ay ۲ 2 ‏ا‎ 2 ۱ 2 : 4 2 4 7 : : 1 AE ESS AEA n ES - ‏ا س‎ ‏م‎ bet AA it Sar A Mı 4 LARA Ae PN ‏ب‎ " DCR د ‎Sk ARNEY‏ ل 37 ا : ‏3 ‏ا ‎N‏ ا ‏}> ‏ج ‏: ‎ ‏ب ‏1 ‏و ‎EZ‏ ‏21 ‎Fd ۷‏ ۸ 5 . : ا ر ‎ ‎. . 1 1 u4 : ‏ر‎ ‎NY ‎RN ‎: ‎: ‏ن ‏ت 3 د 4 ا ‎N 7 1 ۱ ۹ 2 ‏ل‎ ‎N 0 ‏ا‎ ‎ENA ‏ن ‎A 0 :‏ ۹ ‎Aa :‏ ‎LA ETS‏ ‏ی مد ایی : ‎E O‏ ‎ ‏2 ن ا ا ‎ ‎ ‏ت تد ات تپ ت سم ‎7 ‏ت ے3 ‎ ‎۳ ‎e ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ رین الإمام| امعان ِ اي لالنفويي ` | رار الما ن اقاس سے 7 سند لسووی خسن خلاف جود ل لسم سىك جميع الحقوق محفوظة Copyright © All rights reserved Tous droits réservés جميع حقوق اللكية الادبية والفنية محفوظة لدارالكثب العلميذ بيروت-لبنان ويحظر طبع أو تصوير أوترجمة أوإعادة تنضيد الكتاب كاملا أو مجزأ أوتسجيله على أشرطة كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على اسطوانات ضوئية إلا بموافقة الناشرخطيا. Exclusive Rights by Dar Al-Kotob Al-ilmiyah Beirut - Lebanon No part of this publication may be translated, reproduced, distributed in any form or by any means, or stored in a data base or retrieval system, without the prior written permission of the publisher. Droits Exclusifs ù Dar Al-Kotob Al-ilmiyah Beyrouth - Libc.ı Il est interdit ù toute personne individuelle ou morale d'éditer, de traduire, de photocopier, d'‘enregistrer sur cassette, disquette, C.D, ordinateur toute oroduction écrite, entière ou partielle, ians l'autorisation signée de l'éditeur. الطبعة الأولى ۲ه ۰۱٠م ضار الكثب العلميذ بیروت - لبنان رمل الظريفء شارع البحتري؛ بناية ملكارت هاتف وفاکس : ۳۱۱۳۹۸ ١۳٠۲-۳۱۱٤٢٥۳۷۸ )۱ ۹11( صندوق بريد : ١١١۹١۱۱ بيروت .لبان ‎Dar Al-Kotob Al-ilmiyah‏ ‎Beirut - Lebanon‏ ‎Rael Al-Zarif, Bohtory St, Mekart Bldg, Ist Floor‏ ‎Tel. & Fax :00 (961 1) 37.85.42 - 36.61.35 - 4.98‏ ‎PO.Box : 1| - 9424 Beirut - Lebanon‏ ‎Dar Al-Kotob Al-ilmiyah‏ ‎Beyrouth - Libon‏ ‎Ramel Al-Zarif, Rue Bohtory, Imm. Mellart, lére Ege‏ Tel. & Fax :00 (¥61 1) 37.85.42 - 36.61.35 - 198 BR: 11 - 9424 Beyrouth - Liban -7451-2289 4 JINN http://www.al-ilmiyah.com/ e-mail: sales@al-ilmıyah.com info@al-ilmiyah.com baydoun@al-lImiyah.com اال لتحي : لله حم شش ہپ د ررردتہ / القنطرة الحادية عشر قنطرة النفس وبالله التوفيق» قال الله سبحانه حكاية عن يوسف عليه السلام: وما رى تسى ِن لنَْسَ لأََارَة بالُوء إلا ما رم ري4 الآية. وفي الحديث عن رسول الله يٍَ: «أعدى عدوك: نفسك التي بين جنبيك» ثم أهلك؛ ثم عيالك»”. وروي أن أعرابية دعت لرجل فقالت: كبت(" الله كل عدو لك إلا نفسك» فأخذه بعض قلبي إلى ماضرنىي داعي يكثر أسقامي وأوجاعي كيف احتراسي من عدوي إذا كان عدوي بين أضلاعي على الإنسان أن يشتغل بمعالجتها وقمعها عن الانهماك في شهواتهاء وأن يسيء الظن بها في جميع حالاتها؛ لأن جنس الظن /بها ذريعة إلى تحكيمهاء وتحكيمُها داع إلى سلاطتهاء [۳] وفساد الأخلاق بها. وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: العاجز من عجز عن سياسة (١) سورة يوسف الأية: ۳٥. () قال الحافظ العراقي في المغني: رواه البيهقي في كتاب الزهد من حديث ابن عباس وفيه محمد بن عبد الرحمُن بن غزوان أحد الوضاعين. () في الأصل: كتب. وأحسبه تصحيف لسهو الناسخ. [۲] ٤ قنطرة النفس وقال بعض الحكماء: من ساس نفسه» ساد ناسه. وقال النبي عليه السلام: «الشديد من غلب نفسه» ٩ . وعن عون بن عبد الله أنه قال: «إذا عصتك نفسك فیما کرهت ؛ فلا تطعها فیما أحبيت» ولا يغرنك ثناء من جهل أمركء فيلزم الإنسان أن يشتغل يعلاج نفسه؛ لأن داءها أعضل الداءء ودواؤها أشكل الدواء وإنما ذلك لأمرين: أحدهما: أنه عدو من داخل» واللص إذا كان من داخل صعبت الحيلة فيهء وعظم الضرر منه. وقد قال النيسابوري : ما حيلة الريح إذا من داخل هبت وفلك أوتیت من ساحل والثاني : أنه عدو محبوب؛ والإنسان أعمى من عیب محبوبه لا يکاد يبصره › وقد قال النبي عليه السلام: «حبك الشيء يُعمي ويَصّم»"". كما قال الشاعر فعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا فإذاً يستحسن الإنسان من نفسه كل قبيح› ولا يكاد يطلع لها على عيب يدنسها. فإدا كان كذلك› فما أوشك أن توقعه في فضيحة وهلاك وهو لا يشعر إلا إن عصمه الله برحمته› وإنما كانت أشد الأعداء؛ لأنها لا يمكن التجرد عنهاء ولا أن يقهرها بمرة فيشتغل بغيرها لأنها مطيته التي يقطع بها مسافة العمرء ولا مطمع له في الموافقة على الطاعة والخير؛ لأنها مجبولة على اتباع الشهوة التي هي معدة كل شيء. فحياة الإنسان مقرونة بحياتهاء وموته متعلقة بموتهاء كما فال القائل : ولقد هممت بقتلها من أجلها کيما تكون خصيمتي ف فى المحشر ثم ارتجعت فقلت روحي روحها فإذا هممت بقتلها لم أقدر 0 فلما كان حال النفس هكذا كان الإنسان محتاجاً إلى أن يلجمها بلجام التقوى» / لتبقى له فلا تتقطع . وتنقاد فلا تطغی وتمرح› فيستعملها في المصالح والمراشك؛ ويجنىها طرف المهالك والمفاسد؛ لأن هذه النفس دابة جموح ومطية صعبةء إن أسرفت عليها في التأديب )۱( ذکره الزبييدي في إتحاف السادة المتقين )0/۸( (۲) أطرافه عند: أبي داود في الستن (۳۰٠٠)› أحمد في المسند (٥/١۱۹)› (/٠٠٤) التبريزي في مشكاة المصابيح (٨۹٤). الخطيب البغدادي في تاریخ بغداد (۱۱۷/۳) وقال العراقي في المغني (۳۱/۳) رواه آبو داود من حديث أبي الدرداء بإسناد ضعیف. قنطرة النفس ‎o‏ ‏أهلكتها وأهلكت نفسك وإن أهملتها أضرت بك وصرعتك» فتحتاج إلى طريقة بين طريقتين : تربية وتغذية بقدر ما تحتمل من فعل خير وترك شر فأنت من أمرها في علاج شدید ونظر فإن قيل: فما الحيلة في تذليل هذه الدابة حتى تنقاد بلجام التقوى؟ فاعلم أن العلماء قالوا: إنما تذلل النفس ويكسر هواها بثلاثة أشياء : إحداها: منع الشهوات بالصوم رغيره فإن الذّابة الحرونء تلين إذا نقص من علفها ولذلك قال عليه السلام: «معاشر الشباب من استطاع منكم الباء فليتزوج ومن لم يستطع فليصم؛ فإن الصوم له وجاء". يعني خصاء والمعنى في ذلك أن الصوم يضعف النفس ویکسر شهواتها. والثاني : حمل أثقال العبادة فإن الحمار إذا زيد في حمله مع نقصان علفه تذلل وإنقاد. الثالث: الاستعانة بالله والتضرع إليه أن يعينكء وإلاً فلا مخلص لك من شرها. اما تسمع قول الصديق عليه السلام: وما أَبْرىء تفي إن الَسَ لأَارَة بالتُوء إلا مَا رَه ري فإذا واظبت على هذه الأمور الثلاثة انقادت لك النفس الجموح» بإذن الله تعالى فحيتتذٍ تبادر أن تلجمها وتملك أمرها وتأمن من شرها. فإن قيل: فبين الآن ما هي" التقوىء حتى نعلمها”**؟ فاعلمٌ أن العلماء قالوا: التقوى تبرئة القلب عن ذنب لم يسبق عندك مثلهء حتى تجعل للعبد”” من قوة العزم على تركها وقاية بينه وبين المعاصي؛ وذلك لأن أصل لفظة التقوى في اللغة هو الوقاء بالواوء وهو مصدر وقى يقي وقاية ووقوا فأٍدلت الواو ياء كما في الوكلان والتكلان ونحوها فقالوا: تقوى فإذاً لما حصلت وقاية بين العبد وبين المعاصي /من فوة عزمه على تركهاء وتوطين قلبه على ذلك [١] فيوصف" بأنه متق» ويقال لذلك: لتنزيه والعزم والتوطين تقوى. (١) قال الحافظ العراقي في معنى هذا الحديث: متفق عليه من حديث ابن مسعود «من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لا فليصم فإن الصوم له وجاء'. (۲) سورة يوسف الاية: ۳٥. () فى الأصل: هو. €3 فی الأصل: تعلمه. (٥) في الأصل: العبد. () جاء بعدها في الأصل حرف (ح) ووضع فوقه علامة (ص) أي هكذا بالأصل المنقول عنه فحذفتها من السياق وأئبتها هنا بالهامش. قتطرة النفس والتقوى: أصل جامع لخير الدنيا والأاخرة وهي وصية الله الذي هو أرحم الراحمين وأتصح الناصحين لعبادة الأولين والآخرين قال الله سبحانه: وَلقَدُ وَصَيْنا لذي أُوتُوا الكتَابَ من فَلِكُمْ واكم أن اد تقو الڳ. ولو كانت ذ في العلم خصلة هي أصلح للعبد وأجمع للخير وأعظم في الاجر وأعظم في القدر من هذه الخصلة التي هى التقوى لكان الله سبحانه أمر عباده بها وأوصى”" خواصه بذلك لكمال حكمته ورحمته وكأن خيرات الدنيا والآخرة جمعت فجعلت تحت هذه الخصلة الواحدة التي هي التقوى. وتأمل ما في القرآن من ذكرهاء کم علق بها من خير وكم وعد عليها من ثواب» وكم أضاف إليها من سعادة يطول ذكر ذلك؛ ويکفي فيه قول الله تعالى : ألا إن أوْلياء الله لا حَوْف عَلْهمْ وَ ولا هم يرون الَذِينَ منوا وَكَانوا َنَقُونَ لهم المُشْرَّى في اليا وَفي الحياة الآخرة»” الاية. ثم الذي يخص هذا الشأن من أمر العبادة ثلاثة أصول: أحدها: التوفيق والتأييد. أولاً: وهو التوفيق كما قال الله تعالى : أ الله مَع الَذِينَاقوا4” الآية. الثاني: إصلاح العمل وتمام التقصير وهو للمتقين كما قال الله تعالى : «اَقُوا الله وقُولُوا قول سديداً يُصْلِح لكُم أَعْمَالكُ€ الآية والثالث: قبول العمل وهو للمتقين» قال الله تعالى: َإنَمَا يَعَفَيَل الله من المَفر€”. ومدار العبادة على هذه الأمور الثلائة: التوفيق أولاً حتى يعمل ثم الإصلاح للتقصير حتى يتم ثم القبول إذا تم» وهذه الثلائة من أجلها يتفرغ العابدون إلى الله تعالى. ويسألون ويقولون: ربناء وفقنا لطاعتك» وأتمم تقصيرناء وتقبل مناء وقد وعد الله ذلك للمتقين سألوا [] أو لم يسألوا إلى ساثر ما وعد لهم من أصناف الخيرات. / وأنا أذكر بعضها لتستدل بها على جملتها منها. (١) سورة النساء الآية: ١۱۳ . )۲( جاء بعدها لفظ : «بها» وهو زائد على السياق فحذفته . () سورة يونس الايات: ١٦ ۳٦ ١٤٦. () سورة النحل الأية: ۸١۱. )0( سورة الأحزاب الايتان: ۷۰ ا۷. )ا( سورة المائدة الآية: ۷ . قتطرة النفس ۷ المدحة والثناء : قال الله تعالى : ورن تَصيرُؤا وَتَتَقُوا فن ذلك من عَْم الأمُور»”° الآية. ومنها: الحفظ والحراسة من الأعداء. قال الله تعالى: وان تَصْبروا وَنَتَقُوا ل يضركُم كَدُهم شيا ۷4٩ . ومنها: النجاة من الشدائدء والرزق من الحلال: قال الله تعالى: ومن ينق | له يَجعَل ل“ شخرجا وروق من حَيْث لا يتس ‎RC‏ ‏ومنها: المغفرة: قال الله تعالى: وِوَتُولوا قَوْلاً م “يدا يُصْلِحُ لَكُم أَعْمَالْكُمْ وب يعفر لكُمْ ذوبكە الاية. ومنها: محبة الله تعالى : قال الله تعالى : إن الله يحب المَقين ”°° . ومنها: الإكرام والإعزاز: قال الله تعالى: إن أَكُرَ مَكمُ عن الله اک « لوالله وَل المَقِ”” ومنها: البشارة عند الموت: قال الله تعالى: الّذينَ ءمَنُوا وكانوا يَعَقُونَ لهم الكُشْرَّىٰ في الْحياة ادنيا وفي الأَخِرة4”. ومنها: النجاة من التار: قال الله تعالى: تُه جى الَذِينَ اَقوا4”. ومنها: الخلود في الجنة: قال الله تعالى : أل بم وها ك عى اد توا . وبالجملة إن كل خير وسعادة في الدارين تحت هذه التقوى رزقنا الله منها أوفر حظ ونصيب. فصل: في ذم النفس وإلجامها بلجام التقوى قال الله سبحانه: ولا َقيمُ بالَّفْسِ اللُوَامَة»'. قال بعض السلف: النفس 4 ے3 (١) سورة آل عمران الأية: ١۱۸ . (۲) سورة آل عمران الأية: ١١٠ . (۳) سورة الطلاق الأيتان: ٠٠ ۳. (8) سورة الأحزاب الأيتان: ۷۰ ٠۷. () سورة التوبة الأية: £ . (1) سورة الجحرات الآية: ١٠ . (۷) سورة الجائية الآية: 1۹. (۸) سورة يونس الآيتان: ١٩ ١٤٠. () سورة مريم الآية: ٢۷. (١٠) سورة الرعد الآية: ٢۳. (١) سورة القيامة الآية: 7. ۸ قنطرة النفشس الأمارة بالسوء هي الداعية إلى الهلاك المعينة للأعداى المتبعة للهوى» المتمتعة بأنواع الأسواء . وقيل لبعض العلماء : متی يصیر داء النفس دواۋها؟ فقال : إذا خحالفت هواها. وقال بعض العلماء: النعمة العظمى الخروج من النفس؛ لأن النفس أعظم حجاب بيتك وتامل أصلحك الله نكثة واحدة في النفس تقنعك ١٠ وهي أنك إذا نظرت وجحدت أصل كل قبيحةء وخزي» وفضيحةء وهلاك وفتنة وقعت في الخلق من أول الدنيا إلى آخرها إنما جاء من قبل هذه النفس. إما بها وحدها و بمعونتها ومشاركتها ومساعدتهاء فول المعصية لله إنما كانت من إبلیس اللعين › وكان سببه بعد القضاء السابق هو النفس بکبرها وحسد‌ها [۷] ألقته بعد عبادة ستة آلاف سنة وقيل: ثمانين ألف /سنة فيما ذكر في الكتاب» فألقته في بحر الضلال أبد الابدين إذ لم تكن هناك دنيا ولا شيطان؛ بل كانت النفس بكبرها وحسدها فعملت ما عملت؛ ثم ذنب آدم وحواء عليهما السلام طرحتهما شهوة النفس في ذلك وحرصها على البقاء والحياة حتى اغتر بقول إبليسء فكان ذلك بعون النفس وشركتها حتى خرجت من جوار الله تعالى وقرار الفردوس إلى هذه الدنيا الحقيرة النكدة الفانية المهلكة› ولقي أولاده ما لقوا من ذلك اليوم إلى الأخرة ثم حديث قابيل وهابيل كان سببه الحسد والشح› ثم هلم جره إلى يوم القيامة› فلا نجد في الخلق فتنةء ولا فضيحة ولا ضلالا ولا معصية› إل وأصلها النفس وهواهاء وال کان فصل: في التقوى وقد تقدم معناها وإلجام النفس بلجام التقوى ولكن نشير إلى طرف من فضلها ومدحه المتصف بها وفي الحديث جاء رجل إلى رسول الله يَف فقال: يا نبي الله أوصيني. قال: «عليك بتقوى الله فإنها جماع كل خير وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلامء وعليك بذكر الله فإنه نور لك . () أطراف الحديث عند: الطبراني في الصغير (16/۲)› السيوطي في الدر المتثور (٦/44)› المتقى فى الكنز (۷٤٤۳٤)؛ الهيثمي في مجمع الزوائد (٤/٢٠۲)› (٠٠/۳۰1). 0 قنطرة النفس ۹ وعن بعضهم قال: سمعت ابن عطاء يقول: للتقوى ظاهر وباطن» فظاهرها'" محافظة الحدود» وباطنها”" النية والإاخلاص. وعن تتادة قال: مكتوب في التوراة يا ابن آدم اتق الله ونم حيث شئت. وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما أعجب رسول الله ية شيء من الدنياء ولا يعجبه إلا ذو تقى. وتأمل نكثة واحدة في فضل التقوى وهي . هب أنك جاهدت في العبادة طول عمرك؛ حتى حصل لك ما تمنيت» أليس الشأن كله في القبول؟ وقد قال الله تعالى : ما يتيل ۵ من الْمَُقِي€. فر جع الامر كله إلى التقوى فعليك يا أخي بهذه التقوى إن أردت عبادة الله ٩ أردت سعادة الا وكراة الأعرة ولقد صدق القائل : من اتقى الله فذاك الذي سيق إليه المتجر الرابح / آخر: وعن علي بن أبي طالب أنه قال: سادات الناس في الدنيا الأسخياء وفي الأخرة الأتقياء . وینشد: مابال من أوله نطفة وجه ی ره يخر لا فخر إلا فخر أهل التقى غخداً إذا ضمهم المحشر علمها والعمل بهاء فبين لنا تفصيلها؟ فاعلم أنها لعمر الله أمر عظيم وخبر جسيم» ولكنك تعلم أن كل خطير وكبير يحتاج في اجتلابه إلى طلب کثیر وتعب کثی ر وجهد شديد› وهمه عالية› ونهمس عن دناءة الأخلاق آبية؛ للأن من طلب عظيماً خاطر بعظيمةء وإن المكارم على حسب احتمال المكاره» ولله در القائل : () في الأصل: فظاهره. () في الأصل: وباطنه. (۳) سورة المائدة الآية: ۲۷. [۸] لا تحسب المجد تمر أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر لا يدرك العلم بطال ولا كسل ‏ ولا ملول ولا يلقاء من نظر ولیس يدركه إلا فتى يقظ قد كابد الجد والدؤب والسهر اعلم أن التقوى في اللغة قد تقدم معناهاء وأما في القرآن فإنها تنطلق على ثلائة أسياء : إحداها: معنى الخشية والهيبةء قال الله تعالى: ®وًَاىٰ فَاَقُون»”°. ®واتقُوا يَوْماً تَوْجَعُونَ فيه إلى الله ې" . والثاني : بمعنى الطاعة والعبادةء قال الله تعالى: يا أيها الذي أمَثوا افوا الله حي ا الأية. عن ابن عباس : أطيعوا الله حق طاعته . قال مجاهد : هو أن يطاع ولا يعصى › وأن يذكر ولا ينسى» وأن يشكر ولا يکفر. والثالث: بمعنى تنزيه القلب عن الذنوبء وهذه هي الحقيقة في التقوى ؛ لن محل التقوى القلب» قال الله تعالى: «فََهَا ِن تَفوى الَْلُوب”. قال بعض العلماء: يستدل على ]۹[ تقوى / الرجل بثلائة : بحسن بحسن التوكل فیما لم ينل وحسن الرضی فیما قد نالء وحسن الصبر على ما فات. قال الله تعالى: ومن بطع الله وَرَسُولهُ وَيَخْشَ الله وَبَتَقه فوك هم الْفَائرُونَ»“. 1 ذكر الطاعة والخشيةء ثم ذكر التقوىء فتبين أن حقيقة التقوى معنى سوى الطاعة والخشية وهو تنزيه القلب عن ذنب لم يسبق منك مثله. ثم قال العلماء: منازل التقوى نلان : تقوى عن الشرك› و تقوى عن البدعة› وتقوى عن المعاصي الفرعية. قالوا: وقد أشار القرآن إلى هذه المنازل الثلاث . قال الله تعالى : : ليس على الَذِينَ ءَامَنُوا ا ات جع نیا یش زا ما افوا و واوا وعو اللاي أ را ونا 4ء بهو (١) سورة البقرة الآية: ١£ . (۲) سورة البقرة الآية: ۲۸۱. () سورة آل عمران الآية: ١١٠. (8) سورة الحج الآية: ٢۳. (0) سورة النور الآية: ٥٥ . () في الأصل: قالت. (۷) سورة المائدة الآية: ۹۳ . قنطرة النفس ١۱ التقوى الأولى: عن الشرك؛ فالإيمان في مقابلة التوحيد. والتقوى الثانية: عن البدعةء والإيمان الذي ذكر معها إقرار لمخالفتها . والتقوى الثالثة: عن المعاصي الفرعية» ولا إقرار في هذه المنزلةء فقابلها الإحسان وهو الطاعة فالأية جمعت المنازل الثلاثة . وقد ورد في الحديث أيضاً: أن التقوى بمعنى اجتناب فضول الحلالء وذلك قوله عليه السلام: «إنما سمى المتقون متقين لتركهم ما لا بأس فيه مخافة ما فيه البأس». فالتقوى على هذا المعنى هو اجتناب كل ما تخاف منه ضرراً في دينك وذلك قسمان: ومحض الحرام والمعصيةء وفضول الحلال؛ لأن الانهماك في الحلال يفضي بصاحبه إلى العصيانء وذلك لشْرَه النفس وطغيان الهوى» فمن أراد أن يأمن في دينه الضرر اجتنب كل ما فيه الخطرء وامتنع من فضول الحلال حذراً إن يجره إلى محض الحرام على ما قاله عليه السلام: «لتركهم ما لا بأس به حذراً عما به البأس؟» يعني لتركهم فضول الحلال حذراً من الوقوع في الحرام» فالتقوى الجامعة البالغة اجتناب / كل ما فيه ضرر لأمر الدين وهو المعصية والفضول. ]1[ وأما حدٌ التقوى على موضع الشرع فهو: تبرئة القلب عن شر لم يسبق منك مثله بقوة العزم على تركه حتى يصير ذلك وقاية بين الإنسان وبين كل شر. ثم الشرور ضربان : شر أصلي : وهي المعاصي المحضة . وشر غير أصلي: وهو ما نهي عنه تأديباًء وذلك فضول الحلال كالمباحات المأخوذة بالشهوات . فالأولى : تقوی فرض یلزم بتركها عذاب النار . والثانية: تقوى خير وأدب يلزم بتركها الحساب والتوبيخ فمن أتى بالأونى فهو في الدرجة الأولى من التقوىء وهي منزلة مستقيمي الطاعة. ومن أتى بالأخرى فهو في الدرجة الأعلى من التقوىء وذلك منزلة مستقيمي المباح› وإذا جمع العبد بينهما على اجتناب كل معصية وفضول فقد استكمل معنى التقوى› وقام بحقهاء وذلك هو الورع الكامل الذي هو ملاك أمر الدينء فهذا معنى التقوى وبيانها في الجملة وبالله التوفيق . فصل: في كيفية إلجام هذه النفس التي عنينا بها اعلم أن إلجام النفس بلجام التقوى هو أن تقوم عليها بقوة العزم» فتمنعها عن كل معصية ١۱ قنطرة النفس وتصونها عن كل فضول؛ فإذا فعلت ذلك كنت قد اتقيت الله تعالى في عينكء وأذنكء ولسانكء وقلبك؛ ويطنك» وفرجكء وجميع أركانك وألجمتها بلجام التقوىء وشرح ذلك يطول ولکنا نشير إلى ما لا بد منه. فنقول: من أراد أن يتقي الله عز وجلء فلیراع جوارحه التى هى نعمة من الله تعالى بها عليه وأمانة ائتمنه عليهاء ولا يعصيه بها؛ لأن الاستعانة بتعمة الله على معاصية غاية الكفرانء وخيانته في أمانة أودعها عنده غاية الطغيان› 1 فأعضاء العبد رعاياه فلينظر كيف يرعاهاء وفي الحديث: «كلكم راع وكاكم مسؤول /عن a . ‏رعه؟*‎ وجوارج الإنسان تشهد عليه وم القيامة على رؤوس الخلائق› قال الله تعالى : ويو تشهد َم السسَتُه ديهم و وارجلۇم€. وقال: وما کُم تَسَْرُونَ أن يهد عَليكُمْ َ‫ ی لا ولا أبصَاره ولا جُلُو کې جاء في التفسير أن الجلود هاهنا الفروج. فاحفظ يا أخي - أصلحك الله - جوارحك وخصوصا أعضاؤك الثمانية فإنهن الأصول وهن: القلب واللسانء والعينء والأذنء والبطنء والفرج› واليدان والرجلان. وفضول وإسراف في حلال› ولا سیما منهن خحمس وهي . القلبء واللسان› والعين ٠ والأذنء والبطن» فإنه إذا حصّل الإنسان صيانة هذه الأعضاءى فمرجو أن يكفى سائر جوارحه فيتحصر ذلك حينئلٍ في مقدمةء وخمسة أبواب. فصل: في بيان المقدمة في ذكر الهوى قال الله سبحانه : «َأَفَرَعَيْتَ ت مَن اَعَد لهه هَو راه الاية. وعن ابن عباس رضي الله عنه آنه قال : یری بسن دود له ثم را :5 وت من اَعَد لهه موا . وعن علي بن بي الحق. ولما طول الأمل فيتس الأعرة. (۱) قال الحافظ العراقي في المغني: متفق عليه من حديث ابن عمر. () سورة ة النور الاية: ٤۲ )۳( رة فصلت الاية: ٢٢ . )4( سورة الجالية الآية: ۴٢ قنطرة النفس ۱۳ وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: اقرعوا هذه النفس عن شهواتها؛ فإنها طلاعة تنزع إلى شر غاية أن هذا الحق ثقيل مريء وأن الباطل خفيف وبيء. وترك الخطيئة خير من معاندة التوبةء وربما نظرة زرعت شهوةء وشهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً . وعن النبي عليه السلام أنه قال : «طاعة الشهوة داء وعصيانها دواء). وعن عكرمة في قوله تعالى: لوَلكنّكم فَنْعْم أنفْسَكْم4/ بالشهوات «وَربصْتُمْ€ يعني [١1] ‎o ‫َ‏ ۰ ب ےط ‎I‏ ۰ م ‎E‏ ‏بالتوبة. وَارتَبْنَّم» يعني في أمر الله تعالى. وَعَرَتَكُمْ لمانو . بالتسويف. حى جاءَ امز لله . يعني الموت. «وَعَرَكُم بالله القَرُورڳ”". يعني الشيطان. ‏وعن الشعبي أنه قال: إنما سمي الهوى هوا؛ لأنه يهوي بصاحبه. وينشد لهشام بن عبد الملك : ‏إذا أنت لم تعص الهوى قادك الهوى إلى كل مافيه عليك مقال ‏وقال بعض الأعراب : الهوى هوان ولكن قلب اسمه» فنظمه بعض الشعراء فقال : ‏إن الهوى هو الهوان قلب اسمه فإذا هویت فقد لقيت هوانا ‏وفي منثور الحكم من أطاع هواه فقد أعطى عدوّه مناه. وقال بعض الحكماء: العقل صدیق مقطوع › والهوى عدو متبوع. ‏وقال بعص البلغاء : أفضل الناس من عصی هواهء وأفضل مله من رفضص دنیاه . وقال بعض الشعراء : ‏إذا ما رأيت المرء يقتاده الهوى فقد ٹكلته عند ذاك ثواكله ‏وقد أشمت الأعداء جهلاً بنفسه وقد وجدت فيه مقالاً عواذله ‏وما يردغ النفس اللجوج عن الهوى من الناس إلا حازم الرأي كاملة ‏فلما كان الهوى على الإنسان غالباً وإلى سبيل المهالك مورداء جعل العقل عليه رقيباً مجاهداً يلاحظ غرة غفلته› ويدفع سطوته؛ بادرته ويوضح خداع حیلته ؛ لأن سلطان الهوی قوي» ومدخل مَكره خفي. ولذلك قال بعض الحكماء: الهوى ملك غشوم› ومتسلط ظلوم. ‏ہہ ‏() سورة الحديد الآية: ١٠. ‎ ‎ ٤۱ قنطرة النفس فأما الوجه الأول: فهو أن يقوى سلطان الهوى بكثرة دواعيهء فيكل العقل من دفعها مع وضوح قبحها في العقل المقهور بهاء وحسم ذلك أن يستعين العقل بالنفس النفورةء فيشعرها [] ما في عواقب الهوى من شدة / الضرر وكثرة الأوزار. وقد قال عليه السلام: «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات»”° فأخبر عليه السلام أن الطريق إلى الجنة احتمال المكارهء والطريق إلى التار اتباع الشهوات. وقال علئّ: إياكم وتحكيم الشهوات على أنفسكم؛ فإن عاجلها ذميم» وآجلها وخيم؛ فإن لم تنفع فيها الرهبة فشوبها بالرغبة؛ فإنهما إذا اجتمعتا على النفس ذلت وانقادت› صبرت على الأيام حتى تولت فالزمت نفسي صبرها فاستمرت وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى فإن أطمعت تاقت وإلاً تسلت فإذا انقادت النقس للعقل› تم له الحظ الأوفى من ثواب الخال وثناء المخلوقين› وقد قال الله تعالى : «وأما مَنْ حَاف مقا ريه وهی النَفْسَ عَن الهَوَىٰ إن الْجَنّة هي الما وی4 . وعن الحسن أنه قال : أفضل الجهاد جهاد النفس›ء وینشد: قد يدرك الحازم ذو الرأي الحسن بطاعة الحزم وعصيان الهوى وقال بعض العلماء: ركب الله الملائكة من عقل بلا شهوة› وركب البهائم من شهوة بلا عقل › وركب ابن آدم من كليهما عقل وشهوة فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكةء ومن غلبت شهوته عقله فهو شر من البهائم» وینشد: إذا المرء أعطى نفسه كل ما اشتهت ولم ينهها تاقت إلى كل باطل وسافت إليه الاثم والعار بالذي دعته إليه من حلاوة عاجل وأما الوجه الثاني : : فهو أن ی ی مکره ٥ حتی نتموه أفعاله على العقل فيتصور لقح حسناًء وقد قال تعالى: «افَمَن ريه سُوءُ عَمَلِه فَراة خسنا . وذلك إنما يكون )۲( سوره زەك ا الآية: ٠. قنطرة النفس ٥\ أحدهما: حب/ النفس ذلك الشيء فتعمى عن عيبهء وقد قال عليه السلام: «حبك [٤1] الشيء يعمي ويصم». وينشد لعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب : ولست براءِ عيب ذي الود كله ولا بعض ما فيه إِذا كنت راضيا فعين الرضى عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا والسبب الثاني : هو اشتغال الفكر في تمييز ما اشتبهء وطلب الراحة في اتباع ما تسهل حتى يظن أن ذلك أحمد الأمرين فيتورط بخدع الهوى؛ وزينة المكر في أقبح الحالتينء ولذلك قيل عن عامر بن المطرب أنه قال: الهوى يقظان» والعقل راقد. وقيل في المثل: العقل وزير ناصح والهوی وکیل فاضح» وینشد: إذا أنت قد أعطيت بطنك سؤلها وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا فحسم السبب الأول أن يجعل فكر قلبه حكماً على نظر عينيهء فالعين رائد" الشهوةء والشهوة من دواعي الهوى» والقلب رائد”" الحق» والحق من دواعي العقل› ثم يتهم نفسه في صواب ما أحبته ليستبين له الحق؛ فإن الحق أثقل محملا فإن اشتبه عليه أمران اجتنب أحبهما إليهء لأن النفس تنفر عن الحق وتؤثر الهوى. وقد قال العباس بن عبد المطلب: إذا اشتبه عليك أمرانء فدع أحبهما إليكء وخذ أثقلهما عليك. وعلة هذا القول: أن الثقيل تبطىء النفس عن التسرع إليهء فيتضح مع الإبطاءء وطول الزمان صواب ما أستبهم؛ والمحبوب السهل تسرع النفس إليهء فيقصر الزمان عن تصفحه لفكره» ويفوت استدراكه لتقصير فعلهء فلا ينفع التصفح بعد العمل؛ والاستبانة / بعد [٥1] الفوت» وينشد: أليس طلاب ما قد فات جهلاً ودرك المرء مالا يستطيمع ولقد وصف بعض البلغاء الهوى وما يقارنه من محن الدنيا فقال: الهوى مطية الفتنة ٠ والدنيا دار المحنةء فانزل عن الهوى تسلم› واعرض عن الدنيا تغنم فلا يغرنك هواك بطيب الملاهي › ولا تفتنك دنياك بحسن العواريء فمدة الهوى تنقطع › وعارية الذهر ترتجع. فیتبقی عليك ما ترتكبه من المحارم وتكسبه من المخازي والمائم. وقال بعض علماء السلف: سمعتني امرأة في الطواف وأنا أنشد: )۱( قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (۳۱/۳) رواه آبو داود من حديث أبي داود بإسناد ضعیف . () في الأصل زائدء بالزاي المعجمة. (۳) في الأصل زائد» بالزاي المعجمة. ٦۱ ١ قنطرة النفشس أهوى هوى الدين واللذات تعجبني فكيف لي بهوى اللذات والدين فقالت: هما ضرتان” فدع أيهما شعت وخذ الأخرى. وأما الفرق بين الهوى والشهوة مع اجتماعهما في العلة والمعلول فهو أن: الهوى مختص بالأراء والاعتقادات› والشهوة تختص بنيل المستلذات فصارت الشهوة من نتائج الهوى فهي أخص والهوى أضل وهو أَعَمٌ ونحن نسأل الله أن يكفينا دواعي الهوىء ويصرف عنا سبل الرّدىء ويجعل التوفيق لنا قائداً والعقل لنا مرشداً. وقد حكي أن الله تعالى أوحى إلى عيسى عليه السلام: عظ نفسك فإن اتعظت فعظ ونحن كما قال بعض السلف: قلوب تعرف وألسنة تصف» وأعمال تخالف. فالله تعالى نسأله العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآأخرة. فلما كان العقل رقيب الهوى وسراجاً في القلب› الذي هو أشرف الأعضاءء كان لنا أن نبتدیء بذکر القلب وعلاجه ونرتب [ عليه ذكر الجوارح / وبالله التوفيق . الباب الأول في ذكر القلب قال الله سبحانه : يوم لا فع مال وَلاً نون إلا من أقى الله بقلب سليم»”. فأخبر أن سلامة القلب وطهارته من الغوائل هي سبب لنجاة الإنسان من عذاب القبر. فعليك يا أخي وفقك الله وإيانا بإصلاح القلب وبذل المجهود في ذلك؛ فإنه أعظم الأعضاء خطراء وأدقها أمراء وأشقها إصلاحاًء وأذكر لك فيه خمسة أصولء مقنعة لك عن كثرة الفصول. أحدها: قول الله تعالى: «ِيَعْلُمْ عَايَة الأَْين وما تُحْفِى الصّدُو»”. وقوله: ‎Te ۳‏ و . 1 وو 1 «وَاعلمُوا أن الله يلم ما في فيكم فاحُذرو»". وقوله: «إنّه عَلِيْمٌُ بذات () في الأصل: ضارتان؛ وهو تحريف واضح. (۲) سورة الشعراء الآيتان: ۸8۸ ۸۹. () سورة غافر الآية: 1۹. (4) سورة البقرة الآية: ٢۲۳. قتطرة الفس _ ۱۷ السّدُور»” ٠ وكم كرر ذكره في القرآن فکفی باطلاع العليم الخبير تحذيراً وتهديداً للخواص من العباد؛ لأن المعاملة مع علام الغيوب خطرة عسرةء فانظر ماذا يعلم من قلبك . والأصل الثاني: قول رسول الله يل حيث قال: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأبشاركم» ٩ . أو قال: «أموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» فالقلب إذاً موضع نظر رب العالمين فيا عجبا ممن يهتم بوجهه الذي هو موضع نظر الخلق فينظفه من الأدناس ويزينه لثلا يطلع عليه مخلوق فيه على عيب ولا يهتم بقلبه الذي هو موضع نظر رب العالمين فيطهره ويزينه ويطيبه كيلا يطلع الرب تعالى على دنس فيه وشين وعيب وآفة بل يهمله ویملاه بقبائح وأقذار وفضائح» لو أطلع الخلق على واحدة منها لهجروه وتبرأوا منه وطردوه» والله المستعان . الأصل الثالث: إن القلب ملك مطاعء ورئيس متبعء والأعضاء كلها له تبع› فإذا صلح /التابعء وإذا استقام الملك استقامت الرعية› يبين ذلك ما روي عن النبي ي أنه قال: «ٳِن في [۱۷] الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله وهي القلب»“ ٠ خزانة كل جوهر صرف العناية إليه. الأصل الرابع: أن القلب خزانة كل جوهر نفيس للإنسان وكل معنى خطيرء أولها العقلء وأجلها معرفة الله عز وجل التي هي سبب سعادة الدارين» ثم البصائر التي بها التقدم والوجاهة عند الله عز وجل» ثم النية الخالصة في الطاعات التي بها يتعلق ثواب الأبد ثم أنواع العلؤم والحكم التي هي شرف العبدء ثم ساثر الأخلاق الشريفة: من الجودء والكرم› والصبر والشكر اليقين» والزهدء والرضى والتوكل» والرحمةء والرآفة والحلم» والرفق› وغير ذلك مما يطول الكتاب بتعداده . وحقيق لمثل هذه الخزانة أن تحفظ من الأدناس؛» وتطهر من الأنجاسء وتحرس من السراق والقطاعء وتكرم بضروب الكرامات بل تعمر بأصناف الخيرات وأنواع القربات لثلا يلحق تلك الجواهر العزيزة دنس أو يظفر بها عدو مهلك. () سورة الملك الآية: ١۱ . () قال العراقى فى المغنى عن حمل الأسفار في الأسفار (٤/۱٥۳) عن نحوه: رواه مسلم من حديث أبي هريرة . ۱ )۳( في الأصل: «بضعة) والتصويب من إحياء علوم الدين (٤/ ٥۳)٠ () قال العراقي في المغنى بهامش المصدر السابق تعليقاً على هذا الحديث والذي جاء فيه بتحوه: متفق عليه من حديث النعمان بن بشير. قناطر الخيرات/ ج ۳/م۲ ۱۸ قنطرة النفس الأصل الخامس: وهو أن العلماء تأملت أحوال القلب» فوجدتها خمسة ليست لغيره من الأعضاء . أحدها: أن العدو قاصد إليه مقبل عليه ملازم له كما ورد في الحديث: «إن الشيطان جاثم على قلب ابن آدم» فهو منزل الإلهام والوسوسة يقرعه الملك والشيطان بالدعوتين أبداً» . والثاني: أن الشغل له أكثر فإن الهوى والعقل كلاهما فيهء فهو معترك العسكرين الهوى [] وجنوده» والعقل وجنوده» فهو أبداً بين تحاريهما. وتناقضهما / فيحق بالثغر أن يحرس ويخض ولا يغفل عنه. والثالث: أن العوارض له أكثر فإن الخواطر كالسهام لا تزال تقع فيه كالمطرء لا تزال تمطر عليه ليل ونهاراً لا تنقطع عنه ولا أنت تقدر على منعها فتمتنمء فليس بمنزلة العين التي هي بین جفنین تغمض فتستریح"""» أو تکون في موضع خال؛ أو ليل مظلم فتکفي رؤیتها. واللسان الذي هو وراء الحجابين: الأسنان والشفتينء وأنت القادر على منعهء بل القلب عرض للخواطر لا تقدر على منعها والتحفظ عنها بحال؛ ولا هي تنقطع عنك بوقت. ثم النفس مسارعة إلى اتباعهاء فالامتناع عن ذلك في مجهود الطاقة أمر شديد ومحنة والرابع : أن علاجه عليك عسير إِذ هو غيب عنك فلا تکاد تشعر حتی تدب فيه آفةء وتحدث له حالة فتحتاج أن تبحث عن ذلك أتم البحث بطول الجهد ودقيق النظر وكثرة الرياضة . الخامس: أن الأفات إليه أسرعء وهو إلى الانقلاب أقرب فلقد قيل: إن القلب أسرعء وهو إلى الانقلاب أقرب. فلقد قيل: إن القلب أسرع انقلاباً من القدر في غليانها” ولذلك قيل فه . ما سمى القلب إلا من تقلبه والرأي يضرب بالإنسان أطوارا (۱) أورده القرطي في تفسیره (۲۰/ ٢۲۱). (۲) في الأصل: تسريح. وهو تحريف. (۳) ذكر الحافظ العراقي حديثا في معنى هذا القول وقال فيه رواه أحمد والحاكم وصححه من حديث المقداد بن الاسود: «قلب المؤمن أشد تقلبا من القدر في غليانها؟. قنطرة النفس ۱۹ ثم إن زل القلب والعياذ بالله فزلله عظيم› ووفوعه أصعب؛ وأفظعء أدناه قسوة ومیل إلى غير الله سبحانه» ومنتهاه ختم وإنكار لله جل ذكره» أما تسمع قول الله تعالى: ® أبىٰ وَاسْتَكُي € . وكان الكبر من قلبه فحمله على الإباء والكفر بظاهره . أما تسمع قوله: «ِوَلْكته أَحْلَدَ إلى الأَْض واي حَوا»”. فكان الميل واتباع الهوى بقلبه حمله على ذلك الذنب المشؤوم بنفسه . م أما تسمع قوله: «وَتُعَلّبُ أَفْيِدتَُمْ وَأبِصَارِهُمْ كَمَا لَمْ ينوا به / ول مرو وََذَرْهُمْ في [۹٠] 2 .2ه ‎go‏ 25 طُمْيَانِهُمْ يَعْمَهُونَ»”. ولهذا المعنى - أيها الرجل - خاف الخواص من عباد الله على قلوبهم فبكوا عليها وصرفوا عنايتهم إليها قال الله سبحانه في وصفهم. «ِيَحَائُونَ يما تلب فيه املوب وَالأبْصَار€. جعلنا الله من المعتبرين بالعبر المهتمين لمواضع الخطر الموفقين لإصلاحها بحسن النظر إليه إنه أرحم الراحمين. فإن قيل: إن أمر هذا القلب لمهم جداء فأخبرنا عن المعاني التي تصلحهء وعن الأفات التي تعترضه فتفسده؟ عسى أن نوفق للاجتهاد في العمل بذلك. يقال له: اعلم أن تفصيل هذه المعاني يطول» وإنما علماء الأخرة عنوا باستخراج ذلك وقد حكى بعضهم أنهم ذكروا فيما يحتاج إليه من ذلك نحو تسعين خصلة محمودةء وكذا في أضدادها المذمومة. ثم من الأفعال والمساعي الواجبة والمحظورة نحو ذلك في سائر تماصيلهاء ولعمري إن من أهمه أمر دينه ووفق للنظر لنفسه فلا يكون ذلك في العمل به عليه ُ کثیرا. وذكر عن بعض العلماء في الكتاب أنه قال: إذا سلم الإنسان من عشر خصال مهلكات فمرجو أن يسلم من غيرها ولهي : الكبرء والعجب والحسل› والرياء › وشدة الغضب؛ وشره الطعامء وشره الوقاع › وحب المال› وحب الجاه. قال: وإذا حصل من الخصال المنجيات عشراً فمرجوة له النجاة إن شاء الله وهي: الندم على الذنب› والصبر على البلاءء والرضى بالقضاء› والشكر على النعماءء واعتدال الخوف () سورة البقرة الآية: ٤۳. () سورة الأعراف الآية: ١۱۷. () سورة الأنعام الأية: ١١٠ . (8) سورة النور الآية: ۳۷. ۲۰ قنطرة النفس والرجاى والزهد في الدنياء والإخلاص في الأعمالء وحسن الحّلق مع الحَلقء وحب الله تعالى والخشوع له والله أعلم. ]۰[ اعلم أن شرح الصفات المذمومة في القلب طويلء وتطهير القلب / من رذائلها شاق على النفس عسيرء وسبيل العلاج فيه غامض» وقد اندرس بالكلية علمه وعمله لغفلة الناس عن آنفسهم واشتغالهم بقضاء شهواتهم . ونحن نشير إن شاء الله هاهنا إلى ست صفات من خبائث القلبء وهن مهلكات؛ ولسواهن من الخبائث أصول وأمهات وهي: الأملء والحرص» والغضب» والحقدء والبخل» والعجلة فنشرح ذلك في ستة فصول. الفصل الأول: في الأمل قال الله سبحانه لنبيه عليه السلام وعيداً وتهديداً للكفار : «دَرْهُمْ يَأكُلُوا وَيَتََمُوا وَلهِههُ لمل فَسَوْفَ يَعْلَمُوَ€”. وعن النبي عليه السلام أنه قال: «أشد ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل فإنه يحبب الدنيا». ثم قال: «الا إن الله يعطي الدنيا لمن يحب ولمن يبغض» فإذا أحب الله عبداً أعطاه الإيمان ألا إن للدين أبناءء وللدنيا أيناء فكونوا من أبناء الدينء ولا تكونوا من أبناء الدنيا ألا وإن الدنيا قد ارتحلت مقبلة» أل وإنكم في يوم عمل»٩. ويروى أن رسول الله يَأ اطلع ذات عشية على الناس فقال: «أيها الناس ألا تستحيون من الله»؟ قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: «تجمعون ما لا تأكلون» وتؤملون ما لا تدركون وتبنون ما لا تسکنون»٩. وعن أبي سعيد الخدري أنه قال : اشتری أسامة بن زید من زید بن ثابت وليدة بمائة دینار (١) سورة الحجر الآية: ۳. )۲( ذکره الغزالي بتحوه واتم مما هنا في .الإحياء (٤/ ٢۳٤) وعلق عليه العراقي نی المغنى بهامش قال : حديث علي... رواه ابن أبي الدنيا في كتاب قصر الأمل؛ ورواء أيضاً من حدیث جابر بنحوه وکلاهما .ى . (۳) وقال عن هذا أيضاً: حديث آم المنذر. ابن أي الدنيا ومن طريقه البيهقي في الشعب بإسناد ضعيف. قنطرة النفس ٢۲ الأملء والذي نفسي بيده ما طرفت عيناي إلا ظننت أن شفري لا يلتقيان حتى يقبض الله رو حي » ولا رفعت طرفي فظننت أني واضعه حتى أقبض»ء ولا لقمت لقمة حتى ظننت أني لا أسيغها حتى أغص بها من الموت. ثم قال: «يا بني دم و فعدوا أنفسكم من الموتى› والذي نفسي بيده إن ما توعدون لات وما آنتم بمعجزي. »۱٩ وعن ابن عباس : أن النبي يي كان يخرج يهريق الماء فيتمسح بالتراب › فأقول له : یا رسول الله الماء منك قريب . فيقول: ایر و ل ل وروي أنه يِل أخذ ثلاثة أعواد فغرز عوداً بين يديه والاخر إلى جنبهء وأما الثالث فأبعدى فقال: «أتدرون ما هذا؟». فقالوا: الله ورسوله أعلم. فقال: «هذا الإنسانء وهذا الأجلء وذلك الأمل يتعاطاء ابن آدم فيختلجه الأجل دون الأملء" وعنه يَأ من طريق ابن عبد الله أنه عليه السلام خط خطاً مربعاً وخط في وسطه خطاً وخط خطوطاً إلى جنب الخطء وخط خطاً خارجاً فقال: «أتدرون ما هذا؟» فقالوا: الله ورسوله ص فقال: «هذا الإنسان» للخط الأوسط «وهذا الأجل محيط بهء وهذه الأغراض تنهشه. يعني الخطوط المخطوطة. قوله: «إن أخطأه هذا نهشه هذاء وذلك الأمل للخط الخارج» ‎KR‏ وقال ابن مسعود رحمه الله: هذا المرء وهذه الحتوف حوله سوارع إليه فإن أخطته الحتوف قتله الهرم وهو ينظر إلى الأمل . وعن أنس عن النبي يَلةٍ أنه قال: «يهرم ابن آدم ويبقى فيه اثنان/ الحرص والأمل» . وفي رواية أخرى: «ويشب منه اثنان: الحرص على المال والحرص على العمر»”°° . (١) قال العراقي في المغني (٤/4۳۷): رواه ابن أيي الدنيا في قصر الأملء والطبراني في مسند الشاميينء وآبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب بسند ضعيف. () وقال في الموضع نفسه: رواه ابن المبارك في الزهدء وابن أبي الدنيا في قصر الأملء والبزار بسنه ضعيف. () قال العراقي في المغني (٤/8۳۸): رواه أحمدء وابن أبي الدنيا في قصر الأمل واللفظ لهء والرامهرمزي في الأمثال من رواية آبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدريء وإسناده حسن؛ ورواه ابن المبارك في الزهكء وابن آبي الانيا أيضاً من رواية أي المتوكل مرسلاً . )٤( قال العراقي في الموضع السابق: رواه البخاري . (٥) وقال أيضاً في نفس الموضع: رواه مسلم بلفظ الثاني» وابن أبي الدنيا في قصر الأمل باللفظ الأول بإسنا“ صحبح . ٢Y‏ قنتطرة النفس وعنه كَل أنه قال: «نجا أول هذه الأمة باليقین والزهکف ويهلك آخرها بالبخل والأمل». وفي الخبر: أن عيسى عليه السلام بينما هو جالس وشيخ يعمل بمسحاة يلين بها الأرض. فقال عيسى عليه السلام: اللهم أنزع عنه الأملء فوضع الشيخ المسحاة واضطجع فلبث ساعة فقال عيسى: اللهم اردد إليه الأملء فقام فجعل يعمل فسأله عيسى» فقال: بينما آنا أعمل إذ قالت لي نفسي: إلى متى تعمل وأنت شيخ كبير؟ فألقيت المسحاة فاضطجعت› ثم قالت لي نفسي: والله لا بد لك من عيش ما بقیت» فقمت إلى مسحاتي ٩ . وعن الحسن عنه يلو أنه قال: «أكلكم يحب أن يدخل الجنة»؟ . قالوا: نعم يا رسول الله. قال: «قصّروا من الأمل واجعلو”' آجالكم بين أبصاركم واستحيوا من الله حق الحاء“ . وعنه عليه السلام أنه كان يقول في دعائه: «اللهم إني أعوذ بك من دنيا تمنمع خير الأخرق وأعوذ بك من أمل يمنع خير العمل» وأعوذ بك من حياة تمنع خير الممات»**. وعن عبد الله بن عمر أنه قال: أخذ رسول الله يي ببعض جسدي فقال: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل» وعد نفسك في أهل القبور» فإذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء» وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح» وخذ من صحتك قبل سقمك» ومن حياتك قبل موتك» فإنك لا تدري يا عبد الله ما اسمك غداً». 0 3 وفي الخبر: أن الله تعالى لما أخرج الذرية من صلب آدم / عليه السلام قالت الملائكة: يا رب إن الأرض لا تسعهم. قال: إني جاعل فيهم موتاً. قالت: لا يهنئهم العيش. قال: إِني جاعل فيهم أملاً. (١) وقال في الموضع السابق أيضاً: رواه ابن أبي الدنيا فيه من رواية ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه (۲) آورده الغزالي في الإحياء (£/ ۳۸]). )۳( في الإحياء: «وثبتوا». (8) قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (/4۳): رواه ابن أبي الدنيا فيه هكذا من حديث الحسن مرسلا . (٥) أورده الغزالي في الإحياء (٤/4۳۸) مع تقديم وتأخير وعلق عليه العراقي في المغني بالهامش فقال: رواه ابن أبي الدنيا فيه (أي في قصر الأمل) من رواية حوشب عن النبي َء وفي إسناده ضعف وجهالة. ولا آدري من حوشب؟ ۱ قنطرة النفس ۲۳ وقال بعض العلماء: بلغني أن الإنسان خلق أحمق؛ ولولا ذلك لما تهنا عيشاً. وقال وليس بمغفول عنهء وضاحك ملء فاه لا يدري أساخط عنه رب العالمين أم راض. قال: وثلاثة أحزنتني حتى أبكتني فراق محمد يو وحزبه الأحبة وهول المطلعء والوقوف بين يد ربي لا أدري إلى الجنة يؤمر بي أم إلى النار. وقال بعض العلماء: الزهد في الدنيا قصر الأمل ليس بأكل الغليظ ولبس العباء. وقيل للحسن: يا أبا سعيد ألا تغسل قميصك؟ فقال: الأمر أعجل من ذلك. وكان يقول: الموت معقود بنواصیکم » والدنيا تطوی من ورائكم. ويروى عن علي بن أبي طالب أنه قال: أيها الناس اتقوا الله الذي إن قلتم سمع؛ء وإن أضمرتم علم» وبادروا الموت الذي إن هربتم أدرككم» وإن أقمتم أخذكم. ويروى أن النبي يَأ قال في بعض خطبه: «أيها الناس إن الأيام تطوى والأعمال ویخلقان کل جدید› ویأتیان بکل موعود. كم من مستقبل یوما لا یکملهء ومنتظر غداً لا يبلغ ولو رأيتم الأجل ومسيرة أيغضتم الأمل وغروره. وعن علي بن آبي طالب : / قال بعد موت النبي يَلوٍ: ]٢٤۲[ > < + ل اا ۰ ب ت ِ ۰ 5 2 اجا 0 ص ۰ 2 ‎oe‏ 7 0 4 س 1 ۰ وََابَقى اجر قذ غاب عه أرلة لتر لةه نييالب رلا عله رأيت يسير ما بقي من أجلك لزهدت في طول ما ترجو من أملكء ولرغبت في الزيادة من عملك؛ ولقصرت من حصرك وحيلك» وإنما يلقاك غداً ندمكء وقد زلت بك قدمك› وأسلمك أهلك وحشمك» وتبرا منك القريبء وانصرف عنك الحبيب . () الأثر وما قبله من آثار أوردها الغزالي في الإحياء (4/ 4۳۸8 : 4۳۹). ٤۲ قنطرة النفس وفیما یروی: آنه ليس من يوم ياتي إل قال: يا ابن آدم تزود مني فاني يوم جديد. واني على ما صنعت في شهيد» وإنيٌ ذاهب فلا أعود. ثم ختم عليه بخاتم فلا يكسر إلى يوم القيامة وبنشد: مضّى أمْسُكَ المَاضِي شهيداً مسلا وَأَعْقَبَهيَ وم عَلبكَ شَهيدُ ن كت بالأنس افَرَفْت إسّاءةً تايز بخان وَأنت حَميدُ ً س َ‫ ص ‎„ge‏ ً 1 ۰ س و ولا تق فل الصَالِحات إلى عد لعل غَدايأيي وأثنت فقيدُ إذا ما الْمَايَا أخطأنّكَ وَصَادَفْت حَميمَك تاغل م أنَهَاسَمُودُ فصل اعلم أن الأمل أحدقوا عد الدنيا التي لا تعمر إلا بها وذلك أن العلماء حصروا ما يصلح ره الدنيا إلى ستة أشياء وهي : دين متبع › وسلطان قاهر› وعدل کامل › وآمن عام وخصب دار » وأمل فسيح . أما الدين المتبع: فإنه يصرف النفوس عن شهواتها فيصير رقيباً عليها في خلواتها. [٥۲] وآما السلطان القاهر: فإنه تتألف برهبته الأهواء / وتتكف بسطوته الأيدي المتعادية› ولذلك قال بعض الحكماء : الأدب أدبان أدب شريعة وهو ما دی الفرض؛ وأدب سياسة وهو ما عَمًر الأرض. وأما العدل الشامل: فإنه يدعو إلى الألفة ويبعث على الطاعةء وتتعمر معه الأرض وتثمر به الأموال والنسل› ويأمن به السلطان؛ لآنه لا شيء أسرع في خراب الدنیا ولا آفسد لضمائر الخلق من الجور؛ لأنه ليس يقف على حد ونهاية. وأما الأمن العام: فإنه تطمئن إليه النفوس وتنتشرء ويأنس به الضعيف فينبعث فليس لخائف راحةء والا لحاذر طمأنينة ولذلك قيل : الأمن أهناً عيشء والعدل أقوى جيش . وأما الخصب الدار: فلانه يۉل إلى الغنىء والغنى يحدث الأمنةء والسخاء فتتمتع النفوس في التوسع وتكثر المواساة والتواصل . وأما الأمل الفسيح : فلانه ييعث على إقتناء ما يقصر العمر عن استيعابة› ولولا أن الثاني يرتفق يما آنشأه الأول حتى يصير به مستغنياً لافتقر أهل كل عصر إلى إنشاء ما يحتاجون إليه من منازل السكنى وأرض الحرث. وفي ذلك من الأعواز وتعذر الإمكان ما لا خفاء به» فأرفق الله قنطرة النفس ٥ سبحانه الخلق باتساع الأمل حتى عَمَر به الأرض فم صلاحها فصارت تتتقل بعمرانها إلى قرن بعد قرن» فيثمر الثاني ما أبقاه اول من عمارتهاء ويرم الثالث ما أحدثه الثاني من شعثٹهاء لتكون أحوالها على ممر الإعصار ملتئمة وأمورها منتظمة ولو قصرت الأمال لما-تجاوز الواحد حاجة يومه ولا تعدى ضرورة وقتهء ولكانت تتتقل إلى من يأتي بعد خراباً لا يجد فیها بلغةء ولا يدرك /منها حاجةء ثم تنقل إلى من يجيء بعد بأسوء من ذلك حالاء حتى لا يتتمي لھا نبت» ولا یمکن فیها لبٹ. ولذلك روي عن رسول الله يِل أنه قال: «الأمل رحمة من الله عز وجل لامتى ولولاه ما غرس غارس شجراً ولا أرضعت أم ولده. وعن مطرف .بن عبد الله أنه قال: لو علمت متى أجلى لخشيت ذهاب عقلىء ولكن الله تعالى مَنّ على عبادة بالغفلة عن الموت» ولولا الْفلة ما تهنؤا عيشاً ولا قامت بينهم الأسواق وقد قال الشاعر: وللنفوس و كانت عَلى وَجَل من المَهَ وتالا نريما فالْمَرَه يها وَالدَمْر يفَضْهَا والس ترما وَالْمَوتُ يَطويها فلما كان الأمل من أقوى الأسباب في عمارة الدنياء كان في الأخرة من أعظم أسباب غفلتها وخرابها وقلة الاستعداد لها؛ لأن طول الأمل هو العائق عن كل خير والجالب لكل شر وأنه الداء العضال الذي يوقع الخلق في أنواع الفتن والبلاياء ولقد أفصح لبيد بن ربيعة مع أعرابية بما بين به حال الأمرين فقال : ذب الس إن حَنَتهَا د صِسذْق الفس يَرَرِي يالمَل عَير أن لا ينيا في الى وَا رمَا يلير فش الأجَجل اعلم أن طول الأمل يهيح للإنسان أربعة أشياء: أحدها: ترك الطاعة والكسل فيها؛ لأنه يقول سوف أفعل والأيام بين يدي ولا يفوتني ذلك. ولقد صدق داود الطائي فيما يروی عنه حيث قال : من خاف الوعيد قرب إليه البعيدء ومن طال أمله ساء عمله . وعن يحيى بن معاذ أنه قال: الأشل قاطع من كل خير والطمع مانع من کل حق / والصبر صائر إلى كل ظفر والنفس داعية إلى كل شر. [۷] والثاني: ترك التوبة وتسويفهم يقول: سوف أتوب» وفي الأيام سعةء وأنا شاب وسن قليل» هذا ونحوه يحرك إلى الرغبة في الدنيا والحرص عليها ليتيسر له بذلك العيشة فيها وأقل ٢ قنطرة النفس ما في الباب أن يشتغل ويضيع وقته باهتمام أشياء لعله لا يدركها. وقد روي فيه عن أبي ذر رحمه الله آنه قال: قتلني هم يوم لم أدركه. قيل: وكيف ذلك يا آباذر؟ قال: إن أملي جاوز أجلي . والثالث: القسوة في القلب» قال الله سبحانه: «فَطَالَ عليه الأَمَدُ ست فُُوه€”. لأن القلب إنما يصفو ويرق بذلك الموت» والقبر والجنة والنارء إا طال أمله كان ف وذکره الدنيا وأسبابها. والرابع : نسيان الأخرة كما ورد في الحديث: «إِنَ طول الأمل ينسي الاخرةء فَإذا طال مل الإنسان قلت طاعته وتأخرت توبته وکثرت معصيته › واشتد حرصه؛ وقسی قلبه› وعظمت غفلته عن الأخرة». فاي حالة أسوأ من هذه وأيٌ آفة أعظم من هذه وكل هذا سبيله طول الأمل. وحد الأمل إرادة الحياة للوقت المتراخي بالحكم وقصر الأمل هو ترك الحكم فيهء بأن يقيد بالاستتناء بمشيئة الله تعالى وعلمه بالذكر أو بشرط الصلاح والإرادة. وأما علاجه فبأن يخطر الإنسان في قلبه ذكر الموت» والقبرء وخساسة الدنيا» في جنب شرف الأخرة وجلالتهاء ويتفكر أيضاً في إخوانه وأقرانه الذين غافلهم الموت في وقت لم يحىسپوە. ويقول: لعل حالي مثل حالهم» ويتذكر قول عيسى عليه السلام: الدنيا ثلاثة أيام: أمس [] مضى ما بيدك منه شيء؛ وغد لا تدري آنت تدرکه / آم لاء ویوم آنت فيه فاغتنم منه. ثم قول أبي الدرداء: الدنيا ثلاث ساعات؛› ساعة مضت؛ وساعة أنت فيهاء وساعة لا تدري أتدركها أم ا فلست تملك بالحقيقة إلا ساعة واحدة إذ الموت من ساعة إلى ساعة. ثم يقول بعض العلماء: الدنيا ثلائة أنفاس؛ نفس مضى عملت فيه ما عملت٠ ونفس آنت فی“ ونفس لا تدري أتملكه آم لاء إذ كم من يتنفس نفساً ففاجاء الموت قبل النفس الأخر فلست تملك في الحقيقة إلا نفساً واحداء لا يوماً ولا ساعةء فيتبادر في هذا النفس الواحد إلى الطاعة قبل أن يفوت وإلى التوبة ولعله في النفس الثاني يموت. وليوبخ نفسه يقول: احذري يا تفسي الغرور ولا تهتمي بالرزق المقدور فلعلك لا تبقين () سورة الحديد الآية: ١٠. قنطرة النفس ‎Y۷‏ ‏لتحتاجي إِليه. فيكون وقتك ضائعاً والهم فضلاء وما عسى أن يهتم الإنسان ليوم أو ساعة أو َس واحد» فإذا تذكر الإنسان هذه الأذكار وواظب عليها بالإعادة والتكرار قصر أمله بإذن الله تعالى . فحينئلٍ يرى نفسه تبادر إلى الطاعة وتعجل التوبةء وتجنب المعصيةء وتزهد في الدنيا وطلبها وتتذكر الأخرة وأهوالهاء فتزول عن قلبه القسوة وتبدو فيه الرقة والصفوةء وتستشعر عند ذلك الخوف من الله تعالى والخشيةء فيستقيم له أمر العبادة ويقوى له الرجاء في أن يسعد في الأخرةء وكل ذلك بعد فضل الله تعالى بقصر الأمل» وبالله التوفيق. وأما الفرق بين الأمل والأمانى: فالأمل: ما تقيدت بأسباب وذلك أن الرجاء والأمل إنما يكونان بعد تمهيد العمل قال الله تعالى: ِن الَذِينَ منوا والَذِينَ هَاجَوُوا/ جَامَدُوا في سَبِيلٌ الله أَوَلِكَ يَرِجُون رحَمْتَ [۲۹] للهڳ”. وهذا مثل من زرع زرعاً فيأمل في منفعته. وأما الأماني: فهي ما تجردت عن أسباب» قال الله تعالى: «وعَرَتَكُمْ الأَماني»”°. وقال عليه السلام: «الكيس من دان نفسه وعمل لما يعد المو رالعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأمانى»” . وعن جابر بن زيد رحمه الله أنه قال: إياكم» والأماني؛ فوالله ما نال بها عبد خيراً فیما مضى ولا يناله فيما بقي» وقال تعالى: ليس بأمَايَكُمْ ولا ماني أل الكتاب مَن يَعْمَل سُوَءا يُجْرَ بد" . غير أن الأماني تروح القلب إذا اغتم قال الشاعر : حَ رك شلك إذااغتمد مت فإنها مراوح - خر : إذا تمنيت بث الليل مغتبطاً إن المنى رأس أموال المغفاليس واه سبحانه نسأله التوفيق لما يحبه ويرضاه. (١) سورة البقرة الآية: ۲۱۸. (۲) سورة الحديد الآية: ١٠. (۳) قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (۳1۸/۳): رواه الترمذيء وابن ماجة من حديث شداد بن أوس. ِ (5) سورة النساء الاية: ١۱۲ . (۳۰[ ۸٨۲ قنطرة النفس الفصل الثاني: في الحرص قال الله سبحانه: ل وَتُحيُونَ الْمَالَ حا جمًا4”°. وفي الحديث عن رسول الله يلو وسلم أنه قال: «إياكم وأمهات الخطايا؛ فإنهن ثلائة: الحسد؛ والحرص» والكبرا. ومن كتاب الضياء قال: وأصل البلاء والشرٌ في ست خصال منها تتوالد الذنوب. وقيل : إن عدو الله إبليس قال: إذا كانت خصلة منها في شيطان کان مارداً فإذا اجتمعن في شيطان واحد فلا تسأل عنه . أولهن: الكبر: وهو ذنب إبليس اللعين . والثاني: العجب: وهو يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب . والثالثة: البخل: وصاحبه محروم من خير الدنيا والاخرة. والرابعة: البغي: وهو راجع على صاحبهء قال الله سبحانه: إنّما بَعْيْكُمْ عَلىٰ أشَيكهُ 6 والخامسة: الحسد: وصاحيه أبداً مغموم . والسادسة: / أظنها الحرص؛ والله أعلم . وینشد: ق شاب رَأسِي ورا س الدَهْر لَمْ َيب إن الْحَريصَ عَلى ادنا لهي تَعَب وذلك أن الإأنسان إذا غلب عليه حب المالء وبعد الأملء بعثه الحب على طلبهء ودعاه الأمل إلى الشّح والحرص والشح والحرص آصل کل ذنب وسيب لکل لۇم ولذلك فيل : الحرص مفسدة للدين› وللمرؤة. ويروى أن أعرابياً عاتب أخاء على الحرص فقال : يا أخي أنت طالب ومطلوب بطليك من لا تفوت و تطاب كل مات كت كان ا غاب عنك قد شف لك وما ئت نه تر ص ‎oA‏ (١) سورة الفجر الآية: ٢۲ قنطرة النفس ۲۹ أذيحك وآكلك . فقالت : والله ما أشفی من ضر ولا أشبع من جوع ولكن اعلمك ثلاث خصال هي خير لك من أكلي» أما واحدة: فأعلمكها وأنا في يدك وأما الثانية: فإذا صرت على الشجرة وأما الثالثة: فإذا صرت على الجبل. فقال: هاتي الأولى. فقالت: لا تلهفن على فائت. فخلآها فلما صارت على الشجرة قال: هاتي الثانية. قالت: لا تصدقن بما لا يكون أنه يکونء ثم طارت فوقفت على الجبل›. فقالت : يا شقي لو ذبحتني لأخرجت من حوصلتي درتين في كل واحدة عشرون مثقالاً . قال: فعض على شفتيه وتلهف وقال : هاتي الشالثة : فقال: أنت قد نسيت ائتتين فكيف أخبرك بالثالئة؟ أمل أقل لك / لا تلهفن على ما فاتك ولا [۳۱] تصدقن بما لا يكون أنه يكون وأنا لحمي وريشي ودمي لا يكون عشرين مثقالاً فكيف يکون في حوصلتي درتان في كل واحدة عشرون مثقالاً ثم طارت» وذهبت . قال بعض العلماء: وهذا مثال لفرط طمع الأدميين فإنه يعميه عن درك الحق حتى يقدر ما لا يکون. وروي عن آبي محمد اليزيدي آنه قال: دخلت على الرشيد فوجدته ينظر في ورقة مكتوب فيها بالذهب فلما رآني تبسم. فقلت: فائدة أصلح الله أمير المؤمنين. قال: نعم وجدت هذين البيتين في بعض خزائن بني أمية فاستحستتها وقد أضفت إليهما ثالثة وأنشدني : ذا سد بَابٌ عَنْكَ مِنْ دُونِ حَاجَة ها لأخرى ييخ لَك باه كا عَرَابَ البّطن يَكُفِيك ملقة وَيكُفِيكَ سُوءات الأمُور اجْيابها ولا تكن سْذِلا لِعَرْضِكَ وَاجَيِبْ ركوب الْمَعَاِي يَجَيْكَ عقابها ويقال: الحريص أسير مهانة لا ينفك أسره. وقال بعض الحكماء: وجدت أطول الناس غماً الحسود وأهنأهم عيشاً القنوعء واصبرهم على الأذى الحريص إذا طمعء وأخفضهم عيشاً أرفضهم الدنياء وأعظمهم ندامة العالم المفرط . وقيل لبعض الحكماء: أي أيسر للعاقل وأيها أعون على دفع الحزن. قال: أيسرها إليه ما قدم من صالح العمل وأعونها على دفع الحزن الرضى بمحتوم القضاء . وروي عن أبي موسى الأشعري أنه قال: نزلت سورة نحو براءة ثم رفعت فحفظ منها أن اله يؤيد هذا الدين بأقوام لاخلاق لهم ولو أن لابن آدم وادياً من ذهب لتمنی ثانياًء ولا يملا جوف ابن آدم إلا / التراب ويتوب الله على من يشاء. ]۳۲[ [۳۳] ۳۰ قنطرة النفس وعن النبي يَأ أنه قال: «منهومان لا يشبعان منهوم العلم ومنهوم المال»'. وقد ذكرنا في قنطرة الدنيا من هذا المعنى ما يكفي والله المستعان. ولما كان الحرص وحب المال في الآدمي جبلة ضرورية وطبيعة مضلة مهلكة رأينا أن نضيف إلى هذا الفصل باباً في ذكر القناعة الي هي ضد الحرص وقد أثنى الله ورسوله على القناعة كما سيأتي إن شاء الله . باب فى ذكر القناعة اعلم أن القناعة يرزق الله تعالى أول منازل الرضى عن سبحانه» وإذا راد لله بعبد خير أغناه بلقنو › وأرضاه بما قسم له قال الله سبحانه : لمن يَعْمَل من الصَّالِحَاتِ من ذكر و أن وه مُؤْمن فَلَتَحينّهُ حَياة طي4" . قال مجاهد؛ هي القناعة. وعن النبي ي وسلم أنه قال: «طوبى لمن هدى للإسلام وكان عيشة كفافاً وقنم بە»° وروي عن النبي يله أنه قال: «الحريص الجاهد والقانع الزاهد يستوفيان أكلهما غير متتقص منه شيء). وروي أنه قال للمسيح عليه السلام : ما بال المشايخ أحرص على الدنيا من الشياب؟ قال : لأتهم ذاقوا من طعم الدنيا ما لم يذقه الشباب وقال بعض الحكماء : من قنع کان غنياء وإن كان فقيراء وإن كان مكثراً. وقال يعض البلغاء: إِذا طلبت العز فاطليه بالطاعة وإذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة فمن أطاع الله عز نصره ومن لزم القناعة زال فقره. وفي الحديث عن رسول الله يِل أنه قال: اليس الغنى عن كثرة العرض؛ إنما الغتى غنى النفس» 9 وعن أبي حازم أنه قال: ثلاثة من کن فيه كمل /عقله؛ ومن كان فيه واحدة منهن کمل () قال الحافظ العراقي في المغني: رواه الطبراني من حديث ابن مسعود بسند ضعيف. )۲( سورة النتساء الاية: ٤ . عبیذ» ولسلم من ليك عبد لين عر داو فلع من الم و ورزق كفافاً وفنعه الله ہما اتا )٤( قال الحافظ العراقي في المغني: : متفق عليه من حديث أبي هريرة. قنطرة النفس ۳۱ ثلث عقله: من عرف نفسه وحفظ لسانه وقنع بما رزقه الله وأنشد لأبي العتاهية : له در ذوي القتاعة ما أصفى معايشهم وما أوسع وعن النبي يَأ أنه قال: «إذا شئت أن تحبى غنياً فلا تكن في حالة إلا رضيت بدونها» . وعنه يل أنه قال: «ما من عبد إلا بينه وبين رزقه حجاب فإن قنع واقتصد أتاه رزقه» وإن هتك الحجاب لم يزد في رزقه». وقال أكثم بن ضيفي: من باع الحرص بالقناعة ظفر بالغنى» والثروة والقناعة على ثلاثة أوجه: فالأول: أن يقنع الإنسان بالبلغة من دنياء» ويصرف نفسه عن التعرض لما سواءء وهذا أعلى منازل أهل القناعة . وقال بعض العلماء: الرضا بالكفاف يؤدي إلى العفاف. وأنشد بعض أهل الأدب»ء وذكر أقفادتتنى القناعة كل عز وهل عز أجل من القناعة فصيرها لنفسك رأس المال وصير بعدها التقوى بضاعة الثانى: أن تنتهى به القناعة إلى الكفاية ويحذف الفضول والزيادة وهذا أوسط أحوال المقتنع . وقال بعض الحكماء: طلب ما فوقٌ الكفاية إسراف وينشد: / إن القتاعة والعشضاف ليغيان عن الغتنى فإذا صبرت عن المتى فاشكر فقد تلت المنى والوجه الثالث: أن تنتهي به القناعة إلى الوقوف إلى ما سنح فلا يكره ما أتاء وإن كان كثيراًء ولا يطلب ما تعذر وإن كان يسيراً وهذا الحال أدنى أهل المنازل القناعة . آ٤۳[ ۳۲ قنطرة النفس وفي مثلها قد حكي عن ذي النون المصري"" أنه قال: من كانت قناعته سمينة طابت له كل مرقة. وعن النبى يل أنه قال: «الدنيا دول فما كان لك منها أتاك على ضعفك» وما كان منها عليك لم تدفعه بقوتك ومن انقطع رجاءه مما فاته استراح بدنه› ومن رضي بما رزقه الله قرت عینها. ولو طلبته بقوة آهل السماوات والأرض؛ء وشيء هو لغيري وذلك مما لم أنله فيما مضى ولا ناله فيما بقي» يمنع الذي لي من غيري كما يمنع الذي لغيري مني ففي آي هذين آفني عمري وأهلك نفسي . وقد روي عن النبي ية أنه قال: «خير أمتي الذين لم يعطوا حتى يبطرواء ولم يقتر عليهم حتى يسئلوا». والله سبحانه نسأله أن يحسن لنا التوفيق فيما منح ويصرف عنا اأرغبة فيما 1 وأما الدواء الذي يكسب القناعة ويزول الحرص به : فهو مركب من ثلائة أركان: الصبر والعلمء والعمل؛ ومن مجموع ذلك خمسة أمور: الأول: وهو العمل: الاقتصاد في المعيشة والرفق بالانفاق» فمن أراد عز القناعة فليقتصر في جميع أحواله على ما لا بد منهء بل إن كان وحده ينبغي أن يقنع بثوب واحد خشن» ويقنع [۳] بأي طعام وجد / ويقلل من الإدام ما أمکنه ويوطن نفسه عليه . وان کان له عیال فلیرد کل واحد مهم إلى هذا القدرء فإن هذا القدر يتيسر بأدنى جهدء ويمكن معه الإجمال في الطلبء والاقتصاد في المعيشة هو الأصل في القناعة ونعني به الرفق في الإنفاق وترك الخرق إذ قال يلا: «إن الله يحب الرفق في الأمر كله" . وقال أيضاً: «ما عال ‏ أي افتقر - من اقتصد»" . (۱) هو: ثوبان بن إيراهيم» وقيل: فيض بن أحمدء وقيل فيض بن إبراهيم النوبي الإخميمي» بُكُتى أبا الفيضء ويقال: آبا الفياض» شيخ الديار المصرية الزاهدء ولد في أواخر ايام المنصور. قال السلمي: حملوه على البريد من مصر إلى المتوكل ليعظه في سنة (٤٤۲)ء وكان إذا ذكر بين يدي المتوكل أهل الورع بکىء واختلف في تاريخ وفاته فقيل سنة (٤٢٤۲) وقيل: سنة (٢٤۲). (سیر أعلام النبلاء ١١۳۲/۱٥ بتصرف). (۲) قال الحافظ العراقي في المغني: متفق عليه من حديث عائشة. (۳) قال الحافظ العراقي: رواه أحمد والطبراني من حديث ابن مسعود وراوه من حديث ابن عباس بلفظ قنطرة النفس ۳۳ وقال : «ثلانة منجيات : خشية الله في السر والعلانية› والقصد في الغنى والفقر› والعدل في الرضى والغضب»". وروي أن رجلا أبصر أبا الدرداء وهو يلتقط حباً من الأرض وهو يقوّل: إن من فقهك قصدك في معيشتك . وعن ابن عباس: ان النبي يَلْو وسلم قال: «الاقتصادء وحسن السمت»ء والهدى الصالحء جزء من بضع وعشرين جزءاً من النبوة». وفي الخبر : «التدبير نصف المعيشة” . وقال عليه السلام: «من اقتصد أغناه الله ومن بذر أفقره الله وقال: «إذا أردت أمراً فعليك بالتؤدة حتى يجعل الله لك فرجاً ومخرجاء. والتؤدة فى الإنفاق من أهم الأمور. الثاني: أنه إِذا تيسر له في الحال ما يكفيه فلا ينبغي أن يكون شديد الإضطراب لأجل الاستقبال ويعينه على ذلك قصر الأمل» والتحقيق بأن الرزق الذي قدر له لا بد أن يأتيه وإن لم إذ قال: وما من دَايَةٍ في لض إلا عَلّى الله رها . ويقال: الاهتمام بما لم يكن بلاء کائن وفي مٹڻل ذلك قیل : (١) قال العراقي في المغني (۳/٥۲۳): رواه البزار والطبراني وأبو نعيم والبيهقي في الشعب من حديث أنس بسند ضعیف . () وقال في المصدر نفسه: رواه آبو داود من حدیث ابن عباس مع تقدیم وتأخير» وقال: «السمت الصالح» وقال: «من خمسة وعشرين» وقال ورواه الترمذي وحسنه من حديث عبد الله بن سرجس وقال: «التؤدة» بدل: «الهدى الصالح»ء وقال: «من أربعة». () وقال في المصدر السابق أيضاً: رواء أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس وفيه خلاد بن عيسى جهله العقيلي ووثقه ابن معين. (8) وقال في المغني أيضاً (۲۳۲/۳): رواه البزار من حديث طلحة بن عبيد الله دون قوله: «ومن ذكر أحبه الله» وشيخه فيه عمران بن هارون البصري قال الذهي شيخ شلا یعرف حاله آتی بخبر منکر - آي هذا الحديث - ولأحمد وأبي يعلى في حديث لأبي سعيد: «ومن أكثر من ذكر الله أحبه الله». () وقال العراقي في المصدر السابق أيضاً: رواه ابن المبارك في البر والصلة. )١( سورة هود الآية: ٦. قناطر الخير ات/ ج ۳/۳ قنطرة النفس ٤۳ و ِ‫ ‎Ai ooo.‏ ص( د و وقد قال عليه السلام لابني خالد: «لا تيأسا من الرزق ما تهزهزت رؤسكما فإن الإتسان تلده أمه أحمر ليس عليه قمش» ثم يرزقه الله . 0 / ويروى أنه يو مَر بابن مسعود وهو حزين فقال له: «لا تكثر همتك ما قدر لك يكن وما ترزق يأتيك». وقال: «أيها الناس اجملوا في الطلب؛ فإنه ليس للعبد إلا ما كتب له منها وهي راغمةء ولا ينفك الإنسان عن الحرص إلا بحسن ثقتهء بتدبير الله في تقدير أرزاق العباد* وإن ذلك يحصل لا محالة مع الإجمال في الطلب بل ينبغي أن يعلم أن رزق الله العبد من حيث لا يحتسب أكثر» فإن انسد عنه باب كان ينتظر الرزق منه فلا ينبغي أن يضطرب قلبه من أجله . وقد قال عليه السلام : «آبی الله أن يزرف عبلذه المؤمن إل من حیٹث لا يحتسب»° ٩ . وقال المفضل الضبي: قلت لأعرابي من أين معاشك؟ قال: بزاد الحاج. قلت: فإذا صدروا. فبکی فقال: لو لم نعش إلا من حيث ندري لم نعش. وقيل لحكيم: من أين تنفق؟ فقال: لو علمت ذلك لنفد. وقال رجل لأبي حازم: إنك فقير. فقال: كيف أكون فقيراً ومولاي له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى. فقال: أتراء يلقى عليك الخبز من السماء. فقال: لو لم تكن الأرض له لكان يلقى عَليَ الخبز من السماء. فقال رجل: لا أقوى على مجادلتك. فقال أبو حازم: كذلك الباطل لا يقوى على الحق فهذا دواء القناعة من جهة المعرفة لا بد منه لدفع تخويف الشيطان (وإنذارە* بالفقر» قال الله تعالى : «الَيَْانْ يدك الْفَقْر الآية. () في إحياء علوم الدين (۲۳۸/۳): فعل. (۲) قال العراقي في هامش المصدر السابق: رواه ابن ماجة من حديث حبةء وسواء ابنی خالد. (۳) قال العراقي في المصدر السابق: رواه أبو نعيم من حديث خالد بن رافع وقد اختلف في صحبته ورواه الأصفهاني في الترغيب والترهيب من رواية مالك بن عمرو المغافري مرسلاً. () قال العراقي في المغني (۳/ ۲۳۲): رواه الحاكم من حديث جابر ينحوه وصحح إسناده. () قال العراقي في المغني (۳/٦۲۳): رواه ابن حبان في الضعفاء من حديث علي بإسناد واه ورواه ابن الجوري في الموضوعات. () ما بين القوسين من إحياء علوم الدين (۲۳۲/۳) والفقرة بأكملها فيه. (۷) سورة البقرة الاية: ۸٢۲. قنطرة النفس ٥۳ الثالث: أن يعرف ما في القناعة من عز الاستغناء وما في الطمع والحرص من الذل»ء فإن تحقق عنده ذلك انبعشثت رغبته في القناعة؛ لأنه في الحرص لا يخلو من تعب» وفي الطمع لا يخلو من ذل وليس في /القناعة إلا ألم الصبر عن الشهوات والفضول وهذا ألم لا يطلع عليه [3۷] أحد وفيه ثواب الاخرة. وأما ذل الطمع وتعب الحرص: فهو مما يظهر للناس وفيه الوبال والإثمء وفوت عز النفس» والعجز عن إقامة الحقء فإن من كثر حرصه وطمعه كثرت حاجته إلى الناس فلا تمكنه دعوتهم إلى الحق وفي ذلك المداهنة وهلاك الدين. ومن لا يؤثر عز النفس عن شهوات البطن فهو ركيك العقل ضعيف الإيمان إذ قال يٍَ: «عز المؤمن استغناءه عن الناس» . وفي الخبر: «ما استغنى أحد بالله إلا افتقر إليه الناس». فقيل: استغن بالله فكل امرء أصبحت ترجوه فقير إليك . الرابع : أن يكثر تأمله في تنعم اليهود والتصارى» وأرذال الناس» والحمقاءء والسفهاى ومن لا دين له ولا عقل. ثم ينظر إلى أحوال الأنبياء والأولياء وإلى سمت» الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة والتابعين لهم بإحسانء ويستمع أحاديثهم ويتطلع أحوالهم ويخير عقله بأن يكون على شبه أرذال الخلق أو على الاقتداء بمن هو أعز أصناف الخلق عند الله تعالى. حتى يهون عليه بذلك الصبر على القليل والقناعة باليسير فإنه إن تنعم في البطن فالحمار أكثر أكلا منهء وإن تنعم في الجماع فالخنزير أعلى رتبة منه - فيما قيل -ء وإن تزين باللباس ففي اليهود والروم والسفهاء من هو أعلى رتبة منه وإن قنع بالقليل ورضي به لم يساهمه في رتبته إلا الأنبياء والأولياء وباله التوفيق”. الخامس: أن يفهم ما في جمع المال من الخطر كما تقدم في أفات المالء وما فيه من خوف السرقة والنهب والضياع وما في خلو اليد منه من الأمن والفراغ مع الحبس يوم القيامة في الموقف عن باب الجنة خمس مائة /عام. فإنه إذا لم يقنع بما يكفيه التحق بزمرة الأغنياء ويتم [۳۸] ذلك بأن ينظر أبداً إلى من هو دونه في الدنيا. () قال العراقي في المغني (۲۳۷/۳): رواه الطبراني في الأوسط والحاكم وصحح إسناده أبو الشيخ في كتاب الثواب»ء وابو نعيم في الحلية من حديث سهل بن سعد أن جبريل قاله للبي ي في أثناء حديث () الفقرة بالنص في الإحياء (۳/ ۲۳۷). ۳ قنطرة النفس وقد روي عن آبي ذر رحمه الله أنه قال : أوصاني خليلي : أن انظر إلى من هو دوني لا إلى من هو فوقي”". - يعني في أمر الدنيا- فهذه الأمور تكسب القناعة وعماد الصبر وقصر الأملء وآن يعلم أن غاية صبره في الدنيا أياماً قليلة هو سبب التمتع دهوراً لا غاية لها فیکون كالمريض الذي يصبر على مرارة الدواء لشدة طعمه في انتظار الشفاء"ء وذلك لا يتم إلا بعون الله وتوفيقهء نسأل الله تعالى أن يرزقنا ذلك بمنة وكرمه وفضله إنه أرحم الراحمين . الفصل الٹالث: في ذم الغضب قال الله تعالى: ® جَعَل الَذِينَ كَفَروا في ثَلُوبهمٌ الْحمية حَمية الْجَامِلة4. ذم الله الكفار بما تظاهروا به من الحمية الصادرة عن الغضب بالباطل ومدح المؤمنين بما أنعم من السكينة. وفي الحديث أن رجلا قال: يا رسول الله مرني بعمل يدخلني الجنة وأقلل› قال: « . )4( تغضب» . وعن ابن عمرو أنه سأله عليه السلام فقال: ماذا ينقذني من غضب الله؟ قال: « تقضب». وعن اين مسعود عنه عليه السلام أنه قال : ما تعدون الصرعة فيكم؟». قلنا قلنا : الذي لا يصرعه الرجال. قال: «ليس ذلك ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب»”“ . وفي حديث آخر: «ليس الشديد بالصرعة إنما من كفا غضبه ستر الله عورته». وقال بعض البلغاء: من رد غضبه هذ من غضبه . وعن داود أو سليمان عليهما السلام: - الشك مني - أنه قال: يا بني إياك وكثرة الم ب ]۳۹[ فإن كثرة الغضب / تستخف فوؤاد الرجل الحليم . (١) قال العراقي في المغنى (۲۳۷/۳): رواه أحمدء وابن حبان فى أثناء حديث. (۲) الفقرة بنصها في إحياء علوم الدين (۲/ ۲۳۷). () سورة الفتح الآية: ٢۲. () أطراف الحديث عند: البخاري (۸/٢۳)› والترمذي (٢٠٠۲)› أحمد (۲/١۱۷)› البيهقي في السنن الكبرى (١٠/١٠٠)› الحاكم (۴/١٠٠)› وقال العراقي في المغني (۳/٠۱1۱) رواه البخاري . (٥) قال العراقي في المغني (۱1۱/۳): رواه الطبراني في مكارم الأخلاق› وابن عبد البر في التمهيد بإسناد حسن؛ وهو عند أحمك وأن عبد الله بن عمرو هو السائل. () تال العراقي في المصدر السابق: رواه مسلم: قنطرة النفس ۳۷ وعن عكرمة في قوله تعالى: «وَسَيْداً وحَصُورآ”. قال: السيد الذي لا يغلبه الغضب. وعن بي الدرداء قال: قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة. قال: «لا تغخضب* "٩ . وعن يحيى بن زكريا أنه قال لعيسى عليهما السلام: لا تغضب. قال: لا أستطيم أن لا أغضب إنما أنا بشر. قال: لا تقتن مالاً. قال: هذا عسى . وعن النبي يل أنه قال: «الغضب يفسد اللإيمان كما يفسد الصبر العسل»"". وعنه أيضاً أنه قال: «ما غضب أحد إلا أشفى على جهنم »٩ . وقال رجل : ي شيء أشد من جهنم؟ قال: «غضب الله». قال: فما يبعدنى من غضب الله؟ قال: «أن لا تغخضب؛*٩ . وعن الحسن أنه قال : «يا ابن آدم كلما غضبت وثبت يوشك أن تثب وثبة فتقع في النار. وعن ذي القرنين رحمه الله : أنه لقي ملكا من الملائكة فقال : علمني علماً ازداد به إيماناً ويقيناً. قال: لا تغضب فإن الشيطان أقدر ما يكون على ابن آدم حين يغضب فر الغضب بالکظم وأسكنه بالتؤدة وإياك والبعيد ولا تكن جباراً عنيداً . وعن وهب بن منبه أن راهباً كان في صومعة فأراد الشيطان أن يضله فلم يستطع؛ فجاءه حتى ناداه فقال: افتح فلم يجبه. فقال: افتح فإني إن ذهبت ندمت» فلم يلتفت إليه. فقال : أن المسيح. فقال الراهب: وإن كانت المسيح فما أصنع بك ألست أمرتنا بالعبادة والاجتهاد ووعدتنا القيامةء فلو جثتنا اليوم بغير ذلك لم نقبله منك. قال: فقال: إني” الشيطان وقد أردت أن أضلكم فلم استطع فجئتك لتسألني عما ش شئت فأخبرك. قال : ما أريد أن أسألك عن (١) سورة آل عمران الأية: ۳۹. () قال العراقي في المغني (۱/۳١۱) رواه ابن أبي الدنيا والطبراني في الكبيرء والاوسط بإسناد حسن . () قال العراقي في المصدر السابق: رواه الطبراني في الكبيرء والبيهقي في الشعب من رواية بهز بن حکيم عن آبیه عن جده بسند ضعیف. (8) وقال العراقى فى المصدر السابق: رواه البزار» وابن عدي من حديث ابن عباس: للنار باب لا يدخله إلا من شفي غيظه بمعصية الله وإسناده ضعيف. () قال العراقي في المغنى (۳/١١۱): روا أحمد من حديث عبد الله بن عمر وبالشطر الأخير منهء قال أيضا : رواه الطبراني في مكارم الأخلاق» وابن عبد البر في التمهيد بإسناد حسن؛ وهو عند أحمدء وأن عبد الله بن عمرو هو السائل. () في الأصل: «إنه هو» والتصويب من إحياء علوم الدين (۳/ ١١۱). ۳۸ قنطرة النفس [] شىء. قال: فولى مدبراً. فقال له الراهب: ألا تسمع؟ /قال: بلى. قال: أخبرني أي أخلاق بني آدم أعون لك عليهم؟ قال: الحدةء إن الرجل إذا كان حديداً قلبناهء كما تقلب الصبيان الكرة. وقال بعض العلماء ؛ إن الشيطان يقول: وكيف يغلبني ابن آدم؟ فإذا رضي جئت حتی أكون في قلبه وإذا غضب طرت حتى أكون في رأسه. وعن جعفر بن محمد أنه قال: الغضب مفتاح كل شيء. وقال بعض الأتصار: رأس الحمق الحدةء وقائده الغفضب»ء ومن رضي بالجهل استغنى عن الحلم [و]* الحلمء زين ومنمعة› والجهل شين ومضرة والسكوت عن الأحمق جوابه. وعن مجاهد أنه قال: قال إيليس: ما أعجزني بنوا آدم ولم يعجزوني في ثلاث : ذا سکر أحدهم أخذنا بخزامتيه» وقدمناء حيث شئنا وعمل لنا بما أجبناء وإذا غضب قال ہما لا يعلم وعمل بما يندم ونبخله بما في يديهء ونمنيه بما لا يقدر عليه . وقيل لحكيم: ما أملك فلاناً لنفسه؟! فقال: إذاً لا تذله الشهوةء ولا يصرعه الهوىء ولا يغلبه الغضب. وقال بعضهم: إياك وغرة الغضب فإنه يصيرك إلى ذل الاعتذار. وعن ابن مسعود رحمه الله أنه قال: انظروا إلى حلم الرجل عند غضبهء وأمانته عند طمعهء وما علمك بحلمه إذا لم يغضب» وما علمك بأمانته إذا لم يطمع. ويروى أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله: أن لا تعاقب عند غضبك فإذا غضبت على رجل فاحبسه» وإذا سكن غضبك فأخرجه فعاقبه على قدر ذنبه ولا تجاوز به خمسة عشر سوطا. [] التنور المسجود؛ فأقل الناس غضباً أعقلهم› فإن كان للدنيا كان داهياً / مكراً وإن كان للاخرة كان علماً وحلماً. ويقال : الغضب عدو العقل › والغضب غول العقل . وکان عمر رضی الله عنه إذا خطب يقول في خطبته: أفلح منكم من حفظ عن الهوى والطمع والغضب. وقال بعض العلماء: من أطاع غضبه وشهوته › أدياه إلى النار. قنطرة النفس ۳۹ وقيل: إنه قيل لابن المبارك: أجمل لنا حسن الخلق في كلمة. فقال: ترك الغضب. ويروى أن بعض الأنبياء عليهم السلام قال لمن معه: من تكفل لي أن لا يفضب فيكون معي في درجتي ويكون بعدي خليفتي فقال شاب من القوم: أناء ثم أعاد عليه فقال الشاب : أنا. ووفی له فلما مات كان في منزلته بعده وهو ذو الكفل في قول بعضهم: سمي به لآنه؛ تكفل بترك الغضب فوفىّ به. وعن وهب بن منبه أنه قال: للكفر أربعة أركان: الغضب والشهوة والخرق والطمم”. بيان حقيقة الغفضب اعلم أن الله سبحانه لما خلق الحيوان معرضاً للفساد والموتان بأسباب في داخل بدنه› وأسباب خارجة عنه أنعم عليه بما يحيمه من الهلاك والفساد إلى وقت الأجل المعلوم. أما السبب الداخل: فهو أنه" ركبه من الرطوبةء والحرارةء فهما متعاديتان متضادتان› والحرارة تجفف الرطوبة حتى تتغشى أجزاءهاء وتصير بخاراً يتصاعد منهاء ولو لم يتصل بالرطوبة مدد من الغذاء يجبر ما أنحل من أجوائها لفسد الحيوان. فخلق الله الغذاء الموافق لبدن الحيوان وخلق في الحيوان شهوة تبعث على تناول الغذاء كالموكل به في جبر ما انكسر وتحلل ليكون ذلك حافظاً له من الهلاك بهذا السيب”" . وأما الأسباب الخارجة: فكالسيف والسنان وسائر المهلكات التى يقصد بها / فافتقر إلى [4۲] قوة وحمية تثور من باطنه» فيدفع بها المهلكات عنهء فخلق الله الخضب فعجنه بطينة الإنسان فمتى قصد بمكروه اشتعلت نار الغفضب» وثارت ثوراناً يغلي بها دم القلب وينتشر من العروق ويرتفع إلى أعالي البدن كما يرتفع الماء الذي يغلي في القدر. فلذلك ينصب إلى الوجه فيحمر الوجه والعين والبشرة بصفائها تحكي لون ما ورائها من حمرة الدم كما تحكي الزجاجة لون ما فيها وإنما ينصب الدم إذا غضب على من دونه واستشعر القدر عليه . فإن صدر الغضب عَمَن فوقه وكان معه إياس من الانتقام تولد منه انقباض الدم من ظاهر الجسد إلى جوف القلب وصار جزعء ولذلك يصفر اللون وإن كان على نظير شك فيه تولد منه تردد من انقباض» وانبساط فيحمّر ويصفر ويضطرب وبالجملة فقوة الغضب () الفقرة بتمامها في إحياء علوم الدين (۳/١١۱: ١١۱). () في الأصل: «أن». والتصويب من المصدر السابق. )۳( راجع السبب الداخل بنصه في المصدر السابق. .€ قنطرة النفس محلها القلب» وإنما تتوجه هذه القوة عند ثورانها إلى دفع المؤذيات قبل وقوعها. فالانتقام قوة هذه القوة وهي على درجات ثلاث : في أول الفطرة من التفريط» والإفراط والاعتدال. ما التفريط : ففقده هذه القوة أو ضعفها وذلك مذموم وهو الذي يقال فيه لا حمية له. ولذلك قال الشافعي: من استغضب ولم يغضب فهو حمار ومن استرضی ولم يرض فهو شيطان؛ لأن من فقد قوة الغضب والحميةء فهو ناقص جّداً وقد وصف الله تعالى الصحابة بالشدة والحمية فقال: «أَيِدَاءٍ عَلّى الْكُفَار؟”. وقال لنبيه عليه السلام: جاهد الكُفَارَ والْمتافِقينَ وَاْلظْ عَلَيْهم€” الآية. وإنما الغلظة والشدة من آثار قوة الحمية وهو الغضب. ‎ ][‏ وأما الإفراط: فهو أن تغلب عليه هذه الصفة /حتى يخرج من سياسة العقل والدين ‏فمهما اشتدت نار الغضب اعمت صاحبها وأصممته عن كل موعظة ولا تبقى للمرء معها بصيرة فإذا وعظ لم يسمع بل زاده الغضب عماً وصمماء وإِن استضاء بنور عقله وراجع نفسه لم يقدر إذ ينطفىء نور العقل بدخان الغضب . ‏فإن معدن الفكر الدماغع ويتصاعد عند شدة الغضب من غليان ذم القلب دخان إلى الدماغ مظلم يستولي على معادن الفكر وربما يتعدى إلى معادن الحس فتظلم عينه وتسود الدنيا بأسرها ویکون دماغه مثل كهف أضرمت فيه نار فاسوّد وجهه وحمي مستقره وامتلات بالدخان جوانبه وكان فيه سراج ضعيف» وبالحقيقة فالسفينة في ملتطم الأمواج عند اضطراب الرياح أحسن حال وأرجى سلامة من النفس المضطربة غيظاً؛ إذ في السفينة من يحتال لتسنكيتها. ‏وأما القلب فهو صاحب السفينة وقد سقطت حيلته إذ أعماه الغفضب وأصمه وربما تقوى نار الفضب فتفنى الرطوبة التي بها حياة القلبء فيموت صاحبه غيظاً كما تقوى النار في الكهف فيتشقق» وتَنهّد أعاليه على أسافله» فهكذا حال القلب مع الغضب . ‏وأما اثار الفضب في الظاهر: فانقلاب صورتهء وتغير وجههء وارتعاد أطرافهء وانطلاق لسانه بما يستحى من ذكره» وخفة عقله ووثوبه من مجلس كأنه نمر وسرعة التفاته يميناً وشمالاً كأنه قردء وعدم فهمه ما يسمع كأنه بهيمةء وقلة التفاته إلى من يعظه كأنه أحمق» ولو رأى الغضبان قبح صورته في حال غضبه لسكن غضبه حياء من قبح صورته واستحالة خلقته . ‏]٤٤[ وفي كتاب سراج الملوك قال: / وكان سبب موت مروان بن عبد الملك وقع بينه وبين ‏(١) سورة الفتح الآية: ۲۹. (۲) سورة التحريم الآية: ۹. ‎ ‎ قنطرة النفس ١ أخيه سليمان بن عبد الملك كلام فعجّل عليه سليمان فقال: يا من يلحق أمه. ففتح فاه ليجیبه فأمسك عمر بن عبد العزير على فيه ورد كلامه وقال: يا ابن عبد الملك أخوك وإمامك. قال: قتلتني يا آبا حفص . قال : وما صنعت بك؟ فقال : رددت في جوفي أحرٌ من الجمرء ثم مال والشماتة بالمساءات› والحزن بالمسرات› والعزم على إفشاء السرء وهتك الستر والاستهزاء وأما ثمرة الضعيف الغضب”"" فقلة الأنفة من التعرض للحرم والزوجة والأم واحتمال الذل من الأخساءء وهو أيضاً مذموم إذ من ثمرته عدم الغيرة على الحرم . وقد روي عنه يلو أنه قال : «إن سعداً لغيور وأنا أَغْيّر من سعد والله أغير منا» "٩ . ويل : لأجل ذلك حرم الفواحش» وإنما خلقت الغيرة لحفظ الأنساب إذ لو تسامح الناس فيها لاختلطت الأنساب . ولذلك قيل: كل أمة وذ ضعت الغيرة في رجالها وة ضعت الصيانة في نسائهاء ومن ضعف الغضب أيضاً الخور والسكوت عند مشاهدة المنكرات. وقد قال عليه السلام: «خير أمتي أحذّاؤها»' يعنى فى الدين . وقال تعالى : «وَلاً تََحُذْكُمْ بهما رَقة في دين الل . بل من فقد الغضب عجز من رياضة نفسه؛ لأن الرياضة إنما تثمر بتسليط الغضب على الشهوة حتى يغضب على نفسه عند الميل إلى الشهوات الخسيسةء ففقد الغضب مذموم والله أعلم. وقال بعض العلماء: أول الفضب جنون / وآخره ندم. وفي الحكمة: من أطاع الغضب حرم السلامة ومن عصى الحمق [4°] غمره الذل. () راجع هذه الفقرة في المصدر السابق. () في الإحياء الحمية الضعيفة؛ (۳/ ٤١٦۱). (۳) قال العراقي في المغني (۱14/۳): رواه مسلم من حديث أبي هريرةء وهو متفق عليه من حديث المغيرة بتحوه. )٤( قال العراقي في المغني (۱۳/١١۱): الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب من حديث علي بسند ضعيف» وزاد: الذين إذا غضبوا رجعوا. (0) سورة النور الآية: 7. ]٦٤[ ۲٤ قنطرة النفس وأما الاعتدال في الفضب: فهو الذي ينتظر إشارة العقل والدين فينبعث حيث تجب الحميةء وينطفىء حيث يحسن الحلمء وحفظه على حد الاعتدال هو الاستقامة التي كلف الله بها عبادة وهو الوسط الذي وصفه عليه السلام حيث قال : «خير الأمور أوسطها»” . وقد قال الله لنبيه عليه السلام: جاهد الْكُفَار وَالْمَافقِينَ وَاعْلْظ عَلِيْهمْې. وقال ايضاً: «وَاخْفْضن باحك لِمَن اََعَكَ من الْمُوَمنين»”. ویروی عن لقمان | لحکيم أنه قال لابنه : يا بني لا تكن حلواً عند السفهاء فيبتلعونك ولا مرا عند الفقهاء فيرفضوك. وفي المثل: لا تكن رطباً فتعصر ولا يابساً فتكسر إشارة إلى وسط الأمورء فمن مال غضبه إلى الفتور والضعف حتى أحس من نفسه ضعيف الغيرةء واحتمال الذل في غير محل فينبغي أن يعالج نفسه حتى يقوي غضبه ومن مال غضبه إلى الإفراط جره إلى التهور» واقتحام الفواحش» فينبغي أن يعالج نفسه ليكسر من فوره الغضب ويقف على الأوسط بين الطرفين وهو الصراط المستقيم وهو أدق من الشعرء وأحدٌ من السيف فهذه حقيقة الغضب ودرجاته. فصل وأما هل يمكن إزالة الغضب بالرياضة فقد اختلف في ذلك؛ ولكن الحق فيه ما نذكره وذلك أن الذي يغضب الإنسان من أجله ثلاثة أقسام : أحدهما: ما هو ضرورة في حق الكافة وهو القوت» المسكن والملبس وصحة البدنء أو إخراج من داره لا يخلو الإنسان من غيظ على / من أخذ منه هذه الأشياء . الثاني: ما ليس بضروري كالجاء وفضول المالء فإن الزاهد في الدنيا ربما لا يغضب إذا أخذ منه لعدم حبه له› وأما الراغب فيها فإنه يغضب لأنه محبوب عنده. الثالث: ما يكون ضرورياً في حق بعض الناس كأدوات الصناعء وكتب العالم» فإن () قال العراقي في المغني: (۱15/۳): رواه البيهقي في الشعب مرسلاً. )۲( سورة التحريم لآية: ۹. ۳( سور الشعراء الاية : ٥۲. قنطرة النفس ۳٤ أيضاً يختلف بالأشخاص وإنما الحب الضروري ما أشار إليه النبي ي بقوله: «من أصبح امنا فی سربه معافاً فی يدنه وعنده قوت يومه نکأنما حيزت له الدنيا بحذافیر ها . ومن کان بصيراً بحقائق الأمور وسلمت له هذه الثلاثة يتصور أن لا يغضب في غيرها. وأما إزالة الفضب من القلب: فهو مقتضى الطبع فذلك غير ممكن؛ وقد كان النبي يي يغضب حتى تحمّر وجتتاه حتى قال: «اللهم إني بشر أغضب كما يغضب البشره وعن علي بن أبي طالب أنه قال : كان عليه السلام لا يغضب للدنياء فإذا أغضبه الحق لم يقربه أحد ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له فكان لا يغضب إلا على الحق'" . ونعم قد يفقد أصل الغضب فيما هو ضروري إذا كان القلب مشغولاً بضروري أهم منه فلا يكون في القلب متسع للغضب لاشتغاله بغيرە› فإن استغراق القلب ببعض المهمات يمنع الإأحساس بما عدا وهذا كما حكي أن سلمان رحمه الله لما شتم قال: إِن حَفُت موازيني فنا شر مما تقولء وإن ثقلت موازيني لم يضرني ما تقول فكان همه مصروفاً إلى الأخرة فلم يتألم قلبه بالشتم . ولذلك شتم الربيع بن خيشم؛ فقال: يا هذا قد سمع الله كلامك» وإن دون الجنة عقبةء إن قطعتها لم يضرني/ ما تقولء وإن لم أقطعها فأنا شر مما تقول. وروي ان رجلا [4۷] سب أبا بكر رضي الله عنه فقال: ما ستر الله عنك أكثر. فكأنه کان مشغولاً بالنظر في تقصیر نفسه فلم» يغضبه نسبة غيره إياه إلى نقصان إذ كان ينظر إلى نفسه بعين النقصان وذلك لجلالة فدره. وروي أن امرأة قالت لمالك بن دينار: يا مرائي. فقال: ما عرفني غيرك فکأنه کان مشغولاً بأن ينفي عن نفسه آفة الرياء فلم يغضب لما نسب إليه. فهذه الأقاويل دالة في الظاهر على أنهم لم يغضبوا؛ لاشتغال قلوبهم بمهمات دينهمء ويحتمل أن يكون قد أثر في قلوبهم ولكنهم لم يشتغلوا به والله أعلم'. (۱) قال العراقي في المغني (۳/١۱): رواه الترمذي» وابن ماجة من حديث عبيد الله بن محصن دون قوله «بحذافيرها» قال الترمذي حسن غريب . )۲( قال العراقي في المغني (۷/۳١۱): رواه مسلم من حديث من جابر: کان إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبهء وللحاكم: كان إذا ذكر الساعة احمرت وجتتاه واشتد غضبه . () قال العراقي في المصدر السابق: رواء الترمذي في الشمائل. () راجع هذه الآثار في إحياء علوم الدين للغزالي (۳/ 16۷). [4۸8] وروي أن يحى قال لعيسى عليهما السلام: أي شيء أشد؟ قال: غضب الله . قال: فما يقرب من غضب الله؟ قال : أن تغضب . قال : فما يبدي الغضب؟ قال عیسی : الكبره والفخر› والتعزز› الحمية. وآما الأاسباب التي تهيج الغضب هي الزهو. › والعجب› والمزح › والهزلء والهزء› والتعيير» والمماراةء والمضارةء والغدرء وشدة الحرص على فضول المال والجاءء وهي بأجمعها أخلاق رديئة مذمومة شرعاًء فلا خلاص عن الغضب مع بقاء هذه الأسباب فلا بد من إزالتها بأضدادها. فينبغي أن يميت الزهو: بالتواضعء ويميت العجب بالمعرفة بنفسهء ويزيل الفخر بأنه من جنسه عبده» إِذا الناس يجمعهم في النسب آدم عليه السلام وإنما اختلفوا في الفضل . وأما المزح: فيزيله بالاشتغال بالمهمات الدينية التي يستوعب العمر دونها. وأما الهزل فيزيله: بالجد في طلب الفضائل والعلوم الدينية . وأما الهزء : فيزيله بالتكرم عن إيذاء / الناس وبصيانة النفس عن أن يستهزأ به . وأما التعبير: فبالحذر عن القول القبيح . وأما شدة الحرص على فضول العيش: فيزال بالقناعة بقدر الضرورة طلباً لعز الاستغتاء وهكذا کل خلق رديء یزال بضده ويفتقر في ذلك إلى رياضة وتحمل مشقة› حتى يصير بالعادة مألوفاً هيناً على النفس" والله أعلم . اعلم أن الغضب إنما يعالج عند هيجانهء بمعجون العلم والعمل» أما العلم فهو خمسة أمور: أحدها: أن يتفكر من الأخبار التي تأتي من فضل كظم الغيظ والحلم ويرغب في ثوابها فيمنعه عن التشفي والانتقام وينتفي غضبه . وعن مالك : بن وس قال : غضب عمر على رجل وآمر بضربه» فقلت : يا أمير المؤمنين لحل العفو وَأ مر بالْعُرْفٍڳ' وکان وقافاً ٩ علی کتاب ب الله مهما تلي عليه كثير التدبر فيه )۱( راجع هذه الأسباب بشيء من من التفصيا ني کتاب إحياء علوم الدين (۳/ ۸٦۱( . (۲) سورة الأعراف الآية: 1۹۹. (۳) في الأصل: «واقفاً» وهو تحريف. قنطرة النفس ‎o‏ فتدبرها وخلي الرجل. قال: وأمر عمر بن عبد العزيز بضرب رجل ثم تلى قوله: ®وَالْكَاظِمِين العَيْظّ€. قال لغلامه: خل عنه. الثانية: أن يخوف نفسه بعذاب الله تعالىء وقد روي أن الله سبحانه يقول في بعض الكتب: يا ابن آدم اذكرني حيث تغضب أذكرك حيث أغضب فلما أمحقك فيمن أمحق . ويروى أن النبي يِل بعث وصيفاً إلى حاجة فأبطاً عليه فلما جاء قال: «لولا القصاص لأوجعتك»"٩ أي القصاص فى القيامة . قيل: لم يكن في بني إسرائيل ملك إلا ومعه حكيم إذا غضب أعطاه صحيفة وفيها: أرحم المساكين واخش الموت واذكر الأخرة فكان يقرأها حتى يسكن غضبه. الثالث: أن يحذر نفسه عاقبة العداوة والانتقام› وتشمر العدو يمقابلته» والسعي في هدم / أغراضه والشماتة بمصائبهء فيخوف نفسه بعواقب الغضب في الدنيا إن كان لا يخاف من [44] الأخرةء وهذا يرجع إلى تسليط شهوة على غضب» وليس هذا من أعمال الاخرة ولا ثواب عليه إلا أن يكون محذوره أن يشوش فراغه للعلم أو للعمل للاخرة فيكون مثاباً عليه . الرابع: أن يتفكر في قبح صورته عند غضبهء بأن يتذكر صورة غيره في حالة الفضبء ويتفكر في قبح الغضب في نفسهء ومشابهة صاحبه للكلب الضاري والسبع العادي› ومشابهة التارك للغضب للأنبياىء والحكماءء ويخير نفسه بأن يشبه الكلاب والسباع وأراذل” الناس» وبين أن يشبه الأنبياء والعلماء ليميل بالاقتداء إليهم إن كان قد بقي معه مسكة من عقل . الخامس: أن يتفكر من السبب الذي يدعوه إلى الانتقام ويمنعه من كظم الغيظ ولا بد أن يكون له سبب مثل قول الشيطان له: إن هذا عمل منك بالعجز والمهانة تصير به حقيراً في أعين الاس فليقل لنفسه: ما أعجبك تأنفين من الاحتمال الآنء ولا تأنفينء من خزي يوم القيامة أفلا تحب أن تكون هو القائم إذا نودي يوم القيامة: ليقم من أجره على الله فلا يقوم إلا من عفي فهذا وأمثاله من معارف الإيمان ينبغي أن يقرره على نفسه . () سورة آل عمران الآية: ١۱۳ . )۲( قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (۱1۹/۳): رواه أبو يعلى من حديث أم سلمة بسند ضعيف. () في الأصل: «أرذال». والتصويب من إحياء عنوم الدين (۱1۹/۳). £ قتطرة النفس وأما العمل فبأن يقول بلسانه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» وهكذا أمر النبي يٍَ أن يقول عند الغضب”" . ويروى أنه عليه السلام كان إذا غضبت عائشة أخحذ بأنفها وقال: «يا عويش قولي اللهم رب محمد اغفر لي ذنبي» واذهب غيظ قلبي» وأجرني من مضلات الفتن»"". ويستحب أن يقول ذلك» فإن لم يزل بذلك فليجلس إن كان قائماً وليضطجع إن كان [] جالساً وليقرب من الأرض التي منها خلق؛ /ليعرف بذلك ذل نفسه وليطلب بالجلوس والاضطجاع السكوت فإن سبب الغضب الحرارة وسبب الحرارة الحركة . وقد روي عن النبي يِل أنه قال: «إن الغضب جمرة تتوقد في القلب ألم تروا إلى انتقاخ أوداجه وحمرة عينيه فإذا وجد أحدكم من ذلك شيا فإن كان قائماً فليجلس وإِن کان جالسا فلينم› فإن لم يزل ذلك فليتوضاً أحدكم بالماء البارد وليغتسل فإن النار لا يطفئها إلا الماء . وعنه أيضاً قال: «إذا غضب أحدكم فليتوضا بالماء فإن الغضب من الناره". وفي رواية أخرى: «إن الغفضب من الشيطان وأن الشيطان خلق من نار وإنما تطفىء التار بالماء» . وروي أن عمر رضي الله عنه غضب يوماً فدعا بماء فاستنشق وقال: إن الغضب من الشيطان وهذا يذهب الغضب. وفال بعض الحكماء: داووا الغضب بالكسوت وروي عن عوف بن محمد قال: لما استعملت على اليمن قال لي آبي: أولیت؟ قلت: نعم. قال: إِذا غضبت فانظر إلى السماء فوقك وإلى الأرض تحتك ثم انظر إلى خالقهما. وروي أن أباذر قال لرجل: يا ابن الحمراء من خصومة بينهما فبلغ ذلك النبي يِل فقال: «يا أبا ذر بلغني أنك اليوم عيّرت رجلا بأمه». قال: بلى» فانطلق أبو ذر ليرضي صاحبه فسبقه الرجل فسلم عليه. فذكر (١) كذا في الأصل وفي إحياء علوم الدين: الفيظء وقال العراقي تعليقاً على الحديث: متفق عليه من حديث سليمان بن صرد قال كنت جالسا مع النبي يَأ ورجلان يستبان فأحدهما احمر وجهه وانتفخت أوداجه. الحديث. . وفيه: لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لذهب عنه ما يجدء فقالوا له: إن النبي يَأ قال: تعوذ بالله من الشيطان الرجيم. . الحديث. (۲) قال العراقي في المغني (۳/٠۱۷): رواه ابن السني في اليوم والليلة من حديثها. (۳) قال العراقي في المصدر السابق: رواه الترمذي من حديث أبي سعيد دون قوله: «توقد» وقد تقدم ورواه بهذه اللفظة البيهقي في الشعب. (٤) وقال في المصدر نفسه: رواه أبو داود من حديث عطية السعدي. قنطرة النفس £۷ ذلك للنبي يِل فقال: «يا أبا ذر ارفع رأسك وانظر» ثم اعلم أنك لست بأفضل من أحمر فيها ولا أسود إلا أن تفضله بعمل» ثم قال: «إذا غضبت فإن كنت قائماً فاضطجع». وعن المعتمر بن سليمان أنه قال: كان رجل ممن كان قبلكم يغضب فیشتد عليه غضبه فكتب ثلاث صحائف» فأعطى كل صحيفة منها رجلا وقال الأول: إذا غضبت فاعطني /هذه. [°1] وقال للثاني : إذا سكن بعض غضبي فاعطني هذه. وقال للثالث: إِذا ذهب غضبي فاعطني هذه فاشتد غضبه يوماء فأعطي الصحيفة الأولى فإذا فيها: ما أنت وهذا الغضب؟ إنك لست بإله إنما أنت بشر يوشك أن يأكل بعضك بعضاء فسكن بعض غضبه. فأعطي الثانية: فإذا فيها: ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء. فأعطىٰ الثالثة فإذا فيها: خذ الناس بحق الله؛ فإنه لا يصلحهم إلا ذلك أي لا تعطل الحدود. قال: وغضب المهدي يوماً على رجل» فقال: شبيب لا تغضبن؛ لله بأشد من غضبه لنفسه. فقال: خلوا سبیله ٩ . فصل: في فضيلة كظم الغيظ قال الله تعالى : وَالْكَاظِمِين الْقَْظّ€. فذكر ذلك في معرض المدح وعن النبي يل أنه قال: «من كف غضبه كف الله عنه عذابهء ومن اعتذر إلى ربه قبل الله عذرهء ومن خزن لسا اث ‎(a‏ ‏نه ستر الله عورته . ِ‫ )0( القدرة» . () قال العراقي في المغني (۱۷۱/۳): رواه ابن أبي الانيا في العفو وذم الغضب بإسناد صحيحء وفي الصحيحين من حديثه قال: كان بيني وبين رجل من إخواني كلام وكانت أمه أعجمية فعیرته بأمه فشکاني إلى النبي يَأ فقال: «يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية» ولأحمد أنه يو قال له: «انظر فإنك لست بخير من أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى» ورجاله ثقات. () راجع الباب بأكمله في كتاب إحياء علوم الدين للغزالي (۱1۹/۳: ١۱۷). (۳) سورة آل عمران الاية: ١۱۳ . (4) قال العراقي في المغني (۱۷۱/۳): رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي وفي شعب الإيمان واللفظ من حديث أنس بإسناد ضعيف ولابن أبي الدنيا من حديث ابن عمر: من ملك غضبه وقاه الله عذابه الحديث. () قال العراقي في المصدر السابق: رواه ابن أبي الدنيا من حديث على بسند ضعيف» والبيهقي في الشعب بالشطر الأول من رواية عبد الرحمٰن بن عجلان مرسلاً بإسناد جيك وللبزارء والطبراني في مکارم الأخلاق واللفظ له من حديث أشدكم أملككم لنفسه عن الغضب وفيه عمران القطان مختلف فيه. £۸ قنطرة النفس وعنه عليه السلام: «من كظم غيظاً لو شاء أن يمضيه أمضاه ملا الله قلبه يوم القيامة رضاه. وفى رواية أخرى: «ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا . وعن ابن عمر عنه عليه السلام قال: «ما جرع عبد جرعة أعظم أجراً من جرعة غيظ كظمها ابتغاء وجه الها" . وعن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي يلأ أنه قال: «إن لجهنم باباً لا يدخله إلا من شفى غيظه بمعصية الله . وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من كظم غيظه وهو يقدر” على أن ينفذ دعاه الله [] على / رؤوس الخلائق يختار أي الحور شاء». وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: من اتقى الله لم يشف غيظهء ومن خاف الله لم يفعل ما وجهك بالمسألةء ولا تشف غيظك بفضيحتك» واعرف قدرك تنفعك معيشتك . وقال بعض العلماء: حلم ساعة يدفع شرا كثيراً ويقال: أفضل الأعمال الحلم عند الغضب؛» والصبر عند الطمع قال: وشتم رجل بعض العلماء فقال: لست أدخل في حرب الغالب فيها شر من المغلوب. ويروى أن رجلا قال لأبي ذر رحمه الله: أنت الذي نفاك معاوية من الشام لو كان فيك خير ما نفاك. فقال: يا ابن أخي ِن من ورائي عقبه كؤد إن نجوت منها ما ضرني ما قلت وان لم أنج منها فأنا شر مما قلت . وقال رجل لأحنف بن قيس : لثن قلت واحدة لتسمعن عشرا. فقال الأحنف : لكنك إن قلت عشراً لم تسمع مني واحدة. قال : وس رجل بعض الحكماء فاعرض عنه. فقال: إياك عَني. فقال له الحكيم: وعنك أعرض. وفي هذا المعنى قال الشاعر : (١) وقال أيضاً عن هذه الحديث: رواه ابن أبي الدنيا بالرواية الأولى من حديث ابن عمر» وفیه سكين بن آبي (۲) (۳) سراج تكلم فيه ابن حبانء وأبو دواد بالراوية الثانية من حديث رجل من أبناء أصحاب النبي يل عن آبيهء ورواه ابن آي الدنيا من حديث أبي هريرة وفيه من لم يسم. وقال العراقي أيضا عنه في نفس المصدر: حديث ابن عمر. .. رواه ابن ماجه. في الإحياء (۳/ ١٤ء ۱۷۲): «قادر». وقال العراقي في المغني بهامش الرقم الأول: رواه أبو داودء والترمذي وحسنه؛ وابن ماجة من حديث معاذ بن آنس. قنطرة النفس ۹ وقيل لعمر بن عبيد: إن فلاناً نال منك. فقال: الموت يعمناء والحشر يضمناء والقيامة تجمعناء والرب يقضي بيننا. ویروی أن امرأة کانت تغزلء فجاءت صبية فقطعت لها غزلها سبعين مرةء فلم تغضب . فقيل لها في ذلك فقالت: يجزيني الله فأجتهد حتى أكون من الصالحات. يوماً مع ابن أخيه على عمر. فقال عيينة: والله ما تقضي بالعدل ولا تعطي الجزل. / فغضب عمر حتى عرف الغضب فى وجهه؛ فقال ابن أخى عبينة : يا أمير المؤمنين ألم ]۳[ ِ َ د . ص رون و ر ِ‫ تسمع قول الله تعالى: خُذ العفو وَامُر بالعُرف وَاعُرضْ عَن الجَاهلِين»”. فقال عمر: صدقت» فکأنما كنت" ناراً فاطفئت. وقال محمد بن کعب: ثلاث من کن فيه استکمل الإيمان بالل › إذا رضي لم يدخله رضاه في الباطل › وإذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق› وإذا قدر لم يتناول ما ليس له. ويروى أن رجلا قال لسلمان رحمه الله: يا أبا عبد الرَّحمٰن أوصني. فقال: لا تغضب. قال: لا أقدر. قال: فإن غضبت فأمسكَ لسانك ويدك'" والله أعلم. فصل: في فضيلة الحلم اعلم أن الحلم أفضل من كظم الغيظ؛ لأن كظم الغيظ عبارة عن التحلم: وهو تكلف الحلم بالمجاهدة حتى يكون له ذلك عادة› فإذا هاج غيظه لم يکن عليه في کظمه تعب وهو الحلم | لطبيعي وهو دلالة كمال العقل› وإنكسارة فوة الد لغخضب؛› وخضوعها له ولكن ايتداء التحلم وكظم الغيظ تكلف. يتوق الشر يوقه»""". أشار بهذا أن اكتساب الحلم طريقة التحلم. أولا وتكلفهء كما أن اكتساب العلم طريقه التعلم. وقيل للأحنف بن قيس: ما أحلمك؟! فقال: لست بحليم ولكني أتحلم› () سورة الأعراف الآية: 1۹۹. () في الإحياء.؛ كانت (۳/ ۱۷۲). (۳) راجع الباب مختصراً في إحياء علوم الدين الموضع السابق. )4( قال العراقي في المغني (۱۷۲/۳): روا الطبراني» والدارقطني في العلل من حديث أبي الدرداء بسند 7 قنطرة النفس والله إني لأسمع الكلمة وأحمى لها ثلاثاً وما يمنعني من جوابها إلا خوف من أن أسمع شراً منها. وقد قال الشاعر : وليس يم الحلم للمرء راضياً إذا كان عند الط لا يتحلة كما لا يم الجود للمرء موسراً إذا كان عند العسر لا يتحشم 0 وعن أكثم بن صيفي أنه قال: لا يكون الرجال حليماً حتى يقول السفيه / إنه لضعيف مستذل» ولا يكون مخلصاً حتى يقول الأحمق إنه لمفسد. ويقال إن أشعر بيت قيل في الحلم قول كعب بن زهير: إذا أت لم تَحرضن عَن الْجَهْل وَالْحَنا أصَْتَ حليماً أو أَصَابَكَ جاهل فنْصْبِحُ أَما نال عِرْضك جَامِل سَفية وَإِمَايِلت مالا تُحَاولُ فالحلم من أشرف الأخلاق وأحقها بذوي الألباب لما فيه من سلامة العرض» وراحة الجسدء وإجتلاب الحمد. وعن سفيان ابن عيينة أن النبي يِل قال: «لما نزلت على هذه الآية: «خُذ العفو . قال: «يا جبريل: ما هذا؟». قال: لا أدري حتى أسأل العليم» ثم عاد جبريل فقال: يا محمد إن ريك يأمرك أن تصل من قطعك وتعطيّ من حَرَمَك وتعفو عمن ظلمك. وروي أنه قال: «لما تركت الأية قال جبريل: يا محمد إني أتيتك بمكارم الأخلاق في الدنيا والآخرة: «خُذ العفو وَأمُر بالْمُرْف وَأعُرِضن عن الجَاهِلِين4”٩. وعن النبي يِل أنه قال : «خمس من سنن المرسلين: الحياء والحلم والحجامة والسواك والتعطر". وعنه أيضاً أنه قال: إن الرجل المسلم ليدرك بالحلم درجة الصائم القائم؛ وإنه ليكتب جباراً وما يملك إلا آهل بيتە»". وعنه أيضاً أنه قال: لإن الله يحب الحليم اليئ ويبغض الفاحش البذىء وعن )۱( في الأصل: من وأحسبه تحريف من الناسخ. (۲) سورة الأعراف الاية: ۱۹۹ . )۳( قال العراقي في المغني (۱7۳/۳): رواه أبو بكربن أبي عاصم في المثاني والأحادء والترمذي الحكيم في نوادر الأصول من رواية مليح بن عبد الله الخطمي عن أبيه عن جده؛ والترمذي وحسنه من حديث آي أيوب أريع فأسقط الحلم والحجامة وزاد: النكاح. (8) وقال العراقي المغني في الموضع السابق: روا الطبراني في الأوسط بسند ضعيف. (٥) أورد الغزالي في الإحياء أتم مته (۱۷4/۳) وعلق عليه العراقي بهامشه فقال: رواه الطبراني من حديث سعد: إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي. قنطرة النفس ‎o1‏ ‏علي بن أبي طالب أنه قال: من حلم ساد ومن تفهم ازداد. وقال يعض العلماء: من غرس شجرة الحلم اجتنى ثمرة السلم› وينشد: لحب مكار الأخلاقي ججهدي وأكرة أن أعيب وأ أعَابَا ا عَن ساب لاس جلما وده الاس مَنْ يَهُوئَ السّبابا من حَابَ الرْجال تيوه وَمَن حَقَر الرْجَال فلن يُهَابا وروي أن بش الساف من السلس قل اللهم ليس عندي / صدقة أتصدق بها فايما ]٥٥[ رجل أصاب من عرضي شيئاً فهو علي صدقة. فأوحى الله إلى النبي يٍَ: أنه غفر لهه" . وعن النبي يَأ أنه قال: «أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم». قالوا: وما أبو ضمضم؟ قال: «رجل ممن كان قبلكم إذا أصبح يقول: اللهم إني أتصدق اليوم بعرضي على عبادك»"". وقيل في قوله تعالى: «رَبَايين4. أي علماء حكماء. وحد الحلم ضبط النفس عند هجيان الغضب وهذا يکون لباعث وسبب. وأسباب الحلم الباعثة عن ضبط النفس عسره .٠ أحدها الرحمة للجاهل: وذلك من خير يوافق رقة. وعن الحسن في قوله تعالى : #وَرذًا حَاطبَهُمُ الجَاهِلونَ قالوا سَلاما”". قال: حلماء إن جهل عليهم لم يجهلوا. وعن عطاء بن بي رباح في قوله تعالى: «يَْشُونَ عَلَى الأرْضٍ هونا 4. أي حلماء. وعن مجاهد في يقوله تعالى: «وَِذًا مَوُوا الَو مووا كِراماً 4 . أي إذا أوذوا صفحوا. ویروی أن ابن مسعود رحمه الله مر بلغو معرضاء فقال عليه السلام: «أصبح ابن مسعود () قال العراقي في المغني (۱۷۳/۳): رواه أبو نعيم في الصحابةء والبيهقي في الشعب من رواية عبد المجيد بن آبي عیسی بن جبر عن آبيه عن جده بإسناد لين » زاد البيهقي عن علية بن زيدء وعلية هو الذي قال ذلك كما في أثناء الحديث وذكر ابن عبد البر في الاستيعاب أنه رواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أي صالح عن أي هريرة أن رجلا من المسلمين ولم يسمه - وقال أظنه أبا ضمضم - فلت : وليس بابي ضمضم وإنما هو علية بن زیده أبو ضمضم ليس له صحبة وإنما هو متقدم. )۲( طرفه في : موضع أوهام الجمع والتفريق للبغدادي (1/ ۲7)٠ ۳( سورة آل عمران الأية: ۷۹. (8) سورة الفرقان الآية: ۳٦. (0) سورة الفرقان الآية: ۷۲. 01 قتطرة النفس وأآمسی كريما٩ ثم تلى إبراهیم بن ميسرة وهو الراوي فيما قيل: «وَإذًا مَوُوا باللنُو مروا کرام . وقيل في مثو لحك : من أوكد الحلم رحمة الجهال. ويروى أن رجلا سب الأحنف وهو يماشيه في الطريقء فلما قرب من المتزلء وقف الأحنف وقال: يا هذا إن كان بقي معك شيء فقله هاهنا؛ فإني أخاف أن يسمعه فتيان الحي فيۉذوك. وعن أبي الدرداء أنه قال للرجل وقد اسمعه كلاماً: يا هذا لاتفرقن في سبنا ودع للصلح موضعاً؛ فإنا لا نكافىء مَنْ عصّى فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه. قالوا: واغتاظت عائشة رضي [ الله عنها على خادم لها / ٠ ثم رجعت إلى إلى نفسها فقالت: لله در التقوى ما تركت لذي غيظ والثاني من أسباب الحلم القدرة على الانتصار : وذلك من سعة الصدر وحسن الثقة . وقد روي أن النبي يٍَ قال: «إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكراً للقدرة عليه . وقد روي أن معاوية قسّم قطفا فاعطى شيخاً من أهل ذي مشق قطيفة فلم تعجبهء فحلف أن يضرب بها رأس معاوية فتاه فأخبرہ فقال معاوية: أوف بنذرك وليرفق الشيخ بالشيخ . والثالث من أسبابه الترفع عن السباب: وذلك من شرف النفس وعلو الهمة كما قالت الحكماء: شرف النفس أن تتحمل المكاره كما تتحمل المكارم. وقد قيل: إن الله عز وجل سم يحيى سيذ الحلمة. قال الشاعر. ل لم للم فوا لذ كَرْمُوا حى يَذِلَوا وَإنْ عَرُوا الأفوام وَيشتموا وَتَرَى الالوان مُْفرة لا صفح ذل وَلكن صفح إِكُرام والرابع من أسبابه الأستهانة بالسباب: وذلك عن ضرب من الكبر والاعجاب؛ كما حكي عن مصعب بن الزبير أنه لما ولي العراق وجلس يوماً لعطاء الجند فأمر مناديه فنادی ابن عمر بن جرموز وهو الذي قتل آباه الزيير فقال: أيها الأمير إنه قد باعد في الأرض» فقال: أوظن الجاهل أني اقيده بأبي عبد الله فليظهر آمناً وليأخذ عطاه موفراً. فعد الناس ذلك من مستحسن الكبر. وفي مثل ذلك قال يعض الشعراء : قنطرة النفس ‎o۳‏ أوَكُلّما طن الذبابُ طَرَُه بإأَالذيَابَ إا عَلَيَ كريم وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله يَْوٍ: «ثلاث من لم تكن فيه واحدة منهن فلا يعدن / بشيء س عملهء تقوی تحجزه عن معاصي الله ؛ وحلم يكف السفيه به› [۷٥] وخلق يعيش به في الناس*٩ الخامس من أسبابه الاستحياء من جزاء الجواب: وهذا يكون من صيانة النفس وكمال المروءةء قال بعض الحكماء: احتمال السفيه أيسر من التحلي بصورته والأغضاء عن الجاهل خير من مشاكلته. وقال بعض الأدباء : ما أفحش حليم ولا أوحش كريم. وينشد للقيظ بن زرارة : َل يئي سند فَتالِي وََاكم ا „woe ^o والسادس من أسبابه التفضّل على الستاب: وهذا قد يكون من الكرم و وحب التألف كما روي أنه قيل للإسكندر: إن فلاناً وفلاناً ينقصانك ويثلبانك فلو عاقبتهماء فقال: هما بعد العقوبة اعذر في تنقيصي وثلبي. فكان هذا تفضلاً منه وتألفاً. وقد روي عن النبي يلو أنه قال: «اللهم لا يدركني ولا أدركه زمان: لا يتبعون فيه العليم"؛ ولا يستحيون فيه من الحليم» قلوبهم قلوب الأعاجم؛» والستتهم ألسنة العرب». وروي أنه عليه السلام قال للأشح وقد وفد عليه وكان ذميم الصَورةء فأناخ راحلتهء ثم طرح عنه ثوبين كانا عليهء وأخرج من العبية ثوبين حسنيين فلبسهماء وذلك بعين رسول الله ويو فقال: يا رسول الله إن جلود الرجال لا يستقى فيها الماء وإنما يحتاج من المرء إلى أصغريه - يعني القلب» واللسان ‏ فقال عليه السلام: «بلى فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله». قال: وما هيتا؟ قال: «الحلم والأناة». فقال: هذا شيء حدث آم شيء / جُبلتَ عليه؟ فقال: «شيء [۸٥] جبلت عليه . فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله. () قال العراقي في المغني (۳/٤۱۷): رواه آبو نعيم في کتاب الإيجاز بإسناد ضعيف» والطبراني من حديث آم سلمة بإسناد لين. 0 _ )۲( فی الأصل: العلم. والتصويب من الإحياء والمغني (۳/ ۱۷۳) وقال العراقي رواه احمد من حدیثٹ (۳) قال العراقي عن نحوه في المغني (۳/٤۱۷) متفق عليه ٠ قتطرة النفس o وقد حكى عن الأحنف بن قيس أنه قال : ما عداني أحد إلا أخحذت في أمره بأحد ثلاث خصال: إن کان أعلی می رفعت له قدره» وان کان دوني رفعت قدري عنهء واِن کان عديلي تفضلت عليه . فأخذه محمود الوراق» وقيل : الخليل بن أحمد ونظمه شعراً فقال : وما الاس إلا واد من تَلاتَةٍ شَريف وَمَشْرُوف ومثلي عقاوم ناما الذي فَوْقي فَأَْرفُ فَنْرَهُ وأَيع فيه الْحت ولحي لازم أا الذي دُؤني تن قال صنت عَنْ إِجَاِه عَرْضي وَإِن لام ليم وأا الّذِي ملي فان رل أَوْحَمَا متَفَضّلت إن الْفضل بالْجُر حَاكم والسابع من أسبابه استكفاف الساب وقطع السباب: فهذا يكون من الحزم كما حكي أن رجلا قال لضرار بن القعقاع: والله لو قلت واحدة لسمعت عشراً. فقال ضرار: والله لو قلت عشراً لم تسمع واحدة. وعن علي بن أبي طالب أنه قال لعامر بن مرّة الزهري: من أحمق الناس؟ قال: من ظن أنه أعقل الناس: قال: صدقت فمن أعقل الناس؟ قال: من من لم يتجاوز الصمت في عقوية الجهال. وينشد في الحلم : وي الْحِلْم رذع لِلْسَِيهِ عَنِ الأذٰ وفي الْحَرْقيِ إِغراء فلا تك أغرقا َنَم ذلا تَفَمَكَتَدَامة كَمَاتَيم الْمَْيُونْلَكَا ترقا وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: تعلموا العلمء وتعلموا للعلم السكينة والحلم. وعن علي قال: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك؛ ولكن الخير أن يكثر عملك”"" ويعظم حلمك؛ء [4] وأن [9] تباهي الناس / بعبادة ربك؛ فإذا أحسنت حمدت اللهء وإذا أسأت استغقرت الله . وقال أكثم: دعامة العقل الحلمء وجماع الخير الصبر. والثامن من أسبابه الخوف من العقوبة على الجواب: وهذا يكون من ضعف النفس وربما أوجبه الرأي واقتضاه الحزم. وينشد: أف إذا فت من ذِي عَفوَةٍ حزق ليس الْحَلِيمْ كَمَنْ في أشرم خَرَقُ () في الأصل: «مثل». والتصويب من الإحياء (۳/ ١1۷). () في الإحياء الموضع السابق: «الحلم». (۳) في الإحياء: علمك. وأحسبه الأصوب والأنسب. )٤( ما بين المعقوفين من الإحياء )۳/١۱۷( . قنطرة النفس ‎o‏ ‏وفي منثور الحكم: الحلم حجاب الأفات. والتاسع من أسبابه الرعاية ليد سالفة وحرمة لازمة: وهذا يكون من الوفاء وحسن العهد. وقيل في منثور الحكم: من ظهر غضبه قل كيده وقال بعض الأدباء: غضب الجاهل في قوله وغضب العاقل في فعله . وینشد: عاقب ييا ويلم ريا وتشيم بلأفعاللابالكلّم والعاشر من أسبابه المكر وتوقع الفَرص الخفية: وهذا يكون من الدهاء والخفية . فهذه عشرة أسباب تدعو إلى الحلم وبعضها أفضل من بعض» وإنما الأولى بالإنسان أن يدعوه إلى الحلم أفضل أسبابه» وأفضلها ما اجتمع فيه سلامة الدنيا مع ثواب العقبى فإن عَرى الحلم من أحد هذه الأسباب كان ذلا ولم يكن حلماً لأنه قد تقدم في حد الحلم أنه ضبط النفس عند هيجان الخضب فإذا تعد الخضب عند سماع ما يغضب به كان ذلك من ذلك النقسء وقلة الحميةء ولذلك قال لقمان لابنه: يا بي ثلاثة لا يعرفون إلا عند ثلاثة: لا يعرف الحليم إلا عند الغضب١› ولا الشجاع إلا عند الحرب» ولا الأخ إلا عند الحاجة. قال الشاعر : / ليت الالام في حال الرضّى ألتما حلام في حال الْعَصَب آخر : ومن فقد الغضب في الأشياء المغضبة حتى استوت حالتاه قبل الإغضاب وبعده فقد عدم من فضائل: النفس الشجاعةء والأنفةء والحميةء والغيرةء والدفاعء والأخذ بالثار لأنها خصال مركبة من الغضب. وينشد للنابغة وأنشدها بحضرة النبي ييو : ول عَيرَ ِي ڃم إا لڳ له بَوايۇ يي صَفوه أذ يَحَدَرا وَل حَير في جَهل إا لم يكن ل حلي م ذا مَا اور لأر اضرا ويقال: لما أنشدها النابغة قال اللبي يَل: «لا يفضض الله فاك . (١) قال العراقي في المغني تعليقاً على الحديث (۲/ ۲7۲): رواء البفوي في معجم الصحابة وابن عبد البر في الاستيعاب بإسناد ضعيف من حديث النابفة واسمه قيس بن عبد الله قال: أنشدت الي يَو: بلغتا السماء مجدنا وجدودنا وإنا نرجو فيه فوق ذلك مظهرا الأبيات. ورواه البزار بلفظ: علونا العباد عفة وتكرما. الأبيات. وفيه: فقال: أحسنت يا أبا ليلى لا يفضض الله فاك ؛ وللحاكم من حدیثٹ خزیم بن أوس سمعت العباس يقول: یا رسول الله ني أريد أن = ]۱٦[ 0 قنطرة النفس وشكر قولهء فإذا فقد الإنسان ما ذكرنا من الخصال التي هي نتائج الغضب فقد فَقَدَ المهابةء ومن فَعَدَ المهابة كان سفساف الأخلاق رذل الطباع فلا يبقى لسائر فضائله موضعاً. وقد حكي عن المنصور أنه قال: إذا كان الحلم مفسدة كان العفو معجزة. وقال بعض الحكماء: العفو يفسد من اللئيم بقدر إصلاحه من الكريم. وعن عمرو بن العاص أنه قال : وَالْحَرْبَ تَرْكَبُ رَأَسَهَا في مَشْهَدِ عَدل السّفية بيه بَأَلَفِ حَليم وقال آخر : ين كنت مُختاجاً إلى الْحَليم إنبي إلى الْجهل في بض الأحَايين اوج /فصل: في آثار واردة في الحلم وعن اين المبارك في قوله تعالى: لاقع بالتي هي أَحْسَنُ فَإِدَا الذي بيك وَبينَه عَدَاوَة كانه ول حَميْم»'. قال: هو الرجل يشتمه أخوه فيقول: إن كنت كاذباً يغفر الله لك وإن ت ساره ي وعن بعضهم قال شتمت فلات من أهل البصرة فلم عني فاستمبدني للرجل حاجة فتقضيها. ؛ تكس الرجل راس واس ويروى أن رجلا قال لعمر بن عبد العزيز: أشهد أنك لمن الفاسقين؛ قال: ليس تقبل شهادتك . وعن علي بن الحسين بن علي أنه سبه رجل فرمى عليه خميصة كانت عليه وأمر له بالف درهم؛ فقال بعضهم: جمع في ذلك خمسن خصال: الحلم؛ وإسقاط الأذىء وتخليص الرجل مما يبعده عن الل وحمله على الندم والتوبةء ورجوعه إلى المدح بعد الذم›ء جمع ذلك بشيء من الدنيا يسير. = اأمتدحك» فقال: «قل لا يفضض الله فاك» فقال العباس : سن ا طت في الال وقي توادع حيث يخصف الرورق الاسات (۱) سورة فصلت الآية: ٢۳. قنطرة النفس ‎o۷‏ وعن معاوية بن أبي سفيان أنه قال: لعرابة بن أوس: بماذا سدت في قومك يا عرابة؟ فعلى فهو مثلي. ومن جاوزني فهو أفضل مني» ومن قصر عني فانا خير منه. وقال وهب بن منبه: من يرحم يرحم ومن يّصمت يُسلمء ومن يجهل يُغلبء ومن يعجل يخطیء› ومن يحرص على الشر لا يسلمء ومن لا يدع المراء يشتم› ومن لا یکره الْشۃ ۱ يئم ومن یکره الشر يعصم› ومن يتبع وصية الله بحفظل ومن يحذر الله يأمنء ومن يتولى الله يمنع» ومن لا يسأل الله يفتقر› ومن لا يكن مع الله" / يخذل» ومن يستعن بالله يظفر . ]1[ وعن أبي الدرداء أنه قال: أدركت الناس ورقاً لا شوك فيه فأصبحوا شوكاً لا ورق فيه إن تقربهم أبعدوك؛ وإن تركتهم لم يتركوك. قالوا: كيف نصنع؟ قال: تقرضهم من عرضك ليوم فقرك. وقال عليّ: إن أول عوض الحليم أن الناس كلهم أعوانه على الجاهل. وعن معاوية أنه قال : لا يبلغ الرجل مبلغ الرأي حتى يغلب حلمه جهله›ء وصبره شهوته ؛ ولا يبلغ ذلك إلا بقوة الحلم . وقال معاوية لعمر بن الأهتم : أي الرجال أشجع؟ قال: من رد جهله بحلمه. قال: آي الرجال أسخى؟ قال: من بذل دنیاه لأصلاح دينه. وعن الأحنف بن قيس أنه قال لابنه : يا بني إذا أردت أن تؤاخي رجلا فأغضبه فإن أنصفك وإلا فاحذره. وحكي أن أسلم بن نوفل سيد بني كنانة ضربه رجل من قومه بسيفه فأخحذ فأوتي به ليه فقال: أما خشيت انتقامي؟ قال: فلم سودناك إِذاً إل أن تكظم الغيظء وتعفو عن الجاني› وتحلم عن الجاهل › وتتحمل المكروه في النفس والمالء فخلی سبیله فقال قائلهم : يود أف وام وَلَيُوا بس اة بل السَيدٌ الْمَعْرُوفُ سّلم بن نوفل وعن الأحنف أنه قال: إياكم ورأي الأوغاد. قال: وما رأي الأوغاد؟ قال: الذين يرون العفو والصفح عارا. وسئل الأحنف عن الحلمء فقال: هو الذل تصبر عليه ولست بحليم ولكني صبور. قال: ومر المسيح عليه السلام على قوم من اليهود فقالوا شرا وقال خيراء فقيل له في ذلك فقال: كل ينفق مما عنده. () في إحياء علوم الدين (۳/١۱۷): الشرء وأحسبه الأصوب. )۲( في الموضع السابق: ومن یامن مكر الله . [4] o۸ قتطرة النفس وقال بعض العلماء: الحلم أرفع من العقل لأن الله تعالى تسمّى به. وقال رجل لابي بكر [1۳] رضي الله عنه: والله لأسنّك سباً يدخل / معك قبرك» قال معك لا معي . وقيل لبعض الصالحين: إن فلاناً يقع فيك فقال: لأغضبن من أمره. قال: ومن أمره؟ قال: الشيطان. وقال رجل لأخيه: مررت بفلان وهو يقم فيك ويذكر أشياء رحمتك منها. قال: سمعتني أذكره بشيء؟ قال: لا. قال: فإياه أرحم . وسثل بعض أصحاب الأحنف: أكان الأحنف يغضب؟ قال: لو لم يغضب ما بان حلمه كان يغضبه الشيء فيتبين في وجهه اليوم واليومين والثلاثة وهو يصبر ويحلم. ویروی أن بعض الحكماء دخل عليه صديق له فقدم له الطعامء فخرجت امرأة الحكيم وكانت سيثة الخلق فرفعت المائدةء وأقبلت على شتم الحكيم» فخرج الصديق مغضباً فاتبعه الحكيم» وقال: تذكر يوماً كنا في منزلك نطعم فسقطت على المائدة دجاجة فأفسدت ما عليها قال: فاحسب أن هذه مثل تلك الدجاجةء فسرى عن الرجل فأبصر وقال: صدق الحكيم: [الحلم]° شفاء من كل ألم. وروي أن رجلا ضرب قدم حکیم فأوجعهء فلم قيل في تدبير الحلم والغضب هذه الأبيات : إذا أبن الْجْهَان جَبْلَكَ م َعَم عَليِ لم وَالْجهُل ا إذا ات جَارَیْتَ السَّفْيهَ كما کہم ولا َع عبن عَرْضَ المّفية ۳ فَرْجُو 1 تَر ريشاك تَارة فان لم تَحذ بدا ِن الْجهْل فَاسْتِنْ رة يلكا وات أت سي مله عَيِرَ ؤي حلم ذم فن أا عَليِكَ فَالصَرْم ٤و فَأخُذ فما ب ين ذلك بالْحَزم عله 4 بجهالِ فَذَاكُ من الْعَزْم / فهذا التدبير إنما يستعمل فيمن لم يجد اللإنسان من مقاربته ولا سبيل إلى إطراحه إما لخوف شره أو للزوم أمرهء فأما من أمكن إطراحه فلم يضر إبعادهء فالاعراض عنه أصونء (١) ما بين المعقوفين من إحياء علوم الدين للغزالي (۳/١۱۷) ومعظم الآثار الوارده هنا منه. قنطرة النفس ۹ فصل: في بيان القدر الذي يجوز الانتصار والتشفي به من الكلام قال الله تعالى: «وَلَمَنِ اَصَرَ بعد طُذمِهِ فيك ما عَلْهمْ شن سيل»”. وهذا في القصاص والغرم على ما ورد به الشرع. وقال عليه السلام: «إذا قال الرجل لصاحبه يا كافر› وقال له الآخر كذلك؛» فقد باء بالكفر أحدهماء والبادي أظلم"". ولكن ورد الشرع بأشياء من الظلم لا تجوز مقابلة الظلم بمثله فلا تجوز مقابلة الغيبة بالغيبةء ولا التجسس بالتجسس» ولا القذف بالقذف» ولا الشرك بالشرك؛ ولا السب بالسب» وقد قال عليه السلام: «المتسابان شیطانان یتهاتران» . قال: «وإن امرؤ عيرك بما فيك فلا تعیر بما فیه» ویروی أن رجلا شتم أبا بكر رضي الله عنه وهو ساكت فلما ابتدا ينتصر منه قام النبي ي فقال أبو بکر: كنت ساکتاً لما شتمني فلما تکلمت قمت؟ قال : «لآن الملك كان يجيب عنك فلما تكلمت ذهب الملك وجاء الشيطان فلم أكن أجلس في مجلس فيه الشيطان»٩. وقال قوم: تجوز المقابلة بما لا كذب فيهء ونهيه عليه السلام عن التعبير بمثله نهي تتزيه» والأفضل تركه ولكنه لا يعصي والذي رخص فيه أن يقول: من أنت؟ وهل أنت إلا من بني فلان» كما روي عن سعيد آنه قال لابن مسعود: وهل أنت ٳِلا من بني هذيل؟ فقال ابن مسعود: وهل أنت إِلا من بني أمية؟ ومثل قوله: يا أحمق. / وقال بعضهم: كل الناس أحمق فيما بينه وبين ربه إلا أن بعض الناس أقل حماقة من بعض» وكذلك قوله يا جاهل إذ ما من أحد إلا وفيه جهل» وكذلك يا سىء الخلق يا صفيق الوجهء ويا ثلاب الأعراض» وما أحقرك في عيني بما فعلتء ولو كان فيك حياء ما تکلمت بهذا فى أمثال ذلك . وأما النميمة والغيبة والكذب وسب الوالدين والنسبة إلى الزنا والفحش فحرام بالاتفاق› وإنما الرخصة في مقابلة الإيذاء بالصدق جزاء على إيذائه السابق. وعنه عليه السلام أنه قال : (١) سورة الشورى الآية: ١٤ . () أطراف الحديث عند: البخاري في الصحيح (۳۲/۸)ء أحمد في المسند (47/۲)› البغوي في شرح السنة (۱۳۱/۳)› الطحاوي في مشكل الاثار (۳۱۸/۱)ء الهيثمي في مجمع الزوائد (۸/ 1۳)› الطبراني في الكبير (۱۸/٤۱۹) المنذري في الترغيب والترهيب (۳/ 0)10 )۳( قال العراقي في المغني (۳/ 1۷( رواه أبو داود من حدیثٹ أبي هريرة متصلاً ومرسلاء وقال البخاري : المرسل أصح . ]٥٦[ 1 قنطرة النفس «المتسابان على ما قالا حتى يعتدي المظلوم»”. فأئثيت ت للمظلوم انتصار إلا أن يعتدي وهذا رخصةء ولكن الأفضل تركه فإنه يجر إلى ما وراءء ولا يمكن الاقتصار على مقدار الحق فيه› والسكوت عن أصل الجواب أيسر من الشروع من الجواب» والوقوف على مقدار الشرع فيهء ولكن من الناس من لا يقدر على ضبط نفسه عند فورة الغضب ولكن يعود سريعاء ومنهم من يكف في الابتداء ولكن يحقد في الدوام والناس في الغضب أربعة : فبعضهم كالحلفاء سريع الوقود سريع الخمودء وبعضهم كالغضا بطىء الوقود بطىء الخمودء وبعضهم بطىء الوقود سريع الخمود وهو الأجمل ما لم يتته إلى فتور الحمية والغيرةء وبعضهم سريع الوقود بطىء الخمود وهذا أشر منهم . وفي الحديث: «المؤمن سريع الغصب سريع الرضى فهذه بتلك*"". وعن أبي سعيد قال: قال النبي يَقٍ: «الا إن بني آدم خلقوا على طبائق شتىٰ متهم بطىء الغضب سريع الفيء› 7 ومنهم سريع الفضب سريع الفيء ء فتلك بتلك؛ فمنهم سريع الغضب بطىء الفيء / ألا وإن خيرهم البطىء الغضب السريع الفّيءء وشرهم السريع الغضب البطىء الفيء» . ولما كان الغضب يهيج في الحال ويؤثر في كل إنسان وجب على السلطان أن لا يعاقب أحداً في حال غضبه عليه لأنه ريما يتعدى الواجب أو يكون شافياً غيظه ومريحاً نفسه» وإنما الواجب انتقامه وانتصار لله تعالى لا لنفسه› وقد روي أن عمر رضى الله عنه رأی سکراناً فأراد أن يأخذه فیعزره فشتمه السكران. فرجع عمر فقيل له في ذلك؟ قال : لأنه أغضبني ولو عزرته لكان ذلك لغضبي لنفسي لنفسي» ولم أحب أن أضرب مسلماً حميّة لنفسي . وعن عمر بن عبد العزيز أنه قال لرجل أغضبه: لولا أنك أغضبتني لعاقبتك”» والله أعلم . الفصل الرابع: في الحقد ونتائجه من الحسد وغدره اعلم آن الغضب إذا لزم كظمه لعجزٍ عن التشفي في الحال رجع إلى الباطن واحتقن فيه فصار حقداً ومعنى الحقد أن يلزم لبه اشتغاه له والغضبة له والنفار منه وأن يدوم ذلك ويبقىء وقد قال يَل: «المؤمن ليس بحقو د . والحقد يثمر ثمانية أشياء : () تقال العراقي في المغني (۳/٦۱۷): : رواه مسلم )۲( قال العراقي فو في امي (۲/ ۱۸۳( : لم أجده هكذا وللترمذي وحسنه من حدیثٹ أي سعيد الخدري؛ ثم د )۳( راجع الآثار والتعلقيات والشروح في إحياء علوم الدين واغلبها نقل مته نصاً (۳/ ١۱۷ : ۱۷۷). (8) قال العراقي في المغني (41/۱): لم أقف له على أصل. قنطرة النفس 1۱ الأول: الحسد: وهو أن يحمله الحقد على أن يتمنى زوال النعمةء فيغتم بنعمة إن أصابهاء ويسر بمصيبة إن نزلت عليه . الثاني : أن يزيد على اضمار الحسد في الباطن فيشمت يما يُصيبه من البلاء . الثالث: أن يهجره ويصارمه وينقطع عنه وإن طلبه وأقبل عليه فلا يلتفت إليه . الرابع: وهو دونه أن يعرض عنه استصغاراً له . والخامس: أن يتكلم فيه بما لا يحل من كذب / أو غيبة وافشاء سر وهتك ستر وغیره. السادس: أن يحاكيه استهزاء به وسخرية منه. السابع : إيذاءه بالضرب وما يۇؤلم بدنه. والثامن: أن يمنعه حقه من صلة رحم أو قضاء دين أو رد مظلمة. وكل ذلك حرام وأقل درجات الحقد أن يحترز من الآفات الثمانية المذكورة فلا يخرج بسبب إلى ما يعصي الله تعالى به ولكن يستثقله بالباطن ولا ينهی قلبه عن بعضه حتى يمتنع عما کان يتطوع به من البشاشة والرفق والعناية والقيام بحاجةء والمجالسة معه على ذكر الله والمعاونة على المنفعة له أو يترك الدعاء له والثناء عليه والتحريض على يده ومواساتهء فهذا كله مما ينقص درجته عند الله تعالى ويحول بينه وبين الفضل العظيم والثواب الجزيل وإن كان لا يستحق به العقاب» ألا ترى إلى أبي بكر رضي الله عنه لما حلف أن لا ينفق على مسطح وكان قريبهء ولكن تكلم في واقعة أهل الإإفك الذين خاضوا في أمر عائشة رضي الله عنها بنت ي کر زوج اني 8ا عاف او بر او د یق لی طح لمل فاك قا ا ولا يائل الوأ الفَضْلِ نكم وَالسَعَةٍ أن ينوا أؤلي الْفَرْيَىْ وَالْمَسَايِينَ». إلى قوله: ألا تِحُبو أن يَعُفَر الله لكمْ4”. فقال أبو بكر: يا رب نحب ذلك؛ وعاد إلى الاتقاق عليه فالأول للمسلم أن يبقى على ما كان عليه وإن أمكنه أن يزيد في الإحسان مجاهدة للنفس وارغاماً للشيطان فذلك هو مقام الصديقين فهي من فضائل أعمال المقربين. واعلم أن للحقود ثلاثة أحوال عند القدرة: أحدها: أن يستوفي حقه من المحقود عليه من غير زيادة ولا نقصان وهو العدل. / والاني: أن يحسن إليه بالعفو والصلة وذلك هو الفضل الثالث: أن يطالبه بما لا يستحق فذلك هو الجور وهو اختيار الأراذل” . ۱( سورة النور الاية: ٢٢ . () في الأصل: الأرذال. والتصويب من إحياء علوم الدين (۳/ ۱۷۷). 1 قنطرة النفس والثاني اختيار الصديقين» والأول هو متتهى درجة الصالحين» ولنذكر هاهنا فضيلة العفو والإاحسان” وبالله التوفيق . باب في فضل العفو اعلم إن العفو هو أن تستحق حقاً فتسقطه وتبرىء غريمك منه من قصاص أو غرامةء وهو غير الحلم وكظم الغيظ فلذلك أفرد له بابء وقد قال الله تعالى: لخحُذ الْعَفُوَ. . .4 الآية. وقال تعالى : وآن تَعْفُوا فرب لِلَفْوَى€” . . وقال النبيّ يَلأو: «ثلاث والذي نفسي بيده إن كنت حالفاً حلفت عليهن: ما نقصت صدقة من مال فتصدقوا› ولا عفا عبد عن مظلمة يبتغي بها وجه الله إلا زاده الله بها عزاً يوم القيامةء ولا فتح رجل على نفسه باب مسألة إل فتح الله عليه باب فقره”'. وعنه يَأ أنه قال: «التواضع لا يزيد العبد إلا رفعة فتواضعوا يرفعكم الله والعفو لا يزيد العبد ِل عزا فاعفوا يَعِرّكم الله والصدقة لا تزيد المال إلا كثرة فتصدقوا يرحمكم الله . وعنه يلو أنه قال: «الخير ثلاث خصال من كن فيه استكمل الإيمان: من إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل » وإذا غضب لم يخرجه غضبه عن حق؛ وإذا قدر عفا. وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما رأيت رسول الله ي منتصراً من مظلمة ظُلمها قط ما لم ينتهك من محارم الله شيء فإِذا انتهك من محارم الله شيء کان أُشڏّهم في ذلك 0 غضباء / وما خير رسول الله ي بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يکن مأثم“. )۱( )۲( )۳( )٤( (0) (1) وعن عقبة بن عامر قال: لقیت النبي يي يوم فبادرته فأخذت بیده أو بادرنی فأخذنی راجع الباب كله في المصدر السابق. سورة الأعراف الآية: 1۹۹. سورة البقرة الآية: ۲۳۷. قال العراقي في المغني: (۱۷۸/۳): رواه الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماريء ولمسلم وآبي داود نحوه من حديث أي هريرة. قال أيضاً في الموضع السابق تعليقاً على هذا الحديث: رواء الأصفهاني في الترغيب والترهيب» وأبو منصور الديلمي مسند الفردوس من حديث أنس بسند ضعيف. قال العراقي في المغني: (۱۷۸/۳): روا الترمذي في الشمائل؛ وهو عند مسلم بلفظ أخر. قنطرة النفس ۹۳ بيدي فقال: «يا عقبة ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والاخرة؟ تصل من قطعتك» وتعطي ي0 ‎Crs‏ ‏من حرمك وتعفو عمن ظلمك»' . وعنه يَأ أنه قال: «قال موسى عليه السلام: يا رب أي عبادك أعز عليك؟ قال: الذي إذا قدر عفا لذلك سئل أبو الدرداء من أعز الناس؟ قال: الذي يعفو إِذا قدرء فاعفوا يعزكم ۰ - الله . وروي أن رجلا جاء إلى النبي ي يشكو مظلمة فأمره النبي أن يجلس وأراد أن يأخذ له بمظلمةء فقال عليه السلام: «إن المظلومين هم المفلحون يوم القيامة” فأبى أن يأخذها وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال النبي يٍَ: «من دعا على من ظلمه فد انتصر؟ وعن أنس بن مالك عنه عليه السلام أنه قال: «إذا بعث الله الخلائق» نادى مناٍ من تحت العرش: يا معشر الموحدين إن الله قد عفا عنكم وليعف بعضكم عن بعض». وعن أبي هريرة أن النبي يَلٍ لما فتح مكة طاف بالبيت وصلى ركعتين ثم أتى البيت فأخذ بعضادتي الباب فقال: «ما تقولون وما تظنون؟». قالوا: نقول خيراً ونظن خيراً أخ وابن عم حليم رحيم قالوا ذلك ثلاثاء فقال يَوٍ: «وأنا أقول مثل ما قال أخي يوسف: لا تثریب علیکم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين»““. فخرجوا كأنما نشروا من القبورء فدخلوا في الأسلام وفي حديث / آخر عن سهيل بن عمير قال لما قدم يَلأٍ مكة وضع يديه على بابي الكعبة [۷۰] والناس حوله فقال: «لا إِله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده». ثم قال: «یا معشر قريش ما تقولون وما تظنون». قال: قلت: يا رسول الله نقول خير )۱( رواه ابن أبي الدنياء والطبراني في مكارم الأخلاقء والبيهقي في الشعب بإسناد ضعيف. راجع المصدر السابق. () رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث أبي هريرة وفيه ابن لهيعة. () رواه ابن أبي الدنيا في كتاب العفو من رواية أبي صالح الحنفي مرسلاً. المصدر السابق. )٤( رواه آبو سعيد أحمد بن إبراهيم المقرىء في کتاب التبصرة والتذكرة بلفظ ينادي مناد من بطنان العرش يوم القيامة. .. وإسناده ضعيف» ورواه الطبراني في الأوسط بلفظ. نادى مناٍ: يا أهل الجمع تتاركوا المظالم ينكم... وله من حدیث آم هانیء: ينادي مناد: يا آهل التوحيد ليعف بعضكم عن بعض وعلي الثواب . المصدر السابق. () رواه ابن الجوزي في الوفاء من طريق ابن أبي الدنيا وفيه ضعف» العراقي في المغني (۱۷۹/۳). ٤ قنطرة النفس تقول آخ کريم وابن أخ کریم وقد قدرت فقال يَلأ: «فإني أقول كما قال أخي يوسف عليه السلام لا تثريب عليكم اليوم»” . وعن أنس قال: قال رسول الله يَلٍ: «إذا وقف العباد يوم القيامة نادى مناٍ: ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة». قيل: من ذا الذي أجره على الله؟ قال: العافون عن الناس» فقام كذا وكذا ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب»° وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله يو: «لا ينبغي لوالي أمر أن يؤتي بحد إلا أقامه واه عفو يحب العفو - ثم قر وَليْفُوا وَليَصْفَحُوا4. الآية. وعن جابر قال: قال رسول لله يلوٍ: «ثلاث من جاء بهن مع إيمان دخل من أي أبواب الجنة شاءء وزوج من الحور العين حيث شاء: من أدّى ديناً خفياء وقرأ دبر كل صلاة قل هو الله أحد عشر مرات؛ وعفا عن قاتله»* وقال بعض العلماء: إذا أراد الله أن يتحف عبداً قبض له من يظلمه. وروی أن رجلا دخل على عمر بن عبد العزيز» فجعل يشكو اليه رجلا ظلمه ويقع فيه فقال عمر: إنك تلقى الله ومظلمتك كما هي خير لك من أن تلقاه وقد انقصتها. وعن زيد بن ميسرة أنه قال: إن ظللت تدعو على من ظلمك فإن الله يقول إن آخر يدعو 0 عليك أنك ظلمته / فإن شثت استجبنا لك وأجبنا عليك وإن شئتما آخرتكما إلى يوم القيامة فيسعکما عفوي . عاك عل 5 0 ارك بعل وق أل وعن ابن عمر عن أبي بكر أنه قال بلغنا أن الله عز وجل يأمر منادياً يوم القيامة فينادي : من كان له شيء عند الله فليقم» فيقوم آهل العفو فيكافئهم الله بما كان من عفوهم عن الناس . وعن هاشم بن محمد أنه قال: أوتي النعمان بن المنذر برجلين أحدهما قد أذنب ذنياً عظيماً فعفا عنهء والأخر أذنب ذنباً صغيراً فعاقبه وقال: 4 () لم أجده قاله العراقي في المفني عن حمل الأسفار في الأسقار ۷۹/۳( )۳( سوره ة الور الآية: ٢۲ . والحديث قال عله العراقي في المصدر السابق: واه أحمد؛ والحاكم وصححه. )٤( رواه الطبراني في الأوسط وني الاعاء بسند ضعيف. وَقَذتَحَاقِبُ في الس ر وَس ذا ْلا إألإئنرتق جلما ياف شلة بيبا وعن عمر بن عبد العزيز قال: ما قرن شيء إلى شيء أفضل من حلم إلى علم ومن عفو إلى قدرة. ويروى أن الأحنف شفع في محبوس إلى سلطان فقال: إن كان مذنباً وسعه العفوء وإن حقاً وسعني عفوهء وإن كان كذباً وسعني عدله. وروي أن الفيل دخل دمشق فحشر الناس لرؤيته وصعد معاوية في عليه له متطلعاً فبينما هو كذلك ِد أبصر في حجرة قصره رجلا مع امرأة من حرمهء فأتى الحجرة فدق الباب› فلم يکن بذ من فتحهء فوقعت عينه على الرجل» فقال له: يا هذا في قصري وتحت حجابي تهتك حرمتي وأنت في قيضتي؟! ما حملك على هڏا؟ ف فبهت الرجل /ثم قال حلمك أوقعني فقال [۷۲] قال: نعم فخلى سبيله وهذا من الدهاء العظيم والعقل الواسع أن يطلب الستر من الجاني وهو موافق لمعنى قول الشاعر: إذا مَرضَا ااك م نمُودكم وَتَذيُودَ فأك م فََنر وعن معاوية أنه قال: عليكم بالحلم والاحتمال حتى تمكنكم الفرصةء فإذا أمكنتكم فعليكم بالصفح والإفضال. وروي أن راهباً دخل على هشام بن عبد الملك فقال للراهب : أرأيت ذا القرنين أكان نبيا؟ فقال : ا ولكن إنما ما أعطلى بأريع خصال كن فيه: کان إذا قدر عفاء وإذا وعد وی . وإذا حدث صدق؛ ولا يجمع اليوم لغد وقال بعض السلف: ليس الحليم من ظلم فحلم ولكن الحليم من ظلم فحلم» ثم قدر فعفا. قال الشاعر : صَفوح عَن الأجْرام حى كَأَنَهُ الع لم ترف ِن اناس مُجْرماً م فس يّالِي أن يكو به الأذى إذا ما الأذى بالكزه لَمْ يَعْشَ سما وعن زياد أنه قال: العذر يذهب الحفيظة - يعني الحقد والغضب - وروي أن هشاماً أوتي ۹ قنطرة النفس له الرجل: :ي ا الۇم 3 ق ا آیجادل الله و ویروی ان سارقاً دخل خباءَ عمار بن پاسر رحمه الله بصفين فقيل له : اقطعه إنه من أعدائنا فقال: بل استر عليه لعل الله يستر علي يوم القيامة . ‎[Vv]‏ وجلس ابن مسعود في السوق يبتاع متاعاء فابتاع ثم طلب الدراهم وكانت / في عمامته› فوجدها قد حُلّت فقال: لقد جلست وإنها لمعي فجعلوا يدعون عليه اللهم اقطع يد السارق الذي أخذها فقال ابن مسعود: اللهم إن كان أخذها لحاجة فبارك له فيهاء وإن كان حمله جراءة على الذنب فاجعله آخر ذنبه . ‏وعن الفضل أنه قال: ما رأيت أزهد من رجل من أهل خرسان جلس إِليّ في المسجد الحرام ثم قام لیطوف فسرقت دنانیر كانت معه فجعل يبکي . فقلت: أعلى الدنانير تبكي؟ قال : لا ولكن مثلتني وإياه بين يدي الله فأشرف عقلي على ادحاض حجته؛ فبکائي رحمة له. وقال مالك بن دينار: أتينا مزل الحكم بن آيوب وهو على البصرة ليلا وجاء الحسن وهو خائف» فدخلنا عليه مع الحسن؛ فما كان معه إلا يمنزلة الفراريج» فذكر الحسن قصة يوسف عليه السلام وما صنع به إخوته من بيعهم إياه وطرحهم له في الجب؛ فقال: باعوا أخاهم› وأحزنوا أباهم› وذكر ما لقي من كيد النساء ومن الحبس» ثم قال: أيها الأمير ما صنع الله بە؟ ‏قال: أداله عليهم؛ ورفع ذكره» وأعلی کلمته على خزائن الارض . قال : فماذا صنع حين كمل الله له أمره» وجمع له أهله؟ قال: قال لا تثريبَ عَليْكُمْ اليم يَعُفِر الله لكب" . يعرض الحكم بالعفو على أصحابه. قال الحكم : وأنا أقول: لا تثريب عليكم اليوم ولو لم أجد إلا ثوبي [هذا]' لواريتكم تحته. ‏قال : وكتب ابن المقفع إ إلى صديق له يسأله العفو عن بع بعض إخوانه : فلان هارب من زلته إلى عفوك لائذ بك منك؛› واعلم أنه لن يزداد لذب عظماً إل إزداد العفو فضلا . قال وتي عبد الملك بن مروان بأسارى ابن الأشعث. فقال: لرجاء ابن حيوة: ما ترى؟ فقال: إن الله قد ‏() سورة النحل الآية: ١١٠. ‏(۳) ما بين المعقوفين من إحياء علوم الدين (۳/ ١۱۸). ‎ ‎ قنطرة النفس ۹۷ أعطاك ما تحب من الظفر / فاعط الله ما يحب من العفو فعفا عنهم. ويحكى عن المأمون أنه [٤۷] قال لعمه إبراهيم : بن المهدي وكان مع أخيه عليه مظلمة: إني شاورت في أمرك» فأشاروا علي بقتلك إل أي وجدت قدرك فوق ذنبك» فكرهت القتل للازم حرمتك. فقال: يا أمير المؤمنين إن المشير أشار بما جرت به العادة في السياسةء إلا أنك أبيت أن تطلب النصر إلا من حيث عُودته من العفو فإن عاقبت فلك نظير وإن عفوت فلا تطير لك وأنشاً يقول: ابر منك وطاء العذر عنك لي فيما فعلت فلم تعذل ولم تلم وقام علمك بي فاحتج عندك لي مقام شاهد عدل غير متهم لكن حجدتك معروفاً منت به إني لفي اللؤم أحظى منك في الكرم تعفو بعدل وتسطو إن سطوت به فلا عد مناك من عاف ومنتقم وروي أن زياداً أخذ رجلا من الخوارج أو من المحكمةء فأفلت منه فأخذ أخاً له فقال: إن جئت بأخيك وإلا ضربت عنقك. فقال: أرأيت إن جئت بكتاب من أمير المؤمنين أتخلي سبيلي؟ قال : : نعم. قال : فأنا أتيك بكتاب من الله العزيز الحكيم واقيم عليه شاهدين „SE و ۱ عدلين راهيم وموسی أنه لم لم ب كا ما في صحف مُوسّی وإِبْراهيم الي وَفىٰ ألا تَزرٌ وازرة وزْرَ أخْرَى”. فقال: زياد خلوا سبيله» هذا رجل لقن حجته. وقيل: مكتوب في الإنجيل : من استغفر لمن ظلمه فقد هزم الشيطان'". والله أعلم . فصل: في الحسد قد تقدم أن الحسد من ثمرات الحقد ونتائجهء والحقد من نتائج الغخضب» فهو فرع فرع الفضب» والغضب أصل أصلهء ثم للحسد من الفروع المذمومة ما لا يكاد يحصى . / وقد روي في ذم الحسد خاصة أخبار كثيرة قال يَأ «الحسد يأكل الحسنات كما تأكل [۷°] النار الحطب»”" . وعنه يلو أنه قال: «لا تقاطعواء ولا تدابرواء ولا تحاسدواء وكونوا عباد الله إخواناه". وعن أنس أنه قال: كنا جلوساً عند رسول الله يِل فقال: «يطلم عليكم الأن من هذا الفج رجل من أهل الجنة». قال: فطلع رجل من الأنصار: تتضف لحيته من وضوء؛ قد علق نعليه بيدهء فسلم فلما كان من الغ قال عليه السلام مثل ذلك فطلع ذلك الرجل» وقاله (١) سورة النجم الأيات: ٦۳ ۳۷ ٢۳. () راجع الفصل بأكمله مع زيادات ونقص وتقديم وتأخير في إحياء علوم الدين (۱۷۷/۳: ١۱۸). )۳( قال العراقي في المغني: (۱۸۳/۳): رواه أبو داود من حديث أبي هريرةء وابن ماجة من حديث آنس. )4( متفق عليه قاله العراقي في المصدر السابق. ۸ قنطرة النفس في اليوم الثالثء فلما قام عليه السلام تبع الرجل عبد الله بن عمرو بن العاص» فقال: لا حیثٹ بي أي نازعت فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثاً فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي المدة فعلت ٠ فقال : : نعم» فبات عنده ثلاث لیال› فلم يره يقوم من الليل شيثاً غير آنه إذا اتقلب على فراشه ذکر الله تعالیء ولم يقم حتى يقوم لصلاة الفجر قال : غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراًء فلما مرت الثلاث وكدت أن أحقر عملهء فقلت : يا عبد الله لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هجرة ولكني سمعت رسول الله يِل يقول: كذا وكذا فأردت أن نعرف عملك؟ فلم أرك تعمل عملا كثيراء فما الذي بلغ بك ذلك؟ قال : ما هو إلا ما رأیت فلما وليت دعاني. فقال : ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد على أحد من المسلمين في نفسي غشا ولا حسداً على خير أعطاه الله إياه. قال عبد اللّه: هي التي بلغت بك وهي التي لا نطيق .”٩ وعنه يل أنه قال : انلا يه لا ينجو منهن أحد: الظنء والطيرةء والحسد؛ وسأحدثكم [ بالمخرج من ذلك : إذا ظننت فلا تحقق شو » وإذا تطیرت فامض؛ وإذا حسدت/ فلا تبغ" وفي رواية أخرى: «ثلائة لا ينجو منهن أحد وقل من ينجو منهن". فأثبت في هذه الرواية إمكان النجاة. وعنه يلر أنه قال : «دب إليكم دأء الأمم من قبلكم : الحسد؛› والبغضاء › والبغضة هي الحالقة للدين لا حالقة الشعرء والذي نفس محمد بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا» ولن تؤمنوا حتى تحابوا ألا أنبْكم بما يثبت ذلك لكم؟ افشوا السلام بينكم وعنه كَل أنه قال: «كاد الفقر أن يكون كفراًء وكاد الحسد أن يغلب القدر° . (۱) رواه أحمد بإسناد صحيح على شرط الشيخين» ورواه البزار وسمى الرجل في رواية له: سعدا وفيها ابن () رواه ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الحسد من حديث أبي هريرة وفيه: يعقوب بن محمد الزهريء وموسى بن يعقوب الزمعي ضعفهما الجمهورء والرواية الثانية رواها ابن أبي الدنيا أيضاً من رواية عبد الرَحمْن بن معاوية وهو مرسل ضعيف» وللطبراني من حديث حارثة بن النعمان نحو قاله العراقي في المصدر السابق. () رواه ابن آبي الانيا في كتاب ذم الحسد من حديث أي هريرة وفيه: يعقوب بن محمد الزهري؛ وموسى بن يعقوب الزمعي ضعفهما الجمهورء والرواية الثانية رواها ابن أبي الدنيا أيضاً من رواية عبد الرَّحمٰن بن معاوية وهو مرسل ضعيف» وللطبراي من حديث حارثة بن النعمان نحو قاله العراقي في المصدر السابق. )٤( بنتحوه الإحياء وعلق عليه العراقي في الموضع السابق بقوله: رواه الترمذي من حديث مولى الزبير عن الزبير . (0) رواه أبو مسلم الكشي والبيهقي في الشعب من رواية يزيد الرقاشي عن أنس؛ء ويزيد ضعيف» ورواه = قنطرة النفس ۹۹ وعنه َل أنه قال : اسيصيب أمتي دأء الأمم. قالوا: وما داء الأمم؟ قال : «الاشر والب والتکاثر. والتنافس في الدنياء والتباعد› والتحاسد حتی یکون البغي › ثم يکون الهرجء' .. وقال يَلة: «لا تظهر الشماتة لأخيك فيعافيه الله ويبتليك»”“ . وروي أن موسى عليه السلام لما تعجل إلى ربه رأی رجلا في ظل العرش فغبطه بمکانه فقال: إن هذا لكريم على ريه فسأل ربه أن يخبره باسمه» فلم يخبره باسمهء وقال: أحدثك عن عمله بثلاث؛ كان لا يحسد الناس على ما أتاهم الله من فضلهء وكان لا يعق والديهء ولا يمشي بالنميمة . وعن زكريا صلوات الله عليه قال: قال : الله تعالى : الحاسد عدو لنعمتي مسخط لقضائي غير راض بقسمتي التي قسمت بين عبادي . وعنه يلو أنه قال: «أخوف ما أخاف على أمتي: أن يكثر لهم المال فيتحاسدوا ويقتتلون»". وعنه عليه السلام أنه قال: «استعينوا على أموركم بالكتمان فإن كل ذي نعمة 1 وعنه أيضا أنه قال: «إن لنعم الله أعداء» فقيل ومن ذلك؟ قال: «الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله / من فضله». = الطبرانى في الأوسط من وجه آخر بلفظ: كادت الحاجة أن تكون كفراً وفيه: ضعف أيضاً: قاله العراقى في المغنى (۳/ ٤۱۸). ۱ () رواه ابن أبي الدنيا في ذم الحسدء الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة بإسناد جيد. قاله العراقي في المصدر السابق. () رواه الترمذي من حديث وائلة بن الأسقع› وقال: حسن غريب» وفي رواية ابن أبي الدنيا. فيرحمه الله. قاله العراقي في المصدر السابق. )۳( رواه ابن آبي الانيا في كتاب ذم الحسد من حديث أبي عامر الأشعري وفيه ثايت بن آبي ثابت جهله أبو حاتم الصحيحين من حديث أبي سعيد: إن مما أخاف عليكم من بعدي: ما يفتح الله عليكم من زهرة الانيا وزيتهاء ولهما من حديث عمرو بن عوف البدري: والله ما الفقر أخشى عليكم؛ ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا. . الحديث؛ ولمسلم من حديث عبد الله بن عمرو: إذا فتحت عليكم فارس والروم. الحديث وفيه: : يتنافسون ثم يتحاسدون› ثم يتدابرون. . الحديث؛ ولأحمد والبزار من حديث عمر لا تفتح الانيا على أحد . إا ألقى الله بينهم العدواة والبفضاء ء إلى يوم القيامة. قاله العراقي في المصدر السابق. () رواه ابن أبي الدنيا والطبراني من حديث معاذ بسند ضعيف» قاله العراقي في المصدر السابق. () روا الطبرائي في الأوسط من حديث ابن عباس: إن لأهل التعم حساداً فاحذروهم. قاله العراقي في المصدر السابق. [V۷] ‎v‏ قنطرة النفس ‏وعنه علا أنه قال : «هلك ست بست . الأمراء بالجور› والعرب بالعصيية › والدهاقين بالتكبر» والتجار بالخيانةء وأهل الرساتيق بالجهالةء والعلماء بالتحاسد”° ‏الأثار: قال بعض السلف: الحسد أول ذنب غُصي الله به في السّماء - يعني حسد إبليس لأدام عليه السلام» وأول ذنب عصي الله به في الأرض يعني حسد ابن لأخيه حتى قتله . وقال بعض الحكماء من رضي بقضاء الله لم يسخطه أحد ومن قنع بعطائه لم يدخله ‎o -‏ 7 لو £ حسد. وعن مجاهد في قوله تعالی: #أذفع ٻالتي هي اخسن . إلى قوله: كانه ول حَميْبٌ'" قال: معناه ادفع بالسلام إساءة المسيء . ‏وحكي أن [أحد]" علماء السلف دخل على المفضل بن المهلب وكان يومئذٍ على واسطء فقال: إني أريد أن أعظك بشيء. فقال ما ذاك؟ فقال: إياك والكبر فإنه أول ذنب عصي لله به في السماء. ثم قرأ: لوَإِذ كنا لِلْمَلاَكَةٍ اسْجْدُوا سُجُدُوا لاد . إلى قوله: أبى وَأاسْتَكر وَكانَ من الكافرين»" ` وإياك والحرص فانه آخرج آدم من ٠ الجنة› أمكنه الله من جنة عرضها السموات والأرض يأکل متها إل شجرة واحد نهاه الله عنها فأكل منها فأخرجه الله ثم قراً: «أَمْبطوا مِنها. 37 الاية . قال : وإياك والحسد فإن به قتل ابن آدم أخاه حین حسده ثم قرا: وان َلْهمْ ‎k‏ آي اد باحق . ‎E‏ الآية قال : وإدا ذکر أصحاب رسول الله مياد فاسکت؛ وإذا ذكر القدر فاسکت؛› وإذا ذدکرت النجوم فاسکت . ‏وقال بعض الأدباء : ما رایت ظالماً آشبه بمظلوم من الحسود: : نفس دائم› وهم لازمء ‏ان الحَسُودَ اللوم في كرب يالله مَ نيراه مَظلوماً ‏)۱( عن نحوه قال العراقي ف في المصدر السابق: رواء أبو منصور الديلمي من حديث ابن عمرء وأنس بسندين ‏(۲) سورة المؤمنون الأية: ٦۹. ‏)۳( ما بين المعقوفين يقتضيه السياقء وقد صرح الغزالي باسمه في إحياء علوم الدين» فقال: وحكي أن عون بن عبد الله دخل على المفضل بن المهلب (۳/ ١٤۱۸) قلت قلت وقد ورد بالإحياء الفضل المهلب فضبط الاسم على الصواب وهو من مشاهير الأمراء وله رواية عند أبي داود والنسائي . ‏)٤( سورة البقرة الأية: ٣۳ ‏() سورة البقرة الآية: ۳۸ . ‏(1) سورة المائدة الآية: ۲۷ . ‎ ‎ قنطرة النفس ۷۱ داس دایم على نفس يهر ينه مَا كاد مَكتُوماً وعن معاوية أنه قال: ليس في خصال الشر أعدل من الحسد؛ يقتل الحاسد قبل أن يصل إلى المحسود. وقال بعض الحكماء: يكفيك من الحسود أن يغتم في وقت سرورك. وفي منثور الحكم: عقوبة الحاسد من نفسه. وعن الأصمعي قال: قلت لأعرابي: ما أطول مرك قال : ترکت الحسد فبقيت . وق رجل شرح لقاضي: أو ي لاحسدك على ما اد على اله فلا صَبْ رك قتالےه ور َكل بيا يلَ م تجذناتال حكاية في الحسد: وحكي عن بكر بن عبد الله أنه قال: کان رجل یغشی بعض الملوكء فيقوم بحذاء الملك ويقول: أحسن إلى المحسن بإحسانهء والمسيء سيكفيك مساوتهء. فحسده ارجل على ذلك المقام ی إلى الملك. وق إن هذا الذي ذلك عندي؟ قال: موه لك ذا ا منك وضع بده على غه نا يشم راح لخر فقال: انصرف حتى أنظر. فخرج من عند الملك فدعى الرجل إلى منزله فأطعمه طعاما فيه ثوم فخرج الرجل من عنده وقام بحذاء الملك . فقال : أحسن إلى المحسن بإاحسانه والمسىء سيكفىك مساوئه . فقال له الملك : أدن مني /فدنا فوضع يده على فيه مخافة أن يشم منه الملك ريح الثوم. ]۷۹[ فقال الملك في نفسه : ما أرى فلاناً إلا وقد صدق قال وكان الملك لا يكتب بيده إلا جائزة أو صلة فكتب كتاباً بخطه إلى عامل من عماله إذا تاك صاحب کتابي فاذیحه واسلخه واحشي جلده تينا تبناً وابعث به إِلىّ٠ فأخذ الكتاب فخرج فليقه الرجل الذي سعى به. فقال: ما هذا الكتاب؟ فقال: خط الملك لي بصلة. فقال: ب ل فقال: هو لك. فأخذه ومضى إلى العامل. فقال العامل: في كتابك أن أذبحك وأسلخك. فقال: إن الكتاب ليس هو لي» الله الله في أمري حتى أراجع الملك. فقال: ليس لكتاب الملك مراجعة› فذبحه وسلخه وحشی جلده تبنا وبعث به إلى الملك› ثم عاد الرجل إلى الملك كعادتە› وقال مثل قوله فتعجب الملك! ! () في الأصل: مني. والتصويب من إحياء علوم الدين (۳/ ١1۸). ٢V‏ قنطرة النفس فقال: ما فعل الكتاب؟ فقال: لقيني فلان فاستوهبه مني فوهبته له. قال الملك: إنه ذكر لي أنك تزعم أني أبخر الفم قال: ما فعلت. قال: ولم وضعت يدك على أنفك؟ قال: كان أطعمني طعاماً فيه الثوم فكرهت أن تشمه. قال: صدقت ارجع إلى مكانك فقد كفاك المسيء مساوئه. وعن فرقد السنجي: أنه قال: الحسد داء. زوي لا يميته إلا الزهد في الدنياء ومن زهد في الدنيا لم يصبه الحسد إلا ليل ومن رغب في الدنيا لم يفارقه الحسد إلا قلي . وعن ابن سيرين قال: ما حسدت أحداً على شيء من آمر الدنيا لآنه ٳِن کان من آهل الجنة فكيف أحسده على الدنيا وهي حقيرة في الجنةء وإن كان من أهل النار فكيف أحسده على أمر الدنيا وهو يصير إلى النار. وعن ابن مسعود رحمه الله أنه قال: لا تعادوا نعم الله؛ قالوا ومن يعاد نعم الله؟! قال : ]۸۰[ الذين يحسدون الناس. ويروى أن عبد الملك / بن مروان قال يوماً للحجاج : أنه ليس من أحد إل وهو يعرف عيب نفسه فاذكر عيبك. قال: اعفني يا أمير المؤمنين. قال: والله لتفعلن . قال الحجاج : إني لجوج في الخصومةء حقودء حسود. قال له عبد الملك : ما في الشيطان شر من هذا وعن الحسن أنه قال: يا ابن آدم لم تحسد أخاك فإن كان الذي أعطاه الله لكرامته عليه فلم تحسد من أكرمه الله فَإن كان غير ذلك فلم تحسد من مصيره إلى النار . وقال بعض الحكماء : الحسد خلق دنيء ومن دناءته أنه يبدأ بالأقوب فالأقرب. وعن عمر ين الخطاب رضي الله عنه أنه قال ما كان لله على أحدٍ نعمة إلا وجد له حاسد ولو كان الرجل أقوم من القدح لم يعد غامزاً. وعن أبي الدرداء أنه قال: ما أكثر عبد ذكر الموت إلا قل فرحه وقل حسده. کے وعن معاوية : آنه قال : كل الناس أقدر على رضاه إل حاسد نعم فانه لا يرضيه إ زوالها. وأنشد لمحمود الوراق : أقطيت كل الاس ِن تفي الرّضَى إل اللحَسُود دقرت أميانيي تار يي نباو ية / تار ية الرخلىن ايت بقلو ن ساد رى ل مط مي وینشد: قل لِلْحَسُود َا تفس فة بَاظالماًوَكأنة مَظلُوهُ قنطرة النفس ۷۳ وینشد: إن يَحِدُوني فاي عَير لمهم قيلي رِجَالُ مِنْ أل الفضل قَذ حُسدُوا قََام يي وََمُمْ يتا يهم رَمَات ارتفا يتايج وقال بعض العلماء: الحاسد لا ينال من المجالس إلا مذمة وذلاً / ولا ينال من الملائكة [8۱] إلا لعنةٌ ويغضاء ولا ينال من الخلق إلا جزعاً وغماًء ولا ينال عند التزع إل شدة وهولاء ولا ينال عند الموقف إلا فضيحة ونكال° . يا حَاسداً دونك مَاء الْعَلْقَم فَاشرَب به تَبُرْدُ الحَسَرات اؤ صَغُرة أو جَندلاأؤجبلاً فاطخ بوفي كل يوم آت فصل: في حقيقة الحسد اعلم أن حقيقة الحسد هي شدة الأسى على الخيرات تكون للأفاضل من التاس» فاذا كره الإنسان نعمة الله على أحد من عباده وأحب زوالها عنه فهو حاسدء والحسد حده كراهة النعمة وحب زوالها من المنعم عليهء وهو غير المنافسةء لأن المنافسة: طلب التشبّه بالأفاضل من غير إدخال ضرر على الفاضل؛ والحسد مصروف إلى الضررء فإذا أنعم الله على الإنسان نعمة فأحب عبد زوالها عنه لتكون له أو زوالها عنه فقط فهو حاسد وحالته تسمى حسداًء فإذا لم يحب زوالها ولكنه تمنى لنفسه مثلها فهو غابطء وحالته تسمى غبطة. وقد روي عن البى ية أنه قال: «المؤمن يغبطء والمنافق يحسدء”". فهذا هو الفرق بين المنافسة والحسدء فالمنافسة: فضلية محمودة لأنها داعية إلى اكتساب الفضائل والاقتداء بالأفاضل قال الله تعالى : وني قك ان اعْشى»”. نعم إن كانت تلك النعمة دينية كالإيمان والصلاة والزكاة ونحوها فالمنافسة فيها واجبة› وهي محبة الإنسان أن يكون مثل المؤمن» لأنه إن لم يحب ذلك كان راضياً بمعصية وذلك محرم» وإن كانت النعمة من الفضائل كإنفاق الأموال في المكارم والصدقات؛ فالمنافسة فيها مندوب إليهاء وإن كانت نعمة يتنعم بها على وجه الصلاح فالمنافسة فيها مباحةء وكل ذلك (١) أغلب الأثار الواردة هنا من إحياء علوم الدين للغزالي (۳/ ۱۸۴ : ١1۸) (۲) قال العراقي في المغني (۳/٦۱۸): لم أجد له أصلاً مرفوعاء وإنما هو من قول الفضيل بن عياض؛ كذلك رواه ابن أي الدنيا في ذم الحسد. () سورة المطففين الاية: ٢۲. [AY] [A۳] ٤۷ قنطرة النفس يرجع إلى إرادته أن يساویه ويلحق به في النعمةء وليس فيها كراهة / النعمة › وکان تحت هذه النعمة أمران. أحدهما: راحة المنعم عليه . والآخر: ظهور نقصان غيره وتخلف عنه وهو يكره أحد الوجهين وهو تخلف نفسه ويجب مساواته له« ولا حرج على من يكره تخلف نفسه ونقصانها في المباحات . نعم ذلك فسن عَلى الْحَيرَات لمل الْعُلاء نَإِتمَاالذناأحاييتث كل اشریءِ في شاه كَايځ مَوارٿ ينه وَمَوزروث اثنتين رجل آناه الله مال فسلطه على هلكته في الحقء ورجل آتاه الله حكمة فهو يعمل بها ويعلمها الناس»”° . فسمّى المنافسة باسم الحسد» ثم فسّر ذلك بحديث آخر مروي عن أبي كبشة الأنتصاري فقال: «مثل هذه الأمة مثل أربعة رجال: رجل آتاه الله مالا وعلماً فهو يعمل بعلمه في ماله› ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً ويقول: لو أن لي مالا مثل مال فلان كنت أعمل فيه بمثل عمله فهما في الأجر سواءء فهذا منه محبّة لأن يکون له من المال مثل ما کان له من غير حب زوال النعمة عنه قال: «ورجل أتاه الله مال فهو ينفقه في معاصي اللهء ورجل لم يؤته مالا ويقول: لولا أن لي مال كنت أعمل فيه بمثل عمله فهما في الوزر سواء". فذمه عليه السلام من جهة تمنيه المعصية لا من جهة حبه أن يكون له من النعمة ما کان له فإِذاً لا حرج على من يغبط غيره في نعمة ويتمنى لنفسه مثلها ما لم يحب زوالها عنه ولم یکره دوامهاء / وأما تسمية الحسد. منافسة فهو ما روي عن قثم بن العباس بن عبد المطلب أنه قال لعلي بن أبي طالب حين أراد قشم هو والفضل بن عباس أن يأتيا النبي يَأ فيسألانه أن يؤمرهما على الصدقة فقال لهما علي: لا تذهبا إِليه فإنه لا يؤمركما عليها. فقال له قثم: ماذا منك إلا منافسة والله لقد (١) قال العراقي في المغني (۱۸۷/۳): متفق عليه من حديث ابن عمر. )۲( قال العراقي عن مله في الإحياء أتم منه (۱۸۷/۳) رواه ابن ماجة والترمذي وقال حديث حسن صحيح . قنطرة النفس ٥۷ زوجك رسول الله ابنته فما نافسنا ذلك عنك ‏ أى هذا منك حسد ‏ وما حسدناك علي تزور زوجك رسو رد فاطمة والله أعلم . فالحسد حرام بكل حال إلا نعمة أصابها فاجر أو كافر فهو يستعين بهما على تهميج الفتنة وإفساد ذات البينء وإيذا الخلق فلا يضرك كراهتك لها ومحبتك لزوالهاء فإنك لا تحب زوالها من حيث هي نعمة بل من حيث هي آلة الفساد ولو أمنت فسادها لم يغمك تنعمه بها ويدل على تحريم الحسد الأخبار المتقدمةء وأن هذه الكراهة تسخط لقضاء الله في تفضيل بعض عباده على بعض» وذلك لا عذر فيه ولا رخصةء وأيّ معصية تزيد على كراهيتك نعمة مسلم من غير أن تكون لك فيه مضرةء وإلى هذا أشار القرآن بقوله تعالى : إن نَْسَسْكُمْ حَسَتة شم وإن نِكُم يكا روا پټ4 . وهذا الفرح شماتة› والحسد والشماتة متلازمان وقال تعالى: لود كد ر من اهل الكتَاب لو رونم من بعد ِمَايكُمْ كُفارً حَسَد عدا . فا ف خبر ن حبهم لزوال تعمة الإيمان حسل وقال: ®إوَدوا لو تَكُفُروْن كَمَا كَفروا فَكُونُونَ سَواء4”. الآيةء وذكر تعالى حسد إخوة يوسف له وعبر عما في قلويهم ل كوا بوش ولعو َع ِن ينا ا4“ الآية فلما أحبه بوه دونهم ساءهم ذلك فأحبوا زوالها عنه فغيبوه عنه. وقال تعالی : ولا يَحدُونَ في صدُورهِمٌ حَاجَة مما أُونوا. قيل : معناه تضيق صدورهم / ولا يغتمون فأثى عليهم بعدم الحسد. وقال تعالى في معرض الإنكار: ام يَحُسُدُونَ الس عَلَىْ ما أتَاهُْ الله من فَضْلِه»”. وقال تعالى: كَانَ لاسن أ € إلى قوله: «بَفياً € . قيل في التفسير حسداً. وقال: وما تفَرتُوا إلا من بَعْدِ ما جَاعَهُمُ الم بيا ‎r‏ . قيل: معناه أنزل الله العلم ليتألفوا به على طاعته فتحاسدوا إذ راد ك واحد متهم أن يفره بلرياسة وقول القول؛ فرد بعضهم على بعض . (١) سورة آل عمران الأية: ١١٠ (۲) سورة البقرة الأية: ١٠٠0 (۳) سورة النساء الآية: ۸۹. (4) سورة يوسف الأية: ۸. () سورة الحشر الآية: ۹. (1) سورة النساء الآية: ٤٥ (۷) سورة البقرة الآية: ۲۱۳. (۸) سورة الشورى الأية: ١٠. [۸4] ۷ قنطرة النفس وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: كانت اليهود قبل أن يبعث النبي عليه السلام إذا قاتلوا قوماً قالوا: نسألك بالنبي الذي وعدتنا أن ترسلهء وبالكتاب الذي تنزله إلا ما نصرتنا. فكانوا يُصرون» فلما جاء النبي من ولد إسماعيل عرفوه وكفروا به فقال تعالى: وكاتوا ِن قل بحُن عَلّى لذن إلى قوله: «أن يكمُرؤا يما أَرَلَ الله بَثياً 4 . أي حسداً. ویروی أن صفية بنت حي بن أخطب زوجة النبي يل قالت له: جاء أبي وعمي عندك يوماء فقال أبي لعمي: ما تقول فيه؟ قال: آقول أنه النبي الذي يبشر به موسى عليه السلام قال: فما ترى؟ قال: أرى معاداته أيام الحياة. فهذه حقيقة الحسد. وأما مراتب الحسد فهي ثلانة : أحدها: أن يحب زوال النعمة إليه لرغبته فيها مثل رغبته في دار حسنةء أو امرأةٍ جميلةء أو ولايةٍ نافذة نالها غير فهو يحب أن تكون له ومطلوبه تلك النعمة لا زوالها ومكروهه فقد النعمة لا تنعم غيره بها فهذا هو الحسد المذموم. والثانية : أن لا يشتهي عين النعمة بل يشتهي لنفسه مثلهاء فإن عجز من مثلها أحب زوالها كي لا يظهر التفاوت بينهماء فهذه فيها مذموم وغير مذموم؛ وتسميتها حسداً توسعاً [۸] ومجازاً قال الله تعالى : ولا َمََوا ما فصل الله بى بَعُضَكُمْ / عَلّى بَعْض€'"". فتمنيه مثل ذلك والثالثة : أن يشتهي لنفسه مثلها فإن لم تصل إليه فلا يحب زوالها. وهذا الأخير هو المعفو عنه إن كان في الدنياء والمندوب إليه إن كان في الدين”"ء والله أعلم . فصل: في بيان المنافسة وأسباب الحسد أما المنافسة فسببها حب ما فيه المنافسة فإن كان أمراً دينياً فسببه حب الله وطاعتهء وإن كان أمراً دنيوياً فسببه حب مباحات الدنيا والتنعم فيهاء وإنما الكلام هاهنا في الحسد المذموم . وتتحصر جملة أسبابه في سبعة أشياء وهي . العداوة› والتعزاز والكبر» والعجب › والخوف من فوات المقاصد المحبويةء وحب الرياسة› وخیٹث النفس؛› وذلك إنما یکره (١) سورة البقرة الآيتان: 8۹ ۹0. (۲) سورة النساء الآية: ۳۲. )۳( راجع هذا الفصل في كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي (۳/١۸٠: ۱۸۸) ففيه أغلب ما هنا من أحادیث واثار؛ وما في الإحياء أوسع مما هٽا. قنطرة النفس ۷۷ النعمة عليهء إما لأنه عدو له فلا يريد الخير له بسبب إساءته إليهء وإما أن يستكبر عليه بتلك النعمة وهو المراد بالتكبرء وإما أن يفاخره بها لعزة نفسه وهو المراد بالتعزز» وإما أن تكون النعمة عظيمة فيتعجب من فوز مثله بتلك النعمة وهو التعبّب» وإما أن يخاف من فوت مقاصده بسبب مزاحمته إياء بتلك النعمةء وإما أن يكون بحب الرياسة التي يحب أن لا يساوى فيها فيكره تلك النعمة له لثلا يلحقه بهاء وإما أن يكون لا بسبب بل بخبث النفس وشحها بالخير لعباد الله تعالى ولا بد من شرح هذه الأبواب بالاختصار إن شاء الله الملك القهار . السبب الأول: العداوة والبغضاء وهو أشد أسباب الحسد فإن من آذاه إنسان بسبب أبغضه قبله ورسخ في نفسه الحقدء والحقد يقتضي التشفي والانتقام فإن عجز أن يتشفى منه بنفسه أحب أن يتشفى منه الزمان / وريما يحمل ذلك على كرامة نفسه عند الله فمهما أصابت [٦8] عدوّه بلية فرح وظن ذلك مكافأة من جهة الله تعالى له على بغضه وأنه لأجلهء ومهما أصابته نعمة ساءه ذلك لأنه ضد مراد وربما يظن أنه لامنزلة له عند الله تعالى حيث لم ينتقم له من عدوه الذي آذاه بل أنعم عليه . وبالجملة فالحسد يلزم البغضة والعداوة ولا يفارقهماء وإنما غاية التقوى أن لا يبغي وأن يكره ذلك من نفسه» وإما أن يبغض إنساناً ويستوي عنده مسرته وإساءته فهذا غير ممكن فهذا ما وصف الله تعالى به الكفار - أعني الحسد بالعداوة - إذ قال: «وَدُوا ما عَم قد بدت البقْضَاءُ من أفوَاهِهمْ وما تُحْفِي صْدُورُهُم أكيو»”. الآية. والحسد سببه البغفض» وربما يفضي إلى التقاتل واستغراق العمر في إزالة النعمة بالحيل والسعاية وهتك الستر ونحوه. والسبب الثاني: التعزز وهو أن يثقل عليه أن يرتفع عليه غيره فإذا أصاب بعض أمثاله ولايةء أو علماء أو مالا خاف أن يتكبر عليه بذلك وهو لا يطیق تفاخره عليه» فليس من غرضه أن يتكبر بل غرضه أن يدفع تکبر غیره عليه؛ فإنه قد رضي یمساواته دون ترفعه عليه . السبب الثالث : أن يكون في طبعه أن يتكبر عليه ويستخدمه فإذا نال نعمة خاف آن لا يتحمل تكبره ولا ينقاد لخدمتهء وربما أن يتشوق إلى مساواته أو إلى أن يرتفع عليه فيعود متكبراً بعد إن كان متكبراً عليه . ومن التكبر والتعزز كان حسد أكثر الكفار للنبي عليه السلام إذ قالوا: كيف يتقدم علينا )۱( سورة آل عمران الآية: ۱۱۸. ۷۸ قنطرة النفس غلام يتيم؟ وكيف تطاطىء له رؤوسنا؟ «وَقالوا لؤلاً يرل هذا القرانُ عَلىٰ رَجُل مًن الَريَيْن عَظِيم»”. أي كان لا يثقل علينا أن نتواضع له ونتبعه إذا كان / عظيماً. وقال تعالى: يصف قريشاً إذا قالوا: «أَوْلاءِ من الله عَليْهمْ من يبن" . كالاستحقار السبب الرابع: التعجب: كما أخبر تعالى عن الأمم الماضية إذ قالوا: ما أَُمْ إلا يَش مش4 «أنَؤْمنٌ لِمَشَرَئن مثلّا»”*. في أمثال هذه الآيات فتعجبوا أن يفوزوا برتبة الرياسة والقرب والوحي من الله تعالى وهم بشر أمثالهمء وأحبوا زوال نعمة النبوّة عنهم جزعاً أن يتفضل عليهم من هو مثلهم في الخلقة لا عن قصد تكبر وطلب رياسة وتقدم عداوة أو غيرها ّ رم ۰ س )0 ِ‫ س ر سے وقالوا متعجبين: «أبَعتَ الله يضرا رَسولا» '. وقالوا: لؤلا آنل عَلينَا المُلايكة. . ‎e see e ets f. e ei >‏ ر و س الآية”. فقال تعالى : «اَوَعَحبتم ان جاءَكُم ذِکر مُن رَبَکمْ على رَجل مُنکم. . . الأيةگ” ٩ . السبب الخامس: الخوف من فوات المقاصد وذلك يختص بمتزاحمين على مقصود واحد كتحاسد الضرائر في التزاحم على مقصود الزوجيةء وتزاحم الإخوة على نيل المنزلة في قلوب الأبوينء وكذلك تحاسد التلميذين لأستاذ واحدء وتحاسد الواعظين على أهل بلدة واحدةء وكذلك العالمان المتزاحمان على طائفة من المتفقهةء إذ يطلب كل ممّن ذكرنا نيل منزلة دون صاحبه. السبب السادس: حب الرياسة وذلك كالرجل الذي يريد أن يكون عديم النظير في بعض الفنون إذا غلب عليه حب الثناء أنه فريد العصر في فنه وأنه لا نظير له فإذا سمع بنظیر له في أقصى الأرض ساءٌ ذلك واحب موته» أو زوال النعمة التي شاركه فيها من شجاعةء أو علم» أو عبادةء أو صناعة أو جمالء أو ثروةء وليس السبب في هذا سوى محض الرياسة بدعوی [] الاتفرادء وهذا وراء ما بين آحاد العلماء من طلب الجاه والمتزلة في قلوب الناس / للتوصل إلى () سورة الزخرف الآية: ۳۱. (1) سورة الأنعام الآية: ۳٠. في الأصل: أهؤلاء الذين فحذفت الكلمة الزائدة. (۳) سورة يس الاية: ١٠. () سورة المؤمنون الاية: ۷ . (٥) سورة الإسراء الآية: ۹4. (1) سورة الفرقان الآية: ٠۲. (۷) سورة الأعراف الآية: 1۹. قنطرة النفس ۷۹ الرياسة. وقد كان علماء اليهود ينكرون معرفة محمد يلو ولا يؤمنون به خيفة من أن تبطل رياستهم مهما نسخ علمهم. السبب السايع : خبث النفس وشحها بالخير لعباد الله فإنك تجد من لا يشتغل برياسة ولا مال إذا وصف له حسن حال عبد من عباد الله فيما أنعم به عليه شق ذلك عليه وإذا وصف له اضطراب أمور الناس وتنقص عيشهم فرح به » فهو أبداً يحب الإدبار لغيره ويبخل بنعم الله على عبادة كأنه إنما يأخذون ذلك من خزائنه» ويقال: البخيل يبخل بمال نفسه والشحيح هو الذي يبخل بمال غيره. فهذا يبخل بنعمة الله على عباده لا بسبب عداوة ولا رابطة بينهم وبینه ولیس له سبب ظاهر إلا خبث في النفس ورذالة الطبم. ومعالجته شديدة لأن الحسد الذي ثبت بسبب يتصور إزالته إذا زال ذلك السبب وهذا هو خبث في الجبلة لا عن سبب عارض فتعسر إزالته إٍذ هو مستحيل في العادة أعني زواله . فهذه أسباب الحسد وقد يجتمع كلها أو بعضها في شخص واحد فيعظم الحسد لذلك حتىی لا يقدر صاحبه على الاأخفاء والمجاملة معه بل يهتك حجاب المجاملة وتظهر العداوة بالمكاشفة والله أعلم . والحسد إنما يكثر بين قوم تكثر بينهم هذه الأسباب المذكورة ولا سيما إذا تجاوروا في مسكن» أو سوق أو مدرسةء أو بدلة اجتمعوا فيها على مقاصد كل واحد يرغب فیها فتتناقض أغراضهم› فيثور من التناقض التنافر والتباغض» فلذلك ترى العالم يحسد العالم دون العايد› والعابد يحسد العابد دون العالم› والتاجر يحسد التاجرء بل الاإأسكاف يحسد الاإسكاف ولا يحسد البزاز إلا بسبب /آخر سوى الاجتماع في الحرفةء ويحسد الرجل أخاه واين عمه أكثر ما يحسد الأجانب» والمرأة تحسد ضرتها أكثر مما تحسد أم الزوج وابنتهء للأن مقصد البزاز غير مقصد الإإسكاف فلا يتزاحمون على المقاصد إذا مقصد البزاز ثروة المال ولا يحصله إلا بكثرة الزبون وإنما ينازعه فيه بزاز آخرء وهكذا الشجاع يحسد الشجاعء والطبيب يحسد الطبيبء وأصل ذلك التزاحم على مقصد واحدء وذلك لا يجمع متباعدين بل نعم من اشتد حرصه على الجاه فإنه يحسد كل من في الدنيا في الخصلة التي يشاركه فيهاء ومنشً جميع ذلك الدنيا لأنها هي التي تضيق على المتزاحمين» وأما الآخرة فلا ضيق [۸۹] ۸ قنطرة النفس فيهاء ومثال الأخرة مثال نعمة العلم فلا جرم من يحب معرفة الله تعالى وصفاته لم يحسد غيره إذا عرفه أيضاً لأن المعرفة لا تضيق على العارفين بل المعلوم واحد يعرف بألف ألف عام ويلتذذ بمعرفته ولا تنقص لذة واحد بسبب غيره بل يحصل بكثرة العارفين زيادة الأنس وثمرة الإفادة والاستفادة . فلذلك لا يكون بين علماء الأخرة محاسدة لأن مقاصدهم معرفة الله تعالى والمنزلة عندهء وذلك بحر واسع لا ضيق فيه - أعني المعرفة والمنزلة. نعم إذا قصد العلماء بالعلم المال والجاه تحاسدوا لأن المال هو أعيان وأجسام إِذا وقعت في يد واحد خلت عنها يد الاخر. ومعنى الجاه: هو ملك القلوب ومهما امتلاً قلب شخص بتعظيم عالم انصرف عن تعظيم الآخر أو نقص منه لا محالةء فيكون ذلك سبباً للمحاسدة بينهم» وليست المعرفة كذلك لأن القلب إذا امتلاً بالفرح بمعرفة الله لم يمنع ذلك أن [] يمتلىء به قلب غيره وأن يفرح به / فالفرق بين العلم والمال أن المال: لا يحل في يد ما لم يرتحل عن أخرى» والعلم في قلب العالم مستقر ويحل في قلب غيره بتعليم من غير أن يرتحل عن قلبهء لأن الدنيا وأموالها لها نهايةء والأخرة والعلم بها لا نهاية لهماء فإن فرض كثرة العارفين لم يكونوا متحاسدين بل يكونوا كما قال الله فيهم رب العالمين. وَنَرَغْنا ما في صُدُورهم من غل وقال: «إخواناً عَلى سُرر مَُفَابلن»”". فإذا لا يتصور أن تكون في الجنة محاسدة ولا تقع بين أهل المعرفة في الدنيا أيضاً محاسدة لأن الجنة لا مضايقة فيها ولا محاسدة» ولا تنال إلا بمعرفة الله التي لا مزاحمة فيها في الدنيا ولا مضايقةء فأهل الجنة بالضرورة براءٌ عن الحسد في الدنيا والأاخرةء بل الحسد من صفات المبعدين عن سعة عليين إلى مضيق سجين» ولذلك وسم به إبليس اللعين حين حسد آدم النبي الأمين . فعليك أرشدك الله إن كنت بصيراً وعلى نفسك مشفقاً أن تطلب نعيماً لا زحمة فيهاء ولذة لا مكدر لهاء فلا يوجد ذلك في الدنيا إلا في معرفة الله وصفاته وعجائب ملكوته من أرضه وسمواته» ولا تنال ذلك في الأخرة إلا بهذه المعرفة والعمل بها فإن كنت لا تشتاق إلى معرفة الله تعالى تجد لها لذةء فلا غروى أن الجنين لا يشتاق إلى لذة الجماعء. والصبي لا يشتاق إلى لذة الملك؛ فإن هذه اللذات يختص بإدراكها الرجال دون المختثين والصبيان. فكذلك لذة المعرفة يختص بإدراكها الرجال الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله . فلا يشتاق إلى هذه اللذة غيرهم؛ لأن الشوق بعد الذوقء ومن لم يذق لم يعرفء ومن لم يعرف لم يشتق» ومن () سورة الحجر الآية: 47 . قنطرة النفس ۸۱ يشتق لم يطلب» ومن لم يطلب لم يدرك» ومن لم يدرك بقي مع المحرومين في أسفل سافلين» ِوَمَنْ /يَعْش عَن ذكْر الرَحطن تُعيضن له شَيطاناً فهو له فَرين»”* أعاذنا الله من 1911 الخذلان؛ فإنه سبب الحرمان” . فصل: فيما ينفى به مرض الحسد عن القلب اعلم أن الحسد من الأمراض العظيمة للقلوب» ولا تداوى أمراض القلوب إلا بالعلم والعمل» أما العلم النافع لمرض الحسد فهو أن تعلم حقيقاً أن الحسد ضرر عليك في الدنيا والدين» وأنه لا ضرر به على المحسود في الدنيا والدين بل ينتفع به في الدنيا والدين› فمهما عرفت هذا يقيناً ولم تكن عدو نفسك وصديق عدوك فارقت الحسد لا محالة . إما كونه ضرراً عليك في الدين فهو إنك بالحسد ساخط لقضاء الله تعالى غير راض بقسمته وهذه جناية على حدقة التوحيد؛ء وقذی في عین الإیمان› وناهيك بها جناية في الدين › وكان يقال: الحسود ساخط على ربه فى إنقاذ أقداره؛ إِذ ليس يرى قضاء الله عدلاً ولا لنعمة من الناس أهلاء وقد انضاف إلى هذا أنك غاش لرجل من المسلمين» تارك لنصيحتهء مفارق لأولياء الله في حبهم الخیر لعباده› مشار لإأبليس والكفار في محبتهم البلاء للمسلمين › وزوال النعم عنهم وهذه خبائث في القلب تأكل الحسنات كما تأكل التار الحطب . وإما كونه ضرراً في الدنياء فهو يتألم بحسرات الحسدء وينحل من أجلها الجسد ثم لا يجد لحسراته انتهاء› ولا یرجو لسقام جسده شفاءء وقد قال ابن المعتز : الحسد سقام الجسد. ثم تحط رتبته وتنتخفض منزلته لنفور الناس عنهء ولذلك قيل: الحسود لا يسود. مع ما يظهر منه من الأخلاق الذميمة. وقد قال بعض العلماء: للحاسد ثلائة علامات: يتملق إذا حضر ويغتاب إذا غاب ويشمت بالمصيبة . وقال ابن المعتز: / الحاسد مغتاظ على من لا ذنب لهء بخيل بما لا يملکهء طالباً لما لا [۹۲] يجده فما أعجب من العاقل أن يتعرض لسخط الله تعالى وعذابه من غير نفع يناله مع ضرر يتحمله وغم يلازمه› فيُهلك دینه ودنیاه من غیر جدوی ولا فائدة. وأما آنه لا ضرر على المحسود في دينه ودنياهء فواضح لأن النعمة لا تزول عنه بحسىدڭك › فلا بد من دوامها إلى أجل محدود. ویقال شکا نبي من الأنبياء من امرأة ظالمة (١) سورة الزخرف الآية: ٢۳. () راجع الفصل في إحياء علوم الدين بتفصيل (۱۸۸/۳: ١۹٠). قتاطر الخيرات/ج٣/م٦ ‎AY‏ قنطرة النفس مستولية على الناس» فأوحى الله إِليه فو من قدامها حتى تنقضي أيامها. فمهما لم تزل النعمة بالحسد لم يكن على المحسود ضرر في الدنيا ولا إثم في الأخرةء فلو كانت النعمة تزول بالحسد لكان لم يبق لله عليك من نعمة أيضاء لأنك لا تخلو من عدو يحسدك» ولزالت على المؤمنين نعمة الإيمان لأن الكفار عدون لهم الايمان قال الله تعالى : #وَدَّتٌ طائِفه مين أل اكاب َر يُضِلُونَكُْ€. .. ‏نعم فالحسود ضال بإرادته الضلال لغيرهء فإن إرادة الكفر كفر فهو ضال بإرادتهء ولا تزول النعمة بحسد› فكما لا تزول النعمة عنك بحسد غيرك فكذلك غيرك لا تزول عنه النعمة ‏وأما نفع المحسود بحسدك في الدنيا والدين فهو واضح› أما منفعته في الدنيا فإنه مظلوم أيضاً هدايا منك تهدي إليه حسناتك فإنك أردت زوال النعمة عنه فلم تزل فأضفت إليه نعمة حسناتك فأضفت إلى نفسك شقاوة غم الحسد إلى شقاوة الخيبة في الحسنات . ‏وأما منفعته في الدنياء فهو أن أهم أغراض الخْلق مساءة الأعداى وأن يكونوا معذبين ‏[]امغمومين ولا /عذاب ولا غم أعظم فما أنت فيه من ألم الحسد فقد فعلت بنفسك ما هو مراد ‏أعدائك ولذلك قيل : ‏ل مات أَعَدَائكً بل حُلَدُوا حى يرزامنك الَّنِي يمد ‏لأزلت مَخسُوداعَلَى يِعْمَةٍ تَإماالكابل من يد ‏وقد روي عن بعض العلماء بعض العلماء أنه قال: المحسود من الهم كساقي السم فإذا سرى سمه سرى عنه همه. وقد قيل: العجب لغفلة الحساد عن سلامة الأجساد. وريما كان صد اي متها على فل المد رصان السود كما قل ب مام ‏َو امال لار فما جَاوَرث ا كان بُشرّف طيث ع٬ف شود للا النَحُوْفُ لِلْعَوَاقب لم تَرَن يلاد الما عَلى الْمَخشود فإذا تفكر الحاسد فيما ذكرناء واتبع الدين والعقل في اجتناب الحسد وأكله الحسناتء ‏(١) سورة آل عمران الآية: 1۹. ‎ ‎ قنطرة النفس ۸۳ وما يستقبحه العقل من نتائج الحسد التي هي أذم المذمومات فساعد ورضي به كل الرضا دعاه ذلك إلى ترك الحسدء وشارك الأولياء في المحبة للمسلمين› فقهر حينئذٍ نفسه على مذموم خلقها بالرياضة والتهذيب فيتظاهر بالتخلق حتى يصير بالمواظبة والعادة كالخلق› قال آبو تمام : َم لحي لأخلاق إا تَعلقاً رَلَم أجيالا إا مضل ويروى عن عمر بن عبد العزيز أنه قال لرجل: كن عالماء فإن لم تستطع فكن متعلماء فإن لم تستطع فأحبهم» وإن لم تستطع فلا تبغضهم. فقال: سبحان الله لقد جعل الله مخرجاً. وفي الحديث عن رسول الله يَهٍ أنه قال : «المرء مع من أحب» ° . وفى الحديث /عن رسول الله يَيٍ: «إن أهل الجنة ثلائة: المحسن» والمحب [له]°› [۹4] والكافت ‎e‏ . أي يكف عنه الأذى والبغض والكراهة فهذه هي أدوية الحسد فهي نافعة جداً إلا أنها مرة جداء ولكن النفع في الدواء المرء فمن لم يصبر على مرارة الدواء لم ينل حلاوة الشفاء . ولكن ما دام الإنسان محباً للدنيا وللجاه فلا بد أن يحسد من استأثر بهما وحظي بالرياسة دونهء وأن يغمه ذلك لا محالةء وإنما غاية المجاهدة فيه أن يكره ذلك من نفسه ولا يغمه ولا يظهره بقول ولا فعلء فإذا كف ظاهره ومنع جوارحه عن إيذاء المحسود وألزم قلبه مع ذلك كراهة ما يترشح عنه من حب زوال النعمة عنه حتى كأنه يمقت نفسه على ما في طبعه فتکون تلك الكراهة من جهة الفعل في مقابلة الميل من جهة الطبم فقد أذى الواجب عليه ولا يقدر الإنسان إلا على هذا ولا يدخل تحت اختياره في أغلب الأحوال أكثر من هذا ما دام ملتفتاً إلى حظوظ الدنيا إل أن يصير قلبه مستغرقاً بحب الله تعالى مثل السكران الواله فقد ينتهي أمره إلى أن لا يلتفت قلبه إلى تفاضل أحوال العباد بل ينظر إلى الكل بعين الرحمةء ويرى العباد وجميع أفعالهم أفعالاً لله تعالى وهم له مسخرون» وذلك إن كان فهو كالبرق الخاطف لا يدوم ويرجع القلب بعد ذلك إلى طبعه والشيطان إلى منازعته إِياه بالوسوسة. وذهب آخرون إلى أن الحاسد لا يأثم إذا لم يظهر أثر الحسد على الجوارح لما روي عن () أطراف الحديث عند: البخاري في الصحيح (48/۸) مسلم في الصحيح (البر والصلة ١٦٠)٠ الترمذي في الجامع الصحيح (٥۲۳۸) أي داود في السنن (۲۷٠١))› الدارقطني في الستن (۱۳۲/۱). (۲) ما بين المعقوفين من إحياء علوم الدين (۳/ ١۹)٠ () قال العراقي في المغني (۳/٤۱۹): لم أجد له أصلاً. ‎A‏ قنطرة النفس الحسن أن رجلا سأله: هل يحسد المؤمن؟ قال : ما آنساك بني يعقوب؟ قال : نعم ولکن غمه في صدرك فلا يضرك ما لم تعدیه يد أو لساناً. ‎E7‏ وروي عنه موقوفاً / ومرفوعاً إلى النبي ي فيما وجدت والأولى أن يحمل هذا على ما ذكرنا من أن تكون فيه كراهة من + جهة الدين والعقل في مقابلة حب الطمع لزوال تلك التعمة فن جميم ما ورد من الأخبار في ذم الحسد يدل في' ۱" ظاهره على أن کل حاسد آ؛ » والحسد عبارة عن صفة القلب لا عن الأفعالء ومحله القلب دون الجوارحء وكل محب مساءة المسلمين فهو حاسد لأن له فيهم ثلاثة أحوال: أحدها: أن تحب مساءتهم بطبعك› وتکره حبك لذلك› ومیل قلبك إليه بعقلك › وتمقت نفسك عليهء وتود أن لو كان لك حيلة في إزالة الميل منك وهذا معفو عنه قطعاً. الثانية: أن تحب ذلك بقلبك› وتظهر الفرح بمساءته إما بلسانك أو بجوارحك فهو الحسد المحظور قطعا الثالثة: وهي بين الطرفين أن تحسد بقلبك من غير مقتك نفسك على حسدك ولا إنكار منك ولكن تحفظ جوارحك عن طاعة الحسد في مقتضاهاء وهذا محل الخلاف والأظهر أن لا يخلو عن إِثم بقدر قوة ذلك وضعفه» والله أعلم وأحكم وبه العون والتوفيق”. الفصل الخامس: في ذم البخل قال الله تعالى : ولا بحس حن ارين يعون ماهم اله من قله م هُو حيرا لهم ب َه تَر مك . وقال : ومن بون ا َفَسه اليك هم ‎CA‏ وال ل: «الَذِينَ يَجْعَلُونَ ومون النَاسَ بالل . . ية وروي عن رسول لله ل أله قال: ٠ «طعام الجواد دواء وطعام البخيل داء». وروي أنه سمع رجلا يقول: الشحيح أغدر من الظالم فقال: العن الله الشحيحء ولعن الظالم» وعنه أيضاً [] قال: «إياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم حملهم على أن يسفکوا / دماءهم واستحلوا ‏() في الأصل: على. وأحسبه تحريف من الناسخ والله أعلم. )۲( راجع هذا لقصل ثي إحياء علوم الدين ارمام الغزالي (۹۲/۳٠: ١۹٠) مع زيادات ونقص. )۳( سورة آل عمران الاية: ٠ ‏)٤( سوره ة الحشر الأية: ۹. () سورة النساء الآية: ۳۷ ‎ ‎ قنطرة النفس ۸0 محارمهم) ودماءهم فقطعوا أرحامهم» وقال عليه السلام: «لا يدخل الجنة: بخيل› ولا خب» ولا خائن» ولا سي الملكة». وني رواية: «ولا جبارا. وني رواية «ولا منان» وعنه عليه السلام أنه قال: «ثلاث مهلكات: شح مطاع؛ وهوى متبع» وإعجاب المرء بنفسه»". وعنه عليه السلام أنه قال: «إن الله يبغض ثلاثة: الشيخ” الزاني والبخيل المنان والمعيل المختال”“ . وقال: «مثل المنفق”' والبخيل كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من لدن ثديهما إلى تراقيهما فما المنفق'” لا ينفق شيئثاً إلا اتسعت على جلده حتى تخفى بنانه وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئاً إلا قلصت ولزمت كل حلقة مكانها حتى أخذت بتراقيه فهو يوسعها فلا تتسع»“. وقال عليه السلام: «خصلتان لا يجتمعان في مؤمن البخل وسوء الخلقء” وقال في دعائه: «اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر" ٠ . وقال: «إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات”' يوم القيامة وإياكم والفحش فإن الله لا (١) رواه مسلم من حديث جابر بلفظء واتقوا الشح فإن الشح. .. الحديث ولابي داودء والنسائي في الكبرى وابن حبان» والحاكم وصححه من حديث عبد الله بن عمر إياكم والشح فإنما هلك من كان قبلكم بالشح أمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا وأمرهم بالفجور ففجروا- قاله العراقي في المغني (۳/ ٧٢٤۲( . (۲) رواه أحمد والترمذي وحسنه من حديث أبي بكر واللفظ لأحمد دون قوله ولا منان فهي عند الترمذيء وله ولان ماجة: لا يدخل الجنة سيء الملكة - قاله العراقي في المغني (۳/ 747). ` (۳) روا البزار» والطبراني» وآبو نعيم» والبيهقي في الشعب من حديث أنس بإسناد ضعيف. قاله العراقي في المغفني (١/١1). (8) في الأصل: الشحيح. وهو تحريف والتصويب من الإحياء (۳/ ۷٤۲). () روا الترمذي والنسائي من حديث أبي ذر دون قوله البخيل والمنان وقال فيه: الغني الظلومء والطبراني في الأوسط من حديث علي: إن الله ييبغض الغني الظلوم والشيخ الجهول والعائل المختال وسنده ضعيف. قاله العراقى فى المغنى: (۳/ ۷٤۲). () في الأصل: المنافق وهو تحريف. () في الأصل: المنافق وهو تحريف. (۸) متفق عليه من حديث أبي هريرة - قاله العراقي في المغني (۳/ ٤٤۲). () روا الترمذي من حديث آي سعيد وقال غريب» قاله العراقي في المغني (۳/ ۷٤۲). 9٠1( رواه البخاري من حديث سعد. قاله العراقي في المغني (۳/ ٤٤۲). () في الأصل: ظلمة. والتصويب من الإحياء (۳/ ٢٤۲). ‎۸A‏ قنطرة النفس ‏يحب الفحش ولا التفحش يوم القيامةء وإياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم الشح أمرهم بالكذب فكذبواء وأمرهم بالظلم فظلمواء وأمرهم بالقطعة فقطعوا. ‏وروي أنه قال للأنصار : «من سیدکم؟ قالوا: الجد بن فيس على بخل به. فقال عليه السلام: «وأي داوء أدوی من الېخل؟. قالوا: وكيف ذلك يا رسول؟ قال: «إن قوماً نزلوا بساحل البحر فكرهوا لبخلهم نزول الأضياف بهم وقالوا: ليبعد الرجال منا عن النساء حتى يعتذر الرجال إلى الأضياف ببعد النساء وتعتذر النساء ببعد الرجال ففعلوا وطال ذلك بينهم فاشتغل الرجال بالرجال والنساء بالنساء) . ‏]۹۷[ وفي رواية / أخرى أنه قال: «يا بني سلمة من سیدكم؟» قالوا: سيدنا الجد بن قيس إلا أنه رجل فيه بخل. فقال: «أي داء أدوى من البخل ولكن سيدكم عمرو بن الجموح»"". وفي رواية آخری: قالوا: سیدنا الجد بن قيس قال: «بم سودتموه»؟ قالوا: إنه أكثرنا مالا وأنا على ذلك لتتزه بالبخل . قال : «وأي داوء أدوی من البخل ليس ذلك سیدکم». قالوا: ومن سیدنا يا رسول الله؟ قال: «سيدكم بشر بن البراء". وعنه ي أنه قال: «شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالم» ٩ . قال: وقتل شهيد على عهد رسول الله ِو فبكته باكية فقالت: واشهیداه . ‏فقال النبي عليه السلام: «وما يدريك أنه شهيد فلعله قد يتكلم بما لا يعنيه أو يبخل فیما لا 7 ‏() رواه الحاكم من حدیث عبد الله بن عمرو دون قوله أمرهم بالكذب فكذبوا وأمرهم بالظلم فظلمواء قال عوضاً عنها وبالخيل فبخلوا بالفجور ففجرواء وكذا رواه آيو داود مقتصراً على ذکر الشح. .. ولمسلم من حديث جابر: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامةء واتقوا الشح. فذكره بلفظ آخر ولم يذكر الفحش. قاله العراقي في المغتي (3/ 7٤۲: ۸٤۲). ‏(۲) أطراف الحديث عند: الحاكم في المستدرك (۲1۹/۳) الطبراني في الكبير (۸۱/۱۹)ء ابن سعد في الطبقات (۲/۳/١١۱)؛ الهيثمي في مجمع الزوائد (۹/٥۳۱)› والمتقي في الكنز (۸٥/ ٦0)۳ ‏(۳) وعن نحوه قال العراقي في المغني (۹/۳٤۲): رواء الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم بلفظ: يا بتي سلمة وقال سيدكم بشر بن البراى وآما الرواية التي قال فيها: سيدكم عمرو بن الجموح فرواها الطبراني في الصغير من حديث كعب بن مالك بإسناد حسن. ‏() قال العراقي في المغني (۲4۸/۳): رواه آبو داود من حدیث جابر: بسند جید. ‏(0( رواه آبو يعلى من حديث أبي هريرة بسند ضعيف؛ وللبيهقي في الشعب من حديث أنس أن أمه قالت: ليهنك الشهادة. وهو عند الترمذي› إلا أن رجلا قال له: أبشر بالجنة. فاله العراقي في المغني الموضع السابق. ‎ ‎ قنطرة النفس ‎۸Y‏ ‏لقت رسول الله يِل الأعراب يسألونه حتى اضطروه إلى شجرة” فخطفت رداءء فوقف عليه السلام فقال: «اعطوني ردائيء لو کان لي عدد هذه العضدة نعّماً لقسمته بينكم ثم لا تجدوني يخيلاً ولا كذوباً ولا جبانا٩. وعن عمر قال قسم النبي ي قسماء فقلت غير هؤلاء كانوا أحق به منهم به متهم فقال عليه السلام: «إنهم يخيرونني بين أن يسألوني بالفحش أو يبخلونني ولست ببخيل»” . وعن بي سعد الخدري قال : دخل على رسول اله علا رجلان› فسألاه ثمن بعيرةء فأعطاهما دينارين› فخرجا من عنده فلقياهما عمر فأثنيا وقالا معروفاً وشکرا ما صنع بهماء فدخل عمر على رسول الله يله فأخبره بما قالاء فقال: رسول الله يَلٍِ: «لكن فلاناً أعطيته ما بين عشرة / إلى مائة ولم يقل ذلك» إن أحدكم يسألني فينطلق بمسألته متأبطها وهي نار». فقال [۹۸) عمر: فلم تعطيه ما هو نار؟ فقال: «ما يأبون إلا أن يسألوني ويأبى الله لي البخل». وعن ابن عباس رضي الله عنه ي أنه قال: «الجود من جود اللهء فجودوا يَجدٍ الله عليكم ألا إن الله خلق الجود فجعله في صورة رجل» فجعل له رأساً راسخاً في أصل شجرة طوبىء وشبك أغصانها بأغصان سدرة المنتهى» ودلى بعض أغصانها إلى الدنياء فمن تعلق بغصن منها أدخله الجنة› لا إن السخاء من الأيمان › والأيمان في الجنةء وخلق البخل ومفته› وجعل له راسا راسخاً في أصل شجرة الزقوم» ودلى بعض أغصانها إلى الدنياء فمن تعلق بعض منها أدخله النار» ألا إن البخل من الكفر والكفر فى التار”“ . وعنه عليه السلام أنه قال: «السخاء شجرة تنبت في الجنة فلا يلج الجنة إلا سخي والبخل شجرة تنبت في النار ولا يلج النار إل بخيل”". وعنه عليه السلام أنه قال: «إن الله يبغض البخيل فى حياته السحّى عند موتە». () في الأصل؛ والإحياء سمرة. وأحسبه تحريف. )۲( رواه البخاري» قاله العراقى فى المغتى (۳/ ۲48). () في الإحياء بباخل. والحديث رواه مسلم قاله العراقي في المغني الموضع السابق. () رواه أحمد وآبو يعلی» والېزار نحو ولم يقل أحمد آنهما سألاه ثمن بعیر ورواه البزار من رواية أبي سعيد عن عمر ورجال أسانيدهم ثقات. قاله العراقي في المصدر السابق. (0) ذكره صاحب الفردوس (أي الديلمي) ولم يخرجه ولده في مسندهء ولم أقف له على إسناد. قاله العراقي في المغني (۸/۳٨٤۲). () قال عنه العراقي كما قال على الذي قبله غير أنه قال: من حديث على . (۷) ذكره صاحب الفردوس» ولم يخرجه ولده في مسنده ولم أجد له إسناداً. العراقي في المغني (۲4۹/۳). ‎A۸‏ قتطرة النفس ‏وعن أبي برزة عنه أنه قال: «السخي الجهول أحب إلى الله من العابد البخيل»'". وعن آبي هريرة عنه أنه قال: «لا يجتمع الشكٌ مع الإيمان في قلب عبد وقال أيضاً: «لا ينبغي للمؤمن أن يكون بخيلاً ولا جباناة” وعنه عليه السلام أنه قال: «يقول قائلكم الشحيحء أغدر من الظالم وأي ظلم أعظم عند الله من الشح حلف الله بعزته وعظمته وجلاله لا يدخل الجنة شحیح ولا بخیل»٩. ‏وروي أن رسول الله يلو كان يطوف بالبيت فإذا رجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول: بحرمة البيت إلا غفرت لي ذنبي قال رسول الله يل وما ذنبك صفه لي؟». ‏/ قال هو أعظم من أن أصفه لك قال: «ويحك ذنبك أعظم أم الأرض؟» قال: بل ذنبي ‏أعظم يا رسول الله. قال: «فذنبك أعظم آم البحار؟» قال: بل ذنبي أعظم يا رسول الله . قال: «فذنبك أعظم أم السموات؟». قال: بل ذنبي أعظم يا رسول الله. قال: «فذنبك أعظم أم العرش؟» قال: بل ذنبي أعظم يا رسول الله. قال: «ذنبك أعظم أم الله؟» قال: بل الله أعظم وأعلى قال : ويحك فصف لي ذنبك». ‏فقال: يا رسول الله آنا رجل ذو ثروة من المال وإن السائل ليأتيني يسألنيء فكانما يستقبلني بشعلة من نار فقال رسول الله يَلٍ: «إليك عني لا تحرقني بنارك فوالذي بعثني بالهداية والكرامة لو قمتم بين الركن والمقام» ثم صليت ألف ألف عام؛ وبکیت حتی تجري من دموعك الأنهار وتسقي بها الأشجار» ثم مت وأنت لئيم لكبك الله في النار ويحك أما علمت أن البخل كفرء والكفر في النارء ويحك أما علمت أن الله تعالى يقول: «ِوَمَن يوق شك تفه فَاولكٌ هُمْ الْمْفلِحُونَ»"'. ‏الأثار: وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما خلق الله تعالى جنة عدن قال لها: تزيني فتزينت» ثم قال لها: أظهري أنهاركء فأظهرت عين السلسبيل؛ وعين الكافور؛ وعين التسنيمء ففجر منها في الجنانء وأظهرت أنهار الخمر وأنهار العسل واللبنء فقال لها: أظهري سرورك وجمالك وكراسيك وحليك وحُللك وحور عينك فاظهرت» فنظر إليها فقال: ‏() رواه الترمذي بلفظ: ولجاهل سخي. .. العراقي في المصدر السابق. ‏(۲) رواه النسائي وفي إسناده اختلاف. العراقي في المصدر السابق. ‏(۳) لم أره بهذا اللفظ. المصدر السابق. ‏() لم أجده بتمام» وللترمذي من حديث أي بكر لا يدخل الجنة بخيل. المصدر السابق. ‏(0) سورة الحشر الاية: ۹ والحديث بطوله باطل لا أصل له قاله العراقي في المغني (۲4۹/۳). ‎ ‎ ةنطرة النفس ۸۹ تكلمي» فقالت: طوبى لمن دخلني» فقال تعالى: وعزتي لا أسكننك بخيلاً . وعن أخحت عمر بن عبد العزيز أنها قالت: أف للبخيل لو كان البخل قيمصاً ما لبستهء ولو كان طريقاً ما سلكته. وعن طلحة بن عبد الله أنه قال: إنا تَجُذُ بأموالنا ما يجد البخيل› ولكنا نتصبّر. وقال بعض الحكماء: /البخل جلباب المسكنة. وقال بعض البلغاء: البخيل [100] حارس نعمة» وحازن ورثته. وأنشد لبعض الشعراء : إذا كت جَماعاً يِمَالِكَ مُفيكاً فَأنت عَلَوٍ عازن وَين تَوَديه مَذْمُوماً إلى غير حَامدِ فَأكُله عَفواوأنت دفي وقال بعض الأدباء: البخيل ليس له خليل وعن محمد بن المنكدر أنه قال: كان يقول: إذا أراد الله بقوم شراً أَمَرَ عليه أشرارهم وجعل أرزاقهم بأيدي بخلائهم . وقال الشعبي: لا أدري أيهم أبعد غوراً في جهنم البخيل أو الكذاب؟ وعن علي أنه قال في بعض خطبه: أنه سيأتي على الناس زمان عضوض يعض المؤمن على ما في يده ولم يؤمر بذلك. قال الله تعالى: ولا تَنْسَوا الْفَضْلَ بَْنَكُمْ€”". وقيل ورد على أنو شران حكيم الهند» وفيلسوف الروم فقال للهندي› تكلم. فقال: خير الناس من ألِفَى عند السؤال سخياء وعند الغضب وقوراً في القول متأنياًء وفي الرفعة متواضعاًء وعلى كل ذي رحم مشفقاً. وقام الرومي فال : من کان بخیلا ورث عدوه ماله 9 ومن قل شکره لم ينل النجح › وآهل الكذب مذمومون› وأهل النميمة يموتون فقراء» ومن لم يرحم سلط عليه من لا أراكً توَمُل حُنلرلنتاء اوم رۇق له ك ايلا وَك ف يَسُودُأَشُوبطة يمن كيرا ريطي ليلا وعن الضحاك في قوله: «جَعَلمًا في أََْاقِهمْ الَا . قال: البخيل يعني أمسىك الله أيديهم عن الإنفاق في سبيل الله فهم لا يبصرون الهدى. وعن كعب أنه قال: ما من صباح إلا وقد وكل به ملكان /يناديان اللهم عجل للمسك [۱٠٠1] ماله تلفاً وعجل للمنفق خلفاً. وفي رواية عن أبي الدرداء ما من يوم غربت شمسه إلا وملكان يناديان. الحديث . (١) سورة البقرة الآية: ۲۳۷. )۲( سورة يس الأية: ۸. ٠“ قتطرة النفس وعن عروة بن الزبير قال قال رسول الله يل السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من النار”". وعنه يل أنه بلغه عن الزبير إمساك فجبذ عمامته إليه فقال: "يا زبير أنا رسول الله إليك وإلى غيرك يقول أنفق أْفق عليك ولا توك فأوك عليك». وعن الأصمعي قال: سمعت أعربياً وقد وصف رجلا فقال: لقد صغر فلان في عيني لعظم الدنيا في عينيه فكأنما یری السائل إذا راه ملك الموت إذا أتاه. وذكر في كتاب العقد: أن عبد الله بن الزبير كان من البخلاء وكان تكفيه أكلة في أيام ويقول: إنما بطني شبر في شبر فما عسى أن يکفیه قال: فقال فيه آبو وجره مولی الزبير: لو كان بطنّك شبراً قد شبعت وقد ابقيت خيراً كثيراً للمساكين فإن تصبك من الإيام جائحة لم تبك على دنيا ولا دين ما زلت في سورة الأعراف تدرسها ‏ حتى فؤادي كمشل الخزفي المين إن امراً كشت مولا فصيعني يرجو الفلاح لعندي حق مغبون قال: وأقبل إليه أعرابي فقال له: أعطني وأقاتل عنك أهل الشام. فقال: إذهب فقاتل فإن أعييت أعطيتك. فقال: أراك جعلت روحي نقداً ودراهمك نسيئة. قال وأتاء أعرابي يسأله حملانا ويذكر أن ناقته نقبت عليه. فقال: أنعلها بسبت. فقال الأعرابى: إنما أتيتك مستوصلا ولم آنك مستوصفاً. /وقال: فلا حملت ناقة حملتني إليك. فقال: إن وصاحبها. قال وابن الزبير القائل : أكلتم تمري وعصيتم أمري» فقال فيه الشاعر: رأيت أبا بكر وَرَبك غالب على أشر يَرْجُو الخلافة يلمر وعن أبي حنيفة قال: لا أعزل بخيلاً لأنه ر يحمل البخل على الاستقصاء فيأخذ أكثر من حقه خيفة أن يغبن فمن كان هكذا لا يكون مأمون الأمانة. وقال علي: والله ما استقصی کریم قط قال الله تعالى: ®عَرّفَ بَعُضهُ وَأَحُرَضِنُ عَن بَعْضې. يعني عرف النبي عائشة - أي أعلمها - إفشاء بعض حديثه إياها وهو تحريمه مارية القبطيةء «ِوَأَعْرَّضنَ عَن بض قیل : حديثه لها أن الخلافة تكون لأبيها بعده أعرض عنه لثلا تنشر والله أعلم . وعن الجاحظ أنه قال: ما بقي عن اللذات إلا ثلاث؛ ذم البخلاءء وأكل القديدء وحك (۱) قال العراقي في المغني (۳/١۲4): رواه الترمذي وقال: غريب ولم يذكر فيه: وأدوا الداء البخل. ورواه بهذه الزيادة الدارقطني فيه. قلت: وكان ذكر في الإحياء باتم مما هنا. )۲( سوره ة التحريم الآية: 1 قنطرة النفس ۹۱ الجرب. وعن بشر بن الحارث أنه قال: البخيل لا غيبه لهء قال ومدحت امرأة عند النبي يل فقالوا: صوامه قوامة إلا أن فيها بخلاً قال: «فما خيرها إذ. وعن بشر أنه قال: النظر إلى البخيل يقسي القلب» ولقاء البخلاء كرب على قلوب المؤمنين. وفي كتاب العقد ومن أمثال العرب في البخيل قولهم: ما هو إلا ابنة عطا وعقد رشا. لأن عقد الرشا المبلول لا تكاد تنتحل. وعن يحيى بن معاذ أنه قال: يأبى القلب للأسخياء إل حباً ولو كانوا فجاراء وللبخلاء إل بغضاً ولو كانوا أبراراً. وقال ابن المعتز: أبخل وحكي أن يحيى بن زكريا عليهما السلام لقي إبليس اللعين في صورته فقال: يا إبليس إلى الفاسق السخي. قال: لِم؟ قال: لأن البخيل قد كفاني /بخلهء والفاسق السخي أخاف أن [10۳] يطلع الله عليه في سخائه فيقبل» ثم ولى وهو يقول: لولا أنك يحيى ما أخبرتك. ويقال: ضيف البخيل آمن من التخمة. ومن كتاب العقد قال: قيل لمدينة: ما الجرح الذي لا يندمل؟ قالت: حاجة الكريم إلى اللئيم ثم يرده. قيل: فما الذل؟ قالت: وقوف الشريف إلى باب الدنيء ثم لا يؤذن له. قيل فما الشرف؟ قالت: اتخاذ المنن في رقاب الرجال. قال: وتقول العرب لمن لم يظفر بحاجته وجاء خائباً: جاء فلان على حاجبيه صوفة . ثلاث حكتهن لقوم قيس طلبت بها الأخحوة والثشاء فصل کان عليه السلام يدعو : «اللهم إني أعوذ بك من شح نفسي وإسرافها ووسواسها»۳ قال: وفرّق مفرقون بينهما فقالوا: الشح أشد من البخل؛ فالبخل أكثر ما يقال في النفقة () أطرافه عند: ابن المبارك في الزهد (۲0۷) الخرائطي ني مكارم الأخلاق (0۹)› الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (۷/ 0۳۹( . () راجع أغلب الأثار في إحياء علوم الدين (۹/۳٤۲: ٢٥۲). (۳) أورد القرطبي في تفسیر (۳۰/۱۸). ۹۲ قنطرة النفس وأسبابها» قال الله تعالى : «وَمَن يَعَل لما يحل عن تقيد4”٩. والشيح مبنيّ على الكراهة والامتناعء فهو يكون في المال وفي سائر البدن قال الله تعالى : «أَشِحَة عَلى الْعَيْر€”. الآية. قال تعالى: «وَمَن يوق شم تفه . الآية. وعن طاوس قال: الشح أن يبخل الرجل بما في أيدي الناس» والبخل أن يبخل بما في يده. وعن ابن عمر قال: الشح أشد من البخل» لأن الشحيح هو الذي يشح بما في يد غيره حتى يأخذه ويشح بما في يده فیمسکه› والبخيل هو الذي يبخل بما في يدهء ولذلك قال ابن المبارك : سخاء النفس بما في أيد الناس أفضل من سخاء النفس بالبذل . ]0 وقال رجل لابن مسعود: /إني أخاف أن أكون هلكت» سمعت الله يقول: ِوَمَن يوق شح فيه فأوليكَ هُم الْمْفْلِحُودَ» الأية . وأنا رجل ش شحیح لا يکاد يخرج من يدي شيء. قال : ليس ذلك بالشح الذي ذكره الله ولكن الشح أن تأكل لحم أخيك ظلماء ولكن ذلك البخل ولیس بالشح . قال ابن عباس : يتبع هواه. وعن النبي ي أنه قال : «بريىءَ من الشح من ادى الزكاة وأقرى الضيف؛ء وأعطى في النائبة»*. وقال ابن زيد: من لم يأخذ شبئاً نهاه الله عنهء ولم يدعه الشح إلى منع شيء أمره الله به فقد وقی شح نفسه. واعلم أن البخل يكون سوء الظن بالله تعالى أن يخلف ولا يثيبء وهذا يوهن التصديق وبين الخلق من ترك معاونتهم والنصح لهم . وروي أن کسری قال لأصحابه : أي شيء أضر بابن آدم؟ قالوا: الفقر. قال: الشح أضر فصل: في أخبار البخلاء ومن كتاب العقد قال: أجمع الناس على بخل أهل مرو ثم أهل خراسان. قال: وقال فإني رأیته يکل وحده فعلمت أن لؤمهم في الماء. قال: ورأيت بمرو طفل صغيراً وبيده بيضة (١) سورة محمد الآية: ۳۸. (۲) سورة الأحزاب الآية: 1۹. (۳) سورة التغابن الآية: ١1. (8) رواه الطبراني في المعجم الكبير (٤/٤٤۲). قنطرة النفس ۹۳ فقالت: أعطني هذه البيضة. فقال: ليس تسع يدك. فعلمت أن اللؤم والمنم فيهم طبع مركب . قال: واشتکی رجل مروزي صدره من سعال فدلوه على سويق اللوزء فاستثقل النفقةء فرأى الصبر على الوجع/ أخف عليه فبينما هو يماطل الأيام إِذ أتيح له بعض الموفقين فدله [10°] على ماء النخالة فقال : إنه يجلو الصدر. فأمر بالتخالة فطخت له« فشرب من مائها فجلئ, صدره»› فوجده يعصم › فلما حضر غداءه أمر به فرفع إلى العشاء. فقال لأم عياله: أطبخي لأهل بيتنا التخالةء فإني وجدت ماءها يعصم ويجلو الصدر. فقالت : قد جمع الله لك بهذه النخالة دواء› وغذاء فالحمد لله على هذه النعمة . وقال رجل مروزي دخلت على رجل من أهل خراسان بليل» فإذا هو بمسرجة فيها فتيل في غاية الرقةء وقد ألقي في دهن المسرجة شيء من ملح وقد علق عليها عود بخيط معقود إلى المسرجة فإذا عشى المصباح أشخص رأس الفتيلة بالعود. فقلت له: ما بال هذا العود مربوطا. قال: قد شرب الدهن» فإذا لم نحفظه وضاع احتجنا إلى غيره فلم نجده إلا عطشاناء فإذا كان هذا دائماً ضاع من دهننا في الشهر بقدر ضياء ليلة. قال: فبينما أنا أتعجب وأسأل الله العافية إِذ دخل عليه شيخ من أهل مرو فنظر إلى العود فقال: آيا فلان فررت من شيء فوقعت فيما هو شر منهء أما علمت أن الريح والشمس يأخذان من سائر الأشياء؟ أوليس بهذا العود البارحة عند انطفاء السراج إرواء؟ وهو عند إسراجك الليلة أعطش؟ قال: قد كنت جاهلاً مثلك حتى وفقنا الله لما هو أرشد» اربط عافاك الله مكان العود إبرة كبيرة أو مسلة صغيرة؛ فإن الحديد أبقى ومع ذلك غير نشاف والعود والقصبة ربما تتعلق به الشعرة من قطن الفتيلة فتنقص منهاء وريما كان ذلك سبباً لانطفائها. فقال الخراساني: آلا وإنك لا تعلم أنك من المسرفين حتى تسمع بأعمال الصالحين. قال: وكان ثمامة بن أشرس يقول: /إياكم وأعداء الخبز إن تأدموا بهاء واعلموا أن أعدى عدو له المملوك» فلولا أن الله أعان عليه بالماء لأهلك الحرث والنسل. وكان يقول: كلوا الباقلاء بقشره؛ فإن الباقلاء يقول: من أكلني بقشري فقد أكلنيء ومن أكلني بغير قشري فانا أكلته. قال: ومن البخلاء هشام بن عبد الملكء قال خالد بن صفوان: دخلت في هشام فحدثنه وأظرفته فقال: سل حاجتك. فقلت: تزيد في عطائي عشرة دنانير. فأطرق ملياً ثم قال: لِم؟ وفيم؟ ويم؟ العبادة أحدثتها آم البلاء حسن ایتليته ]٦1۰[ ۹ قنطرة النفس أمير المؤمنين؟ آلا يا ابن صفوان ولو كان أكره السؤال لم يحتمله بيت المال. فقلت: وفقك الله إذا الْمَالَ ل وجب عَلَيكَ عَطَاوُهُ صَنيعَة قَری أو صَدِيق تَوامقه مت وَبَتض الع حَرْم وَقوةٌ ولم يلك الْمَالَ إلا حقائقة فقيل لخالد: ما حملك على تزيين البخل؟ فقال: أحبيت أن يمنعم غيري فيکثر من فعدل إليه فأدخله الراهب بستاناً له فجعل يجتني له أطيب الفاكهة. فقال له هشام: يا راهب بعني بستانك هذا فسكت عنه ثم أعاد عليه الكلام فسكت فقال: ما لك لا تجيبني؟ فقال الراهب: وددت أن الناس ماتوا كلهم غيرك. قال: لماذا ويحك؟ قال: لعلك تشبع. فالتفت هشام إلى الأبرش الكلبي فقال: أسمعت ما يقول هذا؟ فقال: والله ما إن لقيك خُر مثله. قال : وحضر أعرابي صفرة هشام بن عبد الملك» فبينما هو يأكل معه إذ تعلقت شعرة في لقمة 1 الأعرابي فقال له هشام: عندك شعرة في لقمتك يا أعرابي. قال: وإنك تلاحظني / ملاحظة من يرى الشعرة في لقمتيء والله لا أكلت عندك أيداً فخرج وهو يقول: وللْمَوث عَيِرٌ من زيَارَةٍ بال بلاحط أطراف الأكيل عَلّى عَمْدٍ وقال آخر : وَل عَليِك اكالِي في المَدَاءِ إِذة لكنث أُولَ مَذْفُون من الْجُوع قول عَندَ دُعَاءِ الصيف مُّيئاً صَُوت دليل وداع غير مَسَموع ومن کتاب الغزالى ° قال : وکان بالبصرة رجل موسر بخیل فدعاه بعض جیرانه قرب إليه طياهجة بيض» فأكل منه وأكثر وجعل يشرب الماء» وانتفخ بطنه فتزل به الكرب والموت» وجعل يتلوّى فلما أجهده الأمر وصف حاله لطبيب فقال : فقال : لا بأس عليك تقياً ما أكلت. فقال: هاه أتقياً طياهجة بيض؛ أموت ولا أتقياً طياهجة بيض . وقيل: أقبل أعرابي يطلب رجلا وبين يديه تين فغطى بكسائه التين. فجلس الأعرابي فقال له الرجل: هل تحسن شياً من القرآن. قال: نعم وقرأ: «وَالرَيتُون" وَطُوْر () راجع إحياء علوم الدين (۳/ 0۰٥۳). (۲) جاء قبلها: (والتين). فحذفتها اعتماداً على السياق بعدها ثم أنه موافق لما في إحياء علوم الدين للغزالي )۱/۳٢٢۲( ۱ قنطرة النفس ٥۹ ينين . فقال: وأين التين؟ قال: تحت كسائك. قال: ویحکی أن محمد بن یحیی بن خالد بن برمك کان بخیلا قبیح البخل فسئل نسیب له کان يألفه عنه وقال له قائل: صف لي مائدته فقال: هي فتر في فتر»ء وصحافة منقورة من حب الخشخاش. قال: فمن يحضرها؟ قال: الكرام الكاتبون. قال: أفما يأكل معه أحد؟ قال: بلى الذباب. وقال: سوأتك بدت ونت" خاصَ به وثوبك مخرق فقال: أي والله ما أقدر على إبرة أخيط بهاء ولو ملك محمد بيت" من بغداد إلى الكوفة مملوءاً إبراء ثم جاء جبريل وميكائيل ومعهما يعقوب النبي عليه السلام يضمنون من إيرة وسألوه: أعرناها لتخيط” بها قميص يوسف ابنه الذي قد / من دبر [۸١1] ما فعل. وفي كتاب العقد قال: أخذ المعنىء محمد بن مسلمة يهجو به ابن الأغلب فقال : لَو أن فصر يا ابن أَقَلبَ مُمتَل إبراً على سَعَة الفضّا وَالْسْرِِ وتاك يُرسف يَنيرينرة يهالقد نيولت م شل وقال آخر : ساك الى من جنا عسل وعدا وكَفّكَ امروف أَضيَيٌ من شل َمّى الذي يأك حى إذا اى إلى أَمَد تاوَة طرف الحل ومن كتاب العقد قال بعضهم: دخلت على يحيى بن خالد بن عبد الله بن أمية وقوم يأكلون معهء فمدٌ يده إلى رغيف من الخوان» فرفعه وجعل يرطله بيده ويقول: يزعمون أن خبزي صغير فمن هذا الزاني ابن الزانية الذي يأكل من هذا نصف رغيف. قال: ودخلت عليه مرة أخرى والمائدة موضوعة والناس قد أكلواء فمددت يدي لاكل. فقال: اجهز على الجرحى ولا تتعرض للأصحاء. يقول: عَرّض للدجاجة التي نيل منهاء والفرخ المتزوع الفخذ وأما الصحيح فلا تتعرض له. قال: وشوي لأبي جعفر الهاشمي دجاج› ففقد فخذاً من دجاجةء فأمر فنودي في عقر داره: من هذا الذي فعقر» والله لا يخبز في هذا التنور شهراً أو يرد. فقال ابنه الأكبر: لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا. قال دعبل: كنا يوماً عند سهل بن هارون فأطلنا )۱( أول سورة التين . () في الأصل: «سوءة له أنت». والتصويب من إحياء علوم الدين (۳/٠6). () في الأصل: «بيقا». والتصويب من المصدر السابق. (8) في الأصل: «عنه». والتصويب من المصدر السابق. () في الإحياء الموضع السابق: إعارتهم إياها ليخيط. ۹ قنطرة النفس الحديث حتى ضرّبه الجوع › في بغدائ فإذا بصحفة قديمة فيها مرق ديك قد هرم لا يجز فيه سكين ولا يؤثر فيه ضرس» فأخذ قطعة خبز فقلب بها ما في الصحفة ففقد الرأس. فبقي مطرقاً ساعة ثم رفع رأسه إلى الغلام فقال : آین الرآس؟ قال: رمیت به. قال: ولم؟ قال : ظننت أنك [ لا تأكله. قال: / ولآي شيء ظننت ذلكء واله إِني لأمقت من يرمي برجله فضلاً عن رآسهء والرأس زين وفيه الحواس ومنه يصيح الديك ودماغه عجب› وفيه عينه التي يضرب بها المثل فيقال: شراب مثل عين الديك» ودماغه ينفع لوجع الكليةء ولم ير عظم قط أهش من عظم رأسه» فإن كان بلغ من جهلك ألا تكله فإن عندنا من يأكله انظر اين هو؟ قال: والله لا دري أين رمیت به. قال: والله أدري رميت به في بطنك . وفي كتاب الغزالي قال: ويقال كان مروان ابن أبي حفصة لا يأكل اللحم بخلاً حتى يقرم فيرسل غلامه» فيشتري له رأساً فيأكله. فقيل له: نراك لا تأكل إلا الرأس في الصيف والشتاء؟ قال: نعم الرأس أعرف بسعره فآمن من خيانة الغلام› ولا يستطيع أن يغشني فيهء وليس بلحم يطبخه الغلام فيقدر أن يأكل منهء وأما الرأس إن مس أذناً أو عيناً أو خداً وقفت على ذلكء وآكل منه ألواناً أكل عينه لوناً وأذنه لوناً وغلصمته لوناً ودماغه لونء وأكفى مؤنة طبخه فقد اجتمعت لي فيه موافق. قال: وخرج يوماً يريد المهدي الخليفة فقالت له امرأة من أهله: مالي عليك إن رجعت بالجائزة قال: إن أعطيت مائه ألف أعطيتك درهماء فأعطى ستين ألفاً فأعطاها أربعة دوانق. قال: واشترى لحماً بدرهم فدعاء صديق له رد اللحم إلى القصاب بنقصان دانق . وقال: أکره الأسراف. وفي كتاب العقد قال: وقد وقع درهم بيد سلیمان بن مزاحم فجعل يقلبه ويقول في شق: لا إِله إلا الله وفي شق آخر: قل هو الله أحدء ما ينبغي لهذا أن يکون إلا أن يکون إلا تعويذاً أو رقية ورمى به في الصندوق. ' ]1[ ومن البخلاء: / أبو الأسود الدؤلي قال: ودخل أعرابي وهو فی فسطاط له وبين يدب طبق رطب فقال : السلام عليكم. فقال أبو الأسود: كلمة مقولة. قال الأعرابى : أدخل. قال : وراءك أوسع لك. قال: إن الرمضاء أحرقت قدميّ. قال: ل عليهما تبردان. قال: آتأذن لي فكل معك. قال: سيأتيك ما قذّر لك. قال: بالله ما رأيت رجلا ألأم منك. قال: قد رايت إل أنك نسيت. ثم أقبل أبو الأسود يأكل حتى لم يبق في الطبق إلا تميرات نبذها إلى الأعرابي فجعل يمسحها بكسائه. فقال له آبو الأسود: يا هذا إن الذي تمسحها به أقذر من الذي تمسحها مته. قال: أكره أن أدعها للشيطان . قال: والله ولا لجبريل وميكائيل ما كنت لتدعها. الهیثم بن عدي قال: نزل على أبي حفصة والد مروان بن أبي حفصة الشاعر رجل باليمامة فأخلى له قنطرة النفس ۹۷ المنزل ثم هرب مخافة أن يلزمه قراه:تلك الليلةء فخرج الضيف فاشترى ما يحتاج إليه ثم رجع وکتب إليه : يا لقالاع ين ب 4 قال آخر في هذا المعنى : ر تراهم خحشية الصاف ى رسا وقال آخر هذا المعنى : قوم إذا لوا افوا كلهم قو إِذا نح م الأضاف كلبَهُم إن حَذًا الى يصون رَغيفاً وم . وس ,9ء ك هو في صفرتيْنِ من ادم الطظلا / في راب في جوف تابوت مُوسَی وَفاربأآين شد الْحوف م و ص م فأزجغ تكن ضيفا على الصيف يُقِيْمُودَ الصّلاة بلا أذانِ ما لبوقاظري ئن سيل يف يي سين يي ينيل وأخبار البخلاء والأشعار المقولة فيهم كثيرة تركتها مخافة التطويل بلا فائدة التحصيل . احتجاج البخلاء في بخلهم: ومن كتاب العقد الأصمعي» قال أبو الأسود الدؤلي: لو أطعنا المساكين في أموالنا لكنا أسوء حالاً منهم. وقال لبنيه: لا تطيعوا المساكين في أموالكم؛ فإنهم لا يقنعون منكم حتى يروكم في مثل حالهم. وقال: لا تحادوا الله عز وجل ولو شاء أن يغني الناس كلهم لفعل؛ء ولكنه علم أن قوماً لا يصلح لهم إلا الفقرء وقوم لا يصلح لهم إلا الغنى. وقال رجل من تغلب: أتیت رجلا من کندة أسأله. فقال: يا آخا بني تغلب إني لم أسألك حتى أحرم من أقرب منك إِليَّء إني والله لو مكنت الناس من داري لنقضوها طوبة طوبق والله يا أخا بني تغلب ما بقي من يدي من مالي وأهلي وعرضي إلا ما منعته من الناس» وقال لقمان لابنه: يا بني أوصيك بائئين لن تزال بخیر ما تمسکت بهما: درهمك قناطر الخيرات/ ج ۷/۳ ]۱١۱۱[ ۹۸ قنطرة النفس لمعاشك ودينك لمعادك”. وقال أبو الأسود الدؤلي إمساكك ما في يدك خير من طلبك ما في يد غيرك وأنشد في هذا المعنى: ونظيره قول الملتمس : رفظ الال يرين لقا وَضَربٌ في لبلا يعر رَاد إضلاع القيل يَرنْد فو ولا يْقَى الْكيرمَع الْمَسَاد وقيل لخالد بن صفوان: مالك لا تنفق فإن مالك عريض؟ فقال: الدهر أعرض منه. 7 قيل: كأنك تأمل أن تعيش الدهر كله. قال: لا/ ولكني أخاف أن لا أموت في أوله. وقال الجاحظ: قلت للحيراني: أترضى أن يقال لك بخيل؟ قال: لا أعدمني الله هذا الاسم؛ لأنه لا يقال لي بخيل إلا وأنا ذو مال فسلّم لي المال وسَمّني باي اسم شئت. قلت: ولا يقال لك سي إلا وأنت ذو مالء فقد جمع الله لهذا الاسم المال والحمدء وجمع لذلك الاسم المال والذم. قال: بينهما فرق عجيب إن في قولهم بخيل سبباً لمكث المال في ملكي وفي قولهم سخي سبب لخروجه من ملکي» واسم البخل فيه حزم واسم السخاء فيه تضييع والمال نافع ومكرم لأهله› والحمد ريح سخرية لأهلهء وما أفل غني الحمد عنه إذا جاع بطنه وعری جسده وجاع عیاله وشمت عدوه. وقال محمد بن الجهم: من شأن من استغنى عنك أل يقيم معك؛ ومن احتاج إِليك أن لا يزول ومن حبك لصديقك وظنك بمودته ألا تبذل له ما يغنيه عنك؛ وأن تتلطف له فيما يحوجه إليك. وقد قيل في مثل هذا: اجع كلبك يتبعكء وسمنه يأكلك. فمن أغنى صديقه فقد أعانه على الغدرء وقطع أسبايه من الشكر؛ والمعين على الغدر شريك الغادرء كما أن مزين الفجور (١) أرى أن هذا القول وإن كان ظاهر مقبول إلا أنه يجب أن لا يوضع في موضع البخل والشح هذا إن لم يكن غير صحيح وأريد به الطعن من طرف خفي في لقمان عليه السلام فإن لقمان وصقه الله تعالى بالحكمة فلو صح هذا القول إليه وليس مقصوده ما ذهب إليه من وضعه في هذا الباب بل هو التوسط في الانفاق بين الإسراف والتقتير وليست الصدقة من الإسراف بل هي مما ينمي المال ومن أعلم الناس بذلك من آتاه الله الحكمة وأظن أن المؤلف رحمه الله تعالى لم يتتبه إلى ذلك وكان عليه أن يذكره في ياب الاقتصاد مثلاء هذا والله أعلم. قنطرة النفس ۹۹ وقال يزيد بن عمرو الأسدي لبنيه: يا بَنيَ تعلموا الرّد فإنه أشد من العطاءء فلان تعلم بنو تميم أن عند أحدكم مائة آلف أعظم في أعينهم ممن لو قسمها عليهمء ولان يقال لأحدكم بخيل وهو غني خير من أن يقال له سحي وهو فقير. وقال رجل لثمامة بن أشرس: إن لي إليك حاجة قال: وأنا لي إليك حاجة. قال: وما حاجتك إِليّ؟ قال: لا أذكرها حتى تضمن قضاءها. قال: قد فعلت. قال : حاجتي إليك أن لا تسألني حاجة. قال: فانصرف الرجل. وقال حصين / بن المنذر: وددت [1۱۳] لو أن لي مثل أحد ذهباً لا أنتفع منه بشيء. قیل: فما كنت تصنع به؟ قال : لكثرة من يخدمني عليه ؟ لأن المال مخدوم . وقال بعض الحكماء : عليك بطلب الفنى فلو لم يكن فيه إلا أنه عز في قلبك وذل في قلب عدوك لكان الحظ فيه جسيماً والتفع فيه عظيماً. ومن الأشعار التي يتمثل بها البخلاء : ‎E ee ege 7 < . . 2‏ وَزْهَدنِي في كل خير صنغته إلى الناس ما جَرَبْتَ من قلةٍ الشكر وقال آخر : ‏وقول ابن هرمة: ‏قَذ يرك الشّرّف الى وداه علق وَجَيب قمصه مَزقوغُ ‏وقال سهل بن هارون: لو قسمت بين الناس مائة ألف لكان أكثر للائمي. وقوله قول ابن الجهم : منع الجميع إرضاء الجميع . ولسهل في كتاب العقد رسالة مشهورة يحتج فيها للبخل عليه الفضل والخلف والثواب والمغفرة› ونھی عن البخل وذمه› ووعد عليه العقاب وأمر بمجاهدة الهوى في إنفاق المال الذي هو محبوب النفس أعظم المجاهدة لهاء ونهى تعالى عن موافقة الهوىء وفي إمساك المال أعظم شهوات النفس . ‏وأيضاً أن السخى محبّب إلى القلوب وقد اتفقت الألسن على مدحه؛ء والبخيل مبغضر إلى القلوب وقد اتفقت الألسنة على ذمه والله تعالى يوصف بالجنود والكرم ولا يوصف بالشح ‏والبخل» والبخيل يسىء بالله والسخى بخلافه› والله المستعان” ° . ‏() راجع بعض حكايات وأخبار البخلاء في إحياء علوم الدين منها ما هو هنا ومنها ما ليس مذكور في هذا = ‎ ‎ 1 قنطرة النفس فصل اعلم أن البخل ذريعة إلى كل مذمة وقد يحدث في الإنسان بسببه / أربعة أخلاق وناهيك بها ذماً وهي؛ الحرص» والشرةء وسوء الظن؛ ومنع الحقوق. فأما الحرص: فهو شدة الكدح والإسراف في الطلب . وأما الشره: فهو استقلال الكفاية والاستكثار لغير حاجةء فهذا فرق بين الحرص والشره من لا يجديه من العيش ما يكفيه لم يجد ما عاش ما يغنيه. وقال بعض الحكماء: الشره من عزائم اللوم . وأما سوء الظن: فهو عدم الثقة بمن هو لها أهل. فإن كانت بالخالق كانت شكا يؤل إلى الضلالء وإن كانت بالمخلوق كانت استخانة يصير بها مختاناً وخوانء لأن ظن الإنسان بغيره بحسب ما يراه من نفسه» فإن وجد فيها خيراً ظنه بغيره» وإن رأی منها سوءاً اعتقده في الناس . وقد قيل في المثل: كل إناء ينضح بما فيه. فإن قيل: قد تقدم من قول الحكماء: أن من الحزم سوء الظن. قيل: تأويله قلة الاسترسال إليهم لا اعتقاد السوء فيهم . وآما منع الحقوق: فإن نفس البخيل لا تسمح بفراق محبوبهاء فَإذا مال البخيل إلى هذه الأخلاق المذمومة لم يبق معه خير موجود لإصلاح مأمول» والله أعلم. فصل: في علاج البخل اعلم أن البخل سببه حب المالء ولحب المال سببان : أحدهما: حب الشهوة التي لا وصول إليها إلا بالمال مع طول الأملء وإن كان قصير الآمل ولكن له أولاد قاموا في قلبه مقام طول الأمل› وقد جاء في الحديث: «الولد مبخلة مجبنة مجهلة». فإذا اتضاف إلى ذلك خوف الفقر وقلة الثقة بضمان الرب تعالى قوي البخل لا محالة. السبب الثاني: أن يحب عين المالء فمن الناس من معه ما يكفيه طول عمره إذا اقتصر على ما جرت به العادة في النفقة ويفضل ألفاً وهو شحيح› وربما يکون شیخاً کبيراً ولا ولد = الكتاب (۳/ ٢٢۲ : ٢٢۲). () قال العراقي في المغني (۳/ 5٥60): زاد في رواية: «محزنةاء رواه ابن ماجة من حديث یعلی بن مرة دون قوله: «محزنةا» رواه بهذه الزيادة بو يعلى والبزار من حدیث أي سعید؛ والحاكم من حدیث الأسود بن خلف وإسناده صحيح. قنطرة النفس ١٠۱ / له ومعه أموال كثيرة ولا تسمح نفسّه بإخراج الزكاة ولا بمداواة نفسه عند المرض بل صار [١٠1] يأخذها أعداؤه›؛ ومع هذا لا تسمح نفسه ان يکل آو يتصدق» وهذا مرض في القلب عظيم عسير العلاج ولا سيّما في كبر النفس فهو مرض مزمن لا يرجى علاجه؛ لأن المقصود بالمال قضاء الحاجة. والفاضل عن قضاء حاجة اللإنسان بمثابة الحجر فمحب الدنانير بلا قضاء حاجة كمحب الحجر وذلك غاية الضلال› فهذه أسباب حب المال . وإنما علاج كل علة بما يضاددهاء فعلاج حب الشهوة بالقناعة بالیسیر والصبر ويعالح طول الأمل بكثرة ذكر الموت» وبموت الأقران» ويعالج إلتفات القلب إلى الولد بأن الذي خلقه المال لولده ليتركه بخير وينقلب هو إلى شر فإن كان ولده تقياً صارت له المنفعةء وإن كان فاسقاً استعان بماله على المعصية ويكثر التأمل أيضاً في أحول البخلاء ونفرة الطبع عنهم. ويعالج أيضاً قلبه بأن يتفكر في مقصود المالء ولماذا خلق من أجله فلا يحفظ منه إلا بقدر حاجته والباقي يدخره لنفسه ثواباً ليوم فقره» ويتفكر في شؤم البخل به وفي قوله تعالى : ‎e E‏ لاو ر روو و ا ب ورو ‏وَمنهم مَن عَامَدَ الله لن أتاتا من فضْله . إلى قوله: بَخلوًا به وتولوا وَهُمْ مُعرضون فاعَقبهُم ناقا 4 . الآية. وبلغنا أن هذه الآية نزلت فى ثعلبة بن خاطب”" . ‎ ‏قصة ثعلبة بن خاطب: وذلك أنه روي عن أبي أمامة الباهلي أن ثعلبة قال: يا رسول الله أدع الله أن يرزقني /مالاً. قال: «يا ثعلبة قليل تؤدي شکره خير من کثیر لا تطيقه». فال عليه [١١۱] مرتين. فقال: «يا ثعلبة» أمالك في أسوة؟ آما ترضى أن تكون مثل نبي الله؟ آما والذي نفسي بيده لو شئت أن تسير معي الجبال ذهباً وفضة لسارت». قال: والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله أن يرزقني مال لأعطين كل ذي حق حقه ولأفعلن ولأفعلن. فقال عليه السلام: «اللّهم ارزق ثعلبة مالأ». فاتخذ غنماً فنمت كما ينمو الدودء فضاقت عليه المدينة فتتحى عنها فنزل وادياً من أوديتها حتى جعل يصلي الظهر والعصر مع الجماعة ويدع ما سواهما فنمت وکثرت حتى ترك الصلاة في الجماعة إل الجمعةء فطفقت تنمو كما ينمو الدود حتى ترك الجمعةء وطفق يلقى الركبان في يوم الجمعة فيسألهم عن الأخبارء فقال يَلأٍ: «ما فعل ثعلبة بن () سورة التوبة الآيات: ٢۷٠٠۷ ۷۷. ‎O O .‏ () في الأصل: تغلبة بن خاطب. وهو تحريف» وهو أنصاري بدري قتل بأحد وما يدور حول قصته هذه محض کذب وافتراء. ‎ ‎ ٢۰ قنطرة النفس حاطب؟» فقيل : يا رسول الله يَلٍ اتخذ غنماً فضاقت عليه المدينةء وأخبر بأمره كله. فقال: «يا ويح ثعلبة» ثلاثاً. قال: وأنزل الله تعالى: «حُذ من أموَالهِمْ صَدَفَة€ الآية. فبعث رسول اله يلو رجلا من جهينة ورجلا من بني سليم وكتب لهما كتاباً بأخذ الصدقةء وأمرهما أن يخرجا ويأخذا الصدقة من المسلمين› وقال: «مُرًا بثعلية بن حاطب ويفلان من بني سليم وخذا صدقتهما». فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاء الصدقة وأقرأه كتاب النبي عليه السلام فقال: ما هذه إلا أحت الجزية انطلقا حتى تفرغا ثم تعودان إِليَ. فانطلقا نحو السلميء فسمع بهما فقام إلى خير أسنان إبله فعزلهما للصدقة. ثم استقبلهما بها فلما رأياها قالاً: لا يجب عليك هذاء أو ما نريد نأخذ هذا منك. قال: بل خذاها ونفسي بها طيبة فإنما هيأتها لتأخذاها فلما فرغا من [1 صدقاتهما حتى مَرا بثعلبة فسألاه الصدقة. فقال: أروني /كتابكما فنظر فيه فقال: ما هذه إلا أخحت الجزية انطلقا حتى أرى رأيي. فانطلقا حتى لقيا البي يي فلما رأهما قال: «يا ويح ثعلية». قبل أن يعلما› ودعا للسلمي فأخبراء بالذي صنع ثعلبة وبالذي صنع السلمي فأنزل الله تعالى في ثعلبة. «وَنْهُم مَن عَامَدَ الله لن أَانَا من فَضْلِه دفن وََتَكُونَن من الْصَالِحين». الآية. وعند رسول ا 6و رجل من أقارب ثملبة سي ما زل فیه. فخرج حتى أتى ثعلبة فقال: لا آم لك يا ثعلبة قد أنزل الله فيك. . فخرج حتى أتى النبي عليه السلام فسأله أن يقبل منه صدقته فقال : «إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك» فجعل يحثي التراب على رأسه فقال عليه السلام: «هذا عملك أمرتك فلم تطعني». فلما أبى» أن يقبل منه رجع إلى مزل فلما يض رسول الله جاء بها إلى أي بكر رضي الله عنه ذأبى أن يقبلها مته وجاء بها إلى عمر رضي الله عنه فأبى أن يقبلها منهء فتوفي ثعلبة بعد خلافة عثمان”» فهذا طغيان المال وشؤمه ۱ ۱ فصل وحكي أن ذا القرنين أتى على أمة من الأمم ليس في أيديهم شيء مما ينتفع به من دنياهم» قد احتفروا قبوراء فإذا أصبحوا تعهدوا تلك القبور وكنسوها وصلوا عندهاء ورعوا البقل كما ترعى البهائم› وقد قيض الله لهم في ذلك معايش من نبات الأرض فأرسل ذو القرنين إلى ملكهم فقيل له: أجب الملك ذا القرنين. فقال: ما لي إليه حاجة. فأقبل إليه ذو القرنينء () سورة التوبة الآية: ١١٠. (۲) سورة التوبة الآية: ٥۷. (۳) قال العراقي في المغني (۳/٦۲6): رواه الطبراني بسند ضعيف. قنطرة النفس ۱۰۳ فقال له: أرسلت إليك لتأتيني فأبيت حتى جئت أنا. فقال: لو كانت [لي]! إليك حاجة لأتيتك. فقال ذو القرنين: ما لي أراكم على الحال التي لم أر أحداً من الأمم عليها؟ قالوا: وما ذلك؟ قال: ليس لكم دنيا ولا شيء أفلا اتخذتم من الذهب والفضة / فاستمتعتم بهما؟ [1۱۸] قالوا: إنما كرهناها لأن لحد لم يعط منها شيا إل تقت تسه ودعته إلى ما هو أفضل منه. فقال: ما لكم احتفرتم قبوراً فإذا أصبحتم تعهدتموها وكنستموها وصليتم عندها؟ قالوا: أردنا إذا نظرنا إليها وأمِلًا منعتنا قبورنا من الأمل. قال: وأراكم لا طعا لكم إلا البقل من الأرض أفلا اتخذتم البهائم من الأنعامء فاحتليتموها وركبتموها فاستمتعتم بها. قالوا: كرهنا أن نجعل بطوننا قبوراً لهاء ورآينا في نبات الأرض بلاغ وإنما يکفي ابن آدم أدنى العيش من الطعام؛ فإن ما جاوز الحنك لم يجد له طعما كائنا ما كان من الطعام» ثم بسط يده ملك تلك الأرض خلف ذي القرنين فتناول جمجمة. فقال: يا ذا القرنين أتدري من هذا؟ قال: لا أدري. قال: هو ملك من ملوك الأرض» أعطاه الله سلطاناً على أهل الأرض؛ء فغشم وظلم؛ فلما رأى الله ذلك منه حسمه بالموت» فصار كالحجر الملقىء قد أحصى الله عليه عمله حتى يجازیه به في آخرته. ثم تناول جمجمة ثانية وقال: يا ذا القرنين أتدري من هذا؟ قال: لاء ومن هو؟ قال: هذا ملك ملکه الله بعد قد كان يرى ما يصنع الذي قبله بالناس من الظلم› والغشم فتواضع؛› وخشع لل وأمر بالعدل في اهل مملکته فصار کما تری قد أحصى الله عليه عمله حتى يجازيه في آخرته. ثم أهوى إلى جمجمة ذي القرنينء فقال: وهذه الجمجمة كأن قد كانت كهذه فانظر يا ذا القرنين عا كنت في صحبتي فاتخذك اجا ووزیراً شریکا فیما أتاني الله من هذا المال. قال: ما أصلح أنا وأنت في مكان ولا أن نكون جمبعاً. قال: ذو القرنين: ولِم؟ قال: من أجل أن الناس كلهم لك عدو ولي صديق. /قال: ولِم؟ قال: يعادونك لما في يدك من الملك والمال والدنياء ولا أجد أحداً يعاديني [11۹] لرفضي لذلك ولما عندي من الحاجة وقلة الشيء. قال: فانصرف عنه ذو القرنين متعجباً منه ومتعظا به والله أعلم. فهذه المعاني والحكايات أدوية لعلاج البخل من جهة العلم والمعرفة مع ما سنورده إن شاء الله من الأخبار والحكايات في مدح السخاء وفضلهء فإذا تأمل الإنسان ذلك بنور البصيرة عرف أن إعطاء المال خير له من إمساكه فى الدنيا والاخرةء فَإذا تحقق ما ذكرنا هاجت رغبته (۱) ما بين المعقوفين من إحياء علوم الدين (۳/ ۲۱۷). )۲( راجع قصة ذي القرنين مع الملك في الإحياء وكثير مما في الباب (۷/۳٦۲: ۲۸)٠ ٤1۰ قنطرة النفس في البذل إن کان عاقلا فإذا تحرکت الداعية فينبغي أن يجيب الخاطر الأول ولا يتوقف لان الشيطان يعده الفقر ويخوفه ليصده عن الصدقة . ويقال: كان بعض مشايخ السلف في موضع الخلاء فدعا تلميذاً له فقال: انزع القميص عني وادفعه إلى فلان. فقال: هلآ صبرت حتی تخرج. قال: لم آمن على نفسي أن تتغیر وکان قد خطر لى بذله. ولا تزول صفة البخل إلا بالبذل تكلفاً كما لا يزول العشق إلا بالسفر عن مستقر المعشوق ثم يتكلف أمر الصبر فيسلو عنه قلبه . فكذلك الذي يريد أن يعالج البخل ينبغي أن يفارق المال تكلفاً مع الجهد مرة بعد أخرى حتى يميت من نفسه صفة البخل فيصير السخاء له طبعاً ويسقط عنه التعب فيه . وعن وهب قال: ما تخلق عبد بخلق أربعين صباحاً إل جعل الله ذلك طبيعة فيه؛ ومن عرف آفة المال لم يأخذ منه إلا قدر الحاجةء ومن قنع بقدر الحاجة فلا ييخل؛ لأن ما أمسكه لحاجته فليس إمساكه ذلك بخلاً منهء وما لا يحتاج إليه فلا يتعب نفسه بحفظه بل يبذله وإنما [ هو كالماء على شاطىء النهر لا يبخل به أحد لقناعة / الناس منه بقدر الحاجة . فهذه أدوية من جهة العمل في علاج البخل أيضاً؛ لأن من لم يسلك هذا السبيل حتى يتجافى قلبه عن متاع الدنيا نيس بها وأحبهاء فإن كان له مثلا ألفَ متاع كان له ألف محبوب» ولذلك إذا سرق له واحد منها ألمت به مصيبته بقدر حبه له فإذا مات نزلت به ألف مصيبة دفعة واحدة؛ لأنه كان يحب الكل وقد سلب عنه» بل هو في حياته على خطر المصيبة بالفقد والهلاك . وقد روي أنه حمل إلى بعض الملوك قدح من فيروزج مرصع بالجراهر لم ير له نظير ففرح الملك به فرحا شديداً. فقال لبعض الحكماء عنده: كيف ترى هذا؟ قال: أراه فقراً أو مصيبة. قال: وکیف؟ قال: إن انكسر كان مصيبة لا جبر لها وإِن سرق صرت فقيراً ليه ولم تجد مثله وقد كنت قبل أن يحمل إليك في أمن من المصيبة والفقر. ثم اتفق أن كسر يوماً فعظمت مصيبة الملك فيه فقال: صدق الحكيم ليته لم يحمل إلينا. وهكذا شأن جميع أسباب الدنياء فإن الدينا عدوة لأعداء الله إذ تسوقهم إلى التارء وعدوة لأولياء الله إذ تغمهم بالصبر عنهاء وعدوة لله؟؛ إذ تقطع طريقه على عباده» وعدوة تفسها؛ فإنها تأكل نفسهاء فإن المال لا يحفظ إلا بالخزائن والحراس ولا يمكن تحصيلهما ل بالمال وهو بذل الدنانير والدراهم؛ فالمال يأكل غيره ثم نفسه حتى يفنى كالنار تأكل غيرها فإذا أعدمته أكلت نفسها فماتت وها نحن نذكر بفضيلة السخاء. قنطرة النفس ۰0 فصل: في فضل السخاء اعلم أن المال إن كان مفقوداً فينبغي أن يكون حال: العبد القناعة وقلة الحرص» وإن کان موجوداً فينبغي أن يكون حاله الإيثار والسخاء / واصطناع المعروف والتباعد من الشح [۱1۲۱] والبخل فإن السخاء من أخلاق الأنبياءء وهو أصل من أصول النجاةقة وعته عَبّر عليه السلام حيث قال: «السخاء شجرة في الجنة أغصانها متدلية إلى الأرض فمن أخذ منها غصناً قاده ذلك الفصن إلى الجنةه . وعن جابر عنه أنه قال عن جبريل عن ربه عز وجل: «إِن هذا دين ارتضيته لنفسي» ولن يصلحه إل السخاء› وحسن الخلق› فأکرموه بهما ما | ستطعتم. وفى رواية: «ما صح ‎e‏ ‏وعن عائشة عنه عليه السلام أنه قال: «ما جَبَلَ الله ولياً له إلا على السخاء وحسن الخاق وعنه أيضاً أنه قال: «خلقان يحبهما ال وخلقان يبغضهما الله فأما اللذان يحبهما الله : فالسخاى وحسن الخلق› وأما اللذان يبغضهما: فالبخل؛ وسوء الخلق» فإذا أراد الله بعبده خيراً استعمله على حوائج الناس»". وعنه عليه السلام أنه قال: «تجافوا عن ذنب السخي فإن الله أخذ بيده كلما عثر»°٩ . وعن ابن مسعود رحمه الله عنه يل أنه قال: «الرزق إلى مطعم الطعام أسرع من السكين )۱( رواه ابن حبان في الضعفاء من حديث عائشةء وابن عدي والدارقطني في المستجاد من حديث أبي هريرةء وأآبو نعيم من حديث جابر وكلاهما ضعيف» ورواه ابن الجوزي في الموضوعات من حدیٹهم؛ ومن حديث الحسين› وآبي سعيدء قاله العراقي في المغتي (۲۳۸/۳). )۲( رواه الدارقطني في المستجاد. قاله العراقي في المصدر السابق. (۳) رواه الدارقطني في المستجاد دون قوله وحسن الخلق بسند ضعيف» ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات» وذكره بهذه الزيادة ابن عدي من رواية بقية عن يوسف بن أبي السفر عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة ويوسف ضعيف جداً. المصدر السابق. () رواه أبو منصور الديلمي دون قوله في آخره: وإذا أراد الله بعبد خير وقال فيه: الشجاعة بدل حسن الخلقء وفيه: محمد بن يونس الكديمي کذيه أبو داود» وموسی بن هارون وغيرهما ووثقه الخطيب ٠ وروی الأصفهاني جم الحديث موقوفاً على عبد الله بن عمروء وروی الديلمي أيضاً من حدیث آنس: ذا راد الله بعيده خيراً صير حوائج الناس إليهء وفيه يحیی بن شبيب ضعفه ابن حبان. قاله العراقي في المغني (۳/ ۲۳۸). )0( رواء الطبراني في الأوسطء والخرائطي في مكارم الأخلاقء وقال الخرائطي أقيلوا السخي زلتهء وفيه ليث بن آبي سليم مختلف فيه ورواه الطيراني فيهء وآبو نعيم من حديث ابن مسعود نحوه بإسناد ضعيف» وروا ابن الجوزي في الموضوعات من طريق الدارقطني. قاله العراقي في المغني (۳/ ۲3۹). 1۹ قتطرة النفس إلى ذروة البعير» وإن الله ليباهي بمطعم الطعام الملائكة» وعن أنس أن رسول الله ي لم يسأل على الإسلام شيثاً إلا أعطاه فأتاه رجل فسألهء فأمر له بشاء كثيرة من شاء الصدقة فرجع إلى قومه فقال : يا قوم آسلموا؛ فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة»". وعن ابن عمر عنه أيضاً قال: «إن لله عباداً يخصهم بالتعم لمنافع العباد فمن بخل وأمسك عن العباد نقلها الله إلى غيره». وعن الهلالي أنه قال: أوتي رسول الله يل بأسارى من بني العنبس*" فأمر بقتلهم وأفرد متهم رجلا . فقال عَلِىّ: يا رسول الله الرب واحد والدين واحد والذنب واحد فما بال هذا من بينهم . فقال عليه السلام: «نزل جبريل عليه السلام فقال: اقتل هؤلاء واترك هذا فإن الله شکر [٢] له / سخا فيه ° وعن أبي سعيد الخدري عنه عليه السلام أنه قال: «يقول الله عز وجل اطلبوا الفضل من الرحماء من عبادي تعيشوا في أكنافهم فإني جعلت فيهم رحمتي» ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم فإني جعلت فيهم سخطي»”". وعنه أيضاً أنه قال: من عظمت نعمة الله عنده عظمت مؤنة الناس عليه فمن لم يحتمل تلك المؤنة عرض تلك النعمة للزوال» . )۱( لم أجده من حدیث ابن مسعود؛ ورواه ابن ماجة من حدیث نس ومن حديث ابن عباس بلفظ : الخير أسرع إلى البيت الذي يغشىء وفي حديث ابن عباس الذي يؤكل فيه من الشفرة إلى سنام البعيرء ولابي الشيخ في كتاب الثواب من حديث جابر: الرزق إلى أهل البيت الذي فيه السخاء. . الحديث»ء وكلها ضعيفة - المصدر السابق. (۲) رواه مسلم؛ قال العراقي في المصدر السابق. (۳) رواه الطبراني في الكبيرء والأوسط› وآبو نعيم وفيه محمد بن حسان السمتي وفيه لين ووثقه ابن معينء يرويه عن أبي عثمان عبد الله بن زيد الحمصي ضعفه الأزدي المصدر السابق. (8) في الإحياء: «من بني العنبر'. (٥) لم أجد له أصلاً. العراقي في المغني (۲۳۹/۳). (١) رواه ابن حبان في الضعفاء والمتروكين والخرائطي في مكارم الأخلاقء والطبراني في الأوسط وفيه محمد بن مروان السدي الصغير ضعيف ورواء العقيلي في الضعفاء فجعله عبد الرحمُن السدي» وقال إنه مجهول» وتابع محمد بن مروان السدي عليه عبد الملك بن الخطاب وقد غمزه ابن القطان وتابعه عليه عبد الغفار بن الحسن بن دينار قال فيه أبو حاتم لا بأس بحديثه وتكلم فيه الجوزجانيء والأزدي» ورواه الحاكم من حديث علي وقال: إنه صحيح الإسنادء وليس كما قال: قاله العراقي في المغني (۳/ ۳۹:۲۳۸( . (۷) رواء ابن عدي: وابن حبان في الضعفاء من حديث معاذ بلفظ: ما عظمت نعمة الله على عبد إلا ذكره» وفيه: لحمد بن مهران» قال أبو حاتم مجهول والحديث باطل» ورواء الخرائطي في مكارم الأخلاق من = قنطرة النفس 1۰۷ ويروى أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام لا تقتل السامري فإنه سخيّ. وعن جابر قال: بعث رسول الله يلأ بعثاً وجعل عليهم قيس بن سعد ابن عبادةء فجهد وأفخر لهم قيس تسع ركائب فحدثوا رسول الله يل بذلك فقال: «إن الجود من شيم أهل هذا البيت»° الأثار: وعن علي بن أبي طالب قال: إذا أقبلت الدنيا فأنفق منها فإنها لا تبقى» وإذا أدبرت عنك فانفق منها فإنها لا تبقى وأنشد: فيان نولت فَأحرَىٰ أن تَجُودَ بها فَالْحَمْدُ مها إذا ما أَذْبَرّتْ حَلفُ وقال بعض البلغاء جود الرجل يحببه إلى أضداده وبخله يبغضه إلى أولاده. وقال بعض الفصحاء: خير المال ما استرق حراء وخير الأعمال ما استحق شكراً. وقيل في منثور الحكم : الجود أعز موجود. ويروى أن معاوية سأل الحسن بن علي عن المروءةء والنجدة› والكرم. فقال: أما المروءة: فحفظ الرجل دينه وحرزه نفسهء وحسن قيامه بضيعته؛ وحسن المنازعة» والإقدام في الكراهة . وأما التجدة: فالذب عن الجار والصبر في المواطن . وأما الكرم: فالتبرع بالمعروف قبل السؤال والإطعام في المحل والرأفة بالسائل مع بذل النائل . وأنشد لصالح بن عبدوس: / وهر ع عَيْبَ الْمرءِ في الاس يله ويره عَنهُم چميماسَخَاوهُ قط با واب المَحَاءِ في أرى كل عَيب فَالسَحًاء غطاؤەُ قال : ورفع رجل إلى الحسن بن علي رقعة فقال: حاجتك مقضية فقيل له: يا ابن رسول الله لو نظرت في رقعته ثم رددت الجواب على قدر ذلك. فقال: يسألني الله عن ذل س يدي حتى اقرا رقعته. وعن ابن السماك قال: عجباً لمن يشتري المماليك بماله ولا يشتر الأحرار بفعاله . ويروى أن النعمان بن المنذر قال لجلسائه: من أفضل الناس ميا وأنمسهم بال وأكرمهم طبعاً وأجلهم في النفوس قدراً؟ = حديث عمر بإسناد منقطع وفيه حليس ابن محمد أحد المتروكينء ورواه العقيلي من حديث ابن عباس »٤ قال ابن عبدي یروی من وجوه كلها غير محفوظ. قاله العراقي في المغني (۳/ ٤٤۲). المغني (١۱/۱٢٤۲). [۱۲۳۱ ]٤۱۲[ 1۰۸ قنطرة النفس فسكت القوم فقام فتى فقال: أبيت اللعن أفضل الناس عيشاً من عاش الناس في فضله. قال: صدقت. وقيل لبعض الأعراب: من سيدكم؟ قال: من احتمل شتمناء وأعطی سائلناء وأغضى عن جاهلنا. وعن علي بن الحسين قال: ليس السخي من وصف ببذل ماله لطلايه› وإنما السخي من يبتدى بحقوق الله في أهل طاعته ولا تنازعه نفسه إلى حب الشكر له إِذا كان يغنيه بثواب الله تاما. وعن جعفر الصادق أنه قال: لا مال أعود ‏ أي أنفع ‏ من العقل”'"ء ولا مصيبة أهم من الجهل › ولا مظاهرة كالمشورة› ل وإِن الله يقول: إني جواد کریم لا يجاورني لئيم» واللؤم من الكفر وأهل الكفر في النارء والجود والكرم من الإيمان وأهل اللإيمان في الجنة . قال: ورأى الأحنف رجلا وفي يده درهم؛» وقال: لمن هذا الدرهم؟ فقال لي. فقال: أما إنه ليس لك حتى يخرج من يدك. وفي معناه قول العرب: مالك إن أنفقته كان لك وإن أمسكته كان عليك. قال قائلهم : ذريني أكن للما ربا ولا يكن لي المال ربا تحمدي عقبة غدا أريني كريماً مات هزلاً لعلني أرى ماترين أو بخيلا تخلدا نت للمال الذي أمسكته فإذاأفقته فنالمال لك قال : وورث بعض السلف خمسين آلف درهم› فبعث بها إلى اخواته صرراء وقال : قد كنت أسأل الله الجنة في صلاتي لأخواتي فأبخل عليهم بالدنيا. وعن أسماء بن خارجة أنه كان يقول: ما أحب أن أرد أحداً عن حاجته؛ فإنه إن كان كريماً أصون عرضه» وإن كان لثيماً أصون عنه عرضي. ويقال: كان مورق”” العجلي يتلطف في إدخال الرزق على إخوانه فيضع عند أحدهم ألف درهم ويقول: امسكها حتى أعود إِليكء ثم يرسل إليهم أنتم في حل منها. قال العتبي عن الحكم بن عبد المطلب أنه أعطى جميع ما يملكه؛ فلما نفد ما عنده ركب فرسه وأحذ رمحة يريد الغزو فمات بمسح . فأخبرني رجل من آهل مسح قال : قدم علينا الحكم؛› وهو مملق لا شيء معه فأغنانا. قال: وكيف أغناكم وهو مملق؟ فقال: ما أغنانا پمال ولکن () في إحياء علوم الدين (۳/٤4٤۲): لا مال أعون من العقل. (۲) في الاصل: بنت. وهو تحريف. () ني الأصل: مورقي - وهو تحریف . قنطرة النفس ۱۰۹ علمنا الكرم فعاد بعضنا على بعض فاستغنينا. وقال الحسن: بذل المجهود في بذل الموجود غاية الجود. وقيل لبعض الحكماء: من أحب الناس إليك. قال: من كثرت أياديه عندي . قیل : فإن لم یکن؟ قال: من کثرت أآیادي عنده . قال: وقال المهدي لشيب بن شيبة: كيف رأیت ا قال : يا أمير المؤمنين إن الرجل منهم ليدخل راجياً ويخرج راضياً. قال : شل متمثل عند عبد الله بن جعفر. إن الصنيعة لا تكون صنيصة حتى يصاب بها طريق المصنع فإذا اصطنعت صنيعة فاعمد بها ل أو لذي القرابة أو دع وقال عبد الله بن جعفر: إن هذين البيتين لييخلان الناس ولكن / أمطر المعروف مطراً فإن أصاب الكرام كانوا أهلاً لهء وإن أصاب اللئام كنت له أهلاً. ودخل المنكدر على عائشة رضي الله عنهاء فقال: يا أم المؤمنين أصابتني فاقة. فقالت: ما عندي شيء فلو كانت عندي عشرة آلاف لبعثتها إليك. فلما خرج من عندها جاءتها عشرة آلاف من خالد بن أسيد» فقالت : ما أسرع ما ابتلیتء فأرسلت بها في أثره فاشترى جارية بألف درهم فولدت له ثلائة أولاد: محمد وأبو بكر وعمر بنو المنكدر» فكانوا عَباد المدينة. وقال أكثم بن صيفی: صاحب المعروف لا يقعء وإن وقع وجد متكا والله أعلم. قال الشاعر: إذا تكرمت عن بذل القليل ولم تقدر على سعة لم يظهر الجود بث النوال ولا يمنعك قلته وكل ما سد فقرآ فهو محمود حكابات الأسخياء ومن كتاب سراج الملوك عن الأصمعي قال: كانت حروب البادية ثم اتصلت بالبصرة› فتفاقم الأمر حتى مشى بين الناس في الصّلح فاجتمعوا في المسجد الجامع. قال: فبُعثت أنا و إلى ضرار بن القعقاع بن دارمء فاستاذنت عليه فأذن ليء فإذا هو في شملة يخبط نوى لعنزة حلوب» فأخبرته بمجمع القولء فأمهل حتى أكل العنزةء ثم غسل القصعة . وقال: با جاریة غدینا قات بزیت وق ر قال: فدعاني فقذرته أن أكل معهء فلما فرغ وثب إلى طين في الدار ملقىء فغسل يده ثم صاح: يا جارية استقيني بماء فلمّا شرب مسح فضله على وجهه. ثم قال: الحمد لله ماء الفغرات وتمر البصرة بزيت الشام متى يؤدى شكر هذه النعمة . ثم قال : عل بردائي فأوتي برداء عدني فارتدى به على تلك الشملة. قال الأصمعي: فتجافيت عنه استقباحاً لزيّه فدخل المسجد فصلى ركعتين» فمشى إلى القوم فلم تبق حبوة إل حلت إعظاماً له ثم جلس فتحمل جميع ما كان بين الأحباء من / ديات الأموات في ماله وانتصرف . ]٥1۲[ ]٦۱۲[ ١1۱۱ قتطرة النفس وفي كتاب الغزالي : : وعن محمد ابن المنكدر عن أم درة وكانت تخدم عائشة ئشة رضي الله عنها قالت : : أن ابن الزبير بعث إليها بمال في غرارتين ثمانين ومائة ألفء فدعت بطبق فجعلت تقسمه بين الناس› فلما أمست قالت: يا جارية هات فطوري فجاءتها بخبز وزیت. فقالت: لھا ام درة: ما استطعت فيما قسمت اليوم أن تشتري لحماً تفطرین عليه . فقالت: كنت لو ذكرتني لفعلت. وعن أبان ابن عثمان قال: أراد رجل أن يضار عبد الله بن عباس فأتى وجوه قریش» فقال : يقول لكم عبد الله تفدون اليوم عندي› فأتوه حتى ملأوا عليه الدار. فقال: ما هذا؟ فأخبر الخبر فأمر عبد الله بشراء فاكهةء فأمر قوماً فطبخوا وخبزواء وقدّم إليهم الفاكهةء فلم يفرغوا حتى وضعت الموائد فأكلوا حتى صدروا. فقال عبد الله لوكلائه: أموجود هذا كلما أردت؟ قالوا: نعم. قال: فليتغد هؤلاء عندنا كل يوم إلى انقضاء شهر. وعن مصعب بن الزيير قال: حج معاوية فلما اتصرف من المدينة قال الحسين بن علي لأخيه الحسن: لا تلقه ولا تسلم عليه . فلما خرج معاوية قال الحسن بن علي : إن َي دين ولا بد من اتانه. فركب في أثره حتی لحقهء فسلم عليه فأخبره بدینه فمروا عليه ببختى عليه . ثمانون ألف دينار وقد أعبى وتخلف عن الإبل وقوم يسوقونه. فقال معاوية: ماهذا؟ فذکر له فقال: اصرفوه بما عليه لأبي محمد. وعن واقد بن محمد الواقدي قال: حدثني أبي أنه رفع رقعة إلى المأمون يذكر له فيها كثرة الديّنْء وقلة صبره عليه. فوقع المأمون على ظهر رقعته: إنك رجل اجتمعت فيك خصلتان سخاء وحياى فأما السخاء فهو الذي أطلق ما في يدك وأما الحياء فهو الذي يمنعك من تبليغنا ما أنت عليه وقد أمرت لك بمائة ألف درهم› فإن كنت قد أصبت فازدد / في بسط يدك؛ وإن لم أكن أصبت فجنايتك على نفسك» وأنت حدئثتني إذ كنت على قضاء الرشيد. عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن أنس أن النبي يل قال للزبير بن العوام: «يا زبير علم أن مفائيح رزاق المبد زاء لعرش يع إلى كل عبد بقدر تفه فمن كر گر له ومن كَل قل عليه . قال الواقدي: فوالله لمذاكرة المأمون إياي بالحديث أحب إِليّ من الجائزة ومن مائة ألف. قال: وسأل رجل الحسن بن علي حاجة له فقال له: يا هذا حق سؤالك إياي يعظم (١) في الأصل: فأمر له ببختى عليه. والتصويب من إحياء علوم الدين (۳/ ٤٤۲). (۲) رواه الدارقطني فيه وفي إسناده الواقدي عن محمد بن إسحاق عن الزهري بالعنعنة ولا يصح. قاله العراقي في المغني (۳/ ٢٢٤۲(. قنطرة النفس ١۱۱ عليّ» ومعرفتي بما يجب لك يكثر علي ويدي تعجز عن نيلك بما أنت أهلهء والكثير في ذات الله قليلء وما في ملكي وفاء لشكرك» فإن قبلت الميسور ورفعت عني مؤنة الاحتمال والاهتمام لما أتكلف من واجبك فعلت. فقال: يا ابن رسول الله أقبل وأشكر العطيةء واعذر على المنم» فدعا الحسن بوكيله فجعل يحاسبه على نفقاته حتى استقصاها فقال: هات الفاضل من الثلاث مائة ألفء فأحضر خمسين ألفاً. قال: فما فعلت الخمسمائة دينار؟ قال: هى عندي . فقال: أحضرها. فأحضرها فرفع الدنانير والدراهم إلى الرجل›ء فقال: هات م يحملها لك فأتاء بحمالين فدفع له الحسن رداءه لكراء الحمالين فقال له مواليه: والله ما عندنا درهم. فقال: ولكني أرجو أن يكون لي عند الله أجر عظيم. قال: واجتمع قَرّاء البصرة إلى عبد الله بن عباس وهو عامل البصرة. فقالوا: أجارٌ لنا صوام قوّام يتمنى كل واحد منا أن یکون مثله› وقد زوّج بنية له من ابن أخيه وهو فقیر ولیس عنده ما يجهزها به. فقام ابن عباس فأخذ بأيديهم وأدخلهم داره وفتح صندوقاً فأخرج منه ست بدر. فقال: احملوهاء فحملوها. فقال ابن عباس: ما أنصفناء حيث / أعطيناه ما يشغله عن صيامه وقيامهء ارجعوا بنا نكون أعواناً على تجهيزها فليس للدنيا من القدر ما يشغل مؤمناً عن عبادة ربه» وما بنا من التكبر ما لا نخدم أولياء الل ففعل ففعلوا. قال: وحكي أنه لما أجدب الناس بمصر وعبد الحميد بن أسعد أميرهم فقال: والله لأعلمن الشيطان إني عدوه فَعَالَ محاويجهم إلى أن رخصت الأسعارء ثم عزل عنهم فرحل وللتجار عليه ألف ألف درهم» ورهنهم بها حلي نسائه وقيمته خمس مائة ألف ألف؛ فلما تعذر عليه ارتجاع الحلى كتب إليهم ببيعةء ودفع الفاضل منه عن حقوقهم إلى من لم تنله صلاته . وكان أيو مرثد أحد الكرماء فمدحه بعض الشعراى فقال للشاعر: والله ما عندي ما أعطيك ولكن قدمّني إلى القاضي وأدعٌ علي بعشرة آلاف درهم حتى أقر لك بها فإن أهلي لا یترکونني محبوساً ففعل› فلم یمس حتی دفعت اليه عشرة آلاف درهم وأخرج ابو مرثد من الحبس . قال: وكان معن بن زائدة عاملاً على العراقيين بالبصرةء فحضر ببابه شاعر» فأقام مدة وأراد الدخول إلى معن فلم يتهياً له. فقال يوماً لبعض خدم معن: إذا دخل الأمير البستان فعرفني» فلما دخل أعلمه فكتب الشاعر بيت على قصبة وألقاها في الماء الذي يدخل بېستان معن» وكان معن على رأس الماء فلمًّا أبصر بالقصبة أخذها وقرأها فإذا فيها مكتوب: يا جود معن ناج معن بحاجتي فمالي إلى معن سواك شفيع [۱\۸] ١۱ قنطرة النفس قال: فدعا بالرجل فأنشد البيت فأمر له بعشر بدرء ووضع الأمير الخشبة تحت بساطه ثم قرا معن البيت في اليوم الثاني فأمر له بمائة آلف درهم فهرب لثلا تؤخذ منه. ثم قرأه بعد ذلك 7 فدعا به / فلم يوجد. فقال: حق علي أن أعطيه حتى لا یبقی في بيت مالي دينار ولا درهم . ومن کتاب سراج الملوك قال: وأما طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي المعروف بطلحة الطلحات قال: وإنما سمي بهذا الاسم لأنه كان عظيم البذل في كل وجهء وكان يبتاع الرقاب فيعتقها وكان كل معتق يولد له ولد ذكر اسمه طلحة فبلغ عددهم ألف رجل» كل يسمى طلحة فسمي لذلك طلحة الطلحات وفيه يقول القائل : رحم لله أعظماً دفتوهما بسجسشان طلحة الطلحات قال أبو الحسن المدني خرج الحسن؛ والحسين؛ وعبد الله بن جعفر حجاجاً فعالتهم أثقالهم› فجاعوا وعطشوا فمروا بعجوز في خباءِ لها فقالوا: هل من شراب؟. قالت: نعم فأناخوا إليهاء وليس لها إل شويهة في كسر الخيمة فقالت: احلبوها وامتذقوا ليها ققعلوا فل ذلك نقالوا: هل من طعام؟ قالت: لا إلا هذه فليذبحها أحدكم حتى أهیء لکم ما تأکلون. ,ليها أحدهم فذبحها وكشطها ثم هيأت لهم طعاماً فأكلواء فلما أبردوا وارتحلواء ا نحن نفر من قریش نرید هذا الوجهء ثا جنا سالمي فلم با ا صائمون بك حيرا ف ارتحلوا. وأقبل زوجها وأخبرته خبر القوم والشاةء فغضب فقال: ويلك تذبحين شاة لقوم لا تعرفينهم» ثم تقولين نفر من قريش. قال: ثم بعد ذلك ألجأتهما الحاجة إلى المدينة» فدخلاها فجعلا ينقلان البعر إليها ويبيعانهء فمرت العجوز في بعض سكك المدينةء فإذا الحسن بن علي جالس على باب داره فعرف العجوز وهي له منكرة فبعث الحسن غلامه فدعا العجوز. فقال لها: يا أمة الله أتعرفيني؟ قالت: لا. قال: أنا ضيفك يوم كذا وكذا. وقالت العجوز: بأبي أنت [] وأمي هو؟! قال: نعم ثم أمر الحسن فاشتروا لها من شاء الصدقة ألف شاةٍ / ثم أمر لها معها بألف ديتار وبعث بها مع غلامه إلى الحسين. فقال لها الحسين : بكم وصلك آخي؟ قالت : بألف شاة وألف دينار. فأمر لها الحسين بمثل ذلك؛ ثم بعث بها مع غلامه إلى عبد الله بن جعفر. فقال لها: بكم وصلك الحسن والحسين؟ فقالت: بألفي دينار وألفي شاة. فأمر لها عبد الله بألفي شاة وألفي دينار فقال لها: لو بدأت بي لأتعبتهمء فرجعت العجوز إلى زوجها بأربعة آلاف شاة وأربعة آلاف دینار. قال: وقدم رجل من قريش من السفرء فمرَ برجل من الأعراب على قارعة الطريق وقد قنطرة النفس ۱۱۳ أقعده الدهر وأضرً به المرض. فقال: يا هذا أعنّا على الدهر . فقال الرجل لغلامه : ما بقي من التفقة فادفعه إليه فصب الغلام في حجر الأعرابي أربعة آلاف درهم؛ فذهب لينهض فلم يقدر من الضعف فبكى» فقال له الرجل: ما يبكيك؟ لعلك استقللت ما أعطيناك. قال: لا ولكن ذكرت ما تأكل الأرض من كرمك فأبکاني . قال: واشتری عبد الله بن عامر من خالد ابن عقبة بن آبي معيط داره التي في السوق بتسعين ألف درهم» فلما كان في الليل سمع بکاء آهل خالدء فقال لاهله: ما لهؤلاء؟ قال : يبكون لدارهم. فقال: يا غلام أئتهم واعلمهم أن الدار والمال لهم جميعا. قال: وقيل أنفذها هارون الرشيد إلى مالك بن أنس بخمس مائة دينار. فبلغ ذلك الليث بن سعيد وأنفذ إليه ألف دینار . فغضب هارون قال : أعطيته خمس مائة دینار وأعطيته أزنت لف دینار وآنت من رعيتي فقال: يا أمير المؤمنين إن في غلتي كل يوم ألف دينارء فاستحبيت أن أعطي مثله أقل من دخل يوم. وحكي أنه لم تجب عليه زكاة مع أن دخله كل يوم ألف دينار» وفي مثله يقول القائل : شلات يدي من الدنا رار تما طمِم الْعَوَاْلُ في افيصَاد / وَل وَجَبت عَلَيَ رَكاة مال وَمَل تَبٍ الرَكاءٌ على جُواد ]1۳۱[ وروي أن امرأة سألت الليث بن سعد شيء من عسل فأمر لها بزق وقال: إنها سألتنا يتصدق على ثلاث مائة وستین مسکین". وعن الأعمش قال: اشتكت شاة عندي فكان خيثمة بن عبد الرحمٰن يعودها بالغدو والعشي ويقول: هل استوفت علفهاء وكيف صبر الصبيان منذ فقدوا لبنها؟ وكان تحتي لبد اجلس عليه فإذا خرج قال: خذ ما تحت اللبد. حتى وصل إِليّ في علة الشاة أكثر من ثلاث مائ دینار من بره» حتى تمنيت أن الشاة لم تبراً. (1) في الأصل: الليث بن سعيد؛ وهو تحريف» وهو الفقيه المصري الشهير. () قلت: اشتهر الإمام الليث بن سعد بالزهد والكرم والثراءء وما زال نسله إلى اليوم بالقاهرة يقدمون مشروب الشاي كل يوم بعد صلاة الفجر لكل المصلين الذين يصلون بالمسجد الذي دفن فيه بمصر› وكانوا قبل فترة قصيرة يقدمون وجبة إفطار كاملة لكل المصلينء ثم اقتصروا الآن على مشروب الشاي ولما سألت عن ذلك أخبرت أنهم على ذلك العهد منذ وفاته رحمه اللهء فأرجو منه الله أن يوسع عليهم وأن يعودوا لما كانوا عليه من الإطعامء وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتهم وأن يجعل أجر تلك السنة لجدهم الليث بن سعد وأن يرحمنا جمیعاً بکرمه. آمین (سید). قناطر الخيرات/ ج ۴/ م۸ ٤۱٠ قنطرة النفس ويروى أن عبد الملك بن مروان قال لأسماء ابن خارجة: بلغتي عنك خصال فحدثني بها قال: هي من غيري أحسن منها مي . قال: عزمت عليك إلا تحدثني بها. قال: يا أمير المؤمنين ما مددت رجلي بين يدي جليس قط ولا صنعت طعاما فدعوت عليه قوما إلا کانوا من علي مني عليهم» ولا نصب لي رجل وجهه قط ليسألني شيئاً فاستكثرت شيئاً أعطيه إِياه . لم يجد شيثاً كتب لمن سأله الضكاك على نفسه حتى يخرج عطاء» فلما نظر إليه سليمان تمل بهذا البيت : إني سمعت مع الصباح منادياً يا من يعين على الفتى المعوان قال : ما حاجتك؟ قال: ديني. قال: وكم هو؟ قال: ثلائون ألف دينار. قال الملك : لك دينك ومثله. وقيل: مرض قيس بن سعد بن عبادة فاستبطً إخوانه فقيل: إنهم يستحيون مما لك عليهم من الدّين. فقال: أخذ الله مالا يمنع الإخوان من الزيارة ثم أمر منادي فنادى: من کان عليه لقيس حق فهو مته في حل. قال: فعسرت درجته بالعشي لكثرة من عاده وروي 1 ]/ أن الشافعي لما مَرضَ مَرَضٌ موته قال: مروا فلاناً يغسلني. فلما توفي بلغه خبر موته فحضر فقال: ائتوني بتذکرته» فأتي بها فنظر فإذا على الشافعي سبعون آلف درهم» فكتبها على نفسه فقضاها عليه فقال: هذا غسلي إياه» أي إرادته هذا. وعن الشافعي قال: لا أزال أحب حماد ابن سليمان لشيء بلغني عنه؛ آنه کان ذات یوم اكباً حماراً فح رکه فاتقطع زره فمَرّ على خياط فاراد أن ينزل ليسوي زره» فقال الخياط : والله تزلت» فقام الخياط إليه فسوّى"" زره فأخرج صرة فيها عشرة دنانير فسلمها إلى الخياط واعتذر إليه من قلتها. قال الربيع بن سليمان: قال: أخذ رجل بركاب الشافعي فقال: يا ربيع اعطه أربعة دنانیر واعتذر إليه عني. وقال الربيع : سمعت الحميدي يقول: قدم الشافعي من صنعاء إلى مكة بعشرة آلاف دينار فضرب خاءه في موضع خارجاً من مكة فنشرها علی ثوب ثم أقبل على کل من دخل عليه فقبض قبضة فأعطاه حتى صلى الظهر فنفض الثوب وليس عليه شيء وأنشد الشافعي لنفسه فيما فقيل : (١) في الأصل: سرى. والتصويب من إحياء علوم الدين (۳/ ٢٤ ۲). قنطرة النفس ٥۱ لَهُفَ تفي عَلى مَالٍ أَجُودُ به على الْمُقلينَ مَنْ أل المُروعات إن اعْعَذارِي إلى ِن جا يَسْألنِي ما ليس عِندي مِنْ إِحدَى الْصْيّاتِ وعن أبي ثور قال: أراد الشافعي الخروج إلى مكة ومعه مالء وكان قلما يمسك شيثاً من سماحته فقلت له: ينبغي أن تشتري بهذا المال ضيعة تكون لك ولولدك. قال: فخرج ثم قدم علينا فسألناه عن ذلك المال فقال: ما وجدت بمكة ضيعة يمكنني أن أشتريها لمعرفتي بأصلها وقد وقف أكثرها ولكن بنيت بما معي ما يكون لأصحابنا إذا حجّوا أن ينزلوا فيها وأنشد أرى نفسي تتوقى إلى المعاني ويقصر دون مَبلِهن مالي / فلا نفس تساعدني بيخل ومالي لا يبلغني فعالي ]۳۴[ وعن محمد بن عباد المهلبي قال: دخل أبي على المأمون فوصله بمائة آلف درهم. فلما قدم من عنده تصدق بها فأخبر بها المأمون» فلما عاد إليه عاتبه المأمون في ذلك فقال: يا أمير المؤمنين منع الموجود سوء الظن بالمعبود فوصله بمائة ألف أخرى. قال: وجاء رجل إلى سعيد بن العاص فسأله فقال: يا غلام أعطه خمس مائة فرجع الغلام مستفهماً فقال: دنانير أو دراهم؟ فقال: ما أردت إلا دراهم فأما إذا رجعت فصيرها دنانير. فقعد الرجل يبكي فقال ما يبكيك؟ فقال: أبكي أن الأرض تأكل مثلك. وسأل سعيداً رجلا آخر فأمر له بمائة ألف درهم فبكى. فقال سعيد: ما يبكيك؟ فقال: أبكي أن الأرض تأكل مثلك فأمر له بمائة آلف أخرى. وينشد في هذا المعنى : لعمرك ما المصية هدم دار ولا شاة تموت ولا بعیر قال : ودخل أبو تمام على إبراهيم بن شكلة بأبيات امتدحه فيها فوجده علیلاًء فقبل منه المدحة وأمر حاجبه بنيله ما يصلحه وقال: عسى أن أقوم من مرضي فأكافئه فأقام شهرين› فأوحشه طول المقام فكتب إليه : أن حراماً قبول مدحتنا وترك مايرتجى من الصفد كما الدنانير بالدراهم في الصرف حرام إلا ي دا ب د فلما وصل البيتان إلى إبراهيم قال لحاجبه: کم آقام بالباب؟ قال: شهرين. قال: أعطه ثلائين ألا وجئني بدواة فكتب إليه : ١۱1 قنطرة النفس أعجلتتا فأتاك عاجل برنا قلا فلوأمهلتالم يقلل وخذ القليل وكن كأنك لم تقل ونكون تحن كأننا لم نفعل [0] / ويروي أنه كان لعثمان على طلحة خمسون ألف درهم. فقال طلحة: قد تهيا مالك فاقبضه. قال: هو لك يا أبا محمد معونة لك على مروءتك وفي مثله قال الشاعر : إذا أسيل معروفاً تبسم ضاحكاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والجود ساحله وفي مثله قال الشاعر : كريم إذا ما جئت تطلب نائله حياك بما ضمت عليه أنامله فلو لم يكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله سائله قال: وقالت سعدى بنت عوف: ودخلت على طلحة فرأيت معه ثقلاً فقلت: ما لك؟ فقال: اجتمع عندي مال قد غمني. قلت: وما يغمك ادع قومك. فقال: يا غلام علي بقومي » فقسمه بينهم. فسألت الخادم: كم كان؟ فقال: أربع مائة ألف. قال : وجاء أعرابي إلى طلحة فسأله فتقرب إليه برحم فقال: إن هذا الرحم ما سألني به أحد قبلك إن لي أرضاً قد أعطي فيها عثمان ثلاث مائة ألف فإن شئت فاقبلها وإن شئت بعتها لعشمان ودفع إليك الثمن. فقال: الثمن. فباعها من عثمان ودفع الثمن إليه وينشد: وَامارةٌ بالل فلت لَهاأفيري ذلك شَئء ماه سيل أّى الاس لان الْجَواد وَلا أرڑى بَخِيلا لَه في الْعَالَمينَ عَلِيل وَين حير حالآت الفتى لو مه إَاتَال شيماانيكُوة ييل قي رأث الل يُزرِي َيِه فَأفرنث تي أن َال بَخِيل ومن كتاب الجواهر: ويحكى أن عبد الله ابن عباس خرج يريد معاوية فأصابته سماء فرفعت له خيمة فتيممها فإذا بها شيخ من الأعراب وامرآته وابنتاء وعندهم عنزء ورحب به [ وأنزله. فقال الشيخ: اذبحها / لضيفي. فقالت المرأة: تموت ابنتاي جوعاً. فقال: الموت خير من اللؤمء فاخذ الشفرة وهو يقول: يامرتتنالاتوقظي ابتيه إن توقظاتبشاإلته وتتزعا الشفرة من يديه ` ابفخض بهذا وبهاإليه قنطرة النفس ۱۷ قال: فذبح العنز فأضافه بهاء فلما أصبح ابن عباس رضي الله عنه قال لغلامه: كم بقي من النفقة؟ قال: خمسمائة دينار. فقال؛ صبها للأعرابي. قال: يكفيك ضعف قيمة الشاة. قال: سبحان الله جاد علينا بدنياه كلها أفلا نجود له ببعض دنيانا. قال: فأعطاها الشيخ فارتحل یرید معاوية فلما انصرف من عنده اجتاز على الشيخ فوجده صاحب إِبل ومراج فکان الشيخ توسمته لما رأيت مهابة وإلآً فمن آل المزار فإنهم فقمت إلى عنز بقية أعنز بخمس مئین من دارهم صرفت فقلت لعرسي في الخلا وصبيتي فقالوا جميعاً لا بل الحق هذه ملوك ملوك من ملوك أعاظم فأذبحتها فعل امریء غير عاتم يساوي لحمیمی غير خمس دراهم إليّ فما جادت بها كف آدم تخب بها الركبان وسط المواسم قال: فبلغ ذلك معاوية فقال: لله در ابن عباس من أي بيضة خرج وفي آي عش درج . وهذه الحكايات قرأتها قديماً فحفظي فيها مضطرب ولعلي إن لم آت بصريح ألفاظها فقد أتيت بمعناها وأنا استغفر الله على ما بدلت من الألفاظ وغيرها. ویحکی ان رجلا أتى إلى صديق له في أربع مائة دینار عليه فأخبره بهاء فوزن له أربع مائة فعاد يبكي. فقالت له امرأته: لم أعطيته إذ شق /عليك؟ فقال: إنما أبكي لأني لم اتفقد [١۱۳] حاله حتى احتاج لمفاتحتي. والله أعلمء وحكايات الأسخياء كثيرةء ولو استقصيناها لطال (۱( الكتاب' . فصل اختلف الناس في حد البخل والسخاء. فقال قوم: حد البخل منع الواجب فكل من أدى ما وجب عليه فليس ببخيل. وقال آخرون البخيل هو الذي يستصعب العطية. وهذان القولان قاصران إذ من يرد اللحم إلى القصاب أو الخبز إلى الخباز بتقصان حبه أو نتصف حبه لا يعد بخيلاً بالإنفاق› وكذلك لا يكون بخيلاً باستصعاب العطية دون الإمساك. (١) أورد الغزالي من ذلك كثير أيضاً في كتابه [حياء علوم الدين فراجعه (۳/ ٤٤۲: ٢٤۲) غير أن هذا فاق عليه في ذكر الشعر فقد أورد منه أكثر مما يورد الغزالي رحمنا ورحمهما الله . ۱۱۸ قنطرة النفس وقد روي عن طلحة أنه قال نجد في أموالنا ما يجد البخيل ولكنا نتصبر . وكذلك تکلموا في السخاء والجود: فقال قوم: السخاء أن تسخو نفسك بما في يديك ونهايته أن تسخو نفسك بما في أيدي الناس ولا تبالي بمن أكل الدنيا. وقال قوم: الجود عطايا بلا منّ. وقيل: الجود عطية بغير مسئلة على رؤية التقليل . وقيل: الجود السرور بالسائل والفرح بالعطاء لما أمكن . وقيل: السخاء هو الرتبة الأولىء ثم الجوتء ثم الإيثارء فمن أمسك البعض وأتى البعض فهو صاحب سخا ومن أعطى الأكثر وأمسك لنفسه الأقل فهو صاحب جود ومن قاس الضرٌ وآثر غيره بالبلغة فهو صاحب إيثارء ومن لم يبذل شيئاً فهو بخيل. ويقال: أصل السخاء هو السماحة وأن يؤتي ما يؤتيه عن طيب نفس فإن أعطى عن منازعة نفس فهو متسخ ولیس بسحي . وفي كتاب الغزالي” قال: وجملة هذه الكلمات غير محيطة بحقيقة البخل والجودء قال: بل ونقول المال خُلِقَ لصلاح حاجات الخلقء ويمكن إمساكه عن الصرف إلى ما خلق للصرف إليه ويمكن إعطاؤه إلى ما لا يحسن الإعطاء فيه» ويمكن التصرف فيه بالعدل» وهو أن [] يحفظ حيث يجب الحفظ / ويبذل حيث يجب البذل فاللإمساك حيث يجب البذل بخل» والبذل حيث يجب الامساك تبذير وبينهما وسط وهو المحمود. وينبغي أن يكون السخاء والجود عبارة عنه إذ لم يُؤمر رسول لله علد إل بالسخاء وقيل له: ولا َجْعَل يك َفولَة إلى عك ول ها كل ان٠ . وقال: «وَالَّذِين إا أَْقُوا لم يروا وَل يروا وَكَانَ بين ذلك فَوَامَاً 4" . والجود وسط بين الإسراف والإقتارء وبين القبض والبسط» فإن كان بذله في موضعه بطيبة نفس فهو سخي؛ وإن كان عن صبر ومنازعة فهو متسخ. وهذا القول عندي أعدل الأقوال؛ لأن من زاد على حد السخاء فهو مبذرء ومن فصر عنه فهو بخیل» ومن وقف عليه فهو کریم . وحد السخاء على هذا المعنى هو بذل ما يحتاج إليه مستحقه عند الحاجة؛ ولأن الحكماء قالت: الفضائل هبات متوسطة بين خلتين ناقصتين› وأفعال الخير توسط بين رذيلتين› فالشجاعة: متوسطة , بين الجبن والتهورء والسكينة: واسطة بين السخط وضعف الغضبء والغيرة: واسطة بين الحسد وسوء العادةء والتواضع: واسطة بين الكبر ودناءة النفسء )۱( راجع الإحياء (۲°4/1) وإن كان ما قبل ذلك من قول منه أيضاً فلا دري لما ذكره. )۲( صسوره ة الإسراء الاية: ۹. (۳) سورة الفرقان الآية: 17. قنطرة النفس ۱۱۹ والحلم : واسطة بین إفراد الغخضب وعدمه› والمودة: واسطة بين الملال وجساء الخلق› والحياء : واسطة بين الوفقاحة والخفر› والوقار : واسطة بين الهزل والسخافة› والظرف : واسطة بين الخلاعة والعدلمة› والعلة : واسطة بين الشره وضعف الشهوة› والحكمة: واسطة بين الشر والجهالة› والسخاء : واسطة بين التقتير والتبذير والله أعلم؛ فأوسط الأمور أعدلها فلذلك کان عليه السلام ما خُيّر قط بين أمرين إلا اختار أوسطهما. وقال بعض الحكماء: الخطاً في إعطاء ما لا ينبغي ومنم ما ينبغي واحدء وبنشد: لا تجد بالعطاء في غير حق ليس في منع غير ذي الحق بخل / إنما الجود أن تجود على من هو للبذل والعطاء منك أهل ]۱۳۸[ واعلم أن السرف والتبذير قد يفترق معناهما؛ فالسرف هو الجهل بمقادير الحقوقء والتبذير هو الجهل بمواقع الحقوق وكلاهما مذموم؛ وذم التبذير أعظم؛ لأن المسرف مخطىء في الزيادةء والمبذر مخطىء في الجميع وقد قال معاوية : کل سرف فبإزائه حق مضیيّع . وصدق لأن المال أقل من أن يوضع في كل موضع من حق أو غیرهء وقد قال بعض العلماء: الحلال لا يحتمل السرف. واعلم أنه لا يتم السخاء حتى تسخو نفس اللإنسان عما بيد غيره» فلا يميل إلى طلب ولا يكف عن بذل. وقد حکي ان لله تعالى أوحى إلى إبراهيم عليه السلام: أتدري لم اتخذتك خليلآ؟ قال: لا رب قال: لآني رأيتك تحب أن تعطي ولا تحب أن تأخذ. وعن أيوب الس لسجستاني أنه قال : لا ينبل الرجل حتى تكون فيه خصلتان العفة عن أموال الناس والتجاوز عنهم قال: وكتب كسرى إلى ابنه هرمز: يا بني استقلل الكثير مما تَعْطي. واستكثر القليل مما تأخذء فإن قرة عيون الكرام في الإعطاء وسرور اللئام في الأخذء ولا تعد ال لشحيح أميناً ولا الكذاب خُرا؛ فإنه لا عفة مع الشح٠ ولا مروءة مع الكذب. وقال : بعضص البلغاء: السخاء أن تكون بمالك متبرعاًء وعن مال غيرك متورعا. وينشد: إذا لم تكن نفس الشريف شريفة وإذ کان ذا قدر فليس له شرف والبذل على وجهين : أحدهما: ما ابتداً به الإنسان من غير سؤال. والثاني : ما كان عن طلب وسؤال فالمبتدىء أطبعهما سخاء وأشرفهما عطاءء وقد سل عن السخاء فقال: ما كان منه ابتداء وأما ما كان منه عن مسألة فحياء وتكرّم. وقال بعض 7 قنطرة النفشس الحكماء: أَجَل التوال ما وصل قبل السؤالء وقيل للحسن البصري: ما السخاء؟ فقال: أن تجود بما لك في الله. قيل: فما الحزم؟ قال: أن تمنع ما لك فيه. قيل: وما الإسراف؟ قال : الإنفاق لحب الرئاسة. فصل اعلم أن النوال الذي يقع ابتدا. يكون لأسباب : متها: أن يرى فاقة يتمكن من إزالتهاء فلا يدعه الكرم أو الذين إلا أن يكون زعيم إصلاحها رغبة في الأجر أن تدين وفي الشكر أن تكرم. ومنها : أن يكون في ماله فضل على کفایته فيضعها حیث تکون له ذخر اليوم فقرهء أو حسن ثناء وحمده من أهله ویتشد: ومنها: أن يكون بتعريض يتنبه إليه بفطتته”" فلا يدعه الكرم أن يغفل ولا الحياء أن يكف وكالذي حكي: أن رجلا ساير بعض الولاة فقال: ما أهزل برذونك! فقال: يده مع أيدينا. فوصله اكتفاء بهذا التعريض الذي بلغ ما لم يبلغه صريح السؤال. ومنها: أن يكون ذلك لرعاية يد أو جزاء على صنيعة» فيرى تأدية الحق عليه طوعاً ليكون من رق الإحسان عتيقاًء وقد قال بعض الحكماء: المعروف رق والمكافئات عتق قال أبو العتاهة“ . وليست أيادي الناس عند غنيمة ورُب يد عندي أشد من الأسر ومنها: أن يستعطف الناس بذلك ليذعنوا لرئاسة هو لها محب٠ وعلى طلبها منكب. وقد قال بعض الأدباء : بالأحسان يرتبط الإنسان وقال بعضهم: من أبذل ماله أدرك آماله . وینشد: أترجو أن تسود ولن تغنا فكيف يسود ذو الدعة البخيل (١) في الأصل: لتعريض يتنبه عليه بفطتته. وأرى أن العبارة قد أصابها غموض» أو تحريف. فكتبتها على ما هو مباشر ومتبادر إلى الفهم والذهن. (۲) هو شاعر الزهد والحكمة إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان أبو إسحاق العتزي الكوفي كان في أول حياته ماجناً فوصفوه بالعته ثم تاب الله عليه وزهد في الدنيا وكتب من الأشعار ما يرقق أفئدة العاصين ويؤمل القانطين ويشرح صدور اليائسين فعليه وعلينا رحمات الله آمين. قنطرة النفس ١۱۲ ومنها: أن يدفم به سطوة الأعداء ليكونوا له إخواناً إما لصيانة عرض أو حراسة مجد قال ولم يجتمع شرق وغرب لقاصدي ‏ ولا المجد في كف امرىء والدراهم ولم أر كالمعروف تدعى حقوقه مغارم في الأقوام وهي مغانم ومنها: أن یربی بها صنيعة آولاها کي لا ينسى ما أولاء؛ لأن مهمل الإحسان / مقطوع [٤٤١] منسی قال : وسمت امرء بالعرف ثم اطرحته ومن أفضل الأشياء رب الصنائع ومنها: أن يكون ذلك لمحبة يؤثر بها المحبوب على ماله؛ لأن النفس إلى محبوبها أشوق فلا يبخل عليه بماله . ومنها: أن يعطي ذلك لغير سېبء وإنما هي سجية فطر عليهاء وشيمة طبع عليها فلا یمیز بین مستحق ومحروم کما قال شار : ليس يعطيك للرجاء وللخوف ولكن يلذ طعم العطاء وقد اختلف في هذا فقال: قوم هذا هو السخاء طبعاً وللمدح منسوب والتمييز شطر البخل؛ والبذل لسبب الجاه ضرورة. وقال الحسن بن سهل: إذا لم أعط إلا مستحقاً فكأني أعطيت غريماً. وقال بعض السلف: العجب لمن يرجو من فوقه كيف يحرم من دونه وأنشد لېشار: وما الناس إل صاحبان فمنهم سخي ومغلول اليدين من البخل وسامح يدا ما أمكنتك فإنها تغل وتشري والعواذل في شغل وقال آخرون: هذا خارج عن السخاء المحمود إلى التبذير المذموم؛ لأن العطاء إِذا كان لغير سبب كان المنع لغير سبب؛ لأن المال يقصر عن الحقوق فما يناله من الذم غير المستحق أكثر مما يناله من حمد غير المستحق وحسبك بمن كانت أفعاله تصدر من غير تمييز وتوجد لغير علة قال الشاعر : () هو بشار بن برد أبو معاذ البصري الضرير المُرَعُث الشاعر المشهور قال عنه الذهبي في سير أعلام التبلاء (۷/٤۲): قال آبو تمام: هو أشعر الناس والسيد الحميري في وقتهما.. قلت: أي الذهبي اتهم بالزندقة وستين ومائة؛ وبلغ التسعين . ۱۲۲ قتطرة النفس لو كان المال يأينافكنا نبنره وليس لنتاعقول أفلما أن تولى المال عنا عقلنا حين ليس لنتافضول وأما إذا كان البذل عن سؤال فشروطه معتبرة في السائل والمسؤولء أما ما كان معتبراً في السائل فهو ثلاثة شروط : أحدها: أن يكون السؤال لضرورة فلا لوم عليه ولا حرج› قال الشاعر : ]141[ / ألا قبح الله الضرورة إنها تعلمٌ أعلى الخلق أدنى الخلائق ولله در الاتساع فإنه يبين فضل السبق من غير سابق فإن ارتفعت الضرورة ودعت الحاجة إلى السؤال لدفع ضرر يمكن أن يكون ويمكن أن لا يكون فإن النفس تحتمل من الضرر ما أطاقتء ومن الشدة ما تحملت ليبقى تجملهاء قال الشاعر: على كل حال يأكل المرء زاده على البؤس والضراء والحدثان فالفضل في مثل هذا ما قيل لبعض الزهاد: لو سألت حمارك لأعطاك. قال: والله لا أسأل الدنيا من يملكها فكيف من لا يملكها. ووصف بعض الشعراء قوماً فقال : إذا افتقروا عضواً على الضر حسبه ‏ وإن أيسروا عادوا سراعاً إلى الفقر وإما أن يسأل لغير ضرورة مست ولا لحاجة دعت فذلك صريح اللوم ومحض الدناءة› وقل ما تجد مثله ملحوظاً وممولا محظوظاً؛ لان الحرمان ساقه إلى أخبث المطاعم فلم يبق لوجهه ماء إلا أراقه ولا ذل إل أذاقه ولو استقبح العار لوجد غير ولا تطلبن معيشةبتنلل فليآأتينك رزقفكك المقشدور واعلم بأنك آخحذ كل الني هو في الكتاب محبّر مسطور والثاني: من شروط السؤال: أن يضيق الوقت على إبطائه فلا يجد لنفسه في التأخير فسحة فيصير حينئلٍ من المعذورين» وداخلاً في عدد المضطرين» وأما إذا كان الوقت متسعاً فتعجيل السؤال لؤم وقنوط قال: ابی لي إغضاء الجفون على القذا يقني أنلاعسر إلا مفرّج آلا ريما ضاق الفضاء بأهله وأمكن من بين الأسنة مخرج قنطرة النفس ۱۲۳ / والشرط الثالث: اختيار المسؤل أن يكون مرجو الإجابة مأمول النجح إما لحرمة [14۲] السائل» أو كرم في المسؤول فإن من سأل لئيماً لا يرى حرمة ولا يولى مكرمة فهو في اختیاره ملوم وفي سؤاله محروم. وقد قال بعض الحكماء: المخذول من كانت له إلى اللثام حاجة وقال بعض البلغاء : آنذل من الليئثم سائله وأقل من البخيل نائله. قال الشاعر: من کان يأمل أن یری من ساقط نيلا سني فقد رجا أن یجتبی من عوسج رطباً جنياً وأما الشروط المعتبرة في المسؤول فثلائة أيضاً: أحدها: أن يكتقى بتعريض السائل دون سؤاله ليصونه عن ذل الطلب فإن الحال ناطقة وربما فهم المسؤول الإشارة فصرح بالعبارة تهجيناً للسائل ليستحى فكيف كما قال أبو تمام ° : من كان مفقود الحياء فوجهه من غير بواب له أبواب والثاني: أن يتلقا بالبشر والترحيب ليكون مشكوراً إن أعطى ومعذوراً إن منع. وقال: وحكى ابن لبكر أن أبا بكر بن دريد قصد بعض الوزراء في حاجة فلم يقضها وظهر له منه ضجر فقال : لا تدخلنك ضجرة من سائل فلخير دهرك أن تّرى مسؤولا لا تجبهن بالرد وجه مؤمل فبقاء عزك أن ترى مأمولاً تلقى الكريم فتستدل ببشرة وترى العْبُوس على اللئيم دليلا واعلم بيأنك عن قليل صائر خبراًفكن خبراً يروق جميلا والشرط الثالث: تصديق الأمل وتحقيق الظن بهء ثم اعتبار حاله وحال السائل فإنها لا تخلو من أربعة أحوال: أحدها: أن يكون السائل مستحقاً والمسؤول متمكناء فاللإجابة هاهنا تستحق كرما وتلزم (١) شاعر العصر أبو تمام حبيب بن أوس بن قيس الطائي من حوران أسلم وكان نصرانياً مدح الخلفاء والكبراء وشعره في الذروةء وكان أسمر طوالاً فصيحاً عذب العبارة مع تمتمة قليلةء ولد في أيام الرشيد وكان أولاً حدثا يسقي الماء بمصرء ثم جالس الأدباء وأخذ عنهم وكان يتوقد ذكا وسحت قريحته بالنضم البديع. . . وكان يوصف بطيب الأخلاق والظرف والسماحة. (والذهبي في سير أعلام النبلاء ١٠/ 6۳). :1 قتطرة النفس مروءة» وليس إلى الرد سبيل إلا من استولى عليه البخل فیکون كما قال فيه عبد الرحمن بن سا٩ : ]4۳[ /إني ريت من المكارم حسبكم أن تلبسوا حر الثياب وتشبعوا فإذا تذكرت المكارم مرة في مجلس أنتم به فتقلعوا فإذا لم يكن للرد في مثل هذه الحالة سبيل نظر فإن كان التأخير مضراً عجل بذله› وقطع مطله وکانت إجابته فعلا لا قولا. وقد قال : بعض الحكماء : من مروءة المطلوب إليه أن لا يلج إلى الإلحاح عليه قال: محمد بن الحازم . ومنتظلر سؤالك بالعطايا وأشرف من عطاياه السؤال إذا لم يأتك المعروف طوعاً فدعه فالتتزهعنه مال فإن كان في التأخير فسحة فقد اختلفت مذاهب الفضلاء فيه: فذهب بعضهم إلى أن الأولى تعجيل الوعد قول ثم يتعقبه الإنجاز فعلاً فيكون السائل مسروراً بعاجل الوعد» ثم بأجل الإنجازن ویکون المسؤول مرهوناً بالکرم ملحوظاً بالوفاء . وفي الحديث : «العدة عطة"“ . رجلین : [ما معوز ينتظر جدة؛ وإما شحيح يروض نفسه توطئه للعطاء › وليس للوعد في غير هاتين الحالتين وجه يصلح لما يخاف في الوعد من تغبير حال الإنسان من يسار إلى أعسار قال بعض الشعراء : يا أيها الملك المَُدَمْ أمره شرقاً وغرباً ‏ فامنن بختم صحيفتي ما دام هذا الطين رطباً واعلم بأن جفافه مما يعيد السهل صعباً والحالة الثانية: أن يكون السائل غير مستوجب والمسؤول غير متمكن؛ ففي الوعد فسحة وفي المنع عذر غير أنه يلين عند الرد لينا يقيه الذم ويظهر عذراً ينفي عنه اللوم› فليس کل مقل يعرف ولا كل معذور ينصف . () هو ابن حسان بن ثابت الأنصاري المدني الشاعر ابن الشاعر وأمه هي سيرين خالة ٳبراهيم ابن النبي يَف توفي سنة أربع ومائة. (قاله الذهبي في سير أعلام التبلاء (5/ 64: 65). (۲) رواه الطبراني في الأوسط من حديث قباث بن أشيم بسند ضعيف» وأبو نعيم في الحلية من حديث بن مسعود؛ ورواه ابن أبي الدنيا في الصمت؛ والخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث الحسن مرسلاً. قاله العراقي في المغني عن حمل الأسفار (۳/ 7۹)٠ قنطرة النفس ٥۱۲ والثالثة: أن يكون السائل مستوجباً والمسؤول /غير متمكن فيعطي ما أمكن من يسير [٤٤٠] ليسدّ خلةء ويوضح من القول أن يظهر من التوجع ما يعُذر به كما قال النظر العتبي : الله يعلم أني لست ذا بخل ولست ملتمساً في البخل لي عللا لكن طاقة شلي غير خافية والنمل يعذر في القدر الذي حملا الحالة الرابعة: أن يكون السائل غير مستوجب المسؤول متمكناً فينظر فإن خاف بالرد وعن الأصمعي قال: كتب الحسن بن علي إلى أخيه الحسين: أنه يعاب علينا إعطاء الشعراء فكتب إليه: خير المال ما وقى العرض. فإن أمكن ذلك فمن الناس من غلب المسألة وأمر بالبذل للا يقابل الرجاء بالخيبة ولما فيه من اعتياد البذل المفضي إلى السخاء كذلك اعتياد الرد مفض إلى الشح. وأنشد الأصمعي : فما تدري إذا أعطيت مالا أيكثر من سماحك أم يقل إذا حضر الشتاء فأنت صيف وإن حضر المصيف فأنت ظل ومن الناس من غلب المنع في هذا إذا كان العطاء في غير حق يقصر به عن الحقوق إِذا وأما من وعد بالبذل النوالء فلا سبيل له إلى الرد والمنع لأنه قد صار بوعده مرهوناً وصار وعده بالوفاء مقروناء فإن رد السائل استوجب مع ذم المنع لوماً ولخلف الوعدء ومقت الغادر وهجنه الكذوب› ثم لا سبيل إلى مطله بعد الوعدء لما في المطل من تكدير المنعء وتمحيق الشكر والعرب تقول: المطل أحد المنعين واليأس أحد النتجحين وقال يشار بن بُرٌد: أظلت علينا منك يوماً غمامة أضاءت لنا برقا فأبطاً رشاشها فلا غيمها يجلى فييأس طامع ولا غيثها يأتي فيروي عطاشها / ثم إذا أنجز وعده بالعطاء فليكن مسروراً بما أولى إذ كانت الأرزاق مقدرة فجعلت [145] على يده جارية ومن جهته واصلة . وحكي أن رجلا شكى كثرة عياله إلى بعض الزهادء فقال: انظر من کان منهم لیس رزقه على الله فحوله إلى منزلي. ويروى عن بعض السلف أنه كان يقول: إذ! جاءكم المسكين ١۱ قتطرة النفس جاءكم الغسال. وقال عليه السلام: «اليد العليا خير من اليد السفلى»". اليد العليا المنفقة واليد السفلى السائلة. قال الشاعر : فإنك لا تدري إذا جاء سائل أأنت بما تعطيه أم هو أسعد عسى سائل ذو حاجة إن منعته من اليوم سُؤلاً أن يكون له غد ويروى أن سيرين قال لرجل كان يأتيه على دابة ففقدها قال: ما فعل برذونك؟ قال: اشتدت علي مؤنته فبعته. قال: أفتراهء خلق رزقه عندك وأنشد لابن الرومي : إن لله غير مرعك مرعى ترتعيه وغير مائثك ماء فإذا سخطت نفسه بالعطية فأولاها فينبغي أن يكون قصده ابتغاء وجه الله تعالى ليرضاها ولا يضيع عنده جزاءها كالذي حكي عن أبي مهاصر رحمه الله أنه أعطى بغلا له ليحمل عليه مريضاً من الغرباء. فقالوا: أين نلقاك؟ فقال بالبربرية: آشَ أن وَندَد مَغْرَنْ ‏ أراد يوم القيامة . وروي أن امرأة وقفت ببابه سائلة فقال : ادخلي. فاعتذرت إليه من رثاث ثيابها فرمی إليها كساءة كحلا - وهي الطاق بالبربرية - وأعطاها ويبة شعير وويبة تین فخرجت» م رمت بالطاق . فقال: ما أعطيته لك لترديه. وروي أن أعرابياً أتى عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال : ياعمرالخير جزيت الجنه اكس بناتي وأنهنه أقسم باللَه لتفعلنه قال عمر رضي الله عنه: فإن لم أفعل فماذا يكونن؟ فقال: إِذاً أبا حفص لأذهيه . قال : إن ذهبت فماذا يکونن؟ قال : تسئل عن حالي وحالتهته وموقف المسؤول إمّا إلى نار وإِمًا إلى جنه (١) أطراف الحديث عند: البخاري في الصحيح (۱۳۹/۲)› ومسلم في الصحيح (۷۱۷). أبي داود في الستن (١٤١۱)› الترمذي في الجامع الصحيح (1۳4۳) والنسائي في المجتبى (5٥/14061) مالك في الموطاً (۹۹۸)ء وأحمد في المسند (۲/٤)ء عبد الرزاق في المصنف (٢٤٠۲))› ابن أبي شيبة في المصف (۲۱۱/۳). قنطرة النفس ۱۷ فیکی عمر رحمه [الله] حتى أخحضلت الدموع لحيته؛ فقال عمر لغلامه: أعطه فعسى لذلك اليوم لا لشعرة أما والله لا أملك غيره. فإذا كان العطاء على هذا الوجه خلا عن طلب جزاء وشكرء وعرى عن إمتنان ونشرء فكان ذلك أشرف للباذل وأهناً للسائل» أما إذا كان العطاء لطلب الشكر والثناء فالمعطى خارج عن حكم السخاء والكرم؛ وإن طلب به الجزاء والمكافأة كان تاجراً مربحا بالتجارة . وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: ولا تَمْنْنْ تَسعَكيڳ"'. أنه الذي يعطي عطية يلتمس بها أفضل منها. وعن الحسن قال: معناها لا تمنن بعملك تستكثره على ربك . إنما ينبغي لمن عنده فضل من المال أن يجعله برا مدخوراً لهول يوم النشور لأن له في ماله شریکین يأخذانه من غير مشورته؛ وهما المصائب والرثةء فإن استطاع أن لا يكون أخسن الثلاثة فليفعل . وقيل للبخيل: لم حبست مالك؟ قال: للنوائب قيل: قد نزلت بك . قال : مالك من مالك إلأ الذي قدمت فابذل طائعاً مالكاً تقول أعمالي ولو فتشوا رأيت أعمالك أعمى لكا فينبغي لمن قدر على إسداء المعروف أن يعجله حذر فواته ويتبادر به خيفة عجزه وقد روي عن النبي يِل وسلم أنه قال: «من فتح له باب خير فلينتهزه فإنه لا يدري متى يغلق ِ ae وعنه أيضاً أنه قال: «ثمرة المعروف تعجيل السراح. وقيل لأنوشروان: ما أعظم المصائب عندكم؟ قال: أن تقدر على المعروف ولا تصنعه حتى يفوت. / وقال بعض السلف: [147] من أخر الفرصة عن وقتها فليكن على ثقة من فوتها. قال الشاعر: إذا هبت رياحك فاغتنمها فإن لكل عاصفة سكون ولا تففل عن الإحسان فيها ولا تدري السكون متى يكون واعلم أن للمعروف شروطاً لا يتم إل بها. )۱( لفظ الجلالة سقط سهواً من المخطوط واثبتناه بين معقوفين. () سورة المدثر الاية: ٦. (۳) أطراف الحديث في: كنز العمال للمتقي الهندی (٤۳٤٤)› الزهد لأحمد بن حتبل (٤۳۹). )4( طرفة عند: الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (۸/١۱۷)› القرطبي في التفسير (0/ ٤۳۸). ۱۸ قنطرة النفس من ذلك : ستره وقد قال بعض الحكماء : إذا اصطنعت المعروف فاستره فإذا اصطنع إليك فانشره. على أن ستر المعروف من أقوى أسباب ظهوره وآبلغ دواعي نشره لما جبلت عليه النفوس من إظهار ما أخفى وإعلان ما إكتم. وأنشد لسهل بن هارون: حل إذا جه يوماً لتسأله أعطاك ما ملكت كفاه واعتذرا يخفى صنائعه والله يظهرها إن الجميل إذا أخفيته ظهرا ومن شروط المعروف: تصغيره وتقليله. وقد روي عن العباس بن عبد المطلب أنه قال : لا يتم المعروف إل ٹشلاث خصال : تعجیلە› وتصغیره›» وستره»› فإذا عجلته فقد هنيتهء وإذا صغرته فقد عظمته؛ وإذا سترته فقد أتممته. قال الشاعر: ومن شروط المعروف: مجانبة الامتنان به: لما فيه من إسقاط الشكر وإحباط الأجر. قال الشاعر : أبطلت بالمن ما قدمت من حسن ليس الكريم إذا أعطى بمنان وقد روي عن النبي يِل أنه قال: إياكم والامتنان بالمعروف فإنه يبطل الشكر ويمحق الأجر؛ ثم تلى ي يها الَذِينَ منوا لا نلوا صَدَفَاِكُمْ بالْمَنَ وَالأَدّى€. وينشد للشافعي : لاتحملن لمن يمن علي لامرن الأنام سه واختر لقسك حظها واصبر فإن الصبر جنه من الرجال على القلوب أشد من وقع الأسنه ومن شروط المعروف: أن لا يحقر منه شيثاً: فإن فعل الخير أفضل من تركه. وقد روي عن النبي عليه السلام أنه قال : «لا يمنعكم من المعروف صغره» وقال: «اتقوا النار ولو بشق تمرة». على أن المعروف ما لا مشقة فيه على موليه وإنما هو حباة يستظل به الأدنى ويرتفق به التابع . وقال الشاعر : (۱) الاية 4٤ من سورة البقرةء والحديث أورده القرطبي في تفسير (۲/ ١۳۱). (۲) أطراف الحديث عند: البخاري في الصحيح (/1) مسلم في الصحيح (الزكاة 1۸)› البيهقي في الستن الكبرى (٥/٢۲۲)› وابن خزيمة في الصحيح (٨۲)› الدارمي في الستن (١/ ١۱۹). واعلم أن الإنسان لا يستطيع أن يوسع جميع الناس معروفه ولكن ينبغي أن يعتمد به أهل الفضل والرعاية ليكون معروفه فيهم نامياً وصنيعه عندهم زاكياً. وقد روي عن النبي يَأ أنه قال: «لا تتفع الصنيعة إل عند ذي حسب ودين . وقال: «إذا أراد الله بعبد خيراً جعل صنائعه في أهل الحفاظ». وقيل في منثور الحكم: لا خير في معروف إلى غير معروف. وقال بعض الحكماء: على قدر المغارس يكون اجتناء الفارس: فنظمه الشاعر فقال : لعمرك ما المعروف في غير أهله وفي أهله إلا كبعض المزارع فمستودع ضاع الذي كان عنده ومستودع ما عنده غير ضائع فمزرعة طابت واضعف نبتها ومزرعة كدت على كل زارع وما الناس في شكر الصنيعة عندهم وفي كفرها إلا كبعض المزارع أما من أهدي إليه معروفاً فقد صار به موثوقاً ولزمه إن كان من أهل المكافئات أن يكافىء عليها وإلا فليقابل المعروف بنشرة ويقابل الفاعل بشكره. وقد روي عن النبي عليه السلام أنه قال: «من أودع معروفاً فلينشره ومن نشره فقد أذ شكره وإن كتمه فقد كفره. / وعن عائشة [٤٤۱] رضي الله عنها أنها قالت: دخل علي رسول الله يلو وأنا أتمثل بهذين البيتين : افع ضعيفك لا يحوبك ضعفه يوماً فتدركه العواقب قد نما يجزيك أو يثنى عليك‌فإن من ائنى عليك بما فعلت فقد جزى فقال عليه السلام: «رّدي على قول اليهودي قاتله الله لقد أتاني جبريل عليه السلام برسالة من ربي تعالى أيما رجل صنع إلى أخيه صنيعة فلم يجد لها جزاء إلا الدعاء والثناء فقد كافأه. وقيل في منثور الحكم: المعروف رق والمكافأة عتق. وقال بعض الأدباء : شكر الله بحسن الشاء وشكر الولاة بصدق الولاء وشكر النظير بحسن الجزاء وشكر من دون بسيب العطاء وقال بعض العلماء: من لم يشكر الأنام فاعدوه من الأنعام. ومن أشكر الناس الذي يقول: () طرفه عند: ابن عساکر في تاریخ دمشق (٤/٤۳۱)؛ ابن عدي في الکامل (۲/٤۷۷). () اورد نحوه المتقي الهندي في كنز العمال (۳۳١٦۱۲). ١۱۳ قتطرة النفس وني الحديث عن رسول الله يلو أنه قال: «لا يشكر الله من لم يشكر الناس*' فإن من شكر معروف من أحسن إليه فقد أدى حق النعمة التي عليه ولم يبق عليه إلا استدامة ذلك اتماماً لشكره ليكون مستحقاً للمزيد من جهة صاحب الإحسان المفيدء وصلى الله على سيدنا محمد. فصل: في الإيثار وفضله اعلم أن السخاء والبخل ينقسم كل واحد منهما إلى درجات؛› فأرفع درجات السخاء : الإيثار وهو أن يجود بالمال مع الحاجة إليهء كما أن أخس درجات البخل أن يبخل على نفسه ( على نقسه مع / الحاجة. وذلك يؤثر غيره على نفسه مع الحاجة. فانظر ما ر بين الرجلين فإن الأخلاق عطايا يضعها الله حيث يشاءء وليس بعد الإيثار درجة في السخاء› وقد أثنى الله على الصحابة فقال : ويون عَلى ايهم وَل كان بهم حَصَاصة». وعن آنس قال : أهدي لبعض الصحابة رأس شاة مشوي وکان مجهوداًء فبعث به إلى رجل له فوجه به إلى بیت آخر فتداولته سبع بیوت حتی رجع إلى الأول فتزلت الاية: «وَيُورُون على شيهم . وعن حذيفة العدوي قال: انطلقت يوماً إلى اليرموك أطلب ابن عم لي ومعي شيء من الماى وأنا أقول: إن كان به رمق سقيته» فإذا آنا به بين القتلىء فقلت له: أسقيك فأشار إل نعم فإذا رجل يقول: اء فاشار ابن عمي أن انطلق إليه فجثتهء فإذا هو هشام بن العاص؛ء فقلت له: أسقيك فسمع آخر يقول: آم فأشار هشام أن انطلق إليه فجئتهء فإذا هُو قد مات ورجعت إلى هشام فٳِذا هو قد مات؛ ورجعت إلى ابن عم لي فٳِذا هو قد مات . وعن رسول الله ي آنه قال: «آيما رجل اشتهى شهوة وآثر على نفسه أخاه غفر ه۳٩۰ (١) أطراف الحديث عند: أبي داود في الستن (4۸۱۱) أحمد في المسند (۳/۲١۲)› البيهقي في الستن الکېری (۱۸۲/۱)›؛ الطبراني في الكبير (۱/١١۱)› المنذري في الترغيب والترهيب (۷۷/۲)؛ البغوي في شرح السنة (۱۳/ ۱۸۷). () سورة الحشر الاية: ۹. (۳) قال العراقي في المغني (۳/٠۲5): رواه ابن حبان في الضعفاءء وأبو الشيخ في الثواب من حديث ابن = قنطرة النفس ١۱۳ وعن نافع قال: اشتهى ابن عمر سمكة بعدما نقه من مرضه» فالُّمست له بالمدينة فلم توجد إلا بعد كذا وكذاء فاششُريت بدرهم ونصف وشويت وجيء بها على رغیف فوضعت بین يديه فقام السائل بالباب فقال: لفها برغيفها فادفعها إليه. فقال له الغلام: أصلحك الله قد اشتهيتها منذ كذا وكذا. فقال: لفها فادفعها إليه . قال: ففعل الغلام فقال للسائل هل لك أن تأخذ درهماً وتردها؟ قال: نعم. فأخذها منه ووضعها بين يديه. فقال: لفها وادفعها إليه ولا تأخذ منه الدرهم» فإني سمعت رسول الله يِل / وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما شبع رسول الله يو ثلاثة أيام متواليات حتى [١١1] فارق الدنيا ولو شثنا لشبعنا ولكنا كنا نؤثر على أنفسنا". قال: ونزل ضيف برسول يِل فلم يجد عند أهله شيئاً فذهب به رجل من الأنصار إلى أهله فوضع بين يديه الطعام» وأمر امرأته بإطفاء السراجء وجعل يمد يده إلى الطعام كأنه يأكل ولا يأكل حتى أكل الضيف الطعام؛ فلما أصبح قال له رسول الله يَيٍ: «لقد عجب الله من صنيعكم إلى ضيفكم»""". ويقال أيضاً: فيه نزلت: «وَيَؤيرون على شيهم . فالجود من أخلاق الأنبياءى والإيثار أعلى درجات السخاءء وكان ذلك من دأب رسول الله يأو حتى سماه الله عظيماً فقال: «وَإنك لعلى خُلّقٍ عَظِيم”“. وعن سهل بن عبد الله قال: إن موسى عليه السلام قال: يا رب أرني بعض درجات محمد وأمتهء قال: یا موسى إنك لن تطيق ذلك لكن أريك منزلة من منازله جليلة عظيمة فضلته بها عليك وعلى جميع خلقي . قال: وكشف له عن ملكوت السماء ونظر إلى منزلة كادت تتلف نفسه من أنوارها. قال: يا رب بماذا بلغته به هذه الكرامة؟ قال: بخلق أخصصته به من بينهم هو الإيثارء يا موسى لا يأتي أحد منهم قد عمل به وقتاً من عمره إل استحبیت من محاسبته وبواته من جنتي = عمر بسند ضعيف. () روا البيهقي في الشعب بلفظ: ولكنه كان يؤثر على نفسهء وأول الحديث عند مسلم بلفظ ما شبع رسول الله يلو ثلاثة أيام تباعا من خبز بر حتى مضى لسبيلهء وللشيخين: ما شبع آل محمد منذ قدم المدينة ثلاث ليال تباعاً حتی قبض؛ زاد مسلم من طعام. قاله العراقي في المغني (۳/ ٢٥۲). )۲( متفق عليه من حديث أبي هريرة. المصدر السابق. (۳) سورة الحشر الآية: ۹. (8) سورة القلم الآية: ٤ . ۱۳۲ قنطرة النفس حيث يشاء. وقيل: خرج عبد الله بن جعفر- وهو أحد الأجواد- إلى ضيعة له فنزل على حائط قوم وفيه غلام أسود يعمل فيه إذ أوتي الغلام بقوته ثلاثة أقراص ودخل الحائط كلب فدنى من الغلام فرمی إليه بقرص فأكلهء ثم رمى إليه بالثاني والثالث: فأكلهماء وعبد الله ينظر. فقال عبد الله : يا غلام كم قوتك كل يوم؟ قال: ما رايت. قال: فلم آثرت هذا الكلب؟ قال: ما هي بأرض كلاب انه جائز مسافر بعید جائع فکرهت ردّه. قال: فما أنت صانع اليوم؟ قال: / أطوى يومي هذا. قال عبد الله : ألامٌ على السخاء؟! فهذا! أسخى مني فاشترى الغلام والحائط وما فيه من الألات فأعتق الغلام فوهبه له . وعن بعض الصوفية قال: كنا بطرسوس» فاجتمعنا جماعة وخرجنا إلى باب الجهاد› فاتبعنا كلب من البلدء فلما بلغنا باب الجهاد إِذ بدابة ميتةء فصعدنا إلى موضع خال فقعدناء فلما نظر الكلب إلى الميتة رجع إلى البلكء ثم رجع بعد ساعة ومعه مقدار عشرين كلباء فجاء إلى تلك الميتة فقعدنا ناحية ووقعت الكلاب بالميتة حتى أكلتها وذلك الكلب ينظرء ثم رجعت الكلاب إلى البلدء فقام ذلك الكلب إلى تلك العظام فأكل ما بقي على العظم قليلاً ثم انصرف . ومن كتاب سراج الملوك قال: ويروى أن إبراهيم بن أدهم”* قال لشقيق الزاهد علام بنيتم أمركم هذا؟ قال: إذا وجدنا أكلنا وإذا لم نجد صبرنا. قال إبراهيم: هكذا تعمل الكلاب ببلخ إذا وجدت أكلت وإن منعت صبرت» قال: نحن إذا وجدنا آثرنا وإن لم نجد صبرنا. ويروى أن امرأة من المتعبدات قالت ليحيى بن هلال وهو فى جماعة من أصحابه: ما السخاء عندكم في الدنيا؟ قال: البذل والإيثار. قالت: فما السخاء فى الدين؟ قال: أن تعبد الله سبحانه سخية به نفسك غير مكرهة. قالت: أفتريدون على ذلك أجرا؟ قال: نعم لأن الله وعد على الحسنة بعشر أمثالها. قالت: فإذا أعطيتم واحدة وأخذتم عشراً فبأي شيءِ سخیتم؟ وإنما السخاء أن تعبدوا الله متلذذين بطاعته غير كارهين› لا تريدون بذلك أجراء ألا تستحيون أن () الإمام العارف سيد الزهاد أبو إسحاق العجليء وقيل: التميميء الخراساني» البلخي» نزيل الشامء مولده غير حدود المثة.. كان إبراهيم بن أدهم من الأشراف» وكان أبوه كثير المال والخدم والمراكب والجنائب والبزاة (أي الصقور) فيينا إيراهيم في الصيد على فرسه بُركضه؛ إذ هو يصوت من فوقه: يا إيراهيم» ما هذا العيث اسيم انما حَلْفنَكُمْ عَباً € (المؤمنون: ١٠٠) اتق اللهء عليك الزاد ليوم الفاقةء فنزل عن دابته ورفض الدنيا. . وتوفي سنة اثنتين وستين ومثة وقبره يزار وترجمته في تاريخ دمشق في ثلاث وثلاثين ورقة. سير أعلام النبلاء ۷/ ۳۸۷). قنطرة النفس ۱۳۳ يطلع الله على قلوبكم فيعلم منها أنها تريد شيئاً بشيء. ويقال: السخاء في الدين أن تسحُو بنفسك وتتلفها بإراقة دمك لله تعالى سماحة من غير كراهة لا تريد بذلك ثواباً عاجلا ولا آجلا حتى يفعل الله بك ما لا تحسن أن تختاره لنفسك والله أعلم . الفصل السادس:/ في الاستعجال ]0۳[ قال الله تعالى : وَيَدْعُوا الإنْسَانُ بالشّرٌ دُعَاءَُ بالْحَّيْر وَكَانَ الإنْسَانْ عَجُولاً”°. وقال ايضاً: «خُلَ الاإنْسَانُ ِن عَجل4"". قيل: من طين» وقيل: هو من المقلوب تقديره: خلق العجل من الإنسان . وعن حاتم الأصم أنه قال: كان يقال: العجلة من الشيطان إلا في خمسة فإنها من سنة رسول الله يو وهي: إطعام الضيف إذا دخلء وتجهيز الميت إذا مات وتزويج البكر إذا أدركت» وقضاء الدين إذا وجب» والتوبة من الذنب. وقي الخبر: أن توحاً عليه السلام قال لإبليس - لعنه الله - وذلك أن الله أوحى إلى نوح عليه السلام آن کلمه فإني سأنطقه بحجتی عليه فقال : أي عدو الله ٩ أي أخلاق بني آدم أعون لك ولجنودك على إضلاله؟ فقال إيليس: نعم الخبير سألت ‏ إذا وجدنا ابن آدم شحيحاً أو حريصاً أو حسوداً أو جباراً أو عجولا تلقفنام فإن اجتمعت لنا فيه هذه الاخلاق سميناه فينا: شيطاناً مريداً رجيم وسأخبرك عن هذه الأخلاق بما تعرف به الحق: ألم تعلم أن الله أسكن أباك آدم الجنةء ثم فوضها إليه بجميع ما فيها وحرم عليه شجرة واحدة وحمله الحرص على تناولها فخرج بالحرص من جميع الجنة؟ ألم تعلم أن الله تعالى عرضنا للسجود لادم فأدركني الحسد والبغي فخرجت بذلك من ملكوت السموات وصرت شيطاناً لعينا؟ ألم تعلم أن ابن آدم قابيل شك بأخته على أخيه فحمله الشح على أن قتل أخاء فصيره إلى العقوق وإلى النار؟ ألم تعلم إنما هلك من هلك من قومك بالتجبر في الأرض والتكبر فصاروا بذلك إلى النار؟ ألم تعلم أن العجلة والحدة حملاك على أن دعوت الله على ابنك فغيرت دعوتك لونه وألوان أولاده من بعده إلى يوم القيامة؟ والله أعلم. واعلم أن العجلة تبدو منها أربع آفات : أحدها: أن العابد ريما يقصد منزلة في الخير فيجتهد فريما يستعجل في إدراكها وليس ذلك بوقتهاء فإما / أن يفتر ويترك الاجتهاد وييأس منها فيحرم تلك المتزلةء وإما أن يغلو في [٤٥1] () سورة الإسراء الآية: ١٠. () سورة الأنبياء الآية: ۳۷. ۳ قنطرة النفس الجهدء وإتعاب النفس فينقطع عن تلك المنزلةء فهو بين إفراط وتفريط وكلاهما نتيجة الاستعجال . وقد روي عن النبي يل أنه قال : «إن هذا الاين متين فأوغل فيه برفق» ولا تبغخض إلى نفسك عبادة اللء فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى»". وقال: «شر السير الحفحفةا. وهو الإأسراعء وفي المثل السائر: إن لم تستجل تصل: قال الشاعر: قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل والثانية: أن تكون للعابد حاجة فيدعو الله تعالىء ويكثر الدعاء ويجد؛ فربما استعجل الإجابة قبل وقتها فلا يجدها فيفتر ويسأم ويترك الدعاء ويحرم حاجته . الثالثة: أن يظلمه إنسان فيغيظه فيستعجل في الدعاء عليهء كالذي قدمنا من دعاء نوح عليه السلام على ابنه حام؛ فريما يهلك مسلم بسببه» أو يتجاوز الحد في الدعاء عليه فيقع في الرابعة: أن أصل العبادة وملاكها الورعء وأصل الورع النظر والبحث التام في كل شيء معرض للمتورع من أكل أو شرب أو لبس أو كلام أو فعل؛ فإذا كان الرجل مستعجلاً في الأمور غير متأمل ولا متثبت لم يقع توقف ونظر في الأمور كما ينبفي فيقع في الحرام والشبه والخطاً والغلط فيفوته الورع › وأي خير في عبادة بلا ورعء ولذلك قیل للمؤۇمن وقاف› والمنافق وثاب› وفي الحديث: «المؤمن: كيس فطنء حذر متثبت» وقاف لا يعجل؛ عالم ورع» والمنافق: همزة لمزة حطمةء كحاطب الليلء لا يبالي من أين اكتسب وفيما انفق»° وإذا كان في العجلة الانقطاع عن منازل الخيرء وحرمان الحاجات› وهلاك المسلمين وهلاكه› وخطر فوات الورع الذي هو رأس المال فحقيق على الإنسان أن يهتم لها بالإزالة وإصلاح النفس منها. وحقيقة العجلة: هي المعنى الراتب في القلب» والباعث على الإقدام على الأمر» فأول ]٥\1[ / خاطر دون التوقف فيه . والاستعجال : إتباع ذلك والعمل به وضدها الأناءة : وهی المعنتى الر اتب في القلب» الباعث على الاحتياط في الأمور والنظر فيهاء والتأني في اتباعها والعمل بها. () رواه أحمد من حدیث آنس؛ والييهقي من حدیث جابر. قاله العراقي في المغني (٤/ ۷۷). (۲) أطراف الحديث عند: العجلوني في كشف الخفاء (۲/ 400)› اپن حجر في الفح (٠٠/ ٠۳٥)» الألباني في الضعيفة ( ۰٦۷( قنطرة النفس ١۱۳ وأما التوقف: فضده التعسف» قال يعض العلماء: الفرق بين التوقف» والتأنتي: أن التوقف قبل: الدخول في الأمر حتى يستبين له رشده. والتأني: بعد الدخول فيه حتى يعطي الكل جزاء حقه. ثم مقدمات الإناءة ذكر وجوه الخطر في الأمور التي تعترض الإنسان وضروب الافات المخوفة فيهاء وذكر ما في النظر والتثبت من السلامة وما في التعسف والاستعجال من الندامة . فصل اعلم أن الحلم والرفق والإناءة خصال محمودة في الإنسانء وأظنها نتيجة حسن الخلق› أما الحلم فحده ضبط النفس عند هيجان الغضب» والتحلم تكلف ذلك وقد قيل للأحنف بن قيس”: أنت حليم. قال: لا إنما أنا أتحلم. فقيل له: من أين تعلمت الحلم؟ فقال: من قيس بن عاصم. قيل: وما کان من حلمه؟ قال: کان ذات يوم في مجلس متقلداً سیفه عاقداً حبوته وهو يحدث جلسائه» إذ جيء بأحد بنيه مقتولا» وبابن أخیه مکتوفاًء فمضی على حدیثه حتى أتمه ثم التفت إلى أحد بنيه فقال: ما هذا؟ قال: هذا ابنك قتله ابن أخيك. قال: فوالله ما تغير له لون ولا تلجلج له لسان ولا حل حبوته» فنظر إلى ابن أخيه فقال: رميت سهمك في جسمك» وقطعت يدك بىدك. ثم قال لابنه: اطلق كتاف ابن عمك» وادفن أخاك؛ء وادفع لأمه مائة ناقة» فإنها غريبة فينا مسكينة. ثم أنشأً يقول: أقول للنفس تأسيا وتعزيه إحدى يدي أصابتني فلم نزد كلاهما خلف من فقد صاحبه هذا أخحي حيث أنعوه وذا ولد وقد تقدم في فضل الحلم ما يكفي . وأما الرفق: فضده العف والخرق» ونتيجة الرفق: الإناءةء والرفقق واللين نتيجة حسن الخلق ومعنى حسن الخلق / أن يكون اللإنسان سهل [6٦10] العريكة لين الجانب» طلق الوجه» قليل النفورء طيب الكلمة. وأما الأناة: فقد تقدم معناهاء قال الشاعر : () الأمير الكبير العالم التبيل أبو بحر التميمي أحد من يضرب بحلمه وسؤذده المثل. . كان من قواد جيش علي يوم صفين. . قال قتادة عن الحسن. ما رأیت شريف قوم کان أفضل من الأحنف وقيل: كانت عامة صلاة الأحنف بالليلء وكان يضع أصبعه على المصباحء ثم يقول: حَسنَ (كلمة تقال عند الألم) ويقول: ما حملك يا أحنف على أن صنعت كذا يوم كذا؟ عن الأحنف: عجبت لمن يجري مجرى البول مرتين كيف يتكبر؟! قال الفسوي: مات الأحنف سنة سبع وستين؛ وقال غيره: توفى سنة إحدى وسبعينء وقال جماعة: مات في إمرة مصعب بن الزبير على العراق رحمه اللهء قاله الذهبي في سير أعلام النبلاء (1/4٦8: ۹7). ١۱۳ قنطرة النفس أناةً وحلما وانتظاراً بهم غداً فما أنا بألواتي وإلا الصّرع العُمر فصل: في فضيلة الرفق اعلم أن الرفق في الأمور ثمرة لا يثمرها إلا حسن الخلقء ولا يحسن الخلق إلا بضبط قوة الغفضب» وقوة الشهوة وحفظهما على حد الاعتدالء ولأجل ذلك اثنى رسول الله يَلْةٍ على الرفق وبالغ فيه فقال: «يا عائشةء أنه من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى حظه من خير الدنيا والاخرة» ومن حرم حظه من الرفق حرم حظه من خير الدنيا والأخرة»". وعنه عليه السلام أنه قال: «إذا أحب الله أهل بيت أدخل عليهم الرفق»" وقال: «إن الله ليعطي على الرفق ما لا يعطي على الخرق» وإذا أحب الله عبداً أعطاه الرفق» وما من أهل بيت يحرمون الرفق إِلا حرموا [محبة الله]. وقال عليه السلام: «إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف»”"'. وقال عليه السلام: «يا عائشة أرفقيء فإن الله تعالى إذا أراد بأهل بيت خيراً يَدلهم على باب الرفق»*'. وعنه عليه السلام: «أيّما وال ولى فلان ورفق رفق الله به يوم القيامةء". وقال عليه السلام: «أتدرون من يحرم على النار؟ كل لين سهل قريب“ . وقال عليه السلام: و «الرفق يمن والخرق شۇم“ وقال : «التأنى من الله وا لعجلة من الشيطان»' وینشد : () واه أحمدء والعقيلي في الضعفاء في ترجمة عبد الرحمٰن بن أبي بكر المليكي وضعفهء عن القاسم عن عائشةء وفي الصحيحين: من حديثهما: «يا عائشة أن الله يحب الرفق في الأمر كله» قاله العراقي في المغتي (۱۸۱/۳). () رواه أحمد بسند جيد والبيهقي في الشعب بسند ضعيف من حديث عائشة. المصدر السابق. )۳( ما بين المعقوفين من إحياء علوم الدين (۱۸۱/۳) وعلق العراقي على الحديث بهامش فقال: رواه الطبراني في الكبير من حديث جرير بإسناد ضعيف. )٤( رواء مسلم من حديث عائشة: العراقي في المغني (۱۸۱/۳). () رواه أحمد من حدیث عائشة وفيه انقطاع؛ ولأبي دارد: يا عائشة ارفقي: المصدر السابق. 9( دراه ملم من حديث عائشة. وفي حديث فيه: ومن ولى من أمر أمتي شيثاً فرفق بهم فارفق به. المصدر بی . )۷( رواه الترمذي من حديث اين مسعود. المصدر السابق. () روا الطبراني في الأوسط من حديث ابن مسعود والييهقي في الشعب من حديث عائشة وكلاهما ضعيف. المصدر السابق. )۹( دوه پو بی سن حدیثی آنس؛ء ورواه الترمذي وحسنه من حديث سهل ابن سعد بلفظ الأناة من الله ٠ قنطرة النفس ۱۳۷ اللرفق يمن والأناة سعادة والطيش أقيح بالرجال وأخحرق لو سار آلف مدجج في حاجة لم يقضها إلا الذي يترفق ويروى عنه عليه السلام أن رجلا أتاء فقال: يا رسول الله إن الله قد بارك لجميع المسلمين فيك فاخصصني منك بخير. فقال: «الحمد لله» مرتين أو ثلاثاً. ثم أقبل عليه فقال : «هل آنت مستوص» مرتين أو ثلاثاً. /قال: نعم. قال: «إذا أردت أمراً فتدبر عاقبته› فإن كان [۷٥1] رشداً فامضهء وإن كان سوى ذلك فانته»". وعن عائشة أنها كانت معه عليه السلام في سفر على بعير صعب فجعلت تصرفه يمينا وشمالا فقال: «يا عائشة عليك بالرفق فإنه لا يدخل في شيء إل زانه ولا يتزع من شيء إل شان . وفي الخبر موقوفاً مرفوعاً إلى رسول الله يٍَ أنه قال: «العلم خليل المؤمن» والحلم وزير والعقل دليلهء والعمل فيم والرفق والدهء والبر واللين أخواهء والصبر أمير جنوده»". الأثار: قال بعض العلماء لأصحابه: أتدرون ما الرفق؟ قالوا: قل . قال: قد قيل أن تضع الأمور مواضعهاء الشدة في موضعهاء واللين في موضعهء والسيف في موضعهء والسوط في موضعه. هذه إشارة إلى أنه لا بد من مزج الغلظة باللين › والفظاظة بالرفق. كما روي عن لقمان أنه قال لابنه: يا بني لا تكن حلواً عند السفهاء فييتلعوك» ولا مرا عند الفقهاء فيرفضوك. وينشد: وضع الندى في موضع السيف بالعلى ‏ مضر كوضع السيف في موضع الندى فالمحمود وسط بين العف واللين كما في سائر الأخلاقء ولكن لما كانت الطباع إلى العف أميل كانت الحاجة إلى ترغيبهم في جانب الرفق أكثر. وعن عمرو بن العاص أنه قال لابنه عبد اللّه: ما الرفق؟ قال: أن تكون ذا أناةء وتلاين الولاة. قال: فما الخرق؟ قال: معاداة إمامك» ومناوأة من يقدر على ضرك. () روا ابن المبارك في الزهد والرقائق من حديث أبي جعفر هو المسمى: عبد الله بن مسور الهامشي ضعيف جداء ولأبي نعيم في كتاب الإيجاز من رواية إسماعيل الأنصاري عن أبيه عن جده: إِذا هممت بأمر فاجلس فتدبر عاقبته. وإسناده ضعيف. قاله العراقي في المغني (۱۸۱/۳: ۱۸۲). )۲( رواه مسلم العراقي في المغني (۲/ ۱۸۲). () روا أبو الشيخ في كتاب الثواب؛ وفضائل الأعمال من حديث أنس بسند ضعيف» ورواء القضاعي في مسند الشهاب من حديث أبي الدرداء وأبي هريرة وكلاهما ضعيف. المصدر السابق. ۱۳۸ قنطرة النفس ويروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: بلغه أن جماعة من رعیته اشتکوا من عمالهء فأمرهم أن يوافوه» فلما توء قام فحمد الله وأثنى عليهء ثم قال: أيتها الرعيةء إن لنا عليكم حق النصيحة بالغيب» والمعاونة على الخير أيتها الرعاة: إن للرعية عليكم حقاء واعلموا أنه لا حلم أحب إلى الله ولا أعظم من حلم إمام ورفقه» وليس جهل أبغض إلى الله ولا أعم من [] بجهل إمام وخرقه» واعلموا أنه من يأخذ بالعافية فيمن / بين ظهرانيه يرزق العافية ممن هو دونه. وقال وهب بن منبه: الرفق من الحلم. وقال بعض السلف: ما أحسن الإإيمان يزينه العلم وما أحسن العمل يزينه الرفق» وما أضيف شيء إلى شيء مثل حلم إلى عمل. وروي أن عمرو بن العاص كتب إلى معاوية يعاتبه في التأني فكتب إليه معاوية: أما بعد فإن التفهم في الخير زيادة رشدء وأن الرشيد من رشد عن العجلةء وأن الخائب من خاب عن الأناق وأن المتثبت”" مصيب أو كاد أن يكون مصيباء وإن العاجل مخطىء أو كاد أن يكون مخطثاء وإن من لم ينفعه الرفق يضره الخرقء ومن لا تنفعه التجارب لا يدرك المعالي. فأجابه عمرو: اعلم أنه وإن حث الشرع على الرفق فإن العنف في محله حسن أيضاً. وقد روي عن ابن عون الأنصاري؛ أنه قال: ما تكلم الناس بكلمة صعبة إلا وإلى جانبها كلمة تجري مجراها. وقال أبو حمزة الكوفي: لا تتخذ من الخدم إل ما لا بد لك منه فإن مع كل إنسان شيطاناً واعلم أنه لا يعطونك بالشدة شيئا إلا أعطوك باللين ما هو أفضل منه. فهذا ثناء آهل العلم على الرفق؛ وذلك لأنه محمود ومفيد في أكثر الأحوالء وأغلب الأمور» والحاجة إلى العنف قد تقع ولكن على الندور» وإنما الكامل من يميز موضع الرفق من مواضع العف ويستعمل كلا في موضعهء وإن أشكل عليه بعض الوقائع فليكن ميله إلى الرفق» فإن التجاح صعب في الأكثر""» والله أعلم. فصل: في حسن الخلق قال الله لنبيه عليه السلام: «وَإنكَ لملى خُلقٍ عَظم»”. وعن عبد الله بن عمر قال: قلت لعائشة ثشة رضي الله عنها صفي لي خلق رسول الله فقالت لي : أما تقر القرآن؟ كان خلقه القرآن. وحسبك بهذا الاسم منقبة بالرسول وتعريفاً له بحسن الخلق› إذ القرآن يجمع کل () في الاصل: القبث. والتصويب من إحياء علوم الدين (۳/ ۱۸۲). (۲) راجع في معظم الاثار الواردة هنا إحياء علوم الدين (۳/ ۱۸۱: ۱۸۲). )۳( سورة القلم الاية: ٤ . قنطرة النفس ۱۳۹ فضيلة وينهى عن كل نقيصة ورذيلة» قال الله تعالى: لخُذ الْعَفُوَ وَأمُرْ بالعُرّف وَأُرضن عَن الجَاهلين 4" . قال عليه السلام: / «ما هذا يا جېريل؟). ]۹٥1[ قال: إن الله يأمرك أن تصل من قطعك وتعفو عمّن ظلمك وتعطي من حرمك وتحسن إلى من أساء إليك. فانظر أين أخلاق الخاصة اليوم فضلاً عن العامةء فإن أحدهم ليقطع من وصله؛ ويحرم من أعطاهء ويظلم من سالمهء ويغضب على التهمة. وإنما اقتصر على هذه الكلمة لأنها أصل الفضائل وينبوع المناقب: للأن في أخذ العفو صلة القاطعء والصفح عن الظالم وإعطاء المانع . وفي الأمر بالمعروف تقوى اللهء وصلة الرحمء وصون اللسانء وغض الطرف عن المحرماتء وفي تقوى الله تدخل جميع آداب الشرع فرضها ونفلهاء وفي الإعراض عن الجاهلين الصفح والحلم وتزيه الس عن مجازاة السفية وممارة جوج » فهذه الأصول الثلائة تتضمن محاسن الشرع نصاً وتنبيهاء وقال عليه السلام: «بعثت لأتمم محاسن الأخلاق"°. وعنه أيضاً سثل: أي المؤمنين أفضل إيمانا؟ قال : «أحىستهم لقا لقا . وقال «إن الله اختار لكم اللإسلام ديناً فأكرموه بحسن الخلق والسخاء فإنه لا يكمل إلا بهما». قال عليه السلام: «أثقل ما يوضع في الميزان يوم القيامة الخلق الحسنء”** وقال معاذ: قال لي رسول الله يَلٍ: «حسّن خلقك للناس». وقال عليه السلام: «يا أبا هريرة عليك بحسن الخلق“ وقال رجل: يا رسول الله أوصني . قال: «اتق الله حیثما کنت» قال: زدني . قال: «خالق الناس بخلق حسن». قال عليه السلام: «أحبكم إِليّ أحسنكم أخلاقاً الموطؤن أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون» ٠ (١) سورة الأعراف الآية: 1۹۹. () رواه أحمد والحاكم» والبيهقي من حديث أبي هريرة (المغني ۳/ ۸٤)۰ (۳) روا أبو داود والترمذي؛ والنسائي» والحاكم من حديث أبي هريرة وتقدم في التكاح بلفظ أكمل المؤمئين وللطبراني من حديث أبي أمامة أفضلكم إيماناً أحسنكم خلقا. )٤( رواه آبو داود؛ والترمذي وصححه من حدیٹ آبي اللرداء. المصدر السابق. () رواه البيهقي في الشعب من رواية الحسن عن أبي هريرة ولم يسمع منه. قاله العراقي في المغني في ما هو آتم مته (۲/١٥۱). ١( رواه الترمذي من حديث أبي ذر وقال حسن صحيح. المصدر السابق. (۷) قال العراقي عن نحوه في المصدر السابق: رواه الطبراني في مكارم الأخلاق من حديث جابر بسند ١٤۱ قتطرة النفس وقال: «حسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار». وقال الأحنف بن قيس: ألا أخبركم بأدوى الداء؟ قالوا: بلى. قال: الخلق الدنيء والسؤال البذيء. وقال بعض البلغاء: من ساء خلقه ضاق رزفه. وعلة هذا القول ظاهرة. [] الخلق /الناس منه في بلاء وهو من نفسه في عناء. وقال بعض الأدباء: عاشر أهلك بأحسن الناره وينشد: إذا لم تتسع أخلاق قوم يضيق بهم الفسيح من البلاد إذا ما المرء لم يخلق ليبا فليس اللب عن قدم الولاد وقال بعض المفسرين في قوله تعالى : «وَِنّكَ لَعَلى خُلق عَظِيم€”. أنه لا بحاصم ولا يُحَاصِم من شدة معرفته بالله عز وجل . وقيل: معناه لم يؤثر فيك جفاء الحُلق بعد معرفتك بالحلق . وقيل: حسن الخلق استصغار ما منك واستعظام ما إليكء وقيل: حسن الخلق تحمّل أثقال الخلقء وقيل: هو كف الأذى واحتمال الجورء وقيل: حسن الخلق احتمال المكروه بحسن المداراة. وقيل: حسن الخلق قبول ما يرد عليك من جفاء الخلق» وقضاء الحق بلا ضجر ولا ملق . وقال بعض الحكماء: في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق› فإذا حسنت أخلاق اللإنسان كثر مصافوه وقل معادوه› فسهلت عليه الأمور الصعاب؛› ولانت له القلوب الغضاب. وفي الحديث عنه عليه السلام أنه قال : «[إنكم] لن تسعوا الناس بأموالكم فاسعوها ببسط الوجوه وحسن الخلق». وهذا الفصل واسع جداً تركت بعضه؛ واختصرت مخافة التطويل والله أعلم . (۱) (۲) (۳ الباب الثاني فى اللسان اعلم أن اللسان ترجمان القلب يعبر عن مستودعات ضمائره› ويخبر عن مكنونات رواه ابن عدي والطبراني في مكارم الأخلاق في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة قال ابن عدي في إسناده بعض النكرة. قاله العراقي في المغني (۳/ ٥٥٠). سورة القلم الاية: ٤ . ِ ما بين المعقوفين من إحياء علوم الدين ن(۹/۳٤) وعلق عليه العراقي بهامشه بقوله: رواه البزار وأبو يعلى والطبراني في مكارم الأخلاق من حديث أبي هريرةء وبعض طرق البزار رجاله ثقات. قنطرة النفشس ١٤۱ سرائره» فيحق على العاقل أن يحذر من زلله باللإمساك عنه أو بالإقلال منه؛ لأن اللسان أشد الأعضاء جماحاً وطغيانا وأكثرها فساداً وعدواناً. وروي أن بعض الصحابة قال: يا رسول الله ما أكثر ما تخاف علي؟ فأخذ عليه السلام بلسان نفسه ثم قال: «هذا». وقال عليه السلام: «لا يستكمل العبد الإيمان حتى يخزن من لسانه» . / وروي أنه قال : «اوالذي نفسي بيده لا يستقيم أحدكم حتى يستقيم دینهء ولا يستقيم ]١٦1[ دینه حتی يستقیم قلبهء ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه»° وعنه عليه السلام آنه قال : «أفضل العبادات الصمت وحسن الخلق» وقال عليه السلام: «رحم الله من قال خيراً فسلم أو سکت عن شر فسلم». وقال لمعاذ: «یا معاذ أنت سالم ما سكت فإذا تكلمت فلك أو عليك». وقال بعض العلماء : وجدت نفسي تحتمل مؤنة الصوّم في الحر الشديد بالبصرة› ولا تحتمل ترك كلمة لا تعنيها. وعن أبي هريرة أنه قال: من لم یر أن کلامه من عملهء وأن خلقه قال: بعض العلماء: سعد من لسانه صموت» وطعمه قوت. وعن ابن مسعود رحمه الله أنه قال: ما شيء أحق بطول. سجن من اللسان. وعن ابن عمر أنه قال : من عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنیه . وعن ابن عباس رحمه الله أنه رئي بين الركن والمقام قائماً آخذاً بثمرة لسانه وهو يقول: ويحك قل خيراً تغنم واسكت عن شر تسلم. فقيل له: يا ابن عباس: ما لك آخذاً بثمرة لسانك فقال: بلغني أن العبد ليس عليه شيء من جسده بأحنق منه على لسانه يوم القيامة . فعلى الإنسان أن يحتفظ منه جداً فليذكر في ذلك خمسة أصول: أحدهما: ما روي عن ابن سعيد الخدري أنه قال: إذا أصبح ابن آدم قالت أعضاؤه كلها للسانه: نناشدك الله فيناء فإنك إذا استقمت استقمناء وإن اعوججت أعوججنا. )۱( رواه الطبراني بنحوه في الكبير (٠۲۸۰/۱)» وقال العراقي في المغني (۳/٦١٠) رواه ابن أبي الدنيا في الصمت والخرائطي في مكارم الأخلاق بسند فيه ضعف. () أطرافه بتحوه عند: العجلوني في كشف الخفا (١/٤٠0)› السيوطي في الدرر المتتثرة في الأحاديث المشتهرة (8۹). ١٤۱ قنطرة النفس روي عن مالك ن ديار اله قال: إذا ا رايت قسوة ف قلبك ووهتاً في بدك وحرمانً في وؤةك فاعلم أنك قد تكلمت فيما لا يعنيك . الثاني حفظ الوقت لأن أكثر ما يتكلم به الإنسان من غير ذكر الله تعالى أقله أن يكون لغواً يذ يضيق الوقت به. وذكر عن حسان بن أبي سنان أنه مَر على غرفة فقال : مذ کم بنیت هذه [1] الغرفة؟ ثم أقبل على نفسه فقال: يا نفس الغرور تسئلين عما لا يعنيك / فعاقبها بصوم سنة. وفي الخبر: أن رجلا قتل في المعركة فقال قائل: هنيثاً له بالجنةء فقال عليه السلام: « يدريك لعله كان يتكلم فيما لا يعنیه»'". ولقد أحسن القائل : أغنم ركعتين زلفى إلى الله إذا كت مستريحا وإذا ما هممت بالنطق في الباطل فاجعل مكانه تسبيحاً الأصل الثالث: حفظاً لأعمال الصالحات فإن من يكثر الكلام لا بد له أن يقع في غيبة المسلمين» والغيبة هي الصاعقة المهلكة للطاعات كما روي: أن مثل من يغتاب الناس مثل من نصب منجيقاً يرمي به حسناته شرقاً وغرباً ويميناً وشمالاً . الأصل الرابع: السلامة من آفات الدنيا. وقال بعض السلف: لا تتكلم بلسانك ما تكسر به أسنانك وقال بعض الحكماء: مقتل الرجل بين فكيه. قال الشاعر : يارب ألسشة كالسيوف تقطظع أعناق أصحابها وما يتقص من سباب الرجال يزد في نهاهاوألبابها وقال بعض البلغاء: كلام المرء بيان فضله وترجمان عقلهء فاقصره على الجميل› واقصر [1] منه على القليل› / وإياك وما يسخط سلطانك» أو يوحش إخوانك فمن أسخط سلطانه تعرض للمنيةء ومن أوحش إخوانه تبر من الحرية. وقال بعضهم: لا تبسطن لسانك فيفسد عليك لسان المرء ليث في كمين إناخلاعليه له أغاره فسسه عن الخنا بلجام صمت تكن لك في بلیته ستاره (۱) أطراف الحديث عند: المنذري في الترغيب والترهيب (041/۳)؛ الهيثمي في مجمع الزوائد (٠٠/ ۳) وابن عبد البر في التمهيد (٠۲۲۸/۱)› السيوطي في الدر المتثور (١/٠۱۹)› والقرطبي في التفسير (٥/ ۱۸۸). قنطرة النفس ١٤۱ الأصل الخامس: ذكر أفات الأخرة وعاقبتها وقد قال عليه السلام لمعاذ: «وهل يكب لاس على مناخرهم في النار إلا حصائد الستتهم». وفي حديث آخر: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة فیهوی بها في نار جهنم سبعين/ خريفا» ٩ . فإذا تحقق العبد هذه الأصول وعلم أن لسانه إنما خلق لذكر الله تعالى وتلاوة کتابه وإرشاد الخلق اى طريقه؛ ولو ظهار ما في ضمیره ٠ من حاجات تفه دینا ودنيا فليستعمله في يحنظ لسانه من كل لفظ قبيح ولا سيما أشياء كأصول وستذكر ذلك في فصول ٠٠ الفصل الأول: في الكذب فليحفظ منه اللسان جهده لا في جد ولا في هزل؛ لانه جماع کل شر وأصل کل ذم» قال الله تعالى : ِإنَّمَا تی الْكَذبَ الَذينَ لا يُوْمِنُونَ بيات الله" الأية. وقال تعالى : م هل فَتَجُعَل لَْنَة الله عَلى الكاذين»”'. وعن النبي يِل أنه قال: «الكذب فاتحة الكفر». وقال: «من كذب.وأصرًّ فهو في النار خالداً مخلدا». أو قال عليه السلام: «الكذب ريبة والصدق طمأنينة°° . وعن صفوان بن سلیم أنه قال: قيل يا رسول الله أفيكون المؤمن جباناً؟ قال : «نعم» فيل : أفيكون بخیلا؟ قال : «نعم». فيل : أفيكون كذاباً؟ قال : «لا». وقال بعض الحكماء: الكذاب لص؛ لأن اللص يسرق مالك والكذاب يسرق عقلك. وقال بعض الحكماء: الخرس خير من الكذب وصدق اللسان أول السعادة. وقال بعض الشعراء : وما شىء إذا فكرت فيه بأذهب للمروءة والجمال من الكذب الذي لا خير فيه وأذهب بالبهاء من الرجال وعن النبي يٍَ أنه قال: «تحروا الصدق وإن رأيتم فيه الهلكة ففيه النجاةء وتجنبوا () أطراف الحديث عند: الترمذي في الجامع الصحيح (١٠۲6)› وابن ماجة في الستن (۳۷۹۳)›ء وأحمد في المسند (٠/۲۳. ۲۳۷)› المنذري في الترغيب والترهيپ (3/ 00۲6۹ *03). (۲) أطراف نحو هذا الحديث عند: الترمذي في الجامع الصحيح (٤۲۳۱) أحمد في المسند (۲/٠۲۳)› المنذري في الترغيب والترهيب (۳/٠0۳)؛ الهيثمي في مجمع الزوائد (۸/ 40)› (٠1/ ۲۹7). (۳) سورة النتحل الآية: ١٠٠. (8) سورة آل عمران الأية: ١٠. () أطرافه عند: الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (١٠/ 80)› السيوطي في الدر المتثور (۳/ 08۹). C1٦۳]‎ ٤٤1 قنطرة النفس الكذب وإن رأيتم فيه النجاة فإن فيه الهلكة". وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لأن يضعنى الصدق وقل ما يفعل أحب إِليّ من أن يرفعني الكذب. وقال بعض العلماء: ليكن مرجعك إلى الحقء ومفزعك إلى الصدق» والحق أقوى معين» والصدق أفضل قرين. ويتشد: عوّد لسانك صدق القول تحظ به إن اللسان لما عوؤّدت منقاد موكل بتقاضی ما منت له في الخير والشر فانظر كيف ترتاد ]٤٦1[ / وفي منثور الحكم: من قل صدقة قل صديقه. واعلم أن للكذاب قبل خبرته أمارات دالة عليه : منها: أنه إذا لقتته الحديث تلقنهء ولم يكن بين ما تلقنه وبين ما أورده فرق عنده . ومنها: أنك إذا أشككته فيه تشكك حتی كاد أن يرجم ولولاك ما تخالجه فيه شك . ومنها: أنك إذا أوردت عليه قوله حصر وارتيك؛ ولم يكن عنده برهان الصدق. ولذلك قال علي : الكذاب كالسراب . ومنها: ما يظهر عليه من ريبة الكاذب وذلة المتهوم لأن هذه الأمور لا يمكن للإنسان دفعها عن نفسه لما في الطبع من آثارها. ولذلك قالت الحكماء: العينان أنمّ من اللسان. وقال بعض العلماء: الوجوه مرايا تريك أسرار البرايا. وينشد: تريك أعينهم ما في صدورهم إن العيون يود سرها النظر وإذا اتهم بالكذب نسبت إليه شوارد الكذب المجهولة وزيادات معقولة حتى يصير الكاذب مكذوباً عليه . وقال بعض الشعراء : حسب الكذوب من البلية بعض مايحكيى عليه ما إن سمعصت بكلنبة من غيرەنسبت إليه اطلع عليه السلام على كذبه من أحد إلا خرجت من صدره حتى يحدث الآخر توبة وکان يقول: علة الكذوب أقبح علة وزلة المرتقى أشد زلة. وقال ميمون: من عرف بالصدق جاز کذبه ومن عرف بالكذب لم يجز صدقة. وصَّدق لأنه إن تحرى الصدق اتهم حتى لا يعتقد قوله: قال الشاعر: (١) أطراف الحديث عند: المنذري في الترغيب والترهيب (۳/ 040)› الزيدي في إتحاف السادة المتقين (١/۷۱))› المتقي الهندي في كتز العمال (44 64ء 17٦۲4). قنطرة النفس ٥٤ إذا عرف الكذاب بالكذب لم يكن ومن آفة الكذاب نسيان كذبه يصدق في شيء وإِن کان صادقاً وتلقاه ذا حفظ إذا كان صادقاً والكذب جماع كل شر وأصل كل إِثمء ألا ترى أن شاهد الزور كاذب مردود / الشهادةء وكذلك الحاكم بغير ما أنزل الل وكذلك القاذف كاذب وقال اين المقفع: لا [٥٦1] تتهاون بإرسال الكذبة من الهزل فإنها تسرع إلى إبطال الحق. وفي منثور الحكم: لا يلزم الكذب شيئاً إلا غلب عليهء ويُتشد: من كان يخلق مايقول فحیلۃ ي ف ه قلیل 4 فعلى الملفق والمزور لعتة الله العظيم ةه واعلم أن الكذب من أمهات الكبائر ولكن قد وردت السنة بإرخاص الكذب في : الحرب» وإصلاح ذات البين على وجوه التورية والتأويل دون التصريح؛ لأن السنة لا تجوز أن ترد بإباحة الكذب لما فيه من التنفير وإنما ذلك على طريق التورية والتعريض» كما سئل عليه فوى عن الإخبار بنفسه بأمر محتمل» فظن السائل أنه عنى القبيلة المنسوية إلى ذلكء وإنما أراد عليه السلام أنه من الماء الذي خلق منه الإنسان فبلغ ما أحب من إخفاء نسبه وصدقه في خبره. وقد قال عليه السلام: «في المعارض لمندوحة عن الكذب». وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن في المعارض ما يكفي أن يعف الرجل عن الكذب» والله أعلم . الفصل الثاني: خلف الوعد وليحذر أن يعد أحد وعداً ثم يخلفه؛ فإن إخلاف الوعد من خبائث الأخلاق وأمارات الفاق وفي الحديث عن النبي ية أنه قال: «إذا وعدت أخاك قليلاً أو كثيراً فلا تخلفه فتستبدل بالمودة بغضاً للإن عدة المؤمن أخذ بالكف»ء . () طرف الحديث عند: ابن السني في عمل اليوم والليلة (۳۲۲)› الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (١۷۲/۱). () أطراف نحو هذا الحديث عند: العجلوني في كشف الخفا (۸/۱٠٠)› الطبري في تفسيره (٠٠/ ۱۳۲). ١٤۱ قنطرة النفس وقال عليه السلام: «العدة عطية». وقال في صفة المؤمن: «إنه من إِذا تحدث صدق وإذا أؤتمن لم يخن» وفى صفة المنافق: «أنه إذا تحدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان» قال الشاعر : إذا كذب الحديث وخان فيه أمانته ولم يف بالعهود يقدر الله شيئثاً يكن إن شاء اللهء فإن وعدته فلا تخلفه فإنه من أبواب النفاق. وقد أثنى الله تعالى على نبيه إسماعيل في ذلك فقال: «واذْكُز في الكِتاب إِسْمَاعِيل إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ قيل: كان بينه وبين إبليس لعنه الله موعداً أن لا يبرح حتى يعود إليه؛ وکان في ضمیره أنه لو أقام سنة لم يخلف موعده؛ حتی أتى جبريل عليه السلام فقال : إن الفاجر الذي سألك أن تقعد حتى يعود إليك إبليس فلا تقعد له ولا كرامةء فسماه الله صادق الوعد. وروي أن النبي يل وعد رجلا عند شجرة بظاهر المدينة فنسى الرجل الوعد فقعد النبي عليه السلام بعيد عن المدنية ثلاثة أيام فخرج الناس في طلبه» والرجل معهم ناسياً لوعده فقال له عليه السلام: «إنك لو لم تأتتي لكان الحشر من هاهنا» وكذلك لا يعطي أحداً عهداً إلا وفيٌ به قال تعالى : لوَاونُو ا مهد الله ِا عمدت . وقال عليه السلام: ‎yJ»‏ دين لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له٠ ومن کتاب الضياء قال أبو مالك: بين العهد والوعد فرق قال: وصفة العهد هو أن ينقض عهداً بينه وبين الله فیما تعبّده به من آمر الاين أو تقض عهداً أخذه عليه إمام عادل أو كان فيه لأحد إتلاف مال أو نفس أو إدخال ضرر كثير» قال: فهذه صفة العهد. () رواه الطبراني في الأوسط من حدیث قباث بن آشیم بسند ضعیف؛ وآبو نعيم في الحلية من حديث ابن مسعود» ورواء ابن أبي الدنيا في الصمت؛» والخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث الحسن مرسلاً. العراقي في المغني (۱۲۹/۳). (۲) سورة مريم الآية: ٤٥. (۳) سورة النحل الاية: ۹1. (٤) أطراف الحديث عند: الطبراني في الكبير (۲۹1/۸)› عبد الرزاق في المصنف (۱۹۲١۲)›. أحمد في المسند ۳۱/١۱۳(« البيهقي في السنن الکبری (۲۳۱/۹)› الهيثمي في مجمع الزوائد (1/۱٦۹)ء وفي موارد الظمان (4۷)» اين عبد البر في التمهيد (۹/٥۲0)؛ المنذري في الترغيب والترهيب (1/ 0)8 قنطرة النفس ١۱ وأما صفة الوعد: فهو ما لا يتعلق به حق لمخلوق» ولا يؤدي إلى ضرر. فقال: وهذا ونحوه مما يأثم به الناس دون الكفر والهلاك قال أبو محمد: من وعد وعدا ثم أخلفه فتلف به وأما أسير المشركين إذا أعطاهم العهد على أن / يرجع إليهم فلا يحل له الوفاء بذلك؛ [167] لأنه رجوع إلى الشركء وأما أسير أهل القبلة فلا يحل له أن ينقض العهد بل يرجع إليهم والله أعلم. والذي ينبغي للإنسان أن لا يعد أحداً شيئاً بل يكون إحسانه فعلاً لا قولأء وإذا تكلم بكلام صدقه بعمل وينشد لمحمود الوراق : القول ماصدقه الفعل والفعل ماوكده العقشل لا يثبت القول إذا لم يكن يطلبه من تحته الأصل وعن سفيان الثوري أنه قال: إن للكذاب منازل فأسوأها أثراً وأعظمها ضرراً خلف الوعد والله أعلم . الفصل الثالث: في الغيبة وليحفظ لسانه من الغيبة؛ لأنها وإن كانت صدقاً فهي في القبح والمعرة تزيد على الكذب ونقض العهد؛ لأنها جناية وهتك ستر يحدثان عن حسد وغدر قال الله تعالى : ولا َب بَعْضْكُمْ بَعْضّاً يحب أحَدْكُم أن يكل لحم أيه مَيَاً 4 . ويعني والله أعلم أنه كما لا يحل له لحمه ميتاً فلا تحل له غيبته حياً. وفي الخبر: الغيبة أشد من ثلائين زنية في الإسلام . وروي أن امرأتين على عهد البي يل وجعلتا تغتابان الناس» فأخبر بذلك النبي عليه السلام فقال: «صامتا على ما أحل الله وأفطرتا على ما حرم الله عليهما"“. () هو محمود بن الحسن الوراق البغدادي خير شاعر مجود سائر النظم في المواعظ.. سير أعلام التبلاء للذهي (١٠/ 46). () سورة الحجرات الآية: ١٠. () بنحو هذا الطرف عند ابن أبي حاتم في العلل (٤٤٤۲)ء المنذري في الترغيب والترهيب (۳/ ٠5)٠ التبريزي في المشكاة (٤4۸۷)؛ الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (0۳۳/۷)› الهيثمي في مجمع الزوائد (/). () رواه أحمد من حديث عبيد مولى رسول الله يو وفيه رجل لم يسم؛ ورواه آبو يلعی في مسنده فأسقط منه ذكر الرجل المبهم؛ قاله العراقي في المغني (۱۳۹/۳). ۱۸ قنطرة النفس وروي أنه قال: «يا أبا هريرة إن أحببت أن يغشى الله لك الثناء الحسن في الدنيا والأخرة فكف لسانك عن غيبة المسلمين». وعنه عليه السلام أنه قال: «نظرت في النار ليلة أسري بي فإذا بقوم يأكلون الجيف فقلت ما هذا يا جبريل؟» فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس. وقال أيضاً: «ما صام من ظل يأكل لحوم الناس». وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لا يعجبنكم من الرجل طنطتته ولكن من أدى الأمانة وكف عن أعراض الناس فهو الرجل. ]1۸[ وعن ابن عباس أنه قال: اذكر أخاك / إذا توارى عنك بما تحب أن يذكرك إذا تواریت عنه. وعن مالك بن دينار أنه قال: كفى بالمرء شرا أن لا يكون صالحاً ويقم في الصالحين . وقال عدي بن حاتم: الغيبة رعي اللثام. ويتشد: لا تكشفن من مساوي الناس ما ستروا فيكشف الله ستراً عن مساويكا واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا ولا تعب أحداًمنهم بمافيكا وعن الحسن البصري أنه كان يقول: الغيبة فاكهة الناس. وقال ابن السماك: لا تعن الناس على غيبتك بسوء عيبك وقد روي عن النبي يٍَ أنه قال لمعاذ رحمه الله : «اقطع لسانك عن حملة القرآنء وطلاب العلم» ولا تمزق الناس بلسانك فتمزقك كلاب النار° . وعن آبي قلابة أنه قال: إن في الغيبة خراب القلب من الهدى. فنسأل الله العصمة›ء وحسبك من الغيبة شؤماً محقها الحسنات وإبطالها الطاعات› وقد روي عن النبي يِل آنه قال : «الغيبة تفطر الصائم وتنقض الوضوء”. وبلغتا عن الحسن أنه قيل له: إن فلاتاً اغتابك فبعث إليه بطبق فيه رطب» فقال: بلغنا أنك أهديت لنا حسناتك فأردنا أن نكافثك بهذا فاعذرني على التمام. فقال: إبراهيم بن أدهم لما بلغه: يا مكذوب بخلت بدنياك عن أصدقائك وجدت بحسناتك على أعدائك فما أنت ہما تبخل عنهم بمعذور ولا آنت فیما سخوت به بمشکور. وعن النبي يَله أنه قال: «احذروا على حسناتكم أن تنسل منکم بالاغتیاب كما ينسل () نحو طرف هذا الحديث عند: الزيلعي في نصب الراية (4۸۲/۲)› أبي نعيم في تاريج أصبهان (۲۷۲/۲)؛ العجلوني في كشف الخفا (۳/۲١۱)› الربيع بن حبيب في المسند (۱/ ٥۲ء ۳٦). (۲) انظر تخريج الحديث السابق. قنطرة النفس ۹١٤1۱ الماء من يد أحدكم» وعنه أيضاً أنه قال: «ما الثار باليييس بأسرع من الغيبة في حسنات المد وعن ابن السماك أنه قال : لو كنت مغتاباً لاغتبت أمي لأنها أحق بحسناتي . وذكر عن حاتم الأصم أنه فاته القيام ذات ليلة فلما أصبح عزته زوجته فقال: إن أقواماً صلوا بالليل البارحة فلما أصبحوا نالوا مني فتكون صلاتهم في ميزاني يوم القيامةء ومعنى الغيبة أن تذكر إنساناً / بما یکره لو سمعه. ]۹٦1[ وقد روي عن النبي يلو أنه سثل عن الغيبة فقال: «هي أن تقول في أخيك ما يكره فن كنت صادقاً فقد اغتبته وإن كنت كاذباً فقد بهته»". وروي أن امرأة دخلت على النبى يل تستفتيه فلما خرجت قالت عائشة: يا رسول الله ما أقصرها فقال: «مهلاً إياك والغيية». قالت : يا رسول الله إنما قلت ما فيها. قال: «أجل ولولا ذلك لكان بهتانا» ويقال: إياك وغيبة القراء المرائين» وهو أن تفهم المقصود من غير تصريح مثل قولك: أصلح الله فلاناً لقد غمّني ما جرى عليه فيجمع بين خبيثين: أحدهما: الغيبة إذا حصلت بالتفهم» والأخرى تزكية النفس والتمدح بالصلاح؛ لأنه إن كان المقصود بقوله: أصلحه الله الدعاء له فليدع في السرء وإِن اغتم بسبب فعله فلا يظهره للناس. والذي يمنع الإنسان من الغيبة أن ينظر في عيوبهء فإن عجز عن تطهير نفسه منهاء ومع ذلك لا يحب من يفضحه» فليعلم أن عجز أخيه كعجزه هو وكراهة من يفضحه كکراهته هو والله أعلم . والغيبة المحرمة إنما هي غيبة المسلم؛ء وأما المنافق والمبتدع فلا لقوله عليه السلام: «اذكر الفاسق بما فيه ليعرفه الناس»”. وعنه عليه السلام أنه قال: «ثلائة لا غيبة لهم: الإمام الجائرء وشارب الخمر والمعلن بفسقه) . وقال أيضاً: «من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له»* وأما المسلم إذا اغتابه أو قذفه فعليه التوبة والمحاللة منهء وقد ورد فى الحديث: «أن الغيبة لا تغفر حتى يغفرها صاحبها» وإن تاب (١) لم أجد له أصلا قاله العراقي في المغني عن حمل الأسقار (۳/ ٤٠)٠ () نحو هذا الطرف عند: ابن أبي حاتم في العلل (۱۸۸۱)؛ الألباني في الصحيحة (۱۹۹۲)ء وعن تحوه أيضاً قال العراقي في المغني (۳/١۱4): رواه مسلم من حديث أبي هريرة. )۳( ينحو هذا الطرف عند: العجلوني ني كشف الخفا.(١/٤١٠)ء (4۹۲/۲)ء ابن حجر في الكاف الشاف (۷١١۱). (8) رواه ابن عدي؛ وابن حبان في الضعفاء من حديث أنس بسند ضعيف. قاله العراقي في المغني (/۲۱۷). 10 قنطرة النفس ولم يجد من اغتابه أن يحالله فإنه قد ورد في الحديث : «أنه يستغفر له فيكون ذلك كفارة ل4 . والمستمع للغيبة شريك للمغتاب؛ وإنما الواجب عليه أن ينكر على المغتاب وإن لم يقدر فليعتزله وروي عن النبي ي أنه قال: «من ذب عن لحم أخيه بظهر الغيب كان حقا على لله أن يحرم لحمه على النار» . وأخسس بأخ يرى الكلاب تمزق في لحم أخيه فلا تحركه الشفقة على الذب عنه والله [1] أعلم. ويقال: من يغتاب الناس كمثل الجعل يعجز عن نيل الطرائف / وينكب على العذرة فالغيية مراتع الشيطان وإذام السنة الغافلين» وهي فاكهة القراءء فإنا لله وإنا إليه راجعون . الفصل الرابع: في النميمة والسعاية اعلم أن النميمة تجمع إلى مذمة الغيبة رداءة وشراً وتضم إلى لؤمها دناءة وغدرا؛ لأنها تؤل إلى تقاطع المتواصلين وتباغض المتحابين قال الله تعالى في وصف الكافر: « حَمَاز ماي ميم" . وعن النبي يو أنه قال: «ألا أخبركم بشراركم؟» قالوا: بلی يا رسول الله. قال: «شراركم المشاؤن بالنميمة المفسرون بين الأحبة الباغون للناس العيوب” وعنه أيضاً قال : «ملعون ذو الوجهينء ملعون ذو اللسانينء ملعون كل شغارء ملعون كل قتات؛ ملعون كل منان»“ . الشغار: المحرش بين الناس يلقي بينهم العداوة. وفي حدیث آخر: «ملعون من حرش بين بهيمتين». والقتات النمامء وقيل : النمام: هو الذي يکون مع قوم يتحدنون فينم حدیٹهم › والقتات : والذي يستمع عليهم وهم لا يعلمون فينم حديثهم. والمنان : هو الذي يصنع الخير ويمن به قال الشاعر : (١) قال العراقي في المغني (۲/٠٥1) عن نحوه: رواه ابن أبي الدنيا في الصمت» والحارث بن أبى أسامة في مسنده من حدیث آنس بسند ضعیف. ۱ )۲( عن نحوه قال العراقي في المغني (۳/١٤۱): رواه أحمدء والطبراني من رواية شهر بن حوشب عن أسماء بنت یزید. )۳( في الأصل: عليه وأحسبه تحريف من الناسخ. () سورة القلم الاية: ١٠. (0( رواه أحمد من حديث أبي مالك الأشعري (المغني ۳/١15). (1) طرفه عند العجلوني في كشف الخفا (۳۰۱/۲). قنطرة النفس ١٥۱ فلا زلت منسوباً إلى كل نعمة ولا زلت منسوباً إليك النعائم تمشيت فينا بالنميم وإنما يفرق بين الأحباء النتمائم وقيل في منثور الحكم: النميمة سيف قاتل: وقال بعض الأدباء: لم يمش ماش شر من واش . قال الشاعر : من نم في الناس لا تؤمن عقاربه على الصديق ولا تؤمن أفاعيه كالسيل بالليل لا يدري به أحد من أين جاء ولا من أين يأتيه وقال عليه السلام: «لا يدخل الجنة قتات»”". وعنه أيضاً قال: «من مشى بنميمة بين اثثين سلط الله عليه ناراً تحرقه في قبره إلى يوم القيامة» وقال عليه السلام: «شر الناس ذو الوجهين يأتي ھۇلاء بوجه وھؤلاء بوجە»"". وعن ابن عباس أن النبي عليه السلام مر على قبرين فقال: «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير /أما أحدهما فكان لا يستبرىء من البول وأما الآأخر فكان يمشي بالنميمة». ثم أخذ [۱۷۱] بجريدة رطبة فشقها نصفين. فغرز في كل قبر واحدة فقالوا: يا رسول الله لم فعلت ذلك؟ قال : العله يخفف عنهما ما لم ييبسا»" وذلك ببركة يديه عليه السلام. وأما السعاية: فهي شر من الغيبة والنميمة وهي المهلكة الحالقة؛ لأنها تجمع إلى مذمة الغيية ولؤم النميمة التغرير بالنفوس» والأموالء والقدح في المنازلء والأحوال. ومعنى السعاية: أن يسعى إنسان إلى ذي سلطان بإنسان آخر فيهلكهء وقد روي عن ابن قتيبة أن ابي يِل قال: «لا يدخل الجنة ديوث ولا قلاع»*“. (۱) أطراف الحديث عند: البخاري في الصحيح (۸/٠۲)› ومسلم في الصحيح (الإيمان ب 5٤ رقم 14٦1ء ۷۰( أي داود في السنن (۸۷۱٤)› الترمذي في الجامع (٢٢۲۰)( النسائي عن المجتبى )۳۱۸/۸( أحمد فى المسند (٥/ ۳۸۲)؛ البيهقى فى الستن (۸8/٦۱1). (۲) عن نحوه قال العراقي في المغني (۳/٥0٠): متفق عليه بلفظ تجد من شر الناس لفظ البخاري وهو عند أبي الانيا بلفظ المصتف (أي الغزالي وهو نحوه). () وعن نحوه قال العراقي في المغني: (/١٤۱): رواه ابن أبي الدنيا في الصمت» وأبو العباس الدغولي في كتاب الأداب بإسناد جيد وهو في الصحيحين من حديث ابن عباس إلا أنه ذكر فيه النميمة بدل الغييةء وللطيالسي فيه: أما أحدهما فكان يأكل لحوم الناسء ولأحمد والطبراتي من حديث أبي بكرة نحوه بإسناد جید. (4) أطرافه عند: عبد الرزاق في المصنف (٤٤٤١۲)› ابن حجر في المطالب العالية (٤٤٠۲)› المتقي الهندي في الكنز (4۳۷449). ` ‎1o۲‏ قنطرة النفس ‏فالديوث: هو الذي يجمع بين الرجال والنساء سمي بذلك لأنه يذب عنهم والقلاخ: هو الساعي الذي يقع في الناس عند الأمراءء فلا يزال يقع في الرجل المتمكن عند الأمير حتى يقلعه ولذلك سمي قلاعا. ‏وقال بعض الحكماء: الساعي بين منزلتين قبيحتين إما أن يكون صَدّق فقد خان الأمانة› وإما أن يكون كذب فقد خان في المروءة. وقال بعض حكماء الفرس: الصدق يزين كل أحد إلا السعاية؛ فإن الساعي أذمٌ وأنم ما يكون إذا صدق» وأنشد للستالي : ‎ ‏فعلى الملفتق والمزور إن كشت تفخر بالسعماية فأناالمهنب ليس لي قال الراجز : ‏ياأيهاالمولع السعمصاية أضرمت نارآمالهامن غاية ‏تلك لعمري خطة الخزاية ‏والمعازة والنميمه في اللزور والبهتان شیمه ‏شت يدا مخطيك فى الرمايه ‏ويروى أن أسقف نجران لما لقي عمر بن الخطاب الله عنه قال: يا أمير المؤمنين احذر قاتل الثلائة قال: وما قاتل الثلائة؟ قال: رجل يأتي الإمام / بالحديث الكذب فيقتله الإمام فيكون قد فقتل نفسهء وصاحبه» وإمامه. فقال: ما أراك أبعدت . ‏ويروى أن رجلا سعى بجار له إلى الوليد بن عبد الملك فقال له الوليد: ما آنت فتخبرني نك جار سوء» وإن شئت أرسلنا معك فإن كنت صادقاً أبغضاك؛› وإن كنت كاذباً عاقبناك› وإن شئت تركناك؟ فقال: اتركني يا أمير المؤمنين. قال: قد تركناك . ‏وروي أن رجلاً سعى برجل إلى الفضل بن سهيلء فوضع الفضل على ظاهر كتابه: نحن نرى قبول السعاية شرا منها؛ لأن السعاية دلالة والقبول إجازةء ولیس من دل على شيء کمن قبل وأجاز؛ لان من فعل شر ممن قال فاتقوا الساعي فإنه إن كان في سعایته صادقاً کان أثماً إذا لم يحفظ الحرمة ويستر العورة. ‏وقال حكيم العرب: إياك والسعاة فإنهم أعداء عقلك ولصوص عدلك يغرقون بين قولك وفعلك وفي المثل السائر: من أطا اع الواشي ضيّع الصديق؛ ويروى أن الإسكندر قال لساع سعى [ليه برجل : قحب آن قبل مك ما تقول ف علي ان تقل مه ما پقول فيك؟ قال لا. قال: فكف عن الشر يكف عنك الشر. قنطرة النفس ‎o۳‏ وقال بعض البلغاء: النميمة دناءةء والسعاية رداءة وهما رأس الغدر وأساس الشر. وعن كعب قال: أصاب الناس قحط شديد على عهد موسى عليه السلام فخرج ببني إسرائيل يستسقي مراراً فلم يُسقواء فأوحى الله تعالى إليه لا استجيب لك ولا لمن معك فإن فيكم نمّاماً. قال: يا رب دلني عليه حتى نخرجه من بيننا فأوحى الله إلى موسى أنهاكم عن النميمة وأكون نماما فتابوا جميعاً فَسُقوا. وقال مروان بن زنباعة العبسي: يا بني عبس من نقل إل نقل عنكم. وكان بعض الحكماء يقول: من أراد أن يسلم من الثم وتبقى له الإخوانء فليكن قاضياً حكيماً بينه وبينهم بالعدل» ولا يقبل قول أحد في أحد ولا في نفسه إلا بشهادة عدول. قال: فإنا قد أحببنا بقول أقوام وأبغضنا بقول أقوام فأصبحنا على فعلنا نادميين. ويقال: من لُطف الله تعالى في النميمة أن حكم بفسق صاحبها حتى لا يقبل له قول / ويستريح الخلق من شره لما [۱۷۳] علم الله من شؤمهاء واستظهاره شرها وعموم مضرتها في الوری» والله أعلم. الفصل الخامس: جامع لجملة من منكرات اللسان يجب على الإنسان التحفظ منها من ذلك صوت الغناء والمزامير عند اللهو والنعمة قال الله تعالى: ومن الاس من ري هو الْحَديت*. قيل: هو الغناء والباطل. وفى الحديث: «الغناء ينبت التفاق فى القلب كما ينبت الماء البقل»" . ومنها: الدعاء بالويل والثبورء ورفع الصوت عند النياحةء قيل في قوله تعالى: ولا يصِينك في مَعْرؤف»”. أي لا ينخن. وفي الحديث عن النبي ي أنه قال: «صوتان ملعونان في الدنيا والاخرة: صوت مزمار عند نعمة› ومرنة عند مصيية»* ٠ وبکى عليه السلام لما مات () راجع باب الغيبة والنميمة في إحياء علوم الدين في آفات اللسان (۱۳۸/۳: ١٤٥٠) فقد فصل فيها تفصيلاً مفيداً. فجزاه الله خيراً. (۲) سورة لقمان الآية: ٦. (۳) قال العراقي في المغني (۲۸۳/۳) قال المصنف: (أي الغزالي): والمرفوع غير صحيح لأن في إسناده من لم يسم رواه ايو داود وهو في رواية ابن العبد ليس في رواية اللؤلؤي وروا البيهقي مرفوعاً وموقوفاً. (4) سورة الممتحنة الآية: ١٠. (0) أطراف الحديث عند: الربيع بن حبيب في المسند (0/۲٥)؛ المنذري في الترغيب والترهيب (4/ 0 30)› الهيثمي في مجمع الزوائد (۱۳/۲)› المتقي الهندي في الكنز (£017). ا قنطرة النفس ولده إبراهيم فقيل له: أتبكي وتنهانا عن البكاء. فقال: «إنما بكيت رحمة له ولكن إنما نهيتكم. . .) الحديث. ومنها: القذف بالزنى وهو من أعظم الكبائر؛ لأن على صاحبه الحد في الدنيا والعذاب في الأخرة ة. قال تعالى: إن الذي َرَمُونَ الْمُحْصنَات القافلات المُؤْمنات؟. إلى قوله: #وَلهُم عَذَات د ظ٩ . ومنها: الحكم بغير ما أنزل اللهء قال الله تعالى : و من لَمْ يَحكم يما انل الله فاولِكَ هُمُ الْكَافون ولالظَالِمُونَ» والْفَاسِقُونَ€. وقال عليه السلام: «الحكام ثلاثة: اثنان في التار وهما: الحاكم بالهوى» والحاكم بالجهل› وواحد في الجنة: وهو الحاكم بالحق». ومنها: شهادة الزور وقال عليه السلام: «عدلت بشهادة الزور الشرك بالله» ثم قرأ: لينا اجس من الأَوَنَانِ وَأَجَْييوا قول الور»”*. ومنها: القول بغير علم وهو مقرون بالشرك وغيره قال الله تعالى: فل إِنَمَا حرم رَيي لفَوَاحشَ€. إلى قوله: «وأن تَقُولوا على الله ما لا تَعْلَمُون»'“. وفي الحديث: «من أفتى مسألة بغير علم أو فسر رؤيا بغير علم كان كمن وقع من السماء وصادف بثراً لا قعر له ولو أنه أصِاب الحق»”“ . ومنها: لعن المخلوقات من طعام أو أرض أو حيوان ما خلا أهل الكبائر من الجن 07 .والإنس» وفي الحديث / #المؤمن لا يكون طعاناً ولا لعانا'. وقال عليه السلام: «إذا قال العبد: لعن الله الدنيا قالت الدنيا لعن الله أعصانا لرب»“ . ومتها: الثناء على النفس؛ قال الله تعالى: «فَلاً تُرَكُوا أَفَشْكُمْ هُوَ 6 () سورة النور الآية: ۲۳. (۲) سورة المائدة الأيات: 4£ › 4° › 47. )۳( رواه ابن عدي في الكامل في الضعفاء (۷/ ٢٢۲۷). (8) سورة الحج الآية: ۳۰ (0) سورة الأعراف الآية: ۳۳. () طرفه عند: الربيع بن حبيب في المسند (۱/١۱› ١۱). (۷) طرف الحديث بنحوه عند الحاكم في المستدرك (۱۳/۱). )۸( بتحو هذا الطرّف عند: الحاكم (/) ابن الجوزي في العلل المتناهية (۳۱۳/۲)› الذهبي في الميزان (٥۹٤۳)› ابن حجر في لسان الميزان (۳/ ۳۳۲ ١٥٥٠). قنطرة النفس ٥٥1 قى . وقيل لبعض الحكماء : ما الصدق القبيح؟ قال : ثناء المرء على نفسه . وصَدّق لان الناس والبحث عن عوراتهم قال الله تعالى : ولا تَجَسسوا€.. وقال: «إِن الَذِينَ يُحيُونَ أن تييع الْفَاحِشَةٌ في الَذِينَ ءامنا لَهُمْ عَذَابٌ ألي€”. فأآوجب العذاب لمن أحب ذلك فکیف بمن أذاعه وأفشاه. ومنها: التنابز بالألقاب قال الله تعالى: ولا تَتََرُوا بالأْقَابِ بس الاسم الْفُسُوق بَعْدَ الَمَانِڳ'". ومنها: السخر قال الله تعالى: لا يَسْحَرُ فَوْمْ من قوم" . وعن عبد الرحمٰن بن زيد أنه قال أنه استهزاء المسلم بمن أعلن بفسقه والله أعلم . ومنها: الدعاء بالسوء على أحد من الخلق وإن كان ظالماء فإنه ينبغي للمظلوم أن يكل أمره إلى الله . وی الحديث : «من دعا على من ظلمه فقد انتصر »٩ وی حدیث آخر : إن المظلوم ليدعو على الظالم حتى يكافئه ثم يبقى للظالم فضل عنده يطالبه به يوم القيامة» ويروى أن بعضهم طوّل لسانه على الحجاج. فقال بعض السلف: إن الله لينتقم للحجاج ممن تعرض له بلسانهء كما ينتقم من الحجاج لمن ظلمه . ومنها: المراء والجدال ومناقشة الناس في الكلام فإن ذلك أذى للمخاطب وتجهيل له مع الثناء على النفس والاتصاف بمزيد أو فضل والفهم في ذلك والتعرض لعداوة الناس» فإنه لا يماري سفيهاً إلا أذاب ولا حليماً إلا حقد عليه وجفامء وقد روي عن النبي ي أنه قال: «من ترك المراء وهو مبطل بني له بيت في رياض" الجنةء ومن ترکه وهو محق بني له ببیت في أعلى الجنة». والشيطان يستجم الحمقى إلى الشر في معرض الخبر بأن يقول لهم: أظهروا (١) سورة النجم الآية: ٢۳. (۲) سورة الحجرات الآية: ١٠۱. (۳) سورة النور الآية: ۹٠. () سورة الحجرات الآية: ١٠. () سورة الحجرات الآية: ١٠. (1) قال العراقي في المغني: (۱۲۲/۳): لم أقف له على أصل؛ وللترمذي من حديث عائشة بسند ضعيف : من دعا على من ظلمه فقد انتصر. )۷( في إحياء علوم الدين (48/۱): «ربيض»ء وعلق العراقي على الحديث بهامشه في المغني فقال: رواه الترمذي» وابن ماجة من حديث أنس مع اختلاف» قال الترمذي حسن. ١٥1 قنطرة النفس الح ولا تداهنوا. نعم إظهار الحق حسن مع من يقبل من الإنسان ويفهم عنه ولكن ذلك على الفصل السادس: في فصول حفظ اللسان [٥1۷[ / التي هي من بقية قنطرة النفس› وهي تحتوي : على كتمان السر والمشورة› والنصيحة. فصل: في كتمان السر فالواجب على الإنسان حفظ لسانه عن إذاعة السر المودع فيه؛ لأنه أمانة وقد روي عن البي يلو أنه قال: «إذا حدث الرجل حديثه ثم التفت فهو أمانة» ألا ترى إلى النبي ية سماه سرا ولو لم يستكتمه فكيف إذا استكتمه. وروي عن النبي يِل أنه قال: «استعينوا على الحاجات فإن كل ذي نعمة محسود عليها»٩. وعن علي بن طالب أنه قال : سرك أسيرك فإذا تکلمت به صرت سيره . وقال بعض الحكماء لأبنه: يا بني كن جواداً بالمال في موضع الحقء ضنيناً بالأسرار عن جميم الخلق. وقال النبي يَلٍ: «المجالس بالأمانات»” . وقال بعض الأدباء : من كتم سره كان الخيار إليهء ومن أفشى سره كان الخيار عليه . وقد قال تعالى حكاية عن يعقوب عليه السلام: يا بي لا قَصْصنٌ رَؤِيَاكً عَلَىٰ إِخُوَيِكّ”. فلما أفشى يوسف عليه رؤياه بمشهد امرأة يعقوب أخبرت إخوته فحل ما حل . واعلم أن حمل ثقل الأموال أخف من حمل ثقل الأسرار لما يلحقه في كتمان السر من القلق والكرب فإذا أذاعه استراح قلبهء فكأنما ألقى عن نفسه حملا فمن قلق بسره فغيره به أقلق. وينشد: إذا ضاق صدر المرء من سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيق إذا المرء أفشى سره بلسانه فلام عليه غيره فهو أحمق وعن عمر بن عبد العزيز أنه قال : القلوب أوعية› والشفاه أقفالهاء والألسنة مفاتيحها› فليحفظ كل امرىء مفتاح سره. ويقال: إن من أعجب الأمر أن أغلاق الدنيا كلما كثر خزانه () قال العراقي في المغني (۱۸4/۳): رواه ابن أبي الدنيا والطبراني من حديث معاذ بسند ضعيف. () قال العراقي عن أتم منه في المغني (۱۷۱/۲): رواه أبو داود من حديث جابر من رواية ابن أخیه غير مسمی عنه. )۳( سورة یوسف الآية: 06. قنطرة النفس ۷٥ /ألم تر أن غخواةالرجال لايتركون أديماآ صحيحا وكان يقال: أصبر الناس من لا يفشي سره إلى صديقه مخافة أن يقع بينهما شر فيفشیه. وكان يقال : لا تطلع النساء على سرك يصلح لك أمرك. وقال أنوشروان: من حصن سره فله بتحصينه خحصلتان : الظفر بحاجته والسلامة من السطوات . واعلم أن إذاعة الرجل سر غيره أقبح من إظهار سر نفسه؛ لأنه يبوء بإحدى وصمتين إما الخيانة إن كان مؤتمنء أو النميمة إن كان مستودعاً وإما الضرر فربما استويا فيه أو تفاضلا وكلاهما مذموم قال الأحنف بن قيس: يضيق صدر أحدكم بسره حتى يحدث به ثم يقول: نفسك . قال الشاعر : إذا ما ضاق صدرك عن حديث وأفشيته الرجال فلا تلوم إذا عاتبت من أفشى حديثشي وسرى عنده فأناالظلوم وقيل لبعض الحكماء: ما أصعب الأشياء على الإنسان؟ قال: أن يعرف ويكتم سره. وقيل لبعضهم: كيف كتمانك للسر؟ قال: أجحد المخبر وأحلف للمستخبر. وفي منثور الحكم: صدور الأحرار قبور الأسرار. واعلم أن كتمان السر على جواهر الرجالء فكما أنه لا خير في آنية لا تمسك ما فيهاء كذلك لا خير في إنسان لا يمسك سره. ويقال: من صفات أمين السر أن يكون ذا عقل صادق› ودين حاجز ونصح مبذول› وود موفور» وكتوماً بالطبع إن هذه الأمور تمنع من الأذاعة وتوجب حفظ الأمانة فمن كانت فيه فهو عنقاء مغرب. وينشد لجعفر بن عثمان : يا ذا الذي أودعتتي سره لاترج أن تسمه مني /لم أچره قط على خاطري كأنهەلم يجرفي أذني واعلم أن الاسترسال بالسر يدل على ثلاثة أحوال كلها مذمومة. أحدها: ضيق الصدر وقلة الصبر حتى لا يتسع لسر ولا يقدر على صبر . الثانية: يدل على الغفلة عن تحرز العقلاء والسهو عن فطنة الأذكياء. الثالثة: يدل على أنه ارتكب الغرر ولم يتوق من الخطر. وقد قال يعض الحكماء: سرك ]٦۱۷[ [۱۷۷] ۸١۱ قتطرة النفس من دمك فإذا تكلمت به فقد أرقته. وقال بعضهم: تفرد بسرك ولا تذعه حازماً فیزل» ولا جاهلاً فيخون. واعلم أن من الأسرار ما لا استغناء به عن مطالعة صديق ›» واستشارة ناصح › ولیختر العاقل لسره أميناً إن لم يجد إلى كتمانه سبيلاء وليتحر في اختياره أمين السر الذي قذمنا صفاته إن وجده وإلاً فليختر خير من وجد وليحذر أن يودعه عند من يحب الوقوف عليه: لأن طالب الوديعة خائن. وقيل في منثور الحكم: لا تتكح خاطب سرك إنه للسر خوان. قال صالح بن عبد القدوس: لا تذع سرا إلى طالبه منك» إن طالب السر مذيع. وليحذر كثرة المستودعين لسره؟ لأن ذلك سبب اللإذاعة لأمرين : أحدهما: أن اجتماع شروط الأمانة في الكثرة معوز. والثاني: أن كل واحد يبتغي إذاعة السر عن نفسه ويضيف ذلك إلى غيره. قال الشاعر : إذا جاوز الاين سر فإنه يبث وتكثيرالوشاة قمين قال بعض : اراد بالا ثنين المودع المع فيه ولا يعد ان يريد به الشفتين. وايضاً فإن آفشی کو المتار ون عليه فإن اضطر ۳ سره أميناً وجب على المستودع فه فيه ‎i‏ ‏[۷۸] الأمانة بالتناسي / حتى لا يخطر له بباله ويرى ذلك حرمة يرعاها ولا يستطيل على صاحبه . وحكي أن رجلا أسرٌ إلى صديق له حديثاً سراً فقال له: أفهمت؟ قال: بل جهلت. قال: أحفظت؟ قال: بل نسيت. قال بعض الشعراء : لکنت ول من ینسی سرائره إذ كنت من نشرها يوماً على خطر وحكي أن عبد الله بن طاهر' تذاكر الناس في مجلسه حفظ السر فقال عبد الله : (۱) هو الأمير العادل أبو العباصس؛ ۽ حاكم خراسان وما ورا النهر . له يد في النظم والثر. قلده المأمون مصر› وإفريقية؛ ثم خراسان؛ وكان ملكا مطاعاً سائساً مهيباً جواداً ممدحاً من رجال الكمالء وقيل: إنه وقع = قنطرة النفس ۱۹ ومستودع سرا تضمت سره فأودعته من مستقر الحشا قبرا فقال اينه عبد الله : وما السر من قلبي كثيا وبحفرة لأآني أرى المدفون منتظر الحشرا ومن كتاب الضياء : وحكي أن النبي عليه السلام رأى في المنام أن ولد الحكم يتداولون منيره كما يتداول الصبيان الكورةء فخلا بأبي بكر وعمر رحمهما اللهء فقص عليهما رؤياءء فلما تفرق سمع عليه السلام الحكم بن أبي العاص يخبر برؤياء فاشتد ذلك عليهء فاتهم بإفشاء سره عمر وبر أبا بكر فقال: «أشهد أن أبا بكر ما فعل». فقال عمر: ولا أنا والله يا رسول الله . قال: «فمن أظهر حديثى». فقال عمر: تعود إلى مجلسك حتی نتحدثٹ کما کنا نتحدٹ» فانا آتيك بمن أفشى سرك. ففعل عليه السلام» فأقاموا في الحديث حتى كاد عليه السلام أن ينسى ما قعد له ثم خرج عمر مبادراً فإذا الحكم يستمع» فنفاه عليه السلام من المدينة . مسالة وعن الوضاح بن عقبة أنه قال: إذا استسر معك أخوك سرآء وأنت تعلم أنه لا يحب إظهاره فأظهرته فانت آم إن تقدم عليك فيه فأظهرته فأنت منافق . وقال بعض الحكماء : من طلب لسره موضعاً فقد أشاد به وصدق إلا المضطر فلا لوم عليه إذا اختار له موضعاً حصيناً / وأميناً کتوما. كما قال الشاعر : ]۱۷۹[ وخفت عليه من هوى النفس شهوة وأودعته من حيث لا يبلغ النفس فصل: في ا لمشورة قال الله تعالى لنبيه عليه السلام: «وَمَاورْهُمْ في الأشر€”. وعن قتادة قال: أمر بمشاورتهم تألفاً لهم وتطييباً لأنفسهم. وقال الضحاك: أمر بمشاورتهم لما فيه من الفضل. وقال الحسن: ليستن به المسلمون وإن كان من مشورتهم غنياً. مرة على رقاع بصلات فبلفت ألفي ألفبٍ وسبع مئة ألف. ومات بالخانوق سنة ثلائين ومثتين. (سير أعلام النبلاء ۸1/۰( )۱( سورة آل عمران الآية: ۹١1. ۰٦1 قنطرة النفس وقد شاور عليه السلام آيا بكر وعمر رضي الله عنهما في آساری بدر فاختلفا عليه ء فمال إلى رأي أبى بكر فعاتبه الله على أخذ الفداء فقال: للا كِتَابٌ من الله سَبَق مسك . الآية. وقد شاور عليه السلام أصحابه حين أراد التزول نحو بدر وقد أمرهم لما اجتمم الأحزاب»ء بمصالحة عيينة بن حصن الفزاري على بعض الثمارء فأشاروا بترك ذلك فصح بما ذكرنا من الحزم لذي لب أن لا يبرم أمراً إلا بمشورة ذي الرأي الناصح› ومطالعة ذي العقل الراجح» آلا ترى إلى إبراهيم عليه السلام حين أمر بذبح ابنه عزيمة عليه› فحمله حسن الأدب على المشاورة قال لابنه : انظ مَادَا رى . وروي أن النبي ي أنه قال: «المشورة حصن من الندامة وأمان من الملامة. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: الرجال ثلاثة: رجل ترد عليه الأمور فيصدرها برأيه» ورجل يشاور فيما أشكل عليه وينزل حيث يأمره اهل الرأيء ورجل حائر بائر وعن ابن عباس قال : الرجال ثلائة : رجل ونصف رجل ولا شيءء فالرجل هو المشاور في آموره» ونصف الرجل المشاور في بعض أموره ولا شيء الذي لا يشاور. وفيل: إن عمر رحمه الله يشاور حتى المرأةء وقال سيف بن ذي يزن: من أعجب برأیه لم يشاور» ومن استبد برأیه كان من الصواب بعيداً. وقيل في منثور الحكم: المشورة راحة لك 1 وتعب على غيرك. وقال بعض الحكماء : /ما خاب من استخار ولا ندم من استشار . وقال بزرجمهر : إذا أشكل الرأي على الحازم كان بمنزلة من أضل اللؤلؤ فجمع ما حول مسقطها فالتمسها فوجدهاء كذلك الحازم يجمع وجوه الرأي فيضرب بعضها ببعض حتى يخلص الصواب. وقال عمر رحمه الله: الرأي الفرد كالخيط السحيل» والرأيان كالخيطين › والثلائة الأراء لا تكاد تتقطع › وینشد لبشار ابن بُرد: إذا بلغ الرأي المشورة فاستصن برأي نصيح أو مشورة حازم ولا تجعل الشورى عليك غضاضة مكان الخواف قوة للقوادم () سورة الأنفال الآية: ۸٦. (۲) سورة الصافات الآية: ١١٠. قنطرة النفس . ١٦۱ وقال بعض الأعراب: ما عثرت حتى عثر قومي. قيل: له وكيف؟ قال: لا أفعل شيثاً حى أشاورهم. ويقال: لو لم يكن في فضيلة المشورة إلا أن الإنسان إذا استبد برأيه فأصاب سلبت فائدة إصابتهء وإن كانت حسنة؛ لآنه لا بد من قائل يقول هذا اتفاق» ولو فعل کذا لکان أحسن» فإذا شاور فأصاب حمدت الجماعة رأيه؛ لأنهم إنما يحمدون أنفسهم› فإذا أخطاً حملوا خطأه؛ لأنهم عن أنفسهم يكافحون والله أعلم. فإذا عزم على المشاورة فليختر من اجتمعت فيه حمس خصال . إحداها: عقل كامل مع تجربة سالفةء فإن بكثرة التجارب تصح الرؤية؛ لأنه قيل في متثور الحكم: كل شيء يحتاج إلى العقل والعقل يحتاج إلى التجارب. وقد روي عن النبي ية أنه قال: «استرشدوا العاقل ترشدواء ولا تعصوه فتندمواه وقيل لرجل من عبس: ما أكثر صوابكم. فقالوا: نحن آلف رجل وفينا حازم ونحن نطيعه فكأنا آلف حازم. وقال بعض السلف لابنه: احذر مشاورة الجاهل وإن كان ناصحاء كما تحذر عداوة العاقل إذا كان عدواً. وكان يقال : إياك ومشاورة رجلين: شاب معجب بنفسه قليل التجارب» أو كبير قد أخذ الدهر والثانية: أن يكون ذا دين وتقي؛ لأنه مأمون السريرة موفق العزيمةء وقال عليه السلام: «من أراد أمراً فليشاور / امراً مسلماً أرشده الله لأرشد أموره»" . ]۸۱[ والثالقة: أن يكون ناصحاً ودوداً؛ فإن التصح والمودة يمحصان الرأي. وقال بعض الحكماء: لا تشاور إلا الحازم غير الحسودء واللبيب غير الحقودء وإياك ومشاورة النساء؛ فإن رأيهن إلى الآفنء وعزمهن إلى الوهن. والرابعة: أن يكون سليم الفكر من هم قاطم وغم شاغل؛ لأن الرأي لا يسلم مع الهموم. وقد قالت الحكماء: لا تشاور معلماً ولا راعي غنم» ولا كثير لقعود مع التساءء ولا صاحب حاجة يريد قضائها ولا جائعاً ولا من يرهقه أحد السبيلين. وقالوا: لا رأي لحاقن› ولا لحاقب ولا لحازقء ولا تشاور من لا دقيق عنده. فالحاقب: الذي يجد في بطنه رزاء والحازق: الذي يضيق عليه الخف» والله أعلم. () أطراف الحديث عند: الذهبي في الميزان (٦۹٤۳)› ابن حجر في لسان الميزان (۳/ ۳۳۳)› (٤/۸8۰۸8)ء والألباني في الضعيفة (11۷). () نحو طرفه عند: ابن القيسراني في تذكرة الموضوعات (٤۷۳). قناطر الخيرات/ ج ۳/م١٠ ۳ قنطرة النفس الخصلة الخامسة: أن لا يكون له في الأمر المستشار غرض يتابعه ولا هوى يساعدە› فإن الأغراض جاذبة والهوى صادٌء والرآي إذا عارضه الهوى وجاذبته الأغراض فسدء وينشد: وقد تحكم الأيام من کان جاهلا ویردی الهوی ذا الرأي وهو لېبیب ويحسد في الأمر الفتى وهو مخطىء ويعذل في الإإحسان وهو مصيب فإذا استكملت هذه الخصال في رجل كان أهلاً للمشورة ومعدناً للرأي فلا يعدل عنه الإنسان استيثاقاً برأيه فإن رأي غير ذي الحاجة أسلم» وهو إلى الصواب أقرب لخلوص الفكر وخلوة من الهوى والشهوةء وقد قال بعض الحكماء : نصف رأيك مع أخيك فشاوره لیکمل لك الرأي: وپنشد: وقال بعض البلغاء: إذا اشتكلت عليك الأمور فارجع إلى رأي العقلاءء فلأن تسآل وتسلم خير من أن تستبد وتندم. وقد قيل في منثور الحكم: من أكثر المشاورة لم يعدم عند [۱] الصواب مادحاًء وعند /الخطاً عاذراً. وإن كان الخطاً من الجماعة بعيداً ثم إذا استشار الجماعةء وقد اختلف أهل الرأي في اجتماعهم عليه أو إفراد كل واحد منهم» فمذهب الفرس أن الاجتماع أولى ليذكر كل واحد ما نتجه فكرة حتى إن كان فيه قدح نقض عليه بالمناظرة . وذهب غيرهم إلى أن انفراد كل واحد منهم أو ليحيل رأيه طمعاً في الحظوة والصواب والله أعلم . ثم إذا أشار على الإنسان من استَشّاره بالرأي أخذ به وأمضام فإن أصاب فذاكء وإِن أخطا فلا يوجه اللوم على المستشار» فإنما على الناصح الاجتهاد دون ضمان النجاح» ولا سيما والأقدار غالبة تجري على ما ليس في التقدير. إذا ظفر برأي خامل اغتنمه» فإن الرأي كالضالة تؤخذ حيث ما وجدت ولا تترك لذلة صاحبها والدرة لا يضيعها مهانة غائصهاء والله أعلم . فصل: في النصيحة اعلم أن النصيحة للخلق أجمعين من سنة المرسلين» قال الله تعالى حكاية عن شعيب صلوات الله على نبينا وعليه: وَنَصَخحُت لكُمْ فكيف اَی على قَوْم گافرين»”. في أمثالها من القرآن . 1 )۱( سورة الأعراف الآية: ۹. قنطرة النفس ۳٦۱ وعن أبي هريرة أن النبي يل قال: «الدين النصيحةء. قالها ثلاثاء قيل: لمن يا رسول الله؟ قال : «نله ولکتایه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم وخاصتهم). والنصح في الله : فعل الشيء الذي به الصلاح تقول العرب: هذا قميص منصوح أي مخيط مأخوذ من النتصاحة وهي السلوك التي يخاط بها. وعن معاذ عنه كَل أنه قال: «ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: العمل للهء ومناصحة أولي الأمرء والاعتصام بجماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من وراءهم»"". / وقال عليه [۱۸۳] السلام: إن العيد إذا نصح لسىده ودی عبادة الله فله أجره مرت ٢۳ . وعن أبي الدرداء أنه قال: العلم يبلغه البار والفاجر والحكمة ينطق بها البر والفاجرء والنصيحة لله لا تثبت إلا في قلوب المؤمنين الذين نصحت قلوبهم» وصدقت نياتهم› فالنصيحة بتعظیمه› والبعد عن مساخطته وموالات من أطاعه› ومعادات من عصاه؛ والجهاد فی رد العصاة إليه قول وفعلا والقيام بحقوقه والرغبة في محابه» وإرادة ما ذكرنا لعباده. والنصيحة لکتایه : إقامة حدوده»؛ وتلاوته بالتفكر في معانیه › والذب عنه » وحمظه من تأويل المحرفين. والنصيحة لرسوله : مؤازرته ونصرته حياً وميتأء واتباع سنته » وإحياء طريقته في بث الدعوةء وتأليف الكلمة والنصيحة للأئمة: معاونتهم ونصرتهم في جمع الكلمة لهم ما والتصيحة لعامتهم: أن يحلم عنهم› ويعلموا دينهم» والنصيحة لجميع الملل أن يحب إسلامهم ويدعوهم إليه بالقول وبالسيف إن كان ذا سلطان حتى يسلمواء أو يكونوا ذمة› فيؤدي حقوقهم» وأن يصانوا عن الظلم والله أعلم. () أطراف الحديث عند: البخاري في الصحيح (۲۲/۱)›ء مسلم في الصحيح (الإيمان ب ۲۳ رقم ۹40)› الترمذي في الجامع (١۱۹۲)ء النسائي في المجبى (۷/۷١۱)› أحمد في المسند ۲۹۷/۲)؛ الدارمي في الستن (۳۱۱/۲)› ابن أبي عاصم في السنة (01۹/۲). (۲) أطراف الحديث عند: أحمد في المسند (٤/ ۸۰)؛ والدارمي في الستن (۷۵/۱)ء الحاكم في المستدرك (۸/۱) ابن آي عاصم في السنة (۲/٥))› الترمذي في الجامع (۲01۸)› وقال العراقي في المغني (٤/٤۳): رواه الترمذي وصححه من حديث النعمان ابن بشير. (۳) أصطرافه عند: مسلم في الصحيح (الإيمان: 4۳)ء وأبي داود في السئن (011۹)ء البيهقي في الستن (۱/۸) البخاري في الأدب (1٠۲)ء البغوي في شرح السنة (4/۹٤٤۳)ء المنذري في الترغيب والترهيب (۳/٢٤۲). ٤٦1 قتطرة التفس واعلم أن النصيحة مرة لا يقبلها إل أولوا العزم» كان عمر رحمه الله يقول: رحم الله 7٤1 عبداً أهدى إِلىّ عيوبى. وعن ميمون / بن مهران أنه قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: قل لي في وجهي ما أكره» فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يکره. وکان يقال: أخوك من احتمل ثقل نصيحتك. وينشد عن أبي العيناء : التصح أرخص ما باع الرجال فلا تردد على ناصح نصحاً ولا تلم إن التصائح لا تخفى مناهجها على الرجال ذوي الألباب والفهم وقيل في متثور الحكم : ودك من نصحك» وقلاك من مشى في هواك . والنصيحة لله في أرضه هي التي بعث بها المرسلون ولكن النفوس مستتقلة لهاء مائلة إلى ما يوافق هواها› ولبعضهم : وما بى أن أكون أعيب يحیی ويحيى طاهر الأخحلاق بر ولكن قد أتاني أن يحيى يقال عليه في نفصاء شر فقلت له تجنب كل شيء يعاب عليك إن الحر حر وعن وهب أنه قال: إنما يُحسن الاختيار لغيرهء من يُحسن الاختيار لنفسه. وقالت العلماء: لا ينتصحك امرء لا ينصح نفسه. وقال بعضهم: رأيي ورأيك في المعرفة أمثل لنفسك. من رأيك؛ لأنه خلق من هواك قال الله تعالى عن نبيه عليه السلام: لوَتَصَخحُت لَكُمْ ولكن لا تَحيُونَ النَصحين؟”. قال الشاعر : وعلى النصيح نصيحتي بعلي عصيان النتصيح وعن أبي الدرداء أنه قال: إن شئتم لأنصحن لكم؛ إن أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده» ويعملون في الأرض نصحا. قال : جب أخاك إذا استشارك ناصحاً وعلى أخيك نصيحة لا تردد ]٥1۸[ / وعن النبي ية أنه قال : «حق المسلم على المسلم إذا استتصحه أن يتصحه» . اعلم (١) سورة الأعراف الآية: ۷۹. (۲) أطراف الحديث عند: البخاري في الصحيح (۲/٠۹)› مسلم في الصحيح (٤۱۷)› أحمد في المسند (۲/٠٤٥)) البيهقي في السنن (۳47/0) البخاري في الأدب (۹10)› ابن السنى في عمل اليوم والليلة (٠). 0 قنطرة النفس ١٦۱ آنه لا عذر لمن استشير أن يکتم رأياً عدوا کان المستشير له أو صديقاً؛ لأن النبي عليه السلام قال: «المستشير مُعان والمستشار مُؤتمن» ولا ينبغي للإنسان أن يشير قبل أن يستشار إلا فيما استعنت فاعن وإذا استشرت فلا تعجل حتى تنظر». وقال الشاعر : من الناس من أن يستشرك فتجتهد له الرأي يستغششك ما لا تتابعه فلا تمتحن الرأي من ليس أهله فلا نت محمود ولا الرأي نافعه وإنما ذكرنا باب النصيحة ها هنا لأنه من باب التحفظ من آفات اللسانء وھى مما ينېغى أن يتكلم بها الإنسان؛ لآأن النصيحة من حق المستشير على المستشار فذكرناها بجانب فصل المشورة› والله تعالی نستهديه الرشاد والهداية . الفصل السابع: في حفظ اللسان عن المدح والتمدح ويروى عن رسول الله يلو أنه قال: «لا تمادحوا واحثوا التراب في وجوه المادحين». وعن مكحول عنه كَل أنه قال: «لا تكونوا عيابين ولا لعانين ولا متمادحين ولا متماوتين»". وروي أن بعض الصحابة قيل له: «لا تزال بخير ما أبقاك اللهء فوجد من قول المادح› يزكي رجلا فقال له: «قطعت مطاه لو سمعك ما أفلح بعدها» . وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: المدح /ذبح. وقال ابن المقفع: قابل المدح كمادح ]٦۸[ نفسه. وعن النبي يِل أنه قال: «إياكم والتمدح فإنه الذبحء إن كان أحدكم يمدح أخاء لا محالة فليقل: أحسب ولا أزكى على الله أحد. وقال بعض الحكماء: من رضي أن يُمدح يما ليس فيه فقد أمكن التساخر منه الساخر. وقيل فيما أنزل الله من الكتب السالفة: عجبت لمن قيل فيه الخير وليس فيه كيف يفرحء وعجبت لمن قيل فيه الشر وهو فيه كيف يغضب! قال بعض الشعراء : )۱( بنحو هذا الطرف عند: أي داود في السنن (۲۸٠٥)› الترمذي في الجامع (۲۸۲۲)ء ابن ماجة في السنن (٥۳۷) أحمد في المسند (٥/ ٢ ۲۷) البيهقي في الستن (١٠/١١۱۱)ء الدارمي في الستن (۲۱۹/۲)› الحاكم في المستدرك (٤/۱۳۱). () أطراف الحديث عند: الدارمي في الستن (۱۳۲/۲)› المتقي الهندي في كنز العمال (4۳۹۹4). () آأطراف الحديث عند: ابن ماجة في الستن (۳٤۳۷)› أحمد في المسند (٤/۹۲)› والطبراني في الكبير 9/٠٠ ابن أبي شيبة في المصنف (1/۹). 1۱۹ قنطرة النفس يا جاهلاً غره إقراط مادحه لا يغلبن جهل من أطراك علمك بك ألشى وقال بلا علم أحاط به وأنت أعلم بالمحصول من ريتك وروي أن بعض الخلفاء سال رجلا عن شيء فقال: يا أمير المؤمنين أنت خير منا وأعلم فغضب وقال: لم آمرك أن تزكيني. وروي أن رجلا مدح بعض السلف فغضب فقال: اللهم إن عبدك تقرب إلى بمقتك وأشهدك على مقته. وحكى الأصمعي: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان إِذا مدح قال : اللهم أنت أعلم بي من نفسي› وأنا أعلم بنفسي منهم اللهم اجعلني خيراً مما يحسبون واغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون. وقال الشاعر: إذا المرء لم يمدح بحسن فعاله فمادحه يهذي وإن كان مفصحاً وينبغفي للإنسان أن يحفظ لسانه عن المدح ويمقت نفسه عند سماعه من غير لن المدح عادة المتملقين› وحرفة المتقربين إلى الجورة من الجهالء والسلاطين›ء جعلوا التفاق [۷] عندهم عادة ومكسباء والتملق خديعة وملعبء فإذا وجدوه / مقبولا إلى العقول الضعيفة غروا أربابها باعتقاد كذبهم› وجعلوا ذلك ذريعة إلى استخالهم والاستهزاء بهم . وهذا أمر ينبغي للعاقل أن يضبط نفسه عن أن يستفزها المدح ويمنعها من تصديق المادح لهاء فإن للنفس ميلا إلى حب الثناء وسماع المدح كما قال الشاعر . هوی الثشناء مېبرز ومقصر حب الثشاء طبيعة الاإنسان ويعلم أن المتقرب إليه بالمدح يسرف مع القبول ويكف مع المنع والإباءء ولتكن تهمة المادح اغلب عليه فقل مدح کان جمیعه صدقاء ولا يغلبه حسن الظن على تصديق مدح هو أعرف بحقيقته» فإن لم يفعل وسامح نفسه في مدة الصبوة وتابعها على هذه الشهوةء تشاغل بذلك عن الفضائل الممدوحة› ولھی بها عن المحاسن الممنوحة› فصار الظاهر من مدحه كذباء والباطن من ذمه صدقاً وعند تقابلهما يكون الصدق ألزم الأمرين والله أعلم. واعلم أن المدح ربما خل بصاحبه إلى أن يصير مادح نفسه إما لتوهمه أن الناس قد غفلوا عن فضلهء وإما أن يخدعهم بتدليس نفسه» فيعتقدوا أن قوله حق متبم» وإما ليتلذذ ير ذلك كان» فهو الجهل والنقص الفاضح› كما قال الشاعر: قنطرة النفس ۷ \ وما كل حين يصدق المرء ظنه ولا كل أصحاب التجارة يريح ولا كل من ترجو لغييك حافظ ولا كل من ضم الوديعة يصلح وينبغي للعاقل أن يسترشد إخوان الصدق الذين هم / أصفياء القلوب ومرايا المحاسن [۱188] والعيوب على ما ينبهون عليه من مساوئه التي صرفه حسن الظن عنهاء فإنهم أمكن نظراً وأسلم فكراًء ويجعل تنبيهم إياء على مساوئه عوضاً من تصديق المدح فيه. وقد قال عليه السلام: «المؤمن مرآة المؤمن إذا رأى فيه عيباً أصلحه» ° . وقد قال عمر رضي الله: رحم الله عبد أهدى إلينا مساوئنا. وقيل لبعض الحكماء : أتحب أن تهدى إليك عيوبك؟ قال : نعم من ناصح . وقيل في منثور الحكم: من آظهر عیب نفسه فقد زكاهاء والله أعلم . الفصل الثامن: في حفظ اللسان من الاسترسال في المزاح والضحك وروي عن النبي يَأ أنه قال: «المزاح استدراج من الشيطان واختداع من الهوى». وقال عمر بن عبد العزيز: اتقوا المزاح فإنها حمقة تورث ضغينة. وقال: إنما المزاح سباب إلا أن صاحبه يضحك وقيل في منثور الحكم : المزاح يأكل الهيبة كما تأكل النار الحطب . وقال النخعي: المزاح من سخف أو بطر. وعن النبي يِه أنه قال: «إياكم والمزاح فإنه فيه التذابح إن خيره لا ينال وشره لا يقال»"٩ قال النيسابوري . شر مزاح المرءلايقال وخيره ياصاحلاينال وقال بعض الأدباء: من کثر مزاحه زالت هیبته ومن کثر خلافه طابت غیبته . وقال بعض البلغاء : من فل عقله کثٹر هزله . ويقال : المزاح مخلفة للصداقة مذهية للمروءة مكسية للعداوة. ويقال لكل شيء بذر وبذر العداوة المزاح. وقيل المزاح: لقاح الضغينة وسباب التوكا. ويقال: المزاح / أوله فرح وآخره ترح قال النيسابوري . ]۱۸۹[ () أطراف الحديث عند: أبي داود في السنن (441۸)› البيهقي في الستن (۳۷0/۳)› البخاري في الأدب (۲۳۹))› ابن الجوزي في تذكرة الموضوعات (٤۱)٠ ابن عدي في الضعفاء (۱/٦۲۲۳)ء العجلوني في كشف الخفا (۲/٤٦٠٢٠). () أطراف الحديث عند: ابن عدي في الكامل في الضعفاء (٤/۷١١۱)› ابن حجر في لسان الميزان ۹/۱١۱( العجلوني في كشف الخْفا (۱/٢۳۲). ۸٦۱ قنطرة النفس إن المزاح بدۋه حلاوة لكنماآخره عدذاوه وقد يقال: إن كثر المزاح من الفتى تدعو إلى التلاحء يحقد منه الرجل الشريفء ويجترىء بسخفه السخيف. وأوصى بعض الحكماء ابنه فقال: يا بني إياك والمزاح فإنه يذهب ببهاء المؤمن ويطفىء نوره ومن يکثر من شيء عرف به. قال: وکتب عمر بن عبد العزیز إلى بعض عماله: امنع الناس من المزاح فإنه يذهب المروءة ويوغر الصدر. وحکي أن خالد بن صفوان* ذكر المزاح فقال يصك أحدكم بأشد من الجندل وينقشه أحرف من الخردل› ويفرغ عليه أحر من المرجل› ثم يقول: إنما كنت أمازحك . ویروی أن بعض الأشراف مازح صديقاً له بكلمة فتهاجرا حتى ماتا. وینشد. أما اللجاجة والمزاح فدعهما خلقان لا أرضاهما الصديق إني بلوتهما فلم أحمدهما لمجاور دان ولا لرفیيقيق ويقال: إنما سمي المزاح مزاحاً لأنه أزيح عن الحقء ولعمري إن المزاح يزيح عن الحقوقء ويخرج إلى القطيعة والعقوقء ويصم المازح بزوال الهيبة والبهاءء وجرأة السّفهاء عليه والغوغاء ويؤذي المماذح بلدغتهء ويحزن قلبه بحرقته إن أمسكه عنه تغيظ وإن أجاب صاحبه تورط بسقوط الأدب› وحق على العاقل أن يتقيه وينزه نفسه عن وصمه مساوثه . قال : فإياك إياك المزاح فإنه يجري عليك الطفل والدنس الرذلا [1۹][ /ويذهب ماء الوجه بعد بهائه ويورث بعد العز صاحبه ذلا اعلم أن المزاح قل ما يعری منه من کان سهلا فإذا کان لا بد للعاقل منه فليتوخ به إيناس المصاحب» والتودد إلى المخالطء وليقتصد في مزاحه فإن الأفراط منه يذهب البهاء› ویجریء السفهاء. والتقصير فيه يقبض المؤانس› ويوحش المصاحب› ولیکن مزاحه ہما حسن من القول وبسط من مستحسن الفعلء نحو ما روي عن الشعبي أنه سثل عن أكل لحم الشيطان؟ فقال: نحن نرضى منه بالكفاف. وقیل له : ما اسم امرأة إبلیس؟ قال: ذلك نکاح ما شهدناه. وقد کان صهيب بن سنان (۱) العلامة البليغ فصيح زمانه أبو صفوان المنقري الأهتمي البصري؛ وقد وفد على عمر بن عبد العزيزء ولم أظفر له بوفاة: إلا أنه كان في أيام التابعين... وهو القائل: ثلاث يعرفون عند ثلاثة: الحليم عند الغضب؛ والشجاع عند اللقاى والصديق عند النائبة. (الذهبي في سير أعلام النبلاء ٦/٦۲۲). قنطرة النفس ۹٦1 رحمه الله مزاحاً فقال له النبي يَِلأٍ: «أتاكل تمراً وبك رمد؟». فقال: يا رسول الله إنما أمضغ على الناحية الأخرى». وإنما استجاز لصهيب ليتعرض له المزاح لأن استخباره عليه السلام قد كان يتضمن المزاحء فأجابه بما وافق استخباره مساعدة له وتقرباً من قلبه» لأن من جعل جواب الرسول عليه السلام هزلاً فقد عصى الله تعالىء وصهيب كان أطوع لله ولرسوله من أن يكون منه بهذه المنزلة . وقد قال عليه السلام: «أنا سايق العربء وصهيب سابق الرومء وسلمان سابق الفرسء وبلال سابق الحبش»"° ووجه آخر يجوز فيه المزاح أيضاً وهو أن ينفى الإنسان بمزاحه عن نفسه ما يطراً عليه من هم او منام أو يبس طبيعة أو حادث وحشةء ولذلك قال أبو الدرداء أو غيره: إني لاستجم نفسي بشيء من اللهو. وقديماً قيل: لا بد للمصدور أن ينفث لأن النفس ملولة ولها في اللهو / والمزاح استراحة ونشاط إلى مملول العبادة. قال الشاعر: [۱۹۱] أفد طبعك المكدود بالهم راحة يجم وعلله بشيء من المزح ولكن إذا أعطيته المزح فليكن يمقدار ما يعطى الطعام من الملح وقد روي أن النبي يَأ كان يمزح ولا يبعد أن يكون على هذا الوجه وقد قال عليه السلام: «إني لأمزح ولا أقول إلا حقاه. فمن مزاحه عليه السلام مثل قوله للعجوز التي قالت: ادع الله أن يدخلني الجنة فقال: «إن الجنة لا تدخلها العجائز». فصرخت فتبسم وقال لها عليه السلام: «أما قرأت «إنًا أنْشَأنَاهُنَ سء فَجَعَلَاهُنَ آکارا ې٩ . ومثل قوله لمحمد بن أبي طلحة وكان له نغير فمات فإذا رآ قال: «أيا عمير ما فعل النغي ° . وهو طير. )۱( قال العراقي في المغني: (۱۲۷/۳): رواه ابن ماجة والحاكم من حديث صهيب ورجاله ثقات. () أطراف الحديث عند: ابن أبي حاتم في العلل (۷۷١۲)؛ ابن عدي في الضعفاء (۷/٤۲۱۲)ء وابن عساكر في تاريخ دمشق (١/۱۹۹)» وأبي نعيم في تاريخ أصبهان (۹/۲٤)ء وعبد الرزاق في المصنف )٢٤٢۲۰( والطبرانى فی الكبير )۱۳۱/۸( والصغير (١/١٤١٠). () أطراف الحديث عند ۰ الطبراتي في الكبير (۳۹۱/۱۲)؛ العجلوني في كشف الخفا(١/ ۷۲)٠ الهيثمى في مجمع الزوائد (۱۷/۹)› الشفا للقاضي عياض (۲/٤۲٤). (8) سورة الواقعة الآية: ١۳٠ ۳۲ والحديث عن نحوه قال العراقي في المغتي (۳/١۲٠: ٦17): رواه الترمذي في الشمائل هكذا مرسلاّ وأسنده ابن الجوزي في الوفاء من حديث أنس بسند ضعيف. () متفق عليه (من حديث آنس). المغني (۳/١١۱). 1۷۰ قنطرة النفس هذا أو مثله من المزاح وهو حق کله. وروی أن علياً أوتي برجل ومعه خصم له فقال له الخصم إنه احتلم على أمي فقال عليّ: أرى أن يقام في الشمس ويضرب ظله الحد. وفي رواية قال الرجل: احتلمت على أمي فقال علي : هذه القولة. ویروی ان رجلا قال لغلام بكم تعمل معي؟ قال: بطعامي. قال: أحسن قليلاً. فقال الغلام: أصوم الاثنين والخميس. هذا وأمثاله من المزاح لا بأس به وأما الاسترسال في ممازحة العدو فليحذره العاقل لثلا يجعل له طريقاً إلى إعلان المساوي ويفسح له في التشفي. وقد قال بعض الحكماء: إذا مازحت عدوك ظهرت عيويك. وأما ما فيه إغراء إلى ريبة أو يتوهمه الجاهل إرخاص في معصية فينبغي أن يتوقی نحو ما روي عن أيي صالح بن حسان أنه قال لأصحابه يوماً مازحاً أفقه الناس وضاح اليمن في قوله: إذا قلت هات نوليني تبرمت وقالت معاذ الله من فعل ما حرم ]1۹۲[ / فما تولت حتى تضرعت عندها وانبأتها ما أرخص الله في اللمم هذا ومثله يتوهمه الجاهل إذا سمعه إن الله تعالى رخص في الصغائر من الذنوب فيجتري على القبلة المحرمة والنظرة والمحسة ويظنها صخائر والله تعالى لم يرخص في ارتكاب معصية صغيرة ولا كبيرة. فإذا المعدة جاشت» فارمها بالمنجنيق بثلاث من نبيذ ليس بالحلو الرقيق انظر إلى ما جنى على نفسه بخلاعته حيث جعل للتهمة عليها طريقه فیما لعله بریء منه ومن مستسمح المزاح ما حكي أن القيشري وقف عليه شيخ من الأعراب فقال: ممن أنت؟ فقال: من بني عقيل. قال: من آي عقيل؟ قال : من بني خفاجة. فقال القشيري : رأیت شيخاً من بني خفاجة فقال الأعرابي: ما شأنه؟ فقال: له إذا جن الظلام حاجة فقال الأعرابي: ما هيه؟ قال: كحاجة الديك إلى الدجاجة. فاستفز الأعرابي ضاحكاًء فقال: قاتلك الله ما أعرفك بسرائر القوم . قنطرة النلفس ۱١۱۷ وذكر أن أبا هريرة كان مسترسلاً في مزاحه قال وحكى ابن قتيبة في المعارف أن مروان كان يستخلفه على المدينة فيركب حماراً مشدوداً ببرذعة فيسير فيلقى الرجل فيقول: الطريق قد جاء الأمير قال : وربما أتى الصبيان وهم يلعبون فلا يشعرون حتى يلقى نفسه بينهم ويضرب / وهذا خروج عن القدر والمزاح المستسمح به ولا يبعد أن يكون له تأويل عندهم يسوغ ۹۳1[ في الشرع» وإنما الأحسن ما قدمناء من مزاح رسول الله يَلوٍ. فقد روي أيضاً أن امرأة أتته عليه قالت: لا. فقال: «بلى». فانصرفت عجلى إلى زوجها فجعلت تتأمل عينهء فقال لها: ما شأنك؟ فقالت: أخبرني النبي عليه السلام أن في عينيك بياضاء فقال لها: أما ترين أن بياض . ِ 3 عيني أکثر من سوادها . عليه تلى هذه الآية: الله يَنَوى الأنفس جين مَوْهًا»”. .. الآية والله أعلم. فصل: في الضحك والفرح اعلم أن كثرة الضحك وإظهار الفرح بالدنيا ليس من أخلاق الصالحين› واعتياد الضحك أيضاً شاغل عن الأمور المهمة وليس لمن أكثر منه وقار ولا هيبة. وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما رأيت رسول الله يل مستجمعاً ضحكاً حتى أرى لهواته» إنما كان يتبسم . وعن أبي ذر عنه عليه السلام أنه قال : «إياك وكثرة الضحك إنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه»" وعنه عليه السلام أنه قال: «أحيوا قلوبكم بقلة الضحك وطهروها بالجوع تنظروا إلى عظمة الل . وقال: «اعطوا قلوبكم حظها من قلة الطعام يكثر فكرها ويقل ضحكها فإن الله يبغض کل غافل وضاحك» وعن الحسن أنه قال: يا ابن آدم إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلوب . )۱( عن نحوه قال العراقي في المغني (۳/١۱۲): رواه الزبير بن بكار في كتاب الفكاهة والمزاحء ورواه ابن أي الدنيا من حديث عبدة بن سهم الفهري مع اختلاف. () سورة الزمر الآية: 7٤ . (۳) أطراف الحديث عند: أبي نعيم في الحلية (۸/۱١۱)؛ ابن عساكر في تاريخ دمشق (۷/۱١۳)؛ الهيثمي في مجمع الزوائد (١۱/٠۲۹)» المتقي الهندي في الكتز (4415۸). () قال العراقي في المغني (۸۲/۳): لم أجد له أصلاً. ۱۷۲ قنطرة النفس ]1۹4[ وعن عروة بن الزبير / أنه قال: إنما أفرح في ساعة الغفلةء فكيف يفرح من يمشي بين الجنة والنار ولا يدري إلى أيتهما يصير. ويقال: أقام الحسن ثلاثين سنة لم يضحك. وروي عن طلحة أنه ضحك يوم فوثب على نفسه فقال: فيم الضحك؟ إنما يضحك من قطع الأهوال وجاز الصراط. ثم قال: آليت أن لا افتر ضاحكاً حتى أعلم بم تقع الواقعةء فما رأى ضاحكاً حتى صار إلى الله تعالی . وروي عن وهيب بن الوردي أنه نظر إلى قوم يضحكون في يوم الفطر فقال: إِن کان هؤلاء غفر لهم فما هذا فعل الشاكرين» ولئن كانوا لم يغفر لهم فما هذا فعل الخائفين. وینشد: عجبت لضحك المرء والموت خلفه وللمشتري دنياء بالدين أعجب وأعجب من هذين من باع دينه بدنيا سواه فهو من ذين أعجب وروي عن مالك بن دينار أنه قال: ما رأیت محمد بن واسع قط ضاحكأً ولقد کان يکي حتى نرحمه» قال: ولقد ذكرت له ذلك . فقال: وكيف يضحك من لا يدري بم یختم له. وروي آنه جلس يوماً إلى ثابت البناني فسمعه يمزح فقال له محمد: تمزح في مجلسك› ولقد كنا نجلس إلى الحسن فكان إذا خرج إلينا خرج كأنه قد عاين الأخرة ثم جاء يحدثنا عنها . وعن جعفر بن سليمان أنه قال: كنت إذا وجدت من قلبي قساوة ذهبت فنظرت إلى محمد بن واسع» وکنت إذا نظرت إليه حسبته وجه ثکلی . وعن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: لا يُعَادِر ضفر . أنها التبسم› ولا كير أنها الضحك مع الاستهزاء . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : من کثر ضحکه قلت هیبته . وعن علي بن [1] أبي طالب أنه قال: إذا ضحك العالم ضحكة مج من /العالم مجة. وقيل في منثور الحكم : ضحك المؤمن غفلة من قلبه. وحسبك وعيداً على الضحك وتهديداً قول الله تعالى: ضكرا يلا وليو كيرا . والقول في الضحك كالقول في المزاح› إن تجافاه الإنسان نفر عنهء وأوحش منهء وإن فة كانت حاله كما وصفناء فليكن حاله عند الإيناس بدل الضحك تبسماً وبشرى؛ لأن النبي عليه السلام كان يبتسم حتى تبدو نواجذه» وهذا أبلغ في الإيناس من الضحك الذي يكون (۱) سورة الكهف إلآية: 49 . (۲) سورة التوبة الآية: ۸۲. قنطرة النفس ۱۷۳ استهزاءاً وتعجباً. وقد قال عمر بن الخطاب زضي الله عنه: التبسم دعابة. والله أعلم ويه الحول والتوفيق. الفصل التاسع: في كف اللسان عن الشماتة وعما لا يعنيه ويروى عن رسول الله يِل أنه قال: «لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك»”° مرحباً بوجوه لا ترى إلا عند سوءة. وقال الله تعالى حكاية عن هارون عليه السلام: قال لأخيه: قلا تشمت بي الأَعُدَاء". ويروى في قصة أيوب عليه السلام أنه قيل له: أي الأشياء كان في بلائك أشد عليك؟ قال: شماتة الأعداء. قال الشاعر: إذا ما الدهر جَرَ على أناس كلا كله أناخ باخرينا فقل للشامين بنا أفيقوا سيلقى الشامتون كمالقينا وقال آخر : فإذا صفا لك من زمانك واحد فهو المراد وأين ذاك الواحد وعلى الإنسان أن يضبط نفسه حتى لا تفرح بمساءة أحدء ويكف لسانه حتى لا يشمت بأحد؛ فإن ذلك ليس من أخلاق العقلاء والأولياء؛ لأن العاقل قد تيقن أن الدنيا دار البلاياء وأن من كان فيها فلا يعطى له الأمان من الرزاياء والأولياء من صفاتهم الرحمة لأهل البلاء. والمعافى› قال: يا رب هذا المبتلى» فما بال المعافى؟ قال: لقلة شكره إياي على عافيتي له . فصل وينبغي للإنسان أن يحترز من كثرة الكلام فيما لا يعنيه فيکفیه منه ما بلغ به حاجتهء فلا ينبغي أن يكثر الحكايات ولا السؤال عن تفاصيل البلاد إلا أن يريد الانتقال إليها . (١) قال العراقي في المغني (۱۸4/۳): روا الترمذي من حديث وائلة بن الأسقع وقال حسن غريبء وفي رواية ابن أبي الدنيا: فيرحمه الله . )۲( سوره الأعراف الاية: ٠ . ۱۷ قنطرة النفس وقد روي عن النبي ي أنه قال : «من حسن إسلام المرء ترکه ما لا يعنيه»'٩ وعنه أيضاً أنه قال : «أكثر الناس ذنوباً أكثرهم كلاماً فيما لا يعنيه»"". وقيل لبعض الحكماء: ما خير ما أعطي العبد؟ قال : فراغ القلب عما لا يعنيهء ليتفغرغ لما يعنيه. ويروى أنه قيل للقمان الحكيم: بماذا نلت ما نلت من الحكمة؟ قال: بثلاث خحصال؛ بصدق الحديث› وأداء الأمانق وترك ما لا يعنيني. ویقال: من کثر کلامه كثر سقطه؛ ومن کثر سقطه کثرت ذنوبهء ومن کثرت ذنوبه فالنار أولى به. وفي أثر العلماء : أن في المباح من الكلام أربعة أمور: أحدها: شغل الكرام الكاتبين بما لا فائدة فيه وحق على المرء أن يستحبى منهماء :قال الل تعالى: تا يلظ من قوي إلا ييه َيب مينك . [(۱۹۷][ الثاني : إرسال كتاب إلى الله سبحانه من اللو والهدر / فليحذر العبد من ذلك ولیخش الله تعالى. ويروى أن بعض السلف نظر إلى رجل يتكلم بالخنا فقال: «يا هذا إنما تّملي كتاباً إلى ربك فانظر ما تملی . الثالث: قراءته بين يدي الملك الجبار يوم القيامةء على رؤوس الأشهاد بين الشدائد والأهوال عطشاناً عرياناً جوعاناً مقطوعاً عن الجنة محبوساً عن النعمة . الرابع: اللوم والتعيير لماذا قلت٠ وانقطاع الحجة والحياء من رب العزةء وقد قيل : إياك والفضول» فإن حسابه يطول. وكفى بهذا واعظاً لمن اتعظ وقد قال النبى يَ: «إن اللسان أملك شيء للإنسانء وإن كلام ابن آدم كله عليه لا له إل : ذكر الله تعالى أو أمراً بمعروف» أو نهيا عن منكر» أو إصلاحاً بين مؤمنين». ثم لم تمض الأيام حتى نزلت هذه الآية: لا خَيْر في ۳ رو مە گر س صگ له و 2 ا - كثير من نَجُوَاهُم إلا مَن أمرَ بصَدَقِةٍ أو مَغْروْفي أؤ إضلاح بين الس . والله أعلم . الفصل العاشر: في الصمت وفضيلة الكلام ویروی عن رسول الله َو آنه قال : «كيف يدخل أحدكم الجنة مع لسانه من تكلم فليقل () قال العراقي في المغني (۹/۳٠1): رواه الترمذي وقال غريب وابن ماجة من حديث أبى هريرة. () أطراف الحديث عند: العقيلي في الضعفاء (414/۳)ء ابن الجوزي في العلل المتناهية (۲/٦۲۱)› المنذري في الترغيب والترهيب (3/ £0 0)› والزييدي في الإتحاف (۷/ ٤7٤٤). (۳) سورة ق الاية: ١۱. () سورة النساء الآية: ١١٠. قنطرة النفس ‎\Vo‏ ‏يقول وينشد: وإذا حشيت ملامة من منطق فاخزن لسانك في اللهات وأطرق واحبس لسانك أن تقول فتبتلى إن البلاء موكل بالمنطق ویروی أن أعرابياً كان يجالس الشعبي فكان يكثر الصمت فقال له الشعبي يوماً: ما لك / وقال رجل لعمر بن عبد العزيز : متی أتکلم؟ قال: إذا اشتهيت السكوت. قال: ومتی [۱۹۸] أسكت؟ قال: إذا اشتهيت الكلام. وكان بعض العلماء يحسم الرخصة في الكلام فيقول: إذا جالست الجهال فانصت لهم وإذا جالست العلماء فانصت لهم. قال: فإن إنصاتك إلى الجهال زيادة في الحلم› وفي إنصاتك إلى العلماء زيادة في العلم. ويتشد: لعمر كان صمتك ألف عام لأصلح من كلامك في الفضول وقال بعض الحكماء: إذا تكلمت فلا تتكلم إلا بخير» فلعله أن يكون آخر كلامك من الدنيا. وكان بعض السلف يقول: اطلب من يسكت› فإن من يتكلم کثیر . ويروى أن يونس عليه السلام كان يطيل الصمت بعد ما خرج من بطن الحوت» فقيل له: ألا تتكلم قال: الكلام صيرني إلى بطن الحوت. وينشد لأبي نواس : إنما السالم من الجسم فاه بلجام كم كلام ساق ختفا ل ام وف ام () أطراف الحديث عند: أبي نعيم في الحلية (۸/١١۱٠ ٢١۳)› الخطيب في تاريخ بغداد (۳۲۹/۹)ء ابن أي شيبة في المصنف (۳/٢۲۳). () هو: رئيس الشعراء أبو علي الحسن بن هانىء الحكمي» وقيل: ابن وهب: ولد بالأهواز ونشأ بالبصرة. . قيل: لقب بهذا (آي بابي نواس) لضفيرتين كانتا تنوسان على عاتقه أي تضطربان... ولأبي نواس أخبار وأشعار رائقة في الغزل والخمور» وحُظوةٌ في أيام الرشيد والأمين مات سنة خمس أو ست وتسعين ومئةء وقيل: سنة ثمان وتسعين عفا الله عنه - وعنا معه آمين - (الذهبي في سير أعلام النبلاء ٩/۲۷۹). ١1۱۷ قنطرة النفس وبماا ستفتح بالمزح معال ی الحم ام وا لمتنايا أكلات شاربات للانام وعن مجاهد أنه قال : ما شيء تكلم به العبد إلا أحصى عليه حتى أنينه في مرضه. وعن عمر بن عبد العزيز أنه قال: من لم يعد كلامه من عمله كثرة خطاياه . وقال بعض البلغاء: احبس لسانك قبل أن يطيل حبسك؛ أو يتلف نفسك» فلا شيء [ أولى /بطول حبس من لسان يقصر عن الصواب ويسرع إلى الجواب. وعن طاوس أنه كان يقول: لساني سبع إن أرسلته أكلني. ويتشد لبعضهم : متع اللسان من الكلام لأنه كهف البلاء وجالب الآأفات فإذا نطقت فكن لريك ذاكراً لا تنسه وأحمده في الحالات ویروی عن داود عليه السلام آنه قال: رب کلام ندمت عليه وما ندمت علی صمت قط . وعن إبراهيم بن أدهم أنه قال: من اتقى الله لم لم يدر ما يقول» فإنه يخاف من کل ما يتكلم به من الخير والشر إن تكلم بالخير خاف المقت أن يقول ما لا يفعلء وإن تكلم بشر خاف العقوبة. وقال بعض السلف: إذا طلبت صلاح قلبك› فاستعن عليه بحفظ لسانك» وأنشدوا: في ضرعه وكذا القول ليس له في الصدر رد قبيحاً كان أو حسنا وقال بعض الحكماء: ألزم الصمت تعد حكيماً جاهلاً كنت أو عالماً. وقال بعض الفحصاء: اعقل لسانك إلا عن حق توضحه» أو باطل تدحضه أو حكمة تنشرهاء أو نعمة تشكرها. وقيل لبعضهم: إنك قد أطلت سجن لسانك فقال: إنه غير مأمون إذا أطلق. قال الشاعر: رأيت اللسان على أهله إذا ساسه الجهل ليشا مغيرا ويروى عن أبي الحجاج العابد أنه كان ألزم نفسه أن لا يكلم أحداً وكان لزم مكة فدخل عليه هارون الرشيد فكلمه فلم يجبه» فَكلُم في ذلك فكتب لهم في الأرض: هو لا يقبل من الله وقد أمره ونهاء» ويقبل مني أنا؟ إني أجل الله من أن أنزل نفسي / هذه المنزلة . وعن بعض أصحاب الربيع بن خُتْم أنه قال: صحبت الربيع عشرين سنةء فما أعلم (١) في الأصل: الربيع بن خثيم وهو تحريف» وهو الإمام القدوة العابد أبو يزيد الثوري الكوفي أحد = قنطرة النفس ‎V۷‏ \ أي سمعت منه في تلك العشرين إلا كلمة تصعد. ويقال: لما قتل الحسين ابن علي قال قوم : اليوم يتكلم الربيع» فاتوه فقالوا له: قتل الحسين» قتل ابن فاطمة. فقال: قتلوه» فمد بها صوته ثم قال: «اللَهْمَ فَاطِرَ السموات والأَزض عَالَمَ الْقيْب وَالشْهَادة أ تَحْكُمْ بين عباوڭ€”°. . الأية. وروي عن بلشة زوج يوسف بن أسباط أنها قالت: کان إِذا دخل شهر رمضان لم یکلم يوسف أحداً حتى يفطرء وكان إذا جاء السحر جاء إلى الزنبيل معلقاً فأدخل يده فيهء فما أصاب من شيء أكلهء ثم يخرج إلى صلاة الفجر ثم لا يتصرف حتى يصلي العشاء فإذا انتصرف صلى إلى السحر فلا يزال دأبه ذلك حتى يفطر. وروي عن النبي يَأ أنه قال في بعض خطبه : «أيها الناس ألا أدلكم على أمرين خفيف مؤنتهاء عظيم أجرهاء لم يلق الله بمثلهما طول: الصمت؛ وحسن الخلق». ومن أحسن ما يتشد في الصمت : أيهاالمرء لاتقولن قولاً لست تدري ماذانجاتك منه وإذا الناس أكثروا في حديث ليس ممايزينهم فألهعنه واخحزن القول إن في الصمت حكماً وإذا أنت قلت قولا فزنه ويروى أن رجلا أتى بعض العلماء فاثئى عليه في وجهه ثم سأله عن الزهد في الدنيا ما هو؟ فقال : يا بطال تسأل عن الزهد في الانيا وأنت لا تزهد في الكلام فكيف تزهد في الدنياء اذعب فاعمل في ضبط لسانك عشرين سنة ثم بعد ذلك فاسأل عن الزهد والله أعلم . فصل: في / فضيلة الكلام ]٢٠۲[ اعلم أنه وإن أطنبنا في فضل الصمت» فإن الكلام الحسن أفضل منه؛ للأن في الصمت السلامة وفي التكلم بالخير الغنيمة والكرامة ألا ترى إلى قوله عليه السلام: «رحم الله من قال خیراً فغنم آو سکت عن شر فسلم»". ہہ = اللأعلام أدرك زمام النبي ي وأرسل عنه... وكان يعد من عقلاء الرجال... روى منصور عن إيراهيم قال: قال فلان: ما أرى الريع بن خثيم تكلم بكلام مذ عشرين سنة إل يكلمة تصعد. وعن بعضهم قال : صحبت الربيع عشرين عاماً ما سمعت منه كلمة تعاب. . قيل توفي الربيع بن خثيم قبل سنة خمس وستين. (الذهبي في سير أعلام التبلاء). () سورة الزمر الآية: £6 . )۲( نحو هذا الطرف عند: العجلوني في كشف الخفاء (4/۱٤1٥)؛ السيوطي في الدرر المتتثرة (8۹). ۱۷۸ قنطرة النفس مكبر امير" . وإنما بأن فضله بكلامه. ويقال أن يوسف لما دخل على الملك كمه الملك بسبعين لساناًء فأجابه يوسف عنها كلها ثم كلمه يوسف بالعبرانيةء فلم يكن عند الملك منها شيء فقال: ما هذا اللسان؟ فقال: لسان إبراهيم› وإسحاقء ويعقوب» ثم كلمه يوسف بالعربية فلم يعرفها الملك. فقال: ما هذا اللسان؟ قال: لسان نبي يبعث في آخر الزمان وهو لسان أمتهء وهو كلام أهل الجنة في الجنة. فقال له الملك: يا يوسف بارك الله لك في العقل الذي به فهمت»› وبارك الله لك في الفهم الذي به نطقت وبارك الله لك في المنطق الذي به فسرت وعبرت ويقال: من أفضل الكلام: أن الصمت يمدح بالكلامء ولا يمدح الكلام بالصمت» وما عبر عن شيء فهو أفضل منه. وقال يعض العلماء : ما أحسن الكلامء وأحسن منه معنا وما أحسن المعنتى› وأحسن منه استعمالهء وما أحسن العمل وأحسن منه ثوابهء وما أحسن الثواب» وأحسن منه رضى من علمت له. قال : لولا الكلام لما تين الهدى وتفصلت في ديتناالأحكام ]¥۰۲[ ويقال: الصمت منام؛ والكلام يقظة. وقال بعض الأدياء / كلام المرء وافد أدبه وقال بعض البلغاء: يستدل على عقل الرجل بقولهء وعلى أصله بفعله . وعن سليمان بن عبد الملك أنه ذم الكلام في مجلسه فقال: كلا إن من تكلم فأحسن قدر أن يسكت فيحسن وأنشد لأبي الفتح البسي : تكلم وسدد ما استطعصت فإنما كلامك حي والسكوت جحماد فإن لم تجد قولاً سديداً تقوله فصمتك عن غير السداد سداد وقال بعضص الحكماء: إن الله رفع درجة اللسان عن ساثر الجوارح فانطقه بتو حیده. ویروی أن النبي يق قال لعمه العباس: «يعجبني جمالك» قال: وما جمال الرجل يا رسول الله؟ قال : «لسانه) . وقال خالد بن صفوان: ما الإنسان لولا اللسانء هل كان إلا بهيمة مهملة أو صورة ممثلة. وقال بعض الحكماء: اللسان وزير الإنسان. قال أبو تما : )۱( سورة يوسف الآية: ٤0. )۲( شاعر العصر أو تمام حبیب بن آورس بن الحارث بن فیس الطائي من حوران من قرية جاسم أسلم وکان نصرانيا. قاله الذهبي في سير أعلام النبلاء (١٠/ 1۳). قنطرة النفس ۱۷۹ ومما كانت الحكماء قالت لسان المرء من خدم الفؤاد وقال الشاعر : رآيت العز فى أدب وعقل وفي الجهل المذلة والهوان وما حسن الرجال لهم بحسن إذا لم يسعد الحسن البيان كفى بالمرء عيبا أن تراه له وجه وليس له لسان واعلم أن للكلام شروطاً لا يسلم المتكلم من الذلل إلا بها ولا يعرى من التقص إلا بإستيعابها وهي أربعة شروط : أحدها: أن يكون الكلام لداع يدعوه إليه إما في اجتلاب نفع أو دفع ضر؛ لأن ما لا داعي له ولا سبب؛ هذيان وهجر. ومن سامح نفسه في الكلام إذا عرض ولم يراع صحة دواعية وإصابة / معانيه» كان قوله مردوداً ورأيه مغلولاً كالذي حكى ابن عائشة أن شاباً کان [۲۰۴] يجالس الأحنف ويطيل الصمت فأعجب ذلك الأحنف» فخلت الحلقة يوماً فقال الأحنف : تكلم يا ابن أخني. فقال: يا عم أرأيت لو أن رجلا سقط من شرفة هذا المسجد» أكان يضره شيء. فقال: يا ابن أخي ليتنا تركناك مستوراً ثم تمثل الأحنف بقول الأعور الشيخي : وكأين ترى من ساكت لك معجب زيادته ونقصه في التكلم لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ‏ فلم يبق إلا صورة اللحم والدم وكالذي حكى عن أبى يوسف الفقيه: أن رجلا كان يجلس إليه فيطيل الصمت» فقال له بو يوسف: ألا تسأل؟ قال : بلىء متى يفطر الصائم؟ قال: إذا غربت الشمس. قال: فإن لم تغرب إلى نصف الليل . قال: فتبسم أبو يوسف» وتمثل ببيتي الخطفاء جد جرير فقال : عجبت بإزراء العيي بنفسه وصمت الذي قد كان بالعلم أعلما وفي الصمت ستر للعيي وإنما صحيفة لب المرء أن يتكلما وانظر كيف أبان الكلام عن جهل هذين إذ لم يكن لهما داع إليه ولا روية فیما تکلما بء ولو صدر عن روية ودعي إليه داع لسلموا من شينه وبرؤا من عيبهء ولذلك قال عليه السلام : السان العاقل”" من وراء قلبهء فإذا أراد الكلام رجع إلى قلبه فإن كان له تكلم وإن كان عليه أمسك؛ وقلب الجاهل من وراء لسانه يتكلم بکل ما عرض لهه" . () في الإحياء: «المؤمن». )۲( قال العراقي في المغني (۷/۳١٠): لم أجده مرفوعاً وإنما رواء الخرائطي في مكارم الأخلاق من رواية = ۱۸ رة انس الشرط الثاني: أن يأتي بالكلام في موضعهء فإن الكلام في غير حينه لا يقع موقع ]٤۰ ع ب وما ل بتع به . من ا / فن دم ما يقتضي التأخير کان عملاً. وأنشدوا: وما القول إل كالثياب فبعضها عليك وبعض في التخوت مصون وقال آ خر: تضع الحديث على مواضعه وكلامهامرن بعده نزر الشرط الثالث: الاقتصار منه على قدر الحاجة؛ لأنه إن لم يتحصر كان إما عياً وحصراً إن قصر» وإما هدراً وخطلاً إن كثر. ويروى أن أعرابياً تكلم عند النبي عليه السلام فطوّل» فقال له عليه السلام: «كم دون لسانك من حجاب؟؟ فقال: شفتي وأسناني. قال: «فإن الله يكره الانبعاق في الكلام فنضر الله وجه امریء أوجز في کلامه واقتصر على حاجته» “ وحکي أن بعض الحكماء رأى رجلا يكثر في الكلام ويقل السكوت فقال: إن الله عز وجل إنما خلق لك أذنين ولساناً واحداً ليكون ما تسمعه ضعف ما تتکلم به . لإياس بن معاوية: ما فيك عيب إلا كثرة الكلام. قال: أفتسمعون صواباً أو خطأً. قالوا: لا بل صواباً. قال: فالزيادة من الخير خير . نهايةء وما فضل عن مقدار الاحتمالء ودعي إلى الاستقلال والملال فذلك الفاضل هو الهدر. ]٥۲۰[ وقال بعض البلغاء: من تسلم به خير من نطق تندم عليه / فاقتصر من الكلام على ما يقيم حجتك ويبلغ حاجتك وإياك وفضوله؛ فإنها تزل القدم وتورث الندم. وقال بعض الفصحاء : فم العاقل ملجمء وإذا یکلم احج وفم الجاهل مطلق كلما شاء أطلق وقال الشاعر : = الحسن البصري قال: كانوا يقولون. (١) أطرافه عند: الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (۷/ 417)› السيوطي في الدر المتثور (۳/ ١١۱). قنطرة النفس ۱۸۱ وقول الجاحظ أمثل؛ لأن الإكثار من الكلام وإن كان صواباً يمل السامع ويكل الخاطر› فهو صادر عن إعجاب لولاء لقصر عنهء ومن أعجب بکلامه استرسل فيه فیکٹر زلله ویدوم عثاره. وفي الحديث عن رسول الله يل أنه قال: «إن أبغضكم إِليّ المتفيهق المكثار والمُلخٌ المهدار» والله أعلم . الشرط الرابع: هو اختيار اللفظ الذي يتكلم به: لأن اللسان عنوان الإنسان يترجم عن مجهولهء ويبرهن عن محصوله» فلزمه أن يكون بتهذيب ألفاظه جديراًء وليس يصح اختيار الكلام إلا لمن اعتاد البلاغة ولزم الفصاحةء فلا يأتي بلفظ مستكره» ولا بمعنى مختل؛ لأن البلاغة ليست معاني مقدرةء ولا ألفاظ عارية وإنما البلاغة أن تكون المعاني الصحيحة مستودعة في ألفاظ صحيحة فصيحة فتكون فصاحة الألفاظ مع صحة المعاني هي البلاغة . وقيل لليوناني: ما البلاغة؟ قال: اختيار الكلام؛ وتصحيح الأقسام. وقيل للرومي» فقال : حسن الاقتصاد عند البديهةء والغزارة يوم الإطالة. وقيل للعربي» فقال: ما حسن إيجازه» وقل مجازه. وقيل للحضرمي» فقال: ما كثر إعجازه وتناسبت صدوره وأعجازه. / قال الشاعر : ]٦۲۰[ خيرالكلام قليل علی کثیردليل والعصي معنىی قصير يحويه لفظ طويل وفي الكلام فضول وفيه قال وقيل وأما صحة المعنى: فتكون من ثلاثة أوجه: أحدها: إيضاح تفسيرها حتى لا تكون مشكلة ولا مجملة. والثاني : استيفاء تقسيمها حتى لا يدخل فيها ما ليس منهاء ولا يخرج عنها ما هو منها. والثالث: صحة مقابلاتها أعني مقابلة المعنى بما يوافقه في الائتلافء أو بما يضاده مع الاختلاف . وأما فصاحة الألفاظ : فتكون من ثلاثة أوجه : أحدها: مجانبة الغريب الوحشي حتى لا يمجه سمع ولا ينفر منه طبع . والثاني : تكب اللفظ المستبذلء والعدول عن الكلام المسترذلء حتى لا يستسقطه خاصي» ولا ينبۋ عن فهمه عامي . والثالث: أن تكون بين الألفاظ ومعانيها مناسبة ومطابقةء فالمناسية معناها أن يكون المعنى يليق ببعض الألفاظ. والمطابقة معناها أن تكون الألفاظ كالقوالب لمعانيها فلا يزيد ۸۲ قنطرة النفس عليها ولا ينقص منها. وقد قال بعض البلغاء: لا يكون البليغ بليغاً حتى يکون معنی کلامه أسبق إلى فهمك من لفظه إلى سمعك . وأما معاطات الإعراب؛ وتجنب اللحن: فإنما هو من صفة الصواب» والبلاغة أعلى منه رتبة وأشرف منزلة وليس لمن لحن في كلامه مدخل في الأدباءء فضلاً عن أن يكون في عدد [۷] البلغاء الفصحاء. واعلم أن للكلام آداباً إن أغفلها / المتكلم أذهب رونق كلامه وشغل الناس عن محاسن لفظه مساوىء أدبه . متعذرةء وحكي عن الأحنف أنه قال: سهرت ليلتي أتفكر في كلمة أرضي بها سلطاني ولا أسخط بها ربي فما وجدتها. وعن ابن مسعود أنه قال: إن الرجل يدخل على السلطان ومعه دينه ويخرج وما معه دين. قيل: وكيف ذلك؟ قال: يرضيه بما يسخط الله تعالی. قال: وسمع ابن الرومي رجلا يصف رجلا ويبالغ في مدحه فقال ابن الرومى”' : إذاما وصفت أمرالأمراء فلا تغل في وصفه واقصد فإنك إن تغل تغل الظنو ن نيه إلى الأمدالأبفد فيضوئل من حيث فحمته بفضل المغيب على المشهد ومنها: أن لا تبعثه الرغبة ولا الرهبة على الاسترسال في وعد أو وعيد يعجز عن الوفاء بهماء فإن من أطلق بهما لسانه» ولم يستقل بهما فعله صار وعده نكثاً ووعيده عجزاً. وحكي أن سليمان عليه السلام مر بعصفور يدور حول عصفورة فقال لأصحابه : أتدرون ما يقول لھا؟ قالوا: لا يا نبي الله . فال: إنه يخطبها إلى نفسه وهو يقول زوجيني نفسك اسكنك آي غرف دمشق شئت. قال سليمان عليه السلام: وكذب العصفور غرف دمشق مبنية بالصخر وليس يقدر أن يسكنها هناك ولکن کل خاطب کذاب . (۱) شاعر زمانه مع البحتري› أيو الحسن علي بن العباس ابن جريح مولى آل المنصور له النظم العجيب؛› والوليد الغريب› رتب شعره الصُولي » وکان رأساً في الهجاى وني المديح. . مولده سنه إحدی وعشرين ومثتين؛ ومات لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين؛ وقيل: سنة أربم. قاله النهي في سير أعلام التبلاء (۱1۳/ 440). قنطرة النفس ‎A۳‏ ومنها: أن يراعي مخارج كلامه بحسب مقاصده فإن كان ترغيباً قرنه باللين واللطفء وإن كان ترهيباً قرنه بالخشونة والعنف / لثلا يتعطل المقصود بهما ويصير الكلام لغواً. وقد قال [10۸] أبو الأسود الدؤلي لابنه: إذا كنت في قوم فلا تتكلم بكلام من فوقك فيمقتوك ولا بکلام من دونك فيزدروك. حركة تكون طيشاً وعن إشارة تكون عبثاء فإن نقص الطيش أكثر من فضل البلاغة . وقد حكي أن الحجاج قال لأعرابي: أخطيب أنا؟ قال: نعم لولا أنك تكثر الردء وتشير باليد» وتقول أما بعد . ومنها: ان يتجافى هجر القول وفحش الكلامء وليعدل إلى الكناية عما يستقبح صريحه لييلغ الغرض ولسانه نزه. وعن محمد بن علي في تأويل قوله تعالى: ورذ مَوُوا باللو مَوُوا كِراماً 4 . قال: إذا ذكروا الفروج كنوا عنها. ومما يجري مجرى فحش القول في وجوب اجتنابه ما كان مستنكر الظاغر» وإن كان مع التأمل سليماء مثل قول الشاعر: إنتي شيخ كبير كافر بالل سيرى أنت ربي وإلهي رازق الطفل الصغير يريد بقوله كافر أي لابس؛ لأن الكفر في اللغة التغطيةء وقوله: بالله سيري أقسم عليها بالله أن تسير» وقوله: أنت ربي يعني مربي ولدك» وإلهي رازق الطفل الصغير كما أنه رازق الكبير . انظر إلى هذا التكلف البشيع ما اعتاض به صاحبه إلا لو ما بعد الكفران أحسن فيه الظن» أو ذماً آن قوي فيه الارتياب» ولعل ما يكون ذلك إلا من خليع بطر أو مرتاب أشر. ومنها: أن يجتنب أمثال العامة الغوغاء ويتخصص بأمثال العلماء والأدباءء فإن لكل صنف من الناس أمثالاً تشاكلهم» فلا تجد لساقط الأمثال ساقطاًء قال الصنوبري : وللبقشاط أشال فمنها تملهم لذا الشيء المريب ولذلك علتان : () سورة الفرقان الآية: ۷۲. ۸ قنطرة النفس إحداهما: أن الأمثال من هواجس الهمم؛ء مع تجرد لذي الهمة الساقطةء فلم تجد لذي الهمة الساقطة إلا مثلاً مرذولا . والثاني : أن الأمثال مستخرجة من أحوال المتمثلين بهاء فبحسب ما هم عليه تكون أمثالهم. واعلم أن للأمثال مواقع في الأسماعء وتأثيراً في القلوب؛ لأن المعاني بها لائحةء والعقول لها موافقة» ولذلك ضرب الله الأمثال في كتابه» وأوضح بها الحجة على خلقه؛ لأنها مقبولة في القلوب ولها أربعة شروط : أحدها: صحة التشبيه وإصابة التمثيل . والثاني : أن يكون العلم بها سابقاً والكلام عليها موافقاً . والثالث: أن يسرع وصولها إلى الفهم من غير كد فكر في استخراجها. والرابع: أن يناسب حال السامع ليكون أبلغ تأثيراً وأحسن موقعاً. فإذا جمعت الأمثال هذه الشروط الأربعة كانت زينة الكلام وحلى المعاني »والله أعلم وأحكم وبه الحول والتوفيق. اعلم أرشدك الله أن كل لفظ يجب العقاب عليه حرام عليك الاستماع إليهء فإن القائل والمستمع شريكان في شر القول وخيره» قال الله سبحانه: وقد ول عَلَيَكُمْ في الكِتاب أَنْ ِا سَمِعْتّم ابات الله يكُفَريها. . .€ إلى قوله: «إَكُم ِا ْله . وفي الحديث: «المستمع شريك القائل والمستمع إلى الغيبة أحد المغتابين"' الواجب على الإنسان أن يصون سمعه عن لفظ المنكر والبدعة والفحش والخناء كما أنه واجب عليه أن يصون لسانه عن التكلم بهء قال الله تعالى: وَين الاس مَنْ يَْعَري لَهُوَ الْحَدِيث. . . €”° م [الاية. قيل: إنها نزلت في استماع الغناء. وعن ابن مسعود / رحمه الله أنه قال: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع . (١) سورة النساء الآية: ١٤٠. (7) عن تحوه قال العراقي في المغني (۲4۳/۳): رواه الطبراني من حديث ابن عمر: نهى رسول اله ي عن الغيية وعن الاستماع إلى الغيبة وهو ضعيف. )۳( سورة لقمان الاية: ١٦.٠ قنطرة النفس ٥۸ وروي عن نافع آنه قال: سمع ابن عمر في سفر صوت زمارة راع فعدل راحلته عن الطريق وجعل أصبعيه في أذنيه وهو يقول: يا نافع أتسمع؟ فأقول: نعم حتى إذا قلت لا أرسل أصبعيه وعاود الطريق. ويقال: الاستماع إلى الغناء ينبت النفاق في القلب ويحرق خحصب الإيمان. وفي الحديث: «من سمع صوت غناء فالتذ به لم تقبل له صلاة إلى ذلك الوقت من الغدا. ومن غنى كذلك ورد الخبر: وعن محمد بن المنكدر أنه قال: بلغنا أن الله عز وجل يقول يوم القيامة أين عبادي الذين كانوا يتزهون أنفسهم وأسماعهم عن اللهو ومزامير الشيطانء احلؤّهم رياض المسك وأخبروهم أني قد أحللت عليهم رضواني . وسئل القاسم بن محمد عن الغناء أحرام هو؟ فسكت ثم أعيد عليه السؤال. فقال للسائل: إن الحرام هو ما حرمه الله في القرآن أرأيت إذا أي بالحق والباطل إلى الله عز وجل في أيهما يكون الغناء؟ قال السائل : في الباطل . قال له القاسم: وأنت فافت لنفسك . وروي عن النبي يَأ أنه قال: «من استمع إلى حديث قوم وهم يفرون منه صب في آذنیه الآنك يوم القيامة»". وقال بعض العلماء: إِذا رأيت قوماً اجتمعوا لصوت الغناء فلعبوا ولهواء فاجتنبوهم فإنهم عن سبيل الحق قد ضلوا وعموا. وقال: نزهوا أصواتكم عن صوت الغناء والشتم فإنه يقسي القلوب» ويصم الهممء ويخرج عظمة الله من قلب سامعهء وينبت خصب التفاق في قلب قائله ولا تصغو الفحشاء الكلام؛ فإنه شر لكمء وويال عليكم» فإن الشر إذا ثبت في القلب صعب على العبد معالجة زواله» والخير إذا رسخ في القلب سهلت على العبد معالجة كماله . ويقال: نزه سمعك / عن كلام النساء فإن فيه لذة ومكامن الفتنةء فمن سمع كلاماً والتذ [۱١۲] به اشتاق إلى الرؤيةء فعلى العبد صيانة سمعه عن الخناء وفضول الكلام وذلك لأمرين: أحدهما: كما قدمنا أن المستمع شريك القائل . قال الشاعر: و سمعك صن عن سماع القبيح كصون اللسان عن النطلق به فنإنك عند سماع القييح شريك لقائله فانتبه () قال العراقي في المغني (۱۹۹/۲) عن نحوه: رواه البخاري من حديث ابن عباس مرفوعاً وموقوفاً عليه وعلی أي هريره أيضاً. ٦۸ قنطرة النفس والأمر الثاني: أن ذلك يهيج الوساوس في القلب» ثم تبدوا الاشتغال من البدن» فما يبقى بعد ذلك شيء للعبادة. ويقال: مثل الكلام الذي يقع في قلب الإنسان وسمعهء كالطعام الذي يقع في جوفه» منه الغذاء النافع ومنه السم الناقع. بل بقاء الكلام في القلب أعظم وأطول لأن الطعام يزول عن المعدةء وله دواء يزيل عن الجسم أثره. وأما الكلام في القلب فربما يبقى طول عمر الإنسان ولا ينساهء فإن كان كلاماً رديئاً فلا يزال يتبعه؛ ويعنيه وترد بسببه وساوس في القلب يحتاج أن يعرض عنها وعن ذکرهاء ويستعيذ بالله من شرهاء ولا يأمن أن تحمله على بلية توقعه فى آفة عظيمة بسبب ذلك؛ ولو حفظ سمعه عما لا يعنيه لكان من هذه المؤنة مستريحاً. قال: ` حب الفتى ينفى الفواحش سمعه كان به عن كل فاحشة وقرا سليم دواعي الصدر لا باسط أذى ولا مانع خيراً ولا قائل هجراً وروي عن الحسن أنه قال: إن المؤمن أسير في الانيا يسعى في فكاك رقبتهء لا يأمن شيثاً حتى يلقى الله تعالى» يعلم أنه مأخوذ عليه في لسانه وسمعه وسائر جوارحه والله أعلم . ]٢۱[ / الباب الرابع اعلم أن لكل شيء سبباً وسبب العفة غض البصر فليحذر الإنسان أن ينظر إلى ما حرم ب س هب ك قل سبحت ئ ۇن شو من . .4 الاية. يعني يكفوا عن النظر إلى ما لا ينبغي لأن الله تعالى إنما خلق 2 يهتدي بهما العبد في الظلمات. ويستعين بها في الحاجات» وبنظر بهما إلى ملكوت وض والسموات» فيعتبر بما فيهما من الآيات؛ فالواجب أن يحفظهما الإنسان من ثلاثة شياء : أحدها: أن لا ينظر إلى غير ذات محرم منه وقد جاء في الحديث عن رسول الله یلد آنه قال : «النظر إلى محاسن النساء سهم مسموم من نبال إيليس فمن غض بصره أذاقه الله عبادة يجد طعم لذتها». (١) سورة النور الآية: ٠۳. قنطرة النفس ۱۸۷ وروي عن أبي مرداس مهاصر رحمه الله: أنه نظر إلى امرأة مكشوفة الرأس فصام سنة. وعن محمد بن سيرين أنه قال ما تثبت في وجه امرأة قط إلا ثلاث نسوة آمي وآختي وامراتي . ويقال: أن حسان بن آبي سنان انصرف من العيد فقالت له امرأته: كم من امرأة حسناء نظرت وقال بعض العلماء : النظرة الأولى فجأة والثانية فتنة والثالثة ريبة . ومن كتاب محجة السعادة قال: ولا تجعل محاسن النساء علفاً لعينيك فتخرج عظمة الله من قليك» فإن النظر إلى محاسن النساء خربة للدينء فإنهن شباك نصبن فيصطاد بهن اللعين › فاحذروهن فإنهن كحل جهنم لاعينكم وسموم أرقيمها لفروجكم» وقسوة تمیت قلويكم» ومرض يشين/ إيمانكم» وداء يبعدکم عن ملیککم» فلهن تمثیل عرض عنها خیارکم ویستنشقها شرارکم . [۲۱۳] وقال ابن عبد اللّه: محاسن النساء بحر من سم ناقع» وغض البصر سفينة من عود مانع» فمن ركب السفينة نجا ومن تخلف عنها غرق. وقال بعض المتقدمين: لا يجوز ترديد النظر إلى امرأة شابة من ذوي المحارم إلا عند الضرورة كالشهادة ونحوهاء وإنما أبيح النظر إلى النساء القواعد التي لا يرجون نكاحاً والسلامة من ذلك أفضل. وقال ابن عبد اللّه: يا ابن آدم دينك قطن ومحاسن النساء زيت» ومكائد الشيطان نار وإياك والجمع بينهم فإنه مراد الشيطان وأمنيته . والثاني: لا ينظر بهما إلى الصور المليحة بشهوة قال الله تعالى: قل لِلمُوْمِنين يَعُضُوا من أَبْصَارهِم» إلى قوله: ذلك أَرْكى لهم . ويقال في هذه الاية ثلاثة معان: تأديب» وتنبيه وتهدید. وأما التأديب: فقوله: قل لِلمُؤْمنين يَعُضُوا. ..4. الآية وهو أمر واجب لا بد للعبد من أمتثاله والتأديب باداب سيد وإلاً فقد استحق العقاب والطرد والحجاب . وأما التتبيه: فقوله: لدَلِكَ أَرْكى لَهُم». أي أطهر لقلوبهم لأن الزكاة الطهارةء وقيل ‎7o‏ و . ء ازكى لهّم€ أنمى لخيرهم وأكثر لأن الزكاة في الأصل النموّ والزيادة فتبه أن في غض البصر وتطهير القلبء وتكثير الطاعة والخير وفي إرساله بالنظر إلى الحرام تعمداً ذنب كبير وريما فسد به القلب أبداً . وقد ورد في الخبر: أن العبد لينظر النظرة يفل فيما قلبه كما ينفل الأديم في دباغ لا ينتفع به أبداً . ۱۸۸ قنطرة النفس وأما التهديد: فقوله: إن الله حير بِمَا َصْنَعُونَ». وقوله: عله حَاية ي الأَحْيّن وَمَا تُْفِى الصّدُو ر . وي نشد“ ‎A3‏ /إن العيون على القلوب إذا جنت كانت بليتها على الإنسان وقد روي عن عيسى عليه السلام أنه قال إياكم والنظرة فإنها تررع في القلب شهوة› وكفى بها لصاحبها فتنة. وقال علي بن أبي طالب : العيون مصائد الشيطان . وقال النبي عليه السلام لعلي بن أبي طالب : «لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك والثانية عليك»". وفي قوله: «لا تتبم النظرة النظرة»: تأويلان. أحدهما: لا تتبع نظر عينك نظر قلبك. والثاني: لا تتبم النظرة الأولى التي وقعت سهواً بالنظرة الثانية التي توقعها عمدا. وقال يعض الحكماء: من أرسل طرفه أورده حتفهء وأطال أسفه. وقال ذو النون: نعم حاجب الشهوة غض البصر قال الشاعر : ونت إذا أرسلت طرفك رائداً لعينك يوماً اتبعتك المتاظر رآیيت الذي لأكله أنت قادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر وفي المثل : رب حرب جنيت من لفظةء وعشق غرس من لحظة. ومن کتاب محجة السعادة: قال ابن عبد الحميد: غضوا أبصاركم من محارم الله عز وجل تجل عظمته في قلوبکم وتجول في ملكوت السماء عقولكم . وقال ابن عبد الله : غضوا أبصاركم فإنه يزيد الإايمان كمال ویزید المؤمن 0 جما ويزيد الشيطان نكالاً وتتجدد لذات الطاعة في قلوبكم وتبدو معالم الإيمان في صدوركم. قال ابن عبد الحميد: رأيت امرأة كنت أعرفها مجتازة لبعض حاجاتهاء فمرت برجل فاهتز لرؤيتها اهتزازاً عظيماً وأنا انظر إليء فنظر إليه ابن عبد الله وقال له: اردد نظركء [٥٦۲[ واغضض بصرك؛ واغتنم عمرك؛ واحذر الإناث› وانيذ الشهوات / فإن العرض آتٍء وکل شهوة تزول تورث حزناً يطول» ولا تقرع من الشر باباً هو عندك مقفول فإنه شر الذكور من تلذذ (١) سورة النور الاية: ۳۰ (۲) سورة غافر الأية: 1۹. (۳) أطراف الحديث عند: الترمذي في الصحيح (۲۷۷۷)› وأبو داود في السنن (النكاح ب ٤٤)؛ الدارمي في السنن (۲۹۸/۲)› والحاكم في المستدرك (۱۲۳/۳)› وأحمد في المسند (٥/ ۳١ ٠٥۳). قنطرة النفس ۱۸۹ بالمحظور وهتك المستور› ولا تجعل دينك نفقة لشهواتك› ولا محرماً طعماً لمقلتك؛ ولا تحول دنياك من آخرتك» فإن النظر إلى الشر شر والوقوف مع الحق مر ولن يخفى على الله من أمرك أمرء ولو عرفت ما خلقت له لاشتغلت عما أنت فيه لكن الغافلون فى سكرة وحيرة. وروي أن بعض العلماء كان إذا مشى لم يلتفت وكان يقول: هون" العالم أن يكثر الالتفات إذا مشى . ويقال كثرة الالتفات من علامة النفاق . وروي أن رجلا وقف على باب النبي عليه السلام ليستأذنه. فوقف على الباب فقال له النبي عليه السلام: «هكذا عنك إنما الاستثذان لأجل النظر”" وعن سعد بن حبير أنه قال: إنما جاءت فتنة داود عليه السلام من أجل النظرةء فقال: دواد لابنه سليمان عليه السلام امش خلف الأسد والأسود ولا تمش خلف المرأة . وقيل ليحيى بن زكريا عليه السلام: ما بدا الزنا؟ قال: النظر والتمني . وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لأن يزاحم أحدكم جملا أجرب مطلياً بقطران أحب إليه من أن يزاحم امرأة . مداومته على غض البصر أن النساء إذا مررن به كن يقلن: ما أجمله إلا أنه أعمى . وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : من سره أن ينظر إلى هدی رسول الله يل فلينظر إلى عمرو بن الأسودء كان إِذا خرج من بيته خرج متقنعاً بثوبه آخذاً پیمینه على شماله يمشي إلى المسجد وينظر إلى موضع قدميه وإذا دخل المسجد قال: الحمد لله رب العالمين الذي عافاني من الخبيث . وأنشدوا لمحمود الوراق : من أطلق الطلرف اجتنیى شهوة وحارس الشهوة غض البصر يطوي لسان المرء أخباره والطرف لا يملك طىء الخبر وللدارمي : () جاء بالهامش لفظ «عليه» وجاء فوقها حرف الخاء. () جاء بالهامش لفظ: «وهن» وجاء فوقها حرف الخاء. (۳) طرف الحديث عند: أبي داود في السنن (الأدب ب ۱۳۷) اين أبي شيبة في المصتف (۹/۸٦0)› اللسيوطي في الدر المتثور (٥/۲۹)ء وابن كثير في التفسير (۳۷/۱)› ابن حجر في فتح الباري )۲/٤٢٤ ۲(. 1۱۹۰ قنطرة النفس ماضر جارإلى اجاوره أن لايكون لبابه ستر غیره : وإذا بدت لي جارتي فرأيتها فمن المروءة أن أغض جفوني ويقال: نظر بعض القراء إلى غلام بشهوة فعوقب بنسيان القرآن. ويقال نظر حماد بن الهيثم إلى غلام فقال: كم من عزيز أذله الله بنظرة جعلها سبباً لخسران دنيا وآخرتهء فلقيه وهو عليه بها ساخط شغله بوجه حائل”' وبلاء قاتل » فأحبط الله عمله وخيب من عفوه أمله . إليك لا ترعوين ومن أليم عقابه لا ترهبين» ومن شديد وعيده لا تخافينء وفيما يُدنيك من جُناتِهِ لا ترغبين حتى متى أنا من نظرك في عناء» وقلبي منك في بلاءء وجسمي منك في ضنى» أتاح الله لك العمىء وحكم لي عليك بأحسن القضاءء حتى لا تنظرين أرضاً ولا سماءٌ» وعوضني منك جمیل الرضی ا قال: ونظر غانم بن هشام إلى غلام فقراأ دري وَمَنْ يِكَذِبٌ بهذا اللحَدِيْثٍ سَنَستَد رجهم حَيثُ لا يَعْلمُون»٩. ر ثم قال : : اللهم لا تستدرجنا من حيث لا نعلم وارجع بنا إلى توبة رتا من رحمتك وتيا من عفوك ولا بسلط علي لظاات م أعمل ق قابا من السيوف [ المرهفات / والمنايا القاضيات. قال بعض الشعراء : ساق طرفي إلى فؤادي البلايا إن طرفي على الفؤاد مشؤوم إن يكن ينفع البكاء عليهم فايبك حتی تموت يا محروم وقال: ونظر تميم بن علوان إلى غلام فقال: واشؤم نظري واشؤم صباحي قیل له: ما أمرك؟ قال: : نرت إلى وجه خلقه اله بلاء على الناظرين وفتة للعاصين وقد تخوفت أن أكون قال: ونظر أمية بن الصلت إلى غلام فقال: أين الفرار من سجن وقد حصنه بملائكة غلاظ شداد تبارك الله ما أعظم ما امتحنني به من النظر إلى هذا الغلام ما شبهت نظري إليه إلا بنار وفعت في قصب یوم ريح عاصف فما آبقت ولا ترکت٤ ثم قال : استغفر الله مما جنته (۱) جاء بالهامش لفظ «مائل» وجاء فوقها حرف «خ» ووضع على حائل علامة تشير إلى ما جاء بالهامش. () سورة القلم الآية: 4£ . قنطرة النفس ١۱۹ عيناي على قلبي لقد خفت أن لا أنجو من معرته ولو وافقت القيامة بعمل سبعين صدّيقاء ثم بكى حتى كاد أن يقضي» ثم قال: يا طرفي والله لأشغلنك بالبكاء عن النظر إلى البلاء . ونظر الحكم إلى غلام فقال: عيون تنظرء وقلوب تشغلء ونفوس تذهلء وأرواح تذهب» وأجساد تضنى» وأعمار تفنىء وصحف لا تطوی» وکتب لا تبلی» وذنوب لا تنسیء فسبحان من أضحك هذه العيوب بالنظر إلى المنايا القاضيات»ء فليتها إذا نظرت ما أبت ولا رجعت قال الشعر : يقولون لا تنظر فتلك بلية بلى كل ذي عينين لا بد ناظر وقال بعض الصوفية: رأيت راهباً في بلاد الشام قد أشرف من صومعته وهو يكلم غلاماً جميلاً من التصارى» ويتبسم إليه: فقلت له: ينبغي لمن كان بهذه المنزلة أيها / الراهب أن لا [۲۱۸] يتبسم في وجه من لا تؤمن فتنته عليه ولا سرعة احتيال الشيطان إليه. قال: فبكى فقال: هو لعمري كما قلت غير أني أعاهد الله تعالى أن لا أفتح عيني سنة عقوبة لهاء ثم غض عينيه وأدخل رأسه في صومعته فانصرفت عنه وهو يبكي وينتحب . قال: ونظر علي بن طاهر إلى غلامء فقال: إن العيون رسل القلوب إلى حاجتهاء مساعدة لها على شهواتها ولا أعلم رسولاً أشد خيانة ولا أدل على بليّة كامنة منهاء أحذرك يا نفسي من نظر يكون أوله حيرة وآخره حسرة. قال: ونظر أحمد بن أبي الحواري إلى رجل يضاحك غلاماً جميلاء فقال: أيها الناظر إلي هلكته» والواقف على معرته لقلة معرفتهء هل تدري بين يدي من أنت واقف؟ قال: وبين يدي من أنا؟ قال: بين يدي من تمور السماء لهيبتهء وتسير الجبال لخشيتهء وتقف المياه بقدرته» وتسكن الرياح لعظمتهء وتذل الملوك لعزتهء فقال: فسقط الرجل مغشياً عليه. وأنشدوا: نظرت عيني لحيني منظراً وافق شيني وفي الحديث عن رسول الله يَلٍ أنه قال: «العينان تزنيان وزناهما النظر واليدان تزنيان وزناهما اللمس» والرجلان تزنيان وزناهما المشيء والقلب يتمنى ويشتهيء ويصدق ذلك ويكذبه الفرج»' . () أطراف الحديث عند: أحمد في المسند (۳۷۲/۲)› الطبراني في الكبير (٠۱۹۲/۱)› الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/٠۲0))› الزيلعي في نصب الراية (۲4۸8/4)» الربيع بن حبيب في المسند (۲/ 00). [۲۱۹] ۱۹۲ قنطرة النفس الثالث: أن لا ينظر /بهما إلى عورة آدمي ذكراً كان أو أنثى. وقد قال عليه السلام: «ملعون من نظر إلى عورة أخيه «أو قال': إلى فرج أحيه». وقال: «لعن الله الناظر والمنظور إليه. يعني في أمر العورة قالا: [الا] نثشى عورة بجميع بدنها وعورة الرجل من السرة إلى الركبةء والآأمة مثل الرجل في العورةء ولكن نظر الشهوة حرام إلى الرجال والتساء . وعن أبي الدرداء أنه قال: من غض بصره عن نظرة الحرام زوج من الحور العين حيث أحب» ومن اطلع في بيوت الناس حشر يوم القيامة أعمى. وعن داود الطائي أنه قال لرجل وقد أحد النظر إلى بعض من ينظر إليه قال: يا هذا اردد نظرك إليك» فإنه بلغني أن الرجل يسئل عن فضل نظره كما يسئل عن فضل عمله . قال وسئل يحیی بن معاذ عن سبب الذنب؟ فقال: اعقل ما تقول فإنها من مسائل الصديقين أكشفه لك فإن للمذنب أسباباً ظاهرة وباطنة فأول سببه: الخطرة فإن تداركتها ذهبت وإلا تولدت منها الفكرةء فإن تداركتها ذهبت وإلا امتزجت الوسوسة بالفكرة» فتولدت بينهما الشهوةء فإن تداركت الشهوة بطلت» وهذا كله بعد في الباطن» وإلاً تولد منها الطلب فتقع في أسباب الظاهر في الطلب والسعي والوجود والموافقة قال: فحرب الصدّيقين مع الخطرة وحرب الأبدال”"“ مع الفكرةء وحرب الزاهدين مع الشهوةء وحرب التوابين مع الطلبء وحرب أهل التخليط مع الفكرة. وقال غيره أول أسباب الذنب: النظرةء ثم الخطرة إلى سائر أسبابه. وعن رسول الله يَأ أنه قال: «من اطلع في كتاب أخيه بغير إذنه فكأنما ينظر في النار»*٩. وجملة الأمر: أن الله حرم النظر بالشهوةء والنظر إلى كل عورةء والنظر إلى كل مستور عن الناس؛ من كتاب سرا وبيت فيه حرمة» والنظر إلى المسلم بعين المحقرةء والنظر إلى الدنيا بعين الرغبة . () رواه الربيع بن حبيب في المسند (۲/٦٥). (۲) أطراف الحديث عند: العجلوني في كشف الخفا (۲/٠07)؛ التبريزي في المشكاة (١۳۱۲)» المتقي الهندي في الكتز (١١۱۹۱). (۳) ما بين المعقوفين سقط من الأصل. (8) مصطلح صوفي يزعمون أن الأرض لا تخلو من أربعين رجلا من الصالحين كلما مات واحد منهم أبدل باخر ويبنون ذلك على أحاديث ضعيفة. (٥) أطراف الحديث عند: أبي داود في السنن (الدعاء ب ١) الحاكم في المستدرك (٤/٠۲۷)»ء الزيلعي في نصب الراية (1۲۱۳)؛ العقيلي في الضعفاء (٤/٤٤۳)› البغوي في شرح السنة (١1/ ٤۷). قنطرة النفس ۱۹۳ وآما النظر إلى المباح فليس بحرام» ولكن التتزه عن كثرة النظر أفضل. وفيما يروى عن بعض الحكماء أنه قال: أصل فساد الدنيا والدين في الفضول الأربعة: فضول الكلامء وفضول الطعام› وفضول اللباس» وفضول النظر. وقال بعض العلماء: كل كلام ليس بذكر الله فهو لغوء وکل صمت ليس فيه تفکر فهو سهوء وكل نظر ليس فيه اعتبار فهو لهو. وقال بعضهم: البصر شبيه بالمرآة المصقولة› ومحاسن النساء تتجلى فيهاء والقلب ناظر كما يتجلى فى المرآةء فيلتذ به فيكون ضعف همت وعمى بصيرته بقدر ما تمكن فيه من لذة ما يتجلى في المرآةء فإذا نظر في أنواع الملكوت عشى عنهاء وإذا نظر إلى ظلمة ما يتجلى في المرآة ارتاح إلى ذلك . قال: ومثله أيضاً كمثل العين المرمودة إذا نظرت إلى شعاع الشمس أو ضوء النهار عشيت عن ذلك وإذا نظرت إلى سواد الظلمة ارتاحت إليهاء فمن كانت هذه صفته كانت ناصيته بيد الشيطان قال الله تعالى: ومن يَعْشرْ عن ذکو الرَحمٰن تقيض له شَيْطاناً. 39 الأية. فهذه صفة القلب الأعمى على الحقيقة «فََّهَا لا َعْمَى الأَبْصَارُ وَلكن يَعْمَى اقلوب التي ِي الصّدُو رڳ . واعلم أن حفظ الجوارح فريضة وتر الفضول فضيلة. قال الله سبحانه: ِن السَمُه وار والْمُوَاد كَل وليك كان عه ن مسولا يا من یبیت على اللذات معتكفاً /وعامل لمحل سوف تشهدە لا تحقرن يسير الخير تفعله فكل نفس ستجزی بالذي .عملت تأتي الجلود وأيدينا وأرجلنا () سورة الزخرف الآية: ٢۳. )۲( سوره الحج الآية: ٤٦. (۳) سورة الإسراء الآية: ٢۳. . وينشد لإبراهيم الشامي: هل نت عن طلب اللذات مزدجر يوماً تكور فيه الشمس والقمر فرب نفع لسيء وهو يحتقر ولا يكن لك في أصحابه أثر وليس للخلق من ديانهم وزر فيشدون معا والسمع والبصر هي الشهود عليه كيف يعتذر؟ وهل يطيق دفعاً لها أم كيف ينتصر؟ قناطر الخيرات/ ج ٣/ ۱۳۴ [۲۲۱] ٤۹ قنطرة النفس فصل: في ضبط الفرج عن الحرام قال الله تعالى : «وَالَّذِينَ هُمْ ِفُرْوجِهِمْ حَافِظُونَ. . .4 الآية. وروي عن النبي يَأ أنه قال: «أحب العفاف إلى الله الفرج والبطن». وقال عليه السلام: «من وقى شر ذبذبةء ولقلقة› وقبقبةء فقد وقى» يريد بذبذبة فرجه» ولقلقة لسانه» القبقب البطن . وروي أن معاوية سأل عمر عن المروءة فقال: تقوى الله وصلة الرحم. وسأل المغيرة فقال: العفة عما حرم اللهء والحرفة فيما أحل الله. وسأل يزيد ابنه فقال: هي الصبر على البلوى» والشكر على التعماءء والعفو عند المقدرةء فقال معاوية أنت مني حقاً. وقال آنوشروان لابنه هرمز الكامل: المروءة من حصن دينه. ووصل رحمهء وأکرم إخوانه. وقال بعض الحكماء: من أحب المكارم اجتنب المحارم ويقال: عار الفضيحة يكدر لذتها. وأنشد للحسن بن علي : الموت خير من ركوب العار والعار خير من دخول النتار 07 0 اعلم أنه لا يصل العبد إلى حفظ إلا بحفظ العين عن النظرء وحفظ القلب عن / الفكرةء وحفظ البطن عن الشبهة والشبعء فإن هذه مفارس الشهوة ومحركاتهاء فإذا لم يحترس من ذلك غاية الاحتراس» فإنه قل ما ينجو من شر فرجه» فإن فكر في الزنا ولم يفعله کان كما روي عن عيسى عليه السلام أنه قال: يا معشر بني إسرائيل إن موسى نهاكم عن الزنا فتعما نهاكم عن وإني أنهاكم أن تحدثوا به أنفسكم؛ فإن مثل من حدث به نفسه ولم يعمل به کمٹل بیت مزخرف يوقد فيه فإن لم يحترق إسود من الدخان؛ فلعمري [أنه] لكذلك» فإن وقع في زنا الفرج مسلب الإيمان وإذا تاب ألبسه. وقال عليه السلام: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن“ مع ما ينضم إلى سلب (١) سورة المعارج الآية: ۲۹. (۲) قال العراقي في المغني (9/۳٠1): رواه أبو منصور الديلمي من حديث أنس بسند ضعيف بلفظ: فقد وجبت له الجنة. (۳) ما يين المعقوفين سقط من الأصل والسياق بقتضىيە: (4) أطراف الحديث عند: البخاري في الصحيح (۱۷۸/۳)› مسلم في الإيمان (الإيمان ب ٢۲ رقم ١٠٠)› ابي داود في الستن (81۸۹)ء الترمذي في الجامع (۲1۲0)› النسائي في المجتبى (14/۸)؛ ابن ماجة في السنن (۳۹۳۲). قنطرة النفس ٥1۹ الإيمان من عقويات الدنيا والأخرة. كما روي عن رسول الله َل آنه قال: «إياكم والزنا فإن فيه ست خصال ثلاثاً في الدنيا وثلاثاً في الأخرةء فاللواتي في الدنيا: يقطع الرزقء ويذهب بالبهاء» ويعجل الفناءء واللواتي في الأخرة: سوء الحساب» وسخط الرحمٰن والخلود في انار . وقد قال الله تعالى : ولا تَفَربُوا الَا له كَانَ فَاحشّة4”. وأوجب عليه الحد في الدنيا بالجلد والرجم مع ما يتحمل صاحبه من العار سواء هذا الزنا كان منه بالإناث أو بالذكور أو البهائم . وقد قال الله تعالى مخبراً عن لوط عليه السلام تاتون الْذَكْرَانَ مَنَ الْعَالَمِنَ. ‎E.‏ ‏الاية. وقال عليه السلام : لعن الله من عمل عمل قوم لوط'. قالها ثلاث ثم «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول يە . وذدکر عن لي بكر رق الله عنه في رجل وجد في بعض نواحي العرب ينكح كما تنكح المرأة وقامت عليه بذلك بينة / فكان أشدهم فيه قول علي بن أبي طالب» وقال: إن هذا ذنب لم تعص الله به أمة من الأمم [۲۲۳] إل أمة واحدة فصنع الله بها ما علمتم أ رى أن تحرقه بالنار فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد أن يحرقه بالنار فحرقه بالنار فيما غير واحد من الامراء. وأوجبت طائفة على فاعله الرجم أحصن أو لم يحصن. روي ذلك عن علي أيضا وابن عباس وجابر بن زيد والشعبي وغیرهم. وذکروا عن رسول الله يل أنه قال: «اقتلو البهيمة وناكحها»”° . وقيل: إن امرأة سألت جابر بن زيد رضي الله عنه فقالت: ٳِن زوجي کان ڀاتي شاتي أفيحل لي لبنها؟ فقال: تسألين عن لين شاتك وقد حرم عليك زوجك فکره جابر لبنها. وقد كرهوا أن يستمنى الرجل بيده لقوله تعالى : #والَّذِينَ هُمْ لفُرُوجِهِمْ حَافظونَ»”°. وروي أن ابن عباس أو غيره سئل عن ذلك فقال: ذلك نائك نفسه. ويقال إنه یجیء یوم () أطراف الحديث عند: أبي نعيم في الحلية (٤/۱١۱)ء ابن حبان في المجروحين (٠۹۸/۱)› ابن الجوزي في الموضوعات (۷/۳١٠))› الذهبي في الميزان (۸١ء ۸0۷)› ابن حجر في لسان الميزان (۱/ ٠3). () سورة الإسراء الآية: ۳۲. (۳) سورة الشعراء الآية: ١١٠ . (8) أطراف الحديث عند: أحمد في المسند: (۹/۱٠۳)› الهيثمي في موارد الظمأن (0۳)ء والطبراني في الكبير (۱٠٠۲۱۸)؛ المنذري فی الترغيب والترهيب (۳/ ۲۸۷). () طرفه عند أحمد بن حئبل في المسند (۲۱۹/۱). () سورة المؤمتون الآية: 0° ` ٦۱۹ قنطرة النفس القيامة ویده حبلی منه. وروي أن شاباً کان في مجلس ابن عباس فلما افترق المجلس بقي الشاب فسأله ابن عباس؟ فقال: أردت أن أسألك وآنا أجلك وأهابك فقال ابن عباس: العالم بمنزلة الوالد فما أفضيت به إلى والدك فافض به إلى عالمك. فقال: ليست لي زوجة وريما استمني بيدي فأعرض عنه ابن عباس» ثم قال: أف وتف نكاح الأمة خير منه وهو خير من الزنا والله أعلم وأحكم. ويروى أن قوم لوط كانت فيهمء عشر خصال فأهلكهم الله بها: کانوا يتغوطون في الطرقاتء وتحت الأشجار المثمرةء وفي المياء الجاريةء وفي شطوط الأنهارء وكانوا يقذفون [٤۲] الناس بالحصى فيعورونهم› فإِذا اجتمعوا في المجالس أظهروا المنكر / بإخراج الريح منهم› واللطم على رقابهم وكانوا يرفعون يابهم قبل أن يتغوطواء ويأتون الطامة الكبرى وهي اللوطية - َ‫ . کر و کک ہے 2 س و ا ا س و س و قال الله تعالى : «أَضَكُمْ نون الرَجَالِ وََْطَعُوْنَ السَبيل وَتَأَوْنَ في تَادِيكُم الْمَْكَر”.. ويلعبون بالحمام› ويرمون بالجلامق › وضرب الدفوف› وشرب الخمور› وقص اللحيةء وتطويل الشارب» والتصفيق ولبس الحريرء وتزيد عليهم هذه الأمة بإتيان النساء فصل اعلم أن الداعي للزنا شيثان : أحدهما: إرسال الطرفء وقد تقدم فيها ما فيه الكفاية . والثاني: اتباع الشهوة؛ لأنها خداعة للعقول مستحسنة للقبائح وليس عطب إلا وهي له سبب» ولذلك قال النبي عليه السلام : «أربع من كن فيه وجبت له الجنة وحفظ من الشيطان : من ملك نفسه حين ترغب» وحين ترهب» وحين تشتهي» وحين تغضب» وقهرها عن هذه الأمور يكون بثلاثة أمور: أحدها: غض الطرف عن إثارتها فإنه الرائد المهلك» والرسول الخائن المهلك. وروي عن آنس بن مالك عن النبي يَأ أنه قال : «تقبلوا إل بست أتقبل لكم بالجنة» . قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: «إذا حذث أحدكم فلا يكذب» وإذا وعد فلا يخلف» وإذا اؤتمن فلا يخن وغضوا آبصاركم› واحفظوا فروجكم» وکفوا آیدیکم»". () سورة العنكبوت الآية: ۲۹. (۲) أطراف الحديث عند: الحاكم في المستدرك (/) الهيثمي في مجمع الزوائد (۳۰۱/۱۰)؛ ابن حجر في المطالب العالية (٠۲11)› المنذري في الترغيب. والترهيب (4/ ۳). قنطرة النفس ۱۹۷ والثاني: ترغيبها في الحلال عوضاًء وإقناعها بالمباح بدلا لأن الله عز وجل ما حرم شيئاً إل وأغنى عنه بمباح من جنسه لما علمه من نوازع الشهوة وتركيب الفطرة ليكون ذلك عوناً على طاعته› وحاجزاً عن مخالفته. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ما أمر الله بشيء إلا وأعان عليه ولا نهى عن شيء / إلا وأغنى عنه. الثالث: إشعار النفس بتقوى الله عز وجل في أوامره واتقاؤه في زواجره» وإلزامها ما ألزم من طاعتهء وتحذيرها ما حذر من معصيتهء وإعلامها أنه لا يخفى عليه ضمير؛ ولا يعزب عنه قطميرء وإنه يجازي المحسن ويكافىء المسيء»ء بذلك نزلت كتبه؛ وبلغت رسله. وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن آخر ما نزل من القرآن: #وأتَقُوا يوماً ترِجَعُونَ فيه إلى الله . . .4 الاية. [vo] وآخر ما نزلت من التوراة: إذا لم تستح فاصنع ما شئت» وآخر ما نزل من الإنجيل: شر الناس من لا يبالي أن يراه الناس مسيئاء وآخر ما نزل من الزبور: من يزرع خيراً يحصد غبطة. وأعون الأشياء على ترك الزنا ومخالفة الهوى الصبر وإدامة الصوم مع تقليل الطعامء وإشتغال النفس مع الحياء وهو على ثلاثة أوجه: أحدها: حياؤه من الله تعالى . والثاني : حياۋه من الناس . والثالٹ : حیاؤه من نفسه . فأما حياوه من الله تعالى: فيكون پامتٹال أوامره والكف عن زواجره» وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله يَلْوٍ: «استحيوا من الله حق الحياء». قيل: يا رسول الله كيف نستحى من الله حق الحياء؟ قيل : يا رسول الله كيف نستحي من الله حق الحیاء؟ قال: «من حفظ الرأس وما حوى» والبطن وما وعىء وترك زينة الحياة الدنياء وذكر الموت والبلاء فقد استحى من الله حق الحياء" وروي أن علقمة بن علاثة قال: يا رسول الله عظني» فقال: «استحيى من الله استحياءك من ذي الهيبة من قومك». () سورة البقرة الآية: ۲۸۱. () أطراف الحديث عند: الترمذي (۸٥٤۲)› والحاكم (٤/۳۲۳)› أحمد في المسند (۳۸۷/۱). الطبراني في الكبير (۳/٤٤۲)؛ في الصغير (۱۷۷/۱)› أبي نعيم في الحلية (۸/۱٥۳). () طرف الحديث عند: ابن عساكر في التاريخ (11/۷)) الزييدي في إتحاف السادة المتقين (۳/ ١٤٠)› والمتقي في الکنز (۰٥۷٥). ۱۹۸ قنطرة النفس وهذا النوع من الحياء يكون من قوة اليقين › وقد قال عليه السلام : «الحياء نظام الإيمان› فإذا انحل نظام الشيء تبدد ما فيه وتفرق؟. ]٦۲۲[ وأما حياۋه من الناس : فيكون بكف / الأذى والمجاهرة بالقبیح › وقد قال عليه السلام : «إن من تقوى الله إتقاء الناس». وروي أن حذيفة رضي الله عنه أتى الجمعة فوجد الناس قد انصرفواء فتنكب الطريق عن الناس؛ فقال: لا خير فيمن لا يستحيى من الناس. وينشد لبشار بن برد: ولقد أصرف الفؤاد عن الشيء حياء وجبة في السواد أمسك النفس بالعفاف وأمسى ذاكراً فى الخد حديث الأعاد وهذا التوع من الحياء يكون من كمال المروءة وحب الثناءء ولذلك قال عليه السلام: «من ألقى جلبات الحياء فلا غيبة له يعنى لقلة مروءته. وقال أيضاً: «من مروءة الرجل ممشاه ومدخله ومخرجه ومجلسه وإلفه وجلىسه». وأنشد لبعض الشعراء : وأعرض عن مطاعم قد أراها وأتركها وفي بطني إنطواء أما والله ما في العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء ورب قبيحة ما حال بيني وبين ركوبها إلا الحياء إذا رزق الفتى وجهألقوحاً تقلب في الأمور كما يشاء ‎e‏ النبي ية يقال: «مما أدرك الناس من کلام النبوة إذا لم ت تستحي فاصنع ما . قيل: : معه إا لم يستحبى دعاه ترك الحباء إل أن عمل ما بشاء فيي فان الحياء يرمع اللسان. وقل. معناه ذا عرضت عليك أفعالك التي هممت بها فلم تستحيى منها لخستهاء› فاصنع ما شئت» منها قال الشاعر : إذا لم تخش عانبة الليالي ولم تستحي فافعل ما تشاء 4 اخر: إذا لم تصن عرضا ولم تخش خالقاً ولم تخش مخلوقاً فما شئت فاصنع () أطرف الحديث عند: البيهقي في الستن (٠٠/٠٠۲)؛ إتحاف السادة المتقين (٤/۱۷٠)› الخطيب في التاريخ (9٤/۱۷۱)› ابن الجوزي في تذكرة الحفاظ (۹١۱› ١۱۷). (۲) رواه أحمد في المسند (٥/ ۲۷۳( . قنطرة النفس ۱۹۹ وأما حياؤه من نفسه: فيكون بالعفة وصيانة المخلوقات / وقد قال بعض الحكماء› ليكن [۲۲۷: وهذا النوع من الحياء قد يكون من فضيلة النفس وحسن السريرة فمتى كمل حياء الإنسان من وجوهه الثلاثة فقد كملت فيه أسباب الخير وانتفت عنه أسباب الشر مع ما قدمنا من مجاهدة النفس وترك الخلوة بمن لا تؤمن منه الفتنة والتباعد عنهم؛ فإن ذلك من أقوى أسباب السلامة قال الشاعر : وإني ليثنيني عن الجهل والخنا وعن شتم ذي القربى خلائق أربع حياء؛ وإسلام؛ء وتموی › وإنني کريم؛ ومثلي من يضر وينفع ولا ينبغي للإنسان أن يحسن الظن بنفسه فيخلو بمن لا تؤمن فتنته من امرأة أو غلام اعتماداً على إنه قوي على مجاهدة نفسه عند هجوم الشهوة عليه . قال الشاعر: لا تأمتن على النساء أخا أخحى ما فى الرجال على النساء أمين كل الرجال وإن تعشف جهده لا بد أن بنظرةسيخون ا يوسف الصديق صلى الله على نبينا وع في عصمته يقول: ەن الَْسَ لأَمَار .4 الاية. وقال: رَتٌ السَجْرهُ حت ب إلى مما يَذعُوني لبه وال تصرف عَني َو وأ هة وأ الكاوزن انتا زرو سرد عَنْه كَيْدهُرې.. .. الأية. وقال عليه السلام: »ا يخلون أحدكم بامرأة ليست بذات محرم منه فان الشيطان أحدهما: أو قال: انها وليحذر ضا من مواضح لتهمة. ان من يدخل مداخل السوء يتهم وكفى وتحمل ذلة المذنبين› ود قال عليه للام فيع ما يك إل الا بيك وليحذر أن يجعل إلى نفسه سبيلاً من تصديق التهم» فما كل ريبة ينفيها حسن الثقةء هذا () سورة يوسف الأية: ۳٥. () سورة يوسف الآية: ۳۳ ٢٤۳. (۳) أطرافه عند: أحمد في المسند (۱۸/۱)› المنذري في الترغيب والترهيپ (۳/ 0)۳۹ (8) أطرافه عند: الترمذي (۸٠١۲)› النسائي ف فى المجتى (الأشرية ب 8٤)ء أحمد في المسند (٠/ ٠0 ۲) البيهقي في السنن (٠/٣۳۳)) الحاكم في المستدرك (۱۳/۲) بالطبراي في الكبير (۳/ 0)۷5 ۲۰ قنطرة النفس على باب مسجده يحادثها وكان معتكفء فمرً به رجلان من الأنصار فلما رأياه أسرعا فقال لهما: «على رسلكما إنها صفية بنت حُييَ». فقالا: سبحان الله أو يتخالجنا شك فيك يا رسول الله؟ فقال: «مه إن الشيطان ليجري من أحدكم مجری لحمه ودمهء فخشیت أن يقذف في قلوبكما سوءاً فكيف بمن تخالجت فيه الشكوك وركبت فيه الشهوات وليس بمعصوم؟ هل يعرى في مواقف الريب من قاذف محقق ولائم مصدق . وقد روي عن فتح الموصلي أنه قال: صحیت ناا نہ ثين شيخاً يعدون من الأبدال›ء كلهم أوصوني عند فراقي آياهم» وقالوا: اق معاشرة الأحداث . وفي كتاب عن بعض العلماء قال: من أصعب الأفات صحبة الأحداث»› قال: و ابتلاه الله بشيء من ذلك» فإجماع الشيوخ أن ذلك عبد أهانه الله وخذلهء بل عن نفسه قد شغله ولو بألف كرامة أخْله قال: وأصعب من ذلك تهوين ذلك على القلب حتى يعده هيناء قال الله تعالى : ® وَتَحُسَبونَه هَيناً ينا وهُو عِنْدَ الله عَظيبٌ٩. وروي أنه قيل لبعض العلماء: الزاهد العارف يزني؟ فأطرق ثم رفع رأسه فقراً : وكان مر الله قَدَراً مَقْدُورَا 9€ . والمانع من التهمة شيئان: الحياى والحذر» فإذا استعملهما الإنسان ترك مظان التهم› ولم يقف موقف الاعتذار› ولم يختلج في نزاهته شاك ولم يقدح في عرضه آفك . ]۲۲۹[ وقال سهل بن هارون: مؤنة التوقف يسر من/ تكلف التعسف . وقال بعض الحكماء : من أحسن ظنه فيمن لا يخاف الله تعالی فهو مخدوع» وينشد لأبي بكر الموصلي يقول: وقد روي عن النبي عليه السلام أنه قال: «إذا لم يشق امرء إلا بما عمل فقد سعد» والله أعلم. فصل: في حکایات الأعفاء من الرجال والنساء قال الله سبحانه: «وَلِمَنْ حاف مَقَامٌ رَه جَنَّتَان€. وقال النبي يَلأٍ: «سبعة يظلهم الله (١) سورة النور الآية: ١٠. () سورة الأحزاب الآية: ۳۸. (۳) سورة الرحمن الآية: 47 . قنطرة النفس 52 في ظله يوم لا ظل إلا ظله يريد ظل عرشه فذكر منهم. «رجلاً رعته امرأة ذات حسن وجمال فقال: إني أخاف الله» . ويقال دخلت بثينة على عبد الملك بن مروان فقال لها: يا بثينة ما أرى شيئاً مما كان يقول جميل. فقالت: يا أمير المؤمنين إنه كان يرنو لي بعينين ليستا في رأسه. قال: وكيف لا والذي تسجدالجباهله ما كان لى دون ثوبها خبر أخرى: وحكي أن عبد الملك بن مروان وجد على بعض عماله؛ فحبسه فقيّده في دار فأشرفت عليه جارية لعبد الملك فنظر إليها وأنشأت تقول: يها الرامي بالطرف وفي الطرف الحتوف إن ترد الوصل فقد أمكنك الظبي الألوف فأجابها الفتى : إن تريني زاني العينين فالفرج عفيف ‏ ليس إلا النظر القاتل والشعر الظريف فأجایته : ] / قد أردناك على أن تعتنق ظبياً رسوفاً فتأبيت فلا زلت لقيدك حليفاً فأجابها: قال: فبلغ ذلك عبد الملك فدعا به فزوجها إِياء» ودفعها إِليه والله أعلم . أخرى: وحكي عن محمد بن السماك أنه قال: كان عندنا بالكوفة فتى من الزهادء وكان يخرج من منزله إلى المسجدء فهويته جارية من العرب على طريقهء فلما عيل صبرهاء ترصدت له في الطريق ونادت يا فتى سألتك بمن ترجوه لشدتك إلا توقفت علي قليلاً واستمعت كلامي 6 فلما سمع ذلك الفتى أرتعدء وقال : تكلمي وامض فان هذا موقف التهمة› ويحك ما كلام النساء للرجال الذين ليسوا لهن بمحرم؟ فقالت الجارية: والله ما حملني على ما تأبيت لأني كنت للظبي عنوفاً غير اني خفت ربا کان بي برا لطيفاً () طرف الحديث عند: البخاري في الصحيح (۸/۱١۱)› مسلم في الصحيح (الزكاة ب ۳ رقم 46)› الترمذي في الجامع )۲۳۹۱( النسائي في المجتبى (۲۲۲/۸) أحمد في المسند (۳۹/۲٤)ء ابن خزيمة في الصحيح ())› البغوي في شرح السنة (۲/ ٢٥۳). ٢ تنطرة النفس ذلك جرأة تقدمت مني على کلام الرجالء غير أن المقادير تسوق العباد إلى مثل هذاء والذي حملني على أني لقيتك بنفسي في هذا الأمر أني أعلم أنكم معاشر النساك أمثال القوارير أدنى شيء يعيبهء وجملة ما أكلمك به أني قد أصبحت وقلبي فارغ من أحوال الدنيا كلها إلا منكء فالله الله في أمري فإني أسأل الذي بيده مفاتيح قلبك أن يسهل ما عسر من أمرك والسلام. قال : فلما سمع کلامها تغیر لونه وأطرق ملياء ثم قال : أف لشيطان علمك هذا الكلامء والله لاکیدنه فيك. ثم انصرف إلى مسجده وكان طويل الصلاةء فعارضته الفكرة فيها فاستعاذ بالله منهاء فانصرف إلى منزله فقدم فطوره فقال : لا حاجة لي فيه وانقطع عن ورده تلك الليلةء وعرضت ۱ له وساوس من أمر الجاريةء فلمًا أن أصبح / دعی بدواة وقرطاس فكتب : بسم الله الرحمٰن الرحيم أما بعد: يا جارية إنك تدعونني إلى المعاصي كأنما لي ولك جنة من عذاب الله اعلمي أن الله تعالى إذا عصي ستر وحلم» فإذا عاد العبد إلى المعصية عاد الله في ستره وحلمهء فإذا اتخذ العبد المعصية شعاراً وجعلها دثاراً غضب الله عليه غضباً لا يقوم لغضبه السموات والأرضون وما فيهن وعليهن» يا جارية إن يكن ما ذكرت باطلاً فإني أحذرك يوم الطامة والصاخة والواقعة› يوم تكون السماء كالمهلء وتجث الملائكة على الركب لصولة الجبار» لا يستمكن منه الحجاب» وتطايرت منهم الكتب بالأيمان والشمائل› فالسعيد يومئل من قدم عملا يکون أنساً له في وحدته وأخاً مساعداً له في وحشته. وإن یکن ما ذکرت حقاً فإني أدلك على الطبيب الشقيق الرفيق الذي يداويء فعليك بصدق المسألةء وحقيقة الاستكانةء لعله يكشف عنك ما ذكرت فإني متشاغل عنك بقوله تعالى : وَأيذرْهُم يوم الأَرََةِ إِْ اقلوب لَدَى لحار . ثم طوى الكتاب» وخرج فإذا الجارية جالسةء فرمى الكتاب في حجرها فأخذته مسرورةء ورجع الفتى إلى منزله فأقام أياماً لا يخرج إلى مسجد فلما كان بعد أيام قال: والله لأخرجن لعلها انقطعت فنظر إليها جالسة فهمً بالرجوع . فنادته: يا فتى سألتك بالل لما وقفت علي أكلمك فهذا آخر يوم أكلمك إلا بين يدي الله . فلما سمع وقف فقالت: قد فهمت ما خوفتني به والله إني لكذلك؛ وعلم یا فتی أنه كلما طالت المدة عظم البلاء فعظني فوالله لأقطعن حنجرة طمعي فيك باليأس / ولأنفضن كفي منك بالإقلاس فقال لها: يا جارية أحذرك من نفسك لنفسك» وفكيها من حبسك» ثم ذهب لیولی فتعلقت به فقال لها: ما وراءك؟ فقالت: تحفظ عني هذه الأبيات وهي : (١) سورة غافر الآية: ۱۸ قنطرة النفس ‎Y۳‏ ‏لا أنسى ما أنسى منه يوم موقفه إذ جئثت انشه جهدي ويلواي وقد نشرت له صحفي فغضلٌ لها منه الجفون ولم ينصت لشكواي وطرفه خاشع من خوف سيده يا حسنه خائفاً من خوف مولاي لألبسن لهذا الدهر مدرعة وأهجرن هواي خوف عقباي ولا أبوح بما قد كنت تكرهه ولا أدعيت ولو حققت معناي قال: فانصرفت إلى منزلها فلم تزل راكعة ساجدة قائمة صائمة وكان إذا غلب عليها الأمر تدعو بکتابه وتصعه على عينهاء فیقال لها: وما يغني عنك هذا؟ فقول : وهل دواء غیره. وكانت إذا جن عليها الليل نادت : يا واهب الأرض هب لي منك مغفرة فكدت أفعل فعل الماجن الزاني وانظر إلى قلقي يا مشتكى حزني بنظرة منك تجلو كل أحزاني قال: فلم تزل كذلك حتى فارقت الدنيا فبلغ الفتى وفاتها فحزن عليهاء وأخبر والدته . فقالت: يا بني ألا أخبرتني بأول حديثها كنت أزوجك بها حلالا؟ فقال: إليك عني يا أماه والله لقد وهبتها لله تعالى منذ أول نظرة نظرت إليهاء فكنت استحبى أن أرجع في شيء وهبته له. فلبث الفتى كذلك مدة والجارية ما تختلج بقلبهء ثم أنه رآها في المنام وعليها ثياب بيض» قال: فلانة . قال: فلانة. قال: ما فعل الله بك. قالت: غفر لی بثلاث دعوات كنت أقولهن دبر کل صلاةء اللهم إني أعوذ بك من دنيا تمنع خير الآخرة وأعوذ بك من أمل يمنع خير العمل وأعوذ بك/ من [۲۳۳] حياة تمنع خير الممات. قال الفتى: فهل تذكرينني؟ قالت: #والله إني لكثيرة الذكر لكء وقد سألت ربي أن يجمع بيني وبينك في الأخرةء فما لبث الفتى إلا أياماً حتى لحق بالجارية»”°. أخرى: حكي أن فتى من المتعبدين أحب جارية في حيهء فبعث إليها يا هذه إنك وقعت في قلبي موقعاً شغلتني به عن كثير مما كنت أحبه من طاعة الله عز وجل وذكر الأخرةء فكيف السبيل إلى الإتصال بك؟ فأرسلت إليه؛ أما كان في طاعة الله وذكر الأخرة ما يشغلك عن التمسك بحبائل النساء. فاستحيى حياء شديداً وقال: المعذرة إلى الله فيما صنعتء وندم على الذي كان وأنشاً يقول: ولربما عدل الفتى عن رشده فيرى البصيرة بعدها فيراجع غیره : () راجع إحياء علوم الدين (۳/۳٠٠: ١٤٠٠) ففيه القصة بنحوها وقصص أخرى. ٤ قنطرة النفس كم قد ظفرت بمن أهوى فيمنعني منه الحياء وخوف الله والحذر أهوى الملاح وأهوى أن أجالسهم وليس لي في حرام متهم وطر ويكفي في حفظ الفرج قوله تعالى : «وَالَذِين هُمْ لِمُرُوجِهِمْ حاون الآية. وقوله: لل للَمُؤْمِينَ بَمُضُوا من أَبْصَارِمِمْ وَيَحْفَظُون فُرُوجَهُمْ. . .€ الآية. وصلى الله على سيدنا محمد وعلی آله وسلم تسلیما. اباب الخامس وليعلم أن البطن أشق الأعضاء إصلاحاً على الإنسانء وأعظمها ضرراً عليه؛ لأنه المنبع والمعدن ومنه تهييج الأمورفي الأعضاء من عفة وجماع وقوة وضعف» فعلى الإنسان حفظه عن الحرام والشبهة أولاء ثم عن فضول الحلال ثانياء ثم كيفية تناوله من الحلال. وهذا الباب يشتمل على ثلائة فصول : ]٤۳[ أحدها: في مذمة/ الحرام. والثاني: في فضيلة الحلال . والثالث : في حد الحلال والحرام وكيفية التناول من الحلال. الفصل الأول: في مذمة الحرام وليعلم أن الحرام والشبهة يلزم الإنسان البحث عنهما لثلاثة أمور: أحدها: حذراً من نار جهنم. قال الله عز وجل: الَذِينَ يَأكُلُونَ َموَالَ الْمَامَى طُلْماً ّما ياكُلُونَ في بُطُونهمْ تارا . .۳ الآية. وقال النبي عليه السلام: «كل لحم نبت من سحت فالنار أولى بە». وقال النبي عليه السلام: «من لم يبال من أين اكتسب المال لم يبال الله من أي باب أدخله النار° . (١) سورة المؤمنون الآية: ٥. () سورة النور الآية: ۳۰. (۳) سورة النساء الآية: ١٠. (٤) أطراف الحديث عند: الطبراني في الكبير (۱۳۱/۱۹)› في الصغير (۱/٠۲۲)› القيسراني في تذكرة الموضوعات (۹۷٥). () فال العراقي في المغني (11/۲): رواء أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عرم قال = قنطرة النفس ٥.۰ وقال عليه السلام : «القليل من أموال الناس يورث النار° وعنه عليه السلام أنه قال: «من اكتسب المال من حرام فإن تصدق به لم يتقبل منه وإن تركه وراءه كان زاده إلى النار»" وفي حدیث آخر: «من أصاب مالا من مأثم ووصل به رحماً أو تصدق به أو أنفقه في سبيل الله جمع الله ذلك جمعاً ثم قذفه في النار». والثاني: أن أكل الحرام والشبهة مطرود عن خدمة الله غير موفق لطاعته إذ لا يصلح لخدمة الله إلا كل طاهر مطهر ألا ترى أن الله تعالى منع الجُنب من الدخول إلى بيته ومنع المحدث عن مس كتابه فقال تعالى : إلا تَقَرَبُوا الصَلاةڳ . إلى قوله: ولا جُنباً إلا عَابري سیل . وقال: لا يَمَُهُ إلا المُطَهَرُون»”. مع أن الجنابة والحدث أثر مباح فكيف بمن هو منغمس في أقذار الحرام ونجاسة الشبهة والحطام متى يدعى إلى خدمة الغني العزيز وذكره الشريف كلا فلا يكون ذلك . وقد روي عن يحيى بن معاذ أنه قال: الطاعة مخزونة في خزائن الله تعالىء ومفاتيحها الدعاءء وأسنانها لقمة الحلال. فإذا لم يكن للمفتاح اسنان فلا يتفتح /البابء وإذا لم ينفتح [٥۲3] باب الخزانة كيف يصل إلى ما فيها من الطاعة؟ الثالث: إن أكل الحرام. والشبهة محروم وأن اتفق له فعل خير فهو مردود عليه غير مقبول منه فإذاً لا يكون له من ذلك إلا العناء والكدر وشغل الوقت. وقد روي عن ابن عباس عن النبي عليه السلام أنه قال: «إن لله ملكاً على بيت المقدس ينادي: من أكل الحرام لم يقبل منه صرف ولا عدل». قيل: الصرف: النافلةء والعدل: الفريضة. وعنه عليه السلام أنه قال: «من اشترى ثوباً = ابن العربي في عارضة الأحوذي شرح الترمذي أنه باطل لم يصح ولا يصح. () روا ريع بن حبيب في مسنده (۲/٦). () قال العراقي في المغني (41/۲): رواه أحمد من حديث ابن مسعود بسند ضعيف» ولابن حبان من حديث أبي هريرة: من جمع مالا من حرام ثم تصدق به لم یکن له فيه أجر وکان إصره عليه . () رواه أبو داود في المراسيل من رواية القاسم بن مخيمرة مرسلاء المصدر السابق. (8) سورة النساء الآية: ۳٤ . () سورة الواقعة الآية: ۷۹. () قال العراقي في المغني (۲/٠4): لم أقف له على أصل؛ ولأبي منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث اين مسعود من أكل لقمة من حرام لم تقبل منه صلاة أربعين ليلة الحديث وهو منكر. ٦Y‏ قنطرة النفس بعشرة دراهم وفي ثمنه درهم حرام لم يقبل الله صلاته ما دام عليه" وعن ابن عباس أنه قال : لا يقبل الله صلاة امرء وفي جوفه حرام. ولما ذكر رسول الله يل الحريص على الدنيا قال : ويقول: يا رب فلا يستجاب لذلك». وفيما يحكى عن إبليس اللعين أنه كان يقول: خصلة واحدة أريدها من بني آدم؛ ثم آخلى ينه وين ما یرید من العبادةء أراد کون کسبه حراماه إن صلى صلی بحرام» أو صام والبول لا طهره إل الماء والذتب لا يكفره إلا الحلال. وروي في أثر السلف: أن الواعظ إذا جلس للناس قالت العلماء تفقدوا منه ثلاثاء فإن كان معتقداً للبدعة فلا تجالسوه فإنه عن لسان الشيطان ينطق› وإن كان سيء اللقمة فعن الهوى ينطق فإن لم يكن مكين العقل فإنه يفسد ‎[Y۳]‏ اس فلا تجالسوه . ويقال: إذا طاب/ / المكسب زكي العمل م من كوا يكُِتُودٌ 6 وفي حدیثٹ أي هريره أنه قال : «المعدة حوض البدن والعروق إليها واردة فإدا صحت المعدة صدرت العروق بالصحة وإذا سقمت صدرت العروق بالسقم» ومثل الطعام من الدين مثل الأساس من البنيان فإذا ثبت الأساس وقوي ااستقام البنيان وارة تفع وإذا ضعف الأساس أو ا اوقد قال الله تعالى : لأفَمَن أَمَسَ بُنْيَانَهُ َه على تَقویٰ ى من الله وَرِضوَانِ حير م من ا سس بُنْيانَهُ على شف جه ف . .° . الفصل الثاني: في فضيلة الحلال قال الله تعالى : «كُلوًا ِن الطَيَاتِ وَاعُمَلُو ! صَالِحًا». أمر بالأكل من الطيبات وهي )۱( رواه أحمد من حدیث ابن عمر بسند ضعیف . )۲( ما بين المعقوفين من إحياء علوم الدين ۲/ ۹( وعلق العراقي على الحديث بقوله : روا مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ . ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر. (۳) سورة ة المطففين الآية: ٤. (8) روا الطبراني في الأوسط والعقيلي في الضعفاء وقال باطل لا أصل له. قاله العراقي في المغني ١/٠۹٠ () سورة التوبة الاية: ١١٠. (1) سورة المؤمنون الآية: ١٠. قنطرة النفس ‎Y۷‏ ‏الحلال قبل العمل. وعن ابن معسود رضي الله عنه عن النبي يي «طلب العلم فريضة على كل مسلم. ولما قال و يَلوٍ: «طلب العلم فريضة على كل مسلم). قال بعض العلماء: أراد به طلب علم الحلال والحرام› وجعل المراد بالحدئين واحداً. وعنه علا أنه قال : «من سعی على عیاله من حله فهو كالمجاهد في سبيل الل ومن طلب الدنيا حلالاً في عفاف كان في درجة الشهداء»“ . قلب» وفي رواية: «زهده الله في الدنيا». وروي أن سعدا سأل النبي يٍَ أن يسأل الله إن يجعله مجاب الدعوة فقال له: «أطب طعمتك تستجب دعوتك». وقال / عليه السلام: االعبادة عشرة أجزاء فتسعة منها فى طلب الحلال× وعنه [۲۳۷] عليه السلام أنه قال: «من أمسى وانياً في طلب الحلال بات مغفوراً له وأصبح والله عنه راض . وروي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه شرب لبناً من کسب عبده ثم سأله؟ فقال: تكهنت لقوم فأدخل أصبعه في فيه وجعل يقيء حتی کادت نفسه أن تخرج» ثم قال: اللهم إن اعتذر إليك مما حملت العروق وخالط الأمعاء. وروي أن النبي يَلأٍ أخبر بذلك فقال: «أو ما علمتم أن الصديق لا يدخل في جوفه ے سے () رواه ابن ماجة من حديث أنس وضعفه أحمد والبيهقي وغيرهما قاله العراقي في المغني (۳/۱). () رواه الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة: : من سعی على عياله فقي سبيل الله ولابي منصور في مسند الفردوس: من طلب مكسبه من باب حلال يكف بها وجهه عن مسألة الناس وولده وعياله جاء يوم القيامة مع النبيين والصديقين وإسنادهما ضعيف. قاله العراقي في المغني (۳/ 0)40 )۳( رواء أبو يعلى في الحلية من حديث أبي أيوب: من أخلص لله أربعين يوماً ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانهء ولابن عدي نحوه من حديث أبي موسى» وقال حديث منكر. المصدر السابق. )4( رواه الطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس وفيه من لا أعرفه. المصدر السابق. () رواه أيو منصور الديلمي من حديث أنس إلا أثه قال: تسعة في الصمت» والعاشر كسب اليد من الحلالء وهو منكر. (المغني 4۱/۳). 9( رواه الطبراني في الأوسط من حديث ابن عباس: من آمسی کال من عمل يده آمسی مغفوراً له وفیه ضعف» المصدر السابق. طيبا . وكذلك روي أن عمر رضي الله عنه شرب من إبل الصدقة غلطاً وأدخل إصبعه وتقياً. وعن بعض السلف أنه قال : لم يدرك من أدرك إلا من كان يعقل ما يدخل في جوفه. وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول من المسلم؟ قال: «الذي إذا أمسى سأل من أين كِسْرّته» قالت: يا رسول أو كلف الناس هذا؟ قال: «نعم ولكنهم غشموا المعيشة غشماه . الفرائض بالسنة وأكل الحلال بالورعء واجتناب النهي عن الظاهر والباطن والصبر على ذلك إلى الموت. وقال: من أحب أن يكاشف باب الصديقين فلا يأكل إلا حلالاء ولا يعمل إلا في سنة أو ضرورة. وقال بعض السلف: إن أول لقمة يأكلها العبد من الحلال يغفر له بها ما سلف من ذنوبه» ومن آقام نفسه مقام ذل في طلب الحلال تساقطت عنه ذنوبه كما تساقط ورق الشجر والله أعلم . فصل: في الشيهة [۸ متشابهات /لا يعلمها كثير من الناس؛ فمن ترك الشبهات فقد استبراً لدينه وعرضه»". وقال عليه السلام: «دع ما يريبك إلى ما لا يرييك»”. وقال عليه السلام: «الأمور ثلاثة: أمر بان رشده فاتبعوهء وأمر بان غيه فاجتنبوه» وأمر أشكل عليكم فكلوه إلى عالمه». فلما كان الأمر على ما وصفنا كان الواجب على الإنسان استعمال الحلال واجتناب الحرام؛ والورع عن الشبهات . وقد قال بعض العلماء: رد درهم من الشبهة أحب إلي من أن أتصدق بمائة ألف ومائة ألف حتى تبلغ ستمائة ألف. وقال: اجتمع الفضيل› وابن عيينةء وابن المبارك عند وهيب بن الورد بمكة فذكر الرطب فقال وهيب: هو من أحب الطعام إِليّ إلا أني لا أكله لاختلاط رطب () روا البخاري من حديث عائشة: كان لأيي بكر غلام يخرج له الخراج» وکان ابو بكر ياکل من خراجه فجاء يوما بشيء فال منه ابو بكر وقال له الغلام أتدري ما هذا؟ فقال: وما هو؟ قال: كنت تکهنت لأنسان في الجاهليةء فذكره دون المرفوع منه فلم جد قاله العراقي في المصدر السابق. (۲) متفق عليه من حديث النعمان بن بشیر: قاله العراقي في المغني (۹۹/۲). (۳) رواه النسائي› والترمذي› والحاكم وصححاه من حديث الحسن بن علي . قاله العراقى في المغني عن حمل الأسفار. ۱ قنطرة النفس ۹٢۲ مكة ببساتين زبيدة وغيرها. فقال ابن المبارك: إن نظرت إلى هذا ضاق عليك الخبز . قال: وما سببه؟ قال: إن أصول الضياع بالصوافي. فغشي على وهيب. فقال سفيان : قتلت الرجل. قال ابن المبارك: ما أردت إلا أن أهون عليه. فلما أفاق قال: لله عل أن لا آكل خبز أبداً فكان يشرب اللبن؛ فأتته امرآة بلبن فسألها؟ فقالت: هو من شاة بني فلان. فسأل عن ثمنها وأنه من أين لهء فذكرت ذلك» فلما أدناه من فيه قال: بقي آنها اين كانت ترعی؟ فسکتت › فلم يشربه. قال : لأنها كانت ترعی من موضع للمسلمين فيه حق. فقالت له أمه: اشرب يغفر الله لك. فقال: ما أحب أن يغفر لي وقد شربته فأنال مغقرة بمعصيته والله أعلم. الفصل الثالث: في حد الحرام والشبهة والتناول من الحلال احتلف العلماء في حد الحرام والشبهةء فقال بعضهم ما تيقنت كونه ملكا / للغير» منهياً [۲۳۹] عنه في الشرع فهو حرام محض» وأما إذا لم يكن لك يقين بذلك ولكن يغلب في ظنك أنه كذلك فهو شبهة . وقال آخرون: بل الحرام المحض ما يكون به علم أو غالب ظنء لأن غلبة الظن مما يجري مجرى العلم في كثير من الأحكام. وأما إذا تساوى الأمران في ذلك حتى تبقى نشاكاً لا هو حرام محض فرض لازم وعن الذي هو شبهة تقوى وورع وذلك عن ثلاث درجات : أحدها: ورع الصالحين› وهو الامتناع عن كل ما يتطرق إليه احتمال التحريم وذلك کالاکل ممن أکٹر ماله حلال ولكنه لا يتقي الحرام» فالورع اجتنابه لقوله عليه السلام: «دع ما يريبك إلى ما لا يرييك». وقد قال أصحابنا : الريبة على وجهين : محققه ٩ ومعارضة. فالمحققة: مثل ما يكون في أيدي السراياء وقطاع الطرقء حدثان غارتهمء وذلك والمعارضة: مثل ما يكون في أيدي من لا يتقي الحرام فليخرج عن معاملته ورع الصالحين . () روا النسائي والترمذي والحاكم وصححاه من حديث الحسن بن علي . قاله العراقي في المغني عن حمل الأسفار. قناطر الخيرات/ ج ۳/٤٠ ‎A‏ قنطرة النفس ‏الدرجة الثانية: ورع | لمتقين وهو كل ما لا شبهة في حلهء ولکن يخاف منه آن يؤدي إلى محرم وهو ترك ما لا بأس فيه مخافة ما فيه البأس . ‏وقال عليه السلام: «إنما سمي المتقون متقين لتركهم ما لا بأس فيه مخافة البأس»”. وقال ابن عباس: كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة أن نقع في الحرام. وقال أبو الدرداء: إن تمام التقوى أن يتقي العبد في مثقال ذرة حتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خحشية أن يكون حراماً فیکون حجاباً بینه وبين النار : ‏]٤۲[ الدرجة الثالثة: ورع الصديقين وهو ترك ما لا/بأس فيه أصلاء ولا يخاف أن يؤدي إلى ما ‏به البأس ولكنه يتناول لغير الله أو يقصد به غير التقوى على عبادة الله . ‏كما روي عن بعضهم آنه شرب دواء فقالت له امرأة : لو مشیت في الدار قلیلً حتی يعمل الدواء فيك . فقال ؛ هذه مشية لا أعرفها فكأنه لم تحضره نية تتعلق بالدين في مشيته تلك . على يد السجانء فلم يأكل فاعتذر إِليها وقال: جأني على طبق ظالم - يعني القوة التي أوصلت إليه الطعام اکتسبت بالغْذاء الحرام. ‏وهذه أقصى درجات الورع أعني ورع الصدّقين» والتحقيق فيه أن الورع له أول وهو الامتناع عن كل ما تحرمه الفتوى› وذلك الورع وفرض واجب وله غاية» وهو ورع الصدقين وهو الأمتناع عن كل ما ليس لله مما أخذ بشهوة أو توصل إليه بمکروه» أو اتصل بسببه مکرو۔ ويينهما درجات في الاختلاط وكلما كان العبد أشد تضيقاً على نفسه كان أخف ظهراً يوم القيامة. ‏مسالة ‏فإن قيل ما تقول في قبول جوائز السلطان في هذا الزمان؟ فاعلم أن بعض السلف قال : قد اختلف العلماء في ذلك فقال قوم: كل ما لا يتيقن آنه حرام فله أخذه. وقال آخرون: لا يحل أن يأخذ ما لا يتحقق أنه حلال لأن الأغلب في هذه الأعصار على أموال السلاطين الحرامء والحلال في أيديهم معدوم أو عزيز. ‏() عن نحوه قال العراقي في المغني: (40/۳): رواه ابن ماجة. ‎ ‎ قنطرة النفس 47 وقال قوم: إن صلات السلاطين تحل للغني والفقير إذا لم يتحقق أنها حرام وإنما التباعة على المعطي» قالوا للأن النبي عليه السلام قبل هدية المقوقس ملك الأسكندريةء واقترض من اليهود مع / قول تعالی فيهم: «أَكَالُونَلِلسُحْت”". قالوا: وقد أدرك جماعة من [٤٤۲] الصحابة يام الظلمة وأخذوا م: منهم الأموال› منهم : أبو هريرةء وأبو سعيد الخدريء وزید بن ثابت» وأبو أيوب وجرير بن عبد الله وجابر» وأنس المسور بن مخرمةء وابن عباس» وابن عمر» فاخذا أبو سعيد وأبو هريرة من مروان ویزيد من عبد الملك» وآخذ ابن عمر وابن عباس من الحجاج» وأخذ كثير من التابعين منهم الشافعي والحسن البصري وإبراهيم التخعي وغيرهم . وقال آخرون: لا يحل من أموالهم شيء لغني ولا لفقير إذ هم موسومون بالظلم والغالب على أموالهم السحت والحرام والحكم للأغلب فيلزم الاجتناب . وقال آخرون: ما لا يتقين أنه حرام فهو حلدل للفقر دون الفني إل أن يعلم الفقي أن ذلك عين القصب. فليس له أخذه إلا أن يعلم الفقير أن ذلك عين الغصب فليس له أخذه إلا أن يرده على مالكه ولا حرج على الفقير أن يأخذه من. مال السلطان» لأنه إن كان ذلك من مال السلطان فله أخذه بلا شك»ء وإن كان من فيء أو خراج أو عشر فللفقير فيه حق» وكذلك أهل العلم. وقد روي عن علي أنه قال : خذ من السلطان ما أعطاك فإنما يعطيك من الحلال وما يأخحذ من الحلال أكثر. وعن علي بن أبي طالب أيضاً أنه قال: من دخل الإسلام وقرا القرآن ظاهراً فله في بیت مال المسلمين كل سنة مائتا درهم؛ وفي رواية مائتا دينار فإن لم يأخذها في الدنيا أخذها في الأاخرة. قالوا: فإذا كان الأمر كذلك فالفقير والعالم يأخذ من حقهء قالوا وإذا کان مختلطاً بمال مغصوب ولا یمکن تمییزه أو غصباً لا یمکن رده على صاحبه وذریته فلا مخلص للسلطان منه إلا أن يتصدق به وما / كان الله ليأمره بالصدقة على الفقير وينهي الفقير [۲4۲] عن قبوله أو يأذن للفقير في القبول وهو عليه حرام . فإذاً للفقير أن يأخذ إلا عين الغصب والحرام» والذي أرى والله أعلم أن أموال السلاطين اليوم الغالب عليها الحرام لأن أكثرها من الخراج المضروب على المسلمينء ومن المكوسات والفصب بخلاف الأموال التي كانت في أيدي الملوك والجبابرة الماضين من الأمويين والعباسيين وغيرهمء ولذلك ساغ لجابر بن زيد وأبي بلال مرداس وغيرهم من الصحابة والتابعين الأخذ منهم. (١) سورة المائدة الآية: ٤٤ . ٢۷ قنطرة النفس وقد روي ان جابر بن زيد سأله رجل عن جار له عشار يهدي إلیه؟ فقال : خذ من جارك ما أعطاك. وروي عن سعيد بن جبير أنه أكل من طعام العشارين والتنزه عن مثل هذا أفضل. مسالة فإن قيل ما تقول في صلة أهل الأسواق وغیرهم ممن ليس له نظر في المعاملات؟ قیل له إذا كان ظاهر الإنسان الصلاح والستر فلا حرج على الأخذ منه ولا يلزم البحث بأن يقول فسد الزمان لأن ذلك سوء ظن بالمسلمين وتجسس عن أحوالهم. ثم اعلم ما هو الأصل في هذا الباب وهو أن هاهنا شيئين : أحدهما: حكم الشرع الظاهر الموضوع على اليسر والسماحة وهو أن تأخذ ما أتاك به من ظاهره الصلاح ولا تسأل إلا إن استربته أو تيقنت أنه حرام أو غصب بعينه . والثاني: حكم الورع الموضوع على التضييق والتشديد كما قيل: الأمر على المتقي أضيق من عقد التسعين فحكم الورع أن لا يأخذ شيئاً من أحد حتى يسأل أو يبحث غاية البحث [7٢] كما سأل أبو بكر غلامه عن اللبن الذي شربه / فتقيأه» وكما سأل عمر عن اللبن الذي شربه فأخبر أنه من إيل الصدقةء والورع أيضاً من الشرع وكلاهما في الأصل واحد ولكن للشرع حكمان: حكم جواز» وحكم الأفضل الأحوطء فحكم الجواز يقال له: حكم الشرع› وحكم الأحوط الأفضل يقال له: حكم الورع» وهما واحد في الأصل غير أن حكم الورع شديد فمن سلك طريقه فلا بد له أن يوطن نفسه على احتمال الشدائد وإلا فلا يتم له ذلك . وليكن عنده أكل ما يتداوله الناس في أيديهم بمنزلة الميتة لا يقدم عليها إل عند الضرورةء ثم لا يتناول منها إلا مقدار ما يبلغه إلى الطاعة فيكون له عذر في ذلك ولا يضره إن كان في أصله شبهةء أو هو حرام مجهول فإن الله تعالى أولى بالعذر. ولهذا قال الحسن البصري: إذ فسد السوق فعليكم بالقوت. وقد روي عن وهيب بن الورد أنه كان يجوع نفسه يوماً أو يومين أو ثلاثة ثم ياخحذ رغيفاً فيقول: اللهم إنك تعلم إني لا أقوى على العبادة وأخشى الضعف وإلاً لم آكلهء اللهم وإن كان فيه شيء من خبث أو حرام فلا تؤاخذني ثم يبل الرغيف في الماء فيأكله . ويقال: إن بعض الورعين قيل له: من أين تأكل؟ فقال: مما تأكلون» ولکن ليس من كانوا يتحرزون من الشبهات فهذه طريقة الطبقة العليا من أهل الورع فيما بلغنا. وأما من دونهم قنطرة النفس ‎Y۳‏ ‏فلهم احتياط وبحث على مقدار ولهم أيضاً من الورع على مقدار» وبقدر ما يعتني الإنسان يكون ما يتمنى والله تعالى / لا يضيع أجر من أحسن عملا . الفصل الرابع: في الأخذ من الحلال فإن قال قائل: فهذا جانب الحرام قد بيتته فأخبرنا عن جانب الحلال؟ وما حد الفضول الذي يلزم منه الحساب؟ وما المقدار الذي إذا أخذه العبد يكون ذلك أدباً ولا يكون فضولاً ولا عليه فيه حبس ولا حساب؟ قيل له: قال بعض السلف: اعلم أن أحوال المباح في الجملة ثلائة أحدها: أن يأخذها العبد مكاثراً مفاخراً مباهياً مرائياء فيكون الأخذ مته فعلاً متكراً يستوجب على ظاهر فعله الحبس والحساب واللوم والتعيرء وهو منكر وشر يستوجب على ّما الْحَياةُ ادنيا لعب وَلهُو”. الآية. وقال النبي عليه السلام: «من طلب الدنيا حلالاً مباهياً مكاثراً مفاخراً مرائياً لقي الله وهو عليه غضبان»". فالوعيد حصل له على قصده ذلك بقلبه . القسم الثاني: أن يأخذ الحلال لشهوة نفسه لا غير فذلك شر يستوجب عليه الحبس والحساب لقرله تعالى: تلن يُوْمَئنٍ عَن التعيم'"". وقال عليه السلام: «حلالها سا)٤ 1 القسم الثالث: أن يأخذ من الحلال في حال العذر قدراً يستعين به على عبادة الله تعالى ويقتصر على ذلك فذلك منه خير وحسنه وأدب ولا حساب عليه ولا عتاب» بل مستوجب عليه الأجر والمدحة لقوله تعالى حكاية عن المسلمين ربن يا في ادنا حَسَنَةُ ة. إلى قوله: ليك لَه تَصيبٌ مما كسبوا». (۱) سورة محمد الآية: ۳۹. () سورة التكاثر الآية: ۸. (۳) قال العراقي في المغني (۲۱۷/۳) عن نحوه. رواه أبو نعيم في الحليةء والبيهقي في الشعب من حديث أي هريرة بسند ضعیف. () رواه ابن أبي الدنياء والبيهقي في الشعب من طريقة موقوفاً على علي بن أبي طالب بإسناد منقطع بلفظ : وحرامها النار» ولم أجده مرفوعا. قاله العراقي في المغني (۳/٥٠۲: ٦۲۱). () سورة البقرة الآيتان: ٠٠٠ ٢٠۲. ]٤٤۲[ ٤ قنطرة النفس ‎ ] 7‏ وقال عليه السلام: «من طلب الدنيا حلالا/ استعفافاً عن المسألة وتعطفاً على جاره وسعياً على عياله جاء يوم القيامة كالقمر ليلة البدره". وذلك لما قصد بها هذه المقاصد المحمودة لله سبحانه . فصل: في آفات فضول الحلال اعلم أن فضول الحلال هي آفة العبادة وبلية الاجتهادء قال عليه السلام: «من أخذ من حلال الدنيا أكثر ما يكفيه أخذ حتفه وما يشعر". قال بعض العلماء: تأملت آفات الفضول فإذا هي عشر آفات هن أصول في هذا الشأن . الأول: أن في كثرة الأكل قسوة للقلب وذهاب نوره وروي عن النبي عليه السلام أنه قال: «لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب فإن القلب يموت كالزرع إذا كثر عليه الماء»”° وقد شبه بعض العلماء بأن المعدة كالقدر تحت القلب تغلي» والبخار يرتفع إليه وكثرة البخار تکدره وتسمجه. الثانية: أن في كثرة الأكل فتنة الأعضاء وانبعائها للفضول والفسادء وقد روي عن النبي يياه أنه قال: «إياكم والبطنة فإنها مفسدة للدين› مورثة للقسم» مكسلة عن العبادة»°. وقد صدق فإن الرجل إذا كان شبعاناً بطراً اشتهت عينه النظر إلى ما لا يعنيه» من الحرام والفضول›ء والأذن الاستماع إليهء واللسان التكلم به » والغرج الشهوة› والرجل المشى إليهء وإذ کان جائعاً كانت الأعضاء كلها ساكنة لا تطمح إلى شيء منها. وقال بعض العلماء : البطن عضو إن جاع هو شبع ساثر الأعضاءء وإِن شبع جاع سائر الأعضاء. وجملة الأمر أن أفعال الرجل وأقواله على حسب طعامه وشرابه إن أدخل الحرام [] خرج الحرام؛ وإن / أدخل الفضول خرجت الفضول كأن الطعام بدل الأفعال والأفعال تبدو مته . والثالثة: أن في كثرة الأكل قلة العلم والفهم؛ لأن البطنة تذهب الفطنةء ولقد صدق )۲( عن نحوه قال العراقي في المغني (/۲۲۹): رواه البزار من حديث أنس وفيه؛ هانىء بن المتوكل ضعفه ابن حبان. (۳) قال العراقي في المغني (۷۸/۳) لم أقف له على أصل. () أطراف الحديث عند: ابن حبان في المجروحين (۱۲۳/۱)› ابن القيسراني في تذكرة الموضوعات (۳٢) ابن حجر ني لسان الميزان (۳/ ۱۲۷۱)› المتقي الهندي في الكنز (۳۰۹٦). قنطرة النفس ٥Y‏ فإن الا يغير العقل وهذا أمر ظاهر علمه لمن اختبره. والرابعة: أن في كثرة الأكل قلة العبادةء وإذا كثر الأكل ثقل بدنهء وغلبته عيناء وفترت أعضاؤه فلا يجىء منه شيء وإن اجتهد. وقد ذكر عن يحيى عليه السلام أن إبليس بدا له وعليه معاليق. فال يحیى: , ما هذه؟ قال : اشهوات التي أصيد بها بني آدم. قا قال : ‎Fi‏ ‏بعدها بدا فقال إيليس لعنه الله : ال جرم أن ل لصي پمنما أحداً أبداً: فهذا فين لم بشي في عمره إلا ليلة واحدة فكيف بمن لم يجع في عمره ليلة ثم يطمع في العبادة؟ قال بعض العلماء : العبادة حرفه حانوتها الخلوة› وآلاتها المجاعة. والخامسة: أن في كثرة الأكل فقد حلاوة العبادة. وقد روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: ما شبعت منذ أسلمت لأجل حلاوة عبادة ربي ولا رويت منذ أسلمت اشتياقاً إلى لقاء ربي وهذه صفة المكاشفين . وكان رضي الله عنه مکاشفاً وإليه أشار البي يا بقوله: «ما فضلكم أبو بكر بفضل صلاة ولا صيام وإنما هو شيء وَقر في نفسه» وقال بعض السلف : أحلى ما تكون العبادة / إذا التزق ظهري ببطني . ]۷٤۲[ والسادسة: أن فيه خطر الوقوع في الشبهة والحرام؛ لأن الحلال لا يأتيك إلا قوتاً والحرام يأتيك جزفاً جزفاً. والسابعة: أن فيه شغل القلب والبدن بتحصيله أولأء وبتهيئته ثانيأ» ثم بأكله ثالثاء ثم بإفراغه والتخلص منه رابعاًء ثم بالسلامة منه خامساء من أن تبدو منه في البدن آفة أو آفات وعلل» وقد قال عليه السلام «أصل كل داء البردة». يعني الحمة. «وأصل كل دواء اللازم»"° يعني الحمية . ويقال: من رفع يده من الطعام وهو يشتهيه ولا يأكل إلا وهو يشتهیه. واستفرغ بدنه من البول قبل النوم لم يحتج إلى طبيب أبداً. ويقال: مكتوب على مائدة کسری: لیهنی طعام من () عن نحوه قال العراقي في المغني (۲4/۱): رواه الحكيم الترمذي في النوادر من قول أي یکر بن عبد الله المزني ولم أجده مرفوعاً. () أطراف الحديث عند: ابن عدي في الکامل (۳۱/۲٥٥)› (۹۸۱/۴)› ابن الجوزي في العلل المتناهية (/۱۷)) ابن حبان في المجروحين (۲/۱ ٠)» الذهبي في الميزان (١٤۱۳)ء ابن حجر في لسان الميزان (۳/٠۷١١۱)› العجلوني في كشف الخفا (١/١٤۱). ٢۲ قنطرة النفس أكله من حلهء وأفضل على ذوي الحاجة من فضله ما أكلته وأنت تشتهيه فقد أكلتهء وما أكلت وأنت لا تشتهيه فقد أكلك . ويقال: اجتمع أربعة من الأطباء عند هارون الرشيد أو غيره من الملوكء طبيب هندي ورومي وعراقي وسوداوي. فقال الملك: ليصف كل منكم الدواء الذي لا داء فيه. فقال الهندي: هو الإهليلج الأسود. وقال الرومي: هو حب الرشاد الأبيض. وقال العراقي: هو الماء الحار . وقال السوداوي : الإهليلج يعمن المعدة› وحب الرشاد يرفق المعدة› والماء الحار يرخي المعدة. فقالوا له: ما الدواء الذي لا داء فيه؟ قال: أن لا تضع يدك في الطعام إلا وأنت تشتهيه وترفع منه وأنت تشتهيه. فقالوا صدقت. وأيضاً فإن في كثرة الأكل مقت النفس وتكشر الوضوء وإن المسلمين يدورون في المساجد» والكثير الأكل يدور في المزابل . ]4۸[ وعن مالك بن دينار / أنه كان يقول مع زهده: يا هؤلاء لقد اختلفت إلى الخلاء حتى استحييت مع ما في هذا من طلب الدنیاء والطمع إلى الناس» وتضييع ميم الوقت بسبب الأكل ما لا الثامنة: من أمور الأخرة شدة سكرات الموت» وقد ورد فى الخبر أن شدة سكرات الموت على قدر لذات الدنياء فمن أكثر من هذا أكثر له من تلك . التاسعة: نقصان الثواب في الآأخرة وقال الله تعالى: َأ عَبْتُمْ طَياتِكُمُ في حَيَاتِكُمْ الا الآية ويروى أنه بقدر ما يأخذ العبد من لذات الانيا يتقص له من ن لذات الأخرة وقد روي أن لله تعالى عرض الدنيا على نينا محمد عليه السلا فقيل له: , ولا ينقص لك من آخرتك شيء خصه بذلك»› فدل أن لغيره ٠ التقصان إلا أن يتفضل الله عليه بذلك . ویروی آن سليمان عليه السلام كان يأكل الشعيرء ويطعم عياله دقيق القمحء ويطعم المساكين الحواري. وروي أن عمر رضي الله عنه عطش فدعى بماء فأعطاه رجل أدواة فيها ماء نبذ فیها ثمرات؛ فلما قريها عمر من فيه وجد الماء بارداً حلواًء فأمسك فقال: أوه. فقال الرجل: ماء آلوته حلاوة. فقال عمر: ذلك الذي منعنيء ويحك لولا الآأخرة لشاركناكم في () سورة الأحقاف الآية: ٢٠. قنطرة النفس ٧Y‏ والعاشرة: أن كثرة الأكل تنسي أهل الجوع في الدنيا حتى لا يتفضل عليهم مع ما يناله في الاخرة من الحبس والحساب والتوبيخ واللوم في ترك الأدب في أخذ الفضول وطلب الشهوةء والله أعلم. فهذه جملة العشر وفي واحدة منها كفاية لمن نظر واعتبر فعليك يها المجتهد بالاحتياط البالغ في القوة لثلا تقع في حرام أو شبهة فيلزمك العذاب؛ ثم الاقتتصار من الحلال على ما يكون عمدة على عبادة الله تعالى لئلا تقع / في شر وتبقی في [٤٤۲] الحساب . فصل فإن قيل: فما شرط المباح حتى يصير خيراً أو حسنة؟ قيل له: يحتاج في الأصل إلى شرطين . أحدهما: الحال. والثانى : القصد. فأما الحال: فهو أن يكون في حال عذر وضرورةء وإن لم يأخذ البلغة ينقطع بسبب ذلك عن فرض أو سنة أو نفل هو أفضل من ترك المباح فذلك حال العذر. وأما القصد: فهو أن يقصد بأكله التقوى على طاعة الله والاستعانة به على عبادته» ومعنى القصد أن يذكر بقلبه لولا ما فيه من التوصل إلى عبادة الله لما أخذ ذلك فإن كان في حال عذر لم يكن له هذا القصدء أو كان به هذا القصد ولم يكن في حال عذر فلا يصير ذلك الفعل من جملة الخيرات» ثم الاستقامة على حفظ ذلك الأدب يحتاج إلى بصيرة وقصد مجمل› بأنه لا يأخذ من الدنيا إلا للاستعانة بها على العبادة» حتى أنه إن سهى عن ذكر الحجة في بعض الأحوال أجزاه ذلك القصد المجمل عن تجديد ذكر الحجة. فإن قيل: فإن أخذ الحلال بشهوة فهل هذا معصية؟ أو يلزمه عذاب؟ وهل الأخذ بالعذر فرض أم لا؟ قيل له: إن ذلك فضيلة وخير وحسنة والأمر فيه أمر تأديبء ولیس في ترکه معصية ولا عذاب» وإنما عليه الحبس عن الجنة والحساب عليه مدةء بأن يُسأل العبد يوم القيامة عما ذا اكتسب؟ وفيما انفق؟ وماذا أراد بذلك؟ والحبس عن الجنة مقدار الحساب فى عرصة القيامة بين أهوالها ومخاوفها عطشاناً عرياناً وكفى بذلك بلية. فإن قيل: فالله تعالى قد أحل لنا هذا الحلال فاللوم والتعير في أخذه لماذا؟ / قيل له: لترك الأدب كمن أجلس على مائدة الملك فترك الأدب فإنه يعير بذلك [0٥۲] ۱۸ قنطرة النفس ويلام والأصل في هذا الباب أن الله تعالى خلق العبد لعبادته وهو عبد الله تعالى من كل وجه فحق العبد أن يعبد الله تعالى من كل وجه يمكنه ذلك ويجعل أفعاله كلها عبادة من أي وجه أمكنهء وإن لم يفعل ذلك واثر شهوته واشتغل عن عبادة ربه مع تمکنه من ذلك من غير عذر - والدار دار خدمة وعبادة لا دار تنعم وشهوة - فقد استحق الملوم بذلك والتعيير من سيد فتأمل هذا الأصل راشداً ولا حول ولا قوة إلا بالله . فصل واعلم أن الداعي إلى الأكل والشراب شيئثان: حاجة ماسة وشهوة باعثة . فالحاجة : تدعو إلى ما سد الجوعة وسكن العطش وهذا مندوب إليه عقلاً وشرعا لما فيه من حفظ النفس وحراسة الحواس» ولذلك ورد النهي عن الوصال في الصوم؛ لأن يضعف الجسد ويعجز عن العبادة. وأما الشهوة: فعلى نوعين : أحدهما: شهوة فى الإكثار على مقدار الكفاية . والثاني : شهوة في تناول الألوان الملذة . فأما التوع الأول : وهو شهوة الزيادة على قدر الحاجة فهو ممنوع في الشرع والعقل؛ للأن تناول ما زاد على الكفاية نهم وشره مضر كما كان قدر الكفاية مندوباً إليه في العقل والشرع وقال بعض العلماء: الرغب لؤم؛› والنهم شؤم. قال الشاعر: فكم من أكلة معت أخاها بلنة ساعة أكلات دهر فكم من طالب يسعیى لأمر وفيه هلاكه لو كان يدري ]1٥[ وروي عن النبي يَلاٍ آنه قال: «ما ملأ ابن / آدم وعاء شر من البطن حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبهء فإن لم يفعل فثلثاً للطعام؛ وثلثاً للشراب» وثلاً للريح»” ° . وأما النوع الثاني: وهو شهوة الأشياء الملذة وطلب الأنواع الشهيةء فمذاهب الناس في ذلك مختلفة فمنهم من يرى أن صرف الناس عنها أولى لیذل له قيادها حتى لا تطغى؛ لأن شهواتها غير متناهية فإن أعطاها ذلك صار الإنسان أسير شهوات لا تنقضى» ومن كان كذلك لا يرج له صلاح وينشد لابي الفتح البستي : ۱ )۱( عن نحوه قال العراقي ي المغني (۲/٤): رواه الترمذي وقال حسن؛ والنسائي› وابن ماجة من حدیث المقداد بن معد يكرب. قنطرة النفس ۱۹ يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته لتطلب الربح فيما فيه خسران أقبل على النفس واستكمل فضائلها فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان وروي أن أبا حازم كان يمر على الفاكهة ويشتهيها فيقول: موعدك الجنة. وقال آخرون: بل تمكين النفس من لذاتها أولى لما في ذلك من ارتياحها ونشاطها بنيل شهواتها فتخسر عنها لذة المقهور وبلادة المحصور فلا تقصر عن درك مأمولء ولا تكل عن استعانة في الأمور. وقال آخرون: بل توسط الأمرين أولى؛ لأن في إعطائها كل شهواتها سلاطةء والنفس السليطة معاندةء وفي منعها من جميع شهواتها بلادةء والنفس البليدة عاجزة وفي متعها عن البعض كف لها عن السلاطة وفي تمكينها من البعض حسم لها عن البلادةء وهذا لعمري أشبه المذاهب بالسداد؛ لأن التوسط في الأمور أحمد والله أعلم. ثم عليك أيّها الطالب بالأدب في الأكل وإلاً كنت حمالاً للطعمء مضيعاً للأيام› إذ علمنا يقينا أن العبادة لا يجىء منها شيء إذا امتلأت / المعدة وإن أكرهت النفس على ذلك فلا [۲١۲] تكون لتلك العبادة لذة ولا حلاوة ولذلك قيل : لا تطمع بحلاوة العبادة مع كثرة الأكل فأي نور في نفس بلا عبادة وفي عبادة بلا حلاوة . ولهذا المعنى روي عن إبراهيم بن أدهم أنه قال: صحبت أكثر رجال الله تعالى فکانوا يوصونني: إذا رجعت إلى أبناء الدنيا فعظهم بأربع: قل لهم من يكثر الأكل لا يجد لذة العبادة› ومن ينم كثيراً لايجد في عمره بركة» ومن يطلب رضی الناس فلا ینتظر رضی الرب تعالی» ومن يكثر الكلام بفضول وريبة فلا يخرج من الدنيا على دين الإسلام . وقال بعض العلماء: جماع الخير كله في هذه الخصال الأريعة وبها صارت الأبدال”° أبدالاً؛ إخماص البطونء والصمت» والاعتزال عن الخلقء وسهر الليل. وقال بعض الحكماء: جاهد نفسك بأنواع الرياضات» والرياضة على أربعة أوجه: القوت من الطعام› والغمض في المنام والحاجة من الكلام› وحمل الأذى من جميع الأنام. فيتولد من قلة الطعام موت الشهوات» من قلة المنام صفو الإراداتء ومن قلة الكلام السلامة من الأفاتء ومن احتمال الأذى البلوغ إلى الغايات . فصل فعليك أرشدك الله بمراعاة هذه الأعضاء الخمسة المشروحة في هذه الأبواب المتقدمة ای )۱( سبق أن تكلمت عن تعريف الأبدال . ‎A5‏ قنطرة النفس وهي : القلب›ء واللسان› والعين › والسمع› والبطن› فاحترس عليها غاية الإأحتراس› حتی لا توقعك في معصية وحرام وفضول وإسراف من حلالء فإذا حصلت صيانة هذه الأعضاء فمرجو أن تكفي شر سائر الأركان من اليدين والرجلين؛ لأنهما تبع لهذه الأعضاء / . ‎[ror]‏ / واحفظ اليدين من أن تضرب بهما أحداً ظلماًء أو تناول بهما مالا حراماًء أو تلمس ‏بهما ملموساً حراماًء أو تؤذي بهما أحد من الخلق أو تكتب بهما ما لا يحل النطق به؛ فإن القلم أحد اللسانين فاحفظ القلم مما يجب حفظ اللسان منه. ‏وأما الرجلان فاحفظهما عن المشي بهما إلى حرام أو تسعى بهما إلى باب سلطان ظالم بغير ضرورة؟ لان ذلك تواضع له وتکثیر لسواده» وقد قال عليه السلام : امن تواضع لغني ذهب ثلثا دينه». هذا في غني صالح فما ظنك بغني ظالم . ‏وعلى الجملة فإن حركاتك وسكناتك بأعضائك عمل من أعمالها فلا تحرك شيئاً منها في معصية الله تعالى أهلاً واستعملهما في طاعة الله . واعلم أن العبادة شطران. ‏أحدهما: شطر اكتساب الخيرات . ‏والشطر الثاني : ترك السيئات وهي التقوىء فشطر اجتناب المعاصى والسيئات على كل حال أسلم وأصلح وأشرف من شطر اكتساب الطاعات. ولذلك قال العابد الثاني ليونس عليه السلام: يا يونس من الناس من حببت إليهم الصلوات فلا يؤثرون عليها شيئاً وهي عمود العدة بالنيات لله تعالى والصدق والتضرع والابتهال؛ ومنهم من حبب إليهم الصوم فلا يؤثرون عليه شيثاء ومنهم من حببت إليهم الصدقة فلا يؤثرون عليها شيثاً . ‏يا يونس وأنا مفسر لك هذه الخصال فاجعل صومك الصمت عن كل سوءء واجعل صدقتك كف الأذى فإنك لا تتصدق بشيء أفضل منه ولا تصم بشيء أزکی منه فإٍذا جانب الاجتناب للمعاصي أولى بالرعاية والاجتهاد فيهء فإن حصل لك الشطران جميعاً واكتساب ‏[٢٢۲] الطاعات واجتناب المعاصي فقد استكمل أمرك؛ء /وحصل مرادك؛ ولقد سلمت وغنمت» فإن ‏لم تبلغ إلا إلى أحدهما فليكن ذلك جانب اجتناب المعاصي فتسلم إن لم تغنم» وإلا خسرت الشطرين جميعاء فما ينفعك فيام الليل وتعبه ثم يحبط بإرادة واحدةء وما ينفعك صيام نهارك وتفسده بكلمة واحدة. ‏() أطراف الحديث عند: العجلوني في كشف الخفا (۲/٤۲۳)›ء السيوطي في الدرر المتتثرة (١١٠)ء على القارىء في الأسرار المرفوعة (۳۳۹))؛ المغني في تذكرة الموضوعات (١۱۷). ‎ ‎ قنطرة النفس ٢٢ الخير كثير الشر والآأخر قليل الخير قليل الشر؟ فقال: لا أعدل بالسلامة شيثاً. ومثال ما قلناء حال المريض وذلك أن معالجة المرض صنفان: صتف هو الدواء وصنف هو الاحتماء إذا اجتمعا فكأنك بالمريض قد برىء وصح وإلاً فالاحتماء به أولى» إذ لا ينفع دواء مع ترك الاحتماء ولقد ينفع الاحتماء مع ترك الدواء› وفد قال عليه السلام : «أصل کل دواء الحميةا. والمعنى والله أعلم أنها تغني عن كل دواء وبالله التوفيق. فصل اعلم أن هذه القناطر الأربعة المتقدمة هي قناطر العوائق عن اللهء وعن سلوك طريق الأخرة وهي الدنياء والشيطان» والخلقء والتفس. أما الدنيا: فحق لك أن تحذرها وتزهد فيها؛ لأن الأمر فيها لا يخلو من ثلاثة أوجه: إن كنت من أهل البصائر فحسبك أن الدنيا عدوة لله تعالى وهو حبيبك ووليك». وأن الدنيا نقيضة عقلك والعقل قيمتك . وآما إن كنت من ذوي الهمم في عبادة الله تعالى والاجتهاد فيها فحسبك أن الدنيا بلغ من شؤمها ما يمنعك من إرادة العبادة فضلاً عن اكتسابها. وأما إن كنت من أهل الغفلةء لا بصيرة لك بالحقائقء ولا همة لك تبعث على اكتساب المكارمء فحسبك / أن الدنيا لا تبقى إما أن تفارقها أو تفارقك كما قال الحسن: إن [٥٥۲] بقيت لك الدنيا لم تبق لها. فاي فائدة إذاً في طلبهاء وإنفاق العمر العزيز عليها؟ ولقد أحسن القائل : هب الدنيا تساق إليك عفواً أليس مصير ذاك إلى زوال فإذا نظرت بعقلك وعلمت أن الدنيا لا بقاء لهاء وأن نفعها لا يفيىء بضرهاء وتبعاتها من كد البدن وشغل القلب في الدنياء والعذاب الأليم والحساب الطويل في الاخرةء زهدت في فضولها ولا تأخذ منها إلا ما لا بد لك منهء لتستعين به على عبادة ربك وتدع التلذذ والتنعم إلى الجنة دار النعيم في جوار رب العالمين . وأما الشيطان: فيكفيك منه ما قال الله لنبيه عليه السلام: وَل رَبٌ أَعُوْدُ ك مِنْ حَمَرَاتِ ٢Y‏ قنطرة النفس الشّيَاطِين»”. الآية فإذا كان الرسول عليه السلام مع معرفته بربه وعصمته من عدوه محتاجاً إلى أن يستعيذ من الشيطانء فكيف بك مع جهلك ونقصك وخبث الشيطان وتجرده لمعاداتك» فإذاً لا ينجيك منه إلا الاستعاذة بالله من مكائده والجد في طاعة الله ودوام ذكره. فإن فعلت ذلك وأظهرت عزيمة الرجال يئس منك الشيطان قال الله سبحانه: رنه ليس سُلْطَانٌ على الَِينَ ءامتوا”... الآية ولقد صدق أبو حازم حيث قال: ما الدنيا؟ وما إيليس؟ أما الدنيا: فما بقي فحلم وما مضى فأماني» وأما الشيطان: فوالله لقد أطيع فما نفع ولقد عصى فما ضر والله أعلم . ]٦٥[ وأما الخلق: فحسبك فيهم أنك لو خالطتهم ووافقتهم في أهوائهم / ألمت وأفسدت أمر آخرتكء وإن خالفتهم تعبت بأذاياتهم وجفواتهم» وكدرت عليك أمر دنياكء ثم لا تأمن أن يلجثوك إلى معاداتهم فتقع في شرهم ولأنهم مدحوك وعظموك أخاف عليك الفتنة والعجب› وإن دموك وحقروك أخاف عليك الحزن تارق والغضب لغير الله أخرى فكلا الأمرين آفة مهلكة. ثم اذكر حالك معهم بعد ما صرت في القبر ثلاثة أيام كيف يتركونك ويهجرونك وينسونك» فلا يكادون يذكرونك كأنك لم ترهم يوماً ولم يروك» فلا يبقى إلا الله سبحانه وصالح عملك. أفلا يكون من الغبن العظيم أن تضيع أيامك مع هؤلاء الخلق مم قلة الوفاء منهم؛ وقلة البقاء معهم وتترك خدمة الله تعالى الذي إليه مصيرك؛ وبه حولك وتوفيقك» ولا يبقى لك إلا هو أبد الأبدين› فعوّل عليه يا مسكين ي جمي حاجانك. واتكل عليه في جمیع أمورك؛ تجده أمامك› وعند جميع مهماتك» وبالله التوفيق وأما النفس : فحسبك منها ما تشاهده من حالاتها ورداءة إرادتها وسوء ٳختيارتها فهي في حال الشهوة بهيمةء وفي حال الغضب سبع وفي حال المصيبة تراها طفيلاء وفي حال النعمة تراها فرعوناًه وفي حال الجوع تراها مجنوناء وفي حال الشبم تراها مختالا» إن أشبعتها بطرت وإن جوعتها صاحت وجزعت» وهي كما قال الأول : فإياك أيها الرجل أن تغفل عنها فإنها كما قال خالقها العالم بها جل جلاله: إن الَْمسَ () سورة المؤمنون الآية: ۹۷. (۲) سورة النحل الآية: ۹۹. قنطرة النفس ‎۲Y۳‏ ‏لأَمَارَةِ بالسُوءه”". وكفى بهذا تنبيها/ لمن عقل ولقد صدق القائل وأحسن : ۷٥۲[ توق نفسك واحذر من غوائلها فالنفس أخبث من سبعين شيطاناً فتنبه رحمك الله لهذه الخذاعة الأمازة بالنؤ ووطن على مخالفتها قلبك بكل حال تصب وتسلم» ثم عليك بإلجامها بالتقوى لا حيلة لها سواه. وقد قال القائل : إني ابتليت بأربع يرمونتي بالنبل من قوس لهاتأثير ونسأل الله خير مسؤول أن يمدنا بحسن التوفيق وأن يعيننا على سواء الطريق ذانه الكافي لكل مهم وهو على کل شيء قدیر تمت قنطرة النفس بحمد الله وحسن عونه وتوفیقه بمنه وکر مه٩ () سورة يوسف الآية: ۳٥. )۲( تناثر مضمون هذه القنطرة في إحياء علوم الدين من الجزء الأول إلى الرآبع الأخير. القنطرة الثانية عشرة قنطرة العوارض وفيها أربعة أبواب : أحدها: باب الرزق وتطالب النفس به وكفايتها بالتوكل . والثاني: باب الأخطار التي تخطر على القلب من شيء يخافه الإنسان أو يرجوه أو يريدە أو یکره ولا يدري صلاحه في ذلك أو فساده وكفايتها بالتفويض . والباب الثالث: باب المصائب والشدائد وكفايتها بالصبر . والباب الرابع: القضاء من الله سبحانه بالخلق والأمر يرد عليه حال فحالاء والنفس تسارع إلى السخط وكفاية هذا الباب بالرضى عند نزول القضاء. فهذه الأربعة هي العوارض [] التي تعترض الإنسان فتشغله عن العبادةء فالواجب عليه أن يسد سبيلها لثلا تشغله /عن مقصوده من عبادة الله سبحانه . باب في الرزق اعلم يا أخي رحمك الله أن الله تبارك وتعالى قسم الأرزاق بين عباده على ما شاء من تدبيره» وأن القدر سيجري عليك بقسمك منه؛ ويوفيكه غير متزايد فيه؛ بحولك وقوتك» ولا منقص منه بضعفك وعجزك قال الله تعالى : تحر فَسَم ْم ممتهم في الحياة الدنيا»”". الآية. وقال تعالى: ِل مَقَالِيدُ المّموات والأزض يَسشْط اررق لِم يشا ردو .٠ وقال: وَل سط الله الرزْقَ ميادو لبوا في الأَرْضِ كن بن يدر تا بنا ... () سورة الزخرف الآية: ٢۳. )۲( سورة الشورۍ الآية: ۲ . )۳( سورة الشورى الاية: ۷ . قنطرة الموارض ‎Yo‏ ‏الآية. وقال النبي يَلأةٍ: «أن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقهاء واتقوا الله وأجملوا في الطلبء و يحملتكم تام ء الرزق على أن تطلبوا شيئاً من فضل الله بمعصيته › فإنه لن ينال ما عند الله إلا بطاعة اش وعنه عليه السلام أنه قال: «إن الجليل جل جلاله لما استوى على عرشه قال: عبادي أنتم خلقيء وأنا ریکمء أرزاقكم بيدي » فلا تتهموني ہما تکفلت لکم؛» فاطلبوا إِلي أرزاقكم› وارفعوا إلي حوائجكم» فقضاءها بيدي» انصفوا من أنفسكم أصب عليكم أرزاقكم؛ عبادي : فأضركم› إن باب الرزق مفتوح من فوق سبع سموات» موصل إلى العرش» لا يغلق ليلا ولا نهار أنزل الرزق على كل امرءٍ بقدر نيته وعطيته وصدقته ونفقتهء من أكثر أكثر له ومن أمسك مسك عنه). ويقال: إن الله تعالى خلق الأرزاق قبل الأجسام بألفي عام ثم بسطها بين السماء والأرض / ثم أمر الرياح ففرقتها إلى مشارق الأرض ومغاربهاء فروي عن النبي يِه أنه قال: «فمنكم من [۹٥۲] وقع رزقه في ألفي موضع ومنكم من وقع رزقه في خمسمائة موضع وغير ذلك». وقال عليه السلام: «لو فر أحدكم من رزقه لأدركه كما يدركه الموت» وعن ابي حازم آنه قال: وجدت الدنيا شيئين فشيء منها هو لي فلن أعجله قبل أجله ولو طلبته بقوة السموات والأرض» وشيء منها هو لغيري فذلك ما لم أنله فيما مضى ولا أرجوه فيما بقيء يمنع الذي لي من غيري كما يمنع الذي لغيري مني ففي أي هذين فني عمريء ووجدت ما أعطيت من الدينا شيئين فشيء يأتي أجله قبل أجلي وأغلب عليه وشيء ياتي أجلي قبل أجله فاموت وأخلفه لمن بعدي ففي أي هذين أعصي ربي وقد قال الله سبحانه: وما من دَابةٍ في الأَرْض إلا على الله رَرْفّها». قال : ت رای اني به لتوشی: رر عن شجر سی شرب بقل في الشجرة () أطراف الحديث عند: الشهاب في مسنده (۱۱٠١۲١۱۱)) البغوي في شرح السنة (٤۱/٢٤۳۰). () آأطراف الحديث عند: الطبراني في الصغير (۲۲/۱)ء المنذري في الترغيب والترهيب (۲/٦۲۳)ء العجلوني في كشف الخفا (١/۲11)؛ الهيثمي في مجمع الزوائد (٤/۷۲). )۳( سورة هود الاية: ٦. قتاطر الخيرات/ ج ۳/ م٥٠ ٢٢ قنطرة العوارض السلام : «يقول يا رب أنت خلقتني وسويت خلقتي وأعميت بصري وقد جعت فأطعمني». قال آنس: فما أتم النبي عليه السلام الكلام حتى جاءت جرادة إلى فم الطائر فأكلها ثم جعل يضرب بمنقارة على الشجرةء فقال النبي عليه السلام: «يا أنس أتدري ما يقول؟» قلت: الله ورسوله [١] أعلم. قال: «يقول الطائر: ومن يتوكل على الله /لا ينساه». وقال تعالى: وقي السَمَاءِ ررْفَكُمْ وَمَا ما تعَدُونَ»”. قيل: المطرء وقيل: مكتوب في السماء رزق فلان كذا وفلان كذا. وما تُوعَدُون». فيل : من خير وشر مکتوب في السماء. وقیل : وما توْعَدُونگه يعني الجنة . «فَوَرَتٌ السَّمَاِ والأَرْض زه لحَقٌ مل ما إَِكُمْ تْطِمُونگ”. ويروى أنه لما نزلت هذه الآية اشتمل قوم من أصحاب النبي يِل على سيوفهم فقالوا: يا رسول الله من هذا الذي ضمن الله له رزقه فلم يرض به حتى أقسم له بنفسه دلنا عليه . قال : «وما تصنعون به؟» قالوا: نضربه بسيوفنا. وعن الأصمعي أنه قال: خرجت ذات يوم من مسجد البصرة إذ طلع عَليّ أعرابي حافياً متقلداً بسيفه. فقال لي: من الرجل؟ قلت: من بني الأصمعي. قال: أنت الأصمعي؟ قلت: نعم. قال: من أين أقبلت؟ قلت: من موضع يتلى فيه كلام الله . قال: أولله كلام يتلوه الأدميون؟ قلت: نعم. قال: اتلي علي منه. فابتدأت بالذاريات حتى بلغت . ®وَفي السَّمَاءِ ررزْفَكُمُ وما تَوَعَدُونگ. فقال: يا أصمعي هذا کلام ربي. فقلت: أي والله. فقال: حسبك» فمال إلى ناقته فتحرها وقسّم لحمها وكسر سيفه وولى وهو يقول: «وَِي السّمَاءِ رِرَفَكُمْ وَمَا َوْعَدوْن» . . فقضى الله لي الحجح مع هارون الرشيد» فبينما أنا أطوف إِذ أنا بالأعرابي مصفر اللون فسلم علي فأجلسني› فقال : اتل علي ما کنت تتلوه؛ فعرفته حتی بلخت: «وَفي السّمَاءِ رزْفَكُمْ وَمَا تُوْعَدُونَ. .4 الآية. فصاح فقال: وجدنا ما وعدنا رتا حقاً يا أصمعي» هل غير هذا؟ فقلت: نعم : : «فَوَربٌ السّماءِ والأَرْض نه لحَق. .9 الاية. [] فصاح الأعرابي فقال: : من ذا الذي أغضب الجليل جل جلاله حتى / أقسم› وخرجت نفسه. وكان يقال: من لم يقنع برزقه عذب نفسه وآنشدوا: على آية أقتل اللشس هم وقد قسےم الله رزق الأمم وأقسم في سورة الذاريات على الرزق من ليس بالمتهم () سورة الذاريات الآية: ٢۲. (۲) سورة الذاريات الآية: ٢۲. (۳) سورة الذاريات الآية: ٢۲. () سورة الذاريات الآيتان: ٢۲ ۲۳. قنطرة العوارض ‎Y۷‏ ‏فمن كان في ظلمات ثلاث فلا بدللرزق يأتيهەثم الأكل ما كان أومايكون فقد جف عنه مدادالقلم فإذا كنت يا أخي تعرف ربك وتعرف عدله» فلا تتهمه في رزقك» فلا يحملنك الحرص وضيق النفس على أن تستبطىء رزقه وفضلهء فإنه لا يدعك حتى يأتيك بما قسم لك من حيث لا تعلم. وروي عن موسى عليه السلام أنه قال في مناجاته: إلهي إني جائع» فأوحى الله إليه : إني أعلم بذلك يا موسى. قال إلهي فأطعمني. قال: حتى أريد. قال تعالى : الله يط الرَزْقَ لِمَنْ ياء وَيَقْدرڳ”. فدلنا تعالى بهذه الاية على التوكل والثقةء فلتسكن يا أخى من اضطرابك› ودع حيلتك › وسل من بيده البسط أن يوسع عليك وأنشدوا: جرى قلم القضاء بما يكون فسيَّان التحرك والسكون جنون منك أن تسعى برزق ويرزق في غشاوته الجنين ويروى أن هرم بن حيان قال لأويس القرني"" رحمه الله: أين تأمرني أن أكون؟ فأومی إلى الشام. فقال هرم: كيف المعيشة بها؟ قال أويس: أف لهذه القلوب لقد خالطها الشك فما تنفعها الموعظةء فعليك يا مسكين بطلب الأرزاق ممن تكفل لك بهاء ولا تطلبها من طالب شلك لا ضمان عليه وإن وعدك أخلفك. وأنشدوا لعلي بن أبي طالب : / أتطلب رزق الله من عند غيره وتصبح من خوف العواقب آمنا أترضى بصراف وإن كان مشركاً ‏ ضميناً ولا ترضى بربك ضامنا كأنك لم تعرف بما في كتابه فأصبحت مدخول اليقين مباينا (۱) سورة الرعد الأية: ٢۲. (7) هو: هرم بن حبان العبدي ويقال: الآأزدي البصري أحد العابدين. . ولي بعض الحروب في آيام عم وعثمان ببلاد فارس» قال ابن سعد: كان عامل لعمر» وكان ثقة له فضل وعبادة؛ وقیل : سمي هرما لاأنه بقي حملا ستتین حتی طلعت أسنانه: قال أبو القاسم بن عساكر: قدم هرم دمشق في طلب آويس القرني . عن سعدويه عن يوسف ابن عطية حدثنا المعلي بن زياد قال: کان هرم يخرج في بعض الليل وينادي بأعلى صوته : عجبت من الجنة كيف نام طالها؟! وعجبت من النار كيف نام هاريها؟! ثم يقول: ®أفَامنَ أل القرى أن يَأيَهُمْ بسا يتا 4 [الأعراف: ۹۷]. قاله الذهبي في سير الأعلام (4/ 0)48 ما آويس القرني فهو: القدوة الزاهد سيد التابعين في زمانه أبو عمرو ویس بن عامر بن جزء بن مالك القرني المرادي اليماني » وقرن بطن من مراد وفد على عمر؛ وروي قليلاً عنه وعن علي. . . وأخبار أويس مستوعبة في تاريخ الحافظ ابن عساكر... قاله الذهبي في سير أعلام النبلاء (٤/۱۹). قلت: وترجمته جليلة طويلة مفيدة ذكرها الذهبي في سيره فراجعها إن أحببت (٤/۱۹: ۳۴). ]۲٦۲[ ‎۲Y۸‏ قنطرة العوارض فصل ‏فالمضمون: هو الغذاء وما به قوام البنية دون سائر الأسباب› فالضمان من الله تعالى لهذا التوع والتوكل يجب بإزائه بدليل العقل والشرع على ما سيأتي إن شاء الله بيانه؛ لأن الله تعالى كلفنا خدمته وطاعته بأبداننا فضمن ما يسد به خلل البنية لتقوم بما كلفنا. وروي عن بعض مشايخ الكرامية: أن ضمان أرزاق العباد واجب في حكمة الله تعالى لثلاثة أوجه: ‏أحدها: أنه السيد ونحن العبيد وعلى السيّد مؤنة كفاية العبيد كما أن على العبد خدمة السيّد. ‏الثاني: أنه إنما خلقهم محتاجين إلى الزرق ولم يجعل لهم سيبلا إلى طلبه إذ لا يدرون ما هو رزقهم؟ وين هو؟ ومتی هو لیطلبوه بعینه من مکانه في وقته ليصلوا اليه فوجب أن يكفيهم أمر ذلك ويوصلهم إليه. ‏والثالث: أنه كلفهم الخدمة وطلب الرزق شاغل عنها فوجب أن يكفيهم المؤنة ليتفرغوا للخدمةء والقائل بالوجوب على الله مخطىء إلا أن أراد أن ذلك واجب فى جوده وكرمه فتعم والله أعلم . ‏وأما الرزق المقسوم: فهو ما قسم الله سبحانه وكتبه في اللوح المحفوظ من جميع ما کله ويشريه ويلبسه كل واحد بمقدار مقدر ووقت مؤقت لا يزيد ولا ينقص ولا يتقدم ولا يتأخر ‏[۴] عما كتبه / بعينه . قال عليه السلام : «الرزق مقسوم مفروغ› منهء لیس تقوی تقی یزایدهء ولا ‏فجور فاجر يناقصه». ‏وأما الرزق المملوك: فهو ما يملكه الإنسان من أموال الدنيا على حسب ما قدر الله تعالى وقسّم له أن يملكهء وهو من رزق الله تعالى» قال الله تعالى: «ِوَأنِقُوا كا رَرَفَاكُم€”. أي ‏)۱( قلت: هذا تعليق طيب من المؤلف رحمنا الله وإياء يدل على صحة عقيدته وعدم شططه أو غلوه في بعض المسائل العقائدية . ‏)۲( نحو هذا الطرف عند: العجلوني في كشف الخفا (0۱۷/۱)› والقيسرانى فى تذكرة الموضوعات (1). ‏)۳( سور المنافقون الآية: ١٠ . ‎ ‎ قنطرة العوارض ۹ وأما الموعود: فهو ما وعد الله تعالى للمتقين من عبادة بشرط التقوى›ء حلالاً من غير كذ قال الله تعالى: لوَمَنْ يق الله يَجْعَل 0 مَخرّجاً وَيَررُفْهُ من حَيْث لا يتسب" . فهذ أقسام الرزق والتوكل» إنما يجب بإزاء المضمون منها فاعلم ذلك وبالله التوفيق . فصل: في التوكل قال الله تعالى : «وََوَكُل عَلَى الْحَي الذي لا يموت وَسَبَحٌ بحَمْدء وكَقّى به توب عباده حرا ې٩ . قيل: قرأ بعض العلماء بهذه الآية فقال: ما ينبغي لعبد بعد هذه الاية أن يلجأ إلى احد غير الله تعالی. وقال تعالی: لى له كوا ن كُنكُم م ینن" . وعن ابن عباس ین مه أحد حت رقع إلى سواد عظلیم فقلت؛ ما حلا؟ مله أتي؟ قیل: هذا موس وقومه» قا لي : انظر إلى الأفق» فإذا سواد يملا الأفق» فقيل لي : هذه أمتكء ويدخل الجنة مع هؤلاء سبعون ألفا بغير حساب تضصيء وجوههم إضاءة القمرا. ثم دخل ولم يبين لهم› فأفاض القوم فقالوا: نحن الذين منوا واتبعوا رسوله فتحن هم أو آولادنا؟ ولدوا على الإسلام فإنا ولدنا في الجاهلية . وفي حديث آخر: فقال بعض المسلمين : نحن قد ذقنا الشرك؛ وربما هؤلاء الأنبياء ومن يأتي من بعد من أبنائناء فبلغ ذلك النبي / َل فقال: «هم الذين لا يسترقون» ولا يتطيرون› ولا يکتوون. [٤٦۲] وعلى ربهم يتوكلون»""". وقال عليه السلام: الو توكلتم على الله حق توكله لرزقتم كما ترزق الطيور تغدو خماصاً وتروح بطانا"". من توكل عليه كفا كل مؤنة ورزقه من حيث لا يحتسب؛ ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله تعالى إليها. وعن إبراهيم بن أدهم أنه قال: سأل بعض الحكماء من أين تأكل؟ فقال: ليس هذا العلم عندي ولكن سل ربي من اين يطعمني؟ وقال رجل لاعرابي في نلاة: من أين معيشتك؟ فقال: لو كنا لا نعيش إلا من حيث نعلم لطال جوعنا. وکان یقال: متی رضیت بالله وکیل وجدت إلى کل خیر سبلا . وقال: دخل جماعة إلى بعض الزهاد فقالوا: نطلب الرزق؟ فقال: إن علمتم أين هو فاطلبوه. فقالوا: نسأله؟ فقال: إن علمتم أنه ينساكم فذكروه. وقالوا: ندخل البيت فنتوكل؟ () سورة الطلاق الآية: ٠٠ ۳. () سورة الفرقان الآية: ۸٥. (۳) سورة المائدة الآية: ۲۳. () عن نحو هذا الحديث العراقى في المغنى (٤/٠۳٥): رواه البخاري . () قال العراقي في المغني (4٤/۲۳۹): رواه الترمذي رالحاكم وصححاه من حديث عمر. ]٥٦۲[ ۳۰ قنطرة العوارض قال: التجربة شك. قالوا: فما الحيلة؟ قال: ترك الحيلة. وعن أويس القرنى” رحمه الله قال: لو عبدت الله تعالى بعبادة أهل السموات وأهل الأرض لما تقبل منك حتى تصدقه. قيل: فكيف نصدقه؟ قال: تكون آمناً بما تكفل الله به من ويروى أن قوماً من الأعراب زرعوا زرعاً فلما بلغ أصابته آفةء فاشتد ذلك عليهم حتى رىء فيهم فخرجت أعرابية منهم فقالت: ما لي أراكم جلوساً مغيرة ألوانكم ميتة قلوبكم» هو ربنا فليفعل بنا ما شاء ولیرزقنا من حیث شاء ثم قالت : لو أن في صخرة في البحر راسية صما ململمة ملسا نواحيها رزقنا لنفس براها الله لاتفلقت حتى تؤدي إليها كل مافيها / أو كان بين طباق السبع مسلكها لسهل الله في المرقى مراقيها حتى تنال الذي في اللوح خط لها فإن أتته وإلا سوف يأتيها وعن سعيد بن جبير أنه قال: التوكل جماع الإيمان . فصل اعلم أن التوكل محله القلب ومعناه مأخوذ من قولك: توكل فلان على فلان وهو أن يتخذه بمتزلة الوكيل القائم بأمره. وحقيقة التوكل هو سكون القلب في ضمان الرب» وهو أن تعلم أن الله تعالى لم يترك أمراً مهملا بل فرغ من الأشياء وقدرهاء وإن اختلف منها شيء في المعقول›ء أو تشوش في المحسوس› أو اضطراب في المعهود› فهو المدبر وشأنه سوق المقادير إلى المواقيت. فحقيقة التوكل يرجع إلى أصل واحد وهو أن تعلم أن الله تعالى ضامن لما تقوم به بنيتك» مقر لما يجري عليك فتوطن نفسك على ذلك» وتريح قلبك من التعلق إلى غيره. وأما حصن التوكل الباعث عليه فهو ذكر ضمان الله تعالىء وحصن حصن التوكل ذكر عظمة الله وکماله ونزاهته عن الخلف والسهو والعجز› فإذا واظب القلب على هذه المعاتي بعثته على التوكل على الله تعالى في أمر الرزق؛ لأنه تعالى قرن الرزق بالخلق فقال: لخَلَفَكُمْ رم4 (١) سبق أن ترجمت له ترجمة مختصرة قبل قليل. )۲( سور الروم الآية: 4 قنطرة العوارض ۲۳۱ فدلَ أن الرزق منه تعالى لا غيره كالخلق» ثم لم يكتف بالأدلة حتى وعد فقال: إن الله هُوَ الرَراقِ ذو القُوَة الْميينه”. ثم لم يكتف بالوعد حتى ضمن فقال: لوَما من داه في الأرض إلا عَلى الله رَرْقّها4. ثم لم يكتف بالضمان حتى أقسم فقال: فورب السّمَاءِ والأْض رَه لَحَقٌ مل گم تو4 : ثم لم يكتف بذلك کله حتی أمر بالتوکل فابلغ وأنذر فقال: وتوكل عَلى الْحَم الي لا يَمُوت”°. فمن لم يعباً بقوله ولم يكتف بوعده ولم يطمئن /لضمانه› ولم يقنع بقسمه› ثم لم يبال [٦٦۲] بأمره ووعده ووعيدهء فانظر ماذا يكون حاله؛ فهذه والله محنة عظيمة ومصيبة جسيمة وقد قال الحسن: لعن الله أقواماً أقسم لهم ربهم فلم يصدقوه. ويروى أن الملائكة قالت عند نزول هذه الآية: لفَوَرَبّ السّمَاءِ والأَْض الآية. هلكت بنو آدم أغضبوا ربهم حتى أقسم لهم على أرزاقهم والله أعلم وأحكم. مساألة اعلم أن الجاهل قد يظن أن معنى التوكل ترك الكسب بالبدن» والتدبير بالقلبء والسقوط على الأرض كالخرقة الملقاةء وكاللحم على الوضم وهذا ظن الجاهلء وذلك حرام في الشرع؛ لأنه قد أثنى على المتوكلين فكيف ينال مقام من مقامات الدين بارتكاب محرماته بل نكشف الغطاء عنه ونقول: إنما يظهر تأثير التوكل في حركة العبد وسعيه بعلمه إلى مقاصده» وذلك محصور في أربعة أوجه : أحدها: إما أن يكون لجلب نافع مفقود يحصله با لکسب» أو لحفظ موجود عنده يصونه بالإأدخار» أو لدفع ضر للا ينزل به: كاللص والسباع» أو لإزالة ضار قد نزل به: كالتداوي من المرض؛ء فمقصود حركات العبد لا تعد وهذه الوجوه. وإما جلب نافع: فيكون على ثلاثة أوجه : أحدها: مقطوع به مثل الأسباب التي ارتبطت المسببات بهاء بتقدير الله عز وجل ارتباطاً مطرداً لا يختلف مثل الطعام الموضوع بين يدي الجائع المحتاج إليهء فلا يمد اليد إليه فيقول : () سورة الذاريات الاية: ۸٥. )۲( سورة هود الآية: ٦. () سورة الذاريات الآية: ۲۳. (8) سورة الفرقان الآية: ۸٥. ‎Y۳‏ قنطرة العوارض أنا متوكل. وشرط التوكل ترك السعي ومد اليد سعي وحركةء وكذلك مضغه بالأسنان فهذا جنون» وليس من التوكل في شيء فإنه إن انتظر أن يخلق الله فيه شبعا دون أكل الخبزء ودون 1 أن يتحرك إليهء أو انتظر أن يسخر /له ملكاً يمضغ له فقد جهل سنة الله في البلاد والعبات› ‏وكان بمنزلة من طمع في الزرع بغير بذر ولا حرث» وطمع في الولد بغير جماع زوجة وآمٹال هذا مما يكثر فليس التوكل في هذا المقام بالعمل بل بالحال والعلم . ‏وأما العلم فهو أن يعلم أن الله خالق الطعام واليد وأنه الذي يطعمه ويسقيه. وأما الحال فيكون سكونه واعتماده على فضل الله تعالى لا على اليد والطعام إذ تجف اليد ويسلب الطعام في الحال» فإذا كان هكذا علمه وحاله فليمد اليد إليه فإنه متوكل . ‏والوجه الثاني : الأسباب التي ليست متعينة لكن الغالب أن المسبب لا يحصل دونها كالذي يسافر في البادية بغیر زاد فهذا متوکل بشرطین . ‏أحدهما: أن يكون قد راض نفسه على الصبر على الطعام أسبوعاً أو ما قاربه . ‏والثاني : أن يكون بحیث يتقوت بالحشیش و الأشياء الخسيسة . فبین الوجهين فری؛ آنه في هذا الوجه يحتمل أن يجد طعاماً أو ينتهي إلى محلة أو قريةء والوجه الأول أن يتحرك ‏وقد روي أن زاهداً أقام في جبل أسبوعاً وقال لا أسأل أحد فأوحى الله إليه فوعزتي وجلالي لا أرزقك حتى تدخل الأمصار ففعل فأتاء الناس بالطعام فأوحى الله إليه أردت أن ` تذهب حكمتي بزهدك أما علمت أني أرزق عبدي على أيدي عبادي أحب إِلي أن أرزقه بيد قدرتي . ‏ولذلك قال بعض العلماء: لو انحاز إِليّ جبل لا ماء فيه ولا حشيش ولا يطرقه إنسان وجلس فيه متوكلاً لكان آثماً مساعياً في إهلاك نفسه. فلما كان الأمر على ما وصفناء كان ‏[ التباعد عن الأسباب كلها مراغمة للحكمةء فالأول / متوكل بالحال والعلم» والثاني متوكل ‏بالحال والعلم والشرط إذ يمكن أن يؤخذ الزاد من صاحبه فيموت جوعاً والله أعلم. ‏الوجه الثالث: القاعد في مسجد قرية تاركاً للكسب فهذا متوکل ولكنه أضعف من الأول؛ لأنه بالقعود في المصر متعرض لأسباب الرزق ولكن هذا لا:يبطل توكله إذا كان نظره إلى مسخر سكان البلد لا إلى الساكن في البلد والله أعلم . ‎ قنطرة العوارض ۳۳ يشتغل بغير الله عز وجل فقالت له نفسه: يا هذا أسكنت إلى هذا المخلوق ونسيت رازق المخلوقين والله ليرزقنك على يد غيرهء ما هذه الغفلة وما هذا السكون لغير الله تعالى» فبينما هو يعاتب نفسه فإذا هو بالرجل قد أتاه بالقرصتين فردهما عليه وانتهره ويقي العباد ثلاثة أيام لمن يفتح عليه بقوت» فشكى ذلك إلى الله تعالی فرأی في منامه كأنه واقف بين يدي الله فقال له: عبدي لم رددت عبدي بما أرسلته به إليك. فقال: يا رب ہما قام في نفسي من السکون إلى غيرك. فقال: عبدي من أرسله إليك؟ قال: أنت يا رب. قال: فأنت ممن تأخذه؟ قال: منك يا رب. قال: فخذ لا تعد. فنام الرجل الذي يأتيه بالقرصتين فرأى كأنه واقف بين يدي الله تعالى» فقال له: لم قطعت عن عبدي القرصتين؟ فقال: يا رب ردهما علي وانتهرني. قال : لمن كنت تعطي؟ قال: لك يا رب. قال: فمر على عادتك وثوابك الجنة . الوجه الرابع: أن يكتسب على الوجه المباح في الشرع يرى كسبه وبضاعته بالإضافة إلى قدرة الله تعالى كما يرى القلم في يد الكاتب» فلا يكون نظره إلى القلم بل إلى قلب الملك الكاتب بماذا يتحرك / وإلى ماذا يميل فإذا كان هكذا فهو ببدنه مکتسب» وبقلبه عنه منقطع [۹٦۲] فحال هذا أشرف من حال القاعد في بيته إذا روعيت فيه الشروط وانضاف إليه الحال والمعرفة كما تقدم . | وقد قال بعض علماء السلف: التوكل بالقلب والاكتساب بالبدن» فإذا اكتسبت ببدنك› واتكلت على الله بقلبك فأنت متوكلء وإن تركت العمل ببدنك واشتغل قلبك بالخلق فلست بمتوكل وسيأتي شرح ذلك إن شاء الله في باب القدر. وأما حفظ الموجود الذي في أيدي الإنسان بالصيانة والإدخار: فإنه إن استوثق بما في يده وظن أنه لا يزول ولا يفارقه فهذا اټکال على غير الله . وأما إن اتكل على هذا وأيقن أنه من عند الله وهو قادر على إزالته وذهابه ولم يمنم حقاً من حقوقه فهذا اتکال على الله . ويقال: من ضعف اليقين الإستيثاق بما في يده دون ما في يد الله . وقيل أيضاً: الثقة بالموجود سوء ظن بالمعبود والله أعلم. وآما دفع ضار لم ينزل به من لص أو سبع أو غير ذلك من جميع المضار من الحر والبرد وغيرهما: فإن ذلك أمر مأمور به في الشرع قال الله تعالى : لخدو حذْرَكُم. ...4 الاية. emen () سورة النساى الآية: ١۷. ٤۳ قنطرة العوارض وقد روي : أن النبي ي ظاهر بين ذرعين› واتخذ خندقاً حول المدينة ليحترس به من العدوء وأقام الرماة يوم أحد ليحفظوه من خالد بن الوليدء وكان يلبس لامة الحرب» وقد قال تعالى : «وَلياحُدوا حذْرَهُمْ وَأَسَلِحََهمْ. . .6 الأية. وأما إزالة ضار قد نزل به: كالتداوي من المرض» فذلك مباح في الشرع أيضاً فقد روي [٠] أن النبي ي أمر بالمداوات وقال: «إن الذي أنزل الداء / أنزل الدواء»"° . ويقال أنه عليه السلام شرب السناء بالتمر» واستعاط بالسمسم. وقال: «عليكم” بالحبة السوداء فإنها شفاء من كل داء إلا السام» يعني الموت. ويروى أن موسى عليه السلام قال: ممن الداء؟ قال: مني. قال: فممن الدواء؟ قال: ملي . قال: فما ينفع الأطباء؟ قال: يطيبون نفوس عبادي . فهذه الأخبار تدل على إباحة التداوي وإزالة المضار إذا كان نظر الإنسان إلى رب الدواء يتوقع الشفاء والفْرَجٌ من عنده لا إلى الدواء في نفسه أنه ينفع العلاج به أو يضر تركه والله أعلم . فإن قيل: أليس قد روي أن النبي يِل قال: «من استرقی واکتوی فقد بریء من التوكل» ٠ قلنا: أليس قد ظاهر بين ذرعين وشرب الدواء وسائر ما ذكرناه آنفاً؟ فن قيل: فما المخرج؟ قيل قال بعض العلماء: من استرقى أو اكتوى متوكلاً على الرقية والكي وأن البرء من فيلهما خاصة فهذا يخرجه من التوكل ويلحقه برتبة الكفر إذا كان يضيف الحوادث إلى غير الله . وأما من آمن بمسبب الأسبابء وخالق الأدويةء وتعاطى المداوات بها على ما جرت عادة الله تعالى في خلقه غير معتمد على شيء من تلك الأسباب بل هو واثق القلب أن ما حصل من ذلك فبتیسیره وما تعسّر فبتقدیره فهذا متوكل على الله بشرط أن يسلك في جميع (١) سورة النساى الآية: ١١٠. (۲) نحو هذا الطرف عند: أحمد في المسند (١/٤٤٤))› الحاكم في المستدرك (٤/۱۹۷)› البيهقي في الستن الکبری (۹/٤٢٤۳)› الطبراني في الكبير (۸/۱٤۱)›؛ ابن آي شيية في المصنف (۷/٠٦۳) والزيلعي في نصب الراية (٤/ ۲۸۳). (۳) طرفه عند أحمد في المسند (۲/ ١٠٥)› (/۱۳۸). (٤) طرف الحديث عند: الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (۹/ ۳۸۹). قنطرة العوارضص ‎۳o‏ ‏الباب الثاني باب الأخطار التي تخطر على القلب من شيء يخافه الإنسان أو يرجوه أو يريده أو يكرههء ولا يدري فساده فى ذلك أو صلاحه» فإن عواقب الأمور مبهمة فيشتغل قلبه بذلك› فإنه ريما يقع في فساد أو مهلكة› وتلك الأخطار في الجملة على وجهين : أحدهما: خطر الشك بأنه يكون أو لا يكون» أو أنك تصل إليه أو لا تصل إليهء وهذا يحتاج إلى الاستنناء أو يقع في باب النية والأمل» قال الله تعالى: ولا تقول لِشَيْءِ إنّي قال ذلك عدا * إلا أن يَشَاءَ اللي . وأصل الاستئناء رد المشيئة إلى الله تعالىء مثل قولك: إن شاء الله وإن أراد الف أو إن قدر الل أو إن كان ذلك في علم اللهء أو إن كان ذلك في اللوح المحفوظء وترك الاستثناء ذنب من الذنوب» وذلك إن قال: أنا فاعل هذا غداً. وأما إن قال: أنا فاعل بعد غداً وجميع الأوقات المستقبلية غير غد ففيه قولانء والذي ينبفي للإنسان أن يعتمد في ذلك على الله ويستخيره قال الله تعالى: ربا انا ِن لدُنْك رَحْمَةً وتء لا من مر رَشداٌ 4٩ . وعن جابر قال: كان النبي ي يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن: «إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين ثم يقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك› واستقدرك بقدرتكء وأسألك من فضلك العظيم› فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم›ء وأنت علام الغيوب» اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله - فاقدره ليء وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعافية أمري ‏ أو قال: في عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني »٠ وأصرفني عله » وقذر لي الخیر حیث کان وارضنی به ویسمی حاجته». وعنه عليه السلام أنه قال: «من سعادة ابن آدم استخارته الله . () سورة الكهف: الأيتان: ٢۲ ٢۲. () سورة الكهف» الأية: ١٠. )۳( قال العراقي في المغني ١ حديث صلاة الاستخارة -رواه- البخاري من حديث جابر قال أحمد حدیث منکر. ٦۳ قنطرة العوارض ]۷۲[ والوجه الثاني: / خطر الفساد بأن لا تستيقن فيه الصلاح لنفسك وهو الذي يحتاج فيه [v۴] إلى التفويض . ثم اختلفت عبارة العلماء في الخطر› فقال بعضهم: الخطر في الفعل هو أن تكون دونه نجاة ويمكن أن يجامعه ذنب» فأما الإيمان وإتباع السنة والاستقامة على ذلك فلا خطر فيها إذ لا تمكن دونهء الإيمان نجاة والاستقامة لا يجامعها ذنب فإذا تصح إرادة اللإيمان والاستقامة بالحكم. وقال آخرون: الخطر في الفعل الأولى هو ما يمكن أن يتعرض فيه ما يكون الاشتغال بالعوارض أولى من الإقدام على ذلك الفعلء وذلك يقع في: المباحات» والستن› والفرائض . آلا ترى أن من يضيق عليه وقت الصلاة وقصد أداءها فقصد حريق أو غريق يمكن إنقاذي فالاشتغال بإنقاذ النفس من الحريق والغريق أولى من الإقبال على صلاته فلا تصح إِذاً إرادة المباحات والسنن وكثير من الفرائض بالحكم والله أعلم. فصل فالواجب على العبد أن يستكفي عارض الأخطار بتفويض الأمر كله إلى الله تعالى قال الله سبحانه حكاية عن مؤمن آل فرعون: «َوَأفَوْضُ أمري ِي الله الآية. ثم قال جل وعلا: «فَوَقَاهُ الله سَيتَات ما مَكُروا. . . . € الآية. وقال عليه السلام لابن مسعود: «ليقل همك» ما قدر أتاك وما لم يقدر لا يأتيك». وقوله: «ليقل همك». أمر له بالتفويض . وينشد: ما قد قضی سیکون فاصطبري له ولك الأمان من الذي لم يقدر كي تعلمي أن المقدر كائن لا بد منه صبرت أو لم تصبري فعليك بتفويض الأمور كلها إلى الله تعالى وذلك لأمرين : أحدهما: /للطمأنينة في القلب في تلك الحالة فإن الأمور إذا كانت خطرة مبهمة العواقب لا يدري صلاحها من فسادها فمن لم يطمثن قلبه بتفويض الأمر إلى مالكه فإنه يبقى () سورة غافر الأية: ٤٤ . )۲( سورة غافر الاية: ٥٤ . قنطرة العوارض ۳۷ مضطرب البال مختل الحال فإذا فوض الأمر إلى الله تعالى اطمأن قلبه وأمن من الخطر وارتاحء وقد قال بعض السلف: دع التدبير إلى من خلقك تسترح. ويروى أن الله سبحانه أوحى إلى داود عليه السلام: ترید وأرید ولا یکون إلا ما آریدء فإن سلمت لما أريد كفيتك ما تريد» وإن لم تسلم لما أريد أتعبتك فيما تريد» ثم لا يكون إلا ما أريد. وينشد: يريد العبد أن يؤتى مناه ويأبيى الله إل ما أراد يقول العبد فائدتي ومالي وتقوى الله أفضل مااستفاد والثاني من الأمرين: حصول الصلاح والخير في الاستقبال؛ وذلك لأن الأمور بالعواقب مبهمة» فكم من شر في صورة خير وكم من ضر في صورة نفع وكم من سم في هيئة شهدء وأنت الجاهل بالعواقب والأسرار فإذا أردت الأمور قطعاً وأخذت فيها باختيارك متحكماً فما أسرع ما تقع في هلاك وآنت لا تشعر. ولقد حكى أن بعض العباد كان يسأل الله أن يريه إبليس اللعين› فقيل له: سل الله العافيةء فأبى إل ذلك فأظهره الله تعالى» فلما رآ العابد قصده بالضرب» فقال له إبليس: لولا أنك تعيش مائة سنة لأهلكتك وعاقبتك» فاغتر بقوله وقال في نفسه: إن عمري بعيداً أفعل ما أريد ثم أتوب» فوقع في الفسق فترك العبادة فهلك . ۱ ففي هذا ما ينهيك عن ترك التحكم في إرادتك واللجاج في مطلويك. وأما إذا فوضت الأمر إليه تعالى وسألته أن يختار لك ما هو صلاحك لم تلق إلا السداد والخير / إن شاء الله تعالى . ٤[ ثم إذا استخرت ربك وفوضت إليه أمرك فلا تتهمه فيما اختار لك وإن كان مكروهاً عندك» فرب خير في صورة شر» ومحبوب في صورة مكروه» وقد قال تعالى: «وَعَسَى أن رهوا َا عل اله ف خير كير 4٠ . وفي قصة الخضر مع موسى عليه السلام في سورة الكهف ما يدلك على ما ذكرناه: من خرق الخضر سفينة المساكين» وقتل الغلام» وتسوية الجدار» وإنكار موسى عليه السلام ذلك عليه بظاهر الأمر حتى فسّر ذلك الخضر عليه السلامء قال الله تعالى حكاية عن العبد __—_- () سورة البقرق الأية: ٢۲۱. ‎Y۳۸‏ قنطرة العوارض الصالح: «وَأَوضُ شري إلى الله . .”° إلى آخر الآية. ‏أما ترى كيف أعقبه ذلك من الأسواء والنصرة على الأعداء والله أعلم . ‏فصل ‏فإن قيل بين لنا موضع التفويض» ومعناه» وحده» وضده قل له : ‏أما موضعه: فاعلم أن المراد ثلاثة: مراد يعلم يقيناً أنه فساد وشرك النار والعذاب» وفي الأفعال كالكفر والمعاصي فلا سبيل إلى إرادة ذلك . ‏الثاني: مراد يعلم قطعاً أنه صلاح كالجنة والإيمان والطاعة فلك إرادتها بالحكم لا موضع للتفويض فيه إذ لا خطر فيه ولا شك لك أنه صلاح وخير. ‏الثالث: مراد لا يعلم يقيناً أنه صلاح لك أو فساد وذلك نحو: النوافل والمباحات فهذا موضع التفويض فليس لك أن تريدها قطعاً بل باستئناء وشرط الخير والصلاح فإن قيدت إرادتك بالاستثناء فهو تفويض» وإن أردت ذلك بغير استثناء فهو طمع مذموم منهى عنهء فموضع الاستثناء إذا كل مراد فيه الخطر وهو أن لا تستيقن صلاحك فيه . ‎[vo‏ وأما معنى التفويض : فقد اختلفت فيه / عبارات العلماء فقال بعضهم : معناه ترك اختيار ‏ما فيه الخطر إلى اختيار المدبر العالم بمصلحة الخلق . وقال آخرون : هو ترك الطمع والطمع هو إرادة الشيء المخاطر بالحكم . وقيل التفويض هو إرادة أن يحفظ الله عليك مصالحك فيما لا تأمن فيه الخطر . وآما ضد التفويض على هذا المعنى : فهو عندهم الطمع ٠ والطمع عندهم في الجملة يجري على وجهین : أحدهما: في معنى الرجاء ترید شیثاً لا خطر فيه أو فيه خطر فتریده بالاستثناء وذلك . . ۴ مو 5 . 2 ‎J o o‏ ِ‫ ممدوح قال الله تعالى: «اطمَعْ أن يَْفِرَ لي حيتي" « ًا نَطْمَمٍ أن يَْفِرَ لتا رَبت خحَطان 4 . والثاني : إرادة الشيء بمخاطرة بالحكم› قال: وهذه الإرادة تقابل بالتفويض والله أعلم . (١) سورة غافر الآية: ٤4 . ‏(۲) سورة الشعراى الآية: ۸۲. (۳) سورة الشعراى الآية: ١0. ‎ ‎ قنطرة العوارض ۳۹ وينشد : أبى الله إلا ما أراد وقدرا وإن بيت الإنسان رأياً ودبرا يريد الفتى قصدا بعزم ونية فتصرفه الأقدارعته وما درا فكم مركب في البحر لبلدة فدارت به الأرياح دورا إلى أخرى وكم آخذ نهج اليمين بعزمه فقادته إنفاذ المقادير لليسرا ففوض إلى الرحمن قصدك كله والق إليه في عزائمك العرا الباب الثالث قال الله تعالى : 7 بشي ِن من أَلْحَوْف جوع . .. إلى قوله: ® ِوَأُولكَ هُمْ الْمُنَدُونَ»”. اعلم أن الله تعالى أخبر المسلمين في هذه الآية أنه سييتليهم بأنواع البلايا فأمرهم بالصبر لأن الصبر هلاك كل فضيلة وبه ينال كل خير ومكرمة. قال الله تعالى : #وَتَمَت كمه رَبك الحستى عَلى بني إِسْرَائيل بِمَا صَبَرُوا». ويقال: إن الله سبحانه ذكر الصبر في كتابه في نيف وسبعین موضعاً وأضاف أكثر الخيرات والدرجات إلى الصبر فقال تعالى : نَم وى ألصَّايرُون أَجْرَهُم بِقَيْر جساب4”. وقال تعالى: «وَجََلتا مهم أَمَة يِمَةٌ يَهُدُونَ بأمرنَا لما م صَبَرُوأ» فقال: ويز وَمَا صَبْوْك إلا الله وبر وا إن الله م ألصابره . فمن أمارات حسن التوفيق وعلامة السعادة الصبر في الملمات والرفق في الأمور وقد جمع الله للصابرين أمور لم يجمعها لغيرهم فقال: «أََلَيِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوات من رَبَهِمْ وَرَحْمَة وَأوَليِكَ هُمْ اَلْمَُْدُو ً4 () سورة البقرق الآية: ١٥٠. (۲) سورة الأعراف» الآية: ١۱۳ . () سورة الزمر الآية: ١٠ (8) سورة السجدة الآية: ٢٤۲. () سورة التحل الآية: ١١٠. () سورة الأنفال الآية: 86 . (۷) سورة البقرق الآية: ١١٠ . قنطرة العوارض ٤۲ وکان عمر رضي لله عنه يقول: نعم العدلان ونعمت العلاوة للصابرين . يعني بالعدلين الصلاة والرحمةء وبالرحمة الهدى» والعلاوة ما يحمل فوق العدلين على ظهر البعير . وفى الحديث عن رسول الله ي أنه قال: «ما من مصيبة وإن عظمت إلا والصبر خير منها» . وسئل عليه السلام عن الإيمان؟ فقال: «الصبر والسماح» . وفسر ذلك بعض العلماء فقال: الصبر لله على طاعته» والسماح لله بفرائضه. وقال عليه السلام: «الصبر كتز من كنوز الجنة. وقال عليه السلام: «أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس»" ٠ وقال عليه السلام: «الصبر نصف الإيمانء*". وقال عليه السلام: «أقل ما أوتيتم اليقين وعزيمة الصبر؛ ومن أعطي حظه منهما لم يبال ما فاته من قيام الليل وصيام النهارء ولان تصبروا على ما أنتم عليه أحب إلي من أن يوافيني کل امریء منکم بما عمل جمیعکم؛ ولکني أخاف أن تفتح عليكم الدنياء فينكر بعضكم بعضاء وينكركم أهل السماء عند ذلك فمن صبر [1۷] واحتسب / ظفر بكمال آية» ثم قرأً: «8مَا عنْدكم نفد وَمَا عند الله باق . . .4 الاية. وقال عليه السلام لابن عباس: «اعمل على الرضى واليقين وإلاً ففي الصبر على ما تكره خير کثیرا. وقال عيسى عليه السلام: إنكم لا تدركون ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون» وقال عليه السلام: «لو صبر رجلا لكان كريماء والله يحب الصابرين» . وعن علي بن أبي طالب أنه قال: بني الإسلام على أربع دعائم؛ اليقينء والصبرء والجهاد› والعدل. (۱) أطراف الحديث عند: أحمد في المسند (٤/٥۳۸)؛ وابن أبي شيبة (۳۳/۱۱)؛ الربيع بن حبيب في المسند (1/۳)؛ ابن حجر في المطالب (۲۲/ ۳). (۲) قال العراقي في المغني (4/١1) غريب لم أجده. (۳) لا أصل له مرفوعاً وإنما هو من قول عمر بن عبد العزيز هكذا رواه ابن أبي الدنيا في كتاب محاسبة النفس» قاله العراقي في المغني (11/4). )٤( رواه أبو نعيم والخطيب من حديث ابن مسعود. قاله العراقي في المصدر السابق. (٥) سورة النحل؛ الاية: ۹7٠ (١) قال العراقي في المغني (٤/٠1): لم أجده هكذا بطوله. )۷( رواه الطبراني في الكبير من حديث عائشة وفيه صبيح بن دينار ضعفه العقيلي . قاله العراقي في المغني (٤/١). قنطرة العوارض ٢٢٤۲ وقال أيضاً: الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد؛ ولا جسد لمن لا رأس له إيمان لمن لا صبر له . وعن أبي الدرداء قال: ذروة الإيمان الصبر للحكم والرضى بالقدر. وعن النبي يلأ أنه قال : «الصبر ستر من الكروب وعون على الخطوب). وقال علي بن أبي طالب : الصبر مطية لا تكبو والقناعة سيف لا ينبو. وقال بعض العلماء : لم أسمع بأعجب من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو أن الصبر والشكر بعيران ما باليت أيهما ركبتء وعن عبد الله بن عباس أنه قال: أفضل العدة الصبر على الشدة . وقيل في منثور الحكم: من أحب البقاء فليعد للمصائب قلباً صبوراً. وينشد لعبيد الله الأبرص: اصبر النفس عند كل ملم إن في الصبر حيلة المحتال لاتضيقرن بالأمورفقد يكشف غماءها بغير احتيال وقال بعض البلغاء: إن لكل شيء ثمرة وثمرة الصبر الظغر. وروي أن ابن المقفم قال في كتاب التميمة الصبر صبران فاللغام أصبر أجساماً والكرام أصبر نفوساًء وليس الصبر الممدوح صاحبه أن يكون الرجل قوي الجسد على الكد والعمل› لان هذا من صفة / الحمير› ولکن أن يکون للنفمس غلوباًء وللأمور محتملاً ولجأشه عند [۲۷۸] الفضب مرتبطاً وبالله التوفيق . بيان الأسامي التي تتخذ للصبر: اعلم أن الصبر ضربان: ضرب بدني: كتحمل المشاق والثبات عليها من أعمال الطاعة وغيرها أو بالاحتمال كالصبر على الضرب الشديد والمرض وغيرهما وقد يكون محموداً إذا واقق الشرع. والضرب الثاني : الصبر النفسي وهو ضبط النفس عن مشتهيات الطبع ومقتضيات الهوى وهذا هو الصبر التام المحمود؛ ثم هذا الضرب إن كان صبراً عن شهوة البطن والفغرج سمي عفة؛ وإن كان احتمال مكروه فإن أساميه عند الناس مختلفة كاختلاف المكروه الذي عليه الصبر فن كان في مصيبة اقتصر على اسم الصبر وتضاده حالة تسمى الجزع والهلعء وهو إطلاق دواعي الهوی في رفع الصوت وضرب الخدود وش الجيوب وغيرهاء وإِن کان في قناطر الخيرات/ ج ۳/م٦٠ [۲۷۹] ٢٢۲ قنطرة العوارض احتمال الغنى سمي ضبط النفس وتضادده حالة تسمى البطرء وإن كان في حرب ومقاتلة سمي شجاعة ويضادده الجبنء وإن كان في كظم الغيظ سمي حلماً ويضادده التذمرء وإن كان في نائية من نوائب الزمان مضجرة سمي سعة الصدر ويضادده الضجر والتبرم وضيق الصدرء وإن كان في إخفاء الكلام سمي كتمان السر وسمي صاحبه كتوماء وإن كان عن فضول العيش سمي زهداً ويضادده الحرص» وإن كان صبراً على قدر يسير من الحظوظ سمي قناعة ويضادده الشره» فأكثر أخلاق الإيمان داخل في الصبر. فلذلك لما سئل النبي عليه السلام مرة عن الإيمان فقال: «هو الصبر. لأن أكثر أعماله وأعزها كما قال: «الحج عرفة». وقد جمع الله / أقسام ذلك وسمى الكل صبراًفقال تعالى : «وَألصَابِريْنَ في أَلبَْاء. أي في المصيية. و ي4 . أي الفقرا. و نالبس" . أي في القتال والحرب. وليك الَذِينَ صَدَتُوا. ...6 الآية. فإذاً هذه ‎WW‏ الصبر بجميع متعلقاتهاء ومن يأخذ المعاني من الأسامي يظن أن هذه أحوال مختلفة في أذواتها وحقائقها من حيث رداء الأسامي مختلفة› والذي ينظر بنور الله تعالى ينظر المعاني أولاً فيتطلع على حقائقهاء لأن الأسامي إنما وضعت دالة على المعاني» والمعاني هي الأصول والألفاظ هي التوابع وبالله التوفيق فصل اعلم أن الصبر على ستة أقسام› وهو في کل قسم منها محمود. فأول أقسامه: وأولاها الصبر على امتثال أوامر الله تعالى والانتهاء عن مناهيه: للأن به )۱( قال العراقي في المغني (4٤/10): أبو منصور الايلمي في مسند الفردوس من رواية يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعاً: الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسدء ويزيد ضعيف. (۲) أطراف الحديث عند: أي داود (المناسك ب 1۹)› الترمذي (۸۸۹)› النسائي ف في المجتيى (٥/ ٦٢٢۲( ابن ماجه (١٥۱ ٢) اليهقي (١/٠١٠)› الحاكم (۲14/۱)› ابن خزيمة ‎(YAY)‏ الدارقطني (۲/٢٤۲). (۳) سورة البقرة الآية: ١۱۷. (4) سورة البقرةء الآية: ١۱۷. () سورة البقرةء الأية: ۱۷ . () سورة البقرةء الآية: ١۱۷. (۷) راجع الباب بتمامه في كتاب إحياء علوم الدين للغزالي (8/ 565 61). قنطرة العوارض ۳٢Y‏ تخلص الطاعة ويصح الدين وتؤدى الفرائض ويستحق الثواب كما قال في محكم التنزيل : «إِنَمَا يُوَنّى الصَّابرُون أَجْرَهُمْ يقير حسّاب4”". ولذلك قال عليه السلام: «الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسدء"". وليس لمن قل صبره على طاعة الله حظ من بر ولا نصیب من صلاحء وقد قال الحسن: يا من يطلب من الدنيا ما لا يلحقه أترجو أن تلحق من الأخرة ما لا تطلبه. وقد قال بعض العلماء : الصبر الثبات على أحكام الكتاب والسنة . وقال عمر بن عبد العزيز للقاسم بن محمد: أوصني. فقال: عليك بالصبر في مواطن الصبر. وقال بعض العلماء: من نوى الصبر على طاعة الله صبره الله عليها وقواهء ومن عزم على الصبر عن معاصي الله عصمه الله منها. ثم من العبادة ما يكره بسبب الكسل كالصلاة› ومنها ما يكره بسبب البخل كالزكاة» ومنها ما يكره بسببهما جميعاً نحو الحج والجهاد» فالصبر على الطاعة صبر على الشدائد قال الله تعالى: ب أَيّهَا الْذِينَ امَنُوا روا" . قيل معناه على ما فرض الله عليكم. وَصَابروا»”. قيل: معناه صابروا عدوكم. «وَرَابطوا. فيه تأويلان ؛ أحدهما: رابطوا على الجهاد. والثاني: رابطوا على انتظار الصلاة بدليل قوله عليه السلام : ‎YÎ.‏ أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات» قالوا: بلى يا رسول الله قال : «إسباع الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجحد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط° قالها ثلاث . .واعلم أن المطيع يحتاج إلى الصبر على طاعة الله في ثلائة أحوال: الأولى: قبل الشروع في الطاعةء وذلك في تصحيح النية والإخلاص والصبر على واللإأخلاص وآفات الرياء ومكائد النفس؛ء وقد نبه النبى يَأ إذ قال: «الأعمال بالنيات ولكل امرءِ ما نوی ۱ (١) سورة الزمر الآية: ١٠. () قال العراقي في المغني (4٤/٠1): رواه أبو منصور الديلمي من رواية يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا. ویزید ضعيف . (۳) سورة آل عمران؛ الأية: ٢٠٠. () سورة آل عمران؛ الآية: ٢٠٠. )0( أطراف الحديث عند: مسلم (الطهارة: ١٤)› الترمذي في الجامع )۱٥( البيهقي (۳/ ١٦( ابن خزيمة )٥( آي نعيم في الحلية (۸/۸٨٤۲). )1( متفق عليه من حديث عمر قاله العراقي في المغني (4٤/1۹). ٤٤ قنطرة العوارض وقال الله تعالی : وما أيزوا إل يهنوا الله لين له الدضن. . الا لأية المعنى قدم الله الصبر على العمل فقال: «إلاً الَذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا ألصَالِحَا 4 الحالة الثانية: حالة العمل كي لا يغفل عن الله تعالى في أثناء عملهء ولا يتكاسل عن تحقیق آدابه وسننه» ویلازم الصبر عن دواعي الفتور إلى الفراغء وهذا أيضاً من شدائد الصبر ولعله المراد بقوله تعالى: ونِعُمَ م اجر َلْعَالِمِينَ الَذِينَ صَبروا»”". أي صبروا على إتمام العمل . الحالة الثالثة: بعد الفراغ من العمل إذ يحتاج إلى الصبر عن إفشائه والتظاهر به للرياء [] والسمعةء والصبر عن النظر إِليه بعين الإعجاب وعن كل ما يحيط عمله قال الله / تعالى : لا لوا صَدِكُم بْمَنٌ والأًى4”. فمن لم يصبر بعد الصدقة عن المن والأذى فقد أبطل عمل والطاعات تَنقسم إلى: فرض؛ ونفل وهو محتاج إلى الصبر عليهما جميعاً وقد جمعهما الله في قوله: لن الله يامو بالْعَدْلِ وَالإِحسَانِ وتء ِي اَلَْري€” الآية. فالعدل: قيل هو الفرض» والإحسان: قيل هو لتقل وإيتاء ذي القربى. هي المروءة وصلة الرحم وكل ذلك يحتاج إلى صبر. وكذلك الصبر على المعاصي من أعظم الشدائد وقد جمع الله أنواع المعاصي في قوله : «وَينهى عَن اله حشاءِ وَالْمُْكُر واليني4”. وفد قال عليه السلام : «المهاجر من هاجر السوءء والمجاهد من جاهد هواه" . وقد قال عليه السلام: «رجعنا من الجهاد الأصغر». يعني جهاد العدو «إلى الجهاد الأكبر» . يعني جهاد النفس . (١) سورة البينق الآية: ٥. () سورة هود الأية: ١. (۳) سورة العنكبوت؛ الأيتان: ۸8٥0 0۹. () سورة البقرةء الآية: ٤٦۲. () سورة النحل؛ الآية: ۹۰. () سورة التحل؛ الآية: ١۹. () قال العراقي في المغني (19/4): رواء ابن ماجه بالشطر الأولء والنسائي في الكبرى بالشطر الثاتي كلاهما حديث فضالة بن عبید بإسنادین جیدین . (۸) قال العراقي ني المغني (۷/۳): رواه البيهقي في الزهد من حديث جابر وقال: هذا إسناد فيه ضعف. قنطرة العوارض ‎o‏ وقال الحسن البصري: الصبر صبران صبر عند المصيية وصبر عند ترك ما نهى الله عنه وهو الأفضل. ثم إن كانت تلك المعاصي مما يتيسر فعله كان الصبر عنه أثقل على النفس» كالصبر عن معاصي اللسان من الغيبةء والكذب» والمراءء والثناء على النفس تعريضاً وتصريحاًء وأنواع المزاح المؤذي للقلوب» وأنواع الكلمات التي يقصد بها الازدراءء والاستحقار» وذكر الموتى والقدح فيهمء وفي علومهم؛ وسيرهم؛ وكل ذلك يحتاج في الكف عنه إلى الصبر الشديدء فمن لم يصبر على الطاعة ويكف عنه المعصية لينال جزيل الثواب ويسلم من أليم العذاب كان بعيداً عن الرشادء حقيقاً بالضلال» ويتشد لأبي العتاهية : أراك امرء ترجو من الله عفوه وأنت على مالا يحب مقيم / وهذا النوع من الصبر إنما يكون لفرط الجزع وشدة الخوف فإن من خاف الله صبر [۲۸۲] على طاعته› ومن جزع من عقابه وقف عند آوامره. القسم الثاني : الصبر على ما انقضت أوقاته من رزية أجهده الحزن عليها: مثل موت الأعزةء وهلاك الأموال وزوال الصحة بالمرض» وعمى العين وفساد الأعضاء . وبالجسلة فسائر أنواع البلاء فالصبر على ذلك من أعلى مقامات الصبر . وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: الصبر في القرآن على ثلاثة أوجه: صبر على أداء فرائض الله تعالى فله ثلاثمائة درجةء وصبر على محارم الله فله ستمائة درجةء وصبر في المصيبة عند الصدمة الأولى فله تسعمائة درجة. وإنما فضلت هذه الرتبة على ما قبلها لأن ذلك شديد على النفس» وقد قال عليه السلام في دعائه: «وأسألك من اليقين ما تهون به على مصائب الدنيا» . فهذا صبر مستنده حسن اليقين . وعن علي أنه قال: الصبر على المصيبة ثلاثمائة درجةء وعلى الطاعة ستمائة درجةء وعلى المعصية تسعمائة درجة. وقال بعض السلف: والله ما نصبر على ما نحب فكیف نصبر على ما نکره. وقال النبي يل فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: «إذا وجهت إلى عبد من عبيدي ٢٢ قنطرة العوارض مصيبة في بدنه أو ماله أو ولده ثم استقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه يوم القيامة أن أنتصب له ميزاناً أو أنشر له ديون . وقال عليه السلام: «انتظار الفرج بالصبر عبادة»” . وقال: «من أصيب بمصيبة فقال كما أمر الله إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأعقبني خيراً منها إلا فعل الله له ذلك" . ‎[YA]‏ وعزى عليه السلام امرأة / أصيبت بابن لها فقال: «إن لله ما أخذ من عباده» وله ما بقيء ‏ولكل أجل مسمى» فاحتسبي واصبري» فإنما الصبر عند أول الصدمة». ‏وقال عليه السلام: «إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضى ومن جزع فله الجزع». ‏وقال أيضاً: «إن من إجلال الله عز وجل ومعرفة حقه أن لا تشكو وجعك وأن لا تشکو مصستك)“ . ‏وروي عنه أنه قال: «ما من مؤمن ولا مؤمنة يذهب الله حبيبتيه فيصبر ويحتسب فيرضى الله له بثواب غير الجنةا. ‏ويروى عنه أنه قال: «قد يدرك الرجل درجة في الجنة لا يدركها بصيام ولا بقيام ولا حج ولا جهاد». قيل: فيم يدركها؟ قال: «ببلية آتت عليه في جسده فصبر وا تسب . ‏وعنه عليه السلام أنه قال : «ما يصيب المسلم من نصب ولا هم ولا حزن ولا آذی ولا ‏غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفُر الله بها من خطاياء*. ‏وقال : «من یرد الله به خير يصب منه». ‏() طرف الحديث عند الزييدي في إتحاف السادة المتقين (۹/ ۲۷ء ١٤۱). ‏)۲( رواه القضاعي في مسندل الشهاب من حدیثٹ ابن عمر » وابن عباس » وابن آبي الدنيا في الغرج بعل الشدة من حديث علي دون قوله بالصبر وكذلك رواه أبو سعيد الماليني في مسند الصوفية من حديث ابن عمرء وكلها ضعيفةء وللترمذي من حديث اين مسعود أفضل انتظار الفرج» قاله العراقي في المغتي (٤/ 0)۷۱ ‏)۳( رواه مسلم من حدیث آم سلمة. المصدر السابق. 1 1 ‏() لم أجده مرفوعاء وإنما رواه ابن آبي الانيا في المرض والكفارات من رواية سفيان عن بعض الفقهاءء قال : من الصبر أن لا تتحدث بمصييتك ولا بوجعك ولا تزكي نفسك. المصدر السابق. ‏() أطراف الحديث عند: أحمد في المسند (۳/۲١۳)› ابن أبي شيية في المصنف (۳/٠۲۳)؛ المنذري في الترغيب والترهيب )٤/٢۲۸( . ‏() روا البخاري من حديث ابي هريرة؛ والعراقي في المغني (٤/۱۲۸). ‎ ‎ قنطرة العوارض ٤Y‏ وكان بعض إذا قرأ هذ الآية: «إنًا وَجَدنَاةُ صابراً عم اَعَد َه واب . قال: واعجباً أعطى وأثنى - أي أعطى الصبر وأثنى عليه - وقال النبي عليه السلام: #«ليعز المسلمين في مصائبهم | لمصيبة بي" . وینشد: اصبر لكل مصيبة وتجلد واعلم بأن المرء غير مخلد واصبر كما صبر الكرام فإنها نوب تنوب اليوم تکشف في غد وقال بعص العلماء : إن الله لیبتلي عبده المؤمن بالبلاء بعل الىلاء حتی يمشي على الأرض وما عليه من ذنب. وقيل: حبس الشبلي في المارستان فدخل عليه جماعةء فقال: من أنتم؟ فقالوا: أحبابك / جاؤوك زائرين. فأخذ يرميهم بالحجارة فأخذوا يهريون. فقال: لو كنتم أحبابي [٤۲۸] لصبرتم على بلائي . وقال بعض السلف: إن الله ليتعاهد عبده المؤّمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالخير . وعن داود قال لسليمان عليهما السلام: يستدل على تقوى المؤمن بثلاث: حسن التوكل نیما لم ينل » وحسن الرضی فیما قد نالء وحسن الصبر فيما قد فات . وقال الحسن: لولا ثلائة ما طأطاً ابن آدم رأسه: الفقرء والمرض» والموت» وإنه مع ذلك لوئاب . وقال شقیق : من يرى ثواب الشدة لا يشتهي الخروج منها. وقال حاتم الأصم: إن الله عز وجل يحتج يوم القيامة بأربعة أنفس على أربعة أجناس : على الأغنياء بسليمانء وعلى الفقراء بعيسى» وعلى العبيد بيوسف» وعلى المرضى بأيوب صلوات الله على نبينا وعليهم أجمعين . وقال لقمان لابنه: يا بني الذهب يجرب بالنار والعبد الصالح يجرب بالبلاء . وقال عليه السلام: «الجزاء على قدر البلا" ٠ () سورة صن الآية: ٢۳. () رواه مالك في الموطا (٦۲۳). )۳( لم آقف عليه فيما لدي من مصادر. ‎Y۸‏ قنطرة العوارض ‏وكان يقال: الصبر سلامة والطيش ندامةء ويقال: أوحى الله تعالى إلى عزير إذا نزلت بك مصيبة أو بلية فلا تشتكي إلى خلقي كما لا أشكوك إلى ملائكتي عند صعود مساوئك وفضائحك . ويروى عن أنس بن مالك أنه قال: مات ابن لأبي طلحة الأنصاري» فقالت أم سليم لأهلها لا يعلمن أحد أبا طلحة حتى أكون أنا أعلمهء فأمسى صائماً فراح إليها من عند النبي يَأ فأفطر ولم تره نجزعاء ثم اغتمٌ فدخلت مخدعاً لها فتطيبت» ثم دخلت معه اللحاف فأصابها› فلما كان في السحر قالت له: يا أبا طلحة إن رجلا أعار أهل بيت عارية فاستمتعوا بهاء ثم أخذ عاريته فسخطوا عليه . [٥ ]۲۸‏ قال: يئس / ما صنعوا صاحب العارية أحق بعاريته. قالت: فاحتسبك ولدك فلانا. قال: فهلا أعلمتني قبل أن أقع هذا الموقعء فصلى الصبح مع رسول الله ية فأخبره الخبر فقال: «نمتما عريسين وفي ناحية بيتكما ميت بارك الله لكما في لیلتکما»*. قال: فولدت غلا نساء عبد لاء فحمل القرآن وهو اين سي سنين» فما کان لام سليم من امي طلحة ولد ‏شبيهه وکان يقال ثلائة من ر أس الصبر: أن لا تحدث بوجعك» ولا تشكو مصيبتك» ولا تزركي ‏ویروی أن عروة بن الزبير قدم على عبد الملك فسأله دفن أيه فان له وقدم معه اينه محمد على الوليد بن عبد الملك؛ فتفحت محمداً دابة فماتء ووقعت في رجل عروة الأكلة ‏فقطعها من الساق ولم يمسكه أحد وهو شيخ كبير ولم يدع وطره تلك الليلة إلا أنه قال: للد لقي من سَفرنَا هَذَا نَصَباً 4٠ . وتمثل بهذ الأبيات: ‏ولا قادني سمعي ولا بصري لها ولا دلني رأي عليها ولا عقلي ‏وأعلم أني لم تصبني مصيية من الدهر إلا قد أصابت فتى قبلي ‏وقال: أللهم إن كنت ايتليت فلقد عافيت» وإن كنت أخذت فلقد أبقيتء أخذت عضواً وترکت أعضاءى وأخحذت ابناً وتركت أبناء. ‏الصحيحين مع الان من حدیت أنس. )۲( سوره ة الكهف؛ الأية: آ. ‎ ‎ قنطرة العوارض ۹٢٤ قال وقدم على الوليد في تلك الليلة رجل أعمى من عبس فسأله عن عينيهء فقال: بت ليلة في بطن واد ولا أعلم في الأرض عبسياً يزيد ماله على مالي فطرقنا سبيل فذهب ہما کان لي من آهل ومال وولد غير بعير وصبي وكان البعير صعباً فاتبعته فما جاوزت الصبي إلا يسيراً حتی سمعت صوته؛ فرجعت فأصبت / رس الذئب في بطنه› ثم اتبعت البعير لأخذه فتفحني [٦۲۸] برجله فأصاب و جهي فحطني فأصاب عيني فأصبحت لا آهل ليء ولا مال › ولا ولد ولا بعیر . فقال الوليد: انطلقوا به إلى عروة ليعلم أن في الأرض من هو أعظم منه بلاء. وكان يقال: العاقل لا يذل بأول نكبة ولا يفرح بأول نعمة فريما أقلع المحبوب عن ما يحبه » وأجلى المكروه عن ما يسره. وقال بعض السلف: مكاره الدنيا تنقسم قسمين : فقسم فيه حيلة والاضطراب دواءء وقسم لا حيلة فيه والاأصطبار شفاؤه. وعن شريح أنه قال: إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله تعالى عليها أربم مرات؛ أحمده إذ لم تكن أعظم مما هي › وأحمد الله د رزقني الصبر عليهاء وأحمده تبارك اسمه إد وفقني للإسترجاع › وأحمده تعالى إذ لم يجعلها في ديني . وعن المدائني أنه قال : رایت فی البادية امرأة لم أر أنضر جلداً ولا أحسن وجهاً منها فقلت: بالله إن فعل هذا بك إلا اعتداء السرور. فقالت: کلا والله إني لبدع أحزان وحلف هموم کان لي زوج وکان لي منه ابنانء فذبح أبوهما شاة فقال أحدهما ابني لأخيه: هلم افعل بك كما فعل أبونا بالشاة فذبحه فلما رأى الدم فزع ففر نحو الجبل فأكله الذثب» فخرج أبوه في أثره فتاه فمات عطشاً. قال: فقلت لها كيف رأيتك والصبر؟ فقال: لو دام لي لدمت ولکنه كان جرحا فاندمل . وفي رواية محمد بن خالد القرشي يرفعه قال: خرجت حاجاً فبينما أنا أطوف إِذا بامرأة قد أضاء ما حولها من حسن وجهها فقال رجل كان إلى جنبي والله ما رأیت مثل هذه قط نضارة وحسناً وما ذاك إلا من قلة الهم والحزن فلما سمعت ذلك قالت: يا هذا الرجل / والله إني [۲۸۷] مكلومة الفؤاد بالهموم والأشجان ما يشاركني فيها أحد. قال لھا الرجل : کف ذلك؟ قالت : ذبح زوجي شاة ضحی 7 ولي ولدان صغیران ‎Yo.‏ قنطرة الموارض ‏يلعبان وعلى ثديي طفل يرضع؛ء فقمت لأصنع لهم متها طعاماً فقال ابني الأكبر للأصغر: ألا أريك كيف صنع أبي بالشاة؟ قال: نعم . فأضجعه ووضع الشفرة على حلقه فما رفع الشفرة حتى ذبحهء فلما رأى الدم وعلا الصراخ خرج الصبي فاراً نحو الجبل فرمقه الذئب فأكلهء فانطلق أبوه في أثره فمات عطشاً. فقمت ووضعت الطفل في الأرض وخرجت إلى الباب أنظر ما فعل أبوهم فدبً الطفل يده إلى البرمة التي على النار فوضع يده فيها فصبها على نفسه وهي تغلي فتناثر لحمه من على عظمه؛ فبلغ ذلك ابنة لي كانت عند زوجها فضربت بنفسها الأرض فماتت فأفردني الدهر من بينهم. فقال لها الرجل: كيف صبرك على هذه المصائب الجليلة؟ قالت: يا هذا ما من أحد ميز الصبر والجزع إلا وجد بينهما منهاجاء أما الصبر فحسن العلانية محمود العاقبةء وأما الجزع فصاحبه غير معوّض عوضاً. وروي عن رسول الله يِل أنه قال: «أيكم يحب أن يصح ولا يسقم»؟ قالوا: کلنا يا رسول الله. قال: «أتحبون أن تكونوا مثل الحمير الصيالة ألا تحبون أن تكونوا من أصحاب الكفارات؟ والذي بعثني بالحق إن الرجل لتكون له الدرجة في الجنة ما يبلغها بشيء من عمله فيبتليه الله تعالى بالبلاء فيبلغ تلك الدرجة»” ° . ويقال: ما كرم عبد على الله تعالى إلا زاد البلاء عليه شدة . واعلم أن الصبر على المصائب يعقب الإنسان الراحةء ويكسب الأجر والثواب عنهاء [] فينبغي للإنسان أن / يصبر طائعاًء وإلا احتمل هماً لازماً وصبراً كارهاً آثماً. وقد قال عليه السلام: «ليس المصاب من أصيب بمصيبة ولكن المصاب من حرم أجر المصيةا. ‏وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن صبرت مضى أمر الله وكنت مأجوراء وإِن جزعت مضى أمر الله وکنت مأزوراً». ‏وقالت الحكماء: الجزع أتعب من الصبر ففي الجزع التعب والوزر وفي الصبر الراحة والأجر. وینشد: ‏() أطراف الحديث عند السيوطي في الدر المتثور (۲۲۸/۲)› الزييدي في إتحاف السادة المتقين (4: ٤°۲) والجامع الكبير المخطوط الجزء الثاني (111/۲) والبخاري في التاريخ الكبير (۷: ۲۱۷)؛ وابن معد في الطبقات (۷: ۱۹۸/۲). ‎ ‎ قنطرة الموارض ٥٥ وقال آخر : وعودت أجراً من فقيد فلا يكن ففقيدك لا يأتي وأجرك يذهب وعن علي بن أبي طالب أنه قال للأشعث بن قيس: إن تجزع فقد استحقت ذلك منك الرحم وإن تصبر ففي ثواب الله عز وجل وإنك إن تصبر جرى عليك القلم وأنت مأجورء وإن جزعت جرى عليك القلم وأنت مأزور. فذكر ذلك أبو تمام فقال : وقال علي في التعازي لأشعث وخاف عليه بعض تلك المأثم أتصبر للبلوى عزاء وحسبة فتؤجر أو تسلو سلو البهائم خلقنا رجالا للتجلد والعزا وتلك الغواني للبكاء والمأثم وقال شبيب بن شبت للمهدي: إن أحق ما يصبر عليه ما لم يوجد سبيل إلى دفعه. فان قيل فيماذا درجة الصبر؟ في المصائب وليس الأمر فيه اختيار الإنسان . والمبالغة في الشكوى وإظهار الكابةء وتغيير العادة في الملبس وغيره فهذه الأمور داخلة تحت اختياره فينبغي أن يجتنب جميعها ويظهر الرضى بقضاء الله تعالى ويبقى مستمراً على عادته ويعتقد أن / ذلك كانت وديعة فاسترجعت» ويقال: الصبر الجميل هو أن لا يعرف صاحب [۲۸۹] المصيبة من غير والله أعلم . وأما توجع القلب وفيضان الدمع على الميت. فإن ذلك مقتضى البشريةء ولذلك لما مات إبراهيم ابن رسول الله يلو فاضت عيناه فقيل له: أما نهيتنا عن هذه؟ فقال: «إنما بکیت رحمة له إنما يرحم الله من عباده الرحماء ولكن إنما نهيتكم عن صوتين أحمقین فاجرین خدش الخدود وشق الجيوب». والله أعلم . القسم الثالث: الصبر على ما فات إدراكه من رغبة يرجوها ومسرة يأملها. فإن الصبر عنها يعقب السلو عنها والأسف عليها بعد الإياس منها يجدد الحزن والكمد من أجلهاء وقد قال الله تعالى: ِلك لا تسوا عَلى ما فَانَكُمْ ولا تَفرَحُوابِمَا ئ . ۱ َ () سورة الحديد؛ الآية: ۲۳. ‎YoY‏ قنطرة العوارض ‏وروي عن النبي يَأ أنه قال : من أعطي فشكر ومنع فصبر وظلم فغفر وظلم فاستغفر أولثك لهم الأمن وهم مهتدون». ‏وقال بعض الحكماء: اجعل ما طلبته من الدنيا فلم تنله مثل ما لم يخطر ببالك فلم تقل وقال آخرون: إن كنت تجزع على ما فات من يدك فاجزع على ما لم يصل إليك. فنظمه الشاعر فقال : ‏لا تطل الحزن على فائت فقَلَ ما يُجدى عليك الحزن ‏سيان محزون على فائت ومضمر حزنآلمالم يكن ‏وقال بعض الرواة: دخلت مدينة يقال لها: ظفار فرأیت مكتوباً على باب قصر خراب هذه الأبيات : ‏يا من ألح عليه الهم والفكر وغيرت حاله الأيام والغير ‏اما سمعت يما قد قيل في مشل عند الإياس فأين الله والقدر ‏نم للخطوب إذا أحدائها طرقت فاصبر فقد فاز قوم لها صبروا ‏فكل ضيق له من بعده سعة وكل فوت وشيكا بعده الظفر ‏قال:: وتحته مكتوب بخط آخر لو كان كل من صبر أعقب الظفر صبرت ولكنا نجد الصبر في العاجل يغني العمر ويدني من القبر» وما كان أحسن لذي عقل موته وهو طفل. ‏القسم الرابع: الصبر فيما يخشى حدوثه من نكبات الزمان وصولات الأعداءى فلا يتعجل الإنسان إلى نفسه هَمٌ ما لم يأت فإن أكثر الهموم كاذبة» والأغلب من الخوف مدفوع. ‏وقد روي عن النبي يو أنه قال: «انتظار الفرج بالصبر عبادة . ‏وقال الله تعالى في أصحاب نبيه عليه السلام: «الَِينَ قال لَهُمْ الس يِن الاس قَذ جَمَعُوالكُمْ. ...€ الآية. ‏(۱) أطراف الحديث عند الهيثمي في مجمع الزوائد (٠٠/٤۲۸) والمنذري في الترغيب والترهيب (٤/۲۷۸). ‏(۲) قال الحانط العراقي في المغني : أخرجه القضاعي في مسند الشهاب من حدیث ابن عمر وابن عباس وابن آبي الدنيا في الفرج بعد الشدة من حديث علي دون قوله «بالصبر» وكذلك رواه آبو سعيد الماليني في مسند الصوفية من حديث ابن عمر وكلها ضعيفة وللترمذي من حديث ابن مسعود «أفضل العبادة انتظار الفرج'. المغني الجزء الرابع ص ۱۱۳ طبعة دار الحديث. ‏(۳) سورة آل عمران؛ الاية: ١۱۷ . ‎ ‎ قنطرة العوارض ‎Yo‏ ‏وقال عليه السلام: «بالصبر يتوقع الفرج. وعن الحسن البصري أنه قال: لا تحملن على يومك هم غدك فحسبك كل يوم همه وینشد: الهم فضل والمقدر كائن . فعلى م يشفل قلبه الإنسان وأنشد الحارثة بن بدر: إذا الهم أمسى وهو داء فامضه ولست بممضيه وأنت تعاذله وقل للفؤاد إذا تزا بك نزوة من الهم افرح أكثر الهم باطله القسم الخامس: الصبر فيما ينتظر الإنسان من رغبة يرجوهاء ومسرة ينالها؛ فإنه إن أدهشته التطلع إليها انسدت عليه سبل المطالب» واستفز قلبه توسل المطالعء فكأن ذلك أيعد لرجائه / وأعظم لېلائه . ]۲۹۱[ وإذا كان مع الرغبة وقوراً وعند الطلب صبوراً انجلت عنه عماية الدهش وحيرة الطلب› فأبصر رشده وعرف قصده والله أعلم» إنه يكشف الحيرة ويوضح حقائق الأمور. وقال أكتم بن صيفي: من ضبر ظفر. وقال النبي عليه السلام: «من يدمن قرع الأبواب يلج». وأنشد لمحمد بن بشیر : إن الأمور إذا انسدت مطالبها فالصبر يفتح منها كل ما ارتجا لا تيأسن ولو طالت مطالبة إذا استعنت بصبر أن ترى فرجا وقال بعض الحكماء: بحسن التأني تسهل المطالب» ويقال: الصبر مفتاح الدرك . وقال بعض البلغاء: من صبر نال المناء ومن شكر حصّل التعماء . القسم السادس: الصبر على ما نزل بالإنسان من مكروه القضاءء وحل به من مكائد الأعداءء قال الله تعالى لنبيه عليه السلام : لوَاصِير لِحُكُم رَبكً4. وقال تعالى : وَاضيز عَلَى ما أَصَابِكَ ِن ذلك من عَم الأمور”. وقال تعالى: «ِوَلقَد نَعْلَمُ يك ضِيق صَدْرْكُ بِمَا يَمُولُون» فأمر بالصبر على ذلك () سورة الطور الآية: 4۸. () سررة لقمان؛ الآية: ١٠ . (۳) سورة الحجر الأية: ۹۷. ‎vo‏ قنطرة العوارض ‎o en ose e ee ot, -‏ ( فقال: «وَاضِبر عَلىٰ ما يقُولونَ وَأَهُجُرْهُم هَجْرا جَملاً ٠ . ‏وقالت الرسل: «وَلتَصْيرَنَ عَلَىْ ما عَالَيْعُمُون€°. ‎E e n ‏قل‎ E OC ِ ‏وقال: لبون في أموَالكُم وَأَفَسِكُمْ. ...4 إلى قوله: #أذئ كثيراً وَإن تَصبروا وَتَتَقُو ِن ذلك من عَرْم الأمُور»”". ‏ِ 1 ور ٠ وو و 2 ک2 وک ° و ° 0 ‏وقال لنبيه : إولقد [گذیے ]9 سل من فلك فصبَروا علیٰ ما كذبوا وَادوا. . . 4 ٤ الاية. ‏ويقال : مكتوب في الإنجيل : قال عیسی صلوات الله على نبينا وعليه : لقد قيل لکم من ‏0 قبل أن السن بالسن والآنف بالآأنف» وأنا أقول: / لا تقاوموا السن بالسن بل من ضرب خحدك ‏الأيمن فحوّل إليه خدك الأيسر ومن أخذ ردائك فأعطه إزاركء ومن سخرك للمشي ميلا فسر معه ميلينء وكل ذلك أمر بالصبر على الأذى . ‏ویروی أن رسول الله َل قسم قسمة فقال بعض الأعراب: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله فأخبر بذلك رسول الله ي فاحمّرت وجتتاه فقال: «رحم الله أخي موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر». والله أعلم. ‏والصبر على أذى الناس من أعلى مراتب الصبر» واعلم أن بالصبر تستدفع مكائد الأعداء وبه تنفتح للإنسان وجوه الأراءء قال الله تعالى: «وإن تَصْبرُوا وَنَتَقُوا لا يَضْوْكُمْ كَيْدُهُمْ ا6 . َ ‏واعلم أن الصبر معناه الحبس ومنه الحديث نهي عن قتل البهائم صبراء وقال تعالى : «وَاضبر سك مَع الذِين يَدْعُوَ ربمم" . أي احبسهاء وقال عنترة: ‏فأصبرت عارفة لذلك جرة ترسو إذا نفس الجبان تطلع ‏عارفة: يعني نفسا عارفةء فكل من لم يصبر نفسه على مفروض الشرع ولم يضبطها عن ‏(١) سورة المزمل؛ الآية: ١٠. ‏(۲) سورة إيراهيم؛ الآية: ١٠۱ . ‏(۳) سورة آل عمران؛ الاية: ١۱۸ . ‏() جاءت بالأصل «استهزى برسل» ولعله سهو من الناسخ . (0) سورة الأنعام الاية: ٢٤۳. ‏() سورة آل عمران؛ الاية: ١۲١٠. ‏(۷) سورة الكهف؛ الآية: ٢۲. ‎ ‎ قنطرة العوارض ‎Yoo‏ ‏مقتضى شهوات الطبع وإظهار الجزع والهلع فقد استكمل الشر بحذافره» واستوجب عقوبة الدارين عند ربه . واعلم أن الصبر على السراء وتتابع النعماء أشد من الصبر على الضراء وأنواع البلاءء فإن من لم يضبط نفسه عن الاسترسال في شهوات الدنيا والتتعم بملاذها والاتهماك فيها أخرجه ذلك إلى البطر والطغيان قال الله تعالى : كلا إِنَ الإنسَانَ ليطغىٰ أن را اَسْتَفْ ۱ . وقال بعض العارفين: البلاء يصبر عليه المؤمن» والعوافي لا يصبر عليها إلا صديق. / وقال بعضهم: الصبر على العافية أشد من الصبر على البلاءء ويروى أنه لما فتحت [۲۹۳] أموال الدنيا على الصحابة قالوا: ابتلينا بفتنة الضراء فصبرناء وابتلينا بفتنة السراء فلم نصبر . فلذلك حذر الله عباده من فتنة المال والزوجة والولك» فقال تعالى: لا تكم أَمْوَالْكُمْ ولا أَوْلُكُمْ عَن ذِكر الل . وقال: ِن من أَرُوَاجكُم وَأَوْلاَِكُمْ عَدُواً لَكُمْ فَاحُذَرُوهُْه. وقال عليه السلام: «الولد مبخلة مجبنة محزنة». فالرجل كل الرجل من يصبر على العافيةء ومعنى الصبر عليها هو أن لا يركن إليهاء وأن يعلم أن ذلك مستودع عند وأن لا يرسل نفسه في الفرح بهاء ولا ينهمك في اللهو واللعب والتنعم بها وأن يراعي حقوق الله تعالى في ماله بالإنفاقء وفي يده ببذل المعونة للخلقء وفي لسانه ببذل الصدق» وفي سائر ما أنعم الله تعالى عليه بإقامة الشكرء وإنما كان الصبر على السراء أشد لأنه مقرون بالقدرة فمعلوم أن الجائع عند غيبة الطعام أقدر على الصبر منه إذا أحضرته الأطعمة اللذيذةء وقدر عليهاء ولهذا عظمت فتنة السراء والله أعلم . فصل في دواء الصبر على البلايا والأقسام المتقدمة اعلم أن الذي أنزل الداء أنزل الدواء ووعد الشفاء فالصبر وإن كان شاقاً على النفس فتحصيله ممكن في المعقولء فنقول: الصبر على المصائب والشدائد يهوّن على النفس () سورة العلق؛ الأيتان: ١ - ۷. () سورة المنافقون؛ الآية: ۹. () سورة التغابن؛ الآية: ٤٠. (8) قال الحافظ العراقي في المغني (ج ٤ ص ١٠٠ طبعة دار الحديث) أخرجه أبو يعلى الموصلي من حديث آي سعید. موقعهاء بأسباب: منها إشعار النفس بما تعلمه من حلول الفناء وتقضي المسار إذ ليس في الدنيا حال تدوم لأحدء ولا يبقى عليها أحد. كما قال الشاعر : اصبر لدهرنال شك فهكذا مضت الدهمور فرح و< ازن د ارة لاأ الفرح دام ولا السرور ]٤۹[ / ويروى أنه لما قتل بزرجمهر وجد في جيب قميصه رفعة مكتوب فيها إِذا لم يکن جد ففيما الكدء وإذا لم لكن للأمور دوام ففيم السرور وإذا لم يرد الله دوام ملك ففيم الحيلة. وأنشد لسعد بن سليم : إنما الدنيا هبات وعوال مسترده دة بع د رخ اء ورخ اء رع ل شم له قال أنوشروان: إن أحببت أن لا تغنم فلا تفتن» فنظمه الشاعر فقال : ومن سره أن لا یری ما يسوءه فلايتخذ شيئاً يبال به فقدا وقال آخر : قالوا: الهموم تكون من طمع الورى في لبث ما في طبعه أن ينفدا فإذا اقنيت من الزجاجة قابلاً للكسر فانكسرت فلاتك مكمدا ومنها أن يتصور انجلاء الشدائدء وإنكشاف الهموم عند اشتدادها عليه كما قال بعض وروي عن ابن عباس أن سليمان بن داود عليهما السلام لكا استكد شياطينه في البناء شكوا ذلك إلى إيليس اللعين› فقال : ألستم تذهبون فرغاً وترجعون مشاغل؟ قال: ففي هذا لكم راحةء لكم نصف دهركم. فبلغ ذلك سليمان فشغلهم ذاهبين وراجعينء فشكوا ذلك إلى إيليس فقال: ألستم تستريحون بالليل . قالوا: بلی . قال : ففي هذا لكم راحةء لكم نصف دهرکم. 0 3 فلغ ذلك سليمان» فشغلهم بالليل والنهار فشكوا ذلك إلى إبليس فقال: الآن / جاءكم الفرج ٠ فما لبث سليمان أن أصيب ميت على عصاه . فإذا كان هذا في نبي من أنبياء الله تعالى» لا يعمل إلا بأمره فكيف بما جرته الأقدار من قنطرة العوارض ‎ov‏ ‏أيد أعاديه وساقه القضاء من حوادث نازلة هل تكون مع التناهي إلا منقرضةء وعند بلوغ الغاية إلا منتحسرةء وأنشد لعثمان : فإن نزلت يوماً فلا تخضعن لها ولا تكشر الشكوى إذا النعل زلت وكم من کريم قد بلي بنوائب فصابرھا حتی مضت واضمحلت وكم غمرة هاجت بأمواج غمرة تلقيتها بالصبر حتى تجلت وكانت على الأيام نفسي عزيزة فلما رأت صبري على الذل ذلت وعند حلول بلائي يكون رجائي» والله أعلم؛ فإذا تصور الإنسان انجلاء الشدائد عند اشتدادهاء بصبر وإِن كل يوم يمر به فهو يذهب بشطر منها حتى تنقضي وهو عنها غافل . فإِذا تصور ما ذكرنا قويت نفسه على الصبر وأنست بهء وحكي أن الرشيد حبس رجلا ثم سأل عنه بعد زمانء فقال للموكل به: قل له كل يوم يمضي من نعيمك يمضي من بؤسي مثله والأمر غريب والحكم لله تعالى . ويروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنشد حين حضرته الوفاة : ألم تر أن ربك ليس تحصى أياديه الجديدة والقديمه / لعل الله ينظر بعد هذا إليك بنظرة منه رحيمه ]٦۲۹[ ومنها أن يعلم أن فيما وقى من الرزايا ما هو أعظم من رزيته» ليعلم أنه ممنوح بحسن الافعء ولذلك قال عليه السلام: «إن لله في أثناء كل محنة منحة». شعر: فإن يصطبر فيها فاجر موفر وإن يك مجزاعاً فوزر مقدم وقيل للشعبي في نائبة: كيف أصبحت؟ قال: بين نعمتین خير منشور وشر مستور. قال الشاعر : لاتكره المكروه عند نزوله إن العواقب لم تزل متبائنه كم نعمة لا تستقل بشكرها لله في طي المكاره كامنه قناطر الخيرات/ ج ۳/ م۱۷ ‎o۸‏ قنطرة العوارض ‏وعن خباب بن الأرت أنه قال: شكونا إلى النبي يَِْء وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لناء ألا تدعو الله لنا؟ فقال: «كان الرجل فيمن كان قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنين وما يصده ذلك عن دنه ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب وما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذثب على غنمه ولكنكم تستعجلون». ‏ومنها أن یتأسی بذوي المصائب› ويعلم نهم الأكثرون عدداً وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ألصقوا بذوي الغير تتسع قلوبكم. ‏ویروی أن يونس عليه السلام قال لجبريل عليه السلام : دلني على أعبد آهل الأرضء [۹۷] قال: فدله على رجل قطع الجذام يديه ورجليه وذهب ببصره وسمعه وهو يقول: / اللهم ‏حكاية: وقال بعض العلماء: كان في بعض الأزمنة جبار يعذب الناس على دينهم› فاوتي بامرأة فامر بقطع يديها ورجليها فقطعتا وما تكلمت» فلما أوتي بالنار لتکوی صرخت بالبكاى فقيل لها في ذلك فقالت: والله ما جزعت من ناركم» ولا أسفت على الدنياء ولكن ذكرتني هذه النار نار جهنم فصرخت من أجل ذلك؛ء قال : وکحلت عیناها بمرود محمی بالنار . ‏وقيل : لما أمر بها لتقطع يداها ورجلاها قالت: الحمد لله على السراء والضراء والشدة والرخاء والعافية والبلاءء لقد كنت آمل في ذات الله ما هو أكثر من هذاء فلمًا قطعت يداها ورجلاها جعل الدم يفور ولا ينقطع فلمًا أحست بالموت قالت: حياة كدورة وموتة طيبةء لئن نلت ما أملت من جزيل الثواب» لقد نلت سروراً عظيماً لا يضر معه كدر الدنيا الفانية إذا صرت إلى الراحة الدائمة ثم اضطربت حتى ماتت. ‏حكاية أخرى: وعن الحسين البصري أنه قال: تعبّد رجل على راس جبل وکان اسمه عقيباًء وكان في ذلك الزمان جبار يعذب الناس ليرجعوا عن دينهم؛ فقال عقيب: لو نزلت إلى هذا الجبار فأمرته بتقوى اله كان أوجب علي فتزل من الجبل فقال: يا هذا اتق الله في عباده . ‏فقال له الجبار: مثلك يأمرني بتقوی الله لأعذبنك بعذاب لم أعذب به أحد من العالمين › ‏() قال الحافظ العراقي في المغني (ج ٤ ص ۳٠۲ طبعة دار الحديث) أخرجه البخاري. ‎ ‎ قنطرة العوارض ۹ وأمر به أن يسلخح وهو حي من قدمه إلى رأسه فلمًا بلغ السلخ إلى بطنه أن أنه شديدة› فأوحى الله تعالى إليه: يا عقيب اصبر أخرجك / دار الحزن إلى دار الفرحء ومن دار الضيق [۲۹^۸] إلى دار السعة والسعادة فلما بلغ السلخ إلى وجهه صاح فأوحى الله إليه يا عقيب أبكيت آهل سمواتي وأهل أرضي وأذهلت ملائكتي عن تسبيحي لئن صحت الثالثة لأصبن عليهم العذاب صباً فصبر حتى سلخ وجهه مخافة أن يؤخذ قومه بالعذاب . حكاية أخرى: وكان على عهد بني إسرائيل جبار يدعو الناس إلى أكل لحم الختزير› فأوتي بامرأة تسمى سارة لها سبعة أولادء فدعى بأكبر بنيها ليأكل لحم الخنزیر فقال: ما كنت لاكل شيئاً حرمه الله تعالى علي أبداًء فأمر به فقطعت يداه ورجلاه وجميع جسده عضواً عضواً حتی مات» فدعی بالذي يليه أيضاً فامتنع عن الاکل فامر بقدر من نحاس فملیء زیت فأحمی حتی غلا ثم آلقي فيه فتناثر لحمه من على عظامه؛ ثم دعى بالذي يليه فامتنم فقال: لأنت أهون علي وأحقر من أن آكل ما لا أحله الله لي فقال لأصحابه: أتدرون ما أراد هذا؟ أراد أن يغضبني فأعجل بقتله» فأمر به فسلخ جلده وهو حي» فلم يزل يقتل كل واحد بقتلة غير التي قتل بها صاحبه حتى بقي أصغرهم فالتفت إليه وإلى أمه فقال: انطلقي بابنك واخلي به ومريه أن يأكل لقمة واحدة ويعيش لك فقالت: نعم فخلت معه فقالت له: يا بني تعلم أن إخوتك لي عليهم حق واحد ولي عليك حقان وذلك أني أرضعت كل واحد منهم عامينء وأرضعتك أربعة أعوامء وذلك أن أباك توفي وأنا حامل بك فنفست بك فأدركني الإشفاق عليك فسألتك بالله أن تصبر كما صبر إخوتك ولا تأكل ما حرم الله عليك» فتلقى إخوتك يوم القيامة وتلحق بهم. فقال الطفل: يا أماء / الحمد لله الذي أسمعني منك هذا وإنما كنت أخاف أن تريدي [۲۹۹] مني غير هذاء فجاءت بابنها إلى الملك فقالت له: دونك قد عزمت عليه فابى أن يأكل فألحقه بإخوته ثم قال لأمهم: ويحك كلي لقمة واحدة وأصنع بك ما شئت وأعطيك ما شئت؛ فامتتعت وقتلها والله أعلم . حكاية أخرى: وعن الحسن بن علي بن أبي مریم أنه قال: كان رجل بالمصيصة قد مرت الأكلة بنصف بدنه» فلم يبق منه إلا نصف روحه في بعض جسده وهو على سریر مثقوب للبرول وغير ذلك فدخلت عليه فقلت له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت ملك الدنيا مشتاقاً إلى الله ما لي عليه من حاجة إلا أن يتوفاني على الإسلام. حكاية أخرى: قال أبو عبد الله وکان لی صدیق فابتلاه الله بالجذام حتی ذهبت يداه ٢۲ قنطرة العوارض ورجلاه وعیناه فأتيت به فجعلته مع المجذومين › وکنت أتعاهده دغفلت عنه أياماً ثم ذکرته فأتيته فقلت: يا هذا إني غفلت عنك . فقال لي: إن لي من لا يغفل عني. فقلت: اني نسيتك. فقال: ٳِن لي من لا ينساني. ثم قلت : والله ما ذكرتك. فقال : ِن لي من يذکرني . ثم قال : إليك عني لا تشغلني عن ذكر الله تعالى. فقلت: ألا أزوجك من امرأة تنقيك وتغسلك من هذه الأقذار. فقال: تزوجني وأنا ملك الدنيا وعروس الأخرة. فقلت: وما بيديك من الدنيا وأنت ذاهب اليدين والرجلين والعينين تأكل كما تأكل البهائم. فقال: رضاءي عن الله عز وجل حين أبان جوارحي وأطلق لسانى. قال: فما لبث إلا أياماً يسيرة فمات؛ فأخرجت كفناً كان فيه طول فقطعت ما فضل 1 منه» وكفتته فيه فدفنته فبينما أنا في منامي إذا نا / برجل قد وقف علي لم أر أحسن منه صورة فقال لي: بخلت على ولي الله بكفن طويل دونك كفنك قد رددناه إِليك وكفناه بالسندس والاستبرق فاستيقظت مرعوباً ب وإذا الكفن عند رأسى . حكاية أخرى: وعن عطية بن سليمان أنه قال: صليت الجمعة فجلست إلى يونس بن عبيدة حتى صليت العصرء فقال: هل لكم في مشاهدة جنازةء فمضيت وصليت على الجنازة› فقال: هل لكم في زيارة فلان العابد فقلنا: نعم؛ فأدخلنا على رجل قد وقعت في فمه الأكلة حتى سقطت أضراسه فكان إِذا أراد أن يتكلم دعي بعقب فيه ماء وبقطنة فبّل لسانه حتی ابتل وكذلك يتكلم فلما أراد أن يتكلم دعی بالإناء وبالقطنة إذ سقطت عيناه في الإناء فأخذهما بيده ثم استقبل القبلة فقال: الحمد لله الذي متعني بهما في صحتي وشبابي حتى فنيت أيامي وحضر أجلي أخذهما ليبدلني خيراً منهما ثم شهق شهقة ففاضت نفسه والله أعلم. وعن وهب بن منبه أنه مر برجل أعمى مجذوم مقعد عريان وهو يقول: الحمد لله على هذه النعمة فقال له رجل كان مع وهب : وأيٌ شيء عليك من النعمة وأنت أعمى مقعد مجذوم عریان. فقال له : يا هذا ارم ببصرك إلى أهل هذه المدينة ليس فيهم رجل يعرف الله مثلي أفلا أحمده على هذه النعمة . ويروى أن موسى عليه السلام قام في بني إسرائيل بخطبة أحسن فيها وأعجب بها. فقالت له بنو إسرائيل أفي الناس أعلم منك يا موسى؟ قال: لاء فأوحى الله إِليه يا موسى أعلم منك عبد من عبيدي حملته الرسالة وبعثته رسولاً إلى ملك جبار عنيد فقطع يديه ورجليه وأجدع أنفه [ / فصرفت إليه يديه ورجليه وأنفه كما كان أول مرةء ثم أعدته رسولاً فمضى وهو يقول: قنطرة العوارض ۲۱ رضيت يا رب رضيت يا رب ولم يقل كما قلت أول وهلة: لوهم عَليَ دَنبٌ فَأَعَافُ أن فُْلُون». حكاية أخرى: وروي عن قاضي فلسطين أنه قال: بينما آنا أمشي إِذ سمعت قائلاً يقول: اللهم لك الحمد حمداً يوافي شکر ما أنعمت به علي وأشكرك شکراً استتم به دوام إحسانك إل فقلت: لأذهبن فانظر قائل هذا فذهبت فإذا أنا برجل ليست له يدان ولا رجلان ملقى على ظهر قال: فقلت أي نعمة لله عليك تحمده عليهاء وأيٌ عطاياه عليك تشکره عليها. فقال: سبحان الله آما ترى ما صنع بي سلبني يدي ورجلي شغلني عن المعاصي ووهب لي سمعي وبصري أتفكر في السموات والارض؛ء ومع هذا لو ضربني بنار من السماء لم أزدد له على العطية إلا شكراً وعلى البلاء إلا صبراً ثم قال: إن لي إليك حاجة. قال: فقلت في نفسي إن قضاء حاجتك يقرب إلى الله تعالى ثم قلت: وما هي؟ قال لي: کان لي ولد هاهنا يطعمني ٳِذا جعت ويسقيني إذا عطشت ففقدته منذ ثلاثة أيام فإن رأيت أن تلتمسه. قال: فالتمسته فإذا أنا بسبع قد افترسه فأكل بعضه فجمعت ما بقي من جسده فدفنته› ثم رجعت إلى الشيخ وأنا أفكر ما أعزيه به فذكرت أيوب المبتلى عليه السلام فجلست فقال: ألست صاحبي؟ قلت: بلى . قال: فما فعلت في الحاجة؟ قلت: أيّما أعظم منزلة عند الله أنت أم أيوب المصطفى عليه السلام؟ قال لي: سبحان الله ألجئت إِليَ السؤال. فقلت: إنما هو مثل مضروب. / قال: بل [٢3۰] أيوب. قلت: كيف وجد الله عبده إذ أخذ ماله وفرّق جمعه وشتت عياله؟ قال: صابراً محتسباً. قال: قلت اصبر واحتسب ولدك. قال: ما وراءك؟ قلت: إن ابتك افترسه السبع فأكله. فقال: آء آه الحمد لله الذي لم يدع في قلبي حسرة إلا أخرجها. قال: ثم غمض عينيه وطبق شفتيه فإذا هو ميت قال: فغطيته بشملة كانت عليهء وجلست عنده أتفكر كيف أدفنه فإذا أنا بقوم قد أقبلوا فقلت لهم: أعينوني على هذا الميت حتى ندفنهء فقال لي بعضهم: أكشف عنه لعلنا نعرف فكشفت عنه الشملة فانكب عليه أحدهم فجعل يقبله وهو يقول: يا أبي طالما سجدت والناس نيام. فقلت له: هل تعرفه؟ قال: نعم هذا آبو قلابة صاحب ابن عباس ابتلي بهذا البلاء فاعتكف في هذا الموضم صابراً محتسباً منذ خمس عشرة سنة. ثم قال لي : أما إنه كان له ولد فما فعل؟ فأخبرته الخبرء فقال لي: طال ما سمعته وهو يقول: اللهم لا تخلف لي ذرية تعصيك فتدخلها النار فالحمد لله الذي استجاب دعوته. قال : فنمت من ليلتي تلك فرآيته في المنام في روضة خضراء عليه حلل خضر وحلل صفر وهو يتلو الوحي وهو ہہ () سورة الشعراء الأية: ١٠. ٢ قنطرة العوارض يقول: لسلا عَلَْكُمْ ما صَبرْنُمْ َعم عُقبى الذا رڳ" . فقلت: ألست صاحبي. قال: بلى . قلت: فما فعل الله بك؟ قال: ٳِني قدمت على ربي فغفر لي فن لله عز وجل درجة لن تتنالوها إل بالشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء . حكاية أخرى: ويروى أن يونس عليه السلام قال: يا جبريل أرني أعبد أهل الأرض؛ [۳۳] قال: فأوقفه على رجل قطع الجذام يديه ورجليه وهو يقول: / يا لهي متعتني بهما ما شئت آنت وسلبتني ما شئت انت وبقي لي فيك الآمل يا بار يا وصولء قال يونس: يا جبريل أُحب أن تريني صواماً قواماًء قال إنه كذلك في صحته وقد أمرت أن أسلب عینيه فأومیء جبريل عليه السلام بعينه إلى عيني المبتلي فسالتا على وجهه فرفع رأسه إلى السماء فقال: متعتني بهما حيث شئت وسلبتنيهما حيث شئت وبقي لي فيك الأمل يا بار يا وصول. فقال يونس: يا عبد الله هل لك أن تدعو الله ونؤمن على دعائك ويرد الله عز وجل عليك جوارحك وتقوم إلى عبادة ربك . قال: لا حاجة لي في ذلك. قال له: ولم؟ قال: إن كانت محبة ربي في هذا فأنا أكره ان اؤئر محبتي على محبته . فقال جبريل عليه السلام: يا يونس إنه لا يوصل إلى ثواب الله عز وجل إلا بالشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء. وروي عن النبي يِل أنه قال: «يود أهل العافية لو أن جلودهم قرضت بالمقاريض لما يرون من ٹواب أهل الىلاء» . فإذا تفكر العاقل في هذه الحكايات وأمثالهاء وتسلی بأصحابها أورثه ذلك حسن العزاء› فخف شجوه وقل هلعه وعلى هذا كانت مراي الشعراءء حتى قال البحتري : فلا عجب للأسد أن ظفرت به كلاب الأعادي من فصیح وأعجم فحربية وحشي سقت حمزة الردا وموت علي من حسام ابن ملجم وفي بعض الحكمة: طوبى لمن غلب بتقواه هواه وبصبره شهوة نفسه آلآ وأن الصبر كنز من كنوز الجنة لا يعطيه الله إل لعبد كريم عليه )۱( سوره ة الرعلد؛ الآية: :٢٤۲ (۲) أطراف الحديث عند البيهقي في السنن الكبرى (۳/٠۳۷)› والترمذي (٢٠۲4)› والمنذري في الترغيب والترهيب (٤/۲۸۲)›؛ والمتقي الهندي في كنز العمال (١111) والسيوطي في اللالىء المصنوعة (۲/٢٤۲۱). والتبريزي في مشكاة المصابيح ( 0۷۰( قنطرة العوارض ۳٦۲ وما من عبد وهب الله له صبراً على الأذىء وصبراً على البلاى وصبراً على المصائب إل وقد أوتي أفضل ما أوتيه أحد بعد الإيمان . قال آبو فراس: المرء بين مصائب لا تنقضي حتی یواری شخصه في رمسه فمعجل يلقى الردى في أهله ومؤجل يلقى الردى في نفسه وقال عليه السلام: «أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والاخرة». قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: «قلب شاكر ولسان ذاكر وبدن صابر وزوجة عفيفة لا تخونه في نفسه وماله». قال الشاعر : صبرت وكان الصبر خير معول وهل جزع يجدي علي فأجزع صبرت على ما لو تحمل بعضه جبال شرور أوشکت تتصدع ورددت دمع العين حتى رددته إلى باطني فالعين في القلب تدمع ومنها أن تعلم أن النعمة زائدةء وأنها لا محالة زائلةء فعلى قدر السرور منها يكون الحزنء وقد قال في منثور الخحكم: المفروح به هو المحزون عليهء وقيل: من بلغ غاية ما يحب فليتوقع غاية ما یکره. وقال يعض الحكماء: من علم أن كل حادثة إلى انقضاء حسن عزاه عند نزول البلاء . وقيل للحسن البصري: كيف ترى الدنيا؟ فقال: شغلني توقع بلائها عن الفرح برخائها . وأنشد لبعض الشعراء : حياتك بالهم مقرونة فلا تقطظع الدهرللابهم حلاوة نياك ممزوجة فلاتأكل الشهدإلابسم ومنها أن يعلم أن سروره مقرون بمساءة غير كما أن حزنه مقرون بسرور غیره» إذا كانت الدنيا تنتقل من صاحب إلى صاحب فتكون سروراً لمن وصلته وحزناً لمن فارقته . ولذلك قال النبي عليه السلام: «ما قرعت عصى على عصى إلا فرح لها قوم وحزن اخرون». وقال البحتري : مى أردت الدنيا نباهة خامل فلا ترتقب إلا خمول نيه () أطراف الحديث عند المنذري في الترغيب والترهيب (۳۹۸/۲ء 81/۳). والسيوطي في الدر المتثور )۱/١۱( والمتقي الهندي في کنز العمال (٤٤٤۳٤). وفي أمالي الشجري (۱/٠٢۲)› والشكر لابن أي الانيا (٤۲). ٤٦ قنطرة العوارض فأوضحه المتنبي فقال : بذا قضت الأيام مابين أهلها مصائب قوم عند قوم فوائد 0 / ومنها أن يعلم أن طوارق الإنسان من دلائل فضلهء ومحنة من شواهد نبلهء ولذلك إحدى علتين: إما لأن الكمال معور والنقص لازم» فإذا توفر الفضل عليه في أمر صار النتقص فیما سواه . وقد قيل: من زاد في عقله نقص من رزقهء وقد روي عن النبي يله أنه قال: «ما انتقصت جارحة من الإنسان إلا كانت ذكاء في عقله». وينشد: إذا جمعت بين امرأين صناعة فاحبيت أن تدري الذي هو أحذق فلا تتفقد منهما غير ما جرت به لهما الأرزاق حين تفرق فحيث يكون النقص فالرزق واسع وحيث يكون الفضل فالرزق أضيق وإما لأن الفضل محسود وبالأذى مقصود؛ فلا يسلم من طعن حاسد وترة معاد. وقد قال الصنوبري : محن الفتى يخبرن عن فضل الفتى كالنار مخبرة يفضل العنبر وقل ما تكون محنة فاضل إلا من جهة ناقص وبلوی عالم إلا على يد جاهل؛ لاستحکام العداوة بينهما: بالمباينة وحدوث الانتقام لأجل التقدم. قال الشاعر: فلا غرو أن يبلى أديب بجاهل فمن ذنب التنين تنكسف الشمس ومنها ما يستفيد من الحكمة بنوائب عصره؛ فيطلب عدوه ويستقيم حاله بما جرب من حالتي دهره في الشدة والرخاء» ويتعظ أيضاً بما اختبر من أمور زمانه فلا يغتر برخاء ولا يطمع في استواء ولا يأمل أن تبقى الدنيا على حالةء فإن من عرف الدنيا وخبر أحوالها هان عليه بؤسها ونعيمها. وأنشد لبعض الأدباء : إني رأيت عواقب الدنيا فتركت ما أهوى لما أخشى فكرت في الدنيا وعالمها فإنذا جميع أمورها تفنى ]0٦۳۰[ / وبلوت أكثرأهلها فإذا كل امرء في شأنه يسعى أسشى متازلها وأرفعها في العز أقربها من المهوى تقفو مساؤمامحاسنها لا فرق بين النعي والېشرى ولقد مررت على القبور فما ميزت بين العبد والمولى قنطرة العوارض ‎o‏ ومنها أن يتفكر في حلاوتها عاقبة الصبر وما أعد الله للصابرين من الثواب الجزيل . وقد روي عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: ما أنعم الله على عبد نعمة انتزعها منه وعوضه الصبر منها إلا كان ما عوضه منها أفضل مما انتزع منه وقرا: «إَمَا يى ألصَّايرُونَ أَجْرَهُمْ عير حاب . وروي عن النبي يِل أنه قال: «ما من مصيبة وإن عظمت إلا والصبر خير منها». وروي عن النبي ية أنه قال: «إذا كان يوم القيامة وجمع الله الخلائق نادى مناد: أين أهل الصبر؟ فيقوم ناس قليل فينطلقون سراعاً إلى الجنة فتستقبلهم الملائكة فتقول لهم: إنا نراكم سراعاً إلى الجنة هل حوسبتم؟ فيقولون: ليس علينا حساب لأنا أهل الصبر أو ما سمعتم الله تعالى يقول: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب. فتقول لهم الملائكة: على م صبرتم فيقولون: صبرنا على طاعة الله وعن معصية الله فتقول لهم الملائكة: ادخلوها: وسَلاٌ يكم ما صبرت الآ . أبصارهم وأهل البلاء . وأما أهل الراية فتعقد لهم الراية فييدا بمن ذهبت أبصارهم› ثم يعطى الناس على قدر أسقامهم» / فيعطون من الثواب حتى أنهم يودون لو قرضوا في الدنيا بالمقاريض». ‏ [3۰۷] فإذا تذكر المصاب هذا الثواب وظفر بأحد هذه الأسباب التي قدمناها تخففت عنه أحزانه وتسهلت عليه أشجانه فصار وشيك السلوة قليل الجزعء حسن العزاء. وقد قال بعض الحكماء: من حاذر لم يهلعء ومن راقب لم يجزع» ومن کان متوقعاً لم يلف متوجعا. قال الشاعر : () سورة الزمر الآية: ١٠. () قال الحافظ العراقي في المغني (ج ٤ص 1٩ طبعة دار الحديث) في معنى هذا الحديث أخرجه الترمذي من حدیث ابن عباس . () سورة الرعد الآية: ٢٤۲. () أطراف الحديث عند المتقي الهندي في كنز العمال (۲۹۳)ء ولأبي نعيم في تاريخ أصبهان (۱/٠۲0). (٥) أطراف الحديث عند أبي نعيم في حلية الأولياء (۷/ ۸۸ء ۱۲۷) ابن أبي شيبة في منصفه (١٤۱: ١٠٠)› النسائي (۷/٤۸) وابن ماجه (١٠٠٦۲› ۲۱۱۷) والبخاري (۸: ۱۳۸)›ء أحمد (۳۸۸/۱ء 7٤8) وابن أبي شيية (۹/٦٤٤). وفي مسند الشهاب (۲۱۲). ٦۳۹ هون عليك فكل الأمر ينقطع فكل هم له من بعده فرج إن البلاء وإن طال الزمان به وقال آخر : مايكون الأمرسهلا كله هون الأمر تعش في راحة تطلب الراحة في دار الفنا وعن وهب بن منبه أنه قال: ليس بفقيه كامل الفقيه من لم يعد البلاء نعمة والرخاء قنطرة العوارض وكل أمر إذا ما ضاق يتسع إنما الدهر سهول وحزون قل ماهونت إلا سّيهون ضلٌ من يطلب شيئاً لا یکون مصيبةء وذلك أن البلاء يتبعه الرخاء والرخاء يتبعه البلاء. قال الشاعر : [۳۰۸] يقولون أعمى قلت ن وربما إذا أبصر القلب المروءة والتشى فإن العمى أجر وذخر وعصمة وإني إلى هذا البلاء لفقير فإذا تصور العاقل الرزايا قبل أن ينزلن به هانت عليه عند نزولهاء قال الشاعر: تمشل ذو اللب في لته فإن نزلت نحوه لم ترعه رأى الأمر يقضي إلى آخر / وذو الجهل يأمن أيامه فإن دهمته صروف الزمان ولو قدم الحزن في نفسه وقال آخر : تعز فإن الصبر بالحر أجمل فلو كان يغني أن یری المرء جازعاً لكان التعزي عند كل مصيبة وكیيف وكل ليس يعد وحمامه فإن تكن الأيام فينا تبدلت فما لينت فينا قناة صليية ولكن أحلناها نفوساً كريمة مصائبه قبل أن تتزلا لما كان في نفسه مشلا فصب ر آخ ره أولا وینسی مصارع من قد خلا لعلمه الصبر عتدالبلا وليس على ريب الزمان معول لنائبة أو كان يغني التذلل ونازلة بالحر أولى وأجمل وما لامرء عما قضی الله مزحل بيؤس ونعما والحوادث تفعل ولا دللتتنا للكي لیس تجمل قنطرة العوارض ۷٦۲ ومن لم يشعر نفسه ما ذكرناه من أحوال الدنياء وتقضي مسارهاء ثم مصير أهلها إلى القبور صرعاً بين الجنادل والصخور» قد فارقهم الأحباب حين سكنوا التراب» ألفته الحوادث جازعاً وتضاعف عليه من شدة الأسى ما لا يطيق عليه صبراً ولا له دفعاً. ومما يعين على شدة الجزع › وببعث على المصائب أسباب الهلعء تذکره المصاتب النازلة ء وتصوره المسار المنقضية حتى لا يجد مع التذكار سلوةء ولا يخلط مع التصور تعزية. ولا يبعث الأحزان إلا التذكر ويروى أن الحجاج بن يوسف لما مات ابنه محمد جزع عليه جزعاً شديداً فقال: إذا غسلتموه فأروني ذلك» فأعلموه فلما دخل البيت عليه قال متمثلاً : الآن لما كنت أجمل من مشى وأفترنا بك عن شباب القادح / وتكاملت فيك المروءة كلها وأعنت ذلك بالفعال الصالح ]۳۰۹ فقيل له: اتق الله أيها الأمير واسترجع. فقال: «إنًا لل َا له رَاجعُون»”°. ثم أنشأً أبياتاً تركتها مخافة التطويل . ومما يبعث علي الجزع أيضاً شد الأسف والحسرة› فلا یری للمصية عوضأ ولا لمفقوده بدلاً فيزداد بالأسف ولعاء وبالحسرة هلعاً ولذلك قال الله تعالى : كيلا [تأسوا]" على ما قَاتَکه€ الأية. وقال بعض الشعراء : إذا ابتليت فشق بالله وارض به إن الذي يكشف البلوى هو الله اليأس يقطع أحياناأبصاحبه لاتأسفن فإن الصائنع الله إذا قضى الله فاستسلم لقدرته مالامرىء حيلة فيما قضى الله ومما يبعث على الجزع أيضاً كثرة الشكوى ويث الجزع وقيل في قوله تعالى: فَأصْيرُ صَبْرا جَميلا»: إنه الصبر الذي لا شكوى فيه ولا بث. () سورة البقرق الآية: ١١٠. (۲) ساقطة من المخطوط. (۳) سورة الحديد الآية: ۲۳. )٤( سورة المعارج › الآية: ٥0. ۸ قنطرة العوارض وقال عليه السلام: «ما صبر من بث . قال الشاعر : سأكسب صبراً واحتساباً لأني أرى الصبر سيفاً ليس فيه فلول عداني أن أشكو إلى الخلق أنني عليل ومن أشكو إليه عليل ويمنعني الشكوى إلى الله أنه عليم بما ألقاه قبل أقول وقال تعالى حكاية عن نبيه يعقوب عليه السلام: ّما أَشكُوا بَثِي وَحُرْني إلى اللّهگ*. وقيل: مكتوب في التوراة من اشتکی بمصيبة نزلت به فإنما یشکو ربه . وحكي أن أعرابية دخلت من البادية فسمعت صوارخ في دار فقالت: ما هذا؟ فقيل لھا مات لهم ميت. فقالت: ما أراهم إلا من ربهم يستغيثونء ومن قضائه يتبرمون» وعن ٹوابه يرغبون. وینشد: لا تكشر الشكوى إلى الصديق وارجع إلى الخالق لا المخلوف لا يحرج الغريي بالغريىق ]۰٠۳۱[ وقيل في منثور الحكم: من ضاق / قلبه اتسع لسانه. وييعث على الجزع أيضاً: اليس من جبر مصييته والنظر إلى من سلمت نعمته فيجتمع عليه مع حزن المصيبة قنوط اليأس» وأنه أفرد بالرزية من بين الناس فلا يتفق معهما صبر ولا يتسع لهما صدر» ولذلك قيل: المصيبة بالصبر أعظم المصيبتين. وأنشد لامرأة من الأعراب : أيهاالإنسان صب : إن بعد التشريشرا كم رأينااليوم حرا لم يكن بالأمس حرا لك اصق ملكاحخ را وش را ا رب الصبروإن كان مرن الصّبرأمراً وأنشد لبعض أهل الأدب : يراع الفتى للامر تبدو صدوره فيأس وفي عقباه يأتي سروره ألم تر أن الليل لما تكاملت دجاه بداية الصباح ونوره (١) قال الحافظ العراقي في معنى هذا في المعنى (ج ٤ ص ١١٠ طبعة دار الحديث). لم أجده مرفوعاً وإنما رواه ابن أيي الدنيا في المرض والكفارات من رواية سفيان عن بعض الفقهاء قال: «من الصبر أن لا تتحدث بمصيبك ولا بوجعك ولا تزكي نفسك». ‎ )۲(‏ سورة يوسف» الاية: ٦۸. ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ قنطرة العوارض فلا تصحبن اليأس إن كنت عالماً لبيباً فإن الدهر تنشر أموره ۹٦ واعلم أنه قد قل من صبر على شدة إلا كان انكشافها سريعاًء وقد حکي أن بعض الكتاب يقال له : أبو أيوب حبس في السجن خمس عشرة سنة حتی ضاقت حیلته» وقل صبرهء فكتب إلى بعض إخوانه يشکو طول حبسه» وقلة صبره» ورد عليه جواب رقعته فقال : صبراً أبا أيوب صہر مرج إن الذي عقد الذي انعقشدت له صبراً فإن الصبر يعقشب راحة صبرتي ووعظتني وأنا لها إِذا عجزت عن الخطوب فمن لها عقد المكاره فيك يملك حلها ولعلها أن تنتجلي ولعلها وستتجلي بأن لا أقول لعلها كرما به إذ كان يملك حلها / قال: فلم يلبث في السجن بعد ذلك إلا أياماً حتى أطلق مكرما والله أعلم . وهذا الذي ذكرناه من الأشياء المتقدمة هو دواء الصبر على سائر أنواع البلايا والله أعلم . دواء الصبر عن شهوة البطن والفرجء فإنه إذا غلبت عليه بحيث لا يملك فرجهء أو يمقتضيات الشهوةء وتصرفه عن المواظبة على الذكر والفكر والأعمال الصالحات . فالسبيل إلى تضعيف باعث الشهوة ثلائة أمور: أحدها: أن يقطع مادة الشهوة وهي الأغذية اللذيذة فلا بد من تغليلها بالصوم الدائم مع الاقتصار عند الإفطار وعلى طعام قليل في نفسه ضعيف في جنسه فيحترز عن اللحم والأطعمة المهيجة للشهوة› وهذا يضاهي قطع العلف عن البهيمة الجموح لتضعف فتسقط قوته. الثاني: قطع أسباب الجماع المهيجة له في الحال؛ فإنه إنما يهيج بالنظر إلى الصور القلبء والقلب يحرك الشهوة؛ وهذا يحصل بالعزلة وتغميض الأجفان والهروب من صوب () قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٢٠۳ طبعة دار الحديث). أخرجه الحاكم وصححه إسناده من حديث حذيفة. وقال المحقق أخرجه الحاكم (٤/٤۳۱) وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي بقوله: إسحاق واه وعبد الرحمن هو الواسطي ضعفوهء وقال الآلبائي في (الضعيفة / ١٦٠٠) ضعيف جداً. [۳۱۲] رمي إبليس؛ فإنه إنما يرمي هذا السهم عن قوس الصور المشتهات فإذا اعتزلتها لم يصبك رمي إبليس . الطبع ففي المباحات ما يغني عن المحرمات. وهذا هو العلاج الأنفع في حق الأكثر فإن قطع الغذاء يقطع عن سائر الأعمالء ثم / لا يقمع الشهوة قمعاً شافياً في حق الأكثرء ولذلك قال عليه السلام: «معاشر الشباب من استطاع منكم الباه فليتزوج ومن لم يستطع فليصم فإن الصوم له وجاء»”. فهذه ثلاثة أسباب فالعلاج : الأول يضامي تطح علف البهيمة الجمرح سقط قوت بسيب المشاهدة لذلك ` والثالث: يضاهي تسليتها بشيء قليل كما يميل إليه طبعها حتى يبقى معها من القوة ما تصبر به على التأدیب والله أعلمء وكذلك علاج الشهوة من الطعام على هذا الحال ء وقد تقدم في باب الزهد والقناعةء وشهوة البطن ما يغني عن ذلك . فهذا منهاج العلاج في جميع أنواع الصبرء وإنما أشدها كف القلب عن حديث النفس؛ء وإنما يشتد ذلك عن متفرغ لهء فإن قمع الشهوة الظاهرةء وآثر العزلةء وجلس للمراقبة والذكر والفكر» فإن الوساوس لا تزال تجاذبه من جانب إلى جانب» وهذا لا علاج له البتة إلا قطع علائق الدنيا عن القلب ظاهراً وباطناً بالفرار عن الأهل› والأولاتى› والمال› والجاه› والأصدقاى والأعتزال من جبل إلى جبل إن قدر على ذلك مع يسير من القوت والقناعة ثم لا يكفي كل ذلك ما لم تصر الهموم هماً واحداً وهو الله سبحانه. ثم إذا غلب ذلك على القلب فلا يكفي ما لم يكن له مجال في ملكوت السموات والأرض وسائر معرفة الله تعالى وعجائب صنعه وإن لم يكن له مسير بالباطن إلى الله تعالى قلا ]۳۱۳[ ينجیه إل العبادة المتصلة المرتية في کل لحظة من القراءة والذكر والصلاة / مم إحضار القلب معها. (١) قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٢۳ طبعة دار الحديث) في نحوه. متفق عليه من حديث ابن مسعود . قنطرة العوارض ۲۷۱ واعلم أن هذا لا يمكن إلا لمن رزقه الله قوة اليقين» ومنحه الصبر ومجاهدة الهوى بالجد المبين؛ ومع ذلك لا يسلم له إلا أقل الأوقات إذ لا يخلو عن حوادث تشغله عن الفكر والذكر من مرض أو خوف أو أذى إنسان أو تعلق قلب بأسباب المعيشة ولكن بعد قطع العلائق كلها تسلم له أكثر الأوقات إن لم تنزل به ملمة واقعة› وفي تلك الأوقات يصفو القلب ويتيسر الفكر وهذا أقصى ما يقدر عليه اللإنسان بالمجاهدة . وقال بعض العلماء: المسير من الدنيا إلى الاخرة سهل على المؤمنء وهجر الخلق في جنب الحق شديدء والمسير بالنفس إلى الله تعالى صعب شديدء والصبر مع الله أشبء فذكر شدة الصبر عن شواغل القلب ثم شدة هجران الخلقء وأشد العلائق على النفس علاقة الخلق وحب الجام وعلاجهما: الاعتزال وإخمال النفس ولا يصلح ذلك إلا بالزهد الكامل والمجاهدة التامة حتى يملك العبد شهوته وغضبه فينقادان للشرع وذلك هو الملك الحقيقى . منك حاجة وملكي أعظم من ملكك؟ قال: وکيف؟ قال: من أنت عبده فهو عبدي» قال: آنت عبد شهوتك › وغضب؛ وفرجك › وبطنك وقد ملكت هؤلاء كلهم فهم عبيدي . فإذا هذا هو الملك في الدنيا الذي يسوق صاحبه إلى ملك الأخرة لا الملك الذي لا تباعته على الإإنسان فى العقبى . فما أعظم اغترار الإنسان / إذ ظن أنه ينال ملك الأخرة بطلبه ملك الدنيا الذي يصير به [٤٠3] الإنسان مملوكاً لشهوته وغضبه وبطنه وفرجه ومثل هذا لا يكون إلا منكوساً في الدنيا معكوساً في الاخرة والله أعلم . وأما علاج الصبر عن الرئاسة والجاه فيحصل يثلاثة أمور: أحدها: بالهرب عن مواضعها حتى لا يشاهد أحد أسبايه فيعسر عليه الصبر . والثاني: أن يكلف نفسه ترك الأعمال التي تقتضي التكبر ويستعملها أعمالاً تفيده التواضع في جميع أحواله من ملبس؛ ُو مطعم؛ و مکل ُو مرکب؛ حتی يرسخح ذلك في نفسه فيكون متواضعا. ٢Y‏ قنطرة العوارض والثالث: أن يراعى التدريج بالإشارة لقوله عليه السلام : «إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة الله فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى» ٠ فهذا علاج الرئاسة وحب الجاه. ويروى عن بعض العلماء أنه قيل له: بماذا يقوی الصابر على صبره؟ قال: إذا علم أن في صبره رضى مولاء جل جلاله أما سمعت قول الحكيم : رضيت وقد أرضى إذا كان مسخطي من الأمر ما فيه رضى صاحب الأمر فصل اعلم أن للصبر شروطاً لا بد من مراعاتها: منها أن تعلم كيف تصبر؛ لأن الصبر معناه حبس النفس عن الجزع› ومعنى الجزع اضطراب النفس في الشدة والصبر ترك ذلك . ومنها أن تعلم لمن تصبر؛ لأنه قيل في قول الله تعالى : أضيروا وَصَابِرُوا وَرَابطوا°. أي اصبروا من الله وصابروا بالله ورابطوا مع الله . ومنها أن تعلم ما تريد بصبرك وقد ذكرنا ثواب الصبرء وجملة ذلك أن الصبر النجاة من ١ الشدائدء والنجاح في الأمورء والظفر بالأعداء» والتقدم على / الناس» ونيل الإإمامةء وحسن الثناءء والبشارة والصلاةء والرحمةء وتحقيق الهدى» والثواب الذي لا غاية له ولا نهاية› وذكر الايات المذكور فيها ما ذكرنا من الكرامات يطول الكتاب بها . ومنها حسن النية واحتساب الأجر على ما صبر عليه ولمن يصبر له فإذا أتى الإنسان بهذه الشروط صار من الصابرين الذين يوفى لهم الأجر بغير حساب» وإلاً فهو مثل البهيمة نزل بها البلاء فاضطربت لذلك ثم هدى ذلك عنها فهدأت وبالله التوفيق . وقد روي عن بعض العلماء أنه قال: من عزم على قطع طريق الاخرة فليجعل في نفسه أربعة ألوان من الموت: الأبيض» والأحمرء والأسود» والأخضر: فالموت الأبيض الجوع›ء والأسود ذم الناس» والأحمر مخالفة الشيطان» والأخضر الوقائع والشدائد بعضها في أثر يعض والله أعلم» وهذا كله لا ينال إلا بتوفيق الله تعالى وحسن عونه. () ذكر الحافظ في المغني (ج ٤ ص ١۲٠ طبعة دار الحديث). أخرجه أحمد من حديث أنس والبيهقي من حديث جابر وقال في (ج ١ ص ١0۳) ولا يصح إسناده قال المحقق: «إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ..... الحديث» ذكره الألبائي في (صحيح الجامع ۲۲46) وقال: حسن. (۲) سورة آل عمران؛ الاية: ٢٠۲. قنطرة العوارض ‎۲V۳‏ ولقد روي أن الله تعالى أوحى إلى أيوب عليه السلام: يا أيوب لا تعجبن من صبرك؛ فإنى قد علمت ما تجد كل شعرة من لحمك ودمك؛ ولولا أني أعطيت كل شعرة من ذلك صبراً ما صبرت وبالله التوفيق. الباب الرابع في القضاء والقدر وورود أنواعهما سر قال الله سبحانه: «إًا كَل شَيْءِ حَلفَْاءُ ِدر . وقال تعالى: «أن الله يَعْلَمْ ما في السّمَاءِ والأَرْض4”*. إن ذلك يعني العلم في كتاب الاية. وفي الحديث: «أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب فقال: يا رب وما أكتب؟ قال: أكتب علمي في خلقيء فجری القلم بما هو کائن إلى يوم القيامة”” . وفي الحديث أن الرسول عليه / السلام قال: «قال الله تعالى: أنا الله الذي لا إِله إلا أنا [٢۳۱] خلقت الخير والشر فقدرته على يدي من يكون فطوبى لمن خلقته للخير وقدرته على يديه وويل لمن خلقته للشر وقدرته على يديە»”*. وعنه عليه السلام أنه قال: «لكل أمة مجوس ومجوس هذه الأمة القدرية*° . ويروى أنه لما احتضر عبادة بن الصامت قال له ابنه عبد الرحمن: يا أبت أوصني. قال : أجلسوني» فلما جلس قال: يا بني اتق الله ولن تتقي الله حتى تؤمن بالله ولن تؤمن بالله حتى تؤمن بالقدر خيره وشره من الله وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك» وما أخطأك لم يكن ليصييك؛ سمعت رسول الله يي يقول: «القدر على هذا فمن مات على غيره دخل النار». () سورة القمر الآية: 4۹ . () سورة الحج؛ الآية: ٠۷. (۳) أطراف الحديث عند ابن أبي عاصم في السنة (۱/ ۸٤ء ۹٤)٠ () ذكر الحافظ العراقي نحوه في (ج ٤ ص ۸٠٥ طبعة دار الحديث) وقال: أخرجه ابن شاهين في شرح السنة عن أبي أمامة بإسناد ضعيف. () أطراف الحديث عند آبو داود (٤۹٤٤)ء وأحمد (۲/٠۸)› الهيثمي في مجمع الزوائد (۷: ۷٠۲) والمتقي الهندي (٤ 5٥050› ٥ ) والسيوطي في الدر المتثور (1٦: ١۱۳)ء وابن القيسرافي في تذكرة الموضوعات (147)› وابن عدي في الكامل للضعفاء (1٦: ۲۳۱۷). والسيوطي في اللالىء المصنوعة (۱۳۳/۱ ١۱۳) وابن كثير فى التفسیر (٥/40۹). قناطر الخيرات/ ج ۱۸۴/۳ ‎Y۷‏ قنطرة العوارض ‏وعن مالك بن دينار قال: قرأت في اثنتين وسبعین کتاباً من کتب الله عز وجل ان من أضاف إلى نفسه شيئاً من الاستطاعة فقد كفر ولعله يريد شيثاً من القدر. ‏وعن محمد بن الحسن قال: اختلف رجلان في القدر فتراضيا بأول رجل يلقيانهء فلقيا رجلا فقالا له: ما تقول فيما اختلفنا؟ فقال: أقول إن الذي جعل الشهد في التحلة هو الذي جعل السم في الحية. ‏وعن ابن قتيبة أنه قال: بلغني أن رجلا من المتكلمين لقي نصرانياً فقال له: ألا تسلم؟ فقال التصراني: إن الله لم يرد. فقال له المتكلم: بل أراد ولكن الشيطان لا يدعك. قال النصراني: إني مع أفوالهما وقال الله تعالى الفعال لما يريدء جل ربنا وتعالى أن يكون في ملکه ما لا يرید. ‏وعن عمر بن عبد العزيز أنه قال: لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق ٳِبليس» فهو راس م انتم عل فان إلا من هُوَ صَالِ الْجَيم»٩. اما يقرؤون هذه الآية: كما بَدأكُم تَُومُونَ”' كفاراً ومؤمنين . ‏ویروی أن بني إسرائيل اختصموا في القدر خمسمائة سنة ثم انتهوا إلى عالم من الجاهل . ‏ويروى أن رجلا سأل علي بن أبي طالب عن القدر. فقال: تسئلني عن شيء تملکه مع قلت تملكه مع الله فقد جعلت نفسك شريكاً مع اللهء وإن قلت تملکه من دون الله فقد جعلت نفسك معبوداً من دون الله. فقال: وما المخرج يا أمير المؤمنين؟ قال: أنت المالك لما مَلَكَكَ الله 9 والقادر على ما عليه قدرك› ولا حول لك على معصية الله إلا بعصمته› ولا قوة لك على طاعة الله إلا بتوفيقه» أما سمعت الناس يقولون: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . ‏() سورة الصافات؛ (الأينان: ١١۱ ١١۱). (۲) سورة الأعراف» الاية: ۲۹. ‎ ‎ قنطرة العوارض ‎Vo‏ ‏فصل ‏اعلم يا أخي أن الأمور مفروغ منها خير وشر وشقاوة وسعادة وغنى وفقر وخلق وخلق ورزق وأجل وغير ذلك فلا يجري في العالم: من حركة وسكون؛ ونفعء وضر؛ وطاعةء ومعصية» وإيمان» وكفر إلا بما جرى به القلم وسبق به القضاء والقدر . وكذلك لا يطير طائر بجناحيهء ولا يدب حيوان على بطنهء أو رجليهء ولا تسقط ورقة؛ ولا تطير / بعو ضة إل بقضاء وفدر› وإرادة من الله تعالى ومشيئة› كما لا يجري شيء ]۳۱۸[ من ذلك إلا وقد سبق به علمه قال الله سبحانه: ما أَصَابَ من مُصِبَةٍ في الأْض ولا في کو و کُم إلا في كتاب من قبل أن راا . يعني من قبل أن نخلقها يعني النفس وقيل: من قبل أن نخلق المصيبة . وقال لنبيه عليه السلام : ن ي إت كب 461 لأر سي الف 5 . فالواجب على الإنسان امتثال ما أمر به واجتناب ما نهي عنهء ولا يتكلف الخوض في القضاء والقدر فإن ذلك من مخزون علم الله الذي استأثر به عن الخلق ولا يُسْعَل عَمًا يفُعَل وَحُمْ يلون . وقد روي عن النبي يل أنه قال: «إن الله عز وجل افترض عليكم فرائض فلا تضیعوها وحذ لكم حدوداً فلا تتعدوها ونهاكم عن أشياء فلا تتتهکوها وسكت عن أشياء من غير نسیان فلا تتكلفوها رحمة من ربكم فاقبلوها. وقال عليه السلام: «اعملوا فكلكم ميسر لما خلق له“ . (١) سورة الحديد الأية: ٢۲. () سورة التوبق الآية: ٠0. (۳) أطراف الحديث عند الترمذي (٦٢۲۱) وأحمد (۹/۲١۱)› والقرطبي في التفسير (۹/ 01) والمتقي الهندي في كنز العمال (44۷ء ١٠1). والبيهقي في الأسماء والصفات (٤۳۷) وفي تاريخ أصفهان لأبي نعيم (/۲۷)› وكشف الخفا للعجلوني (۳۸/۲). والسيوطي في الدرر المتثرة في الأحاديث المشتهرة (١١۱). (8) سورة الأنبياى الآية: ۲۳. )0( قال الحافظ العراقي في المغني (ج ٤ ص ١۱۳ طبعة دار الحديث) من حديث علي وعمران بن حصين = ٦۲۷ قنطرة العوارض وقال تعالى : نحن فَسَم بَيَهُمْ كَميشََهُمْ في الْحَيَاة الدْا€”°. فصل في الجمع بين القضاء والقدر وبين الطلب والحذر فإن قال قائل: كيف العمل فيما سبقت به الأقدار وجفت به الأقلام وفرغ من قسمته؟ وكيف الحذر مما لا بد من کونه؟ قيل له: اعلم أن القدر والطلب لا يتنافيانء والتوكل والكسب لا يتضادانء وذلك أن تعلم أن كل ما قضى الله تعالى كائن لا محالة كما أن ما علم الله أن يكون فهو كائن لا محالة . ]۳۱۹[ ومن خالف المسلمين في القضاء والقدر فقد / وافقهم في العلم فرب أمر قدر الله وصوله إليك بعد الطلب فلا يصل إليك إلا بالطلب» والطلب أيضاً من القدرء ولا فرق بين الأمر المطلوب وبين الطلب في إنهما مقدورانء فمن هاهنا ثبت أنهما لا يتنافيان . وكذلك التوكل مع الكسب وأخذ الحذر مع الشروع في العمل؛ لأن التوكل والحذر محلهما القلبء والكسب والعمل محلهما الجوارح قال الله اتعالى: طفإِذا رمت فتوکل عَلر الل" . وقال تعالی : «حُذُوا حذْرَكُمْ اروا تياتٍ€”" الآية وحكي أن رجلا أتى النبي يَأ على ناقة فقال: يا رسول الله أدعها وأتوكل. فقال عليه السلام : «أعقلها وتوكل». وحكي أن إبليس لعنه الله قال لعيسى ابن مريم عليه السلام: ألست تقول أنه لن يصيبك إلا ما قدر الله عليك؟ قال: نعم. قال: فارم نفسك من ذروة الجبل فإنه إن يقدر لك السلامة تسلم. فقال له : يا ملعون إن الله يختبر عباده وليس للعبد أن يختبر ربه . فالتوکل والاعتصام بالقدرة يستمدان من الأمر فالتوكل هو الثقة بما ضمنه اللهء والقطع بكون ما يحكم به فعلى العبد أن يتحقق أن التقدير من قبل الله تعالىء فإن تعسر شيء فبتقديرە» = قال المحقق هو حديث متفق عليه من رواية علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخرجه البخاري في الجنائز (۱۳۱۲/۳) فتح والتفسير )4۹45/۸ 4۹4۹) ومسلم في القدر (٤/۷/ ص -٤۳۰). () سورة الزخرف:› الآية: ٢۳ . (۲) سورة آل عمران؛ الآية: ١١1. (۳) سورة النساى الآية: ١۷. )٤( قال الحافظ العراقي في المغني (ج ٤ ص 8۲۹). أخرجه الترمذي من حديث أنس» قال يحيى القطان منكر ورواه ابن خزيمة في التوكل» والطبراني من حديث عمرو بن أمية الضمري بإسناد جید «قيدها». قنطرة العوارض ‎YY‏ وإن اتمق شيء فبتیسیره وليعتمد في ذلك على الله سبحانه مسب الأسباب›ء ومسخر الخلق والألباب بشرط ملازمة الطاعة والأمر؛ لأنه لا ينال ما عند الله إلا بطاعته . وقد قال علي من ابتغى أمراً بمعصية الله كان له أبعد لما رجا وأقرب لمجيء ما اتقیء ومن ظن أن الطلب والأسباب يناقضان التوكل فقعد في بيته متوكلاً على ربه كان عن العقل خارجاً وفي تيه الجهل والجاً. ويقال له: فيجب من هذا إذا جعت وحضر الطعام / أن لا تمد يدك إليه ولا تفتح فمك [۳۲۰] فإن قال: نعم. كان إلى العقل أحوج منه إلى المعرفةء والدليل على أن الطلب مأمور به أمر إباحة قوله تعالى : لفَأنتَضِروا في الأزض وَأبَمُوا من فضل اللڳ”". وقال بض العلماء: من قول الله تعالى: «وَلو بسط الله ألرْرْق لِعَبَادِه لَقَوْاِي الأزضڳ". قال: لو رزقهم من غير كسب ألا ترى أن الله قال لمريم: «وَهُريَ رلك بجذع النَحْلةِ الآية. وأنشد في هذا المعنى: لم تر أن الل قال لمريم فهزي بجذع النخل يساقط الرطب ولو شاء أحنى الجذع من غير هزة إليها ولكن كل شيء له سبب ويقال في التوراة: يا ابن آدم حرك يديك يسبب لك رزقكء وفي الحديث قال النبي يَف : االو توکلتم على الله حق توكله لرزقتم كما ترزق الطيور تغدو خماصا وتروح بطانا. فلم يقل: تحمل أرزاقها إلى أوكارها بل ألهمها طلبه بالغدو والرواح . الملوك ما يحجزه عن الطلب والتدبير فأخرجه إخوته من سلطانه وقهروه على مملکته . (١) سورة الجمعة الأية: ۹. (۲) سورة الشورى: الآية: ۲۷. (۳) سورة مريم؛ الآية: ٢۲. (4) ذكر الحافظ العراقي في المغني (ج٤ ص ٢۳۷ طبعة دار الحديث). بلفظ «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله. . .. الحديث». وقال أخرجه الترمذي والحاكم وصححاه من حدیث عمر. وأطراف الحديث عند الهيثمى فى موارد الظمآن (4۸٤۲0) وعند ابن الجوزي في زاد المسير (۸: ٢۲۹)ء وعند العجلوني في كشف الخفا (۲۱۸/۲)› وعند ابن أبي حاتم الرازي في علل الحديث (۱۸۳۲). ۷۸ قنطرة العوارض فقال له بعض الحكماء: إن ترك الطلب يضعف الهمةء ويذل النفسء وصاحبه صائر إلى أخلاق ذوات الأجحرة من الحيوانات: كالضب» وسائر الحشرات تنشاً في أجحرتها وفيها يکون موتها. ثم جمعوا بين القدر والطلب فقالوا: إنهما كالعدلين على ظهر إن حمل في واحد منهما أرجح مما حمل في الاخر سقط حمله وتعب ظهره» وإن عادل بينهما سلم ظهره ونجح سفره. وضربوا في ذلك مثلاً عجيباً وقالوا: إن أعمى ومقعداً كانا في قرية بفقر وضر ولا قائد [] للأعمى ولا حامل للمقعدء فكان في القرية رجلا يطعمهما كل يوم / قوتهما احتساباً فلم يزالا في عافية إلى أن هلك الرجل المحتسب. فلبثا بعده أياماً فاشتد جوعهما وبلغ الضرر منهما جهده؛ء فأجمع رأيهما على أن يحمل الأعمى المقعد فيدوران في القرية يستطعمان أهلها ففعلا فأخذ ذلك الملك في الطلب فظفر بأعدائه ورجع إلى ملكه وكان يقول بعد ذلك: لا تدعن الطلب إتكالاً على القدر ولا تجهدن نفسك فى الطلب معتمداً عليه مستهيناً بالقدر› فإذا أجهدت نفسك بالطلب بوجوه التدبير مصدقاً بالقدر نلت ما تحاولء وإن التوت مع ذلك عليك الأمور فذلك من عوق القدر وأنك قد أتيت ذنباء وتفقد جوارحك وتب إلى الله من كل ذنب واخرج من كل مظلمة فإذا أنت فعلت قابلك الحظ وساعدك القدر إن شاء الله . فصل فإن قال قائل: هل يزيد الرزق بالطلب أو ينقص بترك الطلب أم لا؟ قيل له: عند بعضهم لا؛ أن المكتوب في اللوح المحفوظ مقدر مؤقت لا تبديل لحكم الله ولا تغيير لقسمته وکتایته . ويروى عن بعض العلماء من أصحاب حاتم وشقيق: أن الرزق لا يزيد ولا ينقص بفعل العبد ولكن المال يزيد وينقصء وهذا عند أصحاب القول الأول فاسد؛ لأن الدليل في الموضعين واحد وهو الكتابة والقسمة وإليه الإشارة بقوله تعالى: «لَكيلاً سوا عَلى مَا فاتَكُمْ ‎4C‏ و س ولا تفرَخُوا يما أتاک»”". () سورة الحديدء الآية: ۲۳. قنطرة العوارض ۷۹ ولو كان يزيد بالطلب وينقص بالترك لكان للاسى والفرح موضع إذ هو قصر حتى فاته وشمر حتی حصله؛ وقد قال عليه السلام : «ولو لم تأتها لأيجكى . فإن قال: الثواب والعقاب أيضاً مكتوبان في اللوح / المحفوظ؛ ثم يلزمنا طلبه فيزيد [۳۲۲] بالطلب وينقص بالترك . فاعلم أن طلب الثواب إنما وجب» لأن الله تعالى أمر به أمراً حتماً وأوعد على تركه ولم يضمن الثواب على غير فعل منا. وزيادة الثواب والعقاب إنما هي بفعل العبد والفرق بينهما في نكثهء وهو ما قال بعض العلماء: أن المكتوب في اللوح المحفوظ قسمان: قسم هو مكتوب مطلقاً من غير شرط وتعليق بفعل العبد وهو الأرزاق والاجال ألا ترى كيف ذكرهما الله تعالى مطلقاً فقال: وَمَا ِن 5ة في الأزض إلا على الله ها َعَم معو دما و م مُسَْودَعَهَا کل في کاب م ينگ" . وقال لدا جَاءَ أَجَلَهُمْ لا يرون سَاعَةٌ وَل يَسَقَدِمُو 6 وقال النبي عليه السلام : اأربع فر منهن : الحَليٌّ والحْليٌ والرزق والأجل». وقسم مكتوب بشرط معلق بمشروط وهو فعل العبد وذلك هو الثواب والعقاب› ألا رى كيف ذكرهما اله في كتابه معلقتين قعل العبد فقال تعالى: وَل أن أل اَلْكِتاب أَمَتوا وَأتقُوالَكَمَرنًا عَنْهُم سَيَاتِهمْ وَلَذْحَلَاهُمْ ج جنات النّيم» 89( . وهذا بين فاعلمه. فإن قال: نحن نجد الطالبين يجدون الأرزاق والأموال والتاركين يعدمون ويفتقرون. قيل له: كأنك مع ذلك لا تجد طالباً محروماً فقيراً وفارغاً مرزوقاً غنياًء بلى ٳِن هذا هو الأكثر ليعلم أن ذلك تقدير العزيز العليم . وقد قيل لبزرجمهر: تعال نتناظر في القدر. قال: وما أصنع بالمناظرة بالقدر رأيت ظاهراً فاستدللت به على باطن» رأيت أحمق مرزوقاً وعاقلاً محروماء فعلمت أن التدبير ليس إلى العباد وأنشدوا: (۱) أطراف الحديث عند الزبيدي في الإتحاف (4۷۷/۹) وعند أبي نعيم في تاريخ أصبهان (۱/ ١١۱). وعند ابن آبي عاصم في السنة (/۱۱۷). )۲( سورة هود الاية: 1٦. () سورة الأعراف: الأية: ٢۳. (4) سورة المائدة الآية: ١٠ . ‎Y۸‏ قنطرة العوارض وكم قوي قوي في تقلبه مهنب الرأي عنه الرزق متحرف وكم ضعيف ضعيف في تقلبه كأنه من خليج البحر يغترف هذا ديل على أن الإله له في الخلق سر خفي ليس ينكشف وفي الخبر أن العقل استأذن على البخت فقال: اذهب لا حاجة لي بك. فقال العقل : ولم؟ قال: إنك تحتاج إِليّ ولا احتاج إليك. ويروى أن حكيماً قال لابنه: يا بني رزقك الله جداً يخدمك به ذوو العقول ولا رزقك الله عقلاً تخدم به ذوي الجدود. وكان يقال: إفراط جد العاقل مضربا جد . ‏وفى الأمثال : اسع بجد لا بکد أسع بجد أو دع جدك لا كدكء الكد أغنى من الجد. ‏ويقال: إذا أقبل جد امرء فالأیام تساعده» والأسواء تباعده» وإذا أدبر فالأيام تعاديه› والنحوس تراوحه وتغاديه. ‏واعلم أن زمام الأمور التوفيق ولم ينزل من السماء إلى الأرض أقل من التوفيق وهو مقرون بالاجتهاد قال الله تعالى : «وَالَذِينَ جَامَدُوا ي لَنَهَِْهُمْ شل الآية. ‏وروي أن رجلا قال لعلي بن أبي طالب: أرأيت إن جنبني الهدى وسلك بي طريق الردى ‏قال علي : إن كنت استوجبت عليه شيئاً فقد أساء وإلا فهو يفعل ما يشاء. ‏وسأله رجل عن القدر فأعرض عنه فابى إلا الجواب. فقال علي: أخبرني أخلقك الله كيف شئت أو كيف شاء؟ فأمسك الرجل فقال علي للحاضرين: أترونه يقول كما شاء إِذاً والله أضرب عنقه؟ فقال الرجل: كما يشاء. قال علي: أيحييك كما يشاء أو كما تشاء؟ قال: كما يشاء. قال علي: أيميتك كيف يشاء أو كما تشاء؟ قال: كما يشاء. قال: فيدخلك حیث يشاء أو حيث تشاء؟ قال: حيث يشاء. قال: فليس لك من الأمر شيء. وینشد لبشار بن برد الأعمى : ‏)۱( سورة العنكبوت؛› الآية: ۹ . ‎ ‎ قنطرة الموارض ۸۱ واصرف عن قصدي وعلمي مقصر وأمسسي فما أعقبت إلا التعجبا واعلم أن الهارب مما هو مقضى عليه كالمتقلب في يد الطالب كما قيل : وذكر في كتاب سراج الملوك أن رجلا أخلى من خدمة السلطان بمدينة إسكندرية فظفر به عرفاءه فبينما هو يقتادونه إذ مر على بثر فترامى الرجل فيها. قال: ولهذه المدينة أسراب يسير الرجل فيها قائماً من أولها إلى آخرهاء فما زال الرجل يمشي تحت الأرض حتى وجد بثراً صاعدة فتعلق بها فإذا هو في دار السلطان فقبضه وأدبه ففر بزعمه من السلطان فمشى إليه طائعاً. ويقال: وقع الطاعون بالكوفةء فمر ابن أبي ليلى على حمار له يطلب النجاة فسمع منشداً يقول : أو يأتي الحتف على مقدار فيصبحع الله أمسام السار فكرٌّ راجعاً إلى الكوفة فقال: إذا كان الله أمام السار فلا مهرب . ومن كتاب الباجي أن رجلا أراد التوجه إلى أرض بها الطاعون فتردد فحدى به غلام يا أيهاالمشعر همالا تهم إنك إن تكتب لك الحا تحم ولو علوت شاهقاً من العلم كيف تواقيك وقد جف القلم وروي في الإسرائيليات أن نبياً مَرّ بفخ منصوب وإذا قريب منه طائر فقال الطائر: يا نبي الله هل رأيت أقل عقلاً من هذا؟ / نصب هذا الفخ ليصيدني فيه وأنا أنظر إلیه؟ قال: [٢۳۲] فذهب فرجع وإذا بالطائر في الفخ كذا وكذا. فقال: يا نبي الله إذا جاء الحين لم تبق أذن ولا فصل في الرقى والتمائم والطب والكي وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أمرني النبي ي أن أسترقى من العين . ‎YAY‏ قنطرة العوارض ‏وعن أم سلمة أنه عليه السلام رأى في بيتها جارية في وجهها سعفة فقال: «استرقوا لها فإن بها النظرةه. ‏وعنه عليه السلام : «لو كان شيء يسبق القدر لسبقته العين». ‏وقال لحاضتتي ابني جعفر: «ما لي أراهما ضارعين»". فقالت: يا رسول الله تسرع إليهما العين › ولا يمنعنا أن نسترقي لهما إلا أنا لا ندري ما يوافقك . فقال : «استرقوا لهما». ‏وعن ثابت أنه قال: اشتكيت» فقال أنس: ألا أرقيك برقية رسول الله يَيٍ؟ ‏قال: بلى. قال: قل: «اللهم رب الناس مذهب البأس أشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت اشف شفاء لا يغادر سقما*. ‏وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي يل كان يقول للمريض: «بسم الله تربة أرضنا ورقية بعضنا تشفي سقيمنا بإذن ربنا. ‏وروي عنه أنه كان إذا آوى إلى فراشه نفث في كفه بقل هو الله أحدء والمعوذتين جميعاًء ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت یداه من جسده. قالت عائشة: فلما اشتکی کان يأمرني أن تفعل به ذلك . ‏(١) الحديث عند البخاري (۱۷۱/۷). والحاكم في المستدرك (٤/۲۱۲) والبغوي في شرح السنة (۳/۱۲١۱). وفي مصتف عبد الرزاق (۱۹۷۱۹). ‏(۲) أطراف الحديث عند مسلم (في السلام ب ١٠ رقم ٢٤) والترمذي ٢٥٠۲ء ٢٠٠۲ء وابن ماجه (٠). وأحمد (۳۸/۱٤) والبيهقي في السنن (۹/ ٠٠٥۳ء 4۳۸) والطحاوي في مشكل الآثار (٤/ ٥۷) والطبراني في المعجم الكبير (٠٠/١۲). والكحال في الأحكام التبوية في الصناعة الطبية (١/٤٥6) والمتقي الهندي في الكنز ٤٦۷۱ء ١٠٦1٦۱۷) وابن عبد البر فى التمهيد (۲/ 1۷٦6ء ١6۷1ء ٦/ ٤۲ء ٦ والسيوطي في الحاوي (۱/ 0۸0) والخرائطي في مكارم الأخلاق (8۹). والذهبي في الطب النبوي (١۱۳( وعند الحميدي في مسنده (۳۳۰). وأبي حنيفة في جامع المسانید (۱۱۸/۱ء ۳١۱۱ء ۱۷۳)ء (/۷١). وابن كثير في التفسير (۲۲۹/۸ء ۲۳۱)ء وابن عدي في الكامل للضعفاء (٤/٥۷٥1) والألباني السلسلة الصحيحة (١١۲٠). ‏(۳) أطراف الحديث عند القرطبي في تفسيره (۲27/۹) وفي الموطاً (۹۳۹). ‏(٤) أطراف الحديث عند أبي نعيم في تاريخ أصبهان (۳۸/۲). وفي ميزان الاعتدال (۷٤٤٦٤). ‏(0) أطراف الحديث عند آبي داود (۳۸۹۰) وأحمد (۱/۳١۱) وفي تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (٤/ ٢٥۲) وعند المتقي الهندي في كنز العمال (۷٦۲۸۳). والسيوطي في جمع الجوامع (۹1۸۳). ‏(1) قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٠0). طبعة دار الحديث متفق عليه من حديث عائشة. ‎ ‎ قنطرة العموارض ‎YA۳‏ ‏فقال رجل من أهل الماء: هل فيكم من راق؟ فانطلق رجل منهم فجعل يقرا بفاتحة الکتاب ويجمع بزاقه فيتفل فيه / فبرى فأتوا بشاة فقالوا: لا نأخذها حتی نسئل رسول الله . فسألوه [٢۳۲] فضحك وقال: «وما أدراك أنها رقية أصبتم فخذوها واضربوا لي سهماً إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب لله عز وجل" . وروي أن عائشة رضي الله عنها كانت ثرى البثرة الصغيرة في يدهاء فتلح عليها بالتعويذ . فيقال لها: إنها صغيرة. فتقول: إن الله يعظم ما شاء من صغير ويصغر ما شاء من وقال بعض العلماء: استعمل زيد بن أسلم على معدن بني سليم؛ وكان معدناً لا يزال يصيب الناس من قبل الجن فشكوا ذلك إلى زيدء فأمرهم بالاذان وأن يرفعوا أصواتهم به ففعلوه فارتفع ذلك عنهم . وعن ابن عباس أنه قال: مر عيسى عليه السلام ببقرة قد اعترض ولدها في بطنهاء فقالت: يا روح الله ادع الله أن يخلصني. فقال: يا خالق النفس من النفس ويا مخرج النفس من النفس خلصها. فألقت ما في بطنهاء فإذا عسر على المرأة ولدها فليكتب لها هذا. وعن ابن عباس أنه قال: إذا عسر على المرأة ولدها فليكتب لها: بسم الله الرحمن الرحيم لا إِله إلا الله الحكيم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين . لكأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إل عشية أو ضحاها»”". #كأنهم يوم يرون ما يوعدون»”" : إلى آخر السورة. وروي أن جبريل عليه السلام رقى النبي عليهما السلامء فجعل جبريل يقول: بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء يؤذيك من حاسد وعين . ولهذا جواز الاسترقاء بما كان من كلام الله عز وجل وكلام رسول الله يِء وأما ما کان بالسريانية والهندية مما لا يعرف معناه فإنه لا يحل اعتقاده عند العلماء والله أعلم . (۱) أطراف الحديث عند مسلم في السلام (ب ۲۳/ رقم ٥) والبخاري (۷/٠۷) وأحمد (۳/٤٤) وفي فتح الباري (١٠۱۹۸/۱). وفي تفسير القرطبي (۱/ ۳١۱۱ء ١٠/۳۱۸). () سورة النازعات؛ الأية: 46 . (۳) سورة مريم؛ الأية: ٥۷. ‎Y۸‏ قنطرة العوارض ]۳۷[ / وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي عليه السلام كان يأمر بالكلمات من الفزع ‏حين شكى إليه خالد بن الوليد أنه يفزع في منامه. فقال: «بسم الله أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعذابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون». ‏فكان عبد الله بن عمرو من أدرك من ولده علمه إياهنء وأمره أن يقولهن إذا أراد أن ينام» ومن لم يدرك كتبها وعلقها عليه والله أعلم. ‏وأما الطب فروي عن النبي عليه السلام أنه قال: «الذي أنزل الدواء أنزل الداء»° . ‏وعنه عليه السلام أنه قال: «[الكماة] من المن وماءها شفاء للعين»". وقيل: أنه يخلط في الأدوية . ‏وروي أنه سئل سهل بن سعد: بي شيء دوي جرح رسول الله يَلٍِْ لما كسر على رأس رسول الله يِل البيضة وأدمى وجهه وكسرت رباعيته . ‏وكان علي يختلف بالماء في المجين وجاءت فاطمة تفسل عن وجهه الدمء فلما رأت فاطمة الدم يزيد على الماء كثرة عمدت إلى حصير فأحرقته وألصقته على جرح النبي عليه السلام فرّق الدم. ‏وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لما ثقل النبي عليه السلام واشتد عليه وجعه›ء استأذن آزواجه أن يُمَرّض في بيتي» فاؤِن له فخرج بين رجلين تخط رجلا في الأرض» فقال النبي عليه السلام بعدما دخل بيتها واشتد وجعه: : «اهرقوا علي ماء من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعليّ أعهد إلى الناس»”". ‏() ذكر الحافظ نحو هذا في المغني (ج ٤ ص ٥٤٥ طبعة دار الحديث) وقال في حديث: «ما من داء إلا له دواء عرفه من عرفه وجهله من جهله إل السام . رواه أحمد والطبراني من حدیث ابن مسعود دون قوله : ‎Y'‏ السام . . وهو عند ابن ماجه مختصراً دون قوله: «عرفه. ... إلى آخره». وإسناده حسن وللترمذي وصححه من حديث أسامة بن شريك إلا الهرم» وللطبراني في الأوسط والبزار من حديث أبي سعيد الخدري والطبراني في الكبير من حديث ابن عباس وسندهما ضعيف» والبخاري من حديث أبي هريرة #ما آنزل الله داء إل آنزل له شفاء» ولمسلم من حديث جابر «لكل داء دواء». وفي حدیث بلفظ : «تداووا عباد الله . ...0. رواه الترمذي وصححه وابن ماجه واللفظ له من حديث أسامة بن شريك. ‏(۲) أطراف الحديث عند البخاري (۲۲/۲۳. ٢۷)› (۷/٤۱) ومسلم في الأشربة (۷٠) والبيهقي في السنن الکېری (۹/٤٥٢٤۳) وابن حجر في فتح الباري (۱۱۳/۸)؛ (١۳/۱١۱) والمتقي الهندي في الكنز ‎(۳A۳ ۰۸)‏ والسيوطي في الدر المتثور (۱/ ۷©0›ء 4٤/۷۸). وفي شرح السنة للېغوي ‎C1)‏ وني الطب النبوي للذهبي (۷۸8). وعند ابن عدي في الکامل للضعفاء (٤/۱٦٥۱۳› ۷١۱۳ ٤٤۱ ٢٠٠۲). ‏() أطراف الحديث عند البخاري (١/١۱) والبيهقي في الستن (۱/٠۳) والزبيدي في إتحاف السادة المتقين = ‎ ‎ قنطرة العوارض ‎۸o‏ قالت : فأجلسناء في مخضب لحفصة زوج النبي عليه السلامء فطفقنا نصب عليه مر تلك القرب حتى جعل يشير إلينا. أن قد فعلتن . قالت: فخرج / إلى الناس فصلى بهم ثم خطبهم. ]۳۲۸[ قال: ويحتمل أن يكون النبي عليه السلام أمر أن يصب عليه الماء من القرب التي لم تحلل أوكيتهاء مع ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه عنه عليه السلام من تفضیل من لا وقد روي عن ابن عباس أنه قال: كويت من ذات الجنب والنبي عليه السلام حيّ› وشهدني أنس بن النضر وزيد بن ثابت وكواني أبو طلحة . وقد روي أن سعد بن زرارة اكتوي في زمان النبي عليه السلام من الذبحة فمات» وأن عبد الله بن عمر اكتوي من اللقوة ورقي من العقرب» ويحتمل ذلك أن يكون النبي عليه السلام إنما فعل ذلك بوحي أوحي إليه أنه إذا فعل ذلك سيبرأً ويعهد إلى الناس ويبلغهم ما أمر بتبلیغه» وسائر الناس إنما يقدم على التداوي رجاء أن يبرا دون قطع بذلك ولا يقين ولهذا تأثير في الشرع. وقد أباح الله أكل الميتة للمضطر؛ لأنه متيقن زوال جوعه بهاء ومنعت العلماء شرب الخمر للعطش والتداوي؛ لأنه غير متيقن ببرء دائه بها والله أعلم . وقد روي عن ابن عباس عن رسول الله يلو أنه قال: «الشفاء في ثلائة: لعقة عسل وشرطة محجم وكية نار وأنا أنهى أمتي عن الكي». قال وشكى إلى النبي يَأ رجل فقال: أخي يشتكي بطنه. قال: #«اسقه عسلا». ثم أتاه __—- = )١۲۸۷/۱( والبخاري في التاريخ الكبير (۸/۱٨٠٤). وابن سعد في الطبقات (۲/ ۲۹/۲) والمتقي الهندي في الکنز (٢٤۲۸۲۳). () أطراف الحديث عند البخاري (۹/۷٥۱) وابن ماجه (۹٤۳) وأحمد (۲47/۱) والبيهقي في السنن الكبرى (۱/۹٤۳). والسيوطي في الدر المتثور (٤/۱۲۳) وابن حجر في الفتح (١٠/٦۱۳. ۱۳۷)ء والتبريزي في مشكاة المصابيح (4517). والمتقي الهندي في الكتز (۸۱۷۱) وابن عبد البر في التمهيد (٥/٤۲۷) وابن كثير في التفسير (٤/٠٠0) والقرطبي في التفسير (٠٠/۱۳۹). ٦A‏ قنطرة العوارض فقال: «اسقه عسلا» ثم أتاه الثالثة فقال: «اسقه عسلا». ثم أتاه فقال: «صدق الله وكذب ]۳۲۹[ / بطن أخيك اسقه سل فسقاه فبریء. وعنه عليه السلام أنه قال: «في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام»”” . قال ابن شهاب: السام الموت والحبة السوداء الشُونيز”. وقد روي أن أقواماً قالوا: لا يجوز شرب الدواء إلا لمرض قد وقع بالمریض وإما شربه لدفم إصابة داء فممنوع» وأجاز ذلك آخرون وهو مثل الحجامة لا تفعل غالبا إلا لتوقع داء لم وقد قال عليه السلام: «إن أمثل ما تداویتم به الحجامة والقسط البحري»"° . وقد يصلح الإنسان غرسه بالسقي ويلقح أشجاره وكل ذلك لدفع ما يحذر حدوثه من الفساد. وعن علي أنه قال: من ابتدأ غذاءه بالملح أذهب الله تعالى عنه سبعين نوعاً من البلاء. ومن أكل كل يوم سبع ثمرات عجوة قتلت كل دابة في بطنه» ومن أکل كل يوم إحدی وعشرین زييية حمراء لم ير في جسده شيئا يكرهه واللحم ينبت اللحمء والثريد طعام العرب» ولحم البقر داء ولبنها شفاء وسمنها دواء والشحم يخرج مثله من الداءء ولن تستشف التفساء بشيء أفضل من الرطب» والسمك يذيب الجسد» وقراءة القرآن والسواك يذهب البلغم» ومن أراد () أطراف الحديث عند البخاري (10۹/۷ء ١١۱) ومسلم في السلام (41) والترمذي (۲۸۲) وأحمد )۱۹/۳٠ ۲). والبيهقي في السنن الكبرى (۹/٤۳4) والحاكم في المستدرك (٤/٠٠4) والبغوي في شرح السنة (١٠/۷٤۱) والسيوطي في الدر المتثور (٤/۱۲۳) وتفسير ابن كثير (٤/001). () أطراف الحديث عند: أحمد (۲۳/۲٤ء ٦/٤۱). والهيئمي في مجمع الزوائد (٥/۸۸) والمتقي الهندي في الکتز (۱٥۲۸۲) وفي تاريخ بغداد للبغدادي (۳۷/۱۱٤) والبخاري في التاريخ الكبير (٥/٦۱۸). والألباني في الصحيحة (۹ ۱۸۱۹). (۳) من البزر فارس الأصل وهكذا ينطقونه بضم الشين وهو من شنز بكسر الشين عن أبي حنيفة هذه الحبة السوداء (لسان العرب ٥/ ٢٦۳). () أطراف الحديث عند: البخاري (۳/۷١۱)› والبيهقي في السنن (۳۳۹/۹) والسيوطي في مجمع الجوامع (1۹۱) والتبريزي في المشكاة (٢٢٥٤). › والساعاتي في بدائع المنن (۱۷۷۱) والشافعي في مسنده () وشرح السنة للبغوي (۱۲/ 195). وابن حجر في الفتح (١۱/ ۸٤٠٠ ١٠٠) والذهي في الطب النبوي (١۷) والألباني في الصحيحة (4۳/۳) وابن أبي حاتم في علل الحديث (۲۲۷۳). وابن أبي شيبة ني مصنفه (۷/٤٤٤). قنطرة العوارض ‎YAY‏ ‏البقاى ولا بقاء إلا لله فليباكر الغداء وليقلل غشيان النساءء وليخفف الردى يعني الدين . وروي أن الحجاج قال لبعض الأطباء : صف لي صفة لأخذ بها ولا أعدوها. قال: لا تتكح من النساء إلا فتاق ولا تأكل من اللحم إلا فتياء ولا تأكل المطبوخ حتى ينعم نضجه ولا تشربن دواء إلا من علةء ولا تأكل من الفاكهة إلا نضيجاً ولا تأكل طعاماً إلا أجدت مضخه وكل ما أحببت من الطعام ولا تشرب عليه فإذا شربت / فلا تأكل عليه شيثاً ولا تحبسن [۳۳۰] الغائط والبول» فإذا أكلت بالنهار فنم وإذا أكلت بالليل فامش قبل أن تنام ولو مائة خطوة وتقول العرب في معناه: تغْد تمد تعش تمش؛»٤ يعني تمدد. وقال حكيم لسمين: أرى عليك قطيفة من نسج أضراسك فما هي؟ قال: اکل لباب قيل لأعرابي: ما أسمنك؟ قال: أكلي الحار وشربي القار والإتكاء على شمالي . ويقال: أربعة تقوي البدن: أكل اللحمء وشم الطيبء وكثرة الغسل من غير جماع› ولبس الكتان . وأربعة تهين البدن: كثرة الجماعء وكثرة الهم وكثرة شرب الماء على الريقء وكثرة أكل الحموضة. الامتلاء وأكل القديد الجاف› وشرب الماء البارد على الريقء ومجامعة العجوز. وعن فتسىة قال : ٹلائه يورىن الهزال : شرب الماء على الريق › والنوم على غير وطاءء وكثرة الكلام برفع الصوت. وقال يحيى بن خالد: شيئان يورثان العقل : التين اليابس إذا أكل ودخان اللبان إذا بخر به . وسبعة أشياء تفسد العقل: الإكثار من أكل البصل» والباقلاى والجماعء والخمر› وكثرة النظر في المرآةء والاستفراغ في الضحك» ودوام النظر في البحر. وني الحديث : الاه أشياء تورث النسيان أكل التفاح ء وسۇر الفار› ونىل القَملةَا. وفي رواية أخرى: «والحجامة على النقرةء والبول في الماء الراكد». وقال ابن قتيبة: إِذا خرج الطعام قبل ست ساعات فهو مكروهء وإذا بقي أکثر من أربع وعشرين ساعة فهو ضرر والله أعلم . ‎Y۸‏ قنطرة العوارض ‏]۳1[ وهذا الذي قدمناء من الأدوية مباح / استعمالهاء وإن ترك المداوات اتكالاً على الله ورضى بقضائه فذلك من أعلى مقامات التوكل . ‏وقد قيل لأبي بكر الصديق رضي الله عنه في مرضه ألا ندعو لك طبيباً؟ قال: قد دعوته. فيل : فما قال لك. قال : قال لي إني فَعال لما أريد. ‏وقيل لأبي الدرداء: ما تشتكي؟ قال: ذنوبي. قيل: فما تشتهي؟ قال: الجنة. قيل: ألا ندعو لك طبيباً؟ قال: هو الذي أضجعني. وقيل لبعض الأطباء وقد أنهكته علة ألا تعالج؟ قال: إذا كان الداء من السماء بَطّل الدواءء وإذا قدر الرب بطل حذر المربوب» ونعم الدواء الأملء وبئس الدواء الأجل. وينشد: ‏هلك المداوي والمداوی والذي جلب الدواء وباعه ومن اشتری فصل فيما ورد من النهي عن التصديق بالنجوم والكهانة وفي الحديث أن النبي يي صلى الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل» فلما انصرف أقبل على القوم فقال: «هل تدرون ما قال ريكم؟؟ قالوا: الله ورسوله أعلم بالغيب قال: «أصبح من عبادي مؤمن بي وکافر بي فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن به وكافر بالكوكب وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك مؤمن بي وکافر بالکوکب*۱٩. ‏وذكر أهل العلم في معنى هذا الحديث: إن من جعل الفعل للكواكب أو قضى بنزول المطر عن حلول الكوكب في موضع من المواضع فهو كافر بالله. وأما من وصف ذلك بأن الله يتزل المطر متى ما شاء ويمسكه متى ما شاء ولا فعل فيه ولا تأثير للكوكب ولا لغيرهء ولكن الله أجرى العادة بإرساله المطر في أوقات ماء وإمساكه في أوقات ما. ‏]۳۳[ / وآن هذا هو الأغلب مما أجرى الله العادة به» وأنه قد تنقض هذه العادة؛ لأنها ليست ‏(۱) أطراف الحديث عند الطبراني في الكبیر (۲۸۱/۱۰)› (۱۹/ ١٤ ٠› ٣ والهيثمي في مجمع الزوائد (۲/۱١۲). والمتقي الهندي في الكنز (۸٤٠۳ء ١۳٠1۹٠ ۳۲١۱۹) والسيوطى فى الدر المشور (/۹ 9 ۲۹) وفي الإتحافات السنية (۲۸۱. ۲۸۲) وعند البيهقى فى الأسماء والصفات (٤۱۳)› والسهمي في تاريخ جرجان (۲۹). 7 ‎ ‎ قنطرة العوارض ۸۹ بلازمة وإنما هي غالب الحال وكذا في أوقات الأنواء وبيّن ذلك قوله عليه السلام في حديث آخر : «أن نشأت بحرية ثم تشامت فتلك عين غديقة». فحكم على السحاب إذا كان على هذه الصفة بالغدقء وكثرة المطر؛ لكأن هذا هو غالب عادة تلك الجهة لا أن لكونها بحرية وتشامها بعد ذلك تأثيراً في نزول المطر أو كثرته أو قلته. وعن عبد الله بن عمر عن الثبي عليه السلام أنه قال: «مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إا الله لا يعلم أحد ما يكون في غد ولا يعلم أحد ما يكون في الأرحام ولا يعلم أحد ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت وما يدري أحد متى يجيء المطره. وسئل بعض العلماء عن الرجل ينظر في النجوم فيقول: الشمس تكسف غداء والرجل يقدم وما أشبه ذلك. فقال: أرى أن يزجر عن هذاء فإن لم يزجر أدب والله أعلم. وينشد لمنصور : من كان يخشى زحلاً أو كان يرجوالمشتري و إن ي م 4 وإن كان أبى الأنى بري وله: وليس للنجم إلى ضر افع سيل وإنما النجے عا الأو قات والسمت ديا ی ل وأما الكهان فقد روي عن عائشة أن أناساً سألوا النبي عليه السلام عن الكهان فقال: اليسوا بشيء» فقالوا: يا رسول الله إنهم يحدثون أحياناً بشيء فيكون. فقال: «تلك الكلمة من الجن يخطفها الجني فيقرأها في أذن وليه فيخلطون معها مائة / كذبة». ‎IY)‏ ‏وقال عليه السلام: «من أتى عرافاً أو كاهناً وصدقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد . قال الشاعر : (١) أطراف الحديث عند البخاري (٦/۹۹ء ۹/١٤۱). وابن حجر في الفتح (۸/٥۳۷) (۳۱۱/۱۳). والسيوطي في الدر المتثور (۱1۹/5). وأحمد (۲/٠0)› وتفسير الطبري (٠01/۲). والبغوي في شرح السنة (٤/£۲۲٤). () أطراف الحديث عند البخاري (۸/۸٥). مسلم السلام (ب ٢۱۲۳/۲) وأحمد (٠٦/۸۷). والطحاوي في مشكل الآثار (۳/٤۱۱). وعبد الرزاق في مصنفه (٤٤۳١۲). وابن حجر في الفتح (۱۰/٥۹٥). () أطراف الحديث عند: البيهقي (۸: ١۱۳) والمنذري في الترغيب والترهيب (۳6/4) والحاكم في المستدرك (۸/۱) والمتقي الهندي في الكنز (۷۸٦۱۷). ۹ قنطرة العوارض لا يعرف المرء يوماً ما يتممه إلا كواذب ما يخبره الفال والفال والزجر والكهان كلهم مضللون ودون الغيب أقفال وقد قال تعالى : «عَالمُ قيب فلا يُظْهِر على عَيبِه أحَدا إلا من أَرَتضَى من رَسُول»” وقد قال: فل لا َعَم ممن في السّموات والأزض الْعَيْبَ إلا الله”*. وأحسب أني رآیت عن جابر بن زيد أنه لا يفرق بين الساحر والمنجم في الضلال والله أعلم. فصل في الفال والطيرة قال الله سبحانه : الوا ارپ وَين ت ن طَايرْكُمْ عِنْدَ الله . وقال: وان elo sr ‏دو‎ َصِبْهُمُ سيه وا بِمُوسَیٰ ومن مَعَهُ 4 .96 الآية. وروي عن النبي ي أنه قال: «لا عدوی ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وفر من الجذام فرارك من الأسد° . قال أعرابي: يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمال لكأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها؟ فقال عليه السلام: «فمن أعدى الأول . فالعدوى: هو ما يظنه الناس من تعدي العلل» والأمراض فأخبر أنه لا يعدي. فقيل: يا رسول الله : إنا نرى النقبة من الجرب في مشفر البعير فيعدي إلى جميعه» قال: «فما أعدى الأول . (١) سورة الجن› (الآيتان: ٦7ء ۲7). () سورة النمل؛ الآية: ١1٦. (۳) سورة النمل؛ الآية: 47 . (4) سورة الأعراف» الآية: ١۱۳. (0) أطراف الحديث عند البخاري (ج ۷/٤١۱) أحمد (۲۲/۲. ٢۲۲۲ء ٤4۳) وابن ماجه (٩۸ ۳۹٥۳› ٠ والطبراني في الكبير (۱/٤٠) والهيثمي في مجمع الزوائد (٠/۲٠٠) والبغوي في شرح السنة ١۱۷/۱( والتبريزي في مشكاة المصابيح (45۷۷) والألباني في الصحيحة (۷۸۲ و۷۸۳) والمتقي الهندي في الكتز ‎MCAT TATYY CTATIY CYAN eYATeY «YATe® «VAO4۹ «YAN/8)‏ وابن حجر في الفتح (۱۰/ ٥۱٠٠ ۸ والزيلعي في نصب الراية (۳/ ٢٥1). (1٦) أطراف الحديث عند: البخاري (۱11/۷› ۱۷۹٠ ١۱۸) ومسلم في السلام (١٠٠) وأبو داود في الطب (ب ٢۳) وابن ماجه (٤٤٥۳) وأحمد ۹/۱ ۳۲۸ ۳/٤۳٤) واليهقي (۷/٦۰۲۱ ۲۱۷) وابن حجر في الفتح ( ١۱/۱( قنطرة العوارض ۹۱ وأما الطيرة: فإن العرب كانت إذا أرادت سفراً نفرت أول طائر تلقاه فإن طار يمنة سارت وتيامنت وإن طار شأمة رجعت وتشامت فنهى النبي عليه السلام عن ذلك فقال: «أقروا الطير على وكناتها»٩. وقد روي أن النابغة الذبيانى تجهز هو وزبان بن يسار الفزاري / للغزو فسقطت على ٦٤۳۳] النابغة جرادة فقال : جرادة تجرد وذات لونين» فتطير وبقي فمضی زبان ورجع فقال : تخير طيرة فيها زياد لتخبره ومافيهاخير أقام مكان لقمان بن عاد أشار له بحكمته مشير تعلم آنه لاطيرإلا على متطير وهو الثبور بلى شيء يوافق بعحض شيء أحاينا وباطله كثيرا ومن يترح به لا بد يوماً وحكي عن عكرمة قال: کنا جلوساً عند ابن عباس فمر طائر يصيح فقال رجل من خیر. فقال ابن عباس: لا خير ولا شر. واعلم أنه لا شيء أفسد للرأي» وأضر بالتدبير من اعتقاد الطيرةء ومن ظن أن خوار بقرة واتسم بالاإدبار بل قضاء الله نافذ قال الشاعر : طيرة الناس لا ترد قضاء أي ی ليس يوم إلا وفيه سعود وقد كانت الفرس فيما بلغنا أكثر الناس طيرة. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله يَلْوٍ: «إذا ظنتتم فلا تحققوا وإذا حسدتم فلا تبغوا وإذا تطيرتم فامضوا وعلى الله توكلوا». فينبغي لمن مني بالطيرة وبلي بها أن يصرف عن نفسه وساوس النوكاء ودواعي الخيبة والحرمان ولا يجعل للشيطان سلطاناً عليه في نقض عزائمه ومعارضة خالقه / وليعلم أن [٢۳۳] يجيء به نعمی أو بشير القوم : فاعذر الدهر لا تسبه بلوم والمنايا ينزلن في كل يوم ونحوس تجري لقوم وقوم وم تخم ر 1 ود () أطراف الحديث عند: الهيثمي في مجمع الزوائد (٥/٦٠٠). )۲( أطراف الحديث عند العجلوني في كشف الخفا (١/١١۱) وابن عبد البر في التمهيد (٦/٠1). ۹۲ قنطرة العوارض قضاء الله نافذ ورزق العبد له طالب وأن الحركة سببه فلا يثنيه عنها ما لا يضر مخلوقاً ولا يدفع مقدوراً ولہ ليمض في عزائمه واثقاً بالله تعالى إن أعطى وراضياً به إن منع . وینشد: وما عاجلات الطير تدني من الفتى نتجاحاً ولا عن ريٹهن يخیب ولا خير فيمن لا يوطن نفسه على نائبات الدهر حين تنوب ورب آمسور لا تضيرك طيرة وللقلب من مخشاتهن وجيب فإن قال قائل: إن النبي عليه السلام قال: «لا يردن هائم على مصح». قيل له: يحتمل وجهين : أحدهما: أن يكون الله تعالى قد أجرى العادة بمرض الصحيح عند مجاورة المريض بنوع والثاني: يحتمل أن يريد به ما يطرأ نفسه على نفس المصح من الإشفاق والمخافة فنهى عن ذلك لأجل الأذى والله أعلم . وأما الهامة المذكورة في الحديث المتقدم فهو ما كانت العرب في الجاهلية تعتقده أن القتيل إذا ظل دمه ولم يؤخذ بثأره صاحت هامته من القبر اسقونى. قال الزبرقان بن برد: يا عمرو آلا تدع شتمي ومنقصتي أضريبك حتى تقول الهامة اسقوني وفي كتاب المسعودي!" قال: وزعمت طائفة من العرب أن النفس طائر ينبسط في جسم الإنسان فإذا مات لم يزل طائفاً به متصوراً في صورة طائر يصرخ على قبره ويسمونه الهامة ويزعمون أنه يکون صغيراً ثم يکبر حتی یصیر کالبوم» فأبطل البي عليه السلام ذلك فقال: «لا هامة ولا صفر. ]٦۳۳[ وهي كالحية تكون في الجوف تصيب الماشية والناس وهي عندهم أعدى / من الجرب. قال الشاعر : (۱) أخرجه الربيع بن حبيب في مسنده (۲۰/۱). )۲( راجع معجم المؤلفين (ج ۷ ص ۲۷۲؛ ٠ ص آ۱۲ ٠ ٢٤۲۲ء ۲۹ ١۱۷/۱) وإن كان الراجح أن المؤلف يريد السعودي علي بن الحسين - أبو. الحسن ٥٤ ۳. (۳) أخرجه أحمد (۳۲۸/۱. ٤٤٤). قنطرة العوارض ۹۳ وينبغي للإنسان بل يجب عليه أن يتوكل على اللهء ولا يتطير وقد قال عليه السلام: «كفارة الطيرة التوكل على الله؟ . وليقل الإنسان إذا عارضه في الطيرة ما يكره عنه عليه السلام أنه قال: «من تطير فليقل : اللهم لا طير إلا طيرك ولا يأتي بالخيرات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إل بالله العلي العظيم»” . وروي أن رجلا جاء إلى النبي عليه السلام فقال: يا رسول الله إنا نزلنا دار فكثر فيها عددنا وأموالنا ثم تحولنا إلى أخرى فقلت فيها أموالنا وعددنا. فقال عليه السلام: «ذروها ذميمة . وليس هذا منه على وجه الطيرة ولكن على طريق التبرك بما فارق وترك ما استوحش عنه إلى ما آنس به والله أعلم . وأما الفال: ففيه تقوية على العزم وباعث على الجد ومعونة على الظفرء وقد روي أن وروي أنه سمع كلمة فأعجبته فقال : «أخذنا فالك من فيك . وروي عنه عليه السلام أنه قال: "من ي يحلب هذه اللقحة)؟ . فقال رجل: أناء قال : «ما اسمك؟؟ فقال: موت فقال: «اجلس»» ثم قال: «من يحلب هذه»؟ فقام رجل فقال: أناء فقال: «ما اسمك)؟ قال: يعیش» فقال له: «احلب». وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لرجل: ما اسمك؟ قال: جمرة. قال: ابن من؟ قال : شهاب . قال: من من؟ قال : من الحرقة. قال :/ أين مسكنك؟ قال : بحرة النار. ]۳۳۷[ قال: بأيّها؟ قال: بذات لظى. قال عمر: أدرك أهلك فقد احترقوا. فكان كما قال عمر رحمه الله . قال بعض الحكماء: فقد فرّق الحُذاق من أهل النظر بين الطيرة والفأل . (١) أطراف الحديث عند ابن حجر في الفتح (٤/۳۸؛ ١۲۱۳/۱۰) وابن سعد في الطبقات (٤/۱۳/۲). (۲) أطراف الحديث عند أبو داود (٤۳۹۲) الطبراني في الكبير (۲4۷) والتبريزي في مشكاة المصابيح )£0۸۹( والمتقي الهندي في الکنز (۸/ ۲۸۵۷ ٢٤۳۹۲) والألباني في الصحيحة (۷۹۰). () أطراف الحديث عند أبو داود (۲۹۱۷))› وابن السني في عمل اليوم والليلة (٥۲۸ء ٦۲۸)ء والعجلوني في كشف الخفا (1۸/۲) والزبيدي في الإتحاف (١٠/001) والمتقي الهندي في الكتز (۸۲٥۲۸). [۳۳۸] ٤۹ قنطرة العوارض فقال: الطيرة كانت العرب ترجع إلى ما تمضيهاء وتجري على ما تقضيهاء فمن هم بهم فرأی ما يتطیر منه رجع عنه. والفأل لا يرد المريد عما يريدهء وإنما يقوي منته› ويسر مهجته . وقد قال النبي عليه السلام: «إن البلاء وكل بالمنطق» ` . وقد حكي أن يوسف عليه السلام شكى إلى الله سبحانه طول السجن فأوحى الله إليه : يا يوسف أنت حبست نفسك قلت: «ِرَبٌ أَلسَحنُ أَحَبُ ِي مِمًا يَدْمُونَنِي إِلهه'*. لو قلت: العافية أحب إِليّ لعوفيت. وحكي أن المؤمل بن إميل الشاعر لما قال : شف المؤمن يوم الحيرة النظر ليت المؤمل لم يخلق له بصر عمي» فتاه آت في منامه فقال: هذا ما طلبت . وحكي أن الوليد بن يزيد بن عبد الملك تفاءل يوماً في المصحف١ فخرج قوله عز وجل : «وَاسْتَفْتحوا وَعَابَ کل جيار دې فمزق المصحف وأنشاً يقول: توعد كل جبارعيد فهاأناذاك جبارعنيد فلم يلبث أياماً إلا وقتل شر قتلة وصلب رأسه على قصره ثم على سور بلده فنعوذ باله واعتمد يا أخي على الله تعالى وتوكل عليه فإنه لا راد لأمره ولا معقب لحكمه» وینشد: قالوا: تقيم وقدأحا طبك العدوولاتفر لانلت خيراآمسايقي ست ولا عداني الدهر شر ِن کن ت أعل مأذغ يرالله يشع أويضر غیره: ماقدراللهلابديدركني من ذا الذي يدفع المقدور بالحذر (۱) أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (۳۸۹/۷). )۲( سورة يوسف؛ الاية: ۳۳ (۳) سورة إيراهيم؛ الاية: ١٠ . قنطرة العوارض تعالى . الله أولى يتنا متالأتفسشا غیره : أقام عن المسير وقد أنيخت وقال أخحاف عادية الليالي وأرزاق لا قسمت علينا ومن کتبت ميته بأرض غیره : ليس كل الذي بدار من الأم قدذر الله مالنا وعلينا إن تحن إلا مماليك لمقتدر مطلاياه وغرد حاديها على نفسي وأن ألقى رداها فمن لم تأته مناأتاها فليس يموت في أرض سواها ر علينا يوافق المقدور قبل أن ييرم العدو الأمور فصل في الرضى بقضاء الله والتسليم لآمره اعلم يا أخي أن كفاية ما يجري به المقادير هو الرضى بقضاء الله فيهاء والتسليم لأمره ۹o وقد روي عن ابن عباس أنه قال: أول ما كتب الله في اللوح المحفوظ: أنا الله لا إِله إلا أنا وأن محمد رسوليء من استسلم لقضائيء وشکر نعمائي» وصبر لبلائي کتبته صديقاً ومن لم يستسلم لقضائي» ولم يصبر على بلائي» ولم يشکر نعمائي فليتخذ ربا سواي . ويروى أن عيسى عليه السلام مَر برجل أعمى أبرص» مقعدء مضروب الجنبين / يعالج [۳۳۹] وقد تناثر لحمه من الجذام وهو يقول: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً من خلقه. فقال له عيسى عليه السلام: أي شيء من البلاء أراء مصروفاً عنك. فقال: يا روح الله أنا خير ممن لم يجعل الله في قلبه ما جعل في قلبي من معرفته. فقال له: صدقت هات يدك فناوله يده فإذا هو أحسن الناس وجهاً وأفضلهم هيئة قد أذهب الله عنه ما كان به» فصحب عيسى عليه السلام وتعبد به. فالواجب على العبد أن يرضى بقضاء الله عز وجل لاأمرين: أحدهما: ليتفرغ للعبادة؛ لأنه إذا لم يرض بالقضاء يكون مشغول القلب مهموماً أبداً بأنه لم كان كذا وكذاء ولم لا یکون کذا وكذاء وقد قال بعض العلماء: إن حسرة الأمور الماضية وتدبير الاتية قد ذهبت ببركة ساعتك . ٦۹ قنطرة العوارض والثاني من الأمرين: خطر ما في السخط من عذاب الله تعالىء وقد روي في الخبر أن نبياً من الأنبياء شكى إلى الله سبحانه ما ناله من المكروه فأوحى الله تعالى إليه: إلى كم تشكوني ولست بأهل ذم ولا شكوى» هكذا كان بدء شأنك في علم الغيب فكم تسخط قضاءي عليك فبعزتي حلفت لئن تلجلج هذا في صدرك مرة أخرى لأسلينك ثوب النبوةء ولأوردنك النار ولا آبالي . يا أخي انظر إلى هذه السياسة العظيمةء والوعد الهائل مع أنبيائه وأصفيائه فكيف ما غيرهم» ثم استمع ما يقول: لئن تلجلج في صدرك مرة آخری. ٤٤۳[ هذا في حديث النفس فكيف بمن يصرخ ویستغیث / ویشکو وينادي بالويل والصراخ من ربه على رؤوس الملا ويتخذ على ذلك أعواناً وأصحاباًء هذا لمن سخطه مرة فكيف بمن هو في السخط على الله تعالى طول عمره» وهذا لمن شكى إليه فکیف بمن شکی إلى غیره إن شئت أن تنقضي محياك طيبة فاعط الرضى بالذي يرضى به الله فاختر إرادته فيما كرهت وما احببت فالخير فيما الله أولاه وقال بعض الحكماء: العالم بالل تعالى يعمل على بصيرة الإعطاء والمنع عنده سواء. وقال بعضهم : من لم يرض بالقضاء فليس لحمقه دواء› وقال بعض العلماء : الرضی عن اللهء والرحمة للمخلوقين درجة المرسلين. وقال بعضهم: فإن قيل : ما معنى الرضى يالقضاء وحقيقته وحكمه؟ فاعلم أن أهل العلم قالوا: الرضى ترك السخط والسخط ذكر غير ما قضى الله بأنه أولى به وأصلح له فيما لا يستيقن فساده وصلاحه هكذا الشرط فيه . فإن قيل: أليس الشرور والمعاصي بقضاء الله وقدره فكيف يرضى العبد الشرور ويلزمه ذلك؟ فاعلم أن الرضى إنما يلزم بالقضاء وقضاء الشر ليس بشر فإنما الشر هو المقضي فلا قنطرة العوارض ۲۹۷ يكون رضى بالشر حينذٍء وقد قالت المشايخ المقتضيات أربع : نعمة وشدة وخير وشر. فالنعمة يجب الرضى فيها بالقاضي والقضاء والمقضي وعليه الشكر من حيث أنه نعمة. والشدة يجب الرضى فيها بالقاضي والقضاء والمقضي وعليه الصبر من حيث أنه شدةء والخير يجب عليه فيه الرضى بالقاضي والقضاء / والمقضي وعليه ذكر المنة من حيث أنه خير مقضي (٤٤۳] ووفقه الله لهء والشر يجب عليه فيه الرضى بالقاضي والقضاء والمقضي من حيث أنه مقضي لا من حيث أنه شر والله أعلم . وجملة الأمر أن أفعال الله تعالى على وجهين نعمة ونقمةء فالواجب على العبد أن يعلم أن كل نعمة منه فضلء وكل نقمة منه عدلء ويرضى بذلك ولا يجور الله تعالى ولا يسخط فعلهء فإن فعل فهو هالك وبالله التوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل . القنطرة الثالثة عشرة قنطرة الخوف والرجاء وتسمى قنطرة البواعث وذلك أن العبد لما قطع قنطرة العوارض» ورجع إلى العبادة› فنظر فإذا النفس كسلى فاترة لا تنشط للخير» ولا تتبعث للعبادة كما يجب وينبغي» وإنما ميلها أبداً إلى غفلة وراحة وبطالةء بل إلى شر وفضول ويلية وجهالة» فاحتاج معها هاهنا إلى سائق يسوقها إلى الخير والطاعةء وينشطها لهء وإلى زاجر يزجرها عن الشر والمعصية ويفترها عنه وهما: الخوف من عذاب الله والرجاء في ثوابه عز وجل مع توابعهما من العذر والإشفاق من مكر اللهء والمحبةء والشوق إلى لقائه. فينبعث من هذه القنطرة بابان : أحدهما: باب الخوف. والثاني : باب الرجاء . الباب الأول اعلم أن منازل العباد عند الله على قدر مخافتهم منهء وأعلمهم به أبعدهم أماناً من مكره [ ومخافة / عقابه وقد ذكر الله عز وجل أقواماً ووصفهم بالوجل عند ذكره والإشفاق من عذابه فقال تعالی : «لَمَا اَلَمُؤْمِن نَ الَذِينَ إا ذُكِرَ الله وَجلّتْ لوهم" الآية. آي رقت لله مخافة من عذابه. وقال تعالی : «وَالَذِينَ هُمْ من عَذَابٍ رهم ْف °4 . وروي عنه ي آنه قال : «يقول الله عز وجل وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي خوفين ولا أمنين إن أمنني في الدنيا أخفته في الاخرة وإذا خافني في الدنيا أمتته في الأخرة». )۱( سوره الأنفالء الآية: ٢. )۲( سورة المعارج› الآية: ۷ . قنطرة الخوف والرجاء ۹۹ وعنه عليه السلام أنه قال: «ما جاءني جبريل قط إلا وهو يرتعد فرقاً من الجبار جل لاله . وعنه عليه السلام أنه قال: «المؤمن بين مخافتين: بين أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه وبين أجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه" . وعن وهب بن منبه أنه قال: لما اتخذ الله إبراهیم خلیلاً كان يسمع خفقان قلبه من بعید. وروي أن النبي عليه السلام قرأ يوماً: إن لديا أَنكالاً وَجَجيماً وَطَعَاماً دا عُصَةٍ وَحَذَابا ليما . فصعق بە. وقال بعض الحكماء: إن لله عباداً أسكتتهم خشية من غير عي بهم ولا بكم وإنهم لهم التبلاء الفصحاء العالمون بالله وآياته› ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله تعالى عز وجل تقطعت آبي بلال مرداس رحمه الله : ألا في الله لا في الناس شالت بداود وإخوته الجذوع مضوا قتلاً وتمزيقاً وصلبا تحوم عليهم طير وقوع أطظار الخوف نومهم فقاموا وأهل الأمن في الدنيا هجوع إذا ماالليل أظلم كابدوه فيسفر عنهم وهم ركوع / ويروى والله أعلم لما ظهر على إيليس لعنه الله ما ظهر طفق جبریل ومیکائیل یبکیان [٤٤۳] زماناً طويلاً فأوحى الله تعالى إليهما: ما لكما تبكيان كل هذا البکاء؟ فقالا: يا ربنا لا نامن مكرك. فقال الله لهما: فكذلك کونا لا تأمنا مكري. وعن حاتم الأصم أنه قال : لا تغتر بموضع صالح فلا مکان أصلح من الجنةء فلقي آدم فيها ما لقي فلا تغتر بكثرة العلم؛ فإن بلعام كان يحسن اسم الله الأعظم فانظر ماذا لقيء ولا (١) قال الحافظ العراقي في نحوه في المغني (ج ٤ ص ۲۷۹). لم أجد هذا اللفظ وروى أبو الشيخ في كتاب العظمة عن ابن عباس قال: إن جبرائيل عليه السلام يوم القيامة لقائم بين يدي الجبار تبارك وتعالى ترتعد فرائضه فرقا من عذاب الله الحديث. وفيه زميل بن سماك الحنفي يحتاج إلى معرفته. () قال الحافظ العراقي في المغني (ج ۳ ص ۳۱۷ طبعة دار الحديث). أخرجه البيهقي في الشعب من حديث الحسن عن رجل من أصحاب الئبي يف وفيه انقطاع. () سورة المزمل؛ (الآيتان: ١١ء ۱۳). ۳ قنطرة الخوف والرجاء تغتر برؤية الصالحين› فلا شخص أكبر من المصطفى عليه السلام؛ فلم ينتفع بلقائه أقاربه وأعدائه . يخاف أن يعذب عليه . الخوف الحزن الدائم. وسئل ذو النون: متى يتيسر على العبد سبيل الخوف؟ قال: إذا أنزل نفسه منزلة السقيمء وقال بعضهم: ما فارق الخوف قلباً إل خرب . وقال حاتم الأصم : لكل شيء زينةء وزينة العبادة الخوف. وقال يعض العلماء: صدق الخوف هو الورع عن الأثام ظاهراً منها وباطناً. وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قلت يا رسول الله : الذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة› هو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر؟ قال : «لا ولكن الرجل يصوم ويتصدق ويصلي ويخاف أن لا يقبل منه ذلك»٩. 0٤ 30 وروي عن النبي يَلَو: أن جبريل عليه السلام كان عنده فصار مثل / الفرخ فقال له: «مالك»؟ قال: هبط إسرافيل إلى الأرض ولم يهبط قبلهاء فظننت أنه أمر بي ثم بکیى. فقال: إبليس عبد الله ثمانين ألف سنة ثم صار إلى ما صار إِليه» فما زالا ییکیان حتی ناداهما مناد من السماء: قومًا فإن الله آمنكما أن يبتليكما بمعصية فيعذبكما عليها»". والله أعلم . (۱) أخرجه السيوطي في الدر المنثور (١/١1). (۲) أطراف الحديث عند البخاري (۱۳۲/۷) وأبو داود في الخراج (ب ١۲). والنسائي في الصيام (ب ۸۳). وابن ماجه (۳۵٥ ۲۱۸۰). وأحمد (۲/ ۲۰۸ ٦۲ والبيهقي في السنن (٤/٤۲۲ء ١٠٠/٠۸) وابن سعد في الطبقات (۲۰۳/۸) وابي حنيفة في جامع المسانيد (۲1۳/۱) والطبراني في المعجم الكبير (۳۷/۷) والهيثمي (4/5٤10ء ۹/٠1۷٠ ١٠/۱11) والزيدي في الإتحاف (۱۸۸/۷). والمتقي الهندي في الكتز (١٤۱۳۷ ٢٠۳۷۸) وابن كثير في التفسیر (۲/ ۱۳۳). قنطرة الخوف والرجاء ٢۳۰ فصل اعلم أن استقامة العبادة لا تصح لطالبها إلا باستشعار الخوف والرجاء والتزامهماء أما الخوف فيجب التزامه لأمرين : أحدهما: الزجر عن المعاصي فإن هذه النفس الأمَارة بالسوء ميالة إلى الشرء طماحة إلى الفتنفء لا ت تتتهي عن ذلك إلا بتخويف عظيم؛ وتهديد بالغ وليست هي في طبعها حرة يهمها الوفاء ويمنعها الحياء عن الجفاءء وإنما هي كما قال القائل : والتدبير في أمرها أن تقرعها أبداً بسوط التخويف قولاً وفعلا نحو ما ذكر عن بعض الصالحين أن نفسه دعته إلى معصيةء فانطلق ونزع ثيابه وجعل يتمرغ في الرمضاء ويقول: ذوقي فإن نار جهنم أشد حرا من هذه يا جيفة بالليل بطالة بالنهار . والثاني: لثلا تعجب بالطاعة فتهلكء بل يقمعها بالذم والعتب والنقص من الأسواء والأوزار التي فيها ضروب الأخطار› وذلك نحو ما ذکر عن النبي يَله أنه قال : «لو أخذني الله أنا وأخي عيسى بما عملت هاتان الأصبعان لعذبنا بعذاب لم يعذب به أحد». وعن الحسن كان يقول: ما يؤمن أحدنا أن يكون قد أصاب ذنباء فأطبق باب المغفرة دونه وهو يعمل في غير معمل . وعن ابن السماك فيما يعاتب به نفسه: تقولين قول الزاهدينء وتعملين عمل المنافقين › وفي الجنة تطمعين» هيهات هيهات إن للجنة قوماً آخرين ولهم أعمال غير / ما تعملين. 1٤۳[ فهذه وأمثالها مما يلزم العبد تذكيرها للنفس وتكريرها عليها لثلا تعجب بطاعة الله أو تقع وعن ابن المبارك أنه قال : الذي يهيج الخوف حتى يسكن في القلب دوام ا السر والعلانية ا تعالی : لوَحَافُونِ إن كُُمْ مُۆه 4 واي فَاَرْهَبُونڳ وقال : لفلا خش ا أَلنَاسَ شون" في أمثالها. (١) سورة آل عمران» الآية: ١۷٠ . )۲( سورة البقرة» الاية: .٤ () سورة المائدة الأية: 4£ . ٢۳۰ قنطرة الخوف والرجاء ےہ م س ومن الأيات التي تهيج الخوف نحو قوله تعالى : لای تَحَِبْتُمُ نما حَلَفَاكُمْ عَبَفاً 4٩ . وکقوله : أن بأنايكم ول أنين فل الاب من نة سُوءاً بجر بەه' 9 ونحو قوله: وَبدَا لهم سن الله ما لم يَكُونُوا يَحْتَبُو سيون . وقوله: فما ِل ما عَمِلُوا ِن عَمَلِ فَحَعَلَاهُ حَباء مَْفُوراگه”. في أمثالها فينبغي للإنسان أن يتفكر فيما أوردناه من الأخبار والآيات حتى يتمكن الخوف من قلبه» ويتفكر أيضاً في أفعال الله سبحانه ومعاملاته أصنافاً من خلقه : من ذلك أولاً إبليس اللعين الذي عَبدَ الله سبحانه في كتب أصحابنا ستة آلاف سنة أو ما شاء اللهء وفي كتاب الغزالي ثمانين ألف سنةء فلم يترك لله تعالى موضع قدم إلا وسجد لله تعالى فيه سجدة› ثم ترك له أمراً واحداً فطرده عن بابه ولعنه إلى يوم الدين› وأعد له عذاباً أبد الأبدين . ثم آدم عليه السلام صفيه ونبيه الذي خلقه بيده وأسجد له ملائكتە› فأكل أكلة واحدة لم يأذن له فيهاء فنودي أن لا يجاورني من عصاني فاهبط إلى الأرض» فلم تقبل توبته فيما روي حتی بکی على ذلك مائتي سنةء ولحقه من الهوان ما لحقه› فبقيت ذريته فى تبعات ذلك إلى الأبد. ا احتمل لم يقل إل كلمة واحدة على غير وجهها ٳذ قدي ل لى ا لس لَك به عل الآية. . حتى روي أنه لم يرفع رأسه إلى السماء حياء من الله أربعين سنة . [٦٢٤۳[ ثم إبراهيم خليل الرحمن لم تكن منه إلا هفوة واحدة› ويقال : ثلاث هفوات / كلها يماحل بها عن الدين: وذلك قوله حين كسر الأصنام وعلق القاس على الكبير منهاء فلما قيل له : ءات فَعَلْتَ مَذَا هَن يا نراهب ۾ قال بل فعَلهُ كيِرْهُمُ هذا». وقوله مكراً بهم : ني (١) سورة المؤمنون» الآية: ١١٠ . (۲) سورة النساى الآية: ١١۱ . (۳) سورة الزمر الآية: 47 . () سورة الفرقان» الآية: ۲۳. (0) سورة هود الآية: ٤٤ . () سورة الأنبياى الآية: ۳٦. قنطرة الخوف والرجاء ۳.۳ ا ُ‫ ۰ . |“ ۰ ۰ .ا . - م س . ق . وقوله للجبار في امرأته : إنها أختيء فکم خاف وصرع وقال : «وَالَذِي أَطْمَعٌ ان يَعْفِرَ لي خطيتی َو اين" . حتى روي أنه كان يبكي من شدة الخوف» فيرسل الله تعالى إليه الأمين جبريل عليه السلام فيقول: يا إبراهيم هل رأيت خليلاً يعذب خليله بالنار؟ فيقول: يا جبريل إذا ذكرت خطیئثتی نسیت خلته . ثم موسى عليه السلام» لم تكن منه إلا وكزة الكافر بالله قبطي» إلا أنه لم يؤمر بذلك› فكم خاف واستغفر وقال: رب اني ظ طلم فيي" . وفيما أوحي إليه: يا موسى لو أن النفس التي قتلت آمنت في طرفة عين إني خالقها ورزاقها لأذقتك بها أليم العذاب. ثم في زمانه بلعام بن باعوراء» ذكر الغزالي في کتابه آنه کان بحیث نظر یری العرش» وزعم أنه هو المراد بقوله : واتل عََْهمْ با الَذِي تيتا اپاGa‏ فَانْسَلحٍ منیا . ولم يقل آية واحدة› مال إلى الدنيا وأهلها ميلة واحدةء وترك لولي من أولياء الله حرمة واحدة سلبه الله معرفتهء وتركه بمنزلة الكلب المطرود: إن تحمل عَليه يَلهثُ أو تَىْرْكَهُ بلهث4. حتی روي في کتاب الغزالي قال : سمعت. بعضص العلماء يقول: آنه کان في بلء آمره بحيث يكون في مجلسه اثني عشرة ألف محبرة للمتعلمين الذين يكتبون عنهء ثم صار فیما زعم بحیث کان اول من صف کتاباً: أن ليس للعالم صانم نعوذ بالله من سخطه وخذلانهء وفظيع عذابه وعقابهء الذي لا طاقة لنا به. وذكر في بعض الكتب: أن بلعام فضحته أتانه فقالت : ويلك يا بلعام تنكحني بالليل وتركبني بالنهار. فانظر إلى حب الدنيا / وشومها ماذا يجلپ [۷٤۳] بالخير أعمالنا وأقالنا عثراتنا فما ذلك عليه بعسير . (١) سورة الصافات؛ الأية: ۸۹. () سورة الشعراى الآية: ۸۲. () سورة القصص؛ الآية: ١٠. (8) سورة الأعراف» الآية: ١۷٠ . (0) سورة الأعراف» الآية: ١۷٠۱. ۳۰ قنطرة الخوف والرجاء ثم انظر إلى داود خليفة الله في أرضه؛ أذنب ذنباً واحداً فبكى عليه حتى قيل: أن العشب نبت من دموعه» وعن بعض العلماء أن داود عليه السلام خر ساجداً أربعين سنة› فرقع رآسه وما في جبهته نخارة لخم وعن الأوزاعي قال: كانت عينا داود كالقربتين تنطفان الماءء ولقد كانت الدموع أخذت في وجهه كجرية الماء في الأرض وعن مجاهد قال: مكث أربعين يوماً ساجداً لا يرفع رأسه حتی نبت المرعی من دموع عينيه» فنودي یا داود أجائع فتطعم؛ آم ظمان فتسقی» آم عار فتکسی فاجيب في غير ما طلب» فتحب نحبة فاحترق العشب من حر جوفه» ثم أنزل الله عليه التوبة المغفرة. فقال: يا اجعل خطيئتي في کفي . فما كان يبسط كفه لطعام ولا شراب ولا شيء سوى ذلك إلا رآها فابکته . وإن كان ليؤتى بالقدح ثلثاه ماء فإذا تناول أبصر خطيئته فما يضعه على شفتيه حتى يفيض 0 م ار إلى يونس عليه ملام خضب خضبة واحدة في غير مرشیتهاء فسجته الجبار في كنت ين الطالمي04 فسمعت الملائكة صو ته فقالوا: | إلهنا صوت معروف في موضع مجهول. سجنه فقال : 93 7 ية فقال : ا ا الأية. ثم ذکر نعمته ومنته عليه فقال : ولا أ أن ناركە نعم من ر رەگ الآية. ]3 فانظروا إلى هذه السياسة أيها /المسكين وكذلك هلم جرًا إلى سيد المرسلين أكرم الخلق على الله تعالى بقوله له: «فَاسْعهِمْ كما أت وَمَنْ تاب مَعَكَ ولا موا الآية. () جاء على هامش المخطوط لفظ «ليلة» وفوقها حرف «خ؟ وإشارة إلى أن موضعها مكان لفظة «سنة». () سورة الأنبياى الآية: 8۷. (۳) سورة الأنبياء الآية: 8۷. () سورة الصافات؛ الآية: ١٤٠. (0) سورة القلم؛ الآية: 49 . () سورة هود الاية: ١۱۱. قتطرة الخوف والرجاء ‎۳۰o‏ حتى كان عليه السلام يقول: «شيتي سورة هود وأخواتهاء. قيل: يعني هذه الأية وأشكالها في القرآن. وقال تعالى : وَاسْتَعْقِرُ فر لِذثيك € إلى أن مَنّ الله عليه بالغفران فقال : وَوَضعَْا عك ورڳ الأية. وقال : لر لك الله ما تقَدَم ِن دنك وَمَا ې . فكان بعد ذلك عليه السلام يصلي الليل حتى تورمت قدماه فيقولون: أتفعل هذا يا رسول الله وقد غفرالله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. فيقول: «أفلا أكون عبداً شكور*. وكان يقول: «لو أخذني الله أنا وأخي عيسى بما فعلت هاتان الأصبعان لعذبنا بالنار» . وني حدیث آخر : لالعذينا عذاباً لم يعذب ره أحداً من العالمين». وكان يصلى الليل ويبكي ويقول: «أعوذ بعفوك من عقابك وبرضاك من سخطك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك»”“. ِ م تصحاية دين عم عير قرن من هاه الت کان پيدو أمنهم شيم من المزاحء فتزل: لالم ان لِلَذِينَ امَنُوا أن ي تشع لوبهم ِذِكر اللي الآية ثم وضع في هذه الأمة مع كونها أمة مرحومة من الحدود والسياسة العظيمة حتى كان () قال الحافظ العراقي في المغني (ج ٤ ص ۳١۲ طبعة دار الحديث). أخرجه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه من حديث ابن عباس وهو في الشمائل من حديث أبي جحيفة. وقال الحاكم صحيح على شرط البخاري . (۲) سورة محمد الأية: ۹٠. () سورة الشرح؛ الأية: 7. (8) سورة الفتح؛ الاية: ٢. () قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٥٤٥ -طبعة دار الحديث) متفق عليه وفي (ج ٤ ص ۷١۱) قال أخرجه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب أخلاق رسول الله ي ومن طريقه ابن الجوزي في الوفا وفيه أبو جناب واسمه يحيى بن أبي حبة ضعفه الجمهور ورواء ابن حبان في صحيحه من رواية عبد الملك ب بن آبي سليمان عن عطاء دون قولها وأي أمره لم يكن عجباً وهو عند مسلم من رواية عروة عن عائشة مقتصراً على آخر الحديث. ونص ما في (ج ٤ ص ۱۲۷) «أفلا أكون عبداً شكوراً ولم لا أفعل ذلك وقد أنزل الله تعالى علي : إن في خلق السموات والأرض» الآيةه. وبه حكاية عن السيدة عائشة. () قال الحافظ العراقي في المغني (ج ٤ ص ١۱۳). أخرجه مسلم من حديث عائشة «أعوذ برضاك من سك ويمعاقانك من عقون . الحديث). (۷) سورة الحديد الآية: ١٠. قناطر الخيرات/ج۳/م٠ ۲ ۳۰۹ قنطرة الخوف والرجاء بعض العلماء يقول: لا يأمن من قطع في خمسة دراهم خير عضو منه أن کون عذابه هکذا غداء نسأل الله البار الرحيم أن لا يعاملنا لا بمحض كرمه إنه أرحم الراحمين . فصل وفي كتاب المحاسبي” قال: معنى الخوف هو مطالعة القلب لسطوات الله تعالى ونقماته» فيولد ذلك في القلب فزعاً من خوف الوعيد وعلامته: الفرار من مواطن العقوبات رجاء السلامةء وشدة الحركة عند ذكر النار وأهوال القيامةء والفرار من الخلقء وشدة البكاءء والنفور من ذكر المعصية والعاصين› وتغير اللون عند الحوادث مثل: الريح العاصف» والرعد القاصف» والظلمةء والزلزلةء والخسوف وأشباه ذلك . وقد روي أن النبي يَوٍ كان إِذا سمع الريح تغير وجهه؛ ودخل وخرج. وقد روي عن عطاء السلمي أنه نظر إلى سحابة نشأت في السماء فوضع يده على أم ]| راسه وجعل يكي ويقول: «فلَمًا رَأَوهُ / عَارضاً مسقل يته إلى قوله: ريح فِيها عَذاتُ ی4". وقد ردي آن رجلا من ختعم قراً: يوم د تحشر ر أَلمَُقِينَ إلى رحن ودا وَنَسُوق َْمُجُرمِينَ إلى ج جَهَنّم وزداً ». فاضطرب مسروق وكان من الخائفين فقال: أعد علي › ويحك فإني ئ من المجرمين ولست من المتقين› فأعادها عليه فشهق شهقة لحق منها إلى الأخرة. قال: ويکون حاله عند سکون هيجان الخوف عنه قاعداً مستوفزاً كأنه ينظر شيثاً يريده أو مستوفزين على رجل كأنهم ركب يريدون أن يمصوا ويتقلوا قد صيروا ليلهم إيلاً لخدمته فلن يحطوا رحال الإبل أو يصلوا )۱( هو الحارث بن أمسد المحاسبي البصري (آبو عبد الله) صوفي متکلم؛ فقيه محدث ولد بالبصرةء وحدث عن يزيد بن هارون وطبقته وروی عنه بو العباس بن مسروق الطلوسي وغیره وتوفي في بغداد ومن تصانیفه بالتفكر والاعتبار ‏ الرعاية في الأخلاق والزهد- وكتب كثيرة في الزهد وأصول الديانات والرد. على المخالفين من المعتزلة والشيعة معجم المؤلفين (۳/ ۱۷۳( () سورة ة الأحقاف الأية: ٢۲. (۳) سورة مريم؛ الأيتان: ٥۸ ٦۸. قنطرة الخوف والرجاء ۳.۷ قال: والحركة التي يظن أنه مأخوذ بها مثل الهدة والوجبة والضجة على غفلة أو كلمة يرجف منها قلبه: مثل ما روي عن زرارة بن أوفى أنه قرا في محرابه: فِا نَقِرَ في تور . فشهق شهقة نقل بها من محرابه میتاً. وقد روي عن بعضهم أنه كان يقد تحت قدر له فأصاب وجهه شيء من سواد القدر . فقالت له ابنته: يا أبتاء وجهك قد اسوّدء فصاح صيحة فر مغشياً عليه فلما أفاق مسح وجهه بيده وقال: خفت أن يكون الله عز وجل سَوّد وجهي في الدنيا قبل الاخرة. ألا ترى أنه لما صادفت الكلمة ما قام في وهمه من المخاوف فاستقرب قلبه في تعجيل نكال الاخرةء قال: وتزايد الخائفين في الخوف يكون على قدر لزوم القلب للأسباب المهيجة للخوف كالتي قدمناها: فمنهم من يهيج به الخوف فيؤلمه وينحله ويشغله على قدر ما وافق من رقة القلب وصفاء الذهن ثم يأخذ الخوف في سائر الجسد على قدر قوة العلم في السطوة والنقمة . قال: ومثلهم في ذلك كركاب السفينة كلما اشتد عليهم هيجان الأمواج وتلجلجت اشتدت المخاوف وهكذا إذا هاجت أسباب المعرفة من القلوب بسطوات الله تعالى ونقماته وجلاله وعظمته هاج في القلب خوف تلف النفس حتى يكون كالغريق الذي لا يحسن السباحة فقد اشتد مخاوفه لخوف قلبه والله أعلم . الباب الثاني في الرجاء قال الله تعالى : / إن أَلَِينَ أمتوا وَالَذِينَ هَاجَرُوا وَجَامَدُوا في سَبيلِ الله أويِكَ يَرِْجُونَ [۰٠٥] ر حم الله . وقال تعالى : ەلا منطو من رَحُمة الله | ن الله ت ْف الد وب جُميعاً 4€٩ . وقال سبحانه : فل للَذِينَ كَمَروا إل بَسَهُوا يفده رُم کا ا قَد سلف . (١) سورة المدثن الآية: ۸. () سورة البقرةء الآية: ۲۱۸. (۳) سورة الزمر الآية: ۳٥. () سورة الأنفال› الأية: ۳۸۰. ‎F۸‏ قنطرة الخوف والرجاء ‎< boe ‏‌ ص َ‫ س2 . ‎“DA e‏ ° وقال تعالی : «رَحمَتٍي وسعت کل شيْءِ َسَاكها للذ ينون الاية. فحدت عن رحمة الله الواسعة ولا حرج. ‏وفى الحديث المشهور عن رسول الله يل أنه قال: «إن لله تعالى مائة رحمة فواحدة منها قسمها بين الجن والانس والبهائم فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وادّخر منها تسعاً وتسعين لنفسه ير حم بها عباده يوم القيامة»”" . ‏وفي خبر آخر: أنه تعالى قابض تلك الرحمة الواحدة فتمٌ بها مائة رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة. ‏وفي خبر آخر: «أن الله تعالى يقول للمؤمنين يوم القيامة: أما ما بيني وبينكم فد وهبته لكم» فتواهبوا فيما بينكم» فادخلوا الجنة برحمتي واقتسموها بأعمالكم»”. ‏وقد روي أن النبي عليه السلام دخل من باب بني شيبة فرأى قوماً يضحكون فقال لهم: «لم تضحكون لا أراكم» حتى إِذا كان عند الحجر رجع إليهم القهقرى فقال: «جاءني جبريل فقال: يا محمد إن الله تعالى يقول: لا تقنط عبادي من رحمتي: تيء عباڍي اني انا الْعقُورُ لوحي" الآية. وقال عليه السلام: «الله أرحم لعبده المؤمن من الوالدة الشفيقة لولدها»“ ٠ ‏في أمثالها كثير» فمن ذا الذي يعرف غاية رحمة الله أو يحسن وصفها إذ يغفر لعبده كفر مائة سنة أو ما شاء الله بإيمان ساعة واحدة كما قال تعالى : فل لِلَذِينَ كَفَرُوا إن ينْعَهُوا ْف هم مَا َد سلف . وقال: «ثُولُوا حط يعفر لَكُمْ حَطَابَاكُمْ. قيل معناه: احطط عنا خطاياناء وقيل: قولوا لا إله إلا الله وقال عليه السلام: «جب لما قبله» . ‏() سورة الأعراف الآية: ١١٠ . ‏() قال الحافظ العراقي في المغني (ج ٤ ص ٢۲۳) طبعة دار الحديث. في نحوه متفق عليه من حديث أبي هريرة. وفي (ج ٥ ص ۱۸۷) في باب سعة رحمة الله تعالى. قال أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وسلیمان «غير أنه قال: البهائم والهوام). وقال: «وأخر) ولم يقل : «ادخر) ولم يقل «لنفسه) . ‏)۳( قال الحافظ العراقي في المغني (ج ٥ ص ۱۸۸) طبعة دار الحديث رويناء في سباعيات أبي الأسعد القشيري من حديث أنس وفيه الحسين بن داود البلخي قال الخطيب: ليس يثقة. ‏() سورة الحجر؛ الاية: 4۹. ‏(٥) أطراف الحديث عند الزبيدي في الإتحاف (١۱/٠۷۱٥)البيهقي في الأسماء والصفات (84۷)ء الطبراني في المعجم الصغير (١/۹۸). ‏() سورة الأنفال؛ الاية: ۳۸. ‏(۷) سورة البقرةء الآية: 0۸8. ‎ ‎ قنطرة الخوف والرجاء ۳۰۹ فسوغ الله تعالى للمشرك إذا أسلم جميع ما في يده من الأموال والأنكحةء وإن اكتسبها حراماً ولم يطالبه بشيء من مظالم العباد من الدماء وغيرها وهذا من سعة رحمته. انظر إلى سحرة فرعون جاءوا لحربه» وحلفوا بعزة فرعون» فلما آمنوا بصدق من قلوبهم قبلهم ال وأفرغ عليهم الصبر وجعلهم على رؤوس الشهداء في الجنة أبد الآبدينء هذا لمن / عرفه ساعة بعد الكفر والضلال فكيف بمن أفنى عمره في معرفته وطاعته؟ ]1٥¥[ وانظر إلى أصحاب الكهف وما كانوا عليه وما كانوا عليه من الكفر طول أعمارهم حتى ألهمهم فقالوا: «رَبنَا رَبُ السّموات والأَرض‰” الآية. كيف قبلهم ثم أعزهم وأكرمهم فقال: ونيهم ذَاتَ يمين وَذَاتَ الشّمَالٍ». ثم لمهم الحشمة والمهابة حتى قال لأكرم الخلق عليه: «لو مت عَلَيهمْ لوت ينهم رار اڳ . بل كيف أكرم كلبهم تبعهم حتى ذكره في کتابه العزیز مرات» ثم جعله معهم في الدنيا محجوباء ويدخله الجنة معهم مكرماً فيما بلغنا فهذا فضله مع كلب خطا خطوات مع قوم عرفوه ووحدوه أياماً معدودة» فکیف فضله مع عبده المؤمن الذي وحّده وعبده سبعين سنةء أو ما شاء الله ونيته أن لو عاش سبعين سنة لما جحده ولا کفر به. ثم انظر كيف عاتب يونس بن مى عليه السلام› في شأن قومه حين انتبه من النوم وقد تييست الشجرة التي أظلته فقال فيما بلغنا: تحزن على شجرة من يقطين أنبتتها في ساعة وأيبستها في ساعة ولا تحزن على مائة ألف أو يزيدون. وفي الخبر أن الله تعالى لما رفع إيراهيم إلى الملكوت رأى رجلا على فاحشة فدعى الله تعالی عليه فأهلکە› ثم رای آخر فاراد أن يدعو عليه فأوحى الله إليه يا إبراهيم دع عنك عبادي. فإن عبدي لا يخلو من ثلاث: إما أن يتوب فأتوب عليهء وإما أن أخرج من صلبه ذرية تقدسني › وإما أن يستكمل أجله فيكون خشبة في جهنم - آو کلام هذا معنا . () سورة الكهف» الآية: ١٠. () سورة الكهف؛ الأية: ١۱۸. (۳) سورة الكهف» الأية: ١٠. ۳ قنطرة الخوف والرجاء وفي الخبر أيضاً أن الله تعالى عاتب موسى عليه السلام في أمر قارون فقال: استغاث بك قارون فلم تغثه فوعزتي وجلالي لو استغاث بي لأغشته . في مثل هذا من الأخبارء والأحاديث التي تدل على سعة رحمة الله وفضلهء فإذا كان الله عز وجل قد أعطی عبده المؤمن من معرفته وأفاض عليه من نعمه الغزيرةء ومنته الكثيرة ما يستغرق الوصف من النعم الظاهرة والباطنة فمرجو من فضله العظيم أن يتم ذلك له في الأخرة 1 فإن من بدأ بالإحسان والنعم قبل الاستحقاق فعليه الإتمام بأن يجعل له من / التسع والتسعين رحمة الحظ الأوفر فنسأل الله تعالى أن لا يخيب آمالنا من فضله العظيم» وأن يحقق رجاءنا من إحسانه العميم إنه جواد كريم منان رحيم. فصل واعلم أن الأمر كله يرجع إلى أصل واحد وهو خاتمة العمل؛ لأن ملاك الأعمال خاتمتها فهذه هي التي تقصم الظهورء وتذیب الأكباف وتدمي عيون العبادء وقد قال بعضص العلماء: الغموم ثلاثة: غم الطاعة أن لا تقبلء وغم المعاصي أن لا تغفرء وغم المعرفة أن وقال أهل التحقيق: بل الغم كله غم القبول لأن من قبل الله منه حسنة واحدة فقد فاز جملة واحدة؛ لأنه إذا وقع القبول زالت المؤاخذة. وقد روي عن معاذ رحمه الله أو غيره قال: لو قبل الله مني حسنة واحدة لا أبالي أو کلام هذا معناه . وقال آخرون: الغم كله في خوف نزع المعرفة عند الموتء وهذا قريب من الأولء لان الله تعالى يقول: «يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الأخرة ويضل الله الظالمين4 . فصل فعلى العبد أن يكون راغباً راهباً؛ لأنه إذا غلب عليه رهبة العقاب خيف عليه أن يكون من الايسين من رحمة الله وقد قال تعالى: لا يَيسن من رؤح الله إلا أَلفَوْمْ الْكافِرون4”°. وإن غلب عليه الرغبة والرجاء لثواب الله خيف عليه أن يكون من الآمنين من مكر الله . () سورة يوسف» الأية: ۸۷. قنطرة الخوف والرجاء ۱١۳ وقد قال تعالى : فلا يمن مَكُر الله إلا قوم الْحَاِرُو€”. وقد روي عن لقمان الحكيم قال لابنه: يا بني خف الله خوفاً لا تیأس فيه من رحمتهء وأرجه رجاء لا تأمن فيه من عقابه. فقال: يا أبتاه كيف وآنا لي قلب واحد؟ فقال: يا بني ٳِن المؤمن لو شق قلبه وجد فيه نور رجاء ونور خوف» ولو وزنا لم يمل أحدهما بصاحبه . وهذا كما ورد في الحديث: «لو وزن خوف المؤمن ورجاءه بمیزان تريص ما زاد أحدهما على الأخر» . ومعنی تریص: قیل محکم. وقد أثنى الله تعالى على المؤمنين فقال: «َتَجَافَ جُنُوبهُمْ عَنْ الْمَضَاجِع يَذْعُونَ رَبَهِمْ حَوفا وَطَمَعا ٩ . وقال تعالى : وَيَدْعُونَتَا رَعَباً و رَحَباً 4 . وينشد لأبي تمام الطائي : أخاف إلهي ثم أرجو تواله ولكن خوفي غالب لرجائيا /ولولا رجائي واتكالي على الذي تفرد لي بالصنع كهلاً وناشياً لما ساغ لي عذب من الماء بارداً ولا لذ لي نوم ولا زلت باكياً على سوء ما قد كان مى جهالة ليالى فيها كنت لله غاضباً وهذا كما قال بعض العلماء: الخوف ما كان الإنسان صحيحا أفضل فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل . وقد روي عن حذيفة بن اليمان رحمه الله أنه لما احتضر قال: مرحباً بزائر جاء على فاقة لا فرح من ندم اللهم إنك أمرتنا أن نعدل بين الخوف والرجاء» فالان الرجاء فيك أمثل . وقد روي عن أبي سليمان الداراني أنه قال: ينبغي أن يكون الخوف أغلب من الرجاء؛ لأنه إذا غلب الرجاء فسد القلب . (١) سورة الأعراف» الأآية: ۹۹. () أطراف الحديث عند الفتن في تذكرة الموضوعات (١۱) وعلى القاري في الأسرار المرفوعة وابن عراق في تنزيه الشريعة (۲/ ٤٠4)› والسيوطي في الدرر المثرة في الأحاديث المشتهرة (۱۳۳). ابن تيمية في أحاديث القصاص (۲). (۳) سورة السجدة الآية: ١1. )٤( سورة الأنبياى الآية: ۹۰ . [۳o۳] ]٤٥۳[ قنطرة الخوف والرجاء ۳۱۲ وروي عن یحیی بن معاذ انه قال : رجاء المؤمن أكثر من خوفه وإلا كان قلقاً. قال: وذلك أن الخوف من الغضب والرجاء طمع في الجنةء وقد سبق من قضائه إن رحمته سقفت غضبه . وعن وهب ابن منبه قال: بلغ ابن عباس أن مجلساً كان في المسجد الحرام يجلس فيه ناس من قريش فيختصمون فترتفع أصواتهم فقال ابن عباس: انطلق بنا إليهم» فانطلقنا حتی وقفنا عليهم فقال لي ابن عباس: أخبرهم بالكلام الذي كلم به الفتى أيوب عليه السلام في بلائه. قال: قلت قال الفتى أما كان من عظمة اللهء ذكر الموت ما يكل لسانكء ويقطع قلبك ويكسر حجتك. يا أيوب أما علمت أن لله عباداً أسكتتهم خشية الله تعالى من غيركم وأنهم لهم البلاء الفصحاء الألباء العالمون بالل وآياتهء ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله تقطعت قلوبهم» وكلت ألسنتهم وطاشت عقولهم وأحلامهم فرقاً من الله وهيبة له. فإذا استفاقوا من ذلك استبقوا إلى الله بالأعمال الزاكية لا يستكثرون له الكثير ولا يرضون له القليلء يعدون أنفسهم مع الظالمين الخاطئين وأنهم لتراهم أبراراء ومع المضيعين المفرطينء وإنهم لأكياس أقوياء ناحلون ذائبون. فصل واعلم أن الرجاء الحقيقي لا ينفك عن الخوف الحقيقي كما أن الخوف الحقيقي لا ينفك عن الرجاء الحقيقي ولذلك قيل: الرجاء كله لأهل الخوف إلا الأمن والخوف كله لأهل الرجاء إلا الاإياس. وينشد: / وذي حرق اخفی مضیض اکتثابه أذاب بخوف الله صحة جسمه تراه من الخوف المبرح والأسا تفرد بالمولى ففر بدينه إذا انصرف المحبوب من عند ربه إلى جنة فيها الحرير لباسهم وحور كأمشال البدور نواعم فنم عليه دمعه بانسكابه ولولا بكاء العين لم يدر ما به وآبلی بتقواه رداء شبابه کمیت دعا ربه لحسابه إلى جبل يأوي لبعض شعابه تبادرت الأملاك أخحذ ركابه ودر ومرجان سروج دوابه يلاعبنه في الخلد خلف قبابه إذا رقد النوام قام بيابه قنطرة الخوف والرجاء ۳ يهيم فما يدري من الخوف والرجاء يأبى يديه أخذه لكتابه واعلم أن العبد إذا كان صحيحاً فالخوف أولى به فإذا ضعف ومرض وآشرف على الاخرة فالرجاء به أمثل كما تقدم عن حذيفة رحمه اللهء وذلك لما روي أن الله تعالى يقول: : آنا عند المنكسرة قلوبهم من مخافتي فيصير رجاءه أولى في ذلك الوقت لانكسار قلبه وخوفه المتقدم في زمان صحته ولذلك يقال لهم : طلا تَحَانُوا وَل يده خرنوا». فصل فإن قيل أليس قد جاءت الأخبار الكثيرة في حسن الظن بالله تعالى كقوله: أنا عند ظن في أمثالها قيل له: إن من حسن الظن بالله تعالى: الحذر من معصيتهء والخوف من عقابه» والاجتهاد في طاعتهء وذلك ثمرة التصديق بوعد الله تعالى ووعيده وذلك أن الرجاء لا يكون إلا على أصل ثابت صحيح إذا اجتهد العبد في طاعة الله تعالى؛ وانتهى عن معصيته ل ويتم له تقصيره ويعظم له الثواب» ويعفو عن الزلل . 0 ۰ ص فإن أحسن الظن على هذا فهو الرجاء قال الله تعالى: «وَالَذِينَ مَاجَرُوا وَجَاهَدُوا في يل اأ رَحمة اللې. وقال: «َأَمَنْ هُوَ قات أناءَ أللبْل سادا وَفَاِماً حدر الخرة وَيَرْجُوا رَحَمة رب الآية. فذلك منه رجاء . وأما إن طمع ورجا بغير عمل: فذلك منه أمنية لا أصل لها ولا طائل» كمن لا يزرع ولا يعمل فيقول: أرجو أن يحصل لي مائة قفيز فيقال له: من أين لك هذا الرجاءء وإنما ذلك أمنية لا أصل لهاء فكذلك إذا غفل عن الطاعة وارتكب المعاصي ولم يبال بسخط الله ورضاه ووعده ووعیده. () سورة فصلت» الأية: ۳۰. (۲) سورة البقرة الأية: ۲۱۸. (۳) سورة الزمر الآية: ۹. [۳o٤]‎ ۳۱۲ قنطرة الخوف والرجاء وروي عن يحيى بن معاذ أنه قال: رجاء المؤمن أكثر من خوفه وإلا کان قلقاً. قال: وذلك أن الخوف من الغضب والرجاء طمع في الجنةء وقد سبق من قضائه إن وعن وهب ابن منبه قال: بلغ ابن عباس أن مجلساً كان في المسجد الحرام يجلس فيه ناس من قريش فيختصمون فترتفع أصواتهم فقال ابن عباس: انطلق بنا إليهم؛ فانطلقنا حتی وقفنا عليهم فقال لي ابن عباس: أخبرهم بالكلام الذي كلم به الفتى أيوب عليه السلام في بلائه. قال: قلت قال الفتى أما كان من عظمة ال ذكر الموت ما يكل لسانك» ويقطع قلبك ويكسر حجتك . يا أيوب أما علمت أن لله عباداً أسكتتهم خشية الله تعالی من غيركم وآنهم لهم البلاء الفصحاء الألباء العالمون بالله وآياتهء ولكنهم إِذا ذكروا عظمة الله تقطعت قلوبهم› وکلت ألسنتهم وطاشت عقولهم وأحلامهم فرقاً من الله وهيبة له. فإذا استفاقوا من ذلك استبقوا إلى الله بالأعمال الزاكية لا يستكثرون له الكثير ولا يرضون له القليلء يعدون أنفسهم مع الظالمين الخاطئين وأنهم لتراهم أبراراء ومع المضيعين المفرطينء وإنهم لأكياس أقوياء ناحلون ذائبون. فصل واعلم أن الرجاء الحقيقي لا ينفك عن الخوف الحقيقي كما أن الخوف الحقيقي لا ينفك عن رجاه الحقيقي واذلك قيل. الرجاء كله لأهل الخوف إلا الأمن والخوف كله لأهل الرجاء / وذي حرق اخفی مضیض اکتثابه أذاب بخوف الله صحة جسمه تراه من الخوف المبرح والأسا تفرد بالمولى ففر بدينه إذا انصرف المحبوب من عند إلى جنة فيها الحرير لباسهم وحور كأمشال البدور نواعم فنم عليه دمعه بانسكابه ولولا بكاء العين لم يدر ما به وآبلی بتقواه رداء شبابه کمیت دعا ربه لحسابه إلى جبل يأوي لبعض شعابه تبادرت الأملاك أخحذ ركابه ودر ومرجان سروج دوابه يلاعبنه في الخلد خلف قبابه إذا رقد التوام قام بيابه قنطرة الخوف والرجاء ۳\۳ هيم فما يدري من الخوف والرجاء يأبى يديه أخحنذهلكتابه واعلم أن العبد إِذا كان صحيحاً فالخوف أولى به فإذا ضعف ومرض وأشرف على الأخرة فالرجاء به أمثل كما تقدم عن حذيفة رحمه اللهء وذلك لما روي أن الله تعالى يقول: أنا عند المتكسرة قلوبهم من مخافتي فيصير رجاءه أولى في ذلك الوقت لانكسار قلبه وخوفه المتقدم في زمان صحته ولذلك يقال لهم : ألا تَحَانُوا وَلاَ رتوا . فصل فإن قيل أليس قد جاءت الأخبار الكثيرة في حسن الظن بالل تعالى كقوله: أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء. في أمثالها قيل له: إن من حسن الظن بالله تعالى: الحذر من معصيتهء والخوف من عقابه» والاجتهاد في طاعتهء وذلك ثمرة التصديق بوعد الله تعالى ووعيده وذلك أن الرجاء لا يكون إلا على أصل ثابت صحيح إذا اجتهد العبد في طاعة الله تعالىء وانتهى عن معصيته فيرجو حينئلٍ أن يتقبل الله منهء ويتم له تقصيره ويعظم له الثوابء ويعفو عن الزلل. 0 a ۰ فإن أحسن الظن على هذا فهو الرجاء قال الله تعالى: $ِوَالَذِينَ مَاجَرُوا وَجَاهَدُوا في سيل الله أك يَرَجُونَ رَحمَة اللەڳ. وقال: أن هُوَ قَانِثُ أنَاءٍ اليل سَاجدا وَقَائماً بَحذَر الأخرَة وَيَرجُوا رَحمة رە الاية . فذلك منه رجاء. وآما إن طمع ورجا بغير عمل : فذلك منه أمنية لا أصل لها ولا طائلء كمن لا يزرع ولا يعمل فيقول: أرجو أن يحصل لي مائة قفيز فيقال له: من أين لك هذا الرجاءء وإنما ذلك أمنية لا أصل لهاء فكذلك إذا غفل عن الطاعة وارتكب المعاصي ولم يبال بسخط الله ورضاه ووعده ووعیده. )۱( سورة فصلت؛ الآية: ٣۳ . () سورة البقرة الأية: ۲۱۸. )۳( سورة الزمر الاية: ۹. ٤۳۹ قنطرة الخوف والرجاء ثم يقول: أرجو من الله الجنة والنجاة من النار فذلك منه أمنية لا حاصل لهاء سماھا رجاء وحسن ظن بل ذلك خطاً وضلال . وقد قال الله تعالى مخبراً عن المنافقين وغرتكم الأماني وقال: ليس بِأَمَانيَكُمْ ولا اماي هل الكتاب مَن يَعْمَلْ شُوءاً بجر بد4 . وقال جابر بن زيد رحمه الله: إياكم والأماني فوالله ما نال بها عبد خیراً قط فیما مضی ولا يناله فيما بقي. وقال: إِنْ المؤمن أحسن الظن فأحسن العمل ثم قرأ: لإي ظَتَنْتُ أي لاقي حسابية» "۰ . والمنافق أساء الظن فأساء العمل ثم قرأ: «وَدَلِكُمْ ظَنْكُمْ ِي ظَنَنْعُمْ ربكم ا اڳ الأية ومما يبين هذا الأصل قول النبي يَيأ: «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت”*' والعاجز من اتبع نفسه هواها ويتمنى على الله الأماني . وقي ذلك يقول الحسن لبصري: إن أقواماً ألهتهم أماني المققرة حتى خرجوا من ن الدنيا تل قوله تعالی : 2 5 ا 1 م 6 3 وعن جعفر الضبعي قال: رأیت أبا ميسرة العابد وقد بدت أضلاعه من الاجتهاد قلت : () سورة الساى الآية: ١١۱ . (۲) سورة الحاقة الآية: ٠1 (۳) سورة فصلت؛ الأية: ٢۲ (٤) قال الحافظ العراقي في المغني (ج ۳ ص ۸۷) طبعة دار الحديث قال أخرجه الترمذي واين ماجه من حدیث شداد ين آوس. قال محقق كتاب الأحياء طبعة دار الحديث أخرجه الترمذي (۲40۹) وابن ماجه (10٦16) وأحمد (٤/٤۱۲) والحاكم (۷/۱٥) وقال صحيح على شرط البخاري وتعقبه الذهبي بقوله: «لا والله أو بكر وام» وقال الحاكم في موضع آخر (٤/ ٥٢٥۲( س الإسناد ولم يخرجاهء وقال الذحبي مؤيداً ¦ صحيح (فتعجب) قال المحي والحديث مداره على ابن آبي مريم الغساني قال الحانظ ني الريب «ضعيف»¢ ونكره الأباتي في ضعيف الجا ( ٠) وقال ضعيف. «دان نفس حاصب نفسه في الدنيا. )5( سوره نصلت ١ الايه: ۳ قنطرة الخوف والرجاء ۳\0 يرحمك الله إن رحمة الله واسعة. فغضب فقال: هل رأيت ما يدل على القنوط : إن رحمة الله قريب من المحسنين 4" . قال: فأبكاني قولهء فإذا كل الرسل والأبدال والأولياء مع كل هذا الاجتهاد في الطاعة أتقول: ما كان لهم حسن الظن بالله؟ بلى؛ فإنهم كانوا أعلم بسعة رحمة الله وأحسن ظناً بجوده منك ولكن علموا أن ذلك دون الاجتهاد في الطاعة أمنية وغرورء وليس لها حاصل ولا طائل إلا أنها تروّح على القلب ويغتبط بها المتمنى. كما قال القائل : حرّك مناك إذا اختممت فإنهن مراوح / إذا تمنيت بت الليل مغتبطاً ]٦٥r[‏ وقال آخر : إن المنى رأس أموال المغاليس فاعتبر بهذه النكتة من اجتهاد أهل الصفوة المجتهدين في الخدمةء وتنبه من رقدتك والله تعالى ولي التوفيق. فصل ومن تمكن الخوف يكون الحزن والإشفاق من الذنوب» ولذلك قيل عن الحسن أن النبي عليه السلام قال: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر»” . قال الحسن: فوالله ما أصبح فيها مؤمن إلا حزيناً. قال: وكيف لا يحزن المؤمن وقد حذث عن الله تعالى أنه وارد جهنم ولم يأته أنه صادر عنهاء والله ليلقين أمراضاً ومصائب وأموراً تفيظهء وليظلمن فما ينتصر يبتغي بذلك الثواب من الله عز وجل» فما يزال حزيناً فيها حتى يفارقها فإذا فارقها أفضى إلى الراحة والكرامة. وقال: ما عبد الله تعالى بمثل طول الحزن. وقال مالك بن دينار: إن القلب إذا لم يكن فيه حزن خرب» كما أن البيت إذا لم يسكن خرب . (١) سورة الأعراف الآية: ٦0. () قال الحافظ العراقي في المغني (ج ۳ ص ٤۳۱) طبعة دار الحديث. باب ما ورد في ذم الدنيا. أخرجه مسلم من حدیث أبي هريرة. ٤۳۱ قنطرة الخوف والرجاء ثم يقول: أرجو من الله الجنة والنجاة من النار فذلك منه أمنية لا حاصل لهاء سماھا وقد قال الله تعالى مخبراً عن المنافقين وغرتكم الأماني وقال: ليس بأمَانيَكُمْ ولا امان ک5 مرم ‎e‏ و ر ‎“eg‏ أل الكِتاب مَن يَعْمَل شُوءا يُجْرَ به»۰. وقال جابر بن زيد رحمه الله: إياكم والأماني فوالله ما نال بها عبد خیراً قط فیما مضی ولا يناله فيما بقي. وقال: إِنْ المؤمن أحسن الظن فأحسن العمل ثم قرا: لإي ظَنَنْتُ أي لق سيت" . والمنافق أساء الظن فاساء العمل ثم قرا: «ِوَدلِكُمْ عَتَّكُمْ الذي عََنْتُمْ بَرَبَكُمْ ردام الآية. ومما يبين هذا الأصل قول البي يٍَ: «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت” ٠ والعاجز من اتبع نفسه هواها ويتمنى على الله الأماني . وفي ذلك يقول الحسن البصري: إن أقواماً ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا وليست لهم حسنة يقول: إني أحسن الظن بربي وكذب أو أحسن الظن بريه لا حسن العمل ثم و تلى قوله تعالى : «وَذَلِكُمْ كم الي ظََنُْمُ بتكم را9 الآية. وعن جعفر الضبعي قال: رأيت أبا ميسرة العابد وقد بدت أضلاعه من الاجتهاد قلت : (١) سورة النساى الآية: ١۱۲ . (۲) سورة الحاقة الآية: ٢٠. (۳) سورة فصلت؛» الآية: ۲۳. )4( قال الحافظ العراقي في المغني (ج ۳ ص 0۸۷) طبعة دار الحديث قال أخرجه الترمذي وابن ماجه من حدیثٹ شداد ين وس . قال محقق كتاب الأحياء طبعة دار الحديث أخرجه الترمذي (۲40۹) وابن ماجه (٤٤٦٤) وأحمد (/٤۱) والحاكم (۷/۱٥) وقال صحيح على شرط البخاري وتعقبه الذهبي بقوله: «لا والله أبو بكر وام» وقال الحاكم في موضع آخر (٤/۱٥۲) صحيح الإسناد ولم يخرجاءء وقال الذهبي مؤيداً صحيح (نتعجب) قال المحقق والحديث مداره على ابن أبي مريم الغساني قال الحافظ في التقريب «ضعيف» وذکره الالبائي في ضعيف الجامع (٠4۳۱) وقال ضعيف. «دان نفسه» حاسب نفسه في الدنيا. (0) سورة فصلت؛ الاية: ۲۳. قنطرة الخوف والرجاء ‎۳o‏ ‏يرحمك الله إن رحمة الله واسعة. فغضب فقال: هل رأيت ما يدل على القنوط : إن رحمة الله قريب من المحسني نڳ . قال: فأبكاني قولهء فإذا كل الرسل والأبدال والأولياء مع كل هذا الاجتهاد في الطاعة أتقول: ما كان لهم حسن الظن بالله؟ بلى؛ فإنهم كانوا أعلم بسعة رحمة الله وأحسن ظناً بجو ده منك › ولکن علموا أن ذلك دون الأجتهاد في الطاعة أمنية وغرور؛ ولیس لها حاصل ولا طائل إلا أنها تروّح على القلب ويغتبط بها المتمنى. كما قال القائل : حرّك مناك إذا اختممت فإنهن مراوح ‏ / إذا تمنيت بت الليل مغتبطاً ]٥r[‏ وقال آخر : إن المنى رأس أموال المغاليس فاعتبر بهذه النكتة من اجتهاد أهل الصفوة المجتهدين في الخدمةء وتنبه من رقدتك والله تعالى ولي التوفيق. فصل ومن تمكن الخوف يكون الحزن والإشفاق من الذنوب» ولذلك قيل عن الحسن أن النبي عليه السلام قال: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر»” . قال الحسن: فوالله ما أصبح فيها مؤمن إلا حزيناً. قال: وكيف لا يحزن المؤمن وقد حذث عن الله تعالی أنه وارد جهنم ولم يته أنه صادر عنها› والله ليلقين أمراضاً ومصائب وأموراً تفيظه» وليظلمن فما ينتصر يبتغي بذلك الثواب من الله عز وجل» فما يزال حزيناً فيها حتى يفارقها فإذا فارقها أفضى إلى الراحة والكرامة. وقال: ما عبد الله تعالى بمثل طول الحزن. وقال مالك بن دينار: إن القلب إذا لم يكن فيه حزن خرب» كما أن البيت إذا لم يسكن خرب . () سورة الأعراف» الآية: ٦0. )۲( قال الحافظ العراقي في المغني (ج ۳ ص ٤) طبعة دار الحديث. باب ما ورد في ذم الدنيا. أخرجه مسلم من حدیث أبي هريرة. ٦۳۱ قنطرة الخوف والرجاء ویروی عن حبيب بنت ثابت أنه قال: إن حاجبي يعقوب قد وقعا على عینيه» فقيل له: ما بلغ بك هذا؟ قال: طول الزمان وكثرة الأحزان. فأوحى الله إليه: يا يعقوب تشكوني. فقال: يا رب خطيئة اخحطأتها فاغفر لي . وقال الحسن: وذكر هذه الآية: وبا ارحس الَذِينَ يَمْشُونَ عَلى الأَْض هونا ”° . قال: المؤمنون قوم ذلل ذلت والله الأسماع والجوارح حتى يحسبهم الجاهل مرضى والله من الدنيا علمهم بالاخرةء وقالوا: «وَقالوا اَلحَمْدُ لِله الذي أَنْحَبَ عَنًّا اَلحَرَن4. والله ما أحزنهم حزن الناس» ولا تعاظم في أنفسهم ما طلبوا به الله أبكاهم الخوف من النار وأنه من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات» ومن لم ير لله عليه نعمة إلا في مطعم أو مشرب فقد قل علمه وحضر عذابه. قال : وسمع سمیان الثوري يقول : واحزناه. فقيل له: قل واقلة حزناه. وینشد: اضعف عن الشر كما تدعي ضشعفاً عن الخير وقديمكن وقال الحسن: إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن في عمله ما يكفرها سلطت عليه ‎[rov]‏ / الغموم فتكون كفارة لذنويه. ‏وعن ابن مسعود قال: إن المؤمن ليرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقم عليه ون الفاجر يرى أن ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذاء ومد يده فوق أنفه . ‏وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: من سره أن يسبق الذائب المجتهد فليكف نفسه عن الذنوب فإنكم لن تلقوا الله بشيء خير لكم من قلة الذنوب. ويقال: لا تنظر إلى صغر الذنب ولكن انظر إلى من عصيت. ‏وعن عروة بن عامر قال: إن العبد لتعرض عليه ذنوبه ويقول: لذنب منها قد كنت مشفقاً منك فيغفر له . ‏وعن الحسن أن الرجل ليذنب الذنب فلا يزال به كثيباً حتى يدخل الجنة. ‏(١) سورة الفرقان؛ الآية: ۳٦ . (۲) سورة فاطر الآية: ٤۳. ‎ ‎ قنطرة الخوف والرجاء ۳۷ وقيل لبعض العرب: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت عوداً ركوباً موقراً نعماً وذنوباً. ويروى أن كعب الأحبار قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين آنت ميت في ثلاث أجد ذلك في بعض الكتب. قال: تجد اسمي ونسبي؟ قال: لا ولكني وجدت صفتك وسيرتك . فقال عمر : أيوعدني كعب ثلاناً أعدها ولا شك أن القول ما قاله كعب وما بي حذار الموت إني لميت ولكن خوف الذنب يتبعه الذنب ويقال: إن للذنوب ضعفاً في القوة وظلمة في القلب» وأنّ للحسنات قوة في البدن ونوراً في القلب . ۱ وكان الأوزاعى إذا رأى رجلا من الجند قال: استغفر الله من ذنوب سلط بها ھؤلاء وعن الحسن قال: إن الرجل ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليلء وقيل لسفيان الثوري : لو دعوت الله لنا قال: ترك الذنوب هو الدعاء ولبعض بني عامر : ألم يأن لي يا قلب أن أترك الصبا ‏ وأن أزجر القلب اللجوج عن الهوى وما عذر من يعصي وقد شاب رأسه ‏ وأبصر أبواب الضلالة والهدى وإن كان ليل كان بالليل نائماً وأصبح بطال العشية والضحى ولو قسم الذنب الذي قد أصبته على الناس خاف الناس كلهم الردى وعن الحسن قال: إنما المؤمن من جمع إحساناً وشفقة وتلى هذه الآية: «وَألَذِينَ / هُم [۸٥۳] مُنْ عَذاب رَتَهمْ مُشْفْقُونَ. وأن المنافق من جمع إساءة وأمنا وتلى: قال إِنَمَا وتي عَلى علم ِئْدي»”٩. وینشد: : خلقت من التراب فصرت شيئاً وعَلمّت الفصيح من الخطاب فعدت إلى التراب فظلت فيه كأني ما برحت من التراب قال: ولقي حکيم حکيماً فقال له: إني لا أحبك في الله. فقال: لو علمت مني ما أعلم من نفسي لأبغضتني في الله . فقال له الأول: ولو أعلم من نفسي ما تعلمه أنت من نفسك لكان لي فيما أعلمه من نفسي شغل عن بغضك وقیل آخر شعر قاله ذو الرمة: (۱) سورة المعارج؛ الآية: ۲7. (۲) سورة القصص الآية: ۷۸. ۳۱۸ قنطرة الخوف والرجاء يارب قد أسرفت نفسي وقدعلمت علمأيقينآألقدأحصيت آثاري يا مخرج النفس من جسم إذا احتضرت وفارج الكرب زحزحتي عن التار وروي عن عيسى عليه السلام أنه قال: إذا عملت الحسنة فأله عنها؛ فإنها عند من لا يضيعهاء وإذا عملت سيئة فاجعلها نصب عينك وأنشدوا: يا خارب القلب عامرالأمل عشت وغرّتك صحةالبدن لا أنت قصرت في القيح ولا محوت بعض القيح بالحسن فصل واعلم أن الحزن إِذا كثر في القلب واشتد لا بد أن يثمر البكاء من خحشية الله وأقرب ما يكون العبد من عفو الله ورحمته إذا کان باکیا من خشیته . وقد نعت الله أقواماً وقال: ®وَيَخرُونَ لِلأَذْقَان يَبْكُونَ4” الآية. وقال: حَدوا سُحّداً وکیا 4 . وكان عليه السلام يبكي ويأمر بالبكاء والتباكي : وقال: «أيها الناس ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا فإن أهل النار يبكون حتی تسيل دموعهم على وجوههم کأنها جداول ثم تنقطع الدموع فتسيل الدماء فتقرح العيون فلو أن السفن أجريت فيها لجرت . وكان عليه السلام يصلي ويسمع لجوفه أزيز كأزيز المرجلء وروي أنه قال لابن مسعود: «اقراً علي . فقلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: «فإني أحب أن أسمعه من غيري» قال: فقرأت سورة النساء حتى إِذا بلفت. لِوَجِفًْا بِكَ عَلى هؤلاءِ شّهيداً 4٩ رأیت عينيه تذرفان فقال لي : «حسبك» . [۹٥۳[ وعن / عقبة بن عامر الجهيني قال: قلت يا رسول الله: ما النجاة؟ قال: «ليسعك بيتك وابك على خطيئتك وامسك عليك لسانك»”. (١) سورة الإسراى الآية: ۹٠1. )۲( سورة مریم ؛ الآية: 0۸ . (۳) أخرجه ابن حجر فی لسان المیزان (٤/١۳١۱). (8) سورة النساى الآية: ١8 . () قال الحافظ العراقي في المغني المجلد الأول ص 4۳۳: متفق عليه من حديث ابن مسعود. () قال الحافظ العراقي في المغني (ج ۲ ص ٢٤۳) طبعة دار الحديث أخرجه الترمذي من حديث عقبة وقال حسن. أطراف الحديث عند أحمد (9/ 1 ١1) الهيثمي في مجمع الزوائد (٠٠/۲۹۹) الزبيدي في = قنطرة الخوف والرجاء ۳۱۹ وعن داود عليه السلام أنه قال: إلهي ما جزاء من بکی من خشيتك حتی تسیل دموعه على وجهه؟ قال: جزاءه أن أحرّم وجهه على لفح النارء وأن أؤمنه يوم الفزع الأكبر . وعن معاذ بن جبل رحمه الله آنه قال: من بکى من خشية الله غفر الله له ذنوبهء فإن لم يبك فليتباكى» أعطاه الله أجر الحزين المصاب» الصلاة والرحمة والهدى. وعن كعب الأحبار أنه قال: والذي نفسي بيده لأن أبكي من خشية الله حتى تسيل دموعي على وجهي أحب إِليّ من أن أتصدق ولو بجبل من ذهب . وقال وهب: فقد زكريا ابنه يحيى عليهما السلام فوجده مضطجعاً بعد ثلاث على قبر وهو يکي فقال: ما هذا يا بنتي؟ فقال: أخبرتني أن جبريل أخبرك أن بين الجنة والنار مفازة لا يطفىء حرها إلا الدموع. قال: إيك يا بني . ودعا بعض الحكماء فقال: إِلهي ارزقني عينين هطالتين يبكيان من خشيتك» قبل أن تكون الدموع دمأ والأضراس جمراً. وقال عبد الله بن عمر: لإإن أدمع دمعة من خشية الله أحب إلي من أن أتصدق بألف دينار . وقيل لبعضهم: إن كثرة البكاء تذهب البصر. قال له: ذلك شهادة فبكى حتى عمي. وقيل لبعضهم: مم تبكي هذا البكاء الطویل؟ فبکی ثم قال : بكيت على الذنوب لعظم جرمي وحق لكل من يعصي البكاء فلو كان البكاء يرد عي لأسعدت الدموع معادماء ثم بكى حتى غشي عليه فقام الرجل عنه وتركه. قال: وكان الضحاك يبكي كل عشية ويقول: لا أدري ما صعد اليوم من عملي . وروي عن عبد الرحمن بن عوف رحمه الله أنه أي بطعام وكان صائماً فقال: قتل حمزة وهو خير مني ولم نجد ما نکفنه به وقتل مصعب بن عمير وهو خير مني فكفن في بردة ٳِن غطي رأسه بدت رجلا وإِن غطیت رجلاه بدا رأسهء ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط؛ لقد خفت أن أكون قد عجلت لي حسناتي في الدنیا» ثم بکی حتی سمع نشیجه وحتی برد الطعام . وینشد: الإتحاف (۳۳۹/۱ء ۷/٠40) والعجلوني في كشف الخفا (۲/٤٤) الشجري في الأمالي (۲/٠٦19)› الطبراني في المعجم الكبير (٠٠/٠٠1). ]۰٦۳[ ۳۲۰ إلى الز هدفي الدنيا / حدثهم نحو الرغبات ورافت لهم الدنِا عليهم حین تلقام م بقاياهم من الخدما توهمهم وقدملت وقد قام ولم يهجع يضجون إلى الله مليسك الملك غلصنا مل ك الملل ك اعتقن ا مليك الملك هل مما في أعتاتتناطرا وفيما روي أن قوماً وقفوا بعابد وهو يبكي» فقالوا: ما الذي أبكاك يرحمك الله؟ قال: روعة يجدها الخائفون في قلوبهم. قالوا: وما هذه الروعة؟ قال: روعة النداء بالعرض على الله تعالى . ول : با كي اكا الك إخوتي كيف لا يطول بكائي قم فتاد إذا الخلائق ناموا وآخر : لل ساهر ليله مايهجعم پيکي يدمع ساكب هفواته ندما على ما كان من عصيانه يا رب ما للذنب غيرك غافر يا رب عبدك ضارع فاغفر له وقال عیسی ابن مریم عليهما السلام: طوبی لمن خزن لسانه ووسعه بیته ویکی على قنطرة الخوف والرجاء حح ان الخال ۸ يشتاى والرهبات فاشتاقوا وعاقتهم فما اتعاقوا سكينات وإطظراق ت أشباح و أر مان ر 5 ۱ إل وم ۱ ا مرن ذاق الذي ذاقوا ودمع الع ن مهراق وإذاماكکشفت ساق فناء اقك أعتاق تطظ وق اہ إط لای مسرن الثامم أطواق صيّرته الذنوب مثلي ظليلاً وبجهلي عصيت ربا جليلاً يا مقيل العشرات كن لي مقيلاً وكل الفؤاد من الذنوب مصدع ملكا تذل له الملوك وتخضع وإليك منك يا إلهي المفزع مالم يزل يدعوك فيه ويضرع قنطرة الخوف والرجاء ٢۳ وقال بعضهم: كنا نجلس إلى بعض العباد فييكي ويبكينا ويقول: كل ذي غيية سيرجع يوماً غير غياب زائرات القبور وسئل بعض من بکى عند حضرة الموت فقال : تذكرت ساعات أضعت مرورها من العمر الماضي فأنى لي الذكرى / فلم ينحصل لي الآن غير دميعة تسيل وما تجدي وقد حقت العسرى ۳17[ فصل وجملة الأمر أنك إذا ذكرت سعة رحمة الله التي سبقت غضبه ووسعت كل شيء؛› ثم كنت من هذه الأمة المرحومة الكريمة على الله تعالىء ثم غاية فضله العظيم عليك وعلى غيرك» ثم كثرة أياديه إليك ونعمه الظاهرة والباطنة لديك من غير إحسان سبق منك . وتذکرت من جانب آخر كمال عظمته؛ وجلاله وهيبته؛ وعظيم سلطانه» ثم شدة غضبه الذي لا يقوم له السموات والأرض؛ء ثم غاية غفلتك وكثرة ذنويك وجفوتك مع دقة أمرهء وخطر معاملته» وفي إحاطة علمه وبصره بالغيوب» ثم حسن وعده وثوابه الذي لا تبلغ كنهه الأوهام› وشدة وعيدهء وأليم عقابه التي لا تحتمل ذكره القلوب تارة تنظر إلى فضلهء وتارة تنظر إلى عذابهء وتارة تنظر إلى رحمتهء وتارة تنظر إلى نفسك وجفواتها وخياناتها تأدى بك جميع ذلك إلى الخوف والرجاء . وكنت قد سلكت السبيل الأقصد والمنهاج الأرشد وعدلت عن الجانبين المهلكين: الأمن والإياس فلم تغتر ببرودة الرجاء حتى تهلك مع الأمنين» ولا بحرارة الخوف حتى تهلك مع الآيسينء بل شربت من النهرين واستقيت من العينين فوجدت النفس قد جذّت في الطاعة راجية وابهاء واجتنبت المعاصي راهبة عقابهاء كما قال بعض الماضين: أنه إذا ذكرت الجنة طال شوقه» وإذا ذکرت النار طار نومه. فصرت حيئلٍ من الأصفياء العابدين الذين وصفهم الله تعالى في قوله: إِنَهُمْ يُسَارِعُونَ في لْحَيْرَاٍِ وَيدْعُونَا رَعباًوَرَحباًوَكَانُوا لا عَاشِمين»”. والحمد لله رب العالمين» فإذا جاوزت قنطرة الخوف والرجاء فأشرع في العبادة بنفس شديدة غير كسلى» / ولا عاجزة وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام [۲٦۳] المرسلين والحمد لله رب العالمين . (١) سورة الأنبياى الآية: ١۹. قناطر الخيرات/ ج ۳/م۲۱ القنطرة الرابعة عشر قنطرة العبادة الحمد لله الذي شرف أولياءه بخدمته وعبادته» وكْرّمهم بالتزام وظائف طاعتهء والصلاة والسلام على أكرم بريته محمد بن عبد الله خاتم النبيين صلى الله عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين . أما بعد فإن الله سبحانه خلق الدنيا مزرعة للعبادء وجعل لهم الأرض ذلولاً سلسلة القياد لا ليستقروا في مناکبهاء بل ليتزودوا منها خير الزاد لينجوا بذلك من سطوته يوم المعاد›ء ويتحققوا أن الأعمار تسير بهم سير السفن بين الأمواج الملتطمةء وأهلها دود على عود إن سقطوا غرقوا» وإن تمسكوا فرقوا فلا راحة ولا قرار حتى يقطعوا أهوال تلك البحارء وتحط السفينة بأولثك السفار. فالناس في هذه الدنيا أضياف مرتحلون» وكركب يسار بهم وهم نائمون» فأول منازلهم المهد وآخرها اللحدء والوطن الجنة والنارء وهم بأعمالهم تجار ربحها التتعم في دار القرار› والحلول في دار البوار جعلنا الله من الفائزين برحمته » الناجين من سطو ته قال الله تعالی : وما خَلفُ ان والس إل لَنبتُون»”. وقال تعالى : «وَأَعْبدُوا الله وَل تُشْركُوا به شيا °4. العبادة هي : القيامء والخشوع› والركوع » والسجود› والصيامء والخضوع › والحج› والجهادء والتسبيح» والتكبير والتمجيد» والتحميدء والسكينة. والذلة والإقرار لله بالمملكة› والدعاءء والشكر؛» والمواساة وذكر المنة والرضى عن الله تعالى» والتسليم لأمرهء والصبر على [] بلائه» / والإنابة إليه والإخبات إليه تعالى؛ والتضرع وغير ذلك من معاني العبادة ووظائف العبوديةء وقد ذكرنا في السفر الأول والثاني أكثر من هذه المعاني . () سورة الذاريات؛ الآية: ٦0. (۲) سورة النساى الآية: ٢۳. قنطرة العبادة ‎۳Y۳‏ ولتشرع الآن في هذا السفر في شرح أدب تلاوة القرآن والذكر والدعاء والتضرع للرحمن وترتيب ذلك على أوقات الليل والنهار من الزمان فتشتمل حينئلٍ هذه القنطرة على أربعة أبواب : الأول: في أدب تلاوة القرآن . الثاني : في الذكر والإستغفار. الثالث: في الدعاء والتفكر في المخلوقات. الرابع: في ترتيب هذه العبادات على الأوقات. والله أعلم وبالله التوفيق. الباب الأول في فضل القران واداب تلاوته الظاهرة والباطنة° الحمد لله الذي امتن على عباده برسوله الأمينء وبكتابه المستبينء وأوضح فيه دينه والنور» والنجاة من الهلكة والغرورء من آمن به فقد وفق؛ ومن قال به فقد صد › ومن حکم تعالى: «إنًا تح تَر الذَكْرَ وَإنًا له لَحَافِظُونَ»”. ومن أسباب حفظه أن جعله في القلوب محفوظاًء وني المصاحف مکتوبا وبالألسن مقرؤاء وبالأذان مسموعاء ومن التغبير والتبديل مصوناً مضبوطاً فمن واظب على دراسته وتلاء حق تلاوته مع القيام بآدابه الظاهرة والباطنة كان كمن أدرجت النبوة بين كتفيه إلا أنه لا يوحى إليه فلا بد / من بیان فضله وتفصیل آدابه [٢٤٠٦۳] وينحصر ذلك في أربعة فصول : الأول: في فضل القرآن وأهله. الثاني : في آداب تلاوته في الظاهر . الثالث: في الأعمال الباطنة . الرابع: في فهم القرآن وتفسيره بالرأي وغيره. () هذا الباب مأخوذ من كتاب الإحياء بتصرف قليل المجلد الأول ص ٢٤٤ طبعة دار الحديث كتاب آداب. تلاوة القرآن . (۲) سورة الحجر الآية: ۹. ٤۳۲ قنطرة العبادة الفصل الأول: في فضل القرآن وأهله وذم المقصرين في تلاوته وهذا الفصل ينقسم إلى قسمين : الأول ٠ في فضل القرآن وأهله. والثاني : في ذم | لمقصرين في تلاوته . القسم الأول: في فضل القرآن وأهله قال الله تعالى : وله لَكتَابٌ عَزير»” الآية. وعن النبي يَأ أنه قال: «من قرأ القرآن ثم (۲) وعنه عليه السلام قال : «ما من شفيع أعظم منزلة عند الله عز وجل يوم القيامة من القرآن لا نبي ولا ملك . وقال: «أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن»* ٠ وقال: إن الله تعالى قرأ سورة طه قبل أن يخلق الخلق بألف عام فلمّا سمعت الملائكة بالقراءة قالت: طوبى لأمة ينزل عليهم هذا وطوبى لأجواف تحمل هذا وطوبى لألسنة تنطق بهد 1 وقال عليه السلام: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه». وقال عليه السلام: «يقول الله عز وجل من شغلته قراءة القرآن عن دعائي ومسئلتي أعطيته أفضل واب الشاكري. . (۱) (۲) (۳) (4) (0) (۱ (۷) سورة فصلت» الآية: ٤٤ . قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ۳٢٤) طبعة دار الحديث أخرجه الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو بسند ضعيف. قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ۲۳٤) طبعة دار الحديث رواه عبد الملك بن حبيب من رواية سعید بن سلیم مرسلاً وللطبراني من حديث ابن مسعود: #القرآن شافع مشفع» ولمسلم من حديث أبي أمامة: «اقرؤوا القرآن فإنه يجيء يوم القيامة شفيعاً لصاحبه» قال المحقق: حديث «القرآن شافع مشفع' ذكره الهيشمي في مجمع الزوائد (۷/٤۱1) وقال: رواه الطبراني وفيه الربيع بن بدر وهو متروك. قال الحافظ العراقي (ج ١ ص 4۲۳) طبعة دار الحديث أخرجه أبو نعيم في فضائل القرآن من حديث النعمان بن بشير وأنسي وإسنادهما ضعيف. قال الحافظ في المغني (ج ١ ص ٤٤٤) طبعة دار الحديث أخرجه الدارمي من حديث أبي هريرة بسند ضعيف. قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص 4۲۳) طبعة دار الحديث أخرجه البخاري من حديث عثمان بن عفان . قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ۲۳٤) طبعة دار الحديث أخرجه الترمذي من حديث أبي سعيد «من شغله القرآن عن ذكري أم مسئلتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين» وقال: حسن غريب ورواه ابن = قنطرة العبادة ‎۳Yo‏ وقال عليه السلام: «أهل القرآن أهل الله وخاصته». وقال عليه السلام: «ثلاثة يوم القيامة على كثيب من مسك أسود لا يهولهم فزع ولا ينالهم حساب حتى يفرغ ما بين الناس"". وذكر فيهم رجلا قرأ القرآن وأءٌ به قوماً وهم به راضون . وقال عليه السلام: «إن القلوب تصدى كما يتصدى الحديدء” قيل: فما جلاءها؟ قال : «تلاوة القرآن وذكر الموت ٠ وعن أبي أمامة الباهلي قال: اقرؤوا القرآن ولا تغرنكم هذه / المصاحف المعلقة› [٥٦۳] وعن ابن مسعود قال: إذا أردتم العلم فأثيروا القرآن؛ فإن فيه علم الأولين والاخرين› فاقرؤوا القرآن فإنكم تؤجرون بكل حرف منه عشر حسنات» أما إني لا أقول لكم ( آلم) حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف. وقال : لا يسئل أحدكم عن نفسه إل القرآنء فإن كان يحب القرآن ويعجبه فهو يحب الله سبحانه ورسوله› وإن كان يبغضه فهو يبغضهما. قرأ القرآن فكأنما أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه. وعن أبي هريرة قال: إن البيت الي يتلى فيه القرآن اتسع بأهله؛ وكثر خيره وحضرته = شاهين بلفظ المصنف قال: محقق الإحياء: أخرجه الترمذي (٦۲۹۲) وقال: حسن غريب قال الألباني في الضعيفة (١۱۳۳) ضعيف. () قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٢٤٤) طبعة دار الحديث أخرجه النسائي في الكبرى وابن ماجه والحاكم من حديث أنس بإستاد حسن. () قال الحافظ في المغني (ج ١ ص ۲۳۲) طبعة دار الحديث أخرجه الترمذي وحسنه من حديث ابن عمر مختصراً وهو فى الصغير للطبرانى بنحو مما ذكره المؤلف. قال محقق الإحياء طبعة دار الحديث أخرجه الترمذي (۱۹۸) وقال حسن غريب والطبراني في الصغير (١۲۳) وذكره الألبائي في ضعيف الجامع (۲۷۸) وقال: ضعيف. ۱ () آأطراف الحديث عند المتقي الهندي في كنز العمال (٤۳۹۲) والذهبي في ميزان الأعتدال (۱1۹۱۸)ء وابن الجوزي في العلل المتناهية (۷/۲٤۳) وابن عدي في الكامل للضعفاء (۱/ 9۸)٠ () قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٤٤٤) طبعة دار الحديث: أخرجه البيهقي في الشعب من حدیث ابن عمر بسند ضعیف.۔ ٦۳۲ قنطرة العبادة الملائكة وخرجت منه الشياطين» والبيت الذي لا يقرا فيه يضيق بأهلهء ويقل خيرهء وتخرج عنه الملائكة وتحضره الشياطين . وقال بعض السلف: ينبغي لحامل القرآن أن لا يكون له إلى أحد حاجة ولا إلى الخلفاء ومن دونهم» وينبغي أن تكون حوائج الخلق إليه. وقال: حامل القرآن حامل راية لا ينبغي ان يلهو مع من يلهو ولا يسهو مع من يسهوء ولا يلغو مع من يلغو تعظيماً لحق القرآن . ويقال: إذا قرا الرجل القرآن قبل الملك بين عينيهء وعن عمرو بن ميمون قال: من قرأ في المصحف حين يصبح مائة آية رفع الله له مثل أعمال أهل الدنيا . ويروى أن النبي يَأ قرأ على خالد بن عقبة: إن الله يأو باْعَدْلِ وَالإخسان” ال قال: أعد فأعاد فقال: والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أسفله لمغدق وإن أعلاه لمثمر وما يقول هذا يشر . ]٦٦۳[ وقال الحسن: والله ما دون القرآن من غنى / ولا بعده من فاقة . وقال بعض السلف: من قرا خاتمة الحشر حين يصبح ثم مات من يومه ختم له بطابع الشهداء. وقال علي : ثلاث يزدن في الحفظ ويذهين البلغم : السواك والصيام وقراءة القرآن . وقيل لبعض النساك: هل هاهنا أحد تستأنس به؟ فوضع المصحف في حجره وقال: هذاء والله أعلم. القسم الثاني: في ذم تلاوة الغافلين عن آنس بن مالك قال: رب تال للقرآنء والقرآن يلعنه» وعن بعضهم: الغريب هو القرآن في جوف الفاجرء والرجل الصالح في قوم سوء والمصحف في بيت لا يقرا فيه . وقال أبو سليمان الدراني: الزبانية أسرع إلى حملة القرآن الذين يعصون الله عز وجل (١) سورة التحل الآية: ١۹. (۲) قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٥٤٤ طبعة دار الحديث) ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب بغير إسناد ورواه البيهقي في الشعب من حدیثٹ ابن عباس بسند جید ال آنه قال : «الوليد بن المغيرة» بدل «خالد بن عطية) وکذا ذکره ابن إسحاق في السيرة بتحوه. قنطرة العبادة ‎۳Y۷‏ منهم إلى عبدة الأوثان حين عصوا الله بعد القرآن. وقال عليه السلام: «أكثر منافقي هذه الأمة قراء ها . وقال: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرا القرآن كالثمرة طعمها طيب ولا ريح لها ومثل الفاجر الذي لا يقرا القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها خبيث ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمها مر ولا ريح لھا٩ . وقال بعض السلف: ندمت على استظهاري القرآن؛ لأنه بلغني أن أصحاب القرآن يسئلون عما تسئل عنه الأنبياء يوم القيامة . وقال ابن مسعود : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بلیله إذا الناس ينامون› وبنهاره إدا الناس يفطرونء ونحزنه إذا الناس يفرحون» وببكائه إذا الناس يضحكون؛› وبصمته إذا الناس يخوضون وبخشوعه إذا الناس يختالون. وقال عليه السلام: «اقراً القرآن ما نهاك وإذا لم ينهك ‎eee‏ 7 فلست تقراه ۰ وقال / بعض السلف: إن العبد ليفتتح السورة فتصلي عليه: حتى يفرغ منهاء وإن العبد [۷٦۳] ليفتتح السورة فتلعنه حتى يفرغ منها. قيل: فكيف ذلك؟ قال: إذا أحل حلالها وحرّم حرامها صلت عليه وإلا لعنته . وقال بعضهم: إن العبد ليتلو القرآن فيلعن نفسه وهو لا يعلم يقول: % أَلظالِمِين»"" وهو ظالم لنفسه ويقول: ألا لعنة الله على الكاذبين» وهو منهم. ‎e‏ 2 س ‏لا لَه الله على ‏() قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٢٤٢٠) طبعة دار الحديث أخرجه أحمد من حديث عقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو وفيها ابن لهيعة. ‏(۲) أطراف الحديث عند البخاري (٠/٥۲۴. ۹4۹/۷ ۱۹۸/۹). ومسلم في صلاة المسافرين (٤٤۳)ء أبو داود في الأدب (ب ۱۹) والنسائی (۸/٥٢۱) وابن ماجه ٢٠۲ والترمذي (٢٥٣٦۲۸) وأحمد (٤/ ۳۹۷٤ ٤٠4) الدارمي في السنن (۲/ 4۲٤) وعبد الرزاق في المصنف (۳/ ۹۳٠۲) وشرح السنة للبغوي (4/ ۳٤) والمنذري في الترغيب (۲/٤٦٤۳) وابن حجر في الفتح (۹/ ٥٥٠). والمتقي الهندي (٤ ۷۳ء ۲۳۳۷ء ۲۳۳۸( والشجري في الأمالي (١: ۸۳). وتفسير القرطبي (١/1) وأبي نعيم في حلية الأولياء (۹/٠1) والعقيلي في الضعفاء (١/ 104 والفريانى في صفة التفاق (۷۲). والبيهقي في الأسماء والصفات (۲۱۳). ‏(۳) قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٥4) طبعة دار الحديث أخرجه الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو بسند ضعیف. . ‏)4( سورة هود؛ الاية: ۱۸ . ‎ ‎ ‎۳Y۸‏ قنطرة العبادة ‏وعن الحسن قال: فَرَاء القرآن ثلاثة قوم قرؤوه فاتخذوه بضاعة ونقلوه من مصر إلى مصر لينالوا به ما في أيدي الناس» وقوم قرؤوه فثقفوه تثقيف الفتى القدح وألقوا حدوده في زواياه› واستطالوا به على أهل بلادهم فهم فيه أشد تيهاً من الأمراء إذا طلعوا على أعوادهم يلقى الرجل أخاه فيقول: والله ما أسقط من القرآن شيثاً والله ما ألحن في القرآن حرفا فهم الذين أفسدوا في الأرض فقد كثرت هذه الطبقة من حملة القرآن فلا أكثرهم الله . ‏وقوم قرؤوه فأسهر نومهم؛ وأسال دموعهم على خدودهم؛ وكدوا في محاريهم فبهم ينزل الله الغيثء فبهم ينفي العدو فهذه الطبقة من حملة القرآن أقل من الكبريت الأحمر. ‏وعنه أيضاً قال: إنكم اتخذتم القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا فأنتم تركبونه فتقطعون به مراحله ون من كان قبلكم رواة رسائل من ربهمء فكانوا يتدبرونها بالليل ويتفقدونها بالتهار . ‏وقال ابن مسعود: أنزل القرآن ليعملوا به فاتخذوا دراسته عملا إن أحدهم ليقرا القرآن ‏[۸] من فاتحته إلى خاتمته فلا يسقط منه حرفا / وقد أسقط العمل به . ‏وفي حديث ابن عمرو حديث جندب: لقد عشنا دهراً واحداً يؤتي الإيمان قبل القرآنء فتتزل السورة على محمد عليه السلام فيتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرهاء وما ينبغي أن يقف عنده منهاء ثم لقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقر ما بين فاتحة الكتاب إلى خاتمته لا يدري ما آمره» ولا زاجره» ولا ما ينبفي أن يقف عنده منه ينثره نثر الدقل. ‏وقد روي في التوراة: يا عبدي أما تستحي مني يأتيك كتاب من بعض إخوانك وأنت في الطريق تمشي فتعدل عن الطريق وتقعد لأجلهء فتقرأء وتدبره حرفاً حرفاً حتى لا يفوتك منه شيء. وهذا کتابي أنزلته إليك انظر كم وصل لك فيه من القولء وكم كررت عليك لتتأمل طوله وعرضه ثم آنت معرض عنه؛ أفكنت عليك أهون من بعض إخوانكء يا عبدي يقعد إليك بعض إخوانك فتقبل إليه بكل وجهك وتصغي إلى حديثه بكل قلبك فإن تكلم متكلم أو شغلك شاغل عن حديثه أومأت إليه إن كف» وها آنا مقبل عليك ومحدث لك وآنت معرض بقلبك عني أفجعلتني أهون عليك من بعض إخوانك. والله نسأله العصمة والتوفيق . ‎ قنطرة العبادة ۳۹ الفصل الثاني في ظاهر آداب التلاوة وهي عشرة”° الأول: في حال القارىء وهو أن يكون على الوضوء واقفاً على هيثة الأدب إما قائماً وجالساً مستقبل القبلةء مطرقاً رآسه غير متربع ولا متکیء ولا متکبر» ویکون جلوسه وحده کجلوسه بين يدي / أستاذه . ]۹٦۳[ وأفضل أحواله: أن يقرأ في الصلاة في المسجد قائماء وإن كان غير متوضء أو في الفراش مضطجعاً فله أيضاً فضل ولكنه دون ذلك قال تعالى : #ألَذِينَ يَدكُرُون الله قياما وَفَعُوداً وَعَلى جُنُوهمٌ»' فاثنى على الكل ولكن قَدّم القيام على ساثئر الأحوال. وعن علي قال: من قرأ القرآن في الصلاة قائماً فله بكل حرف مائة حسنةء ومن قرأه جالساً في الصلاة فله بكل حرف خمسون» ومن قرأ في غير صلاة وهو متوضیء فله خمس وعشرون› وغیر متوضیء فعشر حسنات › وفي الليل أفضل لفراغ القلب . قال أبو ذر: كثرة السجود بالنهار› وطول القيام بالليل . الأدب الثاني: مقدار القراءةء وللقرًاء عادات مختلفة: منهم من له ختمة في اليوم والليلة› وبعضهم مرتین » وبعضهم ثانا وبعضهم في الشهر مرة» وأولی التقديرات قول النبي َو وقد قال : «من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفهمه»”"٩. وقد قالت عائشة رضى الله عنها: وقد سمعت رجلا يهد القرآن هدا ما قرأ هذا ولا سکت. وأمر عليه السلام ابن عمر أن يختمه في سبع٠ وكذا کان عثمان وأيٍيٌ بن کعب وابن مسعود وزيد يختمونه في كل جمعةء وقد كره جماعة الختم في اليوم والليلة؛ لأنه غاية الاقتصار كما أنها في الشهر غاية الاستكثار والأحسن ختمه في سبع أو ختمتان بالليل ختمة وبالنهار ختمة . )۱( هذا الفصل نقله مؤلف القناطر من الإحياء للإمام الغزالي الجزء الأول طبعة دار الحديث ص ۷٢٤ تحقيق سيد إبراهيم. ل )۲( سورة آل عمران» الاية: ۱۹۱. )۳( قال الحانفظ العراقي في المغني الجزء الأول ص ۷ باب أداب التلاوة طبعة دار الحديث؛ أخرجه أصحاب السنن من حديث عبد الله بن عمرو وصححه الترمذي. غير آنه قال: فلم يمقهه) ولم يقل «لم يفهمه). ۳۳۰ قنطر 0 العبادة [۳۷۰[ وينبغي أن تكون في أول نهار الاثنين» وأول ليلة الجمعة؛ فإن الملائكة تصلي عليه / إن كان نهاراً حتى يمسي» وإن كان ليل فحتى يصبح» والتفصيل في مقدار القراءة إن کان من العابدين السالكين طريق العمل فختمتان في سبع وإن كان سالكاً طريق الفكر أو مشغولاً بنشر العلم فختمةء وإن كان نافد الفكر في القرآن فمرة في الشهر لحاجته إلى كثرة التأمل . الثالث: في وجه القسمة إما من ختم مرة في الأسبوع فإنه يقسم القرآن على سبعة . وروي أن عثمان كان يفتح ليلة الجمعة بالبقرة إلى المائدةء وليلة السبت بالأنعام إلى هود وليلة الأحد بيوسف إلى مريم؛ وليلة الاثنين بطه إلى طسم موسى وفرعون» وليلة الثلاثاء بالعتكبوت إلى صاد؛ وليلة الأربعاء بتنزيل إلى الرحمنء ويختم ليلة الخميس . وابن مسعود يقسمه أيضاً سبعة ولكن على غير هذا الترتيب» وقيل أحزاب القرآن سبعة : الأول ثلاث سور والثاني خمس» والثالث سبع والرابع تسع؛ والخامس إحدى عشرةء والسادس ثلاث عشرة› والسابع المفصل . قال: فهكذا أحزبته الصحابة ويقرؤونه كذلك» وفيه خبر عن النبى يِل هذا قبل أن تعمل الأخماس والأعشار والأحزاب وما سوى هذا فهو محدث. الرابع: في الكتابة ولا بأس بالنقط والعلامات بالحمرة وغيرهاء فإنها تزيين وتبيين وضبط عن اللحن . وروي أن الحسن وابن سيرين ينكران الأخماس والأعشار» والشعبي وإبراهيم يكرهان النقط بالحمرةء والظن بهم أنهم كرهوا ذلك خوفاً من أن تنجر الزيادةء وحرصاً على حراسة []|القرآن» فإذا لم يؤد ذلك إلى محذور / فلا بأس» وقد استقر أمر الأمة على ذلك . وحروفه وسووا أحزابه. الخامس: هو الترتيل وهو المستحب قال الله تعالى: «وَرَتّل الفَرَانَ تَرتيلا€”. وقد نعتت آم سلمة زوج النبي عليه السلام قراءته فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفاً حرفاً. وقال ابن عباس: لان أقر البقرة وآل عمران أتدبرهما أحَتّ إِليَ من أن أقرا القرآن كله () سورة المزمل؛ الآية: ٤. قنطرة العبادة ۳۳۱ هذرمة. وقال أيضاً: لأن أقر: (إذا زلزلت)» و(القارعة). أتدبرهما أحب إليّ من أن أقرا البقرة وآل عمران تهديراً. واعلم أن الترتيل مستحب لا لمجرد التدبير بل أقرب إلى التوقير والاحترام وأشد تأثيراً في القلب من الاستعجال. السادس: البكاء قال عليه السلام : «اتلوا القرآن وابکوا وإن لم تبکوا فتباکوا». يعني فلتكلفوا البكاء . وعن ابن عباس قال: إذا قرأتم سجدة (سبحان) فلا تتعجلوا بالسجود حتی تبکواء فان لم تبك عين أحدكم فليبك قلبهء وإنما طريق تكلف البكاء أن يحضر قلبه الحزن فمنه ينشاً البكاء. قال عليه السلام: «إن القرآن نزل بحزن فإذا قرأتموه فتحازنو». ووجه إحضار الحزن أن يتأمل ما فيه من التهديدء والوعيدء والوثائقء والعهود› تم يتأمل تقصيره في الأوامرء وارتكاب الزواجر فيحزن لا محالة ويبكي» فإن لم يحضره البكاء كما يحضر أرباب القلوب الصافية فلييك على فقد الحزن فذلك أعظم المصائب . السابع: أن يراعي حق الآيات فإذا مر باية سجدة سجد وكذا إِذا سمعها من غیرهء وهذا إذا كان على طهارة ثم يدعو في سجوده بما / يليق بالاية التي قرأها مثل قوله :[۳۷۲] «حَووا سُجّداً وَسَيَحُوا بِحَمْدِ رَيَهمْ وَهُمْ لا يَْتَكرُونَ». فيقول: اللهم اجعلنا من الساجدين لوجهك المسبحين بحمدكء وأعوذ بك من أن أكون من المستكبرين عن أمرك وعلى أوليائك. وإذا قرأ: «ِوَيَجِوُونَ لِلأَذْقَانِ يَبكُونَ4”. فليقل: اللهم اجعلني من الباكين إليك () قال الحافظ العراقي في المغني الجزء الأول ص ۲۹٤ دار الحديث باب ظاهر آداب التلارة - أخرجه ابن ماجه من حديث سعد بن أي وقاص بإسناد جید. وقال محقق الإحياء طبعة دار الحديث إسناده ضعيف أخرجه ابن ماجه (۱۳۳۷) وفيه إسماعيل بن راقع: قال الحافظ في التقريب ضعيف الحفظ . () قال الحافظ العراقي في المغني المجلد الأول ص ٠۳٤ طبعة دار الحديث أخرجه آبو يعلى وأبو نعيم في الحلية من حديث ابن عمر بسند ضعيف. (۳) سورة السجدة الأية: ١٠. () سورة الإسراى الآية: ۹٠01 ۳۳۲ قنطرة العبادة ويشترط فیها شروط الصلاة : من ستر العورة والطهارة واستقبال القبلةء وإن لم يکن على طهارة فإذا تطهر سجدء ورخص آخرون أن يسجدوا ولو على غير طهارة من الثوب والبدن. والثامن: أن يقول عند ابتداء القراءة أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيمء أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون وليقرأً سورة #الحمد ل€”° 4 #وقل أعوذ برب الناس€”" وليقل عند فراغه من كل سورة: صدق الله تعالی وبلغ رسوله عليه السلام اللهم انفعنا به وبارك لنا فيهء الحمد لله رب العالمين» استغفر الله الحي القيوم . وفي أثناء قراءته إذا مَر باية تسبيح سَبّح وكبرء وباية دعاء واستغفار دعا واستغفر» وإن مَرَ بمرجو سأل؛ وبمخوّف استعاذء يفعل ذلك بلسانه وبقلبه فيقول: سبحان الله نعوذ باللهء اللهم ارزفنا اللهم أرحمنا. وعن حذيفة قال: صليت خلف النبى ي فابتدأ بسورة البقرة فكان لا يمر باية عذاب إلا استعاذ ولا باية رحمة إلا سأل ولا باية تنزيه ال سبح ثم إِذا فرغ قال: ما کان یقوله عليه السلام عند ختم القرآن وهو: «اللهم ارحمني بالقرآن العظيم واجعله لي إماماً ونورا وهدى [۳] ورحمة اللهم ذکرني منه ما نسيت وعلمني منه ما جهلت / وارزقني تلاوته آناء الليل والتهار واجعله لي حجة يا رب العالمين». التاسع : في الجهر بالقراءة› يجهر به إلى حد يسمع نفسه فإن لم يفعل لم تصح صلاته إذا القراءة عبارة عن تقطع الصوت بالحروف› ولا بد من صوت وأقله ما يسمع نفسه. وأما الجهر بأن يسمع غیره فمحبوب من وجه ومکروه من وجه. فالوجه المحبوب قوله عليه السلام: «إذا قام أحدكم من الليل فليجهر بقراءته فإن الملائكة وعمار الدار يستمعون إلى قراءته ويصلون بصلاته»” . وقد سمع جماعة يجهرون بالليل فصوّب ذلك. ومر عليه السلام بثلاث من أصحابه مختلفي الأحوال مَر على أيي بكر وهو يخافت القراءة فسأله عن ذلك فقال: إن الذي أناجيه هو )۱( سورة الفاتحة›ء الأية: ۱١. (۲) سورة الفلق؛ الآية: ١. (۳) قال الحافظ العراقي في المغني المجلد الأول طبعة دار الحديث ص 4۳۲ : رواه بنحوه بزيادة فيه. آبو يكر البزار ونصر المقدسي في المواعظ وآبو شجاع من حديث معاذ بن جبل وهو حديث منکر منقطع. قنطرة العبادة ۳۳۳ يسمعني» فمرّ على عمر وهو يجهر فسأله فقال: أوقظ الوسنان وأزجر الشيطان . ومر على بلال وهو يقرأ آية من هذه السورة وآية من هذه فسأله فقال: اخلط الطيب بالطيب فقال: «كلهم قد أحسن وأصاب»". وفي بعض كتب أصحابنا آنه: أمر أبا بكر أن يجهر قليلاً وأمر عمر أن يخفض قلیلاًء وأمر بلال إذا دخل السورة يتمها. وأما الوجه المكروه فقوله عليه السلام: «فضل قراءة السر على العلانية كفضل صدقة السر على العلانية»” . وقوله: «خير الرزق ما يكفي وخير الذكر الخفي»”. وفي الخبر العام: يفضل عمل السر على عمل العلانية بسبعين ضعفاً. وفي الخبر: لا يجهر بعضكم على بعض بين المغرب والعشاء»“ . ووجه الجمع بين هذه الأحاديث / أن: الإسرار أبعد من الرياء والتصنع» فهو أفضل في [٤۳۷] حق من يخاف ذلك وإلاً فإن لم يشوّش بالجهر على غيره فالجهر أفضل؛ لأن العمل فيه أكثر وفائدته تتعدی إلى عیره» ولأنه يوفظ قلب القارىء› ويجمع همه إلى الفكر ویطرد النوم برفع الصوت؛› ویرید في نشاطه؛ ويقلل من کسله » ویوقظ نائماً للصلاة› ویکون ذلك يسييه › ويشوّق إلى الخدمة بطالاً غافلاء فمهما أحضره شيء من هذه النيات تضاعف أجرهء ويكثرة النيات تركوا أعمال الأبرار . (۱) أطراف الحديث عند الزبيدي في الإتحاف (4/ 844) والمتقي الهندي في الکنز (١۹۷٦٠)› وأبو داود في التطوع (۷١۲) والسيوطي في الدر المتثور (۳/١۱). (۲) قال الحافظ العراقي في المغني المجلد الأول طبعة دار الحديث ص ١4۳: وفي لفظ آخر: «الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة» أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه من حديث عقبة بن عامر باللفظ الثاني. قال المحقق للإحياء طبعة دار الحديث صححه الألبائي في صحيح الجامع (۳۱۰). (۳) قال الحافظ العراقى فى المغنى ص ١٠۳٤ المجلد الأول طبعة دار الحديث: أخرجه أحمد وابن حبان من حديث سعد بن أبي وقاص قال محقق الإحياء طبعة دار الحديث: ضعفه الألباي في ضعيف الجامع ۲۸۸( . () قال الحافظ العراقي في المغني طبعة دار الحديث ج ١ ص ١۳٤ روا آبو داود من حديث البياض دون قوله: «بين المغرب والعشاء». والبيهقي في الشعب من حديث علي «قبل العشاء ويعدها» وفيه الحارث الأعور وهو ضعيف. ٤۳۳ قنطرة العبادة وإن كان في العمل الواحد عشر نيات» كان فيه عشرة أجورء ولهذا كان قراءة المصحف أفضل إذ يزيد عمل البصر وتأمل المصحف وحملهء وقد قيل الختمة من المصحف بسبع لأن النظر في المصحف عبادة . العاشر: تحسين القراءة من غير تمديد مفرط يغير النظم. وروي أن النبي عليه السلام كان يتتظر عائشنة فأبطأت فقال: «ما حبسك)؟ فقالت: كنت استمع قراءة رجل ما سمعت أحسن منه صوتاء فقام حتى استمع إليه طويلاً ثم رجع فقال: «ذلك سالم مولى حذيفة رضي الله .عنه الحمد لله الذي جعل في أمتي مثله» . أراد أن يقرا القرآن كما أنزل فليقرأً على قراءة ابن أم عبد . واستمع أيضاً إلى فراءة آبي موسی الأشعري وقال : «لْقَد أوتي هذا من مزامیر آل داو د۳ . وفي الخبر أن عمر رضي الله عنه قال لأبي موسى الأشعري: ذكرنا ربنا فقرا عليه حتى كاد وقت الصلاة يتوسط فقيل له: يا أمير المؤمنين الصلاة:الصلاة. فقال: أولسنا في الصلاة إشارة إلى قوله: «وَلَذِكُو الله أفبر»«. ‎[vo]‏ وقال عليه السلام: من استمع إلى آية من کتاب الله عز وجل / كانت له نورا يوم القيامة» وفي خبر.آخر «كتب له عشر حسنات»°. ‏() قال الحافظ العراقي في المغني المجلد الأول ص4۳۳ طبعة دار الحديث: أخرجه أبو داود من حديث عائشة ورجاله إسناده ثقات. ‏() قال الحافظ العراقي في المغني المجلد الأول طبعة دار الحديث: أخرجه أحمد والنسائي في الكبرى من حديث عمر والترمذي وابن ماجه من حديث ابن مسعود «أن أبا بكر وعمر بشراه آن. رسول الله َو قال: من أحب أن يقرآ» الحديث قال الترمذي حسن صحيح. ‏(۳) حديث «لقد أوتي هذا من مزامير آل داود». متفق عليه من حديث أبي موسى. قاله الحافظ العراقي في المغني في المجلد الأول ص ۳۳٤ طبعة دار الحديث. ۱ ‏() سورة العنكبروت» الاية: ©4 . ‏() . قال الحافظ العراقي في المغني المجلد الأول طبعة دار الحديث ص .٤4۳ :أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة: «من استمع إلى آية من كتاب الله كتب له حسنة مضاعفة ومن تلاها كانت له نوراً يوم القيامة» وفيه ضعف .وانقظاع . ‎ ‎ قنطرة العبادة ‎۳۳o‏ ومهما عظم أجر الاستماع وكان التالي هو السبب كان شريكاً في الأجر إلا إن كان قصده الفصل الثالث: في إعمال الباطن في التلاوة”° وهي عشرة: فهم أصل الكلام؛ ثم التعظيم؛ ثم حضور القلب» ثم التديرء ثم التْفهمء ثم التخلي عن موانع الفهم؛ ثم التخصص» ثم التأثرء ثم الترقي» ثم التبري . الأول: فهم عظمة الكلام وعلوه ولطف الله سبحانه في إيصاله إلى أفهام خلقه مع عظمته وعلو درجته. قال الغزالي : وقد عبر بعض العارفين عنهء وزعم أن كل حرف من كلام الله عز وجل في اللوحء أعظم من جبل قاف» وأن الملائكة لو اجتمعت على الحرف الواحد أن يقلوه لما طاقوا حتى يأتي إسرافيل عليه السلام وهو ملك اللوح فيقله بإذن الله ورحمته لا بقوته ولكن الله قواه عليه . قال الغزالي: ولولا تثبيت الله موسى عليه السلام لما أطاق سماع كلامهء كما لم يطق الحبل مبادیء تجلیه حیٹ صار دکا. قال: ولا يمكن أن يفهم عظمة الكلام إلا بمثله. قال: ولقد تأق بعض الحكماء في التعبير على وجه اللطف في إيصال معاني الكلام مع علو درجته إلى فهم الإنسان مع قصور رتبته » وضرب له مثلاً قال : وذلك أنه دعى بعض الملوك إلى شريعة الأنبياء . فقال: كيف يطيق الناس حمل كلام الله؟ قال الحكيم : إن الناس لمًا أرادوا أن يفهموا بعض الدواب أو الطير ما يريدون من تقديمها وتأخيرها وإقبالها وإدبارهاء ورأوها يقصر النقر والتصغير والأصوات القريبة من أصواتها / لكي يطیقوا حملهاء فكذلك الناس لما عجزوا [٦۳۷] عن فهم كنه كلام الله تعالى فصاروا بالأصوات المرتجعة بينهم يسمعون الحكمة المخبرة في كلامه تعالىء فكأن الصوت للحكمة جسداً ومسكناً والحكمة للصوت نفساً وروحأء والله أعلم. الثاني: التعظيم للمتكلم وذلك إذا خطر بباله العرش والكرسي» والسموات والأرض (١) هذا الفصل مأخوذ من كتاب الإمام الغزالي الإحياء المجلد الأول ص ٤۳٤ طبعة دار الحديث. ٦۳۳ قنطرة العبادة وما بینهما من المخلوقات › وعلم أنه الخالق لجميعهاء والقادر عليها وآنهم مترددون بين رحمته وسطوته› وأنه الذي يقول: ھؤلاء إلى الجنة ولا أبالي وھؤلاء إلى النار ولا أبالي ء وهذه غاية العظمة فالتفكر في مثل هذا يحقق تعظيم المتكلم ثم تعظيم الكلام. الثالث: حضور القلب وترك حديث النفس» قيل في التفسير: يا يَحيى خُذٍ الْكِتَابَ قو" . أي بجد واجتهاد» فالجد أن يكون متجرداً له منصرف الهم إليه. وقيل لبعضهم: تحدث نفسك بشيء إذا قرأت القرآن؟ قال: أو شيء أحب إلي من القرآن أحدث به نفسي . ويقال : إن في القرآن میادین » وبساتین › ومقاصیر› وعرائشس› ودیابیج » وریاض › وخانات؛ فالميمات ميادين القرآنء والراءات بساتينه» والحامدات مقاصيرهء والمسبحات عرائسه›» والحاميمات دیابیجه » والمفصل ریاضه » والخانات ما دون ذلك . فإذا دخل القارىء في الميادين وقطف من البساتينء ودخل المقاصيرء وشهد العرائس›ء ولبس الديباج» وتنزه في الرياض» وسكن غرف الخانات استغرقه ذلك وشغله عما سواه ففي القرآن ما يستأنس به إن كان التالي لذلك أهلاً فكيف يطلب الأنس بالفكر في غيره وهو في متتزهات ومتفرجات والله أعلم . ۱ ۱ ۱ الرابع : التدبر وهو من وراء حضور القلب؛ فإنه قد يحضر ولا يتدير بل يقتصر على 1 السماع» والمقصود من القراءة التدبر» قال الله تعالى : ولدبوا باهي . / في أمثالها. وقال عليّ: لا خير في عبادة لا فقه فیهاء ولا في قراءة لا تدبر فيهاء وإنما سن الترتيل في الظاهر ليتمكن من التدبر بالباطن والله أعلم» وإذا لم يتمكن من التدبر إلا بترديد فليردد» إلا أن يكون خلف إمام. وقد روي أن النبي عليه السلام: «قراً بسم الله الرحمن الرحيم فرددها عشرین ‎«a‏ ‏وإنما رددها ليتدبر في معانيها . )۱( سورة مریم » الآية: ۲ . )۲( سورة ص الاية: ۹. )۳( قال الحافظ العراقي في المغني المجلد الأول ص 4۳۷ طبعة دار الحديث: رواه أبو ذر الهروي في معجمه من حديث أبي هريرة بسند ضعیف. قنطرة العبادة ‎۳۳V‏ وعن أبي ذر قال: «قام بنا رسول الله يِل ليلة بهذه الآية يرددها: «إن تعذبهم فإنهم ادك . وقام تميم الداري بهذه الآية: «أ] عيب الَذِينَ اجر رَخُوا أَلْسَيعَا ت إلى آخر الآيةء وقام سعید بن جبیر یردد هذه الأية: «وَأَمَارُوا لوم َا المُجْرِمُو 6 . وقال بعضهم: إني لأفتح السورة فيوافقني بعض ما أشهد فيها من الفراغ منها حتى يطلع الصبح ٠ ول يىشهم: کل کل آي ل اتقهها. ي أقطع الفكر فيها ما جاوزتها إلى غ غیرها. الخامس: التفهم وهو أن يستوضح من كل آية ما يليق بها إذ القرآن يشتمل على ذكر صفات الله عز وجل» وذكر أحوال أنبيائ» وذكر أحوال المكذبين لهم وأنهم كيف أهلكواء وذکر آوامره وزواجره؛ وذكر الجنة والنار. أما صفاته تعالى فكقوله: «ِلَيْسَ كَمْلِه شئ وقوله: «السَلاَمُ المؤمنُ المُهَم»” الآية. فيتأمل معاني هذه الأشياء لينكشف له أسرارها ولهذا أشار علي بقوله: ما أسرَ إِلي رسول الله َل شيثاً كتمه على الناس إلا أن يۇ تى الله عز وجل عبداً فهماً في کتابه . قال ابن مسعود: من أراد علم الأولين والأخرين فليؤثر القرآنء واستقصاء شرح ما يتدبر فيه لا نهاية له : لفل لو كَانَ لخر مداداً لِكَلِمات رَبي لنعَذٌ لا لد الحو" الآية. وقد روي عن علي قال : / لو ش 4 شئت أوقرت سبعين بعيراً من تفسير فاتحة الكتاب . ‎[۳V۸]‏ (١) سورة المائدة الآية: ۱۸٠۱. )۲( قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ۳۷٤) طبعة دار الحديث: أخرجه النسائي وابن ماجه بسند صحيح . ِ )۳( سورة الجاثية› الاية : ٢. )٤( سورة يس» الأية: ۹ . (0) سورة الشورى؛ الآية: ١٠. () سورة الحشر الآية: ۲۳. (۷) سورة الكهف؛ الآية: ١٠٠. ‎۳A‏ قنطرة العبادة ‏والغرض مما ذكرناه التتبيه على طريق التفهم ليفتح بابه وأما الاستقصاء فلا مطمع فيهء ومن لم يكن له فهم لما في القرآن. ولو في أدنى الدرجات دخل في قوله تعالى: وَمنْهُم من ‏بَستَمِع ِلك حَتّى إِذا حَرَجُوا من عِنْذِكً4 إلى قوله: «أوَلَيِكَ الَذِينَ طبع الله على فلُوبهمْ 5 والطوابع الموانع التي سنذكرها فيما بعد إن شاء الله . ‏وقيل: لا يكون المريد مريداً حتى يجد في القرآن أن كل ما يريد ويتعرف فيه النقصان ‏السادس: التخلي عن موانع الفهمء وإن أكثر الناس منعوا عن فهم معاني القرآن بأسبابء وحجب أسدلها الشيطان على قلويهم فعميت عليهم عجائب أسرار القرآن. ولذلك قال النبي. عليه السلام: «لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت»”. ومعاني القرآن من جملة الملكوت لأن كل ما غاب عن الحواس ولم يدرك إلا ينور البصيرة فهو من الملكوت. ‏وحجب الفهم أربعة: أولها: أن يكون القلب منصرفاً إلى تحقيق الحروف بإخراجها من فيكون تأمله مقصوراً على مخارج الحروف. ‏والثاني: علم مذهب سمعه تقليداً ولمثل هذا قالت المتصوّفة: إن العلم حجاب وأرادوا به العقاب التي استمر عليها أكثر الناس بمجرد التقليد. ‏وأما العلم الحقيقي الذي هو الكشف بنور البصيرة فلا يكون حجاباً؛ لأنه منتهى الطلب وهذا التقليد قد يكون باطلاً فيكون مانعاً كمن يعتقد في الاستواء على العرش الحلول والتمكن› وكذلك سائر ما لا يجوز اعتقاده في الله تعالی . ‏0 3 وقد يكون حقاً مانعاً أيضاً عن / الفهم والكشف؛ لأن الحق له مراتب ظاهراً وباطناًه ‏فجمود الطبع على العلم الظاهر يمنعه الوصول العلم الباطن والله أعلم. ‏الثالث: أن يكون مصراً على الذنب أو متصفاً بكبراً وبهوى مطاع؛ فيكون ذلك ظلمة ‏(١) سورة محمد الآية: ١1. ‏(۲) قال الحافظ العراقي في المغني ج ۳ ص ١٠ باب بيان خاصية قلب الإنسان طبعة دار الحديث: أخرجه أحمد من حديث 1 هريرة بنحوه. قال محقق الإحياء أخرجه أحمد في مسنده (۳/۲٣۳) بنحوه وفیه علي بن زيد «ضعیف؟» وذکره الحافظ في غير موضع. ‎ ‎ قنطرة العبادة ۳۳۹ على القلب كالخبث على المرآق ويه حجب الأكثرون فالقلب مثل المرآةء والشهوات مثل الصداً ومعاني القرآن مثل الصور التي تتراءى في المرآةء والرياضة للقلب بإزالة الشهوات مثل تصقيل المرآة . ولذلك قال عليه السلام: «إذا عظمت أمتي الدينار والدرهم نزعت منهم هيبة الإسلام» . وقد شرط الله تعالى في الفهم الإنابةء والتبصرةء والتذكر فقال: «لَبصِرَة وَذِكُرَىَ لكل عَبدٍ يب4" . وقال: وما يََدَكُر إلا مَنْ ئب4 وقال: وما يدك إلا أُوَلوا اب4" . والذي آثر غرور الدنيا على نعيم الأخرة فليس من ذوي الألباب. والرابع : أن يكون قرأ تفسيره ظاهراً واعتقد أنه لا معنى لكلمات القرآن إلا ما تناوله النقل مقعده من النارء فهذا أيضاً من الحجب العظيمةء وسيأتي بيان التفسير بالرأي في الفصل الرابع إن شاء الله . أو نهيا قدر أنه المنهي والمأمور. فما من قصة في القرآن إلا مفيدة في حق النبي عليه السلام وأمتهء ولذلك قال الله تعالى : لنت به فُوادڭ ”° . فليقدر العبد أن الله سبحانه يثبت به فؤاده بما يقص عليه من أحوال الأنبياء وصبرهم على الأذنى وغير ذلك وكيف لا يقدر هذا والقرآن ما نزل للنبي / خاصة بل هو شفاء ورحمة [۳۸۰] للمؤمنين . () ذكره الحافظ العراقي بزيادة في آخره: «وإذا تركوا الأمر بالمعروف حرموا بركة الوحي؟ وقال: رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الأمر بالمعروف معضلاً من حديث الفضل بن عياض قال: ذكره عن نبي يَْو. () سورة قى» الآية: ۸. () سورة غافر الآية: ١۱. (8) سورة آل عمران؛ الآية: ۷. () سورة الفرقان؛ الآية: ۳۲. ۰٤۳ فنطرة العبادة ولذلك أمر الله تعالى كافة الناس بذكر نعمة الكتاب فقال: «أذْكُرُوا نِعْمَة الله عَليَكُمْ وما َل عََيكُمْ ين الكتاب وَالحكُمي»” الآية. وقال: «كَذَلِكَ يضْربُ الله لاس هم4 هذا بَصَائر للنًاس€: في أمثالها: قال الله تعالى : ووي إل هذا اقرا ركم په وَمَن ب4٠ وقال محمد بن كعب القرضى من بلغه القرآن فكأنما كلمه الله فليقدر القارىء أنه المقصود بجميع ما في القرآن . ولذلك قال بعض العلماء: هذا القرآن رسائل أتتنا من قبل ربنا بعهوده نتدبرها في الصلوات» ونقف عليها فى الخلواتء ونتفقدها فى الطاعات بالسنن المتبعات . وكان مالك بن دينار يقول: ما زرع القرآن في قلوبكم يا أهل القرآن» إن القرآن ربيع قال قتادة: لم يجالس أحد هذا القرآن إل قام بزيادة أو نقصان قال تعالى : ورل من قران ما هو شِفَاء وَرَحم مين ولا ريد الاين إلا عَسَاراً € . الثامن: وهو أن يتأثر قلبه باثار مختلفة بحسب اختلاف الآيات فتكون له بكل فهم حالة يتصف بها قلبه من الحزن والخوف والرجاء وغيره فمهما تمت معرفته كانت الخشية أغلب الأحوال على قلبه فيتأثر العبد بالتلاوة أن يصير بصفة الآية المتلوةء فعند الوعيد وتقبيده المغفرة بالشرط كقوله تعالى : «وَإنّي لعفَار لِمَنْ َابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً تُه َد . فيتضاءل من خيفته كأنه كاد يموت. وعند التوسع ووعد المغفرة» يستبشر كأنه يطير من الفرحء وعند ذكر أسماء الله تعالى يتطأطاً خضوعاً لعظمتهء وعند ذكر الكفار ما يستحيل عليه من الصاحبة والولد يتكسر باطنه حياء من قبح مقالتهم» وعند ذكر الجنة ينبعث شوقاً إليهاء وعند وصف النار ترتعد فرائصه خوفاً منها. (١) سورة البقرةق الآية: ۲۳۱. (۲) سورة محمد الأية: ۳. (۳) سورة الأنعام الأية: 1۹. () سورة الإسراى الاية: ۸۲. (0) سورة طه؛ الأية: ۸۲. فنطرة العبادة ٢٤۳ ولهذا قال عليه السلام لابن مسعود لما قرأ عليه فبكى: «/ حسبك»'. لأن تلك الحالة [۳۸۱] استغرقت قلبه بالكلية . ولقد كان من الخائفين من خر مغشياً عليه عند آيات الوعيدء ومنهم من مات من سماع الآيةء فبمثل هذه الأحوال يخرج عن أن يكون حاكياً في كلامهء وإذا قال: إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم”" فإذ لم يکن خائفاً کان حاکیاً. وإذا قال: ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصيرڳ”. ولم يكن حاله التوكل والإنابة كان حاكياً. وإذا قال: «وَلنصيرَنَ عَلى ما عَاَايُمُون€. فليكن حاله الصبر والعزيمة عليه حتى يجد حلاوة التلاوةء وإلا كان حظه حركة اللسان مع صريح اللعن على نفسه في قوله تعالى : ألا لعنة الله على الظالمين$”° . وقوله: كبر مَقتاً عِندً الله أن تَمُولُوا ما لا تَفْعَلُون». وقوله: وهم في غفلة معرضون”. ومن لَمْ كب أوَلَعِكَ هُم الطَالِمُونّ»”. في أمثالها. وکان داخلاً في قوله تعالى: «وَمِنْهُمْ هم أميون لا يَعْلَمُونَ اكناب إلا امان" . ب التلاوة المجردة . وفي قوله : عرض عَنْ مَنْ َ تول عَن ذكرنا» الآية. وفي قوله: لوكين من ايه ذ في أَلْسَّمَوَاتِ رض يَمُروُون عَلْها وهم عَنْها معر عر ون 0 . لأن القرآن هو (١) أطراف الحديث عند البخاري (١/441٤) ومسلم في العيدين (۱۹) البيهقي في السنن (٠٠/٠۲۳) وابن حجر في الفتح (۲/ ٤٤٤ ٥٤٤) والزبيدي في الإتحاف (٥/ ٥٥۳٠ ٦/ 4۹۳٤ء 001) والمتقي الهندي في كنز العمال (۷۳٤۲۸) والسيوطي في الدر المتثور (۳/۲١۱) وأبو نعيم في الحلية (٤/ ۳۸۳). (۲) سورة الأنعام› الاية: ١٠. (۳) سورة الممتحنة الاية: ١٠٦. (8) سورة إيراهيم؛ الآية: ١٠. (0) سورة هود الاية: ۱۸. (١) سورة الصف الأية: ۳. (۷) سورة الأنبياى الآية: ١. (۸) سورة الحجرات» الآية: ١1. (۹) سورة البقرةء الأية: ۷۸. (١٠) سورة النجم؛ الآية: ۲۹. (١) سورة يوسف» الأية: ١٠٠. ٢٤۳ قنطرة العبادة المبين لتلك الآيات في السموات والأرض» ومهما تجاوزها ولم يتأثر فيها كان معرضاً عنها. ويقال: إن من لم يكن متصفاً بأخلاق القرآن» فإذا قرا القرآن ناداه الله: مالك وكلامي ومثال العاصي إذا قرأ القرآن وکرره مثال من یکرر کتاب الملك في كل يوم مرات وفد كتب إليه في عمارة مملكته وهو مشغول بتخريبها ومقتصر على دراسة کتابهء فلعله لو ترك الدراسة عند المخالفة كان أبعد من الاستهزاءء واستحقاق المقت . ]۳۸۲[ ولذلك قال بعضص السلف : إني لهم بقراءة القرآن / فإدا تذکرت ما فيه خحشت المقت فأعدل إلى التسبيح الاستفقار فالممرض عن العمل به دال في قول دوه وَراء ر وشوا ب تمتا ا قَليلا»” الآية ولذلك قال عليه السلام: «اقرؤا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم ولانت له جلودكم فإذا اختلفتم فلستم تقرأونه» وفي بعضها: «فإذا اختلفتم فلستم تقرأونه» وفي بعضها: «فإذا اختلفتم فقوموا عنهه"٩. قال تعالى : «ألَذِينَ إذا كر الله ولت فلو بهم إلى قولە: مانا °4 . وقال عليه السلام: «إن أحسن الناس صوتاً بالقرآن الذي إذا سمعته يقرأ علمت أنه يخشى الله عز وجل» فالقرآن يراد لاستجلاب هذه الأحوال إلى القلب والعمل به وإلا فالمؤنة في تحريك اللسان بحروف خفيفة»٩. وقال الغزالي: ولقد مات عليه السلام عن عشرين ألفاً من الصحابةء ولم يحفظ القرآن منهم إلا ستة اختلف منهم في اثنينء وكان أكثرهم يحفظ السورة والسورتينء وكان الذي يحفظ البقرة وآل عمران من علمائهم ولما جاء واحد ليتعلم القرآن فانتهى إلى قوله: فمن (١) سورة آل عمران» الآية: ۱۸۷ . () قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص 444) طبعة دار الحديث متفق عليه من حديث جندب بن عبد الله البجلي في اللفظ الثاني دون قوله: «ولانت جلودكم». (۳) سورة الأنفالء الآية: ٠. (٤) قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٤٤٤) أخرجه ابن ماجه بسند ضعيف. أطراف الحديث عند الزبيدي في الإتحاف (٤/٠٠٠). قنطرة العبادة ۳٤۳ يَعْمَل مِْقَالَ دَرَةٍ حيرا يره وَمَنْ يَعْمَل قال دَرَةٍ شرا ير : فقال: يكفيني هذا فانصرف. وقال عليه السلام: «انصرف الرجل وهو فقيه»”. وإنما العزيز أن يمن الله عز وجل عليه بتلك الحالة على قلب عقيب فهم الآيةء فأما مجرد حركة اللسان فقليل الجدوى فالتالي باللسان المعرض عن العمل جدير أن يكون هو المراد بقوله: لوَمَن أَعْرَضَ عَن ذكري فَإِن ل4 مَويشة ضَنْكا الاية. إلى قوله: وفَنَِيَهَا»: أي تركتها ولم تنظر إليها #وَكَذلِك اليَوْم نَنْسَى€. فالمقصر في الأمر ناس له . وتلاوة القرآن يشترك فيها اللسانء والعقلء والقلبء فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل» وحظ العقل تفسير المعانيء وحظ القلب الاتعاظ والتأثر بالانزجار والائتمار› التاسع: الترقي أعني أن يترقى العبد حتى كأنه يسمع الكلام من الله تعالى لا من نفسه› فدرجات القراءة ثلاثة : أدناها: أن يقدر العبد كأنه يقرأه / على الله تعالىء واقفاً بين يديه وهو ناظر إليه [۳۸۴] الثانية : أن يشهد بقلبه كأن الله عز وجل يراه ويخاطه بألطافه› ویناجیه بأنعام› فمقامه الحياء والتعظيم والإأصغاء والفهم . الثالثة: أن يرى في الكلام المتكلمء وفي الكلمات الصفات» فلا ينظر إلى نفسهء ولا إلى قراءته ولا إلى تعلق الأنعام به من حيث أنه منعم عليهء بل يكون مقصور الفهم على المتكلم موقوف الفكر عليه كأنه مستغرق بمشاهدة المتكلم عن غيره وهذه درجة المقربين› وما قبلها درجة أصحاب اليمين وما خرج من هذا فهو درجة الغافلين . )۱( قال الحافظ العراقي في المغني (ج ص ٤٤٤) طبعة دار الحديث: أخرجه أبو داود والنسائي في الکبری وابن حبان والحاكم وصححه من حديث عبد الله بن عمر وقال: «أتى رجل رسول الله يو فقال: آقرئني يا رسول الله. ...0 الحديث وفيه «فأقرآء رسول الله ي إذا زلزلت حتى فرغ منها فقال الرجل: والذي بعشك بالحق لا أزيد عليها أبداً ثم أدير الرجل فقال رسول الله يٍَ: «أفلح الرويجل أفلح الرويجل» ولاحمد والنسائي في الكبرى من حديث صعصعة عم الفرزدق أنه صاحب القصة فقال: حسبي لا أبالي أن لا أسمع غیرها. (۲) سورة طه الآية: ١١۱. ٤۳ قنطرة العبادة وقال عثمان وحذيفة لو ظهرت القلوب لم تشبع من قراءة القرآن قالوا: ذلك لأنها بالطهارة تترقى إلى مشاهدة المتكلم في الكلام . قال ثابت البناني : كابدت القرآن عشرين» وتمتعت به عشرين . ويمشاهدة الكلام دون ما سواه يكون العبد ممتثلاً لقوله تعالى : «فَفروا إلى الله إنّي لَكُمْ مه ذب مين ولا تَجْعَلوا مع اله إلا رڳ . فمن لم يره في كل شيء فقد رأى غير وذلك الشرك الخفي بل التوجه الخالص أن لا یری في كل شيء إلا الله تعالی . العاشر: التبريء وأعني أن يتبرأً من حوله وقوته والالتفات إلى نفسه بعين الرضى وإذا تلى آيات المقتء وذم العصاة والمقصرين شهد على نفسه هنالك› وقذّر أنه المخاطب خوفا وإشفاقا. ولذلك كان ابن عمر" يقول: اللهم إني استغفرك لظلمي وكفري . قيل: هذا الظلمء فما بال الكفر؟ فتلى قوله تعالى: إن الإنسَانَ لَطَلُوةٌ كَمَا€*. ]۳۸4[ وقيل لبعضهم: بماذا تدعو؟ قال: / بماذا أدعوء استغفر الله عز وجل من تقصيري سبعين مرة. فإذا رأى نفسه بصورة التقصير في قراءته› كانت رؤيته سبب قربه» فمن أشهد البعد في القرب» لطف له في الخوف حتى يسوقه إلى درجة أخرى في القرب وراءءء ومن أشهد القرب في البعد مكر به بالامن الذي يفضيه إلى درجة أخرى في البعد أسفل مما هو فيه . ومهما كان مشاهداً لنفسه بعين الرضى صار محجوباً بنفسه؛ فإذا جاوز حد الالتفات إلى نفس ولم يشاهد إلا الله تعالى في قراءته» انكشف له الملكوت . (١) سورة الذاريات؛ (الآيتان: ١© ٢0). (۲) ذكر محقق الإحياء طبعة دار الحديث أن هذا الكلام الذي أورده المؤلف خالياً من السند فنسبته إلى ابن (۳) سورة إيراهيم؛ الاية: ٢۳. قنطرة العبادة ‎۳o‏ ولذلك قال بعضهم : لما صليت العتمة› والوتر وكنت في الدعاء منه رفعت لي روضة خضراء فيها أنواع الزهر من الجنةء فما زلت انظر إليها حتى أصبحت . وهذه غاية المكاشفات لا تكون إلا بعد التبري من النفس» وعدم الالتفات إلى هواهاء ثم تخصص هذه المكاشفات بحسب أحوال المكاشف؛› فحيث يتلو آية الرجاء يغلب على حاله الاستبشار فتنكشف له صورة الجنةء فكأنه يراها عياناًء وإن غلب عليه الخوف كوشف بصورة النار كأنه يرى أنواع عذابهاء وذلك أن المسموع مختلف إذ فيه كلام راض» وكلام غضبان› وكلام منعم ٠ وكلام منتقم› وکلام جبار متکبر لا يباليء وكلام رحيم حنان متعطف لا يهمل . الفصل الرابع في فهم القرآن وتفسيره بالرأي من غير نقل”° فإن قيل: لقد عظمت الأمر فيما سبق في فهم أسرار القرآنء وما ينكشف لأرباب القلوب الزاكية من معانيها فكيف يجوز ذلك؟ وقد قال عليه السلام: «من فسَّرٌ القرآن برأيه فليتبواً مقعده من النار»" . وعن هذا شنع أهل العلم بظاهر التفسير على أهل التصوف في تأويل كلمات القرآن على خلاف ما نقل عن ابن عباس وسائر المفسرين وذهبوا إلى أنه كفر . فإن صك ما قاله / أهل التفسير فما معنى فهم القرآن سوى حفظ تفسيره؟ وإن لم يصح [٥۳۸] فما معنى قول النبي عليه السلام: «من فسّر القرآن برأيه فليتبوًّ مقعده من النار». فاعلم أن من زعم أن لا معنى للقرآن إلا ما ترجمه ظاهر التفسير فهو مصيب في الإ خبار عن حد نفسه؛ ولكنه مخطىء في رد كافة الخلق إلى درجتهء بل الأخبار والآثار تدل على أن معاني القرآن متسعة لأرباب الفهم . قال علي : إلا أن يؤتى الله عز وجل عبداً فهماً في القرآن . وقال عليه السلام : «إن للقرآن ظهراً وبطناً وحداً ومطلعا. (١) هذا الفصل منقول من كتاب الإمام الغزالي الإحياء (ج ١ ص ۷٤٤) طبعة دار الحديث. (۲) أطراف الحديث عند الزبيدي في الإتحاف (٤/66٥) الفتن في تذكرة الموضوعات (۸4). والشوكاني في الفوائد المجموعة (۳۱۷)ء وابن عراق في تنزيه الشريعة (۱/٤۲۷) وهو عند الزبيدي في الإتحاف )۷/۱٥۲ ٢٤/٦0۲(. (۳) أطراف الحديث في إتحاف السادة المتقين (۲/ ٥٦٠0 ٤/ ۲۷٥). ٢٢٤۳ قنطرة العبادة وقال أبو الدرداء: لا يفقه الرجل حتى يجعل للقرآن وجوهاء وفي الخبر: لن يتفقه أحدكم كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوه كثيرة . وترديد النبي عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم عشرين مرة لا يكون إلا لتدبره باطن معانيه وإلاً فترجمة تفسيره ظاهرة» وقال ابن مسعود: من أراد علم الأولين والأخرين فليؤثر القرآن . وقال بعض العلماء: لكل آية ستون ألف فهم؛ وقال آخرون: القرآن يحتوي على سبعة وسبعين آلف علم ومائتي علم إذ لكل كلمة علم؛» ثم تتضاعف كذلك أربعاً لكل واحد ظاهر وباطن وحد ومطلع. وبالجملة فالعلوم كلها داخلة في أفعال الله تعالى وصفاته وفي القرآن إشارة إلى مجامعهاء وقد قال النبي يلو: «اقرأوا القرآن والتمسوا غرائبە»”° . فكل ما اختلف فيه الخلائق ذ في النظريات والمعقولات ففي القرآن رمور إليه ودلالات يختص أهل الفهم بدركه. وقال ابن عباس في قوله: وَمَنْ يوت اَلْحكُم4”". قال: يعني الفهم في القرآن فكل هذا )يدل على أن في فهم قران مجال مسا وان المتقول من ار الق أ ليس منتهى الإدراك . وأما نهيه عليه السلام عن تفسير القرآن بالرأي› وقول بي بكر رحمه الله: أي أرض تقلتي وأي سماء تظلني إن أنا فسرت القرآن برأبيّ. إلى غير ذلك مما ورد في الأثار والأخبار في النهي عن تفسير القرآن بالرأي؛ فإنه لا يخلو أن يكون به الاقتصار على النقل المسموع دون الاستنياط والتفهم› أو المراد به أمر آخر فمحال قطعاً أن يراد به أن لا يکلم أحد في القرآن إلا بما سمع لوجوه: (۱) قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ١٤٤) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف وأبو يعلى الموصلي والبيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة بلفظ «أعربوا» وسنده ضعيف. )۲( سورة ة البقرةء الآية: ۹. (۳) قال الحافظ العراقي حديث النهي عن تفسير القرآن بالرأي غريب. قاله في المغني (ج ١ ص 444٤) طبعة دار الحديث. قنطرة العبادة ۷٤۳ أحدها: يشترط أن يكون مسموعاً من النبي مسند إليهء وذلك لا يوجد إلا في بعض القرآن» وأما تفسير ابن عباس» وابن مسعود من قبل أنفسهم» فينبغي آن لا يقبل منهم. ويقال هو تفسير بالرآي ؛ لأنهم لم يسمعوه من النبي عليه السلام وكذلك غيرهم من الصحابة والمفسرين . الثاني: أن الفقهاء من الصحابة وغيرهم من المفسرين قد قالوا في تفسير الايات بأقاويل مختلفة لا يمكن الجمع بينهماء فمحال أن تكون كلها من رسول الله ي فلو صح في واحد لبطل الباقيء فصح أن کل مفسر قال بما ظهر له. الثالث: أنه عليه السلام دعى لابن عباس فقال: «اللهم فَقهُ في الدين وعَلّمه التأويل»”. فلو كان تفسيره مسموعا كالتنزيل فما معنى تخصيصه بذلك . الرابع: أنه تعالى قال: «لَعَلمَهُ ألَذِينَ ينونه مني . فأثبت الاستنباط للعلماء وهو وراء السماع فثبت بما ذكرنا تناقض هذه الشبهة التي أودد وبطل اشتراط السماع في التفسير وجاز لكل عالم أن يستنبط من القرآن بقدر فهمه وعقله . أحدهما: أن يكون له في الشيء رأي وميل من هواه فيتأول القرآن على وفق مراده لتصح له بدعة» وهذا تارة يكون مع / العلم أنه ليس المراد بالاية ذلك الرأيء ولكن يلبس على خصمه . [۳۸۷] وتارة يكون مم الجهل إذا كانت الآية محتملة فيميل فهمه إلى هواه ورأيه. وتارة يكون له غرض صحيح فيطلب له دليلاً من القرآن كالذي يدعو إلى مجاهدة القلب القاسي فيقول: قال الله تعالى : أَذْحَبُ لى فِرْعَوْن لَه طَعى € . ويشير إلى قلبهء وأنه المراد بفرعون وهذا يستعمله بعض الوعاظ في المقاصد الصحيحة (١) أطراف الحديث عند البخاري (۸/۱٤). ومسلم في فضائل الصحابة (۱۳۸) وأحمد (۱/ ٦۲۱ ١۳۱ ۷ ۲۸ ٢)) والعجلوني في كشف الخفا (۱/١۲۲) والتبريزي في مشكاة المصابيح (1۱۳۹) والسيوطي في جمع الجوامع (۳۹١٠٠۱). والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (٤۱/٥4۳) والزبيدي في الإتحاف )۸/۱٥۲٠ ٤/۳۲٥ ۹/۷٥۲0 147/۹) والقرطبي في التفسير (١/ ۳۳ء ٤/۱۸) والهيثمي في مجمع الزوائد (۲۷۱/۹). والطبراني في المعجم الصغير (۱۹۷/۱) وعند ابن أبي شيبة في المصنف )۱۱۲/۱۲( والبيهقي في دلائل النبوة (١/۱۹۲) واين حجر في الفتح (۱/٠۱۷). (۲) سورة النساى الاية: ۸۳. (۳) سورة طهء الآية: ٢۲. ‎FEA‏ قنطرة العبادة ‏ترغيباً للمستمع» وتستعمله الباطنية يتأولوا القرآن على وفق مرادهم؛ وهم يعلمون قطعاً أنه غير مراد به» فهذا التفسير ممنوع وهو أحد وجهي المنع من التفسير بالرآي . ‏الوجه الثاني: أن يتسارع إلى التفسير بظاهر العربية من غير سماع ولا نقل فيما يتعلق بغريب القرآنء وما فيه من الألفاظ: المبهمةء والمبدلةء والاختصار والحذف» والاضمار› والتقديم› والتأخيرء فمن لم يحكم هذه المعاني وبادر إلى استنباط ذلك بظاهر العربية كثر غلطه» ودخل في جملة من يفسر القرآن بالرأي ولا بد من سماع التفسير أولاً ليتقي به مواضع الغلط ٠ ثم بعد ذلك ي يتسع الفهم. ‏والغرائب التي لا تفهم إلا بالسماع فنون كثيرة» قال الغزالي”: ونحن نرمز إلى جملة منها ليستدل بها على أمثالها ولا مطمع في ذلك إلا بإحكام ظاهر التفسير أولء وهذا كمن يدعي فهم مقاصد الأتراك من كلامهم› وهو لا يحسن لغة الترك فلا مطمع إلى الباطن إلا بفهم الظاهر أولً؛ ن اهر اتفسير يجري مجرى تعلم اللفة التي لايد متها لهم ولا بد يها من استماع فنون كثيرة : منها الإيجاز بالحذف والإضمار كقوله: ِوَأتًا تَمُودَ د اناه مُبْصرَةٌ فَظْدِمُوا بها" معناه آية مبصرة فظلموا أنفسهم بقتلها . ‏]۳۸۸[ وقوله: وَأ شرا / في وهم یښ . معناه: حب العجل فحذف . وقوله : د أَدَفَاك ضعفَ ت الْحَياةٍ وّضعفٌ ضعّْفَ الْمَمَاتٍڳ' أي ضعف عذاب الأحياء ‏وضعف عذاب الموتى . وقوله: «وَمَمْل اَلقَرْيَةَ ألتي كنا فيه وَلْمر”. أي أهل القرية وأهل العير. ‏وقوله: قلت في أَلسّمَوَاتِ والأزض4” . أي خفي علمها على أهل السمٰوات والأرض؛ والشيء إذا خفي ثقل . ‏)۱( ترددت هذه العبارة «قال الغزالي» وبما أنها توحي بأنها تدل على أنها تسبق استشهاداً من أقوال الغزالي على أقوال المؤلف فإن هذا الإيحاء في غير موضعه لأن الكلام من أول الفصل للإمام الغزالي وليس ما يلي العبارة فقط وإن كان المؤلف اعتاد ذلك ولقد آشرنا في بداية الفصل أنه من كتاب الإمام الغزالي . ‏() سورة الإسراى الأية: ٩0. ‏(۳) سورة البقرق الآية: ۹۳. ‏() سورة الإسراى الآية: ٥۷. ‏() سورة يوسف؛ الآية: ‎.AY‏ ‏(1) سورة الأعراف؛ الأية: ۱۸۷. ‎ ‎ قنطرة العبادة ۹٤۳ وقوله : «وَتَجُعَلُونَ ررفَكُمْ انَكُمْ تُكَذَبُو ن . أي تجعلون شكر رزقكم التكذيب . وقوله: وَآتِنًا ما وَعَدْنََا عَلى رُسْلِكّ4”. أي على ألسنة رسلك. وقوله: «إنًا ْنَا يعني القرآن. وقوله: حى تَوَارَتْ بالحجاب4”°. يعني الشمس ولم يسبق لها ذكرها. وقوله : #والَذِين أَنَحَدُوا مِنْ دُونه أَوْلِيَاءَ ما نعېدھم”°. أي يقولون ما نعبدهم . وقوله : لما لهؤلاء الوم ل يَکادُون َفْفَهُونَ حديثاً م ايك من ا الاية. معناه لا يفقهون ما يقولون. «ما أَصَابَكَڳه الآية. ولولا هذا لكان مناقضاً لقوله: إل كل م شن عند الله . ولفهم منه مذهب القدرية . وقوله: «سَلاَم على آل اين . أي على إلياس» وقيل: إدريس؛ لأن في حرف ن د: سلا عَلى إِدارّسين». ومنها المكرر لقاس لوصل الكلام كقوله: وَمَا يََيع € إلى قوله: إن يَتَبِمُونَ إلا اظن € . معنا وقوله: وما يَعَِ لين يَدْعُونَ من دُون الله [شُرَكاءَ إن يََعُونَ] إلا الظّن€”° «قَال الملا ألَذِينَ اسْعَكُبروا ِن قَؤمه لِلْذِينَ أَسْتُضِْمُوا لِمَنْ ءامن مِنْهُمْ :4 . معناه: لمن أمن من الذين استضعفوا. (١) سورة الواقعةء الآية: ۸۲. (۲) سورة آل عمران» الآية: ١۱۹. (۳) سورة القدر الآية: ١. )٤( سورة ص الآية: ۳۲ . (5) سورة الزمر الآية: ۳. () سورة النساء الآية: ۷۸. (۷) سورة النساى الأية: ۷۸. )۸( سورة يونس » الآية: ٦. )۹( سررة يونس› الاية: ١٠٦. (١٠) سورة الأعراف؛ الآية: ٥۷. ‎۳o.‏ قنطرة العبادة ‏ومنها المقدم والمؤخحر كقوله: «وَلؤلاً كلم سَبفّت ِن رَبك لكان لرام وَلْجَلَ مُسَم€. معناه: ولولا كلمة وأجل مسمى لكان لزاماً. ۴۸۹1( وقوله: «يَسَلُونَكَ كَأنْكَ حف / عَنْهَاڳه'. معناه: يسئلونك عنها كأنك حفي . ‏وقوله : لم دَرَجات عند رتهم ومَغفرة وَرزفُ کیم كم أَْرَجَكَ رَبك من بيك بالْحَق4. فهذا الكلام غير متصل. » وإنما هو عائد إلى قوله: طقل الال لله وَالرَشول»”. كُمَا أَخْرَجَكَ رَبك من بيك بألْحَيٌّ. فصارت الأنفال لك إذ أنت راض بخروجك› وة ترش ين لم ل باتوی وره ‏لين الم وروح ونظارها ال تل ا نولقي عى ن ء4 . يعني نفقه مما رزق. وقوله: و أَحَدُ حَدُهُمَا بكم لا يقر عَلیٰ شی ‎e‏ . أي الأمر بالعدل . ‏وقوله: قلا تَسَْلني عَنْ شئ . يعني من علم صفات الربوبية وهي ي العلوم التي لا يحل السؤال عنهاء حتى يبتدىء بها العارف. وفوله : ەوام خُلِمُوا ِن غَير مئه . اي من غير خالق فريما يتوهم به أنه يدل على أن لا يخلق شيئاً ٳِلآ من شيء. ‏مالين كفو تال : فام لى عيذ ”٠ أراد ب املك الموكل بە. ‏وقوله : وَقال قَرينه ر ي ما امه . أراد به الشيطان . ‏وأما الأمة فتطلق على ثمانية أوجه: منها الجماعة أمة من الناس يسقون» ومنها اتباع ‏(١) سورة طهء الآية: ۹١۱. (۲) سورة الأعراف» الآية: ۱۸۷ . (۳) سورة الأنفال الآية: ۳. (4) سورة الأنفالء الآية: ١. () سورة النتحل› الآية: ٥۷. () سورة التحل؛ الآية: ٦۷. (۷) سورة الكهف» الآية: ١٠۷. (۸) سورة ة الطورء الآية: ٢۳. () سورة ق الآية: ۳٢ ‏(١1) سورة قَء الآية: ۷٠. ‎ ‎ قنطرة العبادة ٥٥۳ الدين: «إًا وَجَدْنَا اعا عَلى أو . ومنها الحين: « إلى أََةٍ مَمْدُودَق€. «وَادَكَر بَعْدَ يو4 . والأمة القامة أيضاء والأمة الإثمء والأمة رجل منفرد بالدينء ومنه يبعث زيد بن عمرو أمة وحده. والروح أيضاً ورد في القرآن على وجوه يطول ذكرهاء وقد يقع الإبهام في الحرف: ورن به َقعاً قوسن به جَمْعاً 4. فالباء الأولى كناية عن حوافر الخيل الموريات» والثانية كناية عن الإغارة وهي من: المغيرات صبحا / ®فَوَسَطَ به جَمُعا: جمع المشركين فأغاروا [۳۹0] وقولە: انزلا بەڳ: يعني بالسحاب. فأنبتنا بەڳ يعني بالماء. من كُلٌ التَمَرَات؟ . وأمثال هذا فى القرآن لا يتحصر» والقرآن كله غير خال من هذا الجنس؛ لأنه نزل بلغة العرب فکان مشتملاً على کلامهم من إیجاز وتطويل › وإضمار› وحذف؛ وإبدال› وتقديم› فكل من اكتفى بفهم ظاهر العربية فبادر إلى التفسير من غير نقل ولا إحكام لهذه المعانيء فهو داخل في زمرة من فسر القرآن برأيه مثل أن يفهم من تفسير الأمة معنى واحداً حصل له السماع وعلم هذه الأمور فإنه يفهم ظاهر التفسير دون فهم حقائق المعاني . ومثال ذلك قال الله تعالى: وما رَمَتَ إِذْ رَمَيتَ وَلكِر الله رى" . فظاهر تفسيره واضح وحقيقة معناه غامض فإنه إثبات للرمي ونفي له وهما متضادان في الظاهر ما لم يفهم أنه رمى من وجه ولم يرم من وجه» ومن الوجه الذي لم یرم رمی الله تعالی. وكذلك قوله: «َِلُوهُمْ بَُذِيَهُمْ الله بأيديكة4”. فإذا كانوا هم القاتلون كيف يكون سبحانه هو المعذب» وإذا كان الله تعالى هو المعذب بتحريك أيديهم فما معنى أمرهم بالقتال؟ فحقيقة هذا يستمد من بحر عظيم من علوم المكاشفات لا يغني عنه ظاهر التفسير وهو أن يعلم (١) سورة الزخرف» الآية: ٢۲. (۲) سورة يوسف» الآية: ١4 . (۳) سورة العاديات؛ الأيتان: ٤ء ٥. (4) سورة الأنفالء الآية: ۷٠. (0) سورة التوبة الآية: ١1. ‎Foy‏ قنطرة العبادة وجه ارتباط الأفعال بالقدرة الحادثةء ويفهم وجه ارتباطها بقدرة الله تعالى حتى ينكشف بعد إيضاح علوم كثيرة غامضة صدق قوله تعالى : «وَما رَمَيتَ ِذ رَمَيْتَ وَلكِنٌ الله رَمى€. ‏فمن هذا الوجه يتفاوت الخلق في الفهم بعد الاشتراك في ظاهر التفسير وظاهر التفسير لا يغني عنه والله أعلم وأحكم وبه العون والتوفيق. ‏الباب الثاني في أصناف الأدعية والأذكار الاستغفار ° الحمد لله الذي وسعت رحمته وشملت رأفته فدعا إلى طاعته الداني والقاصيء وعم إحسانه المطيع والعاصي» فرغبهم في الدعاء والسؤال وأفاض عليهم أنواع النعم والتوال فقال: «اذعُوني سحب لَكُمْ . وقال : «فادگروني أَذْكُركم. والصلاة على سیدنا محمد نبیه وعلی آله وأصحابه وخير أصفيائه وسلم كثيراً. أما بعد فليس بعد تلاوة القرآن عبادة تؤدى باللسان أفضل من ذكر الله بقلب منيب إليه› وخالص الأدعية بإحضار قلب متضرع إليهء والاستغفار من كل سوء سلف منه لديهء ونحن نشرح ذلك في ثلائة فصول : الأول: في الدعاء . والثاني : في الذكر. والثالث: في الاستغفار والصلاة على النبي عليه السلام . الفصل الأول في الدعاء وأنواعه وآدايه وهذا الفصل يتوزع منه خمسة أقسام: الأول: في فضيلة الدعاء قال الله تعالى : «وًَِا سَألكَ باي عَتٌى€” الآية. وقال: أَذْغوا رَبَكُمْ ضعا وَْفْب؟ الآية. ‏(١) سورة الأنفالء الآية: ١٠۱ . (۲) هذا الباب مأخوذ من كتاب الإحياء للإمام الغزالي ج ١ ص ٦٥٤ طبعة دار الحديث. (۳) سورة البقرة الاية: ١۱۸ . () سورة الأعراف» الآية: 00. ‎ ‎ قنطرة العبادة ‎۳o۳‏ وقال تعالى : فل أَذْعُوا الله او َذْكُوا أَلوَحمَ ن4 الآية. «وَقال رَبَكُمْ أَذْعُوني تحب لک . وعن النبي يَأ أنه قال: «الدعاء مخ العبادة»° وقال: «الدعاء هو العبادة» ثم قرأ: #ادعوني أستجب لكم€ وقال: «ليس شيء أكرم على الله من الدعاء*. وقال: «إن العبد لا يخطيه من الدعاء إحدی ثلاث : إما ذنب يغفر له وإما خير يعجل له وإماخير يدشر لە وقال عله السلا اسلو لله من فضله وأفضل العبادة تار القرے؛ . وینشد: وإنى لأدعو الله والأمر ضيق علي فما يفك أن يرجا / وَرُْبَ فتى سدت عليه وجوهه أصاب لها في دعوة الله مخرجا ]۳۹۲[ 2 وإ القسم الثاني: في أدعية منتخبة من القرآن. قال الله تعالى: رَبَنا نبل مِنَا إِنّك أت يع العم ريا وَاجعَلنا عنمي لَك وين ذُريِي أ نيم لَكَ وَأرَِا يك َنب عَي ك نت الَعَوَابُ الوَحيمٌ4” . ربا ينا في ادنيا حَسةٌ وَفي الأخِرَة حَسَنَة وَقِنا عَذَابَ الَر€”°. (١) سورة الإسراى الآية: ١٠٠ (۲) سورة غافر الآية: ١٦ (۳) أخرجه الترمذي من حديث أنس وقال غريب من هذا الوجه لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة. قاله الحافظ العراقي في المغني ج ١ ص ١۷٤ طبعة دار الحديث. (8) قال الحافظ العراقي في المغني ج ١ ص ١4۷ طبعة دار الحديث أخرجه أصحاب السنن والحاكم وقال صحيح الإسناد رقال الترمذي: حسن صحيح. (0) قال الحافظ العراقي في المغتي ج ١ ص ١۷٤ طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي وقال: غريب وابن ماجه واين حبان والحاكم وقال صحيح الإسناد. (1) قال الحافظ العراقي في المغني ج ١ ص ١۷٤ طبعة دار الحديث: أخرجه الديلمي في الفردوس من حدیث آنس وفيه روح ٠ أخرجه ابن مسافر عن أيان بن عياش وكلاهما ضعيف» ولأحمد والبخاري في الأدب والحاكم وصحح إسناده من حديث أبي سعيد «إما أن تعجل له دعوته وإما أن يدخر له في الأخرة وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها». )۷( قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ١٤) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي من حديث ابن مسعود وقال حماد بن واقد ليس بالحافظ قلت أي الحافظ العراقي - وضعفه ابن معين وغیره. (۸) سورة البقرةء (الآيتان: ۱۲۷ء ١۸١۱). () سورة البقرق الاية: ٢٠۲. ناطر الخيرات/ ج ٣/٢۲ og قنطرة العبادة ريا فرغ علب صَبراً ونث أفدَامنا وَاْضرزنا عَلى الْقَوم الكافري»”. ر لا تُواذنًا إن تسيا أو أخطانًا ربا ولا تحمل عَليا إضراً كما حَمَلعهُ على الْذِين مر را ولا تحمل تا ما لا طا ا و پام کے عو 0 نْصرنا عَلى الکائرن» " 3 رغ فوب بَْدَ إِ حَدَها وَحَبْ لتا من لَدُنْكَ رَحمة نك أت ت اَلْوَكًا 4 . ر إن امن فَاعُفِر ل دنوب وَقا عَذَابَ الا ر»”٩. رَبٌ حَبْ لي من لدُنْك دُرَيَة طَبْبة ك سَميم اَلْدُعَاء€”. .ر اما بمَا بَا رلت وَأَعا ألرشو ل كا مَم الشاهدين»”*. لزي ذز رافتا في أَمرنَا و ت دامن انضرا عَلى القوْم الْكَافرِينَ ‎RC‏ ‏ر ما خَلفْتَ حَذا باطلاً سُبْحَانَك نَم عَذَابَ ألئار€”. ربا إا سمغت ماديا يادي لِلإِيمَان أن منوا بريكُم فَامَنًا ربا افر لتا نبنا فر عَنا سباي ونون مع الأنرا »٩ . 1 )۱( )۲( )۳( )٤( )0( ١( )۷( )۸( )۹( (٠۱( )۱۱( ر واا مَا وَعَدكا عَلىْ رلك ولا تُخْرََا يوم قيا يامَة تك لا نلف الميعَادگ” ٠٩ . نك 3 أرب ين فو قري لطم / أَمْلَهَا وَأجُعل لا من لنْكَ ولا وَأجعل لتا من 1 سورة البقرة الآية: ٢10. سورة البقرةء الآية: ٦۲۸. سورة آل عمران» الآية: ۸. سورة آل عمران» الآية: ١٠. سورة آل عمران» الآية: ۳۸. سورة آل عمران» الآية: ۳٥. سورة آل عمران؛ الآية: ١٤٠. سورة آل عمران» الآية: ١۱۹ . سورة آل عمران» الآية: ۱۹۳ . سورة آل عمران» الآية: ١۱۹. سورة النساى الآية: ٥۷. سے قنطرة العبادة ‎۳oo‏ ‎Te ote ests Tt Cott ek Cer‏ ر طلم فسن وَإِنْ لم تَعْفر ل وََرْحَما لنكُوئن من الْحَاسِرين»”٩. س 0 ‎yy‏ 1 لا يبلا فة للدم لالم“ 2 ‎o e‏ ر ا نجعلا َة لوم الطَالوين و ح ناح 0 من القَوْم الكافرين€”". ر انَخ تيتا وَين قوي اَن وات حب ».` ‎ARTE 1‏ کک 0 لانت ولم فَأَعْفْر لا وَرْحَمْا ار ‎o 1۱ ۰ 4 2 ^~. s2‏ الخرَة ًا هُدَانَا يته وت خو لين واب 9 في و ا نه ولي فَاطرَ مات 1 ا م ‎EA PRE‏ ى ۰ اال السمَوَاتِ والأَزض أت وَلِيٌ في اديا وَالخِرَة نوقبي نيما وَالحفِي ت اخعله ےس ل ٠ کے ‎Ê‏ ص ا س میم 1 ومن ذريي ربا وتقيل دُعَاءِي ريا اَعْفير لي ولوالدي وللمومنين يوم يقوم لحسات4 .. ۱ ا رت آذخلنی محل صذْق و ُ. وڙ 0 خا وى ‎g0‏ ‏ّا 4 ٍ صدق واخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا «ريا آي من لَدنْكَ رَحمة وَعَوء لتا من أَمرنَا رَشّداً €. ۾ «ر) أضرف عَنَا عَذَابَ جَهنَم إن عَذَاهَا كان عَرَاماً 4٠٩ . را حَبْ لتا من أَرُوَاجًا وَذُريا فر ين وَأجعَلا لمعن إقاماً 4٠٠. «رَبٍ لا تَذَزني فَرداً ونت َير الوارثين»”. () سورة الأعراف؛ الآية: ۲۳. (۲) سورة يونس» الآيتان: ٥۸ ٦۸. (۳) سورة الأعراف» الآية: ۸8۹. () سورة الأعراف الآية: ١٥٠. () سورة يوسف» الآية: ١١٠. () سورة إيراهيم؛› الآيتان: °٤٠ ١٤. (۷) سورة الإسراى الآية: ۸8۰. (۸) سورة الكهف» الآية: ١٠. () سورة الفرقان؛ الآية: 160 . (١٠) سورة الفرقان؛ الآية: ٤۷. (١) سورة الأنبياى الآية: 8۹. ۳o قنطرة العبادة َ‫ ٠ )۱( «رَب اشرح لي صدري ويسر لي آمري “۰ . و ‎2e‏ ےک وه ‎(4L‏ ‏رب ريي مفلا ماركا ونت حير لعزي" . «رَبٌ أَعُودُ بك من حَمَرَاتِ ألشَيَاطِين وَأعُودُ بك رَبُ أن م حضون . «رَبٌ مَبْ لي حُكُماً وألحفِْي بالصَّالِِينَ وَاجُعَلْ لي لِسَانَ صِذقيٍ في الخرِينَ وَاَجُعَلني ورن جر الليي م4 . رب وني أن أَشْكُرَ يِعْمَيكَ الي أَنعَسْتَ عَليَ وَعَلى ودي وان أعْمَل صَايحاً توضا& « أجلي رمي في يبي ايى" [٢٤۳۹[ لولح لي في ريني ني بث ريك وني / من الْمْْيمين”. ر فز لا وَلإخوانتا اين س سب سَبَفُونَا بالإِيمَان وَلاً تَجُعَل في فُلوبَا غلا لِلذِينَ منوا ريا سو و رل ف )۸( نك روف رحیم م م ك رتا عَليِكَ توكلم وليك أا وَليك انمره« . ريا نمم لتا نورنا وا عفر لتا ِت على كُل شي قَدبوې'۱. رب َعْفيز لي وَلوالِديٌ وَلِمَنْ دَحَل ييي ممن وَلِلمُوْمِنين وَالْمُمنات 3 E ‏ا‎ ‎4 إلا تارا 4. )۱( )۲( )۳( )٤( )0( )ا( )۷( )۸( )۹( (١1( ژ۱( سورة طه الآية: ٢۲. سورة المؤمنون» الآية: 7۹. سورة المؤمنون» الآيتان: ۹۷7 ۹۸. سورة الشعراى الأيات: ۸8۳ ٤۸ء 5٥۸. سورة الأحقاف؛ الآية: ١٠. سورة التمل؛ الآية: 1۹. سورة الأحقاف الآية: ١٠. سورة الحشر الآية: ١٠. سورة الممتحنةء الآية: ٤. سورة التحريم؛ الآية: ۸. سورة نوح؛ الاية: ۸٨. قنطرة العبادة ‎۳ov‏ ‏لحان رَبك رَبٌ اَلْمِرَة عَمًّا يَصِمُونَ وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِين وَالْحَمْد لله رَبٌّ َْعَالَمنَ». القسم الثالث: في أدعية مستحسنة اللهم صل على محمد وعلى من صلح من آل محمد وبارك على محمد وعلی من صلح من آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد محجد . اللهم اجعلنا ممن صدقه بتوفيقك واتبعه بإرشادك وتسديدك؛› وأمتنا على ملته بنعمتك› وأحشرنا في زمرته برحمتك . اللهم بنورك اهتديناء وبفضلك استغنيناء وفي كنفك أصبحنا وأمسيناء أنت الأول فلا شيء قبلك» وأنت الاخر فلا شيء بعدك» نعوذ بالله من الفشل والكسل ومن عذاب القبر ومن فتنة الغنى والفقر. الهم نبهنا لذكرك في أوقات الغفلةء واستعملنا بطاعتك في أيام المهلةء وانهج لنا إلى محبتك طريقا سهلة. الهم اجعلنا ممن آمن بك فهديتهء وتوكل عليك فكفيته» وسألك فأعطيته؛ وتضرع إليك فرحمته . الهم إنا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك» والغنيمة من كل بر» والسلامة من كل إِثم؛ والفوز بالجنةء والتجاة من النار. الهم إنا نسألك أن ترزقنا علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وقلباً خاشعاً ولساناً صادقاً وعملاً زاكياً وإيماناً / خالصاً وأن تهب لي إنابة المخلصين» وخشوع المخبتينء وأعمال الصالحين» ويقين [34°] الصديقينء وسعادة المتقين ودرجة الفائزين يا أفضل من قصدء وأكرم من سئل» وأحلم من عصى» نسألك أن تهب لي جزيل عطائك والسعادة بلقائك والفوز بجوارك والمزيد من آلائك وآن تجعل لنا نوراً في حياتناء ونورا في مماتناء ونورا في قبورناء ونورا في محشرناء ونورا نتوسل به إِليكء ونورا نفوز به لديك فإنا ببابك سائلون» ولنوالك متعرضون؛» ولأفضالك راجون. الهم اهدنا إلى الحقء واجعلنا من هله الهم اجعل شغل قلوبنا يذكر عظمتك» وأفرغ ۸٢۳ قنطرة العبادة أبداننا فى شكر نعمتك» وانطق ألسنتنا بوصف منتك» وقنا نوائب الزمانء وصولة السلطان› الهم اختم بالخير آجالنا» وحقق بالرجاء أعمالناء وسهل في بلوغ رضاك سبلنا» وحسّن في جميم الأحوال أعمالنا. الهم إنَا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وشماتة الأعداء» الهم اقسم لنا من الانيا ما تعصمنا به من فتنتها وما تغنينا به عن أهلهاء واجعل في قلوبنا من السلو عنهاء والمقت لهاء والزهد فيهاء والبصر بعيوبها مثل ما جعلت في قلوب من فارقها زهداً فيهاً من اوليائك المخصلين › وأصفيائك المعصومين . اللَهِم إليك نشكو فقساوة قلوبناء وجمود أعينناء وطول آمالناء واقتراب آجالناء وكثرة ذنويناء فنعم المشكو إليه أنت فارحم ضعفناء وارحم تضرعناء واعطنا لمسكتتناء واغفر لنا ما قدمناء وأخرناء وأسررناء وأعلناء وما أنت أعلم به مناء ولا تحرمنا لقلة شكرنا. 0 | / اللّهم لا بد لنا من لقاءك؛ فاجعل عند ذلك عذرنا مقبولء وخطأنا محمولاء وذنبنا مغفوراء وحظنا موفوراء وسعينا مشكوراً. َ اللهم إن لنا إليك حاجةء وبنا إليك فاقةء فما كان منا من تقصير فأجبره بسعة عفوك وتجاوز عنه بفضل رحمتك» واقبل منا ما كان صالحاً وأصلح منا ما كان فاسداً. وجهلنا مستجيراً بحلمك› اللهم اجعل خوفنا كله منك» ورجاءنا كله فيك . الهم إنا نسألك النصرة والعصمة والرحمة والنعمةء ونعوذ بك من المحنة والفتنة› الهم أعذنا من وجوب سخطك؛٩ وحلول نقمتك؛ وزوال نعمتك › الهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إل غفرته» ولا غماً إل فرّجته ولا كرباً إل كشفته. ولا ديناً إلا قضيته› ولا عدواً إلا كفيته› ولا عيباً إلا أصلحته ولا مريضاً إلا أشفيته ولا غائباً إلا أدنيتء ولا خلة إلا سددتهاء ولا حاجة من حوائج الدنياء والآخرة لك فيها رضى ولنا فيها منفعة إلا قضيتها فى يسر منك وعافية. اللهم اجعل في الموت خير غائب ننتظره» والقبر خير بيت نعمرهء واجعل ما بعده خيرا لنا منه. قنطرة العبادة ۳0۹ اللّهم نور قلوبناء واغفر ذنوبناء وآنس وحشتنا وآمن روعتناء وابعثنا آمنين من عقابك موقنين بثوابك مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين . الهم اهدنا فيمن هديت» وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليتء ووسع لتا فيما رزقت» وبارك لنا فيما أعطيتء وحبب إلينا طاعتك وارزقنا العون على عبادتك› والحفظ / بكفايتك والعزة بولايتك. [۳۹۷[ واغفر لنا ولمن صلح من آبائنا وأزواجنا وذرياتنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمانء وامنن علينا وعليهم بالهداية والغفران والرضى والرضوان. الهم اجعلنا هداة مهتدين» واجعلنا أهل بيت صالحين» وأئمة متقين» واغفر لنا ولعامة المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأمواتء والصلاة والتسليم على محمد خاتم النبيين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين» والحمد لله رب العالمين . ولمحمد بن حازم الباهلي : أيا من لا يخيب عليه راج ولم ييرمه إلحاح المتاج ويا ثقتي على سرفي وظلمي وإيثار التمادي في اللجاج آخر : لني عشرتي وتلاف أمري وهب لي منك عفواً واقض حاجي فمالي غير إقراري وعلمي بعدلك حجة يوم احتجاجي خر : يا رب إني راغب أدعو وأرجو نفلك أنت حفي لمن تحب دعوة راج أملك فاعطني من سعتك يا من تعالى جلك سبحانك اللهم ما أجل عندي مثلك القسم الرابع: في أدعية منسوبة إلى الأنبياء والصالحين مما يستحب أن يدعو بها الإنسان صباحاً ومساء» وبعقب كل صلاة : فمنها دعاء النبي يَأوٍ بعد ركعتي الفجرء قال ابن عباس: بعثني العباس إلى النبي َي فأتيته وهو في بيت خالتي ميمونة فقام يصلي في الليلء فلما صلى الركعتين قبل صلاة الفجر قال: «اللّهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي وتجمع بها شمليء وتلم بها / شعثي [۳۹۸] وترد بها العين عني وتحفظ بها غائبي وترفع بها شاهدي وتزکي بها عملي وتبيض بها وجهي وتبلغني بها رشدي وتعصمني بها من كل سوء الهم اعطني إيماناً صادقاً ويقيناً ليس بعد کفر ۳ قنطرة العبادة ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة اللّهم إني أسألك الفوز عند القضاء ومنازل الشهداء وعيش السعداء والنتصرة على الأعداء مرافقة الأنبياء . يا قاضي الأمور ويا شافي الصدور كما تجير بين البحور أن تجيرني من عذاب السعير ومن دعوة الثبور ومن فتنة القبور. من عبادك أو خيراً أنت معطيه أحداً من خلقك فإني راغب إليك فيه وأسألكه يا رب العالمين . الهم اجعلنا هادین مهتدين غير ضالین ولا مضلين حرباً لأعدائك سلماً لأوليائك نحب ٍ بحبك النار ونعادي بعداوتك من خالفك من خلقك . الهم هذا الدعاء وعليك الإجابة وهذا الجهد وعليك التكلان فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ذي الحبل الشديد والأمر الرشيد أسألك الأمن يوم الوعيد والجنة يوم الخلود مع المقربين الشهود الركع السجود الموفين بالعهود إنك رحيم ودود وآنت تفعل ما تريد سبحان الذي تعطف بالعز وقال به سبحان الذي لبس المجد وتكرم به 1 سبحان الذي / لا ينبغي التسبيح إلا له سبحان ذي الفضل والنعيم سبحان ذي العزة والكرم سبحان الذي أحصى كل شيء علمه». . 4 «اللهم اجعل لي نورا في قلبي ونورا في قبري ونورا في سمعي ونورا في بصري ونورا في لحمي ونورا في دمي ونورا في عظمي ونورا في مخي ونورا في عصبي ونورا يسعی بين يدي ونورا من أمامي ونورا من خلفي ونوراً عن يميني ونورا عن شمالي ونورا من فوقي ونورا )۲( 1 1 4 من حي (۱) أطراف الحديث عند الترمذي (۹٤٤۳) وابن حجر في الفتح (۱۱۸/۱۱) والزييدي في الإتحاف (٥/ 1۳) والقاضي عياض في الشفاء (١/۱۷1) والمتقي الهندي في كنز العمال (448۷)› (4۹88)› وابن حبان في المجروحين (۱/٠۲۳) وفي مناهل الصفا (١۱) وعند الذهبى ميزان الاعتدال (۳۳٠۲) وعند ابن حزيمة في صحيحه (۱۱۱۹) وابن عساكر في تهذيب التاريخ (٥/۷٠۲)؛ والكامل لابن عدي في الضعفاء (/۷٥). (۲) أطراف الحديث عند البيهقي في السنن (۲۹/۳) والمتقي الهندي في الكتز (۸٠٦۳) والبخاري في الأدب المفرد (۳۹۲). والزبيدي في الإتحاف (5/ 5760 ۷/ 4058). قنطرة العبادة ۳۱ ٌ ُ «اللهم زدني نوراً واعطني نورا واجعل لي نوراآ»٩. وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي يَأ كان يقول: «اللّهم أعوذ بك من الكسل والهرم والمغرم والمائم» الهم اي أعوذ يك من الثار ومن فتة الثار وفتنة القبر وعذاب لقبر وشر فتتة من الخطايا كما ينقى الثوب الأيض من الانس وباعد بيني وبين خطایاي كما ا باعدت ب بين المشرق والمغرب». وعن أنس أنه عليه السلام كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال»””" . وعنه عليه السلام قال لعائشة: «عليك بالجوامع الكوامل قولي: الهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم وأسألك الجنة وما يقرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما يقرب إليها من قول وعمل وأسألك من الخير ما سألك به عبدك ورسولك محمد يِل وأستعيذك مما استعاذك به عبدك ورسولك محمد / ية وأسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته [٠٠4] رشداً برحمتك يا أرحم الراحمين». وعن عيسى عليه السلام كان يعلم أصحابه يقول: لو كان على أحدكم جبل ذهب ديناً ثم دعى بذلك قضاه الله عنه : الهم فارج الهم كاشف الم مجيب دعوة المضطرين رحمان الدنيا والأخرة ورحيمها آنت فارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك. () قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص 4۸6) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي وقال غريب ولم يذكر في أوله بعث العباس لابنه عبد الله ولا نومه في بيت ميمونة وهو بهذه الزيادة في الدعاء للطبراني (۲) أطراف الحديث عند البخاري ٤/۲۳ ۹۹/۷ ۹۷/۸ ۹۸) والنسائي (۸/ ۷٥51 ۲۸۰) والترمذي (٤۳۸) (۰۳٥۳) وآبو داود (١٤١۱› ١١٤١۱) وأحمد (۴/ ۹٥۱ ۲۲۰ ٢۲۲ ٢٤۲) والبيهقي 9/٤٠ ۱/۹) والحاكم في المستدرك (۳۳/۱٥) والشجري في الأمالي (۲۲7/۱) والبخاري في الأدب المفرد (۱1٠۸) وابن حجر في الفتح ۹/٤٥٥ ١۱۷۳/۱ ١۱۷) والتبريزي في المشكاة (٢٢۲)) والمتقي الهندي في الكنز (۳۱۹۳ء ۳۷۱۳ء ۳۸۲۱) وتفسير القرطبي (411/۳) والزبيدي (٥/٠٠٠) في الاتحاف والمنذري في الترغيب (۲/٤1۱) والبغوي في شرح السنة (٥/ ٥٥٠٠ ١1/٤۲) والسيوطي في جمع الجوامع (40۸۰ء 41۸۸))› والييهقي في دلائل النبوة (٤/۲۲۸) وعند ابن أبي شيبة في المصنف (١۱۹۲/۱) وفي سنن سعید بن متصور (٩۲۱۷). () قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ۸۷٤) أخرجه ابن ماجه والحاكم وصححه من حديثها. ۲٦۳ قنطرة العبادة وروي أن آدم عليه السلام لما هبط إلى الأرض طاف بالبيت سبعاً وصلى حذاء الملتزم ثم قال: اللَهم إنلك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي وتعلم حاجتي فاعطني سؤلي وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنوبي وأسألك إيماناً يباشر قلبي ويقيناً صادقاً حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا وفي رواية بما قسمت لي فأوحى الله إليه أني قد غفرت لك ولم يأت أحد من ذريتكء عينيه وآتجرت له من وراء كل تاجر وجاءته الدنيا وهي راغمة وإِن کان لا یریدها. دعاء الخليل عليه السلام كان يقول إِذا أصبح: اللّهم إن هذا خلق جديد فافتحه علي بطاعتك» واختمه لي بمغفرتك ورضوانك» وارزقني فيه حسنة تتقبلها مٽي وزكها وضاعفها ليء وما عملت فيه من سيئة فاغفرها لي إِنك غفور رحيم ودود کریم؛ قال : فمن دعی بهذا الدعاء فقد أدى شكر يومه. دعاء عيسى عليه السلام كان يقول: اللّهم إني أصبحت لا أستطيع دفع ما أكره ولا أملك [ ]نفع ما أرجو وأصبح الأمر بيد غيري وأصبحت / مرتهناً بعملي فلا فقير أفقر مني . اللهم لا تشمت بي عدوي ولا تسوء بي صديقي ولا تجعل مصيبتي في ديني ولا تجعل دعاء الخضر عليه السلام يقال أن الخضر وإلياس عليهما السلام إذا التقيا في كل موسم لم يفترقا إل عن هذه الكلمات: ما شاء الله لا قوة إلا بل ما شاء الله كل نعمة من الف ما شاء الله الخير كله بيد اللهء ما شاء الله لا يصرف السوء إلا اللهء فمن قالها ثلاث مرات إذا أصبح أمن من الحرق والغرق والسرق. وروي عن ابن عمر أنه دعا فقال: اللَهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به رحمتك ومن اليقين ما تهون علينا به مصائب الدنياء ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتناء واجعلها الوارث مناء واجعل ثأرنا على من ظلمناء وانصرنا على من عاداناء ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا منتهى علمنا ولا تسلط علينا من لا ما پر ۰ (١) أطراف الحديث عند الترمذي (۲٠۳0) والحاكم في المستدرك (۸/۱٠5٠ ۲/ ١٤۱) والتبريزي في مشكاة المصابيح (٧۹٤۲( والعجلوني ئي كشف الخفا (۲۲۱/۱) والسيوطي في جمع الجوامع (1 480 )= قنطرة العبادة ۳۳ وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: اللّهم أعنا على الدنيا بالقناعة وعلى الدين بالطاعة . وكان عمر بن عبد العزيز يقول: أغننا بالافتقار إليك ولا تفقرنا بالاستغناء عنك . وعن عمّار أنه دعا فقال: اللَهم بعلمك الغيب» ويقدرتك على الخلق أحبيني ما كانت الحياة خير لي وتوفني إذا علمت الوفاة خير لي . الهم إني أسألك كلمة الإخلاص في الغضب والرضاء والقصد في الفقر والغناء وخشيتك في الغيب والشهادة› وأسألك الرضا بالقدر› وأسألك تعيماً لا ينهذ وقرة عن لا تنقطع ولذة العيش / بعد الموت شوقاً إلى لقائك وأعوذ بك من ضرّاء ومن فتنة مضلة. ‎L1)‏ الهم زيا بزينة القرآنء وألبسنا لباس التقوى واجعلنا هداة مهتدين› ولا تجعلنا ضالين وعملي من الرياءء وبصري من الخيانة فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. ولبعض الشعراء يقال أنها لابن الخطيب» وقد استعطف فلما طال به السجن يئس فقال : يا من یری ما في الضمير فيسمع لا تسلمني حيث أسلمني الورى يا رب إنك قلت ادعوني أجب يارب قد جهد البلاء وشقني يا رب كيف تضيق عني رحمة ولبعضهم : يا من يرى مد البعوض جناحها ویری منابت شعرها في نحرها ويرى دبيب النمل في دق الصفا فامتن علي بتوية تمحو بها ویرى فلا يخفی عليه موضع فإليك بالشكوى يفر الموجع فأجب فإني راغب متضرع وتضايقت حالي وأنت المفزع هي من ذنوب الخلق طرا آو سمع في ظلم الليل البهيم الأليل والمخ في تلك العظام انحل كل بتقدير العزيز الأفضل ما كان مني في الزمان الأول والبغوي في شرح السنة (٥/٤۱۷) والمتقي الهندي في الكنز (١۱٦۳٠ ٢٤٦۳۷) والشجري في الأمالي (۲۳۸/۱) والزييدي في الإتحاف (٥/۷۸ء ١/١۱۸) وابن السني في اليوم والليلة (440) والسيوطي في الدر المتثور (٦/۱۲۷) وابن حجر في الكشاف (۹۳). وابن المبارك في الزهد (٤٤1). ٤۳ قنطرة العبادة آخر : أدعوك ريي لأمر أنت تعلمه كفى بعلمك فيما فيه ابتهل فارحم إنابة عبد ليس مفزعه إلا إليك إذا ضاقت به الحيل واصرف هواي عن الدنيا ولذتها فإنني طال ما قد غرني الأمل وعن أبي الدرداء أنه قال: من قال كل يوم سبع مرات : فن تولا فقَل حَسي الله 0 ] الذي لا إِلهَ إلا هُوَ علب نولت وَهُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم»". / كفاه الله ما يهمه من آمر آخرته. وعن أبي الدرداء عن النبي يل قال: «من قال هذه الكلمات ليلا أو نهاراً لم يضره شيء: الهم أنت ربي لا إِله إلا آنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم لا حول ولا قوة إلا بالله لعل العظيم ما شاء الله كان وما لم يشا لم يكن أعلم أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما اللّهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة نت آخذ بناصيتها ِن ربي على صراط مستقیم). القسم الخامس: في أدعية مستحسنة عند أوقات مخصوصة وأفعال مخصوصة محذوفة الأسانيد: منها عند إسباغ الوضوء° يقول: «أشهد أن لا إِله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ لهم اجعلني من التوبين واجعلني من المتطهرين› يقال: من قالها ومنها إذا خرج إلى المسجد فليقل: «اللهم اجعل لي في قلبي نور واجعل في لساني نورآء واجعل في سمعي نورا واجعل في بصري نورا واجعل خلفي نوراً» وأمامي نوراه دن يميني نوراه وعن شمالي نورا واجعل فوقي نورا وتحتي نورا وأعطني نور '. اللّهم | إني أسألك بحق السائلين وبحق ممشاي هذا إليك فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياء ولا سمعة ولكن خرجت إتقاء سخطك» وابتغاء مرضاتك فأسألك أن تنقذني (١) سورة التوبةء الآية: ۹١۱. (۲) أطراف الحديث عند مسلم في الصلاة (۱۳۱) والطبراني (۱/٠۱۸) وابن أبي شيبة في المصنف (۱1/ 4) وأحمد (۰۱۹/۱ ٥۳ ۳/٢٦۲( والزييدي في الإتحاف (٥/ ٠) وابن حجر في الفتح (۲/٥٠۳) والمتقي الهندي في الكنز (۱۳۹ ٠ ٤۳۷۲ء ۳۸۹۸) وابن الجوزي في العلل (۲/ ٠ ٥۳). (۳) قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص 444) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث ابن عباس. قنطرة العبادة ۳0 من النار» وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت»°. ومنها عند الآذان قال عليه السلام: «قولوا»› قالوا: فماذا نقول؟ قال: «قولوا الهم نسألك العفو والعافية في الدنيا والاخرة». وقال لأم سلمة: «قولي عند أذان المغرب: اللَهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك وحضور صلواتك اغفر لي" . وكان يِل إذا سمع الآذان قال: «اللّهم رب هذه الدعوة المستجابة المستجاب لها دعوة الحق وكلمة / اللإخلاص أحيني عليها وتوفني عليها واجعلني من صالح أهلها [4۰4] عملا . وقال اد : «من قال حن سمع النداء اللَهِم رتب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة أت محمد الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامةه* ٠ وقيل: «من قال إِذا سمع المؤذن أشهد أن لا إِله إلا الله رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً ورسولا غفر له ذنبه»*. ومتها إذا خرجت من المنزل فقل: بسم الله رب أعوذ بك أن أظلم أو أظلم أو أجهل أو وعن أنس بن مالك قال: إذا خرج الرجل من منزلهء فقال: «بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالل فيل له : حسك هدیت ووقیت وکفیت؟. 69 من حدیث أي سعيد الخدري بإسناد حسن قاله الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٩۹۹٤) طبعة دار الحديث. )۲( قال الحافظ العرافي في المغني (ج ١ ص ٤) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي وأبو داود وقال غريب والحاكم من حديث أم سلمة دون قوله: «وحضور صلواتك» فإنها عند الخرائطي في مكارم الأخلاق والحسن بن علي المعمري في اليوم والليلة. قال محقق الإحياء طبعة دار الحديث أخرجه الحاكم (۱۹۹/۱) وصححه ووافقه الذهبي والترمذي (۳0۸۹) وقال: حسن غريب . )۳( أورد ابن السني في عمل اليوم والليلة (٦۹). (8) أطراف الحديث عند البخاري (۱0۹/۱› ١/۸١۱) أحمد (۳۰۲/۳) (٤۳0) وابن أبي حاتم في علل الحديث (۱1۱١۲) والمتقي الهندي في الكتز (6۰۹۸۳ء ١۱١۲۱ء ۱۹١6۱ ٠١61ء ١١١١۱). () أطراف الحديث عند الهيثمي في مجمع الزوائد (٠/۲٤) والدولابي في الكنى والأسماء (١/46). ٦۳۹ قنطرة العبادة وافتح لي أبواب رحمتك». ويقدم رجله اليمنى» فإذا فرغ من الصلاة فليقل : فليقل : «اللّهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يرجع السلام ف فحينا ربنا بالسلام وأدخلنا دار السلام تبارکت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام»”"" ويدعو بما شاء الله . ومنها إذا قام من المجلس فليقل: «سبحانك اللّهم وبحمدك أشهد أن لا إِله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت »". يقال: هذا الدعاء كفارة للغو المجلس . ومنها إِذا دخل السوق فليقل: «لا إل 1 الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحبي ويمیت وهو على کل شيء قدیر»٩. بسم الله الهم إني أسألك خير هذا السوق وأعوذ [٥] بك من الكفر والفسوقء الهم وذ بك / من شرها ومن شر ما فيهاء اللهم إِني أعوذ بك أن أصيب فيها يميناً فاجرة أو صفقة خاسرةء فإن كان عليه دين فليقل: «اللّهم اغتني بحلالك عن حرامك ويفضلك عمن سواك». (۱) (۲) (۳) (£) (0) (1) ومنها إذا لبس ثوباً جديداً فليقل : داهم كسوتني هذا الثوب فلك الحمد أسألك خيره قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٠٠٠ طبعة دار الحديث): أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث فاطمة ابنة رسول الله ية قال الترمذي: حسن وليس إسناده بمتصل ولمسلم من حديث أبي حميد وأبي أسيد «إذا دخل أحدكم المسجد فليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك» وزاد أبو داود في أوله فليسلم على الي 8ۋ. قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٠٠٥) طبعة دار الحديث: أخرجه مسلم من حديث ثوبان . قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص 446) أخرجه البيهقي في الدعوات من حديث علي وفي (ج ١ ص ۱٠٠) أخرجه النسائي في اليوم والليلة من حديث رافع بن خديج بإسناد حسن قال المحقق في اليوم والليلة (٢٢٤: ٤٤٤). . وهو صحيح. قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٠٠٥) طبعة دار الحديث: من حديث عمرو قال غريب والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين قال محقق الإحياء طبعة دار الحديث: بل هو ضعيف ذكره الألباني في ضعيف الجامع (٤٦۹٤۳) قلنا غير أنه ورد به زيادة في آخره لم ترد هنا «وهو حي لا يموت وهو على کل شيء قدیر). قال الحافظ العراقي في (ج ١ ص ٠٠٥٠ طبعة دار الحديث). أخرجه الحاكم من حديث بريدة وقال أقريها لشرائط هذا الكتاب حديث بريدة. قلت - أي الحافظ العراقي - فيه أبو عمر جار لشعيب بن حرب ولعله حفص بن سليمان الأسدي مختلف فيه. قال الحافظ العراقي (ج ١ ص ٢٠٥) أخرجه الترمذي وقال حسن غريب والحاكم وقال صحيح الإسناد من حديث علي بن آبي طالب. قنطرة العبادة ۷٦۳ وخیره ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له" . ومنها إذا رأى شيثاً من طيرة يکرهه ذ فليقل : «اللّهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يذهب السيثات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالل 9 ومنها إِذا رأى الهلال فليقل بعد التكبير ثلاثاً: «اللّهم أَحِلّه علينا بالأمن والإيمان هلالا مباركا الهم إني أسألك خير هذا الشهر وخير القدر وأعوذ بك من شر يوم الحشر. ومنها إذا رأى الريح هاجت من ليل أو نهار يقول: «اللهم إني أسألك خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أرسلت إليه وأعوذ بك من شر وشر ما فيها وشر ما ارسلت اليه" . المحسنين واجعل كتابه في علين واخلف على عقبه في الغابرين » لهم لا تحرمنا جره ول تمتنا بعده). ومنها إذا تصدق فليقل : ربا تَفَيَل مِنا ِلك أَثْتَ السَّمِيُ اللي . () قال الحافظ العراقي (ج ١ ص ٢١٠) طبعة دار الحديث: أخرجه أبو داود والترمذي وقال حسن والنسائي في اليوم والليلة من حديث أبي سعيد الخدريء ورواه ابن السني بلفظ المصتف» قال محقق الإحياء - سيد إيراهيم - أخرجه النسائي ٦ عمل اليوم والليلة وآبو داود (٤٤٠٤) والحاكم (٤/۱۹۲) وصححه ووافقه الذهبي وأحمد (۳/٠۳) وغيره وهو صحيح. () أخرجه ابن آبي شيبة وابو نعيم في اليوم والليلة والبيهقي في الدعوات من حديث عروة بن عامر مرسلا ورجاله ثقات وفي اليوم والليلة لابن السني عن عقبة بن عامر فجعله مسندا. قاله الحافظ العراقي (ج ١ ص ٢۰٠). )۳( قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٢۲٥) طبعة دار الحديث: أخرجه الدارمي من حديث ابن عمر إل آنه أطلق التكبير ولم يقل «ثلاثا» ورواه الترمذي وحسنه من حديث طلحة بن عبيد الله دون ذکره التكبير» وللبيهقي في الاعوات من حديث قتادة مرسلاً. «كان النبي يو إذا رأى الهلال كبر ثلاثا». وذكره الألبانى في الصحيحة (١۱۸۱). (4) قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٢٠٠) طبعة دار الحديث أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح والنسائي في اليوم والليلة من حديث أبي بن كعب. قال محقق الإحياء طبعة دار الحديث: أخرجه النسائي في اليوم والليلة (۹۳۳) وأحمد (١/۱۲۳) والبخاري في الأدب المفرد (۷۱۹) والترمذي (۳/٢٤۲) وقال: حسن صحيح. (0) سورة البقرق الآية: ١۱۲. قنطرة العبادة ۳1۸ ومنها إذا خخسر فليقل : عَسَىٰ ر أن يبدل حَيراً نها نَا إلى رَبا رون4" . و کک ‎e‏ ى ‎o‏ ‏ومنها إذا أمر فليقل: ربا عابتا ِن لدْنْك رَحْمة وَحَيء لتا من أمرنا رَشدا 4'٩ . «رَب )۳( شرح لي ضري وَيَسُر لي امري»”. ومنها إذا نظر إلى السماء فليقل : لري ما حَلفْتَ هذا باطلاً سُبْحَانَّك فقا عَذَابَ 6] الا ر تارك الذي جَعَلَ في السَمَاءِ يروجا وَجَعَل فيها / سراجا وَفَمَراً منيرا °٩ . ومنها إذا سمع الرعد فليقل: «سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته» ومنها إذا رأى صاعقة فليقل : «اللّهم لا تقتلنا بفضبك ولا تهلكنا بعذابك»°. (9 ومنها إذا مطرت السماء فليقل: «اللّهم سيباً هنيثاًء وصيباً نافعاًء اللّهم اجعله صيب ‎CRA‏ ومنها إذا غضب فليقل 2 فليقل : «اللّهم اغفر لي ذنبي» واذهب غيظ قلبيء وأجرني من الشيطان ۹( الرجيم». ومنها إذا خاف قوماً فليقل: «اللَهم اردد كيدهم في نخحورهم ونعوذ بك من شرورهم» ٩ . (١) سورة القلم؛ الأية: ۳۲. (۲) سورة الكهف الاية: ١٠. (۳) سورة طهء الآيان: ١٠٠ ٢۲. () سورة آل عمران» الآية: ١۱۹. (0) سورة الفرقان» الآية: ١6.٠ (1) قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ۳ ) طبعة دار الحديث: أخرجه مالك في الموطاً عن عبد الله بن الزبير موقوفاً ولم أجده مرفوعاً. (۷) قال الحافظ في المغني (ج ١ ص ۳١0). أخرجه الترمذي وقال غريب والنسائي في اليوم والليلة من حديث ابن عمر وابن السني بإسناد جيد. وقال محقق الإحياء: ضعيف وفي الإسناد علتان وذكر الألبائي في الضعيفة (١٤١٠). (۸) قال الحافظ العراقي في المغني (٠۳/۱٠0) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن ماجه «سيبا» بالسين في أوله. والنسائي في اليوم والليلة «اللهم اجعله صيبا هتيثا». وإسنادهما صحيح. (۹) قال الحافظ العراقي في المغني (۱/٠٠) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن السني في اليوم والليلة من حديث عائشة بسند ضعیف. قنطرة العبادة ۳۹ ومنها إذا غزى فليقل : «اللّهم أنت عضدي ونصري ويك أقاتل». ومنها ذا طنت أذنه فليقل : «اللَّهم صل على محمد ذكر الله من ذكرني» ومنها إِذا رأى إجابة الدعاء فليقل: «الحمد لله الذي بعزته وجلاله تتم الصالحات» وإذا أبطأت فليقل : الحمد لله على كل حال». ومنها إذا أصابه هة فليقل: «اللّهم إني عبدك وابن عبدك ناصيتي بيدك ماض في حكمك نافذ في قضاؤكء أسألك بكل اسم سميت به نفسك أو أنزلته في كتابه» أو أعطيته أحداً من خلقك» أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي» ونور بصري› وجلاء عماي › وذهاب حزني وهمّي»"٩. قال النبي يَِلأٍ: «ما أصاب أحداً حزن فقال ذلك إلا أذهب الله هَمَهُ وأبدل الله مكانه فرجاًا. ومنها دا وجد وجعاً فی جسده أو جسد غیره فلیرقه برقية النبى عل کان إذا اشتکی الإنسان قرحا أو جرحاً وضع سبابته على الأرض ثم رفعها وقال: «بسم الله تربة أرضنا برقية بعضنا تشفى به سقيمنا بإذن الله . ومنها إِذا وجد وجعاً في جسده فليضع يده / على موضع الوجع وليقل: «بسم الله [٤٠4] ثلاثاء وليقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر). ومنها إذا أصابه كرب فليقل”: «لا إِله إلا الله العلي الحليم؛ لا إِله إلا الله رب العرش = من حديث أبي موسی بسند ضعیف. )۱( قال الحافظ العراقي في المغني (۳/۱٠٠). طبعة دار الحديث أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث أنس قال الترمذي: حسن غريب. (۲) قال الحافظ العراقي في المغني (١/٤٠0) طبعة دار الحديث أخرجه الطبراني وابن عدي وابن السني في اليوم والليلة من حديث أبي رافع بسند ضعيف. () قال الحافظ العراقي في المغني (١/4٠0) طبعة دار الحديث أخرجه أحمد وابن حبان والحاكم من حديث ابن مسعود وقال صحيح على شرط مسلم ان سلم من إرسال عبد الرحمن عن آبيه فإنه مختلف في سماعه عن آبيه . (8) قال الحافظ العراقي في المغني (4/۱٠0) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث عائشة. (٥) قال الحافظ العراقي في المغني (١۱/٤٠0) طبعة دار الحديث: أخرجه مسلم من حديث عثمان بن أبي العاص. قناطر الخيرات/ ج ٣/ م٢٤۲ ٠ ۳۷ قنطر ه العبادة ومنها إِذا أراد النوم : «فليتوضاً أولاً ثم توسد يمینه مستقبلا القبلةء ثم يكب أربعاً وٹلائين ويسبح ثلاثاً وثلاثين ويحمد الله ثلاناً وثلائين»"' . ثم يقول: «أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك الم لا استطيع ثناء عليك ولو حرصت آنت كما أثثيت على نفسك»”". «اللَهم باسمك أحيى وأموت»”› «اللّهم رب السموات ورب الأرض ورب كل شيء فالق الحب والنوى» ومَزْل التوراة والإنجيل والفرقان أعوذ بك من شر كل شيء ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتهاء أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الاخر فليس بعدك شيء وآنت الظاهر فليس فوقك شيء وآنت الباطن فليس دونك شيء اقض عَنّي الذّين وأغنني من الفقر“. «اللهم أنت ت خلقت نفسي وانت تتوفاها لك محياها ومماتهاء اللّهِم إن أمتها فاغفر لها وإن أحبيتها فاحفظها الهم إني أسآلك العافية [في الدنيا والأخرة]° «باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه فاغفر لي ذنبي» "٩ «الَهم قي عذايك يوم تبعث عبادك»“» «اللْهم إني أسلمت نفسي إليك وفوضت أمري إليك والجات ظهري إليك رغبة ورهبة منك» ولا منجاً ولا ملجأً منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت»”' - ويكون هذا آخر دعائه -. () قال الحافظ العراقي في المغني (١/٤٠0) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث ابن عباس . () قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٢٠0) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث علي. (۳) قال الحانظ العراقي في المغني )۱/٥0۰( أخرجه النسائي ف في اليوم والليلة من حديث علي وفيه انقطاع . قال محقق الإحياء: جاء بسند متصل صحیح يعضد الأول ويقويه وصححه الألباني في صحيح الجامع (۱) من حديث عائشة. () قال الحافظ العراقي في المغني (/٠٠) طبعة دار الحديث: أخرجه البخاري من حديث حذيفة ومسلم من حديث البراء. )0( قال الحافظ العراقي في المغني (٠/٠٠0) طبعة دار الحديث: أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة. 9( قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٥٠0) طبعة دار الحديث: أخرجه مسلم من حديث ابن عمر. (۷) قال الحافظ العراقي ف في المغني (٠/0٠0) طبعة دار الحديث: أخرجه النسائي في اليوم والليلة من حديث عبد الله بن عمر بسند جيد وللشيخين من حديث أبي هريرة: «باسمك ربي وضعت جنبي ويك أرفعه إن أمسكت نفسي فاغفر لها» وقال البخاري: «فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين». )۸( قال الحافظ العراقي في المغني (٠/٠٠0) أخرجه الترمذي من حديث حذيفة وصححه من حديث البراء وحسنه . )۹( قال الحافظ العراقي في المغني (٠/٠٠0) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث البراء. قنطرة العبادة ۳۷۱ وإن كان يفزع من نومه فليقل ما قال يلاو لخالد / بن الوليد حين شكى إليه أنه يفزع في [٢٠4] نومه فقال له: «إذا أخذت مضجعك فقل: بسم الله أعوذ بكلمات الله من غضبه وعذابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون»٩. وكان ابن عمر يأمر من أدرك من أولاده أن يقولها وإن لم يدرك كتبها وعلقها عليه . ومنها إِذا قام للتهجد في الليل فليقل: «اللَهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض؛ء ولك الحمد أنت فَيُوم السموات والأرض» ولك الحمد أنت السماوات والاأرض ومن فيهن› أنت الحقء وقولك الحقء ووعدك الحق؛ ولقاءك حق» والجنة حق» والنار حق؛ والساعة 7۳ حی ۰ الهم لك أسلمتء ويك آمنتء وعليك توكلت» وإليك أنبتء وفيك خاصمت وإليك حاكمت» فاغفر لى ما قدمت» وما أخرت» وما أسررت وما أعلنت» أنت إلهى لا إِله إلا أنت. ۱ ۱ ومنها إذا استيقظ عند الصباح فليقل : «الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه البعث والنشورء""› «أصبحنا وأصبح الملك لله والعظمة لله والسلطان لله والعزة لله والقدرة °° «أصبحنا على فطرة الإسلام› وكلمة الإخلاص» ودين نبينا محمد يَلٍء وملة أبينا إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين». «اللّهم إني أسألك أن تبعثنا في هذا اليوم إلى كل خير» ونعوذ بك (١) أطراف الحديث عند البيهقي في الأسماء والصفات (١۸٠)›ء وأحمد (۱۸۱/۲) والمنذري في الترغيب (۲/)) والسيوطى فى الدر المتثور (5/ ٤٠). (۲) أطراف الحديث عند البخاري (۸/۸) ومسلم في صلاة المسافرين (۱۹۹) وابن ماجه (١٥۱۳٠) والترمذي (٨) وأحمد (۲۹۸/۱)› (۸١۳) واليهقي (۳/ء ٤ء ٥) في السنن والزيدي في الإتحاف (٥/ ١٦۱). (۳) قال الحافظ العراقى في المغنى: (٠/1٠0) طبعة دار الحديث أخرجه البخاري من حديث حذيفة ومسلم من حدیث البراء. ` €3 قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٦٠٠) طبعة دار الحديث: أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث عائشة «أصبحنا وأصيح الملك لله والحمد والحول والقوة والقدرة والسلطان والسموات والأارض وكل شيء لله رب العالمين» وله في الدعاء من ابن أبي أوفى «أصبحت وأصيح الملك والكبرياء والعظمة والخلق والليل والنهار وما سكن فيها له وإسنادهما ضعيف ولمسلم من حديث ابن مسعود «أصبحنا وأصبح الملك لله . () قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص 1٠0) طبعة دار الحديث: أخرجه النسائي في اليوم والليلة من حديث عبد الرحمن بن أبزى بسند صحيح ورواء أحمد من حديث ابن آبزی عن ابي بن کعب مرفوعاً. ‎۳V۲‏ قنطرة العبادة ‏. . 7 ِ 2 . و ص م أن نجترح فيه سوءاً أو تجره إلى مسلم فإنك قلت: «وَهُو الذي يَنَوَفاكُمْ بالليل وََعْلِمْ مَا رُم بهار كع بتكم فيه أيفضَى أجل سى . . .”9 الآية. ‏«اللّهم فالق الإصباح أسألك خير هذا اليوم وخير ما فيه» «بسم الله ما شاء الله لا قوة إل بائ ما شاء الله كل نعمة فمن الله ما شاء الله خير كله بيد الف ما شاء الله لا يصرف السوء ‏[] إل الله «رضيت / بالل رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد يِل نبياًء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا ‏وإليك المصير' . ‏وإذا أمسى قال: «أمسينا بالله إلى آخر الدعاى ويقول: أعوذ بكلمات الله التامات العامات وأسمائه من شر ما ذرأً وبرأء ومن شر كل ذي شر ومن شر كل دابة ربي آخذ بناصيتها. . . الآية». ‏ومنها إذا ضل شيء فليقل: «اللَهم رب الضالة وهادي الضالةء تهدي من الضلالة أردد علي ضالتي بقدرتك وسلطانك› فإنها بيدك ومن عطاءك وفضلك». ‏ومنها إذا اشترى خادماً أو دابة فليأخذ بناصيتها وليقل : اللَهِم إني أسألك خيره وخير ما جبل عليه» وأعوذ بك من شره وشر ما جبل علیه»*“. ‏(١) سورة الأنعام الآية: ١6. ‏)۲( قال الحافظ العراقي في المغني (۱/٠٠) طبعة دار الحديث: لم أجد أوله والترمذي من حديث أبي بكر في حديث له «وأعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه وأن نقترف على أنفسنا سوءاً أو نجره إلى مسلم» رواه آبو داود من حديث أبي مالك الأشعري بإسناد جید. ‏(۳) قال الحافظ العراقي في المغتي (٠/٠٠0) طبعة دار الحديث: هو مركب من حديثين فروى أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي سعيد قال: «كان رسول الله يو يدعو «اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل مسكنا والشمس والقمر حسباناً أسألك خير هذا اليوم وخير ما فيه وأعوذ بك من شره وشر ما فيه». قلت أي الحافظ العراقي -: هو مركب من حديثين فروى آبو منصور الديلمى في مسند الفردوس من حديث أبي سعيد قال: «كان رسول اله ي يدعو «اللهم فالق الإصباح جاعل الليل مسكناً والشمس والقمر حسبانا أقض عن الدين وأغتني من الفقر ونعوذ بك من شر هذا اليوم وشر ما بعده". وآبو داود من حديث أبي مالك الأشعري «اللهم إنا نسألك خير هذا اليوم فتحه ونصره ونوره وهداه وبركته وأعوذ بك من شر ما فيه وشر ما بعده» وسنده جيد. وللدارقطني في الأفراد من حديث البراء والحديث عند مسلم في المساء «خير هذه الليلة»ء وللعسف بن علي المعمري في اليوم والليلة من حديث ابن مسعود. ثم قال مسلم: «وإذا أصبح قال ذلك أيضاًء. ‏(4) قال الحافظ العراقي في المغني (۷/۱٠0) طبعة دار الحديث: أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث عمرو بن شعیب عن آبیه عن جده بسند جید. . ‎ ‎ قنطرة العبادة ‎۳Y۳‏ ومنها إذا هنا بالنكاح مسلماً فليقل: «بارك الله فيك وبارك عليك وجمع بينكما )1( ( . ومنها إذا قضيت الدين فقل للمقضي له: «بارك الله لك في أهلك ومالكء”* . ومنها إذا رأى مبتلاً فليقل: «الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاء به وفضلني عليه وعلى کثیر من خلقه تفضیلا». ومنها إذا مرض فليقل: «اللّهم إني أسألك تعجيل عافيتكء وصبراً على بلائك› وخروجا من الدنيا إلى رحمتك». ومنها إِذا فرغ من من الأكل فليقل: «الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم مَنَ علينا فهدانا وأطعمنا وسقاناء وکل 0 الحمد لله غير مودع ولا مکافیء ولا مستغنى عنهء الحمد لله الذي أطعمنا من الطعام وسقانا من الشراب وكسانا من العراءء وهدانا من الضلالةء وبصرنا من العمى وفضّلنا على كثير من خلقه تفضيلا» . ومنها إذا خاف من سلطان ودخل عليه فليقل: «اللّهم احرسني بعينك التي لا تنامء واكنفني بكنفك الذي لا يرام ولا أهلك وأنت / رجائي فكم من نعمة أنعمت بها علي قل [٤٤4] عندي شكري فلم تحرمني» وكم ابتليتتي بها قل عندها صبري فلم تخذلني» اللّهِم إني أعوذ بك من شره» واجعل کیده في نحره» ٩ . وقال ابن مسعود: إذا خفت ظلم سلطان فقل: الهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيمء كن لي جاراً من فلان وأشياعه وأتباعه من الجن والإنس أن يفرط علي أحدهم؛ أو يطغى عز جارك وجل ثناؤك ولا إِله غيرك». وكان النبي يٍَ إذا خاف قوماً قال: «اللّهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم»*. والأدعية في هذه الأحوال كثيرة وفميا ذكرنا كفاية وبالله التوفيق () قال الحافظ العراقي في المغني (۷/۱٠٠) طبعة دار الحديث: أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حدیثٹ أي هريرة قال الترمذي: : حسن صحيح. () قال الحافظ العراقي في المغني (00۸/۱): أخرجه النسائي من حديث عبد الله بن أبي ربيعة قال: «استقرض مني ابي يل أربعين ألفاً فجاءه مال فدفعه إلي» قال فذكره وإستاده حسن . () أطراف الحديث عند المتقي الهندي في الكنز (۱٤٤۳) وابن عساكر في تهذیب تاریخ دمشق (٥/ ۳۱۲). () أطراف الحديث عند أبو داود (۷١١۱) وأحمد (٤/٥٠4) والمتقي الهندي في الكنز (۲٠٠۱۸۰) والزبيدي في الإتحاف (٥/٥٠٠) وفي الأذكار للنووي (٤١1ء 0)۲7 ۳۷ قنطرة العبادة القسم السادس: في آداب الدعاء وهي بالجملة عشرة : الأول: أن يترصد له أوقاتاً معلومة شريفةء كيوم عرفة من السنةء ورمضان من الشهور وليلة الجمعة من الأسبوع › ووقت السحر من الليلء وعند نزول المطرء وحصضرة الاذان› وحضرة الصف فى سبيل الله فإن هذا كله قد وردت فيه آثار - تركتها مخافة الإكثار -. الثاني: أن يغتنم الدعاء عند الأحوال الشريفة مثل خلف الصلاةء وبين الأذان والإقامة› ونی السجود عند إفطار الصائمء ونزول الغفيث وغیر ذلك كما تقدم ‏ ترکت الآثار في ذلك مخافة التطويل -. الثالث: أن يدعو مستقبل القبلة رافعاً يديه بحيث يرى بياض إبطيهء وذلك مروى عن البي يق وقال سليمان عليه السلام: إن ربكم يستحي من عبده إِذا رفع يديه أن يردهما 30 وقال أبو الدرداء: ارفعوا / هذه الأيدي قبل أن تغل بالأغلال. ثم ينبغي أن يمسح بهما وجهه عند آخر الدعاء روى ذلك عمر عن النبي يَ وقال ابن عباس: كان إِذا دعا عليه السلام ضمٌ كفيه وجعل بطونهما مما يلي وجهه ولا يرفع بصره إلى السماءء قال عليه السلام: الينتهين أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء عند الدعاء أو لتخطفن أبصارهم. الرابع: خفض الصوت بين المخافتة والجهر. وعن بي موسی قال : قدمنا مع النبي يلو فلما دنونا من المدينة رفع الناس أصواتهم بالتكبير فقال: «أيها الناس إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً وإن الذي تدعون بينكم وبين أعناق رقابكم قال الله تعالى : اكوا رَيَكُمْ تَضَوْعاً وَخفْي€. () قال الحافظ العراقي في المغني (4۷۳/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وقال عند الدعاء في الصلاة. (۲) سورة الأعراف» الآية: 00. (۳) قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ۷۳٤) طبعة دار الحديث: متفق عليه مع اختلاف اللفظ الذي ذكره المصنف لأبي داود. قنطرة العبادة ‎۳vo‏ ووصف زكريا فقال: َر تَادىٰ ره نداء خَفياً 4٩ . الخامس: أن لا يتكلف السجع في الدعاء؛ فإن حال الداعي ينبغي أن يكون حال تضرع والتكلف لا يناسبه » قال عليه السلام : «سیکون قوم يعتدون في الدعاء والطهور»”“ . وفيل في قوله تعالى : #وإنه لا يحب المعتدين€”". قيل معناه: التكلف للأسجاع . وقال عليه السلام: «إياكم والسجع في الدعاء بحسب أحدكم أن يقول: اللّهم إني أسلك الجنة وما يقرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما يقرب إليها من قول وعمل»* والأولى أن لا يتجاوز الدعوات المأثورة المتقدمة. وقال بعض السلف: ادع الله بلسان الذلة والافتقار» لا بلسان الفصاحة والاتطلاق. السادس: التضرع والخشوع م إحضار القلبء قال تعالى: «اذْعُوا رَيَكُمْ تَضَوْعاً وخفْية». وقال: ®وَيَدُْونَنًا رََباً وَرَحَباً €'°°. وقال عليه السلام: «إذا أحب الله عبداً ابتلاء حتى يسمع تضرعه»” . وفي الحديث: إن الله تعالى أوحى إلى بعض الأنبياء هب لي / من عينيك الدموع ومن [41۲] نفسك الخضوع ومن قلبك الخشوع ثم ادعني فإني قريب مجيب» وفي الخبر أوحى الله إلى بعضهم : ادعني وفرائصك ترتعد ولا بد من إحضار القلب . وي الحديث : إن الله لا يستجیب من قلب ساه ولا لا . وينبغي ن يجزم بالدعاء (١) سورة مريم؛ الآية: ۳. (۲) قال الحافظ العراقى فى المغنى (4/۱1٤4۷) طبعة دار الحديث: أخرجه أبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حديث عبد الله بن مغفل. (۳) سورة الأعراف الأية: ٥0. )٤( قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٤۷٤) طبعة دار الحديث: غريب بهذا السياق وللبخاري عن ابن عباس «وانظر السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت أصحاب رسول الله يل لا يفعلون إلا ذلك» واب ماجه والحاكم واللفظ له وقال صحيح الإسناد من حديث عائشة «عليك بالكوامل وفيه وأسألك الجنة. إلى آخره». ِ () سورة الأنبياى الاية: 00. () قال الحافظ العراقي في المغني (470/۱) طبعة دار الحديث: ارب أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس «إذا أحب الله عبداً صب عليه البلاء صبا. ... الحديث» وفيه «دعه فإني أحب أن أسمع صوته» وللطبراني من حديث أبي أمامة وسندهما ضعيف. (۷) قال الحافظ العراقي في المغني (۱/٥4۷) طبعة دار الحديث: في معنى هذا الحديث: أخرجه الترمذي = ويؤمن بالإجابةء وفي الحديث: «لا يقل أحدكم الهم اغفر لي إن شثت شنت ليعزم على المسألة فإن لله لا مكره له فإذا دعا أحدكم فليعزم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء». ". وليلح في الدعاء ویکرره لان ولا ينبغي أن يستبطىء الإجابة لقوله عليه السلام : ایستچاب لأحدكم ما لم يعجل يقول : دعوت فلم يستجب لي فإذا دعوت فاسأل الله كثيراً فإنك تدعو كريماه". وقال بعضهم: إني دعوت الله منذ عشرين سنة حاجة فما أجابني» وأنا أرجو الإجاية. قيل: وما وهي؟ قال: أن يوفقني لترك ما لا يعنيني . وقال يَلأٍ: «إذا سأل أحدكم ربه مسألة فتعرف فيه الإجابة فليقل : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات» وإذا أبطاً عنه شيء من ذلك فليقل: الحمد لله على كل حال« . وقيل في قوله تعالی مخبراً عن موسی وهارون قال : لد أجيت بت دَُوتّكُمًا». وقيل: أن نوحاً عليه السلام دعا على قومه فوقعت بعد مائة سنة قال تعالى : «وَبََعْحلونكَ بالعَذَابِ وولا أجل مُسَمَىٰ لَجَاءَهُمْ اَلْعَذَابْ€'“. وانشدوا: أتهزاً بالدعاء وتزدريه وما يدريك ما صنع الدعاء وينبغي له أن يستفتح الدعاء بذكر الله والصلاة على رسولهء والتوبة من ذنوبه ولا يبدا 7 بالسؤال» ويقال أنه عليه السلام / يستفتح الدعاء ويقول: «سبحان ربي الأعلى الوهاب»”° وقال: «إذا سألتم الله حاجة فابدأوا بالصلاة علي فإن الله أكرم من أن يسأل حاجتين فيقضي = من حديث أبي هريرة وقال غريب والحاكم وقال مستقيم الإسناد تفرد به صالح المري وهو أحد زهاد البصرة قلت أي الحافظ - لكنه ضعيف. (١) قال الحافظ العراقي في المغني (4۷0/۱) طبعة دار الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة. () قال الحافظ العراقي في المغني (٠/1۷0): متفق عليه من حديث أبي هريرة. ` (۳) قال الحافظ العراقي في المغني (471/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه البيهقي في الدعوات من حديث أيي هريرة وللحاكم نحوه من حديث عائشة مختصراً بإسناد ضعيف. 0 )٤( سورة يونس» الاية: ۰.۸۹ (0) سورة العنكبوت؛ الآية: 0۳. (١) قال الحافظ العراقي في المغني (476/۱): أخرجه أحمد والحاكم وقال صحيح الإسناد قلت أي الحافظ : فيه عمر بن راشد اليماني ضعفه الجمهور. قنطرة العبادة ‎۳V۷‏ ‏أحدهما ويرد الأخرى»” وليخلص الدعاء لله تعالى فإن الل تعالى لا يقبل من مسمع. السابع: التوبة ورد المظالم والإقبال على الله تعالى بقلب متضرع وهو السبب القريب في الحاجة. وعن كعب قال: خرج موسى بن عمران يستسقي بالناس ثلاثاً فلم يسقواء فأوحى الله إليه أن فيكم نمّاماً فلا أستجيب لك ولا لمن معك؛ قال: يا رب من هو حتی نخرجه؟ قال: يا موسى أنهاكم عن النميمة وأكون نماماً. قال موسى لبني إسرائيل: توبوا إلى الله بأجمعكم من النميمة . فتابوا فسقو . وعن سفيان قال: بلغني أن بني إسرائيل قحطوا سبع سنين حتى أكلوا الميتة والأطفالء وكانوا كذلك يخرجون إلى الجبال ويتضرعونء فأوحى الله إلى أنبيائهم› لو مشيتم إلي بأقدامكم حتى تحفى ركبكم؛ وتبلغ أيديكم عنان السماى وتكل الستتكم بالدعاء فإني لا أجيب لكم داعياً ولا أرحم لكم باكياً حتى تردوا المظالم إلى أهلهاء ففعلوا فمطروا. وقال مالك بن دينار: قحط بنو إسرائيل فخرجوا مرارآء فأوحى الله إلى نبيهم أن أخبرهم أنكم تخرجون إِلىّ بأبدان نجسةء وترفعون إِليَ أكفاً قد سفكتم بها الدماء وملأتم بطونكم من الحرام» الآن قد اشتد غضبي عليكم ولن تزدادوا مني إلا بعداً. اويروى أن سليمان عليه السلام خرج يستسقي فع بنملة ملقاة على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماءء وهي تقول: اللهم إن خلق من - خلقك ولا غنا بنا عن رزقك فلا تھلکنا بذنوب غیرنا. فقال سلیمان : ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غیرکم . / وقيل لمالك بن دينار: ادع لنا ريك. فقال: أنتم تستبطؤون المطر وأنا استبطىء الحجر. منكم ذنباً فليرجع» فرجعوا إل رجلا واحداء فقال له عيسى: أما لك من ذنب؟ فقال: والله ما أعلم من شيء غير آني ذات يوم أصلي فمررّت امرأة فنظرت إليها بعيني هذەء فلما جاوزت أدخلت إصبعي في عيني فاا نتزعتها فأتبعت المرأة بها (١) قال الحافظ العراقي في المغني (471/۱) طبعة دار الحديث: لم أجده مرفوعاً وإنما هو موقوف على آبي الدرداء. (1) هذا لا سند له ولا يصح إلا بسند صحيح وإنما هي من قبيل الإسرائيليات. 13 ‎۳V۸‏ قنطرة العبادة قال له عيسى: ادع فدعا فتجللت السماء سحاباً ثم صب فسقوا. وقال يحيى الغساني: أصاب الناس قحط على عهد داود عليه السلامء فاختاروا ثلاثة من علمائهم فخرجوا يستسقون فقال أحدهم: اللهم إنك أنزلت في توراتك أن نعفو عمّن ظلمنا إننا ظلمنا أنفسنا فاعف عنا. وقال الثاني : اللَهم إنك أنزلت في توراتك أن نعتق أرقاءنا فاعتقنا. وقال الثالث: اللَهم إنك أنزلت في توراتك أن لا نرد المساكين إذ وقفوا بأبوابنا» اللّهم إن مساكينك وقفنا ببابك فلا ترد دعاءناء فسقوا. لا ينزل البلاء إلا بذنبء ول يكشف إل بوي: ولد توجه , بي القوم لمكاني من ثيك عليه السلام؛ فهذه أيدينا إليك بالذنوب» ونواصينا بالتوبةء فأنت الراعي فلا تهمل الضالةء ولا تدع الكسير بدار مضيعةء فقد ضرع الصغير ورق الكبير وارتفعت الشكوى وأنت تعلم السر وأخفى› الهم فأغثهم ب بغياثڭك قبل أن يقنطوا فیهلکوا؛ انه لا تياس من وح اله إل لقو 1 ]ألكافرون”°. قال : فما آتم کلامه حتى أرخت السماء / كالجبال › وني ذلك يقول حسان بن ثابت : سآل الخليفة إذ تتابع جدبه فسقى الغمام بغخرة العباس عم النبي وصنو والده الذي ورٹ اللبي بذاك دول النتاس أحى المليك به البلاد فأصبحت مخضرة الأجناب بعد اليأس وعن الشعبي قال : خرج عمر يستسقي فلم يزد على الاستغفار فقالوا: يا أمير المؤمنين ما رأيناك استسقیت؟ قال: سالت اله بمجاديح السماء التي يستتزل بها المطر ‏ ثم قال: ®أَسْتَعْفْروا رَبَكُمْ إِنَهُ ‎e ‏کان غَفارا. . . .6 الاية. واس سُتَغْفْرُوا رد وا ‏الثامن: أن يكون مطعم الداعي ومشربه حلالاً؛ فإن ذلك عليه المدار وهو شرط في إجاية الدعاء. ‏(١) ‏ سورة يوسفء؛ الآية: ۸۷. )۲( سورة وح الأية: ۱١. )۳( سورة هود؛ الآية: ۹ ‎ ‎ قنطرة العبادة ۳۷۹ قال سعد: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مجاب الدعاء قال: «إذا أردت ذلك فطيب طعمتك؟). ويقال: الرحمة مخزونة في مخازن الله تعالى ومفاتيحها الدعاءء وأسنان المفاتيح لقمة الحلال. ويقال: إن أهل آخر الزمان يعيشون بالحرام المجهول فلا يقبل دعاءهم ولكن لا يۇاخذون به . وقيل: لا يقبل به دعاء الانيا خاصة دون الأاخرة. التاسع: أن يأتمر الداعي بأوامر الله وينتهي عن مناهيهء فإن المتقي كريم على الله والعاصي والفاجر ممقوت عند ال قال الله تعالى: ِوَمَا َا الْكافرينَ إلا في ضَلاٍَ»°. إل أن يكون الداعي مظلوماً فإن دعاءه مقبول على من ظلمه. وفي الحديث: ااتقوا دعوة المظلوم فإنها ترفع » فوق السحاب يقول الله : وعزتي لأتصرنك ولو بعد حين»". ولكن لا ينبغي للعاصي / أن يترك الدعاء لما يعلم من تسه [416] ولكن يتوب ثم يدعو. وقال سفيان : لا يمنم أحدكم من الدعاء ما يعلم من نفسهء فإن الله تعالى قد جاب شر الخلق إبليس قال: انظرني إلى يوم يبعثون”” . ولا ينبغي أن يسأل الدعاء من غيره ويتمادى على الإصرار. قال رجل لعدي بن قيس : ادع الله لى . قال: يا ابن أخي سألت من قد عجز عن نفسهء ولكن أطع الله يغفر لك دون دعاءي . العاشر: أن لا يتجاوز العد في الدعاء فإن ذلك يقع موقع التحكم على الله تعالى . () سورة الرعدء الآية: ١٠. (۲) آأطراف الحديث عند البخاري في التاريخ الكبير (۱۸1/۱) وابن أبي حاتم الرازي (٤1۳) والعجلوني في كشف الخفا (1۹/۱) والألباني في الصحيحة )1V٦V« ‎«AV:‏ \۸Vء‏ 004/۲( والسيوطي في الا.ر المشور (۲/۱١۳). والترمذي (١۱۹۷ و٤٤٦۲ و۸٦۳1) والطبراني والهيثمي في مجمع الزوائد (١/١٠) والمنذري في الترغيب (۱۸۸/۳) والحاكم في المستدرك (۱/ ۹۲). (۳) سورة الأعراف» الآية: ١٠1. ۳۸ قنطرة العبادة واجعل درجتي مثل درجة الأنبياء عليهم السلامء وهب لي ملكاً مثل ملك سليمان عليه السلام. وكذلك لا يدعو دعاء يوقع موقم السخط على الله تعالى: مثل أن يقول: اللَهم أهلكني وافقرني وما أشبه إلا أن يقيد ذلك فيقول: أمتني إن كان الموت خير لي أو أفقرني إن كان الفقر خير لي والله أعلم . فإن قيل: ما فائدة الدعاء والقضاء لا مرد له؟ قيل له: إن القضاء رد البلاء بالدعاء؛ فإن الدعاء سبب لرد البلاء واستجلاب الرحمةء كما أن الترس سبب لرد السهم؛ء والماء سبب لخروج النبات من الأرض» فكما أن الترس يدفع السهم فيتدافعان فكذلك البلاء والدعاء يتعالجان› وليس من شروط الاعتراف بقضاء الله أن لا تحمل السلاح وقد قال تعالى : #خذوا حذركم»” مع أنه قال: قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لناڳه . وقد روي أن إبليس اللعين قال لعيسى عليه السلام: يا روح الله ألست تزعم أنه لن [] يصيبك إلا ما قذّر الله لك. قال: بلى. قال: فارم نفسك إِذاً من ذروة الجبل فإن / قدّر لك السلامة فتسلم. قال: يا عدو الله إن الله يختبر عبده وليس للعبد أن يختبر ربه. ثم في الدعاء أيضاً من الفائدة : أنه ذکر الله ويستدعی حضور القلب مع الله وهو ملنتھی العبادةء وقد قال عليه السلام: «الدعاء مخ العبادة»" . والغالب على الخلق أن لا تتصرف قلوبهم إلى الله إلا عند نزول الحاجة بهم أو حلول قارعةء والانسان إذا مسه شر فذو دعاء عريض» فالحاجة تحوج إلى الدعاءء والدعاء يرد القلب إلى الله تعالى بالتضرع والاستكانة ولذلك صار البلاء موكلا بالأنبياء والأولياء؛ لأنه يرد القلب بالتضرع. وآما الغنى فبسبب البطر والطغيان في غالب الأحوال» قال تعالى: كلا إِنَ الإنْسَانَ لبَطْفَى أن واه أَشتَْت€”. وياله التوفيق . (١) سورة النساى الأية: ١۷. (۲) أطراف الحديث عند الترمذي (۳۳۷۱) والزبيدي في الإتحاف (۲/ ٤8ء ۲۹/0) والتبريزي في مشكاة المصابيح (۲۲۳۱) وابن حجر (١44/۱) والمتقي الهندي في الكتز (٤۳۱۱) والمنذري هي الترغيب (۲/ ۸۲٤) والعجلوني في كشف الخفا (۱/ 4۸0). (۳) سورة العلق؛ الايتان: ١٠ ۷. قنطرة العبادة ۳۸۱ الفصل الثاني: في فضيلة الذكر ”° الأول: في فضيلته على الجملة ويدل على ذلك قوله تعالى: «فَاذكُرُونِي ر4 وعن ثابت البناني قال: إِني أعلم متى يذكرني ربي. ففزعوا منهء فقالوا: متی تعلم ذلك؟ قال: إذا ذكرته ذكرني. وقال: #«أدْكُروا الله ذِكرَاً كَثيراً 4 . وقال: «َالَذِينَ بَذكُرُونَ الله قِبَاماً وَْعُوداً 4”°. والمرض والسر والعلانية. وقال: «وَأذكُر رَبك في نَفيك. ...”° الاية. وقال في ذم المنافقين: ولا يَذْكُرُون لله إلا تلل . وقال: «وَلَذِكُر الله أكْبرڳ. قال ابن عباس له وجهان : أحدهما: ذكر الله لكم أعظم من ذكرکم إیاه. والاخر: أن ذكر الله أعظم من كل عبادة سواه في سائر الايات. وعن النبي يل أنه قال: ذكر الله في الغافلين كالشجرة الخضراء في وسط الهشيم»“ «وذكر الله في الغافلين كالمقاتل / بين الفارين» . ]٨۱٤[ وقال: «يقول الله تعالى أنا مم عبدي ما ذكرني وتحرکت شفتاه بي» ٩ . (١) هذا الفصل مأخوذ من كتاب الإحياء للإمام الغزالي . (۲) سورة البقرق الآية: ١١٠. (۳) سورة الأحزاب» الأية: ١£ . (4) سورة آل عمران؛ الأية: ١۱۹. () سورة الأعراف» الآية: ٢٠۲. () سورة النساى الآية: ١١٤٠. (۷) سورة العنكبوت» الأية: ©4 . (۸) قال الحافظ العراقي في المغني (٠407/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه أبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب من حديث ابن عمر ضعيف» وقال: «في وسط الشجر» الحديث. )۹( قال الحافظ في المغني (40۷/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه البيهقي وابن حبان من حديث آي هريرة والحاكم من حديث آبي الدرداء وقال صحيح الإسناد. ‎۳AY‏ قنطرة العبادة ‏وقال أيضاً: «ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله» قالوا: ولا الجهاد؟ قال: «إلا أن تضرب بسيفك حتى ينقطعء. قالها ثلاثاء وقال يَأوٍ: «من أحب أن يرتع في رياض الجنة فليكثر ذكر الله تعالى»"". ‏وسئل عن أفضل الأعمال؟ فقال: «أن تموت ولسانك رطب بذكر الله تعالى”" [أصبح وأمسي ولسانك رطب بذكر الله] تصبح وتمسي وليس عليك خطيئة»*'. ‏وقال عليه السلام: «لذكر الله بالغدو والعشي أعظم من حطم السيوف في سبيل الله ومن إعطائك المال سجا”° . ‏وقال: «يقول الله تعالى: إذا ذكرنی عبدي في نفسه ذكرته في نفسی وإذا ذكرني في ملا ذرته في ملا خير من ملاه وإذا قرب ئي شبرً تقریت منه ذراعاً وإذا تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً وإذا مشى إلى هرولت إليه». يعني بالهرولة سرعة الإجابة. ‏وقال: «سبعة يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله: ومن جملتهم رجل ذكر الله حالياً ففماضت عیناه بالدموع من خسشية الله تعالى» . ‏وعن أبي الدرداء عنه عليه السلام قال: «ألا أنبتكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم ‏)۱( قال الحافظ العراقي في المغني (407/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف والطبراني في حديث معاذ بإسناد حسن . ‏(۲) أخرجه ابن أي شيبة في المصنف والطبراني من حدیث معاذ بسند ضعیف ورواه الطبراني في الدعاء من حديث أنس وهو عند الترمذي بلفظ: «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا» قاله الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٢٤٤) طبعة دار الحديث. ‏)۳( قال الحافظ العراقي في المغني (١/458) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن حبان والطبراني في الدعاء والبيهقي في الشعب من حديث معاذ. ‏)٤( قال الحافظ العراقي في المغني (458/۱): أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب من حديث أنس «من أصبح وأمسى ولسانه رطب بذكر الله يمسي ويصبح وليس عليه خطيثة» وفيه من لا يعرف. ‏(0( قال الحافظ في المغني (١/498) طبعة دار الحديث: رويناء من حديث أنس بسند ضعيف في الأصل وهو معروف من قول ابن عمر كما رواه ابن عبد البر في التمهید. ‏() قال الحافظ العراقي في المغني (408/۱) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث أبى هريرة. ‏)۷( قال الحافظ العراقي في المغني (١/458) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث أبي هريرة. ‎ ‎ قنطرة العبادة ‎۳A۳‏ ‏فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم»؟ قالوا: وما ذلك يا رسول الله؟ قال: «ذكر الله عز وجل . وقال عليه السلام: «يقول الله تعالى من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين»”° . وقال بعض السلف: بلغنا أن الله عز وجل قال: يا ابن آدم اذكرني / بعد الصبح ساعة [4۱۹] وقال بعض العلماء: إن الله تعالى يقول: أيّما عبد اطلعت على قلبه فرأيت الغالب عليه التمسك بذكري توليت سياسته وكنت جليسه ومحادثه وأنيسه. وقال الحسن: الذكر ذكران» ذكر الله عز وجل بين نفسك وبين الله تعالى ما أحسنهء وأعظم وأفضل من ذلك ذكر الله عز وجل عند ما حرم الله . ويروى أن: كل نفس تخرج من الدنيا عطشى إلا ذاكر الله عز وجل وعن أبي موسی عنه يَيٍِْ قال: «مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكر الله مثل الحي والميت». وعن أبي هريرة عنه عليه السلام قال: «إن لله ملائكة يطوفون بالطرق يلتمسون أهل الذكر فن وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا هلكّوا إلى حاجتكم فيحفونهم بأجنحتهم إلى سماء الدنيا فیسألهم ربهم وهو أعلم بهم: ما يقول عبادي؟ قالوا: يسبحونك ويكبرونك ويمجدونك؛ء فيقول: ما يسألونني قالوا: يسألونك الجنة. قال: يقول وهل رأوها؟ قال: يقولون لا والله يا رب ما رأوها. قال: فيقول: وکیف لو آنهم رأوها؟ قال: يقولون: لو آنهم رأوها کانوا آشد عليها حرصاً رطلباً وأعظم فيها رغبة. قال: وكذلك النار على هذا الحال. قال: فيقول أشهدكم أني قد غفرت لهم. فيقول ملك فيهم: فلان ليس منهم وإنما جاء لحاجة. قال: هم قوم ل يشفی جليسهم» ٩ . () قال الحافظ العراقي في المغني (١458/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي والحاكم وابن ماجه وصحح إسناده من حدیث أي الدرداء . () قال الحافظ في المغني (458/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه البخاري في التاريخ والبزار في المسند والبيهقي في الشعب من حديث عمر بن الخطاب وفيه صفوان بن أبي الصفا وذكره ابن حبان في الضعفاء وفي الثقات أيضاً. قال محقق الإحياء طبعة دار الحديث: إسناده حسن بشواهد عند الترمذي (٦۲۹۲) والدارمي (441/۲) وأبو نعيم في الحلية (١/٠٠٠) من حديئين والبيهقي في الشعب وإن كان لا يخلو من ضعف والله أعلم. () قال الحافظ العراقي في المغني (١/410) رواه الترمذي من هذا الوجه والحديث في الصحيحين من = ‎۳A‏ قنطرة العبادة القسم الثاني: في فضيلة مجلس الذكر قال يٍَ: «ما جلس قوم مجلساً يذكرون الله عز وجل إلا حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله تعالى فيمن عنده». ]4۲۰[ وقال / أيضاً: «ما من فوم الجتمعوا يذكرون الله تعالى لا يريدون بذلك إل وجهه إل ناداهم مناد من السماء قوموا مغفوراً لكم وبدلت لکم سیئاتکم حسنات»"٩. ‏وقال: ما قعد قوم مقعداً لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا علي فيه إلا كان عليهم حسر ‎o1 ‏وعن داود عليه السلام قال: إِلهي إذا رأيتتي أجاوز مجلس الذاكرين إلى مجلس الغافلين› فاکسر رجلي دونهم» فإنها نعمة تقع بها علي . ‏وقال النبي أْرٍ: «المجلس الصالح يكفر عن المؤمن ألفي ألف مجلس من مجالس )4( السوء» . ‏وعن أبي هريرة: أن أهل السماء ليتراؤون بيوت أهل الأرض التي يذكر فيها اسم الله تعالى كما تتراءى النجوم› ويقال: إذا اجتمع قوم يذكرون الله تعالىء اعتزل الشيطان الدنياء فيقول الشيطان للدنيا: ألا ترين ما يصنعون؟ فتقول: دعهم فإذا افترقوا أخذت بأعناقهم . ‏وعن بي هريره أنه دخل السوق فقال : أراكم هاهنا ومیراثٹ محمد كَل تقسم في المسجدء فذهب ناس إلى المسجد فقالوا: ما رأينا میراثاً تقسم» قال: ماذا رأیتم؟ قالوا: قوما ‏=< حديث أبي هريرة وحده وأطراف الحديث عند البخاري (107/۸) ومسلم في الذكر والدعاء (٥۲) والنسائي (4۳/۳) والترمذي (0٠۳1) والمنذري في الترغيب والترهيب (401/۲) وابن حجر في الفتح (/ ١٠/۸ ۲) والزيدي في الإتحاف (۹/١۱۲) والسيوطى فى الدر المثور (١/ ١10). ‏(۱) قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص 44) طبعة دار الحديث: أخرجه مسلم من حديث أبي هريره . ‏(۲) قال الحافظ العراقي في المغني (40۹/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه أحمد وآبو يعلى والطبراني بسند ضعيف من حديث أنس. ‏(۳) قال الحافظ العراقي في المغني (45۹/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي وحسنه من حديث أبي هريره . ‏() قال الحافظ العراقي في المغني (40۹/۱) طبعة دار الحديث: ذكره صاحب الفردوس من حديث ابن وداعة وهو مرسل ولم يخرجه ولده وكذلك لم أجد إسناده. ‎ ‎ قنطرة العبادة ‎۳۸o‏ ‏يذكرون الله ويقرؤون القرآنء قال: فذلك ميراث رسول الله ل . القسم الثالث: في فضيلة التهليل قال يأوٍ: «أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إِله إل الله وحده لا شريك له . وقال: «من قال لا إِله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير في كل يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سیئة / وكانت له حرزاً من الشيطان يومه حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به ِا أحد عمل [٤٤٤] أكثر من ذلك“ . وعن ابن مسعود أنه قال : إن الله عز وجل فَسّم بينكم أخلاقكم كما قسّم بينكم أرزاقكم› إن الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب؛ ولا يعطي الإيمان إلا لمن يحب ومن يبخل بالمال أن ينفقهء وهاب العدو أن يجاهده فليكٹر من قول: لا إِله إلا الله وسبحان الله والحمد لله والله أكبر» وقال النبي يَل: «أكثروا من قول لا إله إلا الله قبل أن يحال بينكم وبينها فإنها كلمة التو حيد وكلمة الإأخلاص وهي كلمة التقوى وهي الكلمة الطبية وهي دعوة الحق وهي العروة 4( الوثقى . وقال لأبي هريرة: «إن كل حسنة تعمل توزن يوم القيامة إلا شهادة أن لا إِله ِا الله فإنها لو وضعت في ميزان من قالها صادقاً ووضعت السماوات السبع والأرضون السبع ومن فيهن كان لا إله إلا الله أرجح من ذلك»**. ر وعن عمر رضي الله عنه أنه قال : من قال في سوق من الأسواق: لا له إلا الله وحده لا () قال الحافظ العراقي في المغني (40۹/۱) أخرجه الطبراني في المعجم الصغير بإستاد فيه جهالة وانقطاع. () أورد ابن عبد البر في التمهيد (۳۸/۲) في طريق طلحة بن عبيد الله بن كريز وقال ذكر مالك في الصلاة وفي الحج (ص ۱٢۲۹ء ٥49). (۳) قال الحافظ العراقي في المغني (٠/810) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث أبي هريرة. (8) قال الحافظ العراقي (46۱/۱) المغني. أخعرجه ابن عدي والطبراني في الدعاء وأبو يعلى وحديث الطبراني «أكثروا من قول لا إله إلا الله قبل أن يحال بينكم وبينها» وفیه ابن وردان . () قال الحافظ العراقي في المغني (١/46۱) طبعة دار الحديث: وصية أبي هريرة موضوعة وآخر الحديث رواء المستغفري في الدعوات «ولو جعلت لا إله إلا الله وهو معروف من حديث أي سعيد مرفوعاً «لو أن السموات السبع والأرضين السبع في كفة مالت بهن لا إل إل الله» رواه النسائي في اليوم والليلة وابن حبان والحاكم وصححه. قناطر الخيرات/ ج ۳/٢٥۲ ٦۳A‏ قنطرة العبادة شريك له له الملك وله الحمد يحبي ويميت وهو على كل شيء قدير» كتبت له آلف ألف حسنةء ومحيت عنه ألف ألف سيثةء وبني له بيت في الجنة . ويروى أن العبد إذا قال: لا إِله إلا الل أتت إلى صحيفته فلا تمر على خطيئة إلا محتها حتى تجد حسنة مثلها فتجلس إلى جنبها . القسم الرابع: في التسبيح عن أبي هريرة عنه عليه السلام قال : «من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة في کل يوم حطت خطایاه وإن كانت مثل زبد البحر». ‎[4Y۲]‏ وقال يل / : «كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمدە»” . ۱ قال بعضهم: سمعته عليه السلام يقول إذا قام من الليل: «سبحان الله رب العالمين الهوى من الليل» يعني بالهوى ساعة ثم يقول: «سبحان الله وبحمده الهوى». وعن ابن عباس أنه عليه السلام مر بجويرة بنت الحارث وهي في مصلاها تسبح وتذكر الله ثم مر بها بعدما ارتفع النهار فقال: «لو تكلمت بأربع كلمات أعدتهن ثلاث مرات هي أفضل مما قلت: سبحان الله عدد خلقه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله مداد کلماته والحمد لله كذلك». وعن سعيد بن المسيب قال: الباقيات الصالحات إنها قول العبد: الله أكبر وسبحان الله ولله الحمد ولا حول ولا قوة إلا بالله» ولحاتم بن زياد: سبحان من ستر القيح ولم يزل براًبعبدە لاتعجبن من أحمق نال الغنى من غير كده ولعاقللاسسشيب فکلهےم يسعی بجدە ولصرمة بن أنس: (۱) قال الحافظ العراقي في المغني (١41۳/۱) طبعة دار الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة. (۲) قال الحافظ العراقي في المغني (410/۱). متفق عليه من حديث أبي هريرة. قنطرة العبادة ‎WAY‏ آخر : سبحان من لا يخیب من قصده من قصد الله صادقاً وجده قد شمل الخلق فضل نعمته كل إلى فضله يمديدە ولزيد بن عمر أو لورقة بن نوفل: سبحان ذي العرش سبحاناً يدوم له رب البرية فرد واحد صمد سبحانه ثم سبحاناً يعود له وقبلنا سبح الجودى والجمد وعن أبي هريرة قال: من سبح دبر كل صلاة ثلاثاً وثلائين وكبّر / مثل ذلك وحمد الله [٤٤٤] مثل ذلك وختم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحبي ويميت وهو على کل شيء قدیر غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر. الفصل الثالث فيد والصلاة على النبي المختار”° قال الله تال : «اَسْتَمْفرووا رَيَكُمْ لَه كَانَ عَفَارَاً 4 وقال: ومن ْمل سُوْءا او لِم نَفْسَهُ تم ب فر الله بد الله عَمُوراً رحيماً € وقال: ولو أَهُمْ ۾ ِد طَلَمُوا أنفَسَهُمْ شس اع ا وعن این مسعود قال: في كتاب الله آيتان ما أذنب عبد ذنباً فقرأهما فاستغفر الله إلا غفر ل قوله: «ِوَالَذِينَ ذا فَعَلُوا فاحشّةً. ...4 إلى آخرى وقوله: فَسَيحْ بِحَمْدٍ رَبك سره َه كان 4 وكان عليه السلام يكثر أن يقول: «سبحانك اللّهم وبحمدك الهم اغفر لي إنك أنت وروي أنه قال لهم في طريق الحديبية وقد أفض من وعر إلى سهل: «قولوا نستغفر الله ونتوب إليه». ففعلوا فقال: «إنها الحطة التي عرضت على بني إسرائيل. فلم يقولوها». وقال: () هذا الفصل مأخوذ من كتاب الإمام الغزالي الإحياء (ج ١/8۸۱). طبعة دار الحديث تحقيق الأستاذ سيد إراهيم. ل (۲) سورة نوح؛ الاية: ١٠. (۳) سورة النساى الآية: ١١٠. (4) سورة النساى الآية: ٤1. (0) سورة آل عمران؛ الأية: ١۳٠ . () سورة النصر الآية: ۳. ‎۳A۸‏ قنطرة العبادة ‏«من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن کل ضیق مخرجاً ورزقه من حیث لا ۱( ‏يحتست ؟آ ‏وقال عليه السلام: «إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم سبعين مرة»"". وقال: «إنه لیغان على قلبي فا ستغفر الله في كل يوم مائة مرة»“ ‏وعن علي قال : عجبت ممن يهلك والنجاة معه. قالوا: وما هي؟ قال : الاستغفار . ‏وعن وهب قال: لقي إيليس اللعين يحيى بن زكريا عليهما السلام فقال: أخبرني عن بائع ابن آدم عندكم. قال: صنف منهم مثلك معصوم لا نقدمنه على شيءء وصنف ٹان هم في أيدينا كالكرة في أيدي الصبيان قد كفونا أنفسهم وصنف ثالث هم أشد علينا ندرك من أحدهم حاجتنا ثم يفسدها بالاستغفار فلا نحن نيئس منه ولا نحن ندرك ما نرید. ‏٤ وعن النبي يل قال: «من قال حين يأوي إلى فراشه أستغفر الله العظيم الذي لا إِله إل الرمل أو عدد أوراق الشجر أو عدد أيام الدنيا»”“. وفي حدیث آخر: «غفرت له ذنوبه وإن کان فاراً من الزحف»”°٩ وعن حذيفة قال: كنت ذرب اللسان فقلت : يا رسول الله خحفت أن يدخلني لساني النار› قال : «أين أنت من الاستغفار ذ في اليوم مائة مر 0 ‏)۱( قال الحافظ العراقي في المغني (48۲/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه أبو داود والنسائي في اليوم والليلة وابن ماجه والحاكم وقال: صحيح الإسناد من حديث ابن عباس وضعفه ابن حبان. ‏() قال الحافظ العراقي في المغني (48۲/۱). أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة إلا أنه قال «أكثر من سبعين مرةا. . وهو في الدعاء عند الطبرائي كما ذكره المصتف . ‏(۳) قال الحافظ العراقي: أخرجه مسلم من حديث الأغر غير أنه قال: «حتى أنى لأستغفر». ‏() قال الحافظ العراقي في المغني (48۲/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي من حديث أبي سعيد وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن الوليد الوصافي . قلت أي الحافظ - : الوصافي وإِن کان ضعيفاً فقد تابعه عليه عصام بن قدامة وهو ثقة ورواه البخاري في التاريخ دون قوله: «حين يأوي إلى فراشه) وقوله: «ثلاث مرات). ‏() قال الحافظ العراقي في المغني (١/۸۲٤) طبعة دار الحديث: أخرجه بو داود والترمذي من حدیث زید مولى النبي يو. وقال: غريب. قلت أي الحافظ -: رجاله موثوقون ورواه ابن مسعود والحاكم من حدیث ابن مسعود وقال صحیح على شرط البخاري ومسلم. ‏() قال الحافظ العراقي في المغني (48۳/۱): أخرجه النسائي في اليوم والليلة وابن ماجه والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين. ‎ ‎ قنطرة العبادة ۳۸۹ وقال لعائشة: «إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله فإن التوبة من الذنب الندم والاستغفار» . وكان يَلْةٍ يقول في استغفاره: «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في آمري وما لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير»"". وقال يَلأٍ: "سيد الاستغفار أن تقول: الهم أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أبوء لك بنعمتك عندي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت وأعوذ بك من شر ما صنعتء من قالها نهاراً موقنا فمات قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها ليلا قبل أن يصبح فهو من أهل الجنةء. وعن علي قال: إذا حدثني أحد من أصحاب النبي َو حلفتهء وإذا حلفته صدقته› ذنبا ثم يحسن الطهور ويصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر له ثم قرآ: والذين إذا فعلوا فاحشة. . . . / € الآية. ]٥4۲[ وعن بي هريرة قال: «إن المؤمن إذا أذنب کمانت نکته سوداء في قلبه» إن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه منهاء وإِن زاد زادت حتى تغلق قلبهء فذلك الران الذي ذكر الله في کتابه : كلا بل ران على قلوبهم 4'١ . () قال الحافظ العراقى فى المغنى (48۳/۱) طبعة دار الحديث: متفق عليه دون قوله: «فإن التوبة.... الخ». وزاد «أو توبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه. وللطبراني في الدعاء «فإن العبد إذا أذنب ثم استغفر الله غفر له». )۲( قال الحافظ العراقي في المغني (4۸۳/۱) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث أبي موسى واللفظ لمسلم. )۳( قال الحافظ العراقي في نحوه في المغني (۱/٤4۸) طبعة دار الحديث: أخرجه البخاري من حديث شداد بن آوس دون قوله: «وقد ظلمت نفسي واعترفت بذنبي» ودون قوله: «ذنوبي ما قدمت منها وما أخرت» ودون قوله: «جميعا». () قال الحافظ العراقي في المغني (48۳/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه أصحاب الستن وحسنه الترمذي. (0) سورة المطففين الآية: ١٠. () قال الحافظ العراقي في المغني (48۳/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي وصححه النساتي في اليوم = ۳۹۰ قنطرة العبادة وعنه [أن الله سبحانه] ليرفع لعبده الدرجة في الجنة فيقول: يا رب أنى لي هذهء فيقول: بالاستغفار. ولذلك قال يَلٍ: «اللَهم اجعلني من الذين إذا أحسنوا استبشروا وإذا أساۋوا استغفروا»". وقال: «ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة»"٩. وقال قتادة: القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم فالذنب دائكم والاستغفار دوائكم» وقال الربيع بن خیثم: ليقولن أحدكم استغفر الله وأتوب إليه فيكون ذنباً وكذبة إن لم يفعلء ولكن ليقل اللهم اغفر لي وتب علي . وقال بعض الحكماء: من قدم الاستغفار على الذنبء كان مستهزءاً على الله وهو لا يعلم. وقال: وسمع أعرابي وهو متعلق بأستار الكعبة وهو يقول: اللْهم إن استغفاري مع إصراري للومء وإن تركي استغفارك مع علمي بسعة عفوك لعجزء فكم تتحبب إلى بالنعم مع غناك عني» وأتبغض إليك بالمعاصي مع فقري إِليكء يا من إذا وعد وفى» وإذا توعد عفى› أدخل عظيم جرمي في عظيم عفوك يا أرحم الراحمين . وقال أبو عبد الله الورّاق: لو كان عليك مثل عدد القطر وزبد البحر ذنوباً لمحيت عنك إذا دعوت بهذا الدعاء مخلصاً ‏ إن شاء الله تعالى - وهو: الهم أستغفرك من كل ذنب» تبت إليك منه ثم عدت فيه وأستغفرك من كل ما وعدتك به من نفسي ثم لم أوف لك بهء وأستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطه غيرك» وأستغفرك من كل نعمة نعمت بها علیّ فاستعنت بها على معصيتك» وأستغفرك يا عالم الغيب والشهادة من كل ذنب أتيت به في ضياء النهار وسواد الليل في ملا وخلاءء وسر وعلانية يا حليم ويقال أنه استغفار الخضر عليه السلام. ولأبي العتاهية : أستغفر الله من جرمي ومن جنفي ‏ إني وإن کشت مستور لخطاء = والليلة وابن ماجه وابن حبان والحاكم. (۱) قال الحافظ العراقي في المغني (4۸۳/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه أحمد بإسناد حسن. غير آنه قال في اخره: «باستغفار وذلك لك. )۲( قال الحافظ العراقي في المغني (484/۱1) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن ماجه وفيه علي بن زيد بن جدعان مختلف فيه . (۳) قال الحافظ العراقي في المغني (4۸4/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه أبو داود والترمذي من حديث أبي بكر وقال: غریب ولیس إسناده قوي . قنطرة العبادة ۳۹۱ / لم تبك نفسك أيام الحياة لما تخشى وأنت على الأموات بكّاء ]٦4[ وكان عامر بن عبد القيس يغدو فيقعد على فارعة الطريق الاعظم» والناس متصرفون في حوائجهم› فإذا رآهم ذاهبین يميناً وشمالاً قال : يا رب غدا الفارون في حوائجهم وغدوت إليك أسألك المغفرةء ولبعضهم : إن ‎۳Y]‏ تقف عن عبد مسيء ففي فزا ك مأوى اة وا ۰ فصل في فضل الصلاة على النبي ية وشرف وكرم وعظم وأحسن”' وروي أن النبي يَف قال : «قال الله تعالى : إن الله وملائكته يصلون على النبي . 797 الأية». وروي أن النبي يَلةٍ جاء ذات يوم والبشری یری على وجهه فقال: «جاءني جبريل عليه السلام فقال: أما ترضى يا محمد أن لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشراً ولا يسلم عليك إلا سلمت عليه عشرا"٩. وقال يٍَ: «من صلى على صلت عليه الملائكة ما صلى علي فليقلل أو ليكثره*“. وقال: «إن أولى الناس بي أكثرهم علي صلاة»““. وقال: «فحسب المؤمن من البخل أن أذكر عنده فلا يصلي علي» ٠ (١) هذا الفصل مأخوذ من كتاب الإحياء للإمام الغزالي (١/4۷8) طبعة دار الحديث. () سورة الأحزاب؛ الاية: ٦0. () قال الحافظ العراقي في المغني (47۹/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه النسائي وابن حبان من حديث أبي طلحة بإسناد جيد. () قال الحافظ العراقي في المغنى (4۷۹/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن ماجه من حديث عامر بن ربيعة بإستاد ضعيف والطبرانى في الأوسط بإستاد حسن. () قال الحافظ العراقي في المغني (۹/۱٤) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي من حديث ابن مسعود وقال: حسن غريب وابن حبان. () قال الحافظ العراقي في المغني (47۹/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه قاسم بن أصبغ من حديث الحسن بن علي هكذا والنسائي وابن حبان من حديث أخيه الحسين «البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي ورواه الترمذي من رواية الحسين بن علي عن أيه وقال: حسن صحيح. ۳4۹۲ قنطرة العبادة وقال: «أكثروا الصلاة على يوم الجمعةء". وقال: «من صلى علي من أمتي كتبت له عشر حسنات ومحیت عنه عشر سیثات؛ "٩ الكا) ۳ وقال: «إن في الأرض ملائكة سائحين يبلغوني عن أمتي السلام وقال: «ليس أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام»*. وبلغنا عن كعب بن جعرة أنه لما أنزلت: إن الله وملائكته يصلون على النبي. . . . € الأية. قلنا : يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال : «قولوا: اللْهم صل على نبيك محمد وعلى من صلح من آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حمید مجید»*٩. ومن غيره: «وبارك على محمد وعلی آل محمد کما باركت على إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيدا. وقال بعض العلماء: الصلاة على النبي فريضة وهذا يؤيده قول الملائكة: من ذكرت [ عنده يا محمد ولم يصل عليك أبعده الله / ؛ لأن الفرض ما يتعلق بتركه العقاب . وقال بغعضهم: إنها فريضة عن كل صلاةء وقال أصحابنا : فيما وجدت إنما فرض ذلك مرة واحدة مع الذكر» وبعد ذلك ما صلى كان تطوعاً. وعن ابن مسعود قال: إذا صليتم على النبي فأحسنوا الصلاة عليه؛ فإنها فريضة () قال الحافظ العراقي (47۹/۱) في المغني طبعة دار الحديث: أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال صحيح على شرط البخاري من حديث أوس بن أوس وذکر ابن آي حاتم في العلل وحکی عن أبیه آنه حدیث منکر.. () أخرجه النسائي في اليوم والليلة من حديث عمرو بن دينار وزاد فيه «مخلصاً من قلبه صلى الله عليه بها عشر صلوات ورفعه بها عشر درجات». وله في السير ولابن حبان من حديث نس نحوه دون قوله : «مخلصاً من قلبه» ودون ذكر: محو السيثات. ولم يذكر أيضاً ابن حبان «رفع الدرجات». (۳) قال الحافظ العراقي في المغني (480/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه الطبراني في الأوسط وآبو الشيخ في الثواب والمستغفري في الدعوات من حديث أبي هريرة بسند ضعيف. () قال الحافظ العراقي في المغني (۱/ 480) طبعة دار الحديث: أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة بسند (٥) قال الحافظ العراقي في المغني (۱/ 480) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث أبي حميد الساعدي . قنطرة العبادة ۳۹۳ مركم الله بهاء وقيل: لم تؤمر أمة أن تصلي على نبيها إلا هذه الأمة فضلاً من الله ونعمة. وعن النبي يل قال: «إذا صليتم علي فصلوا على الأنبياء فإنهم أرسلوا كما أرسلت»”. والله أعلم . فصل في التفكر والاعتبار . اعلم أن التفكر مرآة القلب» وبالتفكر الخالص يتوصل إلى استقامة القلوب» وباستقامة القلوب يتوصل إلى الصدق في الأعمالء وقد أمر لله تعالى بالتفكر والتدبر في كتابه من مواضع لا تحصى» وأثنى على المتفكرين فقال: وَيَنَفَكُرُونَ في خلق السّمَوَاتِ وَالأزض. 239 الآية. وقال النبي يَل: «تفكروا في الخلق ولا تتفكروا في الخالق فإن بهذا المغرب أرضاً نورها بياضها مسيرة الشمس فيها أربعون يوماً بها خلق من خلق الله عز وجل لم يعصوا الله طرفة عين؟» قالوا: يا رسول الله فأين الشيطان منهم؟ قال: «ما يدرون أخلق الشيطان أم لا»ء قالوا: أمن ولد آدم؟ قال: «وما يدرون أن خلق آدم» ٩ . وقد ذم الله تعالى أقواماً ووبخهم لتركهم التفكر والنظر فقال: أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض. . . .€ الآية. يعني : ملك السماوات والأرض» وما خلق الله من شيء أي وإلى ما خلق الله من شيء يعني مما يرونه فيتفكروا فيعلموا أن الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يحبي الموتىء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فيبادروا بالتوبة قبل الموت. ويروى أن أبا ريحانة صاحب النبي يَأ أقبل من بعض غزواته فتوضاً ثم قام في مسجد فقرً سورة ثم أخرى» ثم كذلك حتى أذن المؤذن» فأتته امرأته فقالت له: غبت في غزوتك ثم قدمت فلم يكن لي منك حظ ولا نصيب. () أطراف الحديث عند أحمد في المسند (0/۲٠۲) وابن كثير في التفسير (٤/۱۱1) وابن حجر في الفتح (١۱۹/۱). والشجري في الأمالي (١/١۱۲) والعجلوني في كشف الخفا (۹1/۱1). )۲( سورة آل عمران؛ الاية: ٤. ۳( قال الحافظ العراقي في المغني (4/0) طبعة دار الحديث: رويناه في جزء من حديث عبد الله بن سلام. قال محقق الإحياء: ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (۸/١۱۷) وقال: رواه الطبراني وإسناده جيد وذكره الألباني في صحيح الجامع (۱/٠٥۳). بلفظ «عباً» بدلاً من «غْبً» وقال: صحيح. ٤۳۹ قنطرة العبادة فقال: والله ما خطرت على بالي ولو ذكرتك لكان لك علي حق. قالت: فما الذي []'اشغلك؟ قال: لم يزل قلبي يهوى / فيما وصف الله في الجنة من أزواجها ونعيمها حتى أذن المؤذن. وقال الحسن: إن من أفضل العمل الورع والتفكرء ومن لم تكن حياته في التفكر في خطيثته فليحتسب حياتهء وقال: تفكر ساعة غير من قیام ليله . نطقه ذكراً وصمته تفكراً ونظره عبرة فإنه مثلي . وقال لقمان الحكيم: طول الوحدة أجمع للفكرة وطول الفكرة دليل على طريق الأخرةء ّ - اگ ‎2e‏ ست ِ‫ ا وقيل في قوله تعالى: «سَأضْرفُ عَنْ آاتي الَذِين يمَكَيَرُونَ في الأزض. ...4 الآية. قيل: معناه أمنع قلويهم عن التفكر فيها. ويقال : الفكرة مرآة تريك حسناتك وسيئاتك› ويروى أن الله تبارك وتعالى قال في بعض كتبه ني لست آقبل کلام كل حکيم ولکن آنظر إلى همته وهواه لي» جعلت صمته فکراً وکلامه حمداً. وقال عمر بن عبد العزيز: الفكرة في نعم الله تعالى أفضل العبادات» وقال ابن عباس رکعتان مقتصدتان في تفکر خير من قیام لیل بلا قلب . وقال بعض الحكماء: الفضائل أربعةء أحدها الحكمة وقوامها الفكرة والثانية العفة وفوامها في الشهوةء والثالثة القوة وقوامها في الغفضب» والرابعة العدل وقوامه في اعتدال قوى النفس؛› والله أعلم . فصل اعلم أن مجاري الفكر غير منتحصرةء وثمراتها غير متناهيةء ونحن نضبط مجاریه بالإضافة إلى أمهات الأعمال الدينيةء والأعمال المكتسبة بها في أربعة فصول والخامس في المخلوفقات : الأول: في المعاصي والسيثات. الثاني : في الطاعات . (١) سورة الأعراف› الآية: ١١٠. فنطرة العبادة نآ الثالث : في الصفات المهلكات . الرابع : في المنجيات . الفصل الأو ل: في المعاصي والسىثات فينبغي للعبد أن يتفكر في صبيحة كل يوم ويفتش جميع أعضائه السبعة تفصيلاً ثم بدنه مجملاً هل هو في الحال ملابس لمعصية فيتركهاء أو لابسها بالأمس فيتداركها بالترك والندم› أو هو معترض لها في نهاره فيحترز منها بالتباعد عنهاء فينظر في اللسان فيقول إنه متعرض : للغية› والكذب› وتز كيه التهس› والاستهزاء› والنميمة › والمزاح› والممارات› والمداهنة› والخوض فیما لا يعنيء / والتغني ›ء والنياحة› والبهتان› وغیر ذلك من معاصي اللسان فيقدر ([4۲۹] أولً في نفسه أنها مكروهة عند الله منهي عنها ثم يتفكر في وعيد القرآن والسنة الوارد فيها الدال على شدة العذاب لمن يتعاطاهاء ثم يتفكر في أحواله أنه كيف يتعرض لها من حيث لا يسعر . ثم لا يتفكر كيف يحذر منها ويعلم أنه لا يتم ذلك إلا بالعزلة والإنفراد ولا يجالس إلا صالحاً ديناً ينكر عليه مهما تكلم بما يكرهه ثم يتفكر في سمعه إنه يصغي به إلى الغيبة والكذب واللهو والبدعةء وإنه يسمعه من زيد مثلاً أو غيره من السفهاء والجهال فيحترز بالاعتزال عنهم أو بالنهي لهم عن ذلك مهما سمعه منهم. ويتفكر في عينه أنه متعرض للنظر إلى ما لا يحل من محاسن امرأة أو عورة إنسان فيحترز بالاغضاء للعين والتباعد عن مواضع ذلك ويتفكر في بطنه أنه إنما يعصي الله فيه إما بكثرة الأكل والشرب من الحلال فتقوى عليه بذلك الشهوةء أو يأكل من الحرام فيبطل عمله›ء أو من الشبهة فيطول عليه التوبيخ في المعاد ولا يصفو له قلب للعبادة. ویتفکر في طرق الحلال ومداخله ثم یتفکر في وجوه الاكتساب مله والاحتراز عن الحرامء وأن الله لا يقبل صلاة في جوفه و في ثوبه أو ماله درهم حرام وإ أكل الحلال أساس العبادات كلها فهكذا يتفكر في أعضائه فمهما حصلت له بالتفكر حقيقة المعرفة بهذه الأحوال اشتغل بالمراقبة طول النهار حتى يحفظ أعضاءه كلها. الفصل الثاني: في الطاعات فلينظر أولً في الفرائض المكتوبة عليه أنه كيف يؤديهاء أو كيف يحرسها عن التقصير والنقصان؛. أو كيف يجبر نقصانها بكثرة النوافل ثم يرجع إلى أعضائه عضواً عضواً فيتفكر في ٦۳۹۹ قنطرة العبادة [٤] الأفعال / التي تتعلق بما يحبه الله فيقول مثلاً: إن العين خلقت للنظر في ملكوت السماوات والأرض عبرةء ويتفكر في كتاب الله وسنة رسوله عليه السلام فيقول: أنا قادر أن أستعمل العين في مطالعة القرآن والسنة فلم لا أفعله؟ وأنا قادر أن أنظر إلى فلان بعين التعظيم وإدخال السرور على قلبهء وأنظر إلى فلان الفاسق بعين الاحتقار حتى يكون ذلك زجراً له عن معصية الله تعالى فلم لا أفعله. وكذلك يقول في سمعه: إني قادر على استماع حكمة أو علم أو قراءة آو ذکر أو کلام ملهوف فيقول: كفرت بنعمة الله في تعطيله وتضیعیه . وكذلك يتفكر في اللسان فيقول: إني قادر أن أتقرب إلى الله تعالى بالتعليم» والوعظء والأمر بالمعروف› والنهي عن المنكر والسؤال عما يعنيني ء وبالتودد إلى قلوب آهل الصلاح وبالسؤال على الفقراء وإدخال السرور عليهم ولو بكلمة طيبة فإنها صدقة. ويقول: إني قادر على أن أتصدق بفضول مالي فإني مستغن عنه ولعل تباعة أو مظلمة كانت في ذمتي فاتداركها قبل أن يزول عني وازول عنه بالموت» ومهما احتجت فإن الله يرزقني من حيث لا أحتسب أو احتجت إليه الان فإني إلى ثواب الإيثار به لغيري» وقضاء تباعتي أحوج فيفتش عن أعضائهء وجملة بدنه وأمواله وأولاده» وإنه قادر أن يطيع الله تعالى بجميع ذلك فيستنبط بدقيق الفكر وجوه الطاعات الممكنة بهاء وفيما يرغبه إلى المبادرة إليهاء ويتفكر في إخلاص النية فيهاء ويطلب لها مكان الاستحقاقء حتى يزكو بها عمله وقس على هذا سائر الطاعات من القلب والجوارح كلها. الفصل الثالث: في الصفات المهلكات التي محلها القلب من الشهوة› والغضب؛ والبخل › والتكبرء والعجب» والرياء › [] والحسد› وسوء الظن ٠ والغفلةء والغرور› وسخط المقدور والاإصرار› والامنء / والاياس وغير ذلك فليتفقد من قلبه هذه الصفات فإن وجدها فيه أو بعضها فليبادر إلى علاج قلبه منها والتوبة عنها فإن كان منزهاً عنها فليتفكر في كيفية امتحانه فإن النفس تذّعي البراءة من المذموم› وتسخو بالوعد من المحمود» فإذا امتحنت ظهر منها غير ذلك؛ فإذا دعت مثلاً التواضع والبراءة من الكبر. فينبغي أن يجرب نفسه بحمل حزمة حطب أمام الناس إن كان منظوراً إليه عند الناس وكذلك الأولون يفعلونء فإذا ادعت الحلم جرب نفسه بالتعريض لشتم سفيه إياه» ثم يجربها في كظم الغيظ عنهء وكذلك في سائر الصفات فإذا دلت العلامات على وجود هذه الصفات فيه بادر إلى علاجها والتوبة بها. وإذا أحس من نفسه العجب بعمله أو بحاله فيتفكر ويقول: إنما عملي بيدي وجوارحي وقوتي فإن ذلك ليس مني ولا إلي إنما هو من خلق الله وفضله علي فهو الذي خلقني وخلق قدرتي وإرادتي وحرك أعضائي بقدرته فكيف أعجب بنفسي أو عملي ولا قوام لنفسي إل وإذا أحس من نفسه شهوة الطعام والجماعء تفكر في أن هذه صفات البهائمء ولو کان ذلك صفة كمال لكان للمقربين فمهما كان الشره عليه أغلب كان من البهائم أشبه ومن الملائكة ولا بد له من العلم بها وعلاجها. الفصل الرابع: في المنجيات وهي التوبةء والندم» والصبر على البلاءء والشكر على النعماءء والخوف» والرجاءء والزهد في الدنيا والاأخلاص والصدق في الطاعات ومحة الله تعالی وتعظيمه› والرضی بأفعاله› والشوق إليهء والخشوع والتواضع لهء وغير ذلك. فليتفكر العبد كل يوم هل هو متصف بهذه الصفات المقربة إلى الله تعالى أم لا؟ / فإن [4۳۲] اتصف بها فليحمد الله وليحرص على الزيادة منها والثبات عليها وإن لم يتصف بها فليتبادر إلى اكتسابها . فإن أراد أن يكتسب لنفسه حال التوية والندم فليفتش ذنوبه أولأء وليتفكر في الوعيد الوارد فيها وليحقق لنفسه أنه متعرض لمقت الله حتى ينبعث له حال الندمء وإن أراد أن يكتسب حال الشكر فلينظر في إحسان اللهء وأياديه ونعمه إليهء وفي إرساله جميل الستر عليه مع تضبيعه شكر نعمه والتعرض لسخطه فإن ذلك يبعثه على الشكر حتى يتصف به . فإن أراد محبة الله والشوق إليه فليتفكر في جلال اللهء وعظمته وكبريائه» وذلك بالنظر في أفعاله وعجائب حکمتهء ثم ينظر في الموت وسكرتهء والقبر ووحشتهء ثم أهوال المحشر ثم الحساب ومناقشتهء ثم خطر الأمر عندهء وليتفكر في الجنة ونعيمهاء والنار وأنواع عذابهاء وليكن فكر العالم في خفايا صفات قلبهء وفي استنباط طريق الخلاص منها. ۳۹۸ قنطرة العبادة ما أمثالنا الغرقى في الذنوب والجهل والخطاياء فينبغي أن يكون تفكرنا فيما يقوي إيماننا بيوم الحساب» إذ لو رآنا السلف الصالحون لقالوا قطعاً: إن هؤلاء لا يؤمنون بيوم الحساب فما أعمالنا أعمال من يؤمن بالجنة والنارء فإن من خاف شيئاً هرب منهء ومن رجا شيثاً طلبه . وقد علمنا أن الهروب من النار ترك الشبهات» والحرامء والمعاصي فنتحن منهمكون فيها وإن طلب الجنة بتكثير نوافل الطاعات فتحن مقصرون في الفرائض منها فلم يحصل لنا من ثمرة العلم إلا نه يقتدى بنا في الحرص على الدنيا والتكالب عليها فيقال: لو كان هذا مذموماء لكان العلماء أولى باجتنابه منا فليتنا كالعوام إِذا متنا ماتت معنا ذنوبنا فما أعظم الفتنة التي تعرضنا لها لو تفكرنا فنسئل الله تعالى أن يصحلنا ويصلح بنا ويوفقنا للتوبة قبل أن يتوفانا إنه الكريم اللطيف بناء المنعم علينا والله أعلم . الفصل الخامس: في التفكر في المخلوقات اعلم أن التفكر في الخلق بحر لا يدرك غوره جملة ولا تفصيلاً ولكن نشير إلى بعض جملته؛ لأن كل ما في الوجود نوعان: الله سبحانه وفعلهء والتفكر في ذات الله وصفاته محظوراً لقوله يَلأ: «تفكروا في الخلق ولا تتفكروا في الخالق». ويقال أن الله تعالى أوحى إلى بعض الأنبياء: لا تخبروا عبادي بصفاتي فينكرون أو قال : فيتكبرون الشك مني ء ولكن أخبروهم عني بما يفهمون. وإنما على الإنسان الإيمان بالله تعالى على ما هو عليه من حقيقة وجوده وحقائق صفاته› أما المخلوقات فمنها ما لا يعرف أصلها فلا يمكن التفكر فيها إلا من حيث أنها مخلوقة مصنوعة محتاجة عاجزة وذلك قوله تعالى: «وَالَذِي عَلَقَ الأَرْوَاجٍ كُلّهَا. ...4 إلى: وَمِمًا لا يَعْلمُونَ». وقال: ما لا تعلمون”°. ومنها ما يعرف أصلها ولا يشاهد بالبصر مناء وذلك كالملائكة والجن والشياطين () قال الحافظ العراقي في المغني (0/٤) طبعة دار الحديث: أخرجه أبو نعيم في الحلية بالمرفوع منه بإسناد ضعيف ورواء الأصبهاني في الترغيب والترهيب من وجه آخحر أصح منه ورواء الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب من حديث ابن عمر وقال هذا إسناد فيه نظر. قلت أي الحافظ العراقي -: فيه الوازع بن نافم متروك . (۲) سورة يّس» الاية: ٦۳. قنطرة العبادة ۳۹۹ والعرش والكرسي وغيرها ومجال الفكر فيها غامض على الراسخين من ٠ العلماء ء فکیف غیرهم؟ ومنها ما يعرف أصلها ويدرك بالبصر: وذلك كالسماوات وملكوتها كالشمس والقمر والنجوم وغيرها وكالأرض وما فيها وعليها من الجبال والشجر والدرّاب والبحار وغيرهاء وكالجوٌ وما فيه من الغيوم والثلوج والأمطار والرعود والصواعق والأرياح والشهب وغيرها فهذه الأجناس لا تنتحصر أنواعهاء ولا يدرك العقل أقسامها وصفاتها وهيئاتها ومعانيها الظاهرة والباطنة؛ وجميع ذلك مجاري الفكر فلا تتحرك ذرة في السماوات والأرض من جماد ونبات وحيوان وفلك وكواكب إلا ومحركه الله تعالىء وفي حركاتها وتقلبها علم / غامض لا يعلمه [٤۳٤] إلا الله تعالىء وحكم لا يحيط بها إِلآ خالقهاء وكل ذلك دلائل على وحدانيته وجلاله وكبریائه وهي الآيات الدالة عليهء وأشار القرآن إلى الحث على التفكر فيها كما قال: إن في خَلق َْسَمَاوَاتٍ. ...€ إلى قوله: #لآيات لأولي الأبب€”. في أمثالها من القرآن والإشتغال بشرح معنى من معاني هذه الآيات يستدعي إلى تصنيف مجلدات ينقضي العمر دونهاء ولكن من رزقه الله عقلاً رادعاً يردعه عن هجوم الشهوات› وعلما نافعا يعتصم به عن ورود الشبهات› فلا بد أن يرزقه النظر في ملكوت الأرض والسماوات وقد قال تعالى : ا نْظَرُوا مَذا في أَلسَّمَاوَاتِ وَالأرْض4” ثم ثم قال: وما تفني اليات وَالنَدُرُ عَنْ قوم ل نون . تسئل لله العصمة والعون والموفيق: وروي عن بعض العلماء أنه قال: إن لله أقواماً أنعم عليهم فعرفوه» وشرح صدورهم فأطاعوه وتوكلوا عليه فسلموا الخلق والأمر لهء فصارت قلوبهم معادن لصفاء اليقينء وبيوتاً للحكمةء. وتوابيت العظمة وخزائن القدرةء فهم بين الخلائق مقبلون ومدبرون» وقلوبهم تجول في الملكوت» وتلوذ بمحجوب الغيوب ثم ترجع ومعها من لطيف الفوائد ما لا يمكن لواصف أن يصفه» فهم في باطن أمورهم کالديباج حسنا وهم في الظاهر منادل مبذلون لمن آرادهم تواضعاً فهذه طريقة من الفكر لا يبلغ إليها بالتكلف» وإنما هو فضل الله يؤتيه من يشاء. ولابي العتاهية : إن للدهمر فناعلمن أثاراً فإلى كم أن لا ترى الأقدار من رأى عبرة ففکر فیها لم ي زده فكره إلا اعتبارا () سورة آل عمران» الأية: ١۹٠. () سورة يونس» الآية: ١١٠. (۳) سورة يونس الآية: ١١٠. ‎TY‏ قنطرة العبادة ‏لو عقلتا إذ النهاريسوق الليل والليل إذ يسوق النهارا لرأيناهما بمرء حثيث يطويان الأعمار الأثارا ‏]٥4۳[ / وروي عن النبي يَأ أنه قال : «التفكر نصف العبادة والجوع العبادة° . وعن عون بن عبد الله قال: قلت لأبي الدرداء أي عبادة أبي الدرداء كان أفضل؟ قال: التفكر والاعتبار . ویروری أن م أي ذر سثلت عن عبادة آبي ذر قالت : کان نهاره أجمع في ناحية يتفکر فهذا الذي نبهنا عليه فيه كفاية لمن رزفه الله التفكر وبالله التوفيق . الفصل الرابع: في ترتيب العبادة على الأوراد والأوقات”° اعلم أن الطريق إلى الله تعالى مراقبة الأوقاتء وعمارتها بأوراد العبادة على سبيل الدوامء ولذلك قال يَلٍ: «أحب العباد إلى الله تعالى الذين يراعون الشمس والقمر والأظلة بذکر الله تعالی»* فلا تظتن المراد بسير الشمس والقمر على حساب معلوم وما خلق الله الظل والنور والنجوم أن يستعان بها على أمر الدنياء بل ليتعرف بها مقادير الأوقات ليشتغل فيها بالطاعات والتجارة لدار الأخرةء يدل على ذلك قوله تعالى: جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد آن یذکر أو أراد شکور ڳ. أي يخلف أحدهما الاخر فيتدارك ما فات في الأخر وبين أن ذلك للذكر والشكر وبالله التوفيق. فما ترتيب الأوراد في العبادة ففي النهار سبعة أوراد› فمن بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس» وورد من طلوعها إلى زوالها وردان» ومن الزوال إلى العصر وردان ومن العصر إلى المغرب وردانء وفي الليل أربعة أورادء ومن المغرب إلى وقت النوم وردان ومن النصف الأخر إلى الفجر وردان . ‏فأما الورد الأول من النهار فهو وقت شريف؛ لقوله تعالى: والصبح إذا تنس € . ‏(۱) أورده الزبيدي في الإتحاف (۳۸۷/۷): وقال رواه أبو نعيم في الحلية من طريق سالم بن أبي الجعد قال قيل لآم الدرداء ما كان أفضل عمل أبي الدرداء فقالت: التفكر. ‏(۲) هذا الفصل مأخوذ من كتاب الإمام الغزالي «الإحياء (۲/۱٠٠) طبعة دار الحديث. ‏(۳) قال الحافظ العراقي في المغني (١/١٠0) طبعة دار الحديث: أخرجه الطبراني والحاكم وقال صحيح الإسناد من حديث ابن أبي أوفى بلفظ: «خيار عباد الله . ‏(٤) سورة الفرقان؛ الاية: ١1٠ ‎ ‎ قنطرة. العبادة ننن وأقسم به لفضيلته› ما ترتيبه فإذا انتبه المريد للعبادة من نومه فينبغي أن يدا بذكر الله فيقول: الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه / النشورء إلى آخر الدعاء الذي ذكرناء قبل [٦4۳] هڏا. وينوي بلبس ثوبه ستر عورته» ثم يقضي حاجة الإنسان ممتثلاً لأدابهاء ومجتنباً للمناهي الواردة فيهاء ثم يستاك إن قدر على ذلكء وليتوضاً ممتثلاً للسنن والآداب فيه؛ ثم يركع ركعتي الفجر في بيته اقتداء بالنبي يَي؛ ثم يخرج إلى المسجد داعياً في طريقه بالدعاء المتقدم قبل هذا ويمشي وعليه السكينة والوقارء ويدخل المسجد مقدماً رجله اليمنى داعياً كما تقدم ثم يقف في المسجد إن صلى ركعتي الفجر في بيته وإلا فليصلهماء ثم يدعو منتظراً للجماعة. ولا ينبغي أن يدع الصلاة في الجماعة عامةء وفي الصبح والعشاء خاصة فلهما زيادة فضل» والمستحب التغليس” في الفجر اقتداء بالنبي يق وفي حديث أنس عنه يي قال في صلاة الصبح: «من توضاً ثم توجه إلى المسجد يصلي فيه الصلاة كان له بكل خطوة حسنة ومحيت عنه سيئة والحسنة بعشر أمثالها فإذا انتصرف بعدما صلى عند طلوع الشمس كتبت له بكل شعرة في جسده حسنة وانقلب بحجة مبرورة وإن جلس حتی يرکم الضحی کتبت له بکل ركعة ألف ألف حسنة ومن صلى العتمة فله مثل ذلك وانقلب بحجة مبرورة» وکان عادة السلف دخول المسجد قبل طلوع الفجر. وقد روي أن أبا هريرة قال لرجل دخل المسجد قبل الفجر: أبشر فإنا کنا نعد خروجنا وقعودنا في | لمسجد فى هذه الساعة بمنزلة غزوة في سبیل الله . ثم لا ينبغي أن يشتغل الإنسان بعد ركعتي الفجر بالتسبيح والدعاء والاستغفار إلى أن تقام الصلاة فيقول: أستغفر الله الذي لا إله إل هو الحيّ / القيُومء وأسأله التوبة سبعين مرة [4۳7] وسبحان الله والحمد لله ولا إِله إلا الله والله أكبر ماثة مرة» ثم يصلي الفريضة مراعياً آدابها ظاهراً وياطناً في الصلاة والقدوة» فإذا فرغ منها قعد في المسجد إلى طلوع الشمس يذكر الله تعالى . )۱( حديث التغليس متفق عليه من حديث عائشة قاله الحافظ العراقي في المغني (/٠) طبعة دار الحديث. () قال الحافظ العراقي في المغني (۱/٤٠0): لم أجد له بهذا السياق أصلا وفي شعب الريمان للبيهقي من حدیث آنس بسند ضعيف. )۳( قال الحافظ العراقي في المغني (١/٤٠٠) طبعة دار الحديث: لم أقف له على أصل. قناطر الخيرات/ ج ۳/ م٦۲ ‎۰Y‏ قنطرة العبادة ‏وقد روي عن النبي يو أنه قال: «لأن أقعد في مجلس أذكر الله تعالى فيه من صلاة الغداة إلى طلوع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب». ‏وقد قيل أنه كذلك يفعل › وروي في فضل ذلك ما لا يحصی›ء وقال فيما يرویه عن الله تعالى : «يا ابن آدم اذكرني بعد الفجر ساعة ومن بعد صلاة العصر ساعة أكفك ما بينهما»”". ‏وينبغي أن لا يتكلم ويشتغل بالدعاء وذكر الله وقراءة القرآنء وينبغي أن يكرر هذه الكلمات العشر» فقد ورد في تكريرها فضائل يطول ذکرها: ‏فالأولى : «لا إل إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على کل شيء قدیر»"٩. ‏الثانية: «سبحان الله والحمد لله ولا له إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم“. ‏الثالث : «سبّوح قوس رب الملائكة والروح»°“ . ‏والرابعة: «سبحان الله العظيم وبحمده»” ` . ‏الخامسة: «أستغفر الله العظيم الذي لا إِله إلا هو وأسأله التويةه°. ‏(١) قال الحافظ العراقي في المغني (١/8٤01): أخرجه أبو داود من حديث أنس. ‏(۲) قال الحافظ العراقي في المغني (٠/010): أخرجه اين المبارك في الزهد هكذا مرسلاً . ‏(۳) قال الحافظ العراقي في المغني (١/٠٠٠) طبعة دار الحديث: تقدم من حديث أبي أيوب تكرارها عشراً دون قوله: «يحبي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير» فإنها في اليوم والليلة للنسائي من حديث أبي ذر دون قوله: «وهو حي لا يموت» وهي كلها عند البزار من حديث عبد الرحمن بن عوف فيما يقال عند الصباح والمساء. وتقدم تكرارها مائة ومائتین وللطبراني في الدعاء من حديث عبد الله بن عمر وتكرارها ألف مرة وإسناده ضعيف. ‏() قال الحافظ العراقي في المغني (١/1٠٠) طبعة دار الحديث: أخرجه النسائي في اليوم والليلة وابن حبان والحاكم وصححه من حديث أبي سعيد الخدري #استكثروا من الباقات الصالحات» فذكرها. ‏(٥) قال الحافظ العراقي في المغني (١/11) طبعة دار الحديث: لم أجد ذكرها مكررة ولكن عند مسلم من حديث عائشة «أنه كان يقولها في ركوعه وسجوده» وقد تقدم ولابي الشيخ في الثواب من حديث البراء «اكثر من أن تقول سبحان الملك القدوس رب الملائكة والروح». ‏(1) قال الحافظ العراقي في المغني (١/11٥) متفق عليه من حديث أبي هريرة. ‏(۷) قال الحافظ في المغني (١/11٥) أخرجه المستغفري في الدعوات من حديث معاذ فيه ضعف وهكذا ر الترمذي من حديث أبي سعيد في قولها ثلاثاً. والبخاري من حديث أبي هريرة ولمسلم من حديث ۱ عرابي . ‎ ‎ قنطرة العبادة £۳ السادسة: «اللّهم لا مانع لما أعطيت ولا معط لما منعت ولا يتفم ذا الجد منك الحد . السابعة: «لا إِله إلا الله الملك الحق المبين»"“ . الثامنة: «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم»”" . ' التاسعة : «اللّهم صل على محمد وعلى من صلح من آل محمد عبدك ورسولك النبي )٤( الأمي' , العاشرة: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم رب إني أعوذ / بك من همزات [43۸] الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون*. فهذه العشر كلمات إذا كرر كل واحدة منها عشر مرات حصل له مائة وهو أفضل من أن يكرر ذكراً واحداً مائة؛ لأن لكل واحدة من هذه الكلمات فضلاً على حيالهء وللقلب بكل واحدة نوع استراحة . (١) قال الحافظ لم أجد تكرارها في حديث وإنما وردت مطلقة عقب الصلوات وفي الرفع من الركوع. (۲) قال الحافظ العراقي في المغني (١/1٠٥) طبعة دار الحديث: أخرجه المستغفري في الدعوات والخطيب في الرواة عن مالك من حديث علي وفيه الفضل بن غانم ضعيف ولابي نعيم في الحلية وفيه سليم الخواص ضعيف. وقال فيه: أظنه عن على. (۳) قال الحافظ العراقي في المغني (١/٠٥) طيعة دار الحديث: أخرجه أصحاب الستن وابن حيان والحاكم وصححه من حديث عثمان. قال الترمذي حسن صحيح غريب. () قال الحافظ العراقي في المغني (۱/٠٠٥) طبعة دار الحديث: ذكره أبو القاسم محمد بن عبد الواحد الغافقي في فضائل القرآن من حديث ابن أبي أوفى «من أراد أن يموت في السماء الرابعة فليقل كل يوم ثلاث مرات» فذكره وهو منكر: قلت - أي الحافظ العراقي -: ورد التكرار عند الصباح والمساء من غير تعبير لهذه الصيغة رواه الطبراني من حديث أبي الدرداء بلفظ: «من صلى علي حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة» وفيه انقطاع. (0) قال الحافظ العراقى فى المغنى (۷/۱٠٥) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي من حديث معقل بن يسار «الحديث» ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة وقال: حسن غريب ولابن أبي الدنيا من حديث أنس مثل حدیث مقطوع قبله: «من قالها حين يمسي عشر مرات أجير من الشيطان إلى الصبح. . . الحديثء ولابي الشيخ في الثواب من حديث عائشة «الا أعلمك كلمات تقولها ثلاث مرات قل أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون' والحديث عند آبي داود والترمذي وحسنه الحاكم وصححه فيما يقال عند الفراغ دون تكرارها ثلاثا من حديث عبد الله بن عمرو. 7 قنطرة العبادة وأما الدعاء : فيدعو بما قدر عليه من الأدعية المأثورة المتقدمة› وأما القراءة فيستحب له أن يقر جملة من الأثات منها: سورة الحمد؛ء وقل الهم مالك الملك . ...€ الأيتين وقوله: لقد جاءكم رسول. ...4 الايةء وقوله: لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق. . . .4 إلى آخرهاء ولقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً. ...4 الخ وخمس آيات من أول الحديد» وثلاثاً من آخر سورة الحشرء وقل هو الله أحد والمعوذتينء وقل يا أيها الكافرونء وآية الكرسي كل واحدة من هذه السور يقرأها سبعاً وإن أضاف إليها غيرها من القرآن . .)۲( وبالجملة فالقرآن جامع لفضل الذكر والفكر والدعاء مهما كان يتدبر كما تقدم فضل ذلك وقد اقتصر أصحابنا في ذلك على قراءة القرآن وقد قال عليه السلام: «أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن» . وينبغي له التفكر أيضاً كما تقدم فيما ينفعه من المعاملة بينه وبين ربه» وأن يحاسب نفسه فيما سبق من تقصيره» وليحضر في قلبه النيات الصالحات في أعماله وليتفكر في نعم الله تعالى وينبغي له أن يتخذ للشيطان مجناً وهو الصوم ليضيق به مجاري الشيطان الصارف له عن [۹] سبيل الرشاد› ولیس بعد طلوع الفجر إل رکعتي الفجر / وفرض الصبح إلى الطلوع › وکان عليه السلام وأصحابه يشتغلون فيه بالأذكار فهو الأولى . والورد الثاني: ما بين طلوع الشمس إلى ضحوة النهارء أعني بالضحوة انتصاف ما بين الطلوع إلى الزوالء وذلك مقدار ثلاث ساعات أو ما شاء الله فله فيه وضيفتان : أحدهما: صلاة الضحى والأولى فيها أن يصلي ركعتين إذا ارتفعت الشمس مقدار رمح وهو المراد بالاشراق في قوله: #يسجن بالعشي والإشراق» لأن الصبح تقع وقت الكراهية إِذ إِذ قال عليه السلام: إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها فيصلى أربعاً أو ستاً أو ثمانياً إذا رمضت الفصال وضحيت الأقدام بحر الشمس. (۱) سورة الإسراى الآية: ١١٠. (۲) أورده الحافظ العراقي في المغني (۱/ ۷٠ ۱۸) أن الوارد في كل هذه الأيات ضعيف. (۳) أطراف الحديث عند الزبيدي في الإتحاف (414/4) والمتقي الهندي في كنز العمال (٥۲۳ء ٢٥۲۳ء ٤۲ 0٦۲(. () قال الحافظ العراقي في المغني (ج ١ ص ٢۳۲ طبعة دار الحديث). أخرجه النسائي من حديث عبد الله = قنطرة العبادة £۰0 كما روي أنه عليه السلام خرج على أصحابه وهم يصلون عند الإشراق فنادیى بأعلى صوته : «ألاً أن صلاة الأوابين إذا رمضت الفصالء” . والوضيفة الثانية: في هذا الوقت ينبغي له أن يشتغل بنوع من الخيراتء إما تشييع جنازة أو عيادة مريض» أو إعانة على بر وتقوی أو حضور مجلس علم أو ما يجري مجراه من قضاء حاجة مسلم؛ أو إشتغال بكسب معاش إن كان تاجراً فبصدق وأمانةء ون کان صانعاً فبنتصح وإتقان وكذا ما أشبه هذا من وجوه المكاسب . ولا ينبغي أن ينسى ذكر الله في جميع أشغاله فمهما حصلت له الكفاية فليرجع إلى بیت ربه وليتزود لاخرتهء وقد قيل: لا يوجد المؤمن إلا في ثلاثة مواطن: مسجد يعمره أو بیت يستره أو حاجة لا بد له منهاء وقل ما يجد الإنسان ما لا بد له منه؛ لأن الشيطان يعدهم الفقر ويأمرهم بالفحشاء فيصغون إليه فيجمعون ما لا يأكلون ويزعمون أنه لا بد لهم منه والله يعدهم مغعرة مله وفضلا فيعرضون عنه. الورد الثالث: / من ضحوة النهار إلى الزوال. فينبغي له أن يشتغل فيه بما تقدم من [44°] وجوه الخير مع لا بد منه من كسب المعاش» ثم لا ينبغي له أن يغفل عن القيلولةء فهي سنة يستعين بها على قيام الليل كما يستعين بالسحور على صوم النهار» فإن كان لا يقوم الليل ولكن لو لم ينم لم يشتغفل بخير فالنوم أحب إليه من مخالطة أهله للغفلة إذ في النوم الصمت والسلامة . وقد قيل: يأتي على الناس زمان الصمت والنوم فيه أفضل أعمالهم؛ فإن لم ينم واشتغل بأعمال الخير فذلك أفضل أعمال النهار وفضل ذلك الوقت كفضل إحياء الليل؛ لأنه وقت غفلة الاس ثم إذا نام فينبغي أن ينتبه قبل وقت الزوال ليستعد بالوضوء للصلاة والله أعلم . الورد الرابع: ما بين الزوال إلى الفراغ من صلاة الغابر› فإذا استعد فلينصت لفراغ المؤذن وجوابه؛ ولیصل أربع ركعات قيل: يفصل بينهما بالسلام› وقيل: لا يفصل إذ صلاها النبي عليه السلام وقال: «أحب أن يرفع لي فيها عمل ثم يصلي الظهر ثم يصلي ركعتين ثم أربعا». = الصنابحي وهو مرسل ومالك هو الذي يقول عبد الله الصنابحي ووهم فيه والصواب عبد الرحمن ولم ير الي يو. () قال الحافظ العراقي في المغني (۲/۱٠٥) طبعة دار الحديث: أخرجه الطبراني من حديث زيد بن أرقم £1 قنطرة العبادة ثم كره ابن مسعود أن تتبع الفريضة بمثلها ثم يجمع بين التسبيح والذكر والدعاء كما تقدم. الورد الخامس: ما بعد ذلك إلى العصر يستحب فيه العكوف في المسجد مشغولاً بالذكر أو بالصلاةء أو بفنون الخير من التعلم والتعليم أو الوعظء فإن كان بيته أسلم لدينه فالبيت أفضل في حقه ويكره النوم فيه لمن نام قبل الزوال» إذ تكره نومتان في النهارء ولكن لما كان التوم غذاء الروح کان لا بد من استيفاء حقه بالليل أو بالنهار ولیراع الاعتدال لأن إقلاله ريما يفضي إلى اضطراب البدن إلا أن يتعود السهر تدريجاً فقد تمرن النفس عليه من غير اضطراب . الورد السادس: دخول صلاة العصر وهو العشّي الذي أقسم الله به في قوله تعالى: «وَالعَصْر ِن الإنْسَانَ لفي شر . 7 0 وليس في هذا الورد إلا أربع ركعات بين الأذانين ثم يصلي العصر / ويشتغل بالأقسام المذكورة فى الورد الأول . الورد السابع : إذا اصفرت الشمس وتری صعرة فی ضوءها فيستحب فيه التسبيح والاستغفار كما تقدم لقوله: «وَاَسْتَفْفِرْ لِك وَسَبّح بِحَمْد رَبك بلْعَِيٌ والإكار»”°. فجميم ما ذكرنا طريق إلى الله تعالىء وفي الخبر: «الإيمان ثلاث وثلاثون وثلاثمائة يقة من لقي الله بالشهادة على طريق منها دخل الجنة». وقال بعض العلماء: الإيمان ثلاثمائة وثلاثة عشر خلقاً بعدد الأنبياى فكل مؤمن على خلق منها فهو سالك للطريق فالناس وإن اختلفت طرقهم في العبادة فكلهم على الصراطء فأقربهم إلى الله أعرفهم به وأعبدهم لهء «وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن ق كما ورد في الحديث» وقد قال عليه السلام: «من عوّده الله عبادة فتركها ملالة مقته الله . (١) سورة العصر (الآيتان: ١6 7). (۲) سورة غافر الأية: 00. (۳) قال الحافظ العراقي في المغني (١/41٥) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن شاهين والألكائي في السنة والطبراني والييهقي في الشعب من رواية المغيرة بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده «الإيمان ثلاثمائة وثلاث وثلاثون شريعة من وافى شريعة منهن دخل الجنة» وقال الطبراني والبيهقي «ثلاثمائة وثلاثون» وفي إسناده جهالة . (4) قال الحافظ العراقي في المغني (١/41٥) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث عائشة. (٥) قال الحافظ العراقي في المغني (١/٠٤٠) طبعة دار الحديث: موقوف على عائشة. قنطرة العبادة £۷ وسئلت عائشة عن عمله عليه السلام فقالت: «كان عمله ديمة»"ء ويحب أن يقر عند الغروب: #والشمس؟› #والليل»» والمعوذتين» ولتغرب الشمس وهو في الاستغفار› وإذا سمع المؤذن قال: اللّهم هذا إقبال ليلك. . . الدعاء كما تقدم» وقد انتهت أوراد النهار فينبغي أن يحاسب نفسه ولا يغفل والله أعلم . بيان أوراد الليل : وهي خمسة : الأول: إذا غربت الشمس فإنه يصلي المغرب وركعتين بعدها يقر فيهما بل ا أَيِهَا كافون ول فل هُوَ الله أَحَدء ويصليهما عقيب المغرب من غير أن يتكلم بينهماء ثم يصلي أربعا يطيلها ثم يصلي إلى غيوبة الشفق ما تيسر له. وعن عائشة عنه عليه السلام قال: «أفضل الصلوات عند الله تعالى صلاة المغرب لم يحطها عن مسافر ولا مقيم فتح بها صلاة الليل وختم بها صلاة النهار فمن صلى المغرب وصلى بعده ركعتين / بنى الله له قصرين في الجنة ومن صلى بعدها أربع ركعات غفر الله له [٤٤٤] ذنب عشرین› أو قال : «أربعين سنة. وفي حديث آخر: «من صلى بعد المغرب ست ركعات عدلت له عبادة سنةء وکأنه صلى ليلة القدر”” . يتكلم إلا بصلاة أو بقرآن كان حقاً على الله أن يبني له قصرين في الجنة مسيرة كل قصر منها مائة عام ويغرس له بينهما غروساً لو ضافه أهل الدنيا لوسعهم»» وقال: «من صلى بين المغرب والعشاء فذلك صلاة الأرَابين». وقال الأسود: ما أتيت ابن مسعود في هذا الوقت إلا ورأيته يصليء ويقال فيه نزل: () قال الحافظ العراقى فى المغنى (١/41٥) طيعة دار الحديث: رواه مسلم «كان عمله ديمة وكان إذا عمل (۲) أطراف الحديث عند المتقي الهندي في كتز العمال (۱۹4۳۱) والهيثمي في مجمع الزوائد (30۹/۱) والسيوطي في الدر المتثور (٠/٠۳۰). (۳) أطراف الحديث عند ابن ماجه (٤۱۳۷) والزييدي في الإتحاف (٥/۱۸۲) والمتقي الهندي (۳۰٤1۹) والألباني في السلسلة الضعيفة (44۸8). £0۸ قنطرة العبادة الورد الثاني : دخول وقت العشاء إلى وقت نومة الناس وهو استحكام الظلامء ينبغي أن يراعى فيه ثلاثة أمور: الأول: أن يصلي سوى فرض العشاء عشر ركعات» أربعاً قبل الفرض إحياء لما بين الأذانينء وستاً بعد الفرض ركعتين ثم أربعاً يستحب أن يقرأ فيهن آخر البقرةء وآية الكرسي› وأول الحديد وغيرها. الثاني: أن يصلي ثلاث عشرة ركعة إحداهن الوترء فإنه أكثر ما روي أن النبي عليه السلام صلى به من الليل والأكياس يأخذون أوقاتهم أول الليل والأقوياء من آخره والحزم التقدم› فإنه ريما لا يستيقظء أو يثقل عليه القيام إل إذا كان له ذلك عادة» فاخر الليل أفضل ثم يقرا في هذه الركعات ما كان يكثر قراءته عليه السلام مثل: يِس والسجدةء ولقمانء وسورة الدخانء وتبارك الملك والواقعةء والزمر. ويروى أنه كان يقرا المسبحات كل ليلة ويقال: فيها آية أفضل من ألف آيةء وفي خبر [] آخر أنه: كان يقر في رکعات الوتر: سبح اسم ربك الأعلى» وقل يا أيها الكافرون / فإذا فرغ قال: «سبحان الملك القدُوس»ء» ثلاثاً. الثالث: الوترء فليوتر إن لم يكن عادته القيام وإلا فآخر الليل أفضلء إذ قال عليه السلام: «صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة». الورد الثالث: النوم؛ ولا بأس أن يعد من الأوراد إذا حسنت فيه النيةء لآنه قيل: إِذا نام العبد على طهارة ذاكراً الله عز وجل» فإنه يكتب مصلياً حتى يستيقظ» ويدخل في شعاره ملكء وأتفوق القرآن فيه تفوقا. قال معاذ: ي أن و أب في توش با ا قومتيء فذكر ذلك لرسول الله يل فقال: «معاذ أفقه منك». وآداب النوم عشرة: الأول: الطهارة والسواك؛ قال عليه السلام: #إذا نام العبد على طهارة عرج بروحه إلى العرش فکانت رؤیاه صادفقة وإن لم ينم على طهارة قصرت روحه عن البلوغ فتلك المنامات أضغاث أحلام لا تصدق». () قال الحافظ العراقي في المغني (0۲۹/۱): أخرجه ابن المبارك في الزهد موقوفاً على أبي الدرداء = قنطرة العبادة ۹ وهذا أريد به طهارة الظاهر والباطن جميعاًء وطهارة الباطن هو المؤثر في كشف حجب الغيب. الثاني : أن يعد طهوره وسواكه عند رأسهء وينوي القيام للعبادة عند التيقظء فكلما انتبه استاك كذلك عادة السلف» ويقال أن النبي عليه السلام يستاك مراراً عند نومهء وإن لم تمکنه الطهارة فلیمسح أعضاءه بالماء› فيل : يستحب ذلك وإِن لم يجد فليقَعد وليستقبل القلة أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عيناء کتب له ما نوی وكان نومه صدقة عليه من الله تعالی»٩. الثالث : أن لا يبيت إلا ووصيته عنده مكتوبةء فإنه لا يأمن من القبض في النومء ويقال : إن من مات من غير وصية / لم يؤذن له في الكلام في البرزخ إلى يوم القيامةء فتتزاور الأموات [444] ويتحدثون وهو لا يتكلم فيقول بعضهم لبعض: هذا المسكين مات من غير وصية. الرابع: أن ينام تائباً سليم القلب لجميم المسلمين وعن النبي عليه السلام قال: «من آوى إلى فراشه لا ينوي ظلم أحد ولا يحقد على أحد غفر الله له ما جرم . حاجزا ويقولون : منها خلقنا وإليها نعود؛ وکانوا يرول ذلك أرق لقلوبهم› ومن لم تسمح السادس: أن لا ينام ما لم يغلبه الوم ولا يتكلفه إلا إذا قصد به الاستعانة على القيام آخر الليلء فقد کان الأصفياء نومهم غلب وأكلهم فاق وكلامهم ضرورة ولذلك وصفوا: (كانوا قليلً من الليل ما يهجعون). السابع: أن ينام مستقبل القبلة وذلك على وجهين إما مستلقياً على قفاء وإما على جنبه = والييهقي في الشعب موقوفاً على عبد الله ين عمرو بن العاص وروى الطبراي في الأوسط من حديث عليه. وهو ضعيف. (۱) قال الحافظ العراقى في المغني (۱/٠۳٥) طبعة دار الحديث: أخرجه النسائي وابن ماجه من حديث أبي الدرداء بسند صحيح. ` () قال الحافظ العراقي في المغني (۱/٠۳٠) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الدنيا من حديث أنس «من أصبح لم يهم بظلم أحد غفر له ما أجترم» وسنده ضعيف. £1 قنطرة العبادة الثامن: الدعاء كما تقدم قبل هذا . ويستحب أن يقرا الآيات المخصوصة مثل: آية الكرسي وآخر البقرةء وإلهكم إلهٌ واحد. . . .6 الآيةء ويقال: أن من قرأه عند النوم يحفظ عليه القرآن فلا ينساه ويقرأ: إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض. ...4 الايةء ولإقل ادعوا الله أو أدعوا الرحمن. . . .€ إلى آخر بني إسرائيل . يقال أنه يدخل في شعاره ملك موكل يحفظه ويستغفر له ويقراً المعوذتين في يديه ويمسح بهما وجهه وجسدهء روي ذلك من فعل النبي عليه السلام وليقرً عشراً من أول الكهف» وعشراً من آخرهاء وهذه الآي للاستيقاظ لقيام الليل. وكان علي يقول: ما أرى أن رجلا مستكملاً عقله ينام قبل أن يقرا الآيتين من سورة البقرة وليقل خمساً وعشرين مرة [5] سبحان الله والحمد / لله ولا إِله إلا الله والله أكبر ليكون مجموع هذه الكلمات مائة مرة. التاسع: أن يتذكر عند النوم نوع وفات والتيقظ نوع بعث» قال الله تعالى: الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها». فكما أن المستيقظ يشاهد أحوالاً لا تناسب أحواله في النوم» كذلك المبعوث يرى ما لا يخطر ببالهء ومثل النوم بين الحياة والموت مثل البرزخ بين الدنيا والاخرة. وقال لقمان: يا بني إن كنت تشك في الموت فلا تنم كما أنك تنام فكذلك تموت»ء وإن كنت تشك في البعث فلا تنتبه كما أنك تتنتبه بعد نومك فكذلك تبعث بعد موتك فيحق على العبد أن يفتش عن قلبه على ماذا ينام أما الغالب على قلبه حب الله ولقاءه› أو حب الدنياء وليتحقو أنه يتوفاء على ما هو الغالب عليه ويحشره على ما يتوفاء فإن المرء مع من أحب وما احب. العاشر: الدعاء عند تلقباته› يما كان عليه السلام يقولهء وذلك: «لا إله إلا الله الواحد القَهّار رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار . وليجتهد أن يكون آخر ما يرد على قلبه عند النوم ذكر الله فهو أول ما یرد على قلبه عند () الدعاء المأثور عند النوم باسمك اللهم رب وضعت جني.... الحديث» إلى آخر الدعوات المأثورة التي سبق ذکرها. () قال الحافظ العراقي في المغني (0۳۳/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن السني واآبو نعيم في کتابيهما عمل اليوم والليلة من حديث عائشة. قنطرة العبادة ۱٤۱٤ لتيقظ فهو علامة الحب» ولا يلازم القلب في هاتين الحالتين إلا ما هو الغالب عليه فليجرب نفس فإنها علامة تكشف عن باطن القلب فإذا استيقظ قال: الحمد لله الذي أحيانا يعد ما أماتن وإليه النشور إلى آخر الدعاء المتقدم . ' الورد الرابع: يدخل بمضي النصف الأول من الليل إلى أن يبقى سدسه› وبه أقسم الله تعالى : والليل إذا سجىء وفي هذا الوقت لا تبقى عين إلا وهي نائمة إلا الحي القيُوم وسئل البي عليه السلام : أي الليل أسمع قال : «جوفه). وقال داود / عليه السلام: لهي أحب أن أتعبد إليك فأ وقت أفضل؟ فأوحى الله إليه: [46] یا داود ا تم أول الليل ولا آخره؛ فانه من قام أوله نام آخره ومن قام آخره لم يقم أولهء أي الليل أفضل؟ قال: «نصف الليل الغابر»”. يعني الباقيء وقال: «ركعتان يركعهما العبد في جوف الليل الأخير خير له من الدنيا وما فيها ولولا أن أشق على أمتي لفرضتها عليهم»” . وعنه عليه السلام قال: «إن في الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى خير إلا أعطاه إياه» . وقال: «يا أبا هريرة أتريد أن تكون نعمة الله عليك حياً ومقبوراً أو مبعوثاً فقم من الليل فصل وأنت تريد رضى ربك يا أبا هريرة صل في زوايا بيتك يکن نور بيتك في السماء کنور الكواكب والنجوم عند أهل الدنيا»”. وقال: «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى الله وتكفير للذنوب ومطردة للداء عن الجسد ومنهاة عن الثم“ . (۱) قال الحافظ العراقيى في المغنى (۳۳/۱٥) طبعة دار الحديث: أخرجه أبو داود والترمذي وصححه من حديث عمرو بن عنبسة. قال محقق الإحياء: الترمذي أخرجه من حديث أبي أمامة وصححه الألبائي في صحيح الترمذي (۲۷۸۲). )۲( قال الحافظ العراقي في المغني (۳۳/۱٥) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن حبان وأحمد من حديث أي ذر دون قوله الغابر وهي في بعض طرق الحديث عمرو بن عنيسة. () قال الحافظ العراقي في المغني (040/۱) طبعة دار الحديث: أخرجه آدم بن إياس ومحمد بن نصر المروزي في كتاب نيام الليل من رواية حسان بن عطية مرسلاً ووصله أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حدیث ابن عمرو لا يصح . )٤( قال الحافظ العراقي في المغني (١/ 40٥) طبعة دار الحديث: باطل لا أصل له. )0( قال الحافظ العراقي في المغني (١/40٠) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي من حديث بلال وقال: = £۱۲ قنطرة العبادة وقال: «رحم الله رجلا قام من الليل فصلى ثم أيقظ امرآته فصلت فإن أبت نضح في وجهها الماء . وقال: «من استيقظ فأيقظ امرأته وصليا ركعتين كتبا من الذاكرين لله كثيراً والذاكرات»"“ . وقال يوسف بن مهران: بلغني أن تحت العرش ملكاً على صورة ديك برائينه من اللؤلؤ وصیصته من زبرجد أخحضر فإذا مضى ثلث الليل ضرب بجناحه فزقا قال : ليقم القائمون› فإذا مضى ثلثا الليل ضرب بجناحه وزقا فقال: ليقم المصلون» فإذا أصبح ضرب بجناحه وزقا فقال : ليقم الغافلون وعليهم أوزارهم . ویروی أن الله تعالی قال: إن عبدي الذي هو عبدي حقاً [ ]هو الذي لا ينتظر لقيامه / صياح الديك . فصل اعلم أن قيام الليل عسيراً إل على من وفق للقيام بشروطه الميسرة له ظاهراً وباطناء أما الظاهرة فأربعة : الأول: أن لا يكثر الأكل فيكثر الشراب فيغلبه النوم؛ ويثقل عليه القيام . الثاني: أن لا يتعب نفسه بالنهار بالأعمال التي تعيي بها الجوارح؛ فإن ذلك مجلبة للنوم. الثالث: أن لا يترك القيلولة بالتهار؛ فإنها سبب لتقليل النوم بالليل . الرحمةء فالذنوب كلها تقسي القلب» وتمنع من قيام الليل ولا سيما أكل الحرامء ولذلك قال بعضهم: كم من أكلة منعت قيام ليلة وكم من نظرة منعت قراءة سورة» وإن الرجل ليأكل أكلةء أو يفعل فعلة يحرم بها قيام سنة. = غريب ولا يصح ٠ ورواه الطبراني والبيهقي من حديث أبي أمامة بسند حسن وقال الترمذي : انه أصح . () قال الحافظ العراقي في المغني (٠/47٥) طبعة دار الحديث: أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث أبي هريرة: قال محقق الإحياء: قال الألباني في صحيح الجامع (٤۹٤۳) وصحيح المشكاة (١۱۲۳). هريره وأبي سعید بسند صحيح. قال محفق الإاحياء: أخرجه بو داود والحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع (۳۰٠1). قنطرة العبادة £۳ وأما الميسرات الباطنة فأربعة: الأول: سلامة القلب من الحقد وفضول الدنياء فالمستغرق بهموم الدنيا لا يتسنى له القيام؛ و إن قام فلا يتفكر إلا في مهماتهء وفي مثل ذلك قيل وأنت إذا استيقظت أيضا فنائم . الثاني : خوف غالب في القلب مع قصر الأمل كما قال بعضهم: إذا ذكرت النار اشتد خوفي» وإذا ذكرت الجنة طال شوقي» فما أقدر أن نامء ولذي النون: متع القرآن بوعده ووعيده مقل العيون بليلها أن تهجعا وهموا من الملك الجليل كلامه فرقابهم ذاك لكيما يخضعا وقال طاوس: إن ذكر جهنم طير نوم العابدين . الثالث: أن يعرف فضل تيام الليل بسماع هذه الآيات والأخبار والاثار حتى يستحكم بلك رجاءء وشوفه لثوابه فيهيجه الشوق فطلب المزيد رغبة في درجات الجنة وخوفا من النيران . ' الرابع: حب الله تعالى وهو أشرف البواعث له وذلك / من قوة الإيمان فإنه في قيامه لا [44۸8] يتكلم بحرف إلا وهو مناج به ربه» وإذا أحب الله عز وجل أحب لا محالة الخلوة به وتلذذ بمناجاته› ولا ينبغي أن يستبعد هذا إذ يشهد له العقل والتقل : ما العقل فليعتبر حال المحب لشخس بسبب جماله أو لملك بسبب إنعامه كيف يتلذذ بالخدمة له» والخلوة به حتى لا يأتيه النوم والرجاء في حق الله سبحانه أصدق؛ وما وعده تعالى أنفع وأبقی› وأما النقل فأكثر من أن يحصى . وقال بعض العلماء: إن الله تعالى أوحى إلى بعض الصديقين: إن لي عباداً يحبونني وأحبهم» ويشتاقون إِليّ وأشتاق إليهم» ويذكرونني وأذكرهم» وينظرون إِليّ وأنظر إليهم؛ فن حذوت طريقتهم أحبيتكء وإن عدلت عنهم مقتك. قال: يا رب ما علامتهم؟ قال: يراعون الظلال بالنهار كما يراعي الراعي غنمهء ويحنون إلى غروب الشمس كما تحن الطير إلى أوكارهاء فإذا جنهم الليل واختلط الظلام وخلا كل حبيب بحبيبه» نصبوا إِليّ أقدامهم› وافترشوا إل وجوههم؛ وناجوني بكلامهم» وتملقوا إلى بإنعامي عليهم؛ فهم بين صارخ وباكء وبين متأو وشاكء يعني ما يتحملون من آجليء وبسمعي ما يشتكون من حبي أول ما أعطيهم أقذف من نوري في قلوبهم فيخبرون عني کما أخبر عنهم» والثانية: لو كانت السماوات السبع والأرض في موازنهم لاستقللتها لهم» والثالثة: ٤ قنطرة العبادة قبل بوجهي علیهم» أقترى من أقبلت بوجهي عليه أيعلم أحد ما أريد أن أعطيه . ]3 وشكى بعض المريدين إلى أستاذه طول سهر الليل وطلب حيلة تجلب النوم. / فقال أستاذه: إن لله عز وجل نفحات في الليل والنهار تصيب القلوب المتيقظة وتخطىء القلوب النائمةء فتعرّض لتلك النفحات. فقال: يا أستاذي تركني لا أنام بالليل ولا بالنهار. ومطلوب القائمين تلك الساعةء وهي مبهمة في جوف الليل كليلة القدر في رمضانء وساعة يوم الجمعةء وبالله التوفيق. وهذا هو الورد الخامس: وفيه يستحب السحور وذلك عند خوف طلوع الفجر الوظيفة في هذين الوقتين الصلاة فإذا طلع الفجر انقطعت أوراد الليل ودخلت أوراد النهار فيقوم فيصلي ركعتي الفجر وهو المراد بقوله: فسيّحه وإدبار النتجوم» ثم ليقراً: لشهد الله آنه لا إله إلا هو. . . .4 إلى آخرها فيقول: وأنا أشهد بما شهد الله به لنفسه وشهدت له به ملائکته› وأولوا العلم من خلقه› واستودع الله هذه الشهادة وأسأله حفظها علي حتى يتوفاني عليها حتی ألقاك عليها غير مبذل تبديلا. فهذا ترتيب الأوراد للعبادة وقد كانوا يستحبون أن يجمعوا مع ذلك أربعة أمور: صوماء وصدقة وإن قلت وعيادة مريض وشهادة جنازةء وفي الخبر: «من جمعها کل یوم غفر له» وفي رواية أخری: «دخل الجنة». وفي الخبر: «يصبح ابن آدم وعلی کل سُلاامی من جسده صدقةا› يعني مفاصل جسدهء وهي ثلاث مائة وستون مفصلاً - فأمرك بالمعروف صدقة ونهيك عن المنكر صدقة وحملك على الضعيف صدقة وهدايتك إلى الطريق صدقة وإماطتك الأذى صدقة»» حتى ذكر التسبيح والتهليل ثم قال: «وركعتا الضحى تأتي على ذلك كله» . والله نسأله الفوز والتوفيق والعصمة من الخطاً والذلل وصلى الله على سيدنا محمد سيد الأولين والأخرين والحمد لله رب العالمين . (١) قال الحافظ العراقي في المغني (۳۷/۱٥) طبعة دار الحديث: أخرجه مسلم من حديث أبي ذر. / القنطرة الخامسة عشرة ]40۰[ قنطرة القوادح في الطاعات وهما الرياء والعجب وما ينشأً عنهما من مفسدات العبادة ومحبطات الطاعات› وهذه القنطرة تحتوي على بابين › وخمسة فصول . الباب الأول فى الرياء احذر يا أخى على عملك مما يفسده عليك؛ فإن الرياء يحبط العمل كما يحبطه الشركء والمرائي ممقوت عند اللهء وقد شهدت بذلك الآيات والأخبار والاثار. أما الآيات فقوله تعالى: فَوَيِل لِلْمُصَلينَ. ...4٠ إلى قوله: «ألَذِينَ هُمْ باون4 وقوله: «وَالَِينَ كرون لكات لَهُم عَذَاب مديد . فحکي عن مجاهد أنه قال: هم أهل الرياى وقال تعالى: لوَبَدًا لَهُمْ من الله مَا لم بكُونوا يَحْتَسِبُونَ»'. قيل: أنهم عملوا أعمالاً لا يرونها في الدنيا حسنات بدت لهم يوم القيامة سيئات . وكان بعض العلماء إذا قرأ هذه الآية قال: ويل لأهل الرياءء وقال الله تعالى : فمن كان يقال: أنها نزلت فيمن طلب الأجر والثناء بعملهء ويقال: نزلت في رجل كان إذا صلى وصام أو تصدق فذكر بخير ارتاح لذلك وزاد في عمله لمقالة الناس . وأما الأخبار فقد روي عن النبى عل أنه قال : «أخوف ما أخاف على أمتي الشرك )۱( سورة الماعون› الآيات : 4 0 1. )۲( سوره فاطر؛ الآية: ٠ . )۳( سورة الزمر› الاية: ۷ . £1۹ قنطرة القوادح في الطاعات الأصغرء قيل: وما هو؟ قال: «الرياء يقول الله يوم القيامة إذا جازى الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم الجزاء»» وسأله رجل فقال: يا رسول الله فيم النجاة؟ قال: «أن لا يعمل العبد بطاعة الله يريد بها الناس»”. وفي الحديث عنه عليه السلام أن الله تعالى يقول: «أنا أغنى الشركاء عن الشركة فمن عمل عملا أشرك فيه غيري تركته له كله فإني لا أقبل إلا ما كان خالصاً لي»" ٩ . وقيل: إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة إذا التمس ثواب عمله: ألم نوسع لك في المجالس؟ ألم تكن المرؤوس في الدنيا؟ ألم يرخص بيعك وشراؤك؟ ألم تكرم؟.... وما ء ۰ اشه هدا. ]491[ وعن النبي / عليه السلام: «أن الجنة تكلمت فقالت: أنا حرام على كل بخيل ومرائي». وعن أبي هريرة عنه يل قال: «إن أول ما يدعى يوم القيامة للحساب رجل قد جمع القرآن ورجل قاتل في سبيل الله ورجل كثير المال فيقول الله تعالى للقارىء ألم أعلمك ما آنزلت على رسلي فیقول: بلی یا رب فیقول: ما عملت فیما علمت فیقول: یا رب قمت به ناء الليل وأطراف النهار فيقول الله: كذبت وتقول الملائكة كذبت فيقول الله: بل أردت أن يقال فلان قارىء فقد قيل ذلكء ويؤتى بصاحب المال فيقول: ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد فيقول: بلى يا رب فيقول: ما عملت فيما أتيتك؟ قال: كنت أصل الرحم وأتصدق فيقول الله : كذبت وتقول الملائكة كذبت فيقول الله: بل أردت أن يقال فلان سخي فقد قيل ذلك» ویؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقول: ما فعلت؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت» فيقول الله: كذبت وتقول الملائكة: كذبت فيقول الله: بل أردت أن يقال: فلان جريء فقد قيل ذلك" . (١) قال الحافظ العراقي في المغني (3/ 40505) طبعة دار الحديث: في نحوه أخرجه أحمد والبيهقي في الشعب من حديث محمود بن لبيد وله رواية ورجاله ثقات ورواه الطبراني من رواية محمد بن لبيد عن رافع بن خدیج . (۲) أطراف الحديث عند الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (۳/۸٠۲)› (٠٠/6۳ء ١٥) والبيهقى فى الأسماء والصفات (۲۱۳) والمنذري في الترغيب والترهيب (14/۱) والربيع بن حبيب في مسنده (۱/ 0)۱۷ (۳) قال الحافظ العراقي في المغني (۳/ 400) طبعة دار الحديث: رواه مسلم. قنطرة القوادح في الطاعات £۷ قال: ثم ضرب رسول الله يِل على ركبتي أبي هريرة فقال: «يا أبا هريرة أولثك آول خلق الله تسعر بهم نار جهنم». قال: قال عليه السلام: «من رآئی رآئى الله به ومن سمّع سمّع الله ب٩ . وقال عليه السلام : «ااستعيذوا بالله من جب الحزن» قيل وما هو يا رسول انله؟ قال : «واد في جهنم أعد للقراء المرائين»"". وقال عيسى عليه السلام: إذا كان يوم صوم أحدكم فليدهن رأسه ولحيته ويمسح شفتيه لثلا يرى الناس أنه صائم» وإذا أعطى بيمينه فليخف شمالهء وإذا صلى فليرخ ستر بابه» فإن الله يقسم الثناء كما يقسم الرزق . وقال عليه السلام: «لا يقبل الله عملا فيه مثقال ذرة من رياء»". / وقال عمر لمعاذ بن جبل وراه يبکي ما یہ يىكىك؟ قال : حدیث سمعته من صاحب هذا ]45۲[ القبر - يعني النبي عليه السلام - يقول: «إن أدنى الرياء شرك“ . وقال عليه السلام: «أخوف ما أخاف عليكم الرياء والشهرة الخفية». وهذا إيماء إلى خفايا الرياءء وقال عليه السلام: «إن المرائي ينادي عليه بأربعة أسماء: يا فاجر يا غادر يا خاسر ضل عملك وحبط أجرك اذهب فخذ أجرك ممن کنت تعمل لهه . () قال الحافظ العراقى فى المغنى (۳/ 400) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث جندب بن عبد الله وأما حديث ابن عمر فرواء الطبراني في الكبير والبيهقي في الشعب من رواية شيخ يکنى آبا يزيد عنه بلفظ «من سمع الناس سمع الله به سامع خحلقه وحقره وصغرها وني الزهد لابن الميارك ومسند أحمد بن میم آنه من حديث عبد الله بن عمرو. () قال الحافظ العراقى فى المغنى (4056/۳) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي وقال: غريب واين ماجه من حدیٹث أبي هريرة وضعفه ابن عدي . (۳) قال الحافظ العراقي في المغني (456/۳) طبعة دار الحديث: لم أجده هكذا. () قال الحافظ العراقى فى المغنى (401/۳) طبعة دار الحديث: أخرجه الطبراني هكذا والحاكم بلفظ «اليسير من الرياء شرك قال محقق الإحياء ضعيف جداً وذكره الألباني في ضعيف الجامع (۱۳۷۹). () قال الحافظ العراقى فى المغنى (401/۳) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن أبي الدنيا من رواية جبلة اليحصبي عن صاحبي لم یسم وزاد: يا کافر يا خاسر ولم يقل يا مرائي» وإسناده ضعیف. £۱۸ قنطرة القوادح في الطاعات وعن شداد بن آوس قال: رآیت النبي عليه السلام يبكي › فقلت: ما يىكك؟ قال : «إني تخوفت على أمتي الشرك أما إنهم لا يعبدون صنماً ولا شمسا ولا قمراً ولا حجراً ولكتهم ليراؤون بأعمالهم»”. وقال عليه السلام: «لمّا خلق الله الأرض فمادت بأهلها فأوتدها بالجبال فقالت الملائكة ما خلق رينا خلقاً أشد من الجبال فخلق الله الحديد فقطع الجبال ثم خلق النار فأذابت الحديد ثم أمر الله الماء فأطفاً التار فأمر الريح فركدت الماء فاختلفت الملائكة فقالت: نسأل الله فقالت يارب ما أشد من خلقت من خلقك؟ فقال الله لم أخلق شيئا أشد من ابن آدم حين تتصدق یمینه فيخفيها عن شماله فهذا أشد خلقاً خلقته» . وروي أن رجلا قال لمعاذ رحمه الله حدثني حديثاً سمعته من رسول الله ي قال؛ نکی معاذ حتی ظن الرجل أنه لا یسکت ٹم سکت ثم قال: سمعت رسول الله قال: «يا معاذ» قلت له: لبيك يا رسول الله بأبي أنت وأمي قال: «إني لأحدثك حديثاً إن أنت حفظته نفعك وإن أنت ضيعته ولم تحفظه انقطعت حجتك عند الله يوم القيامة يا معاذ إن الله خلق سبعة أملاك قبل أن يخلق السماوات والأرض ثم خلق السماوات والأرض فجعل لكل سماء من السبع ملكا بواباً عليها قد جللها عظماً فتصعد الحفظة بعمل العبد من حيث أصبح إلى ]أن أمسى له نور كنور الشمس حتى إذا طلعت به إلى سماء الدنيا ذكرته فكثرته فيقول / الملك للحفظة اضربوا بهذا العمل وجه صاحبه أنا صاحب الغيبة أمرني ربي ألا أدع عمل من اغتاب الناس يجاوزني إلى غيري؟» قال: «ثم تأتي الحفظة بعمل صالح من أعمال العبد فتزكيه وتكثره حتى تبلغ به إلى السماء الثانية فيقول لهم الملك بها: قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه إنه أراد بعمله هذا عرض الدنيا أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري إنه کان یفختر على الناس في مجالسهم»» قال: «فتصعد الحفظة بعمل العبد يبتهج له نور من صدقه وصيام وصلاة قد أعجب الحفظة فيجاوزون به الثالثة فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه إني ملك الكبر أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إنه كان يتكبر على الناس في مجالسهم» قال: «فتصعد الحفظة بعمل العبد يزهر كما يزهر الكوكب الدري له دوي من () قال الحافظ العراقي في المغني (40۷/۳) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن ماجه والحاکم پنحوه. (۲) قال الحافظ العراقي في المغني (۳/ £457): أخرجه الترمذي من حديث أنس مع اختلاف وقال: غريب .٠ قال المحقق: ذكر ابن حجر في الفتح حديثا عند الإمام أحمد برواية أنس نحواً من ذلك وقال: إسناده حسن (۲/ ۱۷۲)الفتح . قنطرة القوادح في الطاعات £1۹ تسبيح وصلاة وحجح وعمرة حتى يجاوزوا بها إلى السماء الرابعة فيقول لهم الملك: بها قفوا واضربوا بهذا العمل ظهره وبطنه آنا صاحب العجب أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري إنه كان إذا عمل عملا أدخل العجب في عمله؟ء قال: «وتصعد الحفظة بعمل العبد حتى يجاوزوا به إلى السماء الخامسة كأنه العروسة المزفوفة إلى زوجهاء فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه واحملوه على عاتقه أنا ملك الحسد إنه كان يحسد الناس ومن يتعلم ويعمل بمثل عمله فكل من كان يأخذ فضلاً من العبادة يحسدهم ويقع فيهم أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري وتصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة وزكاة وحج وعمرة وصیام فيتجاوزون إلى السماء السادسة فيقول لهم الملك الموكل قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه إنه كان لا يرحم إنساناً قط من عباد الله أصابه بلاء أو ضر أضرَ به بل كان يشمت به آناء ملك الرحمة أمرني ربي أن لا أدع / عمله [٤٥4] يجاوزني إلى غيري»ء قال: «وتصعد الحفظة بعمل العبد إلى السماء السابعة من صوم وصلاة ونفقة واجتهاد وورع له دوي كدوي الرعد وضوء كضوء الشمس ومعه ثلاثة آلاف ملك فيجاوزون به إلى السماء السابعة فيقول لهم الملك الموكل بها: قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه اضربوا به جوارحه اقفلوا على قلبه إني أحجب عن ربي کل عمل لم یرد به وجه ربي إنه أراد بعمله غير الله إنه أراد به رفعة عند الفقهاء وذكراً عند العلماء وصوتاً في المدائن أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري وكل عمل لم يکن لله خالصاً فهو رياء ولا يقبل الله عمل المرائي» قال: «وتصعد الحفظة بعمل العبد من صلاة وزكاة وصيام وحج وعمرة وخلق حسن وصمت وذكر لله تعالى فتشيعه ملائكة السموات حتى يقفوا بين يدي الله تعالى ويشهدوا له بالعمل الصالح المخلص لله قال: «فيقول الله لهم: أنتم الحفظة على عمل عبدي وأنا الرقيب على نفسه إنه لم يردني بهذا العمل وأراد به غيري فعليه لعنتي فتقول الملائكة كلها: عليه لعنتك ولعنتنا وتقول السماوات كلها عليه لعنة الله ولعنتنا وتلعنه السموات السبع ومن فيهن»› قال معاذ: قلت: يا رسول الله أنت رسول الله وأنا معاذ فكيف التجاة مما ذكرت؟ قال: «اقتد بي وإن كان في عملك تقصير يا معاذ حافظ على لسانك من الوقيعة في الناس وعن إخوانك من حملة القرآن واحمل ذنوبك عليك ولا تحملها عليهم ولا ترك نفسك بذمهم ولا ترفع نفسك عليهم ولا تدخل عمل الدنيا في عمل الاخرة ولا تتكبر في مجلسك لكي يحذر الناس من سوء خلقك ولا تناج رجلا وعندك آخر ولا تتعظم على الناس فينقطع عنك خير الدنيا والاخرة ولا تمزق عرض المسلمين فتمزقك كلاب النار يوم £ قنطرة القوادح في الطاعات [٥٥] القيامة / في النار قال الله : #والناشطات نشطاڳ”' أتدري ما هن يا معاذ»؟ قلت: ما هي بأبي هذه الخصال ومن ينجو منها؟ قال: «يا معاذ إنه ليسير على من يسره الله عليه" . قال: فما رأيت أكثر تلاوة القرآن من معاذ حذراً مما في هذا الحديث» والله تعالى أعلم . الرقبة ارفع رقبتك ليس الخشوع في الرقاب إنما الخشوع في القلب . قال: ورأى أبو أمامة رجلا في المسجد يبکي في سجوده فقال: انت انت لو کان هذا في وقال علي للمرائي ثلاث علامات: يكسل إذا كان وحدهء وينشط إذا كان في الناس ويزيد في العمل إذا أثنى عليه وينقص إذا ذم . وقال رجل لعبادة بن الصامت: أقاتل بسيفى فى سبيل الله أريد به وجه الله ومحمدة الناس. قال: لا شيء لك فسأله ثلاثاً كل ذلك يقول: لا شيء لك ثم قال في الثالثة إن الله يقول: أنا أغنى الشركاء عن الشركة . أتحب أن تمقت؟ قال: لا قال: فإذا عملت لله عملا فاخلصه . وقال الضحاك: لا يقولن أحدكم هذا لوجه الله ولوجهك ولا يقال: هذا لله والمرحم فإن الله لا شريك له والاثار في هذا كثيرة تركتها حباً للاختصار . الفصل الأول في بيان حقيقة الرباء”"° اعلم أن الرياء مشتق من الرؤيةء والسمعة مشتقة من السماعء وأصله طلب المتزلة في (١) سورة النازعات؛ الآية: ٠. () قال الحافظ العراقي في المغني (405۹/۳) طبعة دار الحديث: عزاه المصنف إلى رواية عبد الله بن المبارك بإسناد عن رجل عن معاذ وهو كما قال رواه في الزهد وفي إسناده كما ذكر من لم يسم ورواه ابن الجوزي في الموضوعات. قنطرة القوادح في الطاعات ٢€ قلوب الناس بأرائتهم خصال الخيرء فالمرائي هو العابد والمراى هم الناس المطلوب رؤيتهم لطلب المنزلة في قلوبهم. ِ والمرائى به: هو الخصال التي قصد المرائي إظهارها ويتحصر ذلك / في خمسة أقسام [٦٥4] هي مجامع ما يتزين به العبد للناس وهي البدنء والزيء والقولء والعمل؛ والإتباع والأشياء الخارجةء وكل أهل الدنيا يراؤون بهذه الأسباب الخمسة إلا أن طلب الجاه وقصد الرياء بأعمال غير الطاعة أهون من الرياء بالطاعةء فيرائي أهل الدين والدنيا بأبدانهمء وأموالهمء وأعمالهم› وزيهم في أيدانهم. ولباسهم . فأما رياء أهل الدين: ببدنهم فيرائي العبد بالتحولء واصفرار اللون ليوهم الناس أنه شديد الاجتهات وبالخوف والحزن وضعف الصوت» وغور العيونء وذبول الشفاه إعلاما للناس أنه صائم فالتحول دليل على قلة الغذاء وكثرة الأحزانء والاصفرار دليل على قيام الليلء وليس هذا رياء على الحقيقةء وإنما هذا تسميع بلسان الحال لا بلسان المقال . وأما رياء أهل الدنيا بالأبدان: فسمنها وحسنها وصفاء ألوانهاء وأما رياء أهل الدين بالزي: فبشعث الرؤوس» وحلق الشوارب» واستيطال الشعرء وفرقه إظهاراً لكونه متابعاً للرسول في زيه وكذلك غلظ الثياب» وآثار السجودء وتشمير القمص»ء وقصر الأكمامء وخصف النعال وحذوها على زي أهل الدينء ومن هؤلاء من يؤثر حمد أهل الدين والدنيا ليحمده الفريقانء فينفق عندهم ليصل إلى أغراضه منهم فيلبس الثياب الحسان لينفق عند أهل الدنياء ويقصر أكمامها ويشمر ذيولها لينفق عند أهل الدينء وكذلك يلبس النعال الخشان محذوة على نعال أهل الدين» ويبالغ في جودة الثياب ليتقرب من السلاطين زعم أنه إنما يتقرب إليهم لقضاء حوائج المسلمين» ومنهم من يتصنع بالطاعة ليتفق عند المسلمين والمخالفين› ومن ھؤلاء لو أعطي من الأموال الخطيرة ما أعطي لما خرج عن زيه الذي عرف به لئلا يقال : خرج من الاقتداء بنبيه عليه السلام . وأما الرياء بالأقوال: فيرائي أهل الدين بالنطق بالحكم وإقامة الحجج عند أهل المنازلء / وبالحفظ للحديث» وأقوال المختلفين وذكراً لله بالألسنء والأمر بالمعروف والنهي عن [4°۷] المنكر وتضعيف الصوت عند رد الجواب وتحسينه ورفعه عند القراءةء والتأوه عندها ليدل بذلك على المخافة ويرائيى أهل الدنيا بالنطق بالطاعةء وغيرها من الفصاحة عند المحاورة وحسن الصوت وإنشاد الشعر والنحو والغريب واللغةء وكان السلف إذا اجتمعوا يكرهون أن يذكر الرجل أحسن ما عنده. ٢Y£‏ قنطرة القوادح في الطاعات وأما الرياء بالأعمال فيرائي أهل الدين بطول الصلاة وتحسين ركوعها وسجودها وبالصوم والغزو والحج وطول الصمت وبذل الأموال وإطعام الطعام والإأخبات في المشي» إذا ألقى الناس بإرخاء الجفون وتنكيس الرؤوس» والتثبت عند السؤالء ومنهم من يمشي سريعا فإذا اطلم عليه أهل الدين مشى مشية أهل الدين» فإذا جاوزهم عاد إلى ما كان عليه ويرائي اهل الدنيا بصحبة أهل الدين من العلماء والعبّاد ليقال: فلان العالم أو العابدء ويصحبه ويتردد إليه إما لينفق عند الملوك أو ليولى القضاء أو ليستشهد أو يستودع أو يوصى إليه فيخون الأمانة والله أعلم . الفصل الثاني: في مراتب نفي الرياء من مختصر الرعايةء قال للشيطان فى الرياء ثلاثة أحوال: إحداهن: أن يخطر الرياءء والثانية: أن يزينه للعبدء والثالثة: أن يدعوه إِليه ويحثه عليه بعد أن يحببه إليه فأسعد الناس من يدفع الخطرة عن قلبهء ويليه الذي يدفعها بعد تحسينه له ويليه الذي لا يتعاطاه بعد حث الشيطان عليه ودعائه إليهء وهذا جار في جميع المعاصي» قال : ويندفع دعاء الشيطان إلى الرياء وإلى جميع أنواع المعاصي بشيئين: أحدهما كراهيته المعصية والرياءء والثاني: الامتناع مما كرههء وإنما تحصل الكراهية بتذكره ما في تلك المعصية من سخط الله وبما ذكرناء من [] مضار الدارين› / فإن الله تعالى جبل اللإنسان على محبة ما ينفعه وكراهية ما يضرهء وخلق النفس ميالة إلى ما ينفعها غافلة عما يضرهاء والشيطان عون لها على ذلك وخلق العقل ليدفع أعظم الضررين بأدناهماء ويقدم أعلى النفعين على أدناهما. فالشرع هو المعرّف للضررء والنفع والعقل كالبصر لا يرى النفع والضرر إلا في نور الشرع كما أن البصر لا يرى الحسن والقبيح إلا في نور وإذا زين الشيطان المعصية وحببها إلى النفس امتلا القلب بحبهاء فنسي العبد ما كان عزم عليه من الطاعةء والإخلاص فيغفل عما في الفعل من مضرته في دينه ودنياء» وإنما ينقطم ذلك باستجلاب التذكر لما في الذنب من المفاسد التي تزيد على ما في الشهوة من المصالح فإذا علم ما في طاعة الشهوة من الضرر العظيم كرهتها النفس حينئذٍ؛ لأنها مجبولة على دفع أعظم الضررين بالتزام أخفهماء ولا شك أن ضرر الذنوب في الدنيا والاخرة أعظم من ضرر فوات شهوة فانيةء فإذا اطلعت النفس على ذلك صارت مع العقل فغلب جند الرحمن جند الشيطان إذ لا يتصور في العادة أن يتذكر العبد ما في الطاعة والإخلاص من مصالح الدنيا والآخرة وما في الرياء والمعصية من مفاسد الدنيا والاخرةء وما في الرياء والمعصية من مفاسد الدنيا والاخرةء ثم يقدم على الرياء قنطرة القوادح في الطاعات ‎Y۳‏ ‏والعصيان مع علمه بما فيهما من فوات المصالح وحصول المفاسد والذي يضعف دواعي الرياء يذكر الإنسان الآيات والأخبار المتقدمة وما يحرمه الله مع توفيقه وإصلاح قلبهء ومقته تعالى له على ذلك إِذا اطلم على قلبه وهو معتقد للرياء ويحبط عمله ويحرم ثواب الاخرة ويعاقبه إذا تحبب إلى العباد بما يبغضه عند اللهء ويزين لهم بما يشينه عنده ويتقرب إليهم بما يبعده مع أنهم لا يملكون له نفعاً ولاضراً ولا مواتاً ولا حياة ولا نشوراً بما يبعده مم انهم لا يملكون له نفع ولا ضر ولا موت ولا حياةء ولا نشوراً مع أن رضاهم غاية لا تدرك فقد يرضى بعضهم ما يسخط الاخرين / مع أنه يجهل ما يصلح له من المنزلة في قلويهم [42۹] وما يناله من منافعهم» ولا يأمن أن يطلعهم الله تعالی على رياءه فيمتقونه ويحرمونه ويضرونه ولا ينفعونهء فيخسر الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين› فإذا تحقق ما ذكرناء وواظب عليه اضمحل دينه ورياءه شيئاً فشیئاً ویندرج إليه الإخلاص شيئاً فشيئاً إلى أن يصير من المخلصين . فائدة: فإذا أخطر الشيطان قلبه الرياء في شيء من الطاعات كالصلاة مثلاّ فلا يلتفت إليه ولا يشغل به فتنقص صلاتهء ولكن يزيد في تحسينها بإحضار الخشوع وإتمام الركوع والسجود إرغاما للشيطان وكذلك الطاعات . فائدة أخرى: اعلم أن الشيطان يدعو أولاً إلى ترك الطاعة؛ فإن أطاعه الإنسان وتركها فهو مراده» وإن لم يطعه دعاه إلى الرياء بهاء فإن أطاعه أبطلها عليه وإن لم يطعه أوهمه أن ترك العمل خيفة الرياء إخلاص . فاعلم أنه كاذب في إيهامه إذ ليس ترك العمل من أجل الناس خوفاً لمرائاتهم إخلاصء إنما الإخلاص إيقاع الطاعة خالصة لله تعالى دون الناس» فلا يترك الإتسان الطاعة لأجل ما ذكرنا عن الشيطان» فإن عارضه في أثناء الطاعة وقال له: إنك مراء فلا يتركها لكن يزيد فيها ويحسنها ولا يشتغل به وبالله العون والتوفيق. الفصل الثالث: في الإأخلاص قال القه تعالى : وما مروا إلا لِيَعْيْدُوا الله مُخْلِصِين له الَدين. ...4€ الآيةء وقال: #ألا لله الدين الخالص؟ . () سورة البينة الآية: ٥. ٤ قنطرة القوادح في الطاعات وقال النبي عليه السلام: «ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم» متها «إخلاص العمل لله تعالى» . | وقال: «إنما نصر الله هذه الأمة بضعفائها ودعوتهم وإخلاصهم وصلاتهم»"°. وقال عليه السلام: «يقول الله تعالى الإخلاص سر من سرى استودعته قلب من أحببت من عبادي». ‎ ][‏ وقال لمعاذ: «من أخلص العمل لله أربعين / يوماً ظهرت ينابيم الحكمة من قلبه على ‏لان ‎(0) “1 12C sl f. ‏ے _. ا ا‎ ‏ويقال: كتب بعضهم إلى أخ له: اخلص النية في أعمالك يكفك القليل منها `. ‏وقال بعض العلماء: في إخلاص ساعة نجاة الأبدء ولكن الإإخلاص عزيز فالعلم بذر والعمل زرع وماءه الإخلاص» ويقال مراد الله تعالى من عمل الخلق الإخلاصء وقال الحسن: إن لله عباداً عقلواء فلما عقلوا عملواء فلما عملوا أخلصوا فاستدعاهم الإأخلاص إلى أبواب البر أجمع . ‏وقال بعض العلماء: الأمر كله يرجع إلى أصلين؛ فعل من الله لكء وفعل منك له فارض بما فعل واخلص فيما تفعل فإٍذا فعلت بهذين فزت في الدارین . ‏() قال الحافظ العراقي في المغني (70/4) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي وصححه من حديث النعمان بن بشير. قال المحقق: أخرجه الترمذي (۲10۸) من حديث ابن مسعود بلفظ في أوله «نصر الله امرءاً سمع مقالتي... وفي آخره ثلاث لا يغل عليهن. . ..» الحديث قال الألباني: صحيح. ‏)۲( قال الحافظ العراقي في المغني (0۷1/4) طبعة دار الحديث: أخرجه النسائي وهو عند البخاري بلفظ : هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم». ‏(۳) قال الحافظ العراقي في المغني (4٤/۷1٥) طبعة دار الحديث: رويناهء في جزء من مسلسلات القزويني مسلسلاً يقول كل واحد من رواته: سألت فلاناً عن الإخلاص فقالء وهو من رواية أحمد بن عطاء الهجيمي عن عبد الواحد بن زيد عن حذيفة عن البي يَأ عن جبريل عن الله تعالى واحمد بن عطاء وعبد الواحد كلاهما متروك وهما من الزهاد. ورواء أبو القاسم الفشيري في الرسالة من حديث علي بن آي طالب بسند ضعيف. ‏() قال الحافظ العراقي في المغني (۷1/4٥) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن عدي ومن طريقه ابن الجوزي في الموضوعات وعن أبي موسی. ل ‏(٥) أورد الحافظ العراقي في معنى ذلك حديثا في المغني (4٤/٦۷٥) طبعة دار الحديث: أن النبي قال لمعاذ: «أخلص العمل يجزك منه القليل» وقال أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث معاذ ‏وإسناده منقطع . ‎ ‎ قنطرة القوادح في الطاعات ‎{Yo‏ مسألة: واختلفت أقوال العلماء في معنى الإخلاص» فقيل: معناه أن يكون سكون العبد وحركته لله خالصة› وقال بعضهم : الإأخلاص في العمل أن لا يطلع عليه شيطان فيفسده› ولا ملك فيكتبهء وفيل: الإأخلاص تصفية العمل من الكدورات. الحظوظ كلهاء وقيل: سئل النبي عليه السلام عن الإخلاص فقال: «أن تقول ربي الله ثم تستقيم كما أمرت». أي لا تعبد هواك ولا تعد إلا رىك وأن تستقيم في عبادته كما أمرت» فهذا هو الإاخلاص حقاً. وقال بعض العلماء: أجمع الفقهاء على ثلاث خصال أنها إذا صخت ففيها النجاة ولا يتم بعضها إلا ببعض: الإسلام الخالص عن البدعة والهوى والصدق لله تعالى في الأعمال وطيب المطعم والله أعلم . مسألة: واللإخلاص معناه: أن يريد الله تعالى بطاعته ولا يريد بها سواه وله أقسام: أحدها: أن يريد الخلاص من العقاب» والثاني: أن يريد الفوز بالثواب» والثالث: أن يريدهما جميعاًء والرابم: أن يفعل ذلك حياء من الله تعالى» والخامس: أن يفعل ذلك حباً لله تعالى من غير ملاحظة ثواب ولا عقاب» والسادس: أن يفعل ذلك إجلالا لله / تعالى وتعظيماء وأما [461] الرياء فهو أن يريد الناس بطاعة الله سبحانه وهو ضربان : أحدهما: أن لا يريد بتلك الطاعة إلا الئاس . والثاني: أن يريد الناس ورب الناس» وهذا أخحف الريائين؛ لأنه أقبل على الله من وجه وعلى الناس من وجه وأما الأول فقد أعرض عن الله تعالى بالكليةء وكلاهما محبط للعمل لقوله: من عمل عمل أشرك فيه غيري تركته لشريكي ولا يتصور شرك الرياء ممن عبد الله تعالى تعظيماً وإجلالاً؛ لأن تعظيمه يمنعه من أن يعصيه بشرك الرياءء وكذلك الحياء أيضاً يمنعه» وكذلك الحب مانع من عصيان المحبوب فيما يتقرب به إِليه والله تعالى أعلم . الفصل الرابع: فيما يورثه الرياء من الخصال المذمومة متها حب الرياسة والمباهاة بالعلم والعمل › والتفماخر بالدين والدنيا› ومحة العلو والتكاثر بالمال وغيره من الدنياء وبالعلم والعمل والتحاسد عليهما من غير منافسة بل خوفا أن ينال من يحاسده مثل منزلته والحمد بما لم ينله ولم يفعله» ورد الخلق عن غيره من العلماء إِليه ٦٢£ قنطرة القوادح في الطاعات لثلا يقال: هو أعلم منهء وحب الغلبة في المناظرة وترك تعلم ما لا يستغنى عنه وحب التعظيم والإجلال له وتسخير العباد والاحتقار لهم وأن لا يرد عليه شيء من أقواله وأفعاله وأن لا يساوى في العلم بأمثاله› وأن يصر على الخطاً كي لا تنكسر رئاسته وإن وعظ عنف وإن وعظ أنف والمبادرة بالجواب خير يسأل هو أو غيره» يريد بذلك أن يعلو عليه وأمثال هذا مما يطول بها وبشرحها الكتاب . الفصل الخامس: في إظهار العمل للاقتداء وله حالان: أحدهما: أن يكون ممن لا يقتدى به فلا يظهر شيئ من أعماله التي هي تطوع؛ لأنه لا يأمن على الرياء ولا يثق بالاقتداء وأما الفرائض فيجب إظهارها لثلا يساء به ]67٦4[ وأما إن كان / ممن يقتدى به: فإن كان ذلك العمل من أعمال العلانية كالجهاد والحج وغيرهما وأمنَ من الرياء فله أجران أجر العمل وأجر النسبة إلى الاقتداء؛ للأن الدال على الخير كفاعله» وقد ورد في الخبر: «أن عمل العلانية يضاعف سبعين ضعفاً إذا كان إظهاره على نية الاقتداء كما أن إسراره خوفاً من الرياء يضاعف سبعين ضعفاً. وأما إن عمل الطاعة فأخبر بها الناس» فإن ذلك ليعظم عند الناس فهذا مسمعء وفي الخبر: «من سمع سمع الله به وإن أخبر بها ليقتدی به فإن كان ممن یقتدی به فلا ن 7 باس . وقد حكي فعل ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين الذين يقتدى بهم بأقوالهم وأفعالهم› وإن كان لا يقتدى به فلا يتحدث بشيء من ذلك مخافة التسميع والتصنع للناس وبالله التوفيق. (۱) قال الحافظ العراقي في المغني (۹۲/۳٤) طبعة دار الحديث فى نحوه: أخرجه البيهقى فى الشعب من حديث آبي الدرداء مقتصراً على الشطر الأول بنحوه وقال: هذا من أفراد بقية عن شیوخه المجهولين قلت: الشطر الأول هذا ليس بهذا الحديث الموجود معنا -وقال: وله من حديث ابن عمر «عمل السر أفضل من عمل العلانية والعلانية أفضل لمن أراد الاقتداء». وقال: تفرد به بقية عن عبد الملك بن مهران وله من حديث عائشة: «يفصل - أو يضاعف - الذكر الخفي الذي لا يسمعه الحفظة على الذي تسمعه بسبعین ضعفاً' قال: تفرد به معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف. (۲) الشعر الأول من الخبر ورد فيه نص سبق الكلام عليه . قنطرة القوادح فى الطاعات قنطر لقوادج في £۲۷ الباب الثاني 0 العجب وباب والاخرين» وآفته ه ع من من آفات توب لأن الذنوبء ريما انتبه العبد فتاب متها و المعجب لا يکاد يتوب أعاذنا الله تعالى منهء وقد قال النبي عليه السلام: «ثلاث مهلکات: شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنغسە»” . وقال عليه السلام: «النادم ينتظر التوبة والمعجب ينتظر المقت› وقال: «لو لم تکونوا مذنبين لخشيت عليكم ما هو أكبر من ذلك العجب العجب»”. وقال عليه السلام: «لو أن عبداً قدم على الله بأعمال أهل السماوات وأهل الأرض من أنواع البر والتقوى لم يزن ذلك عند الله مثقال ذرة الإعجاب وأذى المسلمين والقنوط من الرحمة ‎NUT‏ وعن ابن مسعود رحمه الله قال: الهلاك في اثنين القنوط والعجب وصدق رحمة الله ؛ لأنه إذا أعجب زكى نفسه ولم يتهمها وقد قال تعالى : فلا تزكوا أنفسكم» قيل: لا تبرۋها. / وعن مطرف بن عبد الله قال: لإن أبيت قائماً فأصبح نادماء أحب إلي من أن آبیت [۳٦4] قائماً فأصبح معجباًء وعن عيسى عليه السلام قال: كم من سراج قد أطفأته الريحء وكم من عابد أفسده العجب» فدلَ ما ذكرنا على أن العجب مفسد للطاعات» وهو من أكبر الأفات على المتعبدين؛ لأن من أعجب بعمله لم ير لنفسه ذنباً فيتوب منه فيفضي به ذلك إلى العزة والتكبر على العباد حتى يصير المعجب كأن له المنة على الله تعالى؛ لاستعظامه أعمالهء وكذلك يمن على العباد بما يسديه إِليهم من معروفه وإحسانه في زعمه فما أجدره بأن يحبط الله سبحانه عمله بإعجابه ويكله إلى نفسه وبالله التوفيق . ہے )۱( ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (١/41) وفيه محمد بن عون الخرساني وهو ضعيف جداً. قاله محقق الإحياء طبعة دار الحديث. (۲) قال الحافظ العراقي ف في المغني (۳/ 0۷۲( : أخرجه البزار وابن حبان في الضعفاء ء والبيهقي في الشعب من خدیث آنس وفیه سلام بن ابي لصهباء ‏ قال البخاري منكر الحديث: وقال أحمد: حسن الحديث ورواه )۳( ا المتقي الهندي في كنز العمال )£۳۹81( وعزاه لى الليلي ف في مسند الفردوس من طریق آي الدرداء وفيه عمرو بن بكر السکس وهو (واه) . £۸ قنطرة القوادح في الطاعات فصل: في أسباب العجب اعلم يا أخي وفقك الله أن سبب العجب استعظامء واستكثار لما فيك من خير وعمل بزعمك فأما العلم فمعرفة الكتب والسنة وإجماع الأمةء ويقع الإعجاب أيضاً بالرأي للصواب: وهو القياس الصحيح ويقع أيضاً بالرأي للخطأً: وهو من وجوه أحدها: زيغة عن الحق› والثانى: فرحة بالباطل والثالث: أنه تعب بما لا يجوز إعجابه والعجب فرحة بالنفس بإضافة العمل إليهاء وحمدها عليه مع نسيان أن الله تعالى هو المنعم به عليهء والتفاضل بالتوفيق له وآما إذا فرح بذلك لكونه منة من الله عليه واستعظامه لما يرجو عليه من ثواب الله عز وجل؛ ولم يضف ذلك إلى نفسه ولم يحمدها عليه فليس بمعجب . قال بعض العلماء: وكذلك إذا علمت أن كل نعمة من الله تعالى ثم استعظمت شيئاً من أعمالك ناسياً غافلاً عن كونه من الله تعالىء ومن نفسك غير حامد لنفسك عليه فلست بمعجب» ولو أحضرت كونه نعمة من الله تعالى كان ذلك بأفضل . ]44[ قال: لأن الفرح بنسبة النعمة إلى الله تعالى مأموراً به في كتاب الله تعالى / قال عز وجل: ثل بفَضلٍ الَِ وميه فييك قَيفْرَحواه. وإنما الشر والإأعجاب في نسبة تلك النعمة إلى النفس» ونسيان كونها من الله تعالى› فما أجدر من فعل ذلك أن يكله الله تعالى إلى نفسه كما فعل تعالى بأصحاب نبيه عليه السلام يوم حنين إذ أعجبتهم كثرتهم فنسبوا النصر إلى الكثرة ونسوا نسبته فخذلوا وانهزموا مع أنهم خير خلق الله تعالىء وقد يؤدي العجب إلى الإدلال على الله تعالىء وهو أن يرى العبد أنه له عند الله قدراً عظيماً قد استحقه واستحق الثواب عليه من الأمن من عقاب الله تعالى» وليس رجاء المغفرة مع الخوف من الله تعالى إدلالً وللإدلال علامات: منها أن يناجي ربه بإدلاله عليه بعملهء ومنها أن يستنكر أن ينزل به بلاءء ومنها أن يستنكر أن ينصره عليه غيره أو ترد دعوته مع كونه عاملاً بالعمل الذي استعظمه حتى حمله على العجب والإدلال فما أجهل المدل على الله تعالى بعلمه أو بعمله كيف يدل على ربه؛ لأن إتعامه عليه وإحسانه إليه والشكر لريه على نعمه أولى به من الإدلال عليه والشكر على النعم من جملة النعم. ولذلك فيل: ضاحك معترف بذنبه خير من باك مدل على ربهء والله تعالی يقول: (١) سورة يونس» الآية: 0۸. قنطرة القوادح في الطاعات £۹ ط ولَْلاً فَضْل الله عَلََكُمْ وَرَحْمتهُ ما رَکیٰ مِنْكُم من أَحَدٍ 4 خد أيداً ۷6 . وقال سيد الأولين والاخرين: «ما منكم من أحد ينجيه عمله»ء قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا آنا ال أن يتغمدني الله برحمته"٩. فائدة : لا يقع العجب إلا لصفة كمال أو ما يعتقد أنه صفة كمال فمن أخطاً في اعتقاده أو في مسألة فرع من الفروع» فإنما أعجب من جهة ظلن أنه على الصواب» فأعجب بصوابه» إذ لا يصح الإعجاب إلا بما يعلم أو يظن أنه من باب السرور» وما فرح أهل البدع بخطاياهم إل لاعتقادهم نهم مصيبون / وقد ذم الله فرحهم في قوله تعالی : لإفََعَطَمُوا َس ر هم بَينَهُمْ وُر ]٥٦4[ ل جرب الهم رو4 فصل: فيما ينفي الإعجاب بالعلم والعمل والرأي والصواب ينفى ذلك باستحضارك أن الذي وفقك للعمل إنما هو الله عز وجل» وإن النفس لا صنع لها في ذلك» وإن من الخطاً أن تنسب الخير إلى من تعرفه إلا بالشر وتقطعه عن من له الأمر كله وإن النعم كلها من الله فإذا لاحظت ذلك؛ وداومت عليه ارتفع عنك العجب» فإن عدت إلى اللإعجاب ونسيت رب الأرباب فعاودها بالدواء الذي قلت لك . فصل: فيما ينفى به الإعجاب بالرأي الخطا فاعلم أن الخطاً ليس بنعمة حتى يقع به الإأعجاب› وإنما هو بلية يتوهم أنها نعمة من الله في كثير من الفروع والأصول وأعجبوا بخطاياهم ظناً منهم أنه صواب وهو بشر مثلهم يجوز عليه ما جاز عليهم مآخذ الحق الحق والصواب موجود في الكتاب والسنةء فمن ذلك ما هو محكم ظاهر لا يقع فيه خطأً ومنه ما هو متشابه قابل للخطاً والصواب فيجب عليه أن يتوقف فيهء وأن لا يجزم برأي حتى يقف على دليل شرعي یعتمد على مثله فإن لم قف على دلیل يرشده إلى مراد الله ورسوله من ذلك المتشابه فليسأل العلماء فإن أوقفوه على المعتمد عليه قبله متهم وإلاً أمن بالمتشابه حتى يقف على دليل شرعي موجب لتأويل المتشابه؛ لأن على العامة الإيمان بالمتشابه› ورد معناه إلى العلماءء وقد يقع الإعجاب بالأعمال بناء على عزمه وجزمهء () سورة النور» الآية: ٠۲. () تقال الحافظ العراقي في المغني (۷/۳٥) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث أبي هريرة. (۳) سورة المؤمنون؛ الأآية: ۳٥. €۳ قنطرة القوادح في الطاعات وما جربه من تفسه ناسياً منة ربه ومضيفاً له إلى تفسه الأمارة بالسوء . فصل: فيما يقع به الإعجاب من الأسباب الدنيوية فمن ذلك إعجاب المرء بحسن صورته ناسياً النعمة لله عليه في ذلك حتى ريما حمله [٦] حسن / صورته على الفجور وينفي ذلك بنظره في بدء خلقهء وأنه خلقه من نطفة قذرةء وفيما يتقلب فيه من الأقذار وبما يصير إليه من سيلان صديده› ونتنهء وتغير صورته؛ وقبح رائحته› وينظر في تضبيعه واجب شكر ربه» وأنه متعرض لسخطهء ودخول التار المغيرة لحسن صورته. ومن ذلك الإعجاب بالقوة والاتكال عليها دون خالقها كما قالت عاد: من اشد متا قو 53 ونفي العجب بذلك أن يعلم أنها نعمة من الله ابتلاء الله بها هل يطيعه فيها أو يعصيه؟ وأنه تعالى قادر أن يسلبها منه فيصبح أضعف خلق الله . ومن ذلك العجب بالعقل والذهن والفطنة باستحسان ذلك والاتكال عليه أن يدري به من أمور دينه ودنياء ما لا يصل إليه غيره ناسياً لإنعام الله تعالى به عليه والتوكل عليه في ذلك كله وقد يحمله ذلك على الجدال بالباطلء واستصغار علم العلماء وعملهم من البر والخير مع تضييعه هو العمل بذلك اجتزاء منه بفهمه وفطنته» وينفي ذلك بأن يعلم أن ذلك نعمة من الله أنعم بها عليه ليؤكد بها الحجة عليه أكد من غير وأنه لا يأمن أن يسلبه ذلك كما فعل بغیره» وكيف ينفعه فهمه إِذا كان غيره أطوع لله منه فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء. ...4 الآية. ومن ذلك العجب بالحسب وهو أن يتعظم بنسبه إلى من عظم الله قدره في الدين بالعلم والرسالة والنبوة ناسياً لإنعام الله عليه وتحقيراً لعباد الله سبحانه وأن له الحق عليهم وقد يعتقد أحدهم أنه ينجو بغير عمل مع فجوره ونفي العجب٠ بذلك بأن يعده من نعم الله عليه وأن الأحساب لا تجلب شيئاً من الثوابء ولا تدفع شيثاً من العذاب» وإن أکرم الناس عند الله تعالى أتقاهم له» وأن النبي عليه السلام قال لابنته فاطمة وعمته صفية: «لا أغئي عنكما من الله شا (١) سورة فصلت» الأية: ١٠. (۲) قال الحافظ العراقي في المغني (۸۱/۳٥) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث أبي هريرة وآخرجه = قنطرة القوادح في الطاعات £۳۱ وأن يعلم أن أسلافه الذين يفتخر بهم إنما / شرفوا بطاعة الله سبحانه واجتناب معصيته [417] ولا يغتر يما روي عن رسول الله ي من الشفاعة لبني عبد المطلب فإنه لا يشفع في أحد من ذوي الأحساب› وغیرهم إلا من ارتضی منهم فهو وغیره ممن لا حسب له سوا وقد يبلغ الحمق بأحدهم بأن يعجب بالانتماء إلى الملوك المشركين من غير العرب استعظاماً لقدره ونسياناً لما صاروا إليه من العذاب» ونفي العجب بذلك أن يعلم أن سطوتهم وبال عليهم من الله تعالی . ومنهم من يعجب بكثرة عدد أولادهء وممالیک› وعشائره› وأصحابه ويتكل عليهم دون ريه وقد يحمله ذلك على أن يسطو على من عانده اعتماداً عليهم» ونفي العجب من ذلك أن يعلم أن النتصر من اللهء وأن النصرة لا تغني شيئ كما لم تغن كثرة أصحاب النبي عليه السلام يوم حنين شيئ مع أنهم خير عصابة على وجه الأرض» وأن كثرة عدده ومدده لا تغني عنه يوم القيامة : يوم يفَو لمر من أخبه وَأ د وید . ومنهم من يعجب بكثرة الأموال فيفتخر بها على الفقراءء وينفي عجبه بذلك أن يعلم أن الأموال فتنة ومحنة ابتلى الله بها العبد ون النْسَانَ ليع أن وَاه أَسْتَفْ € . وأن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامةء وأن غنى قارون كان سبباً لهلاكهء وأن الله عافى الفقراء من التعرض لهذه الفتنة وخلصهم من هذه المحنة وبالله التوفيق. فصل: في الكبر قال الله تعالى : ل في ورم ا يتا خم 0 ن4 تعالى : ئي عت ری ودیک م کل سر4 وقال: وت مل اله على کل قب مكبر جيار . = مسلم من حديث عائشة وأخرجه مسلم بزيادة فلا أن لكما رحما سأبلها ببلالها». من حديث أبي هريرة. () سورة عبس» (الایتان: ٤۳ ٢۳). (۲) سورة العلق؛ (الأيتان: ©5 7). (۳) سورة غافر الأية: ٦0. (4) سورة غافر الأية: ۲7. (0) سورة غافر الأية: ٢۳. ٢£۳ قنطرة القوادح في الطاعات ]4۸[ وعن كعب قال: «يحشر المتكبرون يوم القيامة / أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مکان حتى يسلکوا في نار الآنيار› يسقون من طينة الخبال عصارة أهل النار . نازعني واحد منهما ألقيته في ناري»"'. وعن كعب الأحبار قال: ما من عبد إلا وفي رأسه حكمة بيد ملك فإن تواضع رفعه الله وقال: انتعش نعشك الله وإن تكبر وضعه الله وقال: اتضع وضعك الله . وعن عيسى عليه السلام قال: إن الزرع ينبت في السهل ولا ينبت على الصفاء فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع» ولا تعمر في قلب المتكبر ألا ترون أنه من شمخ رأسه إلى السقف شج ومن تطأطاً أظلهء والآيات والأخبار والأثار في ذم الكبر كثيرة تركتها حباً للاختصار. فصل والكبر معناه أن يتعاظم الإنسان على غيره أنفة واحتقارء وأخلاق الكبر كلها تسمًّى كبراء وقد تكون من الحقد والحسد والرياء والعجب؛ لأن أوله في القلب استعظام القدر» فإذا استعظم العبد قدره تعظم؛» فإذا تعظم أنف وتعزز وافتخر واستطال ومرح واختال› فالتكېر : التعظم وله أسباب من جملتها العجب وهو أكثرهاء ولذلك يطلق الكبر على العجب؛ لأنه ويقال: الفرق بين الكبر والعجب أما في الدين فقد يعجب بعمله فيحمد نفسه وينسى منة ربه» بذلك ولا يتكبر على أحدء وربما أخرجه العجب إلى أن یری أنه خير من غیره فیحقره ويأنف منهء فيكون حينئذٍ متكبراً معجباء وأما بأمر الدنيا فقد يعجب بجماله وماله وقوتهء ولا يتكبر وقليلاً ما ينفرد العجب بالدنيا دون أن يخرج صاحبه إلى الكبر والمرح والخيلاء» ألا ترى إلى قول النبي عليه السلام: «بينما رجل يتبختر في بردين له قد أعجبته نفسه إذ أمر الله الأرض (١) أطراف الحديث عند الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (۳4۳/۸) والبغوي في شرح الستة (۱۳/ ۸8٦۱) والترمذي (٢۲4۹) وأحمد (۱۷۸/۲) والمنذري في الترغيب والترهيب (4/ ۳۸۸8) والسيوطي (5/ ۳۳۳). (۲) قال الحافظ العراقي في المغني (۳/٠01) طبعة دار الحديث في نحوه: أخرجه الحاكم في المستدرك دون ذكر «العظمة» وقال صحيح على شرط مسلم. وقال في موضع آخر: أخرجه مسلم وآبو داود وابن ماجه واللفظ له وقال أبو داود: «قذفته في النار» وقال مسلم: «عذبته» وقال «رداؤه» بالغيبة وزاد مع أبي هريرة أبا سعيد أيضاً. قلت قال: «ألقيته في جهنم ولم يقل في «ناري» كما ذكر المصنف هنا. قنطرة القوادح في الطاعات £۳۳ فأخحذته فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامةه" فوصفه عليه السلام بالعجب / في تبختره [414] وخیلائه . وللكبر أقسام: منها الكبر عن بعض طاعة الله ومنها الكبر عن مبايعة رسول الله يَلقء ومنها الكبر عن عباد الله وهو أن يرى أنه خير منهم فيحقرهم فلا يقبل الحق منهم» وأصله كما قدمنا التعظيم على الناس» ورد الحق مع العلم به ويحقق ذلك قول النبي عليه السلام حين قال ثابت بن شماس أو غيره: يا رسول الله إني امرؤ قد حبب إلى الجمال أفمن الكبر هو؟ قال: «لا ولكن الكبر من بطر الحق وغمط الئاس . وفي حديث آخر: «من سبقه الحق وغمص الناس»"" يعني خفرهم . فائدة: قال بعض العلماء: قل أن يخلوا عالم أو عابد أو عارف عن نوع من الكبرء ولكن قد تخلو قواه عن آثار الكبر فإن تكبر بقلبه لم يحمله ذلك على رد الحق؛ وعلى شيء من أفعال الجوارح» المذمومة وقد جاء عن حذيفة رضي الله عنه أنه ترك إمامة قومهء لأن نفسه حدثته أنه أفضل منهم فيما قالء واستأذن عمر رضي الله عنه إمام قوم أن يدعو بدعوات بعد الصلاة فمنعه خوفاً عليه من الكبر وقال: أخاف أن يتتفخ حتى يبلغ الثريا. فصل قال الغزالي في كتابه أو غيره: فإن قيل فهل سوى العجب والرياء من قادح في العمل قيل له: أجل إن فيه لقوادح سواهما لكن خصصناهما بالذکر؛ لأنهما الأصل الذي يدور عليهما معظم الباب . وقد قال بعض المشايخ: إن حق العبد أن يتحفظ في العمل من عشرة أشياء: التفاقء والرياءء والتخليطء والمَنّء والأذى› والندامةء والعجبء والحسرةء والتهاونء وخوف ملامة الناس ثم ذكر ضد كل خصلة منها وأضرارها بالعمل» فضد النفاق إخلاص؛ وضد التخليط التفريد وضد المَنّ تسليم العمل للهء وضد الأذى تحصين العمل وضد الندامة تثبيت () قال الحافظ العراقى فى المغنى (۳/٠1٥) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث أبي هريرة. (۲) قال الحافظ العراقى فى المغنى (۳/٤۳٥) طبعة دار الحديث: أخرجه من حديث أثناء حديث ابن مسعود في أثناء حديث وقال: «بطر الحق وغمط الناس» ورواه الترمذي فقال: «من بطر الحق وغمص الئاس وقال: حسن صحیح ورواه أحمد من حديث عقبة بن عامر بلفظ المصنف يعني ‎ -‏ من سفه الحق وغمص الاس ورواه البيهقى في الشعب من حديث أبي ريحانة هكذا. (۳) انظر الحديث السابق له. ` . قناطر الخير ات/ج۲/ م۸ 7 قنطرة القوادح في الطاعات []] النفس» وضد العجب ذكر المنةء وضد الحسرة اغتنام الخيرء / وضد التهاون تعظيم التوفيقء وضد خوف الملامة الخشية . واعلم أن النفاق يحبط العمل والرياء يوجب رده» والمن والأذى يحبطان الصدقة في الوقت» وعند بعضهم يبطلان أضعافهاء وأما الندامة فإنها تحبط العمل في قول بعضهم جميعء والعجب يذهب أضعاف العمل؛ والحسرة وخوف الملامة والتهاون تخفف الأعمال فتذهب رزانته . فصل اعلم أن هذه القوادح المتقدمة: من الرياءء والعجب» وأسبابهماء قد اجتمعت فيهن ثلائة أمور: الغبن الشديدء والخطر العظيمء الأول أن الأمر دقيق جداء فإن مجاري الرياء والعجب في الأعمال دقيقة خفية على الناقد البصير في أمر الدين فكيف الغافل النؤم؟ ويحكى أن عطاء السلمي نسج ثوباً فحسنه جداً فعرضه على البزاز فاسترخصه وقال: إن فيه عیوباً کیت وكيت» فأخذه عطاء وأخذ يبكي بكاء شديدء فندم الرجل على ذلك فاعتذر إليهء وجعل يبذل له في ثمنه ما يريد فقال عطاء: ليس ذلك مما تظن إنما انا عامل في هذه الصناعة وقد اجتهدت في تحسين هذا الثوب حتى لا يوجد فيه عيب فلما عرض على البصير بعيوبه أظهر فيه عيوباً كنت غافلاً عنهاء فكيف بأعمالنا هذه إذا عرضت على الله غداكم يبدو فيها من العيوب والنقصان الذي نحن اليوم عنه غافلون. وعن بعض الصالحين قال: كنت ليلة في وقت السحر في غرفة لي شارعةء أقراً سورة طهء فلما إن ختمتها غفوت غفوة فرأيت شخصاً نزل من السماء بيده صحيفة فنشرها بين يدي؛ فإذا فيها سورة طه وإذا تحت كل كلمة عشرة حسنات مثبتة إلا كلمة واحدة فإنى رأيت مكانها محواً ولم أر تحتها شيئثاًء فقلت: والله لقد قرأت هذه الكلمة ولا أرى لها ثواباه ولا أراها أثيتت. [] 3 فقال الشخص: صدقت قرأتها / وكتبناها إلا أنا سمعنا منادياً من قبل العرش امحوها وأسقطوا ثوابهاء فمحوناها فبکیت في منامي وقلت: لما فعلتم ذلك؟ قالوا: مر رجل فرفعت بها صوتك لأجله فذهب ثوابها. وآما الغبن الشديد فإن الرياء والعجب آفة تقع في لحظة فربما تفسد عليك عبادة سبعين قنطرة القوادح في الطاعات £۳ وحكي أن رجلا أضاف سفيان الثوري وأصحابه فقال لأصحابه هاتوا الطبق الذي أتيت به في الحجة الأولى بل الذي أتيت به في الحجة الثانيةء فنظر إليه سفيان وقال: مسكين قد أفسد ووجه آخر من الغبن: إن أقل طاعة سلمت من هذا الرياء والعجب يكون لها من الله تعالى ما لا قيمة لها ولا نهايةء وعن علي قال: لا يقل عمل البنّة وكيف يقل عمل مقبول. وسئل النخعي عن من عمل كذا وكذا ما ثوابه؟ قال: إِذا قبل لا يحصی ثوابهء ولمٹل هذا المعنى وقع نظر أولي الأبصار من العباد في مثل هذه الدقائق فاهتموا بمعرفتها م رعايتها ثم التحفظ عنهاء ولم تغنهم كثرة الأعمال في الظاهر وقالوا في هذا الشأن في الصفوة لا في الكثرة وقالوا: جوهرة واحدة خير من ألف خرزة. وأما الذين قل عملهم في هذا الباب وقل نظرهم جهلوا المعاني وأغفلوا ما في القلوب من العيوب واشتغلوا بإتعاب النفوس في الركوع والسجود وغير ذلك ولم ينظروا ما فيها من المخ والصفوةء وما يغني عدد الجوز ولا لب فيها وما يغني رفع السقوف ولم تحكم مبانيهاء وما يعقل هذه الحقائق إلا العالمون بالل المكاشفون والله تعالى نسأله الهداية . وأما الخطر العظيم فإن عظمه من وجوه أحدها: ملك لا نهاية لعظمته وله عليك نعم لا تعد ولا تحصى» وبدن معيوب بعيوب جمة خفية ومؤف بافات كثيرةء وأمر مخوف» فإن وقع ذلك مع تسارع النفس إليه فيحتاج أن يستخرج عملا صافياً / من بدن معيوب ونفس أمارة [٢۷٤] بالسوء على وجه يصلح لرب العالمين في جلاله وكثرة أياديه ومننهء ويقع موقع الرضى والقبول فيه فيفوتك الربح العظيم الذي لا تتسمح التفس بفوته بل ريما تصيبك فيه مصيبة لا طاقة لك بها وهذا والله شأن عظيم» وخطب جسيم. أما جلال الله وعظمته فإن الملائكة يتعبدون له بأنواع العبادة الليل والنهار إلى نفحة الصبورء فينادون بأجمعهم: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك . وأما النعم: فكما قال: ون بَعُدُوا عم الله ل تَحصُومَا€°. وعلی ما روي أنه يحشر الناس على لانه دواوین : دیوان الحسنات ودیوان السيئات وديوان النعم فقابلوا الحسنات بالنعم فلا يؤتى بحسنة إلا أوتي بنعمة حتى تعم الحسنات وتبقى () سورة إيراهيم» الآية: ٤۳. €۳ قنطرة القوادح في الطاعات الذنوب والسيئات» والأمر المخوف أن العبد يعمل سبعين سنة غافلاً عن عيوبه فربما لا يكون واحد منها مقبولاء وربما يتعبد أعواماً فيفسد بساعة واحدةء وأعظم خطراً من هذا کله ريما ينظر الله إلى العبد يراءي بعمله وخدمته العباد دونه فيطرده طرداً لا مرد له والعياذ بالله تعالی . ولما كان الأمر في الدقة والصعوبة إلى هذا الحد من الخطر نظر أولوا الأبصار فخافوا على أنفسهم حتى قال بعضهم: ما ظهر من أعمالي لا أعده شيئاء وقال آخر: اكتم حسناتك كما تكتم سيثاتك . وروي عن بعضهم أنه كان يقول: إِني أعلم ما عملت من الطاعات غير مقبولة عند الله تعالى فقيل له في ذلك فأجاب: إني أعلم ما يحتاج إليه الفعل حتى يكون مقبولاء وأعلم أني لست أقوم بذلك فعلمت أنها غير مقبولةء قيل له: فلم تفعلها؟ قال: إن يصلحني الله تعالى يوماً فتكون النفس متعودة لفعل الخيرء فلا أحتاج أن أعودها ذلك من الرأس» فهذه أحوال أهل المجاهدات. وينشد: ‎[4V۴]‏ / هيهات تدرك بالتواني سادة كوا النفوس وساعد الاقبال فاعتصم يا أخي بمولاك ذي العظمة والكمال» والزم الباب بالتضرع والابتهال والبكاء آناء الليل وأطراف النهار مع المتضرعين المبتهلين إن وجدتهم من عباد الله الخاشعين» فإنه لا ناج من هذا الأمر إلا برحمته» ولا سلامة من هذا البحر إلا بعنايته فتنبه من رقدة الغافلين وجاهد نفسك في هذه القنطرة المخوفة لعلك لا تهلك مع الهالكينء فنسأل الله تعالى أن يتغمدنا برحمته إنه أرحم الراحمين» فإنه لا حول ولا قوة إل باه وهو حسبنا ونعم الوكيل والحمد لله رب العالمين» والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين . القنطرة السادسة عشرة قنطرة الحمد والشكر فعلىيك وفقك الله لطاعته بلزوم الحمد والشكر لله على أياديه ونعمته ؛ إن الشكر زيادة في النعمء وأمان من الغيرء ودوام لأيادي الله وإحسانه إليك. وقد أمر الله تعالى به عباده فقال: فَأَدْكُرُوني كرك وََشْكُروا لي ولا تَكُفُرُون» ۹ وقال: كوا ين طَييَاتٍ ما رَرَفاكم 9 وقال: نَكُلوا كا رَرَفَكُمْ الله [حَلالا طَياً] وَأَشْكُرُوا [نعْمَة] لله . في أمثالها من الآياتء ولعلو رتبة ة الشكر طم الع ايليس في أكثر الخلق فقال: ولا تَحدُ َكرَهُمْ شاکرين»'ء وقال تعالى: #وَقَلِيل من عِباديَ الشَكُو 4 وقطع تعالى بالمزيد مع الشكر ولم يستثن فقال: لين شَكَرتُمْ لأزيدنڭە€”». وهو خلق من أخلاق الربوبية. قال تعالى : وال شکور حل ٠ وجملة مفتلح ۳ اهل الجنة فقال عنهم أَلْحَمْدُ لله الي صَدَق َد وقال: واخ دَعُوَاهُمْ أن أَلحَمْدُ رب أَلْعَالَمين ٠ وقال تعالى : اليس أَللَهُ ألم بالشّاكرين”"ء وعن النبي عليه السلام قال : «المؤمن ن الذي يغلب الحلال / شکره ه والحرام صبرها. لحَنْدٌ لله وقال عليه السلام: «خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكراً صابراًء ومن لم تکونا فيه لم (١) سورة البقرق الآية: ١١٠. () سورة البقرق الأية: 07. (۳) سورة التحل؛ الآية: ١١٠. () سورة الأعراف الآية: ١٠۱ (0) سورة سبأء الآية: ١۱. () سورة إيراهيم؛ الأية: ۷. (۷) سورة التغابن› الآية: ۱۷. () سورة الزمر الآية: ٤۷. (۹) سورة يونس» الآية: ١٠ (١٠) سورة الأنعام الأية: ۳٥. £۳۸ قنطرة الحمد والشكر يكتبه شاكراً ولا صابراً من نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدی به» ونظر في دنياء لى من هو دونه فحمد الله على فضله به عليه ۰ وروي عنه أنه قال: «لا تنظروا إلى من فوقكم» وانظروا إلى من دونکم فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم" ٠ وروي عنه أنه قال: «يحاسب ابن آدم يوم القيامة بكل نعمة أنعمها الله عليه ويسأل عن شكرها غير أربع: خبز يأكله» وماء قراح يشربهء وثوب يواري به عورته» وييت يسكن فيه من الحر والبرد؛ فما أعطى فضلاً عن هذا حوسب بهء وسئل عن شکره). وعن ابن عباس في قوله تعالى: «وَأسْبَعْ عَليْكُمْ نعَمَهُ طَاهِرة وَبَاطنَد€. قال: أما الظاهرة: فالإسلام» وما حسن من خلقك» وأفضل عليك في الرزق» وأما الباطنة: فما ستر عليك من الذنوب والعيوب» قال: وسمع رجل رجلا يقول: الحما. لله على نعمة الإسلام؛ فقال: إنك لتحمد الله على نعمة عظيمةء وقال سفيان: لما جاء البشير يعقوب بيوسف عليه السلام قال: على أي دين تركته» قال: على الإسلام قال: الحمد لله الآن تمت النعمة. وروي عن كعب قال: ما أنعم الله على عبد في الدنيا نعمة فشكرها إلا أعطاه الله نفعها في الدنياء ورفع له بها درجة في الأخرةء وما أنعم الله على عبد نعمة فلم يشكرها إلا منعه الله نفعها في الدنياء وفتح له بها طبقاً في النار. وقال النبي عليه السلام: «الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابرء وعن وهب بن منبه () أطراف الحديث عند الترمذي (۲٠۲0۱) والتبريزي في مشكاة المصابيح (٦0٠01)› السيوطي في الار المنشور (١/٤١۱). وشرح السنة للبغوي (٤٠/۲۹۳) وابن حجر في المطالب العالية (۲58۹) والمتقي الهندي في الكتز (144۳). والألباني في الضعيفة (1۳۳). وابن المبارك فى الزهد (٠0). وابن الستى فى عمل اليوم والليلة ۳09).. ` 0 (۲) أطراف الحديث أحمد (۲/٤۲) والزييدي في إتحاف السادة المتقين (٦/١۳1). وأبي نعيم في تاريخ أصبهان (۷/۱٢۲) والألبانى فى الضعيفة (1۳۳). (۳) سورة لقمان؛ الآية: 270 ` () قال الحافظ العراقي في المغني (٤/۱۲۷) طبعة دار الحديث: علقه البخاري وأسنده الترمذي وحسنه ابن ماجه وابن حبان من حديث أبي هريرة ورواه ابن ماجه من حدیث سنان بن سنة وفی إسناده اختلاف. قال محقق الإحياء: أخرجه الترمذي (٩٦۸٢٤۲) وأحمد (۲۸۳/۲ء ۲۸۹) وابن ماج (٤۱۷۱)› وابن حبان (۱/٥٠۳) في الإأحسان؛ والحاكم (4۲/۱) وصححه ووافقه الذهبي وقال الألباني في الصحيحة (5٥60) صح . قنطرة الحمد والشكر £۳۹ قال داود: يا رب ابن آدم ليس منه شعرة لا تحتها ولا فوقها منك نعمة؛ فمن اين يكافثها بما أعطبته؟ فأوحی لله إليه: يا داود إني أعطي الكثير » وأرضی بالیسير› وإن شكر ذلك أن تعلم أن ما بك من نعمة فمني . وعن النبي / يِل قال : «ينادي يوم القيامة ليقم الحامدون فيقومون زمرة فينصب لهم لواء [٥4۷] آخر : «اعلی السراء والضراء» . وقال : لاالحمد رداء الرحمر»' ويقال أن الله تعالى أوحى إلى أيوب عليه السلام: أني رضيت بالشكر مكافأة من أوليائي في کلام طویل ٠ وأوحى الله إلمه في صفة الصابرين دارهم دار السلام إذا دخلوها ألهمتهم الشكر وهو خير الكلامء وعند الشكر أستزيدهم . النبي يٍَ: «ليتخذن أحدكم لساناً ذاكراً وقلباً شاكرا ٩ . عبد العزيز: تذاكروا النعم؛ فإن ذكرها شكرء وكان مطرف بن عبد الله يقول: إلهي منك تكون النعمةء وعليك تمامهاء وأنت تعين على شكرها وعليك ثوابهاء وقال بعضهم: الشكر قيد. الضيف إن وجده لم يرم وإن عدمه لم يقم. وقال بعضهم: اشكر لمن أنعم عليك وأنعم على من شكرك فإنه لا بقاء للنعمة إذا كفغرت› ولا زوال لها إذا شکرت؛› وإن شكر زيادة من المنعم وأمان من الفقر . ويروى أن داود عليه السلام بينما هو في محرابه إِذ مرت به دودة فتفكر في خلقها؛ فقال: ما يعباً الله عز وجل بخلق هذه! فأنطقها الله فقالت: يا داود أتعجبك نفسك؟ لأنا على قدر ما أتانى الله عز وجل لأذكر الله وأشكر له منك. () قال الحافظ العراقي في المغني (٤/۱۲۷) طبعة دار الحديث: أخرجه الطبراني وأبو 1 في الحلية والبيهقي في الشعب من حديث ابن عباس بلفظ: «أول من يدعى إلى الجنة الحمادون. ... الحديث». وفيه قيس بن الربيع ضعفه الجمهور. () قال الحافظ العراقي في المغني (٤/۱۲۸): لم أجد له أصلاً وفي الصحيح من حديث أبي هريرة «الكبر رداۋه. . . الحديثا. (۳) هذا الحديث تقدم غير مرة وهو في النكاح. £۳۸ قنطرة الحمد والشكر يكتبه شاكراً ولا صابراً من نظر في دینه إلى من هو فوقه فاقتدی بهء ونظر في دنياه لى من هو دونه فحمد الله على فضله به علیه» ٩ . وروي عنه أنه قال: «لا تنظروا إلى من فوقكم» وانظروا إلى من دونکم فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله علیکم»› وروي عنه أنه قال: «يحاسب ابن آدم يوم القيامة بكل نعمة أنعمها الله عليه ويسآل عن شكرها غير أربع: خبز يأكله» وماء قراح يشربهء وثوب يواري به عورته» وبيت يسكن فيه من الحر والبرد؛ فما أعطى فضلاً عن هذا حوسب بهء وسئل عن شکره). وعن ابن عباس في قوله تعالى: «وَاسْبَع ۳ عَلََكُمْ نِعَمَهُ طَاهرَة وَبَاطِنَة'. قال: أما الظاهرة: فالإسلام وما حسن من خلقك» وأفضل عليك في الرزقء وأما الباطنة: فما ستر عليك من الذنوب والعيوب»› قال : وسمع رجل رجلا يقول : الحما. لله على نعمة الإسلام؛ السلام قال: على أي دين تركته» قال: على الإسلام قال: الحمد لله الآأن تمت النعمة. وروي عن كعب قال: ما أنعم الله على عبد في الدنيا نعمة فشكرها إلا أعطاه الله نفعها في الدنياء ورفع له بها درجة في الاخرةء وما أنعم الله على عبد نعمة فلم يشكرها إلا منعه الله نفعها في الدنياء وفتح له بها طبقاً في النار. وقال النبي عليه السلام: «الطاعم الشاكر بمتزلة الصائم الصابر"ء وعن وهب بن منبه (۱) أطراف الحديث عند الترمذي (۲51۲) والتبريزي في مشكاة المصابيح (٠٠01)ء السيوطي في الدر المتثور (١/٤١٠). وشرح السنة للبغوي (4٤٠/۲۹۳) وابن حجر في المطالب العالية (۲0۸۹) والمتقي الهندي في الكتز (149۳). والألباني في الضعيفة (1۳۳). وابن المبارك في الزهد (0). وابن السني في عمل اليوم والليلة (٤۳۰). () أطراف الحديث أحمد (۲04/۲) والزييدي في إتحاف السادة المتقين (٠/٠٠۳). وأبي نعيم في تاريخ اصبهان (۷/۱٥۲) والألباني في الضعيفة (1۳۳). () سورة لقمان› الآية: ٢۲. () قال الحافظ العراقي في المغني (٤/۱۲۷) طبعة دار الحديث: علقه البخاري وأسنده الترمذي وحسنه ابن ماجه وابن حبان من حدیث أي هريرة ورواه ابن ماجه من حدیث سنان بن سنة وفي إسناده اختلاف. قال محقق اللإحياء: أخرجه الترمذي (٦۸٤۲) وأحمد (/۲۸۳ء ۲۸۹) وابن ماجه (٤۱۷۱). وابن حبان (١/٠۲) في الإحسان؛ والحاكم (۱/ ٤٤٤) وصححه ووافقه الذهي وقال الألباني في الصحيحة (6005) صحح .٠ قنتطرة الحمد والشكر ۳۹٤ قال داود: يا رب ابن آدم ليس منه شعرة لا تحتها ولا فوقها منك نعمة؛ فمن أين يکافئها بما أعطيته؟ فأوحى الله إليه: يا داود إني أعطي الكثيرء وأرضى باليسيرء وإن شكر ذلك أن تعلم أن ما بك من نعمة فمني . وعن النبي / يِل قال : اينادي يوم القيامة ليقم الحامدون فيقومون زمرة فينصب لهم لواء [4۷°] آخر: «على السراء والضراء. وقال: «الحمد رداء الرحمرت" ويقال أن الله تعالى أوحى إلى أيوب عليه السلام: أني رضيت بالشكر مكافأة من أوليائي في كلام طويل» وأوحى الله إليه في صفة الصابرين دارهم دار السلام إِذا دخلوها ألهمتهم الشكر وهو خير الكلامء وعند الشكر أستزيدهم . ويروى أنه لما نزل في الكنوز ما نزل قال عمر رضي الله عنه: فاي المال نتخذ؟ قال النبي يَ: اليتخذن أحدكم لساناً ذاكراً وقلباً شاكر . فأمر ره بدلا من المالء وال ابن مسعود: الشكر تصفت الأيمان› وقال عمر بن عبد العزيز: تذاكروا النعم؛ فإن ذكرها شكرء وكان مطرف بن عبد الله يقول: إلهي منك تكون النعمة› وعليك تمامهاء وأنت تعین على شکرم وعليك ٹوایهاء وقال ‎We‏ اشكر قي الضيف إن وجده لم يرم وإن عدمه لم يقم. وقال بعضهم : اشكر لمن أنمم علي وائ علا من شكرك فإنه لا بقاء للنعمة إذا كفغرت› ولا زوال لها إذا شكرت؛ وإن شكر زيادة من المنعم ويروى أن داود عليه السلام بينما هو في محرابه إذ مرت به دودة فتفكر في خلقها؛ فقال: ما يعباً الله عز وجل بخلق هذه! فأنطقها الله فقالت: يا داود أتعجبك نفسك؟ لأنا على قدر ما أتانى الله عز وجل لأذكر الله وأشكر له منك . (١) قال الحافظ العراقي في المغني (٤/۱۲۷) طبعة دار الحديث: أخرجه الطبراني وابو 9 في الحلية والبيهقي في الشعب من حديث ابن عباس بلفظ: «أول من يدعى إلى الجنة الحمادون. ... الحديث». وفيه قيس بن الربيع ضعفه الجمهور. () قال الحافظ العراقي في المغني (٤/۱۲۸): لم أجد له أصلاً وفي الصحيح من حديث أبي هريرة #الكبر رداؤه. . . . الحديثا. (۳) هذا الحديث تقدم غير مرة وهو في النكاح. £ قنطرة الحمد والشكر ويروى عن الحسن بن علي أنه التزم الركن فقال: إلهي نعمتني فلم تجدني شاكرء وابتليتني فلم تجدني صابرا؛ فلا أنت سلبت النعمة بتركي الشكر› ولا أنت أدمت الشدة بتركي الصبر» إِلهي ما يكون من الكريم إلا الكرم» ولا من الجافي إلا الجفا. ]٦4۷[ وعن علي قال: لا تكن ممن يعجز عن شکر ما آولي / ويبتغي الزيادة فيما بقي ینھی ولا يتتهي › ويأمر الناس بما لا يأتيء يحب الصالحين ولا يعمل بأعمالهم› ويبغعض المسيئين وهو منهم» يكره الموت لكثرة ذنوبهء ولا يدعها في طول حياته. وفرقة طردوا من خدمته ولم يطردوا عن بابه» وفرقة اكرموا بخدمته؛ فالواجب على الشاکرین أن يقولوا الحمد لله الذي لم يجعلنا من المطرودين من بابه وهم الكفارء ولا من المطرودين من خدمته وهم الفساق› وجعلنا من المكرمين بخدمته وهم أهل المساجد. وقال سفيان: قال لي جعفر بن محمد إِذا جاءك ما تحب فأكثر الحمدء وإذا جاءك ما تكره فأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالل وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار» قال سفيان: فانتفعت بهذه الموعظة. فصل فإن قيل فما حقيقة الحمد والشكر» وما معناهماء وحكمهما. فاعلم أنه ذكر الغزالي في كتابه فقال: إن العلماء فرقوا بينهما عند التحصيل فإن الحمد من أشكال التسبيح والتهليل فيكون من المساعي الظاهرةء والشكر من أشكال الصبر والتفويض فيكون من المساعي الباطنة؛ ولان الشكر يقابل الكفرانء والحمد يقابل اللوم - وصدق -. قال الله تعالى عن سليمان عليه السلام: «َليبلوني عََشْكُر أم اَمو وقال القائل في الحمد وضده: واعلم بأن الضيفَ بر حل سوف يحمَد أو يلوم قال: ولأن الحمد أعم والشكر أخص فثبت أنهما معنيان متميزان» قال: ثم إن الحمد الثناء على أحد بالفعل الحسن؛ قال: وأما الشكر فتكلموا في معنا فعن ابن عباس قال : الشكر هو الطاعة بجميع الجوارح لرب الخلائق في السر والعلانية. وقال بعضهم في تفسير )۱( سورة النمل› الاية: ٠. قنطرة الحمد والشكر 11 قول الله تعالى : «أَعْمَلُوا آل دَاؤْدَ شُكُراً 4 قال: الصلاة شكرء وكل عمل يعمل لله فهو شكر» والصوم شكرء وأفضل الشكر الحمدء وقال بعضهم: الشكر الاحتراس عن اختيار / معاصي الله تحترس على قلبك ولسانك وأركانك حتى لا تعصي الله بشيء من هذه الثلائة [۷۷٤] بوجه من هذه الوجوه؛ قال: وذلك بتذكر إحسانهء وحسن حال الشاكر في شكرهء وقبح حال الكافر في كفرانهء قال: إن أقل ما يستوجبه المنعم بنعمته ألا يتوصل بها إلى معصيته› وما أقبح حال من جعل نعمة المنعم سلاحاً على عصيانهء فعلى العبد إِذاً من فرض الشكر في حقيقته أن يکون له من تعظيم الله سبحانه ما يحول بینه وبين معاصیه على حسب تذکر النعمةء فإذا أتى بذلك فقد أتى بما هو الأصل فيه قال: ثم يقابل ذلك بجد في الطاعةء وجهد في القيام بالخدمةء إذ هو من حقوق النعمء ولا بد من الاحتراس عن المعصية - وبالله التوفيق -. فصل اعلم أن الشكر لله على النعمة من الله تعالى لا يقدر عليه الآدمي إذا تحقق ذلك؛ لأن الشكر على النعم إنما يكون بتوفيق الله تعالى» فالتوفيق نعمة أخرى يستحق به الله تعالى عليه الشكر فيتسلسل ذلك إلى ما لا نهاية له كما قال الحسن: يا ابن آدم متى تنفك من شکر النعم وأنت مرتهن بهاء كلما شكرت نعمة تجد ذلك بالشكر أعظم منها عليك› فأنت لا تنفك بالشكر من نعمة إلا إلى ما هو أعظم منهاء وأنشدوا: إذا كان شكري نعمة الله نعمة علي له في مثلها يجب الشكر فكيف بلوغ الشكر إلا بمنة وإن طالت الأيام واتصل العمر إذا مس بالسراء عم سرورها وإن مس بالضراء أعقبها الأجر فما منهما إلا له نيه نعمة تضيق بها الأوهام والبر والبحر وفي مثڻل هذا قال داود: يا رب فكيف أشكرك وأنت الذي تنعم علي؟ ٹم رزقتني على النعمة الشكر النعمة منك والشكر منك فكيف أطيق شكرك؟ فأوحى الله إليه الآن عرفتني وفي مثل هذا روي / عن موسی عليه السلام قال: يا رب كيف استطاع آدم أن يؤدي [۷۸٤] شكر ما صنعت إليه؟ خلقته بيدك» ونفخت فيه من روحك» واسجدت له ملائكتك»› واسکنته (١) سورة سبأء الآية: ١٠۱. ۲٤£ قنطرة الحمد والشكر جتتك؛» فقال: يا موسى علم أن ذلك مني فحمدني عليهء فكان ذلك شکر ما صنعت» وآنشد لأبى العتاهية : ۱ أحمد الله وهو ألهمني الحمد على الحمد والمزيد لديه کم زمان بکیت فيه فلما صرت في غيره بکیت عليه ولمحمد بن حازم : الله أحم دشا را فېلاۋە < ن جمیل نجلواً من الأحزان خف الظهريةنعتني القليل > دا ف ام ن لمخ لوق علي ولاسيل وينشد للبيد: إن تقوى رباخير نفل وبإذن الله ريشي وعجل أحمداللّه فلانأله بيديه‌الخيرماشاء فعصل من هداه سبل الخيراهتدى ناعم البال وَمَن شاء أضل ويروى أن عمر بن عبد العزيز كان يقول: الحمد لله الذي من نطق سمع نطقهء ومن صمت علم ما نفس ومن عاش فعليه رزقهء ومن مات فإليه مصيره» أنا الفقير الذي أغنيت› والجائم الذي أشبعت» والعاري الذي كسوت» والراجل الذي حملت» والخائف الذي أمنت› الحمد لله رب العالمين› اللهم إنك خلقتني كيف شئت» فارحمني كيف شئت» ووفقني لطاعتك حتى تكون ثقتي كلها بكء وخوفي كله منكء وسرعتي كلها إليك» الهم حبب إِليّ الخير كحبي له يوم أرى ثوابه» وأبغض إِليّ الشر كبغضي له يوم أرى عقابه» فإن القوم الذين رحمتهم كانت رحمتك لهم قبل طاعتهم لكء وقد قلت رحمتي وسعت كل شيء فلتسعني رحمتك يا أرحم الراحمين . ]۷۹[ ويروى أن دانيال عليه السلام لما جاءه أرميا عليه السلام / وهو في سجن بخت نصرء قال دانيال: من أرسلك إِليّء قال: الله تعالىء قال دانيال: أو قد ذكرني؟ قال: نعم قال : الحمد لله الذي لا ينسى من ذكرهء والحمد لل الذي لا يخيب من رجاه والحمد لله الذي من وثق به لا يكله إلى غيرهء والحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحساناًء والحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاة والحمد لله الذي هو يكشف ضرنا بعد كربناء والحمد لله الذي هو ثقتنا عند سوء الظن بأعمالناء والحمد لله الذي هو رجاءنا حين ينقطع الرجاء . قنطرة الحمد والشكر ۳٤£ قال: وقال آخرون وهو الأولى أن شدائد الدنيا مما يلزم العبد الشكر عليها؛ لأنها نعم بالحقيقة بدليل أنها تعرض للعبد لمنافع عظيمةء ومثوبات جزيلة تتلاشى في جنبها مشقة هذه الشدائد وأي نعمة تكون أكبر من هذه ومثال ذلك كمن يسقيك دواء مرا كريهاً أو يفصدك أو يحجمك لعلة عظيمة فيؤدي ذلك إلى صحة النفس› وسلامة اليدنء / وصفوة العيش› فیکون ]48[ إيلامه إياك بمرارة الدواء وجراحة الفصد والحجامة نعمة بالغة بالحقيقة ومنة ظاهرةء وإن كان في صورته مكروهاً ينفر منه الطبمء وتستوحش منه النفس» وأنت تحمد الذي تولى منك ذلك بل تحسن إليه ما أمكنك» فكذلك حكم هذه الشدائد. ألا ترى أن النبي ية كيف حمد الله وشکره على الشدائد كشكره على المسار حيث قال: «الحمد لله على ما أساء وستراء وقد قال الله تعالى: ®ِوَعَسَىٰ أَنْ تَكُرَهُوا شيا وهو حن ك9 وقال: #فَعَسَىٰ أن َكُرَهُوا شيا افو دا كر رما سما كثيراً فهو أكثر مما يبلغه وهمك والله أعلم . فصل اعلم أن الشكر يستفيد به الشاكر خصلتين : أحدهما: دوام النعمة؛ لأن الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم› فالشكر قيد النعمة به تدوم› وبتركه تزولء قال البي عليه السلام: إن للنعم أوابد کأوابد الوحش» فقيدوها بالشكرء وقال عز وجل: نكرت يمم اله َا الله ل لباس الجُوع ی و ۳ وَاَلْحَوْف. . . .4 الآيةء وقال: ًا يَفْعَل الله بهذا بكم ِنْ كرتم و 2 0 والخصلة الثانية: حصول الزيادة» قال الله تعالى: لن شَكەدُ لادنېك وقال : طوَالْذِيَ هْتَدَوا رَادَهُمُ هٌى وقال: «وَالَذِينَ جَامَدُوا فِا ديهم سبلت سا...۷ الأية. (١) سورة البقرق الأية: ٢۲۱. (۲) سورة النساى الاية: 1۹. (۳) سورة التحل؛ الاية: ١١۱. (8) سورة النساى الأية: ١٤٠. (0) سورة إيراهيم؛ الآية: ۷. (1) سورة محمد الأية: ١۱. (۷) سورة العنكبوت؛ الاية؛ ۹. 1 قنطرة الحمد والشكر والسيد الحكيم إِذا رأى العبد قد قام بحق نعمة أنعم عليه أخرى ويراه أهلاً لهاء وإلا قطع ذلك عنه. ثم النعم قسمان: دنيويةء ودينية. فالدنيوية ضربان: نعمة نفعء ونعمة دفع. فتعمة النفع هي ما أعطاك الله من المصالح والمنافعء وهي نوعان: الخلقة السوية في سلامتهاء وعافيتهاء والملاذ الشهية من المطعم والمشرب والملبس والمنكح وغيرها من فوائدها. ونعمة الدفم أن صرف عنك المفاسد والمضارء وهي ضربان: أحدهما في النفس بأن سلمك من زمانتهاء وسائر آفاتها. والثاني دفع ما يلحقك من ضرر أنواع العلائقء ويقصدك بسوء من إنس أو جنء وسباع› وهوام» ونحوها. ]4۸[ وأما النعم الدينية فضربان: نعمة التوفيق للإسلام والسنة والطاعة / والثاني نعمة العصمة من الشرك والكفر والبدعة والضلال وسائر المعاصي . وتفصيل ذلك لا يحصيه إلا السيد العليم ر الذي أنعم عليك بهاء كما قال تعالى : ورن تَعُدُوا نعُمَة الله لا نَحْصُومَا4”. وإن دوام هذه النعم كلها والزيادة عليها من كل باب منها ما لا يبلغه وهمك» فكلها متعلق بشيء واحد وهو الشكر والحمد لله فالخصلة التي تكون لها هذه القيمةء ويكون لها كل هذه الفائدة لحقيق أن يتمسىك بها فإنها جوهر ثمين» وكيمياء عزيز - والله ولي التوفیق بفضله -. فصل فإن قيل فما موضع الشكر؟ فاعلم أن موضعه هو النعم الدينية والدنيوية على أقدارهاء وآما الشدائد والمصائب في الدنيا في نفس أو أهل أو مالء فتكلمت العلماء فى ذلك هل يلزم العبد الشكر عليها؟ قال بعضهم: لا يلزم العبد عليها من حيث هي» وإنما يجب فيها الصبر وأما الشكر فإنما هو على النعمة لا غير . قالوا: ولا شدة إلا وفي جنبها نعم الله تعالى فيلزم الشكر على تلك النعم المقرونة بها دون نفس الشدةء وتلك النعم هو ما قاله ابن عمر: ما ابتليت ببلية إلا کان لله تعالى علي فيها (۱) سورة إيراهيم» الآية: ٤۳. قنطرة الحمد والشكر £ أربع نعم إذ لم تكن في ديني» وإذ لم تكن أعظم منهاء وإِذ لم أحرم الرضی» وإذ رجوت الثواب عليها وقيل أيضاً: من تلك النعم أن تلك الشدة زائلة غير دائمةء وأنها من الله تعالى وإن كانت بسبب مخلوق» فإنها لك عليه لا له عليك» فإذاً يلزم العبد الشكر على النعم المقترنة بالشدة. فصل فإن قلت فالشاكر أفضل أم الصاير؟ فاعلم أنه قيل أن الشاكر أفضل بدليل قوله تعالى : «وَقليل من عباديٍ الشَكُور»”. فجعلهم أخص الخواص وقال في نوح عليه السلام: إن كَانَ عدا شكُوراً 4 وقال في إيراهيم عليه السلام: شَاكِراً لأَنْعّمهڳ”؛ ولأنه في منزلة الإنعام والعافيةء ولذلك قيل: لأن أنعم فأشكر أحب إِليّ من أن أبتلى فأصبر . وقيل: بل الصابر أفضل؛ لأنه أعظم مشقة فيكون أعظم ثواباه وأرفع متزلة» وقال تعالى: نا وَجَدَاهُ ضارا َعم عند وقال: ونما يوق اَلصَايرْرِنَ أَجْرَهُمْ َير ياب4" وقال: ولل يحب الصّابرين”°. قال الغزالي : الشاكر بالحقيقة لا يكون إلا صابرء والصابر بالحقيقة لا يكون إلا شاكرا؛ لأن الشاكر في دار المحنة لا يخلو من محنة يصبر عليها لا محالة ولا يجزع» والصابر لا يخلو من نعمة كما ذكرنا في الشدائد أنها نعم على الحقيقة على ما تقدم» فإنه شكر على الحقيقة إذا صبر لأنه حبس نفسه عن الجزع تعظيماً لله تعالى» وهذا هو الشكر بعينه» إذ هو تعظيم يمنع من العصيان؛ ولأن الشاكر يمنع نفسه عن الكفران فيصبر على المعصيةء وحمل على نفسه الشكر والطاعةء فصار بصبره على الطاعة صابراً على الحقيقة . والصابر عظم الله حتى منعه تعظيمه عن الجزع فيما أصابهء وحمله على الصبر فقد / شكر الله تعالى فصار شاكراً بالحقيقة؛ ولأن حبس النفس عن الكفران مع قصد النفس لها [48۲] شدة يصبر عليها الشاكرونء وتوفيق الصبر والعصمة نعمة يشكر عليها الصابرون› فأحدها لا () سورة سب الآية: ١۱. () سورة الإسراء الآية: ۳. () سورة التحل؛ الآية: ١١٠. (8) سورة صنَ؛ الآية: ٤4٤. () سورة الزمر الآية: ١٠ () سورة آل عمران» الأآية: ١٤۱. ٦٤£ قنطرة الحمد والشكر ينفك عن الآخر؛ ولأن البصيرة الباعثة عليهما واحدة وهي بصيرة الاستقامة في قول بعض علمائناء - وبالله التوفيق -. فصل فعليك يا أخي ببذل المجهود في قطع هذه القنطرة اليسيرة المؤنةء الكبيرة القدرء العظيمة النافمء وتأمل أصلين : أحدهما: أن النعمة إنما تعطى لمن يعرف قدرهاء وذلك هو الشاكر لهاء دليل ذلك قوله بال هؤلاء الفقراء من العبيد والأحرار أعطوا نعمة اللإسلام بزعمهم دونناء وذلك قوله: وأملاء من الله عَلَهِمْ من يبنا . فأجابهم الله تعالى : اليس الله بأل بالشّاكِرين»”°. ظنوا أنما يعطى النعمة العظيمة أكثرهم مالأ وأعظمهم حسباً ونسباء فأجابهم الله تعالى بما تقدم» وتقدير الكلام أن السيد الكريم إنما يعطي نعمته لمن عرف قدرهاء وهو الذي أقبل بنفسه وقلبه على مراعاتهاء ولا يعباً بالمشقة فى تحصيلها. وكان في علمنا السابق أن هؤلاء الضعفاء هم القائمون بشكرهاء فكانوا أولى بهذه النعمة منكم؛ فلا اعتبار بغناكم ولا جاهكم؛› فأنتم تظنون النعمة إنما هى الدنيا وحطامهاء وعلو الأحساب والأنساب لا الدين والحق معرفتهء وإنما تعظمون ما ذكرنا من الأموال والأنساب . أولا ترون أنكم لا تكادون تقبلون هذا الدين إلا بمنة على من أتاكم بهء وذلك لاستحقاركم إياءء وأن هؤلاء الضعفاء قبولهء وبذلوا مهجهم فيهء ولا يبالون بما فاتهم من [] الدنياء ولا / بمن عاداهم لمعرفتهم بقدر هذه النعمة نعمة الدينء ورسوخ تعظيمها في قلوبهم فاستغرقوا العمر في أداء شكرها؛ فلذلك استحقوا نعمة الدين في سابق علمناء وخصصناهم بها دونکم فهذه هذه. قال الغزالي : وكذلك كل من خص بعلم أو عبادةء فإنك تجده أعرف الناس بقدر ذلك› وأشدهم تعظيماً له وأجدهم في تحصیله› وأقومهم بشکر؛ والمحروم ذلك إنما حرمه لقلة تعظيمه لحقه بعد القضاء السابق . (١) سورة الأنعام الآية: 0۳. قنطرة الحمد والشكر £۷ قال: فلو كان تعظيم العلم والعبادة في قلوب السوقة والعامة مثل ما في قلوب العلماء والمتعبدين لما آثروا سوقهم عليهما. ألا ترى أن فقيهاً إذا ظفر بتعليم مسألة كانت عليه ملتبسةء كيف يرتاح قلبه ويعظم سروره بها حتى ربما لو وجد ألف ألف دينار لما كان يعدل ذلك؟ ثم ربما تبين مثل هذه المسألة لسوقي أو متعلم كسلان يرى أنه مثل ذلك الفقيه في الرغبة في العلم» فلا يستمع إليها قال: وكذلك المنيب إلى الله تعالىء كم يتضرع إليه؟ عسى أن يرزقه ساعة مناجاة بصفوة وحلاوةء فإذا ظفر بها عد ذلك أكبر منة ونعمةء فكم يسر بذلك ويفرح ویشکر الله تعالی علیه؟ ثم ترى الذي يزعم أنه راغب في العبادة لا تسمح نفسه بترك نوم ليلة أو ترك كلمة لا تعنيه في تحصيل مثل تلك العبادة› وإن اتفق له في النادر حصول عبادة في صفوةء فلا يعدها كبيرة في نفسهء ولا یعظم شکره لله عليهاء إنما يعظم سرورهء ويكٹر في الظاهر حمده إذا حصل درهماً أو كسرة أو طابت له مرقة أو صحة بدنء فيقول: الحمد لله / فأنى يساوي ھؤلاء [4۸84] العاجزون بأولثئك المجدين المائزين . وكذلك قسم الأمر أحكم الحاكمين» وهو أعلم بالعالمين فهذا تفصيل قول الله تعالى : اليس الله عَم بلشَاكِرين». فتهمه وارع حقهء وابذل المجهود في حق تعظيم هذه النعمة؛ ليمن الله عليك في دوامهاء كما من عليك بإعطائها أولاً - وبالله التوفيق -. الأصل الثانى: أن النعمة إنما يسلبها الكفور الذي لا يعرف قدرها ولا يؤدي شكرهاء› وذلك قوله تعالى : «وَأئلٌ عَلَبْهمْ با لذي ءَي ءاتايا تَنْسَلَع منها. ...4 الآيقء ثم قال: لوو غا فما يا4" إلى آخر الآية. تقدير الكلام أنما أنعمنا على هذا العبد بالنعم العظيمة في باب الدينء بما مكناء من الرتبة الكبيرةء ليكون رفيع القدر عندناء ولكنه جهل قدر نعمتناء فمال إلى الدنيا الحقيرةء فاثر شهوة نفسه الردية› ولم يعلم أن الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة في أدنى نعمة من نعم الدينء فكان في ذلك بمنزلة الكلب الذي لا يعرف الشرف والإكرام من الإهانة والاحتقار» إنما الكرامة عنده في كسرة يأکلهاء أو عظم يرمى له يتعرقه سواء عندهء تقعده معك على السرير أو () سورة الأعراف؛ الآيتان: ١۷٠٠ ١۱۷. 44۸ قنطرة الحمد والشكر تقيمه على التراب والقذر بين يديك فهذا العبد السوء إِذا جهل قدر كرامتناء فاثر عليها لذة خحسيسةء ودنيا حقيرة نظرنا إليه بالعدل والسياسةء فسلبناه كرامتناء ونزعنا من قلبه معرفتناء فانسلخ غاوياً من جميم فضلناء فصار كلباً طريداً - فنعوذ بالله من سخطه وآليم عقابه انه بنا رۋؤوف رحیم -. ثم اقنع بمثال ملك يكرم عبداً له فيخلع عليه خاصة ثيابه» وجعله فوق جميعم حجابهء فأمره بملازمة بابه» ثم أمر أن تبنى له القصورء وتوضع له الأسرةء وتنتصب له الموائدء وتزين له الجواري» وتقام له الغلمان في بلدة أخرى حتى إذا رجم من الخدمة أجلس هنالك ملكاً مخدوماً مكرمأ وما بين خدمته وذلك الملك إلا ساعة من نهار أو أقل فإن انتصرف هذا العبد [۸] / عن باب الملك يتبع سائساً للدواب ليأكل رغيفاء أو كلباً يمضغ عظماًء واشتغل به عن خدمة الملك بنظره إليه واقباً له عليه ولا يلتفت إلى ما أعد له من الخلع والكرامة» فيسعى إلى ذلك السائس ليأكل رغيفاً معهء أو يزاحم الكلب على عظمه»ء أليس الملك إذا نظر إليه - على مثل هذه الحالة - يقول: إن هذا السفيه لم يعرف حت كرامتنا وقربنا مع ما أعددنا له من الذخائر؟ ما هذا إلا ساقط عظيم الجهل» قليل التمييز أسلبوه الخلعء واطردوه عن بابتاء فهذا حال العالم إذا مال إلى الدنياء والعابد إذا اتبع الهوى بعدما أكرمه الله بعبادته ومعرفة آياته وشريعتهء ثم لم يعرف قدر ذلك» واثر عليه أحقر الأشياء عند اللهء وكذلك من خصه الله تعالى بأنواع توفيقه وعصمته» وزينه بأنوار خدمته» ويديم النظر إليه بالرحمة في أكثر أوقاتهء ويباهي به ملائكتهء وأنزله منزلة الأعزةء حتى صار بحيث لو دعاه لأجابه› ولو شفع في العالم لشفعه فيهم» وأرضاه» ولو خطر بباله شيء لأعطاه قبل أن يسأله» فمن كانت هذه حاله؛ ثم لم يعرف قدر هذه النعم فعدل عنها إلى شهوة نفس ردية أو لعقه من دنياء دنية مع ما أعد الله له في الأخرة من الثواب العظيم› والنعيم المقيم» فما أسوأه من عبد؟› وما أفحش صنعه؟ - فنسأل الله تعالى أن يصحلنا بسعة رحمته إنه أرحم الراحمين -. فصل فعليك أيها الرجل ببذل المجهود حتى تعرف قدر النعمةء فإذا أنعم الله عليك بنعمة الدين» فالتفت إلى الدنيا فلك منك تهاون يما أولاك اله من نعم الدين أما تسمع قوله لسيد المرسلين: ولد اياك سَبعاً % شن لماي والفرَْانَ الْعظِيم لا َم تمدن عَيكِك. ...4 الاية. (١) سورة الحجر الآيتان: ۸۷ ۸۸. قنطرة الحمد والشكر ۹٤£ تقديره أن كل من أوتي القرآن العظيم حق له أن لا ينظر إلى الدنيا فضلاً عن أن يرغب فيهاء فيلزم الشكر على ما أعطي؛ فإنه الكرامة التي حرص عليها النبي عليه السلام أن يمن الله بها على عمه فلم يفعل» وحرص عليها الخليل عليه السلام أن يمن بها على أبيه فلم يفعل› نبي وصفي وصدیی وعالم وعابد الذين هم أعز خلق الله عليه » حتی آنهم لا یکادون يصیبون كسرة ولا خرقة يمن عليهم بأن لا يلحظهم بقدرهاء وقد قال الله تعالى : لإولولاً أن يَكُونَ لاسن أَمَة وَاحدَة. . . .€ إلى قوله: والأخرَة عند رَبك للقي« . فانظر الفرق بين الأمرين وقل: الحمد لله الذي منّ عليّ بمنن أولياءه وأصفيائهء وصرف عني فتنة أعدائهء ولتخص بالحمد والشكر الأوفر النعمة العظمى التي هي نعمة الإسلام خحصوصاء وسائر النعم عموما. فإن كنت لا تعرف قدرهاء فاعلم يقيناً أنك لو خلقت من أول الدنيا وأخذت في شكر الإسلام إلى الأبد لما كنت تقوم بذلك» أما تسمع قوله لنبيه عليه السلام: «وَعََمَكَ تا لم كن عْلمُ وَكَان فَضل الله عَلَيك عَظيماً 4ء وقال لقوم: بل الله م َم عَليكُمْ ن هَدَاكُمُ للإيمَان”". وقال عليه السلام وقد سمع رجلا يقول: الحمد لله على نعمة الإسلام» فقال: «إنك لتحمد الله على نعمة عظيمةء وإياك أن تفغل الشكرء وتغتر بما أنت عليه من الإسلام والمعرفة والتوفيق» فإن ذلك موضع الأمن منك والغفلةء فإن الأمور بالعواقب؟ء ويقال: ما من أحد أمن على دينه إلا سلب» ويقال: لا تغتر بصفاء الأوقات فإن تحتها غوامض الأفات. وینشد: أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ولم تخف سوء ما ياتي به القدر وسالمتك الليالي فاغتررت بها وعند صفو الليالي يحدث الكدر ومولانا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين والحمد لله رب العالمين . () سورة الزخرف الآيات: ۳۳ ٢٤۳٠ ٢۳. () سورة النساء الآية: ١١۱۱. )۳( ه ت٠ لاية: . سورة الحجرات؛ الاية: ۱۷ قناطر الخيرات/ ج ۲۹/۳ [8V] القنطرة السابعة عشر / قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر اعلم أن هذه القنطرة تحتوي على جملتين كل واحدة منها تشتمل على فصول. الجملة الأولى: في الاجتهاد والمراقبة . والجملة الثانية: في ذكر الموت وما بعده من أهوال يوم القيامة. الجملة الأولى: في الاجتهاد والمراقبة قال الله تعالى: وَجَاهدُوا في الله حى جهادەڳ”. وقال: «ِوَالَذِينَ جَاهَدُوا فيا لَهْدِيتَهُمْ سب4 وقال: «أَعْمَلُوا فَسَيرَى لله كم و رَرشولة. ...4 الآيةء وقال: بوم تد كل تفس تا عَملتْ من َر ر شض تُخضرا ې 4 وقال: انوا أ لَه َم تا في نيكم دژر 9 وقال : ور لَسالَمم امن عما کان نوا مور 6 1 وين كان قال حَبِةٍ من حَردلٍ ابت بها وَكَقىٰ با حَايبين»'› وقال: «وَوؤضع اكناب فََرَ ى اَلْمُجْرمِين. . 7 إلى قوله : 53 عادر ص 4 كير إلا أَحصَامَا€“. و قا 3 َمَنْ يعْمَل فال دة حبرا ير وَمَن يَعْمَلْ قال دَرَة شرا ر٩ . (١) سورة الحج؛ الآية: ۷۸. () سورة العتكبوت» الاية: 1۹٦. (۳) سورة التوية الآية: ١٠٠. (4) سورة آل عمران» الآية: ٠۳. (0) سورة البقرق الآية: ٢۲۳. () سورة الحجر الآيتان: ۹۲ ۹۳. (۷) سورة الأنبياى الآية: 47 . (۸) سورة الكهف» الآية: 4۹. (۹) سورة الزلزلقة الآيتان: ۷ 8. قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخانمة وذکر الموت والقبر ‎£o\‏ فعرف أولوا الألباب والأبصار أن الله لهم بالمرصادء وأنهم سيحاسبون على القليل والكثير والنقير والفتيل والقطمير من الحركات والسكون واللحظات» وتحققوا أنهم لا ينجيهم إلا لزوم الاجتهادء والمجاهداتء وصدق المراقبات» ومطالبة النفس في الأنفاس›ء والخطراتء ومحاسبتها عند هواجس الفكرات عما صدر منها من السكنات والحركات؛ فمن حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في يوم القيامة حسابه»ء وحسن منقلبه ومابه› ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته» وقادته إلى الخزي سيئاتهء فلما اتكشفت لهم هذه الحالة علموا أتهم لا ينجيهم إلا طاعة الله لا محالة . وقد أمرهم بالصبر والمرابطةء فقال: با ايها أَلَذِينَ أَمَتُوا أضبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابطوا. . . .4 الآيةء فربطوا أنفسهم أولا بالمشارطة» ثم بالمراقبة لها ثانياًء ثم بالمحاسبة لها ثالث ثم بالمعاقبة رابعاً ثم بالمجاهدة خامساًء ثم بالمعاتبة / سادساء فكانت لهم في [4۸۸] المرابطة ست مقامات فلنشرحها في ستة فصول. الفصل الأول في المشارطة وهذا تشبيه بمشارطة الشريك لصاحبه في التجارة› يشارطه أولأء ثم يراقبه ثانياء ويحاسبه ثالثاًء ويعاتبه رابعاًء ويقاسمه الربح خامساً. فتجارة الأخرة يشترك فيها العقل والنفسء فمطلب العقل تزكية النفس إذ به فلاحهاء قال الله تعالى : قد أل مَنْ رَكامًا. ...4 الآيةء فيحتاج العقل أن يشارط النفس أولاء ويرتب عليها وظائف العبادات» ويشترط عليها شروطأًء ويرشدها إلى طريق فلاحهاء ثم لا يغفل عن مراقبتها؛ لأنها أمارة بالسوء في جميم أخلاقهاء ثم بعد فراغها يحاسبهاء ويطالبها بالوفاء لما اشترط عليها. وهذه التجارة ربحها النجاة من العذاب اليم ودخول الجنة في النعيم المقيم»ء فحتم على كل ذي حزم ولب آمن بالله واليوم الاخر أن لا يغفل عن النفس في جميع حركاتها وسكناتهاء ويضيق عليها في لحظاتها وخطراتهاء فإن كل نفس من أنفاس العمر جوهرة نفيسة لا عوض لهاء يمكن أن يشتري بها كنزاً في الجنة لا ثمن له فيهاء فإذا صلى الصبح فينبغي أن يفرغ قلبه ساعة لمشارطة النفس» بأن يقول: يا نفسي مالي بضاعة إلا العمرء فمهما ضيعته () سورة آل عمران» الأية: ٢٠٠. () سورة الشمس؛ الآية: ۹. ‎oY‏ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ضاع رأس المالء وهذا اليوم جديد قد أمهلني الله فيهء ولو توفاني لتمنيت أن يرجعني إلى الدنيا؛ لعلي أعمل صالحاً. ‏وهب أنك توفيت» ثم ارجعت» فإياك أن تضيعي هذا اليوم والليلةء فإن كل ساعة منها جوهرة لا قيمة لهاء فقد ورد أنه ينشر للعبد في كل يوم وليلة أربعة وعشرون خزانة مصفوفةء يفتح له منها خزانة مملوءة نورا من حسناته التي عملها فيهاء فيناله من الفرح والسرور ما لو فرغ على أهل النار لأدهشهم عن ألم النارء ثم يفتح له خزانة أخرى سوداء مظلمة فيفوح نتنهاء ‏[۹] ويغشاه ظلامهاء وهي الساعة التي عصى الله فيها فيناله من الفزع ما لو قسم / على أهل الجنة ‏لنغخص عليهم نعيمهاء ثم تفتح له خزانة فارغة ليس فيها ما يسره ولا ما يسوءء» وهي الساعة التي نام أو أغفل أو اشتغل فيها بشيء من مباحات الدنياء فيتحسر على خلوها تحسر العاجز على الربح الكثيرء والملك الكبير حتى فاتهء وناهيك به خسارة وغبناًء وهكذا تعرض عليه خزائن أوقاته طول عمرهء فيقول لنفسه: اجتهدي في تعمير خزائن أوقاتك بكنوزك التي هي أسباب ملكك . ‏وهب أن الله قد عفا عنك؛ أليس قد فاتك ثواب المحسنين؟ فهذه وظيفة نفسه في أوقاتهاء ثم يستأتف أخرى في أعضائه السبعة العين» والأذنء واللسانء والبطنء والفرج› واليد» والرجل؛ لأنها رعية خادمة للنفس» وبها تتم أعمال هذه التجارة. ‏ما العين: فتحفظها عن النظر إلى عورة بالغء أو محاسن امرأة محرمّةء أو نظر إلى مسلم بعين الاحتقار» بل يحفظها عن كل فضول مستغنى عنهاء إِذ يسأل العبد عن فضول النظر كما يسئل عن فضول الكلام؛ ثم يستعملها في النظر إلى عجائب الملكوت» وفي كتاب الله تعالى › وسنة رسوله عليه السلامء وكتب الحكمة للاتعاظ والاستفادةء وهكذا في كل عضو ولا سيما اللسان والفرج والبطن. ‏وأما اللسان : فخفيف المؤنة في النطق عظيم الجنايةء وهل يكب الناس في النار إلا حصائد ألستتهم؟ فليحفظه عن محرمات الكلام من الكذب والغيبة والنميمةء وتزكية النفس ومذمة الخلق وغيرها من المحرمات فيه والفضول التي لا تعنيهء ويشغله بالذكر والتذكيرء وتكرار العلم والتعليم› وإرشاد العباد إلى الصلاحء والأمر والنهي» والإصلاح بين الناسء وغير ذلك من أنواع الخيراتء ويشترط على نفسه ألا يحرك اللسان طول النهار إلا بالخيرات وما يعنيه من المباحات» إذ المؤمن نطقه ذكرة وصحته فكر؛ ونظره عبرة. ‎ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر £0۳ وأما الفرج: فيستعين على حفظه بغض البصرء وإسبال الثوب عليه وكسر شهوته بالصوم وأما/ البطن: فيشترط عليه ترك الشرهء وتقليل الأكل من الحلالء وترك الشبهات [4۹0] والحرام» فإن خالف شيثاً من ذلك عاقبه بالمنع عن شهوات البطن» وهكذا سائر الأعضاء . واستقصاء ذلك يطول» ولا تخفى معاصي الأعضاء ثم يستأنف عليها وصيتها وشروطها كل يوم وليلة . فإن النفس بطبعها متمردةء وعن الطاعة نافرةء ولكن الوعظ والتأديب يؤثر فيهاء وذكرها فإن الذكرى تنفع المؤمنين. وهذه مشارطة النفس في أول أمرها. الفصل الثاني في المراقية”° فإن الإنسان إذا أوصى نفسهء وشرط عليها ما ذكرنام فلا تبغي له إلا مراقبتها عند الخوض في الأعمالء وملاحظتها بالعين الكائنة في جميع الأحوالء فإنها إن تركت مهملة غطت متمردة» فلنذكر أولاً لمعاً من فضيلة المراقبةء قال الله تعالى: «وَالَّذِينَ هُمْ لأََانَتِهمْ وَعَهْدِهِمُ رَاعُون»' ٠ وسئل النبي يِل في حديث جبريل عليه السلام عن الإحسان فقال: «أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" . وقال بعض العلماء: أفضل ما يلزم الإنسان نفسه في هذه الطريقة المحاسبة ثم المراقية› وسياسة عمله بالعلم» وقال بعضهم: إذا جلست إلى الناس فكن واعظاً لنفسك وقلبك ولا وحكي أن تلميذاً لبعض المشايخ فكان يكرمه» ويقدمه على شيوخ أصحابه؛ فقيل له في ذلك فدعا بمدة طيور» فناول كل واحد منهما طيراًء فقال: ليذبح کل واحد منكم طيره في موضع لا يراء أحدء فدفع إلى التلميذ الشاب كذلك» فرجع كل واحد منهم بطيره مذبوحاً إلا التلميذء رجع والطير في يده فقال: مالك لم تذبح وقد ذبح أصحابك» فقال: لم أجد (١) هذا الفصل مأخوذ من كتاب الإمام الغزالي إحياء علوم الدين - المجلد الرابع (17) طبعة دار الحديث. () سورة المعارج؛ الآية: ٢۳. ۳( قال الحافظ العراقي في المغني (/۷٠٠) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث أبي هريرة ورواه مسلم من حدیث ابن عمر. ‎of‏ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذکر الموت والقبر موضعاً لا يراني فيه أحدء إذ الله في كل مكان» فاستحسنوا مراقبته وقالوا: حق لك أن ترم []] وينشد / : ‏إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب ‏ولا تحسبن الله يغففل ساعة ولا أن ما تخفى عليه يغيب ‏ألم تر أن اليوم أسرع ذاهب وأن غداً للتاظرين قريب ‏وقال سفيان: عليك بالمراقبة ممن لا تخفى عليه خافيةء وعليك بالرجاء ممن يملك الوفاءء وعليك بالحذر ممن يملك العقوبة . ‏اعلم أن حقيقة المراقبة هي ملاحظة الرقيب» وانصراف الهم إليهء وذلك إذا غلب على القلب علم يقين لا شك فيه كالعلم بالموت وأمور الاخرةء ومعرفة عظم الرب تعالى وجلالهء والمراقبون بهذه المعرفة هم الصديقون من المقربين وأصحاب اليمينء فمراقبة فابصر حيتئلٍ الانيا خيالء والآخرة مثالا فصار همه واحداء فكفاه الله سائر الهموم» وصاحب هذه الحالة ريما يغفل عن الخلق حتى لا يبصر من حضر معهء ولا يسمع ما يقال له› وهذا لا يستبعد؛ لأنه قد يعرض بخدام الملوك المعظمة في الدنياء فلا يعرف الخادم ما يجري في مجلس الملك لشدة استغراق قلبه في خوف الملك هبة وإجلالاء بل قد يعرض للرجل مهم حقير فيتفكر فيه؛ وهو يمشي فربما يخطىء الموضع الذي قصده. ‏وقد روي أن يحيى بن زكريا عليهما السلام مر بامرأة فدفعهاء فسقطت على وجهها فقيل له لم فعلت هذاء فقال: ما ظننتها إلا جداراء فهذه درجة المراقبين الذين غلب على قلوبهم الإجلال والتعظيم› فلم يبق فيها متسع لغير ذلك . ‏وأما مراقبة أهل الورع من أصحاب اليمين: فهي مراقبة قوم غلب عليهم الحياء من الله تعالى» فلا يتقدمون ولا يتأخرون إلا بعد التثبت ويمتنعون عن كل ما يفتضحون به يوم القيامة› فإنهم يرون أن الله تعالى مطلع عليهم؛ء ويعرف الفرق بين مراقبة أهل التعظيم والإجلال لله ‏[] تعالى / وبين مراقبة أهل الحياء منه بالمشاهدة؛ فإنك فى خلوتك قد تتعاطى أعمالاً فيحضرك ‏صي ؛ فتعلم أنه مطلع عليك فتستحي منه فتحسن جلوسك؛ وتراعي أحوالكء لا عن إجلال وتعظيماً له . ‏وهكذا تختلف مراتب العبادةء فمن كان في هذه الدرجة فيحتاج أن يراعي جميع حركاته ‎ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر £00 ولحظاته» بل جميع خطراته» فينظر قبل العمل إلى ما تحرك به عقله وخاطره» أهو لله خالصة أو للنفس ومتابعة الشيطان؟ فيتوقف ويتثبت حتى يتبين له الحق» فإن كان لله سبحانه أمضاه وإن كان لغير الله فيستحي ويكف» وهذا التوقف في بدء الأمر واجب محتوم؛ فإن في الخير تنشر للإنسان في كل حركة من حركاته وإن صغرت ثلائة دواوين الأول: لم والثاني: كيفء والثالث: لمنء ومعناه لم فعلت هذا كان لك أن تفعله لمولاك أو ملت إليه لشهوتك وهواكء فإن سلم عنه بأن كان عليه أن يفعل ذلك لمولاه. سئل عن الديوان الثاني فقيل له: كيف فعلت هذا؟ فإن لله عليك في كل عمل شرطاً وحكماً لا يدرك قدره ووقته وصفته إلا بعلم فيقال له: كيف فعلت بعلم محقق أم بعلل وظن؟ فإن سلم من هذا نشر الديوان الثالث وهو المطالبة بالإأخلاص فيقال: لمن فعلت؟ ألوجه الله تعالى خالصاً وفاء بقولك: لا إِله إلا الله فيكون أجرك على الله أم لمراءاة خلق مثلك فخذ أجرك منه؟ أم عملته لتنال عاجل دنياك وقد وفيناك نصيبك من الدنيا؟ أم عملته بسهو وغفلة فد سقط أجرك؛ وبطل عملكء وخاب سعيك» وإن عملته لغيري فقد استوجبت عقابي ومقتي إذ كنت عبد إلى تأكل رزقي» وتترفه بنعمتي ثم تعمل لغيري أما سمعتني أقول: ِن اذِينَ تَدعُونَ 7 ِن دُون الله عبد أَمْتلَكُمْ. ويحك أما سمعتني أقول: ألا ِلَهِ لين ألْحَالِصنّ”. فإذا عرف العبد أنه بصدد هذه المطالبات / والتوبيخات طالب نفسه قبل أن يطالب» وأعد للسؤال [£۹۳] جواباء وللجواب صواباًء فلا يبدىء ولا يعيد ولا يحرك جفناً ولا أنملة إلا بعد التثبيت والتأمل وقد قال النبي عليه السلام لمعاذ: «إن الرجل ليسأل عن كحل عينيه وعن فت الطين وعن لمسه ثوب أخبه" . فهذا هو النظر الأول فى هذه المراقبةء ولا يخلص من هذا العلم المتين والمعرفة الحقيقية بأسرار الأعمالء وأعوان النفس ومكائد الشيطان وإلا فلا يسلم. بل الأكثرون يرتكبون الجهل فيما يكرهه الله تعالىء وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاء (١) سورة الأعراف الأية: ١۱۹. (۲) سورة الزمر الآية: ۳. (۳) أخرجه الزييدي في إتحاف السادة المتقين (١۳/۱٠٠) وقال رواه أبو نعيم في الحلية في حديث طويل أوّله «يا معاذ إن المؤمن لدى الحق أستر يعلم أن عليه رقباء على سمعه ويصره ولسانه ويده ورجله وبطنه وفرجه. ...0 وفيه «يا معاذ إن المؤمن ليسثل يوم القيامة عن جميع سعيه حتى عن كحل عينيه يا معأذ إني أحب لك ما أحب لنفسي الحديث». £0۹ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ولا تحسب أن الجاهل فيما يقدر على تعلمه يعذر بجهلهء هيهات طلب العلم فريضة على كل محتمل ولهذا كانت ركعتان من عالم أفضل من ألف ركعة من غير عالم؛ لأنه يعرف ما ذکرناه من آفات الأعمال فيتقيهاء والجاهل لا يعرفها فكيف يحترز منها؟ بل لا يزال الجاهل في تعب والشيطان منه في فرح وشماتة فنعوذ بالله من الجهلء والغفلة فهو رأس كل شقاوة. فالواجب على العبد أن يستضيء بنور الدين في كل خطرةء ونازلة نزلت بهء فإن لم يعرفها فليسئل علماء الدين المقبلين على الأخرةء وليفر من علماء السوء المقبلين على الدنيا فراره من الأسد بل أشدء فالقلوب المظلمة بحب الدنيا محجوبة عن الله تعالى؛ فإن مستقر أنوار القلوب حضرة الربوبية فكيف يستضيء بها من استدبرها وأقبل على الدنياء والتكالب فيهاء وقد قال عليه السلام: «من قارف ذنباً فارق عقلاً لا يعود إليه أبداً وحب الدنيا رأس كل ‎ahs‏ . وقد قال عليه السلام: «إن الله يحب البصير الناقد عند ورود الشبهات»° . والعقل الكامل عند هجوم الشهوات؛ أو معرفة آفات الأعمالء قد اندرست من قديم الزمانء فكيف هذه الأعصار فإن الناس قد هجروا هذا العلم قديماً واشتغلوا بفقه طلب 0 المعاش وعلم فصول الخصومات» والمسائل الطبولياتء وأمَا / اليوم فقد هجروا جميعاً فأصبحوا في ظلمة لا يعمهون في أعمال الدنيا والدين والحمد لله رب العالمين . النظر الثاني: للمراقبة عند الشروع في العمل وذلك أن تفقد حسن النية لهء وكيفية أدائه على أكمل ما أمكنه» وهذا لازم له في جميم أحواله؛ فإنه لا يخلو فيها من حركة وسکون» فإذا راقب الله في جميع ذلك قدر على عبادته فيه بالنية وحسن الفعل» وذلك أنه لا يخلو إما أن يکون في طاعة فيراقبها بالإخلاص ومراعاة الأدب وحراستها عن الآفاتء وإما في معصية فيراقبها بالتوبة والندم والاشتغال بالفكر والحياء منهاء وإما في مباح فيراقبه بمراعاة الأدب وشكر المنعم على نعمته فيهاء وكل ذلك إنما يمكن بصبر ساعة واحدة فإن الساعات ثلاث : ساعة مضت لا تعب على العبد فيها كيف ما اتقضت» وساعة مستقبلة لا يدري أيدركها آم لاء والساعة التي هو فيها فيجاهد نفسه» وليراقب ربه قبل انقضائها فإن عاش إلى الساعة المستقبلة لم يتحسر على التي جاهد فيهاء وليستوف حق الثانية كما استوفى حق الأولى» ولا يطول عمره () قال الحانفظ العراقي في المغني (٤/٤٠1) طعة دار الحديث: لم أحده. )¥( قال الحافظ اعرا لمغني بعه دار لم أجد ان ب- في المغني (114/4) طبعة دار الحديث: أخرجه أبو نعيم في الحلية من حديث . مرن بن حصين وفيه حفص بن عمرالعدني ضعفه الجمهور. قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ‎toy‏ ‏خمسين سنة فتطول عليه المجاهدة والمراقبة بل يكون ابن وقتهء ولعله في آخر أنفاسه فيدركه الموت على حالة مرضيةء ولتكن جميع أحواله مقصورة على ما روي من حکم داود النبي عليه السلام . وعلى العاقل أن تكون أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربه» وساعة يحاسب فيها نفسهء وساعة يتفكر في صنع الله تعالىء وساعة يخلو فيها للمطعم والمشرب» فإِن في هذه الساعة عونا له على الساعات . ولا ينبغي أن يغفل فيها أيضاً عن أفضل الأعمال وهو الذكر والفكر فإن الطعام الذي يتناوله فيه من العجائب ما لو تفكر فيه كان أفضل من كثير أعمال الجوارح فإن الناس فيه على أربعة أقسام: قسم ينظرون فيه بعين البصيرة فيتفكرون في عجائب صنعه وهم ذووا الألباب› وقسم ينظرون فيه بعين المقت / والكراهة فيتناولون مضطرين يودون أن لو كانوا فيه بالشهوة [445] مقهورين وهم الزاهدونء وقسم يرونه صنعة للصانعء ويترقون منه إلى صفات الخالق فينفتح لهم بسببه زيادة في محبته وهم العلماء بالله المحبون لهء وقسم رابع ينظرون إليه بعين الحرص والرغبة فيتأسفون على ما فاتهم منه» ويفرحون بما حضر من جملته» ویذمون منه مالا یوافق طبائعهم ويعيبون الطبخ وطابخهء ولا يعلمون أن الفاعل للطبخ والطبّاخ هو الله تعالى المسخر للجميع وبقدرته وعلمته وأن من عاب الصنعة فقد عاب الصانمء فهذه المرابطة الثانية بمراقبة الأعمال على الدوام› وشرح ذلك يطول. الفصل الثالث في محاسية النفس بعد العمل قال الله تعالى : <6 أيه الذي ءامَنُوا افوا الله وَلَنْظَرْ فسن ما قَدَمَتْ لِعَد€. وهذه إشارة إلى المحاسبة على ما مضى من الأعمالء وقال ميمون بن مهران: لا يكون العبد من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكهء والشريكان يتحاسبان بعد العمل وكان عمر يضرب قدميه بالدرة إذا جنه الليل ويقول لنفسه: ماذا عملت اليوم؟ وقال الحسن : المؤمن قوَام على نفسه يحاسبها اللهء وإنما خف الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنياء ثم فسّر المحاسبة فقال: إن المؤمن يفجأه الشيء فيعجبه فيقول: إنك لتعجبني» وإنك لمن حاجتي» ولکن هيهات حيل بينك وييني وهذا حساب قبل العمل» ثم قال : ويفرط منه الشيء فيرجع على نفسه يقول: ما أردت بهذا والله لا أعود لهذا آبداً إن شاء الله . () سورة الحشر الآية: ۱۸. £0۸ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر وحقيقة المحاسبة: إنما هو إذا شارط نفسه أول النهار على سبيل التوصية فليطالبها آخر التهار على جميع حركاتها وسكناتها كما يفعل تجار الدنيا في آخر كل سنة أو شهر فکیف لا [] يحاسب العاقل نفسه فيما يتعلق به / السعادة أو الشقاء أبد الآباد ما هذه المساهلة إلا عن الخفلة والخذلان فنعوذ بالله منها. ومعنى المحاسبة للشريك أن ينظر في رأس المال وفي الربح والخسران ليتبين له الزيادة من النقصان فما كان من فضل استوفاه وما كان من نقصان طالبه بضمانه في المستقبل فكذا العبد رأس ماله من دينه الفرائض» وربحه النوافل والفضائل› وخسرانه المعاصي ومؤنته هذه التجارة ومعاملة النفس الأمارة بالسوى فليحاسبها على الفرائض» فإن أدتها على وجهها شكر الله على ذلك ورغبها في مثلهء وإن أهملت شيئاً طالبها بالقضاء وإن أدتها ناقصة كلفها الجبران بالنوافل وإن ارتكبت معصية عاقبها وعاتبها ويستوفي منها ما يكفرها به وينبغي أن يفتش عن أعماله طول نهاره» بل عن خواطره وأفکاره وآکله وشربه ونومه حتی عن سکوته آنه لِم سكت أو لِم تكلم فإذا عرف مجموع الواجب على النفس» فليكتبه على صحيفة قلبهء وليطالبها بالغرامة والضمانء ولا يمكن شيء من ذلك إلا بعد تحقيق الحساب . ثم ينبغي أن يحاسب النفس على جميع العمر يوماً يوماً في جميع أعضائه الظاهرة والباطنة كما نقل عن بعض السلف أنه حاسب نفسه يوماً فإذا هو ابن ستين سنةء فحسب أيامها فإذا هي أحد وعشرون ألف يوم وخمس مائة يوم فصرخ فقال: يا ويلتي: بأحد وعشرين آلف ذنب وخمس مائة ذنب» كيف وفي كل يوم عشرة آلاف ذنب ثم خر مغشياً عليه فإذا هو میت» فسمعوا قائلاً يقول: يا لها ركضة إلى الفردوس الأعلى . فهكذا ينبغي لك أن تحاسب على معاصي القلب والجوارح كل ساعةء ولو رمى العبد بكل معصية حجراً في دار لامتللأت في مدة قريبةء ولكنه يتساهل في المعاصي» والملكان يحفظان عليه أحصاه الله ونسوهء وينشد: ]۹۷[ / لم ينسه الملكان حين نسيته بل أثبتاء وأنت لاء تلعب الفصل الرابع في معاقبة النفس على تقصيرها وذلك مهما حاسب نفسه فلم يسلم عن مفارقة معصيةء أو ارتكاب تقصير في حق الله تعالى فينبغي ألا يعملهاء لأنه إن فعل عسر عليه بعد ذلك فطامها عن المعاصي فتهلك مع الهالكين» ولكن ينبغي أن يعاقبها فإذا أكل مثلاً لقمة بشهوة نفس» فليعاقب البطن بالجوع وإذا قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر £4۹ نظر إلى محرّم؛» فينبغي أن يعاقب العين بمنع النظر وكذلك كل عضو من أعضائهء فينبغي أن يعاقبه بمنع شهوته هكذا كانت عادة سالكي طريق الاخرة. وقد روي أن رجلا من العباد طلب امرأة فلم يزل حتى وضع يده على فخذها فوضع يده في النار حتى تييست» وحکي أنه کان في بني ٳسرائيل رجل متعبد في صومعته وآنه آشرف ذات يوم فافتتن بامرأة فأخرج رجله لينزل إلبها فتدارکه الله تعالی فندم» فلما أراد أن يعيد رجله إلى الصومعة قال: هيهات هيهات رجل خرجت تريد أن تعصي الله تعود معي في صومعتي لا يکون ذلك والله أبدء فتركها متعلقة من الصومعة حتى تقطعت بالرياح والشمس والأمطار فشكر الله ذلك له وأنزل الله ذكره في بعض الكتب» ذكر هذه الحكاية الغزالي في كتابه ولعل هذا جائز في شريعة بني إسرائيل» ألا ترى أنه قيل: إذا عمل أحدهم ذنباً أصبح مكتوباً على بابه المخرج منه كذا وكذا أما قطم بعض أطرافه وغير ذلك والله أعلم» وقد قال لأصحاب العجل : افوا َْفْسَكُمْ. ...4 الاية. وقد روي أن أبا مرداس مهاص رحمه الله تعالى: أنه نظر إلى امرأة مكشوفة الرأس فصام سنةء وروي أن بعض أصحاب النبي عليه السلام تصدق بحائط له شغل قلبه في الصلاة والله تعالى أعلم . / الفصل الخامس في المجاهدة ]4۹4۸8[ وهذا إذا حاسبها فرآها قارفت معصية فعاقبها بما ذكرناہء ٹم إذا رآها تتکاسل عن الفضائل فينبغى أن يثقل عليها أوراد العبادة تأديباً وتداركاً لتفريطها هكذا يعمل عمال الله تعالى . وقد روي أن عمر رضي الله عنه فاتته صلاة العصر في جماعةء فتصدق بأرض له قيمتها مائة آلف درهم› وكان ابن عمر فيما بلغنا إذا فاتته صلاة في جماعة أحيى تلك الليلةء ويقال : أنه خُر صلاة المغرب حتى طلم كوكبان فاعتق رقبتين» وفاتت بعضهم ركعتا الفجر فأعتق رقبة مؤاخذة للنفس بما فيه من نجاتها. فإن قيل: إن نفسي لا تطاوعني على الاجتهاد فما علاجها؟ قيل: أسمعها ما ورد من أخبار | لمجتهدين أو اطلب صحبة عبد مجتهد في العبادة فتقتدي به وكان بعضهم يقول: إِذا اعترتني فترة في العبادة نظرت إلى اجتهاد محمد بن واسع فعملت عليه أسبوعاً ولكن هذا من الناس اليوم معدوم» فينبغي أن يعدل إلى سماع أخبار المجتهدين من الأولين وما كانوا فيه من £1۰ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذکر الموت والقبر الجهد الشديد وقد قال النبي يَأ: «رحم الله أقواماً يحسبهم الناس مرضی وما هم بمرضی»٩. قال الحسن: أجهدتهم العبادة وأدركت ناسا أو قال: أقواماً وصحبت طوائف منهم ما کانوا يفرحون بشيء من الدنيا أقبل ولا يأسفون على شيء منها أدبرء وإنها كانت في أعينهم أهون من هذا التراب وإن كان أحدهم يعيش عمره ما فرش لأحدهم ثوب ولا أمر أهله بصنعة طعام قطء ولا جعل بينه وبين الأرض شيئا قط وأدركتهم عاملين بكتاب ربهم وسنة نبيهم إذا [] جنهم الليل فقيام على أطرافهم يفترشون وجوههم / تجري دموعهم على خدودهم؛ ينادون ربهم في فكاك رقابهم» إذا عملوا الحسنة فرحوا بها ودأبوا في شكرهاء وسألوا الله أن يقبلهاء وإذا عملوا السيثة أحزنتهم» فسألوا الله تعالى أن يغفرها لهم والله ما زالوا كذلك وعلى ذلكء والله ما سلموا من الذنوب ولا نجوا إلا بالمغفرة . ويحكى أن قوماً قدموا على عمر بن عبد العزيز يعودونه في مرضه فإذا فيهم شاب ناحل الجسم فقال له عمر: يا فتى ما الذي بلغ فيك ما أرى؟ فقال: يا أمير المؤمنين ذقت حلاوة الدنيا فوجدتها مرةء فصغرت عندي زهرتها وحلاوتها واستوى عندي حجرها وذهبها فکاني انظر إلى عرش ربي والناس يساقون إلى الجنة والنار فأظمأت لذلك نهاري وأسهرت ليليء وقليل حقير كل ما نا فيه في جنب ثواب الله وعقابه . ويقال: كان داود الطائيء يشرب الفتيت ولا يأكل الخبز فقيل له في ذلك فقال: بين مضغ الخبز وشرب الفتيت قراءة خمسين آيةء وسأل الفاسق بن زياد خادماً لعروة بن جدير رحمه الله بعدما قتل عروة عن حاله فقال أأجمل أم أفسر؟ قال: بل أجمل» قال: ما صنعت له طعاماً قط ولا فرشت له فراشاً بليل قط . فقال الفاسق: لقد قلناه صالحاً. وكان أبو بلال رحمه الله يقول: فيما بلغنا حين أراد الخروج إلى الشراء لو أن لي نفسين نفسا تقاتل في سبيل اللهء ونفساً تقضي حوائج المسلمين» وكان فيما بلغنا يقول: إني لا أحفظ وکان عبد الله بن وهب رحمه الله یجتهد حتی دبرت جبهته ورکبتاه وکان یسمی ذا التفنات تشبيهاً بتفنات ركبتي البعير› قال فيه آبو بلال وغیره : (۱) قال الحافظ العراقي في المغني (116/4) طبعة دار الحديث: لم أجد له أصلاً في حديث مرفوع ولكن روا أحمد في الزهد موقوف على علي في كلام له قال فيه: ينظر الناظر فيقول: مرضي وما بالقوم من مرض. قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر £11 / أبعد بن وهب ذي النزاهة والتقى ومن خاض في تلك الحروب المهالكا [°00] حب حياة أو أرجي سلامة وقد قتلوا زيد بن حصن ومالكا فيا رب سلم نيتي وبصيرتي وهب لي التقى حتى الاقي أولدكا وكان أبو بلال رحمه الله يقول: إن لكل منية ظنوناً ِل القتيل في سبيل اللهء وكان وقف على البشجا رحمة الله عليها وهي امرأة من المسلمين قتلها اللعين ابن زياد فقال أبو بلال: لو أي صرعت مصرع البثجا لرجوت أن أمر على الصراط مستوياء وخرج رحمه الله حتى قتل شارياء ويقال: أنه طعن فمشى في الرمح حتى قتل قاتله والله أعلم. وقال أبو بلال في قصيدة له : ترجو الجنان إِذا صارت جماجمنا تحت العجاج كمثل الحنظل البال ومثل هذه الأخبار يطول به الكتاب» وذكر الغزالي في كتابه: أن في الصحابة من ورده في اليوم اثنتي عشرة ألف تسبيحةء قال : وكان فيهم من ورده ثلائون الفا قال: وکان فيهم من ورده ثلاث مائة ركعة إلى ست مائة ركعة إلى ألف ركعةء قال : وأقل ما نقل من أورادهم في الصلاة مائة ركعة في اليوم والليلة. قال : وكان بعضهم أکثر أوراده في القرآن فكان يختم الواحد منهم في اليوم مرة؛ وروي عن بعضهم مرتین › قال : وكان بعضهم يقضي اليوم والليلة في تفكر آية واحدة یرددها. قال : وكان أويس القرني رحمه الله يقول: هذه ليلة الركوع فيحيي الليل كله في ركعة فإذا كانت الليلة الآتية قال: هذه ليلة السجود فيحي الليل كله في السجدة. قال: وكان بعض المجتهدين يصلي كل يوم ألف ركعةء حتى أقعد فكان يصلي جالساً ألف ركعة فإذا صلى العصر احتبا ثم قال: عجبت للخليقة كيف استأنست قلويها بذكر سواك . / قال: وكان ثابت البناني قد حببت إليه الصلاةء فكان يقول: الهم إن كنت آذنت لأحد 017] أن يصلي لك في قبره فاذن لي أن أصلي في قبري . وعن عبد الواحد بن زيد قال: مررت بصومعة راهب في الصين فناديته يا راهب فلم يجبني حتى ناديته ثلاثاً فأشرف على فقال: يا هذا ما أنا براهب إنما الراهب من رهب الله في أسمائه وعظمّه في كبريائه» وصبر على بلائه» ورضي بقضائه؛ وحمده على آلائهء وشکره على نعمائه» وتواضع لعظمته» وذلً لعزته» واستسلم لقدرته؛ وخضع لمهابته وفكر في حسابه £1۲ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر وعقايهء فنهاره صائم؛ ولیله قائم› قد أسهره ذكر النارء ومسائلة الجبار فذلك هو الراهب› وأما أنا فكلب عقور حبست نفسي في هذه الصومعة من الناس لثلا اغفرهم. فقلت: يا راهب فما الذي قطع الخلق عن الله بعد إذ عرفوه؟ فقال : يا أخي لم يقطع الخلق عن الله إلا حب الدنياء وزيتتها؛ لأنها محل المعاصي والذنوب فالعاقل من رمى بها عن نفسهء وتاب إلى الله من ذنبه وأقبل على ما يقربه من ربه . وحكايات المجتهدين من الرجال والنساء غير محصورةء تركتها مخافة التطويلء فمن أرادها فالكتب مملوءة بهاء وفيما ذكرناه كفاية لمن أراد أن يعرف أهل زمانه من أهل الاجتهاد الماضينء وبعد أهل زمانه عن صفات أهل الدينء فإن حدثتك نفسك بالنظر إليهم دون الأئمة الماضيةء وقالت: إنما تيسر الخير في تلك الأزمنة لكثرة الأعوان على الخيرء فإن خالفت أهل زمانك رأوك مجنوناً وسخروا منك فوافقهم فيما هم عليه فلا يجري عليك إلا ما يجري عليهم» والمصيبة إذا عمت طابت فقل لها: أرآيت لو هجم سيل يغرق الناس ولم يحذوره جهلاً منهم [٠] بحقيقة الحالء وقدرت على / ركوب سفينة تنجو بها دونهم فهل تختلج في نفسك أن المصيية إذا عمت طابت أم تترك موافقتهم وتستجهلهم في صنيعهم وتأخذ حذرك وتنجو مما دهاكء فإذا كنت تفعل خوفاً من غرق ساعة فعذاب الآخرة أشد وأبقىء فلم لا تهربين منه وأنت متعرضة له في كل حال؟ ومن أين تطيب المصيبة إِذا عمت؟ ولأهل النار شغل شاغل عن الالتفات إلى العموم والخصوص» ولم يهلك الكفار إلا بموافقتهم أهل زمانهم حيث قالوا: إا وجدنا آباءنا على أمة. . . . $ الآية. فعليك بموافقة نفسك وتوبيخهاء واحملها على الاجتهاد وقرعها بسوء نظرها لنفسها لعلها تتزجر عن طغيانها وبالله التوفيق. الفصل السادس في توبيخ النفس ومعاتبتها اعلم أن أعدى عدو لك نفسك التي بين جنبيك» وقد خلفت أمّارة بالسوء حيالة إلى الشرء نافرة عن الخيرء وأمرت بتزكيتها وقودها بسلاسل القهر إلى عبادة خالقهاء ومنعها عن شهواتهاء فإن أهملتها جمحت ولم تقدر بعد ذلك عليها وإن لازمتها بالتوبيخ والمعاتبة كانت هي النفس اللوامة التي أقسم الله بها ورجوت أن تصير النفس المطمئنة المدعوة إلى الدخول في زمرة عباد الله راضية مرضية. فلا تغفلن عن تذكيرهاء ولا تشتغل بوعظ غيرك ما لم تشتغل الآن بوعظ نفسك» فقد أوحى الله تعالى إلى عيسى ابن مريم عليه السلام: يا ابن مريم عظ نفسك فإن اتعظت فعظ نفسك» وإلا فاستح مِني؛ وفقال تعالى: «وَدَكُر فَإِنَ اَلذْكْرَىٰ نَع قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر 1 الَمُؤْمِنين»”". وسبيلك أن تقبل عليها فتعرفها جهلها وحماقتها؛ فإنها تتعزز بفطنتها وهدايتها استنكافاً وأنفة إذا نسبت إلى الحمق فتقول لها: / ما أعظم جهلك تذعين الحكمة والذكاء [°۰0۳] والفطنة وأنت أشد الناس غباوة وجفاء أما تعرفين ما بين يديك من الجنة والنار وأنت صائرة إلى أحدهما على القرب فما لك تضحكين وبين يديك هذا الخطر العظيم الجسيمء وعساك اليوم تخطفين أو غداً فأراك ترين الموت بعيداً ويراه الله قريباً أما تعلمين أن كل ما هو آت قريب وأن البعيد ما ليس بات أما تعلمين أن الموت يأتي بغتة من غير تقديم رسول ولا مواعدة» وإنه لا يأتى فى زمان دون زمان» ولا فى حالة من العمر دون حالة بل كل نفس من الأنفاس يمكن أن يأتي فيه الموت فجأة وإن لم يأت فجأة فالمرض يأتي فجأة فيفضي بك إلى الموت فما لك تستبعدين الموت وهو أقرب إليك من كل قريب . أما تتدبرين قول الله تعالى: لأفْعَرَبَ لِلَاس حسَاَهُمْ. ...4 الاية إلى قوله: لهي لوه . ويحك يا نفسي كيف تجرأت على معصية الله إن اعتقدت أن الله لا يراك فما أعظم كفرك» وإن علمت بإطلاعه عليك فما أقل حياءكء ويحك لو راجعك عبد من عبيدك بل أخ من إخوانك بما تكرهين كيف كان غضبك عليه ومقتك له فبأي جسارة تتعرضين لمقت ربك وغضبه وشديد عقابه؟ أتظنين أنك تطقين عذابه فإن ظننت ذلك فاحبسي نفسك في الشمس أو في الحمام ساعة أو قربى اصبعك من النار ليبين لك قدر طاقتك أم تغترين بكرم الله وفضله واستغنائه عن طاعتك فما لك لا تعوّلين على كرمه في مهمات دنياك من دفع الأعداءء وتحصيل الحاجات بلا سبب منك حتى / يبعث لك جنداً يدفع عنك ويظهر لك كنزاً فتستغني [°۰4] به عن كسېك» أفتحسبين أن الله كريم في الأخرة لا في الدنيا وقد علمت أن سنة الله لا تبديل لها وأن ليس للإنسان إلا ما سعی؟ ويحك ما أبين نفاقك ودواعيك الباطلة تدعمين الإيمان بلسانك وأثر التفاق ظاهر عليك ألم يقل مولاك وما ِن دَابَةٍ في الأَض إلا عَلَىْ الله رقا . وقال: في أمر الأخرة: لون ليس لِلإنسان إلا مَا سَع€”. () سورة الذاريات؛ الأية: ٥0. () سورة الأنبياى الآيات: 0 ١٠ ۳. )۳( سورة هود؛ الأية: ٦. (8) سورة النجم؛ الآية: ۳۹. ٤1٦£ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذکر الموت والقبر فقد تكفل لك بأمر الدنياء ووَكُل أمر آخرتك إلى سعيك فكذبته بأفعالك بتكالبك على الدنيا وإعراضك عن الأخرة. ويحك لو كان الإيمان باللسان يغني دون الأفعال فلم كان المنافقون في الدرك الأسفل من النار؟ ويحك كأنك لا تؤمنين بيوم الحساب أو تحسبين أن تترك سى ألم تكونين نطفة من مي تمنى ثم كنت علقة فخلق فسوى» أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى؟ فإن كان هذا إضمارك فما أكفرك وأجهلك» أما تتفكرين مماذا خلقك بل من نطفة خلقك ثم السبيل يسرك ثم أماتك فأقبرك؛ أفتكذبينه في قوله: ثم إذا شاء أنشركگ فإن لم تكوني مكذبة فما لك لا تأخذين حذرك» ولو أن يهودياً أخبرك عن الذي أطعمتك بأنه يضرك في مرضك لصبرت عنه وتركتهء أفكان قول الأنبياء المؤيدين بالمعجزات وقول الله تعالى في كتبه المتزلات أصدق عندك من قول يهودي يخبرك عن حدس وتخمين . فالعجب ولو أن صبياً أخبرك عن عقرب في ثوبك لرميت به في الحال من غير مطالبة له على ذلك ببرهانء أفكان قول الأنبياءء والعلماءء والحكماء› وسائر الأولياء أصدق عندك من [٥٠٠] جملة الأغبياء أو صار حر جهنم مع أصناف عذابها أحقر عندك من عقرب / ما هذه أفعال العقلاء بل لو انكشف للبهائم حالك لسخرت منك ومن عقلك» فإن كنت عرفت ذلك وآمنت به فما لك لا تستوفين ن العمل والموت لك بالمرصاد ولعله يقصدك من غير مهل؟ هب أنك وعدت بالإمهال مائة سنق أفتظنين من يطعم الدابة في حضير أسفل العقبة يفلح أو يقدر على قطعها فما أعظم جهلك إن ظننت ذلك أرأيت لو أن رجلا سافر بلا نفقة فأقام متعطلاً في أرض غربة سنين» يعد نفسه بالنفقة في السنة الأخيرة من رجوعه إلى وطن هل کنت تضحکین من عقله؟ هب أن الجد آخر العمر نافع فلعلك في آخر يوم من فلم لا تشتغلين فيه بذلك؟ فان أوحى إليك بالإمهال فما المانع لك من المبادرة هل له سبب إلا عجزك عن مخالفة هواك؟ افتظنين يوم يأتيك لا يعسر فيه مخالفة هواك هذا يوم لم يخلقه الله قطء ولا تكون الجنة قط إل محفوفة بالمكاره فإذا آنت عجزت عن مخالفة الشهوة ة اليوم» فأنت في غد أعجز وأعجز وهل الشهوة إلا كالشجرة ة الراسخة التي يريد الإنسان قطعها وهو شاب قوي» فأخرها إلى سنة أخرى وقد علم أن الشجرة تزيد بطول المدة في الأرض رسوخاء ويزيد القاطع بذلك ضعفاً وهرماء فما لا يقدر عليه في الشباب لا يقدر عليه في الضعف والهرم. فنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخانمة وذکر الموت والقبر £10 فإن كنت تفهمين هذا وتركنين إلى التسويف فمالك تدعين الحكمة؟ وأ حماقة تزيد على هذه الحماقة؟ ولعلك تقولين: ما يمنعني عن الاستقامة إل لذة شهوتيء وقلة صبري عن مخالفتهاء فما أقل إعتذارك؟ فإن كنت صادقة فاطلبي التنعم بالشهوات الصافية أبد الأباد في الجنةء وما قولك في عقل مريض أشار عليه بترك شرب الماء. / ليصح ويتهناء طول العمر› [٦0۰] وحذره إن شربه مرض طول العمرء فجميع عمرك في طول نعيم الدنيا وطول عذاب النار أقل من ثلاثة أيام بالإضافة إليهء فالصبر على مخالفة الشهوة أيسر من طول العذاب» وفوات النعيمء فما هذا إلا ضعف الإيمان بالثواب والعقاب»ء وبهذا الجهل تستحقين صفة الحماقة في قول النبي يَلةٍ: «الكيس من دان نفسه وعمل ما بعد الموت والأحمق من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني»”° . ويحك لا تغرنك الحياة الدنيا ولا يغرنك بالله الغرور فانظري لنفسك ولا تضيعي أوقاتك» فإن الأنفاس معدودة فإذا مضى نفس فقد مضى بعضك» فاغتتمي الصحة قبل السقم› والفراغ قبل الشغل» والغنى قبل الفقرء والشباب قبل الهرمء والحياة قبل الموتء واستعدي للآخرة على قدر بقائك فيهاء كما تستعدين للشتاء بقدر طول المدة الحطب والطعام والكسوة›ء أفتظنين أن زمهرير جهنم أخف برداً وأقصر مدة من الشتاء؟ أم تظنين أن العبد ينجو منها بغير عمل؟ هيهات كما لا يندفع برد الشتاء إِل بالحطب والكسوة وكذلك حر النار لا يندفع إلا بأسباب من حسن التوحيد والطاعات» وإنما كرم الله لك في أن عرفك أسباب التحصين منها بالطاعات كما أن كرمه في دفع برد الشتاء فإن عرّفك الصناعات وخلق لك النار والحطب وألهمك استخراجها من الأحجار حتى يندفع بها البردء وكذلك ألهمك طريق النجاة فمن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها والله غني عن العالمين . ويحك فسيء آخرتك بدنياك كما بدأنا أول خلق نعيده ولن تجد لسنة الله تبديلاء ما أراك إل ألفت / الدنياء هب أنك غافلة عن أحوال يوم القيامة. ]0۰۷[ أما إنك مؤمنة بالموت المفرق بينك وبين محابك؟ أفترين أن من يدخل من باب دار ملك ويخرج من الجانب الأخرء وثم يستغرق قلبه بعشق جارية فيها وهو مضطر إلى مفارقتها (١) قال الحافظ العراقي في المغني (۲/٥٠٥) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي وقال: حسن وابن ماجه من حديث شداد بن أوس. قال المحقق: أخرجه الترمذي (۲45۹) ابن ماجه (٠٦4) وأحمد (٤/٤۱۲). والحاكم (۷/۱٥). وقال صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه. قال الذهبي تعليقاً عليه : لا والله أبو بكر واه وذكره الألباني في ضعيف الجامع (٠۳۱٤) وقال ضعيف. قناطر الخيرات/ ج ۳۰۰/۳ ٦£1 قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذکر الموت والقبر أيعد من العقلاء آم من الحمقاء› فالدنيا دار ملك الملوكء وكل من فيها ضيف مجتاز؛ وما في يده عارية مردودة على صاحبهاء أما سمعت قول سيد المرسلين : "إن دد القدس نفث في روعى أحبب من شئت فإنك مفارقه وعش ما شئت فإنك میت واعمل ما شئت فإنك مجزی به». فكل من الف ملاذ الدنيا واستكثر منها فإنما يستكثر من الحيرةء ويتزود من السم المهلك عند مفارقته إياهاء أما تنظرين إلى الماضين كيف بنوا وأعلوا وذهبوا وخلوا؟ فهل حمق أعظم ممن يعمر دنياه» وهو مرتحل عنها ويخرب آخرته وهو صائر إلیها قطعاً. أما تستحين من مساعدة الحمقاء المنكبين على الدنيا؟ وهب أنك تؤثرين الاقتداءء فقس عقول أهل الدنيا بعقول الأنبياء والحكماء واقتد بأعقل الفريقين ولعلك أسكرك حب الجاه. وهب أن كل من على بساط الأرض سجدوا لك أما تعرفين أن بعد خمسين سنة لا تبقى نت ولا أحد من أولثك أما سمعت عن الملوك الذين قبلك فكيف تبيم ملكاً يبقى أبد الاباد بملك لا يبقى أكثر من خمسين سنةء إن بقي مع كدورته بأنواع المصائب واحتفاف الحساف والأعداء به من كل جانب . فما لك تفرحين بدنيا إن ساعدتك مع رذالتهاء وخسة شركائك فيها من اليهود والتصارى والغوغاء والسفهاءء وترغب أن تكوني في زمرة الصديقين والشهداء والصالحين في الدنياء وفي جوار رب العالمين في العقبى. ويحك فمن ذا الذي يصلي عنك ويصوم بعد الموت» مالك إلا أياماً معدودة وهي [۸٠2] بضاعتك / وقد ضيعت أكثرها ويحك أما تعلمين أن الموت موعدك؛ وأن القبر بيتك» والتراب فراشك والفزع الأكبر بين يديك؟ أما علمت أن عسكر الموتى على باب بلدك وقد حلفوا بالايمان المغلظة أنهم لا يرحلون حتى يأخذوك؟ أما تعلمين أنهم يتمنون الرجعة إلى الدنيا ليتداركوا ما فرطوا وأننا في أمنيتهم ويوم من عمرك لو بیع منهم بالدنیا كلها لاشتروه لو قدروا وأنت ضيعته في البطالةء ؤيحك أما تستحين؟ تتزينين بظاهرك للخلائق وتبارزين الله في السر بالعظائم» تذكرين بالل وآنت له ناسيةء تأمرين الناس بالخير وآنت متلطخة بالرذائل ولو عرفت نفسك حق المعرفةء ظننت أن الناس لا يصيبهم بلاء إلا من أجلك ويحك قد جعلت نفسك حماراً لإبليس يقودك حيث يشاء ویریدء ومع هذا فتعجبين بعملك مع كثرة خطاياك وقد لعن الله إبليس بخطيثة واحدة بعد أن عبده ثمان آلف سنة أو ما شاء اله وأخرج آدم من الجنة بخطيئة واحدة مع كونه صفيه ولن ينجو إلا قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر £۷ بالاعتراف والتوبةء والعجب منك تفرحين بزيادة مالك ولا تحزنين بنقصان عمرك فما ينفع مال يزيد وعمر ينتقص . واحذري يا مسكينة يوماً إلى الله فيه يسأل نفسه أن لا يترك عبداً أمره في الدنيا ونهاء حتى يسأله عن عمله دقيقة وجليلة سره وعلانيتهء فانظر باي بدن تقفين بين يديهء وبي لسان تجيبين» وأعدّي للسؤال جواباء وللجواب صواباء واعملي في دار العمل بالاختيار قبل أن تخرجي منها خروج الاضطرار ولا تفرحين بما ساعدك من زهرات الدنياء فرب مسرور مغبون» ورب مغبون لا يشعر ويل لمن له الويل وهو لا يشعر يضحك ويلهو وقد حق عليه في الكتاب إنه من وقود النار . / واعلمي أنه ليس للدنيا عوض» ولا للجسد خلف» فمن كانت مطيته الليل والنهار [°۰۹] سير به» وإن لم يسر فاتعظي يا نفسي بهذه الموعظة واقبلي هذه النصيحة فإن من أعرض عن التصيحة والموعظة فقد رضي بالنار ولا أراك بها راضيةء ولا لهذه الموعظة واعيةء فإن كان هذا لقساوة قلبك فاستعيني عليه بدوام الاتعاظ وطول التهجد والقيام ولا فبالمواظبة على الصيام وإلاً فبقلة المخالطة والكلام وإلاً فبصلة الأرحام واللطف بالأيتام» وإن لم تزل القساوة فاعلم أنه قد طبع على قلبك» فوطني نفسك على النار فكل ميسر لما خلق له . فاقنطي ولا سبيل إلى القنوط؛ فإنه من الكبائر ولا سبيل إلى الرجاء مع انسداد طرق الخير عليك فليس ذلك برجاء بل هو اغترار فانظري هل تبكين أو تحزنين على هذه المصيبة؟ فإن حزنت وسحت عيناك بالبكاء فمستقى الدمع من بحر الرجاء فقد بقي فيك موضع للرجاء› فتواظبي على النياحة والبكاء اقتداء بادم عليه السلام» واستغيثي بأرحم الراحمين لعله أن يرحم ضعفك فقد انقطعت عنك الحيل› فلا مذهب ولا مستغاث ولا ملجاً إلا إلى مولاك فافزعي إليه بالتضرع والتلهف؛ فإنه يرحم المتضرع الذليل ويجيب دعوة المتلهف المضطر الخائف الوجل فقد أصبحت والله مضطرة إلى رحمته محتاجة؛ فإن العفو شامل والكرم فائض والرحمة واسعة فقولي: يا أرحم الراحمين عجل إغاثتي وفرجي وأرني آثار رحمتك وبرد عفوك يا أکرم الأولين والحمد لله رب العالمين . وروي عن منصور بن عمار قال: سمعت في بعض الليالي بالكوفة عابداً يناجي ربه وهو يقول: يا رب وعزتك ما أردت بمعصيتي / مخالفتك؛ ولا عصيتك إذ عصيتك وأنا بمكانك (١1٠°] جاهل» ولا لعقوبتك متعرض ولا بنظرك مستخف ولكن سوّلت لي نفسي وأعانتنتي على ذلك شقوتي» وغرّني سترك المرخى علي فعصيتك بجهلي وخالفتك والله بقلة عقلي فمن الآن من €۸ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر عذابك ينقذنيء أو بحبل من اعتصم إن قطعت حبلك عني» واسوأتاء من الوقوف بين يديك غداً إذا قيل للمخفين جوزوا وللمثقلين حطوا أمع المخفين أجوز أم مع المثقلين أحطء ويلي كلما كبرت سني كثرت ذنوبي» ويلي كلما طال عمري كبرت معصيتي إلى کم اتوب وإلی کم أعود أما آن لي ان استحي من ربي . وعن وهب بن منبه قال لما أهبط الله آدم عليه السلام من الجنة إلى الأرض مكث لا ترقى له دمعة فاطلم الله عليه في اليوم السابع وهو محزون كثيب كظيمن منكس رأسه» فأوحى الله إليه: يا آدم ما هذا الجهد الذي أرابك فقال: يا رب عظمت مصيبتي وأحاطت بي خطيئتي› وأخرجت من ملكوت ربي فصرت في دار الهوان بعد الكرامة وفي دار الشقاء بعد السعادةء وفي دار النصب بعد الراحة وفي دار البلاء بعد العافيةء وفي دار الزوال بعد القرار» وفي دار الفناء والموت بعد الخلود والبقاءء فكيف لا أبيكي على خطيئتي فأوحى الله تعالى إليه: يا ابن آدم ألم أصطفك لنفسي واحللتك داري وخصصتك بكرامتي وحذرتك سخطي» ألم أخلقك بيدي؛ ونفخت فيك من روحي وأسجدت لك ملائكتي فعصيت أمري؛ ونسيت عهدي؛ وتعرضت لسخطي فوعزتي لو ملأت الأرض مثلك كلهم رجالا يعبدونني » ويسبحونني › 7 فعصوني / لأنزلتهم منازل العاصين» فبكى عند ذلك آدم ثلائمائة عام . فهذه طريقة القوم في مناجاة مولاهم وفي معاتبة أنفسهم وإنما طلبهم بالمناجاة للاسترضى» ومن المعاتبة التنبيه والاستدعاءعء فمن أهل المعاتبةء والمناجاة لم يكن لنفسه مغاضباء ويوشك أن يكون الله له يوم القيامة معاتباًء والله أعلم. فصل فعليك أيّدك الله بتوبيخ نفسك» وحقارة عملك؛» وتعظيم نعمة الله عليك» فإذا فعلت ذلكء وقع فعلك من الله تعالى موقع الرضى والقبولء وصارت له قيمة لا نهاية لشرفهاء إذ بسببه تستوجب النعيم والملك العظيم وال صار سعيك مثبوراًء وعملك مردوداًء محقوراً آلا تری إلى الأجير يعمل طول النهارء والحارس يحرس طول الليل بدرهمين وكذلك أصحاب الصناعات والحرف يعمل الواحد منهم الليل والنهار فيكون قيمة عمله دراهم معدودة› فإِن صرت الفعل إلى الله تعالى فصمت له يوماً قال: «إَما يوني الْصَايرُونَ أَجْرَهُمْ عير ساب" . وقال: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على (١) سورة الزمر الآية: ١٠. قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ۹٦£ قلب بش . فهذا يومك الذي قيمته درهمان مع احتمال التعب العظيم صار له هذه القيمة بتأخير غداء إلى عشاء» ولو قمت ليلة لله تعالى: لقلا تَعْلمُ تفن ما لَحْفِيَ لَهُمْ ِن فر ۱ غ . فهذا الذي قيمته دانقان أو درهمان صارت له هذه القيمة العظيمة. فحق إِذاً على العبد أن يرى حقارة عمله من حيث هو وأن لا يرى إلا منة الله عليه فيما شرف من عمله وأعظم من جزائهء وأن يحذر على فعله من أن يقع على وجه لا يصلح لله ولا يرضاه فتذهب عنه القيمة ويعود إلى ما كان عليه في الأصل من الثمن الحقير من دراهم / أو [°17] دوانيق أو أخس من ذلك ومثاله أن عنقود العنب قيمته دانق فإذا أهداه أحد إلى الملك فيقع منه موقع الرضى فيهب له عليه ألف دينار وإذا لم يرضه ورده رجع إلى قيمته الأولى فذلك ما نحن عليه فتنبه وأبصر منة الله تعالى وصن فعلك عما يشينه عند الله عز وجل وأيضاً أما تعلم أن الملك في الدنيا إذا أجرى على أحد جراية من طعام أو كسوة أو دراهم أو دنانير معدودة فانيةء فإنه يستخدمه ويستعمله بضروب الخدمة الليل والنهارء وربما ظهر له عدو فيحتاج لقتاله فيبذل له روحه التي لا خلف لها لأجله فربك الذي خلقك فسواك ثم أنعم عليك من النعم الظاهرة والباطنة ما لا يبلغ كنهها وهمك» ثم إنك تصلي ركعتين مع ما فيهما من المعائب ومع ما وعد عليهما في المستقبل من حسن الثواب فتستعظم ذلك منك وتعجب به فليس هذا من شأن عاقل إذا نظرت فهذه هذه. وأيضاً فإن الملك الذي من شأنه أن تخدمه الملوك والكبراءء ويطلب مدحته العلماء والحكماء إذا أذن لسوقي برأفته عليه أن يزاحم على بابه أولئك الكبراء في خدمتهء ويجعل له مقاما من حضرته وكرامته» وينظر إلى خدمته المعيوبة بعين الرضى أليس يقال: لقد عظمت على هذا الحقير المنة من الملك فإن أخذ هذا الحقير يمن على الملك خدمته ويعجب بهاء أليس يقال أن هذا السفيه جداً أو مجنون لا يعقل شيثاء وآيضاً فإن إلهنا الذي يسبح له السموات والأرض ومن فيهن من الملائكة الروحانيين والكروبيين وسائر الملائكة المقربين» والأنبياء والمرسلين في مراتبهم الشريفة وعبادتهم الجليلةء ثم من العلماء والأئمة الأبرار والزهاد في خدمتهم الخالصة وأذل الخدام / على بابه. ]9۱۳[ ملوك الدنيا يخرون له ساجدين فمع هذه العظمة والكمال قد أذن لك في حقارتك وجلاله أن تعبده› وترفع إليه حوائجك» ثم أنه يرضى ركعتيك في عيوبهاء وأعدٌ لك عليهما )۲( سوره ة السجدة› الاية: ۷ . £۷ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ثواباً لا نهاية له فتستعظم ذلك منك وتمنه على ربك» فما أسوأك من عبدء وما أجهلك من إنسان» والله المستعان وإليه المشتكى من هذه النفس الجاهلة . وأيضاً إِذا أذن الملك الأعظم بإدخال الهدايا من الجواهر الثمينة والأموال الجليلة من الأمراء والكبراى فإن جاء بقال بدستجة بقل أو قروي بسلة عنب تساوي دانقاً فيزاحم الأمراء والأغنياء بهداياهم» فإذا قبل الملك من هذا الحقير هديتهء وأمر له بخلع نفيسة وكرامة بالغة› أليس ذلك من الملك غاية الكرم والفضل» فإذا أخذ هذا الحقير يمن على الملك بهديته الحقيرة وينسى متته العظيمة أليس ذلك منه غاية الجهل والحماقة. فالان إذا صليت ركعات فتفكر كم صلى لله تعالى في تلك الساعة في أقطار الأرض والسماوات من الملائكة والصديقين والأنبياء والصالحين من عبادة صالحة بقلوب صافية› وركعاتك إذا بذلت المجهود فيها إنما صدرت عن قلب غافل مختلط بأنواع العيوب» وبدن نجس بأقذار الذنوب» ولسان متلطخ بأنواع المعصية والفضولء فكيف تصلح أن تحمل إلى تلك الحضرة وتهدي إلى رب العزة؟ وانظر أيها العاقل هل وجهت قط صلاة من صلواتك كما توجه مائدة منك إلى بيوت الأغنياء قال: وكان أبو بكر الوراق يقول: ما فرغت قط من صلاة إلا استحييت حين فرغت منها أشد حياء من امرأة / فرغت من الزنى» ثم إن الرب سبحانه بمحض كرمه وفضله عظم هذه الركعات ووعد عليها جزيل الثواب» وأآنت عبده وفي جرایتهء وعملت ذلك بتوفيقه ثم بعد ذلك تعجب بعملك» وتنسى منة الله عليك» هذا والله أعجب العجب لا يكاد يذهب مثله إل عن جاهل لا فكر له فنسأل الله الكفاية بمنه . فصل فانتبه من رقدتك أيها الغافل» وإلا كنت من الخاسرين» فإن هاتين القنطرتين أشد القناطر إليهما تنتهي ثمرة ما مضى من القناطر إذ هما قنطرة العمل وآفاته والشكر وثمراتهء وإن سلمت غنمت وربحت وإلاً فقد ضاع السعي كله وبطل العمر» وخاب الأمل . واعلم أنك كلما صرت أقرب فأمرك أخوف وأصعب» والمعاملة أشد وأدق» والخطر عليك أعظم؛ فإن الشيء كلما كان أبلغ علواً إذا انقلب كان أصعب وقوعاًء كما قيل: ما طار طير فوقع» إلا كما طار وقع فإذن لا سبيل إلى الأمن وإغفال الشكر قال: وكان إبراهيم بن أدهم يقول: كيف تأمن وإبراهيم الخليل يقول: «وَأَجُْبني وبي أن تعد الأض€”°. () سورة إيراهيم؛ الآية: ٥۳. قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر £۷ ‎e os ek e :‏ 210 ِ وقال بعضهم: تأملت سفياناً الثوري فبكى الليل أجمع فقلت: بكاءك هذا على الذنوب. قال: فحمل تبناً. فقال: الذنوب أهون على الله من هذا إنما أخشى أن يسلبنى الإسلام. قال الغزالي : وسمعت أنا بعض العارفين يقول: إن بعض الأنبياء سأل الله تعالى عن أمر بلعام بن باعوراء وطرده بعد تلك الايات والكرامات فقال الله له: لم يشكرني يوماً من الأيام على ما أعطيته ولو شكرنى على ذلك مرة لما سلبته› فتيقظ أيها الرجل واحتفظ / بذكر الشكر [٥1٥[ جداً وأحمد الله على منته في الدين أعلاها الإسلام وأدناها مثلً توفيق تسبيح أو عصمة من كلمة لا تعنيك عسى أن يتم نعمته عليك» ولا يبتليك بمرارة الزوالء فإن أمرً الأمور وأصعبها الإهانة بعد الإكرامء فكلما أغفلت شكره» أو اقترب عاودت» واجتهدت؛ وتضرعت» وقلت: يا الله يا مولاي كما بدأت بالإحسان بفضلك قبل الاستحقاق فأتممه أيضاً بفضلك من غير استحقاق» وتناديه نداء الأولياءء المستغيثين الذين مدوا إليه الأكف مبتهلين ونادوا في الخلوات مستصرخين: لرَبنًا لا تَر فُلوبًا بَعْدً إِذ حَدَيْعَا وَحَبَ لتا من لَك رَحْمَة ينك أنتَ َلوَمَاتُ 4 . قال الغزالي والله أعلم: تقديره إنا وجدنا منك نعمة فطمعنا في أخرى أنت الجواد الوهاب» فكما وهبت منة الإنعام في الابتداء فهب لنا منة الاتمام في الانتهاء أما تسمع ويحك؟ إن أول دعاء علمه رب العالمين عباده المسلمين هذا الدعاء: ادنا الصّرَاط اَلَمَْقيم€°: أي ثبتنا عليه وأدمه لناء هكذا تضرع إليه فإن الخطر عظيم . وقد قيل: أن الحكماء نظروا وأفردوا مصائب العالم ومحنهم إلى خمس: المرض في الغربةء والفقر فى الشيب› والموت فى الشباب › والعمى بعد البصرء والنكرة بعد المعرفة› وأحسن من ذلك قول من قال : آخر: (١) سورة يرسف» الأية: ١١٠. (۲) سورة آل عمران» الأية: ۸. (۳) سورة الفاتحة الآية: ١. ‎VY‏ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر إذا أبقت الدنيا على المرء دينه فما فاته منها فليس بضائر فنسأل الله ونتضرع إليهء أن يمن علينا بالعصمة والتوفيق وأن يرزقنا التوبة على التحقيق› ‏وأن يجعلنا من العارفين العلماء بالدين› التائبين المتجردين للخدمة الشاكرين للتعمةء القاهرين ‏للهوى والشيطان» المتقين حق التقوى بالقلبء والأركانء الخاشعين له المتوكلين عليه ‏[١1] / المفوضين الأمور إليهء الراضين بقضائهء الصابرين على بلائهء الشاكرين لآلائه› إنه أرحم ‏الراحمين والصلاة والتسليم على محمّد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين والحمد لله رب العالمين . الجملة الثانية: في ذكر الموت وأهوال يوم القيامة ‏اعلم أن من كان الموت مصرعه» والتراب مضجعه» والدود أنيسهء والقيامة موعدهء والجنة أو النار مورده» أن لا يكون له فكراً إلا في الموت» وفیما بعده ون کل آت قريب» لان في التفكر في ذلك ما يهوّن عليه مصائب الدنيا ويدعوه إلى ترك الرغبة فيهاء والفرح بها والحسد عليهاء وتشمل هذه الجملة على جملة فصول. ‏الفصل الأول في ذكر الموت ‏قال الله جل جلاله : #كل نفس ذائقة الموت. . . . 6 الآية. ‏وروي عن رسول الله ي أنه قال: «أكثروا ذكر هادم اللذات». ‏وروي ان سائلاً سأله فقال: يا رسول الله أي المؤمنين أكيس؟ فقال: «أكثرهم للموت ذكراً وأحسنهم له استعداداً أولثك الأكياس ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآأخرة". ‏وروي عنه أنه قال: «لو أن البهائم والطير تعلم من الموت ما تعلمون ما أكلتم منها سمیناً. ‏() سورة آل عمران» الأية: ١۸٠. ‏() قال الحافظ العراقي في المغني (5/ 44) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي وقال: حسن؛ والنسائي وابن ماجه من حدیث آي هريرة . ‏(۳) قال الحافظ في المغني (41/0) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن ماجه مختصراً وابن أبي الدنيا بكماله بإسناد جید. ‏(8) قال الحافظ العراقي في المغني (44/0) طبعة دار الحديث: أخرجه البيهقي في الشعب من حديث أم حييية الجهنية. ‎ ‎ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ‎V۳‏ وروي عنه أنه كان إذا رأى غفلة من الناس وقف بباب المسجد فأخذ بعضادتي الباب ثم صاح بأعلى صوته: «يا أيها الناس الموت الموت جاءكم بالوجبة سعادة أو شقاوة جاءكم الموت بما جاء بالروح والراحة والكرة الرابحة جنة عالية لأولياء الله من أهل دار الخلود الذين سعيهم لها ورغبتهم فيها جاءكم الموت بما جاء بالخزي والندامة والكرة الخاسرة في نار حامية لأولياء الشيطان / من أهل دار الغرور الذين سعيهم لها ورغبتهم فيها لأن لكل ساع غاية وغاية [۱۷٥] كل ساع الموت فسابق ومسبوق». وعن عائشة قالت: يا رسول الله هل يحشر مع الشهداء أحد؟ قال: «نعم من يکثر ذکر الموت في اليوم والليلة عشرين مرةء" وإنما هذه الفضيلة لأن ذكر الموت يوجب التجافي عن دار الغرور ويدعو إلى الاستعداد إلى الاخرة. وعنه يلو قال: «الموت تحفة المؤمن". إنما قال هذا لأن الدنيا سجن المؤمن والموت إطلاق له منهء فصار تحفة له في حقهء وقال: «الموت كفارة لكل مسلم»"". أراد المسلم حقاً المؤمن صدقاء ومر عليه السلام بمجلس قد استغرقهم الضحك فقال: «شوبوا مجلسكم بذكر مكدر اللذات». قالوا: وما هو؟ قال: «الموتء. وقال أيضاً: «أكثروا من ذكر الموت فإنه يمحق الذنوب ويزهد في الدنيا. وقال: «كفى بالموت واعظاًء”. (١) قال الحافظ العراقي في المغني (0/ 40) طبعة دار الحديث: سبق ذكره. (۲) قال الحافظ العراقي في المغني (40/0) طبعة دار الحديث: أخرجه اين أيي الدنيا في كتاب الموت والطبراني والحاكم من حديث عبد الله بن عمر مرسلاً بسند جيد. قال المحقق: «سيد إيراهیم» أخرجه الحاكم (٤/۳۱۹) وقال: صحيح الإسناد. وتعقبه الذهبي بقوله: ابن زياد هو الأفريقي. ضعيفء والبيهقي في الشعب (٤۹۸۸ء ١۲٠٠) من طريق ابن زياد أيضاً وأبو نعيم في الحلية (۸/٥۱۸). وقال الألباني في ضعيف الجامع (٤٤٤۲) ضعيف. (۳) قال الحافظ العراقي في المغني (٥/40) طبعة دار الحديث: أخرجه أبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب والخطيب في التاريخ من حدیث أنس قال ابن العربي في سراج المريدين: إنه حسن صحیح؛ وضعفه ابن الجوزي وقد جمعت طرفه في جزء. (8) قال العراقي في المغني (٥/٠٥٤) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن أبي الدنيا في الموت مرسلا ورويناء في أمالي الجلال من حديث أنس ولا يصح . )0( قال الحافظ العراقي في المغني (١/٤٤) طبعة دار الحديث: أخرجه اين أي الانيا في الموت بإسناد ضعيف جداً. )ا( قال الحافظ العراقي في المغني (٥/ ٥٤) طبعة دار الحديث: أخرجه الطبراني والبيهقي في الشعب من حديث عمار بن ياسر بسند ضعيف وهو مشهور من فول الفضيل بن عياض رواه البيهقي في الزهد. وقال المحقق قال الألباني ضعيف جداً (41۹). 1 قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخانمة وذکر الموت والقبر وذكر عنده عليه السلام رجل فأحسنوا في الثناء عليه فقال: «كيف كان ذكر صاحبكم للموت؟؟ قالوا: وما كنا نكاد نسمعه يذكر الموت» فقال: إن صاحبکم لیس هناکم» ۱٩ . وعن الحسن أنه قال: فضح هذا الموت الدنيا فلم يترك لذي لب فرحاء وقال كعب: من عرف الموت هانت عليه مصائب الدنيا وهمومها. وشكت امرأة إلى عائشة فساوة قلبها فقالت: أكثري ذكر الموت يرق قلبك ففعلت فرق وقيل: أن عيسى عليه السلام إذا ذكر عنده الموت تقطر جلده دمأء وقيل: أن داود عليه السلام إذا ذكر الموت والقيامة بكى حتى تنخلع أوصاله . اعلم أن الناس في ذكر الموت على ثلائة أصناف أحدهم: المنهمكون في الدنيا فلا [ يزيدهم ذكر الموت من الله إِلآ بعداً لأنهم بذكره / يتأسفون على الدنياء فهم الذين قال الله فيهم: ل إن الْمَوْتَ الي تون منة. . . .°4 الآية. الثاني : التائب المخلص يزيده ذكر الموت خوفاً وخشية وربما يكره الموت خوفاً أن يفاجأه قبل تمام التوبةء والاستعداد للأخرةء الثالث: العارف بالله الذي أحبه فاشتاق إليه فهذا يتمنى الموت ضجراً من الدنيا وشوقاً إلى لقاء حبيبه كما قال حذيفة رحمه الله: لما احتضر مرحباً بزائر جاء على فاقة لا فرح من ندم ففي ذكر الموت ثواب وفضل» وإن كان الإنسان منهمكاً في الدنيا؛ لأنه يستفيد به تنقيص نعيم الدنياء وتكدير عيشها فكل ما يكدر على الإنسان اللذات فهو من أسباب النجاة والله أعلم. فائدة: اعلم أن أنفع دواء للقلب بذكر الموت هو التفكر للإنسان في أقرانه الذين مضوا فيذكر مصرعهم تحت التراب وكيف تبددت أجزاؤهم في القبور؟ وكيف أرملوا نساءهم› وأيتموا أولادهم وتعطلت منهم المجالس والقصورء فمهما ذكر رجلاً منهم أحضر في قلبه صورته وكيفية أحواله وأعماله وتصرفه وآماله ونسيانه الموت وانخداعه بموتات الأسباب» حتى جاء الموت في وقت لم يحتسبه فعند ذلك يتفكر أنه مثلهم› وغفلته كغفلتهم › وستكون عاقبته كعاقبتهم فملازمة هذه الأفكار وأمثالها مع دخول المقابر› وحضور الجنائزن وعيادة المرضى › (۱) قال الحافظ العراقي في المغني (41/0) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن أبي الدنيا في الموت من حديث أنس بسند ضعيف وابن المبارك في الزهد قال: أخبرنا مالك بن مغول فذكره بزيادة فیه. (۲) سورة الجمعة الأية: ۸. قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر fVo يجد ذكر الموت في القلب حتى يصير نصب عينيهء فعند ذلك يوشك أن يستعد له وبالله التوفيق. وينشد لأبي العتاهية : قل مابدالك أن تتال من يا من يزيل الموت مهجته وبمن خلت منه أسرته درست محاسن وجحهه ونفي والموت لو صخ اليقين به وسبيلنا بالموت مشترك ولعدي : بينما هم على الأسرة والأنماط ثم لم ينتقض الحديث ولكن وصحيح أضحى يعود مريضا ولاخر: قد آن أن يسمعك الصوت يا باني البيت على غرة وإنما الدنيا على طولها ولبعض الشعراء : الموت حت ناعلمي نازل قد كنت ذا مال فلا والذني والمستعد لمرن يفاخره الدنيا فإن الموت آخره ومعاشر كنتانعاشره لاشك مالك لاتبادره صاروا مصيراً أنت صائره مشه غداة فضا دساكر وتبرأت منه عشائره وتعطلت منه منابره عنه النعيم ثرى يباشرە لم ينتفع بالعيش ذاكرە يتلو أكابره أصاغره ثم عادمن بعدهم وثمود أفضت إلى التراب الجلود بعد ذا الوعد كله والوعيد ضل عنهم سقوطهم واللدود هو أدنى للموت ممن يعود أنائ أمسامك المنزل والبيت م قل ‎O (‏ ك آم میت أعطاني المال و أغناني [۱۹] [۰] [۱] £۷۹ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ما قرت العين به ساعة الا تذكرت فأشجاني علمي بآأني صائر للبلا وفاقد أهلي وجيرانىي / وتارك مالي على حاله نهباآلشيطان ابن شيطان أما ترى والهوى قائدي لامرأة ابښني وزوج ابتشي وثالث اغبط من ذا وذا يسعد في مالي وأشقی به إن أحسنوا كان لهم أجره ألجمع المال لأختاني قوم ذوواغہ ل وشن ان فإذا تفكر الإنسان كما قدمنا فيمن مات من أقرانه؛ وفجع به من إخوانهء وکیف جاءهم الموت في وقت لم يحتسبوه» وأن من کان له مستعداً فقد فاز فوزاً عظيماًء وإن من کان مغروراً فقد خسر خسراناً مبيناًء ولينظر أيضاً في حال نفسه؛ ويتفكر كيف يكون جسمه طعمة للدیدان» وما ينتظر بعد ذلك من أهوال القيامةء ودركات النيرانء ودرجات الجنانء فبمثل هذه الأفكار يتجدد ذكر الموت على قلبه . ولكن الداء العضال الذي أهلك الأولين والأخرين: اتباع الهوى وطول الأمل؛ فاتباع الهوى يصد عن الحقء وطول الأمل ينسي الآخرةء وسبب ذلك الجهل وحبٌ الدنياء ولكن من رزقه الله الفكر الصافي بالقلب الحاضر فيما قدمناه من أخبار الموت وما بعده مع قصر الأمل ومخالفة الهوى» فإنه لا بد أن يندفع عنه الجهل؛ ويستشعر قلبه الخوف والوجل. وآما حب الدنياء فإخراجه من القلب شديد ولا علاج له إلا الإيمان بالله واليوم الآخر وما يشتمل عليه من الأهوال› والثواب» والعقاب؛ فمهما حصل بما ذكرناه اليقين مع عزيمة الصبر على ترك الدنياء وعلى المجاهدة في الدين تجدد ذكر الموت على القلب لا محالة واشتغل بالاستعداد له على أي حالة وبالله التوفيق . / فصل في خروج نفس الميت قال الله تعالى: فل ََوَفَاكُمْ ملك الْمَوْتٍ. ...€ الآية. فقي كتاب النقاش قال: يقبض أرواحكم مأخوذ من توفية العدد› أي يقبض أرواحكم أجمعين . ويقال: أن جبريل عليه السلام قال لملك الموت كيف تستطيم قبض الأنفس عند الوباء () سورة السجدةء الآية: ١٠. قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذکر الموت والقبر ‎€VY‏ ‏هاهنا عشرة آلاف وهاهنا كذا وكذا فقال ملك الموت: تزوى إلى الأرض حتى كأنها بين فخذي فأحاول فيها كذا وكذا. وعن زهير بن محمد أن النبي سئل عن مثل هذا فقال: «إن الله جعل الدنيا لملك الموت كطست بين يدي أحدكم فهل يفوته منها شيء٤. وفي كتاب النقاش في قوله تعالی : الله يعَوفى الأَُْسَ جين مَوتها ولتي لَمْ تّمت في مَامهًا. . . .4 الاية. قال معناه: يميتها حين يجيء أجلها والتي لم تمت في منامها فهي من بقية آجلها تتقلب فيه حتى يجيء أجلها فيميتها أيضاً كما ماتت التي جاء أجلها قال: والذي يتوفى في المنام نفس التمبيز لا نفس الحياة . قال: لأن نفس الحياة إذا زالت زال معها النفس» والنائم يتنفس» قال: فهذا الفرق بين قال : ويقال : أن الإنسان له حياة وروح ونفس› فإذا نام خرج طرف من نفسه التي بها يعقل الأشياء ولها شعاع إلى الجسد كشعاع إلى الأرض فيرى الرؤية بالنفس التي خرجت منه كأنه بأرض أخرى» وتبقى الحياة والروح في الجسد فيه يتقلب ويتنفس فإذا خرك رجعت النفس إليه في أسرع من طرفة العين» فإذا أراد الله أن يميتها في المنام» يمسك النفس الخارجة ويقبض الروح أيضاً ويموت في منامه. قال: وعن ابن مسعود وابن عباس قالا: سبب في السماء بين المشرق والمغربء فأرواح الموتى وأرواح الأحياء إلى ذلك السبب فتعلق نفس الميت بنفس الحي› فإذا أذن لهذه الحية بالانصراف إلى جسدها لتستكمل رزقها إلى فناء أجلها أمسكت النفس الميتة وأرسلت الأخرى / إلى أجل مسمى أي إلى منتهى أجلهاء قال: وكان ابن عباس يقول: إنما الإرسال [٢°۲] من اللإمساك . ومن كتاب عيون المعانى لابن عيسى قال: يقبض عن تصرف الأرواح مع بقائها في الجسد فيمسك الممّة أجله بإزالة قيقتهاء ویرسل الأخرى بإعادة تصرفهاء [قال] ابن 1 ٠ ال ى فت ن ما شاء الله ٠ جبير : يقبضص أرواح الأموات عند الموت وأرواح الأحباء عند النوم فيتعارفون () سورة الزمر الآية: 46٤ . (۲) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل واثتناء ليستقيم السياق٠ £۷۸ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر فيمسك أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء قال علي : فما رأته نفس النائم في السماء فهي الرؤية الصادقةء وما رأته بعد الإرسال يتلقاها الشيطان فهي الكاذبةء وقال في موضع آخر: (توفته رسلنا) قال: فملك الموت يقبض والأعوان يعالجون والله يزهق الروح. وقيل: ملك الموت يدعو الروح فتجيبه وأعوانه يتزعونها والله تعالى يخلق فيه الموتء وعن قتادة قال: خلق الله الموت ليعز به نفسه ويذل به عبادهء وقوله: (وجاءت سكرة الموت بالحق) أي غمرته التي تذهب العقل (بالحق): أي بلقاء الله الذي لا بد منهء وعن الكلبي في قوله: خلق الموت» قال: وهو على صورة كبش أملح لا يمر بشيء ولا يجد ريحه شيء إلا مات . الملائكةء فإذا كانت النفس في نقرة التحرء رأى ملك الموت جالساً على معراجه شخص بصره إليه آخر ما يموت. وفي كتاب السؤالات قال: يخرج الله الروح فيتلقاه الملكء وقيل: أن الروح إذا رأى الملك طار إليه كما يطير الحديد إلى حجر المغنطيس» وعن النبي عليه السلام أنه قال: «الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا اخرجي أيتها النفس المطمئنة كانت في الجسد الطيب اخرجي حميدة وابشري بروح وريحان ورب غير غضبان» قال: «فيقال لها ذلك حتی تخرج ثم يعرج بها إلى السماء فتستفتح فيقال: من هذا؟ فيقال: فلان ابن فلان» فيقال لها: [] مرحباً بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب / ادخلي حميدة وابشري بروح وريحان ورب غير غضبان فيقال لها ذلك حتى تنتهي إلى السماء السابعة فإذا كان الرجل السوء قالوا: اخحرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث اخرجي ذميمة وابشري بحميم وغساق وآمر من شکله أزواج ويقولون لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال: من هذا؟ فيقولون فلان فیقال : لا مرحباً بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ارجعي ذميمة فإنه لم يفتح لك فترسل بين السماء والأرض ثم تصير إلى القبره” ٠ وعن ابن عباس قال: إذا احتضر العبد عمر ملك الموت وتينه يعني عروق نياط القلب ‏ قال: فعند ذلك يعاين ملك الموت ويشخص بصره ويذهل عن أهل الدنيا. (۱) أطراف الحديث عند ابن ماجه (۲٦4۲) والتبريزي في مشكاة المصابيح (۲۷١۱) وتفسير الطبري )۱۲۹/۸( والسيوطي في الدر المتشور (۳/ ۸۳). وتفسير ابن کثیر (۳/ ٤٤٤). قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر £۷۹ وفي كتاب النقاش في قوله تعالى : #والنازعات غرقاڳ. قال: يعني ملك الموت يتزع روح الكافر حتى إذا بلغ ترقوته غرقها في حلقه فيعذبه في حياته قبل أن يميته ثم ينشطها من حلقه كما ينشط السفود الكثير الشعب من الصوف المبلول فذلك قوله تعالى : #والناشطات نشطاگ . وروي عن النبي يٍَ قال: «شدة الموت وكربته على المؤمن أشد من ثلاث مائة ضربة بالسيف» . وفي الخبر عن ابن مسعود: «أن نفس المؤمن تخرج رشحاً وأن نفس الكافر تخرج من شدقه»۱ ٩ . ويقال في الخبر: أن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام قيل له: كيف وجدت الموت؟ قال: يا رب كشاة تسلخ وهي حية فقيل له: أما آنا قد خففنا عنك . إن الموت كغصن شوك أدخل في جوف الرجل فأخذت كل شوكة بعرق فجدبها رجل شدید الجذب جذبة واحدة فقطع منها ما قطع وأبقى منها ما أبقى. ويروى أن النبي عليه السلام رئي حين حضره الموت وهو يمد يده ويقول: «يا جبريل أين أنت ثم يقبضها ويبسطها» / ويقول: «يا جبريل اشفع لي عند ربك يهون علي سکرات [٢٤٥٥] 7۳ الموت»”°. وذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت جبريل وهو يقول: لبيك لبيك» وفي خبر آخر: «إن نفس المؤمن تسيل من جسده كما تسيل القطرة من السقاء». وهذا فيه ما فيه والله أعلم. وفي بعض الكتب يعسر خروج النفس كما يعسر خروج الولد من المرأة البكرء وهذا أمر لا يدرك حقيقته ولا يعلمه إلا الله تعالى ثم من ذاق الموتء وأما القياس فإنه يشهد أن كل عضو لا روح فيه فإنه لا يحس الألم فإذا كان فيه الروح يحس الألم» فلما كان الأمر هكذا دل () ذكره الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (٠٠/4٤۲۷) وأطرافه عند الترمذي (480) وأبو نعيم في الحلية (٥/ 0۹( والهيثمي في مجمع الزوائد. (۳۲۲/۲) والشجري في الأمالي (۲/ ٥۹٠ ۲۹۸)» والمتقي الهندي في الکتز (٧۸٨٤ ٤٤ › ۱۸۹٢٤). (۲) لم أقف على هذا في ما لدي من مصادر. £۸ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخانمة وذکر الموت والقبر أن الروح الذي تفرقت أجزاؤه في الجسد حتى استغرقه فإذا نزع بالكلية كان ألمه وشدته أعظم ما يكون والله أعلم . وآما علامة موت السعيد من الشقي فقد روي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «ارقبوا الميت عند ثلاث إذا رشح جبينه ودمعت عیناه وتبسمت شفتاه فذلك من رحمه الله قد نزلت به وإن احمّر وجهه وازبد وغط غطيط المجنون فذلك من عذاب الله نزل به . وفي الخبر أن جابر بن زيد رحمه الله لما احتضر دخل عليه الحسن البصري فقال جابر: يا آبا سعید ما آية خروج نفس المؤمن؟ فقال: برد يجده على كبده ونفس طامعة فقال جابر: اللهم إني أجد برداً على كبدي ونفسي طامعة الهم حقق رجاءها وآمن محذورهاء ثم لم يتكلم بعدها فيما قيل والله أعلم. وفي بعض آثار أصحابنا أن نفس المؤمن تخرج رشحاً كالعرق» وفي كتاب الغزالي: أن نفس المؤمن تخرج من منخره الأيمن في صورة نحلة خضراءء وأن نفس الكافر تخرج من منخره الأيسر في صورة جرادة» وفي بعض حديثهم عن النبي عليه السلام: «إن المؤمن تنزل عليه الملائكة بيض الوجوه معهم كفن وحنوط من الجنة. ..." في حديث طويل تركته والله أعلم. الفصل الثاني في ذكر القبر ‎[oo]‏ / وينبغي للإنسان أن یذکر القبر وظلمته وضيفته ووحشته ؛ فإن في ذلك ما يحزن قلب المؤمن ويبكي عينيهء ويروى أن النبي ي كان يستعيذ بالله من عذاب القبرء وروي أنه قال : «مثل المؤمن في الدنيا كمثل الجنين في بطن أمه إِذا خرج من بطنها بکی على مخرجه حتی إذا رآی الضوء ورضع لم يحب أن يرجع إلى مكانه فكذلك المؤمن يجزع من الموت فإذا أفضی إلى ربه لم يحب أن يرجع إلى الدنيا كما لا يحب الجنين أن يرجع إلى بطن أمه». وقیل له عليه السلام: إن نلاناً مات فقال : «مستريح أو مستراح منه . أشار إلى المستريح أنه المؤمن والمستراح منه أيضاً أنه الفاجر. (١) قال الحافظ العراقي في المغني (18/0) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي في نوادر الأصول من حدیث سلیمان ولا يصح . (۲) ذكر الحافظ العراقي حديث نحوه في المغني (٥/٠۲٠) وقال: أخرجه ابن أبي الدنيا مع اختلاف والبزار. () أطراف الحديث عند: الألباني في الصحيحة (۱) وعبد الرزاق (٤110) في المصنف والبغوي في شرح السنة (٥/٠۲۷) والسيوطي (۱11/1) والتبريزي في إتحاف السادة المتقين (٠٠/ ۰٠۲۳ء ٤۳۸). قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر £۸ وروي عنه أنه عليه السلام لما دفنت ابتته جلس عند القبر فتزيد وجهه ثم سرى عنه فسأله بعض أصحابه عن ذلك فقال: «ذكرت ابتتي وضعفها وعذاب القبر فدعوت الله أن يفرج عنها وآيم الله لقد ضمت ضمة ثم أرخى عنها»". وروي عن عائشة رضي الله عنها عنه يلو أنه قال: «إنما فتنة القبر من أجلي فإِذا سئلتم عني فلا تشکوا». قالت فقلت: يا رسول الله فكيف أصنع وأنا امرأة ضعيفة؟ قال: «يثبت الله الذين آمنوا. . . .» الاية. وقال بعض العلماء: من أكثر ذكر القبر وجده روضة ومن أغفل ذكره وجده حفرة من حفر النارء وروي عن الربيع بن خیثم آنه قد حفر في داره قبراً وكان إذا وجد في قلبه قساوة اضطجع فيه ما شاء الله ثم يقول رب ارون لَعَلي أَحْمَل صَالِحاً فِيمَا تَرت4› ثم يرد على نفسه: يا ربيع قد رجعتك فيقوم فيرى ذلك وروي أن النبي عليه السلام قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: «كيف بك يا عمر إذا دخلت قبرك ودخل عليك فتانا القبر منكر ونكير»؟ فقال عمر: وما هما يا رسول الله؟ / قال: «ملكان أسودان أزرقان يطان شعورهما [٦۰۲] ويبحثان الأرض بأنيابهما معهما مرزبة من حديد لو اجتمع عليها آهل منى لم يطيقوها وهي أهون عليهما من هذا ورفع شيئاً من الأرض». فقال عمر: فكيف أنا يوم يا رسول الله؟ قال : «كهيئتك اليوم». قال: إذن كفيهما يا رسول الله . وروي عنه أنه قال: «المؤمن في قبره في روضة خحضراء ويرحب له فيه سبعون ذراعاً ويضيء حتى يكون كالقمر ليلة البدر أتدرون فيما أنزلت لافَإِنْ له مَعيشَةً ضنكا€؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال : «عذاب الكافر في قبره يسلط عليه تسعة وتسعون تنيناً يلحسونه وينفخون في قبره إلى يوم يبعثون»* () قال الحافظ العراقي في المغني (٠/٠۲٠) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن أبي الدنيا في الموت من رواية سليمان الأعمش عن أنس ولم يسمع منه. (۲) سورة المؤمنون» الاية: ۹۹. (۳) قال الحافظ العراقي في المغني (٥/٤۱۲٠) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب القبور مرسلاً ورجاله ثقات قال البيهقي في الاعتقاد: رويناء من وجه صحيح عن عطاء ب بن یسار مرسلاً: قلت أي الحافظ -: ووصله ابن بطة في الإبانة من حديث ابن عباس ورواه البيهقي في الاعتقاد من حديث ابن عمر وقال: غريب بهذا الإسناد تفرد به مفضل؛ ولأحمد وابن حبان من حديث عبد الله ابن عمره فقال عمر : أيرد إلينا عقولنا؟ فقال: «نعم كهيثتكم اليوم» فقال عمر: .... الحديث. )٤( سررة طه؛ الاية: ٤۲ . (0) قال الحافظ العراقي في المغني (٠/٠۲٠) طبعة دار الحديث: أخحرجه ابن حبان. قناطر الخيرات/ ج ۳/ م۳۱ ‎EAY‏ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ‏قال الغزالي: فلا ينبغي أن يتعجب من هذا العدد على الخصوص» فإن أعداد هذه الحبات والعقارب بقدر أعداد الأخلاق المذمومة من الكبر والرياء والحسد والغل والحقدء وسائر الصفات فإن لها أصولاً معدودة تتشعب منها فروع معدودةء وتلك الصفات بأعيانها هي المهلكات وهي التي تنقلب عقارب وحيات فالقوي منها يلدغ لدغ التنينء والضعيف يلسع لسع العقرب» وأرباب البصائر يدركون بنور البصيرة هذه المهلكات وإنشعاب فروعها وبالله التوفيق . ‏فصل ‏اعلم أن للناس في حقيقة الموت ظنوناً كاذيةء فالملحدون ظنوا أن الموت هو العدم› وإن موت الإنسان كجفاف النباتء وأنه لا بعث ولا ثواب ولا عقاب وزعمت اليهود والنتصارى والفلاسفة فيما وجدت أن الأجساد لا تبعث أصلاً وأن الأرواح هي التي تبعث وتستلذ وتتألم . ‏وزعمت المعتزلة والنكاث والحسنية فيما وجدت أن الأموات لا تتنعم ولا تتألم في القبورء وإنما الثواب والعقاب في الأخرةء وذهب أصحاب الحديث والأشعرية أن الروح باقية ] إما / معذبة وإما منعمةء حتى تبعث الأجساد فتدخل فيهاء وإنما الموت إنما هو تغيير حالهاء وانقطاع تصرفها عن الجسد يخرج الجسد عن طاعتهاء والأعضاء عن استعمال الروح إياها؛ لأنها تبطش باليدء وتبصر بالعينء وتسمع بالأذنء وتعلم حقيقة الأشياء بالقلب وهو عبارة هاهنا عن الروح التي تحزن وتفرحء وتلذ وتتوجعء وأن هذه كلها تتعطل بموت الجسد إلى أن يعاود الروح إليه واختلفوا في كيفية عذاب القبرء فقيل: السؤال المروح دون الجسد وقيل : يكون الروح في الجسد إلى الصدرء وقيل: يكون الروح في الكفن والجسدء وقيل: يمكن أن يعاد إلى الجسد ويمكن أن يؤخر إلى البعث والله تعالى أعلم بما حكم على عباده . قالوا: ويدل على أن الموت ليس عبادة عن انعدام الروح وإدراكها آيات وأخبار كثيرة قد ذكرنا طرفاً منهاء فأما الآيات فمن ذلك قوله تعالى في الشهداء: بل أحياء عند ربهم يرزقون. . . .» الايةء وفسر فيها ابن عباس فقال: تجعل أرواحهم في حواصل طیر خضر تعلق فى الجنة*. ‏() أطراف الحديث عند: النسائي (٤/۸٠٠) وابن ماجه (4۷۱) وأحمد (۳/ ٥٥٤ ٦٥٤) والساعاتي في منحة المعبود (۷4) وابن كثير في التفسير (۲۷/۸) وأبو نعيم في الحلية (۹/٦١۱) والزييدي في إتحاف السادة المتقين (٠/ ۲۳ء ٠٠/۳۸۷)› والبخاري في التاريخ الكبير (٤/٠٠۳) وابن عبد البر في تجريد التمهيد (۷٢) والتمهید (٥/ ٨٢٤۲) والمتقي الهندي في الکتز (۹۱٦٢٤). ‎ ‎ فنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذکر الموت والقبر ‎EAY‏ أي نتناول وقول الله تعالى في الكفار النار يعرضون عليها غدواً وعشيا» وقوله: إسنعذبهم مرتين. . . .4 الأية. إن الثاني عذاب القبر وروي أن النبي عليه السلام كلم قتلى بدر فقيل: يا رسول الله هم أموات فقال: «والذي نفسي بيده إنهم لأسمع لهذا الكلام منكم إلا أنهم لا يقتدرون على رد الجواب». قالوا: فكل من آمن بالله والوحي والملائكة فكيف لا يجوز هذا في الميت؟ قالوا: فكما أن الملائكة لا تشبه الأدميين والحيوانات» فالحيات والعقارب التي تلدغ في القبر ليست من حيات الدنيا وإنما هي من جنس آخر يدرك بحاسة أخرى. قالوا: ولأن المؤلم من الحية السم ونفس السم ليس / هو الألمء وإنما الألم عذابك في الأثر الذي يحصل فيك. [۰۲۸8] قالوا: ويمكن أن تكون الصفات المهلكات في الإنسان تنقلب مؤذيات كلدغ الحيات من غير وجود الحياتء كما أن العشيق إذا مات المعشوق انقلب صفة مؤذية محزنة للعاشق› قالوا: ومثل عذاب القبر والتنعم فيه في حق الميت مثل لدغ الحية في حق النائم وتنعمه بوقاع جاريته في نومه ولا ترى حية حوله ولا جاريةء فالعذاب والتنعم حاصلان ولکنه غير مشاهدين في حق اليقظانء وهذا الذي قاله أصحاب الحديث في عذاب القبر ليس في الشرع ما يبطله ولا في العقل ما يحيله . وقد روي عن جابر بن زيد بثبوت عذاب القبر وأنا أقول بهء وقد روي أن النبي يٍَِْ قال : «لو نجا أحد من عذاب القبر لنجا منه سعد بن معاذ ولقد ضغطه ضغطة اختلفت منها أضلاعه» . وقال في ابنته زينب: «إن الله قد خفف عنها ولقد ضغطت ضغطة سمع صوتها ما بين الخافقين »° . وجلس عليه السلام في جنازة رجل فجعل ينظر في القبر ثم قال: «يضغط المؤمن في هذا ضغطة تردی منها حمائله». )۱( قال الحافظ العراقي في المغني (١/۱۱۳) طبعة دار الحديث: أخرجه مسلم من حديث عمر بن الخطاب . () قال الحافظ العراقى فى المغنى (٠/١۱۲): أخرجه أحمد بإسناد جيد. (۳) قال الحافظ العراقي في المغني (١/٦۱۲) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن أبي الدنيا من رواية سليمان الأعمش عن أنس ولم يسمع منه. )٤( قال الحافظ العراقي في المغني (١/١۲٠) طبعة دار الحديث: رواه أحمد بسند ضعيف. ]۲۹٥[ ‎EAE‏ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ‏وفي حديث سؤال الملكين مشهور تركته مخافة التطويل. واختلف في مستقر الأرواح بعد الموت فقيل: أرواح المسلمين في عليينء وأرواح الكفار في سجّينء وقيل: أرواح المسلمين في بثر بالشام وأرواح الكفار في واد برهوت باليمن أو بحضرموت» وفي الحديث : «ما منكم من أحد إلا وهو يعرض على مقعده بالغداة والعشي»” ° . ‎ ‏بينما الفتى في لهوه وهناته قد غره الأمل الكذوب فهمّه / إذ جاءه ملك النفوس بسكرة فتتكرت أسبابه وتخرمت لا يستجیب لمن دعاه ولا یری ولعبده بن الطيب : ‏ولقد علمت بأن قصري حفرة وتركکت في غبراء یکره وردها إن الحوادث يخترمن وإنما يسعى ويجمع جاهداً مستهتراً حتى إِذا وفى الحمام لوقته ‏متبختراًيختال في لذاته في کل مايدنیه من شهواته تركته ملقى الجسم بين نعاته وتتكر المعروف من حالاته شق الجيوب عليه بعد وفاته ‏غبراء يحملني إليها شرجم”" تسفى علي الريح حين أودع عمر الفتى في أهله مستودع وليس باكل مايجمع ولكل جنب لا أبالك مضجع ‏وروي عن مجاهد ان أول من یکلم ابن آدم حفرته» فتقول: أنا بيت الدودء أنا بيت ‏الوحشة؛ أنا بيت الغريةء أنا بيت الظلمةء هذا ما أعددت لك فما أعددت لى؟ وروي عن بعض الحكماء أنه قال: يقول القبر للميت حين يوضع فيه: ويحك يا ابن آدم ألم تعلم أني بيت الفتنةء وبيت الظلمةء وبيت الوحدةء وبيت الدود؟ ما غرك بى إذ كنت تمر بي فدادا؟ قال: فإن كان مصلحاً أجاب عنه مجيب القبر يقول: أرأيت إن كان يأمر بالمعروف وینهی عن المنكر؟ قال : فيقول القبر : إني إذاً أعود عليه خضراء› ويعود حسده نورا ويصعد بروحه إلى رب العالمين › وینشد: (١) أطراف الحديث عند المتقي الهندي في الكتز (٦470) وأحمد (١/١٤٠) والزبير في الاتحاف (۹/ 61). والسيوطي في الدر المتثور (٦/۳5۹). (۲) شرجم: النعش. كذا بالهامش للمخطوط . ‎ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخانمة وذکر الموت والقبر إن كنت تعلم أن الله ياعمر وأنت في غفلة من ذاك تركب ما تجاهر الله إقداماً عليه ومن قف بالمقابر وانظر إن وقفت بها ففيهم لك يا مغرور موعظة يرى ويسمع ما تأتي وماتذر نهاك عنه فأين الخوف والحذر حثالة الناس تختفي وتستر ما دام ينفعك التفكير والنظر لله درك ماذاتسترالحشفشر؟ £۸0 الفصل الثالث في أشراط الساعة - وهذا الفصل يحتوي على مقدمة وستة أقسام ‏ أما المقدمة فنذكر فيها علامات تدل على أشراط الساعة › وذلك نحو ما روي عن النبي عليه السلام في مسائلة جبريل عليه السلام ياه وقد جاءه في صورة أعرابي فقال : متى الساعة؟ قال النبي عليه السلام : «ما المسؤول عنها أعلم من السائل ولكن سأخبرك بأشراطها: إذا ولدت الأمة ريها وربتها وتطاولت رعاة البهم في البنيان»” ° . أشراطها عشرة: يقرب فيها الأجل ويظرف فيها العاجز ويعجز فيها المنصف وتكون الصلاة مناً والزكاة مغرماً والأمانة مغنماً والاستطالة للفقراء»”" . وقوله : »ا تقوم الساعة حتی يسود کل قوم منافقوهم وحتی تلي رقاب الناس الحفاة العراة الجوع وأن يكون سيد القوم لكع بن لكع وتظهر أولاد البغية - يعني أولاد الزاني - ويعظم رب المال وتعلو أصوات الفساق في المساجد ويظهر أهل المنكر على أهل الحق»" . واحدة وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ٹلائين كلهم يرعم أنه رسول الله وحتى يقبض (١) أطراف الحديث عند البخاري (۱/٠٠ء ١٦/٤٤۱) ومسلم في الإيمان (١5 ٥٠ ۷) وابو داود في السنة (ب ١۱) والترمذي (١۲11) والنسائي في الإيمان (ب ٥٠ 1) وابن ماجه (۳٦ء ٤٦٤ ٤٤٠٤) والهيثمي في مجمع الزوائد (٠٠/٠٤) والسيوطي في الدر المتتور (١/ ۱670ء 4٤/ 6۹40ء 11۹/0› 00/1) وابن حجر في الفتح (١/٤۱۱ ٠ ۱۳/۸٥). (۲) انظر الحديث السابق. () آأطراف الحديث عند الهيثمي في مجمع الزوائد (۳۲۷/۷) وابن حجر في الفتح (۱۳/ ٤۸) وابن عدي في الكامل للضعفاء (۲/ 4٦۷). ‎tA‏ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذکر الموت والقبر ‏العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان ويكثر الهرج - وهو القتل - وحتى يفيض المال ويكثر وحتى يهم رب المال من يقبل صدقاته وحتى يعرضه ویقال : لا أرب لي فيه وحتى يمر الرجل بقبر الرجل ويقول: یا ليتني مکانه»". ‏0 وقولوا له: / سدد وقارب فقددنا الأمر فإذا ظهرت في أمة محمد عليه السلام عشر خصال فالهرب الهرب إذا استغنی الرجال بالرجال› والنساء بالنساء› وانتسبوا إلى غير أنسابهم فلم يرحم كبيرهم صغيرهم› ولم يوقر صغيرهم كبيرهم» وتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنتكر» ويتعلم عالمهم العلم لينال به الدراهم والدنانير «فكان المطر قيظاً والولد غيظا" الأرحام وباعوا الحكمء وطولوا المتاراتء وفضضوا المصاحف»ء وزخرفوا المساجدف› وأظهروا الرشى» وأكلوا الرباء وصار الغنى عزاً وركبت الفروج السروج» في أمثالها مما يطول به الكتاب تركته رغبة في الاختصار . ‏وعنه عليه السلام قال: «لا تقوم الساعة حتى تكون قبلها عشر خصال: طلوع الشمس ‏من مغريها والدجال ونزول عيسى ابن مريم وخروج يأجوج ومأجوج وخروج الداية وخسف ‏بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب والدخان ونار تحشر الئاس . والله أعلم. القسم الأول في طلوع الشمس من مغربها ‏وقد زعم بعضهم أنها أول آية خروجأ والدابة› إحداهما قريية مر من الأخرىء وقیل أولها ‏للدجال وله أعلم». وقال تعالى : طمن مرون أنه اليك . .€ إلى قوله تعالى : ‏لر باي رَبك أو أي بَعْضنُ ابات رَبك 1 قيل: هو طلوع الشمس من مغربهاء ‏(۱) أطراف الحديث عند البخاري (4٤/ ٤٤ء ٢/2۲ ٤۷) ومسلم في الفتن (ب ٤ رقم ۱۷) وأحمد )۳۱۳/۲( والهیثمي (۷/ ٤٤۲ ٢٤۲) وعبد الرزاق في مصنفه (۱۸۱0۸) والتبريزي في مشكاة المصابيح (٤٤٤٥) والبغوي في شرح السنة (۲۲۹/۱۰. ٥٠/۳۸) وابن حجر في الفتح )۳۰۳/۱۲ ‎A۴‏ ‏۲) والمتقي الهندي (۳١۳۱۲ء. ۳۸۳۷۳) والبداية والنهاية لابن كثير (٦/٤٢۲). ‏(۲) هذا معنى حديث أورده الحافظ العراقي في المغني (۲/٠٠۳) طبعة دار الحديث وقال: رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث عائشة والطبراني من حديث اين مسعود وإسنادهما ضعيف. ‏(۳) أطراف الحديث عند ابن ماجه (4041ء ٥٥٠4) والحاكم في المستدرك (4٤/48) وابن أبي شيبة (١۱/ ١۳١۱٠ ۳ والمتقي الهندي في الکنز (۰٢٦۳۸). ‏() سورة الأنعام الأية: ۸١1 . ‎ ‎ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخانمة وذكر الموت والقبر ‎LAV‏ ‏وعن النبي عليه السلام قال: «لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا جميعاً حيث لا ينفع نفس إيمانهاء”. وعن ابن عمر قال: سمعت النبي عليه السلام يقول: «إن الشمس إذا غربت أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت في الرجوع فيؤذن لها / حتى إذا أراد الله أن يطلعها من مغربها [۰۳۲] استأذنت من تحت العرش في الرجوع فلا يرد عليها شيئ ثم تعود فتستأذن فلا يرد عليها شیثاً فعلمت أنه لو أذن لها لم تدرك المشرق وقالت: يا رب ما أبعد المشرق فمن لي بالناس حتى إذا كان الليل كالطوق استأذنت قيل لها اطلعي من مكانك ثم قرأً: يوم يأتي بعض ايات ربك لا ينفع نفساً إيمانها. . . .4 الآية». ويقال: أن باب التوبة ينسد عند طلوعها والله أعلم. القسم الثاني في الدجال وقد روي أن النبي عليه السلام کان يتعوذ بائله من فتنة الدجالء وعنه أنه قال: «إن الدجال خارج وهو أعور العين اليمنى وأنه يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ويقول (۳t وعن أبي سعيد عنه عليه السلام قال: «إن الدجال محرم عليه أن يدخل أنقاب المدينة فينزل بعض السباخ التي بالمدينة فترجف ثلاث رجفات فيخرج إليه كل كافر ومنافق ویخرج إليه رجل وهو خير الناس أو من خير الناس فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله يلو حديثه فيقول الدجال أرآيتم إن قتلت هذا ثم أحبيته هل تشكون في الأمر فيقولون: لا فيقتله ثم يحيبه فيقول: والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه . قال بعص العلماء : فہینما الناس فى بلد إذ يسمعون الإأقامة یرید الصلاة فتغشاهم غمامة (١) أطراف الحديث عند البخاري (۱/ ۷۳ء ۱۳۲/۸) ومسلم في الإیمان (ب ۷۲ رقم ٢٤۲) وأبو داود (۲)) وابن ماجه (۸٤٤٤). () أورد الطبراني في جامع البيان في تفسير القرآن المجلد الخامس ج ۸ ص ۷۳ طبعة دار المعرفة: قال: من طريق آبي ذر. () أطراف الحديث عند الهيثمي في مجمع الزوائد (۳۳۱/۷) وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق (۱/۱)) والسيوطي في الدر المتثور (۲/ ٢٤۲)ء وأحمد (١/۱۳) والطبري (۷/ ۲۱۷). القسم الثالٹث في نزول عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام ‎[o۳۳]‏ وعن الحسن قال: قال رسول الله يو : «الأنبياء أخوة لعلات / آمهاتهم شتی ودینهم ‏واحد وآنا أولى الناس بعيسی ابن مریم لآنه ليس نبي بيني وبينه وإنه نازل لا محالة فإذا رأیتموه فاعرفوه فإنه رجل مربوع الخلقة بين ممصرتين الحمرة والبياض سبط الرأس كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويقاتل الناس على الإسلام فيهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام حتى تقع الأمانة في الأرض فيرتعي الأسد مع الإبل والنمور مع البقرء والذثاب مع الغنم ويلعب الغلمان بالحيات فلا يضر بعضهم بعضا . ملثت جوراً وظلماً. ‏وفي كتاب النقاش”" في قوله تعالى: #وإنه لعلم الساعة. يقول: نزول عيسى من السماء السابعة علامةء يقال: ينزل على ثنية أفيق وهو جبل بيت المقدس. ‏وعن ابن عمر قال: ينزل عيسى فإذا رآه الدجال ذاب كما تذوب الشحمة فيقتله فتفترق عنه اليهود فيقتلون حتى أن الحجر ليقول: يا عبد الله المسلم هذا يهودي تعال فاقتله . ‏والأخبار في هذا كثيرة تركتها مخافة التطويل . ‏القسم الرابع في خروج ياجوج وماجوج ‏قال الله تعالى: #حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج. ...4 الآية. فتحت: أرسلتء قيل: هما أخوان شقيقان من ذرية يافث بن نوح عليه السلام» قال الكلبي: لا يموت الرجل من ذرية يافث حتى يولد له ألف رجل من صلبه. ‏وعن كعب قال: يأجوج ومأجوج ثلاثة أصناف؛ فصنف أمثال التخل الطوال نساءهم منهم؛ وصنف أربعة أذرع طولا وأربع عرضاًء وصنف يفترشون آذانهم ويلتحفون الأخرى لهم خراطيم كخراطيم الكلاب» فإذا بلغ أجلهم انكسر السد الذي بناه ذو القرنين وقيل هما مائة ‏[0٤] ألف أمة / لا تشبه أمة أخرى. ‏() طرف الحديث عند الحميدي في مسنده. بالرجال من مؤلفاته طبقات الصوفية. توفي عن ۸۲ عاماً تقريباً. ‎ ‎ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر £۸۹ وعن قتادة هما اثتتان وعشرون قبيلةء فسد ذو القرنين على إحدى وعشرين قبيلة› وعن الأوزاعي قال: هما أمتان كل أمة منها أربم مائة ألفء وعن اين عمر قال: خلقهم كل يوم فإذا أمسوا قالوا: نجيء غداً نفتحه ولا يقولون إن شاء اللهء فيجيئون من الغد وقد أعاده الله كما كان فإذا أراد الله فتحه قالوا: نجىء إن شاء الله غداً نفتحه فيجيئون فيفتحون ويخرجون» فيتحصن الناس منهم حتى يأتوا على دجلة والفرات فيشربون ما فيهماء فيجيء آخرهم فيقولون: أقد كان هاهنا ماء مرةء فيسلط الله عليهم النغف فيقتلهم . وفي حديث كعب قال: «فيفر الناس منهم في البرية والجبال فيقولون قد قهرنا أهل الأرض فهلموا إلى السماء فيرمون بنشابهم إليها فترجع تقطر دما فيقولون قد فزعنا من أهل الأرض وأهل السماء فييعث عليهم أضعف خلقه وهو النغفف دودة تأخذهم في رقابهم فتقتلهم حتى تنتن الأرض من جيفهم فيرسل الله إليهم الطير فتلقى جيفهم في البحرء ثم يرسل الله السماء فتطهر الأرض» ثم تخرج الأرض زهرتها وبركتها فترجع الناس حتى أن الرمانة لتشبع أهل البيت فيبعث المسلمون جيشاً فلا يصلون إليهم ولا يرجعون إلى أصحابهم حتى يبعث الله إليهم ريحاً طيبة يمانية من تحت العرش فتكفت روح كل مؤمن ثم لا أجد مثل الساعة إلا كرجل انتج مهراً فهو ينتظر متى يركبه فمن تكلف من أمر الساعة ما وراء هذا فهو متكلف». وفي خبر آخر:.«أن عيسى عليه السلام إذا قتل الدجال أوحى الله إليه أني قد أخرجت /عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي في الطور فيبعث الله يأجوج ومأجوج كما قال [٥٥۰] وهم من كل حدب ينسلون. . . .» الحديث كما تقدم. وذكروا أن النبي يَأ قال: «ليحجن البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج»°. القسم الخامس في الدابة قال الله تعالى: وإذا وقع القول عليهم»» فقيل معناه: وجب الغضب عليهم وقال النبي () أطراف الحديث عند البخاري (۱۸۲/۲) وأحمد في مسنده (۳/ 6۷ء 14) والحاكم في المستدرك (/۳٤) والسيوطي في الدر المتثور (٤/۳۳۸8) والمتقي الهندي في كتز العمال (٦٦۳۸۸) والقرطبي في التفسير (۲۹۸/۳) وابن كثير في التفسير (۱/٠٠۲٠ ١٥/۳۷۱) وأبو نعيم في الحلية (۹/٦٠). £4۰ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذکر الموت والقبر عليه السلام: «ذلك حين تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المتكر فوجب السخط عليهم؟. آخرجنا لهم دابة من الأرض4. من كتاب عيون المعاني قیل: ذات زغب ووبر وریشء لها أربع قوائمء قال ابن الزبير : رأسها كرأس ثور» وعينها عين خنزير» وأذنها أذن فيل وقرنها قرن أيلء وعنقها عنق نعامةء وصدرها صدر أسدء ولونها لون نمر وخاصرتها خاصرة فهدء وذنبها ذنب کبش» وقوائمها قوائم البعيرء وكل مفصل من مفاصلها اثني عشر ذراعاً تخرج ومعها عصی موسی وخاتم سليمان فتختم وجه المؤمن بخاتم سليمان فيبيض ويكتب سعد سعادة لا يشقى ووجه الكافر بالعصي على عكس المؤمن. وعن علي على صورة إنسان مقاتل ذات جناحين طولها ما بين السماء والارض یری رأسها وعنقها من المشرق والمغرب» وتزلزل الأرض ذلك اليوم ست ساعات» فيصبحون وقد جاءهم الدجال؛ قوله تعالى: #من الأرضكهء أي من بعض أودية تهامةء وقيل: من مكةء وقیل: من بحر سدوم. وروي أن ابن عمر ضرب رجله على الأرض بالطائف وقال: من هاهنا تخرج دابة الأرض» وقيل: بين الصفا والمروةء وفي الحديث «تخرج الدابة من أعظم المساجد حرمة على الله بينما عيسى يطوف والمسلمون معه إذا الأرض تضطرب تحتهم تحرك القناديل فينشق الصفا عن داية الأرضء” . ]٦9۳[ / وعن ابن عباس قال: الدابة هو الثعبان الذي كان في البيت بين أبي قبيس وبين بنيان الييت فأرسل الله عقاباً فاختطفه فطرحه بأصل حراء حيث خسف بالعماليق» يقال: لها أربع قوائم وزغب وريش ولها جناحان واسمها أفصاء ولا يخرج منها غير رأسها فيبلغ السحاب وكلام الدابة من آيات القيامة وهو الوقت الذي لا تقبل فيه توبة. قال صاحب كتاب عيون المعاني: الأقرب إلى العقل أن يكون أنسياً فقيهاً مناظراً يناظر أهل البدع والكفر فيجادلهم› ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينةء وذکروا ان موسى عليه الصلاة والسلام سأل ربه أن يريه الدابة فخرجت ثلاثة أيام ولياليها لا یری طرفيها فرآی منظراً كريهاً فقال : يا رب ردها فرجعت» وعن ابن عمر قال : لا تقوم الساعة حتى يجتمع (۱) أطراف الحديث عند الهيثمي في مجمع الزوائد (8/۸) والطبراني في تفسيره (١۲/١۱) والسيوطي في الدر المتشور (١/٦١۱). قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ۹1٤ أهل البيت على الإناء الواحد وهم يعرفون مؤمنهم وكافرهم› فذكر الدابة كما تقدم تمسح جبهة المؤمن نكته بيضاءء وجبهة الكافر نکته سوداءء قال حتى نهم ليتبايعون في أسواقهم فیقول هذا: كيف تبيع يا مؤمن» ويقول الأخر: كيف تبيع يا كافر والله أعلم. وفي بعض الكتب: أن الداية فصيل ناقة صالح عليه السلام وفيها غير ما ذكرنا تركته حباً للاختصار. القسم السادس في الخسوف وغير ذلك وعن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «كائن فيكم الخسف والمسخ والقذف». قالوا وهم يشهدون أن لا إِله إلا الله؟ قال: «نعم إذا ظهرت فيهم الأربع المغنيات والمعازف والخمور والحرير). وفي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام قال : «ليبيتن أقوام من أمتي على معازف وشراب فيصبحون ممسوخین قردة» أو قال: «وخنازیر». وعن حذيفة قال: كيف بكم / إذا خرج أحدكم من حجلته فمسخ خنزيراً فيرجع يطلب [۰۳۷] أهله فيفرون منه. Ce ele ne ef Te os e oa e وعن ابي بن کعب في قوله تعالی: فل هُو ألقادرُ عَلىٰ أن يبعت عَليْكُمْ عذابا من ووک ې فور . قال: وهي خلال أربع هن واقعة لا محالة فمضت ائنتان بعد وفاة النبي عليه الصلاة الخسف والرجم. ويقال: لا تقوم الساعة حتى يرفع البيت ويرفع القرآن من القلوب فترجع الناس إلى المصاحف فإذا الورق بيض فيرجعون إلى أخبار الجاهلية وأغانيهم فتقوم الساعة ولا تقوم على مؤمن بإجماع من الأمة فيما وجدت والله أعلم. وأما الدخان فقيل: هو الجدب في زمان النبي عليه الصلاة والسلام وقيل: ينزل من السماء يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين ويأخذ المؤمتين منه كالزكام والله أعلم. )۱( سوره الأنعامء الأية: ٥ . ۹۷ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذکر الموت والقبر فصل في تيام الساعة قال الله تعالى : وما أمر الساعة إلا كلمح البصر. . . .4 الآية. أي بسرعة البصرء قيل : أن البصر يلمح مسيرة خمس مائة عام إلى السماىء وعن النبي عليه السلام قال: التقومن الساعة وقد نشر رجلان ثوبهما بينهما ليتبايعاه فلا يتبايعانه ولا يطويانه ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ولتقومن الساعة وهو يلبط حوضه فلا يستقى فيه ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمهاء” . وعنه عليه السلام قال: «كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن واستمع الآأذن متى يؤمر فيتفخ»"". وقال: «بعث إِليّ حين بعث إلى صاحب الصور»”. ]9۳۸[ وقال: «بعثت أنا والساعة كهاتين / فقرن بين أصبعيه كادت أن تسبقني فسبقتها وقد انفرد اله تعالى بعلم الساعة لا تأتيكم إلا بغتة». وزعم بعضهم أن الساعة في يوم الجمعة في شهر مارس وأن الشمس إذا غابت ليلة الجمعة فكل دابة مصيغة بإذنها إلى قيام الساعة حتى يصبح إلا الثقلين والله تعالى أعلم . قال الله تعالى: #ونفخ في الصور؟". من قرأ بفتح الواو فجمع صورة ينفخ فيها فتحى باإِذن الله وهو مروي عن الحسن وفتادة وأکٹر القول أن الصور فرن دليله لوثم نفخ فيه (١) أطراف الحديث عند البخاري (۸/ ۱۳۲ ٩/٤۷) والسيوطي في الدر المتثور (٠/۲10) وابن الجوزي في زاد السير (۲۹۸/۳) وابن حجر في الفتح (۱٠/۳5۲). ` ` () قال الحافظ العراقي في المغني (۱۳۸/۲) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي من حديث أبي سعيد وقال: حسن ورواه ابن ماجه بلفظ «إن صاحبي القرن بأيديهما أو في أيديهما قرنان يلاحظان متى يؤمران» وفي رواية ابن ماجه من حدیثٹ الحجاج بن أرطأة مختلف فيه. ۱ )۳( قال الحافظ العراقي في المغني (۱۳۹/۲) طبعة دار الحديث: لم أجده هكذا بل ورد: أن إسرافيل من حين ابتداء الخلق وهو كذلك كما رواه البخاري في التاريخ وأبو الشيخ في كتاب العظمة من حديث أبي هريرة «إن الله تبارك وتعالی لما فرع من خلق السموات والأارض خلق الصور فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر». قال البخاري: ولم يصح وفي رواية لأبي الشيخ «ما طرف صاحب الصور مذ وكل به مستعد ينظر نحو العرش مخافة أن يؤمر قيل أن يرتن إليه طرفه كأن عينيه کوکبان دریان» وإسناده جید. (٤) سورة الكهف» الآية: ۹۹. قنطرة الاجتهاد مخافة سو ء الخاتمة وذکر الموت والقبر ۹۳ لخرى»” ولم يقل فيها إلا أن تكون الصور في القرن فإذا نفخ فيه فقد تفخ في الصور وعن مجاهد الصور قرن كقرن الثور وزعموا أن النبي عليه السلام قال: «الصور قرن من نور والذي بعثني بالحق لعظم دارة فيه كعرض السماء والأرض ينفخ فيها ثلاث نفخات: نفخة الفزع ونفخة الصعق ونفخة البعث»" . وفي رواية عن أبي بن كعب: «نفختان». قال: «فيأمر الله تعالى إسرافيل في النفخة الأولى فينفخ فيه فيفزع من في السماوات ومن في الأرض وهو قوله : لوَيَوْم ينح في الصُور فزع من في الْسَمَاوَات وَمَن في الأزض إلا مَنْ شَاءَ الل . قال ابن عباس: هم الشهداءء وقيل: هم الأنبياءء وقال مقاتل: هم الملائكةء قال: فتزلزل الأرض «وتَذهَل كَل مُرْضِعَةٍ عَمًا أَرضّعَت4 إلى قوله: شيد . فيصير الولدان شيباًء وتطير الشياطين هاربةء وذلك قوله تعالى: اموا رَبَكُمْ إن رر ألسَاَةٍ شي عَظِيبٌ. ...4 الاية. ويقال: نزلت هذه الآية في غزوة بني المصطلق ليلا فقرأها عليهم النبي عليه السلام فلم ير أكثر باكياً من تلك الليلة وذلك حين قال لهم: «أتدرون أي يوم هو؟ ثم قال: «ذلك يوم يقول الله لادم عليه السلام ابعث نصيب النار / من ذريتك فيقول: كم يا رب فيقول: من کل [۳۹٥] آلف تسع مائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة فهنالك يشيب الصغير ويسكر الكبير. ... الحديث› فلما نزلوا رأى الناس من بين باك حزين وبين متفکر ساکت فقال لهم: سددوا وقاربوا فإن معكم خليقتين ما کانتا في شيء إلا كثرتاء يأجوج وماجوج ومن هلك من كفرة الجن والإنس فوالذي نفسي بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع الدابة بل كالشعرة السوداء في الثور الأبيض وإني لأرجو أن تكونوا ربع آهل (١) سورة الزمر؛ الآية: ۸٦. (۲) أطراف الحديث عند أبو داود (٤٤۷٤) والتبريزي في مشكاة المصابيح (1۸٥0) وابن الجوزي في زاد المسير (1۹/۳) والألبانى فى الصحيحة (١۸٠٠) والمتقي الهندي ني كنز العمال (٤٠۳۸۹) والطبري في تفسیره )٩/۴۰ ۴۰/ 6)` (۳) سورة النمل؛ الآية: ۸۷. (4) سورة الحج؛ (الآيتان: ١ ۲). (٥) قال الحافظ العراقي في نحو هذا الحديث في المغني (٤/۲۳۳) طبعة دار الحديث أخرجه الترمذي من حديث عمران بن حصين وقال حسن صحيح؛ قلت أي الحافظ -: هو من رواية الحسن البصري عن عمران ولم يسمع منه وفي الصحيحين نحوه من حديث آبي سعید. 1 قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذکر الموت والقبر الجنة فكبروا وحمدوا الله». وقال: «إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة وإني لأرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنة وإن أهل الجنة ماثة وعشرون صفاً ثمانون منهما أمتي ويدخل الجنة منها وقال آخر مثل ذلك فقال: «سيقك بها عكاشة وبردت الدعوة». وقوله : ِن رَلرَل ألسَاعَةً شي ٤ عَظِيمٌ»' ٠ قيل: أشراطهاء وقيل: الرجفة عند البعثء وعن أبي قال: النفخة الأولى ويقال: ذلك قبل التفخة الأولى ينادي مناد من السماء يا أيها الناس أتى أمر الله فيسمع صوته + جميع أهل الأرض فيفزعون فزعاً شديداً ويموج بعضهم في بعض فيشيب فيه الصغير ويسكر الكبير وتضع الحوامل ما في بطونها وتدع المراضع البنين من وعن أبِيٌ بن كعب قال: ست آيات قبل يوم القيامة قال بينما الناس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس» فبينما هم كذلك إذ تناثرت النجوم» فبينما هم كذلك إذ وقعت الجبال على وجه الأرض؛ فدكت الأرض واضطربت» ففزعت الجن إلى الإنس 7 إلى الجن واختلطت [4٥] الدواب والطيور والوحوش وماجت بعضهم في بعض» #ِوَرِذَا َلوَحُوشُ حُشرَت4 ٩ قال : اختلطت» «ِوَإدَا أَلَمِشَاُ ر عُطِلّت€" قال: أهملها أهلها ودا أَلبحَارُ شُحرّت4. قال: الجن تأتيكم بالخبر فانطلقوا فإذا هي نار تتأجج فينما هم كذلك جاءتهم ريم فأهلكتهم . وعن ابن عمر أن النبي عليه السلام قال: «من أراد أن ينظر إلى القيامة رأى العين فليقراً إذا الشىمس كورت4. صفة النفخة الثانية قال الله تعالی, و ي سو صن س في نوات ومن في لاض يعني مات ل السلام ثم يموتون بعدء ويل الشهداء› وقيل: رضوان ومالك والزبانية 1 والولدان. (١) سورة الحج؛ الآية: ١. (۲) سورة التكوير» الاية: ١. (۳) سورة التكوير الآية: 1. (8) سورة الزمر الآية: 1۸. قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ۹0 قال: يقول الله للملائكة المستثنين موتوا فيموتون فيقول: «لِمَن لمك يوم . فلا يجيه أحد فيقول: لله الواحد القهار . وعن ابن عباس: ينفخ في الصور فيموت من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء اللهء وهم الملائكة المتقدمة ثم يموتون ويموت إبليس فيمن يموت. وقوله تعالى : ِن ‎a oor 2‏ ن ‎2o o‏ كانت لا - واحدة تادهم وهم يخصمُو ن . فيل : في أسواقهم يتبايعون وعن الحسن قال: بين النفختين أربعون والله أعلم عاماً أم شهراً أم يوما فأما التفخة الأولى فأماتت كل حيْ› وأما النفخة الأخرة فأحيت كل ميت. وعن الربيم بن أنس قال: قسم الله الماء الذي كان عرشه عليه قبل أن يخلق السماوات ۲ قسمين فجعل نصفه تحت العرش وهو البحر | لمسجور؛ ولا ينقص منه قطرة حتى ينفخ في الصور النفخة الأولى فينزل الله منه بين النفختين مثل المني على الأرض فينبت منه أجسام من الأرض السفلى والله أعلم بغيبه وأحكم . صفة النفخة الثالقة قال الله تعالى : وَُفِح في / اَلصُوْر َا هُمْ من الأجْدَاث. ...4€ الآية. ففي كتاب النقاش قال: هي النفخة الأخيرةء قال: وبين النفختين أربعون سنةء قال: ثم تمطر السماء أربعين يوما كمنيٌ الرجال ومن غيرهء فيكون الماء فوق كل شيء اني عشر ذراعا فينبتون به في قبورهم كما ينبتون في بطون آمهاتهم. وفي حديث النبي عليه السلام: «حتى إذا تكاملت أجسادهم كما كانت ثم يقول الله تعالى: لتحيى حملة العرش فيأمر إسرافيل فيأخذ الصور فيضعه على فيه ثم يقول: ليحيى جبريل وميكائيل فيحييان بأمر الله تعالى ثم يدعو الله بالأرواح فيؤتى بها فيجعلها في الصور ثم يأمر إسرافيل فينفخ نفخة البعث». وفي كتاب النقاش أنه يقول: أيتها العظام البالية وأيتها العروق المتقطعةء وأيتها اللحوم المتمزقةء وأيتها الأشعار الساقطة اجتمعوا لأنفخ فيكم أرواحكم ويجازيكم بأعمالکم فیدیم () سورة غافر الأية: ١٠. )۲( سورة يس؛ الآية: ۹. )۳( سورة يس؛ الآية: ٥٥. ]1٤٥[ ٦£۹ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخانمة وذکر الموت والقبر الملك الصوت› فتجتمع الأرواح كلها في القرن وطوله كطول السماوات والأرضين وعرضه كذلك؛ ثم تخرج الأرواح مثل التحل سود وبيض وشقي وسعيد» فتهبط أرواح المؤمنين بيضاً كأمثال التحل من السماء العليا إلى واد بدمشق يقال لها: الجابية وهو خير واد في الأرض؛ء وتخرج أرواح الكافرين من الأرض السفلى سود مثل الذر إلى واد بحضرموت يقال له برهوت› ثم يتزل إسرافيل من فوق السماء السابعة فيجلس على صخرة بيت المقدس ويأخذ أرواح المؤمنين والكفار كالذر السود والبيض› فيجعلهم في القرنء ودائرة فم القرن مسيرة خمس مائة عام ما بين السماء والأرض فتطير الأرواح حتى تطيق ما بين السماء والأرض مثل التحل فيذهب ]/ كل روح فيقع في جسد صاحبهء فيخرجون من قبورهم فوجاً فوجاء وفي قوله تعالی: #وَاسُنَمع يَوْمٌ ياد المُتادي». قيل: هو إسرافيل يقول: أيتها العظام النخرة ‏ كما تقدم ‏ ثم قال : لمن مَكانِ قريب" . قال الحسن: وأي شيء أقرب من أنهم بينما هم في بطنها إِذ نودوا فإذا هم على ظهرهاء وقيل: من مكان قريب عن مقاتل من صخرة بيت المقدس» ويقال: قربت من السماء بثمانية عشر ميلا ثم قال: يوم تشقق الأرض عنهم فيخرجون من الأجداث سراعاڳ» إلى إجابة الداعي › والصوت الذي سمعواء وقوله: َا هُمْ ن الأَجْدَاك€. أي القبور» إلى يهم سلون يخرجون سراعا. وعن مجاهد قال: إن للكفار هجعة قبل يوم القيامة فإذا صيح بأهل القبور فوا ا َيل مَنْ بَعفا ِن مَرْفدنًا»ء وقيل: إن الكفار لا يعذبون في القبور بين النفختين» هذا ما وَعَدَ الرَحْسٰن» أي قال لهم: المؤمنونء وقيل: الملائكة الذين يكتبون أعمالهم هذا ما وعد الرحمن. . . .4" الآية. صفة المحشر وأهواله قال الله تعالى: يوم يكل الأَرْضُ عَيْر الأَْض. ...€ الآيةء قيل: تبدل هذه التي عليها بنو آدم أرضا-بيضاء. نقيةء لم يسفك عليها دم ولم تعمل عليها معصيةء وهي أرض الصراط› ويقال : عمق الصراط مسيرة خمس ‏ مائة عام وتىدل السماء فلا تکون سماء» (١) سورة ق الآية: 1٤. (۲) سورة يّس؛ الآية: ٢٠. (۳) سورة إبراهيم› الاية: ۸٤. قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ۹۷٤ وخرجوا من قبورهم في أرض مستويةء ليس فيها جبل ولا بناء ولا نبتء ولا يستترون بشيء. وعن ابن عباس: يزاد فيها وينقص» فتذهب أشجارهاء وجبالهاء وأوديتهاء وما فيهاء وتمد مد الأديم العكاظيء أرض بيضاء مثل الفضةء لم يسفك عليها دمء ولم تعمل .عليها خطيئةء والسموات تذهب شمسها وقمرها ونجومهاء ويقال: إذا اجتمع الخلائق على هذا الصعيد تناثرت من فوقهم نجوم السماء وطمست الشمس والقمرء / وأظلمت الأرض نجوم [°4۳] سراجهاء فبينما هم كذلك إذ مارت السماء من فوق رؤوسهم» وانشقت السماء مع غلظها خمس مائة عامء والملائكة قيام على حافتهاء ثم تسيل كالفضة المذابةء يخالطها صفرة فصارت وردة كالدهانء فصارت كالمهل› فكانت الجبال كالعهن» واشتبك الناس كالفراش›ء وكانوا حفاةً عراة. ويقال: أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه الصلاة والسلام؛› قال النبي عليه السلام: «يحشر الناس يومئذ _ ثلاثة أصناف - مشاة وركباناً وعلى وجوههم» فقال رجل: كيف يمشون على وجوههم؟ قال: الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم»٩. وعنه عليه السلام قال: «يحشر الأنبياء على الدواب» فيوافي المؤمنون من يومهم الحشرا. ويقال: إذا كانت النفخة الأخرةء خرجت الخلائق على وجه الأرض من قبورهم» فأما المؤمنون فيسرعون إلى الداعي» وأما المنافقون والمشركون فيتثاقلون» فيبعث الله عليهم ناراً أو دخاناً تسوقهم إلى المحشر فذلك قوله: «وَنَحْشُر الْمُجْرمِين يَوَمَِذٍ رقا ٩ . صفة العرق ذراعاً فيلجمهم ویبلغ آذانه م . ۱( قال الحافظ العراقي في المغني (١/٠4٠) طبعة دار الحديث: رواه الترمذي وحسنه وفي الصحيحين من حديث أنس: أن رجلا قال: يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه؟ قال: «أليس الذي أمشاء على الرجلين في الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة». (۲) سورة طه الاية: ١١٠. (۳) قال الحافظ العراقي في المغني (٥/ ١٤۱) طبعة دار الحديث: أخرجاه في الصحيحين كما ذكره المصف أي الغزالي الذي أخذ منصف القناطر منه هذا الباب -. قناطر الخيرات/ ج ۳/ م۳۲ £۹۸ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذکر الموت والقبر وعنه أنه قال: «تدنوا الشمس من الأرض يوم القيامة فتعرق الناسء فمنهم من يبلغ عرقه عقبيه؛ ومنهم من يبلغ نتصف ساقيهء ومنهم إلى ركبتيه› ومهم إلى فخذ؛ ومنهم إلى خاصرته› ومنهم إلى فيه - وأشار بيده وألجمه إِياه -ء ومنهم من یغطیه عرقه - فضرب بيده علی ,)0( رآسه ھکذا » ۰ [٤٤ء] يشاء الله من عباده المقربين والمخلصين» وعنه يل / تلى قوله: ®يَوْم يَقُومُ ألنَاسنْ لِرَبّ اَْعالَمِين». فقال: «كيف بكم إذا اجتمعتم كما تجتمع النبل في الكنانة خمسين ألف سنة لا ينظر إليكم»؟ ”٩ . ويقول: «طول يوم القيامة على المؤمن مثل ما بين الظهر والعصره. وعنه عليه السلام أنه قال: «والذي نفسي بيده إنه ليخف على المؤمن حتى يكون أهون عليه من الصلاة المكتوبة يصليها» ٠ وعن كعب وقتادة قال: : يقو م الناس لرب العالمين ثلاثمائة عام› وقوله تعالی : في يَوْم کان مِقَدَارُ مين ألْفَ سَتة. قيل : من سنين الدنيا مقدار موقفهم حتى يفصل بين الخلائق» ويوم القيامة يوم ممدود أبداً لا غاية له وقيل لوهب: يوم القيامة مقدار خمسين ألف سنة قياما لا ينطقونء فقال: إن المقدار ما بين السماء والأرض إلى العرش مقدار خمسين ألف سنة؛ ولعل يوم القيامة يكون يوماً من أيام الانيا على الله أو أقلء يقول: إن رَبك ك لسَرِيعُ العقاب». (۱) (۲) (۳) (4) قال الحافظ العراقي في المغتي (١/ ١٤) طبعة دار الحديث: رواه أحمد وفيه ابن لهيعة. سورة المطففين؛ الاية: ٦. قال الحافظ العراقي في المغتي (٠/١٤۱) طبعة دار الحديث: قلت - أي الحافظ العراقي - إنما هو عبدالله بن عمر؛ ورواه الطبراني في الكبير وفيه عبد الرحمن بن ميسرة ولم يذكر له ابن آي حاتم راویاً غير ابن ولهم غير عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي أربعة هذا أحدهم مصري والثلاثة الاخرون شاميون. قال الحافظ العراقي في المغني (٠/۱4۳) طبعة دار الحديث: أخرجه أبو يعلى والييهقي في الشعب من حديث أبي سعيد الخدري وفيه ابن لهيعة وقد رواه ابن وهب عن عمرو بن الحارث بدل ابن لهيعة وهو حسن ولأبي يعلى من حديث أبي هريرة بإسناد جيد «يهون ذلك على المؤمن كتدلي الشمس للغروب إلى آن تغرب؟» ورواء البيهقي في الشعب إلى أن قال: أظنه رفعه بلفظ: «إن الله ليخفف على من يشاء من عباده طوله كوقت صلاة مفروضةا. قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر £۹۹ وعن إبراهيم قال: يصل إليهم من المكروه في ذلك اليوم مقدار ما يصل في خمسين آلف سنة - والله أعلم . صفة الوقوف في المحشر قال الله تعالى : و حَشَرَاهُم فلم فز مِنهُم لخدا ففي كتاب النقاش قال: وذلك أن الله يبعث الأجساد التي كانت في الدنيا من حيث كانت من بطون السباع › وحواصل الطيور› ومن البحور» وبطون الأرض وظهورها؛ لأن جميم ذلك قد صار تراباء وأجزاء متبددة» فيجمع ذلك كله حتى يصير جسداً واحداًء فيدخل كل روح في جسده؛ فیحشرون إلى أرض تسمی الساهرةء فيقوم جميع الثقلين على أرجلهم مستديرين كالصفوف حول الكعبةء وحشر سائر الخلائق كل أمةٍ صفاء الخيل صفاء والبقر صفاء وكذلك / سائرهاء وذلك قوله تعالى : وَمَا [45٠] من ابه في لأَرْض ول طائر لی ...4 إلى قوله: «يُحشرون› وقال: ورك لنَحْشْرَنَهُمْ وَالشَيَامِينَ. . 3 »ومن غیره -. قال بعضهم: لا يحشر إلا الثقلين؛ للأن غيرهم لا يجري عليهم التكليف في الدنياء ولا ثواب لهم؛ ولا عقاب عليهم في العقبى. وقال تعالى : وَجَاءَ رَيكً4 ٠ قال الحسن أمره وقضاؤ» ®ِوَاَلْمَلك صَفَاً صََاً €‹°°› وذلك أن السماوات تنشق فينزل ملائكة كل سماء وتقوم على حدة. وعن ابن عباس قال: أهل سماء الدنيا وحدهم أكثر من جميع أهل الأرض جنهم وأنسهم بالضعف» ثم أهل كل سماء أكثر من الذين تحتهم من أهل السماوات وأهل الأرض بالضعف» لا من الجن ولا من الإنس» ثم تفيض أهل السماء السابعة فينتشر أهلها على وجه الأرضء فهم وحدهم أكثر من جميع أهل السماوات وأهل الأرض جنهم وإنسهم وملائكتهم بالضعف» قال : فبينما هم كذلك إذ جيء بجهنم فيراها الخلق كلهم يقال: من مسيرة خمس مائة عامء عليها سبعون ألف زمامء على كل زمام سبعون ألف ملك يحبسونها عن الخلائقء وجوههم كالجمر› وأعينهم كالبرق» فإذا تكلم أحد تناثر من فيه الثار» بيد كل ملك مرزبةء عليها سبعون آلف رأس (١) سورة الكهف» الأية: 7٤ . (۲) سورة الأنعام الآية: ۳۸. (۳) سورة مريم؛ الآية: 1۸. (8) سورة الفجر الآية: ٢۲. (0) سورة الفجر الآية: ٢۲. ‎TE‏ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذکر الموت والقبر ‏كأمثال الجبالء وهي أخف في يده من الريش» له رؤوس كرؤوس الأفاعيء وأعينهم زرق تريد أن تنقلب على الخلائق من غضب الله عز وجل قال: هذا كله قول الصحابة . ‏وفي كتاب الغزالي” قال: فيقول الجبار جل جلاله عند ذلك -: يا جبريل ائت بجهنم فيأتيهاء فيقول لها: أجيبي خالقك» فلم يلبث أن طارت وزفرت إلى الخلائق غضباً على من عصی الله فيسمع الخلائق منها ذلك› وانتفضت خزنتها متوثبين إلى الخلائق غضباً على من خالف أمر اللهء فيتساقطوا جثياً على ركبهم؛ وولوا مدبرين» ِوَتَرَىٰ كُل أَمَةٍ ‏جَاِيَة. ...4 الايةء وسقط بعضهم على بعض على الوجوه منكسين» وينادي الظالمون بالويل والثبورء وينادي الصديقون: نفسي نفسي؛› فبينما هم كذلك إذ زفرت النار ثانية فتساقطوا على وجوههم» ثم زفرت الثة فتساقطوا على وجوههم أيضاًء وشخصوا بأبصارهم ينظرون من طرف خفي - فعند ذلك تنتهض قلوب الظالمين لدى الحناجر كاظمين› وذهلت عقول السعداء والأشقياء أجمعين. ‏ويقال إِذا اجتمعت الخلائق ببيت المقدس زفرت جهنم فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا ظن أنه لو جاء بعمل سبعين نبياً ما نجا ‏ فعند ذلك تاهت عقول المرسلین ‏ فیقال لهم: ماذا أجبتم في التوحيد قالوا: لا علم لنا- ثم رجعت عقولهم بعد ذلك - فيشهدون على قومهم أنهم قد بلغوا الرسالة عن ربهم؛ فذلك قوله تعالى : «وَيَقُول الأَشْهَادُ هؤلاء الَذِينَ كَذَبُوا َل رََهم. ...4 الآية. صفة الحساب والمسائلة ‏وفي الخبر عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «ينادي مناد يوم القيامة : سيعلم الجمع لمن الكرم اليوم؟ ليقم الحامدون لله على كل حال؛ ۴# ا الجنةء ثم ينادي لثانية: سيعلم الجمع لمن الكرم اليوم؟ ليقم الذين ل«ََجَافَىْ جُُوبُهْمْ عَن الْمَضَاجِع . . . .€" الاية فيسرحون إلى الجنةء ثم ينادي الثالثة: سيل الج لمن المرم اليو؟ ر الذين ول ‏(١) هو الإمام أبو حامد الغزالي حجة الإسلام صاحب الإحياء الذي اعتمد المصنف في قناطر الخيرات على هذا الكتاب بجانب كتاب النقاش وابن عيسى وبعض الكتب الأخرى التي ذكرها المصنف في أماكن متعرفة من الكتاب. ‏() سورة الجاثيةء الآية: ٢۲. ‏(۳) سورة هود الآية: ۱۸. ‏(4) سورة السجدةء الآية: ١٠. ‎ ‎ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر 1 يهم يجار ولا بيع عَنْ ذِكر الله ...€ الآيةء قال: فيسرحون إلى الجنةء قال: ثم يخرج عبق من النار لها لسان فصيح وعينان بصيرتان فتشرق على الخلائق - فتقول: إني وكلت بثلاثة: وكلت بكل جبار عنيد فتلقطهم لقط الطير حب السمسم فتخنس بهم في جهنم› ثم تقول: إني وكلت بمن آذى الله ورسولهء فتلقطهم فتخنس بهم / في جهنم ثم تقول: ٳِني [۷٤٥] وكلت بأصحاب التصاوير فتلقطهم إلى جهنم فإذا أخذ هؤلاء نشرت الصحف» ووضعت الموازين» ودعي الخلائق للحساب» وذلك قوله تعالى: ستل الَذِينَ أرسل يهم وَلسَلنَ َلْمُرْسَلينَ. . . .4 الآية. ويقال: إن أول من يدعى يوم القيامة للحساب إسرافيل؛ فيقول له الله: هل بلغت عهدي؟ فيقول: نعم يا رب قد بلغت جبريل» فيقال له: هل بلغك إسرافيل عهدي؟ فيقول: نعم فيخلا عن إسرافیل - فيقال لجبريل: وما صنعت بعهدي؟ فيقول: قد بلغته الرسل فتدعى الرسل فيسألون - ويقولون: نعم قد بلغناه الأمم ‏ فتدعى الأمم فيسألون - فمكذب ومصدق» فيقول الرسل: لنا عليهم شهداء فيقول تعالى: من؟ - وهو أعلم - فيقولون: أمة محمد - فتدعى الأمة - فيقال لهم: أتشهدون بأن الرسل بلغت الأمم؟ فيقولون: نعم» فيقول الأمم: يا ربنا كيف يشهدون علينا ولم يدركونا؟ فيقول الله لهم ذلك فيقولون: يا ربنا أرسلت إلينا رسولاء وأنزلت عليه كتابكء فقصصت علينا أن قد بلغواء وذلك قوله تعالى : للَكُونُوا شهدا عَلى الاس . ...€ الآيةء وقوله: فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين؟» وقال تعالى: فَوَرَبِكَ لَسْلتَهُمْ أَجْمَِين». وقال: «وَِنْ كَانَ مِنْقَالَ حبة من عََدلٍ يتا بها وَكَفیٰ ًا ځایبین»'٩. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله يَلٍ: «ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا عذب» قالت: قلت يا رسول الله: أليس قال: فَسَوْفَ يُحَاسَبٌ حساباً يَسِيّراً °4 ؟› قال: إنما ذلك العرضء وليس أخد يناقش الحساب إلا عذب؟ء وقيل: النقش هو الاستقصاء ثم قال: «أبشروا فإنه ما استقصى كريم قط'. () سورة النورء الآية: ۳۷. (۲) سورة الأعراف» الآية: ٦. (۳) سورة البقرة الآية: ١٤٠. (8) سورة الحجر الآية: ۹۲. () سررة الأنبياى الآية: £7 . () سورة الانشقاق: الآية: ۷. ‎oY‏ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذکر الموت والقبر ]۸٤0[ وفي الحديث : ‎yı‏ تزول قدم ابن آدم يوم القيامة حتى يسئل عن خمس : / عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيما أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيما أنفقه؟ وعن ماذا عمل فیما علم)؟ والعدل›ء ولبعض الشعراء : تذكر غداً يوم الحساب وهوله إإذا جمم ال الخلائتق للفصل هتالك لا جور يخاف وإنما يخاف هناك الخائفون من العدل وقال بعض العلماء في قوله تعالى : #وإن تدع مثقلة إلى حملها. . . .4 الايةء قال: هي الوالدة تلقى ولدها يوم القيامةء فتقول: يا بني ألم يكن بطني لك وعاء؟ وثديي لك سقاء؟ فيقول: بلى يا أماء فتقول: يا بني لقد أثقلتني ذنوبي فاحمل عني منها ذنباً واحداًء فيقول: إليك عني يا أماه؛ إني اليوم عنك مشغولء وينشد لابن عبد ربه: أبارز الله بعص از 4 ولیس لي من دونه راحم يارب غفرانك عن مذنب أسرف إلا أنه نادم وعن ابن مسعود قال : وددت أن حسناتي فضلت سيثاتي مثقال ذرة» ولو آني وقمت بين الجنة والتار» لا أدري إلى أيهما أصير؟ ثم قيل: تمن لتمنيت أن أكون تراباً. صفة الصحف وعن النبي عليه الصلاة والصلام قال: «الكتب يوم القيامة تحت العرش» فإذا كان يوم القيامة بعث الله ريحاً فتطيرها في الأيمان والشمائل». وقال تعالى: فما مَنْ أُوتيَ كِتَايَهُ ‏بيمينه. . . .4 الاية. ۱ ‏]044[ وعن بعض السلف قال: أول خط في الكتاب #إقرا كتابك. . . .4 / الآيةء ويقال: سيقرأً یومئنِ من لم یکن قارثاً. ‏(1) الحديث عند العقيلي في الضعفاء (461/8). )۲( سور الاتشقاق؛ الاي : ۷. ‎ ‎ ‎ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخانمة وذکر الموت والقبر ‎o۳‏ وقال بعض العلماء: ثلاثة مواطن لا يسأل فيها أحدٌ أحداً إذا تطايرت الكتب حتى يعلم أيأخذ كتابه بيمينه أم بشماله؟» وإذا وضعت الموازين حتى يعلم أيثقل ميزانه أم يخف» وعند الصراط حتى يعلم أيجوز أم لا؟ وفي التفسير قال: إذا كان الرجل في الخير رأساً يدعو إليه دعي باسمهء واسم أبيه› فيخرج له كتاب أبيض بخط أبيض في باطته الحسنات» وفي ظاهره السيئات» فيبداً بالسيئات فيقرأها فيشفق ويتغير لونهء فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه هذه سيئاتكء وقد غفرت لك فيفرح» ثم يقلب الكتاب فيقراً حسناته فلا يزداد إلا فرحاء حتى إذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه هذه حسناتك› وقد ضوعفت لك ويوضع تاج على رأسهء ویکسی حلتين» ویحلی منه کل مفصل» ويطول ستين ذراعاً - وهي قامة آدم عليه السلام - فيقال له: انطلق إلى أصحابك فبشرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذاء فإذا أدبر قال: َهَاوُمُ أكْرَؤًا كتَابية. ...4 الايق فيقول لأصحابه: أما تعرفونني؟ فيقولون: غيرتك كرامة الل من أنت؟ فيقول: آنا فلان ابن فلان؛ ليبشر كل رجل منكم بمثل هذاء قال: وإذا كان في الشر رأساً يدعو اليه نودي باسمه واسم أبيه» فيقوم إلى حسابه» فيخرج له كتاب أسود بخط أسود في ظاهره الحسنات» وفي باطنه السيئات» فيبداً بالحسنات فيقرأها فيفرحء ويظن أنه سينجوء فإذا بلغ في آخره وجد فيه هذه حسناتك وقد ردت عليك» فيسود وجههء ويعلوه الحزنء ويقنط من الخيرء ثم يقلب كتابه ويقرأً سيثاته فلا يزداد إلا حزناء ولا يزداد وجهه إلا سواداء فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه هذه سيئاتك / فيعكر› وتزرق عیناه؛ ویسود وجههء ویکسی سرابیل القطران» فیقال له: انطلق إلى أصحابك فأخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل ذلك» فإذا أدبر فينطلق وهو يقول: يا لبتي مأوت كَِابَة. ...4 الآيةء فينادي أصحابه أما تعرفونني؟ فيقولون: ما ندري ولكن قد نری ما بك من الحزنء من أنت؟ فيقول: أنا فلان ابن فلانء إن لكل إنسان منكم مثل هذا والله أعلم . صفة الحوض وعن النبي عليه السلام قال : «حوضي مسيرة شهر › ماؤه أبيض من اللبن› وريحه أطيب من المسك› وكيزانه كنجوم السماء› من شرب منه فلا یظماً آبداً. () سورة الحاقةء الآية: ۹٠. () سورة الحاقة الآية: ٢۲. [00۰0] ‎o.‏ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذکر الموت والقبر ‏وفي حديث آخر قال: «الا إن لكل نبي حوضاً يدعو اليه من عرفه من أمتهء وإنهم ليتباهون من هو أکٹر وارد ما بين جنبتي حوضي کما بين صنعاء وآيلةء فيه عدد نجوم السماء › آنبته ذهب وفضة› شرابه أبيض من اللبن› وأحلى من العسل › وأبرد من الثلج › من شرب منه شربة لم يظماً بعدها أبدا ٩ . ‎(۲) . ِ - ً ‏وقال: «ما بين منبري وحوضي روضة من رياض الجنة؛ ومنبري على حوضي»" . ‏صفة الميزان ‏وعند علمائنا رحمهم الله إن الميزان معناء فصل وتمبيز للأعمال والنيات› قال الله تعالى : ®وَألَوَزْنُ يَومَيِذ الحَي؟”. وقالت: الأشعرية وأشياعها: إن الميزان المذكور في القرآن هو ميزان على الحقيقة له عمود وكفتان» ورووا أن الحسنات يؤتى بها في أحسن صورة فتوضع ني كف وأن السيثات يؤتى بها في أفبح صورة فتوضع في کغه آخریء _ وهذا عند أصحابنا باطل _؛ لأن الأعمال أعراض ولا يتصور وزن ما ليس صورة - والله تعالى أعلم . ‏صفة الصراط ‏قال الله تعالى: «َهُدُوهُمُ ِى صِرَاطِ ب الحم" قالت الأشعرية : إن الصراط أحد من السيف١› وأرق من الشعرء له کلالیب وحسکاء وخطاطيف تخطف الناس ي يميناً وشمالا ء ‎t91]‏ / وعلى جنبيه ملائكة يقولون: الهم سلم اللَهِم سلم. ‏ولم يقل أصحابنا بهذا إنما الصراط المستقيم عندهم طريق الإسلامء ولا أدري قول الله تعالى : ¥صراط الحم“ أهي القناطر السبع المذكورة في تفسير قول الله تعالى: إن ريك لبلْمرْصَاد»”» ام لا؟ ‏() قال الحانفظ العراقي ف في المغني (١٥/١٠٠) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي وقال: غریب» قال: روی الأشمث بن عبد الملك هذا الحديث عن ان عن التي ي مرسل ولم بذكو فيه عن سره وهو أصح. ‏() قال الحافظ العراقي في المغني (4/۱1١4) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث أبي هريرة وعبد الله بن زيير._ ‏() سورة الأعراف» الاية: ۸. ‏(8) سورة الصافات؛ الأية: ۲۳. ‏(0) سورة الصافات؛ الآية: ۲۳. ‏(١) سورة الفجر؛ الآية: ١٠. ‎ ‎ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخانمة وذکر الموت والقبر 0.0 وفي كتاب النقاش من فقهاء قومنا قال: حدثنا أيفع بن عبيدة وآبو اليمان قال: إن لجهنم سبع قناطر› ثلانة دون الرب تعالی › والله تعالی على الرابعة الوسطى › والصراط أحد من السيفء وأرق من الشعرء فيقول الله تعالى حين يبلغون القنطرة الأولى: «وَيَفُوهُمْ ِنَم كَسْتُولونَ»” فيحاسبون على الصلاةء فيهلك من هلك وينجو من نجاء ثم يحاسبون على القنطرة الثانية على الأمانةء ثم يحابسون على الثالثة وهي أدنى من الرب» فيحاسبون على صلة الرحم فيهلك من هلك» وينجو من نجاء فيمرون بالرب فيؤخذ بالنواصي والأقدام› وهذا منهم تصريح للتحديد تعالى الله أن يحده مكان قاتلهم الله أنى يؤفكون. ما جاء في القصاص عن ابن مسعود عن النبي عليه السلام قال: «أول ما يقضى بين الناس في الدماء»"* . وعنه أنه قال: «من كانت له عند أخيه مظلمة فليحلله منهاء فإنه ليس ثم دینار ولا درهم من قبل أن تؤخذ لأخيه من حسناتهء فإن لم تكن له حسنات أخذ من سیثاته فطرحت عله . وعنه يلو قال: اليحبسن أهل الجنة بعد أن يجاوزوا الصراطء ولم يدخلوا الجنة حتى يؤخذ لبعضهم من بعض مظالمهم التي تظالموها في الدنياء فيدخلون الجنةء وليس في قلب بعضهم على بعض غل" - والله أعلم -. فى الشفاعة وهو حق نطق بها القرآنء وذلك قوله لنبيه عليه الصلاة والسلام: لعَسَى أن يَبْعتّك رَبك ماما مَحُمُوداً 4'٠ وقال تعالى : من دا الذي يَسْفَمْ عِنْدَه إلا بإِنه” ٠ في أمثال هذه الاي کثیر . (١) سورة الصافات؛ الأية: ٢٤۲. () أطراف الحديث عند البخاري (۳۱۹) مسلم في القسامة (۲۸8) والنسائي (۸4/۷) والبيهقي (۸/٠۲۱) والطبري في التفسير (٠٠/٤۲۳) والمنذري في الترغيب (۲۹/۳) وابن كثير في التفسير (۳۳۲/۲) وآبو نعيم في الحلية (۷/ ۸۷ء ۸۸) وابن حجر في الفتح (۱۱/ ٣٥۳۹ء ١۱۸۷/۱). )۳( قال الحافظ العراقي في المغني (۳/٠۲4) طبعة دار الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة. (8) أخرجه الحاكم في المستدرك (٤/۳۷۲) من حديث أبي سعيد وقال: صحيح. (0) سورة الإسراء الأية: ۷۹. (1) سورة البقرةء الآية: ٥٥1 ‎o‏ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ‏]۲٥[ والشفاعة عند أصحابنا / إنما هي للمؤمنين دون أهل الكبائر لقوله عليه السلام: «لا ينال ‏شفاعتي سلطان ظلوم غشوم للناس ورجل لا يراقب الله في اليتيم؟. ‏وقال: «صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي وهما ملعونان على لسان سبعين نبياً القدرية والمرجئة ‎i‏ ‏وعند قومنا أنها ثلاث شفاعات فيما وجدت في كتبهم: أحدها: شفاعة المحشرء والثانية: للسبق إلى الجنةء والثالثة: لأهل الكبائر الموحدين يخرجون بها من النار عندهم وأحاديث الشفاعة مستفيضة في الكتب وصفتها مشهورة تركنا جميع ذلك مخافة التطويل . الإيمان وأخذوا كتبهم بأيمانهم فشفع لهم حتى أراحهم الله من الموقفء وهي تشريف لمنازلهم» وترفيع لدرجاتهم؛ لأن من أوجب له القرآن الخلود في النار لا شفاعة لهء واختلف في أصحاب الأعراف قيل: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهمء وقيل: قوم خرجوا إلى الجهاد بغير إِذن آبائهم واستشهدواء وقيل: قوم فيهم عجب» وقیل: ذراری المشرکین» ومعنی الأعراف جبل فيه أشراف متفاوتة كعرف الديك وهو الحجاب الذي قال الله تعالى: وَبَيْتَهُمَا حجَابٌ»” وهم أهل الجنة. «أنْمُلوا الْجَنَةَ لا حَوْف عَلَيَكُمْ ولا انم تَحْرَنُونَ»” والله أعلم. ‏صفة جهنم - أعاذنا الله منها - ‏قال الله تعالى: «وَإنَ جَهنَم لموعدَهُمْ أَجْمَمِين لها سبع بوَاب. ...4 الاية. ‏فيل: هي درکات جهنم بعضها آسفل من بعض» کل باب منها آشد حراً من الذي فوقه بسبعين جزءا» بين كل بابين مسيرة سبعين سنةء أولها جهنم ثم لظى ثم الحطمة ‏ ثم السعير ثم الجحيم ثم الهاوية ثم سقر. ‏1 وفي كتاب النقاش( قال: معنى جهنم / الواسعة الجوف قال: وأبواب النار كلها فيهاء ‏(۱) آأطراف الحديث عند الهيثمي في مجمع الزوائد (٠/٥۲۳) والألباني في الصحيحة (£71). )۲( سوره ة الأعراف؛ الاية: ٦. (۳) سورة ة الأعراف› الاية: ٦. ‏)٤( سورة الحجر؛ الاية: ۳٤ . (٥) سبق الكلام عنه ونشير هنا إلى أنه أحد العلماء الذين أخذ المصنف منهم أبواب كتابه قناطر الخيرات . ‎ ‎ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ‎OY‏ ‏قال: وأما السعير فهي أبداً تسعر وتزداد حرا وأما لظى فإنها تتلاظى عليهم حرا بعد حر آشد من الأولء وأما سقر فتفسيرها المهينة فيها ألوان من كل ضرب» وتقول العرب: سقرته بلساني وآما الحطمة فلا يدخلها الكفار حتى تحطم كل عظمة في جسده ووجهه من ضيقهاء وأما الهاوية فهي سجين وسميت الهاوية؛ لأن صاحبها تهوي به أبداً لا يبلغ أسفلها. وعن النبي عليه السلام قال : «نارکم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم». فيل : يا رسول الله إن كانت لكافية قال: «فضلت عليها بتسعة وتسعين جزءاً كلهن مثل حرها». وعن أبي هريرة قال: كنا عند رسول الله يِل يوماً إذ سمعنا وجبة فقال: «أتدرون ما هذه)؟ قلنا: الله ورسوله قال : «هذا حجر أرسل في جهنم منذ سبعين خريفاً فالان حين ڀنتهي ال ق ها۲ 1 1 إلى قعر ٠ وقال أيضاً: «أوقدت النار ألف سنة حتى احمرت فأوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسوّدت فهي سوداء مظلمة'. وعنه عليه السلام قال: «اشتكت التار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضاً فأذن لي بنفسين نفس في الشتاء ونفس في ١ لصيف فأشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهري »٩ . وعنه عليه السلام قال: «إن أهون أهل النار عذاباً رجل توضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل بالقمقم»* . وعن ابن مسعود في قوله : لفَسَوْفَ يَلْفَوْنَ عَاً € قال: نهر في جهنم يسيل من صدید أهل النار. وعن سعيد بن جبير في قوله تعالى : «وَالْشّجَرَة ألْمَلَعُوَةَ / في أَلَفَرَانِ قال: الزقوم إذا () أطراف الحديث عند أحمد في المسند (۳۱۳/۲) والحاكم في المستدرك (٤/04۳) والزييدي في إتحاف السادة المتقين (٠٠/ ۳٠ ٥) والمتقي الهندي في الکنز (٧٧٤۳۹. ۹۷٤۳۹)؛ والعجلوني في كشف الخفا (۲/٠٥٤) والسيوطي في الدر المتثور (۱/٦۳). (۲) قال الحافظ العراقى في المغنى (٥/۷١۱)؛ طبعة دار الحديث: رواه مسلم. (۳) قال الحافظ العراقي في المغني (٥/۸١۱) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث أبي هريرة. (8) قال الحافظ العراقي في المغني (٠/۷١۱) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث التعمان بن بشير. 23 0۸ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر جاع أهل النار استغاثوا بشجرة الزقوم فأكلوا منها فانسلخت وجوههم؛ حتى لو أن مارا مَرَ عليهم يعرفهم لعرف جلود وجوههم؛ فإذا أكلوا منها ألقى عليهم العطش استغاثوا فأغيثوا بماء كالمهل» والمهل الذي قد انتهى حر فإذا أدنوه من أفواههم أنضج حره الوجوهء ويصهر به ما في بطونهم أراد الأمعاى فيضربون بمقامع من حديد فيسقط كل عضو على حياله فيدعون بالثبور. وعن أبي هريرة قال: لو كان في المسجد مائة الف أو يزيدون ثم تنفس رجل من اهل النار لماتواء وقال بعض أهل العلم في قوله تعالى: تلفح وُجُوهَهُمْ لار" إنها تلفحهم لفحة واحدة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته على أعقابهم . وعن النبي يَأ قال: «لو أن دلوا من غساق جهنم ألقي في الدنيا لنتن أهل الأرض فهذا شرابهم إذا استغاثوا من العطش»". وقال تعالى: «لاكِلُونَ يِن كَجَر ِن رَقُوم€. ‎awa .‏ وو .ا ۶ه | َ 7 ۰ ثم بينها فقال: «إنها شجْرة تحرج في اضل الجَحِيمْ. ...4 إلى قوله: «لشؤبا من 4 0 حرم . وعن النبي عليه السلام قال: «لو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا لفسد عن الناس معايشهم فکيف من يکون طعامه ذلك»° . وقال عليه السلام: «يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع فيستغيثون فيغائون بطعام ذا غصة فيذكرون أنهم يجبرون الغصص في الدنيا بالشراب فيستغيثون بالشراب فيدفع لهم الحميم بكلاليب الحديد فإذا أدنت من وجوههم شوت وجوههم». قال: «فيدعون خزنة جهنم لن اكوا رَبَكُمْ يُحَفْف عَنَا يما من العَذَاب» فيقولون: لولم 0 اكم رُسُلَكُمْ [٥] بِالْمَينَاتٍِ. ...4 الاية. / فيقولون: بَا مَالِكُ شض عَلَيَا رَكْكَ فيجيهم: #إلَكُم (١) سورة المؤمنون؛ الآية: ١٠٠. (۲) قال الحافظ العراقي في المغني (١٥/۸١۱) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي وقال: إنما نعرفه من حدیث رشد بن سعد وفیه ضعف. (۳) سورة الواقعةء الآية: ٠0. (8) سورة الصافات؛ الآيتان: ١٦ء 6۸٦. (٥) قال الحافظ العراقي في المغني (۱1۹/5): أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح وابن ماجه. () سورة غافر الایتان: ٩4۹٤ء ٠٥. قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذکر الموت والقبر ‎o.4۹‏ ن ". فيقولون: ادع ربكم لا أحد خير من ربكم فيقولون: ربن عَلبَتْ عَلي يفون .€ اى قول > امون قال فيجيبهم #اخْسَووا يها ولا نَكَلِمُونَ€' فعند وقال عليه السلام في قوله تعالى: ® جه ولا بكادُ يعُه. ...4 الأية. قال: «یتکرهه فإٍذا ادنی منه سوّی وجهه [ووقعت]'° فروة رأسه . وقال عليه السلام: «في النار حيات كأمثال أعناق البخت تلسع اللسعة فيجد حمتها ا أربعين خریفا» وقال : «إن فيها العقارب كالبغال الموكفة يلسع اللسعة فيجد حمتها أربعين خريفا» . وقال عليه السلام: «ضرس الكافر في النار مئل جيل أحد وغلظ جسده مسيرة ثلاثة آيام وإن شفته السفلى ساقطة على صدره والعليا قالصة قد غطت وجهه»” . وقال عليه السلام : «إن الكافر ليجر في سجين” يوم القيامةه ٩ . (١) قال الحافظ العراقى فى المغنى (٥/۱1۹) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي من رواية سمرة بن عطية عن شهر بن حوشب ع آم الدرداء عن أي الدرداءء قال الدارمي : والناس لا يعرفون هذا الحديث؛› وإنما روي عن الأعمش عن سمرة بن عطية عن شهر عن أم الدرداء عن أيي الدرداء قال المحقق: وشهر بن حوشب كثير الإرسال والأوهام كما قال الحافظ في التقريب» وذكر الألباني في ضعيف الجامع (١٦1) وقال ضعيف. (۲) أسقط المؤلف قول الأعمش من السياق وهي [قال الأعمش: أنبئثت أن بين دعائهم وبين إجابة مالك لهم ألف عام قال] ولعله من الناسخ. (۳) سورة المؤمنون› (الايات: ١١ء ۷١٠۱ء ١١۱). (8) سورة إيراهيم؛ الآية: ١٠ . (0) جاءت في الأصل «ورقت» وأثبت ما فى المغني. () قال الحافظ العراقي في المغني (٥/٠۱۷) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي وقال: غريب . (۷) قال الحافظ العراقي في المغني (°/ ٠) طبعة دار الحديث: أخرجه أحمد من رواية ابن لهيعة عن دراج عن عبد الله بن الحارث بن جزه. () قال الحافظ العراقى في المغني (٠/٠۱۷) طبعة دار الحديث: رواه مسلم. (۹) جاء بهامش المخطوط اليجر لسانه». وكتب فوقها حرف (خ). (١٠) جاء الحديث بلفظ: «إن الكافر ليجر لسانه فرسخين يوم القيامة يتواطؤه الناس» في المغني ولعله هنا خطاً من الناسخخ. وقال الحافظ في المغني (١/۱۷۱) أخرجه الترمذي من رواية 7 المخارق عن ابن عمر وقال: غريب وأبو المخارق لا يعرف. قال الحسن في قوله تعالى: كُلَمَا تَضَجَت جُلُودُهُمْ بََلَاهُمْ جُلُوداً عَيْرَها€”°. قال: تأكلهم النار كل يوم سبعين ألف مرة كلما أكلتهم قيل لهم: عودوا فیعودن كما کانوا. وعن النبي عليه السلام في قوله تعالى : #إنا اعتدنا للكافرين سلاسلاً. . . .4 الآية قال: «ينشىء الله لأهل النار سحابة سوداء مظلمة فيقال لهم: أي شيء تطلبونه فيذكرون بها سحائب الدنياء فيقولون: يا ربنا الشراب فتمطر هم أغلالاً وسلاسلاً تزيد في سلاسلهم وحميماً تلتهب عليهم». وفي كتاب النقاش في قوله تعالى : «أنْطلِقُوا ِي ِل ؤي فلب شْعَبْ€. قال: يقال لهم إذا زفرت جهنم زفرة يخرج عنق من النار فيحيط بأهلها ثم تزفر زفرة [] أخرى ويخرج عنها آخر / فيحيط بهم ثم تزفر ثالثة فيخرج عنها فيحيط بالاخرین فیصیر حولهم سرادیق من نار فیخرج دخان جهنم فوقهم فیظن آهل النار آنه ظل وأنه سيمنعهم من النار فيساقون كلهم فيستظلون تحتها فيجدونها أشد حراً من السرادق فذلك قوله: لأَْطَلقُوا ِى ظِل زي ثلث شُعَب4. لأنها تتقطم ثلاث قطع لا ظليل ولا يغنى من اللهب لهب السرادق الذي أحاط بهم. وعن الحسن في فوله: «إِنً جَهنّم كانت مِرْصّاداً 4. ويقال: ترصد أهلها كما يرصد الأسد الوحش›ء تزلت في الوليد بن المغيرة ثم ذكر كم يلبثون في النار فلم يوقت لهم فقال: لين فِيهَا اقاب °4 أي أزمنة لا يدرى كم عددهاء والأحقاب جمع حقب» ويقال: الحقب ثمانون سنة كل سنة ثلاث مائة وستون يوماً كل يوم منها كألف سنةء وإنما ذكر الأحقاب لأنها أعظم من الأيام ودل على أنها أحقاب بعد أحقاب لا إلى غايةء وفي قوله تعالى : «وَبَأيِيه أَلْمَوْتُ مِنْ كُلٌ مَكَانٍ وما هُو ميت 4. وفي كتاب النقاش قال: يقال يعرق ف اليو سبع مرات ثم يعاد إلى عذاب يأكل النار (١) سورة النساى الآية: ٦0. (۲) أطراف الحديث عند السيوطي في الدر المتثور (٠/۷٥۳) وابن عدي في الكامل للضعفاء (٦/ ۲۳۹۰) والمنذري في الترغيب والترهيب (4/ 17۳). ۱ (۳) سورة المرسلات» الآية: ۳۰ (4) سورة النبآء الآية: ٠٠. )0( ١( سورة النبأء الآية: ۲۳. سورة إبراهیم؛ الاية: ۷ . قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذکر الموت والقبر ‎o1‏ ‏وتأكله وهو في النار لباسه النار› وعلی رأسه نار وفی عنقه نار » وفی كل مفصل منه سبعة ألوان من العذاب› لا يرحم ولا يشفعء ولا يموت أبداًء ولا يعيش ولا معيشة طيبة والله عليه غضبانء والملائكة غضاب؛ وجهنم غضی . ويقال: لما نزلت فلا أَفْعَحِمُ أَْعفَبَة بكى اللبي عليه السلام يوماً وليلةء قال أبو ذر: نعوذ بالله من غضب الله ومن غضب رسوله هلكناء وما هذه العقبة؟ قال: «عقبة كؤد سوداء في جهنم من أسفلها إلى أعلاها مسيرة ألف عام كلما بلغوا إلى أعلاها انزلقواء وهي جمرة واحدة عليها القياض. / والأفاعي والعقارب تضرب أحدهم الحية بفقارها فيتناثر لحمه على قدميە». [2°7] قال: فبكى المسلمون فأنزل الله: وما أَذْرَاكً ما ألْعَفَبَدَڳه يا محمد لا ينجو منها إلا من اعتق رقبة أو أطعم في يوم ذي مسبغة يتیماً ذا مقربة. . . الآية كلها وقوله: لمن يقي بوجهه سُوءَ و ألعَذَاب يعني شدة العذاب» وهو في النار مغلولة يداه إلى عنقهء وفي عنقه حجر ضخم مثل الجبل العظيم من جبل الكبريت يشتعل النار في الحجر وهو معلق في عنقه فتشتعل في وجهه لا يطيق دفعها عنه من أجل الأغلال التي في يديه وعنقه . وفي قوله تعالى: «إِذ اقلوب لَدَىٰ اَلْحَتَجْر كَاظمِين»” قيل : إذا عاينوا النار شخصت أبصارهم وأخذتهم رعدة من الخوف فشهقوا شهقة زالت قلوبهم من أماكنها فتتتشب في حلوقهم فلا هي تخرج ولا هي ترجع آبداً. وعن الضحاك قال : يحشر الكافر و وبصره حدید؛ ا ا وعن محمد بن كعب قال: لأهل 1 دعوات م تعالى في أربع فإذا كانت الخامسة لم يكلموا بعدها أبداً: «يَقُولُونَ ريا أَمًا انَْكيِن. ...4" الآية. ‎e‏ ‏للِكُم بُ دا دعي الله وَحُدَه كرتم 7 ويقولون: را أبْصَرنَا وَسَمِعا فَاَرْجْ€. فیجیهم: : «فَدُوتُوا بَا َيه ... .€ الآيةء ويقولون: أَعرت ِل َل قريب 4 () سورة غافر الأية: ۸٠. (۲) سورة غافر الآية: ١1. (۳) سورة غافر الأية: ۳۲. () سورة السجدة؛ الأيتان: ١١٠ ١۱. ‎o۲‏ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذکر الموت والقبر اة فيجيهم: لاوم تَكُونوا أف ْسَمُمْ ن فيل ما کُم من رَوَاِ »۱ . ويقولون: ربا أرجت تعمل صالحاً. . . .4 الأية. فيجيبهم : لاوم مركم . ...4 ۲( الاية. ويقولون : رىنا أخرجنا منها. . . .4 الاية فيجيبهم: #اخسئوا فيها ولا تكلمون4 . ‏]0۸[ ولا يتكلمون / بعدها أبداً وذلك غاية شدة العذاب . ‏وعن زید بن أسلم في قوله: سوا عَليا جرا أ صَبرا. ...$ الاية. قال: جزعوا مائة سنة وصبروا مائة سنة فقالوا: سَوَاء َل أَجَرَكَْ َم صَبرنَا. ...€ الآية. ‏قد ذكرنا طرفاً من أصناف عذاب جهنم على الجملة وتفصيل أنواعها لا نهاية لهاء وأعظم الأمور على أهلها من شدة ما يلاقونه من شدة العذاب حسرة فوات نعيم الجنة ورضا الله تعالى عنهم» مع علمهم لأنهم باعوا كل ذلك بشهوة خسيسة ودنيا حقيرة في أيام قصيرةء فتسآل الله تعالى ونتضرع إليه أن ينجينا من غضبه وعذابه ومن فوات ثوابهء والله أرحم الراحمين . صفة الجنة وأصناف نعىمها ‏قال الله تعالى : يق الَذِين أت توا ربكم إلى الْجت رما حى ذا جَاوْمَا وَفْحَتْ اه4 . إلى قوله: «قَيْ اجر العاملي». ٠ وعن علي بن أبي طالب أنه قرأ هذه الآية فقال: إذا وصلوا إلى باب من أبواب الجنةء وجدوا عنده شجرة يخرج من تحت ساقها عينان فيشربون من أحدهما فيذهب ما في بطونهم من أذى ويأس» فيتطهرون من الأخرى فتجري عليهم نضرة النعيم» فلا تتغير أشعارهم ولا تشعب رؤوسهم أبداً ثم تستقبلهم الملائكة خزنة الجنة فيقولون لهم: «سَلامٌ عَلَْكُمْ طِمُمْ.. .. الآية. قال: ثم تتلقاهم الولدان فيقولون لأحدهم: أبشر بما أعد الله لك من الكرامة قال: ثم ينطلق غلام من أولئك الولدان إلى بعض أزواجه من الحور العين فيقول: قد جاء فلان باسمه الذي کان یدعی به قالت: آنت رأيته؟ قال: أنا رأيته بأثري فيستخف إحداهن [] الفرح حتى تقوم على اسكفة بايهاء فإذا انتهى إلى منزله نظر إلى أساس بنيانه / فإذا جندل ‏(١) سورة إيراهيم؛ الآية: ٤٤ . () سورة فاطر الاية: ۳۷. ‏(۳) سورة [براهيم» الأية: ١ (4) سورة الزمر الايتان: ۷۳ ٤۷. ‎ ‎ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ۳ اللؤلؤ فوقه صرح أخضر وأصفر من كل لون ثم ينظر إلى سقفه فإِذا هو مثل البرق فلولا أن الله عز وجل قدر ألا يذهب بصره لذهب» ثم يطأطىء رأسه فإذا أزواجه وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة ثم اتك فقال: ل«الْحَمْدُ لله الذي انْحَبَ عَنا الْحَرَنَ. ...4 الآية. «لْحَمْدُ لله الذي هَدَانَا لِهذًا. ...4 الآية. ثم ينادي مناد: يحيون فلا يموتون أبداًء ويقيمون فلا يظعنون أبداًء ويصحون فلا يمرضون أبداً. وعن النبي يِل قال: «إن في الجنة غرفاً من أصناف الجوهر كله يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها وفيها من النعيم واللذات والسرور ما لا عين رأيت ولا أذن سمعت». قال جابر: قلت: يا رسول الله لمن هذه الغرف؟ قال: «لمن أفشى السلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام». قال: قلت يا رسول الله ومن يطيق ذلك؟ قال: «أمتي يطيقون ذلك وسأخبركم عن ذلك فمن لقي أخاه المسلم وسلم عليهء أو رد عليه السلام فقد أفشى السلام ومن أطعم أهله وعياله حتى يشبعهم فقد أطعم الطعام ومن صام شهر رمضان وثلائة أيام من كل شهر فقد أدام بالليل والناس نيام يعني اليهود والتصارى والمجوس. وسئل عليه السلام عن قوله تعالى: «وَمَساكِن طَيَةٌ في جَتَاتِ عَدْن€. قال: «قصر من اللؤلؤ في ذلك القصر سبعون داراً من ياقوتة حمراء في کل دار سبعون بيتاً من زمرد أخضر في کل بیت سریر على کل سریر سبعون فراشاً من کل لون على كل فراش زوجة من الحور العين في كل بيت سبعون مائدة على كل مائدة سبعون / لونا من الطعام في کل بیت سبعون [۰٦٥] وصيفة ويعطى المؤمن في كل غداة - يعني من القوة - ما يأتي على ذلك أجمعء'"". (١) قال الحافظ العراقي في المغني (۲/١۱) في معنى هذا الحديث: أخرجه الترمذي من حديث علي وقال: غريب لا نعرفه إل من حديث عبد الرحمن بن إسحاق: وقد تكلم فيه من حفظه. قال المحقق للإحباء طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي» وأحمد في المسند (١/٠١١۱) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (۲/٦٦۲) من حدیث على . (۲) سورة التوية الآية: ۷7 ` (۳) قال الحافظ العراقي في المغني (٠/۱۷۷) طبعة دار الحديث: أخرجه أبو الشيخ ابن حيان في كتاب العظمة والأجري في كتاب النصيحة من رواية الحسن بن خليفة عن الحسن قال: سألت أبا هريرة وعمران بن حصين في هذه الأية ولا يصح. والحسن بن خليفة لم يعرفه اين أبي حاتم والحسن البصري لم يسمع من أبي هريرة على قول الجمهور. قلت: إن الحافظ أورد طرف الحديث «قصور من لؤلؤ؛ والمصنف هنا أورده «قصر من اللؤلؤا. قناطر الخير ات/ ج۳/ ‎۳e‏ 01 قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر وعن عمر بن الخطاب رضی الله عنه قال : جنة عدن قصر في الجنة له عشرة آلاف باب على كل باب خمس وعشرون ألفاً من الحور العين . وعن النبي يِل قال: «إن حائط الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وترابها زعفران وطينها مسك . وسئل أيضاً عن تربة الجنة قال: «درمكة بيضاء مسك خالص". وقوله تعالى: #ويهديهم ربهم بإيمانهم. . . .4 الاية. ففي كتاب النقاش قال: يهديهم ريهم إلى الفرائض» ويثييهم الجنة بإيمانهم تجري من تحتهم الآنهار يعني من تحت قصورهم نور في نور قصور الڌر والياقوت. وآنهار تجري من تحت غرفهم في جنة النعيم› لا يكلفون فيها عملا أبداًء ولا تصيبهم مشقة أبداًء دعواهم فیها سبحانك الهم قال: فهذا علم بين أهل الجنة وبين الخدم إذا أرادوا الطعام والشراب قالوا: سبحانك الهم فإذا المائدة وضعت ميلا في ميل قوائمها اللؤلؤ ودخل عليهم الخدم من أربعة آلاف معهم صحائف الذهب سبعون ألف صحيفة في كل صحفة لون من الطعام ليس في صاحبتها مثله كلما شبع ألقى عليه ألف باب من الشهوة كلما شبع أتى بشربة تهضم ما قبلها أربعين ويأتون بألوان الثمار وتجيء الطير أمثال: البخت مناقرها وأجنحتها لون وظهورها وبطونها لون» تتلالاً نور حتى تقف بين يديه في البيت فرسخ في فرسخ وهي غرفة فيها سرر موضونة الوضين مشبكة وسطها بقبضان الياقوت والزمرد الرطب اللين من الحريرء قوائمه [ اللؤلؤ» وجناحاء ذهب / وفضة عليه من الفرش مقدار سبعين غرفة في دار الدنياء لو أن رجلا وقع من تلك الفرش لم يبلغ قرار الأرض سبعين عاماًء فيأكلون ويشربون» والطير تصطف بين يديه وتقول له: يا ولي الله رعيت في روضة كذا وکذاء شرىت من عین کذا وکذاء وريحي كذا وكذاء فأيتها أعجبته نعتها وقعت على مائدته سبعون ألف لون من الطير ألواناه ونصف شواء فيأكل منها ما أحب ثم تطير إلى الجنة؛ لأنه ليس في الجنة من يموت. قال: «وَتَحِيَهُمْ فيها سَلام€. يعني من عند الرب قال: وذلك أنه يأتيه ملك يعني من (۱) قال الحافظ العراقي في المغني (٠/۱۷۷) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي بلفظ «ملاطها المسك؟. وقال ليس إسناده بذلك القوي وليس عندي بمتصل ورواه البزار من حديث أبي سعيد بإسناد فيه مقال ورواه موقوفاً عليه بإسناد صحيح. (۲) قال الحافظ العرافي في المغني (٠/۱۷۷) طبعة دار الحديث: أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد ان صياداً سأل الي 3# عن ذلك فذكره. قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ‎o0‏ ‏عند الرب» فلا يصل إليه حتى يستأذن له حاجبه فيقوم بين يديه فيقول: يا ولي الله ربك يقرا عليك السلام فإذا فرغوا من الطعام والشراب قالوا: الحمد لله رب العالمين. وذلك قوله تعالى : وخر دَعُوَاهُمّ» يعني كلامهم وليس يعني أخر ما يتكلمون به› ولکن آخر ما قبله . وقوله: جنات عَذْنِ قال الحسن: عدن اسم من أسماء الجنة والجنة كلها عدن وقوله: وَالمَلاِكَة يَذْخُلونَ عَليْهِمْ مِنْ كُل بَاب». على مقدار يوم من أيام ثلاثة عشرة مرة معهم التحف من الله جنات عدن وعن النبي عليه الصلاة والسلام قال : «إن في الجنة شجرة يسير الراكب فيه ظلها مائة عام لا يقطعها اقرؤوا إن شئتم وظل ممدود. قال: وأقبل إليه أعرابى فقال: يا رسول الله وقد ذكر الله فى القرآن شجرة مؤذية وما كنت أرى في الجنة شجرة تؤذي صاحبها قال: «وما هي؟؟ قال : السدر فإن لها شوكاً قال: «قال الله تعالى في سدر مخضود يخضد الله شوكه فيجعل مكان كل شوكة ثمر ثم تنقسم الثمرة منها على انين وسبعين لوناً من طعام ما منها لون / يشبه الأخر"". 51[ وروي أن سليمان رحمه الله أخذ عوداً صغيراً فقال لجرير بن عبد الله: يا جریر لو طلبت في الجنة عَويداً مثل هذا لم تجده قال: قلت: فأين النخل والشجر؟ قال: أصولها اللؤلؤ والذهب وأعلاها الشمرء وقال تعالى: فِهًا فَاكِهَة وَتَخْلَ وَرُمَان€ . وذكر عن الحسن قال: نخل الجنة جزوعها من ذهب وسعفها حلل› ورطبها مثل قلال هجر أشد بياضاً من اللبن» وأحلى من العسل» وألين من الزبد. وعن ابن عباس قال: جذوع نخل الجنة ذهب أحمر وكروبها زبرجد أخضر وشماريخها در أييض وسعفها الحلل» ورطبها أشد بياضاً من اللبنء وأحلى من العسل» وألين من الزبد ليس في شيء منها عجم؛ طول العذق اثنا عشر ذراعاً منضود من أعلاء إلى أسفله أمثال القلال لا يؤخذ منه شيء إلا أعاده الله كما كان . وعن النبي يل قال في حديث الإسراء : «ثم أعطيت الكوثر فسلکته حتى انفجر بي في الجنة فإذا الرمانة من رمان الدنيا حبةٌ من رمان الجنة». )۱( قال الحافظ العراقي في المغني (١/۱۷۸) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث آبي هريرة. (۲) قال الحافظ العراقي في المغني (٥/۱۷۸) طبعة دار الحديث: أخرجه ابن المبارك في الزهد عن صفوان بن عمرو عن سلیم بن عامر مرسلاً من غير ذکر لأبي أمامة. ‎o‏ قنطرة الاجتهاد مخافة سو ء الخانمة وذکر الموت والقبر ‏قال الحسن: أحسبه قال: لا يأكله المنافق وقال تعالى: #يحلون فيها أساور من ذهب. . . .4 الأية. ‏وعن أبي هريرة أن النبي يٍَ قال: «أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم كضوء النجوم في السماء لا يبصقون فيها ولا يتمخطون ولا يتغوطون فيها آنيتهم وأمشاطهم من الذهب والفضة ورشحهم المسك ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقيها من وراء اللحم لا اختلاف بينهم ولا تباغض» قلوبهم على قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشیا) . ‏0 ] / وفي رواية أخرى: «على كل زوجة سبعون حلة»٩. ‏وقال عليه السلام في قوله تعالى: «يَحَلَوْنَ يها أَسَاورَ ِن ذَكَب. ...4 الآية. قال: إن عليهم التيجان أدنى لؤلؤة فيه تضيء ما ين المشرق والمغرب»" . ‏وقال تعالى : «خُور مَقَصُورَاتٌ أي مجوسات «فهي يام وهي جمع خيمة. ‏وقال النبي يَي: «الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ستون ميل في كل زاوية منها للمؤمن أهل لا يراه الأخرون» ‏وقال ابن عباس: الخيمة درة مجوفة فرسخ في فرسخ لها أربعة آلاف مصراع من ذهب . ‏وقال عليه السلام في قوله تعالى: «وَفَرْش مَرفُوعَةٍڳ“ قال: «ما بين الفراشين كما بين السماء والأرضء” ‏وعن ابن مسعود في فوله تعالى : #چومزاجە من تسنيم قال : یمزج لأصحاب اليمين ويشربها المقريون صرفا. ‏() خال الحانظ العراقي في المغني (١/۱۷۹): متفق عليه . ‏(۲) قال الحافظ العراقي ف في المغني (/۱۷۹) طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي من حديث بي سعید دون ذكر الية وقال لا تمرف إل من حديث راشد ين سعد: ‏(۳) سورة الرحمن؛ الآية: ۷۲ ‏() قال الحافظ العراقي في المغني (٥/۱۷۹) طبعة دار الحديث: متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري . ‏(٥) سورة الواقعةء الاية: ٢٤۳. ‏(1) قال الحافظ العراقي في المغني ۱۷۹/۱ طبعة دار الحديث: أخرجه الترمذي بلفظ: «ارتفاعهما كما بين السماء والأرض» وقال: غريب لا نعرفه إل من حدیث راشد بن سعد. ‎ ‎ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ‎o۷‏ وقال أبو الدرداء في قوله تعالى: #ختامه مسك قال: هو شراب أبيض مثل الفضة یختم به آخر شرابهم» لو آن رجلا من آهل الدنیا آدخل يده فيه ثم أخرجھا لم يبق ذو روح إلا وجد طيبها. وعن الحسن عن النبي يي أنه قال: «إن أهل الجنة لا يدخلونها كلهم رجالهم ونساؤهم إلا في ثلاثة وثلاثين سنة على طول آدم ستين ذراعاًء لا يبولون» ولا يتمخطون؛» والنساء عرباً أتراباً لا يحضن» ولا يلدن» ولا ينفخضن؛ .ولا يقضين حاجة يعني ليس فيهن قذراء وقال : «لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت على الأرض لأضاءت وملأت ما بينها ريحاًء ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها - يعني خمارھا ٤ . وقال في قوله تعالى: كَأنَهُن اتوت وَلْمْرْجَان”. قال: «تنظر إلى وجهها في خدرها أصفى من المرآةء وإن أدنى لؤلؤة عليها لتضيء ما بين / المشرق والمغرب» ويكون [°14] عليها سبعون ثوباً ينفذها البصر حتى يُرى مخ ساقيها من وراء ذلك». وقال عبد الله بن عمر: إن أدنى أهل الجنة منزلة من كان عنده آلف خادم على عمل ليس عليه صاحبه» وقال عليه السلام: «إن الرجل من أهل الجنة ليتزوج خمس مائة حوراءء وأربعة آلاف بكر وثمانية آلاف ثيب يعانق كل واحدة منهن قدر عمره في الدنیا». وروي عن الحسن البصري جملة في وصف الجنة فقال: إن رمانها مثل الدلاءء وأنهارها مثل اللبن لم يتغير طعمهء وأنهار من عسل مصفى لم تصفه الرجالء وأنهار من خمر لذة للشاربين› لا تسفه الأحلامء ولا تصدع منه الرؤوس» وان فيها ما لا عين رات ولا اذن سمعت» ولا خطر على قلب بشر ملوك ناعمون آبناء ثلاث وثلائين سنة في سن واحدء وطول أحدهم ستون ذراعاً في السماءء كحل جرد مرد قد أمتوا العذاب» واطمانت بهم التار› وإن أنهارها لتجري على رضراض من ياقوت وزبرجد؛ وإن عروقها ونخلها وكرمها اللؤلۇء وثمارها لا يعلم علمها إلا اللهء وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمس ماثة عامء وإن لهم فيها ليا هفافة رحالها وأزمتها وسروجها من ياقوت يتزاورون فيهاء وأزواجهم الحور العين كأنهم بيض مكنون وإن المرأة لتأخذ بين أصبعيها سبعين حلة تلبسهاء فيرى مخ ساقيها من وراء تلك 9 سورة الرحمن› الآية: ٠ 0۸ . )۲( قال الحافظ العراقي في المغني (٥/۱۸۲) طبعة دار الحديث: أخرجه أبو الشيخ في طبقات المحدثين وني کتاب العظمة من حدیث ابن بي أرفى إل أنه قال : «ماثة حوراء). ولم يذکر فيه عناقه لهن وإسناده ضعيف. ‎o۸‏ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر ‏السبعين حلةء قد طهر الله الأخلاق من السوى والأجساد من الموت» لا يتمخطون فيهاء ولا يبولون» ولا يتغوطون وإنما هو جشاء ورشح مسك» لهم ززقهم فيها بكرة وعشیاء آما آنه ليس لدليل بكر فيه الغدو على الرواح» والرواح على الغدوء وأن آخر من يدخل الجنة أدناهم متزلةء [٥] من يمد له في بصره / مسيرة مائة عام في قصور الذهب والفضة وخيام اللؤلؤء ويفسح له في بصره حتى ينظر إلى أقصاه كما ينظر إلى أدناء يغدى عليه بسبعين ألف صحفة من ذهب؛ ويراح عليه بمثلهاء في كل صحفة لون ليس في الأخری» یجد طعم آخره كما يجد طعم أولهء وإن في الجنة لياقوتة فيها سبعون ألف دارء في كل دار سبعون ألف بيت ليس فيها صدع ولا تقب . وعن مجاهد قال: إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن يسير في ملكه ألف سنة يرى أقصاه كما یری أدناه. وقال سعيد بن المسيب: ليس أحد من أهل الجنة إلا وفي يده ثلاثة إسورة سوار من ذهب» وسوار من فضةء وسوار من لۇلۇ. وعن آبي هريرة قال: إن في الجنة حوراء يقال لها العيناء إِذا مشت مشى عن يمينها يسارها سبعون آلف وصيفةء وهي تقول: أين الأمرون بالمعروف والناهون عن المنكر؟ وقال عليه السلام لأصحابه: «ألا هل مشمر إلى الجنة؟ إن الجنة لا خطر لهاء هي ورب الكعبة نور يتلالاء وريحانة تهتز» وقصر مشيدء ونهر مطرد» وفاكهة كثيرةء وزوجة حسناء جميلة في كثرة ونعمةء وفي مقام أبداً ونظرة في دار عالية بهية سليمةء قالوا: نحن المشمرون لها يا رسول اللهء قال: قولوا إن شاء الله ثم ذكر الجهاد وحرض عليه - وبالله العون والتوفيق -. قد ذكرنا من صفة الجنة ما ينبه العاقل على الشوق إليهاء والتشمر لهاء ولا مطمع في تفصيل أصناف نعيم الجنةء إذ فيها ما لا عين رأت؛ ولا أذن سمعت» ولا خطر على قلب بشر والله تعالى أعلم وأحكم» وبه الحول والتوفيقء وهوحسبنا ونعم الوكيل» ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيمء وصلي اللّهِم بجلالك على سيدنا ومولانا محمد النبي الكريم الرۋوف الرحيم وعلى جميع الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين» والحمد لله بجميع محامده ‏)۱( أطراف الحديث: الهيثمي في موارد الظمان (٢٢٦۲( والسيوطي في جمع الجوامع (٥۹۸). والسيوطي في الدر المنثور (۱/۱٦۳ء ۱۸۷/۲) وابن کثیر (٤/۱۱۷›؛ ٦/ 1۹٦٥ء ۸/٩١4). والزييدي في إتحاف ا المتقين (٠٠۱/ ۸٤ ٥) والمتقي الهندي ذ في الكنز (١۱) والأسماء والصفات للبيهقي (١۱۷). ‎ ‎ قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذدکر الموت والقبر ‎o۹‏ ما علمت منها وما لم أعلم ‏ وأنا أستغفر الله تعالى من كل ما زلت به القدم» وطغى به القلم في کتابنا هذا وغیره من کتبنا. وإنما ألفناء من كتب شتى» وأكثره من كتب قومنا امتثال لقوله عليه الصلاة والسلام: «إق| الحق ممن جاءك به / حبيباً كان أو بغيضاًء ورد اليا . چاءكڭ به حساً کان أو [٦٦٥] إقبل ممن : من به بی و . 7 فاستخرجت العلم النافع من كل كتاب ولم أهتبل بمؤلفه على خطاً كان أو صواب»ء ونقلت الحق المفهوم من بين الشوك والسموم؛ء إذ حجة الله على الإنسان فهم الحق وعلمه من أي لغة سمعها ولسان - وبالله التوفيق - وأنا أستغفر الله من جميع أقوالي التي خالفت أفعالي› وأستغفره من كل نعمة أنعم بها علي فتقويت بها على معصيته» وأستغفره من كل وعد وعدته من نفسي ثم لم أوف به وأستغفره من كل علم وعمل أردت به وجهه فخالطه ما لیس له وأستغفره من كل خطوة وخطرة ونظرة وحركة خالفت ما ليس لله فيه رضاء أو دعانا إلى تصنع ورياء من كتاب ألفنام أو كلام أو علم أو أمر أو نهي أظهرناء ونحن نرجو بعده التوبة والاستغفار أن تشملنا رحمة الله ومغفرته فيما صنفناه وقلنا؛ لأن رحمته واسعةء وكرمه عميم» وجوده على أصناف الخلق فائض - وبالله التوفيق والهداية -. قد تم طبع الجزء الثالث من كتاب قناطر الخيرات بالمطبعة البارونية الكائنة بطيلون بمصر المحمية على ذمة ملتزمه حضرة الأستاذ الشيخ محمد الباروني وشركاه كان الله في عونهم بجاه خير أنبياءه وقد وافق انتهاؤه فى جمادى الثانية سنة ۱۳۰۷ . () ذكره المتقي الهندي في كنز العمال (۲٥۳۱٤) من طريق اين عباس وعزاه إلى الديلمي بزيادة في اخره «واردد الباطل على من جاء به من صغیر آو کہیر وان کان حییا؟۔ فهرس الموضوعات القنطرة الحادية عشرة قنطرة النفس فصل في ذم النفس وإلجامها بلجام التقوى ‎‏ ‏فصل في التقوى ‎‏ ‏فصل في كيفية إلجام النفس ‎‏ ‏فصل في المقدمة وذكر الهوى الباب الأول: في ذكر القلب ‎‏ ‏الفصل الأولى: في الأمل وما يتعلق به فصل في الأمل وهو أحد قواعد الدنيا ‎‏ ‏الفصل الثاني : في الحرص وبيان الستة خصال التي هي أصل البلاء والشر ‎‏ ‏بيان القناعة وهي ثلاثة أوجه ‎‏ ‏بيان الدواء الذي يكسب القناعة وهو خمسة ‎‏ ‏الفصل الثالث: في ذم الغضب ‎‏ ‏بيان حقيقة الغضب ‎‏ ‏فصل فيما يهيج الغضب ‎‏ ‏فصل في علاج الغضب ‎‏ ‏فصل في فضيلة كظم الغيظ ‎‏ ‏فصل في فضيلة الحلم ‎‏ ‏فصل في آثار واردة في الحلم ‎‏ ‏فصل في بيان القدر الذي يجوز الانتصار والتشفي من الكلام الفصل الرابع : في الحقد ونتائجه من الحسد وغيره ‎‏ باب في فضل العفو ‎ ‏ فصل في الحسد ‎‏ ‏حكاية في الحسد ‎‏ ‏فصل في حقيقة الحسد ‎‏ ‏فصل في بيان المنافسة وأسباب الحسد ‎‏ ‏فصل فيما ينفي به مرض الحسد عن القلب ‎‏ ‏الفصل الخامس : في ذم البخل ‎‏ ‏فصل في أخبار البخلاء فصل في علاج البخل فصل في حكاية ذي القرنين فصل في فضل السخاء ذكر حكايات الأسخياء ‎‏ ‏فصل في اختلاف الناس في حد البخل والسخاء فصل في بيان النوال الذي يقع ابتداء يكون لأسباب ‎‏ ف‏صل في بيان الإيثار وفضله ‎‏ ‏الفصل السادس: في الاستعجال ‎‏ ‏فصل في فضيلة الرفق ‎‏ ‏فصل في حسن الخلق ‎‏ ‏الباب الثاني : في اللسان ‎‏ ‏الفصل الأول: في الكذب وما يتعلق به ‎‏ ‏الفصل الثاني : في خلف الوعد الفصل الثالث : في الغيبة ‏ الفصل الرابع : في النميمة والسعاية ‎‏ ‏الفصل الخامس: جامع لجملة من منكرات اللسان ‎‏ ‏الفصل السادس: في فضول حفظ اللسان ‎‏ ‏فصل في كتمان السر ‎ ‏ فصل في المشورة ‎‏ ‏فصل في النصيحة ‎‏ الفصل السابع : في حفظ اللسان على المدح والتمدح الفصل الثامن: في حفظ اللسان من الاسترسال في المزاح والضحك ‎‏ ‏فصل في الضحك والفرح ‎‏ ‏الفصل التاسع: في كف اللسان عن الشماتة وعما لا يعنيه ‎‏ ‏الفصل العاشر: في الصمت وفضيلة الكلام ‎‏ ‏فصل في فضيلة الكلام ‎‏ ‏الباب الثالث : في تنزيه السمع ‎‏ ‏الباب الرابع : في غض البصر ‎‏ ‏فصل في ضبط الفرج عن الحرام فصل في بيان دواعي الزنا وهي شيئان فصل في حكايات الأعفاء من الرجال والنساء ‎‏ ‏الباب الخامس : في حفظ البطن وإصلاحه وفيه ثلاثة فصول ‎ ‏ الفصل الأول: في مذمة الحرام ‎‏ ‏الفصل الثاني : في فضيلة الحلال ‎‏ ‏فصل في الشبهة وما يتعلق بها ‎‏ ‏الفصل الثالث : في حد الحرام والشبهة والتناول من الحلال ‎‏ ‏مسألة في جوايز السلاطين في هذا الزمان ‎‏ ‏مسألة في صلاة أهل الأسواق وغيرهم ممن ليس له نظر في المعاملات ‎ ‏ الفصل الرابع : في الأخذ من الحلال وفيه ثلاث أقسام ‎ ‏ فصل في آفات فضول الحلال وهي عشرة آفات ‎‏ ‏فصل في بيان شرط المباح حتى يصير خير وحسنة فصل في بيان الداعي إلى الأكل والشراب وهو شيئان ‎ ‏ فصل في مراعات الأعطاء الخمسة ‎‏ ‏ القنطرة الثانية عشرة قنطرة العوارض الباب الأول: في الرزق وما يتعلق به ‎ ‏ فصل في بيان أقسام الرزق وهي أربعة ‎‏ ‏فصل في محل التوكل ومعناه ‎‏ مسألة في معنى التوكل ‎‏ الباب الثاني : باب الأخطار التي تخطر على القلب ‎‏ ‏فصل في تفويض الأمور لله تعالى ‎‏ ‏فصل في بيان موضع التفويض ومعناه وحده وضده ‎ ‏ الباب الثالث : باب المصائب والصبر ‎‏ ‏فصل في بيان أقسام الصبر وهي ستة ‎‏ ‏فصل في دواء الصبر على البلايا ‎‏ ‏ذكر حكايات متعددة ‎‏ ‏فصل في بيان شروط الصبر التي تراعى ‎‏ ‏الباب الرابع : في القضاء والقدر وورود أنواعهما ‎ .‏ فصل في بيان الأمور المفروغ منها خير وشر وشقاوة وسعادة ‎ .‏ فصل في الجمع بين القضاء والقدر وبين الطلب والحذر ‎ .‏ فصل في الرقا والتمايم والطب والكي ‎‏ ‏بيان الأشياء التي تفسد العقل ‎‏ ‏فصل في بيان ما ورد من النهي عن التصديق بالنجوم والكهانة ‎ ‏ فصل في الفأل والطيرة ‎‏ ‏فصل في الرضا بقضاء الله والتسليم لأمره ‎‏ القنطرة الثالثة عشرة قنطرة الخوف والرجا الباب الأول: في الخوف ‎‏ ‏فصل في بيان العبادة التي لا تصح لطالبها إلا بشروط ‎‏ ‏الباب الثاني : في الرجاء ‎‏ ‏فصل اعلم أن الأمر كله يرجع إلى أصل واحد وهو خاتمة العمل ‎ ‏ فصل واعلم أن الرجاء الحقيقي لا ينفك عن الخوف ‎‏ ‏فصل فإن قيل أليس قد جاءت الأخبار الكثيرة في حسن الظن فصل ومن تمكن الخوف يكون الحزن ‎‏ ‏فصل في بيان الحزن إذا كثر في القلب واشتد ‎ ‏ فصل وجملة الأمر أنك إذا ذكرت سعة رحمة الله التي سبقت غضبه ‎ ‏ القنطرة الرابعة عشرة قنطرة العبادة الباب الأول: في فضل القرآن وآداب تلاوته الظاهرة والباطنة ‎ .‏ الفصل الأول: في فضل القرآن وأهله وذم المقصرين وفيه قسمان الفصل الثاني : في ظاهر آداب التلاوة وهي عشرة ‎ ‏ الفصل الثالث: في أعمال الباطن في التلاوة وهي عشرة ‎ ‏ الفصل الرابع : في فهم القرآن وتفسيره بالرأي ‎‏ ‏الباب الثاني : في أصناف الأدعية والأذكار والاستغفار ‎ .‏ الفصل الأول : في الدعاء وأنواعه وآدابه ‎‏ ‏القسم الأول : في فضيلة الدعاء ‎‏ ‏القسم الثاني : في أدعية منتخبة من القرآن ‎ ‏ القسم الثالث: في أدعية مستحسنة ‎‏ ‏القسم الرابع : في أدعية منسوبة إلى الأنبياء والصالحين بيان دعاء النبي عليه السلام ‎‏ ‏دعاء أبونا آدم عليه السلام ‎‏ ‏بيان دعاء الخليل عليه السلام ‎‏ ‏دعاء عيسى عليه السلام ‎‏ ‏بيان دعاء الخضر عليه السلام ‎‏ ‏القسم الخامس: في أدعية مستحسنة عند أوقات مخصوصة وأفعال مخصوصة القسم السادس: في آداب الدعاء وهي عشرة ‎ ‏ الفصل الثاني: في فضيلة الذكر ‎‏ ‏القسم الأول: في فضيلته على الجملة ‎‏ ‏القسم الثاني : في فضيلة مجلس الذكر ‎‏ ‏القسم الثالث : في فضيلة التهليل ‎‏ ‏القسم الرابع : في التسبيح ‎‏ ‏الفصل الثالث: في الاستغفار والصلاة على النبي عليه السلام ‎ .‏ فصل في فضل الصلاة على النبي عليه السلام فصل في التفكر والاعتبار ‎‏ فصل في بيان مجاري الفكر وضبطها بالإضافة إلى الأعمال الدينية والأعمال المكتسبة الفصل الأول: في المعاصي والسيئات الفصل الثاني : في الطاعات ‎‏ ‏الفصل الثالث : في الصفات المهلكات ‎ ‏ الفصل الرابع : في المنجيات وما يتعلق بها ‎ .‏ الفصل الخامس : في التفكر في المخلوقات ‎‏ ‏فصل في ترتيب العبادة على الأوراد والأوقات وبيان أوراد النهار وهي سبعة . بيان أوراد الليل وهي خمسة ‎‏ ‏بيان آداب النوم وهي عشرة ‎‏ ‏فصل في بيان شروط قيام الليل ‎‏ ‏القنطرة الخامسة عشر قنطرة القوادح في الطاعات الباب الأول: في الرياء وما يتعلق بها ‎‏ ‏الفصل الأول: في بيان حقيقة الرياء ‎‏ ‏الفصل الثاني : في مراتب نفي الرياء ‎‏ ‏الفصل الثالث : في الإخلاص ‎‏ ‏مسألة واختلف أقوال العلماء في معنى الإخلاص ‎‏ ‏مسألة أيضا في معنى الإخلاص وما يتعلق به ‎‏ ‏الفصل الرابع : فيما يورثه الرياء من الخصال المذمومة ‎ .‏ الفصل الخامس : في إظهار العمل للاقتداء وله حالان ‎ .‏ الباب الثاني : في العجب وأسبابه وما يتعلق به ‎ ‏ فصل في أسباب العجب وما يتعلق به ‎‏ ‏فصل فيما ينفي الإعجاب بالعلم والعمل ‎‏ ‏فصل فيما ينفي به الإعجاب بالرأي الخطأ‎‏ ‏فصل فيما يقع به الإعجاب من الأسباب الدنيوية ‎‏ ‏فصل في الكبر وما يتعلق به ‎‏ ‏فصل في معنى الكبر وما يتعلق به ‎‏ ‏فائدة قال بعض العلماء قل أن يخلو عالم أو عارف من الكبر ‎ ‏ فصل فإن فيل فهل سوى العجب والرياء من قادح في العمل ‎ .‏ فصل في القوادح المتقدمة من الرياء والعجب وأسبابهما ‎‏ ‏القنطرة السادسة عشرة قنطرة الحمد والشكر فصل في حقيقة الحمد والشكر ومعناهما وحكمهما ‎‏ ‏فصل في الشكر على النعمة من الله تعالى لا يقدر عليه الادمي ‎ .‏ فصل في أن الشكر يستفيد به الشاكر خصلتين ‎‏ ‏فصل فإن قيل فما موضع الشكر ‎‏ ‏فصل فإن قلت فالشاكر أفضل أم الصابر ‎‏ ‏فصل فعليك يا أخي ببذل المجهود في قطع هذه القنطرة ‎ .‏ بيان الأصل الأول الذي عليك به ‎‏ ‏بيان الأصل الثاني أيضاً ‎‏ ‏فصل فعليك ببذل المجهود حتى تعرف النعمة ‎‏ ‏القنطرة السابعة عشرة قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة وذكر الموت والقبر وما بعد ذلك من أمور القيامة الجملة الأولى : في الاجتهاد والمراقبة ‎‏ ‏الفصل الأولى : في المشارطة وهذا تشبيه بمشارطة الشريك لصاحبه في التجارة ‎.‏ الفصل الثاني : في المراقبة وما يتعلق بها ‎‏ ‏الفصل الثالث: في محاسبة النفس بعد العمل ‎‏ ‏الفصل الرابع : في معاقبة النفس على تقصيرها ‎‏ ‏الفصل الخامس: في المجاهدة وما يتعلق بها ‎‏ ‏الفصل السادس: في توبيخ النفس ومعاتبتها ‎‏ ‏الفصل فعليك أيدك الله بتوبيخ نفسك وحقارة عملك ‎ ‏ فصل فانتبه من رقدتك أيها الغافل وإلا كنت من الأخسرين ‎.‏ ‏الجملة الثانية: في ذكر الموت وأهوال يوم القيامة وفيها جملة فصول الفصل الأول: في ذكر الموت وما يتعلق به ‎‏ ‏فائدة اعلم أن أنفع دواء للقلب بذكر الموت التفكر ‎ ‏ فصل في خروج نفس الميت ‎‏ ‏ذكر علامات موت السعيد من الشقي ‎‏ ‏الفصل الثاني : في ذكر القبر وما يتعلق به ‎‏ ‏الفصل اعلم أن للناس في حقيقة الموت ظنوناً كاذبة بيان الخلاف في مستقر الأرواح بعد الموت ‎‏ ‏الفصل الثالث: في أشراط الساعة وفيه مقدمة ‎ ‏ بيان المقدمة في علامات تدل على أشراط الساعة ‎ ‏ القسم الأول: في طلوع الشمس من مغربها ‎ ‏ القسم الثاني : في الدجال ‎‏ ‏القسم الثالث: في نزول عيسى ابن مريم عليه السلام ‎ ‏ القسم الرابع : في خروج يأجوج ومأجوج ‎‏ ‏القسم الخامس : في الدابة ‎‏ ‏القسم السادس: في الخسوف وغير ذلك ‎‏ ‏فصل في قيام الساعة ‎‏ ‏صفة نفخ الصور ‎‏ ‏صفة النفخة الثانية ‎‏ ‏والنفخة الثالثة ‎‏ ‏صفة المحشر وأهواله وأهله ‎‏ ‏صفة العرق يوم القيامة ‎‏ ‏صفة الوقوف في المحشر ‎‏ ‏صفة الحساب والمسألة ‎‏ صفة الصحف صفة الحوض وصفة الميزان وصفة الصراط ‎‏ ‏بيان ما جاء في القصاص يوم القيامة ‎‏ ‏ذكر الشفاعة يوم القيامة ‎‏ صفة جهنم أعاذنا الله منها ‎‏ ‏صفة الجنة وأصناف نعيمها ‎‏ ‎