قراءات في فكر الشقصي N ن ا EES rng حصاد الندوة التي أقامها المنتدى الأديي في الفترة من ٢۲ صفر -اربيع الأول عام ٤٤٤٠ ه/الموافق ١۱۲-۱ مايو ٢٠۲۰م الطبعة الأولى ٤ه - ۰.۳ ۰م هذا الاصدار ... الحمد له القائل في محكم كتابه : إنما يخشى الله من عباده العلماء ونصلى ونسلم على سيدنا محمد النبي الصادق الأمين › وارض اللهم عن صحابته الطاهرين ومن قام بهديه باحسان إلى يوم الدين › وبعد: فقد أدرك علماء عمان المخلصون البررة على مر الحقب والأجيال بأن العلم إِيمان وعمل وإن صدارة العلم لہا مسؤولياتها وتكاليفها » فتسلحوا-يرحمهم الله- بأسلحة العقيدة التي تمثلت بالعلم الذي نفذ إلى أعماقهم وقوي في أفئدة الدهماء منهم ٠ ورنا إليه الناس على طبقاتهم وأجناسهم ء فأقبلوا عليه لينهلوا من معينه العذب ما استطاعوا » فكانوا في انقطاعهم للعلم وطلبه إنما يمثلون لأوامر الله-سبحانه وتعالى- ورسوله الكريم- عليه أفضل الصلوات والتسليم- حيث توالت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تترى تشيد بالعلم وتمجده » وترفع من شأن العلماء وتقرن شهادتهم بشهادة الملائكة . وتصفهم بأنهم أهل الخشية ء فانطلقوا -يدفعهم إيمان راسخ- إلى تحصيله وخدمة أهدافه النبيلة » لا فيه فلاح الإنسانية قاطبة في الحال والمآل. ويأتي هذ الإصدار حول فكر الشيخ العلامة الجليل خميس بن سعيد بن علي بن مسعود ابن عبد الله بن زياد الشقصي الرستاقي انطلاقا من اعتزاز السلطنة بترانها ورغبة من وزارة التراث والثقافة مثلة في المنتدى الأدبي في إحياء ذكرى هؤلاء العلماء الكرام والتوقف مليا عند سيرتهم العطرة ومسيرتهم العلمية الجادة ومنهجيتهم وأمانتهم راجين أن يكون هذا الإصدار ثمرة خيرة للندوة العلمية التي أقامها المنتدى في يومي ٢۲ صفر-١ ربيع الأول عام ٤٣ هھ الموافق ١۱۲-۱ مایو والله ولي التوفيق ٥ (كلمة الحمد الله الذي كرم أمة الإسلام ء وجعلها خير أمة أخرجت للناس تأمر بالعروف وتنهى عن انكر » وسبحانك اللهم أنت القائل في محكم كتابك «إنما يخشى الله من عباده والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله ٤ خيرالأمة وأفصح من نطق بالضاد « القائل : العلماء ورنه الأنبياء ` وعلى آله وصحصه أجمعين . معالي السيد / حمود بن فيصل بن سعید الموقر أمين عام مجلس الوزراء ... راعي الندوة صاحب السمو السيد/ هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد الوقر أصحاب السمو والمعالي ... أصحاب السعادة والفضيلة ... الأساتذة الأجلاء ... أيها الجمع الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد على امتداد تاريخها الحافل بالعطاء › النابض بالحيوية ازدهرت غُمان ازدهارا عظيماً في المجالات الفكرية والعلمية » وان مظاهر هذا الازدهار لا تزال بادية للعيان » واضحة المعالم » وإن هذا البناء الثقافي الضخم الذي تمتعت به عُمان عبر الحقب والعصور ما قام إلا بعقول تلك الصفوة اللختارة من العلماء المحققين الذين تفيأوا ظلال الحق ووضعوا نصب أعينهم أن العلم أكسير الحياة (١) من الآية ۲۸ من سورة فاطر وأساس كل النهضات والحضارات ء وأنه لم يعد خافيا على أحد أن ما ور ٥ عن أجدادنا من علوم ومعارف إنسانية خلال تاريخهم المديد الحافل بمجريات عظام الأحداث كانت أثمن ما قدموا للأجيال اللاحقة وبا لا يسعنا ونحن نستعرض أعمالمم إلا أن نتحني إجلالا أمام تلك العقليات والعبقريات الذة والعلم الغزير والثقافة الواسعة والآراء السديدة والأفكار العميقة الرصينة التي أنارت السبل لغيرهم من الأمم والشعوب ء وان المكان والزمان لو خرجا عن صمتهما لأخبرانا بها قدمه أولثك الأعلام - يرحمهم الله - من حضارات وكشوف علمية ومؤلفات › با أثرى سجل. عمان » وجعله حافلا بالاعجاد التي يعتز بها . ومع اعتزازنا بتراثنا باعتباره معيار حضارتنا وعنوان عزتنا فاننا ندرك عن وعي أن المرحلة التي نمر فيها بتقنياتها ومعلوماتها وإفرازاتها الثقافية تحتم علينا أن نتقف على ثقافة الآخر ء وأن نطلع على مدلولات تلك الثقافة في مغزاها ومرماها وأن نعي ما يدور حولنا كي لا نكون الجانب الضعيف المستهدف في المعادلة ساعين إلى أن نكون على المستوى الذي يؤهلنا خوض خضم هذا العصر » حريصين أن تكون نظرتنا لتراثنا نظرة علمية فاحصة دقيقة بحيث يكوّن هذا التراث القيم للثالية التي يتمسك بها العماني ويستظل في ظل دوحتها والتي ينبغي على أساسها أن ينبني فكرنا الحديث في التوفيق بين الأصالة والمعاصرة. معالي السيد راعي الندوة ... أصحاب السمو والمعالي والسعادة ... الحضور الكرام ... وانه من حسن الطالع أن يحظى تراثنا العماني الوضاء بكل مفرداته وأشكاله برعاية خاصة من مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حيث جاءت توجيهات جلالته - يحفظه الله - وأوامره السامية لترفد بالدعم والعطاء معين هذا التوجه في أكثر من مناسبة مؤكدا جلالته -يرعاه الله على أن "الرغبة في بناء دولة عصرية تأخذ بأحدث أساليب العلم والتقنية لم تجعل هذا البلد الأصيل يتنكر لتراثه العربي التليدة " آخذا بعين الإعتبار أن البحث في التراث هو بحث في الذات والموية . وأن الذين ينقبون في تراهم ويستعيدون أجادهم هم المتشبعون بمبادىء الحضارة والمدنية ء ويتعلق بهذا كله أن نذكر بكل فخر واعتزاز الدور الريادي الذي اضطلع به علماء عمان البررة والمواقف المشرفة التي اختزنتها ذاكرة الإنسانية في هذا النجالء وانة ليسعدنا أن يأتي افتتاح هذه الندوة العلمية التي يحييبها المنتدى الأدبي وعلى مدى ثلاثة أيام احتفاء بذكرى الشيخ الفقيه العلامة خميس بن سعيد بن علي الشقصي الذي ولد في أواخر القرن العاشر المجري (السادس عشر الميلادي) » وعاصر الأحداث الجسيمة آنذاك › وكان له الفضل مع أقر انه من العلماء في لم الشمل وإسداء اللحمة في الأمة » وتنصيب الإمام ناصر بن مرشد - رحمه الله- ودحر البرتغاليين حيث كان القاضي والمربي والقائد واللرشد والناصح الأمين للأمة والؤلف الكبير الذي ترك للأمة المؤلفات العديدة التي تبين مكانته العلمية ومقامه المرموق علماً وسياسة وحكمة وقيادة وحسن تدبیر وإن إقامة هذه الندوة وسابقاتها احتفاء بعطاء علمائنا ونشر آثارهم العلمية لترسم خطاهم ونهج منهجهم والاقتداء بهم يعتبر من أهم السمات الحضارية التي تلتزم بها أمتنا وتؤكد صدق ائتمائنا إلى المسيرة الحضارية. وانني في ختام هذه الكلمة أتوجه بالشكر الجزيل إلى معالي السيد حمود بن فيصل أمين عام مجلس الوزراء على تكرمه برعايته لمذه الندوة وكل الشكر والتحية إلى صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة على رعايته وتوجيهاته التي ساهمت في إحياء فعالياتها والشكر موصول إلى العلماء والأساتذة المشاركين على ال جهود التي بذلوها في البحث حول سيرة هذا العلامة الكبير. والشكر لكم جميعا على حضوركم ودعوة من أعماق قلوبنا أن يحفظ لہذه الأمة راعي نهضتها ومجدد أمجادها جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم. والسلام علكيم ورحمة الله وبركاته ه) ١ - ۷۹١۱ ت ۷۰٠ ل ١ | لفكرية ته الفكري حياته ومدرسنه سعيد السابعي ن بن سعد سلیمان ب الأستاذ / ناصر بن ۰ الجمد لله رب العالين ء والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد : كهذا بحث موجز عن العلامة الشَيم خمبس بن سعبد الشقصي صاحب (منهج الطالبين وبلاغم الواغبين) الموسوعة الفقهية الضخمة التي صارت مرجعا مهما من مراجع المكتبة الإسلامية ولا غناء للباحث في الفقه الإسلامي عامة والإباضي خاصة عن هذا الكتاب الثمين. تناولت في هذا البحث المختصر حياة العلامة الشقصى صاحب المدرسة الفكرية الكبيرة التى عاشت في ظل دولة الإمامين ناصر بن مرشد وسلطان بن سيف اليعربيين- رضي الله عنهما۔- . وأود الإشارة هنا إلى البحث المميز الذي أعده الباحث سلطان بن حمود بن حارب البوسعيدي الذي قدمه متطلباً لتخرجه في معهد العلوم الشرعية التابع لوزارة الأوقاف وقد أفدت منه كثيرا. كما أثّي بالثناء على الشيخ سيف بن حمود البطاشي على كتابه الثمين "إتحعاف الأعيان” الذي سهل والحمد لله أولا وأخيرا الحالة السياسية والعلمية ي عصر العلامة الشفقصي الحالك السياسية: كان آخر الأئمة الذين سبقوا العلامة الشقصي الإمام محمد بن إسماعيل الحاضري الإسماعيلي التوفى عام ٤٤ ۹ه). ونصب في اليوم الذي توفي فيه الإمام بركات بن محمد كما نصب في زمان بركات عمر بن القاسم الفضيلي ثم نصب سنة 1۷ ۹ه عبد الله بن محمد القرن الهنائي ثم قام عليه في سنة بركات بن محمد الإسماعيلي » وهكذا اضطربت الأمور وسادت الفوضى وعاد أمر أهل عمان إلى الخمول وملكت الحبابرة والأمراء الجورة ء وتجدد املك النبهاني مرة أخرى واقتسموا عمان . وفي الرستاق مالك بن أبي العرب جد الإمام ناصر بن مرشد اليعربي . وقد حدثت حروب كثيرة وفتن عظيمة واضطربت الأحوال اضطرابا شديدا » وكثر الملوك والأمراء والسلاطين » وإنضاف إلى ذلك الغزو البرتغالي في عمان ؛ واستقرارهم في أماكن منها فصارت عمان يومئذ منقسمة بين عدة جهات : مالك بن أبي العرب في الرستاق والجبور في الظاهرة 5 وسيف بن محمد الهنائي ببهلاء وآل عمير في سمائل والبرتغاليون في مسقط وصحار وجلفار وصور وقريات أولا:العلامة الشقصي: يقول العلامة الشقصي ( لم يبق بدو ولا حضر ولا أهل ماشية ولا مدر إلا وقد تجرعوا غصص المخاوف صار الدين والآأنفس والأموال إلى أشد المتالف ء إلا من هون الله عليه المحنة ونجاه ١۱ من الفتنة ومن عليه بالعصمة وتداركه بالعفو والرحمة › ثم هم كذلك ولم يقلعوا عن ذلك حتى وقعت الحروب والشرور في عمان إلى أن أنقذهم الله بالعدل والإحسان من الظلم والعدوان بظهور عبده الأرشد إمام المسلمين ناصر بن مرشد .. من قوله في عمان هذا فکان فیهم سلطان بن حسن في نزوی وتواجها ثم ابنه مظفر ثم ابنه سليمان بن مظفر » وكان في صحار مهنا بن محمد المديفي » وف الرستاق مالك بن أبي العرب (جد الإمام ناصر بن مرشد اليعربي). فقاتل الإمام ناصر أهل البغي ونصره الله عليهم حتى فشا العدل في جميع أقطار عمان ولم يبق إلا طائفة من البرتغاليين النتصارى متحصنين في سور مسقط وحصونهاء ثم خلفه ابن عمه سلطان بن سيف بن مالك عام (١٠٦٠٠ه) في اليوم الذي توفي فيه الإمام ناصر › وقد قام وشمر وجاهد وطرد البرتغاليين وسكنت له عمان وعم العدل والرخاء. ثانيا:الحالة العلمية: ثرت الحالة السياسية في حركة العلم والتعليم وسببت تلك الفوضى أندراس العلم وقلة العلماء وأنزواء من كان منهم يومئذ إلى البيوت » وحتى عندما كانت تزول المحن وتقل الفتن تبقى الأثار عميقة في النفوس ٠ وتصبح الظروف غير مهيأة لوجود حلقات العلم .. واندرس العلم من عمان حتى لم يجد أمير بالرستاق من يوليه قاضياً على ويل إلا رجلا من أهل الخلاف وهم أن يقلب مذهبهم حتى بلغ خبره إلى عمان الداخل فكتبوا إلى املك اليعربي وإلى رعاياء في زوال ذلك القاضي فأزالوه وأرسلوا لهم قايا منهم. يقول العلامة الشقصي : (فازالوه وأرسلوا لهم قاضيا من عمان وتعلم منهم العلم ناس من أهل الرستاق..) وقد نشا علماء كثيرون على إِثر الحالة السياسية المستقرة في عهدي الإمامين ناصر بن مرشد وسلطان بن سيف ء ووجد العلماء الكبارء ورغم قول الشيخ العلامة ناصر بن أبي نبهان: (العلماء الأقدمون أقوى علماً من العلماء الذين عاصروا إمام اللسلمين ناصر بن مرشد لأنهم يدركون درجة الصحابة أو يزيدون علما) فقد وجد العلماء الذين ملأوا الدنيا علماً وفضلاً› يقول الخراسيني : (وإذا سألتم عن العلماء الذين هم من أهل عمان ء أولهم ومقدمهم الشيخ محمد بن عمر بن أحمد بن مداد -رحمه الله- والشيخ مسعود بن رمضان رحمه الله والشيخ القائم بالحجة العالم بالمحجة خميس بن سعيد الرستاقي -رحمه الله- فهؤلاء عليهم المدار وأهل الدرجة العليا...) ٤۱ الكصل الأول: عبر نك المبحث الأول: حيبانه الشخصية المطلب الأول : سمه ونسبك هو العلامة الجليل خميس بن سعيد بن علي بن مسعود بن عبد الله بن زياد الشقصي الرستاقي « يقول الشيخ البطاشي : (وأظنه الشيخ عبد الله بن عمر بن زياد الشقصي البهلوي صاحب (المناظيم في الفقه) في القرن العاشر - هما من بيت واحد)(۱) وعندي أن في ذلك بعدا » من أجل أن بين الشيخ خميس وبين جده عبد الله والشيخ خميس في القرن الحادي عشر » وعبد الله بن عمر بن زياد في القرن العاشر › بل كان إلى سنة ۹۸۳ للهجرة حيا » كما ذكر الشيخ البطاشي نفسه (۲)› فكونه الجد الثالث للشيخ خميس فيه بعد كثير › لا سيما إذا انضاف إليه أن ولادة الشيخ خميس كانت في أواخر هذا القرن (العاشر) كما سيأتي إن شاء الله. وأما الشقصي : فنسبه إلى أبي الشقص ء كنية لرجل ء ولعله أحد أجدادهم كما يقول الشيخ البطاشى (۳). المطلب الثاني : بلدك كان العلامة الشقصي من الرستاق » ولم أجد من حدد موقعه منها ء اللهم إلا ما يذكر من أن الإمام ناصر بن مرشد كان من أهل قصرى التي بويع في مسجدها » وبحكم القرابة بينه وبين الشيخء إذ كان الإمام ربيب له على ما يروى » فالظاهر أنهما من بلدة واحدة. (١) البطاشي . إتحاف الأعيان ٠ ج۳ ص١٠٠ (۲) البطاشي . إتحاف الأعيان ٠ ج۲ ص۱۹۷ البطاشي ٠ إتحاف الأعيان ٠ جح۳ ص١٤٤٠ والظاهر أن هؤلاء أكبر أبنائه لأنه جعلهم أوصياءء من بعده » والقائمين على إنفاذ وصيته. ٥ ناصر ٦- جعروف ۷- سليم (۱) كما ذكر أن له ينات » وذلك في وصیته (۲) » ولم يذكر هو ولا غيره أسماءهن. كما ذكر أيضاً أن له نسلا من أولاده وأن له أخوة وأخوات . ولمم أيضا أولاد. وذكر أن له عمات ولمن ذرية. وذكر له أخوالاً ولهم نسل » وسمّي من أخواله : خالد بن خلف (۳) المطلب السادسر: وضعه الاجتماعي: كانت علاقة العلامة الشقصي بالناس -كما يظهر- علاقة قائمة على حب الخير » وعلى المودة والوئام » يشهد لذلك احترام الناس والعلماء له » وإجلالهم له والثناء عليه » والإشادة بفضله ء وتقديمهم إياه › كما يشهد أيضا وصيته التي جعل لكثير من الناس فيها نصيباً من ماله. وكانت علاقاته الإجتماعية الكثيرة » وله صلات بكثير من أهالي وقرى ويلدان الرستاق. كما كان ميسور الحال ذا ثراء » كما يظهر ذلك من وصيته التي بينت أن له أموالا بالعوابي وغيرهاء وله أثار ماء ء وقد وقف بعض ذلك لأقربائه وأرحامه والمساجد الكثيرة وغير ذلك. المطلب السابم:صكاته لم يذكر شيء من صفات العلامة الشقصي القية » وأما صفاته الْلِقية فتتمثل فيما يلي : أ-الورع والصلام: ذلك أن ألسنة الخلق أقلام الحق والناس شهود الله في أرضه ء وقد ذكره الكثيرون بالذكر الحسن»ء وأثنوا عليه الثناء الجميل من معاصريه ومن بعدهم . كما أن جهوده المباركة في تسبير قافلة (١) ‏ البطاشي ۽ إتحاف الأعيان ٠ ج۲ ؛ ص )۲( المرجع الصابق ٠ ج۲ › ص ٥١٠ )۳( البطاشي ۽ إتحاف الأعيان ٠ ج٣ ٠ ص٦١٠ ۱۸ العلم والقيام بالعدل وال جهاد في سبيل الله لتنم عن سريرة طاهرة وتقوى وورع واجتهاد مليء با خير والعيادة. وتعب ر آثاره -لا سيما كتابه العظيم عن نفس مؤمنة عاملة بالخير مقتفية للهدى ء كما ان قصائده ونصائحة كانت تدعو إلى التهيؤ للسفر الطويل والتأهب ليوم الجزاء والتشمير عن ساعد العمل في ميادين الدعوة والعلم وال جهاد. إضافة إلى ذلك في وصيته لطائف وخفايا ترسم ملامح ورعه الجم » فمن ضمن ما أوصی به كفارات عن صلوات وصيام وحج وإِيمان » وضمانات كثيرة » بعضها مساجد وبعضها لبیت مال اللسلمين ويعضها لأناس سماهم. وما يستوقف قارئٌ وصيته قوله : (ولكل ابنة من بناتي تبقى بعدي ولم أدفع لہا عوض ما أعطيت إخوتها با تبقى بعدي » ولم أدفع لها عوض ما أعطيت بائتي لارية فضة » ولكل حمل يولد بعدي حكمه لاحق بي فله ما للإخوته » للذكر منهم مثل ما للذكر من أولادي › وللأنٹى منهن مثل ما للأنثى من أولادي ...). ثم قال أيضا: (وقد أقررت لأولادي : ناصر وجعروف وسليم : بخمسين لارية فضة ء وبمائة لارية فضة » عوضاً عما أعطيت إخوتهم من الأسياف ال جدد ..) (۱) وهذا دليل كاف على تحريه الحق والعدل › وتورعه عن الظلم وخوفه من الله - سبحانه وتعالى- حيث نهى الشرع عن تفضيل بعض الأولاد على بعض في العطية. ب - الزجد: رغم ما سبق ذكره من ثراء العلامة الشقصي إلا أنه لم يكن للمال سلطان عليه ٠ ولا أثرت فيه زهرة الحياة الدنيا » بل سخر ماله في خدمة الدين وإصلاح المعيشة وأداء ما لزمه من ضمانات (١) ‏ البطاشي ء إتحاف الأعيان ٠ ج۴ ؛ ص ٥١٠ ۱۹ وحقوق لله - سبحانه وتعالی- وللعباد » والإنفاق في أعمال البر » وفي سبيل العلم ونشره وحفظ الكتب ونسخها والعناية بها. وقد أودع نظرته إلى الحياة مآثره العلمية والأدبية « وإضافة إلى كتابه (منهج الطالبين) الذي عرض فيه علمه وعقله وحقيقه نفسه نراه يقول : أيها الراقد دع عنك الكرى واهجر النوم وشمر للسرى لا تكن عن نیل فضل مقصرا واعبد الله فقد بان السبيل واقبل التصح ويادر للمتاب واعمل الصالح من قبل الذهاب إن التقوى لله لا شك الصواب فأطعه واتبم هدي الدليل واذكر الموت ودع طول الأمل فالأماني داعيات للكسل واملأ القلب رجاء ووجل وافعل الخير ودع عنك الخمول (۱) ج-تواضعه: إن المتأمل لسيرة العلامة الشقصي ليحس بان ثة جانبا خفياً من سيرته الذاتية وتتكشف معالم ذلك الجانب في ظهور العلامة الشقصي المفاجئ في الأحداث ال جلى التي صاحبت بيعة الإمام ناصر وتلتها » حيث كان قائده وقاضيه ومرشده الروحي ومعاونه في تدبير شؤون الدولة » ولبث هذا الإمام العظيم السنين الطوال حتى قضى نحبه » وما ان تلقفته يد المنون وتوارى جثمانه الطاهر في بطن الثرى حتى اختفى بإختفائه ذكر العلامة الشقصي إلا نزراً يسيرا. ويبدو لي أن الشيخ الشقصي كان ييل إلى الإنقطاع عن الدنيا ويهرجتها ويكره الظهور » كعادة أهل الحق والإستقامة » ولكنه كان ينزع إلى الخلوة بالنفس أكثر » حيث لا نجد ذكره يتجاوز الأحداث الشهيرة التي يبرز فيها كل ما يخفى في مواطن أقل منها بروزا. )۱( المصدر السابق ج۳ ؛ ص١١٠ كما لم يكن طامعاً في ملك ولا دولة » ومع منزلته وفضله » إِذا به يقدم ربيبه إماما ثم لا جد حرجا في أن يكون جنديا من جنود إمامه » يرسله ويرسل إليه » ويأمره وينهاهء ويوليه » وفوق كل ذلك نجد الشقصي يرثي إمامه الرثاء الحزين » ويبكيه البكاء المر الذي يقطع الأكباد » حيث يقول فيه. هوالناصر الاين الجنيفي ناصر فتى مرشد أن كالبرية مولدا قضى نحبه وامسلمون جميعهم موالونه في الرحمن دينا ومقصدا وما رأيت الحاملين تسابقت إلى نعشه أيديهم قمت منجدا بكيت وأبكيت الضراغم حوله وأيقنت أنه لا وصل يرجى وموعدا وعجت له الحيطان من کل منزل وحج جميع الخلق مثنى وموحدا كماجل فيناقدره عزفقده فأكرم به حيا وميتا وملحدا(۱) ويعد وفاة الإمام ناصر ومبايعة الإمام سلطان بن سيف لا نجد للعلامة الشقصي ذكرا » مع منزلته العليا » ولا يخال جني شك في حاجة دولة الإمام إليه » ولعله كان يمتنع عن قبول المناصب نظرا إلى وجود العلماء والأكفاء من أهل الفضل والصلاح وتتجلى هنا شخصية العلامة الشقصي في الابتعاد عن المناصب وحب النزلة فإن نفسه ولا تتشوق لدنيا ولا تتشوف لنصب ء ونجده وهو العالم الكبير في علمه وفضله وسنه لا يأنف من الإنقياد طواعية لإمام الملسلمين سلطان بن سيف الذي هو في عمر أحفاده » بل ويعطر نشيده بذكر هذا الامام قائلاً : ولولافتى سيف وتجريد عزمه لأمسى جمال الدين مته جردا تدارك سجل الملك قبل انكفائه وقد شارفت حيطانه أن تبددا ومرعلى نهج الخليفةناصر وأورى زناد الحجق حتى تمهدا ومرعلى نهج الخليفةناصر وأعلى منارالحق فيه وشيدا لتهن بسلطان عمان خليفة ويهنا به الإسلام ردءا ومستدا (۲) (١) البوسعيدي ٠ الشيخ خميس حياته وأثارة › ص٤١ (۲) المرجع لاسابق ؛ ص١١٩ ۲۹ المطلب التامن : وكانه رغم شهرة العلامة الشقصي في زمانه وبعد عصره » وكونه من أقطاب دولة الإمام ناصر ء فإن الزمان كاد أن يطوي سجله العظيم الحافل بالأجاد (بالكلية) وها هو بعد وفاة الإمام ناصر ينكفئ على نفسه في محرابه ومكتبته » وغدا الزمان وراح » واختطفت يد المنون هذا الرجل النجاهد الصاح من دون أن يشعر الناس » وإلا فرجل في مكانته ومنزلته كان حريا أن نجد تاريخا لوفاته » ولئن جهل تاريخ ميلاده فلا أقل من أن يسجل العلماء الؤرخون والطلبة حدثا جللاً ومصاباً حزينا رزئت به دولة الإسلام. وشاءت العناية الربانية أن تفتح ذلك السجل الكبير بمآثره الحميدة وأحداثه المجيدة ».غير أن علامة الإستفهام تبقى مقرونة بتاريخ وفاته » وقد أمسكت يد القدريد العلامة الشقصي لتسجل بها وصيته إلى من بعده » فكان تاريخ الوصية حسبما صرح بنفسه في قوله : (وكان تمام هذه الوصية ضحى الجمعة الشريفة لثمان ليال بقين من شهر جمادى الآخرة من سنة سبعين وألف سنة من المجرة النبوية » كتبته وأثبتته على نفسي ء الفقيرلله خميس بن سعيد بن علي الشقصي الرستاقي بيده ). ويبدو لي أنه لم يعش بعد وصيته كثيرا » وفي أقدم نسخه وجدتها للجزء الثالث عشر من كتابة (المنهج) ذكر الناسخ سنة النسخ وهي ۷۹٠٠ للهجرة ء وترحم على الشيخ الشقصي. فالظاهر أن وفاة العلامة الشقصي كان بين هذين التاريخين › ١۷٠٠ ٢۲ المبحت التاني: حياته العلمية كان للشيخ الشقصي منزلة عليا في العلم والمعرفة والفضل ء وكانت حياته حافلة بالمآثر العظيمة في ميدان الكفاح وميدان العلم » ويمكن أن نوجز حياته العلمية فيما يلي : المطلب الأول: شيوخك لم تنص المصادر التي بين أيدينا على أسماء من تتلمذ عليهم الشيخ الشقصي ء مع وجود عدد من أهل العلم ء ويذكر أن تلك الفترة » أي ما قبل العلامة الشقصي › كانت فترة فرقة وفتن ء وأنزوى العلماء في بيوتها » على أنه يروى أن عدد العلماء وقت بيعة الإمام ناصر كانوا أربعين عالا أو يزيدون (۱)ا يدل على ان ثمة حركة علمية نشطة سبقتها جهود علماء » غيرأنه لايذكرما يدل على ذلك. ١- ونقل الباحث سلطان البوسعيدي عن الشيخ السيابي أنه يحتمل كون الشيخ الشقصي من ثار جهود القاضي الذي استدعاه أمير ويل خلفاً لآخر من أهل الخلاف كما سبق ذكره (۲)ء ولا يفهم من ذلك أن الشيخ الشقصي كان في فترة القاضي المشار إليه » للأن هذه الحادثة يذكرها العلامة الشقصي بنفسه فيقول: (إلأ أنه يأتي زمان يقل فيه العلم وأهله » فعلى ذلك أمور أهل عمان ء حتى سمعنا أنه يأتي زمان احتاج ملك من الملوك اليعارية من قرية ويل من الرستاق إلى قاض من أهل الدعوة فلم يتهياً له وأتى قاضي من أهل الخلاف ...) حتى قال : (فازالوه وأرسلوا لہم قاضيا من عمان وتعلم منهم العلم ناس من أهل الرستاق ..) (۳) (١) السالمي تحفة الأعيان ٠ ج۲ ٠ ص٣ )۲( البوسعيدي ٠ الشيخ خميس بن سعيد حياته وأثاره » ص۷٠۲ )۴( الشقصي ٠ منهج الطالبين ٠ ج٠ ٠ ص٦۳٦ ۳٢۲ فالظاهر أن هناك فاصلا زمنيا يدل عليه قوله : (حتى سمعنا ...) وإن كان هذا الزمن ليس بعيدا لأن الجادثة وقعت في زمان ملوك اليعاربة » وظهورهم لم يكن بفترة كبيرة قبل الشيخ الشقصي. وعليه فلا يبعد - في الوقت ذاته - أن يكون لهذا القاضي دور في جيل أهل العلم الذي أخذ عنهم الشيخ الشقصي. ۲- كما يذكر الباحث البوسعيدي عن الشيم سالم بن حمد الحارثي احتمال أن يكون الشيخ مسعود بن رمضان النبهاني من شيوخ العلامة الشقصي (١)نظرا منه إلى ما وصف به الشيخ مسعود من انه کان (مفتي اهل زمانه). والذي يظهر لي أن الشيخ مسعوداً ليس من أشياخ العلامة الشقصي وكما وصف الشيخ مسعود بأنه (مفتي أهل عمان) وصف العلامة الشقصي بأنه (قدوة أهل الرستاق يومئذ على الإطلاق)(۲) وأنه (قدوة العلماء يومئذ) (۳) أي عند بيعة الإمام ناصر. فالظاهر أنهما قرينان » لا سيما أن العلامة الشقصي عاش في الرستاق والشيخ مسعود في نزوى. هذا ونقل الشقصي كي كتابه المنهج عن بع أهل العلم بعض المسائل كالشيخ صالح بن محمد بن صالح بن محمد بن عبد السلام » ويحتمل أن يكون أحد أشياخه أو من أفاد منهم. هذا وقد قرظ العلامة الشقضي كتاب خزانة الأخيار في بيع الخيار للشيخ عبد الله بن محمد بن غسان الخراسيني » وذكره قائلاً: (ولا وجد شيخنا علماء السابقين ..) حتى قال: (فألف كتاباً جامعا بأصوله » مشتملاً على أبوابه وفصوله وسماء بكتاب خزانة الأخيار في شرح بيوعات والشيخ الخراسيني هذا يظهر أنه أقدم من العلامة الشقصي ء وهو من ولاة الإمام ناصر › وقد فرغ من تأليف كتابه عام ١٤ ١٠ه .فلعله كان من شيوخ العلامة الشقصي ٠ إن لم يکن عده ياه شيخا له من باپ التواضع. (١) البوسعيدي ٠ الشيخ الشقصي حياته وأثاره ؛ ص۲۷ (۲) لبن رزيق › الشعاع ص٢٠٠۲ (۳) الإمام السالمي ٠ تحفة الأعيان ٠ ج۲٠ ص٣ () البطاشي :٠ إتحاف الأعيان ؛ جآ ٠ ص١٩ ٤۲ هذا ء ويبدو أن العلامة الشقصي كان عصامي النشأة والتكوين › يشهد لذلك غياب المعلومات الضرورية في نشاته الأولى » خلافاً للمشاهير » بل وغيرالمشاهير من تدون أخبارهم وتشتهر ء ولئن جهل تاریخ ولادته » فلن يخفى إذن ما يتعلق بأشياخه وفترة تکوینه ٠ لا سيما عندما بدا نجمه يلمع إذ لا يذكر له دور قبل بيعة الإمام ناصر بن مرشد ومنذ البيعة يكون للعلامة الشقصي هو القطب ارك لتلك النهضة الكاسحةء وأما ولم يذكر شيء من تاريخ صباه ونشأته فذلك برهان على أن الرجل كان عصاميا. المطلب الثاني:تلاميذه ١- سبل القول بأن الإمام ناصر بن مرشد كان ربيبا للعلامة الشقصي ٠ حسبما تفيده بعض اللصدار » وكان كل منهما من الرستاق فيغلب على الظن أن الإمام كان من طلاب مدرسة العلامة الشقصي. ٢- وكذلك الحال في الإمام سلطان بن سيف الذي خلذ الإمام ناصراً » وهو ابن عمه في الوقت نفسه» ولكن يبدو أن الإمام سلطانا ليس من جيل الإمام ناصر » وذلك لتأخر وفاة الإمام سلطان بن سيف » فقد توفي سنة (١)» وأيضا كان الإمام ناصر يخاطبه بلفظ الولد » كقوله له في أحد عهوده إليه : (من عبد الله إمام اللسلمين ناصر بن مرشد بن مالك إلى حضرة شيخنا الوالي الولد سلطان بن سيف بن مالك أمد الله عمره) وقوله له : (فلا تلتشفت ولدي إلى الانيا ونعيمها وغضارتها › فإنه لعب ولهو وزينة وتفاخر ..) » وقوله : (.. فاطرح ولدي حب الدنيا من قلبك ..) (۲). ۴ وقد عد من تلامذة العلامة الشقصي أيضا الشيخ عبد الله بن محمد بن عامر النزوي الخراسيني صاحب كتاب (فواكة العلوم) (۳)نظرا إلى أنه كان موجودا في عهد الإمام سلطان (١) في وفاة الإمام سلطان خلاف ۽ فالكثير على التاريخ أعلاه بينما يجطه الإمام السالمي في سنة ١۹٠٠ه ٠ تحفة الأعيان : ص۷٤ )۲( الإمام السالمي ٠ تحفة الأعيان ٠ ج۲ ص٢۲-٠٦۲ )۴( البوسعيد ي ٠ الشيخ الشقصي حياته وأثاره ٠ ص۲۸ بن سيف الأول ء وقد نسخ له كناب (الصلاة والصلة) للشيخ عمر بن علي الويلي الرستاقي » عام ۷۸٠٠ه » وقد ذكر الخراسيني العلامة الشقصي في كتابه قائلا :(.. وقد وجدت في تأليف شيخنا وبركتنا قاضي المسلمين ...) (1) ويظهر في أن تلمذة الخراسيني هذا على يد الشقصي فيما بعد : أ- لأن الخراسيني عاش إلى إمامة سيف بن سلطان الثاني الذي بويع البيعة الأولى عام ١ه والثانية عام ١٤٠٠ه ء يدل على ذلك قوله : (اللهم أرض عمن جعلته ورثة أنبيائك .. إمام المسلمين سيف بن سلطان بن سيف بن سلطان بن سيف بن مالك..) (۲) والعلامة الشقصي لم يكن في عام ۷۸٠٠ه حيا على ما يظهر ء وهو العام الذي ثم فيه نسخ كتاب (الصلاة والصلة) ء فالظاهر أن الخراسيني كان صغير السن يومئذ ما لا يمكنه من التلمذة على يدي العلامة الشقصي ء لا سيما أنه ذكره وترحم عليه. ب-ولأن العلامة الشقصي من الرستاق » وال خراسيني من نزوى » فلققاؤهما في الفترة الأولى من عمر الخراسيني بعید. ٤- ومن المقبول جداً أن يكون أبناء العامة الشقصي تتلمذوا على يديه › لا سيما ولديه حمداً وناصرا. أما الشيخ محمد بن خميس الشقصي فقد عده الشيخ عبد الله بن محمد بن ..الخراسيني من (مشايخ عمان الذين عليهم مدار الدين والمدى) وذلك في إمامة سلطان بن سيف بن مالك.. وأما الشيم ناسر نقد كان له قدم راسخة كي العلم 6 وهو الذي رحل إلى الملغرب ٤ وظل قرابة سنتين في نفوسه ‘ وشارك قمة في الإجتماع الذي ضم علماء جربة ونفوسه سنة ١١٠٠ه ثم ذهب إلى جرية ولبث فيها أياما. (١) الخراسيني ٠ فواكه العلوم ج )۲( البطاشي ٠ إتحاف الأعيان ٠ ج۲ ٠ ص۳۷۸ ٦۲ ٦-هذا ومنزلة العلامة الشقصي العلمبية تبوئه صدارة بببن العلماء في عصره . وتعد كل مشاهيرالحيل اللاحق له في عمان فمن كان على صلة به من تلاميذه » ومن غرفوا من بحر علمه وكان ثمة علماء كثيرون جاؤوا بعده » واشتهر منهم الائمة والقضاة والعلماء والمؤلفون وغيرهم. وأما التلمذة غير المباشرة فلا ريب أن آثاره العلمية كانت لها أصداء في نفوس الطالبين والراغبين › لا سيما كتايه المشهور (المنهج) فقد كان يتداول بكثرة يدل على ذلك كثرة نسخه في المدة اللاحقه له ومن نسخه بعض أئمة اليعاريه. المطلب الثالث:أثاره العلمية ١- كتاب منهج الطالبين ويلاغ الراغبين في عشرین جزءا. ۲- يذكر الشيخ سيف البطاشي أن العلامة الشقصي اختصر المنهج في كتابه (منهج المريدين). ۳- وله أجوبة متناثرة في كتب الفقه التالية له مثل : = فواكه العلوم للشيخ عبد الله بن محمد بن عامر الخراسيني = خزانة الأخيار في شرح بيوعات الخيار للشيخ عبد الله بن محمد بن غسان الخراسيني = فواكه البستان للشيخ سالم بن خميس الحيلوي = إضافة إلى كتاب لباب الأثار. وقد جمعها الباحث الكريم سلطان بن حمود البوسعيدي في بحثه الذي تقدم به عن الشيخ الشقصي في معهد العلوم الشرعية. ٤- وله أيضا رسالته التي كتبها للأمام ناصر بن مرشد » وتم توجيهها إلى إباضية امغوب يحثهم فيها على الإئتلاف وتوحيد الكلمة ورصً الصف وترك التزاع ء ويدعوهم إلى القيام باحق وإقامة الإمام العدل. 0- وله بعض القصائد الرائعة » منها قصيدة في رثاء الإمام ناصر بن مرشد وقصيدة في الزهد. Y۷ المبحث التالتث: أعماك ١- من أول أعمال العلامة الشقصي الجليلة مبايعته للإمام ناصر بن مرشد اليعربي عام ٤ه« يقول ابن رزيق : (اجتمع أكابر الرستاق وعلماؤهم الحذاق فتشاروا في نتصب الإمامة لمن يستحقها وكان قدوة أهل الرستاق يومئذ على الإطلاق الشيخ خميس بن سعيد الشقصي ء فانتظمت آراؤهم في نصب الإمامه لناصر بن مرشد فمضوا إليه وطلبوا منه ذلك ورغبوه في الأمر بالعروف والنهي عن المنكر فأجابهم بعد ما أعتذر عذرا طويلاًء فعقدوا له الامامة في عام أربع وثلاثين بعد الألف) ويقول الإمام السالمي : (فتراسل المسلمون وتشاورا أن ينصبوا له إماما يأمرهم بامعروف وينهاهم عن المنكر : وقدوة العلماء يومئذ خميس بن سعيد الشقصي الرستاقي صاحب منهج الطالبين). (وكانت بينهم المراسلات والتشاور فوقعت خیرتهم علی ناصر بن مرشد وکان فیما قیل ربیباً للقاضي خميس بن سعيد » وكان قد عرفه قبل ذلك فدلمم عليه فرضي به الجميع فعقدوا عليه الإمامة بالرستاق) وقد ذكر البيعة العلامة الشقصي بنفسه في كتابه المخروف. 7- كما شارك مع الٍمام ناصر بن مرشد في مسیره إلى نزوی. ۳- وسار معه أيضا إلى ينقل لمحارية ناصر بن قطن. ٤- وأرسله الإمام ناصر لجرب التصارى البرتغاليين مسقط « فلما وصل بوشر أرسلوا إليه يطلبون الصلح فسار حتى وصل مطرح فأتاء قادة البرتغاليين وصالحهم ٠ فرجع إلى الإمام فحمده ما فعل. Y۸ الكصل الثاني:مدرسته الككرية كان الشيخ الشقصي ميزا في منهجه وتفكيره » ولا ريب أن هذا الزخم العلمي والعملي من حياة والعطاء. وقد نشأت في عمان وفي نطاق المذهب الإباضي مدارس فكرية لكل منها ملاحها الخاصة › وأعلامها المعروفون. ولعل من حسن حظ الإمام ناصر ومن حسن حظ العلامة الشقصي اجتماعهما في بيت واحد وفي عهد واحد ء فكما كان للشيخ الشقصي منهجه التأصيلي في محاولة التوفيق بين المدرستين الكبيرتين (الرستاقية والنزوانية) كان للإمام ناصر دوره العملي في توحيد البلاد » وجمع العلماء على كلمة واحدة. ويمكن أن تستبيل لنا السبيل إلى باب هذه المدرسة الواسعة في هذه ال جوانب : المبحث الأول: الجافب العلمي كان عهد الإمام ناصر حافلاً بالأجاد زاخرا بالجهاد » كما كان عهدا ازدهر فيه العلم وكثرت فيه العلماء وعم الرخاء وساد العدل 6 ووحد العلماء الأرض الطبية الخصيبة للتحصيل والتدريس والتأليف وحسن التصنيف 6 وكان من ثمار تلك الدولة كتاب (منهج الطالبين وبلاغ الراغبين) للعلامة الشقصي الذي كان متميزا في مادته العلمية وعرضها. المبحت الثاني:الجانب العقدي اتسع الخلاف بين المدرستين النزوانية والرستاقية على:درجة كبيرة جدا » ثم لم يلبث هذا الشقاق ۲۹ العلماء » ويتجلى الفكر النير للعلامة الشقصي في بعده عن الغوص في القضية الأساس التي كانت العامل القوي في الخصام الطويل بين هاتين المدرستين. وقد ذكر الخلاف في كتابه المنهج في الجزء الثاني » ولكنه لم يبد رأيه صراحة في الأحداث لكنه كان شمولي النظرة حيث رأى أن الخلاف بين أنصار الطائفتين لا يعدوكونه رأياً لا يقطع بعذر مخالفه » لأنه مبني على النقل والأخبار التي تتفاوت فيها مدى قوة النقول لا سيما إذا اختلف الثقات أنفسهم في وصف الأحداث ٠ ولمذا نجد العلامة الشقصي يذكر أقطاب المدرستين بالرحمة والرضا ء وهما العلامة الكبير أبو سعيد الكدمي ء والعلامة الكبير أبو محمد ابن بركة ء وكذلك من ينتمي إلى هاتين المدرستين من السابقين واللاحقين وهذا منهج وسط معتدل غايته الألفة والوحدة. المبحث الَتالت: التربوي: عقد العلامة الشقصي في كتابه (منهج الطالبين) مباحث لقضايا تربوية كالعلم والمعلم وآدابه وطالب العلم وآدابه » والعلاقة بين المعلم والطالب ٠ وما يتعلق بسلوك الطالب في طلبه للعلم وفي تلقيه للعلم وفي تلاوته القرآن وما يلزم طالب العلم من الأخلاق قبل طلبه ويعد طلبه ونو ذلك. وقد تناول هذه المفاهيم التربوية وغيرها البحث الذي أعده كل من الدكتور محمود شباطات والدكتور علي العبري من خلال كتاب منهج الطالبين 4 وقدما البحث لنتدوة التراث التربوي الإسلامي العماني المنعقدة بجامعة السلطان قابوس قبل فترة وجيزة. ® © O الخاتمة: بعد هذه الجولة السريعة أوجز بعض النقاط : ١- ولد العلامة الشقصي فيما يقارب عام (0 4 ۹ھ) ۲- وتوف بین عام ١۱۰۷۰و ۱۰۷۹ھ ۳- لم تنص المصادر على أسماء شيوخه » ويحتمل أن یکون من اشیاخه : = الشيخ صالح بن محمد بن صا بن محمد بن عبد السلام. = الشيخ عبد الله بن محمد بن غسان ال خراسيني ٤- وأما تلاميذه فهم : = المام ناصر بن مرشد = الإمام سلطان بن سيف الأول = ولداه ناصر بن خميس وحمد بن خمیس ٥- ومن أعماله: = مبايعة الإمام ناصر بن مرشد = شارك في مسیرالإمام ناصر إلى کل من نزوی وینقل = أرسله الإمام ناصر لجرب البرتغاليين فطلبوا منه الصلح في مطرح 1- من أثاره : منهج الطالبين - وأجوية فقيهة كثيرة - ورسالة وجهت من قبل الإمام إلى إياضية امغوب = .قصائد » منها واحدة في رثاء الإمام ناصر وأخرى في الزهد ۷- نشا العلامة الشقصي في الرستاق ويقي فيها ء وعاش كرما سمحاً ء ذاعفة عن بهرج الحياة » ورعا صالا زاهدا متواضعا » رحمه الله رحمة واسعة 8 ہر( (لعا ناعم س رق ر إعداد د./ يوسف بن عبدالله الغيلاني ٢۳ كي تنصيب الامام ناصر بن مرشد 11۳۶- 114۹م الأوضاع السياسية لعمان ني كترة ما قبل سقوط دولة الفباجنة: سنحاول في هذه الورقة إظهار الدور السياسي والعسكري للشيخ خميس بن سعيد الشقصي » الذي بدوره يحتم علينا أن نلقي نظرة عامة على أحوال عمان وأوضاعها السياسية قبيل قيام دولة اليعاريه ١۲١٠ ع. وقبل أن نطرق باب الحديث عن هذه المرحلة نود الإشارة إلى أن المتغيرات السياسية التي كانت تشهدها عمان في الداخل والساحل كانت تمهد لقيام دولة واحدة › فالانقسام السياسي على أساس الساحل والداخل ظل يسير في خط متواز رغم مظاهر التقارب التي كانت تشهدها بعض التغيرات في القرن السادس عشر ومطلع القرن السابع عشر ويهذا فإن أحداث العقد الأول من القرن السابم عشر أظهرت التيارات في اتجاه نحو التصعيد والاختلاف بشكل أدى إلى ظهور انتكاسات خطيرة مهدت الطريق إلى أن يلتقيا بعد ذلك في نظام واحد » بقيام دولة اليعارية. إن تشكيل التاريخ السياسي الحديث لعمان في هذه المرحلة تأثر بمقومات أساسية وهامة على الصعيدين المحلي والخارجي » وكان لمذه المقومات أثر واضح في إبراز الأحداث اللاحقة كفرشة متوقعة لبناء الدولة العمانية الموحدةء كأول وحدة سياسية تشكلت في منطقة الخليج وال جزيرة العربية على السواء. وعندما نشير إلى ظهور ذلك التشكيل السياسي المنظم وقيام الوحدة الوطنية في مفهوم الدولة الحديثة فإن هذا يعود بنا إلى الفترة الزمنية والأحداث الامة التي شهدتها عمان في فترة ما يكن أن نسميه "الفراغ السياسي” الذي شهدته المنطقة العربية في ال خليج وال جزيرة العربية. 1 وعلى الرغم من ذلك ء فإن قضية الإشارة إلى قيام الدولة الموحدة في عمان له جذوره التاريخية المرتبطة بمراحل التطور السياسي فيها منذ ظهور أولى المحاولات الاستقلالية عن الدولة الإسلامية وقيام نظام سياسي يعود بمفهومه إلى الإمامة كمبداً للديمقراطية الإسلامية التي سعت إلى التحرر من نظام الوراثة في الحكم والانتقال إلى مبداً المبايعة العامة كخصوصية وتقليد في المفهوم السياسي العماني منذ العصور الإسلامية الأولى وحتى التاريخ الحديث ء بهذا يمكن القول أن نشأة الدولة في ظل ذلك المفهوم عنصر من عناصر الخصوصية في العرف السياسي لعمان ولكونه أيضا مطلبا منبثقا عن قناعة ترتكز على حور تحقيق العدالة کمطلب ھام لہا. وإذا كانت الإمامة الأولى في عمان قامت تحت ظروف خلفها جو ساده عدم الانسجام مع المنظور السياسي العام للدولة العباسية » فإن أوجه ذلك المفهوم بعد ذلك أصبحت تتجه نحو الرسوخ والاستمرارية لتحقيق مطلب الاستقلالية التامة في بناء الدولة بمفهوم المبايعة وليس التعيين وتطور ذلك البداً تدريجيا في ظل الإمامة الإباضية وما فرضته عليها ظروف الجغرافيا السياسية طوال مرحلة غياب السلطة المركزية للدولة الإسلامية بعد نهاية عصر الدولة الأموية والمراحل التاريخية الأخرى التي أعقبتها. وإذا كان الإجماع العام للمؤرخين العمانيين بأن فترة حكم النباهنة 5 تهر من مظاهر الدولة المستقلة والموحدة » استمر خمسة قرون مقسمة إلى مرحلتين : الموحلة الأولى والتي استمرت زهاء أربعة قرون من عام ٤٠٠٠م وحتى عام ۰ وما شهدته هذه المرحلة من غزوات وحروب داخلية وخارجية تخللها تتصيب الأئمة من حين إلى آخر) . بيغما المرحلة الثافية تبداً من عام ١٠٥٠م وحتى عام » وهي الفترة التي عرفت بفترة النباهنة المتأخرة » وكان أهم سماتها الصراع الداخلي على السلطة بين النباهنة أنفسهم من جهة ويينهم وبين أعدائهم من جهة أخری ما أدى إلى ظهور ما عرف في ٤۳ التاريخ العماني الحديث باسم عصر الولاة المستقلين . غير أن أهم حدث في هذه الفترة هو ظهور البرتغاليين كقوة استعمارية غربية لعبت دورا بارزا في تشكيل التاريخ السياسي لعمان ومنطقة الخليج العربي في المراحل اللاحقة (1). وقد هيأت الظروف الداخلية في عمان المترتبة على الضعف الذي انتاب دولة النباهنة ء وفقدانها لقدراتها الدفاعية » وعجزها عن تحقيق العدالة في الأوساط القبلية التي تأثرت بروح الأنانية وسادها اليأس في الثقة بقدرة الولاة المتنافسين في إعادة بناء الوحدة الوطنية ؛ فتوجهت رياح البحث عن التغيير تسير في أوساط المجتمع العماني ؛ وحتى جاءت بشخص الإمام محمد بن إسماعيل الذي اجتمعت فيه صفات القوة والعدالة » فكانت عحاولاته اللستمدة من ثقة الناس به حدثا أكسبه الشرعية في استخدام القوة ضد مناوئيه من الولاة (۲): استطاعت الإمامة الإباضية قبيل وصول البرتغالين أن تحقق انتصارا كبيرا على القوى الحلية والتي كانت السلطة التبهانية تتزعمها » وعلى الرغم من بقاء الإمام محمد بن إسماعيل القضاعي فترة طويلة في منصب الإمامة حتى وفاته عام ١۳٥٠م ء إلا أن الأمور بعد وفاته تغيرت تغيرا واضحاً نتيجة لانقسام العلماء على أنفسهم بين مؤيد لبيعة ابنه بركات ومعارض لہا » حيث انتخبوا إماما آخر » وفي خضم تلك الفوضى السياسية التي نشبت عن ذلك الصراع المتوقع بين الرؤوس السياسية في هذه المرحلة واشتداد حدة الخلاف بين القبائل العمانية المختلفة وخاصة بين اليعارية » وهم من أقدم القبائل العمانية وأكثرها تأثيرا في الأحداث السياسية في عمان خلال السنوات الأخيرة من حكم النباهنة (۳) . مما أدى إلى تفاقم الأوضاع وعودة الصراع الفكري الداخلي الذي تحول إلى صراع دموي أتاح المجال لعودة السلطة في أسرة بني نبهان على الرغم من انقطاعها قرابة أكثر من نصف قرن على يد حفيد سليمان ين سليمان » الأمير سلطان بن محسن بن سليمان بن سليمات النبهاني ١ وهي ما أطلق عليها اصطلاحا بفترة بني نبهان الثانية (٤). وهي المرحلة التي نحن بصدد الحديث عنها والتي مرت بها عمان في ظل ملوك بني نبهان وما دار حول هذه الفترة من روايات تاريخية حملت أخبار دولتهم والصراعات التي عصفت بها في أواخر أيامها » والتي صبغتها بطابع ضعف الإستقرار والحروب الأهلية التكررة » كما أشار إليها مؤرخو هذه الفترة » ما سهل من مهام الطامعين كالفرس والبرتغاليين من استغلال ظروف هذا الضعف واحتلال أجزاء متعددة من عمان › في الوقت الذي انعكست فيه أثارها على الأوضاع العامة في عمان » فكانت المطالبة بالتحرر السياسي من وطأة هذه الأحداث أمرا لا مفر منه (5). ولم تشر اللصادر العمانية أيضا إلى ذكر أحداث هامة في عهد الأمير سلطان واكتفت بالإشارة إلى سیطرته على نزوی من الإمام بركات بن محمد بن إسماعیل التي بقیت له حتى .. .وفاته » لتؤول الأمور إلى الوريث الصغير سليمان بن المظفر بعد وفاة الأخير (والدە) ليبقى تحت وصاية عم أبيه فلاح بن محسن الذي حكم الظاهرة لمدة ۷ سنوات » ووصفته المصادر العمانية بالعدل وذكره الإمام السالي بأنه باني حصن الأسود في الظاهرة وأول من أدخل شجرة المانجو إلى عمان ؛ كما أنه كان محبا للأدب والشعر (1). والواقع أن فترة حكم السلطان سليمان بن المظفر على الزغم مما اتسمت به من مظاهر لإحياء الدولة النبهانية › إلا أنه في الوقت نفسه كانت مؤشراً لزوال نفوذ هذه الدولة › ا شهدته من قلاقل واضطرابات محلية وإقليمية » ارتبطت بالتغيرات التي شهدتها منطقة الخليج والجزيرة العربية » وهي الظهور البرتغالي والمحاولات التي انبثقت عنها مثل ولادة كيانات سياسية متعددة في المنطقة كان أهمها بطبيعة ال حال قيام دولة اليعارية » وظهور القواسم فيما بعد حول السواحل الغربية لمنطقة الخليج العربي. ٢۳ وفيما يتعلق بالأوضاع الداخلية لعمان ؛ فإن هذه المرحلة شهدت أحداثاً ساهمت في تغيير التركيبة السياسية لہا نجملها كما يلي : أولا: إن بداية فتوة حكم سليمان بن المظقو شهدت انشقاق أهل نزوى وخروجهم عن طوع إدارته › واستنجادهم بال جبور المسيطرين على أجزاء واسعة من عمان تحت زعامة قائدهم محمد بن جفيربن علي الجبري » الذي شكل جبهة للمعارضة من القبائل الموالية لهء ولكنه أخفق في تحقيق أي إنجاز عندما تكن سلیمان من هزيته وقتله في بهلا (۷). - ثانياً: زو الوس لصحاو . والتي كان يحكمها مهنا بن محمد المديفي » بمثلا عن النباهنة» مستغلين تدهور الأوضاع والخلافات الداخلية » فتزايد نفوذ الفرس بعد ما استطاع الشاء عباس الكبير (۸۷١۲۹-۱١۱) تحويل أنظاره إلى الخليج وعقد تحالف مع الإنجليز ضد البرتغاليين في هرمز » ورغم محاولات سلطان بن المظفر من صد المحاولات الفارسية ء إلا أنه لم يتمكن من ذلك نظرا للتفوق الفارسي ؛ وضعف النفوذ العماني الداخلي (8). - ثالثاً: تطور الصراعات الداخلية في عمان ودخول سليمان طرفا فيها » مما أدى إلى تخلي أغلبية القبائل المؤيدة له عن مناصرته .(۹) - رابعا:تزايد الحروب وارتفاعم حدتها وكشل السلطة الممثلة في سليمان من الوقوف في وجه هذه الصراعات وتهدئتها ء وإقناع القبائل في التخلص من أسباب تلك الخلافات التي كانت بطبيعة الحال أقوى من إمكانياته » ولعل أشهر هذه الصراعات تلك التي تزعمها عمير ابن حمير مؤيدا من قبل عدد من القبائل التي كانت ترى فيه القدرة على إنهاء ما كانت تعانيه من ظلم وجور النباهنة مشكلة حلفا ضم أمير الرستاق مالك بن أبي العرب جد الإمام ناصر بن مرشد وزعيم الجبور أبا الحسن علي بن قطن الجبري ٤ وهكذا ظل الصراع قائما حتى وفاته في الفترة ما بین ١۱۱٦۱-٥۱٦۱ (١٠). وبعوت سليمان بن مظفر النبهاني آلت الأمور إلى عمير بن حمير الذي تمكن من الحصول على ولاء أغلب المناطق لسلطته » رغم سيطرة عرار بن فلاح الذي كان قد عينه سليمان بن ۳۷ الظفر على حصن بهلا بعد مقتل محمد بن جفير وأصبح بعد وفاته ملكا ؛ إلا أن هذه السيطرة كانت مؤقتة استطاع بعدها عميربن حمير قائد التحالف القبلي ضد ما تبقى من نفوذ النباهنة من ضضم بهلا إليه » وأجبر النباهنة على الخروج منها متوجهين إلى الظاهرة بينما توجه بعضهم نحو صحار التي كانت آنذاك لا تزال تحت نفوذ محمد بن مهنا الہديفي والي صحار من قبل النباهنة ؛ وبالرغم من التوقعات نتيجة الحاولات التي قام بها عمير بن حمير في إعادة الأمور إلى الاستقرار والتخلص من الخلافات الداخلية » غير أن ما حدث أظهر عكس ذلك وهو سقوط النباهنة كدولة متسيدة للأوضاع في عمان والإعلان عن ميلاد جديد لحكم أسرة جديدة. إن الصراعات الحلية التي اتسمت بها سنوات سيطرة ابن حمير اكتسبت فيما بعد أبعادا جديدة لم تكن موجودة خلال المرحلة السابقة . وأول هذه الأبعاد ما بدا من فشل عمير في السيطرة على القبائل الثائرة وكانت رغبته في ذلك قوية مما أدى به إلى طلب الاستعانة بقوى خارجية ء ليس ذاك فحسب بل أوصلته إلى التحالف مع البرتغاليين ضد القبائل الناهضة له وعوضاً من أن يؤدي دخول أطراف أخرى في هذه الصراعات إلى حسمها لصالح أحد الأطراف المتصارعة إذا به يزيد من حدة تشعبها وزيادة هوة ا خلاف بين عناصرها (۱۳) ؛ كل ذلك أبرز بعدا آخر تثل في اتساع حجم هذه الصراعات بحيث لم تأت السنوات الأخيرة من عهد الدولة النبهانية إلا وكانت أغلب القبائل العمانية مشتبكة على نحو أو بآخر » بسبب من أسباب النزاعات الحلية ء ويبدو ذلك جلياً عند متابعة مسار الأحداث والصراعات في عهد عمير الذي لم يض وقت طويل على توليه أمور.السلطة لتعود الخلافات القبلية إلى سابق عهدها رافعة لواء العصيان. ۱ وبدأت هذه الأحداث بالأعمال التي ظهرت بتمرد والي صحار محمد بن مهنا المديفي أثناء غياب ابن حمير في بهلا » ومهاجمته مدينة السيب (٤٠) ؛ وكانت هذه المنطقة تخضع لسلطة أبن حمير وهي منطقة استراتيجية وميناء تجاري هامء ولعل سيطرة ابن حمیر علیها ۳۸ كانت من أجل الاهتمام الاقتصادي بها لأنها كانت تمده بالتوابل والبضائع القادمة إلى عمان عن طريق البحر والہند بشكل خاص » وکان من بين من قتلوا علي بن حمیر خو عمیر بن حمير وتعرضت المدينة لأعمال النهب والسلب من قبل مؤيدي المديفي (١٠) وكان لمذه الأعمال أثرها في اغضاب ابن حمير وسعيه لطلب المساعدة من البرتغاليين الذين كانوا يتحينون الفرص في مثل هذه المناسبات واستغلالما من أجل العمل على إحكام السيطرة على السواحل الشرقية لشبه الجزيرة العربية والسواحل العمانية بشكل خاص ؛ لكونها في هذه الفترة تفتقد إلى وجود حكومة مركزية منظمة ء ورغبة منهم في تحقيق السيادة على صحار التي كانت شرط تقديم المساعدة لابن حمير خاصة وأن هذا الميناء کان ما يزال تحت نفوذ خصومه (١۱). وبهذا العرض تفتح الأمل أمام التوسع البرتغالي في زيادة النفوذ والسيطرة على السواحل العمانية وصحار بشكل خاص والتي كانت تعتبر من أهم الموانئ العمانية › وتوسيع رغباتهم في إخضاع عمان لنفوذهم › إضافة إلى كون ذلك يؤكد بطبيعة الجال تمركزهم في مسقط ما يؤدي إلى إحكام السيطرة على التجارة العمانية في أهم مؤانئها › ولم يكتف ابن حمير بطلب المساعدة البرتغالية في السيطرة على عمان عندما تقدم إلى ملك هرمز الذي لم يتأخر في تقديم المدد من الرجال والسلاح له (۱۷). وما لا شك فيه فإن هذه التوجهات التي أبداها ابن حمير تنم عن التضحية بالملصلحة الوطنية من أجل تحقيق مطلبه الشخصي وعدم الشعور بالمسؤولية » وعلى الرغم من هذه السياسة إلا أن البرتغاليين في هذه المرحلة بدأوا يعانون من حدة المنافسة الإنجليزية وتعاونهم مع الفرس خاصة بعد عام ١۲١۱. ولا تتناقض الروايتان السابقتان في طلب المساعدة من هرمز أو من البرتغاليين في مسقط » لأننا نعلم أن هرمز كانت تحت النفوذ البرتغالي المباشر منذ عام ١۱١٠م ء وعلى ذلك فإن سرعة التجاوب البرتغالي طالب إبن حمير دليل واضح على رغية البرتغاليين في السيطرة على صحار (۱۸). ۳۹ ويعد أن تكن عميربن حمير من القضاء على خصومه في صحار أصبح المتفرد من حیث القوة بالأمر في حكم عمان . لكن هذه الحعاولات من قبله لم تضع حداً للفوضى والصراع في عمان » بل على العكس من ذلك نجد أن دائرة الخلافات توسعت لتشمل مناطق الظاهرة التي كانت تحت حكم بني نبهان وهم من أولاد فلاح بن محسن حیث تكن نبهان بن فلاح من مد نفوذه إلى ينقل التي لم يستمر نفوذه عليها طويلا ؛ عندما استنجد أهلها بالأمير عمير بن حمير الذي قاد جيشاً توجه به إلى ينقل التي دانت له وفر بنو نبهان منها إلى الباطنة في فبراير من عام ۱۷١٠م (۱۹) وقام عمير بتعيين والي على ينقل وأعاد الاستقرار إليها » كما قام بإعادة الممتلكات والأمول المسلوية لأصحابها ويالرغم من ذلك لم يستكن نيهان بن فلاح ا آل إليه الوضع في المدينة فطلب العون من أخواله آل الريس عام ۷١٠٠م» الذين وقفوا إلى جانبه وأيدوه بعدد من رجالمم فمكنوه من استعادة ينقل باستثناء حصنها الذي ظل تحت سيطرة بني علي (العلويين) الذين تمكنوا من إقناع الجبور للوقوف إلى جانبهم فهزموا نبهان وشتتوا أتباعه . وفي هذه إلأثناء كان الأمير عمير قد أرسل واليه على بهلا سيف بن محمد المنائي مساعدة أهل ينقل » ولكن هذا الجيش عاد أدراجه عندما تنامى إلى أسماعه نبأ هزمة نبهان بن فلاح (۲۱). وهكذا ظلت الأوضاع متقلبة في عمان طيلة هذه الفترة » فبينما ظل الصراع على أشده في الظاهرة والمناطق الداخلية من عمان › كانت الرستاق تعيش حالة من الفوضى والانفلات السياسي » رغم حاولات أميرها مالك بن أبي العرب من توحيد جهوده مع ابن حمير للقضاء على منافسيه من بني لمك (اللمكي) الذين هزموا في وجه ذلك التحالف ء وأصبح مالك أميرا مستقلاً بالرستاق (۲۲). ويمكننا أن نلخص الحالة التي كانت عليها عمان حسب روايات المصادر العمانية التي أشارت إلى أن سيف بن محمد كان على بهلا وآل عمير في سمائل ومالك بن أبي العرب في الرستاق وال جبور في الظاهرة › والبرتغاليين في جلفار وصحار ومسقط وقريات وصور › رغم محاولات التحالف التي كانت تنشاً بين بعض هؤلاء خاصة مشل ما كان يحدث بین آل عمير واليعارية في الرستاق » وبقيت عمان مفتقدة للأمن والأمان » ودب فيها الخلاف وقتل فيها العلم والخير (۲۳) وتقف المصادر العمانية عند هذا الحد ولم تشر إلى ما بعد هذه الأحداث حتى عام ٤م » وهو العام الذي أظهر تحولاً واضحاً في تاريخ عمان الحديث » وعلى كل حال فإن الملصادر الحلية أجمعت أيضا على أن الفترة الأخيرة من حكم بني نيهان الثانية قد سادتها أجواء من الفوضى السياسية والإجتماعية والتي كانت سبي رئيسياً للتفكك والانقسام وانعدام العمل المشترك بين تلك الاطراف المتناحرة في تحقيق الوحدة الوطنية . فكان من البديهي والأمر على هذا الال أن تشهد عمان مرحلة من التحول نحو الإصلاح السياسي والذي أصبح جديرا في أن يعتبر بداية التاريخ الحديث لعمان » بمثلاً في ميلاد أسرة اليعاربة التي أوجدتها الظروف السائدة في عمان آنذاك » والتي عول عليها الأمل في إعادة الأمن والأستقرار إلى عمان » فسعت إلى أن تحول تلك الصراعات السابقة لعهدها إلى قوة وطنية موحدة بهدف بناء كيان سياسي يشل الإستقرار الملطلوب في الدولة العمانية . فقضت على الخلافات الداخلية » وحولت ثقل الصراع الداخلي إلى مواجهة عدوها الفعلي المتمشل في الوجود البرتغالي على السواحل العمانية » فاستمر ذلك الصراع في البحار العمانية وخارجها ء فمهد ذلك لتأسيس إمبراطورية عمانية مترامية الأطراف بين عمان والسواحل الشرقية لأفريقيا » عرفت فيها عمان مزيدا من الترابط والوحدة الوطنية انعكست آثارها على الأمن وإصلاح الأحوال العامة (٤ ). مبابحك الامام تاصربن مر شد م والدور الذي لعبه الشيخ خميس بن سعيد الشقصي ما هو واضح من سياق الحديث عن الأحداث التي مرت بها عمان قبل عام ١١٦٠م ٠ يكننا أن نعتبر تنصيب الإمام ناصر بن مرشد إماما على عمان نقطة تحول هامة في تاريخ عمان الحديث ء ونقطة انبعاث جديدة ليدأ الإمامة الملعمول به في عمان منذ القرن الثاني للهجرة - الثامن الميلادي ء ذلك البدا الذي قام أساساً على نبذ ولاية العرش ء والحكم الوراثي وانتخاب إمام للأمة مبايعاً من قبل علمائها وعامتها » وأن أخذ هذا امبدأ متحى الوراثة فيما بعد » عند اليعارية ومن جاء بعدهم » إلا أنه ظل مشروطاً بإقرار العلماء والفقهاء للإمام أياً كانت الطريقة التي تولى بها منصب الإمامة أو الجكومة . ويتم انتخاب الإمام عادة لتوفر بعض الشروط فيه ليصبح انتخابه أمرأ صحيحا ؛ ويظل على إمامته حتى يظهر منه ما يخالف شروط البيعة فيعزل أو يقتل » وغالباً ما تكون هذه الشروط متصلة بشخصيته كصفات العلم والأخلاق والإيمان والقدرة على الجهاد والأمر بامعروف والنهي عن المنكر والوفاء با وجب عليه من دين الله وأمانة النباس وغير ذلك من الخصال الحميدة الواجب توافرها في شخص من يتولى الإمامة (٥۲). ويرى المؤرخ العماني الشيخ سالم بن حمود السيابي بأن الأئمة هم علماء الأمة » وهم ممن لا يرضى في عبادة الله إلا الحق ولا يهشي إلا بالخطة الشرعية مما يعطي الدلالة على أن إعلان البيعة لإمام من قبل علماء أهل عمان لا يتم إلا لرجل يجب أن يكون على درجة من العلم والإيمان وعارف لجحدود الله وشرائعه معرفة ريما قد تفوق بعض علماء الأمة الذين يعقدون له البيعة » ويذلك فإن تنصيب إمام في ظل تلك المتغيرات المامة وغياب القيادة القادرة على بناء الوحدة في ظل حكم النباهنة كانت الجحاجة تحتم ضرورة إيجاد شخصية قوية تمكنها من جمع شتات الأمة والقضاء على خلافات قبائلها 4 ومن هنا فإن ذلك النهج السياسي في البايعة بالإمامة في عمان ظل متصلا بالفكر السياسي العماني وظل سمة بارزة ٢٤ وملازمة لتطوره منذ العهد الإسلامي وحتى التاريخ الحديث وهكذا نرى أن الانتخاب في الدولة الإسلامية الشرعية لم يبق بصفته المعروفة في أمة من الأمم إلا في أهل عمان. وفي ظل الظروف التي كانت تمر بها عمان آنذاك » اختلفت الآراء وتشعبت التوجهات نحو إيجاد صيغة يتفق عليها في حكم عمان » في الوقت الذي لم يكن لعمان حاكم تتمثل فيه الوحدة الوطنية ويعلك من القوة ما يوقف به الفوضى السياسية واختلال النظام العام في الدولة (۲۷) » (وفي إطار هذه القضية المعقدة من الأحداث ظهرت شخصية الشيخ مالك بن أبي العرب اليعربي الرستاقي الذي كان في عام ١۲١٠م يحاول الاستتثار بالوضع السياسي التدهور في عمان والعمل على الاستيلاء على السلطة فيها » إلا أن الدور الذي لعبه الشيخ خميس بن سعيد الشقصي ووقوفه موقفاً معارضاً ورافضاً طالب الشيخ مالك » على الرغم من أنه كان تحت قيادته السياسية عندما قام الشيخ خميس بن سعيد يجهود غير عادية في دعوة علماء عمان للنظر فيما كانت تمر به عمان من ضائقة سياسية في الوقت الذي كانت تتجه فيه أنظاره إلى ناصر بن مرشد بن سلطان بن مالك بن يعرب بن محمد بن یعرب بن سلطان بن حمير بن مزاحم بن يعرب بن محمد بن يعرب بن مالك بن يعرب بن عمر بن نبهان (۲۸). وكان لأهمية الحدث عنده وكبره دور في أن تكون هذه المبايعة جامعة لأكبرعدد من علماء أهل عمان حتى تكسب الثقة لصاحب البيعة وتضيف إليها بعدا وطنياً مستمدا من المنظور العقائدي للإمامة عند هؤلاء الذين يرون في أن تنصيب إمام عادل للمسلمين فرض واجب في غياب الإمام المنتخب ء وقد أجمع العلماء الإباضية في ختلف العصور على وجوب انتخاب إمام للأمة. وفي ذلك يقول الصائغي : ` الإمامة فرض من فرائض الله › واجبة بالكتاب والسنة والإجماع وهي على الكفاية . بينما يوضحها السالمي في شرح الجامع الصحيح" الإمامة فرض بالكتاب والسنة والإجماع والإستدلال” . f۳ وفي هذه الأثناء اجتمعت الأسباب وشاءت الأقدار أن تكون ثلة من رجال العلمء وأهل الفضل والمشورة قادرة على اتناذ قرار التتصيب »٠ وكان على رأس هؤلاء الشيخ خميس بن سعيد الشقصي »ء والشيخ مسعود بن رمضان النبهاني » والشيخ صالح بن سعيد الزاملي › والشيخ خميس بن رويشد المجرفي » والشيخ عبد الله بن محمد بن غسان (۳۰) » ومن الثابت عن هذه الشخصيات أن دورها لم يكن فقط هو إقرار البيعة للإمام ناصر وتعيينه إماماً بققدر ما كانت رموزا في بناء هذه الدولة وقيادات عسكرية هامة اعتمد عليها الإمام ناصر كثيرا في بناء وحدة الدولة ومقارعة مناهضيها في الداخل وال خارج. ويرى الشيخ خميس بن سعيد الشقصي في شخصية الإمام ناصر ما يؤهله لإقناع علماء عمان في إعلان البيعة له وهو قدوة العلماء يومئذ كان فيما قبل ربيباً للقاضي خميس ء حيث عاش في كنفه وتحت إشرافه ورعايته » فرباه تربية صالحة ساهم ذلك في تکوین شخصيته السياسية والدينية » مستغلاً ذكاءء في توجيه قدراته القيادية التي امتزجت مع تفقهه في العلوم الشرعية » فزاده ذلك شرف على شرفه » وتوجته التقوى تاج الحبة والصفا (۳۱). ولم يكن أولئك فقط هم عدد من أعلنوا البيعة للإمام ناصر بن مرشد من علماء عمان كما تشير إِليه المصادر العمانية بل ان عددهم يومئذ أربعون عالاً أو يزيدون » ولعلهم لم يحضروا البيعة كلهم بل حضر بعضهم ورضي الباقون با تم (۳۲). وكانت هذه الظاهرة في حد ذاتها تحولاً هاما في دور العلماء الذين ظل تأثيرهم معدوماً في الفترة التي سبقت تنصيب الإمام ناصر ء وابتعدوا عن مسرح الأحداث السياسية ولم يظهر تأثيرهم إلا بعد عام ٤۲٠۱م أو قبلها بقليل بسبب انتشار العدل وزوال الظلم والطغيان فبقي الشيخ خميس الشقصي إمام هؤلاء العلماء ومرشدهم (۳۳) . وبعد أن أقر العلماء بالبيعة للإمام ناصر في مسجد (قصرى) في الرستاق ؛أخذ الشيخ خميس بن سعيد الشقصي على عاتقه مهمة ذلك الدور الذي أظهر قدرته على توجيه الإمام ونصحه ء٠ فوجه إليه- كما يروى- رسالة تذكير وتبصير » حثه فيها على الصبر ٤ وال جلد فيما أنيط إليه من عمل شاق وهام ؛ يبدو فيها أنه كان يحث الإمام ناصر ويؤازره في أن يكون عند حسن ظنه وظن البايعين له وأن يكون صابرا على ما سيقع عليه من إشکال في توحيد الأمة ويذكره فيها بأهمية الحدث الذي يجب أن يكون مرتكزا على الأمر با معروف والنهي عن المنكر والصبر على البلاء . وفي هذه الرسالة يتضح أيضاً أن الشيخ خميس رأى أنه كان لزاماً عليه أن يوضح له ذلك باعتباره إمام العلماء بأن لا يكون هناك تفاوت واضح بين الفقه والتشريع وبين إمامة الأمة وقيادتها » ويؤكد على أن أثر الإمام في الأمة يظهر بقدر ما يقوم به من عدل وإنصاف لرعيته ٠ وأنه ليس للإنسان في هذه الحياة إلا ما يورٹه من عمل صالح خاصة وعندما يرتبط مشل هذا العمل بشخص يعول عليه صلاح أمة في الدين والدنيا (٤۳). وفي الحقيقة لم يكن انتخاب الإمام ناصر بن مرشد إماما لعمان يعني الانتقال من حكم النباهنة إلى أسرة اليعاربة فقط ء بقدر ما كان تحولا في وضع البلاد العام نحو الإستقرار والرفاهية والوحدة والوطنية والتي كان غيابها يشل فقداناً للهوية العمانية في ظل الصراع الجديد ضد البرتغاليين . ويالرغم من تلك ال جهود التي جلت في الدور الذي قام به الشيخ خميس بن سعيد الشقصي في اتمام البيعة كما أشرنا » اعتبر القرار محلياً ولم يجد قبولاً عاما في الأوساط المحليةء ولذلك عندما انتشرت الأنباء بمبايعة الإمام ناصر في المدن المعارضة لبيعته» ولم تظهر هذه المدن رأياً واضحا بهذا الخصوص واكتفت بأن تبقى متربصة بما ستنم عنه الأحداث خاصة أهالي الرستاق الذين كانوا يتحينون الفرص للثأر لجدهم مالك بن أبي العرب في أحداث عام ١۲٠٠م ء كما كان للمعارضة النزارية أثر في تحملها للكثير من الأعباء من أجل الإسراع في تحقيق الاستقرار في البلاد خاصة وأن هذه القبائل كانت على درجة من القوة التي كانت عليها القبائل القحطانية العمانية (٦۳). ف هذا ويمكننا اعتبار النظام السياسي السابق للإمام ناصر بن مرشد مظهرا من مظاهر التمرد على التقاليد والأعراف السياسية المتبعة في عمان › وإقامتهم للنظام الوراثي في الحكمء كما كان أيضاً تهميشاً للتقليد الأباضي في نظام الحكم وهؤلاء لم يكتفوا في تحقيق ذلك على الدعم الداخلي ٠ بل أنهم سعوا إلى الاستعانة بقوى خارجية كالفرس في هرمز والبرتغاليين في مسقط ء ما أثار حفيظة العلماء الذين اعتبروا هذا النمط غير شرعي وسبب في انتشار حكم الأسرات وامدن وما حمله هذا التوجه من إثارة السخط » وتحميل الأسرة الجديدة جهدا مضاعفاً من أجل توحيد الصف العماني ومواجهة التحديات الخارجية (۳۷). كان الإمام ناصر يدرك المهمة الملقاة على عاتقه وأنها من الصعوبة ما جعله يرفض هذه البيعة مراراً لولا قدرة الشيخ خميس ونفوذه الديني والتربوي في إقناعه بتقبلها » حيث كان متخوفاً من خطورة الموقف والتبعية المترتبة عليه (۳۸) ( وحول هذا الخصوص يتفق كل من تتصيب الإمام ناصر بن مرشد ء فيوضح هؤلاء : ` إنه اختلف حينئذ وما ائتلف للقضاء رأي أهل الرستاق وملكهم مالك بن أبي العرب » فلم يكن ما بينهم اتفاق » ووضع منهم القتل وقلع بعض قلاعه المنيعة فاستشاروا من علماء المسلمين أهل الاستقامة الشريفة من أهل الجبال ومن جباهها أن ينصبوا لهم إماماً يأمرهم بالعروف وينهاهم عن انكر ويكون لهمم مقداما فأمعنوا النظر وجالوا من يكون أهلاً لذلك. فاجتمعت آراؤهم على عقد الإمامة لناصر بن مرشد بن مالك ء فأتوا عليه بجمعهم وطلبوه فأجابهم على ذلك وكان على رأسهم الشيخ خميس بن سعيد الشقصي" (۳۹). والشيخ الشقصي من مشهوري علماء عمان في القرن الحادي عشر المجري السابع عشر لليلادي » ومن المؤلفين وامتصدرين في الفتيا ولعل كتاب "منهج الطالبين" من عشرين جزءا يعد من أهم مۇلفاته ا وكان لزهد الشيخ وورعه بالغ الأثر في سيرة الإمام ناصر بن مرشد ‘ وأصبح أحد أركان الدولة العمائية في زمنه ومن عناصرها المخلصة » فكان قاضي الإمام 1٤ وقائد جيوشه في حروبه ضد مناوئيه في الداخل وأعدائه البرتغاليين على السواحل العمانية( ٠ £ ). جهود الشيخ خميس في إرساء أركان الدولة اليعربية إن أهمية الدور الذي لعبه الشيخ خميس في بناء دولة اليعاربة في زمن مؤسسها ناصر بن مرشد ء لم يتأت من فراغ » فقد أشارت إحدى الوثائق العمانية والتي ورد ذكرها على لسان الإمام عمر بن القاسم الفضلي آخر أئمة القرن العاشر المجري(السادس عشر اليلادي) في إبراز تلك الشخصية المامة فيقول :( ثم تفرق ملك عمان في أيدي الرؤساء وال جبابرة » وصارت شر دار » وذهب العلم وأهله حتى قيض اله عبده الشيخ العالم الفاضل خميس بن سعيد بن علي الشقصي الرستاقي -رحمه الله- واجتهد في إعادة الإمامةء ووفقه الله على رجل نقي تقي رضي زاهد وهو السيد الراشد الإمام ناصر بن مرشد اليعربي الرستاقيء فبايعه وعدل ء وقاتل أهل البغي » وصار يضرب به المثل في عدله وقناعته » فبايعه الشيخ خميس بمسجد قصرى من الرستاق ٠ ولبث في الإمامة وأقام بنزوى ء وعاصر من العلماء هذا الشيخ ٠ والشيخ الزاملي » والعمري › أو اللعمري ء وأولاد مداد النزوانيين .. وللشيخ خميس عدد من الأولاد » سعيد ومحمد وراشد وعلي (هم أوصياۋه) وناصر وجعروف وسلیم) . وما يتضح من هذه الوثيقة أيضاً أن الشيخ خميس كان من أثرياء عصره وأوسعهم مالاً الأمر الذي دفع به إلى أن يورث جميع من حوله من أقاريه وأرحامه » وجعل من بعض تلك الأموال وقفاً للمساجد والمدارس في الرستاق وبيت مال المسلمين › » فكان الورع والتقوى ما شهدت به تلك الوصية وما أحتوت عليه من وعظ وإرشاد ولا وجد الشيخ خميس في شخص الإمام ناصر من الصفات الہامة والدالة على الصلاحء دفعت به في أن يكون قائماً على أمر الدعوة له » ورأى مع علماء عمان أن حال ۷٤ الأمة لن يصلح إلا في استقامة أمرهم على مركزية حكم يقبله عامة أهل عمان وخاصتهم ء حرصاً منه على عدم ازدياد التفكك » خاصة وأن وضع البلاد قد آل إلى سقوطها تحت النفوذ الاستعماري الغريي فسهلت هذه الجوانب من مهمة الشيخ خميس في عملية الإقناع وحث أهل عمان على الالتقاء حول شخصية الإمام ناصر بن مرشد (۳٤). فهو يدرك تماما أن ما كان يتمتع به الإمام ناصر من قوة التصميم في قيام دولة عمانية موحدة › تحظى باحترام جميع قبائلها ويهابها أقوى أعدائها حافز لتبني أمر الدعوة لہذه الدولة الناشئة التي أخذت في ازدواجية الأسلوب بين الدبلوماسية والقوة العسكرية فيه ء ورسخت مبداً الوطنية بمفهومها العصري › فنهضت الأمة وتحققت الوحدة حينذاك. إن ما حققه الإمام ناصر ( في جو كان يسوده التوتر الداخلي والاقتتال القبلي ) يؤكد على أهمية دوره الذي قام به في عمان في هذه الفترة فكان شروعه في تنفيذ سياسته العامة ء اللتأصلة في مبدأ الوحدة والتحرير » مما جعله يستوعب أبعاد المدف الذي من أجله بويع بالإمامة والتغيرات في سير الأحداث من حوله. حيث كان يدرك أن الوجود البرتغالي قد حقق نجاحات واسعة ليس على السواحل العمانية فحسب ء بل على معظم السواحل العربية للجزيرة والخليج على حد سواءء في الوقت الذي كان يستخدم فيها شتى وسائل القمع والإرهاب لزعزعة الثقة في نفوس أهلها . فبعد الوصول البرتغالين إلى المنطقة العربية واحتلالمم ل جزر الحلانيات العمانية في عام ١١٥٠م وقيامه بإحراق السفن الراسية هناكء ثم توجهه نحو المدن العمانية المامة على خليج عمان ء والإستيلاء على قلهات وقريات التي أحرق فيها أسطولا بلغ عدد سفنه ١٠ سفينة » وارتكب أفظع الأعمال مع أهالي هذه اللدن التي استسلمت له ظنا منها أن ذلك سيجنبها أعمال الحرق والتدمير الذي حل بأهلها(٤ ٤ ). ثم توجه بعد ذلك إلى مسقط فكان لوصول أنباء العنف التي ارتكبها البرتغاليون في حق تلك المدن » أكبر الأثر للصمود في وجه الحتلين ومحاولة منعهم من الدخول إلى مسقط ٠ ولكن المقاومة العمانية هناك سرعان ما تلاشت أمام الإصرار البرتغالي على احتلالما لأهميتها الاستراتيجية والتجارية » في تقوية الوجود البرتغالي في المنطقة ولكونها نقطة هامة لتأمين الطرق التجارية من المنافسة وإحكام القبضة على المنافذ الرئيسية في وجه أي نحاولة أوربية قد تظهر كنتيجة للنجاحات البرتغالية في البحار الشرقية (45): ويعد سقوط مسقط لم يكن مصير صحار بأحسن حال من ذلك فتوجه إليها البوكيرك ء وأجبر حاكمها الذي أبقي على الحكم فيها باسم ملك البرتغال » على أن يتعهد بدفع الأموال التي كانت تدفع من قبل لمملكة هرمز » ثم سقطت خورفكان وهرمز لنفوذ البرتغاليين (£6). كانت السياسة البرتغالية الملوجهة نحو عمان جزءا من المخطط الاستعماري البرتغالي لتأكيد السيطرة على منطقة المحيط المندي التي جاءت كنتيجة للتغير الذي طرأ على سير الأحداث بعد أن تكشف للبرتغاليين أهمية هذه المنطقة بعد الوصول إليها ء وإن غياب الميمنة عنها قد يضعف المدف الاقتصادي والديني الذي من أجله خرجت الأسآطيل البرتغالية لتحقيقه . كل هذه التحركات أبرزت أهمية المنطقة العمانية التي عول عليها البرتغاليون لتصبح منطقة عبور هامة لتجارتهم عبر المحيط المندي » لأن استراتيجية البرتغاليين التجارية كانت تقوم على تفادي مرور التجارة عبر منطقة الخليج والبحر الأحمرء لتكون عبر رأس الرجاء الصاح حيث شكلت عمان لهم عمقا في استراتيجيتهم التجارية(۸٤). جهود الإمام ناصر كي توحيد البلاد ودور الشيخ خميسر في ذلك كان الوضع العام الذي تمر به عمان » رغم مبايعة الإمام ناصر بالإمامة في حالة من التفكك وعدم الإستقرار » لذا كان عليه أن يقوم بجهود غير عادية من أجل إعادة الوحدة الوطنية أولا ثم التفرغ مقارعة الحتلين ثانيا. فوضع استراتيجياته على الأسس التالية : ۹٤ ١) توحيد البادء وملء الفراغ السياسي نيها. ٣۳) بناء وة عسكربية وجيشر موهد علو مواجهة الأحداث المستاقبلية. ۳) تحربر عمان من السبيطرة البرتغالية. وقد كان لمذه الأسس الدور في تفرد الإمام ناصر بن مرشد من بين أئمة اليعاربة بتصديه لذا الكم من المشاكل » حيث حارب على الجبهتين المحلية والخارجية » وعند وفاته كانت القبائل العمانية في وحدة متكاملة وتحت سلطة سياسية منظمة ء لذا تعتبر فترة حكمه من أهم الفترات في حكم اليعارية (۹). فكان بناؤه للجبهة الداخلية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا » ما وفر له سهولة إنجاز تلك لهام الشاقة فبدأ بحروب التوحيد أولا » لخطر الوجود البرتغالي التمركز على طول السواحل العمانية وبخاصة المدن العمانية الساحلية ء ولكون البرتغاليين عبر هذه النقاط بدأوا في تحويل نزعتهم الاستعمارية من النزعة الاقتصادية إلى النزعة الاستعمارية والاستيطانية › وذلك باتخغاذ عمان ومنطقة الخليج العربي نقطة الارتكاز في ترسيخ ذلك المفهوم في شبه القارة المندية » ومنطقة جنوب شرق آسيا حيث عملوا جاهدين على مضاعفة الجهود والإمكانيات في المنطقة العربية » حتى أصبحت القوى فيها عاجزة عن المواجهة ضد البرتغاليين بل إن شيئا مثل هذا أضحى حتميا ومسلما به » ولكن ناصر بن مرشد في الوقت نفسه كان يعلم أن تحقيق هذا البدف في التحرر من الوجود البرتفالي على أرض عمان لن يتم قبل إتمام الوحدة الداخلية للبلاد » وأن ذلك لن يتم إلا بتحويل العداء القبلي إلى وئام يتمكن من خلاله الحصول على المساعدة التي كان في أمس الحاجة إليها(* 0). وتشير المصادر العمانية بأن أول هذه المواجهات في حروب التوحيد بدأت مباشرة بعد إعلان البيعة له عندما وقف إلى جانبه رجال اليحمد بأنفسهم فأمدوه بالمال والسلاح وأجمعوا على أن يقوم أولً بمهاجمة الرستاق ء التي كانت تحت نفوذ أبناء عمه بعد موت جده مالك بن أبي العرب (٠٥) . ويا أن هذه المواجهات حدثت مباشرة بعد عام من البيعة له » فقد أجمعت مصادر التاريخ العماني على أهمية الدور الذي قام به الشيخ خميس بن سعيد الشقصي الذي كان موضع ثقة أهل الرستاق » حيث انه وقف إلى جانب الإمام في هذه الأحداث ؛ فكان لمواقفة تلك أثر كبير في تحويل الكثير من القبائل العمانية إلى مناصرة الإمام » وكان على رأس هذه القبائل رجال اليحمد الذين مكنوه من السيطرة على والتي كان للسيطرة عليها أثر كبير في تمهيد الطريق لإنجاز أهداف الإمام ناصر والشروع في العمل على إخضاع اللدن العمانية المامة لنفوذه فتوجه إلى تخل وأجبرها على الطاعة له » بالرغم من أنها كانت تحت سيطرة سلطان بن أبي العرب اليعربي عم الإمام ناصر ء ففتحها وعين عليها عبد الله بن سعيد الشقصي (0۳) » ثم توالت انتصارات الإمام وكان دور الشيخ خميس فيها مؤثرا بشكل واضح عندما كان يتزعم طلائع الإمام » عندما كان على رأس طائفة من رجال اليحمد إلى سمائل ووادي بني رواحة » ثم اتجه بعد ذلك إلى نزوی (٠٤٥). وقد تميزت هذه الحروب ضد بعض الزعامات المحلية بقدر من الأهمية في حسم الملواجهات لصاله بالإضافة إلى تميزها في بعض الأحيان بالشدة والعنف مما زاد في إِيمان الإمام بتحقيق هدفه وضاعف من رغبات مؤيديه بقضية الوحدة الوطنيةء فوقفوا إلى جانبه مناصرين لقضيته المامة المتمثلة في تحرير عمان من النفوذ البرتغالي فأظهر هؤلاء التنافس والسبق في مبايعة الإمام والدخول في طاعته › إيمانا بالقضية الوطنية والمواجهة ضد الغزو البرتغالي » فقدمت إليه الرسل من نزوى بدعوة من أهلها فأجابهم الإمام لطلبهم وسار إليهم على رأس جيوشه ومعه رجال اليحمد متحمسا لذلك باعتبارها ذات أهمية كبيرة لمدفة من أجل الوحدة الوطنية التي كان يسعى لبقائهاء ولكنه لم يتمكن من إِتمام هذه المهمة لتتصل أهلها له بعد تقديم التأييد الذي تعهدوا به في بداية الأمر » ففضل حقنا للدماء أن يعود إلى مركز قيادته في الرستاق (00) ء وبالرغم من ذلك فإن ذلك الإخفاق تحول إلى O٥‎ نجاح كبير عندما أعلن ملك سمائل مانع بن سنان العميري ويني رواحة بزعامة الشيخ أحمد بن سليمان الرواحي الدخول في طاعة الإمام ناصر ومبايعته (07). وأمام هذه المتغيرات التي اتضح فيها عدم صدق بعض من بايعوا الإمام بالطاعة والقبولء والذين كانوا يسعون للتأكد من مدى قوة الإمام وإصراره إلا أنهم بايعوه في نهاية الملطاف (0۷) . وما أن نزوى كانت تثل أهمية خاصة عند الإمام ناصر في مقياس الدولة الموحدة فقد نزل عند رغبة مؤيديه من بني رواحة وتوجه إليها ثانية عن طريق وادي بين رواحة » وکان على رأس هؤلاء الشيخ خميس بن سعيد الشقصي الذي لقيت جهوده أهمية كبرى في الاستيلاء على مدينة إزكي وهم في طريقهم إلى نزوى التي سرعان ما سقطت في يد قوات الإمام بسبب الباغتة التي أعتمد عليها جيشه فحقق انتصارا واضحاً على المعارضين فيها وأعلنوا الانقياد والطاعة له (0۸) » وخلال هذه الأحداث لعبت الشخصيات الدينية التي كانت تمثل عنصر القيادة لدى الإمام كالشيخ خميس الشقصي ء› الذي كان له دور في العمل قدر الإمكان لتفادي الصدام العسكري وإراقة الدماء ولذا كان بدا الأمر بالمعروف والنهي عن انكر أهم وسائل الإقناع وإقامة الحجة » وكان لا يلجا إلى استخدام القوة إلا مضطرا من أجل المصلحة العامة التي تصب في قلب الوحدة الوطنية(0۹). وبالرغم من تلك السياسة التي انتهجها الإمام » إلا أنه بقي يعاني كثيرا من خروج البعض عليه(٠1) (ونظرا لكبر المهمة التي كان الإمام يسعى إلى إتمامها واستعداده ‏ حروب لا يعرف مدى استمرارها » فقد عول على الدور الاستراتيجي القائم على مبداأ توفير ال حماية للمناطق التي تخضع لنفوذهء فأقام الحصون والقلاع في المدن التي أقرت له بالطاعة والولاءء عين عليها من يعتمد عليهم من أتباعه ‏ مواصلة العمل المشترك من أجل تحقيق التواصل مع القبائل العمانية وترسيخ الترابط الوطني ء فكان لمذه السياسة أثر في سرعة انتشار تفوذه وتقبل القبائل العمانية لبا (11) ء ولكن الإمام ظل متأكدا ما كان يواجهه من الصعويات ما o جعله يدرك أن هذه المهمة تحتاج إلى جهد ووقت كبيرين » نظرا لكشرة الممالك المستقلة في عمان والتي تقوم أساسا على مقومات قبلية تزید من خطورتها بحيث أصبح من الصعوية التمبيز بين مملكة المدينة ومملكة القبيلة (67) . وكان الإمام ناصر حريصا على أن يبقى الشيخ خميس بن سعيد في رفقته في إتمام الأمور اللعقدة والتي تتمثل في فتح المدن المامة التي كان الإمام يحرص على البقاء فيها ء رغبة منه في أن يمثل وجوده فيها دعوة مشجعة لبعض المناطق المحيطة للدخول في طاعته » كما كان يرى في ذلك وسيلة من وسائل إعادة الإعداد لجيوشه وترتيبها وتفقد أحوال المدن التي انضوت تحت لواء دولته » فتحقق له بفضل هذه السياسة نجاحات هامة » فعلى سبيل المثال أنه عندما فتح نزوى ويقى فيها استجاب لدعوته من هناك أهل منح وسمد الشأن وإبرا وکل اللدن في المنطقة الشرقية فيماعدا صور وقريات حيث كانتا تحت الاحتلال البرتغالي (1۳). وقد كان لأهمية مدن الظاهرة أثر واضح في عدم الإهمال والتفريط في إيقائها خارج تطاق دولته » ويقيت هذه التوجهات تتطلب منه عملا مضاعفاً وحضورا شخصيا لمواصلة هذه الجهود » مدفوعة بمساندة الشيخ خميس بن سعيد الشقصي ء الذي كان حضوره ملازما للإمام في مشل هذه الأعمالء فسارا على رأس الجيش الذي توجه إلى ينقل › لتخليصها من قبضة ملكها ابن جبر ناصر بن قطن » والذي سرعان ما زال نفوذه عنها وأعلنت الطاعة والولاء للإمام فجعل عليها أحد أعوانه وعاد بنشوة النصر لإنجاز المزيد من الجهود الوطنية والطموح من أجل تحقيق دولة حديثة موحدة بمساندة الشيخ الفقيه خميس بن سعيد الشقصي الذي لعب ظهوره في هذه المواجهات دورا في قلب موازین الملواجهة والتحديات (٤1). ويقيت أعمال الخروج عن طوع الإمام أعباءٌ إضافية لجهوده كما حدث أيضاً في منطقة الظاهرة التي دانت له » ثم انقلب عليه أهلها بعد المبايعة وقاموا بالتخطيط لاغتياله » فحشد o۳ إليها جيشا من مؤيديه والقبائل التي لبت دعوته فقتل في تلك المواجهات شقيق الإمام ناصر ابن مرشد . ١ وتشير المصادر العمانية إلى أن ترد أهل الظاهرة كان من أصعب ما واجه الإمام ناصر أثناء حروب التوحيد » بسبب كثرة من قتل من رجاله وتراجع بعض القبائل عن تأییدها له . ما دفع بالإمام أن يتولى مهمة قيادة العمليات العسكرية بنفسه مما كان له أثر في رفع المعنويات واستعادة النفوذ على تلك المناطق (©1). مواجهات الإمام ناصر ضد البرتغاليين ودور الشيخ خميسر كبها من الواضح أن النجاح الذي حققه الإمام تاصر حتى هذه المرحلة كان مقتصرا على اللستوى الداخلي ولا يعني سكوته عن الأوضاع المتردية في بعض أجزاء البلاد لكونها تحت السيطرة أو النفوذ البرتغالي إهمالاً لها بقدر ما كانت أعماله المشار إليها في بناء الوحدة تمشل عملا تمهيدياً للعبور إلى المرحلة القادمة وهي مرحلة الصراع ضد البرتغاليين وذلك مرده لأوضاع البلاد المتردية تحت النفوذ البرتغالي » فظلت كل من مسقط وصور وقريات وغيرها من المدن الساحلية تمثل هاجسا لديه بضرورة ضمها إلى نفوذه فكانت مهمة إِتمام ذلك الهدف ريما تمثل أكثر صعوبة وتحديا له من سابقتها » لذا كان عليه أن ينتقي القيادات العسكرية المامة ليوكل إليها مثل هذه الأعمال. وكانت مسقط تمشل له أهمية خاصة وضرورة ملحة في أن تكون ضمن سلطة الدولة اليعربية » وكان عليه أن يبرز قوة جيشه إلى هذه المهمة في تلك القيادة التي سيكون لہا أثر كبير في قلب موازين التوقعات » عندما حققت أول هذه الانتصارات على العدو البرتغالي وهي شخصية الشيخ مسعود بن رمضان » الذي سار إلى مسقط حتى وصل إلى منطقة تعرف (طوي الرولة) بمطرح › واتخذها قاعدة لانطلاقته نحو مسقط ء ونقطة ارتكاز وتمويل للجيوش العمانية التي حققت انتصارات باهرة على البرتغاليين » وتكن من تدمير كثيرمن o الأبراج والمباني التي كان يستخدمها البرتغاليون كنقاط تحرك نحو الأجزاء المحيطة بمسقط ونقاط مراقبة للتحركات العمانية › فانتهت تلك المواجهات بإقرار البرتغاليين بالتفوق العماني المدفوع با حافز الوطني والتسليم لقوات الإمام وفق شروط اتفاق وقعه الشيخ مسعود نيابة عن الإمام ناصر . وكان أهم ما جاء في هذا الاتفاق الإقرار بالتنازل عن كل أملاك البرتغاليبين في صحار ودفع الجزية السنوية (17) » ولكن لا يعني ذلك أن الإمام ناصر قد استكان ا حققته هذه الإتفاقية من طموحات بقدر ما اتخذها بداية النجاح في طريق ضم صحار إلى نفوذه » عندما أمر واليه على "لوى حافظ بن سيف بأن يتوجه إلى صحار بهن معه من القبائل العمانية المحيطة بلوى التي انضم عدد كبير منها إليه » وكانت تؤيد الإمام تأييدا قوي فنزل بهم في مكان يعرف باسم "البدعه" حوالي ۸ أغسطس ۳۳١۱م » فاشتدت المواجهة بين الطرفين لأهمية الموقع بالنسبة للطرفين العماني والبرتغالي › وتوالت الهزائم على البرتغاليين هناك (1۸) ( وخلال هذه المواجهات تنصل البرتغاليون من الالتزامات التي أقروها على أنفسهم للشيخ مسعود بن رمضان في مسقط مستغلين أوضاع المواجهة في صحار فطلب الإمام ناصر من الشيخ خميس بن سعيد الشقصي أن يتوجه إلى مسقط لتميزه بالقدرة في التعامل مع مشل هذه المواقف الخطيرة التي كانت تتطلب جهدا وحكمة في آن واحد › والتي حرص الإمام ناصر بن مرشد دائما في أن يعول عليه مهمة إتمامها ء فتوجه إلى مسقط فنزل "ببوش ر وعندما علم البرتغاليون بذلك أدركوا خطورة الموقف بالنسبة لهم ويدأوا التحضير للتفاوض طلباً للصلح وتفادي الصراع مع الشيخ خميس مبدين الرغبة في تحقيق اللطالب العمانية فرأى الفرصة مواتية لتحقيق هذا الجانب دون اللجوء إلى القوة فوقع معهم اتفاقا کان من شروطه . تدمير القلاع والحصون في قريات وصور واعتبار مطرح منطقة محايدة بين الطرفين . وقبول البرتغاليين على أن لا يتجاوز تفوذهم منطقة مسقط (1۹) ء وعندما تنامى إلى علم الإمام ما قام به الشيخ خميس من تحقيق ذلك الإ نجاز وقدرته التوصل إلى حصار البرتغاليين oo في زاوية حخددة من البلاد يسهل معها الرقابة عليهم والمواجهة في المستقبل » رحب وآثنى على جهوده وقدم له الشكر تأكيدا مبداً الازدواجية في فكره السياسي الذي سار عليه الإمام وهو التعامل مع الأحداث حسب مقتضيات الموقف حتى وإن كانت مع أعدائه. فالدبلوماسية تارة وامقاومة العسكرية تارة أخرى › طالا أنها تضفي يعدا جديداً في توسيع دائرة السيادة على الأراضي العمانية (* ۷). شجعت المكاسب التي حققها الشيخ خميس على البرتغاليين في مسقط ومطرح الإمام ناصر على أن يواصل مهمة اسقاط الميمنة البرتغالية على المدن العمانية الساحلية والقيام يتحريرها » فجهز جيشا أسند القيادة فيه إلى ابن عمه سلطان بن سيف وطلب منه التوجه إلى صور » باعتبارها امتدادا استراتيجياً للمواجهة مع البرتغاليين » واستطاع سلطان تحقيق انتصارات سريعة للعمانيين هناك » أجبرت البرتغاليين على النزول للرغبات العمانية بعد التسليم » ومنها توجهت هذه المقاومة إلى قريات التي سلمت أيضاً للقوات العمانية وأعلنت الخضوع للقائد سلطان ين سيف (۷۱). إن النجاح العماني التنامي على البرتغاليين في معاقلهم المامة (صحار ء جلفارء صورء قريات » ومطرح) » باستثناء (مسقط) التي بقيت تحت نفوذهم حتى عهد الإمام سلطان بن سيف يعود لأسباب هامة منها : ١ القيادات العسكرية المتمكنة التي وف بها الإمام . كانت على درجة عالية من القدرة والمعر نة بالأمور القيادية : مما مكنها من إنجاز الانتصارات والإسهام في نحقبيل أهداف الإمام كي قبام الوحدة. ۳- النتائج الإيجابية للوحدة الوطنية ء وانعكاسها السلبي على الروح المعنوية للبرتغاليين والتي لم يلمسها البرتغاليون عند احتلالهم لعمان. ۴- أن البوتغاليين لم يعتمدوا مبدأ الحاميات العسكرية الكبيرة من العنصر الوطني البرتغالي , وان أقاموا مثل هذه الحاميات الصغيرة انهم اعتمدوا بها على المرتزقة من سڪان المناطلق المحتلف. ٦ وبطبيعة ال حال لا يعني الأمر هنا أن المواجهات ضد البرتغاليين خلت من عنصر المواجهة القوية ضد النشاط الوطني العماني » ولكن كانت تختلف عما حدث في مرحلة الاستعمار الذي ظهر مع مطلع الهرن التاسع عشر الذي اعتمد على القوة كأساس لتثبيت النفوذ في الناطق المستعمرة » وبالرغم من استكمال الاهداف الوطنية ضد الاحتلال البرتغالي وهزيمته ؛ ظلت الأمور الداخلية في عمان مصدر قلق وإزعاج لسلطة الإمام ناصر كظهور ناصر بن قطن » الذي أثار قضية الحروب الداخلية مرة أخرى ء إلا أن الإمام تكن من كسر شوكته والقضاء على حاولاته (۷۲). oy الخاتمة إن الجهود التي قام بها الشيخ خميس بن سعيد الشقصي في إرساء أركان الدولة العمانيةء ريا لا تقل أهمية عن جهود الإمام ناصر بن مرشد نفسه خاصة فيما يرتبط بأحداث المرحلة الأولى من قيام الدولة العمانية في زمن اليعارية » فدوره في القضاء على الإضطرابات الداخلية بعد فتح نزوى ووقوفه في وجه تلك القبائل الخارجة عن الطاعة في الفترة التي أعقبت سقوط نزوى لسلطة الإمام » فكان وجوده يحمل جوانب النصر المادي والمعنوي لجيوش الإمام › فحثه الدائم على إبراز النزعة الوطنية وريطها بال جانب الديني كان له الأثر الواضح في دفع دفة الأمور نحو العمل الوطني › وإضافة البعد الديني في استراتيجية الدولة الحديثة » والتي برزت معالها جلية من خلال سير الأحداث العامة في عمان خلال مرحلة التوحيد والصراع ضد البرتغاليين . فقد تضمنت جهوده صوراً متعددة وجهودا لا يكن إهمالما من أجل إعادة هيكلة الدولة الناشئة ووضعها في قالب يتجه نحو النزعة التجديدية دون الإفراط في ذلك أو المساس بالقيم في التقليد السياسي العماني القائم على مبداً المبايعة للإمام في إطار الة تع بالموية الدينية وظهورها في بلورة العمل الوطني وتحرير الأمة من سطوة الظلم وارتكاب المهانات في حقوق الناس التي بقي فيها المرتكز الديني ركنا لا يقبل المساومة في ظل إشراف علماء الأمة وفقهائها . من هذا المنطلق تجمع المصادر العمانية على أن الأئمة في هذه المرحلة بالذات كانوا أيضاً يمثلون علماء الأمة وهم ممن لا يرضى في عبادة الله إلا الحق ولا يمشي إلا با خطة الشرعية. فدور الشيخ خميس برز بشكل واضح في ظروف اختلفت فيها الآراء وتشعبت معها التوجهات فكانت مناصرته للإمام ناصر بن مرشد على قيام الدولة العمانية الملوحدة أهمية خاصةء أبرزت عمان كدولة عصرية من الطراز الأول » أصبحت نموذجاً مؤثراً لقيام الدولة إقليميا وعربياً › ودفعت بنطقة الخليج العربي بشكل خاص نو البحث والتحول من سلطة o۸ القبيلة إلى سلطة الدولة » في ظل المتغيرات التي كانت تشهدها المنطقة الخليجية ء متأثرة بالوجود البرتغالي والأطماع الفارسية في الساحل الغربي للخليج العربي. إن هذه الورقة بالتأكيد لا تعني الحديث عن تاريخ دولة اليعاربة ولا الأحداث التي مرت بها هذه الدولة » ولا عن فترة حكم الإمام ناصر بن مرشد وما شهدته من انجازات على الملستويين المحلي وا خارجي بقدر ما كانت مستعجلة في قراءات ليعض أحداث هذه الدولة موضحة مهود واحد من علمائها الذين أسهمت جهودهم في الإسراع بقيامها ؛ فكانت الفترة من ١١٠٠-4۹٠ مظهرا من مظاهر الإنجاز التي أعاد فيها الإمام بجهوده وجهود مؤيديه من علماء الأمة سيرة أهل احق بعد طول غيابها. وكان من بين هؤلاء العلماء الذين كانت لمم بصمة واضحة في بناء هذه الدولة بالإضافة إلى الشيخ خميس بن سعيد الشقصيء عبد الله بن محمد النزوي الكندي ٠ والشيخ خميس بن رويشد النجرفي الضنكي ء وحافظ بن جمعة المنوي › ومحمد بن سيف ومحمد بن علي ومسعود بن رمضان وغیرهم مهن لا تقل مأثرهم عن ھؤلاء (۷۳). ۹ الهوامشر 1- وزارة الإعلام » عمان في التاريخ سلطنة عمان 4 4 ء لندن ء ص١٠٠. ۲- نفس المصدر » ۳- البوسعيدي ۽ إبراهيم یحیی زهران البرتغاليون في الساحل العماني في التصف الأول من القرن السابع عشر » رسالة ماجستير غير منشورة » جامعة لشبونة (البرتغال) › ٢م ص٦٤ -۳٤. 4- مايلز › س.ب الخليج بلدانه وقبائله » ترجمة محمد أمين عبدالله ط٤ ء مسقط ٠ء ٥ السيار » عائشة علي دولة اليعاربة في عمان وشرق افريقيا في الفترة من ١١٠٦۱ - ١ ۲ء ص0۷. ١- مؤلف يجهول ء تاريخ أهل عمان » تحقيق سعيد عبد الفتاح عاشور ء سلطنة عمان ء ۱۱ء أيضاً أنظر السالي ء نور الدين عبد الله بن حميد » تحفة الأعيان » سلطنة عمان» ١1۹۹ء ج ص۳۸۸. والسيابي » سالم بن حمود بن شامس » عمان عبر التاريخ » سلطنة عمان » ١۱۹۸ء ج ۳ء ص١٤۱ -١٤۱. « ‏ابن رزیق 6 حمید بن محمد 6 الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين. سلطنة عمان‎ -V ط۰۳ ۱۹۹۳ء ص٢٥۲ ء السيابي » ج۳ . ص١٤۱» تاريخ أهل عمان » ص١١٠۱- ٦. ۸- انظرء البوسعيدي « ص٤٤ 4 السالي ء ج١ 4 السيابى ‎ak‏ 6 ص۹٤ ۱. 4۹ البوسعيدي » ص٤٤ ٠- تاريخ أهل عمان » ص ٤٤٤١-١٤۱۱ ء البوسعيدي » ص٤٤ مؤلف يجهول » كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة » تحقيق أحمد عبيدلي » قبرص » ١۱۹۸ء ص١۳۳ء السالي ء ج١ » ١- السالي » ج١ء ص٣۳۹ء البوسعيدي ». ص٤٤. تاريخ أهل عمان » ص١٤١١-١۱۱ء» البوسعيدي » ص ٥٤ء البوسعيدي » ص٥٤٤ ٠ ابن رزیق » ص۲٢٥۲. ۳- البوسعيدي » مصدر سابق » ص ٥٤. ٤1 تاريخ اهل عمان » ص٦۱۱. ٥ تاريخ أهل عمان » ص۱۱۷ء السيابي » ج۳ ء ص١٠٠ ء كشف الغمة ء ص ١١٤۳ء السيار » مصدر سابق السيار » ص۹٥. ۷- السيارء ص۹٥. ۸- البوسعيدي » ص٥٤ ء السيار » ۹- البوسعيديء ص٥٥ ٠- تاريخ اهل عمان » ص ٤٤٤١-٤١٤۱ ء البوسعيدي » ص٦٥. ١- السيابي » ج۴ » ء السالي » ج١ » ص۳۹۹. البوسعيدي » ص٥٦٥ ٢- البوسعیدي » ص٦٥. ۳ السيابي » ج۴۳ » ء السالي » ج١ » 45ء تاريخ أهل عمان » ص۱۲۲. ٤- للمزيد حول هذه التطورات انظر »ء البوسعيدي » السالي ء ج١ › ص٤٤٤ كشف الغمة » ص٤٤۳ › تاريخ أهل عمان » ص۱۲۲. ١1٦ ٥- السيار » مصدر سابق » ص٣٤ ۱۳. 1 السيابي » سالم بن حمود » العنوان عن تاريخ أهل عمان » سلطنة عمان ١١۱۹۱ ء ۷- السيابي » نفس المصدر » ص۹٥۲. نفس المصدر » ص۹٥۲. ۹- عبد الفتاح » سعيد عاشورء خليفات » عوض » عمان والحضارة الإسلامية › مسقط ۱۹۹۷ء ص٥۸. ٠- العنوان » مصدر سابق » ص۳۸. ١ السيابي » سالم بن حمود » عمان عبر التاریخ » ج ۳ء ص ١۱۸۲-۱۸۱ ۲ السالي » تحفة الأعيان » ج۲ء ضص٣. ۳- البطاشي » سیف بن حمود بن حامد ۽ اتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عمان ء٤ مخطوط ء ج۳ ء ص١-۱۹-۲. ٤- خميس بن سعيد الشقصي ء منهج الطالبين (خطوط( ج ص۳-۲. ٥ مایلز » ص۱۹۸. ١- نفس المصدر »ص ۱۹۸. ۷- الضوياني » حمد بن محمد ضويحي » شخصية الإمام ناصر بن مرشد »› ١۲٦۱- ۹4ء رسالة ماجستير » جامعة القديس يوسف ء بیروت » ۱۹۹۷ء ص۳۹. ۸- ابن رزیق » ص٢٤٢۲ ۹ ابن قيصر » عبد الله بن خلفان » سيرة الإمام ناصر بن مرشد » ص٤۱ ٤٠ البطاشي » سيف بن حمود » اتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عمان ط١ مسقط ۰ ۰۱٠۲ ٤ ص۷٤. ١ نفس المصدر » ص۸٤-۹٤. ٢۹1 ٤7 السيابي » مصدر سابق » ج۳ء ص١۱۸ ء الضوياني » ص ٤٤. ٤ انظر للمزيد العقاد » صلاح ء التيارات السياسية في الخليج العربي ء القاهرة › ۲ ء ص١۱. ٤ الخصوصي ء بدر الدين . دراسات في تاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصرة › ط۳ ٠ ج ء الکویت » ١۱۹۸ » ص٦۱. ٥ انظر في الخصوصي ء ج١ » ص١٦۱۷-۱. 17 عمان في التاريخ » مصدر سابق »ء ص۳۷۳. ۷ نفس المصدر » ص۳۷۳. ۸ الوسمي › خالد › عمان بين الإستقلال والإحتلال » ص۹۷ ۹ عمان في التاريخ » ص۳۷۷ ٠ السالي ٤ ج۲ ء ص٤ ۱ السالي ء ج۲ 4 ص٤ ۲ ابن رزیق » ص٦٤۲ ء ابن قيصر »ء ص١٦٠ ء عمان في التاريخ »ء ص۳۷۷ ء السالي ٤ج ۲ء ص٤ ۳٢ ابن رزیق » ء ابن قیصر » ص٦۱ ٤+ ابن قیصر » ص٦۱. 0 نفس المصدر »ء ص٦۱. ٦1 السيابي » ج٣ ص ١٤۱۸-٥۱۸ ۷ ابن رزيق » حميد بن محمد ء الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين » مسقط ٤ ٤ ء ۸ عمان في التاريخ » ص۳۷۸-۳۷۷م. ۹ ابن رزیق » ص٢٥۲۱. ۹۳ ٠ عمان في التاريخ » ص۳۷۸. ١ لاندن » روبرت جيران » عمان مسيرا ومصيرا » ترجمة محمد أمين عبد الله » مسقط 4 ص۱۹. ٢- السالي » ج۲ : ص٤-۱. ۳- ابن قيصر » ص٦۴ » السالي » ج۲ » ص ٤-٦ عمان في التاریخ. ص۳۷۸ ٤ عمان في التاريخ » ص۳۷۸ ءالسالي ء ج۲ »ء ٥ عمان في التاريخ ص۳۷۸ ء السالي » ج۲ »ء ء ابن رزیق » ص٤٤ ٦ ابن قيصر » ص ٤٤-٤١٤ ء الضوياني » ص۸۳ ء ابن رزیق » ص٤ ۲۷. ۷- الفتح المبين » مصدر سابق » الضوياني »ص۸۳ ۸- ابن قیصر » ص١٩ »ابن رزیق » ص٢٤ ۲۷۵-۲۷ » مایلز » ص۱۹۲ . ۹- ابن رزيق » الشعاع ء ص٥۳۷ ۰- ابن رزیق ص٥۳۷۵ »٤ ابن قیصر 4 ص ۵۳-٤٠ » السيابي » » ص۹-۲۰۸٠۲. ۱ السيابي » ج٣ » ص ٤٤٤-٤۲۱ ء السالي » ۲ ابن قیصر » ص٥٤٥ ۳ انظر السيابي » العتوان » ابن رزیق » ص٣٤٩ ٤1 عا يږ العلاحۃ المي ل 5o الحمد لله رب العالمين له الحمد وله الشكر كما هو له أهل أحمده -تعالى- حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده حمداً لا حد لغايته ولا أمد لنهايته كما ينبفي لجلال وجهه وعظيم سلطانه - سبحانه- لا أحصى ثناءٌ عليه هو كما أثنى على نفسه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله - صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين. أصحاب السعادة والفضيلة › أيها الأخوة الحضور ء السلام عليكم جميعا ورحمة الله ويركاته ء أحبيكم بهذه التحية الطيبة المباركة وأسأله - تعالى- أن يوفقنا ما يحبه وريرضاه من صادق القول وصالح العمل وأساله -عزوجل- أن يجللنا برحماته وأن يوفقنا للعلم التافع إنه تبارك وتعالى على کل شيء قدیر. هذا ولا ريب أن هذه العناية بالأعلام . أعلام هذا البلد إنما تدل على همة وزارة التراث والثقافة من أجل الأخذ بيد الناشئة لربط الحاضر بالماضي وضم طارف النجد إلى تليده "ومن لم يكن له ماض فليس له حاضر فإن الحاضر إنما يينى على الماضي ء والماضي هو أساس الحاضر لذلك كانت هذه العناية بهؤلاء الأعلام الأجلاء ومن المعلوم أن الأعلام تتعدد مواهبهم وتختلف مداركهم وتعدد أيضا معطياتهم فمنهم من عطاؤه أدبي ومنهم من عطاؤه فقهي ومنهم من يكون عطاؤه في جالات أخری۔ هذا وقد وقع الإختيار على هذا العلامة الكبير الشيخ خميس بن سعيد بن علي بن مسعود بن عبد الله بن زياد ليكون في هذه الحلقة هو القطب الذي تدور حوله رحى هذه ء البحوث التي تكشف عن خبايا معطيات أولثعك الأعلام السابقين كما ذكرنا . ۱ ٦1 ولعلي خوطبت من قبل بأن أشارك في حديث عن هذا العلم لكن لكثرة الإنشغال نسيت ذلك ء وعندما فوجئت بتجديد الخطاب كانت زحمة الاعمال تحيط بي فلذلك لم أجد فرصة للبحث عن هذه الخبايا حتى أقدم شيئاً يمكن أن يذكر أو يمكن أن يستحق التقدير والذكر لذلك أقدم اعتذاري إليكم بأن ما أذكره إنما هو بضاعة مزجاة ولكن النتقص الذي يكون في هذا الحذيث سوف يغطى إن شاء الله » ولعله عطي جانب منه من قبل الباحثين الآخرين الذين قدموا بحوثهم من قبلي والذين سيتقدمون ببحوٹهم من بعد هذا اللماء. الشيخ العلامة خميس بن سعيد الشقصي - كما تعلم-: هو أحد أعلام هذا البلد البارزين وله مدرسة. كانت متميزة للأن هذه المدرسة سبقتها مدرستان من قبل هما المدرسة الرستاقية والمدرسة النزوانية » وكان لكل مدرسة من هاتين المدرستين طابع خاص كما يتجلى ذلك في المؤلفات التي انتجتها الملدرستان وإذا بهذه الملدرسة » مدرسة هذا الشيخ تجمع مافي تلكما امدرستين من الخصائص وهذا مما يتجلى في كتابه (منهج الطالبين) ولعل أكبر دليل على توفيق الله -تبارك وتعالى- للشيخ خميس بن سعيد الشقصي سرحمه الله تعالى- أن يجعل الله - سبحانه وتعالى - لكتابه القبول ولم يكن هذا القبول محصورا في هذا ال جانب - أي في هذا الجزء من العالم وهو الجزء اللشرقي = بل كان قبوله أيضا في الجزء الغربي ولذلك نجد في كتب علماء أهل المغرب ذكر مؤلفه والعناية به وذكر آرائه وأقواله » بل عني الإمام الثميني -رحمه الله تعالى - ورضي عنه - بهذا الكتاب فاختصره اختصارا جمع فوائده من غير إخلال بها مع رصانة في الالفاظ وإيجاز في العبارة حتى يكون ميسراً لطلبة العلم وبعد أن كان في عشرين جزءا أو أكثر من عشرين جزءا خرج في سبع مجلدات. وما يلاحظ أن الشيخ الشقصي - رحمه الله تعالى - كانت العناية بمؤلفاته من قبل علماء أهل للغوب كما كانت العناية أيضا بآثار ابن عمه من قبل علماء أهل المغرب فإبن عمه الذي هو الشيخ عبد الله بن عمر بن زياد وهو من العلماء الأجلاء الذين كانوا في عهد الإمام محمد بن إسماعيل. 1۷ الشيخ عبد الله بن عمر بن زياد الذي هو من نفس هذه الأسرة التي ينتمي إليها الشيخ الشقصي وهي أسرة عريقة لأن هؤلاء إِنما ينحدرون من بني سامة بن لؤي بن غالب فهم من قریش يجتمع نسبهم بنسب الرسول -صلى الله عليه وسلم- في كعب بن لؤي بن غالب ء ابن عمه المذكور وجد هذه العناية أيضا من قبل بعض علماء أهل المغرب» فقد وجدت أن الشيخ الإمام الثميني وهو العلامة أبو زكريا يحيى بن صالح -رحمه الله - عني بشرح قصائد الشيخ عبد الله بن عمر بن زياد الشقصي إلا أننا لم نطلع على هذا الشرح ء والظاهر أنه لم يطبع ولا يزال قابعا في عالم الملخطوطات إلى اليوم. والشيخ الشقصي - كما قلنا- كان عالاً جامعاً بين علوم العقول والنقول ولذلك جد في كتابه الكبير الاستدلال بالكتاب العزيز وبالسنة النبوية -على صاحبهما- أفضل الصلاة والسلام س ويالإجماع ويالقياس ويأنواع الاستدلال الأخرى فهو يحرص كل الحرص على الاستدلال باللفة العربية وبيان الحجة التي تدعم الرأي الذي يذهب إليه عندما يستدل بدليل من كتاب الله أو سنة رسول اله - صلى الله عليه وسلم- من شواهد عربية . وهذا ما يدل على تضلعه في علوم العربية » كما أنه أيضا يأخذ بقواعد أصول الفقه ويمحخرص على الجمع ما بين الروايات المتنائرة المتعددة في الرأي الواحد ويرجح عندما يحرص على الجمع ما بين هذه الروايات . ومن أمثلة ذلك ؛ أننا نرى أنه تعرض للأحاديث التي تتحدث عن الشرط في البيعم فمن المعلوم أن النبي- عليه وعلى أله وصحبه أفضل الصلاة والسلام- نهى عن بيع وسلف وعن شرطين في بيع هذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم » فإجتماع الشرطين في البيع يبطل الشرطين » وجمهور العلماء على بطلان نفس البيع أيضا بإجتماع الشرطين . وإنما وقع خلاف أهل العلم في الشرط الواحد في البيع هل يؤدي أيضا إلى بطلان البيع أو لا يؤدي » على أننا نجد في أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما يدل على تسويغ الشرط الواحد في البيع أحيانا كما في قوله عليه -أفضل الصلاة والسلام- "من باع خلا قد أبرت فثمرتها 1۸ بائع إلا إن يشترطها المبتاع "فذكر الشرط وهو مما يدل على أن الشرط قد يسوغ في البيوع بخلاف ما إذا کان شرطان. وقد تعرض الشيخ الشقصي لبعض الروايات التي تتعلق بالشرط في البيع وهي رواية أم للؤمنين عائشة -رضي اله عنها- أنها اشترت بربرة واشترط عليها بائعها أن يكون الولاء لہا فأبطل النبي -صلى الله وعليه وسلم - الشرط ٠ وأتم البيع . والحديث الآخر حديث جابر بن عبدالله أنه باع الرسول- صلى الله عليه وسلم - بعيرا فاشترط جابر ظهره إلى المدينة فأثبت النبي -صلى الله عليه وسلم- الشرط والبيع. والحديث الأخر حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في قصة تيم الداري رضي الله عنه عندما باع بيت واشترط سكناه فأبطل النبي -صلى الله عليه وسلم- الشرط والبيع . تحدث العلامة الشقصي عن هذا الاختلاف في الحكم ما بين هذه الأحاديث الثلاثة فذكر أن حديث بربرة إنما كان إبطال النبي - صلى الله عليه وسلم- للشرط وإقرار البيع فيه لأن الشرط منافو للحكم الثابت بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وما ثبت بسنته -عليه الصلاة والسلام - فهو كالذي ثبت بكتاب الله - تعالى- لأن السنة إنما هي امتداد للكتاب العزيز . فبطلان الشرط من حيث إن النبي = صلى الله عليه وسلم - بين أن الولاء لمن اعتق لأن الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب ؛ فكما ان النسب لا يمكن أن يباع من قبل أحد فينتقل النسب من شخص إلى شخص آخر كذلك الولاء. والذي لا يجوز بيعه لا يجوز اشتراطه كذلك إذا الولاء ؛ فحكمه حكم النسب في عدم جواز اشتراطه وإنما يجري فيه الحكم الشرعي وهو أن يكون الولاء لمن اعتق من أجل هذه الصلة التي جعلها الرسول - صلى الله عليه وسلم- بين المعيّق والمعتق. وأما حديث جابر فقد ذكر ( وهذا رأي يفهم حتی من کلام ابن عباس) - رضي الله عنھما - وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إا أقر اشتراط جابر بن عبد الله لظهر بعيره الذي باعه الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة اللنورة من حيث ان هذا الشرط لم يكن في صميم ۹1۹ عقدة البيع ومعنى ذلك أن الشرط الذي يكون في صميم عقدة البيع هو شرط غيرثابت إلا أننا لا نجد ما يدل على أن هذا الشرط لم يكن في صميم عقدة البيع ولعل هذا الإقرار من النبي عليه أفضل الصلاة والسلام - لهذا الشرط لأجل أنه شرط معلوم من مكان معلوم إلى مكان معلوم وهذا ما يختلف حكمه عن حكم اشتراط السكنى في حديث تميم الداري فإن اشتراط السكنى اشتراط مطلق لم يقيد بمدة معلومة وهو ما يفوت المنفعة على المشترى والمشتري إنما يشترى ما يشتريه لأجل أن تكون منفعته له فلذلك يتبين أن النبي - صلى الله عليه وسلم -أبطل الشرط والبيع معا من حيث الجهالة التي تدخل في هذا الشرط ويسبب هذه الجهالة يقع أيضا حكم الجهالة في البيع نفسه فلذلك كان هذا الشرط شرطاً باطلاً مع البيع نفسه. والشيخ الشقصي قال ذلك مع قوله في حديث جابر بن عبد الله بأن الشرط لم يكن داخلاً في صميم عقدة البيع. هذا ونجد أن الشيخ يؤصل فهو يحرص أن يبين الأصول التي يرجع إليها » فيقول بأن العام يدل على أفراد مدلولاته ولا يخصص إلا بدليل مخصص › فحكم العام أن يجري في كل مدلولاته من غير تخصيص إلا إذا قام الدليل على التخصيص . وعندما يقوم الدليل على التخصيص يكون التخصيص عندئذ وعندما يرد اللخصص فإن العام إنما يحمل حكمه على افراد مدلولاته فيما لم يتناوله ذلك التخصيص .أما ما تناوله التخصيص فهو يخرج عن كونه مدلولا عليهم بحكم العام » وهذا ما لا فرق فيه عند ال جمهور بين كون العام متقدما على الخاص أو متأخرا عن الخاص ء وذلك لأن العام ظني الدلالة وان كان قطعي المتن يينما الخاص هو قطعي المتن (١)ولأجل قطعية متنه كان مقدما على العموم هذا هو قول جمهور أهل العلم وفي هذا يقول الأمام السالي سرحمه الله- : وحكمه ادخال مافيه دخل ‏ ظناإذا التخصص فيه حتمل من ثم نقض با خصوص مطلقا عليه‌انقارنهاوسبقا فمن هتاخصص بالظني ‏ من خبروقائس جلي (١) ‏ ذكر هنا قطعي المتن إلا أن الظاهر أنه قصده قطعي الدلالة وليس المئن هذا هو المذهب والشوافع عليه والأحناف قالوا قاطع وزعموابأنماتأخرا مته ذي الخصوص ناسخ یری فينسخ الخصوص منه ما اقتضى وحكم ماعداه حكم مامضیى وخص ان تقارنا وأن جهل معارضا حين اذن في المحتمل ويناء على هذا فإنه بنى كثيرا من الأحكام على هذا التخصيص من ذلك ء انه قال بأن قول الله -تبارك وتعالى- «ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن)(۱) هو في الأصل يتناول كل من لم تكن على ملة الإسلام سواء كانت وثنية أو كانت على ملة كتابية من قبل وإنما خصصت نساء الكتابيات يقول الله - تبارك وتعالى- «اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قېلكم)(۲) ولريما وقع في نفس بعض الناس ريب من هذا لأن العرف السائد عند كثير من الناس أن أهل الكتاب لا يدخلون في المشركين أخذا با دلت عليه الأدلة من العطف . عطف أهل الكتاب على اللشركين والعطف يدل على التفاير بين المعطوف والمعطوف عليه ونجد في كعاب الله إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نارجهنم)(۳) ذكر أهل الكتاب ثم ذكر بعدهم المشركون للم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين متفكين حتى تأتيهم البينة)(4). وهو على أي حال إِنما لا يعدو أن يكون اصطلاحا وإلا فتحن إذا نظرنا إلى الأدلة من القرآن الكريم وجدنا أن الأدلة تدل على أن أهل الكتاب في المشركين فإن الله تعالى يقول في أهل الكتاب «اتنذوا أحبارهم ورهبانهم أريابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلہا واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما فإذاً وصف أهل الكتاب بأنهم يشركون ء ووصف المشرك إنا هو مشتق من الإشراك الذي یدل عليه قوله (يشركون). (١) ‏ سورة البقرة من الآية ٢۲۲ ا (٤) سورة البينة الآية ١ سورة التوبة الآية ۳۱ ۷۱ ولأجل هذا نجد من علماء التفسير من ينسب إلى أكثر المفسرين أن وصف المشرك ينطبق على أهل الكتاب ومن بين هؤلاء الذين حرروا ذلك تحريرا بالغ الفخر الرازي في تفسيره لهذه الآية الكريمة » كذلك قال بتخصيص الستة النبوبة - على صاحبها أفضل الصلاة والسلام - للعمومات» ولعمومات القرآن ولعمومات الأحاديث الشريفة العامة › لان الخاص مقدم على العام » مما ذكره مثالاً في تخصيص الحديث النبوي للعموم أن النبي = صلى الله عليه وسلم - قال "حيثما أدركتك الصلاة فصلي" ثم بعد ذلك جاء النهي مخصصاً لهذا العموم فتهى عن الصلاة في اللقبرة وفي المنحرة وانجزرة وفي قارعة الطريق إلى غير ذلك» فهنا تخصيص لذا العموم. وكذلك ما أصله أن الإطلاق عندما يكون عاريا عن التقيد يجري على إطلاقه فلا يقيد حكمه مقيد أما إذا توارد إطلاقه وتقيد على قضية بعينها بحيث كان الاتحاد في السبب والحكم فإن الإطلاق يحمل على التقيد فيكون الدليل المقيد دليلاً مقدما على الدليل المطلق » أما ما لم يتناوله التقيد فييقى على حاله » ولكن ما تناوله التقيد يكون دليلاً على أن ذلك الإطلاق قيد بهذا القيد » وهذا بطبيعة ال جال هو قول جمهور أهل العلم أيضا. وبحث ما يتعلق بالناسخ والمنسوخ وذكر لذلك العديد من الأمثلة منها من الكتاب العزيز ومنها من السنة النبوية - على صاحبها أفضل الصلاة والسنلام - وبين أن الناسخ هو الذي يعتد به › ولا يعتد بالمنسوخ مع ورود ناسخه » ورجح أن النسخ يكون بالسنة النبوية على - صاحبها أفضل الصلاة والسلام- عندما تكون سنة قطعية متواترة كما يكون بالكتاب العزيز -مع ذكر الإختلاف في ذلك - ولكنه حرر مسألة شاع عند أهل العلم فيها أن النسخ اما أن يكون بدلالات من الكتاب واما ان يكون بدلالات من السنة النبوية » فبين أن هذه القضية لا نسخ فيها ء ورأيه الذي ذهب إليه فيها هو رأي قاله بعض علماء التايعين وعول عليه شيخنا أبو اسحاق أطفيش - رحمة الله تعالی عليه- YY القضية هي ما جاء في قول الله -تبارك وتعالى- «كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بامعروف حقاً على المتقين)(1) فقد ذكر الوالدين وذكر الأقربين ؛ والوالدان يرثان والأقربون فيهم الوارث وفيهم غير الوارث وقد بين الله - تعالى- أن الوصية للوالدين والأقربين حق واجب على من ترك خيراً ( أي ترك مالاً) معظم العلماء قالوا أن حكم الوالدين نسخ وقد اختلفوا في الناسخ. (منهم من قال الناسخ آية المواريٹث) . (ومنهم من قال بأن الناسخ هو حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - لا وصية لوارث " بناء على أن الحديث متواتر وقد قال كثير من أهل العلم بأن الحديث لا يرقى إلى درجة التواتر وإنما هو حديث مستفيض فلا يقوى على نسخ الآية الكريمة. ومهم من قال بأن دلالة آية المواريث وال حديث النبوي تعاضدتا فكان منهما هذا النسخ: والذي ذهب إليه الشيخ الشقصي أنه لا نسخ وإنما هذا في الوالدين غير الوارثين إنما هذا الحكم في الوالدين غير الوارثين وهذا كما قلت قول قاله جماعة من التابعين ومال إليه شيخنا أبو إسحاق واعتمده حسبما سمعت منه في دروسه التي كان يلقيها في التفسير. قال بأن الحكم في غير الوالدين الوارثين ء إنما هو حكم في الوالدين عندما يكون هناك مانع من أرثهما » كأن يكونا على ملة غير ملة الإسلام ؛ فإنهما في هذه الحالة يحق لہما أن يوصى لہما من أجل قرابتهما من أجل هذه الصلة التي بينهما وبين ولدهما فكونهما لا يرثان منه لأجل أنهما على ملة غير ملة الإسلام لا يمنع استحقاقهما من الوصية صلة ويرا بهما . وكذلك إن كان الوالدان رقيقين فإن من حقهما على ولدهما أن يوصي لہما وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنه لا يؤخذ في كل شيء برأي ال جمهور . قد يخرج كثيرا عن الرأي الذي عليه جمهور أهل العلم وإنما يرجح ما يرجحه بالدليل » وهو يعتمد على السنة النبوية -على صاحبها أفضل الصلاة والسلام - اعتمادا كليا بعد القرآن الكريم (١) سورة البقرة الآية ۸۰٠ Y۳ ويجعلها اللصدر الثاني من مصادر التشريع ٠ ويأخذ بالحديث التواتر في القضايا القطعية ويأخذ بال حديث الأحادي في العمليات ء يعول على الحديث الأحادي في العمليات ويعتد بالإجماع ويجعله حجة ويأخذ بالإجماعين: الإجماع القولي والإجماع السكوتي حتى أنه نص بأنه لو أن عااً من علماء العصر قال رأياً لم يسبق خلافه في ذلك الرأي وأقره أهل عصره بحيث لم ينكر عليه أحد قط فإن ذلك يعد إجماعاً سكوتياً ومن المعلوم أن الإجماع السكوتي لا تعدو حجته أن تكون حجة ظنية ولكن معنى ذلك أن هذه حجة یعتد بھا۔ وهو كثيرا مايعول على إجماع الصحابة ويركز على إجماع الصحابة ويجعله حجة قطعية ان اتفقوا جميعا على القول بحيث قالوا جميعا بما اجمعوا عليه ونقل عنهم ذلك بالتواتر » وهنا يكون هذا الإجماع اجماعا قطعيا . ويذكر اختلاف أهل العلم في الإجماع ؛ هل يشترط فيه أن ينقضي عصر المجمعين أو لا يشترط فيه ذلك وكأنما يفهم من كلامه أنه ييل إلى اشتراط انقراض العصر لأنه ذكر بعض ما وقع في عهد الصحابة - رضوان الله عليهم- من العمل بعمل لم يخالف فيه أحد في عصر من يعمل بذلك بحيث أقر من قبل الجميع ثم أتى من بعده فرأى. غير ذلك الرأي وذكر مثالا لذلك ما كان في عهود الخلفاء الثلاثة. ما كان في عهد أبي بكر الصديق وفي عهد عمر وفي عهد) علي بحيث أن أبا بکر سوی ما بین الصحابة في الحقوق التي لهم وعمر فاضل بينهم ورد علي الناس إلى ما كانوا عليه في عهد أبي بكر وقال هذا دليل على أن الإجماع لا يكون إلا بانقراض عهد المجمعين. كذلك يعتد بالقياس ويقول به مع ظهور العلة ويقول بلزوم التفرقة ما بين العلة والدليل فيقول بأن العلة لا تسمى دليلاً والدليل لا يسمى علة وإنا يجب أن يفرق بين العلة والدليل ويهتم ببيان العلة غير المنصوص عليها ليحمل غير المنصوص عليه على المنصوص عليه ٠ لا بد أن تكون العلة موجودة وآن تكون العلة مفهومة فإن كانت هذه العلة منصوصاً عليها بأن يبين بأن تحريم كذا لكذا 1 فإذا تكون الحجة حجة القياس أقوى أما إذا كانت العلة علة غامضة علة غير جلية كأن يحتاج الأمر إلى سبرحتى تفهم هذه العلة ؛ ففي هذه الحالة تكون حجة القياس أضعف من حجة القياس ال جلي. وبين أن القياس يجب أن يكون على أصل متفق عليه » كما هو مذهب ابن بركة فإن ابن بركة نص في غير موضع على أن القياس لا يكون إلا على أصل متفق عليه وهذا الرأي هو رأي قطب الائمة وقال به كثير من العلماء والعلامة الشقصي أكد على هذا الرأي وقال بأن القياس لا يكون إلا على أصل متفق عليه وهو خلاف رأي الإمام أبي نبهان الذي اضطرد في الرد على ابن بركة ردا طويلاً وبين أن القياس عندما تتوافر شروطه لا يلزم أن يكون الأصل مجمعاً عليه أو متفقاً عليه ما دام الدليل قائما عليه. ونجد أن العلامة الشقصي وقع في مخالفة هذا التأصيل الذي أصله ء فهو نفسه قاس في غير المجمع عليه ؛ قاس على أصل غير جمع عليه وغير متفق عليه ؛ قاس على أصل مختلف فيه » ذلك لأنه تداول قضية العلة في تحريم الخمر ؛ وقال بأن العلة في تحريم الخمر هي الإسكار فإذا زال الإسكار وأصبحت الخمر خلا صار حلا أي تناول الخمر الذي هو حرام إنما خُرم لأجل علة لا لأجل عين الخمر إِذ هي من أصل حلال من قبل هي من عنب او من تر أو من ذرة او من شعير هي من مادة محللة. فالتحريم إنما هو التحريم لأجل علة » وعندما تزول العلة يزول الحكم بزوالما؛ فقال بإياحة الخمر إذا تخللت بل أباح أن تعالج حتى تتخلل أي تتحول من کونھا خمرا إلى کونها خلا » وبين اعتراض المعترضين على ذلك بالأحاديث المروية عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أنه أمر بإراقة الخمر ؛ وأن الثقفي لا جاءء براويتي خمر في مكة المكرمة قال له "ألم تعلم بأن الله حرم الخمر .." وامتنم من قبولهما وأراد الثقفي أن يبيعهما سار أحدا فسأله النبي = صلى الله عليه وسلم - م ساررته؟! قال أمرته بأن يبيعهما قال "أن الذي حرم شريها حرم بيعها " فأمر النبي- صلى الله عليه وسلم س بها فأريقت . وكذلك كان عند تحريم الخمر؛ فإن الصحابة -رضي الله عنهم - قاموا إلى دنان الخمر وكسروها وأراقوا ما فيها فسالت أنهارا في طرق المدينة المنورةء فكان ذلك دليلاً عند من يقول بأن الخمر ولو تخللت لا تحل- إذا كان ذلك دليلاً على هذا الرأي الذي ذهبوا إليه بان يعالجوها حتى تتخلل فهو واجه هذا الاعتراض برد عليه . خلاصة الرد أن النبي - عليه أفضل الصلاة والسلام- أيضا شدد في الميتة في جميع أجزاء الميتة في جلودها وفي كل أجزائها ومع ذلك فإن معالجة جلد اليتة بالدباغ يجعل هذا الجلد طاهراً ولكن هذه المسألة حاول أن يقيس مسألة الخمر على مسألة الجلود وطهر هذه ال جلود بالدباغ ولكن هذه اللسألة غير بجمع عليها ؛ غير متفق عليها » فالخلاف قائم بين أهل العلم هل الدباغ يطهر الجلود أولا يطهرها ؟ . من العلماء من يقول بأن الدباغ لا يطهر أي جلد وبينهم من يقول :إنما يطهر جلد ما تجوز تركيته ولا يطهر جلد ما لا تؤثر التذكية عليه . ومنهم من يستثنى جلد الخنزير وحده . السألة مختلف فيها ؛ فهو قاس على أصل ختلف فيه كما كان ذلك من ابن بركة الذي كثيرا ما شدد على هذه النقطة ؛ وقال بأن القياس لا يصح إلا على أصل متفق عليه فإن ابن بركة هو نفسه ناقض هذه القاعدة حيث قاس حكم الصبية إذا زوجت في حال صباها وبلغت حيث قاس حكم غيرها على غير الأمة عندما تعتق فإن لہا الغير ولكن الغير غير الأمة لم يتفق عليه فيما إذا كان الزوج حرا وإنا اتفق عليه فيما إذا كان رقيقاً » فقاس على أصل مختلف فيه وهكذا » وهذا غير بدع. تحن نرى كثيرا من العلماء يؤصلون أصولا ومع ذلك نجدهم يفرعون على غير تلك اللأصول وقد ذكرنا أن الحنفية مثلا يقولون بان العام عندما يتأخر يكون حكمه النسخ ينسخ الخاص لأن دلالته دلالة قطعية ولكن كثيرا ما نجد في تفريعاتهم ما يخالف هذا . ۷۹ وجمهور العلماء كالشافعية والمالكية مثلا يقولون بأن الخاص مقدم على العام سواء تقدم الخاص أو تأخر ولكنهم مع التفريع قد يخالفون هذا . في مسألة واحدة وجدنا الخلاف في التفريع عن التأصيل عند الطائفتين جميعاً عند الحنفية وعند الجمهور مسألة حكاها العلامة ابن العربي في كتابه أحكام القرآن وذكرها القرطبي وذكرها ايضا العلامة ابن عاشور في كتابه (التحرير والتنوير) . يقول ابن العربي كنت يوما بالبيت الملقدس - طهره الله بمدرسة ابي عقبة الحنفي والقاضي الزنجاني يلقي علينا الدرس في يوم جمعة فبينما نحن كذلك إذ ظهر علينا رجل بهي المنظر عليه اطمار فسلم تسليم العلماء وتصدر في صدر بمدارع الرعاع فقال القاضي من السيد؟ فقال رجل سلبه الشطار أمس وأنا من أهل صاغان من طلبة العلم ومقصدي هذا الحرم اللقدس؛ فقال سلوه - على عادتهم في اكرام العلماء بالمبادرة بالسؤال - فوقعت القرعة على مسألة الكافر إذا جأ إلى الحرم هل يقتل؟ فاجاب بأنه لا يقتل ؛ فسئل عن الدليل ؛ فقال : الدليل قول الله تعالى «ولا تقاتلوهم عند ا مسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه (۱) . فقال القاضي منتصرا مذهب مالك والشافعي وأن لم ير رأيهما هذه الأية منسوخة بقوله تعالى ل(فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا اللشركين حيث . فأجاب هذا لا يليق بمنصب القاضي مع جلالة علمه فإن الآية التي احتججت بها خاصة والآية التي اعترضت بها عامة والخاص لا ينسخه العام فبهت القاضي من سرعة جوابه وهذا من غريب الكلام . فتحن نجد أن الشافعية والمالكية العام عندهم ظني الدلالة ولا كان ظني الدلالة فهو لا ينسخ الخاص ولو جاء بعد الخاص › يقضي الخصوص على المعموم تقدم أو تأخر › ولا يقضي العموم على الخصوص ولو جاء من بعده هذا هو الأصل الموجود عندهم ولكنهم لم يفرعوا على هذا الأصل عندما قالوا بأن الكافر عندما يلجا إلى الحرم يمكن أن يقتل ٠ لم يفرعوا على هذا التأصيل › (١) سورة البقرة الآية (۱۹۱) (۲) سورة التوبة الآية (*) YY بينما الحنفية الذين يفرعون على أن الخاص قد ينسخه العام أيضا من حيث حكم هذه المسألة أخذوا فيها با لا يتفق مع هذا التأصيل » فكثير من العلماء جد عندهم مثل هذه القضايا وهذا دليل على أن الإنسان قد يسهو وقد ينسى وقد يعتريه الذهول أحيانا وهي سنة الله -تبارك وتعالى- في خلقه ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثیرا)(۱) وقد احتج بالأدلة من السنة النبوية على ثبات القياس وما احتج به حديث الخثعمية عندما جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- و قالت له يا رسول الله : ان فريضة الله على عباده في الحج ادركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع الثبوت على الراحلة افأحج عنه؟ فقال لما :"أرأيت أن لو كان على أييك دين فقضيته أكان ذلك يجزياً عنه" قالت نعم ؛ قال فذاك ذاك" فا حجة إنما هي أن النبي - صلى الله عليه وسلم- نيهها على قياس دين الحق على دين الخلق ؛ وكذلك احتج لذلك بقصة عمر- رضي الله عنه - عندما جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال له هششت فقبلت - فالنبي = صلى الله عليه وسلم -سأله أرأيت أن لو تمقضمضت وأنت صائم أكان ذلك تاقضا لصيامك؟ قال له لا قال ففيم؟ . بحيث نبه على قياس القبلة التي هي مقدمة الجماع على اللضمضة التي هي مقدمة الشرب ء وكل من الشرب والجماع مبطل للصوم » ولكن المقدمة لا تبطل الصيام. ثم انه ذكر اعتراض المعترضين على القياس فقال بأن القياس إنما ينبني على العلة وهؤلاء يقولون (أي الذين يعترضون على القياس) بأنه لا يعرف سريان العلة في جميع المعلولات إلا بعد الإحاطة بجميع المرويات بحيث يتبين أن تلك العلة بنفسها سارية في كل معلولاتها وعندما يكون الإنسان غير قادر على الإحاطة يجميع المرويات فإنه لا يتبين أن تكون العلة سارية في جميع اللعلولات فقد يكون هنالك حديث جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم- يرد على جعل هذا العلة سارية بحيث تستثنى بقية المعلولات إنما الإحاطة بالأحكام الشرعية هي التي تمكن الإنسان من معرفة سريان العلة في جميع معلولاتها. (١) سورة النصاء الآية (8۲) Y۸ وقد رد على هؤلاء بأن الأمر ليس كذلك فإن الإحاطة بأخبار النبي - صلى الله عليه وسلم ¬ لا يتوقف عليها معرفة حكم الدليل المروي عن النبي = صلى الله عليه وسلم - فيما يتناوله من القضايا مع ان هناك ما يكن ان يكون مخصصا لعموم المرويات ويمكن أن يكون هنالك ما هو مقيد للإطلاق ويمكن أن يكون هنالك ناسخ فلما كان الإستدلال بالروايات في مدلولاتها لا يتوقف على الإحاطة بها جميعاً كذلك الاستدلال بالقياس فيما يجوز فيه القياس لا يتوقف على الإحاطة يجميع المرويات. وهو أيضا يعول على قضية المجاز والتفرقة بينه وبين الحقيقة ويبتي على ذلك تأويل الآيات التشابهات فيرد الملتشابه إلى المحكم ويحملها حمل المجاز وقد بين أن المجاز وارد في القرآن الكريم ووارد في الأدلة الشرعية جميعا ووارد في كلام العرب فهو حجة في صرف الكلام من حقيقتة إلى جازه عندما تكون قرينة قائمة على هذا الصرف تنم من إطلاق ذلك اللفظ على حقيقته. وتناول قضايا عديدة فقهية منها ما يتعلق بالبيوع ومنها ما يتعلق بالانكحة ومنها ما يتعلق.... وبين عللها وبين أدلتها وفرق بين الأصل والفرع - أي في القياس بين الأصل والفرع -بأن الأصل ما يعرف به حكم غيره والفرع ما يعرف حكمه بغيره فالفرع يرد إلى الأصل ولا يجوز أن يجعل الفرع أصلاً ولا الأصل فرعا فالفرع يعرف حكمه من غيره لأنه لا بد من معرفة حكم الأصل حتى يقاس الفرع على الأصل بينما الأصل إنما يعرف حكمه بنفسه وبه يعرف حكم غيره ولذلك كان أصلاً لذلك الغير » والآن تقتصر على هذا القدر وكما قلت لكم هذه ننف ريما علقت بالذهن من خلال مطالعة مستعجلة واترك الأمر إلى بقية الباحثين فهم يكشفون - بمشيئة الله تعالى - عن بقية ال جوانب التعلقة بشخصية هذا العالم الجليل وعطائه الفقهي وغيره. ونسأل الله س تبارك وتعالى- أن يرحمه وأن يرحم جميع علمائنا العاملين وأن يوفقنا جميعا لما فيه الخير وأن يأخذ بأيدينا إلى ما يحبه ويرضاه وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلی آله - وصحبه أجمعين ؛ سبحان ريك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد له رب العالمين - وأشكركم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته › › › ۷۹ كناب منهمح الطالبين يعتبر كتاب منهج الطالبين ويلاغ الراغبين من الموسوعات الفقهية في الفقه الأباضي ء فقد حوى جميع ما يلزم الإنسان من أمور دينه » بدءا ما يجب الإهتمام والعناية به » وهو العقل الذي مز الله به الإنسان عن بقية المخلوقات » والعناية بالعقل يعني إنماءه بالعلم . فالعلم هو اللكمل للعقل » ويهما يكمل » ويالعقل والعلم تتم معرفة الله - عزوجل- ويهما يعبد فكان مطلع هذه الموسوعة أبواب العلم وبيان معناه وفضله وفضل العلماء » إِيماناً من لصتف - رحمه اللّه- بقيمة العلم وأهميته . ثم بين العلوم الشرعية من أصول الاعتقاد وما يتعلق بها من الغيبيات وبعدها يتناول مصادر التشريع الإسلامي ء الكتاب والسنة والإجماع والقياس مع ذكر الأدلة الشرعية المتفق عليها والختلف فيها » ويسوق الآداب العامة التي يجب على المسلم أن يتحلى بها » وكان ذلك في جزأيه الأولين › وكأنها مقدمة وتوطئة لطالب علوم الشرع ء وكأن لسان حاله يقول: (لا يقدم المرء على تعلم الفقه إلا بعد أن ينال قسطاً وافرا من تلك المعارف التي تعتبر أساسيات للفقه). أما بقية أجزاء الكتاب فقد عرض فيها المسائل الفقهية العبادات والمعاملات على حسب الترتيب الأوليٌ اللعروف في الكتب الفقهية » فبدأ في الجزء الثالث بالطهارة وأقسام الياه ومنها في الجزء السابع بأبو اب الحج وبين العبادات والمعاملات بثلاثة أبواب مهمة في حياة المسلمين (الأول: الأمر با معروف والنهي عن المنكر وما يلزم من القيام به والقائم عليه فأتبعه بأبواب الإمامة وشروطها وصفة الإمام وواجباته ثم الجهاد في سبيل الله الذي هو سنام وذرورة الأمر باللعروف وال جدود » وبعد هذه الأبواب عرض في فقه المعاملات من الجزء فبدأها بالقضايا وما يتعلق به من الشهادات والدعاوى والأحكام ء٠ ثم المعاملات المالية من البيم والشفعة و الاجار ات وقضايا مالية من الكتب في المال) (وقسم كتاب في الأجزاء الأخيرة سيكون الأسرة من النتكاح والطلاق وقسمة الليراث ) وعرض الشيخ - رحمه الله تعالى- تلك المسائل الفقهية بأسلوب سلس بسيط خال من التعقيدات اللغوية ء مستدلاً بالكتاب والسنة والإجماع والقياس وإجماع الصحابة وآثار التابعين › ۸) ويتوسع المصنف في المسائل التي استجدت للناس»ء وخاصة فيما تتعلق معاشهم › والتي تتطلب الوقوف عنها والنظر فيها على سبيل المشال » المسائل التي تتعلق بالمياء من حفر الآبار والأقلاج وجريها والسواقي والدعاوى وفيها أحكامها وغيرها › فإنه تبع آثار السابقين وأقوالمم وينتقي منها بعد الترجيح مع الإدلاء برأيه وقصد المصنف أن يكون وسطا بين الملختصرات والمطولات الفقهية ليسهل على طلاب العلم مدارسته. قال اللصنف (لا بد في كل زمان من يجدد ما طال لعهد ويدرس منه البعض تنبهاً للعاقل وتعليما للجاهل وة تقريباً للمطالعة وتحقيقا من أراد جمع أصول الشريعة ء لأن كتب أهل عمان البالغة منها المختصرات التي دون الأصول إلى المراد ومنها المطولات ء التي سبق جمعها على أهل الطلب والإرتياد وهذا كتابي يكتفى به عن المختصرات والمطولات » فجمعت فيه - بعون الله وحسن توفيقه- ما يسره لي من آثار أصحابنا - رحمهم الله - وما رأیت موافقاً للحق من آثار غيرهم » والحق ان الكتاب من الطولات الفقهية التي لا غنى عن طالب العلم من الرجوع إليه إذ ‡ أصبح موردا يتسابق إليه أهل العلم وطلابه ومرجعا في الفتوى والقضاء » ويه يستنير أهل العلم والعقد ..أئمة اليعاربة وولاتهم » فهو لا يخلو من خزائنهم) تفع الله به كثيرا من المسلمين في عمان وغيره » وقد اختصره العلامة الشيخ عبد العزيز الثميني وأثنى على كتاب منهج الطالبين جملة من العلماء فقال أحدهم : صاح إن كنت تطلب العلم دينا خذ من الكتب منهج الطالبينا وقال آخر: منهج الطالبين خير كتاب نمقته يد الأصحاب وأئتى عليه أحد المعاصرين : للشيخ خميس الشقصي وهو الشيخ زكريا بن عبد الله الملتوفى ۳ بقصيدة وفيها: ۸Y فتى أريحي ألعصي سميدع هزير وقور لوذنعي مکرم خميس سعيد أسعد الله جده أتانا بما يغني اخميس العرمرم أغاث قضاة المسلمين بمنهج إلى غرف الإسلام والدين يسلم التخفريج أصل التخريج في اللغة يعود إشتقاقه إلى مادة خرج أي ظهر وبرز بنفسه فهو فعل ثلاڻي ولا يتعدى إلى مفعول إلا إذا زيد ك أخرج وخرّج بعنى أظهره وأبرزه. وللتخريج كي اللغة عدة معاني: (1)الإظهار والإبراز ومنه قوله -تعالى- (كزرع أخرج شطاء) (۲)التدريب يقال: خرج في الأدب فتخرج به فهو خريج إذا تدرب أو تعلم على يد الشيخ أو على مؤسسة تعليمية فيقال فلان خريج جامعة كذا أو كلية كذا أو معهد كذا. التوجه يقولون: خرج المسألة على وجه كذا أي بين لما وجها من التفسير أو تعليل أو توضيح کان خافيا على الناس. (4)الاستنباط والنبط هو اندفاع الماء من قعر البئر إذا حفرت واستنباط العلم أو استنباط حكم اللسألة ما لم يكن منصوصا عليه من بين الأدلة الشرعية المختلفة باجتهاد وفهمه. ومخرج الشيء هو موضع خروجه. والتخريج اصطلاحا : ()هو إبراز الجديث وإظهاره من الملصنفمات والكتب. (۲)هو عزو الحديث إلى مصادره الأصلية مع بيان مرتبته والحكم عليه. AY والملصادر الأصلية للحديث هي الكتب والمصنفات التي أوردت الأحاديث بأسانيد مؤلفيها ما يبعث الطمأنينة في النفس لدى القارئ. على أن لرواية هذا الحديك أصلا ء ويسهل أيضا للباحث الرجوع إلى تلك المصنفات للتأكد وي ببان مرتبة الحديتث وحكمه قائدتان: الكائدة الأولى: إن الإحتجاج بالأحاديث والإستدلال بها لا يكون إلا با هو صال الاحتجاج فبذكر حكم الحديث يتبين الصالح والمتروك متها. الكَائدة التانية: عند التعارض بين الأحاديث فحينئذ ترجح الأحاديث القوية عن الضعيفة وترجح أشد قوة عن القوية وهكذا. هذه المعاني والدلالات لكلمة (التخريج) لغة واصطلاحا » فالتخريج للمسائل الفقهية وأحكامها والذي يعني به الفقهاء (والأصوليون) . وأما التخريج بمعنى عزو الحديث إلى مصادره الأصلية وبيان مراتب الحديث فان ندوتنا لا تتسع لهذا لأن في الكتاب ما يربو من ألف حديث وكل حديث يتاج إلى دراسة مستقلة » مما يلزم وقتا وجهدا › ولعل بعض الباحثين أو جهات علمية أو ثقافية تتبنى هذا الأمر والكتاب بحاجة إلى ذلك. أما التخريج بمعنى الإظهار والإبراز فهو الذي سوف تتناوله ان شاء الله في ورقتنا هذه المتواضعة المقدمة لېذه الندوة العلمية المباركة. ۸ كنب التراث الحديتث: لقد كانت رواية الحديث في بادئ الأمر في القرنين الأول والثاني المجريين مقرونة بالإستاد بذكر رواة ذلك ال حديث سواء كان القصد منها التحديث أي نقل الحديث وإبلاغه للآخر أو لأجل مدارسه » أو لأجل إقامة دليل وحجة على مسألة شرعية أو غير شرعية ء وقد كان التأليف أيضا في ذلك › الوقت على ذلك الضبط ء فالمؤلف لكتاب ماء في العقيدة أو الفقه أو التفسير أو السير والغازي وغيرها يذكر ما عنده من أسانيد الاحاديث التي يريدها في كتابه إذ لم يكن موجودة في ذلك وبالرجوع إلى مصنفات تلك الفترة والنظر فيها نجد أنها لا تخلو من ذكر الأسانيد للأحاديث › فلترجع مثلا إلى كناب (المدونة الكبرى) لأبي غائم الخراساني » وإلى كتاب (الموطا) للإمام مالك وإلى كناب (الأم) للإمام الشافعي ء وإلى كتاب (الآثار) تحمد بن حسن الشيباني وغيرها من الكتب الفقهية وكذلك لو رجعنا إلى كتب التفسير كتفسير بجاهد ومقاتل بن سليمان وشيخ اللفسرين محمد بن جرير الطبري ء وكذلك إذا رجعنا على كتب التاريخ والسير والمغازي (كسيرة ابن هشام) و(المغازي) للواقدي و(الطبقات الكبرى) لابن سعد و(تاريخ الأمم وامللوك) لابن جرير الطبري وغيرها » فإن هذه المؤلفات لا تخلو من أسانيد الأحاديث علاوة على كتب الصحاح والسنن والمسانيد والمعاجم .. وغيرها. تلك الفترة عرفت بفترة الرواية وتدوين الحديث وما انتهت تلك الحقبة وانتهى جمع الحديث وتم تدوينه في الكتب تغير نمط التأليف وطريقة ذكر الحديث في المصنفات حيث نحى المؤلفون إلى أسلوب الاختصار ؛ ذكروا الحديث فاكتفوا بعزوه إلى اللصنفات السابقة التي أوردته دون ذكر الإسناد. ومع ازدهار الحركة العلمية وتشعب العلوم الإسلامية وكثرة فروعها كثر التأليف والتصنيف فيهما وأعرض كثير من المصنفين عن ذكر اسناد الاحاديث وذكر مصادرها فأصبحت الأحاديث النبوية منتشرة ومبثوثة في الكتب الفقهية وكتب العقائد وكتب الرقائق والسير والتاريخ وكتب الاير وغيرها من غير ضوابط على دلالة صحتها أو ضعفها أو التمييز بينها أو على دلالة مصادرها » إلا قليلا بالنسبة للكثرة الموجودة في التراث الإسلامي وهذا مما يسبب عبئا ثقيلا على طالب العلم وعلى الباحث في الوقوع على حقيقة تلك الأحاديث صحة وضعفا والتأكد منها. وهذا النمط من التأليف هو السائد والشائع على ختلف العصور والقرون في أغلب المؤلفات على اختلافها شرقا وغربا وعند جميع علماء امذاهب الإسلامية والشقصي - رحمه الله- لم يخرج عن هذا الأسلوب ف التأليف فيما يتعلق بإيراد الحديث فهو يذكر الحديث خالياً من الإسناد وخاليا من ذكر مصادره كما سنبين ذلك - إن شاء الله. المصادر الحديتة للكناب وأعني بالمصادر الحديثة هي : كتب الحديث والسنن وغيرها من كتب السير والتفاسير التي روت الأحاديث بأسانيد مصنفيها ومع كثرة الأحاديث التي استدل بها اللصنف -رحمه الله تعالى- في كتابه منهج الطالبين لا جد إشارة إلى تلك المصادر تبعا لنهجه العام في عدم ذكر الملصادر التي إستقى منها معلوماته سواء فقهية أو حديثية أو غيرها . ولكن بالتتبع والإستقراء للأحاديث الواردة في الكتاب ولا سيما بعد تخريجها يتضح أن تلك الأحاديث الواردة في كتاب منهج الطالبين مصادرها مختلفة ؛متها من مسند الربيع » وبعضها من صحيحي البخاري ومسلم » ومن سنن الأريعة ء ومسند الإمام أحمد » ومن المعجم للطبراني » ومنها من كتب التفاسير كتفسير ابن جرير الطبري. قائدة ذكر مصادر الحديت: ١- يعطي الطمأنية لدى القارئ أن للحديث أصلا وسندا. ۲= يسهل الرجوع إليها عند ال جاجة واللزوم ۳- يسهل للباحث أو القارئ معرفة حكم الحديث إما بتتصيص أصحاب تلك المؤلفات أو دراسة إسناد ال حدیٹی فخلو منهج الطالبين من ذكر مصادر الحديث يصعب على طالب العلم A الوقوف على حقيقة بعض الأحاديث الواردة من حيث معرفة مراتبها ي الكتا ەە ن ب(۱) شن حيت معرفة مصادرها و أهمية السنة من خلال كتاب منهج الطالبين سبقت الإشارة أن عمدة / المؤلف - رحمه الله- في الإستدلال في كتابه (منهج الطالبين) هو الكتاب والسنة والإجماع والقياس . ويحسن بنا ثي هذه الورقة أن نقدم ما ذكره الشيخ من أهمية السنة في التشريع الإسلامي حيث تناوله مع صدارة الكتاب قبل التعمق في الأبواب الفقهية (ليبان أهميته وليفهم طالب علم أنه لا غنى عن السنة مطلقا . وهي مصدر من مصادر التشريع فقال : (والأصول كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإجماع العلماء) (فهو يؤكد المفهوم من عدة مواضيع من الكتاب فهو يؤكد على أن هذه المصادر هي اصول مصادر التشريم وغيرها هي الفورع كالقياس ويجب أن يكون مرد الفروع إلى الكتاب والسنة » وإذا جاء القياس خالفاً للسنة فالسنة تبطله ثم أكد أن (الفتوى يجب أن تبنى على الكتاب والسنة والإجماع . وإن المفتي لا يجب أن يفتي إلا إذا كان عالما بكتاب الله وعالاً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن المفتي إن أفتى وخالف الكتاب والسنة فهو هالك) قال : (وإن كان المفتي لا يعرف الأصل فتحرى في فتياء الصواب وأفتى وخالف الكتاب والسنة والإجماع فالمفتي والمفتى هالكان) وأكد على هذا امعنى مرة أخرى. وفيها فصل: فمن يجوز له أن يفتي وضمان المفتى - فقال :"إا يجوز ذلك لن كان عارفا بالكتاب والسنة” (۲) وقال أيضا :"وأما من كان من أهل الرأي فأفتى بشيء بجتمع على خلافه وتخطتته أو حرم في كتاب وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو إجتمعت الأمة على تحرمه فإنه يضمن (۳) فض القدير شيخ الجامع الصفير للمناوي ١ ۱ء كشف اللثام عن أسرار تخريج حديث سيد الأنام ١/1۸. ۲ ١/۱ (۲) ۱/١ ١/۷٥1 AY بهذا أراد اللصنف أن يبين ويؤكد على أهمية السنة ومنزلتها في الإسلام وهذا مالا خلاف فيه واستدل با جاء في القرآن والآيات في وجوب اتباع السنة وإرجاع الأمور إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- لقوله تعالى : وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (۱). ولقوله : لفإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) (۲) ولقوله : ل(وما ينطق عن الهوى › إن هو إلا وحي يوحى) (۳) وقوله: «من يطع الرسول فقد أطاع اله( )وبهذه الآيات استدل المصنف - رحمه الله- على وجوب طاعة الرسول لأنها من طاعة الله وكان على المسلم لزاما عليه الاتقياد للسنة واتباعها . ومن هذا المنطلق كان منهج الشيخ في التعامل مع السنة » واسجل هنا ملاحظتين : الأولى: للتأكيد على اتباع السنة وان جاء عن طريق الآحاد ء فقد أشار ابن هذه المسالة في أماكن عديدة من الكتاب » عند تخريجه لبعض الأحاديث مثلا : روي عن ابن عمر أنه قال بينما الناس في صلاة الصبح بقباء إذ أتاهم آت ققال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم أنزل عليه قرآنا وأمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها. قال الشقصي : وفي هذا ال حديث أيضا دليل على وجوب العمل بخبر الواحد و كذا القول بما نقله عن أبي الحسن - رحمه الله-(أحب قول من يقول بقبول خبرالعدل في کل شيء مما يجوز فيه الخبر). التانية: أن اللصنف أكد على تقديم الخبر على القياس في العمل وهذا واضح في كتابه فمثلا قال: اختلف أصحابنا في وجوب كفارة نذر المعصية قال بعضهم (لا يوفى به) وقال بعضهم (فيه (١) فظر ١/٦۸ ۸۸/۱ ۹۳۴/۱ الآية رقم ۷ سورة الحشر سورة النصساء الآيةً ١٥ )۳( الآية رقم (٤٤) سورة النجم AA كفارة)ء قال الشقصي : (والنظر يوجب أن لا كفارة فيه ما روي عن النبي ‏ صلى الله عله وسلم- انه قال من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يحصيه ولم يذكر الكفارة فقد ترك القياس لظاهر النص. قال: وقيل يجوز السواك للصائم و كراهيته » والجواز أحب إلينا لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم- "خير خلال الصائم السواك فهو قدم النص في جواز السواك للصائم عن القول بكراهيته الملبني على الإ جتهاد. تقسيمات الحديث كي كناب منهج الطالبين: بعد ما رأينا أن الصنف - رحمه الله- على مكانة السنة في التشريع الإسلاميء ووجوب إتباعها وانعكس ذلك جليا في كتابه كترجمة إلى السنة في كتاب منهج الطالبين. خصص فصلا لبيان أنواع ال حديث أو الإخبار كما يسميه هو القول الخامس (في ذكر الأخبار للروية عن رسول الله )وعرف الخبر تعريفا لغويا بأنه (كل كلام يحتمل الصدق والكذب) يفهم من هذا الفصل كأنه - رحمه الله- ختم الحديث أو الإخبار كما يسميه هو إلى قسمين (الأول: يتعلق بالإسناد) › (والثاني : بالتن). القول الأول : الذي يتعلق بالإسناد فهو لم يتعرض إلى التعريف فمصطلحات إسناد الحديث - كما هو معروف- عند المحدثين والملختصر على بعضها ولم يذكرها جميعا » فقد ذكر في هذا الفصل : ()المرسل فقال: (أخبار المراسيل: وهو أن يروي التابعي الخبرعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ولم يشاهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يجب أن يكون بينه وبين النبي صحابي فلا يذکره). ۸۹ (۲) أخبار المقاطيع :( وهو أن يروي الرجل الخبرعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيسقط في الوسط » ولا يذكره في إسناده (۱) . فإذا انقطع ذلك الرجل انقطع الخبر إلى حيث ترك الرجل). (۳)منها الخبر الموقوف (وهو أن يروي الخبرعن الصحابي أو التابعي فيوقف ا-خبر عليها) (4)ومنها أخبار المتن (وهي التي تروي عن النبي صلى الله عليه وسلم- ولا يذكر من رواها عنده من أصحابه). (٥)منها خبر الصحيفة (وهو أن يروي الراوي الخبر إلى أن ينتهي به إلى رجل فيقول عن أبيه عن جده ولم يسرد لك المذكور إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فإذا كان على هذه الوصف ونحوه مسمى غير الصحيفة) » ومنها أخبار التواتر: (وهو أن يخبر جماعة لا يجوز عليهم التواطي على الكذب). هذا القسم الذي يتعلق بالإسناد ويلاحظ- (۱) أنه لم يلتزم بعبارات أهل الفن في الحديث لذا جاءت عباراته على صيغة التوضيح والبيان والشرح وليست على صيغة التعريف. (۲) أنه لا يذكر كثيرا من الملصطلحات المهمة في الحديث أو الأخبار › فقد ذكر مغلا (التواتر) وکان عليه أن يذكر (الآحاد) ذكر المرسل وعليه أن يذكر المتصل وهكذا. (۳)بعد ذكر تلك الملصطلحات أنه لم يبين حكمها من حيث صحة الخبر أو ضعفه أو جواز الإحتجاج بذلك الاخبار فالرسل مثلاً (مع أنه ضعيف عند المحدثين) » ولكن أهل العلم تباينت آراؤهم في الاحتجاج به بين انجيز والمانع مطلقا والنجيز بشروطء فكان الإاختلاف من يعض المسائل الفقهية التي جاءت منها من الأحاديث المرسلة. ولنا أن نلتمس العذر لشيخنا - رحمه الله- : )١( لعله يعلى الأخبار التي ترفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير ذلك الإسنادء ولا ذكر الصحابي وهو ما يعرف بالأحاديث المعلقة. (۲) النظر هذه التعريفات ١/۷٥ (١) إن الكتاب يجاله جال فقهي صرف فهو لم يتطرق إلى مباحث الحديث من حيث الاصطلاح وتعريف المحدثين بمدلولات المصطلحات. إن الملصنف - رحمه الله- كان اتجاء اللدرسة التي تتلمذ منها اتجاها فقهيا أصولياً ونتاجه يكون فقهياً أصوليا بعيدا عن نتاج مدرسة أهل الحديث وهذا الأمر واضح عند جميع الصنفين على مختلف المذاهب. أما من حيث المتن فهو يذكر بعض القضايا التي تتعلق بالاستدلال بالحديث والاتكال الذي قد يحدث أحيانا عند الفقهاء والاصول في حالة التعارض أو الاختلاف بين الأحاديث فذكر: (١) زيادة لطيفة في الحديث دون الآخر » المعروف عند المحدثين والفقهاء والأصول (بزيادة الثقة) فأبان الشيخ -رحمه الله- أن الزيادة مقبولة فقال : (فلذا وجب استمعال الزائد من الأخبار)وعلل بأن (صاحب الزيادة سمع أو شاهد ما لم يشاهده الأول). (۲) الاخبار التعارضة ومثل لما : (أن يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خبرا بإباحة شيء ويروي خبرا آخر يحظر ذلك ) » أو باختلاف فعلين مختلفين عن رسول الله - صلى الله علية وسلم - سجوده للسهو قبل أو بعد التسليمء فبين الصنف - رحمه الله- في هذه الحالة (يجب التوفيق بين الأحاديث المتعارضة أو اعتبار أحد الخبرين ناسخا للآخر إذا عرف المتقدم والمتأخر منهما) » وعن معرفة المتقدم والمتأخر قرائن يستدل بها إن لم يكن النسخ صرياً كقوله - صلى الله عليه وسلم - :"كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور الا فزوروها ولا تقولوا هجرا"(۱). (۳) إن من الأحاديث اخبارا عامة وأخرى خاصة فالملصنف - رحمه الله- بين للقارئ (إذا بداً التعارض بين الخاص والعام فإنه يجب إعمال هذه الأحاديث كل في موضعها فيحمل العام على الخاص) ٠ وقد مثل لهذا عموم قوله - صلى الله عليه وسلم- : (تجوز الصلاة في أي مكان) ذلك نهى عن الصلاة في المقبرة والمجزرة والمزبلة. (١) أخرجه ملم ۹۱ )5( وذكر أن الأخبار بينها يجملة وأخرى مفصلة أو مفسرة 4 فهو بين أن في هذه الحالة المعمول على المفسر فقال: (الخبر الفسر يقضي على المجمل ولا يقضي الجمل على امسر ) ولا ثل بمثال کعادته. (٥) ان في الحديث اختلافا في فهم دلالة ألفاظه وتأويلها فقال: (ومنها الأخبار التي تنازع الناس في تأولها) والتي يبنى أيضاً الاختلاف في العمل بتلك الأحاديث ء وقد مثل لذلك بحديث النهي عن البيع وشرط أو شرطين ومشل بحديث: جابر بن عبد الله بيع جمل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشتراطه ركوبه إلى المدينة المنورة فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم- وحديث عائشة في بيع بربرة واشتراط ولائها للبائع فأبطل الشرط (وبحديث تيم الداري انه باع دارا فاشترط سكناها فأبطل رسول الله = صلى الله عليه وسلم - البيع والشرط. فأوضح الملصنف ان في هذه الحالة (ينزل كل الحديث أو يفسر المنع في الشرط أو منع البيع والشرط أو جوازهما معا على حسب الحالة أو علة المنم. فلا يحمل الأمر بالنهي أو الإباحة على عمومه. (1) أوضح المصنف - رحمه الله- قاعدة من التعارض في الحديث بين الاثبات والنفي ؛( إن الإثبات يقدم على النفي ما لم يعلم الناسخ من المنسوخ). (۷) ويذكر أن في الأخبار للتعارضة يجوز العمل بها جميعا » لجواز الأمرين وقد مثل لذلك شريه - صلى الله عليه وسلم - قائماً ونهى عن الشرب قائماً. ٠ ثم ذيل أنواع الأخبار » بخبرالتواتر ء وكأنه يقول: (ان الأخبار المتواترة لا خلاف فيها ولا اختلاف في مدلولاتها). ويلاحظ في تناول لصتف لمذا القسم الصفة الأصولية حيث يعالح قضية التعارض من الأحاديث وكيفية الاستدلال بها فيزيد بذلك وضع منهج مسلك التعامل مع الأخبار ۹۲ التعارضة إما بالنسخ أو بالتوفيق بينهما » وقد اكتفى هنا بذكر هذين امسلكين ولم يذكر اللسلك الثالث وهو الترجيح بين الأدلة في حالة التعارض. مراتب الحديت والحكم عليه عا تعارف عليه أهل العلم أن الحديث إما أن يكون مقبولا فيحتج به »...أو مردودا فلا يحتج به وقد قسموا الحديث إلى أقسام : ر الحديث الصحيح الحديث الحسن الحديث الضعيف الحديث الموضوع العلة والشذوذ. والحديث الشريف بمراتبه المختلفة لا يخلو منه مصنف من المصنفات في العلوم الاإسلاميةء وقد ينص بعض مصنفي تلك المصنفات على مرتبة الحديث من حيث الصحة والضعف »ء وقد يبينون ويفصحون عن العلة إن كان الحديث معلولاً (والعلة قد تكون في السند أو قد تكون في المشل) إن كان الحديث معلولا ؛ وأكثر المصنفات التراثية خالية من ذكر مراتب الحديث وخالية من بيان العلةء فهي مناهج متباينة للمصنفين لكل منهجه » ولا مشاححة في ذلك. وبالرجوع إلى كتابنا (منهج الطالبين) يتضح للقارئ أن الصنف - رحمه الله - ليس من منهجه ذكر مراتب الحديث وبيان عللها التي اشتمل عليها في كتابه منهج الطالبينء وهذا لا يعني أن الأحاديث التي بالكتاب كلها في مرتبة واحدة » ومع ذلك فمن خلال تتبع الكتاب نجد للمصنف في بعض المواضع - وإن كانت قليلة - رأيا أو نقد للحديث. ۹۳ بات من المعلوم أن نقد الحديث وبيان مراتبه إما بنقد السند » بإظهار علة ظاهرة في السند أو علة خفية تقدم في صحة الإسناد › أو بنقد المتن بشذوذ أو إدراج أو بمخالفة النصوص قاطعة الدلالة أو الثبوت › أو بمخالفة العقل ء٠ وغير ذلك. ومنهج الشقصي في نقد الحديث - وإن كان قليلا - فغالبه من جهة المتن لا من جهة السند 6 لأن نقد السند إظهار أي علة فيه . وهذا ما لم أقف عليه أثناء قراءة الكتاب ونادرا ما يشير إلى ضعف الحدیث ٠ ومثاله : ١- حديث أم هانئ › قالت :( أن النبي- صلى الله عليه وسلم- جاءه شراب فشرب منه » ثم سقاني فكرهت أن أرد سؤره وكنت صائمة » فشريت و أخبرته ..) الحديث قال الشقصي : (ويعض يضعف نقل هذا الخبر )(١)(وفي بعض الحالات يذكر الحديث ثم يقول (والله أعلم بصحته) » با يشعر من كلامه هذا بضعف الحديث أو الشك فيه من حيث النقل » دوي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- (من ذرعه القيء فلا قضاء عليه وإن استقاه فعليه القضاء). قال الشقصي :( الله أعلم بصحة الخبر) (۲) ؛ والسبب راجع إلى أن الصنف - رحمه الله- لم يكن متأثرا مدرسة أهل ال حديث والسند فانعكس ذلك في كتابه. وأما نقده من حيث المتن فهي السمة الظاهرة عنده ان نقد ا حديث ونقده إما ملخالفة ظاهر القرآن أو لمخالفة العقل في نظره ومثاله : ١- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي). قال الشقصي : (لا يصلح لمخالفته ما في القرآن). (۳) ۲- ما يروى عن جرير بن عبد الله البجلي عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال : (سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر) › لا تضامون في رؤيته (قال الشقصي : لم ٢18/1 )۲( ١/۱۹ )۳( ١/١ ٤۹ يصح هذا الخبر عن النبي- صلى الله عليه وسلم- عند الأكثر من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم - › وإن صح فخرج معناه أنكم سترون ربكم كما ترون القمر أي : تعرفون ربكم اضطرار المعرفة). (۱) ۴- ما روي أن ابا بکر قال لغلامة وهو يتسحر (أوثق علي الباب ألا يفاجئنا الصبح) › (وما روي عن ابن عباس » قال لغلاميه » (اسقياني » قال أحدهما : أصبحت وقال الآخر : لاء فقال ابن عباس : اسقياني فإني شرب حتی تصطلحا). قال الشقصي : (إنه لا يكن أن يكون لأبي بكر ء وابن عباس شراهة النفس وقلة الصبر » مع ورعهما وزهدهما وعلمهما بإقتداء الناس في دينهم بهما).(۲) ٤- (وأما إجازة النظر إلى جميع أبدان الإماء ما عدا الفرج ٠ فلا نعلم ذلك صحيحا من قولهمء ولعل هذا يوجد في الآثار ء وهذا لا يستقيم عندي).(۳) الأحاديت الصحاح والحسان: ما لا شك فيه أن الأصل في الاحتجاج ء لا يكون إلا بما يصلح الاحتجاج به من الأحاديث › وهذا أمر لا خلاف فيه بين العلماء فإني لا أرى داعيا للكلام عن كتاب (منهج الطالبين) وموقفه من الأحاديث الصحيحة وال حسنة أو ضرب الأمثلة لما فالكتاب مليء بتلك الأحاديث. الحديث الضعيك: الحديث الضعيف هو الحديث الذي اختل فيه شرط من شروط الصحة أو الحسن 4 وال جديثٹ مراتب (منه ما ضعفه ينجبر فيرقى إلى حسن لغيره بالشواهد والتابعات) › (ومنه ما لا ينجبر فيظل ضعيفا ولا يصح الاحتجاج به) › (والأحاديث الضعيفة منتشرة في كثير من الكتب والمؤلفات الإسلامية وتكثر في كتب الحديث من الستن والمسانيد والمعاجم › فضلا عن الكتب الفقهية وغيرها )( € (۲) ١/٥ ot ۹/۲ (۳). التي تورد الأحاديث من غير أسانيد » كما سبق الإشارة إلى ذلك فهي تستدل بتلك الأحاديث الضعيفة في الأحكام أحياناً وفي الرقائق وفضائل الأعمال تارة أخرى وللعلماء آراء وأقوال في الاحتجاج بالحديث الضعفيف مبسوطة في مضانها. وكتاب (منهج الطالبين) كناب فقَهّي لا يختلف عن بقية الكتب الفقهية في جميع امذاهب الاسلامية من حيث إيراد الأحاديث النبوية من غير إسناد أو تتصيص على حكم الحديث فهي تستدل بجميع الأحاديث الواردة في امسألة صحيحة كانت أو ضعيفة فلا تغلو هذه الملصنفات من الأحاديث الضعيفة ولكنها تتباين كثرة وقلة في الاستدلال بها . وكتاب (منهج الطالبين) لا يخلو من ذلك فلا غرابة من ذلك ومن تلك الأحاديث على سبيل الثال : ١- "شرارکم عزابکم . ٢- "لا تتزوج شهبرة ولا لهبرة ولا هندرة . (۱) ۳- "قيلوا فإن الشياطين لا تقيل" .(۲) ٤- "رهبانية أمتي الجلوس في المساجد. (۳) ٥ عن النبي.- صلى الله عليه وسلم- "من ترك موضع شعرة من جسده في الجنابة لم يصبه الماء عذبه الله في نار جهنم" (٤) وفي الكتاب أحاديث أخرى. اسرائيليات الكتاب: والإسرائليات هي رواية أهل الكتاب أو مما وجد في كتب وتسربت بين المسلمين من خلال رواية الحديث واختلطت بأحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي لا يصح الاستدلال بهاء (وفي كتاب منهج الطالبين) شيء من هذه الروايات التي نقلها الشيخ في كتابه ومثاله: (روي ۸/0 (۱) e٦‎ (۲) rrt/t (۳) )4٤)1/۴ ۹۹ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( مكتوب في التوراة من بلغت له اثنتي عشرة فلم يزوجها فركبت فإثم ذلك عليه) (۱). وهذا الحديث ظاهر من متنه أنه من الإسرائيليات فرسول الله - صلى الله عليه وسلم- لا يستدل بالتوراة والكتب السابقة › وهو الذي ينزل عليه القرآن وهو الذي نهى عمر بن الخطاب وغیره عن جرد قراءتها » فأنى له ان يستدل بالتوراة وغیرها. ويلحق بها بعض الأحاديث التي تنال من عصمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كحديث: قصة طلاق زينب من زيد بن حارثة وزواجها من رسول الله - صلی الله عليه وسلم- وقال: فمکثت زینب عند زيد حينا ثم ان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذات یوم اتی زیدا حاجته فأبصرها قائمة في درع وخمار فأعجبته وكأنها وقعت في نفسه ء وقال : سبحان الله مقلب القلوب وانصرف فلما جاء زيد ذكرت له ء ففطن زيد وكرهت إليه في الوقت فأراد فراقها » فأتی اللبي- صلى الله عليه وسلم- فقال إني أريد أن أفارق صاحبتي فقال له - صلى الله عليه وسلم- ¦ رابك منها شيء (هذه الرواية لا تصح (۲) لا فيها من تهمة لقام سيدنا محمد (صلى الله عليه ` وسلم) وبأنه رجل شهواني لا تكفيه النساء فقد أعجب بزينب حينما رآها في بيت زيد (والواقع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على معرفة تامة بزينب » وهي ابنة عمته أميمة بنت عبد الطلب » وهو الذي خطبها لزيد) » ول حكمة إيطال التبني شاء الله أن يطلق زيد زينباً ويتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الإعجاب. الأحاديث الموضوعة: الأحاديث الموضوعة هي المختلقة من قبل الناس ثم تنسب إلى رسول الله- صلى الله عليه )۱( ٥ الرواية أخرجها جها الطبري في تفسيره ۲/۰ ٠ وغیره () قال القرطبي (وما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هوى زينب أمرآة زيد وربما أطلق بعض المجان لفظ عشق فهذا إثما يضدر عن جاهل بعصمة النبي -صلى اله عليه وسلم- أو مستخف بحرمته) الجامع لأحكام القرآن ١١/۹١٠ وانظر: تفسير ابن كثير ۷۲/۳٤ ٠ وأنظر أيضا قبس من نور القرأن الكريم ۱۷۰ وفتح الباري ۸/٤٠٠ قال بعدم صحة تلك الرواية أنظر كتاب الوضع في الحديث ٠ د/عمر فلاني ٠ تدوين السنة ص مكانه السنة ۹۷ الحديث قواعد وضوابط مبسوطة في مضانها » والأحاديث الملوضوعة توجد في كثير من المصنفات الإسلامية في كتب مختلفة الفنون نجدها في كتب التفاسير وفي كتب السير والمغازي ونجدها في كتب الرقائق والمواعظ ونجدها في الكتب الفقهية و نجدها في كتب العقائد بل نجد الأحاديث الملوضوعة في . كتب الحديث و السنن وقد بدا الوضع في الحديث منذ القرن الأول المجري واشتد أمر الوضع في القرن الثاني والثالث المجريين وانتشرت الأحاديث الموضوعة بين الناس في الكتب وكشر الاستدلال بها في كثير من السائل ولا سيما في الرقائق » فضلاً عن كونها موضوعة ولا تصح نسبتها إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فهذه الأحاديث واسعة.الإنتشار لم تكن بعيدة عن الؤلف ولم يسلم منها كتابه (منهج الطالبين) » والسبب في ذلك أولا أن الشيخ - رحمه الله - يعتمد على المصنفات و التآليف السابقة. ثافا: الثقة عمن نقل عنهم تلك الأحاديث ‘ فقد لايتصور من مسلم مؤمن يتعمد الوضع على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعد أن علم قوله- صلى الله عليه وسلم- (من كذب علي متعمدا فليتبواً مقعدة من التار). السعبب الثَالث : أن الشيخ - رحمه الله- مم هذه الثقة للمؤلفات السابقة لم تكن لديه فيما أظن الآلة والوسائل والكتب التي تناولت علل ال حديث أو كتب الموضوعات مع العلم أن معظم المصنفات والمراجع التي كان يرجع إليها لا تتناول هذه المواضيع بالبحث والله أعلم. والحديث الموضوع لايصح الاحتجاج به اتفاقً عند العلماء ومتى بني حكم على حديث موضوع فهو باطل وأغلب ما يكون الوضع في الأخبار و في الرقائق والترغيب والترهيب ء أو في الفمضائل وهذا ما لا يخلو منه كثير من المصنفات فلا عجب إذا وجدت بعض الأحاديث الموضوعة في (منهج الطالبين) ومن أمثلة ذلك : ۹۸ ١- "لطالب العلم شجرة في الجنة أصلها مسك وأغصانها من اللؤلؤ وعودها من الياقوت وورقها من النور وثرها من حور العين (۱) ٢- "لا تحلوا بقصب الرمان ولا بعود الزكان فإنهما يحركان عرق الجذام" (۲) ۳- ما جاء في فضل بعض صلوات النوافل كحديث فضل أريع ركعات بعد الركعتين اللتين بعد المغرب وفيه "ومن صلى بعدها أريعا قبل أن يتكلم غفر الله ذنبه ثمانين سنة » ومن قال دبر صلاة الملغرب قبل أن يتحرف ثلاث مرات أيضا : بسم الله الرحمن الرحيم › و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم › رفع الله عنه تسعة وتسعين نوعا من أنواع البلاء منها الجذام والجنون والبرص" (۳) 4 "من قام ليلتي العيد وليلة النصف من الشعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب” (4) وقد أحسن من بعض النصوص و الأقوال الواردة في الكتاب حيث تنسب إلى سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وهي من الأقوال الشائعة بين الناس وإني لأنزه أن يكون ذلك من شيخ جليل عالم باللغة ومطلع على أقوال العرب وأمثالما يستطيع أن يجتربين مصلحة الرسول- صلى الله عليه وسلم- وغيره ولا أستبعد أن يكون لناسخ فينسبوا الأقوال إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خطاً أو غلة سهم" و أمثلة ذلك. ١- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- "قال: باض العلم بمكة وفرخ بالمدينة وانتشر بالبصرة ونهض إلى عمان" (0) وال جار قبل الدار والرفيق قبل الطريق” (6) ۲- لا تجعلوا بطونكم أوعية فتصير أودية” (۷) (١) ٢/٢ )۲( 6/۲{ (۳) ٤/1۰ )7 (٥) ٢/۲۳ ص ۲/٥٠ (۷) 4۹/۲ ۹۹ ۳- ومن وصية لعلي :” لا تجامع في ليلة النصف من الشهر ولا في ليلة الملال 4 لأن الجن تكثر من غشيان نسائها في النصف والملال أما رأيت النجنون يصرع به . ٤ "من فسل سبع مزائيج (مزناج) كمن فسل أربعين نخلة ومن فسل أربعين نخلة حتی عاشت كمن عتق رقبة صالحة كانت فداء من النار وكل ذلك یروی عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (۱) ٥ "من قرأ القرآن طاهراً حتى يختمه غرس الله له شجرة في الجنة لو أن غرابا فرخ في ورقة منها ثم نهض يطير لأدركه الهرم قبل أن يقطع تلك الورقة من الشجرة” الجمع والترجيم عند تعارض الحديث من القضايا المعروفة في الفقه ء قضية اختلاف الأحكام الفقهية ؛ ومنشؤها الاختلاف بين الأدلة الشرعية ء ومن تلك الأدلة ينشاً اختلاف الأحاديث المتعارضة في المسألة الواحدةء إن لم يكن بعضها منسوخاً اتفاقا » فعند وجود التعارض بين الأحاديث يصار إلى الجمع والتوفيق بينهما بوجوه ال جمع (۳) ء فهو أولى من طرح أحد الدليلينء وإن تعذر ال جمع والتوفيق فترجح بعض الأحاديث على الأخرى بمرجحات تختلفة (4) ء وهذا هو مسلك العلماء في الأحاديث التعارضةء وقد نص عليه الشقصي في كتابه (منهج الطالبين) بقوله : (ومنها الأخبار المتعارضة مشل أن يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خبرا بإباحة شيء ويروي خبراً بحظر فیوقفان جمیعا ”(٥) والملصنف - رحمه الله- يذكر الإختلاف في المسألة الواحدة ويستدل عليها بالأحاديث ؛ قد يظهر منها التعارض بينهما » ثم لا يوفق ولا يجمع بينهما أو لا يرجح بعضها على الآخر » أو لا يبين بأن )۱( ص۲ |۸۷٥ )٢ ٢/۰ (۳) كأن يكون بينهما عموم وخصوص يحمل العام على الخاص . أو بينهما مطلق المقيد فيحتمل المطلق على المقيد ؛ أو يكون أحدهما ناسخا والآخر منسوخا وغيرها من وجوه الجمع والتوفيق ٠ أنظر شرح طلعة الشمس ١/٠٠٠ الفصول ١١1٠ء أصول السرخصي ۳/۲٠ ء› الأدلة المتعارضة ص 0۷ (. من صور الترجيح ؛ يرجح الصحيح على الضعيف ويرجح بكثرة العدد › ويرجح المتوات الأحاد . أو يرجح الحديث الذي يوافق نصا آخر من القرآن لو السنة أو الإجماع ٠ لو غير ذلك من وجوه الترجيح . ج لتوار عى د رجح المي الذي بالق تین شر من( ٥( ‎v1‏ بينهما التناسخ . مما قد يفهم القارئ أن الأدلة متكافئة فيسقطان › أو تدل على جواز العمل بهم جميعا فيصبح الأمر مباحا على الأمرين ومن أمثلة ذلك : - ١- مسألة من تعمد الإفطار بالأكل من صوم التطوع ء ذكر حديثين الحديث الأول:- " أن حفصة وعائشة رضي الله عنهما كانتا صائمتين تطوعا ‏ ثم أفطرنا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم- : أبدلا يوما ۰ الحديث الثاني:- قالت ام هانيء دخل علي - رسول الله صلى الله عليه وسلم- » بإناء فيه لبن فشرب ء وناولني فشربت » وقلت :- يا رسول الله كنت صائمة ولكني كرهت أن أرد سؤرك » فقال النبي - صلى الله عليه وسلم- : إن كان قضاء من رمضان فاقضي یوما مکانه » وإن کان غير قضاء رمضان فإن شئت فاقضيه ء وإن شئت لا تقضية (۱) الحديث الأول يوجب قضاء صوم التطوع إن بطلء والحديث الثاني لا يلزم القضاء وإنغا جعله على الخيار » فالصنف - رحمه الله- لم يجمع بين الحديثين ولم يرجح أحدهما على الآخر ولم يبين أن أحدهما ناسخ والآخر منسوخ. ب- من كان عليه الصوم ولم يصم ما الذي على وليه » هل يطعم عنه أو يصوم عنه أورد الحديث الأول: فيما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من مات وعليه صوم رمضان لم يصمه فليطعم عنه کل یوم نصف صاع بر ویروى عنه أنه من مات وعليه الصوم فليطعم عنه مکان کل یوم مسکين. ٢٦/٤١٤1 الحديث التاني:- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : من مات وعليه الصوم من شهر رمضان قضي عنه (۱)لم يرجح المصنف بين الحديثين: أو يجمع و يوفق بينهما . ج في أكل لحم ضبع » من حیث جواز أکله أو عدم جوازه » ذکر حديٹين متعارضين. الحديث الأول: - أن النبي - صلى الله عليه وسلم- جعل الضبع صيدا. الحديت التاني:- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع » وعن کل ذي خلب من الطير (۲)ء والضبع ممن له مخلب. ® © © (١) ١/۱۴۹ (۲) ٢/۳٥ المداخلات المداخلة الأولى من الملاحظ أن المحعاضر لم يلتزم بعنوان محاضرته فكل ما ذكره لا علاقه له من قريب أو من بعيد بالتخريج » فقد تحدث عن أهمية السنة وعن التراث والتخريج وعن مصادر الحديث وان كل ما ذكره عن شيخنا الشقصي ليس له علاقة بالتخريج فاتحاضر معذور لان العنوان الذي أسند إليه شامل فكيف يطبق علم التخريج فيخرج أحاديث الكتاب ما يعني أن عليه أن يتحدث من خلال إباحة تخريجات الأحاديث عند إمامنا الشقصي. وكذلك تحدث المحاضر عن أخبار الآحاد وهل فيها خلاف من حيث افادتها لعلم اليقين الذي أعلمه ومدون في كتب الأصول والحديث أن خبر الآحاد عند الشافعية والمالكية والحنفية والإباضية وفي رواية هي الأصح عند الإمام أحمد أنها ظنية من حيث الثبوت اللهم إلا رواية عن الإمام أحمدء جاءت تقول: ان خبرالآحاد قطعي ويقف عليه صاحبه بأنه مسلم الثبوت في الأصول فيقول: صدور مثله عن مثله مكابرة » ويقول في رواية أخرى: وصدور هذا عن الإمام أحمد بعيد ؛ فجماهير الأمة على أن خبرالآحاد ظني خلافا للحشوية الذين يريدون أن يجعلوا اخبار الآحاد قطعية لغرض آخر وهو الإستدلال بها في الصفات ء كما كان ينبغي على الباحث أن بحسم الخلاف في هذه القضية المهمة الشائعة بين الأمة الإسلامية الآن. وبالنسبة لدرء ال حدود بالشبهات طيه مقال عند المحدثين إلا أن الأمة لا تطلب القبول كما أن حديث "لا وصية لوارث" فيه مقال أيضا إلا أن علماء الحديث يقولون بأن الحديث إذا تلقته الأمة بالقبول وعملت به خرج من درجة الضعف إلى درجة القبول » اعتذر عن الإمام الشقصي بأنه لم يلتزم باصطلاحات المحدثين لانه فقيه وأصولي والباحث يعلم أن الأصولية قد يتكلمون في مصطلحات الحديث يما يخالف كلام المحدثين. المداخلة الثافية : كانت عبارة عن إضافة للمداخل قال فيها: اتصور أن الشيخ الشقصي - رحمه الله - كان يتحدث عن حكم إفادة حديث الآحاد العلم لا العلم الخلاف في إفادة علم الآحاد اليقين والعلم لا في افادته العلم في مضمون الحديث . القضية الأخرى بالنسبة للمصطلحات التي ذكرها الشيخ الشقصي في كتابه حسب ما اذكر ان كل ما أتى بعد ابن بركه في نشر اللعارف قلده في كل املصطلحات الحديثة والقديمة وحتى في الغرب العربي المذهب الإباضي في القرن الثاني بالتحديد كان يغلب على علمائه المنهج الفقهمي والمنهج الحديثي لذلك ؛ فان الإمام جابر حدث وفقيه ؛ الإمام أبو عبيدة محدث وفقيه والإمام الربيع محدث وفقيه » بعد ذلك محبوب بن الرحيل أيضا له توجه نحو العناية بالسند لكن بعد ذلك لم يوجد عند المشارقة عناية بعلم الحديث إلا بعض اللفتات في كتاب ابن بركة (الجامع)ء وانقطعت العناية بعلم الحديث كلية وصار كل من أتى من بعد يقلد من سبقة في أمور التعريفات وفي ذكر الصطلحات حتى جاء الإمام السالي ويعد أن ذهب إلى الحج والقى محاضرات مع علماء المذاهب الأخرى ورأى ما عندهم من القوة في الحديث وذكر وكلام رجال الحديث ورجال المسانيد اقتنى كثيرا من كتب الحديث وكتب الرجال وشرح المسند وبذلك أسس منهج حديثي قائم بذاته عند الإباضية . أما في المغرب كذلك العناية بعلم الحديث كانت ضعيفة حتى ظهر الإمام أبو عبد الله وذلك في القرن السادس المجري وكان له دور في العناية بالسند في ترتيبهم وذكر رجال المسند ومن بعده لم يعرف المسند إلا قبل نهاية القرن العاشر أو الجادي عشر الهجري. كما ذكر الحاضر أن بعض الأحاديث قد تكون مدسوسة على الشيخ الشقصي في كتابه › وحقيقة ريما وجود بعض الأحاديث يدفع الإنسان إلى هذا الظن لكن أتصور أن في المسألة خطورة أن يشك في نص معين أو كتاب معين ويمكن أن يتوصل إلى الحقيقة باملوضوع بالقارنة يثبت النسخ المتعددة للكتاب الواحد. الود : بالنسبة لعنوان البحث قد وقعت في حيرة من أمري ولكنني أخذت من أحد الصطلحات لكلمة التخريج وهي إظهار الحديث فأنا حمت حول هذا الموضوع وأردت أن أركز على كيفية إظهار الشيخ للحديث في كتابه على أحد المصطلحات الموجودة عند علماء التخريج ء أما قضية التحديد من قضية الخبر الواحد فاني أرى في الحقيقة أن هذه القضية ترتبط بكفاءة العمل أو جودته أما الإشارة إلى قضية الإختلاف فأنا أتفق مع المعقب أن الإختلاف عند فئة من الناس فطبعاً من يكتب كتابة علمية يجب أن يشير إلى بعض الأختلافات ولا يضع المسألة ذريعة ء فالسألة فيها قول سطحي وآخر قطي فنشير إلى هذه الإختلافات ء وهنا أنا لا أعلق على ما ذكره شيخنا بأن قضية النساخ هو احتمال وارد وإنما أردت أن أشير إلى ما قام به الشيخ من حيث الفصاحة فهو شاعر جليل يستبعد أن لا يميز بين هذه الأحاديث فخطاً النساخ يقع فيه كثيرمن الناس وآفة موجودة ومعروفة عند المصطلحات الحديثة وقد يبلى الراوي بكاتب السوء » ونحن لا نتهم هؤلاء الكتاب بأنهم كتاب سوء » لكن هذه المفوات تحدث هنا لكن من غير قصد هذا ما أردت أن صل إليه لا من حيث الدسيسة أو ادساس عن قصد ء هذا ما أردت الإشارة إليه فقط. ® ©@® @ ۱۹۹ بسم الله الرحمن ن الرحيم المقدمة: الجمد الله رب العالين › والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين ء وإمام العلماء والمهتدين » وعلى آله وصحبه أجمعين » وبعد : فإنني أشكر القائمين على هذا الصرح العلمي على اهتمامهم المتواصل بإبراز الشخصيات العلمية العمانية » وتسليط الأضواء على جهودهم العلمية والإجتماعيةء كما أشكرهم على دعوتي للمشاركة في هذه الندوة المباركة ببحث يتناول : (مصادر الشيخ الشقصي كي كتابه منهج الطالبين) .وقبل الولوج في الحديث عن هذه اللصادر يحسن بي أن أطرح هذه الللاحظات : - الملاحظة الأولى: لم أستطع استقصاء مصادر الشيخ الشقصي إلا من خلال الجزء الأول من كتاب منهج الطالبين ٠ لذلك لا يمكن تعميم نتائج هذا البحث على الأجزاء الأخرى إلا بعد مواصلة الجهود في الأجزاء الباقية. سلك الشيخ الشقصي مسلك العلماء الذين لا يشيرون إلى مصادرهم إلا ناردا » ولذلك ۳ ا معرفة جمیع مصادرهم ولا يكن معرفة بعض مصادرهم تلك إلا ملاحظة الآراء 9( ) خاصة ذا عرفا أن شيع الشقصي عاش في فترة ازدهار ورخاء دولة البعرية ؛ فلا شك في امتلاكه لكثير من الكتب والمصادر . ومما يروى عنه انه أوصى بهذه الكتب . أنظر: : سيف بن حمود البطاشي ٠ إتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عمان ٠ ٠ مكتب المستشار الخاص لجلالة السلطان - للشؤون الدينية والتاريخية : مسقط ط١ ٠ ٠٠٠۲م ٠ ج ۳ء ص ١٥١٠ القهبة المنسوية إلى العلماء ء ثم البحث عما يطابقها من الآراء المذكورة في الموسوعات وال جوامع السابقة على ذلك الكتاب فيغلب علي الظن أن تلك الموسوعات والجوامع مصادر لذلك الكتاب. الملاحظة لايخفى أن المقصود من هذا البحث هو معرفة الكتب والمؤلمات التي اعتمد عليها الشيخ الشقصي في تأليفه منهج الطالبين » وإلا فهو كغيره من علماء المسلمين قد اعتمد على مصادر التشريع الإسلامي من القرآن الكريم » والسنة النبوية المطهرةء والإجماع والقياس ء والاستدلال. هذا ء وقد قسمت المصادر إلى قسمين : - أ-المصادر الأساسية: وأعني بها المصادر التي اعتمد عليها اعتمادا كبيرا » بحيث نقل منها صفحات عديدة بتمامها وکمالہا. أولا: كناب الضياء: ألفه الشيخ أبو امنذر سلمة بن مسلم بن إبراهيم العوتبي الصحاري العماني ٠ وما يؤسفنا جميعاً عدم معرفتنا بتاريخ مولده أو وفاته » ولذلك أختلف الباحثون في تحديد الفترة الزمنية التي عاش فيها ‏ فيرى الشيخ البطاشي (١)أنه من علماء النصف الأول من القرن الخامس الهجري ء بينما يرى الشيخ السيابي (۲) أنه عاش في النصف الثاني من القرن ا خامس المجري» أما شيخنا الخليلي (۳)فيرى أن الزمن قد أمتد بالعوتبي إلى القرن السادس الهجري. ولقد كان الشيخ العوتبي من أكابر علماء عصره فقهاً وأدباً وتاريخا » وله مؤلمات شهيرة متميزة » مثل كتاب الأنساب » ومعجم الإبانة » والضياء الذي يقع في أربعة وعشرين جزءاء (١) سيف بن حمود البطاشي اتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عصان | ٤ جاص ٠-٥۲ (مرجع سابق) (۲) المنتدى الأدبي ٠ قراءات في فكر العوتبي ط١ ٠ ۱۹۹۸م ٠ ممسقط ؛ ص۷۸ (۳) المنتدى الأئبي ٠ فراءات في فكر العوتبي ٠ ص١٠ (مرجع سابق) ۸ والذي يعتبر موسوعة فقهية اعتمد عليها الشيخ الشقصي في استقاء معلوماته » فهو ينقل منه صفحات بكاملها ؛ ومن أمثلة ذلك ما نقله في باب أسماء الله تعالى وصفاته (۱) نقلاً طويلاً حرفي من كتاب الضياء (۲)» هذا مع أني لم أعثر على ذكر للعوتبي ولا لكتابه الضياء في ثنايا الجزء الأول من كتاب منهج الطالبين. ثانيا: كتاب بيان الشرع: صنفه الشيخ محمد بن إبراهيم بن سليمان الكندي السمدي النزوي ٠ وهو من أشهر علماء عمان في النصف الثاني من القرن الخامس المجري ء وقد اشتهر بموسوعته البديعة المسماة (بيان الشرع) وهي تقع في اثنين وسبعين جزءا » وقد بالغ العمانيون في الاعتناء بها ودراستها » وقد توفي الشيخ الكندي -رحمه الله- سنة ثمان وخمسمئة للهجرة (۳). ويعتبر كتاب بيان الشرع أهم مصدر من مصادر الشيخ الشقصي في كتابه منهج الطالبين » فقد أكثر من النقل ٠ حتى لكأنك تقراً بيان الشرع عندما تقراً منهج الطالبين » وربما تصادفك صفحات كثيرة تزيد على عشرين صفحة متتابعة ء وكلها منقولة بنصها وفصها من کتاب بيان الشرع (4)ء ولذلك فإنه يجدر بي أن أوضح الفروق الطفيفة بين النتص الأصلي والنص المنقول مه : -= 0 قد يذكر الشيخ الشقصي الأصل الذي نقل منه في بداية النقل » كما في الصفحات ء ۸ ١ ۱۷۳ من الجزء الأول من المنهج › وأحياناً لا يشير إليه 4 كمافي الصفحتين » ١۲٠ ء٠ ١۱۲ من الجزء الأول من بيان الشرع. يجري الشيخ الشقصي بعض التغييرات الطفيفة على عبارات الأصل ء مما يعتبر تحسينا لما » ومثال ذلك : يقول صاحب بيان الشرع : -(قال أبو سعيد في العالم إذا أفتى بشيء شب ناسعد اشقصي تيع اين ويلع اين »طا ر ااام ٠ وزرة فرك لتقا سلف صان ب ۱ صن 29۱776۰ (۳) أنظر : سيف بن حمود البطاشي ٠ إتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عمان ٠ ج۱ ٠ ٢۳۱۹-۳۰۸ (مرجع سابق) )٤( انظر الصفحات : ٢٢٠۲۷۲-۲ من الجزء الأول من المتهج ٠ وقارنها يالصفحات ۲۳۸-٠۲11 من الجزء الأول من بيان الشرع. )۱( )۲( )۲( )٤( )٥( )٦( )۷( )^( يعلم الأصل فيه » فزلت لسانه في فتياء » فخالف الحق » أنه لا يسع امفتى أن يعمل بما أفتاء من الباطل ... ) (١)ء أما الشيخ الشقصي فيقول :(قال أبو سعيد : إذا أفتى العالم بشيء يعلم الأصل فيه » فزلت لسائه في فتياء » فخالف الحق ء أنه لا يسع المفتى أن يعمل با أفتاه العالم من الباطل ..) ٠ 0 إيضاح ما قد يوهم على بعض القراء » ومثال ذلك ما يقول الشيخ الكندي :(..فإت لا يسع المفتى أن يعمل با أفتاه من الباطل..) (۳)ء وقد أوضح الشيخ ما يعود عليه الضمير في قوله :(أفتاء) ؛ حيث يقول :(. أنه لا يسع المفتى أن يعمل با أفتاء العالم من الباطل) (4)ء لكيلا يظن أحد أن الكلام يدور حول فتوى الجاهل لثله. حذف اسم العالم المحكي قوله ؛ ومثال ذلك ما يقوله صاحب بيان الشرع :(..من جامع أبي محمد : والنسخ على ثلاثة أوجه نقله الشيخ الشقصي بقوله :(قيل : إن النسخ على ثلاثة أوجه ..) (1). وفي موضع آخر يقول صاحب بيان الشرع : (..وذلك فيما يجوز فيه الاختلاف 4 قال أبو سعيد -رحمه الله- : وهذه الأقاويل من المسلمين » كل منهم يتعلق بأصل يبني عليه وينتهي إليه ..)(۷) . أما صاحب المنهج فيقول : (... وذلك ما يجوز فيه الإختلاف » وكل منهم يتعلق بأصل يبني عليه وينتهي إليه ...) (۸) وسبب ذلك- والله أعلم- هو قصد الاختصار ؛ لآأن شيخنا الشقصي - رحمه الله - أراد أن يكون كتابه - وقد كان = مختصرا غير عخلَ يقول في مقدمته : (أما بعد: فإني لا رأيت العلم قد قل طالبه » وتقاصر أكثر الناس عن الرغبة فيه » وكلت محمد بن إبراهيم الكندي ٠ بيان الشرع ٠ وزارة التراث والثقافة ٠ سلطنة عمان ٠ مسقط ٠ ج١ ٠ ص١٦٠٦ خميس بن سعيد الشقصي ٠ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين : ج١ ص١۱۲ (مرجع سابق) محمد بن إبراهيم الكندي ٠ بيان الشرع ؛ ج١ ؛ ص٦٠ ٠ (مرجع سابق) خميس بن سعيد الشقصي ٠ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ٠ ج٠ ؛ ص١۲٠ ٠ (مرجع سابق) محمد بن إبراهيم الكندي ٠ بيان الشرع ٠ ج۱ ٠ ص۲۳۸ (مرجع سابق) خميس بن سعيد الشقصي ٠ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ؛ ج١ .ص٠٠۲٠ (مرجع سابق) محمد بن إيراهيم الكندي : بيان الشرع؛ ج٠ ٠ ص۷٠ (مرجع سابق) خميس بن سعيد الشقصي ٠ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ٠ ج١ (مرجع سابق) 1۱۱ البمم عن الوصول إلى مقامات السلف الماضين ٠ وعجزت عن درك مقاصد السابقين › استعملت خاطري في تصنيف مختصر أجمع فيه معالم الشريعة ء وأنظم فيه شتات الفقه ء وأبين أصله وفروعه ء وأجعل مسائلة مشروحة مجموعة ء متجاورة متتابعة مشروعة › فجمعت فيه بغاية الإيجاز الذي لا يكون معه ملال واختصار لا يزري به إقلال ولا إخلال .. وتقريباً للمطالعة » وتخفيفاً من أراد جمع أصول الشريعة ء لأن كتب أهل عمان السالفة منها الملختصرات التي هن دون الوصول إلى المراد» ومنها الملطوّلات التي يشق جمعها على أهل الطلب والارتياد . وهذا كناب يكتفى به عن المختصرات وامطوّلات ..) (١)(ولعلي أكون بذلك مستصحباً نصيحته الغالية - رحمة الله عليه - حيث يقول: (..فمن وقف على ما كتبته وألفته » ورسمته وصنفته فليمهّد لي العذر في تقصيري » ويسد الخلل من خطئي في تسطيري ..)(۲)هذا مع أني لا أعتبر ذلك من الخطا ولا من التقصير ء بل هو وفاء بما وعدنا به من الاختصار وهو توافق مع الأسلوب الذي جرى عليه العمل في تلك الأعصار. حذف ما يراء مكنا الاستغناء عنه في موضع الباب » فقد حذف الشيخ الشقصي في باب الناسخ والمنسوخ قول الشيخ الكندي : (واختلف الناس في أول سورة أنزلت فقال بعض..) (۳) مع أن ما قبل هذه الفقرة وما بعدها جميعه مثبت من بيان الشرع. (4) شالا 1 1 لمصنك: صَفه الشيخ أبو بكر أحمد بن عبد الله بن موسى الكندي النزوي » الذي كان من أبرز علماء عمان في القرن السادس المجري »› أخذ العلم عن الشيخ أحمد بن محمد بن صال الغلافقي النزوي له مؤلفات عديدة منها التخصيص « والاهتداء 6 والتسهيل والتيسير › وسيره البررة وال جوهر المقتصر 6 الذخيرة 6 والتقريب « غير أن أشهر مؤلفاته هي موسوعته الفقهية (١) خميس بن سعيد الشقصي ٠ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ٠ ج١ ٠ ص۹-١٠ (مرجع سابق) (۲) خميس بن سعيد الشقصي ٠ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ٠ ج١ ٠ ص۷١ (مرجع سابق) محمد الكندي ٠ بيان الشرع ٠ ج١ ٠ ص۲۳۹ .٠ (مرجع سابق) انظر : خميس بن سعيد الشقصي ۽ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ٠ ج٠ ٠ ص٠٠۲ (مرجع سابق) ١۱۱ اللسماة الملصنف › والتي تقع في واحد وأربعين جزءا توفي -رحمه الله - عام سبعة وخمسين وخمسمئة للهجرة (۱) . ويعتبر كناب المصنف من أهم مصادر الشيخ الشقصي 4 فقد أكثر النقل منه ٠ كما يتضح ذلك في مواضع متعددة » ومنها ما جاء في القول الثالث عشر في العلم بالواجبات من الحزء الأول من النهج (۲) ٠ فإنه منقول نقلا يكاد يكون حرفي من الباب الثاني والثلاثين في لزوم العلم بالواجبات وما أشبه ذلك من الجزء الأول من الملصنف (۳). وكان الشيخ الشقصي لا يذكر اسم الشيخ الكندي النزوي ولا اسم كتابه اللصنف عند النقل منهء بل لم أعثر في الجزء الأول من المنهج على ذكر لهما » وكان الشيخ الشقصي يجري تغييرات طفيفة تزيد المعنى وضوحاً » ومن أمثلة ذلك قول صاحب المصنف : (إن الحكم إِذا كان مطلوباً من الأمة قام الدليل على خط يعضه وذهابه عن الحق » وكانت الطائفة مصيبة كإجماع الأمة » وكانت هي الأمة » وجاز أن يحتج بقولها ء وقد أخذه الشيخ الشقصي قائلاً : (إذا كان ال حكم مطلوباً من الأمة وقام الدليل على خط بعضه ء كانت الطائفة المصيبة كإجماع الأمةء وكانت هي الأمة » وجاز أن يحتج بقولما) (٥) ب:المصادر الأخرى: (١) ‏ لنظر:سيف بن حمود للبطاشي ۽ إتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عمان ؛ ج۱ ٦۴۳۸-۳۲ (مرجع سابق) )۲( أنظر : خميس بن سعيد الشقصي ٠ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ؛ ج١ ؛ ص ١۱۸۳-۱۸ (مرجع سابق) )۳( أحمد بن عبد الله الكندي ٠ المصنف» وزارة التراث والثقافة ٠ سلطنة عمان ؛ مسقط ٠ ج٠ ٠ ص ٠١٠١-٠١٠ (٤) ‏ الحمد بن عبد الله الكندي. ؛ المصنف ٠ ج٠ ٠ ص١٠٠ (مرجع سابق) ‎ )*(‏ خميس بن سعيد الشقصي ٠ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ٠ ج٠ ٠ ص١٠٠(مرجع سابق) ‎ أولا:سيرة الشيِخ أبي معاوية: هو الشيخ العلامة أبو معاوية عزان بن الصقر النزوي » كان من أركان العلم في عمان في الثلث الأوسط من القرن الثالث المجري ء توفي سنة تمان وستين ومئتين.(1) وقد أشار الشيخ الشقصي إلى أبي معاوية - رحمه الله- عدة مرات في الجزء الأول من منهجهء كما أشار إلى سيرة أبي معاوية مرة واحدة » يقول: (وقال أبو معاوية في سيرته بعد نسبة أئمة اللؤمنين : نسأل الله - تعالى- اللحاق بهم ء والاتباع لهم والأخذ بسيرتهم › ..) (۲) ولم أطلع على معلومات ترشد إلى أماكن وجود كتاب (سيرة أبي معاوية ) إن کان موجودا. ثانیا: جامع ابن جعافو: صنفه الإمام أبو جابر محمد بن جعفر الأزكوي ء الذي يعد من جهابذة علماء عمان في النصف الثاني من القرن الثالث المجري ء من شيوخه الإمام محمد بن محبوب »٠ ويعد كتابه (ا جامع) أقدم الكتب المشهورة المتداولة إلى هذا العصر ء ولقد كثر اهتمام علماء عمان بهذا الكنز حتى أطلقوا عليه لقب (قرآن الأثر) (۳). ومن استقراء الجزء الأول من المنهج تتبين قلة الإشارة إلى الشيخ أبي جابر أو جامعه ء مع كثرة النصوص التي يرجم أصلها ومنشؤها إلى أبي جاير = رحمه الله = مرورا بقناطر العبور المتمثلة في المصادر الأساسية الثلاثة. ومن أمثلة ذلك ما أورده الشيخ الشقصي في حكم الشهادة للناس بالجنة ء وأوله : (وقال محمد بن جعفر: وقيل :لا يشهد لأحد بالحنة إلا الأنبياء ..) (4)ء وهذا النص وما قبله منقول من بيان الشرع مع بعض التغيرات (0) » أما الأصل الحقيقي لهذه المسألة فهو في جامع ابن جعفر : (.. وقيل : لا يشهد لأحد بالحنة إلا الأنبياء ..) (1) ہہ (١) سيف بن حمود البطاشي ٠ إتحاف الأعيان ٠ ج١ ٠ ٦٢۷-۲٥٠۲ (مرجع سابق) (۲) خميس بن سعيد الشقصي ۽ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ؛ ج١ ٠ ص٠1 (مرجع سابق) (۳) انظر : سيف البطاشي ٠ إتحاف الأعيان ٠ ج١ ٠ ٠۲۷۳-۲۷۱ (مرجع سابق) (٤) خميس بن سعيد الشقصي ٠ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ٠ ج٠ ٠ ص١٠٠ (مرجع سابق) )٥( انظر: محمد الكندي ٠ بيان الشرع ء ج۲ ص۱۷۲ وما قبلها وما بعدها محمد بن جعفر الأركوي ٠ الجامع ٠ وزارة التراث والثقافة سلطنة عمان ٠ ج١ ٠ ص١١٠ ۱۳ ثالنا: جامع أبي الحواري: للإمام العلامة أبي ال حواري محمد بن الحواري القري 4 كان علما من أعلام عمان في النتصف الثاني من القرن الثالث المجري » من شيوخه » الإمام محمد بن محبوب » والشيخ أبي جابر الإزكوي ٠ والشيخ نبهان بن عثمان » والشيخ أبو المؤثر الصلت بن خميس. (۱1) وقد ذكر أبو ال حواري في الجزء الأول من المنهج عدة مرات » وبعض تلك النقول موجود في كتاب (جامع أبي الجواري) فلعل الشيخ الشقصي نقلها منه والله أعلم بحقيقة الأمر 4 ومن تلك المواضع ما يقوله الشيخ الشقصي :(وقيل : مما كتب به أبو الحواري (رحمه الله) إلى أهل حضرموت :إن الذي فرق بين أموال أهل القبلة السنن الماضية التي يهتدي بها › والآثار المتبعة التي يقتدى بها » ليس لأحد فيها اختيار ولا رأي ولا قياس ...) (۲)ء وهذا يتطابق تطابقا تاما مع ما في جامع أبي الجواري (۳)أما في بيان الشرع (4) فقد جاء التصان متشابهين مع إضافة كلمتين في أول النص هما : اعملوا رحمكم الله » فيترجح بذلك رجوع الشيخ الشقصي إلى جامع أبي الحواري مباشرة. رابعا: مؤلفات الامام أبي سعيد الكّدوي: هو الإمام العلامة أبو سعيد محمد بن سعيد الناعبي الكدمي کان جبلا راسیا من جبال العلم في عمان أبان القرن الرابع المجري ولا سيما الثلث الأوسط منه ء ترك لمن جاء بعده آثارا قيمة تتسم بالعمق والتحليل » من أبرزها كتاب الإستقامةء وكتاب المعتبر (0). هذا وقد أمتلأت الآثار العمانية بآراء الشيخ الكدمي › واحتوت على جواباته المختلفة في ميدان الولاية والبراءة وتلقفتها الآثار اللاحقة من السابقة » ولم يكن شيخنا الشقصي بمنأى (١) سيف البطاشي ٠ إتحاف الأعيان ٠ ج٠ ٠ ٢۲۷-٠۲۷ (مرجع سابق) (١) خميس بن سعيد الشقصي ۽ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ؛ ج١٠ ص۷٠٠ (مرجع سابق) )۳( محمد بن الحواري ؛ جامع لبي الحواري ٠ ط١٠ وزارة التراث والثقافة ١۹۸٠ء ج١ ٠ ص٠٦۷ (٤) محمد الكندي ٠ بيان الشرع ٠ ج٠ ٠ ص٥٥ ٠ (مرجع سابق) )°( افظر: سيف البطاشي ٠ إتحاف الأعيان ٠ ج۱ء ۲۸۲-٤۲۹ (مرجع سابق) المنتدى الأدبي ٠ قراءات في فكر أبي سعيد الكدمي › ط١ .ام ص۱۲-۔ عن ذلك ء بل لقد تكرر ذكره ما يزيد على أريعين مرة في الجزء الأول من المنهج » مع ما عرفتاه سابقا من منهجه في التقليل من ذكر أسماء العلماء » والذي يبدو أنه استفاد من مؤلفاته المشهورة كالإستقامة والمعتبر والجوابات والزيادات على كتاب الإشراف ء مع أني لم أجد تصريا باسم المؤلفات التي أخذ منها آراءء إلا في موضع واحد حيث قال: (ومن كتاب المعتبر: وقيل في خطاً العالم الذي يجوز له أن يفتي بالرأي مرفوع عنه » وصوابه مأجور عليه ..)(١)› ثم أتيم ذلك تقلا طويلا عن أبي سعيد » وقد وجدت الأصل في كتاب المعتبر (۲) وهذا النقل موجود أيضا في بيان الشرع (۳)إلا أنه تترجح عودة الشيخ الشقصي إلى كتاب العتبر لا بدلالة تصريه باسم الكتاب » على رغم عدم تصريح صاحب بيان الشرع باسم الكتاب والله أعلم. خامسا: جامع ابن برڪة: صنفه العلامة أبو محمد عبد الله بن محمد بن بركة السليمي البهلوي الذي ولد في أواخر القرن الثالث ء واعتبر من العلماء الراسخين في العلم » وقطبا من أقطاب العلم في عمان في الثلثين الأولين من القرن الرابع المجري ء من مؤلفاته كتاب التقييد » وكتاب الموازنة › وكتاب التعارف » وكتاب الجامع الذي يعد بحق كتابا متميزا باحتوائه على مهمات الأصول والفروع. (£) والناظر في كتاب منهج الطالبين يجد يجموعة كبيرة من المواضع التي تكاد تتطابق مع مافي جامع إين بركة » مع الإشارة أحياناً إلى أن هذا الكلام من قول أبي حمد. (٥) سے )۱( خميس بن سعيد الشقصي ٠ منهج ١ لطالبين وبلاغ الراغبين ٠ ج١ ٠ ص٣۱۲ (مرجع سابق) أبو سعيد الكدمي › المعتبر › وزارة التراث والثقافة ٠ سلطنة عمان؛ ط١ ٠ ١۹۸١م ٠ ج٠١ عص ؟۲ ٠ وما يعدها )۳( محمد الكندي بيان الشرع ٠ ج١ :س۸٦ وما بعدها (مرجع سابق) انظر : سيف البطاشي ٠ إتحاف سابق) المنتدى الأدبي ء قراءات في فكر ابن بركة البهلوي .ط١ ٠ ٠٠٠۲م ء ص ٠٠-۲۲ ء٠ زهران بن خميس المسعودي ٠ الإمام ابن بركة ودوره الفقهي ٠ ط١ ٠ ٠٠٠۲م ٠ وزارة الأوقاف والشؤون الدينيه .ص 0.1۳-۳۹ عثرت في الجزء الأول من المنهج على خمسة عشر موضعا ذكر فيه أبو محمد ٥\1 ومن أمثلة ذلك ما جاء في باب القياس التماثل › إلا أنني لا أستطيع ال جزم بأن تلك الواضع منقولة من جامع أبي محمد لأن جميع الموسوعات العمانية القديمة قد اعتمدت الجامع مرجعا مھماً لہا. والدليل على ما ذكرته أك تجد في كتاب المصنف مثلا نقلا عن الشيخ ابن بركة » ثم تجد في منهج الطالبين ذلك النقل مندمجاً في ثنايا كلام صاحب الصنف ء على نفس النسق وعلى وتيرة واحدة » ومن أمثلة ذلك ما جاء في باب التقليد والفتوى (۲)ء فيتبين لك أن الملصدر ا لحقيقي لصاحب المنهج هو کتاب ۱ للمصنف. سادسا:جامع البسيوي: وتأثر بمذهيه » ولا سيما مذهبه في الولاية والبراءة. (۳) والشيخ الشقصي كثيرا ما يذكر الشيخ أبا الحسن في كتابه » ولكن ينبفي التنبيه إلى محئ هذه الكنية مرة واحدة على سبيل الخطاً للدلالة على عالم آخر ء فقد جاء في المنهج ما نصه :.(وقال أبو الحسن بن أحمد - رحمه الله- ..) (4)» وما أظن ذلك إلا من أخطاء النساخ ء أوهومن الأخطاء الطباعية » والصحيح أنه الشيخ أبو علي الحسن بن أحمد بن نصر الهجاري (١) النظر: خميس بن سعيد الشقصي ٠ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ٠ ج١ ص٩۸ (مرجع سابق) عبد الله بن محمد بن بركة البهلوي الجامع ٠ وزارة التراث والثقافة ؛ سلطنة عمان ٠ ٠ج ص )۲( أنظرنخميس بن سعيد الشقصي ٠ ٠ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ٠ ٠ج ۸١11۹-۱ (مرجع سابق) أبن بركة ؛ الجامع ج٠١ء ص١١٠(مرجع سابق) أحمد الكندي ٠ المصنف ٠ ج٠ ٠ ص١١٤٠ - (مرجع سابق) وقارن بين الموجود في الكتب الثلاثة. )۳( أنظر: سيف البطاشي ٠ اتحاف الأعيان ٠ ٠ج ١٠۲۰۷-۴ (مرجع سابق) )٤( خميس بن سعيد الشقصي ٠ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ؛ ج١ ؛ ص٢۲۷۸ (مرجع سابق) هو من علماء القرن الخامس ٠ وأجوبته كثيرة ومبثولة في كتب الفقه العماني ٠ وهو شيخ صاحب بيان الشرع على الصحيح ٠ توفي سنة اثنتين وقيل ثلاث وخمسمنة للهجرة ٠ انظر: سيف البطاشي ٠ إتحاف الأعيان ٠ ج٠ ملاحظة : سقطت كلمة (علي) سهوا في صفحة ٢۳۲ من الإتحاف ٠ فجاء الكلام هكذا ٠ هو الشيخ أبو الحسن بن أحمد.. فلينتبه لذلك. ۱۱۹ ومن النقول من جامع البسيوي ما ورد في باب اموت والبعث والحساب ٠ يقول الشيخ الشقصي : "فصل: وسئل أبو الحسن البسياني - رحمه الله- عن عذاب الموتى في القبر فقال: هم عبيد الله تعالى » إن شاء عذبهم في القبر وفي الدينا وفي الآخرة ء وإن شاء رحمهم ء أما عذاب الآخرة فلا شك فيه لمن مات غير مؤمن (١)ء وأصله في جامع البسيوي كالآتي: (..قإن قال: فما تقول في عذاب القبر ؟ قيل له : إن ذلك إلى الله وهم عبيده » إن شاء عذبهم في الدنيا وفي القبروفي الآخرةء فأما عذاب الآخرة فلا شك فيه » ومن لم يؤمن بالجنة والنار وعذاب الآخرة فليس بمؤمن ..)(۲). واللاحظ أن الشيخ الشقصي يجري بعض التغييرات على الأصل ء فهو في النص السابق قد قيد عبارة أبي الحسن عن عذاب الآخرة بمن مات وهو غير مؤمن وذلك لدفع مايتوهم من شمول عذاب الآخرة لجميع الناس. صنفه الإمام أبو حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي » له نحو مئتي مصنف ء توفي في طوس من خراسان عام خمسة وخمسمئة للهجرة (۳) وقد نقل الشيخ الشقصي من الإحياء في موضع واحد من الجزء الأول من منهجه ء يقول:(قال الغزالي : التوحيد (٤)جوهر نفيس ء وله قشران أحدهما أبعد عن اللب من الآخرء... » فهو معدن التوحيد ومقره) (0). وقد وجدت هذا الكلام في كتاب إحياء علوم الدين(1) » ولكن يلاحظ أن الشيخ الشقصي أجرى تعديلين على الأصل ء يتمثل أولهما في تقديم بعض الفقرات وتأخير بعضها › ويتمشل ہے (١) خميس بن سعيد الشقصي ٠ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ٠ ج١ء ص۷٠٠ (مرجع سابق) )٢( علي بن محمد البسيوي ٠ جامع البسيوي ٠ وزارة التراث والثقافة ؛ سلطنة عمان ٠ ۱۹۸۴م ٠ ج١ ٠ (۳). انظر: خير الدين الزركلي › الأعلام ٠ دار الم للملايين ٠ بيروت لبنان ٠ ط١١ء ۱۹۹۷م : ج۷ ؛ (4) جاء في المنهج: تفسير جوهر نفيس وهو خطا طباعي بلا شك. (*) خميس بن سعيد الشقصي ٠ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ٠ ج١ ٠ ص۳۳۲-۳۲۹ () محمد بن محمد الغزالي ٠ احياء علوم الدين › دار المعرفة ٠ بيروت ۽ لبنان ۱۹۸۳م ٠ ج١ .ص ۴-٢۴ ۱\۷ الآخر في الرد على قول الغزالي : (فلا يرى الخير أو الشر إلا من الله جل جلاله) » حیث رأی الشيخ الشقصي أنه لا ينبغي أن يوصف الشر بكونه من الله . وإنما يقال : هو خالق الخير والشرء لأن الشر صفه غير حسنة » وإن كان كل شيء بقضاء الله .. الخ. (۱). ثامنا: مؤلفات الشيم عثمان الأصم: هو الشيخ العلامة عثمان بن أبي عبد الله بن أحمد العزري النزوي الملقب بالأصم « ارتقى إلى منزلة رفيعة في العلم في الثلث الأخير من القرن السادس والثلث الأول من القرتن السابع » وخاصة في علم التوحيد » له مؤلفات جليلة واسعة رزئنا بفقد معظمها ء منها كناب التاج الذي يقع في أربعين جزءا » وأوصله بعضهم إلى واحد وخمسين جزء . لا أعرف شيا عنها إلى الآن » وله أيضاً كتابان مطبوعان هما كتاب النور وكتاب البصيرة » انتقل إلى جوار ريه الكريم سنة إحدى و ثلاڻين وستمئة. (۲) وقد أشار الشيخ الشقصي في الجزء الأول من منهجه إلى الشيخ الأصم عدة مرات وأشار إلى كتاب التاج مرة واحدة فقط ؛ يقول: (وفي كتاب التاج : إنه جائز الأخذ بالرخصة لمن اضطر إليها » ما يروى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن الله يحب أن يؤۇخذ برخصه كما يحب أن يۇ خذ بعزائمە" ..) (۳) تاسعا: أحد كنتب المغاربة: أشار الشيخ الشقصي إليه بدون تحديد عنوان الكتاب ؛ يقول :(فصل: ومن كتب المغارية(4) : أختلف أهل هذه الدعوة المباركة في أمر لم يكن لهم الاختلاف فيه الذي دانوا به كله واحد : القرآن هو الإمام » واللغة معروفة. اختلفوا في صفات الله -تعالى- › فقال قوم : (١) انظر: خميس بن سعيد الشقصي ٠ منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ٠ ج٠ ٠ ص۳۳۰ (۲) سيف البطاشي. إتحاف الأعيان ٠ ج٠. ص ۳۹٤-٦٠4 (مرجع سابق) ‎ )۳(‏ خميس بن سعيد الشقصي ٠ منهج الطالبين ؛ ج٠ ٠ ١۳٠-۱۳۷ (مرجع سابق) ‏() شار الشيخ سالم بن حمد الحارثي محقق المنهج إلى أن لفظ المغاربة في كتب العمانيين يقصد به إباضية المغرب العربي ٠ وهم إباضية الجزانر وتونس وليبيا ‎ صفاته حدثه مخلوقة » وقال آخرون : بل لم يزل الله وله الأسماء الحجسنى ... فتفهموا ما وصفنا تجدوه نیرا سهلا ولا قوة إلا بالله » عصمنا الله وإياكم بالتقوى . تم الذي من كتب أهل الغرب» والله الموفق ) ولقد حاولت معرفة الكتاب الذي تقل مته التص السالف وهو - كما هو واضح - يتعلق بعلم الكلام وبحشت عنه في كتاب الدليل والبرهان لأبي يعقوب الوارجلاني 4 وکتاب المدل والإنصاف له أيضاً وكتاب الموجز لأبي عمار ولكني لم أجده. هذا ما تيسر لي الحصول عليه من مصادر شيخنا الجليل الشقصي - رحمه الله تعالى- › ولا يعني ذلك أني استقصيت جميع مصادره » لعدم ذكره للمصادر غالبا - كما سبق- ولأن أولئك العلماء كانوا علماء موسوعيين » أي أن مصادرهم كانت متعددة ومتنوعة 4 ولأني لم أستقص جميع أجزاء كتاب منهج الطالبين. وختاما أسأل الله تعالى أن يثيبني على هذا العمل التواض ضع ء وصلى الله وسلم على ۱ سیدنا محمد « وعلى آله وصحبه أجمعين « وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ® © )0( خميس بن سعيد الشقصي ۽ منهج الطالبين ٠ وبلاغ الراغبين ٠ ج۱ ٠ ٢۲۱۲-۲۰ ۱۹ المداخلات المداخلة الأول : كانت عبارة عن إضافة بدأها المداخل بقوله : بالنسبة للبحث في مصادر الشقصي لا يمكن أن يستقصيها الباحث من جلد واحد حيث تكون تلك المصادر التي ذكرها المحاضر موجودة هنا وهناك وغيره وهكذا لو توسع الأستاذ الباحث بدراسة مصادر أجزاء كتاب الشيخ جميعها لتكون الفائدة أعم وأشمل. الود: إن الإعتماد على جزء واحد يعتبر تقصيرا في البحث ولا شك في ذلك ٠ طبعاً الملصادر الأساسية في الغالب واحدة والشيخ سالم بن حمد الجارثي الحقق ذكر بيان الشرع واللصنف والضياء في المراجع الأصلية وهذا مذكور وأما المراجع الأخرى فمن الصعوية بمكان في جميع أجزاء كتاب منهج الطالبين لأنه لا توجد أسماء الكتب وإنما تؤخذ المقالات وتذهب متابعتها إلى المراجع. ® © © 4 الطالبس "و راسة لل تقديم د. / محمد سالم أبو عاصي رئيس قسم أصول الاين ۹١۱ )1( ترجمة صاحب منهج الطالبين وبلا الراغبين هو الشيخ: خميس بن سعيد بن علي بن مسعود الشقصي الرستاقي ...٠ هذا ما يذكر من نسبه» وهو ما جاء في مقدمة حقق كتابه (منهج الطالبين)ء والذي أثبت على کتابه هذا عند طبعه.(۱) وأما مولده: فيتحرى فيه أنه كان اخر القرن العاشر المجريء وهو قريب إلى النفمس من حيث ما جاء ذكره في السير أنه تزوج أم الإمام ناصر بن مرشد اليعربي» من بعد مرشد أب الأمام. ثم يذکر إنه كان قدوة العلماء المبايعين للإمام ناصر بن مرشد بالإمامة» وقد كانت بيعة الاإمام ناصر بن مرشد عام وظل مناصراً للإمام ناصر طيلة حياتهء وقائدا لبعض جيوشهء فقد كان مسيره مع الإمام إلى نزوىء وهكذا إلى ينقلء وكان على رأس جيش الإمام إلى معاقل مسقط وما حولما لإخضاع البرتغاليين وقد زل مطرح وأناخ بها فجاءء التصارى مسالين وأخذ منهم العهد وعاد ظافرا إلى الإمام. ثم يرد كذلك أنه ممن رثى الإمام ناصر بعد وفاتهء وله ذكر في دولة الإمام سلطان الذي بويع بعد الإمام ناصرء وقد كانت وفاة الإمام ناصر وبيعة الإمام سلطان عام (0۹٠1ھ).(۲) فإذا: إذا كان شيخنا المترجم له (قدوة العلماء) في بيعة الإمام ناصر عام (١٤۳٠٠ه) فلا بد أن له من العمر يومئذ ما يقارب الأربعين على أقل تقدير وقد عاش بعدها ٢۲ عاما هي مدة دولة )۱( منهج الطالبينءج١ ص ١ء مقدمة التحقيق للشيخ سالم بن حمد الحارثي. )۲( راجع في هذا: تحفة لنور الدين السالمي: ج ص۷ ط: مطبعة الإمام بمصر الفتح المبين؛ لحميد بن محمد بن رزيقء ص۲٠۲ء ط۲ لوزارة ٠ التراث. الشعاع الشائع باللمعان) لأبن رزيقء ص٤٠1٠ ٠٠٠ ٢۲ء ط عيسى الباني الحلبي لوزارة التراث ۸-۱۴۹۱ ۱۹۷). الإمام فيكون مجموع هذه السنوات 10 سنةء إذا قدرنا عمر شيخنا بزيادة قليلةء يتحقق عندنا ميلاده آخر القرن العاشر المجري. وإذا أردنا الحديث عن الشيخ كعالم فذ ء فإننا لا يد أن نعهد إلى ذكر طبقته وشيوخه وتلامذته ومؤلفاته . فأما طبقة الشيخ : فهو كما تبين من أعلام القرن الخادي عشر ء أوله على التحديد » ومن هو معه في هذه الطبقة سنحاول ذكر بعضهم فيما سيأتي. وأما أشياخ الشيخ: فمن المؤسف أننا لا نجد المصادر مسعفة بأشياخ هذا العلم الباذخء: وذلك أول التنوية بذكره يأتي عندما تذكر بيعة الإمام ناصر بن مرشد اليعربي ويذكر أنه كان يومئذ قدوة العلماء(۱ ) .وهذا لا يكون إلا إذا كان الرجل قد نبه» ولا يكون ذلك إلا وقد بذل غلما وسنا بالملازمة» فهو عندئذ في عمر الكهوله أي قد بلغ الأربعين تقريبا. وطلبه العلم لا بد وأن يكون في غضارة الشباب وشرخهء وعلى ما نتوقم فشباب هذا الشيخ كان بين آخر القرن العاشر وأول الجادي عشرء وهذا زمن بني نبهان التأخرين ومن جاء إثرهم ,¦ وهذا العهد لم يهتم فيه أحد برصد الحركة العلمية بقدر ال جهد في رصد الأحداث الأخرى السياسية ' والعسكرية.. بين أن نسب العلم غير منقطع في ذلك العهد ولا ريب» فقد كان هناك علماء كانت .أصواتهم عالية وسط صخب الأحداثء وكانت لهم قوة فاعلة لما حضورها في ء ووجود هؤلاء- وهم ليسوا بقلة- يكفي لوصل الحبل إلى عهد الطلب للشيخ المترجم له ويؤيدە ما يأتي ذكره من أهل العلم الذين كانوا من طبقة الشيخ وعلى عهده. يقول الشيخ السالي في (تحفة الأعيان)(۳) عند ذكر بيعة الإمام ناصر بن مرشد: (بل قيل إن عدة العلماء يومئذ كانوا أربعين عالما أو يزيدون» ولعلهم لم يحضروا كلهم بل حضر بعضهم (١) تحفة الأعيان؛ السالمي ص۷. (۲) يتأكد ذلك من مراجعة التاريخ لهذه الحقبةء فما كان يحدث من أحداث سياسية كانت محركاته دينية علمية في كثير من الأحيان. إذ يقع التتازع على شرعية الحكم وكل يرى رأياء: وأصحاب الرأي هنا من العلماء؛ فانظر مثلا الى قضيةَ نصب الإمام بركات بم محمد بن إسماعيل الحاضري؛ ومن حالف )۴( ونصب عمر بن القاسم الفضيلي؛ وهذا أو أخر النصف الأول وبداية النصف الثاني من القرن العاشر. ص۷. ۱۲۳ ورضي الباقون). (ويقول ابن رزيق في الفتح المبين(۱) : (... وكان المجتمعون لذلك الشأن وهو(۲) واحد هم سبعون رجلا من جهابذة العلماء الأعلام). فها نحن نرى أن بيعة الإمام ناصز والتي كان على رأسها الشيخ المترجم له» قد حضرها من العلماء هذا العدد الوافر» مما يدل على وجود حركة علمية زاخرة رقبتها عين التاريخ بإجلال لم تتهياً معه اليد التي تدونها. ونحن هنا بصدد ذكر بعض العلماء الذين كانوا مع صاحب الترجمة عضد للإمام ناصرء فمنهم : - العلامة مسعود بن رمضان النبهاني السمدي النزوي. - العلامة صالح بن سعيد الزاملي العقري النزوي. - الشيخ العالم خميس بن رويشد. - العلامة عبدالله بن محمد بن غسان الكندي النزويء صاحب (خزانة الأخيار في بيع الخيار). - الشيخ سعيد بن محمد بن عبدالله النزوي. - الشيخ صالح بن سعيد المعمري السعالي النزوي. - الشيخ أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر العقري النزوي. - الشيخ سعيد بن أحمد بن محمد الخراسيني» صاحب (فواكه العلوم في طاعة الحي القيوم): وغير هؤلاء جملة تذكر أثناء الأحداث المحتدمة على عهد الإمام ناصر بن مرشد والتي كان الشيخ الشقصي عالا بارزا فيها(۳). إذا فأي من هؤلاء يحتمل أن يكون من طبقته او تلامذته» بل وحتى شيوخهء فمثلا: الشيخ صالح بن سعيد الزاملي يرد ذكره في أواخر عهود النباهنة المتأخرين(٤) وهي فترة الطلب لشيخنا (١) (۲) آي الإمام ناصر بن مرشد. (۴) رالجع في ذلك سيرة الإمام ناصر بن مرشد في كل من: تحفة الأعيانء الفتح المبين؛ الشعاع الشانع باللمعانء سيرة الإمام ناصر بن مرشد لعبدالله بن خلفان بن . (٤) التحفة اللترجم لهء فيحتمل أن يكون شيخه أو أن يكون قرنا سابقا له في العمر, ٠ (والشيخ مسعود بن رمضان هو أيضا من القادة البرزين للإمام كما كان شيخنا فيحتمل أن يكون ن ویری اسیا لباحئين انين أن الشيخ سعيد ين احمد الخراسيني صاحب (فواكة اللوم هو من تلارذة من الشيخ الجليل ء لقول صاحب الفواكه في كتابه (شيخنا ويركتنا قاضي امسلمين...) قاصدا بذلك الشيخ الشقصي(۱). أما مؤلفاته: فلا يعلم له إلا هذه الموسوعة الزاخرة التي تقوم مقام كتب جمةء وذلك هو كتاب (منهج الطالبين وبلاغ الراغبين) الذي أعجب به الشيخ الثميني صاحب النيل فاختصره في سبعة مجلدات كتابا أسماه (التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم)(۲). وما تحن بصدد ذکره ما منهج الشيخ في كتابه (المنهج)ء ولهذا علاقة بموضوع ارتباط هذا الكتاب بها سبقه من كتب موسوعية جليلة اعتمد عليها هذا الشيخء فنحن نلمح هنا أنه قد تقدم عهد الشيخ أعلام كيار خلفوا آثارا عظاماء من ذلك : - الأعلام آل الرحيل محمد بن محبوب بن الرحيل» وأبوه وابنه وابن ابنه سعيد بن عبدالله الإمام الرضي» وما علموا به من آثار جليلة. - الإمام أبو سعيد الكدمي وكتبه وآثاره من أجوبةء والاستقامة والمعتبر. = الإمام ابن برکه وما خلف من آثار. = الشيخ محمد بن إبراهيم الكندي وموسوعته بيان الشرع. ¬ الشيخ أبو بكر أحمد بن عبدالله الكندي وكتابه اللصنف. - الشيخ العوتبي وكتابه الضياء. وغيرها موسوعاتء وأكثر من عدها بحورا زاخره وعلماء أفذاذا وأئمة أهل قدوة حملوا الأمانة وأدوها على جهد المقدورء فرضي الله عنهم وأرضاهم وأمطر شآبيب الرحمة على مشواهم وجمل الجنة مستقرهم ومأواهم. (١) سلطان بن مبارك الشيباقي. ٠ مقدمة تحقيقه لسيرة في ذكر الأنمة وأخبارهم وزياداتها: ص: د. (؟) طبع ونشر تنشره وزارة التراث والثقافة. )۳( منهج الشين الشقصي في كتاب منهج الطالبين دعونا أولا نبد بمقدمة عن طبيعة (المنهج ) وشروطهء إذ هي من الأهمية بمكان مكين نظرا للخلط الشائع في طبيعة هذه الكلمة عند كثير من المعاصرين. فمرادنا بهذه الكلمة انها تعني الطريقة التي يصل من خلالما الباحث إلى الحق الذي يبتغيهء ومن طبيعة هذا (المنهج) أيا كان هو أنه يكتشف اكتشافا ولا يبدعه العلماء إبداعاء أي إنه حقيقة ثابتة تركن إليها العقول وتتعامل معها الفطرة الإنسانية السليمة. ومن أهم شروط هذا المنهج: أن يكون له وجود ذاتي أصيل في طوايا الفكر الإنساني ومعاني الفطرة الإنسانية الأصيلة. الشأن فيه كاشأن في الأصول البدهية والفطرية من المعارف الأساسية الأولية. وليس للعالم أو الباحث حيال هذا المنهج إلا الرصد ثم الاكتشاف ثم الصياغة إذا تمهد لك هذا فإنا نقول: يعد كعاب (منهج الطالبين ويلاغ الراغبين) من أفضل الكتب التشريعية التي ألفت بعد القرن السادس المجريء وهو بحق موسوعة تشريعية جمعت الفقهين الأكبر بكل قضاياهء (أصول الدين) والأصغر بكل أبوابه وموضوعاتهء وكذلك ما فيه من علوم القرآن والتفسير والقصص والتاريخ. وقد مهد مؤلفه - رحمه الله- على غير عادة الكثيرين من معاصريه بقدمة عرض فيها طبيعة الكتاب ومحتواء والهدف من تأليفه والمنهج المترسخ في فطرته الإنسانية. قال - رحمه الله- : (فإني ا رأيت العلم قد قل طالبه وتقاصر أكثر الناس عن الرغبة فيهء وقلت الهمم عن الوصول إلى مقامات السلف الماضين وعجزت عن درك مقاصد السابقين ء استعملت خاطري في تصنيف مختصر أجمع فيه معالم الشريعة وأنظم فيه شتات الفقه وأبين أصله (١) انظر: السلفية: للبوطي: محمد سعيد بتصرف واختصار. ۹١۱ وفروعه ء وأجعل مسائله مشروحة بجموعةء متجاورة متتابعة مشروعة فجمعت فيه بغاية الإيجاز الذي لا يكون معه ملالء واختصار لا يزري به إقلال ولا إخلال وسميته (كتاب منهج الطالبين وبلاغ الراغبين) وجعلته مجزأً عشرين جزءاء يحتوي على ضروب من علوم الشريعة وفنون من العلم مجموعةء وجعلته معلما بالأقوال ومفصلا بالفصول لطالعة المسائل تقريبا عن الإطالة والملاله..)(۱). ثم سرد - رحمه الله - موضوعات ومسائل الكتاب. وياستعراضنا لمذه المقدمة يمكننا أن نتبين معالم فكر الإمام الشقصي حيال المنهج العلمي والذي يتجلى في الأمور التالية : أولا: الجمع والتنظييم (الرصد) ثانيا: تحديد الأصول العلمية التي تستقى منها أحكام الشريعة الإسلامية (الإكتشاذ) وببان كبفية تخريج المسائل التقهية على أصولها وقواعدها التشريعبية. ثالثا: الترتيب المنطقي للقضابا العلمية والنقهية باختصار وعدم إطالة (الصياغة). رابعا: الموازنه والاستنباط والناظر في كتاب الشقصي يجده ليس جامعا لمسائل الفقه وقضاياء كيغما اتفق كما هو الشأن الغالب عند كثيرين من أهل عصره» بل الشيخ جامع بعد ملاحظة بنظر ثاقب فيما ينقله» ثم الملوازنة والاستنباط بالتأمل في إمكان ما يقوله ومناسبته لطبيعة البيئة وملاءمته للعصر الذي ينتسب إليه. فنظرة ثاقبة في هذا الكتاب تبين صدق ما نقول على ما سيأتيك نبؤه بعد حين» ونظرة ثاقبة كذلك في فهرس هذا الكتاب تؤكد لنا هذا النظام الذي سار عليهء أن الأبواب والأقوال على حد سے (١) منهج الطالبين ۱۲۷ مصطلحه - آخذ بعضها برقاب بعض عا يدل على الترتيب المنطقي للقضايا العملية التي عرض لہا الإمام. وقد سمى الشيخ أبواب كتابه بالأقوال على خلاف ما تعارف عليه العلماء قال = رحمه الله“ : (وسميت هذا الكتاب بالأقوال مكان الأبواب لئلا يشتبه بغيره من الكتب لأني وجدت كثيرا فن الكتب قد ذهب أولا وآخرها ولم تعرف أنها أي كناب في (كذا) ولا من أي تصنيف فجعلت علامة لا يشبهها شيء من تصانيف اهل عمان.(۱) فال جزء الأول في العلم وصنوفه والحث على تعليمه ودرسه وذكر العلماء ودرجاتهم والعقل والفتيا ولزوم الحجة وتعليم القرآن ومعرفة الله وأسمائه إلى غير ذلك مما هو مبسوط في ذلك الجزء. ففي هذا الجزء نجد أن الشيخ المحتفى به يقدم ال جانب المعرفي قبل الجانب العلمي فالعلم يثمر الإيمان ويسبقهء قال - تعالى- في بيانه الإلبي «وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ريك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم) (۲) فاه يقرر في هذه الآية أن الإيمان مترتب على العلم وأن الإخبات مترتب على الإمان › ولله در البخاري عندما ترجم باب العلم قبل العمل. ثم تكلم شيخنا عن العقل إذ العقل أساس التقل » لأن النبوة إنما تثبت بأدلة العقل » فلو زال العقل لتهدمت النبوة من أساسها ولم يبق نقل ولا وحي وتقديم العقل على النقل تقديم ترتيب لا تقديم تشریف. وقد جعل أبو حامد الغزالي العقل أساسا والشرع بناء » ولا يصلح بناء لا أساس له وجعلهما نورين لا تتأتى المعرفة الحقة إلا إذا اجتمعا » فمثال العقل : البصر السليم عن الآفات والآذاء › ومثال القرآن الشمس النتشرة الضياء » فأخلق بأن يكون طالب الإهتداء المستغنى بأحدهما عن الآخر في غمار الأغبياء » فالعرض عن العقل مكتفيا بنور القرآن مثاله المتعرض لنور الشمس مغمضا للأجفان فلا فرق بينه وبين العميان فالعقل مع الشرع نور على نور (۳). (١) منهج الطالبين ١/١٠ (الحج/ ٤ ٥) (۲)الاقتصاد في الاعتقاد (۲-۲) طبعة المحمودية. ۱۳۸ فالغزالي في القرن ا خامس والشقصي في القرن الحادي عشرينبهان على أن الإسلام لا يعرف ثنائية التناقض والتعارض بين العقل والنقل › إذ كلاهما نور على نور كما يقول الغزالي. ثم بعد ذلك يتحدث الشيخ عن العقيدة الإسلامية وتثبيتها في النفس البشرية ولا شك أن العقيدة الإسلامية هي البوابة الكبرى للدخول في الإسلام » وهي الجذر الأساسي لبناء أحكام الشريعة الإسلامية » ومن ثم فإن الشيخ - رحمه الله - تحدث بعد مباحث العقيدة عن الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج » فهذه هي الأركان العملية التي بني عليها الإسلام وأجمعت على فرضيتها كل طوائف المسلمين » وغدت من المعلوم من الدين بالضرورة فمن أنكر واحدة منها أو استخف بحرمتها واستهزأً بها فقد مرق من الإسلام كما يرق السهم من الرمية. فأركان الان تثبت اليقين في تربة العقل ء وأركان الإسلام سلوك يصطبغ بها الكيان الجسدي ولا بد من سلك يصل اليقين العقلي إلى الكيان الجسدي ألا وهو ذكر الله عزوجل فذكر الله ينشئ امحبة في القلب ء ومحبة الله في القلب تطرد الأغيار وله در الإمام الشقصي عندما تحدث في الجزء الثاني عن تهذيب النفس وتقويمها ء وأعمال القلب وما تستقيم به العبادات وإخلاص العمل ء وفضائل الذكر. هذا شيء قليل من حيث الجمع والتنظيم والترتيب المنطقي في منهج العلامة الإمام الشقصي - رحمه الله-ء أمامن حيث تحديد الأصول العلمية » وييان تخريج الأحكام الفرعية عليها فنقول كلمة مختصرة الآن حيث إننا سنوسع القول في ذلك عند بيان منهج الإمام الشقصي في الاستدلال. أن أقول: من منهج الشيخ إرجاع المسائل الفقهية والعلمية إلى أصولما وقواعدها والتعليل لا في الأعم الأغلب فقد صرح - رحمه الله- بأنه سيبين (أصله وفروعه) كما تحدث أيضا في القول السادس في بيان أصول علم الدين ومعرفة الإأجماع والقياس. A ثم تكلم - رحمه الله- في علم أصول الفقه وأهمية دراسته لمن أراد أن يتفقه في أحكام الشريعة الإأسلاميةء لكي يكون البناءء أي بناء الفروع على الأصول صحيحاء والاستدلال سليماء والاحتجاجات واضحةء ميزا بين المتشابهات ومفرقا بين المخالفات. قال - رحمه الله- في بيان ذلك : (فالواجب على من أراد التفقه في العلم أن يعرف أصول الفقه وأمهاته: ليكون بناؤه على أصول صحيحةء وليجعل كل قلم في وجریه على سنتهء ويستدل على ذلك بالأدلة الصحيحةء والاحتجاجات الواضحةء والا: يسمى العلة دليلا ولا الدليل علهء ولا الحجة علةء وليفرق بين معاني ذلك ليعلم افتراقء واتفاق المتفق)(۱). غير أن قواعد أصول الفقه قواعد حيادية منبثقة من أصول الدلالات اللغوية وبا أن نتصوص القرآن الكريم والسنة النبوية مصوغة باللغة العربية › فهي خاضعة من غير شك لقواعدها الدلالية › وهي قواعد لغوية حضةء ومن ثم فهي قواعد حيادية ومن الأهمية بمكان أن أشير إلى عبارة الشيخ الشقصي - عليه من الله سحائب الرحمة وشآبيب المغفرة- : (الواجب على من أراد التفقه في العلم- أن يعرف أصول الفقه)... الخ. فالشيخ يبين منهجية التعامل مع النصء وذلك من خلال الدلالات اللغويةء والدلالات الشرعيةء هذا هو المنهج الذي سار عليه علماء الشريعة الإسلامية عبرالقرون في فهم القرآن والسنة مصدري التشريع » لكن انسابت أفاعي من جحورها تكش في وجه المنهج ؛ ترفضه متآولة ألفاظ النص إلى دلالات شتى لا تنتهي عند دلالة معينه حددة بل هي دلالة تقول كل شيء ولا تقول شیئا۔ هذا المذهب يطل برأسه الآن مع متطرفي ما بعد الحداثة التي تريد التحرر الكامل من كل سلطانء وغرض هؤلاء تحويل ألفاظ القرآن والسنة بعد تفريفها من المعاني التي أنزلما الله إلى جرد أوعية فارغة يصب فيها كل عصر قراءته غير البريئة. فانطلاقا من هذا ... مضى الشيخ في التأكيد على أن من أراد الفقه فعليه بمعرفة أصول الفقه. (١) منهج الطالبين ۸۳/۱. أما الموازنة والاستفباط فإن المتتبع لكتاب الشيخ (منهج الطالبين) يدرك مدى رفض الشيخ لفقه معاصريهء بل أعمال متفقهة القرن السابع وما بعده إذ يبدو أنه لم يجد فيها جديدا يستحق التقل › فعاد - رحمه الله إلى الملصادر القديمة التي انتجها العصر الذهبي فيما بين القرن الثالث والسادس المجريينء وذلك لثقته الغالية في أصحابها وفي جهودهم التي يعتبرها التراث الجدير بالدراسة. غير أن شيخنا وإن نقل كثيرا عن أبي سعيد الكدمي فإنه استفاد على نطاق واسع من کل علماء القرون الأولى ووازن بين آرائهم واختار منها ما يراه صوابا دون أن ينسى أن يبين سبب اختياره فهو من خلال كتبهم اطلع على ما تركه فقهاء البصرة وعمان في القرنين الأول والشاني الجريين» فتشرب روح فقههم ومنهجهم وسار عليه ما استطاع إلى ذلك سبیلا. ومن ثم فقد بذل الشيخ جهده ليجعل من كتابه هذا مرآة عاكسة یستشف القاری من خلالہا الفقه الإباضي بمعاله وأصولهء واتجاهاته وتصوراته ومعالجحة فقهائه للقضايا الفقهية من لدن أقطاب اذهب الأوائل الذين قامت اسسه ودعائمه على أيديهم كأبي عبيدة مسلم بن أبي كريمةء ومحمد بن محبوب» وموسی بن أبي جابر» وموسى بن علي» وأبي المؤثر الصلت بن خميس. غير أن من المميزات المهمة التي ميزته عن اتجاه معاصريه أو أغلبهم على الأقل تفتحه على ما عند الآخرين فاطلاعه على مؤلفات المذاهب الأخرى جعله يضمن كتابه آراءهم ليعيد للفقه المقارن روحه وصفاءهء فالکل عندهء فهم لكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم-ء ومن ٹم فلم يكتف شيخنا بفقه علماء المذهب وإن اعتبره الأصل فيما يكتب بل نقل من مؤلفات المذاهب الأخرى وهو كثيرا ما يصرح بذلك ويصدر نقله بعبارة (من غير كتب اهل عمان) (ومن غير کتب أصحابنا). ۱١۱۳ وهذا نهج هو نفسه منهج أبي سعيد الكدمي الذي تأثر به شيخنا أا تأثير وقدمه على غيره› وهو بذلك يعبر عن رفضه التقوقع والإنفلاق على الذات فذلك في نظره انتحار بطئٌ وهو يريد للمذهب أن يستمرء وللفقه الإباضي أن يفيد ويستفيد.(1) كما اعتنى الشيخ بابراز الملسائل الفقهية التي ورد فيها الاتفاق بين علماء المذهب حتى العصر الذي يعيش فيه كما أيرز بالمقابل أيضا نظائرها من المسائل الفقهية التي وقع اخلاف فيها بين علماء اللذهب الإباضي حتى تلك ولم يكتف الامام الشقصي بعرض مواطن الاتفاق والخلاف بين علماء المذهب في المسائل الفقهية وإنما كان يشير أحيانا إلى ذكر معتمد اللذهب الإباضي في المسائل الخلافية في العمل والفتيا وما تجري به الأحكام عند علمائهء وبيان الأقوال المتروكة في المذهب. وشيخنا وإن كان يعترف بالفضل والمزية للسلف وما صنعوه فإنه لا يرى للعلم والاجتهاد حدا يقف عنده فالتجديد الفقهي عملية دائمة ومستمرة فهو بطريقة أو بأخرى يخطئ المقولة التي تقول (لم يترك السلف للخلف مزيدا). قال - رحمه الله- (ولا مزيد على ما صنفه السلف الماضون ولا يدرك غايتهم المتأخرون ولكن لا بد في كل زمان من تجديد ما طال له العهد ودرس منه البعض تنبيها للغافل وتعليما للجاهل وتقريبا للمطالعة وتخفيفا لمن أراد جمع أصول الشريعةء لأن كتب أهل عمان السالفة متها اللختصرات التي هي دون الوصول إلى المرادء ومنها المطولات التي يشق جمعها على أهل الطلب والارتيادء وهذا كتاب يكتفي به عن المختصرات وامطولات لأنه جامع لأكثر المعاني بألفاظ ختصرة فجمعت فيه بعون الله وحسن توفيقهء ما يسره الله لي من آثار أصحابنا - رحمهم الله- ... وما رأيته موافقا للحق من آثار غیرهم)(۳) )۱( انظر: اشعة من الفقه الإسلامي التيواجني: مهنى بن عمر. (۲) لنظر: المصدر السابق. منهج الطالبين ١/١٠. ۱۳۲ )۳( أصول الاستدلال عند الإمام الشقصي مدخل الى الموضو عم: لا بد أن نقول هنا كلمة وجيزة نضمنها عصارة ما يقوله الإباضية في مصادر التشريع في الشريعة الإسلامية: الذهب الإباضي مثل بقية المذاهب الإسلامية يعتمد المصادر الأصلية للشريعة الإسلامية والمتمثلة في القرآن الكريم والسنة النبوية الصالحة للحجية والإجماع والقياس» ويعتمد كذلك يعض المصادر التبعية : المصلحة والاستحسان والاستصحاب. أولا: القرآن الكريم: علماء اذهب مجمعون على أن القرآن الكريم كتاب اله وكلمته الأخيرة إلى العالمينء قال ابن بركه (القرآن الكريم هو كلام الله ووحيه وفرقانه)ء وقال الإمام السالي : (هو النظم المعجز المنزل على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- المنقول عنه تواترا)› ومن ثم فإن الإمام عبد الوهاب الرستمي يرى أنه يكفي أن ينكر الرجل شيئا من القرآن ليكون مشركا حلال الدم تحرم مناكحته وموارثته ويسمى بالملة التي دخل فيها ويلحقه حكمها. والإباضية كذلك متفقون مع جماهير الأمة أن تفسير القرآن غير القرآنء قال السالي (ومن قال تفسير القرآن كله هو القرآن فقد كفر)ء حكي ذلك عن أبي زكريا يحيى بن الشيخ زكريا الأوزاعي وأنه لا تجوز قراءة القرآن بغير العربية). ولا غروة في ذلك فإن إمام المذهب أبا الشعثاء جابر بن زيد من الدارسين العارفين بالقرآن الكريم» قال ابن حجر (إنه من أعلم الناس بكتاب اللهء كما أورد السيوطي - رحمه الله-ء أنه من علماء التابعين العارفين بالقرآن الكريم» ولذلك فقد احتج بأقواله في التفسير خلق من المفسرين. وما لا شك فيه أن الأباضية ساهموا عبر القرون في الدفاع عن القرآن الكريم ضد خصومه من مثل تكرار القصص واختلاف القراءات والزيادة والنقصان ومسألة جمع القرآن. ۱۳۳ أما حديٹهم عن القرآن من جهة أصله التشريعي فإنه لا يجوز عندهم بحال من الأحوال أن يترك القرآن إلى غيره إذا كان نصا محكما في المسألة. فالحق کله خارج بأسره من حكم التنزيل عن الله - تبارك وتعالى-ء وهو أنه لا يدرك ال حق إلا منهء وما خرج من أحكامه ولم يوافقه ولم تخرج أحكامه منه فهو باطل» لن الحق من الله وسواه باطلء وما بعد الحق إلا الضلال. فالحق أن القوم لم يؤثر عن واحد منهم من تكلم في أصول التشريع أنه قدم غير القرآن على القرآن في مسألة ما حكمها في القرآن ظاهر كما أن من تصفح كتبهم وجد أنهم تحدثواعن كثير من قضايا علوم القرآن من أمثال : المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ والخاص والعام دون أن يجد المرء اللنصف أي شذوذ أو النحراف عن بقية المذاهب في قضية ما. ثانيا: السنة النبوية يعد الإباضية كبقية الأمة السنة النبوية في المصادر الأصلية للتشريع جنبا إلى جنب مع القرآن الكريم والاجماع والقياس. والمتتبع لكتبهم وأقوالمم على تعاقبها يجد ذلك جليا واضحا ونكتفي هنا بعبارة محكمة لأحد أعلامهم وهو الشيخ المحقق أحمد بن حمد الخليلي إذ قال: (فالواجب يتم أن يكون الأصل الذي يرجع إليه ما دل عليه صريح الكتاب العزيز والسنة الصحيحةء لا أن يعول على قول أحد بعينهء ويجعل هو مدار الاحتجاج › فان كلايخطئ ويصيب»› ولا يجوز اتباع أحد دون دلیل إلا من کان قوله نفسه دليلا وهو المحفوف بالعصمةء الذي وصفه العلي الأعلى بقوله: وما ينطق عن الہوى إن هو إلاوحي يوحی) أما من عداه فكل منهم وإن علا قدره وارتفع شأنه راد ومرود عليه وآخذ ومأخوذ علیه). ومن نظر في مستندهم من السنة وجدهم يعتمدون الرواية ابتداء با ثبت سواء أكان من كتابهم الأول مسند الإمام الربيع أم من كتب الصحاح والستن الأخرى على ما هو مبسوط في عحله. ٤۳ ثالنثا: الاجماع لا يلتفت ذو نصافة ئي العقل إلى ما يقوله غير القوم عن القوم في إنكارهم لقضية الإجماع فيصرح الإمام الكندي بأن الإجماع من أهل زمان إجماع إذا كانوا أهل رأيء والاختلاف اختلافء وبعد عصر الكندي يؤكد ابن خلفون أن مفهوم الإجماع عند الإباضية هو إجماع مجتهدي الأمة في عصر من العصور في مسألة من المسائل الإجتهاديةء مثل لذلك بقوله (أجمع أهل العلم أن الولد لا يلحق إلا في تمام سته أشهر من يوم النكاح فصاعدا) ثم قال (إذا وردت عليك مسألة في الأصول الذي هو نصوص الكتاب ومتواتر السنة وإجماع الأمة) ونقل الشماخي عن أبي يوسف منيب أن من العلماء من يقول بتشريك الشاك فيمن دفع الرأي ا مجموع عليه: فالإجماع عندهم هو إجماع علماء الأمة الإسلامية وأنه حجة بدليل القرآن والسنةء وأنه رابها: القياس ندع الآن اختلاف علماء اذهب وغيرهم في جواز القياس ووقوعهء وذلك بعد أن استقر فقهاء الذهب الإباضي خصوصا والمذاهب الأخرى على العمل بالقياس منذ وقت مبكر. نصح الإمام عبدالوهاب الرستمي (ق ٢-۳ه) أهل طرابلس ألا يستعملوا على القضاء (إلا الموثوق به في مثل صفة الإمام في صلاحه وورعه وفقهه وعلمه بالكتاب والسنة والآثار ووزعه وفقهه الذي يؤخذ منه القياس والرأي والقضاء). وفي مدونة بي غانم بشر بن غانم (ق ٢-۳ه) التي نقلت لنا أقوال علماء القرن الثاني نجد أنها حافلة بالأحكام المستنبطة بالقياس (وفي رسالة كتبها أبو ا حواري (ق۳ه) إلى أهل حضرموت ذكر فيها أن الذي فرق بين أقوال أهل الشرك وأهل القبلة السنن الماضية التي يهتدى بها والآثار المتبقية التي نقتدي بهاء ليس لأحد فيها اختيار ولا رأي ولا قياس» فإذا جاء السنة والأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فيبطل ها هنا الرأي والقياس. ويذهب ابن جعفر وهو معاصر لأبي ال حواري إلى استعمال القياس» وفي القرن السادس ينقل لتا صاحب المصتف أن ال حاكم إلى رأيه أحوج منه إلى حفظه لأنه يرد عليه من الأمور ما لم تأت به الآثار فيقيس بعضها إلى بعض وينظر الفرق أصولما وفروعهاء وهذا ما يدل أن الحاكم لا يكون إلا من يجوز له القول بالرأي وهو عن محمد پن حبوب.(۱) بل إن الناظر في كتب المذهب يجد الإباضية قد توسعوا في القياس ولم يكتفوا بمسائل المعاملات وال حوادث المستجدةء بل عمموا ليشمل القياس العبادات كلما ظهرت لهم العلة التي قام عليها حكم الأصل. ومثال ذلك أنهم أوجبوا التتابع في قضاء رمضان قياسا على التتابع في الأراء إِذ القضاء يحاكي الأداء على خلاف في هذا. ومن ذلك أيضا قولهم في المسافر والمريض إذا أخرا القضاء حتى يدخل رمضان آخر وقد أمكنهما القضاء في أنهما يصومان الحاضر ويطعمان عن الماضي كل يوم مسكينا ويقضيانه بعد ذلك قياسا على وجوب الإطعام على المفطر تعمداء إذ العلة أن كليهما منتهك حرمة الشهر(۲). وقد اعتمد الإباضيون بعض المصادر التبعية كما أشرنا سابقا (الاستصحاب» الاستحسان › اللصال المرسلةء شرع من قبلنا...) ومن أرد المزيد فليرجع إلى كتبهم في أصول الفقه. لباب الموضوع: ونعني باللباب هنا بيان منهج شيخنا المحتفى به في الاستدلال... الشيخ الشقصي يعتمد في منهجه الاستدلالي على هذه الأصول الأربعة شأنه في ذلك كشأن أئمة مُذهبه والمذاهب الأخرى› يقول - رحمه الله- (وأصول الدين هو ما جاء فيه حکم من کتاب (١) ‏ لشعة من الفقه الإسلامي - مهنى بن عمر التيواجني. المرجع السابق بتصرف واختصار ٦۱۳ الأمةء فإذا حكم الحاكم وأفتى اللفتي بقول يوافق هذه الأصول الثلائة: الكتاب والسنة والإجماع أو ما يشبهها أو ماهو مثلهاء فلا يجوز لغيره أن يقول بخلافه...) ثم قال: (فما وجد في الأصول الثلاثة فهو أصل» وما لم يوجد فهو فرع» ويقاس عليهن ما لم يذكر في إحداهن).(۱) وقد نهج الشيخ نهج المحققين من أرياب الأصول في أن القرآن هو أصل هذه الأدلة كلها ومرجعها كلها إِليهء فهو عمدة الشريعة بلا مراء» قال - رحمه الله-: (... وأحكام الشريعة كلها مأخوذة من طريق واحد وأصل واحد وهو کتاب رب العالین). ثم بين ذلك بقوله : (... فواجب اتباع السنة بكتاب اللهء والإجماع أيضا علم بكتاب الله - تعالى-ء وبالسنة التي هي من كتاب الله للأن الإجماع توقيف والتوقيف لا يكون إلا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- (۲). وإذا ثبت أن الأدلة راجعة كلها إلى القرآن الكريم» ثبت أنه أصل الشريعة وعمدتها وينبوعهاء لأنه بجانب دلالته على أحكام الشريعة الجزئية» فهو دال كذلك على حجية هذه الأدلة. فالقرآن الكريم هو مصدر الشيخ الأول في الاستدلالء ويحسن بنا في هذا امقام أن نلفت نظر الدارسين إلى بعض قضايا علوم القرآن عند شيخنا - رحمه الله-ء فللشيخ نظرات وتأملات حول بعض الدراسات القرآنية مثل المحكم والمتشابهء وتكرار الألفاظء وسرد القصص القرآني» وجمع. القرآن الكريم» ونزوله على سبعه أحرف ودراسة النسخ وغير ذلك من البحوث والقضنايا المتعلقة بعلوم القرآن › ولنقف مع الشيخ في دراسة بعض هذه القضايا : أولا: القراءات ونزول القرآن على سبعة أحرف» قال - رحمه الله ما مفاده: (طعن قوم من اللحدين في القرآن لاختلاف القراءاتء وقد اختلف في قوله - صلى الله عليه وسلم- أنزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف "فقيل هي وعد ووعيدء وحلال وحرامء ومواعظ وأمٹال ٠ وقيل: حلال وحرامء وامر ونهي ء وخبرعن ماض وعن آت وأمثال. وقيل سبعة وجه من ہے : (١) منهج الطالبين (٠/۸۳) (۲) منهج الطالبين (١/٤۸) ۱۳۷ اللغات وتفرقة فيهء وقيل في كلمةء ولذا كان معجزا عن معارضتهء مع توفر دواعي العرب إلى تحدیه)(۱)۔ قلت: إن من الأمور التي لم تعد خاضعة لأي ريب أو نقاش أن أعداء الإسلام اتغذوا من اختلاف القراءات القرآنية طعنا في سلامة النص القرآني » وأنه ليس من عند الله (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا): وقال أهل الفقه بالقرآن: على أن قراءات القرآن المعتمدة التواترة مهما اختلفت فكلها مقطوع بصحة نسبتها إلى الله وقد بين أئمة القرآن با لا مزيد عليه فوائد تعدد القراءات القرآنية» فمنها: - انه ناحية من نواحي الإعجاز الذي به القرآن , لأنه بتعدد قراءاته كأنه عدة كتب منزلة لا كتاب واحد» ولا سيما إذا كان في كثير من هذه القراءات إن لم يكن في أكثرها ثروة جديدة في التشريع › فهل انعكست الآية في العقل حتى يحسب الزية عيبا؟! ان اختلاف القراءات القرآنية لم ينشاً عنها أدنى اختلاف تعارض وتناقض في أحكام القرآن الكريم كلهاء أي أن أي نص من نصوص القرآن لم يقرر قط أمرا من الأمور ثم يعود عليه نص آخر بالنقض وعدم الوفاقء بل كل القراءات على أعلى درجة من التطابق والتآخي والوفاق حتى لكأن جميع القراءات كلمة واحدةء وصدق الله إذ يقول : « ولو كان من عند غيرالله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) (۲) وأين كان خصوم القرآن على كثرتهم من كل ملة ونحلة كيف لم يعدوا اختلاف التناقض في القراءات القرآنية مغمزا يطعنون به على كناب الله؟ء بل المنطق والعقل يقضي بأنهم وجدوا الأمر عكس ذلك تماما أي وجدوا فيه منطق الإئتلاف والوفاق. اما مسألة نزول القرآن على سبعة أحرف › فقد حكى فيها الشيخ أربعة أقوال : قلت: من طالع كتب علوم القرآن يجد أن هذه المسألة كثرت فيها الأقوال كثرة ظاهرة حتى بلغ بها السيوطي في الإتقان تقلا عن أبي حيان خمسة وثلاثين قولاء وغني عن البيان أن حديث نزول (١) منهج الطالبين بتصرف واختصار (النساء: ۲ 8) ۱۳۸ القرآن على سبعة أحرف رواء جمع كثير من الصحابة حتى نص أبو عبيد القاسم بن سلام على تواتره» وقال غیره انه مشهور. وما يؤخذ على شيخنا وغيره من كتب في علوم القرآن قديا وحديثا انهم لم يحققوا القول الحقيقي ال جدير بالقبول في أمثال هذه المطالب على أهميتها وخطورتهاء فنجد أن الشيخ حكى أربعة أقوال دون تحقيقء بل جاءت عبارته هكذا: (وقال بعضهم والحققون ان معظم هذه الأقوال التي حكاها السيوطي وغيره أقوال مدخوله يأتيها الباطل من بين يديها ومن خلفهاء بل الذي ينقدح في ذهني من هذه الأقوالء هو ما ذكره أبو الفضل الرازي من أنها سبعة أحرف في الاختلاف: اختلاف الأسماء إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثاء واختلاف تصريف الأفعال ماضيا ومضارعا وأمرا وإعرابا ونقصا وزيادة وتقديما وتأخيرا وإبدالا. ويمكننا القول بأن الأحرف السبعة غير القراءات السبعة بل الأحرف السبعة هي القراءات القرآنية المتواتره بعينها أي القراءات العشرة المتواترة المعروفة. وغنى عن البيان كذلك أن نزول القرآن على سبعة أحرف إنما يتجلى في حكمة التيسير على | الأمة الإسلاميةء فلا عجب أن حرص النبي - صلى الله عليه وسلم- على الاستزادة من الجحروف ثانيا: جمم القرآن قال الشيخ ما خلاصته : أني لأعجب ممن يقبل من المسلمين قول من زعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ترك القرآن الذي هو حجته على أمتهء والذي تقوم به دعوتهء والفرائض التي جاء بها من عند الله › ولم يجمعه ولم يضمهء ولم يخطهء ولم يحكم الأمر في قراءته › وما يجوز من الاختلاف فيها وما لا يجوز في إعرابه ومقداره وتأليف سورهء وهذا لايتوهم على رجل من عامة المسلمين فكيف برسول الله - صلى الله عليه وسلم. وما يدل على خطأً من ذهب إلى ما ذكرنا أن الله - جل ذکره-: أنزله على رسوله - صلی الله عليه وسلم- في ثلاث وعشرين سنةء كلما نزلت آية أو سورة قرأها على أصحابهء وفي صلاته؛ ۱۹ وفي کل سفرء أو حضرء وفي جملة المهاجرين وخيار الأنصار›ء والذين يلونهم في الأقدار ...ثم قال : وقد كان للنبي - صلى الله عليه وسلم- كتاب يكتبون الوحي لا يدفع ذلك صاحب خبر ولا حامل أثر وكان منهم: ابن أبي سرح» وزيد بن حارثةء ومعاذ بن جبل» ومعاوية بن ابي سفيان فلو لم يكن القرآن جموعا مكتوبا في حياتهء فأي شيء كتبه هؤلاء» وكيف يجوز لہم أن يتركوا جمع القرآن» والوقوف على تأليفه وما اشتمل عليه. وأول ما انزل منه بمكة «إقرأ باسم وبالمدينة سورة البقرة واخر ما انزل سورة براءة. فلو ألفوا السور على رأيهمء لقدموا المقدم واخروا المؤخرء وفي تقديمهم البقرة وتأخيرهم براءة دليل انهم لم يتركوا وضع السور على من عاينوا وشاهدوا. وقد قال أبو ذر: لقد تركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-ء وما يقلب طائر جناحه في السماء الا وعندنا منه علم. فكيف تجهل أمة شهدت أول ذلكء وآخره تأويل السورء ومواضع الآيء وقد اختارهم الله للصحبة ولقيام الحجة على من بعدهم وعلى من غاب عنهم. وقد روي أنه كان مفرقا حتى جمعه أبو بكر - رضي الله عنه- وقيل عثمان وكانوا يأخذون آية من هذاء وأخرى من ذاك» فمن جاءهم بآية أو أکٹرء سألوا الشهود عنهاء ثم تكتب وان زید بن ثابت لا أمر عثمان أن يكتبه في الملصحف» فقد آيتين حتى وجدهما عند رجلين من الأنصارء وان زيد وغيره من الصحابة تولوا تاليف السور والآيات. وهذه أخبار مطعون عليهاء ويقال ان الزنادقة دلسوا (وأضافوا) الزيادات والأحاديث في أحاديث الأمة.. بل ان الدلالة قد قامت عن طريق العقل» لأن السور كانت معروفة مؤتلفة في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وان القرآن كان قد فرغ من جمعهء وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- اته لعبدالله بن مسعود:: (اقرأً علي فقال عبدالله بن مسعود : اقرا وعليك انزل؟! (١) (سورة العلق١) فقال: (إني أحب أن أسمعه من غيري) فقراً سورة النساء... حتى بلغ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيدء وجئنا بك على هؤلاء شهیدا) استعبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وكف عبدالله. (وروي عبدالله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أرسل إليه فقال : "اني أخبرت اتك تقوم الليل » وتصوم النهار قال: قلت: بلى يا رسول الله قال: اقرا القرآن في شهر فاخبره ابن عمر انه يطيق اكثر من ذلك فقال اقرأء في عشرين يوما فقال أطيق اكثر من ذلك فقال: اقرأه في سبع ولا تزد على‌ذلك" فلو لم يكن القرآن مجموعاء فكيف يقرؤه ابن عمر في شهر أو في سبع. وقال الشعبي: لم يجمع القرآن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلا ستة من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ بن جبل»ء وزيد بن ثابت» وأبو أيوب وأبو زيدء وهو والد زيد واسمه ثابت » وعٹمان بن حنیف. فلو لم يكن مجموعا مؤلفا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فكيف كان يجمعه هؤلاء السته ويمحفظونه؟ !. وروي عن عبدالله بن مسعود انه قال حين صنع عثمان باملصاحف ما صنع : والله الذي لا إله غيره ما نزلت سورةء إلا وأنا اعلم حيث نزلت» وما من آية إلا وأنا اعلم فيمن نزلتء قال: وكانت الآيةء إِذا نزلت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "اجعلوها في موضع كذا وكذا ¦ وفي بعض ما ذكرنا ما يدل على أن القرآن في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان مجموعا محفوظا والله أعلم(١). الدراسات القرآنية. أنه يتمثل في تصور أن القرآن الكريم قد جمع وكتب وضم وخط في مصحف واحد في عهد اللبي -صلی الله عليه وسلم- ويدعم الشيخ تصوره هذا بطائفة من الأدلة› هي : ہے () منهج الطالبين ٠/٠٠۲. ١. نزول القرآن على النبي - صلى الله عليه وسلم- في ثلاث وعشرين سنة› وأنه كلما نزلت آية أو سورة قرأها على أصحابه وفي صلاته » وقد كان يحث أصحابه على تعلم القرآن » ومعرفة أحكامه . ۲. لو لم يكن القرآن مجموعا مكتوبا في زمان رسول الله - صل الله عليه وسلم- فأي شيء كان يكتب كتاب الوحي؟!. ۳. دلالة العقل على أن القرآن قد رغ من جمعه كي زمان رسول الله - صلى الك علبك وسلم-. ٤. مجموعة روايباك تدل على أن القرآن كان مجموعا كما في رواية عبدالله بن مسعود اقرا علي فقال: أقراً عليك وعليك أنزل» ورواية عبدالله بن عمر اقرأء في عشرين يوما فقلت :. اني أطيق أكثر من ذلك فقال في سبع" ...." وقول عبدالله بن مسعود :ما نزلت سورة الا وأنا أعلم حيث نزلت وفيمن نزلت" ...الخ ذلك هو احور الذي يدور عليه حديثه في هذه القضية وتلك هي أدلته التي يعتمد عليها والنتيجة التي توصل اليها أن القرآن قد كان جموعا حفوظا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم-. ونحن نبداً فنناقش احور الذي أدار الشيخ حديثه عليه ألا وهو دعوى أن القرآن قد كان مجموعا حفوظا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- . نقول: إن كان مراد الشيخ بأن القرآن الكريم قد كان بجموعا محفوظا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بمعنى ضم أجزائه بما يلائم نزوله منجما فهذا مسلم لدى أهل لعلم جميعاء أما إذا كان مراد الشيخ بأن القرآن قد كان جموعا مكتوبا مضموما مخطوطا في مصحف واحد فهذا غير مسلم ولعل هذا هو مراد الشيخ بالفعل حيث طعن فيما یروی من أن أبا بكر قد جمع القرآن أو أن عثمان قد جمع القرآنء وانهم اخذوا آية من هنا وآية من هناك فهذه أخبار مطعون عليهاء ويقال : إن الزنادقة دلسوا وأضافوا الزيادات والأحاديث. نقول: إن كان مراد الشيخ هذا فغير مسلم إذ من المعلوم بالأحاديث الصحيحة أن جمع القرآن مر بثلاث مراحل في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بمعنى ضم أجزائه بما يلائم نزوله منجماء ثم كان هذا الجمع - بمعنى الضم- في مصحف وقد كانت سورا مفرقة لکن کل سورة كانت مرتبة بآیاتها علی حده. فجمع أبي بكر حفظ أصلا رسميا يكون مرجعا للأمة الإسلامية وذلك خوف ضياع شيء من القرآن بوت الحفظة. والتحقيق أن جمع عثمان يتمشل في انه حذف من املصحف ما ليس قرأنا فإن الصحابة رضوان الله عليهم عندما كتبوا اللصاحف استجازوا لانتفسهم أن يدونوا في كتبهم أو وهم يقرئون الناس ما ليس من القرآن على سبيل التفسير أو الدعاء أحيانا. مثل قراءة سعد ابن أبي وقاص لوان كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت )€ (۱). فهو لا يفعل ذلك على انه قرآن بل فعل ذلك لدفع الإشكال فإن الله - تعالى- تعرض للكلالة مرتين في سورة النساء مرة في هذه الآية والآخرى في قوله - تعالى- يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يکن لہا ولد فان كانتا اثنتين فلهما الثلثان ما ترك وان كانوا اخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الانثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بکل شيء علیم) (۲). فالآيتان متعارضتان في الظاهر فهل نسخت إحداهما الأخرى أم ماذا ؟ فأراد سعد أن يبين انه لا تعارض بين الآيتين فالأولى المراد منها الأخ أو الأخت لأم والثانية المراد منها الأخوة الأشقاء أو الأب. ومثل إضافة ابن مسعود وابن عباس وعثمان - رضي الله عنهم- كلمة صالة لقوله - تعالى- (يأخذ كل سفينة غصبا) الكهف" ۷۹ فانهم كانوا يقرؤونها «يأخذ كل سفينة صالة غصبا) وذلك لرفع العبث عن فعل الخضر - عليه السلام- من خرق السفينة ولبيان أن املك كان يأخذ كل سفينة صالحة غصبا ويدع منها كل معيبة لا انه كان يأخذ صالحها وغير صالحها. ولا جاء (١) النساء: 6 (۲) سور النساء ١۷ وسر التابعون يقرؤون القرآن اختلفوا أيهما احسن من قراءته مجردة من التفسير ومن الدعاء أم من قراءته مصحوبة بالتفسير الذي يدفع الإشكال مع العلم بأن هذا التفسير ليس قرآنا. وهنا اختلفوا فكان أحدهم يقول للآخر (قراءتي خير من قراءتك) فجاء عثمان فجرد الملصحف نما ليس بقرآن وكتب فيه ما هو من الملصحف فقط وأبقى القراءات والأحرف كما هي وانما منع أن يضاف للقرآن ما ليس قرآنا بدليل انه لم يذكر البسملة للبراءة ولم يحذف قوله «والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فان خرجن فلا جناح علیكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزیز حکیم) (۱) فعن عبدالله بن الزبير - رضي الله عنه- قال: قلت لعثمان بن عفان: «والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها أو تدعهاء قال: (يا ابن أخي» لا أغير شيئا منه . من مکانه)(۲). ان عثمان جمع المسلمين على القراءة الواحدة المتواترة المعلوم عند الجميع بثبوتها عن النبي - صلى لله عليه وسلم- وان اختلفت وجوهها حتى لا تكون فرقة. أما طعن الشيخ في رواية زيد بن ثابت أنه ما أمر عثمان بن عفان: أن يكتب في الملصحف - فقد آيتين حتى وجدهما عند رجلين من الأنصار بأنه من اضافة الزنادقة - فانه لم يبين لنا سبب طعنه في هذه الروايات » مع أنه من المعلوم أنه رد الروايات لا بد له من سبب يستوجب الطعن فيها صحيح ان رواية زيد بن ثابت فيها اشكال منشؤه تصريح زيد بن ثابت بأنه لم يجد آخر سورة التوبة إلا مع أبي خزمة الأنصاري لكن المنهج الصحيح أن ينظر في الرواية التي هي محل إشكال فإن أمكن فهمها على وجه يتفق مم القواعد ولا يتعارض معها فهذا هو المطلوب ولا داعي لرد الأحاديث الصحيحة بدون موجب. إن الاستشكال في رواية زيد بن ثاب يزول ويتلاشى إذا علمنا أن غرضه أنه لم يجدها مكتوبة إلا مع أبي خزيمة غير أنها حفوظة في صدور كثير من الصحابة - رضي الله عنهم-ء وزید بن ثابت (١) سورة البقرة ٠٤۲ (۲)البخاري كتاب التفسير باب والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا 1/١٤ ١۱. نفسه كان يحفظها لكنه أراد ورعا واحتياطا - أن يشفم الحفظ بالكتابة وقد ظل على هذا النهج في سائر الآيات القرآنية. أما استدلاله = رحمه الله- بالروايات المتعددة على ذلك الجمع امكتوب في العهد النبوي فإنه لا يتم له هذا الاستدلال إذ أن ال جمع الكتابي ليس له دخل في أن يقرأ القرآن على النبي - صلى الله عليه وسلم- كما في رواية عبدالله بن عمر فهذه القراءة كانت من الحفظ في الصدور فأين هي العلاقة اللزومية بين حفظ الصحابة للقرآن الكريم ويبن الكتابة والجمع"ء ثم من المعلوم كذلك لدى الشيخ أن علماء أصول الفقه (تفسير التصوص) يقررون بأن الدليل متى تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال فأدلة الشيخ أعم من مدعاة وهو خير من يعلم بأن الدليل أعم من الاعى. جمهور العلماء على أن النسخ جائز عقلا وواقع شرعا كما هو مقرر في محله من كتب الأصول وعلوم القرآنء اللهم إلا ما يحكى عن أبي مسلم الأصفهاني من القول بعدم جوازه وا خلف عند والناظر في كتب أصول الفقه وعلوم القرآن والتفسير يجد أن قضية النسخ فيها ثلاثة مذاهب: (مذهب القائلين بالنسخ بكثرة في القرآن الكريم ومذهب المفكرين لوجوده وأشهرهم من القدامي أبو مسلم الأصفهاني ومن المعاصرين الأستاذ محمد الغزالي والأستاذ عبد المتعال ال حبري وغيرهما› والمذهب الثالث هو مذهب القائلين بوجود النسخ لكن مع فدوةء وعثل هؤلاء الإمام فخر الدين الرازي والإمام الشاطبي والأستاذ أبو زهرة والدكتور مصطفى زيد. والنصف التأمل في نصوص الشريعة الإسلامية ينبفي أن يكون في صف هؤلاءء هذه هي أهم وجهات النظر في هذه السألة الشائكة كما رأيناء وهي تتبع من الاشتغال بدراسة الشريعة الإسلامية› ومن منطلق الدفاع عن القرآن بض النظر عمن أصاب أو أخطاً. وشيخنا الحتفى به حكى وقوع النسخ في ثلاث عشرة آية في القرآن الكريم(١) ء والدارس المتبحر لكتب أصول الفقه وعلوم القرآن يجد أن الأصل في القرآن الكريم الإحكام لا التسخء وانه لانسخ بدون بينة قاطعة تدل على ذلك» وأن هناك فرقا بين النسخ ويين كل من التخصيص والتقبيد والبيان والاستثناء والشرطء فمن لم يدرك هذه الفروق اختلط عليه الأمر واشتبه فظن أن التخصيص نسخ والبيان نسخ وهكذاء وكذلك ثم فرق عند المتقدمين من علماء الأمة والمتأخرين في تحديد ماهية النسخ. يقول الشاطبي: (والذي يظهر من كلام المتقدمين أن النسخ عندهم في الإطلاق أعم منه في كلام الأصوليينء فقد كانوا يطلقون على تقبيد المطلق نسخاء وعلى تخصيص العام بدليل متصل أو منفصل نسخاء وعلى بيان المبهم والمجمل نسخاء كما يطلقون على رفع الحكم الشرعي بدليل متأخر نسخاء للأن جميع ذلك مشترك في معنى واحد(۲). ويهذا يتبين إسراف بعض العلماء في ادعاء النسخ في القرآن بغير برهان» أو بسبب اشتباه اصطلاح المتقدمين المتأخرين» حتى زعم من زعم أن آية السيف نسخت اكثر من مائة آية في القرآن الكريم» وحتى قال من قال إن قوله تعالى ادع إلى سبيل ربك بال حكمة والموعظة الحسنة)(۳) › وقوله فاصبر صبرا جميلا) أو قوله واصبر وما صبرك إلا بالله)(4) أو قوله «لا إكراء في الدين قد تبين الرشد من الغي) (0) » قد نسخ كل ذلك بآية السيف» وكذلك كل ما دل على الصفح والعفو والصبر فقد نسخ أيضا. وكثير من الآيات التي ذكرها شيخنا الشقصي ليست من النسخ في شيء كما هو معلوم عند امحققينء واضرب مثالا واحدا على ذلك قوله تعالى: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال قوم إنها منسوخة نسخها فرض الصيام ...٠ ه. (١) منهج الطالبين (٠/٠٠۲). (۲) الموافقات (۴) التحل ١١١ () اللنحل: ١۱۲ (٥) البقرة ٢٥۲ والتحقيق أن الأمر على غير ذلكء وقد أوسعنا الأمر إيضاحا في رسالتنا (دراسة في النسخ) حيث قلنا هناك : (... والقول بالنسخ مردود ...إل. فآيات الصيام منسجمة بعضها مع بعض» فقوله تعالى: يا آيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) ... فهذا الجزء من الآية (كتب عليكم الصيام) هو القضية الواحدةء وما جاء بعدها فهو بيان وتكميل وتفصيل لعمومها ... فقد مهد للمؤمنين بوجوب صيام شهر رمضان»ء ولا كانت التكاليف الشرعية فيها مشقة على النفس قبل إعلان فرضها قال تعالى: (كما كتب على الذين من وقال تعالى: أياما معدودات) ...ف أيام معدودات) تخصيص وبيان للصيام» ثم رخص سبحانه وتعالى للمسافرين والمرضى وأصحاب الأعذار بترك الصوم المفروض حتى يستريحوا من عناء السفر وتذهب عنهم آلام اللرض» وتزول عنهم الأعذارء ثم أعلن الحكم المقصود بعد هذا التمهيد بقوله: «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس ويينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه) › فشهر رمضان بيان وتخصيص لقوله (أياما معدودات€. ثم أعاد ذكر الرخصة الأولى التي ذكرها في التمهيد مرة ثانية تقريرا لماء وتأكيدا لثبوتها فقال: ل(فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وهذا بيان وتخصيص لقوله: فمن شهد منكم الشهر فليصمه)» وقوله: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) بيان لسبب التخصيص (ولتكملوا العدة وتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) ل(فعدة من أيام أخر)» وقوله : ل(أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) تخصيص للعموم السابق» أي الآية اللتطلقء وهي قوله تعالى: (يا آيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام ...)۰ وقد ذكر الصيام ولكنه لم يصرح بأحكامه بناء على ما كان معروفا لدى المخاطبين» ثم أشار إلى المريض والمسافر وغيرالمطيق لهء ولكنه في الآية الأخيرة بين ثلاثة أشياء مباحة هي: الرفث إلى النساءء والأكل والشرب» ولكن إلى وقت معين من الليل » فالآية إذن تخصيص وييان. على أن في بنية هذه الآية نفسها تخصيصا ويبانا فقوله: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) بينت بقوله: اهن لباس لكم وانتم لباس لېن) وقوله: ل(علم الله أنكم ... فالآن باشروهن) .: ابتغوا ما كتب الله لکم ...) فالآية ((باشروهن)) خصصت باولا تباشروهن وانتم عاكفون في المساجد). فالييان والتخصيص هو الغالب في العلاقات بين الآيات»ء إذ بدأت بعموم» ثم خصصضنت وبينت» وهذا أحد أسباب ادعاء النسخء اعني الخلط بين التخصيص والنسخ والبيان. واختم الكلام على هذه الآية بقول إمام الملفسرين الطبري في تفسيره لمذه الآية إذ يقول: إن الآيات المذكورة في الصوم كلها محكمةء ومن أبواب متفرقةء لا يعارض أحدها الأخر» فلا نسخ فيهاء ومن زعم أن الآية منسوخة فزعمه باطل» لانه لم يحدث وجود ما لہذا التمييز› والآيات كانت ولا تزال محكمة. وما يقوله شيخنا: ان النسخ يقع في الأمر والنهي» ولا يجوز في الخبرء ولا يجوز أن يخبرالله عن شئ أن يكون ثم يقول: لا يكون» أو يقول: بانه لا يكون ثم انه يكون» تعالى الله عن ذلك علوا کبیرا(۱). مذهب جمهور الأصوليين على ما ذهب إليه الشيخ الشقصي» من أن النسخ لا يدخل في الأخبار التي ليست بمعنى الأمر وما يذهب إليه الشيخ قوله بنسخ القرآن بالسنة » وهو خلاف التحقيق ء وقد بينا ذلك أيضا في رسالتنا الآنفة الذكر » حين رددنا على القائلين بهذا القول بكلام حاصل ما فيه : أن الظني من الحديث لا ينسخ القطعي منه فكيف ينسخ القرآن وكله قطعي .. وقد قال الإمام الشافعي في الرسالة :انه لا يجوز نسخ حكم من كناب الله بحديث مهما تكن درجته › لان للقرآن مزايا لا يشاركه فيها غيره » قصفوة القول: أن نسخ القرآن الكريم بالسنة النبوية مطلقا غير واقع في الشريعة الإاسلامية غيرانه ييقى للمجيزين دليل العقل » وهذا لا قدح فيه إِذ العقل طليق في تصوراته وأحكامه ولا يلزم من تجويز العقل وقوعه في الشرع » لان دائرة الإمكان العقلي أوسع من دائرة (١) منهج الطالبين (۲) انظر تفصيل هذه المسألة: فوائح الرحموت (۲/٠۷):- حاشية البناني (۸۷/۲) العدل والانصاف: (١/١١-١١٠). ۸٤۱ الإمكان العادي والشرعي ء يقول رشيد رضا :(وقد صرح بعض الشافعية بان الخلاف في نسخ الكتاب بالسنة إنما هو في الجواز وانه غير واقع قطعا). هذه نماذج لبعض ما عرض له الشيخ من دراسة حول ما يتعلق بالقرآن الكريمء أردنا أن نقف عندها نظرا للخلط الكثير امتعمد حولما من أصحاب القراءة المعاصرة. السنة النبوية: أجمع علماء الشريعة الإسلامية على أن السنة النبوية هي المذكرة التفسيرية › الإيضاحية بالنسبة للقرآن. هذا وقد أصبحت السنة النبوية تنقل بالرواية لانقضاء عصر الرسالة المحمديةء وانقطاع مشافهة الرسول - صلى الله عليه وسلم- بوفاتهء ولا يقبل منها تشريع الأحكام التشريحية إلا ما كان صالحا للحجية من الحديث الصحيح وال جسن بشروطهما المعروفة في مصطلح الحديث. فأاصول الحديث وعلم ال جرح والتعديل وتراجم الرجال تلتقي كلها على وضع ميزان علمي وثيق يتضح فيه الخبر الصحيح من غيره والفرق بين الخبر الذي يورث اليقين والخبر الذي يورث الظن. ويناء على هذا فانه يهكن تحديد منهج شيخنا الشقصي في الاستدلال بالسنة على النحو الآتي : سن قد اجتمع علبها . واستغني بالاجماع عن طلب صحتهاء ومقصود بهذا السنة المتواترة فالمتواترة أعلى من علم الحديث فلا يبحث في الخبرالمتواتر عن صحته. وسنة مخقتلك فيها لم يبلغ الكل علمها وهي التي يقع التنازع بين الناس في صحتها فتنظر في أسانيدها وتراجم رواتها لنتبين صحتها من عدمه. قال - رحمه الله-: (والسنة على ضربين: مجتمع عليها وختلف فيهاء فانجتمع عليها وهي التي لاتحتاج الى البحث عن طلب صحتهاء لاشاعتها عند الرواةء وأهل التأويل وموافقتها لحكم التتزيل ). . ۹ سے (وأما اللختلف فيها فهي التي لم يبلغ الكل علمهاء ويقع التنازع بين الناس في صحتهاء فلذلك يجب البحث عن صحتها ويقع التنازع في تأويلها اذا صح نقلها فاذا اختلفوا في حكمها كان رجوعهم فیها الى کتاب اله تعالی)(۱). الإجمام:- أما الإجماع الذي هو الأصل الثالث من أصول التشريع فقد عرفه الإمام الشقصي بقوله: (هو كل قول أو فعل صح لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم- ولا يوجد فيه مخالف)(۲). وقد تعرض شيخنا لكثير من المسائل المتعلقة بالإجماع مشل حجيته وأنواعهء وإجماع الصحابةء واشتراط انقضاء العصر. قال - رحمه الله- في بيان مسألة انقضاء العصر (والأكثر على أن أهل العصر إذا انقرضوا على ما اجمعوا عليه كان ذلك شرطا في صحتهء وقيل إِذا وقع مرة صار حجة وان لم ينقرضوا وإلی هذا القول ذهب بعض أهل الرأي وقال بعضهم : الأصح عندنا أن الإجماع لا يعلم إلا بانقراض أهل الحصر عليهء لان بعض الصحابة كاد يكون على قولء ثم يرجع عنهء كما يروى أن علي بن أبي طالب كان موافقا لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه- في أيامه على تحريم بيع أمهات الأولاد ثم رأى جواز بيعهن في أيام خلافتهء وان أبا بكر - رضي الله عنه- سوى بين الناس في العطاء ولم يكن له مخالف ثم فاضل عمر بن الخطاب بينهم في العطاء ثم ساوی بينهم علي بن ابي طالب. ولو كان الإجماع قد ثبت لكان علي وغيره قد خالفوا الإجماع وهذا لا يجوز عليهم فدل بهذا على صحة ما ذکرناه. غير أن من الأهمية بمكان أن أنبه على أن الشيخ قد يحكي بإجماع في المسالة والتحقيق أنه لا إجماع فيها مثال ذلك قوله (اجمعوا على أن امحدث من الجنابة أذا صلى بقوم - وهو غير عالم (١) منهج الطالبين (١/٤۸). منهج الطالبين ( 6/٦ ۸). بجنابته - أن صلاته وصلاتهم فاسدةء وعلى الجميع الإعادةء وإن خرج الوقت ثم تركوا القياس على ما اجمعوا عليه من هذا الحديث ليقيسوا عليه غيره من الأحداث)(۱). قال حقق الكتاب (في حكاية الإجماع نظر لوجود الخلاف فيها. والأاصل فيه: هل صلاة المأموم مرتبطة بصلاة الإمامء لأنه إنما جعل إمام به فصلاته في حكم الشرط لصحة صلاة من خلفه أو غير مرتبطة لانه إنما جعل إماما في حال صحة صلاته فأما إذا فسدت: فليس بإمام. وذلك أن كل واحد منهم مؤد لفرضه وهذا الأخير قول أكثر أشياخنا - رضي الله عنهم - ويحسن بنا أن نختم كلامه على الأصول الثلائة بقوله (ولا تقاس الأصول بعضها ببعض ماالم يأت في الأصول فيقاس على الأصول» والأصول كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم- وإجماع العلماء من أهل طاعته وما أشبه الأصول فهو أصل» وما لم يكن أصلا قيس على الأصل). (۳) القياس:- عرف الإمام الشقصي القياس بقوله (هو تشبيه الشيء بغيره» والحكم به هو الحكم للفرع بأصلهء إذا استوت علتهء وقم الحكم من اجلهء وذلك مثل: تحرير قفيز البر بقفيزين نسيئة على لسان نبي الله تعالی - صلى الله عليه وسلم-. ومستند الشيخ على جواز القياس ما روي عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- انه كتب إلى أبي موسى الأشعري وإلى شريح: أن قس الأمور وانظر الأشباءء والأمثالء ولا يمنعك قضاء قضيته بالأمس › وهديت فيه لرشدك أن تراجع الحق فيهء فان مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل. ومن ذلك أن الخثعمية لا سألتهء فقالت: يا رسول الله: إن أبي شيخ كبيرء ولا يستمسك على الراحلة وقد أدركته فريضة ال حج › أفأحج عنه؟ فقال - صلى الله عليه وسلم-: (أرايت لو كان منهج الطالبين ‎A‏ 0 منهج الطالبين 0 آنظر تخريج كتاب عمر هذا في بحث لشيخنا العلامة عبد الفتاح أبي غدة ة (مجلة نصول لدين) العدد الرابع. ١٥۱ على أبيك دين فقضيته أكنت قضيته عنه؟ قالت: نعم» فقال: (دين الله أحق» أو قال فقد شبه لها وتركها والاستدلال با عرفها بوجه القياس(۱). وتشبيهه - صلى الله عليه وسلم- تقبيل الصائم زوجته بمضمضة الم بالماء- في قوله - صلى الله عليه وسلم- لعمر - رضي الله عنه- " أرايت لو مضمضت فاك اكنت مفطرا؟ قال : لا: فذاك ذاك(۲). قال - رحمه الله- أيضا في بيان حجية القياس . وال حكم حكمان: حكم بأصل متفق عليهء وحکم بفرع بقياس مستخرج بأصله ولو کان الجكمان واحدا- لكان لا فرق بين الفرع وأصلهء ولكان الفرع أصلا والأصل فرعاء ولكن لا يجوز القياس إلا على أصل متفق عليه وكل قد قاس واجتهد. وشبه الحادثة إذا وردت بأصل متفق عليه من الكتاب أو السنة أو الإجماع كما روى: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاس واجتهد في بعض الحوادث... وكذلك قال بالقياس كثير من الصحابه فالواجب على التفقه أن يتأمل هذه اللعاني ويعتبر أحكامها عند النوازل به منها)(۳). من إنصاف الشيخ أنه ذكر أدلة القائلين بعدم القياس في الشريعة الإسلامية ثم بين تأويل البجوزين لما كما هو مقرر في محله من كتب الأصول. ومن المتفق عليه لدى القائلين بمشروعية القياس انه لابد له من علة حتى إن كثيرا من الحنفية ذهبوا إلى اعتبار القياس مكونا من ركن واحد فقطء هو العلة. وقد بين شيخنا أهمية العلة مقررا أن كل علة يمكن أن تدرك وتعلم صحتها بوجهين قال - رحمه اللّه-: (والقياس لا يجوز إلا على علةء ولا يجوز أن يقاس إلا على معلومء وهو أن يرد حكم الملسكوت عنه إلى حكم المنطوق به لعلة تجمع بينهماء ولا يجب تسليم العلة لكل من ادعاها إلا بدليل له عليهاء والدليل على صحة العلة يستدرك من وجهين : (١) لخرجه مسلم كتاب الحج باب (٠۷) ورقم ۷٠1 وأبو داود كتاب المناسك رقم ۸ه ج؟ (۲) لخرجه أبو داود كتاب الصوم ۳۲۲/۲ رقم ۲۳۸۲ والحاكم كتاب الصوم (۳) منهج الطالبين ١٥١۱ أحدهما : أن نصب العلة فيجري في معلولالماء ولا يمنع معلولاتها ولم يكن هناك مانع من جریانھا علی صحتها. والوجه الآخو : (يجب الحكم بوجودها ويارتفاعهاء ومشل ذلك أن التحريم في الخمر معلق بالشدة والدليل على ذلك أن العصير حلال فإذا حصلت فيه الشدة حصل التحريم ‏ وإن زالت عنه الشدة وصار خلا ارتفع عنه التحريم فلما كان التحريم معلقا بالشدة› يوجد بوجودهاء ويرتفم بارتفاعها فإذا رأينا هذه الشدة في غير الخمر ألحقناه بها للعلة ال جامعة بينهما)1). والشيخ يأخذ بالمصالم الموسلة › وسد الذرائع والاستحسان ودرء المفاسد› ويقدم الأثر على الرأي يعرف ذلك من استقر فقهه من خلال موسوعته "منهج الطالبين ويلاغ الراغبين" واكتفي بهذا القدر من منهج شيخنا في الاستدلال فالعلم منهج وأدوات لا تفاصيل وجزئيات. (١) منهج الطالبين ١ o۳ )£( قواعد النقه عند الإمام الشقصي يعرف فقهاء الشريعة الإسلامية القواعد الفقهية بأنها أصول فقهية كلية في نصوص موجزة دستورية تتضمن أحكاما تشريعية عامة في الجوادث التي تدخل تحت موضوعها(۱). ولا يكاد يختلف فقهاء الشريعة الإسلامية في هذا التعريف إلا من حيث الصياغة والتعبير› فهذه القواعد عبارة عن أسس يستدل من خلالما على الفروع الفقهية» وتبنى عليها مسائله الجزئية وقبل الخوض في بيان بعض هذه القواعد في كتاب شيخنا (منهج الطالبين ويلاغ الراغبين) يحسن بي أن أنبه إلى أمرين : الأمر الأول : بيان الفرق بين القواعد الفقهية والقواعد الأصوليةء علم أصول الفقهء أدلة الفقه الإجمالية من حيث جهة دلالتها على الأحكام الشرعية وما ينبغي أن يكون عليها حال الستدل بها. أما علم القواعد الفقهية فهو كما سبق أصول فقهيه كلية في نصوص موجزة دستوزية ...ألخ. ومن ثم فإن هناك فروقا جذرية بين القاعدتين الفقهية والأصولية تتجلى في الأمور الآتية : أولا: القاعدة الأصولية ناشئة في أغلبها من ألفاظ اللغة العربيةء ومن هنا فإنها قواعد حيادية بخلاف القاعدة الفقهية فناشئة عن الأحكام والمسائل الشرعية المتشابهة. ثانيا: القاعدة الأصولية قاعدة كلية تتصف بالعموم والشمول فهي تنطبق على جميع جزئياتها وموضوعاتها » على حين أن القاعدة الفقهية قاعدة أغلبية يدخلها كثير من المشتبهات ثالتا: القاعدة الأصولية › الفرض الذهني يقتضي أنها موجودة قبل الفروع ءإنها القيود والأسس التي يلتزم بها المجتهد أو الفقيه عند الاستباط بخلاف القاعدة الفقهية فإنها متأخرة في وجودها الذهني والواقعي عن الفروع إِذ إنها جامعة لاشتاتها ومعانيها ورابطة بينها(۲). (١) االزرقا مصطفى؛ المدخل الفقهي العام ۷/۲٤ ۹. ‎ )۲(‏ الندوي: القواعد الفقهية ص ۸٠۲. ١٥۱ الأمر الثافي : هل القواعد الفقهية حاكمة على الفروع أو مقررة لما؟ بمعنى هل يسوغ للمتجهد أن يجعلها دليلا شرعيا كسائر الأدلة الشرعية الأخرى يستنبط من خلالما الأحكام التشريعية الفرعيةء أو آنه لا يسوغ ذلك بل غاية الأمر أن هذه القواعد يستأنس بها في تخريج الأحكام للوقائع ال جديدة قياسا على المسائل الفقهية المدونة. وتحقيق القول في ذلك أن هذه القواعد نوعان: بعضها هي ذاتها نصوص من القرآن والسنة أو مستمدة مباشرة من التصوص مثل "اللشقة تجلب التيسير” فإنها مستمدة من قوله -تعالى- يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقولة: «ما جعل عليكم في الدين من حرج) "الأمور مقاصدها مستمدة من قوله - صلى الله عليه وسلم- "إنما الأعمال بالنيات" وقد بين كل من الزركشي والسيوطي وابن نجيم وغيرهم دليل القاعدة حيثما أمكن ذلك وهناك قواعد أخرى لم تستنبط من القرآن والسنة بل استنبطت من استقراء الأحكام الفرعية صعودا بها إلى القاعدة الكلية فهي إِذن ثمرة للفروع ومن ثم فليس من المعقول أن تكون الثمرة دليلا. وبناء على هذا فإن علماء الشريعة يقررون أن القاعدة التي هي في ذاتها نص "لا ضرر ولا ضرار "الخروج بالضمان" أو التي استنبطت من التص فإنها تصلح للإستدلال بها مباشرة على الأحكام الفرعية العملية. أما القاعدة المستنبطة من الأحكام فقد اختلف فيها على رأيين : الوأ الأول : وهو ما ذكرناه سابقا من أنها ثمرة للفرع والثمرة لا تكون دليلا ومن ثم فهي لا تصلح لأن يستنبط منها الفروع. والرأي الثاني : أن القواعد كلها سواء أكانت نصوصا أم مستمدة من التصوص أم مستنبطة من الفروع فإنها تصلح لاستنباط الأحكام. والآن ... حان لنا أن نتكلم عن قاعدتين اثنتين في كتاب شيخنا الامام الشقصي وقد اخترت هاتين القاعدتين نظرا ل جاجتنا إليهما اليوم. (إحداهما في مجال النقه عموماً) › (والثانية في مجال الدعوة الإسلامية). أما القاعدة الأولى هي (اليقبين ازول بالشك) وهي من القواعد الكلية الأصلية الخمسة (الأمور بمقاصدها) (واليقين لا يزول بالشك) وعبارة الشيخ (اليقين لا يزول إلا بيقين مثله)(١) وعبارة الزركشي (ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين) ولا يكاد يختلف مضمون هذه القاعدة عند فقهاء الشريعة إلا من حيث الصياغة اللفظية ومعنى ذلك أنه إذا ثبت أمر من الأمور أو حالة من الحالات ثبوتا يقينياً أي قطعيا ثم وقم الشك في وجود ما يزيله فإن الأمر المتيقن هو المعتبر إلى أن يتحقق السبب اليقيني المزيل ومستند هذه القاعدة دلالة العقل والتقل معا. أما العقل فاليقين أقوى من الظن إذا اليقين إدراك جازم قاطع فال ينهدم ويزول بالشك» وأما النقل فقوله تعالى: وما يتبع أكشرهم الإ ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون)(۲). وفي السنة النبوية أن المتوضئ إذ شك في انتقاض وضوئه فهو على وضوئه السابق المتيقن وتصح صلاته ولا عبرة بالشك الطارئ على الأمر المتيقن. وقد ذكر الشيخ الشقصي تحت "القول الاربعون في الشك في الوضوء وأحكام ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم- إذا قمتم إلى الصلاة فإن الشيطان يخبطكم بين إلياتكم فلا تصدقوه على أنفسكم حتی تروا شیئا قاطرا أو تسمعوا ریحا). فاستعمال الشكوك مكروه ومتروكء لأنه من عوارض الشيطانء لأنه من الأذى للانسان› وريا أدى إلى تضييع شيء من الصلوات لذهاب الأوقات ومنع عن كثير من الطاعاتء وصد عن تأدية العبادات بالشكوك المعارضة والوساوس المعترضة(۳). ونقل عن محمد بن محبوب أن رجلا دخله الشك في أمره فكتب إليه ما ملخصه (فإن عارضك - أي الشك- فخذ باليقينء وتوكل على الله وأعرض عن الوسواس فإنه يفتح عليك ما استغلق ويغلق ما فتحء فيدعك متحيرا بين اليقين والشك واثبت على يقينك ولا تمكن الشيطان من دينك (١) منهج الطالبين ۹۸/۲ ٠ ۲۸۷/۳ وما بعدها (٢) يونس(۳۱) (۳) منهج المطالبين ۳۸۷/۳ 1:23 فإياك إن عارضك في نحو ذلك أوفي أنك تصدقت بالك أو بسعته أو نظرت محرمتك أو قلت لزوجتك ما تطلق بهء أو نحو ذلك فلا تدع حالك بالشك حتى تتيقن(۱). هذا وقد ذكر الامام الشقصي فروعا كثيرة داخلة تحت هذه القاعدة فمن أراد الاستزادة فليرجع إليها. أما القاعدة الثانية: فقد ذكر شيخنا قاعدة ما أحوج الأمة الإسلامية إلى منهجها والعمل بمضمونها "اختلاف السلمين في الفروع رحمه » وفي الأصول نقمة وفي عبارة السيوطي "لا ينكر مختلف فيه إتحما يتكر نجمع عليه". ومعنى قول الفقهاء (الاختلاف في الفروع رحمة) (ولا يتكر لمختلف فيه) ان هذه المسائل الختلف فيها مسائل اجتهادية أي إن دلائل الحكم فيها لم تتمخض عن الاحتمالاتء وجل الاحكام الفقهية من هذا الباب وهذا لا ضيرفيه على العلماء اذ الكل مأجور كما ورد في الحديث : "اذا حكم الجاكم فاجتهد فأصاب فله أجران واذا أخطاً فله أجر واحد" فكل رأي فقهي استظل بنصوص الشرع وقواعده وأحكامه فهو مقبول في الجملة سواء وافق اجتهاد مذهب معين أو مجتهد بعينه أم لم يوافقه بمعنى أن ما لم يوافق يجتهدا لايتبعه ولايصوبه في حق نفسه ولا في حق من قلده ولكن عليه في الوقت ذاته أن يعلم بأن صاحب هذا الاجتهاد قد ادى به الواجب الترتب عليه ما بلغه جهده فله العذر ومن ثم فلا يجوز ان ينسب أحد الفريقين صاحبه الى تفسيق ولا تبديع ومن باب أولى ولا كفر بسبب الاختلاف في الرأي أيا كان المتخالفون والى أي الطبقات أو العصور انتسبوا هذا معنى لا ينكر لمختلف فيه. أما امجمع عليه فإننا نتكر فيها على المخالف إذ الاجماع حجة يجب العمل به»ء لأدلة ذكرها الأصوليون في باب (الإجماع) لكن الخروج أو الإتكار ما أجمع عليه لا يستلزم كفر صاحبه بالضرورة بل إن انكار الحكم المجمع عليه لا يكون كفرا ما لم يكن ذلك الحكم معلوما من الدين ہے (١) منهج الطالبين 51/۲٠ وما بعدها. ۷٥ \ بالضرورة وفي الأصول هناك مسائل كثيرة أجمع عليها لكن لا تعد بماهو معلوم من الدين بالضرورة. وله در شيخنا عندما قال: (اختلاف المسلمين في الفروع رحمةء وفي الاصول نقمة)ء وذلك الأن ظروف المكان والزمان والأحوال قد تجعل الانسان المسلم في قطر ما يأخذ برأي يمجتهد يوافق ظرفه وحاله ما دام مستظلا بقواعد الشرع وأحكامه وهذا الحكم ذاته لا يناسب أهل مصر آخر نظرا لاختلاف ظروفهم وأحوالہم. أما اختلاف المسلمين في الأصول أي في اليقين بأن الله عزوجل واحد في ذاته وصفاته وأفعاله فلا خالق غيره ولا ضار ولا نافع سواه وال جزم كذلك بان الله لا نظير له ولا شبيه له في شيء من ذاته وصفاته وأفعاله اذ ذلك جزء من وحدانيته واليقين بان كل شيء بقضاء الله وقدره واليقين بان أهل القبلة الذين توافرت وتكاملت مقومات الايمان والاسلام في عقولمم وأفئدتهم لا يكفراحد منهم ما لم يفعل ما ينقض الاسلام أو الان ء واليقين بأن جمع كلمة المسلمين على أصول الهداية والرشد من أعظم أهداف الدين ومبادئه. ونعود الى بيان شيخنا في أنه لا ضير في الاختلاف في الفروع وأن لكل انسان أن يأخذ با شاء من الآراء ما دام هذا الرأي - كما قلنا- مستظلا بظلال الشريعة الاسلامية قال: (قال عثمان بن بي عبدالله الاصم - رحمه الله-: اذا تتازع الفقهاء ذوو الرأي من المسلمين في شيء من الحلال وا حرام فخذوا بأیه واذا كان الاختلاف في حكم الحادئة بالرأي = لم يجز لكل فريق من أهل الرأي أن يخطئ صاحبه ولا يبرا منه على خلافه في رأيه الذي قد حكم به في الحادثة لأن المسلمين قالوا: من نصب رأية دینا ثم برئ ممن خالفه عليه فقد ضل» ومن نصب رأيه دينا وادعاه على الله فقد کذب علی الله ء لأن الله تعالى اذا تقدم في حكم لم يجعل للعباد فيه الخيار واذا تركهم واجتهاد الرأي جاز الاختلاف فيه بالرأي وكان كل مؤمنا على رأيه واجتهاده اذا كان من أهل الرأي والاجتهاد. ۸٥۱ وقال سعيد بن أحمد بن محمد بن صالم - رحمه الله-: لايجوز تخطئة أحد من المختلفين بالرأي من علماء بل يلزم ويجوزء ونحب ولاية جميعهم » وعلى العلماء المختلفين بالرأي أن يتولى بعضهم بعضا ولو تضادوا جملة بالرأي مثل أن يحل أحدهم بالرأي شيئا ويحرمه آخر بالرأي ويتولى أحدهم بالرأي ويبراً أحدهم بالرأي وما أشبه ذلك فمن عمل بقول من أقاويل المسلمينء أو أخذ به فقد عمل بالحق وقال بالصدق ولا تجوز تخطئتهء فمن خطأه في ذلك برأي أو بدين فقد خالف الحق ووجبت البراءة منه بالدين في موضوع أحكام الرأي.(۱) وقال: (إن كانت ال حادثه مما يجوز القول فيها بالرأي ووكل الفقهاء فيه إلى عقولهم واجتهاد رأيهم فيما ليس عليه نص من كتاب ولا سنة ولا إجماع جاز لكل منهم أن يجتهد برأيه ویتحری الصواب في حكمها فإذا اجتهد وناصح نفسه في حكم الحادثة وظن كل واحد منهم أنه أصاب أمر الله - تعالى- في حكمها وحكم له بذلك وحكم له بالثواب على اجتهاده ومبلغ علمه لا يجوز لهم تخطئة بعضهم وهم بعد الاختلاف على ما كانوا عليه قبل الاختلاف عند بعضهم بعضا واختلاف المسلمين في الفروع رحمة وفي الأصول قلت: ومن نظر في كتاب شيخنا يجد من مشل هذه الأقوال الكثير فذلك منهج الشريعة الإسلامية في أمر الاختلاف في الاحكام الفرعية فالعمل الدؤوب في سبيل نشر دعوة الاسلام والسلوك بها طريقا لا حبا مهدا تجتمع فيه الجهود المبذولة هنا وهناك أن يتحد العاملون في المنهج فيسيرون في الطريق متكاتفي الأيدي قد غضوا طرفهم عن الخلاف فتجاوزوه شعارهم في ذلك (لنتعاون فيما اتفقنا فيه وليعذر بعضنا فيما اختلفنا فيه) مؤمنين بحتمية الخلاف الذي أدى إلى ظهور اللذاهب لاختلاف النظر إلى النصوص في وعائها الذي جاءت فيه وهو اللغة الحمالة ما أفضى إلى تعدد الاجتهادات كل اجتهاد بمستندهء وليس نة اجتهاد ينقض اجتهادا فهكذا يوفر الوقت ويبارك في الجهد ومن أدلج بلغ المنزل «وقل اعلموا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين). (١) منهج الطالبين ١/۳۲٠. (۲) منهج الطالبين ۳۳/۱٠. واختم بحثي هذا بأن في كتاب منهج الطالبين ويلاغ الراغبين ثروة علمية وتشريعية تحتاج من الأمة الإسلامية عموما وأهل عمان خصوصاً إلى الكشف عنها وابرازها للمجتمع لكى نظهر للناس عمق الفقه الإسلامي وصلاحيته لكل زمان ومكان. غير أن الكتاب بصورته هذه يحتاج إلى تحقيق علمي تظهر فيه الأقوال الراجحة من المرجوحة محققين كذلك الأحاديث التي يستدل بها الشيخ من حيث صلاحيتها للحجية من عدمهء واضعين فهرسا عاما للموضوعات الفقهية ومسائل الفقه الأساسية. وهذا لا يقدح في هذه النسخة التي بين أيدينا إذ حقَقها بذل جهدا في إخراج المخطوطة إلى عالم الوجود. كما أدعو الباحثين العمانيين وغيرهم إلى كتابة رسائل علمية حول كتاب شيخنا الشقصي مظهرين منهجه كاشمين عن مسائل الفقه ومصادره التي ينقل الشيخ عنها. ® © © ٦۱ المداخلاك: المداخلة الأولى : كانت عبارة عن استفسار بدأه مداخل متسائلا حول تصور الشيخ الشقصي - ارحمه الله- لمقاصد التشريع في بعض مسائل الأحكام أو في بعض أحكام المسائل 4 وكذا فيما يتعلق بكتابة القرآن الكريم » وتصور أن الشبهة الحاصلة بين كون القرآن من التواتر وكون الذين جمعوا القرآن مع نزول الآية أثنين من الصحابة مع الإثبات. الود : يجيب الدكتور الباحث بالقول أنا لا أظن أن فقيها يتكلم بالفقه في أحكام الشريعة دون أن يجعل المقاصد ملاذا له » غاية الأمر أنني أريد أن أتطرق إلى قضية في غاية الأهمية وهي أنني أجد في وقتنا الحاضر انه ستحدث فجوة بين طلبة العلم وبين كتب التراث القديم فكثير من طلبة العلم الأن يقرأون القراءات المعاصرة السطحية دوں أن تجد إنسانا صابرا على قراءة كب التراث القديم ما أدى إلى حدوث فجوة نظرا لمجرة الناس لعلوم الشريعة الإسلامية والصعوبة تكمن فيما أستطيع أن أعبرعنه بنك الشفرة -ما معنى نك الشفرة؟- هناك شفرة للتراث عندما نقرأه › فالفقيه عندما يتكلم هو يضبط مسائل النحو عملية لكن لا يصرح بها واضعا اطق في ذهنه دون أن يصرح به واضعا للبديهات والأصول العلمية دون أن يصرح بها » نظرا لضعفنا في اللغة العربية. نحن نقف أمام الشفرة متحيرين لأن الشيخ لم يصرح با يقول فالشيخ وضع المقاصد مرآة له وإن لم يصرح بها فهذه من عدة الفقيه » فالشيخ الشقصي حسب ما قرأت الجلد الأول إلى المجلد العاشر ذكر أنه صرح بكلمة المقاصد أو كعلم هذا ليس من وظيفة الرجل في الكتاب لكن الرجل جعل المقاصد مرآته شأن كل فقيه عبر القرون. وتابع قائلاً: وأما بالنسبة للتواتر فالقرآن موجود بالتواتر هذا ما أتفق عليه طبعاً » وهناك قلة خالفت في هذه وموجود منذ نشأة الإسلام وقولمم مردود عليهم ٤ لكن الإنسان عندما يجمع القرآن يريد أن يكتب القرآن كما قال له عثمان بن عفان ( إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ايت على ١٦۱ شيء فاكتبوه على لسان قريش فإنما نزل القرآن على لسانها) فهو يريد أن يستوثق زيادة في الكتابة أما الأصل التواتر فحاصل لأنه لا قرآن إلا بالتواتر » هذه قضية مفروغ منها والكلام في صحة السند كما روي عن ابن الجزري هذا كلام غير صحيح ء القرآن كله متواتر » والتواتر حصل من تقل الشفهي » حصل من الحفظ وحصل من الكتابة لكن عند الجمع أراد أن يستوثق زيادة حتى ان ابن حجر يقول في (الفتح) هل طلب شاهدين على الكتابة وشاهدين على ال حفظ ٠ يكون أربعة وهم شهود خلاف › مذكور في كتب الفقه ٠ أنا بصدق أقول كنت أتمنى لو أثبت الشيخ لنا بالأدلة القاطعة أن القرآن قد جمع في مصحف واحد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا داعي لنا في جمع أبي بكر أو جمع عثمان لانك لو تأملت كنتب علوم القرآن لوجدت كل الشبهات التي جاءت على القرآن من المستشرقين ومن المستغريين ومن الحدائيين الآن كلها على جمع القرآن الكريم. رتا (الفقیہ (لفا ري س اتقو ول اء راي ن واه الق د. محمد جمال صقر الأستاذ المساعد بقسم اللغة العربية كلية الآداب والعلوم الاجتماعية 1۳ أي خطب ترى ذلك الذي شغل الفقيه الفارس عن فقهه وعن فروسيته؟ أي موقف ترى ذلك الذي وقفه بين نار ا خوف ويرد الرجاء» خميس بن سعيد بن علي بن مسعود الشقصي الرستاقي العماني اللولود في آخر القرن العاشر المجري القائم في القرن الجادي عشر على دولة اليعارية» بروحه وجسمه! أي هم حزبه حتی صدره ء وأفحمه حتى نطق الشعر! وطلأة الخفطب ١. إلى الله من خطب على الناس قد غدا فأصمى قلويا غافلات وأكبدا ۲. وروع أهل الأمن في مستقرهم وعم جميع الحاضرين ومن بدا ٣. وضجت له السبع الطباق وأرجفت له الأرض والألباب طاشت تبلدا ٤عظيم عليناوقعه وحلوله وفاة أمير المسلمين اين مرشدا لقد مات بين يديه ربيبه الإمام الجليل ناصر بن مرشد اليعربي» الذي نشا على عينهء وأم الملسلمين بيدهء فدراً الله به الفتنة» وعصمهم من الذلةء وجعله عند حسن ظنه وظنهم.(۲) لقد فدحته وطأة الخطب» حتى لقد حار كيف يسمي (فعل) اتجاهه "إلى الله" : (ألجا) أم (أبرأ)ء أم غيرهماء ؛ فأسره في نفسه إشفاقا على اللسلمين» ولم يبده لهم رائيا أنهم وإياء» كانوا غافلين عن نعمة الله بالإمام عليهم وهو بينهم. (١) البوسعيدي (السيد حمد بن سيف بن محمد): 'قلائد الجمان في أسماء بعض شعراء نشرة مسقط سنة ١1۱٠۱ه - ١۱۹۹م وقد وفعت بالقصيدة أخطاء كثيرة جلية وخفية صححتها تكشفها موازنة ما هنا بما هناك: (۲) الحارثي (سالم بن حمد بن سليمان): تحقيق (منهاج الطالبين وبلاغ الراغبين)؛ طبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه بالقاهرةء نشرة وزارة التراث والثقافة ‎eer‏ ۸ والعجيلي (قائم محمد رميض): 'قيام حكم دولة اليماربة وانهياره في عمان ۹٤۱۷م دراسة في التاريخ السياسي"ء ې ا9 ٤٦۱ ولسعته نار اخوفء حتى لقد رأي طبائع الأشياء (الناس والكون) تكاد تختل وتتحول عما خلقها الله وعهدها هو عليه ؛ فأحس لخطر الفتنة مثلما تكون أوائل العقاب بالتدمير. * أي إمام ذلك الذي لم يكن هُلْكهُ هُلْك واحدرء ولكنه بنيان الأشياء (الناس والكون) قد تهدم! ()إمام هدى قد كان فينا مبارك مباركا وكان بتوفيق الله مسددا (۲) وقد كان للدنيا وللدين قيما وللسائل العافي معاشا وموردا (۳)يسوس رعاياه بأحسن سيرة فحاطهم ذباوعمهم ندی (8)وفرق أهل الظلم من كل وجهة وشمرعن ساق لہم وتجردا وأظهر سبل ال حق بعد طموسه وأعلى منار الدين عدلا وشيدا له الدنيا بحسن جمالما فغض وأثنى الطرف عنها تزهدا (۷)قضى نحبه والمسلمون جميعهم موالونه في الله دينا ومعهدا إنه الإمام العادل الذي يجعل الله له في الدينا طرفا من ظله الذي يظله به يوم لا ظل إلا ظله ؛ فتفيهأه الملسلمون. لقد ملكه عليهم أولا زهده في متاع الدنياء وغناه عما في أيديهم ؛ فأقروا له بالإمامةء وملكه عليهم آخرا حکمته التي جمع فيها الترغيب والترهيب» والمنح والنع ؛ فأقروا له بالعدل. ولا أقروا له عن رضا واختيارء لا عن خوف واضطرار» اقتحم بهم يهماء المهالك المدلممة؛ فانتزع الحق من برائن الباطل» وكبت الظلم بآية الإتصاف. ٥١٦1۱ )۱۲( )۱۳( )٤۱( (١٦۱( بيا للمبتلي! لوعة القفكد ولا رأيت الحاملين تسابقت بكيت وأبكيت الضراغم حوله كما جل فینا قدره عز فقده سلام على الدنيا إذا لم يكن حباه إله العرش روحا وراحة إلى نعشه أيديهم قمت منجدا وأيقنت أن لا وصل یرجی وموعدا فأكرم به حياوميتاوملحدا بهافتی مرشد ما بيننا متمهدا وملكا كبيرا لن يبيد وينغدا أي ثأر للموت عنده حتى يفجعه بربيبه وتلميذه وإمامه! كأنه ما بكى لانتحابه الملسلمون» أيقن أنها الحقيقة الواقعة المؤلة: انقطاع حبل الدنيا بينهماء ومر في فمه طعم الحياةء فکرہ أن یحفظ لہا نفسه! أي قيمة للدياء وقد رحل عنها خاليا منهاء من ملك الشرق والغرب! ولكن ملكه العريض باق بعده لم يرحل معه ؛ فهل من يقوم عليه كما كان يقومء ويحفظه فيه بكرامة ما بذل له؟ )۱۷( ولولا فتى سيف وتجريد عزمه (۱۸) تدارك سجل الملك قبل انكفائه )۱۹( ومر على نهج الخليفة ناصر بشرى الخلف (٢۲( دعوت له الرحمن نصرا وعصمة )۲۱( لقد وقفوا في موقف يعلمونه (۲۲) فلا ذكروا الدنيا ولا عبئوا بها (٢۲) فلا فخر إلا وهو دون فخارهم (٤۲) فمن كان مشتاقا إلى الله صادقا لأمسى جمال الدين منه جردا وقد شارفت حيطانه أن تبددا وأورى زناد احق حتى تمهدا وفتحا مبينالايزال مؤيدا يقينا بأن الموت فيه ترصدا ولا جزعوا للموت حين تعمدا وجود الفتى بالنفس أعلى بمجدا كذافليكن ذاأهبة متزودا ٦١٦١۱ المأسدة›ء فشحذها لله همة عاليةء وألقاها بين عينيهء يصون أصول الدين› ويحمى غور املك ء راميا بنفسه المهالكء ساخرا بالعوائق ؛ فابتنى لنفسه وأهله والمسلمين› يجدا يعجز من يصبو إليه الا أن يذل فيه مثلما بذل. * أترى يسلو ذكرى ربيبه وتلميذه وإمامه السالف» أم ترى يقوى فيما بقي من حياتهء على نصرة إمامه الخالف؟ سلوى الزيارة أيا صاحبي دعني وما بي من الأسى ولاتذكرن عندي سعيدا فأجهدا وما رأيت الأمر ضاق وأزيىدا (*) تيممت بالمدح النبي محمدا (۲۷) نبي براه الله أقفضل من مشی ومن ركب العيس الرواسم أو غدا من خلقه وصفيه وأفضل من صلى وصام وأهجدا (۲۹) وإني لمشتاق إلى أرض يشرب وشم ضريح صار فيه ملحدا (٠۲) ليشفي داء الشوق من نتفحاته ويشلج قلبا كان بالشوق مغمدا (۱) ونركع في تلك المقامات ما قضى لتنا من صلاة المخلصي تعبدا (۲۲) نسلم تسليم المحبين بعدما نتصلي عليه ثم نثني تحمدا ونثني على الصديق ذي العدل والتقى وصاحبه الفاروق ذي الباس والندى (٤۳) وأصحابه والآل طرايعمهم سلامي ماناح الحمام وغردا كل إمام عادل غائب - مهما افتقده- فالرسول - صلى الله عليه وسلم- أعز منه لديه فقدا وأغلى ؛ فلا ريب أن يتعلق بزيارته . وكل عضد شديد - مهما فقد - فالصحابة أئمة الہدى - رضوان الله عليهم- أعز منه فقدا وأغلى ؛ فلا ريب أن يتعلق بزیارتهم. )*( أفترى يشفع له عند ربه -سبحانه وتعالى- [خلاصه؟ ۷٦۱ إنه إذا وفى لإمام» فإنما له - صلى الله عليه وسلم- يفي» وإذا نصره» فإنما إليهم س-رضوان آمل الشفاعة ألا يا رسول الله يا خير شافع وداع إلى الرحمن أوصي وأشهدا فكن شافعي لله فيماعملته بعمدونسيانأتى وتعمدا (۷) وإني إليه تائب متضريع ليففر ذنبا كان مني على اعتدا (۳۸) وإني لأرجو الله أخشى عذابه وأرجو رسول الله لي شافعاغدا (۳۹) وإن سلفت مني وساءت خليقة فقدكان عفو الله أعلى وأمجدا (٤4) وإن شاء تعذيبي فعدل قضاؤهءه بفعلي وإنيرحم ففضلاتعودا (١٤) فكم نعمة أسدى وكم فتنة وقى وكم محنةعافى ومن ظلمة هدى (٤٤) ولو نطقت مني الجوارح كلها بشكرلماأحصته دهري تعددا ها هو ذا يوت خوفا ويحيا رجاءء ويستشفع الرسول - صلى الله عليه وسلم- بإقراره بتبليغه الرسالة وأدائه الأمانه» ويسترحم ريه - سبحانه وتعالى!- بإقراره بأنه خطاء خواف» ويأنه لو عاش يحسن لا يسيء» لعجز عن وفاء إحدى نعمه التي لا يعلم عددها إلا هو ويأنه - سبحانه تعالى!- الغفار الذي عوده كرمهء فلا يقطع عادته. » لقد اجتمع الخوف والرجاء في القصيدة عامةء وفي كل قسم من أقسامها خاصة : إنه إذا انتمت للخوف "وطأة الخطب"ء الفقيد" الفقد" - انتمت للرجاء- "بشرى الخلفء وسلوى الزيارة"ء و"أمل الشفاعة". وإذا اشتد الخوف "بوطأة الخطب"ء خففه رجاء الله والانتباه من الغفلةء أو "تأبين الفقيد"ء خففه رجاء موالاة اللسلمين جميعهم» أو "بلوعة الفقدء خففه رجاء بقاء نعمة الله. ۸٦۱ وإذا اشتد الرجاء "ببشرى الخلفء خففه خوف ترصد الموت وضياع الممم»ء أو "بسلوى الزيارة"ء خففه خوف ضيق الأمرء أو "بأمل الشفاعة"ء خففه خوف المحاسبة بالعدل. هكذا يجتمع الخوف والرجاء في قصيدة الفقيه الفارس»ء ويختلطانء ويعتلجان. ولو لم تدرك الفقه الفروسيةء لانفرد بها الخوف» أو لم يدرك الفروسية الفقهء لانفرد بها الرجاء. * ولقد بذل الشقصي "لوطأة الخطب أربعة أبيات» وألتأبين الفقيد" سبعة الفْقد" خمسةء ال خلف" نمانيةء و"لسلوى الزيارة” عشرةء ولأمل الشفاعة ثمانية› فأوحي بزيادة ما بذل السلوى الزيارةء من أبيات» على ما بذل لغيرها من مقاطع قصيدته» با صار معلوما من آراء فقهاء اللسلمين بالضرورة: أنه لن يصلح أمر آخر هذه الأمة إلا با صلح به أمر أولها. وسائل القصيدة * أخرج الشقصي قصيدته من بحر الطويل الوافي المقبوض العروض والضرب : إلى اللا |٠ من خطب | على النا | س قدغدا | فأصمى | قلوباغا | فلات وأكبدا فعولن ‏ ا مفاعيلن ‏ | | مفاعلن | فعولن | مفاعيلن | فعولن | مفاعلن سالة سالة سالة مقبوضة | سالة سالة سالة مقبوضة وقافية المطلقة الجردة الدالية الموصولة بالألف : أكپبدا أما الطويل - ولا سيما صورته هذه- فأشيم بحور الشعر العربي القديم› استعمالاء حتى لقد ملكه عليها بذلك أيو العلاء المعري» على منهجه في استيعاب علوم العربية وآدابها وعلوم الإسلام وآدابه والامتزاج ومزج الدنيا بها. وإنما كان أشيعهاء بمناسبة أكثر منهاء للموسيقى (الغناء) القديمة الغالبة على الأسماعء حتى لم يكن لشاعر أن يغفل عنها. ۹٦۱ وأما هذه القافية - ولا سيما الدالية وقليل غيرها معها- فأشيع قوافي الشعر العربي القديم ء استعمالا. وإنما كانت كذلك» بناسبتها لطريقة الوقف» ولادة متن اللغة من الكلمات. لقد لان الشقصي لفقهه للشعر العربي القديم الذي لا يستغني عنه فقهه لعلوم الإسلام وآدابه ؛ فقاده إلى ذلك كلهء ولم يكن للبادئ أو اللقل متى كان صادقاء إلا أن يلين في يد ما طرأً عليه. ومن فقهه نفسه› تقفيته للبيتين الأولء والسادس والعشرين : ١. ... قد غدا... أكبدا ۱.....أزبدا .... حمدا إذ قد علم أن الداخل إلى قصيدة الشعر العربي القديم» من غير تقفية مطلعها - وقريب منها تصريعه- كالمتسور الداخل من غير باب» وأن تكرار ذلك قبيح إلا أن يبدأ معنى جليلا يريد أن ينبه عليه وكأنه يبدا قصيدة جديدةء ولم يكن لديه أجل من استشفاع الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم-! ذلك أحرى بمن يتحرى القبول ويلح في الطلب. * وعلى رغم تأخر زمان الشقصي واشتغاله بالفقهء غلبت الجزالة على لغته ! أجلء لقد اشتهر الفقهاء والمتأخرون جميعاء بركاكة الشعر؛ فأما أولكك فلجفاف أحكام القضاء الذي يطبعهم بطابعه فلا ينفكون منهء وأما هؤلاء فلعموم ضعف اللغة العربية في زمانهم بضعف أهلها. وأما الشقصي فقد أدركه فقهه للشعر العربي القديم مرة أخرى؛ فلا ريب في علمه بمنزلة إحكام اللغة منهء ثم أدركته مخالفة حال المتأخرين العمانيين حال غيرهم من العرب» على ما هو معروف. تتحدر تراكيب لغة القصيدة قديمة معهودة» من شاء وجدها في أية قصيدة قديمةء أتى بها إلى الشقصي بحر الطويل الذي لم ينفد على كثرة المغترفين ؛ فمن عطف تركيب يملا عجز البييت على شبيه يملأ صدرهء كما في الأبيات: الثانيء والثامن» والتاسع» والعاشرء والثالث عشرء وغيرها: 1۱۷۰ فها هو ذا قد عطف جملة خبرية فعلية ماضوية (ماض» فيه فاعل مستت ومفعول به اسم ظاهر. مضاف إلى اسم ظاهرء ومعطوف اسم موصول» بعده صلة جملة فعلية ماضوية: ماض› فيه قاعل مستتر) = شغلت عجز الييت» على جملة خبرية فعلية ماضوية (ماض؛ فيه مستتر» ومفعول به اسم ظاهرء مضاف إلى اسم ظاهرء وحال شبه جملة: جار ومجرور اسم ظاهرء مضاف إلى ضمير غيبة) - شغلت صدرهء حذو القذة بالقذةء كما تقول العرب !١ - إلى تعليق جواب يملا العجز بشرط يملا الصدرء كما في الأبيات: الثاني عشرء والسابع عشر» والرابع والعشرين» والسادس والعشرين» والتاسع والثلاثينء والأربعصين» والشاني والأريعين الأخير: ۹ وإن سلفت منى وساءت خليقة فقد كان عفو الله أعلى وأعجدا فها هو ذا قد أجاب بجملة اسمية منسوخة بفعلء شغلت عجز البييتء شرطه بجملة فعلية معطوف عليها مثلهاء شغلت صدر البيت. - إلى قطع مسيرة تركيب» واسئناف تركيب نعت يتصدر فيه البيت منعوت تليه نعوت متعاطفة تلا شطري البيتء كما في البيتين ا خامس» والسابع والعشرين : ٥ إمام هدی قد کان فینا مبارکا وكان بتوفيق الاله مسددا فها هو ذا قد صدر اسما ظاهرا خبر مبتداً محذوف» مضافا إلى اسم ظاهر» وشغل بقية صدر البیت بنعت جملة اسمية منسوخة بفعل» والعجز بنعت آخر مثله معطوف جمله اسمية منسوخة بفعل › حذو القذة بالقذةكذلك ! - إلى تقسيم البيت بحيث تطابق أقسام التراكيب أقسام الوزن» كما في قوله: 1٤ فكم نعمة أسدى وكم فتنة وقی وكم محنة عافى ومن ظلمة هدی فها هو ذا قد أخرج أقسام بيت الطويل الممتزج (المتكررة فيه تفعيلتان مختلفتان) المثمن (ذي الثماني الأربعة- من أقسام أربعة من تكرار تركيب الجمة الفعلية المتقدم على فعلها متعلقه : ۱١۱۷ فكم نعمة أسدى = فعولن مفاعيلن وكم فتنة وقى = فعولن مفاعلن وكم نة عافی = فعولن مفاعپلن ومن ظلمة هدی = فعولن مفاعلن وقد خفف من صنعته فيه » عدم تمسكه بسجع أواخرها - وإن ختمها جميعا الألف المقصورة الأصلية ؛ فليست بصوت سجع قوي-ولا بكم في القسم الأخير. لا غريب في القصيدة عن لغة زماننا غير كلمة "الرواس م أي الإبل العاديةء وهي على رغم احتمال ألا تكون غريبة عن لغة زمانهء لطيفة الوقع ملتبسة لدينا بيجمع "راسمة القريب منا. لا حشو في القصيدة إلا "حلوله” في البيت الأولء و"ملحدا" في البيت الرابعء في البيت السادس عشرء و تعبدا في البيت الحادي والثلاثينء وٴتحمدا في البيت الثاني والثلاثينء و تعمدا" في البيت السادس والثلائين - وكلها إلا الأولىء من كلمات القافية العامة البلوى في الشعر العربي العمومي ! لا ضرائر في القصيدة إلا منع صرف مرشدا" في البيت الرابع» وإثبات نون الملضاف "موالون” في البيت الحادي عشرء وكلتاهما قليلتان غير شائعتين -وحذف فاء جواب الشرط من كذا في البييت الرابع والعشرين › وهي كثيرة شائعة. ® © © ۱۷۲ الكهرس ولا :هذا الإصدار 0 شاقيا : كلمة النتدى ۷ شالا : العلامة خميس بن سعيد الشقصي (حياته ... ومدرسته الفكرية) ٠ للأستاذ ناصر بن سليمان السابعي وايعاً : دور الشيخ خميس بن سعيد الشقصي 3 د. يوسف بن عبدالله الغيلاني خامسا : مكانة الشيخ العلامة الشقصي العلمية ٥1 محاضرة سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام السلطنة سعاه سا : تخريجات الأحاديث في مؤلفات الشقصي ۸ د.خلفان بن محمد المنذري سابها : مصادر الشقصي (كتاب منهج الطالبين) 1۹ الأستاذ أحمد بن جابر الملسكري شامفا : قراءة في منهج الشقصي ١۱۲ د. محمد سالم ابو عاصي تاها : رثاء الفقية الفارس بين الخوف والرجاء ۳٦۱ ۱۷۳ ما ورد في هذا الكتاب لا يمثل بالضرورة رأي المنتدى الادبي حقوق الطبع محفوظة للمنتدى الأدبي وزارة التراث والقافه رقم الإيداع ٢٥٥۰۳/۲٠۲ ٤۱۷