاء أهلهاء أن يؤثروه بهاء فجاءت رسول الله ع فقال: «قد حللت فانكحي من شئت» هذا يدل أن الترخيص كان لها لأجل ارغام أبي السنابل ولايشكل عليك خطبته اياهاء قبل تمام أبعد لأنهما تأولا معنى قوله تعالى: «لإوأولات الأحمال أجلهن أن يضعن وقد تقدم القوم بعموم الحكم؛ وأنه غير مخصوص بسببية عند بعض أو أن القصة كانت قبل النهي عن الخطبة في „0۷ العدةء وقوله: وهو قول الله عز وجل في كتابه » يشير بذلك الى قوله تعالى: «ل والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً ‏ وقوله عز من قائل: « وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن 4 . فانه لابد من الجمع بين الآيتينء فان تقدمت الولادة قبل تمام الأربعة الأشهر والعشر. وجب الأخذ بأية البقرةء وان تأخرت وجب الآخذ بأية ولايصح الغاء أحد الدليلينء مع امكان الجمع بينهماء هذا وجه ما أشار اليه أبو عبيدة - رحمه الله تعالى ‏ . والقائلون انها تحل اعتمدوا على حديث البابء وجعلوه مبيناً للحكم. اه. فأنت ترى الشارح - رحمه الله - يحرر المسألة تحريراًء ويبين وجوه الاستدلالء ويضع الأدلة بين يديكء ويترك اليك الاختيار في ترجيح أحد الدليلين على الآخرء وربما يصرح برأيه الخاص في القضية التى ترجع الى الرأيء فيقول بعد عرض أقوال من سبقه والقول عندي: كذا وكذا. وذلك كقوله في « شمس الأصول »: ووجب القضا بأمر ثان إن فات أو فوته التواني وقيل بالأمر الذي تقدما والأول الصحيح عندي فافهما ويقول - رحمه الله - في « طلعة الشمس » في تعديل الرواة وتجريحهم في أثناء الشرح: «على أن أصحابنا ‏ رحمهم الله لم يشترطوا في تعديل الشهود وتجريحهم غير معدل واحد . ومثله الراوىء لأنه أيسر حالاً منهء واشترطوا في البراءة. عدلين على الصحيح: فقول في النظم: « لكنه باثنين في الصحيح» ؛ مبني على ما اختاره البدرء تقليدا له مني. في حال النظم؛ وقد ظهر لك أن الراجح خلافه, والله أعلم. وللشيخ - رحمه الله - نظرات صادقة في الفقهء وتجديدات منها إبطال أذانين لصلاة واحدة الا صلاة الجمعةء ومنها إبطال الأوقاف الموقوفة ء لقراءة القرآن على القبورء وابطال القراءة في المقابرء ويستدل بفعل النبي ية فيقول في الموضوع: والمصطفى قد زارها وما قرا إلا سلاما ودعا وأديرا ويشير الى الأمور المبتدعة بقوله: فبدلوا وياليتهم ما بدلوا ورسخت بقلب من لا يعقل ومن «العقد الثمين»: من تجديده ‏ رحمه الله في أمر العقيدةء وتصفية الاعتقاد من شوائب الشرك: س : وسئل - رحمه الله - عن المعظمين لأمكنة مخصوصةء عندهم كشجرء وعين ماءء ومسجدء وينذرون لهاء ويقولون تضرء وتنفع. وتبلي وتشفعء ما حكمهم عند المسلمين اذا أصروا على ذلك؟ وهل يضر الزوجين سير أحدهما الى هذه المواضعء والتعظيم لها أو سار كلاهما : وهل تحرم الذبيحة التى تذبح لها والطعام المصنوع لذلك؟ ج س : فأجاب ‏ رحمه الله : لاتافع ولا ضار الا اللہ قمن عظلم شجرة ء أو عيناً أو قبراء أو مسجداء أو نحوها تعظيم النافع الضارء فهو عابد صنمء قد خرج عن الإسلام الى الكفر ء وحكمه حكم عبدة الأصنام إن لم يتبء وما أشركت الجاهلية إلا بمثل ذلك كانوا يعظمون الحجارةء ومنهم من يعظم النارء كالمجوس» واعتقدوا ان ذلك نافع وضارء ومنهم من اعترف أن الأصنام لاتنفع ولا تضرء ولكن قالوا : ما تعبدهم إلا ليقربون الى الله زلفىء فهم يعبدون الأصنام؛ ويعتقدون نها غير ناقعة في ذاتهاء إلا أنهم يرجون القربى بها الى اللء فلم ينفعهم ذلكء وحكم عليهم القرآن بحكم الشرك وكذلك حكم عليهم النبي ية ومر رسول الله ير على شجرة تذبح لها الجاهليةء وتعلق فيها جلود الذبائح. كما يفعل - 04۹ بعض الجهلة اليومء ويسمون تلك الشجرة «ذات أنواط» فلما رأها اللسلمون قال بعض ما لاعلم له منهمء يا رسول الله أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواطء فكبر ذلك على رسول الله يَيْْوٍ وأغلظ القول في انكاره وقال: «لتسلکن سنن من کان قبلکم حتی انهم لو دخلو جحر ضب لدخلتموه». يشير بذلك الى قصة بني اسرائيل حين مروا على قوم يعكفون على أصنام لهم فقالوا: (ياموسى اجعل لنا الها كما لهم آلهة. قال إنكم قوم تجهلون) الآية . وما ذبح على هذا الحال كالذي ذبج على النصب؛ وهو الذي أهل به لغير اللهء وذلك فسق, والله أعلم. اه . فهو حقاً من المجددين الذين أرجعوا الى الفقه جدته ونضارتهء ونقوا عنه الزيادات التي ألصقت به في عصور طغى عليها الانحطاط والتقليد, ولاتخلو من أهل التجديد ولكن لايسمع لهم العوام المفتونون بأهل الجمودء الذين تقدمت الإشارة اليهم في كلام الشيخ - رحمه الله . ولاتزال أنوار مدرسته المشعة مشرقة على أفكار أهل العلم والتحصيلء فجزاه الله خيراء ونفعنا بعلومهء وبارك في تلاميذهء وتلاميذ تلاميذه حتى يمددوا اشعاعهء ويتموا احياء ما شرع في بعثهء من الاستنباط والتفتح والتجديدء ولا يسعني في هذه الالتفاتة الصادقة الى هذا النجم المضىء إلا أن أدعو الله أن يبارك لنا في أثارهء ويكثر فينا معشر أهل الاستقامة من أمثالهء وإني أوصي الأبناء المتعلمين أن-ينهجوا نهجهء ويكرعوا من منهله الصافيٍ؛ ويقتدوا بأخلاقه. ويلتزموا بسيرته وسيرة من سبقه من العلماء العاملين. والله ولي التوفيقء ومنه العونء والتسديدء وعليه الاتكال وبه الاعتصام؛ وإليه المصيرء وهو مولاناء فنعم المولى ونعم النصيرء سبحان ربك رب العزة عما يصفونء وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. ت الكتاب الملؤلف تحفة الأعيان الشيخ السالي جوهرة النظام الشيخ السالي طلعة الشمس الشيخ السالي أنوار العقول الشيخ السالي مشارق الأنوار الشيخ السالي كشف الحقيقة الشيخ السالي شرح المسند الشيخ السالي العقد الثمين الشيخ السالي معارج الآمال الشيخ السالي الضراء د اة : السالي « أديباولغفويا› حمدا لمن هدى بنوره من اتبع رضوانه سبل السلام. وأنعم على من شاء من الأنام بالبيان. فأنطقه ببليغ الكلام. وصلاةٌ وسلاماً على خير من دعا الى رشادء وآفصح من نطق بالضادء سید کل سید ومسود . من والد ومولودء النبي الأواه محمد بن عبداللهء وعلى آله الاطهار وصحبه الأبرار وكل من آمن به واتبع النور الذي أنزل معه. أمايعد فإن تكريم أساطين الفكر وأعلام الأمة ودعاة بابراز مأثرهم ونتاج قرائحهم. ايقاظاً للعزائمء وبعثا للهمم. وأداء لبعض الواجب يعتبر بحق مفخرة لكل من يسهم فيه ولو بكلمة. فكيف بمن يقوم به ويتبناه؟! والمنتدى الأدبي إذ يتبنى تلك المواقف المشرفةء ويجرد صوارم العزم. ويختط للمنتسبين اليه ذلك المنهج الواضح المعالمء إظهارا ا يكنونه للجهابذة الأعلام من تقدير واحترام جدير بأن يبارك خطاه كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. ذلك أن الناشئة يجب أن تضيىء دربها الى التقدم بنتاج قرائح الموهوبين الذين أنار الله بصائرهم وصفى سرائرهم ونقى ضمائرهم وفجر ينابيع الحكمة من قلوبهم لإيؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيرا»”) فكل من يريد أن يضع لبنة في بناء مجتمع فاضل لابد أن يستضيء بمشعل من أعمال السلف الصالح حتى يكون خير خلف لخير سلف. (۱) آل عمران ۳ا - وقد وجه الي هذا الصرح الشامخ «المنتدى الأدبي» ضمن فعالياته في هذا المجال دعوة للمشاركة ببحث بعنوان «عبدالله بن حميد السالمي أديباً ولغويا». والله يعلم انى لست من فرسان ذلك الميدان ولا من أرباب هذا الشأن حتى إني لا أصلح أن أنزل طفيليا على موائد الأدب واللفة في قرى الأدباء واللغويين. ومع ذلك كله فلسوء حظي حالت بيني وبين اعداد البحث ظروف لا أرى الافصاح عنها في هذا المقام مناسبة. غير اني من خلال اطلالتي من نافذة الاطلاع وقفت على فيض من غيض وقطرة من بحر في ثنايا مؤّلفات ذلك العلم الذي رسخت في كل حقل من حقول المعرفة. بل في كل بحر من بحور العلم له قدم راسخةء وبسقت له فيها ظلال وارفةء وشمت ومضة تنم عن شخصية فذة في الأدب بمدلوله الواسع. وقاموس لغوي تتلاطم أمواجه فيقذف بنفيس الجواهر لمن دنا منهء ويبعث بمواطر السحب لن نأى عنه. فعندها خاطبت نفسي وأنا موقن بصدق ما أقول عندما آقتربت من ذلك البحر الذي لا ساحل له ... إذا كان هذا العباب يتهيب الإقتراب منه الملقتدرون» أليس من السخرية أن يخوض غماره أمثالي ممن خمدت فطنته ووهى عزمهء وطبق النوم أجفانه؟!! ولولا ذمام لربوع عامرة بالمودة يتحتم قضاؤهاء ونعمة من الواجب شکرها لا صدرت عن لساني في الموضوع بنت شفةء ولكني أتقدم بوريقات يغلفها الحياء ما أودع فيها من بضاعة مزجاة وشذرات قليلة على أكثر تقدير ان صح عنها ذلك التعبير. أما البحث فأسأل الله أن يمن علي بإعداده عندما تكون الفرصة سانحة بمشيئة الله وامداده فهو ول ذلك والقادر عليه. ٤٦ -۔ « نور الدين السالمي والاأدب « إن من يطرق سمعه ذكر مؤّلفات هذا العلم المحقق نور الدين السالي رحمه الله وطيب ثراه ‏ يظن لأول وهلة أنه أصولي وفقيه محدث فحسب ولكنه بمجرد ما يقلب بعض صفحات أي مؤلف من مؤلفاته ولو كان صغير الحجم يجد الخير المتدفق والنور المتألق فيحس أن القريحة التي جاءت بذلك الأسلوب الرفيع تنبىء بصدق ويقين عن موهبة أدبية لا تبارى » وفارس في مضمار الأدب لا يجارى. واذا كان الأديب هو المصور للأخيلة الدقيقة والمبرز للمعاني الرفيعة الرقيقةء والمحلق في آفاق النفس الإنسانية بما يبدعه من صادق القول والمتغلغل في أعماق النفس الإنسانية بابرازه المعقول في قالب المحسوس. فان فیما فاض به خاطره - رحمه الله وجادت به قريحته أسطع برهان على أنه الأديب الألمعي. الألمعي الذي يظن بك الظ ن ن كأن قد رأى وقد سمعا وأنت قد يداخلك العجب أو يستفزك الطرب حينما تقرأ أسلوبا رفيعاً أو نظماً بديعاً لأديب بارع أو شاعر أديب في مجال له صلة وثيقة بالأدبء أو مضمار شعر في في رغب أو رهب. ولكن هل تملك نفسك وتستطيع تقييد حركة مشاعرك حينما تلمس رفعة الأسلوب ورقة الشعورء وسعة الخيالء وانسياب التعبير انسياب الماء الزلال نحو الكبد الحراء في انشاء خطبة لكتاب, أو ابداع مقدمة لمؤلفء أو تسمع له شعرا استنهاضيا حماسيا يحرك الوجدان ويلهب المشاعرء أو تعبيراً عن مسألة فقهيةء أو عرض قاعدة أصولية أو اثبات لقول في مسألة اختلفت فيها الآراء أو استدلال على قول أو حشد أدلة على رجحانها. ٥ا = أولاً - «الأسلوب النثري عند نور الدين» ا - التعبىر: لا أدل على صحة الشيء من وقوعه وحصوله في الخارجء فاذا شئت أن تتبين ما يمتاز به أسلوب هذا العلم التعبيري من دقة في التعبير وتناسق في الجمل والمفرداتء وشمولية ووضوح وروعة تأخذ بمجامع قلبك فاقراً معي هذا النص: « نحمدك اللهم يا من أطلم شمس الأصول في سماء قلوب العارفين. وأظهر بها حقائق الأدلة لإفهام التاظرين. وأبرز بها أسرار الأحكام الشرعية لفحول العلماء المجتهدين حتى أفضى بهم الحال من ضيق التقليد الى فضاء وهذا النص الآخر: «سبحانك يا من تفرد بالتنزيهء وتعالى عن النظير والشبيهء واتصف بالكمال الذاتي. فلا مكان يحويه ولا زمان يوجد فيه وجب له الوجود والقدم واستحال عليه الفناء والعدم. قضى على جميع ما سواه بالحدوث وحكم. ننزهك تنزيه من عرف حق الربوبية واعترف بالعجز والعبودية”) أليس يبهرك ما في هذين النصين من روعة الجمال وبراعة الاستهلال؟! «وهي أن يجعل المتكلم في أول كلامه اشارة الى مقصوده وأحسنها مايكون على وجه التورية»”) فالنص الأول مطلع لشرح شمس الأصول «طلعة الشمس» والكتاب مؤّلف في أصول الفقه الذي يبحث عن حيثية اثبات الأدلة للأحكام وثبوت الأحكام من الأدلة الشرعية وما يتصل بذلك من كيفية الاستنباط وصفات المستنبط. (١) شرح طلعة الشمس / نور الدين / ج١ ص۲ (۲) روض البيان على فيض النان في الرد على من ادعى قدم القرآن / نور الدين / مخطوطة ص١ (۲) بهجة أنوار العقول / نور الدين ج١ ص° ا٦ا -۔ وأما النص الثاني فانه مطلع شرح مسمى «بروض البيان على فيض النان على من ادعى قدم القرآن» للعلامة سعيد بن حمد الراشدي. وموضوع الكتاب: إثبات أن القرآن مخلوق إذ ليس في الوجود الا موجد وموجود خالق ومخلوق, فالخالق هو الل المتصف بالقدم وحده وما سواه فمخلوق محدٽٿ. وخذ هذه الكلمات التي تفيض بالنور حيث يرشد المسلمين الى حتمية أن يكون منهم دعاة الى جمع الكلمة مؤيداً أحقية ذلك بالنتائج المتوقعة السريعة: «والساعي في الجمع مصلح لا محالة وأقرب الطرق له أن يدعو الناس الى ترك الألقاب المذهبية ويحضهم على التسمي بالإسلام. فان الدين عند الله الإسلام واذا أجاب الناس الى هذه الخصلة العظيمة ذهبت عنهم العصبية المذهبية ولو بعد حين. فيبقى المرء يلتمس الحق لنفسه ويكون الحق أولاً عند أحاد من الرجال ثم يفشو شيئاً فشيئا حتى يرجع الى الفطرة. وهي دعاية الإسلام التي بعث بها محمد عليه الصلاة والسلام. وتضمحل البدع شيئاً فشيئاً فيصير الناس اخواناومن ضل فانما یضل على فهل ترى أبين من هذا الأسلوب المتناسق الجمل , الخالي من الحشوء اللوصل الى المطلوب. ويستمر في أسلوبه الرفيع معرباً عن أمنيته في تحقق الوحدة والمكان الذي يجب أن يبزغ منه فجرها لا أن يغشاه حالك من ظلمة التفريق. قائلاً: «وأوفق البلاد لهذه الدعوة مهبط الوحي ومتردد الملائكة ومقصد الخاص والعام وحرم الله الآمن. لأنه مرجع الكل. وليس لنا مذهب الا الإسلام فمن ثم تجدنا نقبل الحق ممن جاء به وإن كان بغيضاء ونرد الباطل على من جاء به وان کان حبييا. وتعرف الرجال بالحق. فالكبير معنا من وافقه والصغير من خالقه»”) ولنستمع اليه وهو يبرر أفضلية علم أصول الفقه وأشرفيته على كثير (١) جوابات نور الدين «مخطوطةء - الجزء الرابع ص ١۷٠ (۲) المرجع السايق ص ١۱۷ - 1۷ من العلوم بعد أن ذكر الغاية التي يصل اليها دارسه والساعي الى تحصيله: «وهذا المقام مقام ليس بعده غاية لطالب الهداية وبما ذكرته هاهنا من فائدة أصول الفقه يظهر لك أشرفيته على غيره وأفضليته على ما عداه. أما الكلام فإنه وإن كان أفضل العلوم بلاخلاف, لأنه انما يبحث عن صفات الله تعالى. وشرف العلم انما هو بشرف الموضوع فأفضليته على سائر الفتون انما هي أفضلية باعتبار ما ذكر. وهذا أفضليته باعتبارات كثيرة وكثير من العلوم كعلم العربية والتحو والصرف إنما هى طرق الى معرفة هذا الفن . فنسبته اليها بهذا الاعتبار إنما هي كنسبة الثمرة الى الشجرة لأنها انما تطلب لأجله كما ان الشجرة انما تغرس لأجل ثمرتها ولربما لم يحصل منها المطلوب فتجذ من ألا ترى قوة هذا الأسلوب وترابط كلماته بحيث لو حذفت كلمة من تلك الفقرة لاختل المعنى. ولولا خشية الإطالة لأوردت نصوصاً من هذا الكتاب يسحر جمالها عقول البلغاء. ومع ذلك فهو يعرض حقائق علمية ونظريات وآراء مقرونة بحججهاء والاعتراضات عليهاء والاجابات عن تلك الاعتراضات بأسلوب جذاب .. وإنى أنصح من أراد المزيد من الملعرفة بقراءة هذا الكتاب لتتضح له الدرجة التى وصل اليها هذا المحقق المدقق ومكانته بين الفصحاء واليلغاء. ۱ ب الخطاية: آما أسلوب الخطابة عنده فحدث عن جودته ولاحرج خصوصا إذا كان موضوع الخطبة «الحث على الجهاد واتباع سبيل الرشاد» وهذه شذرة من شذرات خطبه ألقاها في ملا من الناس: « آلا وإن الله قد من عليكم بالإجتماع بعد التشتت, وبالألفة بعد التفرق. ففتح بصائركم بنور الهدىء وبصركم من العمىء وأيقظ هممكم = ۱۸ الى طلب العلاء وبعث عزائمكم بعد طول الثوىء فمن عليكم بهذه النعمة العظيمة. والمنن الجسيمةء وأنقذكم من الضلالةء وأخرجكم من الجهالة,. فجمع على هذا الخير آراءكمء فاشكروا نعم الله عليكم. فان الشكر قيد النعمء وأوفوا بعهد الله يوف وانصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكە»”) ثم جعل مسك الختام لهذه الخطبة دعوات توجه بها الى الله جملاً تفيض بالروحانية وتشع بالنور. فما أولاها بالقبول وأحراها بالاجابة. وهذه نبذة يسيرة منها: « أعز الله وقوى دعوتكم. ورد اليكم نعمتكمء وأفلج وأكثر أموالكمء وكثر على الحق رجالكمء وصدق مقالكمء وشكر ورضى ورتق بكم وأعطى بكم وأحياكم على سنن الصادق الصدوق, وأخمد أهل الفتن والمروقء وكان الله معكم وجعلكم معهء وكان لكمء وجعلكم لهء ودفع بكم الأسواء وداوى بكم الأدوىء وأوضح بكم سبل الهدى. وأدام الله ستركم وأعز نصركم؛ وقوى قلوبكمء وطهر عيوبكمء وكمل بكم الإسلام: وأوصل بكم الأرحامء وجلا بكم الظلامء شد الله ووضع وزركم: أنار الل بكم وأطفاً بكم البدعء سكن الله بكم الروعاتء وأذهب بكم الفزعاتء حقن بكم الدماءء وجلا بكم من العمى لاأراكم الله سوء: ولا شمت بكم عدواء حمد الله أمركم؛ ومد أثركم ورفع قدركم. وقوی صبركمء وشكر شكركمء وأعاذكم جور المسالكء ومحل وأدخلنا وإياكم دار الإاسلام مع الحور في تلك الخيامء مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وحسن أولئك رفيقا»”) ج -القصة: وأما أسلوبه القصصي فلم يعتمد فيه على نسج الخيالء والحلل الفضفاضة التي كثيراً ما يلبسها المؤرخون وما يسوقونه من قصص () العقد الثمين للشيخ السالمى ج ٤ ص ۳٠۲ (۲) المرجع السابق ص ۲۳۱۳ء ص٢٤٦۳ 1۹ -۔ ترويجاً وتنميقاً لهاء لتكون مؤثرة مقبولة تتناسب مع الأخيلة والأمزجةء أو تلهب المشاعرء أو تؤجج العواطف. بل هو شديد الحرص على الأمانة في النقل. والدقة في المأخذ. وسيرته «تحفة الأعيان في سيرة أهل عمان» أسطع برهان على النهج الذي اختطه لنفسه في نقل الوقائع وسرد الأخبار بعبارات خالية من التكلف وافية بالمراد » محققة للهدف بعيدة عن التعسف. ومع ذلك فتعبيره عن الوقائع التاريخية في الذروة من الجودة والسهولة وعذوبة الألفاظ وانسياق المعانى. مطابقة لمقتضى الأحوال والمقامات. ۱ وللجانب الحماسي لديه حظوة فيما يتصل بالجهاد والمعارك الدائرة بين أهل الهداية وذوي الغواية كما يظهر ذلك جلياً لمن تتبع ما كتبه في المعارك والوقائع الحربية. ومما يمتاز به أسلوبه في السيرة المشار اليها عدم التحيز لفريق على آخر كما انه لايلجا الى التنقص أو التهكم؛ حتى ولو كان من یرید ابراز حاله مستوجياً له. فلا تلجئه العاطفةء ولايحمله الشنآن على مجانية العدل. فهو يضع كل شيء في نصابه. فأهم شيء لديه إيصال المعلومات الى القارىء بأمانة وصحة نقل. وقل ما يتبع ما ينقله أو يسرده بتحليل أو تعليق إلا اذا لم يجد بدا من ذلك بيان لمشكلء أو كشفا لمعضلء أو استنباطا لمسألة فقهية تتصل بواقع الحياة. ولا يتسع المقام لايراد أمثظلة من كتاباته في السيرة على ما ذكرت. بل أحيل القارىء على ذلك المعين لينهل منه متى أراد. “V۷ ثانياً - ملكته الشعرية إذا كان الشعر هو الكلام الموزون المقفى المعبر عن الأخيلة البديعة والصور المؤّثرة البليغةء الوثيق الصلة بالشعور الناجم عن شفافية الإحساس وصفاء الضميرء فإن لنور الدين السالمي ملكة راسخة وقدرة فائقة على السباحة في بحور الشعر. والتقاط النفائس من مكنتون جواهرها فمع کونه لم يحفل به ولم يصرف نحوه همه وهمته. ولم يمسك بعنانه فإن له قصائد تعتبر من روائع الشعر في موضوعاتها. والمتأمل في غور قصائده بامعان يجدها منساقة الى النفس ثي عذوية ألفاظء وجزالة معان انسياق العبير الى الأنوف والعذب الزلال الى القلوب الصادئة. ان نتاجه في هذا المجال من عفو البديهةء وفيض الخاطر. والأغراض الشعرية التي طرقها ثي شعره هي الأغراض الشريفة التي تتناسب مع نهضته بمجتمعه؛ وما ينشده من استقامة, وما ينادي به من جمع الكلمة على الحقء والانضواء تحت لواء الهدىء فمن شعره إن لم أقل كله شعر حماسي يشف عن مضاء عزيمةء وشدة شكيمةء وصدق طويةء وسلامة قصد. لنأخذ مثالاً على ذلك رائيته الغراء التي استهلها بقوله: مقام في القصور على قصور مقام مثل ربات الخدور فنصبح مثلها ونروح أيضاً على فرح بأنواع السرور وهذه الرائية العذية الألفاظء المنتناسبة المفردات والجمل. يظللها جو من التبرم بالأخلاقيات التي لها وجود في مجتمعهء ولو لم تكن على نطاق واسعء ولكن الهدف الرئيسي من انشائها استنهاض همة الأمة عن طريق توجيه اللوم اليهم ايقاظاً لعزائمهم. لقد ألهتكم اللذات حتى تشيهتم بربات الخدور لقد أسرتكم الشهوات حتى غدوتم مثل سكان القبور ۔ا۷-۔ وإذا كان فطاحلة الشعراء وفرسان الأدب يتبارون في نظم القلائد من الجمال غزلاً ونسيبا ووصفاً وتشبيهاً. فان هذا الوحيد في عصره قد أناخت به همته العالية في ساحة ذوي السيادة السامية حيث الهم والهمة ف ارساء دعائم العدلء واحياء ما انطمس من معالم الهدى. ولتستمع الى أبيات من فرائد قلائده إِذ يقول: وتركي طلاب العدل إحدى المصائب مناراً به أسمو لأعلى المراتب لأهل الهوى والغي من كل لأعب وأي خصالل إن تحلى بها الفتي تميز فيها عن ذوات الجلابب وأي طريق أقتفي في سلوكه سيبيل رسول الله زين الخاقب تعليق - انها والل اللهجة الصادقةء والعزيمة التي لاتعرف الكللء والأفعال مصداق للأقوال. فما كان ليقول ما لايفعل. وإذا كان الشعراء ينفقون الثمين من أوقاتهم في تخبير وتنميق المدائح لتكون لهم مفاتيح لخزائن الملوك وذوي الرفادة. واذا كان التواحي فيما بينهم بأن يكون الأديب بمنأى عن ميادين الإقدام والترغيب في الإخلاد الى الراحةء وايثار السلامة في بحبوحة الهون. فان هذا العلم قد سلك في شعره المنهاج الذي يوصل سالكيه الى ذرى العز والشرف انطلاقاً من أن المقدر كائن لامحالة. رضي الشخص أم أبى.. والرهان على ذلك قوله: لشغلي بأهل الدهر إحدى العجائب فصوبت فكري أي حال يکون لي وأي مقام فيه أغدو مجانباً هون عليك فان الرزق مقسوم فلايزيذ علي ماخط منه كما فبذلك الجهد في سعي تروم به وصونك النفس عن موت تصادفه فهل تعجل عن ميقات موعده والعمر في اللوح محدود ومعلوم لايدفع الجبن ما في الغيب محتوم زيادة الرزق جهل منك مذموم وقد تأجل حمق فيك مرسوم لقادم في الوغى والحرب مضروم ٢۷ -۔ أم هل تأخر عنه لحظة لأخي جبن تخدر عنه وهو مهضوم كلا وريك لايجدي الفرار كما لاينقص العمر اقدام وتصميم ففي الشجاعة نيل المجد قاطبة وف الجبانة كل الذم محتوم وني الشجاعة حصن لا انهدام له وف الجبانة القاء وتسليم تعليق - وهذه الميمية نسجها على هذا المنوال وهي كما تسمع تدخل ألفاظها ومعانيها الى القلوب عبر الآذان دون حاحجة الى استئذان. مسلکه ق الرثاء قلما تجد أديباً لاتجيش شاعريته بمرثية. حسرة على مفارق. من إلف موافقء أو حبيب أو على مفضال بفيض العطاء دافق, أو قمة في الفضائل والخلائق, غير أن البواعث على الرثاء هي التى تحدد ملامح الشاعر وأهدافه ومراميه. كما ترهن على صدقه حبال ما يعدد من من يصوغ الرثاء فیه. ونور الدين - رحمه الله تفوق مراثيه التي جاشت بها قريحته مراثي كثير من قدامى الشعراء ومحدثيهم. بالنظر الى نبل الفرض وسمو الهدف اضافة الى قوة المباني وجزالة المعاني. فلا تجده في الرثاء .. يمزق جلباب الحياء. كما انه يترفع أن ينوح نواح التكلى ولكنه ينطلق من واقع حياة من يرثيه معرجاً على الخلائق المتأصلة فيه متخذاً له ومن يشنف سمعه بفرائد قلائدهء قدوة وعظة وعبرة ممن يحير سيرته. ولا أدل على ما أقول من مرثيتين فريدتين في نوعهما: رٹى بأولاهما الشيخ الصالح صالح بن علي بن ناصر الحارثي ومطلعها: قضت أحساينا أن لاتدىنا لحكم الحادثات وإن رزينا وهي نونية تقع في اثنين وٹلاڻين بيتا. ورثى بالثانية شيخه المشار اليه وبمعيته ابنه الهمام عبدالله بن ۷۳ البوسعيدى, والشيخ سعيد بن حمد ووالده حميد بن سلوم السالمي. وهي عينية رائعة عدد أبیاتها ستون بیتا. ما تشنف به الآذان. فمن أبيات النونية قوله في المطلع: وعزم صادق يأيى علينا لغبر المكرمات وان بلىنا وقوله: فلا بحسب فتى انا عن العليا لا فيها لقنا واستمع اليه وهو يصف من يرثيه: همام ليس يرضى غير صيد الكم اة الصبد بين الصائدينا له همم تدوس النجم تيا وعزم يبهر التأملينا واليك من العينية التي بلغت أبياتها ستين بيت قطوفاً من يانع جناها: أصير على مضض الملصارع فالدهر للأعمار قاطع هون فإن العمر في الإنس ان من بعض الودائع كف المدامع أن تسيل فف ا عسى نفع المدامع واعلم بأن الدهرلا يصفولحال منك جازع - تعليق : - ما أصدق هذا المطلع الذي يلوح من خلاله بارق براعة الاستهلال بشراً بين يدي غيث متتابع ينبت الصبر فيثمر الظفر وينعش الهمم ويوقظ العزائم ولا يتسم المقام لإيراد كل مراثيه وسرد المنتخب منها فكلها في واقع الأمر لألىء ودرر تبهر الناظر بعين الإتصاف. ولنعد مرة أخرى الى الأغراض المتعددة في شعره بعد أن أخذنا جولة سريعه حول المراڻي: ٤۷ - ولم ينس - رحمه الله تعا لى - أن يعزي خلف شيخه الصالح صالح بن علي الحارثي ولده عيسى مستنهضا إياه ليسير على نهج أبيه . ومما قاله في ذلك هائية في اثني عشر بيتاً. استمع الى مطلعها: خل البكاء وإن رزيت بمثله ‏ وانهض سريعا في طريقة عدله كما أنشاً هائية بدا فيها واضحاً لزوم ما لايلزم في ثمانية وعشرين بيت وفي مطلعها يقول: هو المجد فاطلبه وان عز طالبه وجد وان ضاقت عليك مذاهبه وحيث كان مولعاً بالتحريض على الجهاد نصرة لدين الل . واظهارا لا انطمس من معالم الشريعة فاننا نجد في شعره إِناءٌ صافيا ينضح بالعذب الزلال الذي يحيي القلوب الميتةء ويبرد الأكباد الحراء. وما أحسن حائيته التي يقول فيها: إن جاء نصر الله والفتح وبطل التدليس والشطح والحائية تقع في خمسة وعشرين بيتا. وهي في الواقع قلادة يزه بها جبين الدهر. وهو حينما تتألب عليه المصيبات وتنيخ بفنائه رازم الرزاياء لا تفت في عضده ولا توهى كاهله بل تزيده صلابة في العزم وقوة في الشكيمة تشهد لذلك تائيته الرائعة التي استهلها بقوله: أت الا المروات الأيية نفوس لاتقر على دنه علت شرفا وفلت كل خطب بأحساب وهمات عليه وقابلت الملصائب باحتساب مخفف صبرها ثقل الرزيه مصائب بعضها في أثر بعض فلولا الصبر لم تبق عليه ولكن صانعت مني محيا تلوح به البشاشات البهيه وهذه القصيدة من غرر قصائده وتقع في أربعة وعشرين بيت واڌا كان كثير من الأدباء والحكماء يتبارون في صوغ المقصورات تعبيراً عن مشاعرهم أو ابرازاً لمأثرهم ومفاخرهم. أو مآثر ومفاخر من يجلونهم ٥۷„ ويكيلون الثناء لهم.. فان نور الدين لم يفته أن يجاريهم بمقصورة. غير أن مقصورته جاءت معبرة عما يختلج في مشاعره ويلهج به لسانه على خل عن ذكرى حبيب واللوى واطلب المجد بما الكف حوى وابذل المجهود في نيل العلىي والفتى وإن لم ينلها في هوا والملقصورة تقع في خمسة وعشرين بيتاًء وكلها على هذا المنوالء ثم اتبعها بمقصورة أخرى من خمسة وعشرين بيتاً. ومن أبیاتها: أشجع الناس من الحرب اشتهى وإذا وافت قرناًماسهى ولو تتبعنا أسلوبه في الأدب عامة نثراً ونظماً لوجدناه من أرقى الأساليب وأدقها وأبينها. وقد استرعى انتباهي ونا أتنزه في رياض شعره هذا التشبيه الذي لم أجده لغيره. الذي ضمنه أبياتا توقظ المشاعر الخامدة فتهبها الحياة من قصيدة بائية يقول فيها: ماقام عرز ف البريىة والرعاع له سيب كالطود ليس نطىقه بیت بسقف من خشب فاين عر لارزعزها الرهبت وارم العدا بسهام من ترمی به حللاتصب بأماجدشملهم يي الناس سايقة الحسب تأمل معي هذه الإستعارات مع ذلك التشيبية: حيث شيبه الع الذي هو رمز الدولة بطود عظيم شامخ لايمكن أن يستقر الا على أرض صلبة فلا يحمله بيت سقوفه من خشب مهما بلغت من الصلابة والضخامة. وما أروع استعارة الجبال المضافة الى الع للرجال الأماجد ذوي ٦۷ - ) مختاراته الشعرية ( ليس الشعر الذي تناولنا قطوفا منه هو وحده المرآة الصافية التي تعكس لنا رسوخ قدم نور الدين - رحمه الله - في الأدبء بل لهذا العلم جوانب أخرى نستطيع من خلالها أن نتبين تمكنه في الأدب وسموه الى ذراهء وتبوأه فيه المكانة المرموقة بين سائر أقراته. منها علي سبيل المثال لا الحصر ما وقفت عليه من خلال قراءتي لمجموعة مناظيمه من مختاراته الشعرية لغيره. فقد أدرج كاتبها قصائد من عيون الشعر في تلك المجموعة. ولا سآلت حفيده الشيخ سليمان عن سبب ذلك أكد لي نقلاً عن والده أن الشيخ نور الدين - رحمه الل - كان كثيراً ما يحب الاستماع الى تلك القصائد المختارة لديه. وكان يحث على حفظها. ومن بينها: المرثية الرائعة التي رثى بها أبا الحصين الإمام عبد الله ابن يحيى طالب الحق وقرناءه واخوانه من رجال الدعوة كمرداس بن حدير وأبي حمزة الشاري ومطلع هذه المرثية: هبت قبيل تبلج الفجر هند تق ؤل ودمعها يجري ان أيصرت عيني مردامعها بهل وأكفها على التنحر انى اعتراك وکنت عهدي لا سرب الدموع وكنت ذا صبر أقفذى يعينك ما ىفارقها أم عاثر أم مالهاتدري م ذكر اخوان فجعت بهم سلوا سبيلهم علي خبر( إن اختياره لهذه الرائية واستحسانه لها يوضحان مدى ذوقه الرفيع واحساسه المرهف وهي جديرة بأن يهتم بها الأديب والداعية. ومن مختاراته ‏ رحمه الله - قصيدة عمرو بن العاص اللامية التي يخاطب بها معاوية مذکراً له بما له من فضل علیه: معاوية الفضل لاتنسى لي وعن منهج الحق لاتعدلي نسيت احتيالي في جلق على أهلها يوم لبس الحلي (١) أنظر القصيدة بطولها في الأغاني. لابي الفرج الأصفهاني. “۷۷V ومن تلك المختارات أيضا رائية ابن الجهم التي منها عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري أزلن رسيس القلب عن مستقره والهبن ما بين الجوائح ومما كان يستحسنه من شعر سليمان بن سليمان النبهاني رائیته التي أبدع فيها والتي استهلها بقوله: اللدار من أكتاف قو فعرعر فخبت النقا بطن الصفا فالمشقر كأن سطوراً معجمات رسومها اذا لحن أو هلهال برد محبرا) وقد قال الشيخ - رحمه الله - عن هذه الرائية المليئة بالألفاظ الجزلة والمطرزة بالمعانى الرائعة الرفيعة انها تضاهى المعلقات: ولنعد بالذاكرة الى ما كان يتمتم به نور الدين ‏ رحمه الله - من موهبة في النظم لا تبارى وماله فيه من باع طويل يعجز عنه الفحول من الشعراء. فأقوى برهان وأدله على ما أقول كتابه «جوهر النظام» الذي حبك فيه نظمه البديع الرائع مع أرجوزة الصائغى بحيث لايستطيع التفرقة بين أبيات الأصل وأبيات الجوهر إلا من قرأ الأرجوزة وحدها مرة بعد أخرى. ومن أبدع ما نظمه نور الدين كتابه «مدارج الكمال» . الذي ضمنه مختصر الخصال للإمام ابراهيم بن قيس الحضرمي - رحمه الله الذي بلغت أبياته ألفي بيت في أروع أسلوب وأرفعه. ولا داعي لایراد شواهد با ابن الكرام الا فتبصر ما قد حدثوك فما رأى كمن سمعا وأكرم بأرجوزة أنوار العقول التي أبرز فيها معالم علم التوحيد مبتدئا ایاها بقوله: (١) أنظر القصيدة بطولها في الأغاني. أبي فرج الأصفهاني. ج (۲) ديوان سليمان بن سليمان النيهاني. الحمد لل الذي قد أشرقا ومختتماً لها بقوله: تمت بحمد الله أنوار العقفول عارية من وصمة الإخلال أمديتها صرفا لكل طالب كما قرضها بهذه الأبيات: هذه الأنوار لا نجم زمر فلها ألباب أرباب العلى قربت في فنهاماقدناى ليت أشياخي الألى قد سلفوا ورأوا ا في لهم فيها مجال واسع شمس الأصول في نهى ذوي التقى حاوية أهم شيء من الأصول سالكة طريقة الكمال تصونه من كل قول كاذب لا ولا اشراق شمس أو قمر وحوت کل مهم معتبر شهدوا وضع مبانيها الفرر وانتحال لمعانيها الدرر ولها عشردهم أعل قر ما أروع هذه الأبيات التي تسيل رقة وعذوبة ولا بدع فان شاعريته مرأة تعكس تمكنه في الأدب وبلوغ الذروة فيه. وأعجب من أنوار العقول التي أبرزت معالم علم التوحيد منظومته شمس الأصول وهي ألفية زخرت بقواعد علم الأصول في أسمى معانيها وأعلى مبانيها في منهجية متميزة بعرض تلك القواعد على الأصول عرضا أدبياً يحبب علم الأصول الى النفس مع كونه صعب المنال ولكن قلائد الياقوت والمرجان التي أشرق بها جيد هذا الفن جعلته غاية من اليسر والسهولة ولست بصدد دراسة وافية لأسلوبه الأدبي الفائق الرفيع في نثره ونظمه فهذه الوقفات ما هي الا اشارات عابرة وهي بضاعة : مزجاة. ۷۹ ) نور الددن السالمي واللغة (( إذا كان المتمكن في اللغة الغواص في بحارها والملتقط لنفيس دررها في مكامنها والمبرز في اختيار مفرداتها وجملها ئي مختلف فنونها وشتى طرقها هو الذي يطلق عليه اسم اللغوي ويوصف بأنه إمام في هذه اللغة حتى ولو لم يؤلف معجماً خاصا به فان الشيخ نور الدين - رحمه الله - أولى من يقال عنه انه إمام في اللغةء فأسلوبه التعبيري في كلامه المنثور في مؤلفاته العديدة يدلك على رسوخ قدمه في لغة العرب» فلا تجد في فقرة من فقرات مؤلفاته كلاماً حوشيا ولا غريباً ولا متنافراًء فكلما قرأت فصلاً من كتاب شدك ذلك الفصل إلى أن تكمل قراءة الباب وكلما أكملت باباً توقدت فيك الهمة إلى أن تتنزه في رياض الكتاب وما ذلك الا للبلاغة الباهرة والفصاحة الظاهرة والتراكيب اللغوية السالة من العيوب ولايتسم امقام لدراسة مفصلة وايراد مقاطم من كلامه في مؤلفاته الا نزرا يسيراً ولكي أحث القارىء أن يفتح بصره وبصيرته على مؤلفين لها صلة بالموضوع الأول كتاب «شرح يلوغ الأمل ف المفردات والجمل» وهو في أربعة أبواب. وهأنذا أورد مقتطفات من مقدمة الكتاب مصداقا لا أشرت اليه من موهبته الفذة في اللغة العربية. ولعل من يقرا المقدمة تشده قراءتها إلى التنزه في رياض الكتاب ليقتطف من أزهارها ما ينعش فكره. يقول : (أما بعد : فهذه منظومة في تفصيل الجمل من بها علي ربي عز وجل سميتها بعد تمامها ببلوغ الأمل ضمنتها الاعراب عن قواعد الاعراب وهو كتاب جليل في هذا الباب خال من الحشو والاطناب ومن التطويل والاسهاب لابن هشام صاحب المغنى وقال: نظمت منه حال الابتداء ما وسعه ذهني وقد شرحته في ذلك الحال شرحاً على قدر الحال وذلك سنة خمس وثلاثمائة وألف ثم لاحت مني التفاتة الى ذلك المنظوم وإلى شرحه المعلوم في سنة خمس عشرة وثلاثمائة وألف فقرىء عل ذلك النظم مع شرحه المذكور فرأيت ما فيه من قصور عن مرام أصله المشهور فتداركته بزيادة أبياته كان ذلك النظم منها خالياً وكسوته هذا الزيد مع الخطبة حللاً كان ذلك الشرح منها عاريا ثم أبقيت شرح الأبيات الأول على مافيها من خلل ليكون ذلك على عجزي دليلاً وليعلم اللبتدىء أن العلم انما ينمو قليلاً قليلاً وليستبين الفرق بين درجتي المبتدىء والمننهي والكل بفضل الله يبتدىء وبتوفيقه ينتهي وهذا أول النظم المشار اليه والكل منه تعالى واليه). ولعلك تدرك معي أيها القارىء لهذا النص مغزى الإشارة بقوله: «وليستبين الفرق بين درجتي المبتدي والمنتهي» والمتتبع لفصول هذا الكتاب تعبيراً وتأصيلاً واجمالاً وتفصيلاً يجد مصداق هذه الإشارة فى التحقيق والترجيح اللذين أبداهما في بعض المسائل وميض ينبىء عن غيث منسجم سيال بال معرفه: وهذا الشرح كما يبدو واضحا كتبه المؤلف بعد فترة من نظم الأرجوزة المشروحة لأنه أشار بل صرح لأن الأرجوزة هي أول مؤلف له يتحف به المكتبة العلمية: وهو يقول: سميت نظمه بلوغ الأمل إذ بالنظام قد بلغت أملي ولم أصنف قيله مؤلفا قط فيعفو الل عن عبد هفا اذ ليس يخلو أبداً من زلة مؤلف وإن علا ف الرتبة فكيف يخلو من عثار مبتدي وإن يكن بالسابقين مقتدي إز همه ينبو عن الوصول لمدرل الفهم من الفحصول والكتاب وان كان صغير الحجم فهو عميم النفع فمتنه ميسر للحفظ وشرحه يكسوه حللاً سندسية تروق للناظر وتبهج الخاطر ولا أريد أن أتوسع بايراد نبذ من ذلك الشرح الفريد من نوعه ايضاحا وتنسيقاً فحسب القارىء أن يقلب صفحات الكتاب ليجد البرهان على ما آقول. وأسا الؤلف الثاني فهو كتاب «المواهب السثية على الدرة اليهية» شرح فيه الدرة البهية لشرف الدين بن يحيى العمريطي نظم متن الأجرومية لأبي عبدالله محمد بن محمد بن داود الصنهاجي المعروف بابن أجرومي أي الفقير الصوفي. وشرح نور الدين - رحمه الله - شرح مختصر في جزأين لطيفين غير انه دليل واضح على البراعة التي يتمتع بها مؤلفه كما أن أسلوبه المتميز بالوضوح والشمولية مع كونه مختصرا دليل آخر على حسن تصرفه وسعة علمه ولابأس بذكر مقتطفات من مقدمات الشرح ليستشف المطلع عليها ما وراءها من خبايا تضم أنفس الدرر. يقول المؤّلف: « نحمدك يامن رفع من نحى نحوه بضم المواهب اليهم ونصب دلائل معرفته بالفتح المبين لديهم فانخفضوا لسلطانه بالتذلل والانكسار وانجزموا في خدمته بالسكينة والوقار ونصلي ونسلم على أفصح ناطق وأفضل صادق سيد الأولين والآخرين وخاتم النبيين والمرسلين وعلى آله وصحبه وأصحابه الحائزين مبتدأت الأمور ومصادرها والحارزين أفاضل المساعى وأفاخرها وعلى تابعيهم المؤكدين لنعوتهم بأحسن ثناء العاطفين بسبق الاقتداء ما تحرك به ساكن وما سكن متحرك». أن هذه الشذرات التي يتزين بها تاج الكتاب كأنها فهارس مبرمجة لأهم أبواب النحو وفصوله صاغها المؤلف فأودعها تلك الجمل القليلة العدد الغزيرة المدد. أما عن طول باعه في التدقيق والتحقيق فينبىء عنه ما بثه في ثنايا مؤلفاته من مسائل ناقشها وأبدى رأيه فيها فكان من فرسان حلبة البيان ينقد ويرجح ويستدل ويصحح. وتبدو موهبته اللغوية الفذة واضحة جلية عندما ينبري لشرح مبهم وفتح مستغلق أو ايضاح مشكل بأسلوب لايمل وايضاح لايحتاج المطلع على ما يراد شرحه إلى البحث عنه في مؤلف آخر. وكتابه الذي سماه «روض البيان على فيض المنان في الرد على من ادعى قدم القران» للعلامة سعيد بن حمد الراشدي المعاصر له الذي حبر فيه بعض مراثيه أبرز دليل على ما أقولء وهذا تص من الكتاب أضعه بين يدي القارىء وهو واحد من عشرات النصوص الحافلة بالمباحث اللغوية واللطائف اللدنية . يقول - رحمه الله - شارحا لهذا الييت: ورميتهم عن قوس بغي بالذي البسته من خالص البهتان ( فرمى بمعنى قذف على حد قوله تعالى «إوالذين يرمون أي يقذفونهنء مأخوذ من رمي الوتر عن القوس. والقوس يذكر ويؤنث آلة الرمي في الزمان القديمء وسمي قوسا لانحنائه. والبغي الظلم والتعدي واضافة القوس اليه من اضافة المشبه به الى الشبه على حد قول الشاعر: والريح تعبث بالغصون وقد جرى ذهب الأصيل عن لجين الماء والوجه الجامع في تشبيه البغي بالقوس هو أن البغي تصدر عنه الأشياء المفسدة لبنية الحيوانء وقرن القوس بعن لأن العرب تقول: رميت عن القوس ورميت على القوس. ولاتقول : رميت بالقوس الا اذا أرادوا القاء نفس القوس من اليد. وفي قرنه بعن اشعار بأنهم تحوا السهم عنه وفي قرنه بعلى اشعار بأن السهم كان موضوع فبعد هذا البيان المجلي للمفردات التي وردت في البيت أيحتاج من قرا هذا النص للبحث عنها في معاجم اللغة. وليس التبيان مقتصراً على معاني المفردات ولكنه برز لا فيه من لطائف بلاغية كما فى تشبيه البغى بالقوس الحامل من إضافة المشبه (١) مخطوطة روض البيان على فيض انان - مكتبة السالمي. - ۸۳ به الى المشبه ء وذكر وجه الشبه الجامع بينهما › وهكذا نجد العشرات من النصوص التى شرح بها .هذه النونيه. وأعذب ما في تحايله اللغوي التوجيهات والتعليلات لوضع المفردات في مواضعها من الجمل والاطلاقات والتسميات فلا يغادر اطلاق تسمية على شيء تحتاج الى بيان مناسبة إلا أعطاها حظها من التعليل والإيضاح ولاسىما لدى التشبيهات والاستعارات وعلاقات المجاز لنأخذ مثالا واحداً من بين عشرات الأمثلة هذا النص الذي شرح به هذا البيت: متعسفاً بيداء جهل راكب عشواءة تهوي بغير عنان قال رحمه الله : «متعسفاً حال من التاء في قوله «ورمنيهم» والتعسف هو فعل الشيء من غير رؤية ومنه تعسف الطريق اذا سلكها من غير قصد. والبيداء المكان المنقطع الذي لاماء فيهء وسمي بذلك لأنه يبيد السالك فيه أي يهلكهء ويسمى أيضا مفازة من باب تسمية الشيء بضده تفاؤلاً بالفوز من أخطارها كتسمية اللديغ سليماً تفاؤلاً بسلامته. شبه الجهل بالبيداء بجامع أن كلا منهما يهلك صاحبه بالأخطار االجتمعة فيه وأضاف المشبه به وهو البيداء الى المشبه وهو الجهل ليحصل له تنفير السامع من ارتكاب الجهل لأن تلك الإضافة كأنها تشعر أن الجهل هو تلك البيداء لاغيرها فهو أبلغ من قولنا «زيد أسد» لأن اضافة المشبه به الى المشبه توهم أن للمضاف أنواعاً أحدها هذا النوع المضاف الى هذا الملخصوص فكأن البيداء في كلام الناظم متنوعة الى بيداء جهل وبيداء غيره فخصصها باضافتها الى الجهل فحصل ثم يختم شرح هذا البيت بعد أن أوضح كل الإيضاح ما احتاج إلى بیان من مفردات وجمل بقوله: « شبه الملصنف حالة هذا القاذف لأهل الحق بحالة رجل لاتمييز له راكباً على فرس لا بصر لها ولا لجام يمنعها تنقض به في بيداء ذات (١) مخطوطة روض البيان على فيض النان مكتبة السالمي. “۸ مهاو مهلكه لسالكها. والجامع بين المشبه به والمشبه هيئة منتزعة من عدة أمور. فوجه التشبيه على حد قوله: وقد لاح بالفجر الثريا كما ترى كعنقود ملاحية حين نورا ”) إن سحر البيان تلوح بروقه في هذا النص وأمثاله فلا يملك الفكر الذي يجول فيها الا أن يسلم لمنشئها انه إمام في اللغة إمام في البيان. وشرح هذا الكتاب الفريد من نوعه نسج على هذا المنوال مع غزارته في موضوعه «الرد على من ادعى قدم القرآن» فليس ما فيه من التحليلات اللغوية واللطائف البيانية الا حلل بهية يزهى بها أما عن التحقيق واقامة الحجج فيما يتطرق اليه من مباحث لغوية التى لها صلة مباشرة بعلم الأصول فانك تجد ذلك مفصلاً في أبواب كتابه «طلعة الشمس» الذي شرح به شمس الأصول». وعلى سبيل المثال ما جادت به قريحته في مبحث المشترك اللفظي والمعنوي من ترجيح وتصحيح بعد عرض الأدلة والاجابات عليهاء وقد يبين بما لاغبار عليه ان الخلاف بين المختلفين في وجوده ومحله انما هو خلاف معنوي لا خلاف لفظی”). وعندما نقل ما قاله أئمة اللغة وأئمة الأصول في استعمال «من» و «ما» لذوات العقلاء وغيرهم أو صفات العقلاء استخلص ما حاصله أن دلالة «من» على صفات من يعقل انما هى دلالة مجازية » ودلالة «ما» على ذلك دلالة وضعية حقيقيةء وذلك أن «من» قد تستعمل بمعنى «ما» مجازاً كما في قوله تعالى لإومنهم من يمشي على أربع»'"' وقد تستعمل «ما» بمعنى «من» مجازاً أيضاً على قول كما في قوله تعالى «إوالسماء وما بناها»”) وقوله تعالى «إفانكحوا ما طاب لكم من النساءك»””) وعندما سرد أحكام المجاز وتطرق الى الحكم الذي هو الأخذ بالمجاز (١) مخطوطة روض البيان على فيض المنان مكتبة السالمي. (۲) طلعة الشمس ج ١ ص ١٤٠ - ١٤٠ /وزارة التراث القومي والثقافة. (۳) سورة النور.. (٤) سورة الشمس. (٥) سورة الشمس. وترك الحقيقة لمقتضى يدعو اليه فيما اذا أراد اللفظ بين الحقيقة والمجاز وكان المجاز أظهر اختار رجحانية المجاز على الحقيقة فهو يقول بعد ذكر الخلاف وأدلة كل فريق «وأقول: إن رجحانية المجاز بالقرينة الدالة على ارادته ولو لم تكن مانعة من ارادة الحقيقة ظاهرة فانه وان كانت الحقيقة هي الأصل فقد يترك الأصل فأنت ترى أن اختياره لم يكن اعتباطا وانما كان تبعاً للدليل الأقوى ولايصل الى مثل هذه الاختيارات في المباحث اللغوية ولاسيما استعمالات الألفاظ في حقائقها ومجازاتها إلا ذو باع طويل في مجالات اللغة. وعند كلامه على «أو» وذكر معانيها واستعمالاتها أوضح بجلاء أن «أو» انما هي موضوعة لأحد الشيئين المتوسطه بينهما وليست موضوعة في الحقيقة للشك أو التشكيك أو الإبهام أو الإضراب أو غير ذلك من المعانى التى ذكر أئمة اللغة أن «أو» تفيدها وضعا. بل جعل مرد تلك الأحوال الى القرائن باعتبارها ثمرات لاستعمالات اقتضتها قرائن الأحوال لها أن «أو» موضوعة في الأصل لتلك المعاني.) ولم يكن كلامه في معاني «أو» واستعمالاتها سطحيا دون أن يعرج على ما ينطوي عليه بعض تلك الاستعمالات من لطائف وأسرار يظهر ذلك جلياً عند كلامه على عموم «أو» بعد النهي كما في قوله تعالى إولاتطع منهم آثماً أو في قوله «والسر في اقادتها العموم ههنا انها لأحد من غير تعيين وانتفاء الواحد المبهم لايتصور الا بانتفاء الجموع فقوله تعالى إولاتطع منهم آثماً أو كفورا» معناه لاتطع أحدا منهم وهو نكرة في سياق النفي هذا وما أوردته في هذه الصفحات القليلة إنما هى غيض من فيض وقطرة من بحرء وليس مغنيا ولا مستقصياء ولكنها اشارات تستشف منها شخصيته الأدبية واللغويةء وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. (١) طلعة الشمس ج١ ص ٢٤٠۲ ٢٠۲ (۲) المرجع السابق ص ۲۳۳ (۳) سورة الانسان (٤) طلعة الشمس ج ١ ص ٢۲۳ ا٦۸“ الضراء د الشامسة : السالي فقيها ومحققا إعداد / د. صالح بن أحمد الصوافي تقديم: الحمد لله الذى أكمل لنا الدينء وأتم علينا النعمةء ورضى الإاسلام لنا ديناء وأحمده سبحانه وأشكرهء وأشهد أن لااله الا الله وحده لأشريك له؛ أكرم الإنسان بالعلم؛ وزينه بالحلم ء وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسولهء تركنا على المحجة الببضاء.. ليلها كنهارها .. لايزيغ عنها إلا هالك .. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أعلام الهدىء ومصابيح الدجى: والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى. أما بعد: فمنذ فجر التاريخ الإسلامي ء والأمة الإسلامية تسير سيرة مشرقة الصفحاتء ناصعة البيانات فيي تخليد أساطين رجالاتها من الرعيل الأول وأئمتها قادة الفكر الذين كانت لهم اسهامات ثريةء ومؤلفات بهيّة وعطاءات هذا التخليد يفي ببعض من تجاه أولئك الأفذاذء وفيه موقف مشرف يحمل وفاء بالعرفان. واعترافاً بفضلهم في كل ميدان. ولقد أسهم كثير من أصحاب الأقلام السيالة والأفكار الجياشةء في اظهار مجموعة من المؤلفات القيمة في الفقه والتوحيدء ف السير والتاريخ فيي اللغة والأدب في التفسير والحديث؛ والى جانب ذلك ظهرت مؤلفات أخرىء وكتابات متنوعة في التراجم لأولئك الجهابذة الذين هم هداة الأمم وقادتهاء ومفكروها وساستها. “۸V وهذا البحث ‏ المتواضع - يأتي في مسار سير الأئمة الأعلام وبناءٌ على دعوة كريمة من «المنتدى الأدبي» الذي يشرف على اهتماماته المباركة صاحب السمو السيد / فيصل بن علي بن فيصل آل سعيدء وزير التراث القوي والثقافة الموقر. وانه لشرف كيبر ومن السعادة بمكان أن تسند إلى مهمة الكتابة عن هذا المجدد العظيم › وفاء بيعض الواجب تجاهه واستجابة للدعوة الكريمة التي تلقيتها من رئاسة «المنتدى الأدبي» مقدراً لهذا الصرح الثقافيي جهوده المباركة تجاه أئمتنا الأعلام. وقد سعيت جاهداً أن أقدم في بحثي هذا عرضاً موضوعيا يتلاءم وجلال المناسية. ويما أن مكانة هذا الإمام العلمية منها والعملية معروفة عند العمانيين بصفة خاصة وعند غبرهم بصفة عامة فانه عل الإحاطة بحياته الخالدة المليئة بالعلم والمعرفةء والطافحة بالأفكار النبرة المتوهجةء, فقد آتاه الله من عطاءاته وأغدق عليه من نعمهء ووهبه من فيوضاته؛ بالقدر الذي يجعله أهلاً لحمل راية الإسلام؛ والتحدث باسم الإسلام؛ ومن ثم كان فضل الله عليه وأقول بصراحة ووضوح. إنه مهما يتبارى الكاتبون والمتحدثون عن هذا الرجل العلامة - السالمي - فان كتاباتهم لن تفيه حقه؛ وهذه الصفحات التي أكتبها عن هذا الإمام ويكل تواضع فهي لاتطمع أن توفيه - رضي الله عنه ‏ بعض حقه؛ ولا تزعم انها تقدم - السالمي - الى القراء إنما هي اشارات تومىء من بعيد على استحياء الى بعض اسهاماته العلميةء التي جعلت أفئدة الناس تهوي اليه في حياته وبعد موتهء والتي جذبت ولاء الناس “۸۸ له منقطع النظبرء حاملة مبادىء الدعوة . ورافعة مشعل العلم. فجعلت من كل عبقها وعببرها شذى يعطر الآفاقء ويستميل القلوب ويمكن تلخيص هذا البحث ف المحاور الآتية: المحور الأول : إشراق شمس مولده وملامح نشأته. المحور الثاني : التحاقه بالمدرسة الرستاقية وشيوخه المحور الثالث : هجرة علم وعمل. لحور الرابع : مؤلفاته وأهميتها فقها وتحقيقا. المحور الخامس: السالمي في ذمة الله. ولا يسعني في نهاية هذه المقدمة الا أن أتمنى لهذا الصرح العلمي «المنتدى الأدبي» أن يشق طريقه لإحياء ذكرى أساطين هذا البلد المعطاءء في هذا العصر الميمون المباركء عصر في ظل القيادة الرشيدة لسلطان اليلاد المفدى. هذا وبالله التوفيق. الباحث 7 اللحور الأول إشراق شمس مولدهء وملامح من نشاأته. المولد ..... النشاة. م هد ی إن تاريخنا العماني شهد رجالا عقدوا عزمهم على الوصول الى غاية تناهت في السمو والرقيء والعدالة والصفا , ثم نذروا لها حياتهم على نمط تناهى في التضحية والشجاعةء والبذل والعطاء. ومن هؤلاء الرجال «العلامة السالي» الذي كان اشراق شمس مولده رؤى صادقة ومنعطفاً جديداً في تاريخ عمان الخالد. المولد: لقد صافحت عيناه نور الحياة عام ألف ومائتين وست وثمانين هجرية سنة ١۱۲۸ ه لي قرية من أعمال «الرستاق» تسمى «الحوقين» ولد فيها . ونشاً نشأته الأولى بين رياضهاء حتى شب عوده؛ وترعرع جسمه؛ واتقد فكره؛ قرأ القرآن الكريم في مدرسة والده حميد وكان رجلاً فاضلاً ورعا. ولقد شاء الله سبحانه وتعالى - أن يكف بصره وعمره أنذاك إِثنتا عشرة سنةء ولكن الله فتح بصيرته إذ كان يتمتم بحفظ خارق ء٠ وذكاء وقادء وذاكرة كالعدسة المصورة التي تلتقط جميع ما تصوره. فلقد كان - رحمه الله لايستمع الى شيء من مسائل العلم أو أبوابه إلا وحفظه حفظاً متقناًء ولعل هذه من الخاصيات التي يودعها الله أصفياءه وأولياءه وهل طاعته. 7 ۳ ولقد كان من ندرة حفظهء وقوة ذاكرتهء أن حدث أهله بعد أن شب عودهء متحدثاً بفضل الل عليهء وذاكراً النعمة التى منحه الل اياهاء انه النشأة: نشا - رضي الله عنه ‏ نشأة الطهر والعفاف. والنقاء والزكاء. ولقد كانت نشأته هذه حديث أهل بلده وأقرانهء متحدثين عن طفولتهء عن سماتهاء عن اشراقهاء عن مشاهدهاء یردد بعضهم ما أعظمها بأنه طفل غير وأنه ينطوي على سر مخباً لايعلم كنهه إلا اللهء غير إنهم کانوا مقتنعين أن هذا السر ستكشفه الليالي والأيامء وبالفعل ما هى الا سنوات قلائل حتى انكشف ذلك السر في جميع فهنالك سر الرجولة التي كانت ملء كل قلبء وأذن وعينء وهنالك سر الضميرء فلقد أصبح - رضي الله عنه ‏ ضمير مجتمعه وقومه. وهناك سر العلمء فلقد منحه الله من فيوضاته العلمية الغزيرةء فكان محط الأنظارء ومهوى الأفئدة . وشيخ العلم والعمل . تضرب اليه أكباد الإبل من كل حدب وصوب فحياته جميعها أسرارء أصبحت واضحة المعالم مقروءة القسمات بدءاً من المهد وانتهاء باللحد. e (١) نهضة الأعيان للشيخ محمد بن عبد الله السالمي ص ١٠٠ وأيضا مقدمة ا۹ احور الثاني - التحاقه بالمدرسة الرستاقية وشيوخه فيها. المدرسة .... شىوخه : المدرسة : الدرسة الثانية التي تلقى فيها العلم تقع بمدينة (الرستاق) والرستاق بضم الراء السواد والفّرىء الرزدق الصف من الناس › والسطر من النخل. وفيها ثلاث لغات : الرستاق والرزداق . والرسداقء وهي تبعد عن مسقط العاصمة ما يقرب من ١٠٠ كيلو مترء جنوب ولاية «المصنعة». ولقد تلقى شيخنا السالى علوماً جمة في هذه المدينة «الرستاق» في تلك المدرسةء التى كانت تزخر بالعلماء الأخيارء والفقهاء الأحبار كالعلامة الشيخ راشد بن سيف اللمكي: والشيخ العلامة عبد الله بن محمد الهاشمي وغيرهم. فأخذ عن الشيخين المذكورين الكثير من لقد بلغ في العلم شأوا كبيراء ونال من المعرفة قسطاً عظيماء فهو العالم العاملء والمؤلف البارعء شرع في التأليف وعمره أنذاك سبع عشرة سنة حيث ألف أرجوزته المشهورة «في الجمل» ثم قام بشرحها شرحا وافياً محققاً جامعاء مما يدل على حدة ذكائهء وقوة فهمهء وسعة علمه. شيوخه : أولا : الشيخ اللمكي: لقد قلت سابقاً أن - الإمام السالي - تتلمذ على الشيخ العلامة راشد ابن سيف اللمكي - رحمه الله - ولمكانة هذا الشيخ الفقهية والاجتماعية ولكون شيخنا السالي أخذ عنه أكثر العلم ليجدر بنا أن نبين للقارىء الكريم لمحة عن حياته وجهوده المباركة. هو راشد بن سيف بن سعيد اللمكي. ولد عام اثنين وستين ومائتين وألف بمحلة «قمري» من «الرستاق» فنشاً بها وتعلم العلوم وكان ملازماً للسيد الزاهد فيصل بن حمود بن عزان والشيخ العلامة ماجد ابن خميس العبري وقضى فترة من الوقت مدرسا «بالمدرسة الرستاقية» في مسجد قمري. ويروي الشيخ محمد بن عبد الله السالمي في نهضته أنه - رحمه الله كان يجتمع اليه الطلبة في المسجد اللذكور من أجل تلقى العلم. والعلٌ من معينهء وكان الشيخ يبذل جهوداً مخلصة تجاه طلابه وكان متواضعاء فبعد أن يجن الليل كان يضيء بنفسه الاضاءة في اللسجد حيث بلغ عدد المصابيح سبع وحدات لكي يحلق حولها طلاب العلم.() تخرج على يديه جملة من العلماء » من بينهم شيخنا العلامة السالي والشيخ سالم بن سيف اللمكي والشيخ العلامة الزاهد محمد ابن شامس الرواحي وغيرهم كثير. كان الى جانب اهتمامه بالعلم والتعليم يهتم أيضاً بالدعوة دعوة الناس للمثابرة الى الخبراتء والمسايقة الى صنوف القرباتء ولا لدعوته هذه من أثر في قلوب الناس» تبرع كثير من الأغنياء بحبس أموالهم على المتعلمين والمساجد ومختلف أبواب البر والصلاح. وله مؤلفات قيمة أثرت المكتبة الاسلاميةء من بين هذه المؤلفاتء «المسالك في علم المناسك» و «منظومة في السلوك» و «منظومة في فضل العلم» وأخرى «في نشر الحق» كان رجلا مقداماً شجاعاً عاملاً ورعاً. له مواقف خالدةء وآراء ساطعةء توفي عام ۲ هجرية عن عمر ييلغْ احدی وسيعين سنه قضاها في العلم والعمل والصلاح والخير حوى هذا الشيخ من العلوم ما فاق به أقرانه. عاش في وقت وعمان بحاجة الى أمثالهء نذر حياته للعلم والعمل به توي والجميع عنه راضون. (١) نهضة الأعيان ص ٢۲۳ ۹۳ ثائيا - الشيخ الهاشمي: وممن أخذ عنهم العلم أيضا الشيخ العلامة عبد الله بن محمد الهاشمي عرف بين الخاص والعام بفضله وزهده وورعهء رای - رحمه الله - المناصب تبحث عن موظفين من المسلمينء والأموال تأتي من هنا وهناك فما شغله ذلك عن العلم والتعليم؛ ولا صرفه صارف عن الاخبات والتواضعم لله الحي القيومء تنحصرأمانيه في أمنية واحدة هي رضاء الله وحدهء قضى حياته في العلم والعمل الصالحء ودعوة الناس الى الخير والبر والهدى. هذه ومضة من حياة مليئة بالاستبسال وعظيم الهمة عاشها - العلامة الهاشمى - في سبيل الله ورسولهء ودينه. عندما قدم الإمام السالى - اليه ء ليلتحق بمدرسة الرستاق الزهراء استقبله شيوخها استقبال الوالد الحنون الذي يحمل كل الحب والاجلال وجوانح الشوق العظيم فرحا به وبانضمامه الى قائمة تلامذتهمء قدوم مبارك وميمون. وْمضت الأيام ينادي بعضها بعضاً ومع كل یوم تزداد همة السالميء وعندما رأى الأستاذ نجابة تلميذهء وحدة ذكائهء ومضاء عزمهء طارت نفسه فرحا بتلك المشاهدء وكأن «السالمى» على موعد مع الشيخين اللمكي والهاشمي. فأخذا بجد ومثابرة يتابعان خيوط النور في مسراها على قسمات وجه النور السالميء الذي أصبح إماماً فيما بعد. وكان السالي كلما سمع أحداً يتحدث عن العلم وفضله جلس اليه وأصغى في سمت خافت ٠ وبين المساءلة يطعم الحديث بكلمة منه أو كلمات يرسلها في طريق المشاركة في البحث والرأيء قل ما يتكلم إلا والتأثير والايحاء يظهران مكانته العلميةء يبصر شاباً هادىء الطبع ء كثير السمت» وقاد الصمت بينما هو في جوانحه الداخلية ساحة حافلة بالمعرفةء مليئه بالحركةء أنشطة تؤججء وأناشيد تصلىء وأصوات تسبح. عندما شاهد الشيخان تلك الساحة وما فيها أدركا أن عناية الهية ترعى الشيخ السالي وإن له لساناء شاهدا على حب للإسلام وأهله: والذود عن حياضهء ليس فقط من كيد أعدائه . بل ومن خطاً علمائه. عندما هاجر الى الشرقية من عمان «القايل» بلد الشيخ صالح بن علي الحارثى - رحمه الله - زاره الشيخ سعيد بن محمد الكندى النخلى فارتجل العلامة السالمي قوله: ‎BB‏ ألا يا شيخنا الكخدي أعندك مثل ما عخدى فرد عليه الشيخ الكندي ما عندك أيها الشيخ؟ فقال له: وعدي للعلاهمم تفوق النجم ف البعد هذا وإن القارىء لسيرته وأعماله ليدرك شأو تلك الهمم وأين بلغت؟ فحياته علم وعملء وقيادة وريادةء وفقه وتحقيقء ونحو وتاريخ:. وصلاح واصلاح الى غير ذلك من أنواع البر. ثالثا - الشيخ العبري : ومن العلماء الأخيار الذين تلقى على أيديهم العلم العلامة الزاهد ماجد ابن خميس بن راشد العبري الحمراوي نسبة الى بلده «الحمراء» ولد - رحمه الله - في شهر رجب عام ١١۱۲ هھ وقیل عام ١١۱۲ هھ بقرية كدم ببلد الحمراءء فنشاً نشأته الأولى في حجر والده أبى الغبراء خميس بن راشد بعيداً عن اللهو واللعب.() ۱ تربى في مدرسة والده على الإيمان والبر وحب الخيرء والميل الى معالي الأمور. تعلم القراءة والكتابة من الشيخ ناصر بن سالم العدويء وأخذ قسطاً من النحو ومبادىء التوحيد من والده. وبعد أن توفي والده انتقل الى «الرستاق» وذلك آيام السيد الجليل قيس بن عزان بن قيس بن عزان البوسعيدي لا عرف بين الناس من رغبة هذا السيد في العلم حبه للعلماءء وتقريبه لهم وتشجيعه اياهم. ولا توفي هذا السيد لازم ابنه السيد عزان بن قيس الذي عقد له بعد بالامامة. كان الإمام العبري من أكبر فقهاء عمانء فلقد نذر حياته جميعها من أجل تعلماً وتدريساً وقضاء وفتوى» وإلى جانب معارفه الفقهية فهو شاعر مجيدء له قصائد غراء في الوعظ والحكمة. له أجوبة على أسئلة نثرية ونظمية في مختلف العلوم. ويقال لو جمعت أجوبته النثرية لتكون منها أربعة مجلدات. مما عرف به حرصه الشديد على اتباع العلماء المتقدمين. وكثيرا ما كان يغضب على علماء عصره المتأخرين, اذا رأى منهم فعلا أو سمع لهم قولا يخالف السلف رد عليه بجرأة لا تلين. ويعتبر هذا الشيخ من كبار العلماء المحققين. تخرج عنه علماء كثيرونء فقد قرا عليه إبان اقامته «بالرستاق» نور الدين السالمي: والشيخ العلامة ابراهيم بن سعيد العبريء والشيخ سعيد بن صالع العبري والشيخ علي بن هلال بن زاهر الهنائيء والشيخ سالم بن راشد العبريء والشيخ محمد بن سالم بن بدر العبري والشيخ ثابت بن سرور الغلابي وغيرهم كثير. وتروی له كرامات جليلة: - منها أن شعر لحيته غلب عليه السواد بعد موته » شوهد ذلك في حال تغسيله وتجهيزه. - ومنها حفظ الله سمعة وعقله ولسانه الى خر العمر. - ومنها عدم انقطاعه عن المسجد في مختلف الصلوات ولم يعجز عن شيء من عبادته وآوراده. توفي - رحمه الله في فجر اليوم الرابع والعشرين من شهر المحرم سنة ١١٤۱۳ ه والمسلمون عنه راضون. ما أحسن الهجرة اذا كانت من أجل طلب العلم والعلٌ من معينهء وفي القرآن الكريم «ل فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا لعلهم يحذرون») وثي الحديث الشريف قال رسول الله يَيٍ : ( ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علمً سهل الل له طريقاً الى الجنة ). ( ١) نهضة .الأعیان ص ٢۳۸ (١) سورة التوبة آية ١۱۲ ٦۹ اللحور الثالتثت هجرة علم وعمل .... هجرة من أجل العلم : عندما سمع الإمام «السالي» عن علو صيت الشيخ صالح بن علي الحارثى تاقت نفسه أن يلتقي به وبالفعل هاجر - رحمه الله الى يلد «القابل» وذلك سنة ألف وثلاثمائة وثمان سنين هجريةء ولقد عزم الشيخ الحارثي عليه أن يستوطن القابلء فامتثل لأمرهء وليث عنده معاضداً له يلتقط من فوائدهء ويستخرج من فرائدهء ويعتبر العلامة الحارثي أحد شيوخه الذين أخذ عنهم العلم. وقال الشيخ محمد بن عبدالل السالمي - نجل نور الدين - في نهضته: «فكان الشيخ صالع أحد لقد أوتى حظاً وافراً وشهرة في العلم فضربت اليه أكباد الإبلء ووفد اليه الأخيار من سائر النواحيء ودرس في سائر فنون العلمء كالتفسير والحديث وأصول الفقهء وأصول الدينء والنحو والمعاني والمنطقء ودام على ذلك الحال حتى توفي الشيخ ثم عاضد بعده الشيخ عيسى بن صالح وساعده على تدبير الكثير من الأمور .. وأبدى في ذلك من حسن السياسة وعلو الهمة کل عجیب»ٴ كان لتنوع ثقافته وشمول معرفته؛ ما يبهر العقولء. فهو الحبر الحاذق الفطن في كل شيءء في تفسير القرآن .. في مختلف العلوم التي أشرنا اليهاء ومن ثم فقد كان مقصد الباحثين يأتيه الناس أفرادا وجماعات من مختلف بلدان عمانء ليسمعوا منهء وليتفقهوا عليه. كان رحمه الله الى جانب ذاكرته الوقادة يستمتع بذكاء نافذء وفطنة بالغةء وهمة عاليه. كانت حجته في الحديث والمناقشة كضوء الشمس وضوحاء وهو في منطقه وحوارهء لايترك مناقشّة مفعماً بالرضا والاقتناع فحسب. بل ومفعماً بالغبطة من جمال النطق وروعتهء وفطنة الحوار وأسلوبه. - ۹۷ تولى التدريس عن شيخه «الصالح» في مسجد الشيخ المشهورء فما ان سمع الناس بمقدمه الميمون, واقامته المباركةء إلا وأقبلوا عليه رجالاً ورکبانً آمین مدرسته. ناهلین من علمهء مرتشفین من فیضهء تارعین من نهرهء مستمعين الى نفاذ حجتهء ونصاعة برهانهء سنوات قلائل. فاذا بهذه المدرسة الإيمانية تخرج لنا طرازاً مثاليا في العلم والعمل. والاخلاص والصفاءء والصدق والوفاءء والأمر بالمعروف والنهي عن اللنكرء فمن ياترى هذا الطران المثالي؟. تلامذته: قال العلامة الشيخ أبو اسحق() اطفيش - رحمه الله : «تلاميذه كثيرون ولانبالغ اذا قلنا ان رجال العلم اليوم بعمان - يعني في زمنه - كلهم من تلاميذهء وقد نبغ منهم كثير. وأضيف الى هذه العبارة .. حتى في زماننا هذا فغالب فقهائنا من تلامین تلامیذه - رحمه الله - ٹم قال أبو اسحق : وف مقدمتهم العلامة الأفخم امام عمان أيو عيد الله محمد بن عبدالله بن سعيد بن خلفان الخليلي الخروصيء بويع بالإمامة بعد وفاة شیخه». قال « والعلماء من تلاميذه كثبرونء. وحسبك أن صفوة الامامة هنالك - يعني في عمان - والذين قامت عليهم الإمامة والملك هم تلاميذهء وهذه الروح التي نفخها فيهم: حتى كانوا حمى للدين والأمةء من أكبر الشواهد على اخلاصه وعلو شأنه ومكانته - رحمه اشم») قال الشيخ محمد السالمي معلقاً على كلام الشيخ أبي اسحق: «وهي شهادة من عالم عامل»() ومن مشاهير تلاميذه الامام العادل الزاهد الورع سالم بن راشد الخروصي فقد كان ملازماً له منذ صغره الى أن عقد عليه بالامامة. (١) أيو اسحق (۲) نهضة الاعیان ص ١١٠ (۳) نفس المرجع “۹۸ - ومنهم الشيخ العلامة عيسى بن صالح الحارثى أحد العلماء الكبار في عمان له مواقف خالدة في نصرة الحقء وله أجوبة فقهية هامة جمعها ورتبها العالم الفقيه الشيخ سالم بن حمد الحارثى في مجلدين تحت عنوان: «خلاصة الوسائل في تحرير المسائل». ` - ومنهم العلامة الدراكة رئيس القضاء والفتوى - في عمان آنذاك - أبو مالك عامر بن خميس بن مسعود الالكي كان معاضدا لشيخه في حلو الزمان ومرهء له مؤلفات قيمةء وفتاوى عديدة في مختلف فنون العلم والمعرفة. - ومنهم العلامة الزاهد عالم الاقتصاد عبدالل بن محمد بن رزيق الريامي الأزكوي يكنى أبا زيدء من الكتبة الماهرين حيث كان يكتب مسودات التأليف لشيخه. ولهذا الشيخ جهود علمية وعملية مباركةء لو لم يكن إلا اهتمامه الكبير ببيت مال المسلمينء وتنميتهء الى جانب اهتماماته بأوقاف المسلمين الأخرى واصلاح أموالها. ومنهم العلامة الشيخ أبو عبيد حمد بن عبيد السليمي السمائلي. وهو من أجل علماء عمان وهب علماً جما وذكاء وقاداً وتولى القضاء: ي عهد الإمامين سالم بن راشد الخروصي ومحمد بن عبد الله الخليلي وتولى التدريس بمسجد الخور بمسقط في عهد السلطان سعيد بن تيمور آل سعيد. ومنهم الشيخ العلامة سيف بن حمد بن شيخان الأغبريء وهبه الله علماً وحفظاء تولى القضاء ورئاسته في عدة محاكم شرعية. ومنهم الشيخ العلامة سعيد بن حمد الراشديء كان مسارعا للخيرات معروفا بالسكينة والوقار , تاركاً لحظوظ النفس» ومتصفا بالكمالات الإتسانيةء مثابراً في تحصيل العلم النافعء له مؤلفات قيمةء ومواقف خالدة. ومنهم الشيخ العالم الزاهد سالم بن حمد البراشدي. كان وليا تقيا تقلد القضاء على بلدة سناو وما حولها. مليئة بالعلم ونشرهء وتثقيف أبناء مجتمعهء ونظراً لاخلاصه في عمله لله خالقهء صحبته عناية ربهء فأخرجت مدرسته صوراً علمية مشرقة. تتجلى فيمن ذكرناهم ومن لم نذكرهم من تلامذته الأساطين الذين كان وبفضل هذا الرعيل من العلماء العاملين, انتشرت المدارس الفقهية في الفساد والمفسدين والحمد لله . قال مؤلف کتاب «نهضة الأعيان» :‹ھهؤلاء مشاھبر تلامذته والذين تحت طبقتهم كثير. بل لاتجد عمانياً له أدنى مسكة من العلم الا وقد من المواهب(') قال العلامة عز الدين التنوخي”) : «وما في اليوم من علماء الا وهم نارهاء وملهب أوارها») (۱) نهضة الأعيان ص ١٠٠-۷٠۱ (۲) عز الدين التنوخي من كبار علماء ومؤرخي سوريا (۳) شرح الجامع الصحيح الجزْء ۳ - المقدمة ص ط الملحور الرابع مؤلفاته وأهميتها فقهاً وتحقيقا : إن الإنسان ليعجب كيف استطاع أن يؤّلف تلك المؤّلفات النفيسة في عمره القصير الذي لم يبلغ الخمسينء ومن تلك المؤلفات الجليلة ما يلي: أولاً - أنوار العقول : أرجوزة في أصول الدينء من أهم الأراجيز الفقهية التى لايتغنى عنها طالب علم. ‎Bi‏ ‏اسا - «يهجة الأنوار» : وهو عبارة عن شرح مختصر لهذه الأرجوزةء طبع بهامش الجزْء الأول من كتاب «طلعة الشمس». ثالثا - «مشارق أنوار العقول» : شرح مطول لتلك الأرجوزة من أحسن كتب الأصول العقدية تحقيقاً وتحريراً وصياغةء قال القطب محمد بن يوسف ‏ رحمه الله ا اطلع على هذا الكتاب مشيداً به وبمؤلفه: «لقد أمعن صاحب المشارق». رابعا - المراد» : أرجوزة في نظم الاعتقادء قام بشرحها وتحقيقها الشيخ العلامةء سلیمان بن محمد الکندي شرحاً جامعاً مفیداً خامسا - «شمس الأنوار» : ألفية في أصول الفقهء وقد شرحها - يرحمه الله - شرحاً نفيسا › تعتبر من أهم كتبه في أصول الفقه. إن القارىء المتأمل في أبواب ومسائل هذا الكتابء ليدرك مكانة مؤلفه العلمية تحقيقاً وتوضبحا . سادسا ۔ «شرح الجامع الصحيح الإمام الرييع ين جيب الفراهيدي البصري» من أئمة الحديث المشهورين عاش ف أوائل القرن الثانى الهجري . وهذا الشرح الجامع الشامل يقع في ثلاثة أجزاء مطبوعة جميعها ومتداولةء ويعتير هذا الشرح من الكتب المشتملة على أحاديث قام المؤلف بتحقيقها وتخريجهاء ولتفنيد الحديث الصحيح من وأقوال المحدثين ومناقشة أرائهم. سايعاً ‏ «مدارج الكمال نظم مختصر الخصال» : وهو عبارة عن نظم لكتاب «مختصر الخصال» لؤّلفه الإمام أبي اسحاق ابراهيم بن قيس الحضرمي أحد علماء الأباضية باليمن() ويعتير أبو اسحاق من الشخصيات القيادية والأساطين الفكرية في «حضرموت» في القرن الخامس الهجري. | لقد نظم الإمام السالمي ذلك الكتاب نظرا لأهميته الفقهية وتبسيطه لطلبة العلم؛ ويعتبر من الكتب الفقهية الهامةء تنيف على ألفي بيت. ثامناً ‏ « كتاب معارج الآمال » : شرح نظمه «مختصر الخصال» وجاء ذلكم الشرح في أسلوب بديع: يتتاول معاني الأبيات في أول شرحهاء ثم يثني بالمسائل المتعلقة باللوضوع نفسه من الأثرء ويعضدها بالأدلة تحقيقاً وتوضيحاء ثم يذكر فروع المسآلة ويردها الى أصولهاء ثم يضيف الى ذلك على ما يقتضيه المقام من الفوائدء ويرد اليها ما كان من تلك القواعد بعبارات جزلةء حتى أن المسألة بعد تبيينها وتدليلها تصلح أن تكون في بحث مستقل لو أفردتء وجمائل هذا الكتاب ومحاسنه لايعرفها حق المعرفة ولا يقدرها حق قدرها إلا من وقف عليها. لقد اكتمل من أجزاء هذا الكتاب ثمانية مجلدات ضخمةء على أمل منه ‏ يرحمه الله - أن يكمله في أكثر من عشرين مجلداء ولكن الأجل المحتوم حال بينه وبين اكماله فكان آخر شرح له «كتاب الصوم والاعتكاف» . (١) ابو اسحاق الحضرمي مستنجدا بالامام الخليل بن شاذان بن الصلت ۲١٠۱ -۔ تاسعا «جوهر النظام : أرجوزة في الأديان والأحكام والأخلاق والحكمء تزيد على أربعة عشر ألف بيتء يتكون من أربعة أجزاءء وأعتقد أن شهرة هذا الكتاب الجامع تغني عن التعريف بهء وقد لايخلو بيت عماني الا وهذا الكتاب موجود فيهء وهو مشهور بين جميع الناس عالمهم وجاهلهم. ذكيهم وبلیدهم. وهذا الكتاب رغم اختصاره لكثير من المسائل الا أن فيه الكثير مما شمله المؤّلف بتحقيقاته وترجيحاتهء مما يدلنا على أهمية هذا الكتاب تحقيقاً وتيسيراً للقضايا المختلفة التى لها صلة بحياة الإنسان العقدية والعبادية الى غير ذلك من مسائل الأحكام. عاشرا - «تحفة الأعيان بسبرة أهل عمان» : ويضم هذا الكتاب بين صفحاته أحوال أهل عمان منذ انتقال العرب اليها الى عهد الإمام الزاهد سالم بن راشد الخروصي - رحمه الله -ء ويتكون من جزئين نفيسين. وهذا الكتاب ‏ بحق ‏ يعتبر من أهم المصادر التاريخية عند العمانيين. لقد اهتم فيه المؤلف بتدويين وتسجيل نشاط الإمامة وشروطها وعهودها ومنهجها في الحكم ومكانة الأئمة بين الناس. والخلاصة : إن هذا الكتاب التاريخي الزاخر قد غطى جوانب مهمة من تاريخ عمان. كالجانب الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. والفكري والثقاي. الحادي عشر ‏ «الفتاوى» : عن قضايا عمانيه وغيرها فى مختلف العلوم . وقد بلغت هذه الفتاوى سبعة أجزاءء حسب ماذكر ولده أبو بشير في نهضته وقال : إلا أن الجزء الثامن لم يكتملء ومجموع هذه الفتاوى مسائل متناثرة في مواضيع مختلفة غير مرتبة. ومن بينها كتاب «حل المشكلات» وهو الرابع من تلك الأجزاءء تشتمل أجوبة هذا الجزء حلول ما شكل من مسائل مختلفة على تلميذه أبي زيد عبدالله بن محمد الريامي فعرضها على شیخه فأجاب ہما يروي الظمآن ويشفي العليل. ۔ ۳١۱ - ومما يجب أن أنوه به وأنبه عليه أنه من الخطا اللحض أن ينسب هذا الجزء على الشيخ أبي زيد ويعد من أجوبته. والصحيح كما بينته أن المسائل الواردة فيه هي ما أشكل على العلامة أبي زيد وأجاب عليها شيخه النور السالمي - رحمهما الله -. الثاني عشر ‏ «المنهل الصاف ف العروض والقوايٍ» : وهي عبارة عن أرجوزة رائعة تزید على ٹلاثمائه بیت قام - رحمه الله - بشرحها شرحاً مختصراً موضوعیا. الثالث عشر - «بلوغ الأمل في شرح الجمل» وعليه شرح يجمع التحقيق والاختصار. الرابع عشر - «شرحه على العمريطيه : وهو شرح أرجوزة يحيى العمريطي. وهذا الشرح لايقل أهمية عما ذكرنا من شروحه القيمة لا يجمع بين صفحاته من ايجاز محكم وجهد الخامس عشر - «الحجج المقنعة في أحكام صلاة الجمعة» : وهذا الكتاب أورد فيه ما قاله الفقهاء من حجج في مشروعية صلاة الجمعة وشروطها ومتى تحب واين تجب وأحكام المصر. السادس عشر- -«اللمعة المرضية في أشعة الأباضية» : «رسالة الحق الجلى في سبيرة الشيخ صالح بن علي» بين فيها مكانة ذلك العلم بين أقرانه ومنزلته بين نظرائه. | السابع عش - رد في هذا الكتاب على أولئك الذين انجرفت أقلامهم في القدح والإفتراء على «الأباضية» عندما كتبوا في الفرق الإسلامية, قالوا: ان الفرقة الأباضية لم يكن لها وجود إلا بعد أن تكونت المذاهب الأربعةء وانهم لايوجد لهم من قبل أي مؤّلف يذكر. فالمؤلف - يرحمه الله - أبدى ٤١ -۔ في هذا الكتاب رده المنطقي المقرون بالحجج القاطعة والبراهين الساطعةء على أصحاب تلك الأقلام. مظهراً للقراء أن الأباضية وجدوا قبل المذاهب الأخرىء كما أن مؤّلفات كثيرة ظهرت في المكتبات الموجودة آنذاك. ويكفي أن كتاب : الجامع الصحيح» للإمام الربيع بن حبيب من أوائل المؤلفات في الحديثء حيث ظهر هذا المؤلف قبل ظهور «موطا الإمام مالك» والبخاري ومسلم. التامن عشر «رسالة يذل المجهود فيي مخالفة النصارى واليهود» : حدر في هذا الكتاب القيم من التشبه بالمشركين من أهل الكتاب وتقليدهم وبين فيه ضروباً من دسائس العدو التي من شأآنها القضاء على المبادىء والمثل العلياء وتذويب الشخصية الإسلاميةء وصهرها في مستنقعات الكفر والضلال. ` التاسع عشر - «رسالة الحجة الواضحة ف الرد على التلفيقات الفاضحة» : رد فيها على الذي ادعى العلم وهو لم يبلغهء وتعاطى منزلة الاجتهاد من آهل زمانه وهو لم يھيا لھا. ولعالمنا الجليل مؤّلفات ورسائل أخرىء اضافة الى ديوان شعر في منتهى البلاغة والرقةء فيه من القصائد ما يلهب المشاعرء ويرهف الأحاسيس ويوقظ الضمائر. قال العلامة عز الدين التنوخي في وصف العلامة السالمي : « فمن الحق أن نلم من ترجمته بما يصور حقيقتهء ويبين منزلته بين العلماء المحققين .. ثم قال: انتهت اليه رئاسة العلم بعمان. وظهر ذلك في تأليفه الجمة في مختلف الفنون الفرعية والعربية مع التحقيق في مسائلها والإجادة في تأليف كتبها ورسائلها. مسألة وتحقىن: جرى خلاف فقهي بين الإمام النور السالي وشيخه العلامة ماجد بن خميس العبري - رحمهما الله تعالى - . وهذه المسألة في أوقاف القبورء وملخصها رأى الإمام السالمي ما أحدثه الناس من بدعة الوصية للقراءة على القبورء وتهافت رعاع الناس على هذا الأمر المحجور بنص الخبر المشهورء فصارت القبور معمورة؛ والمساجد مهجورة خلاف أمر الله ورسوله. فحكم «نور الدين» أن الوصية بذلك باطلة من أصلها » ومرجع كل الأموال لورثة الموصي» ان وجدوا وإلا وهم مجهولون يتعذر الوقوف عليهم. فقضى أن المجهول لبيت المال على أشهر مافيه من الأقوال. ولقد أمر - رحمه الل -الإمام سالم بن راشد الخروصي بامضاء ذلك الحكم وانفاذه , اذا لاينفع قول بحق لا نفاذ لهء فأمضاه الإمامء وأدخل تلك الأموال العتيقة في بيت مال المسلمينء لعز دولتهمء فشرع في بيع بعضها في حاجة الدولة. فلما بلغ ذلك الصنيع شيخه العبري كتب الى الشيخ العلامة السالمي بانكار ذلك الحكم قائلاً: انه لايجوز تبديل الأوقاف عن سنتهاء التي جعلت لهاء فأجابه نور الدين بالحجج المقتضية لبطلان تلك الأوقاف الموؤّسسة على غير ماكان عليه هدي رسول الل يَوٍ () محتجاً بأن قراءة القرآن الكريم على القبور بدعة لادليل لها من الكتاب ولا من السنة المطهرةء وأن النبي زار قبور بعض أصحابهء ولم يرد عنه انه قرأ معها قرآنا ولا أمر بلك وانه (١۱) نهضة الآعيان ص ۳۸۸ قال: «خير القبور دوارسها» وقال : «لاتجعلوا قبري وثنا يعبد» وقال : «لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» الى غير ذلك من الاحاديث النبوية الدالة على منع ذلك. ومنها تعظيم القبورء وأن الإيصاء لها نوع من تعظيمهاء وذلك مناف ومخالف لهديه ومجانب لأمره؛ وفي الحديث الصحيح «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». ولقد رد الشيخ ماجد بقوله : إني أسلم لكم أن القراءة على القبر لاتصلح فما المانع من أن تكون في مسجد من المساجد. التى هى موضع للعبادةء وبامكان القارىء أن ينوي بها بالأجرة القراءة عن الميت الذي أوصي له بهاء وعن الموصي بها فيأخذ الأجرة حيث لا محذور مما قلتم. أجاب السالمي على ذلك بقوله: « إن القراءة بالأجر مختلف فيها ء فبعضهم منع أخذ أجر عليها لانها عبادةء بعض الفقهاء أجازهء ونحن نأخذ بقول المانعين ونحكم به». فرد الشيخ العبري بقوله : «أنا أسلم ثبوت الخلاف بين العلماء في جواز أخذ الأجرة على قراءة القرأن وتعليمهء ولكن الموصي أخذ في ذلك بقول المجيزينء والأوصياء والورثة أنفذوا تلك الوصايا ء وأخرجوها من أموالهم: عملا بقول المجيزينء والعامل بقول لايعنف ولا يرد فكما وسع اللختلفين بالرأي في ذلك , فكذلك يسع العاملين بشيء من أقوالهم. فأجاب النور السالى: ان أصل الإيصاء بذلك والانفاذ له من الورثة والأوصياء لايكون حجة تقطم الخلاف وتمنع رد الفعل لانه فعل جاهل ولايكون قطع الخلاف في مسائل الاختلاف الا من امام عادل فيصير حكمه في اللختلف فيه كالمجمع عليه فلا يجوز نقضه لأحد من بعده في ذلكء أو ممن يثبت حكمه في المختلف فيه من سائر الحكام والعلماء الأعلام. أما الجاهل فلا عبرة بهء ولذلك لاتجد اماماً ولا عالماً أوصى أن يزار قبره أو يتلى معه القرآنء. فهي باقية الى هذا الأوان غير محكوم فيها بشيء نعلمه ممن سبقنا من الأئمة. ولا هداة الأمةء فقد حكمنا نحن الآن ببطلان هذه ۷١۱ - الوصايا كلهاء سواء كان الموصي معلوماً أو مجهولاء ولكن المعلوم اذا كان ورثته معلومين فالموصي به للزيارة يرجع اليهم ميراثاً على ما بينهم من السهام, والمجهول يرجم لبيت المال على أصح الأقوال. فاستمر نور السالى على اثبات حكمه؛ والشيخ ماجد على اعتراضه: وطالت بينهما المراجعة والرد في ذلك ثم استمر الشية ماجد في الاحتجاج على الامام سالم بن راشد الخروصي ويخوفه في قبول هذا الحكم ويغلظ عليه الملقال حتى ظن الناس انه قطع بذلك عذر نور الدين السالميء وانه لم ير هذه من مسائل الاجتهادء ولا مما يسوغ فيه الرأي ... ولم يلبث السالمي بعدما رأى تشديد الشيخ ماجد على الامام الخروصيء حتى جاء قاصداً بنفسه اليه ببلد «الحمراء» ليبين له الحق أو يتبىنه منه» (۱) مادستفاد من هذه المسألة : الإمام نور الدين السالمى ظهر لنا من خلال تحقيقه لهذه المسألة وغبرها من المسائل انه من كبار علماء التحقيق والبحث والتنقيب: اهتماماته بتغيير ما قد يصبح في يوم من الأيام كأنه سنة متبعةء وهي بدعة منكرة. - تحرزه مما يؤدي الى الاختلاف والى تفرقة كلمة المسلمين. - تواضعه المعروف وخلقه الرفيع يظهر من تقديره لشيخه عندما جاء قاصداً اليه للاجتماع به. السالمي في ذمة الله: لقد كان النور السالمي حريصا في كل بحوثه ومناقشته أن يقنم مناظريه وباحثيه خصوصا اذا كان المناظر أو الباحث له من كبار العلماء. أن مسألة أوقاف القبور أخذت من الشيخ جهداً مضنياً حيث أنه أصر على نفسه أن يذهب لزيارة شيخه العبري من أجل اقناعه مشافهة ‏ كما بينا ذلك سایقاً . (١) نهضة الآعیان ص ۳۳۸ - ۳۳۹ فالنور السالي توجه من أجل اللقاء بشيخه في بلد «الحمراء فكان من قضاء الله وقدره انه لما وصل ومن معه من الوجهاء الى قرية تسمى «قرية بني صبح» من أعمال ولاية الحمراءء وكانت الشمس تدنو من غروبها هموا على المبيت بتلك القريةء فتوجهوا الى محلة معينة منها ء واذا بشيخنا ممتط راحلته فصدعه غصن شجرة مائل على الطريق وهو لم يبصره لكونه ضريراً ولم ينبهه أصحابه لأمر أراده الحق سبحانه وجل في علاه فألقاه من راحلته الى الأرض واهي القوىء ولبث مريضا الى اليوم السادس والعشرين من صفر عام اثنين وثلاثين وثلاثمائة وألف هجرية مشلول الحركة. وكان سفره الى بلدة «الحمراء» في اليوم الثامن عشر من شهر صفر في السنة المذكورة. وعلى الرغم من هذا المرض العضال الذي سببه سبقوطه من الراحلة الا أن الشيخ ماجد كان يراجعه ويحاوره ويناقشه. وكان الشيخ السالمي لرحابة صدره المعروفة لايألو جهدا في الجواب لكن من حضر من التلامذة والوجهاء ارتأوا تأجيل الخوض في مسألة أوقاف القبور رجاء عافيته ثم يتباحثان فيما بعد فيما اختلفا فيه فأجابهم اني أخشى المعاجلة قبل أن يفهم الشيخ العبري ما عندي فافترقا على ما يلي: - أن الشيخ ماجد رجع عن تخطئته. ان هذه المسألة من مسائل الإجتهاد. لقد طلب الشيخ نور الدين من مرافقيه أن يحملوه الى نزوى» فأمر الشيخ حمير بن ناصر النبهاني أن يحمل على الأكتاف الى «تنوف» بلد قريبة من نزوى» وشق عليه الخروج منها. قدم الإمام سالم لعيادته ليله التاسع والعشرين من الشهر المذكور وكان - رحمه الله تلك الليلة أخف مرضاء فعاد الإمام الى «نزوى» مسروراً بعافية شيخهء ثم تضاعف المرض حتى انتقل الى جوار ربه ليلة الخامس عشر من شهر ربيع الأول من السنة المذكورة بعد ما ترك للأمة رصيدا نفيساً من أمهات الكتبء وتوجها روحياً أنار به القلوب. ۹١۱ = ولقد وری جثمانه بيلدة «تنوف» . أنفة الذكر بعدما صلی عليه تلمىذه العلامة أبو زيد عبدالل بن محمد بن رزيق الريامي. وقبره معروف يقع على سفح جبل من تلك القرية»() حخاتمة : نخلص من تلك المحاور الخمسة الى النتائج التالية: ثاقیه. الحفظ والفهم. كان فقيهاً ملهماء تدلنا على ذلك مؤّلفاته الفقهية الزاخرة ك «كتاب معارج الأمال شرح مختصر الخصال» و «جوهر النظام» و «طلعة الشمس» في أصول الفقه وغيرها مما ذكرناه من مؤلفات فقهيه في المحور الرابع. - الى جانب كونه فقيهاً فهو أيضا من كبار علماء التحقيق. وخير دليل على ذلك كتابه «معارج الآمال» الذي أوسع مسائله بحثاً وتحقيقاً وتدليلاً. - العلامة السالمي لغوي وشاعر ملهم تدلنا على ذلك مؤلفاته اللغوية وقصائده الشعرية. له باع طويل في علم الحديث والمصطلحءوأقوى برهان على صحة ذلك شرحه «للجامع الصحيح لمسند الإمام الربيع بن حبيب الفراهيدي رحمه الله. - زهده وفضله لايشق لهما غبارء فهو في الزهد ندرة أهل زمانهء وهو في الفضل سيد أقرانه. - الى جانب علمه الفياض نجد عمله الجاد في اصلاح مجتمعه وتطهيره من الزيغ والانحراف. - هو الداعية المثاليء وهو العالم الرباني. وهو الحجة في القول والعمل. - عمره لايتجاوز الثامنة والأربعين وهو رجل ضريرء وفي هذه السنوات (١) المرجع السابق بتصرف ص ١٠١٠ ١ا۱ - الملعدودة ترك للأمة العديد من التى يحار العقل كيف استطاع في هذا الظرف القصير أن يؤلف تلك الكتب العظام لولا عناية خاصة من الله ترعاه. كان محبوباً معظماً عند الناس اليه انتهت رئاسة العلم في عمان. وبالجملة فان النور السالي قضى حياته في أخذ العلم وتعليمه والأمر بالعروف والنهي عن المنكرء واصلاح المجتمع. وبهذه النتائج أستميح القارىء الكريم عذراً أن أرفع القلم عن هذا البحث المتواضع راجيا من الله عز وجل أن أكون قد وفقت فيما طلب منيء ومن الله أستمد الأجر والمثوبةء وأسأله سبحانه أن يكافء بالخير العميم والرحمة الواسعة شيخنا النور السالي وأن يسكنه فسيح جناته جزاء ما قدم للإأسلام والمسلمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجميعين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. - ۱۱۱ المراجع : ١ نهضة الأعيانء بحرية عمانء. للشيخ محمد بن عبد الله السالمي. ۲ - تحفة الأعيان الجزء الأول والثاني للعلامة نور الدين السالي. ٢ - مقدمة الجزء الثالث من شرح الجامع الصحيح للشيخ عزالدين التنوخي. ٤ - مقدمة «جوهر النظام» للعلامة آبي اسحاق ابراهيم اطفيش. ٥ - معارج الآمال شرح مدارج الكمال للعلامة نور الدين السالمي. ١ مشارق أنوار العقول . للعلامة نور الدين السالى. ۷ - مقتطفات من مقالات مختلفه. ۱ - ۱۱۲ القراء ة السادسة : جهود السالي في خدمة الاأدب في عمان د. أحمد درویش منذ نحو قرن وربع من الزمان كان ميلاد الشيخ العلامة نور الدين ابن محمد بن عبدالله حمد حميد الساليء. وخلال نتصف قرن أو أقل عاشه هذا العالم الجليل بين عامى ۱۲۸۸ - ۳۳۳۲٠۱ه الوافق لعامى ٥ - ١١۱۹م. قدر له أن يلعب دوراً هاما في تاريخ عمان فكراً وسلوكا وأن يحتل مكانة بين زعماء الإصلاح في العالم العربي والإسلامى في هذه الفترة الدقيقة. والواقع ان هذه الفترة التي مر بها العالم الإأسلامي في النصف الثاني من القرن التاسع عشرء والربع الأول من القرن العشرين. شهدت ظهور طائفةه من علماء الدين المستنيرينء الذين لم تقف اهتماماتهم عند تطوير مناهج البحث ومذاهب التفكير على أهميتهاء وانما تجاوزتها الى الاستعانة بالروح المستمدة من الفهم الناضج للدين. في ايقاظ الشعوب ودفع عجلتها الى الأمام والوقوف بها في وجه التيارات التي تدعوها الى الخمول أو الإستسلام أو الفرقة أو التناحر. ۱ وليس مصادفة أن يتتابم ظهور هذه الطائفة من العلماء في أزمنة متقاربة وفي أماكن متباعدة من العالم الإسلاميء يجمعهم وحدة الخطر. ويستعينون أحياناً على دفعه بتشابك الأيدي وتمحيص الآراءء ويكتفون أحياناً بالتقاء هتافات الروح الجريحةء وقد نجد بين أيدينا أحياناً وثائق على تحقق هذه اللقاءاتء وقد تنعدم أو تنطمر هذه الوتائق فلا نحس الا أصداءها ولا نتلمس الا نتائجها. هل من المصادفة أن يكون ميلاد جمال الدين الأفغاني عام ١١۲٠ ه/ ۱۸۳۸م وأن يكون مولد الشيخ محمد عبده عام ۹٤۸٠م ومولد الشيخ نور الدين السالي عام ۲۸۸٠ه/حوالي ١٦۸٠م بفوارق زمنية لاتزيد على العقد والعقدين بين كل منهم والآخرء وأن يكون العقد الأخير من القرن التاسع عشرء فترة ازدهار في أفكار هؤلاء العلماء ومن شايعهم في محاولة لإرساء النهضة في عالم اسلامي كان يحس بوحدة الخطر قوية في هذه الأحيانء وقد لاتكون لدينا وثائق قوية حول الاتصال بين الشيخ السالي وكل من جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده أو السيد رشيد رضاء الذين تجمعت لدينا وثائق كثيرة عن ظروف لقاءاتهم وحصادهاء ولكن إشارة تتردد في الحديث عن تاريخ حياة الشيخ السالىء كتبها ابته أب بشير محمد شيبه. في كتابه «نهضة الأعيان بحرية عمان» تؤكد امكانية وجود الصلةء حيث يقول أبو بشير: «دوكانت بينه وبين علماء المرب وبعض علماء مصر مراسلات ومواصلات وأبحاث حسنة» ١ ومعلوم أن جانباً كبيراً من نشاط الأفغاني ومحمد عبده كان يتركز في مصر في نهايات القرن التاسع عشر حتى وفاة الأفغاني سنة ۱۸۹۷م ثم امتد حتى وفاة محمد عبده ١۱۹۰ء وظلت الشعلة يحملها تلميذه الشيخ رشيد رضا الذي توفي عام ١۹۳٠م وتلك كلها تواريخ ذات دلالة في حياة الشيخ السالمي الذي توفي عام ٤م عن تسعة وأربعين عاماء أي انه كان في الأربعين عند وفاة الشيخ محمد عبده وف الثانية والثلاثين عند وفاة السيد جمال الدين الأفغاني. واذا أضفنا الى هذا التوافق الزمنىء شدة اهتمامه بأحوال الأمة الإسلامية كما يقول انه: «كان مشغول البال بأمتهء يفرح بما ينفعها ويحزن لا يضرهاء وانه ليكتئب اذا أصيب أحد من الأمة بحدث ولو بالصين»”) . اذا أضفنا هذه العناصر بعضها الى بعض التوافق الزمني بينه وبين زعماء الإصلاح؛ الأفغاني ومحمد عبدهء والمراسلات بينه وبين (١) نهضة الأعيان ٠ بحرية عمان . تاليف ابو بشير محمد شیبه بن نور الدين بن عبد اته بن حميد السالميء مكتبة العلوم - مسقط - د.ت ص ١۱۲ (۲) المرجع السابق ص ١٠٠ ١٤۱۱ -۔ بعض علماء مصرء وشدة اهتمامه بأحوال الأمة الإاسلامية في مختلف الأرجاءء أمكننا أن نطمئن الى وجود لون من الصلة الروحية بين العالم الصلح العماني وجيل المصلحين من العلماء المعاصرين له في أرجاء العالم الإسلاميء أفغانستان ومصرء وتركياء والمغرب والجزائر. واذا كانت المصادر قد تحدثت عن مراسلاته مع بعض العلماء والزعماء مثل الإمام القطب محمد بن وسليمان باشا الباروني تفصيلاً فانها أحملت ألوان العلاقات الأخرى المحتملة كما أشرناء. ` وتساعدنا بعض هذه المراسلات التفصيلية حول علاقات السالى بيعض زعماء وعلماء الأمة الاسلاميةء على تصور المكانة التي کان يحظى بها لديهمء وهي مكانة تعكس بدورها القدر الذي كان يوليه هو من الإهتمام بمشاكل الأمة الفكرية والسياسيةء فهاهي رسالة سليمان باشا الباروني الى الشيخ السالي. تطرح عليه تساؤلات تتعلق بمجمل أحوال السلمين وسيب وتأثير تعدد مذاهبهم على هذه الفرقة وامكانيه تضييق الفجوات بينهم والسبل التي يقترحها الشيخ للوصول الى هذه الغاية اذا كانت ممكنة( والواقع أن اجابات الشيخ على الأسئلة التي تتضمنها الرسالة تبين أن فكره يتجه الى الأمة في مجملهاء وأنه لايحصره في طائفة دون أخرىء وذلك كله يؤكد انتماءه الى طبقة زعماء الإصلاح من العلماء المسلمين التي عرفها العالم الإسلامي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين. ولاشك أن هناك أسبابا موضوعية جعلت من هذه الفترة بالذات موطناً ملائماً لظهور طائفة المصلحين الدينيين السياسيين في العالم الإاسلامي على اختلاف فلقد كانت موجة المد الاستعمارى التي بدت منڌ القرن الخامس عشر الميلاديء تلتف حول العالم الإسلامي من جوانب عدة وكانت عمان واحدة من الثغور الإسلامية التي لمست عن (١) أنظر في الرسالة والرد عليها في «نهضة الأعيان» ص ١۱۲ وما بعدها. ١۱۱ - ومولد الشيخ نور الدين السالي عام ٠ه /حوالي ١٦۸٠م بفوارق زمنية لاتزيد على العقد والعقدين بين كل منهم والآخرء وأن يكون العقد الأخير من القرن التاسع عشرء فترة ازدهار في أفكار هؤلاء العلماء ومن شايعهم في محاولة لإرساء النهضة في عالم اسلامي كان يحس بوحدة الخطر قوية في هذه الأحيانء وقد لاتكون لدينا وثائق قوية حول الاتصال بين الشيخ السالي وكل من جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده أو السيد رشيد رضاء الذين تجمعت لدينا وثائق كثيرة عن ظروف لقاءاتهم وحصادهاء ولكن إشارة تتردد في الحديث عن تاريخ حياة الشيخ السالىء كتبها ابنه أبو بشير محمد شيبه. في كتابه «نهضة الأعيان بحرية عمان» تؤكد امكانية وجود الصلةء حيث يقول أبو بشير: «وكانت بينه وبين علماء المغرب وبعض علماء مصر مراسلات ومواصلات وأبحاث حسنةء < ومعلوم أن جانباً كبيراً من نشاط الأفغاني ومحمد عبده كان يتركز ثي مصر في نهايات القرن التاسع عشر حتی وفاة الأفغاني سنة ۱۸۹۷م ثم امتد حتى وفاة محمد عبده ١۱۹۰ء وظلت الشعلة يحملها تلميذه الشيخ رشيد رضا الذي توفي عام ١۹۳م وتلك كلها تواريخ ذات دلالة في حياة الشيخ السالمي الذي توفي عام ٤م عن تسعة وأربعين عاماًء أي انه كان في الأربعين عند وفاة الشيخ محمد عبده وفي الثانية والثلاثين عند وفاة السيد جمال الدين الأفغاني. واذا أضفنا الى هذا التوافق الزمنىء شدة اهتمامه بأحوال الأمة الإسلامية كما يقول انه: «كان مشغول البال بأمتهء يفرح بما ينفعها ويحزن لما يضرهاء وانه ليكتئب اذا أصيب أحد من الأمة بحدث ولو ٠ اذا أضفنا هذه العناصر بعضها الى بعض التوافق الزمنى ينه وبين زعماء الإصلاح؛ الأفغاني ومحمد عبده. والمراسلات بينه وبا (١) نهضة الأعيان . بحرية عمان ؛ تاليف ابو بشیر محمد شیبه بن نور الدین بن عبد اه بن حميد السالميء. مكتبة العلوم - مسقط - د.ت ص ۱۲ )۲( المرجع السابق ص ١۱١۱٠ ٤ا۱ -۔ بعض علماء مصرء وشدة اهتمامه بأحوال الأمة الإسلامية في مختلف الأرجاءء أمكننا أن نطمئن الى وجود لون من الصلة الروحية بين العالم الملصلح العماني وجيل المصلحين من العلماء اللعاصرين له في أرجاء العالم الإسلاميء أفغانستان ومصرء وتركياء والمغرب والجزائر. واذا كانت المصادر قد تحدثت عن مراسلاته مع بعض العلماء والزعماء مثل الإمام القطب محمد بن اطفيش» وسليمان باشا الباروني تفصيلاً فانها أجملت ألوان العلاقات الأخرى المحتملة كما أشرنا. وتساعدنا بعض هذه المراسلات التفصيلية حول علاقات السالى ببعض زعماء وعلماء الأمة الاسلامية. على تصور المكانة التي كان يحظى بها لديهمء وهي مكانه تعكس بدورها القدر الذي كان يوليه هو من الإهتمام بمشاكل الأمة الفكرية والسياسيةء فهاهي رسالة سليمان باشا الباروني الى الشيخ السالميء تطرح عليه تساؤلات تتعلق بمجمل أحوال المسلمين وسبب فرقتهمء وتأثير تعدد مذاهبهم على هذه الفرقة وامكانية تضييق الفجوات بينهم والسبل التي يقترحها الشيخ للوصول الى هذه الغاية اذا كانت ممكنة” والواقع ان اجابات الشيخ على الأسئلة التى تتضمنها الرسالة تبين أن فكره يتجه الى الأمة في مجملهاء وأنه لایحصره في طائفة دون أخرىء وذلك كله يؤكد انتماءه الى طبقة زعماء الإصلاح من العلماء المسلمين التي عرفها العالم الإاسلامي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين. ولاشك أن هناك أسبابا موضوعية جعلت من هذه الفترة بالذات موطناً ملائماً لظهور طائفة المصلحين الدينيين السياسيين في العالم الإاسلامى على اختلاف مواقعهم. فلقد كانت موجة المد الاستعمارى التي بداًت من القرن الخامس عشر اليلاديء تلتف حول العالم الإسلامي من جوانب عدة وكانت عمان واحدة من الثغور الإسلامية التي لمست عن 89 أنظر ق الرسالة والرد علىها ق «نهضة الأعيان» ص 81 وما بعدها. ١۱۱ -۔ « يوقن أن اللغة مادة البلاغة وجمال التعبيرء وكان من شواغله الكثرة .. احياء اللغة مادة وعلما ودراسة وكتابةء فكان يعين جماعة احياء الكتب العربية بعلمه ووقته وماله ونفوذهء وكان ينشر نماذج البلاغة السلفية ويشرحها بقلمه أو ينوه بها في دروسه وتفسيراته من قبيل «نهج البلاغة» و «مقامات البديع» و «دلائل الإعجاز» ق «أسرار البلاغة» . وقد نظم الشعر في الحوادث التاريخية وفي بعض المناسبات الخاصةء وعدة من النظم الذي يراد للتدوين أو التذكير ولا يرتضيه شعراً على مذهبه في فن الشعر بين ألوان الفن الجميل»”) الإاشتغال بالأدب وعلومه والكتابة فيه إذن خاصة مشتركة بين زعماء ا الدينيين لهذه الفترةء سواء مارسه بعضهم من خلال التأليف تحقيق الكتب التراثيةء أو من خلال المقالة الصحفيةء أو من خلال الخطابة أو نظم الشعر. وقد ضرب السالى بسهم وافر في كثير من هذه اليادين المتصلة بالأدب د فلقد كان مشهوداً له بالخطابة وكما يقول صاحب نهضة الأعيان: «كان خطيباً منطيقاً يرتجل الخطب الطوال في الجامع والمحافل حسب ما يقتضيه المقام من السعي في اصلاح الأمة وجمع الشمل يرغب ويرهب بأبلغ بيان وأفصح لسان») وكان بالإضافة الى ذلك صاحب مؤلفات في علوم تتصل بالأدب كتأليفه في علم العروض» كتاب «المنهل في علم العروض والقوافي» وقد جاء في شكل أرجوزة تزيد على ثلاثمائة بيتء وله رسالة في النحو بعنوان «بلوغ الأمل». أما صناعة النظم والشعر عنده فقد وجه الجاتب الأكير منها تحو تدوين المعارف نظماً اتباعاً لسنة قديمة شائعة في التراث العربيء وهي أكثر شيوعا في ذلك التراث بعمانء وقد بلغت بعض أراجيزه في هذه الناحية نحو أربعة عشر ألف بيت مثل أرجوزة «جوهر النظام» في الأديان والأحكام والأخلاق والحكم. (١) الأستاذ الإمام محمد عبده؛ عبقري الإصلاح والتعليم؛ عباس محمود العقاد ص ۷٠۲ وما يعدها سلسلة أعلام العرب القاهرة. (۲) نهضة الأعيان ص ١۱۲ ۔ ۱۱۸ - والى جانب النظم كانت له مجموعة من القصائد ذات النفس الشعري وقد أشرنا الى نموذج منهاء وأشار صاحب نهضة الأعيان الى نماذج أخرىء وقد ترك السالي ديوان شعر مخطوطا ما زال في مكتبته ببديه حتى اليوم. على أن السالي أسدى خدمة جليلة أخرى للأدب العربي في عمانء تمثلت في تدوين كثير من أخبار الشعراء والأدباءء ونماذج من نتاجهم وما كان لبعضها أن يصل الينا لولا إشارة السالمي لها وتدوينه اياهاء وربما يحسن أن نشير بشثيء من التفصيل الى مجهوداته في هذه الناحية. أن ننبه على الروح العلمية المنهجية التي كان يتمتع بها السالمي مؤلفاء وعلى قدر الاستقصاء الذي كان يبذلهء على الرغم من قصور بعض أدواته من خلال كف البصرء لكى يطمئن الى الحقيقة التى يود أن يذيعهاء وعلى قدر الأمانة العلمية التي كان يحملها إزاء نفسه وقارئه والتي كانت تدفعه الى الاعتراف بالتقصير إن وجد بل والى الابقاء عليه رمزاً لتطور معرفة الانسانء كما أشار في مقدمة شرح بلوغ الأمل وكان قد كتبه في فترة الشباب ثم عاد اليه ليجد فجوات فيقول: « فتداركته بزيادة أبيات كان منها النظم خالياً. وكسوته بشرح هذا المزيد مع الخطبة حللا . كان ذلك الشرح منها عارياء ثم أبقيت الأبيات الأولى على ما فيها من خللء ليكون ذلك على عجزي دليلاًء وليعلم المبتدىء أن العلم: انما ینمو قلیلاً قلیلاً. وليبين الفرق بين درجة المبتدىء ودرجه المنتهي. وهو يشير في موضع آخر الى منهج علمي دقيق يتبعه في تحقيق اللخطوطات من خلال تجميع النسخ المختلفة والمقابلة بينها حين يقول في مقدمة شرحه للجامع الصحيح مسندالإمام الربيع بن حبيب الفراهيدي «وقد وقمع فيه من التحريف من النساخ من غير قصدء فجمعت من نسخه ما أمكنء واخترت من مجموعها ما هو أليق وأحسنء فخرجت من الجميع نسخة أرى أنه أصح من غيرهاء ولا أدعي سلامتها على الإطلاق غير أني لم أجد فوقها من مطاق». ان هذا الكلام وان كان قد ورد في معرض آخر غير الحديث عن الأدب دراسة أم ابداعاً فانه يلقي لنا بعض الضوء على المنهج الذي جمع السالى من خلاله بعض الأجزاء المتناثرة من تاريخ الأدب العربي في عمان وهي مجهودات تمثلت على نحو خاص في كتابه تحفة الأعيان وهو كتاب يسد ثغرة رئيسية في الكتابة عن الشعراء والأدباء الذين ينتسبون الى عمان وهم لم يخلدوا بقدر كبير من العناية في كتب تاريخ الأدب العربي العام لأسباب جغرافية وسياسية وفكرية . تعرضنا لها بالتفصيل في دراسات أخرى”) ٠ كما لم يحظوا بكتابة مستقلة عنهم من قبل مؤرخين للأدب في عمانء حيث كادت تنعدم المؤّلفات في هذا المجال على حين كثرت وتعددت في مجالات أخرى كدراسات الفقه وعلم الكلام؛ ولكن كتب المؤرخين العمانيين. قبل السالي بقليلء كانت قد بدت في تناول بعض أخبار الشعراء والأدباء خلال تعرضها لسرد التاريخ العام في عمانء حدث شىء من هذا في القرن الثانى عشر ء في كتاب «كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة» لسرحان بن سعيد الأزكوي. وفي كتاب آخر في نفس القرن وهو كتاب «قصص وأخبار جرت في عمان» لمحمد بن عامر المعوليء وحدث توسع كبير في هذا الملجال مع ابن رزيق في القرن الثالث عش عندما جاء في كتابه «الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين» عندما جاء هذا المؤلف التاريخي يحمل مقدمة طويلة عن تاريخ الآأزد تعرض خلالها لكثير من الشعراء الذين ينتمون أو تنتمي أصولهم الى هذه القبيلة حتى وإن تفرقت بهم البلاد. وثي هذا الطريق سار نور الدين السالمي وتوسعء وكان قريب العهد من ابن رزيق, الذي كتب مؤلفه هذا عام ١۲۷٠ ه أي قبل ميلاد السالمي بنحو أربع عشرة سنةء ولقد نقل السالمي بعض أخباره وتحدث الى من رأوهء كما نقل كذلك عن العوتبيء وعن مصادر تاريخية أخرىء ومن خلال ذلك اعاد تسجيل ما كان شائعاً في هذه المؤلفات من أحداث أدبية ونصوص شعرية تنسب الى التراث العماني كقصة مالك بن فهم (١) راجع كتابنا » المدخل لدراسة الأدب في عمان دار المعارف - القاهرة . مكتية الأسرة - مسقطء ۲ . ١۱۲ -۔ وما قيل حولها من شعر له أو لأولاده أو معاصريهء وقصة اسلام مازن ابن غضوبة وما يرتبط بها من نصوص شائعة كما يورد كذلك نتصوصا لثابت قطنه من شعراء الصدر الأول وينقل عن العوتبي قصيدتين طويلتين لابن دريد من بين القصائد القليلة التي سلمت من الضياع من شعره الكثيرء ويكاد أن يكون تأريخ السالي لبعض الأحداث الهامة في التاريخ العماني تاريخاً أدبياً الى جانب كونه تاريخاً عاماً كحديثه عن موقعة القاع وما قيل فيها من شعرء وحديثه عن هجوم محمد بن نور على عمانء وتهديده لأهلها شعرا على لسانه أو لسان کاتبهء ورد ابن درید علیه. على ان السامي كمؤرخ للأدب لا يكتفي بنقل النصوص التي دونتها الكتب السابقة عليهء وانما يمتد به التدوين الى رصد ما تناقله الناس شفاهةء أو تداولوه في مخطوطات محدودة الذيوع ومن هذه الناحية يكاد ينفرد كتابه «تحفة الأعيان» بتقديم نصوص شعرية وأحداث أدبية وأسماء لشعراء ودواوينء كان يمكن أن يطمرها النسيان جميعها لولا أن انتشلتها التحفة من أردية الضياع التى ابتلعت من قبل كثيراً من لملؤلفات القيمةء وبعض الدواوين التي يشير اليها السالمي فردية كديوان ابن اسحاق الحضرمي الذي كان يعاصر الإمام الخليل بن شاذان في أوائل القرن الخامس الهجريء. وبعضها دواوين جماعية مثل الديوان الذي يذكر انه اطلع عليه وقد تجمعت فيه مدائح الشعراء التى كتبت في الإمام بلعرب بن سلطان. ۱ ويهتم السالمي بشعراء مفردين يعتز بشعرهم كالنبهاني. الذي أغفله المؤّرخون السابقون عليه شاعراً وإن كانوا قد ذكروه ملكاء ولكنهم لم يشاءوا الاشادة به لعدم اتفاقهم مع مسلكه في الحكم؛ غير أن السالمي يفرق بين الأمرينء فبرى أن قصائده تناطح المعلقات السبع بلاغة ويورد نماذج منها ويعتز بهاء ويشير بجانبه الى الستالي شاعر النباهنةء ويشير الى أهمية ديوانه في التعريف بدولة النباهنة وحكامهم. وانه يكاد أن يكون المرجع الوحيد في هذا الصدد. وكما اهتم السالمي بشعراء النباهنة ». وقف كذلك أمام شعراء اليعاربة وعلى نحو خاص أمام «الحبسي» شاعرهم الضريرء وأورد نماذج مطولة من بعض قصائده وأعجب على نحو خاص بقصيدته «الخيلية» التي تصور بعض الواقع المشرفة والتي انتصر فيها اليعاربة على البرتغاليين:. ويمتد اهتمامه الى ما يقال من شعر في شرق افريقيا في الفرح بهذه الانتصارات والاشادة بها. ويكاد يمتد اهتمامه الى أشعار العامة, التي تشيع عادة مجهولة الولف متوسطة تقترب من لغة الحياة اليوميةء أكثر من اقترابها من لغة الصناعة الشعريةء ومنها قصائد يكتبها أهل منطقة الباطنة في الترحيب بالإمام محمد بن غسان وديوان كامل مجهول المؤلف, أومتعدد المؤّلفين في مدح بلعرب بن سلطان وقصيدة مجهولة المؤلف لحادثة غريبة وقعت في نزوى في القرن الثاني عشر الهجري في عهد الإمام سيف بن سلطان اليعربي. | وعلى هذا النحو يكمل السالمي جانباً هاما من جهوده في خدمة الأدب في عمانء مؤرخا للأدبء بعد أن ساهم من خلال كونه أديياً شاعراً وخطيباً وكاتباً ومؤلفاء في نشر دعوته الإصلاحية في أرجاء الأمةء وسلك بذلك كله طريق كبار المصلحين الدينيين في العالم الإسلامي في القرن التاسع عشر والقرن العشرينء واستحق أن يكون واحداً من أوسطهم: وأن يسجل لنفسه ولبلده ولفكره وأدبه مكاناً مرموقاً في التراث العربي والإسلامي سيذكره الناس ماذكر المفكرون الجادون والزعماء والعلماء العاملون» والأدباء النابهون رحم الله السالمي وأفادنا جميعاً من علمه وعلم رفاقه. ۔ ۲٢۱ -۔ القراء ة السابحة : الجوانب التربوية والتعليمية في مؤلضات السالمي إعداد / أحمد بن سليمان الكندى مقدمة : الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على الرسول الأمين سيدتنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فقد أخذت التربية قسطاً وافراً من العناية في الإسلام وشغلت مساحات واسعة من القرأن الكريم والسنة المطهرةء كما عنى بها الأئمة والعلماء ا لها من أهمية قصوى باعتبارها الوسيلة المثلى التي لو أحسن اختيار طرقها وأساليبها لحققت الغايات التي ترجى من بناء الفرد الذي يكون بدوره لبنة صالحة في البناء المتكامل وعندئ تتحقق الغايات الكرى من هذا الوجود حيث يكون الإنسان قادرا على الاضطلاع برسالته في الحياةء مدركا للهدف الذي من أجله وجد مستشعراً حجم اللسئولية الملقاة على عاتقهء مهيا لأداء وظيفته بعد أن اجتاز مراحل الإعداد العلمية منها والعملية مستلهماً منهجه في حياته من مبادىء دينه الحنيف. متمثلاً في سلوكه بالمثل الأعلى سيد الخلق ومعلم البشرية محمد صلى الله عليه وسلم. ومهمة المربين عظيمة لم يستطع الاضطلاع بها الا من استشعر عظمتها وأدرك خطورتها فنذر نفسه لها. لهذا نجد أن المبرزين في التربية قليلون في كل جيل وتحقيق غايات التربية انما هو تحقيق لأهداف الدعوة التي جاء بها الرسول جير اذ لايمكن تحقيق دعوة الإسلام مالم يهياً لها أفراد المجتمع لتقبلهاء وليس من الممكن فعل ذلك الا باتباع أنجح الأساليب التربوية. التريية في التاريخ العماني: هذا وتفخر عمان بالعديد من المدارس العلمية المبنية على أفضل الأسس فمنذ عهد التاابعين وحتى الآن توالت على مر التاريخ معالم حضارية في هذا المجال وناهيك بمدرسة الإمام جابر بن زيد رضي الله عنه التي أرسى دعائمها على أسس منهجية عليا طورها بعده الإمام أبوعبيدة الكبير مسلم بن أبي كريمة الذي وضع تنظيمات لم يسبق اليها في تكوين الرجال واعدادهمء وحفلت مدرسته بالنشاط المتميز حيث وفد اليها طلبة العلم من مختلف أقطار الأرض» وبأولئك الأفراد تمكن من نشر العلم والدين في عدد من الأقطار وهكذا توالت المدارس العلمية في عمان ويمكننا أن نستعرض أسماء ‏ مجرد أسماء - بينهم فترات زمنية متفاوتة إلا أنهم يعتبرون منارات للعلم وعلامات بارزة في تاريخ عمان الحافل بالأمجادء فالربيع بن حبيب وموسی بن آبي جابر ومحمد ٻن بركة وخميس بن سعيد الشقصي ثم سعيد بن خلفان الخليلي وأخيراً الإمام نور الدين عبدالله بن حميد السالمي رموز تتوالى تصنع الرجال وتنشىء الأجيالء برزوا في فترات متباعدة وجاءوا - في الغالب - في زمن يكون فيه الناس بحاجة ماسة فيعدهم القدر لاشعال جذوة الفكر فيغيروا مسار التاريخء ويحولوا مجرى الأحداث ويأخذوا بأيدي أهل زمانهم في وسط ذلك الظلام الدامس يقودونهم الى الطريق الواضع المعالم الذي اهتدوا اليه بفضل الله تعالىء وهو طريق يمكن سلوكه لكل من وفقه اللهء وتوفيق الل مرهون بالتوجه الصادق اليه تعالى. الإمام نور الدين السالمي تربويا: هذا ونحن نتحدث عن الإمام نور الدين السالي وفكره التربوي لاأجدني في حاجة الى الحديث عن شخصه فهو لم يعد في حاجة الى التعريف» ولكن من باب الاعتراف بالجميل لأهله أن تذكر للإمام فضله في مجال التربية, ... التربية بمفهومها الواسعء فهو قد كرس حياته .١٤۱۲ - ووقفهاء ونذر نفسه لهذه الرسالة العظمىء واضطلع بها وحمل أمانتها مستشعراً عظمتها متحملاً مسؤوليتها فبعد أن اتجه الى الله في طلب العلم وأوتي منه النصيب الوافر أخذ في أداء ما عليه من الواجب تجاه أمته فجمع بين تجديد المناهج واتباع الأساليب المناسبة واستخدام الوسائل المتاحةء وحرص على التطبيق العملي لا يدعو اليهء ووفق أيما توفيق في تحقيق الأهداف التي كان يسعى اليها طول حياته. واذا كان حديثنا عن الجانب التربوي لدى الإمام نور الدين السالي فان هذا الجانب يعتبر أهم الجوانب في حياته حيث انه رحمه الله كرس حياته للتربية علمياً وعملياً .. أما علمياً فان مؤلفاته في مجملها تمثل منهجاً تربوياً متكاملاً يتدرج فيه بالدارس من أدنی مستوياته ليصل الى مرحلة التخصص العلياء وفي ذلك تتجلى مقدرة الإمام العلمية وبراعته التأليفية حيث يجسد في مؤلفاته تلك الأساليب التربوية التي ينادي بها علماء التربية . اذ تجد أن أسلوبه العلمي في التأليف يدل على وعي بالغ بالمنهج التربويء فهو مؤّلف لكل مرحلة ما يناسبها من الكتبء ويخاطب كل طبقة باللفة التي تفهمهاء ويعطي لكل طالب ما يناسبه من المعارف ويتدرج به شيئا فشيئاً حتى يرتقي به الى المراتب العليا: منهجه التأليفي الفريد: وهذا شأنه في الجانبين النثري والنظميء فقي النظمي نجد كتابه «مدارج الكمال» مختصراً واضحاً سهلاء ثم نجد «جوهر النظام» أكثر شمولية واتساعاًء وحتى في الجوهر تجده يتفاوت في باب وباب فهو في الأبواب الموجهة للمتخصصين في الفقه يستخدم المصطلحات الأصولية ويستعرض الأقوال ويمحص الآراءء ولكنه يخفف الأسلوب في الأبواب الفقهية ذات الطبع العام أي التي تخدم السواد الأعظم من الناس ليكون بامكان العامة فهم ما يقصده بل انه يحاول في كثير من الأحيان استخدام اللغة العربية الدارجة المتعارف عليها. ۔ ١۱۲ =„ ولكن أسلوبه التربوي يبرز بشكل واضح في الجانب النثري فهو يكثر من التأليف في هذا الجانب بل أنه ينهج ولأول مرة تقريباء الى التخصص حيث طرق باب التأليف في موضوعات لم يسبق اليها من قبل أهل عمان كما هو الحال في شرحه للجامع الصحيح مسند الإمام الربيع ابن حبيب - رحمه الله -. فعلم الحديث كجانب متخصص لم يعن به العمانيون بل ضمنوه مؤّلفاتهم الموسوعية الشاملة وقد برع الشيخ السالي في هذا الكتاب وأجاد مما أثار اعجاب شيوخه به قبل أقرانه حتى ان أحد شيوخه وهو الشيخ ماجد بن خميس العبري قام بتدريس الكتاب في حلقاته العلمية وكذلك الحال بالنسبة لتحفة الأعيان حيث ان علماء عمان غالبا ما يتعرضون لسير أئمتهم في ثنايا كتبهم الكبيرة ولا يفردون للسيرة والتاريخ كتباً خاصة الا في النادرء وجاء كتاب «تحفة الأعيان» مرجعا وحيداً لكثير من الباحثين المعنيين بالتاريخ وألف كذلك كتباً في اللغة وعلومها بل انه حتى في الموضوعات الدينية كأصول الدين والفقه وأصوله يأخذ في تأليف كتب خاصة لكل فن من هذه الفنون بل يذهب الى أبعد من ذلك حيث يتدرج بطريقة علمية تربوية في الفن الواحد كما هو الحال في منظومته أنوار العقول في أصول الدين فيشرحها شرحاً مبسطا في كتابه «بهجة أنوار العقول» بحيث يصلح لطلبة العلم في المراحل التأسيسية ثم يشرحها شرحا مفصلاً واسعاً ذا تحقيق وتدقيق في كتابه «مشارق أنوار العقول» ليكون في مستوى الدارسين لهذا التخصص وف الفقه يؤلف تلقين الصبيان للمبتدئين ويتدرج به في «مدارج الكمال» ثم جوهر النظام ويتوج تأليفه الفقهية بكتابه الشهير «طلعة الشمس» في أصول الفقه. موضوعات تريويه هادفة : هذا ويفرد الإمام نور الدين السالمي أبواباً وفصولا للتربية ولاأعني بذلك أنه يضع مفاهيم أو نظريات تربويةء بل انه يعطي دروسا في تربية ۔ ٦۱۲ -۔ النفقس البشرية المسلمة خاصةء والمتأمل في هذ الموضوعات يجد انها تستند على أسس تربوية عميقةء وعلى سبيل المثال خاتمة کتاب مدارج الكمال حيث يرهن عن معرفته الواسعة والدقيقة. وتعمقه بعلوم النفس البشرية فيشخص فيها كثيراً من الأمراض ويعرض لها الوقاية والعلاج ومن هذه الخاتمه: حق على من ألهم الله الحكم وأن يكون قائماً بما يجب منتهباً عن فعل ما نهاه قد أخذ الجانب عن حمى الريب سمت به همته فلابرىی فأيقظ العزم وأوقد الفطن ويقول فيها : ثم توخى أفضل الأصحاب اذا م انتابا ونقل الآراء بالتاأمل وبادر الخبرات بالتعجل وقسم الأوقات في معاده أما الرقاد فهو صدر ليله وقي المعاش مالايد مه فانه ماقل منه وكفى وان في قليله حسابا - ۱۲۷ مسارعا لما اليه قد تدب عن ارتكاب فعله مولاه فلا يحوم حوله ولا كرب إلا المعالي مکسا ومتجراً وعاد والشمس جميعا في قرن من ارتدى بالفضل والأآداب وبحملن معه ماأثقله أمر ويصغي حين ما أجابا ومزج العجلة بالتمهل وان يكن شر فلا تستعجل وتعرفن أصله وفرعه وقي معاشه وقي رقاده وساعة في الصيف من مقيله وبترك الذي تغانى عه خبر من الملهي الكثير فاعرفا وقي الكثي المشغل العتايا ويجملن في طلاب الرزق وحيذا اذا جمعت الكلا ويقول فيها أيضا: وفرغ الال ليقنص الحكم وطهر القلب وأخلص العمل ووزن الذي عليه قد عنا وترك الذي عليه فان أبت عاقيها بالصوم وطلب العون على تذلىلها والكير أن بغمط هذا الخلقا ومن تمنى أن ت زول النعم أما الرياء فهي أن يعمل لا فهو يراعي حبهم ان حضروا وحرموا حلاوة الإيمان فاجعل هشداك الله كل وأعلم بأن اله مسيل النعم وأنظر الى أصلك تعرف قدرك وان هذا الناس أبضا مثلك فاعدد لا عملته جوابا وحاسينها قبل أن تحاسبا فرىنا ضمين هذا الخلق فالزم طريقه الى أن تصله ولت من أقداحه المعحلى حتى غدا في العلم راسخ القدم راقب النفس وقصر الأمل وقصد الحق النير البينا وعاتب النفس اذا ما قد أسى وترك ما تهواه مثل النوم فانما الهلاك فيي تجليلها عجب وکبر حسد ريائها ومنيع. الآأفات والتجري وىنسين من يها قد أنعما مزدرباً وبدرأن الحقا عن غڅغبره فحسد محرم وذاك بالغيطة يدعى اذ خرج ش لكن ليحيه الملا وود أن يظهر ان لم يحضروا اذ هدموا الأعمال بالتضييع فلم يف المزيد بالنقصتان ان شئت أن تسلم مثل الحجر فالعجب لامعنی له سوی النقم وان يمت صاحبه من الكبد وتدر أن الكريباء لغبرك لايملكون نفعهم وضرك وكن الى الل تع الى راغا ۔ ۱۲۸ = وي كتابه القيم «جوهر النظام» يفرد أبواباً لهذا الغرض .. كما للتوبة والآداب بل ان الجزء الرابع من الجوهر يكاد أن يكون مخصصا بكامله لهذه الأغراض التربوية. التريية العملية عند الإمام: وللإمام نور الدين السالي جانب عملي في تطبيقه للمفاهيم التربوية عملي ليس في نفسه فحسب فهذا أمر مفروغ منهء ولكنه قام - رحمه الله - باعداد جيل من الرجال رباهم على يديه منذ نعومة أظفارهم حتى وصلوا الى درجة الاجتهاد في الدين من أبرزهم الإمام الجليل أبو خليل محمد بن عبدالل الخليلي ‏ رضي الله عنه -ء والإمام الرضي سالم بن راشد الخروصي. والشيخ العلامة عيسى بن صالح الحارثيء والعلامة الكبير أبو زيد عبدالله بن محمد الريامي وغيرهم كثيرء وله مع هؤلاء مواقف يتناقلها الرواة تدل على مقدرته على التربية بكل حكمة الأمر الذي هيأهم للاضطلاع بأعلى المسؤوليات. خاتمة: بناء على ما تقدم يتضح أن الإمام نور الدين السالمي رجل فكر وتربية من الدرجة الأولى فهو المؤلف والمبدع والمربي الناجحء وعليه فلا غرو ان قلنا ان الفضل يعود اليه في وجود فقهاء عمانيين الآن بل ان طلاب العلوم الإسلامية بمختلف مراحلهم الأكاديمية هم تلاميذهء لأنهم ينهلون من علمه من خلال مؤلفاته التي أصبحت مقررات ومراجع في كلية التربية والعلوم الإسلاميةء والمعاهد الإسلامية العليا في السلطنة. رحم الله الإمام نور الدين السالي ورضي الله عنه وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. الفراء م : اطلالة على شعر 9 نورالدين السالي « إعداد / سالم بن علي بن سالم الكلباني إنه لآأمر غير عادي أن يكون الشيخ الضرير عبد الله بن حميد السالي علما بارزاً من أعلام الفقه والشريعة في زمن طمس فيه الجهل على بصائر آلاف المبصرين وأن يكون علماً من أعلام الحل والعقد في زمن كان الآلاف من الأصحاء الأسوياء الأقوياء لايجدون لهم موطىء قدم في معركة التنافس الشرس على الهيمنة والتسلط بشتى ذرائع هذا التنافس ومبرراته. ولقد تمنيت أن يدور حديثي عن هذا العلم البارز حول جانب غير الشعر من جوانب شخصيته المتميزة التي فرضت على المجتمع أن يحترمها كل الإحترم وأن يقدرها كل التقدير. إلا أن انتسابي إلى جماعة الشعر والشعراء هو الذي دفعنى الى تناول هذا الجانب الذي كنت ولا أزال أرى أنه أقل جوانب هذه الشخصية بروزاً اذا ما قيست بعبقريتها الفذة التي تتجلى في كثير من المعارف الأخرى. لقد كان الحصول على مصادر شعر الشيخ ليس بالسهولة المتوخاة وخاصة ما يتناول من الشعر المعنى البديع واللفظ السهل والأسلوب الجميل. وقد وفقنى الله في الحصول على عدد من قصائده تنصب معظمها في معظمها ف مجالين أو ٹلاثه مجالات لاتكاد تعدوها إلا نادراء وكثير من هذه القصائد يحتوي على رثاء لأشخاص معينين يلوح لي أنه كان لهم أثر كبير في حياة الشيخ ومنهجه فمدحهم أحياء ورثاهم أمواتاً وهكذا عرفنا أوفياء الرجال. لقد كانت حياة السالمى ملأى بالأحداث الجسام التي كان كل منها يحدث لديه أثرا نفسياً بالغا أو هزة عصبية عنيفة فكان لكل فعل تفعله هذه الأحداث ردة فعل لدى شعوره المتحفز الذي لم يكن من السهل عليه أن يتقبل كل شيء على علاته. وربما كان المجتمع الذي عايشه لايفي بجمیم آماله الطامحةً نحو حياة قويمة مهما كانت الظروف والأسباب الأمر الذى بعث فيه احساساً حفزه في الكثير من قصائده الى شحذ الهمم واستنهاض أبناء الأمة ولهذا السبب نعزو انشاء معظم قصائده التي نحن بصدد الحديث عنها إذ إنك قلما تقراً له قصيدة إلا واجهك لوم البعض لتقصيرهم ونكولهم عما يرى الشيخ أنه واجب عليهم لايمكن التفريط فيه بأي حال من الأحوال حتى يبلغ به الأمر مبلغاً يقول فيه وبمرارة: إن للغايات كلا ينتهي هل لحال العجز منا منتهى لقد عاش السالى في عصر تزاحم فيه الفحول من العلماء والشعراء على امتلاك ناصية البلاغة فنبغ منهم ولع العشرات من أرباب البيان وفطاحل العلم الذين لايتسع مجال حديثنا هنا لذكرهم جميعاً واذا جاز لنا أن نختص منهم قلة قليلة ممن كان للشعر نصيب من عبقرياتهم الفذة فان ممن عاصره ابن عمه الشاعر محمد بن شيخان السالي والعلامة محمد بن سالم بن زاهر الرقيشي والعلامة سيف بن حمد الأغبريء والشيخ عبدالله بن سعيد بن خلفان الخليلي. وأبو سلام سلیمان بن سعيد بن ناصر الكندي وأبو وسيم خمیس بن سليم الأزكوي وأبو صخر سيف بن يعرب بن قحطان البوسعيدي. وأبو مسلم البهلاني الرواحي الذي رثى السالمي بأشعار قال في بعضها: مافقدناك وعرفانك ف صفحات الكون ضوء يشتعل إن رب العلم حي خالد ولو أن الذات بيالموت انتقل ماتركت الكون حتى تركت خطة الحمد لك الحمد الجلل ١۱۳ = هؤّلاء قله من كثرة العلماء الذين عاصروه ممن كانوا يقرضون الشعر عدا العلماء الفطاحل الذين لم يكن لهم احتفال بالقريض وقد أوردنا هذه الأسماء للدلالة على أنه لم يكتسب شهرته وذيوع صيته من قراغ بل اكتسب هذه الشهرة بما وهبه الله من همة عالية أهلته لأن يكون العالم الضليع بتحمل مسئوليته العلمية الجليلة. لقد عرف عن البعض من الشعراء وكما قال فيهم رب العزة أنهم (في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون) بيد أننا وغير جاحدين لقول الله عز وجل نرى أن الشيخ ليس من الفئة الموسومة بهذه السمة بل هو والعلم عند الله من الذين أمنوا وعملوا الصالحات ذلك لأن معظم قصائده التى بين أيدينا تعدو كونها حثاً على فضيلة أو نهيا عن رذيلة ما فطر عليه من الاستقامة والتمسك بمكارم الأخلاق. فلنستمع اليه قائلا : أبت إلا المروءات الأبية نفوس لاتقر على الدنيه علت شرفا وفلت كل خطب بأحساب وهمات عليه وقابلت المصائب باحتساب فخفف صبرها ثقل الرزيه هذا هو أسلوبه ومنهجه. ولئن كان الشاعر العربي الكبير ابن الرومي في نوبة من نويات نقمته وسخطه قد شط على الشعراء فقال متهما اياهم بالتزييف والدجل: بقولون ما لابفعلون مسية من الله مسيوب يها الشعراء وما ذاك فيهم وحده بل زيادة يقولون مالا يفعل الأمراء فان أمراً مثل هذا حاشاه أن يندرج على السالي حيث اننا نجله ونكبره عن أن يكون مديحه ستجداء أو تملقاً وانما هو رد للجميل من ناحية أولىء ومن ناحية أخرى محاولة منه لاستقطاب القوى الفاعلة في الجتمع لكي تتعاون معه على تقويم السلوك لدى من يعتقد الشيخ انهم بحاجة الى تقويم . يبرر هذا الرأي قوله: ۱۳۳ ل وله في الوغى طرائق صدق وله في العلا منازل حن وله في الورى نصانح ود وله في العدا صواعق حتف وتقي القوم نفسه كل سوء نطقت سربرة الأوائل طراً لم أجد للعلا طريقاً قريبا قد تفكرت ق عواقب أمري كيف يرجو الحسان في الخلد قوم تركوا الدين دارسا والمعالي ان يبدا حادث عظيم تعحاظم قام ان قامت الحروب وصادم شيدت ركنها القنا والصوارم ود أن لايكون في الناس ظالم تمطر الجود للورى والمغانم تمحق الكفر منهم والملظالم وبرى أن ذاك في الملجد لازم عن طريقٌ العلا لمن كان قائم مثل طعن اللهى وحز الفلاصم فرأيت النجا ارتكاب العظائم ألفوا الذل بين غيد نواعم عاطلات وضيعوا كل لازم الى أن يصل هدفه المنشود الإفصاح عنه فيفصح قائلاً: أنا عبد أحرض الناس والل تعالى لحسن الخواتم هكذا يوضح لنا غايته التي يحرض الناس عليها تحريضاآ مباشراً لايعرف التلميح أو الرمز أو التورية وذلك هو ما تقتضيه بيئة المجتمع الذي تربى فيه وعايشه هو مجتمع عربي قح تستثير الدعوة المباشرة حميته وتلهب مشاعرهء ونراه أحياناً وقد ألزم نفسه ببعض المواقف التي لايرى محيداً عنها ومن ذلك قوله مدافعاً عن موقفه مبرراً وجهة نظره: يدعوئني للعجز عن طلب العلا بالأمس كانوا خلتي فأغاظهم ولقد عهدتهم دوو ود فلم ودعوتهم للمجد والعليداء طلب الهدى فاذا يهم أعدائي أشعر بهم الا وهم خصمائي ق عزةه وأحلهم لاء قالوا شدبد طيعه ذو غلظة فأجيتهم لكن على السفهاء وقد خفضت جناح ذل لذي أضحی أخا تقوى ورب وفاء أما العصاة فانهم ما شاهدوا مني سوى الإعراض واليغضاء لقد قرأنا حوالي ٢۲ قصيدة متوسطة الطول تدور في معظمها حول محور واحد هو الدعوة الى الله . ومن هذا المحور تتشعب عدة شعب منها شكوى الزمان وأهله وانكار حالة التهاون التي يراها تسود اللجتمع. والزهد في الدنيا وزخرفها الباطل في سبيل الآخرة التي اليها المعاد. ورثاؤه للصالحين من حوله ممن يرى أنهم الأسوة الحسنة لمن يريد أن ينهج بنفسه طريق الرشاد والاستقامةء وقد استأثر هذا الرثاء بربع تلك القصائد تقريباً. على أنه لايأتى الا مصحوبا بعبارات المدح والتمجيد وصيحات الندب والتحريض وما الى ذلك مما كانت الظروف تقتضيه أنذاك. وهذا نموذج من رثائه في قصيدة افتتحها بابداء الرأي فيما ينبغي أن تسير عليه الحياة حتى يتحقق وجود المدينة الفاضلة التي ينادي بها: إن جاء نتصر الله والفقح وبطل التدليس والشطح وهو في مرثيته يأخذ في ذكر مناقب المرثي كما هو الحال في الشعر العربي القديم الا إنك لاتجده يطيل في شرح تفاصيل الذكريات التي يتذكرها مع فقيده حينما كانا يتصاحبان في الحياة حتى ولو كان هذا الفقيد من أقرب الأقربين اليه. وبهذا يخسر القارىء فائدة التأمل لرسم صورة لواقع الحياة والناس في ذلك العصر وهذه الخسارة تجعله غير مكتف بما قدم اليه في عجالة من خطوط عامة كانت مألوفة ومتداولة بين الشعراء العاديين ولقد تمنينا لو أن الشيخ أوف هذا الجانب حقه لكي يجعل المتلقي يعيش معه أجواء الحادثة من خلال وقوفه على الوقائع السابقة واللاحقة بواسطة الصياغة الفنية المتقنة. نم ختمها برثاء أبيه في المقطم الأخير لهفي عل شيخ نشات رحب الجميل مهذب طلق المحا ق الشداند باط الا أسدیى على كم قد أضر ينفسه كم حرمت عيناه طعم قد كان بالأولاد برا 7 ي الي وليت أبتاه اني كنت ف اللقيا فناى بل الأجل المقدر فضت النية والرضا جاورت بدت الله لا يي جدة جاورت حوا بحجره زين الصنائع حسن الشمائل والطبائع صدره في الضى واسع من الجمصئئل والنافع ليكون لي واق ومانع القفض والمغرور هماجع كنت قاطع ماكذت ذاك النحي سامع قييل الوت طامع في يعيدات المواضع بقضائها أن لست راجع إنه رثاء صادق مؤثئر لايستطيع أن يلصق به تهمة التمحل والتلفيق غير أن طبيعة السالمي ومذهبه ليسا طيعين بالقدر الذي يتيح له المبالغة في الرقة الى حد أبعد من هذا كقول الشاعر: بعين ضمبري قائماً يتلقاني ويمسكني عند الوداع بأرداني ذلك انه اتخذ من التحدي مذهباً في تعامله مع الأحداث على اختلافها وهذا التحدي انعكس بدوره على انتاجه الشعري بما فيه الرثاء ولسنا شاعرنا بمقياس الفلاسفة وعلماء النفس ثم نستخلص من هذا القياس کأنی راه كلما جت نحوه دكاد اذا مازرته أن بضمنی المؤّثرات الخارجية والداخلية التى أثرت ف حیاته. والسالمي يشعرك شي كل بیت ينظمه أنه ممن صادق الإيمان راسخ العقيدة لايبتغي لوجود الله دليلاً ولا يشترط على الأنبياء شاهداً أو كفيلاً فدلىله فطرته وعقله وشاهده يكمن في شاهد أبى العتاهية الذى ىقول: فيا عجياً كيف يعصي الإله أو كيف بجحده جاجد وقي كل شيء له أبة تدل على ائه واحد والسالمي ڏو الطبيعة المتحمسة المتحفزة وهشو الذي يفول: أرى الأيام لي جربا ودهري کله صعبا أدائيه فما يرزداد مني أيبدا قربا ألاينه ليذعن بال راد فينثني وثبا أجاذبه وقيت علا فيتعب قوتي جذبا نماذج من معانيه واقتباساته : وهناك ظاهرة شعرية في الساملى تسترعى الانتباه فهو ينظم شعره حسيما تقتضي الحاجة الآنية دون أن يوغل في طلب المعاني القريبة والألفاظ المنتقاة, ذلك انه يوجه مقالا عفوياً خالياً من الاغراب والتأنق بيد انه وكما هى الحال لدى معظم الشعراء خاصة الحماسيون منهم لم يستطع الإفلات والتحرر من هيمنة شعراء هذا الباب أمثال عنترة والمتنبي وأبي تمام ومن شابههم ولقد بدا واضحا تأثر الشيخ بعنترة وتبنيه للمواقف البطولية التي يدعو اليها لاسيما قول عنترة: لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل سكنى الجنان بذلة كجهنم وجهنم بالعز أطيب منزل اقتبسه الشيخ في عدة مواضع منها قوله: لعشرك إن العز في طلب العلا وان تك ناشتك العدا بالمخالب ولا خير في عيش مشاب بذلة وان يك في روض الجنان الأطايب وفي هذه القصيدة أيضاً يلوح الشاعر زهير بن أبي سلمى بأبياته التي تبداً بمن ومن. وقد لاتفوت السالمي فرصة وجود بيت من مثل: عل طلاب المجد من مستقره ولا ذنب لي ان عارضتني المقادر لقد وافق هذا اليد لبيت هوى في نفس الشيخ فاعتقده في شعره وصاغه هکذا: إذا المرء لم يرضى يذل معيشة وقام الى العليا ولم سعد الجد فقد صار ذا مجد كريم وذا علا وما فوق وسع النفس لم لزم العيد وهذه اشارة الى قوله تعالى ¥ لايكلف الله نفسا إلا وسعها ثم عاد ليؤكد نفس المعنى في بيت مستقل هو: ومن كان ذا عزم ويأس وسطوة وقام ولم برزق علا فله الحمد بيد أن شاعراً معاصراً هو عمر أبو ريشه الذي جاء بعد الشيخ السالمي فتناول المعنى بصياغة فنية جديدة حيث قال مثنياً على المواقف البطولية: آما قصيدة الإمام راشد بن سعيد اليحمدي التى مطلعها: لمن منزل قفر تعفت جوانيه وغيره من سافح القطر ساكيه والتي منها: ولا خير في خير ترى الشر بعده ولا في أخ دبت اليك عقاربه هذه القصيدة يبدو أنها أعجبت الشيخ وتأثر بها فنظم على منوالها قصيدة مشابهة ضمنها بيتين من هذه القصيدة طوعهما لكى يعربا عما ولا تتبع قول امریء کل همه نغداء بغقدى أو كعوب تلاعيه فيصبح في ضيم ويمسي بذلة مخافة أن تنأى عليه حبائبه وأحب هنا أن أنوه بمقطع من القصيدة هو قول الإمام راشد فیها: ذريني وخلقي يا ابنة القوم إنني رأيت الأذى حربا لمن لا يحاربه وإما فتى أيكى عيون عداته وإما فتى تيكي عليه أقاريه هذا المعنى بذاته أوجزه الشاعر عبد الرحيم محمود إيجازاً بليغاً وأبدعه ابداعاً جميلاً وزاد عليه زيادة رائعة في بيتيه الشهبرين: سأحمل روحي على راحتي وألقي بها فيي مهاوي الردى فإما حباة تسر الصدىق وإما ممات بغبظ العدا ولا أظن أن الشاعر عبد الرحيم محمود قد وقف على القصيدة اللذكورة ليقتبس منها وانما هو توارد خواطر. نعود الى الشيخ والحديث عن أشعاره لنسجل ملاحظة ملفتة للنظر وهو أننا في جميع ما قرأناه من قصائده التي تحدثنا عنها لم نعثر له على عبارة أو إشارة تدل على أنه فاقد للبصر كالشكوى أو التحسر أو التبرم كما يفعله غبره ولا نشك في أنه محتسب في ذلك الأجر والثواب من الله مطبقاً ما جاء في القرآن الكريم على لسان يعقوب عليه السلام. ل إنما أشكو بثي وحزني لله » صدق الله العظيمء ونود قبل ختام الحديث أن نورد له هذه المقطوعة التي يتضرع فيها الى الله تعالى حاذين - ۱۳۹ حذوه في الدعاء والتبتل اليه عز وجل أن يجنبنا وإياكم كل شر في الدنيا والآخرة. وامشن عليه بلطف وامشن عليه بفضل يا واهب الفضل جزه إن لم تدارك بلطف أين الهروب ومامن أدرك ريق الملعاصي يفضي بهەلخلاصي يخشاء يسوم القصسام ومقع د غرقاص لطظلائع ولعاص فليس لي من ناص قضاك تحمي الصياصي الضراء د التاسعة : السالي مؤۇرخا إعداد / حمدون بن سليمان بن سالم السالي مقدمة: إن علم التاريخ من العلوم المهمة التي لا تقل أهمية عن العلوم الأخرى» فالتاريخ يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم: والآأنبياء في سيرهم والملوك في دولهم وسياساتهمء وهو الترجمان المعبر عن سالف الأمم والدول. وتأتى أهمية علم التاريخ بارتباطه بالقرآن الكريم حيث يسرد القرأن الكريم كثيراً من قصص الأمم الماضية ٠ وقد جاء في الحديث الشريف «القرآن حبل الله المتين فيه خبر ما قبلكم ونباً ما بعدكم وحكم ما بينكم» فحين يذكر القرآن العزيز خبر ما قبلنا ونبا ما بعدنا هذا هو في حد ذاته التاريخ. الذى يعتبر نافذة تطل منها الأمم الحاضرة على طريقة الأجيال الماضية فهو المعبر عما سلف من عز وشرف وفضيلةء وانتصار وهزيمة وفتوحات وحروبء فهذا سجل حافل بالماضي ہما فيه من سمين وغٹ وانتشار لمبادىء وانحسار لأخرى وقيام لدول وسقوط لثانية. ويضاف الى أهمية التاريخ في انه سجل زاخر بالسير الحميدة والأخبار الفريدة . فيفتح للباحث والقارىء أبواباً جمة للاقتداء والاهتداء واتباع من سبقه من الصالحين الأخيار. وهو بذلك له أقطابه ورواده وفطاحلته وكتابهء وسوف أتناول في هذا البحث أحد أقطاب تاريخ عمان. [لقد أدرك نور الدين السالي أهمية التاريخ فأعطاه قسطا وافراً من وقته وجهده وفكرهء فمحص ودقق واستخلص فعبر حيث قال في مقدمة كتابه تحفة الأعيان : «لايخفى على عاقل ان علم التاريخ مما يعين على ١٤۱“ الاقتداء بالصالحين ويرشد الى طريقة المتقينء لآأن فيه ذكر من مضى من صالح وطالحء فاذا سمع العاقل أخبار الصالحين اشتاقت نفسه أن يكون من جملتهمء واذا سمع أخبار الطالحين أشفقت نفسه أن يكون من جملتهم فتراه يقتفي أثر من صلح ويتجنب أحوال من طلح فيجاهد نفسه حق الجهاد فيستحق من الله العون والتوفيق». لاشك أن ما اعتقده نور الدين السالي أن علم التاريخ يعين على الاقتداء بالصالحين فذكر الصالحين يصقل المؤّمنين ويزيدهم تعلقا بالسلف الصالحء فيكون أصدق داعية إلى الله تعالى ويرشد الى الأعمال الصالحات. وبالجملة اذا نظرنا الى التاريخ نجد أنه لاغنى عنه في معظم الأحوال الدينية والدنيوية. فقد جاء في جواهر الأدب لأحمد الهاشمي «التاريخ هو معرفة أخبار الماضين وأحوالهم من حيث معيشتهم وسياستهم واعتقادهم وأدبهم ولغتهم». وجاء أيضاً عن الشيخ العلامة سالم بن حمود السيابي في( عمان عبر التاريخ) : «ولايخفى أن التاريخ مرآة تتجلى فيها أحوال الأمم أخلاقاً وأعمالاً وعواطف ومكارم وغلظة وشدة والتاريخ خازن هذه الأحوال بعد استجلائها وكشف حقائقهاء». وتلبية لنداء الواجب وتصديقاً لكشف الحقائق لقد جاب نور الدين السالمي الفيافي والقفار وتنقل شرقاً وغرباً طلباً لكتاب أو لصحيفة أو حتى لورقة واحدة ليصل الى ماكانت تتوق نفسه اليه من ابراز لسيرة السلف الصالح واظهار لتاريخ عمان في ثوب جديد شامل وكامل ووافي. ولكن كانت هناك صعوية قد اعترضت مؤرخنا آلا وهي شح المادة وقلة من طرق هذا الباب من قبل حيث قال معللا تلك الصعوبة « مع قلة الادة في هذا الباب» أذ لم يكن التاريخ من شغل الأصحابء بل كان ٣٤۱ -۔ اشتغالهم باقامة العدل وتأثير العلوم الدينية وبيان ما لابد منه للناس أخذا بالأهم فالأهم ولذلك لاتجد لهم سيرة مجتمعة ولا تاريخاً شاملا». وبالرغم من قلة المادة المكتوبة وصعوبة الاتصال في ذلك الوقت فقد استطاع نور الدين السالمي بعد جهد وعناء أن يخرج ويبرز لعمان أنصع صفحاتها الضاربة في أعماق الماضي والتي كاد يطويها الدهر والتى كانت من المؤكد لصارت في طي النسيان ولجهلنا كثيراً عن ماضينا لولا أن مؤرخنا أماط اللثام عن جذور ماضي عمان التليد. الذي جعل منه مؤرخا وكاتباً موثوقا نقل عنه الكثيرون من المؤرخين الذين أتوا من بعدذه. إن الهدف من هذا الجهد المتواضع هوابراز جانب واحد من كثير واظهار موهبة واحدة من عدة مواهب تميز بها نور الدين السالمي, لقد طرق نور الدين السالي أبواباً عدة في فتون العلم وسأقتصر هنا على موهبة الجانب التاريخي فقط حسبما جاء في عنوان البحث. ولقد تم ترتيب هذا البحث كالآأتى: نسب تور الدين السالمى - مولده وحياته - منزلته العلمية - وبعد ذلك سبب کتابتبه للتاريخ ويليه أهمية كتابه المسمى بتحفة الأعيان » ومن ثم منهجه في كتابة التاريخ وبعض الآراء التى قيلت في منهجهء ويلي ذلك المصادر التي استقى منها مؤرخنا وفاته. اسمه ونسيه : هو العميد المحقق المجتهد المطلق الولي نور الدين عبدالله بن حميد بن سلوم بن عبيد بن خلفان بن خميس السالمي وجاء في اسعاف الأعيان في أنساب أهل عمان للشيخ العلامة سالم السيابي بأن السوالم من نزار وهم قوم من بني ضبة بن اد بن طابخة من بني بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. ويقطن السوالم في المناطق الشرقية والغربيهة والداخلية والباطنة من عمان وتعتبر الحوقين المنازل القديمة لهم. a ‏١٤۱‎ مولده وحياته: ولد نور الدين ببلد الحوقين وهي بلدة من أعمال الرستاق وبها منازل قومه وأهله ونشأ بها وقرأ القرأن العظيم عند والده رضي الله عنهما. وفي السنة الثانية عشرة من عمره كف بصره ‏ رحمه الله - فمنحه الله ذاكرة قوية في الحفظ حيث لايكاد يسمع شيئاً إلا وعاه فكان في منتهى الذكاء والفطنة وقد جاء في نهضة الأعيان للوالد محمد بن عبد الله السالي أن نور الدين حفظ وهو ابن أربع أشهر أو دونها وهذه منحة أودعها الله فيه. ومن أجل طلب العلم خرج نور الدين السالي من الحوقين الى الرستاق فتتلمذ للشيخ راشد بن سيف اللمكي عالم الرستاق ونواحيها في ذلك الوقت وتتلمذ أيضاً على الشيخ عبد الله بن محمد الهاشمي فكان أحد شيوخه الفضلاءء ثم هاجر الى الشرقية سنة ١١۱۳ ه لا سمع من أخبار الشيخ صالح بن علي الحارثيء فعرض عليه الشيخ صالح أن يستوطن القابل فامتثل أمره فلازمه فكان الشيخ صالح أحد شيوخه الذين أخذ عنهم العلم . ولا توفي الشيخ صالح عاضد بعده ابنه الشيخ عيسى بن صالحء وكان رضي الله عنه شديد الغيرة في ذات الله تعالى لاتأخذه فيه لومة لائم يقول الحق وينطق بالصدق مشهود له بالبسالة والصلابة وقوة العزيمة مشتغلاً بالرد على من خالف ملة الإسلام مشغول البال بأمن الأمة الإسلامية يفرح ويبتهج بما ينفعها شديد الغيرة عليها يحزن لتفرقها ويكتئب اذا أصيب أحد من الأمة الإسلامية ولو كان في أقصى الأرض. كان رضي الله عنه خطيباً منطيقاً يرتجل الخطب الطوال في المحافل والمجامع والمناسبات الدينية وغيرهاء وكان حريصاً كل الحرص على وحدة الأمة الإسلامية كثير السعي في اصلاح ذات البين وكان يتخذ أسلوب الترغيب والترهيب منهجا للاقناع والاستمالة وقد أظهر من بلاغة البيان وفصاحة اللسان ما عجز عنه الكثبرون. ٤٤۱ -۔ منزلته العلمية : يعتبر نور الدين السالي أحد أقطاب الأمة المجتهدين محققا جليلاً للمنقول والمعقول معروفاً بغزارة العلم والاجتهاد واليه انتهت رئاسة العلم بعمان في زمانه ويظهر ذلك واضحاً من تاليفه الكثيرة في مختلف فنون العلم كالشرع والفقه واللغة والأدب وغيرهاء بدا التأليف بالرستاق سنه ١٠١۳٠ هجرية وكان سنه في ذلك الوقت سبع عشرة سنةء ومن أشهر مؤلفاته أنوار العقول - بهجة الأنوار - مشارق أنوار العقول - معارج الآمال - جوهر النظام وتحفة الأعيان بسيرة أهل عمان. قدم اليه الأخيار للنهل من فيضه والتزود بالمعرفة والعلم النافع فوفد اليه التلاميذ من سائر الأرجاء وقد تنوعت مدرسة السالي في تقديم العلمية فلم تقتصر على منهج معين أو مادة واحدة بل تعددت وتشعبت لامع وتعددت لمواد وشملت سائ فنون ن العلم. فكان عل فق تخي عل ديه علماء اتقبا كانت لهم مواقف مذكورة ودو مهم في نشر العلم في أرجاء عمان. فكان هو القلب التابض الذي نف فيهم روح المعرفة فأصبحوا شعلة من نور أضاءت عمان وردت اليها الحياة بعدما كانت تعج في ديأجير الجهل والظلام. ومن أشهر من تخرج على يديه الامام سالم بن راشد والإمام محمد ابن عبداله الخليلي والشيخ عيسى بن صالح والشيخ عامر بن خميس المالكي وأبو زيد عبد الله بن محمد بن رزيق الريامي. ولم تقتصر همة نور الدين السالي على التدريس والتأليف بل تعدت ذلك فقام بالاتصال بالعلماء من خارج عمان كالمغرب ومصر وغيرهما وكانت بيننه وبينهم مراسلات ومكاتبات واستفتاءات ولاسيما الإمام القطب محمد بن يوسف اطفيش - رحمه الله - وقد ذكر الوالد محمد في نهضة الأعيان أن الإمام القطب قام بتدريس تلاميذه في مؤلقات نور الدين السالمي حيث أعجب بها وأثنى على مؤلفها. ١٤۱ - سبب کتابته للتاريخ: كانت هذه نبذة بسيطة عن نور الدين الساليء والآن نأتي الى السبب الذي دعا مؤرخنا للشروع في كتابة التاريخء فقد قال نور الدين السالمي واصفاً ذلك في كتابه تحفة الأعيان « وحيث كان العدل وسيرة الفضل في عمان أكثر وجوداً بعد الصحابة رضي الله عنهم هن سائر الأمصار تشوقت نفسي الى كتابة ما أمكنني الوقوف عليه من آثار أئمة الهدى ليعرف سيرتهم الجاهل بهم. وليقتدي بهم الطالب لآثارهم ... ». العدل والاستقامة وسيرة السلف الصالح كانت على رأس قائمة الدوافع التى دعت مؤّرخنا ليبرز لنا هذا العقد المتسلسل من الأحداث الهامة التى تعاقبت على عمان في مختلف الأزمانء وقد كان في نية مؤرخنا أن يكتب سيرة تجمع أحوال المذهب الأباضي وذكر أهله أينما كانوا ولكن كان نداء الرحمن أسبق ومعاجلة الأيام أسرع من بلوغ الملأمول فكان له من الله أجر مانوى في شروعه. أهمية كتاب التحفة: يعتبر كتاب تحفة الأعيان مصدراً مهما في تاريخ عمان منذ عصر الجاهلية وحتى بدايات القرن العشرين حيث قال مؤرخه «.. وكتبت ما أمكنني أن أكتبه من أحوال عمان وأئمتها من أول أمر العرب فيها الى اأخر ما انتهى الي علمه من أخبار أهلها الماضين ... ». وتيدو أهمية التحفة من المصادر التي اعتمد عليها نور الدين السالمى فقد تتبع بنفسه في استقصاء المصادر والموارد وجاب أقاليم عمان بحا عن السير والأخبار ويظهر ذلك من اشارته لمجموعة من هذه المصادر حيث قال: « ... فتتبعت ما أمكننى تتبعه من كتب السبر والآثار والتواريخ ». ۱ وقد أشاد الدكتور فاروق عمر بأهمية التحفة في كتابه المسمى مقدمة ١۱ -۔ في دراسة مصادر التاريخ العماني حيث قال: « يعتير كتاب التحفه تاريخ حوليا لعمان حتى سنة ١٠۹۱٠ م وهو بذلك يكمل كتاب الفتح اللبين ويعتبر مصدراً أساسياً للفترة من سنة ١١۱۸ - ١٠۱۹م ». لقد رتب نور الدين السالي كتابه التحفة في عدة أبواب والذي يتكون من جزأين فقد تناول في الجزء الأول التعريف بعمان وفضائل أهلهاء وهجرة قبيلة الأزد اليها بعد انهيار سد مأرب والأثر السياسى الذي نجم عن ذلك ثم يشير إلى طرد العرب للدخلاء الفرس من عمان قبل الإسلام ثم يتوسع في تناول فترة مالك بن فهم وأولاده من بعده وانتقال الحكم بعد ذلك الى بني معولة بن شمس. ويتطرق الى اسلام أهل عمان وحركة الردة ويخصص نور الدين السالي باباً في عقيدة أهل عمان والسلف الذين أخذ عنهم أهل عمان الأباضية . ويشير الى منازعة أهل عمان الدولبين الأموية والعباسية من أجل نيل استقلالهم السياسي ومن ثم ظهور امامة الجلندى بن مسعود وسقوط الإمامة الأباضية الأولى ويفرد نور الدين السالي بابا لحكم العباسيين واليويهيين والقرامطة ثم يتكلم عن انتقال الحكم الى بني نبهان. أما في الجزْء الثانى من التحفة فقد تناول مؤرخنا عهدي اليعاربة وآل بوسعيد ويصف عهد اليعاربة بفضائل الأئمة السابقين الذين كان لهم دور فعال في الداخل وصراعهم لتخليص بلادهم من النفوذ الخارجي. وقد تناول مؤرخنا باطناب عهد الامام تاصر بن مرشد اليعربي وأشار الى خصائصه وفضائله وتأييد العلماء له ومن ثم يعدد فتوحاته. ثم يستطرد نور الدين السالي فيتناول أئمة اليعاربة الواحد بعد الآخر. ويشير مؤّرخنا الى الضعف الذي حدث في الفترة الأخيرة من حكم اليعاربة وانقسام أهل عمان الى هناوية وغافرية وأثر هذا التمزق على الجتمع العماني مما أدى بالبلاد الى الوقوع ضحية للتدخل الأجنبي ويعزو مؤرخنا الى هذا التمزق انهيار وسقوط الامامة في عمان. ٧۱ - فكان لابد من منقذ جديد ليخلص عمان من تلك المحنة وقد تمثل هذا الزعيم القومي في شخصية جديدة من قبيلة البوسعيدي هو الإمام أحمد ابن سعيد البوسعيدي مؤسس الأسرة المالكه في عمان. ويشير نور الدين السالى أيضا الى الصدام مع البرتغاليين ومن بعدهم الانجليز ويتناول توسع سلطة الإمامة الأباضية في شرقي افريقيا وفارس وينهى نور الدين السالى كتابه التحفة بأحداث سنة ۱۳۲۸ ه ۰ع ۱ ۱ منهج نور الدين السالمي: مما لاشك فيه أن هناك مناهج عديدة للبحث التاريخى ولكتابة التاريخ فقد أظهر مؤرخنا مقدرة فائقة في انتقاء مناهج البحث التاريخي حيث اتبع طريقة الطبري واليعقوبي وغيرهم من المؤرخين الأوائل في سردهم الروايات التاريخية بأسانيدها تارکین للقارىء الحكم عليها. وقد تميز السالي بالحرص ف انتقاء الروايات التاريخية حيث قال الدكتور فاروق عمر في كتابه مقدمة في دراسة مصادر التاريخ العمانى «فاننا نلاحظ السالي قد أظهر دقة وتمييزا في اختياره الروايات التاريخيةء ووصفه أيضا بالاعتدال دون التحامل على مخالفيه في الرأي حيث قال: «... ومن جهة ثانية فان السالمي كان من الأباضيين المعتدلين في المشادة التي حدثت في عمان بعد سقوط الإمامة الأباضية الثانية ولذلك فهو ينكر التطرف». وقد حرص مؤرخنا لي كتابه على الإعتماد على موارد ومصادر موثوق بها ويذكر بعضها أثناء سرده للحوادث والروايات التاريخية مما يعزز صدقها وصحتها. فقد أشاد الدكتور فاروق عمر في مرجعه السابق بهذه الميزة فقال: «رغم أن السالي يعتمد على الازكوي في أخباره عن عمان في القرون الأولى إلا انه يتميز عن الأزكوبي باشارته ا لی بعض موارده ورواته...». وحيث ان النقد من أهم مناهج البحث التاريخي فقد بادر نور الدين السالمى بانتقاد بعض المصادر التى استقى منها رواياته التاريخيةء فقد ذكر ذلك الدكتور فاروق عمر عندما تحدث عن منهج السالي في كتابة التاريخ حيث قال : «إن السالي يعتمد اعتماداً كبيراً على ابن رزيق ويوليه ثقة ربما أكثر مما يجب ولكن برغم ذلك فان السالمي ينتقد ابن رزيق ذلك لأنه يأخذ الأخبار أحيانا من ألسنة العامة ومن الناس شفاهاء كما وانه يورد روايات أخرى ثم ينهيها بقوله: «وهو مخالف کلام ابن رزيق المتقدم والله أعلم». وأخيراً وليس آخراً فقد اتخذ مؤّرخنا الواقعية منهجاً في أسلوب كتابته فقد حرص نور الدين السالي في كتابة رواياته التاريخية بعيدا عن الخرافات والمبالغات فقد قال الدكتورفاروق عمر واصفا واقعية مؤرخنا: «فان روايات السالمي مهمة في تكوين صورة أقرب الى الواقع للإمام ناصر بن مرشد خاصة وأن روايات ابن قيصر عن سيرة هذا الإمام فيها مبالغات عديدةء فمقارنة روايات ابن قيصر بروايات السالي وغيره تعطينا صورة أوضح عن تلك الفترة من حكم اليعاربة». لقد تتبعنا سوي منهج السالي وما تميز به عن غيره من المؤرخين وحسبنا هنا أن نورد اعجاب الدكتور فاروق عمر بمنهج نور الدين السالى حيث قال في مرجعه السابق «ان ذلك كله يبرز لنا أهمية التحفة بين كتب التواريخ المحلية العمانية بسبب دقته في نقل الروايات التاريخية واشارته الى بعض مصادره ومحاولته نقد تلك المصادر واظهار الاختلاف بينه وبينهم واعتداله في آرائه وانكاره للتطرف الذي تبنته مدرسة الرستاق الأباضية». ومما على السالى أو غيره من المؤرخين السابقين عدم التطرق الى الصلات التاريخية التي ربطت عمان بالعالم في ذلك الوقت والاهتمام فقط بالأحوال الداخلية وهي ملاحظة يذكرها الكثير من المؤرخين ۱۹ -۔ فاننى أرى أن هذا المأخذ لاينطبق على مؤّرخنا نور الدين السالمي فقد کان ينوي كتابة تاريخ موسع عن أحوال المذهب وأهله حيث قال في كتابه التحفة « وقد كنت عزمت أن أجمع سيرة تجمع أحوال المذهب وذكر أهله أينما كانوا من الحجاز والعراق وعمان واليمن والمغرب وخراسان وغيرها من عهد الصحابة الى عصرنا هذا. ثم رأيت أن ذلك شيء يطول وخشيت معاجلة الأيام قبل تمام المأمول فعجلت للناس السيرة العمانية وإن كان في الأجل فسيحة جمعت أن شاء الله باقي السيرة على حسب ما ذكرت..» ولو افترضنا انه كتب وأكمل هذه السير التي كان ينوي كتابتها لكان قصر بالضرورة تناول الحوادث والعلاقات التي ربطت عمان بتلك الأقاليم سواء المجاورة أو البعيدة وما أعتقده هنا أن نور الدين السامى اقتصر تحفة الأعيان على الأحوال الداخلية لعمان ولم يهتم کثرا بصلاتها الخارجية هو عدم رغبته في تكرار نفس الحوادث. حيث كان ذلك بالضرورة لورود ذكر العلاقات والصلات التى ربطت عمان بغبرها في السير السابقة. فلذلك كرس جهده لاخراج السيرة العمانية بأسرع وقت لخوفه من معاجلة الأيام له قبل أن تجتمع هذه السيرة في قالب متکامل وتاريخ شامل. مصادره : تميز نور الدين السالي بأسلوبه في عرض الوقائع التاريخية فهو ينقل الروايات ويعرضها في ترتيب منطقي بدقة تامة ؛ ولقد كان لاشارته الى مصادره وموارده ورواته في كتابة روایاته دليل علي اعتباره مؤرخا موثوقاً به اعتمد عليه الكثير من المؤرخين الذين جاءوا من بعده. ومما لاشك فيه أن نور الدين السالي اعتمد في كتاباته التاريخية عن عمان على مؤّرخين أقدمين محليين وغير محليين من هؤلاء المؤرخين ابن خلدون والمسعودي وابن الأثير والجاحظ وعلى مؤرخين ١۱۵ -۔ كالعوتبي والقلهاتي والأزكوي والمعولي وابن رزيق وابن قيصر. بالاضافة الى رجوعه الى المصادر القديمة في السب العمانية السابقة لهؤلاء مثل آبي المؤثر وأبي قحطان وأبي الحواري ومحبوب بن الرحيل ومحمد بن محبوب ومنير بن النير الجعلاني فاستطاع بذلك أن يكون له ثروة تاريخية ضخمة مكنته من وضع كتابه العظيم القيم تحفة الأعيان بسبرة أهل عمان. ومن المحل بمكان أن نضع هنا شهادة أحد الباحثين الفطاحل من وطننا العربي وهو الدكتور فاروق عمر حيث قال عن التحفة: « لقد كتب السالي العديد من الكتب في الفقه والتاريخ ولكن كتاب التحفة يبقى أهم عمل تاريخي له وقد جعل هذا الكتاب من السالي مؤرخا لتاريخ عمان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي وبداية القرن العشرين وخليفة ابن رزيق في سلسلة مؤّرخي عمان الحليين. وسيبقى تاريخه متميزاً بروايات جديدة لم تظهر في كتب المؤرخين الذين سبقوه ». مرضه ووفاته رضي الله عنه: لقد كان نور الدين السالمي في رحلة علمية الى الحمراء لمناظرة الشيخ ماجد بن خميس العبري لاختلاف في مسائل فقهية حدثت بينهم. وأثناء سيرهم اعترض نور الدين السالي غصن أمبا وأسقطه على ظهره من راحلته حيث لم يبصره لأنه كان ضريراً فبقى في الحمراء مريضاً ومن ثم نقل الى بلدة تنوف من أعمال نزوى فزاد به المرض فتوفاه الله بعد العتمة من ليلة الخامس من شهر ربيع الأول من سنة اثنتين وثلاثمائة وألف. وكان عمره رضي الله عنه ثمانية وأربعين سنة وأشهراء بعدما كرس حياته في خدمة العلم والوطن وترك شعلة أضاءت الدرب الواجب وأنار لهم طريق العمل المستمر بهمة وعزيمة. فرحم الله نور مصابا عظيماً حيث كان رضي الله عنه قدوة في سياسة الدنيا والدين. حيث قال شاعر العرب أبو مسلم ناصر بن عديم الرواحي راثيا نور الدين السالى في عدد من المراثى منها: نكس الأعلام ياخير الملل رزىء الإسلام بالخطب الجلل يارجال الاين لم ينزل بنا فادح أعظم مما قد نزل يارجال العلم أودى قطبكم بل جميع العلم أودى والعمل وهكذا قد ألقى نور الدين السالمى الضوء على ما كانت تزخر به عمان من أمجاد تليدة وفتوحات مجيدة وسياسة حميدة. وأنهى مؤرخنا حياته تاركا ثروة جليلة في فترة وجيزة والتى جعلت منه مؤرخا وكاتباً جليلاً ومرجعاً يقتدى به والتي ستبقى زاخراً يضيء للأجيال والباحثين الدرب مدى الأزمان. ` ` هذا هو السالي المؤرخ الذي تميزت كتاباته بالدقة والواقعية والأمانة والمنطقية وهو لاشك من الأقطاب الذين يشار اليهم بالبنان من الذين أنجبتهم عمان. ۔ ۱۲ س اللوضوع أولا الكلمات : ١ كلمة معالي الشيخ محمد بن عبدالله بن زاهر الهنائي وزير الزراعة والثروة السمكية . . . راعي الندوة ا ٢ - كلمة سعادة سالم بن محمد الغيلاني رئيس المنتدى الأدبي ا ۳ - كلمة الشيخ سليمان بن محمد السالمي ا ثانيا : الشراءات : ١ القراءة الأولى : منهج السالمي في مؤلفاته الفقهية محاضرة سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي . . . مفتي عام السلطنة ٢ - القراءة الثانية : المنهج العلمي في مؤلفات السالمي التاريخية اعداد فضيلة الشيخ اسماعيل بن علي الأكوع ا ۳ القراعة الثالثة : السالمي المجتهد المجدد اعداد فضيلة الشيخ ناصر بن محمد اللرموري ا ٤ القراءة الرابعة : السالمي أديباً ولغوياً رفم الصضحة ۱۳ \۷ ۳ ۹0 اعداد / د. إبراهيم بن أحمد الكندي ‎EEE‏ ٥ - القراءة الخامسة : السالمي فقيهاً ومحققاً اعداد / د. صالح بن أحمد الصوافي ا ١ القراءة السادسة : جهود السالمي في خدمة الأدب في عمان اعداد / د. أحمد درویش ‎We‏ ‏۷ القراءة السابعة : الجوانب التربوية والتعليمية في مؤلفات السالمى اعداد / أحمد بن سليمان الكندي ‎Ee‏ ‏۸ القراءة الثامنة : اطلالة على شعر نور الدين السالمي اعداد / سالم بن علي بن سالم الكلباني ا القراءة التاسعة : السالمي مؤرخاً اعداد / حمدون بن سلیمان بن سالم السالی ا ١١۱ - ۸۹ ١٥۱۲ ۱۳۳ ١١٤۱ ما ورد في هذا الكتاب لا يمثل بالضرورة راي المنتدى الأديي حقوق الطبع محفوظة للمنتدى الأدبي وزارة التراث والثقافة رقم :٠۱ / ۳٠٠۲م