ت د 22م ر میگ بعد ہے ڪا e PAÇ mne س س س ‎PELA‏ ن م ‎TEC‏ ا - ےر ‎IN‏ ‎EA A OR N‏ ي ‎RE 1‏ ا ‎NEE‏ وف ۹ ‎CI‏ ‎N‏ 1 ‎O ‎OEE EIRSUSAE rO EOI ‎ ‏1 ‏ث تت ‎T7‏ ‏پهي ۶ ‎COS ‏ی‎ e ‎Pb r ‎E ‏ات‎ 1 . n ‏ا‎ 17 ‎GS 4‏ ا ‎2 0 ê ‏م ی 1 ا ‎DO‏ ‏ا 4 ‏» شس ںو 0 ‎۱ ۹ N ‏اشا ‏ن۴ ‎a‏ ‏4 ‎۶ ‎- ‎AREA ‎az ‏م‎ 4 RT 7 I : PRE EAR ‏ا‎ 1 ‏1 ت ‎ ‏سد ان تعبا بے ‎e : RO ‏ن ‏ی ‎SARAN EET‏ ‎POPSET ‎OSE SEER, ‎7 0 ‏7 ‏0 ٠ « وت ‎E ‎r ‎2 ‏ی ‎TOTTI ‎ ‎AKC N ‎0 ‎Co ‎: NRO a ‎STOOPS TE PEE OO ‎ ‏نوت ‎LA 11 ‎ ‎ ‎ ‏ر ٤ 2 7ےا ا و .۱ ل ‏ک۱ا“ ‏لنرڪ ‎Cz‏ ‏دارا ‎ ‎ ‏ل ا ب ‏اك اسا ال اسما ءي بدت متم اا 2 1 نگ | ‎RECT SLR A-ALEORED E Pa Wi AD a RS ‎t ‎ ‎¥ ‎A ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ملعاال نى ايلإ لالنفوي برايالتْمال اناق ‎e‏ ^ ووی ی حسن خلآ ف د ع الس 4 ِء | لسشاي منتورارحت لنشركب ال تقيرأكاعة دارالكب العلمية جميع ا لحقوق محفوظة Copyright © All rights reserved Tous droits réservés جميع حقوق الملكية الادبية والقنية محفوظهة لحار الكثب العلميذ بيروت-لبنان ويحظر طبع أوتصوير أوترجمة أوإعادة تنضيد الكتاب كاملا أو مجزأ أو تسجيله على أشرطة كاصسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على اسطوانات ضوئية إلا بموافقة الناشرخطيا. Exclusive Rights by Dar Al-Kotob Al-ilmiyah Beirut - Lebanon No part of this publication may be translated, reproduced, distributed in any form or by any means, or stored in a data base or retrieval system, without the prior written permission of the publisher. Droits Exclusifs i Dar Al-Kotob Al-ilmiyah Beyrouth - Liban ll est interdit û toute personne individuelle ou morale d'éditer, de traduire, de photocopier, d‘enregistrer sur cassette, disquette, C.D, ordinateur toute production écrite, entière ou partielle, sans l'autorisation signée de l'éditeur. الطبعة الأوّلى ۲ه ۰۱٠۲م 1 بیروت - لبنان رمل الظريف: شارع البحتري: بناية ملكارت حاتف وفاکس : ۳۹۸٤۳۱ - ١۲-۳۱1۱۳٢۳۷۸ )۱ ۹11( صندوق بريد : ١١١۱۱۰۹ بيروت .ليان Dar Al-Kotob Al-ilmiyah Beirut - Lebonon Ramel Al-Zarif, Bohtory St., Melkart Bldg. Ist Floor Tel. & Fax : 00 (961 1) 37.85.42 - 36.61.35 -- 148 PO.Box : 1) - 9424 Beirut - Lebanon Dar Al-Kotob Al-ilmiyah Beyrouth - Libon . Ramel Al- Zarif, Rue Bohcory, Imm. Mellart, Iére Ecage Tel. & Fax : 00 (961 1) 37.85.42 - 36.61.35 -- 14.8 B.P: 11 - 9424 Beyrouth - Liban ص ھا e TR ی ج سی و ‎x e‏ e DPT SACRE PARE AE it E PEA, ® ISBN 2-7451-2289-4 N http: //www.al-ilmiyah.com/ e-mail: sales@al-iimiyah.com info@al--ilmiyah.com baydoun@al-ilmiyah.com ۱ و سر سے القنطرة الخامسة فى الزكاة المشروعة فى الأموال / الحمد لله الغني الحميدء الواسع المجيدء المبدىء المعيد ذي البطش الشديدء الفعال [۲/آ] لما يريدء احُمَدهٌ حمداً استوجب به من نعمه المزيدء وأصلي على رسوله صلاة أرجو بها . من الله العون والتأييدء والعصمة والتسديد. أما بعد: فإن الله تعالى شرّع الزكاة في الأموال بعد فروض الأبدانء وجعلها حقاً واجباً للفقراء في أموال الأغنياء» حكمة ألف بها بين قلوبهم لتبعثها على التعاون في إدراك مطلوبهم ونيل محبوبهم؛ لأن الراجي لغيره هائب له وصول» والمرجو ما لديه مهيب موصول؛ إذ لو انقطعت رغبة الفقراء من ذوي الأموال لسقطت بذلك من قلوبهم هيبة الإجلالء فيفضي ذلك إلى التقاطع والتدابر / والتباغض والتنافرء فيؤول ذلك إلى خراب الدنياء وانقطاع سكانها.[01/3. فكان في إيجاب الله تعالى الزكاة مواساة للفقراءء ومعونة لذوي الحاجات والضعفاءء تكفهم عن البغضاءء والتقاطعء وتبعٹهم على التواصل والتراجعء مع ما في أداثها من تمرين النفس على السماحة والبذلء ومجانبة الشّح والبخل» لأن السماحة تبعث على أداء الحقوق» والشّح يصذ عنهاء ويهيج بين الناس القطيعة والعقوق» فامتحن الله تعالى عباده حين آمنوا به وصدقوه› وادعوا محبتهء وعبدوه» فأمرهم أن ينفقوا أموالهم المحبوبة عندهمء فيكون ذلك تصديقاً لدعواهم محبته وإيثاراً منهم له على ما سواه لأنه إنما تمتحن درجة الحب بمفارقة المحبوب والأموال محبوبة عند الخلق لأنها آلة تمتعهم بالدنيا وبها يأنسون إليها وينفرون من الموت لأجلها وإن كان في الموت لقاء محبوبهم. فقال تعالى: لن َتَالُوا لير حى تُنْفِقُوا مِمًا )۱( منقول من کتاب الغزالي وغيره. ٤ قنطرة الزكاة حون . فاستتزلهم عن المال الذي هو معشوقهم› وعن النفس التي هي غاية محبوبهم» فقال تعالى: إن الله أَشْعَرَى من ألْمُؤْمنينَ اسهم و مُوَالهُمْ بان لَهُمْ الْجَه€. وذلك بالجهادء وهو مسامحة بالمهجة شوقاً إلى لقاء الله تعالىء والمسامحة بالمال أهون إِذ فيه ذريعة إلى تواصل الخلق؛ واتصاف للإنسان بالسخاء الذي هو أكرم أوصاف النفس» وتطهير القلوب من درن الذنوب ومثراة للمال› وحصن حصين من الأحوال. قال تعالى : «خُذ من أَْوَالهِمْ صَده نطهَرَهُمُ وَترَكِيهم بها" الآية. [٤/ب] / فأنزل الله تعالى فرض الزكاة في المدينة مجملاً فبين النبي عليه الصلاة والسلام حدودها وأنواعهاء ورسم أسباب وجوبها وأجناسهاء ونحن إن شاء الله تعالى نکشف عن أسرارها الخمية› وشروطها الجليةء مع الاقتصار على ما لا يستغني عن معرفتها مؤدي الزكاقة الأول: في فضل الزكاة ووعيد تاركها. الثاني : في أنواع الزكاة وأسباب وجوبها. الثالث: في أدائها وشروطها الباطنة والظاهرة. الرابع: في قابضها وشروط استحقاقه وآداب قبضه . الخامس: في صدقة التطوع وآداب أخذها وإعطائها. ونحن نشرح هذه الأبواب إن شاء الله تعالى على الترتيب . الباب الأول في فضل الزكاة ووعیدها اعلم أن الزكاة قنطرة الإسلام وطهارة للعبد من الأثام قرن الله سبحانه وتعالى فرضها بالصلاةء وأفردهما بالذكر عن سائر الخيرات› تتبيهاً على آنهما من أعظم القربات› فقال تعالی مخبراً عن فضله بالرسل عليهم من الله الصلوات: «أيِيمُوا ألصّلاة ونوا الرّكاة واقرضوا الله قوضاً خسنا الآبة 1 (١) سورة آل عمران الآية: ۹۲. (۲) سورة التوبة الاية : ١ . (۳) سورة التوبة الآية: ١١٠. (8) سورة المزمل الأية: ٢۲ قنطرة الزكاة 0 وروي عن رسول الله يله آنه قال: «حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة› واستدفعوا أنواع البلايا بالدعاء» . وعنه ي أنه قال: «ما نقص مال من صدقةء ما تواضع عبد إلا رفعه الله تعالىء وما عفا عبد عن أخيه مظلمة إلا زاده الله تعالى بها عزاً». وعنه عليه الصلاة والسلام / أنه قال : «الصلاة نور » والصدقة برهان » والصبر ضياء› [٥/] والقرآن حجة لك أو عليك». وعنه عليه السلام أنه قال: «من أدى زكاة ماله» وأقرى الضيف وأدى الأمانة فقد وقى شح نفسه). وقال عليه السلام في بعض خطبه: «أيها الناس لا نبي بعديء ولا أمة بعدكم؛› فاعبدوا الله ربكم وصلوا خمسكم» وصوموا شهركم» وأدوا زكاتكم طيبة بها أنفسكم وحجوا بيت ربكم وأطيعوا ولات أموركم تدخلوا جنة ربکما. وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إن الله تعالى لم يفرض الزكاة إل ليطيب بها ما بقي وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : ما قصر أحد في الزكاة والحج إلا سأل الله تعالى الكثرة قال تعالى: افوا ِن ما فاكم ين قبل أن يي أحدَكُم الْمَوتَ يفول رب لولاً َحَرتِي لى َجَلِ قريب فلق وَاكن من اَلصَالِحين»”. فقيل لابن عباس: اتق الله فإنا نری هذا في الكافر يعني المشرك. فاحتج ابن عباس بأول الايةء ثم قال: هذه الآية أشد شيء على أهل التوحيدء لأنه لا يتمنى الرجوع إلى الدنياء والتأخير فيها أحد له عند الله خير في الأخرة. وعن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي ي أنه قال: مانع الزكاة يقتل. قال الربيع: قال أبو عبيدة: ذلك إذا منعها من إمام يستحق أخذها. وقال الله تعالى: لوا َلْمُشركِينَ حَيْثُ وَجَذدُ تُمُوهُمْ» إلى قوله: «فَإنْ ابوا وَأفَامُوا ألصَلاً وأتوا كاه فَحَلَوا سَلهه». وعن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أنه قال: لما قالت العرب: أما الصلاة )۱( سوره المنافقون الآية: ٠\ (۲) سورة التوبة الآية: 0. ٦ قنطرة الزكاة فتصلي» وآما الزكاة فلا نجعل في أموالنا شركاءى فقال أبو بكر: والذي نفسي بيده لأقاتلن من [/ب] فرق /بين الصلاة والزكاة ولو منعوا مني عقالا كانوا يؤدنه إلى رسول الله يَيٍِ لقاتلتهم عليه وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمانع الزكاة». قالها ثلاثء والمعتدي فيها كمانعها. ومن طريق أنس عنه عليه السلام أنه قال: «مانع الزكاة في النار». ومن طريق عائشة عنه عليه السلام أنه قال: «لا تخالط الصدقة مالا إلا أهلكته». وقال تعالى: «وَوَيْل لِلمُشْركِين * الذِينَ لا يوون الرَكاة€”". وقال تعالى : «وَيَمَْعُونَ ألْمَاُونَ". قيل : إنه الزكاة في بعض الأقوال. ولذلك توجه الوعيد على من منعه› وقال بعض العلماء: الزكاة مال يؤدي إلى النارء قيل معناه في ذلك من أخذها كما لا تحل له ومن أعطاها لمن لا يستحقهاء ومن منعها من المستحقين لها فهم جميعاً في النار. وعنه يلأ أنه قال: «ما تقض قوم العهد إلا ابتلاهم الله تعالى بالقتل» ولا منع قوم الزكاة إلا منع الله عنهم القطرء ولا ظهرت فاحشة الزنا في قوم إلا سلط الله عليهم الطاعون». قال الله تعالى: «وَالَِينَ بكَيُونَ أَلنَحَبَ وََلْضّة ولا يفِقُونهَا في سيل الله فَشّرْحُه ‎E‏ و ر ‎o‏ م وو ر دوو ووه وو بعذاب اليم * يوم يحم عَليْها في نار جهنم فکوی بها جبَاهُهُمُ وجنويهم وَظَهُورهُ4. إلى قوله: وتوا ما كُشمْ نَكنرُون»” قال أهل التفسير: هذه الآية أنزلت في مانم الزكاة من أهل القبلة . روي هذا عن ابن عمر وقال: کل مال أدیت زکاته فليس بکنز ون کان تحت سبع أرضين وكل مال لم تؤد زكاته فهو كنز وإن كان فوق الأرض. (١) سورة فصلت الآیتان: ٩ ۷. (۲) سورة الماعون الأية: ۷. (۳) سورة التوبة الآية: ٤۳. () سورة التوبة الآية: ٢۳. قنطرة الزكاة ۷ أرضاً له فقال له عمر رضي الله عنه: أحرز مالك الذي أخذت» احفر له تحت فراش امرأتك؛› فقال: يا أمير المؤمنين أليس بكنز؟ فقال: ما ديت زکاته فليس بکنز. وعن جابر بن عبد الله أنه قال: إذا أخرجت الصدقة من مالك فقد أذهبت عنه شره وليس بکتز . وقال بعضهم: كل ما فضل عن حاجتك فهو کنز. روي هذا عن عبد الواحد بن زید. واستدل أصحاب هذا القول بما روي عن ثوبان أنه قال: لما أنزلت هذه الآية قال النبي عليه السلام: «تباً للذهب» تبأ للفضة». يقولها ثلاثاء فشق ذلك على أصحاب النبي يَيٍ. فقال المهاجرون: فأي المال نتخذ. فسأل عمر رحمه الله النبي عن ذلك فقال: «لساناً ذاكرء وقلباً شاكراً وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على دينە». وعن أبي ذر رحمه الله أنه قال: أتيت النبي عليه السلام وهو في ظل الكعبة مرتين» قال: فلما رآني قد أقبلت قال: «هم الأخسرون ورب الكعبة» مرتين. قال: قلت: من هم فداك أبي وقلیل ما هم٩ . وعن أبي هريرة أنه قال: من ترك عشرة آلاف درهم جعلت صفائح يعذب بها صاحبها يوم القيامة قبل القضاء . وعن النبي عليه السلام أنه قال: «من ترك صفراء أو بيضاء كوي بهاا. وعن أبي أمامة قال: مات رجل من أهل الصفة فوجد في متزره دينار» فقال البي يٍَ: ايه . ثم توفي آخر فوجد في مثزره دیناران» فقال النبي عليه السلام: «كيتان». وعن علي بن / أبي طالب قال: كل ما زاد على أربعة الف درهم فهو کنز ديت زکاته أو [۸/آ] لم تۇد وما دونها نفقة . وعن ابن مسعود رحمه الله أنه قال : والله الذي لا إِله إلا هو ما من رجل یکوی بکنز فيوضع دینار على دینار ولا درهم على درهم؛» ولکن یوسع جلده فیوضع کل دینار ودرهم علی حده. وعن الأحنف بن قيس قال: قدمت المدينةء فبينما أنا في حلقة من ملأ قريش إِذ جاء () بنحوه ذكره العراقي في المغني (۹/۱٠٠ ١٠۲) وقال: أخرجاه: مسلم؛ والبخاري . ۸ قنطرة الزكاة رجل أخشن الثياب أحسن”' الوجه فقال: يشر الكنازين برضيف يحمی عليه في نار جهنم » فيوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نقض كتفيه؛ ویوضع على نقض کتفیه حتی يخرج من حلمة ثدييه» ويقال له: ذق كنزك فتكوى الجباء والجنوب والظهور حتى يلتقي الحر في أجوافهم» قال: فوضع القوم رؤوسهم› فما رأيت أحداً منهم رجع إليه شيئاء ثم أدبر فاتبعته حتى بلغ إلى سارية. فقلت: هؤلاء إلا كرهوا ما قلت لهم. فقال: إن هؤلاء لا يعقلون شيئاً. فإذا هو أبو ذر رحمه الله . وآولى الأقاويل بالصواب إن شاء الله القول الأول لأن الوعيد وارد في منع الزكاة لا في جمع المال الحلالء يدل عليه ما روي عن النبي ي أنه قال: «من أدى زكاة ماله فقد أدى الحق الذي عليه ومن زاد فهو خير له». وقال: «نعماً بالمال الصالح للرجل الصالح» . وقد اختلف العلماء في حكم الاية وفيمن نزلت. فروي عن ابن عمر أنه قال: إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاق فلما تزلت جعلها الله تعالى طهارة للأموال. وعن ابن عباس رحمه الله أنه قال: لما نزلت: «وَالَّذِيسنَ يَكُنِرُونَ ألذَّحَبَ 0با وَألْفِصّة. . .4 الآية. / كبر ذلك على المسلمين فقالوا: ما ندع لأولادنا؟ قال عمر: أنا أفرج عنكم. فقال: يا نبي الله إنه كبر على أصحابك هذه الآية. فقال: «إن الله تعالى لم يفرض الزكاة إل ليطيب بها ما تبقى من أموالكم› وإنما فرض المواريث في أموال من يبقى بعدكم». ثم قال: «ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة. إذا نظر إليها سرتهء واذا أمرها أطاعتء وإذا غاب عنها حفظته). وقال بعض الصحابة: هي في أهل الكتاب وفي المسلمين من كسب مالا حلالاً فلم يعط حى الله منه كان كنز وإن قل كان على وجه الأرض أو في بطنهاء وما أعطى حق الله منه لم يكن كتز ولو كان كثيراً مدفوناً في الأرض. وعن آبي ذر رحمه الله تعالى قال: اختلفت أنا ومعاوية بالشام. فقال معاوية: نزلت في أهل الكتاب. فقلت: نزلت فينا وفيهم. وقال بعضهم : نزلت في مانع الزكاة خاصةء وهو أولى الأقاويل لما روي عن أبي هريرة (۱) كذا بالاصل. (۲) كنذا بالاصل. (۳) سورة التوبة الآية: ٤۳. قنطرة الزكاة ۹ تجمل صفایع فیکوی بها جين وجباه حتی يکم له بين عباده في بو گان او شه لْفَ سََةٍ مِمًا يَعدُونَ وما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها يوم القيامة بقاع قرقر أوفر ما کانت تسیر عليه کلما مضت عليه آخرها ردت عليه أولاها حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سن وما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت [تسير] فتطأه بأظلافها ونتطحه / بقرونها ليس فيها عقصاء ولا جلجاء ‏ كلما مضت عليه [٠٠/11 مما و قال الراوي : فلا أدري أذكر البقر أم ‎CC‏ وعنه يَأ أنه كان يقول: «من ترك بعده مالا ولم يزكه مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يتبعه يقول له: ويلك ما أنت؟ فيقول: أنا كنزك الذي تركت بعدك فلا يزال يتبعه حتى يلتقم يده فيقضمهاء ثم يلتمس سائر جسده»" والله تعالى أعلم . الباب الثاني في آنواع الزكاة وأسباب الوجوب اعلم أن الركاة باعتبار متعلقاتها ستة أنواع زكاة النعم والنقدين والتجارة» وزكاة الركاز والمعادن وزكاة المعشرات › وزكاة الفطر . النوع الأول : زكاة النعم : اعلم أن الزكاة لا تٿجب إل على الموحدين بلغاء کانوا أو أطفالاً عقلاء أو مجانين لقول النبي عليه السلام: «أمرت أن 'آخذها من أغنيائكم وأردها في فقرائکم». إلى فقرائهم» لأن الزكاة لا تطهرهم ما داموا على شركهم وإنما تؤخذ من المسلمين الذين تكون الزكاة طهارة لهم كما قال تعالى: حُذ من أَمُوَالِهمْ صدقه طْهَرَهُمُ ...4 الآية. وهذا شرط من عليه الزكاة. () ذكر البيهقي نحوه في السنن الكبرى كتاب الزكاةء باب: ما ورد من الوعيد فيمن كنز مال زكاة ولم يؤد زکاته (٤/۸۱). () راجع المصدر السابق. (۳) سورة التوبة الأية: ١١٠. ‎E‏ قنطرة الزكاة ‏وأما المال فشروطه أربعة وهي أن يكون المال نعماً باقياً حول ونصاباً كاملاً مملوكاً على الكمال. ‏الأول كونه نعماً: فلا زكاة إلا في الأنعام وهي: الإْبلء والبقرء والضأن» والمعز. ‏[۱/ب] وأما: الخيل» والبغال / والحميرء والمتولد من الظباء بالغنم فلا زكاة فيهاء واختلف ‏في السوم هل هو شرط في الزكاة أو لا؟ فقال قوم: لا زكاة إلا في السائمة دون المعلوفةء وقال قوم: بل هي في الجميع . ‏الثاني الحول: لقول النبي عليه السلام: «لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول»”. ‏ويستثنى من هذا إنتاج المال فإنه ينسحب عليها حكم المال فتجب الزكاة فيها بحلول الأصول ومهم" باع المال قبل حلول الحول أو وهبه انقطع الحول. ‏الثالث كمال الملك والتصرف: فتجب الزكاة في الماشية المرهونة لآنه هو الذي حجر على نفسه فيها التصرف؛ ولا تجب في المال الضال والمغصوب إلا إذا عاد إِليه فتجب زكاة ما مضى عوده والله تعالى أعلم . ‏الرابع كمال التصاب: أما الإبل فلا شيء فيها حتى تبلغ خمساً ففيها جذعة من الضان : وهي التي تكون في السنة الثانية أو ثنية من المعز؛ وهي التي تكون في السنة الثالثةء وفي عشر شاتان» وفي خمسة عشر ثلاث شياءء وفي عشرين أربعء وفي خمس وعشرین بنت مخاض من الإبل؛ وهي الداخلة في السنة الثانية فإن لم تكن في المال فابن لبون ذكر؛ وهو الداخل في السنة الثالثة يدفعه في الزكاة وإن كان قادراً على شراء بنت مخاض؛» وفی ست وثلائین بنت لبون» ثم إذا بلفت ستاً وأربعين ففيها حقة؛ وهي التي في السنة الرابعة› ثم في إحدی وستين جذعة؛ وهي التي في السنة الخامسة ثم في تمام ست وسبعين بنتا لبون» ثم في إحدى وتسعين حقتان» فإذا صارت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون فإذا صارت مائة وثلائين فقد ‏(/ ب ]|استقر الحساب ففي كل خمسين حقة وفي كل / أربعين بنت لبون واله تعالى أعلم . ‏وآما البقر فهي عند أصحابنا كالإبل حذو النعل بالنعل في الأربع والعشرين من البقر وما ‏دونها في كل خمس شاة من المعزء وفي خمس وعشرين حولية نظيرة بنت مخاض» والثنية من ‏(۱) روا آبو داود من حديث علي بإسناد جیدء وابن ماجه؛ من حديث عائشة بإسناد ضعيف (العراقي في ‏المغني ۱ ٠۲(. () كنذا في الأصل وفي الإحياء وأرى أن الأولى أن يقول: فإن باع المال. . . . ‎ ‎ قنطرة الزكاة ١۱ البقر مكان بنت لبون من الإبل والرباعية مكان الحقة والسدسة من البقر مكان الجذعة من الإبل فإذا زادت على مائة وعشرين ففي كل خمسين رباعية وفي كل أربعين ثنية . هذا عند أصحابنا في البقر وإما غيرهم من أهل الخلاف فلا شيء في البقر حتى تبلغ ثلاثين» ثم فيها تبيع؛ وهو الذي في السنة الثالثة ثم في أربعين مسنة؛ وهي التي بعد السنة الثالثة ثم في الستين تبيعان واستقر الحساب عندهم بعد ذلك ففي كل أربعين مسنة وفي كل ثلائين تبيع والله تعالى أعلم . وأما الغنم فلا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين ففيها شاة جذعة من الضأن أو ثنية من المعزء ثم لا شيء فيها حتى تبلغ مائة وإحدى وعشرين ففيها شاتانء حتى تبلغ إحدی ومائتين ففيها ثلاثة شياهء إلى أربع مائة ففيها أربع شياءء ثم استقر الحساب في كل مائة شاة. وصدقة الخليطين كصدقة المالك الواحد في النصاب فإذا كان بين رجلين أربعين من الغنم ففيها شاة وإن كان بين ثلائة نفر مائة وعشرون شاة ففيها شاة واحدة على جمیعهم حتی تكمل إحدى وعشرين ومائة ففيها شاتان على قدر حصصهم؛ء وكذلك غير الغنم من الإبل والبقر يستتم الشريك فيها بنصيب شريكه في الأصل والنصاب ويحمل الضان على المعز والبقر على الجواميس والإبل على البخت . وتؤخذ الزكاة من أوسط المال ويتم بالسخال والعجلان والفصلان ولا يؤخذ منهم› ولا تؤخذ مريضة ولا هرمةء ولا ذات عوار / ولا تؤخذ كرائم الأموال ولا الأكولة؛ وهي [1/۱۳] المعلوفةء ولا المخاض؛ وهى الحامل› ولا الربى؛ وهى التى تربى ولدهاء ولا غراء المال؛ وهو الرديء السيء الغراء م بل تؤخذ من الكرائم كريمةء ومن الليام ليمة والله تعالى أعلم. التوع الثاني: زكاة المعشرات: فيجب العشر في البّر والشعير والذرة والسلت والتمر والزبيب إذا كان مما سقته السماء والعيونء وإن كان مما سقي بالدوالي والتواضح فتصف؛ العشرء وتجب الزكاة فيها باللإدراك وكمال النتصاب فهو كمال خمسة أو ساقء وهي ثلاثة مائة صاع بصاع النبي يي ويعتبر أن تكون الأوسق تمراً أو زبيباً أو حب يابساً لا رطباً ولا عنباً ولا فريكأء فإن نقصت عن الثلائمائة فليس فيها زكاة ويحمل البر على الشعير والسلت وهو جنس من الشعير وتؤخذ الزكاة من الجملة. () راجع الإحياء للغزالي فقد ذكر نحوه فيه (۱/ ٠٠۱٠ ١۲۱). ١۱ قنطرة الزكاة وآما التمر والزبيب والذرة: فتخرج من كل واحد على حدة لأنها أجناس مختلفة ويستتم الشريك في جميع الحبوب والثمار بنتصيب شريكه وتؤخذ الزكاة من كل واحد على قدر حصته بعد اليبوسة والتنقية لا رطباً ولا عنباً إل إن حلت بالأشجار آفة وكانت المصلحة في قطعها قبل تمام الإدراك فقد أجاز بعض العلماء أن تؤخذ الزكاة من الرطب فتكال تسعة للمالك وواحد للفقير. قال: ولا يمنع من هذه القسمة قولهم: إن القسمة بيع. بل يرخص في مثل هذه للحاجةء ووقت الأداء بعد الجفاف والله أعلم. [٤/ب] النوع الثالث: زكاة النقدين: وهما الذهب والفغضة فتجب الزكاة في الذهب / المسكك إذا تم عشرون ديناراً خالصاً في ملك إنسان واحد وحال عليها الحولء وكذلك غير المسكك من التبر وغيره - أعني المصوغ حليباً - تجب الزكاة فيه بتمام عشرين مثقالاً ذهباً خالصاً فيخرج من العشرين ديناراً نصب دينار ومن العشرين مثقالا نصف مثقال› ثم لا شيء في الزيادة حتی تبلغ أربع دنائير أو أربع مثاقيل » ثم فیها عشر دینار و عشر مثقال. وأما الفضة: فإذا تم الحول على مائتي درهم أوزنها بالوزن الشرعي؛ ويقال أنه وزن مكة وهي نقرة خالصة ففيها خمسة دراهم وهي ربع العشر» وما زاد ففي كل أربعين درهماً درهم؛ وإن نقص من نصاب الذهب أو الفضة حبة فلا زكاقة وتجب على من معه دراهم مغشوشة إذا كان فيها مقدار التصاب من النقرة الخالصة ويضم الذهب إلى الفضة وتخرج الزكاة منهاء ولا يستتم الشريك فيها بنتصيب شريكه بل حتى يتم النصاب في حصته وتجب في الحلى ومراكب الذهب وأواني الفضة إذا تم فيه النصاب. وتجب في الدين الذي هو على ملىء إذا كان حال وإن كان مؤجلاً فحتى يحل ويسقط المزكى ما عليه من دين الذهب أو الفضة خاصة عند إخراج الزكاة منهما خاصة دون ما سواهما من أنواع الزكاة. والدرهم: فيراطان» والقيراط: ثلاثون حبةء هذا في كتب أصحابناء وقد وجدت في أثار قومنا أن الدينار الشرعي فيه اثتتان وسبعون حبة من حب الشعيرء وأن الدرهم الشرعي [/ب] / فيه من حب الشعير خمسون حبة وخمساً حبة والله تعالى أعلم ٩ . التوع الرابع: زكاة التجارة: وهي زكاة الذهب والفضة وإنما ينعقد الحول من وقت ملكه )۱( راجع المصدر السابق (١/۲۱۱). (۲) نفس المصدر. قنطرة الزكاة ِ ۱۳ للنقد الذي به اشترى البضاعة إن كان النقد نصاباً وإن كان ناقصاً فتقوم البضاعة عند رأس الحول فإن كان في قيمتها مقدار التصاب أخرجت الزكاة منهء وإلا فلا ويقوّم التاجر كل ما معه من الأمتعة والعروض والحب وغير ذلك من جميع ما أشترى للتجارة قيمة وسطأء وقيل تقوم بسعر البلدء فإن كان ما اشترى به نقداً وكان نصاباً كاملا فلتقوم البضاعة المشتراةء فإن ازدات القيمة على النصاب أخرج زكاة القيمةء وإن نقصت على النصاب فليخرج زكاة التصاب المجعول فيهاء ومن نوى التجارة في مال قنيةٌء فلا ينعقد الحول بمجرد نیته حتی يشتري به شیثاء ومهما قطع نية التجارة قبل تمام الحول فليؤد زكاة تلك السنةء وما كان من ربح في السلعة في آخر الحول وجبت الزكاة فيها بحول رأس المالء ولم يستأنف له حول كما في النتاجء وأموال الصيارفة لا ينقطع حولها بالمبادلة الجارية بينهما كسائر التجارات› وزكاة ربح مال القراض على العامل وإن كان قبل القسمة إِذا تم النتصاب في حصة والله تعالى أعلم”. النوع الخامس: في الركاز والمعادن: فالركاز دفين الجاهليةء وقد أوجب النبي يِل فيه الخمس؛» ويجوز أخذه فى كل زمان وسبيله سبيل الغنيمةء فكل من لا يأخذ الغنيمة فلا يجوز له أخذه / كالمشرك؛› والمرأق والعبد» والطفل › ولا يجوز أخذه إلا بعلامة تبين أنه للمشركين [1/16] كالصليب» والتمثال ونحوه» وإن وجد فيه علامة أهل التوحيد أو لم يوجد فيه علامة أصلاً فلا يأخذه» وإن وجد كنزاً جاهلياً أخرج خمسه» ودفعه إلى اللإمام وإن لم يكن الإمام فليدفعه لمن تدفع له الزكاة من الفقراء الأولياء . وأما معادن الذهب والفضة فعلى من أخرج منها شيثاً زكاتهء وقد قيل في المعادن الخمس والله أعلم”. الوع السادس: في صدقة الفطر: وهي فضيلة عند أصحابنا من أهل الجبل دون غيرهم من أهل المشرقء وقد ثبت: أن النبي عليه السلام فرض زكاة الفطر على كل نفس من المسلمين: صاع من تمر أو صاع من شعيرء حرا كان أو عبداً ذكراً أو أنثى. فظاهر هذا الخبر يقتضي الوجوب. وثبت عنه أيضاً في حديث الأعرابي المشهور وذكر الزكاة فقال هل [علئ]'" غيرها؟ فقال: «لا إلا أن تطوع». فذهب من قال أنها فرض إلى أنها داخلة تحت الزكاةء وذهب الغير () المصدر السابق. () ذكر الغزالي في كتابه الإحياء شيثاً على هذا النحو والمعنى فراجعه (۲/۱٠۲). )۳( ما بين المعقوفين سقط من الأصل. ٤۱ قنطرة الركاة إلى أنها غير داخلة - والله تعالى أعلم - وهي صاع بصاع النبي عليه الصلاة والسلام وهي زكاة الأبدان يخرجها المرء عن من يمونه” من أولاده الأطفالء ومماليكه› وزوجته› ولا تلزم من يتحمل من أجلها ديناء ولكن يعطها من عنده فضل عن قوته هو وجمیع من تلزمه نفقته يوم الفطر وليلته؛ ويخرجها من جنس قوته أو من أفضل منهء فإن اقتات من الحنطة فلا يخرج من الشعيرء وإن اقتات من حبوب مختلفة فليخرج من إيها أحبء ولا يخرج فطرة نفس [/ب] واحدة / من جنسين» وإن كان يقتات من الثمار أو اللحوم أو البقول أو الألبان فليخرج منها صاعاً. وأفضل أوقاتها قبل صلاة العيد يوم الفطر وإن لم يخرجها في ذلك فهي فطرة إلى يوم الأضحى» ويخرجها عن جميع من زاد عنه من عياله ما لم تطلع الشمس يوم الفطر فليس عليه منه شيء وكل من جازه من أولاده البلغ لا يجب عليه إخراجها عنهء وكذلك المغضوب أو الأبق من عبيده إذا لم يرجع ولم يُرج رجوعهء وقيل في المغصوب أنه يؤدي عنه إذا طمم في رجوعه إليهء وعبيد التجارة ليس عليه من فطرتهم شيء وكذلك الزوجات ما لم يخليهن› ويخرج فطرة العبد المشترك كل من اشترك فيه على حصصهم» وإن تبرعت الزوجة بالإخراج على نفسها أجزاً ذلك زوجهاء وللزوج الإخراج عنها دون إذنهاء وإن كان عنده ما يؤدي عن بعض عياله دون بعض فليقدم في الإخراج من كانت نفقته عليه آکد. ويقال: إن النبي عليه السلام قدم نفقة الولد على نفقة الزوجةء ونفقتها على نفقة الخادم» والله تعالى أعلم. فهذا المقدار من المسائل الفقهية لا بد للمسترشد من معرفتها وقد تعرض له نوازل خارجة عن هذا المقدار فليستفت عنها من يثق بعلمه وورعه من العلماء عند نزولها والله تعالى أعلم. الباب الثالث في الأداء وشروطه الباطنة والظاهرة اعلم أنه يجب على مؤدي الزكاة مراعاة عشر وظائف : الأولى: اعتقاد النية؛ وهو أن ينوي عند الدفع إخراج زكاة الفريضة طاعة لله ولرسوله )۱( في إحياء علوم الدين: «يقوته». () أورد نحو هذا الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين (۲۱۲/۱). قنطرة الزكاة ٥\ عليه السلامء وليس عليه تعبين الأموال في قول بعضهم / فإن كان له مال غاثب فقال: هذا عن [۱۸/] مالي الغائب إن كان سالماً وإلا فهو نافلةء فقد قيل: أنه جائز لأنه لم يصرح بهء فكذلك يكون عند اطلاقه» ونية الوليٌ والخليفة تقوم مقام نية المجنون والصبي في إخراج زكاتهماء وإذا وكل بأداء الزكاة ونوى عند التوكيل فقد أجزأه وقد أجاز بعضهم أن وكل وكيله بعقد النية فأقام توكيله بالنية مقام نيته والله أعلم. وقد وجدت في كتاب تنسب فيه المسائل إلى أبي عبيدة مسلم رحمه الله تعالی ذکر فيه فقال: وإذا حضر إخراج زكاة مالك من الذهب والفضة أو التجارة أو الحرث أو الماشية فاركع ركعتين وقل: اللهم قني شح نفسي» واجعلني من المفلحين› تردد هذا مراتء وأخرج أطيب مالك وأجوده» فإن الرب أحق بأطيب مال العيدء قال: وإذا أردت تفريقها بنفسك فقل: اللهم إنك فرضت الزكاة وأمرت بأدائهاء وجعلتها مقرونة بالصلاة› اللهم ارزقني إقامة الصلاةء وإيتاء الزكاةء وان أضعها مواضعها وسددني وآرشدنيء وأهدني وسلمني من کل جبار فاسق وماکر مخادع» وأهد قلبي وبدني لمواضعها كما ألهمتني إخراجهاء اللهم إن أصبت مواضعها تقبل ذلك مني وبارك لي فيه واجعله لي طهارة وزكاة ووسيلةء اللهم وإن أخطأت مواضعها فلا تمتني حتى ترزقني اخراجها وأن أضعها مواضعها إنك علام الغيوب» فإني لم أتعمد”' خلافقك ولا خلاف رسولك› فأرشدني ووفقني ولا تذرني في عمايء ولا تسلمني إلى هوی ولا تزين لي ضلالةء ولا تعمني عن" الهدى وارزقني ما يرضيك كما رزقتني ما يرضيني من سعة فضلك / فإن ذلك من عطائك وفضلك ورزقك فبارك لي في عطائك وبارك لي في فضلك [۱/۱۹] وبارك لي فيما أعطيتني واجعلني لأنعمك من الشاكرين. الثانية: المبادرة إلى إخراجها في أول وقت اللإمكان قال الله تعالى : وَسَارعُوا إلى مَعْفْرَةٍ من ریک . يعني إلى العمل الذي تستوجبون به الغفران ومن أخر زكاة ماله مع التمكر: فقَد يهلك ما لم يمت مضيعاً لهاء وأما إن تلف ماله بعد التمكن ومصادفة المستحق فلا تسقط عنه الزكاة. وفي أثر أصحابنا: إذا عرف مقدار كيل ماله لزمته الزكاة تلف ماله أو لم يتلف» والأول () في الأصل: «اعتمد» وهو تحريف. () في الأصل: «على» وما أثبته أنسب للسياق. (۳) سورة آل عمران الآية: ۱۳۳. ١۱ قتطرة الزكاة عندي أحسن وهو لا تلزمه إل بالتفريط في إخراجها مع وجود مستحقهاء ويجوز تعجيل الزكاة عن وقتها بشرط أن تقع بعد كمال النصاب وانعقاد الحول» أعني يعجل زكاة عامين في عام؛ ثم إن عجل فمات المسكين قبل تمام الحول أو ارتد أو صار غنياً أو تلف مال المالك أو مات فالمدفوع إلى المسكين ليس بزكاة واسترجاعه غير ممكن إلا إذا قيد الدفع بالاسترجاع فإنه ينبغي أن يدركها عليه والله أعلم. الثالثة: أن يقصد بها أهل الولاية الأتقياء المعرضين عن الدنيا وقد روي عن النبي عليه السلام أنه قال: «لا تأكل إلا طعام تيء ولا يأكل طعامك إلا تقي". وهذا لأن التقى يستعين بها على التقوى فتكون شريكاً له في طاعته بإعانتك إيا» وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «أطعموا طعامكم الأتقياءء وأولوا معروفكم الصالحين» وفي لفظ آخر: «أضف بطعامك من تحبه في اش . [۰/ب] وفي كتاب الغزالي قال: وكان بعض العلماء يؤثر / بالطعام فقراء الصوفية دون غيرهم› فقيل له: لو عممت يمعروفك جميع الفقراء لكان أفضل» فقال: هؤلاء قوم هممهم الله سبحانه وتعالى» فإذا طرقتهم فاقة تشتت هم أحدهم فلأن أرد همة واحد منهم إلى الله تعآلى أحب إِليّ من أن أعطي ألفاً ممن همته إلى الدنياء قال: فذكر هذا الكلام للجنيد فاستحسنه» وقال: هذا ولوت هن أولياء الله تعالى(. وقال بعض العلماء: لا تعطي الزكاة إلا لمتولي ولا تؤخذ إل من متوليء ولا يجوز أن تعطي لخمسة: مشرك؛ ومنافقةء وعبدء وغني › ومن تلزمه نفقته من الوالدين. وولد غير بالغ وزوجة وأشباههم”“ فهؤلاء لا تعطى لهم الزكاة والله تعالى أعلم . الرابعة: أن تعطيها لوجه خالصاً لا لرياء ولا طمعاً من مخلوق وقال الله تعالى : ®الَذِينَ () نحو هذا القول في إحياء علوم الدين للغزالي (۲۱۲/۱ء ۲۱۳). (۲) رواه آبو داود؛ والترمذي من حدیث آي سعید بلفظ : «لا تصحب إلا مؤمناء ولا يأكل طعامك إلا تقی. قاله العراقي في المغني (6۱۹/۱). )۳( رواء ابن المبارك في البر والصلة من حديث أبي سعيد الخضري» قال ابن طاهر غريب فيه مجهول (قاله العراقي في المصدر السابق). () رواه ابن المبارك؛ أنبأنا جويبر عن الضحاك مرسلاً [قاله العراقي في المغني (۲۲۹/۱)]. (0) راجع إحياء علوم الدين للغزالي (١/1۹©› ٠۲6). (1) عد سبعة وذكر في مقدم كلامه أنهم خمسة. قنطرة الزكاة ۷\ فقون َمُوَالَهُمْ ريَاءَ الاس . ثم ضرب لذلك مثلاً فقال: مله كمل صفُوَانْ عَليْهِ بات . . . .4 الآية أعني أن الناس يرون في الظاهر للمرائي عملا كما يرى التراب على هذا الصفوان فإذا كان يقوم القيامة اضمحل كله وبطل لأنه لم يكن لله كما ذهب الوابلء وهو المطر الغزير ما كان على الصفوان ؛ وهو الحجر الصلب الأملس من التراب فتركه صلداً أي أجرد لا شيء عليه . قالوا: [و ]جب على الإنسان أن يخلص عمله لله تعالى وإلا بطل قال تعالى : فمن کان يَرجُو لاء ريه فَلَعْمَلُ عَمَلاً الحا" الآية. ويقال: نزلت فيمن يتصدق بصدقة يلتمس الأجر والثناء . الخامسة : أن ينقي من ماله أجوده وأحبه إِليه وأطيبه في نفسه فإن الله تعالی طيب لا يقبل إلا طيباً قال الله تعالى : ولا َيَمَمُوا َلحَِيْتَ من تنه فقون . يعني لا تقصدوا إلى الرديء من أموالكم فتنفقوا منه ولو / أهدى إليكم ما قبلتوه إِلآ مع [1/۲۱] كراهية وحياءَ. وفي الحديث : لاسبق درهم مائة لف درهم»*. وذلك بأن يخرجه الإنسان من أطيب ماله راضياً فرحا بإعطائه لله تعالى فيكون ذلك الدر هم أفضل من مائة ألف مع كراهية أو عدم إخلاص» قال الله تعالى مخبراً عن المنافقين : لا ينون لصّلاة إلا وَهُمْ الى ولا يفون إل وَهُمُ کارهُو 4 ولذلك ذم الله أقواماً جعلوا لله ما يكرهون قال: «وَيَجُعَلُونَ لله ما يَكُرَهُونَ وََصفُ ََسِتُهُمْ اَلْكَذِب أن لَه الْحستى لا جَرَ ر أن لهم الَار وهم مُفْرَطُون». أي كسب لهم جعلهم لله ما يكرهون النار لأن الله تعالى جعل أهل السهام شركاء رب المال في ماله فكيف يمسك (١) سورة النساء الآية: ٢۳. (۲) سورة البقرة الآية: ٤٦۲. )۳( ما بين المعقوفين سقط سهواً من الناسخ. (4) سورة الكهف الاية: ١٠١٠ (0) سورة البقرة الآية: ۷٦۲. (1) رواه النسائي وابن حبان وصححه من حديث أبي هريرة (المفني ١/۲۱۹). (۷) سورة التوبة الآية: 0£. ۱ (۸) سورة التحل الأآية: ١٦. قناطر الخيرات ج/۲ م/۲ ۱۸ قنطرة الزكاة الجيد ولهم فيه حق ويعطي الرديء. وأما إن كان المال كله رديثاً فلا بأس بإعطاء الرديء إلا أن يتطوع . وأيضاً فإن إمساك الجيد وإخراج الرديء لله تعالى من سوء الأدب لأنه إن أمسك الجيد لنفسه ولأهله أو لعبده فقد آثر غير الله ولو فعل هذا بضيفه وقدم إليه أردىء طعامه لأوغر صذره»› هذا إن كان نظره لله تعالى لا يريد منه عوضاً لنفسهء وأما إن كان نظره لنفسه وثواب الله تعالى في الأخرة فليس بعاقل يؤثر غيره على نفسه وليس له من مال إلا ما تصدق فأمضى أو أكل فأفنى والذي يأكله قضاء حاجته في الحلال وليس من العقل صور النظر على العاجلة وترك الإدخار لما يقوم عليه في الاخرة. السادسة: أن يستصغر العطية فإنه إن استعظمها أعجب بها والعجب من المهلكات؛ وهو [/ ب إمحبط للأعمال / قال الله تعالى: ويو حن 5 بتكم کفرن ک٩ . ويقال: إن الطاعة كلما استصغرت كبرت عند الله والمعصية كلما استكبرت صغرت عند الله تعالى . ويال : لا يتم المعروف إل شلانه : تصغیره»› وتعجىله› وستره» فالعجب والاستعظام يجري في جميع العبادات ودواؤه"' علم وعمل. أما العلم: فهو أن تعلم أن العُشر وربع العُشر قليل من كثيرء وأن الله تعالى قد قنع من عبده بأحسن درجات العطاء والعبد جدير أن يستحي من ذلك فكيف يستعظمه» وإن ارتقى في الدرجة العلياء في إعطاء ماله كله أو أكثره" لله تعالى وله المنة عليه إذا أعطاه ووفقه لبذله فلم يستعظم في حق الله تعالى ما هو من قبل عز وجل وإن كان أعطاه الله تعالی ورجاء ثواب الاخرة فكيف يستعظم إعطاء ما يتتظر عليه أضعافه عند الله تعالى كما فال: ورن يك حَسَنةً يضَاعِمُهَا ووت من دنه أجْرا عَظيما». وآما العمل: فهو أن يعطيه عطاء الحْجل المستحيبي من البخل بإمساك بقية ماله عن الله (١) سورة التوبة الآية: ٢۲. () في الأصل: ودواءه. وهو لحن والتصويب من إحياء علوم الدين (۲۱۸/۱). (۳) في الأصل: أكثر. وأحسب أن الهاء سقطت من الناسخ. (8) في الأصل: قلبه. وأحسب أن الناسخ قد قلب حروف الكلمة سهواً. () سورة النساء الاية: 4°. قنطرة الزكاة ۱۹ عز وجل فتكون هيئة الأنكسار والحياء كهيئة من يطالب برد وديعة فيمسك بعضها ويرد البعض لأن المال كله لله تعالى وبذل جميعه وهو الأحبَ عند الله تعالى: «إِنْ يَسالَكُمُوهَا فَحْفِكُمْ لوگ٩ . السابعة: ألا يفسد صدقة بالمن والأذى قال الله تعالى: لا تيلوا صَدَفاتِكُمْ بالمَ والأنّى4”. واختلفوا في حقيقة المن والأذى فقيل: المنّ: أن يذكرهاء والأذى: أن يظهرها. وقال بعض السلف: من من / فسدت صدقتهء فقيل: كيف المن؟ فقال: أن تذک ها [۲۴/ أ ويتحدث بهاء وقيل: المنّ: أن تستخدمه بالعطاءء والأذى: أن تعيره بالفقر . وقيل: المنّ: أن يتكبر عليه من أجل اعطائهء والأذى: أن ينتهره أو يوبخه بالمسالة› وقد قال عليه السلام: «لا يقبل الله صدقة منان». وني كتاب الغزالي قال: وعندي أن المنّ له أصل ومغرس وهو من أحوال القلب وصفاتهء ثم يتفرع عليه أحوال ظاهرة على اللسان والجوارح فأصله أن يرى نفسه محستاً إليه ومنعماً عليه وإنما حقه أن يرى الفقير محسناً إليه بقبول حق الله تعالى منه الذي هو طهارته ونجاته من النار وأنه لو لم يقبله لبقي مرتهناً به فحقه أن يتقلد منّة من الفقير إذ جعل كفه ناثباً عن الله عز وجل في قبض حقه إذ قال النبي عليه السلام: «أن الصدقة تقع في يد الله عز وجل قبل أن تقع في يد السائ ل« . فليتحقق أنه مسلم إلى الله عز وجل حقه والفقير آخذ من الله تعالى رزقه بعد صيرورته مسلماً إلى الله تعالىء ولو كان عليه دين لإنسان فأحال به عبده أو خادمه الذي هو متكفل برزقه لكان اعتقاد مؤدي الدين كون القابض تحت متته سفهاً وجهلاء فإن المحسن إليه المتكفل برزقه» وأما هو فإنما يقضي الدّين الذي لزمه لاستبراء ذمتهء فهو ساع في حق نفسه فلم يمن به على غیره. )۱( سورة محمد الاية : ۷ وراجع في كل ما سبق إحیاء علوم الدین (۲۱۸/۱٤ ۲۱۹). () سورة البقرة الاية: ٢٤٦۲. () طرفه عند الزبيري في إتحاف السادة المقتين (٤/۲۳٠. ۱۱۹)ء وقال العراقي في المغني (۲۱۷/۱) لم أجده. (8) قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (۲۱۷/۱): رواه الدارقطني في الأفراد من حديث ابن عباس وقال غريب من حديث عكرمة عنه ورواه البيهقي في الشعب بسند ضعيف. ۰٢ فنطرة الزكاة ومهما عرف المعاني الثلاثة التي ذكرناها في فهم وجوب الزكاة وأخذها لم ير نفسه محستاً إلا إلى نفسه وإما يبذل ماله إظهاراً لحب الله تعالى أو تطهيراً لنفسه عن رذيلة البخل› وشكراً على نعمة المال طلباً للمزيد فكيف ما كان؟ فلا معاملة بينه وبين الفقير حتى يرى نفسه 0 /ب] محستاً إليه» ومهما جعل هذا فرأی في نفسه / أنه محسن للفقیر تفرع منه على ظاهره ما ذکر في معئى المنّ وهو التحدث به وإظهاره وطلب المكافأة منه بالشكر والدعاء والخدمة° والتوقير والقيام بالحقوق والتقديم له في المجالس والمتابعة في الأمور فهذه كلها ثمرات المنةء ومعنى المنّة في الباطن ما ذكرناه”". وآما الأذى: فظاهره التوبيخ والتعبير وتخشين الكلام وتعطیب ”۳٩ الوجه وهتك الستر أحدهما: كراهية لرفع اليد عن المال وشدة ذلك على نفسه»ء فإن ذلك يضيق الخلق لا محالة . والثاني: رؤيته أنه خير من الفقيرء وأن الفقير بسبب حاجته أخس”' رتبة منه» وكلاھما منشأة الجهل» أما كراهية تسليم المال فهو حمق؛ لأن من كره بذل درهم في مقابلة ما يساوي ألفاً فهو شديد الحمق› ومعلوم أنه يبذل المال لطلب رضا الله تعالى› وللثواب في دار الأخرةء وذلك أشرف من بذله أو يبذله لتطهير نفسه عن رذيلة البخل أو شكراً لطلب المزيدء وكيف ما كان بالكراهية لا وجه لها. وأما الثاني: فهو أيضاً جهل لأنه لو عرف فضل الفقر على الغنىء وعرف خطر الأغنياء لما استحقر الفقيرء بل ينزل أو يتمنى درجته إذ في الحديث: إن صلحا الأغنياء يدخلون الجنة بعد الفقراء بخمسمائة عام ولذلك قال عليه السلام: «هم الأخسرون ورب الكعبة». (١) في الأصل: الحرمة. والتصويب من إحياء علوم الدين (١/ ۲۱۷). )۲( راجع في كل ما سبق إحياء علوم الدين للغزالي (۲۱۷/۱). () في الأصل: تغضيب. والتصويب من المرجع السابق. (4) في الأصل: أخسر. والتصويب من المصدر السابق. () في الأصل: استخس. والتصويب من الإحياء (۲۱۸/۱). () أطرافه عند: البخاري في الصحيح (۸/١١۱)›؛ ومسلم في الصحيح (الزكاة ٠۳)› والترمذي في الصحيح (۱۷)) والنسائي في المجتبى (١/٠٠)›ء أحمد في المسند (٠/ ٠٥٠٠ ١١۱)› والبيهقى فى السنن الکبری (٤/۹۷) (۰٠/۲۷). قنطرة الزكاة ٢۲ فقال أبو ذر: ومن هم؟ قال: «الأكثرون أموالآ» الحديث. ثم قال: كيف يستحقر° الفقير وقد جعله الله تعالى متجر"" له إذ يكتسب المال بجهده ويستكثر منه ويجتهد في حفظه لمقدار الحاجةء وقد ألم أن يسلم للفقير قدر / حاجتهء ويكف عنه الفاضل الذي يضره لو [1/۲5] سلمه إليهء فالغني مسخر للسعي في رزق الفقيرء ويتميز عنه بتقلد المظالم والتزام المشاق وحراسة الفضالات إلى أن يموت فيأكله أعداؤه فإذن مهما انتفت الكراهية وتبدلت بالسرور والفرح بتوفيق الله تعالى له في أداء واجب الحق عليه وتقييضه الفقير له حتى تحمل عنه عهدته وصار غسالاً له من الذنوب لقبوله منه انتفاء الأذى والتوبيخ وتقطيب الوجه» وتبدل بالاستبشار والثناء وقبول المنةء فهذا منشاً المنّ والأذى» فإن قيل: فرؤيته نفسه في درجة المحسن أمر غامض فهل من علامة يمتحن بها قلبه فيعرف بها أنه لم ير نفسه محستاً. فاعلم أن له علامة دقيقة واضحةء وهو أن يقدر أن الفقير لو جنى عليه جناية هل کان يزيد استنكاره» واستبعاده له على ما كان قبل التصدق عليه فإن زاد فن صدقته لم تخل عن شائبة المنةء لأنه توقع بسببها ما لم يكن يتوقعه قبل ذلك» والله أعلم. فإن قيل: فهذا أمر غامض ولا ينفك قلب أحد عنه فما دواءء. فاعلم أن له دواء باطناً وظاهراً: أما الباطن: فالمعرفة فيها بالحقائق التي ذكرناها في فهم الوجوب» وهي المعاني المتقدمة فيعلم بها أن الفقير هو المحسن إليه في تطهيره من الذنوب بالقبول منه. وأما الظاهر: فالأعمال التي يتعاطاها مقلد المنةء منها ما روي: أن بعضهم کان يضع الصدقة بين يدي الفقير ويتمثل قائماً بين يديه يسأله قبولها منه حتى يكون هو في صورة السائلين» وهو يستشعر مع ذلك كراهية لورودها / عليه . نان ومنها ما روي عن بعضهم : أنه كان يبسط كفه ليأخذ الفقير منها فتكون يد الفقير هي العلياء ويد المعطي هي السفلى . ومنها ما روي: أن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما إِذا أرسلتا معروفاً إلى فقير قالتا للرسول: احفظ ما يدعو بهء ثم كانتا تردان عليه مثل قولهء وتقولان: هذا بذاك حتى تخلص لنا صدقتنا. () في الأصل: يستخس. والتصويب من الإحياء. () في الأصل: يسخرء وفي الإحياء متجره» والتعديل لتقريب العبارة مع السياق. ٢٢ فنطرة الزكاة فكانوا لا يتوقفون الدعاء منه؛ لأنه شبه المكافأة فكانوا يقابلون الدعاء بمثلهء وهكذا فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنهء وابنه عبد الله فيما بلغنا فهكذا كان أرباب القلوب يداوون قلوبهم» ولا دواء من حيث الظاهر إلا هذه الأعمال الدالة على التذلل والتواضع وقبول المنة. ومن حيث الباطن المعارف التي ذكرناها هذا من حيث العمل وذلك من حيث العلمء ولا يعالج القلب إلا بمعجون العلم والعملء وهذه الشريطة من الزكاة تجري مجرى الخشوع من الصلاةء وثبت ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يقبل الله صدقة منان». وبقوله تعالى: لا تيلوا صَدَفاتِكُمُ امن وَالأَدَّى4. وإنما فتوى الفقيه بوقوعها موقعها وبراءة ذمته منها دون هذا الشرط والله أعل ٩ . الثامنة: أن يظهر الصدقة حيث يعلم أن الاظهار ترغيباً للناس في الاقتداء ويحرس سره عن داعية الرّياء فقال تعالى : إن نبوا ألصَدَقَابَ€. أي تظهروها. «َيِمِمًا هي€ أي نعمت الخصلة. «وَنْ تُحْنُوعَا€ أي تسروها «وَوْنُومَا» أي تعطوها «اُقرا€ في السر «َهُوَ َي ك4 وأفضل» وكلٌ مقبول إذا كانت النية صادقةء ولكن 1با صدقة السّر أفضل» وفي التفسير قال أهل المعاني: هذه / الآية في صدقة التطوع لإجماع العلماء أن الزكاة المفروضة إعلانها أفضل» كالصلاة المكتوبة في الجماعة أفضل من إفرادهاء وكذلك سائر الفرائض لمعنيين أحدهما ليقتدي به الناس والثاني لئلا يسؤ به الظنء ولا رياء في الفرض. وأما النوافل والفضائل فاخفاؤها أفضل لبعدها من الرياء والآفاتء فهكذا ينبغى لصاحب الزكاة أن يبديها حيث يقتضي الحال الإبداء للاقتداءء ولإزالت التهمةء وكذلك إذا سأل السائل على ملا من الناس فلا ينبغي له أن يترك الصدقة خوفاً من الرياء في الإظهار بل ينبغى أن يتصدق ويحفظ سره عن الرياء بقدر الإمكان وهذا لأن في الإظهار محذور‰*. ' )۱( طرفه عند الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (٤/ ۱۲۳« ۱۱۹( وال العراقي في المغني عن حمل الأسفار )۲۱۷/۱( لم أجده. (۲) سورة البقرة الاية: ٢٤٦۲. (۳) راجع في كل ما سبق إحياء علوم الدين للغزالي (۱/ ۱۷ء ۲۱۸))؛ فهو فيه بنصه إل تغير يسير جداً في بعض الأحرف. )٤( سورة البقرة الاية: ۷۱. (٥) ذكر نحوه الغزالي في الإحياء مختصراً (١/١٦۲۱. ۲۱۷). قنطرة الزكاة 1 ثالثاً: سوى المن والرياء وهو هتك سر الفقيرء فإنه ريما يتأذى أن يُرى في صورة المحتاجحء فمن أظهر السؤال فهو الذي هتك ستر نفسه فلا يحذر فيه هذا المعنى في إظهاره بالصدقة عليه وهذا كظاهر الفسق على من تستر به وتاب منه لأن إشاعة الفسق عنهء وإظهاره حرام محظور والتجسس فيه والاغتياب بذكره منهي عنه. فأما من أظهره بنفسه فإقامة الح عليه إشاعةء ولكن هو السبب فيها ولمثل هذا المعنى قال عليه الصلاة والسلام: «من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة »° . وقد قال الله تعالى : «وَانفِقُوا مما رَرَفَْاهُم سرا وَعَلانة€. ندب إلى العلانية لما فيه من فائدة الترغيب فليكن العبد دقيق التأمل في وزن هذه الفائدة بالمحذور الذي فيه" من الرياء وحب الشهرة والسمعة؛ لأنه مهما كانت الشهرة مقصودة حبط عمله؛ لأن الزكاة إزالة للبخل وتهوين / لحب المال في القلب فحب الشهرة لاجتلاب الجاه أشد استيلاء على النفس من [1/۲8] حب المالء وكل واحد منهما مهلك في الأخرة. وقد يقال: صفة البخل تنقلب في القبر في حكم المثال عقرباً لادغاًء وصفة الرياء تتقلب أفعى من الأفاعي» والإنسان مأمور بتضعيفهما من نفسه أو قتلهما بدفع أذاهماء فمهما قصد الرياء والسمعةء فكأنه جعل بعض أطراف العقرب قوة للحية فبقدر ما ضعف من العقرب زاد في قوة الحيّةء ولو ترك الأمر كما كان عليه من البخل لكان أهون عليه وقوة هذه الصفات إنما تضعف بمجاهدتها ومخالفاتها. والعمل بخلاف مقتضاها فأي فائدة في أن يخالف داعية البخل ويجيب داعية الرياء فيضعف الأذى ويقوي الأقوى"""ء وليكن متيقظاً لهذه الغوائل ومتفطناً لما في الإعلان من الفوائد فإن ذلك يختلف بالأحوال والأشخاص فقد يكون الإعلان في بعض الأحوال لبعض الأشخاص أفضل”" والله تعالى أعلم . التاسعة: أن يطلب بصدقته من فقراء أهل الولاية من تزكوا به الصدقة فإن عمومهم (۱) ذكره ابن عدي في الكاملء ورواه ابن حبان في الضعفاء من حديث أنس بسند ضعيف. قاله العراقي في المغني (۱/ ۲۱۷). (۲) سورة الرعد (الآية: ٢۲). () إلى هنا في الإحياء بنصه غير هذه الكلمة فإنها في الإحياء (فيه) (۲۱۷/۱)› ثم حول الكلام بعد ذلك في قله فنقل من وظيفة الإسرار (۲۱۱/۱). (8) وكل ما سبق بين الإشارتين السابقة وهذه من الإحياء بنصه (١/٦۲۱). () وأغلب العبارات بنصها ما بين الإشارة السابقة وهذه من الإحياء (۲۱۷/۱). 7 قنطرة الزكاة خصوصاً فلیراع خصوص تلك الصفات وهي ست : الصفة الأولى: أن يخصص بصدقته الزهاد الأولياء المعرضين عن الدنياء وفي كتاب الضياء قال: ومن قصد بزكاته أهل الفضل كان أفضل له وكذلك قالوا: من أعطى زكاته ثقة ضوعفت له أربع وعشرون زكاة". والثانية: أن يكون من أهل العلم أو التعامل خاصة فإن ذلك إعانة له على العلم [۹/ب] / والتعلم؛ لأن العلم أشرف العبادات مهما صحت النيةء ولذلك قيل: من أكرم عالماً فكأنما أكرم سبعين نبيأء ومن أطعم متعلماً فكأنما طعم سبعین شهيداً. ویروی أن ابن المبارك كان يخصص بمعروفه العلم فقيل له: لو عممت. فقال: إني لا أعرف يعد مقام النبوة أفضل من مقام العلماءء وإذا اشتغل قلب أحدهم بحاجة لم يتفرغ للعلمء ولم يقبل على التعلم» فتفريغهم لأهل العلم أفضل”. الصفة الثالثة: أن يكون صادقاً في التقوى والعلم بحقائق التوحيد حتى أنه إذا أخذ الصدقة حمد الله تعالى وشكرهء ورأى النعمة منه تعالى لا من خلقهء وإن الخلق وسائط مسخرة مقهورة بتسليط الله تعالى عليه دواعي الفعل ويسر له الأسباب فأعطاء وهو مقهور› وعن لقمان الحكيم أنه قال لابنه: يا بني لا تجعل بينك وبين الله تعالى منعماء وعد نعمة غيره عليك مغرماً فالصدقة على ذي يقين أفضل وأنفع للمتصدق من ثناء غيره وشكره الذي يرى النعمة من العباد لأن شكره حركة لسان يقل في الأكثر جداوة وإعانة مثل هذا المؤمن المتيقن لا يضيعء وأما الذي يمدح بالعطاء ويدعو بالخير فقد يذم المنع ويدعو بالشر عند الإيذا فأحوالهما متفاوتة. وقد روي أن النبي يَي: بعث معروفاً إلى بعض الفقراءء وقال للرسول: «احفظ ما يقول». فلما أخذه قال: الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره» ولا يضيع من شکره. ثم قال: اللهم [إنك]" لم تنس فلاناً - يعني نفسه - فاجعل فلاناً لا ينساكء فاخبر [/ با الرسول النبي عليه الصلاة والسلام / بذلك فسْرَ. () ذكر بعضه الغزالي في الإحياء (۲۱۹/۱). (۲) أغلب هذا القول ذكره الغزالي في الإحياء (١/ ٠۲6). (۳) في الأصل: الأداء. والتصويب من إحياء علوم الدين للغزالي (١/ ٠۲۲). (8) ما بين المعقوفين من الإحياء (۱/٠۲۲). قنطرة الزكاة ‎Yo‏ ‏وقال: «قد علمت أنه يقول ذلك . فانظر كيف قصر إلتفاته على الله تعالى وحده. ويروى أنه عليه الصلاة والسلام قال لرجل: «تّب» فقال: أتوب إلى الله ولا أتوب إلى محمد فقال يَلأٍْ: «عرّف الحق لاله . وفيل : لما نزلت براءة عائشة رضي الله عنها في قصة أهل الإفك» قال لها أبو بكر رضي الله عنه: قومي فقبلي رأس رسول الله يَلوٍ. فقالت: والله لا أفعل ولا أحمد إلا الله . «دعها ڀا أبا بک ر٩ . فلم ينكر ذلك مع أن الوحي وصل إليها على لسانه عليه الصلاة والسلام. ورؤية الأشياء من غير الله تعالى من أوصاف الكفار قال الله تعالى : وا ذَكِر الَذِينَ من دونه إا هُمْ يَسَْيرُونَ. ومن لم يصف قلبه عن رؤية الوسائط إلا من حيث أنهم وسائط› فكأنه لم ينفك عن الشرك الخفي سره» فليتق الله تعالى في تصفية توحيده عن كدورات الشرك (0) وشرائبه (١) قال العراقي: لم أجد له أصلاً إلا في حديث ضعيف من حديث ابن عمرء روى ابن مندة في الصحابة أوله ولم يسق هذه القطعة التي أوردها المصنفء وسمى الرجل حديراً فقد روينا من طريق البيهقي: أنه وصل لحدير من أبي الدرداء شيء فقال: اللهم إنك لم تنس حديراً فاجعل حديراً لا ينساكء وقيل: إن هذا آخر لا صحبة له» يكنى أبا جريرة وقد ذكره ابن حبان في الثقات التابعين (المغفتي ٠/٢۲۲). (۲) رواء أحمدء والطبراني في الكبير من حديث الأسود بن سريع بسند ضعيف (قاله العراقي في المغني ۱/٢٢۲( () وقال العراقى عنه في المصدر السابق: رواه أبو داود من حديث عائشة بلفظ: فقال أبواي: قومى فقبلى راس رسول الله يي فقلت: أحمد الله لا إياكما. وللبخاري تعليقاً فقال أبواي: قومي إليه فقلت: لا والله لا أقوم إليه ولا أحمده ولا أحمدكماء ولكن أحمد الله . وله ولمسلم: فقالت لي أمي قومي إِليهء فقلت: لا والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله. وللطبراني: فقالت: بحمد الله لا بحمد صاحبك. وله من حديث ابن عباس: فقالت: لا بحمدك ولا بحمد صاحبك. وله من حديث ابن عمر: فقال بو بکر قومی فاحتضنی رسول الله ي فقالت: لا وا لا آدنو مله ..... الحديث وفيه: أنها قالت لبي يَ: بحمد الله لا بحمدك. () سورة الزمر (الاية: 40). () كل ذلك ذكره الغزالي في الإحياء (۱/ ٠۲۲۰ء ۲۲۱). ۹ قنطرة الزكاة الصفة الرابعة: أن يكون مستتراً مخفياً حاجته لا يكثر البث والشكوى أو يكون من أهل المرؤةء وممن ذهبت نعمته وبقيت عادته فهو يتعيش في جلباب التجمل› قال الله تعالى : يح سهم الَجاهل أَعْنياءَ من ألَعَقّف َعرفهُمُ بسِيمَاهُمٌ لا يَسَلُونَ َلَاسَ ان4 أي لا يلحفون بالسؤال لأنهم أغنياء بأنفسهم أعزة بصبرهم . ]۳۱[ وهكذا ينبغي أن يطلب أهل الدينء ويستكشف عن بواطن أحوال أهل / الخير والتجمل عن السؤال بالصبر ليضاعف ما يدفع إليهم من المعروف أضعاف ما يصرفه إلى المهاجرين بالسۋال . الصفة الخامسة: أن يكون معيلاً أو محبوسا بمرض أو سبب من الأسباب فيوجد فيه معنى قوله تعالى : َراو اين أحصروا في سيل الله ل يمون ضّزباً في الأزض»”. لأنهم مقصوصوا الجناح مقيدوا الأطراف» فلهذه الأسباب كان عمر رضي الله تعالى عنه فيما بلغنا يعطي أهل البيت القطيع من الغنم العشرة فما فوقهاء وكان ية يعطي العطاء على مقدار العيلةء وسئل عمر عن جهد البلاء فقال: كثرة العيال وقلة المال”“ ٠ الصفة السادسة: أن يكون من الأقارب وذوي الأرحام فتكون صدقة وصلةء وفي صلة الرحم من الثواب ما لا يخفى» وعن علي أنه قال: أن أصل أخاً من إخواني بدرهم أحب إلي من أن أتصدق بعشرين درهماء ولأن أصله بعشرين أحب إلي من أن أتصدق بمائة درهم» ولأن أصله بمائة درهم أحب إلي من أن أعتق رقبة. والأصدقاء والإخوان في الدين أيضاً يتقدمون على المعارف كما يتقدم الأقارب على الأجانب فليراع هذه الدقائق فهي من الصفات المطلوبةء وفي كل صفة درجات فينبغي أن يطلب أعلاها فإن وجد من جمع جملة من هذه الصفات فهي الذخيرة الكبرى والقيمة العظمى› ومهما اجتهد في ذلك وأصاب فله أجران؛ وإن أخطاً فله أجر واحد» فإن أحد أجريه في الحال (١) سورة البقرة الآية: ۲۷۳. (۲) ذكر ذلك الغزالي في الإحياء (۲۲۱/۱). () سورة البقرة (الاية: ۲۷۳). (8) في الأصل: مقصوصون. والتصويب من الإحياء. (٥) قال العراقي في المغني (۲۲۱/۱): لم أر له أصلاء ولأبي داود من حديث عوف بن مالك: أن رسول الله اد کان إذا ناه الفيء لىمە في يومه وأعطی الأهل حظین ٠ وأعطی الأعزب حظا. () كل ما سبق في هذه الصفة ذكره الغزالي في الإحياء (۲۲۱/۱). قنطرة الزكاة ‎Y۷‏ تطهيره نفسه عن صفة البخل وتأكيد حب الله تعالى في نفسه واجتهاده في طاعته . وهذه الصفات / التي تقوى في قلبهء فتشوقه إلى لقاء الله تعالىء والأجر الثاني ما يعود [۳۲/ب] إليه من فائدة دعوة الأخذ وهمتهء فإن قلوب الأبرار لها آثار في الحال والمآل فإن أصاب حصل الأجرانء وإن أخطاً حصل الأول دون الثانيء فهذا معنى تضاعف أجر المصيب في الاجتهاد هاهناء وفي سائر المواضع والله تعالى أعلم بالصواب” . العاشرة: من الوظائف المتقدمة ألا ينقل الصدقة من بلده إلى بلد آخر استحب ذلك أكثر العلماء . روي ذلك عن طاوس وعمر بن عبد العزيز والتخعي وأكثر فقهاء الأمصارء وإن فرّقها في غير بلده فهو جائز في قول أصحاب الرأي . وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه رد زكاة أي بها من خراسان إلى الشام فرذها إلى خراسان» وأجاز بعضهم نقلها عن بلده إلى ذي قرابةء روي ذلك عن الحسن والنخعي . وفي أثر أصحابنا عن أبي المؤثرء وقد سُّئلء فقيل له: رأيت إن كان في البلد فقراء فساق من أهل الدعوةء وفي غيره قريباً منه أهل ولايةء أتدفع الزكاة إلى فساق الفقراء من أهل البلد أم تنقل إلى أهل الولاية في غير البلد؟ فقال: الذي نرى أن فقراء أهل الدعوة من أهل البلد أحق بها حتى يستغنوا ولو كانوا فساقاً ولا تدفع إلى غيرهم وهم محتاجون والله تعالى أعل ٩ . الباب الرابع فى القابض وأسباب استحقاقه ووظائف قبضه اعلم أنه لا يستحق الزكاة إلا حر مسلم ليس بهاشمي ولا مطلبي اتصف بصفات الأصناف الثمانية المذكورين في كتاب الله تعالىء ولا تصرف زكاة إلى كاغر ولا إلى عبد / ولا [۳۴/ب] إلى هاشمي أو مطلبي . وأما الصبي» والسجنون فيجوز الصرف إليهما إذا قبض وليهما إذا كان أبواهما متوليين (١) راجع الصفة بأكملها في إحياء علوم الدين للغزالي (١/٠۲6). )۲( جاء أول الصفة العاشرة في الأحياء في کناب الزكاة فيي الفصل الثاني في الأداء وشروطه الباطنة والظاهرة في الشرط الرابع (۲۱۳/۱). ۲۸ قنطرة الزكاة عند أصحابنا› فلنذکر من الأصناف الثمانةء من مستت إليه الحاحة وهم الفقراء والمساكين. الصنف الأول الفقراء: وفي كتاب الغزالي: الفقير: هو الذي ليس له مال ولا قدرة له على الكسب . قال: فإن كان معه قوت يومه وكسوة حاله فليس بفقیر ولکنه مسکين . قال: فإن قدر على الكسب بالة فهو فقير. قال : ولا يخرجه عن الفقر كونه معتاداً للسؤال . قال : وإن كان متفقهاً ويمنعه الاشتغال بالكسب عن التفقه فهو فقير ولا تعتبر قدرته. قال: وإن كان متعبداً يمنعه الكسب عن وظائف العبادات وأوراد الأوقات فليكتسب لأن ا لکسبد أولی منه. وقد روي عنه يَأ أنه قال: «الكسب فريضة بعد الفريضة»"“. وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: كسب في شبهة خير من مسألة وإن كان مكتفياً بتفقة من تجب عليه نفقته فليس بفقیر ٩ . الصنف الثاني المساكين: والمسكين هو الذي لا يفي دخله يخرجه فقد يملك ألفش”* درهم وهو مسكين» وقد لا يملك إلا فأساً وحبلاً وهو غني» والدويرة التي يسكنها والثوب الذي يستره على قدر حاله لا يسلبه اسم المسكين . وكذلك أثاث البيت - أعني ما يحتاج إليه - وذلك ما يليق بء وكذا كتب الفقه لا وأمثال هذه الحاجات لا تتحصرء ولكن كل ما تسع فيه الإنسان اقتحم خطر الشبهات (/] في أخذ ذلك من الزكاة والمتورع / يأخذ بالأحوط والله أعلم. فحق على الفقير أن يعرف قدر نعمة الله تعالىء ويتحقق أن فضل الله عز وجل عليه فيما () راجع الإحياء للغزالي (۲۲۱/۱ء ٢۲۲). (۲) طرفه عند الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (٤/۱۳۸). (۳) راجع إحياء علوم الدين (۱/ ۲۲۲). (8) في الإحياء: ألف. (0) راجع الإحياء للغزالي (٠/ ۲۲۲). قنطرة الزكاة ۹ رواه عنه أفضل من فضله فيما أعطاء كما سيأتي إن شاء الله تعالى وليراع في أخذ الصدقة . إحداها: أن يتحقق أن ما يأخذه من الزكاة إنما أخذه من الله سبحانه رزقاً له وعوناً على الطاعة حتى لا يمدح من أعطاه ولا يذم من منعه ولتكن نيته فيه أن يتقوى به على طاعة الله تعالى وليصرف الفاضل عن حاجته إلى أهله إن استغنى عنه فإن استعان به على معصية الله کان كافراً لأنعم الله تعالى مستحقاً للبعد والمقت من الله سبحانه” . والثانية: أن يشكر المعطي ويدعو له ويثني عليه ويكون شكره ودعاؤه بحيث لا يخرج عن كونه واسطة ولكنه طريق لوصول نعمة الله سبحانه إليهء وللطريق جزء من الشكر من حيث جعله لله تعالى طريقاً وواسطة وذلك لا ينافي فى رؤية النعمة من الله عز وجل فقد قال النبي يٍَ: «من لم يشكر الناس لم يشكر الله عز وجل" وقد أثنى الله عز وجل على عباده في مواضع على أعمالهم وهو خالقها وفاطر القدرة عليها نحو قوله تعالى : يعم اَلْعَبدُ َه أَوَاب€”°. إلى غير ذلك وليقل القابض في دعائه: طهر الله قلبك في قلوب الأبرارء وزكى عملك في عمل الأخيار وصلى على روحك في أرواح الشهداء وهذا إِذا كان صاحب الزكاة متولاء وأما إذا كان غير متولاء فليقتصر على دعاء الدنيا والله أعلم . وقد قال عليه السلام: «من أسدى إليكم معروفاً فكافؤه» فإن لم / تستطيعوا فادعوا له [١۳/ب] حتی یری أن قد کافأتموهه*٩. ص ص تو وقال الله تعالى : ® وَصَل عَلَْهِمْ إن صَلاكَ سَكَنُ لهم . أي ادع لهم إن دعواتك مما تسكن إليه قلوبهم وقال عليه السلام: «اللهم صل على آل أبي أوفى» لما أتاه بزكاة ماله والله علم. ومن تمام الشكر أن يستر عيوب المعطي إن كان في عيب ولا يحقره ولا يذمه ولا يعیره () راجع المصدر السابق (۲۲۳/۱). () في الأصل: رواية. والتصويب من المصدر السابق. () رواه الترمذي في الجامع الصحيح وحسنه من حدیث أي سعید وله ولابي داود وابن حبان نحوه من حديث أبي هريرة وقال حسن صحیيح (المغني ٢/٢٤۲۲). (8) سورة صل الأية: 4٤٤. () رواه أبو داودء والنسائي (في المجتبى) من حديث ابن عمر بإسناد صحيح بلفظ: من صنع. قاله العراقي في المغني (۱/٤۲۲). (7) سورة التوبة الآية: ١١٠. ۳۰ قنطرة الركاة بالمنع إذا منع ويفخم عند نفسه وعند غيره من الئاس ضيعته فوظيفة المعطي الاستصغار لما أعطاه ووظيفة القابض تقلد المنة والاستعظامء وكل ذلك لا تناقض فيه - أعني التصغير والتعظيم لشيء واحد - لأن النافم للمعطي ملاحظة أسباب التصغير ويضره خلافهء والأخذ بالعكس وكل ذلك لا يناقض رؤية النعمة من الله عز وجل؛ فإن من لا يرى الواسطة واسطة فقد جهل وإنما المنكر إن يرى الواسطة أصلاً والله أعلم. الثالثة: أن ينظر فيما يأخذه فإن لم يكن من حل تورع عنه وَمَنْ پا الله يَجُعَل له مَخرجاً وَيَررُكهُ من حَيْثُ لا يب4" ولن يعدم المتورع عن الحرام فتوحاً من الحلال» فلا يأخذن من أموال العرب والأجناد وعمال السلاطينء ومن أكثر كسبه من الحرام إلا إذا ضاق عليه الأمرء وكان ما يسلم إليه شبهةء فله أن يأخذ بقدر الحاجةء فإن فتوى” الشرع في مثل هذا أن يتصدق بهء وهذا إذا عجز عن الحلالء فإذا أخذ لم يكن أخذه أخذ زكاته إذ لا تقع زكاته عن مؤديه وهو ريبة أو حرا لا يعرف له مالك معين لأن الزكاة إنما تكون من الحلال. وأما الشبهة: فليتصدق بها وليدع ما يريبه إلى ما لا يريبه والحرام الفرض عليه فيه التوبة 0 من أخذه / والرد على صاحبه أو التصدق به إن لم يعرفه والله أعلم. الرابعة: أن يتوقى مواقع الريبة والاشتباء في مقدار ما يأخذه فلا يأخذ إلا المقدار المباحء ولا يأخذ إلا إذا تحقق أنه موصوف بصفة الاستحقاق› فإن كان يأخذ بالكتابة والغرامة فلا يزيد على مقدار الدين› وإن كان يأخذ بالعمل فلا يزيد على أجرة المثل ء فإن أعطي زيادة ابی وامتنع إذ ليس المال للمعطي حتى يتبرع به» وإن كان مسافراً لم يزد على الزاد وكراء الدابة إلى مقصده . وإن كان غازياً لم يأخذ إلا ما يحتاج للغزو خاصة من خيل» وسلاح» ونفقةء وتقدير ذلك بالاجتهاد وليس له حذ وكذا زاد السفر. والورع: ترك ما يريبه إلى ما لا يريبهء وإن أخذ بالمسكنةء فلينظر أولاً: إلى أثاث بيته ويابه وكتبه هل فيها ما يستغني عنه فيمكن أن يبدل بما يكتفي به أو يفضل بعض قیمته وکل () راجع إحياء علوم الدين به (۱/٤۲۲). () في الأصل: ما. والتصويب من المصدر السابق. (۳) في الإحياء الموضع السابق: جل. (8) سورة الطلاق (الايتان: ١٠ ۴). (٥) في الأصل: فتو. والتصويب من الإحياء. () راجع إحياء علوم الدين (۱/٤۲۲). قنطرة الزكاة ۳۱ ذلك إلى اجتهاده وضه طرف ظاهر يتحقق معه أنه مستحق لأخذ الزكاة وطرف آخر مقابل له يتحقق معه أنه غير مستحق وبينهما أوساط مشبهة. ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه والاعتماد في هذا على قول الأخذ ظاهراء وللمحتاج في تقديم الحاجات مقامات في التضيق نفسه محتاجة إلى فنون من التوسيع الذي هو ممقوت في الشرعء ثم إِذا تحققت حاجته فلا يأخذن إلا ما يتم كفايته من وقت أخذه إلى سنة. فهذا أقصى ما يرخص فيه من حيث أن السنة إذا تكررت تكرر أسباب الدخل› ومن حيث أن رسول الله عليه السلام اّخر لعياله / قوت سنةء فهذا ما يرخص فيه للفقير [۳۷/ب] والمسكين ولو اقتصر على حاجة شهره أو يومه فهو أقرب للتقوى . ومذاهب العلماء في القدر المأخوذ بحكم الزكاة والصدقة مختلفةء فمن بالغ في التقليل أوجب الاقتصار على قوت يومه وليلتهء وتمسك فيما ذكر في كتاب الغزالي بما رواه سهل بن الحنظلية عن رسول الله يَي: أنه نهى عن السؤالء فسئل عن غناه فقال عليه الصلاة والسلام : «اغداۋە وعشاۋ»". وقال آخرون: يأخذ إلى حد الغنىء وحد الغنى نصاب الزكاةء إذ لم يوجب الله عز وجل الزكاة إل على الأغنياء فقالوا له: أن يأخذ لنفسه ولكل واحد من عياله نتصاب زكاةء وقال قائلون : حد الغنى خحمسون درهماً لما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه يل قال: من سأل وله مال مغنيه" جاء يوم القيامة في وجهه خموش» فسئل: وما غناه؟ قال: «خمسون درهماً أو عدلها من الذهب»” . وقال قوم: أربعون لما روي عن عطاء بن يسار منقطعاً عنه ي قال: «من سأل وله أوقية فقد ألحف فى السؤال”°° . وبالغ أخحرون في التوسيع فقالوا له: أن يأخذ مقدار ما يشتري به (١) أخرجاء من حديث عمر: كان يعزل نفقة أهله سنةء وللطبرانى فى الأوسط من حديث أنس: كان إذا ادخر لأهله قوت سنة تصدق بما بقى» قال الذهبي حديث متكر. قاله العراقى فى المغنى (۱/ ٤ ۲۲). () رواه أبو داود وابن حبان بلفظ م سأل وله مال يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم. فاله العراقي في المغنى (۱/٢۲۲). )۳( في الإحياء: يغنيه . (8) رواه أصحاب الستن وحسنه الترمذيء وضعفه النسائي والخطابي قاله العراقي في المصدر والموضع السابق. (٥) رواه أبو داود والنسائي من رواية عطاء عن رجل من بني أسد متصلاً وليس بمتقطع كما ذكر المصنف لأن الرجل صحابي فلا يضر عدم تسميتهء وأخرجه أبو داود والنسائي وابن حبان من حديث آبي سعید قاله = ٢۳ قنطرة الزكاة ضيعة فيستغني بها طول عمره أو يهيء بضاعة ليتجر فيها ويستغني لان هذا هو الغنى. وقد قال النبي عليه السلام: «خير الصدقة ما أبقت غني'. وعن عمر رحمه الله أنه قال: إذا أعطيتم فاغنواء حتی ذهب قوم [إلی] أن من افتر فله أن يأخذ مقدار ما يعود به إلى مثل ماله ولو عشرة آلاف درهم إلا إذا أخرج عن حده : الاعتدالء ويروى أن أبا طلحة الأنصاري لما شغله بستانه عن الصلاة قال: جعلته صدقة› [//]فقال يَلٍ: «اجعله في قرابتك / وهو خير لك». فأعطاء حساناً وأبا قتادةء فحائط من فخل لرجلین کثیر مغن . قال: وأما التقليل إلى قوت اليوم والليلة والآأقوية فذلك ورد في كراهية السؤال والتردد على الأبوابء وذلك مستنكر وله حكم آخر» بل التجويز إلى أن يشتري ضيعة فيستغني بها أقرب إلى الاحتمال وهو مائل إلى الإسراف» والأقرب إلى الاعتدال كفاية سنةء فما وراءها فيه نظر» وفيما دونها تضييق وهذه الأمور إذا لم يكن فيها تقدير جزء بالتوقيف فليس للمجتهد إلا الحكم بما يقع له. ثم يقال للمتورع: «استفت قلبك وإن أفتوك وأفتوك»". كما قاله يلي إذ الأئم حزاز القلوب. وإذا وجد القابض في نفسه شيئاً مما يأخذه فليتق الله فيه ولا يترخص تعللاً بالفتوى من علماء الظاهرء فإن للغني فيود ُو مطلقات من الضروريات› وبين ذلك ریبات واقتحام شبهات والتقوى من الشبهات من شيم ذوي الدين وعادات السالكين لطريق الأخرة والله نسأله العون والتوفيق. في صدقة التطوع وفضلها واداب أخذها وإعطائها هذا الباب يحتوي على ثلائثة فصول : الأول: في فضيلة الصدفقة . = العراقي في المصدر السابق. () ما بين المعقوفين من الإحياء. (۲) أخرجه أحمد من حدیث وابصة. قاله العراقي في المغني عن حمل الأسفار في الأسفار (١/ ٠۲). )۳( راجع إحياء علوم الاين للغزالي (٠/٢۲۲(). قنطرة الزكاة ۳۳ والثالث: في بيان الأفضل من أخذ الزكاة والصدقة. الفصل الأول: في فضيلة الصدقة من الأخبار والآثار قال الله سبحانه: أنفِقُوا من طيات ما كسَض ٩ . وقال تعالى : «ألَذِينَ يَفقُونَ أموَالَكُم بابل وَالَهَارِ سَراً اة الآية. وقال تعالى : مكل اين يُفِقُونَ أَموَالَهُمْ في سيل الله كمل حَب أنبِتّتْ سَبْعَ سابل في كل سنب مائ حتڳ. ويروى / عن رسول الله يَوٍ أنه قال: «تصدقوا ولو بشق تمرة تَكِنون بها وجوهکم عن [۳۹/ب] النارا. وفي لفظ آخر: «تصدقوا ولو بتمرة فإنها تسد من الجائع وتطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار ٠ وفي حدیث آخر: «اتقوا النار ولو بشق تمرة وإن لم تجدوا فبكلمة طيبةه*٩. وعنه يِل أنه قال: «ما من عبد مسلم يتصدق بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله عز وجل إلا طيباً إلا كان الله عز وجل يأخذها فيربيها كما يربي أحدكم فسيلة حتى تبلغ التمرة مثل د“ . 1 وعنه يِل أنه قال لأبي الدرداء: «إذا طبخت برمة فأكثر ماءهاء ثم انظر أهل بيت من جيرانك فا صبهم منه بمعروف»"٩. (۱) سورة البقرة الآية: ۷٦۲. (۲) سورة البقرة الآية: ٤۲۷. (۳) سورة البقرة الآية: ٠٢۲. (8) رواه ابن المبارك في الزهد من حديث عكرمة مرسلا ولأحمد من حديث عائشة بسند حسن: «است.تري من التار ولو بشق تمرة فإنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان»ء ولابي يعلى البزار من حديث أبي بكر: «اتقوا النار ولو بشق تمرة فإنها تقوم العوج وتدفع ميتة السوء وتقع من الجائع موقعها من الشبعان»ء وإسناده ضعيف» وللترمذي والنسائي في الكبرى وابن ماجه في حديث معاذ: «والصدقة تطفىء الخطيثة كما يطفىء الماء النار». قاله العراقي في المغني (۱/٦۲6). () أخرجاه من حديث عدي بن حاتم قاله العراقي في المصدر السابق. (1) رواه البخاري تعليقاء ومسلم؛ والترمذي والنسائي في الكبرى واللفظ لهء وابن ماجه من حديث أبي هريرة. قاله العراقى فى المغنى بهامش الإحياء (۱/٦۲۲). )۷( رواه مسلم من حديث أبي ذر: أنه قال ذلك له وما ذكره المصنف أنه لأبي الدرداء وهم. قاله العراقي = ٤۳ قنطرة الزكاة وعنه يِل أنه قال: «ما أحسن عبد الصدقة إلا أحسن الله عز وجل الخلافة على تر کته . وعنه يل أنه قال: «الرجل في ظل صدقته يوم القيامة حتى يقضي بين الناس»"° . وعنه يِل أنه قال: «صدقة السر تطفىء غضب الرب عز وجل. وعنه يل أنه قال: «ما المعطي من سعة بأفضل أجراً من الذي يقبل من حاجة»". وفي كتاب الغزالي قال: ولعل المراد به الذي يقصد من دفع حاجته التفرغ للدين فيكون مساوياً للمعطى الذي يقصد بإعطائه عمارة دينه. قال: وسئل عليه السلام: أي الصدقة أفضل؟ قال: «أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تأمل البقاء وتخشى الفاقةء ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذاء ولفلان كذا وقد كان لفلان» ٩ . 1/07 وعنه يل / أنه قال يوماً لأصحابه: «تصدقوا». فقال رجل: إن عندي دينار» قال عليه السلام: «أمسكه لنفسك». قال: إن عندي آخر قال: «أنفقه على زوجتك». قال: إن عندي آخرء قال: «أنفقه على ولدك». قال: إن عندي آخر قال: «أنفقه على خادمك». قال: إن عندي آخر› قال له يا : «أنت أبصر . وعنه ي أنه قال: «ردوا مذمة السائل ولو بمثل رأس الطائر من الطعام”. وعنه يل أنه قال : لذا سآل سائل فلا تقطعوا عليه مسألته حتى يفرغ منها ثم ردوا عليه = في المغني (۱/٦۲۲). (۱) روا ابن المبارك في الزهد من حديث ابن شهاب مرسلاً بإسناد صحيح؛ وأسنده الخطيب فيمن روی عن مالك من حديث ابن عمر وضعفه. قاله العراقي في المصدر السابق. )۲( رواه ابن حبان والحاكم وصححه على شرط مسلم من حديث عقبة بن عامر. قاله العراقي عن نحوه في تعليقه على الإحياء في كتابه المغني عن حمل الأسفار (۲۲/۱). (۳) رواه ابن حبان في الضعفاء والطبراني في الأوسط من حديث أنس؛ ورواء في الكبير من حديث اين عمر بسند ضعيف قاله العراقي في المصدر السابق. () أخرجاه من حديث أبي هريرةء قاله العراقي في المصدر السابق. (٥) رواه أبو داود والنسائي واللفظ لهء وابن حبانء والحاكم من حديث آبي هريرة. قاله العراقي في المغني (۱/٦۲۲). (1) رواه العقيلي في الضعفاء من حديث عائشة. قاله العرافي في المغني (۱١/۲۲۷). قنطرة الزكاة ٥۳ بوقار ولين وببذل یسیر.آو برد جميل فإنه قد يأتیکم من لیس بإنس ولا جان ینظرون کیف صنعکم فيما خوّلكم الله عز وجل؟. وعنه يِل أنه قال: «لو صدق السائل ما أفلح من رده». وعن عيسى عليه السلام أنه قال: من رد سائلاً خائباً لم تغش الملائكة ذلك البيت سبعة آيام. وبلغنا: أن النبي يِل كان لا يأكل خصلتين إلى غيره: كان يضع طهوره بالليل ويخمره؛ وكان يناول المسكين بيده" . وبلغنا - والله أعلم -: أن الملائكة ينزلون بالليل يسألون فيتمثلون كبني آدم» فيأتون أبواب الصالحين في صور السؤال بالليل› فَإذا صعدوا إلى السماء قالت لهم الملائكة: كيف وجدتم بني آدم في المعروف؟ فيقولون: وجدنا فلاناً سخياً كثير العطية. فيقولون: اللهم اغفر لهء اللهم ارزقه وبارك له فيه وقنعه وإذا قالوا: وجدنا فلاناً شحيحاً مناعاً خشن القول. قالوا: اللهم اجعله ( .( ‎O‏ وبلغنا عن رسول الله ي أنه قال: «ليس المسكين الذي / تردّه الثمرة والثمرتان واللقمة [4/ب] واللقمتان إنما المسكين المتعفف اقرأوا إن شتتم: لا يلون ألَاسَ إِلْحَان€”°. وعنه يَأ أنه قال: «ما من مسلم يكسو مسلماً إل كان في حفظ الله تعالی ما دامت عليه eK . ‏رفعه مه‎ وعنه يَطِد أنه قال: «الصدقة تقي مصارع السو وتدفع ميتة السوء». وعنه ي أنه قال: «نفقة الرجل على أهله صدقة»*. () رواه العقيلي في الضعفاءء وابن عبد البر في التمهيد من حديث عائشةء قال العقيلي: لا يصح في هذا اباب شيء؛ وللطبراني نحوه من حديث أبي أمامة بسند ضعيف. راجع المصدر السابق. () روا الدارقطني من حديث اين عباس بسند ضعيف» ورواه ابن المبارك في البر مرسلاً. راجع المصدر السابق . () موضع النقط جاء تعليق عليه بالهامش نصه: بياض في الأصل. (4) الحديث متفق عليه من حديث عائشة. قاله العراقى فى المغنى (۲6۷/۱) والاية من سورة البقرة ورقمها: )۳( . ا () رواه الترمذي وحسنهء والحاكم وصحح إسناده من حديث ابن عباس وفيه خالد بن طهمان ضعيف. قاله العراقي في المغني (١/ ۲6۷). (١) طرفه عند: البخاري في الصحيح (٥/۷٠٠۱)) الترمذي في الجامع الصحيح (6٠۱۹)ء ابن حجر في الفتح (۳۱۷/۷)؛ الهيثمي في المجمع (۲/۳٠۱)›ء ابن عدي في الضعفاء (۲۲0۷)؛ ابن أبي شيبة في = ٢۳ قنطرة الزكاة وعنه عليه السلام أنه قال: «ردوا السائل ولو بظلف محرق». وعنه عليه السلام أنه قال: «من أطعم مسلماً ثمرة أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقاه جرعة سقاه الله من الرحيق المختوم). وعنه عليه السلام أنه قال: «إنما المسكين الذي لا يجد غنى يغنيهء ولا يفطن به فيتصدق عليه» ولا يقوم فيسأل الناس». وعنه عليه السلام أنه قال: «من أنفق زوجين نودي في الجنةء يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاةء ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقةء ومن کان من آهل الصيام دعي من باب الريان» . قال أبو بكر رضي الله عنه: ما على من يدعى من هذه الأبواب من ضرورة فهل یدعی أحد من هذه الأبواب كلها؟ قال عليه السلام: «نعم وأرجو أن تكون أنت متهم . زوجین مثلها. وعنه يَلِ أنه قال: «سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل؛ وشاب نشا في عبادة الله تعالیء ورجل قلبه متعلق بالمسجد إذا خرج منه حتی یعود إلیه [/ورجلان / تحابا في الله اجتمعا وافترقا على ذلك ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه بالدموع ىن خشية الله عز وجلء ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال: ٳِني أخاف الل ورجل تصدّق بصدقةٍ فأخفاها حتی لا تعلم شماله ما انفقت یمینه»"٩. وعنه عليه السلام أنه قال: #«المال الحلال رائح بصاحبه إلى الجنة». ويقال: لما نزلت هذه الأية: مَن دا الذي يُقْرضُ الله قَروضاً خسنا" الآية = المصنف (۹/١١٠). () أطرافه عند: البخاري في الصحيح (۳۲/۳ء ١۳٠٠ ٢/۷)› ملم في الصحيح (الزكا: ‎(A1 ۸o‏ والترمذي في الجامع الصحيح (٤ ۳۱۷( النسائي في المجتبى (۸/49١۱)ء (٩/۲۲› 7٤ء 4۸)ء وأحمد في المسند (٤/ ۳۸۲)› البيهقي في الكبری (۱۷۱/۹). (۲) أصطرافه عند: البخاري في الصحيح (۸/۱١۱)› (۱۳۸/۲)› (/۱)› مسلم في الصحيح (الزكاة بپ ۳ رقم ۹۱)؛ الترمذي في 79 1 )۲۳۹۱( النسائي في المجتبى (۲۲۲/۸) أحمد في المسند (۳) سورة الحديد الآية: 7 قنطرة الزكاة ۳۷ قال: «تعم يريد أن يدخلكم الجنة». قال: فإني قد أقرضت ربي قرضاً يضمن لي به الجنة. انعم . قال: ناولني يديك» فناوله رسول الله يِل يده فقال: إن لي حديقتين أحدهما بالسالفة› والأخرى بالعالية والله لا أملك غيرهما جعلتهما قرضاً لله عز وجل. فقال عليه السلام: «اجعل أحدهما لله عز وجل والأخرى معيشة لك ولعيالك». قال: فأشهدك يا رسول الله إني جعلت خيرهما لله تعالى وهو حائط فيه ستمائة نخلة. قال: «إذن يجزيك الله به الجنة». ثم قال: «كم من عذق رداح ودار فياح في الجنة لأبي الدحداحء. والله ‎E‏ وا الآثار فروي عن الضحاك في هذه الاية لمل ألَذِينَ يفقو ن َُوَالَهُمْ في سيبل الله كمل به إلى قوله: وَاللَهُ باع لِمَنْ نا4" . فقال الضحاك : : ن عر درشا م ماله ابتغاء مرضاة الله فله في الدنيا يكل درهم سبع مائة درهم خلفاً عاجلاً والف / ألف درهم (۴٤/ب! يوم القيامة . وعن أبي هريرة قال: كنا نحسب ورسول الله يَلٍِ بين أظهرناء نفقة الرجل على نفسه ورفقائه وظهره في الجهاد ألفي آلف . وي الحديث : اصدفه السر تطفیء غضب الرب تعالی › وتطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النارء وتدفع سبعين باباً من البلاء». ويروى عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها تصدقت بخمسين ألفاً وإِن درعها لمرقع . وعن مجاهد في قوله تعالى : «وَيطِمُون اَلطَعَام على حه . قال : وهم يشتهونه. ويروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول: اللهم اجعل الفضل عند خيارنا لعلهم يعودون على أولي الحاجة منا. () بنحو هذا الحديث وبنحو طرفه الأخير أخرجه مسلم في الصحيح (الجنائز ب ١٠ رقم ٩۸ مكرر)›ء وعبد الرزاق في المصنف (6٤۹۷)› والطبراني في الكبير (۲/ ٤٤ء ۳٤۲)ء والحاكم في المستدرك (/٠۲))› المتقي الهندي في الكتز (۳۳۱۸۱)› والهيثمي في مجمع الزوائد (۹/٤۳۲). () سورة البقرة الاية: ٠٦۲. (۳) سورة الإنسان الآية: ۸. ۳۸ قنطرة الزكاة وقال بعضص العلماء: الصلاة تبلغفك تنصفت الطريقء والصوم يىلغك باب الملك›ء والصدقة تدخلك عليه. وعن بعض السلف قال : الصدقة تفك لحي سبعين شيطاناء وفضل سرها على علانيتها سبعین ضعفاً. وعن ابن مسعود رحمه الله : أن رجلا عبد الله تعالى سبعين سنةء ثم أصاب فاحشة فاحبط عمله» ثم مر بمسكين فتصدق عليه برغيف فغفر الله عز وجل ذنبه» ورد عليه عمل السبعين سنة . وعن لقمان الحكيم أنه قال لابنه : إذا أخطأت خطيئة فاعط صدقة. وقال يحيى بن معاذ فيما روي عنه: لا أعرف حبة تزن جبال الدنيا إل الحبّة من الصدقة . الصدقةء وكتمان المصائب. ويقال: كتمان الفاقة أيضاً. وقد روي في الحديث مسند عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إن الأعمال تباهت فقالت [٤٤/أ] الصدقة : أنا أفضلكن› وقد روي عن / النبي ي أنه قال: "إن في الجنة قصراً من ياقوتة حمراء یری ظاهره من باطنه». قيل: لمن هو يا رسول الله؟ قال: #«لمن أطعم الطعامء وأطاب الكلامء وأفشى السلامء وأدام الصيامء وصلی بالليل والناس نيام . ڦيل: يا رسول الله ومن يطيق هذا؟ قال : «أنتم». قيل: فکيف یا رسول الله؟ قال : «ألستم تقولون: سبحان الله والحمد لله ولا إِله إلا الله والله أكبر؟ قالوا: بلى يا رسول الل قال: «هذا طيب الكلام». قال: «ألستم تنفقون عن أهليكم»؟ . قالوا: بلى يا رسول الله قال : «هذا إطعام الطعام». قال: «أوليس الرجل منكم يلقاه أخاه فيسلم عليه»؟ . قالوا: بلى يا رسول الف قال: «هذا إفشاء السلام». قال: «ألستم تصومون شهر رمضان»؟ قالوا: بلى يا رسول الل قال: «هذا إدامت الصيام». قال: «ألستم تصلون العتمة»؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: «فإنها صلاة كانت تثقل على غيركم فهي صلاة بالليل والناس نيام› والذي بعثني بالحق لا يلقى أحد ربه بهذه الخمس إل دخل الجنة'. ويروى أن عبد الله بن عمر كان يتصيدق بالسكر ويقول: سمعت الله تعالى يقول : ل الوا َل حى حر فقوا مما تُحيُون» والله يعلم أني أحب السكر. (۱) سورة آل عمران الاية: ۹۲. قنطرة الزكاة ۳۹ وعن النخعي أنه قال: إذا كان الشيء لله عز وجل لا يسرني أن يكون فيه عيب . وعن عبيدة ابن عمير أنه قال: يُحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قطء فمن أطعم لله عز وجل أشبعه الله تعالىء ومن سقى لله عز وجل سقاه الله تعالی؛ء ومن کسی لله عز وجل كساه الله تعالى . وعن الحسن أنه قال: لو شاء الله عز وجل لجعلكم أغنياء لا فقير فيكم ولکنه / ابتلی [٤١٤/ب] وعن الشعبي أنه قال: من لم ير نفسه إلى ثواب الصدقة أحوج من الفقير إلى صدقته فقد أبطل صدقته وضرب بها وجهه. وروي أن الحسن مر به رجل معه جارية فقال: أترضى في ثمنها الدرهم والدرهمين . قال: لا. قال: فاذهب فإن الله عز وجل رضي في الحور العين بالفلس واللقمةء والله أعلم به الحول والتوفيق”". الفصل الثاني: في بيان إخفاء أخذ الصدقة وإظهارها اعلم أن طلاق الإخلاص قد اختلفت طرقهم في ذلك فحال قوم إلى أن الإخفاء أفضل؛ ومال آخرون إلى أن الإظهار أفضل . وفي كتاب الغزالي قال: ونحن نشير إن شاء الله إلى ما في كل واحد من المعاني والافات› ثم نكشف الغطاء عن الحق فيه . أما الإاخفاء ففيه خمسة معان : الأول: إبقاء للستر على الأخذ فإن أخذه ظاهر هتك لستر المرؤةء وكشف عن الحاجة وخروج عن هيئة التعفف والتصون المحبوب الذي يحسبهم به الجاهل أغنياء من التعفف . الثاني : أسلم لقلوب الناس وألسنتهم فإنه لربما يحسدون أو ينكرون عليه أخذه ويظنون أنه أخذ مم الاستغناء وينسبونه إلى أخذ زيادة» والحسد وسوء الظن والغيب من كبائر الذنوب فصيانتهم عن هذه الجرائم أولى. قال: وقد روي عن أيوب السختياني قال: إني لا أترك لبس الثوب الجديد خشية أن )۱( ذكر أغلب هذا بل الموضوع كله الغزالي في إحياء علوم الدين (۱/٦۲۲ء ۲۷)٠ [1/45] 6 قنطرة الزكاة وعن بعض الزهاد قال: ربما تركت إستعمال الشيء لأجل إخواني يقولون من اين له هذا؟ وعن إبراهيم التميمي أنه رُئي عليه / قميص جديد فقال بعض إخوانه: من أين لك؟ قال: كسانيه أخي خيثمة ولو علمت أن أهله علموا به مأ قبلته”". الثالث: إعانة المعطي عن أسرار العمل فإن فضل السر على الجهر في الإعطاء كبير . وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: جعل الله عز وجل صدقة التطوع تفضل جميع الفرائض والنوافلء فإعانة المتصدق على كتمان صدقته من تمام أجرهاء والإعانة على تمام المعروف معروف»› والإتمام لا يتم إلا باثنين فمهما أظهر هذا انكشف أمر المعطي . قال: ودفع رجل إلى بعض العلماء شيثاً ظاهراً فرده ودفع إليه آخر شيئاً في السر فقيل له في ذلك» فقال: إن هذا عمل بالأدب في إخفاء معروفه فقبلته وذلك أساء أدبه في عمله فرددته عليه . قال:. وأعطاء رجل بعض الصوفية شيئاً في الملا فرده. فقال له: لم ترد على الله عز وجل ما أعطاك . فقال: إنك أشركت غير الله سبحانه فيما كان لله ولم تقنع بعين الله عز وجل فرددت عليك شركك. قال : وقبل بعض العارفين في السر شيئاً كان رده في العلانية. فقيل له في ذلك فقال : إنك عصيت الله تعالى في الجهر فلم أك عوناً لك على المعصية وأطعته بالإخفاء فاعنتك على برك. وعن الثوري أنه قال: لو علمت أن أحدهم لا يذكر صلتهء ولا يتحدث بها لقبلت مىك“ . الرابع: إن في إظهار الأخذ ذلا وامتهاناًء وليس للمؤمن أن يذل نفسهء ويقال: كان )۱( ورد هذا المعنى كله في إحياء علوم الدين للغزالي (۲۲۸/۱). )۲( راجع الكلام بنصه في المصدر السابق. قنطرة الزكاة 1٤ بعض العلماء يأخذ في السر ولا يأخذ في العلانيةء ويقول: في إظهاره إذلال العلم / وإستهانة [۷٤/ب] أهله فما كنت بالذي أرفع شيثاً من الدنيا بوضع العلم وإذلال أهله”. الخامس: الاحتراز عن شبهة الشركة قال النبي عليه السلام: «من أهديّ إليه هدية وعنده قوم فهم شر کاۋه فیها» ٩ 1 فوم فھم سرداوہ فیھا' . الرجل إلى أخيه ورقاً أو يطعمه خبز. فجعل الورفق هديه فانمراده بما يعطاه في المكروه إلا برضی جمیعهم › ولا يخلو عن شبهةء فإذا انفرد سلم من هذه الشبهة والله أعلم. الأول: الإخلاص والصدق والسلامة عن تلبس الحال بالرياء . الثاني: إسقاط الجام والمنزلةء وإظهار العبوديةء والمسكنةء والتبري عن الكبرياء› ودعوى الاستغناى وإسقاط النفس من أعين الخلق . ويروى أن بعض العارفين قال لتلميذه: أظهر الأخذ على كل حال إن كنت أخذاً فإنك لا تخلو من أحد رجلين: رجل تسقط من قلبه إذا فعلت ذلك فذلك هو المراد ولأنه هو أسلم لدينكء وأقل لافات نفسك» أو رجل يزداد في قلبه بإظهارك الصدق» فذلك الذي يريد أخوك لأنك تزداد ثواباً بزيادة حبه لك وتعظيمه إِياك فتؤجر إذ كنت سبب مزید ثوابه. الثالث: هو أن العارف لا نظر له إلا إلى الله عز وجل» والسر والعلانية في حقه سواءء فاختلاف الحال شرك فى التوحيد. وقال بعضهم: كنا لا نعباً بدعاء من يأخذ في السر ويرد في العلانيةء والالتفات إلى () هذا الكلام بتصه في المصدر السابق. () رواه العقيليء وابن حبان في الضعفاء والطبراني في الأوسط؛ والبيهقي من حديث ابن عباس وقال العقيلي لا يصح في هذا المتن حديث (العراقي في المغني ٠١/ 0)۲۸ (۳) وواه ابن عدي في الكامل في الضعفاء وضعفه من حديث ابن عمر: «إن أفضل العمل عند الله أن يقضى عن مسلم دينهء أو يدخل عليه سروراء أو يطعمه خبز». ولأحمدء والترمذي وصححه من حديث البراء: «من منح منحة ورق أو منحة لبن أو هدى رقاقاء فهو كعتاق نسمةا. )٤( راجم في المعنى كله الإحياء (۲۲۸/۱) فهو فيه بنصه. 1٤ قنطرة الزكاة [1/4۸] الخلق حضروا أو غابو! نقصان في الحالء بل / ينبغي أن يكون النظر مقصوراً على الواحد المرد. حكي أن بعض الشيوخ كان كثير الميل إلى واحد من جملة المريدين؛ء فشق على الآخرين ذلك فأراد أن يظهر لهم فضيلة ذلك المريدء فأعطى كل واحد منهم دجاجة فقال: لينفرد كل واحد منكم بها وليذبحها حیث لا یراہ أحدء فانفرد کل واحد منهم بذبح دجاجته إلا ذاك المريد فإنه رد الدجاجةء فسألهم› فقالوا: فعلنا ما أمرنا به الشيخ . وقال ذلك المريد: لم أقدر عليه فإن الله تعالى يراني في کل موضع. فقال الشيخ : لمثل هذا أميل إليه؛ لأنه لا يلتفت إلى غير الله عز وجل . الرابع: أن الإظهار إقامة لسنة الشكرء وقد قال الله تعالى: «ِوَأمًا بنِعْمَةٍ رَبك َد . َ والكتمان كفران للنعمةء وقد ذم الله عز وجل مَنْ كتم ما أتاه الله عز وجل» وفوّته بالبخل - ّ . م 2 > روو 211 ك و ر له و ‎37 وقال الله تعالى : إن تَجْتَنبُوا كُباثر ما تهون عله نكر عَنْكمْ اتک ' وقال النبى يَيٍ: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة يكفرن ما بينهن إن اجتنبت الكباي. وقد اختلف الناس في هذا فقال بعضهم: كل مخالفة لله تعالى فهي”"" كبيرة. ولذلك قيل: لا تنظر إلى المعصية ولكن انظر إلى من عصيت . وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: «ليس فيما يعصي الله به صغيرة». وهذا ضعيف لما قدمناه من الآيات والأخبارء وقال جمهور العلماء من الصحابة والتابعين بإثبات واختلفوا في عددها من أربع إلى سبع إلى تسع إلى إحدى عشرة إلى ما فوق ذلك» وقال بعض السلف: كل ما وجب عليه الحد فى الدنيا فهو كبيرة. [۲/ب] وقال أصحابنا ومن وافقهم: الكبيرة كل /ما يجب عليه النكال في الدنيا والعذاب في الأخرة والصغيرة ما سوى ذلك» والكبائر منها معلوم ومنها غير معلوم» والصغائر كلها غير وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: الكبائر ما ذكر الله من أول سورة النساء إلى قوله: إن تَجَُييوا كُبائر ما تُنْهَونَ عن الآية. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أنه قال: الكبائر ما ذكر الله من أول سورة النور إلى قوله: «وَنُوبوا إل لله جَميعا» الآية وروي عن ابن عمر: ان الكبائر سبع فبلغ ذلك ابن عباس فقال: هي إلى سبعين أقرب متها إلى السبع. وقيل: إنها مبهمة لا يعرف عددها كليلة القدرء وساعة يوم الجمعة. (١) سورة النساء الآية: ۳۱. (۲) رواه مسلم من حديث أبي هريرة. قاله العراقي في المغني عن حمل الأسفار (4/١1). () في الأصل: فهو. وهو لحن أو سهو من الناسخ. )٤( سورة النساء الاية: ۱١۳. (0) سورة النور الآية: ۳۱. قنطرة التوبة ۸۷\ وفي كتاب الغزالي قال: وقال أبو طالب المكي: الكبائر سبع عشرة جمعتها من جملة الأخبار من قول ابن عباس» وابن مسعودء وابن عمرء وغيرهم» وهي: أربعة في القلب وهو: الشرك باللهء واللإصرار على المعصيةء والقنوط من رحمة اللهء والامن من مكره. وأربعة في اللسان: وهي شهادة الزور» وقذف المحصنات» واليمين الغاموس وهي التي يق بها باطلاً ویبطل بها حقاء وقيل : هي التي يقتطع بها مال امریء مسلم باطلاً ولو سواکاً من أراك» وسمیت غموساً؛ لأنها تغمس صاحبها في النار. والسحر هو كل كلام يغير الإنسان وسائر الأجسام عن موضوعات الخلقة . قال: وثلاثة في البطن وهي: شرب الخمر» والمسكر من كل شراب» وأكل مال اليتيم ظلماء وأكل الربا وهو يعلم. وائثنتان في الفرج وهما: الزنا واللواط . وائنتان في اليدين وهما: القتل والسرقةء وواحدة في الرجلين: وهي الفرار من الزحف» يفر الواحد من اثتينء والعشرة من العشرين. / وواحدة في جميع الجسد وهي عقوق الوالدين . هذا ما قاله وهو قريب ولكن ليس يحصل به تمام الشفاء إذ تمكن الزيادة عليه. والصحيح ما قاله المسلمون: أن الكبير كل ما أوجب الله عليه الحد في الدنيا والعذاب في الآخرة؛ لأنه معلوم أن: فقؤ العينء وقطع اليدينء وتعذيب المسلمين بالضرب» وأنواع العذاب» وأكل أموالهم ظلماء والحكم بغير ما أنزل اللهء وترك الصلاةء ومنع الزكاةء وقطيعة الرحم؛ والغيبة والنميمةء وقسمة المواريث بغير ما أنزل اللهء وأشباه هذا كله من الكبائر. وقد قال أبو سعيد الخدري وغيره من الصحابة: إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعرء كنا نعدها على عهد رسول الله ي من الكبائر”". وقال بعض السلف: كل عمد كبيرة. وروي عن رسول الله يل أنه قال: «ثلائة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: من هو مستكبر ومنان بعطيتهء ومنفق سلعته بيمينهء وثلاثة لا تجاوز أعمالهم أذانهم: صاحب رياء وسمعةء ومسبل إزاره إذا مشى» وبائم الحكم بالرشا»"٩. وقال عليه الصلاة والسلام: «ثلاثة مقتهم الله تعالىء وثلاثة خصمهم الله: فما الذين [1/۲۲۹] 09 رواه أحمدء والېزار بسند صحيح ٥ وقال من الموبقات بدل الكبائر ورواه البخاري من حدیثٹ نس وأحمد؛ والحاكم من حديث عبادة بن قرص وقال صحيح الإسناد. المغني (٤/۱۸). () بنحو طرفه الأول عند الطبراني في الكبير (۳۹۱/۱۲). ۸۸ قنطرة التوبة مقتهم الله : : فالضاحك من غير عجب»١ والاكل من غير جوع. والمعلم لما لا يعلمء والذين خصمهم الله : يتيم أكل ماله ظلماًء وامرأة ظُلمت في صداقها وعبد ضربه مالکه بلا ذنب». وقال عليه السلام: «سبعة من أمتي لا تطفىء نيرانهم يوم القيامة ولا ينظر الله إليهم: أعمى كذوب» وشيخ زانء ومؤذن مراع ووال غشوم؛ وإمام يؤم بقوم وهم له کارهون؛ وامرأة خانت زوجها بالغيب» وعبد أبق من مولاه لا يرجع إليه أبدا . وقال عليه السلام: «أكبر الكبائر الشرك باللهء وعقوق الوالدين» واليمين الغموس» ومن حلف يميناً فأدخل منها مثل جناح بعوضةء ثم لم تزل في قلبه نكثة إلى يوم القيامةء وقتل [0/ با النفس» وقول الزورا. ثم اسَْوْفرَ يو فقال: «اليمين الغموس» والفرار من الزحف» / وقذف المحسنات» وأكل الرباء ا مال اليتيم». وقال عليه السلام: «اشتد غضب الله على عبد ستر الله عليه ذنباً فأفشاه إلى غيره». وقال : «ما من إنسان يستمع كلام قوم وهم له كارهون إلا وضع الله في أذنه الآنك يوم القيامة» . وقال: «من استمع قينة صب في أذنه الأنك يوم القيامة» والأنك الرصاص المذاب . وقال: «من کذب وأصر فهو في النار مخلدا. وقال : «أعتى الناس على الله : من قتل غير قاتله ء أو طلب بدمه من الجاهلية في الإسلام”. وعنه عليه السلام أنه قال: «خمسة لا ينظر الله إِليهم يوم القيامةء ولا يزكيهمء ولهم عذاب أليم إلا أن يتوبوا: النائمون عن العتماتء والغافلون عن الغدوات» والشاربون القهوات» والمتفكهون بسب الأمهات؛ والقاذفون المحصنات المؤمنات». فهذه الأحاديث وأمثالها تدل على أن الكبائر غير محصورة بعدد جاممء فلا مطمع في حصرها إلا بالسماع من رسول الله ي بأن يقول: الكبائر تسع أو عشر ويفصلها وما قدمنا من عدد الكبائر في الأحاديث لم يقصد إيهامه ليكون العباد منه على وجل . نعم يمکن لتا أن نعرف أجناس الكبائر وأما أعيانها فتعرف بالظن والتقريب» وينحصر أكثرها في ثلاث مراتب : )۱( أطراف الحديث عند: البخاري في الصحيح )۹/٤ ۱۷( واليهقي ف فى السنن الكبری )۸/٢۲( (١۱/ ۱۲۱( احمد في المسند (۳/ ٥۹٤( ابن حجر في فتح ري )١۱۹۱/۱( (۲) أطراف الحديث عند: البيهقي في الستن الكبرى (۲6/۸)›. ابن أبي حاتم الرازي في علل الحديث (١٤۱۳). قنطرة التوبة ۱۸۹ إحداها: ما يسد باب المعرفة لله تعالى فهو أكبر الكبائر وذلك هو الشرك بالله تعالى› والإنكار لرسلهء وما جاءت به من عند الله فلا كبيرة فوق الشرك والجحودء وهو عين الجهل باه تعالى» ويتلوه الأمن من مكر اللهء والقنوط من رحمتهء فإن هذا عين الجهل أيضاء فمن عرف الله تعالى لم يتصور أن يكون آمناً ولا أن يكون آيساء ويتلو هذه الرتبة البدع كلها المتعلقة بذات الله وصفاته وأفعاله على حسب تفاوتهاء وعلى تعلقها بذات الله تعالى وأفعاله / وشرائعه [۲۳۱/] وأوامره ونواهيه» ومراتب ذلك لا تتحصر وهي تنقسم إلى ما يعلم أنها داخلة تحت ذكر الكبائر المذكورة في القرآن وإلى ما يعلم أنه لا يدخل وإلى ما يشك فيه. المرتبة الثانية: ما يفسد حياة النفوس: وهو القتل لها وذلك لا محالة من الكبائرء وإن كان دون الشرك؛ ويتلو ذلك قطع اليدين والرجلين وغير ذلك من كل ما يفضي إلى الهلاك حتى الضرب وبعضها أكبر من بعض. ويقع في هذه المرتبة تحريم الزنا؛ لأنه يشوش الأنساب ويبطل التوارثء وجملة من الأمور التي لا ينتظم العيش إلا بهاء وكذلك اللواط؛ لأنه لو اجتمع الناس على الاكتفاء بالذكور في قضاء الشهوات لانقطع النسلء ولذلك لا يتصور أن يكون الزنا مباحاً في شريعة. وينبغي أن يكون الزنا في الرتبة دون القتل؛ لأنه ليس يفوت دوام الوجود للنفوس ولا يمنع أهله ولكنه يفوت تمييز الأنساب ويحرك من الأسباب ما يكاد يفضي إلى التقاتل . وينبغي أن يكون أشد من اللواط؛ لأن الشهوة داعية إليه من الجانبين فيكثر وقوعه ويعظم أثر الضرر بكثرة هكذا في كتاب الغزالى”. المرتبة الثالثة: الأموال فإنها معائش الخلق فلا يجوز إباحتهاء بل تحفظ لتبقى ببقائها النفوس إلا أن الأموال إذا أخذت أمكن استردادهاء وإن أكلت أمكن غرمهاء وأخذها بالباطل متفاوت بعضها أكبر من بعض؛ لأن أخذها بطريق يعسر استرجاعها أكبر من غيرهاء أعني ان تتناول بالخفيةء وهي السرقة فكيف يتدارك إذا لم يطلع عليها. وكذلك الولي أو القيّم إذا أكل مال اليتيم وهو صغير لا يعرف فيعظم الأمر فيه بخلاف الغخضب» فإنه ظاهرء وكذلك تفويت الأموال بشهادة الزور أو أخذ الوديعة أو غيرها باليمين الغموس؛ لأن / هذه الطريقة لا يمكن [1/۲۳۲] فيها التدارك ولا يجوز أن تختلف الشرائع في تحريمها أصلاً وبعضها أشد من بعض . وأما الربا فهو: أكل مال الغير بالتراضي مع إسقاط شرط وضعه الشرعء فلا يبعد أن (١) راجع إحياء علوم الدين (٤/1۹٠ ١۲) على غير ترتيب أو اتصال في الباب من أوله. 1۱۹۰ قنطرة التوبة أو أشد والله أعلم . وأما الشرب للخمرء وما يزيل العقلء فهو حقيق أن يكون من الكبائر الموبقاتء وقد دل عليه تشديدات الشرعء وطريق النظر أيضا؛ لأن العقل محفوظ كالنفس بل لا خير في النفس بعد إزالة العقل. وكذلك تناول الأعراض بالقذف والشتم والغيبة واللعن لمن لا يستحق» فهو من الكبائر أيضاً دل عليه تشديدات الشرع أيضاً. وكذلك السحر» والعقوق» والفرار من الزحف» والكبرء والحسدء وتبديل الحكم› وأكل الميتةء والأنجاس» والإفطار في صوم رمضانء وغير ذلك مما يطول به الكتاب فذلك كله عندنا من الكبائر» دلت عليه قواطع القرآن وصحيح الأخبار وما أدرى إِليه النظر والله أعلم"'". وأما غير هؤلاء من الذنوب فهي في محل الشك إذ يجوز أن تكون من الكبائر ويجوز أن تكون من الصغائرء وذلك كالنظر إلى بيوت الناس أو أبدانهم بشهوة ما خلا العورات والتجسيس عن يعض أحوال الناسء وسوء الظن بمن هو في الوقوف والكذب بالزيادة في الأخبار وما لا تأخذه القيمة من أموال الناس» أو وطىء أبدانهم ولباسهم» وضرب الدف بغير التغني عليهء والاستماع إلى الغيبةء وترك الأمر بالمعروف» وأكل الشبهات وسب الولد والغلام وضربهما بحكم الغضب زائد على حد المصلحةء وإكرام السلاطين الظلمةء ومصادقة [/ با الفجار والتكاسل عن تعليم الأهل والولد / ما يحتاجون إليه من أمر الدينء والاهتمام بالمعصية وتشهي القلب بهاء وما أشبه ذلك مما يطول به الكتاب فهذا كله عندي في محل التوقف والله أعلم إلا أن أصر الإنسان على شيء منهاء فيكفر باللإصرارء والصغيرة باقية على حالها؛ لأن الكبيرة لا تكفرها الصلاةء والصغيرة تكفرها. وقد جاء في الحديث: أن رجلا قال: يا رسول الله عالجت امرأة فأصبت منها كل شيء إل المسيس فاقض علي بحكم الله فقال عليه السلام: «أو ما صليت معنا الغداة»؟ فقال: بلى . فقال عليه السلام: «إِنً الحَسَنَات يُذهِْ ألسّيّات4”". فإن صح الحديث فإنه يدل على أن ما دون الزنى من معالجة النساء صغيرة إِذ جعل الصلاة كفارة له . (1) راجع إحياء علوم الدين فهو فيه بتوسع (٤/۲۱). (۲) سورة هود الاية: ١۱٠ والحديث متفق عليه من حديث ابن مسعود دون قوله: «آو ما صليت معنا صلاة الغداة»ء ورواه مسلم من حديث آنس وفيه: «هل حضرت معنا الصلاة)؟ قال: نعم. ومن حديث آبي أمامة وفيه: «ثم شهدت الصلاة معنا؟ قال: نعم. الحديث. قاله العراقي في المغتي (4/ 0)47 قنطرة التوبة ١۱۹ نن وكذلك اجتناب الكبائر يكفر الصغائر بموجب قوله تعالى : إن تد بوا كائ ما 7 ا تون ع د عَنْكُمْ سانكم الاية. ولكن اجتتاب الكبائر يكفر الصغائر إذا اجتنبتها مع القدرة والإرادة كمن يتمكن من مواقعة امراة فيكف تسه عن الماح ويقتصر على نظ ولس ل غير العورة._ وکل هذا أحكام أخروية يجوز أن أن بكرن بعشها من المتشانهات ولا يعرف تفصيلها إلا بالنص وقد ورد في بعضها أنها كبائر» وبقي الباقي على عمومه والله أعلم'. الباب الثالث في شروط التوبة التي لا تقبل إلا بها اعلم أن الكف عن الذنوب فرض واجب على الإنسان قال الله تعالى: وَذُرُوا ظَاهِرَ الم وباط . فإن قارف منها ذنباً فالفرض عليه التوبة منه والإقلاع؛ وذلك لأمرين: 1 أحدهما: ليحصل له توفيق الطاعةء / لأنه كيف يوفق للخدمة من هو مصر على [4٤1/۲۳] المعصيةء وفي الحديث عن رسول الله يِل أنه قال: «إن العبد إذا أخطاً خطيئة نكثت في قلبه نكثة سوداء فإن هو فزع واستغفر صفت› وإن هو عاد زيد فيها حتی يغلق قلبه» ...و هو الران الذي ذكره الله تعالى : «كَلاً بل رَانَ عَلىٰ فُلُوبِهمْ ا كَانُوا یکسبون”*٩. وفي حديث عمر رضي الله عنه : «الطابع معلق بقائمة العرش» فإذا انتهكت الحرمات واستحلت المحارم؛ أرسل الله الطابع فطبع على القلوب بما يها . (١) سورة النساء الآية: ۳۱. )۲( راجع إحياء علوم دين 0 )۳( سورة ة الأنعام الآية: () أطراف هذا 9 عند: الترمذي في الجامع الصحيح (٤۳۳۳)› المنذري في الترغيب والترهيب (/۹٤) (/۹۲)› والزبيدي في إتحاف السادة المتقين (۲۲۹/۷)ء المتقى الهندي في كنز العمال (۱۹١۱). ۱ (9) سورة المطففين الأية: ١٠.٠ () أخرجه ابن عدي؛ وابن حبان في الفضعفاء من حديث ابن عمرء وهو منكر. قاله العراقي في المغني (٤/ 0۲(. ۱۹۲ قنطرة التوبة وفى حديث مجاهد: «القلب مثل الكف المفتوحةء فكلما أذنب [العبد]° ذنباً انقبضت أصبم حتى تنقبض الأصابع كلها فتشتد” على القلب فذلك هو الطبم "ء٠ وعن الحسن أنه قال: إن بين العبد وبين الله حداً في المعاصي معلوماً إِذا بلغه العبد طبع وعن جابر بن زيد رحمه الله أنه قال: كل كبيرة یختم بها على قلب صاحبهاء قال الله سبحانه: ن يتُوبُونَ مِن قريب" . قيل: معناء عن قرب عهد بالخطيئة بان تندم عليها ويمحو أثرها بحسنة يردفها بها قبل أن يتراكم الرين على القلب فيعسر محوه» ولذلك قال عليه السلام: «اتبع السيئة الحسنة تمحها»” ° . وقال لقمان لابنه: يا بني لا تؤخر التوبة؛ فإن الموت يأتي بغته. وقال الله تعالى: «سَارِعُوا إلى مَعْْرَةِ من رَبك . وفي كتاب محجة السعادة قال: سارعوا بالتوبة عن عصياني واعرفوا مني إحساني تستوجبوا جنتي ورضواني . قال: وفي بعض الأثر: أن الله تبارك وتعالى لما أمر الماء أن يخرج لهلاك قوم نوح عليه السلام؛ فالذي بادر من الماء وسارع جعله الله عذباً ينتفع به إلى يوم القيامةء والذي لم يبادر ولم يسارع جعله الله أجاجاً وزعاقاً. ومن ترك المبادرة إلى التوبة بالتسويف كان بين خطرين [/ب] أحدهما: أن تتراكم ظلمة المعاصي على قلبه حتى / يصير ريناً وطبعاً فيعسر محوه. (١) ما بين المعقوفين من الإحياء (٤/ 0۲). () في الإحياء: يسد. (۳) في الأصل: القفل. والتصويب من الأحياء. (8) قلت: هكذا قال المصنف - الغزالي - وفي حديث مجاهد وكأنه أراد به قول مجاهد وكذا ذكره المفسرون من قوله وليس بمرفوعء وقد رويناء في شعب الإيمان للبيهقي من قول حذيفةء قاله العراقي في المغني (٤/ ۲٥0(. (0) سورة النساء الآية: ١٠. (١) أطراف الحديث عند: أحمد في المسند (٥/ ۳٥۱ ۵۸٥۱٠ ٢۲۲۸ء ٢۲۳)» والدارمي في السنن (۲/ ۳۲۳)ء أيي نعيم في حلية الأولياء )٤/٦۳۷( الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (٥/ ١٠ 5)› (۳۱۹/۷). (۷) سورة ال عمران الاية: ۳۳. قنطرة التوبة ۱۹۳ والثاني : أن يعاجله المرض والموت فلا يجد مهلة للاشتغال بالمحو› قال الله تعالى : «وَليسَت الوه لذي ر عم لُونَ سات حى إا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قال : ني تيت آلانَڳ”٩ الأية. وفي الخبر: إن أكثر صياح أهل النار من التسويف فما هلك من هلك إلا بالتسويف والثاني من الأمرين تلزمه التوبة لتقبل طاعته عنه فإن رب الدين لا يقبل الهديةء وذلك أن التوبة من المعاصي» وارضاء الخصوم فرض لازم فمتى ما أصر على المعصية فهو کافر مردود عليه عملهء قال الله تعالى : إَمَا َيل الله من الْمَقيَ»”. فمن ركب كبيرة كفر في وقت ركوبه» ومن ركب ما دونها فإنما يكفر بالاأصرار وترك التوبة لا برکوبه. دجون ايرد عليه صح عمل» ريض فن وة تجا سن عاجل القوي في الا وقد روي عنه يو من طريق علي بن آبي طالب أنه قال: «الذنوب التي تغير النعم البغيء والتي توجب الندم القتل ٠ والتي تعجل النقم الظلي والتي تذهب الفهم شرب الخمر› والتي تحبس الرزق الزناء والتي تعجل الفناء قطيعة الرحم» والتي تحجب الدعاء عقوق الوالدينء والتي : تبتر العمر ترك الصلاةء والتي تورث الذل ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». والله أعلم. فصل وأما توبة اللسان فبالاستغفار قال الله سبحانه وتعالى : ملت أَسْتَعْفرُوا رَتَكُمْ رنه كَانَ عفار . وقال: #وأن اسَْعْفْرُوا ربكم تم نبوا ن وعن ابن عباس رضي الله عنه آنه قال : لا صغيرة مع الإأصرار ولا كبيرة مع الاستغفارء وهو إستغفار بالقلب واللسان. ويقال : لکل شيء نور ونور المذنبين الاستغغار. وعنه يو آنه قال لزوجته زينب : «هل | علمك كلمات / تجوزين بهن يوم القيامة على [٦۱/۲۳] الصراط». قالت: هذا الذي أريده منك يا رسول الله. قال: «قولي اللهم إني استغفرك من كل )۱( سورة النساء الاية : ۸ . (۲) سورة المائدة الآية: ۲۷. )۳( سوره نوح الأية: ٠ )٤( هودالاية: ۳. سور و قناطر الخيرات ج/۲ م/ ۳٠۱ ۱۹ قنطرة التوبة ذنب تبت إليك منه ثم عدت فيه واستغفرك مما أعطيتك من نفسي ثم لم أوف به لك؛ء واستغفرك من كل خير أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك» واستغفرك من النعمة التي أنعمت بها علي فتقويت بها على معصيتك». فإن كان أحد من الناس اطلع على ذلك الذنب منهء فعليه إظهار التوبة له حتى يحسن به الظن ويتولاه. وقد قال عليه السلام لمعاذ بن جبل في بعض عهوده إليه يعرفه التوبة ويبين له صفاتها: «السر بالسر والعلانية بالعلانيةء”. فهذا يدل على أن التاثب من الذنب الذي لم يطلع الناس عليه لا يجور له إظهاره لغيره ويعترف بينه وبين خالقه بالاستغفار منه والندم عليه والاعتقاد لترك العودة إلى مثلهء ويعني بالاستغفار طلب الغفران بصحة الإرادة والله أعلم . فصل والتوبة في نفسها ومعناها: الانقلاع عن الذنب» وترك العودة إليهء وتوطين النفس على تركه» ويجمعها ستة شروط» كما روي أن ابن المبارك سمع رجلا يقول: استغفر الله. فقال له: أما علمت أن سرعة اللسان بالاستغفار توبة الكذابين. قال له: وكيف ذلك؟ قال: إن للاستغفار ست علامات : والثانية: أن تعتقد بقلبكم أن لا تعود إلى ذنب أبداً. والثالثة: أن تؤدي إلى كل ذي حق حقه. والرابعة: أن تعيد الفرائض التى ضيعتها . والخامسة : أن تعمد إلى البدن الذي ربي بالسحت فتذيبه بالهموم والأحزان. والسادسة: أن تذيقه ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصيةء فعند ذلك قل: استغفر الله . أما الندم فهو توجع القلب على ما فرط في الطاعة وفرط منه من الغفلة والانهماك في [۷/ با الخطيئات؛ فكلما طال خوفه وكثر / تألمه كان ذلك أقرب لتنظيفه من أوساخ السيثات . وعلامات صحة الندم: رقه القلب وغزارة الدمع ء وفي الحديث : «جالسوا التوابين فإنهم أرق أفعدة . فإذا صح الندم أورث ترك الذنوب في الحال وعزم على أن لا يعود إليها في )۱( رواه البيهقي في الشعب من حدیث معاذ؛ وفيه رجل لم یسم » ورواه الطبراني من رواية عطاء بن یسار عن معاذ ولم يلقهء بلفظ: «أو ما عملت من سوء فأحدث لله فيه توبة السر بالسر. ...» الحديث. قاله العراقي في المغني (٤/ ۷٤). () لم أجده مرفوعاء وهو من قول عون بن عبد الله رواه ابن أبي الدنيا في التوبةء قال: «جالسوا التوابين فإ = فنطرة التوبة ۱۹ المال. وأما عقد القلب على ترك الذنب في المستقبل فغرض لازمء وهو أن يعقد مع الله عقداً مؤكداً أن لا يعود إلى تلك الذنوب ولا إلى أمثالها كما لا يعود اللبن إلى الضرعء وهذا العزم يتأكد في الحال وإن كان يتصور أن تغلبه الشهوة في ثاني الأحوالء ولكن لا يكون تائباً ما لم يتأكد عزمه في الحال. فعلى العبد العزم والصدق» وعلى الله الإتمام؛ فإن تم على عزمه في الاستقبال فهو الموفق حقاء ولا يتصور أن يتم ذلك للتائب في أول مرة إلا بالعزلة والصمت وقلة الأكل والنوم. لم يبتل بھا. وقال بعضهم : من تاب من ذنب واستقام عليه سبع سنين لم يعد اليه أبداًء وإِن نقض التوبة مرة أو مراراء ثم حملته الإرادة على تجديدهاء فقد يكون مثل هذا كثيراً فلا ينبغي أن يقطع رجاؤه عن التوبةء وقد قال النبي عليه السلام: «ما أصر من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرةا. وهو عبارة عن الاستغفار بالقلب . وعن أُبي هريره أن رجلا قال : يا رسول الله إني أذنب ثم أتوب. قال : «إذاً يتوب الله عليك». قال: ثم أذنب» ثم أتوب؟ قال: «إذا يتوب الله عز وجل عليك». قال: ثم أذنب ذنباً خر ثم أتوب. قال: «إذاً يتوب الله عليك» ولن يمل الله حتی تملوا». وعنه ية من طريق علي أنه قال: «خياركم كل مفتن تواب*". أي كثير الابتلاء بالذنب كثير التوبة منه. ُ‫ ۰ . ا و ِ م ر - ٠ ۰ . وقال سبحانه: ولم يُصِروا عَلى ما فَعَلوا4 الاية. وأما الخروج من الذنوب والتخلص منها فهي بالجملة ثلاثة أقسام : / أحدها: ذنوب بين العبد وبين الله تعالى مما لا يتعلق به حق مخلوق ولا ترك فرض [۲۴۳۸/] كالنظر إلى المحرم؛ والكذب الذي لا مظلمة فيه لأحدء وضرب المزامير واستماع الملاهي › وكالحسد والكبرياء والعصبيةء وأكل الحرام من: الميتةء والدم» ولحم الختزيرء والأنجاس› 2 رحمة الله إلى النادم أرب وقال أيضا : «فالموعظة إلى قلوبهم. أسرع وهم إلى الرقة أقربء وقال أيضا: «التائب أسرع دمعة وأرق قلبا». قاله العراقي في المغني (4/ ٤0)۳ )۱( رواه البيهقي فيي شعب الإيمان بسند ضعيف؛ اله العراقي في المغني عن حمل الأسفار في الأسفار (4/٤٤). )۲( سورة آل عمران الاية: ٥ . ۱۹ قنطرة التوبة ودخول المسجدء وهو جنب ومس مصحف وقراءة القرآن مع جنابةء واعتقاد بدعة وأشباه ذلك من شرب الخمر وغيرها مما لا يتعلق بمظالم العبادء فالتوبة منها بالندم والتحسر على ما مضى» والنزوع عنه في الحالء والاضمار ألا يعودء ويطلب لكل معصية منها حسنة تناسبها ليمحوهاء لقوله عليه السلام: «اتبع السيئة الحسنة تمحوهاء”°. وقوله تعالى : «إِنْ الْحَسَنَات يُذهِْنَ لات4" . ويکفر سماع الملاهي بسماع القرآن ومجالس الذكرء ويكفر القعود في المسجد جنباً بالاعتكاف فيه على العبادة؛ ويكفر مس المصحف جنباً بإكرام المصحف وكثرة قراءة القرآن منه» وبأن يكتب مصحفاً ويجعله وقفاًء وهكذا سائر الذنوب يكفر كل معصية بما يناسبها من الطاعات . وني بعض آثار مشايخنا من أهل الجبل رحمهم الله أن إذا عمل كبيرة فعليه مغلظة مع التوبة والاستغفار والله أعلم . القسم الثاني من الذنوب: هو ترك واجبات الله تعالى من صلاة أو صوم أو زكاة أو كفارة أو غيرها فإن ترك صلاة واحدةء أو أكثر أو صلى بثوب نجس؛ أو على غير وضوءء أو قبل الوقتء أو بغير نيةء أو بإخلال شرط من شروطها أو ركن من أركانها مما يطول شرح تلك التواقض والمفسدات فعليه قضاء ذلك كله مع الكفارة المغلظة إذا تركها عمداً. [۲۳۹/ ب] وأما الصوم: فإن كان تركه في سفرء ولم يقضهء أو أفطر عمدآء أو ترك الغسل / من الجنابة عمداً حتى أصبح أو في النهار مقدار ما يغتسل فيه أو أفسد بالجماع نهاراً أو بالاستمناء عمداً ولم يعقد له نية فعليه قضاء مع الكفارة إن أفسده بالإفطار أو بالجماعء أو بالاستمناء عمداً والله أعلم. وآما الزكاة: فإن لم يؤدها جهلاء أو تسويفاء أو أداها إلى غير مستحقهاء أو أخرج من ماله بما لاأ يجزي عنه في الزكاة فعليه الإعادة إلى مستحقها في جميع ذلك؛ وإن حضره الموت فليوص بھا. وكذلك الحج: إن تركه بعد الاستطاعة أو أفسده ببعض مفسداته من جماعء أو ترك (۱) أطراف الحديث عند: أحمد في المسند (٠/١٥٠)› الدارمي في الستن (۳۲۳/۲)› وأبو نعيم في حلية الأولياء (۳۷۱/4)› الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (٥/ ١٠ 5). )۲( سورة هود الاية : ٤ا . قنطرة التوبة ۱۹۷ وقوف بعرفةء أو طواف بالبيت فعليه الحج إن فرّط فيه بعد اللزوم» أو أفسده بعدما دخل فيه وإن حضره الموت فليوص به. وكذلك ما لزمه من كفارات الأيمان أو المغلظات أو الحنث بماله أو غير ذلك مما يطول شرحه. والقسم الثالث: ذنوب بين العبد وبين غيره من الناسء وهي المظالمء وذلك أصعبها على الإنسانء وهي في خمسة أشياء: في المال والنفس والعرض والدين فلا تقبل توبته إلا بالتتصل من هذه المظالم إلى صاحبها باتفاق العلماءء ولقول رسول الله يٍَ: «لو أخطاً أحدكم خطايا حتى تملا ما بين السماء والأرض ثم تاب تاب الله عليه إلا من كانت معه مظلمة لأحد من الناس فانه لا يستجیب له حتی یردها»٩. أما المال فما لزمه من غضب أو خيانة أو غبن في معاملة بنوع غش أو تلبيس لتجویز درهم زائف» أو ستر عيب من المبيع أو منع أجرة أجير أو غير ذلك من أكل مال الغير بالباطل . وليحاسب نفسه على الحبات والذرات من أول يوم جنايته إلى يوم توبتهء قبل أن يحاسب في القيامةء وليناقشها قبل أن يناقش» فمن لم يحاسب نفسه في الدنيا طال في الأخرة حسابهء فإذا عرف مجموع ما عليه بظن غالب فليؤد إلى كل ذي حقه حقه فإن /لم يعرف أرباب المظالم [٤٤1/۲] فليتصدق بما عليه على الفقراى وإن كان معدماً فعليه الاعتراف لأرباب المظالم ويسعى ويجتهد وينوي الرد متى يجد. وأما النفس فإن قتلها خط فتوبته تسليم الدية إلى ولي المقتولء إما منه أو من عاقلته وتحرير قبةء وإن كان عمداً موجباً للقصاص فعليه التوبةء والتعريف إلى ولي الدم وتحكيمه في روحه فإن شاء عفى عنه وإن شاء قتلهء وإن عفى عنه على أن يعطى الدية فليؤدها له مع تحرير رقبة مؤمنة» وإن عفى عن الدية فعليه تحرير رقبة مؤمنة» ولا يجوز له أن يخفى ذلك عن ولي الدم . وليس هذا كما لو زنا أو سرق» أو قطع الطريق» أو شرب الخمر أو باشر ما يجب به حد الل فإنه لا يلزمه فيه أن يفضح نفسه ويهتك سترهء بل عليه أن يستتر بستر الله ويقيم حداً لله على نفسه بأنواع المجاهدة والتعذيب» فالعفو في محض حقوق الله قريب من التائبين المحسنين › وإن أبى ولي الدم أن يقتص منه ولا أن يعفو عنه فليعتق رقبة مؤمنةء وليبتهل إلى الله تعالى أن يرضيه عنه يوم القيامة . (۱) آطراف الحديث عند: ابن ماجه في السنن (۸٤۲٤)› أحمد في المسند (۲۳۸/۳)ء المنذري في الترغيب والترهيب (4/ ٠۹)ء العجلوني في كشف الخفا (۲۱۷/۲)؛ الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (۸/ ٤ 5۲). ۱۹۸ قنطرة التوبة وقد ابتلى بعض أصحابنا من المسلمين بمثل ذلك حين قتلوا إخوانهم من الموالي بأمر الفاسق ابن زياد فطلبوا أولياء الموالي أن يستفيدوا منهم فأبوا وقالوا: تلقونهم عند الله وقد كان منهم قريب والزحاف» فلما أعياهما الأمر خرجا في سبيل الله فكانا فيما يزعمون يقول أحدهما كلما ضرب منه عضو: اللهم عضو بعضو حتى فتلا رحمهما الله . وأما العرض : إن ذف أحدا أو شتمه » أو اغتابه » أو بهته وهو لا يستحق ذلك › فالتتصل من ذلك أن يكذب نفسه بين يديه ويستحله إن لم يخف من ذلك زيادة شرا وتهیج غيظء وإن خاف من ذلك فليتودد إليه بأحسن الثناء وإظهار المحبة له والشفقة عليه حتى یستمیل قله وسخو نمسه بالاحلاك› فان بى وامتنع کان تلطفه ره واعتذاره إله من حملة حسناته. وليكثر من ذلك حتى يجبر مظلمته يوم القيامة كمن اتلف مالا فجاء بمثله فامتنع صاحبه عن القبول له وعن الإبراء فإن الحاكم يحكم عليه بالقبض منه شاء أو أبى كذلك يحكم يوم القيامة أحكم الحاكمين والله أعلم. وأما الحرمة: فإن خانه في أهله أو ولده أو أمته أو دابته أو نحو ذلك فلا وجه لاإاظهار ذلك والاستحلال منه؛ لأنه يولد فتنة وشراً ويهتك عن نفسه ستراء بل يغرم الصداق للمرأة البالغة إن كانت مكرهةء وعقر الأمة لسيدهاء وصداق الصبية أو المجنونة لوليهما على الرضى والكراهية. وقد قال بعض: تذبح البهيمة ويغرم الناكح قيمتها والله أعلم بذلك. وقيل: ناكح الصبي في الدبر يغرم صداق الثيب والله أعلم فإذا تاب وأدذى ذلك رجونا له التوبة إن شاء الله تعالى . وأما الدين: فإن أكفره أو ضلله بإتباعه إياء على بدعته فهو أصعب الأمر فلا بد له أن يكذب نفسه بين يدي من شرع له بدعته ويستحل منه إن أمكنه وإلا فالابتهال إلى الله سبحانه والتضرع إليه جدآء والتندم إِليه لعله يرضيه عنه يوم القيامة . وفي كتاب الغزالي قال: وفي الإسرائيليات أن عالماً كان يضل الناس بالبدعة ثم أدركته توبة فعمل في الإأصلاح دهراً فأوحى الله إلى نبيهم : فل له: إن ذنبك لو كان بيني وبينك لغفرته لك ولكن كيف بمن أضللت من عبادي فأدخلتهم النارء ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنه: ويل للعالم من الاتباع يزل زلة فيرجع عنها فيتحملها الناس فيذهبون بها في الأفاق بهذا يبين لك أن أمر العلماء مخطر فعليهم في الذنب خصلتان : أحدهما: ترك الذنب. قنطرة التوبة ۱۹ والآخر: إخفاؤه» فكما تتضاعف أوزارهم على الذنوب والبدع إذا اتبعوا عليها كذلك تتضاعف حسناتهم إِذا اتبعوا عليها والله أعلم. فصل ومن كتاب حياة القلوب ويروى أن البي يَيةٍ / من طريق الفضل بن عباس أنه خطب [٢٤۲/آ] الناس فقال: «أما بعد فإني أحمد إليكم الله الذي لا إِله إلا هوء وأنه قد دنا مني خفوق بين أظهرکم فمن كنت جلدت له ظهراً فليستقدمني › ومن كنت أخذت له مال فهذا مالي فليأخذه أحبكم إلي من أخذ إن كان له أو حاللني فلقيت ربي وأنا طيب النفس وقد أرى أن هذا غير مغن عني شیئ حتی أقوم فیکم مرارا». عليك ثلاثة دراهم . فقال: «أما أنا أكذب قائلا ولا أستحلفه» فبم كانت لك عندي»؟ فقال: يا رسول الله أتذكر يوم مر عليك مسكين فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم. فقال: «أعطه يا فضل». وأمره فجلس ثم قال: «أيها الناس من كان عنده شيء فليؤده ولا يقول: فضوح الدنيا ألا وإن فضوح الدنيا يسر من فضوح الأخرة». فقام رجل فقال : يا رسول الله عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله وكنت إليها محتاجاً. فقال: «خذ منه یا فضل»"٩. وبالجملة فأكثر ما يدخل الموحدين النار مظالم العباد؛ لأنه الذنب الذي لا يترك. وأما غيرها من الذنوب فمرجوة مغفورة إن شاء الله لمن استعمل التوبة والاستغفار وسلم مذهبه من البدعة والإاصرار قال الله تعالى سبحانه وتعالى: ®حَلطوا عَمَلاً صَالحَاً وَاحَرَ سء عَسَىٰ الله وأما مظالم العباد فلا بد من التخلص منهاء وقد جاء في الحديث: «إن العبد ليوقف بين يدي الله سبحانه وتعالى وله من الحسنات أمثال الجبال لو سلمت له لدخل الجنةء فيقوم أصحاب المظالم فيكون قد سب عرض هذاء وأخذ مال هذا حتی لا تبقی له حسنةه“. () راجع إحياء علوم الدين للغزالي (٤/۳۱› ۳۲). () أطراف الحديث عند: الذهبي في ميزان الاعتدال (1۸00)› وابن حجر في لسان الميزان (٤/٤٤١٤٠). (۳) سورة التوبة الآية: 2507 ` () طرفه عند الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (۸/ ٢٠٦٥)› (٠٠/ ۲۷)٠ 12 قنطرة التوبة وهذا الحديث موجود عن ضمام بن السائب رحمه اللهء وفيه زيادة في کتب قومتاء [٤٤۲/ب] وذلك أن الملائكة / تقول: يا ربنا قد فنيت حسناته وبقي انطالبون كثير. فيقال: «ألقوا من سيئاتهم على سيثاته وصكوا به صكاً إلى النار» والله أعلم . فصل وفي الآثر ما يدل على أن الذنب إذا اتبع بثمانية أشياء كان العفو عنه مرجوا أربعة من القلب وهي: التوبة والعزم عليهاء وحب الإقلاع عن الذنب وخوف العقاب عليهء ورجاء المغفرة له بعاد التوبة. وأربعة من أعيان الجوارح: وهو أن يصلي عقب الذنب ركعتين بعد الفسل لثيابه والتطهر لبدنه في موضع خال. وفي بعض الاثر أربع ركعات ثم يستغفر الله بعدها سبعين مرةء ويقول: سبحان الله العظيم ويحمده مائة مرة ثم يتصدق بصدقة ويصوم شهرين أو ما قدر عليه . وفي الخبر: «فإذا عملت سيئة فاتبعها حسنة تكفرها السر بالسر» والعلانية بالعلانية»” ° . ولذلك قيل: صدقة السر تكفر ذنوب الليل وصدقة الجهر تكفر ذنوب النهار. وينبغى أن يكثر البكاءء ويتمرغ في التراب» ويذكر ذنوبه واحداً واحداًء ويويخ نفسه عليهاء ويقول: أما تستحين يا نفسي» أما آن لك أن تتوبين؟ ألك طاقة بعذاب الله؟ ألك حاجة بسخط الله؟ في مثل هذا كثير. ويقول: إلهي عبدك الابق رجع إلى بابك» عبدك العاصي رجع إلى الصلحء عبدك المذنب أتى بالعذر» فاعف عني بجودك» وتقبلني بفضلك» وانظرني برحمتك» اللهم اغفر لي ما سلف من ذنوبيء واعصمني فيما بقي من الأجل» فإن الخير كله بيدكء وأنت بنا رۋوف رحيم ثم يدعو بدعاء ذکر أنه دعاء الشدة وهو: يا مجلي عظائم الأمورء ويا منتهي همة المهمومين» ويا من إذا أراد أمراً فإنما يقول له: كن فيكون» أحاطت بي ذنوبي» آنت المدخور لها يا مدخور كل شدة كنت ادخرتك لهذه الساعةء فتب علي إنك أنت التواب الرحيم. فصل ويقال: التوبة النصوح لا تبقي على صاحبها أثراً من المعصية لا سرا ولا جهراً. [٤٤۲/ب] ويقال: علاستها / ثلائة أشياء: مخالفة الهوىء وكثرة البكاء ومكابدة الجوع والظماً. () روا البيهقي في الشعب من حديث معاذ وفيه رجل لم يسم؛ ورواه الطبراني من رواية عطاء بن يسار عن معاذ ولم يلقه بلفظ: «وما عملت من سوء فأحدث لله فيه توبة السر بالسر. ...0 الحديث. قاله العراقي في المغني (٤/ ۷٤). قنطرة التوبة ٢۲۰ ولا تقبل التوبة ما لم تكن فيها ثلاثة شروط: خوف أن لا تقبلء ورجاء أن تقبلء وإدمان الطاعات› ولها ثلاث مقامات : الندم والاستغفار والحقيقة. ومعنیى الندم : هو عزم التحول بوجود مرارة المعاصي . والاستغفار : طلب الغفران بصحة الإرادة. والحقيقة: في الرجوع إلى الله عز وجل. ويقال: من علامات التوبة التصوح أن يتمكن العبد من ذنب تاب منه عشر مرات مع وجود الأسباب ثم يعتصم من ركوبه. وعن أبي المؤثر أنه قال: إذا قال العبد لا إِله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين› رب ٳِني عملت سوء وظلمت نفسي» فان لم تغفر لي وترحمني لاکونن من الخاسرين» لا له إلا أنت» تبت إلى الله واستغفر الله من كل سيثة مكروهة عند الله تعالى . قال أبو المؤثر: إذا قال هكذا فقد تاب كما وصفنا ثم نقض التوبة هو والله أعلم. مساألة فإن تاب كما وصفنا ثم نقض التوبة فأعاد إلى الذنب ثانياء فليعد التوبة مبادرآًء وليقل لنفسه: توبي لعلك أن تموتي قبل أن تعودي إلى الذنب هذه المرةء وكذا ثالثا ورابعاء فكما اتخذ الذنب والعودة إليه حرفةء فليتخذ التوبة والعودة إليها حرفةء ولا ييأس ولا يمنعه الشيطان من التوبة بسبب ذلك؛ فإنه دلالة الخير أما تسمع قوله يَلأ: «خياركم كل مفتن تواب». أي كثير الابتلاء بالذنب كثير التوبة منهء وقد قال تعالى: ومن يَعْمَل سُوءا أو يلِم لَه نُه يَسَْعْفر الله بح الله عَفُوراً حنْما4”°. وعن يحيى بن معاذ أنه كان يقول: إِلهي لا أقول لا أعود لما أعرف من خلق؛ ولا أضمن ترك الذنوب لما أعلم من ضعفي» ثم أنا أقول: لا أعود لعلي أموت قبل أن أعود والله أعلم. ويقال: إن من علامة التوبة الصادقة أن تتمكن مرارة تلك الذنوب من قلب التائب كما تتمكن فيه قبل ذلك حلاوتها فيستبدل / بالميل كراهية وبالرغبة نفرة. 51٤1/۲[ ويروى في الإسرائيليات: أن الله تعالى قال لبعض أنبيائه عليهم السلام وقد سأله عن () رواه البيهقي في شعب الإيمان بسند ضعيف» قاله العراقي في المغني (4/ 0)44 (۲) سورة النساء الاية: ١٠١٠. 7 قنطرة التوبة قبول توبة عبد بعد أن اجتهد سنين في العبادة» ولم ير قبول توبتهء فقال: وعزتي وجلالي لو شفع في أهل السمٰوات والأرض ما قبلت توبته وحلاوة ذلك الذنب الذي تاب منه في قلبه'. وقال بعض علماء السلف: أول ما يؤمر به التائب بعد الندامة والإقلاع أن يتحول عن الحركات المذمومة إلى الحركات المحمودة الموجودة ذ في العلم. قال: ولا ر تصح له التوبة مع ذلك حتى يلزم نفسه الخلوة› ولا تصح له الخلوة إل بأكل الحلالء ولار يصح له أكل الحلال إل بأداء حق الل ولا يصح له أداء حق الله إلا بحفظ الجوارحء ولا يصح له ما ذكرنا إلا بعون الله وتوفيقه . وعن يحيى بن معاذ”" أنه قال: من أراد إدامة التوبة إذا ظفر بها فليلزم ثلاثة أشياء وليدم عليها أن لا يأخذ من الدنيا إلا حلالاء وليلزم صيام النهار وقيام الليلء وليلزم رجلا عالماً دليلاً مشفقاً والله أعلم. وينبغي له أن يهجر إخوان السوء وإن لم يفعل أو شك أن يشوشوا عليه صحة عزمه ويردوه على عقبيه ناقضاً توبته وما عزم عليه والله المستعان . الباب الرابع في بيان أقسام التائ بين في دوام التوية قال الله تعالى: نبوا ِل الله ية تصُوحا»”. ويقال: الناس في التوبة على أربع طبقات : الطبقة الأولى: أن يتوب كما قدمنا ويستقيم على التوبة إلى آخر عمره» ولا يحدث تفسه بالعودة إلى ذنوبه إلا الزلآات التي لا ينفك العبد عنها في العادة. فهذه هي التوبة النصوح )۱( راجع إحياء علوم الدين (٤/٤۳). () يحيى بن معاذ الرازي الواعظ من كبار المشايخ له كلام جيد ومواعظ مشهورة. وعنه أنه قال: لست أبكي على نفسي إن ماتت إنما أبکي على حاجتي إن فاتت. ® لا يفلح من شممت رائحة الرئاسة منه. ® مسکين ابن آدم فلع الأحجار هون عليه من ترك الأوزار. ® لا تستبطىء ء الإأجابة وقد سدد طريقها بالذنوب. ® الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضةء وهو يسألك عن جناح بعوضه. ® الدرجات سبع : التوبة» ثم الزهدء ثم الرضى؛ ثم الخوف؛ ثم الشوق› ثم المحبةء ثم المعرفة. (الذهبي في سير أعلام د 0/1 )۳( سورة التحريم الأية: ۸. قنطرة التوبة ‎Y۳‏ ‏وصاحبها هو السابق بالخيرات المستبدل بالسيئات حسنات وإليه الإشارة بقوله عليه الصلاة والسلام: «سبق المفردون المستهترون بذكر الله / تعالى وضع الذكر [عنهم]"* أوزارهم فوردوا [٦٤۲/ب] القيامة خفافاه"". وهذه إشارة إلى أنهم تحت أوزارهم وضعها الذكر عنهم. الطبقة الثانية: أن يتوب ويسلك سبيل الاستقامة في أمهات الطاعات وكبائر المعاصي إلا أنه ليس ينفك عن ذنوب تعتريه لا عن عمد وتحرير قصدء ولکن يبتلى بها في مجاري بعض أحوالهء ولكنه كلما أقدم عليها لام نفسه وندم وتأسف وجدد عزمه على التشمر للاحتراز من أسبابها التي تعرضه لها. فهذه النفس جديرة بأن تكون هي النفس اللوامةء والأولى هي النفس المطمئنة› فهؤلاء يشا لهم حسن الوعد من الله سبحانه لقوله تعالى: إن تَجَُنيُوا كَبَائر ما هون عَنْهُ نكف عَنْكُم سَيَايَكُمْ ونْْخِلكُمْ مَدْعَلاً ريما" . وإلى هؤلاء الإشارة بقوله عليه السلام: «كل اين آدم خطاء وخير الخطائين المستغفرون» ٠ وقال أيضاً: «المؤمن واه راقع فخيرهم من مات على رقعةه“. أي واه بالذنوب راقع بالتوبة . وفي خبر آخر: «المؤمن كالسنبلة تفيء أحياناً وتميل أحياناه”. وفي خبر آخر: «لا بد للمؤمن من ذنب يأتيه الفنية بعد الفنيةه“ أي الحين بعد الحين قال الله سبحانه: اوليك يون أَجْرَهُمْ مَرَينٍ ما صَبروا ورون بلحس اة . فما وصفهم بعدم السيئة أصلاً والله أعلم”. () ما بين المعقوفين من الإحياء (٤/4۳). )۲( رواه الترمذي من حديث أبي هريرة وحسنه. قاله العراقي في المغني (٤/4۳). (۳) سورة النساء الآية: ۳۱. (8) روا الترمذي واستغريهء والحاكم وصحح إسناده من حديث أنس وقال: «التوابون» بدل: «المستغفرون». قلت: فيه علي بن مسعدة ضعفه البخاري. قاله العراقي في المغني (4/ ££). () رواه الطبرانيء والبيهقى فى شعب الإيمان من حديث جابر بسند ضعيف» وقالا: فسعيد بدل فخيرهم. العراقي في المصدر السابق. )١( رواه أبو يعلىء وابن حبان في الضعفاء من حديث آنس والطبراني من حديث عمار بن ياسرء والبيهقي في الشعب من حدیث مرسلا وكلها ضعيفةء وقالوا: «تقوم» بدل: «تفيء'. وفي الأمثال للرامهرمزي إسناد جيد لحديث أنس. المصدر السابق. (۷) رواه الطبراني» اله في الشعب من حديث ابن عباس بإسناد حسن. المصدر السابق. (۸) سورة القصص الأية: ٤٠. )۹( راجع في الطبعة الإحياء وهي فيه بتوسع (٤/ ٤٤ء ٤٤)٠ ٤۰ قنطرة التوبة الطبقة الثالثة: أن يتوب ويستمر على الاستقامة مدة ثم تغلبه شهوته في بعض الذنوب فيفارقها عمداً لعجزه عن قهر الشهوة إلا أنه مع ذلك مواظب على الطاعةء وتاركاً جملة من الذنوب مع القدرة والشهوةء وإنما فهرته هذه الشهوة الواحدةء وهو عند المراغ يتندم عليه ویقول یا لیتنى لم أفعلهء وسأتوب عنه؛ وأجاهد نمسي في قهرها. لکنه تسول له نفسه› ويسوق للك التوبةء فهذا إذا كان الذنوب كبير فقد حبط عمله. وإن كانت صغيرة أصر عليها أن يلقى الله تعالى قبل النزوع عن الخطيئةء فهذا هو التمادي الذي اتفق عليه المسلمون أنه من أهل الخزي والعقوية إن اختطف قبل التوبةء وعلق أمره أهل الخلاف وحكمه على مشيئة الله ء ولا يقطعون فيه بالتوبة ولا بالعقوبة ويشبه أن يكون هذا حال إخوة يوسف عليه السلام حين شو و واس کک 4ر و و کي د ل روو لر رو و ا ى قالوا: الوا يُوسفَ أو أطرَحُوهُ أزضا يَحل لكُمْ وجه أبيكُمْ وتکونوا من بَعْدهِ قوما صَالحي »٩ أي تائبين والله عل . الطبقة الرابعة: أن يتوب ويمضي على الاستقامة مدةء ثم يعود إلى مقارفة الذنب أو الذنوب من غير أن يحدث نفسه بالتوبة والتأسف على ارتكاب خطيئة بل ينهمك انهماك الغافل في اتباع شهوته. فهذا جملة من المصرين؛ لأن الفرق بين المتمادي والمصر أن المتمادي لم يعتقد أن يلقى الله تعالى على غير توبةء ولكنه يرجوها يوماً ماء والمصر هو الذي عزم أن يلقى الله تعالى بغير توبة وكلاهما عند المسلمين هالكان› والمصر أعظم في القياسء وإِن کان المتمادي مصراً أيضاً بظاهر اللغة؛ لأن الإصرار على الشيء التمادي عليهء وقد قال عليه السلام: «هلك المصرون” . فعِمٌ ولم يخص والله أعلم“. الباب الخامس في السبب الباعث على التوبة وكيفية العلاجح في حل عقدة الإصرار اعلم أن السبب الباعث على التوبة هو الإيمان بأصل الشريعةء ومعناها: هو أن يعلم (١) سورة يوسف الأية: ۹. )۲( راجع في هذه الطبقة الإحياء (8/ 44ء 0٤) وهي أوسع مما هنا. (۳) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٤/٢٤٠۲). (8) ذكر هذه الطبقة أيضاً الغزالي بأوسع مما هنا 40/8 › 46). قنطرة التوبة ‎۰o‏ ‏الإنسان علماً يقيناً أن للسعادة فى الأخرة سبباً وهو الطاعةء وللشقاوة سبباً وهو المعصيةء ويعلم أنه لا بد من دليل يدله على فعل الطاعة وترك المعصية وهو الرسول عليه السلام» ويعتقد أن كل ما يقوله الرسول عليه السلام هو حق وصدق لا خلل فيه / ولا كذب. فإذا [٤٤۲/ب" اعتقد ما قلنا فليلق سمعه إلى الآايات والأخبار المشتملة على الترغيب في التقوى» والتحذير من الذنوب واتباع الهوىء وليصدق بجميع ذلك تصديقاً لا يخالطه شك» وليكثر التفكر فيه حتى ينبعث منه الخوف الذي يقوى به على الصبرء وليكن أكثر استماعه إلى الآيات المشتملة على الذنوب التي ارتكبها ثم إلى الآيات التي تدله على الصبر على تركها. ثم العلم بكيفية تكفير ما سبق منهاء وهذه علوم يختص بها أطباء الدينء وهم العلماء ورثة الأنبياء عليهم السلامء والعاصي إن علم عصيانه فعليه طلب العلاج من الطبيب وهو العالمء وإن كان لا يدري أن ما يرتكبه ذنب فعلى العالم الذي شاهد ذلك منه أن يعرفه ذلك وينكره عليه . بل لا ينبغي له أن يصبر إلى أن يُسأل عنهء لكنه يتصدر لدعوة الناس وإرشادهم اقتداء بالأنبياء عليهم السلام؛ الذين يطلبون الناس واحداً واحداً في الإبتداء ويرشدونهم إلى طريق الاهتداء؛ لأن مريض القلب بالجهل والذنوب لا يعرف مرضه. كما أن الذي ظهر على وجهه برص ولا مرآة معه لا يعرف برصه ما لم يعرفه غيره» وهذا فرض عين على العلماءء فإن العلماء لا يولدون إلا جهالاً فلا بد من تبليغ الدعوة إليهم في الأصل والفرع؛ فالدنيا دار مرض إذ ليس في بطن الأرض إلا ميت» ولا على ظهرها إلا سقيم. ومرض القلب أكثر من مرض الأبدان لثلاث علل : إحداهن: أن المريض فيه لا يدري أنه مريض لاستيلاء الجهل عليه . الثانية: أن عقوبته غير مشاهدة في الدنياء بخلاف مرض البدن؛ فإن عاقبته موت تنفر منه النفوس وما بعد الموت غير مشاهد» فقَلّت التفرة عن الذنوب» وإن علمها مرتكبها فلذلك تراه يتكل على فضل الله ويجتهد في علاج مرض البدن من غير إتکال. الثالثة : فقد الطبيب؛ فإن الأطباء هم العلماء وقد / غلب عليهم اليوم الداء المهلك الذي [٤٤۲/ب] هو حب الدنياء فلم يقدروا على تحذير الخلق منه؛ خوفاً من أن يقال لهم: ما بالكم تأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم. فبهذا السبب عم الداع وعظم الوياءء وانقطع الدواءء وهلك الخلق لفقد الأطباءء بل اشتغال الأطباء بفنون الإغواءء فصاروا فتنة على الخلق إلا من عصمة الله منهم وقليل ما هم لهم إذ لم ينتصحواء ولم يصلحواء لم يغشواء ولم يفسدواء والله نسأله السلامة والتوفيقء وأنى نجدهما بغير سلوك الطريق. ٢ قنطرة التوبة وأما كيفية العلاج في حل عقدة الإصرار وحمل الناس على التوبة من الذنوب فذلك أمر يتسع شرحه ولا يمكن استقصاءه ولكنا نشير إلى أربعة أنواع هي النافعة في ترك المعاصي لمن سبق له التوفيق. التوع الأول: أن يعظه العالم الذي هو من أهل الدينء ويخوفه بما في القرآن من الآيات المخوفة للمذنبين وينذره بما ورد من الأحاديث وآثار الصالحين مثل قول النبي عليه السلام : «ما من يوم طلع فجرهء ولا ليلة غاب شفقهاء إلا وملكان متجاوبان بأربعة أصوات يقول أحدهما: يا ليت هذا الخلق لم يخلقواء ويقول الاخر: يا ليتهم إذ خلقوا عملوا بما علموا»”. وفي حديث آخر: «تجالسوا فتذاكروا ما عملواء فيقول الأخر: ويا ليتهم إِذ لم يعملوا وقال بعض السلف: إذا أذنب العبد أمر صاخب اليمين صاحب الشمال وهو أمين عليه أن يرفع القلم عنه ست ساعات» فإن تاب واستغفر لم يكتبها عليه وإن لم يستغفر كتبها. وقال بعضهم: ما من عبد يعصي الله إلا استأذن مكانه من الأرض أن يخسف به واستأذن [/]سقفه من السماء أن / يسقط عليه كسفاً. فيقول الله تعالى للأرض والسماء: كُفا عن عبدي وأمهلاء› فإنكما لم تخلقاء» ولو خلقتماء لرحمتماه لعله يتوب إلى فاغفر له لعله يستبدل صالحاً قال: فذلك معنى قوله تعالى : إن لله بك ألسّمٰوات والاَرْض أن بولا الآية. والأخبار والأثار في ذم العاصيين ومدح التائبين كثيرة لا تحصى؛ فينبغي أن يستكثر الوعاظ منها على العاصي الجاهل حتى يرق قلبه لعله يوفق للتوبة على يديه» فيكون له أجر سبعين صديقاً كما ورد في الخبر والله أعلم. التوع الثاني: حكايات الأنبياء عليهم السلام وغيرهم من السلف الماضين وما جرى )۱( غريب لم أجده هکذا؛ وروی بو منصور الديلمي في مسند الفردذوس من حديث ابن عمر بسند ضعیف : «إن لله ملكا ينادي في کل ليلة: أبناء الأربعين› زوع قد دنا حصاده. . ..» الحديث وفيه: «ليت الخلائق لم يخلقوا› وإذ خلقوا علموا لماذا خلقواء فتجالسوا بينهم فتذاكروا. ...» الحديث. قاله العراقي في المغني 9/٠ ٥). (۲) سورة فاطر الاية: ١٤.٠ (۳) راجع إحياء علوم الدين (٤/٠0). قنطرة التوية ‎Y۷‏ عليهم من المصائب بسبب ذنوبهم فذلك شديد الوقع ظاهر النفع في قلوب الخلق مثل أحوال آدم عليه السلام في عصيانه وما لقيه من الإخراج من الجنة. حتى روي أنه لما أكل من الشجرة تطايرت الحلل عن جسده وبدت عورتهء فأخرج هو وزوجته من جوار رب العالمين إلى الانيا دار التعب والهوان البيّن بعدما قيل له في الجنة: «إِنَ لك ألا تَجُوع فِيْهًا وَلا تَعْرَىٰ * ونك لا تَظمَوًا يها ولا تَضحى ٩ . وكذلك ما روي أن نوحاً عليه السلام لما قال: رَب إِنَ أبني من أهُلي ورن وَغْدَ ك الآية. لقال يا نو َه ليس من أَهْلكّ4' إلى قوله: «إني أعظك أن تَكُونَ من الْجَاهِلين4”٩. 4 4 - ول ر کو 4 ا ی گر ص س قال وح رَبً ٳني أَُودٌ بك ان شالك مَا ليس لي به علب وألا تعفر لي وحمي اکن من < 09( وقد روي أنه لم يرفع رأسه إلى السماء بعد ذلك أربعين سنة حياء من الله تعالى . لأجل التمثال. وقد روي أنه عبد في داره أربعين يوماء وقيل: أن امرأة سألته أن يحكم لأبيها. فقال: نعم ولم يفعل. وقيل: / بل أحب بقلبه أن يكون الحكم لأبيها على خصمه لمكانهاء فسلب [٠١۲/ب] ملكه أربعين يوماً فهرب تائهاً على وجههء وكان يسأل بكفه ولا يطعم فإذا قال: أطعموني فإني سليمان بن داود شك وضرب وحكي أنه استطعم من بيت امرأة فطردته وبزقت في وجهه. وفي رواية أخرى: فأخرجت عجوز جَرّة فيها بول فصبته على رأسه إلى أن أخرح له الخاتم من بطن الحوت فلبسه بعد انقضاء الأربعين (أيام العقوبة) قال: فجاءت الطيور فعكفت على رأسهء وجاءت الشياطين والإنس والوحوش فاجتمعت حولهء واعتذر إليه بعض من جنى عليه. فقال: لا ألومكم فيما فعلتم من قبلء ولا أخمدكم في عذركم؛ لان هذا آمر کان من السماء لا بد منه. (١) سورة طه الآية: ١۱۱. (۲) سورة هود الآية: 45 . () سورة هود الاية: ٦ . (8) سورة هود الآية: ٤٤ . (٥) سورة هود الآيتان : ۷٤. ‎Y۸‏ قنطرة التوبة ‏وروي في الإسرائيليات أن رجلا تزوج امرأة من بلدء فأرسل عبده إليها يحملها اليه فراودته نفسه وطالبته بها فجاهدها واستعصم. قال: فنبأه الله ببركة تقواهء فکان نبيا في بني إسرائيل . ‏وفي قصص موسى عليه السلام أنه قال للخضر عليه السلام: بم أطلعك الله على علم الغيب؟ قال: بترك المعاصي لأجل الله . ‏وروي أن الريح كانت تسير بسليمان عليه السلامء فنظر إلى قميصه نظرةء وكان عليه قميص جديد فكأنه أعجبهء فوضعته الريح فقال: لِم فعلت ولم آمرك؟ قالت: إنما نطيعك إذا أطعت الله . وأمثال هذه الحكايات لا تتحصر : کالذي جری ليونس وغیره من الأنبياء عليهم السلامء والمراد بها الاعتبار والاستبصار؛ ليعلم أن الأنبياء عليهم السلام لم يتجاوز عنهم في الذنوب الصغارء وكيف يتجاوز عن غيرهم في المويقات الكبار. ‏نعم كانت سعادتهم بأن عوجلوا بالعقوبة في الدنيا ولم يؤخروا إلى الآأخرةء والأشقياء إنما يمهلون ليزدادوا إثماء فإن عذاب الأخرة أشد وأبقى. ‏فهذا أيضاً مما ينبغي أن يكثر جنسه على أسماع المصرّين٠ فإنه نافع في تحريك دواعي ‏[/]] التوبة لمن أراد الله إرشاده / وهداه”. ‏التوع الثالث: أن يقرر عندهم أن تعجيل العقوبة في الدنيا متوقع على الذنب» وأن كل ما يصيب العبد من المصائب فهو سبب خطاياء» فرب عبد يتساهل في أمر الآخرة ويخاف من عقوبة الله تعالى في الدنيا أكثر؛ لفرط جهله. ‏فينبغي أن يخوف به» فإن الذنوب كلها يتعجل في الدنيا شؤمها في غالب الأمر كما تقدم في قصة سليمان عليه السلام. ‏وكما حكى اله تعالى في قصة يونس عليه السلام في قوله: وان يُونُسَ لمن الْمرْسَلِين»'". إلى قوله: «فَالَعَمَهُ ألحُوثُ ت وعو شيم ‏ثم ذكر القصة إلى قوله: «وأَرْسَلَاءُ إلى مائ آلف أو يَرَيدُون»' الآية. فكل ذلك من ‏(١) راجع النرع الثاني كله في كتاب إحياء علوم الدين للغزالي (٤/ ٠٥٠ ۳٥) بأوسع مما هنا. (۲) سورة الصافات الاية: ۳۹. ‏)۳( سورة الصافات الاية : ۷٧ . ‏() سورة الصافات الايات: ۳۹. ١٤٠. ‎ ‎ قنطرة التوبة ۹ شؤم الذنبء وقد يبلغ من شؤمه حتى قد يضيق على العبد رزقه بشؤم ذنوبه» وقد تسقط منزلته عن القلوب ويستولي عليه أعداءء قال الله تعالى: «وَمَا َصَابَكُمْ من مُصِيةٍ فما بت 7 ادیک . وني الحديث عن رسول الله يد أنه قال : إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه»” . وعن ابن مسعود رحمه الله أنه قال: إني لأحسب أن العبد ينسى العلم بذنب يصيبه وي الاثر: وذكر بعض العلماء أن ذلك هو معتی ما روي عن رسول لله 6 آنه قال : «من قارف ذنباً فارقه عقل لا يعود إليه أبداً» . وفي الأثر أن بعض القراء نظر إلى غلام بشهوةء فعوقب بنسيان القرآن . وقال بعض السلف أيضاً: ليست اللعنة سواداً في الوجهء ونقصاناً في المالء وإنما اللعنة الطردء والإبعادء فإذا لم يوفق للخيرء ويسر له الشر فقد أبعد والحرمان من زرق التوفيق أعظم حرماناء وكل ذنب فإنه يدعو إلى ذنب آخر ويتضاعف الوزر عليهء فيحرم العبد به التوفيق ومجالسة الصالحين» فتتراكم الذنوب على قلبه فيطبع عليه بطابع الهالكين . وحكي عن بعض العارفين أنه كان يمشي في وسط الوحل جامعاً ثیابه متحرزاً حتی يتوقى الذنوب ويجانبها حتى يقع في ذنب وذنبين فعندها يخوض الذنوب'”" خوضاً وهو إشارة إلى أن الذنب يتعجل عقوبته بالانجرار إلى ذنب آخر. وقال بعض العلماء: ما انكرت من تغبير الزمان وجفاء الإخوان فذنوبك أورثتك ذلك . وقال بعضهم: إني لأعرف العقوبة حتى في فاريتي» وبعضهم يقول: أعرف العقوبة من ذنبي في سوء خلق حماري . وقال بعض العلماء: إن العبد ليذنب ذنباً إل ويسود وجه قلبهء فإذا كان سعيداً ظهر ¦ السواد على ظاهره ليتزجر» وإن كان شقياً أخفي عنه حتى ينهمك ويستوجب النار. () سورة الشورى الآيات: ۳۰. (۲) رواه ابن ماجه والحاكم وصحح إسناده واللفظ له إلا أنه قال: «الرجل». بدل: «العبد. من حديث ثوبان. قاله العراقي في المغني (4/ 0۳). () في الأصل: الذي وهو تحريف من الاخ والتصويب من الإحياه. قناطر الخيرات ج/۲ م/ ٤٠ ٥\۲ قنطرة التوبة والأخبار كثيرة في آفات الذنوب في الدنيا من الفقر والمرض وغيرهء بل من شؤم الذنب في الدنياء على الجملة أن يكتسب به العبد ما يبعده عن ربهء فإن ابتلي بشيء كان عقوبة عليه ويحرم جميل الصبر فيتضاعف شقاؤە» فإن أصابته نعمة كان إستدراجاً له ويحرم جميل الشكر فيعاقب بقرائن الأحوال على خفايا الصفات فيتعرض لما وقف عليه من ذلك اقتداء برسول الله يلو حيث قال له رجل: أوصني ولا تكتم علي. قال: «لا تغضب*. وقال الأخر: أوصني. فقال: «عليك باليأس بما في أيدي الناسء فإن ذلك هو الغنىء وإياك [0/]والطمع؛ء فإنه الفقر الحاضرء / وصل صلاة مودعء وإياك وما تعتذر منه"". وقال رجل لمحمد بن واسع: أوصني. فقال: أوصيك أن تكون ملكا في الدنيا والأخرة. فقال: كيف لي بذلك؟ فقال: إِلزم الزهد في الدنيا. فكأن البي عليه السلام توسم في السائل الأول مخائل الفضب» فنهاء عنهء وفي الأخر مخائل الطمع في الناس وطول الأملء فأمره بترك ذلكء وتخيل محمد بن واسع في السائل مخائل الحرص في الدنيا. وقال رجل لمعاذ: أوصني . فقال: كن رحيماً أكن لك بالجنة زعيماً. فكأنه تفرس فيه أثْر الفظاظة والغلظة . وقال رجل لإبراهيم بن أدهم : أوصني . فال : إياك والناس› وعليك بالناس › ولا بل من التاس؛ فإن الناس هم الناس» وليس كل الناس بالتاسء ذهب الناس وبقي التسناس وما أراهم بالناس» بل غمسوا في ماء الناس. وكأنه تفرس فيه آفة المخالطةء أو أخبر عما كان هو الغالب على حاله في وقتهء أو كان أذاه بالناس» فالكلام على قدر حال السائل أولى من أن يكون بحسب حال القائل . إليه: من عائشة إلى معاوية سلام عليك . أما بعد فإني سمعت رسول الله يي يقول: «من التمس رضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس» ومن التمس رضي الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الئاس" . والسلام عليك . انظر إلى فقهها كيف تعرضت للافة التي تكون الولاة مشتغلة بهاء وهو مراعات الناس وطلب مرضاتهم . (١) قال العراقي في المغني (۳/١١۱) تعليقاً على نحوه في الإحياء: رواه ابن أبي الدنياء والطبراني في الكبير والأوسط يإسناد حسن. )۲( رواه ابن ماجه. اله العراقي في المغني )٤/٤0( (۳) رواه الترمذي والحاكم وفي مسند الترمذي من لم يسم قاله العراقي في المغني (/ 00). فنطرة التوبة ٢۲ وكتبت مرة أخرى: أما بعد فاتق الله؛ فإنك إذا اتقيت الله كفاك الناس» وإذا اتقيت الناس لم يغنوا عنك من الله شیثاء والسلام عليك. فإذا على كل ناصح أن تكون عنايته مصروفة إلى تفرس الصفات الخفيةء وتوسم الأحوال اللائقة ليكون اشتغاله بالمهمء فإن حكاية جميع مواعظ / الشرع مع كل أحد غير ممكن. والاشتغال بالوعظ بما هو مستغنی عنه تضييع زماناء [٢٥۲/ب] وإن كان الواعظ يتكلم في جمم٠ أو سأله من لا يدري باطن حاله إن يعظهء فليقصد إلى المواعظ التي تشترك كافة الخلق في الحاجة إليها. إما على العموم وإما على الأكثر فإن في علوم الشرع أغذية وأدويةء فالأغذية للكافة والأدوية لأرباب العلل . ومثاله ما روي أن رجلا قال لأبي سعيد الخدري: أوصني. فقال: عليك بتقوى الله ؛ فإنه رأس كل خير وعليك بالجهاد؛ فإنه رهبانية الإسلامء وعليك بالقرآن فإنه نور لك في أهل الأرض وذكر لك في أهل السماى وعليك بالصمت إلا من خير فإنك بذلك تغلب الشيطان . وقال رجل للحسن: أوصني. فقال: أعز أمر الله يعزك الله. وقال لقمان لابنه: يا بني زاحم العلماء بركبتكء ولا تجادلهم فيمقتوكء وخذ من الدنيا بلاغكء وأنفق فضول تكسبك لاخرتك» ولا ترفض الدنيا كل الرفض فتكون عيالاً؛ وعلى أعناق الرجال كلاء وصم صوماً يكسر شهوتك ولا تصم صوماً يضر صلاتك؛ فإن الصلاة أفضل من الصوم؛ء ولا تجالس السفيهء ولا تخالط ذا الوجهين. وقال أيضاً لابنه: لا بني لا تضحك من غير عجب» ولا تمش من غير أرب» ولا تسأل عما لا يعنيك؛ ولا تضيع مالك وتصلح مال غيرك؛ فإنه مالك ما قدمت» ومال غيرك ما تركت. يا بني إن من يرحم يرحم» ومن يصمت يسلمء ومن يقل الخیر يغنم» ومن يقل الشر يأثم ومن لا يملك لسانه يندم. وقال رجل لأبي حازم: أوصني . فقال : كل ما لو جاءك الموت عليه رايته غنيمة فالزمهء وكل ما لو جاءك الموت عليه فرأيته مصيبة فاجتنبه. وقال موسى للخضر عليهما السلام: أوصني. فقال له: كن بساماً ولا تكن غضاباء وكن نفاعاً ولا تكن ضراراء وانزع عن اللجاجةء ولا تمش من غير حاجةء ولا تضحك من غير /عجب» ولا تعير الخاطئين بخطاياهم» وابك على خطيئتك يا ابن عمران. وقال رجل [٦٥۲/ب] لمحمد بن حازم فيما بلغنا -: أوصني. فقال: اجتهد في رضاء خالقك بقدر ما تجتهد في رضاء نفسك . ويروى أن رجلا قال لحامد اللفاف: أوصني . فقال: اجعل لدينك غلافاً كغلاف () في الأصل: جميع. وهو سهو من الناسخ والتصويب من إحياء علوم الدين (4/ 0°). ٢ قنطرة التوبة المصحف لثلا تدنسه الآفات. قال: وما غلاف الدين؟ قال: ترك طلب الدنيا إلا ما لا بد من وترك كثرة الكلام إلا ما لا بد من وترك مخالطة الناس إلا فيما لا بد منه. وكتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز: أما بعدء فخف ما خوفك اللهء واحذر ما حذرك اللهء وخذ مما في يدك لما بين يديك فعند الموت يأتيك الخبر اليقين والسلام. وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الحسن أيضاً يسأله أن يعظهء فكتب إليه. . .. أما بعد فإن الهول العظيم›ء والأمور المفظعات أمامكء ولا بد لك من مشاهدة ذلك إما بالنجاة وإما بالعطب . واعلم أن من حاسب نفسه ربح ومن غفل عنها خسر؛ ومن نظر في العواقب نجی؛ ومن أطاع هواه ضل ٤ ومن حلم غنم؛ ومن خاف آمنء ومن آمن اعتبرء ومن اعتبر أبصر ومن أبصر فهم؛ ومن فهم علم» فإذا زللت فارجع» إِذا ندمت فاقلعء وإذا جهلت فاسآل» وإذا غضبت فامسك. قال: وكتب مطرف بن عبد الله إلى عمر بن عبد العزيز: أما بعد فإن الدنيا دار عقوبة ولها يجمع من لا عقل له وبها يغتر من لا علم عند فكن فيها يا أمير المؤمنين كالمداوي جرحه يصبر على شدة الدواء لما يخاف من عاقبة الداء . وكتب عمر بن عبد العزيز إلى علي بن أرطأة. أما بعد فإن الدنيا عدوة أولياء اللهء وعدوة أعداء اللهء أما أولياء الله فغمتهم › وأما أعداؤه فغرقتهم . وكتب أيضاً إلى بعض عماله : أما بعد. فقد أمكنتك القدرة من ظلم العباتء فإذا هممت بظلم أحد فاذكر قدرة الله عليك . 0 3 واعلم آنك لا تأتي / إلى الناس شيئاً إلا كان زائلاً عنهم باقياً عليك» واعلم أن الله تعالى آخذ للمظلومين من الظالمين والسلام. فهكذا ينبغي أن يكون وعظ العامة ووعظ من لا يدري وخصوص واقعتهء فهذه المواعظةء كالأغذية التي تشترك الكافة في الانتفاع بهاء وإذا كان طلب الطبيب أول علاج المرض» فطلب العلماء أول علاج العاصين» فهذا أحد أصول العلاج وأركانه. الأصل الثاني: الصبر فإنه لا بد للعاصي أن يعالج مرارة الصبر على المعاصي فإن كان () راجع النوع الثالث باتم مما هنا في إحیاء علوم .الاين (٤/ ۳٥٠ ٦0). قنطرة التوبة ‎T۳‏ ‏شاباً لا يقدر على حفظ جوارحه من غلبة الشهوة عليهء فإنه ينبغي له أن يستشعر ضرر ذنبه بآن يتفكر في الآيات والأخبار المخوفة التي جاءت فيه من كتاب الله وسنة نبيه عليه السلام. فإذا اشتد خوفه فليتباعد عن الأسباب المهيجة لشهوته . ومهيج الشهوة من خارج: هو حضور المشتهي والنظر إليهء وعلاجه الهرب والعزلة. ومن داخل: هو تناول لذائذ الأطعمةء وعلاجه الجوع والصوم الدائم كما قال عليه السلام: «معاشر الشبان من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فليصم؛ إن الصوم له وجا . وهو كناية عن كسر الشهوةء والعزلةء والصوم لا يتمان إلا بصبرء ولا يصبر إلا عن خوف» ولا يخاف إلا عن علم؛ ولا يعلم إلا عن بصيرة وافتكار» وعن سماع وتقلیدء فول الامر حضور مجالس الذكر» ثم الاستماع من قلب مجرد عن الشواغل» مصروف إلى السماعء ثم التفكر فيه لتمام الفهمء وينبعث من تمام الفهم الخوف. فإذا قوي الخوف تيسر بمعونته الصبرء ويسهل عليهء وانبعثت الدواعي لمطلب العلاج» وتوفيق الله عز وجل وتيسيره من وراء ذلكء فمن أعطى من قلبه حسن الإصغاءء واستشعر الخوف فاتقىء وانتظر الثوابء وصذق بالحسنى› فسييره الله لليسرى . وأما من بخل واستغنی وكذب / بالحسنی فسييسره للعسرى» ثم لا يغني عنه ما اشتغل [۸١۲/ب] ' به من لذة الدنيا مهما هلك وتردی» وما على الأنبياء عليهم السلام إل شرح طریق الهدى› وإنما الأخرة والأولى لله سبحانه العلي الأعلى» فهذا علاج الشهوة. وأما علاج تسويف التوبة: فإنما ينبغي أن يعالج بالفكر في أكثر صياح آهل النار من التسويف؛ لأن المسوف يبقي الأمر على ما ليس إليه وهو التقىء ولعله لا يبقى فإن بقي فلا يعذر على الترك غداً كما لا يعذر عليه اليومء فليت شعري هل عجز في الحال إلا لغلبة الشهوةء والشهوة ليست تفارقهء غداء بل تتضاعف إذ تتأكد بالاعتياد فليست الشهوة التي أكدها الإنسان بالعادة كالتي لم يؤكدهاء وعن هذا هلك المسوفون؛ لأنهم يظنون الفرق بين المتمائلين ولا يظنون في أن الأيام متشابهة فإن ترك الشهوات فيها شاق شديد على النفس أبداً. )۱( بنحو هذا الطرف عند البخاري في الصحيح (۳/۷)ء مسلم في الصحيح (النكاح ١٠ ۲)٠ والنسائي في المجتبى 4٤/۱۱۹٠ ١۱۷)› ابن ماجه في السثن (١٤۱۸)ء أحمد في المسند (۱/ ۳۸۷ ٤۲٤ 460) البيهقي في السنن (۲۹1/4)› والدارمي في السنن (۱۳۲/۲)»ء الحميدي في المسند (١٠٠). ٤ قنطرة التوبة وما مثال المسوف إلا مثال من احتاج إلى قلع شجرة فرآها قوية لا تنقلع إلا بمشقة شديدة فقال: أؤخرها سنة ثم أعود إليهاء وهو يعلم أن الشجرة كلما بقيت ازداد رسوخهاء وهو كلما طال عمره ازداد ضعفهء فلا حماقة في الدنيا أعظم من حماقته إذ عجز مع قوته عن مقاومة ضعيف» فأخذ ينتظر الغلبة عليه إذا ضعف هو في نفسه وقوي الضعيف» والله تعالى أعلم. فقال: على ماذا بني؟ فقال: على أربع دعائم: على الجفاءء والغفلةء والعمى» والشك. فمن جمی احتقر الحق› وجاهد بالباطل › ومفعت العلماء› ومن عمى نسي الذكر› ومن غمل حاد عن الرشد» وغرته الأماني» فأخذته الحسرة والندامة› وبدا له من الله ما لم يكن يحتسب. والله تعالى نسأله العون والتوفيق تمت قنطرة التوبة بحمد الله تعالى وحسن عونه والصلاة والسلام [/]/ على نبيه محمد عليه السلام تتلوها قنطرة العلائق» .وهي أربع : إحداهن : قنطرة الدنياء وسنشير إلى شرحها إن شاء الله تعالی وبالله التوفيق. )۱( راجع في هذا الاصل إحياء علوم الدين )9/٦0 0۸( وهو فيه كما هنا مع تفاوت يسیر . (۲) في الأصل: على. والتصويب من الإحياء (4/ 0۹). القنطرة الثامنة قنطرة الدنيا الحمد لله الذي عرف أولياءه غوائل الدنيا وآفاتهاء وكشف لهم عن عيوبها وعوراتهاء فنظروا إليها فإذا هي في الظاهر كأنها صورة امرأة مليحة تستميل الناس بجمالهاء ولها أسرار سوء قبائح تهلك الراغبين في وصالها تتزين لطلابهاء حتى إذا صاروا من أحبابهاء کشرت لهم عن أنيابهاء فأذاقتهم قواتل سمهاء ورشقتهم بصوائب سهمهاء بينما أصحابها في سرور وإنعام» إِذ ولت عنهم كأنها أضغاث أحلامء ثم عكرت عليهم بدواهيها فطحنتهم طحن الحصيدء ووارتهم في أكفانها'" تحت الصعيد إن ملكت واحداً منهم جميم ما طلعت عليه الشمس؛ء جعلته حصيداً كأن لم تغن بالأمس» تمني أصحابها سروراًء وتعدهم غروراً. ثم يأملون كثيرء فيبنون قصوراء فتصبح قصورهم قبوراًء وجمعهم بوراً وسعيهم هباء منثوراء وكان أمر الله قدراً مقدوراًء والصلاة على سيدنا محمد عبده ورسوله المبعوث إلى الثقلين بشيراً ونذيراء وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراء وعلى من كان من آله وأصحابه له في الدين ظهيراً وعلى الظالمين نصيراًء وسلم تسليماً كثيراً. أما بعك فإن الدنيا دار غرورء وموطن ثبور» تزينت / لأولياء الله بزينتها ونضارتها حتى [۰٦۲/ب] تجرعوا مرارة الصبر في مقاطعتهاء واستدرجت أعداء الله مكرها ومكيدتهاء واقتنصتهم بشبکتها حتى وثقوا بها فعولوا عليهاء فخذلتهم أحوج ما كانوا إليهاء فاجتنوا”“ منها حسرة تقط دوت الأكباتء ثم حرمتهم عن السعادة أبد الأباد. فهم على فراقها يتحسروكٍ ومن مکایدها يستغیڻو یاون ره 3 خسوا يها ولا نكَلَمُون». «أوليك الَذِينَ أَشْعَرَوا لحي لخر يف نف عَنْهمْ الع بُ وَلاَهُمْ يُنْصَر ص ون" . () في الأصل: واورتهم في أكنافها. والتصويب من إحياء علوم الدين (۳/ ۱۹۷). () في الأصل: فاجتنبوا- والتصويب من المصدر السابق. (۳) سورة المؤمنون الأية: ۸١٠.0 (8) سورة البقرة الأية: ٦۸. ٢۲ قنطرة الدنيا وإذا عظمت غوائل الدنيا وشرورهاء فلا بد أولً من معرفة حقيقة الدنيا ما هي؟ وما الحكمة في خلقها مع غرورهاء وشرورها؟ فإن من لا يعرف الشر لا يتقيهء ويوشك أن يقع الأول: في ذم الدنيا. والثاني : في مدحها. والثالث: في ذكر أمثالها. والرابع : في حقيقتها وتفصيل معانيها. والخامس: في تركها والزهد فيها. وبالله التوفيق. الباب الأو ل في ذم الدنيا قال الله سبحانه وتعالى: وما الحَياءُ لديا إلا ماع المُوور»”. وقال تعالى: فل ماع لديا ق4 . في أمثالها من الآيات› وأكثر القرآن مشتمل على ذم الدنيا» وصرف الخلق عنهاء بل هو نورد بعض الأخبار الواردة فيهاء فقد روي عن النبى يِل أنه قال: «من أحب دنياه أضر باخرته› ومن أحب آخرته أضر بدنياه فاثروا ما یبقی على ما یفنی٩. [٦۲/[ ( وعنه ي أنه قال: «حب الدنيا رأس كل خطيعة». وعنه / كَل أنه مر بشاة ميتة فقال: «أترون هذه الشاة هينة على صاحبها؟». قالوا: نعم. قال: «الذي نفسي بيده الدنيا أهون على الله من هذه الشاة على صاحبها ولو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقی منها كافر شربة [ماء]٩. (۱) (۲) (۳) (4) (0) سورة آل عمران الأية: ١۸٠ . سورة النساء الآية: ۷۷. رواه أحمد والبزار والطبراني؛ وابن حبان والحاكم وصححه. المغنى (۳/ ۱۹۷). رواه ابن أبي الدنيا في ذم الدنياء والبيهقي في شعب الإيمان من طريقه من رواية الحسن مرسلاً. قاله العراقي في المغني (۳/ ۱۹۷). رواه ابن ماجة والحاكم وصحح إسناده من حدیث سهل بن سعد وآخره عند الترمذي وقال حسن صحح = قنطرة الدنيا ۷ وعنه يِل أنه قال: «من أشرب قلبه حب الدنياء وركن إليها التاط منها بشغل لا ينفك عنه ٨ وأمل لا يبلغ منتهاه› وحرص لا يبلغ مداه" . وروي عنه يل آنه قال: «من تكن الدنيا همه يجعل الله فقره بين عینیه ویشتت عليه آمره في الدنيا ويفارقها أرغب ما كان فيهاء ومن تكن الأخرة همه يجعل الله غناه في قلبه» ویکفیه حاجته من الدزيا ويفارقها أزهد ما كان فيها»٩. وعسل» فلما أدناه من فيه بکی حتی آبکی أصحابه فسکتوا وسکت؛ م عاد وبکی حتی ظنوا أنهم لم يقدروا على مسألته. قال: ثم مسح عينيه. قالوا: يا خليفة زسول الله يَْوٍء ما أبكاك؟ قال: كنت مع رسول الله ي فرأيته يدفع عن نفسه شيئاً ولم أر معه أحدء فقلت: يا رسول الله ما الذي تدفع عن نفسك؟ قال: «هذه الانيا مثلت لي فقلت لها: إليك إليك عنيء ثم رجعت فقالت: إنك إن أفلتت منيء لم يفلت مني من بعدك»٩. وعنه يِل أنه قال: «إن الدنيا حلوة خضرةء وإن الله مستخلفكم فيهاء فناظر كيف والثياب»”. وینشد: (۱) (۲) (۳) )٤( أری الدنيا لمن هى فى يديه هموما كلما كثرت لديه / إذا استغنیت عن شىء فدعه وخحذ ما أنت محتاج إليه إن التقشوى من الدنيا بلاغ ورزق المرء مبعحوث إليسه وعن عيسى عليه السلام أنه قال: الدنيا لإبليس مزرعة وأهلها له حراث . ورواه الترمذيء وابن ماجة من حديث المستورد بن شديد دون هذه القطعة الأخيرةء ولمسلم نحوه من حديث جابر. المصدر السابق. وما بين المعقوفين من الإحياء. أطراف الحديث عند: أيي نعيم في الحلبة (۸/١١۱)ء المنذري في الترغيب والترهيب (4٤/٦۱۷)› الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (۹/ ٠۲۹٠ ۳۳۲)؛ والطبراني في معجمه الكبير (١/ ٠0)6 طرفه عند الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (٠٠/۸)ء أبي نعيم في تاريخ أصبهان (۱/ ٤٥٤ ۳). رواه البزار بسند ضعيف بنحوهء والحاكم وصحح إسنادهء وابن أبي الدنيا والبيهقي من طريقه بلفظه. المغني (۳/ ۱۹۸). رواه الترمذي» وابن ماجة من حديث أبي سعيد دون قوله: إن بني إسرائيل. . .الخء والشطر الأول متفق عليه وروا ابن أبي الدئيا من حديث الحسن مرسلاٌ بالزيادة التي في آخره - (المغني ۳/ 0)۹۸ [۲٦۲/ب] ‎Y۸‏ قنطرة الدنيا ‏وعنه عليه السلام أيضاً أنه قال: «لا تتخذوا الدنيا رَا فتتخذكم عبيداً اكتزوا كنزكم من لا يضيعه؛ فإن صاحب كنز الدنيا يخاف عليه الآفات وصاحب كنز الله لا يخاف عليه الأفات» . بعدي؛ فإن من خبث الدنيا أن الله يعصى فيها وإن من خبث الدنيا أن الاخرة لا تدرك إلا بتركها فاعبروا الدنيا ولا تعمروهاء واعلموا أن أصل كل خطيئة حب الدنياء ورب شهوة أورثت أهلها ‏وقال أيضاً: بطحت لكم الدنيا وجلستم على ظهرها فلا تنازعكم فيها النساء والملوك. أما الملوك: فلا تنازعوهم الدنيا؛ فإنهم لن يعرضوا لكم ما تركتموهم ودنياهم. وأما التساء : فاتقوهن بالصوم والصلاة. ‏وقال أيضاً: الدنيا طالبة ومطلوبة فطالب الأخرة تطلبه الدنيا حتى يستكمل فيها رزقه› وطالب الدنيا تطلبه الأخرة حتى يجيء الموت فيأخذ بعنقه. وقال بعض الشعراء : ‏ألا إنما الدنيا كأحلام نائم وما خير عيش لا يكون بدائم ‏تأمل إذا ما نلت بالأامس لذة فأفتيتها هل أنت إلا كحالم ‏فمن غافل عنها وليس بغافل ومن نائم عنها وليس بنائم ‏وروي عنه يِل أنه قال: «من هوان الدنيا على الله ألا يعصى إلا فيها ولا ينال ما عنده إلا بترکھاا. ‏وفي الخبر: أن الخضر قال لموسى عليهما السلام: يا موسى أعرض عن الدنيا وأنبذها ‏0 / ]إوراءك ؛ فإنها ليست لك بدار› ولا فيها محل قرار» وإنما جعلت بلغة للعباد / ليتزودوا منها ‏للمعاد. ‏وعن عيسى عليه السلام أنه قال: الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها. ‏وعن النبي يَأ آنه قال: «إن الله لم يخلق خلقاً أبغخض إليه من الدنيا وأنه منذ خلقها لم ينظر إليها». ‏وروي أن سليمان عليه السلام مر في مركبه والطير تظلهء والجن والإنس عن يمينه ‏(١) أطراف الحديث عند الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (۳۸/۸)؛. والمتقى الهندي في الكنز (١٠11)› السيوطي في جمع الجوامع (۹717٤)ء وفي الدر المتثور (٠٦/ ٠٤ ۳). ‎ ‎ قنطرة الدنيا ۲۹ ویساره. قال: فمر بعابد من عباد بني ٳسرائیل فقال: والله يا ابن داود لقد أتاك الله ملكاً عظيماً . فقال له سليمان عليه السلام: تسبيحة في صحيفة مؤمن خير مما أعطي ابن داودء فإن ما أعطي ابن داود يذهب والتسبيحة تبقی . وعنه ي أنه قال: «لما نزل قوله تعالى: «ألهَاكُمُ اكائ يقول ابن آدم: مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أکلت فأفنیت؛ أو لہست فابلیت؛ أو تصدقت فأمضیت». وعنه يل أنه قال: «الدنيا دار من لا دار لهء ومال من لا مال له ولها يسعی من لا عقل له وعليها يعادي من لا علم عندهء وعليها يحسد من لا فقه له ولها يسعى من لا يقين ل وعنه يلر أنه قال : «من أصبح والدنيا أكبر همه فليس من الله في شيء وألزم الله قلبه أربع خصال : هما لا ينقطم عنه أبداً وشغلاً لا ينفك منه أبدا وفقراً لا يبلغ غناه أبداً وأملاً لا يبلغ متتهاه أبداه. وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله يَي: «يا أبا هريرة ألا أريك الدنيا جميعاً ما فيها؟». قلت: بلى يا رسول الله فأخذ بيدي وأتى بي وادياً من أودية المدينةء فإذا مزبلة فيها رۋس ناس وعذرات› وخرق؛ وعظام بلا جلد. ثم قال: «يا أبا هريرة هذه الرؤۋوس تحرص كحرصكم وتأمل كأملكم» ثم هي اليوم عظام بلا جلد ثم هي صاثرة رفاتاً وهذه العذرات ألوان أطعمتهم اكتسبوها من حيث اكتسبوهاء ثم قذفوها من بطونهم فأصبحت والناس /يتحامونهاء [٤٠٦۲/ب] وهذه الخرق البالية. كانت رياشهم ولباسهم فأصبحت والرياح تصفقها› وهذه العظام عظام دوابهم التي كانوا يتعجبون بها ويقطعون عليها أطراف البلاد"ء فمن كان باكياً على الدنيا فلييك*٩. قال : فما برحنا حتی اشتد بكاؤنا. (١) سورة التكائر الآية: ١٠ والحديث رواء مسلم من حديث عبد الله بن الشخير قاله العراقي في المغني )۱۹۸/۳ ۱۹۹). (۲) رواه أحمد من حديث عائشة مقتصراً على هذا «ولها يجمم من لا عقل له». دون بقيتهء وزاد ابن أبي الدنيا والبيقهى فى الشعب من طريقه: «ومال من لا مال له» وإسناده جید. المغني (۱۹۹/۳). (۳) رواه الطبرانى في الأوسط من حديث أبي ذر دون قوله: «وألزم الله قلبه»...الخء وكذلك رواء ابن أبي الانيا من حديث أنس بإسناد ضعيف» و الحاكم من حديث حذيفةء وروى هذه الزيادة منفردة صاحب الفردوس من حديث ابن عمر وكلاهما ضعيف. قاله العراقي في المصدر السابق. (8) في الإحياء: يتجعون عليها أطراف البلاد. (٥) لم أجد له أصلاً. قاله العراقي في المصدر السابق. ‎Y۰‏ قنطرة الدنيا ‏ویروی أن الله عز وجل لما أهط آدم عليه السلام إلى الأرض قال له: يا آدم ابن للخراب› ولد للفناء واجمع للذهاب. ‏ويقال: مكتوب في صحف إبراهيم عليه السلام يا دنيا ما أهونك على الأبرار الذين تصنعت وتزينت لهم إني قد قذفت في قلوبهم بغضك والصدود عنك» وما خلقت خلقاً أهون ولا يدوم لك أحدء وإن بخل بك صاحبك وشح عليكء بغضتك يوم خلقتك ٠ طوبی للابرار الذين أطلعوك من قلوبهم على الرضاء ومن ضميرهم على الصدق والاستقامة › طوبی لهم ما لهم عندي من الجزاء إذا وفدوا إلي من قبورهم [إلا]' لنور يسعى أمامهم» والملائكة حافون بهم حتى آبلغهم ما يرجون من رحمتي. وقال بعض العلماء : يۇتى بالدنيا يوم القيامة في ۇخذ منها ما كان لله خالصاً ويلقى ما بقي في النار . ‏وقال لقمان لابنه: يا بني الدنيا بحر عَميق قد غرق فيها ناس كثير» فلتكن سفينتك فيها ‏ويروى عن رسول الله يلو أنه قال: «الدنيا موقوفة بين السماء والأرض منذ خلقها الله لا ينظر إليها وتقول يوم القيامة: يا رب اجعلني لأدنى أوليائك نصيباً اليوم» فيقول: اسكتي يا لا شيء إن لم أرضك لهم في الدنيا فكيف أرضاك لهم اليوم. وأنشد: ‏[0/] / تسمّع من الأيام إن كنت حازم فإنك فيهابين ناء وأمر ‏فلن تعدل الدنيا وجناح بعوضة ولا وزن ذر من جناح لطائر ‏إذا أبقت الدنيا على المرء دينه فما فاته منها فليس بضائر ‏فما رضى الدنيا ثوابا لمؤمن ولا رضى الدنيا عقاباً لكافر ‏وروي عن رسول الله يِل أنه قال: «الدنيا يومان يوم فرح ويوم هم وکلاهما زائل عنك» فدعوا ما يزول» وأتعبوا أنفسكم في العمل لما لا يزول». ‏وعن عيسى عليه السلام آنه قال: لا تنازعوا آهل الدنيا في دنياهم فينازعوكم في دینكم› فلا دنياهم أصبتم ولا على دينكم أبقيتم . ‏وقال بعض الحكماء: الدنيا إما مصيبة موجعةء وإما منية مفجعة. وأنشدوا: ‏)۱( ما بين المعقوفين من إحياء علوم الدين (۱۹۹/۳). (۲) نال العراقي في المغني (۳/ ۱۹۹): الحديث تقدم بعضه من رواية موسی بن یسار ولم أجد بافيه. ‎ ‎ قنطرة الدنيا ٢٢۲ يستوي في ضریحها عبد أرض وحرها ويروى في الأخبار : أن آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة تحرکت معل ته بخروج الثفل؛ ولم يكن ذلك مجعولاً في شيء من أطعمة الجنة إلا في هذه الشجرة؛ فلذلك نهى عن أكلها. قال فجعل يدور في الجنةء فأمر الله ملكا يخاطبه. قال: قل له آي شيء تریده. فقال آدم : أريد أن أضع ما في بطني من الأذى. فقيل للملك : قل له في أي موضع تضعه؟ أعلى العرش أم على السرير؟ أم على الأنهار؟ أم تحت ظلال الأشجار؟ هل ترى ها هنا موضعاً يصلح لذلك؟ ولكن أهبط إلى الدنيا. ويروى عن رسول الله يلو / أنه قال: «ليجيئن أقوام يوم القيامة لهم من 'لحسنات أمثال [٦٠٦۲/ب] جبال تهامة فيجعلها الله هباء منثوراً ويصيرهم إلى النار». قالوا: يا رسول الله يصلون؟ قال: «نعم كانوا يصلون ويصومون ويأخذون وهناً من الليل ولكنهم إذا لاح لهم شيء من الدنيا وثبوا عليه فأحبط الله أعمالهم إذ لم تكن لهم سريرة»". وعن عيسى عليه السلام أنه قال: لا يستقيم حب الدنيا والاخرة في قلب مؤمن كما لا 2 يستقيم الماء والنار في إناء واحد. ويروى أن جبريل عليه السلام قال لنوح عليه السلام: يا أطول الأنبياء عمراً كيف وجدت الدنيا؟ قال: كداً ولها بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الأخر. وقيل لعيسى عليه السلام: لو اتخذت بيتأ؟ قال: يكفينا خلقان من قبلنا . وعن النبي عليه السلام أنه قال: «أحذروا الدنيا؛ فإنها سحر من هاروت وماروت»٩. () رواه أبو نعيم في الحلية من حديث سالم مولى أبي حذيفة بسند ضعيف» وأبو منصور الديلمي من حديث أنس وهو ضعيف أيضاً. قاله العراقى فى المغنى (۴/ ٠٠۲). () رواه ابن أبي الدنياء والبيهقي في الشعب من طريقه من رواية أيي الدرداء الرهاوي مرسلاء وقال البيهقي إن بعضهم قال عن أبي الدرداء عن رجل من الصحابة. قاله الذهبي لا يدري من أبو الدلرداء قال: وهذا = ٢Y‏ قنطرة الانيا وعن الحسن أنه قال: خرج رسول الله يو على أصحابه ذات يوم فقال: «هل منكم من يريد أن يذهب الله عنه العمى ويجعله بصيرا؟». وفي حديث آخر آنه قال لأصحابه: «ألا هل فيكم أحد يريد أن يعطيه الله علماً بغير تعلم» وهدى بغير هداية ويذهب العمى عن قلبه ويجعله بصيرا». قالوا: كلنا يريد ذلك بابائنا أنت وأمهاتنا يا رسول الله. قال: «من زهد في الدنيا وقصر أمله فيهاء أعطاه الله علماً بغير تعلم» وهدى بغير هدايةء وأذهب العمى عن قلبهء وجعله بصيراء ومن رغب في الدنياء وقصر أمله فيهاء أعطاه الله علماً بغير تعلم وهدى بغير هدايةء وأذهب العمى عن قلبه» وجعله بصيراً» ومن رغب في الدنيا وأطال أمله فيها أعقبه الله جهلاء وأعمى قلبه على قدر ذلك ألا إنه سيكون بعدكم قوم لا يستقيم لهم الملك إلا بالقتل والتجبر ولا الغنى إلا بالعجز والبخل› ولا المحبة إل باتباع الهوى» إلا من أدرك ذلك الزمان منكم فصبر على الفقر وهو يقدر على المحبةء وصبر على الذلء وهو يقدر على الع لا يريد بذلك إلا وجه الله أعطاه الله ثواب سبعین( صذيقا٩. ‎ ]1/۷[‏ ويروى أن عيسى عليه السلام اشتد به المطر والرعد / والبرق يوماً فجعل يطلب شيثاً يلجأ إليهء فرفعت له خيمة من بعيد» فأتاهاء فإذا فيها امرأق فحاد عنهاء فإذا هو بكهف في جبل» فاتای فإذا فيه أسدء فوضع يده على رأسه فقال: لهي جعلت لکل شيء مأوی» ولم تجعل لي مأوى. فأوحى الله إليه مأواك في مستقر رحمتي لأزوجنك يوم القيامة مائة حوراء ولأطعمن في عرسك أربعة آلاف سنةء يوم منها كعمر الدنياء ولأمرن مناديا ينادي أين الزهاد في الدنيا؟ زوروا عرس الزاهد عيسى بن مريم . وقال عليه السلام: ويل لصاحب الدنيا كيف يموت ويتركهاء ويأمنها وتغرهء ويثق بها وتخذله"› ويل للمغتريين كيف أرتهم ما يكرهونء. وفارقتهم ما يحبونء وجاءهم ما يوعدون» ويل لمن أصبحت الدنيا همه والخطايا عملهء كيف يفتضح غداً بذنبه؟ ‏وقيل: أوحى الله إلى موسى عليه السلام: يا موسى ما لك ولدار الظالمين إنها ليست ‏= مكرلاأصل له. العراقي في المصدر السابق. ‏(١) في الإحياء (۳/٠١۲) خحمسين بدل سبعين. ‏(۲) رواه اين آبي الانيا والبيهقي في الشعب من طريقه هكذا مرسلاء وفيه إيراهيم بن الأشعث تكلم فيه أبر حاتم قاله العراقي في المغني (۳/ *10). ‏(۳) في الاصل: تخلد له. والتصويب من الأحيا» (۴/ ٢٠6). ‎ ‎ فنطرة الدنيا ‎۲Y۳‏ ‏لك بدار» أخرج منها همك» وفارقها بعقلك؛ فبئست الدارء هي إلا لعامل”ء يعمل فيها فتعمت الدار هي يا موسى: إني مرصد للظالم حتى آخذ مته للمظلوم . وروي أن رسول الله يَيٍ: بعث أبا عبيدة بن الجراح فجاءء بمال من البحرين فسمعت الأنصار بقدوم بي عة فوافق صلاة الفجر مع رسول الله ی فلما صلى عليه السلام انتصرف فتعرضوا له فتبسم رسول الله عي حين رآهم ثم قال : «أظنكم سمعتم أن أب عبیدة يقدم بشيء». قالوا: أجل يا رسول الله. قال: «فأبشروا وأملوا ما يسركم» فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكنني أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتتناقسوا فيها كما تنافسوا فتهلكم كما أهلكتهم». وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله َل قال: «أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج لكم من برکات الأرض». فيل : ما برکات الأرض؟ قال : «زهرة الدنا» . [۹٦۲/[ وعنه يلو أنه قال: «لا تشغلوا / قلوبكم بذكر الدنيا". فنهى عن ذكرها فضلاً عن [۸١۲/ب] إصابة عينهاء وأنشد الماوردي عن أبي العتاهية : هي الدار دار الأذى والقذى 0 ودار العشاء ودار الغير فكلو نلتهابحذافرها لمت ولم تقض منهاالوطر أيا من يؤمل طول الحياة فطول الحياة عليه ضرر إذا ما كبرت وبات الشباب فلها خير في العيش بعد الكبر ويروى أن عيسى عليه السلام مر بقرية فإذا أهلها موتى في الأفنية والطرق. فقال: يا معشر الحواريين إن هؤلاء ماتوا عن سخطه ولو ماتوا عن غير ذلك لتدافنوا. فقالوا: يا روح الله وددنا آننا علمنا أخبارهم. فسأل ربه فأوحى الله تعالى إليه إذا كان الليل فتادهم فيجيبوك› فلما كان الليل أشرف على نشز ثم نادى: يا أهل القريةء فأجابه مجيب: لبيك يا روح الله. فقال : ما حالكم وما قصتكم؟ قالوا: بتنا في العافية فأصبحنا في الهاوية. قال: وكيف ذلك؟ قالوا: () في الأصل: فئست الدار هي دار الأعمال. وفي الإحياء فبئست الدار هي إلا العمال. فضبط العبارة وحذفت الزائد. () متفق عليه من حديث عمرو بن عوف البدري. العراقي في (المغني (۳/ 0)10 )۳( متفق عليه. قاله العراقي في المصدر السابق. )٤( رواء البيهقي في الشعب؛ من طريقه وابن آي الانيا من رواية محمد بن النضر الحارثي مرسلا. المصدر السابق. 7 قنطرة الدنيا بحبنا الدنيا وطاعتنا لأهل المعاصي. قال: وكيف كان حبكم للدنيا؟ قال: حب الصبي لامهء إذا أقبلت فرحنا وإذا أدبرت حزنا وبكينا. قال: فما بال أصحابك لم يجيبوني. قال: لأنهم ملجمون بلجام من نار بأيدي ملائكة غلاظ شداد. قال: فكيف أجبتني آنت من بينهم. قال: لأني كنت فيهم ولم أكن معهم. فلما نزل بهم العذاب أصابني معهم فنا معلق على شقير جهنم لا أدري أنجو منها أم أكبكب فيها؟ فقال المسيح عليه السلام للحواريين: لأكل خبز الشعير بالملح الجريش ولبس المسوح والنوم على المزابل كثير مع عافية الله في الدنيا والاخرة. وأنشدوا: يا راقد الليل مسروراً بأوله إن الحوادث قد يطرقن أسحارا أفنى القرون التي كانت منعمة كر الجديدين إقبالا وإدبارا يامن يعانق دنيالابقاء لها يمسي ويصبح في دنياه سفارا / هلا تركت من الدنيا معانقة حتى تعانق في الفردوس أبكار إن كنت تبغي جنان الخلد تسكنها فينبفي لك أن لا تأمن التار وعن آنس قال: كانت ناقة رسول الله يو العضباء لا تسبقء فجاء أعرابي بناقة له فسبقتهاء فشق ذلك على المسلمين فقال رسول الله يٍَ: «حق على الله أن لا يرفع شيثاً من الدنيا إل وضعه”. وأنشدوا: إن اللي تخطب غدارة قرية الرس من المآأئثم وعن عيسى عليه السلام أنه قال : من ذا الذي يبني على موج البحر داراً تلكم الدنيا فلا تتخذوها قراراً. وقيل لعيسى عليه السلام: علمنا عملا واحداً يحبنا الله تعالى به. قال: ابغضوا الدنيا يحبكم الله . وعن آبي الدرداء قال: قال رسول الله ي : «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراء ولهانت عليكم الدنيا ولأثرتم الآخرة»". ثم قال أبو داود: من قبل نفسه لو تعلمون ما )۱( رواه البخاري. قاله العراقي في المغني (۲01/۳). )۲( رواه الطبراني دون قوله: #لهانت...» الخ؛ وزاد: «ولخرجتم إلى الصعدات. .» الحديث. وزاد الترمذيء وابن ماجة من حديث آبي ذر: «وما تلذذتم بالنساء على الفرش). . وأول الحديث متفق عليه من حديث أنس؛» وأفراد البخاري من حديث عائشة. قاله العراقي في المصدر السابق. قنطرة الانيا ‎Yo‏ أعلم لخرجتم إلى الصعداء تبكون على أنفسكم ولتركتم أموالكم لا حارس لهاء ولا راجع إليها إلا ما لا بد لكم منهء ولكن تغيب عن قلوبكم ذكر الأخرةء وحضرها الأملء فصارت الدنيا أملك بأعمالكم› وصرتم كالذين لا يعلمونء فبعضكم شرء من البهائم التي لا تدع هواها مخافة ما في عاقبته ما لكم لا تتحابون ولا تتناصحون وأنتم إخوان على دين واحدء فما فرق بين أهوائكم إلا خبث سرائركم» ولو اجتمعتم على البر لتحاببتم . وعن عيسى عليه السلام أنه قال: يا معشر الحواريين ارضوا بدنى الدنيا مع سلامة الدينء كما رضي أهل الدنيا بدني الدين مع سلامة الدنياء وفي معناه قيل : أرى رجالا بأدنى الدين قد قنعوا ولا أراهم رضوا في العيش بالدون / فاستغن بالله عن دنيا الملوك كما استغنى الملوك بدنياهم عن الدين [۲۷۰/ب] وعن عيسى عليه السلام أنه قال: يا طالب الدنيا لبر تركك الدنيا أبرء وعن النبي ي أنه قال: التأتينكم الدنيا بعدي تأكل أيمانكم كما تأكل النار الحطب الرقيق»”. ويروى أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام: أن يا موسى لأتركنن إلى حب الدنيا فلا تأتيني بكبيرة هي أشد عليك منھا. ویروی أن موسی عليه السلام مر برجل وهو يبکي. فقال موسی: يا رب عبدك يبکي من مخافتك. فقال : یا ابن عمران لو نزل دغامه مع دموع عینیه ورفع يديه حتی تسقط ٤ لم اغفر له وهو يحب الدنيا. وأما الاثار: وعن علي أنه قال: من جمع ست خصال لم يدع للجنة مطلباء ولا عن الثار مهرباً: من عرف الله فأطاعهء وعرف الشيطان فعصاهء وعرف الحق فاتبعه» وعرف الباطل فاتقاهء وعرف الدنيا فرفضهاء وعرف الأخوة فطلبها. وعن الحسن أنه قال: رحم الله أقواماً كانت الدنيا وديعة عندهم› فأدوها إلى من اثتمنهم عليهاء ثم راحوا خفافاً . وعنه أيضاً: من نافسك في دينك فنافسه ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره. وینشد: طلق الدنياثلائاً وأطلبن زوجاً سواها (١) لم أجد له أصلاً. العراقي في المغني (۳/ 60۲). ٢٢ قنطرة الدنيا نت تعطيهامتاها وهي تعطيك تفاها وعن الفضيل أنه قال: طالت فكرتي في هذه الآية: «إنًا جَعَلمَا ما عَلى الأْض زي ل4 إلى قولە: «صهيداً جُرزا». وقال بعض الحكماء: إنك لن تصبح في شيء من الدنيا ِلآ عشاء ليلة وغذاء يوم قلا [/اتهلك نفسك في أكلة وصم عن الدنيا وأفطر على الأخرة. فإن رأس مال الدنيا / الهوى وربحها النار . وقيل لبعض الرهبان: كيف ترى الدهر؟ قال: يهلك الأبدان» ويجدد الأمالء ويقرب المنيةء ويبعد الأمنية. قيل: فما حال أهلها؟ قال: من ظفر به تعب» ومن فاته نصب. وقد فيل : ومن يحمد الدنيا بعيش يسره فسوف لعمري عن قليل يلومها وإذا أدبرت كانت على المرء حسرة وإن أقبلت كانت كثير همومها وقال بعض الحكماء: لو كانت الدنيا ولم أكن فيهاء وذهبت الدنيا ولم أكن فيهاء فلا أسكن إليهاء فإن عيشها نكدء وصفوها كدر وأهلها منها على وجل» أما نعمة زائلةء أو بلية نازلة أو منية قاضية . وقال بعضهم: من عيب الدنيا أنها لا تعطي أحد ما يستحق لكنها إما أن تزیده أو تنقصه . وقال بعض العلماء: أما ترى النعم كأنها مغضوب عليها قد وضعت في غير أهلها. وعن آبي سلیمان أنه قال: من طلب الدنيا على المحبة لها لم ينل منها شيثاً إلا أراد أكثر وليس لها غايةء ولا لهذا نهاية. وروي ان رجلا قال لابي حازم: إني أشکو إليك حب الدنيا وليست لي بدار. فقال: انظر ما أتاك الله منها فلا تأخذه إِلآ من حلهء ولا تضعه إل فى حقهء ولا يضرك حب الدنيا. قال: وإنما قال هذه لأنه لو أخذ نفسه بذلك لأتعبه حتى يتبرم ويطلب الخروج منها. وعن یحیی بن معاذ أنه قال : الدنيا حانوت شیطان فلا تسرق من حانوته شيئاً فيجيء فيأخذك. (١) سورة الكهف الآية: ۷. )۲( سررة 4 الأية: ۸. قنطرة الدنيا ‎Y۷‏ عن الفضيل أنه قال: لو كانت الدنيا من ذهب يفنى والاخرة بخزف يبقى لكان ينبغي لنا أن نختار خزفاً يبقى على ذهب يفنى فكيف وقد أخترنا خزفاً يفنى على ذهب يبقی. وینشد: إنماالدياغرور ليس فى الدياثبوت إنماالدنياكيت نسجت اه العنكبوت /إحاجحة العصافقل فيها ستر عورات وفثوت [۲۷۲/ ب] وعن آبي حازم أنه قال: إياكم والدنياء فإنه بلغني أنه يوقف العبد يوم القيامة إذا كان معظماً للدنيا. فيقال: هذا عظم ما حقره الله. وعن النبي يَأ أنه قال: «اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفعء ونفس لا تشبعء وقلب لا يخشعء وعين لا تدمع ء وأعوذ بك من شر ھؤلاء الأربعة هل ينتظر أحدكم من الدنيا إلا غنى مطغياء أو فقراً منسياء أو مرضاً مفسداء أو هرما مفندا أو موتا مجهزاء ُو الدجال شر غائب ينتظرء أو الساعة والساعة أدھى وأمرا. وعن عيسى عليه السلام أنه قال: أوحى الله سبحانه إلى الدنيا من خدمني فأخدميه› ومن إن الزم ان وإنلا ن لأهلهلمخاشن وقال: وسمع رجل رجلا يقول لصاحبه: لا أراك الله مكروهاً. فقال له: كأنك دعوت عليه بالموت إن صاحبك ما صاحب الدنيا فلا بد أن يرى مكروهاً وينشد: وتجري الليل باجتماع وفرقة وتطلع يها أتجم وثغخور فمن ظن أن الدهر باق سروره فنذكك محال لا يدوم سرور عفى الله عن من صير الهم واحد وأيقن أن الدائرات تدور وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: ما أصبح أحد من الناس إلا وهو ضيف وماله عارية فالضيف مرتحل والعارية مردودة. وينشد للبيد بن ربيعة: وما المال والأهلون الا وديعة فلا بد يوماً أن نرد الودائع / وعن ابن السماك أنه قال: من جرعته الدنيا بحلاوتها بميله إليهاء جرعته الأخرة [۲۷۳/ ب] مرارتها بتجافیه عنها. ‎Y۸‏ قنطرة الدنيا ‏وقيل لزاهد: قد خلعت الدنيا فكيف سجنت نفسك عنها؟ فقال: إني أيقنت آي آخرج منها كارهاً فرأيت أن أدعها طائعاً. ‏وقال لقمان لابنه: يا بني بع دنياك بآخرتك تربحهما جميعاً ولا تبع أخرتك بدنياك ‏وقال مطرف بن الشخير: لا تنظر إلى خفض عيش الملوك وليث رياشهمء ولكن انظر إلى سرعة ظعنهم وسوء منقلبهم. ‏وعن ابن عباس أنه قال: إن الله تعالى جعل الدنيا ثلائة أجزاء: جزء للمؤمنين» وجزء للمنافقين› وحرء للكافرين›ء فالمۇمن يترود والمنافق يتزين › والكافر يتمتع . ‏وقال بعضهم: الدنيا جيفةء فمن أراد شيئاً منها فليصبر على معاشرة الكلاب. وقيل لإبراهیم ابن آدهم: کیف آنت؟ فقال : ‏نترقع دنيانابتمزيق ديننا فلا ديننايبقى ولا مانرقع ‏فطظلوبى لعبد أثر الله ربه وجادبدنياهءلمايتوقم° ‏وعن مالك بن دينار أنه قال: اتقوا السحارة؛ فإنها تسحر قلوب العلماء - يعنى الدنيا -. ‏وقال بعض البلغاء : من نكد الدنيا ألا تبقى على حالةء ولا تخلو من استحالة تصلح جانباً بإفساد جانب وتسر صاحباً يمساءة صاحب» فالكون فيها خطر» والثقة فيها غرر. ‏ويروى أن أبا جعفر المنصور كان نائماً فأتاء آت في منامه فقال : ‏كأني بهذا القصر قد باد أهله وأوحش مشه أهله ومنازله ‏وصار عميد القصر من بعد بهجة إلى حدث تبنى عليه جنادله ‏فلم يبت إلا ذکره وحديئثه تتادي بليل معولات تواكله ‏قال : فاستيقظ مرعوباً ثم أنشد: ‏أبا جعفر حانت وفاتك وانقضت سنوك وأمر الله لا بد واقع ‏0 3 /فهل كاهن أعددته أو منجم أبا جعفر عنك المنية داقع وعن أبي أمامة الباهلي أنه قال: لما بعث محمد عليه الصلاة والسلام أتت إبليس ‏(۱) راجع في كل الآثار والأشعار الواردة هنا إحياء علوم الدين للإمام الغزالي (۳/٠٠۲: ۳٠۲ وما بعدها) وأكثر مما هنا. ‎ ‎ فنطرة الدنيا ۲۹ جنوده. فقالوا: قد بعث نبي وأخرجت أمة. قال: هل يحبون الدنيا؟ قالوا: نعم. قال: لئن كانوا يحبونها ما أبالي أن لا يعبدوا الأوثان› وأنا أغدوا عليهم وأروح بثلاثة: أخذ المال من غير حله» وإنفاقه في غير حلهء وإمساكه في غير حقهء والشر كله لهذا اتبع. وقيل لعلي بن أآبي طالب: صف لنا الدنيا. قال: وما آصف» من دار أولها عناء وآخرها فناى حلالها حساب» وحرامها عقاب؛ من صح فيها سقم؛ ومن مرض فیها ندم ومن استغنى فيها فتن» ومن افتقر فيها حزنء ومن سعى إليها فاتتهء ومن فعد عنها آتتهء ومن نظر إليها أعمته» ومن نظر بها أبصرته . وقال وهب بن منبه: مثل الدنيا والأخرة مثال ضرتين إن أرضيت أحدهما أسخطت الأخرى: وأنشدوا: أيهاالمرء إن دياك بحر طامح موجه فلا تأمننها وسبيل النجاة فيهامير وهو أخذ الكفاف والقوت منها وقال وهب بن منبه: أصيب على عمدان وهو قصر يوسف بن ذیزان''' بأرض صنعاء باليمن» وكان من الملوك الجلة مكتوب القلم السرياني فترجم بالعربية فإذا هي هذه الأبيات باتوا على قلل الجبال تحرسهم غلب الرجال فلم تتفعهم القلل واستنزلوا من أعالي عز معقلهم وأسکنوا حفراً يا بئس ما نزلوا ناداهم صارخ من بعد ما دفتوا أين الوجوه التي كانت منعمة فافصح القبر عنهم حين سائله قد طال ما أكلوا دهراً وما شربوا أين الأسرة والتيجان والحلل من دونها تضرب الأستار والكلل تلك الوجوه عليها الدود تقحل فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا وعن الحسن البصري أنه قال: الدنيا مطية المؤمنء عليها يرتحل إلى ربه فأصلحوا مطاياكم تېلغوا إلى إلى ربكم . وقال يحيى بن معاذ": إذا أصبحت نفسك بالدنيا مشغوفةء أصبحت الخيرات عنك مصروفة. وقال بعض الحكماء: الدنيا وإن بقيت لك لم تبق لها. وقال بعضهم: الدينا دار )۱( كذا في الأصل؛ واحسبه سيف بن ذي يزن. () سبق أن ترجمت له وهذه الأثار أغلبها من كتاب الإحياء غير أن الأشعار أغلبها ليس منه. ۳۰ قنطرة الدنيا تجارة» فالويل لمن تزود منها الحسرات. وينشد: إن الذين اشتروا الدنيا باخرة لم يربحوا في افتراق البيع بل خسروا باعوا جديداً جميلاً بايا حسناً بيابس خلق يايئشس ما اتجروا وعن عيسى عليه السلام أنه قال: الدنيا من ظفر بها مات عليها. وعن الحسن البصري: نعمت الدار والله كانت الدنيا للمؤمن عمل فيها قليلاء وأخذ منها زاده إلى الجنةء وبئست الدار» والله كانت الدنيا للكافر تمتع فيها قليلً وأخذ منها زاده إلى النار . وعن أبي سليمان أنه قال: إذا كانت الأخرة في القلب جاءت الدنيا تزاحمهاء وإذا كانت الانيا في القلب لم تزاحمها الأخرة؛ لأن الأخرة كريمةء والدنيا لئيمة. وهذا تشديد عظيم؛ ونرجو أن يكون ما ذكره بعض السلف صحيحاً وذلك أنه قال : الانيا والاخرة يجتمعان في القلب فأيهما غلب كان الأخر تبعاً له. وعن مالك بن دينار أنه قال: بقدر ما تحزن للدنيا يخرج هم الأخرة من قلبك» ويقدر ما تحزن للأخرة يخرج هم الدنيا من قلبك. وروي أن رجلا قال للحسن : ما تقول في رجل تاه الله مال فهو يتصدق؛ ویصل مله » ويحسن فيه أله أن يتعيش منه يعني بالنعم. قال: لو كانت الدنيا كلها له ما كان له منها إلا الكفاف› ويقدم ذلك ليوم فقره. وبنشد: لالك الدنياولاأنت لها فاجعل الهمين هما واحداً 1/0 / وعن الفضيل أنه قال: لو أن الدنيا بحذافيرها عرضت علي حلالا لا أحاسب بها في الأخرة لكنت أقذرها كما يقذر أحدكم الجيفة إذا مر بها أن تصيب ثوبه. وقيل : : قدم عمر رضي الله عنه الشام فاستقبله أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه بناقة مخطومة بحبل فسلم وسال ثم أتى منزله ولم ير فيه إلا سيفه وترسه ورمحه؛ فقال له عمر: لو اتخذت متاعاً. فقال له: يا أمير المؤمنين إن هذا يبلغنا المقيل . وقال بعض العلماء: خذ من الدنيا لبدنكء ومن الأخرة لقلبك. وعن الحسن قال: والله (١) الأثر في الإحياء (۳/٤٠۲) بنحو مما هنا. قنطرة الدنيا ٢۲۳ لقد عبدت بنو إسرائيل الأصنامء بعد عبادتهم الرَحمْن» بحبهم الدنيا. وعن وهب أنه قال: قرأت في بعض الكتب: الدنيا غنيمة الأكياس وعقبة الجهال لم يعرفوها حتى خرجوا منهاء فسألوا الرجعة فلم يرجعوا. وقال لقمان لابنه: يا بني إنك استدبرت الدنيا من يوم نزلتها واستقبلت الاخرة فأنت إلى دار تقرب منها أقرب إلى دار تباعد منها. وعن سعيد بن مسعود' أنه قال: إذا رأيت العبد تزداد دنياء وتنقص آخرتهء وهو بذلك راض» فذلك المغبون الذي يلعب بوجهه ولا يشعر. وعن عمرو بن العاص أنه قال على المنبر: والله وما رأيت قوماً قط أرغب فيما كان رسول الله يلو أزهد فيه منكم؛ والله ما مر برسول الله يٍَ ثلاث إلا والذي عليه أكثر من الذي ل . و وعن الحسن أنه تلى هذه الآية: لا تَعُرَنَكُمْ أَلحَياءُ ألدًْا€”. فقال: من قال هذه؟ فقال: من خلقها فهو أعلم بهاء إياكم إياكم وما شغل من الدنياء فإن الدنيا كثيرة الأشغال لا يفتح الرجل على نفسه باب شغل إلا أوشك ذلك الباب أن يفتح عليه عشرة أبواب. وقال أيضاً: مسكين ابن أدم رضي بدار حلالها حساب» وحرامها عقاب» إن أخذه من حله حوسب بنعمته» وإن أخذه من حرام عذب /به ابن آدم يستقل ماله ولا يستقل عمله يفرح بمصيبة في [۲۷۷/ب] دينه؛ ويجزع عن مصيبة في دنیاه . ويروى أنه قدم على معاوية رجل من نجران عمره مائتا سنة فسأله: عن الدنيا كيف وجدها؟ فقال: سنيات بلاء وسنيات رخاءء يوم فيوم» وليلة فليلةء يولد ولد ويهلك هالكء فلولا المولود لباد الخلقء ولولا الهلاك ضاقت الدنيا بمن فيها. قال له: سل ما شثت. قال : عمر مضى فترده أو أجل حضره فتدفعه؟ قال: لا أملك ذلك. قال: لا حاجة لي إليك. وقال داود الطائي: يا ابن آدم فرحت ببلوغ أملكء وإنما بلغته بإنقضائه أجلكء ثم سوفت بعملك كأن منفعته لغيرك . () هو سعيد بن مسعود بن عبد الرحمن أبو عثمان المروزي المحدث المسند أحد الثقات. توفي سنة إحدى وسبعين ومائتين وكان من أبناء التسعين. الذهبي في سير أعلام النبلاء (10/ 4 0۰). ۱ () رواه الحاكم وصححه ورواه أحمد وابن حبان بنحوه. قاله العراقي في المغني (3/ 4 ١6). () سورة لقمان الاية: ۳۳. ۳۲ قنطرة الدنيا وقال بعض العلماء: من سأل الله الدنيا فإنه يسأله طول الوقوف بين يديه . وعن أبي حازم أنه قال: ما في الدنيا شيء يسرك إلا وقد ألصق به شيء يسؤك . وعن الحسن أنه قال: لا تخرج نفس ابن آدم من الدنيا إلا بحسرات ثلاث : أنه لم يشبع الغنتى. قال: إنما نال الغتى من أعتق من رق الدنيا. وعن أبي سليمان أنه قال: لا يصبر عن شهوات الدنيا إلا من كان في قلبه ما يشغله بالأخرة. وعن مالك بن دينار أنه قال: اصطلحنا على حب الدنيا فلا يأمر بعضه بعضاء ولا يدعنا الله تعالى أنه قال: إصطلحنا على حب الدنيا فلا يأمر بعضنا بعضاء ولا يدعنا الله تعالى على هذا فليت شعري» أي عذاب الله ينزل بنا. وص أبي حازم أنه قال: يسير الدنيا يشغل عن كثير الأخرة. وعن الحسن أنه قال: أهينوا الدنيا فوالله ما هى لأحد بأهناً منها لمن أهانها. وقال أيضاً: إذا أراد الله بعبد خيراً أعطاه من الدنيا عطية ثم يمسك فإذا نفذ عاد عليه وإذا هان عليه عبد خيراً أعطاه من الدنيا عطية ثم يمسك فإذا نفذ عاد عليهء وإذا هان عليه عبد ‎[Î /۲۷۸]‏ وعن محمد بن المتكدر قال: أرأيت لو أن رجلا صام الدهر/ لا يفطرء وقام الليل لا ‏يفترء وتصدق بماله وجاهد في سبيل اللهء وأجتنب محارم اللهء غير أنه يؤتي به يوم القيامةء فيقال : هذا عظم في عیينيه ما صغره الله ء وصغر في عينيه ما عظمه الله" . وقال بعض الشعراء : ‏ألا إنما الدنيا مقيل لراكب قضى وطراً من منزل ثم هجرا ‏فراح ولا يدري عَلامٌ قدومه ألا كل ما قدمت تلقى موفراً ‏وقيل ليحيى بن معاذ: لمن الدنيا؟ قال: لمن ترکها. قيل: فلمن الأخرة؟ قال: لمن طلبهاء ومن ادعى أنه يجتمع في قلبه حب الدنيا وحب خالقها فقد كذب. ‏وقال بعض السلف: رجلان يعذبان على الدنيا. رجل أعطي الدنيا فهو فيها متعب ‏)۱( الأثر في الإحياء بنحو مما هنا والشعر لم يورده (۳/٢٠۲(. ‎ ‎ Y۳ فنطرة الدنيا عياناً كإنكار وكالجهل علمه يشيد ويبني دائماً ويحصن وأفعاله أفعال من ليس يقن وقد قال لقمان لابنه: يا بني لا تركن إلى الدنيا تشغل قلبك بحبها؛ فإنك لم تخلق لهاء ولم تخلق لكء وما خلق الله خلقاً أهون عليه منها؛ لأنه لم يجعل نعيمها ثوباً للمطيعين» ولم يجعل بلاءها عقوبة للعاصين . وقال الحسن البصري: الدنيا مطية إن ركبتها حملتك» وإن حملتها قتلتك. وقيل له: ما بال الناس يكرمون صاحب الدنياء ولا فضل له عليهم؟ قال: للأن معشوقهم عنده. ويُتشد في لولا شماتة أعداء ذوي حسد لما خطبت إلى الدنيا محاسنها لكن منافسة الأكفاء تحملني وإن أنال ينفع من يرجيني ولا بدلت لها عرضي ولا ديتي على أمور أراها سوف ترديني وقد خشيت بأن أيقى بمنزلة / وقال آخر : أف لديا أبت تواتينىي لا دين عندي ولا دنيا تواتيني وقيل لمحمد بن واسع: إنك لترضى بالدون. فقال: إنما يرضى بالدون من رضي بالدنيا. وعن شقيق البلخي أنه قال : عملت في القرآن عشرين سنة حتى ميزت الدنيا من الاخرة فوجدت ذلك في حرفين وهو قوله عز وجل: وما اويم ِن شي فَمََاع الحياة الدنيا وَرِينهَا وما عند الله حير وَأبقَى ٩ . وعن عيسى عليه السلام أنه قال: ألا إن أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون هم الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرهاء وإلى آجل الدنيا حين نظر الناس إلى عاجلهاء فإذ أتوا منها ما خشوا أن يميت قلوبهم» وتركوا منها ما علموا أن سيتركهم . () سورة القصص الآية: ١٦. [۲۷/ ب] ٤۳ قنطرة الانيا وعنه أيضاً أنه قال : لا يستقيم حب الدنيا والأاخرة في قلب مؤمن كما لا يستقيم الماء والنار فى إناء واحد. وقال بعضهم: الدنيا تبفض إلينا نفسها ونحن نحبها فكيف لو تحبيت إلينا؟!! وقال بعض الحكماء: الدنيا دار خراب» وأخرب منها قلب من يعمرها. وأنشدوا: ألا إنما الدنيا غداة أيكة إذا أخضر منها جانب جف جانب هي الدار ما الأمال إلا فجائع عليها ولا اللذات إلا مصائب ولا تكتحل عينيك منها بعبرة على ذاهب منها فإنك ذاهمب وقال أبو حازم: اشتدت علينا مؤنة الدنيا والآخرةء أما الأخرة فإنك لا تجد عليها أعوانء وأما الانيا فإنك لا تضرب بيدك إلى شيء منها إِلآ وجدت فاجراً سبقك إليها. وعن أبي هريرة أنه قال: الدنيا موقوفه بين السماء والأرض كالسقاء الباليىء تنادي ربها 1/1 منذ خلقها إلى يوم يفنيها. يا رب لم تبفضني؟ فيقول لها: اسکتي يا لا شيء/ اسکتي يا لا شيء. وقال اين المبارك: حب الدنيا والذنوب في القلب قد احتشوته فمتى يصل الخير إليه . وقال وهب بن منبه: من فرح قلبه بشيء من الدنيا فقد أخطاً الحكمةء ومن جعل شهوته تحت قدميه فر الشيطان من ظلهء ومن غلب علمه على هواه فهو الغالب . وعن يحيى بن معاذ أنه قال: العقلاء ثلاثة: من ترك الدنيا قبل أن تتركهء وبنى قبره قبل أن يدخلهء وأرضى خالقه قبل أن يلقاه. وقال بعض السلف: من أراد أن يستغنى» بالدنيا عن الدنيا كان كمن يطغى النار بالتبن . وقال بعضهم: من أقبل على الدنيا أحرقته" نيرانها يعنى الحرص حتى يصير رماداً. ومن أقبل على الآخرة صفته نيرانها فصار سبيكة ذهب ينتفع به. ومن أقبل على الله أحرقته نيران التوحيا. فصار جوهراً لا حذٌ لقيمته . وروي عن النبي يِل أنه قال في بعض خطبه: «أيها الناس ألا إن الأيام تطوى» والأعمال )۱( في الأصل: بعض. والتصويب من إحياء علوم الدين (۳/٢٠۲). (۲) الأثر والاثار السابقة قبله وردت كلها بإحياء علوم الدين في المواضع التي أشرت فيها إلى بعض التصويبات وقبلها وبعدها غير أن الأشعار أتى بها المؤلف من غيره أو قد تكون منه من مواضع متفرقة. (۳) في الأصل: احترقته. والتصويب من الإحياء (1/۳٦۲0). قنطرة الدنيا ‎Yo‏ تحصى» والأبدان في الثرى تبلىء وإن الليل والنهار يتراكضان تراكض البريد يقربان كل بعيد ویخلقان کل جدید ویأتیان بکل موعود. وفي ذلك عباد الله ما ألهى عن الشهوات ورغب في الباقيات الصالحات. وأنشد لعبد الله بن المعتز : نسير إلى الأجال في كل ساعة وأيامنا تطوى وهن مراحل ولم أر مشل الموت حقا كآنه إذاماتخطته الأماني باطل فما أقبح التفريط في زمن الصبا فكيف به والشيب في الرأس شامل ترحل من الدنيا بزاد من التقى فعمرك أيام تعد قلائل ویروی أن الله تعالى لما بعث موسى وهارون إلى فرعون قال: لا يروعکما لباسه الذي لبس؛ فإن ناصيته بيدي ليس ينطق ولا يطرق ولا يتنفس إلا بإذني» ولا يعجبنكما ما متم به منهاء فإنما هي زهرة الحياة الدنياء وزينة المترفينء ولو شئت أن أزينكما بزينة من الدنيا يعرف فرعون / حين يراها أن مقدرته تعجز عما أوتيتما لفعلتء ولكني أرغب بكما عن ذلك فأزوي [۲۸۱/ب] ذلك عنكما. وكذلك أفعل بأوليائي إني لأذودهم كما يذود الراعي الشفيق غنمه عن مواضع الهلكة وإني لأجنبهم سلوتها كما يجنب الراعي الشفيق إبله عن منازل الغرة وما ذلك لهوانهم عليّ» ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالماً موفراًء إنما يتزين لي أوليائي بالذل والخشوع والخوف والتقى ينبت في قلوبهم فيظهر على أبدانهم› فهي ثيابهم التي يلبسون» ودثارهم الذي يظهرونء وضميرهم الذي يستشعرونء وتجارتهم التي بها يفوزونء ورجاؤهم الذي إياه يأملون» ومجدهم الذي به يفتخرون» وسيماهم التي بها يعرفون. فإذا ألقيتهم فاخفض لهم جناحك؛» وذلل لهم قلبك ولسانك» واعلم أنه من أخاف لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة ٹم آنا الثائر له يوم القيامة والله أعلم وبه العون والتوفيق”. الباب الثاني قال الله سبحانه لنبيه عليه السلام : ندا فرعُت فنص . __—__ () راجع في هذا الفصل إحياء علوم الدين (۳/ ۱۹۷ : ٦٠۲). () سورة الشرح الآية: ۷. ٦۳ قنطرة الانيا قال بعض أهل التأويل : يعني إذا فرغت من أمر دنياك فانصب في عبادة ربك . لى متا على عبد ونيم أو و ول م دو وت لم اهارا 4 . وقال تعالى : «وَبَسَخرجًا كَْرَهُمَا رَحُْمة من رَبك" . الآية وليس هذا منه تعالى ترغيباً في الدنيا ولكن حت وترغيب في أذ البلغة منها. وعلى هذا المعنى ما روي عن رسول الله ي أنه قال: ليس خيركم من ترك الدنيا للأخرة ولا الأخرة للانياء ولكن خيركم من أخذ من هذه ومن هذه" . وفي حدیث آخر: «ولکن خیرکم من لا تشغله دنیاه عن آخرته ولا آخرته عن دنیاه» ‎ ]1/[‏ وروي عنه ي أنه قال: «نعمت المطية الدنيا فارتحلوها تبلغكم / الأخرة». ویروی ان رجلا ذم الدنيا عند علي ب بن آبي طالب فقال علي: الدنيا دار صدق لمن صدقهاء ودار نجاة لمن فهم عنهاء ودار غنی لمن تزود منها. وعن آبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله يَيٍ: «لا تسبوا الدنيا فتعمة مطية المؤمن عليها يبلغ الخيرء وبها ينجو من الشرء إنه إذا قال العبد: لعن الله الدنياء قالت الدنيا: لعن الله أعصانا لربە»”°° ٠ وحكي عن مقاتل أنه روى أن إبراهيم الخليل صلوات الله عليه وسلامه وعلى نبنا قال : يا رب حتى متى أتردد في طلب الدنيا. فقيل له: أمسك عن هذا فليس طلب المعاش من طلب الدنيا . ۵5 وفي خبر آخر: أنه لام نفسه ورمى المسحة من يده» فأوحى الله تعالى إليه أما علمت أن طلب الحلال ليس هو من الدنيا في شيء. وعن سفيان الثوري أنه فال: مكتوب في التوراة إِذا كان في البيت بر فتعبد وإن لم يکن (١) سورة وح الاية: ١. )۲( سورة الكهف الاية: ۸۲ . (۳) أطرافه عند: أي نعيم في تاريخ أصبهان (۱۷۹/۲)› المجلوني في كشف الخفا (۲۳۸/۲)» السيوطي في الحاوي للفتاوي (۲/ ۹ء ١١٠(. (4) أطرافه عند: آي نعيم في تاريخ أصبهان (۲/ ۱۷۹)› المجلوني في كشف الخفا (۲۳۸/۲)› السيوطي في الحاوري للفتاوي (۲/ ۸۹ء ١٠٠(. (٥) أورده ابن عدي في الكامل في الضعفاء (۱/٤٠۳) وأطراف الحديث عند: الزبيدي في الإتحاف (۱/١٠۱)) والعجلوني في كشف الفا (8۹/۲). قتطرة الدنيا ‎Y۷‏ وقال بعض الحكماء: ليس من الرغبة في الدنيا اكتساب ما يصون العرض فيها. وقال بعض الأدباء: ليس من الحرص اجتلاب ما يقوي البدن وينشد لمحمود الوراق : لا بع الدنيا وأيامها ذما وإن دارت بك الدائرة من شرف الدنيا ومن فضلها إن بهاتستدرك الأخرة وروي عن رسول الله يلو آنه قال: «إلتمسوا الرزق في خبايا الأرضء . يعني الزرع. وحكي عن المعتضد أنه قال: رأيت علي بن أبي طالب في المنام فناولني مسحة. فقال: خذها فإنها مفتاح خزائن الأرض . وقال رجل لزهري: دلني على ما أعالجه. فقال: تتبع خبايا الأرض وادع مليكها لعلك يوماً أن تجاب فترزقا فيؤتك مالا واسعاً ذا مشابة إذا ما مياه الأرض فارت تدفقا / فصل [۲۸۳/ ب[ واعلم أن الدنيا هي الليل والنهار بجميع ما فيهما من كل ما للإنسان فيه غرض ونصيب وشهوة وحظ عاجل › وهي حالة من أحوال القلب . فالقريب الداني منها يسمى: دنياء وهي كل ما قبل الموت» وللمتراخي المتأخر يسمى : آخرةء وهو ما بعد الموت» فالدنيا اسم عام يتناول كل حظ عاجل قال الله سبحانه : «يََحُذُونَ عَرَضَ هذا اَ4 . فالمال بعض أجزاؤه الدنياء والجاه بعضهاء واتباع شهوة البطن أخرج بعضهاء وتشهی الغيظ بحكم الغضب والحسد بعضهاء والكبر بعضها وطلب العلو والرئاسة بعضها. أولها: أبعاض كثيرة يجمعها كل ما للإنسان فيه حظ عاجل. ونحن نشير هاھنا إلى مدح وأما المدحة: فقد قال الله تعالى: إن برك حيرا" . يعني مالا فسماه خيراً. وعن رسول الله يل أنه قال: «يْعْم المال” الصالح للرجل الصالح». وكل ما جاء في () ذكره العجلوني في كشف الخفا (۳/۱١۲)› والمتقى الهندي في كنز العمال (۹۳۰۳). (۲) سورة الأعراف الاية: ۹١۱ . (۳) سورة البقرة الأية: ١۸٠۱ . (8) في الأصل: نعما بالمال. والتصويب من الأحياء (۲۲۸/۳)› وقال العراقي في هذا الموضع بالمغنى تعليقاً على الحديث: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط من حديث عمرو ين العاص بسند = ۲۳۸ قنطرة الدنيا ثواب الصدقة والحج فهو ثناء على المال إذ لا يمكن الوصول إليهما إلا به . ويروى أن لقمان الحكيم قال لابنه: يا بني استغن بالكسب الحلال عن الفقر؟ فإنه ما افتقر أحد إلا أصابته ثلاثة خلل: رقة في دينه؛ وضعف في عقله؛ وذهاب مرؤته» وأعظم من هذه الثلاث استخفاف الناس به. وقال بعض الحكماء: حفظك لما في يدك أولى بك من طلب ما في يد غيرك. وقال بعض الحكماء: خصلتان لا تزال بخير ما حفظتهما درهمك لمعاشك» ودينك لمعادك. وعن رسول الله يِل أنه قال: «نَعْمَ العون على تقوى الله المال»” ٠ وعن على بن ابي طالب أنه قال: لا دين لمن لا دنیا له. وعن قيس بن عاصم أنه قال لبنيه: يا بني عليكم بالمال واصطناعه» فإنه منبهة للكريم» ويستغنى به عن اللئيم» وإياكم ومسألة الناس؛ فإنها أخزى كسب الرجال. وقال بعض الحكماء لابنه: يا بني عليك بطلب المال؛ فإنه يرفع الكريم ويغنى عن [٤/ ]] اللئيم› / ويكسب الحمد ويورث المجدء وينقى من دنس العرض وأنشدوا: أرى ذا الغنى في الناس يسعون حوله وإن قال قولاً بايعوه وصدقوا فذلك دآب المرء ما كان في غنى ‏ فإن زال عنه المال يوماً تفرقوا وقال آخر: يفطي عيوب المرء كثرة ماله يصدقه الأقوام وهو كذوب ويزري بعقل المرء قلة ماله يحمقه الأقوام وهو مصيب وقيل لبعضهم إنك تحب الدراهم وحبها يدنيك من حب الدنيا. فقال: إنها وإن أدنتني وقيل لابن عون: إنك تحب الدراهم. فقال: من نفعه شيء أحبهء ولو لم تحبها لم = صحيح : «نعما) وقالا: «للمرءا. قلت إنا محققه سید کسروی - وزاد في موضع آخر (/۱١٠) على رواته آبي یعلی. () رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من رواية محمد ابن المنكدر عن جابر» ورواه أو القاسم البغوى من رواية ابن المنكدر مرسلا من طريقه رواء القضاعي في مسند الشهاب هكذا مرسلاً ‏ قاله العراقي في المغنى (٤/١۱١٠). فنطرة الدنيا ۳۹ وعن وهب بن منبه أنه قال: الدنانير والدراهم خواتم رب العالمينء وضعها في الدنيا لمعاش الناس لا تؤكل ولا تشرب» أينما توجهت بخاتم منها قضيت حاجتك. ويقال: إن المأمون قال يوماً لجاريته . هل تعلمين وراء الحب منزلة تدنيني إليك فإن الحب أقصاني فأجابته فقالت : ااجصل شفيعك منقوشاً تقدمه فلم يزل مدنياً من ليس بالداني وقيل لبعض الحكماء: لِم يقتني الرجل المال وهو شيخ كبير؟ فقال: لأن يموت فيخلف مالا لأعدائه خير له من أن يحتاج لأصدقائه. وعن سفيان الثوري أنه قال: لأن أخلف عشرة آلاف درهم يحاسبني الله عليها أحب إلي من أحتاج إلى الناس .: وقيل لابن سيرين: إنك تحب الدراهم. قال : لأنها تتفعني . وكان عبد الرحمٰن بن عوف رحمه الله يقول: حبذا المال أصون به وجهي وأتقرب به إلى ربي. وروي عن رسول الله ي آنه قال : «عليكم بالتجارة فإن فيها تسعة أعشار الرزق». ويروى أن عيسى / عليه السلام لقي رجلا فقال له: ما تصنع؟ فقال: أتعبد. قال: فمن [٥۲۸/ب] يعولك؟ قال: أخي. قال: أخوك أعبد منك. وعن إبراهيم بن أدهم أنه قال: بلغني أن من أوقف موقف مذلة في طلب الحلال وجبت له الجنة. وعن آبي سلیمان أنه قال : من بات تعاً من كسب الحلال بات والله راض عنه . وفي حديث النبى يِل أنه قال: «من طلب الحلال تغنياً وتعففاً جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدره". () بنحو هذا الطرف عند: الزبيدي في الإتحاف (٥/ £1( المتقى الهندي في الكتز (٤٤۹۳)› ابن حجر في المطالب العالية (۱۳۲۸)ء والسيوطي في الدر المتٹور (۲/٤٤۱). () أطراف نحو هذا الحديث عند: ابن أبي شيبة في المصنف (۷/١١)› وأآبي نعيم في الحلية (۳/١٠1)› = ٤٤ قنطرة الدنيا وقال أبو سليمان: ليس العبادة عندنا أن تصف قدميك وغيرك يَوّتكء ولكن ابد ويروى عن النبي يِل أنه قال: «إن أحساب أهل الدنيا هذا المال»” . وعن مجاهد أنه قال: الخير في القرآن كله المال: رَه لِحُبٌ احير . يعني المال. «أَسْبيت حب ألحَيْر 4 يعني المال. ع ۶ ره که . . ِ وقال شعيب عليه السلام: «إني أرَاكُمْ حير . يعني الغنى والمالء وإنما سمى الله المال خيرا إذا كان في الخير مصروفا؛ لأن ما أدى إلى الخير فهو في نفسه خير . وعن السدي وابن زيد في قوله تعالى: ريا أي في الدُيا حَسَنَه 4”. قال: هي النال. وفي الأخِرَة حَسَنَة 4”. قال: هي الجنة. وقال بعض الحكماء: من أصلح مال فقد صان الأكرمين الدين والعرض. وفي منثور الحكم: من استغنى كرم على أهله. قال: ومر رجل من أرباب الأموال ببعض العلماء فتحرك له وأكرمه. فقيل له بعد ذلك: أكانت لك إلى هذا من حاجة؟ قال: لا ولكن رأيت ذا المال مهيبا . وكان يقال: الدراهم كالمراهم؛ لأنها تداوي کل جرح ویطیب بها کل صلح. وآنشد لاوس بن حجر . أقيم بدار الحزم ما دام حزمها وأحرى إذا حالت بأن أتحولا فإني وجدت الناس إلا أقلهم خفاف العمود يكثرون التنقلا بنى أم ذي المال الكثير يسرونه ‏ وإن كان عبداً سيااً لأمر جحفلاً = (۸/٠۲))› والمتقى الهندي في الكنز (٥٤۹۲)› والزييدي في الإتحاف (5/ ٤٤4) (۱۲۲/۸). (۱) أطرافه عند: أحمد في المسند (/))› والبهقي في السنن (۷/١۱۳). (۲) سورة العاديات الاية: ۸. (۳) سورة صل الأية: ۳۲. (4) سورة هود الأية: ٤۸. () سورة البقرة الأية: ٢۲ . (١) سورة البقرة الأية: ٢٠٠. قنطرة الدنيا ٢٤۲ / وهم لقليل المال أولاد علة وإن كان محظاً في العشيرة مخولا وقال أخر : جلك قوم حين صرت إلى الغنى وكل غني في العيون جليل ليس الغنى إلا غنى زين الغنى عشية يغخدى أو غداه ينيل وعن أبي قلابة قال: ذكر عند البني ي رجل فذکر فيه خير. فقالوا: يا رسول الله خرج حاجاً معنا فإذا نزلنا منزلاً لم يزل يصلي حتى ترتحل فإذا رحلنا لم يزل يذكر الله حتی ينزل. قال: «فمن كان يكفيه علف ناقته وصنم طعامه». فقالوا: كلنا. قال: «فكلكم خير منه»٩. والله أعلم . وأما مذمة المال وكراهية حبه: فقد ورد في ذلك من الآي والأخبار والآثار ما لا يحصى كثرة» قال الله تعالى : لا تَلهكُم أَموالْكُمْ ولا أوْلاُكُمْ عَنْ ذِكُر الل . وقال: ® ألمَالَ وَألبَنُونَ زي ألحّياة4” الآية. وقال: ولا تُعْحِبك أموَالَهُمْ ل آؤلادم ې الآية. وقال: لالهَاكُم أفَكَائُ»“. وقال: «إِنً الانْسَان لطعي أن رَه ْنَع . في أمثالها من الأيات. وأما الأخبار: فقد روي عن رسول الله ي أنه قال: «حب المال والشرف ينبتان التفاق كما ينبت الماء البقل »° . وعنه يل أنه قال: «ما ذثبان ضاربان أرسلا في زريبة غنم بأکثر فساد فيها من حب المال والجاه في دين الرجل المسلم»” . () بنحو هذا الطرف عند ابن حجر في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية (برقم ١١2۱۹. (۲) سورة المنافقون الآية: ۹. (۳) سورة الكهف الأية: ١٤ . (4) سورة التوبة الآية: ٥0. (0) سورة التكاثر الآية: ١. () سورة العلق الأيتان: ١٠ ۷. () طرفه عند: ابن الجوزي في تذكرة الموضعات (۱۷۷) الزبيدي في اتحاف السادة المتقين (۸/ ٤٤۱). (۸) أطرافه عند: الحاكم في المستدرك (۳/٠46)› (أبي نعيم في حلية الأولياء (۳/١۲۱)). ابن ابي حاتم في العلل (۱۷۹۹)ء ابن حجر في المطالب (۳۲۷۲)؛ الطبراني في الكبير (٠٠/۳۸۸)؛ العقيلي في الضعفاء (/۸۷٤))› الزبيدي في الإتحاف (۸/٤٤۱). ٢٢٤۲ قنطرة الدنيا وعنه يِل أنه قال: «هلك الأكثرون مالا إل من قال فيه في عباد الله هكذا وهكذا وقليل ما هم . وقيل: يا رسول الله أفى أمتك الشر؟ قال: «الأغنياء»”. وعنه يلو أنه قال: «سيأتي بعدي قوم يأكلون أطايب الأطعمة وألوانهاء وينتكحون أجمل 1 /]إلنساء وألوانهاء ويلبسون ألين الثياب وألوانهاء ويركبون فرّه الخيل / وألواتهاء لهم بطون من القليل لا تشبعء وأنفس بالكثير لا تقنع عاكفين على الدنياء يغدون إليها ويروحون» اتخذوها آلهه من ذون إِلههم؛ ورباً من دون ربهم إلى أمرها ينتهون وهواهم يتبعون فعزيمة من محمد بن عبد الله لمن أدرك ذلك الزمان من عقب عقبكم» وخلف خلفكم أن لا يسلم عليهم» ولا يعود مرضاهم؛ ولا يتبع جنائزهم ؛ ولا يوقر کبیرهم » ومن فعل ذلك فقد أعان على هدم الإسلام. وعنه عليه السلام قال: «دعوا الدنيا لأهلهاء من أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه أخذ حتفه وهو لا يشعر“. وروي أن رجلا قال : يا رسول الله ما لي لا أحب الموت. قال : «هل معك من مال»)؟ قال: نعم يا رسول الل قال: «قدم مالك فإن قلب المرء مع ماله أن قدمه أحب أن يلحقه وإن خلفه أحب أن يتخلف معه”° . وعنه عليه السلام أنه قال: «أخلاء اين آدم ثلاثة؛ واحد يتبعه إلى قبض روحه» والثاني )۱( رواه الطبراني من حديث عبد الرحمٰن بن أبزي بلفظ : «المكثرون»ء ولم يقل: «في عباد الله ورواه أحمد من حديث آبي سعيد بلفظ: «المكثرون»ء وهو متفق عليه من حديث أبي ذر: «هم الأخسرون» فقال أبو ذر: من هم؟ فقال: «هم الأكثرون أموالاً إل من قال هکذا» الحديث. قالء العراقي في المغنى )۲۲/۳( (۲) غريب لم أجده بهذا اللفظء وللطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب من حديث عبد الله : «شرار أمتي الذين ولدوا في النعيم وغذوا به يأكلون من الطعام ألوانا». وفيه أصرم بن حوشب ضعيف» ورواه هناد بن ابن السري في الزهد من رواية عروة بن رويم مرسلا» وللبزار من حدیث أي هريرة بسند ضعيف: «إن من شرار آمتي الذين غذوا بالنعيم وتنبت عليه أجسامهم. قاله العراقي في المغنى (۳/ 66). (۳) رواه الطبراني في الكبير والاوسط من حديث أبي أمامة: «سيكون رجال من أمتي يأكلون ألوان الطعام؛ ويشريون ألوان الشراب؛ ويلبسون ألوان الثياب يتشدقون في الكلام أولتك شرار أمتي». وسنده ضعيف» ولم أجد فيه أصلا. قاله العراقي في المغنى (۳/ ۲۲۷). () رواه البزار من حديث أنس وفيه هانىء بن المتوكل ضعفه ابن حبان» راجع المصدر السابق. (٥) لم أف عليه - العراقي في المصدر السابق. قنطرة الدنيا ٣٤۲ إلى قېره» والثالثٹ إلى محشره»؛ فالذي يشعه إلى فبض روحه ماله › والذي يتبعه إلى فبره فأهلهء والذي يتبعه إلى محشره عمله»*. وقال الحواريون لعیسى عليه السلام: ما لك تمشي على الماى ولا نقدر نحن على ذلك؟ قال لهم: ما منزلة الدنانير والدراهم عندكم؟ قالوا: حسنة. قال: لكنهما عندي والمدر سواء. وروي أن سلمان رحمه الله كتب إلى أبي الدرداء يا أخي إياك أن تجمع من الدنيا مالا تؤدي شكره» فإني سمعت رسول الله يَأ يقول: «يجاء بصاحب الدنيا الذي أطاع الله فيها وماله بين يديهء فكلما تكفى به الصراط قال له: امضي قد أديت حق الله في ثم يجاء بصاحب الدنيا الذي لم يطع الله فيهاء وماله بين كتفيه كلما تكفا به الصراط قال له: ويلك ألا أديت حق الله فى فما يزال كذلك حتى يدعو بالويل والثبور”"" وكل ما تقدم من الأخبار في ذم الدنيا فهو يتناول / ذم المال بحكم العموم؛ لأن المال أعظم أركان الدنيا. [۲۸۸/ ب[ وقد قال يِل نيما بلغنا: «لا تتخذوا الضيعة فتحبوا الانيا" . وقال أيضاً: «إذا مات العبد قالت الملائكة: ما قدم؟ وقالت الناس: ما خلف؟ . وأما الأثار: فقد روي عن الحسن البصري أنه قال: والله ما أعز الدنائير والدراهم أحد إلا أذله الله عز وجلا. وقيل: أول ما ضرب الدنانير والدراهم رفعهما إيليس ووضعهما على جبهته [ثم قبلهما]' فقال: من أحبكما فهو عبدي حقاً. قال الله تعالى: «والَذِين يَكَنرُونَ الْذْحَبَ وَألفِضّة€” الآية. ويقال: إنها لما تزلت هذه الآيةء قال اللبي يلأ: «تباً للذهب» تباً للفضة». () رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط من حديث النعمان بن بشير بإسناد جيد نحوهء ورواه ابو داود الطيالسيء وآبو الشيخ في كتاب الثواب والطبراني في الأوسط من حديث أنس بسند جيد أيضا وفي الكبيم من حديث سمرة بن جندب وللشيخين من حديث أنس يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى واحد الحديث - قاله العراقي في المغنى (۳/ ۲۲7). )۲( قلت ليس هو من حديث سلمان إنما هو من حديث أبي الدرداء أنه كتب إلى سلمان كذا روا البيهقي في الب وقال بدل الدنيا المال وهو منقطع. قاله العراقي في المصدر السابق. )۳( رواء الترمذي والحاكم وصحح إسناده من حديث ابن مسعود بلفظ فترغبوا قاله العراقي في )٤( رواء البيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة يبلغ به. (المغنى ۳/ ۰)۲۲۷ )0( ما بين المعقوفين من إحياء علوم الدين (۳/ ۲۸)٠ () سورة التوبة الاية: ٢٤۳. المغنى (۴/ ۲۲۸). ‎YE‏ قنطرة الدنيا ‏فشي ذلك على أصحابهء فقالوا: وأي مال نتخذ؟ فقال يٍَ: «لسان ذاكرء وقلب شاکرء وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على دینه»٩. ‏وعن أبي أمامة قال: مات رجل من أهل الصفة فوجد في مئزره ديناران. فقال عليه السلام: «كيتان»”. ‏وروي أن رجلا نال من آبي اللرداء وأراه سوءاً فقال : الهم من فعل في سوءاً فأصح جسمه؛ وأطل عمرهء وآکٹر ماله . فانظر كيف رأی مع كثرة المال غاية البلاء مع صحة الجسم ‏وطول العمر؛ لأنه لا بد أن يفضي به ذلك إلى الطغيان . ‏وروي أن علياً بن أبي طالب وضع في كفه ذهباً ثم قال: أما إنك ما لم تخرج عني لا ر ني . ‏وروي أن عمر رضي الله عنه أرسل إلى زينب بنت جحش زوجة النبي يَيٍ بعطائهاء ‏فقالت: ما هذا؟ قالوا: أرسل إليك عمر بن الخطاب رضي الله عنه. قالت: غفر الله له. ثم ‏حلت ستراً کان لها فقطعته صرراء وقسمته بين أهل رحمها وأيتامهاء ثم رفعت يديها وقالت: ‏اللهم لا يدركني عطاء عمر بعد عامي هذا. فكانت أول نساء رسول الله ي لحقت به. ‏[۲۸۹/ أ[ وقال بعض العلماء : إن الدنانير والدراهم أزمة / المنافقين يقادون بها إلى النار. وينشد: اللار آخر دينار نطقت به والهم آخر هذا الدرهم الجاري والمرء بينهما إن لم يكن ورعا ماذا يكابد بين الهم والتنار وذلك أن الدينار والدرهم هما الدنيا كلها إذ يتوصل بهما إلى جميم أصنافهاء فمن صبر إني وجدت فلا تظنن غيره هذاالتورع بين هذا الدرهم وإذا ظفرت بدرهم فتركته فاعلم بأن تقواك تقوى مسلم وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله يٍَ: «لكل أمة عجل يعبدونه» وعجل أمتي هذان ‏الحجران: الذهب والفضة” . ‏(۱) أطراف الحديث عند: أحمد في المسند (٥/ ۳۱۲). المتقى الهندي في الكنز (١١٠6ء 6۳۱۲ء 1۳۱۳). وابن كثير في التفسیر (٤/۸۱). ‏(۲) رواه أحمد من رواية شهر بن حوشب عنه؛ قاله العراقي في المغنی (٤/۲۷۱). ‏(۳) روا أبو منصور الديلمي من طريق أيي عبد الرحمٰن السلمي من حديث حذيفة بإسناد فيه جهالة. قاله = ‎ ‎ قنطرة الدنيا ‎to‏ وعن يحيى بن معاذ أنه قال: الدرهم عقرب فإن أحسنت رقيته فخذه وإلا فلا تأخذه؛ فإنه إن لدغك فتلك سمه. فيل : وما رفیته؟ قال : أخذه من حله ووضعه في حقه. وینشد: ولدى الدرهم فانظر غيه أو ورعه وعنه يله أنه قال: «ما من أحد غني ولا فقير إلا ود يوم القيامة أنه لم يؤت من الدنيا إلا ّ 6 فو ۰ وعنه عليه السلام أنه قال: «طوبى لمن رزق الإسلام وهدى له وكان عيشه كفافاً ورزق القنوع فقنم»". وكان الأوزاعي كثيراً يتمثل بهذه الأبيات : ليس المتقى بمتت لاإلاهه حتى يطیيب طعامه وشرابه وعن يحيى بن معاذ أنه قال: مصيبتان لم يسمع الأولون والأخرون يمثلهما للعبد في ماله عند موته. قيل: وما هما؟ قال: / يؤخذ منه كله ويسأل عنه كله وأمثال هذه الأثار كثيرة. [۲۹۰/ب] بيان وجه الحكمة في الجمع بين مدح المال وذمه اعلم أن الله سبحانه قد سمى المال خيراً في مواضع من كتابه وسماه فتنة أيضاًء وجعل الدنيا دار تكليف وعمل كما جعل الاخرة دار جزاء وقرار وخلق الإنسان للعبادة» وجعله محتاجاً إلى أمور لا تقوم البنية إلا بهاء ولا يعيش الإنسان إلا من أجلها من الطعامء والشراب› واللباس» والمسكر. وجعله محتاجاً عاجزاً فجعل لتيل حاجته أسباباً ولدفم عجزه حيلا دله بالعقل عليها وأرشده بالفطنة إليهاء فقال تعالى: «وَالَذِي قَدَرَ فَهَدَى€”. فقال مجاهد: قدر أحوال خلقه فهدى إلى أسباب سبل الخير والشر. = العراقي في المغني (٤/۱۹۸). 09 رواه ابن ماجة من رواية نفيع بن الحارث عن أنس» ونفيع ضعيف. قاله العراقي في المغني )۲۳۲/۳( . () رواه الترمذي وصححه؛ والنسائي في الكبرى من حديث فضالة بن عبيدء ولمسلم من حديث عبد الله بن عمرو «قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما آنا قاله العراقي في المصدر السابق. (۳) سورة الأعلى الآية: ۳. ٢٢ قنطرة الدنيا وعن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالی : لوَهديناه اَلسَحدر نې . قال : يعني الطريقينء طريق الخير وطريق الشرء ثم لما كان العقل دالا على أسباب ما تدعو الحاجة إليء جعل تعالى الأمور والأرزاق موقوفة على ما قسم وقدر لكيلا يعتمدوا في الأرزاق على عقولهمء وفي العجز على فطنهم لتدوم له الرغبة والرهبة ويظهر منه تعالى الغنى والقدرة ولذلك فيل : كم من حريص عليها لا تساعده وعاجز نال دنياه بتقصير لو كان عن حيلة وعن مغالبة طار البزاة بأرزاق العصافير وقيل لبزرجمهر: تعال نتناظر في القدر. قال: وما أصنع بالقدر والمناظرة فيهء رأيت إلى العباد. فلما كان الإنسان مضطراً كما قدمنا لزمه أن يصرف إلى دنياء حظاً من عنايته؛ لأنه لا غنى به عن التزود منها لأخرته» ولا له به عن سد الخلة فيها عند حاجته . 0 3 وليس /في هذا الكفاية عن الرغبة فيها بل الراغب فيها ملومء وطالب فضولها مذموم والرغبة إنما تختص بما جاوز قدر الحاجة والفضول إنما ينطلق على ما زاد على الكفاية . ومقصد الأكياس وأرباب البصائر وسعادة الأخرة التي هي النعيم الدائمء والملك المقيم› إذ قال َي : «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت. وفي خبر آخر: سئل عن أكرم الناس وأكيسهم. فقال: «أكثرهم للموت ذكراً وأشدهم له استعداد. فهذه السعادة لا تنال إلا يثلاثة أشياء: في الدنيا وهي الفضائل النفسية: كالعلم› وحسن الخلق›ء والفضائل البدنية. كالصحةء والسلامةء والفضائل الخارجة عن البدن: كالمالء وسائر أسباب التمتع فأعلاها النفسيةء ثم البدنيةء ثم الخارجة وهي أخسهاء والمال من جملة الخارجات» وادناها الدنائير والدراهم؛ لأنهما خادمان لدرك حاجات النفس المطلوب سعادتها ولا خادم لهما؛ لأنهما ممن أدان لغيرهما لا لذاتهماء إِذ هما حجران لا يۇكلان ولا يشربان والنفس تخدم العلم والمعرفة ومكارم الأخلاقء لتحصلها صفه في ذاتهاء (١) سورة البلد الآية: ١٠. () رواه الترمذي؛ وابن ماجة من حدیث شداد بن أوس. قاله العراقي ف في المغني )۸/۳٦۳( . قنطرة الدنيا ‎Y۷‏ والبدن يخدم النفس بالأعضاء والحواس والمطعم والملبس والمنكح يخدمن البدن. أما المطعم والمليس فلبقاء البدنء وأما المنتكح فلبقاء نسلهء فالبدن يخدم النفس لتزكيتها وتزينها بالعلم والعمل› فمن عرف هذا الترتيب فقد عرف. قدر المالء ووجة شرفه› وأنه خير من حيث هو ضرورة المطاعم والملابس التي هي ضرورة بقاء البدن الذي هو ضرورة بقاء النفس التي تطلبه لها السعادة. فتبين مما ذكرنا أن المال خيرء ويصلح أن يتخذ إِله وعدة للمعاصي التي هي الصارفة للإنسان عن سعادة الأخرة فهو إِذاً فتنة وشر فمن اتخذ من الدنيا أكثر ما يكفيه أخذ حتفه وهو لا يشعر كما / ورد به الخبرء ولما كانت الطباع مائلة إلى إتباع [۲۹۲/ب] الشهوات القاطعة عن طريق الأخرةء وكان المال مسهلاً لها وعدة لها عظم الخطر فيما يزيد على الكفايةء فاستعاذ الأنبياء من شره حتى قال نبينا عليه السلام: «اللهمَ اجعل قوت آل محمد كفافا. فلم يطلب من الدنيا إلا ما لا بد منه. وكان خيراً له فلما كان المال يحتوي على فوائد منجية وغوائل مهلكة كان ينبغي لنا أن نشير إلى مجموع فوائده وتفصيل غوائله» وبالله فصل: في بيان تفصيل غوائل المال وفوائده اعلم أن المال مثل الحية فيها سم ناقعء وترياق نافمء ففوائدها ترياقها الذي يعمل من لحمها وآفاتها سمومهاء فمن عرف غوائلها وأفاتها أمكنه أن يحترز من شرهاء وينتفع بخیرها. وأما الفوائد فهي تنقسم إلى: دنيوية يشترك الناس في معرفتها ولولا ذلك لم يتهالكوا في طلبهاء وإلى دينية تتحصر بجميعها في ثلاث أنواع : الأول: أن ينفقه على نفسهء إما في عبادة يؤديها كالحج والجهادء وهما من أمهات القرباتء والفقير المحروم من فضلهما. وأما أن ينفقه فيما يقويه على العبادة» وذلك هو على الدين من الفوائد الدينيةء ولا يدخل فيها التتعم؛ لأنه من حظوظ الدنيا. الثاني : ما يصرف إلى الناس وهو أربعة أقسام : أحدها: الصدقةء ولا يخفى ثوابها؛ فإنها تطفىء غضب الرب تعالى . () ذكره الزييدي في إتحاف السادة المتقين (۸/١١١)ء (۲۸۳/۹). وقال العراقي في المغني (۳/ ۲6۹): متمق عليه من حدیث أي هريرة. () راجع معظم الباب في الإحياء (۲۲۹/۳). ‎YEA‏ فنطرة الدنيا ‏الثاني : المروءة ونعني به صرف المال في الأغنياء والأشراف في هديةء وضيافةء ‏وإعانةء وما يجري مجراه؛ فإنها أيضاً من الفوائد الدينية إذ به يكسب العبد اللإخوان والأصدقاء [1/۹۳]/ ويتصف بالسخاء والجود» وهذا أيضاً مما يعظم الثواب فيهء فقد وردت أخبار كثيرة في ‏الهدايا والضيافات» وإطعام الطعام من غير اشتراط الفقر والفاقة في مصارفها. ‏والثالث: وقاية العرض ونعني به بذل المال لقطع ألسنة السفهاء ودفع شرهم واغتنابهم إذا قال يَ: «ما وقى به المرء عرضه فهو صدقةه. فكيف لا وفيه منم المغتاب من معصية الغيبةء وإحتراز عما يؤثر من كلامه من العداوة التي تحمل على المكافأة والانتقام. ‏الرابع: الاستخدام وذلك أن الأعمال التي يحتاج إليها الإنسان لتهيئة أسباب المعيشة كثيرة لو تولاها الإنسان بنفسه ضاعت أوقاتهء ولم يصل إلى العلم والعمل فضلاً عن الفكر والذكر الذي هو أعلى مقامات السالكين لطريق الأخرةء ومن لا مال له قيحتاج إلى خدمته بنفسه من كسب القوت وعلاجه وغير ذلك فيشتغل عن العلم والعمل والذكر والفكر. ‏التوع الثالث: ما لا يصرفه إلى إنسان معين ولكن يحصل به خير عام : كبناء المساجد› والمدارس» والرباطات» ونصب الأخباب فى الطرق» وحفر الأنهار والآبار لاجر وما أشبه ذلك من الخيرات المؤبدة الدائمة بعد الموت المستجلبة أدعية بركة الصالحين إلى أوقات متمادية» وناهيك بها خيراًء فهذه جملة فوائد المال في الدين سوى ما يتعلق بالحظوظ العاجلة من الإخلاص: من ذل السؤالء وحقارة الفقرء والوصول إلى العز والمجد بين الخلقء وكثرة الإخوان والأعوان والأصدقاى والتوقير والكرامة في القلبء وكل ذلك مما يقتضيه المال في الحظوظ الدنيوية. وأما آفات المال أيضاً فتنقسم إلى : دينية ودنيوية. ‏أما الدينية : فثلاثة : ‏]1/۹4[ الأولى: أن يجر إلى المعاصي بإتباع الشهوات؛ لأن المال نوع من / القدرة يحرك داعية ‏المعاصي وإرتكاب الفجور» فإن اقتحم ما اشتهاء هلك؛ وإن صبر وقع في شدةء إذ الصبر مع القدرة أشد وفتنة السراء أعظم من فتنة الضراء . ‏الثانية: أن يجر إلى التتعم في المباحات هذا أقل الدرجات» فإن اعتاد التتعم واشتد أنسه ‏(١) في الأصل: بها. وهو لحن أو سهو من الناسخ والتصويب من الإحياء (۳/ ۲۳۰). (۲) روا آبو يعلي من حديث جابر. قاله العراقي في المغني (۳/ ٢۲۳). ‎ ‎ قنطرة الدنيا ۹٢۲ بها ريما لا يقدر على التوصل إليه بالكسب الحلال فيقتحم الشبهات وسائر الأخلاق الردية ليتتظم له أمر دنياءء ويتيسر له التنعم فيهاء فإن من كثر ماله كثرت حاجته إلى الناس فينافقهم ويداريهم ويداهنهم» ويعصي الله تعالى في طلب مرضاتهم ليسلم له مالهء ون قل مالهء وهو قد اعتاد التنعم فلا بد من مباشرة المحضورات ليتيسر له من الناس قضاء الحاجاتء ومن الحاجات إلى الخلق تثوّر العداوة والصداقةء وينشاً عليها الحسد والحقد والرياء والكبر والكذب والغيبة والنميمة وسائر معاصي القلب واللسانء ويتعدى ذلك أيضا إلى معاص الجوارحء وكل ذلك من شؤم المال والحاجة إلى حفظه وإصلاحه. والثالثة: يشغله إصلاحه عن ذكر الله وقد قال تعالى: لا تُلَهيكُم اْوَالْكُمْ ولا لمكم عَنْ ذِكُر لڳ . وكل ما شغل العبد عن ذكر الله فهو حسرات» ولذلك قال عيسى عليه السلام: من المال ثلائة: أن تأخذه من غير حله. قيل: إن أخذه من حله"؟ قال: أن يضعه في غير حقه. قيل : إن وضعه في حقه؟ قال: يشغله إصلاحه عن ذكر الله تعالى وفي خبر آخر قال عليه السلام : «حب الدنيا رأس كل خطيئة والمال فيها داء کبیرا. قيل: فما دواءه؟ قال: «يأخذه من حله ويضعه في حقه». قیل: فن فعل؟ قال: «يشغله إصلاحه عن ذكر الله تعالى»”" وهذا هو الداء العضالء فإن أصل العبادة ومخها ذكر الله/ تعالى [٥۲۹/ب] والتفكر في أفعاله ويستدعى ذلك قلباً فارغاًء وصاحب المال مشغول القلب بالتفكر في إصلاح ماله وأسباب حفظهء وأودية أفکار الدنيا لا نهاية لهاء والذي معه قوت يومه في سلامة من جميم ذلك إذا رزق القناعة . وأما الآفات الدنيوية: فهي ما يقاسيه أرباب الأموال من الأخطار والأهوال والهم والتعب وخوف القطاع والسلاطين الظلمة ودفع الحساد وأصحاب الطمع عنه وغير ذلك من تجشم المصاعب في حفظ المال وكسبهء فإذا ترياق المال أخذ القوت وصرف الباقي إلى الخيرات وما عداه هموم وآفات؛ وبالله التوفى“. () سورة المنافقون الآية: ۹. () في الأصل: من غير حله. ولفظ غير زائد على السياق فحذفته والتصويب من الإحياء (۲۳۱/۳). (۳) قال العراقي عن الشطر الأول منه في المغنى (۱۹۷/۳): رواه ابن أبي الدنيا في ذم الدنياء والبيهقي في شعب الإيمان من طريقه من رواية الحسن مرسلاً. () راجع الباب في إحياء علوم الدين ۳/٠۲۳: ۲۳۱). وفيه تفصيل أكثر. ‎Yor‏ قنطرة الدنيا فصل ‏ومن کتاب الضياء وغیره قال : وقد اختلف الناس في تفضيل الغنى والفقر مع اتفاقهم إن ما أحوج إلى الفقر فمكروه» وما أبطر من الغنى فمذمومء فذهب قوم إلى تفضيل الغنى على الفقر؛ لأن الغنى مقتدر والفقر عاجزء والقدرة أفضل من العجز. قال: وهذا مذهب من غلب عليه حب النباهة . ‏وروي عن النبي َل أنه قال: «كاد الحسد أن يغلب القدر» وكان الفقر يكون كفره. ‏وقال بزرجمهر: إن كان شيء فوق الحياة فالصحة وإن کان شيء مثلها فالغنی ون کان شيء فوق الموت فالمرض؛ وان کان شيء مثله فالفقر . وقال في منثور الحكم : القبر خير من الفقر . قال : وجد في نیل مصر مکتوب علی حجر : عاقبة الصبر نجاح › وغنى ورداء الفقر من نسج الكسل. وقد روى عن النبي يِل أنه قال: «الفقر الموت الأحمر». وقال في دعائه: «اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبره". وقد تقدم من الأدلة على فضل الغنى ‏[/ ]رما يكفي قال : وذهب أخرون إلى تفضيل / الفقر على الغنى. قالوا: لان الفقير تارك والغني ‏ملابس وترك الدنيا أفضل من ملابستها. قال: وهذا مذهب من غلب عليه حب السلامة . ‏وقد روي عن النبي يَأ أنه قال: «أول من يقرع باب الجنة فقراؤكم» وأهل الجنة ضعفائكم» وشرار أمتي من يساق إلى النار بالأقماع». قيل: ما الأقماع؟ قال: «الذين إذا أكلوا ‏هوا ‏وعنه عليه السلام: «يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الأغنياء بتصف يوم من أيام الأخرة». وذلك خمسمائة سنةء والفقير أفضل من الغني لأن النبي يَأ عرضت عليه خزائن السموات الأرض فاختار تركهاء فصبر على الفقرء فمحال أن يختار أدنى الحالتين بل اختار أفضلها والله أعلم. قال: وعيرت اليهود عيسى عليه السلام بالفقر. فقال: من الغنى أنيتم . ‏() أطراف الحديث عند: الزبيدي في الإتحاف (۸/٠0)› ابن الجوزي في تذكرة الموضوعات (٤۱۷)ء والعجلوني في كشف الخفا (۱9۹/۲)› العقيليء في الضعفاء (١/۲04) (۲01/4)ء ابن أبي شيبة في المصنف (4/۹٤۹)ء وابن الجوزي في العلل المتناهية (۲/ ٠۳۲). ‏(۲) أطراف الحديث عند: النسائي في المجتى (۷/۸١۲)› أحمد في المسند (٠/٠۳ ۳۹ء ١٤)؛ء الحاكم في المستدرك (۱/٥۳ ٢٢۲)› وابن السن في اليوم والليلة (7٦ء 80ء ۹8). ‏(۳) أطراف الحديث عند: أحمد في المسند (١4/۱)› المنذري في الترغيب والترهيب (۲۷/۳)ء وأبي نعيم في الحليلة (4۹/۳)ء وابن الجوزي في العلل المتناهية (۲/ 64٦۲). ‎ ‎ قنطرة الدنيا وعن عمر رضي الله عنه أنه قال : من نيل الفقراء آنك لا تجد أحداً يعصي الله ليفتقرء فأخحذه محمود الوراق فقال : يا عايب الفقر الا تزدجر من شرف الفقر ومن فضله نك تعصي كي تنال الغنى وقال ابن المقفع : دليلك أن الفقر خير من الغنى لقاءك مخلوقاً عصى الله بالغتى على الغنى لو صح منك النظر ولست تعصي الله كي تفتقر وأن قليل المال خير من المشر ولم تر مخلوقاً عصى الله بالفقر Yo\ وعن أبي الدرداء قال رسول الله يَلٍ: «ما من يوم طلعت فيه شمسه إلا وعلى جنبها وكفى خير مما كثر وألهىء". وقد تقدم أيضاً من دليل الفقر ما فيه كفاية . على كل حال؛ فإن نسياني يقسي القلوب» وإن كثرة المال تكثر العيوب يا موسى إذا رأيت المال مقبلاً فذلك ذنب عجلت عقوبته› وإذا ریت الفقر مقبلً فقل : مرحباً بشعار الصالحين . وقد روي عن النبي يلو أنه قال: «إن هذا الدرهم والدنيا أهلكا من قبلكم وهما مهلكاكم». قال: وسئل عبد الله بن عباس عن الدرهم والدنيار. فقال: أما الدرهم فدار هم وأما الدنيار فدار نار. والأخبار في مثل هذا كثيرة . قال: وذهب أخرون إلى تفضيل التوسط بين الأمرين بأن يخرج من حد الفقر إلى أدنى مراتب الغنى ليصل إلى فضيلة الأمرينء ويسلم من مذمة الحالينء وهذا مذهب من يرى تفضيل الاعتدال وأن خير الأمور أوسطها وبذلك نطق القرآن قال الله تعالى : والْذِين ذا أَنفَقُوا ا ,د ‎WAE PE Ê o‏ )۳( يُسرفوا وَلمْ يََنرُوا وَكان بين ذلك قواما »۰ ٠. (۱) (۲) (۳) أطراف الحديث عند: المنذري في الترغيب والترهيب (44/۲)ء (۱۹۹/4)ء والزبيدي في الإتحاف (۱۲/۸)) والسيوطى في الدر المتثور (٦/۲)ء والمتقى في الكتز (117 £۳). أطراف الحديث عند : اي نعيم في الحلية: (٤/۱۱۲)» الطبراني في الكبير (١٠/۱۱۷)؛ الهيثمي في المجمع (۱۲۲/۳)؛ والمتقى الهندي في الكنز (۷١٠1). سورة الفرقان الآية: 1۷ . ‎YoY‏ قنطرة الدنيا ‏قال لنبيه عليه السلام: ولا تَجُعَل يدك مَغْلُولَة إلى عُسْقِكَ ولا تَسْطْهَا كُلّ الط فََفْمُدَ مَلُوماً مَحشوراً 4 . فتبين أن الاعتدال في الإنفاق خير من الإسراف والإقتار هذا مع ما وردت به السنة عن النبي عليه السلام أنه قال: «خير الأمور أوسطهاء”” . ‏وعن علي بن آبي طالب أنه قال: خير الأمور النمط الأوسط إليه يرجع العالي وبه يلحق الداني وينشد: ‏لاتذهبن في الأمورفرطا لا تسآلن إن سآألت شططا ‏وكن من الناس جميعاً وسطا وقال أخر: عليك بأوسط الأمور فإنها نجاة ولا تركب ذلولاً ولا صعباً ‎[Î /۲۹۸[‏ وحكي عن أبي المعتمر السلمي أنه قال: الناس ثلائة أصناف: أغنياء / وفقراء وأوساط . ‏فالفقراء: موتى إلا من أغناه الله بعز القنوعء والأغنياء: سكارى إلا من عصمه الل بتوقع الخيرء وأكثر الخير مع أكثر الأوساطء وأكثر السوء مع أكثر الفقراء والأغنياءء لسخف الفقر وبطر الغنى. وقال بعض الشعراء : ‏أعوذ بك اللهم من بطر الغنى ‏ ومن نهكة البلوى ومن ذلة الفقر ‏ومن أمل يمتد في كل شارق ويرجعني منه بحظ يد صفر ‏إذا لم تدنسني الذنوب بعارها فلست أبالي بما تشعب من أمر ‏وهذا القول عندي في أعدل الأقاويل؛ لأن البي عليه السلام إستعاذ من الفقر المدقع ومن الغنى المبطر وسأل ربه الكفاف وهي النجاة والعفاف» وبالله التوفيق . ‏الباب الثالٹث فى أمثلة الدنيا اعلم أن الدنيا سريعة الفناء› وشيكة الانقضاءء تعد باليقاء » ثم تغلف في الوفاءء تنظر (١) سورة الإسراء الآية: 7۹. ‏(۲) روا البيهقي في شعب الإيمان من رواية مطرف بن عبد الله معضلاً. قاله العراقي في المغنى (۳/ 6٦ 5٥)› (۳/ ١٦٠). ‎ ‎ قنطرة الدنيا ‎Yo‏ إليها فتراها ساكنة مستقرة» وهي ساثئرة سير عنيفاًء ومرتحلة ارتحالاً سريعاً. ولكن الناظر إليها قد لا يحس بحركتها» فيطمثن إليهاء وإنما يتحسر عند إنقضائهاء ومثالها في ذلك كالظل» فإنه متحرك في الحقيقة ساكن في الظاهر» لا تدرك حركتها بالبصر الظاهر بل بالبصيرة الباطنة. ويروي أنه ذكرت الدنيا عند الحسن فقال : حلام نوم أو كظل زائل إن اليب بمشلهالا يخدع ومن كتاب سراج الملوك: وقال وهب بن منبه: صحب رجل بعض الرهبان سبعة آيام يستفيد منه شيثاً فوجده مشغولاً عنه بذكر اللهء والفكر لا يفترء ثم التفت إليه في اليوم السابع . فقال: يا هذا قد علمت ما تريدء حب الدنيا رأس كل خطيئةء والزهد في الدنيا رأآس کل /خيرء والتوفيق تاج كل بر. فقال: كيف أعرف ذلك؟ قال: كان جدي رجلا من الحكماء قد [۲۹۹/ب] شبه الدنيا بسبعة أشياء: بالماء المالح يغر ولا يرويء يضر ولا ينفعء وبالبرق الخلب يغر ولا ينتفع وبسحاب الصيف يغر ولا يمطرء وبظل الغمام يغر ويخذلء وبزهر الربيع يغر بنظرته ثم يصفر فتراه هشيماء وبأحلام النائم يرى السرور في منامه فإذا استيقظ لم يجد إلا الحسرةء وبالعسل المشوب بالسم الزعاف يغر ويقتل. قال: فتدبرت هذه الأحرف السبعة سبعين سنةء ثم زدت عليها حرفاً آخر فشبهتها بالغول التي تهلك من أجابها وتترك من أعرض عنها. ثم رايت جدي في المنام فقال لي: يا بني آنت مني وآنا منك هي والله کالغول تهلك من اجابها وتترك من أعرض عنها قال: فبأي شيء يكون الزهد في الدنيا؟ قال: باليقين» واليقين بالصبر› والصبر بالعبر» والعبر بالفكر. ثم وقف الراهب فقال: خذها ولا أراك خلفي متجرداً بقول دون فعل. فكان ذلك آخر العهد. وكان الحسن بن علي يتمثل ويقول: يا أهل لذة دارلابقاء لها إن إغترارا بظل زائل حسق وکان یری أنه من قوله. ويقال: نزل أعرابي بقرم فقدموا له طعاماء فاکل ثم قام إلى ظل خيمة لهم فنام هناك فاقتلعوا الخيمة فأصابته الشمس فانتبه وقام وهو يقول: ألا إنما الدنيا كظل بيته ولابد يوماً أن ظلك زائل وعن النبي يي أنه قال: «الدنيا حلم وأهلها عليها مجازون أو معاقبون»". وقيل لحكيم: أي شيء أشبه بالدنيا؟ قال: أحلام النائم . (١) لم أجد له أصلاً. قاله العراقي في المغنى (۳/٠٠۲). ‎Yo‏ قنطرة الدنيا ‏وقال بعض العلماء: ما شبهت نفسي في الدنيا إلا کرجل نام فرأی في منامه ما یکره وما [/1]يحب» فبينما هو كذلك إذا انبته فكذلك /الناس نيام فإذا ماتوا انتبهواء فإذا ليس بأيدیهم شيء ‏مما ركنوا إليه وفرحوا به" . ‏مثال آخر للدنيا في عداوتها لأهلها وإهلاكها بنيها: اعلم أن طبع الدنيا التلطف في الاستدراج أولأء والتوصل إلى الهلاك آخراء وهي كامرأة تتزين للخطاب حتى إذا تكحتهم ذبحتهم . ‏وقد روي أن عيسى عليه السلام: كوشف بالدنيا فرآها في صورة عجوز هتماء عليها من کل زینة فقال لھا: کم تزوجت؟ فقالت : لا أحصيهم . فقال : أو كلهم مات عنك أو كلهم طلقوك؟ فقالت: بل كلهم قتلت. فقال عيسى: بؤساً لأزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بأزواجك الماضين؟ كيف تهلكينهم”"" واحداً واحداً فلا يكونون منك على حذر؟ ‏مثال آخر: وقد روي عن علي بن أبي طالب كتب إلى سلمان الفارسي رحمه الله بمثال الدنيا فقال: مثل الدنيا مثل الحية يلين مسهاء ويقتل سمهاء فأعرض عما يعجبك منها لقلة ما يصحبك منها وضع عنك هموما لما أيقنت من فراقهاء وكن أسر ما تكون فيهاء أحذر ما تكون لهاء فإن صاحبها كلما إطمأن منها إلى سرور أشخصه عنها إلى مكروه والسلام. وينشد: ‏هي الدنيا كحية تنفث السم وإن كانت المحية لانت ‏مثال أخرء في تعذر الخلاص من تباعاتها بعد الخوض فيها: وروي عن النبي يَأ أنه قال: «مثل صاحب الدنيا كمثل الماشي على الماء هل يتسطيم الماشي على الماء أن لا تبتل ‏قدما . وینشد: ‏ألقوه في اليم مكتوفاً فقالوا له: إياك إياك أن تبتل بالماء فهذا يعرفك جهالة أقوام ظنوا نهم يخوضون في نعيم الدنيا بأبدانهمء وقلوبهم عنها [1/۱] مطهرةء وعلائقها عن بواطنهم منقطعة / ذلك مكيدة الشيطان؛ بل لو اخرجوا مما هم فيه لکانوا أعظم المتفجعين بفراقهاء كما أن الماشي في الماء يقتضي بللا يلتصق بالقدم لا محالة› ‏(١) في الأصل: بها والتصويب من الإحياء (۳/ ٠٠۲). ‏() في الأصل: تهلكم. وهو تحريف. والتصويب من المصدر السابق. ‏(۳) رواه ابن أبي الدنياء والبيهقي في الشنعب من رواية الحسن قال: بلغني أن رسول الله ي قال فذكر ووصله البيقهي في الشعب» وفي الزهد من رواية الحسن عن أنسء فاله العراقي في المغنى (۳/ 0)۲۱ ‎ ‎ قنطرة الدنيا ‎Yoo‏ ‏فكذلك ملابسة الدنيا تقتضي علاقة وظلمة في القلب لا محالة بل علاقة القلب مع الدنيا تمنع حلاوة العبادة. وقد روي عن عيسى عليه السلام أنه قال: بحق أقول لكم كما ينظر المريض إلى طعامه ولا يستلذ به من شدة الوجعء كذلك صاحب الدنيا لا يلتذ بالعبادة ولا يجد حلاوتها مع ما يجد من حب الدنياء بحق أقول لكم: إن الدابة إذا لم تركب وتمتهن تصعبت وتغير خلقهاء كذلك القلوب إذا لم ترفق بذكر الموتء وتنصب بالعبادة تقسو وتغلظ . وبحق أقول لكم: إن الزقاق ما لم تتخرق أو تنتحل توشك أن تكون وعاء للعسلء كذلك القلوب ما لم تخرقها الشهوة› أو يدنسها الطمع ء أو يقسها النعيمء يوشك أن تکون أوعية للحكمة. وقال نبينا عليه السلام: «إن ما بقى من الدنيا بلاء وفتنةء وإنما مثل عمل أحدكم كمثل الوعاء إذا طاب أعلاه طاب أسفلهء وإذا خبث أعلاه خبث أسفلهه . مثال آخر لما بقي من الدنيا: وقلته بالإضافة إلى ما سبق عن أنس قال: قال رسول الله يأو «مثل هذه الدنيا كثوب شق من أوله إلى آخره فيوشك ذلك الخيط أن ينقطع»"". مثال اخر لتأدية علائق الدنيا بعضها إلى بعض لدرجة الهلاك: وعن عيسى عليه السلام أنه قال: مثل طالب الدنيا کمثل شارب ماء البحر» كلما ازداد شرباً ازداد عطشاً حتى يقتله . مثال آخر لمخالفة آخر الدنيا أولها لنضارة أوائلها وخيث عواقبها: اعلم أن شهوات الدنيا في القلب لذيذة كشهوة الأطعمة في المعدةء وسيجد العبد عند الموت لشهوات الدنيا في قلبه من الكراهية / والنتن والقبح ما يجده للأطعمة اللذيذة إذا بلغت في المعدة غايتهاء وكما أن [٠۳۰/ب] الطعام كلما كان ألذ طعما وأكثر دسم وأظهر حلاوة کان رجیعه أقذر وأشد نتناً وكذلك كل شهوة في القلب هي أشهى وألذ فتنتها وكراهيتهاء والتأذى بها عند الموت أشدء بل هي في الدنيا مشاهدةء فإن من نهبت داره وأخذ ماله وأهله فتكون مصيبته وألمه وتفجعه في كل ما فقده بقدر لذته فيها وحبه لها وحرصه عليها فكل ما كان عند الوجود أشهى وألذ فهو عند الفقد 69 رواه ابن ماجة من حديث معاوية؛ فرّقه في موضعين ورجاله ثقات المرجع السابق. () رواء أبو الشيخ ابن حبان في الثواب» وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان من حديث أنس بسند ضعيف. المصدر السابق. ‎Y0‏ قنطرة الدنيا ‏وقد روي ُن النبي يٍَ قال للضحاك بن سفيان الكلابي : «ألست تؤتي بطعامك وقد ملح وقزح ثم تشرب عليه اللبن والماء؟». قال: بلى. قال: «فإلى ما يصير؟». قال: إلى ما قد علمت يا رسول الله قال: «فإن الله ضرب مثل الدنيا إلى ما يصير إليه طعام ابن آدم»” ٩ . ‏وعن أبي بن كعب أو غيره قال: قال رسول الله يَ: «إن الله ضرب الدنيا لمطعم ابن آدم مثلاً وضرب مطعم ابن آدم للدنيا مثلاً وإن قزحه وملحه»". ‏قال الحسن: قد رأيتهم يطيبونها بالأفاويه والطيب ثم يرمون بها حيث رأيتم. وینشد: ‏ولقد سألت الدار عن أخبارهم فتبسمست عجبا ولم تبدى ‏حتى وقفت على الكنيف فقال لي : أموالهم بكمالها عتندي ‏وقال الله سبحانه: لظ الإنْسَانْ إلى طَعَامه€”. ‏وعن ابن عباس قال: إلى رجيعه. وقال رجل لابن عمر: أريد أن أسألك وأستحي. قال: لا تستحي واسأل. قال: إذا قضى أحدنا حاجته فقام ينظر إلى ذلك منه؟ قال: نعم إن الملك يقول له: انظر هذا ما بخلت به صار إلى ما صار. ‎[i /۰۳[‏ وكان فيما بلغنا بعض السلف يقول: انطلقوا / بنا حتى أريكم الدنياء فيذهب بهم إلى ‏مزبلة فيقول: انظروا إلى ثمارهم ودجاجهم وعسلهم وسمنهم . ‏مثال آخر في نسبة الدنيا إلى الآخرة: وعن النبي يي أنه قال: «ما الدنيا في الأخرة إلا كمثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم فلنيظر بماذا يرجع إليه»*. ‏مثال آخر: لاغترار الخلق بالدنيا وضعف إيمانهم بقوله تعالى في تحذيره إِياهم بغوائل الدنيا. قال الحسن: بلغني أن النبي يٍَ قال لأصحابه: «إنما مثلي ومثلكم ومثل الدنيا كمثل قوم سلكوا مفازة غبراء حتى إذا لم يدروا ما سلكوا منها أكثر أو ما بقي» وقد أنفدوا الزاد وأحسروا الظهر وبقوا بين ظهراني المفازق لا زاد ولا حمولةء فأيقنوا بالهلكة فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم رجل في حلة يقطر رأسه فقالوا: قريب عهد بريف» وما جاءكم هذا إلا ‏() رواه أحمك والطبراني بنحوه وفيه: علي بن زيدبن جدعان مختلف فيه. قاله العراقي في المغنى (۳/ ۲۱۲( ‏)۲( رواه الطبراني› وابن حبان بلفظ : إن مطعم ابن آدم لد ضرب للدنيا مثلا . رواه عبد الله بن أحمد في زیاداته بلفظ : «جعل» - المصدر السابق. ‏() رواه مسلم من حديث المستورد بر, شداد المصدر سابق. ‎ ‎ قنطرة الدنيا ‎Yoy‏ من قريب» فلما انتهى إِليهم قال: يا هؤلاء. قالوا: ما هذا؟ قال: على ما آنتم؟ قالوا: على ما ترى. قال: أرأيتم إن هديتكم إلى ماء رواء ورياض خضر ما تعملون؟ قالوا: لا نعصيك شیئاً. قال: عهودكم وموائيقكم بالله . فأعطوه عهودهم ومواثيقهم بالله أن لا يعصوه شاً. قال : فأوردهم ماء رواء ورياضاً خضراء فمكث فيهم ما شاء الله. ثم قال لهم: يا هؤلاء. قالوا: ما هذا؟ قال: الرحيل. قالوا: إلى أين؟ قال: إلى ماء لیس کمائکم» وریاض ليست کریاضکم . فقال أكثرهم: والله ما وجدنا هذا حتی ظننا أن لا نجده وما نصنع بعيش خير من هذا؟ قال : وقالت طائفة وهم أقلهم: ألم تعطوا هذا الرجل عهودكم ومواثيقكم بالله أن لا تعصوه شيثاً وقد صدقكم في أول حديثه فوالله ليصدقنكم في آخره فراح فيمن اتبعه وتخلف بقيتهم؛ فبدر بهم العدو فأصبحوا من بين أسير وقتيل ”٩ . / مثال اخر لتنعم الناس في الدنيا ثم تفجعهم على فراقها: اعلم أن مثل الناس فيما [٤۳۰/ب] أعطوا من الدنيا مشل رجل هيأ دارا وزينهاء وهو يدعو إلى داره قوماً على الترتيب واحداً بعد واحد فدخل واحد الدار فقدم إلى طبق ذهب عليه بخور وریاحین يشمه ویترکه لمن يلحقه؛ لا لمن يتملكه ويأخذه فجعل رسمه فظن أنه قد وهب ذلك منه فتعلق قلبه به لما ظن أنه له. فلما استرجع منه ضجر وتفجع؛ ومن کان عالماً رسمه انتفع به فشكره ورده بطيب قلب واستراحة صدر فكذلك من عرف سنة الله في الدنياء علم أنها دار ضيافة سبلت على المجتازين لا على المقيمين ليتزودوا منهء وينتفعوا بما فيها كما ينتفع المسافرون بالعواري فلا يصرفون إليها كل قلوبهم حتى تعظم مصيبتهم عند فراقها. مثال آخر للدنيا وأهلها في اشتغالهم في نعيم الدنيا وغفلتهم عن الأخرةء وخسرانهم لها: واعلم أن أهل الدنيا في غفلتهم مثلهم كمثل قوم ركبوا سفينة وإنتهت بهم إلى جزيرة فأمرهم الملاح بالخروج لقضاء الحوائج وحذرهم المقام فيها وخوفهم مرور السفينة وإستعجالها› فتفرقوا في نواحي الجزيرة فقضى بعضهم الحاجة وبادر إلى السفينةء فصادف المكان خالياء فأخذ أوسع الأماكن وأوفقها لمرادهء وبعضهم توقف في الجزيرة ينظر إلى أزهارهاء وأنوارها العجيبةء وغياضها الملتفةء وطيورها الطيبةء فصار يلحظ من زينة أحجارهاء وجواهرها ومعادنها المختلفة الألوان والأشكال الحسنة المنظر العجيبة النقوش»ء ثم تنبه لخطر فوات () رواه ابن آبي الانيا هكذا بطوله لأحمد والبزار والطبراني من حديث ابن عباس: أن رسول الله يٍَ أتاء فيما يرى النائم ملكان. . الحديث وفيه: فقال: أي أحد الملكين إن مثل هذا وكمثل قوم سفر انتهوا إلى مفازة فذكر نحوه أخصر منه وإسناده حسن. قاله العراقي في المغنى (۲۱۳/۳: ٤0)۱ قناطر الخيرات ج/۲ ۷/۴ ‎Yo‏ قنطرة الدنيا ‏السفينةء فرجع إليها ولم يصادف فيها إلا مكاناً ضيقاً حرجا فاستقر فيهء وبعضهم أكب على [٠۲/ ]اتلك الأصداف والأحجار فأعجبه حسنها ولم تسمح نفسه /بإهمالهاء فاستصحب منها جملة فلم يجد في السفينة إلا مكاناً ضيقاً وزادته الحجارة ضيقاً وصارت ثقلاً عليه ووبالاء فندم على أخذه ولم يقدر على رميهء ولم يجد مكاناً لوضعهء فحمله في السفينة على عنقه وهو متأسف على أخذهء وليس ينفعه التأسف؛ء وبعضهم تولج الغياض ونسي المركب» وقعد في متفرجه› ومتتزهه حتى لم يبلغه نداء الملاح لاشتغاله بأكل تلك الثمار والنسيم لتلك الأنوار» والتفرج بين تلك الأشجارء وهو مع ذلك خائف على نفسه من السباع غير خال من السقطات والتكبات» ولا ينفك عن شوك ينتشب بثيابهء وغصن يجرح بدنهء وصوت هائل يفزع منهء فلما بلغهم نداء السفينة انصرف بعضهم مثقلاً بما معهء ولم يجد في المركب موضعا وبقي على الشط حتى مات جوعاً. وبعضهم لم يبلغه النداءء فسارت السفينةء فمنهم: من افترسته السباعء ومنهم: من تاه فهام على وجهه حتى هلك ء٤ ومنهم من مات في الأوحالء ومنهم: من نهشته الحيات وتفرقوا كالجيف المنتنةء وأما من وصل إلى المركب بثقل ما أخذه من الحجارة المزبرجةء فقد استرقته وشغله الحزن لحفظهء والخوف من فواتهء وقد ضيق عليه مكانهء فلم يلبث إلى أن ذبلت تلك الأزهارء وكمدت ألوان الأحجارء فظهر نتن ريحتهاء فصارت مع عفنها مضيقة عليه؛ ولم يجد حيلة إلا أن ألقاها في البحر هربا منهاء وقد أثر فيه ما أكل منهاء فلم ينته إلى الوطن إلا بعد أن ظهرت عليه الأسقام بتلك الروائح فبلغ سقيماً. ومن رجع قريب ولم يسعه المكان فتأذى بضيقه مدة ولكن لما وصل إلى الوطن استراح» ومن رجع أولً وجد المكان الأوسع ووصل إلى الوطن سالماً. فهذا مثال أصناف أهل الدنيا في اشتغالهم بحظوظهم العاجلة ونسيانهم عاقبة أمرهم» وما أقبح بمن يزعم أنه بصير عاقل أن تغره حجارة الأرض وهي الذهب والفضة وهشيم النبات وهي /]إزينة الدنيا / وشيء منه لا يصحبه عند الموت بل يصير كله وبالاً عليه وهو في الحال شاغل له بالحزن والخوف عليه وهذه حال الخلق كلهم إلا من عصمه الله منهم وقليل ما هم( . مثال آخر للدنيا ولابن آدم: وقد ضرب حكماء الهند مثلاً للدنيا ولابن آدم فقالوا: مثل ابن آدم؛ والدنياء وملك الموت كمثل رجل طرده الفيل فدخل له بستاناً فإذا فيه بئر فيه ثعبان فاتح فاه فدلی رجليه في البثرء فاستقرت على رؤوس آربع حيات صغار؛ وقد اعتمد هو على قصبة يخرج منها شيء حلو يمتصهء وفي أصل القصبة جرذان يقرضانها: أحدهما أبيض ‏)۱( راجع المثال في ٳحياء علوم الدين للغزالي )۲۱۲/۳ : ۲۱۴( ‎ ‎ قنطرة الدنيا ۹ والآخر أسود فشغله ذلك الشيء الحلو الذي يمتصه عن الفيل الذي خلفه والثعبان الذي تحتهء فبينما هو كذلك إذ ثار عليه بعض تلك الحيات فنهشته فوقع في فم الثعبان. قالوا: فالفيل ملك الموت يطرد الإإنسان لقبض روحه منذ خرجه من بطن أمهء والبستان مثل الدنياء والبثر مثل القبرء والحيات الأربع الطبائع الأربع التي ارتكبت عليها الأجسام وهي المرة السوداء والصفراء والدم والبلغم» والقصبة عمرهء والشيء الحلو رزقه والجرذان الليل والنهار يقطعان عمره» فإذا ثارت عليه إحدى الطباع كان ذلك سبب إنقطاع أجله فيموت فيقع في البثر وهو القبر والله أعلم . وقال بعض العلماء: الناس في الدنيا على ثلاث درجات : إحداها: درجة الفائزين وهم الذين لم تدنسهم الدنيا بأهل ولا مال يحاسبون عليها. والثانية: درجة المخاطرين وهم المقتصدون في الأهل والمال في الدنياء فإن نوقشوا عذبواء وإِن سومحوا نجوا. والثالثة: درجة الهالكين وهم الذين رضوا بالحياة الدنيا وإطمأنوا بها: «أُوأيكَ الَذَيبَ س لَهُمْ في الخرَة إلا لار . ومثال هؤلاء الثلاثة والدنيا: كمثل ثلاثة نفر اجتازوا في سفر على بستان قد تزخرفت أنواره» وأينعت فواكههء واطردت أنهاره» فائتمروا فيما بينهم على أخذ الزاد منه » فاعتذر أحدهم بحاجة واستمر في طريقه / نمال الاثنان إلى البستان فأخذ أحدهما منه [۳۰۷/ب] زاده ولحق بصاحبه الأول بعد أن كابد مشقةء وبقي الثالث في البستان يتنعم بالفواكه والأنهار› حتى دخل عليه الخريف فغارت تلك الأنهارء ويبست تلك الفواكه والأزهار فهلك ولم يصل إلى المقصود. فالأول : من الفائزين . والثاني : من المقتصدين . والثالث: من الراغبين وبالله التوفيق . فهذه أمثلة الدنيا وغوائلهاء وقد ضرب الله مثلاً للدنيا هو أعم من هذه الأمثلة بعد أن وصفها بخمس صفات مذمومات: لعب ولهو وزينةء وتفاخر بينكمء وتكاثر في الأموال والأولاد. فقال تعالى: «إنّما ألَحَيَاءُ أَلدَنْيا ليب ولهو وَزيَة وَتَفَاسُ€. إلى قوله: خطاماً 4€ . َ (۱) سورة هود الآية: ١۱. (۲) سورة الحديد الآية: ٢٠٠. )۳( سورة الحديد الاية : ٢۲ . ‎TR‏ قنطرة الدنيا ‏والكفار هاهنا الزراع فكما أن الزرع يكون في أوله ناعماً أخحضر أحسن ما يكون في مرثي العيون» ثم يهيج فتراه مصفراًء يعني: يجف» ثم يصفر ويحترق» ثم يدرس فیکون حطاماً أي تبناً مكسوراء فكذلك مثل بني آدم يخرجون صغارء ثم يصيرون شبابا يعجبون الاباء» ويفتنون ذوي العقول والأحلام› ثم يهرمون فيصيرون شيوخاً منكسة رؤوسهم مقصوفة ظهورهم› قد ذهب حسنهم ونضارتهم» وتغير شبابهم وجمالهم» فيموتون؛ ثم يصيرون حطاماً في القبور كفتات الزرع» لأنهم مخلوقون من الأرض» وإليها مرجعهم؛ ومنها مبعٹهم. ‏وقد روي في الخبر: رجلين تنازعا في أرض فانطق الله لبنة من جدار تلك الأرض فقالت: إني كنت ملكا من الملوكء ملكت الدنيا ألف سنة فأخذني خزاف وصيرني لبنةء فأنا في هذا الجدار كذا وكذا سنة فلم تتنازعان في هذه الأرض. والله أعلم وأحكم وبه العون والتوفيق. ‏وروي عن علي بن آبي طالب أنه قال: الدنيا ستة أشياء: مطعوم› ومشروب؛› وملبوس» ومركوب» ومنكوح» ومشموم. فأشرف المطعومات العسل وهو مدقة الذباب› وأشرف المشروبات الماء يتسوى فيه البر والفاجرء وأشرف الملبوسات الحرير وهو نسجح ‏[/ دودة» وأشرف المركوبات الفرس وعليها يقتتل / الرجال وأشرف المنكوحات المرأة وهي ‏مبال في مبال. والله إن المرأة لتزين أحسن شيء منها ويراد أقبح شيء منهاء وأشرف المشمومات المسك وهو دم حيوان. ‏ویروی عن النبي يَيو: ضرب للدنيا مثلاً ولابن آدم عند الموت کمثل رجل له ثلاث أخلاء فلما حضره الموت قال لأحدهم: كنت لي خلا موثراً مكرماً وقد حضرني من أمر الله ما ترى فماذا عندك؟ فيقول: هذا أمر الله لا استطيع أن أنقض عنك؛ ولا أكشف كربك» ولکن ها أنا بين يديك فخذ مني زاد ينفعك. ثم يقول للثاني : كنت عندي أبر الثلاثة وقد نزل بي من أمر لله ما ترى فماذا عندك؟ فيقول: هذا من أمر الله غلبني عليك ولا أقدر أن أنقض كربك» ولكن سأقوم عليك في مرضك فإِذا مت اتقنت غسلك وسترت جسمك وعورتك. وقال للثالث: قد تزل بي من آمر الله ما تراه وقد كنت أهون الثلاثة عليّ فماذا عندك؟ فقال: إنى قرينك وحليفك في الدنيا والاخرة ولا أدخل معك قبرك حتى تدخله ولا أخرج منه دونك رلا أفارقك أبدا» . فقال عليه السلام: «الأول ماله» والثاني أهله» والثالث عمله» والله أعلم . ‏(۱) راجع الأمثال الواردة في الدنيا في كتاب: إحياء علوم الدين للغزالي فقد ذكرها وزاد عما هنا = ‎ ‎ فنطرة الدنيا ٢ الباب الرابع في حقيقة الدنيا وتفصيل جملة معانيها اعلم أن معرفة ذم الدنيا لا يكفيك ما لم تعرف المذموم منها والمحمود المندوب إلى الأخذ منهاء فنقول: دنياك وآخرتك عبارة”" عن حالتين من أحوال قلبك» فالقريب الداني منها يسمى: دنيا: وهو كل ما قبل الموت» والمتراخي المتأخر يسمى: آخرةء وهي ما بعد الموتء فكل ما لك" فيه حظ ونصيب وشهوة في عاجل الحال قبل /الوفاة فهي الدنيا في [۰۹٠/ب] حقك إلا أن جميع ما لك إليه ميل وشهوة فليس بمذموم بل هو على ثلاثة أقسام: القسم الأول: ما يصحبك في الأاخرة وتبقى ثمرته معك بعد الموت وهو شيئان: العلم والعمل فقط؛ ونعني بالعلم: العلم بالله تعالى وصفاته وأفعالهء وملائکته وکتبه ورسله وملكوت أرضه وسمائه› والعلم بشريعته . وأعني بالعمل: العبادة الخالصة لوجهه تعالى وقد يأنس العالم بالعلم حتى يصير ذلك آلذ الأشياء عندهء وكذلك العبادء وقد يأنس بالعبادة لله تعالى فيستلذهاء حتى لو منع منها لكان أعظم العقوبة عليهء حتى قال بعضهم: ما أخاف من الموت إلا من حيث يحول بني وبين قیام الليل. وكان آخر يقول: اللهم ارزقني قوة الصلاة والركوع والسجود في القبر. وقد قال البي يَلوٍ: «حبب إِليَ من دنياكم ثلاثة: النساءء والطيبء وجعلت قرة عيني في الصلاة»”"". فجعل الصلاة من جملة ملاذ الدنياء وذلك لأن كل ما يدخل في الحس والمشاهدة فهو من الدنيا والتلذذ تحريك الجوارح بالركوع والسجود إنما يكون في الدنيا. فذلك أضافها إلى الدنيا فقد صار العلم والعمل من الحظوظ العاجلة في الدنيا ولكن إذا ذكرنا الدنيا المذمومة لم نعن القسم الثاني : وهو المقابل للأول وهو الطرف الأقصى وذلك كل ما للإنسان فيه حظ في الانيا ولا ثمرة له في الاخرةء أصلا كالتلذذ بالمعاصي كلها والتنعم بالمباحات الزائدة على قدر الضرورات الداخلة في جملة الرفاهية والمرغوبات كالتنعم بالقناطير' المقنطرة من الذهب = )۲۰۹/۳ : ٢۲۱(. (١) في الأصل: عبارتان. والتصويب من إحياء علوم الدين (۳/ ٤0)۲ () في الأصل: ملك. والتصويب من المصدر السابق. (۳) رواه النساثي؛ والحاكم من حديث أنس دون قوله: «ثلاث». العراقي في المغنى (۳/٤۲۱). () في الأصل: القناطر. والتصويب من الإحياء (۳/٤7۱). ٢٦۲ قنطرة الدنيا والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث والجواري والنساء والقصور والدورء ورفيع الثياب طويل. إذ روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه استعمل أبا الدرداء على حمص فاتخذ كنيفاً أنفق عليه درهمين فكتب إليهء من عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى عويمرء قد كان لك في بناء فارس والروم ما تكتفي به من عمران الدنيا حين أذن الله بخرابهاء فإذا أتاك كتابي هذا فقد سيرتك أنت وأهلك إلى دمشق” فلم يزل بها حتى مات. فهذا رآء فضولاً في الدنيا فتأمل فيه . القسم الثالث: وهو متوسط بين الطرفين وذلك كل حظ للإنسان في عاجل الدنيا معين على أعمال الأخرة كالقوت من الطعام والثوب الواحد الخشن وكل ما لا بد منه ليتأتى منه للإنسان البقاء والصحة التي تتوصل إلى العلم والعملء فهكذا ليس من الدنيا كالقسم الأول لأنه معین عليه . فمهما تناوله العبد على قصد الاستعانة به على العلم والعمل لم يكن به متناولاً للدنيا ولم يصير به من أبناء الدنياء وإن كان باعثه وقصده قضاء شهوته دون الاستعانة على التقوى التحق بالقسم الثاني فصار من جملة الدنياء فلا يبقى عند العبد بعد الموت إلا ثلاث صفات؛ صفاء القلبء أعني طهارته من أدناس الدنياء وأنسه بذكر الله تعالىء وحبه لله تعالىء فصفاء القلب وطهارته لا يحصل للعبد إلا بالكف عن شهوات الدنياء والأنس لا يحصل له إلا بكثرة ذكر الله والمواظبة عليه والحب لا يحصل له إل بالمعرفةء ولا تحصل له معرفة الله إل بدوام الفكرء وهذه الصفات هي المنجيات المسعدات عند الموت» وهي البافيات الصالحات . فإذاً سلوك طريق الأخرة هي المواظبة على أسباب هذه الصفات الثلاث؛ وهي الذكرء والفكرء والعمل الذي يعصم العبد عن شهوات الدنيا ويبغض إليه لذاتها ويقطعه عنهاء وكل ذلك لا يمكن إلا بصحة البدنء وصحة البدن لا تنال إلا بقوت وملبس ومسكن» وكل ذلك [/] يحتاج إلى أسباب. فالعذر الذي لا بد منه من هذه الثلاثة / إذا أخذه العيد من الدنيا للاخرة لم يكن من أبناء الدنياء وكانت الدنيا في حقه مزرعة للآخرةء وإن أخذ ذلك الحظ للنفس وقصد التنعم صار من أبناء الانيا والراغبين في حظوظهاء إلا أن الرغبة في حظوظ الدينا تنقسم إلى ما ۱( في الأصل: ذي مشق. والتويب من المصدر السابق. قنطرة الدنيا ‎T۳‏ يعرّض صاحبه للعذاب فى الاخرة ويسمى ذلك حرام وإلى ما يحول بينه وبين الدرجات العلى ويعرضه لطول الحساب ويسمى ذلك حلالاء والبصير يعلم أن طول الموقف في عرصات القيامة لأجل المحاسبة أيضاً عذاب إذ: "من نوقش في الحساب فقد عذب». وقال عليه السلام: «حلالها حساب وحرامها عقاب»". بل لو لم يكن الحساب لكان ما يفوته من الدرجات العلى في الجنةء وما يرد على القلب من التحسر على تفويتها لحظوظ خسيسة هو أيضاً عذاب؛ وقس به حالك في الدنيا إذا نطرت إلى أقرانك وقد سبقوك إلى سعادة دنيوية كيف يتقطع عليه قلبك حسرة؟ مع علمك بأنها سعادة منصرفة لا بقاء لهاء ومنخصة بكدورة لا صفاء لها فما حالك في فوات سعادة لا يحيط الوصف بعظمتهاء وتنقطع الدهور دون غايتهاء فكل من تنعم في الدنيا ولو بسماع صوت طائر وبالنظر إلى خضرة أو بشرية ماء بارد فإنه ينقص من حظه في الاخرة أضعاف وهو المعنى بقوله عليه السلام لعمر: «هذا من النعيم الذي تسئل عنه يوم القيامة. أشار إلى الماء البارد. وللتعرض لجواب السؤال فيه ذل وخوف وخطر ومشقة وإنتطارء وكل ذلك من نقصان الحظ . ولذلك قال عمر رضي الله عنه: اعزلوا عني حسابها حیث کان به عطش؛» فعرض عليه ماء بارد بعسل فاداره في كف ثم امتنع عن شربه» فالدنيا قليلها وكثيرها حلالها وحرامها مذمومة إلا ما أعان على تقوى الله تعالى» فإن ذلك القدر /ليسر”' من الدنياء فكل من كانت [۴۱۲/ب] معرفته أقوى وأتقن كان حذره من نعيم الدنيا أشد. حتى روي أن عيسى عليه السلام وضع رأسه على حجر لما نام» ثم رماه“ إِذ تمثل له إبليس وفال: رغبت في الدنيا. وحكي أن سليمان عليه السلام في ملكه كان يطعم الناس لذائد الأطعمة وهو يأكل خبز الشعير فجعل الملك على نفسه بهذا الطريق امتحانا وشدة فإن الصبر على لذائذ الأطعمة أشد مع وجودها. (١) متفق عليه من حديث عائشة. قاله العراقي في الفنى (۳/ ٥٠ ۲). () رواه البيهقي في الشعب من طريقه موقوفاً على علي بن أبي طالب بإسناد منقطع» بلفظ : «وحرامها النار؛ ولم أجده مرفوعا. المصدر السابق. (۳) أطرافه عند: أحمد (۳۳۸/۳)› والنسائي في المجتبى (الوصايا ب ٤)؛ الطبراني في الصغير (١/ 14)٠ في الكبیر (۱۹/ ٢٥۲٠ ٢٤٥۲٠ ٢١۲)؛ السهمي في تاريخ جرجان (۰٠٦۳). 1 (8) في الأصل: تكرر اللفظ في الأصل,. فحذفت التكرار. )0( في الأصل: رماها. والتصويب من الإحياء (۳/١٦۲۱). ٤٦ ١ فنطرة الانيا فلهذا زوى الله الدنيا على نبينا محمد يَيٍ فكان يطوي أياماً ”٠ وكان يشد الحجر على بطنه من الجوع. ولهذا سلط البلاء والمحن على الأنبياء والأولياء ثم الأمثل فالأمثل كل ذلك نظر لهم وأمتنان عليهم ليتوفر من الاخرة حظهم كما يمنع الوالد الشفيق ولده لذة الفواكة ويلزمه ألم الفصد والحجامة شفقة عليه وحباً له لا بخلاً عليه . وقد عرفت بهذا أن كل ما ليس الله فهو من الدنيا وما لله تعالى فذلك ليس من الدنيا فإن قيل: فما الذي هو لله تعالى؟ فاعلم إن الأشياء ثلاثة أقسام : منها: ما لا يتصور أن يكون للهء وهو الذي يعبر عنه بالمعاصي والمحظورات وأنواع التتعمات في المباحات وهي الدنيا المحضة المذمومة صورة ومعنى. ومنها: ما صورته لله تعالى ويمكن أن يجعل لغير الله وهي ثلائة؛ الذكرء والفكرء والكف عن الشهوات» فإن هذا الثلاثة إذا جرين سرا ولم يكن عليها باعث سوى أمر الله واليوم الآخر فهي لله وليست من الدنياء وإن كان الغرض من الفكر طلب العلم للشرف وطلب القبول [/]] من الخلق باظهار المعرفةء أو كان / الغرض من ترك الشهوات. حفظ المال» أو المحبة لصحة البدنء أو لاشتهار بالزهد فقد صار هذا من الدنيا بالمعنىء وإن كان يظن بصورته أنه لله تعالى . ومنها: ما صورته لحظ النفس› ويمكن أن يجعل معناها لله تعالى وذلك كالأكل والنكاح وكل ما يرتبط به بقاؤه وبقاء ولدهء فإن كان القصد حظ النفس فهو من الدنياء وإن كان القصد للاستعانة على التقوى فهو لله تعالى بمعناه وإن كانت صورته صورة الدنيا. وقد قال عليه السلام: «من طلب الدنيا حلالاً مكاثراً لقي الله وهو عليه غضبانء ومن طلبها استعفافاً عن المسألة وصيانة لنفسه جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر"“ ٠ انظر كيف اختلف ذلك بالقصد والنيةء فإذا الدنيا حظ نفسك العاجل الذي لا حاجة إليه لأمر الاخرة ويعتبر عنه بالهوى وإليه الإشارة بقوله تعالى: «وَنَهى ألَفْسَ عَن ألَهَوَى4€”. () رواه محمد بن خفيف في شرف الفقراء من حديث عمر بن الخطاب قال: قلت: يا رسول اللهء عجباً لمن بسط الله لهم الدنيا وزواها عنك... الحديث وهو من طريق إسحاق معنعناًء وللترمذي وابن ماجة من حديث ابن عباس: أن النبي ي كان يبيت الليالي المتتابعة طاوياً وأهله. الحديث قال الترمذي حسن صحيح. العراقي في المعنى (۳/٦1). (۲) رواه أبو نعيم في الحليةء والبيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة بسند ضعيف. قاله العراقي في المغنى (۴/ ۲۱۷). (۳) سورة النازعات الأية: 4° . قنطرة الدنيا ٥٦ الأية. ومجامع الهوى خمسة أمور: وهي ؟ ما جمعه الله سبحانه وتعالی في قوله : انما اَلَحَيَاُ و 5 لديا لمِبٌ وَلهُو ويه وَفَاخُر بَيْنَكُمْ وَتَكَائُر في ألامْوَالِ والأولاد»' 3 الأعيان التي تسصل متها هذه الخمة هي سب فجممها تعالى في قوله: رسي حب ألشهَوَات من أَلّسَاءِ والب €”*. إلى قوله تعالى : «متَاغ الحَيَاة الدناڳ". وقد عرفت أن كل ما هو لله تعالى فليس من الدنيا وقدر ضرورة القوت لا بد منه وما لا بد منه من مسكن وملبس هو لله إن قصد به وجه الله تعالی والاستكثار منه تنعم وهو لغير الله وبين التنعم والضرورة درجة يعبر عنها بالحاجة ولها طرفان وواسطة طرف يقرب من حظ الضرورة فلا يضر فإن الاقتصار على حد الضرورة غير ممكن وطرف يزاحم حيز التنعم ويقرب منه وينبغي أن يحذر وبينهما وسائط متشابهة ومن يحوم حول الحمى يوشك أن يقع فيه والحزم في الحذر والتقوى والتقريب من حد الضرورة ما أمكن للاقتداء بالأنبياء والأولياء إذ كانوا يردون أنفسهم إلى حد الضرورة. حتى روي أن أويس القرني رحمه الله / كان يظن أهله أنه مجنون لشدة ت تضییقه على نفسه [١٤۳۱/ب] فبنوا له بیت على باب دارهم فکان تأتى عليه السنة والسنتان والثلائة ولا يرون له وجهاأء وکان يخرج أول الآأذان ويأتي إلى منزله مراراً بعد العشاء الأخيرةء وكان طعامه أن يلقط النوىء فكل ما أصاب من الحشف خبأه لإفطاره فإن أصاب ما يقوته من الحشف تصدق بالنوى فإن لم يصب ما يقوته من الحشف باع النوى واشترى ما يقوتەء وكان لباسه مما يلقطه من المزابل من قطع الاأكسية فيغسلها في الفرات ويلفق بعضها إلى بعض ثم يلبسها فكان ذلك لباسهء وكان ريما مر بالصبيان فيرجمونه ويظنون أنه مجنون» فيقول لهم: يا أخوتاه إن کنتم ترجموني فارموني بحجارة صغار فإنی أخاف أن تدمونى فتحضر الصلاة ولا أصيب الماء. فهکذا كانت سیر ته ولهذا أعظم النبي كَل أمرهء وآمر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما أن يقرآه عنه السلام. وقد روي أن النبي كَل قال : «يدخل شفاعته مثل ربيعة ومضر ٴ۰ () سورة الحديد الآية: ٢٠. (۲) سورة آل عمران الآية: ١٠. (۳) سورة آل عمران الآية: ١٠۱ . )٤( یرید أويس ورويناه في جزء ابن السماك من حديث آي أمامة : «يدخل الجنة نشفاعة رجل من أمتي أکثر من ربيعة» وإسناده حسن؛ وليس فيه ذكر لأويس بل في آخرهء فكان المشيخة يرون أن ذلك الرجل عثمان بن عفان. العراقي في المغنى (۲۱۷/۳). ٦ قنطرة الدنيا وقصته مع عمر رضي الله عنه مشهورة وكذلك مع هرم بن حيان. وفي أثر أصحابنا أن أويساً قتل مع أهل النهروان رحمهم الله. فهذه كانت سيرة أبناء الاخرة المعرضين عن الدنياء وقد عرفت بما سبق في بيان الدنيا ومن سيرة الأنبياء والأولياء أن حد الدنيا كل ما أظلته الحضراء وما أقلته الغبراء إلا ما كان لله عز وجل من ذلك. وضد الدثيا الأخرة وهو کل ما أريد به الله عز وجل مما يؤخذ بقدر الضرورة من الدنيا لأجل”* قوة طاعة الله تعالى ليس من الدنيا لأن البدن مركب النفس يقطع به مسافة العمرء فتعهد البدن» فما تبقى به قوته على سلوك الطريق بالعلم والعمل هو من الأخرة وليس من الدنياء نعم إذا قصد تلذذ البدن وتنعمه بشيء من هذه الأشياء كان متحرفاً عن الأخرة بقدر ذلكء ويخشى عليه القسوة والله أعلم فهذه حقيقة الانيا في حقك وياله التوفيق»”. ]٥٦1/۳[ / فصل: في بيان هيئة الدٺيا وتفصل أعبانها اعلم أن الدنيا عبارة عن أعيان موجودةء وللإنسان فيها حظء وله في إصلاحها شغلء فهذه ثلائة أمور قد يظن أن الدنيا عبارة عن أحدها وليس كذلك. أما الأعيان الموجودة التي هي الدنيا عبارة عنها فهي : الأرض وما عليها: قال الله تعالى : «إنًا جَعَلنا ما على ألأَْض رة لها الآية. فالأرض فراش الأدميين؛ ومهادء ومسكن؛ ومستقر › وما عليها لهم ملبس ومطعم ومشرب ومنكح. ويجمع على الأرض ثلانه أقسام : المعادن› والنبات› والحيوان. أما النبات: فيطلبه الآدمي للاقتيات والتداوي . وأما المعادن: فيطلبها لالات والأواني كالتحاس والحديد والرصاصء» وللنقد كالذهب والفضةء وغير ذلك من المقاصد. وأما الحيوان: فينقسم إلى؛ الإنسانء والبهائم. وأما البهائم: فتطلب لحومها للأكل وظهورها للمركب والزينة . وأما الأنسان: فقد يطلب الادمي أن يملك أبدان الناس ليستخدمهم ويستسخرهم كالغلمان» أو ليتمتع بهم كالجواري» والنسوان» أو يطلب قلوب الناس ليملكها بأن يغرس فيها () في الأصل: لأجر. والتصويب من الإحياء (۲۱۹/۳). () راجع الباب في إحياء علوم الدين بأوسع مما هنا (۳/٢٤۲۱: ۲۱۹). (۳) سورة الكهف الاية: ۷. قنطرة الدنيا ۲۷ التعظيم والإكرام» وهو الذي يعبر عنه بالجاه إِذ معنى الجاه ملك قلوب الأدمبينء فهذه هي الأعيان التي يعبر عنها بالدنياء وقد جمعه الله تعالى في قوله: ري لِلنَاس حُبٌ الشّهَوَات4 . إلى قوله: «ينُ الذَحَبٍ وَاِْضّةٍ". وهما من الجواهر والمعادن وفيه تنبيه على غيرهما من اللالىء واليواقيت وغيرهماء والخيل الموسومات والأنعام؛ وهي البهائم والحيوانات› والحرث وهو النبات والزرع» فهذه أعيان الدنيا إل أن لهما مع العبد علاقتين : إحداهما: علاقة مع القلب؛ وهو حبه لها وحظه منها وانصراف همه إليها حتى يصير قلبه كالعبد أو كالمحب المستهتر الذي غلب عليه حب الدنيا. ويدخل في هذه العلاقة جميع صفات / القلب المتعلقة بالدنيا: كالكبر والغل والحسد والرياء والسمعة وسوء الظن والمداهنة [٦۳۱/ب] وحب الثناء وحب التكائر والتفاخر فهذه هى الدنيا الباطنة. وأما الظاهرة فهى الأعيان الى ذكرناها . ۱ ۱ ۱ العلاقة الثانية: مع البدن وهو اشتغاله بإصلاح هذه الأعيان لتصلح لحظوظه وحظوظ غيره؛ وهي جملة الصناعات والحرف التي الخلق مشغولون مبهاء والخلق إنما نسوا أنفسهم ومثابهم ومنقلبهم بالدنيا لهاتين العلاقتين؛ علاقة القلب بالحب وعلاقة البدن بالشغلء ولو عرف الإنسان نفسهء وعرف ربه» وعرف حكمة الدنيا وسرها علم أن هذه الأعيان التي سميناھا دنيا لم تخلق إل لعلف الدابة التي يسير بها إلى الله تعالى؛ وأعني بالدابة البدن» فإنه لا يبقى إلا بمطعم وملبس ومسكن كما لا تبقى الإبل في طريق الحج إلا بعلف وماء وجلال. ومثال العبد في نسيانه نفسه ومقصده مثل الحاج الذي يقف في بعض منازل الطريق ولا يزال يعلف الناقة ويتعهدها وينظفها ويحمل إليها أنواع الحشيش ويسقيها حتى تفوته القافلة› وهو غافل عن الحج وعن مرور القافلة وعن بقائه في البادية فريسة للسباع هو وناقتهء والحاج البصير لا يهمه من أمر الجمل إلا بالقدر الذي يقدر به على المشي فيتعهده وقلبه إلى الكعبة. والحج إنما يلتفت إلى الناقة بقدر الضرورةء فكذلك البصير في سفر الأخرة لا يشتغل بتعهد البدن إلا بالضرورة كما لا يدخل المرحاض إلا بالضرورةء ولا فرف بين إدخال الطعام في الجوف وبين إخراجه من البطن في أن كل واحد منهما ضرورة البدنء فمن همته ما يدخل في بطنه فقيمته ما يخرج من بطنه. ٠ وأكثر ما شغل الناس عن الله تعالى هو البطنء فإن القوت ضروري» وأما المسكن (١) سورة آل عمران الأية: ١٠ . ۲۸ قنطرة الدنيا والملبس فهو أهون فلو عرفوا سبب الحاجة إلى هذه الأمور وأقتصروا عليها لم تستغرقهم [۱۷/]] أشغال الدنياء وإنما / استغرقتهم بجهلهم بالدنيا وحكمتها وحظوظهاء ولكنهم جهلوا وغفلوا وتتابعت أشغال الدنيا واتصل بعضها ببعض» فتداعت إلى غير نهاية محدودة فتاهوا في كثرة الاشتغال ونسوا مقصورها وبالله التوفيق” . الباب الخامس في ترك الدنيا والزهد فيها قال الله سبحانه لبيه ياو: «ولاً َمُدَنَ عَتَكَ إلى ما معا به أزْواجاً نهم إلى قوله: َير وَأَى€. وعن أبي رافع قال ضاف رسول الله ي ضيفاً فلم يلق عنده ما يصلحه فأرسلني إلى رجل سن بود خير ول اي «قل له قال لك محمد أسلف لى أو بعنى دقيقاً إلى هلال . قال: فأتيته فقال: لا والله إلا برهن. قال: فأتيت رسول الله ي فأخبرته فقال: «أما ول ل لأمين في أهل السماءء وأمين في آهل الأرض» ولو باعني أو أسلفني لأديت إليهء اذهب إليه بدرعي هذه». فلما خرجت نزلت هذه الآية” : ولا يَمُدَن عَيَيِكّ» الاية. فأمر النبي ية منادياً فنادى: «من لم يتأدب بأدب الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات»” . وفي خبر آخر قال: «ومن لم ير لله عليه نعمة ِل في مطعم أو مشرب أو ملبس فقد قصر علمه› وحضر عذابه. ومن نظر إلى ما في ید غیره طال حزنه؛ ولم يشف غيظه). قال الله تعالى: يا أَيهًا الي كَل لأَْوَاجكَ إِنْ كنع بدن الْحَياةً اا4 الآية. فأمر الله تعالى بفراقهن إن آثرن الدنيا على الأخرة . وروي عن النبي يَلٍ أنه قال : «أوحى إلى كلمات› فدخلن في اُذنيء ووقرن في قلبي : () راجع في هذا الباب إحياء علوم الدين (۲۱۹/۳: ٢۲۲) بتفصيل أكثر. (۲) سورة طه الاية: ١۱۳. (۳) سورة طه الآية: ١۱۳. () أطراف الحديث عند: الطبراني في الكبير (۳۱۲/۱))› المتقى الهندي في الكنز (۳۱۹۳۷)› السيوطي في الدر المشور (٤/۳۱۳). () سورة الأحزاب الأية: ۲۸. قنطرة الانيا ۹ الكفاف" وعن معاوية بن حيدة قال: قلت يا رسول الله ما پكفي من الدنيا؟ قال: «ما سد جوعتك › وستر عورتك › فإن کان دار ذف وإن کان حمار/فبخ بخ» فلق من خبز وجرء [۳۱۸/ بپ[ من ماء» وأنت مسؤول عما فوق الأزاره. وفي قوله تعالى: «وَجَعَلَكُمْ ُلوكاً 4 . قال مجاهد: كل من ملك بيتاًء وزوجةء وخادماً فهو ملك . وروي مٹل ذلك عن النبي يي وهو في المعنى صحيح › لازه بالزوجة» والخادم مطاع في آمره» وبالبیت محجوب إلا بأمره. وعنه يلد أنه قال: «والذي نفسي بيده ليدخلن فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بخمس مائة سنةء يأكلون فيها ويشربون ويتمتعون» والاخرون جاثون على ركبهم» وليقولن لهم الجبار جل جلاله: آنتم کنتم ملوك الناس وحكامهمء وأهل الغنى فأروني ماذا صنعتم فيما أعطيتكم»*. وروي عنه أنه قال: «ألتقى مؤمنان على باب الجنة فقيرء وغني كانا في الدنياء فأدخل الفقير الجنة واحتبس الغني ما شاء الله أن يحتبس» ثم دخل الجنةء فلقيه الفقيرء فقال: يا أخي إني احتبست بعدك محتبساً فظيعاً كريهاء وما وصلت إليك حتى سال مني من العرق ما لو ورده ألف بعير كلها أكلت خمطاً لصدرت منه رواة° وروي أن موسى عليه السلام قال: يا رب أي عبادك أغني؟ قال: أقنعهم بما أعطيته. أقفادتتي القتناعة كل عز وهل عز جل من القناعة () راجع كنز العمال للمتقى الهندي (١١٦٠۱6). (۲) أطرافه عند: الحاكم في المستدرك (٤/۳١۱)ء ابن حجر في المطالب (۳۲۷۵)؛ المنذري في الترغيب (۳/ ١١۱). () سورة المائدة الآية: ٢۲. (8) أطراف الحديث عند: الطبراني في الكبير (۲۱١۳)› الزيدي في الإتحاف (١٠/٠7٥)› المتقى الهندي في الکنز (۹٥۳٠٠)› الهيشمي في مجمع الزواند (٠ ۰/٦۲( )0( عن نحوه قال العراقي في المغنى (٤/۲۲۱): رواء أحمد من حديث ابن عباس : «التقى مؤمنان على باب الجنة مؤمن غني ومؤمن فقير..» الحديث وفيه: ني حبست بعدك محبساً فظيعاً وما وصلت إليك حتى سال مني العرق ما لو ورده ألف بعيراً كله حمض لصدرت عنه رواة وفیه درید غير منسوب يحتاج إلى معرفته قال أحمد حديثه مثله . [۳۱۹/آ[ ۰ وقال : قنطرة الدنيا فصيرها لنفسك رأس مال وصير بعدها التقوى بضاعة وعن النبي يلو أنه قال: «طوبى لمن هدي للإسلام وكان عيشه كفافاً وقنم به»". «ما من أحد غني ولا فقير إلا ود يوم القيامة أنه كان أوتي قوتاً في الدنيا»”. وقال: «ليس الغنى من كثرة العرض وإنما الغتى غنى النفس" ٠ / اقتع بعيشك ترضه واترك هواك ونت حر فلرب حتف ساقه ذه ب وي اقوت ودر وقيل لبعض الحكماء : ما الغنى؟ فقال: قلة تمنيكء ورضاك بما يكفيك وقيل لحكيم: ما مالك؟ قال: الغني في الظاهر» والقصد في الباطن» والإياس مما في أيدي الناس . وروي أن الله عز وجل قال: يا ابن آدم لو كانت الدنيا كلها لك لم يكن لك منها إِلا القوت وإذا أنا أعطيتك منها القوت وجعلت حسابها على غيرك فإنا لك محسن. وينشد: حتى متى آنا في حل وترحال وطول سعي وإدبار وإقبال ونازح الدار لا أنفك مغترباً عن الأحبة لا يدرون ما حال بمشرق الأرض طوراً [ثم] مغربها" ‏ لا يخطر الموت من حرص على بال لو قنعت أتاني الرزق في دعة إن القنوع الغنى لا كثرة المال وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: ألا أخبركم بما أستحل من مال الله تعالى: حلتان لسشتائي وفيظيء وما يسعني من الظهر لحجي وعمرتيء وقوتي بعد ذلك كقوت رجل من فریش ؛ لست بأرفعهم ولا بأوضعهم› والله لا دري أيحل ذلك م لا كأنه شك في أن هذا القدر هل هو زيادة على الكفاية التي تجب القناعة بها والله أعلم°. (۱) (۲) (۳) 23 (0) رواء الترمذي وصححه؛ والنسائي في الكبرى من حديث فضالة بن عبيدء ولمسلم من حديث عبد الله بن عمرو «وقد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتا»ء قاله العراقي في المعنى (۳/ ۲۳)٠ رواه اين ماجة من رواية نفيع بن الحارث عن أنس» ونفيع ضعيف» المصدر السابق. متفق عليه من حديث أبي هريرة. المصدر السابق. في الأصل: عشرق؛ وعغربها. والتصويب والزيادة من الإحياء (۳/ ٤۲۳). راجع الخبر وغيره من الأخبار والأحاديث في إحياء علوم الدين (۳/ ۲۳۰ : ٢٤۲۳). قنطرة الدنيا ۲۷۱ فصل: في حكايات تدل على الزهد في الدنيا وعن وهب بن منبه أنه قال: أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائیل إن أردت أن تسكن في حظيرة الفردوس فكن في الدنيا فريداً وحيداً مهموماً وحيشاً بمنزلة الطائر الوحداني الذي يظل النهار في الفلواتء ويأكل من رؤوس الأشجار ويشرب من ماء العيون فإذا كان / الليل [۳۲۰/ب] آوی وحده ولم يأو مع الطير استغناسا بربه . ولبعضهم : كم للحوادث من صروف عجائب ونوائب موصولة بنوائب تبغفى من الدنيا الكثير وإنما يكفيك منها مشثل زاد الراكب وروي عن عمر بن الخطاب أنه دخل على رسول الله ي وهو نائم على سریر مزمول بشريط فجلس فرأى أثر الشريط في جنبه فدمعت عيناه فقال رسول الله يٍَ: «ما الذي آبكاك يا قال: ذكرت كسرى وقيصر وما هما فيه من الملكء وذكرتك وأنت رسول الله وحبیبه وصفيه نائم على سرير مزمول بشريط» فقال له رسول الله يَي: «أما ترضى يا عمر أن تكون لهم الدنيا ولا تكون لهم الاخرة»؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: «فذلك كذلك». ثم قال رسول الله يَي: «إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب سافر في يوم صائف فرفعت له شجر فأستظل تحتها ثم راح وترکها»٩. وفي كتاب سراج الملوك: قال مالك بن أنس: بلغني أن عيسى بن مريم عليه السلام لتهى إلى قرية قد خربت حصونها ونسفت آشجارها فتادی يا خراب أين آهلك ثلاڻا؟ فتودي بادوا وتضمنتهم الأرض» وعادت أعمالهم قلائد في رقابهم إلى يوم القيامةء عيسى بن مريم فجد. قال: ومر بعض الملوك ببقراط الحكيم وهو نائم فركضه برجله فقال: قم فقام غير مرتاع منه ولا ملتفت إليه. فقال له الملك: إلا تعرفنتي؟ قال: لاء ولكن أرى فيك طبع الدواب لأنها تركض برجلها. فغضب فقال: أتقول لي هذا وآنت عبدي؟ فقال بقراط له: بل آنت عبد عبدي. قال: وكيف ذلك؟ لأن شهواتك ملكتك وأنا ملكت الشهوات. فقال: أنا الملك/ ابن [۳۲۱/ب] الأملاك أملك من البلاد كذا وكذا ومن الرجال كذا وكذا ومن الأموال كذا وكذا. فقال: أراك (١) أطراف الحديث عند: مسلم ني الصحيح (۷١١۱۱)› البيهقي في السنن الكبرى (81/۷) ابن ماجة في الستن (٤٤٥٤٠٤). ‎V۲‏ قنطرة الدنيا ‏تفتخر علي بما ليس من جنسك وإنما سبيلك أن تفتخر علي بجنسك» ولكن تعال نخلع ثيابنا ونترامى في هذا النهر فنتكلم فحيتل يتبين الفاضل من المفضول. فانصرف الملك خجلا ‏وروي أن الإأسكندر”" مر بمدينة قد ملكها سبعة أملاك فبادواء فقال: هل بقي من نسل الأملاك الذين ملكوا هذا المدينة أحد؟ قالوا: رجل يكون بالمقابر فدعا به فأتاه. فقال له: ما دعاك إلى لزوم المقابر؟ قال: أردت أن أعزل عظام الملوك من غيرهم فوجدت ذلك سواء لا يتميز لي. فقال له: هل لك أن تتبعني فاحي بك شرف آبائك إن كانت لك همة. فقال: إِن همتي لعظيمة إن كانت بغيتي عندك. قال: وما بغيتك؟ قال: حياه لا موت» وشباب لا هرم معهء وغنى لا يتبعه فقر» وسرور لا يغيره مكروه. فقال له الإسكندر: لا أقدر على هذا. فقال: فانفذ لشأنك وخلني أطلب بغيتي ممن هي عنده. فقال الإسكندر: هذا أحكم من رأيت. ‏قال وروی الجاحظ قال : وجدت في حجر : يا ابن آدم لو رأيت يسير ما بقي من أجلك لزهدت في طول ما ترجو من أملك ولرغبت في الزيادة من علمك ولقصرت في حرصك وحيلتك» وإنما يلقاك غداً ندمك» وقد زلت بك قدمك» وأنصرفت عنك أهلكء وحشمك؛ وتبرأ من صحبتك القريب» وانصرف عنك الحبيب» فلا أنت في عملك زائدء ولا إلى أهلك عائد. وقال بعض الشعراء : ‏من كان يعلم أن الموت مدركه والقبر مسكنه والبعث مخرجه وأنه بين جنات ستبهجه يوم القيامة أو نار ستنتضجه كل شيء سوى التقوى به سمج وما أقام عليه فهو أسمجه يرى الذي اتخذ الدنيا له وطناً لم يدر أن المنايا سوف تزعجه 1/7 0 / وفقيل لبعض الزهاد: ما لك تمشي على عصا ولست بكبير ولا مريض؟ قال: لأعلم أني مسافر» وأنها دار بلغةء وأن العصا من آلات السفر. فتظمه بعض الشعر فقال : حملت العصى لا لضعف أوجب حملها علي ولا إلى تحنيت من كبر ولكشي أكرهمت نفسي حملها لأعلمها أن المقيم على سفر وعن وهب بن منبه آنه قال : خرج عيسى عليه السلام ذات يوم مع جملة من أصحابه فلما ارتفع النهار مروا بزرع قد أمكن من الفرك. . فقالوا: يا بني الله إنا جياع. فأوحی الله تعالی إليه أن أثذن لهم في قوتهم فتفرقوا ف في الزرع يفركون ويأكلون» فبينما هم كذلك إذ جاء صاحب ‏() في الأصل: الاسكندري. وذكر بعد قليل على الصواب. ‎ ‎ فنطرة الدنيا ‎YV۳‏ الزرع› وهو يقول: زرعي وأرضي ورڻتها من آبيء بِذن من تأكلون يا هؤلاء؟ قال: فدعا عيسى عليه السلام ربهء فبعث الله عز وجل جميع من ملك تلك الأرض من لدن آدم عليه السلامء فإذا عند كل سنبلة أو ما شاء الله رجل وامرأةء كلهم ينادي : أرضي وزرعي ورڻتها من أبيء ففزع الرجل منهم؛ وكان قد بلغه أمر عيسى عليه السلام وهو لا يعرفهء فلما عرفه قال : معذرة إليك يا رسول الله إني لم أعرفك» زرعي ومالي لك حلال فبكى عليه السلام وقال: ويحك لا أرض لك ولا مال لك. وينشد لأبي العتاهية : ولريما اتصل الشمات ونعتك أزشة خفنت تبلی وعن صور سبت وآنت حي لم تمت إن المية لم تفت فحل بالقوم الشمت وأرسل إلى أبي العتاهية فقال: صف لنا ما نحن فيه من نعيم هذه الدنيا فقال : قال : أحسنت ثم ماذا؟ قال : فقال : أحسنت ثم ماذا؟ قال : فإذا النفوس تقطعت في ضيق حشرجة الصدور فهتاكتعلم موقتناً هل كنت إلافي غرور قال : فبکی هارون بکاءَ رحمه من حوله فقال المضل بن یحیی: بعث إليك٩ أمير المؤمنين لتسره فأحزنته› فقال هارون : دعه فإنه رآنا في عمی کثیر فکره أن يزيدنا عمى وينشد: إن كنت تسمو إلى الدنيا وزيتها فانظر إلى ملك الأملاك هارون رام الأمور فأعطته مذاقها وسخر الناس بالتشديد واللين (۱) في الأصل: يا شاتماً. واحسبه تحريف والسياق بعده يؤكد ما أثبت . والله أعلم. () قوله: فقال الفضل بن يحيى: بعث إليك. مكرره من الأصلء وحذفت التكرار. قناطر الخيرات ج/ ۲ ۱۸/۴ ٤۷ قنطرة الدنيا حتى ظن أن لا شيء غالبه ومكنت قدما أي تمكين راحت عليه المنايا روحة تركت ذا الملك والعز تحت الماء والطين وعن الأصمعي أنه قال: إن التعمان بن امرؤ القيس» الأكبر الذي بني الخورنقء أشرف عليه يوماً فأعجبه ما أوتي من الملك والسعة في الدنياء ونفوذ الأمور وإقبال الخلق والوجوه نحو فقال لأصحابه: ما أوتي أحد مثل ما أوتيت. فقال حكيم من أصحابه: أيها الملك هذا الذي أوتيت شيء لم يزل أو لا زال أو شيء كان لمن قبلك زال عنه وصار إليك؟ قال: بلیء [٤/]إشيء كان لمن قبلي زال عنه وصار إِلي وسيزول. / قال: أفسررت بشيء تزول عنك لذته وتبقى تبعاته؟! قال: فأين المهرب؟ قال: إما أن تقيم وتعمل بطاعة الله أو تلبس مسوحاً وتلحق بجبل تعبد ربك فيه وتفر من الناس حتى يأتيك الموت. قال: فإذا فعلت ذلك فما لي؟ قال : حياة لا تموت» وشباب لا يهرم وصحة لا تسقم وملك جدید لا یبلی. قال: فاي خیر فیما يغني والله لأطلبن عيش لا يزول أبداً. فانخلع عن ملكهء ولبس المسوح وسار في الأرضء وتبعه الحكيم يسبحان ويعبدان الله حتى ماتا وفيه يقول عدي بن زید: وتذكر أخا الخورنق إذا أش سره حاله وكثرةمايم فارعوى قلبه فقال وماغب أين كسرى كسرى الملوك أنو شر وأخو الحصرن إذ بنا وازدج شاده مرم را وجلله كل رف يوماً وللهدى تفكير لك والبحر معرضا والسدير طة حي إلى الممات يصير وان أم آين قله سابور؟ لةتجباإليه الور سسا فالطير في داره وكور وروي إأن عيسى عليه السلام كان مع صاحب له يسبح الله تعالى؛ فأصابهما الجوع وقد أتيا إلى قريةء فقال عيسى عليه السلام لصاحبه: انطلق فاطلب لنا طعاماً في هذه القريةء فقام عيسى يصلي» فجاء رجل بثلائة أرغفةء فأبطاً عليه انصرف عيسى من الصلاة فأكل رغيفاً. فلما انصرف عيسى قال: أين الرغيف الثالث؟ فقال: ما كان إلا اثنان. قال فمرا على وجوههما حتى مرا بظباء فدعى عيسى عليه السلام ظبياً منها فذكاه فاكلا من ثم قال له عيسى: ثم بإذن الله محيي الموتى فإذا يشتدء فقال الرجل: سبحان الله! فقال عيسى عليه السلام: بالذي أرك هذه الآية من صاحب الرغيف؟ فقال: ما كان إلا اثنان . [٢۳۲/]. فمضيا/ على وجوههما فمرا بنهر عجاج عظيم فأخذه عيسى عليه السلام فمشيا على قنطرة الدنيا ‎Vo‏ الماء حتى جاوزاه. فقال الرجل: سبحان الله. فقال عيسى عليه السلام: بالذي أراك هذه الآية من صاحب الرغيف؟ فقال: ما كانا إلا اثنانء فمشيا حتى أتيا قرية عظيمة خربت فإذا قريب منها لبن ثلاثة من ذهب. فقال الرجل: ما هذا؟ فقال عيسى عليه السلام: أجل هذا مال واحدة لي وواحدة لك وواحدة لصاحب الرغيف. فقال الرجل: أنا صاحب الرغيف. فقال عيسى: هى لك كلها. ۱ ثم فارقه› فأقام هو عليها ليس معه من يحملها عليه فمر ثلاثة نفر فقتلوه فأخذوا اللبن . فقال اثنان لواحد منهم: انطلق إلى القرية فأتنا بطعام فذهب. فقال أحد الباقين: نقتل هذا الرجل إذا جاء فنقسم المال بيننا. فقال الذي ذهب: اجعل لهما في الطعام سما فأقتلهما وأخذ اللبن فلما جاء قتلاء وأكلا من الطعام الذي جاء بء فماتاء فمر بهم عيسى عليه السلام وهم حول اللبن قتلى. فقال: هكذا تصنع الدنيا بأهلها . وعن محمد زيد قال دخلت على المأمون وكان يومئذٍ وزيره فرأيته قائماً وبيده رقعة فقال: يا محمد أقرأت ما فيها؟. فقلت: هى فى يد أمير المؤمنين» فرمى بها إلى فإذا بها مکتوب: ' إثك في دارلهامهلة يقبل فيهاعمل العامل ماترك الموت محيطابها تقطم فيهاأمل الآمل تعجل الذنب لما تشتهي وتأمل التوبة من قابل والموت يأتي بك ذاغفلة ماذايفعل الحازم العاقل فلما قرأتهاء قال المأمون: هذا أحكم شعر قرأته والله أعلم . فصل اعلم رحمك الله أن الدنيا إذا وصلت تباعات موبقةء وإذا فارقت فجعات محرقةء تقبل إقبال الطالبء وتدبر إدبار الهاربء وتصل وصال الملولء وتفارق فراق العجولء فخيرها / وعيشها قصير وإقبالها خديعةء وإدبارها فجيعةء ولذاتها فانيةء وتباعاتها باقيةء فاغتنم غفوة [١۴۲/ب] الزمانء وانتهز فرصة الإمكانء وخذ من نفسك لنفسك» وتزود من يومك لرمسك. حكاية من كتاب حياة القلوب قال: وروي عن مالك بن دينار أنه كان ماشياً في أزقة البصرةء وإذ هو بجارية من جواري الملوك راكبة ومعها الخدم والحفدةء فسمع مالك حسها خلفه فالتفتء فرأى زهوها ٢۷ قنطرة الدنيا وهيئتها وجمالهاء فأثبت فيها بصره» ثم نادها: يا جارية أيبيعك مولاك فلما فجأتها منه هذه الكلمةء وهو في هيثته تلك في عباءته وتواضعه. قالت: أمسكوا مطيتي؛ كيف قلت يا شیخ؟! قال: أقول لك هل يبيعك مولاك؟ قالت: ويلي عليك ولو باعني هل لمثلك ما يبتاعني به؟ قال: نعم وخير منك. فاستضحکت» وفقالت لغلمانها: سيروا به. قال: فحفوا به. قال : خلوا عنى أنا أسير إليكم فسار معهم حتى أتت قصرهاء فقام حجبة الدار لهاء فدخلت فأنزلوهاء فبقى مالك بالبابء فدخلت إلى مولاها فقالت: يا مولاي ألا تتعجب لشيخ لقيني فكان من شأنه كذا وكذاء فحدثته فأضحكته. فقال: آين هوء ويلك؟ قالت: قد جئت به هو بالباب. قال: ادخلوه» فدخل مالك ولم يعرفه الرجل فلما وقف بباب مجلس إذا ببیت منجد بضروب سرية من الوطىء والمتكأء فإذا هو قاعد على فراش من قدره وشأنه فشخص مالك ينظر. فقال : أدخل أيها الشيخ . فقال : لا آدخل؛ أو ترفع هذا الوطىء بشرفه وفتنته عني حتی لا أطاً منه شيئاً ولا أنظر إليه. قال: فألقى الله له الهيبة والطاعة في قلبهء فأمر برفع الوطىء والبسط حتى كشف الرخامء فقعد ورب البيت على كرسيه. قال: اجلس أيها الشيخ كما أحببت. قال: لا والله أن تتزل معي على هذا المرمرء وتتزل عن كرسيك. قال فجلس وجلس [1/۷]/الملك معه. فقال له الرجل: قل حاجتك يا شيخخ. قال: جاريتك التي دخلت عليك آنفاً اتبيعنيها. قال: وهل لك ما تبتاعها به؟ قال: وما ثمنها؟ قال: إن من شأنها وقدرها وحالها كذا وكذا إنها تساوي كذا وكذا ألفاً. قال: ما بيني وبينك من قيمتها إِلا يسيرء ثمنها عندي نواتان مسوستان. قال: فضحك وضحكت الجارية من وراء الستر وضحك خدمة الدار. قال مالك : ما أضحككم؟ قال: وكيف كان ثمنها عندك بهذه الخساسة؟ قال: لكثرة عيوبها. قال: وما أعلمك بها؟ قال: أنا أعلمك بعيبها ما تعلم به علمي بها. قال: فقل. قال: فإنها إن لم تتعطر دفرت» وإن لم تستك بخرت؛ وإن لم تغفتسل وضرت؛ وإن لم تمشط وتدهن فَمّلت وشعثت ١ وإن تعمر عما قليل هرمت» فذات بخرء ودفرء وبصاق؛ ومخاط؛ وقمل؛ وشعث» وهرم؛ وحیض؛ وبول وغائط› وأقذار جم وآفات ہینات کف لا تغلو علي بنواتين مسوستين فلعلها لا تودك إلا لنفسهاء ولا تحبك إلا لتتعمها بك وتنعمك بهاء لا تفى بوعدك ولا تصدق في ودك؛ ولا يخلف عليها أحد إلا رأته مثلك» وأجدُ بدونٍ ما سألت في جاريتك من الثمن جارية خلقت من سلاله الكافورء ولو مزج بريقها الأجاج لطاب» ولو دعي ميت بكلامها لأجاب» ولو بدا معصمها للشمس لأظلمت دونه ولو برز لسواد الليل لسطع فيه نوره» ولو واجهت الأفاق بحليها وحللها لتزخرفت» ولو نفخ ريح ذوائبها الأرض لآأرجت العطر ولم تتعطر الشكلةء ولو تصنعت لقسمت المتعشقة التي نشأت بين رياض المسك والزعفران فنتطرة الدنيا ‎۲V۷‏ وقصرت في أكنان النعيم» وغديت بماء النسيم» فلا يكسف بالهاء ولا يتوقع ضّدهاء فايهما أحق برفعة الثمن أيها المغبون؟ قال: التي والله وصفت. قال: فإنها الموجودة بالثمن القريب الخطب. قال: فما ثمنها رحمك الله؟ قال : اليسير المبذول إن تفرع ساعة / من ليلك فتقوم بركعتين تخلصهما لربك ١ [۳۲۸/ب] وأن يوضم طعامك وتذكر جائعاً وتؤثره لله على شهوتك» وأن تخطر بالطريق فتعزل مته حجراً دار الغفلةء فتعيش في الدنيا بعز القنوع ربحاء وتأتي غداً إلى موقف الكرامة آمناء وتنزل على الملك الكبير مخلداً. قال: فما برح الرجل أن قال: يا جارية. قالت: لبيك يا مولاي. قال: أسمعت ما قال شیخنا هذا؟ قالت : نعم سمعت . قال : أصدق م کڏذب؟ قالت : بلی والله صدق؛ وبر ونصح . قال: فأنت إذاً خُرة لوجه الله تعالىء وضيعة كذا وكذا عليك صدقةء وأنتم أيها الخدام أحرار وضيعة كذا وكذاء وهذه الدار صدقة بما فيهاء وجميع مالي في السبيلء وبسط يديه إلى ستر خشن کان على بعض أبوابه فأجتذبه فرمی به عليه فاستتر به. قالت الجارية: لا عيش وأخذا طريقاًء وأخذ مالك آخر. قال ناقل الحكاية فذكر أنهما لم يزالا متعبدين لله تعالى عاملين حتى لقيا الله تعالى على ذلك والله أعلم . ويروى عن رسول الله يَلٍ أنه قال: «إذا أراد الله بعبد خيراً أزهده في الدنيا وأرغبه في الأخرة وبصره عيوب نفسه»° . وعنه يِل أنه قال: «أزهد في الدنيا يحبك الله وأزهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس». وعنه يل أنه قال: «من أراد أن يؤتيه الله علماً بغير تعليم وهدى بغير هداية فلزهد في الدنا» . وعنه يلأ أنه قال: «من إشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيراتء ومن خاف النار لهى عن )۱( رواه بو منتصور الديلمي في مسند الفردوس دون قوله : «ورغه في الأخرة» وزاد: «نمهه في الدين». وإسناده ضعيف. العراقي في المغنى (٤/۲۱۹). )۲( لم أجد له أصلاة. المصدر سابق. ‎۲V۸‏ قنطرة الدنيا [۹/]] الشهوات» ومن ترقب الموت ترك اللذاتء ومن زهد / في الانيا هانت عليه المصائب»”*. ‏قال ابن عبينة: الزهد ثلائة أحرف: زاي وهاءء ودال. فالزاي: أن تترك زينة الدنياء ومعنى الهاء: أن تترك هواهاء ومعنى الدال: أن تترك الدنيا بأثرهاء فإذا كان هكذا فحيتذ يسمى زاهداً. وقال إبراهيم بن أدهم : الزهد: ثلائة أصناف: فزهد فرض» وزهد فضل؛ وزهد سلامة. ‏فإما الزهد الفرض: فالزهد في الحرامء والزهد الفضل: فالزهد في الحلالء والزهد السلام : فالزهد في الشبهات . ‏وقيل لبعض العلماء: ما الزهد؟ قال: التقى. وقال: لما يزهد الرجل فى الدنيا إل نطقت الحكمة على لسانه . ‏وقال بعض الحكماء: الزهد زهدان: زهد في الدنياء وزهد في الرئاسة فمن زهد في الدنيا ولم يزهد في الرئاسة لم ينفعه زهده في الدنياء ومن زهد في الرئاسة كان في الدنيا أزهد. ‏وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: الزهد في الدنيا راحة القلب والجسد. وعن أبي سليمان الداراني قال : ليس الزاهد من نفى هموم الدنيا واستراح منهاء وإنما الزاهد من زهد في الدنيا وتعب فيها للاخرة. ‏وقيل لبعض العلماء: ما رأس الزهادة؟ قال أخذ الأشياء من حلهاء ووضعها فى حقها. ‏وال بعض الحكماء: الزهد في الرئاسة أشد من الزهد في الذهب والفغضة لأنه يبذل الذهب والفضة في طلب الرئاسة. ‏وعن أبي سليمان قال: كل ما شغلك عن الله من أهل ومال فهو مشؤم. وقال: الزهد ‏وقال رجل لسفيان بن عيينة: أشتهي أن أرى عالماً زاهكء قال سفيان: ويحك تلك ضالة لا توجد. ‏وعن وهب بن منبه أنه قال: إن للجنة ثمانية أبواب فإذا صار أهل الجنة إليها جعل. البوابون يقولون: وعزة الله لا يدخلها أحد قبل الزاهدين والعاشقين للجنة. ‏(۱) روا ابن حبان في الضعفاء من حديث علي بن آبي طالب. قاله العراقي في المصدر السابق. ‎ ‎ فنطرة الدنيا ۲۷۹ وعن یحیی بن معاد أنه قال: إذا رأیت الزاهد يستریع إلى الرخص / فاعلم آنه قد بدا له [۴۳۰/ب] وقيل له متى يكون الرجل زاهداً؟ قال: إذا بلغ حرصه في ترك الدنيا كحرص الحريص على طلبها. وقال بعض السلف: إني أشتهي من الله ثلاث خصال؛ أن أموت يوم آموت ولي في ملكي درهم» ولا يكون على دين» ولا على عظمي لحم. فقيل : إنه أعطى ذلك . وعن عبيدة بن عمير أنه ئال: کان عیسی بن مريم عليهما السلام يأکل الشجر ویلبس وقيل: لو اتخذت حماراً. فقال: أنا أكرم على الله أن يشغلني بحمار . وروي أنه كان ماشياً في يوم صائف وقد مسه حر الشمس والعطش فجلس في ظل خيمة فخرج إليه صاحب الخيمة. فقال له: يا عبد الله قم من ظلنا. فقام عيسى عليه السلام: فقال لست أنت الذي أقمتني إنما الذي لم يرد أن أصيب منها شيثاً. وقال: يا معشر الحواريين أنه من طلب الفردوس فخبز الشعير والتوم في المزابل مع الكلاب كثير". وعن ابن عباس قال: سمعت أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقول : إذا أردت شريف الناس كلهم فانظر إلى ملك في زي مسكين ذاك الذي حسنت في الناس سيرته وكان يصلح للدنيا وللدين ويروى أن رسول الله يلو سأل عن الزهد فقال: «أما إنه ليس بإضاعة المالء ولا بتحريم الحلالء ولكن إنما تكون بما في يد الله تعالى أوثق منك بما في يدكء وأن يكون ثواب إلى يوم القيامة. وقد اختلف علماء السلف في الزهد ما هو؟ء فمنهم من قال: الزهد إنما هو الحرام للأن الحلال مباح من قبل الله سبحانه . وقيل: / الزهد خلو القلب عما خلت منه اليد. وقال آخرون: الزهد في الدنيا إنما هو [۳۳۱/ب] قصر الأمل. وقيل: الزهد الثقة بالله مع الفقر. () راجع إحياء علوم الدين (٠٤/٢٥۲۲). ۸۰ قنطرة الدنيا وهذان القولان من أمارات الزهد لا الزهد نفسه لأنه لا يقوى العبد على الزهد إلا بقصر الأمل والثقة بالله عز وجل . وعن یحیی بن معاذ أنه قال : لا يبلغ أحدكم حقيقة الزهد حتى تكون فيه ثلاثة : عمل بلا علاقةء وقول بلا طمع› وعز بلا رئاسة . وقال بعضهم: الزهد ثلائة أوجه؛ ترك الحرام وهو زهد العوامء وترك الفضول من الحلال وهو زهد الخواص» والثالث زعد ما يشغل القلب عن الله تعالى وهو زهد العارفين. وفي مثلهم قيل : فما صحبوا الأيام إلا تعففا وما وجدوا من حب سيدهم بُدا أفاضيل صديقين أهل ولاية إلى سيد السادات قد جعلوا القصدا تحلل عقد الصبر من كل صابر وما حلل الأيام من عقدهم عقدا وقال بعض الحكماء: الزاهد: نظره في الدنيا عبرةء وكلامه فيها حكمةء وسكوته فيها فكرة؛ يصبر عند البلاء ويشكر عند الرخاء ويرضى بجميع القضاء . وعن يحیی بن معاذ قال: الزاهد الصادق قوته ما وجدء ولباسه ما ستر؛ ومسکنه حیثٹ أدركء الدنيا سجنه والقبر مضجعهء والخلوة مجلسهء والأعتبار فكرتهء والقرآن حديثه› والزهد قرينهء والحزن شأنهء والتقوى إرادته والصمت غنيمتهء والصبر معتمدهء والتوكل حسبه» والعقل دليلهء والعبادة حرفتهء والجنة مبلغه. فصل اعلم أرشدك الله أن الزهد في الدنيا يفيد الإنسان أمرين : أحدهما: كثرة العبادة فإن الرغبة في الدنيا يشغل ظاهر الإنسان بالطلب وباطته بالمحبة لهاء وحديثه النفس باشتغالها فالنفس واحدة والقلب واحد وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه فمهما اشتغل القلبَ بشيء انقطع عن ضده. ‎[i /۳۲]‏ وعن أبي الدرداء أنه قال حاولت الجمع بين/ العبادة والتجارة فلم يجتمعا فاقبلت ‏وتركت التجارة. وعن عمر رضي الله عنه قال: لو كانتا مجتمعتين لأحد غيری لاجتمعی ۲٩ إِليّ لما أعطاني الله من القوة فإذا كان الأمر هكذا فاضرر بالفانية والسلام. ۱ ‏() في الأصل: عن وهو تحريف. والسياق يقتضي ما أثبيت. ‎ ‎ قتطرة الدنيا ۸ وقد روي عن النبي ييو أنه قال: «من أحب دناه أضر باخرته من أحب آخرته آضر بدنیاه فاثروا ما یبقی على ما یفنی*۱٩. وقد روي عن سليمان الفارسي رحمه الله أنه قال: إن العبد إِذا زهد في الدنيا استنار قلبه بالحكمة وتعاونت أعضاؤه في العبادة . فبان بهذا أن العبادة لا تكثر ولا تستقيم إل بالزهد. والأمر الثاني : الذي يفيد الزهد هو شرف العمل وعظم قدره به. وقد روي عن النبي يِل أنه قال: «ركعتان من رجل زاهد قلبه خير وأحب إلى الله من عبادة المتعبدين إلى أخر الدهر أبداً سرمداة°. فإذا كانت العبادة تشرف وتكثر بذلك فحق لمن طلب العبادة أن يزهد في فضول الدنيا ويتجرد عنها. وقد قال بعض العلماء: الزهد زهدان زهد مقدور للعبدء وزهد غير مقدور؛ فالذي هو مقدور ثلائة: أشياء ترك طلب المفقود من الدنياء وتفريق المجموع منهاء وترك إرادتها. وأما الزهد الذي هو غير مقدور للعبد: فهو برودة الدنيا على قلب الزاهد. ولكن الزهد الذي هو مقدور للعبد هو مقدمات الزهد الذي هو غير مقدور له فإذا أتى به العبد بأن لا يطلب ما ليس عنده من الدنياء ويفرق ما عنده فيهاء ويترك بالقلب إرادتها أورثه برودة الدنيا على قلبه. لأجل الله تعالى وعظم ثوابه» وهذا هو الزهد الحقيقي. والشأن كله في الإرادة قال الله سبحانه: من كان بريد اعيا اليا وَزِيَع4Ç.‏ الآية. وقال: من گان يرن € الآية. في أمثالها أما ترى الإشارة كلها إلى الإرادة فالأمر المهم إذاً حب الدنيا / وإرادتها لأن [۳۳۴/ب] حب الشيء يعمي ويصب لكن العبد إِذا إستقام على الأولين - أعني الترك والتفريق - فمأمول من فضل الله تعالی دفع هذه الإرادة والحب عن قلبه إِذ قال سبحانه وتعالى : وَالَذينَ جَامَدُوا ف ينُم شبلا4". الآية. (١) قال العراقي في المغنى (۱۹۷/۳): حديث أبي موسى الأشعري: «من أحب دنياه أضر بأخرته...» الحديث - رواء- أحمدء والبزار والطبراني» واين حبانء والحاكم وصححه. () أطراف الحديث بنخوه عند: الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (٠/٠۲۹)› أبي نعيم في تاريخ أصبهان (۱/٢۲۱). )۳( سورة هود الأية: ٥ . (8) سورة الإسراء الأية: ١۱. (0) سورة العنكبوت الآية: 1۹. ‎YAY‏ قنطرة الدنيا ‏ثم الذي يبعث على الترك والتفريقء ويهون ذلك على قلبه ذكر آفات الدنياء وعيوبها. إذ قال بعضهم : تركت الدنيا لقلة غنائهاء وكثرة عنائهاء وسرعة فنائهاء وخسة شركائها. ‏وقال بعضهم: إن الدنيا عدوة الله عز وجل؛ ومن أحب أحداً أبغض عدوه ‏ والله أعلم إن كان يجوز هذا القول على الدنيا مجازاً أم لا”؟ والأصل أن الدنيا في حقيقتها وسخة جيفة إذ کان آخرها إلى الغدر والتلاشي والاضمحلال لكنها جيفة ضمخت بطيب»ء وكسيت بزينةء فأعزت بظاهرها الغافلون» وزهد فيها العاقلونء أما الصالحون فزهدوا في حرامها ورأوه عذاباً. ‏وأما الصدّيقون: فزهدوا في حلالها ورأوه كالميتة لا يتناولونها إلا بالضرورة . ‏فإن قيل: كيف تصير الدنيا في شهواتها ولذاتها بمنزلة النار أو الميتة فطباعنا تقتضي حبها؟ ‏فاعلم أن من وفق التوفيق وعلم آفاتها على التحقيق فإنها تصير عنده كذلك وإنما يتعجب بهذا الراغبون العميان عن" آفاتها المغترون بظاهرها. ‏ويتبين لك هذا بمثال› وذلك لو أن إنساناً صنم طعاماً لذيذاًء ثم طرح فيه قطعة سم قاتل فأبصر ذلك رجل ولم يبصر آخر ووضع بين أيديهما طيباً مزيناً فالذي أبصر ذلك السم يكون عنده بمتزلة النار ولما يعلم من آفاته لا يتناول منه على حالء والرجل الجاهل بالسم يحرص عليه ويتعجب من صاحبه بل ريما سفهه. فهذا مثل حرام الدنيا مع البصراء المستقيمين › والجهال الراغبين» فإن لم يطرح فيها السم؛ ولكن بزق فيه وامتخط ثم ضمخه وزينهء فالذي ‏/اشاهد منه ذلك الفعل يستقذرهء وينفر عنه ولا يكاد /يتقدم عليه إلا عند الضرورة وشدة ‏الحاجةء والذي لم يشاهد ذلك فهو بافاته مغتراً بظاهره حريص عليه فهذا مثل حلال الدنيا مع أهل البصيرة والاستقامةء وأهل الرغبة والغفلةء وإنما إختلف حال الرجلين مع تساويهما في الطبع لعلم كان لأحدهماء وجهل كان مع الأخر. ‏فإن قيل: لا بد لنا من قوت يكون لنا قواماً فكيف نزهد في الدنيا؟ فاعلم أن الزهد في الفضول مما لا يحتاج إليه في قوام البنيةء وإنما المقصود بالقوة التقوية على العبادة فإن سكنتك (١) هذه إشارة طيبة منه وإلتفاتة جيدة قد تفوت على كثير من الناس إلا من رحم الله فالله أسأل أن يجعلها له ‏في ميزان حسناته وآن يرحمنا وإیاه برحمته أمين. (۲) في الأصل: على. وهو تحريف لسهو من الناسخ؛ والله أعلم. ‎ ‎ قنطرة الدنيا ‎YAY‏ ‏إرادتك فالله تعالى يقويك على العبادة بما شاء كما قال تعالى: ومن يق الله يَجْعَل له مَشْرَجاً 4 . الآية. وإِن لم تتقو على ذلك وطلبت وأردتء فأو بذلك العدة والتقوى والطاعة دون الشهوة واللذة فإنك إذا نويت ذلك كان الطلب والإرادة منك خيراً وطلبا للأخرةء بالحقيقة لا للدنياء ولا يقدح ذلك في الزهد والتوكل على الله تعالى . نسأله العون والتوفيق لما يحبه ويرضاه. تمت القنطرة الثامنة بحمد الله وحسن عونه والصلاة على نبينا محمد وعلى اله وصحه وسلم تسليماً () سورة الطلاق الآية: . القنطرة التاسعة من الكتاب قنطرة الخلق اعلم أن الله سبحانه وتعالی خلق ابن آدم لعبادتهء كلفه العمل بطاعتهء فكان مفتقراً إلى الاجتماع مع جنسهء محتاجاً إلى الاستماع بأنسهء لتدوم به الألفة الجامعةء وتحدث بسبب اجتماعهم الذرية النافعةء فافتقروا إلى أبنية محكمةء وبيوت متميزة لينفرد كل إنسان [١/ب]بأهله» ويتميز من غيره ما كان من /نسلهء فاضطروا إلى الخلطة والتالف. ولمن يصلح إل على التعاون والتعفف» لأن الإنسان مقصود بالأذيةء محسود بالنعمةء فإذا لم يكن ألفاً مألوفاًء وبالمعونة معروفاء تخطته أيدي حاسديهء وتحكمت فيه أهواء أعاديهء فلم تسلم له نعمةء ولم تصف له مودةء فإذا كان ألفاً مالوفاء وببذل المعونة موصوفاء انتصر بالإلفة على أعدائهء واستظهر بأهل معروفه على حسادهء فسلمت نعمته منهم وصفت مودة عنهم؛ وإن كان صفو الزمان عسيراًء وسلمة خطر. وقد روي عن جابر بن زيد رحمه الله أن النبي يِل قال: «المؤمن آلف مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس»° وإذا كانت الإلفة بها يجمع الله الشملء ويظهر من أجلها التعاون» والوصل» والتناصر والبذلء ويمتنع بها الإنسان من الذلء ويكسب بها أنواع الفضل اقتضت الحكمة ذكر أسبابها مشروحة بأبوابها وأسبابها. الألفة ثمانية وهي؛ الدينء النسب والمصاهرةء والجوارء والملك» والإخاءء والمروةء والإأفضالء ونحن نشرحها إن شاء الله في ثمانية أبواب. الباب الأول في الدين وهو الأول من أسباب الألفة فإنه ييعث على التناصر ويمنع من التقاطع والتدابر. () قال الحافظ العراقي في المغنى: رواء أحمد والطبراني من حديث سهل بن سعدء والحاكم من حديث أبي هريرة. لکن لم تذکر فيه «وخير الناس أنُعهم للناس» وجاء الإحياء دون ذکر هذه الزيادة. قنطرة الخلق ‎۸o‏ قال الله سبحانه ممتناً على نبيه عليه السلام: شر الي أت تسر ويال بين واف بين فلوبهم لر فقت ما في الأزض جَميعاً ا أَلْفُتَ بَيَ فُلوبهمْ وَلكن الله الف TI وروي عن النبي يل أنه قال: «إن الله يرضى لكم ثلاثاً يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً / وأن تعتصموا بحبله جميعاً ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ویکره لکم [٣1/۳۳] ثلاثاً قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال». وكل هذا منه حث على الألفة. والعرب تقول: من قل ذل. وينشد لقيس بن عا إن القداح إذا اجتمعن فرامها بالكسر ذو حنق وبطش أيد عزت ولم تكسر وان هي بددت فالهون والتكسير للمبدد فلما كان غير الدين يقتضي الألفةء كان الدين أولى وأحقء ويمثل ذلك وصى النبي يي أصحابه فقال: «لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله أخواناه . قد كان بين الأوس والخزرج من الاختلاف والتباين أكثر ما كان في غيرهم إلى أن أسلموا فذهبت إحنهم وأنقصعت عداوتهم فصاروا بالإسلام إخوانا متواصلين وبالألفة الدين أعواناً متناصرين قال الله تعالى : واذكُروا نِعْمَة الله عَليْكُمُ إذ كسم أغداء ”٩ . يعني في الجاهلية: الف بَيْنَ فة4 . بالإسلام. وقال تعالى: «إنَ الذي منوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجعَلُ لهم الوَحٰن وَذاً 4. يعني محبة في قلوب الناس. وعلى حسب التالف على الدين تكون العداوة فيه إذا اختلف بأهله فإن المسلم قد يقطع () سورة الأنفال الآية: ۳٠. )۲( قال الحافظ العراقي في المغني في حديث نصه «لا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسصدوا وكونوا عباد الله إخواناً المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحرمه ولا يخذله بحسب المرء من الشر أن يحقر أخاء المسلم' رواء مسلم من حديث أبي هريرة وأوله متفق عليه من حدیثه وحدیث آنس «لا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا» متفق عليه من من حديث أبي هريرة. () سورة آل عمران الآية: ١١٠ . (٤) سورة آل عمران الآية: ١١٠. (0) سورة مريم الآية: ۹1. ‎Y۸‏ قنطرة الخلق ‏في الدين من کان به باراً وعليه مشفقاً هذا أبو عبيدة بن الجراح قتل أباه يوم بدر وأتى برأسه إلى الرسول ي طاعة لله ورسوله حين بقي على شركه تغليباً للدين على النسب وطاعة لله على طاعة الأب . ‎8 ‏وفيه أنزل الله تعالى : < َد قوم يوون بالله وَآليوم الآخر بُوَادُون من خاد الله وَرَسُوله€ إلى قوله: «وَأَيَدَهُم يروح ين ". فلما كان الدين بهذه المنزلة اقتضى بين أهله حقوقاً لا محالة . ونحن نجمم ذلك في ستة فصول: ‏[۷/ب] ‏ الفصل الأول: في /الولاية والمحبة لهم والعداوة واليبعض لمن خالفهم من أو ق عری الإسلام قال الله سبحانه: تۇر لِذَنكُ وَلِلمُوْمِنين 6 وقال أيضاً: ®وَالَمُوْمِنُونَ وَأَلْمُوْمِنَاتُ بَعْضهُمْ ويا بعد عض يَأمُرُونَ بالمَعُرُوف وَيَنهُونَ عن أَلمُْك ري" الاية. فكما تجب الولاية لهم فكذلك تجب العداوة والبراءة ممن خالفهم قال الله سبحانه: لا تَتَخْدُوا عدوي ودوم ر9 ٤ وقال : ‎YY‏ تَنَخْذُوا آباءكمُ و خُوَانَكُمُ لاء . إلى فوله: ومن تلهم نكم فو لِك هُمُ َلظَالِمُونَ 4 ‏وقال مخبراً عن إبراهيم الخليل : ل قال لأبيه وَقَو مه إن بر ر نكم . إلى قوله: حى ونوا الله وَحُد€”*. في أمثالها من الآيات. وأما الآخبار: ‏فقد روي عن رسول الله يلر أنه قال: «يا ابن مسعود أي عرى الإسلام أوثق» قال: الله ورسوله أعلم. قال عليه السلام: «الحب في الله والبغض في ا" . وهما حقيقة الإيمان عند أصحابنا ومن لم يدن بهما عندهم فلا دين عنده. ‏(١) سورة المجادلة الآية: ٢۲. ‏(۲) سورة الاية: ‏(۳) سورة التوبة الآية: ١۷. ‏() سورة الممتحنة الأية: ١. ‏(0) سورة التوبة الآية: ۲۳. ‏(1) سورة الشعراء الآية: ٠۷. ‏)۷( قال الحافظ العراقي ف في المغني في حديث نصه «أوئق عرى الإسلام الحب في الله والبغض في الله رواه أحمد من حديث البراء بن عازب وفيه ليث بن أبي سليم مختلف فيه والخرائطي في مكارم الأخلاق من حدیث ابن مسعود بسند ضعیف. ‎ ‎ قنطرة الخلق ‎YAY‏ ‏ويروى أن الله تعالى أوحى إلى نبي من الأنبياء: أما زهدك في الدنيا فقد استعجلت وأنفقت مالي في سبيل الله علقاً علقا أموت يوم أموت وليس في قلبي حباً لأهل طاعته وبخض وقال بعض العلماء: من هجر في ذات الله الأقرباء عوضه صحبة الأولياء . وقال ابن السماك عند موته: اللهم إنك تعلم إن كنت عصيتك كنت أحب من يطيعك فاجعل ذلك قربة مني إليك . وقال بعض السلف في بعض كلامه: هل تريد أن تسكن الفردوس وتجاور الرحمٰن في دار مع النبيين والصديقين والشهداء / والصالحين باي عمل عملته باي شهوة ترکتها بأي غیط [۳۳۸/آ] وقال النبي يَأ في بضع خطبه: «أنه من أعطى لله ومنع لله وأحب في الله وأبغض في الله فقد استكمل خصائل الإيمان». قط؟ قال: اللهم صليت لك وصمت لك وتصدقت: قال الله عز وجل: إن الصلاة لك برهان› والصوم لك جنةء والصدقة ظل› والذكر نور فاي عمل عملت لي؟ قال موسى عليه السلام : إلهي دلني على عمل هو لك حتى أتيه. قال: یا موسی هل أوليت لي ولياً أو عاديت لي عدواً قط فاعلم يا موسى إن أفضل الأعمال الحب في الله والبغفض وعن الحسن قال: مصارمة الفساق قربة إلى الله تعالى . وعنه أيضاً قال: لا يغرنك قول من يقول المرء مم من أحب فإنك لا تلحق الأبرار إلا وروي أن الله عز وجل أوحى إلى عيسى عليه السلام لو أنك عبدتني عبادة أهل السموات وأهل الأرض وحب في الله ليس معك وبغض في الله ليس معك ما أغنى ذلك عنك شيئاً . ‎YAA‏ قنطرة الخلق ‏وعن ابن مسعود رحمه الله أنه قال : لو أن رجلا أقام بين الركن والمقام يعبد الله سبعين سنة لبعثه الله يوم القيامة مع من يحب . ‏ويروى عن كعب الأحبار أنه قال: أن الله عز وجل كتب كلمتين ووضعهما تحت العرش قبل أن يخلق لم تعلم الملائكة بهما وأنا أعلم قال: يا أيا إسحاق ما هما؟ ‏قال إحداهما: كتب لو أن رجلا يعمل عمل جميع العالمين بعد أن تكون صحبته من الفجار ‎U‏ الذي أجعل عمله إِثماً وأحشره مع الفجار والأخرى لو أن رجلا يعمل عمل جمیع ‏[۹/ب] الأشرار بعد أن تكون / صحبته مع الصالحين والأبرار. ومحبتهم فأنا الذي أجعل إثمه حسنات ‏واحشره يوم القيامة مع الأبرار والصالحين . ‏ويروى عن عيسى عليه السلام أنه قال: تحببوا إلى الله ببغض أهل المعاصي وتقربوا إلى من تذكر الله رؤيته ويزيد في علمكم منطقه ويرغبكم في الأخرة عمله. ولا بد في الولاية للمسلمين من اعتقاد الحب لهم في القلوب وإظهار الاستغفار لهم باللسان. وكذلك في البراءة من الكفار لا بد فيها من إعتقاد البغفض لهم في القلوب وإظهار الشتم لهم باللسان . ‏وقد ذكرنا شروط الولاية والبراءة وأقسامهما في كتاب قواعد الإسلام فاقتصرىا في هذا الكتاب على ذكر الحقوق وبالله التوفيق. ‏الفصل الثاني: في السلام ‏وهو من حقوق أهل السلام والإبتداء به سنة ورده واجب”. ‏قال الله تعالى : «وَإِدَا حينم بتَحيَةٍ فَحَيوا بحس منها أو وم4 °. ‏وروي عن النبي يَه أنه قال: «والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا ‏)۱( قال الحافظ العراقي في المغني: هو أن يسلم عليه إذا لقيهء فذكر عشر خصال رواه الشيخان من حديث أيي هريرة «حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس› وفي رواية لمسلم «حق المسلم على المسلم ست إذا لقيته تسلم عليه» وزاد عليه «إذا استنتصحك فانصح له وللترمذي وابن ماجة من حديث علي اللمسلم على المسلم). فذکر منها «ويحب له ما يحب لنفسه) وقال: «وينصع له إذا غاب أو شهد). ولأحمد من حديث معاذ «وأن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك» وفي الصحيحين من حديث البراء «أمرنا رسول الله ي بسبع فذكر منها وإبرار القسم ونصر المظلوم». ‏(۲) سورة النساء الاية: ٦۸. ‎ ‎ قنطرة الخلق ۸۹ تؤمنون حتى تحابوا أفلا أدلكم على عمل إذا عملتموه تحاببتم؟». قالوا: بلى يا رسول اللهء قال : «أفشوا السلام بينكم»” ° . وفي حديث آخر: «ألا أدلكم على شيئين إذا فعلتموهما تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم وتهادوا». وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ثلائة يثبتن الود في قلب أخيك؛ تسلم عليه إذا لقيته › وتزحزح له في المجلس› تدعوه بأحب اسمائه إليه. وعن رسول ل صلى الله عليه / وسلم أنه قال: «إذا سلم المسلم على المسلم ورد عليه [٠٤1/۳] ّ < 7 صلت عليه الملائكة سبعين مرة» . عنه ي أنه قال: «الملائكة تتعجب من المسلم يمر على المسلم فلا يسلم عليه“ ٠ وعنه يل أنه قال: «يسلم الراكب على الماشي وإذا سلم من القوم واحد أجزاً . 0( وعن ابن مسعود رحمه الله أنه قال: السلام اسم من اسماء الله عز وجل وضعه في الأرض فأفشوه بينكم» فإن المسلم إذا مر بالقوم فسلم عليهم فردوا عليه كانت له عليهم فضيلة وعن قتادة أنه قال: تحية من كان قبلكم السجود فأعطى الله عز وجل هذه الأمة السلام› وهي تحية أهل الجنة . قال الله سبحانه وتعالى: لتَحيَنَهُمْ فيها سلا . وقال أيضاً: «ِوَألْمَلايِكَهُ يَدْخُلُونَ (١) قال الحافظ العراقي في المغني رواه مسلم من حديث أبي هريرة. () ذكر الحافظ العراقي حديثاً بنحوه في المغني وقال رواه البيهقي من حديث أبي هريرة. (۳) قال الحافظ العراقي في المغني: ذكره صاحب الفردوس من حديث أبي هريرة ولم يسنده ولده في المسند. (8) قال الحافظ العراقي في المغني لم أقف له على أصل. )0( قال الحافظ العراقي المغني: رواه مالك في الموطاً عن زيد بن أسلم مرسلاً ولابي داود من حديث علي «يجزي عن الجماعة إذ مروا أن يسلم أحدهم ويجزي عن الجلوس أن يرد أحدهم؟. وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة «يسلم الراكب على الماشي». () سورة إيراهيم الآية: ۲۳. ۹۰ قنطرة الخلق يهم ين گل باب سلا عَليكم ما رُم يس قت ارڳ . وكان بعض السلف يمر بالقوم ولا يسلم عليهم؛ فقيل له في ذلك؟ فقال: أخشى أن لا يردوا فتلعنهم الملائكة› وذلك عن جابربن زيد أنه لا يسلم على من لا يرد السلام من الجبابرةء فقيل له في ذلك قال؟ لئلا يكون مني سبب» تضييع الفريضة. وروي عن النبي يَأ أنه قال: «أنهو السلام إلى حيث أنهته الملائكة». يريد إلى قوله: ورحمه الله ويركاته. وروي أن رجلا قال: السلام عليكم. قال عليه السلام: «عشر حسنات» . فجاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله فقال: «عشرون حسنة». ثم جاء ثالث فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال عليه السلام: «ثلاثون حسنة »٩ . ويقال أيضاً: إذا رَد عليكم السلام ورحمة الله وبركاته كتب للراد ثلاثون حسنة . 7 /ب] ويقال: من سلم على المسلم فهو كمن أعتق رقبة /ويقال السلام بين الناس أمان يطمئنون به فيما بينهم. وذكر في معنى السلام عليك : أي الله شهيد رقيب عليك فاتقه . وكذلك معنى قول الأخر إذا رد عليه أي عليك بالله فاتقه. ويجوز أن يسلم الإنسان على جميع آهل التوحيد البلغ العقلاء إلا ما استخصوه من أهل المعاصي والملاهي في حالتهم تلك ومانع الحق والطاعن في الدينء أو المرأة العاصية لزوجهاء والعبد الأبقَء وأهل الفتنة كلهم والمبتدع في الدين. ولا يسلم على أهل الشركء وإن سلم أحد من اليهود فليرد عليه وليقل عليك مثلما قلت. ومن سلم على ذمي وهؤلاء يعلم فلا شيء عليه وقيل يقول له: رد علي سلامي ولا يسلم على من كان مشتغلاً بالخلاء أو بالأذان» أو بالإقامة أو بالصلاةء أو بقراءة القرآن أو الكتاب› أو كان في مجلس الذكر أو في المسجد ومن سلم على هؤلاء فليس عليهم أن يردوا علي وقيل من أمكنه الرد متهم مثل من كان في المسجد آو في المجلس فلیرد. وقيل: إن أحق بالسلام من كان في المسجد»ء أو في المجلس» أو في ذكر الله تعالى . واختلف في السلام على الأطفال وقيل: إن عمر رضي لله عنه كان يسلم عليهم» وأما العبيد () سورة الرعد الآيتان: ۲۳ ٢٤۲. 9 هذه زائدة عن ما جاء في الاحياء والمغني فلم ترد بهما (۳) قال الحافظ العراقي في المغني رواه أبو داود والترمذي من حديث عمران بن حصين قال الترمذي غريب وقال البيهقي في الشعب [إستاده حسن قنطرة الخلق ۲۹۱ وذوات المحارم من النساء فلا بأس بالسلام عليهم» وأما غير ذوات المحارم من النساء فلا يسلم عليهن الرجل في غير المنزل لما يخاف من الريبةء وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سلم على امرأة فتهرته فقالت له: إن كلام الرجال إلى النساء كصهيل الخيل إلى الرماكء ولكن إن لم يسترب كل واحد من الرجل والمرأة صاحبه فليسلم عليه . والسلام إنما يكون قبل الكلام وقد روي عن النبي َو أنه قال: «من بدا بالکلام قبل السلام فلا تجبه حتى يبد بالسلام»” ° . وقال بعضهم: دخلت على رسول الله يله ولم أسلم فقال عليه السلام. «إرجع / وقل [۲٤1/۳] السلام عليكم أأد ل 9۳ . الفصل الثالث: فى الاستئذان قال الله سبحانه وتعالى: لا تَدْخُلُوا بوتا عير بُيُوتكم حَمَىٰ تَستَأنسُوا وَتُسَلُمُوا عَلى ‎„e‏ ِ ِ ر . 2 رط ٥ اهْلِهًا». إلى قوله: ون قِيل لكُم أَرْجعُوا فَارجعوا هو اکى لک ې" . وروي ان النبي يَيٍ أنه كان إذا أراد أن یدخل دار من دار المسلمين سلم ثلاثاً من خارج يقول: «السلام عليكم أأدخل؟»”*. فإن أذنوا له وإلا رجع. وقال عليه السلام: «الاستذان ثلاثة فإن أذنوا لك وإلا فارجع فالأول يستنصتون والثاني يستصلحون والثالث يأذنون أو يردون"٩. ولا يجوز لأحد من العقلاء أن يدخل بیتا مسکوناً حتی یستأذن» وإٍن کان غير مسون )۱( قال الحائظ العراقي في المغني : رواه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في اليوم والليلة واللفظط له من حدیث ابن عمر بسند فيه لين . () جاءت بالأصل «وادخل». والتصويب من المغني للحافظ العراقي وفي الأحياء «وادخل». )۳( قال الحافظ العراقي في المغني: رواه آبو داود والترمذي وحسنه من حديث كلدة بن الحنبل وهو صاحب القصة. (8) ما ذكر في هذه الباب جاء بمعناء من كتاب الإحياء كتاب حقوق المسلم للإمام الغزالي الجزء الثائي ص ٢٠٠۲ طبعة دار إحياء الكتب العربية. () سورة النور الايتان ٢۲: ۲۷. () الحديث في قوله يو للرجل الذي دخل بدون إذن رواه أبو داود والترمذي وحسنه من حديث كلدة بن الحنبل وهو صاحب القصة. قاله الحافظ العراقي في المغنى. (۷) قال الحافظ العراقي في المغني: رواه الدارقطني في الإفراد بسند ضعيف وفي الصحيحين من حديث ابي موسى #الاستئذان ثلاث فإن أذن لك وإلا فارجع. ۹۲ قنطرة الخلق ‎o 5‏ و ‏فلا بأس. قال الله تعالى: ليس عَليَكُمْ جاح أن تَدْخُلوا يُيوتا عير مَسكُونَةٍ فيها ماع لكب . يعني منفعة من الحر والبرد» فكل من دخل بیت غیره بغیر إِذن فقد عصی ربهء وعلى من دخل عليه بغير إذن أن ينهاء عن الدخول بغير إِذنء ويأمره أن يخرج» ثم يستأذن وإن لم ينهه عن ذلك فقد عصى ربه» وإن دخل بغير إذن ناسياً فليخرج ثم يستأذن» وكذلك إن نسي المدخول عليه بغير إذن أن ينهاهء فإذا ذكر ذلك فليأمره بالخروج ثم يستأذنء وكل بيت لا يدخل إلا بإذن لا يجوز أن ينظر إلى داخله. ‏وقد قال عليه السلام: «إنما جعل الاستثذان لأجل النظر». وقال: «من نظر من صير باب فقد دمر أي دخل ويقال: النظر في بيوت الناس بغير إذن من الذنوب التي تحجب الدعاء . ‏وكل بيت لا تقطع يد السارق إذا سرق منه لا يحتاج الإنسان في دخوله إلى الاستعذان وذلك مثل المسجد؛ والمدرسةء وقصر العامة والفندق والحمّام والمعصرةء وبيت الطاحونه ‏[٤٤/ ب]/ والحانوت ومجلس الذكرء والصلاة ومجلس الحكم» وبيت الصانع› وما أشبهه ذلك . ‏وكل من اضطر بالعدو والسباع» أو البرد أو الثلج أو بمعنى يخاف منه تلف نفسه فوجد بيت لغيره فإنه يستأذن ثم يدخل أذنوا له أو لم يأذنوا. واختلفوا إذا خاف تلف ماله . ‏وكل بيت كان فيه متكر مثل المخمر والنبيذ المسكرء أو خائن فيهء أو كان فيه مانع لحقء أم من يضرب عياله جزافاء فإنه يجوز لمن أراد أن يغير ذلك المنكر أن يدخل بغير استثذان وإن أغلقوه فليكسره عليهم أو منعوه فليدخله على كره منهم وكذلك يدخل بغير إِذن إلى تنجية الأنفس» والأموالء وتجهيز الميتء وأشباه ذلك ويجوز الدخول بإذن كل من كان في بیت غيره حرا كان أو عبداًء طفلاً كان أو بالغاًء ذكراً كان أو أنفى» وبالله التوفيق . ‏الفصل الرابع: في زيارة الإخوان ‏ویروی أن رسول الله يَوٍ قال: «أن رجلا زار أخاه في الله فأرسل الله له ملكا فقال: أين ترید فقال : أريد أخحي فلاناً قال : لحاجة لك عنده قال: لاء قال: فلقرابة بينك وبينه قال: لا قال فلنعمة لك عند قال: لا قال: فبما قال: أحبه في الله قال فإن الله أرسلني إليك أبشرك فإنه يحبك بحبك إياه وأوجب لك الجنةء . ‏(١) سورة النوز الآأية: 1۹. (۲) ورد بمعناه في المغتي للحافظ العراقي قال: رواء مسلم من حديث أبي هريرة. ‎ ‎ قنطرة الخلق ۲۹۳ ويروى أنه: «ما زار رجل أخاً له في الله شوقاً إليه ورغبة في لقائه إلا ناداء ملك من خلفه طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاأء٩. وروي عن النبي يِل أنه قال: «يقول الله عز وجل وجبت محبتي للذين يتزاودون من /وحقت محبتي للذين يتحابون من أجلي وحقت محبتي للذين يتناصرون من أجلي»°. [٤٤1/۳] وذكر عن الشيخ أبا مسور عمن حذث عنه أنه قال: إِذا كان التزاور بين قوم فقد تم لهم العزم والاجتهاد فيها بينهم وبين خالقهم› وإذا لمن يكن بينهم التزاور فقد تم عليهم الكسل فيما بينهم وبين خالقهم فنعوذ بالله من الكسل والترك بعد الاجتهاد. وعن بعض المشايخ أنه قال: تزاوروا فإنكم إِذا تزاورتم تعارفتم» وإذا تعارفتم تحاببتم› وإذا تحاببتم تواليتم» فإذا تواليتم دخلتم الجنةء فإذا لم تتزاوروا لن تتعارفواء فإن لم تتعارفوا لم وعن ابن صالح أنه قال: ثلاثة لا توجد في أهل آخر الزمان التزاور في اللهء وقرآءة القرآن لما عند الله ٩ وكثرة الدعاء إلى الله والتضرع إليه . ويقال: من مشى لزيارة توزن له سبعة أميال من ست جهات إلى السماء السابعة ومن فوق إلى الأرض السابعة من تحت . ويقال: من زار أخاه في الله ففرش له فراشاً فرش الله له سبعين فراشاً في الجنةء وإذا أطعمه طعاماً أطعمه الله في الجنة سبعين طعاماًء وإذا علف دابته فله بكل حبة حسنةء وإذا أمسك له الركاب ركبه الله على سبعين مهراً في الجنة وغفر له أربعين كبيرة والله أعلم. وقد روي عن داود الطائي أن رجلا زاره فقال له: ما جاء بك؟ قال: زيارتك. قال: آما أت فقد علمت خير حين رزت» ولکن انظر ماذا ينزل بي» آنا إِذا قيل لي: من آنت فتزار من العباتء أنت لا والله أمن الزهاد أنت؟ لا والله أمن الصالحين؟ أنت لا واللهء ثم أقبل على نفسه () ذكره الحافظ العراقي في المغني بمعناه وقال: رواه ابن عدى من حديث أنس دون قوله: «شوقا اليه ورغبة في لمان ورواه الترمذي وابن ماجة من حدیث آبي هريرة وقال الترمذي غریب )٤/۳۲۱( ح ٠۲) سنن الترمذي وقال حسن غريب . () ذكره الحافظ العراقي في المغني بمعناء وقال: رواء أحمد من حديث عمرو بن عنبسة وحديث عبادة بن الصامت ورواه الحاكم وصححه. ٤۹ قنطرة الخلق يوبخها ويقول: كنت في الشبيبة فاسقاً فلما شخت صرت مراءياً والله للمراءى أشد من الفاسق [٤٤۳/ب] قال رسول الله يَلو: «الأرواح أجناد / مجندة فما تعارف منها إثتلف وما تناكر منها اختلف». وأخذه بعض الشعراء فقال : إن القلوب لأجناد مجندة ل في الأرض بالأهواء تعترف فما تعارف منها فهو متألف فماتناكرمنها فهو مختلف وبالله التوفيق . فصل: في إخوان السوء وعن الأعمش قال: أدركت أقواماً كان رجل منهم لا يلقى أخاه شهراً أو شهرين فإذا لقيه لم يزده كيف أنت؟ وكيف الحال؟ ولو سأله شطر ماله لأعطاء إياء ثم أدركت أقواماً لو كان أحدهم لا يلقى أخاه يوماً لسأله عن الدجاجة في البيت ولو سأله حبة من ماله لمنعه إياها. وعن يحيى بن معاذ أنه قال: بئس الصديق صديقاً يحتاج معه إلى المداراة؛ ويئس الصديق صديقاً يلجثنك إلى الاعتذار وبئس الصديق صديقاً تحتاج أن تقول له اذكرني في دعائك . وسآل رجل الثوري عن الإخوة في الله فقال: يا أخي تلك الطريق نبت عليها العوسجح. وقال مالك بن دينار : وجدت أخوة زماننا مثل مرقة الطباخ طيبة الريح لا طعم لها. وهكذا إخوة زماننا وليتهم كانوا هكذا ولكنهم إخوان العلانية أعداء السريرة إن رضوا فظاهرهم الملق وإن غضبوا فباطنهم الحنق والله المستعان . الفصل الخامس: في عيادة المرضى يروى عن رسول الله ي أنه قال: «من عاد مريضاً قعد في مخاريف الجنة حتى إِذا قام [٤٤/ب] وكل به سبعون آلف ملك / يصلون عليه حتى الليل »° . وقال عليه السلام: «إذا عاد الرجل المريض إبتغاء وجه الله - خاض ف في الرحمة فإذا (۱) قال الحافظ العراقي في المغني: رواه مسلم من حديث أبي هريرة والبخاري تعليقاً من حديث عائشة. (۲) قال الحافظ العراقي: روا أصحاب الستن والحاكم من حديث علي «من أتى أخاه المسلم عائدا مشى في خرافة الجنة حتى يجلس فإذا جلس عمرته الرحمة فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسى وإن كان مساءء. الحديث لفظ ابن ماجة وصححه الحاكم وحسنه الترمذي. ولمسلم من حديث ثوبان «من عاد مريضا لم يل في خرفة الجنةا. فنطرة الخلق ‎۹o‏ قعد عنده استنقع فيها استنقاعاه. وعنه ي أنه قال: «إذا مرض العبد بعث الله ملكين فقال انظرا ماذا يقول لعواده فإن هو إذا جاؤه حمد الله وأثنى عليه رفعا ذلك [إلى الله]ٴ' وهو أعلم فيقول قولا” لعبدي على إن توفيته أن أدخله الجنة وإن أنا شفيته” أن أيدله لحماً خيراً من لحمه ودماً خيراً من دمه وأن أکفر عنه سیئاته»* وعنه يل أنه قال : «أنه قال من يرد الله به خيراً يصب منه . وعنه ي أنه قال: « تسبو الحمى فإنها والذي نفسي بيده تذهب بذنوب المؤمن كما تذهب النار بخبث الحديد». ويروى أن «من وعك يوماً فلم يشتك به ربه سقی يوم الظمأء وخرج من ذنوبه کيوم ولدته أمه وستر الله عليه فى الأخرة كما ستر على بلاء الله عنده في الدنيا» . مرضت فعادني رسول الله يِل فقال: «بسم الله الرحمٰن الرحيم أعيذك بالله الواحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد والذي لم يكن له كفواً أحد من شر ما تجد»“ مراراً. وروي أنه يلو دخل علي بن أبي طالب وهو مريض فقال له: «قل اللهم إني أسألك تعجيل عافيتك أو صبرا على بلاتك أو خروجاً من الدنيا إلى رحمتك فإنه ستعطى () قال الحافظ العراقي في المغني في حديث بنحوه: رواه الحاكم والبيهقي من حديث جابر وقال «انخمس فيها» قال الحاكم صحيح على شرط مسلم وكذا صححه ابن عبد البر وذكره مالك في الموطا بلاغاً بلفظ «قرت فيه ورواه الواقدي بلفظ «استقر فيها» وللطبراني في الصغير من حديث أنس «فإذا فعد عنده غمرته الرحمة» وله في الأوسط من حديث كعب بن مالك وعمرو بن حزم «استنقع فیها؟. () ساقط من الأصل وأثبتناء من الإحياء. () لم ترد إل في الأصل والأرجح أنها زائدة. (8) جاءت في الأصل «اشفيته» وبالإحياء «شفتيه» فائثبتناه. () قال الحافظ العراقي في المعني: رواه مالك في الموطأً مرسلاً من حديث عطاء بن يسارء ووصله ابن عبد البر في التمهيد من روايته عن أبي سعيد الندري وفيه عباد بن كثير الثقفي ضعيف الحديث» وللبيهقي من حدیث أبي هریرة وإسناده جید. ' () قال الحافظ العراقي في المغني: رواه البخاري من حديث أبي هريرة. (۷) قال الحافظ العراقي في المغني: رواه ابن السنى في اليوم والليلة والطبراتي والبيهقي في الأدعية من حدیث عثمان بن عفان بإسناد حسن . () جاءت بالأصل هكذا وبالإحياء «بليتك». )۹( قال الحافظ في المغني: رواه ابن أبي الدنيا في كتاب المرضى من حديث أنس بسند ضعيف أن رسول = ٭ ٦۹ قنطرة الخلق وعن الربيع بن خيثم أنه قال: ليس للمريض عندنا إلا العسل» ولا للتفساء إلا الرطب . وأظن هذا مأخوذ من قوله تعالى في النحل: يخر من بُطونها شَرَابٌ مختلف الَوَانُهُ فيه شِفَاءُ لل س وقال في النفساء وهي مريم إذ نفست بعيسى عليه السلام: «وَهُرّي ليك ‎Û /۳ 4۷]‏ / بجذع لَحلةِ ساط عَليك رُطباً اج4 . ‏وعن علي بن آبي طالب أنه قال: إذا اشتکی أحدکم بطنه فلیسآل امرأة شیثاً من صداقها فليشتر به عسلاً بماء السماء فيجمع الله له الهنيء والمريء والشفاء المبارك . ‏وروي عن جعفر بن محمد آنه دخل على عليل فقال له : قل اللهم إنك عيرت قوماً فقلت : قل أذغوا لذي زعَمسُم من دونه قلا يَملِكُونَ كشفَ لض عَنَكُمُ وَلا رلا تحولاې. واعلم أنك القادر على كشف ضري فأكشفه عني وحوله إلى أعدائك الجاحدين فقالها العليل ‏وروي آن رسول الله يي عاد مريضاً من وعك کان به فقال له : «اآبشر فان الله عز وجل يقول هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا ليكون حظه في الأخرة من النار». ‏وعنه يل أنه قال: «إذا دخلتم على المريض فتفسوا له في الأجل فإن ذلك لا يرد شيثاً وهو يطيب نفس المؤمن؟. ‏وعنه يلو أنه قال: «أنين المريض تسبيح وصياحه تهليل ونفسه صدقة وفومه عبادة ويكتب له أحسن ما كان يعمل في صحته ويقوم ولا ذنب له). ‏وعن سليمان الفارسي رحمه الله أنه قال: مرضت فعادني رسول الله يل فقال: «يا سليمان كشف الله ضرك إلى مدة أجلك أما إن لك في مرضك ثلاث خصال: أما أولهن فذكر الله تعالى لك. وأما الثانية فتكفير الخطايا عنك وأما الثلاثة فادعو الله يا سليمان يجب دعوتك». ‏وعنه يلو أنه قال: #إذا دخلتم على مريض فمروه يدعو لكم فإن دعاء المريض كدعاء الملائكة). ‏- اله يا دخل على رجل وهو يشتکي ولم يسم علياً. وروى البيهقي في الدعوات من حديث عائشة أن جبرثيل علمها للنبي يي وقال: إن الله يأمرك أن تدعو بهؤلاء الكلمات. ‏(١) سورة ة التحل الاية: ۹ . ‏)۲( سورة مريم الاية: ٢٥۲. ‏(۳) سورة الإسراء الاية: ٦0. ‎ ‎ قنطرة الخلق ۹۷ وروي أن جبريل عليه السلام أتى النبي يي بهذه الرقية: «بسم الله أرقيك والله يشفيك / من كل داء يؤذيك ومن عين تبغيك خذها فلتهنيك». [٨٤۳/ ب] وروي عن رسول الله ي أنه كان إذا عاد مريضاً مسح بيده المباركة على جهه وصدره يقول: «أذهب الباس رب الناس أشف أنت الشافي لا شفاء إِلآ شفاءك شفاء لا يغادر سقما . ويروى عنه يل أنه قال: «من عاد مريضاً فقال: بسم الله أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك شفاء» عوفي إن لم يكن حضر أجله. وكان عبد الله بن المبارك يقول: أقسمت عليك أيتها العلة بعزة عزة اللهء وبعظمة عظمة لله وبجلال جلال الله وبقدرة قدرة اللء وبسلطان سلطان الله وبلا إله إلا ال وبما جری به القلم من عند ال وبلا حول ولا قَوّة إلا بالله وبحمد رسول الله إلا ما انصرفت إلى من كفر بالله . وعن رسول الله يِل أنه قال: «لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب فإن ربكم يطعمهم ويسقيهم». وقال بعض السلف: إذا مرض العبد المؤمن فيل لصاحب الشمال لا تكتب عليه سيئة وإن عملها وقيل لصاحب اليمين اكتب له أحسن ما كان يعمل في الصحة . ويقال: إن الرجل إذا اشتكى ثم عوفي فلم يحدث خيراً ولم يكف عن سوء لقيت الملائكة بعضها بعضاً فقالت: إن فلاناً داويناه فلم ينفعه الدواء . ويروى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قيل له في مرضه: ألا ندعوا لك طبيبا؟ فقال: قد رآني الطبيب. قالوا له: فاي شيء قال لك؟ قال: قال لي: (إني فعال لما أريد). قال: فمرض أبو الدرداء فعادوه فقالوا له: أي شيء تشتهيه؟ قال: الجنة. قالوا: ندع لك طبيباً؟ قال: هو أضجعني. قال له رجل من أصحابه: أتريد أن أسامرك الليلة؟ فقال له أبو الدرداء: أنت معافى وأنا مبتلى فالعافية / لا تدعك أن تسهر والبلاء لا يدعني أن أنام أسأل الله [۹٤۳/ب] الذي لا إِله إلا هو أن يهب لأهل العافية الشكر ولأهل البلاء الصبر. قال: ودخل رسول الله يَلٍ على شاب مريض فقال له: «كيفب تجدك». قال یا رسول الله: أرجو الله وأخاف ذنوبي. فقال له يَلٍ: «لا يجتمعان في قلب عبد في هذا الموضع إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف). وعن عبيد الله بن عبيد قال: عدت مريضاً فقلت له كيف تجدك؟ فأنشاً يقول: ۲۹۸ قنطرة الخلق خرجت من الدنيا وقامت قيامتي غداة أقل الحاملون جنازتي وعجل أهلي حفر قبري وصيروا ‏ خروجي وتعجيلي اليه كرامتي كأنهم لم يعرفوا قط صورتي غداةأتى يوم علي وساعتي وقيل للربيع بن خثيم في مرضه ألا ندعو لك طبيبا؟ فتفكر ساعة. فقال: أين عاد وثمود بقي ولا المداوي كل قد فنى ومضى والله لا أدعو طبيباً أبداً والله أعلم . واداب العائد خمسة: وهي خفة الجلسةء وقلة السؤالء وإظهار الرقة والدعاء له بالعافية» وغض البصر عن عورات الموضع . وقد روي عن رسول الله ي أنه قال : «من تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته أو على يده ويسأله كيف هو. وقال: «تمام تحيتكم المصافحة». والله أعلم . الفصل السادس: في جملة من حقوق المسلم منها النصحية: قال رسول الله يَلٍ: «الدين النتصحية». قالها ثلاثاً. قيل: يا رسول الله [/]] لمن؟ قال : 0 ولرسوله ولکتایه ولدينه ولأئمة / المسلمين وعامتهم وخاصتهم». (۱) (۲) (۳ 3 (0) وعنه يِل أنه قال: «المؤمن يحب لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه»” . وعنه يِل أنه قال: «المؤمن مرآة أخيه فإذا رأى به شيثاً فليمطه عنه» . وعنه ي أنه قال: «من قضى لأخيه المؤمن حاجة فكأنما خدم الله عمره“. وعنه ي أنه قال: «من أقر عين مؤمن أقر الله عينه يوم القيامة. وقال: «من مشى في ذكر الحافظ العراقي أحاديث بنحو هذا وقال: رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق وهو عند الترمذي من حديث أبي أمامة وضعفه وذكر أحاديث في المصافحة وعزاها إلى ابن عدي من حديث أنس وقال غير محفوظ؛ ومن حديث عمر عند البزار في مسنده والخرائطي في مكارم الأخلاق والبيهقي في الشعب وفي إسناده نظر. ومن حديث أنس لإذا التقى المسلمان فتصافحا. . .0 رواء الخرائطي بسند ضعيف والطبرائي في الأوسط من حديث أبي هريرة وفيه الحسن بن کثير بن آبي يحيى بن کئير. وهو مجهول. قال الحافظ العراقي في المغني: لم أره بهذا اللفظ . قال الحافظ العراقي في نحوه رواه أبو داود والترمذي. قال الحافظ العراقي المغني: رواء البخاري في التاريخ والطبراني والخرائطي كلاهما في مكارم الأخلاق من حدیث آنس بسند ضعیف مرسلاً . قال الحافظ العراقي في المغني: رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق بإسناد ضعيف مرسلاً. قنطرة الخلق ۹۹ حاجة أخيه ساعة من ليل أو نهار قضاها أو لم يقضها وجبت له الجنةء أو نحوها. 7 ی وعنه يل أنه قال: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً». فقال: يا رسول الله هذا أنصره مظلوماً فكيف أنصره ظالماً؟ قال: «تمنعه من الظلم". (D-1 . ‏القيامة»‎ وعنه يِل أنه قال: «لا يحل للمسلم أن يشير إلى أخيه بنظرة تؤذيە». وعنه يلو أنه قال: «إنما يتجالس المتجالسان بأمانة الله فلا يحل لأحدهما أن يفشي على صاحبه ما یکره*٩. وعنه ي أنه قال: «من استمع [خر ]٩ قوم وهم له كارهون صب في أذنه الانك يوم القيامةء”' . وعنه يلو أنه قال: «خصلتان ليس فوقهما شيء من الشر الشرك بالله والضرر لعباد الله () قال الحافظ العراقى فى حديث نحوه: دون ذكر : «وجبت له الجنة». وذكر «كان خيراً له من اعتكاف شهرین» قال رواه الحاكم وصححه من حديث ابن عباس لان يمشي أحدكم م أخيه في قضاء حاجته» وأشار بأصبعه «أفضل من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرين». وللطبراني في الأوسط «من مشى في حاجة أخيه كان خيراً له من اعتكافه عشر سنين». وكلاهما ضعيف. () قال الحافظ العراقي في المغني في معناء: رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق وابن حبان في الضعفاء وابن عدي من حديث أنس بلفظ «من أغاث ملهوفا». () قال الحافظ العراقي في المغني: متفق عليه. )٤( قال الشارح: لم يذكر العراقي ورواه ابن المبارك وأحمد وأبو داود وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة والطبرائي عن سهل بن معاذ بن أنس الجهيني عن أبيه- في معني هذا الحديث. () قال الحافظ العراقي في المفني: رواه بو بکر بن لال في مكارم الأخلاق من حدیثه ابن مسعود بإسناد ضعيف ورواه ابن المبارك في الزهد من رواية أبي بكر بن حزم مرسلاء والحاكم وصححه من حديث ابن عباس «إنكم تجالسون بينكم بالأمانةە . (1) ما بين المعقوفين جاء بالأاصل إلى «سر قوم» وما أثبتناء من الإحياء. (۷) قال الحافظ العراقي: البخاري من حديث ابن عباس مرفوعاً وموقوفاً عليه وعلى أبي هريرة. () قال الحافظ العراقي في المغني: ذكره صاحب الفردوس في مسنده من حديث علي ولم يسنده ولده في مسنده. = [٠٥۳/ ب] قنطرة الخلق وعنه يل أنه قال : «ا يؤمن أحدكم بالله حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). وعنه يلر أنه قال : «من لم يهتم للمسلمين فليس منهم». وعنه يِل أنه قال: «إن من أحب الأعمال إلى إدخال / السرور على المؤمن أن يفرج عنه (۲) 1 .ِ IF . ‏غما أو يقضي عنه دين أو يطعم من جوع"‎ ومنها تشميت العاطس إذا حمد الله تعالى لقوله عليه السلام: «إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله رب العالمين فإذا قال ذلك فليقل من عنده يرحمك الله وليرد عليه يهديكم الله ويصلح بالكم»”". وقال: «تشميت العاطس إذا عطس ثلاثاً وإذا زاد فهو زكام»"*. ومنها تشييم جنازته لقوله عليه السلام: «من شيع جنازة فله قيراط وإن أقام حتى يدفن فله قيراطان»*٩. وفي الخبر: «القيراط : مثل جبل أحد». ومنها أن يزور قبره والمقصود في ذلك الدعاء والاعتبار لقوله يٍَ: «ما رأيت منظر إلا والقبر أفظع من . ومنها أن يعزيه عن ميته والتعزية سنة. ومنها توقير الكبير في الإسلامء ورحمة الصغير الشيية في الإسلام”. (۱) (۲) (۳ (£) (0) 1٦( )۷( (۸) (۹) قال الحافظ العراقي: رواه الحاكم من حديث حذيفة والطبراني في الأوسط من حديث أبي ذر وكلاهما قال الحافظ العراقي: رواه الطبراني في الصغير الأوسط من حديث ابن عمر بسند ضعيف. ذكر الحافظ العراقي أحاديث بمعناه وطعزاها إلى البخاري وآبو داود من حديث أبي هريرةء والنسائي في اليوم والليلة وقال حديث منكر من حديث اين مسعود. ورواه آبو داود والترمذي من حديث سالم بن عبد الله وأختلف في إسناده. ذكر الحافظ العراقي في معنى هذا الحديث حديثاً وقال: رواه أبو داود من حديث أبي هريرة «شمت أخاك ٹلان» وإسناده جحد . ذكر المام الغزالي هذا الحديث بلفظ «من شيع جنازة فله قيراط من الأجر فإن وقف حتى تدفن فله قيراطان» وقال الحافظ العراقي في المغني رواه الشيخان من حديث أبي هريرة. قال الحافظ العراقي: رواه مسلم من حديث ثوبان وبي هريرة وأصله متفق عليه . ئال الحانظ العراقي في المغني: رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم من حدیث عٹمان وقال صحيح الإسناد وقال الترمذي حسن غريب. قال الحافظ العراقي : رواه الطبرائي في الأوسط بسند ضعیف وهو عند بی داود والبخاري فی الأدب من حديث عبد الله بن عمرو بإسناد حسن. قال الحافظ العراقي في المغني: رواه أبو داود من حديث أبي موسى الأشعري بإسناد حسن. فنطرة الخلق ۳۰۱ ومنها أن یستر عورات المسلمين لقوله عليه السلام: «من ستر عورات المسلمين ستر الله عليه في الدنيا والأخرة»”. ومنها إصلاح ذات البين بين المسلمين لقوله تعالى: لفاصلځُوا ب ِن أَعَوبك". وقوله: جاو إصلاح بَيْنَ الَاسٍ€ "٠ . وقال عليه السلام: «أفضل الصدقات إصلاح ذات البين»“ ومنها المواساة لقوله عليه السلام : «ليس المؤمن ما بات شبعان وجاره جائع». وقال عليه السلام : «الإسلام أن تسلم قلبك لله ویسلم المسلمون من لسانك ويدك°. وليس كف الأذى يقضي ما لزم من الحق في النصيحة وإسداء الخيرء فمن قنع بكف الأذى والسكوت عن اللإخوان فليصحب أهل القبور. ومنها آن لا يقبل في المسلم ما يسمعه من أهل النميمة والحسد فيه لقوله تعالى: «إن جَاءَكُمُ فصق بِنَب فََيَنوا” الآية. ومنها ا أن /لايسيء الظن بالمسلم لقوله تعالى: «أَجَنيوا كثيرا من اظن إن بَعُة عض الط ٢٠۳/٠1 ا ولا نشوا . وقوله: وولا إذْ سَمعتُمُوُ ن المُؤْمِنُونَ والْمؤْمناتُ بأنفُسهِم خيراً وَقَالُوا هذا نَت شه . وقال عليه السلام: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديثء” ومنها أن لا يزيد في هجرات المسلم مهما غضب عليه أكثر من ثلاثة أيام لقوله عليه السلام: «لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدا بالسلام». () ذكر نحوه الحافظ العراقي في المغني وقال: رواه مسلم من حديث أبي هريرة وللشيخين من حديث ابن عمر. س )۲( سورة الحجرات الاية: ۹. (۳) سورة النساء الآية: ١١٠ () قال الحافظ العراقي رواه الطبراني في الكبير والخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث عبد الله بن عمرو فيه عبد الرحمُن بن زياد الإفريقي ضعفه الجمهور. (0) قال الحافظ رواه أحمد من حديث عمرو بن عنبسة بإسناد وصحيح . (1) سورة الحجرات الآية: 1٦. (۷) سورة الحجرات الآية: ١٠.٠ (۸) سورة النور الآية: ١۱. (۹) قال الحافظ العراقي في المغني: متفق عليه من حديث أبي هريرة. ٢۳۰ قنطرة الخلق والخصلة الجامعة لهذه الأداب والحقوق أن يستصغر أحداً من المسلمين ولا ينظر إلى أهل الدنيا بعين التعظيم لدنياهم . وهذا الذي قدمناء في أهل الولاية من أهل الوفاق دون الفساق وأهل الخلاف ما خلا أدب المعاشرة فإنها عامة لجميع الناس لقوله تعالى : وَتُولوا َس حُسناً €”°. فهذه جملة من حقوق الإسلام اختصرناها مخافة التطويل وبالله التوفيق . الباب الثاني في حق النسب وهو الثاني من أسباب الألفة فإن تعاطف الأرحام وحماية القرابة يبعثان على التناصر والألفة ويمنعان من التخاذن والفرقة أنفة من إستيلاء الأباعد على الأقارب . وقد روي عن النبي يٍَ أنه قال: «إن الرحم إذا تناست تقاطعت». ولذلك حفظت أنسابها لما امتتعت من سلطان يقهرها ويكف الأذى عنها لتكون بها متناصرة على من عادها حتى بلغت بإلفة الأنساب وتناصرها عن الأقوياء ذوي السلطنة من الأمراء وقد أعذر نبي الله [/ب] لوط نفسه حين عدم عشيرة تنصره فقال: / /للو أن لي بكم فُوَ أو آوي إلى کن شَديد»”. يعني إلى عشيرة مانعة. وقد روي عن النبي يَأ أنه قال «رحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد» - يعني الله - قال : «فما بعث الله بعده نبياً إلا فى ثروة من قومه». وعن وهب بن منبه قال : ولقد جاءت الرسل على لوط وقالوا: إن ركنك لشديد وروي عن النبي يَأ كان لا يترك المرء مفرد حتى يضم زليه قبيلة يكون منهاء كل ذلك منه حث علی الألفة وكف على الفرقة فإذا كان النسب بهذه المنزلة اقتضى بين أهله حقوق لا بد من مراعتها وقد تعرض لهذا عوارض تبعث على قطيعتها وجملة الإنسان ثلاثة أقسام: أحدها: والدون وهم الأباء والأمهات. (١) سورة البقرة الآية: ۸۳. () ما جاء في هذا الباب منقول من كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي. كتاب آداب الألفة والأخوة. باب حقوق المسلم. الجزء الثاني ص ١٠٠ طبعة دار إحياء الكتب العربية. () سورة هود الاية: ۸۰. ننطرة الخلق ۳ 2 والثاني : مولدون وهم البنون والبنات . الثالث: مناسبون» وهم القرابة والأرحام. ونحن نذكر ذلك إن شاء الله في ثلائة فصول . الفصل الأول: في حقوق الآباء والأمهات وما ىنافشها من العقوق والآفات قال الله تعالى: لوَفَضَى رَبك ألا تَعْبْدُوا إلا إَِاهُ وَبَلوَاِدَين إخمانا4”. يعني برهما. وقال تعالى : »أن أشكُر لي وَلوَالِدَيك إِليَ المصيد»”*. وروي عن النبي يله أنه قال : «الجنة يوجد ريحها مسيرة خحمسمائة عام ولا يجد ريحها عاق لوالديه ولا قاطع رحم»". وعنه يو أنه قال: «من أصبح مريضاً لأبويه أصبح له بابان مفتوحين إلى الجنة ومن إلى النار ومن أمسى مثل ذلك ولو كان واحداً فواحد وإن ظلما وإن ظلما وإن ظلماء* "٠ وعن ابن عباس عنه يِل أنه قال: «إلا من أسخط والديه فقد أسخط الله ومن أغضبهما فقد أغصب اله إلا أن يأمراك بمعصية الله وإن أمراك أن تخرج من ملك وأهلك بحق الله فاخرج وما من مسلم أعتقهما من الرق فإنه إن كان مسلماً يرجى له أن يعتقه الله من النار. فعتقه وعنه علا أنه قال : ‎y9‏ یجزیء ولد عن والده إلا أن يجده مملوكاً [فیشتریه ]°۱ ِ (0 وعن ابن عمر أن النبي ي أنه قال: «من أقام الصلوات الخمس ولم يركب الكبائر السبع (۱) (۲) (۳) )٤( )0( ١( سورة الإسراء الآية: ۳. سورة لقمان الآية: ١٠. قال الحافظ العراقي في المغني: روا الطبراني في الصغير من حديث أبي هريرة دون ذكر القاطعم وهي في الأوسط من حديث جابر إلا أنه قال: «من مسير ألف عام» وإسنادهما ضعيف. ذكر الحافظ العراقى نحوه في المغني وقال: رواه البيهقي من الشعب من حديث ابن عباس ولا يصح . ما بين المعقوفين ساقط من الأصل وأثبتناهء من الإحياء. قال الحافظ العراقي في المغني: رواه مسلم من حديث أبي هريرة. ٤۰٣۳ قنطرة الخلق فقال رجل لابن عمر: أهن من رسول الله؟ قال: نعم. عقوق الوالدين» والشرك بالله› وقذف المحصنات» وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحققء والفرار من الزحف» وأكل مال اليتم وأكل الربا. وروي عن جبريل عليه السلام قال: من أدرك أحد والديه فدخل النار أبعده الله قل يا محمد آمین . فقال: «آمین». وروي عن أنس بن مالك قال: قلت: يا رسول الله رغيف اتصدق به أحب إليك أم مائة ركعة تطوعاً؟ قال: «رغيف تتصدق به أحب إِليّ من مائتي ركعة تطوعا». قلت: يا رسول الله قضاء حاجة للمسلم أحب إليك أم مائتي ركعة تطوعا؟ قال: «قضاء حاجة للمسلم أحب إِليّ من ألف ركعة تطوعا». قلت: ترك لقمة من الحرام أحب إليك أم ألف ركعة تطوعا؟ قال: «ترك لقمة من الحرام أحب إلي من ألفي ركعة». قال: قلت: يا رسول الله ترك الغيبة أحب إليك أم ألفي ركعة؟ قال: «ترك الغيية أحب إِليّ من عشرة آلاف ركعة» قال: قلت: قضاء [١٠۲/ب] حاجة أرملة أحب عندك أم عشرة ألاف ركعة؟ قال: / اقضاء حاجة أرملة أحب إلي من ثلاثين ألف ركعة». قال: قلت: يا رسول الله الجلوس مع العيال أفضل أم الجلوس في المسجد؟ قال: «بل الجلوس مع العيال أفضل من الاعتكاف في مسجدي هذا». قلت: يا رسول الله التفقة على العيال أحب إليك أم التفقة في سبيل الله؟ قال: «إنفاق درهماً على العيال أحب إلي من إنفاق ديناراً في سبيل الله». قال: قلت: يا رسول الله بر الوالدين أحب إِليك أم عبادة ألف سنة؟ قال: «يا أنس قد جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً بر الوالدين أحب إلى من عبادة ألفي سنة». وقال عليه السلام: «من أحزن والديه فقد عقهما». ومن عقهما وجفاهما إلى مماتهما فيقال: إن توبته أن يستغفر ربه من ذلك ويندم وأمره إلى الله . وروي أن رجلا جاء إلى ابن عباس أو غيره من الصحابة فسأله عن مثل ذلك فقال: انظر إن كان لأمك أخت فبرها أو أمها يعني جدته أم أمه فبرها. وقيل إِذا أدى عنهما ديناً أو وصية بعد الموت فهو من برهما ويتوب إلى الله تعالى وینشد:ٴ زر والديك وقف على قفبريهما وكأنني بك قد نقلت إليهما لو كنت في القبر وكانوا في البقاء زارك حبوآلا على قدميهما فنطرة الخلق ‎۳۰o‏ ‏ما كان ذنبهما إليك وطالما منحاك محض الود من نفسيهما كانا إذا سمعا أنينك أسبلا دمعيهما جرياعلى خديهما وتمنيا لو صادفاك راحة بجميع مايحويه ملك يديهما فلتلحقنهما غخداًأوبعده حتماكمالحقاهماأبويهما ولتقدمن على فعالك مثلما قدما هما أيضاً على فعليهما ويروى أن يعقوب عليه السلام لما دخل على يوسف عليه السلام لم يقم له فأوحى الله إليه تتعاظم أن تقوم لأبيك فعزتي وجلالي / لا أخرجت من صلبك نبياً. 0٥1/۳[ وعن رسول الله يَوٍ أنه قال: «ماذا على أحدكم إذا أراد أن يتصدق بصدقة أن يجعلها لأبويه إذا كانا مسلمين فيكون لوالديه أجرها ويكون له مثل أجورهما من غير أن ينقص من أجورهما شيء». وقال عليه السلام: «بر الوالدة على الوالد ضعفان ودعوة الوالدة أسرع إجابةء"". وقيل : يا رسول الله لما ذلك؟ قال: «هي أرحم من الأب دعوة الرحم لا تسقط». ويروى أن الله سبحانه لما بعث موسى عليه السلام إلى فرعون قال له: قل له قول ليناً. قال: يا رب أقول له قولاً ليناً وهذا قال فيك ما قال: إنه الذي رباك وأنا أولى من كعايته عنك . وینشد : خلل خليل أباك وأرعى أخاهء وأعلم بأن أخحاأبيك أخحاك وبنينك ثم بني بنينك فكن بهم برا فإن بني بيك بنوك وألطف بجدك رحمة وتعطفاً وارحم فإن أباأبييك أبوك واعلم بأن الآباء والأمهات موصون على سلامة أحوالهم بخلقين : أحدهما: لازم بالطبع؛ وهو الحذر والاشفاق وذلك لا ينتقل عن الولد بحال. والثاني : حادث پاکتسات ؟ وهو المحبة تنمى مع الأوقات وتتغير مع تغير الحالات. أما الذي هو لازم بالطبم: فقد يكسب للوالدين أوصافاً وقد قال عيسى عليه السلام: الولد مبخلة مجهلة مجنبة محزنة. () قال الحافظ العراقي في المغني: رواه الطبراني في الأوسط من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بسند ضعیف دون قوله: إذا کانا مسلمين. (۲) قال الحافظ في المغني: غريب بهذا اللفظ وقال في «دعوة الوالدة أسرع إجابة» لم أقف له على أصل. ٢۳ قنطرة الخلق فأخبر أن الحذر عليه يكسب هذه الأوصاف وقال أيضاً: لكل شيء ثمرة وثمرة القلب الولد. وأما المحبة فقد قال عليه السلام: «الولد أنوط». يعني أن حبه يتعلق بنياط القلب فإن انصرف الوالد عن حب ولده فليس ذلك لبغض منه ولكن لسلوی حدثت من عقوق أو تقصير مع بقاء الحذر والاشفاق الذي لا يزول عنه. واختلف المشايخ أيهما أعظم حقاً فقال /بعضهم: الأب أعظم حقاً ويمكن أن تكون حجتهم قوله عليه السلام: «أنت ومالك لأبيك». وقال عليه السلام: «أفضل ما آكل الرجل كسبه وإن ولده من كسبه» ولم يقل ذلك للام . وفد روي آن رجلا کلم أباه وهو شيخ كبير عند رسول الله يو فقال: يا رسول الله إن هذا يعني أباه يأخذ مالي وينفقه على عیاله فبکى شيخ أي عيال هو يا رسول الله إنما هي أمه وإختاه فأنشاء يقول مخاطباً لابنه : [۳۰۷/ ب] غذوتك مولوداً وعلتك يافعاً إذا ليلة نايتك بالشكو لم أبت كأني آنا المطروق دونك بالذي فلما بلخت السن والغاية التى فليتك إذ لم ترع حق أبوتي وواليتني حق الجوار ولم تكن وسميتني باسم المقتد رأيه تصل بما أجبى عليك وتنهل لشكوى إلا ساهراً أتململ طرقت به دوني فعيني تهمل إليها مدى ما كنت فيك أؤمل كأنك أنت المنعم المتفضل فعلت كما الجار المجاور يفعل علي بمال دون مالك تبخل وفي رأيك التفنيد ألو كنت تعقل فرق له النبي يَأ فقال: «أنت ومالك لأبيك». وقال الأخرون: الأم أعظم حقاً لما باشرت من الولادة وقاست من التربية وقد حملته في بطنها وغذته بلبنها وأفرشته حجرها وأولته الخير والشفقة حين لا يطيق لنفسه دفعاً ولا حيلة ولا نفعاً. وأنها أرق قلباً وألين نفساً وبحسب ذلك يجب أن يكون التعطف من الولد عليها أوفر جزءاً لفعلها وكفاء لحقها وإن كان الله تعالى قد أشركهما في البر وجمع بينهما في الوصية فقال: «وَوَصَينَا الإنسانَ بِوَالِدَيهِ خسنا”°. وقد روي أن رجلا أتى النبي يَلةٍ / فقال: إن لي أماً أن امطيتها اقعدها على ظهري ولا [۸/ ب] (١) سورة العنكبوت الآية: 8. قنطرة الخلق ۳۷ أصرف عنها وجهي وأرد إليها كسبي فهل جازيتها قال: «لا ولا بزفرة واحدة». قال: ولما؟ قال : «لأنها كانت تخدمك وتحب حياتك وأنت تخدمها وتحب موتها). وعن الحسن البصري أنه قال: حق الوالد أعظم وير الوالدة الزم . وروي عن النبي يي أنه قال : «أنهاكم عن عقوف الإمهات ووأد البنات وعن منع وهات). وعن خالد بن معد المقداد قال : سمعت رسول الله يي يقول: إن الله تعالى يوصیکم بإمهاتكم ثم يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصیكم بأمهاتکم ثم یوصیکم بابائکم ثم یوصیکم بالاقرب فالاأقرب». وعن أبي هريرة قال: قلت: يا رسول الله يَيٍ من أحق الناس مني بحسن الصحبة؟ قال : «أمك». فقلت: ثم من؟ قال: «أمك». فقلت: ثم من؟ قال: «أمك». قلت: ثم من؟ قال: «أبوك». وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله يٍَ: «نمت فرأيت الجنة فسمعت صوت قارىء يقرأ فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا حارثة بن النعمان وكان من أبر الناس بأمه فقلت: كذلكم البر كذلكم البر». ويروى أن أبا هريرة كان إذا غدا من متزله لبس ثيابه ووقف على أمه فقال: السلام عليكم يا أماه ورحمة الله وبرکاته جزاك الله خير كما ربيتني صغيراً وترد عليه وأنت يا بني جزاك الله عني خيراً كما بررتني كبيراً ثم يخرج وإذا رجع فعل مثل ذلك . وقيل لعمرو بن دينار: كيف كان بر ابنك لك قال: ما مشیت نهاراً قط إلا مشی خلفي وما مشيت ليلا قط إلا مشى أمامي ولا رقي سطحا وأنا تحته. وعن النبي يِل أنه قال: «هل تعلم أي نفقة أفضل من نفقة في سبيل الله». قالوا: الله ورسوله أعلم» قال: «نفقة الولد على الوالدين». وكان يقول: «من وقر أباه أطيل في أیامه ومن وقر آمه / رای في بیته ما يسره وَمنْ أحد [۹٥٥/]] النظر إلى أبويه فقد عقهماء. وقيل إذا صلح قميص الوالد على الولد تمنى موتهء وذكر أن امرأة برت آباها في کبره () قال الحافظ العراقي في المغني: رواه مسلم والبخاري واللفظ لمسلم. ۳۰۸ قنطرة الخلق كانت تحمله على ظهرها فمرت بعمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال لها: من هذا؟ قالت: آبي. قال لها: لو مهدت له لمكان أوطى عليه. قالت: فالصبي إذا جاع انطفى» وإني لاکره أن أودعه في المنزل فيجوع ولا أعلم بهء وإني لأصغر أولادهء وإن له لمائة سنةء وإني لبكر وقد أدر الله عز وجل ثديي لبناء فإذا جاع أرضعته من قريب فقال عمر لأصحابه: أترون ما بلغت هذه المرأة من بر أبيها؟ قالوا: نعم. قالت: يا عمر: ما بلغت بره. قال: وكيف؟ قالت: إني كنت في مثل حاله صغيرة يتمنی بقائي وأتمنی موته. قال عمر: آنت أفقه من عمر والله أعلم . وجملة حقوق الوالدين: أن يبرهما أحياء وأمواتاء وأبراراً كانا أو فجارآ. أما في الحياة: فلزوم طاعتهما وإجابة دعوتهما وخفض جناح الرحمة لهما وتعاهدهما بالسلام عليهما والقيام بحوائجهماء ولا يخرج من أمرهما ورأيهما إلا أن تبين لهما الرشدء في خلاف رأيهماء وإن كانا فقيرين أعانهما بنفسه وواساهما بماله ويأثرهما على نفسهء وتولهما إن كانا أهلاً للولايةء وإلاً فلا يظهر البراءة في وجوههماء ولا ينظر شزراً إليهماء ولا يمسك على أنفه إن شم سوء رائحة من هماء ويمتثل أوامرهما إلا إن أمراء بمعصية من ترك صلاةق أو صوم» أو ترك تعلم ما يلزمه من أمر دينه بارتكاب محرم» أو أمره بترك ما يحل له من النکاح» والبيع» والشراءء وكسب ما لا بد مته من الحلالء فلا يضيق عليه خلافهما لقول رسول الله يَوٍ: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق». وقال تعالى : ون جَاَدَاكُ شرك بي مَا ليس لك به علب فلا ييعهْمَا4” الآية. 0با وعنه عليه السلام لأبي هريرة /«لا تشتم والديك حيين ولا ميتين» قال قلت: يا رسول الله يَةٍ كيف أشتمهما ميتين ولا أراهما؟ قال: «إذا شتمت إمهات الرجال شتموهما فأنت إذا شتمتهما إذا تعرضت لشتمهما). وأما حقهما بعد موتهما: فهو ما روي ن رجلا" سأل النبي يَيٍِ فقال: يا رسول الله هل بقی علي من بر آبوي شيء أبرهما به؟ قال: «نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما». هذا إن كانا متواليين قال: «وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما» . (١) سورة العنكبوت الآية: ۸. )۳( قال الحافظ العراقي : حدیث مالك بن ربيعة رواه بو داود وابن ماجحة وابن حبان والحاكم وقال صح الإسناد. قنطرة الخلق ۳۰۹ فإن عقهما في حياتهما وأدى عنهما هذه الحقوق بعد موتهما فقد برهما بعد التوبة الفصل الثاني: في حقوق الأولاد اعلم أن الأولاد وبنيهم مختصون أيضاً مع سلامتهم بخلقين : أحدهما: لازم. وهو الألفة للأباء وذلك في مقابلة إشفاقهم على الأبناء وقد لحظ هذا المعنى أبو تمام فقال : فأصبحت يلقاني الزمان من أجله بإعظام مولود وإشفاق والد والثاني : خلق متنقل : وهو الإذلال على الأباء وذلك في مقابلة محبتهم للأبناء لأن المحبة بالاباء أخص والإذلال بالأبناء أمس . وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: قلت: یا رسول الله ما بالنا نرق على أولادنا ولا يرقون علينا قال : «لآنا ولدناهم ولم يلدونا». ثم اللإذلال في الأبناء قد ينتقل مع الكبر إلى أحد الأمرين إما إلى البر والإعظام› وإما إلى الجفاء والعقوق فإن كان الولد رشيداً وكان الوالد باراً عطوفاً صار الإذلال برا وإعظاماء وإن كان الولد غاوياً والوالد جافياً صار الإذلال قطيعة وعقوقاً. فلما كان الأمر بين الوالد والولد / على ما [٦1/۳] وصفنا وجب على الوالد حق ولده حتى يعطفه عليه . وقد روي عن عمر بن شرحبيل أن النبي ي قال لجرير بن عبد الله : «إن حق الوالد على ولده أن يخشع له عند الغصب ويؤثره على نفسه عند السعاية والتصب». وقد تقدم في ذلك ما يكفي ووجب على الوالد أيضاً حق ولده حتى يبره الولد فيكون رشيداً باراً. وقد روي أن رجلا قال: يا رسول الله َي من أبر؟ قال: ١بر والديك». قال: ليس لي والدان. قال: «بر ولدك كما أن لوالديك عليك حقاً كذلك لولدك عليك حق»” . () قال الحافظ العراقي في المغني: رواه أبو عمر التوقاني في كتاب معاشرة الأهلين من حديث عثمان بن عفان دون قوله فكما أن لوالديك الخ وهذه القطعة رواها الطبراني من حديث ابن عمر؛ قال الدارقطني في العلل إن الأصح وتفه على ابن عمر. ٠۳ فتطرة الخلق وقال عليه السلام: «رحم الله والداً أعان ولده على بره ". قيل: يعطيه ويحسن إليه حتى يبره. وقال بعض العلماء: إنما سموا الأبرار أبراراً لأنهم بروا الأباء والأبناء . وقد بشر عمر رضي الله عنه بمولود فقال: ريحانة أشمها ثم هي عن قريب ولد بار آو عدو ضار . وقال بعض الحكماء : ولدك ريحانة سبعا وخحادمك سبعاء ووزيرك سبع ثم هو صديق أو عدو. وفي منثور الحكم: العقوق ثكل من لم يثكل. وفي الحديث: «بروا آباءكم يبركم أبناءكم». ويقال: الأدب من الأباء والصلاح من الله. وقيل في منثور الحكم: من أدب ولده أرغم حاسده ومن أدب ولده صغيراً سربه کبیراً۔ وقد روي عن النبي يَأ أنه قال: «من ابتلى بشيء من هذه البنات فأحسن اِليهن کن له قال َل : «أكثروا قبل صبيانكم فإن لكل قبلة أجرا». وقال ا : «من حمل طرفة من السوق إلى ولده كان كحامل صدقة وليبدأ باللإناث قبل الذكور فإن الله يرق للبنات وللاناث ومن رق للانٹی کان کم بکى من خشية الله ومن بکی من خشية الله غفر الله له». [/ب] ‏ / ومن فرح أنثى فرحه الله يوم الحزن. «من كان له ثلاث بنات أو مثلهن من الأخوات فكفلهن وأعانهن وسترهن وجبت له الجنة». قيل: يا رسول الله واثتان؟ قال: «وائتتان». وقال : «إذا نظر الوالد إلى ولده فسره کان له بكل نظرة ثلائمائة حسنة) . فيل : فن نظر إليه في اليوم ثلائمائة نظرة؟ قال: «ذلك أكثر وأطيب لك». وقال عليه السلام: «لا تدع على ولدك بالموت لأنه يورث الفقر. وفيل: شكا رجل إلى ابن المبارك ولده فقال : هل دعوت علیه؟ فقال: نعم . قال: أنت أفسدته . معاوية سال الأحنف بن قيس عن الولد. فقال: يا أمير المؤمنين ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا (١) قال الحافظ العراقي في المغنى: رواه أبو الشيخ بن حبان في كتاب الثواب من حديث علي بن أبي طالب وابن عمر بسند ضعیف ورواه التوقاني من رواية الشعبي مرسلاً . قنطرة الخلق ١۳ فتحن لهم أرض ذلولة وهم لنا سماء ظليلة وبهم حصول كل جليلة وبهم نصل إلى كل فضيلة فإن طلبوا فأعطهم وإن غضبوا فأرضهم يمنحونك ودهم ويحبونك جهدهم ولا تكن عليهم ثقلا فيملوا حياتك ويحبوا وفاتك. فقال معاوية: أنت والله يا أحنف لقد دخلت على وأنا مملوء غيظاً على يزيد وقد أصلحت له من قلبي. فلما خرج الأحنف من عنده رضي عن يزيد وبعث إليه بألف درهم ومائتين ثوب فبعث يزيد إلى الأحنف بنصف ذلك . اعلم أن محبة الولد طبع وحدوثها حتم ولذلك قال بعض الحكماء لرجل نظر إلى ابنه يمشى أمامه فقال : أما إنه إن عاش فتنك وإن مات أحزنك. وفيل لیحیی بن زكريا عليهما السلام : ما بالك تکره الولد؟ قال : ومالي وللولد إن عاش كدني وإن مات هدني. وعن محمد بن علي أنه قال: إن الله عز وجل رضي الأباء للأبناء الرجل عضده في حياته وخلفه بعد وفاته وسبب/ لبقاء ذكره واتصال عقبه وقرة لعينه وثمرة قلبه[۳٦1/۳] وغظ عدوه. وأنشده: تركت أباك مرعشة يداه وأمك ماتسيغ لها شراب إذا غت حمامة بطن وج على بيضاتها ذكرت كلاباً وقال عمر رضي الله عنه: وما ذاك؟ قال: وجهت ابني إلى الشام مجاهداً. فبکی عمر قال له: بر وأبويك وكن معهما حتى يموتا وآنشد في الولد: لكان لي مضطرب واسع في الأرض ذات الطول والعرض وإتيا أولااتنايشا أكبادنا تمشي على الأرض فلما كان إشفاق الوالدين على الولد بهذه الحالةء ونزل بهما بهذه المنزلةء كان يحب عليهما أن يعناه على برهما باللإحسان والتأديب له ليبرهما ويعرف واجب الحق لهما وتدور الألفة بينهما. وجملة حقوق الولد على والده: أن يتزوج أمه أولاً من موضع لا یسب به. وقال آبو ۳۲ قنطرة الخلق الأسود الدؤلي لبنيه: قد أحسنت إليكم صغاراً وكباراً وقبل أن تولدوا. قالوا: وكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد. قال: اخترت لكم من الأمهات ما لا تسبون بها. وأنشد الرقاشي : وأول إحساني إليك تخيري لماجدة الأعراق باد عفافها ثم يقوم بحقوق أمه على الكمال مع حسن التأديب والصيانة عن الإهمال لثلا تطمع عينها إلى غير من الرجال فيكون ذلك سبباً لفساد فراشه واختلال نسبه . [١۳/ب] ‏ ثم إذا ولد سماه بأحسن /الأسماء وأصدقها فأحسنها أسماء الأثبياء وأصدقها عبد الله وعبد الرَحمٰن» وإن كان المولود سقطاً لا يدري ذكراً هو أم أنثى فليسمه باسم يجمع الذكر والأنشى كحمزة وعمرة وأشباه ذلكء ويذبح عنه شاة العقيقة . وقد روي عن النبي يِل أنه قال: «يعق عن الولد في اليوم السابع ويماط عنه الأذى»° ويقال: يحلق رأسه ويتصدق بوزن شعره ذهباً أو فضة ويطنى بالزعفران بدلا من فعل الجاهلية يطلونه بالدم . ثم قال عليه السلام: «فإذا بلغ ست سنين أدب وإذا بلغ سبع سنين عزل عن فراشه فإذا بلغ ثلاثة عشر ضرب على الصلاة»” . وفي حديث آخر: «يؤمر بالصلاة ابن ثمان ويضرب عليهما ابن عشر فإذا بلغ ستة عشر زوجا. «ثم يأخذه بيده فيقول له قد أدبتك وعلمتك وأنكحتك أعوذ بالله من فتنتك». وبالجملة أن الصبي أمانة عند والديه وقلبه طاهر كأنه جوهرة خال من كل نقش وصورة قابل لكل ما نقش فيه مائل إليه كما قال عليه السلام : «كل مولود يولد على الفطرة حتى يکون (١) قال الحافظ العراقي حديث أنس. «الغلام يعق عنه يوم السابع ويسمى ويماط عنه الأذى فإذا بلغ ست سنين أدب فإذا بلغ سبع سنين عزل فراشه فإذا بلغ ثلاثة عشر ضرب على الصلاة والصوم فإذا بلغ ستة عشر زوجه آبوه ثم أخذ بيده وقال: قد أدبتك وعلمتك وأنكحتك أعوذ بالل من فتنتك فى الدنيا وعذابك في الأخرة». وقال روا أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الضحايا والعقيقة إلا أنه قال: «وادبوه لسبع وزوجوه لسبع عشر ة1 ولم يذکر الصوم وني إسناده من لم يسم - فلنا ولكن المؤلف قسم هذا الحديث وأدخل فيه كلامه شارحاً له فقسم الحديث حتى أنه أدخل بين أجزاء الحديث أحاديث أخرى. () قال الحافظ العراقي حديث أنس. «الغلام يعق عنه يوم السابع ويسمى ويماط عنه الأذى فإذا بلغ ست سنين أدب فإذا بلغ سبع سنين عزل فراشه فإذا بلغ ثلاثة عشر ضرب على الصلاة والصوم فإذا بلغ ستة عشر زوجه أبوه ثم أخذ بيده وقال: قد أدبتك وعلمتك وأنكحتك أعوذ بالله من فتنتك في الدنيا وعذابك في الاخرة». وقال رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الضحايا والعقيقة إل آنه قال: «وأدبوه لسبع وزوجوه لسبع عشرة) ولم يذکر الصوم وني إسناده من لم يسم - قلنا ولكن المؤلف قسم هذا الحديث وأدخل فيه كلامه شارحاً له فقسم الحديث حتى أنه أدخل بين أجزاء الحديث أحاديث أخرى. قنطرة الخلق ۳۳ أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمسحانه فإذا أدب وعود الخير نشأً عليه وسعد في الدنيا والاخرة وشاركه أبويه في ثوابه وكل معلم له وإذا عود الشر أهمل إهمال البهائم ثم شقي وهلك وكان الوزر على أبويه والولي عليه . وقد قال تعالى : فوا أَنفْسَكُمُ وأهلِيكُمْ بارا 4”. وقال عليه السلام: "إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة من جهل أهل بيته أمر الله». فمهما كان الآن يصونه عن نار الدنيا فبأن يصونه من نار الأخرة أولى وأاحقء وذلك بأن يؤدبه ويعلمه مكارم الأخلاقء ووقت ذلك إذا ظهر فيه أوائل الحياة فإذا كان يحتشم ويستحي ويترك بعض الأحوال وليس ذلك إلا بإشراق نور العقل عليه فرأى / بعض الأشياء قبيحة مخالفة للبعض فيستحي من شيء دون شيء. ]٥1/۳[ فينبغي أولاً أن لا يسترضع إلا لبن امرأة صالحة تأكل الحلال لأن اللبن الحرام إذا نبت منه الببن انعجنت طيتته من الخبث فيميل إلى ما يناسبه من سوء الأخلاق . ومهما ظهرت فيه مخائل التمييز والحياة فلا ينبغي أن يهمل بل يؤدب فيقال: أول ما سبق إليه من الصفات شره الطعام فيؤدبه فيه بأن لا يأكل بشماله ويقول بسم الله عند أخذه إلى غير ذلك من آداب الطعام يطول شرحها. ويعود أكل الخبز في بعض الأوقات بلا إدام ويقبح عنده كثرة الأكل بأن يشبهه صاحبه بالبهائم. ولا يعود التنعم والرفاهية بل يعود القناعة والإثار بالطعام لغيرهء وأن يأكل أي طعام وجدء ويلبس أي لبس تيسرء ويعوده الخشونة في الفراش والملبس والمطعمء ويحفظ من قرناء السوءء ومن الصبيان الذين عودوا التنعم ولبس الثياب الفاخرةء وعن مخالطة كل من يفسدە؛ ثم يعلمه القرآن وأحاديث النبي َء وحكايات الصالحين وأحوالهم لينغرس في قلبه حبهم؛ ويحفظ من اللغو وقبح الكلامء ومن أشعار العشاقء ويعود التواضع في جلوسه ومشيه وجميم أحواله ويمنع من كثرة الكلامء ويعود الأدب في جميع الأحوالء وتوقير الأكابر والمشايخ . وأصل تأديب الصبيان الحفظ من قرناء السوءء وتعليم محاسن الأخلاقء فإن الصبي إِذا أهمل في أول نشوءه يخرج في الأكثر رديء الأخلاق كذاباً سروقاً نماما لجوجاً ذا فضول وشره وخبث وأشر وخيانة ومكر» فإذا حفظ من ذلك كله ونشأ على الأدب ومحاسن الأخلاق خرج أديباً فاضلاً كيساً عاقلا . (١) سورة التحريم الآية: 1. ٤۳۹ قنطرة الخلق وإن أهمل في أول نشوئه حتى آلف اللعب والفحش والوقاحة والرفاهية والتنعم والتفاخر [/ب] /نبأً عن قبول الحق نبوء الحائط عن التراب اليابس. فأوائل الأمر هي التي ينبغي أن تراعى . وقد روي عن يعض زهاد قومنا يقال له سهل التستري أنه قال: كنت اين ثلاث سنين وكنت أقوم بالليل انظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار فقال لي يوماً خالي: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ فقلت: كيف أذكره؟ قال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك لسانك الله معي الله ناظري الله شاهدي فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته. فقال: قله كل ليلة تسع مرات. فقلت ذلك ثم أعلمته. فقال: قله في كل ليلة إحدى عشرة مرة. فقلت ذلك فوقع في قلبي حلاوتهء فلما كان بعد سنة. قال: احفظ ما علمت ودم عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والخرة فلم أزل على ذلك سنتين فوجدت له حلاوة في سري. ثم قال لي خالي يوماً: يا سهل من كان الله معه وهو ناظر إليه وشاهده كيف يعصيه إِياك والمعصية . فكنت أخلو فبعث بي إلى المكتب فقلت: أخشى أن يفترق على همي ولكن شارطوا المعلم أني أذهب إليه ساعة فأتعلم ثم أرجعء فحفظت القرآن وأنا ابن ست سنين أو سبع وكنت أصوم الدهر وقوتي من خبز الشعير اثنتي عشر سنة. قال: فوقعت لي مسألة وأنا ابن ثلاثة عشر سنين فسألت أن يبعثوا بى إلى البصرة ففعلواء فسالت علمائها فلم يشف عني أحد شيا فخرجت إلى عبدان إلى رجل يعرف بأبي حمزة بن عبد الله العبداني. فسألته عنها فأجابني› فأقمت عنده مدة أنتفع بكلامه وأتأدب باداب› ثم رجعت إلى تستر فجعلت قوتي اقتصار على أن يشتري لي بدرهم من الشعير الفرق فيطحن [۷/ب] فيخبز لي فأفطر عليه عند السحر كل ليلة أوقية واحدةء بحتاً بلا ملح ولا إدام فكان / يکفي ذلك الدرهم سنة ثم ثلاث ليال ثم أفطر ثم خمسأء ثم سبعاً ثم خمس وعشرين ليلة. قال : وكنت على ذلك عشرين سنة ثم خرجت أسبح في الأرض ستتين» ثم رجعت إلى تستر وكنت أقوم الليل كله والله أعلم. فهکذا ينبغي آن يروض الإنسان نفسه ويجاهد شهوته ولكن الفضل بيد الله يوتيه من ء. فمن ر اله أ هدي يشر صَدِرَهُ للإشلام وَمَن برد د أن يُضِلَهُ يَحْعَل صَدرَهُ ضيّقاً ا فليا كلها ل أصل لا إذ ل بقه لها وألمستها إنما هي أدية المقصود بها اتوي عار () سورة الأنعام الأية: ١١٠. قنطرة الخلق ۳\0 عبادة الله والموت منتظر عند كل ساعة والكيس العاقل من تزود من الطاعة حتى تعظم عند الله درجة وتتسع في الجنة نعمته. وبالله التوفيق ونسأل الله الهداية . الفصل الثالثٹ: في حق المناسيين للإنسان وهم من عدا الآباء والأمهات من العصبة والقرابة والأرحام والذي يختصون به هو المحبة الباعثة على نصرة الأقارب لئلا يستولي عليهم الأعداء من الأباعد والحمية أدنى رتبة من الألفة لأن الألفة تمنم من التعظم والخمول معا والحمية تمنع من التعظم فليس لها في كراهية الخمول نصيب» إلا أن يقترن بها ما يبعث على الألفةء لأنها معرضة لحسد الأقارب فإن حرست حمية السب بالحمية والود تأكد بها أسباب الألفةء ولذلك قيل لبعض قريش أيما أحب إليك أخوك أو صديقك؟ فقال: أخى إذا كان صديقا. وإن أهملت الحال بين المتناسبين ثقة بلحمة النسب وإعتماداً على حمية الأقارب دون مواصلتها بالبر وحياطها / عن أسباب الضير غلب عليها مقت الحسدء ومنازعة التنافس فصارت [۱/۲68] المناسبة عداوة والمقاربة تباعداً. ولذلك قال الكندي في يعض رسائله: الأب أب والولد كمد والأخ فخ والعم غم والخال وبال والأقارب عقارب . وقال عبد الله بن المعتز : لحومهم لحمي وهم يأكلونه وما داهيات المرء إلا أقاربه ولاأجل هذا المعنى أمر الله بصلة الأرحام وأثنى على واصلها فقال: طوَالَذِينَ يَصِلُونَ مَا َم الله به أن يُوصَل وَيَخشون رهم وَبَحَافُونَ سُوءَ و لتاب سوه اساب في الماقة علي بوقال تعالی: ووا الله اء ي تالو وه ولات 4 عَسِعُمْ ِن فيكم أك يرا في الأرض ليشا أرعاعة. 2 وحث الي 3 على صلتها فقال: «صلوا أرحامكم ولو بالسلام». وعن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله ية قال: «يقول الله عز وجل أنا الرحمٰن وهي () سورة الرعد الآية: ٠۲. )۲( سوره النساء الاية: ۱١. )۳( سورة محمد الاية : ٢٢ . ٦۳ قنطرة الخلق ‎e‏ ا (),. . صلته . قطعها قط ۳٩۳٩ الرحم شققت لها إسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن ِ ‏وعنه يلو أنه قال: «صلة الرحم منماة للعدد مثمرات للمال محبة في الأهل منساة في الأجل”'. ‏وعن علي عنه يَأ أنه قال: «صلة الرحم تزيد في العمر». قال: فقلت: يا رسول الله قال الله تعالى: دا جاء أَجَلهُمْ لا يُستَاخرونَ سَاعَة ولا يُسَفْدِمُونَ€”. فقال: «إن الله تعالى يخرج من صلبه ذرية يعملون بطاعته فليحقه عملهم فذلك الزيادة في العمر'. وفي الحديث : ‏[/ب] «إذا كان يوم القيامة / جاء الرحم فيتكلم بلسان طلق دلق يقول اللهم صل من وصلني وأقطع من ‏قطعنى). ‏وعن النبي يل أنه قال: «أيها الناس اتقوا الله وصلوا أرحامكم فإنه بقاء لكم في الدنيا وخير لكم في الأخرة». وينشد لمحمد بن عبد الله الأسدي : ‏وحسبك من ذل وسوء صنيعة مناواة دي القربى وإِن فقيل قاطع ‏ولكن أواسيه وآنسی ذنوبه لترجعه يوماً على الرواجع ‏وعن النبي يِل أنه قال: «أحب الأعمال إلى الله الإيمان بالله ثم صلة الرحم ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأبغض الأشياء إِليه الكفر بالله ثم قطعية الرحم ثم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف». ‏وعن مالك بن دينار أنه قال: احذروا ثلاثة فإنهن معلقات بالعرش النعمة يا رب كفرت» والأمانة تقول: يا رب أكلت والرحم يقول: يا رب قطعت وعن النبي ي أنه قال : «أسرع الخير ثواباً صلة الرحم وأسرع الشر عقوبة البفي»”. ‏وفي الحديث عنه يو قال : «من كان قاطعاً لرحمه فلا يصحبنا فخرج رجل من عنده ثم ‏(۱) جاءت في الأصل أسمائي والتصويب من الإحياء. ‏)۲( جاءت في الإحياء بتته . ‏)۳( قال الحافظ العراقي في المغني الحديث متفق عليه من حديث عائشة. ‏() ذكره الحافظ العراقي بمعناء في المغني وقال: حديث «من سره أن يسأله في أثره ويوسم له في رزقه فليتق الله ولیصل رحمه) وقال متفق عليه من حدیث أنس دون فوله: #فليتق الله وهو بهذه الزيادة عند أحمد والحاكم من حديث علي بإسناد جید. ‏(0) سورة النحل الاية: ١٠. ‏(1) ذكر الحافظ العراقي في المغني حديث نحوه وقال: رواه ابن حبان من حديث أبي بكرةء والخرائطي في مكارم الأخلاق والبيهقي في الشعب من حديث عبد الرحمٰن بن عوف بسند ضعيف. ‎ ‎ قنطرة الخلق ۳\۷ رجع» فقال: «ما لك»؟ قال: كنت صارماً لرحم لي فوصلته وأعتبته فسر بذلك عليه السلام وقال عليه السلام في الرحم: «هي شنجة من الله تعالى». قال أبو عبيدة: يعني قرابة مشتبكة. وعن ابن عباس رضي الله عنه آنه قال: وجدت في مقام إبراهيم عليه السلام كتاب مكتوب بالعبرانية أي أنا الله ذوبكة خلقت الرحم فشققت له اسماً من أسمائي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته. وروي أن رجلا قال: يا رسول الله إن /لي أقارب أصل ويقطعون وأحسن ويسيئون [1/۳۷۰] وأعفو فيظلمون أفأكافهم بما يصنعون؟ فقال عليه السلام: «لا». وفي خبر آخر: إذاً يرفضكم الله جميعاً ولكن إذا قطعوا فصل وإذا ظلموا فاعف ولن وقال بعض العلماء: صلوا أرحامكم فإنها لا تبلى عليها أصولكم ولا تهتظم عليها فروعكم . ويقال: من لم يصلح لأهله لم يصلح لك ومن لم يذب عنهم لم يذب عنك. وأنشد وقال بعض البلغاء : من وصل رحمه وصله الله ورحمه ومن أجار جاره وأعانه أجاره الله وأعانه . ويقال : من مشی إلى قرابته أو ذي محرم منه فسأله عنه أو زاره أعطاه الله أجر مائه شھیل؛ وإن سأل عنه ووصله بنفسه وماله كان بكل خطوة أربعون آلف حسنة ورفع له بكل خطوة أربعون ألف درجة وكأنما عبد الله مائة سنةء ومن مشى في قطيعة الرحم غضب الله عليه ولعنه وكان عليه من الوزر ما لمن وصل الرحم من الأجر. ويقال سر سنتين في صلة الوالدين وسر سنة في صلة الرحم. مسالة وقد أجمع الناس على وجوب صلة الأرقاب والأرحام فقيل القرابة ما دون الشرك وقيل إلى سبعة أياء وقيل خسمة أباء وقيل إلى أربعة أباء. () ذكر الحافظ العراقي في المغني حديث يمعناه وقال: رواه الطبراني والبيهقي من حديث عبد الله بن عمرو ۳\۸ قنطرة الخلق قال الله تعالى: ونر عَشِيرَككَ الأقريين4. فقيل: جمع عليه السلام إلى أربعة آباء يعرف ولكن على قدر النية والوصول إلى ذلك متى قدر بنفسه وماله . [۳۷۱/ ب] ويجب /على الإنسان أن يصل قرابته وأرحامه الأقرب فالأقربء ويصل أجداره وهم بمتزلة الأبوين ويصل إخوته . وقد قال عليه السلام: «حق كبير الأخوة على الصغير كحق الوالد على ولده»”* . وكذلك الأعمام يصلهم بما قدر عليه وقد قال عليه السلام : «ردوا على أبي». يعني عمه العباس: وقال: «أنا والعصباء للعباس». كل ذلك يدل على تعظيم حق العم . وجملة حق القرابة: أن يواسيهم الان سه ومال إذا خاف عليهم أن يهلكوا جوعاً. ويقال أفضل الصلة أن يصلهم بالهديا وأ ضعفها أن يرسل إليهم بالسلام› وعليه أن يحضر لفرحهم وحزنهم وإن نهوه عن ذلك فلا يشتغل بهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر وإن منعه خوف من زيارتهم فليصلهم ولو بالسلام في الكتاب ولا يجوز له أن يقطعهم ولو ويقال : إن عمر رضي الله عنه مر الأقارب أن يتزاوروا ولا ينتجاورواء وإنما فعل ذلك لأن التزاور يوجب التراحم؛» والتجاور يوجب التزاحم على الحقوق وربما يؤدي ذلك إلى القطيعة والعقوق. ولذلك قيل من تباعد عن قرابته دامت بينهم المودة ومن أراد أن يكثر عمله ويكون حليماً فليجالس غير عشيرته. ويقال: من كان ممنوعاً من صلة قرابته فلينظر إلى الجهة التي كانوا فيها فهو صلتهم والله أعلم وأحكم. وقال بعض الحكماء: العيادة بعد ثلائة واجبة والتعزية بعد ثلاثة تجديد المصيبةء والتهئنة بعد ثلاثة استخفاف بالمودة وبالله التوفيق. (١) سورة الشعراء الآية: ٤٠۲. (۲) قال الحافظ العراقي في المغني: رواه أبو الشبخ ابن حبان في كتاب الثواب من حديث أبي هريرة ورواه ابو داود في المراسيل من رواية سعيد بن عمرو بن العاص مرسلاً ووصله صاحب مسند الفردوس فقال عن سعید بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده سعيد بن العاص وإستناده ضعيف . قنطرة الخلق ۳۹ الباب الثالث فى المصاهرة وهي السبب الثالث من أسباب الألفة لأنها استحداث مواصلة وتمازج مناسبة صدرا عن رغبة واختيار وانعقدا عن خير واختيار فاجتمع منها أسباب الألفة . قال الله سبحانه: ومن أيه أن خَلىَ کُم من أَنفَسِكُمُ أزواجاً لِكَسكُنوا إِلْهَا وَجَعَل بَيَكُم موَكَةٌ ورَحمَة”. يعنى بالمودة المحبةء وبالرحمة الحنو والشفقة وهما من أوكد أسباب الألفة . وقيل: المودة النكاح والرحمة الولد. وقد تعالى: #وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة. واختلفوا فى الحفدة. فعن ابن مسعود رضي الله عنه : هم ولد الرجل وولد ولده وقیل عله . نهم بوا امرأة الرجل من غير وسموا حفدة لتحفدهم في الخدمة وسرعتهم في العمل . ولم تزل العرب تجتذب البعداء وتتالف الأعداء بالمصاهرة حتی ير جع النافر مؤانساً ويصير العدو مؤالفاً بل يصير الصهر ألفة بين القبيلتين وموالات بين العشيرتين . وحكي عن خالد بن يزيد بن معاوية أنه قال: كان أبغض خلق الله إلي آل الزبير بن العوام حتى تزوجت أرملة فصاروا أحب الناس إِليّ وفي ذلك يقول: لحب بني العوام طرا لحبها ومن أجلها احببت أخوالها كلبا ولذلك فيل الرجل على دين زوجته لما يحتذب له حبها من الموافقة والمتابعة . وإذا كانت المصاهرة بالنكاح بهذه المتزلة من الألفة كان ينبغي لنا أن نذكر الوجوه المطلوبة بالنكاح وطرفاً من الحقوق التي يقتضيه على الاتشراح ويتحصر ذلك في ثلائثة فصول: الأول: الوجوه المطلوبة بالتكاح . / الثالث : ٺي حقوق الزوج . ]۳۷۳/ ‎[Î‏ )۱( سورة الروم الأية : ۱٢۲. ۳۲۰ قنطرة الخلق الفصل الأول: في الوجوه المطلوية بعقد النكاح اعلم أن الإنسان قد يبتغي بعقد النكاح أحد خمسة أوجه: وهي؟؛ المالء الجمالء والدين» والتعفف والألفة : وقد روي عن أبي هريرة أن البي ي قال: «تكح المرأة لأريع خصال لمالها أو لجمالها أو لحسبها أو لدينها فعليك بذات الدين تربت يداكء”. ويقال: لا تنكح المرأة لجمالها فلعل جمالها يفتنها ويؤذيها ولا لمالها فلعل مالها يطغيها ويورث الفقر ناكحهاء ولا لعزها فلعل عزها يورث الذل خاطبها وانكح المرأة لدينها" . فإن كان عقد النكاح لأجل المال فالمال إِذاً هو المنكوح فإن وصل إليه فقد تقضي سبب الألفة إذا لا يقترن به غيره من الأسباب ولا سيما إذا غلب عليه حب الطمع وقل منه الوفاءء وإن لم يصل إلى المال أعقبه ذلك استهانة للزوجة فصارت الوصلة فرقة والألفة عداوة. ولذلك قيل: من ودك لطمعه فيك أبغضك إذا أيس منك. وإن كان العقد رغبة في الجمال فذلك أدوم ألفة من المال لأن المال صفة زائلة والجمال صفته لازمةء ولذلك قيل حسن الصورة أول السعادة. وعن النبي يي أنه قال : «أعظم النساء بركة أحسنهم وجهاً وأرخصهن مهراه". وإن سلمت الحال من الإذلال المفضي إلى الملل استدامت الألفةء وقد كانوا يكرهون الجمال البارع لما يخاف فيه من بلوى المنازعة . كما روي أن رجلا شاور حكيماً في التزويج فقال: افعل وإياك والجمال البارع فإنه [/ب] مرعى أنيق. قال الرجل: وكيف؟ قال: كما قال / الشاعر : ولن تصادف مرعا ممرعاً أبداً إلا وجدت به أثارمأكول وأما لما يخافه اللبيب من شدة الصبوة ویتو فاه الحازم من عواقب الفتنة وقد قال بعضص )۱( قال الحافظ في المغني: متفق عليه من حديث أبي هريرة. )۲( ذكر الحافظ حديثاً يؤكد هذا المعنى: وقال فيه رواه الطبراني في الأوسط من حديث أنس «من تزوج امرأة لم يزده الله إلا ذلا ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إل فقرا ومن تزوجها لحسبها لم يزده الله إلا دناءة ومن تزرج امرأة لم بها إل أن يغخض بصره ویيحض فرجه أو يصل رحمه بارك الله له فیھا وبارك لها فيه ورواه حب في الضعفاء. )۳( ذکر الحانظ العرافي نحوه وقال: رواه ابن حبان من حدیٹ ابن عباس «خيرهن آيسرهن صداقاً وله من حديث عائشة «من يمن المرأة تسهيل أمرها وقلة صداقها» وروى أبو عمر التوقاني في كتاب معاشرة الأهلين إن أعظم النساء برک أحبيهن وجوهاً وأقلهن مهرا» وصححه. قنطرة الخلق ٢۳۲ الحكماء: إياك ومخالطة النساء فإن لحظ المرأة سهم ولفظها سم. ورأى بعض الحكماء صياداً يكلم امرأة فقال: يا صياد احذر أن تصاد. ويقال إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع امرأة تقول: إن النساء رياحين خلقن لكم وكلكم يشتهي شم الرياحين فقال عمر : إن النساء شياطين خلقن لنا نعوذ بالله من شر الشياطين لا يسرعن إلى خير وهن إلى الشر أسرع . وعن إياس بن معاوية أنه قال: ما خلق الله خلقاً أشر من النساء تصارعهن فيصرعن ويغلبن ولا يغلبن» ما مثلهن إلا كالحجر إن وقعت عليه عقرك وإن وقع عليك دمغك والناجي من شرهن قليل. وقيل لبعض الحكماء : أي السباع أحسن صورة؟ قال: النساء. ورأى بعض الحكماء رأس امرأة معلقاً من على الشجرة فقال: يا ليت كل شجرة تحمل مثل هذه الثمرة. ونظر بعض الحكماء إلى رجل يريد العرس وقد زين داره وكتب على بابه لا يدخل هذا الباب شيء من الشر فقال له : امرأتك من اين تدخل؟ وقال بعض الحكماء: مقاساة سبعين شيطاناً أسهل من امرأة تطلب منك حظ نفسها. وقال : ولا ضرار أضر من الجهل ولا شر / أشر من النساء قال : ونظر إلى سقيمة وقال ::[٥1/۴۷] الشر بالشر يكفيء قال: ونظر إلى جنازة امرأة والنساء خلفها يعولن ويويلن قال: الشر يتوجع بفقد الشر. ويقال : النساء شر كلهن وشر ما فيهن فل الاستغناء عنهن . وقال المعري : دنیيا الفتى هذه عدو تغريك غنراً بمنصليها غتاه فيهاعن القواني أجمل من فقر إليها وقال بعض الحكماء الكيس: من لم تصده النساء فإنه إن وقع قص جناحاه ولم ينبت أبداً. وقال من أراد أن يقوى على طلب الحكمة فليكف على تمليك النساء على نفسه. وقال المعري : قناطر الخيرات ج/۲ م/ ٠۲ ‎۳Y۲‏ قنطرة الخلق خأيكارهن أبكارا البلى وأيمهرن هي الليم وعن النبي يل آنه قال : «تعس عبد المرأةا. وعن الحسن البصري أنه قال : والله ما آصبح رجل یطیع امرأۃ فیما تھوی إل أكبه الله في النار. كن كانوا سبب التناسل والتكائر كما قال عليه السلام: «تزوجوا فإني أكاثر بكم الأمم»”. لدخلا مطيعاتهن الجنة» والله أعلم . وإن كان العقد رغبة في الدين: متبع له ومن اتبم انقاد له فاستقامت حاله وأمن زلله. ولذلك قال عليه السلام: «فعليك بذات الدين تربت يداك»”". ففيه تأويلان : [۷/ ب] أحدهما: / تربت يداك إن لم تظفر بذات الدين والثاني : أنها كلمة تذكر للمبالغة ولا يراد بها سوء. كقولهم ما أشجعه قاتله الله . ‏فإذا كانت المرأة متدينة استقامت بها العشرة ودامت لزوجها منها الألفة ولا سيما إن كان الزوج ذا سياسة ودين . ‏وقال النبي يَلِو: «خير ما أعطى المرء لساناً ذاكراً وقلباً شاكراً وزوجة مؤمنة“. وقال الله تعالى : ربا ايتا في اليا حَسَنَد€. قال محمد بن كعب: المرأة الصالحة وي الأخرَة خسن . يعنى الجنة . ‏الات ۵ حر ‏(۱) ذكره الحافظ العراقي بمعناء في المغني قال: رواه أبو بكر بن مردويه في تفسيره من حديث ابن عمر دون فوله «حتى بالسقط» وإسناده ضعيف وذكره بهذه الزيادة البيهقي في المعرفة عن الشافعي أنه بلغه. ‏(۲) شطر حديث أبي هريرة المتفق عليه . ‏(۳) ذكر الحافظ العراقي نحوه في المغني وقال: رواه الترمذي وحسنه وفيه انقطاع. ‏() سورة البقرة الاية: ٢٠۲. ‏(0) سورة البقرة الآية: ٠٠۲. ‎ ‎ قنطر ة الخلق ‎۳Y۳‏ وعن عمر بن الخطاب رضیى الله عنه قال : ما أعطي المرء بعد إيمان بالله خيراً من امرأة صالحة. والله أعلم . وإن كان العقد رغبة في الألفة: فهذا يكون على أحد وجهين: إما أن يقصد المكائرة واجتماع الفريقين والمظافرة بتناصر الفثتين. وإما أن يقصد به تأليف أعداء مسلطين استكفافاً لمعادتهم وتسكيناً لصولتهن . وهذان الوجهان قد يكونان في الأمائل وأهل المنازلء وداعي الوجه الأول: هو الرغبة. وداعي الوجه الثاني : هو الرهبة. وهما سببان في غير المتناكحين فإن استدام السبب دامت الألفة وإن زال السبب بزوال الرغبة والرهبة خيف زوال الألفة إلا أن ينظم إليها أحد الأسباب الباعثة عليها والمقوية لها وإن كان العقد رغبة في التعفف فهو الوجه الحقيقي المبتغى به عقد النكاح وما سواه فأسباب متعلقة به ومضافة إليه . 6 وروي لما تزل قوله تعالى: ليا أيها الاس اموا رَبَكُمْ الذِي حَلفَكُم ين نُس وَاحدَةٍ لي ها رَوجهَ4. قال النبي يَيٍ: «خلق الرجل من التراب وهمه في التراب / وخلقت المرأة من الرجل [1/۳۷۷] وهمها في الرجل». وقال عليه السلام: «من تزوج فقد أحرز نصف دينه فليتق الله في النصف الباقي»"*. وقال : «المتزوجون هم المتطهرون المبرؤون من الخنا. وقال : «شرار أمتي عزابها». وكان عبد الله بن مسعود يقول فيما بلغنا: لو لم من يبق عمري إلا عشرة أيام لأحببت أن أتزوج ولا ألقى الله عازباً. ويقال إن معاذ بن جبل ماتت امرأته في الطاعون فقال: زوجونى فأنا أكره أن ألقى الله وأنا عازب وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: لا يتم نسك الناسك إل بالترويج . (۱) سورة النساء الآية: ١. )۲( ذكره الحافظ العراقي في المغني بنحوه: وقال فيه رواه ابن الجوزي في العلل من حديث أنس بسند ضعيف وهو عند الطبراني في الأوسط بلفظ «فمّد استکمل نصف الإيمان» وي المستدرك وصحح إسناده بلفظ «من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دینه». ‎۳Y‏ قتطرة الخلق ‏وروي أن شاباً سأل ابن عباس من بعدما خلا مجلسه فقال: إني شاب وليس لي زوجة فريما خشيت العنت فاستمني بيدي فأعرص عنه ابن عباس ثم قال: أف وتف نكاح الأمة خير منه وهو خير من الزنى ٠ ‏وروي آن ابن عمر ریما کان یفطر علی الجماع دفعاً للوسواس. وروي في قوله تعالی : «وَعُلِقَ الإِنسَانُ ضعيفا»”. إنه لا يصير على الجماع ويضعف عن تركه. وقيل في قول الله تعالى : ريا ولا تُحَمَلنا ما لا طَائَة 0 به»”. قيل شدة الغلمة. وفي نوادر التفسير في قوله تعالى : وَين شر عاق إا وَقّبٍ€. أنه الذكر إذا قام. ‏وقال بعض السلف: إذا قام ذكر الرجل ذهب ثلث عقله أو قال ثلثا دينه . ‏وروي أن النبي يِل قال: لعكاف بن وداعة الهلالي: «يا عكاف ألك زوجة؟». قال: لا. قال: «فأنت إِذاً من إخوان الشياطين إن في رهبان التصارى فالحق بهم وإِن كنت منا فمن ستتنا التكاح». فإن هذا منه حثاً على التعفف عن الفساد وباعثاً على طلب المكاثرة بالأولاد. ‏[/ب] ‏ ويروى أن /بلالاً وصهيباً رحمهما الله أتيا أهل بيت من العرب فخطبا إليهم فقيل لهما ‏من أنتما؟ قال بلال: أنا بلال وهذا أخي صهيب كنا ضالين فهدانا الله وكنا مملوكين فأعتقنا الله وكنا عائلين فأغنانا الله فإن تزوجنا فالحمد لله وإن رددتمونا فسبحان الله . قالوا: بل تزوجون اسكت فقد صدقت فأنكحك الصدق . ‏فلما كان التعفف وطلب الولد هما الوجهان اللذان وضع النكاح لأجلهما لزم حينئلٍ في عقد التعفف أن تراعى فيه ثلائة شروط: أحدها: الدين المفضى إلى الستر والعفاف المؤدي إلى القناعة والكفاف. ولذلك قال أبو هريرة: لا يفغرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي خلقاً. ‏وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «النكاح رق فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته»"› وقد روي أن رجلا قال للحسن: يا أبا سعيد إن لي بنتاً أحبها وقد خطبها إلى غير ‏(١) سورة النساء الآية: ٢۲. ‏(۲) سورة البقرة الآية: ٦۲۸. ‏(۳) سورة الفلق الآية: ۳. ‏(8) قال الحافظ العراقي في المغني: رواه أبو عمر التوقاني في معاشرة الأهلين موقوفاً على عائشة وأسماء = ‎ ‎ قنطرة الخلق ‎۳Yo‏ واحد فممن ترى أن أزوجها؟ فقال: زوجها من رجل يتقي الله فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها. وقال عليه السلام : «من زوج وليته فاجراً فقد قطع رحمها»٩ وروي أن رجلا خطب إلى ابن عباس يتيمة كانت عنده قال: لا أرضاها لك. قال: ولما وفي دارك نشأت؟ قال: إنها تتشرف. قال: لا أبالي. قال: الآن لا أرضاك لها. ولهذا قال بعض الحكماء: من رضي بصحبة من لا خير فيه لم یرضی بصحبته من فيه خير . فإذاً الدين مطلوب من كليهما ولا سيما الرجل في حق المرأة عند التزويج لأن المرأة يقدر الرجل على الاستبدال بها بطلاق. والمرأة إذا /زوجت من فاسق أو دني فهي أسيرة لا [1/۳۷۹] سبيل إلى فكها من رقه إلا بالموت والله أعلم . الشرط الثاني : العقل الباعث على حسن التقدير لللأمر بصواب التدبير . وقد روي عن النبي يِل أنه قال: «العقل حيث كان ألوف مألوف». وروي عن النبي َو أنه قال: «عليكم بالودود والولود ولا تتكحوا الحمقاء فإن صحبتها بلاء وولدها ضياع . الشرط الثالث: الأكفاء الذين ينتفي بهم العار ويحصل بهم الاستكثار . وقد روي عن النبي ي أنه قال: «تخيروا لنطفكم ولا تضعوها إلا في الأكفاء»*. وعنه عليه السلام أنه قال : «انظر اين ضع ولدك فإن العرق دساس؟ وال اکتم بن = ابتتي أبي بكر قال البيهقي وروى ذلك مرفوعاً والموقوف أصح. )۱( قال الحافظ العراقي في المغني: رواء ابن حبان في الضعفاء من حديث آنس ورواهء في الثقات من قول الشعبي بإسناد صحيح. () ذكر نحوه الحافظ العراقي وقال: رواه البيهقي من حديث ابن أبي أدية الصدفي قال البيهقي: وروی يإسناد صحيح عن سعيد بن يسار مرسلاً وقال رواء بو داود والئسائي من حديث معقل بن یسار «تزوجوا الودود والولود» وإسناده صحيح (۳) ذكر الحافظ العراقي بمعناء حديثاً وقال: رواه اين ماجة من حديث عائشة مختصر دون قوله: «فإن العرق». وروى أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس «تزوجوا في الحجر الصالح فإن العرق دساس» وروى أبو موسى المديني في كتاب تضييع العمر والأيام من حديث ابن عمر «وانظر في آي نصاب تضع ولاك فإن العرف دساس» وكلاهما ضعيف. () ذكر الحافظ العراقي بمعناء حديثاً وقال: رواه ابن ماجة من حديث عائشة مختصر دون قوله: «فإن العرق». وروى أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس «تزوجوا في الحجر الصالح فإن العرق دساس»» وروى أبو موسى المديني في كتاب تضييع العمر والأيام من حديث ابن عمر «وانظر في = قنطرة الخلق ٦۳ صیفی لولده: يا بني لا يحملنكم جمال النساء عن طراحه النسب فإن نكاح اللئيمة مُدرجة للشرف. وقال عليه السلام: «إياكم وخضر الدمنء". يعني المرأة الحسناء في المنبت السوء. وقد ينضم إلى هذا الشرط من صفات الذات وأحوال النفس وما يلزم التحرز عنه لبعد الخير عنه وقلة الرشد فيه فإن كثيراً من الأخلاق بادية في الصور والأشكال. کالذي روي عن النبي يَأ أنه قال لزيد بن حارثة: «تزوجت يا زید؟». قال: لا. قال : «تزوج تستعفف مع عفتك ولا تتزوج من النساء خمساا. قال : وما هن يا رسول الله؟ قال : »لا تتزوج شهبرة ولا لهبرة ولا نهبرة ولا هيدرة ولا لفوت». قال : يا رسول الله لا أعرف مما قلت شيثا؟ قال: «أما الشهبرة فالزرقاء البدية وأما اللهبرة فالطويلة المهزولة وأما النهبرة فالعجوز المدبرة وأما الهيدرة فالقصيرة الذميمة وأما اللفوت فذات الولد من غيرك». التي تحن إلى زوج كان لهاء والمنانة التي تمن على زوجها بمالها؛ والأنانة التي تنين كسلا وتمارضاً. وروي أنه قيل: يا رسول الله أي النساء خير؟ قال: «التي إذا نظر إليها زوجها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته". وقال لقمان لابنه: اعلم يا بني أن المرأة الصالحة كالتاج على رأس الملك والمرأة السوء كالحمل الثقيل على ظهر الشيخ الكبير. وينشد: أرى صاحب النسوان يحسب أنها ‏ سواء وبون بينهن بعيد فمنهن جنات تيء ظلالها ومنهن نيران لهن وقود وقال : آوفی بن دلهم : النساء أربع فمنهن مقمع لها شينها أجمعء ومنهن تبع تری ولا تفع ومنهم مدق تفرق ولا تجمعء ومنهن غيث وقع ببلده فامرع. وقيل للحسن البصري: من = أي نصاب تضع ولدك فإن العرق دساس» وكلاهما ضعيف. (۱) قال الحافظ العراقي في المغني: رواه الدارقطني في الأفراد والرامهر مزي في الأمثال من حديث آبي سعید الخدري وقال الدارقطني تفرد به الواقدي وهو ضعيف. () قال الحافظ العراقي في المغني: رواه النسائي من حديث أبي هريرة نحوه بسند صحيح وقال: «ولا تخالفه في نفسها ولا مالها). وعند أحمد: «في نفسها وماله) ولابي داود نحوه من حدیثٹ ابن عباس قنطرة الخلق ‎۳Y۷‏ ‏أطيب الناس عيشا؟ قال: من رزق امرأة قانعة ولحقة حافظة عند حاجته غير مانعة. وأنشد أبو وما وعدنك من شر وفين به وما وعدنك من خير فممطول ويقال : النساء ٹلانه : هينة لينةه عفيفة مسلمة تورد الأمور مواردها وتصدرها مصادرها. وأخرى: وعاء للولد لا خير فيها لغير ذلك. وأخرى: غل يضعه الله في عنق من يشاء. ویقال أصل كل ذنب عصى الله به فسببه من قبل النساء من ذلك آدم عليه السلام بسبب أكله من الشجرة إنما كان من قبل حواء امرأته . وإنما / قتل قابيل أخاه هابيل على أخته حين أراد أن يتزوجها فأبى عليه ذلك . [۳۸۱/ ‎[I‏ ولم يمتحن يوسف عليه السلام بالسجن إلا بكيد امرأة العزيز حين راودته عن نفسها فأبى عليها. ولم يصب داود الخطيئة إلا على يد امرأة أورياء ولم يصب برصيص الفتنة والبلاء بعد عبادة أربعمائة سنة فما زعموا إلا على امرأة. وإنما مدح الله يحيى عليه السلام حين جعله حصوراً لا يأتي النساء ثم مع سلامته ولم يسلم من شر النساء وإنما قتل على يد امرأة حين استفتته لما منعها هواها. وقيل غير ذلك وقد أخبر الله عن نوح ولوط عليهما السلام وذكر ما امتحنا به من زوجتيهما حيث يقول: صرب الله ملا للَذِينَ كفروا أمرأة توح وَامرأةً لوط . .4٩ الاية. فهن أصل كل بلاء وفتنة وقال عليه السلام لأزواجه «انكن صواحبات يوسف»". وهن أمهات المؤمنين فما ظنك بغيرهن وقال عليه السلام: «النساء حبائل الشيطان»”" . (۱) سورة التحريم الأية: ١٠. (۲) قال الحافظ العراقي في المغني: متفق عليه. () قال الحافظ العراقي في المغني: رواه الأصفهاني في الترغيب والترهيب من حديث خالد بن زيد الجهنى بإسناد فيه جهاله . ‎۳Y۸‏ قنطرة الخلق ‏وقال: «باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء وخير شيء للنساء أن لا يرون الرجال ولا ‎6 ۱ x. ‏يرونهن‎ ‏وقال عليه السلام: «ما تركت على أمتي أضر عليها من فتنة النساء فاتقوهن بالصوم والصلاة»”" . وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: من شقوتنا جعلنا الله مقدم الشهوات. ترید قوله تعالى: ورين للِنَاس حب الشّهوات من ألنّماء4” الآية. ثم قالت: عجباً للرجال كيف يختارون هؤلاء الحيض المناتين وقد زهد الله فيهن ودل على ما هو خير منهن فقال: «فل 1 و ّ کلاس واو ے أؤَنَبَكُّكم بخير من ذلِكم. إلى فوله: وازوا مُطَهَرَة 4٠ . [۳۸۲/ بپ[ وقد ضعف الله كيد الشيطان عن کيدهن / فقال إن كيد إل يان کان ضعفاً 4٩ . ‏وقال في النساء: % إن كَيدكر عَظبٌ». ‏ولكن لا بد منهن لعله الابتلاء بهن لتسكين الشهوة وبقاء النسل . ‏وقد قال أبو سليمان الدراني: الصبر عنهن خير من الصبر عليهن والصبر عليهن خير من الصبر على النار والله أعلم”. ‏فصل ‏اعلم أن باعث الإنسان على طلب النساء لا يخلو من ثلاثة أحوال: ‏إحداهما: أن يكون لطلب الولد فالأحمد التماس الحداثة والبكارة لأنها أخص بالولادة وقد روي عن النبي يَأ أنه قال: «عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواهاً وأنتق أرحاماً وأرضى باليسين”^ . ومعنی قوله أنتقق أرحاماً: أي أكثر أولاداً. ‏() الحافظ العراقي نحوه وقال: رواه البزار والدارقطني في الإفراد بسند ضعيف. ‏)۲( ذكره الحافظ بمعناء وقال: متفق عليه من حديث اسامة بن زيد. ‏(۳) سورة آل عمران الاية: ١٠. ‏(5) سورة آل عمران الآية: ١٠. ‏(٥) سورة النساء الآية: ١۷. ‏(1) سورة يوسف الآية: ٢۲. ‏)۷( ما جاء في هذا الباب منقول من كتاب الإمام الغزالي إحياء علوم الدين - الجزء الثاني - كتاب آداب التكاح. طبعه دار إحياء الكتب العريية. ‏(۸) ذكره الحافظ العراقي في المغني بمعناه وقال: متفق عليه من حديث جابر. ‎ ‎ قنطرة الخلق ۳۲۹ وعن معاذ بن جبل رحمه الله أنه قال: عليكم بالابکار فإِنهن أکثر حیاء وأقل خناء. وهذه الحال هي أو ل الأحوال الثلاثة لأن النكاح موضوع لها والشرع وارد بها. وقد روي أن النبي يِل قال: «سوداء» أو قال «سواء ولود خير من حسناء عاقره'* والعرب تقول: من لم يلد فلا ولد. وكانوا يحتارون لمثل هذا الحال إنكاح البعداء والأجانب ویرون ذلك آنجب للولد وأبھی لخلقّه ویجتنبون نکاح الأهل والأقارب ویرونه مضوياً لخلق وقد روي عن النبي َل أنه قال: «اغتربوا ولا تضوواه". وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: يا بني السائب قد أضويتم فانكحوا في الغرائب وقد قال الشاعر: تجاوزت بنت العم وهي حبيبة مخافة أن تضوي على سليلي وکان حکماء المتقدمين يرون أنجب الأولاد خَلقاً وخلقاً من كانت سن أمه بين العشرين والثلائين › وسن يبه ما بين / الثلائين والخمسين . والعرب تقول : إن ولد الغيراء لا ينجب وأن [۱/۳۸۳] النساء الفروك للأن الرجل يغلبها على الشبه لزهدها في الرجل . والحال الثاني: أن يكون المقصور بالنكاح ما تتولاه النساء من تدبير المنازل بها وهذا وإن كان مختصاً بمعانات النساء فإن الأحمد في ذلك التماس ذوي الأسنان والحكمة ممن خبر تدبير المنازل وعرف عادات الرجال فإنه أقوم بهذا الحال : الحال الثالث: أن يكون المقصود به الاستمتاع وهي أذم الأحوال الثلائة وأوهنها للمروءة لأنه ينقاد فيه لأخلاقه البهيمية ويتابع شهواته الذميمة. ولذا قال الحارث بن النظر الأسدي: شر التكاح نكاح الغلمة إلا أن يفعل ذلك لكسر الشهوة وتسكين النفس عند المنازعة حتى لا تكمح له عين تريبه ولا تنازعه نفسه إلى فجور فلا يلحقه في ذلك ذم وهو بالحمد أجدرء م هي أخطر الأحوال بالمنكوحة لأن بالشهوات غايات متناهية يزول بزوالها ما كان متعلقاً بها فتصير () قال الحافظ العراقي في المغني: رواه ابن حبان في الضعفاء عن رواية حكيم بن يهز عن أبيه عن جده ولا () قال الحافظ العراقي في المغني في معناه: قال ابن الصلاح لم أجد له أصلاً معتمداً. قلت: أي الحافظ - إنما يعرف من قول عمر إنه قال لال السائب قد أضويتم فانكحوا في النوابغ رواه إبراهيم الحربي في غريب الحديث وال معناه: تزوجوا الغرائب قال ويال اغربوا ولا تضووا. ۳۳۰ قنطرة الخلق الشهوة في الابتداء كراهة في الانتهاءىء ولذلك كرهت العرب البنات ووأدتهن إشفاقاً عليهن كان موتهن أحب إليه وآثر عنده. ويقال خطب إلى عقيل علفه ابنة فقال : إني وإن سيق إلي المهر آلف وعبدان ودود عشر قال عبيد الله بن طاهر : لكل أب بنت يراعي شؤونها ثلائة أصهار إذا ذكر الصهر [٤۳۸/ ب] /فبعل يراعيها وخدر يكنها وبر يواريها وخيرهم القبر الفصل الثاني: في حقوق الزوجة اعلم أن عقد النكاح يقتضي حقوقاً بين الأزواج بمراعتها تدوم بينهم الألفة والاجتماع ونحن نبد بذكر حقوق الزوجة. قال الله عز وجل: ل وَعَاشِرُوهُن بلمَمْدُوفٍ€”°. وقال تعالى: َناك بِمَعرُوف و تشريح يِإِحسانٍ»”". وقال: وات ذا اقرب حَمّ€. إلى قوله: والصّاحب 9 ٠¡ . س . . وقد روي عن النبي يَأ أنه قال: «استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عندكم عوان أخذتموهن بأمانة الله واستحلتم فروجهن بكلمة الله ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف»”. ويقال إن من الفواحش التي لم يبين ذكرها في القرآن أن يتزوج الرجل امرأة فإذا كبر سنها طلقها. وعن عمر بن الخطاب رضي عنه أنه قال: ليس كل بيت بني على المودة ولكن الناس يتعاشرون بالأخلاق . () سورة النساء الآية: 1۹. (۲) سورة البقرة الآية: ۲۲۹. (۳) سورة الإسراء الآية: ٢. 3 لعل قصد المؤلف - الأية ١- من سورة النساء وما جاء بالأصل هو المثبت. () سورة النساء الاية: ٦۳. () ذكر الحافظ العراقي نحوه وقال: رواه النسائي في الكبر وابن ماجة من حديث آم سلمة ومن حديث جابر الطويل وفيه «فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله . ۳۳۱ قنطرة الخلق ويروى عن رسول الله يِل أنه قال: «أكمل الناس إيماناً أحسنهم خلقاً والطفهم بأهلە» . وعن أنس بن مالك قال: كان رسول الله يي: أرحم الناس بالعيال والصبيان . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ينبغي للرجل أن يكون من أهله مثل الصبي فإذا التمس ما عنده وجد رجلا . وروي عن رسول الله يِل أنه قال: ولسانه يتلجلج: «الله الله في النساء فإنهن عوان في یدیک م»". ب : يعني أسيرات. وقال تعالى في تعظيم حقهن : «وَأَعَذنَ نكم مياق ليا 4 وجملة حقوق الزوجة: أن يحسن إليها الزوج في معاشرتها / كما قال الله تعالى : [۸5٥/1] «وَعَاشِرُوْن بالممْرٌوف4”°. أن يصبر ويحتمل على سوء خلقها وقد روي عن رسول الله ي أنه قال: «من صبر على سوء خلق امرأته أعطاه الله من الأجر مثل ما أعطى أيوب عليه السلام على بلائە»”**. وروي أن إبراهيم الخليل عليه السلام أراد أن يطلق امرأته سارة رضي الله عنها فأوحى الله إليه أن ألبسها على ما كنت تلبسها عليه ما لم ترى عليها جرحة في دينها فإني خلقتهن من ضلع أعوج فمن رام قوامه انکسر وانکساره الطلاق ومن استمتع به استمتع على عوج. ومنها ان ينبسط في وجهها ما لم ير منها منكراً. لما روي أن النبي يَيٍ: كان من أفکه مع نسائه. ويقال هلك رجل من العرب فقيل لأهله: صفي بعلك فقالت: والله إن كان ما علمت لضحوك إذا ولج كسوباً إٍذا خرج آکلاٌ ما وجد غير سائل عما فقد. ومنها أن يعدل بين نسائه في الجماع أو غيره من النفقة والكسوة. () قال الحافظ العراقي: رواه الترمذي والنسائي واللفظ له والحاكم وقال رواته ثقات على شرط الشيخين . () ذكر الحافظ العراقي نحوه: وقال رواه النسائي في الكبرى وابن ماجة من حديث أم سلمة (۳) سورة النساء الآية: ٠٠. (8) سورة النساء الآية: ۱۹. () قال الحافظ العراقي في المغني: لم أقف له على أصل. ۳۳۲ قنطرة الخلق وقد روي عن النبي يل أنه قال: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل. ولا يتوعدها بالضارة» ولا يهددها بالطلاقء ولا يهجر فراشها إلا إن كانت ناشزة فليتدرج في تأديبها بالوعظ والتخويف أولأء فإن لم ترتدع ولاها ظهره في المضجع وهجرها في البيت إلى ثلاث ليال فإن لم ترتدع ضربها ضريا غير مبرح بحيث يؤلمها ولا يدميها ولا يضرب وجهها. a e وذلك معنى قوله تعالى: «واللاتي َحَائُون نُشُورَهُن فَعِظُوشن وأهجُروهُنَ في لْمَضَاجع وَأضْرِيُوهُن». وفي الأثر عن طلحة بن عبيد الله أنه قال: جاءت الخولاء إلى عائشة رضي الله عنها وكانت امرأة عطارة وشكت إلى عائشة زوجها عثمان بن مظعون فقالت: إني لأتعطر لزوجي 0با حتى أنزل نفسي / كالعروس تزف إلى زوجها فإذا دخلت معه في لحافه أعرض عني بوجهه ولا أراه إلا ييغضني فقالت عائشة رضي الله عنها: امكثي حتى يأتي رسول الله يِل فجاء عليه السلام فشم في البيت رائحتها فقال: إني لأجد ريح الخولاء فهل أتتكم اليوم»؟ فقالت عائشة رضي الله عنها: نعم يا رسول الله قال: «فهل ابتعتم من عطرها شيئاً»؟ قالت: لا ولکن أتت تشکو زوجها فقال لها: «ما شأنك يا خولاء»؟ فقالت: بابي نت وآمي يا رسول الله إِني لاتعطر لزوجي حتى أنزل نفسي كالعروس تزف إلى زوجها فإذا دخلت معه في لحافه أعرض عني بوجهه ولا أراه إلا ييفضني. فقال عليه السلام: «أما إنه لو علم ما عليه في ذلك لما فعل». قالت عائشة رضي الله عنها: وما عليه في ذلك رسول الله؟ فقال عليه السلام: «إن الرجل إِذا أراد امراته كتب عشر حسنات ومحيت عنه عشر سيئات ورفعت له في الجنة عشر درجات فإذا أذ بيدها كتبت له عشرون حسنة ومحيت عنه عشرون سيئة ورفعت له عشرون درجة فإذا عانقها وقبلها كتب له أربعون حسنة ومحيت عنه أربعون سيئة ورفعت له أربعون درجة فإذا غشيها ثم اغتسل كتب له من الحسنات بعد كل شعرة يمر عليها الماء في بدنه ورآسه». قالت عائشة: هذا للرجل فما للمرأة؟ قال عليه السلام: «إن المرأة إذا أخذت في شيء مما يصلح لزوجها ولزينة تريد بذلك رضاه كتب الله لها عشر حسنات ورفعت لها في الجنة عشر درجات فإن دعاهها فأطاعته ثم حملت منه كان لها مثل أجر الصائم القائم المجاهد في سبيل الله فإِذا () قال الحافظ العرافي: رواء أصحاب السنن الأربعة وابن حبان من حديث أبي هريرة قال آبو داود وابن حبان «فمال مع [حداهما). وقال الترمذي: «فلم يعدل بينهما؟. () سورة النساء الأية: ٢٤۳. قنطرة الخلق ۳۳۳ أخحذها الطلق / والنفاس كان لها بكل طلق مثل أجر من أعتق رقبة مؤمنة فإذا وضعته لم يعلم [1/۳۸۷] أحد ما لها من الأجر فإذا أرضعت ولدها كان لها بكل مصة يمصها من ثديها كمن أعتق عشر رقبات فإذا استكملت الرضاع وفطمته ناداها ملك من السماء استأنفي العمل لقد غفر الله لك ما مضى). فقالت عائشة رضي الله عنها: رضينا يا رسول الله رضينا . وروي عن رسول الله عاد آنه قال : «النساء عي وعورات فداووا عيهن بالسکوت وعوراتهن بالبیوت». وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : اعروا النساء يلزمن البيوت وإنما قال ذلك لأنهم لا يرغبن في الخروج بالهيثة الرثة وقيل لبعض من تركت عند أهلك؟ فقال: الخليفتين الجوع حتى لا يمرحن والعرى حتى لا يبرحن. ولا ينبغي أن يفرط في الانبساط حتى تذهب هيبته ولا ينقبض عنها حتى يوحشها بل یراعی الاعتدال في جميع الأمور. السلام: «تعس عبد الزوجة ولا انتعش». وإنما قال ذلك لأنه عكس القضية لأن الله تعالى سمى الزوج سيداً فقال: وأََْا سَيدِمَا لى الباب4”. وقال تعالى : الرّجال قوّامون على النّساء €" . يعني مسلطون على تأديبهن› . َ - ۶ وکس که و وجعل الطلاق في حكم الرجال وأمر بالإنفاق عليهن وقال: «ولا تَؤنَوا ألسُفَهَاءَ أمُوالكَمٌ». الاية إلى قوله: وَقُولوا لَهمْ قولا مَمروفاً 4 . فإذا شاورها وأطاعها عكس القضية . ويقال: إن نساء العرب يأمرن بناتهن باختبار أزواجهن تقول إحداهن لبنتها اختبري زوجك فتقول لها: كيف أختبره يا أماه؟ فتقول: انزعي زج رمحه فإن سكت فاقطعي اللحم على ترسه فإن سكت فاكسري العظام بسيفه فإن سكت فاعلمي أنه حمارك / احملي عليه أكافك وامتطیه . ‎[I /۳AA]‏ وعن أنس بن مالك قال ذكر النساء يوماً عند رسول الله يَأ فضعفن وقال: «يغلبن الكرام ويغلبهن اللغام» . )۱( سورة يوسف الأية: ٢ . (1) سورة النساء الآية: ٢٤۳. )۳( سورة النساء الآية: ٥. )٤( ذكر الحافظ العراقي معناه في شطر حديث قال فيه: روا مسلم من حديث ابن عمر واتفقا عليه من = ٤۳۳ قنطرة الخلق وعن أنس بن مالك أنه قال ذكر النساء عند رسول الله يِل فقال: «لا تمكنوهن يدبرون أمر العيال يبكين وهن ظالمات ويشهدون وهن غائبات ويحلفن وهن کاذبات فاستعيذوا بالله من أشرارهن وکونوا من خيارهن علی حذر). فقال حسان بن ثابت وكان حاضراً یا رسول الله خطر على قلبي أبیات فقال: «قل٤ء فقال : لاتركترن إلى النساء ولا تلق بعهودهرن فرضاؤهمرن وسخطهن معا ق بهروجهن يلقيرن ودأصادقا والغخدر جاش قلوبهن وحديثٹ يوسف اختبر ٴتجدە أعظم کیدهن الفشاجرات الفاسقات الخائنات بعولهن إلا النساء الصالحات !الحافظات فروجه ن وعن حاتم الأصم أنه قال: إني في البيت كالدابة المربوطة إن:قدم لي شيثاً أكلت وإلا کت ويروى أن نبياً من الأنبياء شكى إلى ربه أمر زوجته فأوحى الله إليه أني جعلت لك حظك من العذاب . ويروى أن رجلا جاء .إلى عمر ين 'الخطاب رضي الله عنه بيشكو امرأته فسمع امرأة عمر تراجعه بكلام يقرب من العف :فرجع :وقد رأى عمر مكانه فبعث في إِثره وسأله عن رجوعه [/ب]بعدما أتى موضعه؟ فقال يا أمير المؤمنين إنى أتيتك أشكوا امرأتى /فلما سمعت امرأتك :تراجعك وأنت لا ترد عليها قلت أين أنا من أمير المؤمنين فرجعت كاظماً غيظي . ققال عمر: نعم اصبر لها لأنها طباخة لمعيشتي غسالة لثيابي ظير لولدي ستر ما بيني وبين النار. قال عليه السلام: «خياركم خياركم لنسائه وأنا خيركم لنسائي». = حديث أبي سعيد ولم يسق مسلم لفظه. () قال الحافظ العراقي في المغني: رواه النسائي والترمذي وصححه من -حديث أبي هريرة دون :قوله «آنا خيركم لنسائي؟ وله من حديث عائشة وصححه #خيركم خيركم لأهلهءوأناخيركم). قنطرة الخلقن ‎۳۳o‏ ‏ويروى أنه قيل يا رسول الله ما حق المرأة على زوجها قال: «يطعمها إذا طعم ویکتسوها إذا اكتسى ولا يقبح لها'وجهاً ولا يضربها إلا ضرباً غير مبرح". والله أعلم. وبالجملة أن لها عليه حسن الصحبة وجميل المعاشرة ولا يضرها في نفسها ولا في شيء من مالها وليطعمها مما يأكل وليلبسها مما يلبس ولا يلطم لها خداً ولا يشوهه لها وجها وله أن يغضب عليها ويهاجرها في أمر الدين من ثلاث إلى عشر وإن لم ترتدع هجرها من عشر إلى شهر ولا يفشي سرها في النکاح»"" ويقال: من يحدث بما يخلو به من أمر امرأته فهو كمن فعل ذلك حراماً ولا ينبغي ان يكون سريع الطلاق بغير عذر. وقد جاء في الحديث: «ما أحل الله حلالاً أحب إليه من النكاح ولا أبغض إليه من الطلاق بغير عذر. ويقال:. كان أهل الكتاب يتزوج: الرجل المرأة وما يثبت على ثديها خيط يدركهما الهرم. جميعاً ولا يرغب أحدهما عن صاحبه؛ ويقال أن ذلك من الفواحش التي لم تذكن في الكتاب . وإن كان له عذر في الطلاق فلا بأس وقد قال تعالى : عى رَبه إن طَلَفَكُنَ أن يُبِدَلهُ رواج خيراً منڭر°4. ولكن إن طلقها فليعطها شيثاً يمتعها به ليطيب نفسها لما. ففجعها من ألم الغراق ولا يفشي سرها في ذلك . وقد روي عن بعض السلف أراد أن يطلق زوجته فقيل له: ما الذي يربك منها؟ فقال: لا ينبغي للعاقل أن يهتك ستر امرأته فلما طلقها قيل له / لماذا طلقتها؟ فقال: ما لي ولامرأة غيري .[۳۹۰/آ] ومن حق المرأة على زوجها أن يعلمها ما عليها من أمر دينها ووضوئها وصلاتها وقرأتها وما يلزمهاا من حيضها والغسل من جنابتها لآنه أميرهاء وراعيها وکل راعي مسؤول عن رعیته فالرجل راعي على آهل بيته مسؤول عنهم. وقال تعالى : ثوا َمْسَكُمْ وأَْلِيكُمْ تارا 4”. () ذكر الحافظ العراقي حديثاً تحوه وقالء: رواه أبو داود والنسائي في الكبرى وابن ماجة من رواية معاوية بن حیدة بسند. جید. )1( جاء حديث في معنى هذا الأمر في الإحياء وقال. الحافظ العراقي رواه مسلم من حديث آبي سعید قال: قال رسول الله يي دزن أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرآته وتفضي إليه ثم يفشی سرها'. )۳( سورة التحريم الآية: ٥. 49( سورة التحريم الآ 1٦. ۳۳ قنطرة الخلق أي علموهم وأدبوهم والله أعلم وأحكم”". الفصل الثالث: في حقوق الزوج قال الله تعالى مخبراً عن النساء. «وَلَهُن مشلٌ الذي عَلَيِهنَ بأْمَعروف وَلِلرْجَالِ عَليهنَ كَرَجَة 4 . فأخبر أن حق الرجال عليهن أعظم ثم ذكر علة ذلك فقال في آية أخرى: «الرّجَال َوَامُونَ عَلَى ألنّسَاءِ بمَا فَضّل الله بَعضَهُم عَلى بَعْض 4 . وعن عائشة رضي الله عنها أن فتاة قالت : يا رسول الله يِل إني أخطب وأنا أكره التزويج فما حق الزوج على المرأة؟ فقال: «لو كان من قرنه إلى قدميه صديداً فلحسته فما أدت شکره». قالت: فلا أتزوج قال: «بلی تزوجي فإنه خير . ويروى أن امرأة كانت من خثعم سألته عليه السلام عن حق الزوج فقال: «إإن من حقه عليها إذا رادها [فراودها]'“ على نفسها وهي على ظهر بعیر فلا تمنعه من نفسها ومن حقه ان لا تعطي شيئاً من ماله إلا بإذنه فإن فعلت كان الأجر له والوزر عليهاء ولا تصوم تطوعاً إلا بإذنه فإن فعلت جاعت وعطشت ولم يقبل منهاء ولا تخرج من بيته إلا بإذنه فإن فعلت لعتتها الملائكة حتى ترجع وتتوب»". وعنه عليه السلام أنه قال: «المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان” . [۱/ب] وعنه عليه السلام أنه قال: #المرأة عشر عورات فإذا / تزوجت ستر الزوج عورة واحدة فإذا ماتت ستر القبر العشر عورات»”“ . () ما جاء في هذا الباب ذكر نحوه الإمام الغزالي في كتاب الإحياء في الجزء الثاني كتاب أدب النكاح طبعة دار إحياء الكتب العربية. (۲) سورة البقرة الأية: ٢۲۲. (۳) سورة النساء الآية: ٤۳. () قال الحافظ العراقي في المغني: رواه الحاكم وصحح إسناده من حديث أبي هريرة دون قوله: «بلى فتزوجي فإنه خير ولم أره حديث عائشة . (0) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل وأثبتناه من الإحياء. (1) ذكره الإمام الغزالي في الإحياء ولكن المؤلف نقله بمعناء وترك لفظه وأدخل عليه كلامه هو. غير أنه ما ترك المعنى وغلب عليه لفظ ما جاء في الإحياء. وقال الحافظ العراقي في المغني: روا البيهقي مقتصراً على شطر الحديث ورواه بتمامه من حديث ابن عمر وفيه ضعیف. (۷) قال الحافظ العراقي في المغني: رواه الترمذي وقال حسن صحيح وابن حبان من حديث ابن مسعود. (۸) قال الحافظ العراقي: رواه الحافظ أبو بكر محمد بن عمر الجعابي في تاريخ الطالبين من حديث علي بسند ضعيف والطبراني في الصغير ن حديث ابن عباس اللمرأة ستران» قيل وما هما الزوج والقبر. قنطرة الخلق ۳۳۷ ويروى أن رجلا دخل على أصحاب رسول الله يِل فقال: يا أصحاب رسول الله إن لي امرأة سليطة اللسان مؤذية الجيران فقال أبو بكر من يبلغها قول النبي يَلة؟ فقال حذيفة رضي الله عنه: أنا أمضي إليها برسالتكم فقال أبو بكر قل لها إني سمعت رسول الله يي يقول: «أيما امرأة دعاها زوجها إلى فراشها فأبت عليه فهي سخط الله حتى تتوب وترجع». وسمعته يقول: «ايما امرأة تقول لزوجها ما لي منك خير وما رآيت منك خيراً إل أحبط الله عملها سبعين سنة ولو كانت تصوم النهار وتقوم الليل إل أن تتوب وترجع». وسمعته يقول: «أيما امرأة خاصمت زوجها وهي ظالمة إلا. حشرت يوم القيامة مع هامان وقارون في الدرك الأسفل من التار إلا أن نتوب وترجع». وسمعته يقول: «أيما امرأة خرہت من بيتها بغير إِذن زوجها إلا لعنها كل ما طلعت عليه الشمس إلا أن تتوب وترجعء. وسمعته يقول: «أيما امرأة خانت زوجها في فراشه فعليها نصف عذاب هذه الأمة إلا أن تتوب وترجع». وسمعته يقول: «أيما امرأة أغضبت زوجها لعنها الله والملائكة والناس أجمعين إل أن تتوب وترجع». وسمعته يقول: «أيما امرأة منت على زوجها بمالها فقالت: إنما آنت تأكل مالي فلو نها تصدقت به في سبيل الله لم يقبل متها إل أن تتوب وترجع». وسمعته يقول: «أيما امرأة قالت لزوجها لعنك الله إلا لعنها الله وكل شيء خلقه الله حتى الجن والإنس إلا أن تتوب وترجع». وسمعته يقول: «أيما امرأة كلت في وجه زوجها تدخل به عليه غماً إلا كانت في سخط الله / إلا أن تتوب وترجع ولو أن امرآة [1/۳۹۲] عبدت اله تعالى عبادة مريم ولم يرضى عنها زوجها لم يقبل الله منها وأدخلها الغار مع الداخلين ل أن تتوب وترجع وأيما امرأة كلفت زوجها من النفقة ما لا يطيق لم يقبل الله منها صرفاً ولا عدلاً إلا أن تتوب وترجع ولو أن امرأة قدمت بين يدي زوجها ثديها شواء أو طبيخاً لم تبلغ حق زوجها). ويروى أن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه دخلت على رسول الله يي فقالت : يا رسول الله أنا رسول النساء المؤمنات إليك أعلمك شأنهن وليس منهن امرأة إِل على مثل مقالتي إنكم معشر الرجال فضلكم الله بالجماعة والجهاد والحج في العام بعد العام وحمل الجنازة وعيادة المرضى وغير ذلكء ونحن معشر النساء قاضيات شهواتكم وحاملات أثقالكم ومرييات أولادكم وحافظات بيوتكم ومؤتمنات على جميع أموركم فإذا خرج الرجل منكم إلى الحج أو إلى الجهاد أو إلى الرباط أو غير ذلك من الأسفار صرنا قواعد بيوتكم تحرس عليكم تفوسنا وييوتكم ونربي أولادكم أفنشارككم في أجوركم؟ فنظر إليها رسول الله ي وإلى أصحابه فقال: «هل رأيتم أو سمعتم مثل عقل هذه المرأة ومعرفتها وسؤالها عما يعنيها من أمر دينها»؟! قناطر الخيرات ج/۲ م/ ۲۲ ۳۳۸ قنطرة الخلق قالوا: بلى يا رسول الله ما ظننا أنه ييلع عقل امرأة إلى مبلغ عقل هذه المرأة! فقال لها عليه السلام: «اذهبي فبلغي عني النساء المؤمنات أنه ما منكن امرأة تخشى ابتغاء مرضات الله وتخشى عام إتباع مرضات زوجها وسرته إِلا كان لها' من الأجر يعدل ما ذكزت وإذا هي [/ب] حملت من زوجها وولدت كان لها بكل مصة ترضعه أنجر من أعتق رقبة / من ولد إسماعيل فأنصرفك المرأة ضاحكة مستبشرة فاعلمت النساء بذلك فما مر عليهن يوم أكمل سروراً من ذلك اليوم. ثم قال لها أيضاً: «أيما امرأة أعانت زوجها على الحج والجهاد فهي شريكته في الأجزه. وحقوق الزوج كثيرة وقد قال بعض المشايخ لابنته أزوجك اليوم ممن له عليك سبعون حقاً فقالت يا آيت أزدها إلى ثلائة؛ إن داي أجبته وإن أمرني ائتمرت وإن نهاني انتهیت . والقول الجامع لها من غير تطويل أن تراعي أمرين أحدهما الصيانة والسترء والثاتي ترك المطالبة» بما وراء الحاجة والتعفف عن كسبه إذا كان حرام ولا تكفر إحسان زوجها. وقد قال عليه السلام. «رأيت.النار فرأيت أكثر أهلها النساء والأغنياء». قيل يا رسول الله لي شيء كان ذلك؟ قال: «بكفرهن». قيل أيكفرن بالله قال: «لاء يكفرن بالعشير ويکفرن. باللإحسان ولو أحسنت إليهن الدهر كله ثم أسأت إليهن في الدهر مرة واحدة فيكفرن بالإحسان أجمع». وفي حديث آخر: إلا ترى إلى أحدهن تكون مع زوجها طول دهرها وهو يحسن إليها فإذا رأات منه ما يسؤها قالت : ما ريت منك خير قط». وما فعلت لي وما صنعت لي . ولتکن راضية بزوجها قانعة في يسره وعسره. وتريه البشائنة في جميع أحوالهاء ولتكن قاعدة في قعر يتها لازمة لمغزلها ولا تزور إل من تطلب الثواب في زيارته من أهلها أو غيرهم إلا بإذن زوجها. وقد روي أن رجلا على عهد رسول الله يي سافر عن زوجته وقد أمرها أن لا يتخرج من بيتها وهي ساكنة في العلو من الدار وأبوها في أسفلها فمرض أبوها فاستاذنت النبي يِل في عيادة أبيها فقال: لها: «أطيعي الله وأطيعي زوجك». توفي أبوها فاستاذنته أيضاً في حضور جنازته فقال: «أطيعي الله وأطيعي زوجك». فأوحى الله إلى نبي عليه السلام أنه قد غفر الله لأبيها لطاعتها لزوجها”°. واله أعلم . وعليها أن تحسن تربية أولادها ولا تنام إِلا على فراشه ولتحفظه في نفسه وماله وبحشمه () قال الحافظ العراقي في المغني: رواه الطبراني في الأوسط من حديث أنس بسند ضعيف. قنطرة الخلق ۳۳۹ وعيالهء ولا تنفق ماله بالتبذير» ولتراعي في ذلك حسن التقدير ولا تعطي من ماله شيثاً بغير إذنه فمتى غاب عنها زوجها في حج أو رباط فحفظت نفسها بعده كان لها من الأجر مثل أجره ولا ينقص من أجره شيء ولتشتغل ببره جهدها فإن أول ما تسأل عنه المرأة من حدود دينها عن حق زوجها ويجب على المرأة إذا بلفت حد الحيض أو قاربته أن تستتر في ممشاها ولا ترفع صوتها حيث يسمع له من لا يحل له ذلك منها. ولا يحل لها أن تتزين إلا لزوجها في بیتها حيث لا يراها أحد من الرجال الذين [...]!" يحل لهم نكاحها ولا يحل لها أن تدخل بیت زوجها رجلا غيره ولا غلاماً قد بلغ الحلم أو راهقه إلا بإذن زوجها إلا أن يكون من ذوي محارمهاء ولا يحل لها آن تملي عينيها من غير زوجها ولا تبدي له زينتهاء ولا تکتحل؛ ولا تستاك ولا تأكل معه» ولا تشرب ثم تنازله» ولا تضحك عنده ولا تخضع بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض» ولا تتعری في بیت غیرها. فإذا فعلت ما ذكرنا فقد أخذت بحظها من العذاب» وإن هي أحصنت فرجهاء وصلت خمسها وأدت زكاة مالها إن كان ذلك يلزمهاء وأطاعت زوجهاء وحفظت لسانهاء وغضت بصرها إلا على زوجهاء ولم تضرب برجلها ليعلم ما تخفي من زينتها دخلت الجنة . وروي عن تميم الداري أنه قال حق الرجل على المرأة أن لا تحنث له قسماء ولا تهجر له مضجعاء ولا تكفر /له نعمة ولا تخرج من بيته إلا بإذنه» ولا تأذن لأحد في رحله بشيء [٥۲۹/ب] ێکرهه . وقد روي عن النبى يِل أنه قال: «من صبر من النساء على سوء خلق زوجها أعطاها الله من الأجر مثل ما أعطى آسية بنت مزاحم امرأة فرعون» وعن الأصمعي قال: دخلت البادية فإذا بامرأة مختضبة.بالحناء وعليها قميص أحمر:وبيدها سبحة فقلت ما أبعد هذا من هذا فقالت : فلله مشي جانب لا أضيعةه وللهو مني والبطالة جانب قال فعلمت أنها امرأة صالحة وأن لها زوجا تتزين له. قال الأصمعي أيضاًدخلت البادية فإذا بامرأة من أحسن الناس وجهاً تحت رجل من أقبح الناس وجهاً فقلت.: يا هذه أترضين لنفسك أن تكوين تحت مثل هذا؟ فقالت لي : يا هذا آسأت في قولك لعله أحسن فيما بينه وبين الله فجعلني ثوابهء ولعلي أسات فيما بيني وبين خالقي فجعله عقوبتي أفلا أرضى بما رضي الله لي؟!! قال: 'قأفحمتني والله أعلم. )۱( جاء بالأصل بين المعقوفين لفظ «لا» ولا يستقيم المعنى بوجودها. ٠٤۳ قنطرة الخلق الباب الرابع في حق الجوار اعلم أن الله تعالى خلق بني آدم محتاجين» وفطرهم عاجزين» ليكون ذل الحاجة ومهانة العجز يمنعانهم من طغيان الغنى ويغي القدرة لأن الطغيان مركوز في طبائعهم إذا استغنواء والبغي مستول عليهم إذا قدروا. وقد أخبرنا الله تعالى بذلك فقال: كلا إِنَ الإنسان لطع أن راه أسْتَغْتي€. ثم ليكون ذلك أقوى الأمور شاهداً على نقصانهم وأوضحها دليلاً على عجزهم. وأنشد لابن الرومي : 1/۳۹7[ / عيرتني بالنقص والنقص شامل ومن ذا الذي يعطي الكمال فيكمل وأشهد أني ناقص غير أنني إذا قيس بي قوم كثير تقلل تفاضل هذا الخلق بالدين والحجى ففي أيما هذين أنت مفضل ولو منح الله الكمال ابن آدم لخلده والله ما شاءيفعصل ثم جعل الله الإنسان أكثر حاجة من جميع الحيوان حتى افتقر إلى الاجتماع مع جنسه لبقاء نسله ثم لا يكفيه ذلك ما لم يجتمع مع طائفة يتكفل كل واحد منهم بصناعةء ثم لو ااجتمعوا في صحراء مكشوفة لتأذوا بالحر والبرد واللصوص فافتقروا إلى أبنية محكمة ينفرد فيها كل واحد منهم بأهله وآلات صناعته فاضطروا إلى المواساةء والتعاون بالقوى والالات والتناصر على الأعداء ودفع أصناف الأذىء فاقتضى الجوار بينهم حقوقاً من المواساةء فضلاً عن كف الأذى والمضرات» إذ لو لم يتواسوا ويتعاونوا لصاروا بمنزلة أصحاب القبور وبمثابة الوحوش والطيورء ولذلك أكد الشرع حق الجوار فضلاً عن حق اللإسلام والنسب . فصل قال الله تعالى : «وَبِذِي ألقرْرٍ€. إلى قوله: #والجار ال4 . ويروى عن رسول الله َل أنه قال: «الجيران ثلائثة؛ جار له حق واحد وجار له حقان وجار له ثلاثة حقوق فھ ٩ الجار المسلم ذو الرحم فله حق الجوار وحق الإسلام وحق [/]القرابةء وأما الجار الذي له حقان فالجار المسلم له حق الجوار وحق /الإسلام وأما الجار الذي )۱( سورة النساء الأية: ٦۳. (۲) جات بالاصل هكذا وجاءت في الإحياء «فهوا. قنطرة الخلق ٢٤۳ له حت واحد فهو الجار المشرك له حق الجواره”. وعنه يِل أنه قال: «ما زال حبيبي” جبريل عليه السلام يوصيني الجار حتى ظننت أنه سیورثه کالولد من والده». .0 . ٍ ن. . 23 وعنه عليه السلام أنه قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم جارە»*". وعنه عليه السلام أنه قال: «لا يؤمن عبد حتى يأمن جاره بوائقه»*“. وعنه عليه السلام أنه قال: «أول خحصمين يوم القيامة جاران»” ° . وعنه َل أنه قال : «إذا نت رميت كلب جارك فد آذیته”٩. ويضيق علي . فقال له: اذهب فإن هو عصى الله فيك فأطع الله فيه. ويقال: إن الجار الفقير يتعلق بجاره الغني يوم القيامة ويقول: يا رب سل هذا لم منعني معروفه وسد بابه دوني . وعنه عليه السلام أنه قال: «الجار قبل الدار والرفيق قبل الطريق'. وعنه يل أنه قال: «ما من إمرء بات شبعاناً وجاره طاو وعلم به ولم يطعمه إلا كان الله بريثاً منه وآنا بریء منه». وعنه عليه السلام أنه قال: «ليس المؤمن من بات شبعاناً وجاره جائعاً». . وعنه عليه السلام أنه قال : «حرمهة الجار على جاره كحرمة على أمها. وروي أنه قیل : يا رسول الله ي إن فلانة تصوم النهار› وتقوم الليل وتؤذي جيرانها؟ فقال : «هي في النار»” . )۱( قال الحافظ العراقي في المغني: رواء الحسن بن سفيان والبزار في مسنديهما وآبو الشيخ في كتاب الثواب وأبو نعيم في الحلية من حديث جابر وابن عدي من حديث عباد الله بن عمر وکلاهما ضعیف. () لم ترد في الإحياء وكذا بالأصل . () قال الحافظ العراقي في المغني: متفق عليه من حديث عائشة وابن عمر- قلت لم ترد به «كالولد من والده». )٤( قال الحافظ العراقي: متفق عليه من حديث أبي شريح. (٥) قال الحافظ العراقي في المغني: رواه البخاري من حديث أبي شريح. ١( قال الحافظ العراقي: رواه أحمد والطبراني من حديث عقبة بن عامر بسند ضعيف. (۷) قال الحافظ العراقي: لم أجد له أصلاً. )۸( قال الحافظ العراقي في المغني: رواه أحمد والحاكم من حديث أبي هريرة وقال صحيح الإستاد. ٢٤۳ قنطرة الخلق [/ب] ‏ ونهى يِلٍِ: أن يبول الرجل / في أصل جدار جاره. ویقال: غزی رسول الله علا غزوة فلما بلغ موضع المنزل نادى: «ألا من كان مؤذي لجيرانه فلا يصحبنا». فقال رجل: ما آذیت رجلا قط غير آني آبول في أصل جداره فرده نبي الله وقال لا تصحنا). ونهى عليه السلام: أن يصدق الرجل ابنه على جاره أو امرأته. وقيل أن رجلا قال لجابر بن فريد رضي الله عنه: يا أبا الشعثاء إن لي جار يؤذيني. فقال له جابر: إنما تؤذيك نفسك أصلح الذي بينك وبين الله تعالى حتى يعطف الله قلب جارك عليك . وعن أبى هريرة أنه قال : جاء رجل إلى النبي يَأ فشكا إليه جاره فقال له عليه السلام : «اصبر له). ثلاث مرات. ثم قال له في الرابعة: «اطرح متاعك في الطريق». قال: ففعل؟ فجعل الناس يمرون عليه فيقولون فيقول: ما لك؟ فيقول: أذاه جاره. فيقولون: لعنه.الله. فجاء جاره فقال له: رد متاعك لا والله لا أوذيك أبد”. وفي الحديث: «من صبر على أذی جاره ملکه الله داره) . ويقال: ركوب البحر خير من مجاورة الجار السوء. وعن أبي هريرة أن النبي كَل قال: «إذا إستاذن أحدكم جاره أن يغرز خشبة فی جداره فلا يمنعه»" . فنکسوا فقال : ما لي اراک والجار لا تترك كرامة بيته وأغصب لكلب الجار إن هو أغضيا وارزع أمانته وكن ركتآأله حصنا وغما ساء متجنيا [۹/ب] ‏ وعن الحسن أنه قال: / يجيء الرجل يوم القيامة متعلقاً بجاره فيقول: يا رب إن هذا خانني فيقول وعزتك وجلالك ما خنته في آهل ولا مال. قال يا رب: صدق ولکن راي في معصية ولم ينهني عنها فيؤجر. (١) قال الحافظ العراقي في المغني: رواه أبو داود وابن حبان والحاكم من حديث أبي هريرة وقال صحیح على شرط مسلم. (۲) ذكر بمعناه الحافظ العراقي في المعنى وقال: رواء الخرائطي في مكارم الأخلاق هكذا- وهو متفق عليه بلفظ : «لا يمنعن أحدكم جارة أن يغز خشبة في حائطه» ورواه اين ماجة بإسناد ضعيف واتفق عليه فنطرة الخلق ۳٤۳ ويروى أن رجلا شكا إلى النبي يِل جاره فأمر عليه السلام من ينادي على باب المسجد : ‎۷y»‏ أن أربعين دارا جار وعن النبي يِل أنه قال: «أتدرون ما حق الجار؟ إن إستعان بك فأعنه وإن استقرضك فأقرضه وإن افتقر جدت عليه وإن مرض عدته وإن مات اتبعت جنازته فإن أصابه خير هنأته وإٍن أصابته مصيبة عزيته ولا تستطيل عليه بالبناء قتحجب عنه الري إلا بإذنه وإذا اشتريت فاكهة فاهد له فإن لم تفعل فأدخلها سرا ولا يخرج بها ولدك ليغیظ بها ولده. ولا تؤذيه بقتار قدرك إلا أن تغترف له منهاء أتدرون ما حق الجار؟ والذي نفسي بيده لا يبلغ حق الجار إل من رحمه ال . ۱ ومن حقوق الجار أيضا أن يبدأه بالسلام ولا يطيل معه الكلامء ولا يکثر عن حاله السؤال» ويصفح عن زلاته» ولا يتطلع من السطح على عوراته ولا يضايقه في رفع الجذع على جداره » ولا في مصب الماء من ميزابه ولا يطرح التراب في فنائه› ولا يضيق الطريق إلى داره› ولا يتبعه النظر فيما يحمله إلى بيت ولیستر ما ینکشف له من عوراته› ولینعشه من ضرعاته› وليحسن إليه في + جمیع أموره ولا يغفل عن ملاحظة داره عند غببته » ولا /يستمع عليه [٠ 1/4 کلامه› وي بصره عن حرمته ولا يدوم النظر إلى مخادم. وليتلطف لولده في كلمته وليرشده إلي ما يجعله من أمر دنه ودنیاه؛ ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكرء على قدر طاقته› فإن لم يتركه فلا يجب أن يرتحل من داره لأجل ذلك والله أعلم . مساألة واختلفوا في حد الجار فقيل إلى أربعين بيتاً من أربع جهات کل بيت کان أقرب کان حقه أوجب. وقيل: مقدار ما يحميه الكلبء وقيل: إلى عشر بيوت من جانب وقيل: سبعةء وقيل: ثلاثةء وقيل: مقدار ما تبلغه رائحة القدور والله أعلم . ويجب حق الجار على الإنسان إذا كان على هذا المعنى ما لم يقطع جواره طريق جائز أو واد جائر أو سوق جامع والله أعلم وبه العون والتوفيق کعب بن ماك ده پو پعلی من حدیٹ ر قال : يعون ق وكلاهما ضعيف. )۲( ذکر الحافظ العراقي تحوه وفال : . رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق وابن عدى في الکامل وهو ضعيف. ۳ فنطرة الخلق الباب الخامس في حق ملك اليمين قال الله سبحانه: «وَبذي الْقّريي€. إلى قولە: «وَمَا ملكت أَيْمَانک€”. ویروی آنه من آخر ما آوصی به رسول الله ی أنه قال: «اتقوا الله فیما ملکت آیمانکم فأمسكوا وما أكرهتم فبيعوا ولا تعذبوا خلق الله فإن الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إیاکم»٩. وعنه عليه السلام أنه قال: «العبد إِذا نصح لسيده وأحسن عبادة ربه فله أجره مرتين»”". وعنه عليه السلام أنه قال: «للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل ما لا بطق . وعنه عليه السلام آنه قال : ‎yı»‏ يدخل الجنة خت ولا ماكر ولا خائن ولا سيء المملكة° . 7 /ب] ويقال: /إن عمر رضي الله عنه كان يذهب كل يوم سبت إلى العوالي فإذا وجد عبداً في وعن عبد الله بن عمر قال : جاء إلى رسول الله يل فقال : يا رسول الله کم نعفو. عن (١) سورة النساء الآية: ٢۳. (۲) قال الحافظ العراقي في المغني: هذا مفرق في عدة أحاديث فروى أبو داود من حديث علي كان آخر كلام رسول اله ي «اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم» وفي الصحيحين من حديث أنس كان آخر وصية رسول الله ييو حين حضره الموت «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم» ولهما من حديث أبي ذر «اطعموهم مما تأكلون والبسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينهم» لفظ رواية مسلم وفي رواية لأبي داود «من لايمكم من مملوكيكم فاطعموهم مما تأكلون واکسوهم مما تلبسون ومن لا يلايمكم منهم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله تعالى» وإسناده صحيح. (۳) قال الحافظ العراقي في المغني: متفق عليه من حديث ابن عمر. )٤( قال الحافظ العراقي في المغني: رواه مسلم من حديث أبي هريرة. (٥) قال الحافظ العراقي في المغني: رواه أحمد مجموعاً والترمذي مفرقاً وابن ماجة مقتصراً على سيىء المملكة من حديث آبي بكر ولیس عند أحد منهم منکر وزاد أحمد والترمذي, البخيل والمنان وهو ضعيف وحسن الترمذي أحد طريقيه. قنطرة الخلق o٤۳‏ الخادم فصمت عنه يو ثم قال : «أعف عنه كل يوم سبعين مرة»٩. ویروی أن أبا هريرة رأی رجلا على دابة وغلامه يسعی خلفه فقال : يا عبد الله أحمله فإنه هو أخوك روحه مثل روحك فحملهء ثم قال: لا يزال العبد يزداد من الله بعداً ما مشى فعلت ذلك؟ قالت: أردت الراحة منك. فقال: اذهبى فأنت حرة لوجه الله تعالى . وعن الزهري أنه قال: متى قلت للمملوك أخزاك الله فهو حر. وقيل للأحنف بن قيس ممن تعلمت الحلم؟ قال : من فیس بن عاصم . فقيل له : فما بلغ حلمه؟ قال: بینما هو جالس فی داره ٳِذ أتته خادم له بسفود عليه شواء فسقط السفود على ابن له من يدها فعقره فمات فدهشت الخادم. فقال: ليس يسكن روع هذه الجارية إلا العتق» فقال لها: أنت حرة لا بأس عليك . ويروى أن ضيفاً ضاف ميمون بن مهران فاستعجل على جاريته بالعشاء» فجاءت مسرعة ومعها مائدة مملؤةء فغثرت فاهزقتها على رأس سيدها ميمون فقال: يا جارية قد أحرقتني . قالت: يا معلم الخير ومؤدب الناس إرجع إِليّ ما قاله الله. قال: وما قال؟ قالت: «والكُاظمين القَبْظ€. قال: كظمت غيظي. قالت: «وَالعَافِينَ عَن النَاس€. قال: قد عفوت عنك. قالت : والله يُحبٌ المُحُسنِين»”". قال: أنت حرة / لوجه الله . [۲ 1/4۰[ وعن النبي يل أنه قال: «لا تضربوا إماءكم على كسر إنائكم فإن لها آجالاً كأجالكم». وعنه عليه السلام أنه قال: «إذا كفى أحدكم مملوكاً فليكن أول ما يطعمه الحلو فإنه أطيب لنفسه»”" . وعنه أيضاً أنه قال: إِذا اشترى أحدكم مملوكاً صنعة طعامه فكفاه حره ومؤنته وقرّبه إليه فليجلسه وليأكل معه أو ليأخذ لقمة فيضعها في يده وليقل كل هذه»“. )۱( قال الحانظط العراقي في المغني : رواه بو داود والترمذې وقال حسن غريب . (۲) سورة آل عمران الاية: ١۱۳. (۳) قال الحافظ العراقي في المغني: رواه الطبراني في الأوسط والخرائطي في مكارم الأخلاق بسند ضعيف. () قال الحافظ في حديث نحوه: متفق عليه مع اختلاف لفظ وهو في مكارم الأخلاق للخرائطي باللفظين اللذين ذكرهما المصنف غير أنه لم يذكر علاجه وهذه اللفظة عند البخاري . ٢۳ قنطرة الخلق وعن الأحنف أنه قال: العبد الصالح له كفلان من الأجر وعليه نصف الوزر. وقيل: إن بعض المماليك سأل المبيم فقيل له: ما سببك فقال: مولاي يصلي جالساً ويضربني قائماً ويعرب إِذا سبني ويلحن إذا قراً. «يا أبامسعود إن الله عز وجل الآن يراك وهو أقدر عليك منك على هذا الغلام'. قال فأعتقته لله تعالى . ويقال: إن أبا الدرداء قال لغلام له وقد غفل عن علف ناقة له وتواناء فقال: ما حملك على ما فعلت؟ قال: أردت أن أغضبك . قال أبو الدرداء: لأجمعن مع الغضب أجراً اذهب فأنت حر لوجه الله تعالى . ويروى أن بعض أصحاب النبي عليه السلام ضرب عبداً له فجعل العبد يقول. أسألك بوجه الله فسمع رسول الله يو صياح العبد فانطلق إليه فلما رأى رسول الله يو أمسك يده فقال عليه السلام: «سألك بوجه الله ولم تعفه فلما رأيتني أمسكت بيدك» قال: فإنه حر لوجه الله يا رسول الله. قال له: «لو لم تفعل لسفعت وجهك النار. [٤٠/ب] / ويقال: إن رجلا كان له مملوك فكان السيد يسمع حس المملوك بالليل فاطلع عليه السيد ذات ليلة من حيث لا يراه العبد فسمعه وهو يقول يا مولاي ومولاي مولاي لولا حدمهةه مولاي لخدمتك أيام حياتي فلما سمعه سیده قال له : بل آنت مولاي ومولاك مولاي فأنت حر لوجه اللهء والله أعلم. والأثار في هذا كثيرة. وقد قال عليه الصلاة والسلام: ګل راع مسؤول عن رعيته يوم القيامة»”" ويقال : المملوك أخوك لأبيك وأمك ابتليت به وابتلى بك فله أجران وعليك فيما فرطت الحساب . تقول له الملائكة بل أنت لا لبيك ولا سعد بك». () قال الحافظ العراقي في معناه. رواه مسلم. )۲( قال الحافظ العراقي : رواه ابن المبارك في الزهد مرسلا وي روايه لمسلم في حدیٹ آبي مسعود . (۳) قال الحافظ العراقي في حديث ابن عمر «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» متفق عليه من حديث ابن عمر . قنطرة الخلق ٧٤۳ وعنه عليه السلام أنه قال: «للمملوك على مولاه ثلاث خصال لا يعجله عن صلاته ولا يقيمه عن طعامه ويبتعه إِذا استباعه). وجملة حقوقٌ المملوك: أن يشبع بطنه ويدفي ظهره ولا يكلفه فوق طاقته ولا يستخدمه بعد العشاء إن استقصى خدمته بالنهار ولا ينظر إليه بعين الكبر والازدراء وأن يعفو عن زلاتهء ويتفكر في غضبه عليه بهفوته وجنايته في هفوته هو وجنايته على حق الله وتقصيره في طاعتهء مح أن قدرة الله عليه فوق قدرته والله أعلم . فصل: في حق السيد على عيده وفي الحديث عن النبي يَأ أنه قال: «عرض علي أول ثلائة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار / فأما أول ثلاثة يدخلون الجنة فالشهيد وعبد مملوك أحسن عبادة الله ونصح [1/404] لسيده وفقير' متعفف ذو عيال وم" أول ٹلانه النار فأمیر متسلط ١ وذو ثروة لا يعطي حق الله وفقير فخور»". وبالجملة إن حق السيد على عبده أن ينصحه في ضيعته› ويحفظ له ما أثتمنه عليهء ويحسن خدمته› ولا يعصيه في جميع أحواله إلا إن أمره بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» ولا يصلي نافلة إلا بإذنه ولا يصوم تطوعاً إلا بإذنهء لأن ذلك يضعفه عن الخدمة لأنه مسؤول عن القيام بحق سيده كما أن سيده مسؤول عن حقه. قال أبو الحسن: قال رسول الله يد : «كل راع مسؤول عن رعيته فالرجل راعي آهل بیته ومسؤول عنهم والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسؤولة عنه وعبد الرجل راع على ملك سيده وهو مسؤول عنه فکلکم راع وكل راع مسؤول عن رعيته»“. وقد جاء في حديث آخر: «أن الراعي مسؤول يوم القيامة عن رعيته فالإمام يسأل عن رعيتهء والرعية تسأل عن إمامهاء والزوجة تسأل عن القيام بحق زوجها وعن ما ضعت والرجل يسأل عن حى زوجته» والعبد يسأل عن القيام بحق مولا وما ضيع من حقهء والمولى يسال () جاءت هكذا فى الأصل وجاءت فى الإحياء «عفيف؟. () لم ترد في الإحياء ووردت في الأصل هكذا. (۳) قال الحافظ العراقي في المغني: رواه الترمذي وقال حسن وابن حبان من حديث أبي هريرة. (4) قال الحافظ العراقى رواه الطبرانى والبيهقى من حديث ابن عباس. وذكر فيه «يوم من وال عادل آفضل من عبادة سبعین سنةا ومتفق عليه م حدیث ابن عمر «كلکم راع وكلكم مسؤول عن رعیته'. ۸٤۳ قنطرة الخلق عما ضيع من حق عبد والجار يسأل عن حق جاره» والولد يُسأل عن حق والدهء والوالد يسأل عن حق ولده». وكذلك قال الحكم العدل: «َوَريِكَ لَسالَهْمْ أَجْمَمِينَ عَم كَاثوا يَْمَلُونَ€”. وبال التوفيق . فی الأخاء [٥٤٤/ب] / وليعلم أن المؤاخاة في الله والمودة من أسباب الألفة؛ لأنها تكسب بصادق الميل إخلاصا ومصفاةً وتحدث بخلوص المصافاة وفاء ؤمحاماتاء وهذا أعلى مراتب الألفة لأن أصل تطافرهم وحث على المؤاخاة فقال عليه السلام: «عليكم بإخوان الصدق فإنهم زينة في الرخاء وعصمة في البلاء'. وعنه عليه السلام أنه قال: «ما أحدث العبد أخاً فى الله إلا أحدث الله له درجة فى الجنةء ° . ۱ ۱ مثل ما یری لنفسها . وعنه عليه السلام أنه قال : «المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه ولا یغشاه ولا يخونه ولا يخذله»٩. وعنه عليه السلام أنه قال: «مثل المسلمين كاليدين تغسل إحداهما الأخرى» . (۲) ذكره الحافظ العراقي بلفظ «من آخى أخا» وقال ذكره ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان من حديث أنس «ما أحدث عبد أخا في الله». وقال إسناده ضعيف. ۱ )۳( ذکره الحافظ العراقي في حديث وقال فيه: رواه مسلم من حديث أبي هريرة وقال أوله متفق عليه وهذا اخره. () ذكره الحافظ العراقي بلفظ «مثل الأخوين إذا التقيا مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى. .. الحديث؟. وقال : روه السلمي في اداب الصحية وابو منصور الديلمي في مسندل الفارسي من حدیٹ آنس وفيه أحمد ين محمد بن غالب الباهلي - كذاب ‏ وهو من قول سلمان الفارسي في الأول من الحزبيات. قنطرة الخلق ۹٤۳ وعنه عليه السلام أنه قال: «المسلمون كالبنيان يشد بعضهم بعضاء”. وقال عليه السلام: «مثل المسلمين في تواذهم وتراحمهم كمثل الجسد إن إشتكى بعضه تداعى ساثرە بالحمى والسهر»”° وعن علي بن أبي طالب أنه قال: عليكم بالإخوان فإنهم عدة في الدنيا والأخرة ألا تسمعوا إلى أهل النار: «فَمَا لبا من شَافِمِينَ وَل صَدِيق ميم . وعن عمر رضی الله عنه قال : لقاء الإخوان جلاء الأحزان . وعن خالد بن صفوان أنه قال: أعجز الناس من قصر في طلب الإخوانء وإن أعجز منه من ضيّع من ظفر به منهم . وقال علي بن أبي طالب لابنه الحسن يا بني الغريب من ليس له حبيب . وقيل لبعض الحكماء ما العيش؟ فقال: إقبال الزمان وعز السلطان وكثرة الأخوان. وقال ابن المعتز: من إتخذ إخواناً كانوا له أعواناً. / وقال بعض الأدباء: أفضل الذخائر أخ وفع .[1/406] وقيل : حلية المرء كثرة إخوانه. وقال بعض البلغاء : صديق مساعد عضد وساعد وقال بعض الشعراء : هموم رجال في أمور كثيرة وهمي في الدنيا صديق مساعد نكون كروح بین جسمين قسما فجسمهما جسمان والروح واحد ويروى أن بعض العلماء زاره بعض إخوانه فلم يجده في منزله ففتحوا الباب فدخلوا فإذا بسفرة فيها خبز وجبن فتناولوا منه فأتاهم فوجدهم يأکلون فبکی فقيل له: ما يبكيك؟ قال : ذكرتموني إخوان السلف وعاملتموني بأخلاق الصالحين ولست منهم. ويقال: إنما سمي الصديق صديقاً لصدقه› والعدو عدواً لعدوه عليك . وعن ثعلب أنه قال: إنما سمي الخليل خليلاً لأن محبته تتخلى القلبء ولا تدع فيه خللاً إلا ملائته وينشد قول بشار : قد تخللت مسلك الروح مني وبه سمي الخليل خليلا )۱( ذكر الحافظ العراقي نحوه وقال متفق عليه من حديث ابن موسى «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا). () ذكر الحافظ العراقي بلفظ غيره «مثل المؤمنين... الحديث» رقال: حديث النعمان بن بشير متفق عليه. (۳) سورة الشعراء الآيتان: ١٠٠٠ ١١٠. ۳0 فنطرة الخلق فصل اعلم أن المؤاخاة في الناس قد تكون من وجهين: أحدهما: أخوة مكتسبة بالاتفاق الذي يجري مجرى الاضطرار . والثاني : أخوة مكتسبة بالقصد والاختيار . فأما المكتسبة بالاتفاق فهي أوكد حالاً؛ لأنها تتعقد على أسباب يقودها إليها الطبع ثم في غاية أحواله إلى سبع مراتب: فأول أسباب الإخاء التجانس في حالة يجتمعان فيها ويتألفان بها. وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أن النبي ي قال : «الأرواح أجناد مجندة [4۷/ب] ما تعارف منها إئتلف وما تناكر منها / اختلف» . فإن قوي التجانس قوي الائتلاف وإن ضعف كان به ضعيفاً ما لم يحدث عقداً دينياً. فإذا عدم التجانس من وجه انتفى التشاكل من كل وجه. وقد قيل في منثور الحكم الأضداد لا تتفق والأشكال لا تفترق. وينشد: وقتائل لم تفرتقتما فقلت قولانيهإنتصاف لم يكن من شكلي ففارقته والناس أشكال وآلاف فثبت في التجانس وإن تنوع أصل الإخاء وقاعدة للائتلاف وهذا واضح . وینشد: وقال آخر : فقلت أخي فقالوا أخ من قرابته فقلت لهم إن الشكول أقاربي نسيبي في رأيي وعزمي وهمتي ‏ وإن فرقتنا في الأصول المناسب ويقال : لا تجالس إلا من تجانس» ولا تواكل إلا من تشاکل » ولا تماشي إلا من تواتي . ثم قد يحدث التجانس المواصلة بين المتجانسين وهي الرتبة الثانية من رتب الاإأخاء وسبب المواصلة بينهما وجود الاتفاق؛ لأن عدم الاتفاق منفر ولذلك قيل كما لا تثبت المكاتبة على الماء كذلك لا تثبت المحبة في قلب من خالفته. وينشد: )۱( قال الحافظ العرافي في المغنى: روا مسلم من حديث أبي هريرة والبخاري من حديث عائشة. نقنظرنة ؛الخلق 4 اللاس إن وافقتهم عنذبوا أولآ فإن جفاهمم مر كم من رياض لا أنيس بها ترركت لأن طريقهاوعر ثم تحدث عن المواصلة رتية ثالثة : وهي المؤانسةء وسببها الاتبساط؛ ثم تحدث عن المؤانسة رتبة رابعة: وهي المصافاة وسببها خلوص النيةء ثم تحدث عن المصافاة رتبة خامسة: / وهي المودة وسببها الثقةء وهذه الرتية هي أدنی الكمال في أحوال الاخاء وما قبلها أسياب[1/40۸] تقود إليهاء فإن اقترن بها المعاضدة فهي المصداقةء ثم تحدث عن المودة رتبة سادسة: وهي المحبة وسببها الاستحسانء وإن كان الاستحسان لفضائل النفس حدثت منه رتبة سابعة: وهى الإأعظام وإن كان الاستحسان للصورة والحركة حدثت منه رتبة ثامنة: وهي العشق وسبيها الطمع. قال المأمون : أول العشق مزاح وولع ثم يزداد إذا زاد المع كل من يهو وإن عالت به رتبة الملك لمن يهوى تبع .وهذه الرتبة هي آخر الرتب المحمودة وليس لمن جاوزها رتبة مقدرة» ولا حال محدود؛ لأنها قد تؤول إلى ممزاجة النفوس وإن تميزت ذواتهاء وتفضي إلى مخالطة الأرواح وإن تفرقت أجسادهاء وهذه حالة لا يمكن حصر غايتها ولا الوقوف على نهايتها. وقد قال الكندي: الصديق إنسان هو أنت إلا أنه غيرك. ومثل هذا القول يحكى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه في عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذلك أنه لما ولى أقطع طلحة بن عبد الله أرضاًء وكتب له كتباً وأشهد فيه ناساً: من عمر فأتى طلحة بكتابه إلى عمر ليختمه فامتتم عليهء فرجم طلحة مغضباً إلى أبي بكر فقال: والله لا أدري الخليفة أنت أم عمر؟ فقال : بل عمر لکنه أنا. وآما الأخوة المكتسبة بالقصد فلا بد من داع يدعو إليها وباعث يبعث عليهاء وذلك من وجهين: رغبة وفافة. ِ أما الرغبة: فهي أن تظهر من الإنسان فضائل تبعث على إخائه ويتوسم بجميل يدعو إلى إصطفائه» وهذه الحالة أقوى من التي بعدها / لظهور الصفات المطلوبة من غير تكلف لطلبهاء [1/40۹] وإنما يخاف عليها من الاغترار بالتصنع فليس كل من أظهر الخير كان من أهلهء ولا كل من يخلق بالحسن كان من طبعه والتكلف للشيء مناف له إلا أن يدوم عليه مستحسناً له في العقلء ومتديناً به في الشرعء فيصير الطبع له فيه طباعاء والتكلف له هوى مطاعاً. ‎oY‏ | قنطرة الخلق ‏وأما أن تكون جميم أخلاق الفاضل كاملة بالطبع فلاء وإنما الأغلب أن تكون بعض فضائله بالطبعء ويعضها بالتطبم الجاري بالعادة» حتى يصير ما تطبع به في العادة أغلب عليه مما كان مطبوعاً عليهء إِذا خالف العادة ولذلك فيل العادة طبع ثان. ‏وقد تقدم قول الحكماء: ليس في الطبع أن يكون ما ليس في الطبع وينشد لابن الرومي : ‏واعلم بأن الناس من طينة يصدق في القلب لها الثالب ‏لولا علاج الناس أخلاقهم إذا لفاح الحماء اللازب ‏وأما الفاقة: فهو أن يفتقر الإنسان لوحشة إنفراده» ومهانة وحدته إلى إصطفاء من يأنس بمۋاخاتهء ويثق بنصرته وموالاته. بالعداوة والخذلان ومن لم يرغبا في السلامة بلي بالشدائد والامتهان › ومن لم يرغب في المعروف بلي بالندامة والخسران . ‏ولعمري إن إخوان الصدق من أنفس الذخائر وأفضل العدد؛ لأنهم سماء النفوس وأولياء النوائب. ‏وقد قال.الحكماء: رب صديق أود من شقيق. وقيل لمعاوية: أي الناس أحب إليك؟ قال: صديق يحيني إلى الناس. وقد قال الشاعر : ‏0با / لمودة ممن يحبك مخلصاً خير من الرحم القريب الكاشح ‏فصل ‏فإذا عزم الإنسان على إصطفاء الإخوان فليكشف عن أخلاقهم قبل إصطفائهم ولا تبعثه الوحدة على الإقدام قبل الخبرة ولیس فيمن یکون النقاق والملق بعض سجاياه خير يجري ولا صلاح یأمل . ولأجل ذلك قالت الحكماء: اعرف الرجل من فعله لا من كلامه واعرف محبته من عینه لا من لسانه. قال حماد بن عجرد: ‏كم من أخ لك ليس تنكره ما دمت من دنياه في يسر ‏متصنع لك في مودته يلقاك بالترحيب والېشرى وإذا عدا والدهر ذو غير عدى عليك إذاً مع الدهر ‎ قنطرة الخلق ۲ على أن الإتسان موسوم بمن قارب» ومنسوب إليه أفاعيل من صاحب. وفي الحديث : «المرء مع من أحب). وقال ابن مسعود رحمه الله: ما شيء أدل على شيء ولا الدخان على النار من الصاحب على الصاحب. وقال: يظن بالمرء ما يظن على قرینه. وینشد: عن المرء لا تسل وسل عن قرينه فكل قرين بالمَقارن يقتدى فلزم من هذا الوجه أيضاً أن يحترز عن أخلاء السوء ومصاحبة أهل الريب . وقد قال بعض البلغاء: صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار. وينشد: مجالسة السفيه سفاء رأي ومن عقل مجالسة الحليم فإنك والقرين معا سواء كما قد الأديم من الأديم / فلما لزم سبر الإإخوان قبل إخائهم وخبرة أخلاقهم قبل إصطفائهم فالخصال المعتبرة[١ 1 1/4] في إخائهم بعد المجانسة التي هي أصل الاتفاق أربع خصال: أحدها: عقل موفور يهدي إلى مراشد الأمور فإن الأحمق لا ثبت معه مودة ولا تدوم لصاحبه استقامة . وقد روي عن رسول الله ي أنه قال: «البذاء لؤم وصحبة الأحمق شۆم». وقال بعض الحكماء: عداوة العاقل أقل ضرراً من مؤاخاة الأحمق؛ لأن الأحمق ريما ضر ويظن أنه ينفع والعاقل لا يتجاوز الحد في مضرته. وينشد: إناماكتت متخناخيلا فلاتشق بكل أخ إخاء وإن خيرت فألصق بأهل العقل منهم والحياء فإن العقل ليس له إذاما تفاضلت الفضائل من كفاء والخصلة الثانية: الدين الواقف بصاحبه على الخيرات» فإن تارك الدين عدو نفسه فكيفت ترجی منه مودة غیره. وقال بعض الحكماء: استصف من الإخوان ذا الدين والحسب والرأي والأدب فإنهم رداء لك عند حاجتك ويد عند نائيتك وأنس عند وحشتك وزين عند عافيتك. وينشد لحسان بن ثابت . () ذكر الحافظ العراقي سطره الأول في حديث أيي أمامة بسند ضعيف وقال رواء الترمذي وقال حسن غريب ۱ ق شرط الشخن. والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين قناطر الخيرات ج/ ۲ م/ ۳٢۲ ‎rot‏ فنطرة الخلق أحلاء الرخاء هم كير ولكن في البلاء هم ليل فلا تغررك قلة من تؤاخحى فمالك عندنائبةخليل وكل أخ يقول أناوفي ولكن ليس يفعل مايقول ‎ ‏والخصلة الثالثة:/ أن يكون محمود الأخلاق مرضى الأفعال مؤثر للخير آمراً به تاركاً للشر ناهياً عن فإن موده الشرير تكسب الأعداء وتمسد الأخلاق ولا خير في مودة تجلب عداوة وثورة ندامة وملامة وفال ابن المعتز : إخوان السوء كشجرة النار يحرق بعضها بعضا. ‏والخصلة الرابعة: أن يكون لكل واحد منهم ميل إلى صاحبه ورغبة في مؤاخاته فإن ذلك أوكد في حال المؤاخاةء وأشد الأسباب المصافاقة لأنه ليس كل مطلوب إليه طالباً ولا كل مرغوب فيه راغباًء ومن طلب مودة ممتنع عليه ورغب في زاهد فيه کان معنی خاثباً کما قال البحتري : ‏طلبت منك مودة لم أعطها ‏[(٤/ب] ‏فإن كنت لا بدنيك إلا شفاعة فلا خير في ود يكون بشافع وأقسم ما تركي عتابك عن قلى ولكن لعلسي أنه غير نافع فإني إذا لم ألزم الصبر طائعاً فلا بد منه مكروهاً غير طائع فإذا استكملت هذه الخصال في الإنسان وجب إخاءء وتعين اصطفائه وبحسب وفورها فيه يجب أن يكون الميل إليه والثقة ب فإن الإخوان على طبقات مختلفة لكل واحد منهم حال يختص بها في المشاركة وثلمة يسدها في الوازرة وليس تتفق أحوال جميعهم على حالة واحدة. ‏وقال بعض الحكماء: الرجال كالشجر شرابه واحد وثمرته مختلفة . وقال المأمون: الإخوان ثلاث طبقات؛ طبقة كالغذاء لا يستغنى عنه وطبقة كالدواء [/ب] يحتاج اليها أحياناً / وطبقة كالداء لا يحتاج إليها أبدا. ولعمري إن الناس كلهم على ما وصف ولیس من کان منهم كالداء من الإخوان المعدودين› بل هم من الأعداء المحذورين› وإنما يداجون بالمودة إستكفافاً من شرهم وتحذراً قنطرة الخلق ‎۳oo‏ ‏من مکاشفتهمء وقد قال بعض الحكماء : مثل العدو الضاحك إليه كالحنظلة الخضرة أوراقهاء القاتل مذاقها. وينشد لزيد بن الحكم الثقفي : فليت كفافا كان خيرك كله وشرك عني ما ارتوی الماء مرتوي وقال بعض الصحابة : إنا نصافح أيدينا نرى قطعها. وقال أبو ذكر أو غيره إنا لنضحك في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم. وقد قال يعض الشعراء : رب من انضجت غيظاً صدره قد تمنى لي موتآلم يطعم فإذا خرج من كان كالداء من عدد الإخوان فاللإخوان هم الصنفان الأخران من كان منهم كالغذاء وكالدواء؛ لأن الغذاء قوام النفس وحياتها والدواء علاجها وصلاحهاء فأفضلهم من كان كالغذاى لأن الحاجة إليه أعم فينبغي لمن أوجده الزمان مثله وقل أن يكون له مثل؛ لأنه أعز من الكبريت الأحمر وأغلى من نفيس الجوهر فالواجد لهذا ينبغي له أن يعض عليه بنواجذه» ويكون به أشد شحاً من ذخائر أموالهء لأن نفع الإخوان أعم نفع المال. / وينشد [64٤/1] للفرزدق : يمضى أخوك فلا تلقى له خلفا والمال بعد ذهاب المال يكتسب ثم لا ينبغي أن يزهد فيه لخلق أو خلقين يكرههما منه إِذا رضى سائر أخلاقهء فإن الكمال معوز. وقال الكندي: کیف ترید من صدیق خلقاً واحد وهو ذو طباع أربعء مع أن نفس الإنسان لا تجيب إلى طاعته أحياناً فكيف بنفس غيرهء وحسبك. أن يكون لك من أخيك أكثر. وقد قال أبو الدرداء: معاتبة الأخ خير من فقده. وينشد لابي تمام الطاثي : ومن الذي ترضى سجاياء كلها كفى المرء نبلا أن تعد معائبه ٦۳ قنطرة الخلق فيك سوءاً فاتخذه ‎a‏ لنفسك خلا . وعن الحسن بن وهب أنه قال: من حق المودة أخذ عفو الإأخوان في اللإغضاء عن تقصير إن کان . وعن علي من قوله تعالى: «فَصْفُح الصّفحٌ الجَميل؟”. قال: الرضا بغير عتاب . وهكذا أن لا يسيء الظن به ما لم يتيقن تغيره. ينشد لابن الرومي : هم الناس والدنيا ولا بد من قذى يلم بعين أو يكدر مشربا ومن قلة الإنصاف أنك تبتغي المهذب في الدنيا ولست المهذبا وأما الملوك من الإخوان فهو سريع التغير وشيك التنكير فوداده خطرء وإخاءه غرر. وهم نوعان : [٥٠٤/ب] منهم من يكون ملله استراحة /.ثم يعود إلى المعهود من إخائه فهذا أسلم المللين وأقرب الرجلين يسامح في وقت استراحته ليرجع إلى الحسنى من مودته وإن تقدم المثل بما نظمه الشاعر حين يقول: وقالوا: يعود الماء من النهر بعد ما عفت منه آثار وجفت مشارعه فقلت: إلى أن يرجع الماء عائداً وتشعب شطاه تموت ضفادعه ولكن من هذا ملله لا ينبفي أن يطرح حقه بالتوهم وتسقط حرمته بالظنون. ومنهم من يكون ملله تركاً وأطرحاً ولا يرجع إخاء ولا ود ولا يتذكر حفاظاً ولا عهدا وهذا أذم الرجلين حالاء لأن مودته من وساس الخطرات وعوارض الشهوات فينبغي أن يقلع عنه قبل الخلطة بحسن المتارك ومثل هذا كما قال هرمة. كثاقيبةلحمى مستعار بإتيهانشانتهاالثقوب فأدت حلى جارتها إليها وقد بقيت بإذنيها ندوب فصل: في حق الأخوة والصحية اعلم أن الأخوة نوعان : )۱( سورة الحجر لاية : ۸0. قنطرة الخلق ‎oy‏ أحدهما: أخوة الدين. والثاني : أخوة الدنيا. فأخوة الدين أثبت في الدنيا والاخرة وأحمد عاقبة وأكثر منفعة وأرجى يوم القيامة شافعة آلا ترى إلى قوله تعالى : «الأخلاء ومذ بَعضُهُم لتعض عَدُو إلا ألمَِّين»”". وقد روي عن النبي يل أنه قال: «أخ يذكرك أمر آخرتك خير لك من أخ يعطيك كل يوم دينار». وعن آبي بکر رضي الله عنه أنه قال : دعوة الاخ لاخ في الله/ تستچاب . وروي آنه قیل [٤٤٤/]] يا رسول الله أي الأصحاب خير؟ قال: «الذي إذا ذكرت أعانك وإذا نسيت ذكرك». وقد تقدم من حقوق الأخوة في الله ما يکفىء وقد قال أبو بلال مرداس رحمه الله : من كان من أهل هذا الدين كان له ودي وشاركته في تالد المال لله يعلم أني لأحبهم إلا لوجهك دون العم والخال وأما أخوة الدنيا فإنما يحتاج إليها الإنسان للاستعانة بها في المهمات وجر المنافع ودفع التوائب والملمات ولكن ينبغى للإنسان أن يختار لنفسه من صفته كما قال الشاعر : اصحب من الإخوان من وده أصفى من الياقوت والجوهر ومن إذا سرك أودعته لم يذكر السر إلى المحشر ومن إذا ماغبت من عينه أقلقه الشوق ولم يصبر وقد قال بعض الحكماء: أخلص الناس مودة من لم تكن مودته عن رغبة ولا رهبة وهذا قليل من الوجودء لأن الكمال معدوم غير موجودء ثم إذا صفت عند الإنسان أخلاق من اختبره وأتخذه أخاً يرجو أنفعه وخيره لزمته حقوقه ووجبت عليه حرمته. وقد قال بعض السلف: العبودية عبودية اللأخاء لا عبودية الرق. وقال بعض الحكماء: من جادلك بمودة فقد جعلك عديل نفسه فأول حقوقه اعتقاد مودته» ثم إيناسه بالانبساط إليه في غير محرم؛ ثم نصحه في السر والعلانية . () سورة الزخرف الآية: 1۹. () قال الحافظ العراقي في المغني: رواه أبو داود وهو غريب بهذا اللفظ والمعروف أن ذلك في الأميرء وابن الأثير في الكامل ولأبي عبد الرحمٰن السلمي في آداب الصحبة من حديث علي «من سعادة المرء أن إخوانه صالحين). ‎۳o۸‏ قنطرة الخلق ‏[/ب] ‏ وقد قال /عليه السلام: «ما من صاحب يصحب صاحباً ولو ساعة في نهاره إلا يسأل ‏عن صحبته يوم القيامة هل أدى فيها حق الله أو ضیعه'. ‏وقال أيضاً: «ما اصطحب اثنان إلا كان أحبهما إلى الله أرفقهما بصاحبە»° . ‏وعن الزيدي أنه قال: أتيت الخليل بن أحمد فوجدته قاعد على طنفسة فوسع لي فكرهت التضييق عليه وقال إنه لا يضيق سم الخياط على متحابين ولا تسع الدنيا على ‏فد قال يَ: «لا خير في صحبة من لا یری لك مثل ما لا یری لنفسه». ‏ومنها تخفيف الأثقال عنه ثم معاونته فما ينوبه من حادثة أو يناله نكبة فإن مراقبته في الظاهر دون السر نقاق وتركه في الشدة لوم وذلك من طباع إخوان العلانية أعداً السريرة. ‏وقد روي عنه يو أنه قال : «خير أصحابكم المعين لك على دهرك وشرهم من سعى لك بسوء في يومك». ‏وعن علي أنه قال: خير إخوانك من واساك وخير منهم من كفاك. وینشد: ‏وكل أخ عند الهوينا ملاطف ولكنها الإخوان عند الشدائد ‏وقيل لبعض السلف: ما الذي يجب على الإخوان إذا اجتمعوا؟ قال التواصي بالحق والتواصي بالصبر. قال الله تعالى : «وَنَوَاصَوا بْحَق وَنَوَاصَوا بألصّب ر 4”°. ‏ومن حق الصاحب على الصاحب:- أن يحفظه من جميع ما يسوءه أو أراد ظلمه إذا قدر على ذلك ویواسیه بنفسه وماله. ویروی ان رجلا جاء إلى أبي هريرة وقال: إني أريد أن أواخيك. فقال: أتدري ما حق الإخاء؟ قال: لا. قال: لا تكن أحق بدينارك ودرهمك وثوبك ‏[/ب]/مني. قال: إن لم أيلغ هذه المنزلة؟ قال: فاذهب إذاً. ‏وكان يقول: لأن أعطي أخا في الله درهماً أحب إِليّ من أن أتصدق بعشرين ولأن أعطي أخاً في الله عشرين أحب إلي من أن أتصدق بمائق وهدية أهديها أخي في الله أحب إلي من أن أعتق رقبة وينشد لصالح بن عبد القدوس. ‏)۱( قال الحافظ العراقي في المغني: رواه الحاكم وابن حبان من حديث أنس وقال صحيح الإسناد. )۲( سوره العصر الاية : ۳ ‎ ‎ قنطرة الخلق ۳۹ شر الإخاء من كانت مودته مع الزمان إذا ما خاف أو رغب إذا وثرت أمرءاً فاحذر عداوته من يزرع الشوق لا يحصد به عنبا إن العدو وإن أبدى مسالمة إإذا رأى منك يوماً فرصة وثبا وينبغي أن يتوقى الإفراط في محبته فإن الإفراط داع إلى التقصير للأن تكون الحال بينهم باقية أولى من أن تكون متناهية . وقد روي عن أبي هريرة عن النبي يو أنه قال: «أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفاً. وينشد لأبي الأسود الدؤلى: وكن معدنا للخير واصفح عن الأذى فإنك راء ما عملت وسامع وأحبب إذا أحبيت حباً مقارياً فإنك لا تدري متى أنت نازع وأبفض إذا أبفضت غير مبائن فإنك لا تدري متى أنت راجع وتستوي حالتها في المغيب والمشهد. وهكذا يقصد التوسط في زيارته فإن تقليل/ الزيارة داعي إلى الهجران وكثرتها سيب [1/41۹9] الملل . وقد قال عليه السلام: «يا أبا هريرة زر غب تزدد حبا». وقال للبيد: توقف عن زيارته كل يوم إذاأكثرت ملك من تزور وقال آخر : إذا شثت أن تغلى فزر متواتراً وإذا شئت أن تزداد حباً فزر غباً وبحسب ذلك فلیکن عتابه لابه فإن كثرة العتاب سبب القطيعةء وإطراح جمیعه دليل على قلة الاكتراث بأمر الصديق وقد قال بعض الحكماء: لا تكثرن معاتبة إخوانك فيهون () قال الحافظ العراقي في المغني: رواه الترمذي من حديث أبي هريرة وقال غریب ۔ قلت آي الحافظ العراقي - رجاله ثقات رجال مسلم ولكن الراوي تردد في رفعه. ومن حق الإخوان أيضاً أن يغفر هفواتهم ويستر زلاتهم؛ لأن من رام بريثاً من الهفوات وقد قالت الحكماء: أي عالم لا يهفوء وصارم لا ينبوء وجواد لا يكبو. وقال بعض وقالوا: من حاول صديقاً يأمن من زلته كان كضال الطريق الذي لا يزداد لنفسه أتعاباً إل إزداد عن غايته بعداً. وقيل لخالد بن صفوان: أي إخوانك أحب إليك؟ قال: من غفر زلتيء وقطمع عللي › ويلغني أملي . وینشد لبشار بن برد: إذا كنتت في كل الأمور معاتبا صديقك لم يبق الذي لا تعاتبه فش واحد وصل أخاك فإنه مقارف ذنب مرة ومجانبه [/ب] ‏ وحكى الأصمعي عن بعض الأعراب أنه قال: تناس/ مساوىء الإخوان يدم لك وهم. وأوصى بعض الأدباء أخاً له فقال: كن للود حافظاً وإن لم تجد محافظاً وللخل واصلاً وإن لم تجد مواصلا . وعن أكتم بن ضيفي أنه قال: من تشد نفر» ومن تراخى تألف» والشرف في 'لتغافل . وعن شبيب بن شيبة أنه قال : الأديب العاقل هو الفطن المتغافل . ليس الغنى يسيد في قومه ولكن سيده قومه المتعالى ومن حقوق الأخ أيضاً عليه؛ أن ينصحه في أمر دينه ودنیاه› ويعلمه ما جهل من العلم الواجب عليه ويواسيه بنفسه وماله ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر» وإن رأى له زلة فليزجره عنها وليستتبه منها وليسترها عليه. وليحب له ما يحب لنفسه ومهما أساءء إليه أخوه فأعتذر إليه فليقبل عذره. وقد قال عليه السلام: «من إعتذر إليه أخوه فلم يقبل كان عليه مثل وزر صاحب مکس»٩. وینشد لابي العتاهية: (۱) قال الحافظ العراقي في المغني : رواه ابن ماجة وآبو داود في المراسيل من حديث جوادن واختلف في صحبته وجهله أبو حاتم وباقي رجاله ثقات ورواه الطبراني في الأوسط من حديث = قنطرة الخلق إن في صحة الإخاء من الناس وفي خلة الوفاء لعلة النقص وإلا لم تستقم لك خلة العذر وإن كنت لا تجاوز زلة غير آنا في المال أولاد علة وعن علي بن أبي طالب أنه قال: خيركم من وصل وأعان ونفع. وعن الحسن أنه قال: كان أحدهم يشق لأخيه إزاره بائنين . وسل أبي عمر ما حق المسلم على المسلم فقال: أن لا تشبع ويجوع وتلبس ولا يلبس. وينبغي أن لا يبيحث عن حفى أحوال الناس / فضلاً عن أخيه وقد قال : ما كدت أفحص عن أخى ثقة فصل وينبعي للعاقل أن يتألف العداء بإظهار التودد والمدارة وقد قال الله تعالى: وَقُولُوا لاس حسنا»”°. ۳۱ [Î ‏[٤٤/‎ وعن النبي يٍَ أنه قال: «رأس العقل بعد اللإيمان بالله التودد إلى الناس وأمرت بمدارة وقد قال بعض البلغاء: من استصلح عدوه زاد في عدده ومن استفسد صديقه نقص من عدده. والتودد والمدارة من سمات الفضل وشروط السؤدد فإنه ليس أحد يعدم عدواً ولا يفقد حاسداء وبحسب وفور النعمة تكثر الأعداء والحسدةء فمن أغفل تألف الأعداء مع وفور النعمة وظهور الحسد توالى عليه من مكر حليمهم وبارده سفيههم ما تصير به النعمة غراماً عليه . وقال بعض الأدباء: العجب ممن يطرح عاقلا كافياً لما يظهر من عداوته ويصطنع عاجزاً جاهلاً لما يظهره من محبته وهو يقدر على استصلاح من یعادیه بحسن صنائعه وأیادیه . وینشد للتتوخي : الق العدو بوجه لا قطوب به فأحزم الناس من يلقى أعاديه = جابر بسند ضعيف . (١) سورة البقرة: الآية ۸۳. يكاد يقطر من ماء البشاشات في جسم حاقد وٿوب من مودات ۳۲ [ ٢٤٤ /ب] الرفق يمن وخير القول أصدقه وللشافعي فيما قيل : وأظهر الشر للإنسان أبغضه الناس دأء وداء التاس فربهم قنطرة الخلق وكثرة المزح مفتاح العصداوات أرحت نفسي من هم العداوات لادفع الشر عني بالتحيات كأنما قد حشا قلبي مودات وفي اعتزالهم قطع المودات وقال بعض الحكماء: من علامات الإقبال إصطناع الرجل. وروي أن حكيماً سمع رجلا يذم الزمان وأهله وأنه فسد الزمان ولم يبق أحد يصحب فقال له: يا هذا أنت طلبت صاحباً تؤذيه فلا ينتصر وتنال منه ولا يتتصف وتأكل رحله ولا يزوؤك بشيء وتجفو عليه ويحلم فلم تنصف في الطلب» فمن ذلك لم تجد حاجتك»› ولكن وهذا كما قال بعض المشايخ: إن أردت أن تصطحب مع أهل زمانك فاجعل قبيحهم إحساناً واعوجاجهم استقامة وإن ظلموك فثب لهم كما قيل : إذا مرضنا أتيناكم نعودكموا وتذنبون فتأتيكم فتعتنر وهذا من أخلاق الصديقين وأنبياء الله المرسلين والذي يعامل هذه المعاملة هو الذي جعله المأمون من داء الإخوان لا من أدوائهم» ومن سمهم لا من غذائهم . وقد قال بعض الحكماء : أشر ما في الكريم أن يمنعك خيره وخير ما في اللئيم أن يكف عنك شر غير أن فساد الزمان وتغير أهله یوجب شکر من کان شره مقطوعاً وإن کان خیره ممنوعاً كما قال المتنبى : وقد روي عن المغيرة بن شعية أنه قال : التارك للإخوان متروك. ومن كان كذلك فهو [ ٤٤ /ب] كالصورة الممثلة يروعك حسنها ويخونك / نفعها. وفي مثله قال بعض الحكماء : إذا كان لك أخ لا تفع به فصور مثاله في الحائط وأظن أنه قال : فهو زين في العين وأخف في الحائط . وينشد لابن الرومى : قنطرة الخلق ۳۳ غثرنا النخل في إبداء شوكه ترد به الأنامل عن جنا فما للعوسج المذموم أبدى لتناشوكآبلائمرنراها وأما الفرق بين المداراة والمداهنة . فالمداراة: مأمور بها لدفع شر الأشرار وتألفهم لجر المنافع وكفاية العار وطلب الثار . كما قيل عن أبي عبيدة مسلماً رحمه الله: لا تكرهوا غوغاكم فإنها مسدة لمياهكم ومطفية لنیراكم . وعن عمرو بن العاص أنه قال: أكرموا سفهاءكم فانهم يكفونكم العار والنار. وقيل لا يستقيم هذا الدين إلا بالفقهاء والسفهاء والسيوف. فالمداراة معناها مخالفة الناس على أخلاقهم على وجه يسلم لك دينك . وقد روي عن بعض الأنبياء عليهم السلام أنه قال: يا رب دلني على عمل يحبني به الناس وأسلم فيما بيني وبينك. قال: خالق الناس على أخلاقهم فاهل الدنيا بأخلاق الدنيا وأهل الأخرة بأخلاق الآخرة. فإذا سقمت المداراة صارت مداهنة والمداهنة معناها مداراة الناس على وجه يذهب فيه دينك كما قال تعالى : لوَكُوا لو يده فَيْدهِنُون€”°. ويقال سبب نزول هذه الآية أن قريشاً قالوا: يا محمد أعبد آلهتنا سنة نؤمن بك فابىء فقالوا: فشهراً فأبى» فقالوا: فيوماء فأبى فقالوا: فساعة فأبى. قالوا فاستلمها بيدك نؤمن بك فتوقف عليه السلام وطمع إن فعل أن يؤمنوا فتزلت الآية وقيل له: «لولا أن تياك لقَد يذت ركن إِلْهمْ شيا قَليل”. الخ الآية / وهذا اختلط على أكثر الناس فداهنوا وهم يحسبون أنهم [£ 7٤/1] يدارون. وقال الإمام الخضري : لم يرض أولنا قدما مداهنة وفي دينهم وكذا لم یرضی آخرنا فليس الإنسان وإن كان مأمور بتآلف الأعداء ومداراتهم فلا ينبغي أن يكون إليهم راكناء ولا بهم واثقاًء بل يكون منهم على حذرء ومن مكرهم على تحرزء فإن العداوة إذا إستحكمت في الطباع صارت طبعاً لا تستحيل ولا تزول» فإنما يستدفع بالتالف إظهارهاء كالنار يستدفع بالماء إحراقها ويستفاد به إنضاجها وإن كانت محرقة بطبع لا يزول ولا يتغير وقد قال بعض الشعراء : (١) سورة القلم: الآية ۹. () سورة الإسراء: الأية ٤۷.٠ ۳ [٤٥٤٤/ب] وإذا عجرت عن العدو فدار 0 غيره : إذا بط العصدو إليك كفا فقبلها وعد لهاالليالي قنطرة الخلق وامزح له إن المزاح وفاق ولم تستطع لها دفعا ومنعا اعلم أن الأخ الصديق الناصح الشفيق هو الذي يعينك على التقوى ويميط عنك الأذىء ويواسيك في الشدة والرخاء› ويهدي لك عيوبك ويقومك عند اعوجاجك ويحفظك حا وميتاء وينتصر لك في مغيبك شفقة لك وحمية كما وصفه الشافعي فيما قيل : حب من الإخوان كل مواتي تصفحت إخوانى فكان آقلھے وكل غضيض الطرف عن عثرات آقاسمه ما لي من ن الحسنات على كثرة الإخوان أهل ثقات / وحقوق الاخوان أك من يأتي عليها كتابي هذا وفيما ذكرنا كفاية والله المستعان الباب السابع في حق المروءة والبر وإسداء المعروف والخير وهو من أسباب الألفة واجتماع القلوب على المحبة ولذلك ندب الله عز وجل إليه وقرنه بالتقوى» وقال: «وَنَعَاونُوا عَلى الب وَافَفْوَى€”°. لأن في التقوى رضى اللهء وفي البر والمواساة رضى الناس فمن جمع بين رضى الله ورضی الناس فقد كملت سعادته. ونعني بالمروءة والبر: صرف المال إلى الأغنياء والأشراف في ضيافة وهدية وإعانة» لأن بذلك يكسب العبد الإخوا ان والأصدقاء ويلتحق بزمرة الأسخياء الذين هم سادات الناس في الدنيا فلا يوصف بالجود إلا من ي يصنع المعروف ويسلك سبيل المروءة. (١) سورة المائدة: الآية ٢. فنطرة الخلق ٥۳ أحسن إليها وبغخض من أساء إليها». وحكي أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام أن ذكر عبادي إحساني إليهم فإن عبادي لا يحبون إلا من أحسن إليهم . وفي الحديث : «الناس كلهم عيال الله فأحبهم إليه أنفعهم لعياله». ونظمه بعضهم فقال : الناس كلهم عيال الله تحت ظلاله فاحبهم طرا إليه أنفعهم لعياله وهذا الباب ينحصر في فصلين : أحدهما: في المروءة والبر. والثاني : في إسداء المعروف وحق الضيف وابن السبيل وإغاثة / الملهوف. ]4/ ‎[N‏ الفصل الأول: في واجب المروءة والبر اعلم أن الواجب بالمروءة هو المسامحة وترك المضايقة في المحقرات والاستقصاء في المعاملات. وقد سئل رسول الله يِل فقيل له: أي الأعمال أفضل؟ فقال: «السماحة والصبر» . وعنه يلأ أنه قال: «المؤمن سمح إذا باع سمح إذا اشتری وعنه يَأ أنه قال: «كل معروف صدقة وكل ما أنفق الرجل على نفسه وأهله کتب له صدقة وما وقى المرء به عرضه فهو له صدقة وما أنفق الرجل من نفقة فعلى الله خلفها والدال على الخير كفاعله والله يحب إغاثة اللهفان»”. () قال الحافظ العراقي في المغني: رواه أبو يعلى وابن حبان في الضعفاء بلفظ «سثل عن الإيمان». وفيه يوسف بن محمد بن المنكدر ضعفه في الجمهور ورواء أحمد من حديث عائشة وعمرو بن عنبسة بلفظ «ما الإيمان قال الصبر والسماحة» وفيه شهر بن حوسب وروا البيهقي في الزهد بلفظ «أي الأعمال أفضل قال الصبر والسماحة وحسن الخْلق؟» وإسناده صحيح. (۲) هذا الحديث نص حديثين وردا ف في المغني وقال فيهم الحافظ العراقي في الشطر الأول: روا ابن عدي والدارقطني - في المستجاد - والخرائطي والبيهقي أ في الشعب من حديث جابر وفيه عبد الحميد بن الحسن الهلالي وثقة ابن معين وضعه الجمهور والجملة الأرلى مته عند البخاري من حديث جابر وعند مسلم من حديث حذيفة. أما الشطر الثاني. قال فيه: رواه الدارقطني في المستجاد- من رواية الحجاح بن ن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده والحجاح ضعيف وقد جاء مفرقا وقد جاء متفرقاً فالجملة الأولى تقدمت قبله والجملة الثانية تقدمت في العلم من حديث أنس وغيره والجملة: الثالثة رواها أبو يعلى من حديث أنس أيضاً وفيها زياد النميري ضعيف. ۳۹ قنطرة الخلق وعنه عليه السلام أنه قال : إن بدلاء أمتي لم يدخلوا الجنة بصلاة ولا صیام ولکن دخلوها بسخاء الأنفس وسلامة الصدور والتصح للمسلمين»”. وروي أن معاوية سأل الحسن بن علي عن المروءة والنجدة والكرم؟ فْقال : أما المروءة: فحفظ الرجل دینهء وحرزه نفسه وحسن قیامه بصنیعه › وحسن المنازعة والاأقدام في الكراهية . وأما النجدة: فالذب عن الجار والصبر في المواطن» وأما الكرم: فالتبرع بالمعروف قبل السؤال والإنعام في الجدب والرآفة بالسائل مع بذل النائل . قال بعض الشعراء : وفتىی خلامن ماله من المروءة غير خال أعطاك قبل سوؤاله وكف ك مكروه الس ؤال [ ٧٢٤ /ب] / ويقال المروءة ست خصال : ثلانه في السفر وهي › بذل الزافى وحسن الخلق› ومداعبة الرفيق . وثلائة في الحضر : وهي ؟ تلاوة القرآن› ولزوم المساجدء وعفاف الفرج . وعن حذيفة رضي الله عنه قال: رب فاجر في دينه أخرق في معيشته يدخل الجنة بسماحته . وقال بعض علماء السلف: البخل هو إمساك المال عن العرض الذي هو أهم من حفظ المالء وصيانة الدين أهم من حفظ المالء فمانع الزكاة والنفقة بخيل قال: وصيانة المروءة أهم من حفظ المال قال: المضايق في الدقائق مع من لا تحسن المضايقة معهء هاتك ستر المروءة وآما البر وإسداء المعروف: فيبعث عليهما سماحة النفس وسخاءها للمألوف وهي في ذلك قسمان : أحدهما: صلة بالحقوق الواجبة في أموال المثرين من الزكاة والكفاراتء وأصناف النفقاتء وغير ذلك من حقوق المساكين وابن السبيل وغيرهم؛ من تنجية المضطرين بالجوع () قال الحافظ العراقي في المغني: رواه الدارقطني في المستجاد وأبو بكر بن لال في مكارم الأخلاق من حديث أنس وفيه محمد ين عبد العزيز المبارك الدينوري أورد ابن عدي له مناكير. وفي الميزان أنه ضعيف منکر الحديث؛ ورواه الخرائطي في مکارم من حدیثٹ آي سعيد نحوه وفيه صالح المري متکلم فيه . فنطرة الخلق ۷٦۳ فأما القول: فهو طيب الكلام وحسن البشر والتودد بجميل القولء وهذا يبعث عليه حسن الخلق ورقه الطبعء وينبغى أن يكون محمود فإنه إن أسرف فيه كان مقلداً مذمومء وإن اقتصد فيه كان معروفاً وبراً محموداً. وعن ابن عباس رضى الله عنه فى قوله تعالى : لوَالْباِياتُ ألصَالِحَات4”°. الآية. إنها الكلام الطيب . وعن سعيد بن جبیر: أنها الصلوات الخمس. ويقال: أدب الله رسوله بخمس؛ لين الجانب مع الأجانب؛› وحسن / الخلق مع الخلق› والمشاورة عند المحاورة› والاستغفار [٨٤٤/1] لذوي الاستكثار والعفو في العمد والسهو وجمعهن في قوله تعالى: «فيمَا رَحُمَةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظاغليظ ألقلب لانفضّوا من حَولِك فاعفُ عَنهُمُ وأسَغْفِر لهم وَشَاورهُم في الأشرك). وقال بعض الشعراء : بتى إن الخير شيء هين وجه طليق وكلام لين وقيل للعتابي إنك تلقى العامة ببشر وتقريب فقال: دفع ضغينة بأيسر مؤنة وإكتساب إخوان بأهون مبذول. وقيل في منثور الحكم : من قل حیاؤه قل أحباؤه. وأنشد لعضهم : وكل من يمتعني بشرة فقل ماينعفني ماله وأما العمل : فهو بذل الجاه والإسعاد بالنفس والمعونة في النائبات وهذا يبعث عليه حب الخير للناس» وإيثار الصلاح لهم وليس في هذه الأمور سرف لأنها وإن كثرت فهي أفعال خير تعود بنمعين : نفع على فاعلها: من إكتساب الأجر وجميل الذكرء ونفع على المعان بها في التخفيف عنه والمساعدة له . () سورة الكهف الأية: ١4 . (۲) سورة آل عمران الاية: ١١۱. ۳۸ قنطرة الخلق وقد روي عن النبي يَأ أنه قال: «كل معروف صدقةا. وعنه أيضاً أنه قال: «المعروف كاسمه وأول من يدخل الجنة يوم القيامة المعروف وأهله)». وعن عيسى عليه السلام أنه قال: كل معروف عملته في غني أو فقير فهو صدقة والدال على الخير كفاعله والله يحب إغاثة الملهوف. وعن عيسى عليه السلام أنه قال: استثكروا من شيء لا تأكله التار قيل: وما هو؟ قال [/ب)] ‏ وعنه عليه السلام / أنه قال: «أصنم المعروف إلى من هو أهله وإلى من هو ليس بأهله فإن أصبت أهله وإلاً فأنت أهلهه°. وعنه عليه السلام أنه قال : "إن الله عز وجل جعل للمعروف وجوها من خلقه حبب إليهم المعروف وفعالهء ووجه طلاب المعروف إليهمء ويسر عليهم إعطائه كما يسير الغيث إلى البلدة الجدبة فيحيها ويحي بها أهلهاء»”" والله أعلم. الباب الثامن في الإفضال الواجب في الأموال قال الله سبحانه : لوَلكن ابر مَنْ امن بالله وألْيُوم الأخر € . إلى قوله : طواتى ألمال عل حف يي ا:ولساي اميل وانوي او ب4 الاية*. وأما اليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلونء فسنشير إلى لمع من حقوقهم إن شاء ن الله . )۱( ذكره بمعناه الحافظ العراقي في المغني وقال: رواه الدارقطني في المستجاد من جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرسلا . (۲) قال الحافظ العراقي في المعنى: روا الدارقطني في - المستجاد- من رواية أبي هرون العبد عنه وأبو هرون ضعيف ورواه الحاكم من حديث علي وصححه. (۳) سورة البقرة الاية: ۷ . () سورة البقرة الآية: ۱۷۷. قنطرة الخلق ۹٦۳ وأما اليتامى: فهم ضعفاء الله في أرضه وقد أمر الله العباد باللإحسان إليهم وأوجب لهم حقوقاً وأنفذ الوعيد الشديد في أكله أموالهم فقال: « إن ألَذينَ يَأكُلُونَ أَموَالَ أليَعَامَى طُلماً 4 . وقد روي عن النبي يله أنه قال: «من ربی یتیما من آبوین مسلمین حتی یستغنی فقد وجبت له الجنة»". وعنه أيضاً أنه قال: «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة وأشار بالسبابة والوسطى». وقال : امن وضع يده على رأس يتيم ترحماً كانت له بكل شعرة تمر عليها يده . وقال عليه السلام: «خير بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه وشر بيت من المسلمين بيت فيه يتيم / يساء إليه»“. ۳۰0٤/1[ فصل وحقوق اليتامى واجبة على كافة المسلمين في جميع مصالحهم إن لم يكن لهم الأولياء والأوصياى فعلى حاكم المسلمين القيام بهم وإن لم يكن فجماعة المسلمين» وليستخلفوا لهم أميناً ثقة يقوم بصالحهم» كما يقوم به لنفسهء وإن قام بهم أحد من غير أن يكون لهم خليفة فقد أجزأً عن الناس. سجد أيضاء وكذلك الغياب وجب أيضاً على الناس حفظ أموالهم بالخلائف يعملون فيها كل ما يصلح لهم حتى يقدموا عليها أو يموتوا فتصلح لورثتهم . وقد رخص الله تعالى للأوصياء فى مخالفة اليتامى فقال: «وَيسالُونَك عَن أليعَامى مل إصلاّع لَيُم حي" الآية. وإن لم يكن لليتيم مال ولا يقدر على الاكتساب فعلى المسلمين القيام به من أموالهم» ولا يترك للضيعةء وكذا الفقير والمسكين والمنبوذء وإن تركوهم حتى (١) سورة النساء الآية: ١٠ (۲) قال الحافظ العراقي في المغني: رواء أحمد والطبراني من حديث مالك بن عمر وفيه علي بن زيد بن جدعان متکلم فيه . (۳) قال الحافظ العراقي في المغني: رواه البخاري من حديث سهل بن سعد وسلم من حديث آبي هريرة ۔ ولم يقولا بالسباية والوسطى - وقالا باصبعيه . () قال الحافظ العراقي في المغني : رواه أحمد والطبراني من حديث أي أمامة بإسناد ضعيف دون قوله «ترحماً؛ ولابن حبان في الضعفاء من حدیث ابن آبي أوفی «من مسح يده على راس يتم رحمة له٤. )0( قال الحافظ العراقي في المغني: رواه ابن ماجة من حديث أبي هريرة وفیه ضعف. (1) سورة البقرة الآية: ٢٠۲. سورة البقرة الاي قناطر الخيرات ج/۲ م/ ٢٤۲ ۳۷۰ قنطرة الخلق ماتوا جوعاً وهم يقدرون على تنجيتهم فقد هلكوا والله أعلم وأما الساكين فقد أوجب الله لهم الحقوق أيضاً وقال: وات ذا الفَريي حَف والمسكين. .4 . وذم من لم يحض على طعام المسكين ولا يكرم اليتيم فقال: بل لا بكرمُون اليم ولا تحضو عَلَىْ طَعَام المسكين»”. ثم أخبر عن أهل النار حين سئلوا: لما سَلَكُمْ في سَقَرَ الوا َم تك من المُصَلين وَلَمْ َك نمه المشكينة. . .4 الآبة. وقد روي عن النبي يي أنه كان يقول: «اللهبً أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً احشرني في زمرة المساكين». [/ب] ‏ وكان سليمان عليه السلام/ / مع ماآتاه الله من الملك إذا دخل المسجد فنظر إلى مسکین فجلس إلیه فقال: مسکین جلس إلى مسکین . وقيل: ما من كلمة كانت تقال لعيسى عليه السلام أحب إليه من أن يقال له: يا مسكين . وعن كعب الأحبار أنه قال: ما في القرآن من يا أيها الذين آمنوا فهو في التوراة: يا أيها المسكين. وعن الفضيل أنه قال: بلغني أن نبياً من الأنبياء قال: يا رب كيف لي أن أعلم علامة رضاك عني؟ قال: علامة ذلك أن تنظر كيف رضي المساكين عنك. وينشد: لا تعد عيناك مسكينا تلاقيه قإنماهي أقسام وأرزاق وكم محب له يرجو شفاعته وللمساكين يوم الحشر أسواق وجملة حقوق المساكين: أن لا يتكبر الإنسان عليهم من أجل فقرهمء وأن يعطيهم الحقوق التى أوجبها القرآن لهم من الزكاة والكفاراتء وخمس الغنيمةء وواجب الصدقات وأن يعطف عليهم؛ وينظر إليهم بعين الرحمةء وأن لا يتركهم يموتوا جوعاً أو عطشاً وهو قادر على إنجائهم؛ من ذلك ويوفيهم جميع حقوق أهل القبلةء وإن كانوا أهل ولاية فلهم أهلها من المودة والاستغفار والله أعلم. وآما ابن السبيل: فله أيضاً حق على من إجتاز إليه وهذا إذا أخرج عن الأميالء وأنقطع عن أهله ومالهء ولم يجد من يسلف له ولا يبيع له. وأما من يتردد في البلدان متفرجاً من كرب (١) سورة الإسراء الآية: ٢۲. )۲( سورة الفجر الأيتان ۷ ۱۸ . (۳) سورة المدثر الآية: ۳٤ . () قال الحافظ ر في المغني: رواه الترمذي من حديث أنس وابن ماجة والحاكم وصحح إسناده من قنطرة الخلق ۳۷۱ البطالة وليست له حاجة هو قاصد إليها فلا حق له في الضيافة. وأما حق الضيف: فهو واجب على من نزل به لقول النبي عليه السلام: «من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه»". جائزته يوماً / وليلة. والضيافة نلا نه يام وما وراء ذلك صدفة ولا يحل له أن يثوي عنده [٤٤٤/]] حتى يخرجه. وقال: «لا خير فیمن لا يضیف»"". ويقال: الأضياف ثلاثةء ضيف يسير في طلب العلمء وضيف يسير زيارة من ينبغي له آن يزوره من أخ في الله أو رحمء وضيف صاحب حاجة أدركه الليل قبل الوصول إليهاء فهؤلاء واشباههم أضياف تجب على الناس ضيافتهم كافة إذا لم يكن طعام والله أعلم . وقد ذكرت جملة من حقوق الضيف وغيره في كتابنا المسمى بقواعد الإأسلام فلا نطيل الكلام بإعادتها هنا والله أعلم. فصل وأما السائلون فقد أوجب الله تعالى حقهم فقال: واتى أَلمَالَ عَلَىْ حُبّه. إلى قوله: والسًائلر»”. وذلك إذا دعتهم الضرورة إلى السؤال وإلا فعز المؤمن تجعله في فاقته واستغناء بربه عن خلقهء وقد أثتى الله على قوم فقال: «يَحْسَبهم اَلجَاهِل أعيَاءَ ن الَعَعّف€"". إلى قوله: إلحانا 4 . وعن النبي عليه السلام أنه قال : (عز المؤمن استغناءه عن الناس» . وقال: «إن الله يحب الفقير المتعفف أبا العيال. وقال أيضاً: «سلوا الله من فضله وأفضل العبادة انتظار الفرج فإن الله يحب أن يسئل من فضله'. ويقال: كثرة طلب الحوائج إلى الناس تميت القلب وتورث الذل وتذهب بنور الوجه. (١) قال الحافظ العراقى في المغني: متفق عليه من حديث أبي سريح. () قال الحافظ العراقى فى المغني: رواء أحمد من حديث عقبة ابن عامر وفيه ابن لهيعة. (۳) سورة البقرة الآية: 0.6۷¥ ` (8) سورة البقرة الآية: ۲۷۳. (٥) قال الحافظ العراق في المغني: رواه ابن ماجة من حديث عمران بن حصين بسند ضعيف. ‎۳V۲‏ قتطرة الخلق ‏وعن عبد الله بن سلام أنه قال: قلت لكعب الأحبار ما الذي يذهب العلوم من قلوب ‏العلماء يعد إذ وعوه وعقلوه؟ قال : الطمع وشره النفس وطلب الحوائج . فقيل للفضيل : فسر 0 /بالي قولة /كعب» قال: يطمع الرجل في الشيء فيطلبه فيذهب عليه دينه» والشره تشره النفس ‏فى هذا وفي هذا حتى لا تحب أن يفوتها شيءء فتكون لك إلى هذا حاجةء وإلى هذا حاجةء فإذا قضاها لك خزم أنفك وقادك حيث شاء واستمكن منك وخضعت له فمن حبك للدنيا سلمت عليه إذا مررت به وعدته إذا مرض» لم تسلم عليه ل ولم تعده لله فلو لم يکن لك إلیه حاجة لكان خيراً لك ثم قال له: هذا خير لك من مائة حديث عن فلان وفلان. ‏وعن علي بن أبي طالب أو غیره أنه قال : استغن عمن شئت فانت نظیره فاحتج إلى من شئثت فأنت أسیره فأحسن إلى من شئت فأنت أميره . ويقال : اترك الطمع يتركك الفقر واحمل نفسك على مالك يحملك وانزع الطمع من قلبك يحل القيد من رجلك. ‏ويقال: من طمع في مال غيره نزعت البركة من ماله . ‏ويقال: من طمع في سؤال الناس عز عليهم . ‏وعن النبي يِل أنه قال: «اليد العليا خير من اليد السفلى». ‏وعنه عليه السلام أنه قال: «لا تلحوا في المسألة فإنه لا يسألني إنسان فيخرج له في السؤال شيء وأنا كاره إلا لم يبارك له فيه». ‏وعنه عليه السلام أنه قال: «لأن يأخذ أحدكم حبلا فيأتي به رأس جبل فيحتطب ثم يحمله فيبيعه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو لم يعطواا. ‏وروي عنه عليه السلام: أن رجلا أتاه فقال له ٠ إن بني فلان أغاروا علي فذهبوا بإبلي ‏[٤/ب] وابني فقال عليه السلام: «إن آل محمد لكذا وكذا آهل بیت ما عندهم مد». / أو قال: «صاع ‏من طعام فاسأل الله». فرجع الرجل إلى امرآته» فقالت: ما قال لك؟ فأخبرها فقالت له: نعم ما ردك إليهء فما لبث أن رد الله عليه إبله وابنه فأتى النبى يل فأخبره فصعد المنبر فحمد الله وأنثى عليه فأمر الناس بمسألة الله والرغبة إليه وقرا: «وَمَنْ يق الله يَجعَل له مخرجا وَيَرَرَقهُ من حَيثُ لأ يَحتَب»٩. ‏(١) سورة الطلاق الأيتان: ١٠ ۳۴. ‎ ‎ فنطرة الخلق ‎۳V۳‏ ‏بطني حجراً من الجوع فقالت لي امراتي: لو آتيت النبي يَلةٍ فتسأله فقد سأله فلان فأعطاه فأتيته كي ألتمس شيثاً فذهبت أطلب فأنتهيت إلى النبي يل وهو يخطب ويقول في خطبته: «من يتسعفف يعففه الله ومن يستغن يغنه الله ومن سألنا فوجدناه أعطيناهء وواسیناه ومن استغنی عنا واستعفف فهو أحب إلينا ممن يسألنا». قال فرجعت وما سألته شيثاً فرزقنا الله حتى لا أعلم أهل بيت من الأنصار أكثر أموالاً منا. فيما يروى عن لقمان الحكيم أنه قال لابنه: يا بني إِذا افتقرت فافزع إلى ريك وحده فادعه وتضرع إليه واسأله من فضله وخزائنه فإنه لا يملكها غيره فلا تسأل الناس فتهون عليهم ولا يسدوا إليك شيئا. وينشد لمحمود الوراق : اطلب إلى ملك الملوك ولا تكن يا ذا الضراعة طالبا من طالب وروي عن عطاء السلمي أنه قال: قال لي طاوس / اليماني يا عطاء لا تنزلن حاجتك بمن [٥٤٤/]] غلق دونك بابه» وجعل عليه حجابه» ولكن أنزلها إلى من بابه مفتوح إلى يوم القيامة أمر عباده لا تضرعن لمخلوق على طمع فإن ذلك وهن منك في الدين واسترزق الله مما في خزائنه فإنما الرزق بين الكاف والنون ويقال: لو علم السائل ما عليه لجعل الحجر في فمهء حتى لا يسئل» وروي أن أعرابياً بعضادتي الحجرة فأقبل على الناس بوجهه قال : «والذي نفسي بيده لو تعلمون من المسألة ما أعلم ما سأل رجل رجلا وهو يجد ليلة تبيته». ثم أمر له بطعام: ويقال المسألة على ثلاثة أوجه؛ مسألة محرمةء ومسألة مباحةء ومسألة مكروهة. قأما المسألة المحرمة: فهي مسألة من أظهر على نفسه الفقر وليس بفقيراًء وأظهر على نفسه معنى معلوماء وهو لم يرده مثل الحج والنكاح› أو انتسب إلى قوم ولیس منهمء وما أشبه ذلك لأن هذا من باب أكل أموال الناس بالخداع والاحتيال وقد قال عليه السلام: «المكر والخديعة في النار». وأما المسألة المباحة: فهو مسألة من لا يجد عنا يغعنه وذلك غحداءه وعشاءه وفي ٤۳۷ قنطرة الخلق الحديث عنه عليه السلام أنه قال: «من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جهنم» قالوا يا رسول الله وما يغنيه؟ قال: «ما يغديه ویعشیه). وعنه عليه السلام أنه قال: «من سأل ومعه أوقية فقد سأل الناس إلحافا» والأوقية : أربعون درهماً. وعنه عليه السلام أنه قال: «لا تحل المسألة إلا لثلاث غرم مفضع أو فقر مدقع أو دم موجما. وروى قبيصة بن مخارق أنه قال: تحملت بحمالة فأتيت النبى يليه أسأله فيها فقال: «نؤديها عنك إذا جاءت إبل الصدقة يا قبيصة إن المسألة حرمت على إلا فى ثلاث رجل تحمل بحمالة فالمسألة حلال حتى يؤديها ثم يمسك؛ ورجل أصابته جائحة حتی جاحت ماله يسئل حتى يصيب قوام العيش ثم يمسك ورجل أصابته حاجة أو فاقة حتى شهد له ثلاثة من آهل الحجا من قومه ويسألهم حتى يصيب قواماً من عيش ثم يمسك» وما سوی ذلك فهو سحت؟. وأما المكروهة: فهي مسألة من له أوقية كما تقدم. وروي عن النبي يِل أنه قال: «من سأل على ظهر غني جاءت مسألته يوم القيامة خدوشاً أو خموشاً أو كدوحاً في وجهه». قيل وما حد الغنا؟ قال: «خمسون درهماً أو عدلها فضة». أو قال: «ذهبا» ويقال: «لن تزال المسألة بالعبد حتى يوم القيامة وليس في وجهه مدغة لحم). فصل والذي ينبغي للمسلم والأليق به التعفف عن السؤال وصيانة النفس والتجمل يحسن الحال ويكون كما قال الشاعر حيث يقول: وقد يكتسي المرء حر الثياب ومن دونها حالة مُضنئشه كما يكتسي وجهه حمرة وعلتهاورم في الرئة ]1/4۳۷[ / ويقال من فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه سبعين باباً من الفقر ولا ينبغي أن يتدنس بمطالب الشوم ومطالع اللوم ويتضرع للأرذال ويتذلل للأندال . وقد يقال في التوراة من تضعضع لغني لينال ما في يده أحبط الله ثلثي دينهء وأما إِذا كان السؤال لضرورة نازلة وفاقة حالة فلا حرج عليه في السؤال ولا لوم وقد قال بعض الحكماء : الضرورة توقع الصورة وينشد للكميت : فنطرة الخلق ‎۳۷o‏ إذا لم يكن إلا الأسنة مركب فلا أرى للمضطر إلا ركوبها ويحكى عن بعض الماضيين أنه قال: خرجنا حجاجاً فلما ضربنا ببعض المناهل غشينا فقراء البادية من كل جانب وجعلت جارية منهم تتخطى الرقاب وتسأل بلسان أعذب من الماء وأرق من الهون قال: فقمت إليها فنظرت إلى وجه بملا العيون حسناً فتعوذت بالله من الشيطان الرجيم. فلما وقفت على رحلنا قلت لها: يا جارية أيحل لك أظهار هذا الوجه في مثل هذا الموقف؟ فلطمت وجهها لطماً رفيقاً وقالت: فد صنته وحجبته حتى إذا لم يبق لي طمع ومات الهيشم أبرزته من خدره مقهورة والله يشهد لي بذاك ويعلم كشف الزمان قناعه في بلدة قل الصديق بها وعز الدرهم ويز ذاك علي إلا أنه زمن يجور كما تراه ويظلم قال: فقلت لها: من أنت؟ قالت: بنت الهيثم الشيباني توفي وبقيت في حال الله به عليم. قاله: فأعطيتها بعض ما كان عندي من النفقة. ويقال: لو علم المسؤول ما عليه لأعطى حتى لا يمسك شيئا. وينبغي للسائل المضطر أن يتخير/ من المسؤولين من يرجو عنده نجح حاجته وإدراك [۳۸٤/ب] بغيتهء وفي الحديث: «اطلبو الحوائج إلى حسان الوجوه'. وقيل للحسن وهو من نقلة هذ الحديث يعني صباح الوجوه فقال : إنما يعني البشر والتهلل في الوجوه عند قضاء الحوائج. ويروى أن سائلاً سأل مالك بن دينار فقال: يا أبا يحيى تصدق بشيء علي فدخل مالك يته فلم يجد إلا شيئاً من التمر فناوله إياء. فقال: يا أبا يحيى رضي الله عنك وأعتقك من النار. فقال: إِليّ تقول؟ فقال: أنتم. فدخل بيته فلم يجد إلا قطيفة كان يلبسها في الشتاء ويفترشها فى الصيف فناوله إياها. فقال له: يا أبا يحيى رضى عنك وأعتقك من التار. فقال: إلي تقول هذا؟ فال : نعم. فتزع عمامته من على رأسه فتاوله إياها فقال السائل : يا أبا يحیی رضي الله عنك وأعتقك من النار. فقال: يا هذا لم يبق معي شيء فخذ بيدي وأدخلني السوق فبعني بأي ثمن شئت. فانصرف السائل عنه. وعن عيسى عليه السلام أنه قال: من رد سائلاً لم تغش الملائكة بيته سبعة أيام. وروي أن رسول الله ي يناول المسكين بيده. ويقال: «إن لله وجوهاً في خلقه ۳۷ قنطرة الخلق أختصمهم بالنعم لمنافع العباد فإذا منعوها حولها إلى غيرهم»". فينبغي لمن وقف عليه الساثل أن يعطيه من خير ما عنده. وذكر أن رجلا بالبصرة رأسه في حجر امرأته تطعمه التمر والزبد إإذ وقف عليه سائل بالباب: فقال: السلام عليكم يا أهل الدار أطعموني مما تأكلون. قال: فقامت المرأة لتعطيه [4۹/]] التمر والزبد فانتهرها. فقال لها: أعطه كسرة يابسة ففعلت فلما أن / مضى السائل شرق زوجها بالتمر والزبد فمات فأقامت المرأة ما شاء الله فتزوجت فبينما هي مع زوجها تطعمه التمر الزبد كفعلها مع زوجها الأول إذ وقف سائل بالباب. فقال: السلام عليكم يا أهل الدار أطعموني مما تأكلون. فقامت المرأة لتعطيه كسرة. فقال: أعطه تمراً وزبداً. فضحكت المرأة. فقال لها: ما يضحكك؟ فقالت له: ترى هذا المال الذي تنعمت فيه أنت؟ قال: نعم. قالت: كان صاحبه زوجي كما كنت وأخبرته الخبر. فقال: ذلك زوجك؟ قالت: نعم. قال: أنا والله ذلك السائل الحمد لله الذي أورثني ماله وأسکنني داره وأوطأني زروجته؛ ثم قام مبادراً إلى السائل فقال : أدخل يا هذا فوالله لأشاطرنك ما أنعم الله به علي. فقال له السائل: لست من سؤال الدنيا وأنا ملك من الملائكة بعثني الله إليك ليختبر شكرك الحمد لله الذي جعلك لنعمته شاكراً ولفضله ذاکر ثم غاب عنه. وينبفي للسائل أن لا يصرح بالسؤال ما وجد عنه مندوحةء لأن في التعريض صيانة من ذل الطلب» كالذي حكي أن رجلا ساير بعض الولاة فقال: ما أهزل بردوتك فقال: يده مع أيدينا فوصفه اكتفاء بهذا التعريض الذي بلغ ما لا يبلغه صريح السؤال. وفي كتاب الأدب قال: وحكي أن عبيد الله بن سليمان لما تقلد وزارة المعتضد كتب إليه عبيد الله بن عبد الله بن طاهر يقول: أيا دهرنا أسعفنا في نفوسنا وأسعفنا فيمن نحصب ونكرم 1/47 / فقال عبيد الله: ما أحسن ما شکی أمره بين أضعاف مرحه وقضی حاجته . ويروى أن أعرابباً قدم على علي بن أبي طالب فقال: يا أمير المؤمنين لي إِليك حاجة )۱( قال الحافظ العراقي في المغني في معنى هذا من حديث ابن عمر: رواه الطبراني في الأوسط وآبو نعيم ونه محمد بن حسان السمتي وفيه لين ووثقه ابن معين يرويه عن آي عثمان عبد الله بن زید الحمصي ضعفه الأزدي . قنطرة الخلق ۳۷۷ الحياء يمنعني أن أذكرها لك؟ فقال: يا أعرابي خطها في الأرض. وخطهاء فيها أني فقير. فقال علي لغلامه: قنبر يا قنبر أكسه حلتي فكساه الحلة فأنشاً الأعرابي يقول : كسوتني حلة تبلى محاسنها فسوف اكسوك من حسن الثناء حللاً إن نلت حسن ثنائي نلت مكرمة ولست تبغفي بما قد نلته بدلا إن الكخاء لیحیی ذکر صاحبه کالغیث يحیی نداه السهل والجىلا لا تزهد الدهر في عرف بذلت به كل أمرءِ سوف يجزى بالذي فعلا فقال علي : يا قنبر زده مائة دينار» فأعطاه إياها فلما ولى الأعرابي قال له قنبر: يا أمير المؤمنين لو فرقتها في المسلمين لأصلحت به من شأنهم. قال: مه يا قنبر لا تفعل؛ فإني سمعت رسول الله يي يقول: «اشکروا من أثنى عليکم وإذا آتاکم کریم قوم فأکرموه». ويقال: الملائكة تنزل من السماء فيطوفون على الأبواب لينظروا كيف صنع الناس فيما أعطاهم الله وأكثر ما يأتوهم بعد صلاة المغرب . ولذلك قيل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ردوا السائل بوقار ولين / وحسن كلمة أو [١٤٤/ب] برد جميل فإنه قد يأتیکم من لیس بإنس ولا جان لینظر کیف صنیعکم فیما خوّلکم الله . وفي الحديث: «ردوا مذمة السائل ولو بمثل رأس طا في الحديث: «لولا أن السائلون يكذبون ما أفلح من ردهم». وني الأثر أن رجلا 1 تی رسول الله ي بعنقود عنب فسأله مسكين فأعطاه إياه فانصرف ذلك المسكين ليبيعهء فأدركه الرجل فاشتراه منهء فأعطاه لرسول الله يَلٍِْ ثانية فسأله ذلك المسكين فأعطاه له ففعل ذلك ثلاث مرات فقال له عليه السلام : «يا هذ أردت أن تكون تاجرا». فأنزل الله تعالى : «وَأنًا السَائل فلا َه €”°. سائلاء ولا تخل بامرأة لا تحل لك ولا تقبل أمانةء فانصرف اللعين وهو يضرب وجهه ويقول: أخبرته. بهن يحذر الئاس منهن . فالواجب على من وقف عليه السائل أن لا يخيبه إن قدر على ذلك أي سائل کان لقوله () سورة الضحى الأية: ١٠ ‎۳V۸‏ قنطرة الخلق ‏عليه السلام: «أعط السائل وإن جاء على فرس ولا سيما سائل المسجد لأنه ضيف الله أوى بیت الله) . ‏وذكر في بعض الکتب أن رجلا سأل آهل مسجد بليل ليطعموه فتفرقوا عنه فلم يشتغلوا به فلما أصبحوا وجدوه ميتاً فأخذوا في جهازد فدفتوه فرجعوا إلى المسجد فوجدوا الكفن في المحراب مكتوب فيه كفنكم مردود عليكم» والرب ساخط عليكم» والله أعلم وأحكم. ‏]1/44[ / فصل: في التحذير عن مخالطة الناس والحث على العزلة ‏قال الله سبحانه 8 حكاية عن خليله عليه السلام: «فلَمًا أعتَرَلهّم وما يَعبْدُونَ من دُون الله وَحَبَا له سق ق وَبَعقوب4”. الآية. ‏وقال مخبرا عن أصحاب الكهف: وإذا أَعَرَكُمُوهُمْ وَما يَعبْدُونَ إلا الله قَأوواء إلى الكف؟”". الاية ‏وعن رسول الله يَلٍ: «إن أعجب الناس أتى منزلة رجل يؤمن بالله ورسله ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعمر ماله ويحفظ دينه ويعتزل الناس». ‏وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «المجالس ثلاثة فأجملها وأشرفها مجلس بين المسلمين وبين عدوهم والثاني في بيت من بيوت الله يذكرون الله تعالى والثالث ببيت الرجل حيث لا یری ولا يٌری». ‏وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: قال لي عليه السلام: «يا عبد الله بن عمرو كيف إذا بقيت في حثالة من الناس وقد مرجت عهودهم وأمانتهم وكانوا هكذا؟». وشبك عليه أصابعه. قلت: يا رسول الله ما تأمرني به؟ قال: «آمرك أن تتقي الله وأن تأخذ بما تعرف وتدع ما تتكر وعليك بخويصة نفسك وإياك والعامة»° ‏وروي عن أبي الدرداء أنه قال: احذروا الناس؟ فإنهم ما ركبوا ظهر بعير إلا أدبروه ولا ظهر جواد إلا عقروه ولا قلب مؤمن إلا حرفوه. ‏وفي خبر آخر عنه عليه السلام في حديث عبد الله قال: «ذلك أيام الهرج». فقيل وما (١) سورة مريم الآية: 4۹ . ‏(۲) سورة الكهف الآية: ١٠. )۳( قال الحافظ : العراقي في المغني في نحو: رواه آبو دأود والنسائي في اليوم والليلة بإسناد حسن . ‎ ‎ فنطرة الخلق ۳۷۹ ايام الهرج؟ قال: / «حين لا يأمن الرجل جليسه»”". [٤٤٤/ ب[ عليك زمان كثير خطباءء قليل علماء كثير سؤاله قليل معطوه» الهوى فيه قائد العلم قال: ومتى ذلك؟ قال: إِذا ميتت الصلاة ولت الرشا ويباع الدين بعرض يسير من الدنيا بالنجاة ويحك ثم النجاة . وعن سفيان الثوري أنه كان يقول: ما رأيت للإنسان خيراً من أن يدخل في حجرهء وکان يقول: هذا زمان السكوت ولزوم البيوت؛ وکان يقول أنكر المعرفة عند من يعرفك ولا تتعرف إلى من لا يعرفك. وروي عن الحسن بن جني أنه فقد شاباً كان يجالسه فخرج إلى منزله فضرب عليه الباب فخرج إليه الشاب فقال له الحسن : ما لي لم أرك؟ فقال: إنما هذه دار ليست بدار لقاء وإنما هي دار عمل واللقاء هناك. ثم انصرف فما رأه الحسن بعد ذلك حتى مات. وينشد: دعوه لا تلوموەه دعروە فقد علم الذي لم تعلموه واعلم بالُْدّى فسمى إليه وطالب مطلبا لم تطلبوه جاب دعاءه لما دعاه وقتام حه وأضعتموه بسي ذاك من فطن ليب تذوق مطعمآلم تطعموه وعن وهيب بن الورد أنه قال: كانوا يقولون العافية عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت والعاشر في اعتزال الناس. قال وهيب: ولقد عالجت الصمت ولم أجد نفسي تقبل منه على ما أحب فرآيت أن أيسرهذه الأجزاء عاشرها والتزمته . وروي عن الحسن البصري أنه كان ريما جلس في بيته واعتزل الناس أياماء وأن رجلا من أصحابه دخل عليه يوماً فقال له: يا أبا سعيد أما استوحشت في وحدتك؟ فقال: يا ابن ووحده المرء بلا أنيس خير له من سيء الجليس إسناده عند الخطابي انقطاع ووصله أبو داود بزيادة رجل اسمه سالم يحتاج إلى معرفته. ۳۸ قنطرة الخلق وقال بعض العلماء: إذا أراد الله أن ينقل العبد من ذل المعصية إلى عز الطاعة أنسه بالوحدة وأغناه بالقنوع وبصره عيب نفسه فمن أعطي ذلك فقد أعطي خير الدنيا والأخرة. ويقال: مكتوب في الإنجيل من اعتزل الناس نجاء وروي عن ذي النون المصري أنه قال: وصف لي عابد في الجبل فدخلت فيه أطلبه لأعرف مكانه الذي يأوى إليه فبينما أنا في بعض الليل إِذ سمعت صوتاً ينادي: يا من بيده ملکوت کل شيء يا من هو بالنفوس عليم قد طال شوقي إلى لقائك. فاتبعت الصوت فإذا آنا به في وسط شجر ملعف فلما بصر بي فزع مني [٥٤/1] فقال لي: يا هذا من أنت؟ فقد أفزعتني. فقلت: من هرب إلى الله لا يفزعه /آدمي. فقال: لم أفع منك لانك آدمي ولکن کل من جهز جهازاً خاف علی جهازه. قلت: وما جهزت فتخاف عليه؟ قال : جهزت بدني أطلب به ربحاً من سيدي وكان خوفي منك من فتنك . قال وقلت : وما رايت من فتني؟ قال: لأن بني آدم لصوص القلوب إلا من عصمه الله . قلت : إنما أتيتك أستهديك الطريق قال: بالعقل تدرك ما تريد. قلت: وما العقل؟ قال: الصدق والحلم والمبادرة. وروي عن عروة بن الزبير أنه خرج من المدينة ونزل العقيقء فقالوا له في ذلك فقال لهم: فررت منكم. قالوا: ولم؟ قال: رأيت مساجدكم لاغية وأسواقكم لاهية والفواحش في حواشيكم بادية خوفت أن ينزل بلاء بكم فيصيبي معکم . وروي عن إيراهيم بن عبد الله أنه قال: قيل للحسن البصري يا أبا سعيد هاهنا رجل لم نره قط إلا جالساً وحده خلف سارية. فقال الحسن: إذا رأيتموه فأخبرونى به. فنظر إليه ذات يوم فقالوا للحسن: هذا الذي أخبرناك به وآشاروا إِليه فمضى إليه الحسن. فقال: يا عبد الله قد حببت إليك العزلة فما منعك من مخالطة الناس؟ فقال: أمر شغلني عن التاس. قال: فما يمنعك أن تأتي هذا الرجل الذي يقال له الحسن فتجلس إليه؟ قال: أمر شغلنى عن الئاس وعن الحسن. قال له الحسن: وما ذلك الشغل يرحمك الله؟ قال: إني أصبح وأمسي بين ذنب ونعمة فرأيت أن أشغل نفسي عن الناس بالاستغفار عن الذنب وأشكر الله على النعمة. قال له 1/7 الحسن: يا عبد الله أنت عندي أفقه من الحسن فالزم ما أنت /فيه. وينشد في العزلة: إذا ما كنت في زمن عبوس وفي ناس من البشر الخسيس لزمت البيت مصطبراً كأني أخوة قبر دفنت بلا أنيس فنطرة الخلق ۳۸۱ أحدهما: أنهم يشغلونه عن عبادة ربه عز وجل» بل يمنعونه منهاء بل يوقعونه في الشر والهلاك. على ما روي عن حاتم الأصم أنه قال: طلبت من هذا الخلاق خمسة أشياء فلم أجدها؛ طلبت منهم الطاعة والزهدة فلم يفعلواء فقلت: أعينوني عليها إن لم تفعلوا فلم يفعلواء فقلت: ارضوا عني إن فعلت فلم يفعلوا فقلت: لا تمنعوني عنها إذاً فمنعونيء فقلت لا تدعوني إلى ما لا يرضى الله ولا تعادوني عليها إن لم أتابعكم ففعلوا فتركتهم وأشتغلت بخاصتي . وقد ذكر عن سفيان الثوري أنه كان يقول: والله الذي لا إله إلا هو لقد حلت العزلة في هذا الزمان . ففي كتاب الغزالي قال: ولئن حلت في زمانه ففي زماننا هذا وجبت وافترضت وفي مثل زماننا هذا يقول الشاعر: حَدَا الزمان الذي كنا نْحَاذْرّه ‏ في قول كَعْب وفي قول ابن مسعودٍ قدماً نَحدّث من أكوانه عجباً حتى وَشْنَا على تلك المواعيدِ دهرٌ په احير مشود جه والشر والجُور فيه غير مَفْقودٍ / إن دام هذا ولم يحدث له غير لم تك مَيتاً ولم تفر مولو [ ۷٧٤٤ /ب] والأمر الثاني: الذي يطلب من أجله التفرد عن الناس: أن الناس يفسدون عليك ما يحصل من العبادة إن لم يعصمك الله تعالىء بسبب ما يعرض من قبلهم من دواعي الرياء والتزين. ولقد صدق يحيى بن معاذ حيث قال: رؤية الناس بساط الرياء . وهؤلاء الزهاد قد خافوا على أنفسهم من هذا المعنى حتى تركوا الملاقاة والتزاور. وقد ذكر عن هرم بن حيان أنه قال لأويس القرني رضي الله عنه: یا آويس صلنا بالزيارة واللقاء. قال أويس: قد وصلتك بما هو أنفعك لك منها بدعاء على ظهر الغيب . وعن داود الطائي أنه قال: صم عن الدنيا وأجعل فطرك الموتء وفر من التاس فرارك من الأسد. ولقد حكى عن بعض العلماء أنه جلس مع يعض العارفين فتذاكرا مليا ثم دعوا في آخر حديثهما. فقال العالم للعارف: ما أظن أني جلست مجلسا أنا أرجى له من مجلسي هذا فقال له العارف: لكنى أنا جلست مجلساً أخوف منه من مجلسي هذا آلست تعمد إلي أحسن حديثك علومك فتنشرها وتظهرها بين يدي وأنا كذلك؟ فقد وقع الرياء. قال: فبكى العالم حتى غشى عليه وكان بعد ذلك يتمٹل بهذين البيتين : ‎۳AY‏ قنطرة الخلق ]1/44۸8[ /يا رب عفواً منك عن مذنبپ أسرف إلاأنه نادم ‏فهذه أهل الزهد والرياضة في ملاقاتهمء فكيف حال أهل الرغبة والبطالة؟ بل حال أهل النشرة والجهالة واعلم أن الزمان قد أصبح في فساد عظيمء وأصبح أهله في ضرر كبير وضلال جسیم » فاحترز منهم جهدك؛ فأنهم يشغلونك عن طاعة الله حتى لا يكاد يحصل لك منها شيء ثم يفسدون عليك ما حصل حتى لا يكاد يسلم لك منها شيء فلزمتك العزلة عنهم والاستعاذة بالله من شر هذا الزمان وأهله . ‏وقد ورد فى الحديث: «يأتيى على الناس زمان يكون الناس فيه ذئاباً فمن كان ذئباً أكل مع الذثاب ومن لم يكن ذثباً أكلته الذثاب». ‏وفي الحديث أيضاً عنه عليه السلام أنه قال: «يأتي على الناس زمان لا يسلم فيه لذي دين دينه إل من يعز بدينه من قرية إلى قرية ومن - جحر إلى حجر يفر ويروغ كما يروغ الثعلب». ‏قيل: يا رسول الله متى ذلك؟ قال: «إذا لم .تنل المعيشة إلا بمعصية الله عز وجل فإذا كان ذلك الزمان فقد حلت فيه العزوبة والعزلة الغرية». ‏قيل: وكيف وقد أمرتنا بالتزويج؟ قال: «إذا كان ذلك الزمان يكون فيه هلاك الرجل على يد أبويه فإن لم يکونا فعلی ید قرابته فإن لم تکن فعلی ید زوجته». ‏قيل: فكيف ذلك؟ قال: «يعيرونه بضيق ذات اليد فيتكلف من الأمور ما لا یطیقه فیورده ذلك موارد الهلاك» . ‏]1/444[ وفي الحديث أيضاً: «يأتي على الناس زمان يخرج الرجل من بيته / ومعه دنه ویرجع وليس معه شيء». والله أعلم. فإن قيل ما حكم العزلة والحد الذي يجب منها؟ قيل له: قد ذكر في أثر بعض العلماء أنه قال : الناس في ذلك رجلان رجل لا حاجة بالخلق إليه في علم وييان حكم فالأولى لهذا الرجل التفرد عن الناس فلا يخالطهم إلا في جمعة أو جماعة أو عيد أو حج أو زيارة آو إقامة حق میت أو مجلس علم بالسنة أو حاجة في معيشة لا بد له من ذلكء وإلاً فيوارى شخصه ويلزم بيته لا يعرف ولا يعرف وأما إن أحب هذا الرجل أن ينقطع عن ‏اناس ولا يخالطهم في أمر من الأمور البتة من دين ودنيا وجماعة وجمعة وغيرهاء لما رأی في ذلك من مصلحته فإنه لا يسعه ذلك إلا بأحد أمرين : ‏)۱( ذکرها الحانفظ العراقي ف في المغني وقال: رواه الخطابي في العزلة من حديثه وحدیٹ ابن مسعود تحوه والبيهقي في الزهد نحوه من حدیثٹ أي هريره وكلاهما ضعيف وذکره الحافظ العراقي في التكاح والعزلة. ‎ ‎ قنطرة الخلق ‎۳A۳‏ الأمر الأول: إما أن يصير إلى موضع لا تلزمه هناك هذه الفروض كرؤوس الجبل وبطون الأودية ونحوهاء ولعل من أحد الوجوه التي دلت العباد على تلك المواضع البعيدة عن الناس . والأمر الثاني: أن يتيقن بالحقيقة أن الضرر الذي لحقه في مخالطة الناس يسبب هذه الفروض أعظم من تركها محيتلٍ ربما يكون له عذراً. قال ولقد رأيت أنا بمكة - حرسها الله - بعض الشيوخ المتفردين من أهل العلم وهؤلاء يحضر الجماعة في المسجد الحرام مع قربه منه وسلامة حاله فحاورته في ذلك فذكر من عذره ما أشرنا إِليه وهو أن ما يجده من الثواب لا يفیء بما يلحقه من الاثام والتباعات في الخروج إلى المسجد ولقاء الناس . قال: وجملة الأمر: فلا عتب على المعذور والله تعالى أولى بالعذر وهو عليم بذات / الصدور. ولكن الطريق العدل هو الأول بأن يشارك الناس في الجمعة والجماعة وصنوف[°0٤/ب] الخيرات» ويبانهم فيما سوى ذلك» فإن أحب الطريق الثاني بأن ينقطع عن الناس بمرة فسبيله الخروج إلى مواضع لا تتوجه إليه هذه الفروض هنالك» لأن كونه مع الناس في مصر واحد لا يحضر جمعة ولا جماعة لعذر يداء في ذلك من وزر أوتباعة فإنه يحتاج إلى نظر دقيق وعلم غامض حتى لا يسقط عنه ذلك فيه خطر الغلط والأولان أسلم وأحفظ والله ولي الهداية بمنه. وأما الرجل الثاني: فرجل يكون قدوة في العلم بحيث يحتاج الناس إليه في أمر دينهم لبيان حق؛» أو رد على مبتدع أودعوة إلى خير بفعل أو قول أو نحو ذلك فلا يسع هذا الرجل الاعتزال عن الناس بل ينصب نفسه بينهم ناصحاً لخلق الله تعالىء ذاباً على دين الله مبيتا لأحكام الله . وقد روي عن رسول الله ييو آنه قال : «إذا ظهرت البدع في أمتي فعلى العالم أن ينشر علمه فإن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين». وقد قال الله تعالى: لالَذِينَ يَكُيِمُونَ ما أَرَلَْا ِن الَا وَالْهُدَى4. وإلى قوله: لوَيلْعَنهُم الْلَعئُونَ4€”. هذا إِذا كان بينهم وإذا خرج بينهم فلا يجوز له أيضاً. وذكر أن بعض العلماء قصد أن ينفرد عن الخلق لعبادة الله تعالى فبينما هو في الجبال إِذا سمع صوتا ينادي: يا فلان إذا صرت من حجج الله على خلقه تركت عبادة الله فرجع فكان هذا سبب صحبته الخلق. قال: واعلم أن (١) سورة البقرة الأية: ۹١1. ‎۳۸A‏ قنطرة الخلق ‏[/]] مثل هذا الرجل المحتاج إليه في باب الدين يحتاج في صحبته / الخلق إلى أمرين شدیدین : ‎[1/40۲] ‏أحدهما: صبر طويل وحلم عظيم ونظر لطيف واستعاذة دائمة . ‏والثاني: أن يكون في هذا منفرداً عنهم وإن كان بالشخص معهم» فإن كلموه كلمهم وإن زاوره عظمهم على قدرهم وشكرهم» وإن سكتوا عنه وأعرضوا استغنم ذلك منهم» وان کانوا في حت وفي خير ساعدهم؛ وان صاروا إلى لغوٍ وشر خالفهم وهاجرهم بل رد عليهم وزجرهم» إن رجا قبولهم ثم يقوم بجميع حقوفهم من الزيارة والعيادات وقضاء الحاجات التي ترفع إليه ما أمكنهء ولا يطالبهم بالمكافأت ولا يرجو ذلك منهم ولا يريهم من نفسه استيحاشاً لذلك ويباسطهم بالقول إن قدر وينقبض عنهم في الأخذ إن أعطىء ويتحمل منهم الأذى ويظهر لهم البشر ويتجمل بظاهره لهم ويكتم حاجته عنهم ويقاسيها في سره وباطنهء ثم يحتاج مم ذلك أن ينظر لنفسه خاصة ويجعل لها حظاً من العبادات الخالصةء كما قال عمر بن الخطاب: إن نمت الليل لأضيعن نفسي وإن نمت النهار لأضيعن الرعية فكيف لي بالنوم مع هاتين . ‏قال: وفي مثل هذا المعنى عرضت لي أبيات من الشعر وهي : ‏فإن كنت في هدى الأئمة راغباً فوطن على أن ترتكبك الوقائع ‏بنفس وقور عند كل كريهة وقلب صبور وهو في الصدور مانع ‏لسانك مخزوم وطرفك ملجم وسرك مكتوم لدى الرب ذائع ‏/ وذكرك معمور ويايك مغلق وثغفرك بسام وبطنك جائع ‏وقلبك مجروج وسوقك كاسد وفضلك مدفون وظنّك شائع ‏وفي كل يوم آنت جارع غصة من الدهر والإخوان والقلب طائع ‏فدونك هذا العلم خذه ذريعة ليوم عبوس عز فيه الرائع ‏نعم فالنفس معهم والقلب ما أبعده عنهم وذلك لعمري أمر شديد وعيش نكيد وفيه يقول بعض العلماء في وصيته: يا بتي عش مع أهل زمانك ولا تند بهم ثم قال: ما أشد هذا العيش مع الأحياء والاقتداء بالأموات . ‏وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: خالط الناس وزائلهم ودينك لا تكلمنه› وقال أيضاً: كن كاين لبون لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب فهذه نكثة مقنعة» قال ثم أقول: إذا هاج الفتن بعضها في بعض» وتراجع الأمرء فتولى الناس عن أمر الدين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ولا يطلبون عالماء ولا يعنهم أمر دينهم البتةء وترى الفتنة تعم الناسء وتدب بين ‎ فنطرة الخلق ‎۳۸o‏ ‏علمهء وأخاف أن يكون هذا الذي ذكرناء هو حال زماننا الذكر الصعب الذي عمت فيه الفتنة وأطبق الكتمان وعظم البلاء ومات الدين وتنكرت الدنيا وال المستعان وعليه التكلان. وأما الجاهل لأمر دينه فعليه بملازمة أحد رجلين» عالم يرشده إلى طريق الأخرةء وخدن ينتفع به فیما لا بد له من أمر دنیاه وما سوی هذین فلیعزله ون قيض له رجلا جامعاً له ما يحتاج اليه من / أمر دينه ودنياه ويدع ما سواه والله أعلم . وأما مدارس علماء الأخرة أهل الاجتهاد في العلم والعبادة المتعاونين على البر والتقوى› فهم أجل إخوان في الله وأعوان على طاعة اللهء فلا تشغل الإنسان عنهم عزلة؛ لأنهم جمعوا فائدتین : إحداهما: العزلة عن العوام ومخالطته أمورهم. والثانية : اکتساب الثواب الجزيل فی مشارکتهم فی الجمعة والجماعة ومجالس الذكر أعدل طريقين وأحسن حالاء وهذا إذا كانت المدارس ثابته على رسم المتقين وسير السلف الصالحين . وأما الآن فقد تغيرت الأمور وعظمت البلية واندرس الدين والسير المورثة عن المشايخ فلا سلامة يجدها الإنسان إلا من رزقه ولله العمل والتوفيق فليزم بيته ويكف لسانهء ويشارك الناس في أصناف الخيرات من المجالس والخيرات. ويجانبهم في سائر أحوالهم وأمورهم وما هم فيه من الآفات إن وجد إلى ذلك سبيلاً وإلاً فليزم. العزلة والغربة والله المستعان وعليه التكلان. وأما الذي يهون عليك العزلة فثلائة : أحدهم: استغراق وقتك في العبادةء وقد قال عليه السلام «إن في العبادة لشغلا». واعلم أن الاستئناس بالناس من علامة الإفلاس فإذا أعطيت العبادة حقها وجدت حلاوة المناجاة فاستأنست كتاب الله فحينئذ تستوحش من الخلق وتشتغل عن صحبتهم وكلامهم . الثاني: قطع الطمع عنهم /بمرة واحدة فيهون عليك أمرهم؛ لأن من ترجوا نفعه ولا[٤١٤/ب] تحاف ضره فوجوده وعدمه سواء. والثالث: تذكر ما فى مخا لطتهم من الأفات وتكرر ذلك على قلبك . فإن هذه الأمور الثلاثة قناطر الخيرات ج/۲ م/٢٥۲ 7 القنطرة العاشرة قنطرة الشيطان بسم الله الرحمن الرحيم» وبه [نستعين] وصلى الله على سيّدنا محمّد النبي الأمي وعلى آله وسلم . فاعلم يا خي أرشدنا الله وإياك لطاعته أن الشيطان للإنسان عدو مضل مبين قد تجرد لمعاداتنا في کل وقت وحين» فليزمنا أن نستعيذ بالله ذي القوة المتين أن يعيذنا من مكائد هذا الكلب”"' اللعين» وقد حكى عن مجاهد أنه قال: إن لأبليس خمسة أمراء عن أولادهء عقد لكل واحد منهم على شيء من أمرهء ثم سماهم. تبوراء والأعور» ومسوطاً وداسماء وزنبوراً. قال : فأما ثبوراً: فصاحب المصيبات الذي يأمر بالثبور وشق الجيوب ولطم الخدود ودعوى الجاهلية . والأعور: صاحب الزنا الذي يزينه للناس ويأمر به. ومسوط: صاحب الكذب الذي يشيعه يلقى الرجل فيخبره الخبر فيذهب ذلك الرجل وداسم: وهو الذي يدخل مع الرجل إلى أهله فيغضبه عليهم . وزنبور: صاحب السوق الذي يركز رأيته ولواءء في السوق. (١) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق واحسبه سقط من الناسخ. () ما كان ينبغي أن يذكر مثل هذه الكلمة لما فيها من الاسفاف ثم أن الكلب ليس بلعين كما هو حال إيليس عليه اللعنة والذي أظنه والله أعلم أنه سبق قلم من المؤلف رحمنا الله وإياه» لفرط غیظه منه جنبنا الله وإیاکم شر وساوسه. آمین . (۳) ذكر الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين (۳۷/۳) أسماء أولاد إيليس اللعين على هذا النحو: ثبرء والأعور› ومبسوط وداسم» وزلنبور. قنطرة الشيطان ‎WAY‏ فإذا كان اللعين قد اجتهد كل الاجتهاد في إهلاكك فليس لك منه ملجاً ولا منجى إلا التضرعء والاستعاذة منه بخالقك وقد أمر أكرم الخلق بذلك› فقال: لفل رَبٌّ أَعُودُ بك ِن حَمَرَات الشيَاط € . فالواجب على العبد التشمر لمحاربته لأنه عدو مطمع فيه في مصالحته بل لا يقنعه إلا إهلاك الإنسان وقد قال الله تعالى: «إِنٌ الشَيْطَانَ لَكُمْ عَدُو فاتَحدُوه عَدُوَ °°4. وال تعالى : «إه برَاكُم هو وَقَيلَ م حَيث لا تروت . وقد ذكر في بعض الكتب عن إبليس اللعين أنه قال: فضلنا على الناس بثلاث؛ ترى ولا وأما غيرهم من الجن فإنهم يتوالدون ويموتون والله أعلم. وقال تعالى لنبيه عليه السلام مع عصمته: فل أَعُودُ يرب الاس مَلِك النَاس€. إلى قوله : وسوس في صدُور لاس4“ . وذكر بعض العلماء أنه قال: إن الشيطان جائم على قلب ابن آدم» وأحسب أن بعضهم قال رأسه كرأس الحية فإذا ذكر الله تعالی خنس وإذا غفل وسوس . فيضيقوا مجاریه بالجوع والعطش”°. وذكر بعض العلماء أن الله تعالى جعل قلب ابن /آدم مثل الزجاجة فلا يعمل شيثاً من [٦٤٤/ب] الشر إلا رمى له ملك موكل عليه نهياً من الله تعالى وزجراً ينكر ذلك عليه ويلقي الأمر بالطاعة (١) سورة المؤمنون الأآية: ۹۷. (۲) سورة فاطر الآية: ٦. (۳) سورة الأعراف الأية: ۲۷. (8) سورة الناس الآيات: ١٠ 0. (٥) أطراف الحديث عند: البخاري في الصحيح )۳/ ‎(AV ۹) (0/8) (0 0/8) E‏ مسلم في الصحيح (الدم ٤)› أبو داود في السنن (الصيام ب ۷۸ والأدب ب ۸۸)» والترمذي في الجامع الصحيح (۱۷۲١۱)› ابن ماجة في السنن (١۱۷۸)› أحمد في المسند (۳/ 9 ٢۲۸))› الدارمي في السنن (۲/٠۳۲)ء الطحاوي في مشكل الأثار (۲۹/۱). ‎۳A۸‏ قنطرة الشيطان ‏إليه فذلك منه نور يتلألأً وذلك فجورها وتقواها قال: ويلقى إليه الملك الخبر فينور ويتلألا فيستدل إبليس أنه الأمر من الله تعالى بالخير والطاعة فيلقي إليه الوسوسة بالمعصية فذلك قوله تعالى : الذي يوَسُوِسُ في صُدُور الاس من الْجنّةٍ»”. يعني من ذرية إبليس الذين هم الجن وأبوهم الجان وهو إبليس اللعين . ‏وذكر بعض العلماء: أن الشياطين توسوس إلى الجن من غير الشياطين كما توسوس إلى الناس والله أعلم . ‏وذكر أن بعض الصحابة فالوا: يا رسول الله يتعرض لقلوبنا أشياء لأن يقع أحد من السماء إلى الأرض فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق أحب إليه من أن يتكلم به قال عليه السلام «أوجدتموه»؟ قالوا: نعم. قال: «ذلك صريح الإيمان. ‏قال الغزالي: هذا يحمل على الكراهية الصارفة للوسوسة لأن الوسوسة صريح الإيمان› والله أعلم . ‏ويروى أن يحيى بن زكريا عليهما السلام سأل إيليس عن أحوال بني آدم عندهم فقال : هم ثلاثة أصناف صنف معصوم منا وهم أمثالك؛ء وصنف كالكرة في أيدي الصبيان؛ وصنف ثالث هم أشد علينا يعني أهل الوقوع في الخطايا المستغفرين منها يجتهد فيهم حتى يوقعهم في المعاصي فيستغشرون منهاء ثم يوفعهم ثانية » م يفزعون إلى التوبةء فيفسدون عليه اجتهاده فيهم "٠ والله أعلم. ‏]۷٥٤/1[ / فصل ‏اعلم أن الشيطان منصوب لمحاربتك مستعداً لعداوتك» فهو آناء الليل وأطراف النهار يرميك بسهامه ولا يرضى حتى يهلك الإنسان رأسا وهذا حاله مع عوام الناس اهل الرغبة والبطالةء فكيف بمن تجور لطاعة الله ودعوة الخلق إلى عبادة الله فله إذاً مم سائر الناس عداوة عامةء؛ ومع آهل الاجتهاد عداوة خاصّة وإن أمرهم له أهم› ومعه عليهم أعوانء أشدها على ‏() سورة الناس الآيتان: © 6. ‏() رواه مسلم من حديث ابن مسعود مختصراً: سُثل رسول اله ي عن الوسوسةء» فقال: محض الإیمان؛ والنسائي في اليوم والليلةء وابن حبان في صحيحه؛ ورواه النسائي فيه من حدیث عائشة. قاله العراقي في المغني (۳/ ٠۳۰). ‏() ذكر الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين (۳۸/۳) نحو هذه القصة. ‎ ‎ قنطرة الشيطان ‎۳A۹‏ الإنسان: نفسهء وهواه» وله أسباب ومداخل وهو عنها غافل . ولقد صدق يحيى بن معاذ حيث قال الشيطان فارغ وأنت مشغولء والشيطان يراك وأنت لا تراه وأنت تنساه وهو لا ينساكء فإذاً لا بد من محاربته وقهره. وقد حذر الله منه جميع الناس فقال: يا بني ادم لا يَفَْنَكُمُ الشَيْطَانُ كما أخرج أبوَيْكم من الْجَتَةِ€. ولم يسلما منه في الجنة دار الأمن والسرور بعد أن نبههما على عداوة الشيطان فقال: ي اَم ِن هَذا عَدُ لك ولِرَوْجك4. مع أنه لم ينههما إلا عن شجرة واحدة وأطلق لهما ما وراء ذلك؛ فإذا لم يأمن نبي من الأنبياء وهو في الجنة من كيد الشيطانء فكيف يجوز لغيره أن يأمن في الدنيا وهي منبم الفتن والمحن ومعدن البلاء والشهوات المنهى عنها؟ وقد قال موسى عليه السلام هذا من عَمَل اَلشَيْطَانِ € . وقال لنبيه عليه السلام: «وَمَا ۔ ‎ee‏ و ‎e ‘i‏ ۱ و کور لصو ٦ سلتا ِن فيلك من رَشولٍ ولا نيئ إلا إا تَمّى الى الشَيْطَانُ في أَيمة. . .4 الآية. ‏فإن قال قائل أراك قد عظمت مكر الشيطان ومكائده فكيف الطريق إلى مجاهدته فأعلم أن الناس قد اختلفوا في ذلك. فقال بعضهم: ينبغي للإنسان أن يشتغل بعبادة الله تعالی ولا يلتفت إلى الشيطان بل يجعل بدل التحرز منه طاعة الله تعالى. وقال آخرون: التحرز من الشيطان؛ وأخذ الحذر منه مقام التوكل على الله عز وجل والاعتماد عليهء إذ لا قدرة للشيطان على إضلال ولا إغواء إلا بمشيثة الرحمٰن . ‏وهاتان الطائفتان غالطتان مخالفتان لتصوص القرآن واتفاق أهل الإسلام على وجوب ‏. - - - - کوس ‏التحرز من الكفار› وإعداد ما استطاعوا لهم من قوةء وكراعء وسلاح وفد قال تعالى : ج اها الذِينَ منوا حُذُوا حذَرَكم»”. فكيف يكون أمر الله شغلا أو توكلا على غیره. ‏وفد دخل رسول الله ييو سيد المتوكلين مكة وعلى رآسه المحفرة وظاهر يوم أحد بين بدر عین » فإدذا أمرنا بعدو يرانا ونراه» فكیف بعد ویرانا ولا نراه؟ ويجري منا مجری الدمء وفد ‏(١) سورة الأعراف الآية: ۲۷. (۲) سورة طه الآية: ۱۱۷. (۳) سورة القصص الآية: ١٠. (8) سورة الحج الآية: ٢٥. () سورة النساء الاية: ۷۱. ‎ ‎ ۳۹ قنطرة الشيطان أمر الله تعالى رسول الله يل بالاستعاذة من جميع الشياطين بقوله: «وَفْل رَبٌ أَعُودُ بك ِن حَمَرَاتٍ الشََّاطين وَأَعُودُ بك رَبٌ أن يَحُضُرون»”. أي في شيء من أحوالي كلها والتحرز من الشياطين أولى من التحرز من الكافرين» لأن الشيطان إذا أتكبك بشيء من مكره كنت من [/1] العاصين الخاسرين والكفار إِذا انكبوك بشيء من مكرهم / كان ذلك مكفراً لسيئاتك فالصواب أذ الحذر منه كما آمر رب العالمين» هكذا في مختصر كتاب الرعاية وقال بعضهم: التدبير في دفع الشيطان الاستعاذة بالله منه لا غير فإن الشيطان كلب سلطه الله عليك فإن اشتغلت بمحاربته وتعبت وضاع عليك وقتك وربما يظفر بك فيعقرك» فإن الرجوع إلى رب الكلب. ليصرفه عنك أولى. وقال آخرون: الطريق المجاهدةء والقيام عليه بالدفع والرد والمخالفة . والصواب في ذلك أن يجمع بين الطريقين وهو أن يستعيذ بالله تعالى أولاً من شره كما أمرنا وهو الكافي من شرهء ثم إنه إذا نازغنا وغلب علينا علمنا أن ذلك إبتلاء من الله ليرى صد مجاهدتنا وقوتنا في أمر الله تعالى وصبرنا كما أنه يسلط علينا الكفار مع قدرته أن يكفينا أمرهم وشرهم ليكون لنا حظ من الجهاد والصبر والتمحيص والشهادة قال الله تعالى: ولو صا الله صر مِنْهُمْ...”4 الأية. وقال تعالى: ل وَلتلونَكُمْ حى تَعْلمَ اَلمْجَاهِدِينَ منْكُه وَألصّابرين. . .”٩ 4. الايةء فكذلك الشياطين . وهذا التسليط تسليط تخلية لا تسليط أمر وقهر كما قال: ًا أرْسَلَْا الشَّيَاطِينَ عَلّى الكافرين4”*. وأراد إرسال تخلية أي خلى بينهم وبين الكافرين والله أعلم. واختلف القائلون بمجاهدة الشيطان في كيفية مجاهدته والتحرز منه. فقالت طائفة منهم : ينبغي أن يؤخذ الحذر منه في أغلب الأحوال توقياً لخطرة يخطرها. وقال آخرون: يؤخذ الحذر منه عند كل طاعة تعرض مخافة أن يدخل فيها ما يفسدها. وقال بعض العلماء: مجاهدته في ثلائة أشياء : أحدها: أن يعلم الإنسان مكائده وحيله فلا يتخالسر” على الإنسان حينئذ كاللص إذا 7 علم أن صاحب / الدار قد أحس فو وهرب. (١) سورة المؤمنون الأية: ۹۸. (۲) سورة محمد الأية: ٤ (۳) سورة محمد الآية: ۳۱. () سورة مریم الآية: ۸۳. (٥) في الأصل: يتجالس. وهو تصحيف - والسياق يرجح ما أثبت. قنطرة الشيطان ۳۹۱ الثاني : أن يستخف دعوته فلا يعلق قلبه به ويتبعه فإنه بمنزلة الكلب النابح إن أقبلت عليه ولع بك ولح وإن أعرضت عنه" سكت . والثالث: أن تديم ذكر الله تعالى بلسانك وقلبك . وقد روي عن رسول الله يلو أنه قال: «إن ذكر الله في جنب الشيطان كالاكلة في جنب ابن آدم». فإن قال قائل كيف تعلم مکائده؟ وکیف الطريق إلى معرفة ذلك؟ فاعلم أن له وساوس بمنزلة السهام التي ترميها وذلك إنما يتبين بمعرفة الخواطر وأقسامهاء وله أيضاً حيل بمتزلة الشبكات التي تنصبهاء وذلك يتبين بمعرفة المكائد وأوضاعها ومجاريها. فأما أصل الخواطر فاعلم أن الله تعالى وكل بقلب ابن آدم ملكا يدعوه إلى الخير يقال له الملهمء ولدعوته إلهامء وقرن به أيضاً شيطاناً في مقابلة الملك يدعو إلى الشر يقال له: الموسوس ولدعوته وسوسةء فالملهم لا يدعو إلا إلى الخيرء والموسوس لا يدعو إلا إلى الشر في قول أكثر العلماء . وقد حكي عن بعضهم أن الشيطان ربما يدعو إلى الخير وقصده في ذلك الشرء بأن يدعوه إلى المفضول من الخير ليحرمه درجة الفاضل» ويدعوه إلى الخير ليجره بذلك إلى ذنب عظيم لا يوفي خيره بذلك الشر من عجب أو غيره» فهذان داعيان قائمان على قلبه يدعوانه وهو يسمع وقلبه يحس بذلك على ما روي في الأخبار : أنه إٍذا ولد لابن آدم مولود قرن الله سبحانه ملكاء وقرن الشيطان به شيطاناًء فالشيطان جائم على أذن قلب ابن آدم اليسرى» والملك جاثم على أذن قلبه / اليمنى فهما يدعوانه . [(٤/ب] وقد روي عن رسول الله يلو أنه قال: «للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة». يعني نزلة بالدعوة من قولهم لم بالمكان وألم به إذا نزلء ثم ركب الله في بنية الإنسان طبيعة مائلة إلى الشهوات ونيل اللذات كيف ما كانت من حسن أو قبيح فتلك هي النفس الصارفة إلى الأفات فهذه ثلاث دعات . ثم اعلم بعد هذه المقدمة أن الخواطر هي آثار تحدث في قلب العبد تبعثه على الأفعال والترك وتدعوه إليها وسميت خواطر لأضطرابها مأخوذ من خطرات الريح ونحوها وحدوثها جميعاً في قلب العبد من لله بالحقيقة لكنها أربعة أقسام: () في الأصل. عليه. وهو تحريف. وسياق يوضح التحريف. ١ () في الأصل: فذلك هو. وهو تحريف ظاهر. أحسبه سهو من الناسخء والله أعلم. ۳۹۲ قنطرة الشيطان منها ما يحدث الله تعالى في القلب ابتداءَ فيقال له: الخاطر فقط . وقسم يحدثه موافقاً لطبع الإنسان فيقال له: الهوى وينسب إليه . وقسم يحدثه عقب دعوة الملهم فينسب إليه فيقال له: إلهام. وقسم يحدثه عقب دعوة الشيطان فينسب إليه ويقال له: الوسوسة وتنسب إليه بإنها خواطر من الشيطانء وأنما هي في الحقيقة حادثة عن دعوتهء فهو كالسبب في ذلك ولکنه ينسب إليهء فهذه أربعة أقسام من الخواطر. ثم اعلم بعد هذا التقسيم أن الخاطر الذي من قبل الله إيتداء قد يكون بخير إكراماً وإلزاماً إلا بخير إذ هو أنصح مرشد لم يرسل إلا لذلك. والخاطر الذي يكون من قبل الشيطان لا يكون إلا بشر اغواء واستزلالاًء وريما يكون بالخير مكراً وإستدراجاء والذي يكون من قبل النفس يكون بالشر وبما لا خير فيه تمنعاً وتعسفاً. ]1/4۲[ ولقد روي عن بعض السلف / أيضاً: أن هوى النفس قد يدعو إلى خير والمقصود منه شرك الشيطان فهذه أنواعها. ثم بعد هذه إنك محتاج إلى معرفة ثلائة فصول لا بد لك منها البتة وفيها المقصود: أحدها: الفرق بين خاطر الخير وخاطر الشر في الجملة . والثاني: الفرق بين خاطر شر ابتدائيء أو شيطانيء أو هوائي إذا تفرق بينهما فإن لکل والثالث: الفرق بين خاطر خير إبتدائي والهامي أو شيطاني ليتبم ما يکون من الله تعالی أو من الملهم ويتجنب ما يكون من الشيطان وكذلك الهوائي على قول من يقول به. أما الفصل الأول : فقد قالت العلماء إذا أردت أن تعلم خاطر الخير من خاطر الشر وفرق بينهما فزنه بأحد الموازين الأربعة بين لك حالة: فالأول: أن تعرض الأمر الذي خطر ببالك على الشرع: فإن وافق جنسه فهو خير وإن كان بالضد بشبهة أو رخصة فهو شر. فإن لم يبن لك بهذا الميزان . [الثاني]”: فاعرضه على الإقتداء فإن كان فعله اقتداء بالصالحين فهو خير وإن كان )۱( ما بين المعقوفين زيادة تصنيفية لإيضاح مراد المؤلف وتقيسماته للموازين الأربعة في الفصل. قنطرة الشيطان ۳۹۳ بالضد إتباعاً للطالحين فهو شر. فإن لم يستبن لك بهذا الميزان . [الثالث]ء و[الرابم]: فاعرضه على النفس» والهوى: وانظر إن كان مما تميل إليه النفس ميل طبع لا نفرة خشية وترهيب فاعلم أنه خير وإن كان مما تميل إليه النفس ميل طبع وجبلة لا ميل رجاء إلى الله تعالى وترغيب فهو شر إذا النفس أمارة بالسوء لا تميل بأصلها إلى خير فبأحد هذه الموازين إذا أمعنت النظر يستبين لك خاطر الخير من خاطر الشر والله تعالى / ولى الهداية بفضله إنه جواد كريم . [٤٤/ب] وأما الفصل الثاني : إذا أردت أن تفرق بين خاطر شر يكون من قبل الشيطان وبين خاطر شر يكون من هوى النفس أو من الله تعالى ابتداء فانظر فيه من ثلاثة أوجه : أحدها: إن وحدته مصمماً راتباً على حالة واحدة فهو من الله تعالی أو من هوی النفس وإن وجدته متردداً مضطرباً فاعلم أنه من الشيطان . قال وكان بعض العارفين يقول مثل هوى النفس مثل النمر إذا حارب لا يتصرف إلا بمقمع بالغ وقهر ظاهرء ومثل الشيطان الذئب إذا اطردته من جانب دخل من جانب . وثانيها: إن وجدته عقب ذنب أحدئته فهو من الله تعالى إهانة وعقوبة لشؤم ذلك الذنب قال الله تعالى : كلا بل رَانَ على فُلوبهمْ ما كَانوا يَكيِبُون4'". والثالث: إن وجدته لا يضعف ولا يقل بذكر الله تعالی » ولا يزول فهو من الهوی› إن وجدته يضعف ويقل بذكر الله تعالى فهو من الشيطان كما ذكر في تفسیر قوله تعالی: من شر َوَسُوَاس اَلْحَنَاس€. إنه الشيطان جاثم على قلب ابن آدم إذا ذكر الله تعالى خنس وإذا غفل )8( 1 وسوس . وأما الفصل الثالث: وإذا أردت أن تفرق بين خاطر خير يكون من الله تعالى أو من الملك فانظر في ذلك من ثلاثة أوجه : (١) ما بين المعقوفين زيادة تصنيفية لإيضاح مراد المؤلف وتقيسماته للموازين الأربعة في الفصل. (۲) سورة المطففين الآية: ١٤٠.٠ (۳) سورة الناس الآية: £ . (8) حديث: «وإذا ذكر الله خنس»- رواه - ابن أبي الدنياء وابن عدى من حديث آنس في أئناء حديث: ِن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم»... الحديث» قاله العراقي في المغني (۳/ ٤)٠ ۳۹ قنطرة الشيطان [الأول]’: فإن كان قوياً مصمماً فهو من الله تعالىء وإن كان متردداً فهو من الملك إذ هو بمنزلة الناصح يدخل معك في كل وجه ويعرض عليك كل نصح رجاء إجابتك ورغبتك في الخير . والثاني: إن كان ذلك عقب إجتهاد منك وطاعة فهو من الله تعالى قال الله تعالى: «وَالَزِينَ جَامَدُوا في لَهْدِيَهُمْ شبلت4”. وقال: «والَذِينَ هدوا رَادَعُمْ هُدَئ€”°. وإن كان مبتداً فهو من الملك في الأغلب . والثالث: إن كان من الأعمال الباطنة فهو من الله تعالى وإن كان من الفروع والأعمال الظاهرة فهو من الملك في الأكثر إذ الملك لا سبيل له إلى معرفة باطن العبد في قول أكثرهم. وأما خاطر الخير الذي يكون من قبل الشيطان إستدراجاً إلى شر يزيد على ذلك الخير فلقد قال بعض العلماء: انظر إن وجدت نفسك في ذلك الفعل الذي خطر بقلبك مع نشاط لا مع خحشية› ومع عجلة لا مع تأنِ. ومع أمن لا مع خوف؛ ومع عمى العاقبة لا مع بصيرةء فاعلم أنه من الشيطان فاجتنبه. وإن وجدت نفسك على ضد ذلك مع خشية لا مع نشاطء ومع تان لا مع عجلةء ومع خوف لا مع أمن؛ ومع بصيرة وعلم بالعاقبة لا مع عمى وجهالةء فاعلم أنه من الله تعالى أو من الملك . [٥٦/ب] قال الغزالي: قلت أنا: وكان / النشاط خفة في الإنسان للفعل من غير بصيرة وذكر واب لينشطه فلا خير فيه وإن كان بضد ذلك فهو خير. وأما الثاني فمحمود إلا في مواضع معدودة ذكر في الخبر أن النبي يِل قال: «العجلة من الشيطان إل في خمسة تزويج البكر إذا أدركت› وقضاء الدين إذا وجب» وتجهيز الميت إذا مات واقراء الضيف إذا تزل» والتوبة من الذنب إذا آذنب؛ ِ وآما الخوف فيحتمل أن يكون في إتمامه وآداثه على وجهه وحقه وقبول الله تعالى إياه. وأما بصارة العاقبة أن يبصر ويتيقن أنه رشد وخيرء ويحتمل أن يكون لرؤية الثواب في العقبى ورجائه فاعلم ذلك موقناً. )۱( ما بين المعقوفين زيادته توضيحيه. (۲) سورة العنكبوت الآية: 1۹. (۳) سورة محمد الآية: ۱۷. (٤) أطراف الحديث عند: البيهقي في الستن الكبرى (١/٤١۱1)› (١٠/4٤٠٠)ء الزبيدي نى الإتحاف (٥/ ٠٥۲٠ ۲) المنذري في الترغيب والترهيب (4۳۷/۱)› العجلوني في كف الخفا (۲/ ۲٦۷). قنطرة الشيطان ۳۹ فهذه الفصول الثلاثة التي لزمتك معرفتها في فصل الخواطر فارعها وامعن النظر فيها ما استطعت فإنها من العلوم اللطيفة والأسرار الشريفة في هذا الباب والله الموفق للصواب بفضله. أما فصل الحيل والمخادعة من الشيطان: فمجرى ذلك ومثاله أن مكائد الشيطان مع ابن آدم في الطاعة من سبعة أوجه: ‎f‏ ص ‏أَحَدَهَا: أن ينهاء عنها فإن عصمه الله ورده بأن يقال أني محتاج إلى ذلك جدا أنه لا بد لي من التزويد من هذه الدنيا الفانية إلى الأخرة التي لا إنقضاء لهاء ثم يأمره بالتسويف» فإن عصمه الله ورده بأن يقول: أجلي ليس بيدي وعلي أني إن سوفت عمل اليوم إلى غد فعمل غد متى أعمله» فإن لكل يوم عملا ثم يأمره بالعجلة فيقول له عجل عجل لتفرغ لكذا وكذاء فإن عصمه الله تعالى ورده بأن يقول له: قليل العمل مع التمام خير من كثير مع النقصان. ثم يأمره بإتمام العمل مراءة للناس» فإن عصمه الله تعالى ورده بأن يقول: /ما أصنع بمراءة التاس ألا[ يكفيني رؤية الله تعالى. م يريد أن يوقعه في العجب. فيقول: ما أعملك وما أيقَظكء فإن عصمه الله ورده بإن يقول المنة لله تعالى في ذلك دوني وهو الذي خصني بتوفيقه وجعل لعملي قيمة بفضله ولو فضله فماذا كان قيمة هذا العمل في جنب نعمة الله تعالى علي وجنب معصيتي له. ثم يأتيه من وجه سادس وهو أعظمها ولا يقف عليه إلا متيقظ وهو أن يقول: اجتهد أنت في السر فإن الله تعالى سيظهره عليك ويلبس كل عامل رداء عملهء وأراد بذلك ضربا من الرياى فإن عصمه الله تعالى ورده بأن يقول: يا ملعون إلى الان كنت تأتيني من وجه إفساد عملى» والآن تأتينى من وجه إخلاصه لتفسده على » إنما أنا عبد الله تعالى وهو سيدي إن شاء أظهں وإن شاء أخفى وإن شاء جعلني خطيراً» وإِن شاء جعلني حقيراء رذلك إليه ولا أبالي أظهر ذلك للناس أو أخفاء عنهم فليس بأيديهم شيء. ثم يأتيه من وجه سابع ويقول لا حاجة لك إلى هذا العمل لأنك إن خلقت سعيداً لم يضرك العملء وإن كنت شقيا لم يتفعك عملك؛» فإن عصمه الله تعالى. ورده بأن يقول: إنما أنا عبد وعلى العبد امتثال الأمر لعبوديته› والرب أعلم بربوبيته يحكم ما يشاءء ويفعل ما يريدء ولآنه يتفعني العمل كيف ما كنت لأني إِذا كنت سعيداً احتجت إلى العمل زيادة للثواب» وإن كنت شقياً فأنا محتاج إليه كي لا ألوم نفسي على أن الله تعالى لا يعاقبني على الطاعة بكل حال ولا يضرني وعلى أني إن دخلت النار وأنا مطيع أحبَ إِليّ من أن أدخلها وأنا عاص؛ فكيف ووعده وقوله صدق وقد وعد على الطاعة بالثواب فمن لقى الله تعالى على الإيمان والطاعة /لن يدخل النار البتة ودخل الجنة لأنه [1/467] يستحقها بعمله ولكن لوعد الله الصادق» ولهذا المعنى أخبر الله تعالى عن السعداء إذا قالوا: ‎ ٦۳۹ قنطرة إل بطان «الْحَمْدُ لله الذي صَدَفَنَا وَعْدَ€”. فعلى العبد أن يحترز من الشيطان والهوى كل الاحتراز وأن يستعين على مجاهدته ورد خطراته بذكر الله تعالى بالقلب واللسانء ويكثر الاشتغال بالطاعة والقربانء وكثرة الذكر والاستغفارء وتلاوة القرآنء ولا تضره الوسوسة بالمعصية ما لم يعزم عليهاء وكذلك الغفلة عن الشيطان في أكثر الأوقات» ما لم يترك فرضاً أو يرتكب محرماً بالقلب أو باللسان أو بالجوارح» ألا ترى أن من اهتم بشيء ثم رقد أن اهتمامه يوجب انتباهه لأجلهء وإذا كان الاهتمام موجبا انتباه النائم فإيجابه لتذكر الغافل أولىء فليأخذ العبد حذراً من شياطين الآنس والجن أجمعين» وليستعين بالله على ذلك فهو نعم المستعان ونعم المعين . فتيقظ: يا أخي رحمك الله فإن الأمر كما ترى وتسمع؛ وقس على ما ذكرنا سائر الأفعال والأحوالء وأستعن بالله وأستعذ بهء فإن الأمر بيده ومنه التوفيقء ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم» وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. تم الجزء الثاني ويتلوه الجزء الثالث وأوله القنطرة الحادية عشرة قنطرة النفس ) سورة الزمر الآية: ٤۷. فهرس المحتويات قنطرة الزكاة الباب الأول : في فضل الزكاة ووعيدها ‎‏ ‏الباب الثاني : في أنواع الزكاة وأسباب الوجوب ‎‏ ‏النوع الأول: زكاة النعم النوع الثاني : زكاة المعشرات ‏النوع الثالث: زكاة النقدين‏ ‏النوع الرابع : زكاة التجارة ‎‏ ‏النوع الخامس: في الركاز والمعادن النوع السادس : في صدقة الفطر ‎‏ ‏الباب الثالث: في الأداء وشروطه الباطنة والظاهرة ‎‏ ‏الباب الرابع : في القابض وأسباب استحقاقه ووظائف قبضه ‏الباب الخامس: في صدقة التطوع وفضلها وآداب أخذها وإعطائها الفصل الأول: في فضيلة الصدقة من الأخبار والآثار ‎‏ ‏الفصل الثاني : ‎‏ بيان إخفاء أخذ الصدقة وإظهارها ‎‏ ‏الفصل الثالث: في بيان الأفضل من أخذ الزكاة أو الصدقة قنطرة الحج الباب الأول: ينحصر في خمسة فصول ‎‏ ‏الفصل الأول: في فضائل الحج ‎‏ ‏الفصل الثاني : في فضيلة البيت ومكة ‎‏ ‏الفصل الثالث: في فضيلة المقام بمكة حرسها الله وكراهيته ‏الفصل الرابع : في فضل المدينة ‎‏ ‏الفصل الخامس: في شرائط وجوب الحج وصحته وأركانه وواجباته ومحظوراته الباب الثاني : في ترتيب الأعمال الظاهرة من أول السفر إلى الرجوع الجملة الأولى: في السنن من أول الخروج إلى الإحرام ‏الجملة الثانية: في آداب الإحرام من الميقات إلى دخول مكة ‎‏ الجملة الثالثة: في آداب دخول مكة إلى الطواف ‎‏ الجملة الرابعة: في الطواف ‎‏ ‏الجملة الخامسة: في زمزم والسعي ‎‏ ‏الجملة السادسة: في الإحرام بالحج والخروج إلى منى ‏الجملة السابعة :في الدفع من عرفات والوقوف بالمشعر الحرام ورمي حجرة العقبة الجملة الثامنة: في بقية أعمال الحج الجملة التاسعة: في طواف الوداع ‎‏ ‏الجملة العاشرة: في زيارة مسجد المدينة وقبر النبي عليه السلام فصل في سنن الرجوع من السفر ‎‏ ‏الباب الثالث: في الآداب الدقيقة والأعمال الباطنة ‎‏ ‏الجملة الأولى : في بيان دقائق الآداب ‎‏ ‏الجملة الثانية: في بيان الأعمال الباطنة ووجه الإخلاص في النية وطريق الاعتبار بالمشاهد الشريفة قنطرة الجهاد ذكر فضل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الباب الأول: في فضيلة الجهاد والرباط ا الباب الثاني: في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفضلهما والمذمة في إهمالهما وإضاعتهما فصل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‎‏ ‏الباب الثالث: في أركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شروطها وهي أربعة أركان المحتسب والمحتسب عليها والمحتسب فيها ونفس الاحتساب الركن الأول: المحتسب ‎‏ ‏الركن الثاني : فيما فيه الاحتساب ‎‏ ‏الركن الثالث: المحتسب عليه الركن الرابع: في نفس الاحتساب ‎‏ ‏الباب الرابع: في المنكرات المألوفة في العادات ‎‏ ‏الباب الخامس: في أمر الأمراء والسلاطين بالمعروف ونهيهم عن المنكر قنطرة التوبة الباب الأول : في فضل التوبة ووجوبها ‎‏ ‏الباب الثاني : فيما عنه التوبة وهي الذنوب كلها ‎‏ فصل أن الذنوب على وجهين أحدهما ذنوب بين العبد وبين الله ‎‏ ‏الثاني ما يتعلق به حق العباد ‎‏ ‏فصل أن الذنوب تنقسم إلى قسمين صغائر وكبائر ‏الباب الثالث: في شروط التوبة التي لا تقبل إلا بها الباب الرابع : في بيان أقسام التائبين في دوام التوبة الناس في التوبة على أربع طبقات ‎‏ ‏الطبقة الأولى : أن يتوب كما قدمنا ويستقيم على التوبة إلى آخر عمره الطبقة الثانية: أن يتوب ويسلك سبيل الاستقامة في أمهات الطاعات ‏الطبقة الثالثة : أن يتوب ويستمر على الاستقامة ‎‏ ‏الطبقة الرابعة: أن يتوب ويمض على الاستقامة ‎‏ ‏الباب الخامس: في السبب الباعث على التوبة وكيفية العلاج في حل عقد الإصرار ‏قنطرة الدنيا الباب الأول: في ذم الدنيا ‎‏ ‏الباب الثاني : في مدح الدنيا ‎ ‏ الباب الثالث: في أمثلة الدنيا ‎‏ الباب الرابع: في حقيقة الدنيا وتفصيل جملة معانيها الباب الخامس : في ترك الدنيا والزهد فيها ‎‏ ‏فصل في الزهد ‎‏ ‏فصل أن الزهد في الدنيا يفيد الإنسان أمرين كثرة العبادة – شرف العمل وعظم قدره به قنطرة الخلق الباب الأول: في الدين ‎‏ ‏الفصل الأول :في الولاية والمحبة لهم والعداوة والبغض لمن خالفهم الفصل الثاني : في السلام ‎‏ ‏الفصل الثالث: في الاستئذان ‎‏ ‏الفصل الرابع : في زيارة الإخوان ‎‏ ‏الفصل الخامس : في عيادة المرضى ‎‏ ‏الفصل السادس: في جملة من حقوق المسلم ‎‏ ‏الباب الثاني : في حق النسب ‎ .‏ الفصل الأول : في حقوق الآباء والأمهات وما ينافيها من العقوق والآفات ‎ ‏ الفصل الثاني: في حقوق الأولاد ‏الفصل الثالث: في حقوق المناسبين للإنسان ‎‏ ‏الباب الثالث: في المصاهرة ‎‏ ‏الفصل الأول: في الوجوه المطلوبة بعقد النكاح ‎‏ ‏الفصل الثاني : في حقوق الزوجة ‎‏ ‏الفصل الثالث: في حقوق الزوج ‎‏ ‏الباب الرابع: في حق الجوار ‎‏ ‏مسألة في حق الجار ‎‏ ‏الباب الخامس : في حق ملك اليمين ‎‏ ‏فصل في حق السيد على عبده ‎‏ ‏الباب السادس : في الإخاء ‎‏ ‏فصل في حق الأخوة والصحبة ‎‏ ‏الباب السابع : في حق المروءة والبر وإسداء المعروف والخير الفصل الأول: في واجب المروءة والبر ‎‏ ‏الفصل الثاني : في إسداء المعروف وحق الضيف وابن السبيل وإغاثة الملهوف الباب الثامن: في الإفضال الواجب في الأموال ‎‏ ‏فصل في حقوق اليتامى واجبة على كافة المسلمين ‏فصل في السائلون فقد أوجب الله حقهم ‎]‏ ‏فصل في التحذير عن مخالطة الناس والحث على العزلة قنطرة الشيطان فصل أن الشيطان منصوب لمحاربتك مستعداً لعداوتك فصل في مجاهدة الشيطان ‎‏ ‏مجاهدته في ثلاثة أشياء ‎‏ ‏أحدها: أن يعلم الإنسان مكائده وحيله فلا يتخالس الثاني : أن يستخف دعوته فلا يعلق قلبه به ‎‏ ‏الثالث: أن تديم ذكر الله تعالى بلسانك وقلبك ‎