TREC TITAREK . ^ 4 1 E DOP لالت لت 0 : اكت ادا ‎e Ye‏ ا ب ‏اتاد ‎PDS AIOE EES AN PETER OR A SRC CREAN SCDROC OPER CIDE VPA SEREY BOSC ERS ‎reer gear ry: ‎E] ‎ ‎e ‎: ‏ت تتا ‎FF 2 ‎ ‎ ‏اا ن اا تاز جا و ا اا ‎"WW . PEP PETER‏ ‎ ‎3 ‎ ‎ ‎ لا لميا ايل نى ايل النفوقي مرارالتن مال قن اقاس لكزء ۱ لاأؤلے ٠ ا و دارالكئب العلمية جميع الحقوق محفوظة Copyright © All rights reserved Tous droits réservés جميع حقوق الملكية الادبية والفنية محفوظة لار الكنب العلميذ بيروت-لبنان: ويحظر طبع أوتصويرأوترجمة أوإعمادة تنضيد الكتاب كاملا أو مجزاً أو تسجيله على أشرطة كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على اسطوانات ضوئية إلا يموافقة الناشرخطيا. Exclusive Rights by Dar Al-Kotob Al-ilmiyah Beirut - Lebanon No part of this publication may be translated, reproduced, distributed in any form or by any means, or stored in a data base or retrieval system, without the prior written permission of the publisher. Droits Exclusifs A Dar Al-Kotob Al-ilmiyah Beyrouth - Liban Il est interdit 3 toute personne individuelle ou morale d'éditer, de traduire, de photocopier, d'enregistrer sur cassette, disquette, C.D, ordinateur toute production écrite, entière ou partielle, sans l'autorisation signée de l'éditeur. الطبعة الأولى ٢ه ۲۰۱م 1 بیروت - لبنان رمل الظريف: شاع اليحتري: بناية ملكارت هاتف وفاكس :۳11۳۹۸ - 111۳0 ‎VAST}‏ )1 ۹11( صندوق بريد : ١١۱۱۰۹۱ بیروت. لبتنان Dar Al-Kotob Al-ilmiyah Beirut - Lebonon Ramel Al- Zarif, Bohtory St., Mellart Bldg. Ist Floor Tel. & Fax :00 (961 1) 37.85.42 - 36.61.35 - 1.98 PO.Box : 11 - 9424 Beirut - Lebanon Dar Al-Kotob Al-ilmiyah Beyrouth - Liban Ramel Al-Zarif, Rue Bohtory, Imm. Mellart, lére Etage Tel. & Fax :00 (961 1) 37.85.42 - 36.61.35 - 4. BR: 11 - 9424 Beyrouth - Liban ۹ س ey FAC SS SAAS aes E FA pT کے کے واو ير مه و ااا نا AAT E AMES EST TE SEG A ES reee TNIV SBN 2-7451-2289-4 NININ Leena iniyab con e-mail: sales@al-ilmiyah.com info@al-ilmiyah.com baydoun@al-ilmiyah.com الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين› الحمد لله من رب کریم منان على عباده الصالحین بحياة قلوبهم مع حياة أجسادهم وأعظم بها من نعمة يحمد عليها رب العباد. وأشهد أن لا إِله إلا الله وحده لا شريك له له الفضل العظيم . وأشهد أن محمداً رسول الله بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في ربه حتى أتاه اليقين فصلاةً وسلاماً عليه من رسول كمل خُلقه وعظم بالرسالة قدره. وبعد: فالحمد لله الذي جعل من أمة محمد أئمة يهدون الناس من الضلال إلى النور ويأخذون بأيديهم إلى طريق الأخرة راجين من ربهم عفواً وغفراناً زاهدين في الدنيا وما فيها من عوارض زائلة ثم إننا نسأل الله تعالى أن يحيي قلوبنا حال موت القلوب» وأن يقينا شرور أنفسنا وأن يجعل لمكروبنا فرجاً وأن يزيل عنا وعن جميع عباده المسلمين مصائب الدهورء وأن يجعل لنا فى هذه الدنيا حياة فيها رضاه وأن يكتب لنا فى الأخرة جنة ورضواناًء وأن يحشرنا وسائر عباده المسلمين تحت لواء سيدنا محمد وصلي الهم عليه وعلى آله وصحابته أجمعين آمين. . أما بعد فكتاب قناطر الخيرات كتاب جمع الكثير من الآيات والأحاديث والآثار التي تربي النفس على تصويب النظرة إلى الحياة الدنيا وبيان أنها فانية لا محالة. وهو كتاب طيب نفيس لما فيهء وإن كان مؤلفه سطر أغلب الآيات والأحاديث فيه من حفظه وذاکرته فخانته أحياناً كثيرة وهذا طبع بشري لا يسلم منه إلا من رحم الله والدليل على ذلك كلامه في «باب حكايات الأسخياء) ص ١٠ مخ حيث يقول: وهذه الحكايات قرأتها قديماً فحفظى فيها مضطرب ولعلي إن لم آت بصريح ألفاظها فقد أتيت بمعناها وأنا أستغفر الله على ما بدلت من الألفاظ وغيرها. (ں) المقدمة أما الآيات: فكثير ما نسي الشيخ ولعله خط الناسخ والله أعلم. وأما الأحاديث : فأدخل الشيخ کلامه مع مسن الحديث فساق الحديث وکأنه بمعناه أو شرحاً له مع نسبة ذلك للنبي . ولقد راعينا تصويب ما استطعنا تصويبه وما بدا لنا بهذه الحالة والله نسأل القبول والسداد» ثم إن الشيخ قد نقل من بعض الكتب تقلا بالتص دونما تصرف فيه مثل كتاب إحياء علوم الدينء وعزا ذلك في أحيان قليلة للإمام الغزالي وفي الغالب لم يعزو إليه حتى إنه ليخيل للقارىء أنه من كلام المؤلف وقد حاولنا التتبيه عليه في مواضعه ومن أمثلة ذلك ما جاء ص ۸ 1۹ يرد فيه على الشيخ الغزالي في إجازته شد الرحال إلى قبول الغزالي في الإحياء (١/ ٥٤۲) «طبعة دار إحياء التراث العربي». كما اعتمد الشيخ في كتابه هذا على ما نقله في أغلب الأحيان كما سبق الإشارة إلى ذلك على بعض الكتب منها: كتاب الإحياءء وکتاب سراج الملوك؛ء کتاب فوت القلوبء کداب الجواهر› وکتاب منثور الحكم› وكتاب محجة السعادة . بين يدي الكتاب قسم المؤلف كتابه قناطر الخيرات إلى عدة قناطر كل قنطرة لعدة أبواب وقد تحتوي الأبواب على عدة فصولء كما أن الكتاب احتوى على كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار والحكايات التي تخدم مواضيع الكتاب» كما أخذ الكتاب عديداً من فصول وآبواب كتاب الإمام الغزالي إحياء علوم الدين بالنص ولم يتصرف فيها المؤلف إلا في أحيان ترجمة المؤلف اسمه: إسماعيل بن موسى الجيطالي النفوسي . كنيته ولقبه وشهرته: أبو طاهرء ولقبه الجيطالي . میلاده: لم نعرفه غير أن الشيخ سالم بن محمود السيابي قال بأنه من علماء الخمسين الثانية للقرن السابع والأول في القرن الثامن وفال: وإن لم نستطع تحقيق سن ميلاده على التحشق. المقدمة (ج) حياته العلمية: أخذ العلم من أكبر علماء عصره أمثال أبي موسى عيسى بن عيسى الطرميسي المتوفى سنة ۷۲۲ ه. صاحب المدرسة العظيمة. كما صاحب الشيخ أبا عزيز. وكان رحمه الله قوي الحافظة حفظ ديوان الدعايم لابن النضرء ومقامات الحريري في الأدب العربي والأشعار والسنةء وكان يحفظ كتاب العدل والإتصاف للإمام أبي يعقوب الوارجلاني وجمل الزجاج في النحو. اشتغل الشيخ الجيطالي بالتنقل والترحال لنشر الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المتكر وسافر إلى طرابلس لكن عامل طرابلس عقد له:مناظرة فظهر فيها على العلماء فكادوا له حتى سجن فكتب شعراً يمدح فيه صاحب القيروان ابن مكي فأطلق سراحه وخرج إلى جربة وتلقاه علمائها في أحسن لقاء واجتمع عليه الطلبة فقرً وصنف هكذا إلى آخر حياته . مؤلفاته: ألف الشيخ تاليف جليلة منها: ١ - القواعد. ١ شرح النولية - أي نونية أبي ساكن في أصول الدين ‏ للشيخ أبي نصر فتح بن نوح القملوشاي . ۳ كتاب الفرائض» الذي وضع فيه الحساب بالضرب والتقسيم. ٤ كتاب الحج والمناسك. ٥ - مجموع فتاوى الأئمة في ثلاثة أجزاء. ٦ کتاب مجموع في الرسائل . ۷ قصائد فقهية تدل على ملكته الشعرية . ۸ كتاب قناطر الخيرات . ٩ كتاب قواعد الإسلام. وصف المخطوط اسم المخطوط : قناطر الخيرات . اسم المؤلف: أبو طاهر إسماعيل بن موسى الجيطالي النفوسي . إجمالى عدد الأوراق : مکان وجوه المخطوط حالياً: مكتبة المصطفى يل بالقاهرة . )د( المقدمة مصدر مصورنه: مكتبة المصطفى يَيِهٍ بالقاهرة. تقسيم المخطوط : يقسم إلى ثلاثة أجزاء : الجزء الأول: 4٤۹٤ صفحة. الجزء الثاني : ۷ صفحة. الجزء الثالث: ٦٠٠ صفحة. مقاس الصفحات: ١٠ × ۱۸٠ سم. عدد الأسطر: ٢۲ سطراً في كل صفحة. نوع الخط: نسخي جيد منقوط مشكول في بعض الأحيان . منهج تحقيق الكتاب قمنا بنسخ المخطوط وترتيبه . ج كل صفحة رقم وام تسم الصفحات إلى حروف. ۳ ذكرنا بعض أطراف الحديث من موسعة أطراف الحديث للشيخ محمد السعيد زغلول. الحديث وطبعة دار إحياء التراث !لعربي . ٥ اعتمدنا في أغلب حكمنا على الأحاديث على كتاب المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار للحافظ العراقي . 1 قمنا بترجمة لبعض الأعلام من كتاب معجم المؤلفين . ۷ قمنا بضبط الأيات القرآنية بالشكل . واه نسأل التوفيق والسداد. صور من المخطوط (ه) ا ول ستاب ا 3 ا الاما ى ا ی اده و ىتا ده اين ٍ ‎Po‏ اراسان ر مل ا ت ل مھ رم سعبا ‎a‏ ل ۱ الصفحة الأولى وبها عنوان الكتاب واسم مؤلفه واسم متملكه والقيمة المالية التي تملكه بها والسنة التي تملكه فيها (و) WENÎ Ab n الى ارامات تال عن الميوب والأقات لكان فدن واشازع الانناراوصوره خض ع اتتوئ خیینہ ونواصم كلش لظ نه وذلكز شئ لزنه وستيا ‎A4‏ يروه لول ملام الىدتات علا امەن اأالصفات منتناص اجناسا وارئا ناسا قبل وجرد اعیاہا وجرا رانا شامااکذار ته برت عل ون نيه يراد شرك فاا ولا ريرق ادها اڭ زقلا المسمدده ا رحد بالالوهية الك رباء زد بالوية واليغا: 1 ‎i‏ ا ده ‎ ‏لامن نئ ممه موجود واشاعل دبرمٹا ل مهود اترتا دلالدعلىقدرتە وضختيقا ماسب ق زارادتر وم اغاق ګن والاشرالالى ار تر عام ذالازل ماهم عاملون وباجاشم الى انون ولإرزافم الهم لما اكلون شم اعا متهم ‎۹ٍ ‎ ‎ ‎- 7 CAIDA BaD = o SENE. SASSER + A WEE: Nap: gpg ‏الصفحة الأولى من الجزء الأول ويظهر بها خطبة الكتاب ‎NENE ‎ ‏علفادون وعل ماسر ت امكو ماارن يرما | ‎ ‎ ‎ ‎ ‎ )ر( صر ٍ نبا لري ليه لسا م واسعه ان يکوسا عه ى : ا رسد ومشل ذلك ولاس شا ومن بطع اده و اسول ئا ولك مم مح الزنادشم عل ہم م ابي والص يد بن بر ضلو ۱ 6ر ‎e‏ لاھ ا آلابة 9 شهنىیا کم قرا الأ بوذا تال عليه السالام حن وصښکاب اانه ا ادالكل اي اهوبا وجا ل لہ | س ا و اهت با اه هرو ادال وصق وه تا ود الوکب! يل ولل واا اتلم اتش لاما اص ەة النكاة ۲ وسن الصفحة الأخيرة من الحزء الأول ويظهر بها نهايته 2 4س د س سے سے ب س لے صم - ہے 1 . ءالا وم صت ‎KR‏ تا ب ر \ ‏الاير هره‎ ba سس س د س ست ہے سے دہ مس ن ہے ہے غلاف الجحزء ثي ويظهر ب به اسم الكتاب واسم المؤلف صور من المخطوط ت ت“ $o 29 pren) O O CG 0® e RC a e ا ‎BEL‏ ‎0o GO ©‏ ی ۳ 8 4 1 O0 O RA Pr Het bG i 2 ‏م‎ 4 . 742 . ARES ِ ی ‎L<‏ ‎L۹‏ ‎a‏ ِ 1 وہب : | N 7 + الفط اسه فا لوكا المشروىة ) * × ( ۋالامال عن تولة سن كناب الخال وغەرە) ׫ امرس الايد الواسع الجر اليد ى لمعد ذز عالبطشالشدىد النعاللازيد اخدەجدا استوجب پدمن نه اللزید واصل عل رسو له صلاة ارجوبمامن ادله العون والتاييد والعصية والتسديد * اما بثد) * فان‌اهه شال شرع الركاء والاموال بصد سے 7 ِ yng yr — 07 O0 «» 0 ‏٢‎ A ‏.ا کک‎ ‏؛‎ . سس ہے ہی ہہ ی ا ېم اش - 2 سو وي چ فروطالايران وجملاحقا واجيا لاء واموالالا غا الف ابن لومم لتبعتهاعلىالتعاون قادرا مطلوسم وشل تی وہم لان الراجی لغیره هاش له وصول والرجومالد به میب موصول از لواطت رعبة النماء من دوئالاموال لسقطت بذ لكت سی وس س قح د م د ۔ وس ق لوسم هيب ةا لاجلا ل فيص ذلك الا تقاط والنرار )ط) (ي) صور من المخطوط غلاف الحزء الثالث ويظهر به اسم الكتاب واسم المؤلف em ۷ © SG ۰ 1 ۰ 9C ۰ eo Wel a ©0 Te ‏٥‎ ‏ن‎ k ® ۰ 4 ¥oq 0 . o © eYo o - o elo OC 6 -X o Xr oo o¥Yo YoYo 6 2 00 axo kKo]® 0 Ae ela eI oYeYoXole e «o Rl e ) »sYVYoloYNoXo ۰ e ۰ o RAokoNo 0 ‏٥‎ ® o ¥< a Noo ‏٠‎ ‎oXKd4d° ‏٥‎ 0 oYo%¥° I1۵ ۰. ۰.y oeYe Wolo WoYo YoYo UoVYe Vo Wo Ve ROE ۰ Be e ‏ويام اوضق‎ وماإرئ نض إ اض رلامارتبالسوه مارم فة وف ل لارثء: رسو دصل | ده عله وسل ادا وك تقك اىي 5 شالك ورویاازاعرارة دع عل ۱ كاده کد ‎“a‏ ك اى فاخذ يمتنا ىلغال 1 لک صرق داع @ بخراسی یر کے ایز ازع ەا نتو الى الت ونا كان اص ‎i‏ ءالانسان وبااۇش اع انتلا ىا غالا اند نتف رمعا باشعا عزالاماادف شاوائ الان فجي کالامالازمنراظن me الصفحة الأولى من المجزء الثالث )ك) تالت اام لاماس نی امانوي رار انما انافاس م کد سید لسُروي خسن خلاف جود عدالسمع | س و الحزااجیہ 0 ا الحمد لله المتوحد بالألوهية والكبرياءء المنفرد بالديمومة والبقاءء المتقدس عن نقائص العاهاتء تعالى عن العيوب والآفاتء خلق كل شيء فقدرهء واخترع الإنسان وصور خضع کل شيء لهیبته» وتواضع کل شيء لعظمته› وذل کل شيء لعزته» واستسلم کل شيء لجبروتهء لم يزل عالما بجميم المحدثاتء على ما هي عليه من الصفات: من تفاصيل أجناسهاء ومجاري أنفاسهاء قبل وجود أعيانهاء وجريان أزمانهاء شاءها الحكيم في آزليتهء فظهرت على وفق مشيئتهء ليس له شريك في إنشائهاء ولا نظير في إيجادهاء أنشاها لا من شيء معه موجود» وأتقنها على غير مثال معهود اخترعها دلالة على قدرتهء وتحقيقاً لما سبق من إرادته» وما خلق الجن والإنس إلا لعبادته» عالم في الأزل بما هم عاملون» وباجالهم التي إليها ينتهونء وبأرزاقهم التي هم لها آكلونء فهم لما عَلِم منهم منقادون» وعلى ما سطر في كتابه المكنون ماضون؛ فجميع ما وجد / بعد العدم من جميع الأشياءء والأمم فقد سبق به من الله القضاى وجفَ به القلم؛ فالاجال محدودةء والأنفاس معدودةء والأرزاق مقسومةء والأعمال محتومةء والاثار محسوبةء وفي اللوح مكتويةء لا يستأخر شيء عن أجلهء ولا يسبقه قبل حلول محلهء ولا يفوت أحداً رزقه المقسوم› ولا يتعدی ما قدر له من أمره المحتوم» فقد سبقت كلمته الحسنى لعباده المرسلين» وأوليائه المخلصين› كما حق القول منه لأعدائه الغاوين› كل ميسر لما خلق له» ولا يتجاوز ما وقت له؛ يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون» وإذا قضى أمراً فإنما يقول له: كن قيكون»”. أحمده حمد من أخلص له الإنابةء وأدعوه دعاء مؤمل منه الإجابةء وأشهد أن لا إله إلا الل الملك المحمود الذي ليس بوالد ولا مولود. وأشهد أن محمداً عبده المرتضىء ورسوله المصطفى» أرسله إلى الثقلين بشيراً ونذيراء ——-—— () سورة البقرة الاية: ١١٠٠ سورة آل عمران الآية: 7٤ . (۳/ب] . مقدمة المؤلف وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً مير فبلغ رسالة ربه ناصحاً لأمتهء حتى أتاه من ربه اليقين بعد كمال الدين»ء صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الأخيارء وأصحابه المهاجرين›ء والأنتصار›ء والتابعين لهم بإحسان إلى يوم تشخص فيه الأبصار . أما بعد: فقد انكشف لأرباب القلوب بحقائق الإيمانء وأوضح محكمات القرآنء أن لا وصول للعبد إلى السعادة الأبديةء إلا بالعلم وامتثال العبادة الدينيةء وهما بضاعة الأولياءء ومنهاج الأقوياءء وهما دين الله القويم» وصراطه المستقيمء لأجله خلق الموت والحياةء وبسببه تنال عنده النجاة ولحنه طريق صعبة المسالكء مخيفة المهالك» كثيرة العوائق والموانعمء غزيرة الأعداء والقواطع» بعيدة المسافاتء كثيرة الآفاتء ذات شعاب وأودية وعقباتء وأهوية [/1] محفوفة باللصوص والقطاعء مشحونة بالأفاعي والسباع / تنبعث فيها الشياطين الموسوسة والعقبان المختلسةء قد تشبكت بالأشراك الخاتلة ومزجت بالسموم القاتلةء وهكذا يجب أن تكون لأنها طريق إلى الجنة ذات الحورء والجوهر المكنون تصديقاً لقول رسول الله يلأ : «حفت الجنة بالمكاره» وحفت النار بالشهوات»” . ومع ذلك فإن الله سبحانه خلق الإنسان ضعيفاء فحمَلَهُ ثقل الأمانة تكليفاًء وأوجب عليه إتقان حمل تلك الأمانة بالعلم والعمل والتشمير في أداء حقها بالجد لا بالكسل› فعمر الإنسان قصير والناقد لأعماله بصير» والجهل مع اتباع الهوى عليه غالب» والأفات محدقة به من كل جانب والأجل قريب غير مديد والسفر بعيد صعب شديدء والطاعة هي الزادء فلا بد منهاء والدنيا منصرفة فلا مَردٌ لها فمن ظفر بالزاد متها سهل عليه على الصراط الجواز ومن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فازء ومن حرم من الطاعة نصيبهء طال عليه في سفره النصب والتعب› ودام عليه في النار الوصب واللهب . فلهذا الخطب الفظيع والهول الشنيع» َل السالكون للطريقء بالجد والتحقيق» ومنهم من يڏل في بلء مره من النفس بعضص المجهوت› فطال عليه التعب› فانقطع ولم يصل إلى المقصود إلا الأصفياء المخلصين الذين أنعم الله عليهم من النبين والصدّيقين والشهداء والصالحين . قلت: فلما كان الطريق على ما وصفنا من المشقةء والمخافةء وكثرة العوائقء وبعد (١) متفق عليه من حديث أبي هريرة. مقدمة المؤلف ٥ المسافة من الأفات المانعة والمفازات الشاسعةء والشعاب والأوديةء والعقبات المؤذيةء رأينا أن نرتب عليها قناطر لكي يمكن للسالكين عليها العبورء حتى تقضي بهم إن شاء الله تعالى إلى درجات السرورء وذلك أن الله سبحانه نقل بني آدم من أصلاب الرجال إلى بطون الأمهات› فخلقهم فيها خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث فأخرجهم / إلى الدنيا جهالاء فأحياهم بالعقول بلغاى ورجالا فامتازوا بالعقول عن البهائم» فصاروا من جملة العقلاءء وهم الملائكة الفضلاء فألزمهم عند كمال العقوؤل طريقة التكليف» وتقدم إليهم على ألسنة رسله بالإنذار والتخويف» وجعل لهم الأرض ذلولاء وفراشاء ونباتها معاشاء ليستقروا فيها بل ليتخذوها منزلء ويتزودوا منها زاداً وعملاً متحرزين من مصايدها ومعاطبهاء ويتحققوا أن الأعمار تسير بهم سير السفن بركبانهاء فهم في الدنيا سُفَار وبأعمالهم تجار فأول منازلهم المهد: وآخرها اللحدء والوطن الجنة أو النارء والعمر مسافة السفرء والسنون مراحلهء والشهور قطاع طريقه› والأيام أميالهء والأنفاس خطواته» والطاعة بضاعته» والأوقات رؤوس أموالهء والشهوات قطاع طريقهء وربحه الفوز بلقاء الله في دار النعيم المقيمء وخسرانه البعد من الله تعالى في دركات الجحيم والعذاب الأليمء وأن ما دون الجنة من قناطر جهنم والفزع الأكبرء إلى القبر الذي فيه هول المطلعء مفازة محفوفة بالأهوال الفظيعةء والأفزاع الهائلة الشنيعة: من صحف تنشرء ونار تزفر» وأعمال توزن» فترجح أو تخف» وقلوب تفزع وترجف» وعَقارب في القبر تلدع وحيات تلسع؛ وملائكة تختبرء وجوارح تنشر فتحقق بهذا الترتيب العجيب» أن البطون للخلق» والدنيا لهم مفازاتء وما بعد الموت» إلى الفراغء من الحساب أخطار مهولات. ثم إن الله سبحانه شرع ملة الإسلام طريقة سهلة حنيفية سمحةء ورتب فيها فرائض من التوحيدء والصلاةء والصومء والزكاةء والحجء وغير ذلك فكأنها قناطر مقنطرةء وحَرّم فيها أشياء من الشركء والظلمء والفواحش» والرياء والقذفء وغير ذلك مما يطول ذكره فكأنها للعبد صواعق مهلكةء وأمر عباده بقمع الشهواتء ودفع العلائق الشاغلة عن طاعته من / أصناف الخلق والهوى والنفس والدنيا فكأنها عقبات وأودية وشعَابٌّ ملتفة عائقة للعبد عن سلوك الطريق إلى الله تعالىء قاطعة له عن المسير وأمرهم بالاستعاذة به تعالى من الشياطين الموسوسة من الجن والإنس» فكأنها لصوص مسترقةء وعقبان مختلسةء وأوجب عليهم تطهير القلوب من مغارس الفواحش والذنوب: من الشكء والشرك وسخط المقدورء والغلء والحسد» والكبر» والرياء والغضب» والعداوةء والبغضاى رالطمع؛ء والبخل» والرغبةء والبذخ والأشر والبطر وتعظيم الأغنياءء والاستهانة بالفقراءء والمكرء والخداعء والخشء [٥/ أ[ ‎/[J‏ أ[ ‎ . مقدمة المؤلف وسوء الظنء والخيانةء والفخر» والخيلاءء والتنافس» والمهابات» والاستكبار عن الخلقء والأنفة عن قبول الحق؛ والعصبية والمداهنةء والعجب» وحب الرئاسة والاشتغال عن عيوب النفس بعيوب الناس» وزوال الحزن من القلبء وخروج الخشية منهء وشدة الانتصار للنفسء إذا تالها إذلالء وضعف الانتصار للحق» واتخاذ إخوان العلانية على عداوة السريرةء والأمن من مكر الله في سلب ما أعطواء والاتكال على الطاعةء وطول الأمل؛ والقساوةء والفظاظةء والفرح بالدنياء والأسف على فراقهاء والأنس بالمخلوقين» والوحشة لفراقهم› والجفاء› والطيش» والعجلةء وقلة الرحمةء والإأصرار على المعصية إلى غير ذلك. فهذه وأمثالها: كأنها سموم قاتلةء وإشراك لإبليس وخاتلهء وأمر بحفظ اللسان من الكذب» والغييةء والنميمةء والهمز والغمزء واللمزء والطعن في الدينء واللعن لمن لا يستحق» والشتم؛» والإزراى والقذف» وبهتان البريءء والحكم بغير ما أنزل اللهء وقول الزور› والنطق بالفحشاء والتغنيء والنياحةء والخوض فيما لا يعني وأشباء ذلك مما كان للأعمال نيران مشتعلة . [۷/ب] ونبّه عن التيقظء وأخذ الحذر من مكايد النفسء وغرور الشيطانء وتزكية / النفس والرضا عنها إلى غير ذلك مما كأنها حبائل غائلة للإنسانء وأمر ب شض البصر عن الحرام. وحفظ الفروج عن الزناء وصيانة النفس عن جميع ما لا يجوز التكلم بهء وحفظ البطن عن جميع ما لا يحل کله ولا شربه إلى غير ذلك من المناهيء وأمر بعمارة القلب» واللسان بذكره عز وجل؛ والصبر» والشكر والخوف» والرجاى والرضاء والزهدء والتقوى» والقناعة› ومعرفة مله تعالى في جميع الأحوال والإحسانء وحسن الظن واليقينء والمعرفةء وحسن المعاشرةء والصدق» والإأخلاص» والأمر بالمعروف» والنهي عن المنكرء والقول بالحق وأشباه ذلك : : من جميع الأفات المتقدمة وذكر الله تعالى فرائض الإسلام فقال: ولكن ار من اَن اله ايوم لاخر وَأَلمَلاَيِكَقِ لكاب وألَينَ. واتى اَلْمَالَ عَلى حه دوي اَلْقَرْييٰ› ايء وَلْمَسَايِ وَآَبْن السَّبيل ٠ والائين. وَفِي رقاب وا الصو وا تى الكو وَامُونُونَ همم ذا عَاهَدوا وَأَلصَابرينَ فِي باي وَالضّرَاي وَين ) الاس ولك اََذِينَ صَدَكُواء وليك هُمُ الْمُتقُو لمَُقُون». ثم ذكر المحارم فقال لبيه عليه الصلاة والسلام: قل َعَالوا أل ما حَرَم ربكم عَلَكُم (١) سورة البقرة الآية: ۱۷۷ . مقدمة المؤلف ۷ أن لا ركو به شا ودين خسان ولا تَفُلُوا ولاك من إلاق؛ تحن ررکم وََاهُمْ. ولا روا الفوَاحشَ تان ولا لوا لَفْسَ الي حرم الله إلا باحق 2ے كم وَصَاكُمْ به َعلَكُمْ َمِل ولا ربوا مال اليم إل بالتي هي أَحُسَنْ حى ب بلع أَشدَهُ وَأوْفُوا َكَل لمران اط لا نلف سا إلا وسْعَهُ ذا كم فََُدِلو و گان ذا ری وَعَهْدِ لله أَوَدُوا َلِكُمْ واكم به لَعلَكُمْ َذَكُرُونَ * وان هذا صرَاطي مُسّْقيماً فا فَانِعُوهُ وَل ‎A45‏ تَتعُوا الس »٩ . فأوجب على العبد امتثال أوامره الأول فالأول واجتناب محارمه / والسؤال عنها حتى [۸/آ] تعرف» وتجتنب› ولا تتمثل وحرضهم على كف الالسنة وتطهير الأفئدة لكي تصح الأعمالء ولا تبطل فقال تعالى : تمُا الله و ثُولوا قَولاً سديداً يُصْلِح كم أعْمَالكُم€” الآية. وقال: لا تيلوا صَدَفَايَكُم لمن وَالأَدَى€. وقال: يوم لا َع مال ولا بون * إلا من أتى الله بقلب ليم" . وقال: اوليك اين لم يرد الله أن يُطَهَر فلُوبه »°° الأية. وقال: إن الله يمو بأعَدْلِ والإخمان»” الآية. وقال: وَدَرُوا ظَاهرَ الثم وط4 الأية. وقال لنبيه عليه الصلاة والسلام: «فُل نَم حَرَم رَبي الفَواحش ما ظَهَرَ منها وَمَا بَطن€ . إلى قوله: ما لا َعْلمُونَ»”. فلما كان الأمر على ما وصفناء كان ينبغي لنا أن نرتب على طريق الإسلام قناطر كما قدمنا؛ ليسلك المسترشدون عليها ونهبىء لهم سلاحاً من العلم ليقاتلوا به وندلهم على عقاقير من الصبر ونظام النفس» والحلم» والقناعة إلى غير ذلك حتى يتجرعوا مرارة الدنيا بالزهد فيها. و (١) سوة الأنعام الأيات: ١١٠٠ ١١٠. (۲) سورة الأحزاب الأية: ٠۷. (۳) سورة البقرة الآية: ٤٦۲. (٤) سورة الشعراء الآيتان: 8۸ء ۸۹. (0) سورة المائدة الآية: ١£ . (1) سورة النحل الآية: ۹0. (۷) سورة الأنعام الأية: ١١۱. (۸) سورة الأعراف الآية: ۳۳. [۹/ب] ۸ مقدمة المؤلف وزقومهاء ونزعجهم بإزعاج الرجاء والشوق إلى الجنة ونعيمها إلى غير ذلك مما يطول به الكتات. ولهذا الخطر العظيمء والخطب الهائل الجسيمء شمر الموفقون عن ساق الجد والاجتهاد ودعوا بالكلية ملاذ النفس» واغتنموا بقايا الأعمار قبل أن يزعجوا عن هذه الدنياء جعلنا الله وإياكم من الموفقين لعلم دينه العالمين به إنه أرحم الراحمين . فصل في ترتيب قناطر الإسلام اعلم آنه سبحانه خلق ان آدم أطواراً في الأرحام؛ ونفخ فيه الروح» والشّمَء فمكث هناك مدة ليس له علم بشيء من الأمور إلا الحس؛ء به يستلذ» وبه يتألم» ۽ فلما خرج من بطن أمهء وجرت الحرك" في مفاصلهء أبصر وذاقء وشم وسمع وذلك قوله تعالى : الله غْرَجَكُمْ ِن بطُونِ هكم / لا تَعْلِمُونَ شيا . فقرن الله تعالى به المَلْكَ صاحب اليمين فيرشده ويسدده ويقويه ويؤيده› فعند تمام سبع سنين؛ رن به المّلك صاحب الشمال يلهمه؛ ويلقنه؛ ويعلمهء ويلسنه إلى تمام أربع عشرة سنةء فلما ظهر على الكلام استقبلته القياسات الخياليةء واختلطت له بالعقليةء فإذا نظر إلى السماء توهمها بساطاً أخضر نثرت عليه دنانير صفرء فلما قويت نفسه وبلغ حسّه ذهب الخيال هباء منثورء وبقي العقل أميراً مأموراً وهو معنی قوله تعالی: لولم ُعَمركُمُ ما کُر فيه من كر وجا ليزه . فتعين حينئلٍ عليه التكليف ووجب عليه معرفة خالقه الرحيم اللطيف» نظر بعقله الذي هو من حجج الله تعالى على المكلفين مع سائر حججه من الأنبياء والمرسلين وأصناف الخلق أجمعين» فتأمل فإذا الدنيا بين يديه كأنها مفازة مظلمةء وبالجهالة مدلهمةء فإذا فيها أصناف الحيوانات المؤذية قد استقبلته . فقال: لا يصح لي سلوك هذه المفازة الظلماء؛ إلا بمصباح نور يكون لي دليلا لأعرف ما آتيء وما أتقي فتستقبله هاهنا: (۱) سورة التحل الأية: ۷۸. (۲) سورة فاطر الآية: ۳۷. مقدمة المؤلف ۹ قنطرة العلم بخالقه وهي القنطرة الأولى ولن يصل إلى ذلك إلا بتنبيه مخبر أو إلهام ملهم يبعث عقله على التفكرء والبحثء والنظر فيتفكر في الدليل من خلق السموات والأرض وما فيهماء وما بينهما من خفض» ورفعء وجوهر؛ وعرض ویتفکر في اختلاف الليل والنهارء وما يجري به الدهر من الأكوان› والأحداث من الخير والشر والنفع ء والضر والشدّةء والرخاء› وغير ذلك . ويستدل بالصنعة على الصانع فيعلم يقيناً أن الصنعة لا بد لها من صانعء وأن الخلق لا بد له من خالقء ثم يمعن النظر في خلقه نفسهء وتسوية جوارحه» وما أفاض عليه الرب سبحانه من أصناف النعم من الحياة والعقل» والفهم› والسمع» والبصرء والشمء وغير / ذلك [1/10] مما لا يحصى كثرة من المعاني الشريفةء واللذات العجيبةء وما صرف عنه من أصناف المضار والأفات. فإذا أمعن النظر بعين البصيرة لا عين البصر عَلُِم أن لهذه الصنعة صانعاًء ولهذه النعمة منعماً حياً رزاقاً عالماً بأسرارء» وما يختلج في أفكاره قد وعد على شكر النعمة ثواباًء وعلى كفرانها عقاباً وأنه إن غفل عن شكره وخدمته أزال عنه تلك النعمةء وأذاقه البأس والنقمةء عاجلاً وآجلاً فيهتاج حيل لا محالة في قلبه خاطر الفزع الذي ينبهه عليه في عقلهء وتلزمه الحجةء وينقطع له العذر من أجله مع ساثر الحجج من كتاب الله ورسوله. فعند ذلك تستقبله : القنطرة الثانية وهي قنطرة الإيمان بهذا الصانع الخالق المنعم الرزاق» إنه خالقه ورازقه طلبه فوجده›» وعرفه بعد ما جهله فيؤمن به إيمانا يقينا بالقلب واللسان. ويدوم على ذلك إلى الممات» ويوحده توحيداً خالصاً يرى به الأمور كلها من الخيرء والشرء والنفع والضرء رؤية يقطع بها التفاته إلى الوسائطء والأسبابء وهذا التوحيدء والإيمان» والعلم هي العصا التي يضرب بها سيد السباع التي استقبلته حين أشرف على مفازة الدنيا المظلمة بالجهل فيقتلهء فتفترق عنه سائر الدواب المؤذية التي هي ما دون الشرك من الذنوب تحقيقاً لقوله تعالى : فل لِلَّذِينَ كَفَرُوا إن يهُا ْف لهم ما قَذ سَلف€”. (١) سورة الأنفال الآية: ٢۳. 0 مقدمة المؤلف فلما عرف العبد سيده› ووحده؛ وآمن به وعلمه بعد ما جهلهء تيقن أنه قد آوجب عليه خدمته وکلفه شکر نعمته› ولكنه لا يدري كيف یعبده؟ وماذا یلزمه من خدمته بظاهره وباطنه؟ [۱۱/ ]بعد حصول هذه المعرفة به / استقبلته : القنطرة الثالثة وهى قنطرة الصلاة مُقَدّم فرضها على الصيام في نزول الوحي أول الإسلام› لا في حالة التكليف والإلزام؛ دخول وقتها الإتيان بجميم وظائفها علماً وعملاً؛ لأنه لما عرف سيدهء وجب عليه أن يخضع فلا عبادة تجمع الخضوع › والخشوع › والابتهال إلى الله سبحانه » والتضرع إليه مثلها. فیجب على العيد الوقوف بين يدي سیده للخدمة بالطهارة الكاملة› والخشوع التامء فبذلك يحظى عند ويرضى عنهء فإذا واظب على الصلاةء أورثه ذلك لين الفؤادء وتمرين الجسد» وتذلل النفس إجلالاً لخالقهاء وانذلالاً لرازقهاء فإذا أتى بالصلاة راغباً راهباً استقبلته : القنطرة الرابعة وهي قنطرة الصوم عند حلول شهره؛ ووجوب فرضه» مقدماً فرضه في النزول على الزكاة أيضا؛ لأن النفوس على الأموال أشحء وفيما يتعلق بالأبدان أسمح وذلك الصلاة والصيام؛ لأن في إيجاب فرض الصيام حثاً على رحمة الفقراءء وإطعامهم» وسد جوعاتهم بما قد عاناه العبدء وقاساه من شدة المجاعة؛ ولأن الصوم يقهر النفس ويكسر شهوتها المستولية عليها. ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «معاشر الشباب من استطاع منكم الباءة فلیتزوج ء ومن لم يستطع فليصم فإِن الصوم له وجا . فوجب على العبد إحكام الصوم بجميع شروطهء وكف جوارحه عن المحرم عليه ظاهراً وباطنا؛ لأن المقصود من الصوم عند أهل التحقيق التخلق بخلق من أخلاق الملائكةء في [1/]] الكف عن الشهوات بحسب الإمكان؛ لأتهم متزهون / عن الشهوات والإنسان رتبته فوق رتبة البهائمء بقدرته بنور العقل على کسر شهوته ودون رتية الملائكة؛ لاستيلاء الشهوات عليه« وکونه متلا بمجاهدتهاء فكلما انهمك في الشهوات انحط في أسفل سافلين والتحق بأغمار )۱( هو حدیث صحیح ذکره البخاري ومسلم؛ والنسائي وا ماجحه وغیرهم؛ غير أنه ذکره بالمعنى لا بالنص . مقدمة المؤلف ١۱ البهائمء وكلما قمع الشهوات ارتفع إلى أعلى عليينء والتحق بأفق الملائكة المقربين إلى الله تعالى» قرب صفات لأقرب مكان. والذي يتشبه بأخلاقهم يقرب من الله بقربهہ ٩ فهذه حقيقة الصوم عند أهل التحقيقء فإِذا أتى العبد بفريضة الصوم على الكمال استقبلته : القنطرة الخامسة وهى قنطرة الزكاة كما ورد في الخبر: الزكاة قنطرة الإسلام قدّم الله تعالى فرضها على فرض الحج؛ لأن في الحج مع إنفاق المال سفراً شاقاء فكانت النفس إلى الزكاة أسرع إجابة منها إلى الحجء فکان في إيجابها مواساة للفقراءء ومعونة لذوي الحاحة تكفهم عن البغشاء› والتقاطع › وتبعٹهم على التوادء والتواصل مع ما في أدائها من تمرين النفس على السماحةء ومجانبة الشح المذموم؛ لأن السماحة تبعث على أداء الحقوق» والشح يصد عنها؛ لأن الله تعالى امتحن عباده حين ادّعوا محبتهء أن ينفقوا من أموالهم المحبوبة عندهمء فيكون ذلك تصديقاً لدعواهم» ولذلك قال: لن تَتَلوا أل حى تُِقُوا مما نحو فاستنزالهم عن المال الذي هو معشوقهم وعن النفس التي هي غاية محبوبهم› فقال تعالى : إن الله أَشْهَ شتَریٰ من ومين ْفُسَهَمْ وَأَمُوَالهُم› بن َه بت4 . وذلك بالجهاتء وهو مسامحة النفس بالمهجة شوقاً إلى لقاء الله تعالىء ء المسا بالمال أهون. فإذا أخرج العبد من ماله فريضة الزكاة بكمال حقوقها إلى المستحقين لها استقبلته : القنطرة السادسة وهي قنطرة / الحجح فرضه بعد استقرار فرائض الأبدانء وفرائض الأموال ليكون استئناسهم بكل واحد من النوعين (١) حديث ضعيف أطرافه عند: ابن عدي في الكمال (٤/ ٤١٤۱)؛ ابن الجوزي في العلل المتناهية (۲/ 7)› المنذري في الترغيب والترهيب (۱۷/۱٥)ء والعجلوني في كشف الخفا (٠/٠03)› والمتقى الهند في كنز العمال (۸١۷١۱). ۱ () سورة آل عمران الآية: ۹۲. (۳) سورة التوبة الآية: ١١٠. [۱۳/ب] [٤۱/ أ[ ۱۲ مقدمة المؤلف تذكيراً لسفر الأخرةء في مفارقة المالء والأهلء وخضوع العزيز» والذليل في الوقوف بالحشر بين يديهء واجتماع المطيع والعاصي في الرهبة منهء والرغبة إليهء وإقلاع أهل المعاصي عما اجترحوه» وندم المذنبين على ما قدمو لأنه قل من حبّء وأحدث توبة من ذنب» وإقلاعاً من معصية. فإذا أدى العبد فريضة الحج على الكمالء خرج من ذنوبە› كيوم ولدته أمه . فهذه الخمس قناطر: قواعد الإأسلام كما صح في الخبر: «بني الإأسلام على خمس . 7 الحديث. وهي أصل العبادةء والإتيان بهن على الكمالء علامة السعادةء فلسنا نتعرض هاهنا لذكر قنطرة الجهاد؛ لأنه من فروض الكفاية داخل في فريضة الأمر بالمعروف» والنهي عن المنكر على قدر درجاته الثلاث . وهذه الفرائض الخمس أصلهاء وأساسها الذي تبنى عليه هو: التوحيدء والإيمانء والإخلاص؛ لأنه لا تصح العبادة إلا بالإيمان› ولا يصحان إلا بالعلم» ولا يصح العلم إلا بالطلب» ولا يصح الطلب إلا بالارادةء ولا تصح الإرادة إلا بباعث يبعث عليهاء والباعث هو الرغبة في ثواب اللهء والرهبة من عذابهء ولا يصح ذلك إلا بالوعد والوعيدء ولا يصحان إلا بالشرع» ولا يصح الشرع إلا بصدق الرسول عليه السلام» وصدق الرسول يصح بالمعجزة؛ لأن ظهور المعجزة إنما هو بإذن الله سبحانه وتعالى مالك الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين . فصل فلما استكمل العبد هذه الفرائض» وتحقق له الطريق كما وصفناء انبعث قلبه ليتجرد للعبادة؛ فنظر فإذا هو صاحب ذنوب وتبعات. فيقول: / كيف أقيل على العبادة وأنا مُصِرٌّ على المخالفة والمعاندة؟ فيجب عَليَ أولا: أن أتوب إلى الله تعالی ؛ ليطهرني من أقذار الذنوب فأصلح لخدمة علام الغيوب› فتستقبله هاهنا : قنطرة التوبة وهي القنطرة السابعة فيحتاج لا محالة إلى قطعها ليصل إلى المقصود من العبادة› فيأخذ في ذلك بإقامة التوبة )۱( حدیثٹ صحيح رواه البخاري (۹/۱) ومسلم في الصحيح (الإيمان ٠ ا۲( والترمذي في الجامع الصحيح (٠۲1)› أحمد بن حنبل في المسند (۲/٦۲)› والبيهقي في السنن (۸/۱٥۳). مقدمة المؤلف ۱۳ في حقوقها وشروطهاء إلى أن قطعها بجميع وظائفها كما سيأتي ‏ إِن شاء الله تعالی - فلما فرغ من هذه القنطرة حَنّ إلى العبادة ليأخذ فيهاء فنظر فإذا حوله عوائق محدقة بهء كل واحدة منهن تعوقه عما قصد من العبادةء وتشغله بضرب من الشواغل فتستقبله هاهنا : فنطرة العوائق فتامل فإذا هي أربع: إحداهن : (قنطرة الدنيا) المتعلقة به فيحتاج إلى قطعها بالتجرد عنها والزهد فيها؛ لأن الدنيا والاخرة ضرتان› إن أسخط” إحداهما أرضى الأخرىء وإنهما كالمشرقء والمغربء بقدر ما يميل إلى إحداهما يعرض عن الأخرى» ويبعد عنها فاحتاج إلى قطعها بالزهد فيهاء والتجرد عنها إل قدر الزادء فلا بد له منه كما سیأتی - إن شاء الله تعالی ۔. (الثانية قنطرة الخلق) أهل الرغبة والبطالةء وأهل الشر والجهالةء فيحتاج إلى قطعها بالتفرد عنهم» والهرب من لقائهم إِنْ عب البلاء أو خشي هلاك دينه أو يعتزل أعمالهم بقلبه وفعله . ويحضر الجماعة والجمعة معهم › ويوفيهم حقوقهم من صلة وزيارة وحضور میت کما سيأتي - إن شاء الله تعالی -. (الثالثة قنطرة الشيطان) فيحتاج إلى قطعها بالقهرء والمحاربةء والاستعاذة بالل مته والمخالفة له؛ لأنه عدو ولا مطمع فيه لمصالحة وإبقاء؛ لأنه لا يقنعه إلا إهلاك العبد أصلا فلا وجه إلى الأمن من (الرابعة قنطرة النفس) وهي أعدا / الأعداء وأشدها على العبد ٳذ هي بين جنبيه» ولا يمكنه التجرد عنها مرة [١٠/ب] لأنها المطيةء ولا مطمع أيضاً في موافقتها على ما يقصده من الإقبال على العبادةء إذ هي مجبولة على ضد الخير أمَارة بالسوء والشرء فاحتاج إلى أن يلجمها بلجام التقوى لتبقى له فلا تنقطع وتنقاد له فلا تطغى فيستعملها في المصالح › والرشاد ويمنعها عن المهالكء والفساد. )۱( في الأصل: سخط. وقد سقطت الألف من أول الكلمة سهواً من الناسخ . ٤۱ مقدمة المؤلف فيأحذ في قطع هذه القنطرة بالسياسةء والاعتدال فيقمع من شهوات النفس ما خرج عن طاعة الشرع والعقل؛ ويترك لها ما لا يخرج من الشرع» والعقلء فلا يترك لكل شهوة ولا يتبع كل شهوةء فلما فرغ من هذه القنطرة وقطعها بحسن عونه وتوفيقهء رجع إلى العبادة فنظرء فإذا عوارض تعترضه عن العبادة› وتشغله عنها كما ينبغي فتستقبله هاهنا : (قنطرة العوارض) فتأمل فإذا هي أربعة : أحدها الرزق : تطلبه النفس بهء ويقول لا بد لي من رزق وقوام وقد تجردت عن الدنياء وتفردت عن الخلق فمن أين يكون قوامي ورزقي؟ الثاني الأخطار : من شيء تخافه وترجوه أو تریده أو تکرهه؛ ولا يدرى الصلاح في ذلك من الفسادء فإن عواقب الأمور مبهمة؛ لأنه ريما يقع في فساد أو مهلكة . الثالث الشدائد والمصائب: تنصب عليه من كل جانب» لا سيما وقد انتصب لمخالفة الخلقء ومحاربة الشيطانء ومجاهدة النفس» فكم من غصَّةٍ يتجرعهاء وكم من شدة تستقبله› وكم من هم وحزن يتعرضه وكم من مصيبة تتلقاه. الرابع القضاء: من الله سبحانه بالخلقء والأمر يرد عليه حالاً فحالء والنفس تسارع السخطء وتبادر الفتنةء فيحتاج إلى قطع قنطرة هذه العوارض الأربعة بأربعة أشياء : 0 3 بالتوكل على الله سبحانه في موضع الرزق» وبتفويض / الأمور إليه في موضع الأخطار وبالصبر عند نزول الشدائد وبالرضا عند نزول القضاء . فلما قطع هذه القنطرة بما ذكرنا - بإذن الله وحسن عونه - رجع إلى العبادة فتطر» فإذا النفس فاترة كسلا لا تتشطء ولا تنبعث للخير والعبادة كما يجب وينبغي» وإنما ميلها أبداً إلى غفلة وراحة وبطالةء بل إلى شر وفضول وبلية وجهالةء فاحتاج معها هاهنا إلى سائق يسوقها إلى الخير والطاعة وينشطها لهء وإلى زاجر يزجرها عن الشر والمعصيةء ويفترها عنهء وهما الرجاء في ثواب الله تعالىء والخوف من عذابهء مع توابعهما من الحذر والإشفاق والشوق›ء والمحبة فتستقبله هاهنا : قنطرة البواعث فاحتاج إلى قطعها بالخوف› والرجاء كما قدمنا فلما قطعها بحسن عون الله تعالی › وتأیینه رجع إلى العبادة و فتستقله ھاهنا : مقدمة المؤلف ٥۱ قنطرة العبادة بالكمال فيعانقها بالشوق والاجتهاد إذ لم ير شيئاً شاغلاً ولا عائقاًء ووجد باعثاً وداعياً فنشط في العبادةء وإقامتها بتمام الرغبة فيها. نظر فإذا [هي] تبدو لهذه العبادة التي احتمل فيها كل ذلك آفتان عظيمتان وهما: الرياءء والعجب . تارة يرائي الناس بطاعة الله فيفسدهاء وتارة يمتنع من ذلك» ويلزم من نفسه فيعجب بھاء ويحبط العبادة عليهاء ويتلفهاء فاستقبلته هاهنا : قنطرة القوادح في الأعمال المبطلة لهاء فاحتاج إلى قطعها بذكر المنةء والإخلاص» ونحو ذلك ليسلم له ما يعمل من خير وعبادة» فلما قطعها بجد واحتياطء وحسن عصمة الل وتأییدهء فلما فرغ من هذا كله حصلت العبادةء وسلمت من كل آفة. ولكنه نظر فإذا هو غريق في بحور منن الله تعالىء وكثرة أياديه من إمداد التوفيقء والعصمةء وأنواع التأييد› والحراسة فخاف أن يكون منه إغفال / للشكرء فيقع في الكفران فتزول عنه تلك النعم الكريمةء من أنواع ألطاف الله تعالىء وحسن نظره» فتستقبله هاهنا: قنطرة الحمد والشكر على كثير نعمة الله تعالى» فلما فرغ من هذه القنطرة نزل فإذا هو بمقصوده من العبادة بين يديهء فلم يسر إلا قليلً حتى وقع بميدان الأنس والرضى وبساتين المحبة واللقاءء وصحراء الشوقء وعرصات المعرفةء ومجلس المناجاة فارتفع هاهنا على بساط فنطرة المناجاة فهو ينعم في لذة العباداتء ويساط المجاهدات أيام حياته وبقية عمره تارة يتنعم بلذة الشوق والمحبةء ويتلذذ بحلاوة الرجاءء والطمع» وتارة يتقيض بخوف الخاتمة . فبينما هو يبادر الموت راغباء راهباء ويتوقع القدوم على الله تعالى آمناً مطمئناً فيكابد هاهنا : قنطرة خوف الخاتمة قال: فبينما العبد يجتهد في الدعاء والتضرعء وينعم في المجاهدةء والتخشع ويبادر () ما بين المعقوفين يقتضيه السياق. (۱۷/ب] [Î /۱۸] 1۹ مقدمة المؤلف الخاتمة بالخوف» والقلقء خائفاً من حرقة الطرد والإهانة ووحشة البعد والضلالةء ومرارة العزل» والإزالةء وقد خلّف جملة القناطر وانشرح له القلب بالعلوم والبصائرء وقد طهره سبحانه من الأوزار» والكبائر وسبق العوائق الشاغلةء ودفع عن نفسه العوارض المانعةء وظفر بالبواعث والزواجر وسلم من القوادح المبطلة فبينما هو كذلك إذ أشرف على: قنطرة الموت بشخص في الدثيا وأرضیء وقلب في العقبى سماوي › وقد استقذر الدنياء وحن إلى الملك الأعلى واستنبط البريدء واشتاق إلى اللقاء. فبينما هو كذلك إذا برسل رب العالمين قد وردوا عليه بالروح والريحانء والبشرى والرضوان من عند رب راض غیر غضبان فتلقاء / في طيبة النفس وتمام البشرى» والأنس من هذه الدار الفانية المفنية إلى الحضرة الإلهية والجنة العاليةء فيكون القبر له روضة من رياض الجنةء ويوّفق بالصواب عند امتحان الملكين إياه بالسؤال والفتنة . 4 ويعرض روحه على مقعده من الجنة في كل غدوة وعشيةء فإذا بعث من قبره» حمل على نجائب الكرامة آمناً من الفزع الأكبرء وأهوال يوم القيامةء ويكون وجهه كالقمر ليلة التمام مع ما يلقى من البر والإكرام. ويأخذ بيمينه صحيفة العملء ويكسى من فاخر الحلىء والحلل ويحاسب حساباً يسيراً. وينقلب إلى أهله مسرورء ويجوز قناطر جهنم بنور ساطع على ذلك الظلام المدلهم. ويساق إلى الجنة محبوراء ويسقيه الرب سبحانه شراباً طهوراً في ملك كبيرء ونعيم خطير مجاوراً للرحمن» في رياض تلك الجنان مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في مقعد صدق عند مليك مقتدر فيا لها من سعادة ما أعظمهاء وكرامة ما أدومها. فنسأل الله البر الرحيم» المنعم الكريم أن يمن علينا وعليكم معشر اللإخوان بهذه الطريقة المستقيمة حتى يوصلنا بها إلى هذه الكرامة العظيمة والنعمة الجسيمةء وأن لا يجعلنا من الذين لا نصيب لهم في هذا السعي المشكور والجزاء الموفور إل وصفاً وسماعاء وتمنياً لا انتفاعاء وإليه نرغب أن لا يجعل ما تعلمنا حجة عليناء وإياه نسأل أن يوفقنا جميعاً للعلم والعمل كما يحب ويرضى إنه أرحم الراحمينء وأكرم الأكرمين . مقدمة المؤلف ۱۷ فصل ثم اعلم بالتحقيق أنه ليس هذا الطريق في طوله وقصرهء وقناطره المرتبة عليه مثل المسافات التي تسلكها الأنفس فتقطعها / . بأقدام الأجسام فيقطع قطعها على حسب قوة [۱۹/ب! الأجسام وضعفها. أصله نور سماوي» ونظر إِلهيّ يقع في قلب من سبقت له من الله العناية الأزلية فينظر العبد نظرة فيرى بها أمر الدارين بالحقيقة . ثم هذا النور بما يطلبه العبد مائة سنة فلا يجده ويبقى في القنطرة الواحدة سبعين سنة ولا يقطعهاء فكم يصيح ويصرخ ما أظلم هذا الطريق وأشكله؟! وأعسر هذا الأمر وأعظمه؟! وذلك لخطأه في الطلب› وتقصیره في الاجتهات› وجهله للطريق› وآخر يجده في خمسین › وآخر في عشرین» وآخر في يوم واحدء وآخر في ساعة ولحظةء على ما فسُم له من عناية رب العزة وتوفيقهء ألا ترى إلى أصحاب الكهف كان مدتهم في هذا الطريق خطرة؛ إِذ رأوا التغبير في وجه ملكهم دقيانوس على ما حكي في الخبر ‏ فقالوا: رَبنَا رَبٌ أَلسّمَّلواتِ وَالأرْض4. وكذلك سحرة فرعون ما كانت مدتهم إلا لحظة حين رأوا معجزة موسى - عليه الصلاة والسلام - قالوا: امَبنَا برب ألعَالمِينَ * رَبٌ هُوسَىٰ وََارُونَ»” الايةء فأبصروا الطريق في ساعة أو أقلء فصاروا من العارفين بالله الراضين بقضائهء الصابرين على بلائه . فإن قلت : فلم اختص ھؤلاء بالتوفيق وحرم غیرهم ؛ وهم جميعاً مشترکون في ريقه العبودية فاعلم أنه لا يسأل عما يفعل وهم يسئلون. لكن العبد مأمور بالاجتهاد والأمر مقسم› والحكم والعدل يفعل ما يشاءى فنسأل الله تعالى أن لا يحرمنا ذلك بمنّه وكرمه. فصل ومثال هذا الطريق في الدنيا قناطر الصراط في الاخرة في عقباتها / ومقاطعها وهما [٠۲/ب] صراطانء صراط الدنيا وصراط الأخرة. (١) سورة الكهف الآية: ١٠. (۲) سورة الأعراف الأيتان: ١١۱ ١١۱ . ۸ مقدمة المؤلف صراط الدنيا: للقلوب» يرى أحوالها أهل البصائر . وصراط الأخرة: للأنفس» يرى أحوالها أهل الأبصارء فاختلفت أحوال السالكين في الأخرة لاختلاف أحوالهم في الدنياء وبالله التوفيق. فصل م الم ييا أن من سبق له ِن الله الى توفي اودع قَلَبَهُ نور الهداية عَلى النَحْقِيقِ› حى عَرفَ فضِيلة أَزْض نفس وَرَرقه الْعَاَةَ لخدمتهاء حتى ينظر إليها فيراها أرضاً أريضة ذات مياه نابعةء وأشجار فارعةء وأثمار يانعةء وظل ظليلء ونسيم عليل؛ ويفتش في غياظي شعارهاء فيجدها مأوى لأسد الغفضبء» ونمور الجهل؛ وذثاب الغدر» وخنازير الشّرَهء وكلاب الحرس› وضباع الحمق› وحيّات الظلم› وعقارب الحسد. فإذا تحقق ذلك منهاء فليبتهل إلى الله تعالى بقلب منيب أن يرزقه مجاهدة هذه الأفات المؤذيةء حتى ينقي أرض نفسه منها بالمجاهدة الحقيقيةء ويزرع فيها أصناف رياحين الأخلاق المرضيةء فإن الله سبحانه مرجو أن يهب له مطية التوفيق حتى يقطع بها هذا الطريقء وهذه المطية لها أربعة قوائم من غير لحم ولا عظمء فإن قلت: اشرح لي قوائم المطية. قلت: فهل ينفعك الاشتياق وأنت غير مسارع إلى اللحاق؟! ولكن سأشرحها لك : فالقائمة الأولى: ذكر الله تعالى على الدوام بلا ملل . والثانية: تعلق القلب بما في كل حين وزمان. والثالثة : صرف الهمة إليه اشتياقاً. والرابعة: اشتغال القلب به عن كل شيء سواه . واعلم أن بصر المطية من: العلم» والمعرفةء وأذنها من المراقبةء وظهرها من التوكلء 1/۲۱( وعنقها من الوفاءء وقلبها من الصدق مكلل / بالإخلاص» ولجامها من الهيبةء وروحها من اليقين» وطعامها من الانس» وقائدها التوفيقء وسائقها العون والتأييدء تصديقاً لقوله تعالى : لِوَالْذِينَ جَامَدُوا فيا لَهْدِيََهُمْ سلتا وطرق التوفيق إلى الله تعالى كثيرة لا تحصى» والمطايا كذلك. (١) سورة العنكبوت الأية: 1۹. مقدمة المؤلف 1۹ ولكن هذه مطية مَنْ سَلكَ أقرب طرق التوفيق إلى الله تعالى» فيقطعها في لحظةء وذلك بأن يجعل ما في الوجود في خطوة واحدةء وهذه المطية هي الغاية القصوى؛ وما سواها من المطايا تبع لهاء إليها ينتهي عمل العاملين» وبفنائها تناخ مطايا العارفينء وحواليها يكون طواف الروحانيين» وبأدبها يتأدب الصديقون» وما سواها من مطايا الأولياء وطرقهم تبع لهذه المطية ولهذا الطريق. واعلم أن هذه المطية في طرق مفازة القناطر المعمورة باللصوص والعاهات» وفيها تقع معارك الحروب فيكثر فيها ملاحم القتال . فسلوا أيها الإخوان الموفون للطريق - رحمكم الله تعالى - سيوف المجاهدة؟ وانشروا ألوية المراقبةء واركزوا رايات التفقدء والمحاسبة ولكن لا يقطع هذه المفازة بالكمال حتى يصل إلى هذه المطية إلا مَنْ رزقه الله تعالى من التوفيق ما يخلص به أثير الهباء من الهواء› ولطيف الهواء من الماء مع عصمة الله تعالى وإمداده إياء بقوة اليقين» حتى لا يرى في الوجود إلا الله تعالىء وأفعاله من أبطال العارفينء وشجعان الروحانيينء وسياس الصديقين› ولكن من كان التوفيق قائده» والتيسير دليله فما أسرع إلى كل خير وصوله. فاجتهدوا - رحمكم الله تعالى - في أخذ حظكم من مولاكم» عسى أن يهدیکم لرکوب هذه المطايا الحسان ويوصلكم عليها بلطفه دار الأمان والرضوان / وتناصحوا فيما بينكم؛ ولا [۲۲/ب] تتركوا حب الدنيا يغلق أقفال قلوبكم؛ فإنه شر محبوب» وأخطر مطلوب» جعلنا الله وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه. فصل دعاني - رحمكم الله تعالى - إلى تمثيل الدنيا بالمفازةء وتمثيل الشريعة بالطريق فيهاء وتمثيل الفرائض بالقناطر مرتبة موضوعة عليهاء وتمثيل أعمالها بالمطايا؛ لآني وجدت ضرب الأمثال يرشق القلوب بسهام الموعظةء رشقاً لا يليق بغيرها؛ ولأن ذلك أبلغ في تقريب المعاني إلى العقولء كقوله عليه الصلاة والسلام فيما روي عنه أنه قال: «العلم خليل المؤمنء والحلم وزير والعقل دليله› والعمل قائدهء والرفق والدهء والبر أخوهء والصبر أمير جنوده». (۱) أخرجه | نی تاریش جرجان صر ۳۱۲. سهمي في تاريخ جرجان صن قناطر الخيرات ج/ ٠ م/۳ 7 مقدمة المؤلف وقال بعض السلف: سألت راهباً فقلت له: ما الدنيا؟ قال: خلق كخلق المرأةء رأسها الكبر» ووجهها الفرحء وعيناها السهوء ولسانها الغدرء وأذناها النسيانء ونفسها العلوء وقلبها الطمعء ويطتها الحرص؛» ورجلاها الحسدء وعتقها الحزنء وظهرها الإياس من الله تعالى› وزينتها الشهوات» فهذه صفة دنياكم التي عليها تتشاجرون. فاحذروهاء وقال الله سبحانه: َلك الأَمتال تضربها لاس وما يَعْقلْها إلا اَْعَالم 9 ويلك الأمثال نضربها للنَاس؛ وَمَا يَعْقِلهَا إلا العَالِمُون ٠. وفي كتاب الله تعالى من الأمثال ما يستغرق الوصف والله المستعان . فصل فإن قال قائل: إِذا كان الأمر على ما وصفت والطريق على ما مثلت لقد قل من الناس العابد لهذا الرب المعبودء والواصل إلى هذا المقصود. فمن ذا الذي يقوى على هذه المؤنء وحصّل هذه الشرائط؟ فاعلم أن الله سبحانه يقول: «وَلقَدٌ صَدَقَ عَليهِمْ اليس عَت فَاَيعُوهُ إلا قريقاً ِن ممن" . وقال: «وَقَليل من عبادي الشَكُور€. وقال: إلا لين منوا وَعَمِلُوا أَلصَالِحَات وَقليلْ ما ش»”. 0 ثم قال: «وَلكِن اتر / الاس لا يَعْلَمُونَ€°. ولا يَشْكُرون4. وللا يَعْقلُوَ€› ولا يََفَكُرُونَ» في أمثال هذه الايات . ثم إن ذلك يسير على من يسره الله تعالی عليه وصفی قلبه› ونوره فعلى العبد الاجتهاد وعلى الله سبحانه الهداية» قال الله تعالى : وَين جَامَدُوا يا لَهدِبَتهُمْ ش4" . فإذا کان العبد الضعيف يقوم بما عليه من التكليف فما ظنك بالرب القادر العلى الكبير اللطيف؟! () سورة العنكبوت الآية: 4۳ . (۲) سورة سب الآية: ٢٠. (۳) سورة سب الآية: ۱۳. (4) سورة صل الآية: ٢۲. (0) سورة يوسف الأية: 4°. (١) سورة العنكبوت الآية: 1۹. مقدمة المؤلف ۲ والشأن كله يرجع إلى أصل واحد وهو : الكلمة السابقة في الأزل بالتوفيق والسعادة ولا يدرك ذلك باجتهاد وتكليف» ولكن بقسمة أزلية وهبة واهب: لا يسل عَمًا يَفَعَل وم يلوگ ولیست هذه الهة بالأتساب ولا بالأحساب . ألا ترى إلى لقمان الحكيم - قيل إنه عبد مملوك نوبى - أعطاه الله من الحكمة ما طبق الأفاق» واشتهر في الأقطار» حتى أنزل ذلك في القرآن . وكذلك غيره ممن يطول ذكره رجالا ونساء مثل: تجينة المعتوقة"ء وغزالة الأمة ۱ لمجلوبة من السودان أما تجينة : فإنها كانت تصلي في مصلى أبي عبيدة الجناوني - رحمه الله تعالى - فقصدها أبو الخير الزواغي فرأى ضوعاً ساطعاء وأشباه رجال خلفها أو دائرین بها فشرب عندها من إناءِ لبناً ثم توضاً من ذلك الإناء ماء في حالته تلك . وأما غزالة: فهي صاحبة كهف وادي الزير فيما قيل إِذا نوّمت مواليها في بلد وبقوا حضرت المجلس في تونزيرف» فتأتي كهفها آخر الليل فتجد فيه مصباحين يَقّدان فلما اعتقت انطفى مصباح واحد وبقي آخر(٩. والله تعالى نسأل الله البر الرحيم أن يمن علينا وعليكم بالتوفيق . فصل اعلموا - رحمكم الله تعالى - أني تفكرت في أحوال أسلافنا - رحمهم الله تعالى - فوجدتهم أهل بصائر ومعرفة بالدين وأهل تواضع وخشية في قوة يقين مع ما منحهم الله من سلامة للصدور / من كل غائلةٍ واجتهادٍ في العبادة بتصديق الورع عن كل شبهةء فبذلوا في إحياء دين الله تعالى أموالهم› وأهرقوا فيه دماءهم› فأصبحوا وقد اقفرت منهم الديارء ولم يبق إلا ذكرهم في المجالس والأقطار» فاثارهم مذكورة وسيرهم في الأسفار مشهورةء فخلف من بعدهم خلف رضوا بالدنيا عوضاً عن الأخرة. عليها يتكالبونء وبها يتواصلون» ومن أجلها يتوالون ويتعادونء استعبدتهم الدنيا () سورة الأنبياء الآية: ۲۳. () كذا في المخطوطء وفي أعلام النساء عن صفوة الصفوة: تحية النوبية (١/ ۷١۱). (۳) لا يخفى على ذي بصيرة ما فى القصة من المبالغة والمخالفة . (8) في الأصل: صباحين وقد سقطت الميم سهواً من الناسخ . () القول في هذه القصة كالقول على سابقتها. [٢٤۲/ب] [٥۲/ 1[ ۲۲ مقدمة المؤلف فأذلتهم› والأماني فأضلتهم› فيا ليتهم اكتسبوها من أبوابهاء وأكلوها من أسبابهاء ولكنهم أخذوها عوضاً عن الدين» وثمناً بخساً لسير أشياخنا الأولين . استحوذ على أكثرهم الشيطان» واستغواهم الطغيانء فأصبح كل يعاجل حظه مشغوفاء فصار المنكر من أجل ذلك عندهم معروفاًء حتى ضاعت حدود الدين» وامحت آثار السلف والصالحين › فأصبح منار الدين مندرسا وصار الهدى في أقطار الأرض منطمساء ولقد خیلوا للخلق الأعلم الإفتواء حكومة يستدرج بها العوام» إذا لم يروا ما سواها مصيدة للحرام وشبكة للحطام. وأما علم طريق الأخرةء وما درج عليه السلف الصالح مما سما الله تعالى في كتابه علماً وفقهاً وحكمة ونوراً وهداية ورشداء فقد أصبح بين الخلق مطوّياً وصار نسياً منسياً . ثم إنى نظرت في کتاتب الله تعالی وسنة به عليه الصلاة والسلام› وما دونه السلف الصالح ‏ رحمهم الله تعالى - من الأثار» والسير في الدفاتر والأسفار فوجدت في ذلك علماً اتضح عندي برهانه وحففته › وأيقنت بالفوز والنجاة لمن انتحله وعمل به وهو العلم بحدود التقوى من الورع عن محارم الله عز وجل والقيام بحدودهء وتصفية القوت والقلوب من مکارهه . فرأيت انتحال ذلك» والعمل بحدوده واجباً على والحجة العظمى قائمة من أجله علي وعلى جميع من فهمه إذا كان ذلك / دين الله القوي والحق المبين» وعليه مضى أسلافنا وسائر المتقين . ثم إني نظرت في أحوال دهرناء فرأيته دهراً مستصعباً تبدلت فيه شرائع الإيمان› وانتقضت فيه عرى الإسلام» واندرست فيه حدود الدين بالكليةء ورأيت فتناً متراكبة يحار فيها اللبيبء ودیناً مندرساً لا داع إله ولا مجیب › وقد عميت عن الأخرة بصائرناء وامتلاأت بحب الدنيا ضمائرناء فخشيت الانسلاخ من الأمر كلهء فرأيت التمسك بالقليل خير من ذهاب الجميع وإن كان لا عذر لأحد في تضييع شيء من أوامر الله تعالی» ولا ارتکاب شيء من مناهیه ولکن سداد من عوز؛ لأنه بلغنا عن رسول الله َو [أنه ]۱ قال لأصحابه: «سيأتي بعدكم قوم» إن تَمَسٌکوا بعشر ما آنتم عليه نجوا». فدعاني ما ذكرت إلى تأليف كتاب اشرح فيه - إن شاء الله تعالى - بعض شرائع الدين» () كلمة يقتضيها السياف. مقدمة المؤلف ۲۳ وأبيّن فيه بعض مناهيه لعل الله تعالى يجعله تذكرة لنفسي ولمن نظر فيه من أبناء جنسي وغيرهم من الناس»ء وسميته: «قناطر الخيرات»؛ فالله سبحانه وتعالى أسأله التوفيق في القول والعمل والعصمة من الخطاً والزلل . وهذا الكتاب يحتوي على سبعة عشر قنطرة اشرحها ‏ إن شاء الله تعالى - بالتمام . الأولى قنطرة العلم: وهي تحتوي على مقدمة في بيان العقل وعشرة أبواب في تفصيل العلم : الأول: في بيان فضله . الثاني : في فضل التعلم والتعليم . الثالث: فى فرض العين . الرابع : في فرض الكفاية . الخامس: في بيان حد الفقه والكلام في علم الدين وبيان علم الاخرة من علم الدنيا السادس: في طرق العلم وتقاسيمه. السابع : في أدب المتعلم والعالم . الثامن: في آفات العلم والعلماء . التاسع : في بيان جنس العلم المذموم وأسماء / العلم المحمود. [٦۲/ب] العاشر: في العلامات المميزة بين علماء الدنيا والآخرة. وسائر القناطر تأتي على الترتيب. المتقدم - إن شاء الله تعالى إلى آخر قنطرة فيكون آخرها صفة الجنة والنار. وهذه الأبواب تشتمل على فصول ستأتى فيما بعد إن شاء الله تعالى - ونحن الان مبتدئون ‏ ِن شاء الله تعالى - في أبواب العلم وتفاصيلهاء اعلم أنه قد قدمنا أولا انا ستشرع في بيان مقدمة العقل قبل أبواب العلم . فصل في فضل العقل وشرفه وحقيقته وأقسامه وإنما قدمنا بيان العقل على تفصيل أبواب العلم؛ لأن العقل آلة لدرك العلوم وأس الفضائلء وينبوع للآداب وأصل للتكليف» وعماد للدنيا فالعلم يجري منه مجرى الثمر من الشجر» والنور من الشمس» والرۋية من العين. وشرف العقل مدرك بالضرورة وكيف لا يشرّف ما هو وسيلة إلى السعادة في الدنيا والاخرة. [1/۲۷] ٢Y‏ مقدمة المؤلف وروي عن أبي سعيد الخدري عن النبي يَأ أنه قال: «لكل شيء دعامةء ودعامة المؤمن عقلهء فبقدر عقله تكون عبادته ٩ . أما سمعتم قول الفجار : لر كنا نسم أو ؤ عق ما كنا في أضحَاب لمعي رڳ" . وعن أنس قال: كثرت المسائل يوماً على رسول الله ي فقال : «أيها الناس إن لكل شيء مطيةء وأحسنكم دلالة ومعرفة بالمحجة أفضلكم عقل”. وعن أبي هريرة قال: لما رجع رسول الله يي من غزوة أحدء سمع الناس يقولون: کان فلان أشجع من فلان؛ وفلان آبلی ما لم يبل غيرهء ونحو هذا فقال يَوٍ: «أما هذا فلا علم لکم به». قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ فقال عليه السلام: «إنهم قاتلوا على قدر ما قسم الله لهم . من العقل. فكانت نصرتهم ونياتهم / على قدر عقولهم؛ فأصیب منهم من آصیب على منازل شتى» فإذا كان يوم القيامة اقتسموا المنازل على قدر نياتهم وقدر عقولهم»*. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أصل الرجل عقله؛ وحسبه دينه . وعن الحسن البصري قال: ما استودع الله أحداً عقلاّ إلا استنقذه به يوماً ما. وعن البراء بن عازب عن النبي يي أنه قال: «جد الملائكةء واجتهدوا في طاعة الله سبحانه بالعقل » وجًَد المؤمنون من بني آدم على قدر عقولهم» فأعملهم بطاعة الله عز وجل أوفرهم علا . قال : ل قلت : وفي الأخرة؟ قال: تبالعقل». قلت : قت ا يجزون مه فقال يَلْوٍ: «يا عائشة وهل عملوا إلا قر ما أعطافم لله عز وجل من المقل؟ فيقدر ما أعطوا من العقل كانت أعمالهم» وبقدر ما عملوا يجزون٩. () أطراف الحديث عند: ابن عدي في الكامل (۳۱۹/۱)ء العجلوني في كشف الخفا (۳۰۱/۲)› ابن حجر في المطالب (٤۷٢۲)» والمتقى في الكتز (٤۲۸۹۲). (۲) سورة ة الملك الأآية: ١٠. (۳) نحوه في السلسلة الضعيفة للألباني (119). )٤( أطرافه عند: الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (۱/ 457)› ابن عراق في تتزيه الشريعة (١/١٠۲). () أطراف هذا الحديث عند: الزبيدي في اتحاف السادة المتقين (٠/457)ء ابن حجر في المطالب العالية (٢۲۷)) العراقي في المغني عن حمل الأسفار (/٤۸)› ابن عراق في تنزيه الشريعة (۲۱۸/۱). )١( تقدم تخریجه. (۷) أطرافه عند: أبي نعيم في الحلية (۱/٠۲)ء وابن حجر في المطالب العالية (٥٤۲۷٠ ٠۲۷۷)› العجلونى = مقدمة المؤلف ‎Yo‏ وقال بعض الحكماء: العقل أفضل مرجوء والجهل انكأً عدوء وقال بعض الأدباء : صدیق کل امریء عقله؛ وعدوه جهله. وقال بعض البلغاء: خير المواهب العقل وشر المصائب الجهل . وأنشد الماوردي لابراهيم بن حسان : يزين الفتى في الناس صحة عقله وإن كان محذوراً عليه مكاسبه يشين الفتى ني الناس قلة عقله وإن كرمت أعراقه ومناسبه يعيش الفتى في العقل إنه على العقل يجري علمه وأفضل قسم الله للمرء عقله فليس من الأشياء شيء يقاربه إذا أكمل الرحمن للمرء عقله فقد كملت أخلاقه ومآاربه وعن ابن عباس أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لكل شيء آلة وعدةء وإِنٌ آلة المؤمن العقلء ولكل شيء مطيةء ومطية المؤمن العقلء / ودعامة المؤمن العقلء ولكل قوم [۲۸/ب] غايةء وغاية العباد العقلء ولكل أهل بيت قيمء وقيم بيوت الصديقين العقلء ولكل خراب عمارة» وعمارة الأخرة العقلء ولكل امرىء عقب ينسب إِليهء ويذكر به وعقب الصديقين الذي ينسبون إليهء ويذكرون به العقلء ولكل شيء فسطاطء وفسطاط المؤمن العقل»”. وعنه يل قال: «إن أحب المؤمنين إلى الله عز وجل مَنْ نصب في طاعته تعالىء ونصح لعبادهء وكمل عقلهء ونصح نفسه فما بصر وعمل به أيام حياته فافلح وأنجح»'. وعنه عليه الصلاة والسلام قال: «أتمكم عقلاء أشدكم لله عز وجل خوفاًء وأحسنكم فيما أمر بهء ونهى عنه نظراًء وإن كان أقلكم تطوعاه. واعلم أن بالعقل تعرف حقائق الأمورء ويفصل بين الحسنات والسيئات» وهو ينقسم قسمین : غريزي ومکتسب. فالفريزي هو: العقل الحقيقي وله حد يتعلق به التكليف» لا يتجاوزه إلى زيادةء ولا = في كشف الخفا (۲۷۱/۱)› ابن عراق في تنزيه الشريعة (۲۱۷/۱). () أطرافه في: اتحاف السادة المتقين (40۷/۱)›. المطالب العالية (6٤۲۷). السيوطي في الحاوي (۲/٥۹). () أطرافه في: المغني عن حمل الأسفار (١/٤۸)› إتحاف السادة المتقين (۱/ 5۸)٠ (۳) ونحو هذا الطرف ذكره الزبيدي في اتحاد السادة المتقين (٠/ ٢۲٤). ۹٢ مقدمة المؤلف يقصر عنه إلى نقصان» وبه يمتاز الإنسان من سائر الحيوانء فإذا تم في الإنسان سمي عاقلا وخرج به إلى حد الكمال. كما قيل عن صالح بن عبد القدوس أنه قال : إذا تم عقل المرء وتمت أموره وتم إياديه وتم بناۋؤه وروي عن الضحاك في قوله تعالى: لِيْذِرَ مَنْ كان حيا»”٩. أي من کان عاقلا . واختلف الناس فيه وفي صفته على مذاهب شتی : فال قوم : هو جوهر لطيف يفصل به بين حقائق المعلومات . واختلف من قال بهذا في محله. فقالت طائفة: محله الدماغ؛ لأن الدماغ محل الحس . وقال آخرون: محله القلب» لأن القلب معدن الحياةء ومادة الحواس. وفي آثار قومنا عن علي بن أبي طالب يرفعه إلى النبي يَأ أنه قال: «خلق الله سبحانه [1/۹] العقل / من نور مكنون في غامض علمه من حيث لا يطلع عليه ملك مقرّب»؛ ولا نبي مرسل؛ فجعل الزهد رأسه والخير سمعه» والحياء عينه والرأفة قلبهء والعلم فهمه؛ والبصر طبعه› ثم قال له: أقبل فأقبل فكان إقباله إقبال ثم قال له: ادبر فأدبر فكان إدباره إدباراً فقال له عز منثك؛ بك آخذ وأعطي » وبك أعبد وبك أعرف ولك الثواب وعليك العقاب. قال: فخرَ العقل ساجداً فمكث في سجوده ألفي عام فقال له عز وجل : ارفع رأسك؛ واسأل تعط › واشفع تشفع» قال: اللهم سيدي بحقك على خلقك ألا شفعتني فيمن خلقتني فيه؟ قال: فذلك لك»*.. وقال يِلأٍ: «من أي العقل فقد أي خيراً كثيرء وإنما العاقل من عقل عن الله تعالى أمره ونهه؛ ومن لم يكن كذلك فليس بعاقل» حتى قال بعض العلماء فيمن أوصى بثلث ماله لأعقل الناس أن يصرف في الزهاد؛ لأنهم انقادوا للعقل › ولم يغتروا بالأمل . إسلام رجل حتی تعلموا عقله» ٩ . (١) سورة يس الأية: ٠۷. )۲( بحو هذا الطرف ذكره الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (۱/ 4005). (۳) أطرافه في: إتحاف السادة المتقين (١/458)؛ تاريخ بغداد (۱۳/ ١٤) الفوائد المجموعة (7۸8). مقدمة المؤلف ۷ وقال: «أمرنا معشر الأنبياء أن نكلم الناس على قدر عقولهم” . فإن قيل: إن كان العقل عرضاً فكيف خلق قبل الأجسام؟ وإن كان جوهراً فكيف يكون جوهراً قاثماً بنفسه لا يتخیر؟ قيل له: إن هذا من العلم الغامض الذي لا يطلع عليه إلا الأنبياءء أو الروحانيون"› وقد أبطل الماوردي في كتابه هذا القول بهذه العلة. وقال قوم: العقل غريزة يتهياً بها درك العلوم النظرية وتدبير الصناعات الخفية حكي هذا عن / الحارث المحاسبي» فكأنه أشار إلى أن العقل نور يقذف في القلب به يستعد لإدراك [۰٠/ب] الأشياء. ونسبة هذه الغريزة إلى العلومء نسبة العين إلى الرؤيةء ونسبة القرآن والشرع إلى هذه الغريزة في انكشاف العلوم نسبة نور الشمس إلى البصرء وهذا الوصف هو الذي يفارق الإنسان . وقال آخرون: العقل بعض العلوم الضرورية أراد العلوم التي تخرج إلى الوجود في ذات الطفل الصغير المميز بجواز الجائزات» واستحالة المستحيلات كالعلم بأن الاثنين أكبر من الواحدء وأن الشخص الواحد لا يكون في مکانين . وقالت الطائفة : العقل هو جملة العلوم الضرورية : من وجوب الواجبات› وجواز الجائزات واستحالة المستحيلات . وقال بعضهم : العقل هو العلم بالمدركات الضرورية وذلك نوعان : أحدهما ما وقع عن درك الحواس الخمس : کالمدركات بالبصر› والأصوات المدركة بالسمع › والطعوم المدركة بالذوق› والروائح المدركة بالشم› والأجسام المدركة باللمس» فإذا كان اللإنسان ممن يدرك بحواسه هذه الأشياء ثبت له هذا النوع من العلمء وكان عاقلا لأن خروجه في حال تغميض عينيه من أن يدرك بهاء وبعلم لا يخرجه من أن يكون كامل العقل من حيث علم من حاله أنه لو أدرك لعلم . )۱( طرفه في: إتحاف السادة المتقين (۱/ ٤٤ ۳). () من المعلوم أن هناك علوماً لا يطلع عليها إلا الأنبياء كقوله ي: «لو علمتم ما أعلم. ...0 وليس هناك ما يطلع عليه أحد سواهم غير ما هو علم لدي كعلم الخضر ولكن لهذا العلم اللاي حدود يجب أن لا يتعدی فيه ما شرع في الظاهر؛ فلا يتعلق متعلق بمثل هذه العبارة. ‎Y۸‏ مقدمة المؤلف ‏والنوع الثاني ما كان مہبتدیء في النفوس : ‏كالعلم بان الشيء لا يخلو من وجود أو عدم وأن الموجود لا يخلو من حدوث أو قدم وكالعلم بأن من المحال اجتماع ضدين» وأن الواحد أقل من الاثنينء وهذا النوع من العلم لا يجوز أن ينفى” عن العاقل مع سلامة حالهء وكمال عقلء فإِذا كان عالماً بالمدركات الضرورية فهو كامل العقل» وإلى هذا القول ذهب الماوردي في كتابه قال: فكل من نفى”" أن ‏[/] يكون العقل جوهراً أثبت محله القلب؛ لأن القلب محل العلوم كما قال تعالى: %/ َل ‏يروا في ألأَرْض فََكُونَ ن لهم قلُوب بُ بَعِْلُونَ بيًا”. ‏فدتل هذه الآية على أمرين : أحدهما أن العقل علم؛ والثاني 9 محله القلب٠ وي قوله : عقون بب تأويلان : أحدهما معنأه يعلمون بهاء والثاني : يعتبرون › فهذه جملة القول في العقل الغريزي . ‏وأما العقل المكتسب: فهو نتيجة العقل الغريزي وذلك علوم تستفاد من التجارب بمجاري الأحوال› فإن من حكمته التجارب» يقال إنه عاقل في العادة» ومن لا يتصف به يقال إنه غمر جاهلء وهذا العقل ينمى إن استعمل؛ وينقص إن أهمل؛ لأنه من قوة ثقابة المعرفة وإصابة الفكرة ما لم يمنعه مانع من هوى ولا صاد من شهوة لأنه يحصل ذلك بكثرة التجارب وممارسة الأمور ولذلك حمدت العرب آراء الشيوخ فقالوا: عليكم باراء الشيوخ؛ فإنهم إن فقدوا ذكاء الطبع فقد مرّت على عيونهم وجوه العبر» وتصدّت لأسماعهم آثار الغير. ‏وقال: التجربة مرآة العقل» والغمرة ثمرة الجهل. ‏وفيل في منثور الحكم : من طال عمره نقصت قوة بدن وزادت قوة عقله . ‏وقال بعض البلغاء: كفى بالتجارب تأديباًء وبتقلب الأيام عظة. وينشد: ‏ألم تر أن العقل زين لأهله ولكن تمام العقل طول التجارب ‏فهذا نوع آخر من العلوم يسمى عقلاء وقد يكون هذا أيضاً لفرط الذكاء وحسن الفطنة. وذلك جودة الحدس. ‏() في الأصل: «يكتفي» وهو تحريف. (۲) في الاصل: «بقي» وهو تحريف. (۳) سورة الحج الآية: ١٤ . ‎ ‎ مقدمة المؤلف ۹ وإذا مزج بالعقل الغريزي صارت نتيجتها هو العقل المكتسب؛› کالذي يکون في الأحداث من وفور العقل وجودة الرأيء ولذلك قالوا: عليك بالحديث السن الحديد الذهن . وقالت العرب: عليكم بمشاورة الأحداث فإنهم ينتجون رأياً لم يفله طول القدم ولا استولت عليه رطوبة الهرم . وأنشد الماوردي لبعض الشعراء : رأيت العقل لم يكن انتهاباً ولم يقسم على عدد السنية-ا / ولو أن السنينا تقاسمته حوى الأباء انصبت البنينسا [۳۲/ ب[ قال: لا والله. قلت: ولم؟ قال: أخاف أن یجنی عَلئَ حمقی جناية تذهب بمالی ویبقی فانظر إلى هذا الصبي» كيف استخرج بفرط ذكائه ما لعله يدق على من هو أكبر مته ستاً وأكثر منه تجربة. وحكي عن ثمامة بن أشرس أنه أخبر أن: المأمون تفرد يوماً في بعض تصیده» فانتھی إلى بعض بيوت أهل الباديةء فرأى صبياً يربط”' قربةء وقد غلبه وکاؤها وهو يقول: يا بت اشدد فاها فقد غلبني فوها لا طاقة لي بفیها. قال: فوقفت عليه المأمون. فقال: ممن تكن؟ فقال: من قضاعة. قال: من آيٌّها؟ قال : من كلب؟ قال: وإنك من الكلاب؟ قال: لسنا هم ولكن قبیل یدعی کلبا. قال: فمن أيهم آنت؟ قال: من بني عامر. قال: من أيٌها؟ قال: من الأجداد ثم من بني كنانة. قال: فمن آنت يا خالي فقد سألتني عن نسبي؟ فقال: ممن تبغضه العرب كلها. قال: فأنت إِذاً من نزار؟ قال : آنا ممن تبغضه نزار کلها. قال: فأنت إِذاً من قریش؟ قال: آنا ممن تبغضه قریشاً کلها. قال : فزت ذا من بني هاشم؟ قال: أنا ممن تحسده بنو هاشم كلها. قال: فأرسل فم القربةء فقام إليه فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله تعالى وبركاته» وضرب بيده إلى شكيمة الدابة وهو يقول: )۱( في الأصل: يضبط. والسياق يقتضي ما أثبت. ۳ مقدمة المؤلف مأمون يا ذا المنن الشريفة وصاحب الكتبة الكتيفة هل لك في أرجوزة ظريفة أظرف من فقه أبي حنيفة لا والذي أنت له خليفة ماظلمت بأرضنا ضعيفة عاملتنامؤنته خفيفة وما جبا فضلا على الوظيفة قدسارفيناسيرة الخليفة فقال له المأمون: أحسنت أيّما أحَبّ إليك عشرة آلاف درهم معجلة أو مائة ألف مۇجلة؟ فقال: بل أدخرك يا أمير المؤمنين - وفي خبر آخر: لأنك أنت الغني الوفي -. قال: فما لبث أن أقبلت الفرسان. فقال: احملوه فمضى به حتى كان أحد مسامريه . انظر إلى جودة فريحة هذا الغلام ومجاوبته فسبحان الفعّال لما يشاء . وأحسن من هذا الذكاء والفطنة ما حكى ابن تيبة أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه: م بصبيان يلعبون» وفيهم عبد الله بن الزبير فهربوا منه إلا عبد الله ء فقال له عمر : ما لك لم تهرب مع أصحابك؟ فقال يا أمير المؤمنين لم أكن على ريبة فأخافك ولم يكن بالطريق ضيق فأوسّع لك. انظر ما تضمنه هذا الجواب من الفطنة وقوة المنة وخسن البديهةء فليس للذكاء غاية› وليس لجودة القريحة نهاية. ولمثل هذا قالت الحكماء: غاية العقل سرعة الفهم› وغایته إصابة الوهمء ولیس لمن منح جودة القريحة وسرعة الخاطر عجز عن جواب وإن أعضل. كما قيل لعليّ بن آبي طالب : كيف يحاسب الله العباد على كثرة عددهم؟ فقال: كما يرزقهم على كثرة عددهم. وقيل له: كم بين السماء والأرض؟ فقال: دعوة مستجابة . وقيل لابن عباس: آين تذهب هذه الأرواح إذا فارقت الأجساد؟ فقال: أين تذهب نار المصابيح عند فناء الأدهان؟ وهذان الجوابانء جوابا إسكات تضمنا دليلي إذعان وحجة قهر. وقيل لعليّ أيضاً: كم بين المشرق والمغرب؟ قال: يوم طراد الشمس . مقدمة المؤلف ۳۱ ومن غير هذا الفن وإن كان مسكتاً حكي أن: إبليس لعنه الله حین ظهر لعیسی ابن مریم / عليه الصلاة والسلام. [(٢٤۳/ب] فقال: ألست تقول لن يصيبك إلا ما كتب الله لك؟ قال: نعم. قال: فارم نفسك إذاً من ذروة هذا الجبل فإنه إن قرت لك السلامة تسلم. فقال له: يا ملعون» إن الله يختبر عباده وليس للعبد أن يختبر رَبَه . ومثل هذا الجواب لا يستغرب من أنبياء الله الذين أمذهم بوحيهء وأيدهم بنصره› وإنما يستغرب ممن يلجا إلى خاطره» ويعوّل على بديهته . فإذا اجتمع هذان الوجهان في العقل المكتسب وهو ما ينمیه فرط الذكاء بجو ده الحدس وصحة القريحة بحسن البديهة مع ما ينميه الاستعمال بطرق التجارب ومرور الزمان بكثرة الاختبارء فهو العقل الكامل على الإطلاق من الرجل الفاضل بالاستحقاق؛ وذلك أن تنتهي قوة الغريزة إلى أن يعرف عواقب الأمور ويقمع الشهوات الداعية إلى اللذة العاجلة ويقهرهاء فإذا حصلت هذه القوةء سمي صاحبها عاقلاً من حيث إن إقدامه وإحجامه بحسب ما يقتضيه النظر في العواقب لا بحكم الشهوة العاجلة. فهذا أيضاً من خواص الإنسان التي بها يتميز من الحيوان : فالأول : هو الأصل - أعني الغريزة -. والثاني : هو فرع أعني العلوم الضرورية -. والثالث: هو فرع الأول والثاني - أعني علوم التجاربء إذ بقوة الغريزة والعلوم الضرورية تستفاد علوم التجارب . والرابع: هي الثمرة الأخيرة وهي الغاية القصوى» فالأولان بالطبعء والأخيران بالاکتساب . وحكي عن سابور بن أزدَشير أنه قال: العقل عقلان: أحدهما: مطبوع؛ والأخر () في الأصل: سابور بن أزدشيرء والتصويب من سير أعلام لبلاء وقال مؤلفه: الوزير الأوحد البليغ بهاء الدولة أبو نصرء وزر لبهاء الدولة ابن عضد الدولةء وكان شهماً مهيباً كافياء جواداً ممدحاء له ببغداد دار علم [آي دار كتب] توفي سنة ست عشرة وآزبم مائة عن ثمانين سنة .ەە وقد مدح سابور الببِغَاءُ وطائفة. ]٥1/۳[ ٢۳ مقدمة المؤلف مسموع؛ ولا يصلح واحد منهما إلا بصاحبهء فنظم ذلك علي بن أبي طالب فيما حکي عنه قال : /كمالا تفع الشمس وضوء العين ممتوء° فالأول: هو المراد بقوله عليه الصلاة والسلام: «أول ما خلق الله العقل ‎CL.‏ ‏الحديث . والأخير: هو المراد بقوله يي لعل بن آبي طالب: «إذا تقرب الناس إلى الله عز وجل بأبواب البر» فتقرّب إليه بعقلك»”. وقوله لأبى ال٠ رداء : «ازدد عقلاً تزدد من الله تعالى قربا . فقال بابي أنت وأمي كيف لي بذلك؟ فقال عليه الصلاة.والسلام: «اجتنب محارم الله تعالى» وأد فرائض الله سبحانه تكن عاقلا ويَفّل بالصالحات من الأعمالء تزدد في عاجل الدنيا رفعة وكرامةء وتنل من ربك بها القرب والعز” . وقال عله الصلاة والسلام: لاما اکتسب المرء مل عمل يهدي صاحه إلى هدی أو یرده عن ردیٌ» ٩٩ . وعن سعيد بن المسيب : أن عمر وأبيّ بن كعب رضي الله تعالی عنهماء وأبا هريرة )۱( قلت: جاء هذا الشعر في إحياء علوم الدين على النحو التالي: رایت الشل عقلين فمطبوع ومو( ولا ين ضع سموع إذا لم يك مطبوع كمال تشع الشمىس وضوء الين مشوع (۲) ذكره بنحوه العراقي في حمل الأسفار (۱/٥۸) وقال: أبو نعيم في الحلية من حديث علي: إذا اكتسب الناس من أنواع البر ليتقريوا بها إلى ربنا عزوجل» فاكتسب أنت من أنواع العقل تسبقهم بالزلفة والقرب. وإستاده ضعيف. (۳) بنحوه ذكره الغزالي في الإحياء (١/ 80ء ۸6) وقال العراقي تعليقاً: رواه ابن المحبر ومن طريقه الحارث بن أبي أسامةء والترمذي الحكيم في النوادر. قلت: وذكره ابن عدي في الکامل (۱/٦۸)› والفتني في تذكرة الموضوعات (۲۹). () أطرافه عند الزبيدي في الإتحاف (407/۱)› وابن حجر في المطالب (۵٥٠۲۷). والعراقي في حمل الأسفار (۸/۱))› وابن عراق في تنزيه الشريعة (۲۱۲/۱). مقدمة المؤلف ۳۳ دخلوا على رسول الله يق فقالوا: يا رسول الله: من أعلم الناس؟ فقال عليه السلام: «العاقل» . فقالوا: من أعبد الناس؟ فقال: «العاقل). قالوا: من أفضل الناس؟ قال: «العاقل». قالوا: أليس العاقل من تمت مروءته» وظهرت فصاحتهء وجادت كفهء وعظمت منزلته؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «إن كل ذلك لما متاع الحياة الدنياء والأاخرة عند ربك للمتقين› وإنما العاقل: هو المتقي وإن كان في الدنيا خسيساً دن »° . وعن أنس بن مالك أنه قال: أي على رجل عند رسول الله يو بخیر فقال: «کیف عقلهء؟ فقالوا: يا رسول الله إن من عبادته إن من فضله›ء فقال: «كيف عقله)؟ فقالوا: يارسول الله يَل- يثنى عليه بالعبادة وأصناف البر وتسألنا عن عقله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: إن الأحمق العابد يصيب بجهله أعظم من فجور الفاجرء وإنما يقرب الناس من ربهم بالزلف على قدر عقلهم»”٩. وبالجملة من لم تكن بصيرة عقله ثاقبة لم يعقل به من الدين إلا قشورهء وأمثلته دون لبابه وحقائقه . واختلف الناس في العقل المكتسب إذا تناها وزاد هل يكون فضيلة آم لا؟ فقال قوم: لا يكون فضيلة؛ لأن الفضائل هبات متوسطة بين فضيلتين ناقصتين فما جاوز التوسط خرج من حد الاعتدال لقوله عليه الصلاة والسلام: «خير الأمور أوساطهاء ٠ وقال : "إن زيادة العقل تعضي بصاحبها إلى الدهاء والمكر وذلك مذموم وصاحه مذموم). وقد أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبا موسى الأشعري أن يعزل زياداً عن ولايته› قال زياد : يا أمير المؤمنين أعن موجدة أم خيانة؟ فقال : لا عن واحدة منهماء ولكن خفت أن أحمل على الناس فضل عقلك. (١) طرف الحديث عند: الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (٠/457)؛ وابن حجر في المطالب العالية (۲۷۳)) ابن عراق في تنزيه الشريعة (۲/٥۲۱. ٢۲۲)› والعراقي في حمل الأسفار (۸6/۱) وقال: رواه ابن المحبر . () في الأحياء: «ذليلا» بدل: «دنيا». () قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (۸۳/۱): رواه ابن المحبر [وهو ضعيف] في العقل بتمامهء والترمذي الحكيم في النوادر مختصراً. (8) أطراف الحديث عند البيهقي في السنن الكبرى (۲۷۳/۳)ء الزبيدي في إتحاف السادة المتقين (/٢٢٤۲)» العجلوني في كشف الخفا (١/ ٥٠٤)» الفتني في تذكرة الموضوعات (۱۸۹). ٤۳ مقدمة المؤلف وقالت الحكماء للإسكندر: أيها الملك عليك بالاعتدال في كل الأمور؛ فإن الزيادة عيب والنقصان عجز . وقال بعض الحكماء: كفاك من عقلك ما دلّك على سبيل رشدك . وقال آخرون وهو آصح القولين: زيادة العقل فضيلة؛ لأنه زيادة علم بالأمور» وحسن إصابة بالظنونء ومعرفة ما لم يكن إلى ما يكون» وذلك فضيلة لا نقص. وقد روي عن النبي يٍَ أنه قال: «العقل حيث كان الوفاء مألوف». وقال القاسم بن محمد: كانت العرب تقول: من لم يكن عقله أغلب خصال الخير عليه كان حتفه في أغلب خصال الشر عليه . وقد قيل في منثور الحكم: كل شيء إذا كثر رخص إلا العقل؛ فإنه إذا كثر غلا. وأما الدهاء والمكر فهو مذموم؛ لأن صاحبه صرف فضل عقله إلى الشر ولو صرفه إلى وقد ذكر المغيرة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال: كان والله أفضل من يخدع» وأعقل من يخدع. 7 33 وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: / لست بالخ ولا يخدعنى الخ › والله أعلم . فصل واعلم أن العقل المكتسب لا يتفعك عن العقل الغريزي؛ لأنه نتيجة من وقد ينفعك العقل الغريزي عن العقل المكتسب فيكون صاحبه مسلوب الفضائل موفور الرذائل» كالأنوك الذي لا توجد منه فضيلةء والأحمق الذي فل ما تخلو منه رذيلة. وقد روي عن النبي يِل آنه قال: «الأحمق: أبغض خلق الله إليه؛ إذ حرمه أعز الأشياء إليها. وعنه عليه الصلاة والسلام قال: «الأحمق كالفخار؛ لا يرقعء ولا يشعب». )۱( الخب: الداع والحْبْتُّ› والخش. (۲) وقيل عن ابن سيرين أیضا. مقدمة المؤلف ‎۳o‏ وروی عطاء عن جابر قال : کان في بني إسرائیل رجل له حمارء قال : يا رب لو کان لك حمار لعلفته مع حماري هذاء فَهَمً به نبي من الأنبياء فأوحى الله تعالى إليه: إنما أثيب كل إنسان على قدر عقله . ويقول: إن الأحمق يحتفظ من كل شيء إلا من نفسه؛ ولذلك قال بعض الحكماء : الحاجة إلى العقل أكثر من الحاجة إلى المال. وقال بعض البلغاء: دولة الجاهل عبرة العاقل. وقال أنوشروان لبزرجمهر: أي شيء للمرء خير. قال: عقل يعيش به. قال: فإن لم يكن؟ قال: فإخوان يسترون عليه. قال: فإن لم يكن؟ قال: فمالٌ يتحبب به إلى الناس. قال: فإن لم يکن؟ قال: فعي صامت. قال: فإٍن لم وفي كتاب العقد قال: خطب وكيع ابن أبي سويد - وهو والي خراسان ‏ فقال: إن الله خلق السماوات والأرض في ستة أشهر قيل: إنما هي ستة أيامء قال والله لقد قلتها وأنا استقلها. قال: وخطب والي اليمامة فقال: إن الله لا يغار عباده على المعاصي» وقد أهلك أمة ۳ عظيمة في ناقة تساوي مائتي درهم فسُمَی مُقَوّم الناقة . قال: ودخل قوم على تردم / الدوسي فقالوا له: أين القبلة في دارك هذه؟ فقال: إنما [۳۸/ب] دخلنا إليها منذ ستة أشهر. وقال : ونسي عامر بن عبد الله بن الزبير”" عطاءء في المسجد وكان قد أوتي به هناكء فلما صار إلى بيته قال: يا غلام ائتني بعطائي الذي نسيت في المسجد. فقال: وأين يوجد وقد دخل في المسجد بعدك جماعة؟! قال: أوَييقى أحد يأخذ ما لیس له؟ قال : وسرق عله فلم يلبس بعد ذلك علا حتی مات. وقال : أکره أن يجيء من يسر قه فیأئم . قال: وفي هذا الضرب من الناس يقول أيوب السختياني: من أصحابي ما أرجو بركة دعائه» ولا أقبل شهادته. الأصمعي قال: كان الشعبي يحدث أنه كان بين بني إسرائيل عابد جاهل» قد ترهب في () هو تابعي ثقة عايدء قال معن عن مالك قال: ريما انصرف عامر من العتمة فيعرض له الدعاء فلا يزال يدعو إلى الفجر. وقال أحمد بن حنبل: حدثنا سفيان: أن عامر بن عبد الله أشترى نفسه من الله ست مرات. يعني تصدق كل مرة بدیته. (سير أعلام النبلاء ٥/۲۱۹). قناطر الخيرات ج/١ م/٤ ۴ مقدمة المؤلف صومعته» وكان له حمار يرعى حولهاء فاطلع من الصومعة فرآه يرعى» فرفع يديه إلى السماء فقال: يا رب لو كان لك حمار كنت أرعاه مع حماري . وما كان يشق عل فَهَمً به نبي في ذلك الزمان» فأوحى الله تعالى إليه: دعه فإنما سآلء وإنما أثيب كل إنسان على قدر عقله . هشام بن حسان قال: أقبل رجل إِلی محمد بن سیرین فقال: ما تقول في رؤيا رأیتها؟ قال: وما رأيت؟ قال: كنت رأيت أن لي غنماً فأعطيت بها ثمانية دراهم فأبيت من البيعء ففتحت عيني ولم أر شيئاً فأغلقتهما ومددت يدي فقات: هاتوا أربعةء فلم أعط شیئاً. قال ابن سيرين: لعل القوم اطلعوا على عيب في الغنم فكرهوها. قال: يمكن الذي قلت. وفي كتاب الماوردي قال: وولى الربيم العامري وكان من النوكى” منابر اليمامة فأقاد كلبا بكلب فقال فيه الشاعر: شهدت بأن الله حت قضاؤه وأن ريع العصامري رقيع أقاد لنا كلبا بكلب فلم يدع وما كلاب المسلمين تضيع ‎e۹‏ / ومثل هذا من رذائل النوكى ما لا يحصى كثرة؛ إِذ لا معنى للإكثار منها؛ لأنه بحسب ما ينشر من فضائل العاقل كذلك يظهر من رذائل الجاهل حتى يصير مثلاً في الغابرين» وحديثاً في الاخرين وقد وصف بعض البلغاء العاقل بما فيه من الفضائل فقال : العاقل إذا والى بذل في المودة نصره» وإِذا عادى رفع عن الظلم قدرهء فيسعد مواليه بعقله؛ ويعتصم معاديه بعدله» إن أحسن إلى أحد ترك المطالبة بشكرهء وإن أساء إليه مُسيء سبّب له أسباب العذار أو منح له الصفح والعفو. والأحمق ضَالٌ مء إِنْ أونس تكبْر» وإنْ أوحش تكدّر» وإن استتطق تخلف» وإن ترك تكلف» مجالسته مهنةء ومعاينته محنة. ومحاورته غرر وموالاته ضررء ومقاربته عمی ٠ ومفارقته شفاء. وقال بعض البلغاء: إن الدنيا ربما أقبلت على الجاهل بالاتفاقء وأدبرت عن العاقل بالاستحقاق› فإن اتتك منها سهمة مع جهل أو فاتتك بغية مع عقل فلا يحملنك ذلك على الرغبة في الجهل والزهد في العقلء فدولة الجهل من الممكناتء ودولة العاقل من الموجبات . )۱( الوك : الحمق› والجهل› والعجز. مقدمة المؤلف ۳۷ وليس مَنْ أمكنهُ شيء من ذاته كُمَنْ استوجبه بالاته وآداته؛ وبعد فدولة الجهل كالغريب الذي يحن إلى الغفلة والرجوع» ودولة العاقل كالنسيب الذي يجن إلى الوصلة. فلا يفرح المر بحالة نالها بغير عقلء ومنزلة رفيعة حَلها بغير فضل؛ فإن الجهل يزيله منها ويزيله عنهاء وبَحُطه إلى رتبته ويرده إلى قيمته بعد أن تظهر عيوبهء وتکثر ذنوبه؛ ویصیر مادحه هاجياً وواليه معادياً . وأما العاقل: فهو أبدا من عقله في إرشادء ومن وراءه في امدادء فقوله سديد وفعله حميدء فالعقل ينبوع / الأخلاق الفضيلة وأس الفضائل الكاملةء وأنشد بعض أهل الأدب [۰٤/ب] وذكر نها لعَلِي بن آبي طالب : إن المكارم أخحلاق مطهرة فالعقل أولها والدين ثانيها والعلم ثالثها والحلم رابعها والجود خامسها والصدق ساديها والبر سابعها والصبر ثامنها والشكر تاسعها واللين عاشيها والعين تعلم في عين محدئها إن كان من حزبها أو من أعاديها فصل وفي کتاب الغزالي : اختلف الناس في تماوت العقل ولا معلىی للاشتغال بنقل کلام من قد قل تحصل› بل [الأولى والأهم]° المبادرة إلى التصريح بالحق. قال : والحق الصريح [فيه] أن [يقال إن] التفاوت يتطرق إلى الأقسام الأربعة المتقدمة سوى القسم الثاني وهو العلوم الضرورية“°. من جوازات الجائزات” واستحالة المستحيلات فإن من عرف أن الاثنين أكثر من الواحدء عرف أيضاً استحالة كون الجسم في مكانين في أمثالها من النظائر فالتفاوت يتطرق )۱( ما بين المعقوفين من الإحياء. () ما بين المعقوفين من الإحياء. )۳( ما بين المعقوفين من اللإحياء. () ليست هذه الكلمة في الإحياء. )0( في الإحياء: وهو العلم الضروري. () في الإحياء: بجواز الجائزات. ۳۸ مقدمة المؤلف إليها("» وإلى هذا أشار عمروس بن فتح رحمه الله تعالی في کتابه . وزعم أحمد بن الحسين مع من وافقه - هم الذين ذهبوا إلى أن: العقول متساوية. من أنكر التفاوت في غريزة العقل فكأنه متخلع من ربقة العقلء ومن ظن أن عقل النبي ية مثل عقل بعض الجهال فهو أخس عقلاً من أولتك الجهالء وكيف ينكر تفاوت الغريزة العقلية› 7 ولولا ذلك لما اختلف الناس في فهم العلوم» ولما اتقسموا إلى بليد لا يفهم بالتفهيم إلا / بعد تعب طويل من المعلم وإلى ذكي یفهم بادنی رمز وإشارة وإلی کامل تنبعث من نفسه حقائق الأمور دون التعليم . «يكادُ رَيْنُهَا يضِيءُ ولو لم تَمْسَسْة ‎A‏ 7 وذلك مثل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ إِذ تتضح لهم في باطنهم أمور غامضة من غير تعلم ولا سماع ويعبر عن ذلك بالإلهاء. وكمثل المحدثين والمروعين كقوله عليه الصلاة والسلام: «إن لكل أمة محدثاً ومروعاء فإِن یکن فيكم فعمر'. والمحدث؛› والمروع: هو الذي يلقى في روعه وقلبه كأنه يحدث. وعن مثله عبر النبي يَأ في قوله: «إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتی تستکمل رزقها). وفوله: «إن روح القدس نفث في روعي أحبب ما شئت فإنك مفارقه» وعش ما شثت فإنك ميت» واعمل ما شثت فإنك مجزی به . وقوله عليه الصلاة والسلام: «احذروا فراسة المؤمن؛ فإنه بنور الله يبصره° والفراسة معناها: الظن الصادق» وفي مثل ذلك يقول الشاعر: () العبارة الأخيرة مختصرة عن ما في الإحياء (۸۷/۱) باب بيان تفاوت النفوس في العقل. (۲) سورة النور الاية: ٢۳. (۳) راجع إحياء علوم الدين (١/۸۸). (٤) قال العراقي في حمل الأسفار: رواه الشيرازي في الألقاب من حديث سهل بن سعد نحوه؛ والطبراني في الأصغرء والأوسط من حديث علي وكلاهما ضعيف (١/ ۸۸). (٥) أطراف الحديث عند: أبي نعيم في الحلية (٠۲۸۱/۱)› العجلوني في كشف الخفاء (4۳/۱)ء السيوطي في اللالىء ء المصنوعة (۱۷۷/۲)؛ وفي الدر المتثور له أيضاً (٤/ ۳١٠). مقدمة المؤلف ۳۹ الألمعي: الذي تلمع في عقله الأمور قبل أن تكون. وهذا أمر ظاهر لا يخفى عن ذوي عقل . وذكر الغزالي في كتابه: أن غريزة العقل في أول مبادئها مثل: نور يشرق على النفس عند سن التمييز» فلا يزال ينمو ويزداد إلى أن يتكامل بقرب الأربعين سنةء ومثاله نور الصبح فإن أوائله يخفى خفاء يشق إدراكه ثم يتدرج في الزيادة إلى أن يكمل بطلوع قرص الشمس. قال: وتفاوت نور البصيرة كتفاوت نور البصر» والفرق في ذلك مدرك بين الأعمشر”° وبين الحاد البصرء بل سنة الله عز وجل جارية في جميع ما خلق بالتدريج في الإيجاد حتى إن غريزة الشهوة لا تركز في الصبي دفعةء بل تظهر شيئاً فشيثاً / على التدريج وكذلك جميع [١٤/ب] القوى والصفات”“ . قال: ويدل على تفاوت العقل من جهة النقل ما روي أن ابن سلام سأل رسول الله يل في حديث طويل فيه وصف عظم العرش» وأن الملائكة قالت: يا ربنا هل خلقت شيثاً أعظم من العرش؟ قال: نعم العقل» قالوا: وما بلغ من قدره؟ قال: هيهات لا يحاط بعلمهء هل لكم علم بعدد الرمل؟ قالوا: لاء قال عز وجل: فإني خلقت العقل أصنافاً شتى كعدد الرمل › فمن الناس من أعطي حبةء ومنهم من أعطي حبتينء ومنهم من أعطي الثلاثء ومتهم من أعطي الأربع ومنهم من أعطي فرقا ومنهم من أعطي وسقاً ومنهم أكثر من ذلك" وبالله التوفيق . وتذكرنا العقل وأقسامه وحقيقته فلترجع إلى ذكر العلم وتفاصيل أبوابه إن شاء الله تعالى . () في الأصل: الأعمىء والتصويب من الإحياء. (۲) راجع الإحياء (١/ ۸۷) بتصرف. (۳) حديث ضعيف قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (۸۸/۱) رواه ابن المحير من حديث أنس بتمامه» والترمذي الحكيم في النوادر مختصراً. ذكر قنطرة العلم وتفاصيل أبوابها العشر الباب الأول في بيان فضل العلم فأما بيان فضله فعلى خمسة أقسام: من الكتاب» والسنةء والاثار» والمعانيء والحسَ . أما الكتاب: فاي كثيرة منها قوله تعالى: هد الله أنه لا له إلا هُوَ وَالْمَلاَيِكَةُ وَأُولوا لملم قَائماً بلط »”. فبدأ بنفسه» وثنى بملائكته» وَل بأولي العلم من عباده» فساواهم بنفسه وملائكته بواو التشريك تشريفاً وتعظيماء فناهيك بهذا شرفاء وفضلاء وجلالاء ونبلاً وقوله تعالى: «شَهدَ و ِ َ‫ ٍ2 أللهٌ. . . .€ الايةء والشهادة لا تكون إلا بالعلم دون الجهل والشك والظن قال الله تعالى : إلا من شَهدَ بلحَق وَهُمْيَعْلمُون» ٠ . - - . ۶ و 7 ‎O)‏ و س وقال تعالى : «يرفع الله آلذين اموا منكُم وَالَذِين أووا لملم دَرَجَاتٍ€. فقال أهل العلم: لحن الخطاب يرفع الله الذِينَ آمنوا منكم درجة والذين أوتوا العلم درجات . ]1/4۳[ وروي عن ابن عباس رضي الله / تعالى عنه أنه قال: للعلماء درجات فوق المؤمنين بسبعمائة درجة» ما بين اللرجتين مسيرة خمسمائة عام. ف له : ‎ZR ECA ENCA AR FR‏ وقوله تعالى : يي الحكمة مَنْ يشا وَمَنْ يت الحكمة قد أوتي حيرا كث را٩ . فقوله تعالى: من يشاء ولم يكتف بقوله: (خَيْرً) حتى قال (كُثيراً) وهذا نهاية في الفضل والتعظيم . () سورة آل عمران الأية: ۱۸. (۲) سورة الزخرف الأية: ٦۸. (۳) سورة المجادلة الآية: ١٠. (8) سورة البقرة الآية: ۱۹٦۲. قنطرة العلم 1 ‎APE ۰ َ‏ سر و ل ص و وقال سبحانه: حل يَسْتَوي الَذِينَ يَعْلمُونَ وَالَذِينَ لأ يَعْلمُونَ€”" فمنع من المساواة بين وقال تعالى : ولك الأمتَالُ تَضريها لاس وَما يَعْقلهَا إلا اعَالِمُونَ€. فنفى أن يكون غير العالم يعقل عنه أمراً أو يفهم عنه زجرا. وقال تعالى : رمَا يَخْشَى أللَهَ من عباده أَلْعُلّمَا€*. فأخبر سبحانه نما يحصل له الخوف في قلوب العلماء خاصة لأنهم أعلم به دون الجهال. وقال تعالى : فل كَفَىٰ بالل هيدا بيني وََيَكُمْ وَمَنْ عِنْدَه عِلْمْ الْكِتب»”*. وقال جل وعلا: فال الذي عِندَهُ عله من الكِتاب أنا يك بە”*. تنبيهاً على أنه اقتدر عليه بقوة العلم . - م و ‎Pi‏ 0ک و % ا( ؟. ۰ وقال تعالى : #وقال الذين أوتوا العلم وَيلكُمْ تُوَابُ الله خير ٠ بين تعالى أن عظم قدرة الأخرة إنما يعلم بالعلم. َ‫ - ۰ ا و 1 ےو ۶ ٍ ٤ وو سم سو م ‎“e‏ و وقوله تعالى : ولو ردو إِلىٰ الرَسُول وإلى اولي لمر منهم لعلمه الذين سوه ‎E‏ ‏رد تعالى حكمه في الوقائم إلى استنباط آهل العلم وألحق رتبتهم برتبة الأنبياء في كشف حكم الله تعالىء وقيل في قوله تعالى: يا بني ادم قد ارلا عَليْكُمْ لاسا يُوَاري سوءاێكم» يعني العلم - #وريشاً € يعني اليقين وَلياسن ألَقوَى»” يعني : الحياء. وقال تعالى : قعص عَليْهمْ بعلم ”° . () سورة الزمر الآية: ۹. (۲) سورة العنكبوت الآية: ۳٤ . (۳) سورة فاطر الآية: ٢۲. (8) سورة الرعد الآية: ۳٤ . (٥) سورة التمل الآية: 4° . (١) سورة القصص الأآية: ۸۰. (۷) سورة النساء الآية: ۸۳. (۸) سورة الأعراف الآية: ٢۲. () سورة الأعراف الآية: ۷. Y٤‏ قنطرة العلم وقال: بل هُوَ يات بيات في صْدُور لذن ونوا أَلمِلم€. وقال: ال حمر لن عَلَمَ قران حَلَيَ الإنْسَانَ عَلَمَهُ ليان" وإنما ذكر ذلك في معرض الامتنان . A^ە‏ و 2 وم1 [٤٤/ب] وقال سبحانه لنبيه عليه الصلاة / والسلام: ل وَعَلمكَ ا لم تَكُن نَل . وَكان فضل الله 1 عَلكَ . عَظيماً 4 ٩. وقال: في الدنيا تحقيراً وتزهيداً فيها «فُل ماع اليا ليل" . وقال: ا تَمُدَن عََيكَ إلى ما معنا به أزواجاً. ...4 أراد أصنافاً من المال «مِنْهُم رَهْرَة الحاو اليا أي زينتها. نهى نبيه عليه الصلاة والسلام أن ينظر إلى الدنيا بعين الرغبة . وقال له في العلم آمراً بالرغبة فيه والزيادة منه: #وَفل رَبٌ رذني علْماً 4”٩. فلو کان معنی أفضل من العلم لأمره بالرغبة فيه والزيادة منهء فلما كان النبي عليه الصلاة والسلام أكرم الخلق عليه وأفضلهم لديه؛ اختار له أفضل المعاني وأعزها وأشرفها وهو العلم. وقال تعالى في فضل العلم في قصة موسى والخضر عليهما السلام: وإ قال مُوسَى ِفََاهُ لا ارح عة حى ابل مَجْمَعَألبَحْرَين ن أو مضي حُفْباً 4 مع ما انطوت عليه القصة من قطع لبد في طبه وكوب المشاق ولقء النصب في سفره إلى عل تله پد ن قال أنا أعلم أهل الأرض . فلما بلغ مجمع البحرين وجد الخضر عليه السلام فقال له موسى مستلطفاً: هَل تمك (١) سورة العنكبوت الآية: 44 . (۲) سورة الرحمن الآيات: ١٠ ٤ . (۳) سورة النساء الآية: ١١۱٠ . () سورة النساء الآية: ۷۷. (0) سورة طه الآية: ۳۱٠. (1) سورة طه الآية: ١۱۳ . . (۷) سورة طه الآية: ١۱٠. (۸) سورة الكهف الآية: ١١٠ ۷٠. قنطرة العلم ۳٤ على أن تُعَلَمنِي مِمًا عُلّمْتَ رُشداً 4 فكان من قصتهما ما ذكره الله تعالی في کتابه . وقال أيضاً في فضله في قصة سليمان عليه السلام مع الهدهد وتفقد الطير فقال: ما لي لا أرى الْهُدْهُدَ. ...4 إلى قوله: أو لَب . ...4 إلخ. القصة توعده لما تفقده بالعذاب الشديد أو بالذبح فلما أتاه قال: «أَحَطْتُ يما لَمْ تحط . ...€ . إلى قوله: من كاين °° . فلا معنى أعز وأشرف من العلم فلا يختاره الله إلا لأحب الخلق إليه وأكرمهم عليه وغير ذلك من الاي كثير في كتاب الله تعالى ‏ تركناها مخافة التطويل”' -. فصل / وأما من السنة: فأحاديث كثيرة منها: ما رواه جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي يي أنه قال : «طلب العلم عند الله أفضل من الصلاة›ء والصيام والحجح› والعمرة› والجهاد فی ۱ وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا حضرت الجنازة وحضر مجلس العلم فإذا كان للجنازة من يحضرها ويدفنها فإن حضور مجلس العلم أفضل من حضور لف جنازة› وعيادة لف مريضص» ومن صلاة ألف ركعةء ومن ن قیام الليلء ومن صيام لف يوم وصدقة ألف درهم ؛ ومن ألف حجة سوى حجة الفريضةء ومن ألف غزوة سوى غزوة الفريضة تغزوها في سبيل الله تعالى بمالك ونفسك» فأنفع من هذه المشاهد مَنْ شهد مجلس العلم» أما علمت أن الله يطاع بالعلم ويعبد بالعلمء فخير الدنيا والاخرة مع العلم وشر الدنيا والاخرة مع الجهل». فقال رجل: وقراءة القرآن يا رسول الله . فقال عليه الصلاة والسلام: «ويحك ما قراءة القرآن بغير علم؛ وما الحجح بغير علم› وما الجهاد بغير علم» أما بلغك أن السنة تقضي على القرآن والقرآن لا يقضي على السنة» . (١) سورة الكهف الآية: 17. () سورة النمل الأية: ٢۲. (۳) سورة النمل الآيات: ١۲ء ٢۲ء ۲۷. (8) سورة النمل الآيات: ١۲ء ٢۲ء ۲۷. () سورة النمل الآيات: ٠۲ء ٢۲ء ۲۷. (1) راجع إحياء علوم الدين (5/۱: 1). (۷) في الأصل: «قرأت» وهو خطأً. أما بالنسبة للحديث فعلامات الوضع عليه بادية لائحة لا تحتاج إلى بحث. = [٥٤/ 1[ ٤ قنطرة العلم وعنه عليه الصلاة والسلام قال : «العلم بالتعلم› والخير عادة» والشر لجاحة› ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين› ويلهمه رشده'. وعنه يل أنه قال: «العلماء ورثة الأنبياء». ومعلوم أنه لا رتبة فوق النبوةء ولا شرف فوق شرف الوراثة لتلك الرتبة وعنه عليه الصلاة والسلام من طريق جابر بن زيد أنه قال: «ليوم واحد من العالم الذي يعلم الناس العلمء أفضل عند الله من عبادة العايد مائة سنةء وأن العالم الذي يعلم الناس يستغفر له أربعة أشياء : [7١/ب] الملائكة في السماءء والطير في الهواءء والهوام في البر والحيتان في البحرء وأن / العالم الواحد أشد على إبليس من ألف مؤمن عابد» وأي شرف يزيد على شرف من تشتغل ملائكة السماء › ودواب الأرض به فهو مشغول بنفسهء وهم مشغولون بالاستغفار له . ومن طريق أبي هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «للأنبياء على العلماء فضل درجتین » وللعلماء على الشهداء فضل درجةا. وروي عن أنس عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إن الحكمة تزيد الشريف شرفاً وترفم المملوك حتى تجلسه مجالس الملوك». علموا أو تفقهوا أو لا تموتوا جهالا». وروی سلمان عن آبي هريرة ان النبي يل قال: «ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في دين» ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابدء ولکل شيء عمادء وعماد الدين الق . وروی أبو أمامة قال: فسئل النبي عليه الصلاة والسلام عن رجلین : أحدهما عالم والأخر عابد فقال عليه الصلاة والسلام: «فضل العالم على العباد كفضلي على أدناكم رجلا». أبو أيوب الأنصاري قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: «باب واحد يتعلمه المؤمن خير له من عبادة سن وخير له من عتق رقبة من ولد إسماعيل عليه السلامء وأن طالب العلمء والمرأة المطيعة لزوجهاء والولد البار لوالديه يدخلون الجنة مع الأنبياء بغير حساب». وعن الوضاح بن عقبة قال: حفظ مسألة خير من عبادة ألف سنة. قنطرة العلم 0 ومن كتاب الضياء قال: حفظ مسألة من سائر مسائل العلوم خير من عبادة سنة. وقال أبو محمد: حفظ مسألة تعدل عبادة ستين سنةء وهي التي على الإنسان فرض مثل التوحيدء وما لا يسع جهله. قال: ومن نسخ العلم ليتعلمه ويحفظه فهو أفضل من الصوم والصلاة بعد أداء الفرض وتعليم / باب أفضل من مائة ركعة. 1/1 ومن كتاب حياة القلوب قال: وروي عن النبي يِل أنه قال: «باب من العلم يتعلمه الرجل خير له من الدنيا لو كانت لقمة في كفه فوضعها في الأخرة». وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «خير دينكم أيسره» وخير عبادتكم الفقه». وعنه عليه الصلاة والسلام من طريق جابر بن زيد رضي الله عنه أنه قال: «خصلتان لا تجتمعان في منافق: حسن سمت و[لا]' فقه في الدين»". ولا تشكن في الحديث لنفاق بعض فقهاء الزمان فإنه ما أراد به الفقه الذي ظننت وسيأتي معنى الفقه ‏ إن شاء الله تعالى - وأدنى درجات الفقه أن يعلم أن الاخرة خير من الدنيا. وهذه المعرفة إذا صدقت وغلبت عليه بِرّأته من التفاق والرياء - إن شاء الله تعالى -. وعنه عليه الصلاة والسلام قال: «أفضل الناس المؤمن العاقل الذي إذا احتيج إليه نفع وإن استغنى عنه أغنى نفسه). وعنه عليه الصلاة والسلام قال: «الإأيمان عريانء ولباسه التقوى» وزيته الحياء» وثمرته العلم»* . (١) قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (۹/۱): رواه اين حبان في روضة العقلاءء وابن عبد البر موقوفاً على الحسن البصري ولم أره مرفوعاً إلا بلفظ: «خير له من ألف ركعة» رواه الطبراني في الأوسط بسند ضعيف من حديث آبي ذر. (۲) ما بين المعقوفين من الترمذي. (۳) قال الترمذي (٤۲۸): هذا حديث غريب» ولا نعرف هذا الحديث من حديث عوف إلا من حديث هذا الشيخ خلف بن آيوب العامري› ولم أُر أحداً يروي عنه غير آي كريب محمد بن العلاء ولا أدري كيف هو. قلت: هو ضعيف» ضعفه يحيی بن معين. وقال ابن حجر في التقربب: فقيه من آهل الرآي ضعفه یحیی بن معین؛ ورمی بالإرجاء (۱/٢۲۲). () قال العراقي في المغتي عن حمل الأسفار (١/1): رواه الحاكم في تاريخ نيسابور من حديث أبي الدرداء بإسناد ضعیف . [۸٤/ب] ٦ قنطرة العلم واطلب العلم حتى تنكسر العصا وتتخرق النعلان . وعنه ي أنه قال: «أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم والجهاد فأما أهل العلم فدَلُوا الناس على ما جاءت به الرسل» وأما أهل الجهاد فجاهدوا بأسيافهم على ما جاءت به الرسل»” ` . وعنه َل قال : «موت قبيلة یسر من موت عالم». وروي عنه يلو أنه قال : فمن ظن أن للعلم غاية فقد بخسه حظه ووضعه في غير متزلته التي وضعه الله فيها حيث قال : وما ويم شن ايلم إلا قيا ». وقال عليه الصلاة / والسلام: «فضل العلم خير من فضل العبادة» . وإنما كان كذلك» لأن العلم يبعث على فضل العبادةء وأما العبادة لا تكون عبادة مع خلوها من العلم . وعنه عليه الصلاة والسلام قال: «الناس معادنء فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا». وعنه عليه الصلاة والسلام قال: «يوزن يوم القيامة مداد العلماء› ودم الشهداء» . وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : فمن حفظ على أمتي أربعين حديثاً من السّنة حتى يؤديها إليهم كنت له شفيعاً وشهيداً يوم القيامةء ومن حمل على أمتي أربعين حديثاً لقي الله عز وجل فقيهاً عالما»*. وعنه عليه الصلاة والسلام قال : «من تفقه في دين الله عز وجل کفاه الله همه ورزقه من حیٹ لا یحسب» ۷٩ ۰ )۱( قال العراقي في المغني (1/1): رواه أبو نعيم في فضل العالم العفيف من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف . (۲) قال العراقي في المغني (1/۱1): رواه الطبرانيء وابن عبد البر من حديث أبي الدرداءء وأصل الحديث عند بی اللرداء. (۳) سورة الإسراء الآية: 80. (4) قال العراقي في المغني (١/1): متفق عليه من حديث أبي هريرة. (٥) قال العراقي في المغني (1/۱): رواه ابن عبد البر من حدیث أي الدرداء بسند ضعيف. (1٦) قال العراقي في المغني (۷/۱): رواه ابن عبد البر في العلم من حديث اين عمرء وضعفه (۷) قال العرافي في المغني (۷/۱): روا الخطيب في التاريخ من حديث عبد الله بن جزء الزييدي بإسناد صهعشا. قنطرة العلم £۷ وعنه عليه الصلاة والسلام قال: «يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء»” . فأعظم برتبة تتلو النبوة وتعلو فوق الشهداء مع ما ورد من فضل الشهادة . وعنه عليه الصلاة والسلام قال : «يبعث العباد يوم القيامة ثم يبعث العلماءء ثم يقول: يا معشر العلماء إني لم أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم ولم أضع علمي فيكم لأعذبكم؛› اذهبوا فقد غفرت لك" رواه الغزالي في کتابه . وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قيل له: يا رسول الله: أي الأعمال أفضل؟ فقال: «العلم بالله سبحانه». قيل: أي الأعمال تريد يا رسول الله؟ قال: «العلم بالله سبحانه». فقيل: نسأل . الجهل»”. نت ت ‎A‏ وقال عليه الصلاة والسلام: «عمل قليل في علمء خير من عمل کڻير في جهل». وعنه عليه الصلاة والسلام قال: «أوحى الله إلى إبراهيم / عليه السلام أني عليم أحب [1/45] کل علیم»*". وعنه يِل أنه قال: «العالم أمين الله في الأرض“. وقال عليه الصلاة والسلام: «صنمفان من أمتي إذا صلحا صلح الناس: الأمراء والفقهاء»“ . وعنه عليه الصلاة والسلام قال: «إذا أتى علي يوم لا ازداد فيه علماً يقربني إلى الله عز وجل» فلا بورك لي في طلوع شمس ذلك اليو م»"٩. () قال العراقي في المرجع السابق: رواه ابن ماجه من حديث ابن ماجه من حديث عثمان بن عفان بإسناد () قال العراقي في المرجع السابق (۸/۱): روا الطبراني من حديث أبي موسى بسند ضعيف. (۳) قال العراقي في الموضع السابق: رواه ابن عبد البر من حديث أنس بسند ضعيف. () قال العراقي في المغني (۷/۱): رواه ابن عبد البر تعليقاء ولم أظفر له بإسناد. () وفي المرجع والموضع السابق: قال رواه ابن عبد البر من حديث معاذ بسند ضعيف. () وقال في الموضع والمرجع السابق: رواه ابن عبد البر وأبو نعيم من حديث ابن عباس بسند ضعيف. (۷) وقال في الموضع والمرجع السابق: رواه الطبراني في الأوسطء وأبو نعيم في الحليةء وابن عبد البر في = £۸ قنطرة العلم وعنه عليه السلام قال: «فضل العالم على العابدء كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب» وفضل العالم على العابد كفضلي على أدنى رجل من أصحابي». فانظر كيف جعل العلم مقارناً لدرجة النبوة؟! وكيف حط رتبة العقل المجرد عن العلم؟! وإن كان العابد لا يخلو عن علم بالعبادة التي يواظب عليها ولولاه لم تكن عبادة. وعنه عليه السلام أنه قال: «فضل المؤمن العالم» على المؤمن العابك» سبعون درجة»”°. وفي حديث آخر: «بين العالم والعابد مائة درجة ما بين كل درجتين حضر أسرع الجواد المضمر سبعين سنة. وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إنكم أصبحتم في زمان کثیر فقهاؤهء قلیل خطباؤه؛ قليل سائلوه» كثير معطوه» وسيأتي على الناس زمان قلیل فقهاؤه؛ کثیر خطباؤه» قلیل معطو كثير سائلوه» العلم فيه خير من العمل« . وروى الغزالي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «نظرة إلى العالم أحب إِليّ من عبادة سنةا. وعنه عليه السلام أنه قال: «ألا أدلكم على أشرف أهل الجنة»؟ قالوا: بلى يا رسول الله . قال: «هم علماء أمتي». وأمثال هذا الحديث كثيرة . وأما الأثار: فروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: عليكم بالعدل قبل أن يرفع» ورفعه أن تهلك رواته فوالذي نفسي بيده ليؤذن رجال قتلوا في سبيل الله شهداى أن [٠/ ب]يبعٹهم / الله علماء لما يرون من کرامتهم؛ وأن أحداً لم يولد عالماً وإنما العلم بالتعلم*° . = العلم من حديث عائشة بإستاد ضعيف. )۱( وقال في الموضع والمرجع السابق: روا الترمذي من حديث أبي أمامة وقال حسن صحيح. )۲( وقال في الموضع والمرجع السابق: رواء ابن عدي من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف» ولابي یعلی نحوه من حدیث عبد البر بن عوف. (۳) قال العراقي في المغني (۸/۱): رواه الأصبهاني في الترغيب والترهيب من حديث ابن عمرء عن أبيهء وإسناده ضعيف. )٤( وقال في المصدر السابق: رواه الطبراني من حديث حزام بن حکيم عن عمه وقيل: عن أبيه وإستاده ضعيف (٥) راجع إحياء علوم الدين (١/۹). قنطرة العلم ۹٤ وعن الحسن أنه قال: يوزن مداد العلماء بدم الشهداء وقال الحسن في قوله عز وجل : لري ايتا في لديا حَسَةُ 32 قال: هي العلم والعبادة» «وَفِي الأخِرَوحَسَنَة€” قال: هي الجنة. وقال مصعب بن الزبير لابنه: تعلم العلم فإن كان لك مال كان لك جمالاء وإن لم يكن لك مال كان لك مالآ . وقال عبد الملك بن مروان لبنيه: يا بني تعلموا العلم فإن كنم سادة فقتم› وإن کتم وسطاً سدتم» وإن كنتم سوقة عشتم. وقيل لبعض الحكماء: أي الأشياء يقتنى؟ قال: الشيء الذي إذا غرقت سفينتك سبح معك ‏ يعني العلم - وقيل : أراد بغرق السفينة هلاك بدنه بالموت . وقال بعض الحكماء: العلم شرف لا نديم لهء والأدب مال لا خوف عليه . وقال بعضهم: من اتخذ الحكمة لجاماء اتخذه الناس إماماء ومن عرف بالحكمة لاحظته العيون بالوقار”°. وقال بعض البلغاء : تعلم العلم فانه يقَوّمك› ويسددڭك صغيراء ويقدمك ويسودك کبیرا ويصلح زيغك وفسادك ويرغم عدوك وحاسدك ويقوم عوجك وميلك ويصحح همتك وأملك . وقال بعض العلماء: من شرف العلم أن كل من نسب إليه ولو في شيء صغیر فرحء ومن دفع عنه حزن . وقال کمیل بن زیاد: أخذ بيدي علي بن آبي طالب فأخرجني إلى ناحية الجبانةء فلما أصحر تنفس الصعداء ثم قال لي: يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير . يا كميل احفظ مني ما أقول: لك الناس ثلاثة عالم ربانيء ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق› لم يستضيئوا بنور العلمء ولم يلجأوا إلى ركن وثيق . (١) سورة البقرة الآية: ٠٠٠. () سورة البقرة الآية: ٠٠٠. )۳( راجع الإحياء (۹/۱). (8) راجع الإحياء (4/۱). (0) راجع الإحياء (4/۱). 0 قنطرة العلم وقال: إن هاهنا لعلماً جماً ‏ أي كثير - وأشار بيده إلى صدره؛ لو أصبت له حملة بلى [/] قد أصبت لفناء غير مأمون» ويستعمل آلة الدين في طلب الدنيا ويستظهر بحجج الله / وبكتابه ]۲٥/1[ وبنعمه على معاصيه» أو منقاداً لأهل الحق لا بصيرة له في إنجائهء يقتدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهةء لا يدري أين الحق؟ إن قال أخطأء وإن أخطاً لم يدرء مشغوف بکلام بدعته» بدله فيها بالصوم والصلاةء فهو فتنة لمن افتتن بعبادتهء وأن من الخير كله من عرّفه الله دينه»؛ وكفى بالمرء جهلاً أن لا يعرف دينهء وإن من أبغض خلق الله إليه: عبداً وكله الله إلى نفسه إلا لا ذا ولا ذاكء أو من هو متهوم باللذات سلس القيادة إلى الشهوات» أو مغرماً بجمع الأموال والإدخار منقاداً لهواهء وليس من دعاة الدين أقرب شبهاً به الأنعام السائمة . كذلك يموت العلم بموت حامله ثم قال: اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله عز وجل بحججه» إما ظاهراً مشهوراء وإما خفياً مغموراً لتلا تبطل حجج الله ومیثاقه بكم وأين أولثك الأقلون عدداً الأعظمون قدرآ؟ بهم يحفظ الله حججه حتى يؤديها في قلوب أشباههم؛ يا كميل: العلم خير من المالء العلم يحرسك وأنت تحرس المالء المال تنقصه النفقة والعلم يزكو بالإنفاق» يا كميل: صحبة العالم دين يدان الله به تكسبه الطاعة في حياتهء وجميل الأحدوثة بعد وفاتهء ومنفعة المال تزول بزوالهء والعلم حاكم والمال محكوم عليه . يا کميل: مات ران الأموال وهم أحياءء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم من الأرض مفقودةء وأمثالهم في القلوب موجودة هجم بهم العلم على حقيقة الأمرء فباشروا روح اليقين» واستأذنوا ما استودعوه منه المترفون» وأيِسُوا بما استوحش منه الجاهلون . صحبوا الدنيا بإدبار بل بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى . يا كميل: أولثك خلفاء الله في أرضه» والدعاة إلى دينه هاه شوقاً إلى رؤيتهم”٩. وقال ايضاً: العالم أفضل من الصائم القائم المجاهد وإذا مات العالم / ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها إلا خلف مثله . وقال أيضاً نظماً هو أو غيره: نفس كنفس وأرواح مشاكلة وأعظم خلقت فيهم وأعضاء (۱) ذكره الغزالي في الإحياء مختصراً (۸/۱). قنطرة العلم وإن يكن لهم في أصلهم نسب لا فخر إلا لأهل العلم إنهم الناس موتى وأهل العلم أحياء الناس أرض وأهل العلم فوقهم قل للذي يدعي في العلم معرفة ووزن کل امریء ما کان يحسنه وضد كل امرء ما کان يجهله يتفاخرون به فالطين والماء هم الهداة لمن استهدى أدلاء الناس مرضى وهم فيهم أطباء سنا ونورا فما في التور ظلماء علمت شا وغابت عنك : أشياء والجاهلون لأهل العلم أعداء وللرجال على الأفعال أسماء° 2 وقال أبو الأسود الدؤلي: ليس شيء أعز من العلم» الملوك حكام على التاس» والعلماء حكام على الملوك". وقال علي : قيمة كل امرىء ما كان يحسنهء وقيل لبزرجمهر: العلم أفضل أم المال؟ فقال: بل العلم. قيل: ما بالنا نرى العلماء على أبواب الأغنياءء ولا نكاد نرى الأغنياء على أبواب العلماء؟ فقال: ذلك لمعرفة العلماء بمنعفة المال وجهل الأغنياء بفضل العلم . وقيل لبعض الحكماء لم لا يجتمع العلم والمال قال: لعز الكمال. وقال ابن المعتز في منثور الحكم: العالم يعرف الجاهل؛ لأنه كان جاهلاء والجاهل لا يعرف العالم؛ لأنه لم يكن عالماً. وهذا صحيح؛ ولأجله انصرفوا عن العلم وأهله انصراف الزاهدين واتحرفوا عنه اتحراف المعاندين لأن من جهل شيئاً عاداء قال الله سبحانه: وبل كَذْبُوا ما لم يحيطوا بعلمە4”. وقال: «إِ لم يَنَدُوا به فَسَيقُولُوَ هذا نك رب . ولذلك قال يحيى بن خالد لابنه: يا بني عليك بكل نوع من العلم فإن المرء عدو ما جھل وآنا أکره / أن تكون عدو الشيء من العلم . تفتن وخذ من كل علم فإنما 78 يفوق امرؤ في کل فن له علم () ذكره الغزالي ني الإحياء مختصراً (١/۸). () راجع المرجع السابق. : (۳) سورة يونس الأية: ۳۹. (8) سورة الأحقاف الآية: ١٠. ‎oY‏ | قنطرة العلم وسئل ابن المبارك: مَن الناس؟ فقال: العلماء. فقيل: من الملوك؟ قال: الزهاد. قيل: من السفلة؟ قال: الذي يأكل بدينهء ولم يجعل غير أهل العلم من الناس” . ‏وقال بعض الحكماء : لیت شعري أي شيء أدرك من فاته العلمء وأي شيء فات من أدرك العلم . ‏وقال فتح الموصلي: أليس المريض إذا منع الطعام والشراب والدواء يموت؟ قالوا: بلى . قال: كذلك القلب إذا منع عنه الحكمة ثلاثة أيام يموت. ‏ولقد صدق فإن غذاء القلب العلم والحكمة وبه حياته كما أن غذاء الجسد الطعامء ومن فقد العلم فقلبه مريض وموته لازم ولكنه لا يشعر به إذ حُب الدنيا وشغله بها أبطل إحساسه كما أن غلبة الخوف قد تبطل إحساس ألم الجرح فى الحالء وإن كان واقعاء فإذا حط الموت عنه أثقال الدنيا أحس بهلاكه وتحسر تحسراً لا ينفعهء كإحساس المفيق عن سكر بما أصابه من الجراحات في حالة السكر أو الخوف» فنعوذ بالله من يوم كشف الغطاء؛ فإن الناس نيام فإذا ماتوا انتهبوا"' . ‏وأنشد يقول: ‏وفي الجهل قبل الموت موت لأهله فأجسامهم قبل القبور قبورُ والمُلكء فاختار العلم؛ فأعطي المال والملك مع . ‏وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: أيها الناس عليكم بالعلم فإن لله سبحانه 07 رداء يحبه فمن يطلب باباً من / العلم رداه الله بردائه فإن أذنب ذنباً استعتبه [ثلاث مرات] لثلا يسلبه رداءه ذلك وإن تطاول ره ذلك الذنب [حتى يموت]°٩. (١) في الإحياء: قال: الذين يأكلون الدنيا بالدين؛ ولم يجعل غير العالم من الناص (1/ 8). (۲) راجع الإحياء مختصراً (۸/۱ء 4) بتصرف. () المصدر السابق وما بين المعقوفين منه. () المصدر السابق وما بين المعقوفين منه. ‎ ‎ قنطرة العلم ‎o۳‏ وعن الأحنف بن قيس قال: كاد العلماء أن يكونوا أرباباً فكل عز لم يؤكده" علم فإلى ذل بص ٩ . وی وصايا لقمان لابنه قال : يا بتي جالس العلماء وزاحمهم بركېتىك ؛ إن الله سبحانه يحي القلوب بنور الحكمة كما يحي الأرض بوابل السماء“ . وقال بعض العلماء: إذا مات العالم بكى الحوت في الماء والطير في الهواءء ويفقد .نے )0( ۱ وجهه ولا ینسی ذکره . قال: ووقف بعض المتعلمين بباب عالم ثم نادى: تصدقوا علينا بما لا يتعب ضرساًء ولا يسقم نفس فأخرج له طعاماً ونفقة. فقال : فاقتي إلى کلامکم أشد من حاجتي إلى طعامكم إِني طالب هدى لا سائل نداء فأذن له العالم وأفاده من كل ما سألء فخرج جذلاناً فرحاً وهو يقول: علماً أوضحٌ لبْساً خير من مال آغنی نفساً. فصل وأما فضل العلم من جهة المعاني والعقل» أما من جهة المعاني فوجوه كثيرة أيضاً وذلك أن الله سبحانه قال في كتابه: َل ماع ادنيا قل . التنافس» وعَظم العلم وجعله خيراً كثيراء فإذا كان هذا القليل الفاني يتنافسون فيه الناس هذا التنافس» ويقتتلون عليه هذا القتال ويطلبونه هذا الطلب . فهذا المعنى الذي شرفه الله وعظمه وجعله خيراً كثيراً أولى بالتنافس فيه وشدة الحرص عليه والطلب له إذ فيه عز الدنيا والأخرة والحياة الأبدية والنجاة في العاجل والاجل وأيضاً فإنه سبب النجاة من المهلكات في الدثيا والأخرة؛ لاأن المعاصي فيها الهلاك في الدثيا والأاخرة والطاعة / فيها النجاة في الدنيا والأخرةء ولا يتوصل إلى معرفة الطاعة والمعصية إلا بالعلم. [ەە/ب] () في الإحياء: يوطد بعلم. )۲( في الإحياء: مصيرهء راجع (۹/۱). () راجع المصدر السابق. (8) في الإحياء: بكاه. )0( المصدر السابق. )١( سوره النساء الآية: ۷۷ . ‎o‏ قنطرة العلم ‏والدليل على فضل العلم من جهة العقل أيضاً أن العلم سبب سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة: أما في الدنيا فالعز والوقار ونفوذ الحكم على الملوك ولزوم الاحترام في الطباع حتى أن أغنياء جهال العرب والعجم يصادفون طباعهم مجبولة على التوقير لمشايخهم لإختصاصهم بمزيد علم مستفاد من التجربة بل البهيمة بطبعها توقر الإأنسان؛ لشعورها بتمييز الإنسان بكمال مجاوز لدرجتها. ‏وأما في الاخرة فمعلوم أن العلم وسيلة إلى السعادة الأبديةء وذريعة إلى القرب من رب العالمين وأعظم الأشياء في حق الادمي ما هو وسيلة إلى ذلكء ولن يتوصل إلى القرب مته عز وجل إلا بالعمل والعلم ولا يتوصل إلى كيفية العمل إلا بالعلم؛ فأصل السعادة في الدنيا والاخرة هو العلم فهو إذن أفضل الأعمال. ‏وسئل ابن المبارك عن الناس فقال: العلماى ولم يجعل غيرهم من الناس؛ لأن الخاصية التي يميز بها الإأنسان عن ساثر البهائم هو العلم. ‏فقيل للإنسان إنسان بما هو شريف من أجله وليس ذلك بقوة شخص؛ فإن الجمل أقوى مته ولا بعظمة؛ لأن الفيل أعظم منهء ولا بشجاعة فان السبع أشجع منه ولا بكثرة الأكلء فإن الجمل أوسع بطتناً من ولا بقوة شهوة الجماع فإن أخس الطيور أقوى سفاداً منه بل لم يخلق إلا للعلم وبالله التوفيق. ‏وأما من جهة المحسوس فإن هذه الصنائع كلها التي جعل الله فيها قوام النفوس والأبدان من: بناء وحراثة وخياطة إلى غير ذلك من أسباب المنافع لو جهل الناس ذلك كله لاختل ‏]٦٥/1[ أمرهم ومعاشهم وانعدمت المنافع وهلك الجميع / ثم رأينا هذا الإنسان العالم بالصنعة يكتسب ‏منها الخير ويجلب بها منافع كثيرة والجاهل بالصنعة لا يجلب منفعة قد تعطل من جميع المنافع وضع واحتاج واختل أمر معيشته ودينه فلا يستوي مَنْ علم شيثاً مع من جهله قال الله تعالی: لدل حل يَسْتَوى الَِينَ يَعْلَمُودَ وَألَِينَ لا يعلَمُون€”. ‏وأيضاً فإن الكلب المعلم قتله للصيد ذكاة له وإباحة لأكلت وغير المعلم يجيف الصيد ويفسده فيحرم أکله. ‏وكذلك العالم العامل إنما تصح عبادته بعلمه والجاهل لا تصح عبادته› لاانه عمل ‏)۱( سورة الزمر الآية: ۹. ‎ ‎ قنطرة العلم ‎o‏ ‏بالجهل فأجاف العبادة وأفسدها كما أن الكلب غير المعلم أجاف الصيد وأفسده فحرم أكلهء وغير ذلك من المعاني المحسوسة في فضل العلم كثير وبالله التوفيق. الباب الثاني في فضل التعلم والتعليم الأول: في فضل التعلمء أما الأيات فقد قال الله سبحانه: وما كان اَلَمُوْمِتُونَ قروا كان إلى قوله: ويروا فَوْمَهّمٌ€” الآية. وذلك فيما وجدت في الأثر: أن الناس في عهد النبي عليه السلام يخرجون جميعاً في الجهاد فنزلت هذه الاية حثاً منه تعالى في التعلم أن يقيم بعضهم بعضاء ويغزوا بعضهم فتقدم الغزاة فيخبرهم القاعدون بما أحدث الله على نبيه ‎se AEA e O‏ ن عليه السلام› وذلك في قوله تعالى : ليَففَهوا فى الذين. ...4 الاية. وقال تعالى أيضاً: «فَاسْتَلوا هل الذَكر ِنْ كنم لا تَعْلَمُون»” وأما الأحاديث الواردة في التعلم فكثيرة كقوله عليه السلام من طريق جابر بن زيد عن أنس بن مالك عن رسول الله َي قال: «اطلبوا العلم ولو بالصين°° . والصين أقصی بلاد التوحيد فلما / أوجب طلب العلم بالصين دل ن طلبه فيما دون ذلك أأكد وأوجب. بطلب» ٠ . قال الربيم عن أبي عبيدة رحمهم الله : وضع الأجنحة من الملائكة بدل من رفع الأيدي في الدعاء . () سورة التوبة الآية: ١۱۲. () سورة التوبة الآية: ١١۱. (۳) سورة التوبة الآية: ١١۱. (8) سورة التحل الأية: ۳٤ . () قال العراقي في حمل الأسفار (4/۱): رواء اين عدي والبيهقي في المدخل والشعب من حديث أنس. وقال البيهقي: متنه مشهور وأسانيده ضعيفة. )1( وفي المرجع السابق: رواه أحمدء وابن حبان والحاكم وصححه من حديث صفوان بن عسال. [۷/ ب] 2 قنطرة العلم ومن طريق أبي هريرة عنه عليه السلام قال: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سَهّل الله له طريقاً إلى الجنةه” . حشره الله يوم القيامة آمناً ويرزقه الورود على الحوض؟. وعنه عليه السلام قال: «لأن تغدو فتتعلم باباً من العلم خير من أن تصلي مائة ركعة»٩. وعنه عليه السلام قال: «باب من العلم يتعلمه الرجل خير له من الدنيا وما فيها»” . وعنه عليه السلام تال: «العلم خزائن ومفاتحه السؤال [ألا]'' فاسئلوا فإنه يؤجر فيه أربعة: السائل» والعالم» والمستمع والمُحب لهم”°. وعنه عليه السلام قال : « ا ينبغي للعالم أن يسكت عن علمه». وفي حدیث آبي ذر: ور مجلس العلم أفضل من صلاة ألف ركعة وعيادة لف مريض وشهود ألف جناز ة۷ . فقيل یا رسول الله : ومن قراءة القرآن؟ فقال اد : وهل ينمع القرآن إلا بالعلم)؟ . )۱( المصدر السابق بنحوه قال ؛ رواه مسلم من حدیث أبي هريرة. )۲( المصدر السابق وقال : روه ابن عبد البر من حديث أي ذره ولیس إستاده بذاك والحديث عن ابن ماجحه بلفظ آخر. )۳( المصدر السابق وقال: رواه ابن حبان في روضة العقلاءء وابن عبد البر موقوفاً على الحسن البصري ولم أره مرفوعاً إلا بلفظ : خير له من مائة ركعة. رواه الطبراني في الأوسط بسند ضعيف من حديث أبي ذر. )٤( ما بين المعقوفين من إحياء علوم الدين ۱/ ٠) وعلق عليه العراقي بقوله: رواه آيو نعيم من حديث علي مرفوعا بإسناد ضعیف . (0) ما بين المعقوفين من إحياء علوم الدين (۱/٠٠) وعلق عليه العراقي بقوله: رواه أبو نعيم من حديث على مرفوعاً بإسناد ضعيف . () قال العراقي ئي امغتي ‏ (۱/١٠)(: روا برقي في الأرسط. وابن مردويه في التفسير› وابن السنيء وأبو )۷( قال راي في المي )۰/۱ 1( ذکر. 9 الجوزي في الموضوعات من حدیثٹ عمر » ولم أجده من طريق آبي ذر. فنطرة العلم ْ ‎ov‏ الأنبياء فى الجنة درجة واحدةا ` . وعنه عليه السلام قال : «من جاءه الموت وهو يطلب العلم ليحي به الإسلام فبینه وبين ۱( وأما الآثار فروي عن أبي الدرداء أنه قال: لئن أتعلم مسألة أحب إلي من قيام ليلة٩. وقال أيضاً: العالم والمتعلم شريكان في الأجر”"ء وسائر الناس همج لا خير فيهم”°. وقال أيضاً: كن في الدنيا عالماً أو متعلماً أو مستمعاً ولا تكن الرابع فتهلك””. وقيل لكسرى / أنوشروان: ما بالكم لا تستفيدون من العلم شيثاً إلا زادكم عليه حرصاً؟ [1/۰۸] قال: لأنا لا نستفيد منه شيئاً إل ازددنا بعظم منفعته علماً. قيل: ما بالكم لا تأنفون من التعلم من كل أحد؟ قال: لعلمنا أن العلم نافع من حيث أخذ. وعن سعید بن جبیر قال: كنت عند ابن عباس جالساً إِذ آتاه أهل التفسير فسألوه» وآتاه اهل القرآن فقرأوا عليه فأخذ عليهم بالإعراب. ثم جاءه أهل الحلال والحرام فسألوه» ثم جاء أهل العربية فسألوه فأخبرهم» حتى جاءه قوم من آهل فارس فسالوه عن رستم واستبندياد فأخبرهم بحديثهم» فقمت إليه فقبلت رأسه فقلت: يا ابن عم رسول الله عليه السلام: ما على الأرض أعلم منك! فتبسم . وعن ابن عباس قال: ذللت طالباً فعززت مطلوبا. وعن محمد بن كعب القرظي قال: سمعت ابن عباس يقول: والله لربما مررت بالاية من كتاب الله عز وجل في جوف الليل فلا أعرف فيمن نزلت» فاخذ ثوبيء ثم آتي المسجد وأصحاب رسول اله يٍَ وأوقظ الرجل منهم وأسأله فيمن نزلت آية كذا وكذا؟ فإن لم أجد عند واحد منهم أتيت آخرء كذلك حتى أمر عليهم جميعاء وربما غدوت علهيم فأمُرَ بالمهاجرين فأسألهم› إن لم أجد عندهم أتيت الأنصار فأََعِهِم رجلا رجلا حتى أجد حاجتي . (۱) )۲( )۳( )٤( )0( وفي المرجع السابق قال: رواه الدارميء وابن السني في رياضة المتعلمين من حديث الحسنء فقيل هو ابن علي وقيل هو ابن يسار البصري» فیکون مرسلاً۔ راجع إحياء علوم الاين (١/١٠). في الإحياء الموضع السايق: «الخير. راجع إحياء علوم الدين (١/١٠). . راجع المصدر السابق. ‎o۸‏ قنطرة العلم ‏وكان فيما بلغنا: ينام على أبواب الصحابة في الهواجر حتى يلفح وجهه للتعلم منهمء وكان له قلب عقول ولسان سئول حتى فاق أهل زمانه علماً وفقهاً ويسمونه البحر لما فيه من كثرة فنون العلم. ‏ويقال له قعد ذات يوم مع أصحابه فقال لهم : اسألوني ما دون السماء السابعة والأرضين ‏[۹٠/ب] السفلى فأخبركم به؛ ولذلك قال ابن أبي مليكة: ما رآیت مثل ابن عباس إذا رأیته / رایت ‏أحسن الناس وجها فإذا تكلم فأعرب الناس لساناً وإذا أفتى فأكثر الناس علماً. ‏وقال بعض العلماء: تعلموا فإذا تعلمتم فاعملوا وعلمواء وقال: فإذا تعلمتم علماً فأكظموا عليه ولا تخلطوه بضحك ولا بباطل فتمجه القلوب . ‏وقال بعض الحكماء لبنيه: تعلموا العلم؛ فإن لم تنالوا به في الدنيا حظاً فلإن يذم الزمان لکم خیر من أن ذم بکم. ‏وعن الأصمعي أنه قال: رآني أعرابي في البادية وآنا أطلب العلم» فقال: يا أخا الحضر عليك بلزوم ما آنت فيه؛ فإن العلم زين في المجالس وصلة للإخوان وصاحب في الغربة ودليل على المروءة ثم أنشأً يقول شعراً: ‏تعلم فليس المرء يولد عالماً وليس أخو العم كمن هو جاهل ‏وإن كبير القوم لا علم عنده صغير إذا التشت عليه المحافل ‏الأبيات المشهورةء قال: ورآني أعرابي أكتب كل ما أسمع فقال: ما أنت إلا الحفظةء تكتب لفظ اللفظة . ‏قال ورآني أعرابي آخر وآنا أكتب كل ما أسمعم؛ فقال: أنت حتف الكلمات الشاذة . الأدب؛ فإنه دليل على المروءةء وزيادة في العقلء وصلة في المجلس وأنشد شعراً: ‏من كان للدهر خدنا في تصرفه أهدت له صفوة الأيام تجريباً ‏من كانوا خلوا من الأداب سربله كر الليالي مع الأيام تدريباً ‏ويقال الأدب نوعان : آدب درس» وأدب نفس وهو أف ۱ ا وأنشد يقول: ‎ قنطرة العلم ۹ أدب المرء كلحيم ودم ما حواه جسد إلا صلح لو وزنتم تايب وااحد ألف ألف من ذوي الجهل رجح فصل ويروى أن النبي عليه السلام جاءه رجل من مراد يقال له: صفوان بن غسان المرادي وهو متكىء على مرد له أحمر في المسجد فقال له: يا رسول الله جئت اطلب العلم؛ فقال: «مرحباً يا طالب العلم إن طالب العلم لتحف به الملائكةء وتسكنه بأجنحتهاء يركب بعضهم بعضاً حتى تبلغ قوائم العرش» يستغفرون له؛ ويصلون عليهء ويترحمون عليه لفرحهم بما يطلب ء صلوات الله عليهم؟. أبو أمامة الباهلي عنه عليه السلام قال : «يا أيها الناس عليكم بالعلم قبل أن يرفع وقبل أن يقبض »٠ فالعالم والمتعلم كهذە وهذه» - وجمع بين أصبعيه الوسطى والتي تليها- «شريکان في الأجرا. وعنه عليه السلام قال: «مَنْ خرج من بيته يريد مسجدي هذا لا يريد إلا ليتعلم خيراً أو يعلمه كان كمنزلة المجاهد في سبيل الله». قال: وسمعنا عنه عليه السلام أنه كان يقول: إن الموت إذا جاء طالب العلم على هذه الحالة مات شهيداً». وعنه عليه السلام قال: «إذا جلس العالم على فراشه فنظر في علمه ساعة كان أفضل من عبادة المؤمن عاما» . وعنه عليه السلام قال: «كونوا علماء صالحين› فإن لم تكونوا علماء صالحين فجالسوا العلماء واسمعوا علماً يدلكم على الهدى ويردكم عن الردى؟. وعن معاذ بن جبل أنه قال في التعلم والتعليم: تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية وطلبه عبادة» ومدارسته تسبيح والبحث عليه جهاد› وتعليمه لمن لا يعلمه صدفةء وبذله لأهله قربةء وهو الأئيس في الوحدةء والصاحب في الخلوةء والدليل على [الدين والمصبر على]"" السراء والضرّاء» والوزير عند الأخلاء؛ والقريب عند الغرباء"ء ومنار سبيل الجنةء يرفع الله تعالى به )۱( ما بين المعقوفين من إحياء علوم الدين (١/١٠). () في الأصل: «النساء» والتصويب من المصدر السابق. [۱٦/ب] ۹۰ قنطرة العلم أقواماً فيجعلهم في الخير / قادة [سادة]" هداة يقتدى بهم» أدلة في الخير تقتفى” آثارهم› وترمق أعمالهم» ويقتدى بفعالهم» وينتهى إلى رأيهم» وترغب الملائكة في خلتهم» وبأجنحتها تمسحهم» وكل رطب ويابس يستغفرون لهم حتى حيتان البحر وهوامهء وسباع البر وأنعامهء والسماء ونجومها؛ لأن العلم حياة القلوب من العمىء ونور الأبصار من الظلمات””' وقوة الأبدان من الضعف يبلغ به العبد منازل الأبرارء ومجالس الملوك» والدرجات العُلى في الدنيا والأخرةء والتفكر فيه يعدل بالصيام› ومدارسته تعدل”“ بالقيام› به يطاع الله عز وجل» وبه يعبد ٤ ويه بوحد؛ وبه يعمل له ٩ ويه بحمذ › ويه يتور ۶» ويه توصل الأرحام ويعرف الحلال والحرام وهو إمام والعمل تابعه» يلهمه الله تعالى السعداء ويحرمه الأشقياء” ٠ الفصل الثاني: في التعليم أما الآيات: قال الله تعالى: ويرو | فَوْمَهُمْ اذا رَجَُوا ا والمراد بذلك هو التعليم والاارشاد. وقال سبحانه : ورد َد الله مياق الذي أُوتُو ا َلكتابَ لبي لِلَاس ولا تَحْتْمُونَ€“ في هذه الأية إيجاب التعليم . وقوله عز وجل : ون قريقاً مهم لِيَكُمُونَ لحي وَهُمْ يَعْلمُونې وهو تحريم الكتمان. كما قال تعالى في الشهادة : ومن يَكَتْمُهَا ‎AW‏ اث ق ‎Ce‏ 533 وقال سبحانه : ومن لسر قو ‎CR‏ )۱( في الأصل: «النساء» والتصويب من المصدر السابق. )۲( في الإحياء: «تقتص؛ «أنىالهم». (۳) في الإحياء: الظّلم. (4) هذه العبارة ليست في الإحياءء وكذا قوله: في الدنيا والآخرة. (0) لم ترد هذه الكلمة في الإحياء. () الأثر في إحياء علوم الدين (۱۲/۱ء ۱۳) مرفوعء وقال العراقي بهامشه: رواه أبو الشيخ ابن حبان في کتاب الثواب› وابن عبد البر» وقال : ليس له إسناد فوي. (۷) سورة التوبة الأية: ۲ . (۸) سورة آل عمران الآية: ۱۸۷. (۹) سورة البقرة الآية: ١٤۱. (١٠) سورة البقرة الآية: ۲۸۳. (١) سورة فصلت الأية: ۳۳ فنطرة العلم ١٦ وقال تعالى : «وَيَعَلَمَهُمْ اكناب وَأَلْحِكْم4” الآية. وقال تعالى : ادع إلى سيل رَبك بالْحكُمة4” الآية. وأما الأحاديث: فروي عن النبي ييو أنه قال: «ما آتى الله سبحانه عالماً علماً إلا أخذ عليه من الميثاق ما أخذه من النبيين أن يبينه للناس ولا يكتمە» . وعنه عليه السلام لما بعث معاذ رضي الله تعالى عنه إلى اليمن قال: «لأن يهدي الله سبحانه بك رجلا / واحداً خير لك من الدنيا وما فيها»*. ]1/1[ وقال عليه السلام فيما حكي عنه: «من تعلم باباً من العلم ليعلم الناس أعطي ثواب سبعين صدیقا*٩. وعن عيسى عليه السلام أنه قال: من علم وعمل وعلّم” فذلك الذي يدعى عظيماً في ملكوت السماوات والأرض. وعن النبي عليه السلام أنه قال: «إذا كان يوم القيامةء يقول الله عز وجل للعابدين والمجاهدين: ادخلوا الجنةء فيقول العلماء: بفضل علمنا تعبدوا وجاهدواء فيقول الله عز وجل: أنتم عندي كبعض ملائكتي اشفعوا تشفعواء وفيشفعون” ثم يدخلون الجنة». وهذا إنما يكون للعالم المتضدي للتعليم لا اللازم الذي لا يتصدى” . وعنه عليه السلام أنه قال: «إن الله لا يتزع العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس بعد أن يؤتيهم إياءء ولكن يقبض العلم بقبض العلماء وكلما ذهب عالم ذهب بما معه من العلمء حتى إِذا لم (١) سورة الجمعة الآية: ۲. () سورة التحل الأية: ١١٠. )۳( قال العراقي في حمل الأسفار (۱/٠٠): رواه أبو نعيم في فضل العالم العفيف من حديث ابن مسعود بنحوه» وفي الخلعيات نحوه من حديث أبي هريرة. () المصدر السابق (۱/٠٠٠ ١١) وقال: رواء أحمد من حديث معاذء وفي الصحيحين من حديث سهل بن سعد أنه قال ذلك لعلي . )0( المصدر السابق وقال: رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن مسعود بسند ضعيف . 9( في الأصل: «أو». والتصويب من إحياء علوم الدين (١/ ١٠)0 )۷( في الأصل : «اشفعوا فيشفعوا ويشفعون». والتصويب من إحياء علوم الدين (١/١١)ء وقال العراقي في المغني بهامشه: رواه أبو العباس الذهبي في العلم من حديث ابن عباس بسند ضعيف. )۸( في الإحياء: بالعلم المتعذي بالتعليم لا العلم اللازم الذي لا يتعدى به. ۲٦ قنطرة العلم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا. إن سئلوا أفتوا بغير علم فيضلون ويضلون». وعنه عليه السلام قال: «من كتم علماً علمه الله إياه ألجمه الله بلجام من نار يوم .)۲( القامةاv‏ . وعنه عليه السلام: «نعم العطيةء ونعم الهدية كلمة حكمة تسمعها فتنطوي عليهاء ثُم تحملها إلى أخ لك مسلم تعلمه إياهاء تعدل عبادة سنةه . وعنه عليه السلام أنه قال: «إن الله وملائكتهء وأهل السموات والأرض» حتى النملة في جحرهاء وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخيره'. وعنه عليه السلام قال: «ما أفاد المسلم أخاه فائدة أحسن من حديث حسن بلغه فبلغه إياء» . وعنه عليه السلام قال: «كلمة من الخير يسمعها المؤمن فيعمل بها ويعلمها خير له من عبادة سن . وروي أنه عليه السلام خرج دات يوم فرآی مجلسين أحدهما: يدعون الله عر وجل [۳١/ب] / ويرغبون إليه والثانى: يعلمون الناس. فقال: أما هؤلاء فيسألون الله تعالىء فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم» وأما هؤلاء فيعلمون الناس وإنما بعثت معلما». ثم عدل إليهم فجلس )۷( وعنه عليه السلام أنه قال : «مثل ما بلغني بل بعثني الله عز وجل به من العلم والهدى» (١) قال العراقي في !لمغني (۱/١۱): متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو. () قال العراقي في الموضع والمصدر السابق: رواه أبو داود» والترمذي» وابن ماجه؛ وابن حبانء والحاکم وصححه من حدیث آي هريرةء قال الترمذي حديث حسن. (۳) المصدر السابق وقال: الحديث رواه الطبراني من حديث ابن عباس نحوه بإسناد ضعيف. () المصدر السابق وقال: رواه الترمذي من حديث بي أمامة وقال: غريب وفي نسخة حسن. (٥) ني الإحياى والمغني: «أفضل؟ء وقال العراقي في المصدر السابق: الحديث ‏ ذكره- ابن عبد البر من رواية محمد بن المنكدر مرسلاً نحوهء ولابي نعيم من حديث عبد الله بن عمرو: «ما آهدی مسلم لاخیه هدية أفضل من كلمة تزیده هدی أو ترده عن ردي). (1) قال العراقي في المغني (١/٠۱): رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق من رواية زيد بن أسلم مرسلا نحوه» وفي مسند الفردوس من حديث أبي هريرة بسند ضعيف: «كلمة حكمة يسمعها الرجل خير له من عادة سنةا. (۷) وفال العراقي في المصدر والموضع السابق: رواه ابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو بسند ضعيف. قنطرة العلم ۹۳ كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً فكانت منها بقعة قبلت الماء فأنبتت الكل والعشب الكثيرء وكانت منها بقعة أمسكت الماء فتفع الله سبحانه به الناس فشربوا منها وسقوا وزرعواء وکانت منها طائفة قيعاناً لا تمسك ماء ولا تن ست کل . فالأول: ذكره. مثلاء للمنتفع بعلمه. والثاني: للنافعء والثالث: للمحروم منه. وعنه عليه السلام قال: لإِذا مات ابن آدم انقطع عمله إل من ثلاث: علم ينتفع به. . . .٩ الحديث وعنه عليه السلام قال: «الدال على الخير كفاعله»”" ٠ وقال يَلٍ: «على خلفائي رحمة الله فيل: ومن خلفاؤك؟ قال: «الذين يحيون سنتي ويعلمونها عباد اش . وعنه عليه السلام أنه قال: «لا تمنعوا العلم أهله؛ فإن في ذلك فساد دينكم؛ والتباس بصائركم» ثم قرا: إن اَلَذِينَ يَكَكُمُونَ ما رلا من الات وَالَهُدَى ‎E‏ ‏الآية». وعنه عليه السلام قال: «إذا ظهرت البدع في أمتي فعلى العالم أن ينشر علمهء فإن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين». وأما الآثار : فروي عن حمر ين الخطاب أه قال. من حذّث بحدیث فعمل به فله مثل أجر ذلك العمل« . () وقال في المصدر السابق (۱۲/۱): متفق عليه من حديث أبي موسى. () وقال فيه أيضاً: رواء مسلم من حديث أبي هريرة. (۳) وفيه أيضاً: رواه الترمذي من حدیث آنس وقال غریب» ورواه مسلم وابو داود والترمذي وصححه عن أي مسعود البدري بلفظ من دل على خير فله مثل أجر فاعله . () وفيه أيضاً: رواه ابن عبد البر في العلم» والهروي في ذم الكلام من حديث الحسن؛ فقيل: هو اين عليء وقيل: ابن يسار البصري فيكون مرسلاً ولابن السنيء وابي نعيم في رياضة المتعلمين من حديث علي تحوه. () سورة البقرة الآية: ۹١1. )1( راجع إحياء علوم الدين (۱/١۱). ٤ قنطرة العلم البح ”٩ . 1/40 وقال بعض / العلماء: العالم يدخل بين الله تعالى وبين خلقه فلينظر كيف يدخل”°. وقال عطاء: دخلت على سعيد بن المسيب وهو يبكي» فقلت له: ما أبكاك؟ قال: ليس أحد يسالني عن شيء٩. وقال بعض السلف: العلماء سرج الأزمنةء كل واحد منهم مصباح زمانء يستضصي ء به آهل عصره. حد البهيمة إلى حد الإنسانية°. وقال يعض مشايخنا رحمهم الله: مَنْ مشى إلى العالمء فإنه يوزن له سبعة أميال من ستة جهات؛ فإن مات في ذاك مات شهیداً. قال: والنفقة في طلب العلم أفضل من النفقة في الجهاد. وقال : والنظر في الكتاب عبادة . قال : وإِن وقف له حرف فکان في تردیده فانه في ذلك الوقت كالمتشحط بدمه في سبيل اللهء ونفسه في ذلك الوقت تسبيح» وتقليبه الورقات كالمتقلب من نزعة إلى نزعة في سبيل الله . وحكي عن عكرمة قال: إن لهذا العلم ثمناً. قيل: وما هو؟ قال: أن تضعه فيمن يحسن وعن يحيى بن معاذ قال: العلماء أرحم بأمة محمد عليه السلام من آبائهم وأمهاتهم. قيل: كيف ذلك؟ قال: لأن آباءهم وأمهاتهم يحفظونهم من نار الدنياء وهم يحفظونهم من نار الأخرة. وبالله التوفيق . فصل وينبغي للإنسان بل يجب عليه فرضاً أن يتعلم دينه ؛ لأن بمعرفة دينه والعمل به يستوجب (١) راجع إحياء علوم الدين (١/١٠). )۲( راجع إحياء علوم الدين (۱۲/۱). )۳( راجع [حياء علوم الدين (١/۱۲). )0( راجع المصدر السابق. قنطرة العلم ٥٦ الرضوان من ربه وبجهله يستو جب الثيران من خالقه› إذ لا تصح عبادة وفاعلها يجهل صفة کثير في جهل؟. ويقال: ركعتان من عالم أفضل من / عبادة الجاهل سنةء ومسألة من العالم خير من عبادة الجاهل سنة. وهو يريد التعلم عند أبي الربيع سليمان اللالوتي رحمه الله فقال له المعلم : اين ترید؟ فأخبره فقال له: جيد يا بني جيدء الدنيا كلها ظلمة إلا العلم والعالمء فيها ركعتان من عالم خير من عبادة الجاهل ستين سنةء وعبادة الجاهل كحمار الطاحونة يدور ولا يبرح وقال بعض مشايخنا رحمهم الله: من لم تكن فيه خصلة من خصال ثلاث فحیاته کسائر حج أربعين حجة. وتوطين النفس على الشرى في سبيل الله كفعل آبي بلال مرداس بن جدير رحمه الله . والثالث : توطين النفس على طلب العلم وإفادته كفعل أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة رحمه الله مكث في التعليم أربعين سنة ثم مكث بعد ذلك في تعليمه أربعين سنة أخرى. عشرة سنةء ويقال: أنه فقد في طلب العلم اثنتين وثلائين سنةء خمس عشرة سنة عند آبي محمد الكباوي وسبع عشرة سنة عند أبي محمد الدرفي . وأن أبا زكريا الجناوي رحمه الله: مكث في التعلم اثتتين وثلاثين سنةء والله أعلم. وقال بعض الحكماء: الناس ثلائة: قدوة› ومفتد› والثالث لا يفلح . وعن علي عن النبي عليه السلام قال: «ما انتعل عبد قط ولا تخفف» ولا لبس ثوباً ليغدو في طلب العلم إلا قد غفر له حيث يخطو عتبة باب بيته». ويقال: اطلبوا العلم فإن نعمة الجاهل كروضة على مزبلة. وقال / بعض العلماء: كلما حسنت نعمة الجاهل ازداد فيها قبحاً. [٥٦/ب] [٦٦/ب] 1 قنطرة العلم وقال: اطلبوا العلوم" من مظانهاء أي من مواضعها التي يظن بها. ويقال: أول العلم الصمت ثم الاستمتاع ثم الحفظ ثم العمل ثم نشره”. وقال: علم علمك من يجهلهء وتعلم ممن يعلمء فإنك إذا فعلت ذلك علمت ما جهلت؛ وحفظت ما علمت”٩. وقال عطاء: مجلس الذكر يكفر سبعين مجلساً من مجالس اللهو . وقال عمر رضي الله تعالى عنه: موت ألف عابد قائم الليل صائم النهار أهون من موت وقال أبو الدرداء: من رآى أن الغدو إلى العلم ليس بجهاد فقد نقص في رأيه وعقله. وقال البي عليه الصلاة والسلام: «لا حسد إلا في اثتتين: رجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بهاء ويعلمها [الناس]' ورجل آتاه الله مالً فسلطه على هلكته في الحق. وأما الدليل على فضيلة التعلم والتعليم من شواهد العقل» ومن كتاب الغزالي : فإنه لما كان العلم أفضل الأشياء كان تعلمه طلباً لالأفضل» وكان تعليمه للغير إفادة الأفضل لغيره . وبيانه أن مقاصد الخلق مجموعة في الدين والدنيا ولا نظام في الدين إلا بنظام الدنياء لان الدنيا مزرعة للاخرةء وهي المطية والآلة الموصلة إلى الله تعالى لمن اتخذها آلة ومطيةء وصناعاتهم تتحصر في ثلاثة أقسام: أحدها: أصول لا قوام للخلق إلا بها وهي أربعة: أحدها: الزراعة للمطعم . والثاني: الحياكة وهي للملبس. )۱( في الأصل: العلم. فاستبدلت الكلمة بما يناسب السياق . (۳) راجع إحياء علوم الدين (١/١٠). () ما بين المعقوفين من المصدر السابق. (٥) قال العراقي في المغني (١/۱۲): الحديث متفق عليه من أبن مسعود. قنطرة العلم ۷٦ والثالث: البناء وهو للمسكن . الرابع : السياسة وهي / للتالف والاجتماع والتعاون. الثائي: ما هي مهيئة لكل واحدة من هذه الصناعات وخادمة لها ک: الحدادة تخدم الزراعةء وجملة من الصناعةء وكالحلاجةء والغزل فإنها تخدم الحياكة بإعداد عملها. الثالث: ما هي متممة للأصول ومزينة ك: الطحانة والخبز للزراعةء وكالقصارةء وكالخياطة للحياكة . وذلك بالإضافة إلى قوام الحيوان الأرضي مثل أجزاء الشخص بالإضافة إليه فإنها ثلاثة : إما أصول: كالقلب والكبد والدماغ . وإما خادمة له : كالمعدة والعروق والشريانات والأعصاب . وإما مكملة لها ومزينة: كالأظفار والأصابع والحاجبين . وأشرف هذه الصناعات أصولهاء السياسة بالتأليف والاستصلاحء ولذلك يستخدم لا محالة صاحب صناعة السياسة سائر الصتاع . والسياسة في استصلاح الخلق وإرشادهم إلى الطريق المستقيم المنجي في الدنيا والأخرة تنقسم على أربعة مراتب : الأولى: وهي العليا سياسة الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعينء وحكمهم على الخاصة والعامة في ظاهرهم وباطنهم . الثانية: سياسة الخلفاء والملوك والسلاطين على الخاصة والعامة جميعاً ولكن على ظاهرهم لا على باطنهم . الثالثة: سياسة العلماء بالله عز وجل وبدينه الذين هم ورثة الأنبياء وحكمهم على باطن الخاصة فقط ولا يرتفع فهم العامة إلى الاستفادة منهم ولا تنتهي قوتهم إلى التصرف في ظواهرهم بالإلزام والمنع . الرابع: سياسة الوعاظ وحكمهم على بواطن العوام فقط . وأشرف هذه السياسات الأر بع بعد سياسة النبوة إفادة العلم وتهذيب نفوس الناس عن قناطر الخيرات ج/١ م/٦ 1۸ قنطرة العلم [/ب] الأخلاق المذمومة المهلكة وإرشادهم إلى / الأخلاق المحمودة السعيدة المنجية وهو المراد بالعلم. قال: وإنما قلنا إن هذا شرف من سائر الصناعات» لأن شرف الصناعات يدرك بثلاثة أمور. إما بالإلتفات إلى غريزة العقل التي بها يتوصل إلى معرفتها كفضل العلوم العقلية على اللغوية. إِذ تدرك الحكمة بالعقل» واللغة بالسمع والعقل أشرف من السمع. وأما بالنظر إلى عموم النفع كفضل الزراعة على الصياغةء وإما بملاحظة المحل الذي فيه التصرف كفضل الصياغة على الدباغةء إذ محل أحدها الذهب ومحل الأخر الميتة . وليس يخفى أن العلوم الدينية وهي فقه طريق الأخرة إنما يدرك بكمال العقل وصفاء الذكاءى والعقل أشرف صفات الإنسان؛ إِذْ به قبل العبد أمانة الله عز وجلء وبه يصل إلى جوار الله سبحانه وأما عموم النفع فلا يستراب فيه» إذ ثمرة منفعته سعادة الأخرة. وأما شرف المحل فكيف يخفى» والمعلم متصرف في قلوب البشر ونفوسهم» وأشرف موجود على الأرض جنس الإنسان وأشرف جزء من شخص الإنسان قلبهء والمعلم مشتغل بتكميله وتحليته وتطهيره وسياقته إلى القرب من جوار الله سبحانه فتعليم العلم من وجه عبادة الله تعالىء وفن وجه خلافة لله عز وجل وهو أجل خلائفه؛ لأن الله سبحانه قد فتح على قلب العالم خزانة العلم الذي هو أخص صفاته فهو کالخازن لأنفس خزائنه ثم هو مأذون في الإنفاق على كل محتاج إليه'. فاي رتبة أجل من كون العبد واسطة بين ربه سبحانه وبين كل خلقه في تقرييهم إلى الله عز وجل وسياقتهم إلى جنة المأوىٰ. وبالله التوفيق. الباب الثالث في فرض العين [۹٦/ب] اعلم أن كل العلوم شريفة ولكل علم منها فضيلة والإحاطة بجميعها محال / ولذلك قال النبي عليه السلام : : «من ظن أن العلم غاية بخسه حظه ووضعه في غير منزلته التي وصفه الله تعالی بها حيث يقول: وما اَم امم إل قَي4”». (۲) سورة الإسراء الآية: ۸0. فنطرة العلم 1۹ وقال سبحانه: ولو أَنَمَا في الأزض من شَجَرَةٍ أَفْلاَمٌ€ إلى قوله: ما نفدت كُلمَات اللڳ ٩ . وقال بعض الحكماء : ولو كنا نطلب العلم لنبلغ غايته كنا قد بدأنا العلم بالنقيصةء ولكننا نطلبه لنتقص كل يوم من الجهل ونزداد كل يوم من العلم . وقال بعض البلغاء: المتغمق في العلم» كالسابح في البحر ليس يرى أرضاً ولا يعرف طول ولا عرض وینشد: يا نفس خوضي بحار العلم أو غوصي والناس ما بين معموم ومخصوص لا شيء في هذه الدنياتحيط به إلا إحاطة منقوص بمنقوص فإذا لم يكن إلى معرفة جميع العلوم سبيل وجب صرف الاهتمام إلى معرفة أهمها يرشدون وبجهله يضلون لقوله عليه السلام: «طلب العلم فريضة على كل محتلم. وفي حدیث آخر: «علی کل مسلم). وقوله: «اطلبوا العلم ولو بالصين». وفي كتاب ‏ الغزالي قال: اختلف الناس في العلم الذي هو فريضة على كل مسْم وتحزبوا فيه أكثر من عشرين فرقة . قال: ولا نطول فيه بذكر التفصيل ولكن حاصله أن كل فريق نزل الوجوب على العلم الذي هو بصدده". فقال المتكلمون: هو علم الكلام؛ إذ به يدرك التوحيد وتعلم ذات الله وصماته. وقال الفقهاء: هو علم الفقه؛ إذ به تعرف العبادات والحلال والحرام» وما يحرم من المعاملات وما يحل وعُنوا به ما يحتاج إليه الأحاد دون الوقائع النادرة. وقال المفسرون والمحدثون: هو علم القرآنء والسنة؛ إِذ بهما / يتوصل إلى العلوم [1/۷°] كلها. () سورة لقمان الأية: ۲۷. () في الأصل: بصددها. والتصويب من الإحياء. وقال بعضهم: هو العلم بالإخلاص وآفات النفوس وتمييز لمة الملك من لمة الشيطان. وقال بعضهم: هو علم الباطن وذلك على أقوام مخصوصين هم أهل ذلك وصرفوا اللفظ عن عمومه. وقال أبو طالب المكي: هو العلم بما يتضمنه الحديث الذي فيه مباني الإسلام”. وهو قوله عٍَ: «بني الإسلام على خمس»"". لأن الواجب هذه الخمس» فيجب العلم بكيفية العمل فيها وكيفية الوجوب والحق في هذا أن العلم المفروض على الإنسان الذي هو القطب وعليه المدار وهو في الجملة ينقسم إلى ثلاثة أقسام: اعتقاد وفعل وترك. أما علم الاعتقاد: وهو علم التوحيدء وجميع ما لا يسع جهله کل عاقل عند حال بلوغه بالاحتلام أو بالسنينء ومعرفة فرائض القلب من الإخلاص والنية والتوبة والخوف والرجاء والتوكل والتفويض والرضا والصبر» وما يسلم به العمل على ما سيأتي إن شاء الله . ومعرفة الشرك وما ينفي به عن الله تعالى ما لا يليق من صفات خلقه» إذ أورد ذلك على وكذلك يجب عليه معرفة دواعي الشر من الرياء والحسد والعجب والكبر وغير ذلك من مذموم أحوال القلب فإزالتها فرض عين ولا يمكن ذلك إلا بمعرفة حدودها وأسبابهاء ومعرفة وأما الفعل : فنعني به فعل الفرائض البدنية: كالطهارة والصلاة والصوم؛ والفرائض المالية : من الزكاة والكفارات والنفقات وغیرهاء وما لا يمکن فعله منها إلا بالبدن والمال [/ب] كالحج والجهاد فهذه الفرائض إذا تعين فعلها / على العبد بدخول أوقاتها والتمكن لأدائها وجب عليه معرفة كيفية الإتيان بها. مثل أن يعيش من ضحوة النهار إلى دخول وفت الظهر فيتجدد عليه معرفة الطهارة والصلاة. )۱( راجع [إحياء علوم الدين )١/٤۱٠ ٥). )۲( قال العرافي في المغني (۱/١۱): متفق عليه من حديث عمر. قنطرة العلم ۷۹ وهكذا بقية الصلوات» فإن عاش إلى رمضان تجدد بدخول وقته تعلم الصوم وهو أن يعلم أن وقته من الصبح إلى غروب الشمس» وأن الواجب فيه النية واللإمساك عن جميع ما فإن كان له مال عند بلوغه أو دخل في ملكه ما تجب فيه الزكاة لزمه معرفة ما يجب عليه عند تمام الحول وأدائه إلى أهله. وكذلك الحج إذا وجب عليه بشروطه› لكن لا تجب عليه المبادرة عند دخول أشهر الحج؛ لأنه على التراخي في قول بعضهم فلا يكون علمه على الفور . ولکن ينېغي للعلماء أن ينبهوه على أن الحج فرض على من ملك الزاد والراحلة وأنه على التراخي في قول بعضهم حتى ربما يرى الحزم لنفسه في المبادرة . فعند ذلك إذا عزم عليه لزمه تعلم كيفية الحجء وأركانهء وواجباته دون نوافلهء فإن تعلم ذلك وتعلم التفل [فعلمه أيضاً] نفل ”. وكذلك الجهاد إذا تعين عليه وذلك بأن يكون إماماً ومنظوراً إليهء لا يقوم فرض الجهاد إلا به وهكذا بالتدريج في تعلم سائر الأفعال التي هي فرض عين. تضيق عليه معرفتهاء أما خلا الشرك فإنه مضيّق عليه علمه ولا يسعه جهله. وأما غير الشرك من جميع الحرام فإنه يسعه جهله ما لم يرتکبه أو یتولی من رکبهء أو يتبرأ ممن تبرأ منه أو وقف وهذا معنى قول أصحابنا رحمهم الله : العلوم ثلاثة : علم لا يسع جهله طرفة عين: كالتوحيد والشرك. وعلم يسع جهله إلى الورود: مثل صفة من / صفات الله تعالی إذا وردت عليه آو نبي [۷۲/] أو ملك قامت به الحجة عليه . ومثل الفرائض الموسومات الأوقات: كالصلاة والصوم وما قدمنا ذكرە. () ما بين المعقوفين زيادة من الإحياء لاستقامة وتوضيح السياق. )۲( راجع الإحياء (۱/١٥٠) وهو بتصرف کبیر. (۷۳/ ب] ٢V‏ قنطرة العلم والثالث : علم ما يسع جهله أبداً: كقسمة المواريث ودقائق الربا وأرش الجراحات› وما أشبه ذلك. يسع جهل ذلك ما لم يبتلى بالعمل ويتقول على الله فيه الكذب. وباله التوفيق. وأما إذا أتى بالتوحيد فمات قبل أن يجب عليه فرض أو يرتكب محرماً أو يعتقد بدعة فقد مات على الإسلام إجماعاً فتبين بما قلنا أن: قوله عليه السلام: «اطلبوا العلم. . .» أن المراد به العلم بالله والإيمان به وملائكتهء وكتبه ورسله والحشر والجنة والنار في ساثر ذلك من وظائف التوحيد والعلم بالعبادات والفرائض حتى تؤديه بالكمالء والعلم بالمعاصي حتی لا تمتٹل ؛ لأن الإنسان في مجاري أحواله في يومه وليلته لا يخلو من وقائع في عبادته ومعاملاته . فيلزمه السؤال عن كل ما يقع من النوازلء والمبادرة إلى تعلم ما يتوقع وقوعه على القرب غالياً. فإذن إلا أراد بالعلم المعرف بالألف واللام في قوله عليه السلام: «طلب العلم فريضة .ا ١ آنه علم العمل الذي هو مشهور الوجوب على المكلف لا غير وقد اتضح وقت التدريج في وفت وجوبه. وبالله التوفيق . فصل اعلم أن العلم والعمل جوهران لأجلهما كان جميع ما ترى وما تسمع من تصنيف المصنفين › وتعليم المعلمين . بل لأجلهما أنزلت الكتب وأرسلت الرسل› بل لأجلهما خلقت الدنيا والآخرة. قال الله سبحانه : «الَذِي حَلقَ ب سبع سَمَاوَات» إلى قوله: «لَْلمُوا أن الله عَلى كُل شَيْءِ قدير ون الله َد حاط بكُل شَيْء ‎4a‏ . فكفى بهذه الآية دليلاً على أشرف العلم لا سيما علم التوحيد. وقال عز من قائل: وما حلفت لحر وألإئسَ إلا لَِعْيدُونَ». فكفى بهذه الآية / دليلاً على شرف العبادة ولزومها. فاْظِمٌ بأمرين هما المقصود من خلق الدارين فحق على العبد ألا يشتغل إلا بهما ولا يتعب إلا لهما ولا ينظر إلا فيهما واعلم أن ما سواهما من الأمور باطل لا خير فيه ولغو لا () سورة الطلاق الآية: ١٠. (۲) سورة الذاريات الآية: ٦0. قنطرة العلم ‎Y۳‏ ‏حاصل له فإذا علمت ذلك فاعلم أن العلم أشرف الجوهرين وأفضلهما ولذلك قال عليه السلام: «فضل العالم على العابد كفضلي على أمتي». وعنه عليه السلام قال : «آلا أدلكم على آشرف آهل الجنة». قالوا: بلى يا رسول الله قال: «هم علماء أمتي». وعنه عليه السلام قال: «نظرة إلى العالم أحب إِليّ من عبادة سنة صيامها وقيامها». وروى هذا الحديث الغزالي في كتابه: وقد ذكرنا في فضل العلم ما فيه كفايةء فبان لك أن العلم أشرف جوهراً من العبادةء ولكن لا بد للعبد من العبادةء وإلاً كان عمله هباء منثوراً؛ فإن العلم بمنزلة الشجرةء والعبادة ثمرة من ثمارها والشرف للشجرة إذ هي الأصل؛ء لكن الانتفاع إنما يكون بالثمرة فإذن فلا بد للعبد من كلا الأمرين يكون له منهما حظ ونصيب. كما قيل عن الحسن البصري أنه قال: اطلبوا هذا العلم طلباً ولا تضروا بالعبادة» واطلبوا هذه العبادة طلباً لا تضروا بالعلم. ولما استقر أنه لا بد للعبد منهما جميعاً فالعلم أولى بالتقديم لا محالة؛ لآنه الأصل والدليل ولذلك قال عليه السلام : «العلم إمام العمل › والعمل تابعه) . وإنما صار العلم أصلاً متبوعاً فيلزمك تقديمه على العبادة لأمرين : أحدهما لتحصل لك العبادة وتسلم› فإنه أحق من يجب أن تعرفه أولاً المعبود عز وجل ثم تعبده فكيف تعبد من لا تعرفه باسمه وصفات ذاتهء وما يجب له وما يستحيل عليه في صفاته عز وجل؛ لأنه ريما تعتقد فيه شيثاً مما خالف الح فتكون عبادتك هباءَ منثوراء ثم يجب عليك أن تعلم ما يلزمك فعله من الواجبات الشرعية لتفعل ذلك على ما أمرت به وتعلم ما يلزمك تركه من المناهي / لئلا تقع في شيء من ذلك وأنت جاهل بتحريمه فتکون غير معذور؛ لآنه كيف تقوم بطاعات لا تعرف ما هي؟ وكيف هي؟ وكيف يجب أن تفعل؟ وکیف تتجنب المعاصي وأنت لا تعلم أنها معاصي حتى لا توقع نفسك فيها؟ ولذلك قال عليه السلام: «عمل قليل في علم خير من عمل کڻير في جهل». فاعلم أن بناء أمر العبادة كلها على العلم› ولا سيما علم التوحيد والعبادة الباطنة . وفي الخبر: أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام فقال : يا داود تعلم العلم النافع . ]٤ ۷/ أ[ ۷ قنطرة العلم فقال: إِلهي وما العلم النافم؟ قال: أن تعرف جلالي وعظمتي وكبريائي وكمال قدرتي على کل شيء؛؟ فإن هذا هو الذي يقربك إِليَ . واعلم أن الخطر العظيم فيمن طلب العلم ليصرف به وجوه الناس إليه»ء ويجالس به الأمراى أو يباهي به النظراء ويتصيد به الحطام› فمن كان كذلك فتجارته بائرة وصفقته خاسرة. وقال بعض السلف: عملت بالمجاهدة ثلاثين سنةء فما وجدت شيثاً أشد من العلم وخطره. وإِياك أن يزين لك الشيطان فتقول: إذا كان العلم بهذه الحالة من الشدة والخطر فتركه أولى وإياك أن تظن ذلك. فقد ذکر الغزالي في کتابه عن النبي عليه السلام قال: «اطلعت ليلة المعراج عن الثار فرأيت أكثر أهلها الفقراء». قالوا: يا رسول الله من المال؟ قال: «لاء بل من العلم». فمن لم يتعلم العلم لا يتأتى له أحكام العبادة والقيام بحقوقهاء ولو أن رجلا عَبَدَ الله تعالى بعبادة الملائكة بغير علم لكان من الخاسرين سس لط هكذا ذكرت العلماء وقد قال الله تعالى: لفل هَل نََكُمْ بالأَحسَرِين أَعْمَالً ...€ إلى قوله: وهم يَحُسَبُونَ نَم بحنو ُونَ ضعا . وقال تعالى: «وَبَدَا لَه م ةلا ياتى بون . وقال سبحانه: ل وَبَحسَيُون أ هم عَلى شَيْءِ ألا َه هم م الْكُازبُون»” الآية. فشمّر أيها المسترشد - أَيدك الله - في طلب العلم / بالبحث والجدء والاجتهات› واجتنب الكسل» والملال» والإقامة على خطر الضلالء ووفقنا الله سبحانه وإياك للعلم النافع والعمل به. وبالله التوفيق. الباب الرابع في العلم الذي هو فرض كفاية ذكر الغزالي في كتابه فقال: اعلم أن الفرض لا يتميز من غيره إلا بذكر أقسام العلم؛ ثم (۱) سورة الكهف الأية: ١١٠. (۲) سورة الزمر الآية: 47 . (۳) سورة المجادلة الآية: ١۱ . قنطرة العلم ‎vo‏ ‏قال: والعلوم بالأضافة إلى الفرض الذي نحن بصدده تنقسم إلى: شرعيةء وغير شرعية. قال: وأعني بالشرعية: ما يستفاد من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين» ولا يرشد العقل إليهء وذلك مثل الحساب ولا ترشد التجربة إليه: مثل الطلب» ولا السماع مثل: اللغة. فرض كفايةء وإلى ما هو فضيلة وليس بفريضة . قال : وأما فرض الكفاية فهو كل علم لا يستغنى عنه في أمر قوام الدنياء كالطب إٳذ هو والمواريث وغيرهاء فهذه هي العلوم التي لو خلا بها البلا عن من يقوم بها خرج أهل البلكء وإذا قام بها واحد كفى وسقط الفرض عن الاخرين . قال: فإن أصول الصناعات من فروض الكفايات كالفلاحة والحياكة والسياسة بل الحجامة والخياطة فإنه لو خلا البلد عن الحجام لسارع الهلاك إليهم وخرجوا بتعريضهم أنفسهم للهلاكء فإن الذي أنزل الداء أنزل الدواء وأرشد إلى استعماله وأعدٌ الأسباب لتعاطيه فلا يجوز التعرض للهلاك بإهماله . قال: وأما ما يعد فضيلة لا فريضةء فالتعميق في دقائق الحساب ودقائق الطب وغير ذلك مما يستغنى عنه / ولكنه يفيد زيادة قو في القدر المحتاج إليه. قال: فأما المذمومة: فعلم السحر والطلسمات» وعلم الشعوذةء والتلييسات. قال : وأما المباح منه: فالعلم بالأشعار التي لا سخف فيهاء وتواريخ الأخبار وما يجري مجراه . وقال: وأما العلوم الشرعية: وهي المقصودة بالبيان فهي محمودة كلها. قال: ولكن قد يلتبس بها ما يظن أنها شرعيةء وتكون مذمومةء وتنقسم إلى : _— )۱( في الأصل: «قرها والتصويب من الإحياء. ٦۷ قنطرة العلم المحمودة› والمذمومة. قال : فما المحمودة : فلها أصولء وفروع ؛ ومقدمات؛ ومتممات فهي أربعة أضرب : الضرب الأول: الأصول وهي أربعة: كتاب اء وسنة نبيهء وإجماع الأمةء وآثار الصحابة رضي الله عنهم؛ فالإجماع أصل من حيث أنه يدل على السنةء وهو أصل في الدرجة الثانيةء وكذلك الأثر: فإنه يدل أيضاً على السنة؛ لأن الصحابة قد شاهدوا الوحي والتنزيل وأدركوا بقرائن الأحوال ما غاب عن غيرهم عيانه فمن هذا الوجه رأى العلماء الاقتداء بهم والتمسك بائارهم› وذلك بشرط موجود على وجه مخصوص. الضرب الثاني: الفروع وهو ما فهم من هذه الأصولء لا بموجب ألفاظها بل بمعان تنبهت لها العقول فاتسع بسيبها الفهم حتى فهم من اللفظ الملفوظ به غيرهء كما فهم من قوله عليه السلام: «لا يقضي القاضي وهو غضبان». إنه لا يقضي إذا كان حاقناً أو جائعا أو علماء الدنيا. والثاني : ما يتعلق بالاخرة: وهو علم أحوال القلب وأخلاقه المذمومة والمحمودة› وما هو مرضي عند الله وما هو مكروهء وكنحو العلم بما يترشح من القلب على الجوارح في عباداتها وعاداتها. الضرب الثالث المقدمات: وهو الذي يجري مجرى الآلات» كعلم اللغة والنحو فإنهما آلة لعلم كتاب الله سبحانه وسنة نبيه عليه السلام؛ وليس اللغة والتحو من العلوم الشرعية ولكن لزم الخوض فيهما بسبب الشرع؛ إذ جاءت هذه الشريعة بلغة العرب» وكل شريعة فلا تظهر إلا بلغةء فيصير تعلم تلك اللغة آلة . ومن الالات: علم الكتابة والخطء إلا أن ذلك ليس ضرورياء إِذ كان النبيى أَميَاء ولو الغالب ضرورياً. الضرب الرابع المتممات: وذلك في علم القرآن تنقسم إلى ما يتعلق باللفظء كعلم (١) قال العراقي في المغني (۱۷/۱): متفق عليه من حديث أبي بكرة. قنطرة العلم ‎Y۷‏ ‏القراءات» ومخارج الحروف» وإلى ما يتعلق بالمعنى كالتفسير» فإن اعتماده أيضاً على التقل إذ اللغة بمجردها لا تستقل بهء وإلى ما يتعلق بأحكامه: كمعرفة الناسخ والمنسوخ› والعام والخاص» والباطن والظاهر في أمثال ذلكء وهو العلم الذي يسمى أصول الفقه ويتناول السنة أيضاً. وأما المتممات في الأثار والأخبار: فالعلم بالرجال وأسمائهم ولا سيما في الصحابة وصفاتهم» والعلم بالعدالة في الرواة والعلم بأحوالهم لتمييز الضعيف عن القوي والعلم بأعمالهم لتمييز المرسل من المسندء وكذلك؛ ما يتعلق به. قال: فهذه هي العلوم الشرعية وكلها محمودة بل كلها من فروض الكفاية . قال: فإن قلت فلم ألحقت الفقه بعلم الدنيا وألحقت الفقهاء بعلماء الدنيا؟ فاعلم أن الله تعالى أخرج آدم من التراب» وأخرج ذريته من سلالة من دافق فأخرجهم من الأصلاب إلى الأرحام ومنها إلى الدنياء ثم إلى القبرء ثم إلى العرض» ثم إلى الجنة والنار. فهذا مبدأهم. وهذه غايتهم» وهذه منازلهمء وخلق الدنيا زاداً للميعاد ليتناول منها / ما يصلح للتزود فلو [۷۸/ب] تناولها بالعدل لانقطعت الخصومات وتعطل الفقهاء ولكنهم يتناولونها بالشهوات فتولدت منها الخصومات» فمست الحاجة إلى سلطان يسوسهم» واحتاج السلطان إلى قانون يسوسهم به. فالفقيه هو العالم بقانون السياسة وطريق التوسط بين الخلق إذ تنازعوا بحكم الشهراتء فکان الفقيه معلم السلطانء ومرشده إلى طريق سياسة الخلق وضبطهم؛ لتنتظم باستقامتهم أمورهم في الدنيا. ولعمري هو متعلق أيضاً بالدينء ولكن لا بتفسه بل بواسطة الدنيا؛ فإن الدنيا مزرعة للاخرةء ولا يتم الدين إلا بالدنياء والمُلك والدين توأمان» فالدين أصل والسلطان حارس وما لا أصل له فمهدوم وما لا حارس له فضائع؛ ولا يتم الملك والضبط إلا بالسلطان . وطريق الضبط في فصل الخصومات الفقهء فكما أن سياسة الخلق بالسلطنة ليس من علم الدين في الدرجة الأولىء بل هو معين على ما لا يتم الدين إلا به فكذلك معرفة طريق السياسة فمعلوم أن الحج لا يتم إلا بمذرقة تحرس من العرب في الطريق. ولكن الحج شيء وسلوك الطريق إلى الحج شيء» والقيام بالحراسة التي لا يتم الحج إلا بها شيء ثالث ٠ ومعرفة طريق الحراسة وحمايتها وقوانينها شيء رابع . —۔ ہے () في الإحياء: ببذرقة. ۷۸ قنطرة العلم وحاصل فن الفقه: معرفة طريق السياسةء والحراسةء ويدل على ذلك ما روي مسنداً: «لا يفتي للناس إلا ثلاثة : أمير ومأمورء وم متكلف» ٩ . فالامير هو الإمامء وكانوا هم المفتونء والمأمور نائبه» والمكلف غيرهماء وهو الذي يتقلد تلك العهدة من غير حاجةء فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يحترزون عنه" حتى كان يحیل کل واحد منهم على صاحبه. ]8۹/ أ[ وكانوا لا يحترزون إذا سئلوا عن علم القرآن وطريق الأخرة / ولقد قبض رسول الله عي عن الألف من الصحابةء ولم ينصب نفسه للفتوى منهم إلا بضعة عشر رجلا وكان ابن عمر منهم» وكان إِذا سئل عن الفتوى يقول: اذهب إلى هذا الأمير الذي تقلد أمور الناس ووضعها في عنقه. إشارة إلى أن الفتوى في القضايا والأحكام من توابع الولاية والسلطنة. وفي بعض الروايات بدل المتكلف «المرائي»؛ فإن من يتقلد خطر الفتوى وهو غير متعين للحاجة فلا يقصد به إلا طالب الجاه والمال. فإن قلت: هذا إن استقام لك في الأحكامء والحدودء والجراحات والغرامات› فلا يستقيم لك في العبادات من الصلاة والصوم والزكاة وغير ذلك من الحلال والحرام. فاعلم أن أقرب ما يتكلم فيه الفقيه من أعمال الأخرة ثلائة: الإسلامء والصلاةء والحلال والحرام. وإذا تأملت منتهى نظر الفقيهء علمت أنه لا يجاوز حدود الدنيا إلى الأخرة فإذا عرفت هذا في هذه الثلاثة فهو في غيرها آظهر. إلى اللسان» أما القلب فخارج عن ولاية الفقيهء لعزل رسول الله يي أرباب السيوف والسلطنة عنها حیث قال: «هلاً شققت عن قلبه»٩. للذي قتل من تكلم بكلمة الإسلام. معتذراً بأنه قال ذلك من خوف السيف. بل الفقيه يحكم بصحة الإسلام تحت ظلال السيوف مع أنه يعلم أن السيف لم يكشف له عن يته ولم يرفع عن قلبه غشاوة الجهل والحيرة› ولکنه میسر على (١) قال العراقي في المغني (۱۸/۱): رواه ابن ماجه من رواية عمرو بن شعيب عن آبيه عن جده بلفظ لا يقص على الناس› وإسناده حسن. )۲( في إحياء علوم الاين (١۱۸/۱): يحترزون عن الفتوى. (۳) قال العراقي في المغني (١/۱1۹): رواه مسلم من حديث أسامة بن زید. قنطرة العلم ۷4۹ صاحب السيف؛ فإن السيف ممتد إلى رقبته» واليد ممتدة إلى مالهء وهذه الكلمة باللسان “تعصم رقبته وماله ما دامت له رقبة ومال وذلك في الدنياء ولذلك قال عليه السلام: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إِله إلا الف فإذا قالوها فقد عصموا مني دماؤهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله" . جعل أثر ذلك من الدم والمالء وأما الأخرة فلا تتفع فيها الأقوال بل أنوار / القلوب [۸۰/ب] وأسرارها وأخلاقهاء وليس ذلك في فن الفقهء وإن خاض الفقيه فيه كان خائضاً في غير فنهء كما لو خاض في الكلام والطب كان خارجاً عن فنه . وأما الصلاة: فالفقيه يفتي بالصحةء أي ما يفعله المصلي يحصل به إمتثال صيغة الأمر بالصلاةء وينقطع به عنه القتل والتعزير إِذا أتى بصورة الأعمال مع الشروط الظاهرة وإن كان غافلاً في جميع صلاته إلا عند تكبيرة الإحرام وهذه الصلاة لا تتفم في الأخرةء كما أن القول باللسان لا ينفع ولكن الفقيه يفتي بالصحة . وأما الخشوع وإحضار القلب الذي هو عمل الأخرة وبه يتفم العمل الظاهر فلا يتعرض له الفقيهء ولو تعرض له كان خارجاً عن فته . وأما الزكاة: فالفقيه ينظر إلى ما يقطمع مطالبة السلطان حتى إنه إذا امتتع فأخذها السلطان قهراً حُکِم بأنه برثت ذمته . كما حكي أن أبا يوسف كان يهب ماله لزوجته في آخر الحول ويستوهب مالها لإسقاط الزكاةء فحكي ذلك لأبي حنيفة فقال: ذلك من فقههء وصدق ذلك من فقه الدنيا ولكن مضرته في الاخرة أعظم من كل خيانة» ومثل هذا العلم هو الضار. أما الحلال والحرام: فالورع عن الحرام من الدين ولكن الورع له أربم مراتب: الأولى الورع: الذي يشترط في عدالة الشهودء وهو الذي يخرج بعدمه الإنسان عن أهلية الشهادة والقضاء والولاية وهو الاحتراز عن الحرام الظاهر اين ٠ الثانة ورع الصالحين: وهو التوفيّ في الشبهات التي تتقابل فيها الإأحتمالات قال عليه السلام: «دع ما يريبك إلى ما لا يرييك»”". وقال: «الإثم حزاز القلوب»”" . () قال العراقي في المصدر السابق: الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرةء وعمرء واين عمر. )۲( في العراقي في المصدر السابق: رواه الترمذي وصححه؛ والنسائي» وابن حبان من حديث الحسن بن علي . )۳( وقال في المصدر نفسه: رواء البيهقي في شعب الإيمان من حديث ابن مسعودء ورواه العدني في مسند = ۸۰ قنطرة العلم الثالثة ورع المتعين: وهو ترك الحلال المحض الذي يخاف منه أن يؤدي إلى الحرام» قال عليه السلام: «لا يكون الرجل من المتقين حتى يدع ما لا بأس به؛ مخافة ما فيه من البأس»°. [/1] وذلك مثل التورع عن التحدث بأحوال الناس خيفة من أن يجر ذلك إلى / الغيبةء ممارفة المحظورات. الرابعة ورع الصديقين: وهو الإعراض عما سوى الله عز وجل خوفاً من صرف ساعة من العمر إلى ما لا يفيد زيادة قرب عند الله تعالىء وإن كان يعلم ويتحقق أن ذلك لا يفضي إلى حرام . فهذه درجات الورع› وهي كلها خارجة عن نظر الفقيه إلا الدرجة الأولىء وهو ورع الشهود والقضاةء وما يقدح في العدالةء والقيام بذلك لا ينفي الإثم في الأخرةء وقال عليه السلام لوابصة: «استفت قلبك يا وابصة وإن أفتوك» وأفتوك› وأفتوك°. والفقيه لا يتكلم في حزازة القلوبء وكيفية العمل بهاء بل فيما يقدح في العدالة فقط ٩ فإذن جمیع نظر مرتبط بالدنيا التي بها صلاح طريق الأخرق فإن تكلم في الإثم» وصفات القلبء وأحكام الاخرة فذلك يدخل في كلامه على سبيل التطفل . كما قد يدخل في كلامه شيئاً من الطب والحساب والنحو وعلم الكلام» وکما قد تدخل الحكمة في النحو والشعر. قال: وكان سفيان الثوري وهو إمام في علم الظاهر يقول: إن طلب هذا ليس من زاد الاخرةء وقد اتفقوا على أن الشرف في العلم ليعمل بهء فكيف يظن أنه علم اللعان والظهار والسلم والإجارة والصرف؟ ومَنْ تعلم هذه الأمور ليتقرب بتعاطيها إلى الله تعالى فهو مجنون وإنما العمل بالقلب والجوارح في الطاعات والشرف هو علم تلك الأعمال” . ومع هذا فلا ينبغي أن ينظر بعين الحقارة إلى ساثر العلوم - أعني علم الفتاوي وعلم اللغة = موقوفاً عليه. (۱) وقال فيه أيضاً: رواه الترمذي وحسنه وابن ماجهء والحاكم وصححه من حديث عطية السعدي. (۲) قال العراقي في المغني (۱/١۲): رواه أحمد من حديث وابصة. )۳( راجع كل ما سبق من أول الباب في كتاب إحياء علوم الدين (۱/ ۱۷٠ ٢٠) بتصرف يسیر. قنطرة العلم ۸\۱ والنحو المتعلقين بالكتاب والسنة وغير ذلك مما تقدم ذكره من أنواع العلوم التي هي فرض كفاية - ولا تفهمن من غلونا في الثناء على علم الأخرة تهجيناً لهذه العلوم. / فالمتكلفون بالعلوم كالمتكلفين بالثغور والمرابطين بهاء والغزاة مجاهدون في [۸۲/ب] سبيل الله فمنهم الردء المعاون› ومنهم الذي يحفظ دوايهم ويتعاهدهم› ولا ينفك واحد منهم عن الأجر إذ كان قصده إعلاء كلمة الله تعالى دون حيازة الغنائمء فكذلك العلماءء قال الله تعالى : يرق الله اين منوا نكم وَالَِينَ ونوا لملم َرَجَات€”°. وقال: «ِهُمْ دَرَجَاتُ عند الله . ولا تظنن أن من نزل عن الرتبة القصوى فساقط القدرء بل الرتبة العليا الأنبياء ثم الأولياء ثم العلماء الراسخون في العلمء ثم الصالحون على تفاوت درجاتهم» وبالجملة : فمن يَعْمَلَ مِنفَال دَرَةٍ حيرا ير . إذا كان قصد بعلمه الله تبارك وتعالى» وأما من تجرد لعلم الخصومات والجدال وتفريعات الفتوى والنحو واللغة وتواريخ الأخبار من غير أن يمزج ذلك بشيء من العلوم الدينية فلا يزيد المتجرد لها مع الإأعراض عن سواها إلا قسوة في القلب وغفلة عن الله سبحانهء ولا برهان على ذلك كالتجربة والمشاهدة فانظر واعتبر واستبصر تشاهد ذلك في البلاد والعباد وبالله التوفيق . مسالة وبالجملة إن كل فرض يتعلق فعله على الكفاية فتعلّم ذلك الفرض متعلق على الكفاية إذا قام به البعض»ء سقط عن الباقين وإن تركه الجميع من الناس هلكواء وذلك كعلم القضايا والأحكام وقسمة المواريث وقصاص الجراحاتء وعلم آداء حقوق الموتى: من الغسل والكفن والصلاة عليهم ومواراتهم› وعلم الجهاد وتعلم القرآن ما خلا ما لا تجوز الصلاة إلا به وتعلم الرد على أهل البدع ونقل الشريعة. وبالله التوفيق. الباب الخامس في بيان حد الفقه والكلام في علم الدين وطريق الأخرة وحد الكلام والفلسفة وهذا الباب يتوزع منه ثلاثة فصول : () سورة المجادلة الآية: ١٠. () سورة آل عمران الآبة: ١١۱. (۳) سورة الزلزلة الآية: ۷. ‎AY‏ قنطرة العلم ‎[Î /A۳]‏ الأول في حد الفقه: وقد تقدم الكلام في أنه مرتبط بمصالح / الدنيا لسياسة الأخلاقء ‏فإن قيل قد سويت بين الفقه والطب» إذ الطب أيضاً يتعلق بالدنياء وذلك يتعلق به أيضاً صلاح الدين وهذه التسوية تخالف إجماع المسلمين» فاعلم أن التسوية غير لازمة بل بينهما فرق والفقه أشرف منه من ثلاثة أوجه : ‏أحدها: أنه علم شرعيء أي هو مستفاد من النبوةء بخلاف الطب فليس هو من علم الشرع هكذا ذكر الغزالي في كتابه. ‏والثاني: لا يستغني عنه أحد من سالكي طريق الأخرة البتةء لا الصحيح ولا المريضء وأما الطب فليس يحتاج إليه ِل المرضى وهم الأقلون. ‏والثالث: أن علم الفقه مجاور لعلم الأخرة؛ لأنه نظر في عمل الجوارحء ومصدر الأعمال ومنشأها صفات القلب؛ فالمحمود من الأعمال يصدر عن الأخلاق المحمودة المنجية في الأخرةق والمذموم يصدر من المذموم› ولیس يخفی اتصال الجوارح بالقلب › وأما الصحة والمرض فمنشاها صفاء المزاج والإخلاط وذلك من أوصاف البدن لا من أوصاف القلبء فمهما أضيف الفقه إلى الطب ظهر شرفهء وإذا أضيف علم الآخرة إلى الفقه ظهر أيضاً شرف علم الأخرة. وبالله التوفيق . ‏الفصل الثاني: في علم الدين والطريق الآخرة ‏فاعلم أنه قد ذكر الغزالي في كتابه أن علم طريق الأخرة قسمان: ‏أحدهما علم معاملة : وهو علم بأحوال القلب وهو نوعان : محمود ومذموم. ‏فالمحمود منها: كالصبر› والشكر والخوف› والرجاء› والتوبةء والرضاء والتوكل › والزهدء والتقوى» والقناعةء والسخاوةء ومعرفة المنة لله تعالى في جميم الأحوالء والخشوع › والإحسان› وحسن الظن؛› وحسن الخلق› وحسن المعاشرة؛ والصدق› والإخلاص» وما أشبه ذلك من محمود أحوال القلب وصفاتهء ومعرفة حقائق هذه الأحوال وحدودها وأسبابها التي تكتسب ثمراتها وعلاماتها ومعالجة ما ضعف منها حتى يقوی وما زال يعود فذلك كله من علم الأخرة. ‏() راجع في كل ما سبتقى إحياء علوم الدين (۱/١۲). إلا كلام يسير للمؤلف . ‎ ‎ قنطرة العلم ‎A۳‏ / وأما المذموم منها: فخوف الفقرء وسخط المقدور» والغل› والحقدكء والحسد [٤۸/ب] والغفشء وطلب العلوء وحب الثناءء وحب طول البقاء في الدنيا للتمتعء والكبرء والرياءء والفضب والأنفةء والعداوةء والبغضاء والطمع؛ والبخل» والرغبةء والبذخ» والأشرء والبطرء وتعظيم الأغنياءء والاستهانة بالفقراءء والفخرء والخيلاء والتنافس» والمباهات› والاستكبار عن الحق» والخوض فيما لا يعني وحب كثرة الكلامء والصلف» والتزيين للخلق› والمداهنةء والعجب» والاشتغال عن عيوب النفس بعيوب الناسء وزوال الحزن من القلب وخروج الخشية منه» وشدة الاتتصار للنفس إذا نالها ذلء وضعف الانتصار للحق» وإتخاذ إخوان العلانية على عداوة السرء والأمن من مكر الله فى سلب ما أعطواء والاتكال على الطاعة والمكر والخيانةء والمخادعةء وطول الأمل› والقساوة› والفظاظةء والفرح بالدنياء والأسف على فواتهاء والأنس بالمخلوقين والوحشة لفراقهم» والجفاء» والطيش والعجلةء وقلة الرحمة. فهذه وأمثالها من صفات القلب: مغارس الفواحش ومنابت الأعمال المحظورة وأضدادها وهي الأخلاق المحمودة منبم الطاعات والقربات فالعلم بحدود هذه الأمور وحقائقها وأسبابها› وثمراتهاء وعلاجها هو علم الأخرةء وهو فرض عين في فتوى علماء الأخرة المفروض عنها هالك بسطوة ملك الملوك فى الأخرةء كما أن المعرض عن الأعمال الظاهرة هالك بسيف سلاطين الدنيا وبحكم فتوى فقهاء ادنيا" . وبال التوفيق . القسم الثاني : علم مكاشفة وهو علم الصديقين والمقربين وهو عبارة عن نور يظهر في القلب عن تطهيره وتزكيته عن صفاته المذمومة فتتكشف / في ذلك النور أمور كان يسمع بها [٥۸/ب] من قبل أسمائها ويتوهم لها معاني مجملة غير متضحة فتضح إذ ذاك حتى تحصل المعرفة الحقيقية بذات الله تعالى» أو بصفاته التامات وبأفعاله وبحكمته في خلق الدنيا والاخرة. ووجه ترتيبه للاخرة على الدنياء والمعرفة بمعنى النبي والنبوةء وبمعنى الوحيء ومعنى لفظ الملائكة والشياطين› وكيفية معادات الشياطين للإنسانء وكيفية ظهور الملك للأنبياءء وكيفية وصول الوحي إليهمء والمعرفة بملكوت السماوات والأرض» ومعرفة القلب وكيفية تصادم جنود الملائكة والشياطين فيه . ومعرفة الفرق بين لمة الملك ولمة الشيطان» ومعرفة الأخرةء والجنةء والنارء وعذاب القبرء والصراط» والميزان» والحساب . (١) راجع في كل ما سبق إحياء علوم الدين للغزالي (۱/٠۲٠ ٢۲) بتصرف يسير في بعض ألفاظه . قناطر الخيرات ج/٠ ‎۷/e‏ ‎A‏ قنطرة العلم ‏ومعنى قوله تعالى : «كَقى يتيك اَلَو عَليك حَييا"". ‏ومعنى قوله: ون الدَار ألخِرة لهي اَلْحَيَوَانُ َو كوا يَعْلَمُونَ€. ‏ومعنى لقاء الله سبحانه» ومعنى القرب منهء والنزول في جواره. ‏ومعنى حصول السعادة بمرافقة الملا الأعلىء ومقارنة الملائكة والنبيين . ‏ومعنى تفاوت درجات أهل الجنان حتى يرى بعضهم بعضاً كما يرى الكوكب الدري في جو السماء إلى غير ذلك مما يطول تفصيله إذ الناس في معاني هذه الأمور بعد التصديق بأصولها مقامات› فبعضهم يرى أن جميم ذلك أمثلة . ‏وأن الذي أعده الله لعباده الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت» ولا خطر على قلب بشر وأنه ليس مم الخلق من الجنة إلا الصفات والأسماء. ‏وبعضهم رأى أن بعضها أمثلة وبعضها يوافق حقائقها المفهوم من ألفاظها. ‏ولهذا يرى بعضهم أن منتهى معرفة الله تعالى الاعتراف بالعجز عن معرفتهء وبعضهم ‏[/] يدعي أموراً عظيمة في المعرفة بالله عز وجل» وبعضهم يقول: حد معرفة / الله. ما انتهى إليه ‏اعتقاد العوام: وهو أنه موجود قادر عالم سميع بصير متكلم» فالمراد بعلم المكاشفة أن يرتفع الفطاء حتى يتضح جلية الحق في هذه الأمور إيضاحاً يجري مجرى العيان الذي لا شك فيه وغذا ممكن في جوهر الإنسان لولا أن مرآة القلب قد تراكم صدؤهاء وخبثها بقذورات الدنيا وإنما معنى طريق الاخرة العلم بكيفية تصقيل هذه المرآة التي هي الحجاب عن الله تعالى . ‏وعن معرفة صفاته وأفعالهء وإنما تصفيته وتطهيره بالكف عن الشهوات والإقتداء بالنبيين في جميع أحوالهم» فبقدر صفاء مرآة القلب من الخبائثء وتحليه بأنوار الطاعات تظهر فيه صور الحقائق» وتتلألاً فيه لوائح الصدق» ولا سبيل إلى ذلك إلا بالمجاهدة ورياضة النفسء وبالعلم والتعلم› تحقيقاً لقوله تعالى : «وَأَلَِينَ جَامَدُوا فيا لَهدَِهُمْ € . ‏وهذا العلم هو الغاية القصوى - أعني علم الباطن - وهو المراد بعلم المكاشفة. ‏وقد روي عن بعض العارفين أنه قال : من لم يكن له نصيب من هذا العلم أخاف عليه سوء الخاتمة وأدنى النتصيب منه التصديق به أو تسليمه لأهله. (١) سورة الإسراء الآية: ١٠ . ‏(۲) سورة العنكوت الآية: ٤1٦. (۳) سورة العنكبوت الآية: 1۹. ‎ ‎ قنطرة العلم ۸0 وقال آخر: من كانت فيه خصلتان لم يفتح له شيء من هذا العلم بدعة أو كبر . وقيل: من كان محباً للدنيا ومُصِرًاً على هواه لم يتحقق بهء وقد تحقق به ساثر العلوم» وأقل عقوبة من ينكره أن لا يرزق منه وهو علم الصديقين والمقربين كما قدمنا. وهذه هي العلوم التي يقولون إنها لا تسطر في الكتب ولا يتحدث بها من أنعم الله سبحانه عليه بشيء منها إلا مع أهلهء وهو المشارك فيه على سبيل المذاكرة وعلى طريق الإسرار . وهذا العلم الخفي الذي أراد النبي عليه السلام / بقوله: «إن من العلم كهيثة المكنون لا [۸۷/ب] يعلمه إلا أهل المعرفة بالله عز وجل: فإن نطقوا به لم يجهله إلا أهل الاغترار بالله فلا تحقروا عالماً أتاه الله علماً فإن الله تعالى لم يحقره إذ أتاه إياء». وبالله التوفيق . فصل فعليك - أيّدك الله وأرشدك وإيانا - بالبحث والطلب عن هذه العلوم التي هي أحوال القلب وأخلاقه المحمودة والمذمومة حتى تعرفها أولأء ثم تطهير القلب من المذموم منهاء وتحليته بالمحمود منها ثانياًء حتى يتضح لك الحق بحقائقها وتنظر بنورالله بين أصناف خلقه : لمن شرح الله صَذْرَه شلام َو على تور ِن رَه كَمَنْ هو عَم ٠. وقد تراكم رين الذنوب على بصيرة قلبهء فهو يمشي مكباً على وجههء فلا تظتن أصلحك الله أن من تجرد لعلم الجدال والممارات؛ء وأفتى عمره بتعلم فقه المعاش› والخصومات يتصف بشيء من هذه العلوم المتقدمةء ولو سئل أكثر من يدعي الفقه وتجرد لإحياء الدين بزعمه عن معتى من معاني هذه العلوم حتى عن الإخلاص مثلاً أو عن التوكلء أو عن وجه الاحتراز عن الرياء لوقف فيه مع أنه فرض عينه الذي في إهماله هلاكه في الآأخرة . ولو سئل عن مسائل الفتوى واللعان والظهار والسلم والشفعة والإجارات وما أشبه ذلك من مسائل الفروع التي تنقضي الدهور ولا يحتاج إلى شيء منهاء وإن احتيج لم يخل البلد عن من يقوم بهاء ويكفيه مؤنة التعب فيهاء ولو سئل عن شيء من هذا لأجاب سريعاً وما توقف فتراه يتعب في حفظه ودرسه ليلاً ونهاراً ويغفل عن ما هو فرض عليه في نفسه وإِذا روجع فيه قال: اشتغلت به لأنه علم الدين . () راجع في كل ما سبق إحياء علوم الدين (۱/٠۲ء ١۲) وعلق العراقي على الحديث بقوله: رواه أو عبد الرحمن السلمي في الأربعين له في التصوف من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف. () سورة الزمر الآية: ٢۲. ۸ قنطرة العلم 1/0 وهو فرض كفاية ویلبس على نفسه / وعلى غير في تعليله» والفِْنُ يعلم آنه لو کان غرضه أداء حق الأمر وإحياء علم الدين لدم على ذلك فرض نفسه فليت شعري كيف يجوز في الدين أن يهمل الإنسان فرض نفسه ويشتغل بفرض كفاية قد قام به جماعة؟ هل لهذا السبب إلا أن علم الآخرة ليس يتوصل به إلى جمع الحطام واستدرج العوام بكثرة الأتباعء والطغام› هيهات هيهات قد اندرس علم الأخرة بتلبيس العلماء السوء والله المستعانء وإياء نسأل أن يعيذنا من هذا الغرور الذي يسخط الرحمن ويضحك الشيطان وبالله التوفيق وعليه التكلان وهو حسبنا ونعم الوكيل . الفصل الثالث: في «حد الكلام وعلوم الفلسفة» أما الكلام: فهو علم المتكلمين الذين يتكلمون في تحرير الأدلة لإثبات التوحيد والصفات وتفصيل السكون والحركات والجواهر والأراض والحدوث والقدمء وأشباه ذلك ويضعون الأدلة في الرد على أهل البدع ونقضها عليهم وليس كتابنا هذا موضوعاً لذلك. وأما الفلسفة: فهي من علوم حكماء الأوائل المنكرين لشريعة الإسلام وهم الفلاسفة . وذكر الغزالي في كتابه: إنهم يصدقون بالصانمء والنبوةء ويصدقون النبي عليه السلام ولكنهم يعتقدون أموراً تخالف نصوص الشرع ويقولون: النبي محق فما قصد بما ذكره لإصلاح الخلقء ولكن لم يقدر على التصريح بالحق لكلال أفهام الخلق عن دركه. قال: ويجب القطع بتکفيرهم في ثلاث مسائل : الأولى: إنكارهم لحشر الأجسادء والتعذيب بالنارء والتنعيم في الجنة بالحور العين والمأكول والملبوس. قال والثانية: قولهم إن الله سبحانه لا يعلم الجزئياتء وتفصيل الحوادث» وإنما يعلم الكليات» وإنما الجزئيات تعلمها الملائكة السماوية. والثالثة: قولهم إن العالم قديم؛ وإن الله سبحانه متقدم على العالم بالرتبة: مثل تقدم العلة على المعلول وإلاً فلم يزالا في الوجود متساويين . قال: فهؤلاء إذا أوردت عليهم آيات القرآن زعموا أن اللذات العقلية تقصر الأفهام عن دركها فمثل ذلك لهم باللذات الحسية› وهذا الذي قالوه شرك صريح فلا معنى للاشتغال بهم . قال : وأما الفلسفة فليست علماً بذاتها بل هي على أربعة أجزاء: قنطرة العلم ‎AY‏ أحدها: الهندسة والحساب وهما مباحان ولا يمنع عنهما إلا من يخاف عليه أن يتجاوزهما إلى البدع”. فالهندسة فعل المهندس» وهي فيما وجدت في كتاب العلوم نوعان : أحدهما: هندسة عمليةء وهي أن ينظر المهندس في خطوط وسطوح» إما في جسم خشب إن کان حداداء أو في جسم حائط ن کان بناءء أو في سطوح أرضين أو مزرعات إن کان ماسحا وكذلك كل صاحب هندسة عملية› فإنه إنما يتصور في نفسه خطوطاً أو سطوحاء وتدويراً وتثليثاً في جسم المادة التي هي الموضوعة لتلك الصناعات العملية . والنوع الثاني: هندسة نظريةء وهو أن ينظر المهندس في خطوط وسطوح في الأجسام على الإطلاق والعمومء ويتصور في نفسه الخطوطء والسطوح›ء والتربيع والٹثليث والتدوير في الوجه الذي لا يبالي في أي جسم كانت وفي أي محسوس كان بل على اللإطلاق من غير أن يقيم في نفسه مجسما هو من خشب أو من حدید أو من حائط . والمجسمات على الإطلاق عن أشكالهاء ومقاديرهاء وتساويها وتفاصيلهاء وعن أصناف أوضاعها وعن جميع ما يلحقها مثل النقط والزوايا وغير ذلك . قال: وكتاب إقليدس الفيتاغوري المعروف بكتاب الاستفصات وهو الذي يحتوي على أصول الهندسة وعددها وهي داخلة في علم الكلام. والله أعلم. الجزء الثاني من الفلسفة: المنطق وهو بحث عن وجه الدليل وشروطهء ووجوه الحد وشروطه" فصناعة المنطق تعطي بالجملة القوانين التي من شأنها أن تَعَوّم العقل وتسدد الإنسان نحو الصواب . والحق في كل ما يمكن الغلط فيه من جميع المعقولات وذلك إن في المعقولات أشياء لا يغلط العقل فيها أصلاء وهي التي يجد الإنسان نفسه كأنها فطرت على معرفتها: مثل أن الكل أعظم من الجزى وأن كل ثلاث فهو عدد فرد وأشباه ذلك . وأشباء يمكن الغلط فيها وهي التي يحتاج الإنسان في إدراكها إلى تفكر وقياس )۱( راجع إحياء علوم الدين (۲۳/۱). (۲) نفس المرجع السابق. [۹۰/ أ[ ‎A۸‏ قنطرة العلم واستدلال › وفي هذه دول تلك يضطر الإنسان الذي يلتمس الوقوف عن الحق اليقين في مطلوباته كلها إلى قوانين المنطق. ‏وهذه الصناعة تناسب صاعة النحو؛ وذلك أن نسبة صناعة المنطق إلى العقل والمعقولات كنسبة صناعة النحو إلى الألفاظ وهو يشارك النحو بعض المشاركة بما يعطي من قوانين تخص ألفاظ أمة ما وعلم المنطق إنما يعطي قوانين مشتركة تَعُم ألفاظ الأمم كلها فإن في الألفاظ أحوالاً تشترك فيها جميع أحوال الأمم: مثل إن الألفاظ منها مفردةء ومركبة› ‏[/ب] والمفردة: اسمء وكلمةء وأدوات منها ما هي موزونةء وغير موزونة وأشباه ذلك / وهاهنا ‏أحوال تخص لساناً دون لسان مثل: أن الفاعل مرفوع والمفعول منصوب» والمضاف لا يدخل فيه ألف ولام التعريف» فإن هذا يخص بلسان العرب. ‏وما وقع في علم النحو من أشياء مشتركة لألفاظ الأمم كلهاء فإنما يأخذ أهل النحو من حيث هو موجود في ذلك اللسان الذي عمل النحو له . ‏کقول التحويين من العرب : أقسام الكلام ثلائة : اسم وفعل ٠ وحرف. ‏وكقول نحويّ اليونانيين: أجزاء القول في اليونانية اسمء وكلمةء وأداةء وهذه القسمة ليست أنها توجد في العربية فقط أو في اليونانية فقطء بل في جميع الألسنة. ‏وأجزاء المنطق ثمانية ‏ تركتها لثلا يطول الكتاب بلا فائدة وبالله التوفيق - وإنما ذكرت هذا أرشدكم الله لتعرفوا معنى الهندسة والمنطق وهما داخلان في علم الكلام فقطء والله أعلم . ‏الجزء الثالث الإلهيات: وهي بحث عن ذات الله تعالى وصفاته وهو داخل في علم الكلام والفلسفة لم ينفردوا فيها بنمط آخر من العلم» بل انفردوا بمذاهب بعضها شرك وبعضها ‏بدعةء كما أن الاعتزال ليس علماً برأسه بل أصحابه طائفة من المتكلمين وأهل البحث والنظر انفردوا بمذاهب باطلة وكذلك الفلسفة” . ‏الحرزء الرابع الطبيعيات: فبعضها تخالف الشرع ودين الحق فهو جهل وليس بعلم حتى يورد في آقسام العلومء وبعضها بحث عن صفات الأجسام وخواصها وكيفية استحالتها وتغيرها وهو آشبه بنظر الأطباء إلا أن الطبيب ينظر في بدن الإنسان على الخصوص من حيث يمرض ويصح . ‏(۱) راجع المصدر والموضع السابق. ‎ ‎ قنطرة العلم ‎A۹‏ ‏وهم ينظرون في جميع الأجسام من حيث تتغير وتتحرك / ولكن للطب فضل عليه؛ [1/۹۲] وأما علومهم في الطبيعيات فلا حاجة إليهاء فَإِذن الكلام صار من جملة الصناعات الواجبة على الكفاية حراسة لقلوب العوام عن تخييلات المبتدعة. وبالله التوفيق. فإن قيل: إن المشهورين من العلماء هم الفقهاء وهم أفضل الخلق عند الله فكيف تتنزل درجتهم عن درجة علماء الدين فاعلم آنه من عرف الحق بالرجال حار في متاهات الخلال فأعرف الحق تعرف أهله إن كنت سالكاً طريق الحق . وإن قنعت بالتقليد والنظر إلى ما اشتهر من درجات الفضل» فلا تغفلن عن الصحابة وفضلهم› ولم يكن تقدمهم بالفقه والكلام بل بعلم الأخرة وسلوك طريقها. وأما قولك إن المشهورين من العلماء هم الفقهاء والمتكلمون فاعلم أن ما ينال به الفضل عند الله تعالى شيء وما تنال به الشهرة شيء آخر. ولقد كانت شهرة بي بكر رضي الله عنه بالخلافةء وكان فضله بالشيء الذي وقر في صدره؛ لقول رسول الله عل : «ما فضلكم أبو بكر بكثرة صلاة› ولا بكثرة صیام ولكن بشيء وقر في صدره»". ولقد كان من المكاشفين فيما قيل فليكن حرصك في طلب ذلك الشيء فهو الجوهر النفيس والدر المكنون. وكانت شهرة عمر رضي الله عنه بالسياسة والعدلء وكان فضله بالعلم بالله تعالى كما روي: أنه لما مات عمر بن الخطاب رضى الله عنهء قال ابن مسعود رحمه الله: مات تسعة أعشار من العلم . فقيل له: أتقول ذلك وفينا أجلة الصحابة؟ قال: لست أريد العلم بالفتوى والأحكام ہہ )۱( راجع المصدر والموضع السابق. (۲) قال العراقي في المغني (١/۲4): رواه الترمذي الحكيم في النوادر من قول أبي بكر بن عبد الله المزني ولم أجده مرفوعا. () راجع الإحياء (۱/٤۲). ۹۰ قنطرة العلم فكان فضله بهذا العلم وبقصده التقرب إلى الله تعالى في ولايته / وشفقته على خلقه وهو أمر باطن في سره وأما أفعاله الظاهرة فقد يتصور صدورها من طالب الجاه والإسم والسمعةء والراغب في الشهرة فتكون الشهرة فيما هو المهلك والفضل فيما هو سر لا يطلع عليه أحد من الناس . فالفقهاء والمتكلمون مثل الخلفاء والقضاة قد انقسموا: فمنهم من أراد الله تعالى بعلمه وفتواه وذيهٌ عن دينه ولم يرد به رياء ولا سمعةء أولثك أهل رضوان الله؛ لعملهم بعلمهم ولإرادتهم بفتواهم وجه الله تعالى» فإن كل علم عمل؛ لأنه فعل مكتسب» ولیس كل عمل علماً؛ فالطبيب يقدر أن يتقرب إلى الله تعالى بعمله فيكون مثاباً عليه من حيث أنه عامل لله تعالی به . والسلطان يتوسط بالعدل بين الحقء فيكون مرضياً عند الله سبحانه لا من حيث أنه متكفل بعلم الدين بل هو متقلد عملا يقصد به التقرب إلى الله تعالى . وأقسام ما يتقرب به إلى الله تعالى ثلائة: علم مجرد وهو علم المكاشفة. وعمل مجرد: كعدل السلطان مثلاً وضبطه الناس . ومركب من علم وعمل: وهو علم طريق الأخرة؛ فإن صاحبه من العلماء والعمال فانظر في نفسك لتكون في حزب علماء الله عز وجل أو عمال ال أو من حزبيهما شعر: خذ ما تراه ودع شیشاً سمہ ت به في طلعة الث ی يىك عن زجل ٩ وبالله التوفيق . البااب السادس في طرق العلم وتقاسيمه قسمة أخرى» اعلم أنا قد ذكرنا أقسام العلوم قبل هذا مجملة وسنشير هاهنا إن (١) راجع الإحياء (١/٤۲) النثر والشعر. قنطرة العلم ۹۱ شاء الله تعالى إلى فسمتها موجزة› وفي طرقها منحصرة. فقول إن طرق العلم محصورة / في ثلاث طرق» وقيل في أربع: إحداها الحس» [1/۹4] والثانية العقل» والثالثة السمع» والرابعة البديهة. فهذه قسمة متحصرة تدور على ابن آدم في الدنيا والأخرة فلا يسئل العبد في الأخرة إلا عنها؛ لأنها منحصرة فيما يسئل عنهء فما شاهده ببصره» أو سمعه بسمعهء أو أدركه بعقله فكل عم دعل فیا وعم بون الشرع وغيره؛ والفؤاد راجم م إلى القلب كما قال تعالر : فى ثيك لكر ِن گا 64 أ ال وش هي أي حاضر القلب والفؤات والقلب واحد والمراد به العقل. كما قال تعالی : لوَاللهُ 2 0 ° و ر ى ‎Ê‏ 2 اخْرَجكُمُ من ُطُونِ َمَهَاتِكمْ ل تَعُلمُونَ شا وَجعل لكُمُ ا سم وَاَلأَئْصَارَ وَالأَِْدَةٍ لعَلكُمُ تَشكُرون٩. وقال سبحانه : ِن أَلسَمُعَ وَألبصر وَألُْوَادَ كل أُولِكَ كان عَنْه مَسْتولاي. فجمع في هاتين الآيتين ما قدمناء من طرق العلم؛ أما الحس فينقسم ثلاثة أقسام: حس متصل ‏ وحس منمصل › وحس بنية. فالمتصل : كالملموسات› والمذوقات› والمشمومات إن حاسة اللمس وحاسة الذوق والمنفصل: كالمسموعات» والمبصرات؛ لأن حاسة السمع تدرك الكلام من غير اتصال بالمسموع› وحاسة البصر تدرك الأشخاصء» والألوان بغير اتصال. وحس بلي : هو ما يجده الأنسان في نفسه من غير طریق الحواس کالجوع والعطش والغرح والحزن وأشباه ذلك . وأما المقل : فعلى ثلاثة أقسام : واجب» وجائز ومستحيل . () سورة ق الأآية: ۳۷. () سورة التحل الآية: ۷۸. () سورة الإسراء الآية: ٢۳. ۹۲ قنطرة العلم فالواجب : على لانه أقسام : وجوب اتحصار الحقائق› ووجوب اطرادها› ووجوب اختصاصها بأحكامها. [/ب] والمستحيل : على ثلائة أقسام: قلب الحقائق / ونقض الحقائق وبطلان الحصر . والحائز: متردد بين الواجب؟ والمستحيل › وهو جائز في حقنا وعند الله تعالی واجب أو مستحيل . وأما السمع: فعلى ثلاثة أقسام: الكتاب والسنة والإجماع . وأما البديهة : فكعلمنا أن الأكل مشبع» والشراب مروي فهذه طرق العلم . ثم نرجع إلى تقاسيمه فنقول أيضاً: إن العلم على ثلاثة أقسام: العلم بالدينء والعلم بالدنياء والعلم بما يتوصل به إليهما مما جاءت به الرسل عليهم السلام. العلم بالدين على ثلائة أقسام: العلم بالله تعالىء والعلم بما يجوز عليهء والعلم بما يستحيل عليه فأما العلم بما يجب له فهو ثلاثة: الوجودء والوحدانيةء والكمال والذي يجوز عليه ثلائة : إيجاد العالم» وإعدامه بعد وجوده وإعادته بعد إعدامه . والذي يستحيل عليه ثلائة : التشسيهء والتشريك› والنقائص . فأما العلم بوجوده فيبنى على نفي التشبيه . والتشبيه على ثلاثة التقييد بالزمان» والتقييد بالمكان› والتقييد بالجنس» وفي لفظ آخر على ثلائة: التغير والتحيز والتأليفء والعلم بالوحدانية ينبني على نفي التشريك . والتشريك على ثلائة: الاتصال›ء والانفصالء والحلول. والكمال ينبني على نفي النقائص . والنقائص على ثلاثة: منها ما ينفع الأفعالء ومنها ما يمنم الإدراكء ومنها ما يمنع الكلام. فالموانع من الأفعال : كالعجز والجهلء وغير ذلك» والموائع من الإدراك: كالعمى› [٦/ب] والصمم› وغیر ذلك والموانع من الكلام : کالخرس؛ والبكم» وغیر ذلك من / الافات›ء وفي لفظ آخر في النقائص . والنقائص على ثلاثة : منها ما يدل على الحدوث» ومنها ما يمنع الأفعال ومنها ما يمتع الإدراك. فنطرة العلم ۹۳ وأما العلم بالرسول عليه السلام: فعلى ثلاثة أيضاً: العلم بما يجب إثباته للرسولء والعلم بما يجب نفيه عنهء والعلم بما يجوز عليه . فالذي يجب إثباته للرسول عليه السلام: الصدق» والأمانةء واتباع الحق في أفعاله وأقواله . والذي يجب نفيه عنه : الكذب والخيانة واتباع الباطل في أقوالهء وأفعاله. والذي يجوز عليه هو ما يجوز على البشر من الانتفاع والاستضرار. وفي لفظ آخر والذي وأما العلم بما جاءت به الرسل عليهم السلام فعلى ثلائة: الوحي» والتكليف» والجزاء على التكليف . والوحي على ثلائة : الأمر والنهيء والخبر. والفرق بين الوحي والتكليف أن الوحي: هو الأمر والنهي . والتكليف: هو مقتضى الأمر والنهي وهو امتثال الأمر واجتناب النهي فحقيقة التكليف والأمر والنهي راجعان إلى الخطاب الذي هو بالوحي. والخبر هو ما أخبر به من الغيوبء وهو جل الكتاب وأكثر ما فيهء والجزاء على التكليف على ثلاثة أيضاً الحساب والثواب والعقاب . فصل والعلم بالدنيا على ثلائة أقسام: العلم بمنافعهاء والعلم بمضارهاء والعلم بأسباب المعيشة فيهاء وفي لفظ آخر في العلم بالدنيا أخبرنا أن عاقبة نعيمها إلى الزوال. وأخبرنا أن عاقبة عمرانها إلى الخراب» وأخبرنا / أن عاقبة عمارها إلى الهلاكء وأما ما [1/۹7] فاللغة بها جاءت شريعتناء فإذا بطلت اللغة بطلت الشريعة والأحكام والإعراب أيضاً به تتصلح المعاني وتفهم» فإذا بطل الإعراب بطلت المعاني» وإذا بطلت المعاني بطل الشرع ٤۹ قنطرة العلم أيضاء وَبْطل جميع ما يدور عليه أمر المعاملات كلها: من المخاطبات في الأقوال. وأما الحساب أيضاً فهو مما يتوصل به إلى معرفة الدين» والدنيا جميعاً. أما الين: فإن هذه العبادات الموقتة بالآزمان لا تعرف إلا بالحساب» به عرفت الأيام والججمع والشهور والسنين . فالعبادات مرتبة فيها: كصلاة الجمعةء فإذا جهل يوم الجمعة بطلت الصلاةء وكذلك الصيام» إِذا جهل الحساب الذي به يعرف شهره بطل أيضاء وكذلك السنون أيضاً في عبادة الزكاة والحج فالحساب أصل كبير في الدين . وآما الدنيا: فبه تصح جميع المعاملات الدائرة بين الناس من المعاوضات» والأخذ والعطاء وجميع منافع المعيشة به تصح. وبالله التوفيق. الباب السابع في داب المتعلم والمعلم وهذا الباب ينتحصر فى فصلين : الفصل الأول : في آداب المتعلم وتتحصر آدابه فى عشرة أقسام : الأول : المبادرة إلى التعلم في أول وقت الإمكانء ويرغب فيه رغبة متحقق لفضائله وائق بمنافعه ولا يلهيه عن طلبه كثرة مالء وجدةء ولا نفوذ أمر وعلو منزلةء فإن من ينفذ أمره فهو إلى العلم أحوج ومن علت منزلته فهو بالعلم أحق. وفي حديث أنس عن النبي عليه السلام أنه قال: «إن الحكمة تزيد الشريف شرفاًء وترفع العبد المملوك حتى تجلسه مجالس الملوك»” . وقال بعض الأدباء: كل عز لا يؤكده علم مذلةء وكل علم لا يؤيده عقل مضلة . [۹/ب] / وقال بعض العلماء: إذا أراد الله بالناس خيراً جعل العلم في ملوكهم والملك في علمائهم. في آداب المحدث من حديث 4 يإستاد ضعيف. قنطرة العلم ٥۹ وقال بعض البلغاء: العلم عصمة الملوك؛ لأنه يمنعهم من الظلم» ويردهم إلى الحكمء ويصدهم عن الأذيةء ويعطفهم على الرعيةء فمن حقهم أن يعرفوا حقه ويستنبطوا أهله . القسم الثاني : أن يكون قصده في التعلم إرادة وجه الله تعالى . وإنفاء الجهل عن نفسهء وإرشاد من قدر على إرشاده بنية خالصة وعزيمة صادقة› فإذا كان قصده ونيته ما ذكرنا فإنه يرجى أن يستوجب الفضل الذي جاء في الأحاديث المتقدمة . وقد روي عن النبي يِل أنه قال: «من أكرم عالماً فكأنما أكرم سبعين تيء ومن أکرم متعلماً فكأنما أكرم سبعين شهيداء ومن أحب العلم والعلماء لم تكتب عليه خطيئة أيام حياته». هكذا وجدت في بعض آثار أصحابنا من أهل المشرق وليحذر طالب العلم: أن يطلبه لمراء أو رياءء فإن الممارى به مهجور لا ينتفع والمرائي به محقور لا يرتفع. وقد روي عن النبي يِل أنه قال: «لا تتعلموا العلم لتماروا به السفهاءء ولا تتعلموا العلم لتجادلوا به العلماء› فمن فعل ذلك منکم فالنار النارا. والمماري هو القاصد لدفع ما يرد عليه من فاسد وصحيح . وفي حدیث آخر : «من تعلم العلم ليماري به السفهاء أو ليباهي به العلماء لقي الله وهو عليه غضبان» . فمن طلب العلم لمباهات العلماء أو لممارات السفهاء أو ليتتشر ذكره في الناس بحسن الثناء أو ليعظم قدره عندهم أو لاكتساب مال أو جاه فهو من الخاسرين» وینشد: إلا مباهمات لأخوانهم وحجة للخصيم والظلم وليس المماري به هو المناظر فيه طلباً للصواب وقد بين ذلك / بعض العلماء فقال [1/44] لصاحبه: لا يمنعك حذراً المراء من حسن المناظرةء فإن المماري هو الذي يريد أن يتعلم منه أحد ولا يرجو أن يتعلم من أحد. القسم الثالث: ينبغي لطالب العلم أن يقدم أولاً طهارة النفس من دناءة الأخلاق ومذموم الأوصاف؛ لأن العلم عمارة القلبء وصلاة السر وقربة الباطن إلى الله تعالى. فكما لا تصح صلاة الجوارح الظاهرة إلا بطهارة الجوارح من جميع الأحداث والأخباث فكذلك لا تصح عبادة الباطن وعمارة القلب بالعلم إلا بعد طهارته من خبائث الأخلاقء من: الغل› والكبر» والرياء› وغير ذلك . ٦۹ قنطرة العلم وقد روي عن النبي يل أنه قال: «بني الدين على النظافةه ٠ وهو لعمري كذلك باطناً وظاهرء وقد قال الله تعالى : «إَمَا الَمُشْركُون نَجسن€”°. تنبيهاً للعقول على أن الطهارة والنجاسة ليست مقصورة على الظواهر . فالمشرك قد يكون نظيف الثوب مغسول الجسد ولكنه نجس الباطن بالشركء وقد قال تعالى : وَييابك فهر . أي قليك» فنق في بعض الأقوال. فإن قيل: كم من رديء الأخلاق قد حصل العلوم قيل له: فهيهات ما أبعدك عن العلم الحقيقي النافع في الآخرةء فإن من أوائله أن تظهر للعالم به أن المعاصي سموم مهلكة. وهل رأيت من بتناول شيئاً مع علمه بأنه سم مهلك؟ وإنما الذي تسمعه من المتشبهين بالعلماء في التشدق روايات ومسائل تلقفوها من غير معرفة بحقائقهاء وليس ذلك من العلم في سيء. وعن ابن مسعود رحمه الله أنه قال: ليس العلم بكثرة الروايات» وإنما العلم نور يقذف في القلب . وقال بعضهم: إنما العلم الخشية؛ إذ قال الله تعالى: رمَا يَحْشَى الله من عباده َلعُلمَاء€. فكأنه أشار إلى أخص ثمرات العلم(. وبالله التوفيق . [/ب] القسم الرابع: أن يقلل طالب العلم علائقه / من أشغال الدنياء ولا يسوف نفسه بالمواعيد الكاذبةء ويمنيها انقطاع الأشغال المتصلة؛ فإن لكل وقت شغلا وفى كل زمان عذراً. وينشد قول الشاعر: (۱) قال العراقي في المغني (4۹/۱): لم أجده هكذا وفي الضعفاء لابن حبان من حديث عائشة: تنظفوا فن الأسلام نظيف» وللطبراني في الأوسط بسند ضعيف جداً من حديث ابن مسعود: النظافة تدعو إلى الإيمان. (۲) سورة التوبة الآية: ۲۸. (۳) سورة المدثر الآية: ٤. (8) سورة فاطر الأية: ٢۲. (5) راجع الإحياء (١/4۹ء 00). قنطرة العلم ` ۹۷ وقد روي عن عيسى عليه السلام أنه قال: يا عبيد الدنيا كيف يدرك الأخرة من لا تنقضي شهوته من الدنيا؟ فمن أراد العلم بصحة الاجتهاد والجد فليبعد عن الوطن والأهل» فإن العلائق شاغلة عن المطلوبء وصارفة عن درك المأمولء فمهما توزعت الفكرة قصرت عن درك الحقائقء ولذلك فقيل : العلم والوطوطة لا يجتمعان. وقال بعض العلماء: العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك فإذا أعطيته كلك فأنت من عطائه إِياك بعضه على خطر . ومثال الفكرة المتوزعة على أمور مفترقة كجدول نهر تفرق ماؤه فنشّفت الأرض بعضه واختطف الهواء بعضه؛ فلا يبقى منه ما يجتمع ويبلغ المزرع”". وبالله التوفيق. القسم الخامس: أن لا يتكبر عن العلم ولا يتأمر على المعلم؛ بل يلقي إليه زمام أمره بالكلية في كل تفصيل ويذعن لتصحه إذعان المريض الجاهل للطبيب المشفق الحاذق»ء فبذلك وقال بعض العلماء: من لم يحتمل ذل التعلم ساعة احتمل ذل الجهل أبداًء وينشد: بني إذا ما مسك الذل قاهر عزيز فإن الذل للعز أحرز فلا تحملن يوماً عليه تعززاً فقد يورث الذل الطويل تعزز ولهذا قال ابن عباس: ذللت طالباً فعززت مطلوباً. وروي أنه کان ينام على أبواب الصحابة في الهواجر للتعلم منهم حتى تلفح وجهه / الهواجر. [۱٠۱/آ[ وينبغي له أن يتواضع لمعلمه ويطلب الثواب والشرف بخدمته . وعن الشعبي أنه قال : صلی زید ‏ بن ثابت على جنازة فقدمت له بغلته ليركبهاء فجاء ابن عباس فأخذ برکابه. فقال زید: خلٌ عنه یا ابن عم رسول الله . فقال ابن عباس: ھکذا أمرنا آن تفعل بالعلماء والكبراء. فقيل زيد بن ثابت يده فقال: هكذا أمرنا آن نفعل بهل بيت نیا ل . )۱( ذكر الغزالي نحو هذا الكلام في الإحياء (۱/ ٠0). () قال العراقي في المغني (00/۱): رواه الطبرائي» والحاكم؛ والبيهي في المدخل؛ إلا أنهم قالوا: هكذا تفعل؛ قال الحاكم صحيح الإسناد على شرط مسلم. ۹۸ قنطرة العلم وروت عائشة عنه عليه السلام أنه قال: «من وقرّ عالماء فإنما قد وقَرٌ ربه عز وجل». وقال علي بن أبي طالب: لا يعرف فضل أهل الفضل إلا أهل الفضل. قال الشاعر: إن المعلم والطيب كليهما لا ينصحان إذا همالم يكرما ثم ليعرف له فضل علمهء ولیشکر له جميل فعله› ولا يمنعه من ذلك علو منزلته إن كانت له وإن كان العالم خاملا فإز: العلماء بعلمهم استحقوا التعظيم لا بالقدرة والمال . وينبغي له أن يتلطف به ويتذلل ويتملق إليه فعاله ولا يتجهل؛ لأن التملق للعالم يظهر مکنون علمه› والتذلل له سبب للإدامة صبره. وقد روي عن معاذ رضي الله عنه عن الثبي عليه السلام أنه قال: «ليس الملق من أخلاق المؤمن إلا في طلب العلم». والملق معناه: التودد واللطف الشديد. وقال بعض حكماء الفرس: إذا قعدت وأنت صغير بحيث تحب قعدت وأنت كبير بحیث لا تحب . وبالله التوفيق .٠ القسم السادس: أن لا يدع طالب العلم فناً من العلوم المحمودة إلا وينظر فيهء نظراً يطلع منه على مقصده وغايت ثم إن ساعده العمر طلب التبحر فيه وإلا اشتغل بالأهم فاستو فاه . وتطرق من البقية فإن العلوم متعاونة وبعضها مرتبط ببعض ويستفيد منه في الحال [0/ب] الانفكاك / عن عداوة ذلك العلم بسبب جهله فإن الناس أعداء ما جهلوا. ولذلك قيل عن يحيى بن خالد أنه قال لابنه: عليك بكل نوع من العلم فإن المرء عدو ما جهلء وأنا أكره أن تكون عدواً لشيء من العلوم. وأنشد الماوردي لابن يزيد: جهلت فعاديت العلوم وأهلها كذاك يعادي العلم من هو جاهله ومن كان یهوی أن یری متصدراً ويکره لا أدري أصیت مقاتله () قال العراقي في الموضع والمصدر السابق: رواه ابن عدي من حديث معاذء وآبي أمامة بإسنادين () راجع القسم كله بتفصيل أطول في الإحياء (٠/ ٠٠) الوظيفة الثالثة. () في الإحياء: «تطرف). قنطرة العلم ۹۹ ولا ينبغي أن يتكبر على فن من العلوم المحمودة؛ فإن العلوم على درجاتها: إما سالكة بالعيد إلى الله تعالىء أو معينة على السلوك نوعا من الاعانة ولها منازل مرتبة فى القرب والبعد من المقصود. ومن تكبر الطالب للعلم: أن يستنكف عن الاستفادةء والتعلم إلا من المشهورين الكبراءء وذلك عين الحماقةء فَإن العلم سبب النجاة والسعادة» فمن طلب مهرباً من سبع ضار يفترسه» لم يفرق بين أن يرشده إلى الهرب مشهورء أو خامل وضراوة سباع التار بالجهل بالل تعالى أشد ضراوة من کل سبع ؛ فالحكمة ضالة المؤمن يغتنمها حيث يظفر بهاء ويتقلد المنة لمن ساقه ليها کائناً من کان نبيهاً كان أو خاملاء ولا يطلب الصيت وعلو الذكر باتباع أهل المنازل من العلماء إذا كان النفع بغيرهم أعمّ إلا أن يستوي التفعانء فيكون الأخذ عن من اشتهر ذكره» وارتفع قدره أولى؛ لأن الانتساب إليه أجمل والأخذ عنه أشهرء وقد قال الشاعر : إذا أنت لم يشهرك علمك لم تجد لعلمك إتساناً من الناس يقبله وإن صانك العلم الذي قد حملته أتاك له من يجتنيه ويحمله فمهما تكبر المتعلم عن العلم انتحرف العلم عنه وصعب عليه بعد ذلك طلبه. ولذلك قال بعضهم : العلم حرب للفتى | لمتعالي كالسيل حرب للمكان العالي / ولذلك قيل: إن المتواضع من طلاب العلوم أكثرهم علماء كما أن المكان المتخفض (۳١٠/ ۲ أكثر البقاع ماء. القسم السابع : : ينبغي للمتعلم أن يحترز من مبدءِ الأمر عن الإأصغاء إلى اختلاف ناسء سواء كان ذلك من علوم الدنيا أو من علوم الأخرة؛ لأن ذلك يدهش عقلهء ويحیر ذهنه ؛ ویفتر رأيه ويؤيسه عن الإدراك . بل ينبغي له أن يتقن أولاً الطريقة الواحدة المرضية عند أستاذه إذا كان أستاذه نقاداً بصيراً بفنون العلم مستقلاً باختيار رأي واحدء ومذهب واحدء وإن كان أستاذه إنما عادته نقل المذاهب وما فيها ولم يعتقد رأياً واحداً فليحذر منهء فإن إضلاله أكثر من إرشاده. فلا يصلح الأعمى لقود العميان وإرشادهم فمن حاله هذا فهو بعد في عمى الحيرةء ورتبة الجهل. )۱( راجع الوظيفة الخامسة في الإحياء (١/ ٠٥٠ ٥) وهذا الكلام فيها باختصار. قناطر الخيرات ج/٠ م/۸ ٠ قنطرة العلم وإن كان أستاذه بصيراً بالعلم متخيراً لنفسه قول واحداً يعتمد عليه ورعاً في دينه فليلق إليه المتعلم زمام أمره بحسن الإصغاء والقبول وليكن في ذلك لمعلمه كأرض ميتة نالت مطراً غزيراً فشربت بجميع أجزائها وأذعنت بالكلية لقبوله. ومهما أشار عليه المعلم بطريق في التعليم فليقلده وليدع رآيه؛ فإن خطاً مرشد أنفع له من صواب رأي نفسه إذ التجربة تطلع الإنسان على دقائق يستغرب سماعها مع أنه قد يعظم وقد نبّه الله تعالى على ذلك في قصة الخضر وموسى عليهما السلام حيث قال الخضر : ثم شرط عليه السكوت فقال: إن أبعي قلا سني عَن شَيْءِ حَتّى حت لك مله زر . ولم يزل في مراودته إلى أن كان ذلك سبب فراق ما بینهما. ب] وبالجملة فكل متعلم استغنى بنفسه / رأياً دون اختيار المعلم فاحكم عليه بالخيبة والخسران”" . وبالله التوفيق . القسم الثامن: أن يحذر المتعلم الإذلال على من يعلّمهء وإن أنسه وطالت صحبته معه؛ لأن الإذلال على العلماء من فعل الجهال وفيه فساد الأحوال . وقيل لبعض الحكماء: مَنْ أذل الناس؟ قال: عالم يجري عليه علم جاهل. وقال: وكلمت رسول الله يي جارية من السبيء فقال لها: «من أنت؟؟ فقالت: بنت الرجل الجواد حاتم» فقال يَل: «ارحموا عني ثلاثة: غنياً افتقره وعزيزاً ذل وعالماً ضاع بين الجهال»"". وليحذر المتعلم إستهانة معلمهء ولو وجد في نفسه استغناء؛ لأن ذلك كفر لنعمته واستخفافا بحقه فيكون كمن تقدم فيه سائر المثل السائر لابن البطحاء : اعلمه الرماية كل يوم فلمااشتد ساعدهرماني (١) سورة الكهف الأيتان: ۷١ ٠۷. (۲) راجع الإحياء (۱/٠0) الوظيفة الرابعة بنحو ما هنا. (۳) بنحوه ذكره العراقي في المغني (٤/۲۸) وقال: رواه ابن حبان في الضعفاء من رواية عیسی بن طهمان عن آنس؛ وعيسى ضعيف» ورواه فيه من حديث ابن عباس إلا أنه قال تلاعب به الصبيانء وفيه أبو البحتري؛ واسمه: وهب بن وهب أحد الكذابين. قنطرة العلم ۱١ وهذه الحالة من مصائب العلماء أن يصيروا عند من علموه مستجهلين › وعند من قدموه مستذلين . وقال: قال صالح ابن عبد القدوس : وإن عناء أن تعلم جاهملاً ويزعم جهلا أنه متك أعلم متى يبلغ البنيآن يوماً تمامه إذا كنت تبنيسه وغيرك يهدم متى ينتهي عن شيء من اتی به إذا لم يكن منه عليه تندم وقد رجح كثير من العلماء حق العالم على حق الوالدء لأن الوالد يحفظه من نار الدنيا والعالم يحفظه من نار الأخرة. ومع هذا لا ينبغي له أن يحملنه معرفة الحق له حتى يقيل كل شبهة أتت من جهة معلمهء ولا يدعوه ترك الإعنات له على التقليد فيما أخذ عنهء فإنه ريما غلا بعض الاتباع في عالمهم وليكن المتعلم معتدل الرأي فيمن يأخذ عنه متوسط الاعتقاد فيمن يتعلم منهء حتى لا يحمله الأعنات على اعتراض المبكتين / ولا يبعثه الغلو على تسليم المقلدين› فإذا فعل ذلك [1/10°] برىء من المذمتين› وسلم العالم من المحنتين › فليس كثرة السؤال فيما التبس إعناتاً ولا قبول وقد قيل لابن عباس: بما نلت هذا العلم؟ فقال: بلسان سَوْلء وقلب عقول. وعن النبي يل أنه قال: «حسن السؤال نصف العلم». وأنشد المبرد المقنوي : سل الفقيه تكن فقيهاآأشله لاخيرفي علم بغير تدبر وإذا تعسرت الأمور فأرجها وعليك بالأمر الذي لم يعسر وقد قالت العرب في أمثالها: إن العالم كالكعبة يأتيها البعداء ويزهد فيها القرباء. وأنشد الماوردي عن بعض شيوخه للمسيح بن حاتم : لاتری عالماًيحا| بقوم فيحلوه دار دار الهوان قل ماتوجد السلامة والصحة مجموعتين في الإنسان ١1۱۰ قنطرة العلم فإذا حُلتامكاناسحقياً فهما في النفوس معشوقتان هذه مكة العزيزة بیت الله يسعى لحجهاالثقلان وينبغي للمتعلم أن يكون في طلب العلم راغباً في ثواب اللهء راهباً من يعقابه . وقد قالت الحكماء: أصل العلم الرغبة وثمرته السعادة. فإذا اجتمعت فيه الرغبة في ثواب الله والرهبة من عقاب الله أدياء إلى كُنه حقيقة الزهدء فإذا اقترن العلم والزهد فقد تمت السعادة وعمت الفضيلةء وإن افترقا فيا ويح مفترقين ما أضر افتراقهماء وأقبح انفرادهما. [٦/ب] وقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام / أنه قال: «من ازداد في العلم رشداء ولم يزدد في الدنيا زهداً لم يزدد من الله إلا بعداء. وقال مالك بن دنار : من لم يؤت من العلم ما يقمعه فما أوتي من العلم لا ينفعه. القسم التاسع: ينبغي لطالب العالم ألا يقصر في طلبه وينتهز الفرصة ولا يشتغل بالفراغ فإنه من الفراغ تكون الصبوة. قال الشاعر : لقد هاج الفراغ عليك شغلا وأسباب البلاء من الفراغ وقال بعض العلماء : من أمضى يومه في غير حق قضاه أو فرض داه أو مجد تله ٠ و حمد حصله؛ أو خير أسسهء أو علم اقتبسه فقد غبن يومه وظلم نفسه. وقال بزرجمهر: إن يكن الشغل مجهدة فإن الفراغ مفسدةء وينبغي له أن يبتدىء العلم من أولهء ویأتیه من مدخله . ولا يتشاغل بطلب ما لا يضر جهله فيمنعه ذلك من إدراك ما لا يسع جهلهء فإن لكل وقد قال ابن عباس : يغفل في الصغر عن التعلم ؛ لأنه أحمد من التعلم في الكبر . وقد روي عن رسول اله يي أنه قال: «مثل الذي يتعلم العلم في صغره كالنقش على الصخرة والذي يتعلم في كبره كالذي يكتب على الماء»: ۱ )۱( حدیث م ۰ ۰ ۰ ‎o‏ اأ* . ۰ . صعيف ذکر نحو الشوكاني في الفوائد | لمجموعة (ص ‎(YA۸‏ كتاب الفضائل رقم ٥). وقال علي: قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلتهء وإنما كان كذلك؛ لأن الصغير أفرغ قلباء وأقل شغلا وأيسر تبدلاء وأكثر تواضعاًء وإما أن يكون الصغير أضبط من الكبير إذا عرى من هذه المواضعء وأوعى منه إذا خلا من هذه القواطع . وحكي أن الأحنف بن قيس سمع رجلا يقول: التعلم في الصغر كالنقش في الحجر. وقال الأحنف: الكبير أكثر عقلاء ولكنه اشغل قلباً ولكن تعلم الكبير أوجب؛ لأن الأولى به أن يكون شيخاً متعلماً لا شيخاً جاهلاً / لأن الصغير أعذر وإن لم يكن في الجهل [۷٠1/1] عذر. ولذلك قيل في متثور الحكم: جهل الشباب معذور وعلمه محقور› أما الكبير فالجهل به وينبغي لمن زهد في العلم أن يكون فيه راغب ولمن رغب فيه أن يكون له طالباء ولمن طلبه أن يكون منه مستكثراء ولمن استكثر منه أن يكون به عامل ولا يطلب لتركه احتجاجأء ولا للتقصير فيه عذرا. قال الشاعر: فلا تعذروني في الإساءة إنه شرار الرجال من يسيء فيعنر [وقال] آخر : فإياك والأمر الذي إن توسعت موارده ضاقت عليك مصادره فما حسن أن يعر المرء نفسه وليس له من سائر الناس عاذره وينبغي للمتعلم أن يشعر قلبه الصبر على معانات الحفظ ولا يستثقل الدرس» والحفظ ويتكل بعد فهم المعاني على الرجوع إلى الكتب والمطالعة فيها عند الحاجة إليها. والعرب تقول في أمثالها: حرف في قلبك خير من ألف في كتبك. قال الشاعر : عليك بالحفظ بعد الكتب تجهدها فإن للكتب آفات تفرقها فالفأر يخرقها والنار تأكلها والماء يفرقها والكف يسرقها وفي المثل : حرف في تامورك خير من ألف في دستورك. وقال العرب : لا خير في علم لا يعبر معك الوادي› ولا يعمر بك النادي . قال الشاعر : )۱( ليست في الأصل وأئبتها لإيضاح السياق. )۲( في الأصل: «فهياك. إذا ما غدت طلابة العلم مالها من العلم إلا ما تحصل في الكتب غخدوت بتشمير وجد عليهم فمحبرتي أذني ودفترها قلبي إن كنت في البيت كان العلم فيه معي أو كنت في السوق كان العلم في السوق وينبغي للمتعلم أن يتفكر بعد الحفظ في معاني الألفاظ . [۸/ب] وقد روي عن /النبي عليه السلام أنه قال: «همة السفهاء الروايةء وهمة العلماء الرعايةا. ومثل الذي يحفظ الألفاظ ولا يفهم معانيها كالكاتب الذي لا يدفع شبهة ولا يؤيد حجة› وكالحمار يحمل أسفاراً ولا يدري ما عليه . قال الشاعر يهجو قوماً: زوامل للاأشعار لا علم عندهم يجيدها إلا كعلم الأباعر لعمرك ما يدري البعير إذا دا بأوساقه أو راح ما في الغرائر وقال ابن مسعود رحمه الله: كونوا للعلم رعاة ولا تكونوا له رواةء فقد يرعوي من لا يروي أو يروي ما لا يرعوي. وحكي أن الحسن البصري حذّث بحديث فقال له رجل: يا أبا سعيد عمن؟ فقال: ما تصنع بعمن؟ أما أنت فقد نالتك عظته وقامت عليك حجته . ومع هذا لا ينبغي للمتعلم أن يعتمد على حفظه وتصوره ويغفل عن تقييد العلم في الكتب» فإن هذا منه خطاً وغلط؛ لأن التشكيك معترض والنسيان طارىء . وقد روى أنس أن النبي ي قال: «قيدوا العلم بالكتابة»”°. وشكى إليه رجل النسيان فقال له عليه السلام: «استعمل يدك أي اكتبه حتى ترجع إذا نسيت إلى ما کتبت؛. وقال الخليل بن أحمد: اجعل ما في الكتب رأس المالء وما في القلب النفقة . (۱) رواه الحاكم من قول عمر بن الخطاب ولم يرفعه وقال: وكذلك الرواية عن أنس بن مالك من صحيح من فولهء وقد أسند من وجه غير معتمد (۱/۱١١۱). قنطرة العلم ‎E‏ ‏وقال بعض السلف: لولا ما عقدته الكتب من تجارب الأولين لانحل مع النسيان عقود وقال بعض البلغاء: إن هذه الأداب نوافر تند عن عقول الأذهان فاجعلوا الكتب عنها حماة والأقلام لها رعاة. ّ ۰ ‌ . م کل وه ْ وقد روي عن ابن عباس في قوله تعالى: او َرَو من علم”. قال: يعني الخط . وعن مجاهد في قوله تعالى: «وَمَنْ بت الح لْحكُمة فَفَد وي حَيْراً ثرا يعني الخط . وقال حكيم الروم: الخط هندسة روحانية وإن ظهرت بالة جسدانية . وقال حكيم العرب: / الخط أصل في الروح وإن ظهرت بحواس الجسد. [۰۹٠/آ] واختلف في أول من كتب الخط يذكر عن الماوردي: أنه ذكر عن كعب الأحبار: أن أول من كتب آدم عليه السلام» كتب سائر الكتب قبل موته بثلاثمائة سنة في طين» ثم طبخه فلما غرقت الأرض في زمان نوح عليه السلام بقيت الكتابة فأصاب كل قوم كتابهم وبقي الكتاب العربي» إلى أن خص الله به إسماعيل عليه السلام فأصابها وتعلمها. وحكي عن قتيبة: أن أول من كتب الخط إدريس عليه السلام . واختلف في أول من كتب بالعربية فذكر عن كعب الأحبار: أنه آدم عليه السلام ثم وجدها بعد الطوفان إسماعيل عليه السلام. وحكى ابن عباس: أن أول من كتبها ووضعها إسماعيل على لفظه ومنطقه. وحكى عروة بن الزبير: أن أول من كتب قوم من الأولين وأسماؤهم: أبيجد› هوّز وحطي ؛ وكلمن› وصعمض؛› وفرست وکانوا ملوك مدين . الأنبار انتشرت . وحكى المدني: أن أول من كتب بها مرامر بن مروة وأسلم بن سدرةء وعامر بن خذرةء فمرامر وضع الصورء وأسلم وصل؛ وفصل» وعامر وضع الإعجام؛» والله أعلم. (١) سورة الأحقاف الآية: £ . () سورة البقرة الآية: ۹٦۲. القسم العاشر: في الشروط التي يتوفر بها علم الطالب بعد عون الله تعالى وحسن توفيقه - وهي بالجملة عشرة. أحدها: العقل الذي به يدرك حقائق الأمور؛ لأن معاني الأشياء التي يتوصل إليها فاللفظ : كلام يعقل بالسمع» والمعنى: تحت اللفظ يفهم بالعقل . الثاني : الفطنة التي يتصور بها غوامض العلومء ولذلك قال بعض الحكماء: العلوم مطالعها من ثلائة أوجه: عقل مفكر؛ ولسان معبر؛ وبیان مصور. [۱/ب] فإذا عقل الكلام بسمعه فهم /معانيه بقلبهء وإذا فهم المعاني سقطت عنه كلفة استخراجهاء وبقي عليه معانات حفظها واستقرارها؛ لأن المعاني شوارد تضل بالإغفالء والعلوم وحشية تفر بالرسال. الثالث : الذكاء الذي به يستقر حفظ ما تصوره وفهم ما علمه فإذا حفظ علمه بعد الفهم استقرء وإنس وإذا ذاكر به بعد القرار رسي وثبت . وقد قال بعض الحكماء: من أكثر المذاكرة بالعلم لم ينس ما علم واستفاد ما لم يعلم. قال الشاعر : إذا لم يذاكر ذوي العلوم بعلمه ولم يستفد علماً نسي ما تعلما فكم جامع للكتب في کل مذهب يزيد مع الأيام في جمعه علماً الرابع : الشهوة التي يدوم بها الطلب ولا يسرع إليه الملل ؛ لن من صدقت شهوته في العلم وبعدت همته في الطلب لا بد أن يشعر قلبه الصبر بقوة شهوته›ء ویشعر جسده احتمال التعب لبعد همته فيعقبه ذلك إلحاح الملحين الأملينء ونشاط المدركين فقلٌ عنده كل كثير وقد روي عن النبي يِل أنه قال: «إنكم لا تنالون ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون ولا تبلغون ما تهوون إلا بترك ما تشتهون). وقيل في منثور الحكم: اتعب قدمك فكم تعب( قدمك. () كذا في الأصل وأحسب أن صوابها «لمب». قنطرة العلم ۰۷ وقال بعض البلغاء : إذا اشتد الكلف» هانت الكلف . الخامس: الاكتفاء بمادة تغنيه عن كلفة الطلب» ولذلك قيل: لا يصح العلم لطالبه إلا بوجود أربعة: الكتب الصحاح» وسعة المؤنةء وذهن حاضر» وعالم نقاد بصير بفنون العلم. وقال بعض البلغاء : من بلغ أَشدهُ لافی من العيش أده ويقال : من اهتم ببصلة لم ينتفع بمسألة . وقال بعض مشايخنا رحمهم الله /بعكس هذا فقال: إنما يتعلم العلم مثل أبي عبيدة [۱١۱/۱۱] البفطوري الذي يبل الشعيرء ويصره في طرفهء ثم يفطر عليه وعلى الخبيز وهو صائم؛ ولا يأكل العيش المطبوخ إلا من ليلة الجمعة إلى ليلة الجمعة الأخرى. والله أعلم. تقدم هذا. لاأن به يكون التوفر في الطلب ويحصل به الاستكثار من العلم . السابع: عدم القواطع المذهلة من هموم واشتغال وأمراض ولذلك قال البلغاء: القلب إذا علق كالرهن إذا غلق . وقيل في منثور الحكم: الهم قيد الحواس» فإن كان ذا معيشة قطعتهء وإن كان ذا رئاسة ألهته. ولذلك قيل: تفقهوا قبل أن تسودوا. الثامن: طول العمرء واتساع المدة لينتهي بالاستكثار إلى مراتب الكمال . وقال الأسكندري: يحتاج طالب العلم إلى أربع : مله وجدة؛ وفريحه » وشهوة› وتمامها في الخامس معلم ناصح ٠ ولذلك فيل شعر : لأ بد للعلم من ست لطالبه من فیلسوف ودود غير منان ومن زمان ومن أمن يشايعه ومن مكان وإمكان وإخوان وقال آخر : حص ال العلم ر عة فنأولها التجرد له وحفظلك ثم نهمكه وحملكه عرن الحمله خصال من تكونن فيه وإلالم ينل أمله التاسع: الظفر بعالم سمح بعلمهء متأنٍ في تعليمه صادق في كل كلامهء بصير بفنون العلم ناصح للمتعلم . 1۰۸ قنطرة العلم ولذلك قيل عن أبي عبيدة مسلم رحمه الله أنه قال: لا يؤخذ العلم عن أربعة: رجل كذاب وإن كان يصدق في فتواهء ورجل مبتدع في الدين؛ ورجل سفيه مشهور السفهء ورجل لا يفرز مذهبه من مذهب غیره. فإذا ظفر بمعلم ناصح ذي دين فعليه أن يوقرهء ويتذلل لديه بحسن التأدب فبذلك ينال وقد قال أنوشروان لبزرجمهر: مَنْ أذبك؟ قال: قريحتيء نظرت إلى ما استحسنت من غيري فاستحملته» وما استقبحته اجتنبتهء ولقد استفدت من كل شىء محاسنهء وأخذت من الخنزير قناعت ومن الكلب محافطته › ومن القرد مساعدته › ومن الحمار صبره؛ ومن الغراب بكوره» ومن السنور لطف المسألة عند الخوان . فقيل له: بماذا نلت ما نلت من العلم؟ فقال : ببكور كبكور الغرابء وحرص كحرص الختزير وصبر كصبر الحمار» وتملق كتملق القط . وقيل لبعض السلف: بم أدركت ما أدركت من العلم؟ فقال: بقلب ذكي› وأب غني فإذا امتثل المتعلم ما ذكرنا كان جديراً بأن ينال من العلم مقصوده. وبالله التوفيق . العاشر: تقوى الله عز وجل الذي هو رأس كل بر وبه ينال المتعلم مقصوده من الخير في الدنيا والأخرةء قال الله سبحانه وتعالى : وَأَقُوا أَللَهَ لمكم 4 . وقال النبي عليه السلام: «من عمل بما علم أورثه الله عز وجل علم ما لم يعلم». وحديث علي بن أبي طالب فيه جميع وظائف الأدب التي يحتاج إليها المتعلم لمعلمه وذلك أنه قال: إن من حق العالم أن لا تكثر عليه السؤالء ولا تعنته في الجواب» ولا تلح عليه إذا كسل» ولا تأخذ بثوبه إذا نهض» ولا تشير عليه بيدك؛ ولا تفتش له سرا ولا تتاب عنده أحدا ولا تطلبن عثرته› إن زل انتظرت أوبته› وقبلت معذرت› وأن توقره وتعظمه لله ما دام يحفظ أمر الل ولا تمش أمامء وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمتهء ولا تتبر من طول محبته. فإنما هو بمنزلة النخلة تنتظر متى تسقط عليك منها منفعةء وإذا جئت فسلّم على القومء وخْضّه بالتحيةء واحفظه شاهداً أو غائثباً. وليكن ذلك كله ل فإن العالم أعظم أجراً [/ من الصائم القائم المجاهد في سبيل الل وإذا مات / العالم انثلمت من الإسلام ثلمة إلى يوم (١) سورة البقرة الآية: ۲۸۲. )۲( قال العراقي في المغني (۱/٠۷): رواه أبو نعيم في الحلية من حديث أنس وضعفه. قنطرة العلم ۱۰۹ فهذه وظائف ما على المتعلم من الأداب وما به يتوفر علمه وإذا استكملها فهو أسعد الفصل الثاني: في وظائف ما على العالم المعلم المرشد من الآداب اعلم أن اللإنسان في علمه أربعة أحوال كحاله ذلك في اقتناء الأموالء إذ لصاحب المال حالة استفادة فيكون مكتسباء وحال ادخار لما اكتسبه فيكون به غنياً عن السؤال» وحال إنفاق على نفسه فيكون منتفعاء وحال بذل لغيره فيكون به سخياً متفضلاً وهو أشرف أحواله. وكذلك العلم يقتنى کالمال فله حال طلبء واكتسابء وحال تحصيل يغني عن السؤال› وحال استبصار › وهو التفكر في المحصل والتمتع به« وحال تبصير وتعليم لغيرهء فمن عَلِمَ وعَمل وعَلُمَ فهو الذي يدعى عظيماً في ملكوت السماوات؛ فإنه كالشمس تضيء لغيرها وهي مضيئة في نفسهاء وكالمسك الذي يطيب وهو طيب. وأما الذي يعلم ولا يعمل به كالافتر الذي يفيد غيره وهو خال عن العلمء والمَسَن الذي يشخذ غيره ولا يقطع » وكالإبرة التي تكسوا غيرها وهي عاريةء وكفتيلة المصباح تضيء لغيرها وهي تحترق وفي مثله يقال : صرت كأني ذُبالة نصبت تضيء للناس وهي تحترق”° ومهما اشتغل بالتعليم فقد تقلد أمراً عظيماً وخطراً جسيماء فليحفظ وظائف آدابه'"› وتتحصر بالجملة في عشر وظائف : إحداها: أن يكون المعلم عاملاً بعلمه أولاً لثلا يكون كما قال / الله تعالى : نامرون [٤/ب] و 7 َلنَاسَ بابر وسن ا 7۶ () في الأصل: #«كماله». والتصويب من الإحياء. )۲( في الإحياء جاء الشعر على التو التالي : ماهو إلا ذبالة وقدت تضيء للناس وهي تحترق )۳( راجع إحياء علوم الدين (۱/ ٥0). (8) سورة البقرة الآية: 4£ . سو س ور 2 ّ . ‎„wes‏ وقال تعالى : مَل اَلَذِينَ حُمُلوا ألوْرَاء إلى قوله: يحمل أسفار ”° . وقال تعالى : كبر مَفناً عند الله أن تَقُولُوا ما لا َفْعَلُونَ€*. وعن قتادة في قوله تعالی : لوه لدو علم لما عَلما€. يعني أنه عامل بما علم» فإذا خالف فعل العالم قوله سقطت حكمتهء وامتنع الناس من قبولها؛ لأن الحكمة والعلم إنما يدركان بالبصائرء والعمل والقول يدركان بالأبصار أكثر فكل من تناول شیثاء وقال للناس : لا تتناولوه فإنه سم مهلك سخر الناس به واتهموەء وزاد حرصهم عليهء فيقولون: لولا أنه أعز الأشياء وألذها لما كان ينفرد به . ولذلك قيل عن رسول الله يِل أنه قال: «لو منع الناس من فت البعر لفتوه وقالوا: ما نهينا عنه إلا وفيه شيءء*. ولذلك قال الشاعر : منعت شيئاً فأكثرت الولوع به أحب شيء إلى الإنسان ما منعا ومثال المعلم المرشد من المتعلم المسترشد: مثل العود من الظلء ومثل القلب من الجوارح فكيف يستوي الظل والعود أعوج؟ وكيف تستقيم الجوارح والقلب معوج؟ ولذلك كان وزر العالم في معاصيه أكثر» إذ يذل بذلته خلق كثير يقتدون به. ومن سن سنة سيئة فله وزرهاء ووزر من يعمل بها إلى يوم القيامةء ولذلك قيل عن علي بن أبي طالب أنه قال: قصم ظهري رجلان؛ عالم متهتك» وجاهل متنسك فالجاهل يغتر الناس بتنكسه» والعالم ينفرهم”" بتهتكه. فالواجب على العالم أن يعمل بما يعلم» ولا يقول بما لا يفعل» ولا يأمر بما لا يأتمر ولا يسر غير ما يظهر. [٥٠1/][ وقد روي عن النبي عليه السلام أنه قال: «ويل لاتباع القولء وويل / للمصرين». يريد باتباع القول الذين يستمعون القول ولا يعملون به. (ا) سورة الجمعة الأية: 0. (۲) سورة الجمعة الآية: ٥. (۳) سورة الصف الأية: ۳. () سورة يوسف الأية: ١١ . (٥) قال العراقي في المغني (07/۱): لم أجده. قلت: أطراف الحديث في: تذكرة الموضوعات (۱۷۲)› وكشف الخفا (۲/ ۸۲ء ٢۲۲)؛ وإتحاف السادة المتقين (۱/۱٤۳). ۱( في الإحياء (١/ ۸8٥): «يغرهم» وراجع الوظيفة الثامنة . قنطرة العلم ١۱ ویروی أن الخضر عليه السلام قال الموسى عليه السلام: تعلم العلم لتعمل بهء ولا تتعلمه لتحدث به فيكون عليك بوره ولغيرك نوره. وقيل في منثور الحكم: لم ينتفع بعلمه من ترك العمل به . وعن علي أنه قال: إنما زهد الناس في طلب العلم لما يرون من قلة انتفاع من علم بما علم. وکان يقال : خير من القول فاعله› وخير من الصواب قائله› وخير من العلم حاصله . وقال بعض البلغاء: من تمام العلم استعماله؛ ومن تمام العمل استقلالهء فمن استعمل علمه لم يخل من رشادء ومن استقل عمله لم يقصر عن مراد. قال أبو تمام الطائي : ولم يحمدوا من عالم غير عامل خلافاً ولا من عامل غير عالم واعلم أن أمر العالم غيره بما لا يعمل به مطرحء وإنکاره بما لا ینکره من نفسه مستقبح بل ريما كان ذلك سبباً لإغراء المأمور بترك ما أمر به عناداً وارتكاب ما نهى عنه كياداً. وقد حكي أن أعرابياً سأل ابن أبي ذثب عن كلام وقع منه في زوجته فأفتاء بطلاقهاء فقال الأعرابي: انظر حسنا. قال: قد نظرت وقد بانت منك» فولى الأعرابي وهو يقول: آتيت ابن ذئب ابتغي الفقه عنده فطلق حتى البت بحت أنامله اطلق من فتوی ابن ذئب حلیلتي وعند ابن ذئب أهله وحلائله فظن بجهله أنه لا يلزمه الطلاق بقول من لم يلتزم الطلاقء فما ظنك بقول يوجب اشتراك الآمر والمأمور فيهء كيف يكون مقبولاً منه وهو غير عامل به؛ ولا قائل له؟ کلاء حتی يأتمر به ويعمل /به؛ لأن علمه لما كان فيه حجة على من أخذه عنهء أو اقتسبه منه کان عليه [١۱۱/ب] أحج وله ألزم؛ لأن مرتبة العمل قبل مرتبة القول كما أن مرتبة العلم قبل مرتبة العمل. وبالله التوفيق . الوظيفة الثانية: الشفقة على المتعلمين: منه أن يجريهم مجرى بنيه في التعهد E )۱( راجع الوظيفة الأولى في الإحياء (۱/ 00). [۷١۱/[ ‎WAN:‏ قنطرة العلم لأحوالهم» وقد روي عن النبي عليه السلام من طريق ابن عمر أنه قال: «وقروا من تتعلمون منه ووقروا من تعلمونه العلم). ‏وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: تعلموا العلمء وتعلموا للعلم السكينة والحلم» وتواضعوا لمن تُعلمون» وليتواضع لكم من تعلمونه ولا تكونوا من جبابرة العلماء› فلا يقوم علمكم بجهله. فلما كان الأمر ما وصفنا كان جديراً على المعلم أن يشفق على المتعلمين منه شفقة الوالد على أولاده. ‏وقد روي عن النبي عليه السلام أنه قال: «أنا لكم مثل الوالد أعلمكم أمر ديتكم»”. وذلك أن يقصد بتعلمهم إنقاذهم من نار الأخرة فهو أهم من إنقاذ الأبوين ولاهما من نار الدنياء ولذلك صار حق العالم المعلم أعظم من حق الأبوين؛ لأنهما سبب لوجود الولد في الدنيا الفانيةء والمعلم سبب لخلوده في نعيم الحياة الاخرة الدائمة - أعني معلم علوم الأخرة أو علوم الدنيا على قصد الا-رة -. ‏وأما المعلم على قصد الدنيا فهو هلاك وإهلاك نعوذ بالله من سوابق الشقاءء فكما أن حق أولاده الرجال أن يتحابوا» ويتعاونوا على المقاصد فحق تلاميذ المعلم الواحد التحاب› والتعاون» ولا يكون إلا كذلك إن كان مقصدهم الاخرةء ولا يكون إلا التحاسد» والتباغض إن كان مقصدهم الدنيا. ‏فإن العلماءء وأبناء الانيا مسافرون إلى الله عز وجل وسالكون إليه الطريقء فالدنيا وسنونها وشهورها منازل إليه. ‏فكما أن /المسافرين في الطريق إلى بعض الأمصار لا بد لهم من التعاون» والتواد؛ حتى يقطعوا الطريق إلى المصرء وإذا اختلفت كلمتهم وتباغضوا كان ذلك سبب هلاكهم في الطريق . ‏فلما كان سفر الدنيا بهذه الحالة فالسفر إلى الله تعالى وإلى الفردوس الأعلى أحق بالترافق والتواد في طريقه» ولا ضيق في طريق سعادة الآخرة ولذلك لا يكون بين أبناء الأخرة تنازع › ولا تباغض» ولا تحاسد. ‏وأما السالكون بطريق تعلمهم وتعليمهم طلب الرئاسة فهم خارجون عن موجب قول الله ‏)۱( ذکر نحوه الغزالي في الإحياءء وعلق عليه العراقي في المغني )00/۱( بقوله: رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان من حديث أبي هريرة. ‎ ‎ قنطرة العلم ۱۱۳ تعالى : «إنَما ألْمْمِنُونَ إِخُوة”. وداخلون في قوله تعالى: «الأَحِلاء يَوْمَيِذ بَعْضْهُمْ لض ِ‫ عد إل ‎J‏ ق 0 ِ الوظيفة الثالثة: أن يقصد العالم لیم وجه الله تمل ويقتدي بصاحب لش ف اليا عوضاً ولا أجراء ال لله تعالى أيه عله السلام ون أت علو تا إن ثري إلا عَلَى الل . وقال تعالى : ولا تَشَْرُوا باياټي نَمناً فللا . وعن أبي العالية قال: لا تأخذوا عليه أجراً وهو مكتوب عندهم في الكتاب الأول: وقد روي عن النبي عليه السلام أنه قال : «أجر العالم كأجر الصائم القائم». فحسب من هذا أجره أن يلتمس عليه أجراً أو يرى لنفسه منة على المتعلمين منهء ولو كانت المّة لازمة لهم» بل ينبغي أن يرى لهم المنّة عليه إذا طهروا قلوبهم بأن يتقرب إلى الله تعالى بزراعة العلوم فيهاء كالذي يعيرك أرضه لتزرع فيها زراعة لنفسك» فالمنة لصاحب الأرض عليكء وثواب المعلم في التعليم أكثر من ثواب المتعلم› ولولاه ما ٽال المعلم ذلك الثواب الجزيل فلا ينبغى /له أن يطلب الأجر إلا من الله تعالى وإلا فقد أبطل ثوابهء وخسر [۱۱۸/ب] سعيهء وإنما الأليق بالعلماء نزاهة النفوس عن شبهة المكاسب» والقناعة بالميسور من كذ المطالب . فبذلك تزكو نفوسهم ويسلم لهم دينهم وأعراضهم؛ ويتوفر علمهم وتوجد له الحلاوة والقبول في أنفس المتعلمين والمنتفعين منهم؛ لأن شبهة المكسب عار في الدنيا ونار في العقبىء وكذا المطلب إذلال للتفس وإهانة للعلم. وأنشد الماوردي لعليّ بن عبد العزيز القاضي الجرجاني : يقولون لي فيك انقباض وإنما رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما () سورة الحجرات الآية: ١٠ () سورة الزخرف الآية: 17. (۳) سورة هود .الآية: ۲۹. (8) سورة البقرة الآية: ١٤٠ وسورة المائدة الآية: 4£ . ٤۱۱ ر ى الناس من دناهم هان عندهم وما زلت متحازاً بعرضي جانباً ولم أقض حت العلم إن كان كلما وما كل برق لاح لي يستفزني إذا قيل هذا منهل قلت قد أرى أتهها عن بعض ما قد يشينها ولم اذل في خدمة العلم مهجتي اشقى به غخرساً وأجنيه ذلة فلو أن أهل العلم صانوه صانهم ولكن أهانوه ودنسوا قنطرة العلم ومن أكرمته عزة النفس أكرما من الذم اعتد الصيانة مغنما ولا كل من في الأرض أرضاً منعما ولكن نفس الحر تحتمل الظما مخافة أقوال العدا فيما أولما لأخدم من لقيت لكن لأخدما إذا فاتباع الجهل قد كان أحزما ولو عظموه في النفوس لعظما محياه بالأطماع حتى تجهما انظر کیف انتھی أمر الذين يزعمون أنهم للعلم موضع وللدين معزع › وآن مقصدهم به حشد الجهال وكثرة الاتباعء ومخالطة ذي الأموال من الغوغاء والرعاع وأن غرضهم بهذا کله كما زعموا إحياء الدين وإقامة الحق المبين فاضطرهم حب الدنيا وطلب الرئاسةء وجمع الحطام إلى استدراج العوام بالخدع الدينية واستعمال / المداهنة في الدين حتى اندرس الكليةء فصاروا ضحكه عند الجهال وخذاماً لأرباب الأموال يتذلل أحدهم للجاهل من تلامذتە› وينتهض له حماراً مسخراً لقضاء حاجاته» فإن قصر في ذلك ثار عليه وصار من أعد أعدائه . أخسس بعالم يرضى لنفسه بهذه المنزلةء ثم يفرح مع ذلك برضاء الجاهل عنهء واجتماع السفلة عليه فصار من يذعي العلم والمعرفة يتضرع للجهالء ويتبصبص لذوي الأموال. هو العلم إذ به شرف النفس ونجاتها؟ فمن طلب المال بالعلم كان كمن مسح نعله برجله ليطهر النعل من الأنجاس؛ء فجعل المخدوم خادماً والخادم مخدوماً. ما هذا لعمري هو التعس» والانتكاس على أم الرأس فكيف يفرح العاقل بهذه المنزلة ويرضى بهاء ثم لا يستحي ويقول: إن غرضي إحياء الدين والتقرب إلى الله تعالى بإقامة الحق المبين فانظروا واعتبرو . وبالله التوفيق. قنطرة العلم ٥۱ الوظيفة الرابعة: النصيحة للمتعلمين والرفق بهم وتسهيل السبيل عليهم وبذل المجهود في رفدهم ومعونتهم؛ فإن ذلك أعظم لأجرهم» وإسناد لذكرهم؛ وأنشر لعلومهم وأرسخ لمعلومهمء ومن النصيحة للمتعلم أن يمنعه من التصدي لرتبة قبل استحقاقها والتشاغل بعلم خفي قبل الفراغ من الجلي . ثم ينبهه على أن مطلب العلوم القرب من الله تعالى دون الرئاسةء والمباهات والمنافسة ويقبح في نفسه ذلك بأقصى ما يمكن من التقبيح فليس ما يصلحه العالم الفاجر بأكثر مما واعلم أن المتعلمين ضربان: مستدع» وطالب. فأما المستدعي إلى العلم: فهو من استدعاه / العالم إلى التعلم لما ظهر له من جودة ذكائه وقوة خاطره» فَإِذا وافق استدعاء العالم [١٠٠/ب] شهوة المتعلم كانت نتيجتها درك السعداءء وظفر النجباء؛ لأن العالم باستدعائه متوفرء والمتعلم بشهوته مستكثر. وأما الطالب للعلم لداع يدعوه وباعث يحدوه: فإن كان الداعي دينياً وكان المتعلم يقظاناً ذكياً وجب على العالم أن يكون عليه مقبلاً وعلى تعليمه متوافراً لا يخفى عنه مكنوناً ولا يطوي عليه مخزوناً. وقد روي عن الثبي عليه السلام أنه قال لعلي بن أبي طلب: «لثن يهدي الله بك رجلا وإن كان بليداً بعيد الفطنة فينبغي ألا يمنع من اليسير فيحرمء ولا يحمل عليه الكثير فیظلم؛ ولا يجعل بلادته ذريعة إلى حرمانه› فإن الشهوة باعثة والصبر مؤىر. وقد روي عن النبي يِل أنه قال: «لا تمنعوا العلم أهله فتظلموا ولا تضعوه في غير أهله فتأئموا». وقال بعض الحكماء: لا تمنعوا العلم أحداً فإن العلم أمنع لجانيه. فإن لم يكن الداعي دينيا نظر فيه فإن كان مباحاً كرجل دعاه إلى طلب العلم حب النباهةء وطلب الرئاسةء فالقول فيه يقارب التعليم له› إذ كان مطلوبه من العلم ما يرجاه أن يعطفه في الحال الثاني ء وذلك مثل علم التفسيرء والحديث» وعلم الأخرةء ومعرفة أخلاق النفس وكيفية تهذيبهاء وما أشبه ذلك مما کان الأولون يشتغلون به ولذلك حكي عن سفيان الثوري أنه قال: تعلمنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله. قناطر الخيرات ج/٠ م/٩ ١۱ قنطرة العلم وقال ابن المبارك: تعلمنا العلم للدنيا فدلنا على ترك الدنيا . وذلك العلم مثل ما قدمناه من علم التفسير والمواعظ» فإذا تعلمه الطالب وقصد به الدنيا فلا بأس أن يتركه؛ فإنه ريما يتشمر له الطالب طمعاً في الوعظ به للجاه والاستتباع ولكنه ريما [ يتنبه في آخر الأمر إذ فيه العلوم / المخوفة من الله عز وجل المحقره للدنيا المعظمة للأخرة. [/۱۲۲] وذلك يوشك أن يرده إلى قصد الأخرة؛ حتى يتعظ بما يعظ به غيره ويجري تحبیب القبول والجاه بذلك أول مرة مجرى الحَب الذي ينثر حوالي الفخ ليقتتص به الطير . وقد فعل الله ذلك لعباده إذ خلق الشهوة؛ نيصل الخلق بها إلى بقاء النسلء وخلق أيضاً حب الجاه ليكون سبباً لإحياء العلوم» وهذا متوقع في هذه العلوم. وأما علوم المجادلات والفتاوى والخصومات والأشعار التي فيها السخف» وأشباه ذلك فلا يزيد التجرد لها مع الأعراض عن غيرها إلا قسوة في القلبء وغفلة عن الله سبحانه وتماديا في الضلال وجمعاً للحطام إلا من تداركه الله سبحانه بر حمته . وأما إن كان الداعي إلى التعليم شراً كامناً ومكراً باطناً يريد أن يستعملهما المتعلم في شبهة دينية وحيل فقهية لا يجد أهل السلامة عنها مخلصاًء ولا فيها مدفعاً. كما قال النبي عليه السلام: «لا أخاف عليكم مؤمناً ولا مشركاً؛ لأن المؤمن قد شغله إيمانهء والمشرك قد أذله الله بشركه ولكن أخاف عليكم منافقاً عالم اللسانء جاهل القلب. . . .» الحديث . وقال عليه السلام: «أهلك أمتي رجلان: عالم فاجر » وجاهل متعدا. وقيل : يا رسول اللهء أي الناس أشر؟ فقال: «العلماء إذا فسدوا». فينبغي للعالم إذا رأى من هذا حاله أن يمنعه من طلبتهء ولا يعينه على إمضاء مكره وخديعته ؛ فإن إعانة من هذه حالته بسلاح العلم يجري مجرى إعانة قاطع الطريق بالسلاح . وقد روي عن أبي المنيب حامد بن يائيس رحمه الله : أنه كان إذا أتاه أبو خليل الدركلي رحمه الله للتعلم› إن وجده مضطجعاً قعد على نفس أو مغطياً وجهه كشف عن وإن تاه أخوه عمرو بن ڀائیس فإن وجده قاعداً اضطجع؛› أو مكشوفاً وجهه غطاه . فقيل / له في ذلك فقال أبو خليل: إنما يتعلم لله وأما عمرو فإنما يتعلم ليؤذي | لمسلمين ويعنتهم. فكان الأمر كما قال الشيخ: فكان أبو خليل قائماً بالدين قادة في الإسلام› فصار عمر وبالاً على المسلمين وصاحباً لخلف بن السمح فأحدث أحداثاً في الإسلام› فكان يتبم زلات المسلمين ويكتب بها إلى الإمام عبد الوهاب رضي الله عنه فكتب إليه الإمام فقال: أعاذنا الله يا عمرو من النزول بعد قنطرة العلم ۱۱۷ الطلوعء ومن الترك بعد الأجتهادء ومن بغض المسلمين بعد محبتهم؛ ومن نفاق تخفيه الأبدانء ومن أشياء ليس لها تجارب. فقال: بلغوه الكتاب» وما أظن أن تدركوه إلا ميتاء فلعل أن تدركوا جنازته» فوجدوه كما [قال] حمل إلى القبر. والله أعلم . وفي روايات أبي سفيان محبوب رحمه الله قال: كان رجل ممن يقر بهذه الدعوة يقال له: سلمةء ثم ظهرت منه أشياء: كان يكتب بطائق يشتم فيها المسلمين ويعيبهم» ويلقيها في المجالس حتى وجدوا يفا على أربعين بطاقة من عيب المسلمين وشتمهم فاجتمعوا لذلك ليظهروا أمره للمسلمين ويتبرأوا منه. قال: فتكلم أبو روح مغلس فقال: إنا وجدنا كتباً فيها عيب المسلمين» وشتمهم فوالله ما كتبها إلا شيطان فعلى من كتبها لعنة الله ثم تتابم المتكلمون على مقالة أبي روحء ولم يسموا 4 أحداً. قال: فخرج سلمة إلى البحر فغرق فيهء فعافاهم الله تعالی من شره. فإذا رأى العالم في المتعلمين أمثال هؤلاء الفساق الذين يكون علمهم وبال على المسلمين» ومميتاً للذين فليقصِم ولا يفذهُم العلم؛ لثلا يكون شريكهم في الشر والإئم. وقد روي عن النبي عليه السلام من طريق أنس أنه قال: «واضع العلم في غير أهله وعن عيسى عليه السلام: «لا تلقوا اللؤلؤ للختزير». وفي حديث آخر: «لا تلقوا الدر في أفواه الكلاب». / فالعلم أفضل من اللؤلؤ ومن لا يستحقه شر من الخنزير . [۱۴/ ب[ وحكي أن: تلميذاً سأل عالماً عن بعض العلوم فلم يفده. فقيل له: لم منعته؟ فقال: لكل تربة غرس ولکل بناء اس . وقال بعض الأدباء: إرث لروضة توسطها خنزير وإرث لعلم حواه شرير . قال الشاعر . ني وتأيني بمدحي معشراً كمعلق درا على الخنزير () هذه رواية يتضح فيها المبالغة حيث أن بها علماً للغيب الذي خص الله تعالى به نفسه. وكذا لم يجزم الشيخ بصحتها حيث عقب عليها بقوله: والله أعلم. ۱۱۸ قنطرة العلم وعن عيسى عليه السلام أنه قال: لا تؤتوا الحكمة غير أهلها؛ فتظلموهاء ولا تمنعوها ويقال: من أعطى الحكمة غير أهلها حاكمته الحكمة إلى ربها. وأنشد بعض السلف من العلماء: لعمري لئن ضيعت في شر بلدة فلست مضيعاً عندهم غرر الكلم فإن فرج الله اللطيف يفضله وصادفت أهلا للعلوم وللحكم صبرت مفيداً واستشفدت ودادة وإلا فمخزون لدي ومكتشم ومن منح الجهال علماً أضاعه ومن منع المستوجيين فقد ظلم ومانع علم الدين ممن يريده يبوء بأوزار وإثم إذا حرم ويروى أن سفيان الثوري رؤي حزيناً فقيل له: ما لكً؟ قال: صرنا متجراً لأبناء الدنيا يلزمنا أحدهم حتى إذا تعلم جعل عاملاً أو قاضياً أو قهرمانا". والله أعلم. وينشد للمتنبي : قالوا: نراك تطيل الصمت قلت لهم : ما طول صمتي من عي ولا خرس لكته أفضل الأمرين عاقبة عندي وأجمله من منطق شكس أأتشر البز فيمن ليس يعرفه أم أنثر الدر بين العمي في الغلس وأما إذا كانت زلة المتعلم بينه وبين الله تعالى فلا ينبغي أن يقصىء ويحرم العلم بل يلطف به لعلمهء ويتوب إذا كان الخير فيه مرجواء والشر من قلبه مأموناً. ‎[Î /۲‏ وفي روايات أبي سفيان محبوب /رحمه الله أنه قال: كان حاجب رحمه الله يقول لعبد الملك الطويل فيما يؤدبه فيه: يا عبد الملك إذا كان أحد يعيب عليه المسلمون فى أشياء تكون بينه وبين الله تعالى فاستروا عليه وعظموه» واحضروه مجالسكم» وارفقوا جهدكم عسى الله أن يتوب عليه» وإذا كان أحد يعيب عليه المسلمون في خلافهم في الدين يريد أن يشغب عليهم ويفتق عليهم فتاقاء فابدوا عورته» واهجروه» ولا تحضروه مجالسكم» وأعَلِمُوا الناس به حتى يكونوا منه على حذر» أو يتوب"". والله أعلم. ‏() نحو هذا الشعر في الوظيفة السادسة من الإحياء (١/ 07). (۲) راجم هذا الأثر باخر الوظيفة الثالثة بالإحياء. () راجع الوظيفة الثالثة في إحياء علوم الدين (١/1٥) فقد جاء بها بعض هذا الكلام دون الأشعار. ‎ ‎ قنطرة العلم ۱۱۹ الوظيفة الخامسة: ينبغي للعالم أن يكون له فراسة يتوسم بها أحوال تلامذته وغيرهم من جميع المتعلمين منه من الناس فيعطي كل واحد منهم مبلغ طاقته وقدر استحقاقه؛ فيعطیه ما لا يجهله بذكائهء ولا يضعف عن بلادته» فإنه أروح للعالم وأنجح للمتعلم . وقد روي عن النبي يِل من طريق أنس بن مالك أنه قال: «إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم). ' وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: إذا أنا لم أعلم ما لم أر» فلا علمت ما رأيت. وقال عبد الله بن الزبير: لا عاش بخیر ما لم یر برأیه ما لم ير بعینه. وعن أبي عمر بن العلاء كان ابن العباس ألمعياء قال أبو عبيدة: الألمعي الذي يهجم بظنه على اليقين . وقال أبو العيناء: سألت الأصمعي عن الألمعيء قال: هو الذي يلمع الحق في ظنه فيهجم عليه بيقین . وقال غيره: سألت أبا زيد عن الألمعيء فقال: الذكي المتوقد الذي يكون بظنه أوثق قال ابن الرومي : الألمصي يرى بأول امسره آخر الأمر من وراء المغيب لو دعي له فؤادذكي ماله في فؤاده من ضريب لا يروي ولا يقلب طرفاً واكف الرجال في التقليب / ويروى أن أبا عبيدة مسلم رحمه الله قال لأحد حملة العلم عنه: افت بما سمعت مني [١۲٠۱/ب] وما لم تسمع» وهو الإمام عبد الرحمٰن بن رستم رحمه الله . وقال لاخر: افت بما سمعت مني وهو أبو الخطاب عبد الأعلى المعافري اللإمام رحمه الله. وقال للثالث: لا تفت أنت يما سمعت مني ولا بما لم تسمع وهو أبو داود القبلي. ثم كان الإمام عبد الوهاب رحمه الله في زمانه عند أبي داود كالصبي قذام المعلم» ما أوتي الإمام من العلم والعقل . انظر إلى فراسة أبي عبيدة في تلامذته حتى عرف مبلغ علم كل واحد منهم» ومبلغ عقله فأمره بما يليق بعلمه وعقلهء ثم انظر إلى أبي داود: الذي حظر عنه الفتوى على كل حال وهو قد بلغ من العلم والفضل الدرجة التي يجلس من أجلها الإمام عبد الوهاب بين يديه كالصبي بين يدي المعلم . 1 قنطرة العلم ثم انظر إلى الذين عرّضوا أنفسهم لإحياء الدينء وإقامة الفتوى بزعمهم من أهل زمانكء حتى تعرف أحوال السلف الصالح من أهل زمانك» فإِذا كان العالم في توسم المتعلمين بهذه الصفةء وكان بقدر استحقاقهم خبيراً لم يضع له عناء ولم يخب على يده متعلم» وإن لم يتوسمهم وخفيت عليه أحوالهم›» ومبلغ استحقاقهم كانوا وإِياه في عناء مکلء وتعب غير مجدٌء لأنه لا يعدم أن يكون فيهم ذكي يحتاج إلى الزيادةء وبليد يحتاج إلى القليل فيضجر الذكي› ويعجز البليد. ومتى تردد أصحابه بين ضجر وعجز ملوه وملهم ولذلك قيل: ِل لکل عبد بمکیال عقلهء وزنْ له ميزان علمه حتى تسلم منه وينتفع بك وإلا وقع الإنكار لتفاوت المعيار› فلذلك ينبغي أن يقتصر العالم بالمتعلم على قدر فهمه؛ء فلا يلقى إليه ما لا يبلغه عقله فينفر منهء ولكن يقتدي بصاحب الشرع يَأ حيث قال: «نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نتزل الناس منازلهم ونخاطب الناس على قدر عقولهم»٩. [٦۱/ ‎(Î‏ / فإن كان المتعلم ممن يستقل بفهم الحقائقء فليلقها إليهء وإلا اقتصر على ما يفهمه. وقد روي عن النبي عليه السلام أنه قال: «ما من رجل يحدث قوماً بما لم تبلغه عقولهم إلا كان فتنة على بعضهم). وفي حديث علي إشارة إلى صدره فقال: هاهنا علوماً جمة لو وجدت لها حملةء وصَّدق فقلوب الأبرار قبور الأسرار. وقال النبي عليه السلام : «كلموا الناس يما يعرفونهء ودعوا ما ینکرونه» أتريدون أن يكذب الله ورسوله). ظلم» إن للحكمة حقاء وإن لها أهلاً فاعط كل ذي حق حقه». وفي لفظ آخر: «كونوا كالطبيب الرفيق يضع الدواء موضع الداء» فلا ينبغي للعالم أن يفشي كل ما يعلمه إلى كل أحد هذا إذا كان من يفهمه من الناس وكان أهلا لذلك العلم . والذي ينبغي للعالم أن لا ينشر للمتعلم رخص الفتاوى» والمسائل إلا إذا كان مأموناً )۱( قال العراقي في المغني (07/۱): رويناء في جزء من حديث أبي بكر بن الشخير من حديث عمر أخصر منه وعند أي داود من حديث عائشة: «انزلوا الناس منازلهم. . . .». قنطرة العلم ١٧۱ على الدين أهلاً لذلك؛ لأن الرخص إنما هي للمضطرين› والمتعلم إذا لم يكن أميناً فإنه يستعمل الرخص مختاراً لا مضطراً. وقد قال بعض العلماء لبنيه: إياكم والمرخصين لثلا تفارقوا دينكم وأنتم لا تشعرون. وسثل بعض العلماء عن شيء فلم يجب» فقال السائل: أما سمعت عن رسول الله يل أنه قال: «من كتم علماً نافعاً جاء يوم القيامة ملجماً بلجام من نار . فقال: اترك اللجام واذهب؛ فإن جاء من يفقه فكتمته فليلجمني . وقال بعض العلماء في قوله تعالى : ولا تُوْنُوا ألسُفَهَاء أموالكُم€”°. قال: فيه تنبيه على أن حفظ العلم ممن يفسده ويضره أولى . وفال بعض العلماء: الحكماء خير من لا يقل ولا يمل . وقال بعض العلماء: كل علم أكثر على السمع فلم يطاوعه الفهم ازداد عماً به القلب› وإنما ينتفع السمع في الأذان إذا قوي قهم القلوب في الأبدان” . وبالله التوفيق. الوظيفة السادسة: ينبغي للعالم أن لا يف /متعلم ولا يحقر ناشئاًء ولا يستصغر [۷١۱/ب] مبتدثاً؛ فإن ذلك أدعى إليه وأعطف للمسترشدين إليهء وأحث على رغبتهم فيما لديه . وقد روي عن رسول الله يا أنه قال: «عَلّموا ولا تعنفوا؛ فإن المعلم خير من المعنف». ولكن إذا ظهر من المتعلم أخلاق السوء ينبغي له أن يزجره عن ذلك بطريق التعريض دون التصريح ما أمكن له ذلك» وبطريق الرحمة لا بطريق التوبيخ؛ لأن التصريح بذلك والتوبيخ له يورث الجرأة على المخالفةء ويهيج الحرص على الإصرار» ويهتك حجاب الهيبة. ولذلك قال رسول الله َل : «لو منع الناس من فت البعر لفتوهء وقالوا: ما نهينا عنه إلا وفيه شي ء٩ . وينبفي للعالم إذا لم يكن متكفلاً بجملة العلوم ألا يقبح في نفس المتعلم ما لم يحط به من العلوم؛ كالعالم باللغة مثلاً: لا يقبح علم الفقهء والعالم بالفقه لا يقبح علم الحديث والتفسير؛ ويقول إن ذلك نقل محض وسماع وهو من شأن العجائز ولا نظر للعقل فيه . () قال العراقي في المرجع والموضع السابق: رواه ابن ماجه من حدیث آي سعید بإسناد ضعيف. () سورة النساء الآية: 0. )۳( راجع الإحياء (۷/۱٥) الوظيفة السادسة. 3 سبق ذكر الحديث والتعليق عليه قبل قليل. [Î /۱۲۸[ 1 قنطرة العلم وكذا العالم بالكلام لا يقح علم الفقه ويقول : ذلك فرع وهو كلام في حيض النسوان› فين ذلك من الكلام في صفة الرحمن» فهذه أخلاق مذمومة من العلماء الذين تعرضوا للتعليم فينبغي أن يجتنبوها بل العالم المتكفل بعلم واحد ينبغي له أن يوسع على المتعلم طريق التعليم في غير فنه هوء وإن كان متكفلاً بعلوم مختلفة فينبغي أن يراعي التدريج في ترقي المتعلم من رتبة إلى رتبة. وياله التوفيق«. الوظيفة السابعة: أن لا يبخل العالم بتعليم ما يحسن ولا يمنع من إفادة ما يعلم فإن البخل به لوم وظلم والمنع منه حسد وإثم. فكيف يساغ له البخل بما منحه جوداً من غير بخلء وأوتيه عفواً من غير بذلء أم كيف يجوز له الشح بما أن بذله زادء وإن كتمه تناقص ووها وینشد: أبا بكر دعوتك إن أطصت إلى مافيه حظك إن غفلت / إلى علم تكون به إماماً ويجلو ما بعينك من غشاها ينالك عفوه ما دمت حياً وتحمل منه في دنياك تاجاً هو العضب المُهندٌ ليس ينبو وكنزاً لا تخاف عليه لضا يزيد بكثرة الإنفاق منه مطاعاً إن أمرت وإن نهیت ويهديك السبيل إذا ضللت وييقى ذخره لك إن ذهبت ويكسوك الجمال إذا اعتريت تصیب به مقاتل من ضربت خفيف الحمل يوجد حیث كنت وينقشص إن به كفا شددت فکيف يبخل من هذه صفته؛ ولو سن ذلك من تقدمه لما وصل منه عنده بغیتهء ولا انقرض بانقراض الأولين ولصار على مرور الأيام من الجاهلين . وقال بعض الحكماء: إذا كان من قواعد الحكمة بذل ما ينقصه البذلء فأحرى أن يكون من قواعدها بذل ما يزيده البذل. وقال بعض الحكماء: كما أن الاستفادة ليست نافلة للمتعلمء كذلك الإفادة فريضة على المعلم» ثم له بالتعليم نفعان : أحدهما: ما يرجوه من ثواب الله تعالىء فقد جعل النبي عليه السلام التعليم صدقة فقال : «تصدقوا على أخيكم بعلم پرشده ورأي يسدده). () راجع الإحياء (١/51ء 7) الوظيفة الرابعةء والوظيفة الخامسة ففيهما من هذا الكلام كثير. قنطرة العلم ۱۳۳ وعنه عليه السلام من طريق ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «تعلموا وعلموا؛ فإن أجر العالم والمتعلم سواء» فيل : وما أجرهما قال: «مائة مغفرةء ومائة درجة في الجنة». والنفع الثاني: زيادة العلم وإتقان الحفظ. فقد قال الخليل بن أحمد: اجعل تعليمك دراسة لعلمك واجعل مناظرة المتعلم تنبيهاً على ما ليس عندك . وقال بعض العلماء : ينبغي للعالم أن لا يعجل ببذل العلم لطالبه في أول أمره بل يرددە ثلاث مرات ويعِدهُ لا یوئسهء فإن وجده معاوداً طالباً ومتردداً راغباً أجاب مسألته وأعطاه بغيته› وإن وجده تاركاً للمعاودة فليس هو من أهل الفائدة. للتعلم منه وهو يدافعه دفعات» فلما تصور عنده رغبته وتحقق إرادته» أقبل إليه فعلمه وأكرمه. فينبغي للعالم إِذا رضي من جاءه للتعلم أن يعلمهء ولا يحرمهء وقد روي عن النبي يي أنه قال: «استودعوا العلم الأحداث إذا رضيتموهم». الجاهلين وتحريف الغالين وانتحال المبطلين». وإن رآء للجهل راكباً وعن التعلم تاكباً أعرض عنه إهمالاً ولم يجعل له بال بل يبعده عنه؛ ویوئسه منه. وبالله التوفيق . الوظيفة الثامنة : ينبغي للعالم إذا سأله السائل متعلماً أن يجيبهء وإن عاوده مستفهماً أن يفيده› ولا يضجر ؛ لأنه ربما لم يفهم عنه الجواب في أول إجابته وإن أبان له أن يسأله متعنتاً أو عابثاً أو طالب رخصة متأولاً صمت عنه ولم يجبه. وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه: أمسك عن إجابة المتعنتء وهو حَبْر الأمة وربانيها القائل : من يسألني عما دون العرش أخبره. وقد روي أن علياً بن أبي طالب سأله ابن الكواء وهو على المنبرء فقال: اجلس يا ابن الكواء فإنلك متعنت ولست بمتفقه. فقال: والله ما أنا بمتعنتء وإني لمتفقه وإنك لإمام وأنا الرعيةء وإن لله الحجة عليك. فقال: ويلك يا ابن الكواء اسأل تفهماً فبين أضلاعي علم جم. فهذا علي توقف عن الجواب لما ظن أنه متعنتء ثم أجابه إِذ أقسم له أنه متفقه. والتعنت مأخوذ من العنتء وهو إدخال المشقة على الإنسان؛ لأن المتعنت يريد بسؤاله / الأذى والامتحان . وأنشد الماوردي : [۱۹/بت] (۱۳۰/ب] ‎RE‏ قنطرة العلم يحاول إعناتي بما قال أو رجى ليضحك مني أو ليضحك صاحبه وكان بعض العلماء إذا سُئل عن أمر يكره فيه الجواب تمثل بهذا البيت : أرى الصمت خيراً من أمور كثيرة إذا لم يكن للنتاطقين كلام وقيل كان الشيخ أبو محمد من أصحابنا إِذا سئل عن غير مذهبه تمثل بهذا البيت : تحاول مني شيمة غير شيمتي وتطلب مني مذهبا غير مذهبي وقيل: جاء أعرابي إلى المأمون ليستمنحه فأراد المأمون إمتحانه فقال: يا أعرابي كم عليك من صلاة؟ فقال : إن الصلاة أربع قأربع ثم ثلاث بعدهن أربع ثم صلاةالفجرلاتضيع وهي اثنتان فاستمع ما أشرع ثم قال للمأمون: يا أمير المؤمنين كم فيك من كافي؟ ولم يدر المأمون قال: فأخبرني يا أعرابي. فقال: فيك الكاهل» والكتد» والكتف» والكشح؛ والكبد» والكُليةَء والكرسوع› والكف» والكعب» فوصله وأحسن جائزته. ‏فالكاهل: مقدم الظهر مما يلي العنق وهو الثلث الأعلى فيه ست فقرات. والكتد: ما بين الكشح إلى منتصب الكاهل. والكشح: ما بين الخاصرة إلى الضلع وهو موضع السيف من المقلد. والكرسوع: طرف الزند انذي يلي الخنصرة. والكادة: من الفخذ موضع الكي من جاعرتي الحمار. والله أعلم. ‏الوظيفة التاسعة: ينبغي للعالم أن يكون أوسع الناس صدراً؛ وأكثرهم صبراء وأجملهم لقاءء وأحسنهم أخلاقاً؛ لأن المتعلمين منه يحدون خلائقه ويتخذون طريقه. فيجب أن يكون لهم أسنا الأفعال منهاجاء ومن غي الضلال سراجاء فلا يمنع طالباًء ولا يؤيس راغباًء ولا ينفر متعلماًء في ذلك من قطع الرغبة منه والزهد فيما لديه واستمرار ذلك مُفْض إلى انقراض العلم ‏(۱/]] / بانقراضه. ‏وقد روي عن النبي يِل أنه قال: «ألا أنبئكم بالفقيهء مَن الفقيه»؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: «مَنْ لا يقبط الناس من رحمة اللء ولم يؤيسهم من روح الله ولم يدع القرآن رغبة عنه إلى ما سوا ألا لا خير في عبادة ليس فیها تفقه؛ ولا علم ليس فيه تَفَهّم ولا قراءة ليس فيها تدبر». وينبغي له أن يختبر المتعلم؛ ليعرف موضعه من المعرفة. ‏وعن محمد بن القاسم قال: أتيت عبد الله بن داود الحراني لأسمع منهء فخرج إِلي ‎ قنطارة العلم ١٥۱۲ فقلت: أرأيت أن تحدثني؟ قال: أقرأت القرآن. قلت: نعم. قال: اقرا علي «وائل عَليْهِمْ يب توح . فقرأته فقال: أصبت. ثم قال: نظرت في الفرائض؟ فقلت: نظرت في شيء من الكبر وبعض الصلب. قال: أيما أقرب إليك ابن أخيك أم ابن عمك؟ قلت: ابن أخي. قال: ولم قلت؟ لأن ذلك من ولد جدي وذا من ولد أبي. قال: أآصبت. ثم قال لي: نظرت في شيء من العربية؟ قلت: نعم. قال: ما معنى قول عمر رضي الله عنه حين ضربه أبو لؤلؤة يا لعباد الله يا للمسلمين؟ ولم يقل يا للعباد ويا للمسلمين. فقلت: استغاث مما نزل به. قال : أصبت لو كنت اليوم محدثاً لحدثتك. فقد اختبره» ليعلم موضعه ويقف على ما معه فيعطيه من التعليم حقه؛ ولا يبخسه منه حظه. وينبغي للعالم إِذا جاءه كتاب فيه سؤال عن نازلة أن يشاور في جوابها من بحضرته ممن يصلح لذلك» ويقراً ما فيها عليهم؛ فإن ذلك اقتداء بالسلف قال الله تعالى: لوَشَاورْهُمْ في الأثر”. إلا إن كان في الكتاب ما ينبغي أن يکتم عن غيره» أو في الجواب ما ينبغي أن ينفرد به دون من بحضرته فليكتم عنهم قراءتهء وليجب عن السؤال الذي فيه دود مشاورة جلسائه . كما قيل عن بعض أصحاب الشافعي أنه قال: كان الشافعي إِذا جاءته فتوی عرضها على أصحابه وسأل كل واحد منهم / عما عنده. [۱۳۲/ب] قال الربيع : فجاءته رقعة في بعض الأيام فقرأها وتبسم وكتب الجواب من غير إعلامنا بذلك كالعادة. قال: وكان فيها سئل المفتي المكي: هل في تزاورء وضمة مشتاق الفؤاد جناح؟ فأجاب عن ذلك فقال : أقول معاذ الله أن يذهب الا تلاصتي أكبادبهن جراح وقيل إن امرأة جاءت إلى الحسن البصري فقالت شعراً: يا حسن البصرة يا ذاالنهى إني إلى وجهك مشتاق قل لي وأنت المرء ذو حكمة في كل ماتحكيه صداق هل جائز تقبيل رعبوية وردية الخديرن براق فأجايها الحسن : < - )۱( سورة يونس الاية: ۷۱. () سورة آل عمران الآية: ١١٠ . ١١۱ قنطرة العلم أقول والرحمن لي شاهد ماأنابالفحشاءنطاق إن كثت للتقيل ذا إربة مشتهى للهوى تواق حرمت في الجنة حورية وردية الخدين رفراقف فاستشعر التقوى وكن خاشعاً فإن تقوى اللاەترياق وسألته امرأة أخرى فقالت : يا أبا سعيد أيحل للرجل أن يتزوج على امرأته وهي حسناء فهذه وأمثالها مما ينبغي أن يتفرد المفتي بقراءة كتاب سؤالها وينفرد بالجواب عنها. وينبغي للمفتي أن يتأمل المسألة تأملاً شافياً كلمة بعد كلمة ويكون توقفه في المسألة السهلة كتوقفه في الصعبةء ليكون ذلك عادة له. وينبغي له أن يختصر الجواب ولا يطيل وقد حكي أن بعض أمراء البصرة سأل الحسن وابن سيرين عن مسألةء فاختصر الحسن وأطال ابن سيرين فلما خرجا قال الأمير: أما الحسن الوظيفة العاشرة: ينبغي للعالم إذا سئل أن لا يعجل بالجواب وإن كان له حافظاً؛ حتى ‎[Î /۱۳۳[‏ يتفكر فيه ويعرفه معرفة صحيحة فيجيب / بعلم ويقين فإن ذلك من آداب العلماء . وقد روي في الحديث: «المؤمن وقاف› والمنافق وناب». وينبغي إِذا سثل عما يعلم أن يجيب» ولا يقول: لا أدري؛ فإنه مكروه وكذب. وقد قيل أن الرياء سبعة وسبعون باباًء أدناه حين يقول فيما يدري: لا أدري . وعن ابن عباس أن عمر رضي الله عنهما سأل أصحابه عن قوله تعالى : أيَوَة أَحَدُكُم أن ۶ ل کو لها وڙ 065 ِ تكُون له جه من نَخيل وَأعَْاب” الآية. فقالوا: الله أعلم. فغضب فقال: قولوا نعلم؛ أو لا وعن عمر أيضا أنه سأل رجلا عن شيء فقال: الله أعلمء فقال عمر: قد خزينا إن کنا لا نعلم أن الله يعلم؛ إذا سثل أحدكم عن شيء فإن كان يعلمه فليقلهء وإن كان لا يعلمه قال: لا علم لي بذلك» لأنه لما لم يكن لي الإحاطة بالعلم سبيل . )۱( سورة البقرة الآية: ٢. قنطرة العلم ۱۲۷ فلا عار أن يجهل بعضه؛ء وإن لم يكن في جهل بعضه عار لم يقبح به أن يقول: لا أعلم فیما ليس يعلم. وقد روي عن النبي عليه السلام أنه قال: «من سئل وأفتى بغير علم فقد ضل وأضل». وقال بعض الحكماء: أن لا تتكلم فيما لا تعلم بكلام من يعلم» فحسبك خجلا من عقلك أن تنطق بما لا تفهم . إذا ما انتهى علمي تناهيت عنده أطال فأملي أم تناهى فأقصر قال الله سبحانه: لفل اما حَرَّم ريي ألفَوَاحشَ ما ظَهَرَ مِنهَا وما بط إلى قوله: «وَأن مووا على الله ما لا تَعْلمُو€. وقال تعالى : «وَلا تفت ما ليس لك به عل . وقد روي أن رجلا سأل النبي عليه السلام: أي البقاع خيرء وأيٌ البقاع شر؟ فقال: «لا وعن علي بن آبي طالب أنه قال: خمس خذوهن عني فلو ركبتم فيهن الفلك ما وجدتموهن إلا عندي: ألا لا يرجون أحد إلا ربهء ولا يخافن إلا ذنبهء ولا يستنكف أن يتعلم ما ليس عند وإذا سئل /عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم؛ ومنزلة الصبر من الإيمان كمنزلة [١۳١/ب] وعن علي أيضاً قال: ما أبردها على الكبد» قالها ثلاث مرات» وقالوا: وما ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: إذا سئل الرجل عما لا يعلم فيقول: الله أعلم» أي أرض تسعني وأي سماء تظلني إذا قلت على الله ورسوله ما لا أعلم . وفي لفظ آخر قال: فإن العالم من عرف أن ما يعلم فيما لا يعلم قليل . (١) سورة الأعراف الآية: ۳۳. (۲) سورة الأعراف الآية: ۳۳. (۳) سورة الإسراء الآية: ٢۳. ۸٢۱ قنطرة العلم وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: على منبر النبي يٍَ يأنف أحدكم إذا سثل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلم. وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنه: إذا ترك العالم قول: لا أدري أصيبت مقالته . وقال بعض العلماء: هلك من ترك لا أدري. فهوی. وقال ابن درید: ومن کان هوی أن یری متصدراً ويکره لا أدري أصبیت مقالته وحرام على الإنسان أن يتكلم بما لا يعلم› ولا سيما في الدين فإنه لا يخلو أن يحل حراماً أو يحرم حلالاً . وقد قالت 'لعلماء: تحريم الحلال كتحليل الحرام وحَسْبٌ المرء إِذا سثل عما لا يعلم أن يجيب بما أجابت به ملائكة الله حين قالوا: «سْبْحَانكَ لا عِلم لا إلا ما عَلَما€. وينشد لعبد الله بن مصعب ولقد أحسن : فأمسك عليك فضول الكلام فإن لكل كلام نضولا وقد أحكم اللهآياته وكان الرسول عليها دليلا [١1۳/ 1[ / فلا يجوز للمسؤول أن يجيب إلا بما يعلم صحته إما حفظاً أو رأيا إن كان ممن يجوز له اجتهاد الرأي› ولا ينبغي للعالم وإن صار في طبقة العلماء الأفاضل أن يستنكف من تعلم ما ليس عنده ليسلم من التكلف له . وعن عيسى عليه السلام قال: يا صاحب العلم تعلم من العلم ما جهلتء وعلم الجهال ما علمت. وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أنه قال: لو كان أحد مكتفياً من العلم لاكتفی مته (١) سورة البقرة الآية: ۳۲. قنطرة العلم ۱۹ موسى عليه السلام حيث قال: هَل امك عَلىٰ أن يلمي مُمَا عُلمْتَ ؤشدا»”*. وقيل للخليل بن أحمد: بم أدركت هذا العلم؟ قال: كنت إذا لقيت عالماً أخذت منه وأعطيته . وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: اثنان منهومان لا يشبعان أبداً: طالب علمء وطالب دنياء أما طالب العلم: فإنه يزداد قرباً من الرحمن» ثم قرا: «َإَمَا ّى الله مِنْ عباده اَلَعُلمَا4. وآما طالب الدنيا: فإنما يزداد طغيانء ثم قرا: كلا إن لمان ليطْعَى * أن را 2 ولا ينبغي للعالم أن يجهل من نفسه مبلغ علمها ولا يتجاوز بها قدر حقها؛ لأن من جهل حال نفسه كان لغيره أجهل . وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله متى يعرف الإنسان ربە؟ قال: «إذا عرف نفسه). وقد قسم الخليل بن أحمد أحوال الناس فيما علموهء و جهلوه أربعة أقسام متوالية لا يخلوا الإنسان منها فقال: الرجال أربعة أقسام: رجل يدري» ويدري أنه يدري فذلك عالم ۰ 23 فاسالوه “٠ . ورجل يدري ولا يدري أنه يدري › فذلك نائم فأيقظوهء فذكرو“٩. ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري فذلك مسترشد فأرشدوه. ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذلك جاهل فارفضوه٩. وأنشد الماوردي لأبي القاسم الآمدي وأظن أن هذا البيت أول الأبيات : () سورة الكهف الآية: ١1. (7) سورة فاطر الأية: ٢۲. () سورة العلق الآيتان: ©٠ ۷. 3 في الإحياء: فاتبعوه. () لم ترد تلك اللفظة في الإحياء. 9( راچم إحياء علوم الدين (۹/۱٥). (۱۳۹/ب] [۱۳۷/ب] / تمام العمى طول السكوت وإنما شفاء العمى يوماً سؤالك من يدري ذا كنت لا تدري ولم تك بالڌي سسائل من يدري فکيف ٳذا تدري جهلت ولم تعلم بنك جاهل فمن لي بان تدري بانك لا تدري إذا جحت في كل الأمور بغمة فكن هكذا أرضاً يطأك الذي يدري ومن أعجب الأشياء أنك لا تدري وأنك لا تدري بآنك لا تدري فصل ومما يجب على العالم أن يلتزم التواضع ويتجنب العجب والتكبر» للأن التواضع عطوف» والعجب والتكبر متفر صروف» وهو بكل أحد قبيحء وبالعلماء أقبحء ولأن العجب نقص يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب . وقد ورد الخبر به عن النبي عليه السلام وعنه عليه السلام أنه قال : «قليل الفقه خير من كثير العبادة) . وكفى بالمرء علماً إِذا عبد الله وكفى به جهلاً إذا عجب برأيهء وعلة إعجاب العلماء بأنفسهم انصراف نظرهم إلى من دونهم من الجهال» وانحراف نظرهم عمن فوقهم من العلماء. وقد قيل: في منثور الحكم: إذا علمت فلا تذكر كثرة من دونك من الجهالء ولکن انظر إلى من فوقك من العلماء. وينشد لابن العميد: من شاء عيشاً جيداً يستفيد به في دنه ثم نيا إقبللا فلينظرن إلى من فوقه أدبا ولينظرن إلى من تحته مالا وقل من تجد بالعلم معجبا” إلا من كان فيه مقلا مقصرا؛ لأنه يجهل قدره وي يحسب أنه قد نال بالدخول فيه أكثره وأما من كان فيه متوهجاً ومنه مستكثراً فهو يعلم من بعد غایته» والعجز عن إدراك غايته مما يصده عن العجب به« وفد قال الله تعالی : وما نكم من مِم إا ىلا4" . فالعلم أكثر من أن يحيط به البشر ون من مالم إل وكان أعلم مء قال الله سبحانه : رفع رجات مَن نشا / وَفوق كل ؤي لم عَلِيه. وینشد: () سورة الإسراء الاية: ۸0. )۳( سوره يوسف الاية: ٦۷. قنطرة العلم ١۱۳ وراء كل ذي علم عليم وينتهي إلى الله كل العلم ناهيك من أعطى وقال ابن محبوب رحمه الله: لا يزال العالم عالماً ما دام يتعلم» فإِذا رأى أنه قد استكة فهو جاهل. وعن الشعبي أنه قال: العلم ثلاثة أشبارء من نال منه شبراً فشمخ بأنفه وظن أنه عالم» ومن نال الشبر الثاني صغرت إليه نفسه وعلم أنه جاهل وأما الشبر الثالث فهيهات لا يناله أحد أبداً . فصل اعلم أنه قد يتعلق بالدين علوم كل علم منها فضيلة ينبغي للمتعلم التطرف من كل علم منها مثل: علم التفسيرء والحديث والقراءات» وتواريخ الأخبارء وعلم الغريب وأشباه ذلك . وقد يقال علوم الشريعة عشرة أنواع: مزدوجات لا تصح معرفة أحدها إلا بالاخر وإلا كان واهياً ضعيفاً وهي: الكلام واللغةء والنحو والقرآنء والفقه والسنةء والفرائض والضرب» وطبائع الإنسان وطبائم الأغذية من علم الطب . وقد بين الشافعي فضيلة بعضها فقال: من تعلمً القرآن عظمت قيمتهء ومن تعلم الفقه نبل قدر» ومن کتب الحدیث قویت حجته› ومن تعلم الحساب جزل رأيه› ومن تعلم الغريب رق طبع ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه . ولعمري ان أس الفضائل كلها صيانة النفس عن الرذائل التي تصدر منها؛ لأن من أهمل صيانة نفسه ثقة بما منحه من العلم سلبه الجهال فضيلة علمهء ووسموه بقبح تبدله لما في طباعهم من نقمة الحسدء وتراع المنافسة فتتصرف عيونهم عن المحاسن إلى المساوىء ولا سيما من كان بالعلم موسوماً وإليه منسوبء فإن زلته لا تقال وهفوته لا تعذر؛ إما لقبح أثرها / واغترار كثير من الناس بها؛ لأنه قيل زلة العالم كالسفينة تغرق فهذا وجهء وإما لأن الجهال [1/۱۳۸] بذمه أغرى وعلی تنعقصه أحری لیسلبوه فضيلة التقدم ويمنعوه مباينة التخصص عناداً لما جهلوه» ومقتاً لما باينوه؛ لأن الجاهل يرى العلم تكلفاً ولوماً كما أن العالم يرى الجهل تخلفاً وذماً. وينشد عن الشافعي : فمتنزلة الفقيه من ا لسفيه كمنزلةا| لسفيه من الفقيه [۱۳۹/بت] ۱۳۲ قنطرة العلم فهذا زاهد في قرب هذا وهذاأزهمدنهە فيه إذا غلب الشقاء على سفيه تتطظع في مخالفة الفقيه فعلى العالم أن يلتزم الأدب والوقار والحلم والسكينة والعلم ولا يجالس الجهال› ولا يخض معهم فيما يخوضون فيه من الأقوال والأفعال. وقال بعض الحكماء : من صاحب العلماء وفر؛ ومن صاحب الجهال حفر« على أن العلم عوض من كل لذة ومغن عن كل شهوةء ومن كان صادق النية فيه لم تكن له همة فيما يجد بدا منه. وقد قال بعض الحكماء: من تفرد بالعلم لم توحشه خلوةء ومن تسلى بالكتب لم تفته سلوة. وینشد: هو خير من الدنانير والأوراق في يوم شدة أو رخجاء هي تفنى والدين والأدب الصالح لايفيان حتيى اللقاء قل لمن فاخر جهلا بالنسب نما اناس لأم وآب هل تراهم خلقوا من فضة أو حديد أو نتحاس أو ذهب فهذه جملة كافية في أداب المتعلم والعالم وما يليق بهما من الأخلاق الرضية والأفعال المرضية. وبالله التوفيق. اباب الثامن في آفات العلم وعلماء السوء اعلم أن هذا الباب ينحصر في جملتين : )۱( زيادة لإيضاح المعنى . قنطرة العلم ۱۳۳ إحداهما: في آفات العلم . والثانية: في الأخبار والاثار الواردة في علماء السوء. الجملة الأولى في آفات العلم: وهي كثيرةء ونحن نذكر هاهنا منها ما لا بد منه: فأول آفات العلم: انصراف القلب عن التعلم حتى لا تكون للإنسان همة في الطلب وذلك يكون بأسباب : أحدها: علو منزلة واستصلاح رئاسة دخل فيهاء فهذا إلى العلم أحوج كما قدمنا. الثاني: أن يمنعه عن التعلم إصلاح مالهء ومرمة حالهء فهذا أضعف عذراً؛ لأن المال ظل زائل» وعارية مسترجعة تبعد عن الرحمن والعلم أفضل من المال؛ إذ به تنال النجاة عند الله تعالى › وقد تقدم فضل العلم على المال . الثالث : يمنعه عن التعلم كبر السن فيتركه استحياء من تقصيره في الصغرء وتعلمه في الكبرء فرضي بالجهل عن العلم؛ء وهذا من خدع الجهل وغرور الكسل؛ لأن العلم لما كان فضيلة فرغبة ذوي الأسنان فيه أولى؛ ولأن يكون شيخاً متعلماً أولى من أن يكون شيخاً جاهلاً . الرابع : أن يمتنم عن التعلم لتعذر المادةء وهذا أقل ما يكون إلا عند ذوي شره وشهوة مستعيدة . فينبغي أن يصرف إلى التعلم حظاً من زمانه؛ لأنه لا بد للمكتسب من أوقات عطلة أو استراحةء ومن صَرَّفَ كل عمره إلى الكسب فهو من عبيد الدنيا وأسراء الحرص . وعن النبي عليه السلام أنه قال: «لكل شيء فترة فمن كانت فترته إلى العلم فقد نجا». الخامس: ريما منعه من التعلم ما يخشى من صعوبته وبعد غايته / ويخاف من قله ذهنهء [٤١٤1/[ وهذا الظن من اعتذار ذوي النقص وخيبة أولي العجز؛ لأن الخشية قبل الايتلاء عجز. وقد قال القائل : لاتكونن لأمورهيوباً فإلى خيبة يصير الهيوب وقال رجل لابي هريره : أريد أن أتعلم العلمء وأخاف أن أضيعه . فقال : كفى بترك العلم إضاعة. فليس وإن تفاضلت الأذهانء وتفاوضت الفطن» ينبغي لمن قبل من العلم حظه أن ييأس من نيل القليلء وإدراك اليسير الذي يخرجه من حدٌ الجهالة إلى ارتقاء مراتب التخصيص› ٤۳ قنطرة العلم فالماء مع لينه يؤثر في صم الصخور فكيف لا يؤثر العلم الزركي في نفس راغب شهي › وطالب حل لا سيما وطالب العلم معان؟ السادس: ربما منع ذا السفاهة من طلب العلم أن يصور في نفسه الحرمان من أجلهء فإن رأى محبرة تطير منهاء أو وجد كتاباً أعرض عنهء وإِن رأی متحلياً بالعلم هرب منه کأنه لم ير عالماً مقلا وجاهلاً مدبراء وهذا لا یرجی له صلاح؛ ولا يؤمل منه فلاح ؛ لآن من اعتقد أن العلم شين وأن تركه زينء وأن الجهل إقبال والعلم إدباگ کان ضلاله مستحكماً ورشاده مست‌عداً. وکان هذا هو الخامس: الذي قال فيه علي بن أبي طالب: اغد عالماً أو متعلماً أو مستمعاً أو مجيباً ولا تكن الخامس فتهلك وقد روي هذا عن النبي عليه السلام مسند› فتعود بالله من خدع الجهل المضلةء وبوار الحق المظلةء ونسأله السعادة بعقل رادعء وعلم نافع . فإذا سلم العبد من آفات هذه الموانع وطلب العلم بالشهوة الصادقةء والجد القاطع› استقبلته آفة أخرى» وذلك بأن تكون في التفس أسباب فاسدة فيطلب نوعاً من العلوم لغرض يدعوه إلى ذلكء كرجل يؤثر القضاء والحكم بين الناس فيقصد من علم الفقه أدب القاضيء ٤ /ب] وما يتعلق عليه من الدعاوي والبينات / أو يجب الارتسام بالشهادة فيتعلم كتاب الشهادات لئلا يصير موسوماً بجهل ذلك . فإذا أدرك ذلك ظن أنه قد حاز من العلم جوهره ونال منه مشهوره» ولم ير غير ذلك إِلا صعباً طلبهء وعويصاً استخراجه» فينبوا عنه لقصور همته على ما أدرك وانصرافها عما ترك ولو نصح نفسه لعلم أن ما ترك أهم مما أدرك. فإذن ليس يعرى من لوم وإن كان تارك الكل ألوم. ومنها: أن يحب الاشتهار بالعلم إما لتكسب به أو لتجمل به فيقصد من العلم ما يشهر به من مسائل الجدال وطريق النظر ويتعاطى علم ما اختلف فيه دون ما اتفق عليه ليناظر على الخلاف وهو لا يعرف الوفاق. وبالجملة يقصد بعض العلوم التي لا تنفع”" في الأخرة من علوم اللسان أو علوم العقل )۱( في الأصل: مستندا. (۲) في الأصل: يتتفع. قنطرة العلم ١۱۳ ومنها: التقليد للاباء . ومنها: قطاع طريقة الدين على المسلمين من أهل الإلحاد وفرق الموحدين . ومنها: تلبيس إبليس عند لوامح الحق المبين» فإذا سلم من هذه الافات كلها وحاز من العلوم أفضلها ومن الأعمال أصوبها وأكملهاء فيحترز من الجدال والمراء كما يحترز من السم القاتل فإنه الداء العضالء وهو من آفات علماء السوء الذين بالغوا في التعصب للحق بزعمهم › ونظروا إلى المخالفين بعين الازدراء والاستحقار حتى توفرت دواعيهم على طلب نصرة آبائهم ووقع البأس منهم» قال الله تعالى: وكان الإِنسَان اكثرَ شَئْء جدلا»”. ا وفي الحديث: «ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أتوا الجدال» ثم قراً: ما ضرَبُوةُ لك إلا جدَلا بل هُمْ قوم خَصمُون "٠ . وعنه عليه السلام أنه قال: «لا يجادل إلا منافق أو مرتاب». وعن الأوزاعي أنه قال : إذا أراد الله بقوم شرا أعطاهم الجدلء ومنعهم العمل . وفي الخبر المشهور: أبغض الخلق إلى الله تعالى الألد الخصم . بالجدال مناظرة مبتلع لينقض بدعته ويطهر قلوب العوام من تشویش ضلالتهء فذلك عادة السلف الصالح من المسلمينء وذلك فرض كفاية على علماء الدين ينفون عنه تأويل الجاهلين › وتحريف الغالين › وانتحال المبطلين › لقوله عله السلام: «إذا ظهرت البدع في أمتي فعلی العالم أن ينشر علمه فإن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين». واعتقاد العالم في ذلك الذب عن الدين بالبلاغة في المقالء والمناصحة في الفعال والاعراض عن النضال›ء ويفمصد بذلك الدعاء إلى الحق المبين بالحكمة والموعظة الحسنة › فالمجادلة لغير ما ذكرنا ديدان السفهاء الجاهلين . وأما المناظرة : فهي أدب الفقهاء المحققين › ولكن لها شروط من حصلها بالکمال فلا حرج عليه في المناظرة› وإلا فهي مجادلة : أحدها: أن يكون المناظر مجتهداً يفتي برأيه لا بمذهب أحد ممن تقدمه حتى إذا ظهر له () سورة الكهف الأية: ٤0. (۲) سورة الزخرف الأية: ۸٥. ١۱۳ قنطرة العلم الحق ترك رأيه وأفتى بما ظهر له كما كان يفعله الصحابة والائمة. وأما من ليست له رتبة الاجتهادء وهو حكم أهل عصرنا هذا وهو إنما يفتي فيه ناقلاً عن مذهب صاحبه ولو ظهر له ضعف مذهبه لم يجز له أن يترکهء فأي فائدة له في المناظرة ومذهبه معلوم؛ ولو كانت مناظرته في المسائل التي فيها قولان لصاحبه لكان أشبه فربما يستفيد بالمناظرة الترجيح لأحد القولين . الثاني: أن تكون مناظرته في المسائل الواقعة أو ما يقرب وقوعها غالباً كالفرائضء وأشباهها حتى لا يضيع أوقاته في المنازعات» ويتعرض للمخاصمات والأفات . الثالث: أن تكون المناظرة في الخلوة أحب إليهء وأهم من المحافل وبين أظهر الأكابرء فإن الخلوة أجمع للفهم وأدرك للحقء وحضور الجمع يحرك دواعي الرياء ويهيج الحرص [١٤/ب] على نصرة كل واحد منهما لنفسه محقاً کان / آو مبطلاً الرابع: أن يكون في طلب الحق كناشدء ضالة لا يفرق بين أن تظهر الضالة على يديه أو على يد من یعاونه› ویری رفيقه معاوناً لا خصماً ویشکره إدا عرفه الخطأء وأظهر له الحق فهكذا كانت مشاورة الصحابة رضي الله عنهم» حتى ردت امرأة على عمر رضي الله عنه ونبهته على الحق وهو في خطبته على ملا من الناس›ء فقال: أصابت امرأة وأخطاً رجل . وفي لفظ: كل يخاصم عمر حتى المرأةء وذلك حين تكلم في تنقص صدقات النساء . وسال رجل علي فاجايي فقال : اليس كذلك يا مير المؤمين. ولكن كذا وكذا. فقال: ايء قال ایو موسی: د او شي وطالسر اغریم وذلك لما شل أبو عنه : ۳ اقول إن قل وأصساب الح تهر في الب فقال ا ما قالء فهكذا أن يکون إنصاف طالب الحق . ولو ذكر مثل هذا الآأن لأقل فقيه استبعد ذلك وقال: لا يحتاج أن يقال أصاب الحق› فإن ذلك معلوم لكل واحد. (١) سورة يوسف الآية: ٦۷. قنطرة العلم ۱۳۷ الخامس: لا يمنع معينه على استخراج الحق بالنظر من الانتقال من دليل إلى دليل فهكذا كانت مناظرة السلف والصحابة رضي الله عنهم . السادس : أن يناظر من يرجو الاستفادة منه ممن هو مستقل بالعلم فبهذه الشروط يتبين من يناظر لله سبحانه ممن يناظر لغرض يدعوه إلى ذلك في نفسه. السابع: أن يسلم من آفات المناظرة وما يتولد منها من مهلكات الأخلاق: من الكبرء والعجب» والحسد» والمنافسةء وتزكية النفس» وحب الجاه / والحقد على المناظرة› والغيية› [144٠/1] والطعن عليهء والكذب» والبهتانء والتجسس وتتبع عورات الناس» والفرح بمساألتهم› والاستكبار عن الحق إذا ظهر» والرياء وملاحظة الخلقء والجهد في استمالة لوبهم والمكر› والخديعة لدفع قول مناظرهء وأشباء ذلك من رذائل الأخلاق؛ لأن المناظرة الموضوعة لقصد الغلبةء والإفحام للخصوم؛ وإظهار الشرفء» والفضل عند الناس واستمالة وجوههم هي منبع جميع الأخلاق المذمومة عند الله تعالىء ونسبتها إلى الفواحش الباطنة من الحسد والكبرء وسائر ما قدمنا ذكره كنسبة شرب الخمر إلى الفواحش الظاهرة: من الزناء والقتل» والقذفء والسرقة وسائرها. كما أن الذي خير بين شرب الخمر وسائر الفواحش فاستصغر الخمر» وأقدم عليه فدعاه ذلك إلى ارتكاب يقية الفواحش في سکره. فكذلك من غلب عليه حب الإفحام والغلبة في الجدال والمناظرة؛ لأجل طلب الجا والمباهات به دعاه ذلك إلى إضمار الخبائث كلها في النفسء وهيج منه جميع الأخلاق المذمومة. فلهذا قلنا إن الفقهاء الأولينء وعلماء السوء المتمردين الذين فرقوا دينهم شيعا ومزقوا الأمة قطعاً قطعاء دعاهم طلب الرئاسةء وحب الجاه والمنافسة إلى المجادلات والمناظرات والنظر إلى مخالفيهم بعين الازدراءء والاستحقارات فانبعثت دواعي المخالفين بالمقابلة› والمكافات› وسمی كل فریق منهم ما صنفوا من المجادلات ذبا عن الدين ونضالا عن المسلمين فكان ذلك على التحقيق سبباً لهلاك الخلقء ورسوخ البدع في نفوس الأمة إلا المحستنين . فأولئك ما عليهم من سبيل» إنما السبيل على الذين يظلمونء ويبغون في الأرض بغير الحقء أولئك لهم عذاب أليم» ونحن نعوذ بالله من فتنة العمل / ونعوذ بالله من التكلف لما لا [٤١٤٠/1] ۱۳۸ قنطرة العلم تحسن» كما نعوذ به من العجب مما نحسن» ونعوذ به من شر السلاطة والهذر كما نعوذ به من شر الغي والحصر. وبالله التوفيق. الجملة الثانية: في الأخبار والآثار الواردة في علماء السوءء اعلم له قد ورد في علماء السوء تشديدات عظيمة دلت على أنهم أشد الخلق عذاباً وم القيامةء قال الله سبحانه : 0 لذن أمتوا إِنْ كثيراً من الأَبار وَألرْهْبَانِ ِياكلُون أ وال النَاسٍ ابال صد سيل ال4 . 1 وقال تعالى : وإ أَحَدَ الله مياق الي أُويُوا لكاب ليه يِن س ولا تَكْتُمُونهې. فلما لم يفعلوا غيرهم الله فقال: لفَيدُوه وَرَاءَ ظُهُورهِمْ وَشْترَ رؤا په تما اې الأية وقال تعالى: ف من نین مان یلوا اكناب إلى قوله: ال وذ ع مياق لكاب أن لا يمُولُوا على الله إلا الْحَيّ» الاية في أمثالها كثيرء وأما الأحاديث فكثيرة كقوله عليه السلام من طريق جابر بن زيد عن أنس بن مالك عنه عليه السلام أنه قال: «ويل لمن لا يعلم ولم يعمل مرةء وويل لمن يعلم ولم يعمل مرتين؟. ومن طريقه أيضاً عنه عليه السلام أنه قال: «من تعلم العلم ليباهي به العلماء أو ليماري به السفهاء لقي الله وهو خائب من الحسنات° وعنه عليه السلام أنه قال: «أشد الناس عذاباً يوم القيامة عالم لم ينفعه الله تعالى بعلمه». ويروى عنه عليه السلام أنه قال: «لا يكون المرء عالماً حتى يكون بعلمه عاملا». وعنه عليه السلام أنه قال: «العلم علمان: علم على اللسان فذلك حجة الله على ابن آدم وعلم في القلب فذلك العلم النافم»” . \ te (١) سورة النور الأية: ٢٤۳. (۲) سورة آل عمران الآية: ۱۸۷ . (۳) سورة آل عمران الآية: ۱۸۷ . () سورة الأعراف الآية: ۹١1. (٥) قال العراقي في المغني (0۹/۱1): رواه ابن ماجه من حدیث جابر بإسناد صحیح . () قال العراقي في المغني (08/1): رواه ابن حبان في كتاب روضة العقلاء والبيهقي في المدخل موقوفاً على أبي الدرداء ولم أجده مرفوعاً. (۷) وفي المصدر السابق أيضاً قال: رواء الترمذي الحكيم في النواردء وابن عبد الير من حديث الحسن مرسلاّ= قنطرة العلم ۱۳۹ وعنه عليه السلام أنه فال: «من تعلم العلم للرفعة والعظمة أوقفه الله تعالى موقف الذل والصغار يوم القيامةء ويجعله الله تعالى عليه حسرة / حين يكون العلم لأهله زينا» . وعنه عليه السلام أنه قال: «يكون في آخر الزمان عباد جهالء وعلماء فساق». وفي حديث آخر عنه عليه السلام أنه قال: «لا تقوم الساعة حتى تكون أمناء خونة» وقراء فسقة ليست لهم رعة تخشاهم فتنة مظلمة يتهوكون فيها كما تتهوك اليهود في الظلمة . وعنه عليه السلام أنه قال: «الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنياء فَإِذا فعلوا ذلك فاتهموهم على دینکم). وعنه عليه السلام أنه قال : «لا تزال هذه الأمة تحت يد الله تعالى ء وفي کنفه ما لم يمال قراۋها أمراءها وما لم يزك صلحاؤها فجارهاء وما لم يهن شرارها خيارها فإٍذا فعلوا ذلك رفع الله عنهم يله وسلط عليهم جبابرة فساموهم سوء العذاب وضربهم بالقاقة والفقر وملا قلوبهم رعباا. وعنه عليه السلام أنه قال: «أكثر منافقي هذه الأمة قراؤها» . وبلغنا أنه قيل : يا رسول الله: أي الشر شر؟ قال: «اللهم عفواً شر شر شرار العلماء» وعنه عليه السلام أنه قال : «من ازداد علماً ولم یردد هدی لم یزدد من الله إلا يعدا . وعنه عليه السلام أنه قال: «لا نأمن غير الدجال أخوف عليكم من الدجال». قيل: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: «أئمة ضالون مضلون». وعن حذيفة بن اليمان قال: يا رسول الله هذا الخير الذي أتانا الله بك هل بعده من شر؟ قال: «نعم الفتنة». قال: وهل بعدها من خير؟ قال: «نعم إغضاء على أقذاءء وهدنة على دخن». قال: وهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: «نعم أئمة مضلون يقعدون على آبواب جهنم = بإسناد صحيحء وأسنده الخطيب في التاريخ من رواية الحسن عن جابر بإسناد جيد وأعله ابن الجوزي. (۱) رواه الحاكم من حديث أنس وهو ضعيف قاله العراقي في المصدر السابق. (۲) قال العراقي في المغني (04/۱): رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس؛ء وحديث علي بإسناد ضعيف إلا 7 قال : «زهدا وروی ابن حبان في روضة العقلاء موقوفاً على الحسن من ازداد علماء ثم ازداد بالله على الدنيا حرصاً لم يزدد من الله إل بعداً وروی آبو الفتح الآزدي في الضعفاء من حديث علي : من ازداد بالله علماً ثم ازداد للدنيا حباً ازداد الله عليه غضباً. )۳( وبنحوه في المغني (۹/۱٥) وفال: رواه أحمد من حدیث أي ذر بإسناد جید. ٤۱ قنطرة العلم ينادون إليها كل من أجابهم قذفوه فيها» قال: جلهم لنا يا رسول الله فإني أخاف أن أدركهم» قال : «هم من جلدتنا ویتکلمون بكلامنا). ]۷٤ / ‎[Î‏ وعنه عليه السلام أنه قال: «أخوف ما أخاف عليكم زلة عالم أو منافق يجادل / بالقرآن» . وعن عيسى عليه السلام أنه قال: قيل له: أي الناس أشد فتنة؟ قال: زلة العالم إذا زل بزلته عالم كثير . وعنه عليه السلام أنه قال: يا علماء السوء تصلون وتصومون وتتصدقون» ولا تفعلون ما تؤمرون» وتدرسون ما لا تعلمون فيا سوء ما تحكمون» تتوبون بالقول والأمانيء وتعملون بالهوى» وما يغني عنكم أن تتقوا جلودكم» وقلوبكم دنسة بحق أقول لکم لا تکونوا کالمنخل يخرج منه الدقيق الطيب وتبقى فيه النخالةء كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم ويبقى الغل في صدوركم. يا عبيد الدنيا كيف يدرك الاخرة من لا تنقضي من الدنيا شهوته ولا تنقطع منها رغبته؟ بحق أقول لكم: إن قلويكم تبكي من أعمالكم جعلتم الدنيا تحت ألسنتكم؛ والعمل تحت أقدامكم . بحق أقول لكم أفسدتم آخرتكمء وصلاح الدنيا أحب إليكم من صلاح الأخرةء وأي الناس أخسر منكم لو تعلمون» ويلكم إلى متى تصفون الطريق للمدلجين» وأنتم مقيمون في محلة المتحيرين» كأنكم تدعون أهل الدنيا ليتركوها لكم؛ مهلا مهلا ويلكم ماذا يغني عن البيت المظلم أن يوضع السراج فوق ظهره وجوفه وحش مظلم. كذلك لا يغني عنكم أن يكون نور العلم بأفواهكم› وأجوافكم منه وحشة معطلةء يا عبيد الدنيا فلا كعلماء يعملون ولا كعبيد أتقياءء ولا كأحرار كرام» توشك الدنيا أن تقلعكم من أصولكم فتقلبكم على وجوهکم» ثم تکبکم على مناخرکم» ثم تأخذ خطایاکم بنواصیکم» ثم يدفعكم العلم من خلفكم حتى يسلمكم إلى الملك الديّان عراة فرادى فيوقفكم على سواتكم ثم يجزيكم بسوء أعمالكم. هذا ما روي عن عيسى عليه السلام في كتاب المحاسبي قال: وبلغنا أن الله سبحانه أوحى إلى داود عليه السلام لا تستشر في أمرك عالماً أسكره حب الدنياء فيقطعك بسكره عن ]۸٤/1[ طريق محبتي / أولثك قطاع الطريق على عبادي المريدين . هذه وأمثالها من الأخبار تدل على عظم خطر العلم» فإن العالم متعرض إما لهلاك الأبد قنطرة العلم ١٤۱ أو لسعادة الأبدء وأنه بالخوض في العلم قد حرم السلامة إن لم يدرك السعادة. وأعظم من هذه الأخبار ما روي عن معاذ بن جبل رحمه الله موقوفاً ومرفوعاً: أن النبي عليه السلام قال: «إن من فتنة العالم أن يكون الكلام أحب إليه من الاستماع»” ° . وفي الكلام تنميق وزيادةء ولا يؤمن على صاحبه الخطاً وفي الصمت سلامة وعلمء فمن العلماء من يخزن علمه فلا يحب أن يوجد عند غيره فذلك في الدرك الأول من النار . ومن العلماء من يكون فى علمه بمنزلة السلطان فإن رد عليه شىء من علمه أو تهون بشيء من حقه غضب فذلك في الدرك الثاني من النار. ۱ ومن العلماء من يجعل علمه وغرائب حديثه لأهل الشرف واليسار ولا يرى أهل الحاجة له أهلاً فذلك في الدرك الثالث من النار. ومن العلماء من ينصب نفسه للفتيا فيفتى بالخطأء والله يبغض المتكلفين فذلك فى ن النا من السار . ومن العلماء من يتخذ علمه مرؤة ونبلاً وذكراً في الناس فذلك في الدرك السادس من النار. ومن العلماء من يستفزه الزهو والعجب» فإن وعظ عنف» وإن وعظ أنف فذلك في الدرك السابع من النارء فعلىكی ۱ بالصمت فيه تغلب الشيطان وإياك أن تضحك بغير عجب أو تمشي في غير أرب . وفي خبر آخر: إن العبد لينتشر له من الثناء ما بين المشرق والمغرب؛ء وما يزن عند الله حا ‎e (۳e‏ جناح بعوضة» . والله أعلم. وأما الآثار المروية في ذلك عن السلف فكثيرة منها: ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه )۱9( قال العراقي في المغني (1۲/۱): رواه أبو نعيمء ابن الجوزي في الموضوعات. () في الأصل: عليك والتصويب من الإحياء (١/ 17). () قال العراقي في المغني (1۲/۱): لم أجده هكذا وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة: «إنه لياتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضةا. ١٤۱ قنطرة العلم قال: أخوف ما أخاف على هذه الأمة المنافق العالم؛ قالوا: وكيف يكون منافقاً عالماً؟ قال : عالم اللسان جاهل القلب . وفي أخبار داود عليه السلام: أن أدنى ما أصنع بالعالم إذ آثر شهوته أن أحرمه لذيذ مناجاتي. يا داود: لا تسأل عني عالماً قد أسكرته الدنيا فيصدك عن طريق محبتي أولثك قطاع طريق عبادي. يا داود: ذا رايت لي طالباً فکن له خادماء یا داود من رد إِلیّ هربا کتبته 1 ولذلك قيل عن الحسن أنه قال: عقوبة العلماء موت القلبء وموت القلب طلب الدنيا بعمل الأخرة. ولذلك قال يعض العلماء: إنما يذهب بهاء العلم والحكمة إِذا طلبت الدنيا بهما. وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: إذا رأيتم العالم مُحباً للانيا فاتهموه على دينكم؛ فإن كل محب يخوض فيما أحب . وعن مالك ابن دينار أنه قال: قرأت في بعض الكتب أن الله عز وجل يقول: إن أدنی ما أصنع بالعالم إذا أحب الدنياء أن أخرج حلاوة مناجاتي من قلبه*. قال: وكتب رجل إلى أخ له: إنك أوتيت علماً فلا تطفين نور علمك بظلمة الذنوب فتبقى في الظلمة يوم يسعى أهل العلم في نور علمهم”. وقال الحسن : لا تكن ممن يجمع علم العلماءء وظرائف الحكماء› وتجري في العلم مجرى السفهاء. وقيل لإبراهيم بن عيينة: أي الناس أطول ندامة؟ فقال: أما في عاجل الدنيا فصانع المعروف إلى من لا يشكرهء وأما عند الموت فعالم مفرط. وينشد: عجبت لمبتاع الضلالة بالهدى ومن يشتري دنياه بالدين أعجب وأعجب من هڏين من باع دينه ‏ بدنيا سواه وهو من ذين جب٩ () في إحياء علوم الدين (10/۱): «جهبذا». (۲) في إحياء علوم الدين (١/١1): «جهبذا». (۳) المرجع السابق. )٤( المرجع السابق. )0( المرجع السابق. قنطرة العلم ١٢ وقال بعض العلماء: يهتف العلم بالعمل فإن أجابهء وإلا ارتحل . وعن النبي عليه السلام أنه قال: «إن العالم يعذب عذاباً / يطيف به أهل النار استعظاماً [١٥1/1] لشدة عذابه». أراد به العالم الفاجر . وعن أسامة بن زيد قال: سمعت رسول الله يَلٍ يقول: «يؤتى بالعالم يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه فيدور كما يدور الحمار في الرحى فيطوف به أهل النار فيقولون: ما لكً؟ فیقول: كنت آمر بالخير ولا آتيه وأنهي عن الشر وآتیه»٩. وقال بعض مشايخنا من أهل المشرق رحمهم الله في قوله تعالى: ثم لنْزعَن من كل عة أيهم اد عَلَىٰ لوحن عيئا»”. قال: ما أظن هؤلاء إلا علماء قومنا. وعنه عليه السلام أنه قال: «أهلك أمتي رجلان: عالم فاجر وعابد جاهل»*. وقال بعض السلف: إنما جاء فساد الدين من قبل أربعة: عالم فاجر وعابد جاهل؛ وطالب الدنيا بالدينء وسلطان جائر. وينشد: وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها وعن آبي الدرداء أنه قال : ويل لمن لا يعلمء ولا يعمل مرة واحدة؛ وويل لمن يعلم ولا يعمل سبع مرات . وعن الشعبي أنه قال: يطلع قوم من أهل الجنة إلى قوم من أهل النار فيقولون لهم: ماذا أدخلكم النار؟ وإنما أدخلنا الله الجنة بفضل تأدييكم؟ فيقولون: إنما كنا نأمر بالخير ولا تفعله ° . وینشد: وعامل بالفجور يأمر بالبر كهاديخوض في الظلم () قال العراقي في المغني (0۹4/۱): لم أجده بهذا اللفظ وهو معنى حديث أسامة المذكور بعده. )۲( متفق عليه بلفظ الرجل بدل العالم قاله العراقي في المصدر السابق. () سورة مريم الاية: 1۹. () ذكره الغزالي في الإحياء بتمامهء وعلق عليه العراقي في المغني (1۳/۱) وقال: رواه الدارمي من رواية الاأحوص بن حكيم عن أبيه مرسلاً بأخر الحديث نحوه وقد تقدم ولم أجد صدر الحديث. () راجع الإحياء (۱۳/۱). ٤1 قنطرة العلم وعن الأوزاعي أنه قال: شكت النواويس ما تجد من نتن جيف الكفار فأوحى الله تعالى إليها بطون علماء السوء آنتن مما أنتم ف وینشد: [۱/ب] / يا معشر القراء يا ملح البلد ما يصلح الملح إذا الملح ف ويروى أن الحسن انصرف من مجلسه فحمل إليه رجل من خرسان كيساً فيها خمسة آلف درهم» وعشرة أثواب من دقيق البر» فقال: يا آبا سعيد هذه نفقةء وهذه كسوة فقال الحسن: عافاني الله ضم إليك نفقتك وكسوتك فلا حاجة لنا بذلك› انه من جلس مثل مجلسي هذا وقبل من الناس مثل هذا لقى الله تعالى يوم القيامة ولا خلاق له . وروى الضحاك عن اين عباس عن النبي يِل أنه قال: «علماء هذه الأمة رجلان: رجل آتاه الله علماً فبذله للناس ولم يأخذ عليه طمعاء ولم يشتر به ثمناًء فذلك الذي يصلي عليه طير الهواى وحيتان الماء ودواب الأرض» والكرام الكاتبين يقدم على الله تعالى يوم القيامة سيداً شريفاً حتى يرافق المرسلين» ورجل آتاه الله عز وجل علماً في الدنيا فض به على عباد الله وأخحذ به طمعاء واشترى به ثمناً يأتي يوم القيامة ملجماً بلجام من نار ينادي عليه مناد على رؤوس الخلائق هذا فلان بن فلان آتاه الله علماً فى الدنيا فضن به على عباد الله وأخذ به طمعاً واشتری به ثمنا» فیعذب حتی يفرغ من حساب لئاس . وأشد من هذا ما روي اُن رجلا كان يخدم موسى عليه السلام فجعل يقول: حدثني موسی نجي الله حدئني موسی نجي الله حتی أثری وکثر ماله ففقده موسی صلوات الله عليه وعلى نبينا فجعل يسأل عنه فلا يحس له أثراً حتى جاءه رجل ذات يوم وفي يده خنزیر» وفي عنقه حبل أسود» - وفي بعض الروايات جاءه بأرنب في عنقها سلسلة - فقال لموسی عليه السلام: أتعرف فلاناً؟ قال: نعم. قال: هو هذا الخنزير. فقال موسى: يا رب أسألك أن ترده [١/ب] إلى حاله حتى أسأله فيما أصابه هذا. فأوحی /الله عز وجل إليه لو دعوتني بالذي دعاني به آدم فمن دونه ما أجبتك فيه» ولكني أخبرك لِم صنعت هذا به؛ لأنه كان يطلب الدنيا بالدي. ”٠ وروى أبو هريرة عنه ي أنه قال: «من طلب علماً مما يبتغى به وجه الله سبحانه ليصیب (١) راجع الإحياء (1۳/۱). (۲) جاء هذا الشعر في الإحياء (١/١٠). (0) قال العراقي في المغني (۱/٠1): رواه الطبرانى فى الأوسط بإسناد ضعيف . (8) راجع الإحياء (١/11ء 17). 0 قنطرة العلم ٥٤ به عرضاً من الدنيا لم يجد ريح غرف الجنة يوم القيامة. وقد وصف الله تعالى علماء السوء بأكل الدنيا بالعلم ووصف علماء الأخرة بالخشوع والزهد فقال في علماء الدنيا وذ َحَدَ الله مياق الذي أُوتوا الْكِتَابَ4 إلى قوله: «ِوَأشَْرَوا به تا . وقال في علماء الأخرة: «وَِنً ِن أَهْلِ اكناب لمن بُ من بالل وَما قوله: لهم ا جُرْهُمْ عِندَ رَبّهمْ .4 الاية. وقال بعض السلف : العلماء يحشرون يوم القيامة في زمرة الأنبياءء والقضاة يحشرون في زمرة السلاطين . وفي معنى القضاة : كل فقيه قصده طلب الدنيا بعلمه › وروی بو الدرداء آنه يل قال : «أوحى الله عز وجل إلى بعض الأنبياء: قل للذين يتفقهون لغير الدينء ويتعلمون لغير العملء ويطلبون الدنيا بعمل الأخرة يلبسون للناس جلود الكباش وقلوبهم كقلوب الذثاب» ألسنتهم أحلى من العسل › وقلوبهم أمر من الصبر ياي يخادعون وبي يستهزۋون لأيتحن عليهم فتنة تذر الحليم حيرانا . وكان يحيى بن معاذ الرازي فيما بلغنا يقول: يا أصحاب العلم قصوركم قيصرية وبيوتكم كسرويةء وأبوابكم ظاهريةء وأخفافكم جالوتيةء ومراكبكم قارونيةء وأوانیکم فرعونية» وماثمكم جاهلية؛ ومذاهبكم شيطانية فأين المحمديةء وينشد: اسای ِل ِبكُمْ» إلى ص وراعي الشاة يحمي الذئب عنها فكيف إذا الرعاة لها یاب وقيل لبعض العارفين: أترى أن من تكون المعاصي فَرَّة عينه لا يعرف /الله؟ قال: ما [۴٥1/۱] أشك أن من تكون الدنيا انر عنده من الأخرة أنه لا يعرف الله تعالى*. وهذا دون ذلك بكثير. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ال : لو أن اهل العلم أخذوا العلم بحقه لأحبهم الله تعالی من فوق عر شه ولأحبتهم ملائکته وأهل صموته وأهل الأرض؛ء ولكنهم () سورة آل عمران الآية: ۱۸۷ . (۲) سورة آل عمران الآية: ۱۹۹. () قال العراقي في المغني (١/١1): رواه ابن عبد البر بإسناد ضعيف. (8) راجع الإحياء / ۰( )0( راجع الإحياء (۱/١٠). ١٤۱ قنطرة العلم أخحذوه بغير حقه وطلبوا به الدنيا فمقتهم الله تعالى من فوق عرشهء ومقتهم أهل السماء وأهل الأرض وهانوا عليهم . وعن عمر بن عبد العزيز أنه قال: إن الذي بطانا عن علم ما جهلنا تركنا العمل بما علمنا ولو عملنا بما علمنا لورث الله تعالى قلوبنا علماً لا يقوم به أمثالنا. وعن عيسى عليه السلام أنه قال: كيف يكون من أهل العلم من سيرة إلى آخرته وهو مقبل على دنياء؟! وكيف يكون من أهل العلم من يطلب الكلام ليخبر به لا لیعمل به؟! وأنشدوا: يا جاعل العلم له بازيا يصطاد أموال المساكين قد صرت مجنونابعد ما كت دواء للمەجانين وعن صالح بن حسان البصري قال: أدركت الشيوخ وهم يتعوذون بالله من الفاجر العالم بالسنة . وعن عيسى عليه السلام أنه قال: من علم وعمل وعلّم فذلك الذي يدعى عظيماً في ملكوت السموات؛ ومن علم ولم يعمل فذلك الذي يضاعف له العذاب ضعفينء ومن لم يعمل ولم يعلم الذي يموت موتة جاهلية. قال بعض علماء السلف: وإنما يضاعف عذاب العالم في معصيته؛ لأنه عصى عن علم ولذلك قال الله عز وجل: «َإنً َلْمَاِِينَ في ألدَرْك الأَسْقَلِ ن الار»”. لأنهم تركوا بعد العلم وعصوا بعد المعرفة وجعل له تعالى اليهود شراً من النتصارى مع أنهم ما جعلوا لله [٤/ب] سبحانه ولداً لأن /قولهم ع َو َر الله ۲( على جهة الرحمة في قول بعضص العلماء وكذلك: «نَحْر بَا الل . ولم يقولوا أيضاً: «إِن الله َلِثُ يَلاكَة€. فجعلهم شرا من التصارى» لأنهم أنكروا بعد المعرفة قال تعالى : «يَعْرنُونَه كما يَسْرتُونَ أيَاعَمُ€. وقال : «فَلِمًا جَاءَهُمْ ما عَرَفُوا عَفُرُوا 4 . (١) سورة النساء الآية: ١٤٠ . (۲) سورة التوبة الآية: ۳۰ (۳) سورة المائدة الآية: ۸ . (4) سورة المائدة الآية: ۷۳. () سورة البقرة الآية: ٦ سورة الأنعام الآية: ۲ (1) سورة البقرة الآأية: 8۹. قنطرة العلم وقال تعالى في بلعم بن باعور: #واتل عَلْهمْ ٤ ِي تاه ايتا فاسل نيا . - . و ‎e‏ 2 ° ۶ ٤ ود غ حتى قال: قله كمتل الكلب إن تحمل عَله يَلهّثْ أو تَْرْكُه یه4" . أي سواء أوتي الحكمة أو لم يؤت فهو يلهث إلى الشهوات» لأنه أوتي كتاباً فأخذ إلى الشهوات”" ٠ء وأنشدوا لابن المبارك : ذر التزين في دنياك بالدين ليس اللباس لباس الصوف من عمل هذا اللباس مع الرهبان في شعث قد يفتح المرء حانوتاً لمتجره بين الأساطين حانوتا بلا غلق في سورة الكهف لو فكرت موعظة وفي الطواسين أخرى إن عملت بها ما التي ذكرت في الكهف ناهية وآية القصص الأخرى فزاجرة وأعمل ليوم تجازى بالموازين ولا لأخذك شعراً كالمجانين فهل تراه نجاة للرهمابين فقد فتحت لك الحانوت بالدين تبتاع بالدين أموال المساكيىن تنهاك عن خدع بين الأساطين لت الرشاد بايات الطواسين عن الرياء ثم أموال المساكين عن التكبر أمشال الفراعين ٧٤۱ وعن عيسى عليه السلام أنه قال: مثل علماء السوء مثل صخرة وقعت على فم النهرء لا هي شربت الماع ولا هي تترك الماء يخلص إلى الزرعء ومثل علماء السوء مثل قناة الحش ظاهرها جص» وباطنها نتن وكمثل القبور ظاهرها عامرة» وباطنها عظام الموتى“. ولا تظنن أن بترك( المال فقط به تلحق علماء الأخرة بل طلب الجاه أشر من المال. ولذلك قال بعض العلماء: حدثنا باب من أبواب الدنيا. ولذلك قيل /عن ابن سليمان [°5٥1/1] الداراني قال: إذا طلب الرجل الحديث أو تزوج أو سافر في طلب المعاش فقد ركن إلى الانيا" . وإنما أراد به طلب الأسانيد العالية أو طلب الحديث الذي لا يحتاج إليه في طريق الأخرة. )۱( )۲( )۳( )٤( )0( )1٦( )۷( سورة الأعراف الآية: ١۷٠ . سورة الأعراف الأية: ١۱۷ . راجع الإحياء (1١/۹4 05ء ١1). راجع المصدر السابق. في الأصل: «ترك». واضفت الباء لإيضاح المعنى. القائل بشر وراجع الإحياء (١/11). القائل بشر وراجع الإحياء (١/٠1). قناطر الخيرات ج/٠ م/ ٠١٠ ۸٤۱ فنطرة العلم وعن الثوري أنه قال: فتنة الحديث أشد من فتنة المال والأهل والولد”° . ولذلك قال بعضهم: إذا اشتهيت أن تحدث فلا تحدث» وإذا لم تشته فحدث؛ وهذا لأن التلذذ بجاه الإفادة ومنصب الإرشاد أعظم من كل نعيم في الدنيا فمن أجاب شهوته في ذلك فهو من أبناء الدنيا. وهذا عندي إذا كان قصده بالتحدث جر الجاه ومنفعته. والله أعلم. فهذه الأخبار والآثار التي أوردناها تبين العالم الذي هو من أبناء الدنيا أخس حالاً عند الله وأشد عذاباً من الجاهل يوم القيامةء ولهذا قال بعض السلف : العلم كله دنيا والأخرة منه العمل به» والعمل كله هباء إِلا الإخلاص. وقال: الناس كلهم موتى إلا العلماءء والعلماء سكرى إلا العاملين والعاملون مغرورون إلا المخلصين؛ والمخلص على وجل حتى يدري ما يختم له به. والله نسأله التوفيق وحسن الخاتمة . الباب التاسع في العلامات المييزة بین علماء الدثيا وعلماء الأخرة ونعني بعلماء الدنيا علماء السوء. وهم الذين قصدهم من العلم التنعم بالدنيا والتوصل إلى الجا والمنزلة عند أهلها"'› وهم الذين وردت فيهم الأخبار والأثار المتقدمة . ونعني بعلماء الأخرة العلماء بالله سبحانه العاملين له فهم الفائزون المقربون يوم القيامة ولهم علامات منها: أن لا يطلب بعلمه الدنياء فإن أقل درجات العلم النافعء أن يدرك حقارة الدنيا وخستها وكدورتها وانصرامهاء ويدرك عظم الأخرة ودوامها وبقاء نعيمها وجلالة ملكها. [/ب] ‏ ويعلم / أن الدنيا والاخرة متضادتان» وأنهما كالضرتين مهما أرضيت إحداهما سخطت الأخرىء وأنهما كالمشرق والمغرب مهما قربت من أحدهما بعدت عن الآخرء وأنهما ككفتي الميزان مهما رجحت إحداهما خفت الأخرى» وأنهما كقدحين أحدهما مملوء والآخر فارغ فبقدر ما تصب في أحدهما كذلك تفرغ من الآأخر فإن من لا يعلم حقارة الدنيا وكدورتها وامتزاج لذتها بألمهاء ثم انصرام ما يصفو منها فهو فاسد العقل؛ للأن المشاهدة والتجربة ترشد إلى ذلك فكيف يكون من العلماء من لا عقل له؟ وإن من لا يعلم عظم الأخرة ودوامها فهو مشرك مسلوب الإيمان. (١) راجع المصدر السابق. )۲( راجع الإحياء (8/۱٥). قنطرة العلم ۹٤۱ فكيف يكون من العلماء من لا إيمان له؟ وإِن من مضادة الدنيا والأخرةء وإن الجمع بينهما محال وطمع في غير مطمع فهو جاهل بشرائع الأنبياء كلهم بل هو کافر بالقرآن من وله إلى آخره ‏ فكيف يعد من زمرة العلماء؟ ومن علم هذا كله ثم لم يؤثر الاخرة على الدنيا فهو أسير الشيطان بعيد من الرحمن قد أهلکته شهوته› وغلبت عليه شقوته› فكيف يعد من أحزاب العلماء من هذه درجته' . وقد روي عن جابر موقوفاً ومرفوعاً إلى رسول الله يو أنه قال: «لا تجلسوا عند [كل] عالم إل عالماً يدعوكم من خمس إلى خمس: من الشك إلى اليقينء ومن الرياء إلى الأخلاص» ومن الرغبة إلى الزهدء ومن الكبر إلى التواضعء ومن العداوة إلى النتصيحةء” . . قال الله سبحانه لنبيه عليه السلام: رضن عَنْ مَنْ تى عَنْ كرتا ولم برذ إلا الْخياة اليا يت ْم من الْيذم»”. وقال تعالى إخباراً عن قارون: فرج عَلى قوْمهِ في زيه قال َي برِيدُونَ لَحَيَاةً اليا يا يت لتا ثل ما وتي قَارُو»'° الاية. م قال: وال الَذِينَ أُويُوا عله وَبلَكُمْ نوا الله حَي لِم اسن وَعَمِلَ صَالحاً”/ [۷١1/۱] الآية. فعرف أهل العلم مقدار الأخرةء وثواب الله فيها وخساسة الدنيا وحقارتها فعرف بذلك الجهال. والله أعلم. ومنها لا اف ق بل لا يأمر بالشيء إلا وهو أول عامل به» قال الله تعالی : امون الاس بابر ومون أَفْسَكُم€. () راجع كل ما سبق في الإحياء (۱/١٠). () ما بين المعقوفين من الإحياء (١/ 17). (۳) رواه بو ميم في السلية. وابن الجوزي في الموضوعات قاله العراقي في المغني (١/ 66). (8) سورة النجم الآية: ۳۰ (0) سورة القصصر الآيتان: ۷۹ ۸۰. () سورة القصص_الأآيتان: ۷۹٠ ۸۰. (۷) سورة البقرة الآية: 44 . 10 قنطرة العلم 4 وقال تعالى في قصة شعيب عليه السلام: $ بل أ أ یکم کی تا أهائ عن ۷ . ولعن الله الناهين عن المنكر الفاعلين له. وفيما يروى عنه أن الله عز وجل أوحى إلى عيسى عليه السلام يا ابن مريم عظ نفسك فإن اتعظت فعظ غيرك وإلا فاستحي مني" . وأنشد: يا واعظ الناس قد أصبحت متهم قد عبت منه أموراً أنت تأتيها يا كاسي الناس أثواباً وعورته للناس بادية ما إن يواريهق” وعن الفضيل أنه قال : بلغي أن الفمسقة من العلماء يبدأ بهم يوم القيامة قبل عبدة .)40( الأوثان . وعن حاتم الأصم أنه قال: ليس في القيامة أشد حسرة من رجل علم الناس علماً فعملوا به ولم يعمل هو به» ففازوا بسببه وهلك [هو]*. وعن مالك بن دينار أنه قال: إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زالت موعظته عن القلوب كما تزل القطرة على الصفا ". وينشد: عوّد لسانك قلة اللفظ واحفظ كلامك أيما حف ظ إياك أن تعصظ الرجال وقد أصبحت محتاجاً إلى الوعظ وعن الشيخ أبي نصر من مشايخ الجبل رحمهم الله أنه قال: لن ينجو من علماء آخر قال: هذا في العلماء فكيف الجهال؟ فالجهال دود لا یفلت منهم أحد. [۸/ب] وعن النبي عليه السلام / أنه قال : «مررت ليلة أسري بي بقوم كانت تعرضص شماههم (١) سورة هود الأية: ۸۸. (۲) راجع الإحياء (١/11). (۳) جاء البيت الأول بنحوه في الإحياء (1۳/۱) في قصيدة دون البيت الثاني فلم يرد في أي من الأبيات المذكورة. )٤( راجع المصدر السابق. () ما بين المعقوفين من المصدر السابق. () راجع المصدر السابق. قنطرة العلم ١١۱ بمقاريض من نار فقلت: من أنتم؟ قالوا: إنا كنا نأمر بالخير ولا نفعله»". ويتشد: لاتته عن شيء وتأتي بمثله عار عليك إذا فعلت عظيم فابداً بنفسك فانهها عن يها فإذا انتهيت عنه فأنت حكيم فإذا جريت مع السفيه فلمته وفي مشل ما تأتي فآنت مليم ويروى أن في الإنجيل: لا تطلبوا علم ما لم تعلموا حتى تعملوا بما علمتم . ویحکی عن إبراهیم بن أدهم أنه قال: مررت بحجر مکتوب عليه اقلبني تعتبر» قال : فقلبته فإذا عليه مكتوب: أنت بما تعلم لا تعمل فكیف تطلب علم ما لا تعلم ٩؟! وعن ابن مسعود رحمه الله أنه قال: سيأتي على الناس زمان تملح فيه عذوبة القلوبء ولا ينتفع بالعلم يومٹذ عالم› ولا متعلمه› فتكون قلوب علمائهم مثل السباخ ذوات الملح ينزل عليها قطر السماء فلا تجد لها عذوبة. وذلك إذا مالت قلوب العلماء إلى حب الدنيا وإيثارها عن الأخرة فعند ذلك يسلبهم الله تعالى ينابيع الحكمةء ويطفىء مصابيح الهدى من قلوبهم فيخبرك عالمهم حين تلقاه أنه فما أخصب الألسن يومئذٍ وما أجدب القلوب فوالله الذي لا إِله إلا هو ما ذلك إلا لأن وقال ابن السماك : کم من مذکر بالله ناس لله ٩ وكم من مخوف بالله جريء على الله ء وكم من مقرب إلى الله بعيد من الله سبحانهء وكم من داع إلى الله عز وجل فار من الله تعالیء وكم من تال لكتاب الله عز وجل منفسخ"“ من آيات الله جل جلاله . وعن عيسى عليه السلام أنه قال: مثل الذي يتعلم العلم ولا يعمل به / كمثل امرأة زنت [1/19۹] القيامة على رؤژوس الأشهاد”° . () رواه ابن حبان من حديث أنس» قاله العراقي في المغني (۱/ 0)1۲ () راجع إحياء علوم الدين (١/1۳). (8) في المصدر السابق: «منسلخ». (0) المصدر السابق. ‎\o۲‏ قنطرة العلم ‏وعن معاذ رحمه الله أنه قال: احذروا زلة العالم؛ للأن قدره عند الخلق عظيم فيتبعونه على زلته ۔ ‏وقال [عمر]": ثلاث بهن يهدم الزمان: إحداهن زلة عالم. ‏وروي عن مكحول عن عبد الرحمن بن غنم أنه قال : حدڻني عشرة من أصحاب رسول الله يو إنا كنا ندرس العلم في مسجد قباءء إذ خرج علينا رسول الله ي فقال: «تعلموا ما شتتم أن تتعلموا فلن يأجركم الله حتى تعملوه”. ‏وعن الأوزاعي : إِذا جاء الإعراب ذهب الخشوع”°. ‏وعن إبراهيم بن آدهم أنه قال : لقد أعربنا فى كلامنا فلا نلحن› ولحنا في أعمالنا فلم و © 1 1 ‏اعلم أن مثل العالم مثل القاضيء وقد قال يَْ: «القضاة ثلاثة: قاض قضى بالحق وهو يعلم فذلك في الجنةء وقاض قضى بالجور وهو يعلم أو قضى وهو لا يعلم فهما في النار». ‏وعن کعب أنه قال: يکون في آخر الزمان علماء يزهدون الناس في الدنيا ولا يزهدون› ويخوفون ولا يخافون» وينهرن عن غشيان الولاة ويأتون يؤثرون الدنيا على الآأخرةء يأكلون بألسنتهم يقربون الأغنياء دون الفقراء يتغايرون على العلم كما تتغاير النساء على الرجالء يغضب أحدهم على جليسه إذا جالس غير أولتك الجبارون أعداء الرحمر. ‏وقد روي عن رسول الله يو أنه قال: إن الشيطان ريما سبقكم بالعلم». قيل: فلا يزال في العلم قائلاء وللعمل مسوفا حتى يموت وما عمل“ . ‏() المصدر السابق. ‏(۲) ما بين المعقوفين من المصدر السابق. ‏(۳) رواه ابن عبد البرء واسنده ابن عدي وأبو نعيم؛ والخطيب في كتاب اقتضاء العلم للعمل من حديث معاذ فقط بسند ضعیف؛ ورواه الدارمي موقوفاً على معاذ بسند صحيح . قاله العراقى فى المغتى (۱/ 0)1۳ ‏(٤) الغزالى فى الإحياء (1۳/۱). 9 ‏(0) الغزالي في الإحياء (1۳/۱). ‏(1) رواه أصحاب السنن من حديث بريدة وهو صحيح قاله العراقي في المغتى (۱/ 64). ‏(۷) الغزالي في الإحياء (14/۱). ‎O‏ ‏(۸) قال العراقي في المغني (1/ 14) الحديث في الجامع من حديث أنس بسند ضعيف. ‎ ‎ قنطرة العلم ۳٥۱ وعن ابن مسعود رحمه الله أنه قال: ليس العلم بكثرة الروايات› وإنما العلم الخشية ° ٠ / وقال الحسن: السفهاء همتهم الروايةء والعلماء همتهم الرعاية”. [٦۱/ب] وعن مالك بن دينار أنه قال: إن طلب العلم لحسن؛ وإن نشره لحسن إذا صحت فيه النية ولكن انظر إلى ما يلزمك من حين تصبح إلى حين تمسي ولا تؤثرنٌ عليه شين" . وعن ابن مسعود رحمه الله أنه قال: انزل القرآن لیعمل به فاتخذتم دراسته عملا وسيأتي قوم يبتغونه مثل الغناء ليسوا بخياركم» والعالم الذي لا يعمل كالمريض الذي يصف الدواءء والجائع الذي يصف لذائذ الأطعمة ولا يجده”". وفي مثله يقول: «َوَلَكُمُ اَلْوَل مِم تَصِمُونَ€” والفضيل في انقطاع الإنسان من العلم إلى العمل أو اتقطاعه عن العمل إلى العلم إذا عمل بموجب العلم . هو ما حكي عن الزهري فيه وهو أنه قال: العلم أفضل من العمل به لمن جهل» والعمل أفضل من العلم لمن علم. فأما فضل ما , بين العلم والعبادة إِذا لم يخل بواجب ولم يقصر في فرض فقد روي عن النبي يَيِ أنه قال: «يبعث العالم والعابد فيقال للعابد ادخل الجنةء ويقال للعالم اتثد حتى تشفع للناس». والله أعلم. ومن علامات علماء الأخرة: أن يكون العالم غير مائل إلى الترفه في المطعم» والتنعم في الملبس» والتجمل في الأساس والمسكن بل يلزم الاقتصاد في جميع ذلك ويتشبه في ذلك بالسلف الصالحء ويميل إلى الاكتفاء بالأقل في جميم ذلك. كما ذكر أبو الحر علي بن يا أخي أن تعمى بعد البصرء وتضل بعد الهدى وبعد معرفة الإسلامء وبعد إخلاص طاعة الله بالتقوى؛ فإن أولي الألباب والنهي لم يكونوا أهل لهو ولا لعب ولم يكونوا أهل نسيان ولا غفلة ولا أهل راحة ولا فترةء ولا أهل تلذذ بالدنيا ومطايب عيشهاء ولم يكونوا أصحاب نعيم () الغزالي في الإحياء (١/ 14). )۲( الغزالي في الإحياء (1١/ 14). () الغزالي في الإحياء (۱/ 14). )4( الغزالي في الإحياء (١/ 14). (9) سورة الأنبياء الآية: ۱۸. ٤٥ قنطرة العلم [/ ولا فخر / ولا أهل إبل ولا بقرء ولا أصحاب خيلاء ولا كبرء ولا آهل رغبة في مالء ولا ]١٦۱/ أ[ أهل ولا ولد إلا ما أعطاهم الله تعالى فإن كان كثيراً انقصوه عن أنفسهم» وآثروا به أهل الفاقة وکلوا به والڏي هم به معنيون. فكان الأقل من الدنيا أحب إليهم من الأكثرء وكان الجوع أحب إليهم من الشبع ما لم يجهدواء وهم في الشبع على أنفسهم أخوف» وفي الجوع أرجى وأذكر» وكان الفقر أحب الشكر وحبسهم ما ليس لهم واستتثارهم به عن أهله وكان البلاء أحب إليهم من الرخاء للذي يرجون من الأجر في البلاى ويخافون من الثم في الرخاءء ولم يكونوا بطالين العشيات والضحى› ولكنهم کانوا يصبرون أنفسهم مع الذين يدعولن ريهم بالغداة والعشي يريدون وجهه. وهي رسالة طويلة ذكر فيها حال النبي عليه السلامء وأحوال الصحابة رضي الله عنهم› في التقلل في الدنياء ورغبتهم في الأخرة وهي مكتوبة في كتاب رسائل الأئمة . وكذلك أحوال مشايخ المسلمين من أهل المشرق وأهل المغربء ومشايخ الجبل رحمهم الله في اقتصادهم في المعيشة وزهدهم في الدنيا - تركت ذلك هنا لثلا يطول الكتاب إذ ليس هذا موضعه - ويكفي في ذلك فول الله تعالى: وِأَْحَنيُمْ طَيَانكُم فى حبَانكُم اليا ‎(DA eet‏ یکفي 1 لى: اتم طيَِكم في حم الدب وَاسْتَمَتَعْنّمْ بها» الاية. وقوله تعالى : لوا وَأَشْرَيُوا وَل سر واي . وقوله عز من قائل إخباراً عن الكفار أبناء الدنيا: «وَالَّذِينَ كَفَروا يمون وَيَأكُنُونَ كَمَا َكل الما الآية. ويروى عن النبي عليه السلام أنه قال: «من أخذ من الدنيا أكثر مما يكفيه أخذ / حتفه وما يشعرا. وفي كتاب المحاسبي عنه عليه السلام أنه قال: «سيأتي بعدي قوم يأكلون أطايب (١) سورة الأحقاف الآية: ٢٠. (۲) سورة الأعراف الآية: ۳۱. (۳) سورة محمد الآية: ١۱. قنطرة العلم ١٥۱ الأطعمة وألوانهاء وينكحون أجمل النساء وألوانهاء ويلبسون ألين الثياب وألوانهاء ويركبون فرة الدواب وألوانهاء لهم بطون من القليل لا تشبعء وأنفس من الكثير لا تقنم عاكفين على الدنيا يغدون ويروحون إليهاء اتخذوها آلهة دون آلهتهمء وربا دون ربهم إلى أمرها يتتهون وهواهم يتبعون فعزيمة من محمد بن عبد الله لمن أدرك ذلك الزمان من عقب عقبكم› وخلف خلفكم أن لا يسلم عليهمء ولا يعود مرضاهم ؛ ولا يتبع جنائزهم؛ ولا يوقر كبيرهم» :ومن فعل ذلك فقد أعان على هدم الإسلام». وقال الله تعالى مخاطباً للمسلمين : «وَنَرَوَدُوا إن َير ألرَاد أَلَقوَىْه. وقال بعض السلف: المؤمن يتزود والمنافق يتزين والكافر يتمتع . والتحقيق في هذا أن التزين بالمباح والتنعم بالحلال ليس بحرام» ولا محظورء ولكن الخوض فيه يوجب الأنس به حتى يشق عليه تركه واستدامة التنعم لا تمكن إلا بمباشرة أسباب في الغالب يلزم من مراعاتها ارتكاب المعاصي من المداهنة . ومراعاة الخلق ومراءاتهم وأمور لأجل كسب الدنياء والتمتع بهاء والحزم اجتناب ذلك› لأن من خاض في الدنيا لا يسلم منها البتةء ولو كانت السلامة مبذولة مع الخوض في الدنيا لأحد لما کان النبي عليه السلام يبالغ في ترك الدنيا حتى نزع القميص المطرز بالعلم وقال: «إنها شغلتني عن صلاتي». ونزع أيضاً خاتم الذهب في أثناء | لخطبة ورمی به ثم قال : «أما هذا فلا ألبسه أبداً» . إلى غير ذلك مما سيأتي إن شاء الله في / موضعه وقال تعالى لنبيه عليه السلام: يا أيهَا [۴١٠/ب] اليئ فل لأَرْوَاجكَ إن كُنْعْرَ برخ الْحَيوة ادنيا وَزيََها»” الآية. فأمره بفراقهن إِذا أردن زينة الانيا فكيف إذا خضن فيهاء فالوقوف على حدود المباح مع السلامة من المداهنةء والرياءء وسائر المحظورات عسير لا يقوى عليه إلا أهل اليقين من العلماء الأقوياء الموفقين والتنعم بالمباح خطره عظيم وهو بعيد من الخوف» والخشية الذين هما من علامات علماء الأخرة. هذا في الحلال المحض فما ظنك في أمثالنا الغرقى في شبه المكاسب المحظورات› _—_- )۱( سورة البقرة الآية: ۱۹۷ . () سورة الأحزاب الآية: ۲۸. ١١۱ قنطرة العلم والمطامع المذمومات› بل السلامة من المباح في التقللء والنجاة من الدنيا في الزهد والتوكل والله تعالى نسأله العصمة والتوفيق مع حسن الخاتمة . ومن علامات علماء الأخرة: أن تكون عناية العالم بتحصيل العلم النافم في الأخرة المرغب في الطاعة والقرب من الله تعالىء ويكون متقللاً أو متجنباً للعلوم التي يقل نفعها في طريق الأخرةء ويكثر فيها الجدالء والقال والقيلء وتصد عن ذكر الله تعالى . وقد روي أن رجلا جاء إلى النبي عليه السلام فقال: يا رسول الله علمني من غرائب العلم؟ قال له: «وما صنعت في رأس العلم حتى تسأل عن غرائبه»؟ . قال: وما رأس العلم؟ قال: «هل عرفت الله سبحانه»؟ قال: نعم قال له: «ما صنعت في حقه»؟. قال: ما شاء الله فال يَيٍْ: «هل عرفت الموت)؟ قال: نعم قال يَلْوٍ: «فما عددت له»؟ قال: ما شاء اللهء قال يلأوٍ: «اذهب فاحكم ما هنالك ثم تعال نعلمك غرائب العلم»” . بل ينبغي أن يكون تعلم العالم من جنس ما روي عن حاتم الأصم تلميذ شقيق البلخي› 0 إذ قال له شقيق: منذ كم صبحتني؟ فقال حاتم منذ ثلاث وثلائين سنة. قال: / فما تعلمت مني في هذه المدة؟ قال: ثمان مسائل. قال شقيق: إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب عمري معك ولم تتعلم مني إلا ثمان مسائل!! قال: يا أستاذ لم أتعلم غيرها ولا أحب أن أكذب. فقال: هات هذه الثمان مسائل حتى أسمعها. قال حاتم: نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل واحد يحب محبوبه؛ وهو مع محبوبه إلى القبر فإذا وصل إلى القبر فارقهء فجعلت الحسنات محبوبي» فإِذا دخلت القبر دخل معي محبوبي. قال: أحسنت يا حاتم فما الثانية؟ قال : نظرت إلى قول الله عز وجل: <وَأًا مَنْ عَافَ مَقَامَ ريه ونهی ألمَسَ عن هوی فإ الح هي َلْمَوَی 4٩ . فعلمت أن قوله سبحانه هو الحق› فاجهدت نفسي في دفع الهوى» حتى أستقر على طاعة الله تعالى. قال: فما الثالثة؟ قال: إني نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل من معه شيء له عنده قيمة ومقدار رفعه وحفظه› ثم ني نظرت في قوله عز وجل : لما عِنْدكُم ينقد وَمَا عند الل اة قي فكل ما وقع معي شيء له قيمة ومقدار» وجهته ليه لیبقی لي عنده. قال: فما الرابعة؟ قال: إني نظرت إلى هذا الخلقء فرآيت كل واحد منهم يرجع إلى المال والحسب )۱( روا ابن السنيء وأبو نعيم في کتاب الرياضة لهماء وابن عبد البر من حدیث عبد الله بن المسور مرسلاً وهو ضعيف جداً. 9 سوره ة النازعات الاية: 1 (۳) سورة التحل الآية: ۹7. قنطرة العلم 0۷ \ والشرف والنسب» فنظرت فإذا هي لا شيءء ثم نظرت إلى قول الله تعالى: إن أَكُرَمَكُمْ عند الله قَاک ې . فعملت في التقوى حتى أكون عند الله كريماً. قال: فما الخامسة؟ قال : إني نظرت إلى هذا الخلق وهم يطعن بعضهم في بعض» ويلعن بعضهم بعضاء وأصل هذا كله الحسد ثم نظرت إلى قوله عز وجل: نحن تسم بَيَهُمْ مَمِشَتَهُمْ ني اَلْحَيَوة ادن" . فتركت الحسد واجتنبت الخلقء وعلمت أن القسمة عند الله سبحانه فتركت عداوة الخلق. قال: فما السادسة؟ قال: إني نظرت إلى هذا الخلق يبغي بعضهم على بعض ويقاتل بعضهم بعضاً فرجعت إلى قول الله تعالى : إن الشَيْطَانَ لكُمْ عَدُو فَاتَحْدُوهُ عَدُوه. / فعاديته وحده [١٦٠/ب] واجتهدت في أخذ حذري منه؛ لأن الله شهد عليه أنه عدوي وتركت عداوة الخلق. قال: فما السابعة؟ قال: إني نظرت إلى هذا الخلقء فرأيت كل واحد منهم يطلب هذه الكسرة فيذل نفس ويدخل فيما لا يحل لهء ثم نظرت إلى قول الله تعالى: «ِوَمَا ِن داب في الأَرْض إلا عَلىٰ الله رزْمّها4. فعلمت أني واحد من هذه الدواب التي على الله رزقها فاشتغلت بما لله تعالى عليّء وتركت مالي عنده. قال: فما الثامنة؟ قال: إني نظرت إلى هذا الخلق فرأيتهم متوكلين هذا على ضيعته» وهذا على تجارته» وهذا على صناعته» وهذا على صحة بدنه» فکل مخلوق متوكل على مخلوق فتوكلت على الله فهو حسبي. قال شقيق: يا حاتم وفقك الل فإني نظرت في علم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم وهو يدور على هذه الثمان مسائل» فمن استعملها فقد استعمل الكتب الأربعة”° . فهذا الفن من العلم إنما يهتم بإدراكه والتفطن له علماء الأخرةء وأما علماء الدنيا فيشتغلون بما يتيسر به اكتساب امال والجاه ويهملون أمثال هذه العلوم التي بعثت بها الأنبياء كلهم عنيهم السلام. فمثال من يتعلم مسائل الفتاوى والجدال والخصومات وأعرض عن تعلم طريق الأخرة. وآفات الأعمال مثل رجل مريض به علل كثيرةء وقد صادف طبيباً حاذقاً في وقت ضيق يخشى فواته فاشتغل بالسؤال عن خاصية العقاقير والأدويةء وغرائب الطب وترك مهمة الذي هو مۇاخذ به. (١) سورة الحجرات الآية: ١۱. () سورة الزخرف الآية: ۳۲. () سورة فاطر الآية: ٦. (8) سورة هود الأية: ٦. )0( ذكر ذلك الغزالي في الإحياء (١/ 564 15). )١( ذكر ذلك الغزالي في الإحياء (١/ 6£ 15). قنطرة العلم ۸٥ س و ذلك لعمر الله محض السفه والله سبحانه نسأله العون والتوفيق والعصمة والتأييد إنه قریب مجیب ۔ ومن علامات علماء الأخرة أيضاً أن يكون أكثر اهتمام العالم بتعلم علم الباطن ومراقبة 1/10 لقلب» ومعرفة طريق الآخرة وسلوكه /بقوة المراقبة وشدة المجاهدةء ومباشرة الأعمال الظاهرة والباطنةء والجلوس مع لله تعالى في الخلوة" مع حضور القلب بما في الفكر والانقطاع إلى الله تعالى عن ما سواه فذلك مفتاح الإلهام ومتبع الكشف”"" . فكم من متعلم طال تعلمه ولم يقدر على مجاوزة مسموعه بكلمة؟ وکم من مقتصر على المهم في التعلم متوفر في العمل مع مراقبة القلبء فتح الله عز وجل له من لطائف الحكم ما تحار فيه عقول ذوي الألباب . ولذلك قال البي يَ: «من عمل بما علم أورثه الله تعالى علم ما لم يعلم». وفي بعض الكتب السالفية: يا بني إسرائيل لا تقولوا: العلم في السماء من ينزل بە؟ ولا في تخوم الأرض من يصعد به ولا من راء البحر من يعبر يأتي به العلم مجهول في قلویکم تأدبوا بين يدي باداب الروحانيينء وتخلقوا بأخلاق الصديقين أظهر العلم في قلوبكم حتى يغطیکم فیغم رک٩ . ولولا إن أدرك قلب من له قلب بالنور الباطن» حاكم على علم الظاهر لما قال ي : «استفت قلبك يا وابصةء وإن أفتوكء وأفتوك› وأفتوك». ومما يروى عن الله سبحانه أنه قال: «لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبهء فإذا أحببته كنت له سمعأء وبصراً. . الحديث. وفي الخبر : فإذا رأيتم الرجل قد أوتي صمتاً وزهداً فاقتربوا منه فإنه يلقى الحكمة»”*. () يريد الجلوس في خلوة لذكر الله تعالى حتى لا يشغله شاغل أثناء التفكر والذكر. (۲) إن كان يريد كشف غوامض العلوم والأشياء فنعم» وإن كان يريد كشف الغيوب فلا. (۳) رواه أبو نعيم في الحلية من حديث أنس وضعفه قاله العراقي في المغني (١/٠۷). (٤) راجع الإحياء (۷۱/۱). (0) متفق عليه من حديث أبي هريرة بلفظ: «كنت سمعه وبصره» وهو في الحلية كما ذكره المؤلف - الغْزالي - من حدیث آنس بسند ضعیف. قاله العراقي في المغني (١/٠۷). (٦) رواه ابن ماجه من حدیث ابن خلاد يإسناد ضعیف» قاله العراقي في المغني (۱/ ۷۰). قنطرة العلم ۹١۱ وفي حديث آخر: «من أخلص لله عز وجل أربعين يوماً ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه». وهذا العلم إنما يستفاد أكثره دمن سمل والمواظبة على المجاهدة» تصديقاً لقوله تعالى : «وَالَذِينَ جَامَدُوا فيا لَهَدِيَنَهُمُ سلتا الآية ومن علامات علماء الأخرة أيضاً: ن کون العالم شديد العناية بتقوية اليقين؛ فإن اليقين هو راس المال في الدين ولا بد /للعبد من تعلم علم اليقين ‏ أعني أوائله - ثم يتفتح للقلب [۷٦۱/ب] طريقه . وروي عن النبي يِل أنه قال : «اليقين الإيمان کل . وقال : «تعلموا ايقن . روي عن الغزالي في كتابه قال: معناه جالسوا الموقنين واسمعوا منهم علم اليقين › وواظبوا على الاقتداء بهم ليقوى يقينكم كما تقوى يقينهم» وقليل منه خير من الكثير من العمل" . وفال يلو لما قيل له رجل حسن اليقين كثير الذنوبء ورجل مجتهد في العبادة قليل اليقين فقال يَلأ: «ما من آدمي إلا وله ذنوب» ولكن من كان غريزته العقل» وسجيته اليقين لم تضره الذنوب› لأنه كلما أذنب تاب › واستغمر › وندم› فتکفر ذنوبه ويبقى له الفضل يدخل الجنة”°° . ولذلك قال يي : «من أقل” ما أوتيتم تم اليقين وعزيمة الصبرء ومن أعطي حظه منهما لم يبال ما فاته من قيام الليل أو صيام النهار»”"" ٠ يغینه » ولا يقصر عمل العبد حتى ينقص يقينه” ٠ (١) سورة العنكبوت الآية: 1۹. (۲) رواه البيهقي في الزهدء والخطيب في التاريخ من حديث ابن مسعود بإسناد حسن» قاله العراقي في المغني (۱/ ۷۲). (۳) رواه آبو نعيم من رواية ثور بن يزيد مرسلاً وهو معضل وروا اٻن أبي الدنيا في اليقين من قول خالد بن معدان؛ قاله العراقي في المغني (۱/ ۷۲). (8) الإحياء (۷۲/۱). )0( رواء الترمذي الحكيم في النوادر من حديث أنس بإسناد مظلم؛ قاله العراقي في المغني (١/ ۷۲). () في الإحياء: امن أول». )۷( ق العراقي في المغني (۷۲/۱) لم أقف له على أصل؛ وروی ابن عبد البر من حديث معاذ: «ما ؤل لله شيا أل من القين. ولا قسم شيثاً بين الناس أقل من الحلم). () راجع الإحياء (۷۲/۱). ١٦۱ قنطرة العلم فصل وفي كتاب الغزالي قال: اعلم أن جميع ما ورد به الأنبياء عليهم السلام من أوله إلى آخره هو من مجاري اليقين. قال: فإن اليقين عبارة عن معرفة مجموعة. قال: ومتعلقات المعلومات التي وردت بها الشرائع لا مطمع في إحصائها. قال: ولكني أشير إلى بعض أمهاتها. فمن ذلك التوحيد: وهو أن ترى الأشياء كلها من مسبب الأسباب» ولا تلتفت إلى الوسائطء بل ترى الوسائط مسخرة لا حكم لها. فالمصدق لهذا مؤمن فإن انتفى عن قلبه مع الإيمان إنكار الشك فهو موقن بأحد المعنين› فإن غلب على قلبه غلبة أزالت هيئة الغضب على الوسائط والرضا منهم والشكر لهم› [/ ويرى الوسائط /في قلبه منزلة القلم واليد في حق المنعم بالتوقيمء فإنه لا يشكر القلم ولا اليدء ولا يغضب عليهماء بل يراهما اللتين واسطتين› فقد صار موقنا. بالمعنى الثاني : وهو الإشراف» وهو ثمرة اليقين الأول وروحهء وفائدته ومنها تحقق أن الشمس» والقمر والنجوم» والجماد والنبات والحيوان وكل مخلوق فهي مسخرات بأمره حسب تسخير القلم بيد الكاتب وإن القدرة الأزلية هي المصدر للكل استولى عليه التوكل والرضا والتسليم وصار بريثاً من الغضب والحقد والحسد وسوء الخلق. قال: فهذا أحد أبواب اليقر. ٠ وسيأتي له بيان مزيد في غير هذا الموضع إِن شاء الله تعالى . ومن علامات علماء الأخرة: أن يكون حزيناً منكسراً مطرقاً صامتاً يظهر أثر الخشية على هينته وکسوته وسيرته وحركاته وسكونه ونطقه وسكوته لا ينظر إليه ناظر إلا وکان نظره مذكراً لله عز وجل؛ وکأن صورته دلیل على علمه. ولذلك روي أن الحواريين قالوا لعيسى عليه السلام: إلى من تكلنا بعدك يا روح الله؟ قال: إلى من تذكركم الله رؤيته» ويزيد في علمكم منطقه ويرغبكم في الأخرة عمله . فعلماء الأخرة يعرفون بسيماهم في السكينة والذلة والتواضع؛» ولذلك قيل: ما ألبس الله عز وجل عبداً لبسة أحسن من خشوع في سكينة؛ فهي لبسة الأنبياءء وسيما الصديقين والصالحين والعلماء بالل . 9 راجع إحياء علوم الدين (۱/٤۷). )۲( راجم المرجع السابق (۱/٢۷). قنطرة العلم ١٦۱ فأما التهافت في الكلام والتشدق والاستغراق في الضحك والحدة في الحركة والنطق أبناء الدنيا الغافلين عن الله عز وجل دون العلماء . لما روي عن بعض علماء السلف”' أنه قال: العلماء ثلاثة: عالم بأمر الله سبحانه لا بأيام الله تعالی وهم المفتون / بالحلال والحرام. قال : فهذا العلم لا يورث الخشية› وعالم بالله [۱/ب] تعالى لا بأمر الله تعالى» ولا بأيام الله تعالى وهم عوام المؤمنينء وعالم بالله جل جلاله وبأيام الله سبحانه وهم الصديقون» والخشية والخشوع إنما تغلب عليه . وأراد بأيام الله تعالى أنواع عقوباته الغامضة ونعمه الباطنة والظاهرة التي أفاضها على القرون السالفة واللاحقة فمن أحاط علمه بذلك عظم خوفه وظهر خشوعه إن شاء الله تعالى”. ويقال : ما آتی لله عز وجل عبداً علماً إلا آتاه معه حلماً وتواضعاً وحسن خلق ورفقاً فذلك العلم النافع . وفي الخبر: «أن من أخيار أمتي قوماً يضحكون جهراً من سعة رحمة الله تعالی ويبکون سراً من خوف عذابهء أبدانهم في الأرض وقلوبهم في السماء أرواحهم في الدنيا وعقولهم في الاخرة يتمشون بالسكينة» ويتقربون بالوسيلةە"°. وقال بشر بن الحارث: من طلب الرئاسة بالعلم وتقرب إلى الله ببعضه› فإنه مقیت في السماء والأرضر ”°° . وروي أنه قيل: يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال عليه السلام: «اجتناب المحارم› وأن لا يزال فمك رطباً من ذكر الله». قيل: فأي الأصحاب خير؟ قال يٍَ: «صاحب إن ذكرت أعانكء وإن نسيت ذكرك». قيل: فاي الأصحاب شر؟ قال عليه السلام: «صاحب إن سكت لم يذكرك» وإن ذكرت لم يعنك». قال: فاي الناس أعلم؟ قال يَلوٍ: «أشدهم لله خشية». قالوا: فأخبرنا بخيارنا نجالسهم؟ قال يٍَ: «الذين إذا رؤوا ذكر الله عز وجل». قالوا: فأي الناس شر؟ )۱( هو سهل التستري قاله الغزالي في الإحياء (١/ ٥۷). )۲( هو سهل التستري قاله الغزالي في الإحياء (۱/ ٥۷). )۳( راجع المصدر السابق. )٤( رواه الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه من حديث عياض بن سليمان» قاله العراقي في المغني (۱/٥۷). )0( راجع المصدر السابق. ١٦۱ قتطرة العلم قال َا : «اللهم عفواً) . قالوا: أخبرنا يا رسول الله . قال عليه السلام : «العلماء إذا فسدوا» ٩ . ‎[Î /1۷۰[‏ وذكر جابر بن يزيد رضي /الله عنه أن رسول الله يل قال لأسامة بن زيد: «عليك بطریق ‏الجنة وإياك أن تختلج دونه». فقال أسامة: يا رسول الله ما أسرع ما يقطع به هذا الطريق. فقال عليه السلام: «الظماً في الهواجر وكسر النفس عن لذات الدنياء يا أسامة عليك بالصوم وكثرة السجود فإن بهما يدرك ويباهي به الله الملائكةء يا أسامة إِياك وكل ذي كبد جائعة أن يخاصمك يوم القيامةء وإياك ودعاء عباد الله الذين أذابوا اللحوم وأحرقوا الجلود وغشيت أبصارهم فإن بهم يصرف الله البلاء والزلازل والفتن». ثم بكى رسول الله يَيِء واشتد تحيبه حتى ظنوا أنه أمر حدث من السماء ثم قال : «يا ويح هذه الأمة ماذا يلقى منهم من أطاع الله عز وجل بعدي». ‏وعنه ي أنه قال: «أكثر الناس أماناً في الدنيا أكثرهم فكرا في الدنياء وأكثرهم ضحكاً في الأخرة أكثرهم بكاء في الدنياء وأشد الناس فرحا في الآخرة أطولهم حزناً في الدنيا»"*. ‏وعن علي بن آبي طالب أنه قال في بعض خطبه: ذمتي رهينة وآنا زعيم لا يهيج علي التقوى زرع قوم ولا يظماً علي الهدى سنخ أصلء وإن أجهل الناس من لا يعرف قدرهء وإن أبفض الخلق إلى الله تعالى رجل قمشر - أي جمع علما اغار في أغباش الفتنة سماه ‏ إستاءه الناس وأرذالهم عالماء ولم يغن في العلم يوماً سالماً بكر فاستكثر ما قل منه خير مما كثر حتى إذا ارتوا من أجر وأكثر من غير طائل جلس للناس مفتياً ليخلص ما التبس على غيره وإن نزلت به إحدى المبهمات هباء حسوا الرأي من رأيه فهو من قطع الشبهات في مثل غزل العنكبوت؛ لا يدري أخطاً آم أصاب ركاب جهالات خباط عشوات لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم ولا يعض ‏[ 1/1 على العلم / بضرس اطع فيغنم تبكي منه الدماءء وتستحل بقضائه الفروج الحرام» لا ملى والله ‏بإصدار ماء ورد ولا هو أهل لما فرط ب٠ أولثتك حلت عليهم التحبات والبكاء آيام حياة .)۳( الذنا . ‏(١) قال العرافي في المغني (۱/٥۷): لم أجده هكذا بطولهء وفي زيادات الزهد لابن المبارك من حديث الحسن مرسلا سثل النبي يَ: أي الأعمال أفضل؟ قال: «أن تموت يوم تموت ولسانك رطب بذكر الله تعالى» وللدارمي من رواية الأحوص بن حکيم عن أيه مرسلا: «ألا إن شر الشر شر العلماء وإن خير الخير خيار العلماء). ‏() قال العراقي في المغني (۷1/۱): لم أجد له أصلاً. ‏(۳) راجع الإحياء (١/1٦۷). ‎ ‎ قنطرة العلم ` ۳٦۱ وروي في اللإسرائيليات أن حكيماً من الحكماء صف ثلاثمائة وستين مصحفاً من الحكمة حتى وصف بالحكمةء فأوحى الله تعالى إلى نبيهم قل لفلان قد ملأت الأرض بقاقاً ولم تردني بشيء من ذلك لا أقبل من بقاقك شيئ فندم الرجل وترك ذلك وخالط أهل العامة ومشى في الأسواق وأكل مع بني إسرائيل وتواضع في نفس فأوحى الله عز وجل إلى ذلك النبي قل له: الان وافقت رضائي. وعن علي بن آبي طالب أنه قال : إذا سمعتم العلم فاكظموا عليه ولا تخلطوه بهزل فتمجه القلوب” . وقال بعض السلف: من ضحك ضحكة مج [من]' العلم مجة . ويقال: إذا جمع المتعلم ثلاثاً تمت التعمة به على المعلم العقل والأدب وحسن الفهم ”٠ وعلى الجملة الأخلاق التي ورد القرآن بها لا ينفك عنها علماء الأخرة؛ لأنهم يتعلمون القرآن للعمل لا للدراسة”° . ولذلك قيل: خمس من الأخلاق وهي من علامات علماء الاخرة مفهومة من خمس آيات: وهي الخشية والخشوع والتواضع وحسن الخلق وإيثار الأخرة على الدنيا وهو الزهد. أما الخشية: فمن قوله تعالى : لما يخْضَى لله من عباده أَلْعْلَمَا€”*. وأما الخشوع: فمن قوله تعالى: «حَايِمِين لله ل يسْعَوُونَ بيات الله تَماً قَيلا؟”. وأما التواضع فمن قوله تعالى : «وَأَشُفْضن جَبَاحَكَ لِمَنْ عك من المي ن»”. وأما حسن الخلق فمن قوله تعالى : «فَيمَا رَحُْمَةِ من الله لت له" الآية. () راجم الإحياء (1/۱٦۷). () ما بين المعقوفين من المصدر السابق. () راجع الإحياء (١/1٦۷). () راجع إحياء علوم الدين (۱/٦۷). )0( راجع إحياء علوم الدين (۷۱/۱). (1) سورة فاطر الآية: ٢۲. (۷) سورة آل عمران الآية: ۱۹۹ . (۸) سورة الشعراء الآية: ٢٠٠. (۹) سورة آل عمران الآية: ۱۹۹. [۱۷۲/ب] ٦1 قنطرة العلم ‎i - .‏ و2 ەک Sإ‏ سرام ‏وأما الزهد فمن قوله تعالى: وتال /الذِينَ أؤتوا لملم وَيْلكم ثواب الله خير لِمَن امن وَعَمل صَالحاً” الآية. ‏وعن ابن عمر قال: لقد عشنا برهة من الدهر فإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآنء وتتزل السورة فيتعلم حلالها وحرامها وأمرها وزجرهاء وما ينبغي أن يتوقف عنده منهاء ولقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرا ما بين فاتحته إلى خاتمته لا يدري ما أمره وما زاجره وما ينبغي أن يقف عنده وينثره نثر الدقل". ‏وفي خبر آخر بمثل معناه قال: كنا أصحاب رسول الله يَلٍ أوتينا الإيمان قبل القرآن وسيأتي بعدكم قوم يؤتون القرآن قبل الإيمان يقيمون حروفه ويضيعون حدوده [وحقوقه]'"› يقولون: قرأناء فمن أقراً منا؟ وعلمناء فمن أعلم منا؟ فذلك حظهہ. ‏وفي لفظ آخر: أولتك شرار هذه الأمة. والله أعلم . ومن علامات علماء الأخرة أن يكون العالم متقبضا" عن السلاطين› وأهل المنكر من الأغنياء المترفين. قال الله سبحانه: ولا تَركنوا إلى الذِينَ طَلَمُوا فَىَمَسَكُمْ اَكَار€”. ‏فلا ينبغي للعالم أن يركن إليهم ولا يدخل عليهم ما دام يجد سبيلاً إلى الفرار منهم؛ بل ينبغي أن يحترز من مخالطتهم› وإن اقتربوا مته فإن الدنيا حلوة خضرة وزمامها بأيدي السلاطينء والمخالط لهم لا يخلو عن تكلف في طلب مرضاتهم» واستمالة قلوبهم مع أنهم ظلمة يجب على کل متدين الأتكار عليهم وتضييق صدورهم بإظهار ظلمهم؛ وتقبيح فعلهم فالداخل عليهم إما أن يلتفت إلى تجملهم فيزدري نعمة الله تعالى عليه أو يسكت على الإتكار عليهم فيكون مداهناً شريكاً لهم في ظلمهم» أو يتكلف في كلامه ما لا ينبغي طلباً لمرضاتهم » وتحسين حالهمء وذلك هو البهت الصريح أو يطمع في ان ينال من دنياهمء وذلك هو السحت المحظور. ‏(١) سورة القصص الأية: 8۰. ‏)۲( راجع إحياء علوم الدين (۱/٦۷). ‏(۳) من المصدر السابق وقال العراقي تعليقا: رواه ابن ماجه من حدیث جندب مختصراً مع اختلاف. (8) من المصدر السابق وقال العراقي تعليقا: رواء ابن ماجه من حديث جندب مختصراً مع اختلاف. (٥) من المصدر السابق وقال العراقي تعليقا: رواه ابن ماجه من حديث جندب مختصراً مع اختلاف. )١( في الإحياء (۱۷/۱): «مستقصيا). ‏(۷) سورة هود الاية: ۱۱۳. ‎ ‎ قنطرة العلم ١٦۱ / وعلى الجملة فمخالطتهم مفتاح للشر وعلماء الآخرة طريقتهم الاحتياط في جميم [1/۱۷۳] الأمور"ء وقد روي عن رسول الله ي أنه قال: «من سكن البادية جفى» ومن اتبع الصيد غفل ومن أتى السلطان افتتن» . وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : «سيكون عليكم أمراء تعرفون منهم وتنکرون فمن آنکر فقد بریء ومن کره فقد سلم؛ ولكن من رضي وتابم أبعده الله عز وجل» "٩ . ومن طریق آخر : «فمن نابڈهم دجی » ومن اعتزلهم سلم أو كاد يسلم؛ ومن وفع معهم في دنياهم فهو منهم». قال الغزالي في كتابه: وذلك أن من أعتزلهم سلم من إلمهمء ولكن لم يسلم من عذاب يغمه معهم إن نزل بهم لتركه المنابذة والمنازعة. وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولم يرد علي الحوض؛. وقال بعض علماء السلف» في جهنم وا لا يسكنه إلا القراء الزوارون للملوك. وعن حذيفة رحمه الله أنه قال: إياكم ومواقف الفتن. قيل: وما هي؟ قال: أبواب الأمراء يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب» ويقول ما ليس فيه . وعن رسول الله يَلٍِ من طريق أنس أنه قال: «العلماء أمناء الرسل على عباد الله عز وجل ما لم يخالطوا السلاطين» فَإذا فعلوا ذلك فقد خانوا الرسل فاحذروهم واعتزلوهمه. ویروى أنه قيل للأعمش : لقد أحييت العلم بكثرة من يأخذ عنك. قال : لا تعجلوا ثلث يموتون قبل الإأدراك› وثلث يلزمون من السلاطين فهم شر الخلقء والثلث الباقي لا يصح منهم إلا القلير ° . وعن سعيد بن المسيب أنه قال: إِذا رأيتم العالم يغخشى الأمراء فاحترزوا منه فإنه لص« . )۱( راجع إحياء علوم الدين (١/ 1۷). )۲( رواه آبو داود» والترمذي وحسنه ؛ والنسائي من حدیثٹ ابن عباس قاله العراقي في المغني (۱۷/۱). )۳( رواه مسلم من حديث أم سلمة قاله العراقي في المصدر السابق. )٤( قال العراقي في المغنى )۱ /۱(: روه العقيلي في الضعفاء وذکره ابن الجوزي في الموضوعات. () راجع إحياء علوم الدين (١/ 1۸8). )١( راجع إحياء علوم الدين (1۸/۱). ١1۱۹ قنطرة العلم وفي رسالة بي سفيان محبوب رحمه الله قال: وقديماً اتخذت الجبابرة عباد الله خولاء [٤۱۷/ب] ودينه رغلا وماله دول واستحل الخمر بالنبيذ› والبخس بالزكاقة والسحت / بالهدية يأخذونها من غضب الله وينفقونها في معاصي الله ووجدوا على ذلك من خونة العلم أعواناً فبهؤلاء الأعوان خطب أهل الجور على المنابرء وبهؤلاء الأعوان قامت راية الفسق في العساكر وبهؤلاء الأعوان اختفى العالم فلا ينطق ولا يفطن لذلك الجاهل فيسأل . ويهؤلاء الأعوان مشى المؤمن في طرقات الأرض بالتقية والكتمان» فهو كاليتيم المنفرد وعن عبادة بن الصامت أنه قال: حب القارىء الناسك للأمراء نفاق› وحبه للأغنياء رياء وعن آبي ذر رحمه الله أنه قال: من كثر سواد قوم فهو منهم أي من كثر سواد الظلمة. وعن ابن مسعود رحمه الله قال: إن الرجل ليدخل على السلطان ومعه دينهء فیخرج ولا وعن الأوزاعي أنه قال : ما من شيء أبفض إلى الله عز وجل من عالم يزور عاملا 0 وعن النبي يل أنه قال: «شرار العلماء الذين يأتون الأمراء وخيار الأمراء الذين يأتون العلماء»” . وعن مكحول الدمشقي أنه قال: من تعلم القرآن وتفقه في الدين» ثم صحب السلطان تملقاً إليهء وطمعاً لما فی يديه خاض في جهنم بعدد خطاہ ٩ . وقال بعض علماء السلف": ما أسمج بالعالم أن يؤتى إلى مجلسه فلا يوجد ويسأل عنه فيقال إنه عند الأمير قال: وکنت اسمع أنه يقال: إذا رأيتم العالم يحب الدنيا فاتهموه على دينكم حتى جريت إذ ما دخلت قط على هذا السلطان إل وجاست نفسي بعد الخروج فأرى عليها الدرك؛ وأنتم ترون ما ألقاء به من الغلظة والفظاظة وكثرة المخالفة لهواءء ولو وددت أني [۷٠/ب] أنجو من الدخول كفافاً مع أني لا آخذ منهم شيثاء ولا أشرب لهم شربة /مای ثم قال: وعلماء زماننا شر من علماء بني إسرائيل يخبرون السلطان بالرخص» وبما يوافق هواه ولو )۱( راجع المصدر السابق. (۲) رواه ابن ماجه بالشطر الأول نحوه من حديث أبي هريرة بسند ضعيف. قاله العراقي في المغني (۱/ 0)1۸ )۳( راجع الإحياء (۸/۱٦). (٤) في الإحياء هو: «سمنون». قنطرة العلم ۷٦۱ أخبروه بالذي عليه وفيه نجاته لاستثقلهم وكره دخولهم وكان ذلك نجاة لهم عند ربهم٩. وعن الحسن أنه قال: كان فيمن قبلكم رجل له قدم في الإسلامء وصحبة لرسول الله يل قال عبد الله بن المبارك يعني سعد بن أبي وقاص ‏ قال: وکان یغشی السلاطين ثم بعد عنهم؛ فقال له بنوه: يأتي هؤلاء من ليس هو مثلك في الصحبة والقدم في الإسلام فلو أتيتهم. فقال: يا بني آتي جيفة قد أحاط بها قوم» والله لئن استطعت لشاركتهم فيها. قالوا: يا أبانا إذن نهلك هزلا. قال: يا بني لئن أموت مؤمناً مهزولا أحب إلى من أن أموت منافقاً سمين". قال الحسن: خصمهم والله إذ علم أن التراب يأكل اللحم والسمن دون الإيمان”. وفي هذه إشارة إلى أن الدخول على السلطان لا يسلم صاحبه من التفاق البتة وهو مضاد للإيمان . وعن أبي ذر رحمه الله أنه قال لسلمة: يا سلمة لا تغش أبواب السلاطين؛ فإنك لا تصيب من دنياهم شيثاً ِل ما أصابوا من دينك أفضل منه ٩ . وهذه فتنة لہ عظيمة للعلماء وذريعة صعية للشيطان يلقى إليه أن في وعظك لهم› ودخولك عليهم ما يزجرهم عن الظلم ويقيم شعار الشرع إلى أن يخيل إليه أن الدخول عليهم من الدين وفيه هلاك الدي. ’°° . وكان يقال: العلماء إِذا علموا عملواء فإذا عملوا شغلواء فإذا شغلوا فقدوا فإذا فقدوا طلبوا فَإذا طلبوا هربوا. ويروى أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى الحسن: أما بعد / فأشر علي بةوم استعین بهم [٦۱/۱۷] على أمر الله تعالى فكتب إليه: أما أهل الدين فلن يريدوك» وأما أهل الانيا فلن تريدشم ولكن (١) راجع المصدر السابن. () راجع المصدر السابق. )۳( راجع المصدر السابق. (8) راجع المصدر السابق. () راجع المصدر السابق. )1( راجع المصدر السابق. [۱۷۷/ب] ۸٦۱ قنطرة العلم عليك بالأشراف؛ فإنهم يصونون شرفهم أن يدنسوه بالخيانة". هذا فى عمر بن عبد العزيز› وكان أزهد أهل زمانه - ولم ينقم عليه أصحابنا إلا في توقفه فى عثمان ومن كان مثله من أهل بيتهء ودخوله الإإمارة بغير مشورة من المسلمين - فإذا كان شرط أهل الدين الهرب منهء فكيف ترجى السلامة في مخالطة غير ولم يزل علماء السلف مثل الحسن وجابر بن زيد وغيرهم من علماء الفرق والمذاهب يتكلمون في العلماء من أهل الدنيا لميلهم إلى الدنياء ومخالطتهم السلطان”". وبالله التوفيق. ومن علامات علماء الأخرة: أن لا يكون العالم مسارعاً إلى الفتوى بل يكون متوفقاً فإن سثل عما يعلمه تحقيقاً بنص كتاب الله تعالى أو بنص حديث رسوله عليه السلام أو بإجماع الأمة أر بقياس جلي أفتى› وإن سئل عما يشك فيه قال: لا أدري. وإن سئل عما یظنه باجتهاد أو تخمين رأي احتاط ودفع عن نفسهء وأحال على غيره إن كان في غيره غنية هذا هو الحزم؛ للإن تقلد خطر الاجتهاد عظي ٩ . ولذلك قال جابر بن زيد رحمه الله: لقد أدركت جماعة من أصحاب رسول الله ي إذا سئل أحدهم عن حادثة أو نازلة ود لو أن أخاه كفاه فتياهاء فأصحاب رسول الله يَلهٍ يخافون من أن يسألوا فيجيبوا بما عندهم» وأنتم تنتصبون للناس وتسألونهم أن يستفتوكم ما أظنكم تحبون السلامة لأديانكم› ولا تخافون العقوبة من ربكم فاتقوا الله واحذروا الفتياء فإذا سئلتم فإياكم أن تقدموا على ما ليس لکم به علم. وفي الحديث: «العلم ثلاثة: كتاب ناطق وسنة قائمة ولا أدريى”° . وقد حكي عن /بعض المتقدمين أنه قال: لقد حويت العلم كله. فقيل له: من أين قلت ذلك؟ قال: لعلمي بالفرائض . وقد قال النبي عليه السلام: «الفرائض نصف العلم؛ ولأن أقول فيما لا أعلم الله أعلم». (۱) راجع المصدر السابق. (۲) إحياء علوم الدين (١/1۹). () رواه الخطيب في أسماء من روی عن مالك موقوفاً على ابن عمر» ولابي داود. وابن ماجه من حدیث عبد الله بن عمر مرفوعا نحوه مع اختلاف» قاله العراقي في المغني (1۹/1). قنطرة العلم ۹٦1 وعن الشعبي أنه قال: لا أدري نصف العلم» ومن سكت حيث لايدري لله سبحانه فليس بأقل أجراً ممن ينطق لأن الاعتراف بالجهل شديد على النفس”*. وهكذا كانت عادة السلف الصالح من الصحابة والتابعين وغیرهم؛ ویروی أن ابن عمر كان إذا سئل الفتوى قال: اذهب إلى هذا الأمير الذي تقلد بأمور الناس ووضعها في عنقه. وعن ابن مسعود رحمه الله أنه قال: إن الذي يفتي للناس في كل ما يستفتونه لمجنون. وقال جُنَّة: العلم لا أدري فإن أخطاها أصيبت مقاتله وعن إبراهيم بن أدهم أنه قال: ليس شيء أشد على الشيطان من عالم يتكلم بعلم ويسكت بعلم. يقول: انظر إلى هذا سكوته أشد علي من كلامه” ووصف بعضهم الأبدال”' فقال: أكلهم فاقة وكلامهم ضرورة أي ما يتكلمون حتى يسألوا فإذا سألوا ووجدوا من يكفيهم سكتواء فإن اضطروا أجابواء قال: وكانوا يعدون الإبتداء قبل السؤال من الشهوة الخفية لكلا . ويروى أن علياً بن أبي طالب مر بِقاضنٌ يقص على الناس فقال له: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا. قال: أتعرف المحكم من المتشابه؟ قال: لا. فاخذ علي بيده وقال: إن هذا يقول: اعرفوني اعرفوني» ثم مر بقاصَ آخر فقال: أما أنا أسألك عن مسالتين فإن أجبت وإلا أوجعتك ضرباً. قال: سَل يا أمير المؤمنين. قال: ما ثبات الإيمان وزواله؟ قال: ثبات الإيمان الورعء وزواله الطمع. قال: قص فمثلك من يقص”". وقال بعض السلف: إنما العالم الذي إذا سثل عن المسألة فكأنما تقلع ضرسه . وکان ابن عمر يقول: يريدون أن يجعلونا جسراً يعبرون / علينا في جهنم . وقال بعض السلف: العالم هو الذي يخاف عند السؤال أن يقال له يوم القيامة: من أين () راجع إحياء علوم الدين (1۹/۱). () راجع المصدر السابق. )۳( راجع المصدر السابق. (8) الأبدال رتبة صوفية وكل ما ورد فيها من الأحاديث فهو ضعيف. (0) راجع المصدر السابق. () في المصدر السابق باختصار . (۷) المصدر السابق. () المصدر السابق. [Î /۱۷۸] 1۷۰ قنطرة العلم أجبت”؟ وكان بعضهم إذا سئل عن مسألة يبکي ويقول: لم تجدوا غيري حتی احتجتم ل . وكان أبو العالية الرياحي وإبراهيم والثوري» وابن أدهم يتكلمون مع اثنين وثلاثة. والنفر اليسير فإذا كثروا انتصرفو" . فكيف يأف العالم أن يقول فيما لا يعلم لا أدري» فهذه ملائكة الله سبحانه قالوا: لحاكلا عِلْم © إلا ما عَلَم€. وفي كتاب الغزالي: وقد قال النبي عليه السلام: «ما أدري أعزير نبي أم لا؟ وما آدري أتبع ملعون أم لا؟ وما أدري أذو القرنين نبي أم لا؟»*٩. وكان ابن عمر يسأل عن عشر مسائل» فيجيب عن واحدة ویسکت عن تسم . وكان ابن عباس رضي الله عنه يسال عن عشر مسائل فیجيب عن تسع ویسکت عن و ح۷ . مير ومأمور ومتكلف””. وقال بعضهم: كان الصحابة يتدافعون أربعة أشياء: الأمانة والوديعة والوصية _ )۹( والفتوى `. وقال بعضهم: كان أسرعهم إلى الفتوى أقلهم علمء وأشدهم دفعاً أورعه "۱٩ . وكان شغل الصحابة والتابعين في خمسة: قراءة القرآنء وعمارة المساجد وذكر الله (۱) المصدر السابق. (۲) المصدر السابق. (۳) المصدر السابق. () سورة البقرة الآية: ٢۳. () روا أبو داود والحاكم وصححه من حديث آبي هريرة؛ قاله العراقي في المغني (1۹/۱1). (۷) راجع إحياء علوم الدين (١/1۹). () المصدر السابق (۱/٠۷). () المصدر السابق (١/ ٠۷). فنطرة العلم ۱١۱۷ تعالی › والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر› وذلك لما سمعوا من قوله ڪاو : «كل کلام ابن آدم عليه لا لهء إلا ثلاثة: أمراً بمعروف» ونهياً عن المنكرء وذكر الله تعالى»”. وقد قال الله تعالى : لا حَيْرَ في كثير من تَجُوَاهُم»” الاية. قال: ورأى بعض العلماء بعض أصحاب الرأي من الكوفة في المنام فقال له: ما رأيت فیما كنت عليه من الفتوی والرأي؟ فکره وجهه وأعرض. فال : ما وجدت شئاء وما حمدنا عاقبته والله أعلم. قال: كتب سلمان" رضي الله عنه إلى أبي الدرداء - وكان قد آخى بينهما رسول الله ي فقال: يا أخي بلغنا أنك قد اقعدت طبيباً تداوي المرضى فانظر فإن كنت طبيباً فتكلم فإن كلامك شفاء فإن كنت متطبباً فالله الله لا تقتل مسلما. فكان أبو الدرداء يتوقى بعد ذلك إذا سل . وحكي أنه: روى صحابي في حضور الحسن عشرين حديثاً فسُعل عن تفسیرها فقال: ما عندي إلا ما رویت؛ فأخذ الحسن في تفسيرها حديثاً حديثاء فتعجبوا من حسن حفظه وحسن تفسيره. فأخذ الصحابي كما من حصى ورماهم به وقال: تسألوني عن العلمء وهذا الحبر بين أظهركم. والله أعلم. ومن علامات علماء الأخرة: أن يكون العالم أكثر بحثه عن علم الأعمال وعن ماذا يفسدها ويشوش القلوب»ء ويهيج الوسواس» ويثير الشرّ فإن أصل الدين التوقي من الشرٌء ولذلك قيل : ‎(VW. u. ِ .‏ عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه ‏ ومن لم يعرف الخير من الشر يقع فيه ‏)۱( رواه الترمذيء وابن ماجه من حديث أم حبيبةء قال الترمذي حديث غريب» قاله العراقي في المغني (۱/٠۷). () سورة النساء الآية: ١١٠. (۳) راجع المصدر السابق. (8) في الأصل: سليمان وهو تحريف. () في الأصل: سليمان وهو تحريف. )٦( راجع إحياء علوم الدين (۱/ ٠۷). (۷) في الإحياء (۷۷/۱) جاء الشطر الأخير من البيت على النحو التالي : ومن لا يعرف الشر من الناس يقع فيه ‎ ‎ ۱۷۲ قنطرة العلم ولأن الأعمال الفعلية قريبة وأقصاها بل أعلاها المواظبة على ذكر الله تعالى بالقلب واللسان» وإنما الشأن في معرفة ما يفسدها ويشوشها. وهذا مما يطول تشعبه ويكثر تفريعهء وكل ذلك مما يكثر مسيس الحاجة إليهء وتعم به البلوى في سلوك طريق الأخرة'. على ما سيأتي شرح بعض ذلك إن شاء الله تعالى - في قناطر الكتاب. وذلك عادة السلف الصالح من الصحاية والتابعين ولقد كان الحسن البصري فيما بلغنا أشبه الناس كلاما يكلام الأنبياى وأقربهم هدياً من الصحابةء اتفقت العلماء في حقه على ذلك . وكان أكثر كلامه في خواطر القلوب وفساد الأعمالء ووساوس النفوس والخواطرء والصفات الخفية الغامضة من شهوات النفس. وقيل له: يا أبا سعيدء إنك تتكلم بكلام ليس [/] يسمع من غيرك /فمن أين أخذته؟ فقال: من حذيفة بن اليماني. وقيل لحذيفة: إنك تتكلم بكلام لا يسمع من غيرك من الصحابة فمن أين أخذته؟ قال: خصني به رسول الله يي کان الناس يسألونه عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه وعلمت أن الخير لا يسبقني . وقال مرّة: فعلمت أن من لا يعرف الشر لا يعرف الخير. وفي لفظ آخر: كان الناس يقولون: يا رسول الله ما لمن عمل كذا وكذا فيسألونه عن فضائل الأعمال؟ وكنت أقول: يا رسول الله ما يفسد كذا وكذا؟ فلما رآنى أسأل عن آفات الأعمال خصني بهذا العلم . وکان حذيفة صاحب سر رسول الله . ويقال إن جبريل عليه السلام أمره بذلك فخصه عليه السلام بعلم المنافقين وأفرد بمعرفة علم التفاق وأسبابه ودقائق الفتن . وكان عمر وعٹمان وأکابر الصحابة رضي الله عنهم ممن يسألونه عن الفتن العامة والخاصةء وكان يسأل عن المنافقين فيما بلغنا فيخبر بأعداد من بقي ولا يخبر بأسمائه ٩ . ويروى أن عمر رضي الله عنه صلى على جنازة فلما رجع قال: يا حذيفة رجل يموت (١) راجع المصدر السابق. (۲) قال العرافي في المغني (۷۷/۱) الحديث أخرجاه مختصراً. )۳( راجع الإحياء (۷۷/۱). قنطرة العلم ۱۷۳ أسر إلى سراآ؟ فقال عمر: يا حذيفة أنشدك الله أمنهم كان. قال: الهم نعم. قال: أنشدك الله أمنهم أنا. فقال حذيفة: لا والله يا أمير المؤمنينء ولا أومن بهذا أحد غيرك يعني أنه يقول ليس من المنافقين -. فقيل لجابر بن زيد: أتخاف النفاق؟ قال: وكيف لا أخافه وقد خافه عمر بن الخطاب رضى الله عنه . وكان عمر رضي الله عنه فيما بلغنا إِذا دعي إلى جنازة نظر فإذا فالعلانية بأحوال القلب ومقاماته هو دأب علماء الآخرة / ؛ لأن القلب هو الساعى إلى [۱۸۱/ب] قرب الله تعالى”" . وهذا إنما يعتنى بالبحث عنه علماء الأخرة. وأما علماء الدنيا فإنهم يتبعون ما تيسر لهم فطلب المعاشء وكسب الحطام من مسائل الخصومات» والأقضيةء والأحكام› ويتبعون في مسائل ينقضي الدهر ولا تقعء وإن وقعت فإنما تقع لغيرهم لا لهم. وربما يجدون من يكفيهم ذلك» ويتركون ما يلازمهم ویتکرر عليهم آناء الليل وأطراف التهار في خواطرهم؛ ووساوسهم› وأعمالهم . فما أبعد من السعادة من باع مهم نفسه اللازم بمهم غيره النادر وقوعه إيثاراً للقبولء والتقرب إلى الخلق على التقرب من الل وحرصاً أن يسميه البطالون من أبناء الدنيا فضلا عالمء وجزاؤه من الله تعالى أن لا يشفع في الدنيا بقبول الخلق صافياً من الحرادث بل يتكدر صفوه بنوائب الزمان» ثم يرد يوم القيامة مفلساً متحسراً على ما يشاهده من رب العالمين» وفوز المقربين وذلك هو الحسران المبين› ولقد صدق من قال : الطظرق شتى وطرق الحق مفردة والسالكون طريق الحق أفراد والناس في غفلة عما يراد بهم فجعلهم عن سبيل الح حاو وعلى الجملة لا يميل أكثر الخلق إلا إلى الأسهل والأوفق لطبائعهم» فإن الحق مر والوقوف عليه صعب وإدراكه شديدء وطريقه مستوعر لا سيما معرفة صفات القلب› وتطهيرها عن الأخلاق المذمومة. )۱( راجع المصدر السابق. )۲( راجع المصدر السابق. (۳) في الإحياء (۷۷/۱) الشعر كما هنا غير هذه الكلمة فقد جاء فيه بدلا منها: «رقاد». ٤۱۷ قنطرة العلم وذلك نزع للروح على الدوام» وصاحبه ينزل منزلة شارب الدواءء فيصبر على مرارته رجاء للشفاء وينزل منزلة من جعل العمر صومهء فهو يقاسي الشدائد ليكون فطره عند الموت 1/0 / فمتى تكثر الرغبة في مثل هذا الطريق”"ء وهذا كما قيل قديماً توعرت السبل فقل السالكون›ء وسهلت فكثر الهالكون. وبالله التوفيق. ومن علامات علماء الأخرة: أن يكون اعتماد العالم في علومه على بصيرته وإدراك صفاء قلبه لا على الصحف والكتب ولا على تقليد ما سمعه من غيرهء وإنما المقلد صاحب الشرع صلوات الله عليه فيما صح عنه أنه أمر به أو قاله. وإنما يقبل قول الصحابة من حيث أن فعلهم يدل على سماعهم من رسول الله ي ثم إذا صح عند العالم أقوال الرسول عليه السلام وأفعاله وتلقاها عن الصحابة أو غيرهم بالقبول فينبغي أن يكون حريصاً على فهم أسراره» فإن الصحابي أيضاً إنما يفعل الفعل لأن الرسول عليه السلام فعله ولم يفعله إلا لسر فيه . فينبغي أن يكون شديد البحث عن أسرار الأعمالء والأقوال؛ فإنه إن اكتفى بحفظ ذلك دون التفكر فيهء فاته يكون وعاء للعلم لا عالماء ولذلك كان يقال: فلان من أوعية العلمء وكان لا يسمى عالماً إذا كان شأنه الحفظ من غير اطلاع عن الحكم والأسرار فمن كشف عن قلبه الغطاء واستنار بنور الهداية صار في نفسه متبوعاً فلا ينبغي أن يتبع غيره"٩. ولذلك قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ما من عالم إلا وفي علمه مأخوذ ومتروك ما خلا صاحب هذا القبر» فالتفت عن يمينه فأشار إلى قبر النبي عليه السلام”. وحكي مثل ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه» وقد کان فیما بلغنا تعلم من زید بن ثابت الفقهء وقرأ على أبِيّ بن كعب ثم خالفهما في الفقه والقراءة”*. وقال بعض علماء السلف: ما جاءنا عن رسول الله يو قبلناه - على الرأس والعين - وما جاءنا عن الصحابة رضي الله عنهم فنأخذ منه ونترك وما جاءنا عن التابعين فهم رجال / ونحن رجال .. (١) راجع الإحياء (۱/ ۷۷ ۷۸). (۲) راجع إحياء علوم الدين (۷۸/۱). () في المصدر السايق نحو هذا الأثر منسوب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه. (8) راجع المصدر السابق. (٥( راجع المصدر السابق. قنطرة العلم ١۱۷ وإنما فضل الصحابة لمشاهدتهم قرائن أحوال رسول الله يق واعتلاق قلوبهم أموراً تدرك بالقرائن فيسدد لهم ذلك إلى الصواب من حيث لا يدخل في الرواية والعبادة إذ أفاض عليهم يٍَ من نور النبوة ما يحرسهم في الأكثر عن الخطأء وإذا كان الاعتماد على المسموع عن الغير تقليداً غير مرضي فالاعتماد على الكتب والتصانيف أبعد وأبعدء بل الكتب والتصائيف محدثة لم يكن شيثاً منها في زمان الصحابة وصدر زمان التابعين رضي الله عنهم؛ وإنما حدثت بعد سنة مائة وعشرين من الهجرة وبعد وفاة جميع الصحابة وجملة التابعينء وبعد وفاة سعيد بن المسيب والحسن وخيار التابعين ”° . هكذا ذكر الغزالي في كتابه ثم قال: بل الأولون يكرهون كتاية الحديث وتصنيف الكتبء لثلا يشتغل الناس بها عن الحفظ وعن القرآن وعن التدبر والتفكر وقال: احفظوا كما كنا نتحفظء قال: ولقد كره أبو بكر الصديق رضي الله عنه وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم تصحيف" القرآن في مصحف» وقالوا: كيف نفعل شيثاً لم يفعله رسول الله ييو وخافوا أن تكال الناس على المصاحف . وقالوا" : نترك القرآن يتلقاء بعضهم من بعض بالتلقين والإقراء ليكون هو شغلهم وهمهم حتى أشار عمر رضي الله عنه وبقية الصحابة بكتابة القرآن خوفاً من تخاذل الناس وتكاسلهم وحذراً من أن يقع نزاع فلا يوجد أصل يرجع إليه في كلمة أو في قراءة من المتشابهات. فانشرح صدر أبي بكر رضي الله عنه لذلك وجمع القرآن في مصحف واحر. وإني أظن أن القرآن في زمان رسول الله ي [كان]'“ مكتوباً في الأكتاف والصحف حتى جمع بعد / ذلك في مصحف واحد لأنه كان له عليه السلام كاب يكتبون الوحي حتى حفظه على عهده [٤۱۸/ ب[ وجمعه ستة رجال من الأنصار : زیدء وأبو زیدء وآبو آيوبء واي بن کعب ٠ ومعاذ بن جبل » وعثمان بن مظعون دون غيرهم وما مات عليه السلام إلا والقرآن مجموع متلو. والله أعلم . وفي كتاب الغزالي قال: وكان أحمد بن حنبل ينكر على مالك تصنيف الموطأء ويقول: ابتدع ما لم تفعله الصحابة . (۱) نفس المصدر. () في الأصل: تصنيف» واثبت الأقرب إلى إيضاح المعنى وهو ما في الإحياء الموضع السابق. () في الأصل: قال. والتصويب من المصدر السابق. () المصدر السابق. () ما يين المعقوفين زيادة لإيضاح السياق. ١1۱۷ قنطرة العلم قال: وقيل أول كتاب صّف في الإسلام «كتاب ابن جريج في الآثار وحروف في التماسير» عن مجاهد وعطاء وأصحاب ابن عباس [بمكة]'ء ثم «كتاب معمر بن راشد الصنعاني باليمن جمع فيه سنناً منثورةا؛ ثم «كتاب الموطأً» بالمدينية لمالك بن أنسء ثم «جامع سفيان الثوري). قال: ثم في القرن الرابع حدثت مصنفات الكلام وكثر الخوض والجدال في أبطال المقالاتء وظهر علم الخلاف. قال: وسبب ذلك أن الخلافة تولاها بعد النبي عليه السلام الخلفاء الراشدون وكانوا أئمة وعلماء بالله تعالىء وفقهاء في أحکامه ومشتغلين بالفتاوى في الأقضية فكانوا لا يشتغلون بالفقهاء إلا نادرء وفي وقائع لا يستغنى فيها عن المشاورةء فتفرغ العلماء لعلم الأخرةء وتجردوا لها وكانوا يتدافعون الفتاوى وما يتعلق بأحكام الخلق من الدنيا وأقبلوا على الله سبحانه بكنه اجتهادهم كما نقل من سيرتهم. قال: فلما أفضت الخلافة بعدهم إلى قوم تولوا بغیر استحقاق ولا استقلال بعلم الفتاوى والأحكام اضطروا إلى الاستعانة بالفقهاءء وإلى استصحابهم في جميع أحوالهم لاستفتائهم في مجاري أحکام وکان قد بقي من علماء التابعين [// من هو مستمر على الطريق الأول وملازم صفو الدينء ومواظب على سمت علماء / السلفء فكانوا إذا طلبوا هربوا وأعرضواء فاضطر الخلفاء إلى الإلحاح في طلبهم لتولية القضاء والحكومات. فرأى أهل تلك الأعصار عر العلماء وإقبال الولاة والآئمة عليهم مع إعراضهم عنهء فاشرأبوا لطلب العلم تواصلاً إلى نيل القدر ودرك الجاه من قبل الولاة وتفرغوا إِليهم» وطلبوا الولايات والصّلاة منهم› فمنهم من خرم؛ ومنهم من أنجح؛ والمنجح لم يخل عن ذل الطلب ومهانة الابتذال فأصبح الفقهاء بعد أن كانوا مطلوبین طالبين . وبعد أن كانوا أعز ۳٩ بالإعراض عن السلاطين أذلة بالإقبال عليهم إلا من وفقه الله عز وجل في كل عصر من علماء دينهء وقد كان أكثر الإقبال في تلك الأعصار على علم الفتوى› والأقضية لشدة الحاجة إليها في الولايات والحكومات ثم ظهر بعدهم من الأمراء من سمع مقالات الناس في قواعد العقائدء ومالت نفسه إلى سماع الحجج فيها فعلم رغبته إلى المناظرةء والمجادلة في الكلام فانكب الناس على علم الكلام وأكثروا فيه التصانيف ورتبوا فيه طرق المجادلات»› و استخرجوا فنون المناقضات في المقالات. () ما بين المعقوفين من الإحياء (۷۹/۱). () في الأصل: «عزة» وأضفت الألف لإيضاح المعنى أكثر. قنطرة العلم ۱۷۷ وزعموا أن غرضهم الذب عن دين الله تعالى والنضال عن السنةء وقمع المبتدعة كما زعم من قبلهم أن غرضهم الاستقلال بفتاوى الدين وتقلد أحكام المسلمين إشفاقاً على خلق الله تعالى ونصيحة لهم ثم ظهر بعد ذلك من الأمراء من لم يستصوب الخوض في الكلام؛ وقبح باب المناظرة فيهء لما كان قد تولد في فتح بابه من التعصبات الفاحشةء والخصومات الناشئة المفضية إلى إهراق الدماء وإخراب البلادء ومالت نفسه إلى المناظرة في الفقه وبيان الأولى من مذهب الشافعيء وأآبي حنيفة على الخصوص فترك الناس الكلام وفنون العلمء واندفعوا على المسائل الخلافية بين / الشافعي وأبي حنيفة على الخصوص؛ وتساهلوا في الخلاف مع مالك [١٦۱۸/ب] وسفيان وأحمد وغيرهم» وزعموا أن غرضهم استنباط دقائق الشرع؛ وتفريم علل المذاهب› وتمهيد أصول الفتاوىء فأكثروا فيه التصانيف والاستنباطات ورتبوا فيها أنواع المجادلات والتصنيفاتء وهم مستمرون عليه إلى الأن. قال: وليس ندري ما الذي قذر الله تعالى فيما بعدنا من العصور فهذا هو الباعث على الانكباب على الخلافيات والمناظرات لا غير. قال: ثم مال الناس إلى ما ذكرنا من الكلام والمجادلات وإلى القصص والوعظ فأخذ علم المتقين في الاندراس من ذلك الزمان الأول فصار بعد ذلك يستغرب علم القلوب والتفتيش عن صفات النفس ومكائد الشيطان وأعرض عن ذلك إلا الأقلون فصار يسمى المجادل المتكلم عالماء والقاص والمز خرف كلامه بالعبارات المسجعة عالماً. قال: وهذا للأن العوام هم المستعمون إليهم وكان لا يتميز لهم حقيقة العلم عن غيره ولم تكن سيرة الصحابة وعلومهم ظاهرة عندهم حتى كانوا يعرفون به مباينة هؤلاء لهم فاستمر عليهم اسم العلماء وتوارث القلب خلفاً عن سلف وأصبح علم الأخرة مطوياً وغاب عنهم الفرق بين العلم والكلام إلا عن الخواص منهم . قال: هكذا ضعف الدين في قرون سالفة فكيف بزمانك هذا؟ وقد انتهى الأمر إلى أن صار مظهر الإنكار يستهدف بالنسبة إلى الجنون فالأولى أن يشتغل الإنسان بنفسه ويسكت إذا وسعه ذلك . ومن علامات علماء الأخرة: أن يكون العالم شديد التوقي في محدثات الأمور وإن اتفق () راجع إحياء علوم الدين للغزالي (١/ ۷۹). [/۱۸۷] [۱۸۸/آ( ۱۷۸ قنطرة العلم عليها الجمهورء فلا يضره إطباق الخلق على ما أحدث بعد الصحابةء وليكن حريصاً على التفتيش عن أحوال الصحابة وسيرتهم وأعمالهم» وما كان فيه أكثر همهم أكان في التدريس»ء والتصنيف /»٠ والمناظرةء والقضاء والولاياتء وتولي الأوقافء والوصايا ومال الأيتام› ومخالطة السلاطين ومجاملتهم في العشرةء أو كان أكثر همهم في الخوف» والحزن» والتفكر والمجاهدةء ومراقبة الباطن والظاهرء واجتناب دقيق الاثم وجليله» والحرص على إدراك خفايا شهوات النفس» ومكائد الشيطان إلى غير ذلك من علوم الباطن”". وتعلم تحقيقاً أن أعلم أهل الزمانء وأقربهم إلى الحق أشبههم بالصحابة وأعرفهم بطريق السلف» فمنهم أخذ الدينء ولذلك قال علي: خيارنا اتبعنا لهذا الدين” . وذلك لما أن قيل له: خالفت فلاناء فلا ينبغي أن تكترث لمخالفة أهل العصر في موافقة أهل عصر رسول الله عليه السلامء فإن الناس رأوا رياء فيما هم فيه لميل طبائعهم إِليهء ولم تسمح نفوسهم بالإعترافء فإن ذلك سبب الحرمان من الجنة فادعوا أنه لا سبيل إلى الجنة سواه . ولذلك قال الحسن: هما محدثان أحدثا في الإسلام: رجل ذو رأي سوء زعم أن الجنة لمن رأى مثل رأيهء ومترف يعبد الدنيا لها يغضب» ولها يرضى وإياها يطلب فارفضوهما إلى التارء وإن رجلا أصبح في هذه الدنيا بين مترف يدعوه إلى دنياه» وصاحب هوى يدعوه إلى هواه قد عصمه الله تعالى منهما يحق إلى السلف الصالح يسئل عن فعالهم ويقتص آثارهم متعرض لأجر عظيم فكذلك كونو". وروي عن ابن مسعود رحمه الله موقوفاً ومسنداً أنه قال: «إنما هما اثنان: الكلامء والهدي› فأحسن الكلام کلام الله عز وجلء وأحسن الهدي هدي محمد عليه السلامء 1 وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن شر الأمور محدثاتهاء إن كل محدثة بدعة وإن كل بدعة ضلالة› ألا لا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم» ما هو آت قريب ألا وإن البعيد ما ليس بآت». وفي رسالة أبي سفيان محبوب رحمه الله ذكر صفات أولياء / الله . ثم قال: أولئك الذين لا تعتريهم سامةء ولا تخترقهم رغبةء ولا ينظرون إلى الناس بعين (۱) راجع المرجع والموضع السابق. )۲( المرجع السابق. () راجع المرجع السابق. (8) المرجع السابق وعلق عليه العراقي في المغني بقوله رواه ابن ماجه. قنطرة العلم ۱۷۹ بغيةء ولا يعتقدون لها على مودةء ولا يعرجون فيها على زينةء بل ضربوا في السهم الأوفرء ولزموا الطريق الأقصدء وسلكوا الطريق الأرشدء وهم أئمة التقى ونجوم الهدىء وأعلام الدين ٠ ومنار الإسلام کلامهم حكمة؛ وسكوتهم حجة؛ ومباينتهم حسره ومخالطتهم عنيمة » والاستتناس بهم حياةء والاقتداء بهم نجاة. فعليك أيها الزائغ عن طريقهم» الراغب عن سيبيلهم بالإتباع؛ فإنه ليس الإتباع كالابتداع فعليك بطريق من كان بالل أعلمء وبحلاله وحرامه منك. لهذا قال أبو سفيان قال: وائل رحمهما الله: لقد أدركت بحضرموت رجالا إن كان الرجل منهم لو ولي على الدنيا كلها لاحتمل ذلك في عقلهء وعلمه؛ وورعه. وقد قال النبي عليه السلام في بعض خطبه : «طوبی لمن شغله عيبه عن عيوب الناس› وانفق مال اكتسبه من غير معاصيهء وخالط أهل الفقه والحكمةء وجالس أهل الذل والمسكنة› طوبی لمن ذلت نفسه وحسنت خليقته وطابت سريرته » وعزل عن الناس شر طوبی لمن عمل بعلم › وانمق من ماله » وأمسك الفضل من قوله» ووسعته السنة › ولم نستهوه )ا( الندعةv‏ . وعن ابن مسعود رحمه الله أنه كان يقول: حسن الهدی في آخر الزمان خير من کثير من العمل. ثم قال: إنكم في زمان خيركم فيه المسارع إلى الأمور وسيأتي بعدكم زمان يكون خيركم المثبت المتوقف لكثرة الشبهات”°. فمن لم يثبت في هذا الزمان وافق الجماهير فيما هم عليهء وخاض فيما خاضوا لهلك فيما هلكوا» إلا من أعطاه الله تعالى عقلاً كاملا يردعه عن هجوم الشهوات» وعلماً نافعاً عزيزاً يهديه عند ورود الشبهات فبالأحرى أن ينجو من / أصناف المهلكات . [۱/ب] وقد قال حذيفة بن اليمان رحمه الله: أعجب من هذاء أن معروفكم اليوم منكر زمان قد مضى» وإن متكركم اليوم معروف زمان أت وإنكم لا تزالون بخير ما عرفتم الحقء وكان العالم فيكم غير مستخف”". هذا في زمان حذيفة فما ظنك بزمانتا هذا. () رواه أبو نعيم من حديث الحسين بن علي بسند ضعيف» والبزار من حديث أنس أول الحديث وآخره والطبراني › والبيهقي من حديث ركب المصري وسط الحديث وكلها ضعيفةء. قاله العراقي في المغني (۸۰/۱). () راجع إحياء علوم الدين (١/ ۸۰). () راجم | السابق. راجع المصدر السابق قناطر الخيرات ج/ ٠ م/ ۱۳ ۱۸ قنطرة العلم وقال الغزالى في كتابه: أكثر معروفات هذه الأعصار منكرات في عصر الصحابة . قال: إذ من غرر المعروفات في زماننا تزيين المساجد وتنجيدهاء وإنفاق الأموال العظيمة في دقائق عمارتها وفرش البسط الرفيعة فيها. اللعين فقد كان الأولون قل ما يجعلون بينهم وبين التراب حاجزا. قال: وكان الاشتغال بدقائق الجدال والمناظرات التي هي من أجل علوم الزمانء ويزعمون أنه أعظم القرباتء وقد كان ذلك من المنكرات. قال: ومن ذلك التلحين في الأذان والقرآنء قال: ومن ذلك التعسف في النظافةء والوسوسة في الطهارةء وتقدير الأسباب البعيدة في نجاسة الثيابء مع التساهل في حل الأطعمة وتحريمها إلى نظائر ذلك” . قال: وقد صدق ابن مسعود حیث قال : أنتم اليوم في زمانء الهوى فيه تابع للعلم› وسيأتي عليكم زمان يكون العلم فيه تابعاً للهوى”" . قال: وكان هشام بن عروة يقول: لا تسألوهم اليوم عمًا أحدثوا؛ فإنهم قد أعدوا له قال: وكان أبو سليمان الداراني'” يقول: لا ينبغي لمن يقول: لا ينبغي لمن ألهم شيئاً من الخير أن يعمل به في الأثر فيحمد الله تعالى» إن وافق ما فى قلبە. قال: وإنما قال: هذا لأن ما أبدع من الأراء قد قرع الأسماع وعلق بالقلوب» فربما شوش صفاء القلوب فيتخيل بسببه الباطل حقاً فيحتاط فيه بالاستظهار بشهادة الآثار ° . [1۹/[ قال: ولهذا لما أحدث مروان المنبر / في صلاة العيد عند المصلى. قام إليه أبو سعيد الخدري فقال: يا مروان ما هذه البدعة؟ قال: إنها ليست بدعةء هي خير مما تعلم» إن الناس )۱( راجع المصدر السابق. (۲) راجع المصدر السابق. () هر عبد الرحمن بن عطية. وداريا قرية من قری دمشق من بني عبس وكان كبير الشان في علوم الحقائق والورع مات سنة خمس عشرة ومائتين الطبقات الکبری (۱۸/۱). (8) راجع الإحياء (۱/٠۸). (0) راجع الإحياء (۱/ ۸۰). قنطرة العلم ۱١۱۸ صليت وراءك اليو . قال : وإنما أنكر ذلك؛ لأن رسول لله عليه السلام كان يتوكأً في خطبة العيد والاستسقاء على قوس أو عصى لا على المنب ر" . وفي الحديث المشهور: «من أحدث في ديننا ما ليس فيه فهو رد عليه" . وفي خبر آخر: «من غش أمتي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» قيل: يا رسول الله وما غش أمتك؟ قال : «أن يبتدع بدعة يحمل الناس عليها» . وعنه عليه السلام أنه قال: «إن لله ملكا ينادي كل يوم من خالف سنة رسول الله يٍَ لم تنله شفاعته» ° . ويحكى أن إبليس اللعين بث جنوده في وقت الصحابة رضي الله عنهم فرجعوا إليه خاسرین. فقال: ما شأنكم؟ قالوا: ما رأينا مثل هؤلاء ما نصيب منهم شيئاً. قال: أتعبونا. فيقول لهم: لا تقدرون عليهم قد صحبوا نبيهم» وشاهدوا تنزيل ربهم؛ ولکن سيأتي بعدهم قوم تنالون منهم حاجتكم فلما جاء التابعون بث جنوده فرجعوا إليه منتكسين. فقالوا: ما رأينا أعجب من هؤلاء نصيب منهم الشيء بعد الشيء من الذنوب» فإذا كان آخر النهار أخذوا في الاستغفار فتبدل سيئاتهم حسنات. فقال: إنكم لن تنالوا من هؤلاء لصحة توح.هم» واتباعهم سنة نبيهم. ولکن سياأتي بعدهم قوم تقر أعينكم بهم تلعبون بهم لعب وتقودونهم بأزمة أهوائهم كيف شئتم» لا يستغفرون فيغفر لهم ولا يتوبون فتبدل سیئاتهم حسنات. قال: فجاء قوم بعد القرن الأول فبث فيهم الأهواءء وزين لهم البدع / فاستحلوها [۱۹۱/ب] واتخذوها دیناً ا يستغمرون منها ولا يتوبون عنها فسلط عليهم الأعداء وفادوهم أين شاؤواء وذكر هذا الحديث الغزالى فى كتابە”“ . )۱( راجع المصدر السابق. )۲( راجع المصدر السابق . )۳( متفق عليه من حديث عائشة بلفظ في أمرنا ما ليس منهء وعند أبي داود فيه قاله العراقي في المغني (١/۸۱). () رواه الدارقطني في الأفراد من حديث أنس بسند ضعيف جداًء المرجع السابق. (٥) لم أجد له أصل؛ راجع المصدر السابق. )1( [إحياء علوم الاين (۱١/۸۱). ۱۸۲ قنطرة العلم وحكي مثل هذا عن أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة رضي الله عنه آنه قال: لما نزل قول الله عز وجل: «وَمَن يَعْمَل سُوءاً أو لِم نَفْسَهُ € إلى قولە: «رجيما»”° قالت الشياطين لإبليس: ذهب عملنا في ابن آدم باطلاً. فقال: سأحدث لهم ذنوباً لا يمكن لهم التوبة والاستغفار منهاء فأحدث لهم هذه الفرفق والأهواء› والله أعلم. وقال بعض العلماء: ما تكلم فيه السلف فالسكوت عنه جفاءء وما سكت عنه السلف ويقال : الحق ثقيل من جاوزه ظلمء ومن فصر عنه عجز ومن وقف معه اكتف ٩ . وقال ابن عباس رضي الله عنه : إن الضلالة لها حلاوة في قلوب أهلهاء قال الله سبحانه : دوا ِنَم لهوا ا وَل" . وقال تعالى : امن رين له شو عمله ره سا١ . فكل ما أحدث بعد الصحابة مما جاوز قدر الضرورة والحاجة فهو من اللهو ا وقد قال الي عليه السلام : «علیکم بالنمط الوسطى › إلىه ير جع ٠ العالي ء ويرتفع إليه الداني»” يذنب ذثباً مثل من عصى الملك في قلب دولته؛ باي إل من حالف أ الماك ف شە معينة » وذلك قد يغفر وأما قلب الدو ل فلا . وقال بعض العلماء: إن من أعظم المعاصي الجهل بالجهل» والنظر إلى العامةء واستماع كلام أهل الغفلة” . (١) سورة النساء الآية: ١١٠. (۲) سورة النساء الآية: ١١٠. (۳) إحياء علوم الدين (١/٠۸). () سورة الأعراف الآية: 1٥. (0) سورة فاطر الاية: ۸ والائر في الإحياء (١/۸۱). (1) روا آبو عبيد في غريب ت موقوفاً على علي بن آبي طالب ولم أجده مرفوعاء قاله العراقي في المغني (١/۸۱). (۷) الإحياء (۸۱/۱). (۸) الإحياء (١/۸۱). قنطرة العلم ۱۸۳ قال: فكل عالم خاض في الدنيا فلا ينبغي أن يصغى إلى قولهء بل ينبغي أن يتهم فيما يقول؛ لأن كل إنسان يخوض فيما يحب» ويدفع ما لا يوافق محبوبهء ولذلك قال تعالى : «ولاً نع من أَْفَل لبه عَنْ ذِكُرنا وبع حَوَاٌ»” / الاية. [۱۹۲/ أ[ فالعوام العصاة أسعد حالاً من الجهال بطريق الدين» المعتقدين أنهم من العلماء؛ لأن العامي معترف بتقصيرهء ويستغفرء ويتصورء وهذا الجاهل الظان أنه عالمء وإنما الذي هو مشتغل به من العلوم إنما هي وسائله إلى الدنيا لا يتوب» ولا يستغفر بل لا يزال مستمراً عليه إلى الموت» فإذا غلب هذا على المنسوبين إلى العلم إلا مَنْ عصمه الله . وذلك أعز من الكبريت الأحمرء ولهذا المعنتى كتب بعض العلماء إلى يعض السلف فقال: ما ظنك بمن بقي لا يجد أحداً يذكر الله معه إلا كان آثماً معه؟ وكانت مذكراته معصية؛ ولو تأمل علم أن المستفيد إنما يريد أن يجعل ذلك آلة إلى طلب الدنياء ووسيلة إلى الشر فيكون هو معيناً له على ذلك» ومهيئاً لأسبابه كالذي يبيع السيف لقاطع الطريق. فالعلم كالسيف وصلاحه للخير› كصلاح السيف للغزوء وذلك لا يرخص في البيع ممن يريد الاستعانة به على قطع الطريق”ء ولذلك لا يجوز عند العلماء حمل السلاح إلى أرض العدو. والله أعلم . فإذن قد وقع اليأس» وانقطع الطمع من إصلاح الناس إلا من شاء الله تعالى» فهذه اثنتا عشرة علامة من علامات علماء الأخرة. تحتوي كل واحدة على جمل من أخلاق المتقين جمعتها من كتب علماء السلف؛ء وأكثرها من كتاب الغزالي؛ لأنها موافقة للقرآنء ولما مضى عليه السلف الصالح من مشايخ فكن يا أخي أرشدك الله أحد رجلين: إما متصفاً بهذه الصفات فتكون على سبيل المشايخ ذوي الكرامات أو معترفاً بالتقصير مع الإقرار بهذا العلم مقتبساً منه على قدر العون (١) سورة الكهف الأية: ٢۲. () إحياء علوم الدين (۱/ ۸۲). ۸ قنطرة العلم والتيسير. وإياك أن تكون الثالث فتلبس على نفسك بأن تسمي علم المعاش باسم علم الأخرةء [۹۳/ب] وطريق الدينء وتسمي سيرة البطالين /بسيرة العلماء الراشدين فتلتحق بجهلك وإنكارك بزمرة الهالكين نعوذ بالله من خدع الشيطان الغرور”"ء فيها هلك الجمهور فالأسلم في هذا الزمان لدين الإنسان العزلة والانفراد إن وجد إلى ذلك سبيلاء والله المستعان . الباب العاشر في بيان العلم المذموم› وأسماء العلم المحمود من كتاتب الغزالي اعلم أن هذا الباب يشتمل على جملتين : أحدهما: فيما تعد العوام من العلوم المحمودة وليست كذلك» وفيها بيان الوجه الذي يكون به بعض العلوم مذموما. والثانية: في أسماء العلوم الشرعيةء وبيان القدر المحمود منها من المذموم. الجملة الأولى في العلم المذموم في كتاب الغزالي قال: اعلم أن العلم لا يذم لعينه وإنما يذم في حق العباد لأحد أسباب ثلاثة : مو ۶ ۶ . ۰ و ‎e‏ 1 والطلسمات . أما السحر: ققد نطق به القرآن قال: «وَلَكي الشَّبَاِييَ كوا لون الاس 41 . وقد روي أن النبي يو سحره بع بعض اليهود فمرض بسبب ذلك . وروي عن الكلبي : أن الذي سحره لبيد بن أعصم اليهودي وقيل بناته : فمرض عليه السلام حتى انتثر شعره فلبث أشهراً أو ما شاء الله فبينما هو نائم إِذ أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسفء والأخر عند رجليه. فقال أحدهما لصاحبه: : ما بال الرجل؟ فقال طت أي سحر . قال: ومن طيَهُ؟ قال: لبيد بن أعصم اليهودي. قال: وبم. قال: بمشط ومشاطة. قال: وأين (۲) سورة البقرة الآية: ١١٠. تنطرة العلم ٥۱۸ هو؟ قال: في جف طلعة تحت راعوفة ‏ أي صخرة ‏ ببثر ذي آروانء وهي لبني زريق . قال : فانتيه النبي عليه السلام فبعث علياء والزبير؛ وعمار بن ياسر رحمه الله فتزحوا ماء البثر كأنه نقاعة الحناء ثم رفعوا الصخرةء وأخرجوا الجف فإذا فيه مشاطة رأسهء وأسنان من مشطهء وإذا فيه وتر معقود فيه /إحدى عشر عقدة مغروزة بالإبرة» فأنزل الله عز وجل سورتي [٤1/۱۹] التعويذ فكلما قرا جبريل عليه السلام آية انحلت عقدة حتى قام يي عند انحلال العقدة الأخيرة وجعل جبريل عليه السلام يرقيه يقول: بسم لله أرقيك والله يشفيكء من كل داء يؤذيكء من كل حاسد وعين . فلأجل ذلك جوزوا الاسترقاء بما كان من كلام الله عز وجل وكلام رسوله عليه السلام وأما ما كان من العبرانية والسريانية والهنديةء أو ما كان من غير لغة العرب فلا يحل عند العلماء اعتقاده. واختلفوا في معنى السحر وكيفيته فقال قوم : معناه العلم والحذق بالشيء › ولطافة الفعل فيما خفي فهمه قال الله تعالى : ي أيه لاحر" - أي العالم -. وقال آخرون: السحر هو تخييل وأحزان لا أصل لهء ولا حقيقة كالسراب غر من رآه واخلف من رجاه كما قال الله تعالى : لبحَيَل ليه من سخرهم أََهَا نع4 . حكي هذا عن المعتزلة وحكي عن الشافعي أن : السحر هو تمريض بما يتصل به كالذي يخرج من فم المتٹائب يؤثر في المقابل له. وقيل: هو تعظيم الجن ليسهلوا ما عسر عليه وفیل : طلسم ينبیء عن تأثير خصائص الكواكب كتأثير الشمس من زثبق عصى سحرة فرعون. وفي كتاب الغزالي قال: السحر حق؟؛ إِذ شهد القرآن بهء وأنه سبب يتوصل به إلى التفرقة بين الزوجين قال: وهو نوع يستفاد من العلم بخواص الجواهرء وبأمور حسابية في مطالع التجوم فيتخذ من تلك الجواهر هيكل على صورة الشخص المسحور؛ ويترصد له وقت مخصوص في المطالعء وتقرن به كلمات يتلفظ بها من الكفرء والفحش المخالف للشرع () سورة الزخرف الآية: £۹ . () سورة طه الآية: ١٠. ٦۸ قنطرة العلم ويتوصل بسببها إلى الاستعانة بالشياطينء وتحصل من مجموع ذلك بحكم إجراء الله تعالى به [/ب] العادة أحوال / غريبة في الشيء المسحور” ° . وفي كتاب الماوردي قال: قوم يقدر الساحر أن يقلبها الأعيان بسحرهء فيحول الإنسان حماراً وينشىء أعياناً وأجساماً. وحكي فيه عن الشافعي كما قدمنا: أن الساحر قد يوسوس بسحره ويمرض؛ وربما قتل . قال: لأن المرض بدء الوسوسةء والوسوسة به والمرض بدء التلف . وروى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : سحر النبي عليه السلام حتى كأنه يخيل إليه أنه يفعل الشيءء وما فعله . وأما قول من قال: يقلب الساحر أعياناً وينشىء أجساماً فهو خطأً محض؛ لأنه لو کان في وسع الساحر انشاء الأجسام وقلب الأعيان عما هي به من الهيثات لم يكن بين الحق والباطل فصل ولا فرق» كيف وقد قال الله تعالى : «بَيَل له من سخرهم أَها تَسْع€. وقول من قال إن السحر خدعء ومعان يفعله الساحر فيخيل إلى الإنسان أنه بخلاف ما هو به كالذي يرى السراب من بعيد فيخيل إليه أنه ماءء وكراكب السفينة السائرة سير حثيثاً حتى يخيل إليه أن ما عاين من الأشجار والجبال سائرة معهء هذا القول ممكن سائغْء وكذلك قول الشافعي. والله أعلم. واختلفوا في تعلم السحر فقال قوم: لا يكون تعلمه كفراء وإنما العمل به كفرء كما أن من تعلم الزنا لا ڀائم به وإنما يأثم العامل به. وقال آخرون وهو الأصح إن شاء الله: إن تعلم السحر كفرء وكذلك تعليمه؛ لأن الله تعالى قال : «وَيََعَلْمُونَ ما يَضَرْهُمْ وَل غه . ولم يقل ما يضرهم إن عملوا به والله أعلم. فلما كان السحر لا يصح إلا للإضرار بالخلق كان تعلمه والعمل به جميعاً معصيةء ويقتل الساحر إذا قتل به أحداً. والله أعلم . )۱( راجع إحياء علوم الدين (۲۹/۱). (۲) سورة طه الاية: 7٦1٦. (۳) سورة البقرة الآية: ١١٠. قنطرة العلم ۸۷ وأما الطلسمات› وخواص الأحجار مثل حجر المغناطيس في جذبه الحديت وحجر الماس في كسره الأجسام الصلية بخصوصية /فيهء وحجر العقيقء والحجر الباغض للدم 7٦1/1۹ وحجر البرادي وغير ذلك من خواص الأحجار والتباتء وخواص الأشياء فالله أعلم ما سبب ذلك فهو تعالى قد استأئر بعلم الأشياءء وأظهر للعباد ما شاء لهم فيه الصلاح؛ واستأثر بعلم سائرها فلا تقف العقول على كنهها. ٠ وفي كتاب المسعودي قال: في العالم للحركات» والفاعلة في الحيوان وغيره قال : يمكن أن يكون الله تعالى جعلها معجزة لبعض الأنبياء السالفة ثم رفع ذلك النبيء وبقيت علومه. قال: ولقد رأيت بمصر حية مصورّة من حديد توضع على شيء؛ وين منها حجر المغنطيس فتحدث فيها حركة وسعى إليه وتعلق به. قال: وإذا أصاب المغنطيس رائحة الثوم بطل فعله بالحديدء وإن غسل بشيء من الخل أو ناله شيء من عسل النحل عاد إلى فعله الأول من جذب الحديد. وقال في كتابه: لا تنازع عند ذوي الفهم أن في مواضع من الأرض مدناً وقرى لا تدخلها عقرب ولا حية مثل: حمص؛» والمعرةء وأنطاكية. قال: وقد كان ببلاد أنطاكية إذا أخرج الرجل يده خارج السور وقع عليها البق فإذا جذبها إلى داخله لم يبق عليها منه شيء إلى أن اتكسر عمود من رخام في بعض المواضع فأصيب في أعلاه حي من التحاس في داخله بق مصور من نحاس کنحو کف فما مضت أیام أو على القرب من ذلك حتى صار البق يعم الأكثر من دورهم» والله أعلم. ووجدت في كتاب المقالات المنسوبة إلى أحمد بن الحسن قال: إن يعض المتكلمين قال في الطلسمات ونحوها: إن ذلك من حيل الأوائل. قال: وذلك أن أعمارهم طالت حتى عرفوا من الأرض / المواضع التي تكون فيها الحيّات وغيرها من الهوام والحشرات من المواضع [1/1۹7] التي لا تكون فيها هذه الأشياء فعملوا الطلسمات في المواضع الخالية من الهوام توهماً أن الطلسمات هي المانعة للهوام من الكون فيهاء والله أعلم بحقيقة هذا كلهء وإنما كتبنا هذا ليقف القارىء على ما قال الناس في هذه الأشياء . السبب الثاني الذي يكون العلم به مذموماً: _- )۱( آې: علبةء أو وعاء صغير . ۱۸۸ قنطرة العلم هو أن يکون مضراً بصاحبه في غالب الأمرء وذلك كعلم النجومء فإنه في نفسه غير مذموم لذاته إذ هو قسمان: قسم حسابي: وقد نطق القرآن بأن مسير القمرين محسوب فقال تعالى: وَالشُمُسنُ وَالْقَمَر بحنْبان»”. وقال تعالى : وَالقَمرَ كدَرنَاُ مََازن4” الآية. وقال: «هُو الذي جَمَلَ َلشّمُْسَ ضِيَاء4 إلى قوله: «ِلَعْلَمُوا عَدَدَ ألسين وَالحسَاب4”. القسم الثاني الحكم بها: وحاصله يرجع إلى الاستدلال على الحوادث بالأسباب قال الغزالئي في كتابه: وذلك يضاهي استدلال الطبيب بالتبض على ما سیحدث من المرضء وهو معرفة بمجارة سنة الله تعالی وعادته فی خلقه. ولکنه ذمه الشرعء وقد قال النبي عليه السلام: «إذا ذكر القدر فامسكواء وإذا ذكرت النجوم فامسكو»”. وعنه عليه السلام أنه قال : «أخاف على أمتى بعدي ثلاڻا: جور الأئمة 9 وإیمان بالنجومء وتكذيب بالقدر»”. وعن يعض السلف قال: من قال في النجوم غير هذه الثلاث فهو آم كاذب مغترء ال تعالى: هو الي جَعَلَ َك لجو لتوا پھا»”. وقال: «وَجَعَلَْامَا رَجُوماً شاي ن€”. وقال: «إنًا ريا السّمَاء ليا بزيئة الكَواكب وَحفْظا”“ الآية. وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: تعلموا من النجوم ما تهتدون به في البر والبحر ثم (۱) سورة الرحمن الآية: °. (۲) سورة يس الآية: ۳۹. (۳) سورة يونس الأية: ٠. والقول في الإحياء (۲۹/1). (4) روا الطبراني من حديث ابن مسعود بإسناد حسن؛» قاله العراقي في المغني (۱/٠۳). )0( رواه ابن عبد البر من حديث أي محجن بإسناد ضعیف؛ المصدر السابق. (٦) سورة الأنعام الاية: ۷٩. (۷) سورة الملك الاية: 0. (۸) سورة الصافات الآيتان: 7 ۷. قنطرة العلم ۱۸۹ أمسكواء الحديث. قال الغزالي”: وإنما يزجر عنه من ثلاثة أوجه: أحدها: أنه يضر بأكثر الخلق فإنه إذا / ألقى إليهم أن هذه الأثار تحدث عقيب سير [۱۹۸/ب] الكواكب» وقع في نفوسهم أن الكواكب هي المؤثرة» وأنها الألهة؛ لأنها جواهر شريفة سماوية يعظم وقوعها في القلوب» فيبقى القلب ملتفتاً إليها ويرى الخير والشر محذوراً مرجواً من جهتها ويمحى ذكر الله تعالى عن القلب'”". ولذلك قال النبي عليه السلام مخبراً عن ربه عز وجل: «أصبح من عبادي مؤمن وكافرء فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب» ومن قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالکواكب». قال العزالي: وذلك أن الضعيف يقصر نظره على الوسائطء والعالم الراسخ هو الذي يطلع على أن الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره سبحانه . خلق لها عقل وكانت على سطح قرطاس فهي تنظر إلى سواد الخط يتجدد فتعتقد أنه فعل القلم ولا تترقى في نظرها إلى مشاهدة الأصبع» ثم منها إلى اليد ثم منها إلى الإرادة المحركة لليدء ثم منها إلى الكاتب القادر المريدء ثم مته إلى خالق اليد والقدرة سبحانهء فأكثر نظر الخلق مقصور على الأسباب القريبة السافلة متقطع عن الترقي إلى مسبب الأسباب هذا أحد أسباب النهي عن النجوم. السبب الثاني: أن أحكام التجوم تخمين محض ليس يدرك في حق آحاد الأشخاص لا يقيناً ولا ظناء والحكم به حكم بجهل فيکون ذَمَهُ على هذا من حيث أنه جهل لا من حیث أنه علم. ولقّد کان ذلك معجزه لادریس عليه السلام فيما یحکی ٤ وقد اندرس ذلك العلم وامحق؛ وما يتفق من إصابة المنجم على نذور وإنما هو اتفاقي لكنه قد يطلع على بعض الأسباب ولا يحصل المسبب عقيبها إلا بعد شروط كثيرة ليس في قدرة البشر الاطلاع عليهاء () الإحياء (۳۰/۱). () الإحياء (۳۰/۱). () المصدر السابق. () المرجع السابق. ۱۹۰ قنطرة العلم [/ وإن اتفق / أن قدر الله الأسباب وقعت الإصابةء وإن لم يقدر ذلك أخطاً ويكون ذلك كتخمين الإنسان في أن السماء تمطر اليوم مهما رأوا الغيم يجتمعء وينبعث من الجبال فيتحرك ظنه بذلك» وريما يحمي النهار بالشمس فيتبدد الغيمء وربما يكون بخلافهء ومجرد الغيم ليس كافيا في المطر ويقية الأسباب لا تدرك قال: وكذلك تخمين الملاح أن السفينة تسيلم اعتماداً على ما ألفه من العادة في الرياحء ولتلك الرياح أسباب خفيةء ولا يطلع عليها فتارة يصيب في تخمينه» وتارة يخطىء» وبهذه العلة يمنع القوى أيضاً عن النجوه” . السبب الثالث: أنه لا فائدة فيهاء فأقل أحواله أنه خوض في فضول لا تغني وتضيبيع العمر الذي هو أنفس بضاعة الإنسان بغير فائدة غاية الخسران . فقالوا: رجل علامةء فقال: «بماذا»؟ قالوا: بالشعر وأنساب العرب» فقال عليه السلام: «علم لا ينفعء وجهل لا يضراء ثم قال: «إنما العلم آية محكمة أو سّة قائمة أو فريضة عادلة». والخوض في النجوم وما يشبهها اقتحام وخطر؛ وخوضص جهالة من غیر فائدةء فإنما قدر کائن والاحتراز عنه غير ممكن بخلاف علم الطب؛ فإن الحاجة ماسة إليهء وأكثر أدلته مما يطلع عليهء وبخلاف تعبير الرؤيا وإن كان تخميناً؛ لأنه جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة ولا خطر 7 ِ الثالث : من الأسباب التي يذم العلم بها هو الخوض في علم لا يستقل الخائض فيه به فإنه مذموم في حقه كتعلم دقيق العلوم قبل جليهاء وكالبحث عن أسرار الألهية التي لا يستقل بالوقوف على طريق بعضها إلا الأنبياءء والأولياى ولقد تطلع الفلاسفة وأكثر المتكلمين إليهاء ولم يستقلوا بها بل هلكوا من أجلها وقد قال عليه السلام: «َمَكُرُ في أَلْحَلْي وَلا مَفَكُر في [1/] الخالق». فيجب كف الناس /عن البحث عنها وردهم إلى ما نطق به الشرع؛ ففي ذلك للموفق مقنع فكم من شخص خاض في العلوم فاستنصر بهاء ولو لم يخض فيها لكان حاله أحسن في الدين قبل الخوض فيها. ولذلك فيل : (۱) المصدر السابق. (۲) رواه ابن عبد البر من حديث أبي هريرة وضعفه؛ وفي آخر الحديث إنما العلم آية محكمة إلى آخره وهذه القطعة عند أبي داود وان ماجه من حديث عبد الله بن عمرو. قاله العراقي في المغنى (۳۰/۱). (۳) إحياء علوم الدين (۱/٠۳). 0 قنطرة العلم ١۱۹ ون َا و ك في مهاو ق د تڪ ل 1ء کک قهم 7 فلا تتكر كون العلم ضارا لبعض الأشخاص كما يضر لحم الطير وأنواع الحلاوة اللطيفة بالصبي الرضيعء بل رب شخص ينفعه الجهل ببعض الأمورء ولقد ذكر أن بعض الناس شكى إلى طبيب عقم زوجته وأنها لا تلد فحبسنٌ الطبيب نبفضسهاء وقال: لا حاجة لك إلى دواء الولادة فإنك ستموتين إلى أربعين يوم وقد دل النبض عليه . فاستشعرت المرأة خوفاً عظيماً وتنعْص عليها عيشهاء وأخرجت أموالها وفرقت وأوصت وبقیت لا تأکل ولا تشرب حتی انقضت المدة. فجاء زوجها إلى الطبيب فقال : إنها لم تمت. فقال الطبيب : قد علمت ذلك › فجامعها الان؛ فإنها تلد إن شاء الله. قال: رأيتها سمينة وقد انعقد الشحم على فم رحمها فعلمت أنها لا تهزل إلا بخوف الموت» فخوفتها بذلك حتى هزلت وزال المانع من الولادة. «أعوذ بالله من علم لا يتفم . فاعتبر لهذه الحكايةء ولا تكن بحاثاً عن علوم ذمها الشرع وزجر عنها ولازم الاقتداء بالصحابة واقتصر على اتباع السنةء فالسلامة في الإتباعء والخطر في البحث عن الأشياء والاستقلال والابتداء” . فكيفيك في منفعة العقل أن يهديك إلى طريق النبي عليه السلام» ويفهمك بعض موارد إشاراته فاعزل العقل بعد ذلك عن التصرف» ولازم الإتباع فإنك لا تسلم إلا بء ولذلك قال يَيٍ: «إن من العلم لجهلاء وإن من القول لغي°“. / ومعلوم أن العلم لا يكون جهلاء ولكن منه ما يؤثر تأثير الجهل في الإضرارء وقال [۱٠۲/ب] عليه السلام: «قليل من التوفيق» خير من كثير من العلم»”". وقال عيسى عليه السلام: ما أكثر الشجر وليس كلها يثمر وما أكثر الثمار وليس كلها () راجع المصدر السابق. () قال العراقى في المغنيى (۳۱/۱): رواه ابن عبد البر من حديث جابر بسند حسن؛ وهو عند ابن ماجه بلفظ تعوذوا. ` (۳) راجع إحياء علوم الدين (۳۱/۱). (8) راجع إحياء علوم الدين (۳۱/۱). () بنحوه قال عنه العراقي في المغني (۳۲/۱): رواه آبو داود من حديث بريدة وفي إسناده من يجهل . )` لم أجعله أصلاء وقد ذكره صاحب الفردوس من حدیث آي الدرداءء قاله العراقي في المغني (۳۲/۱). ۱۹۲ قنطرة العلم بطيب» وما أكثر العلوم وليس كلها بنافم”". والله تعالى نسأله العون والتوفيق. الحملة الثانية في أسامي العلوم الشرعية وبيان القدر المحمود منها: اعلم أن هذه الجملة تتحصر في فصلين : أحدهما: في أسامي العلوم الشرعية وكيفية التباسها بالمذمومة. الفصل الثاني: في بيان القدر المحمود من العلوم المحمودة. الفصل الأول ذكره الغزالي في كتابه فقال: اعلم أن منشأً التباس العلوم المذمومة بالعلوم الشرعية هو تحريف الأسامي المحمودة وتبديلها بالأغراض الفاسدة إلى معان غير ما كان عليه السلف الصالح والقرن الأول وهي خمسة ألفاظ: الفقهء والعلم» والتوحيدء والتذكير» والحكمةء قال: فهذه أسماء محمودة والمتصفون بها أرباب المناصب في الدين . اللفظ الأول الفقه: قد تصرفوا فيه بالتخصيص لمعرفة الفروع في الفتاوى والوقوف على دقائق عللهاء فمن كان أكثر اشتغالاً بهاء قيل هو الأفقهء ولقد كان اسم الفقيه في العصر الأول مطلقاً على طريق الأخرةء ومعرفة دقائق آفات النفوس» ومفسد الأعمالء وقوة الاحاطة بحقارة الدنياء وشدة التطلع إلى نعيم الأخرةء واستيلاء الخوف على القلبء ويدل على ذلك قوله عز وجل : فوا في الي ويوا مهم إا جوا ه4 والذي يكون به الإنذار والتخويف هو هذا الفقه دون تفريعات الطلاق واللعان والسلم والإجارة وأشباه ذلك من الفروع . [٢۲۰/ 1[ فهذا لا يحصل به إنذار ولا تخويف» بل التجرد له على الدوام يقسى / القلب› وينزع منه الخشية كلما يشاهد من المتجردين له› وقد قال الله عز وجل : 70 لوب لا بَفْفَهُونَ 2 بها" ". وأراد به معاني الإيمان دون الفتاوى. ولعمري إن الفقه والفهم في اللغة اسمان لمعنى واحدء وقد قال تعالى : إلا م اكد َب في صُدُورِهِم من الله لِك بِأنهُمْ قو لا فهو ن الآية. (۱) راجع إحياء علوم الدين (۱/ ۳۲). (۲) سورة التوبة الآية: ١١۱ . )۳( سوره ة الأعراف الاية: ۹ . (4) سورة الحشر الآية: ١٠. قنطرة العلم ۱۹۳ أحال قلة خوفهم من الله عز وجل واستعظامهم لسطوة الخلق على قلة الفقهء فانظر ذلك» ينتجه عدم الحفظ لتفريعات الفتاوى أو ينتجه ما ذكرنا من العلوم؟ . وقال عليه السلام: «علماء حكماء فقهاء». وفي بعض الطرق: «كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء» للوفد الذين قدموا عليه . فقالوا: نحن قوم مؤمنون مسلمون» فذكروا الخمس عشرة خصلة تحقيقاً لإيمانهم› الحديث مشهور. وسُّئل بعضهم": أي أهل المدينة أفقه؟ فقال: أتقاهم [لله تعالى]. فكأنه أشار إلى ثمرة الفقّه نها التقوى› والتقویى ثُمرة العلم الباطن دون الفتاوى والأقضية وقال عليه السلام : فلن يتفقه أحدكم كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوهاً كثيرة»”. وقال عليه السلام: «لن يتفقه العبد كل التفقه حتى يمقت الناس في ذات الله . وروي هذا عن أبي الدرداء مرفوعاً مع قوله: «ثم يقبل على نفسه فيكون أشد لھا مقت . قال: وسأل فرقد السنحي الحسن عن شيء؟ فأجابهء فقال: إن الفقهاء يخالفونك. فقال الحسن: ثكلتك أمك فريقد؛ إنما الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الأخرةء البصير بدينه› المداوم على عبادة ريه الورع الكاف نفسه عن أعراض المسلمين» العفيف عن أموالهم التاصح )4( لجماعتهم . دخل عليه الحسن فقال: قل لا إِله إلا الله. فسكت فأعاد عليه فقال جابر: أنا من أهلها / ولكن [۲۰۴/ب] نعوذ باه من غد ورواح إلى الناٍ. ثم قال: يا آبا سعيد: يوم ياي بَعْضن آيات رَبك لا نق نفسا إِيْمَانّهًا€. فقال الحسن: ما أفقهه ولو عند الموت! قال تعالى : ولل حَرَايْنُ ألسَمَوَاتِ والأَْض وَلكِنٌ الَمَاِقينَ لا يْفَهُونَ€. ولم يرد تعالى يفقهون فروع الفتاوی . )۱( رواه أبو نعيم في الحلية والبيهقي في الزهدء والخطيب في التاريخ من حديث سويد بن الحارث بإسناد ضعيف قاله العراقي في المغني (۳۲/۱). )۲( هو مسعد بن إبراهيم الزهري؛ مصرح به في الإحياء (۳۲/۱)›ء وما بين المعقوفين زيادة منه. (۳) روا ابن عبد البر من حديث شداد بن أوس» وقال لا يصح مرفوعاً قاله العراقي في المغنى (۳۲/۱). )٤( راجع إحياء علوم الدين (۱/ ۳۳). () سورة الأنعام الأية: ١١٠ . () سورة المنافقون الاية: ۷. 1۱۹ قنطرة العلم ولست أقول: إن اسم الفقه لم يكن متناولاً للفتاوى والأحكام الظاهرةء ولكن بطريق العموم والشمولء وبطريق الاستتباعء وكان إطلاقه على علم الاخرة أكثر فثار بهذا التخصيص تلبيس بعث الناس على التجرد لهء والإعراض عن علم الأخرة وأحكام القلب. والتوصل به إلى طلب الولايةء والقضاء والجاهء والمال متعذر فوجد الشيطان مجالاً لتحسين ذلك في القلوب بواسطة تخصيص اسم الفقهء الذي هو اسم محمود في الشرع”ء وبالله التوفيق . اللفظ الثاني العلم : وقد كان يطلق ذلك على العلم بلله عز وجل وبايات وأفماله في عباده العلم. عرّفه بالاألف واللام؛ ثم ف بل بال سيحاه وقلا تل هد اله ا َه لا له إلا هُوَ وَالْمَلاَيِكَهُ وَأولوا يلم َائما قط4" الأية وقال تعالى : ل اليل من قل را ق4 ابد لوقال]: «وَكال الذي وتوا ليلم وَاليمان َد يكم الآية. و[قال]: قال لين ونوا لملم وَيلَكُمْ تَوَابُ الله حَي€”. وقال: ونه لو حلم لما لبا 2 عل . وقال: «يرقع الله اين موا نكم وَالَذِين وتوا للم دَرَجَاتٍ 4٩ . وقال: ومن عند عِلمُ الكِتاب»”. وقال في الخضر عليه السلام: نينا رَحْمة من عِنْدنا وَعَلمَاهُ من لدْنا علْما¶”. (۱) راجع إحياء علوم الدين (۳۳/۱). (۲) سورة آل عمران الآية: ۸١ . (۳) سورة الإسراء الآية: ١١٠. (4) سورة الروم الآية: ٦0. () سورة القصص الاية: ۸۰ (1) سورة يوسف الآية: 1۸ . (۷) سورة المجادلة الآية: ١٠. (۸) سورة الرعد الآية: ۳٤ . (۹) سورة الكهف الآية: ١٦. فنطرة العلم ٥۱۹ وقال لنبيه عليه السلام: «وَعَلْمَكَ ما لم تَكُنْ تَعْلمْ€. وقال: «وَفّل رَبٌ زذني علما٩. في جميع ما ورد / من فضائل العلم والعلماء بالله عز وجل وبأحكامه وصفاته وتصرفوا [٢٠۲/] فيه أيضا بالتخصيص حتى شهروه في الأكثر بمن يشتغل بمسائل الفتاوى والفروع والخصومات ولا يحيط من علم الشريعة بشيء يتقرب به إلى الله عز وجل فيعد من فحول العلماء مع جهله بالتفسير واللإخبار وسير الصالحين وعلم المذهب وغيره فصار ذلك سبباً مهلكا لخلق كثير من الطلبة'" ٠ وبالله التوفيق . اللفظ الثالث التوحيد: وهو عبارة عن معرفة من وحَدٌ الله تعالى» وآمن به إيماناً یری به الأمور كلها من قبل الله تعالى رؤية تقطع التفاته عن الوسائط والأسباب» فلا يرى الخير والشر إلا من الله جل جلاله وهو مقام شريف» إحدى ثمراته: التوكل - كما سيأتي إن شاء الله - » ومن ثمراته أيضاً ترك الشكوى إلى الخلق؛ وترك الغضب عليهم؛ والتسليم لحكم الله والرضى به وتفويض الأمور إليه وغير ذلك كما سيأتي إن شاء الله - وكان التوحيد جوهراً نفيساً وله قشران . فالقشر الأول: إقرار اللسان المجرد عن الاعتقادء وهو أن تقول بلسانك: لا إِله إلا الف فهذا يسمى توحيداً مناقضاً للتثليث الذي تصرح به النصارى إن الله ثالث ثلاثةء ولكن هذا التوحيد ربما يصدر من الزنديق الذي يخالف سره جهره. القشر الثاني: أن لا يكون في القلب إنكار لمفهوم الإقرار باللسان بل يشتمل ظاهر القلب على اعتقاد الوحدانية والتصديق بهء وهو توحيد عوام المسلمين والمتكلمين الذي هم حراس هذا القشر عن تشويش أهل البدع المخالفين في صفات الله تعالى بتأويل الخطاً. وأما اللب: الذي هو داخل هذين القشرين فهو توحيد العلماء بالله الموقنينء وذلك هو رؤيتهم الأمور كلها من الله تعالى دون الأسباب والوسائطء وعبادتهم إياء تعالى بكلية قلوبهم (١) سورة النساء الآية: ١١٠. (۲) سورة طه الآية: ١١٠. )۳( راجع إحياء علوم الدين (۳۳/۱). قناطر الخيرات ج/٠ م/٤۱ ٦۱۹ قنطرة العلم [/ب] ويخرج عن هذا التوحيد / اتباع الهوی؛ لأن کل متب هواه قد اتخحذه معبوده؛ قال الله تعالی : «أرَأيتَ مَن اَعَد لهه حَوَاۀ»'. وقال عليه السلام: «أبغض إله عبد في الأرض عند الله تعالى الهوى»" ° . وسيأتي شرح التوحيد وثمراته إن شاء الله تعالىء فهذا هو توحيد العلماء لله تعالى . انظر كيف جعله المتكلمون من العلماء عبارة عن صياغة الكلامء ومعرفة طريق المجادلة والإحاطة بمناقضة الخصوم؛ والقدرة على التشدق فيهاء وأكثر الأسئلة بالدلائل› واللإلزامات أن جميع ما هو خاصية هذه الصناعة لم يكن شيء منها في العصر الأول عن الرسول والصحابة رضي الله عنهم» وإنما حدث عن افتراق الأمة وتوزعها”» وبالله التوفيق . اللفظ الرابع الذكر والتذكير: قال الله تعالى: وَدَكُر فن الذَكْرَى نمع المُؤمنين»”*. وقد ورد في الثناء على مجلس الذكر أخبار كثيرةء كقوله عليه السلام: «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا فيها». قيل : وما رياض الجنة؟ قال: «مجالس الذكر ° . وكقوله عليه السلام في حديث أبي ذر حيث قال: «حضور مجلس الذكر أفضل من صلاة ألف ركع وحصور مجلس العلم أفضل من عيادة ألف مریضص؛ ومن حضور ألف جنازة». قيل: يا رسول الله ومن قراءة القرآن؟ قال: «وهل ينفع القرآن إلا بالعلم»”°؟! وعن عطاء قال: مجلس ذكر يكفر سبعين مجلساً من مجالس الهو . في أمثال هذه الأخبار ستأتي في موضعها إن شاء الله. قال: فتقل ذلك إلى ما تری أکٹر الوعاظ في هذا الزمان يواظبون عليه وهو القصص والأشعار والشطح والطامات . أما القصص فهو بدعةء ورد نهي السلف عن الجلوس للقصاص وقالوا: لم يكن ذلك (١) سورة الفرقان الآية: ۳٤ . () رواه الطبراني من حديث أبي أمامة بإستاد ضعيف» قاله العراقي في المغني (۱/ ٤۳). (۳) راجع إحياء علوم الدين (۱/ ۳۳٠ ٢۳). () سورة الذاريات الاية: ٥0 . (٥) روا الترمذي من حديث أنس وحسنه قاله العراقي في المغني (۱/ ٤۳). 9( ذكره اين الجوزي في الموضوعات من حديث عمرء ولم أجده من طريق أبي ذر» قاله العراقي في المغئي (/). 7 قنطرة العلم ۱۹۷ في عصر /الرسول عليه السلام وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهماء وإنما حدث ذلك [٢1/۲۰] وروي عن ابن عمر انه خرج من المسجد فقال: ما أخرجني إلا القصاص» ولولاه ما )۱( وفیل للثوري” : ر نستقبل القاص بوجوهنا؟ فقال : ولوا البدع ظهورکم. قال : ودخل الأعمش جامع البصرة فرآى قاصاً يقص ويقول: حدثنا الأعمش؛» فتوسط الحلقة وأخذ ينتف ‎(rr . ‌ - . . ً ۰ 0‏ ۰ 2 ۰ ۰ ۰ ۲ ۰ شعر إبطيه. فقال القاص: يا شيخ أما تستحي؟ قال: [لِم]'؟ أنا في سنة وأنت في كذب؛ آنا الأعمش› وما حدثتك. قال بعض العلماء”*: أكثر الناس كنباً القصّاص؛ والسُؤال. قال: وأخرج علي القاص من مسجد البصرة. ولما سمع كلام الحسن لم يخرجه؛ إذ كان الحسن يتكلم في علم الأخرةء والتذكير بالموت» والتنبيه على عيوب النفس» وآفات الأعمالء وخواطر الشيطانء ويذكر بالاء الله سبحانه ونعمائه وتقصير العبد فى شكره» ويعرف حقارة الدنيا وخطر الأخرة. | في أمثال ذلك فهذا هو التذكير المحمود في الشرع” الذي وردت به الأخبار والآثار على ما سيأتي إن شاء الله فاتخذ المتحرفون تلك الأحاديث والاثار حجة على تزكية أنفسهم ونقلوا اسم التذكير إلى خرافاتهم» وذهلوا عن طريق الذكر المقصودء واشتعئوا بالقصص التي يتطرق إليها الاختلاف والزيادة والنقصانء ويخرج عن القصص الواردة في القرآن ويزيد عليها؛ فإن في القصص ما ينفع سماعهء ومنها ما يضر وإن كان صادقا فمن فتح ذلك الباب على نقسه اختلط عليه الصدق بالكذب والنافع بالضار› فلأجل هذا نهي عن القصص . وأما إن كانت القصة من قصص الأنبياء عليهم السلام فيما يتعلق بأمور دينهمء وكان القاص صادقاً صحيح الروايةء فلست أرى به بأساًء ولكن فليحذر الكذب» وحكايات تومىء إلى هفواتء ومساهلات /يقصر فهم العوام عن درك معانيها وعن كونها هفوة نادرة مردفة [1/۲۰۷] )۱( راجع إحياء علوم الدين (۱/٣۳). )۲( القائل للثوري هو: ضمرة صرح به الغزالي في الإحياء الموضع السابق. )۳( ما بين المعقوفين من الإحياء (۱/٢۳). (8) القائل هو أحمد. صرح بذلك الغزالي في الإحياء الموضع السابق. )0( راجع الإحياء الموضع السابق. ۱۹۸ قنطرة العلم بتكفيرات» ومتداركة بحسنات تغطي عليهاء فإن العامي يعتصم بها في مساهلاته وهفواته› ويمهد لنفسه العذر في ذلك ويحتج بأنه حكي كيت وكيت عن بعض المشايخ والأكابرء وكلنا بصدد المعاصي» فلا غرو وإن عصيت الله تعالى فقد عصاه من هو أكبر مني» ويفيده ذلك جرأة على الله تعالى من حيث لا يدري» فبعد الاحتراز من هذين المحذورين فلا بأس به فعند ذلك ترجع القصص المحمودة إلى ما يشتمل عليه القرآنء وصح في الكتب الصحيحة من الأخبار”. وأما الأشعار فتكثيرها في المواعظ مذموم قال الله تعالى: #®والشُعَرَاءُ يمهم لعَاوُونَ»” الآية. وقال: وما عَلَمَاهُ الشعْرَ وما ينغي 4 . وآکٹر ما اعتاده الوعاظ من الأشعار ما يتعلق في التواصف في العشقء وجمال المعشوق ومدح الوصال» وألم الفراق . والمجلس لا يحوي إلا أخلاط العوام› وبواطنهم مشحونة بالشهوات وقلوبهم غير منفكة عن الالتفات إلى ما يحرك دواعيهم› ولا تحرك الأشعار من قلوبهم إلا ما هي مستكنة فيها فتشعل فيها نيران الشهوات فيزعقون ويتواجدون وأكثر ذلك أو كله يرجع إلى فساد. فلا ينبغي أن يستعمل من الشعر إلا ما فيه موعظة وحكمة على سبيل استشهاد واستتنام ٩ وقال يَأ : «إن في الشعر لحكمةء”. وبالله التوفيق. وأما الشطح: فهو عندهم نوعان من الكلامء أحدثهما بعض الصوفية . أحدهما: الدعاوي الطويلة العريضة في العشق مع الله تعالىء والوصال المغني عن الأعمال الظاهرةء حتى ينتهي قوم إلى دعاوي الاتحاد وارتفاع الحجاب والمشاهدة بالرؤية والمشافهة بالخطاب» تعالى الله عن ذلك علواً كبير . )۱( راجع الإحياء الموضع السابق. (۲) سورة الشعراء الاية: ٢۲۲ . (۳) سورة يس الأآية: 1۹. () راجع إحياء علوم الدين (۱/٠۳). (0) رواه البخاري من حديث آبي بن کعب قاله .العراقي في المغني (۱/٦۳). (1) مثل هذا القول ييين مدى صحة عقيدة المؤلف رحمنا الله وإياء ومدى حرصه على صفاء الاعتقال = قنطرة العلم ۱۹۹ قال الغزالي: وهذا فن من الكلام عظيم ضرره في العوام حتى /ترك جماعة من آهل [۸٠۲/ب] قال: فهذا الفن من الكلام يتلذذه الطبعء إذ فيه البطالة من الأعمال مع تزكية التفس بدرك المقامات والأحوال ولا يعجز الأغبياء عن دعوى ذلك لأنفسهم ولا عن تلفيق كلمات مخبطة مزخرفة. قال: ومهما أتكر عليهم ذلك لم يعجزوا عن أن يقولوا: هذا إنكار مصدره العلم والجدال فالعلم حجاب› والجدال عمى النفس . قال الغزالي: فهذا الحديث لا يلوح إلا من الباطنء بمكاشفة نور الحق. فال: فهذا وفنه فد استطار في بعض البلاد شرره وعظم ضرره» ومن نطق بشيء منه فقتله أفضل في دين الله من إحياء عشرة والله أعلہ“. والنوع الثاني من الشطح : كلمات غير مفهومة لها ظواهر زائغةء وفيها عبارات هائلة › ولیس وراءها طائل . قال: وذلك إما أن تكون غير مفهومة عن قائلها بل يصدرها عن تخبط في عقلهء وتشويش في خياله لقلة إحاطته بكلام قرع سمعهء وهذا هو الأكثرء وإما أن تكون مفهومة له ولكنه لا يقدر على تفهيمهاء وإيرادها بعبارة تدل على ضميره لقلة ممارسته للعلم وعدم تعلمه طريق التعبير عن المعاني بالألفاظ الرشيقة ولا فائدة لهذا الجنس من الكلام» إلا أنه يشوش القلوب ويدهش العقول ويكون فهم كل واحد على مقتضى طبعه وهواه. وقد قال عليه السلام: «ما حذّث أحدكم قوماً بحديث لا يفهونه إلا كان فتنة عليهم»". والله أعلم . قال: وأما الطامات فيدخلها ما ذكرنا في الشطح وأمر آخر يخصها وهو: صرف ألفاظ الشرع عن ظواهر المفهوم إلى أمور باطنة لا تسبق إلى الأفهام» كدأب الباطنية في التأويلات = وإخلاص التوحيد لله سبحانه وتعالى» وإن كان نقله عن الغزالي إلا أنه علق عليه بقوله: تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. () راجع هذا القول في الإحياء (۱/٦۳). () ذكره العقيلي في الضعفاءء وابن السنيء وأبو نعيم في الرياء من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف» ولمسلم في مقدمة صحيحه فوقوفاً على ابن مسعود قاله العراقي في المغني (۳۷/۱). ‎Y0‏ قنطرة العلم وهذا أيضاً حرام وضرره عظيم» فإن الألفاظ إذا صرفت عن مقتضى ظواهرها من غير اعتصام [1/۹] فيها ينقل عن صاحب الشرع› ومن غير ضرورة تدعو / إليه من دليل العقل . ‏اقتضى ذلك بطلان الثقة بالألفاظء وتسقط به منفعة كلام الله تعالى وكلام رسوله عليه السلام؛ فإن ما يسبق منه إلى الفهم لا يوثق به والباطن لا ضبط له بل تتعارض فيه الخواطرء ويمكن تنزيله عن وجوه شتى. فال: وإنما قصد أصحابها بها الإغراب لأن النفوس مائلة إلى الغريب› ومستلذة له . ‏قال: وبهذا الطريق توصلت الباطنية إلى هدم جميع الشريعة بتأويل ظواهرها وتنزيلها على رآيهم. ‏قال: ومثال تأويل أهل الطامات كقول بعضهم في تأويل قوله تعالى: «أَذَْبْ إلى وإ ق۷4 ‏أشار إلى قلبه وقال: هو المراد بفرعون هو الطاغي على كل إنسان . ‏وفي قوله تعالى: وان ق صك . أي كل ما يتوكأً عليه ویعتمده مما سوى الله ‏وفي قوله عليه السلام: «تسحروا فإن في السحور بركة»" . أراد به الاستغفار بالأسحار . ‏وأمثال ذلك حتى يحرفوا القرآن من أوله إلى آخره عن ظاهره» وعن تفسيره المنقول عن اين عباس» وسائر العلماء وبعض هذه التأويلات يُعلم بطلانها قطعاً كتنزيل فرعون على القلب ؛ فن فرعون شخص مخصوص تواتر إلينا وجوده؛ ودعوة موسى [عليه السلام] له كأبي لهب» وأبي جهل وغيرهما من الكفار؛ وليس من جنس الشياطين والملائكةء وما لا يدرك بالحسن حتى يتطرق التأويل إلى الفاظهما. ‏وكذلك حمل السحَر على الأستغفار؛ فإنه عليه السلام كان يتناول الطعامء ويقول: «تسحرو ا وهلموا إلى الغداء المبارك°° . ‏() سورة طه الآية: ٢٤٠. ‏(۲) سورة القصص الآية: ۳۱. ‏(۳) متفق عليه من حديث أنس» قاله العراقي في المغني (١/ ۳۷). ‏(4) رواه البخاري من حديث أنس أن النبي يو وزيداً بن ثابت تسحرا. ‏(٥) رواه آبو داود والنسائي؛ وابن حبان من حديث العرباض بن ساريةء وضعفه ابن القطانء (١٠ ۲) قاله = ‎ ‎ قنطرة العلم ٢ فهذه أمور يدرك بالتواتر والحس بطلانهاء ويعضها يعلم بغالب الظنء وذلك في أمور لا تتعلق باللإاحساس» وكل ذلك جرأة وضلالة وبدعة شائعة عظيم ضررهاء فقد عرفت كيف صرف / الشيطان دعاوي الخلق من العلوم المحمودة إلى المذمومة› وکل ذلك بتلبيس علماء [۲/ب] السوء بتبديل الأسامى”› والله المستعان . ص اللفظ الخامس الحكمة: وهي التي اثنى الله تعالى عليها فقال: «وَمَنْ يت الْحكُمَة فَفَ أو حيرا كث ر ٩. وقال عليه السلام: «كلمة من الحكمة يتعلمها الرجل خير له من الدنيا وما فيها». وقال: «الحكمة ضالة المؤمن». في آمثال ذلك ثم صار اسم الحكمة يطلق على الشاعر والمنجم وأمثالهم› وانظر إلى الذي كان اسم الحكمة عبارة عنهء وإلى ماذا نقلء وقس في بقية الألفاظء واحترز عن الاغترار بتلبيسات علماء السوء؛ فإن شرهم أعظم على الدين من شر الشياطين؛ إذ الشيطان بواسطتهم يتوصل إلى انتزاع الدين من قلوب الخلق”". فقد عرفت العلم المحمود من العلم المذموم؛ ومثال الالتباس وإليك الخيرة في أن تنظر لنفسك فتقتدي بالسلف أو تتدلى بحبل الغرورء وتتشبه بالخلف فكل ما ارتضاه السلف فقد اندرس» وما أكب الناس عليه فأکثره مبتدع محدث؛» والله المستعان”' . وقد صح قوله عليه السلام: «بد الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء». فقيل: وما الغرباء يا رسول الله؟ قال: «الذين يصلحون أنفسهم عند فساد الئاس ويحيون من سنتي ما أماته الناس». وفي خبر آخر: «هم المتمسكون بما أنتم عليه اليوم». = العراقي في المغني عن حمل الأسفار (۱/ ۳۷). )۱( راجع إحياء علوم الدين للغزالي (۱/ ۳۷ء ۳۸) بتصرف. () سورة البقرة الآية: ۹٦۲. )۳( راجع إحياء علوم الدين (۱/ ۳۸ء ۳۹). )٤( راجع إحياء علوم الدين (۳۸/۱؛ ۳۹). )0( رواه مسلم من حديث أبي هريرة مختصراء وهو بتمامه عند الترمذي من حديث عمرو بن عوف؛ وحسته. قاله العراقي في المغني عن حمل الأسفار (۳۹/۱). وفي حديث آخر: «الغرباء ناس قليل صالحون بين ناس كثير» من يبغضهم أکٹر ممن . وقد صارت تلك العلوم غريبة بحيث يمقت ذاكرهاء ولذلك قال الثوري: إذا رأيت العالم كثير الأصدقاء فاعلم أنه مختلط؛ لأنه لو نطق بالحق لبغضوه. كتبت أكثر هذا الباب من كتاب الغزالي"؛ لأنه اتبع فيه فضائح علماء السوء منهم›ء [/] فأحبيت أن تقفوا عليها إٍذ كان ما ذكره موافقاً للحق غير / خارج عن الشرع. وبالله التوفيق. الفصل الثاني: في بيان القدر المحمود من العلم المحمود اعلم أن العلم بهذا الاعتبار ثلاثة أقسام : قسم: وهو مذموم قليله وكثيره؛ وهو الذي لا فائدة فيه في دين ولا دنيا و فيه ضرر يغلب نفعه وهو ما قدمناه من علم السحر والطلسمات والنجوم؛» فبعضه لا فائدة فيه أصلاء وصرف العلم الذي هو أنفس ما يملكه الإنسان إليه إضاعةء وإضاعة النفائس مذمومةء ومنه ما فيه ضرر يزيد على ما يظن أنه يحصل به من قضاء وطر في الدنیاء والله أعلم . القسم الثاني: قسم محمود قليله وكثيرهء وكلما كثر كان أحسن وأفضل وذلك هو العلم بلله تعالى وبصفاته وأفعاله وسنته في خلقه وحكمته في ترتيب الآخرة على الدنيا؛ فإن هذا علم مطلوب لذاته وليتوصل به إلى سعادة الاخرة فبذل المقدور فيه إلى أقصى غاية الجهد قصور عن الحد الواجب» فإنه البحر الذي لا يدرك غورهء وإنما يحوم الحائمون على سواحله وأطرافه بقدر ما يتيسر لهم . وما خاض أطرافه إلا الأنبياء والأولياء الراسخون في العلم على اختلاف درجاتهم بحسب اختلاف قوتهم وتفاوت تقدير الله تعالى في حقهم وهذا هو العلم المكنون الذي لا يسطر في الكتب ويعين على التنبيه لهذا العلم مشاهدة أحوال علماء الأخرة كما قدمنا من علاماتهم هذا في أول الأمر ويعين عليه في آخر الأمر المجاهدة والرياضة للنفس وتصفية القلب وتفريعه عن علائق الدنياء والتشبه فيها بأثبياء الله تعالى» وأوليائه؛ ليتضح عنه لكل ساع إلى طلبه بقدر الرزق لا بقدر الجهد ولكن لا غنى فيه عن الاجتهادء فالمجاهدة مفتاح الهداية لا مفتاح لها سواهاء وبالله التوفيق . () رواه أحمد من حديث عبد الله بن عمرو؛ قاله العراقي في المصدر السابق. )۲( راجع الإحياء )۱/۱٦۳ ۳۹). قنطرة العلم ‎Y۳‏ / القسم الثالث: يحمد منه مقدار الكفايةء ولا يحمد الفاضل عليه والاستقصاء فيه [۲۱۲/ب] وهي العلوم التي تقدمت قبل هذا في فروض الكفايات؛ فإن كل علم منها اقتصاراً هو الأولء واقتصاداً هو الوسط وإستقصاء لا مرد له إلى آخر العمر وهذه الأقسام الثلائة كأحوال البدن؛ فإن منه ما لا يحمد قليله ولا كثيره كالقبح وسوء الخلق . ومنه ما يحمد قليله وكثيره كالصحة والجمال ومنه ما يحمد الاقتصاد فيه كبذل المال؛ فإن التبذير لا يحمد فيهاء وهو بذلء وكالشجاعةء فإن التهور لا يحمد فيه؛ وٳِن کان من جنس الشجاعة فكذلك العلم على هذا الحال. فكن أحد رجلين إما مشغولاً بنفسك» وإما متفرغاً إلى غيرك بعد الفراغ من نفسك» وإياك أن تشتغل بما يصلح غيرك قبل إصلاح نفسك فإن كنت المشغول بنفسك فلا تشتغل إلا بالعلم الذي هو فرض عليك بحسب ما يقتضيه حالك من معرفة الله تعالىء وما يتعلق بها من الأعمال الظاهرة من تعلم الصلاة والطهارة والصوم؛ وإنما الأهم الذي أهمله الكل وهو علم صفات القلب وما يحمد منها وما يذم إذ لا ينفك بشر من الصفات المذمومة: من الحرص والحسد والرياء والكبر والعجب وأخواتها فجميم ذلك مهلكات أهمالها مع الاشتغال بالأعمال الظاهرة يضاهي الاشتغال بطلاء ظاهر البدن عند التأذي بالجرب والدماميل» والتهاون بإخراج المادة من القيح والدم منها بالفصد والإمهال. وحشوية العلماء يشيرون بالأعمال الظاهرة كما تشير الطرقية من الأطباء بطلاء ظاهر البدن وعلماء الأخرة لا يشيرون إلا بتطهير الباطنء وقطع مواد الشر بإفساد منابتها وقلع مغارسها وهي في القلب» وإنما فزع الأكثرون إلى الأعمال الظاهرة دون تطهير القلوب لسهولة أعمال الجوارح / واستصعاب أعمال القلوب كما يفزع إلى طلاء الظاهر من يستصعب شرب [۲۱۴/ب] الأدوية المرةء فلا يزال يتعب في الطلاء وهي تزيد في المواد وتضاعف الأمراض؛ فإن كنت مريد الاخرة وطالباً للنجاة وهارباً من هلاك الأبد فاشتغل بعلم العلل الباطنة وعلاجها على ما سيأتي إن شاء الله فإنك إذا فعلت ذلك انجر ذلك بك إلى المقامات المحمودة التي تأتي مشروحة إن شاء الله . فإن القلب إذا فرغ من المذموم امتلىء من المحمود كالأرض إذا نقيت من الحشيش نبت فيها أصناف الزرع والرياحينء فإن لم تتفرغ من ذلك فلا تشتغل بفروض الكفايات لا سيما وفي الخلق من قام به فإن مهلك نفسه في طلب صلاح غيره سفيهء فما أشد حماقة من دخلت الأفاعي والعقارب داخل ثيابه وهمت بقتله وهو يطلب مذية يدفع بها الذباب عن غيره ممن لا ٤۰ قنطرة العلم يعنيه ولا ينجيه مما يلاقيه من تلك الحيات والعقارب إِذ هممن به. وإن تفرغت من نفسك وتطهيرها وقدرت على ترك ظاهر الثم وباطنه فصار ذلك ديدناً لك وعادة ميّسرة فيك - وما أبعد ذلك - فاشتغل بفروض الكفايات وراع التدريج فيهاء فابتداً بكتاب الله تعالى› ثم بسنة رسوله عليه السلامء ثم بعلم التفسير وسائر علوم القرآن من: علم الناسخ والمنسوخء والمقطوع والموصول؛ والمحكم والمتشابهء وكذلك في السنةء ثم اشتغل بالفروع وهو علم المذهب من الفقه دون الخلاف» ثم بأصول الفقهء وهكذا إلى بقية العلمء بما يتسع له العمر ويساعد فيه الوقت» ولا تستغرق عمرك في واحد منها طلباً للاستقصاء؛ فإن العلم كثير والعمر قصيرء وهذه العلوم آلات ومقدمات وليست مطلوية لعينها بل لغيرها فكل ما 07٤ يطلب لغيره فلا يليق أن تنسى من أجله المطلوب وتستكثر /منه فاقتصر من شائع علم اللغة على ما تفهم به كلام العرب» وتنطق به» ومن غريبه على غريب القرآن وغريب الحديث» ودع التعمق فيه واقتصر من النحو على: ما يتعلق بالكتاب والسنةء ومن علم الكلام ما تحتفظ به التوحيد والاعتقاد من تشويش المبتدعة على نفسك واختلاسها قلوب العوام من معتقدي مذهب المسلمين» وكن متيقظاً لمكايد النفس متحرزاً من شياطين الجن والإنس. وبالجملة فالمُرضي عند العقلاء أن تعد نفسك في الدنيا وحدك مع الله تعالىء وبين يديك الموت والعرض والحساب والجنة والنار تأمل فيها بعينيك واشتغل فيما بين يديك ؛ ودع عنك ما سوى ذلك والسلام. مثال لهذه العلوم في سلوك طريق الأخرةء ذكر معنى ذلك الغزالي في كتابه فقال: اعلم أنه لا يهمك إلا شأنك في الدنيا والاخرة. قال: وإذا لم يكن الجمع بين ملاذ الدنيا ونعيم الأخرة كما نطق به القرآن» وشهد له من نور العقل والبصائر ما يجري مجرى العيان› فالاهم ما یبقی أبد الأباد. قال: فعند ذلك تصير الدنيا منزلاء والبدن مركباء والأعمال سعياً إلى المقصدء ولا مقصد إلا لقاء الله تعالىء فيه النعيم كلهء وإن كان لا يعرف في هذا العالم قدره إلا الأقلون. قال: والعلوم بالأضافة إلى سعادة لقاء الله تعالى على ثلاث مراتب تفهمها بالموازنة بمٹال قال : وهو أن العبد الذي علق عتقه وتمكينه من الملك بالحج وقيل له: إن حججت وأتممت وصلت إلى العتق والملك جميعاء وإن ابتدأت بطري يق الحج والاستعداد له» وعاقك () راجع إحياء علوم الدين (۳۹/۱٠ ١٤). قنطرة العلم ‎Yo‏ ‏في الطريق مانع ضروري؛ فلك العتق والخلاص من شق الرق فقط دون سعادة الملك””' . قال : فله ثلائة أصناف من الشغل : الأول: تهيئة أسباب شراء الناقة وخرز / الراوية وإعداد الزاد. الثانى: السلوك ومفارقة الوطن بالتوجه إلى الكعبة منزلاً بعد منزل. الثالث: الاشتغال بأعمال الحج ركناً بعد ركن ثم بعد التزوع عن هيثة الإحرامء وطواف الوداع استحقاق التعرض للملك والسلطنة . وله في كل مقام منازل من أول إعداد الأسباب إلى آخرهاء ومن أول سلوك البوادي إلى آخره ومن أول أركان الحج إلى آخره؛ وليس قرب من ابتداً بأركان الحج من السعادة كقرب من هو بعد في إعداد د اراس ول ترب من ادا یلو لآو منه ٩ . قسم : بدي رى فا ال ورال وراه اق وهو عل الب ولق وما بلق بمصالح البدن في الدنيا . وقسم : يجري مجرى سلوك البوأدي وقطع العقباتء وهو تطهير الباطن عن كدورات الصفات وطلوع تلك العقبات الشامخةء التي عجز عنها الأولون والأخرون إلا الموفقون» فهذا قال: فكما لا يغني علم المنازل وطرق البوادي دون سلوكهاء كذلك لا يغني علم تهذيب الأخلاق دون مباشرة التهذيب» لكن المباشرة دون العلم غير ممكنة . وقسم ثالث : يجري مجری نفس الحج وأركان وهو العلم بالله عز وجل وصماته وملائكته وأفعاله في جميع ما تقدم ذكره في ترجمة علم المكاشفة . قال: وهاهنا نجاة وفوز بالسعادة: فالنجاة حاصلة لكل سالك الطريق» إِذا كان غرضه المقصد وهو السلامةء وأما الفوز بالسعادة فلا ينالها إلا العارفون وهم المقربون المنعمون في جوار الله عز وجل بالروح والريحان وجنة النعيم. قال : : فما الممنوعون من ذروة الكمال فلهم النجاة والسلامة / كما قال تعالى : فنا | (۱) راجع الإحياء (۱/ ۳٥). () راجع المصدر السابق. [٢۲/ب] ن [٦۲۱/ب] ‎ 9( ويروى عنه أنه كان يصلي يوماً في جامم البصرة فسقطت ناحية من المسجد فاجتمع الناس لذلك؛› ولم يشعر به حتى انصرف من الصلاة . وكان علي بن أبي طالب إذا حضر وقت الصلاة يتزلزل ويتلون. فقيل له: ما لك يا أمير المؤمنين؟! فيقول: جاء وقت أمانة عرضها الله عز وجل على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها واشفقن منها . )۱( رواه الأزدي في الضعفاء من حديث سويد بن غفلة مرسلاً كان البي يي إذا سمع الأذان كأنه لا يعرف أحدا من الناس. قاله العراقي في المغني (۱/ ١١۱). () ذكره الغزالي في الإحياء (١/٠١٠). )۳( راجع المصدر السابق. (٤) راجع المصدر السابق. )0( راجع المصدر السابق. )1٦( راجع المصدر السابق. (۷) راجع المصدر السابق. قنطرة الصلاة ‎۳YV‏ وروي عن علي بن الحسين أنه كان إذا توضاً اصفر لونهء فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء. فيقول: أتدرون بين يدي من أريد أن أقو م . وعن ابن عباس رضي الله عنه / آنه قال: قال داود عليه السلام: إلهي من يسكن بيتك [۰٠٦1/۳] وممن تتقبل منه الصلاة؟ فأوحى الله تعالى إليه: إنما يسكن بيتي واتقبل الصلاة منه من تواضع لعظمتي› وقطع نهاره بذکري› وكفً نفسه عن الشهوات من أجليء يطعم الجائع › ويأوي الغريب › ویرحم المصاب› فذلك الذي يضيء نوره في السماء کالشمس إن دعاني لبه › وإن سألني أعطيتهء اجعل له في الجهل علمء وفي الغفلة ذكراء وفي الظلمة نوراء وإنما مثله في الناس كالفردوس في الجنان› لا تتیبس أنهارهاء ولا تتغیر ثمارها" . ويروى عن حاتم الأصم أنه سئل عن صلاتهء فقال: إذا حان وقت الصلاة اسبغفت الوضوءء وأتيت الموضع الذي أريد الصلاة فيه فأقعد فيه حتى تجتمع جوارحي» ثم أقوم في مصلاي فأجعل الكعبة ِن حاجبي » والصراط تحت قدمي ٥ والجنة عن يميي ؛ والنار عن يساري» وملك الموت ورائي وأظنها آخر صلاتي» ثم أقوم بين الرجاء والخوف فأكبر تكبيراً بتحقيق» وأقرأ قراءة بترتيل» واركم ركوعاً بتواضع» وأسجد بتخشع وأجلس على التمام› فصل اعلم أرشدك الله وإيّانا لطاعتهء أن الخشوع ثمرة الإيمانء ونتيجة اليقين الحاصل بجلال الله تعالى وعظمتهء ومن رزق ذلك فإنه يكون خاشعاً في الصلاةء وفي غيرها بل في جميع خلواته إن موجب الخشوع معرفة اطلاع الله تعالى على العبدء ومعرفة جلاله› ومعرفة / تقصير ]1/۳۱[ العبد في حق عظمته تعالىء فمن هذه المعارف يتولد الخشوع › وليست مختصة بالصلاة . ولذلك روي عن بعضهم : أنه لم يرفع رأسه إلى السماء أربعين سنة حياء من الله تعالى وفي كتاب الغزالي قال: وكان الربيع بن خْثيم فيما بلغنا من شدة غضه للبصرء (١) راجع المصدر السابق. () راجع المصدر السابق. () راجع المصدر السابق. (8) الإمام القدوة العابد أبو يزيد الثوري الكوفي أحد الأعلامء أدرك زمان الي ىء وأرسل عنه. . قيل توفي = ‎۳Y۸‏ قنطرة الصلاة وإطراقه إلى الأرض» يظن بعض الناس أنه أعمىء وكان يختلف إلى متزل ابن مسعود عشرين سنق فإذا رأته جاريته قالت لابن مسعود ‏ رحمه الله - صديقك ذلك الأعمى قد جاء. فكان يضحك ابن مسعود من قولها وكان إذا دق الباب تخرج الجارية إليه فتراه مطرقاً غاضاً بصرهء وكان ابن مسعود إذا نظر إِليه يقول: وبشر المخبتين أما والله لو رآك محمد يٍَ لفرح بك . ‏وفي لفظ آخر: للأحبك ومشى ذات يوم مع ابن مسعود على الحدادين» فلما نظر إلى الأكوار تنفخ» وإلى النيران تلتهب صعق وسقط وخر مغشياً عليه. وقعد ابن مسعود عند رأسه إلى وقت الصلاةء ولم يفق فحمله على ظهره إلى منزلهء فلم يزل مغشياً عليه إلى الساعة التي صعق فيهاء ففاتته خمس صلوات وابن مسعود عند رأسه يقول: هذا والله الخوف. ‏وكان الربيع فيما بلغنا يقول: ما دخلت في صلاة قط فأهمني فيها إلا ما أقولء وما يقال لي والله أعلم . ‏وروي عن أبي بلال مرداس”" رحمه الله : أنه اجتاز على أعرابى يهنأ بعيراً له بالقطرانء فلما رآ سقط مغشياً عليه ء فجعل الأعرابي يقرأ في أذنه ظن أنه مجنون» فلما أفاق قال له : ‏[/ب] ليس بي ما ظننت» ولكني رأيت القطران فتذكرت / قطران النار. فقال الأعرابي: لا جَرَي لا ‏أفارقك. ‏عليه فلم يزل الرجل يرش على وجهه الماء حتى أفاق ثم سارا فاستقبلتهما امرأة جسيمة بهية ذات كسوة وهيئة فلما نظر إليها أبو بلال سقط مغشياً عليهء فلم يزل صاحبه يرش الماء على جهه حتی أفاق فسارا فبينما هما يسيران إذا استقبلهما رجل على برذون فى هيئة عجيبةء أخلفه غلمان فلما نظر إليه أبو بلال سقط مغشياً عليه فلم يزل صاحبه يرش الماء على وجهه حتی أفاق. فقال له: ڀا أبا بلال يرحمك الله ما هذا الذي أرى؟ أما المرة الأولى: فقد علمت أنك عاينت النار بذلكء فحدّئني عنك حين رأيت المرأة والرجل؟ فقال: أما المرأة فإني لما رأيت عظمها وجسمها وما هي فيه ذكرت تقلبها في النار فکان ما رأييت. وأما الرجل = الربيع بن خثيم سنة خمس وستين . قاله الذهي في السير (4/ ۲58). (۱) ذکره آبو نعيم في الحلية (۲/١٠٠)› وابن سعد في الطبقات (١/ ۱۸۲). (1) هو: مرداس بن محمد بن الحارث بن عبد الله بن أبي بُردة بن صاحب رسول الله ي ابو موسی الأشعري. قال عنه الذهبي في سيره (٠0۸۲/۱) الإمام المحدث أحد علماء الكوفة. .. لينه الدارقطني. . .. وأظنه مات قبل الثلائين ومائتين؛ وكان من أبناء التسعين . ‎ ‎ قنطرة الصلاة ا فكنت أراه كثيراً وهو يشهد مجالس المسلمين› فذکرت سوابق الشقاء فکان ما رآیت . وذكر في سيرة الأشياخ أن رجلا من أهل تنضج”' كان يصلي على ظهر دکان فعمل في باطنه الإسفنج فلم يشم رائحته اشتغالاً بما هو فيه. وروي عن م داود امرأة بي هارون رحمه الله : نها كانت تصلي فدخل الحنش في كمهاء وخرج من الكم الاخرء ولم تكسر الصلاة. قالت : فحسیت لینه على فخذي . وكان عامر بن عبد الله فيما ذكر في كتاب الغزالي: من خاشعي المصلين قال: وکان إِذا ومنتصرفي إلى إحدى الدارين. قيل: فهل تجد شيئاً مما نجد من أمور الدنيا. فقال: لأن تختلف الأسنة في أحب إلى من أن أجد في الصلاة ما تجدون. وكان يقول فيما بلغنا: لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً. وكان مسلم بن يسار منهمء إذ لم يشعر فيما بلغنا بسقوط إسطوانة فى المسجد. وفي كتاب الغزالي قال: وتأكل طرف من أطراف بعضهم؛ واحتيج إلى القطعء ولم یمکن منه. فقيل : إنه في الصلاة لا يحس بما يجري عليه فقطعت وهو في الصلاة. وقال بعضهم : الصلاة من الأخرةء فإذا دخلت في الصلاة خرجت من الدنيا. وقيل لاخر: هل تحدث نفسك في الصلاة بشيء من أمر الدنيا؟ فقال: لا في الصلاةء ولا في غيرها. فهذه صفة الخاشعين؛ فثبت بما ذكرنا من الأخبارء والحكايات أن الأصل في الصلاة الخشوعء وإحضار القلب على ما سيأتي إن شاء اللء وإن مجرد الحركات قليل الجدوى›ء والمنفعة في الاخرةء وبالله التوفيق. الفصل الخامس: في فضل إتمام الأركان من الركوع والسجود وغير ذلك في الصلاةء اعلم أنه لا يستحق ثواب الصلاة إلا المقيمون لها بحدودها› ووظائفها؛ لأن المصلين كثير والمقيمين قليل. ولذلك عظم الله سبحانه الصلاة فقال: وَإنَهَا كير إلا عَلَى الْعَاشِين» الآية. (١) كذا في الأصل؛ والذي وقفت عليه في معجم البلدان: تنضب: وقال: قرية من أعمال مكة باعلى نخلة يها عين جارية ونخل. (۲) سورة البقرة الآية: ©4 . ۳۳۰ قنطرة الصلاة فکلما ذکر لله في كتابه صفة المؤمنين نسبهم في الصلاة إلى الإقامة بهاء فقال تعالى : «وأَوحي رهم عل لْحَيْرَاتِء وَإَِام السلا( الآية. وقال تعالى : «وَالَمُقِيمِيَ الصّلاة€”. [٤/ب] الذين يقيمون الصلاة في أمثالها. وقال في المنافقين: / فول لِلْمُصَلي€”°. وقال: «وَإدَا فَامُوا إلى الصَلاَو قَامُوا كُسَالي€”. في أمثالهاء لأن الصلاة هي خدمة الله الله تعالى خلق سبع سموات وحشاها بالملائكة يسبحون الليل والنهار لا يفترون وتعبدهم بأنواع العبادات؛ فاهل سماء قيام حتى ينفخ في الصورء وأهل سماء ركع واهل سماء سجدء واهل ويستغفرون لمن في الأرض من المؤمنين فجمع الله عبادتهم كلها على اختلافهم فيها للمسلمين في صلاة واحدة لينالوا حظاً من عبادة أهل السموات» وزادهم القرآن يتلونه فيهاء فدلٌ ما ذكرنا أن الصلاة أمر عظيمء وفرض جسيم وأنها معدن البرء وأساس الخيرء والإتيان بها على الكمال أمر شديد: إلا عَلى اَلْحَائِِينَ * الَذِينَ بَطْتُونَ أَهُمْ مُلاتوا رَبَهمْ وَأَهُمْ زه رَاجِعُون»”*. ولذلك قال عيسى عليه السلام: مثل الصلاة المكتوبة كمثل الميزان من أوفى استوفى . وعن يزيد الرقاشي أنه قال: كانت صلاة رسول الله يِل مستوية كأنها موزونة. وجاء عن رسول اله ی آنه قال : إن الرجلين من أمتي ليقومان إلى الصلاة› وركوعهما وسجودهما واحد؛ وأن ما سن صلاتيهما ما بين السماء والأرض»”. فيل : أشار بذلك إلى الخشوع . وعنه يل أنه قال : « ينظر الله عز وجل إلى عبد لا يقيم صلبه في رکوعه وسجوده» "٩ . وعنه (١) سورة الأنبياء إلآية: ۷۳. (۲) سورة النساء الآية: ١١۱. (۳) سورة الماعون الأية: £ . () سورة النساء الآية: ١٤٠. () سورة البقرة الآيتان: 4° › £6. () رواه ابن المحبر في العقل من حديث أبي أيوب الأنصاري بنحوه؛ وهو موضوع؛ ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن ابن المحبر. قاله العراقي في المغني (۱/ ۷٤۱). (۷) رواه أحمد من حديث آبي هريرة بإسناد صحيح. قاله العراقي في المصدر السابق. قنطرة الصلاة ‎o‏ ۳۳۱ يد أنه قال: «أما يخاف الذي يحول وجهه / في الصلاة أن يحول الله وجهه وجه حماره. ‏ [١٦1/۳] وعن ضمام بن السائب بإسناده إلى حذيفة بن اليماني عن رسول اله يِل أنه قال: «أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخر ما تفقدون الصلاقة حتى يقول آخر هذه الأمة: ما فينا منافق› ولا کافر وإنا لأولياء الله حقأ وحق على الله أن يدركهم الدجال». وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال على المنبر: إن الرجل ليشيب عارضه في الإسلام› وما أكمل لله صلاته. قيل: وكيف ذلك؟ قال: لا يتم خشوعها وتواضعها وإقباله على الله عز وجل فيها. وروي عنه آنه رأی رجلا لم يحسن صلاته. بقيام وركوع › وسجود؛ فعلاه بالدرة فقال : والله لا نتركك تظهر النفاق بين أظهرنا. وسئثل أبو العالية عن قوله تعالى: «الَذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَِهِمْ سَامُونَ»”. فقال: هو الذي يسهو عن صلاته فلا يدري على كم ينصرف عن شفع أم وتر. وأتكر عليه الحسن فقال: هو الذي يسهو عن وفت الصلاة حتى يخرج. وقال بعضهم: هو الذي إن صلاها في أول الوقت لم يفرحء وإن أخرها عن الوقت لم وعن مطرف بن عبد الله رفع الحديث إلى عبد الله بن مسعود قال: بينما هو جالس في مسجد الكوفة: إذ دخل رجل بعد العصرء فجعل يصلي ولم يحسن صلاته في قيام ورکوع وسجود. قال ابن مسعود : ألا من محتسب يقوم فيضرب عنق هذا؟! وروي عن الحسن أنه قال: كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع . | وقال بعضهم: إن العبد يسجد السجدة عنده / أنه تقرّب إلى الله تعالى بهاء ولو قسمت [٦1/۲] ذنوبه فى سجدته على أهل مدينته لهلكوا. قيل: وكيف ذلك؟ قال: یکون ساجداً عند الله تعالی وقلبه مصغ إلى هوی» أو مشاهد لباطل قد استوی عليه . وعن حذيفة رضي الله عنه أنه نظر إلى رجل يصلي لا يقيم ظهرهء فلما فرغ قال : اتالم (۱) رواه ابن عدي في عوالي مشايخ مصر من حديث جابر: ما يؤمنه إذا التفت.. .٠ قال منكر بهذا الإسصناد وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة: «أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله وجهه وجه حمار». قاله العراقى فى المصدر السابق. (۲) سورة الماعون الآية: £ . ۳۳۲ قنطرة الصلاة ظهرك؟ قال: لا. قال: أما إنك لو مت على حالتك هذه كنت مخالفاً لسنة رسول الله عليه السلام. وأ حسب أني رأيت في بعض الاثار: أن رجلا خفف رکوعه وسجوده فقال له ابن مسعود منذ كم تصلي هذه الصلاة؟ قال : منذ أربعين سنة أو ما شاء الله . فقال: له ما صليت منذ أربعين سنة. وجاء عن النبي عليه السلام أنه قال: «من صلى الصلاة لوقتهاء فأسبغ وضوءهاء وأتم ركوعها وسجودها وخشوعها عرجت وهي بيضاء مسفرة تقول : حفظك الله كما حفظتني › ومن صلى الصلاة لغير وقتهاء ولم يسبغ وضوءهاء ولم يتم ركوعهاء ولا سجودها؛ ولا خحشوعها عرجت وهي سوداء مظلمة تقول: ضيّعك الله كما ضيعتني» حتى إِذا كانت بحیث شاء الله لفت كما يلف الثوب الخلق فيضرب بها وجه صاحبها»٩. وروي عنه يِل أنه قال: «ما ترون في الشارب» والسارق» والزاني»؟ وذلك قبل أن ينزل فيهم قالوا: الله ورسوله أعلمء قال: «هن فواحش وفيهن العقوبةء وأسواً الناس سرقة الذي يسرق من صلاته» قالوا: وكيف يسرق صلاته؟ قال: «لا يتم ركوعها ولا سجودها»٩. والآثار والأخبار في تعظيم الصلاة كثير كثيرة جداً ويكفي في ذلك تعظيم الله إٍياها في کتابه [۷٦۳/ ب] / في غير موضع قال تعالی : و ْح الات 4 . فبداً أعمالهم بخشوع الصلاق وختمها بالمحافظة عليهاء ثم عاب الإنسان وذمَهُ بالجزع. والهلع. والمنع للخير إلا أهل الصلاة فقال : ان اَلإنسَانَ ۷ مَلوعاً» إلى قوله : ول صي فوصفهم بحسن أعمالهم› » فختمها بالمحافظة على الصلاة. فقال: وَالْذِينَ هُمْ عَلى صَلاَهِمْ بحَافِظُونَ وليك في جات مُُرَمُون. ثم ندب إليها رسوله فقال: ئل ما وجي إِليكَ ن الكتاب وَأقم الصّلاة. ففي () رواه الطبراني في الأوسط من حديث أنس بسند ضعيف» والطيالسيء والبيهقي في الشعب من حديث عبادة بن الصامت بسند ضعيف نحوه. قاله العراقي في المغني (1/ 48 0)۱ () قال العراقي عنه مختصراً في المئني (۱4۸/۱): رواء أحمدء والحاكم وصحح إسناده من حديث قتادة. () سورة المؤمنون الأية: ١. )٤( سورة ة المعارج | الآيتان: ۹ ٢۲. () سورة ة المعارج الأيتان : ٤۳o_۳.‏ )۱( سورة العنكبوت الاية : ٥. قنطرة الصلاة ۳۳۳ تلاوة القرآن جميع الطاعة واجتناب جميع المعاصي؛ ثم خصنٌ الصلاة بالذكرء وأمره أن يأمر أهله بها فقال: ومر ُلك بأَلصَلاَةٍ وَأضطبر عَليهَا€. ثم أمر المؤمنين فقال: «وَاسْتَِنُوا بالصّبْر وَألصّلاة4” الآية. وكذلك لما أخبر عن المؤمنين الأولين فقال: «وَالَذِينَ يُمَسُكُونَ بألكتاب وَأفامُوا الصَلاَة إا لا نضِيْع أَجرَ ملحن" . في أمثالها مما يطول به الكتاب . وحضلٌ عليها رسول الله ييو في جميم حالاته حتى عند خروج نفسه فقال: «الصلاة الصلاة». وفي لفظ آخر: «الصلاة الزكاة وما ملكت اليمين». ثم قال رفيم الدرجات: «هل بلغت؟ء؟. ثم لم يتكلم بعدها فيما قيل» والله أعلم. الفصل السادس: في فضل صلاة الجماعة والوعد في تارکھا وعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله يي يقول: «ما من ثلاثة في قرية ولا في بدوء ولا تقام فيهم الصلاة إلا وقد استحوذ عليهم / الشيطان». ]1/۳۸[ ثم قال عليه السلام: «وعليك بالجماعةء وإنما يأكل الذئب القاصيةء”° . قال الراوي للحديث : يعني بالجماعة الصلاة في الجماعة . وفي حدیٹ بي هريره کال : کال رسول الله ار : «لقد هممت أن آم بالصلاة فتقام» ثم مر رجلا يصلي بالناس» ثم انطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق علہ بيوتهم»٩. ومن طریق آخر قال عليه السلام : «لقد هممت أن آمر فتيتي فيجمعوا لي حزما من حطب ثم أتى قوماً يصلون في بيوتهم ليست بهم علة فاحرقها عليهم). (١) سورة طه الآية: ۱۳۲. () سورة البقرة الآأية: 45 . () سورة الأعراف الآية: ١1۷. () أطراف الحديث عند: أبى داود في الستن الأدب (٤۱۳)ء وأحمد في المسند (٦/٠۲۹)ء الحاكم في المستدرك (۳/ 0۷)› أبن سعد في الطبقات (1:۲: 44). () أطراف الحديث عند أبي داود في السئن (الصلاة ب 7٤)ء النسائي في المجبى (۲/٦١٠)ء الدارمي في الستن (١/ ١) الحاكم في المستدرك (١/6٤۲)؛ والبيهقي في السنن (۳/ ٤0)٠ () متفق عليه. قاله العراقي في المغني (۱48/۱). ۳۳ قنطرة الصلاة فيل للراوي: عن أبي هريرة الجمعة عَنِيَ أو غيرها. قال: صمت أذناي إن لم أكن سمعت أبا هريرة يأثره عن رسول الله يي ما ذكر الجمعة ولا غيرها. وعن عبد الله بن مسعود رحمه الله قال: من سره أن یلقی الله مسلماً فلیحافظ على الصلوات المفروضات حيث ينادي بهن في الجماعةء فإن الله تعالى شرع لنبيكم سنن الهدى› وإنهن من سنن الهدىء ولقد أتى علينا زمان» وما يتخلف عنهن إلا منافق؛ معلوم نفاقه› ولعمري لو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبیکم» ولو ترکتم وفي لفظ آخر: لكفرتم. ولقد رأيت الرجل يتهادى بين اثنين حتى يقام في الصف . وعن ابن عباس عنه يو أنه قال: «من سمع المنادي فلم يمنعه من إتباعه عذر لم تقبل [/ب] منه الصلاة التي صلى» قيل: وما العذر؟ قال: / «خوف أو مرض». فقال ابن مكتوم: يا رسول الله إني رجل ضرير شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني فهل لي من رخصة أصلي في بيتي؟ قال: «هل تسمع النداءء؟ قال: نعم. قال: «لا أجد لك رخصةء. ويقال: كان بينه وبين المسجد واد من نخل فأمر عليه السلام أن يشد له حبل من بيته إلى المسجت فکان يمشي إليه . ومن طریق آخر قال ابن مكتوم: يا رسول الله إن المدينة كثيرة السباع والهوامء فقال: «أما تسمع حي على الصلاة حي على الفلاح فحيهلا». وأما فضلها فقد قال عليه السلام: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفْذ بسبع وعشرين درجة». وعن عثمان بن عفان عنه يلر أنه قال : «من صلى العشاء في جماعة كان كقيام ليلة». وعن أو بن كعب قال: صلى بنا رسول الله يل يوماً الصبح فقال: «أشاهد فلان»؟ قالوا: لاء قال: «أشاهد فلان»؟ قالوا: لا قال: «إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقينء ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموها ولو حبواً على الركب» وإن الصف الأول على مثل صف الملائكةء ولو علمتم ما فضيلته؛ لابتدرتموه وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل» وما كثر فهو أحب إلى اللها. () رواه الطبراني في الأوسط من حديث أنس بسند ضعيف» والطيالسي؛ والبيهقي في الشعب من حديث عباد بن الصامت بسند ضعيف نحوه. قنطرة الصلاة ‎۳۳o‏ وفي بعض آثار قومنا عن أبي سعيد الخدري عنه عليه السلام أنه قال: «أتاني جبريل عليه السلام بعد العصرء ومعه سبعون آلف ملك فقال لي: يا محمد إن الله يقرئك السلامء ويقول لك: قد أهدى لك هدية / قال: فقلت يا جبريل وما هذه الهدية؟ قال: صلاة الوتر وصلاة [۲۷۰/أ] الخمس في الجماعة فقلت له: يا جبريل وما لأمتي من صلاتها في الجماعة؟ فقال: يا محمد إن كانا اثتين كتب الله لكل واحد منهما بكل ركعة ثواب مائة وخمسين صلاة وإِن کانوا ثلاثة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة ثلثمائة صلاة وإن كانوا أربعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة ستمائة صلاةء وإن كانوا خمسة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة ثواب آلف صلاة ومائتي صلاةء وإن كانوا ستة كتب الله لكل واحد منهم لكل ركعة ثواب ألفي صلاةء وأربعمائة صلاةء وإن كانوا سبعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة أربعة آلاف صلاة وثمانمائة صلاةء وإن كانوا ثمانية كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة ثواب تسعة آلاف صلاة وستمائة صلاةء وإن كانوا تسعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة ثواب تسعة وعشرين آلف صلاة ومائتين صلاةء وإن كانوا عشرة كتب الله لكل واحد منهم ثواب ثمانية وثلائين ألف صلاة وأربعمائة صلاة فإن زادوا على العشر فلو كانت البحار مداداء والأشجار أقلاماء والثقلان كتاباً لم يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة واحدة من صلاة الجماعة. يا محمد تكبيرة ركعة واحدة يكبرها المصلي المؤمن مع الإمام خير له من مائة آلف دينار يتصدق بها على المساكينء وسجدة واحدة يسجدها المؤمن مع الإمام خير له من عبادة سنةء وركعة واحدة يركعها المؤمن مع الإمام خير له من عتق رقبة» والله أعلم . وعنه ي أنه قال: / «من صلى أربعين يوماً صلاة الصبح في جماعة لا تفوته منها تكبيرة [1/۳۷۱] الإحرام كتب الله له براءتين براءة من النفاق وبراءة من الناره "٠ وعن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : من سمع المنادي ثم لم يحب لم يرد خيراً ولم يرد به. وعن أبي هريرة أنه قال: لأن تمتليء أذن ابن آدم رصاصاً مذاباً خير له من أن يسمع ويقال: إنه إذا كان يوم القيامة يحشر قوم وجوههم كالكوكب الدري فتقول لهم الملائكة: ما كانت أعمالهم؟ فيقولون: كنا إذا سمعنا الأذان قمنا إلى الطهارة ولا يشغلنا عنها (١) رواه الترمذي من حديث أنس بإسناد رجاله ثقات قاله العراقي في المغني (١/۸٤0)۱ ۳۳ قنطرة الصلاة غيرهاء ثم تحشر طائفة وجوههم كالأقمار فيقولون بعد السؤال: كنا نتوضاً قبل الوقتء ثم تحشر طائفة وجوههم كالشموس فيقولون بعد السؤال: كنا نسمع الأذان في المسجد. ويروى أن البي يَأ قال: «اتاني آتيان في نومي فقالا: انطلق معنا فانطلقت معهما فأتياني على رجل مضطجع وإذا باخر قائم على رأسه بصخره يهوي بها إلى رأسه فیشدخه بھاء ثم يأخذها ويرجع بها إليه فما يصل إليه حتى يرجع رأسه كما كان يفعل به مثل المرة الأولى فقلت: سبحان الله ما هذا؟! فقالا لي : إنه كان ينام عن صلاة العتمة» . ويقال: صلاة العشاء تثقل على من كان قبلنا ويكره النوم قبلها والحديث بعدها لأنها كالطابع على العمل . ويروى أن قوماً كانوا في سفر لا يستنزلون الله إذا نزلواء ولا يستجمعون على إمام [۳۷۲/ ب] فعمیت أبصارهم فنودوا ذلکم / بأنكم لا تستنزلون الله إذا نزلتم » ولا تستجمعون على إمامء فتابوا إلى الله وتضرعوا فرد الله عليه أبصارهم . ويقال عن سعيد بن المسيب أنه قال: ما أذن المؤذن منذ عشرين سنة إلا وأنا في المسجد. وعن محمد بن واسع أنه قال: ما أشتهي من الدنيا إلا ثلائة: أخاً في الله إن تعوجت قوّمني» وقوتاً من الرزق عفواً بلا تباعة» وصلاة في جماعة يرفع عني سهوها ويکتب لي فضلها. وعن النخعي قال: مثل الذي يؤم بالناس بغير علم كمثل الذي يكيل الماء في البحر لا يدري زیادته من نقصانه . ويقال: من أخذ تكبيرة الإحرام مع الإمام كمن أنفق مائة ناقة سود الحدق. ویروی أن السلف كانوا يعزون أنفسهم ثلاثة أيام إِذا فاتهم التكبير الأولء ويعزون سبعا إذا فاتتهم الجماعة. وفي حديث أبي هريرة عن رسول الله يل أنه قال: «من توضاً فأحسن وضوءه ٹم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله تعالى مثل أجر من صلاها أو حضرها ولا ينقص ذلك من أجورهم شا . والله اعلم. (١) أطراف الحديث عند: أحمد في المسند (۲/ ۳۸۰)› 1۱۷/8٠ ١10)› (1/ ١8٠)› والبيهقي في السنن الكبرى (1۹/۳)› والبغوي في شرح السنة (۳/ ٢٤۳). () راجع في الباب إحياء علوم الدين للغزالي (١/ 8٤٠5 44 1). قنطرة الصلاة ‎۳۳V‏ ‏الباب الثاني فى كيفية الأعمال الظاهرة من الصلاة اعلم أنه ينبغي للمصلي إذا فرغ من الوضوء وطهارة الخبث من البدنء والثيابء والمكانء ومن ستر العورة من السرة إلى الركبة للرجلء وجميع البدن للمرأة هذا أقل السترةء وإن كان الثوب واسعاً فليستر الرجل / ظهرهء وعامة بدنه. فإن خرج إلى المسجد فليخرج بنية [1/۳۷۳] الزيادة» ويدخل المسجد بنية العبادةء ويتتصب للصلاة قائماً متوجهاً إلى القبلة بنية الخدمة لله تعالى بالعبودية مقراً له بالربوبية. وليقم الصلاة وليؤذن أولاً إن رجا من يصلي معهء ولينتصب للصلاة جاعلا بين رجليه مقدار مسقط نعل أو أربعة أصابع يراوح بذلك بين قدميهء ولا يضمهماء فإن ذلك فيما بلغنا مما يستدل به على فقه الرجلء هذا ما يراعي في رجليه عند القيام. ويراعي في ركبتيه ومعقد حزامه الانتصاب» وأما رأسه فإن شاء تركه على استواء القيام» وإن شاء أطرقه قليلاء والاطراق أقرب للخشوع› وأغض للبصرء وليكن بصره محصوراً على مصلاه في موضع سجوده؛ فإن لم يکن مصلا فلیقرب من جدار أو ليخط خطاً؛ فإن ذلك يقصر مسافة البصر ويمنع تفرق الفكر. ولا يخالف بين رجليه ولا يقف على أطراف أصابع إحدى رجليه وذلك هو الصفن المنهي عنهء وليرسل يديه إرسالا مع بدنه» وليتخشع لله بقلبه› وجميع جوارحهء وليستقبل القبلة بوجهه وقلبهء وليعلم أنه مأمور بالصلاة والتوجيه بها إلى القبلة. وليعرف صلاته تلك؛ ويومهء وشهره» وليرج ثواب الله في أداء فرضه خائفاً من عقابه في تضييع شيء من أوامره» فإٍذا استوى قيامه واستقباله» وتخشعه فليحضر النية على أداء صلاة معينة حضرية أو سفرية ويقول: رب إنى عملت سوعءاً وظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت / اللهم أعني على أداء فريضتك التي فرضت علي أن أؤدي صلاة الظهر فريضة [٤1/۳۷] افترضتها عليّء ويقول بقلبه هذه الألفاظ ليتميز بقوله: أؤدي عن القضاء وبالفريضة عن النقلء وبالظهر عن العصر. ولتكن معاني هذه الألفاظ حاضرة في قلبهء فإنها النيةء والألفاظ مذاكرة» وليجتهد أن يستديم النية إلى آخر التكبير حتى لا تغرب عن قلبه» فإذا حضر هذه الألفاظ كما ذكرنا فإنه يقول: اللهم أعني على أداء فرضك الذي افترضت علي بأن أؤدي صلاة الظهر فريضة افترضتها على في يوم معلوم» وشهر معلوم» متقرباً بها إليكء راجياً بها ثوابك› خائفاً بها من عقابك» مستقبلً بها فرض قبلتك» وهي الكعبة التي هي قبلة لأهل المسجد الذي هو قبلة لأهل مكة التي هي قبلة لأهل الحرم الذي هو قبلة لأهل الأرض. إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما آنا من المشركينء إن صلاتي ونسكي ومحياي ۳۳۸ قنطرة الصلاة ومماتي لله رب العالمين لا شريك لهء وبذلك أمرت وأنا من المسلمينء سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك؛› ولا له غيرك الله أكبر. وينبغي له أن يذ يضم الهاء من «الله» بضمة خفيفة من غير مبالغة ولا يدخل بين الهاء والألف شبه الواوء وذلك ينساق إليه بالمبالغةء ولا يدخل بين باء أكبر ورائه ألفاً كأنه يقول: اكبارء ويجزم التكبير ولا يضمهء فإذا كبر . فليسكت مقدار ما يبلغ ريقهء وليقل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويعجم الذال من أعوذ ثم [۳۷/ب] يقرا بسم الله الرحمن الرحيمن سراً في قراءة السر / وجهراً في قراءة الجهر. ثم يقرا فاتحة الكتاب بتمام تشديداتها وحروفها جهراً في مواضع الجهر» وذلك في الصبح والركعتين الأولتين من المغرب» والعشاءء ثم يقر سورة إن قدر أو ثلاث آيات من القرآن فما فوقها بعد الفاتحة جهراً ومعنى الجهر تحريك اللسان بقطع الحروف حتى يسمع أذنيه. وإن كان في صلاة السر اقتصر على الفاتحة وذلك في الظهر والعصر والركعة الأخيرة من المغرب والأخيرتين من العشاءء ومعنى السر تقطيع الحروف باللسان دون أن يسمع الأذنء وإن لم يحرك لسانه فذلك تكييف ولا تجزيه. والمستحب في قراءة الصبح أن يقرأ من طوال سور المفصل من سورة محمد عليه السلام إلى: «ترَل الي بيده الْْلْتْ€. ثم إلى عبس» ويقر في العتمة من عبس إلى : «وَالفَر€°. . وفي المغرب من: نَا 4 إلى: فل هُو الله أحَد4. يقرا في الصبح في السفر من السور القصار من: إا رل4 إلى: لفل يا ايها الكافرو” . وإِن قرأ بغیر ما ذکرنا فجائل ثم إذا فرغ من قراءة السورة فليفصل بين القراءة وتكبير الركوع بقدر قوله سبحان الله . ثم يركع بتکبیر یمده إلى انتهاء الركوعء وليمد ظهره مستوياً رأسه مع عنقه كالصفيحة الواحدةء لا يكون رأسه اخفض ولا أرفع. وليضع كفيه على ركبتيه وأصابعه منشورة موجهة نحو القبلةء ولينصب ركبتيه ولا يثنيهماء وليجاف مرفقيه عن جنبيه» والمرأة تضمهما. وليقل: سبحان ربي العظيم ثلاثاًء وإن زاد عن الثلائة إلى سبعة 0 /ب] فلا بأس إن لم يكن إمامً. ثم يرتفع / من الركوع إلى القيام معتدلاً حتى يرجع كل عضو إلى مفصله وليقل : سمع الله لمن حمده إن کان وحده»؛ وإن كان مع إمام فليقل : رينا ولك الحمد (١) سورة الملك الآية: ١. (۲) سورة الفجر الآية: ١. (۳) سورة القدر الآية: ١. () سورة الإخلاص الآية: ١. (٥) سورة الزلزلة الآية: ١. (١) سورة الكافرون الأية: ١. قنطرة الصلاة ۳۳۹ ثم يهوي إلى السجود مكبراً فيضع ركبتيه على الأرض ثم كفيه مكشوفة فة ثم جبهتهء وليکن أول ما يقع على الأرض منه ركبتاه› ثم يداه ثم بعد ذلك جبهته مع أنفه وليجاف مرفقيه عن جنبيه» وبطنه عن فخذيهء والمرأة في جميع ذلك تضمهاء وليضع يديه على الأرض بين أذنيه وركبتيه» وليضم أصابعهما ولا يفترش ذراعيه على الأرض كافتراش الكلب» وليوصل إلى الأرض أكثر أصابع رجليهء وليسبح ثلائة يقول: سبحان ربي الأعلى وإن زاد على ثلاة فحسن إلا إن كان إماماً فليقتصر على الثلاث ثم يرقع راسه من السجود مكبراً حتى يطمثن جالساً معتدلاً حتى يرجع كل عضو إلى مفصله. وليقعد بين رجليه وظاهر اليسرى مما يلي الأرضء وليضع يديه على فخذيه منشورة أصابعهما ثم يرجع إلى السجود مرة ثانيةء وليفعل فيها كما فعل في الأولىء ثم يقوم إلى الركعة الثانية ولا يعتمد على يديه في حين القيام إلا أن يكون شيخاً كبيراً فلا بأس» والذي ينبغي له أن يقوم من الأرض كقيام المهر إذا تمرغ في الأرض ولا يقدم إحدى رجليه في حالة القيامء ويمد التكبير حتى يستغرق ما بين القعود إلى انتهاء القيام» كما يمده في حال هبوطه إلى السجود مداً يستغرق ما بينهماء ثم يصلي الركعة الثانية كالأولى» ثم يجلس للتشهد واضعاً ظهر قدمه اليمنى في أخمص اليسرى» وظاهر اليسرى مما يلى / الأرض. ]۳۷/ ‎(Î‏ وآما المرأة فلتفض إلى الإرض بأوراكهاء وترد رجليها إلى الجانب الأيمن فليقراً التحيات إلى التشهلدت وليقم بالتكبير إلى إتمام الصلاةء ثم يفعل في بقية صلاته كما تقدم ثم يجلس في آخرها للتشهد حتى يتمهاء ثم يسلم تسليمة واحدة يقول: السلام عليكم يصفح بها وجهه على اليمين» ثم الشمال وينوي به الخروج من الصلاة. وقيل: ينوي به التسليم على الحفظةء ولا يسلم المأموم حتى يفرغ الإمام من التسليم› وليحذف السلام حذفاً ولا يمده فهو السنة فهذه هيئة صلاة المنفرد وبالله التوفيق”". فصل في المناهي الواردة في الصلاة وقد نهى رسول الله يَأ عن الصفن والصفد في الصلاة: فالصفن: هو رفع إحدى الرجلين مع القيام على أطراف أصابعها ومنه قوله تعالى: «لصَاَاتُ اَلْحيَائ4”°. )۱( راجع إحياء علوم الدين (۱/ ١١٠ ١٤١٠). () سورة صل الآية: ۳۱. ٣٤۳ قنطرة الصلاة وأما الصفد: فهو اقتران القدمين معا ومنه قوله تعالى : «مُقَرَينَ في الأَصْفَاد€°. ونهى عليه السلام في الصلاة عن إقعاء الكلب» وهو عند أهل اللغة أن يجلس الإنسان على مقعدتيه ناصباً ركبتيه» ويجعل يديه على الأرض كالكلب . وعند أهل الحديث: أن يجلس على سافقيه جاثياء وليس على الأرض إلا رؤوس أصابع الرجلين. ونهي عن التفاتء ونقر الديكء وذلك في الركوع والسجودء ونهى عن النظر قل الوجهء ونهى عن افتراش الذراعين في السجود كما يفعل الكلب . ونهى عليه السلام عن لباس السدلء والكفت» وعن الاختصارء وعن الصلبء وعن المواصلةء وعن صلاة الحاقنء والحاقبء والحازقء وعن صلاة الجائعء والغضبان› والمتلثم وهو ستر الوجه. . ]۳۷۸/ ب[ أما السدل: فمذهب أهل الحديث فيه فيما / ذكر فى كتاب الغزالى هو أن يلتحف بثوبء ويدخل يديه من داخل فيركع ويسجد كذلك وكان هذا فعل اليهود في صلاتهم فنهوا عن التشبه بهم والقميص في معنا ولا ينبغي أن يركع ويسجد ويداء داخل القميص. ورخص في ذلك آخرون وهو فعل الربيع رحمه الله فيما ذكر أبو سفيان محبوب بن الرحيل رحمه الله ولباس السدل عند أصحابنا هو أن يضع وسط الإزار على رأسهء ويرسل طرفيه عن يمينه وشماله من غير أن يجعلهما على كتفيه؛ وقيل : هو لبس الإزار على الطول كما تسدل الدواب. والله أعلم . وأما الكفت: فهو أن يرفع ثيابه من بين يديه أو من خلفه إذا أراد السجودء وقد يكون الكفت في شعر الرأس فلا يصلين وهو عاقص شعرهء والنهي في هذا للرجال خاصةء وفي الحديث: «أمرت أن أسجد على سبعة أراب» ولا أكفت شعرء ولا ثوب وأما الاختصار: فهو أن يضع يديه على خاصرتيه ويجافي بين عضديه في القيام . والصلب: في معناه فيما وجدت. وأما المواصلة: فهي أربعة اثنان على الإمام وهو أن لا يصل قراءته بتكبيرة الإحرام ولا ركوعه بقراءته» واثنان على الماموم: وهو أن لا يصل تكبيرة الإحرام بتكبيرة الإمام ولا (1) سورة إيراهيم الآية: ٩4 . (۲) متفق عليه من حديث اين عباس. قاله العراقي في المغني (15۷/۱). قنطرة الصلاة ٢٤۳ وأما الحاقن : فمن البول. والحاقب : من الغائط . والحازق : صاحب الخف الضيق؛ء إن کل ذلك يمنع الخشوع وفي معناه الاجائع والمهتم. وفهم نهي الجائم في قوله عليه السلام: «إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤا يا'ء اء إلا أن يضيق الوقت أو يكون ساكن القلب»” . وي الخبر : ‎yy‏ يدخلن أحدكم الصلاة وهو متعصب ”٠ ولا يصلین أحدكم / وهو [۳۷۹/ ‎[Î‏ ‏غضبان». ولذلك قال الحسن: كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع. وي الحديث : «سبع أشياء فى الصلاة من الشيطان: الرعاف» والنعاس» والوسوسة› والتثاؤب» والحكاك؛ والالتفات إلى الشيء»” . وزاد ‏ بعضهم : «السهو› والشك». وقال بعض السلف: أربعة في الصلاة من الجفاء: الالتفاتء ومسح الوجهء وتسوية الحصباءء وأن تصلي بطريق من يمر بين يديك . ونهى أيضاً أن يشبك بين أصابعهء أو يفرقهماء أو يستر وجههء أو يضع كفه على الأخرى» أو يدخلهما بين فخذيه في الركوع . وحكي عن بعض الصحابة قال: كنا نفعل ذلك فنهينا عنهء ونهى عن صلاة الرجل وهو يدافع الأخبثينء وأن ينفخ في الأرض عند السجود للتطهير . ويكره العبث بشيء من جوارحه» وأن يحمل في فمه أو في غيره ما يشغله عن الصلاةء وأن يسوي الحصباء بيده فإنها أفعال مستغنى عنها. ولا يستند في قيامه إلى حائط فإن استند () متفق عليه من حديث ابن عمر. قاله العراقي في المرجع السابق. (۲) كذا في الأصل وفي الإحياء والمغني (١/47٤۱): «مقطب». وقال العراقي: لم أجده. (۳) روا الترمذي من رواية عدي بن ثابت عن أبيه عن جده فذكر منها الرعاف والنعاس» والشاؤب» وزاد ثلائة أخرىء وقال حديث غريب» ولمسلم عثمان بن أبي العاص: يا رسول اللهء إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي الحديث» وللبخاري من حديث عائشة في الالتفات في الصلاةء وهو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة أحدكم؛ وللشيخين من حديث أبي هريرة: التثاؤب من الشيطان ولهما من حديث أبي هريرة: إن أحدكم إذا قام يصلي جاء الشيطان فلبس عليه صلاته حتى لا يدري كم صلى. ٢٤۳ قنطرة الصلاة فيه ؛ ولا في شيء من مغابن جسدهء ولا یمس جسده حديد؛ ولا نتحاس»؛ ولا رصاص» ولا ذهب» ولا حرير. ولا يستقبل النائمء ولا الميت› ولا النارء ولا العجل ولا جميع ما له صورة؛ وشرح هذه المعاني يطولء فلیرجع فيه المسترشد إلى کتب الصلاة› أو سؤال اهل التقى من العلماء . وقد روي عن علي بن أبي طالب أنه قال: إن في الصلاة اثني عشرة مسألةء يجمم ذلك أركان الصلاةء وبالله التوفيق” . فصل في تمييز فرائض الصلاة من سننها وفضائلها [/ب] / اعلم أنَا قد ذكرنا هيثة الصلاة هاهنا مشتملة على ما فيها من الفرائض والسنن والفضائل وذلك مما ينبغي لمريد طريق الأخرة أن يراعى جميعها لأن الله تعالى قد أوجب علينا الصلاة وجعل لها أصولاً وأركاناً لا تتم إلا بها فمن ترك شيئاً منها عامداً انتقضت صلاتهء وإن كان ساهياً إستدرك وسجد للسهو. وسن فيها رسوله عليه السلام سنناً واجبات أكيداتء فمن تعمد ترك شىء منها عامداً أعاد صلاته؛ وإن سهى سجد للسهوء وجعل فيها فضائل مندوباً إليها من أحزرها أجر ومن تركها لم يؤزر وبالله التوفيق . أما جملة فرائضها فعشرون منها عشرة قبل الدخول فيهاء وعشرة بعد الدخول. فاللواتي قبل الدخول فيها: إحداها: الطهارة من الأحداث» وإزالة النجس قبل الطهارة . والثانية: طهارة الثوب. والثالئة : طهارة البقعة المصلى عليها. والرابعة: دخول الوقت لأدائها. والخامسة : الستر للعورة من الركبة إلى السرة للرجل وللمرأة الحرة جميع جسدها ما خلا الوجه والكفين من زينتها. والسادسة: القيام مع القدرة في حال فعلها. () راجع إحياء علوم الدين في هذا الباب (۱/٠٦١٠› ١١٠). قنطرة الصلاة 37 والسابعة: استقبال القبلة في جميعها. والثامنة : النية بالقلب عند التلبس بها. والتاسعة: استصحاب حكم النية في سائرها. والعاشرة: العلم بكيفيتها. وأما العشرة التي بعد الدخول فيها: فإحداها: الإحرام بلفظ التكبير أو ما يقوم مقامه عند بعضهم في أولها. والثانية : القراءة بأم القرآن فصاعداً . والثالثة : الركوع فيها. والرابعة: الاعتدال في الركوع والرفع منه في قول بعضهم. والخامسة: / السجود بعد الركوع . والسادسة: الفصل بين السجدتين والاعتدال فيهما على قول بعضهم . والسابعة: الجلوس بعده. والثامنة : التحيات على اختلاف بعض العلماء في أيتها الفريضة اللأولى أو الأخيرة منها. والتاسعة: ترتيب الأفعال في جميعها. والعاشرة: استصحاب الخشوع فيها من أولها إلى آخرها. وسننها عشرون أيضاً. إحداها: الأذان لها في المساجد» وحيث الأئمة فرض على الكفايةء وسنة لكل أحد في خاصة نفسه للرجال دون النساء . والثانية: الإقامة للصلاة في حق الرجال. والثالثة : الصلاة بالجماعة. والرابعة: التوجيه. والخامسة: الاستعاذة بعد التكبير . والسادسة: قراءة البسملة . والسابعة: قراءة السور مع أم القرآن في الركعتين الأولتين من المغربء والعشاءء ولركعتي الفجر . والثامنة: الجهر بالقراءة في موضع الجهرء وهو فيما قدمنا مع صلاة الجمعة. [Î /۳۸۱[ [۳۸۲/ بپ[ ٤٤۳ قنطرة الصلاة والتاسعة: الإسرار بفاتحة الكتاب في الظهر والعصر وآخر المغرب والعشاء. والعاشرة: الإنصات لقراءة الإمام ذا جهر. والحادية عشر: قراءة فاتحة الكتاب للمأموم وراء امام . والثانية عشر: تكبير الركوع والسجود إلا عند الرفع من الركوع فيقول الإمام أو المنفرد: سمع الله لمن حمده ويقول المأموم : ربنا ولك الحمد. والثالثة عشر: التعظيم في حال الركوع ثلاث . والرابعة عشر: التسبيح في حال السجود ثلاث . والخامسة عشر: السجود على سبعة آراب . والسادسة عشر: التحيات مع الإسرار بها. والسابعة عشر: التسليم منها. والثامنة عشر: التيامن بالسلام على اليمين / ثم اليسار. والتاسعة عشر : الدعاء بعد الصلاة . والمشرون: الصلاة على النبي عليه السلام . وفضائلها عشر : إحداها: الأذان للمسافر. والثانية : الإقامة للنساء . والثالثة : توجيه إبراهيم عليه السلام . والرابعة : إطالة القراءة في الصبحء وتخفيفها في المغرب» وتوسطها في العشاء. والخامسة: مباشرة الأرض بالجبهة والكفين عند السجود مع إيصال الأئف. والسادسة: التجافي في الركوع والسجود بالضبعين عن الجانبين . والسابعة : الدنو من السترة للإمام› والمنفرد. والثامنة: الصلاة أول الوقت. والتاسعة: وضع البصر في موضع السجود. والعاشرة: المشي إليها بالوقار والسكينة. والله أعلم. قنطرة الصلاة ٥٤۳ فصل فإن قال قائل: تمييز فرائض الصلاة عن سننها معقول إذ تفوت صحتها بترك ركن من أركانها دون بعض سننها. فأما تمييز السنن عن الفضائل فغير معقول؛ لأنه إن كان الكل مأموراً به فما معنى سجود السهو لجبر السنة دون الفضيلةء فإن كان العقاب يتوجه لترك السنة فهي لاحقة بالفرض» وإ كان لا يتوجه فما معنى تمييزها عن الفضيلةء إذ كان العقاب لا يتوجه إلى ترك الكل والثواب مرجو على الكل . فاعلم أن اشتراك الجميع في الثواب والعقاب» والاستحباب لا يدفع تفاوت درجاتهاء وسينكشف لك ذلك بمثال ذكره الغزالى فى كتابه قال: وذلك أن الصلاة كأنها صورة صورها الشرعء وتعبدنا باكتسابهاء ولا تكون كاملة إلا بمعان باطنةء وأركان ظاهرة كما أن اللإنسان صورة صوّرها الله سبحانهء ولا يكون إنساناً كاملا إلا بمعان باطنةء وأعضاء ظاهرة فالمعنى / الباطن هو الحياة والروح. ‎[Î /۳A۳]‏ والأعضاء الظاهرة قسمان: بعضها ينعدم الإنسان بانعدامها كالقلب» والدماغء والكبدء وكل عضو تفوت الحياة بفواته . والقسم الثاني: أعضاء لا تفوت الحياة بفواتهاء ولكن تفوت بها منافع الحياة: كالعينء واليدء والرجل» واللسان. وبعضها لا تفوت الحياة بفواتهاء ولا تبطل منافعهاء ولكن يفوت بها الحسن كالحاجبين واللحية والأهدابء وحسن اللون. وبعضها لا يفوت بها الحسن والجمال ولكن يفوت بها الكمال: كاستقواس الحاجبينء وسواد شعر اللحية وتناسب خلقة الأعضاءء وامتزاج الحمرة بالبياض في اللون فهذه درجات» فكذلك العبادة صورة صورها الشرع › وأمرنا الله بامتثالها فروحها وحياتها الباطنة هي الخشوع» والإخلاص» والنيةء وحضور القلب كما سيأتي إن شاء الله فتحن الآن فى أجزائها الظاهرةء والركوعء والسجود» والقيامء وسائر الأركان تجري منها مجرى القلب» والدماغ» والكبد في صورة الإنسان إذ يفوت وجود الصلاة بفواتها. والسنن التي ذكرناها من الإسرار واللإجهار والتكبير في الركوعء والسجود› والتعظيم» والتسبيح» وسائرها يجري منها مجرى اليدين» والعينين» والرجلين لا تفوت الصلاة بفواتها بالسهو كما لا تفوت الحياة بفوات هذه الأعضاءء ولكن يصير الشخص بسبب فواتها مشوه الخلقة مذموماً غير مرغوب فيه» فكذلك من اقتصر على فرائض الصلوات دون سننها لا ٢٤۳ فنطرة الصلاة تقبل منهء فلذلك يجبر نقصانها بسجود السهو؛ لأن من أهدى إلى ملك من الملوك جارية حي [٤/ب] مقطوعة الأطراف / مشوهة الخلقة فقد استخف بالملك» وتعرض للعقوبة. وأما الفضائل والهيئثات من إتمام الصلاة› وهيئه اللباس وآول الوقت وسائر ذلك من الفضائل التي هي وراء السنن فتجري مجری أسباب الحسن من الحاجبين › واللحية› والأهداب› وحسن اللون. وأما الهيئات» ولطائف الأداب في تلك السنن من إطالة القراءة والتفكر فيهاء وطول السجودء والدعاءء غير ذلك فهي مكملات للصلاة تجري مجرى استقواس الحاجبين › وإستدارة اللحيةء وغيرها من أسباب الحسن والجمالء فالصلاة عندك قربة وتحفة تتقرب بها إلى ملك الملوك وتتحفه بها إلى ملك الملوكء وتتحفه بها كجارية يهديها طالب القربة إلى بعض السلاطين يتقرب بها إليهء وهذه التحفة تعرض على الله عز وجل ثم ترد عليك يوم العرض الأكبر فإليك الخيرة في تحسين صورتهاء أو تقبيحها فإن أحسنت فلنفسك» وإن أساءت فعليها. ولا ينبغي أن يكون حظك من ممارسة الفقه أن يتيمز لك السنة عن الفرض ثم يتعلق بفهمك إنه يجوز تركها إذ كانت فضيلةء ولا تستدرك إذا كانت أكيدةء إذ لا عقاب عليها فتتركهاء فإن ذلك يشبه قول الطبيب إن عمش العينينء وتشويه الخلقة لا يبطل وجود الاأنسان› ولكنه لا يقبله السلطان إذا أهدي إليه بل ربما يعاقب مهديه إِليه إذ كان ذلك استخفافاً بحقه فهكذا ينبغي أن تفهم مراتب السنن›ء والهيئات» والفضائل فكل صلاة لا يتم الإنسان ركوعهاء وسجودها فهي التي تخاصم صاحبها في الدنيا قبل خصومة الرب تعالى يوم العرض الأكبر إِذ [/ ب] ورد / في الحديث أنها تقول: «ضيّعك الله كما ضيعتني» فطالع الأخبر. والآيات التي أوردناها في إتمام أركان الصلاة يظهر لك وقعها. وسنشير بعد هذا إن شاء الله إلى شرح معانيها الباطنةء وفهم أسرارها الخفية ما تزداد به يقيناً إن شاء الله وبه الحولء والتوفيق» ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم” . الباب الثالث في الشروط الباطنة من أعمال القلب فى الصلاة وهذا الباب يشتمل على ثلائة فصول: (١) راجع إحياء علوم الدين (١/ ۸٥٠٠ ۹٥1). قنطرة الصلاة ۷٧٤۳ إحداها: في ذکر ارتباط الصلاة بالخشوع › وحصور القلب . الفصل الثاني : في معانيها الباطنةء وحدودهاء وأسبابهاء وعلاجها. الفصل الثالث: فيما ينبغي أن يحضر في كل ركن من أركان الصلاة لتكون صالحة لزاد الأخرة وبالله التوفيق . الفصل الأول: في بيان اشتراط الخشوع وحضور القلب اعلم أن أدلة ذلك كثيرة فمن ذلك قوله عز وجل : ليم الصَّلاَة ِذِكرِي4”. فظاهر الأمر الوجوب والغفلة تضاد الذكرء فمن غفل في جميع صلاتهء كيف يكون مقيم الصلاة لذكره تعالى؟ وقوله تعالى : ولا تَكُن من ألفَافلِي ن4" . نهي ظاهره التحريم› وقوله عز واجل: تى تَعَلَمُوا ما َقُولُودَ€. تعليل لنهي السكران› وعو مطرد في القاقل المستفرق الهمة , في الوسواس وأفكار الدنيا. وقوله عليه السلام: «إنما الصلاة تمسكن وتواضع»° . حصرها بالألف واللامء وكلمة إنما للتحقيق› والتوكيد وقد فهم الفقهاء من قوله: إنما الشفعة فيما لم يقسم الحصر بين وفوله يَلوٍ: «من لم تنهه /صلاته عن الفشحاء والمنكر لم يزدد بها من الله إلا بعداً وصلاة الغافل لا تمنع من فحشاء الوساوس»*'. وعنه عليه السلام أنه قال: «کم من قائم حظه من صلاته التعب» والنتصب» وما أراد به إلا الغافل عن الاخلاص›ء وغیره من معاني الصلاة»”“ . (١) سورة طه الآية: ١٠. () سورة الأعراف الآية: ٢٠٠. (۳) سورة النساء الآية: £ . (8) رواه الترمذي والنسائي بنحوه من حديث الفضل بن عباس بإستاد مضطرب» قاله العراقي في المغني (١/١١۱). )0( وفيه أيضا: رواه علي بن معبد في کتاب الطاعة والمعصية من حديث الحسن مرسلاً بإستاد صحيح؛ ورواه الطبراني في الكبير واسنده ابن مردويه في تفسيره من حديث ت ي عباس بإسناد لين والطبراني من قول ابن مسعود من لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهه عن المنكر. ... الحديث وإسناده صحيح. 9( روی نحوه ابن ماجه عن آبي هريرة والنسائيء وأحمد وإسناده حسن. [Î ‏[٦۳۸/‎ ۸٤۳ قنطرة الصلاة وقوله عليه السلام أيضاً: «ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها»” ٠ والتحقيق فيه أن المصلي يناجي ربه عز وجل كما جاء في الحديث عنه عليه السلام أنه قال: «للمصلى ثلاث خصال؛ : البر يتناثر على رأسه من عنان السماء إلى مفرق راسهء والملائكة تحف به من لدن قدميه إلى أعنان السماءء وملك ينادي لو يعلم هذا العبد من يناجي ما انفلت». في أمثاله من الأحاديث» والكلام مع الغفلة ليس بمناجات البتة . وبيانه أن الزكاة وإن غفل الإنسان عنها فهي في نفسها مخالفة للشهوة شديدة على النفس؛ لأنها إخراج مال محبوب إلى النفس. وكذلك الصوم؛ قاهر للهوىء كاسر للشهوة التي هي آلة الشيطان عدو الله فلا يبعد أن يحصل منها المقصود إذا صحت النية في بدء الأمر مع الغفلة في سائر عملها. وكذلك الحج أفعال شاقة شديدةء وفيها من المجاهدة ما يحصل بها الابتلاء والامتحان› كان القلب حاضراً مع أفعالهء أو لم يكن إِذا صحت النية في ابتدائه . وأما الصلاة فليس فيها إلا ذكر وقراءة» وركوع؛ وسجود؛ وقیام» وقعود. أما الذكر: فإنه محاورةء ومناجات فلا يخلو أن يكون المقصود منه كونه خطاباً أو محاورة امتحاناً للقلب بالخضوع أو يكون المقصود منه الحروف» والأصوات امتحاناً للسان [۸۷/ب) بأعمال التصويت كما تمتحن المعدة والفرج /بالإمساك في الصوم؛ء وكما يمتحن البدن بمشاق الحج؛ء ويمتحن القلب بمشقة إخراج الزكاةء وانقطاع المال المعشوق» ولا شك أن هذا القسم باطل» فإن تحريك اللسان بالهذيان ما أخفه على الغافل؛ إذ ليس فيه امتحان من حيث أنه عمل؛ بل المقصود من حيث أنه نطق؛ ولا يكون نطقاً إلا إذا أعرب عما في الضميرء ولا يكون معرباً إلا بحضور القلب» فاي سؤال في قوله تعالى : «أَهْد ْنَا الصّرَاطً أَلْمَْْقيمَ». إٍذا كان القلب غافل وإذا لم يقصد كونه تضرعاء ودعاء؟ فأي مشقة في حركة اللسان به مع الغفلة لا سيما بعد إعتياد اللسانء ذلك هذا حكم الأذكار بل أفول لو حلف الإنسان وقال: لأشكرن فلاناء وأثنى عليهء وأسأله حاجة ثم خرجت الألفاظ الدالة على هذه المعاني على لسانه في )۱( لم أجده مرفوعاً وروی محمد بن نصر المروزي في کتاب الصلاة من رواية عثمان بن آبي دهرش مرسلاً لا يقبل الله من عبد عملا حتى يشهد قلبه مع یدنه ورواء بو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أي بن كعب ولابن المبارك ف في الزهد موقوفاً على عمار: لا يكتب للرجل من صلاته ما سھی عنه. قاله العراقي في المغني (١/ ١٦1). (۲) سورة الفاتحة الاية: 1٦. قنطرة الصلاة ۹٤۳ النوم؛ فيبعد أن يقال إن هذا بَرٌ في يمينه؛ ولو جرى هذا على لسانه في ظلمةء وذلك الإنسان حاضر» وهو لا يعرف حضوره ولا يراه لما صار باراً في يمينه» إِذ لا يکون کلامه خطاباً ونطقاً معهء ما لم يكن حاضراً هو في قلبه» ولو جرت هذه الكلمات على لسانه وهو حاضر في بیاض التهار إلا أن المتكلم غافل عنه لكونه مستغرق الهم بفكر من الأفكارء ولم يقصده بالخطاب عند نطقه لم يصر باراً في يمينهء ولا شك في أن المقصود من القراءة والأذكار الحمد» والثناءء والتضرع› والدعاء والمخاطب هو الله عز وجل وقلبه محجوب عنه بحجاب الغْفلة . فلا يراه ولا يشاهدهء بل هو غافل عن المخاطب ولسانه يتحرك بحكم العادةء فما أبعد هذا عن المقصود بالصلاة التي شرعت / لتصقيل القلبء وتجديد ذكر الله تعالى ورسوخ عقد الإيمان [۳۸۸/ آ] بذلك› هذه أحكام القراءة والذكرء وبالجملة فهذه الخاصية لا سبيل إلى إنكارها في النطق› وتمييزها عن الفعل . وأما الركوع والسجود: فالمقصود التعظيم بهما قطعاء ولو جاز أن يكون لله عز وجل بفعله» وهو غافل عنه لجاز أن يكون معظمًاً لصنم موضوعا بين يديهء وهو غافل عنه أو يکون معظماً للحائط الذي بين يديه وهو غافل عنهء وإذا خرج عن كونه تعظيماً لم يبق إلا مجرد حركة الظهر والرأسء وليس فيه من المشقة ما يقصد الامتحان بهء ثم يجعل عماد الدين والفاصل بين الكفر والإسلام؛› ويقدم على الحج وسائر العبادات» ويجب القَتل بسبب تركه على الخصوص» ما أرى أن هذه العظمة كلها للصلاة من حيث أعمالها الظاهرةء بلا أن يضاف إليها مقصور المناجات. فأما إذا أضيف إليها حضور القلب بالمناجات فحيسلٍ تقدم على الصوم؛ والزكاةء والحج؛ وغيره من القربات والضحايا التي هي مجاهدة النفس لتعظيم الملك الأعلىء قال الله تعالى: لن بَالَ الله لْحُومهَا ولا ماما ولك َال العو منْكُم4”. أي الصفة التي استوليت على القلب وغلبت عليه حتى حملته على امتثال الأوامر هي المطلوبة منكم» فكيف الأمر في الصلاة؟ فهذا ما يدل من حيث المعنى على اشتراط حضور القلب. فإن قال قائل : فإن حكمت ببطلان الصلاة وجعلت حضور القلب شرطا في صحتها فقد خالفت به إجماع الفقهاءء فإنهم لم يشترطوا حضور القلب إلا عند تكبيرة الأحرام . فاعلم أنه قد تقدم في قنطرة العلم أن الفقهاء لا ينظرون / في الباطنء ولا يشقون عن [1/۳8۹] القلوبء ولا في طريق الآخرة بل يبنون ظاهر أحكام الدنيا على ظاهر أعمال الجوارحء وظاهر الأعمال كاف لسقوط القتل وتعزير السلطان بفعل الصلاة. () سورة الحج الآية: ۳۷. ‎۳o.‏ قنطرة الصلاة ‏فأما إنه هل ينفع في الأخرة؟ فليس ذلك من حدود الفقه بعلم الأحكام الظاهرةء على أنه لا يمكن إِدُعاء الاجماع في هذا إِذ نقل عن الحسن أنه قال: كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع. ‏وعن سفيان الثوري أنه قال: كل صلاة امرؤ لم يخشع فيها القلب فسدت . ‏وعن معاذ بن جبل: إِذا عرف المصلى من على يمينه وشماله متعمداً وهو في الصلاة فلا ‏صلاة له . للعبد من صلاته إلا ما عقل منها»° . ‏ورفع أيضاً مسنداً إلى النبي يَأ واذعى مثل هذا الإجماع عبد الواحد بن زيد فيما ذكر الغزالي في كتابه . ‏وروي عن عمار بن ياسر رحمه الله عن النبي يو أنه قال: «إن العبد ليصلي الصلاة ولا يكتب له منها نصفهاء ولا ثلثهاء ولا ربعهاء إلى عشرهاء وإنما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها»“ . ‏وهذا لو نقل عن غيره لجعل مذهباً فكيف لا يتمسك به وما نقل من هذا الجنس عن الفقهاء المتورعين وعن علماء الأخرة المحتاطين أكثر من أن يحصى . ‏والحق: الرجوع إلى أدلة الشرع والأخبار» والآيات ظاهرة في هذا الشرط إلا أن مقام ‏[/ب] الفتوى في التكليف الظاهر يتقيد بقدر قصور الخلق فلا يمكن أن يشترط على الناس / إحضار ‏القلب في جميع الصلاةء فإن ذلك يعجز عنه كل البشر إلا الخاشعين المخلصين› وقليل ما هم وإذا لم يكن اشتراط ذلك في جميع الصلاة لضرورة العجز فلا بد أن يشترط منه ما ينطلق عليه الاسم ولو في اللحظة الواحدةء وأولى اللحظات لحظة تكبيرة الإحرام» فاقتصر الشرع في التكليف على ذلكء ونحن مع ذلك نرجو إن شاء الله أن لا يكون حال الغافل في جميع صلاته مثل حال التارك لها بالكليةء فإنه على الجملة أقدم على الفعل ظاهراً وأحضر القلب لحظةء وكيف لا والذي صلى مع الحدث ناسياً صلاته باطلة عند الله تعالىء ولكن له أجر ما ‏(١) سبق التعليق عليه قبل قليل. ‏(۲) رواه بو داود؛ والنسائي › وابن حبان من حديث عمار بن ياسر بتحوه. قاله العراقي في المغني (١/١١۱). ‎ ‎ قنطرة الصلاة 1 يحسب فعله » وعلی قدر قصوره وعذره› رمم هذا الرجاء فتخشى أن يکون حال الساهى أشد من حال التارك» وكيف لا والذي يحضر خدمة الملك ويتهاون بالحضرة› ويتكلم بكلام الغافل المستحقر أشد حالا من الذي يعرض عن الخدمةء وإذا تعارض أسباب الخوف والرجاء وصار الأمر مخطر في نفسه؛ فإليك الخيرة بعد في الاحتياط› والتساهل› ومع فلا مطمع في مخالفة الفقهاء فيما افتوا به من الصحة مع الغفلة فإن ذلك من ضرورة الفتوى كما سبق التنبيه عليه . ومن عرف سر الصلاة علم أن الغفلة تضادها فلنقتصر على هذا القدر من البحث» فإن فيه مقنعاً للمريد الطالب لطريق الأخرة. وأما المجادل المشغب فلسنا نقصد مخاطبته الأنء وحاصل الكلام أن حضور القلب هو روح الصلاةء فإن آقل ما یبقی به رمق الروح | لحضور عند التكبير فالنقصان منه هلاك فبقدر الزيادة عليه / تنبسط الروح في أجزاء الصلاةء وكم من حي لا حراك به قريب من ميت فصلاة [1/۳۹۱] الغافل في جميعها إِلا عند التكبير كحي لا حراك به» وبالله التوفيق”. الفصل الثاني: في بيان المعاني الباطنة التي بها تتم حياة الصلاة اعلم أن هذه المعاني تكثر العبارات عنهاء ولكن يجمعها ستة جمل وهي: حضور القلبء والتفهم» والتعظيم والهيبةء والرجاءء والحياء . فلنذكر تفاصيلهاء ثم أسبابهاء ثم العلاج في اكتسابها فيشتمل حينئلٍ هذا الفصل على الأولى : في ته تفصيل هذه المعاني. الثانية: في أسمائها. ل لجملة الأولى: في التفاصيل وفيها ستة أقسام : القسم الأول في حضور القلب: ومعناه تفريغ القلب عن غيرها هو ملايس لهء ومتكلم بء فيكون العمل بالفعل والقول مقروناً بهماء ولا يكون الفكر جارياً في غيرهماء ومهما انصرف الفكر عن غير ما هو فيه. وکان في قلبه ذكر لما هو فيه؛ ولم تكن فيه غفلة عن کل شيء هو مشتغل به؛ فقد حصل حضور القلب. () راجع هذا الباب في كتاب الإحياء (۱/ ۹٥٠۱ء ١١۱). ‎Poy‏ فنطرة الصلاة ‏القسم الثاني في التفهم لمعنى الكلام: وهو أمر وراء حضور القلب فربما يكون القلب ‏حاضراً مع اللفظ ولا يكون حاضراً في معنى اللفظء فاشتمال القلب على العلم بمعنى اللفظ ‏هو المراد بالتفهم» وهذا أمر يتفاوت الناس فيه؛ وإذ ليس يشترك الناس في تفهم المعاني ‏للقرآنء والتسبيحات» فك من معان لطيفة يفهمها المصلي في أثناء صلاتهء ولم تكن قبل ذلك ‏[۹/ب]حضرت بقلبه. فمن هذا الوجه كانت الصلاة ناهية عن الفحشاء والمنكر» فإنها / تفهم أمورء تلك الأمور تمنع عن الفحشاء لا محالة. ‏الثالث التعظيم : هو آمر وراء حضور القلب» والفهم» إذ الرجل يخاطب عبده بكلام هو حاضر القلب فيهء ومتفهم لمعناهء ولا يكون معظماً له فالتعظيم زائد عليهما. ‏الرابع الهيبة: وهي زيادة على التعظيم بل هي عبارة عن خوف منشأه التخويف» لأن من لا يخاف لا يسمى هاثباًء والمخافة من العقرب وسوء الخلق من العبدء وما يجري مجراه من الأسباب الخسيسة لا يسمى مهابة› بل الخوف من السلطان المعظم يسمى مهابةء فالهيبة خوف مصدره الإجلال. ‏الخامس الرجاء: ولا شك أنه زائكء فكم من معظم ملكا من الملوك يهابه إِذ يخاف سطوتهء ولكن لا يرجو مبرتهء والعبد ينبغي أن يكون راجياً بصلاته ثواب الله عز وجل» كما أنه خائف لتقصيره عقاب الله عز وجل . ‏السادس الحياء: هو زائد على الجملةء لأن مستنده استشعار تقصير وتوهم ذنبء ويتصور التعظيم › والخوف؛› والرجاء من غير حیاءء حیث لا يکون وهم تقصیر ٠ وارتکاب ذنب وبالله التوفىق” . الجملة الثانية: في أسباب هذه المعاني الستة : ‏أما حضور القلب: فإن سببه الهمةء فإن قلبك تابع لهمك؛ فلا يحضر إلا فيما يهمك› ومهما أهمك أمر حضر القلب شاء أم أب فهو مجبول عليه ومسخر فيه فالقلب إذا لم يحضر في الصلاة لم يكن متعطلاء بل كان حاضراً فيما ألهمه مصروفة إليه من أمور الانيا فلا حيلة ولا ‏7 /ب] علاج لأحضار القلب إلا بصرف الهمة إلى الصلاة والهمة /لا تتصرف إليها ما لم يتبين أن الغرض المطلوب متوط بهاء وذلك هو الإيمانء والتصديق بأن الآخرة خير وأبقىء وأن الصلاة ‏)۱( راجع إحياء علوم الدين )۱/۱٦۱٠ ۲١٦). ‎ ‎ قنطرة الصلاة ‎۳o۳‏ ‏وسيلة إلى الأخرة. فإذا أضيف هذا إلى حقيقة العلم بحقارة الدنياء ومهماتها حصل من مجموعها حضور القلب في الصلاةء وبمثل هذه العلة يحضر قلبك إذا حضرت بين يدي بعض الأكابر ممن يقدر على مضرتك» ومنفعتك فإذا كان لا يحضر عند المناجات مع ملك الملوك الذي بيده الملك والملكوت» والنفع والضرء فلا تظتن أنه سبباً سوى ضعف الإيمانء فاجتهد الآأن في تقوية اللإيمان وطريقه يستقصى في غير هذا الموضع إن شاء الله تعالى . وأما التفهم: فإن سببه بعد حضور القلب إدمان الفكرء وصرف الذهن إلى إدراك المعنىء وعلاجه هو علاج إحضار القلب مع الإقبال على الفكر والتشمر لدفع الخواطر الشاغلة هو قطع موادها أعني التزوع عن تلك الأسباب التي تنتجذب الخواطر إليهاء وما لم تنقطع تلك المواد لا تتصرف عنها الخواطرء فمن أحب شيئاً أكثر ذكره» فذكر المحبوب يهجم على القلب بالضرورةء فلذلك ترى أن من أحب غير الله لا تصفو له صلاة عن الخواطر . وأما التعظيم: فهي حالة للقلب تتولد في القلب من معرفتين : أحدهما: معرفة جلال الله عز وجل وعظمتهء وذلك من أصول الإيمانء فإن من لا يعتقد عظمته لا تذعن النفس لتعظيمه. والثانية: معرفة حقارة النفس وخستهاء وكونه عبداً مسخراً مربوبء فيتولد من المعرفتين الاستكانة والانتكسار / والخشوع لله سبحانه فيعبر عنه بالتعظيم » وما لم تمتزج معرفه حقارة [٤۳۹/] النفس بمعرفة جلال الرب لا تنتظم حالة التعظيم والخشوع› فإن المستغني عن غيره إلا من على نفسه يجوز أن يعرف من غيره صفات العظمةء ولا يكون الخشوع والتعظيم حاله؛ لأن القرينة الأخرى وهي معرفة حقارة النفس»ء وحاجتها لم تقترن إليه. وأما الهيبة والخوف: فحالة للنفس تتولد من المعرفة بقدرة الله تعالى وسطوتهء ونفوذ مشيئته فيه مع قلة المبالات به وأنه لو أهلك الأولين والأخرين لم ينقص ذلك من ملكه مثقال ذرةء هذا مم مطالعة ما يجري على الأثبياءء والأولياء من المصائب› وأنواع البلاء مم القدرة على الدفع على خلاف ما يشاهد من ملوك الأرض» وبالجملة كلما ازداد العلم بالله تعالى إزداد الخشية والهيية. وأما الرجاء : فسببه معرفة لطف الله عز وجل وکرمه وعميم إنعامه› ولطائف صنعه› ومعرفة صدقه في وعده الجنة بالصلاةء فإذا حصل اليقين بوعدهء والمعرفة بلطفه انبعث من مجموعها الرجاء لا محالة . ‎otf‏ قنطرة الصلاة ‏وأما الحياء: فاستشعاره التقصير في العبادةء وعلمه بالعجز عن القيام يعظيم حق الله تعالى» ويقوى ذلك بالمعرفة بعيوب النفس» وآفاتهاء وقلة إخلاصها وخبث دخلها وميلها إلى الحظ العاجل في جميم أفعالها مع العلم بعظيم ما يقتضيه جلال الله سبحانه» والعلم بأنه مطلِمْ على السريرةء وخطرات القلبء وإن دقت وخفيت وهذه المعارف إذا حصلت يقيناً انبعثت [۹/ب] منها بالضرورة حالة تسمى الحياء فهذه أسباب / هذه الصفات فكل ما طلب تحصيله فعلاجه إحضار سببه ففي معرفة السب معرفة العلاج :ورابطة جميع هذه الأسباب الإيمان واليقين أعني به هذه المعارف التي ذكرناهاء ومعنى كونها يقيناً إنتفاء الشك» واستيلاؤها على القلب كما سبق في باب اليقين والله أعلم٩. فصل اعلم أن القلب يخشع بقدر اليقينء ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله ي يحدثنا ونحدثه فإذا حضرت الصلاة فكأنه لم يعرفنا ولم نعرفه. ‏ويروى أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام: إذا ذكرتني فاذكرني وأنت تتتفض أعضاؤكء وكن عند ذكري خاشعاً مطمئناًء وإذ ذكرتني فاجعل لسانك من وراء قليك» وإذا قمت بين يدي فقم قيام العبد الذليلء وناجني بقلب وجل ولسان صادق”*. ‏وروي أنه أوحى إليه : قل لعصاة أمتك يذكروني؛ فإني آليت على نفسي أن من ذکرني ذكرتهء فإذا ذكروني ذكرتهم باللعنة. هذا في عاص غير غافل فكيف إذا اجتمعت الغفلة والعصيان؟ ! ‏وباختلاف المعاني التي قدمنا ذكرها في القلوب انقسم الناس إلى: غافل لا يتمم صلاته ‏ولم يحضر قلبه في لحظة منهاء وإلى من يتمم ولم يغلب قلبه في لحظة بل ریما کان مستوعب ‏الهم بهاء بحيث لا يحسى ما يجري بين يديه. ولذلك لم يحس مسلم بن يسار فيما بلغتا ‏ل ب] سقوط إسطوانة في المسجد اجتمعت الناس عليهاء وبعضهم يحضر الجماعة /مدةء ولم یعرف قط من على یمینه ویساره . ‏وما روي من أن وجيب قلب إبراهيم عليه السلام كان يسمع على ميل وجماعة كانت ‏)۱( راجع إحياء علوم الاين (١/ ۱۲١۱ء ١١۱). (۲) ذكره الغزالي في الإحياء (۳/۱١۱). ‎ ‎ قنطرة الصلاة ۲۰ تصفر وجوههم وترتعد فرائصهم وكل ذلك غير مستبعد؛ فإن أضعافه مشاهدة في همم بني الدنياء وخوف ملوك الدنيا مع ضعفهم؛ وعجزهم؛ وخساسة الحظوظ الحاصلة منهمء حتى يدخل الواحد منهم على ملك أو وزير ويحدثه بمهمة ويخرج من عنده؛ ولو سئل عن من حولهء أو عن ثوب الملك» لكان لا يقدر على الإخبار عنه لاشتغال همه بنفسه عن ثوبه وعن الحاضرين حوله› لوَلِكل دَرَجَات ممًا عَملوا» فحظ كل واحد من صلاته بقدر خوفه؛ وخشوعه›؛ وتعظيمه› فن موضع نظر الله سبحانه القلوب دون سائر الحركات. ولذلك قال بعض الصحابة: يحشر الناس يوم القيامة على مثال هيثتهم في الصلاة من الطمأنينة والهدوى ومن وجود النعيم بهاء واللذة. ولقد صدق؛ فإنه يحشر كل على ما مات عليهء ويموت على ما عاش عليهء ويراعي في ذلك حال قلبه لا حال شخصهء فمن صفات القلوب تصاغ الصور يوم القيامة في الدار الأخرةء ولا ينجو منها إلا من أتى الله بقلب سليم وبالله التوفيق”. الحملة الثالثة : في بيان الدواء النافع في حضور القلب: اعلم أن المؤمن لا بد أن يكون معظما لله عز وجل وخائفاً منهء وراجياً ومستحيباً من تقصيرهء ولا ينفك من هذه الأحوال بعد إيمانهء وإن كان قوتها بقدر قوة يقينه» فانفكاكه عنها في الصلاة لا سبب له إلا تفرق الفكر وتقسم الخاطر /وغيبة القلب عن المناجات» والغفلة عن الصلاةء ولا يلهى عن الصلاة إلا الخواطر الواردة [۳۹۷/ ۱) الشاغلةء فالدواء في إحضار القلب هو دفع تلك الخواطرء ولا يدفع الشيء إلا بدفع سيبه› وسبب موارد الخواطر إما أن يكون أمراً خارجاً أو أمراً في ذاته باطنا. أما الخارج : فما يقرع السمع أو يظهر للبصر؛ فإن ذلك قد يتخطف الهم حتى يتبعه ويتصرف فيه ثم تنجز منه الفكرة إلى غيرهء ويتسلسل فيكون الإبصار سبباً للأفكار ثم تصير بعض تلك الأفكار سبباً للبعض فمن قويت رتبته وعلت همته لم يلهه ما يجري على حواسهء ولكن الضعيف لا بد أن يتفرق به فكره. وعلاجه قطم هذه الأسباب بأن يقصر نظره في موضع سجوده أو على طرف أنفهء وأن يقرب من غض البصر حتى لا يحقق النظرء أو يصلي في بيت مظلم؛ أو لا يترك بین يديه ما يشغل حسه؛ء أو يقرب من حائط عند صلاته حتی لا تتسع مسافة بصره. ويحترز من الصلاة على الشوارع والطرقء وفي المواضع المنقوشة المصبوغةء وعلى الفرش المصنوعةء ولذلك كان المتعبدون يتعبدون في بيت مظلم صغيرء سعته بقدر )۱( سورة الأنعام الأية: ۱۳۲ . )۲( راجع إحياء علوم الدين في الفصل (١/ ۴١۱). قناطر الخيرات ج/١ م٤۲ ‎۳o‏ قنطرة الصلاة السجود» ليكون ذلك أجمع للهمم؛ والأقوياء كانوا يحضرون المساجدء ويغضون البصر ولا يجاوزون به موضع السجود ويرون كمال الصلاة في أن يعرفوا من على يمينهم وشمالهم . ‏وكان ابن عمر لا يدع في موضع الصلاة مصحفاً ولا سيفاً إلا نزعهء ولا كتابة إلا محاها. ‏[۳۹۸/ ب] وأما الأسباب الباطنة: فهي أشد؛ فإن من تشعبت به / الهموم في أودية الدنيا لم يتحصر فكره في فن واحد بل لا يزال يطير من جانب إلى جانب» وغض النظر لا يغنيه في ذلك» فان ما وقع في القلب من قبل كاف في الشغل فهذا طريقه أن يرد النفس قهر إلى فهم ما يقرأء في الصلاةء ويشغلها به عن غيره أو يعينه على ذلك بأن يستعد له قبل تكبيرة الإحرام ولو بطرفة عين ذكر الاخرةء وموقف المناجات؛ وخطر المقام بين يدي الله سبحانه» والعرض عليهء وهول المطلع؛ ويفرغ قلبه قبل التحريم بالصلاة من جميع ما يهمه فلا يترك لتفسه شغلا يلتفت إليه خاطره. ‏قال الأوزاعي : كانوا يستحبون ذكر المعاد وشبهه عند حضور الصلاة فإنه قلما قام رجل إلى الصلاة وقلبه مشغول بشيء إلا غلب عليه في صلاته . ‏وقد روي عن النبي عليه السلام قال لعثمان بن شيبة: «إني نسيت أن أفول لك تخمر القربتين”“ اللتين في البيت». أو قال: «القدر الذي في البيت». فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل الناس عن صلاتهم . ‏فهذا طريق تسكين الأفكار فإن كان لا يسكن هائج أفكاره بهذا الدواء المسكن› فلا ‏ينجيه إلا المسهل الذي يقطع مادة الداء من أعماق العروقء وذلك أن ينظر فى الأمور الشاغلة ‏الصارفة له عن إحضار القلبء ولا شك أنها تعود إلى مهماته» وأنها إنما صارت مهما بشهواته» فيعاقب نفسه بالتزوع عن تلك الشهوات بقطع تلك العلائقء فكل ما يشغله عن ‏[۹/ ب] صلاته فهو ضد دينهء وجند إبليس عدو فإمساكه / أضر عليه من إخراجهء فيتخلص عنه إخراجه كما روي أنه ي لما لبس الخميصة التي أتاه بها أبو جهم وعليها علم فصلى بها ثم ‏نزعها بعد صلاته وقال: «اذهبوا بها إلى أبي جهم؛ فنها ألهتني آنفاً عن صلاتيء واتوني ‏)۱( في الأاصل: «القرآن الذي في البيت؟ والتصويب من المغني› وقال العراقي فيه (١/١٤١٦۱): رواه بو داود من حديث عثمان الحجبي وهو عثمان بن طلحة كما في مسند أحمد ووقع للمصنف (أي الغزالي) آنه قال ذلك لعثمان بن شيية (كما هنا عند الجيطالي) وهو وهم. ‎O‏ ‎ ‎ فنطرة الصلاة ‎ov‏ ‏بأنبجانية ل . وهي كساة لابی جهم؛ وأمر يَلٍْ بتجديد شراك نعله ثم نظر إليه في الصلاة د كان جديداً فأمر أن يتزع عنهء ويرد الشراك الخلق. وكان يَف قد اتخذ نعلا فأعجبه حسنها فسجد وقال: «تواضعت لربي عز وجل کي لا يمقتني». ثم خرج فدفعها إلى آول سائل لقيهء ثم أمر علياً فيما بلغنا أن يشتري له نعلين سبتيين جرداوين فلبسهما. وکان يي في يده خاتم ذهب قبل التحريم› وكان على المنبر فرماه وقال : «نظرت إليه ونظرت إليكم»". وروي أن طلحة صلى في حائط له فيه شجر فأعجبه دبسي طار في الشجر يلتمس مخرجأء فأتبعه بصره ساعة ثم لم يدر كم صلى؟ فذكر لرسول الله يي ما أصابه من الفتنةء ثم قال: يا رسول الله هو صدقة ضعه حیث شعت"٩٩. وعن رجل آخر: آنه صلى في حائط له والنخل مطوقة بثمرها› فنظر إليه فأعجبء فلم يدر كم صلىء فذكر ذلك لعثمانء فقال: هو صدقة فاجعله في سبيل الله . فباعه عثمان بخمسين ألفاً. فكانوا يفعلون ذلك قطعاً لمادة الفكرة وكفارة لما جرى من نقصان الصلاةء وهذا هو الدواء القامع / لمادة العلةء ولا ينبغی غيره. وأما الذي ذکرناه من التلطلف بالتسكين [1/400] والرد إلى فهم الذكر فإنه إنما يتفم في الشهوات الضعيفةء والهمم التي لا تشغل إلا حواشي القلب. فأما الشهوة القوية المرهقة: فلا يتفم معها التسكين بل لا تزال تجاذبهاء وتجاذيك ثم تغلبك وتنقضي جميم صلواتك في شغل المجاذبةء ومثال ذلك: كمثل رجل تحت شجرة أراد أن يصفو له فكره فكانت أصوات العصافير تشوش عليهء فلم يزل يطيرها بعصى هي في يده ويعود إلى فكره» فتعود العصافير ويعود إلى تطبيرها بالعصاء فقيل له: إن هذا أسير السواني ولا ينقطع فإن أردت الخلاص فاقلع الشجرة. فكذلك شجرة الشهوة إذا اشتعلت في القلب (١) متفق عليه من حديث عائشة. قاله العراقي في المصدر السابق. () أخرجه أبو عبد الله بن حقيق في شرف الفقراء من حديث عائشة بإسناد ضعيف. قاله العراقي في المصدر السابق. (۳) رواه النسائي من حديث ابن عباس بإسناد صحيح وليس فيه بيان أن الخاتم كان ذهبا ولا فضة إنما هو مطلق. قاله العراقي في المغني (١/١١٦٠). (8) رواه مالك عن عبد الله بن أبي بكر أن أبا طلحة الأتصاري فذكره بنحوه. قاله العراقي في الموضع السابق. ‎۳o۸‏ قنطرة الصلاة وتفرعت أغصانها انجذبت إليها الأفكار انجذاب العصافير إلى الأشجار » وكانجذاب الذباب إلى الأنجاس والأقذارء والشغل يطول في دفعها؛ فإن الذباب كلما ذب آب» ولأجله سمي ذباباً. فكذلك الخواطر وهذه الشهوات كثيرةء وقل ما يخلو العبد منها ويجمعها أصل واحد وهو حب الدنياء وذلك رأس كل خطيئةء وأساس كل نقصان؛ ومنبع کل فساد» ومن انطوی باطنه على حب الدنيا حتى مال إلى شيء منها ليتزودها وليستعين بها على الاخرة فلا يطمعن في أن تصفو له لذة المناجات في الصلاة؛ فإن من فرح بالدنيا فلا يفرح بالله سبحانه وہمناجات وهمة الرجل مع قرة عينه» فإن كانت قرة عينه في الدنيا انصرف لا محالة إليها همه» ولكن مع [١/ب]هذا فلا ينبغي أن يترك المجاهدةء ورد القلب إلى الصلاة وتقليل الأسباب الشاغلة فهذا / هو ‏الدواء المر ولمرارته استبشعته الطباع فبقيت العلة مزمنة وصار الداء عضالاً حتى أن الأكابر اجتهدوا أن يصلوا ركعتين لا يحدّثون فيهما أنفسهم بشيء من أمر الدنيا فعجزوا عن ذلكء وذلك لا مطمع فيه لأمثالناء وليته يسلم لنا من الصلاة شطرها أو ثلثها عن الوسواس لنكون ‏وعلى الجملة فهمة الانيا وهمة الأخرة في القلب مثال: الماء الذي يصب في قدح فيه خل فبقدر ما يدخل فيه من الماء يخرج الخل لا محالة ولا يجتمعان. فنسأل الله العفو والعافية مما ابتلينا به من الشهوات إنه مقيل العثرات”° . ‏الفصل الثالٹ من هذا الباب: في بيان تفصيل ما ينبغي أن يحضر في القلب عند كل ركن وشرط من الأعمال ‏اعلم أيها المسترشد لسلوك طريق الاخرة أنه ينبغي لك أن لا تغفل أولا عن التنبيهات التي في شروط الصلاة وأركانها. ‏أما الشروط والسوابق: فهي الأذانء والطهارةء وستر العورةء واستقبال القبلةء ‏أما الأذان : فإذا سمعت نداء المؤذن فاحضر في قلبك هول النداء يوم القيامةء وتشمر بظاهرك وباطنك للإجابة والمسارعة؛ فإن المسارعين إلى هذا النداء هم الذين ينادون باللطلف يوم العرض الأكبرء » فاعرض قلبك على هذا النداء فإن وجدته مملوء بالفرح والاستبشار مشحوناً بالرغبة إلى الابتدار› فاعلم أنه يأتيك النداء بالبشرى والفوز يوم القضاء . ‏(۱) راجع إحياء علوم الدين (۱/١٦٠). ‎ ‎ فنطرة الصلاة ۳۰۹ ولذلك قال يَلأوٍ: «[بها]' أرحنا يا بلال». قیل في کتاب الغزالي معناه : ارحنا بالصلاة› وبالنداء إليهاء ِد كانت فرة عینه / فيها يلا . 7٤٤٤/1[ . وأما في الطهارة: فإذا أتيت بها في مكانك وهو طرفك الأبعدء ثم في ثيابك وهي غلافك الأقرب» ثم في بشترك وهو قشرك الأدنىء فلا تغفلا عن لبك الذي هو ذاتك وهو فلبك فاجتهد له تطهيراً بالتوبة» والندم على ما فرط منك › وتصميم العزم على الترك في وأما ستر العورة: فاعلم أن معناه تغطية مقابح بدنك عن أبصار الخلق؛ فإن ظاهر بدنك موقع نظر الخلق فما رأيك في عورات باطنك؟ وفصائح سريرتك التي لا يطلع عليها إل ربك عز وجل؟ جنود الخوف والحياء من مكامنهما فتذل بها نفسك» ويستكن تحت الخجلة قلبكء وتقوم بين يدي الله عز وجل قيام العبد المجرم الآبق الذي ندم فرجع إلى مولاه ناكساً رأسه من الحياء والخوف. وأما الاستقبال: فهو صرف ظاهر وجهك عن سائر الجهات إلى جهة بيت الله › أفترى أن صرف القلب عن سائر الأمور إلى أمر الله عز وجل ليس مطلوباً منك؟ هيهات› فلا مطلوب سواه وإنما هذه الظواهر تحریکات للبواطن › وضبط للجوارح وتسكين لها بالإثبات في جهة واحدة حتى لا تبغي على القلب» فإنها إذا بغت وظلمت في حركاتهاء والتفاتاتهاء إلى جهاتها استتبعت القلب وانفلتت به عن وجه الله عز وجل فليكن وجه قلبك مع وجه بدنك. واعلم أنه كما لا يتوجه الوجه إلى جهة البيت إلا بالصرف /عن غير فكذلك القلب لا [٤٤٤/]] يتصرف إلى الله عز وجل إلا بالتصريف عن ما سوى الله تعالىء وقد فال النبي يَيٍْ: «إذا قام () ما بين المعقوفين من الإحياى والمغني (۱/١١۱) وقال العراقي: رواء الدارقطني في العلل من حديث بلال› ولابي داود نحوه من حديث رجل من الصحابة لم يسم بإسناد صحيح. ۴۰ قنطرة الصلاة العبد إلى صلاته فكان هواه ووجهه وقلبه إلى الله عز وجل انصرف كيوم ولدته أمه». وأما الانتصاب قائماً: فإنما هو مثول بالشخص» والقلب بين يدي الله عز وجل وليكن راسك الذي هو أرفم أعضائك مطرقاً مطأطئاً مستكيناًء وليكن وضع الرأس عن ارتفاعه تنبيهاً على إلزام القلب التواضع والتذلل والتبرىء عن الترأس والتكبرء وليكن على قلبك هاهنا ذكر خطر المقام بين يدي الله عز وجل وهول المطلع عند التعرض للسؤالء واعلم في الحال أنك قائم بين يدي الله عز وجل وهو مطلع عليك. فقم بين يديه قيامك بين يدي بعض ملوك الزمان إن كنت تعجز عن معرفة كنه جلاله وعظمته تعالى» بل قر في دوام قيامك في صلواتك أنك ملحوظ ومرقوب بعين كالئة من رجل صالح من قومك وأهلك أو ممن ترغب في أن يعرفك بالصلاح؛ فإنه تهدا عند ذلك أطرافك؛› وتخشع جوارحك وتسکن جميع أجزائك خيفة أن ينسبك ذلك العاجز المسكين إلى قلة الخشوع؛ وإذا أحسست من نفسك بالتماسك»› عند ملاحظة عبد مسكين؛ فعاتب نفسك وقل لها: إنك تدعين معرفة الله تعالى وحبهء أفلا تستحيين من اجترائك عليه مع توقيرك عبداً من عباده؛ وتخشى الناس ولا تخشاه وهو أحق أن 7٤ /ب]تخشاه. ولذلك لما قال أبو هريرة: كيف الحياء من الله؟ فقال يَلٍِ: «فاستحي منه كما / تستحي من الرجل الصالح من أهلك». وأما النية: فاعزم على إجابة الله عز وجل في امتثال أمره بالصلاةء وإتمامهاء والكف عن نواقضهاء ومفسداتهاء والإخلاص بجميع ذلك لوجه الله سبحانه» رجاء لثوابه وخوفاً من عقابه رطلباً للقربة› متقلداً للمنة منه تعالى؛ لإذنه لك في المناجات مع سوء أدبكء وكثرة عصيانك وعظم نفسك» قر مناجاته وانظر من تناجي وكيف تناجي» وعند هذا ينبغي أن يعرق جبينك من الخجل وترتعد فرائصك من الهيبة ويصفر وجهك من الخوف. وأما التوجيه : فأول کلماته قولك: وجهت رجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وليس المراد بالوجه: وجه ظاهر البدن؛ فإنك إنما وجهته إلى جهة القبلةء والله سبحانه مقدس عن أن تحده الجهات حتى تقبل بوجه بدنك إليه. وإنما وجه القلب هو الذي يتوجه به إلى فاطر السموات والأرض» فانظر إليه أهو متوجه إلى أمانيك وهممك في البيت والسوق متبع (۱) قال العراقي في المغني (١۱/١١١): لم أجده. () رواه الخرائطي في مكارم الأخلاقء والبيهقي في الشّعب من حديث سعيد بن زيد مرسلاً بنحوه» وأرسله البيهقي بزيادة ابن عمر في السندء وفي العلل للدارقطني عن ابن عمر له وقال: إنه اشبه بالصواب لوروده من حدیث سعید بن زید أحد العشرة. قاله العراقي في المصدر السابق. قنطرة الصلاة ۱٦۳ للشهوات؟ أو مقبل على فاطر السموات والأرض؟ إياك أن يكون أول مفاتحتك للمتاجات بالكذب والاختلافء ولا ينصرف الوجه إلى الله تعالى إلا باتصرافه عما سوام فاجتهد في الحال في صرفه إليهء وإن عجزت عنه على الدوام فليكن قولك في الحال صادقاً. وإذا قلت : : حنيفاً ومعناه مسلماً ماثلاً عن غير الله إِليه فينبفي أن تخطر بالك أن المسلم هو الذي سلم المسلمون من لسانه ويدهء فإن لم تكن كذلك كنت كاذب فاجتهد في أن تعزم / عليه في الاستقبال وتندم على ما سبق من الأحوال. ]5 ° £/ ‎[î‏ فإذا قلت: وما أنا من المشركين» فاخطر ببالك الشرك الخفي فإن قوله تعالى: فَمَن كان يَرَجُو لِفَاءَ رَه ينمل عَمَلاً صَالحاً ولا شرك يمادق ره عدا . أنزل فيمن يقصد بعبادته وجه الله وحمد الناس فكن متتفياً من هذا الشرك وغيرهء واستشعر الخجلة في قلبك؛ إن وصفت نفسك بأنك لست من المشركين من غير براءة من هذا الشرك؛ فإن اسم الشرك يقع على القليل والكثير منه. وإذا قلت: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين› فاعلم أن هذا حال عبد مفقود عن نفسهء موجود لسيده» فإنه إن كان يصدر في إفعاله عن رضاه وغضبه في قیامه وقعوده ورغبته في الحياة ورهبته من الموت» فكان جميم ذلك لأمور الدنيا لم تكن ملائماً للحالء فاجتهد لإخلاص جميع أفعالك وأحوالك له تعالى والتبرىء عن حولك وقوتك إلا له تعالى . وأما التسبيح: في قولك: سبحانك اللهم؛ فاعتقد تنزيه الله تعالى عن جميع نقائص الصفاتء في قولك: تبارك اسمك وتعالى جدك: اعتقد تعظيم الله ووصفه بجميع محامد الصفات وكمال الذات؛ ولا إِله غيرك: اعتقد وحدانيته وإفراده عن خلقه بالألوهية والعبادة وأنه لا يشبه شيثاًء ولا يشبهه في اسم ولا صفة ولا ذات ولا فعل إلا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين . وأما التكبير : فإذا نطق به لسانك فينبغي أن لا يكذبه / قلبك› ون کان في قلبك شيء هر [٤٤٤/۱] أکبر من الله سبحانه فالله يشهد إنك لكاذب كما يشهد على المنافقين إنهم لكاذبون إذ يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم» فإن كان هواك أغلب عليك من أمر الله فأنت أطوع له منك لله عز وجل» فقد اتخذته إِلهاً وكبّرته فيوشك أن يكون قولك: الله أكبر كلاماً بمجرد اللسان وقد تخلف القلب عن مساعدته؛ وما أعظم الخطر في ذلك لولا التوبة والاستغفارء وحسن الظن (١) سورة الكهف الأآية: ١١٠. ۳۲ قنطرة الصلاة بكرم الله تعالى وعفوهء واعتقد بالتكبير تعظيم الله عن كل شيء؛ وحرّم على نفسك ما کان حلالا لك في غير الصلاة. وأما الاستعاذة: فإذا قلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فاعلم أنه عدوك ومترصد لصرف قلبك عن الله عز وجل حسداً لك على مناجاتك مع الله سبحانهء وسجودك له مع أنه لعن بسبب سجدة واحدة تركها ولم يوفق لهاء وأن استعاذتك بالل منه أن يعيذك منه هو ترك ما يحبه وتبديله بما يحب الله عز وجل لا بمجرد قولك: أعوذ بالل من الشيطان الرجيم؛ فان من قصده سبع أو عدو ليفتسره أو يقتله فقال له: أعوذ منك بذلك الحصن الحصين وهو ثابت في مكانه غير هارب منه» فإن ذلك لا ينفعهء بل لا يعيذه إلا بتبديل المكان والهرب› فكذلك من يتبع الشهوات التي هي محارب الشيطان ومكاره الرحمن فلا يغنيه مجرد القولء فليقترن قوله بالعزم على التعوذ بحصن الله تعالى من شر الشيطان وحصنه لا إله إلا اللهء إذ قال الله عز وجل [٠/بافيما روي /عنه: «لا إِله إلا الله حصني»”. والمتحصن به من لا معبود له سوى الله سبحانهء فأما من اتخذ لهه هواء فهو في ميدان الشيطان لا في حصن الرحمن . واعلم أن من مكايده شغله إياك في الصلاة بفكر الأخرةء وتدبير فعل الخيرات ليمنعك بذلك عن فهم ما تقرأ من القرآن» لأن كل ما يشغلك عن فهم معاني قراءتك فهو وسواس» فان حركة اللسان غير مقصودةء بل المقصود معانيهاء والله أعلم. وأما القراءة : فالناس فيها ثلاثة : رجل يتحرك لسانه وقله غافل › ورجل يتحرك لسانه وقلبه يتبع اللسان فيفهم ويسمع منه كأنه يسمعه من غيره وهي درجة أصحاب اليمين › ورجل سبق قلبه إلى المعاني أولاً ثم يخدم اللسان قلبه فيترجمه. ففرق بين أن يكون اللسان ترجمان القلب أو يكون معلم القلب»ء والمقربون لسانهم ترجمان يتبع القلب ولا يتبعه القلب. وتفصيل ترجمة المعاني أنك إذا قلت: يشم الله رَحُمْن الرحيم». فانوبه التبرك لابتداء القراءة لكلام الله سبحانه وافهم أن معناه أن: الأمور كلها بالله وأن المراد بالاسم هاهنا هو المسمى» وإذا كانت الأمور بالله سبحانه فلا جرم كان الحمد لله معناه: أن الشكر لله إذ النعم كلها من الله ومن یری من غير الله عز وجل نعمةء ُو () رواه الحاكم في التاريخ. وأبو نعيم في الحلية من طريق أهل البيت من حديث علي بإسناد ضعيف جداء وقول آبي منصور الديلمي إنه حديث ثابت مردود عليه. قاله العراقي في المغني (١/ ۷١۱). قنطرة الصلاة ۳٢ء يقصد غير الله سبحانه بشكر لا من حيث أنه مسخر له من قبل الله تعالی قفي : ميته وتحميده تقصان بقدر إلتفاته إلى غير الله تعالى» فإذا قلت: رمن رجيم فاحضر في قلبك أنواع لطفه لتتضح لك رحمته فينبعث به رجاؤك› ثم استشعر في قلبك التعظيم والخوف بقولك ملك يَوْم الدين» . / أما العظمةء فلانه لا ملك إلا اللهء وأما الخوف فلهول يوم الجزاء والحساب الذي هو [1/40^8] مالكه ثم جدد الاخلاص بقولك : لإاك نبد . وجدد العجز والاحتياج والتبرىء عن الحول والقوة بقولك: اك نَسْتَعِير». وتحقق أنه ما تيسرت طاعتك إلا بإعانتهء وأنَ له المنّةء إذ وفقك لطاعتهء واستخدمك لعبادتهء وجعلك أهلاً لمناجاتهء ولو حرمك التوفيق لكنت من المطرودين مع الشيطان اللعين . ثم إذا فرغت من التفويض بقولك: بسم الل وعن ال لتحميد» وعن إظهار الحاجة إلى الإعانة مطلقا فعين بسؤالك» ولا تطلب إلا أهم حاجاتك وقل: #أهدنا الصّرَاط امسقم . الذين يسوقنا إلى جوارك؛ ويفضى بنا إلى مرضاتك وزد ذلك شرحاً وتفصيلاًء وتأكيداً واستشهاد بالذين أفاض عليهم نعمة الهداية من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين دون الذين غضب عليهم من الكفار والزائغين من اليهود والتصارى والصابئين وأمثالهم من الضالين› وبالله التوفيق . فإذا تلوت الفاتحة كذلك فيشبه أن تكون من الذين قال الله فيهم: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين» فنصفها لي ونصفها لعبدي» ولعبدي ما سألء قال عليه السلام: «فإذا قال العبد: «أَلْحَمْدُ لِه رَبٌ أَلْعَالَمين» يقول الله تعالى: حمدني عبدي» فيقول العبد «ألرَحْمِن رجيم فيقول الله : أثتى علي عبدي وهو معنى قوله: سمع الله لمن حمده). قال عليه السلام: «فيقول العبد: ملك يوم ألدينڳ فيقول الله: مجّدني عبدي؛ فيقول العبد: «إيَاك تَعْيْدُ وباك تسين فيقول الله: هذه بيني وبين /عبدي» ولعبدي ما سألء فيقول [1/40۹] العبد: «أَهدِنًا الصّرَاطً ألْمُسَْقِِم€ فيقول الله: هؤلاء لعبدي ولعبدي ما سآل»°. واعلم أنه لو لم يكن لك من صلاتك حظ سوى ذكر الله لك في جلاله وعظمتهء فتاهيك به غنيمةء فكيف بما ترجوه من ثوابه وفضله؟ وكذلك ينبغي أن تفهم ما تقرأه من سورة ,كما )۱( رواء مسلم من حديث أبي هريرة. قاله العراقي في المغني (۱۱۸/۱). ٤۳ قنطرة الصلاة سيأتي بعد ذلك في موضعه ِن شاء الله ٩ فلا تغفل عن أمره ونهيه› ووعده ووعیده› ومواعظه وأخبار أنبيائ وذكر مننه وإحسانهء ولكل واحد حق: فالرجاء حق الوعدء والخوف حق الوعيدء والعزم حی الأمرء والترك حق النهيء والاتعاظ حح الموعظة› والشكر حی ذکر المنةء والاعتبار حق أخبار الأنبياء عليهم السلام . فهكذا كان حال السلف الصالح عند قراءة القرآنء وفي الحديث عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: صليت مع رسول الله يو فابتدأً بسورة البقرةء فكان لا يمر باية العذاب إلا استعاذ؛ ولا بآية الرحمة إلا سأل» ولا بآية تتزيه إلا سبح . ذكر خطيئة كنت عملت بها إلا استغفرت الله تعالى منها. قال: وني لأحفظ کل شيء تکلمت به منذ أصبحت مخافة أن اخطىء والله أعلم . وعن الحسن أنه قال: ما قرأت آية فجاوزتها حتى تدبرت فيما أنزلت وما غُني بھا. وقال قتادة: لم يجالس أحد هذا القرآن إلا قام بزيادة أو نقصان» قال الله سبحانه : وَل من اران ما هُوَ شقا إلى قولە: خسار ا»”°. [٤٠٤/ب] ويقال: إن الملائكة تكتب صلوات / الناس بالزيادة والنقصان بقدر الخشوع فيهاء فينبغي للإنسان أن يتفهم معاني القرآن تعظيماً لله عز وجل أو تنزيه أو خبر عن من أهلكه الله تعالى فإن استطاع أن يموت فليمت وإلا فليتماوت. ویروی أن زرارة بن ن أوفى أمٌ في صلاة الفجر فلما انتهى إلى قوله تعالى : طفإِدا نر في اور" الآية خر ميتاً. وكان إبراهيم التخعي إذا مر بمثل قوله تعالى: ما أََحَدَ لله من ولد وَمَا كان مَعَةُ ) . لەگ . يغض صوته كالمستحي تنزيهاً وخضوعاً لله عن أن يذكره بشيء لا يليق به. وكان بعضهم إذا سمع قوله تعالى: «إذا ألسّمَاءُ أنْشّفّتْ4. اضطرب حتى تضطرب أوصاله. (١) سورة الإسراء الآية: ۸۲. (۲) سورة المدثر الآية: ۸8. (۳) سورة المؤمنون الآية: ١. (8) سورة الانشقاق الآية: ١. قنطرة الصلاة 0٦۳ رؤي ابن عمر يصلي ویتأوه حتی لو رآه من يجهله لقال : أصيب الرجل وذلك فيما بلغنا عند قراءته: «وَإدًا فوا نها مَكاناً صقا مين الآية. وقال بعضهم: رأيت ابن عمر يصلي مغلوباً عليه" . وحق له أن يحترق بوعد سيده ووعیده؛ لآنه عبد ذليل مذنب بين يدي رب جلیل محسن . وتكون هذه المعاني على قدر درجات الفهم ٠ ويکون الفهم بحسب وفور العلمء وصماء القلبء ودرجات ذلك لا تتحصر والصلاة مفتاح القلوب فيها تتكشف أسرار الكلمات› هذا حق القراءة وهو حق الأذكار والتسبيحات أيضاًء ويستعين على الفهم بترك العجلة في القراءة قال الله تعالى : رتل قران رتلا . وقال تعالى : كناب أَْرَلَاُ ِلك مارك لدبوا آياتە4 < . وكانت قراءة رسول الله فيما بلغنا مفسره حرفاً حرفاً يمد بها صوتهء وذلك أقرب للتامل والفهم› / والله أعلم. [٤٤/ 1[ وأما دوام القيام: فإنه تنبيه على إقامة القلب مع الله عز وجل على نعت واحد من الحضور قال عليه السلام: «إن الله تعالى مقبل على المصلي ما لم يلتفت»”°. وكما تجب حراسة الرأس والعين عن الالتفات إلى الجهات فكذلك تجب حراسة القلب عن الالتفات إلى غير الصلاةء فإن التفت [إلى غيره]' فذكره باطلاع الله عليك» وإقباله إليك فكيف أنت تتهاون بمناجاته بالغفلة واللإعراض عنهء وقح ذلك عليه حتى يعود إلى الصلاةء وألزم الخشوع للقلب حتى لا يلتفت فإن ثمرة الخشوع الإخلاص عن الالتفات ظاهراً وباطناء فمهما خشع الباطن خشع الظاهر. وقد قال ي لما رأى مصلياً يعبث بلحيته: «أما هذا لو خشع قلبه لخشعت جوارحه فإن الرعية تتبع لحكم الراعي». (١) سورة الفرقان الآية: ١٠. () في الأصل: «مقلوليا» والتصويب من الإحياء (١/16۸8). (۳) سورة المزمل الأية: ٤ . (4) سورة صل الآية: ۲۹. () رواه أبو داود والنسائي والحاكم وصحح إسنساده من حديث أبي ذرء قاله العراقي في المغني (١/۱1۹). () ما بين المعقوفين من الإحياء (۹/۱٦۱). ٦۳ قنطرة الصلاة وقد ورد في الدعاء: «اللهم اصلح الراعي والرعية». قيل: أراد القلب والجوارح. وكان الصديق رضي الله عنه في الصلاة كأنه وتدء وكان ابن مسعود كأنه ثوب ملقىء وابن الزبير كأنه عودء ويعضهم كان يسكن في ركوعه بحيث تقم العصافير عليه تظنه حائطاء فكل ذلك يقتضيه الطبع بين يدي من يعظم من أبناء الدنياء فكيف لا يتقاضاه بين يدي ملك الملوك؟ عند من يعرف جلاله وعظمته ومن يطمئن بين يدي غير الله عز وجل خاشعاء وتضطرب أطرافه بين يدي الله تعالىء ولا تخشع فإنما ذلك لقلة معرفته بجلال الله تعالى›ء [/ب] وقصور علمه باطلاعه تعالی / على سره وضمیره. وعن عكرمة في قوله تعالى: «ألَذِي برا حن يتوم * وليك في السَاجدين»”. قال: قيامه» وركوعه» وسجوده» وجلوسه والله أعلم ٩ . وأما الركوع والسجود: فينبغي أن تجدد ذكر كبرياء الله تعالى وعظمتهء وأنت متذلل متواضع ناكس رأسك عند ربك؛ كأنك في عرضة القيامة مع المجرمين ناكسي رؤوسهم عند ربهم وتجتهد في ترفيق قلبكء وتجديد خشوعك في ركوعك» وتستشعر ذلك وعز مولاكء واتضاعك» وعلو ربك وتستعين على تقرير ذلك في قلبك بلسانك فتسبح ربك وتشهد له بالعظمة› » فإنه أعظم من كل عظيم وتكرر ذلك على قلبك لۇ ه بالتکرار» ثم ترتفع من ركوعك راجيا أنه أرحم الراحمين راحم ذلك ومؤكد للرجاء في نفسك» وتقول: سمع الله لمن حمده» أي أجاب الله لمن شكره ثم تردف ذلك بالشكر المتقاضى للمزيد فتقول: ربنا ولك الحمدء ثم تردف ذلك بالشكر المتقاضي للمزيد فتقول: ربنا ولك الحمدء ثم تهوي إلى السجودء وهو أعلى درجات الخضوع والاستكانةء فمكن أعز أعضائك وهو الوجه من أذل الأشياء وهو التراب. وإن أمكنك أن لا تجعل بينهما حائلاً فافعل؛ فإنه أجلب للخضوع وأذل على التواضع والذل. وقد جاء في الحديث ما تقرب العرب إلى الله تعالى بشيء أفضل من سجود خفي› وأقرب ما يكون من ربه تعالى إذا كان ساجداً وذلك قوله تعالی : : وآسخحد وَأ َرَت 55 )۱( م آقف له على آصل وفسره المصنف (أي الغزالي) بالقلب والجوارح (وكذا قاله الجيطالي). قاله العراقي في المغني (۱1۹/۱). 9 سوره ة الشعراء الآيتان: ۲۱۸« ۹ . () راجع الإحياء للغزالي (١/11۹). () سورة العلق الآية: ۱۹. فنطرة الصلاة ۷٦۳ وقيل في قوله تعالى: «يِيْمَاهُمْ في وَجُوهِهم شن َر الغْجُود”. قيل: هو ما يلتصق بوجوههم من الأرض عند السجود. وقيل: هو نور الخشوع؛ فإنه يشرق من الباطن على الظاهر وهو الأصح إن شاء الله . وقيل: هي الغرر التي تكون في وجوههم / يوم القيامة من أثر الوضوء. 1/4۳7[ وروي أن رجلا قال: يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مرافقتك في الجنةء قال عليه السلام: «أعَنىَ بكثرة السجودا. وروي عن علي بن عبد الله بن عباس: آنه كان يسجد كل يوم آلف سجدة وکانوا یسمونه السجاد. وروي أن عمر بن عبد العزيز: كان لا يسجد إلا على الترابء ثم إذا وضعت نفسك بالسجود موضع الذل فقد وضعتها موضعها ورددت الفرع إلى أصلهء فإنك من التراب خلقت وإليه رددت؛ فعندها جدد على قلبك عظمة الله سبحانه فقل: سبحان ربي الأعلىء وأكده بالتکرار فإِن المرة الواحدة ضعيفة الأئر. فإذا رق قلبك وظهر ذلك فليصدق رجاؤك في رحمة ربك فان رحمته تسارع إلى الضعف والانكسار لا إلى الترفع والاستكبار» فارفع رأسك من السجود مكبّراًء ثم أكّد التواضع بالتكرار. فعد إلى السجود ثانياً كذلك . وأما التشهد: فإذا جلست فاجلس متأدباء وصرّح بأن جميع ما تدلي به من الصلوات والطيبات أي الأخلاق الطاهرة لله تعالىء وكذلك التحيات ومعناه الملك لله وأحضر في قلبك النبي يي بشخصه الكريم» وقل: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته»ء وليصدق أملك في أنه يبلغه ويرد عليك ما هو أوفى منهء ثم سلم على نفسك وجميع عباد الله الصالحين تعم به كل عبد صالح من سكان السموات والأرضين› وارج من الله سبحانه أن يرد عليك سلاماً وافياً بعدد عباده الصالحين ثم تشهد له بالوحدانية ولمحمد يَأ بالرسالة مجدداً عهد الله سبحانه بإعادة كلمتي / الشهادة ومستاتقا للشهادة بالجنة والنار والموت والبعث» وان ألسَاعَة أي لا رَيْبَ [1/46£] يها وان الله بعت من فی في افير ر ثم ثم اقصد عند التسليم السلام على الملائكة الكرام الكاتبين وسائر المسلمين الحاضرين فانو باللا أيضاً الخروج من الصلاةء واستشعر شكر الله تعالى على توقيفه لك لإتمام هذه الطاعةء وتوهم أنك مودّع لصلاتك هذه وأنك ريما لا تعيش () سورة الفتح الآية: ۲۹. (۲) سورة الحج الأية: ۷. ۳۸ قنطرة الصلاة لمثلها» ثم تستغفر الله ثلاث روي ذلك عنه عليه السلام وتعقد ذلك استغفاراً من تقصيرك في صلاتك وسائر ذنوبك ثم انصب في الدعاء بالتواضع والخشوع وارغب إلى ربك بالتضرع والابتهال» والصدق الرجاء بالإجابة وأشرك في دعائك سائر المؤمنين والمؤمنات وتقول: اللهم آنت السلام ومنك السلام وإليك يرجع السلام فحينا بالسلام وادخلنا دار السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرامء اللهم لا مانع لما أعطيتء ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الج اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. في أمثالها من الدعاء ثم اشعر قلبك الاشفاق والوجل والحياء من التقصير في الصلاة› وحَّفْ أن لا تقبل صلاتك وأن تكون ممقوتاً بذنب ظاهر أو باطن ترد من أجله صلاتك في وجهك وترجو مع ذلك أن يقبلها بكرمه وفضله. كان بعض علماء السلف إذا صلى مكث ما شاء الله تعرف عليه كأبة الصلاةء وكان بعضهم يمكث بعد الصلاة ساعة كأنه مريض. فهذا تفضيل صلاة الخاشعين لألَذِينَ هُمْ عَلى سَلاَيِهمْ يُحَافظُونَ»”. ولالَذِين هُمْ عَلى صَلاَيهِمْ دَاِمُونَ» وهم الذين يناجون الله عز [٥٠/ب] وجل على قدر / إستطاعتهم في العبوديةء فليعرض الإنسان نفسه على هذه الصلاة فبالقدر الذي يتيسر له منها ينبغي أن يفرحء وعلى ما يفوته ينبغي أن يتحسرء وفي مداومة ذلك ينبغي أن وأما صلاة الغافلين فإنها مخطرة إلا أن يتغمد الله برحمتهء والرحمة واسعةء والكرم فائض فنسأل الله أن يغمرنا برحمته؛ ويتغمدنا بمغفرته › إذ لا وسيلة لنا إلا الاعتراف بالعجز عن وفي كتاب الغزالي' قال: اعلم أن تخليص الصلاة عن الآفاتء وإخلاصها لله تعالى عن شوائب العاهات والمبطلات»› وأداءها بشروطها الظاهرة والباطنة من الخشوع والتعظيم وغير ذلك من المعاني المتقدمة. قال: فالإتيان بها على ما ذكرنا سبب لحصول أنوار في القلبء تكون تلك الأنوار مفاتيح لعلوم المكاشفةء فأولياء الله المكاشفون بملكوت )۱( )۲( )۳( )٤( سورة المؤمنون الاية: 0۹ سورة المعارج الآية: ۲۳. سوره راجم الإحياء (۱/ ۱۷۰). لفظ أو اصطلاح صوفي إلا أنه لا يريد به ما يذهب إليه صوفية اليوم من إدعاء علم الغيب لسبق رده عليهم في شطحاتهم. قتطرةالصلاة ‏ ۳۹ السموات والأرض وأسرار الربوبيةء إنما يكاشفون بما في الصلاة ولا سيما ما في السجود إذ يتقرب به العبد من الله تعالى. كما قدمنا فينكشف الأمر لكل مصلٌ على قدر صفاء قلبه عن كدورات الدنيا حتى ينكشف لبعضهم الشيء بعينه؛ وينكشف لبعضهم بمثال كما كشف لبعضهم الدنيا في صورة جيفةء والشيطان في صورة كلب جائم عليها يدعو إليها والله أعلم. وقال: ومن لم يكن من أهل المكاشفة فلا آقل من أن يؤمن بالغيب ويصدق به إلا أن يشاهد ذلك بالتجربة. ويقال: مكتوب في التوراة يا ابن آدم لا تعجز أن تقوم بين يدي مصلياً باكياً فأنا الله الذي اقتربت من / قلبك وبالغيب رأيت نوري قال: فكنا نرى أن تلك الرقة والبكاء والفتوح الذي [٦1/4۱1] يجده المصلي من دنو الرب سبحانه من القلب. قال: وإن لم يكن هذا الدنو هو القرب بالمكانية فلا معنى له إلا الدنو بالهداية والرحمة. ويقال: إن العبد إذا صلى ركعتين عجب منه عشر صفوف من الملائكةء كل صف منها عشرة آلاف» وباهى الله عز وجل به مائة ألف ملك . قال: وذلك أن العبد قد يجمع فيهما بين القيام والقعود والركوع والسجودء وقد فرق ذلك على أربعين ألف ملك فالقائمون لا يركعون إلى يوم القيامةء والساجدون لا يرفعون إلى يوم القيامةء وهكذا الراكعون والقاعدون قال: فإن ما رزق الملائكة من القرب والرتبة لازم لهم مستمر على حال واحد لا يزيد ولا ينقص ولذلك قالوا: وما من إلا له فام مَعْلو€. وفارق الإنسان الملائكة في الرقي من درجة إلى درجات فإنه لا يزال يتقرب إلى الله تعالى› فيستفيد بقربه مزيداً الدية إذ باب المزيد مسدود على الملائكة وليس لكل واحد متهم إلا رتبته التي هي وقف وعبادته التي هو مشغول بهاء لا ينتقل إلى غيرهاء ولا يفتر عنها ولا يستحسرون «يسَبَحُون اللبْل وَأَهارَ لا مون . ومفتاح مزيد الدرجات هي الصلوات» قال الله تعالى : فد افلح ألْمُؤْمِتُونَ * الذِينَ هُمْ في صَلايِهمُ َاشِعُونڳ٩. فمدحهم بعد الإيمان بصلاة مخصوصة ة وهي المقرونة بالخشوع › ثم ختم أوصاف المفلحين بالصلاة أيضاً فقال تعالى في آخرها: «والَذِين هُمْ عَلى صَلَوَاِهِمْ يُحَاِطُونَ4€. () سورة الصافات الآية: ١١٠. (۲) سورة الأنبياء الآية: ٢٠. (۳) سورة المؤمنون الآيات: ١٠ ١ء ۹٠ ١٠٠ ١٠.0 () سورة المؤمنون الآيات ١٠ © ۹ ١٠٠ ١٠.0 ‎RV‏ قنطرة الصلاة ‏[٧/ب] ثم قال في ثمرة تلك الصفات : «أوليكَ هُمُ / الَوَارثُونَ * الَذِينَ يَرنُونَ ردس هُمْ فُِها عَالِدُونَ”. فوصفهم بالفلاح أولاً وبوراثة الفردوس آخراً. وما عندي أن هذه رمة اللسان مع غفلة القلب تنتهي إلى هذا الحدء ولذلك قال تعالى في أضدادها: ما سَلَكَكُمْ في سَقَرَ # الوا لَمْ تك من الْمُصَلَّينّ»” الآية. فالمصلون في الحقيقة هم ورثة الفردوس»ء وهم المشاهدون لنور الله تعالى والمتمتعون لدنوه وقربه من قلوبهم فنسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم› فهيهات ما بيننا وبينهم؛ ونحن نرغب إلى الله تعالى أن يعيذنا من عقوبة من تزينت أقواله وقبحت أفعاله إنه الكريم المنان ذو الفضل والإحسان” . ‏فصل ‏ويروى عن أبي الدرداء أنه قال: من فقه الرجل أن يبدأ بحاجته قبل دخوله في الصلاة ليدخل فيها بقلب فارغ. وکان بعضهم يخفف الصلاة خيفة الوسواس» ويروى أن عمار بن ياسر رحمه الله صلى صلاة فخففها فقيل له: خففت يا أبا اليقظان. فقال: هل رأيتموني نقصت من حدودها شيئا؟ قالوا: لا. قال: فإني بادرت سهو الشيطانء إن رسول الله يَلٍ قال: «إن العبد ليصلي الصلاة ولا يكتب له نصفها ولا ثلثها ولا ربعها ولا خمسها ولا سدسها ولا عشرها. ‏وكان يقول: «إنما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها». ويقال: إن طلحةء والزبيرء وطائفة من الصحابة رضي الله عنهم كانوا أخف الناس صلاةء وقالوا: نبادر بها وسوسة الشيطان. ‏واعلم أن الصلاة قد يحسب بعضها ویکتب دون بعض كما دلت الأخبار عليه » ِد ورد جبر نقصان الفرائض بالنوافل(. ‏[٤٨۱٤/ب] وفي الخبر: /عن عيسى عليه السلام أنه قال: يقول الله عز وجل بالفرائض: نجا مني عبدي» وبالنوافل يتقرب إلي عبدي . ‏(١) سورة المؤمنون الأيات ١٠ ١ء ۹ ١٠٠ ١٠. ‏(۲) سورة المدثرالآيتان: 46ء 4۳. ‏(۳) راجع إحياء علوم الدين (۱/٠۱۷» ١۱۷). ‏(8) رواه أحمد بإسناد صحيح. . وهو عند أبي داود والتسائي. قاله العراقي في المغني (۱۷۲/۱). ‏(٥) رواء أصحاب السئن؛ والحاكم وصححه من حديث أبي هريرة: إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته ..... الحديث. قاله العراقي في المصدر السابق. ‎ ‎ قنطرة الصلاة ۳۷۱ وعن النبي يِل أنه قال: «قال الله تعالى: لا ينجو مني عبدي إلا بأداء ما افترضت عليه . 1 1 وروي: أن النبي يِل صلى صلاة فترك من قراءتها آية فلما انفتل قال: «ماذا قرأت»؟ فسكت القوم؛ فسأل أي بن كعب فقال: قرأت سورة كذا وتركت آية كذا فما أدري أنسخت أم رفعت؟ فقال : «أنت لها يا أِ». ثم أقبل على الاخرين فقال: «ما بال أقوام يحضرون صلاتهم ويتمون صفوفهم ؛ ونيهم بين أيديهم لا یدرون ما يتلو عليهم من کتاب ربهم» ألا إن بني إسرائيل كذا فعلوا فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم أن قل لقومك تحضروني أبدانكم وتعطوني ألسنتكم وتغيبون عني قلوبكم باطلاً ما ترهبون»"٩. وهذا يدل على أن استماع ما يقرا الإمام وفهمه بدل عن قراءته السورة بنفسه» لأن الله تعالى يقول: َا قُرىء ألفَرَانَ فَأَسَْمِمُوا له وَأنْصِيُوا4”. وذلك خاص في قراءة السورة وراء امام والله أعلم . فدلت هذه الأحاديث مع ما سبق أن الأصل في الصلاة الخشوع وحضور القلب وأن مجرد الحركات مع الغفلة قليل الجدوى في الأخرة والله أعلم*“. مسألة ومن كتاب المحاسبي قلت: ما المحافظة على الصلوات؟ قال: القيام عليها في أول أوقاتها بشدة مخافة وخضوع والتهيء لها قبل الدخول فيها بأحسن زينة من الوقار والسكينة فإذا فيها وفي غيرها من الأعمال؟ قال : / الاخلاص ضربان : أحدهما: التوحيد لله وأن لا يراد بالعمل غيرهء والاخر العمل من كل آفة تنقص فضله من الإأصغاء والالتفات وحديث النفس بغيرهء فإذا تحفظ فيه تم ثوابه إن شاء الله . ٩٤/1[ () لم أجده قاله العراقي في المصدر السابق. )۲( روا محمد بن نصر في کتاب الصلاة مرسلاء وأبو منصور الديلمي من حديث أي بن کعب» ورواه النسائي مختصراً من حديث عبد الرحمن بن أبزى بإستاد صحيح. قاله العراقي في المصدر السابق. (۳) سورة الأعراف الآية: ٢٠٠. (8) راجم إحياء الدين للغزالى (۱/ ۱۷۲ ۱۷۴). ۳۷۲ قنطرة الصلاة قلت: أَكُلٌ حديث يعرض في الصلاة ينقص منها؟ قال: يعرض فيها من حديث النفس ضربان» وآخر من خواطر الوسواس : فأما ما كان من حديث النفس فيكون على تعمد وسهو فما کان من تعمد فن صاحبه قد أساء وعليه الاستغفار لما مضى . والسهو ضربان : أحدهما: سهو أداه إِليه حديث النفس متعمداً فملوم عليه . والثاني : سهو صار إليه بغير تعمد فذلك موضوع عنه؛ء إذ لم يتعمدهء وأما ما كان من خواطر الشيطان فموضوع عنه ما لم يكن له تابعاء فإن أصغى إليه بهواه فليكن عنه راجعاء وللنفس عنه رادعاء وبالله التوفيق . الباب الرابع فى صلاة الإمامة وما على الإمام من وظائفها قال الله تعالى لنبيه عليه السلام: الذي يراك حن تَقُو يعني وحدك في الصلاة وَتَقَلَبك في اَلسَاجدي نڳ . يعني في الجماعةء وفي الحديث عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله يَلٍ يقول: مَنْ أ الناس فأصاب الوقت فله ولهم› ومن انقص من ذلك شيئاً فعليه ولا عليهم». وعنه عليه السلام أنه قال: «إن من أشراط الساعة أن يتدافع أهل المساجد ولا يجدون إماماً يصلي بهم»”. ويقال: إن قوماً تدافعوا الإمامة بعد إقامة الصلاة فخسف بهم . وأما ما روي من مدافعة الإمام بين الصحابة فسببه فيما وجدت إيثارهم من رأوه أولى بها [/ب] أو خوف الخطر من ضمان الصلاق فإن الأئثمة / ضمناء وكان من لم يتعود ذلك ریما یشوش عليه الأخلاص في الصلاة حياء من المقتدين به لا سيما في جهره بالقرآن فکان الاحتراز ممن . احترز عنها من أسباب هذا الجنس والله أعلم. () سورة الشعراء الآيتان: ۲۱۸ ۲۱۹. (۲) أطراف الحديث عند: أي داود في السنن (0۸۱)› أحمد في المسند (۳۸۱/۲). والبيهقي في السنن الكبری (۱۲۹/۳). ۱ )۳( راجع الباب بتوسع في إحياء علوم الدين (۱۷۳/۱). قنطرة الصلاة ‎۳V۳‏ ‏فصل: فيما على الإمام من الوظائف في الصلاة وقبلها اعلم أن على الإمام وظائف قبل الصلاة والقراءة في أركان الصلاة وبعد السلام . أما الوظائف قبل الصلاة فست : إحداها: أن لا يتقدم للإمامة على قوم يكرهونه» فإن اختلفوا كان النظر وإن كان الأقلون هم أهل الخير والدين فالنظر إليهم أولاً. وفي الحديث: «ثلاثة لا تجاوز صلاتهم رؤوسهم: العبد الابق» وامرأة زوجها عليها ساخط» وإمام قوم هم له کارهون»٩. وكما ينهى عن التقدم مع كراهيتهم› فكذلك ينهى عنه إن کان وراءه من هو أفقه وآفضل منه إلا إذا امتنع من هو أولى منه فله التقدم إذا كان قائماً بشروط الإمامةء وعرف ذلك من نفسه . والله أعلم. الثانية: إذا خير المريد للاخرة بين الآذان والإمامة فاختلف السلف في ذلك وقال آخرون: الأذان أولى لما في الإمامة من خطر الضمانء ولأنه عليه السلام قال: «اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين»” . والمغفرة أولى بالطلب» فإن الرشد يراد للمغفرةء ولما ورد في الحديث أن: «من أذن في مسجد سبع سنين فقد وجبت له الجنة ومن أذن أربعين عاماً أدخل الجنة بغير حساب»"". وغير هذا مما تقدم في فضل الأذان. قالوا: ولذلك نقل عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم يتدافعون الإ مامة. وفي كتاب الغزالي قال: وا لصحيح / أن الإمامة أفضل إذ واظب عليها رسول الله يَِ [٤۲٤/1] وأبي بكر وعمر» وغيرهما من الأئمة. نعم فيها خطر الضمان والفضيلة مع الخطر كما أن رتبة الإمارة والخلافة أفضل لقوله يٍَ: «ليوم واحد من سلطان عادل أفضل من عبادة سبعين ‎ai‏ ‏)۱( رواه الترمذي من حدیث أي أمامة› وقال : حسن غریب ؛ وضعفه البيهقي . قاله العراقي في المغني (۱۷۳/۱). () جزء من حديث رواه البخاري من حديث لابي هريرة. () وواه الترمذي» وابن ماجه من حديث ابن عباس بالشطر الأول نحوهء قال الترمذي: حديث غريب. قاله العراقي في المغني (١/ ۱۷۳). () وواه الطبراني من حديث ابن عباس بسند حسن بلفظ ستين» قاله العراقي في المصدر السابق. ٤۳۷ قنطرة الصلاة ولكن فيه خطر ولذلك وجب تقديم الأفضل والأفقه وعنه عله السلام أنه قال : «أئمتكم وفدكم إلى ربكم فإن سركم أن تزکوا صلاتکم فقدموا خیارکم"'". وقال بعض السلف: ليس بعد الأنبياء أفضل من العلماء ولا بعد العلماء أفضل من الأئمة المصلينء لأن هؤلاء قاموا بين يدي الله عز وجل وبيني خلقه هذا بالنبوةء وهذا بالعلم» وهذا بعماد الدين وهي الصلاة. وبهذه الحجة احتج الصحابة في تقديم أبي بكر رضي الله عنه للخلافةء إذ قالوا: نظرنا فإذا الصلاة عماد الدين» فاخترنا لدنيانا من رضيه رسول الله يأو لدينناء والله أعلم. الثالثة: أن يراعي الإمام أوقات الصلاة فيصلي في أوائلها ليدرك رضوان الله سبحانه ففضل أول الوقت على آخره كفضل الأخرة على الدنيا هكذا روي عن رسول الله يو فيما ‎N‏ وي الحديث : إن العبد ليصلي الصلاة في آخر وقتهاء ولم تفته وما فاته من اول وقتها خير من الدنيا وما فيها»". ولا ينبفي أن تؤخر الصلاة لانتظار كثرة الجمعء بل عليهم المبادرة لحيازة فضيلة أول الوقت؛ فهي أفضل من كثرة الجماعة ومن تطويل السورة. [٤٤/ب] وقد قيل: كانوا إذا حضر إثنان في الجماعة /لم ينتظروا الثالث» وإذا حضر أربعة في الجنازة لم ينتظروا الخامس. وروي أن رسول الله يَيوٍ: كان في بعض أسفاره فتأخر عن صلاة الفجر للطهارةء فلم ينتظروه وتقدم عبد الرحمن بن عوف رحمه الله فصلى بهم حتى فاتت رسول الله يَيٍ ركعة فقام يقضيها قال: فاشفقنا من ذلك فقال يَوٍ: «قد أحسنتم هكذا افعلو»*. (١) رواه الدارقطني؛ والبيهقيء وضعف إسناده من حديث ابن عمر؛ والبغوي؛ وابن قانع والطبراني في مجامعهم› والحاكم من حديث مرئد نحوه وهو منقطع؛ وفيه يحيى بن يحيى الأسلمي وهو ضعيف. قاله العراقي في المغني (۱/ ٤۱۷). (۲) رواه آبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عمر بسند ضعيف. قاله العراقي في المصدر السابق. (۳) رواء الدراقطني من حديث أبي هريرة نحو بإسناد ضعيف؛» قاله العراقي بالمصدر السابق. (8) متفق عليه من حديث المغيرة قاله العراقي في المغني (١/ 1۷5). قنطرة الصلاة ‎۳۷o‏ وقد تأخر في صلاة الظهر فقدموا أبا بكر رضي الله عنه حتى جاء عليه السلام وهم في وليس على الإمام انتظار المؤذن» وإنما على المؤذن إنتظار الإمام للإقامةء فإذا حضر فلا ینتظر غیره» والله أعلم. الرابعة: أن يؤم لوجه الله تعالى مخلصاً ومؤدياً أمانة الله تعالى سبحانه في طهارته› وجميع شروط صلاته أما الإخلاص فبأن لا يأخذ عليها أجرةء فقد روي أن النبي يَلِ أمر عثمان بن أبي العاص الثقفي فقال: «واتخذوا مؤذناً لا يأخذ على الأذان جر . والأذان طريق إلى الصلاة فهي أولى بأن لا يؤخذ عليها أجر. وفي كتاب الغزالي قال: فإن أخذ رزقاً من السجد وقد وقف على من يقوم بإمامته أو من السلطان أو من آحاد الناس فلا يحكم بتحريمه ولكنه مكروه والكراهية في الفرائض أشد منها في التراويح» ويكون له أجرة على مداومته على حضور الموضع ومراقبة مصالح المسجد في إفامة الجماعة لا على نفس الصلاة. وأما الأمانة: فهي الطهارة باطناً عن الفسوق والكبائر وعن الإصرار على الصغائرء فالمترشح للإمامة ينبغي أن يحترز عن ذلك جهد› فإنه كالوفد والشفيم للقوم / فينبغي أن يكون [1/4۲3] خير القوم وأفضلهم. وكذلك الطهارة عن الحدث والخث لا بد أن يكون طاهراً متطهراً وذلك أيضاً أمانة لا وليخرج فيتوضاً ثم يرجم فليدخل في الصلاة. وفي كتاب الغزالي قال سفيان: صل خلف كل بار» وفاجر إلا مدمن خمر آو معلن بالفسوق› أو عاق لوالديه› أو صاحب بدعة؛ أو عبد آبق. الخامسة: أن لا يُكْبّر حتى تستوي الصفوف» فليلتفت يميناً وشمالاً فإن رأى خللاً أمر بالتسوية . قیل : کانوا يتحادون بالمناکب ويتضامون بالكعاب ولا يعجل المأمومين بالتكبير حتى )۱( رواه أصحاب السنن» والحاكم وصححه من حديث عئمان بن آي الماص الثقفي . قاله العراقي في المصدر السابق. (٤٤٤/ب] ٦۳۷ قنطرة الصلاة يستعدوا للصلاةء وكذلك المؤذن يؤخر الإقامة عن الأذان بقدر استعداد الئاس . ففي الخبر: ليتمهل المؤذن بين الأذان والإقامة بقدر ما يفرغ الكل من طعامهء والمعتصر من اعتصاره› وذلك لأنه نهى عن مدافعة الأخبثين وأمر بتقديم العشاء على العشاء طلباً لفراغ القلب . السادسة: أن من يرفع صوته بتكبيرة الإحرام وسائر التكبيرات وينوي الإمامة ويقول: أؤدي هذه الصلاة الأولى أو غيرها فريضة افترضتها علي بجميع من له صلاة وبكل من يصلي القراءة ثلاث وظائف . أولها: أن يكون له في القيام للقراءة سكتتان› ورد بهما الحديث عن رسول الله يَِوٍ من طريق سمرة بن جندب وعمران بن حصين عنه عليه السلام . أحدهما: إذا كبر يسكت مقدار / ما يبلع ريقه. وقيل: مقدار ما يقول: سبحان الله . والثانية: بعد الفراغ من الفاتحة في صلاة السر أو إِذا فرغ من السورة قبل أن يركع؛ لأنه قد نهى عليه السلام عن المواصلة. الثانية: ينبغي الإطالة بالقراءة في صلاة الفجرء والتغليس بها سنةء ولا بأس بالخرونج منها مع الأسفار ولا بأس أن يقرأ فيها بأواخر السور لأن ذلك لا يتكرر على الأسماع كثيراً يكون أبلغ في الوعظ وأدعى إلى التفكر. وإنما كره بعض العلماء قراءة بعض السور وقطعها وقد روي أنه يَأ قرأ بعض سورة يونس فلما انتهى إلى ذکر موسى وفرعون قطع فركع . وروي أنه يو قرأ في ركعتي الفجر آية من البقرة وهي قوله : «ثُولُوا َم بَللّهٍڳ الآية. وفي الثانية: ري امنا يما أَرَلْتَ€. رواهما في كتاب الغزالي قال: وسمع بلالا يقرا من هاهنا وهاهنا فسأله عن ذلك فقال: اخلط الطيب بالطيب. فقال: «أحسنت»” . ويستحب التوسيط في قراءة العشاء بأوساط سور المفصلء وفي المغرب بأواخر المفضل . (١) سورة البقرة الآية: ١۱۳ . (۲) سورة آل عمران الأية: ٢٥ . (۳) رواه ابو داود في السنن من حديث أيي هريرة بإسناد صحيح نحوه» قاله العراقي في المغني (١/٦۱۷). فنطرة الصلاة ‎۳V۷‏ ويقال: إن النبي عليه السلام قر في المغرب سورة (والمرسلات). وبالجملة: التخفيف أولى ولا سيما إذا كثر الجمع لقوله عليه السلام: «إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء»”°. وروي أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي بقوم العشاء فقراً البقرةء فخرج رجل من الصلاة وأتم لتفسه. فقالوا: نافق الرجل فتشاكيا إلى رسول الله ية فزجر عليه السلام معاذاً وقال: «أفتان أنت يا معاذ اقرا بسورة سبح والسماء والطارق» / والشمس وضحاها» . ]٥1/4[ الثالثة : الجهر بالقراءة في موضع السورةء والإأسرار بها مع الفاتحة فقط ما خلا الاستعاذة فإنه يسر بها على كل حال» والجهر بالفاتحة والسورة إنما يكون في الصبح وأولتي المغرب والعشاء وكذا المنفردء ولكنه خلف الإمام يقتصر على قراءة الفاتحة سرآء ويستمع بعد ذلك لقراءة الإمام سراً. والله أعلم. وعليه في الأركان ثلاث وظائف : أولها: يخفف في تسبيح الركوع والسجود فلا يزيد فيه على ثلاث؛ وقد روي عن آنس أنه قال ٠ ما ریت أخحف صلاة من رسول لله ييو في تمام نعمه ٠ روي أيضاً عن أنس بن مالك: أنه لما صلى خلف عمر بن عبد العزيز وكان أميراً بالمدينة قال: ما صليت وراء أحد أشبه بصلاة رسول الله ي من هذا الشاب . قال: فكنا نسبح وراءه عشراً عشر ٩ . وروي أيضاً مجملا أنهم قالوا: کنا نسبح وراء رسول الله يَلٍِ في الركوع والسجود عشر. وهذا حسن؛» ولكن الثلاث إذا كثرت الجماعة أحسنء وأما إذا لم يحضر إلا المتجردون للدين فلا بأس بالعشر هذا وجه الجمع بين الروايات› وليقل الإمام عند رفع رأسه من الركوع: سمع الله لمن حمده. () متفق عليه من حديث أبي هريرة. قاله العراقي في المغني (0)۱۷۷/۱ (1) متفق عليه من حديث جابر وليس فيه ذكر السماء والطارق وهي عند البيهقي. قاله العراقي في المصدر السابق. )۳( متفق عليه قاله العراقي في المصدر السابق. €3 رواه بو داود والنسائي بإسناد جيد وضعفه ابن القطان. المصدر السابق. () لم أجد له أصلاً إلا في الحديث الذي قبله وفيه: فمررنا في ركوعه عشر تسبيحات وفي سجوده عشر تسبيحات. العراقي في المصدر السابق. ‎۳V۸‏ قنطرة الصلاة ‏الثانية: ينبغي للمأموم أن لا يسابق الإمام؛ بل يكون تبعاً له في المقالء والفعالء ولا يهوي إلى السجود إلا إذا وصلت جبهة الإمام إلى الأرض» ولا الركوع حتى يستوي الإمام راكعاً لقوله عليه السلام: «الإمام يركع قبلكم ويسجد قبلكم). ‏[٦٢/ب] ويقال : هكذا کان اقتداء الصحابة به عليه السلام والتشديد / في تكبيرة الإأحرام وفي الركوع والسجود والرفع منهماء وفي التسليم فإن سبقه المأموم إلى أحد هذه الوجوه متعمداً انتفضت صلاته وناسيا فليرجع إلى اتباعه . ‏وقد قيل: إن الناس يخرجون من الصلاة على ثلاثة أقسام طائفة: بخمس وعشرين صلاة› وهم الذين يكبرون ويركعون ويسجدون بعد الإمام. ‏وطائفة: بصلاة واحدة وهم الذين يساوونه في الركوع والسجود وغير ذلك. ‏وطائفة: بلا صلاة وهم الذين يسبقون الإمام والله أعلم . ‏ووظائف التحليل ثلاث : ‏أولها: أن ينوي بالتسليم السلام على الحفظة وهم الملائكة عليهم السلام وسائر المؤمنين. ‏وقيل : ينوي به الخروج من الصلاةء ولا ينبغي أن يجهر المصلي بقراءة التحيات بل يسُر بها؛ فإن ذلك هو السنة. ‏الثانية : أن يتحول الإمام إذا سم فيصلي النافلة في موضع آخر. ‏روي أن ذلك فعل رسول الله ي وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما . ‏وفي الخبر أن رسول الله يي لم يكن يقعد إلا قدر قوله: اللهم أنت السلام ومتك السلام تباركت يا ذا الجلال والٍكرام . ‏وإن كان خلف المام نسوة فلا يقم حتى ينصرفن. وقد استحب بعضهم أن يصلي سبحة المغرب في موضع الفريضةء ذكر ذلك في كتاب الصلاة لأهل المغرب من أصحابنا والله أعلم . ‏لثالثة: ينبغي إذا قام أن يقبل بوجهه على الناس» ويكره للمأموم القيام قبل انتقال الإمام . ‏[۷/ب] 0 وروي عن طلحة والزيير أنهما صليا خلف إمام فلما سلما قالا /للإمام: ما أحسن ‎ قنطرة الصلاة ۳۷۹ صلاتك وأتمها إِلآ شيا واحدا؟ إنك لما سلمت لم تنفتل بوجهك. ثم قالا للناس: ما أحسن صلاتكم إلا أنكم انصرفتم قبل أن ينفتل إمامكم ثم يتصرف الإمام حيث شاء عن یمینه أو شماله واليمين أفضل؛ ثم إذا دعا فلا يخص نفسه بالدعاء دون القوم بل يأتي بلفظ الجمع فيقول: اللهم اغفر لناء ولا يقول: اغفر لي في أمثالهاء والله أعلم. هذا ما على الإمام من وظائف الصلاة ‏ اختصرنا ذلك من كتاب الغزالي”" مخافة التطويل ‏ إذ كان هذا موجوداً في كتب الصلاةء وبالله التوفيق. الباب الخامس في فضل الجمعة وادابها وسننها وشروطها"' وهذا الباب يشتمل على أربعة فصول: الفصل الأول: في فضل الجمعة اعلم أن يوم الجمعة يوم عظيمء عظم الله تعالى به الإسلام وخصٌ به المسلمين وقال تعالى : إا نُودِيَ لِلصّلاَو من بوم الْجُمْعَةِ فَاسعُوا ِى كر الله وَدروا € . حرم الاشتغال بأمور ادنيا ويكل صارف عن السعي للجمعةء وقال يَيٍِ: «إن الله فرض عليكم الجمعة في يومي هذا في مقامي هذا“ . وعنه عليه السلام أنه قال: «من ترك الجمعة ثلاثاً من غير عذر طبع الله على قلبه» وفي لفظ آخر: «فقدانبذ الإسلام وراء ظهره». ویروی عن مجاهد أنه قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: يا ابن عباس ما تقول في رجل يقوم الليل ويصوم النهارء ولا يحضر جمعة ولا جماعة ويموت على ذلك؟ قال: هو في النار. قال: فاختلف إليه شهراً / يسأله عن ذلك ويقول: هو في النار. ___- )٥( ]۸٤/[ () راجع إحياء علوم الدين (۱/ ١۱۷ ۱۷۸). )۷( من کتاب الغزالي . (۳) سورة الجمعة الآية: ۹. () رواه ابن ماجة من حديث جابر بإسناد ضعيف. قاله العراقي (۱۷۸/۱). () رواه أحمد واللفظ له وأصحاب الستن والحاكم وصححه من حديث أبي الجعد الضمري. قاله العراقي في المغني (۱۷۸/۱). وفي الخبر: أن أهل الكتابين أعطوا يوم القيامة فاختلفوا فيهء فصرفوا عنهء وهدانا الله له فأخره لهذه الأمة وجعله عيداً لهم فهم أولى الناس به سبقاء وأهل الكتابين لهم تيم" . وفي حديث أنس عن البي عليه السلام أنه قال: «أتاني جبريل عليه السلام وفي كفه مرآت [بيضاء]" فقال: هذه الجمعة يعرضها عليك ربك لتكون لك عيداً ولأمتك من بعدك؛ء قلت: فما لنا فيها؟ قال: لكم فيها خير ساعة من دعا فيها بخیر هو له قسم أعطاه الله أو لیس له قسم ذخر له ما هو أعظم منه أو تعوذ من شر هو مكتوب عليه إلا أعاذه الله عز وجل من أعظم منه وهو سيد الأيام عندنا». وعنه يَو: «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم عليه السلامء وفيه أدخل الجنةء وفيه أهبط إلى الأرض» وفيه تيب عليه وفيه تقوم الساعة». وفي الخبر : أن لله عز وجل في كل جمعة ستمائة آلف عتيق من النار. وروى أنس أن البي يَأ قال: «إذا سلمت الجمعة سلمت الأيام»”“. وعنه يٍَ: «إن الجحيم تسعر في كل يوم قبل الزوال عند استواء الشمس في كبد السماء فلا تصلوا هذه الساعة إلا في يوم الجمعة؛ فإنه صلاة كله فإن جهنم لا تسعر فيه . وعن كعب قال: إن الله عز وجل فضل من البلدان مكةء ومن الشهور رمضانء ومن الأيام الجمعة. ويقال: إن الطير والهوام يلقى بعضها بعضاً يوم الجمعةء فتقول: سلام سلام يوم صالح . با وعنه /يٍَِ أنه قال: «من مات يوم الجمعة كتب الله له أجر شهيد ووقي فتنة القبره"“» والله أعلم. () متفق عليه من حديث أبي هريرة بنحوه قاله العراقي في المصدر السابق. (۲) ما بين المعقوفين من الإحياء والمغني (۱۷۹/۱) وقال العراقي: رواه الشافعي في المسندء والطبراني في الأوسطء وابن مردويه في التفسير بأسانيد ضعيفة مع اختلاف. (۳) رواه مسلم من حديث أبي هريرة. قاله العراقي في المصدر السابق. (8) رواه ابن حبان في الضعفاء؛ وآبو نعيم في الحليةء والبيهقي في الشعب من حديث عائشةء ولم أجده من حديث أنس. المصدر السابق. (٥) رواه آبو داود في السنن من حدیث أي قتادة وأعله بالانقطاع . المصدر السابق. () رواه آبو نعيم في الحلية من حديث جابر» وهو والترمذي نحوه مختصراً من عبد الله بن عمرء وقال غریب ليس إسناده بمتصل. قلت: وصله الترمذي الحكيم في النوادر. قاله العراقي في المصدر السابق. (۷) راجع الباب في إحياء علوم الدين (۱/ ۱۷۸ ۱۷۹). قنطرة الصلاة ۳۸۱ الفصل الثاني: في آدابها وتنتحصر آدابها في عشر جمل على ترتيب العادة : الأولى: ينبغي للمريد أن يستعد لها يوم الخميس عزماً عليها واستقبالاً لفضلها فيشتغل بالدعاء والاستغفار والتسبيح بعد العصر من يوم الخميس لأنها ساعة قويلت بالساعة المبهمة في يوم الجمعة. وعن بعض السلف أنه قال: إن لله عز وجل فضلاً سوى أرزاق العباد لا يعطي من ذلك الفضل إلا مَنْ سأله عشية الخميس ويوم الجمعةء ويغسل في هذا اليوم ثيابه ويبيضهاء ويعد الطيب إن لم يكن عنده ويفرغ قلبه من الاشتغال التي تمنعه من البكور إلى الجمعةء وينوي في هذه الليلة صوم يوم الجمعة›ء فإن له فضلاً عظيما ويقال : من صامه کمن صام خمسین آلف سنةء ويقال: من صامه فإنه يبعد عن النار مسافة طيران فرخ الغراب منذ خرج من البيضة حتى يموت هرماً. وقيل: يجعل بينه وبين النار خندق مسافته ما بين مطلع الشمس إلى مغربها. ويقال: من صام أربعين جمعة غفرت ذنوبه» والله أعلم. ولكن يقال: صوم الجمعة مفرداً مکروه حتى يضم اليه الخميس والسبت. ويقال: إن النبي عليه السلام نهى عن صوم يوم الجمعة إلا أن يتقدمه يوم أو يتأخره يوم› والله أعلم . وينبغي أن يشتغل بإحياء ليلة الجمعة بالصلاة وقراءة القرآن ويستحب عليها فضل يوم الجمعة ويجامع أهله في الليلة / أو في يوم الجمعة فقد استحب ذلك وحملوا عليه قول النبي [1/430] عليه السلام: «رحم الله من بكر وابتكر وغسل واغتسل». أي حمل أهله على الغسل» وقيل معناه: غسل ثيابه» فروي بالتخفيف واغتسل جسده. وبهذا يتم آداب الاستقبال ويخرج من زمرة الغافلين الذين إذا أصبحوا قالوا: ما هذا اليوم؟ الثانية: إِذا أصبح ابتدأً بالفسل بعد طلوع الفجرء وإن كان لا يبكر فأقربه إلى الرواح أحسن ليكون أقرب عهداً بالنظافة فالفسل مستحب استحباباً مؤكداً وبعض ذهب إلى وجوبهء ورووا في ذلك أن النبي عليه السلام قال: «غسل يوم الجمعة واجب»” ° . والمشهور في الحديث: «من أتى الجمعة فليغتسل». وكان أهل المدينة فيما بلغنا: () رواه أصحاب السنن؛ وابن حبانء والحاكم وصححه من حديث أوس بن أوس: «من غسل يوم الجمعة واغتسل وبکر وابتکرا الحديث الترمذي وحسنه . قاله العراقي في المغني (۱/ ١۱۸). )۲( متفق عليه من حديث أبي سعيد. المصدر السابق. [۱٤٤/ب] ‎AY‏ قنطرة الصلاة يتسايون فيما بينهم فيقولون: لأنت شر ممن لا يغتسل. ‏ویروی أن عمر رحمه الله قال لعثمان لما دخل عليه وهو يخطب: ما هذه البدعة؟! منكراً عليه ترك البكور - فقال: ما زدت بعد أن سمعت الأذان على أن توضأت وخرجت. فعرف جواز ترك الغفسل بوضوء عثمان . ‏ويما روي عن رسول الله يل أنه قال: «من توضأً يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالفسل أفضلء. ويقال: معنى الحديث: من توضاً فبها ونعمت: أي فقد أخذ بالرخصة ونعمت الرخصةء ومن اغتسل للجنابة فليفض الماء على بدنه مرة أخرى على ية غسل الجمعةء فإن اكتفى بغسل واحد أجزأي والله أعلم . ‏الثالثة : الزينة وهي مستحبة في هذا اليوم وهي في ثلاث : الكسوة› والنظافة› وتطييب الرائحة. ‏أما النظافة: فبالسواك وحلق الشعر وقلم الظفر وقص الشارب وسائر ما تقدم / في الطهارة. ‏وعن ابن مسعود رحمه الله أنه قال : من قلم أظفاره يوم الجمعة أخرج الله منه عز وجل ‏داء وأدخل فيه شفاء. فإن كان قد دخل الحمام في الخميس والأربعاء فقد حصل المقصودء ‏يتيب في هذا اليوم بأطيب طيب عنده ليغلب به الروائح الكريهةء ويوصل به الروح والراحة ‏۱ مشام الحاضرين في جوار وأحب طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه» وطيب النساء ‏| ظهر لونه وخفي ریحه'' . . روي ذلك في الأثر وقال بعض العلماء : من نظف ثوبه قل همه؛ ومن طاب ریحه زاد عقله . ‏وأما الكسوة: فأحبها البيض من الثياب؛ إذ أحب الثياب إلى الل عز وجل البيض» ولا يلبس ما فيه الشهرة. ‏وفي كتاب الغزالي قال: لبس السواد ليس من السنة ولا فيه فضل بل كره جماعة النظر إليه. قال: لأنه بدعة محدثة بعد رسول الله يو . ‏قال: والعمامة مستحبة في هذا اليوم. ‏)۱( رواه بو داود؛ والترمذي وحته؛ والنسائي من حديث سمرة. . المصدر السابق. (۲) روا آبو داود والترمذي وحسنهء والنسائي حديث أبي هريرة. قاله العراقي في المغني (١/۱۸۱). ‎ ‎ قنطرة الصلاة ‎۳A۳‏ قال: وروی وائلة بن الأسقع أن رسول الله يق قال: «إن الله وملائكته يصلون على أصحاب العمائم يوم الجمعةه. قال: فإن أكربه الحر فلا بأس بنزعها قبل الصلاة وبعدهاء ولكن لا تزع في وقت الصلاة وعند صعود الإمام المنبر في خطبته والله أعلم . الرابعة: ويستحب أن يقصد الجامع من فرسخين» ويدخل وقت البكور بطلوع الفجر› وفضل البكور عظيم وينبغي أن يكون في سعيه إلى الجمعة خاشعاً متواضعاً ناوياً للاعتكاف في المسجد للصلاة قاصداً للمبادرة إلى إجابة نداء الله عز وجل إلى الجمعة / والمسارعة إلى[ ۱/43] مغفرته ورضوانه وقد قال يل : «من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة› ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قَرّب بقرةء ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن» ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما أهدى دجاجةء ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما أهدى ييضةء فإذا خرج الإمام طويت الصحف ورفعت الأقلام» فمن جاء بعد ذلك فإنما جاء بحق الصلاة ليس له من الفضل شيء”"*. والساعة اللأولى إلى طلوع الشمس» والثانية إلى ارتفاعهاء والثالثة إلى إنبساطها حين ترمض الأقدام» والرابعة والخامسة بعد الضحى الأعلى إلى الزوال وفضلها قليلء ووقت الزوال حى الصلاة ولا فضل فيه . وعنه عليه السلام قال: «ثلاث لو يعلم الناس ما فيهن لركضوا الإبل في طلبهن: الأذانء والصف الأول والغدو إلى الجمعةء” . قال بعضهم: أفضلهن الغدو إلى الجمعة. وفي الخبر: إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المسجد بأيديهم صحف من )۱( رواه الطيالسي؛ وابن عدي وقال: منكر من حديث ابي الدرداءء ولم أره من حديث واثلة. المصدر السابق. () متفق عليه من حديث أبي هريرة؛ وليس فيه: ورفعت الأقلام وهذه اللفظة عند البيهقي من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. قاله العراقي في المغني (۱/ ۱۸۲). (۳) روا أبو الشيخ في ثواب الأعمال من حديث أبي هريرة: ثلاث لو يعلم الناس ما فيهن ما أخذن إلا بالاستهام عليها حرصاً على ما فيهن من الخير والبركة. قال: والتهجير إلى الجمعة في الصحيحين. من حديث: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا لاستهمواء ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه. قاله العراقي في المصدر السابق. ‎۳A‏ قنطرة الصلاة فضة وأقلام من ذهب يكتبون الأول فالأول على مراتبهم. وجاء في الأثر: أن الملائكة يتفقدون العبد إذا تأخر عن وقته يوم الجمعة فيسأل بعضهم بعضاً عنه ما فعل فلان» وما الذي أخره عن وقته. فيقولون: اللهم إن كان أخره فقر فأغنهء وإن أخره مرض فاشفه» وإن أخره شغل ففرغه لعبادتك» وإن أخره لهو فأقبل بقلبه على طاعتك . قال: وكان يرى في القرن الأول سحراً أو بعد الفجر الطرقات مملوءة من الناس [٤/ب] يزدحمون فيها إلى الجامع كأيام / العيد حتى اندرس ذلك. فقيل: أول بدعة حدثت في الإسلام ترك البكور إلى الجامع . ‏قال: وکیف لا يستحي المؤمن من اليهود والنصارى وهم یبکرون إلى البيع والکنائس يوم السبت والأحدء وطلاب الدئيا كيف يبكرون إلى درجات الجامع للبيع والريح فلم لا يسابقهم طالب الأخرة. ‏وروي أن ابن مسعود رضي الله عنه دخل بكرة فرأی ثلائة نفر قد سبقوه بالبکور فاغتم بذلك وجعل يقول لنفسه معاتباً لها : رابع أربعة وما رابع أربعة ببعيد. ‏الخامسة : في هيئة الدخول فينبغي أن لا يتخطى رقاب الناس› ولا يمر بین يديهم › وفي البكور يسهل عليه ذلكء فقد ورد وعيد شديد في تخطي الرقاب» وهو أن يجعل جسراً يوم القيامة يتخطاه الناس ”.٠ ‏وروی ابن جریج مرسلا : أن النبي ية بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ رأى رجلا يتخطى رقاب الناس حتى تقدم فجلس فلما قضى عليه الصلاة والسلام صلاته عارض الرجل حتى لقيه فقال: «يا فلان ما منعك أن تجمع اليوم معنا»؟. فقال: يا نبي الله قد جمعت. فقال عليه السلام: «أولم أرك تتخطى رقاب الناس»؟! أشار به إلى أنه أحبط عمله . ‏هكذا ذكر في كتاب الغزالي قال: وفي الحديث مسنداً أيضاً قال: «ما منعك أن تصلي معنا»؟ قال: أولم ترني؟ قال عليه السلام: «رأيتك أتيت وآذيت»”". أي تأخرت عن البكور ‏() رواه الترمذي وضعفهء وابن ماجه من حديث معاذ بن آنس» قاله العراقي في المغني (۱/ ۱۸۳). (۲) في الأصل: «بما لي». والتصويب من الإحياء (۱۸۳/۱) وقال العراقي في تعليقه: رواه ابن المبارك في الرقائق. ‏(۳) رواه آبو داود والنسائي» وابن حبانء والحاكم من حديث عبد الله بن بسر مختصراً. العراقي في المغني (۱۸۳/۱(. ‎ ‎ فنطرة الصلاة ‎۳۸o‏ ‏وآذيت الحضور. قال: ومهما كان الصف الأول متروكاً خالياً فله أن يتخطى رقاب الناس ؛ لأنهم ضيعوا حقهم وتركوا موضع الفضيلة . وعن الحسن أنه قال: تخطوا رقاب الناس الذين يقعدون على أيواب الجامع يوم الجمعة› فإنه لا حرمة لهم؛ وإذا لم يكن في المسجد إلا من يصلي فينبغي / ألا يسلم عليهم» [٤1/4۳] فإنه تکلیف جواب في غير محله . السادسة: أن لا يمر بين يدي الناس ويجلس هو إلى قريب من أسطوانة آو حائط حتى لا يمر بين يدي المصلين فإن ذلك مكروه؛ء وإن كان لا يقطع الصلاة إذ قال يَيِفوٍ: «لأن يقف الرجل أربعين سنة خير له من أن يمر بين يدي المصليء". وعنه يل أنه قال: «لأن يكون الرجل رماداً رميماً تذروه الرياح خير له من أن يمر بين يدي المصلى»”. وسوى في حديث آخر بيني المار والمصلي حيث صلى على الطريق أو قصر في الدفع فقال : «لو يعلم المار بين يدي المصلي والمصلي ما عليهما في ذلك لكان أن يقف أربعين خير له من أن یمر بین يديه . والأسطوانة والحائط والمصلى المفروش فيه حدّ المصلي فمن إجتاز به فينبغي أن يدفعه قال يَيٍ: «ليدفعه فإن أبّى فليقاتله فإنه شيطان»'. قال: وكان أبو سعيد الخدري يدفع من يمر بين يديثه حتى يصرعه فريما تعلق به الرجل فاستعدى عليه مروان فيخبره أن النبي يَأ أمره بذلك» فإن لم يجد اسطوانة فلينصب بين يديه شيثاً طوله قدر الذراع ليكون ذلك علامة لحده. السابعة: أن يطلب الصف الأولء فإن فضله كثير كما تقدمء وفي الخبر: «من غسل )۱( رواه البزار من حدیث زید بن خالا وفي الصحيحين من حديث ابي جهم: أن يقف أربعين . قال آبو النضر ل آدري أربعين يوماً أو شهراً أو سنه » وابن ماجحه » وابن حبان من حدیٹ ابي هريره مائ عام المصدر السابق. (٢) رواه آبو نعيم في تاريخ أصبهان» وابن عبد البر في التمهيد موقوفاً على عبد الله بن عمرء وزاد: متعمداً. المصدر السابق. () رواه هكذا أبو العباس محمد بن يحيى السراج في مسنده من حديث زيد بن خالد بإسناد صحيح. المصدر السابق. () متفق عليه. المصدر السابق. ‎۳A‏ قنطرة الصلاة واغتسل ويكر وابتكر ودنا من الإمام واستمع كان له كفارة ما بين الجمعتين وزيادة ثلائة آيام»”. ‏وفي لفظ آخر: غفر الله له إلى الجمعة الأخرى. وقد اشترط في بعضها إن لم يتخط رقاب الناس قال: ولا يغفل عن الصف الأول إلا بثلائة أمور: ‏أولها: كأنه يرى بقرب الخطيب منكراً يعجز عن تغییره من لبس حریر من الامام آو غیره ٦ /ب] أو صلاة / في سلاح کثیر شاغل آو سلاح مذهب أو غير ذلك مما یجب عليه الإنکار من آجلهء فالتأخر له أسلم وأجمع للهمم» فعل ذلك فيما بلغنا جماعة من العلماء طلباً للسلامة . وقيل لبعضهم: نراك تبكر وتصلي في آخر الصفوف. فقال: إنما يراد قرب القلوب لا قرب الأجساد» أشار به إلى أن ذلك أسلم لقلبه . قال: ونظر سفيان الثوري إلى شعيب بن حارث عند المنبر يستمع إلى الخطبة من أبي جعفر فلما فرغ من الصلاة قال: شغل قلبي قربك من هذا هل أمنت أن تسمع كلاماً ما يجب عليك إنکاره فلا تقوم به؟ قال: ثم ذكر ما أحدثوا من لبس السواد. قال: يا أبا عبد الله أليس في الخبر أذن تنظر إليهم كان أقرب إلى الله عز وجل . وعن سعيد بن عامر فال: صليت إلى جنب أبي الدرداء فجعل يتأخر في الصفوف حتى کنا في آخر صف٠ فلما صلينا قلت له: أليس يقال خير الصفوف أولها؟ فقال: نعم إلا أن هذه أمة مرحومة منظور إليها من بين سائر الأمم؛ فإن الله عز وجل إذا نظر إلى عبد في الصلاة غفر لمن وراءه من الناس» وإنما تأخرت رجاء أن يغفر لي بواحد منهم ينظر الله إليه. وفي بعض الروايات أنه قال: سمعت رسول الله يل قال ذلك فمن تأخر على هذه النية إيثاراً وإظهاراً لحسن الخلق فلا بأس. وعند هذا يقال: الأعمال بالنيات. الثاني: أنه إن لم تكن مقصورة عند الخطيب مقتطعة عند المسجد للسلاطين فالصف [/ ب] الأول / محبوب وإلا فقد كره بعض العلماء دخول المقصورة. ‏)۱( رواه الحاكم من حديث أوس بن أوس؛ وأصله عند أصحاب السنن. المصدر السابق. (۲) لم أجدى قاله العراقي في المغني (١/ ٤۱۸). ‎ ‎ قنطرة الصلاة ‎۳AY‏ وقيل: كان الحسن وبكر المزني لا يصليان في المقصورة ورأوا أنها قصرت على السلاطين وهي بدعة أحدثت بعد رسول الله يَأ في المساجد. ووجدت في كتاب المبرد: أن الحجاج بن عبد الله وهو أحد الثلاثة الذين اتفقوا على قتل علي بن آبي طالب » وعمرو بن العاص› ومعاوية بن بي سمیان في ليلة واحدة. قال : فاتی الحجاج معاوية وهو يصلي فضربه مدبراً ففلق أليتيه. فقال: قتلتك يا عدو الله . فقال معاوية : كلا يا ابن أخي إن عمك أحمش من ذلك. قال: فلما أخذ قال: الأمان والبشارةء قتل علي في هذه الصبيحة فاستبقوني به. حتى جاء الخبر فقطع معاوية يده ورجله وأمر حينئلِ باتخاذ المقصورة. فقيل لابن عباس: ما تأويل المقصورة؟ قال: يخافون أن يبتهضه الناس فيقال: البأس بالباءء والمقصورة: بيت يتخذ في الجامع تصلي فيه السلاطين خاصة. ولذلك كرهت العلماء الصلاة فيه؛ للأن المسجد مطلق لجميع الناس . وقد روي أيضاً أن أنس بن مالكء وعمران بن الحصين صليا في المقصورة طلباً للقرب ولم يكرها ذلك ء والله أعلم . ولعل الكراهة تختص بحالة التخصيص والمنع وأما مجرد المقصورة إذا لم يكن متع فلا يوجب كراهة؛ والله أعلم . الثالث: أن المنبر يقطع بعض الصفوف وإنما الصف الأول الواحد المتصل . وعن الثوري أنه كان يقول: الصف الأول هو الخارج بين يدي المنبر وهو المتجه؛ لأنه متصل ولأن الجالس فيه يقابل الخطيب» ويسمع ولا يبعد أن يقال: الأقرب إلى القبلة هو الصف الأول ولا يراعى هذا المعنى. / وتكره الصلاة في الأسواق والرحاب الخارجة من [1/43۷] المسجد؛ وكان بعض الصحابة فيما بلغنا يضرب الناس ويقيمهم من الرحاب» والله أعلم. الثامنة: أن يقطع الصلاة عند خروج امام ويقطع الكلام أيضاً بل يشتغل بإجابة المؤذن» ثم باستماع الخطبة. وفي كتاب الغزالي قال : وقد جرت عادة بعض العوام بالسجود عند قيام المؤذنين . قال: ولم يثبت له أصل في أثر ولا خبر لكنه إن وافق سجود تلاوة القرآن فلا بأس أن يمد الدعاء؛ لأنه وقت فاضل. قال: ولا يحكم بتحريم هذا السجود؛ لأنه لا سبب لتحريمه. قال : وقد روي عن على وعثمان من استمع وانصت فله آجران» ومن لم يستمع وانصت ‎۳A۸‏ قنطرة الصلاة فله أجر واحك؛ ومن سمع ولغی فعلیه وزرانء ومن لم يسمع ولغی فعليه وزر واحد. ‏وعنه يل أنه قال : «من قال لصاحيه والإأمام يخطب انصت أو مه فقد لغىء ومن لغی والإمام يخطب فلا جمعة ل٩ . وهذا يدل على أن الإسكات ينبغي أن يكون بالاشارة أو رمي حصاة لا بالنطق . ‏هذه السورة؟ فأومیء إليه أن اسکت» فلما نزل رسول الله يلو قال له أب : اذهب فلا حمعة لك. فشكاه أبو ذر إلى رسول الله يَف فقال: «صدّق أ». وإن كان بعيداً من الإمام فلا ينبغي أن يتكلم في العلم وغيره بل يسكت وإذا كانت الصلاة مكروهة في وقت خطبة الإمام فالكلام أولى . ‏التاسعة: أن يراعي في قدوة الجمعة ما ذكرناه في غيرهاء فإذا سمع قراءة الإمام فلا يقر [/ب] /سوى الفاتحة. ثم إِذا فرغ من الجمعة قرأ سورة الحمد سبع مرات قبل أن يتكلمء وقل الجمعة إلى الجمعة وكان حزراً له من الشيطان . ‏ويستحب أن يقول بعد صلاة الجمعة: اللهم يا غني يا حميد يا مبدىء يا معيد يا رحيم یا ودود» أغنني بحلالك عن حرامك؛ ويفضلك عن من سواك. يقال: من داوم على هذا الدعاء أغناه الله سبحانه عن خلقه ورزقه من حيث لا يحتسب. قال: ثم صلي بعد الجمعة ست ركعات فقد روي عن ابن عمر أنه يَأ كان يصلي بعد الجمعة ركعتين . ‏وعن أبي هريرة عنه أربعاء وعن علي وابن عباس ستاه والكکل صحيح فيما بلغنا في أحوال مختلفة والاكمل أفضل والله أعلم . ‏() رواه الترمذي؛ والنسائي عن أيي هريرةء دون قوله: ومن لغى فلا جمعة له. قال الترمذي حديث حسن صحيح وهو في الصحيحين بلفظ : ذا قلت لصاحبك. وآبو داود من حديث على: «من قال: صه فقد لغى ومن لغى فلا جمعة له». قاله العراقي في المغني (۱/ ٤۱۸ ١۸١). ۱ ‏(۲) روا البيهقي وقال في المعرفة إسناده صحيحء وأبو داود؛ وابن ماجه من حديث آبي بن کعب بسند صحيح أن الساثل له أبو الدرداءء وأبو ذرء ولأحمد من حديث آي الدرداء: أنه سأل أبياء ولابن حبان من حديث جابر ان السائل عبد الله بن مسعوف ولاي يعلى من حديث جابر قال: قال سعد بن ابي وقاص لرجل لا جمعة لك؛ فقال له اللي يَإ: لم يا سعد؟ قال: لآنه كان يتکلم وأنت تخطب» فقال: صدق سعد. المصدر السابق. ‎ ‎ قنطرة الصلاة ۳۸۹ العاشرة: أن يلازم المسجد حتى يصلي العصرء فإن أقام إلى الغرب فهو الأفضل . يقال : من صلى العصر في الجامع كان له ثواب الحجح . ومن صلى المغرب کان له ثواب العمرةء فإن لم يأمن التصنع ودخول الافة عليه من نظر الخلق إلى اعتكافه أو خاف الخوض فيما لا يعني فالأفضل أن يرجم إلى بيته ذاكراً لله عز وجل مفكراً في آلائه شاكراً على توفیقه خائفاً من تقصيره مراقباً لقلبه ولسانه إلى غروب الشمس حتى لا تفوته الساعة الشريفة. ولا ينبغي أن يتكلم في الجامع ولا غيره من المساجد بحديث الدنياء وقد جاء في الحديث : «ياتي على الناس زمان يكون حديثهم في مساجدهم آمر دنیاهم فلا تجالسوهم فليس لله تعالی بهم من حاجة والله أعلم. الفصل الثالٹ: في شروط الجمعة وحكمها أما حكمها: فقد اتفقت الأمة على أن حكم الجمعة الوجوب» وأنها تصلى خلف /الإمام العادل في الأمصار السبعة التي مصرّها عمر بن الخطاب رضي الله عنهء واختلفوا فيها [1/4¥۹] خلف الجبابرة: فذهب أكثر الإباضية إلى إيجابها خلفهم في الأمصار السبعة. وذهب بعضهم إلى أنها لا تصلى خلف الجبابرةء وقد ذكرت هذا في كتابنا المسمى بقواعد الإسلام مشروحاً بأدلته واختلاف الناس في ذلك» وما اعتمد عليه أصحابنا فلا معنى لإعادته هاهنا؛ إذ ليس هذا الكتاب موضوعا لتفريع مسائل الفقهء وإنما هو موضوع لما لا بد وأما شروط وجوب الجحمعة عند أصحابنا فهي : عشرة ٠ البلوغ › والعقل › والاسلام› والذكوريةء والصحةء والحريةء والإقامةء والإمامء والمصرء والجماعة. وقد شرحتها فى كتاب القواعد فلا نعيدها هاهنا. وبالجملة: فلا تجب الجمعة إلا على بالغ عاقل مسلم. ذكر صحيح حر مقيم في مصر تحت حم سلطان معه جماعة من الناس» ولا تجب على طفل ولا على مجنون؛ ولا على آنثی» ولا على مریض» ولا على عبد ولا على مسافر» ولا على من كان في غير مصر من الأمصار السبعة على قول بعض علمائناء ولا على من كان في غير أرض تقام فيه الحدود بالسلطان» ولا على من کان في غير جماعةء هذهء () رواه البيهقي في شب الإيمان من حديث الحسن مرسلاً وأسند؛ والحاكم من حدیث نس وصحح سناد وابن حبان من حدیث ابن مسعود. المصدر السابق. )۲( راجع الباب في إحياء علوم الدين (۱/ ١۱۸۰ء ١۱۸). شروط الوجوب مجملة هاهنا مشروحة في غير هذا الكتاب؛ والله أعلم . وأما شروط صحة صلاة الجمعة فهي كسائر شروط الصلوات إلا أنها تتميز عنها بستة شروط : أحدها: الوقت: فلو وقع تسليم الإمام منها في وقت العصر لكانت الجمعة فائتة في قول بعضهم وعليه أن يتمها ظهراً. [٤٤٤/ب] الثاني: المكان: فلا تصح في الصحاري والبوادي وبين /الخيامء بل لا بد من بقعة جامعة لأبنية لا تنقل تجمع جمعة ممن تلزمهم الجمعة بحضور سلطان أو بإذنه . الثالث: العدد: وقد اختلف فيه من اثنين بالإمام إلى أربعين رجلا ممن تلزمهم ذكوراً مكلفين لا يظعنون عنها شتا ولا صيفاً. الرابع: الجماعة: فلو صلوا فرادى لا تصح جمعتهم. الخامس: أن لا تكون الجمعة مسبوقة بأخرى في ذلك البلد إلا عند الضرورة. السادس: الخطبة: لأنه إذا لم تكن الخطبة صلوا الظهر أربعاء وهما خطبتان بينهما جلسة خفيفةء وقد اتفق جمهور العلماء على أن وقت الأذان هو إذا جلس الإمام على المتبر فإذا قال المؤذن: لا إِله إلا ال أخذ الإمام في الخطبةء ولا يتزل حتى يقول المؤذن: قد قامت الصلاة فيدخل الإمام فيهاء والله أعلم هذه شروط صحة الصلاة والله أعلم. الفصل الرابع: في سننها وفضائلها آما السنن المختصة بها: فقد ذكرت في الجمل المتقدمة وهي الغسل عند الرواح لهاء ولا يجزي إلا بعد الصبح والطيب» والسواك» والتجمل في اللباس» والبكور» والإتصات للإمام والاستقبال له بالوجه والجهر بالقراءة في الصلاة والله أعلم. أما فضائلها: فالتهجير لهاء وصلة الغسل بالرواح لهاء واستعمال خصال الفطرة فيها: من قص الشارب» ون الإبط› والاستحدادء وتقليم الأظفار والاقتصار في الخطة مع بلاغة واختصار وقراءة آيةء ولا يستعمل فيها غريب اللغةء ولا يتمطی › ولا یتغنی › ولیتکیىء على سيف أو عصى أو نحوه. ولتكن مشتملة على الذكر والثناء على الله تعالى والشهادتينء )۱( راجع الباب في إحياء علوم الدين (۱۷۹/۱ء ١۱۸). قنطرة الصلاة ۳۹۱ والتذكيرء والدعاء والصدقة قبلهاء وحضور مجلس العلم قبل الصلاة بكرةء أو بعدهاء أو وقد روي عن أنس في قوله تعالى : فَإِذا ُضِيَّت الصّلاة فَانتَشِروا في الأزض وَابَعُوا من فصل اللڳ. قال: إما أنه ليس بطلب دنياء ولكن عيادة مريض» وحضور جنازةء وتعلم علم؛ وزيارة أخ في الل وقد سمى الله تعالى العلم فضلاً في مواضع قال الله تعالى: وَعَلَمَكَ ما لم تَكُنْ م وكا َضلُ اله َك يما 4٠. ]41٤/1[ وقال: «وَلقَدُ ايا داو مُا فصلا . يعني علماء وينبغي أن يكون حسن المراقبة للساعة الشريفة التي ورد الخبر بها: لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها شيثاً إلا أعطاه إياه . وفي خبر آخر: لا يوافقها عبد يصلي فاختلف فيهاء فقيل: أنها عند طلوع الشمس؛› وقيل: إِذا قام الناس إلى الصلاةء وقيل آخر: وقت العصرء وقيل: عند غروب الشمس. ويقال: كانت فاطمة رضي الله عنها تراعي ذلك الوقت فتأخذ في الدعاء والاستغفار إلى أن تغرب الشمس» وتخبر بأن تلك الساعة هي المتتظرة. وقد روي عن كعب الأحبار: أنها في آخر ساعة من يوم الجمعةء فقال أبو هريرة: كيف والنبي عليه السلام يقول: «لا يوافقها عبد يصلي' ولات حين صلاة؟ فقال كعب: آلم يقل : «من قعد ينتظر الصلاة فهو في صلاة»؟ قال: بلى . فقال: تلك صلاةء فسکت أبو هرير ة۲ . وقال بعض العلماء : هي مبهمة في جميع اليوم والليلة مثل ليلة القدر حتى تكثر الرغبة في مراقبتها. وقيل: أنها تنتقل في ساعة يوم الجمعة كتنقل ليلة القدرء وهذا هو الأشبهء ولكن (١) سورة الجمعة الأية: ١٠. () سورة النساء الآية: ١۱٠۱ . () سورة سب الآية: ١٠. (4) قال العراقي (۱۸۷/۱): وقع في الإحياء أن كعباً هو القائل إنها آخر ساعة وليس كذلك وإنما هو عبد الله بن سلامء وأما كعب فإنما قال: إنها في كل سنة مرق ثم رجع؛ والحديث رواه آبو داودء والترمذي» والنسائي» وابن حبان من حديث أبي هريرةء وابن ماجه نحوه من حديث عبد الله بن سلام. ۳۹۲ قنطرة الصلاة 7٤ /باينبغى للإنسان أن يصدق بقوله عليه السلام: إن لريكم في دهوركم نفحات / آلا فتعرضوا لا . ويوم الجمعة من جملة تلك الأيام› فينبغي أن يكون العبد متعرضاً لها بإحضار القلب وملازمة الذكر» والتزوع عن وسواس الدنيا فعساه أن يحظى بشيء من تلك التفحات والله أعلم. ويستحب أيضاً إكثار الصلاة فيه على النبي يَف فقد روي عنه يِل أنه قال: «من صلى علي في يوم الجمعة ثمانين مرة غفر الله له ذنوب ثمانين سنة». فقيل له : وكيف نصلي عليك؟ فقال: «تقول اللهم صل على محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي ثم تعقد واحدة). وينبغي أن يضيف إليه الاستغفار فإنه مستحب أيضاً في هذا اليوم. ويستحب أيضاً أن يكثر فيه قراءة القرآن وخصوصاً سورة الكهف . وقد روي عن ابن عباس وأبي هريرة أنهما قالا: من قرا سورة الكهف ليلة الجمعة أو يومها أعطى نوراً من حيث يقراها إلى مكةء وغفر له إلى يوم الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيامء وصلی عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح › وعوفى من الداء والذبيلة وذات الجنب والبرص والجذام وفتنة الدجال”. ويستحب أن يختم القرآن في يوم الجمعة أو ليلتها إن قدره ولتكن ختمة القرآن في ركعتي الفجر إن قرا في الليل أو في ركعتي المغرب أو بين الأذان والإقامة للجمعة فله فضل وقيل: وكان العابدون يستحبون أن يقرأوا يوم الجمعة: فل هُو الله أَحَد€ ألف مره. ويقال: إن قرأها في في عشر ركعات أو عشرين ركعة فهو أفضل من ختمةء وکانوا يصلون على النبي عليه السلام ألف مرة ويقولون: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله () رواه الحكيم الترمذي في النوادرء والطبراني في الأوسط من حديث محمد بن ولابن عبد البر في التمهيد نحوه من حديث أنس؛ ورواء ابن أيي الدنيا في كتاب الفرج من حديث: أبي هريرةء واختلف في إسناده. قاله العراقي في المغني (١/٦۱۸). )۲( لم أجده من حدیٹهما. قاله العراقي في المغني (١/ ۱۸۷). () سورة الإخلاص الاية: ١. قنطرة الصلاة ۳۹۳ أكبر ألف مرةء وإن قرا المسبحات الست في يوم الجمعة أو ليلتها فذلك حسن / جميل. ]1/44۳[ ويقال: إن النبي عليه السلام لم يكن يقرأ سوراً بأعيانها إلا في يوم الجمعة أو ليلتها كان . ّ ّ شە کوہ برای َ و و و ساي يقر في صلاة المغرب ليلة الجمعة: فل يا ايها الكَافرون€”. ول«فل هُو الله لَحَد€°. وفي صلاة العشاء سورة الجمعة› وسورة المنافقين . وروي أنه كان يقرأهما في ركعتي الجمعةء وكان يقرأ في الصبح يوم الجمعة بسورة ‎yT 2 e‏ : سجدة لقمان وسورة هَل أتى عَلى اَلإنْسَانْ»”" والله أعلم وأحكم. ويستحب أيضاً إِذا دخل الجامع أن لا يجلس حتى يركع أربع ركعات يقرأ فيهن: فل ُو لله أَحَد€. مائة مرة في كل ركعة خمسين مرة فقد نقل عن رسول الله ي آن: من فعله لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة أو يرى لهء ولا يدع ركعتي التحية. وإن كان الإمام يخطب» ولكن يخفف قيل: أنه عليه السلام أمر بذلكء وقيل: أنه سكت للداخل حتى صلاهما . ولذلك قال بعضهم: إن سكت له الإمام صلاهماء ويقال: أنه يستحب في هذا اليوم أن يصلي أربع ركعات بأربع سور: الأنعامي والكهف» وطهء ويس» فإن لم يحسن قرأ ييسء والسجدة ولقمانء وسورة الدخانء وسورة الملكء ولا يدع أيضاً قراءة هذه الأربع سور في ليلة الجمعة ففيها فضل كثير ومن لا يحسن القرآن قرأ ما يحسن» ويكثر من سورة الإأخلاص . ويستحب أن يصلي فيه أيضاً صلاة التسبيحم”" كما سيأتي إن شاء الله في باب صلاة التطوعات . (۷), وروي عن النبي عليه السلام أنه قال: «صلها في كل جمعةء . () سورة الكافرون الآية: ١. )۲( سورة الإخلاص الاية: ١. (۳) سورة الإنسان الآية: ١. (89) سورة الإخلاص الآية: ١. (9) رواه الدارقطني من حديث أنس وقال أسنده عبيد بن محمد ووهم فيه والصواب عن معتمر عن أييه مرسلاً . قاله العراقى فى المغنى (۱۸۸/۱). () رواه آبو دواں وابن ماج وابن خزيمةء والحاكم من حديث ابن عباس» وقال العقيلي وغيره: ليس فيها حديث صحيح. قاله العراقي في المصدر السابق. (۷) دواه أبو دواد وابن ماجةء وابن خزيمةء والحاكم من حديث ابن عباس» وقال العقيلي وغيره: ليس فيها = ۳۹ قنطرة الصلاة فكان ابن عباس فيما بلغنا لا يدع هذه الصلاة يوم | لجمعة بعد الزوال› وکان يخبر عن جلالة فضلها. وقيل: الأحسن أن يجعل وقته إلى الزوال للصلاة وبعد صلاة الجمعة إلى العصر [(٤٤٤/بالاستماع العلمء وبعده إلى المغرب / للتسبيح والاستغْفار . فهذا مکروه. ومن العلماء من كره الصدقة على سؤال الجامع الذين يتخطون رقاب الناس إلا إن سآل في مکانه قائماً أو قاعداً من غير تخطي . وعن كعب الأحبار : أنه قال: من شهد الجمعةء ثم انصرف وتصدق بشيئين مختلفين من الصدقة؛ ثم رجع فركع ركعتين يتم فيهما ركوعهما وخشوعهماء ثم يقول: اللهم إني أسألك باسمك الله الرحمن الرحيم» وباسمك الذي لا إِله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم لم يسأل الله تعالى شيئثاً إلا أعطاه إياه . وقال بعض السلف فيما بلغنا: من أطعم: مسكيناً يوم الجمعة ثم غدا وابتكر ولم يؤذ أحداً ثم قال حين سلم الإمام: بسم الله الرحمن الحي القيوم أسألك أن تغفر لي وترحمني وأن تعافيني من النار» ثم دعا بما بدا له استجيب له والله أعلم . والذي ينبغي لمريد الأخرة أن يجعل يوم الجمعة للآخرة فيكف فيه عن جميم أشغال الدنيا ويكثر فيه من أوراد العبادة ولا يبتدىء فيه السفر. وقد روي أن من سافر ليلة الجمعة دعا عليه ملكا وهو بعد طلوع الفجر عند بعضهم حرام إلا إذا كانت الرفقة تفوت . وكره بعض السلف شراء الماء في المسجد ليشربه أو ليسبله حتى لا يکون مبتاعاً في المسجد فإن البيع والشراء فيه مكروه» وقالوا: لا بأس أن يعطي القطعة خارج المسجد ثم وبالجملة فينبغي أن يزيد في يوم الجمعة في أوراد العبادة وأنواع الخيرات فإن الله سبحانه = حديث صحيح. قاله العراقي في المصدر السابن. فنطرة الصلاة ٥۳۹ إذا أحب /عبداً استعمله فى الأوقات الفاضلة بفواضل الأعمالء وإذا مقته استعمله فيها بسىء [44°/ أ] الأعمال ليكون ذلك أوجع في عقابه وأشد لمقته لحرمانه بركة الوقت وانتهاكه حرمة الوقت الفاضل وبالله التوفيق”° . مسألة حى على من حضر الصلاة إذا رأى غيره يسىء الصلاة أن ينكر عليه فإن صدر عن جهل رفق بالجاهل وعلمهء فمن ذلك الأمر بتسوية الصفوف ومنع المتفرد بالوقوف خارج الصف والإنتكار على من يرفع رأسه قبل الإمام إلى غير ذلك من الأمور فقد قال يَيٍ: «ويل للعالم من الجاهل حيث لا يعلمه". ولا يكون له الويل إلا بترك الفريضة. وعن ابن مسعود رحمه الله أنه قال: من رأى من يسيء صلاته ولم ينهه فهو شري 6 وجاء في الحديث: أن بلالا كان يسوي الصفوف ويضرب عراقبهم بالدّرة'". وينبغي أن يعاتب تارك الجماعة والمتخلف عنهاء وقد كان الأولون يبالغون في الإتكار على ذلك» ويستحب أن يقصد يمين الصف ولذلك تزاحم الناس عليه في زمان رسول الله يَأ فقيل له: تعطلت الميسرة. فقال عليه السلام: «من عمّر ميسرة المسجد كان له كفلان من الأجر. والله أعلم وأحكم. في المندوب إليه من الصلوات اعلم أن ما عدا الفرائض من الصلوات ينقسم إلى أربعة أقسام: سننء ومرغوبات› ومتطوعات › ومستحبات . أما السنن: فهو ما نقل عن رسول الله ي المواظبة عليها والأمر بها / وذلك كصلاة الوتر [46٤/۲] وصلاة الميت› ورکعتي الفجرء ورکعتي المغرب»ء ورکعتي الطواف› وصلاة العيدين . )۱( راجع إحياء علوم الدين (۱/ ۱۸۸ ۱۸۹). (۲) روا الديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس بسند ضعيف. قاله العراقي في المغتي (۱/ 0)۹۲ (۳) لم أجده. قاله العراقي في المصدر السابق. )4( رواه ابن ماجة من حدیث ابن عمر بسند ضعیف. المصدر السابق. )0( راجع إحياء علوم الدين (۱/ ۱۹۲). ۳۹ قنطرة الصلاة وأما المرغوبات: فهي صلوات ورد الخبر بفضلهن» ولم يرد بالمواظبة عليهن وذلك : كصلاة الضحى» وصلاة الكسوف والخسوف» والزلزلةء وصلاة الاستسقاى وتحية المسجد. وأما المتطوعات: فكركعات النوافل قبل الظهر وبعدهاء وقبل العصرء وقبل العشاء وبعدهاء وكقيام الليلء وإحياء ما بين المغرب والعشاءء وركوع السحر. وأما المستحبات: فهي ما وراء هذه الصلوات المذكورة مما لم يرد في عينه خبر» ولكنه يتطويع به العبد رغبة في مناجات الله تعالى لقوله عليه السلام: «الصلاة خير موضوع فمن شاء فلیقلل ومن شاء فلیکثر»''. ومن هذا النوع: صلاة التسبيح؛ وصلاة الاستغفار» وصلاة الأجرء وصلاة الدهر وصلاة الرجاءء وركعتان بعد الوضوء لئلا يتعطل› وركعتان عند الدخول فى المنزلء وركعتان عند الخروج منه وعند السفر والقدوم منهء وصلاة الاستخارة وصلاة الحاجق وأشباء ذلك وقد ذكرنا هذه الصلوات وفضائلها› وشرحنا جميع ذلك في کتابنا المسمى: بقواعد الإسلامء ولکنا تذكر هاهنا فضائل صلوات الأيام السبعة ولياليها لكل يوم وليلة منقول من كتاب الغزالي» وبالل التوفيق. أما الأيام فتبدأها بيوم الأحد: وفي كتاب الغزالي قال: وروى أبو هريرة عن النبي يه أنه قال: «من صلى يوم الأحد آربع ركعات يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وآمن الرسول مرة كتب الله عز وجل له بعدد كل نصراني ونصرانية حسنات وأعطاه الله ثواب نبې وکتب له حجة وعمرةء وكتب له بكل ركعة آلف صلاة وأعطاه الله في الجنة بكل حرف مدينة من مسك أذف. وعن علي بن أبي طالب عنه عليه السلام أنه قال: «وحُّدوا الله بكثرة الصلاة يوم الأحد؛ فإنه سبحانه واحد لا شريك له فمن صلى يوم الأحد بعد صلاة الظهر أربع ركعات بعد الفريضة والسنة: قر في الركعة الأولى فاتحة الكتاب» وتنزيل السجدةء وفي الثانية فاتحة الكتاب وتبارك الملكء ثم يتشهد ويسلم؛ ثم قام فصلى ركعتين آخرتين يقرأ فيهما فاتحة الكتاب وسورة الجمعة ويسأل الله حاجته كان حقاً على الله أن يقضي حاجتە»”. () رواه أحمك وابن حبان» والحاكم وصححه من حديث أبي ذر. قاله العراقي في المغني (۱/ ۱۹)٠ (۲) ذكره أبو موسى المديني من حديث أبي هريرة بسند ضعيف. قاله العراقي في المغني (١/1۹۸). (۳) ذكره آبو موسى المديني فيه بغير إسناد. المصدر السابق. قنطرة الصلاة ۳۹۷ النهار ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرةء وآية الكرسي مرةء وقل هو الله أحد مرةء والمعوذتين مرة» فإذا سلم استغفر الله تعالى عشر مرات» وصلى على رسوله عليه السلام عشر مرات» غفر الله تعالى له ذنوبه كلها . وروي عن أنس بن مالك عنه عليه السلام أنه قال : «من صلى يوم الائتين ائنتي عشر ركعة يقرا في كل ركعة فاتحة الكتاب» وآية الكرسي مرة ثم إذا فرغ قرا: فل هُو الله أَحَدٌ€ الثتي عشر مرةء واستغفر الله اثنتي عشر مرةء نودي به يوم القيامة: أين فلان بن فلان ليقم فليأخذ ثوابه من الله عز وجل فأول ما يعطى من الثواب ألف حُلة ويتّوجء ويقال له: ادخل الجنة فيستقبله مائة ألف ملك مع كل ملك هدية يشيعونه حتى يدور /على ألف قصر من نور [1/44^8] لال . يوم الثلاثاء: روى زيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله يَيٍْ: «من صلى يوم الثلاثاء عشر ركعات عند انتصاف النهارا. وفي حديث آخر: «عند إرتفاع النهار يقر في كل ركعة فاتحة الكتابء وآية الكرسي مرق ولل هُو لله أَحَدٌ€ ثلاث مرات لم تكتب عليه خطيئة إلى سبعين يوماء فإن مات إلى سبعين يوماً مات شهدا وغفر له ذنوبه سبعین سنة "۰ «من صلى يوم الأربعاء اثنتي عشرة ركعة عند ارتفاع النهار يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب› وآية الكرسي مرة و ظفل هُوَ الله أَحَدڳه ثلاث مرات والمعوذتين ثلاث مرات نادی به ملك عند العرش يا عبد الله استأنف العمل فقد غفر لك ما تقدم من ذنبك» ودفع الله سبحانه عنه عذاب القبر وضيقه وذ ظلمته؛ ودفع عنه شدائد يوم القيامة ورفع له من يومه عمل نبي»*“. الخميس : عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله عو : «من صلی يوم الخميس () ذکره آبو موسى المديني من حديث جاير عن عمر مرفوعء وهو حديث منكر. قاله العراقي في المصدر السابق. () ذكره أبو موسى المديني بغير سند وهو منكر. راجع المصدر السابق. () ذكره أبو موسى المديني بسند ضعيف» ولم يقل عند انتصاف النهار ولا عند ارتفاعه. المصدر السابق. () ذكره أبو موسى المديني؛ وقال رواته ثقات؛ والحديث مركب» قلت: بل فيه غير مسمی؛ وهو محمد بن حميد الرازي أحد الكذابين. قاله العراقي في المغني (١/0)۱۹4 ۳۹۸ قنطرة الصلاة بين الظهر والعصر ركعتين يقرا في الأولى: بفاتحة الكتاب وآية الكرسي مائة مرةء وفي الثانية : بفاتحة الكتاب مرق ول فل هُوَ الله أَحَدُ مائة مرةء ويصلي على مائة مرة أعطاه الله ثواب من صام رجب وشعبانء ورمضان وكان له من الثواب مثل حاج البیتء وکتب له بعدد کل من آمن بالله سبحانه وتوگل عليه حسنات»۱٩. [4٤/ب] ‏ الجمعة: روي /عن علي عن النبي يه أنه قال: «في يوم الجمعة صلاة ما من عبد مؤمن قام إذا استقلت الشمس وارتفعت قيد رمح أو أكثر من ذلك فتوضاً فأسبغ الوضوء وصلى سبحة الضحى ركعتين إيماناً واحتساباً كتب الله له مائتي حسنةء ومحى عنه مائتي سيئةء ومن صلی أربم ركعات رفع الله له في الجنة أربعمائة درجةء ومن صلی ثمان ركعات رفع الله تعالی له في الجنان ثمانمائة درجةء وغفر له ذنوبه كلهاء ومن صلى اثنتي عشرة ركعة كتب الله له ألا ومائتى حسنة ومحى عنه ألفاً ومائتين سيئةء ورفع عنه في الجنة ألفاً ومائتين درجة»"٩. وعن نافع عن ابن عمر عنه يو أنه قال: «من دخل الجامع يوم الجمعة فصلى أربع ركعات قبل صلاة الجمعة يقرأ في كل ركعة الحمد ل ولفل هُو الله احَده خمسين مرة لم يمت حتی یری مقعده من الجنة أو رى ل٩ . .٤ . السبت: روى أبو هريرة أن النبي يٍَ قال: «من صلى يوم السبت أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرةء ولل يا ايها أَلْكافرُونَ» ثلاث مرات فإذا فرغ قرأ آية الكرسي كتب الله له يكل حرف حجة وعمرةء ورفع له بكل حرف أجر سنة وأعطاه الله بکل حرف أجر سنةء وأعطاه الله بكل حرف أجر شهيد وكان تحت ظل عرش الله مع النبيين والشهداء”“. وأما الليالي: فليلة الأحد: روي فيها عن أنس بن مالك عنه يو أنه قال: «من صلى ليلة [0/ب] الأحد عشرين ركعة يقرأ في كل ركعة الحمد لله مرق /وقل هو الله أحد خمسين مرةء والمعوذتين خمسين مرة ويستغفر الله لنفسه ولوالديه والمؤمنين مائة مرةء ويصلي على النبي ماثة مرة» ويتبرأ من حوله وقوته ويلتجىء إلى حول الله وقوته ثم يقول: أشهد أن لا إِله إلا الله وأشهد أن آدم صوفة الله وفطرتهء وإبراهيم خليل الله وموسى كليم اللهء وعيسى روح الله () ذكره آبو موسى المديني بسند ضعيف جداًء المصدر السابق. (۲) لم أجد له أصلاً وهو باطل. المصدر السابق. (۳) روا الدراقطني في غرائب مالك؛ وقال: لا يصح وعبد الله بن وصيف مجهولء والخطيب في الرواية عن مالك وقال: غريب جداً ولا أعرف له وجهاً غير هذا. المصدر السابق. (8) ذكره أبو موسى المديني في كتاب وظائف الليالي والأيام بسند ضعيف جداً. المصدر السابق. قنطرة الصلاة ۳۹۹ ومحمداً حبيب الله كان له من الثواب بعدد من ادَعَى لله ولداًء وبعدد من لم يدعه لله تعالى» ويبعثه الله عز وجل يوم القيامة مع النبيين وكان حقاً على الله عز وجل أن يدخله الجنة مع التبيين»” ` ٠ ليلة الإثنين : روي عن الأعمش عن أنس قال قال رسول الله: : «من صلى ليلة اللإثنين أربع ركعات يقرأ فى الركعة الأولى الحمد لله ول هُو الله أحَلٌ» عشر مرات» وفى الركعة الثانية يترا «الْحَمدُ لوه مرة» وفي الالثة لحد مرةء لئ ُوَاللّه خد ثلائين مرة» وفي الرابعة «ألْحَمْدُ لله€ مرق و لفل هُو الله أَحَد€ أربعين مرة ثم يسلم» ويقرأ فل هو الل أحَدٌ» خمساً وسبعين مرةء ويستغفر لنفسه» ولوالديه والمؤمنين خمساً وسبعين مرة ثم يصلي على محمد ي خمساً وسبعين مرةء ثم يسأل الله حاجته كان حقاً على الله أن يعطیه ما سآل وهي تسمى صلاة الحاجة 3 ليلة الثلاثاء: يصلي ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و لفل ُو الله أَحَدٌ€ والمعوّذتين خمس عشر مرةء ويقراً بعد التسليم آية الكرسي خمس عشرة مرة / ويستغفر الله [1/4°1] سبحانه خمس عشرة مرة. ليلة الأربعاء: روي عن فاطمة أنها قالت: قال رسول الله يَيٍ: «من صلى ليلة الأربعاء ست ركعات يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة: فل لهه مالك اَلْمُلْكٍ4” الآيةء فإذا فرغ من صلاته قال سبعين مرة: جزى الله عنا محمد ما هو أهله؛ غفر الله له ذنوبه سبعين سنة؛» کتب له براءة من اش . ليلة الخميس: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله يَيٍ: «من صلى ليلة الخميس ما بين المغرب والعشاء ركعتين يقر في كل ركعة فاتحة الكتاب» وآية الكرسي خمس مرات» ولل هُو الله حن خمس مرات؛ والمعوذتين خمس مرات» فإذا فرغ من صلاته استغفر الله تعالی خمس عشرة مرة وجعل ثوابه لوالديه فقد أدى حقهما وإن كان عاقاً لهما فأعطاه الله تعالی ما يعطي الصديقين والشهداء”° . () ذكره أبو موسى المديني بغير إسناتء وهو منكر وروى أبو موسى من حديث أنس في فضل الصلاة فيها ست ركعات وأربم ركعات» وكلاهما ضعيف جداً. قاله العراقي في المغني (۱/٠١1). )۲( ذکره آبو موسی المديني هذا عن الأعمش بغیر [إسناد وأسند من رواية يزيد الرقاشي عن نس حديثاً في صلاة ست ركعات فيها وهو منكر. المصدر السابق. (۳) سورة آل عمران الآية: ٢٠. )4( ذکره بو مورسی المديني بسند ضعيف جداً. اله العراقي في المغني (۱/٢٠۲). (9( ذکره آبو مورسی المديني › وابو منتصور الديلمي في مسند الفردوس بسند ضعيف جداً وهو منکر. قاله = .£ فنطرة الصلاة ليلة الحمعة: عن جابر قال: قال رسول الله يٍَ: «من صلى ليلة الجمعة ما بين المغرب والعشاء اثنتي عشرة ركعة يقرا في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة ول فل هُو الله أَحَدٌ€ إحدى عشرة مرة فكأنما عبد الله تعالى اثنتي عشرة سنة صبيام نهارها وقيام ليلها»”٩. وعن أنس عنه يِل أنه قال: «من صلى ليلة الجمعة صلاة العشاء الأخيرة في جماعةء وصلى ركعتي السنةء ثم صلى بعدهما عشر ركعات يقرأ في كل ركعة ألحَمْدُ لله مرق غ و ماو کرو . ۰ وقل هو الله اد والمعوذتين مره مرة» ثم يوتر بٹلاثٹ رکعات ونام على جنه الايمن ووجهه إلى القبلة فكأنما أحيا ليلة القدر»”. [ ٤٤٤ /ب] وعنه / َل أنه قال: «أكثروا من الصلاة علي في الليلة الغْرّاءء واليوم الأزهر وليلة ليلة السبت: عن أنس عنه يَأ أنه قال: «من صلى ليلة السبت ما بين المغرب والعشاء النتي عشرة ركعةء بني له قصر في الجنة وكأنما تصدق على كل مؤمن ومؤمنة وتبراً من اليهود وكان حقاً على الله أن يغفر له» والله أعلم وأحكم. فصل ومن المرغوبات فيها أيضاً صلاة رجب» وصلاة شعبان. أما صلاة رجب : فقد ذكر في كتاب الغزالي عن النبي عليه السلام أنه قال: «ما من أحد يصوم أول خميس من رجب» ثم يصلي بين المغرب والعشاء اثنتى عشرة ركع يفصل بین کل ركعتين بتسليمةء يقرا في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرق و اَل فى لَبْلَةٍ افدر ٠ ت مرات» و لفل هُوَ الله َحَدٌ€ اثنتي عشرة مرة» فإذا فرغ من صلاته صلی علي سبعين مرة = العراقي في المغني (۲01/۱). (۱) باطل لا أصل له المصدر السابق. () باطل لا أصل لهء وروى المظفر بن الحسين الأرجاني في كتاب فضائل القرآن» وإيراهيم بن المظفر في كتاب وصول القران للميت من حديث أنس: من صلى ركعتين ليلة الجمعة قرأ فيهما بفاتحة الكتاب؛ وإذا زلزلت» خمس عشر مرةء وقال إيراهيم بن المظفر خمسين مرة أمنه الله من عذاب القبرء ومن أهوال يوم القيامةء ورواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من هذا الوحهء ومن حديث ابن عباس أيضاء وكلها ضعيفة منكرة؛ وليس يصح في آیام الأسبوع ولياليه شيء» والله أعلم. المصدر السابق. (۳) لم أجد له أصلا. المصدر السابق. ‎ )8(‏ سورة القدر الآية: ١. ‎ ‎ قنطرة الصلاة £1 سے يقول: اللهم صلى على النبي الأمي وعلى آله ثم يسجد ويقول في سجوده سبعين مرة: سبوح فدوس رب الملائكة والروح› ثم يرفع رأسه ويقول سبعين مرة : رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت العلي الأعظم› ثم يسجد سجدة أخرى ويقول فيها مثل ما قال في السجدة الأولى ء ثم يسأل الله حاجته فی سجود؛ فإنها تقضى إن شاء الله . قال عليه السلام: «لا يصلي أحد هذه الصلاة إلا غفر الله له جميع ذنوبه ولو كانت مثل زيد البحرء وعدد الرملء ووزن الجبال وورق الأشجارء ويشفع في سبعمائة من أهل بيتە»". وأما صلاة شعبان: ففى كتاب الغزالى أنها في ليلة الخامس عشر منه يصلي مائة ركعة كل ركعتين بتسليمة يقرأ فى كل ركعة بعد الفاتحة: فل هُو الله أحَدّڳه عشر مرات . قال: وإن شاء عشر ركعات يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة قل هُو الله أَحَدّڳه مائة مرة. قال : وکان ۱| لسلف يصلون هذه الصلاةء وربما صلوها جماعة . قال: وروي عن الحسن أنه قال: حدثني ثلائون من أصحاب النبي عليه السلام: أن من صلى هذه الصلاة في هذه الليلة نظر الله عز وجل إليه سبعين نظرةء يقضي له بكل نظرة سبعين حاجة أدناها المغفرة°. وأما صلاة الحاجة: فإنه يقال: إذا ضاق بالانسان الأمر ومست حاجته في صلاح دينه ودنياه إلى أمر تعذر عليه فيصل هذه الصلاة. فقد روي عن وهب بن الورد أنه قال: أن من الدعاء الذي لا يرد أن يصلي العبد اثنتي عشرة ركعةء يقرأ في كل ركعة بأم القرآنء وآية الكرسي» ول فل هُو الله أَحَدٌ€ فإذا فرع خر ساجداً وقال : سبحان الذي لبس العز. وقال به: سبحان الذي تعطف بالمجد وتكرم به سبحان الذي أحصى كل شيء علمهء سبحان ذي المن والفضلء سبحان ذي العز والكرمء سبحان ذي الطول والقدرة. أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك» وباسمك الأعظمء وجدّك )۱( أورده رزين في کتابه وهو حدیث موضوع. قاله العراقي في المغني (۱/ 0۳ 6). () حديث صلاة ليلة النتصف من شعبان حديث باطل؛ رواه ابن ماجه من حديث علي: إِذا كانت لله 4 لتصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها› وإسناده ضعيف. المصدر السابق (٢/٢۲۰(). £۲ قنطرة الصلاة الأعلى وكلماتك التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر› أن تصلى على محمد ؛› ثم يسأل حاجته التي لا معصية فيها تجاب إن شاء الله . [٤٥٤/ب] قال: قال وهب: وبلغنا أنه كان يقال: /لا تعلموها سفهاءكم فيتعاونون بها على معصية الله عر وجل . كملت قنطرة أسرار الصلاة بحمد الله وحسن عونه والصلاة على محمد نبيه عليه السلام تتلوها قنطرة الصوم إن شاء الله () راجع في الفصل إحياء علوم الدين (۱/٠٠۲› ٢٠۲). القنطرة الرابعة قنطرة أسرار الصو الحمد لله الذي أعظم على عباده المنّة بأن جعل الصوم لأوليائه من الشيطان حصنا وجنةء وفتح لهم من أجله أبواب الجنةء وعرفهم أن وسيلة الشيطان إلى قلوبهم هي الشهوات المستكنة› وأن بقمعها تصبح النفس مطمئنةء والصلاة على نبينا محمد قائد الحق وممهد آما بعد : إن الله سبحانه فرض علی عباده الصيام وقدمه على زكاة الأموال لتعلق الصيام بالأبدان» فكان في إيجابه الصوم عليهم حثاً على رحمة الفقراء وإطعامهم وسد جوعاتهم لما فل فاسوه من شدة المجاعة في حال صومهم› ثم لما في الصوم من قهر النفس؛ء وإذلالهاء› وكسر الشهوة المستولية عليها وإعلام النفس بأنها محتاجة إلى يسير من الطعام والشراب تسد بها فاقتها. الحاجات ؛ إذ قال : «امعاشر الشباب من استطاع منکم الباءة فلیتزوج › ومن لم / يستطع [٥٥٤/۱] فليصم فإن الصوم له وجاء». يعني خصاء وذلك كناية عن كسر الشهوة. وقيل ليوسف عليه السلام: أتجوع وأنت على خزائن الأرض؟ فقال: أخاف أن أشبع فأنسى الجائع . والصوم سبب للجوع الذي هو منبهة على رحمة الفقراءء وباب للعبادة التي هي وسيلة السعداءء ومقمعة للشيطان الذي هو أعدا الأعداءء إذ بواسطة الشهوة يتوصل إلى الإإغواء وإضلال الأشقياءء وإذ عظمت منفعته للعباد وجلت مرتبته في الشرع الذي هو زاد المعاد. ہے () واسراره من كتاب الغزالي وغیره. 77 قنطرة أسرار الصوم الأول : في فضیلته . الثاني : في شروطه الواجبة وسننه المرتبة. الثالث : في مفسداته ولوازم إفساده. الرابع: في أسراره الباطنة . الخامس: في صوم التطوع وفضيلته. الباب الأول في فضل الصوم اعلم أن الصوم دعامة من دعائم الدين» وركن من أركان الإسلام لقوله تعالى: كيِبَ عَليَكُمُ أَلصّيَاءٌ»” الاية . ولقوله عليه السلام: «الصوم نصف الصبر»”" و«الصبر نصف الإيمان". فكان الصوم على هذا المعنى ربع الإسلام» ثم هو متميز بخاصية النسبة إلى الله تعالى من بين سائر الأركان؛ إِذْ قال تعالى فيما حكى عنه نبيه عليه السلام: «كل حسنة يعملها ابن آدم بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم؛ فإن الصوم لي وأنا أجزي به الجنةء فارق عبدي شهوته وطعامه وشرابه من أجلي»*٩. ٤ /ب] ‏ وقال تعالى: رمَا وى أَلصَّايرُون أَجْرَهُمْ قير /جساب»”. والصوم نصف الصبر فقد جاوز ثوابه قانون التقدير والحساب. وناهيك في معرفة فضله قوله يَلأوٍ: «والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك»”'. وعنه ي من طريق أبي هريرة أنه قال: «أعطيت أمتي في شهر رمضان خمس خصال لم (١) سورة البقرة الآية: ۱۸۳ . )۲( رواه الترمذي وحسنه من حدیٹ رجل من بني سلیم؛ وابن ماحه من حدیث ی هريرة. اله العراقي في المغني (۲۳۱/۱). (۳) رواه أبو نعيم في الحلية والخطيب في التاريخ من حديث ابن مسعود بسند حسن. المصدر السابق. )٤( اخحرجاه من حدیث أي هريره. المصدر السايق. (١) أخرجاء من حديثه وهو بعض الذي قبله. المصدر السابق. قنطرة أسرار الصوم £0 تعطها أمة قبلهم: خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسكء وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطرواء وتصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصون فيه إلى ما کانوا يخلصون في غیره ويزين الله تعالى جنته في كل يوم منهء ويقول: يوشك عبادي الصالحون أن تلقى عنهم المؤنة والأذى ويصير إليك ويغفر لهم في آخر ليلة منه». قيل: يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال: «لا ولكن العامل إنما يوفى أجره آخر عمله». وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه عن رسول الله يلو أنه قال: «إن الجنة لتتزين من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان» فإذا كان أول ليلة من شهر رمضان هبت ريح من تحت العرش يقال لها: المثيرةء فتصفق ورق الجنةء وحلق المصاريع؛ فيسمع لذلك طنين لم يسمع السامعون أحسن منهء فتتزين الحور العين حتى يقمن بين شرافات الجنة فينادين: هل من خاطب إلى الله فنزوجه مناء ثم يقلن: يا رضوان» فيجيبهن بالتلبيةء فيقول: یا خیرات حسانء هذه أول ليلة من شهر رمضان ويقول الله تعالى: يا رضوان افتح أبواب الجنة للصائمين من أمة محمد عليه السلام / ويا جبريل اهبط إلى الأرض فصفد مردة الشياطين وغلهم بأغلالء ثم [°7٤/ أقذف بهم في البحر حتى لا يفسدوا على أمة محمد صيامهم ولله عز وجل في کل يوم من رمضان عند طلوع الشمس وعند الإفطار ألف ألف عتيق يعتقهم من النار عبيد وإماءء ويعتق في آخر الشهر مثل ما أعتق من أول إلى آخره وله ملك ينادي من تحت العرش“ هل من تائب يتاب عليه؟ هل من داع يستجاب له هل من مظلوم ينصره الله هل من مستغفر يغفر له هل من سائل يعطى سؤاله». ويقال: «إذا كان ليلة القدر يأمر الله جبريل عليه السلام فيهبط في كبكبة من الملائكة إلى الأرض ومعه لواء أخضر فيركزه على ظهر الكعبة فيسلمون تلك الليلة على كل قائم وقاعد ومصل وذاکر من أمة محمد عليه السلام ويصافحونهم ویؤمنون على دعائهم حتی يطلع الفجر فينادي جبريل يا معشر الملائكة الرحيل فيقولون: يا جبريل ما فعل الله عز وجل في حوائج أمة محمد عليه السلام؟ فيقول: إن الله تعالى نظر إليهم وعفا عنهم وغفر لهم إلا أربعة» قالوا: ومن هم؟ قال: مدمن على خمر» وعاق لوالديه» وقاطع الرحم» ومشاحن». قيل: يا رسول الله ومن المشاحن؟ قال: «الذي لا يكلم أخاء فإذا كانت ليلة الفطر سميت تلك الليلة ليلة الجائزة فيبعث الله الملائكة في غداة الفطز فيقومون على أفواء السكك فينادون بوت يسمعه جميع الخلائق إلا الجن والإنس» فيقولون لأمة محمد عليه السلام: اخرجوا () أطراف هذا الحديث عند: أحمد في المسند (۲۹۲/۲)ء ابن حجر في المطالب العالية (۹۳۲)ء والطحاوي في مشكل الاثار (٤/ ١٤۱). £ قنطرة أسرار الصوم [/ب] إلى ربكم يعطي الجزيل ويغفر العظيم فإذا برزوا في مصلاهم يقول / الله تعالى: يا ملائكتي ما جزاء الأخير إذا عمل عمله؟ قالوا: جزاؤه توفية أجرهء فيقول الله عز وجل: يا ملائكتي إني جعلت ثوابهم من صيامهم رمضان وقيامهم رضاي ومغفرتي فیقول تغالی: يا عبادي سلوني فوعزتي وجلالي لا تسألوني اليوم شيثاً لدينكم ودنياكم إلا أعطيته لكم'. وعنه يَِو أنه قال: «الصوم جُنّة فإذا كان أحدكم صائماً فلا يرفث ولا يفسق› ولا يجهل» وإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل: إني صائم إِني صائم»٩. وعن سلمان الفارسي رحمه الله قال: خطبنا رسول الله يل في آخر يوم من شعبان فقال : «أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك شهر فيه ليلة القدر هي خير من ألف شهر جعل الله صيامه فريضة وقيامه تطوعاء من تقرب فيه إلى الله عز وجل بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنةء وهو شهر المواساة يزداد فيه في رزق المؤمن وشهر أوله رحمة ووسطه مغفرة وآخره عتق من النار» من فطر فيه صائماً کان كمن أعتق رقبة وغفرت ذنوبه سقاه ربه من حوضي شربة لا يظماً بعدها حتى يدخل الجنة قالوا: يا رسول الله ليس كلنا ما يجد ما يفطر به الصائم؟ قال عليه السلام: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة من ماء» ومن أشبع فيه صائماً کان ذلك مغفرة لذنوبه وعتقاً لرقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء» ومن [/ با خفف فيه عن مملوكه أعتقه الله من النارء فاستكثروا فيه من أربع /خصال: خصلتان ترضون بهما ریکم؛ وخصلتان لا غنى لكم عنهما فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا لُه إلا اللء وتستغفرون لذنوبكم» وأما الخصلتان اللتان لا غنى لكم عنهما: فتسألون الله الجنة وتتعوذون به من النارا. وعنه يَلِلد أنه قال: «نوم الصائم عبادة وصمته تسبيح؛ ودعاؤه مستجاب وعمله مضاعف» . وعن أبي مسعود الأنصاري أنه قال: من صام رمضان في إنصات» وسكوت» وذكر الله (۱) أخرجاه من حديث آبي هريرة. قاله العراقي في المغني (۱/٣۲۳). (۲) رويناء في أمالي ابن مندة من رواية ابن المغيرة القواس عن عبد الله بن عمر بسند ضعيف» ولعله عبد الله ين عمروء فإنهم لم يذكروا لابن المغيرة رواية إلا عنهء ورواء أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث عبد الله بن أبي أوفى وفيه سليمان بن عمرو النخعي أحد الكذابين. قاله العراقي في المغني (۲۳۲/۱(. قنطرة أسرار الصوم £۷ عز وجل ٠ وأحل حلاله وحرم حرام ولم برتکب فيه فاحشاً إلا انسلخ عنه رمضان حن ينسلخ وقد غفرت ذنوبه كلها وبني له بكل تسبيحة وتهليلة بيت في الجنة من زمردء في جوفها ياقوتة حمراء في جوف تلك الياقوتة خيمة من در مجوفة فيها زوجة من الحور العين . وعن ابن مسعود أيضاً عن رسول الله ي أنه قال: «لو يعلم العباد ما في رمضان لتمنوا أن يكون السنة كلها». فقال رجل من خزاعة: حدثنا يا رسول الله بما فيه فقال: «إن الجنة لتزين لرمضان من الحول إلى الحول» فإذا كانت أول ليلة هبت ريح من تحت العرش فصفقت ورق الجنة فتنظر الحور إليها فيقلن: يا رب اجعل لنا في هذا الشهر من عبادك أزواجاً تقر أعيننا بهم وأعينهم بناء فما من عبد صام رمضان إلا زوج زوجة من الحور العين في خيمة من در مجوفة كما قال الله تعالى في كتابه: حور مَقصُورَات في ألخِيَام”". وعلى كل امرأة منهن سبعون حلة ليس فيهن حلة على لون الأخرى وتعطى سبعين لوناً من الطيب وكل امرأة منهن على /سرير من ياقوت أحمر منسوج بالدر عليه سبعون فراشاً بطانتها من استبرق لكل امرأة سبعون [٤٤٦٤/۱] وصيفة› هذا في کل یوم صامه من رمضان سوی ما عمل من الحسنات». وعنه عليه السلام أنه قال: «شهر رجب شهر أمتي وفضله على ساثر الشهور كفضل أمتي على سائر الأممء وشعبان شهري وفضله على سائر الشهور كفضلي على ساثئر الأنبياء› ورمضان شهر الله وفضله على سائر الشهور كفضل الله تعالى على خلقه». وعنه عليه السلام أنه قال: «للجنة باب يقال له الريان: لا يدخله إلا الصائمون»”° وعنه عليه السلام قال: «للصائم فرحتان: فرحة عند إفطارهء وفرحة عند لقاء ريه وعنه عليه السلام أنه قال: «لكل شيء باب» وباب العبادة الصوم”. وقال: «نوم الصائم عبادة» . وروي عن وكيم في قوله تعالی : لكلا وََشْربُوا نتا يما سلفم في الأنام لال4 . قال: هي أيام الصيام إذ تركوا فيها الأكل والشرب. (۱) سورة الرحمن الأية: ۷۲. (۲) أخرجاه من حديث سهل بن سعد. قاله العراقي في المغني (۱/ ۲۳۲). () أخرجاه من حديث أبي هريرة. المصدر السابق. () رواه ابن المبارك في الزهدء ومن طريقه أبو الشيخ في الثواب من حديث أبي الدرداء بسند ضعيف المصدر السابق. (0) سورة الحاقة الأية: ٢٤۲. £۸ قنطرة أسرار الصوم «إن الله تعالى يباهي ملائكته بالشاب العابد فيقول: أيها الشاب العابد التارك شهوته لأجلي المبذل شبابه لي أنت عندي كبعض ملائکتي» ٩ . وقال عليه السلام في الصائم: «يقول الله عز وجل: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي ترك شهوته ولذته وطعامه وشرابه من أجلي وقيل في قوله عز وجل: لفلا تَعْلمُ تسن ما أخفي لهم من قرَة غين جَزاء ہما انوا يَعْمَلون»”. قيل: عملهم الصيام لأنه قال تعالى : «إِنَمَا يُوَقى الصَابرُون أَجْرَهُمْ بعر حسَاب 4٩ . [٤/ب] فيفرع للصابر / جزاؤه ويجازف جزافاً فلا يدخل تحت وهم وتقديرء وجدير بن يکون كذلك؛ لأن الصوم إنما كان لله تعالى ومشرفاً بالنسبة إِليه وإن كانت العبادة كلها له كما شرف البيت بالنسبة إلى نفسه والأرض كلها له وإنما كان كذلك لمعنيين : أحدهما: أن الصوم كف وترك؛ء وهو في نفسه سر لیس فيه عمل مشاهد» فجميع الطاعات يشاهدها الخلق ويراها إلا الصوم؛ فإه لا يراه إلا الله عز وجل» لأنه عمل فى الباطن بالصبر المجرد. والثاني : أنه قهر لعدو الله عز وجل الذي هو الشيطان فإن وسيلته إلى إهلاك اللإنسان هي الشهوات وإنما تقوى الشهوات بالاكل والشرب» ولذلك قال يَلٍ: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجری الدم فضيقوا مجاريه بالعطش والجوع»*. وعنه يِل أنه قال لعائشة رضي الله عنها: «داومي قرع باب الجنة». قالت: بماذا؟ قال او : «بالجوع»*٩. فلما كان الصوم قمعا ففي قمع عدو الله نصرة لله تعالى ونصر الله موقوف على مَنْ نصره» قال الله تعالى : «إِنْ َنْصْرُوا الله َْصُرْكُمْ وت ادام" . () رواه ابن عدي من حديث اين مسعود بسند ضعيف. قاله العراقي في المغني (۲۳۲/۱). (۲) سورة السجدة الآية: ١1 . ۱ (۳) سورة الزمر الآية: ١٠. () متفق عليه من حديث صفية دون قوله: فضيقوا مجاريه بالجوع. المصدر السابق. (٥) لم أجد له أصلا. المصدر السابق. (1) سورة محمد الآية: ۷. قنطرة أسرار الصوم £۹ والبداية بالجهد من العبد والجزاء بالهداية من الله تعالى ولذلك قال الله تعالى : #والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلناڳ”". وقال تعالى: إن الله لا يُعَير ما بِقَوْم حتى يُعَيرُوا ما بانفُسهم€”' وإنما التغيير بكثرة الشهوات التي هي مراتع الشيطان ومرعاهم وما دامت مخصية لم ينقطع ترددهم › وما داموا يترددون لم ينكشف للعبد جلال الله تعالىء وكان محجوباً عن لقائه إذ قال عليه السلام فيما روي عنه: «لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم / لنظروا إلى ملكوت السماء»”. ]1/4[ فمن هاهنا صار الصوم باب العبادة وجنة لأهل الزهادةء ولن ينال فضله إلا من عرف حرمته. وصان فيه لسانه عن قبيح الكلام وفضولهء وتحفظ فيه عن الكذب ومجاريهء واحترز من الغيبة والنميمة وسائر مساوئهء وحفظ جوارحه كلها من المعاصي ظاهراً وباطناًء وأصلح طعمته التي بها صلاح قلبه الذي عليه المدار وكان خائفاً من رد صومه وسائر عمله عليه وراجياً لقبوله بفضل الله وإحسانه إِليه وبالله التوفيق””“. الباب الثاني في الشروط الواجبة وسئنه المرتبة وفى هذا الباب فصلان : أحدهما: في شروطه الواجبة. والثاني : في سننه المشروعة فيها. الفصل الأول: في الواجبات وهي سته : ۱ أحدها: مراقبة الشهر في أوله وذلك برؤية الهلالء فإن غم فباستكمال ثلائين يوما من شعبان. ونعني بالرؤية العلم بدخول الشهرء ويحصل ذلك بقول عدل واحدء ولا يثبت هلال شوال إلا بقول عدلين إحتياطاً للعبادة» ومن سمع ذلك من عدل ووثق بقوله وغلب على ظنه () سورة العنكبوت الآية: 1۹. () سورة الرعد الأية: ١٠. (۳) رواه أحد من حديث: أبي نريرة بنحوه. قاله العراقي في المغني (۰)۲۳۳/۱ )٤( راجع إحياء علوم الدين )۴1/۱ ‎(YF‏ £1 قنطرة أسرار الصوم صدقه لزمه الصوم؛ وإن لم يقض به القاضي . الثانية: النية لصومهء وقد اختلف فيها على فولين: قال بعضهم: لا بد في كل ليلة من يه معيّنه جازمة. وقال آخرون: تكفيه نية واحدة من أول ليلة من الشهرء ولو نوی الصوم بالنهار لم يجزه للفرض ولا للتطوعء وكذلك لو نوى الصوم مطلقاً أو صوم الفرض مطلقاً لم يجزه حتى ينوي صوم رمضان فريضة من الله عز وجل عليه . [۴/ب] ‏ ولو نوى ليلة الشك أن يصوم غداً إن كان من رمضان لم يجزه؛ لأنها ليست / بجازمة إلا أن تستند نيته إلى قول شاهد عدل؛ فاحتمال غلط العدل أو كذبه لا يبطل الجزمء وكذلك إذن استند إلى إستصحاب حال: كالشك في الليلة الأخيرة من رمضان فذلك لا يمنع جزم النية. وكذلك إن استند إلى اجتهاده: كالمحبوس فى المطمورة إذا غلب على ظنه دخول رمضان باجتهاده فشكه لا يمنعه من النيةء ومهما كان شاكاً ليلة الشك لم ينفعه جزمه النية باللسان» فإن النية محلها القلب والقلب لا يتصور فيه جزم القصد" مع الشك» كما لو قال في وسط رمضان أصوم غداً إن كان من رمضان» فإن ذلك لا يضره ترديد لفظ . ومحل النية لا يتصور فيه تردد بل هو قاطع بإنه من رمضان» ومن نوی ليلا ثم اکل لم تفسد نيته. ولو نوت في الحيض ثم طهرت قبل الفجر صح صومها. الثالثة: الإمساك عن إيصال شيء إلى الجوف عمداً مع ذكر الصومء ويفسد صومه بالأكل والشراب والسعوط من الأنف عمداء ولا يفسد بالفصد والحجامة والاكتحال وإدخال المرود في الأذن والإحليل إل أن يقطر فيه ما يبلغ المثانة. ويكره الاحتقان في الدبرء وأما ما يصل جوفه من غير قصد من غبار الطريق» أو ذبابة تسبق إلى جوفه» أو ماء سبق إلى جوفه بالمضمضة فلا يفطر بذلك إلا إذا بالغ في المضمضةء أو كان ذلك لغير الوضوء فينبغي أن يكون مفطراً يومه ذلك لأنه متعرض للافطار وهو المراد بقولنا عمداً. وأما ذكر الصوم فأردنا به الاحتراز عن الناسي فإنه لا يفطرء ولكن يستحب له إعادة يوم [٤/ب] مكانه. وأما من أكل عامداً /في طرفي النهار ثم ظهر له أنه أكل بالنهار بالتحقيق فعليه (١) في الأصل: «القضي؟ والتصويب من الإحياء (٠/۲۳۳). قنطرة أسرار الصوم ‎A1‏ قضاء ذلك اليوم» وإن بقي على حكم ظنه واجتهاده فلا قضاء عليهء ولا ينبغي أن يأكل في طرفي النهار إلا بغالب ظن واجتهاد أنه من الليل والله أعلم . الرابعة: الإمساك عن الجماع وحَدَهُ تغييب الحشفةء وإن جامع ناسياً فليعد يوماً مكانه› وكذلك الإمساك عن الاستمناء وهو إخراج المَنِيَّ واجب عليه الإمساك عنه سواء لقصد الجماع أو لغيره فإن فعل فقد افطرء ولا يفطر بقبلة زوجته ولا مضاجعتها ما لم ينزل المَنِيَ دون المذي والودي لكن يكره» إلا أن يكون شيخاً كبيراً أو مالكاً لإربه فلا بأس بالتقبيل وتركه أحوط وأحسن وإذا كان يخاف الإنزال بالتقبيل ثم قبل فسبق المَِيّ منه أفطر لأنه متعرض له. الخامسة: الاغتسال من الجنابة قبل طلوع الفجرء فإن جامع أو احتلم ففرط في الغسل حتى الفجر فقد أفطر وإن لم يفطر فعليه يوماً مكانه. وكذلك إن فرط في الغسل نهاراً فقد أفطر وإن اغتسل في حين علمه بالجنابة فلا يفطرء وكذلك إن كان له عذر في إستعمال الماء للخسل ففرط في التيمم حتى أصبح أو في النهار مقدار ما يغتسل فيه فقد افطر بانهدام ما مضی من صومه يقضيه بلا كمارة . السادسة: اللإمساك عن الكذب والغيبة والنميمة وقول الشرك وبهتان البريء وقذف المحصن وأشباء ذلك من جميع الكبائر. فإن كذب أو اغتاب مسلماً أو قذف محصناً أو لعن غير المستحق أو ارتد إلى الشرك فقد انهدم صومهء وكذا / إخراج القيء عمداً يفسد الصوم [1/46°] وأما إن ذرعه القيء فلا يفطر بذلكء وكذلك إذا ابتلم نخامة أو بلغماً فلا يفطر» إلا إن ابتلع ذلك بعد وصوله إلى فيه فإنه يفطر عند بعضه م . وأما شروط صحة الصوم فهي خمسة: الإسلام والعقل» والبلوغء والطهارة من الحيض والنفاس والقدرة على الصوم؛ء وقد شرحنا هذه الشروط في كتاب القواعدء ولذلك اقتصرنا هاهنا على ما لا بد للإنسان منه. الفصل الثاني: في سننه المشروعة فيه وهي سته أيضاً وهي : تأخیر السحورء وتعجيل الإأفطار وينبغي أن يكون بالتمر واللبن قبل الصلاةء وترك السواك بعد الزوال رطباً كان أو يابساً لثلا يقطع خلوف فم الصائم الذي هو عند الله أطيب من ريح المسك. وكذلك الاستنقاع في الماء نهاراً لكسر العطش مكروهء ومن )۱( راجع إحياء علوم الدين (۱/ ۲۳۳ ٢۲۳). ٢£ | قنطرة أسرار الصوم سننه أيضاً القيام في ليالي رمضان بالجماعة في المساجدء وترك المبالغة في المضمضة والاستنشاق لقوله عليه السلام: «إذا توضأت فابلغ إلا أن تكون صائماًء. ومن فضائل رمضان مدارسة القرآن فيه والاعتكاف في المسجد لا سيما في العشر الأواخر من رمضان وهي عادة رسول الله يَأ فيما بلغنا: كان إذا دخلت العشرة الأواخر طوى الفراش وشد المئزر فدأب وأدأب أهله". أي أدواموا التعب في العبادة إذ فيها ليلة القدر والأغلب أنها في أوتار العشر وأشبه الأوتار ليلة: إحدىء وثلاثء وخمس؛» وسبعء وليكن 7 /ب] الاعتكاف متابعاًء ولا يخرج من المسجد إلا /لضرورة: من قضاء حاجة للإتسان» أو إغتسالء أو تطهر للصلاةء وأشباه ذلك مما لا بد منهء ولا ينبغي أن يعرج على شغل آخر سوى ما هو فيه لما روي أن النبي عليه السلام: كان لا يخرج إلا لحاجة الإنسان ولا يسئل عن المريض إلا مارآ" والله أعلم. الباب الثالث فی مفسداته ولو ازم إفساده أما مفسدات الصوم فهي: ترك الواجبات المتقدمة بنفسها من النيةء وسائر الإمساكات عن المفطرات لأنه لما كان عقد النية للصوم شرطاً في صحتهء كان قط النية عن الصوم أو إهماله في بدء الأمر بغير نية مبطلاً للصوم› وكذلك إمساك الجوارح من جميع ما يفسده شرط في صحته وإطلاقها مبطل له أيضاء وكذلك الغسل من الجنابة والحيض والنفاس شرط في وأما لوازم الإفطار فأربعة : القضاء› والكفارة› والفدية والإأمساك شه النهارة تشبيهاً بالصائمين . أما القضاء : فوجوبه عام على كل موحد مكلف ترك الصوم بعذر أو بغير عذر وهم خمسة أصناف : (۱) أحمد في المسند (٤/۳۳) بنحوه. (۲) متفق عليه من حديث عائشة بلفظ أحيا الليلء وأيقظ أهله وجد وشد المثزر. قاله العراقي في المغتي (۱/٢٤۲۳). (۳) متفق على الشطر الأول من حديث عائشة. والشطر الثاني رواه أبو داود بنحوه بسند لين. المصدر السابق. قنطرة أسرار الصوم £۱۳ أحدهم: المقيم إذا أفطر بعذر لضرورة التنجية فعليه قضاء ما أكل» وإن أفطر بغير عذر فعلیه قضاء ما مضی . والثاني : الحائض . والثالث: النفساء يقضيان ما أكلا فى شوال أو فى غيره. والرابع والخامس: المريض والمسافر يقضيان ما أكلا إذا لم يضيعا حتى يستهل عليهما هلال رمضان المقبل . واختلف / في المشرك يسلم نهاراً في بعض رمضان فقيل : عليه قضاء ما ]۷٦٤/1[ مضی › وقيل : لا شيء عليه وكذلك الصبي والمجنون يبلغ هذا ويفيق هذا في بعض رمضان فأكثر القول أنه: لا قضاء عليهماء وصوم القضاء مشروط فيه التتابع فإن أفطر فيه متعمداً انهدم ما مضى ولا كفارة عليه . وأما الكفارة: فلا تجب إلا في الجماع› أو الاستمناء نهار أو الأكل والشراب متعمداء وما عدا هذه الوجوه من تضييع الغسل ليلا حتى أصبح أو نهاراً قدر ما يغتسل فيه ففيه الانهدام لما مضى ولا كفارة فيه . والكفارة أقل ما قيل فيها: عتق رقبةء فإن أعسر فصوم شهرين متتابعين› فإن عجز مدين وهما نصف صاع النبي عليه السلامء وقيل : هو مخَيّر في هذه الكفارةء وقيل: هي على الترتيبء والله أعلم . وأما الفدية: فتجب على الحامل والمرضعء والشيخ الهرمء والعجوز الهرمةء والمريض المدنف الذي لا يرجى برؤهء فيجب على هؤلاء الفدية بإطعام مسكين كل يوم غداء وعشاءء أو فطور أو سحور إلا أن الحامل تطعم من مالها والمرضع تطعم من مال زوجهاء ثم تقضيان بعد ذلك إذا أمنتا على ولديهماء والمريض والمسافر إذا ضيّعا القضاء حتى يدخل عليهما رمضان المقبل يطعمان أيضاً عن كل يوم من الماضي مسكيناً ثم يقضيانه بعد انسلاخ هذا الحاضر صوماً وبالله التوفيق . وإن لم يطعما فليوصيا به عند / حضور الموت أو قبل ذلك والله أعلم. وأما الإمساك لبقية النهار: فيجب على من عصى بالإفطارء أو بالجماعء أو أفطر يوم الشك ثم صخ أنه من رمضانء أو الصبي يبلغ أو المجنون يفيقء أو المشرك يسلم فهؤلاء يجب عليهم الإمساك إذا انتقلوا عن حالتهم الأولى نهاراً في رمضانء ولا يجب على الحائض ۸٦٤/1[ £1 قنطرة أسرار الصوم والنفساء إذا طهرتا في بقية النهارء ولا على المسافر إذا ققدم من سفره مفطراء وإن كان ينبغي لهؤلاء أن يُيِمُوا بقية النهار صوما والصوم في السفر أفضل من اللإفطار فيه إلا أن لم يطقء ولكن لا يفطر يوم يخرج وكان مقيماً في أوله» ولا يوم يقدم إِذا قدم صائماً من وراء فرسخین» ولا يفطر المسافر إلا بتبييت نية الإفطار من الليل مع مجاوزة فرسخين في غير اليوم الذي خرج فيهء وكذلك المريض لا يفطر إلا بالنية من الليل مع العجز عن الصوم إلا إن طرأ عليه المرض فاضطر فله أن ينجي نفسه إلى الليل ثم يصبح على نية الإفطار إن لم يطق الصومء وبالله التوفيق. الباب الرابع في أسرار الصوم وشروطه الباطنة اعلم أن الصوم في لغة العرب اللإمساك مجملا سواء كان الإمساك عن الطعام أو الكلام أو غيرهماء تقول: صامت الريح إذا أمسكت عن الهبوب» وصامت الخيل: إِذا أمسكت عن الجري» والصوم في الشرع: الإمساك عن المفطرات بنية مخصوصة في زمان مخصوص. فاتقسم الناس في الصوم على ثلاثة أقسام: [۹٦٤/ب] أحدها: صوم السفهاء / الجاهلين . والثاني : صوم الأتقياء الصالحين . والثالث: صوم الأولياء الصديقين . أما صوم السفهاء الجاهلين: فهو الإمساك عن الطعام والشراب والجماع وإطلاق الجوارح والنميمة والأيمان الكاذبة والفحش وغير ذلك من موبقات اللسان» ولا يحفظ بصره عن النظر إلى العورات ومحاسن الناس الأجنبيات وغير ذلك من أصناف نظر الشهوات» ولا يحفظ سمعه عن استماع الغيية وغير ذلك من جميع المحرم من الكلام؛ لأن كل ما حرم التلفظ به حرم الإصغاء إليهء وكذلك لا يحفظ حلقه من أكل الحرام عند الإفطار من الصومء وكذلك ساثر الجوارح من اليد والرجل لا يحفظهما عن المعاصي» بل يطلقهما على مقتضى شهوته ثم يفطر وقت الإفطار على الحرام . مثال هذا الصائم مثال من يبني قصراً ويهدم مَصراء وفي مثله قال البي يٍَ: «كم من )۱( راجع إحياء علوم الدين )۱/٢٤۳( باختصار عما هنا. قنطرة أسرار الصوم ٥ صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش» فقيل : هو الذي يفطر على الحرام. وقيل : هو الذي يمسك عن الطعام الحلال ثم يفطر على لحوم الناس بالغيبةء وقيل هو الذي لا يحفظ جوارحه عن الآثام. وأما صوم الأتقياء الصالحين: فهو إمساك الجوارح عن الأثام» وتمامه ستة أمور: الأول: حفظ اللسان عن الكذب وغيبة المسلم؛ والتميمة بين الناسء وأضاف فواحش اللسان من هذيان الكلام والتغني وغير ذلك» ثم إلزامه السكوت أو يشغله بذكر الله وتلاوة /القرآن فهذا صوم اللسان؛ لأنه إن لم يمسك لسانه عن كبائر اللسان من الكذب والغية [7۰٤/1] الغييةء والنميمة› والكذب» واليمين الكاذبةء والنظر بشهوة»" . وفي حديث الربيع بن حبيب رضي الله عنه بإسناده إلى ابن عباس عن النبي ي أنه قال : «الغيبة تفطر الصائم وتنقض الوضوء'. وفي الأثر أن الخصال الخمس المتقدمة في الحديث «يفطرن الصائم وينقضن الوضوء ويهدمن الأعمال هدما . وعن سفيان الثوري أنه قال: الغيبة تفسد الصوم. وني کتاب الغزالي : عن ليث عن مجاهد قال: خصلتان تفسدان الصيام : الغيسة والكذب””. وعن رسول الله يلأ أنه قال: «ما صام من ظل يأكل لحوم الناس». وفي حديث آخر: «من لم يدع فعل المنكر». أو قال: «فعل المعاصي فليس بالله حاجة أن يدع له طعامه وشرابه». وفي كتاب الغزالي قال: وجاء الخبر: أن امرأتين صامتا على عهد رسول الله ي فاجهدهما الجوع والعطش من آخر النهار حتى كادتا أن تتلفا فبعثتا إلى رسول الله َل يستاذنانه في الإفطار فأرسل إليهما قدحاً وقال لهما: «قيثا فيه ما أكلتما فقاءت أحدهما بضعة لحم غريضاً () رواه النسائي» وابن ماجه من حديث أبي هريرة. قاله العراقي في المغني (۱/٦۲۳). () وواه الأزدي في الضعفاء من رواية جابان عن أنس» وقوله جابر تصحيف» قال أبو حاتم الرازي هذا كذاب . المغني (۱/٢۲۳(. )۳( راجمع إحياء علوم الدين (۱/٢۲۳(. ٦£ قنطرة أسرار الصوم ودماً غبيطاًء وقاءت الأخرى مثل ذلك حتى ملأتاه» فعجب الناس من ذلك فقال عليه السلام : [/ب] «هاتان صامتا عما أحل الله فافطرتا على ما حرم الله عليهما قعدت أحدهما إلى / الأخرى فجعلتا تغتابان الناس فهذا ما أكلتا من لحومهم»". الأمر الثاني : غض البصر وكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يذم وما لا يحل النظر إليه وإلى كل ما يشغل القلب ويصد عن ذكر الله تعالى› قال الله سبحانه: قل للمؤمنين يَعْضُوا من أَبصَارهم»" الآية. وعن رسول الله ي أنه قال: «النظرة إلى ما لا يحل سهم مسموم من سهام ايليس فمن تركها خوفاً من الله تعالى آتاه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه»٩. وعن عيسى عليه السلام أنه قال: إياكم والنظرة؛ فإنها تزرع في القلب الشهوة وكفى وقال عليه السلام: «خمس يفطرن الصائم» فذكر فيهن النظر لشهوة. وفي أثر الفقهاء : خمس يفطرن الصائم منهن النظر إلى ما لا يحل من الفروج فصوم العين إمساكها عن النظر الحرام» والله أعلم. الثالث: كف السمع عن الإأصغاء إلى كل مكروه؛ لأن كل ما حرم القول به حرم الإصغاء إِليهء ولذلك سوى الله تعالى بين المستمع وآكل السحت فقال: سَمَاعُونَ لِلْكَذِب اون يفخت 4. وقال: لول يهام لاون والأخار عَنْ قَولهم ولنم كلهم أشخت€”. Gs oer وقال تعالى : فلا تَقَعُدُوا مَعهم حى يَحُوضُوا في حَديث عَرەڳ. ثم قال: إَكُم إذا مغل م لهم .. (١) رواه أحمد من حديث عبيد مولى رسول اله يَِ؛ الحديث بسند فيه مجهول. المغني (۱/٢۲۳). (۲) سورة النور الاية: ۳۰. (۳) رواه الحاكم وصحح إسناده من حديث حذيفة. عن نحوه العراقي في المصدر السابق. (8) سورة المائدة الاية: 6٤ . (0) سورة المائدة الأية: ۳٦ . () سورة النساء الآية: ١٤٠. (۷) سورة النساء الآية: ١٤٠. قنطرة أسرار الصوم ‎t۷‏ ولذلك قال يَ: «المغتاب والمستمع شريكان في الإثم»". فالسكوت عن إنكار الغيبة وأنواع المنكر حرام كما أن فعله حرام . الرابع : کف فة الجوارح من اليد والرجل عن استعمالهما في المعاصي والمكار› وكف البطن عن أكل الشبهات وقت الإفطار فلا معنى للصوم عن الحلال والإفطار على الحرامء وقد تقدم / مثل هذا الصائم» وهو كمن يبني قصراً ويهدم مصرآء وقد ذهب ما شاء الله [٢۷٤/] من العلماء إلى إبطال الصوم للمفطر على الحرام مع تضعيف الكفارات عليه والله أعلم . وذلك لأن الطعام الحلال إنما يضر بكثرته لا بنوعه فالصوم إنما هو تقليل للطعام لتضعف شهوته فالتقليل من الطعام دوا والكثرة منه داء» وتارك الاستكثار من الدواء خوفاً من ضرره إذا تناول من السم كان سقيماً هالكاء فالحرام سم مهلك للدين والحلال دواء ينفع قليله ویضر کثیره وفصد الصوم تقليله. ولذلك قال عليه السلام : «رب صائم حظه من صیامه الجوع والعطش»” . الخامس : أن لا يستكثر من أكل الحلال وقت الإفطار حتى يمتلىء؛ فما من وعاء أبغض إلى الله عز وجل من بطن مليء من حلالء وكيف يستفيد من الصوم قهر الشيطان وقهر الشهوة إدا تدارك الصائم عند إفطار› ما فاته ضحوه نهاره وریما بزید عليه في ألوان الطعامء حى استمرت العادات من الناس أن يدخر أحدهم جميم الأطعمة لرمضان فيأكل من الطعام فيه ما يأكل في عدة أشهر. ومعلوم أن مقصود الصوم: الخوى وكسر الهوى لتقوى النفس على التقوىء وإذا دبغت المعدة ضحوة النهار إلى العشاء حتى هاجت شهوتهاء وقويت رغبتهاء ثم أطعمت من اللذات واشبعت من الشهوات زادت لذتهاء وتضاعفت قوتهاء وانبعثت من الشهوات ما عسى أن تكون ساكنة على حالتها لو تركت على عادتها فروح الصوم وسره تضعيف القوى التي هي وسائل الشيطان في قود الإنسان إلى الشرور ولن / يحصل ذلك إلا بالقليل وهو أن يأكل أكلته التي كان [1/4۷۳] يأكلها كل ليلة لو لم يصم. فأما إذا جمع ما كان يأكل ضحوة إلى ما كان يأكل ليلةء فإنه لا ينتفع بصومهء بل من () غريب وللطبراني من حديث ابن عمر بسند ضعيف نهى رسول الله يَأ عن الغيبة وعن الاستماع إلى الغيبة. المغني للعراقي (۱/٦۲۳). )۲( ذكر العراقي نحوه في المغني (۱/٣٦۲۳) وقال: رواه النسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة. £۱۸ قنطرة أسرار الصوم الأداب أن لا يكثر النوم بالنهار؛ حتى يحس بالجوع والعطش ويستشعر ضعف القوى فيصفو عند ذلك قلبهء ويستديم في ليله قدرة وقوة من الضعف حتى يخف عليه تهجده وأوراده من العبادة فعسى الشيطان لا يحوم على قلبه فينظر إلى ملكوت السماءء وليلة القدر عبارة عن الليلة التي ينكشف فيها شيء من الملكوت. وقد قال تعالى : ن أَرَل؛ في لَبلَةٍ شُارَكة»”. ثم قال: ليها يرف كُل أشر حكيم»”. ومن جعل بين قلبه وبين صدره مخلة من الطعام فهو عن ذلك محجوب» ومن آخلی معدته فلا يكفيه ذلك لرفع الحجاب عن قلبه ما لم يخل همته عن غير الله عز وجل ء وذلك هو الأمر المطلوب من الإنسان المكلف المملوك المستعبد لربه تعالى وبالله التوفيق. ومبدً جميع ذلك تقليل الطعام وسيأتي له مزيد بيان إن شاء الله . السادس: أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقاً مضطرباً بين الخوف والرجاءء إذ ليس يدري بل صّومه فهو من المقربين آم رُدٌ عليه فهو من الممقوتينء وليكن كذلك في آخحر كل عبادة فرغ منها بل في جمیع حالاته. وقد روي عن الحسن بن أبي الحسن أنه مر بقوم يوم العيد وهم يضحكون فقال: إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه لطاعته فسبق أقوام فغاروا وتخلف أقوام [(٤/ب] فخابواء فالعجب کل العجب للضاحك اللاعب في اليوم / الذي فاز فيه المسارعون › وخاب فيه المبطلونء أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه» والمسيء بإساءته . وفي كتاب الغزالي : أي لكان سرور المقبول يشغله عن اللغب وحسرة المردود يسد عليه باب الضحك. وعن الأحنف بن قيس أنه قيل له: إنك شيخ كبير فإن الصيام يضعفك. فقال: إني لأعده لشر يوم طويل؛ فالصبر ءلى طاعة الله سبحانه أهون من الصبر على عذابه . فهذه هي المعاني الباطنة في الصوم وبالله التوفيق. أما صوم الأولياء الصديقين: فهو صوم القلب وإمساكه عن الهمم الدنية والأفكار الانيوية وكفه عما سوى الله عز وجل بالكلية؛ ويحصل الفطر في هذا الصوم بالتفكر فيما سوى الله (۱) سورة الدخان الآية: ۳. (۲) سورة الدخان الآية: £ . (۳) في الأصل: المباطلون. والتصويب من الإحياء (١/6٦۲۳). ٠ قنطرة أسرار الصوم ۱۹٤ تعالى واليوم الأخر بالتفكر في الدنيا إلا دنيا تراد للدين فإن ذلك زاد الآأخرةء وليس من الدنيا حتى قال أرباب القلوب: من تحركت همته بالتصرف في نهاره لتدبير ما يفطر عليه کتبت عليه خطيئةء فإن ذلك من قلة الوثوق بفضل الله عز وجل وقلة اليقين برزقه الموعودء لأنه قيل: سيئات الصديقين حسنات الأبرار الصالحين . فهذه رتبة الأنبياء والصديقين والمقربين الذين أقبلوا على الله ع وجل بكلية قلوبهم وأعرضوا عما سواه بجميع هممهم امتثالاً لقوله تعالى: لفل الله د ثم ذَرَهُمُ في خَوْضِهم َون . فهؤلاء هم الذين راعوا من الصوم ما يقع به من الله لهم القبول الذي هو وسيلتهم إلى وصول المقصود ففهموا أن المقصود د من الصوم التخلق بخلق من أوصاف الله عز وجل وهو الصمد؛ لأنه تعالى الصمد الذي يطعم ولا يطعم» والاقتداء بالملائكة / في الكف عن الشهوات [1/4۷°] بحسب الإأمكان فإن الملائكة منزهون عن الشهوات» والإنسان رتبته فوق رتبة البهائم لقدرته بنور العقل على كسر شهوتهء وهي أيضاً دون رتبة الملائكة لاستيلاء الشهوات عليهء وكونه مبتلى بمجاهدته فكلما انهمك في الشهوات انحط إلى أسفل سافلين والتحق بجملة البهائم› وكلما قمع شهوته ارتفع إلى أعلى عليين والتحق بأفق الملائكة الذين هم مقربون من الله تعالى› والذي يقتدي بهم ويتشبه بأخلاقهم يقرب من الله تعالى بقريهم› فإن الشبيه من الشبيه قريب وليس القرب بالمكان بل بالصفات على قدر الإمكان. فإذا كان سر الصوم هذا عند أهل الألباب وأصحاب القلوب» فأي منفعة في تأخير أكلةء وجمع أكلتين عند العشاء مع الانهماك في الشهوات طوال النهار. وإن كان فيه كثير منفعة وجدوى» فأي معنى لقوله عليه السلام: ارب صائم حظه من صومه الجوع والعطش». ولهذا قال أبو الدرداء فيما روي عنه: يا حبذا صوم الأكياس وفطرهم كيف يعيبون صوم الحمقى وسهرهم› ولذرة من ذي يقين وتقوى أفضل وأرجح من أمثال الجبال عبادة من المغترين . ولذلك قال بعض العلماء : كم من صائم مفطر وکم من مفطر صائم؛ فالمفطر الصائم هو الذي يحفظ جوارحه عن المعاصي» ويأكل ويشرب. )۲( سبق التعليق عليه قبل قليل . [٩/ب] الصوم وسره علم أن مثل من كف عن الأكل والجماع» وأفطر بمواقعة الاثام / كمن مسح على عضو من أعضاءء في الوضوء ثلاث مرات فقد وافق في ظاهر العدد إلا أنه ترك الفرض الذي هو الفسل فصلاته مردودة عليه بجهلهء ومثل من أفطر بالأكل وصام بجوارحه عن المكاره كمن غسل أعضاءه مرة مرة فصلاته متقبلة منه لإحكامه الأصل وإن ترك الفرعء ومثل من جمع بينهما كمن غسل كل عضو ثلاث مرات فجمع بين الأصل والفرع وهو الكمالء وقد قال يَيوٍ: «إن الصوم أمانة فليحفظ أحدكم أمانته». م ولما تلى قوله عز وجل: «إِنْ الله يَأمُرْكُم أن يُوَكُوا الأَمَاَاتِ ‏ سمعه وبصره فقال: «السمع أمانة والبصر أمانةه”°. فلولا أنهما من أمانات الصوم لما قال عليه السلام: «وإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل : إني صائم» أي أني أودعت لساني لأحفظه فكيف أطلقه بجوابك» فإذن قد ظهر أن لكل عبادة ظاهراً. وباطناً وقشراً ولباء ولقشورها درجاتء ولكل درجة طبقات» وإليك أيها المسترشد الخيرة الآأن في أن تقنع بالقشر عن اللباب» أو تتحيز إلى حيز ذوي العقول والألباب» والله نسأله العون والتوفيق” . هلها . وضع يده على الباب الخامس في فضيلة التطوع بالصيام اعلم أن استحباب الصوم يتأكد في الأيام الفاضلة وفواضل الأبام بعضها توجد في كل سنةء وبعضها توجد في کل شھر؛ وبعضها توجد في كل أسبوع . أما في السنة بعد أيام رمضان: فيوم عرفة ويوم عاشوراء والعشر الأوائل من ذي [۷/ب]الحجةء والعشر الأوائل من المحرم / وجميع الأشهر الحرم وهم: رجب» وذو القعدةء وذو الحجة؛ والمحرم. وأما ما يتکرر ني كل شهر: فأول الشهرء ووسطه» وآخره» والأيام البيض وهم: الثالث عشر » والرابع عش ر » والخامس عشر. وأما في الأسبوع : فالاثتين والخميس . (۱) رواه آبو داود من حدیث آبي هريرة دون قوله: السمع أمانة. قاله العراقي في المغني (۱/ ۲۳۷)- )۲( راجع إحياء علوم الاين )۱/۱٦۳ ۳۷( قتطرة أسرار الصوم £۱ فهذه الأشهر الحرم والأيام هي زمن الصيام بعد رمضان وهي أوقات فاضلة يستحب فيها الصوم وتكثير الخيرات ليضاعف أجورها ببركة هذه الأوقات ونحن نحصرها إن شاء الله في خمسة فصول ليسهل على الطالب قصدهاء ويتحصل للراغب فضلها. الفصل الأول: في فضيلة يوم عرفة اعلم أن صوم يوم عرفة مستحب لمن ليس واقفاً بعرفة وهو حاج؛ لما روي عن النبي عليه السلام أن سئل عن صوم يوم عرفة فقال: «يكفر السنة الماضية والأتيةه”. وفي حديث آخر عنه يل أنه قال: «من صام يوم عرفة غفر الله له سنة خلفه وسنة أمامه» . وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال : صوم يوم عرفة كفارة سنتين سنة قبله وسنة بعده. وروي عن عطاء ومجاهد أنهما قالا: كنا لا نصوم عرفة حتى بلغنا أنه كفارة لهذه السنة والسنة الماضية وصمناه. وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما من يوم في السنة أحب إلي أن أصومه من يوم عرفة. وروي أنه دخل عليها رجلان يوم عرفة فقالت: يا جارية أخحرجي لھما عسلاً فلولا إتي صائمة لذقته فقال: يا أم المؤمنين /إنما منعنا من صيام هذا اليوم أنا خفنا أن يكون يوم [1/4۷۸8] التحر. قالت: غداً يوم ينحر الناس وجماعة المسلمين . وأما من وقف بعرفات فلا يستحب له صيام يوم عرفة لثلا يضعفه عن الوقوف والدعاء والذكر» لأن رسول الله يَأ ترك صومه ليتأسى بذلك أهل الموسم كما ورد في الحديث: أن أناساً تماروا عند أم الفضل بنت الحارث والدة ابن عباس رضي الله عنه في صيام رسول الله ي فقال بعضهم: هو صائم . وقال آخرون: ليس بصائم. قال: فبعثت إليه أم الفضل بقدح من لبن وهو واقف على بعيره فشرب. وإنما فعل ذلك عليه السلام للرفق بالناس الذين أجهدهم السفر فخاف عليهم أن يضعفوا عن الوقوف والذكر. وأما من قوي على صيامه هناك فصيامه أفضل لما روي عن القاسم بن محمد: أن عائشة كانت تصوم يوم عرفةء قال القاسم: ولقد رأيتها عشية يوم عرفة يدفع الإمام ثم تقف حتى يبيض ما بينها وبين الناس من الأرض ثم تدعو بشراب ثم تفطر والله أعلم . () .أطراف هذا الحديث عند: مسلم في الصحيح (الصيام ۱۹۷)ء وأحمد في المسند (٥/۲۹۷). واليهقي في السنن (٤/۲۸۳)؛ والبغوي في السنة (٦/٤٤۳). ٢Y‏ قنطرة أسرار الصوم الفصل الثاني: في يوم عاشوراء وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: لما قدم رسول الله َل المنينةء وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا عن ذلك فقالوا: هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون فنحن نصومه. فقال عليه السلام: «نحن أولى بموسى منكم». قأمر بصیامه”". وفي حديث عائشة قالت: كان يوم عاشوراء يوم تصومه قريش في الجاهليةء فكان النبي [۹/ب] عليه السلام يصومه / في الجاهليةء فلما قدم المدينة صامهن وأمر الناس بصيامهء فلما فرض رمضان كان هو الفريضة وترك يوم عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء ترکه» ولکن في صیامه واب وأجر عظيم. وعنه عليه السلام أنه قال: «يوم عاشوراء يوم كانت الأنبياء يصومونه فصوموه أنتم». وعن آبي موسى أنه قال: يوم عاشوراء يوم تعظمه اليهود تتخذه عيداًء فقال عليه السلام : «صوموه أنتم). وعن الأسود بن يزيد أنه قال: سألت عبيد بن عمير عن صوم يوم عاشوراء فقال: ٳِن ا قوم أذنبوا فتابوا فيه فتيب عليهم» فإن استطعت ألا يمر عليك إلا وأنت صائم فافعل . وعن قتادة أنه قال: صوم يوم عاشوراء كفارة لما أضاع الرجل من زكاة ماله . قال بعض العلماء: يريد أنه أخُر إخراجها عن وقت وجوبها بجهالةء ولم يرد أنه لم يخرجها قال : لأنه لا يجوز أن تسقط نافلة فرضاً بإجماع . ۴ ي وعن الزهري : أنه كان يأمر بإفطار رمضان في السفرء ويصوم يوم عاشوراء› فقيل له في ذلك فقال: إن رمضان له عدة من أيام أخر› وإن يوم عاشوراء يفوت . وروي عن رسول الله ية أنه سئل عن صوم يوم عاشوراء فقال للسائل: «احتسب على الله كفارة سنةا. وعنه عليه السلام من طريق ابن عباس أنه قال : «من صام يوم عاشوراء كتب الله له عبادة ستين سنة صیامها وقیامهاء ومن صام يوم عاشوراء أعطي ثواب عشرة آلاف ملك؛ ومن صام [٤۸/ب] يوم عاشوراء أعطي واب ألف شهید؛ ومن صام يوم / عاشوراء أعطي واب کل حاج ومعتمر (١) أطراف الحديث عند البخاري في الصحيح (٠/٠4) مسلم في الصحيح (۷۹5)› أبي داود في الستن (٤٤٢٤۲(. ي ذلك العام ومن أفطر عنده مؤمن في يوم عاشوراء فكأنما أفطر عنده جميع أمة محمد ي ومن أطعم فيه جائعاً فكأنما أطعم جميع فقراء أمة محمد يَيْق وأشبع بطونهم؛ ومن مسح فيه على رأس يتيم رفعت له بكل شعرة درجة في الجنة». قالوا: يا رسول الله فضل الله يوم عاشوراء على الأيام؟ قال: «نعم خلق الله السموات يوم عاشوراءء وفيه خلق الجبالء وفيه خلق اللوح وفيه خلق القلم» وفيه خلق آدم؛ وفيه أدخل الجنةء وفيه خلقت حواء وفيه ولد إبراهيمء وفيه نجاه الله من النارء وفيه أغرق فرعونء وفيه كشف البلاء عن أيوب» وفيه تاب الله على آدمء وفيه غفر ذنب داود» وفيه رد ملك سلمان› وفه ولد عیسی ٨٤ وفيه رفعه الله تعالى» وفيه أيضاً رفع إدريس» وفيه ولد النبي عليه السلام» وفيه تقوم الساعة». ومن طريق آخر عنه يَأ أنه قال: «في اليوم العاشر من المحرم يكسى البيتء وفيه وسلاما على إبراهيم» وفيه أخرج الله يونس من بطن الحوت» وفيه عبر موسى البحر» وفيه أخرج الله يوسف من السجن› وجمع بينه وبين أيه وفيه رد الله على يعقوب بصره»ء فمن صام ذلك اليوم فكأنما حح واعتمر / سبعين مرة» وأنفق سبعین ألفاً في سبیل الله ء وكأنما صام ]١ ۸٤/ |[ وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: من وسع على عياله ليلة عاشوراء وسّع الله عليه ساثر السنة. قال الراوي: فجربنا ذلك فوجدناهء حقاًء واختلفوا أي يوم فقيل: هو العاشر من المحرم. وقيل اليوم التاسع منه. ولذلك كان بعض الصحابة يصوم يوماً قبلهء وكان ابن عباس فيما بلغنا يصوم يوم عاشوراء» ويوالي بين اليومين خشية أن يفوتهء وقيل: أنه كان يقول: صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود» والله أعلم. الفخصل الثالث: في العشر الأوائل من ذي الحجة قال الله تعالى : «وَالفَجْر وَلَالِ عضر . وقال تعالى : لفي يام َعْلُومَاتٍ4'. وهي الأوائل من ذي الحجة. (١) سورة الفجر الآية: ۲. (۲) سورة الحج الآية: ٢۲. ۲‘ قنطرة أسرار الصوم وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي يِل قال: «ما من أيام العمل الصالخ فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام». يعني أيام العشرء قيل ولا الجهاد يا رسول الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلا خرج بنفسه وماله فلم يرجم من ذلك بشيء»٩. وفي حديث آخر: إلا من عقر جواده وأهرق دمه». وقيل في قوله تعالى: «ِوَأتْمَمَامَا مشر" . إنها عشر أول من ذي الحجةء وفيهم كلم الله موسى» وقرّبه نجياً وكتب الألواح له يهن › وعن آبي الدرداء أنه قال : عليكم بصوم يام العشر وأکٹروا الدعاء والاستغفار والصدقة [/ب] خاصة / فإن فيه من الخيرات أكثر من أن يحصيها العادون). وعن عائشة رضي الله علها أن شاباً كان صاحب سماع؛ فكان إذا أهلٌ هلال ذي الحجة أصبح صائماً فارتفع الخبر إلى رسول الله ي فدعاه فقال له: «ما حملك على صوم هذه الأيام»؟ فقال له: يا نبي الله بابي آنت وأمي انها آيام المشاعر وآيام الحج فعسى الله أن يشركني في دعائهم. قال عليه السلام: «فإن لك بكل يوم تصومه عدل مائة رقبةء ومائة بدنةء ومائة فرس تحمل عليها في سبيل اللهء فإذا كان يوم عرفة فلك فيه عدل ألفي رقبةء وألفي بدنة› وألفي فرس تحمل عليها في سبيل الله . وفي حديث آخر: «ما من أيام العمل فيهن أفضل وأحب إلى الله عز وجل من أيام عشر الجهاد في سبيل الله ؟ قال: «ولا والجهاد إلا من عقر جواده وأهرق دمه». قال: ويلغنا أن الله تعالى أهدى إلى موسى بن عمران عليه السلام خمس دعوات في أيام العشر جاء بهن جبريل عليه السلام : أولهن: لا إِله إلا الله وحده لا شريك له؛ له الملك وله الحمد يحيى ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدیر . () رواه الترمذي من حديث أبي هريرة دون قوله: قيل ولا الجهاد؟ الخ وء" البخاري من حديث ابن عباس: «ما العمل في أيام أفضل من العمل في هذه العشرهء قالوا: ولا الجهاد. قال: دولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه ومالهء فلم يرجع بشيء». قاله العراقي في المغني (۲۳۸/۱). (۲) سورة الأعراف الاية: ١٤٠ . قتطرة أسرار الصوم ٥t‏ والثانية: أشهد أن لا إِله إلا الله وحده لا شريك له إلهاً واحداً فرداً صمداً لم يتخذ صاحبة ولا ولداً. والثالئة: أشهد أن لا إِله إلا الله وحده لا شريك لهء أحداً صمداً لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد. والرابعة : هي الأولى مع / زيادة وهو حي لا يموت. ‎l/r]‏ والخامسة: حسبي الله وكفى سمع الله لمن دعا ليس وراء الله منتهى . وذكر أن هذه الكلمات أنزلت في الإتجيل› وأن الحواريين سألوا عيسى عليه السلام عن فضلهن وذكر لهم من الفضل والثواب لمن قرأهن في أيام العشر ما لا يقدر على وصفه أحد والله أعلم . وفي بعض الأثر: أن رجلا قالهن في أيام العشر فرأى في المنام كأن في بيته خمس طبقات من نور بعضها فوق بعض . وفي الخبر: أن النبي عليه السلام قال في الأيام العشر: «أكثروا فيهن التكبير والتسبيح والتهليل والتحميدا. العشر في الطريق» وفي الأسواق. قال بعض العلماء: من كبر في نفسه كان أفضل إلا إن أراد إظهار الشريعة وتذكير الناس الفصل الرابع: في صوم أيام من المحرم ويروى عن رسول الله ي أنه قال: «من صام ثلاثة أيام من شهر المحرم كتب الله له عادة تسعمائة سنةا. ويروى عن القاسم بن محمد سئل عن هذه الأيام الثلاثة فقال : اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من المحرم. وعن آبي هريرة ان رجلا سال لبي عليه السلام فقال: أي الصوم أفضل؟ فقال عليه السلام: «شهر الله الذي تدعونه المحرم». ۱ ۱ ٢£ قنطرة أسرار الصوم وفي حديث آخر: «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله تعالى المحرم». ولأنه وعنه ي أنه قال: «صوم يوم من شهر حرام أفضل من صوم ثلائين مرة من غیره وصوم يوم من رمضان آفضل من ثلائین من شهر حرام“ . وفي الحديث: «من صام ثلائة أيام من كل شهر حرام: الخميس» والجمعةء والسبت كتب الله له بكل يوم عبادة سبعمائة سنةه ٩ . وروي عن النعمان بن سعيد أنه سأل علياً فقال: أخبرني عن شهر أصومه بعد شهر رمضان. قال : فصم المحرم فإنه شهر الله تبارك وتعالیء فيه تاب الله على قوم ویتوب على ويقال : في اليوم الثالث من المحرم إستجاب الله لزكرياء عليه السلامء ويستحب صومه لأن الإجابة ترجى فيه لمن صامه والله أعلم“. الفصل الخامس: في الترغيب في صيام رجب وشعبان والأيام البيض وغير ذلك وعن أنس بن مالك أنه قال: كان رسول الله يل إذا دخل شهر رجب قال: «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان*. وعنه يِل أنه قال: «رجب شهر الله الأصم فمن صام يوماً منه كان كصيام سنةء ومن صام منه سبعة أيام غلقت عنه أبواب جهنم السبعةء ومن صام منه ثمانية آیام فتحت له آبواب الجنة الثمانيةء ومن صام منه خمسة عشر يوماً نادى مناد من عند العرش ‏ استأنف العمل فقد [٥۸/ب]کفیت ما مضی» ومن زاد زاد الله / له). )۱( رواه مسلم من حديث أبي هريرة قاله العراقي في المغني (۲۳۸/۱). () لم أجده هكذاء وفي المعجم الصغير للطبرائي من حديث ابن عباس: من صام يوماً من المحرم فله بكل يوم ثلائين يوما. العراقي في المصدر السابق. )٤( راجع في الباب الإحياء (۱/ ۲۳۷ ٢۲۳). (0) أطراف الحديث عند: أحمد في المسند (۲0۹/۱)؛ العجلوني في كشف الخفا (۲۱۳/٠)ء الذهبي في الميزان (٤۲۸۲)؛ ابن السني في عمل اليوم وااليلة (6۰7). ` قنطرة أسرار الصوم Y۷٤‏ يصومهء وجرت به السفنية ستة أشهر وآخر ذلك يوم عاشوراء وفيه استقرت السفينة على الجودي فصامه نوح وأصحابه شكرا لله تعالی . وعن عبد الله بن عمر عن رسول الله يٍَ أنه قال: «أعظم الليالي أربعة: ليلة الفطر وليلة الأضحى» وأول ليلة من رجب وليلة النصف من شعبان». وزاد بعضهم: «ليلة عاشوراء». ويقال : من قام ليلة من هذه الليالي وصام يومها كتب الله له أجر شهيد في حياته وبعد مویه. وعنه يلو آنه قال: «رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر آمتي». قيل: يا رسول الله ما معنى قولك: شهر الله؟ قال: الأنه شهر مخصوص بالمغفرة فيه تحقن الدماء وفيه تاب الله على أنبيائ وفيه انقذ أولياءه من أيدي أعدائه». ثم قال عليه السلام: «من صامه يستوجب من الله ثلاثة أشياء: مغفرة لجميع ما سلف من ذنوبهء وعصمة فيما بقي من عمرهء وأمناً من العطش يوم العرض الأكبر». فقام شيخ ضعيف فقال: يا رسول الله أنا أعجز عن بعشر أمثالها / فإنك تعطی ثواب من صامه کله»”٩. ]1/48[ وأما شعبان: فقد روي أن أسامة بن زيد قال: يا رسول الله رأيتك تصوم شعبان صوماً لا تصومه إلا في رمضان فقال عليه السلام: «شهر يغفل الناس عنه بين رجب وشهر رمضان ترفع فيه أعمال الناس فأحب أن لا يرفم عملي إلا وأنا صائم». وعنه عليه السلام أنه قال: «شعبان شهري فمن صام فيه ثلاثة أيام لحبي وإختياري لهذا الشهر كان معي في الجنة كهاتين» ثم قرن بين الوسطى والسبابة. وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله عليه السلام يصوم حتى نقول لا يفطر؛ ويفطر حتى نقول لا يصوم؛ وما رأیته استكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان “۰ (١) أطراف الحديث عند: العجلوني في كشف الخفا (١/٠٠0ء 080)ء الشوكاني في الفوائد المجموعة )١۱۱( ابن الجوزي في الموضوعات (۲/ ٤۲ ٢۲۰(. (۲) أخرجاه من حديث عائشةء وابن عباس دون ذكر القيام والنوم؛ والبخاري من حديث آنس: کان يفطر من الشهر حتى يظن أن لا يصوم منه شيثاء ويصوم حتى يظن أن لا يفطر منه شیئاء وكان لا تشاء أن تراه من الليل مصلياً إل رأيته ولا نائماً إلا رأيته. المغني (۲۳۹/۱). 1 قنطرة أسرار الصوم وفي حديث آخر عنها أنها قالت: كان عليه السلام يصوم شعبان كله حتى يصله برمضان . وعنه عليه السلام أنه قال: «من صام أول خميس من شعبان وخميساً من وسطه وآخر خميس منه كان حقاً على الله أن يدخله الجنة». والله أعلم . وأما الأيام البيض: فإنها الثالث عشر› والرابع عشرء والخامس عشر من كل شهر› وکان النبي عليه السلام يصومها ويقول: «تعدل صيام الدهرا. هو عندي من التحف المخزونة إن أردت صيام داود خليفة الرحمن قال رسول الله يَل: «إن أفضل الصيام صيام أخي داود عليه السلام كان يصوم يوماً ويفطر یوما وإن أردت صيام ابنه سليمان كان يصوم ثلاثة أيام من أول الشهرء وثلاثا من وسطهء وثلاڻا من آخرهء وإِن ردت صيام عيسى عليه السلام فإنه كان يصوم الدهر فلا يفطر ويقوم الليل فلا ينام وكان يليس الشعر ويأكل الشعير ويبيت حيث أمسى ولا يحبس شيثاء وكان رامياً إذا أراد الصيد لم يخطء وكان يمر بمجالس بني إسرائيل فمن كانت له إليه حاجة قضاهاء وكان ينظر إلى الشمس فإذا رآها قد غربت قام فصفن بین قدمیه قائماً لیلته حتی یراها قد طلعت فکان هذا شأنه حتى رفعه الله وإِن أردت صیام مه مریم فإنها كانت تصوم يومین وتفطر وما وإن أردت صيام خير البشر النبي العربي القرشي أبي القاسم يي وعلى سائر الأنبياء والرسل فإنه كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ويقول: «هي صيام الدهر وهو أفضل الصيام). [۸۸٤/ب] وروي عن كريب أنه قال : أرسلني ابن عباس وناس / من الصحابة إلى أم سلمة يسألونها أي الأيام كان النبي عليه السلام فيهن أكثر صياماً؟ فقالت: أكثر ما يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد ويقول: "إنهما يوما عيد للمشركين فأنا أحب أن أخالفهم). وعن عائشة أيضاً عنه عليه السلام أنه كان يصوم من الشهر: السبت › والأحدت› والاثنين › ومن الشهر الآخر: الثلاثاءء والأربعاءء والخميس. ومما يستحب صومه أيضاً يوم سابع وعشرين من رجب» ويوم خامس وعشرين من ذڌي القعدة. يقال: فيه أنزلت الكعبة على آدم عليه السلامء وأنزلت معها الرحمة فترجى فيه الرحمة (۱) طرفه عند ابن حجر في المطالب (۱۰۲۸)؛ المتقي الهندي في الكنز (۹٤٤٤۲)› وقال العراقي في المغني )۲۳۹/۱( أخرجاه من حديث عبد الله بن عمرو. قنطرة أسرار الصوم ۹٢٤ وأما صوم الدهر: فهو شامل لما قدمنا من صيام عدد الأيام› وغيرها من الشهورء وقد كره ذلك بعضهم لقوله عليه السلام: «من صام الدهر فلا صام ولا أفطر». والصحيح أنه إنما أحدهما: أن لا يفطر في العيدين وأيام التشريق فهي الدهر كله. والأخر: أن يرغب عن سنة رسول الله ي في صومه بعض الأيام وإفطاره في بعضهاء ثم /صلاح نفسه في صيام الدهر فليفعل ذلك ولا بأس به فقد روي عن جماعة من الصحابة [٩۸٤/1] والتابعين أنهم فعلوه. وقد روي عن النبي عليه السلام من طريق أبي موسى الأشعري أنه قال: «من صام الدهر کله ضیقت عنه جهنم" . قیل : معناه لم یکن له فیها موضع. وروي عن عبد الله بن عمر عنه يَلٍِْ أنه قال : «صوم نوح عليه السلام الدهر إلا يوم الفطر والأضحى» وصيام داود تصف الدهرء وصيام إبراهيم ثلاثة أيام من كل شهر صام الدهر وأفطر الذهر). فصوم داود عليه السلام هو أشد على النفس وأقوى في قهرهاء لأن العبد فيه بين صبر يوم وشکر يوم. وقد روي عن النبي عليه 'السلام أنه قال: «عرضت علي خزائن الدنيا وكنوز الأرض فرددتها وقلت: يا رب أجوع يوماً وأشبع يوماء أحمدك إذا شعبت وأتضرع إليك إذا جعت . ولهذا قال عليه السلام: «أفضل الصيام صوم أخي داود عليه السلام فإنه كان يصوم يوماً ويفطر يوماا. () الأحاديث الدالة على كراهية صيام الدهر رواه البخاري؛ ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو في حديث له لا صام من صام الأبنء ولمسلم من حديث أي قتادة قيل: يا رسول الله كيف بمن صام الدهر قال: لا صام ولا أفطرء والنسائي نحوه من حديث عبد الله بن عمرء وعمران بن حصين؛ وعبد الله بن الشخير. قاله العراقي في المغني (١/۲۳۸). () رواه أحمد» والنسائي في الكبرى» وابن حبانء وحسنه آبو علي الطوسي. قاله العراقي في المغني (۲۳۹/۱). (۳) رواه الترمذي من حديث أبي أمامة بلفظ عرض علي ريي ليجعل لي بطحاء مكة ذهباً. وقال حسن. قاله العراقي في المصدر السابق. £۳۰ قنطرة أسرار الصوم ومن ذلك منازلته يل عبد الله بن عمر في الصوم حين قال له: «ألم أخبرك أنك تقوم الليل وتصوم النهار»؟ قال: بلىء قال: «فلا تفعل نم وقم وصم وافطر فإن لنفسك عليك حقاً ولضيفك عليك حقاً وأنه عسى أن يطول بك عمر فحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة فذلك [٠/ب]صيام الدهر فالحسنة بعشر أمثالها». قال: إني أجد قوةء قال: «/ صم من كل جمعة ثلاثة أيام». قال: إني أطيق أكثر من ذلك» قال: «صم صيام نبي الله داود عليه السلام». قال: وما صوم داود؟› قال: «نصف الدهر وهو أعدل الصيام عند الله تعالى . وقد روي أنه يق ما صام شهراً كاملا قط إلا رمضانء ومن لا يقدر على صوم الدهر أو نصفه فلا بأس بثلثه وهو أن يصوم يوماً ويفطر يومين» فإذا صام ثلاثة أيام من أول الشهر وثلاثاً من أوسطه وثلاڻاً من آخره فهو ثلٹٺ واقع في الأوقات الفاضلةء فإن صام الإثنين والخميس والجمعة فهو قريب من الثلث» فإذا ظهرت أوقات الفضيلة فالكمال في أن يفهم الإنسان معنى الصوم» وأن مقصوده تصفية القلب وتفريغ الهمة لله عز وجل فإذا فهم ذلك فلينظر إلى أحواله فقد يقتضي الحال دوام الصوم› وقد يقتضي دوام الإفطار ما خلا الفريضة من الصومء وقد يقتضي مزج الإأفطار بالصوم فإذا فهم المعنى وتحقق جده في سلوك طريق الأخرة بمراقبة القلب لم يخف عليه صلاح قلبهء وذلك لا يوجب ترتيباً مستمراً. ولذلك روي أنه عليه السلام كان يصوم حتى يقال لا يفطرء ويفطر حتى يقال لا يصوم› وينام حتى يقال لا يقوم» ويقوم حتى يقال لا ينام"". وذلك بحسب ما ينكشف له بنور النبوة من القيام بحقوق الأوقات. [۱/ب] وقد كره العلماء أن يوالي الإنسان بين الإفطار/ أكثر من أربعة أيام تقديراً ليوم العيد مع أيام التشريق وذكروا أن ذلك يقسي القلب ويولد رديء العادات ويفتح أبواب الشهوات» ولعمري هو كذلك في حق أكثر الخلق لا سيما من يأكل في اليوم والليلة مرتين أو أكثر والله نسأله التوفيق لما يحبه ويرضاه من القول والعمل ”° . اعلموا أرشدكم الله أني إنما أوردت الأحاديث المتقدمة في فضل صلاة الأيام والليالي () أخرجاه من حديثه. المصدر السابق. الشهر حتى يظن أن لا يصوم منه شيثاً ويصوم حتى يظن أن لا يفطر منه شيثاً وكان لا تشاء تراه من الليل مصليا إلا رأيته ولا نائما إلا رأيته. المصدر السابق. )۳( راجع في الباب إحياء علوم الدين )۳۸/۱ ۲۳۹( قنطرة أسرار الصوم £۳۱ وغير ذلك من أحاديث فضل العلم والتعلمء وما أوردت من الأحاديث هاهنا في فضل رمضان وغيره من الأيام المتقدمةء وما سنورده في الفضائل إن شاء الله وإن كان أكثرها غير مستفيض عند أصحابناء ولا موثوق بصحتهاء فإنى إنما فعلت ذلك لحديث رأيته فى آثار أصحابنا عن أبي عبيدة مسلم رحمه الله وذلك أنه قال: بلغني عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: من بلغه حديث في الرغائب والفضائل في العمل فاجتهد فيه. قال: فإن كان الحديث عن نحو ما بلغه كان له أجران: أجر حفظه الحديث وطاعته فيهء وأجر عمله بهء وإن كان الحديث على غير ما بلغه کان له آجره على نحو ما بلغه؛ لأن الله لا يضيع أجر المحسنين فلا يذهب أجر [جتهاده لله › ونصيحته لربه ما لم يكن إجتهاده في بدعة. قال الشيخ أبو عبيدة رحمه الله فيما وجدت /عنه: اعلم أن المسلم إذا رزقه الله تفس [1/49۲] طيبة مستقيمة على طاعة الله كلما بلغه شيء يتقرب به إلى الله اجتهد فيه فيكون مأجوراً على نحو ما تقدم. قال: وإذا كان للإنسان نفس خبيثة مل العمل لله واستثقل العبادة فكان أكثر همه في الجدال والمراء فإذا بلغه حديث فيه الرغبة في العمل عارضه بالقياس . وقال: إن هذا ليس بصحيح؛ لأن رأيه وما يوافق هواه ما ليس فيه العمل بطاعة الله تعالى. وأيضاً فإني وجدت في كتب فقهاء قومنا أنهم استسهلوا في نقل أحاديث الرغائب والمواعظ. وقالوا: لأن ذلك حث على طاعة الله تعالى ودعاء إليه ورووا في ذلك حديثاً عن ورووا عن أبي هريرة عنه عليه السلام أنه قال : «ما بلخكم عني من قول حسن قلته آو لم أقله فأنا قلته». قالوا: إنما تشدد الأئمة من أهل العلم في أحاديث الأحكام التي بنيت عليها قواعد الإسلام التي فيها الأوامر والنواهي والحلال والحرام والحدود والفرائض ولعمري لكذلك ينبغي أن تكون. ورووا أيضاً عن النبي يلأ أنه قال: «من حدّث عني حديثا /لم أقله [۳٩٤/1] مما فيه دعاء إلى الله عز وجل فأنا قلته فإني إنما بعثت لذلك»". والله أعلم . وينبغي لسامع هذه الفضائل المروية في الأحاديث المتقدمة إذا سمع ما فيها من عظيم الثواب أن لا يستوحش من مثلهء ولا يرد ذلك إلى عقله؛ لأن الذي أعد الله سبحاته لأوليائه المخلصين من الثواب المتصل غير المقطوع أعظم من كل منظور إليه ومسموع . () نحو طرفه عند: ابن الجوزي في الموضوعات (۹۸/۱))ء ابن عدي في الكامل في الضعفاء (۹۱/۲٤)ء والمتقي الهندي في الكتز (6۹۲۱۳› 4٤۲۹48)٠ ‎E۳۲‏ قنطرة أسرار الصوم ‏وقد قال عليه السلام حكاية عن ربه عز وجل: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت؛ ولا أذن سمعت١› ولا خطر على فلب بشرا. فأن يقع ما سمع وريء مما لم يسمع ولم ير وثواب الله تعالى لعباده على قدر كرمه تعالى لأعلى قدر عمل العبد ومنزلتهء وقد قال تعالى : لقلا َعَم تفن ما في لهم س فُرَأغْين€. ‏وكل ما ورد في هذه الأحاديث وشبهها من قوله: أعطي مثل ثواب آيوب» آو مریم آو غيرهما من الشهداء والأنبياء. فإنما معنى ذلك في شيء دون شيءء وفي العمل المذكورء خاصة إذا سلم من الآفات وحفظ منها في جميع الحالات؛ لأنه غير جائز أن يكون لأحد من أتباع الأنبياء مثل ثواب الأنبياء عليهم السلام. ‏وقد قال عليه السلام: «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة» وقرن بين أصبعيه السبابة ‎1 (1) ‏والوسطى””"٠. ‏[0٤/ب] وهل يتوهم متوهم أن يكون أحد / ممن آمن بالنبي عليه السلام وأتبعه أن يكون معه في درجتهء ومثل ذلك قول الله تعالى : ومن ييل ال وَالرَشُول وليت مع الَِين َعَم الله عَم ‏ئن ان وسين يقِين4”" الآية. فلو كان المعنى على ظاهر الآية لاقتضى أنهم في درجات الأنبياء ‏0 ‏ولهذا قال عليه السلام حين وصف كتاب الله تعالى أن لكل آية ظاهراً وباطناً وقال: «لن يتفقه أحدكم كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوهاً كثيرة». فالتأويل المتقدم من الباطن الذي هو على غير تأويل معنى الظاهرء وكذلك حديث الرسول عليه السلام له أيضاً ظاهر وباطن ووجه وقفاً وإنما هلك من هلك باتباع الظواهر› وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . ‏كملت قنطرة أسرار الصوم وتتلوها قنطرة الزكاة في الجزء الثاني ‏)۱( سور السجدة الآية: ۷ . ‏() البخاري في الصحيح (۸/۷٦. ۸/١٠)› أبو داود في السنن (٠۵٥٠٥)؛ البيهقي في الكبری (۲۸۳/۱)ء ابن حجر في المطالب (۳۳٥۲. ۳۷٢۲)؛ لطر ر الكبیر (۲۱۳/۱ء ۸/٠٢١۳). )۳( سوره ة النسأء الآية: ۹. ‎ ‎ المقدمة ‎‏ ‏مقدمة المؤلف ‎‏ ‏قنطرة العلم الباب الأول: في بيان فضل العلم ‎ .‏ فصل فيما جاء في السنة ‎‏ ‏فصل فيما جاء في فضل العلم من جهة المعاني والعقل ‏الباب الثاني : في فضل التعلم والتعليم الفصل الأول: في فضل التعلم الفصل الثاني : في التعليم ‎‏ ‏الباب الثالث: في فرض العين ‎‏ ‏فصل أن العلم والعمل جوهران ‎‏ ‏الباب الرابع : في العلم الذي هو فرض كفاية ‎‏ ‏الباب الخامس: في بيان حد الفقه والكلام في علم الدين وطريق الآخرة الخ وهذا الباب له ثلاثة فصول ‎‏ ‏الفصل الأول: في بيان حد الفقه‏ ‏الفصل الثاني : في علم الدين والطريق الآخرة ‎‏ ‏الفصل الثالث: في حد الكلام وعلوم الفلسفة ‎‏ ‏الباب السادس : في طريق العلم ‏ ‏فصل أن العلم له ثلاثة أقسام ‎‏ ‏الباب السابع : في آداب المتعلم والمعلم ‎‏ ‏الفصل الثاني : في وظائف ما على العالم المعلم المرشد في الآداب فصل مما يجب على العالم أن يلتزمه فصل فيما يتعلق بالدين علوم كل علم منها فضيلة ‏الباب الثامن: في آفات العلم وعلماء السوء ‎‏ أن هذا الباب ينحصر في جملتين ‎‏ ‏الجملة الأولى : في آفات العلم ‎‏ ‏الجملة الثانية: في الأخبار والآثار الواردة في علماء السوء ‏الباب التاسع: في العلامات المميزة بين علماء الدنيا وعلماء الأخرة الباب العاشر: في بيان العلم المذموم وأسماء العلم المحمود من كتاب الغزالي هذا الباب يشتمل على جملتين ‎‏ ‏الجملة الأولى : في العلم المذموم ‎‏ ‏الجملة الثانية: في أسامي العلوم الشرعية وبيان القدر المحمود منها الفصل الأول: أن منشأ التباس العلوم المذمومة بالعلوم الشرعية الفصل الثاني : في بيان القدر المحمود من العلم المحمود أن العلم بهذا الاعتبار ثلاثة أقسام ‎‏ ‏قنطرة الإيمان والتوحيد قنطرة الإيمان وسائر قواعد الاعتقاد والتوحيد ‎‏ ‏معرفة ذات الله تعالى وينحصر هذا الباب في عشرة فصول ‏الفصل الأول: يحتوي على ترجمة العقيدة والاستدلال على وجود الله فصل في أدلة على وجود الله تعالى ‎‏ ‏الفصل الثاني : العلم بأن الباري سبحانه قديم لا أول لوجوده ‏الفصل الثالث: العلم بأنه تعالى لا نهاية لوجوده ودوامه الفصل الرابع : العلم بأنه ليس بجوهر يتحيز دليله ‏الفصل الخامس: العلم بأنه تعالى ليس بجوهر مؤلف من جواهر الفصل السادس: العلم بأنه تعالى ليس بعرض قائم في الجسم أو حال في محل الفصل السابع: العلم بأن الله تعالى منزه الذات عن الاختصاص بالأمكنة والجهات الفصل الثامن: العلم بأنه تعالى مستو على العرش بالمعنى الذي أراده الله تعالى بالاستواء الفصل التاسع: العلم بأنه تعالى منزه عن الرؤية والإدراك بالأبصار إذ هو تعالى مقدس عن الجهات والأقطار ‎‏ ‏الفصل العاشر: العلم بأنه عز وجل واحد لا شريك له الباب الثاني : في معرفة صفاته في ذاته ‎‏ ‏وهذا الباب يشتمل على عشرة أصول ‎‏ الباب الثالث: في أفعاله تعالى ومدارها يحتوي على عشرة أصول الباب الرابع : في تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم ‎‏ ‏أن هذا الباب يحتوي على مقدمة وعشرين مسألة المسألة الأولى: العلم بأن ورود الموت حق على كل مخلوق المسألة الثانية: العلم بأن قيام الساعة حق ‎‏ ‏المسألة الثالثة: اعتقاد كون البعث بعد الموت يوم الحشر والنشر المسألة الرابعة: سؤال الملكين وهما منكر ونكير المسألة الخامسة: عذاب القبر ‎‏ ‏المسألة السادسة: الميزان ‎‏ ‏المسألة السابعة: الصراط ‎‏ ‏المسألة الثامنة : الحساب والإيمان به واجب ‎‏ ‏المسألة التاسعة: الشفاعة ‏ ‏المسألة العاشرة: الحوض المورود ‎‏ ‏المسألة الحادية عشر: الجنة والنار ‎‏ ‏المسألة الثانية عشر: جملة الملائكة ‏ ‏المسألة الثالثة عشر: جملة الأنبياء ‎‏ ‏المسألة الرابعة عشر: جملة الكتب المنزلة ‎‏ ‏المسألة الخامسة عشر: الإيمان بالقضاء والقدر المسألة السادسة عشر: في معنى التوحيد والشرك ‏المسألة السابعة عشر: فرز ما بين كبائر الشرك ‏المسألة الثامنة عشرة: ومما يجب على المكلف أن يعلم أن الله أمر بطاعته المسألة التاسعة عشر: الولاية والبراءة في الجملة المسألة العشرون: في معرفة الملل وأحكامها فصل أن التوحيد لا يبقى في الشرع مطلقاً ‎‏ ‏الباب الخامس: في شرح بعض أسماء الشريعة ‏فصل في حقيقة التوحيد ‎‏ ‏فصل أن للإيمان ثلاث مقامات ‏ ‏المقامة الأولى : انطواء القلوب ‎‏ ‏المقامة الثانية : الإقرار باللسان نطقاً ‎‏ ‏المقامة الثالثة: من الإيمان هو العمل بالأركان ‎‏ فصل في درجات الإيمان وينحصر ذلك في خمس درجات ‎‏ ‏الدرجة الأولى: درجة الإيمان ‎‏ ‏الدرجة الثانية: درجة الظن ‎‏ ‏الدرجة الثالثة : درجة العلم ‎‏ ‏الدرجة الرابعة: درجة اليقين ‎‏ ‏فصل في منازل العباد إلى الله تعالى ‎‏ ‏فصل في تحقيق معني اليقين ‎‏ ‏الدرجة الخامسة: درجة المعرفة ‎‏ ‏فصل في معنى الإسلام لغة وشرعاً ‎‏ ‏فصل في معنى الكفر والنفاق والشرك ‎‏ ‏قنطرة الصلاة قنطرة الصلاة ووظائفها من الطهارات ‎‏ ‏الطهارة لها أربع مراتب ‎‏ ‏الباب الأول: في طهارة الأخبار ويشتمل على ثلاثة فصول الفصل الأول: في المزال وهي النجاسات ‎‏ ‏الفصل الثاني : في المزال به النجاسة ‎‏ ‏الفصل الثالث: في كيفية الإزالة ‎‏ ‏الباب الثاني : في الطهارة ‎‏ ‏فصل في اللحية وقول العلماء فيه ‎‏ ‏الباب الثالث: في طهارة الأحداث ‎‏ ‏وينحصر هذا الباب في أربعة فصول ‎‏ ‏الفصل الأول: في آداب قضاء الحاجة ‎‏ ‏الفصل الثاني: في فضل الوضوء ‎‏ ‏الفصل الثالث : في كيفية الغسل ‎‏ ‏الفصل الرابع: في كيفية التيمم ‎‏ ‏قنطرة الصلاة في ذكر أسرارها وفضائلها ولها ستة أبواب الباب الأول: في فضل المسجد وفضل الأذان وفضل الصلاة ويشتمل هذا الباب على هذا الحال على ستة فصول ‏الفصل الأول: في فضل الأذان ‎‏ الفصل الثاني : في فضل المسجد الفصل الثالث: في فضيلة الصلوات وعقوباتها ‎‏ ‏الفصل الرابع: في فضل الخشوع ‏ ‏فصل أن الخشوع ثمرة الإيمان ‎‏ ‏الفصل الخامس: في فضل إتمام الأركان من الركوع والسجود الفصل السادس : في فضل صلاة الجماعة والوعد في تاركها الباب الثاني : في كيفية الأعمال الظاهرة من الصلاة فصل في المناهي الواردة في الصلاة ‎‏ ‏فصل في تمييز فرائض الصلاة من سننها وفضائلها فصل في تمييز فرائض الصلاة عن سننها معقول ‏الباب الثالث: في الشروط الباطنة من أعمال القلب في الصلاة ‏وهذا الباب يشتمل على ثلاثة فصول ‎‏ ‏الفصل الأول: في بيان اشتراط الخشوع وحضور القلب الفصل الثاني : في بيان المعاني الباطنة التي بها تتم حياة الصلاة فصل أن القلب يخشع بقدر اليقين ‎‏ ‏الفصل الثالث: من هذا الباب في بيان تفصيل ما ينبغي أن يحضر في القلب عند كل ركن وشرط من الأعمال ‎‏ ‏الباب الرابع : في صلاة الإمامة وما على الإمام من وظائفها ‏فصل فيما على الإمام من الوظائف في الصلاة وقبلها الباب الخامس: في فضل الجمعة وآدابها وسننها وشروطها ‎‏ ‏وهذا الباب يشتمل على أربعة فصول ‎‏ ‏الفصل الأول: في فضل الجمعة ‎‏ ‏الفصل الثاني : في آدابها ‎‏ ‏الفصل الثالث: في شروط الجمعة وحكمها ‎‏ ‏الفصل الرابع : في سننها وفضائلها ‎‏ ‏الباب السادس: في المندوب إليها من الصلوات ما عدا الفرائض من الصلوات ينقسم إلى أربعة أقسام فصل في المرغوبات قنطرة أسرار الصوم القنطرة الرابعة قنطرة أسرار الصوم ‎‏ الباب الأول : في فضل الصوم ‏الباب الثاني : في الشروط الواجبة وسننه المرتبة ‎‏ ‏وهذا الباب فيه فصلان ‎ ‏ الفصل الأول : في الواجبات ‎‏ ‏الفصل الثاني : في سنه المشروعة فيه ‎‏ ‏الباب الثالث: مفسداته ولوازم إفساده ‎‏ ‏الباب الرابع: في أسرار الصوم وشروطه الباطنة ‎‏ ‏الباب الخامس : في فضيلة التطوع بالصيام ‎‏ ‏الفصل الأول: في فضيلة يوم عرفة ‎‏ ‏الفصل الثاني : في يوم عاشوراء ‎‏ ‏الفصل الثالث: في العشر الأوائل من ذي الحجة الفصل الرابع : في صوم أيام من المحرم ‎‏ ‏الفصل الخامس: في الترغيب في صيام رجب وشعبان والأيام البيض وغير ذلك ‎ .‏ ‏فهرس المحتويات ‎‏ ‎