الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، محمد النبي الأ ُ مي الأمين، وعلى آله وأزواجه وأصحابه وكافة المؤمنين إلى يوم الدين، أما بعد،، فيسر قسم الفتوى بمكتب الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية  بالتعاون مع (الأجيال للتسويق) أن يقدموا للمسلمين الكتاب الخامس من سلسلة فتاوى سماحة الشيخ العلامة/ أحمد بن حمد الخليلي، حفظه الله تعالى، المفتي العام لسلطنة ع ُمان. وهذا الجزء اشتمل على فتاوى (الأيمان والكفارات والنذور والذبائح والأطعمة والتدخين). وهذه الأبواب من أهم أبواب الفقه وتكثر حاجة الناس إليها إذ لا بد لهم من الطعام الذي تقوم به أجسامهم والذبائح التي يأخذون منها اللحوم كما أنهم قد يقعون فيما يوجب ا لكفارات. وعملنا في هذا الكتاب كان: • البحث عن فتاوى سماحة الشيخ وكتابتها. • • • ثم تصنيفها وترتيبها. ثم مراجعتها من قبل سماحة الشيخ، وتعديلها وفق رؤية سماحته وتوجيهاته. كما يحوي الكتاب بعض البحوث والفتاوى الموسعة المتعلقة بهذه ا لأبواب. والله نسأل أن يجعل هذا العمل خالصا ً لوجهه الكريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب ا لعالمين. iƒ``à`ØdG º`°ùb AÉ``à`aE’G ÖàμªH (1)ôÑdG ∫ɪYCG ™æªJ ’ ø«ª«dG يقول الله تعالى: ﴿ ÎÍÌËÊÉÈÇ ÕÔÓÒÑÐÏ ﴾ :É¡∏Ñb ɪH ájB’G •ÉÑJQG هذه الآية جاءت بعد ذكر طرف من أحكام الأنكحة، وبعد آية تليها يعود السياق مرة أخرى إلى ذكر طائفة من أحكام الأنكحة وما يترتب عليها، وقد يبدو بادئ الأمر أن هاتين الآيتين خرجتا عن السياق، ولكن مهما يكن هذا الخروج من حيث اعتبار الأحكام التي تتضمنها الآيتان فإن هناك ا نسجاما ً في المعاني بين هذه الآية والآية التي تليها والآيات المتقدمة، وقد اختلف المفسرون في تحديد وجوه العلاقات التي تشد بعضها إلى بعض حتى يتجلى الانسجام بين معانيها، فمنهم من قال: إن وجه العلاقة تتجلى في أن ا لله 4 في الآية السابقة أمر بالتقوى، وتقوى الله تعالى تندرج فيها جميع الأقوال والأعمال، فبما أن الله تبارك وتعالى أمر بالتقوى فليست التقوى منحصرة في تجنب الإنسان الأعمال السيئة، مع محافظته على الأعمال الصالحة، ولكنها شاملة لاتقاء عثرات الألسن وزيف الكلام مع الحرص على كل ما يقرب إلى الله من الطاعات القولية الدالة على تعظيمه تعالى وخشيته، ومن أجل ذلك ن ُ هي الناس في هذه الآية الكريمة عما قد يفسر بأنه مناف لتوقير أسماء الله الحسنى، وذلك إن ْ أك َ ْث َ ر الناس من الحلف به، وهذا مبني على رأي من آراء المفسرين في تفسير قوله: ﴿ ÇÈ É Ê Ë ﴾ وهو قول من قال: معناه لا تكثروا الحلف به فيكون اسمه عرضة للإتيان به ١) أصل هذه المادة تفسير الآية ( ٢٢٤ ) من سورة البقرة من دروس التفسير التي يلقيها سماحة ) المفتي العام للسلطنة، أحببنا إلحاقها بالكتاب إتماما ً للفائدة. في مجادلاتكم، وأما على الرأي الآخر وهو رأي أكثرهم بأن المراد أن لا يجعلوا ذكر الله مانعا ً بينهم وبين البر والتقوى عندما يحلفون باسمه على ترك خير أو فعل شر فإن الرابط يتجلى من حيث إن الناس مأمورون على أي حال بأن يأتوا من الأعمال ما يقربهم إلى ا لله 4 زلفى، وقد يحجزهم عن هذه الأعمال حلف ٌ يصدر منهم في فورة غضب، إلا أن الله تبارك وتعالى جعل لهم مخرجا ً من ذلك وهو أن يأتوا الذي حلفوا عليه ثم يكفروا عن أيمانهم، فالحلف لا يكون مانعا ً من فعل الإنسان ما حلف على تركه إن كان في ذاته فعلا ً حسنا ً ، وإنما الميزان في حكم ذلك الفعل عند الله، فإن كان محبوبا ً إلى الله 8 فليبادر إليه، وليكفر عن يمينه، وإن كان بخلاف ذلك فليتجنبه، وعدول الإنسان عن مقتضى يمينه إلى فعل ما حلف عليه مع التكفير يختلف حكمه باختلاف ذلك الفعل، فقد يكون مندوبا ً إليه وقد يكون واجبا ً ؛ وذلك عندما يحلف الإنسان على ترك شيء من الواجبات أو المندوبات، وعليه بجانب ذلك أن يكفر عن يمينه، وبهذا يتضح أن الحنث في اليمين تعتريه الأحكام الخمسة وذلك باختلاف نوعه. وقيل: بأن علاقة الآية بما قبلها من حيث إن الآيات التي سبقت هذه الآية تحدثت عن معاملة اليتامى ومعاملة الأزواج بالخير، فأمر الناس في هذه الآية أن لا يجعلوا بينهم وبين هذا الخير حجازا ً يحول بينهم وبينه، فعندما يصدر منهم ما يرونه مانعا ً من فعل هذا الخير وهو أن يحلفوا باسم الله تعالى فعليهم أن يبادروا إلى فعل الخير وليكفروا عن يمينهم. وقيل: بأن مناسبة الآية لما قبلها من حيث إن الآيات السابقة تناولت جانبا ً كبيرا ً من الأحكام ومنها: أ أحكام الخمر والميسر. ب الإنفاق من العفو وهو الفائض عن ا لحاجة. ج تجنب نكاح المشركات وإنكاح المشركين وتجنب إتيان النساء في المحيض. د الأمر بإتيان النساء في موضع الحرث الذي يشير إلى تجنب إتيانهن في غير ذلك الموضع. وهذه جوانب تتعلق بالأفعال، فذكر بجانب ذلك ما يوحي بوجوب تعظيم الله تبارك وتعالى بتعظيم اسمه بحيث لا يكون عرضة للحلف به من غير داع يقتضيه، وبهذا تنتظم هذه الآيات ضبط ما يصدر عن الناس في الأقوال والأعمال لتكون جميعا ً وفق حكم الله وشرعه وما يقتضيه تعظيمه وخوفه، ولا ريب أن مراعاة حرمة اسم الله تبارك وتعالى؛ مما يوحي بمراعاة حق جلال الله وما يجب له من التعظيم. فهذه جملة من الوجوه التي يمكن أن تعتبر رابطة بين هذه الآية الكريمة والآيات التي تقدمتها. :ájB’G √òg ∫hõf ÖÑ°S ذكر المفسرون أقوالا ً في سبب نزولها: فقد أخرج الواحدي عن الكلبي: أن سببه ما كان من عبد الله بن رواحة في حق ختنه زوج أخته بشير بن النعمان، إذ طلق أخته فغضب منه عبد الله بن رواحة، وأقسم بالله أن لا يكلمه وأن لا يدخل بيته وأن لا يصلح بينه وبين زوجه. وأخرج ابن جرير عن ابن جريج أن السبب في نزولها صنيع ا لصد ّ يق ƒ عندما أقسم أن لا ينفق على مسطح بن أثاثة وهو ابن خالته بسبب خوضه مع الخائضين في حديث الإفك، فغضب عليه الصد ّ يق، وقد نزل فيه قول الله تبارك وتعالى في سورة النور بعد ذكر قصة الإفك: ﴿ J I H VUTSRQPONMLK ﴾ [النور: [٢٢ فهذه الآية تكون بناء ً على ذلك عاضدة للآية التي نزلت في سورة النور. وقيل: بأنها نزلت في أبي بكر ? بسبب أنه أقسم أن لا يأكل مع الضيوف سخطا ً على ابنه عبد الرحمن عندما أخر ضيافتهم. وهذا الذي ذكره المفسرون من الأسباب يعضد التفسير المشهور الذي ذهب إليه أكثر المفسرين وهو أن الآية الكريمة جاءت للتنبيه على أن الإنسان عندما يقسم يمينا ً حاجزة بينه وبين البر يؤمر أن لا يراعي جانب اليمين بل عليه أن يراعي جانب البر، ويكفر عن يمينه بعدما يأتي الذي هو خير له. :áªjôμdG ájB’G »a zá°Vô©dG{ ≈æ©e ومنشأ اختلاف المفسرين الذي أجملناه فيما سبق وسنتحدث عنه إن شاء الله بالتفصيل فيما يأتي هو اختلافهم في العرضة في قوله 8 ﴿ : Ç ÈÉ Ê Ë ﴾ [ [البقرة: ٢٢٤ . أ أن تكون بمعنى المعروض فعرضة ف ُعلة بمعنى مفعول كالقبضة بمعنى ُْ المقبوض، والغرفة بمعنى المغروف، والحجرة بمعنى المحجور، وهكذا. وقد شاع مجيء ف ُع ْ لة بمعنى مفعول، ولذلك يفرق اللغويون بين ا لهز ْ ءة والهز َ ءة، ُُ فاله ُ ز ْ ءة الذي ي ُه ْز َ أ منه، واله ُز َ ءة الذي ي َه ْ زأ ُ كثيرا ً من غيره، ومثله ا له ُم َز َ ة والل ُم َز َ ة بفتح الميم فإنهما بمعنى كثير الهمز واللمز، وأما بتسكين الميم فهما بمعنى المهموز والملموز، وقالوا بأن الأصل في هذا التفسير للعرضة ُ أنها في حقيقة معناها هي: ما ي ُ لقى على ع ُ رض الطريق أي على جانبها لأجل منع المارة من المرور، فعرض الشيء جانبه، وما يلقى في الطريق مما ُُ يراد به أن يكون حاجزا ً يسمى ع ُ رضة لإلقائه في عرض الطريق أي جانب منه. وذهب ا لقطب(١) إلى أن ا لف « الهيميان » في تفسيره ُع ْل َ ة هنا بمعنى ٰ المفعول ١) هو قطب الأمة محمد بن يوسف بن عيسى أطفيش، ولد في بني يسجن بوادي ميزاب ) = لكنها انتقلت في الاستعمال إلى أن تكون بمعنى الفاعل، ومعنى ذلك أن  يكون الله عارضا ً أي مانعا ً وحاجزا ً من استعمال هذا الأمر، وهذا هو عين ما .« التيسير » ذهب إليه في تفسيره ب والعرضة تستعمل أيضا ً بمعنى القوة، ومن ذلك قول العرب: فلان عرضة للحرب أي هو قوي عليها، ويقال: فلان ٌ عرضة للسفر إذا كان قادرا ً عليه، وحمل على ذلك قولهم: المرأة ع ُ رضة للنكاح إذا كانت قد قويت عليه وكانت مهيأة له، ومن شواهد ذلك قول كعب بن زهير:  ع ُر ْ ض َ ت ُ ها طامس الأرجاء مجهول أي ع ُ رضة الناقة التي يصف قوتها طامس الأرجاء: أي مجهول ْ النواحي، والمقصود به البيداء لأنها مئنة لقطعها. ج وتأتي ا لعرضة بمعنى الشيء المعروض للأمر أي المجعول نصب ُ ِ ذلك الأمر كعرض له، وتدل عليه عدة شواهد من كلام العرب، منها قول َُ القائل: (فلا تجعلوني عرضة للوائم) أي لا تجعلوني ن ُ صبا ً للوائم جمع لائمة بحيث تتجه إلي بلومها، أو لا تجعلوني ع ُ رضة للمقولات اللوائم، ّ ومن ذلك أيضا ً قول ا لقائل: ٍ طلقتهن وما الطلاق بسبة إن النساء لعرضة التطليق ُ ُْ أي: هن عرض للطلاق؛ لأن الطلاق إنما يقع عليهن، وكذلك قول ا لآخر: يتامى آيامى ع ُ رضة للقبائل = بالجزائر سنة ١٢٣٦ ه ، كان حافظا ً ذكيا ً بزغ في كل العلوم الإسلامية، وألف في جل ّ ها، بلغت مؤلفاته أكثر من ثلاثمائة مؤلف، وكان من رجال الإصلاح الإسلامي الحديث، توفي 5 سنة ١٣٣٢ ه، انظر شرح النيل، ط مكتبة الإرشاد جدة، ا لسعودية. أي: عرضة لأسر القبائل لها. وبناءا ً على هذه الوجوه في معنى ا لعرضة وقع اختلاف المفسرين في ُ المراد بها في قوله تعالى: ﴿ ÇÈ É Ê Ë ﴾ فمنهم من قال: بأن المراد لا تجعلوا الله 4 شيئا ً معترضا ً يحول بينكم وبين مباشرة ما تقسمون عليه بسبب مراعاتكم لقسمكم به تعالى، فإن المخلص من ذلك موجود وهو ما شرع لكم من التكفير، وهذا القول روي عن جم غفير من المفسرين، ونسب إلى الجمهور وعليه أكثر مفسري ا لسلف. واستشهد لهذا القول بما جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله ژ لا أحلف على يمين فأجد غيرها خيرا » : أنه قال ً منها إلا أتيت الذي هو خير « وتحللتها(١) ، والتحلل إنما هو بالتكفير، وقوله ! لعبد الرحمن بن سمرة: إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا » ً منها فأت الذي هو خير وكفر عن « يمينك(٢) ، فإن الحديثين يدلان على أن المشروع في مثل هذا أن يراعي الإنسان جانب البر أي التقوى والخير، فإن كان الخير فيما حلف أن يدعه فليأت بالذي هو خير ثم ليكفر عن يمينه، و-إن كان الخير في الاستمساك باليمين فليستمسك بها، وهذا لأن البر مأمور لذاته، وخيره خير عام يعود إلى فاعله وإلى المفعول من أجله، وأما المحافظة على اليمين فهي مأمور بها تعظيما ً لاسم الله تعالى، لأن من يقسم على شيء باسم الله فهو إنما يشهد الله تبارك وتعالى على أن ما قاله هو الحق، والدليل على ذلك قوله 8 : ﴿ KJIHG@ ﴾ [ [البقرة: ٢٠٤ ، وما كان للإنسان وقد أشهد الله على ١) رواه البخاري، كتاب الأيمان والنذور، باب قول الله تعالى: ﴿ ) $ # " !& % ،﴾ رقم ( ٦٢٤٧ )، ومسلم، كتاب الأيمان، باب ندب من حلف يمينا ً فرأى غيرها خيرا ً منها، .( رقم ( ١٦٤٩ .( ٢) رواه الربيع في كتاب الأيمان والنذور، باب في الأيمان والنذور، رقم ( ٦٥٦ ) شيء أن يعدل عنه إلى غيره إلا إن كان العدول أرضى لله سبحانه، وما النطق باسم الله في الأيمان إلا لتأكيد القول، لذلك كانت الباء وهي في الأصل تدل على الملابسة هي الأصل في حروف القسم، وتستعمل مع ذكر فعل القسم وحذفه، بخلاف الواو والتاء، على أن الحلف بالباء يكون في مقام التأكيد وفي مقام الاستعطاف، بخلاف الحلف بالواو والتاء فإنه لا يكون إلا في مقام التأكيد دون مقام الاستعطاف، فمن أجل ذلك اتضح بأن الذي يقسم إنما يؤكد ما يقوله باسم الله تبارك وتعالى، فهو يتحدث متلبسا ً باسم الله، ومراعاة جانب المحافظة على البر والصلاح أولى من مراعاة جانب المحافظة على صدق القسم لأنهما أرضى لله؛ وقد جعل الله تعالى للعبد مخرجا ً مما التزمه بقسمه، وهو أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه، حرصا ً على ما هو أرضى لله وأنفع للعباد، والله يريد لعباده اعتياد المحافظة على الأعمال الصالحة ونفع العباد ولو خالف ذلك القسم باسمه، فإن في الاستمساك باليمين تعظيما ً لاسمه تعالى دون أمره، ويقال: الامتثال مقدم على الأدب، والله 4 هو الذي أذن بالحنث مع التكفير عندما يكون في ذلك خير، وفي هذا ما يدعو إلى عدم المسارعة إلى القسم، وأن يكون الإنسان متأنيا ً في ٍ قسمه بحيث لا يقسم إلا على أمر تدعوه الضرورة إلى تأكيده بالقسم، وألا يكون ما يقسم عليه ليس مرضيا ً لله 4 ، بل عليه أن يتحرى مرضاة الله من أول الأمر، وذكر اسم الجلالة هنا من غير أن يضاف إلى لفظة اسم إذ لم يقل: ولا تجعلوا اسم الله عرضة لأيمانكم وإنما قال: ﴿ Ç ÈÉ Ê Ë ﴾ لأن الاسم يدل على المسمى، فالذي يقسم باسمه 4 إنما أراد المسمى، وهو ذات الله سبحانه، وفي هذا ما يوحي أيضا ً إلى أن الذي يقسم عليه أن يشعر بعظمة ما يقدم عليه، فإنما يجعل ا لله 4 بينه وبين الذي يقسم على تركه من الأفعال والأقوال، فعليه أن يستبصر في قسمه ببينة من ربه. وعدم ذكر الاسم في مثل هذه الأحوال شائع عند العرب حتى قبل نزول القرآن الكريم، فالنابغة يقول: ٍِ حلفت فلم أترك ْ لنفسك َ ريبة وليس وراء الله للمرء مطلب ُ ومعنى (ليس وراء الله) ليس وراء اسمه 4 للمرء مطلب فيقسم به، وإنما غاية ما يقسم به اسم الله تبارك وتعالى، فذكر اسم الجلالة وحده من غير أن يكون مضافا ً إليه ا سم. k ÉMÓ£°UGh á¨d ø«ª«dG ≈æ©e : ل َْ ً على هذا القول فإن المقصود بالأيمان: الأمور التي يح ُ ف عليها، وبناءا والأصل في الأيمان: أنها جمع يمين: واليمين هي اليد اليمنى التي هي ضد اليد اليسرى، وسميت يمينا ً أخذا ً من ا ليمن، لأن مباشرة الأعمال بها أيسر ُْ فهي أيمن من اليسرى، ثم أطلق لفظ اليمين على الجهة التي تقع فيها هذه اليد، فيقال فلان جلس عن يمين فلان: أي عن الجهة التي تحاذي هذه اليد التي تسمى باليمين، وأطلق اسم اليمين على الحلف لأن من شأن العرب في تاريخهم منذ عهود الجاهلية أنهم إذا تعاقدوا على أمر أخذ أحدهم بيمين الآخر، وهكذا تعقد الأحلاف بينهم، وبما أن القسم يقصدون به تأكيد عهود الحلف كانوا كذلك عندما يقسمون يأخذ أحدهم بيمين الآخر فيقسم على ذلك الأمر الذي يريد أن يؤكده، ثم أطلق من باب التجوز على الشيء المحلوف عليه سواء كان فعلا ً أو تركا ً ، ومن ذلك قول النبي ژ : إذا حلفت على يمين » «ٍ أي إذا حلفت على شيء فالمقصود باليمين في قوله عليه أفضل الصلاة والسلام هنا الشيء المحلوف عليه، واليمين تجمع على أيمن وعلى أيمان وكلاهما على غير قياس، لأن اليمين فعيل والأيمن إنما هو مقيس في جمع فع َ ْ ل كعظم وأعظم جمع قلة، والأيمان على وزن أف ْع َ ال وهو مقيس في جمع الثلاثيات الأخرى التي هي على غير وزن فع َ ل بفتح الفاء وسكون العين ْ ِِ ِ وذلك كفع ْل ٍ وفع َ ل وف َعل وف ُع ُل َ وف ُع ْل ٍ وغيرها تجمع جمع القلة على أفعال. :ájB’G »a »¡ædÉH Oƒ°ü≤ªdG معنى الآية الكريمة: لا تجعلوا الله 4 معترضا ً لأيمانكم أي مانعا ً أن تأتوا ما حلفتم عليه من أفعال ا لبر. وقيل: المراد لا تجعلوا الله تعالى قوة للأقسام التي تقسمونها لئلا تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس، وهذا القول مروي عن طائفة من علماء السلف، بل روي عن ابن عباس ^ . وقيل: بأن المراد لا تجعلوا الله غرضا ً لأيمانكم، بحيث تحلفون به في جميع أحوالكم: في جدكم وهزلكم، في أمور آخرتكم ودنياكم، فيما ينفعكم وفيما يضركم، بحيث تجترئون على ا لله 4 بالحلف على أي حال، وهذا القول مروي عن أم المؤمنين عائشة # ، وروي مثله عن الإمام مالك، وجنح إليه عدد كبير من المفسرين منهم الراغب الأصفهاني والفخر الرازي وأبو حيان والقطب في تفسيريه (الهيميان، والتيسير)، وعضدوا ذلك بأن اسم الله 4 يجب أن يقدس وينزه، فلا يكون عرضة لتلاعب الناس به، وكثرة الحلف باسمه 4 إنما تدل على عدم رسوخ هيبته في القلوب، ولذلك ذكر ا لله 4 مجموعة من صفات الذم في الإنسان الذي يجب أن يجتنب، وصدر هذه الصفات بكثرة الحلف، فقال 8 ﴿ : ¬® ¯ ° ± ❁ µ´³ ❁ »º¹¸ ❁ À ¿ ¾ ½ ﴾ [ [القلم: ١٠ ١٣ ، فهذه الصفات كلها قبائح، ولكنها ابتدئت بالحلاف من الحلف، على وزن ف ّع ّ ال بمعنى كثير الحلف، ويؤكد ذلك أيضا ً قوله 4 ﴿ : Î Í ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ونجد مجموعة من المفسرين يقولون: إن العرب كانت منذ عهود الجاهلية ترى أن كثرة اليمين والحلف منقصة في الإنسان، واستدلوا لذلك بقول ا لشاعر: ِ قليل الألايا حافظ ليمينه وإن صدرت منه الألية برت فالألايا: جمع ألية، وهي اليمين، مأخوذ من آلا يؤلي، ومنه قوله تعالى: ﴿ 12 3 4 5 6 7 ﴾ [ [البقرة: ٢٢٦ ، فالشاعر يصف ممدوحه بأنه قليل الألايا أي قليل القسم حافظ ليمينه، وإن وقعت منه اليمين فإنه يحرص على برها، وبعض المفسرين قال: لئن كان هذا الأمر من شأن أهل الجاهلية مع كونهم منغمسين في الضلال فكيف بالمسلمين، بل كيف بأهل العلم من المسلمين يقعون في مثل هذه الحالة المستهجنة المذمومة، فلا يبالي أحدهم أن يحلف بالله تبارك وتعالى لأدنى شيء من غير أن يضطره إلى الحلف أمر له قيمة. ولكن لا نسلم أن ذلك كان من عادات أهل الجاهلية بدليل أن هذا الشاعر لم يكن جاهليا ً بل هو من الشعراء الإسلاميين فهو ك ُ ثير، وعليه فلا ّ يستظهر من هذا الشعر أن أهل الجاهلية كانوا يحافظون على بر أيمانهم مع كونهم لا يحلفون إلا قليلا .ً وإنما بعدما جاء الإسلام بهذا الأدب القرآني والتوجيه الرباني حافظ الذين استمسكوا به على هذه الآداب فكان من بينهم هذا الذي يعنيه الشاعر بهذا ا لثناء. وقيل: بأن الذي يكثر الحلف يكون حلفه سببا ً لعدم ثقة الناس به، فالناس لا يعبأون بالحلاف ولا يهتمون بأقواله، ولا يكون له ولا لأقواله وزن بينهم، ولذلك سماه الله تبارك وتعالى مهينا ً فقال: ﴿ ¬ ° ¯ ® ± ﴾ [ [القلم: ١٠ بل هو بنفسه يكون غير واثق من نفسه، لأن كثرة الحلف من الإنسان تنشأ عن عدم ثقته بنفسه، فهو يشعر أن الناس غير واثقين به وبكلامه، لأنه يعلم أنهم يعرفون من خلاله ما هو عارف به، فلذلك يحاول أن يجبر هذا النقص بكثرة الحلف ليكتسب ثقة الناس، وبناء على هذا ً التفسير تكون الأيمان جمع يمين. وقوله سبحانه: ﴿ Ì Í Î Ï Ð Ñ ﴾ [ [البقرة: ٢٢٤ : أن تبروا مع ما بعده قيل: هو في محل جر عطف بيان لأيمانكم، وهذا هو الذي ذهب إليه الزمخشري، وانتقده أبو حيان انتقادا ً شديدا ً نظرا ً إلى أن الأيمان لا يمكن أن تبين بأنها بر وأنها تقوى وأنها إصلاح بين الناس، وهذا الذي ذهب إليه أبو حيان إنما بناه على ما ارتآه من تفسير الآية الكريمة، وما ذهب إليه الزمخشري بناه أيضا ً على التوجيه الذي وجه به معنى الآية، وهو الذي يتفق مع رأي الجمهور من أن الآية الكريمة إنما جاءت لنهي الناس عن الاستمساك بالأيمان وترك البر والتقوى والإصلاح بين الناس لمنع الأيمان من آلى من ذلك، والزمخشري بنى على هذا الذي ذهب إليه ما ذكرته من قبل أن المقصود بالأيمان المحلوف عليه، وهذا التوجيه الذي وجه به معنى قوله 4 ﴿ : Ì Í Ñ Ð Ï Î ﴾ يتفق مع ما ذهب إليه، وقد تعقبه أبو حيان بأنه لو زعم أن ذلك بدل لكان أولى له، نظرا ً إلى أن عطف البيان إنما يأتي غالبا ً من الأعلام، وتعقب بأن البدلية هنا متعذرة، لأن البدل إنما يكون في موضع يصلح لأن يقع فيه موقع المبدل منه، وما ذكر هنا لا يصلح أن يقع موقع الأيمان، وكون عطف البيان يأتي غالبا ً من الأعلام لا يمنع من أن يكون من غير العلم، فإن عطف البيان هو أكثر في الأعلام، وهو كثير أيضا ً في غير ا لأعلام. ومنهم من قال: بأن المراد بقوله سبحانه: ﴿ ÏÎÍÌ Ñ Ð ﴾ لأن لا تبروا كما في قوله 8 : ﴿ TS R Q P O ﴾ [ [النساء: ١٧٦ أي: لأن لا تضلوا.  ومنهم من قال: بأن التقدير كراهة أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس، أي: لا تجعلوا الله معترضا ً بينكم وبين ما حلفتم عليه لئلا تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس أو كراهة أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس، وعلى هذا فقوله سبحانه: ﴿ ÌÍ ﴾ وما بعده في موضع نصب في تأويل مصدر منصوب على أنه مفعول لأجله، وذهب بعضهم على أن النصب هنا على تقدير حرف الجر، والتقدير: على أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس، وهذا الذي ذهب إليه أبو حيان وبناه على التفسير الذي اختاره وهو القول وذهب الزجاج ،« عرضة » الثالث من الأقوال التي ذكرناها من قبل في تفسير والتبريزي إلى أن هذا الكلام مقطوع عما قبله وهو في موضع رفع على الابتداء والخبر محذوف، والتقدير: أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس خير لكم أو أولى لكم أو نحو ذلك، وقد رد على هذا بأن قطع هذا الكلام عما قبله غير لائق، ثم من ناحية أخرى فإن الأصل عدم التقدير، ولا داعي إلى مثل هذا التقدير الذي لا يدل عليه أي دليل ولا يقتضيه المقام. وبناء على أن العرضة بمعنى القوة، يمكن أن يقال لا تجعلوا الله قوة ً لأيمانكم لئلا تبروا أو كراهة أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس، وكذلك على القول الأول وهو أن المقصود نهي الناس عن جعل أيمانهم بالله حاجزة بينهم وبين البر والتقوى والإصلاح بين الناس، أما على القول الأخير فيتجلى المراد بالبر والتقوى والإصلاح بين الناس، من حيث إن الذي يتجنب كثرة الحلف يكون تجنبه ذلك داعيا ً له إلى البر، لأنه ناشىء عن تعظيمه لله 4 ولذلك عظ ّ م أسماءه فلا يمتهنها بالحلف بها لأتفه الأسباب، وهذا من البر والتقوى، وهو داع للإصلاح بين الناس لأنه يكون بسبب ذلك موضع ثقة الناس، فالناس لا يثقون بالحلاف المهين، وإنما يثقون بالصدوق الذي يتجنب الحلف، فإذا ما تجنب الحلف مع اتصافه بالصدق كان ذلك داعيا ً إلى ثقة الناس به والاعتماد عليه، فإذا سعى للإصلاح بينهم كان موضع القبول والرضى منهم، وبهذا التوجيه لمعنى الآية الكريمة يمكن أن يكون ما ذهب إليه أبو حيان من أن قوله 4 ﴿ : ÀÁ ﴾ في محل نصب بنزع الحرف الخافض مقبولا .ً :ájB’G áªJÉN وقوله سبحانه: ﴿ ÓÔ Õ ﴾ بعدما أمر سبحانه هنا بما أمر به من عدم جعله 8 عرضة للأيمان كيفما كان معنى ذلك على حسب اختلاف العلماء في توجيه معنى الآية الكريمة يبين ا لله 4 ما هو متصف به من ّ الاطلاع على أقوال العباد وأعمالهم وما تنطوي عليه حنايا صدورهم، فهو تعالى سميع بكل ما يبدر منهم، فمن حلف كان لحلفه سميعا ً ، ومن قال ٍ كلمة طيبة من أمر بالإصلاح بين الناس أو أية كلمة بر وتقوى يقولها بينه وبين ربه أو بينه وبين عباد ا لله 4 فإن الله سميع لها وجازيه بها، وما أتى به من أعمال البر والخير والمعروف فالله 4 أيضا ً به عليم، وكذلك ما يختلج في قلبه من خشية الله تعالى وتعظيمه 8 حتى لا يجرؤ على القسم بأسمائه ولو كان صادقا ً إلا لداع ٍ لا بد له معه من القسم، فهو 4 أيضا ً به عليم فيجازي كل أحد بما هو مطلع عليه وعليم به من أقواله وأعماله وأحواله، فالله لا تخفى عليه خافية، وفي هذا ما يدعو إلى الاستمساك بأمر ا لله 4 والارتداع عن نهيه، والحذر من الإقدام على أي شيء كان قولا ً أو فعلا ً إلا بعد وزنه بموازين الله، ليعلم خيره من شره وصلاحه من فساده وبره ُ ومن فجوره، فإن الله تعالى بكل شيء عليم ولكل شيء سميع، لأنه سبحانه لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء. (1)OÉ≤©f’Ghƒ¨∏dG ø«H ø«ª«dG يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ )('&%$#"! *+ ,- . / ﴾ . :É¡∏Ñb ɪH ájB’G •ÉÑJQG هذه الآية الكريمة ترتبط بما قبلها من حيث إن سابقتها فيها النهي ٍُٰ عن كثرة الحلف على رأي طائفة من المفسرين، فقد فسروا قوله سبحانه: ٰ ﴿ ËÊÉÈÇ ﴾ بمعنى لا تكثروا الحلف بالله سبحانه فتجعلوا اسمه الكريم هدفا ً لأيمانكم تحلفون به لأجل أي باعث يبعثكم على الحلف، فكأن تساؤلا ً حضر كيف يكون شأن الذين تنفلت كلمات الحلف من ألسنتهم بدون قصد فأ ُجيب: ﴿ '&%$#"! +*)( ﴾ فالآية الكريمة تفيد عدم العقوبة على ما يحصل من اللغو في ا لأيمان. :á¨d ƒ¨∏dG ≈æ©e وكلمة اللغو تستعمل للشيء الساقط من الكلام وغيره، ولذلك كانوا يعدون ما لا يصلح لأن يحسب في الدية من الإبل لغوا ً . يقول ا لشاعر: كما ألغيت في الدية الحوارا فالحوار الذي هو ولد الناقة لا يصلح لأن يعد في الدية، واللغو هو: مصدر لغا يلغو لغوا ً ، ويقال: لغ َ ى يلغ َ ى لغوا ً كسعى يسعى وذلك لكون عينه ١) أصل هذه المادة تفسير الآية ( ٢٢٥ ) من سورة البقرة من دروس التفسير التي يلقيها سماحة ) المفتي العام للسلطنة، أحببنا إلحاقها بالكتاب إتماما ً للفائدة. ِ حرف حلق، ويقال لغ َ ى أيضا ً : لغي بكسر الغين يلغ َ ى بفتحها كرضي يرضى، ومن ذلك قول ا لشاعر: ورب أسراب حجيج كظم عن اللغى ورفث التكلم فاللغى مصدر لغي يلغى يلغو، واللغو مصدر لغا، وفي القرآن الكريم ﴿ . - , + / ﴾ [ [المؤمنون: ٣﴿ GK J I HL ﴾ [الواقعة: [٢٥ ويحتمل أن يكون مصدر لغا يلغو ولغى يلغى كسعى يسعى، وقول الله تبارك وتعالى: ﴿{ ~ ے ¡ ¢ £ ¤ ¥ ¦ ﴾ [ [فصلت: ٢٦ فهو إما أن يكون من لغى يلغى كسعى يسعى وإما أن يكون من لغي يلغى كرضي يرضى، وقد نفى ا لله 4 عن دار قدسه وجود أي لغو فقال 4 ﴿ : G H IJ K L ﴾ وقال: ﴿ edcb ﴾ [ [الغاشية: ١١ والمراد بذلك الساقط من الكلام، وهو الكلام الخبيث الذي يأباه الطبع السليم، ومثل ذلك أ يضا ً ما ُ وصف الله تبارك وتعالى به عباده عندما قال: ﴿ b c d ef ﴾ [ [الفرقان: ٧٢ ، فإن من شأن عباد الله المؤمنين أن يتجنبوا اللغو وألا ي ُ جاروا فيه غيرهم. k ÉMÓ£°UG ƒ¨∏dG : ٍ واللغو في الأيمان ما كان ساقطا ً غير معتد به، وذلك بأن لا تترتب عليه أحكام الأيمان كوجوب الكفارة مع الحنث، وقد اختلف الفقهاء والمفسرون والمحدثون في المراد بأيمان اللغو التي نفى الله تعالى مؤاخذة عباده بها؟ فقيل: إن اللغو في اليمين هو ما يصدر عن الإنسان بدون قصد، بحيث لا يعقد عليه عزمه وإنما يدرج في الكلام لاعتياده عند الناس، وذلك كقولهم: كلا والله، وبلى والله، وهذا القول رواه البخاري ومالك في الموطأ وأبو داود وعبد بن حميد وعبد الرزاق وابن جرير عن عائشة # ، ورواه ابن جرير وغيره عنها مرفوعا ً إلى رسول الله ژ ، وهو القول الذي ذهب ٍ إليه الإمام الشافعي وذكره أبو حيان عن الإمام مالك، واختاره غير واحد من علمائنا منهم صاحب النيل (١) 5 ودرج عليه القطب ? في تفسيره وسكت على اختيار صاحب النيل له في شرحه، وقد عزاه جماعة ،« الهميان »من العلماء إلى الجمهور، ونقل بعضهم اتفاق عامة العلماء عليه، وهو مروي عن ابن عمر وابن عباس رضي الله تعالى عنهما. والحجة لهذا القول: أن ا لله 4 بعدما نفى المؤاخذة في أيمان اللغو أتبع ذلك قوله: ﴿ '( ) * + ﴾ [ [البقرة: ٢٢٥ ومعنى ذلك أن يمين اللغو غير مكتسبة أي غير مقصودة للحالف، وإنما خرجت بدون إرادة منه،  بالحديث المروي عن ا لنبي ژ « الهميان » وعضده القطب في : ثلاث جدهن » « جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة(٢) واستدلاله بالحديث إنما هو استدلال بمفهوم العدد، فإن غير النكاح والطلاق والرجعة لا يكون حكمه كحكمها في جعل هزلها كجدها إذا ما اعتبرنا مفهوم العدد، وتندرج في ذلك الأيمان فلا يتساوى لغوها ومعقودها. وقد روي في هذا الباب عن عائشة # أن أيمان اللغو هي ما يكون في حال الهزل والمزاح، وروي أيضا ً عنها وعن غيرها أن أيمان اللغو هي ١) هو ضياء الدين الثميني العلامة المحقق الإمام عبد العزيز بن إبراهيم بن عبد العزيز ) الثميني، ولد في بني يسجن بوادي ميزاب بالجزائر سنة ١١٣٠ ه ، . نبغ في العلم الشريف حتى آلت آليه الإمامة العلمية بوادي ميزاب سنة ١٢٠١ ه ، له تآليف عظيمة ،« معالم الدين في أصول الدين » و « التاج المنظوم » و « النيل وشفاء العليل » منها كتاب توفي 5 سنة ١٢٢٣ ه ، انظر شرح النيل وشفاء العليل، ط مكتبة الإرشاد، جدة، السعودية. ٢) رواه أبو داود، كتاب الطلاق، باب في الطلاق على الهزل، رقم ( ٢١٩٤ )، والترمذي في ) .( كتاب الطلاق، باب ما جاء في الجد والهزل في الطلاق، رقم ( ١١٨٤  الأيمان التي تصدر فيما بين المتبايعين، بحيث يقول البائع: والله لا أبيعك إلا بكذا، والمشتري يقول: والله لا أشتري بكذا، واستدل لهذا الرأي بما أخرجه ابن جرير من طريق الحسن ابن أبي الحسن مرسلا ً أن ا لنبي ژ مر ومعه أحد من أصحابه على طائفة من أصحابه وهم ينتصلون أي يرمون بالنصال فقال أحدهم: أصبت ُ والله وأخطأت والله، وكان الأمر بخلاف ذلك، فقال صاحب النبي له: لقد حنث والله، فقال له النبي ژ : كلا، أيمان » « الرماة لا كفارة فيها ولا عقوبة(١) ، والحديث غير متصل السند، وقال الحافظ ابن كثير: بأنه مرسل حسن عن الحسن. وقيل: أيمان اللغو هي الأيمان التي تصدر عن الإنسان عندما يظن ظنا ً راجحا ً بالأمر فيحلف على ما ظن، وعبر بعضهم عن هذا الظن بالاستيقان، أي يحلف على ما يستيقن حسبما استقر عنده فيظهر الأمر بخلافه، والتعبير بالاستيقان إنما هو من باب المجاز إ لحاقا ً للظن الراجح باليقين، وهذا القول مروي عن أبي هريرة وابن عباس ^ ، وقال به عدد ٌ كبير من التابعين، وهو الذي ذهب إليه الإمام مالك في الموطأ، والإمام أبو حنيفة في المشهور عنه، ودرج عليه أصحابه الحنفية، وعزاه الشوكاني إلى الزيدية، وحجته أن الإثم لا يترتب على نفس اليمين وإنما يترتب على الحنث فيها، فلو أن أ حدا ً حلف لا على قصد الحنث لما ترتب على حلفه شيء من الإثم ولكنه يأثم بوقوع ٌ الحنث، وهذا لم يكسب الحنث بقلبه فلا يدخل حنثه فيما كسبت القلوب، وقد قال تعالى: ﴿ ' ( )*+ ﴾ [ [البقرة: ٢٢٥ فهذا حلف على ما كان متيقنا ً عنده أو راجحا ً ظنه فيه ولا يرى إلا أنه كذلك وإن كانت الحقيقة بخلاف ما ظن أو بخلاف ما استيقن كما عبر بعضهم، فقصارى . ١) رواه ابن جرير الطبري، ج ٢، ص ٤١٢ ) أمره أن يعد مخطئا ً إذ لم يصب عين الحقيقة في قسمه وإن كان يرى أنه لم يعدها، وذكر الفخر الرازي أن الخلاف بين الإمامين أبي حنيفة والشافعي في المسألتين خلاف تترتب عليه أحكام فيتفرع على قول الإمام الشافعي ٍ أنه لو حلف أحد على أمر ما وهو لا يظنه إلا كذلك فانكشف بخلاف ذلك أنه بهذا يحنث وتلزمه كفارة، ويترتب على ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة أن من حلف على ما ترجح ظنه عنده فتبين له خلاف ذلك أنه لا حنث عليه ولا كفارة، ولكن إذا انفلت لسانه بقول بلى والله، وكلا والله ولا والله، فذلك قسم صدر منه في حين غفلة فإن استمر في غفلته ولم ينتبه له فلا حرج عليه، وأما إذا انتبه له وجب عليه أن يكفر، وحكى بعض العلماء أن الإمام أبا حنيفة مذهبه أنه لا يترتب على الحلف حكم اليمين في كلتا الحالتين، ٍ فمن حلف بالله على أمر لا يرى إلا أنه كذلك فتبين له بخلافه فهو معذور ويمينه لاغية ولا كفارة عليه في ذلك، وكذلك من اندرجت في حديثه ألفاظ اليمين بدون أن يعقد عزمه عليها لا حرج عليه. وقيل: بأن يمين اللغو هي اليمين التي تصدر في حال الغضب، وأخرج الطبراني مرفوعا ً : « لا يمين في غضب »(١) وقد أشار الدارقطني إلى إعلال هذه الرواية، وت ُ عقب هذا الرأي بأن ا لنبي ژ أقسم في حالة غضبه بأن لا يحمل الأشعريين ثم حملهم وكفر عن يمينه(٢) . وقيل: بأن يمين اللغو هي يمين المعصية، وذلك بأن يحلف على فعل محجور أو على ترك واجب، فكفارته حنثه في يمينه، وتعد هذه اليمين ملغاة لا أثر لها في الحنث وهو معنى كونها لغوا ً ، فلا كفارة عليه فيها، لأنه يجب .( ١) رواه ابن جرير الطبري، ج ٢، ص ٤٠٩ ، والبيهقي في السنن الكبرى، رقم ( ١٩٨٥٢ )٢) رواه البخاري، كتاب كفارات الأيمان، باب الكفارة قبل الحنث، ومسلم، كتاب الأيمان، ) باب ندب من حلف يمينا ً ورأى غيرها خيرا ً .( منها، رقم ( ١٦٤٩ عليه أن يطيع ربه ولا يعصيه سواء فيما أمره به أو نهاه عنه، فالحنث في ً يمينه واجب عليه وبره فيها حرام ٌ عليه، لأن كلا ً من ترك الواجب وفعل المعصية حرام، فمن أقسم بأنه لا يبر والديه أو لا يصل رحمه أو لا يؤدي زكاته أو لا يحسن جوار جاره إلى غير ذلك من أنواع المعاصي يجب عليه الحنث في قسمه، وهكذا الحكم في جميع المعاصي الفعلية أو التركية، واستدل لهذا الرأي: بحديث عائشة # عند ابن ماجه وابن جرير عن من حلف يمين قطيعة رحم أو معصية لله فبره أن يحنث » : النبي ژ أنه قال « بها ويرجع عن يمينه(١) عليه أن يبر بالحنث في :« بره أن يحنث بها » ومعنى هذه اليمين وتلك تعد كفارة له، ونحوه حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند ابن جرير وغيره وأخرجه أيضا ً أحمد وأبو داود أن النبي ژ قال: من نذر فيما لا يملك فلا نذر له ومن حلف على معصية الله فلا يمين له »« ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين له(٢) إلا أن هاتين الروايتين وغيرهما من الروايات التي عول عليها أصحاب هذا الرأي فيما ذهبوا إليه لا تخلو من ضعف في أسانيدها، والروايات الصحيحة تنص على التكفير، ففي الحديث عن ا لنبي ژ : من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا » ً منها فليأت الذي « هو خير وليكفر عن يمينه(٣) وهو عند الربيع وأحمد ومسلم والترمذي من حديث أبي هريرة وتعضده روايات من طرق شتى، ومثله قوله عليه أفضل لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا » : الصلاة والسلام ً منها إلا أتيت الذي « هو خير وكفرت عن يميني(٤) أو كما قال صلوات الله وسلامه عليه، فإن .٤١١/ ١) رواه الطبري في تفسيره ٢ ) .( ٤١١ وأبو داود، كتاب الطلاق، باب الطلاق قبل النكاح رقم ( ٢١٩١ / ٢) رواه الطبري في تفسيره ٢ )٣) تقدم تخريجه. )٤) تقدم تخريجه. ) هذه الروايات تنص على التكفير، نعم يكون الحنث تارة ً واجبا ً عليه كما لو حلف أن يقطع رحما ً أو أن يؤذي جاره أو يمنع حقا ً من الحقوق أو أن يرتكب معصية أو أن يترك واجبا ً ، وتارة ً يكون مندوبا ً إليه كما إذا حلف ألا يفعل أمرا ً مندوبا ً إليه أو أن يفعل أمرا ً مكروها ً ، فإن الحنث في هذه الحالة يكون مندوبا ً إليه، ولكن مع ذلك أيضا ً يطالب بالكفارة. وقيل: بأن يمين اللغو ما صدر عن الإنسان في حالة هيجان غضبه، وذلك بأن يسيطر عليه الانفعال حتى يؤدي به إلى عدم الاتزان في كلامه؛ فأيمانه في هذه الحالة ملغاة، لا تجب فيها الكفارة، وقيد بعض العلماء ذلك بما إذا كان في حالة لا يعي فيها ما يقول، وذهب القطب في تيسيره إلى أن أيمان اللغو تندرج فيها هذه الأنواع من الأيمان ما عدا يمين المعصية، فلو حلف أحد في حالة غضب أو نسيان أو إكراه أو خرجت اليمين منه بدون ٍ قصد؛ وإنما كانت على عادة الناس في اقتران كلامهم بالأيمان أو ظن أن  تلك العبارة غير يمين، كأن يكون لا يعرف إلا أن اليمين والله ولا يعرف أن تالله يمين، أو أن يكون صدرت منه ألفاظ اليمين وهو في نومه، إلى أمثال ذلك، فإنه ذهب: إلى أن هذه كلها تعد في أيمان اللغو، ويقرب من كلامه فإنه حمل « محاسن التأويل » كلام ا لعلامة جمال الدين القاسمي في تفسيره الأقوال المختلفة التي وردت في أيمان اللغو على أنها من باب التمثيل ليمين اللغو، وإلا فيمين اللغو تندرج فيها هذه الوجوه بأسرها. وقيل: بأن يمين اللغو ما كان في حالة النسيان، وذكره القطب أيضا ً وهو معزو إلى الإمام جابر بن زيد 5 وإلى طائفة من علماء ا لسلف. وذكر ابن العربي أنه مما لا ينبغي أن يختلف فيه أن اليمين التي يحنث صاحبها نسيانا ً لا يؤاخذ بحنثه فيها ولا تلزمه كفارة بسبب ذلك الحنث، ُ وحكى ابن عبد البر أن يمين اللغو ما أكره عليه الإنسان، وجنح القرطبي ِ إلى الأخذ بهذا الرأي، ولكن لا بد من تقييد ذلك بكونه مكرها ً من قبل ظالم على غير وجه شرعي، لأنه إن أكره على اليمين من قبل حاكم شرعي لوجوبها عليه بقضاء شرعي فإنه لا يرتاب أنه مؤاخذ بها إن كانت كاذبة وتجب عليه الكفارة لحنثه فيها. وذهب بعضهم إلى أن يمين اللغو هي اليمين المكفرة، وهو مروي عن ابن عباس ^ ، وعليه فإن ما لم يكفر هو الذي يؤاخذ به الحالف إن حنث، وأما المكفر فإن الكفارة ترفع حنثها عنه، فلذلك لا يؤاخذ بها، ولا خلاف في أن الحانث عندما يكفر يمينه توبة ً منه إلى الله ورجوعا ً إليه لخشيته منه 4 لا يؤاخذ بيمينه التي حلفها، فإن التوبة النصوح تمحو أثر المعصية، وسميت الكفارة كذلك لأنها تستر معصية صاحبها برجوعه إلى الله وابتغائه مغفرته وعفوه، ولكن لا يعني ذلك أن هذه هي يمين اللغو، كيف وفي سورة المائدة ما يدل بوضوح على أن يمين اللغو لا كفارة فيها؟ فالمؤاخذة ليست بالكفارة وحدها وإنما تشمل المؤاخذة في الدنيا والآخرة، فقول ا لله 4 : ﴿ ! " #$ % & ﴾ [ [البقرة: ٢٢٥ معناه لا يؤاخذكم في الدنيا بإلزام الكفارة بسببها عليكم ولا في الآخرة بعقوبتكم عليها إن لم تكفروا وتتوبوا منها. وبهذا يتبين أن ما تجب فيه الكفارة ليس داخلا ً في حدود يمين ا للغو. وقيل: يمين اللغو هي اليمين التي لا تكون بصيغة القسم ولكن بصيغة الدعاء أو الخروج من الملة، وذلك بأن يقول بأنه إن فعل كذا فالله يخزيه أو يعمي بصره أو يذهب نور قلبه أو هو من الكفار أو من المشركين أو من اليهود أو من النصارى أو من المجوس أو من عبدة الأوثان أو ما يشبه ذلك من عظائم الأمور، فإن هذه اليمين تكون ملغاة عند أصحاب هذا الرأي وكذلك لو قال بأن الحلال عليه حرام أو يحرم الله عليه حلاله، وهو مروي عن زيد بن ُ أسلم، كما في تفسير ابن جرير الطبري، وذهب إلى أن الحلال لا يحرم عليه بهذا القول ولا يكون مشركا ً إلا أن يقصد الشرك بقوله، وكذلك لا يكون كما نسب نفسه إليه من كونه يهوديا ً أو نصرانيا ً أو غير ذلك إلا إن قصد ذلك بقلبه وعقد عزمه على أن يكون يهوديا ً أو نصرانيا ً أو مشركا ً عابد وثن، وقد وافقه الإمام مالك في تحريم الحلال إلا الزوجة، فإن قال حلاله حرام إن فعل كذا فلا يحرم عليه شيء عند الإمام مالك إلا الزوجة فإنها تحرم عليه اللهم إلا إن كان لم يقصدها، وباب تحليل الحرام واسع لا يتسع له المقام فنتحدث فيه الآن، وإنما نرجو أن تأتي مناسبة للحديث فيه إن شاء الله فيما بعد. ويترجح من هذه الأقوال كلها القول الأول، وهو أن يمين اللغو ما كان صادرا ً عن فلتات اللسان من غير عقد القلب عليه، فإنها لعدم قصدها خارجة عن كسب القلب، وإنما غاية ما فيها أنها تدرج في الألسن لغلبة اعتيادها في النطق فلا أثر لكسب القلب فيها، وعليه فمعنى قوله تعالى: ﴿ # " ! $ % & ﴾ لا يؤاخذكم الله في أيمانكم باللغو الخارج عن قصدكم فهو معفو عنه بفضله تعالى كما عفا عن الخطأ والنسيان. :É¡JQÉØch ¢Sƒª¨dG ø«ª«dG وبناء على هذا فاليمين التي تسمى باليمين الغموس واليمين المصبورة ً هي مما يجب التكفير فيه، وهذا ما ذهب إليه أصحابنا والشافعية وطائفة من علماء السلف، وذهب الحنفية والمالكية إلى أن يمين الغموس والمصبورة لا كفارة فيهما، واليمين الغموس هي التي تغمس صاحبها في الإثم، وذلك ٍ أن يقدم على الحلف على شيء ما عن عمد وإصرار وهو يعلم أنه ليس كما حلف، وأما اليمين المصبورة فهي لا تختلف عن اليمين الغموس إلا من حيث إنه يلزمها الحالف بقضاء شرعي، فهي مصبور أي محبوس صاحبها، وإنما أسند الصبر إليها على سبيل المجاز العقلي، وإلا فالمصبور الحالف عندما يحبس ويفرض عليه أن يحلف تلك اليمين إن لم يؤد ما يطالب به من حق، فعندما يكون هذا المصبور حانثا ً في يمينه تجب عليه الكفارة، أما الذين ذهبوا إلى عدم الكفارة فإنهم قالوا بأن الكفارة ستر وإسقاط ٌ للعقوبة، وهذه أي يمين الغموس واليمين المصبورة أعظم من أن تسقطها الكفارة، فاليمين الغموس كاسمها إنما تغمس صاحبها في الإثم فلا تسقطها الكفارة، وكذلك اليمين المصبورة لأنها لم يصبر صاحبها على الحلف إلا ّ من أجل أنه ممتنع عن حق يطالب به وهو له جاحد؛ وقد اقتطع بها حق من يجب له الحق إن كان حانثا ً فيها، وفي الحديث عن ا لرسول ژ : من اقتطع حق مسلم بيمينه » « حرم الله عليه الجنة وأوجب له ا لنار(١) ، لذلك كانت أعظم من أن تسقطها ّ الكفارة، فلا مناص لصاحبها من الإثم ولا مخلص له بالتكفير، والصحيح أنها كغيرها من الأيمان في وجوب تكفيرها مع الحنث، ومهما كان وعيدها فهو مقيد كسائر الوعيد بعدم التوبة، وقد دلت النصوص الشرعية على أن لكل معصية توبة لمن تاب منها وإنما تتوقف التوبة من هذه اليمين على تكفيرها ورد الحق المقتطع بها إلى أهله، ثم اختلف أصحابنا في نوع هذه الكفارة، منهم من قال: بتغليظها ككفارة الظهار، وإنما ذهبوا إلى التخيير فيها بين عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا ً بخلاف الظهار، ومنهم من قال: بأنها لا تعدو أن تكون مرسلة كسائر كفارات الأيمان المنصوص عليها في سورة المائدة وهو الراجح، إذ لا دليل على أن كفارة اليمين قد تكون مغلظة. :É¡H òNGDƒªdG ø«ª«dG ﴿ '( ) * + ﴾: لا يخلو الحالف من حالين إما أن يكون حلفه بقصد أو بغير قصد، فإن كان قاصدا ً أن يحلف فقد كسب ما .( ١) رواه الربيع في كتاب الأيمان والنذور، باب في الديات والعقل، رقم ( ٦٦٠ ) عزم عليه بقلبه، لأنه أراد الحلف وعقد عزمه عليه، وإن كان لم يقصد فذلك لغو، فاللغو وكسب القلب ضدان لا يمكن في حالة واحدة أن يجتمعا، ولذلك صلح مجيء لكن للاستدراك لأنها تأتي بين الضدين، ولا فرق في التعبير بين ما في هذه الآية وما في قوله تعالى في سورة المائدة: ﴿ © ª « ¬ ¯® ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ، فإن كسب القلب هنا يبينه ما في سورة المائدة، فالإجمال هنا يحمل على التفصيل هناك، ومما يعجب منه أن جماعة من أهل التفسير جعلوا ما هنا مفصلا، ً وما هناك مجملا، ً والأعجب من ذلك أن بعضهم ذهب إلى التفريق بين المراد هنا والمراد هنالك، ولذلك قال من قال منهم: بأن اليمين الغموس لا يؤاخذ بها الإنسان في الدنيا بإلزام الكفارة عليه، وإنما تكون المؤاخذة لأنها من باب ما كسبت قلوبكم وليست من باب ما عقدتم الأيمان، لأن العقد قد يكون بمعنى ربط الشيء بالشيء، فاليمين الغموس لا تترتب عليها كفارة اليمين المنصوص عليها في سورة المائدة بناء على هذا الرأي ، لأنها ليست من باب تعقيد الأيمان وإنما ً هي من باب كسب القلوب، على أنه يبدو واضحا ً أنه لا فرق بين التعبير في هذه الآية ﴿ + * ) ﴾ [ [البقرة: ٢٢٥ والتعبير في آية المائدة بقوله: ﴿ «¬ ¯® ﴾ [ [المائدة: ٨٩ فإن المراد في الموضعين جميعا ً عقد العزم على اليمين، فاليمين التي يحنث فيها الإنسان يؤاخذ بها لأنها إنما يكسبها بقلبه لأنه يتوجه بقلبه إليها عندما ينوي اليمين، وذلك عين تعقيد الأيمان المنصوص على المؤاخذة به وترتب الكفارة عليه. :áªjôμdG ájB’G áªJÉN ﴿ -. / ﴾: عدم المؤاخذة في الأيمان إنما هو بسبب أن الله تبارك وتعالى من شأنه كثرة المغفرة لعباده، فلو شاء لآخذ العباد بهفواتهم الصادرة الأيمان ٣ في حال نسيانهم وكل ما تفرزه مجادلاتهم ومحاوراتهم من أيمان لا يحسبون لها حسابا ً وأقوال لا يلقون لها بالا، ً إلا أن كثرة مغفرته وحبه لغفران الخطايا والأخطاء كان مقتضاهما عدم مؤاخذتهم إلا بما تعمدوه، وكما أنه تعالى من صفاته كثرة المغفرة فإن من صفاته الحلم أ يضا ً ، وصفة الحلم تعني التجاوز عن قلة الأدب في حق الحليم، ولا ريب أن إقحام اسم الله تبارك وتعالى في مطلق الحديث بين الناس وما يدور بينهم من جدل حتى يكون عرضة للحلف به من غير قصد إنما منشؤوه عدم الاكتراث، حتى يكثر الإنسان من الحلف بين حين وآخر في مجادلاته فلا يجد نفسه إلا قد أقسم به تعالى في معاملاته ومحاوراته من غير أن يكون قد قصد اليمين، والله تبارك وتعالى  بسبب حلمه بعباده لا يؤاخذهم بهذه الهنات والهفوات، ومن هنا كان الحليم أنسب للغفور في هذا المقام بالذات من الرحيم، فتجدون أنه سبحانه قرن وصف نفسه بالمغفرة هنا بوصفه بالحلم لا بوصف الرحمة، لأن الحلم إنما هو في مقابل هذه الهنات والسقطات التي لا يكاد يسلم منها أحد. ما هي اليمين لغة ً واصطلاحا ً ؟ وما الفرق بين يمين اللغو وغيرها؟ اليمين هي اليد اليمنى، قال تعالى: ﴿ JK L M N ❁ P S R Q ﴾ [٨ ، [الإنشقاق: ٧وت ُ طلق على القوة مجازا ً لأن اليمين أقوى من الشمال ومنه قول الله تعالى: ﴿ \ ] ^ ﴾ [ [الحاقة: ٤٥ وقول ا لشاعر: إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين وأطلقت اليمين على الحلف لأنهم كانوا إذا تحالفوا أخذ كل ٌ بيمين صاحبه وقيل: لأن اليد اليمنى من شأنها حفظ الشيء وسمي الحلف بذلك ُّ لحفظ المحلوف عليه، وفي الاصطلاح الشرعي هي: توكيد القول بذكر اسم من أسماء الله أو صفة من صفاته. وهي تنقسم إلى قسمين، لغو، ومنعقدة، قال تعالى: ﴿ £¤ ¥ ¦ §¨ © ª « ¬ ® ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ، واختلف في يمين اللغو على العديد من الأقوال، فقيل: هي ما كان تحريما ً لما أحل الله، روى ابن جرير عن ابن عباس ^ ، قال: لما نزلت ﴿ edcba f g h i j ﴾ [ [المائدة: ٨٧ في القوم الذين كانوا حرموا النساء واللحم على أنفسهم قالوا: يا رسول الله كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها؟ فأنزل الله تعالى: ﴿ £¤ ¥ ¦ § ¨ ﴾ [ [المائدة: ٨٩ وأخرج أبو الشيخ عن يعلى بن مسلم قال: سألت سعيد بن جبير عن هذه الآية فقال: اقرأ ما قبلها فقرأت: ﴿ ab c d e f g h i j ﴾ [ [المائدة: ٨٧ .. إلى قوله: ﴿ £¤ ¥ ¦ § ¨ ﴾ [ [المائدة: ٨٩ . قال: اللغو أن تحرم هذا الذي أحل الله لك وأشباهه، تكفر عن يمينك ولا تحرمه، فهذا اللغو الذي لا يؤاخذكم به، ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان، فإن مت عليه أخذت به، وأخرج نحوه عبد بن حميد عن سعيد بن جبير أيضا ً ، وبناء عليه فإن يمين ً اللغو تكفر وإنما يسقط عن حالفها وزرها، وقيل: هي ما يسبق إليه اللسان بلا قصد كقول: كلا والله وبلى والله. والشيخان في « الأم » والشافعي في « الموطأ » وقد روى مالك في وابن جرير وغيره من رواة التفسير « سننه » والبيهقي في « صحيحهما »بالمأثور عن عائشة # قالت: أنزلت هذه الآية: ﴿ £¤ ¥ ¦ § ¨ ﴾ [ [المائدة: ٨٩ في قول الرجل: لا والله وبلى والله وكلا والله(١) ، زاد ابن جرير: يصل بها كلامه، وفي رواية أخرى أخرجها هو وغيره عنها: هم القوم يتدارؤون في الأمر، فيقول هذا: لا والله. ويقول هذا: كلا والله يتدارؤون في الأمر لا تعقد عليه قلوبهم. وقد رويت بهذا المعنى روايات عن العديد من الصحابة منهم ابن عمر وابن عباس رضوان الله عليهم، وبناء على هذا القول ً فلا كفارة في هذا النوع من اليمين وهو الأصح كما سيأتي إن شاء الله، وبه صدر صاحب الإيضاح والنيل وقد روي عن الإمام أبي الشعثاء 5 ، وذكر القطب في شرحه على النيل أنه معتمد أصحابنا رحمهم ا لله. وقيل: هي أن يحلف على قطعي في ظنه ثم يتبين خلاف ما حلف عليه، فإنه لا إثم عليه ولا كفارة في قول مالك والثوري وأصحاب الرأي وأبي عبيد وأحمد، وقال الشافعي لا إثم عليه وعليه الكفارة، قال المروزي من الشافعية: وليس قول الشافعي: في هذا بالقوي. وقال المروزي : فأما يمين اللغو الذي اتفق عامة العلماء على أنها لغو فهو قول الرجل: لا والله، وبلى والله في حديثه وكلامه غير منعقد لليمين ولا مريدها، قال الشافعي: وذلك .( ١) رواه البخاري، كتاب الأيمان والنذور، باب لا يؤاخذكم الله باللغو، رقم ( ٦٢٨٦ ) عند اللجاج والغضب والعجالة، وقيل: هي مخالفة النطق للعقد كأن يريد أن يقول: والله لقد قام زيد فيسبق لسانه إلى: والله لقد قعد زيد، وقيل: أن يحلف غالطا ً كأن يريد أن يقول: جاء فيسبق لسانه إلى قول: والله لقد جاء زيد. وقيل: هي اليمين على النسيان ونسب إلى جابر بن زيد والنخعي، وقيل: هي اليمين في حال الغضب والضجر بلا قصد، وقيل: هي الحلف على معصية كأن يحلف على ترك فرض أو فعل محرم، فإن كفارة ذلك العدول عن المعصية إلى الطاعة، ولكن الصحيح وجوب الكفارة في ذلك لقول ا لنبي ژ : فليأت » وقيل: هي اليمين المكفرة فبتكفيرها انحلت « الذي هو خير وليكفر عن يمينه وصارت لغوا ً ، ويرد ذلك بأن يمين اللغو غير منعقدة، وهذه انعقدت ثم انحلت بالتكفير، وقيل: الحلف على الغير أن يفعل أو لا يفعل، وقيل: هي دعاء الإنسان على نفسه بالشر إن فعل كذا، وتعقب بأن هذه غير يمين إلا إن سميت يمينا ً بالتعليق، وهذه الأقوال كلها مذكورة في كتب المذهب(١) ، وفي بعض آثار أصحابنا المشارقة أنها اليمين التي قطعها الحالف قبل تمامها لخوفه من الحنث، والأصح من هذه الأقوال أن يمين اللغو ما سبق إلى اللسان بغير قصد لأنها لم ينعقد عليها العزم، وقد سئل عنها الحسن بحضور الفرزدق فقال الفرزدق: دعني أبا سعيد أجب عنك وقال: ولست بمأخوذ بقول تقوله إذا لم تعمد عاقدات العزائم ويدل على ما قلته قول الله تعالى: ﴿ '( ) * + ﴾ [البقرة: [٢٢٥وقوله: ﴿ ©ª « ¬ ® ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ومعنى ذلك أن هذه يمين لم تنبعث من القلب وإنما سبق إليها اللسان بلا قصد فلا كفارة فيها وإنما تجب فيما كان بانعقاد القلب لقوله تعالى: ﴿ «ª© ¬® ¯ ° ± ³ ² ﴾ [ [المائدة: ٨٩ والله أعلم. ١) أي: المذهب ا لإباضي. ) شخص اتهم طفلا ً أو صبيا ً بالسرقة، فأنكر الصبي فأصر الآخر على أن يقسم الصبي على كتاب الله أنه لم يسرق، فأقسم الصبي، فهل على أحدهما من إثم؟ لا يحلف الصبي، وتحليفه خطأ تجب التوبة منه والله أعلم. ما قولكم في اللغو الخالي من السفه أو إذا كان بانفلات لسان وما معنى قوله تعالى: ﴿ &%$#"!﴾؟ إن كان المراد باللغو الكذب فهو حرام على أي حال، وأما قوله تعالى: ﴿ &%$#"! ﴾ [ [البقرة: ٢٢٥ فليس المراد به تعمد الكذب وإنما المراد به ما ينفلت من الألسن من الأيمان بغير قصد نحو كلا والله وبلى والله فإنه لا كفارة فيه، بخلاف ما عقد عليه عزم اليمين والله أعلم. ما حكم من اعتاد أن يحلف بالله من دون قصد حتى في أمور غير صحيحة؟ من كان يتلفظ بألفاظ القسم من غير عزم على القسم، وإنما تسبق لسانه إليه فذلك مما يعد من لغو اليمين، والله تعالى يقول: ﴿ £¤ ¥ ¦ §¨ © ª « ¬ ® ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ، والله أعلم. :¬æe k Gô«N √ô«Z iCGQ ºK A»°T ≈∏Y ∞∏M øe امرأة أقسمت بالله ألا تكلم ولدها، والآن تريد مصالحته ماذا تفعل؟ لا يجوز هذا القسم لأنه قسم على معصية، فلتكلم ولدها ولتكفر يمينها بإطعام عشرة مساكين من أوساط الطعام أو تكسوهم أو تعتق رقبة، فإن لم تستطع فلتصم ثلاثة أيام والله أعلم. رجل تشاجر مع زوجته وقال لها: والله ثلاث مرات لن تنامي في هذا البيت الليلة، وهي ليست عندها مكان وكذلك الأولاد يريدون شخصا ً يعمل لهم طعاما ً ولا أحد غيرها يخدمهم، وبعد انتهاء الغضب استغفر الله وتاب، فهل الآن لزوجته أن تعود إلى المنزل أم لا؟ نعم تعود إلى البيت، وإن لم تنم تلك الليلة فليس عليه شيء إلا الاستغفار، وإن نامت فعليه كفارة يمين والله أعلم. أخوان شقيقان، واحد منهما حلف ألا يقفو جنازة أخيه إذا اختاره الله، ولكن توفي أخوه وقفا جنازته، فما حكم الشرع في ذلك؟ عليه التوبة إلى الله عن حلفه وليكفر يمينه بإطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام والله أعلم. امرأتان تخاصمتا بسبب شيء ما، وأثناء نقاشهما قالت إحداهما: والله العظيم إنها إذا ذهبت إلى البلد لموسم القيظ لا تدخل البيت مرة ثانية، فماذا يجب عليها؟ إن ذهبت فعليها كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم تجد شيئا ً من ذلك فلتصم ثلاثة أيام والله أعلم. إني أرجو من سماحتكم التكرم بإفتائي عن قسم أقسمته بعدم دخول بيت أحد الأقارب لسبب ما، ثم تدخل الناس للصلح بيننا ولم أستطع ردهم وتم الصلح وأصبحت مضطرا ً لدخول ذلك البيت، فماذا علي في ّ هذه ا لحالة؟ عليك أن تكفر يمينك بإطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن عجزت عن جميع ذلك فعليك صيام ثلاثة أيام والله أعلم. رجل صار بينه وبين والدته خلاف بسيط غضبت والدته على إثره وأقسمت ألا تأخذ من ولدها أي شيء، وكان الولد يؤدي لها في كل شهر شيئا ً معينا ً من معاشه، وأخيرا ً اعتذر لوالدته وطلب منها أن تسغفر فرضيت لحظتها عن ولدها، فهل يلزمها شيء إذا أخذت من ماله؟ عليها أن تكفر يمينها بإطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن عجزت عن كل ذلك فلتصم ثلاثة أيام والله أعلم. رجل أقسم يمينا ً على أن لا يدخل منزل أحد أقربائه لزعل بينهما، وبعد سداد الحال بينهما هل يجوز له أن يدخل منزل قريبه؟ من حلف على شيء ثم رأى غيره خيرا ً منه فليأت الذي هو خير وليكفر يمينه، والكفارة هي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم تقدر على شيء من ذلك فلتصم ثلاثة أيام والله أعلم. امرأة لها ولد يسكن كل منهما في منزل منفرد، وفي ذات يوم حلفت الأم بأن لا تدخل منزل ابنها وذلك لسبب مخالفته إياها في أمور عائلية، وبعد فترة اضطرت لدخول منزل ابنها لمرض زوجته، فماذا يلزم كلا ً منهما فعله؟ ٍ جاء في الحديث عن ا لنبي ژ : من حلف على شيء ورأى غيره خيرا » ً « منه فليأت الذي هو خير وليكفر يمينه(١) ، فإذا دخلت هذه المرأة بيت ولدها بعد قسمها بالله أن لا تدخله لزمتها كفارة يمين وهي المنصوص عليها في قول الله تعالى: ﴿ °± ³ ² ´ μ ¶ ¸ ¹ Ê É È Ç ÆÅ Ä Ã Â Á À ¿¾½ ¼ » º Ë ﴾ [ [المائدة: ٨٩ والآية تدل على التخيير بين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة وإنما الصيام للعاجز عن ذلك كله والله أعلم. امرأة أبلغها زوجها بأنه ينوي السفر إلى خارج الدولة فقالت له: والله العظيم إنك لن تسافر حتى ولو أموت، وعندما قال لها زوجها: قولي استغفر الله العظيم، قالت: والله لن أستغفر، لكن بعد أن هدأت الأمور وتفاهم الزوجان وافقت الزوجة على سفر زوجها إلى الخارج، في هذه الحالة ماذا يلزمها؟ وهل يعتبر هذا التلفظ يمينا ً على الزوجة؟ وهل تلزمها كفارة في ذلك؟ إن سافر فعليها كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم تستطع فصيام ثلاثة أيام والله أعلم. ١) رواه الربيع في كتاب الأيمان والنذور، باب في الأيمان والنذور، رقم ( ٦٥٦ )، ورواه مسلم ) .( في كتاب الأيمان رقم ( ١٦٥٠ رجل أقسم يمينا ً على ألا يكلم أخاه مدى الحياة، وذلك بسبب خلاف في الميراث، وكان في حالة غضب، وبعد فترة طويلة تدخل أناس للصلح بينهما، فما على هذا الرجل أن يفعل حتى يصالح أخاه؟ إن كلم أخاه فعليه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، وعليه مع ذلك أن يتوب إلى الله من حلفه بقطيعة أخيه والله أعلم. ما قول سماحتكم في رجل ضرب ابنته فوقع خلاف بينه وبين زوجته، فطلبت منه الطلاق ولكنه تريث، ثم حلفت يمينا ً بأنها لن تقوم بخدمة البيت، وبعد مضي خمسة عشر يوما ً قامت ْ بخدمة البيت لأن أولادها فيه، ورضيت على زوجها، فما رأي سماحتكم حول ا ليمين؟ عليها كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام والله أعلم. لدي بنت تدرس في الجامعة فتعرفت على شاب زميل لها واتفقا على الزواج، فتقدم ذلك الشاب لخطبتها مني فأبديت المعارضة في بادئ الأمر لأنني أود تزويجها لابن عمها وهي تعلم ذلك من قبل، وحاولت مرارا ً إقناعها بذلك دون جدوى، فغضبت عليها وألقيت عليها يمينا ً بأنها إذا تزوجت من ذلك الشاب لن أدخلها منزلي بعد خروجها منه ولا أعرفها ولا تعرفني ومنعت عليها زيارة إخوانها في صحتهم ومرضهم في حياتهم ومماتهم وتحت أي ظرف، ولكن مع ذلك تزوجت من ذلك الشاب الذي ا ختارته؟ دعها تدخل وتفعل كل ما حلفت عليه ثم كفر يمينك بإطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم تكن واجدا ً لشيء من ذلك فصم ثلاثة أيام والله أعلم. حلف رجل بسبب شقاق مع أخيه بأن لا يدخل أخوه بيته ولا يزوره إذا مرض ولا يتبع جنازته، وأراد الأخ زيارة أخيه لأنه يريد أن يصفح عنه، فماذا يفعل؟ عليه أن يصل أخاه ثم يكفر كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يجد فليصم ثلاثة أيام والله أعلم. لقد تشاجر ابني مع ابن الجيران وأسفر الشجار أن طعن ابن الجيران ابني بالسكين فرقد على إثرها في المستشفى، علما ً بأن ابن الجيران أكبر من ابني بحوالي خمسة عشر عاما ً ووقتها كان في حالة سكر، وفي ذلك اليوم أقسمت بالله أن لا أتنازل عن هذه القضية أبدا ً ، وبما أن القضية الآن لدى إحدى مراكز الشرطة والجماعة والجيران أتوني بغرض السماح والتنازل، فماذ يتوجب علي إذا تنازلت بدلا ً عن ا لقسم؟ ّ إن تنازلت فعليك إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم تقدري على شيء من ذلك فعليك صيام ثلاثة أيام والله أعلم. تزوجت من امرأة ووالدتي غير موافقة على زواجي، فحلفت بأن لا أدخل عليها منزلها، ولكن بعد فترة قمت بالدخول عليها والسلام، فماذا يلزمني ا لآن؟ بئس ما فعلت إذ ْ عققت أمك وقطعتها فعليك التوبة من ذلك وعليك كفارة يمينك وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم تجد شيئا ً من ذلك فعليك صيام ثلاثة أيام هذا وأدم استغفار ربك وبر أمك والله أعلم. أم تقطن مع أحد أبنائها، وهي عمياء البصر لكنها متفتحة البصيرة تقرأ القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار، ولا يصدر منها أي إزعاج لأحد، وكان ولدها دائما ً يمنع أولاده من زيارة بعض إخوته وأولادهم وهي دائما ً تنصحه عن ذلك، وفي مساء أحد الأيام وبعد صلاة المغرب وعندما كانت تسدي إليه النصح قام بطردها من منزله قبل تناول وجبة العشاء قائلا ً اخرجي من » : لها ثم طلب منها أن تأخذ أغراضها وترحل، فحلفت أنها لا تكلمه مدى « منزلي الحياة ولا تريد منه أي شيء، لكنه في الآونة الأخيرة أحس بالندم تجاه فعلته الشنعاء فقام يرسل لها بعض الناس لإقناعها بمكالمته لكنها أبت ذلك قبل أخذ حكم الشرع الشريف لتعرف ما لها وما عليها في ذلك؟ بئس ما فعل وساء ما عمل، وعليه التوبة إلى الله وإرضاء أمه، وعليها هي إن كلمته كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم تجد شيئا ً من ذلك فلتصم ثلاثة أيام والله أعلم. لدي أولاد بعضهم في المدارس والبعض الآخر في البيت، وفي يوم من الأيام قام الأولاد الكبار ببعض التصرفات التي لم تعجبني حيث دخلت معهم في نقاش حاد جدا ً يتعلق بأسلوب المذاكرة وبعض التصرفات الأخرى، وأثناء هذه المناقشة الحادة قلت لهم: أقسم بالله العظيم بأنني لن أقوم بتفصيل ملابس لكم لعيد الأضحى المبارك علما ً بأن ذلك كان بحضور والدتهم، والآن العيد مقبل علينا وأرغب في تفصيل ملابس لهم، في هذه الحالة ماذا علي أن أعمله قبل أن أفصل لهم ا لملابس؟ ّ إن فصلت لهم ملابس لزمتك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم تجد شيئا ً من ذلك فلتصم ثلاثة أيام والله أعلم. لدي في البيت امرأة مريضة جدا ً وأقوم برعايتها وإعطائها الدواء، لكن مرضها يجعلها أحيانا ً تسبني وتسب أهلي، وعندما أغضب عليها كثيرا ً أحلف بالله العظيم أن لا أعطيها الدواء، ولكنني بعد ذلك أتمالك نفسي وأعطيها الدواء، ماذا علي أن أفعل لمخالفتي للحلف بالله؟ يقول ا لنبي ژ : من أقسم على شيء فرأى غيره خيرا » ً منه فليأت فعلى هذه المرأة أن تفعل الخير بأن .« الذي هو خير وليكفر عن يمينه ترعى تلك المرأة وتحسن إليها وتكفر عن يمينها بإطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام، والله أعلم. امرأة كرهت مجالستها لسبب أو لآخر، وفي حالة غضب مني حلفت بألا تكلمني أو تدخل منزلي، وأثناء وفاة أمي دخلت من ضمن النساء لتعزيتي، فما حكم الشرع في مثل هذه ا لحالة؟ صالحيها وأطعمي عشرة مساكين من أوسط الطعام ففي ذلك خير والله أعلم. حصلت خلافات بيني وبين بعض أهلي فحلفت بالله بأني لا أتزوج منهم ولا أزوجهم أحدا ً من بناتي، وبعد مضي عدة سنوات ذابت تلك الخلافات وجاء أحدهم يطلب ابنتي للزواج، فهل يجوز أن أزوجه ابنتي بعد أن حلفت يمينا ً بألا أزوجهم ولا أتزوج منهم، وللعلم كنت أثناء الحلف في حالة غضب شديد وقد ندمت على ما بدر مني وتبرعت بمبلغ مائة ريال ع ُ ماني ككفارة يمين وذلك لأيتام وقلت في نفسي هذه كفارة عن يميني تلك، وأنا الآن في حيرة من أمري هل يجوز لي أن أتزوج منهم أو أزوجهم إحدى بناتي بعد هذه اليمين؟ وماذا علي أن ّ أفعل في سبيل أن أكفر عن يميني تلك؟ يجوز ذلك، أن تزوجهم وأن تتزوج منهم ثم تكفر يمينك وذلك بإطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو أن تكسوهم أو أن تحرر رقبة، فإن عجزت عن ذلك كله فصيام ثلاثة أيام، ذلك كله بعد الحنث لا قبله والله أعلم. رجل حلف ألا يدخل بيته أو بيت ولده أو أخيه وألا يركب سيارة ولده وقال: إذا دخلت بيته، وأراد أن يدخل فماذا عليه؟ قوله إذا دخلت بيته كلام غير تام لعدم وجود جواب الشرط ولا يترتب عليه شيء مع الدخول أو عدمه، أما إن قال: بالله لا أدخل أو نحو ذلك لزمته الكفارة مع الدخول وهي إما إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن عجز عن كل ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام والله أعلم. رجل عنده ولدان أمرهم أن يقصوا شعرهم كاملا ً فذهبوا إلى الحلاق وقصروا شعرهم ولما وصل الوالد البيت نظر إليهم فلما رآهم تنازع معهم وقال لهم: إذا ما تقصوا شعركم كاملا ً والله لا تدخلوا البيت، وبعد ذلك نفذ أحدهم أوامر والده ولم ينفذها الآخر وقال له: والله لا تدخل البيت، وذهب الولد إلى مكان آخر، لكن الجيران ذهبوا إليه وأحضروه إلى البيت، فما حكم ذلك؟ لقد أساء الابن الذي لم يطاوع والده ولم يبر قسمه، والواجب على الوالد أن يكفر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فليصم ثلاثة أيام والله أعلم. حصل سوء تفاهم بيني وبين زوجي، وبموجبه قام بطلاقي بالثلاث في جملة واحدة، ولكنه بعد أيام وجيزة اشتكى علي وأراد رجعي إليه ّ وأحضر معه شهود أمام المحكمة، وكذلك أقسم باليمين بأنه طلقني طلقة واحدة فقط، وأنا كذلك أقسمت وكنت في حالة غضب بأنني لن أرجع إليه مرة ثانية أبدا ً سواء إنه طلقني مرة واحدة أو أكثر. والآن يا سماحة الشيخ القاضي أمرني أن أرجع إليه بموجب أن طليقي أقسم يمينا ً بأنه طلقني مرة واحدة فقط، وللعلم أنه طلقني بالليل وفي صباح ذلك اليوم بدأت عندي العادة الشهرية، وكذلك لما حلفت كنت في حالة الغضب الشديد لما طلقني، فأرجو من سماحتكم الإفادة، هل توجب علي كفارة قبل رجوعي إليه أم لا؟ وإن وجبت علي كفارة ما ّ ّ ؟ﻲﻫ ِ ِ عليك أن تكفري يمينك بإطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام والله ِ يتقبل منك إن شاء ا لله. امرأة حلفت بالله أن لا تخرج معها ابنتها الصغيرة ذلك اليوم، ولكن البنت خرجت معها، فماذا عليها؟ عليها كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام والله أعلم. أنا امرأة كبيرة في السن أسأل عن حلفة حلفتها بأن لا أدخل بيت أخي لكن ابن أخي أجبرني على الدخول فدخلت، فماذا علي؟ ّ أساءت هذه المرأة عندما حلفت أن لا تدخل بيت أخيها لأنها أقسمت على معصية، والبر بهذا القسم معصية، وأحسنت عندما دخلت، ففي الحديث الأيمان ٤٩ عن ا لنبي ژ : من حلف عن شيء فرأى غيره خيرا » ً منه فليأت الذي هو خير « وليكفر عن يمينه(١) ، وعليها الكفارة وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم الأهل أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن كانت عاجزة عن ذلك كله فعليها أن تصوم ثلاثة أيام، والله تعالى أعلم. حلف شخص في حالة غضب بأن لا يدخل بيت ولده، وإذا دخله فتلزمه كفارة، لكنه لم يحدد هذه الكفارة، فماذا يلزمه إذا أراد أن يستغفر ويتوب ويدخل ا لبيت؟ ٍ عليه بعد دخوله إن كان غير واجد لما يكفر به من إطعام أو كسوة أو عتق أن يصوم ثلاثة أيام والله أعلم. :ø«ª«dÉH ≥ë∏j Ée ما قولكم في زوجة قالت لزوجها: لن أرجع معك إلا إذا كنت ابنة كلب، وهذه الزوجة رجعت برغبة منها؟ عليها كفارة يمين والله أعلم. ١) تقدم تخريجه. ) :ôeCG øY ¬°ùØf ™æª«d ∞∏M øe رجل أقسم بالله أن لا يأتي فاحشة الزنى غير أنه بعد مدة من قسمه ارتكب تلك الفاحشة، وندم على فعلته واستغفر ربه وتاب. فما عليه غير التوبة والاستغفار؟ عليه مع التوبة كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فأن لم يجد فصيام ثلاثة أيام والله أعلم. سؤال عن شخص حلف على المصحف أن لا يشرب الخمر، فإذا شرب الخمر تطلق منه زوجته، ولكنه كسر هذا الحلف وشرب الخمر، وبعد سنة أو أكثر تذكر هذا الحلف، فهل تطلق منه زوجته؟ وهل عليه شيء من ا لكفارات؟ تطلق منه امرأته بشربه الخمر لتعليقه طلاقها على شربها ولو لم يقسم ولئن كان أقسم بالله 8 فعليه كفارة يمين لحنثه فيما أقسم عليه وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، ولئن كان وطىء زوجته بعد وقوع طلاقها من غير مراجعة فإن الذي عليه أصحابنا أنها تحرم عليه بذلك والله أعلم. :á«°ü©e π©a ≈∏Y ∞∏M øe :áYÉ£H ∞∏M øe شخص أقسم بالله بأن يعمل حاجة تغضب ا لله 4 ولكنه لم يعملها، ماذا عليه؟ إذا كان عليه صيام شهرين متتابعين، هل يجوز له بأن يطعم كل يوم مسكينا ً لمدة ستين يوما ً بدلا ً من الصيام؟ علما ً بأن هذا الشخص هو في عز شبابه أم ماذا عليه؟ عليه إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد شيئا ً من ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام والله أعلم. ما القول الراجح معكم فيمن قال: إذا خدمت عندك فعلي أن أسير إلى ّ الحج حافيا ً فماذا يلزمه إذا خدم عنده؟ الراجح أنه تجب عليه كفارة يمين لأنها الأصل فيما يحظره الإنسان على نفسه كما دل عليه سياق إيجابها في سورة المائدة حيث سيقت في مساق التحذير من تحريم ما أحل الله من الطيبات والله أعلم. رجل كان على خلاف مع أناس آخرين في بعض الأمور، فقال: بصيام عشرة شهور هذا الشيء لا يمكن أعمله مهما كان، فما عليه من حكم الشرع؟ عليه التوبة من حلفه بغير الله تعالى، ولا كفارة عليه مع الحنث ولا يلزمه الصوم الذي ذكره والله أعلم. امرأة منذ قديم الزمان تقول إنها حلفت بحجة حافية، وقامت سابقا ً بتوزيع جونية عيش(١) ، إلا أنها ترادوها أحلام في منامها وهي خائفة من ذلك، فهل عليها شيء وكيف؟ عليها أن تكثر من ذكر الله واستعاذته من الشر، وأن تتصدق، يذهب الله ما بها إن شاء ا لله. كنت راجعا ً من العمل إلى البيت متضايقا ً ، ولما دخلت سألت زوجتي عن نظافة البيت والأولاد فردت علي بقولها أنا تعبانة ما أقدر أعمل ّ حاجة في البيت، وكانت تخرج إلى بيت الجيران باستمرار فقلت لها وكنت في حالة غضب: بحجة لا تطلعي أي بيت سواء بيت أهلك أو بيت أهلي أو بيت أحد الجيران، فما حكم الشرع في ذلك؟ هذا قسم منك بغير الله تعالى، وهو من كبائر الإثم، فعليك التوبة من ذلك ولا تنعقد اليمين بمثل هذا القسم، فلا مانع من ذهابها إلى حيث شددت عليها إن ذهبت مع إذنك لها ولا تلزمك الكفارة، وإنما تلزمك التوبة والله أعلم. لي بنت تدرس في المدرسة ولكنها غير مطيعة لوالدها، وعمرها أربعة عشر سنة، وأمرتها بالصلاة ولكنها رفضت، وبنفس الطريقة ترفض أي أمر مني، حتى عند رجوعها من المدرسة إلى البيت لا تلقي السلام على أهلها، فهي عنيدة وعاصية، فغضبت عليها غضبا ً شديدا ً وقلت لحظتها: ِ بصلاتي وحجتي أمنعك من الذهاب إلى المدرسة، ثم استغفرت بعد أن هدأت، فما هو حكم الشرع في قسمي هذا؟ هذا قسم بغير الله، ومن أقسم بغير ا لله 8 فقد عصاه، فعليك التوبة إلى الله من صنيعك، ولا تنعقد بهذا يمين والله أعلم. ١) كيس أرز. ) امرأة حلفت بحجة حافية وصوم شهرين بأنها لا تأكل من مال والد نسيبها وزوجته، علما ً بأن نسيبها (أي زوج ابنتها) يسكن مع أبيه والمال مختلط، وندمت على الحلف وأرادت أن تأكل من بيت نسيبها، فماذا عليها؟ إن كانت حلفت بصيغة التعليق وذلك بأن تقول مثلا :ً إن أكلت من مال فلان فعلي أن أحج حافية وأصوم شهرين، فعليها ما ألزمته نفسها لأن من ّ ألزم نفسه شيئا ً ألزمناه إياه، فإن أكلت فعليها الحج والصيام، ولكن لا يلزمها الحفا في الحج إذ لا علاقة لذلك بأعمال الحج، وإن كان الحلف بصيغة ٍ القسم وذلك بأن تقول: بحجة حافية وصيام شهرين لا أفعل كذا ففعلت فليس عليها إلا التوبة من حلفها بغير الله، لأن الحلف بغير الله من كبائر الإثم ولا تنعقد بذلك يمين فلا تلزمها كفارة ولو حنثت والله أعلم. رجل وقع بينه وبين زوجته بعض الكلام في شأن بيتهما وقال بما نصه: الكفارة وصوم شهرين أني لا أدخل هذا البيت فما الذي يلزمه على لفظه هذا؟ من أقسم بغير الله تعالى من المخلوقات لم تنعقد يمينه سواء كان جسما ً أو عرضا ً وإنما يكون بذلك عاصيا ً لله تعالى، وعليه فإني أرى على من أقسم بالكفارة وصوم الشهرين أن يستغفر الله تعالى ويتوب إليه وليس عليه سوى ذلك سواء حنث أو لم يحنث والله تعالى أعلم. رجل أقسم يمينا ً إذا دخل بيت أخيه فإنه سيزور البيت الحرام حافي القدمين، فما حكمه؟ لا يلزمه أن يزور البيت حافي القدمين وإنما تلزمه كفارة مرسلة لحنثه في اليمين وهي إما عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم فمن عجز عن ذلك كله فليصم ثلاثة أيام، هذا وإذا استطاع هذا الرجل أن يحج البيت غير الحجة المفروضة فالأحوط له أن يحج والله أعلم. ما قولكم في رجل قال: إذا دخلت بيت فلان تلزمني حجة وصيام شهرين، ودخل ذلك ا لبيت؟ من ألزم نفسه شيئا » : جاء في الأثر ً وهو واضح في إيجاب « ألزمناه إياه الحجة وصيام الشهرين من ألزمهما نفسه إذ دخل بيتا ً ودخله والله أعلم. ماذا يجب على من حلف بحجة وصيام شهرين وحنث؟ إن كان حلفه بصيغة القسم، وذلك بأن يقول بحجة لا أفعل كذا أو حلفت بحجة أو أقسمت بحجة، فليس عليه إلا التوبة إلى ا لله 8 لأنه أقسم بغير الله، وإن كان حلف بصيغة التعليق وذلك بأن يقول عليه حجة أو نحوها إن فعل كذا فعليه ما ألزمه نفسه والله أعلم. ماذا على من حلف بثلاثين حجة مثلا؟ ً إن كان حلفه بصيغة القسم، وذلك بأن يقول: بحجة لا أفعل كذا أو حلفت بحجة أو أقسمت بحجة، فليس عليه إلا التوبة إلى ا لله 8 لأنه أقسم بغير الله، وإن كان حلف بصيغة التعليق، وذلك بأن يقول عليه حجة أو نحوها إن فعل كذا فعليه ما ألزمه نفسه، والله أعلم. :¬«∏Y ∞∏M Ée π©a øY õéY øe أعمل منذ فترة طويلة، وقد قرب موعد انتهاء فترة عملي في هذا العمل، ولكن أتتني فرصة أخرى لتجديده، وإلى أن يأتي هذا العمل بقيت ستة شهور، وأنا الآن أعيش في منزل والدي فأقسمت أني قبل أن يأتي هذا التجديد سوف أشتري سيارة وأبني بيتا ً لي ولزوجتي وأبنائي، ولكن أتى التجديد ولم يكن معي المال الكافي لأبر بقسمي، فما هو رأيكم في هذا الموضوع؟ وماذا يجب الآن أن أفعل لأبر بقسمي هذا؟ عليك أن تطعم عشرة مساكين من أوسط الطعام والله أعلم. شخص حلف أن يصوم شهرا ً كاملا ً ولكن نتيجة بلاء ابتلاه الله تعالى به لم يستطع أن يكمل الشهر، فماذا عليه؟ هذا الشهر إن كان واجبا ً عليه فلا بد أن يصومه مع القدرة، ومع العجز ينتقل عن الصيام إلى الإطعام، وأما إن كان غير واجب عليه وإنما أوجبه على نفسه بيمينه التي حلفها، فيمكنه أن ينتقل من الصيام إلى كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، والله أعلم. :k É«°SÉf åæM hCG ∞∏M øe Gô£°†e hCG k هل يجوز الحلف على خلاف الواقع وذلك لضمان مصلحة خاصة لدفع الظلم؟ وهل يجب الحلف إن كان به التخلص عن حرام أو تخليص نفس مؤمنة من ا لهلاك؟ أباح الله سبحانه من فضله على عباده أن يتحدث المضطر بالكفر الصراح لدفع الضرر عنه، قال تعالى: ﴿ ST U V W X ﴾ [ [النحل: ١٠٦ وإنما العبرة في هذا بقرار الإيمان في القلب ولو نطق اللسان بخلافه، ولذلك أتبعه بقوله: ﴿ ]\[ZY ^ _` a b c d ﴾ [ [النحل: ١٠٦ ولئن ساغ ذلك فيما يدل على الكفر الصراح فإن الحلف على خلاف الواقع لدفع مظلمة متيقنة أسوغ، ولا يترتب عليه وجوب الكفارة، بل يعد ذلك واجبا ً شرعا ً إن كان من أجل التخلص من حرام أو إنقاذ نفس مؤمنة أو مصونة ولو كانت غير مؤمنة لقوله تعالى: ﴿ 67 8 9 : ; ﴾ [المائدة: [٣٢والله أعلم. امرأة حلفت أنها لا تعمل كذا ثم نسيت وعملت ما أقسمت عليه، ثم بعدها تذكرت أنها سبق وأن أقسمت، فماذا عليها حيث إن الشك يراودها في ذلك وترغب في أن تصحح ذلك ا لخطأ؟ عليها أن تكفر يمينها وذلك بأن تعتق رقبة أو تطعم عشرة مساكين أو تكسوهم، فإن عجزت عن كل ذلك فلتصم ثلاثة أيام والله أعلم. رجل حلف يمينا ً بالله أنه لا يركب السيارة التي يركبها شخص أسماه، وبعد فترة من الزمن رأى أن الظروف تضطره لركوب السيارة، فما الذي يلزمه عن قسمه إن ركبها؟ عليه كفارة يمين إن ركبها، وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فليصم ثلاثة أيام والله أعلم. إذا حلف الإنسان في حالة غضب أنه لا يعمل شيئا ً معينا ً ، ولكنه وجد نفسه مضطرا ً لفعل ذلك الشيء. مع العلم بأن الحلف كان في ساعة غضب، فهل تلزمه كفارة؟ وما نوعها؟ الأصح أن الكفارة تلزم الحالف إن قصد أن يحلف سواء كان في حالة الغضب أو في حالة الرضا، والكفارة نص عليها القرآن في قوله تعالى: ﴿ £ ± ° ¯® ¬ « ª © ¨ § ¦ ¥ ¤  Á À ¿¾½ ¼ » º ¹ ¸ ¶ μ ´ ³ ² Ò Ñ Ð ÏÎ Í ÌË Ê É È Ç ÆÅ Ä Ã ÓÔ Õ Ö ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ، والله أعلم. رجل كان يقوم بمهام ا لفلج(١) ، وبسبب بعض المشاكل التي صادفته حلف بألا يمسك الفلج مرة أخرى، ولكن لا يدري ما نوع الحلف الذي حلفه، هل بالطلاق أم باليمين، والآن يريد أن يعود لمسك الفلج فماذا عليه؟ الأصل أن يكون الحلف باسم الله، لأن الحلف بالطلاق وغيره من الإثم والزور، وعلى هذا الرجل إن فعل ما حلف عليه أن يكفر إما بعتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فإن عجز عن كل ذلك فصيام ثلاثة أيام والله أعلم. ١) الفلج: هو المياه الجوفية المستخرجة والتي تجري في جداول مخصصة لها لري الأشجار ) والنخيل، وهي نظام الري في ع ُ مان. عن امرأة لديها ولد، سافر إلى مصر وقضى هناك مدة طويلة، وفي هذه المدة تزوج ولم يذكر لأمه، ثم علمت أمه فقامت بتحريم الحليب الذي شربه ابنها منها في صباه، وكذلك ألا يتبع جنازتها ولا تريد أن تراه، ولكنها تراجعت وأقلعت عن قرارها السالف الذكر، فما رأي سماحتكم في ذلك؟ بئس ما قالت، فإن الذي يحلل ويحرم هو الله سبحانه: ﴿ }|{ ¬«ª©¨ ~ ے §¦¥¤£¢¡ ± ° ¯ ® ² ³ ﴾ [ [النحل: ١١٦ ، فليس لأحد أن يحرم على نفسه ما أحله الله فضلا ً عن تحريم ذلك على الغير، فعليها التوبة إلى ا لله 8 مما قارفته مع كفارة اليمين، والله يعفو عن التائبين، ولا يحرم قولها شيئا ً مما أحله الله، والله أعلم. فيمن قال: حرام علي طعام الغداء هذا اليوم، ثم أكل منه، فهل يكون ّ طعام الغداء الذي أكل منه حراما ً ؟ وماذا عليه؟ الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه، ومن أحل ما حرم الله أو حرم ما أحل الله فقد افترى على الله كذبا ً ، وكفى به إ ثما ً مبينا ً ، قال تعالى: ﴿ {| } ~ ے ¢ ¡ ¥ ¤ £ § ¦ ¨ ª© « ¬® ¯ ° ± ² ³ ﴾ [ [النحل: ١١٦ ، فعلى من صدر منه ذلك أن يتوب إلى الله ويعتقد العقيدة الحقة بتحليل ما أحل الله وتحريم ما حرم، ويكفر كفارة يمين، وما عليه حرج في تناول ما ادعى تحريمه، لأن الحلال لا يحرم بقول أحد والله أعلم. امرأة حلفت على أولادها بكلمة: محرمة عليكم إذا مرضت وأخذتموني إلى المستشفى، والآن هي مريضة وأولادها يريدون أخذها إلى المستشفى ولكنها رفضت إلى أن يخبروها ماذا عليها في هذه ا ليمين؟ قول الوالدة لأولادها: محرمة عليكم إذا فعلتم كذا ليس فيه يمين وإنما هو تعبير عن عدم رضاها بذلك، فإذا رضيت في أي وقت من الأوقات فلا حرج في ذلك والله أعلم. فيمن قال: (حرمت الأكل والشرب قبل فلان)، فهل هذا حكمه حكم اليمين إذا أكل أو شرب وبذلك يكون حانثا ً وعليه كفارة مرسلة؟ أم أن هذا حكمه حكم من حرم حلالا؟ ً عليه التوبة إلى الله أكل أو لم يأكل؛ لأنه افترى على الله الكذب وكفى به إثما ً مبينا ً ، وعليه كفارة مرسلة وإن لم يأكله لمجرد التحريم على قول بعض أهل العلم وقيل: إن أكل والله أعلم. ما قول سماحتكم في امرأة حدثت بينها وبين بعض أقرباء زوجها مشاكل بسبب اتهامهم لها بتهمة هي برئية منها، وقد سببت لها تلك المشاكل انفعالات وغضب نتج عنه أنها حر ّ مت در ّ ها [لبنها] على بناتها إذا تزوجن من أولادهم. والآن انتهت تلك الانفعالات والأضغان من القلوب وساد التفاهم والود بين الفريقين وكأن هذه المرأة قد وافقت بزواج بناتها من أولاد أقرباء زوجها وتريد أن تعرف عن حكم ما قالت؟ وهل يلزمها منه شيء؟ وهل يؤثر على التزاوج بين الأولاد والبنات؟ بئس ما قالت، فقد تطاولت على أحكام الله وكفرت بما أنزل في كتابه، إذ ليس لأحد أن يحرم شيئا ً أحله الله، كما أنه ليس لأحد أن يحل ما حرمه ُ الله، قال تعالى: ﴿ {| } ~ ے ¡ ¢ £ ¤ ¥ § ¦ ¨ © ª « ¬ ® ¯ ° ± ³ ² ﴾ [ [النحل: ١١٦ ، وقال: ﴿ b a ` _ ^ ] \ [ Z Y X W k j i h g fe d c ﴾ [ [الأنعام: ١٤٠ ، ولا يسع هذه المرأة إلا أن تتوب إلى الله وتعود إلى عقيدة الإسلام وتدين أنه لا حلال إلا ما أحل الله ولا حرام إلا ما حرم، وعليها أن تكفر كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام والله أعلم. امرأة حرمت على نفسها أي نفع يقدمه لها ولدها نتيجة لسوء تفاهم حصل بينهما وكانت على غضب، فهي نادمة على ذلك، ما المخرج الشرعي للرجوع عن ذلك؟ المحرم والمحلل هو الله تعالى: ﴿ {| } ~ ے ¡ ² ±°¯®¬ « ª©¨§¦¥¤£¢ ³ ﴾، فعليها التوبة من ذلك واعتقاد أن الله وحده هو الذي يحلل ويحرم مع كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام والله أعلم. لقد حر مت في ساعة غضب أن لا آكل ولا أشرب ولا أقبل أي شيء من ّ أخي، أنا وأولادي حتى أموت، فما هو حكم الشرع في ذلك؟ بئس ما فعلت، فإن التحريم ليس من شأن البشر، وإنما هو من شأن الله 8 ، واقتحام الإنسان في هذا الأمر إنما هو تدخل فيما هو خاص بالله 8 ، ولئن كان ا لنبي ژ لم يأذن له الله أن يحرم من تلقاء نفسه شيئا ً بل ّ عاتبه الله على ذلك بقوله: ﴿ ('&%$#"! ﴾ [ [التحريم: ١ فكيف بغيره ژ ؟ على أن الزجر عن ذلك في القرآن الكرم صريح وواضح، فقد قال 8 ﴿ : }|{~ ے ¦¥¤£¢¡ « ª© ¨ § ¬ ® ¯ ° ± ² ³ ﴾ [ [النحل: ١١٦ ، وتحريم الحلال كتحليل الحرام كلاهما غير سائغ، فكما لا يسوغ للإنسان أن يحلل الخمر أو الزنى أو الميتة ونحوها؛ كذلك لا يسوغ له أن يحرم شيئا ً لم يحرمه ّ الله، ومن وقع في مثل ذلك فعليه التوبة إلى الله والدينونة بأنه لا حلال إلا ما أحل الله ولا حرام إلا ما حرم، وعليه بجانب ذلك كفارة يمين، لأن الله ّ سبحانه قال عقب عتاب النبي ژ على تحريم ما أحل الله: ﴿ 2 3 4 5 67 ﴾ [ [التحريم: ٢والله أعلم. رجل عنده أولاد، وقد وقع خلاف بينه وبين أحد أبنائه وكتب الأب في حياته وصية يقول فيها إنه محرم على ابنه هذا أن يتبع جنازته عند ّ وفاته، وكذلك حرم عليه الميراث، وعن قريب توفي الأب وتبع الابن ّ جنازة أبيه وهو يعلم بذلك، أفتونا بما أتاكم الله من ا لعلم؟ ٍ ليس أمر التحليل أو التحريم ولا أمر الميراث موكولا ً إلى أحد من الناس، لأنه مما استأثر به الله، قال تعالى: ﴿ }|{~ ے ±°¯® ¬ « ª©¨§¦¥¤£¢¡ ³ ² ﴾، وقال في المواريث بعد بيان أحكامها: ﴿ ¦ § ¨© ´ ³ ² ± ° ¯ ® ¬ « ª À ¿ ¾ ½ ❁ » º ¹ ¸¶ µ ÁÂ Ã Ä Å Æ Ç È É ﴾ ، [النساء: ١٣ [١٤ ، وهو واضح بأن أي تدخل في أمور المواريث تعد ٍ لحدود الله، وبهذا تعلم أن وصية الأب بمنع أحد أبنائه من ات ّ باع جنازته تدخل منه في حكم الله، وكذلك تحريم نصيبه من الميراث عليه، ومثل هذا لا يصدر إلا عن جهل فاضح ولا يبطل ذلك حكما ً من أحكام الله والله أعلم. امرأة حلفت إذا أكلت من ذبيحة ذبحناها أيام العيد تحرم عليها كما يحرم عليها أكل لحم أحد أولادها، وبعد ذلك أكلت منها، فما حكم الشرع في ذلك؟ افترت على الله الكذب، فما أحله الله لا يحرم بقول أحد، فلتأكل ولتكفر كفارة يمين والله أعلم. رجل طلق زوجته وهي حامل، ولكنه حرمها على نفسه وحللها على غيره كما يفعل الجهلاء، والآن يريد مراجعتها، فهل تلزمه كفارة اليمين المرسلة بسبب جرأته على التحليل والتحريم أم تكفيه ا لتوبة؟ عليه أن يعود إلى الإسلام أ ولا ً ويتوب من ردته، فإن كل واحد من تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم كفر بواح، ثم عليه كفارتان لكل واحد منهما ٍ كفارة وليرجعها بعدئذ إن لم يقصد إبانتها بالتحريم ولا ظهارا ً والله أعلم. صار بيني وبين أولاد عمي خلاف بسيط في شراء أضحية العيد، فأردت أن أشتري تلك الأضحية فأبوا أن يخفضوا الثمن، فحلفت إذا لم تخفضوا من الثمن أنني لن أدخل بيتكم، وإذا دخلته فإن بنت العرب ما تجوز لي، والآن أريد أن أدخل بيتهم فماذا علي إذا فعلت؟ ّ هذه يمين حانثة، لأن التحليل والتحريم ليسا موكولين إلى الناس، وإنما هما إلى الله وقد حذر الله من الخوض فيهما بغير حق، فقد قال عز من قائل: ﴿ }|{ ~ ے £¢¡ ¤ §¦¥ ¨ ©ª « ¬ ® ¯ ° ± ³ ² ﴾ [ [النحل: ١١٦ ، وعليه فإني أرى أن تدخل بيت أبناء عمك وتكفر يمينك والكفارة هي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم تجد شيئا ً من ذلك فلتصم ثلاثة أيام اللهم إلا أن تكون أردت بقولك: لا تجوز لي. طلاقها فإنها تطلق بذلك حسب قصدك. والله أعلم. شخص كان يسب الدين كلما غضب، ومرة اختلف مع زميل له حول طعام فغضب وقال: هذا الطعام حرام علي، وكان يقصد ذلك الطعام بعينه في ذلك الوقت فقط، ومرت الأيام فاطلع هذا الشخص على حكم من كان يسب الدين فبادر إلى التوبة والتلفظ بالشهادتين من جديد وأتى بالأمور التي تجب على المرتد التائب ولكنه لم يكن يعلم بالأمر الثاني وهو أن تحريم شيء أحله الله يخرجه من الملة، فهل تجزي هذا الشخص التوبة الأولى مع العلم أن هذا الشخص لما من ّ الله تعالى عليه بالاستقامة كان يستغفر الله تعالى من حين لآخر توبة إجمالية من كل ذنوبه إلا أنه لم يتب من معصية تحريم الحلال بعينها لأنه لم يكن يظن أنها تفضي إلى الخروج من الملة، وماذا يجب عليه ا لآن؟ تحريم الحلال كتحليل الحرام كلاهما أمر عظيم، وقد بين الله تعالى أن ّ المشركين هم الذين يحرمون ما أحل الله، فقد قال ا لله 4 ﴿ : 10/ A @ ? > =<; : 9 8 7 6 5 4 3 2 B C D FE G H I J K L M ﴾ [ [الأنعام: ١٤٨ ، وقال أيضا ً ﴿ : !" # $ % & ' ( ) * + , - . / 01 2 3 4 5 ﴾ [ [النحل: ٣٥ ، وقال: ﴿ [ZYXW \ ] ^ _ ` e d c b a ﴾ [ [الأنعام: ١٤٠ ، ومن المعلوم أن تحريم الحلال هو افتراء على الله تبارك وتعالى، فإن ا لله 8 يقول: ﴿ { }| ~ ے §¦¥¤£¢¡ ¨ ª© « ¬ ® ¯ ° ± ³ ² ﴾ [ [النحل: ١١٦ ، ويقول: ﴿ nml z y x w v u t s r q p o { | } ~ ے ¡ ﴾ [ [يونس: ٥٩ . فهذا يدل على أن من حرم ما أحل الله فقد افترى على الله تعالى لأنه رد حكما ً من أحكامه، ومن رد حكما ً من أحكام الله تعالى فهو لا ريب خارج من ملة الإسلام إن لم يكن متأولا ً في كلامه، وماذا عسى أن يكون هذا التأول الذي يتأوله هذا الجاهل الأرعن الذي يقدم على شيء بعينه من طعام أو شراب أو نحوهما فيحرمه، لذلك نحن ندعوه إلى أن يتوب إلى الله تعالى، فإن كان نادما ً على فعله هذا مقلعا ً عنه وقد استغفر لذنوبه إ جمالا ً فنرجو أن يتقبل الله توبته، إذ التوبة إنما تكون بالندم أولا ً والإقلاع ثانيا ً وعقد العزم على عدم العودة إلى المعصية ثم الاستغفار، والله تعالى أعلم. الناس في ثنايا كلامهم كثيرا ً ما يقولون هذا حرام؟ هذا كلام في منتهى الخطر وإن استخف الناس به، وهو دليل الجهل، ودليل أن الأمة أصيبت بما أصيبت به الأمم من قبل، فالنبي ژ يقول: لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا » ً بشبر وذراعا ً بذراع حتى لو دخلوا جحر « ضب لدخلتموه(١) ، وهذا هو الوقت الذي وقعت فيه هذه الأمة فيما وقعت فيه الأمم قبلها، حيث اتبعت سنن من كان قبلها فحرمت ما شاءت وأحلت ما شاءت بدون هدى من الله تعالى ناهيكم أن طاعة الغير في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم تعد عبادة لذلك الغير من دون الله، فقد أخرج أحمد والترمذي وابن جرير عن عدي بن حاتم أنه سمع رسول الله ژ يتلو قوله .( ١) رواه البخاري في كتاب الأنبياء باب ما ذكر عن بني إسرائيل رقم ( ٣٢٦٩ ) سبحانه: ﴿ ¨© ª « ¬ ® ¯ ﴾ [ [التوبة: ٣١ وكان ا مرءا ً قد تنصر فقال: إنهم لم يعبدوهم. قال: بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم لهم(١) ، والله أعلم. هل تحريم الحلال مخرج من ا لملة؟ من حرم شيئا ً أحله الله من غير تأويل، فإنه يكون بذلك خارجا ً من الملة، والله أعلم. فتاة قالت لابن عمها: أنت حرام عل ّ ي ولن أتزوجك ولو كنت آخر زوج في العالم وكذلك هو، وشاءت الأقدار أن يتزوجا ببعضهما وأتيا بأطفال، فما حكم ذلك القول في هذه الحالة، وما واجبهم نحو ما فعلوه مع العلم أن هذا الكلام يؤنب ضميريهما؟ ما أخطر هذا القول وما أفحشه وأسوأه! ذلك أن التحليل والتحريم ليسا من اختصاص البشر وإنما هما من شأن ا لله 4 ، وإقدام الإنسان على تحريم ما أحل الله تعالى كإقدامه على تحليل ما حرم، فكل واحد منهما كفر، لأنه رد لحكم الله تعالى، ومن رد حكم الله فقد كفر كفر ملة إن لم يكن متأولا، ً وهذا ما نجد دلائله في القرآن، فالله تعالى شد ّ د في كتابه كثيرا ً على الذين يقدمون على التحليل والتحريم من تلقاء أنفسهم، فقد قال 4 ﴿ : { | } ~ ے «ª©¨§¦¥¤£¢¡ ¬ ®¯ ° ± ² ³ ﴾ [ [النحل: ١١٦ ، وقال سبحانه: ﴿ nml z y x w v u t s r q p o { | } ~ ے ¡ ﴾ [ [يونس: ٥٩ ، وقال تعالى: ﴿ WX Y Z [ \ ] .( ١) رواه الترمذي في كتاب تفسير القرآن باب من سورة التوبة رقم ( ٣٠٩٥ ) _ ^ ` a b c d e ﴾ [ [الأنعام: ١٤٠ ، فهذه الآيات كلها تدل على أن تحريم ما لم يحرم الله تعالى إنما هو افتراء كذب على الله، وافتراء الكذب على الله أمر مخرج من ملة الإسلام والعياذ بالله ، وبجانب هذا نرى النصوص الأخرى تدل على أن تحريم الحلال من شأن المشركين، فالله تعالى يقول: ﴿ /0 1 2 3 54 6 7 8 9 : J I H G FE D C B A @ ? > =<; KL M ﴾ [ [الأنعام: ١٤٨ ، ويقول سبحانه: ﴿ &%$#"! . - , + * ) ( ' / 0 1 2 3 4 5 ﴾ [النحل: [٣٥ ، وقد ح َ اج قال: ﴿ !"  الله المشركين في تحريمهم ما حرموا من الطيبات حيث - , + *) ( ' & % $ # : 9 8 7 6 5 43 2 1 0 / . H G F E D C BA @ ? > = < ❁ UT S R Q P O N ML K J I e d c b a` _ ^ ] \ [ Z Y X W V fg ﴾ [١٤٤ ، [الأنعام: ١٤٣ ، فتحريم الحلال ليس من شأن المسلمين، فما للإنسان والإقدام عليه. ولا ريب أنه إذا صدر ذلك من رجل في حق امرأة قبل الزواج أو صدر ذلك من امرأة في حق رجل لا يحرم أحدهما على الآخر، لأن قولهما قول كاذب، ولكن هل تلزم في ذلك كفارة يمين؟ الذي نأخذ به أنه تلزم، لأن الله تبارك وتعالى قرن في كتابه الكريم بين تحريم طيبات ما أحل وبين الكفارة، وهذا الاقتران يوحي بأن الكفارة تلزم في هذا، فإن الله تعالى يقول: ﴿ ba ❁ r q p o n ml k j i h g f e d c ~ } | { zy x w v u t ے ¡ ﴾ [٨٨ ، [المائدة: ٨٧ ، ¬ ثم أتبع ذلك قوله: ﴿ £¤ ¥ ¦ § ¨ © ª « ¼ » º ¹ ¸ ¶ μ ´ ³ ² ± ° ¯® Í ÌË Ê É È Ç ÆÅ Ä Ã Â Á À ¿¾ ½ ÏÎÐ Ñ Ò Ó Ô Õ Ö ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ، فهذا الاقتران ما بين ذكر التحريم وذكر كفارة اليمين دليل على أن كفارة اليمين تجب في مقابل التحريم كما تجب في مقابل الحنث في ا ليمين. وذلك أيضا ً مما يتأكد بقول الله تعالى في سورة التحريم: ﴿ ! " 6 5 4 3 2 ❁ 0 / . -, + * )( ' & % $ # 7 ﴾ [٢ ، [التحريم: ١ ، والله تعالى أعلم. ما القول الراجح معكم فيمن قال: رطب فلان محرم علي إلى يوم الدين ّ ثم أكله فماذا عليه؟ الراجح أنه تجب عليه كفارة يمين بدليل قوله تعالى: ﴿ £¤ ¥ ¬ « ª © ¨ § ¦ ® ﴾ [ [المائدة: ٨٩ الآية. على أثر قوله تعالى: ﴿ ab c d e f g h i j ﴾ [ [المائدة: ٨٧ والسياق يقتضي ارتباط اللاحق من الآيات بالسابق، ومعنى ذلك أن هذا هو حكم من حرم شيئا ً مما أحل الله، ويؤيده ما في سورة التحريم، وعليه مع ذلك الرجوع إلى عقيدة الإسلام التي لا تخول أحدا ً تحريم شيء مما أحل الله والله أعلم. :Ió«≤ªdG ø«ª«dG امرأة قالت: والله العظيم إذا لم يتم بناء هذا المطبخ حتى آخر هذا الشهر سأذهب إلى بيت أهلي ولا أرجع حتى يكتمل بناؤه، وانقضى الشهر وما زال المطبخ على ما هو عليه، ولم تذهب إلى بيت أهلها، وهي نادمة على ما قالت، فماذا يجب عليها فعله؟ عليها كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام والله أعلم. رجل حلف وهو في حالة غضب وضيق بأن بيت فلان ما أدخله إلا إذا صمت ثلاثة أيام، هل يثبت عليه الصوم؟ وهل هناك عوض أو بديل عن الصوم إذا لم يستطع هذا الرجل القيام به؟ إن كان حلف أنه لا يدخله إلا بعد أن يصوم ثلاثة أيام فدخله قبل الصيام فعليه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فعليه صيام ثلاثة أيام والله أعلم. :¢Sƒª¨dG ø«ª«dG ما حكم من حلف بالله عدة مرات وهو كاذب؟ عليه أن يتقي الله، وأن يتوب إليه توبة نصوحا ً ، وأن يرجع إليه سبحانه فإن اليمين الكاذبة هي اليمين الغموس، ومعنى كونها غموسا ً أنها تغمس صاحبها في النار والعياذ بالله إن لم يتب منها، وبجانب هذه التوبة فإن عليه عندنا أن يكف ّ ر كفارة يمين، وهي ما نص عليه القرآن الكريم في قوله عز من قائل: ﴿ °± ³ ² ´ μ ¶ ¸ ½ ¼ » º ¹ Å Ä Ã Â Á À ¿¾ ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ، فهو مخير بين ثلاثة أشياء بين أن يطعم عشرة مساكين من أوسط ما يطعم به أهله، أو أن يكسوهم كسوة متوسطة، أو أن يعتق رقبة، فإن عجز عن ذلك كله فهنالك ينتقل إلى صيام ثلاثة أيام، هذه هي كفارة الحنث في اليمين المنصوص عليها في كتاب الله وفي سنة رسوله ژ ، وإنما شد ّ د بعض العلماء عندما غالى الناس في الأيمان فجعلوا اليمين عندما يشد ّ د الإنسان على نفسه في يمينه حكمها كحكم كفارة الظهار من حيث نوعية التكفير، وذلك بأن تكون إما عتقا ً لرقبة وإما صياما ً لشهرين متتابعين وإما إطعاما ً لستين مسكينا ً ، وذلك مما لم يقم عليه دليل، ولذلك جنح علمائنا المحققين إلى أن كفارة اليمين لا تختلف ولا تتنوع بين مغلظة ومرسلة كما ينوعها بعض أهل العلم، وإنما هي في جميع الأحوال كفارات مرسلة بحسب ما ن ُ ص عليه في القرآن، والله تعالى أعلم. امرأة حلفت على مصحف ولكنها كانت كاذبة، فماذا عليها؟ كثير من الناس يتصورون أن الحلف الذي يترتب عليه ما يترتب عليه من الإثم أن يكون على المصحف. بينما الحلف هو أن يحلف بالله أو بشيء من أسمائه أو صفاته، سواء صفات الذات أو صفات الأفعال، فالحلف بصفات الذات كأن يحلف بالعليم القادر السميع البصير الحي الرحمن الرحيم، والحلف بصفات الأفعال كأن يحلف بالخالق الباعث الوارث المحي المميت، فإن ذلك إنما هو يمين بالله تبارك وتعالى، إذ ليس الموصوف بهذه الصفات غيره تعالى، وهذه اليمين إن حلفها الإنسان كاذبا ً فهي اليمين الغموس والعياذ بالله. ومعنى الغموس أنها تغمس صاحبها في جهنم أعاذنا الله منها إن تعمد الحلف كاذبا ً ، فإنها من أكبر الكبائر كما قال تعالى: ﴿ ÄÃÂÁÀ¿ : ËÊÉÈÇÆ Ø×ÖÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌ Ù ﴾[ [آل عمران: ٧٧ ، وفي الحديث عن ا لنبي ژ : من اقتطع حق مسلم » « بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب له ا لنار(١) . إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة الدالة على خطورة الإقدام على يمين الزور. فهذا كله مما يدل على أن الحالف الذي حلف بالله تعالى إنما حلف على أمر عظيم، فعليه أن يتقي الله تعالى وأن لا يحلف. على أن اليمين حتى ولو كان الإنسان فيها صادقا ً إن لم يلجئه إليها ما لا مناص منه لا ينبغي له أن يتسرع بها، فكيف يحلف بالله تعالى وهو كاذب. هذا واليمين إن حنث فيها الحالف فقد بين الله تبارك وتعالى كفارتها ّ فقال: ﴿ °± ³ ² ´ μ ¶ ¸ ¹ º » Å Ä Ã Â Á À ¿¾½ ¼ ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ، ومعنى تحرير رقبة: ١) رواه الربيع في كتاب الأيمان والنذور، باب في الأيمان والنذور، رقم ( ٦٦٠ )، ومسلم، ) .( كتاب الأيمان، باب وعيد من اقتطع حق المسلم رقم( ١٣٧ إخراج إنسان من العبودية إلى الحرية، بحيث يشتريه ويعتقه إن لم يكن مالكا ً له من قبل، وكذلك يعتقه إن كان في ملكه من قبل، والله تعالى أعلم. حدثت خصومة شديدة بين شخصين، وبعد أن أقام الناس ليصلحوا بينهما امتنع الطرفان وأصر كل واحد منهما على موقفه، فتدخل أحد الطيبين فذهب إلى الأول فقال له: من قبيل الكذب المباح إن فلانا ً يريد أن يعتذر لك مما بدر منه، ويريد منك أن تصفح عنه، ويرغب في المجيء إليك، ولكنه خائف أن ترده، فرد عليه وكان يثق في الرجل ثقة كبيرة أنه لا يكذب: احلف بالله على ما تقول، فرأى الرجل أنه وقع في حرج عظيم لم يستطع أن يفلت منه لأنه لو لم يحلف لعلم المتخاصم أنه يكذب عليه ولم يعد يصدقه بعد ذلك، وقد يخيل إليه خياله أن الرجل سبق وأن ذهب إلى المتخاصم الثاني وطلب منه الصلح ولكنه رفض وامتنع، وبذلك يزداد الأمر سوء وشدة، فما كان من الرجل إلا أن حلف بالله ليتخلص من ذلك الحرج، هل يباح لهذا الرجل حلفه بالله كاذبا ً في مثل هذا الموقف؟ وماذا يجب عليه إن كان ذلك غير جائز؟ علما ً بأننا سمعنا من بعض العلماء يقول إن هذه اليمين يمين بارة قصد بها الصلح بين مسلمين ولا تدخل في اليمين ا لفاجرة؟ ما كان له أن يحلف بالله إلا وهو صادق، وأما وقد حلف فعليه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام والله أعلم. زوجتي تتهمني بأني متزوج بامرأة أخرى في السر، وذلك حسب ما سمعته من اتصال امرأة مجهولة تخبرها بذلك، ورغم أني أك ّ دت لها بعدم صحة ما ذكرته تلك المرأة المجهولة؛ لكنها لم تصدقني وطلبت مني قسم اليمين حتى تصدقني، فهل يجوز لي شرعا ً أن أقسم اليمين في هذه ا لحالة؟ إن أقسمت وأنت صادق فيما تقسم عليه فلا حرج عليك؛ وإلا فاحذر من الحنث والله أعلم. رجل ادعى على رجل آخر أنه استأجر منه بناء حجرة وسلمه مبلغا ً ؛ إلا أن المستأجر أنكر ذلك والذي قام بالعمل عامله الأجنبي، فحلف المدعى عليه أمام القاضي أنه ما استلم المبلغ ولا رأى المؤجر، بينما هو استلم المبلغ من المؤجر وقبضه بيده وفي نفس الحال سلمه العامل الأجنبي القائم بالعمل، فهل يكون الحالف حانثا ً ؟ وإن كان حانثا ً فماذا عليه؟ هو حانث وعليه كفارة يمين، وقيل: بل كفارة مغلظة بجانب التوبة ورد المظالم والله أعلم. شخص أقسم بالله العظيم أنه عمل كذا وكذا، وهو لا أساس له من الصحة، فماذا عليه؟ مع العلم بأنه يقسم مرات عديدة؟ إن كان أقسم حانثا ً فعليه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يجد شيئا ً من ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام، هذا مع التوبة إلى الله من قول الزور والله أعلم. نحن ورثة، ثلاث إناث وذكران وزوجة الرجل المتوفى، ولقد كلف كل منا وكيلا ً بالنيابة عنه للقسمة، وبعد القسمة تدخل أحد الموكلين وقال للإناث قمن بفض القسمة لأنها غير عادلة، وبالفعل قمنا نحن الإناث بالمطالبة بفض القسمة، وبعد سؤال القاضي لنا إذا كنا ندري بالقسمة أم لا، أنكرنا معرفتنا بالقسمة وحلفنا اليمين، وهذه القضية من حوالي عشرين سنة، فهل علينا شيء نحن ا لإناث؟ إن كان الواقع كما قلتن فلا حرج عليكن، وإلا فعلى كل واحدة منكن كفارة يمين والله أعلم. كما هو معلوم في المجتمع ا لع ماني منذ صدر الإسلام بأن القبيلة تحاول ُ حل مشاكلها بنفسها دون اللجوء إلى المحاكم، فمثلا ً إذا حصل أي اعتداء على حرمات أحد ما يجتمع الشيخ بأعيان البلد ويتشاوروا في الأمر إلى أن يتوصلوا إلى حل يرضي الطرفين وتنتهي المشكلة، ولكن يحدث أحيانا ً بأن الفاعل مجهول فيطالب المدعي بحقه من الجماعة فبالتالي لا يجد الجماعة أمامهم إلا حل واحد هو قسم اليمين على المصحف، أي كل رجل يحلف عن نفسه وعن كل أسرته صغارا ً وكبارا ً بأنهم بريئون من تلك التهمة، والذي لا يرضى أن يحلف فالتهمة عليه، والسؤال هنا هل يجوز شرعا ً أن يطلب المدعي اليمين من كافة أهل البلد مع أن الفاعل مجهول؟ وهل يلزم الرجل أن يحلف يمينا ً عن أبنائه الصغار وهو لا يعلم إن فعلوا ذلك أم لا بحكم أنهم لا يعقلون؟ إن كان أهل البلد راضين بذلك ومتفقين عليه فلا حرج في طلب المدعي اليمين من كل من تصح منه اليمين، أما أن يحلف الرجل عن أطفاله أنهم لم يفعلوا فذلك غير سائغ اللهم إلا أن يحلف أنه لا يعلم أنهم فعلوا والله أعلم. ما هي اليمين ا لغموص؟ اليمين الغموص لم أسمع بها، وإن كنت تريد اليمين الغموس فهي اليمين التي يحلفها الإنسان ظلما ً ، وسميت غموسا ً لغمسها صاحبها في النار والله أعلم. شخص شهد بشهادة في قضية مشاجرة، وكانت شهادته في صالح المعتدي لكي لا يتأثر في عمله ويفصل لأن عمله حساس، فحكمت المحكمة لصالح المعتدي، وطلب الأشخاص المعتدى عليهم استئناف الحكم وقبل الاستئناف تنازل أولئك الأشخاص، ثم تاب الشاهد إلى الله وأراد أن يكفر عن ذنبه وأحس بتأنيب الضمير، فبماذا تنصح ذلك الشاهد، علما ً بأن الأشخاص المعتدى عليهم بصحة جيدة ولم تصبهم أي عاهات؟ عليه التوبة إلى الله وتكفير يمينه، قيل: كفارة مغلظة وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ً ، وقيل: مرسلة وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، وعليه مع ذلك ضمان حق المشهود عليهم الذي ضاع بسبب هذه الشهادة، إلا إن رضوا بإسقاطه، فإن كان لا يعرف مقداره فليأت إليهم وليرضهم بما يتفقون عليه والله أعلم. رجل حلف بالله العظيم بأنه لا يعلم بأن لزوجة والدهم صداقا ً ، بمعنى آخر أن لها ورقة غائب عندما تزوجها والدهم، فطلب منه الحلف باليمين فحلف على أنه لا يعلم أن لها تلك الورقة من غير أن يكون متأكدا ً ، فهل عليه شيء في تلك ا لحلفة؟ إن كان لا يعلم أن لها حقا ً كما حلف فلا حرج عليه، وإن كان يعلم أن لها حقا ً وحلف بخلاف ذلك فعليه التوبة والكفارة، وهي إما إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، وعليه مع ذلك أن يوفيها حقها الذي غمطه منها بيمينه والله أعلم. ما حكم قسم اليمين بالنفي الذي يؤديه رجال الشرطة في المحاكم ِ الجزائية عندما يطلب منهم ذلك من قبل القضاة للتأكد من أنهم قاموا ُ بضرب المتهمين في قضايا المخدرات أم لا، مع أنهم يقومون بذلك بسبب ما يتطلب منهم ذلك أثناء الضبط والتحقيق معهم لإجبارهم على الاعتراف بالجرم المسند إليهم، مع وجود الأدلة المادية التي تدل على تورطهم في ذلك مثال: (التصوير الحي المضبوطات الفحوصات الطبية الاعترافات الأولية)، مع العلم أنه إذا لم يقم رجال الشرطة بنفي ذلك القسم يحكم القضاة ببراءة المتهمين وإخلاء سبيلهم وضياع الجهود المبذولة في كل القضايا المادية والمعنوية والجسمانية منها، مع علم سماحتكم بخطورة تلك المواد السامة وآثارها على الأمة الإسلامية وشبابها؟ يجب على الإنسان أن يقول َ الحق ولا يسوغ له الكذب ولو لم يقسم فما بالكم بالقسم زورا ً فهو أعظم وأطم، لذلك لا أرى مبررا ً للقسم زورا ً في مثل هذه الحالة، بل على الشرطة أن يوضحوا ما عندهم من الأدلة والقرائن وكفى، فإنهم بذلك يكونون أدوا ما عليهم ويحمل التبعة غيرهم والله أعلم. :ˆG ô«¨H ∞∏ëdG هل يجوز أن يقسم الإنسان بشرفه، كأن يقول: أقسم بالله العظيم وبشرفي؟ القسم لا يجوز ولا ينعقد إلا إن كان بالله 8 أو أسمائه أو صفاته، بل جاء التشديد في ذلك في الحديث النبوي الشريف، فقد جاء في بعض « فقد أشرك » وفي بعضها ،« من حلف بغير الله فقد كفر » : الروايات(١) ، وكفى به ردعا ً عن ذلك، وهذا لأن القسم تعظيم لا يليق إلا بمقام الربوبية، هذا إن كان من قبل المخلوق، وأما ا لله 8 فإنه يقسم بما يشاء ويحكم ما يريد: ﴿ ÅÄÃÂÁÀ ﴾ [ [الأنبياء: ٢٣ ، فلذلك أقسم بالفجر والعصر والصبح والضحى والليل والنجم والعاديات والنازعات وغيرها من مخلوقاته؛ لأجل التنبيه عما فيها من عظيم آياته، وكل ما أقسم الله به فقد عظمه والله تعالى أعلم. ما قولكم في رجل أقسم بالكعبة ألا يفعل ما حرم الله من الكبائر ففعل، فهل يلزم بشيء تجاه قسمه؟ عليه أن يتوب إلى الله من قسمه بغير الله تعالى، فإن القسم بغير الله من الكبائر، فمن كان حالفا ً فليحلف بالله تعالى، ولا تنعقد يمين من حلف بغير الله، لذلك لا تجب عليه الكفارة، وعليه أيضا ً أن يتوب إلى الله من الكبيرة التي أتاها والله أعلم. عندي امرأتان حلفت كل واحدة منهن، فقالت الأولى: على رؤوس ١) رواه الترمذي في كتاب النذور والأيمان باب ما جاء في كراهية الحلف بغير الله رقم ) .( ١٥٣٥ )، وأبو داود، كتاب الأيمان والنذور باب في كراهية الحلف بالآباء رقم ( ٣٢٥١ ) أولادي بأن هذا الثوب لن تلبسيه، وحلفت الثانية وقالت: على رؤوس أولادي ألبسه، فما حكم الشرع في ذلك؟ وهل يلحق الأولى شيء إذا أعطتها الثوب تلبسه وهل يلحق الثانية شيء إذا لم تلبسه؟ الحلف بغير الله بدعة لا يقرها الإسلام، لثبوت النهي عن ذلك والتشديد فيه عن النبي ژ ، واليمين لا تنعقد بهذا الحلف المنكر، لذلك لا تجب الكفارة بسبب الحنث فيه، وعليه فليس على المرأتين إلا التوبة والاستغفار من مخالفتهما أمر الله والله أعلم. رجل حلف بطلاق زوجته إذا ارتكب فاحشة الزنى غير أنه ارتكبها، فهل تطلق منه زوجته أو تحرم عليه أبديا ً؟ إن كان حلف بصيغة التعليق فإنها تطلق بوقوع المعلق عليه وهو الزنى وذلك بأن يقول: إن زنى فهي طالق، وإن حلف بصيغة القسم وذلك بأن يقول: بالطلاق لا يزني، ففي وقوع الطلاق بذلك خلاف والراجح عدم وقوعه، لكنه ارتكب معصيتين كبيرتين وهما الحلف بغير الله والزنى فعليه التوبة منهما والله أعلم. رجلان أبناء عم، أراد ولد أحدهما الزواج من بنت الآخر، إلا أن والد البنت كان قد أقسم بالكعبة على ألا يزوج ابنته من أولاد أبناء عمه وحرم ابنته عليهم؟ ّ بئس ما قال هذا الأب الأرعن، فقد أتى ثلاث معاصي كل واحدة منها كبيرة توجب لصاحبها الخلود في النار إن لم يتب إلى ربه، أولها: قطيعة الرحم ولا يدخل الجنة قاطع رحم بنص الحديث، ثانيتها: القسم بغير الله حيث أقسم بالكعبة وهي مخلوقة، وفي الحديث عن ا لنبي ژ : من حلف » ثالثتها: تحريم ما أحل الله وهو كفر بواح إذ هو افتراء على ،« بغير الله فقد كفر ٌ الله ورد ٌ لحكمه والله سبحانه يقول؛ ﴿ }|{ ~ے ¡ ² ± ° ¯ ® ¬ « ª© ¨ § ¦ ¥ ¤ £ ¢ ³ ﴾ [ [النحل: ١١٦ ، وقال تعالى: ﴿ WX Y Z [ \ ] ^ _ ` k j i h g fe d c b a ﴾ [ [الأنعام: ١٤٠ ، فمن أين له أن يحرم ابنته على بني أخيه والله قد أحلها لهم؟ فليتق الله وليثب إلى رشده وليعد إلى عقيدة الإسلام التي تمنع من القول على الله بغير علم وليصل رحمه وإلا باء بالخسران والله ا لمستعان. ما قولكم في رجل حلف يمينا ً أن لا يدخل بيت أخيه، وحلف بطلاق زوجته، وكذلك حلف أن لا يدخل بيت أولاد عمه، وحرم الأكل ّ والشرب من بيوتهم، فإذا دخل بيوت هؤلاء المذكورين ماذا يكون عليه؟ بئس ما فعل، فإن الحلف بغير الله من أكبر الكبائر، وإن كان حلفه بصيغة التعليق كأن يقول: إن دخل فهي طالق طلقت بمجرد دخوله، وإن كان بصيغة القسم فلا تطلق، وإنما عليه التوبة وذلك إن قال: بطلاقها لا يدخل، وليس عليه كفارة عن حلفه بغير الله لعدم انعقاد اليمين، وإنما تلزمه كفارة عن تحريم ما أحل الله مع التوبة النصوح من ذلك، فإن تحريم ما أحل الله كتحليل ما حرم كلاهما اجتراء على الله وافتراء للكذب عليه: ﴿ { | } ~ ے «ª©¨§¦¥¤£¢¡ ¬ ®¯ ° ± ² ³ ﴾ [ [النحل: ١١٦ وبجانب ذلك يجب عليه التوبة لعزمه على قطيعة الرحم وحلفه على ذلك والله أعلم. :ø«ª«dG »a AÉæãà°S’G ما رأيكم فيمن حلف واستثنى بالمشيئة كأن يقول: إن شاء الله بقصد الاستثناء أو التبرك هل يجديه ا لاستثناء؟ روى أحمد وأصحاب السنن عن ابن عمر ^ قال: قال رسول الله ژ : « من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه »(١) ، وروي نحوه من  طريق أبي هريرة عند أحمد والترمذي وابن ماجة والنسائي وابن حبان، وهو ٰ دليل على الاستثناء بالمشيئة ا لربانية له أثر على اليمين في إسقاط كفارتها، ّ وحكى الإجماع على ذلك كل ٌ أحكام » من العلامة ابن العربي في كتاب وحكى القرطبي كلام ابن العربي « النيل » والإمام الثميني في كتاب « القرآن وأقره، وذلك فيما إذا قصد بالتعليق على المشيئة الاستثناء، أما إذا قصد به التبرك فله حكم آخر لأنه قد يخرج مخرج التأكيد لليمين. هذا وقد ألحق بعض أهل العلم بالمشيئة في الاستثناء كل ذكر لله تعالى إن جاء عقب اليمين متصلا ً بها إن قصد به الاستثناء، وتوسع البعض فسوغ أن يستثني في الشهر لما يحلفه في ذلك الشهر، وحكى ا لقطب 5 عن اللقط ا لمروية(٢) عن أبي عزيز وعن غيره أن هذا قول شاذ لا يؤخذ به، وما أحراه بهذا. ١) رواه الترمذي في كتاب النذور والأيمان، باب ما جاء في الاستثناء في اليمين، رقم ) ١٥٣١ )، وأبو داود، كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء، وابن ماجة، كتاب الكفارات، )باب الاستثناء في اليمين، رقم ( ٣٢٦١ )، والنسائي، كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء، .( رقم ( ٣٨٢٨ مجموع من السير والأخبار والفقه وفتاوى النوازل التي وقعت في « لقط أبي عزيز » ٢) كتاب ) عصره، وهو للشيخ إبراهيم بن أبي يحيى (ت: ٧٤٦ ه). انظر: مركز دراسات الإباضية، موقع ا لكتروني. وبما أن اليمين لا تنعقد بالنية حتى ينطق بها الحالف فكذلك الاستثناء لا يكفي أن يكون بالنية دون النطق، وقيل: بل يكفيه إن نواه ولو لم ينطق به، والصحيح الأول، وذكر ابن خويز منداد من المالكية أن بعضهم قال: بأنه يصح استثناؤه في نفسه، ولكنه يكون ظالما ً للمحلوف له، وذهب آخرون إلى أنه لا يصح حتى يسمع المحلوف له، وقال غيرهم: يصح إذا حرك به لسانه وشفتيه لأن من لم يحرك به لسانه وشفتيه لم يكن متكلما ً ، ومن اشترط النطق به من علمائنا قيده بإسماعه أذنيه، وإن حرك به لسانه ولم يسمعه أذنيه فقولان في ا لمذهب. هذا ولا مناص على الصحيح من كونه موصولا ً باليمين من غير فاصل إلا بنحو عطاس أو تثاؤب أو تنفس، وقيل: بل يسوغ ما لم يقم من مجلسه، وحكي عن جماعة من التابعين منهم طاوس والحسن، وقال قتادة: ما لم يقم أو يتكلم وقال عطاء: بقدر حلب ناقة، وقال أحمد وإسحاق: يستثني ما دام في ذلك الأمر، وقال سعيد بن جبير: إن استثنى بعد أربعة أشهر أجزاه. وقال ابن عباس ^ : يدرك الاستثناء بعد سنة. وتابعه على ذلك أ بو العالية والحسن، وقال مجاهد: إن قال بعد سنتين: إن شاء الله أجزاه، وقال ابن المواز من المالكية: يكون الاستثناء مقترنا ً باليمين ا عتقادا ً ولو بآخر حرف، قال: فإن فرغ منها واستثنى لم ينفعه ذلك، لأن اليمين فرغت عارية من الاستثناء فوروده بعدها لا يؤثر كالتراخي، وتعقب بأن في حديث ابن عمر عند النسائي « من حلف فاستثنى فإن شاء مضى وإن شاء ترك من غير حنث » وأبي داود(١) والفاء للتعقيب لذلك لم يشترط هذا الشرط جمهور أهل ا لعلم. ١) رواه النسائي، كتاب الأيمان والنذور، باب من حلف فاستثنى، رقم ( ٣٧٩٣ )، وأبو داود ) .( كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء في اليمين، رقم ( ٣٢٦٢ وتعلق ابن عباس ^ بقوله تعالى: ﴿ !" # $ % & ' ﴾ [ [الفرقان: ٦٨ الآية. فلما كان بعد عام نزل ﴿ BC D ﴾ وتعقبه ابن العربي بأن  الآيتين كانتا متصلتين في علم الله وفي لوحه، وإنما تأخر نزولها لحكمة، علم الله ذلك فيها، ثم نقل عن أبي الفضل المراغي أنه كان يقرأ في مدينة السلام، وكانت الكتب تأتي إليه من بلده، فيضعها في صندوق ولا يقرأ منها واحدا ً مخافة أن يطلع فيها على ما يزعجه ويقطع به عن طلبه، فلما كان بعد خمسة أعوام وقضى غرضا ً من الطلب وعزم على الرحيل شد ّ رحله وأبرز كتبه وأخرج تلك الرسائل فقرأ فيها ما لو أن واحدا ً قرأه بعد وصوله ما تمكن بعده من تحصيل حرف من العلم، فحمد الله ورحل على دابة قماشه، َّ وخرج إلى باب الحلبة طريق خراسان، وتقدمه ا لكرى بالدابة، وأقام هو على ّ ِ فامى(١) يبتاع منه سفرته، فبينما هو يحاول ذلك معه إذ سمعه يقول لفامى ّّ آخر: أما سمعت العالم يقول يعني الواعظ : إن ابن عباس يجوز الاستثناء ّ ولو بعد سنة، لقد اشتغل بذلك بالي منذ سمعته فظللت فيه متفكرا ً ، ولو كان ذلك صحيحا ً لما قال الله تعالى لأيوب: ﴿ , -210/. ﴾ [ [ص: ٤٤ وما الذي يمنعه من أن يقول: قل: إن شاء الله؟ فلما سمعه يقول ذلك قال: بلد يكون فيه الفاميون بهذا الحظ من العلم وهذه المرتبة أخرج عنه إلى المراغة؟ لا أفعله أبدا ً ، واقتفى أثر ا لكرى وحلله من المراء وأقام بها ّ حتى مات. أما « والله يؤتي فضله من يشاء » وهي حجة قوية ألهمها الله ذلك الفامى ما يمكن أن يعترض به عليها من أن ذلك إنما هو شرع من قبلنا، وهو ليس ١) الفوم: الثوم والحنطة والخبز وسائر الحبوب التي تخبز، وبائعه: فام ) ِ ي . (انظر: القاموس المحيط، فصل ا لفاء). بشرع لنا فيدفع بأن الأصل في الشرائع اتحادها، على أنه لم يأت في دلائل الكتاب والسنة التي هي ينابيع التشريع ما يدل على جواز الاستثناء إلى ما بعد العام، وقد حكى الله هذه القصة في كتابه فكانت حجة. هذا وقد استدل القائلون بالاكتفاء بالنية في الاستثناء ولو لم يلفظ بقوله ژ : « إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى »(١) وأشار البخاري بباب النية في الأيمان، وأورد الحديث « صحيحه » إلى ذلك إذ بوب له في ّ ولكن شراحه حملوه على ما إذا أطلق لفظ اليمين، وكان معناها في نيته مقيدا ً ، كأن يقسم أن لا يفعل كذا، وكان في نيته تقييد ذلك بزمان مخصوص أو بحالة بعينها، وليس في الحديث ما يدل على أن الاستثناء تكفي النية به بدون لفظ، لأن الأيمان لا تعد شيئا ً إن كانت نية في القلب بدون تلفظ، وإلا لوجب على من نوى اليمين فحنث أن يكفر ولو لم يلفظ بها ولزم مثل ذلك في الطلاق والعتاق وجميع العقود، وهو مردود إجماعا ً ، ومثل ذلك الاستثناء بالمشيئة فإنه لا بد من النطق به، على أن تتمة الحديث تفسر أوله فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت » : وهي « هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه(٢) . والاستثناء بالمشيئة مجمع على تأثيره في اليمين إن كانت بالله كما قال ابن عبد البر، وأما في الطلاق والعتاق ففي ذلك خلاف، فذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أن الطلاق والعتاق يبطلهما الاستثناء بالمشيئة كاليمين، وذهب آخرون إلى عدم تأثيره فيهما وهو الذي عليه المذهب(٣) ، وفي النيل وشرحه .( ١) رواه الربيع في باب النية، رقم ( ١)، والبخاري، باب بدء الوحي، رقم ( ١ ) .( ٢) رواه البخاري، باب (بدى الوحي رقم ( ١ )٣) يعني المذهب ا لإباضي. ) أن الطلاق والظهار والنكاح والعتق لا يجدي فيهن الاستثناء إلا ما كان بصيغة التعليق، لأن التعليق يجعلهن أيمانا ً فيهدمه الاستثناء، وحكى صاحب النيل 5 قولا ً بأنه يهدمهن ولو في غير الاستثناء، وأقره ا لقطب 5 في شرحه، وهو مما يدل على أن الخلاف في ذلك في المذهب، ولعل ما ذكره صاحب النيل من الخلاف في الاستثناء هل هو حال ٌ لليمين أم مانع من انعقادها؟ بانيا ً عليه الخلاف في تأثير الاستثناء بالنية فقط هو أصل لهذا الخلاف في الطلاق ونحوه، لأن الطلاق يقع بإنشائه لفظا ً فلا يحله ما يكون بعد وقوعه بخلاف ما إذا قيل بأنه مانع للوقوع رأسا ً ، والذي أراه أن الاستثناء بالمشيئة هو خلاف الأصل فيجب أن يقتصر فيه على مورد النص فلا يقاس عليه الطلاق ونحوه، لأن كل ما كان على خلاف القياس لا يقاس عليه غيره والله أعلم. :¿BGô≤dÉH ∞∏ëdG من حلف بالمصحف هل تلزمه كفارة؟ اختلف في الحلف بالمصحف بين مبالغ في التشدد وآخر عكسه، فقيل: على من حلف فحنث كفارات مغلظة بعدد حروفه، وهي على ما قال بعضهم ثلاثمائة ألف وثلاثة عشر ألفا ً وأربعة وعشرون، وقيل: ألفا ألف وسبعة وعشرون ألفا ً ، قال القطب: وهو أقرب إلى الصواب: وقيل: بعدد كلماته، وهي سبعون ألفا ً وستمائة وأربع وعشرون كلمة، وقيل: بعدد آياته، وهي ستة آلاف وستمائة وست وستون آية، وقيل: بعدد كل عشر آيات، وعليه فهي ع ُ شر ما تقدم ذكره، وقيل: بعدد سوره، وهي مائة وأربع عشرة سورة، وقيل: تجزيه مغلظة واحدة، وقيل: بل مرسلة، وقيل: لا شيء عليه لأنه حلف بغير الله، وهو أصح إذ ليس هو عين ذاته تعالى ولا صفة من صفاته، وإنما هو أثر لإحدى صفاته، وهي صفة الكلام الذي يراد به نفي الخرس عنه سبحانه، على أن الكائنات كلها آثار لصفاته تعالى، وعلى ذلك لا تجب الكفارة بالحلف بها، وقدسيته لا تقتضي هذا التغليظ بل ولا فرض ما لم يفرضه الله من الكفارة، فإن في الكائنات الأخرى ما هو مقدس شرعا ً كالبيت الحرام وبيت المقدس والمساجد لأنها بيوت الله، والعرش والكرسي والقلم واللوح، ومع ذلك لا تجب كفارة على من حلف بها والله أعلم. لي ثلاث بنات من أب غير ع ُ ماني، كان يعمل في السلطنة وأنهيت خدماته ثم سافر إلى بلده وتوفي هناك، والبنات الثلاث من مواليد السلطنة وأكبر واحدة فيهن قد بلغت الرشد وتقدم لها شاب من عائلة والدها لخطبتها لكنني سبق لي وأن حلفت بالقرآن الكريم على أنني لا أزوج بناتي أناسا ً يقربون لوالدهن، وذلك بسبب ما كان بيني وبين والدهن من سوء تفاهم، والآن البنات تحت مسؤوليتي شرعا ً ، هذا وبصفتي قد حلفت وكما أشرت وأنا الآن أريد تزويج ابنتي من هذا الشخص، فما حكم الشرع في ذلك؟ إن كنت قصدت من الحلف بما في القرآن من أسماء الله الحسنى وصفاته العلى، وقصدت بالتزويج الموافقة على الزواج؛ فإن عليك في هذه الحالة إن وافقت على التزويج كفارة مرسلة؛ وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم تجدي فصيام ثلاثة أيام، وإن قصدت بالحلف بالقرآن الحلف بحروفه وكلماته ففي ذلك خلاف كثير، والراجح أن الواجب من ذلك التوبة وكفى والله أعلم. رجل أقسم يمينا ً وقال: أقسم بالله وكتاب الله المنزل بأنني لن أذهب لأعمال الشيطان، وبعد فترة طويلة رجع مرة أخرى، ماذا يلزمه من هذه ا ليمين؟ على من حلف بالله وأسمائه وصفاته كفارة يمين إن حنث وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، وليتب إلى الله من حلفه بالقرآن أو غيره من كتب الله تعالى، لأنه غير داخل ٍ في الحلف بالله وأسمائه وصفاته والله أعلم. :¬«∏Y ±ƒ∏ëªdG hCG ø«ª«dG Oó©J هل على من حنث في عدة أيمان كفارات بعددها أو تكفيه واحدة؟  قيل: عليه من الكفارات بقدر الأيمان التي حنث فيها، وقيل: تجزيه واحدة عما مضى ما لم يكفر، والقول الأول أصح، وإنما يسوغ التوسع للتائب في الأخذ بالقول الثاني إن شق عليه التكفير عن كل أيمانه التي حنث فيها والله أعلم. كنت قد حلفت عدة مرات على أشياء ولم أفعلها أو لا تتحقق، وفي يوم من الأيام تبت إلى الله وأريد أن أصوم ثلاثة أيام، وكنت ناويا ً أن أصومها ولكنني أخ ّ رت الصيام إلى ما بعد، وبعد فترة قلت: لا أنام بعد فجر اليوم وحلفت ولكنني نمت بسبب أنني كنت مرهقا ً جدا ً ، وقلت في نفسي: أنام وأصوم بعد ذلك توبة إلى الله من الحلف في الأيام القادمة، فماذا علي أن أفعل؟ وقد ندمت ندما ً شديدا ً على ما فعلت؟ ّ عليك على الأقل كفارة واحدة وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم تجد شيئا ً من ذلك فصيام ثلاثة أيام والله أعلم. رجل أقسم بالله أنه لا يشتري محلا ً ولا يدخله، فإذا اشتراه غيره فهل يجوز له أن يدخله لكونه أقسم بالله أم أنه إذا دخله تلزمه كفارة يمين مرسلة؟ القسم متعلق بالدخول كتعلقه بالاشتراء ويحنث بكل واحد منهما والله أعلم. ما قولكم في رجل أراد أن يتوب إلى ربه ويكف ّ ر عن أخطائه التي ارتكبها وفرط فيها؛ بكثرة الحلف بالله تعالى، هل يجب عليه كفارة ٍ معينة عن كل حلف حلفه أم تكون على كل ما حلفه سابقا ً كفارة ٌ واحدة؟ وإن كان لا يحفظ عدد الأيمان التي أقسم بها، وما هو الأفضل في الكفارة هل الصيام أم الإنفاق أم العتق؟ وإن كان العتق أفضل ولم يوجد فماذا يفعل؟ ِ قيل: عليه كفارة لكل يمين حلفها فحنث َ ، وقيل: تجزيه كفارة واحدة عما تقدم من الأيمان قبل التكفير، والكفارة هي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام والله أعلم. ما قولكم فيمن حلف: والله لا أدخل بيت فلان ولا أجالسه ولا آكل معه، فإذا أراد أن يكفر عن يمينه فهل تلزمه كفارة واحدة أم أنه بتعدد حلفه تتعدد ا لكفارات؟ من حلف يمينا ً بالله أنه لا يفعل أشياء متعددة ففعلها لزمته كفارة واحدة ولم تلزمه كفارات بعددها ما دامت اليمين واحدة لم تتعدد والله أعلم. فيمن كان كثيرا ً ما يحلف ويحرم ويحنث جهلا ً فيما مضى، فإذا أدرك خطأه الآن فماذا عليه فيما سلف؟ عليه التوبة إلى الله ويحتاط ولو بكفارة واحدة والله أعلم. من حلف يمينا ً ثم حنث فيها فكف ّ ر فهل تكون تلك اليمين ماضية أم عليه أن يقسم ثانية؟ وإن كانت لا تزال ماضية فهل عليه إن حنث بها ثانية أن يؤدي كفارة أخرى؟ ما معنى أن يقسم ثانية؟ فهو لا يطالب بأن يقسم إذ ليس القسم مطلوبا ً ولو كان المقسم صادقا ً ، وكثرة الأيمان عرضة للوقوع في الفساد، ولذلك قال تعالى: ﴿ ¬ ® ° ¯ ± ﴾ [ [القلم: ١٠ ، ومن العلماء من فس ّ ر قول الله تعالى: ﴿ ÇÈ É Ê Ë ﴾ [ [البقرة: ٢٢٤ ، بمعنى لا تكثروا الحلف بالله ولو كان الحالف صادقا ً في يمينه، وإنما عليه أن يتجنب الحلف بقدر المستطاع، فإن حلف وحنث وكف ّ ر سقط عنه حكم اليمين، ولا عليه بعد ذلك أن يستمر في فعل ما يقتضي الحنث بما أنه فعله من قبل ثم كف ّ ر، والله تعالى أعلم. ما القول الراجح معكم فيمن حلف بالله مرارا على شيء ثم حنث كم كفارة تكون عليه؟ الأصل أنه تجب عليه كفارة لكل يمين والقول بإجزاء كفارة واحدة رخصة تمنح التائب المضطر لعدم السعة عنده والله أعلم. :ø«ª«dG »a ó°ü≤dGh ±ô©dG IÉYGôe من حلف أن يأكل اللحم فأكل السمك هل يحنث؟ ذهب بعض أهل العلم إلى أن الأيمان تراعى فيها دلالة ألفاظها فيكون البر والحنث بمقتضى تلك الدلالة، ومنهم من غلب العرف والعادة، وبناء على هذا الاختلاف كان خلافهم في الحالف أن لا يأكل السمك فأكل اللحم، فمن راعى دلالة اللفظ قال بحنثه لأن الله سمى السمك لحما في قوله: ﴿ «¬ ® ¯ ° ± ³ ² ﴾ [ [النحل: ١٤ ومن أخذ بالعرف والعادة قال بعدم حنثه، لأن الناس إذا أطلقوا اللحم لم يقصدوا دخول السمك فيه، ولا ينصرف الذهن إلى دخوله، والقول الأول محكي عن أبي عبد الله ولعله الفرسطائي، وصححه شيخنا أبو إسحاق إطفيش، حفظته منه سماعا ً ، واستدل له بالآية، والقول الآخر الذي عليه جمهور أهل العلم وذكر القطب 5 أن أبا عبد الله قاله في محل آخر، إذ حكى عنه قوله: إن السمك ليس من اللحم إلا إن نواه. ثم أتبع القطب ذلك بقوله: والحق أنه منه لنص القرآن، إلا إن نوى الحالف خروجه أو اعتاد أنه لا يسمى لحما ً . والذي أختاره أن العبرة في ذلك بالنية إن كانت له نية، لقول ا لنبي ژ : « إنما الأعمال بالنيات ولكل امرىء ما نوى »(١) وإن لم تكن له نية فالعرف هو المحكم، وعليه المعول، فإن أحدا ً لو أمر ولده أو غلامه أن يشتري لحما ً فاشترى سمكا ً لما ع ُ د ّ ممتثلا ً لأمره، وعليه فلا أرى حنثا ً على من أكل السمك إن حلف أن لا يأكل اللحم، اللهم إلا أن يكون في مجتمع يغلب عليه عرفا ً إطلاق اللحم على ا لسمك. .( ١) رواه الربيع، باب في النية، رقم ( ١)، والبخاري في باب بدء الوحي، رقم ( ١ ) فإن قيل: أو ليس القرآن حجة في التعبير كما أنه حجة في ا لتشريع؟ قلت: بلى، وأي حجة تساوي حجة القرآن أو تدانيها؟ ولكن القرائن تصرف الألفاظ عن معانيها الحقيقية إلى معاني أخرى لم توضع لها ولو كانت مستعملة في القرآن في حقائق معانيها كالشمس والقمر والليل والنهار والبحر والغيث، فهب أحدا ً أقسم على شيء وأدرج شيئا ً من هذه الألفاظ في قسمه على سبيل المجاز، وقد دلت قرينة عقلية أو لفظية أو حالية على قصده ألا يكون له ما قصد؟ فما الذي يدرأ قرينة العرف الشائع عن التأثير في حكم يمين الحالف بأن لا يأكل اللحم فأكل السمك؟ وكيف يفرق بين القرائن فيعول على بعضها ويرفض بعضها؟ أو ليس حكمها شرعا ً ولغة واحد؟ والله أعلم. لدي ابن يدرس في الصف الأول الثانوي وعمره ( ١٩ ) عاما ً ، وقالت زوجتي: إذا رسب الابن في الدراسة أحلف سبعين يمين تخرج أنت وولدك من البيت؟ فماذا عليها؟ إن كانت لم تصرح بما تحلف به فلا أرى عليها إلا التوبة، اللهم إلا إن نوت أنها حلفت بالله فعليها كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام، هذا إن لم يخرج الأب وابنه من البيت والله أعلم. رجل حلف بالله العظيم على ضيوف ليجلسوا فجلسوا فترة ثم طلبوا الإذن بإصرار فذهبوا، هذا اللفظ الذي قاله أما نيته فهي المكوث لتناول الغداء، فماذا عليه؟ اختلف في الأيمان هل تراعى فيها المقاصد أو الأعراف، فعلى الأول تلزمه الكفارة وعلى الثاني لا تلزمه والله أعلم. ما قولكم في رجل حلف بالله العظيم أن يعطي شخصا ً مبلغا ً لتسديد ما عليه حسب ظروفه، ورفض ذلك الشخص أن يأخذ المبلغ المعين منه وحرم وحلف، ماذا يلزم صاحب المبلغ في ذلك؟ ّ إن أعطاه فرفض بر في يمينه بمجرد الإعطاء والله أعلم. ًُ ثم أخذه أحدهما بنية التخلص منه، فهل عليه حنث ونيته كما ذكرت؟ فيمن أعطي مبلغا من المال فحلف ألا يأخذه، وكذلك حلف المعطي، إن كان قصد في حلفه أن لا يأخذه لنفسه فإن أخذه لغيره لم يحنث، وإن ِ كان لم يقصد ذلك وإنما قصد مطلق الأخذ حنث والله أعلم.  أقسمت لصاحبي أني سوف آتي إليه الساعة الخامسة وفات الموعد بدقيقة فهل هذا حنث وهل علي الكفارة؟ ّ إن كان العرف يقتضي عدم تجاوز الوقت بحيث تصدق الساعة الخامسة على ما بعدها بدقيقة فلا حنث عليك ولا تجب عليك الكفارة لعدم الحنث، وإلا فعليك الكفارة وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم تجد شيئا ً من ذلك فصم ثلاثة أيام والله أعلم. اليمين في الدعاوى هل هي بحسب نية الحالف أو بحسب نية المستحلف؟ الأيمان كلها مبنية على نية الحالف إلا من حلفه القاضي العدل فعلى نية المحلف والله أعلم. :ø«ª«dG øe ó©j ’ Ée q ما رأي أهل العلم في استخدام كلمة (لعمري) في القسم، حيث أجد كثيرا ً من الشعراء والناظمين يستخدمونها؟ كلمة لعمري عندما تدرج في ألسن الناس أو في كلامهم المسطور لا يريدون بها القسم، وإنما هي كلمة جرت على الألسن، مثلها كقول النبي ژ : « أفلح وأبيه إن صدق »(١) في قصة الأعرابي، فهو لم يرد بذلك القسم، وإنما هي من الكلمات التي تجري على الألسن، ومن تركها ا حتياطا ً لئلا يظن به القسم بغير الله فذلك خير. ولمثلها نظائر من الكلمات التي تقال من غير أن تقصد معانيها كقولهم: (تربت يداه)، فإن تربت بمعنى افتقرت، ولكن القائل لا يقصد بها الدعاء على من يهنيه بأن تفتقر يداه. وكذلك يقال: (قاتله الله) في موضع لا يراد به الدعاء على المعني بهذا القول، وإنما تقال عندما يستعظم من أحد شيئا ً من الأعمال الغريبة، وهذا إلا أن الرجل طلب أن .« ما له ضرب الله عنقه » : كما قال ا لنبي ژ لرجل يكون ذلك دعاء، فقال: في سبيل الله يا رسول الله، فقال ا لنبي ژ : في » « سبيل ا لله (٢) . ومن المعلوم أن النبي ژ لم يقصد في أصل كلامه الدعاء عليه بأن يضرب الله عنقه وإنما هذه كلمات جرت عادة الناس أن يأتوا بها للتعجب أو للتعجيب أو نحوهما. .( ١) رواه مسلم في كتاب الإيمان باب بيان الصلوات رقم ( ١١ ) .( ٢) رواه الربيع في كتاب الصلاة باب في صلاة الجمعة رقم ( ٢٧٧ )  وكذلك قول القائل: لعمري ولعمرك، لا يريد به القسم، وإنما هو مما جرى على الألسن في معرض تأكيد الكلام، فلا مانع منه بهذا الاعتبار، وإن كان من العلماء من شد ّ د فيه إلا إن كانت الإضافة إلى الله وذلك بأن يقول: لعمر الله أو نحو هذا. ونحن لا نرى التشدد في هذا، لكن من غير نية القسم، وإنما بنية تأكيد الكلام فحسب، واعتبار ذلك من الألفاظ العارضة الجارية على الألسن، والله أعلم. امرأة غضبت من امرأة مثلها بسبب نزاع بينهما، والمرأة تقول إنها لا تعلم إن كانت قد حلفت أو قالت: نعم أو والله أو عهد، إنها لن تقفي جنازتها ولا تأكل من فضلها، ولكنها صامت ثلاثة أيام بعدما رجعت عليها بالرضا وأحضرت لها أكلا ً ولكنها لم تأكل منه، فما حكم الشرع في ذلك؟ عليها أن تستغفر الله، وإن كانت فعلت شيئا ً مما أقسمت أن لا تفعله فعليها الكفارة بعد الفعل وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام، هذا إن تيقنت الحلف، وإلا فالأصل براءة الذمة ولا كفارة عليها إلا إن أرادت الاحتياط والله أعلم. ٍ امرأة صار بينها وبين أحد من أهلها خصومة وحلفت أنها إذا تذهب إلى بيت الرجل ت ُعور أي تكون عوراء وهي الآن تريد أن ترجع إلى بيت َْ هذا الشخص ا لمذكور؟ إذا كان حلفها باسم الله تعالى لزمتها كفارة مع الحنث وإلا فما عليها إلا التوبة والاستغفار والله أعلم. الأيمان ٩٣ قالت الأم لابنها: (كفارة عليك أي شيء من عندي إلى يوم القيامة)، ماذا تفعل كي تكفر عن هذه ا لحلفة؟ هذه الحلفة ليست بشيء إذ ليست قسما ً باسم الله، فلا كفارة فيها والله أعلم. ما هي الكفارات المرتبة وما هي الكفارات ا لمخيرة؟ ّ الكفارات المرتبة هي كفارة القتل، فإن الواجب فيها هو عتق رقبة مؤمنة، وإنما يعدل غير واجدها إلى صيام شهرين متتابعين وذلك لقوله 8 : ﴿ *+ , 6 5 4 3 2 1 0 / . - E DC B A @ ? > = < ; : 9 87 P O N M L K J I H G F ]\ [ Z Y X W V U T SR Q _ ^ ` a ﴾ [ [النساء: ٩٢ ، وذلك يقتضي العدول عن العتق إلى الصيام في غير حال وجدان الرقبة المؤمنة، وأما في حال وجدانها فلا يسوغ ذلك، وكفارة الظهار لقول الله تعالى: ﴿ U T S R Q P h ❁fedcba `_^]\[ZYXWV rq p o n m l k j i s t u v w x ﴾ [٤ ، [المجادلة: ٣ فقد تضمنت الآيتان أن كفارة الظهار هي عتق رقبة، وينتقل غير واجدها إلى صيام شهرين متتابعين، ومن لم يستطع صيامهما انتقل إلى إطعام ستين مسكينا ً . وأما كفارة الصيام ففيها خلاف بين أهل العلم، فقيل: بالتخيير فيها بين العتق والصيام والإطعام وهو قول جمهور أصحابنا، وعليه جماعة من المالكية منهم القاضي عياض وابن المنير وعزاه الإمام نور الدين السالمي في شرحه على مسند الإمام الربيع بن حبيب إلى الإمام مالك، ولكن المشهور عن الإمام مالك أن كفارة الصيام إنما هي الإطعام وحده إن كان سببها الجماع، لما رواه البخاري عن عائشة # تقول: إن رجلا ً أتى قال أصبت أهلي في رمضان. فأتى ؟« مالك » : النبي ژ فقال: إنه احترق. قال تصدق » : قال: أنا. قال « أين المحترق » : النبي ژ بمكتل يدعى العرق قال « بهذا(١) ، وأجيب بأن هذه الرواية جاءت مختصرة والروايات الأخرى تفسرها ومن حفظ حجة. وأما إن كان الموجب لها غير الجماع فالمشهور عنه التخيير فيها بين العتق والصيام والإطعام، واستدل أصحابنا على أنها يخير فيها بين أنواعها الثلاثة بما رواه الربيع في مسنده عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي أفطر رجل في عهد رسول الله ژ فأمره رسول الله ژ بعتق رقبة » : هريرة قال أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ً على قدر ما يستطيع من « ذلك(٢) ، وذهب الجمهور إلى أنها على الترتيب فلا يعدل إلى الصيام إلا من لم يجد الرقبة ولا إلى الإطعام إلا من لم يستطعهما وهو قول ابن العربي من المالكية واختاره من أصحابنا الإمامان ابن محبوب وأبو نبهان رحمهما الله وهو الذي اختاره، ذلك لأن رواية أبي هريرة عند الربيع مجملة إذ لم ينقل فيها قول ا لنبي ژ للرجل، وقد فسرها ما أخرجه عنه الشيخان وأصحاب قال: «؟ هل تجد ما تعتق رقبة » : السنن وغيرهم، وفيه أن ا لنبي ژ قال للرجلفهل تجد ما » : قال: لا. قال « فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين » : لا. قال «؟(٣) تطعم ستين مسكينا ً . وذكر الإمام السالمي 5 احتمال وجه آخر وهو أن يكون الترتيب ١) رواه البخاري، كتاب المحاربين، باب من أصاب ذنبا ) ً دون الحد، رقم ( ٦٤٣٦ )، ومسلم، .( كتاب الصيام، باب تغليظ تحريم الجماع، رقم ( ١١٢ .( ٢) رواه الربيع، كتاب الصيام، باب ما يفطر الصائم، رقم ( ٣١٦ ) ،( ٣) رواه البخاري، كتاب الكفارات، باب يعطى في الكفارة عشرة مساكين، رقم ( ٦٣٣٣ ) .( ومسلم كتاب الصيام، باب تغليظ تحريم الجماع، رقم ( ١١١١ خاصا ً بالجماع دون سائر المفطرات فإن كفارتها على التخيير، والمسألة تحتاج إلى مزيد نظر وبسط في الجواب لا يحتمله المقام. وأما كفارة اليمين ففيها التخيير والترتيب، فالتخيير بين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة للقادر عليها والترتيب بينها وبين صيام ثلاثة أيام لمن لم يقدر على شيء منها والله أعلم. :CÉ£îdG πàb IQÉØc  إذا اشترك جماعة في القتل كيف تجب عليهم ا لكفارة؟ اختلف العلماء في جماعة تشترك في قتل معصوم الدم خطأ أو عمدا ً على القول بوجوب الكفارة في قتل العمد فقيل: على كل واحد منهم كفارة، وهو قول الحسن وعكرمة والنخعي والحارث ا لعكلي ُ ومالك والشافعي والثوري وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأصحاب الرأي، وعليه أكثر أصحابنا، فقد جاء في الأثر عنهم: أن المرأة إذا أمرت رجلا ً أن يضرب لها خادمتها فضربها فماتت فعليهما الكفارة جميعا ً يعتق كل واحد رقبة، فإن لم يقدرا على العتق صام كل واحد شهرين متتابعين.. إلخ، وجاء في بعض آثارهم أيضا ً : أن السيد إذا أمر بضرب عبده فمات من ذلك فعلى السيد كفارة، وعلى كل واحد ممن قتله كفارة، وكذلك من أمر به، وقيل: بل عليهم جميعا ً كفارة واحدة، وهو محكي عن الأوزاعي ّ ونسب إلى أبي ثور، وقيل: بالتفريق بين العتق والصيام فإن وجدوا ما ٍ يعتقون اشتركوا جميعا ً في تحرير رقبة، وإلا فعلى كل واحد منهم أن يصوم شهرين متتابعين، وهو المحكي عن الزهري حيث قال في جماعة ّ يرمون بالمنجنيق فيقتلون رجلا :ً عليهم عتق رقبة، وإن كانوا لا يجدون  فعلى كل واحد منهم صوم شهرين متتابعين، وهذا التفصيل محكي عن أبي ا لمؤثر 5 من أصحابنا. وأرى أن هذا الاختلاف مبني على اختلافهم في أصل وجوب هذه الكفارة، فقيل: وجبت تمحيصا ً وطهورا ً لذنب القاتل، وذنبه ترك الاحتياط والتحفظ حتى هلك على يديه أمرؤ محقون الدم، وقيل: وجبت بدلا ً من تعطيل حق الله تعالى في نفس القتيل، فإنه كان له في نفسه حق، وهو ا لتنعم ّ بالحياة والتصرف فيما أحل له تصرف الأحياء، وكان لله سبحانه فيه حق،  وهو أنه كان عبدا ً من عباده، يجب له من اسم العبودية صغيرا ً كان أو كبيرا ً ، حرا ً كان أو عبدا ً ، مسلما ً كان أو ذميا ً ما يتميز به عن البهائم والدواب، ّّ ويرتجى مع ذلك أن يكون من نسله من يعبد الله ويطيعه، فلم يخل ُ قاتله من أن يكون فوت الاسم الذي ذكر، والمعنى الذي وصف. ّ فبناء على مراعة أصل وجوبها في القول الأول يترجح القول بوجوب ً كفارة مستقلة على كل مشارك في القتل؛ لأن كلا ً منهم كان منه التفريط في الاحتياط والتحفظ الذي وجبت بسببه الكفارة، وبناء على مراعاة أصل ً الوجوب في القول الثاني يترجح عدم وجوب غير كفارة واحدة على الجميع؛ لأن معنى ما ذكر إنما هو في نفس واحدة؛ فلا أثر لتعدد الذين كانوا سببا ً لزهوقها بما كان من إهمالهم وعدم احتياطهم من أجل سلامتها في فوات المنافع المشار إليها منها حتى يتوجب على كل ٍ منهم الاستقلال بتبعة ذلك. أما الذين فرقوا بين العتق والصيام فلعلهم بنوا هذه التفرقة على مراعاة أن العتق عبادة مالية، تحيى بها نفس إحياء معنويا ً بدلا ً من النفس الفائتة ً بقتل الخطأ، وذلك بتحريرها من رقبة العبودية، فكان الأنسب أن تجزي فيها رقبة واحدة لحصول الغرض بها، أما الصيام فهو بخلاف ذلك، لأن أثره إنما هو على الصائم بنفسه وكان كل من وقع في هذا الخطأ حقيقا ً بأن يحرص على هذا الأثر لمحو أثر هذا الخطأ الذي ارتكبه في نفسه، فلذلك قالوا بوجوب استقلال كل واحد منهم بصوم شهرين متتابعين. هذا ولا ريب أن رأي الجمهور أحوط وأسلم وأورع، ولكن الفتيا إنما ت ُ بنى على الدليل الأرجح، والذي يرجح عندي في هذا بالدليل هو قول من أوجب على الجميع كفارة واحدة سواء كانت عتقا ً أو صياما ً ودليله أمران: ً أولهما: النص وهو قوله تعالى: ﴿ *+ , - . / 0 ﴾ [ [النساء: ٩٢ حيث أوجب الله في قتل المؤمن خطأ تحرير رقبة مؤمنة لا أكثر، ولا فرق في ذلك بين أن يكون القتل صادرا ً من واحد أو من تصدق على الجماعة كما تصدق على الواحد كما هو « من » جماعة، فإن معلوم فإن قيل: بأن معنى الآية أن هذا الحكم ينطبق على كل من صدق عليه أنه قاتل خطأ ولو باشتراك مع غيره فيجب على كل واحد من الجماعة أن يعتق بنفسه رقبة استقلالا، ً وكذلك في الصيام، قلت: هذا منقوض بالدية فإنها لا تجب عليهم إلا دية الكفارة فكيف يفرق بين حكميهما؟ مع أنها عطفت على الكفارة، وللمعطوف والمعطوف عليه حكم واحد فيما سيق من أجله إلا إن خص الدليل أحدهما بحكم. ثانيهما: القياس على وجوب الدية، ووجه القياس أن كلا ً منهما إنما واجب من أجل تلك النفس المقتولة، وقد أجمع الكل على أنه لا تجب في النفس الواحدة إلا دية واحدة، ولو تعدد الذين كانوا السبب في زهوقها، وأن الدية حق المخلوق، والكفارة حق الله ولو كان فيها نفع للعباد إن كانت عتقا ً ، والله أولى بأن يعفو فلا يكون ما له مبنيا ً على التشديد وما لعباده مبنيا ً على ا لتيسير. فإن قيل: يفرق بين الكفارة والدية، من حيث إن الكفارة إنما تجب على نفس القاتل ودية الخطأ تجب على العاقلة، لذلك تباين حكمهما فلا تقاس إحداهما على ا لأخرى. قلت: لا يسوغ هذا تباينا ً في حكمهما، من حيث إيجاب التعدد في ُ أحدهما دون الآخر، لأن أصل وجوبهما واحد بنص واحد، ولو كان وجوب الكفارة على نفس القاتل، ووجوب الدية على عاقلته، على أن ذمة القاتل لا تبرأ من دية القتل الخطأ حتى تسلمها العاقلة، فهب أن أحدا ً ممن كان منه قتل الخطأ لا عاقلة له، أو له عاقلة لا تملك ما تدي(١) به قتيله ألا يجب عليه أن يديه؟ ثم إن ما على الأفراد أولى بالتخفيف مما عليه ا لجماعة. وإذا تبين لك هذا فاعلم أن الواجب على الجماعة إن اشتركوا في قتل  معصوم الدم خطأ أن يعتقوا رقبة واحدة يشتركون في ثمنها بقدر منابهم في الدية، وإن لم يجدوها فعليهم صيام شهرين متتابعين، يتقاسمون أيامهما بعددهم، فيفطر هذا مع صيام هذا، بحيث لا يكون بين صيامهم فصل كما هو الشأن في صيام الفرد، فإن اختلفوا فليقترعوا، هذا ما تبين لي بعد استفراغي الوسع في هذه المسألة فإن كان صوابا ً فمن الله، وإن كان خطأ فمن نفسي والشيطان، واستغفر الله من كل ما خالفت فيه الحق جملة وتفصيلا، ً ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. هل تجب كفارة القتل الخطأ على الذي يتسبب في وفاة أحد في حوادث المرور؟ فإن وجبت فما هي هذه ا لكفارة؟ كفارة القتل الخطأ واجبة على من تسبب في موت أحد بسبب خطئه ١) تدي: تدفع الدية الواجبة عليه. ) في التزام نظام السير سواء كان ذلك صدما ً للشخص نفسه أو أدى ذلك إلى انقلاب السيارة أو إلى موت أحد بأي وسيلة كانت، فعلى هذا الذي تسبب في الحادث الدية والكفارة، والكفارة هي عتق رقبة مع وجودها، وفي هذا حكمة بالغة، فإنه كما تسبب في وفاة نفس عليه أن يتسبب في إحياء نفس، لأن العتق هو بمثابة الإحياء، إذ بالعتق ين َ ْ عم المملوك بالحياة، لأنه بحكم رقه تكون حياته مقيدة، وهذا مع وجود الرقيق والقدرة على تملكه، أما إن كان غير قادر على ذلك فإن الكفارة الواجبة هي صيام شهرين متتابعين، والله أعلم. هل تجب الكفارة في قتل من هو مهدور الدم شرعا ً كالمرتد والباغي على المسلمين والزاني المحصن سواء أذن الإمام بقتله أو لم يأذن؟ المرتد لا يعد ّ في المؤمنين ولا في الذين بيننا وبينهم ميثاق فلا عصمة لدمه بعد ثبوت ردته فلا كفارة على قاتله عمدا ً ولا خطأ، وكذلك الباغي بعد ثبوت بغيه شرعا ً ، وأما الزاني المحصن فإنه وإن لم يكن معصوم ا لدم لا يسفك دمه إلا بكيفية معينة، على أن الحدود كلها لا يقيمها كل أحد، وإنما يقيمها الإمام الشرعي، وإلا لعمت الفوضى واعتدى الناس بعضهم على بعض بدعوى إقامة الحدود، ومن ناحية أخرى فإن الحدود الشرعية تعتريها شبهات تؤدي إلى تعطيلها، فلا تسقط الكفارة فيما أرى عن قاتل الزاني المحصن والله أعلم. كفارة القتل نتيجة حادث هل هي على الفور أم على ا لتراخي؟ الكفارة حكمها كحكم سائر الأوامر المطلقة التي يؤمر بها الإنسان، وقد اختلف الأصوليون في الأوامر المطلقة فمنهم من قال: بأنها تحمل على الفور، ومنهم من قال: بأنها للتراخي، ومن الأصوليين من قال: بأن الأمر المطلق الذي لم يقيد بوقت يبقى على إطلاقه لا للفور ولا للتراخي، فمتى أداه سواء عج ّ ل تأديته أو أخ ّ ر فهو مؤد له، إن كان لم يؤخره تأخيرا ً يؤدي به إلى الإهمال، والله أعلم. رجل وقع له حادث وقتل فيه إنسان، فما الذي يجب عليه؟ عليه مع الكفارة الواجبة عليه شرعا ً الدية لأولياء القتيل، إن كان هذا القتل خطأ، اللهم إلا إن أسقطوا هذه الدية وعفوا فإن عفوهم إنما هو نزول عن حقهم، وبما أن الحق لهم فهو يسقط بإسقاطهم إياه، والله تعالى أعلم. الصوم في السفر هل يشمل أيضا ً الكفارة؟ للمكفر أن يصوم في السفر إذ لا دليل على منع الصيام في السفر، وإنما أبيح للمسافر أن يفطر في نهار رمضان لأجل التوسعة له، ولو صام فالصيام خير له كما نص عليه القرآن ودل عليه حديث أنس ƒ وغيره، والله أعلم. إذا نزلنا إلى واقع المسلمين اليوم وواقع الدول، كل دولة ترتبط مع الدول الأخرى بعلاقات، والسفارات موجودة تشهد بذلك، ففي هذه الحالة لو كان المقتول رجلا ً غير مسلم من دولة ليست مسلمة، فما الحكم في هذه الحالة؟ إن كان بينه وبين المسلمين ميثاق فتجب الدية والكفارة، وإن كان محاربا ً للمسملين فلا، والله أعلم. رجل صدم بسيارته سيارة أخرى بدون عمد علما ً بأن الرجل كان في حالة جيدة أي لم يكن في حالة سكر أو نحوه، فنتج عن الحادث موت رجل من السيارة المصدومة، وبعد التحقيقات تبين أن السبب من ذلك الرجل الذي صدم بسيارته فسجن ودفع دية لور ّ اث المتوفى، والآن يعيش ذلك الرجل في حالة من الضيق والتوتر حتى أن صحته تنهار شيئا ً فشيئا ً ، وأصبح لا يستطيع النوم في الليل من كثرة التفكير في هذا الأمر، وهو يسأل هل بقي شيء من الحقوق عليه أن يؤديها سواء كانت هذه الحقوق حقوقا ً لله تعالى أو حقوقا ً للشخص ا لمتوفى؟ نعم، عليه حق الله تبارك وتعالى، وهو الكفارة، فإن الله تعالى فرض الكفارة في قتل الخطأ، حيث قال: ﴿ !" ' & % $ # 6 5 4 3 2 1 0 / . - , + * )( E DC B A @ ? > = < ; : 9 87 P O N M L K J I H G F SR Q T U V W X Y Z [ \ ﴾ [ [النساء: ٩٢ . وقد قسمت هذه الآية الكريمة المقتولين خطأ إلى ثلاثة أصناف: لأنه إما أن يكون مؤمنا ً فتجب الدية له، كما تجب الكفارة على القاتل لتطهير نفسه مما علق بها من فعله. وإما أن يكون مؤمنا ً ولكنه بين قوم كافرين محاربين للمسلمين، وذلك بأن يعيش الإنسان لظرف أو لآخر بين قوم كفرة محاربين للمؤمنين فلا دية على القاتل في هذه الحالة، وإنما تجب عليه الكفارة لما سبق بيانه، وسقوط الدية إنما بسبب عيشه بين أولئك القوم المحاربين للمؤمنين، فبعيشه بينهم سقط حقه وبقي حق الله تبارك وتعالى وهو ا لكفارة. وإن كان من قوم بينهم وبين المؤمنين ميثاق وذلك بأن يكون ذميا ً ، أو معاهدا ً للمؤمنين فتجب الدية والكفارة. ومن الناس من حمل قوله تعالى: ﴿ EF G H I JK ﴾ [ [النساء: ٩٢ على ما إذا عاش المؤمن مع قوم بينهم وبين المؤمنين ميثاق فتجب الدية والكفارة على قاتله خطأ، وإن لم يكن مؤمنا ً فتجب له الدية دون الكفارة على هذا الرأي، ولكن المتبادر من الآية الكريمة خلاف ذلك، والكفارة هي: عتق رقبة مؤمنة وذلك لأن الله تبارك وتعالى جعل العتق إحياء للنفس، إذ الرق إنما هو بمثابة العدم للشخص المبتلى به، إذ لا يملك من أمره شيئا ً كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿ > ? @A B C D E F ﴾ [ [النحل: ٧٥ ، فهو لا يستطيع أن يتصرف في أمر بحريته، فإذا أعتق كان عتقه إحياء له، فلذلك جعل الله تعالى هذا الإحياء ً جزاء التسبب في موت تلك النفس التي أزهقها. فإن تعذر عليه العتق بحيث لم يجد الرقبة فإنه ينتقل إلى الصيام، فيصوم شهرين متتابعين توبة من الله، والله تعالى أعلم. خرج ذات يوم ولد صغير خلف أبيه فرآه والده ورده إلى داخل المنزل في غرفة وأغلق عليه الباب، فخرج عنه ينوي الذهاب إلى العمل بسيارته، عند لحظة ذهاب الأب عن ابنه أتى العامل وفتح للولد الباب، فذهب الولد يمسك بسيارة أبيه من الخلف، فرجع والده بالسيارة للخلف ظنا ً منه أن ابنه في البيت فدهسه ومات، فيسأل هذا الأب الآن: ما الذي عليه تجاه ا لله 8 ، هل صوم أم كفارة أم صدقة أم ماذا؟ عليه دية ابنه يجمعها من عاقلته إلا أن يعفو عنها ورثته، وعليه عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين والله أعلم. سائق سيارة انقلبت سيارته ومعه تسعة أفراد، وتوفي اثنان ودفع ديتهما في المحكمة، هل عليه كفارة صيام أم لا؟ يلزمه أن يكفر عن القتل الخطأ إما بعتق رقبة عن كل قتيل إن وجدها، وإما بصوم شهرين متتابعين إن لم يجد الرقبة، هذا إن كان متسببا ً في الحادث بطريق الخطأ، وإن كان غير متلبس بسبب منه فما عليه من ذلك شيء والله أعلم. قتل رجل بطريق الخطأ وكان عنده أقارب من الأخ والولد وقد دفع القاتل دية إلى أخ المقتول دفعها عنه الحاكم وسلمت إلى أخ المقتول، ثم توفي أخ المقتول بعد استلامه الدية، والسؤال هل على القاتل صيام أو شيء من ا لحقوق؟ نعم عليه الكفارة وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين والله أعلم. رجل صدم ولده بالسيارة، فماذا عليه من قبل الله تعالى، أيلزمه صيام أو دية لأمه؟ تجب عليه الدية لورثة المقتول إلا أن يعفوا، وتجب عليه الكفارة وهي عتق رقبة فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين والله أعلم. ما قول سماحتكم في امرأة كانت تقود سيارتها بسرعة مائة وستين كيلو مترا ً في الساعة وبصحبتها والدتها، فحصل لها حادث توفيت على إثره والدتها، فماذا يلزمها؟ عليها الدية والكفارة والتوبة إلى الله من هذا التهور الأرعن والله أعلم. دهست امرأة في حادث سير إذ لم أشاهدها أمامي وتوفيت، دفعت الدية، فهل بقي علي شيء؟ والرجاء توضيح حالة إطعام ستين مسكينا ً ؟ ّ لا إطعام في ذلك، وإنما عليك عتق رقبة فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين والله أعلم. ما حكم من تسبب في قتل شخصين بريئين في حادث سير غير متعمد، ولكنه كان نتيجة سرعة أثناء قيادة السيارة دون التمكن من السيطرة عليها قبل وقوع الحادث، علما ً بأن المتسبب في القتل يعاني من مرض القرحة في المعدة ويتعبه الصوم المتواصل ويتعاطى الأدوية خلال النهار، بالإضافة إلى حكم عمله كخفير حراسة، نرجو من سماحتكم إرشاده إلى أفضل سبيل يمكنه من أداء حق الله تعالى عليه؟ الأصل في ذلك عتق رقبة عن كل قتيل خطأ للنص عليه في القرآن الكريم، فإن تمكن من الوصول إلى رقبتين فليعتقهما والله يتقبل منه، فإن لم يجد فعليه أن يصوم عن كل واحد شهرين متتابعين، فإن لم يستطع الصيام في الحال بقي الصيام دينا ً في ذمته إلى أن يمن ّ الله عليه بالاستطاعة أو يهيىء له رقبة يعتقها، ولم يذكر الله في كتابه غير العتق والصيام، لذلك لم ير العلماء العدول عنهما إلى غيرهما، اللهم إلا عند الإمام الشافعي الذي رأى الانتقال عن الصيام عند العجز عنه إلى الإطعام، وقد ذكر هذا القول الإمام ا لمسالمي (١) 5 في جوهره، وهو قول بعض علمائنا المتقدمين منهم أبو المؤثر 5 ، وهذه الرخصة لا ينبغي الأخذ بها إلا في حال الضرورة القصوى والله أعلم. رجل عقد على امرأة ولم يدخل عليها، ودفع لها مهرا ً وقدره ستة آلاف ريال ع ُ ماني، وذهبت في صحبته مع بعض أهلها لشراء حاجيات ١) الإمام السالمي: هو المحقق نور الدين عبد الله بن حميد بن سلوم السالمي، ولد ببلدة ) الحوقين بولاية الرستاق عام ١٢٨٨ ه ، كان ذكيا ً فهما ً حافظا ً ، اتسمت تآليفه بالتحقيق والتأصيل العلمي، ترك أثرا ً عظيما ً في التاريخ ا لع ُ ماني بما قام به من جهود إصلاحية باهرة، من أشهر مؤلفاته: مشارق أنوار العقول وشرح الجامع الصحيح، وتحفة الأعيان، وجوهر النظام، ومؤلفاته نافت على العشرين مؤلفا ً ، توفي 5 عام ١٣٣٢ ه. الزفاف، وفي الطريق وهو يقود السيارة وقع عليهم حادث سير وأدى ذلك إلى وفاة الزوجة التي لم يسبق لها الزواج من قبل، مع العلم بأن هذا الزوج يشهد له من جميع أفراد البلدة بالتدين وحسن الخلق، كم ُ يكون نصيب الزوج شرعا ً من حيث المهر الذي دفعه ومن ميراث زوجته من حيث التركة والدية وراتبها التقاعدي، حيث إنها تعمل معلمة بوزارة التربية والتعليم؟ وإن كان الزوج قائد السيارة هو المتسبب في الحادث، فهل ترون له الحق في ا لميراث؟ إن كانت ليس لها ولد فله النصف من ميراثها بعد إنفاذ الوصايا وقضاء الديون، والصداق هو من تركتها فله نصفه كسائر التركة إن كان باقيا ً ، وإن كان الخطأ من الزوج في قيادة السيارة وأدى ذلك إلى موتها فعليه ديتها مع صيام شهرين متتابعين لعدم وجود الرقبة، وليس له من الميراث شيء والله أعلم. إذا كان شخص يقود السيارة ومعه من ضمن الركاب مورثه، فتدهورت السيارة فأدى الحادث إلى وفاة مورثة، فهل يرث السائق أم لا، سواء كان ً سبب التدهور أمر خارج عن إرادة السائق كأن يكون بعطل في الإطار أو خروج دابة فجأة أو بسببه كالسرعة، وإذا وقع التصادم بين سيارتين وترتب على الحادث وفاة، فهل يمكن أن تعتمد المحكمة الشرعية في توريث السائق أو حرمانه من الميراث على حكم المحكمة الجزائية في تحديد المخطىء، وربما يكون الخطأ على السيارة غير المؤمنة فيجعل على السيارة الأخرى المؤمنة؛ لأجل تحمل التأمين غرامة التصليح، وكذلك في الحكم الجزائي قد يدان الشخص بالخطأ وفي الحكم  الشرعي لا يدان، فهل يجب على القاضي الشرعي البحث عن أصل القضية، أو يكتفي بحكم المحكمة الجزائية في تحديد ا لمخطىء؟ إن كان السائق لم يرتكب خطأ قط وإنما كان الحادث بسبب لا يمت َُ إليه، وذلك نحو اقتحام حيوان أو اعتراضه فجأة بين يدي السيارة، أو انفجار إطار مع كون السرعة عادية لم تخرج عن حدود الاعتدال، فلا يمنع من الإرث بسبب ذلك، كما لا تجب عليه الدية والكفارة، وإن كان سبب الحادث يعود إلى السائق فعليه الدية والكفارة ولا ميراث له، ولا يعتمد في ذلك على قرار المحكمة الجزائية حتى يطلع القاضي الشرعي على الدلائل والشواهد التي تدين المخطىء، ولعله مما يستأنس به تقارير الشرطة المثبتة بالصور مع القرائن الأخرى، والعبرة في الأحكام بثبوت الخطأ، أما تحمل شركة التأمين للغرامة فلا يعول عليه والله أعلم. دهست ُ بسيارتي أحد الأشخاص الأجانب بسرعة حوالي ( ٦٠ ) كيلو متر، وقد حاولت بقدر المستطاع الحيلولة دون وقوع ذلك مما حدا بتوجيه السيارة نحو الأشجار التي بجانب الشارع، إلا أن المذكور رغم ذلك لم ينتبه وأصيب في رأسه مما أدى إلى وفاته في اليوم التالي، فماذا يلزمني من الحقوق الشرعية تجاه ذلك مع العلم بأن هذا الشخص غير مسلم وقد قامت شركة التأمين بدفع الدية له حسب القانون المتبع لدينا بالسلطنة؟ عليك مع الدية كفارة وهي عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين والله أعلم. عن رجل شاءت الأقدار له أن يعمل حادثا ً مروريا ً وتسبب ذلك في قتل شخصين خطأ، وبعد انتهاء كافة الإجراءات القانونية والأمنية والخاصة بالسجن وتسليم الدية لأهاليهما، فالسؤال الآن عن الكفارة التي تلزمه، فماذا يجب عليه شرعا ً من جهة الكفارة وهو الصيام، فهل الكفارة عن شخص واحد أو عن كليهما؟ وإذا كان هذا الشخص لا يستطيع الصيام، فما يجب عليه وهل هناك بديل غير ذلك؟ تجب عليه كفارتان بعدد من تسبب في قتلهما وهي عتق رقبة عن كل واحد منهما فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ولا بديل عن ذلك والله أعلم. أريد أن أعرف رأي سماحتكم في هذا الموضوع: لدي بنت عمرها ثلاث ّ سنوات، وفي يوم من الأيام كنت ذاهبة إلى المستشفى وتركت البنات في منزل أهلي، وعندما رجعت أخذتهم في السيارة وذهبت إلى منزلي، وعندما وصلت إلى المنزل كانت الساعة الثالثة بعد الظهر، وأخذت إحدى البنات ودخلت المنزل وطلبت من الخادمة أن تقوم بإنزال باقي البنتين من السيارة، وذهبت لكي أقوم بإرضاع البنات وتنويمهم، وبعد أن انتهيت كانت الساعة قد شارفت الرابعة والربع عصرا ً تقريبا ً ، ذهبت لكي أتفقد البنت حيث تعودت أن تجلس في تلك الفترة مع جدتها من الظهر حتى العصر، فسألت جدتها عنها فأجابت بأنها لم ترها، وعندما سألت الخادمة عنها أجابتني أيضا ً بأنها لم ترها، وأنها وجدت البنت الأخرى التي كانت في السيارة وجدتها بجانب السيارة وأن باب السيارة كان مغلقا ً ، وعندما لم أجدها أسرعت إلى السيارة فوجدتها داخلها حيث تركتها وقد فارقت الحياة، هذه قصتي وأريد أن أعرف رأي سماحتكم من حيث إذا كان علي ّ شيء أفعله حيث إنني لم أقصد أن أقتل ابنتي وأن الأمر حدث مثلما كتبت تماما ً ، فهل أتحمل ذنب موت ابنتي؟ وهل علي كف ّ ارة أو أي شيء آخر؟ ّ إن تنازل ورثتها عن الدية فحسن، ولكن تبقى الكفارة وهي عتق رقبة فإن لم تجديها فصيام شهرين متتابعين هذا إن كانت ماتت بسبب إهمالك إياها والله أعلم. رجل وقع عليه حادث سير منذ سنوات وأدى إلى وفاة أمه وابن أخيه، وقد ثبت من تخطيط الحادث أن الخطأ على السائق الآخر، فهل يلزم هذا الرجل شيء؟ إن لم يكن منه سبب فلا شيء عليه والله أعلم. بينما كنت أقود سيارتي شاءت الأقدار أن أنام وأصطدم بجمل، وكان معي في السيارة أم أولادي وإحدى بناتي، فتوفيت زوجتي وكانت حاملا ً في شهرها السادس، وأنا والبنت لم نصب بأذى كبير، ماذا يلزمني شرعا ً عن وفاة زوجتى؟ وما حكم الجنين الذي في بطنها؟ وهل علي شيء ّ تجاه ا بني؟ تلزمك دية زوجتك إلا إن عفا ورثتها، وعليك كفارة القتل الخطأ وهي عتق رقبة فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، وأما الجنين فما لم ينفصل عن أمه فحكمه حكمها أي لا يترتب عليه بنفسه شيء والله أعلم. هل على القاتل خطأ أن يكفر بالصيام قبل ا لدية؟ لا فرق بينهما سواء قد ّ م الصيام أو الدية، أو في أثناء الصيام أدى الدية ً كل ذلك جائز. رجل كان يعبىء ماءا ً في خزان فسقط الخزان على طفلة هناك فماتت؟ إن كان سقوط الخزان بسبب تعبئته للماء فهو مخطئ وعليه الدية والكفارة. رجل وقع له حادث وكان معه أربعة أشخاص توفوا جميعا ً ، فهل يكفر عن كل واحد منهم؟ نعم، لأن الله تعالى ن َاط َ الكفارة بقتل ا لنفس. وهل تجب الكفارة إذا كانوا أطفالا ً صغارا ً؟ الأطفال أليسوا أ نفسا ً ؟! أليست حياتهم غالية؟! والنص لم يقيد الكفارة ّ بقتل الكبار، وأما من حيث وصف الإيمان الذي نيط به حكم الكفارة فإن الأطفال تبع لآبائهم في حكمه والله أعلم. رجل كان يقود سيارته ووقع له حادث وتوفي معه شخص، وتوفي في السيارة الثانية رجل وامرأة وكانا في حالة سكر، أما هو فكان سليما ً ، يسأل الآن وهو يستقبل في هذا اليوم رمضان كيف يكون صيامه هل يصح له لأن عليه كفارة صيام شهرين فإذا لم يستطع أن يصوم هل يتصدق؟ الكفارة لا يسقطها أن يكون مستقبلا ً لشهر رمضان، فإن كان الخطأ منه فإن الكفارة تكون واجبة عليه بسبب قتل نفس مؤمنة أو معاهدة، وهذه الكفارة بينها القرآن بأنها عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ّ ولم يذكر إطعاما ً ، فبعد صيامه رمضان عليه أن يصوم هذين الشهرين عن كل نفس في الوقت الذي يناسبه. وإذا لم يستطع الصيام فمن العلماء من يقول بأنه يطعم ستين مسكينا ً ، ولكن لم يأت نص بذلك، ونحن نقول مع تعذر العتق والصيام معا ً فإن الإطعام خير له من ترك العتق والصيام والإطعام جميعا ً ، والله أعلم. رجل كان يقود سيارة فتعطلت مما تسبب في وقوعها وفقد السائق زوجه وأطفاله وأخته وأم زوجته، فهل تجب الكفارة عليه عن كل شخص مع العلم أم زوجته كانت حاملا ً في شهرها ا لتاسع؟ الذي نذهب إليه، وهو الذي عو ل عليه العلماء في مجمع الفقه الإسلامي ّ أن الكفارة تجب بعدد الأشخاص الذين توفوا بطريق قتل الخطأ، كما في هذه الصورة، وعليه أن ينفذها بقدر وسعه، فإن استطاع أن ينفذ ذلك في عام فلينفذه في عام، وإن لم يستطع إلا أن ينفذ كفارة في كل عام فليفعل ذلك، والله لا يكلف نفسا ً إلا وسعها، والله تعالى أعلم. إذا هلك إنسان ومن معه في حادث تصادم بين سيارتين، وكان الهلاك بسبب تعديه وإهماله، فهل يكون موته هدرا ً بسبب تعديه؟ وما وقع من هلاك في الأنفس بكلا السيارتين على من يكون ضمانها؟ نعم يكون دمه هدرا ً ، لأنه المتسبب في إهلاك نفسه وإهلاك غيره، بل ويجب في ماله غرم ما تلف بسبب تعديه أو إهماله من أنفس أو أموال والله أعلم. إذا تعمد إنسان أن يصدم آخر بسيارته قاصدا ً إتلافه، فهل يعتبر قاتلا ً متعمدا ً ؟ وماذا يجب عليه؟ نعم له حكم قاتل العمد، ويحكم عليه بالقصاص إن ثبت ذلك عليه بإقراره أو ظهور قرائن العمد في فعله، ويبوء بينه وبين ربه بوزر القاتل عمدا ً والله أعلم. إذا خالف السائق قواعد السير المنظمة لحركة المركبات متعمدا ً ذلك، فأصاب أنفسا ً بسبب ذلك فهل يعتبر فعله عمدا ً ؟ وماذا يجب عليه؟ وكذلك إذا لم يتعمد مخالفة الأنظمة، فما الواجب في حقه؟ هو في كلا الحالين عليه غرم ما أتلف من أنفس وأموال بفعله، ويعاقب الكفارات ١١ بقدر ما يراه الحاكم في حال عمده، ولا تصل عقوبته إلى القتل، إلا إن تبين أنه قصد بمخالفته قتل من قتله والله أعلم. إذا حدث لشخص حادث بسبب سماوي، كأن ينفجر إطار السيارة، أو يتعطل جهاز من أجهزتها بغير إهمال منه، فتصطدم بشخص مار أو بعمود ثابت أو بسيارة أخرى، فيهلك المصدوم والركاب، فهل يتحمل سائق السيارة ما هلك من أنفس في سيارته والسيارة الأخرى؟ وهل تجب عليه ا لكفارة؟ إن كان ما وقع للسيارة أو وقع منها ليس بفعله، وإنما كان أمرا ً خارجا ً عن تصرفه ولم يكن قادرا ً على التحكم فيه، ولم يكن مهملا ً في شيء مما تجب المحافظة عليه فلا ضمان عليه مما وقع منها والله أعلم. :ΩÉ«°üdG áYÉ°VEG IQÉØc من أين استقى القائلون بوجوب كفارة الصيام على من وجبت عليه على الترتيب، فإن كان من حديث عائشة فكيف يتفق ذلك مع قولهم إن حديث عائشة لا يخصص عموما ً ولا يقيد إطلاقا ً؟ الترتيب دل عليه الحديث، لأن النبي ژ عندما جاءه المفطر ذكر له الكفارات بالتدرج، بدأ أولا ً بعتق الرقبة، ولما اعتذر أنه لا يستطيع العتق أحاله على الصيام، ولما اعتذر عن الصوم أيضا ً أحاله على الإطعام، فهذا دليل على أن الكفارة إنما تجب بالترتيب، وهذا القول هو قول جمهور الأمة، وقد ذهب إليه من علمائنا الإمام ابن محبوب والإمام أبو نبهان رحمهما الله وبه نأخذ، والله تعالى أعلم. لقد كنت في ضلال، فقد كنت أتهاون في الصلاة والصيام... إلخ،  مرة أصلي ومرات لا أصلي ومرة أصوم ومرات لا أصوم، ومرات عديدة كنت أصوم وأفطر قبل الموعد، وممكن أن نقدر هذه المدة بما لا يقل عن أربعة عشر عاما ً إذا حسبنا منذ بلوغي سن الرشد، ولقد عدت وتبت الآن إلى ربي وأريد توبة نصوحا ً ، والله أعلم بحالي أنني نادم على ما مضى، وإن شاء الله لا أعود إلى ما مضى إلى أن تفارق روحي جسدي، أسأل سماحتكم أن ترشدونني إلى الطريق الصواب، علما ً بأنني قمت بإطعام مائة وعشرين مسكينا ً عن الصيام؟ أجدت في تكفيرك عن الصيام ويعد ّ ذلك كفارتين، ولبعض العلماء رأي أن كفارة واحدة تجزي عن الصيام، ومع ذلك عليك أن تصوم ما أفطرته من شهر رمضان أيام جهلك، وأن تعيد ما أضعته من صلواتك والله يتقبل منك، وهو حسبنا ونعم الوكيل والله أعلم. رجل أصيب بمرض الشلل النصفي وفقد الشعور كاملا ً وعاش مدة سنة ونصف، وعنده زوجة وأولاد، وكانت الزوجة غير مستقيمة له واضطر أقاربه أن يوفروا له خادمة لتخدمه، وبعد أن توفي اتضح لأسرته وأقاربه أنه لم يكتب وصية، وقد تبرع له أحد أقاربه بمبلغ ( ١٣٥٠ ) ريالا ً ع ُمانيا ً للتكفير عنه من سيئاته، فما هو أفضل شيء يمكن إنفاق هذا المبلغ فيه؟ علما ً بأنه لم يكن منتبها ً لصلواته؟ الأولى أن تكفر عنه خمس كفارات صلوات، وكفارة صيام، وعشر كفارات أيمان مرسلة، وما بقي يتصدق به عنه والله أعلم. رجل عليه كفارة صيام شهرين متتابعين بسبب تعديه على شهر رمضان السابق، هل يجوز له أن يعدل عن الصيام إلى الإطعام وذلك بسبب مشاغله الكثيرة التي لا تمكنه من الصيام؟ وكيف يكون الإطعام. إن عجز عن الصيام فليعدل إلى الإطعام وإلا فلا والله أعلم. شاب رجع إلى الله تعالى وتاب وأناب، وكان من أمره قبل توبته أنه كان مضيعا ً لكثير من الصلوات لا يعلم عددها، وكذلك أيضا ً ضيع ّّ صيام ثلاثة أشهر من رمضان بالإفطار فيها من غير عذر، وهو الآن يريد التخلص من هذه التبعات، فما الحكم في ذلك؟ عليه مع التوبة إلى الله أن يقضي ما أضاع من الصلوات وأن يكفر على أرخص الأقوال كفارة واحدة لصيامه وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ً وعليه مع ذلك قضاء ما أضاعه من صيام والله أعلم. فيمن تكررت لديه ثلاث كفارات في شهر رمضان ولم يكفر حتى خرج الشهر الكريم، فهل يلزمه أن يكفر الثلاث أم تجزيه واحدة؟ يكفر ثلاثا ً كما وجبت والله أعلم. شخص ضيع صيام شهر رمضان ولكنه غير متأكد إن كان هذا التضييع ّ قبل البلوغ أم بعده؟ الأولى له الاحتياط بالقضاء والكفارة لاحتمال كونه بعد البلوغ والله أعلم. ما هي الكفارة المرسلة وما مواقع وجوبها؟ الكفارة المرسلة هي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، ومن عجز عن جميع ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام، وذلك لقوله تعالى: ﴿ ©ª « ¬ ® ¯ ° ± ³ ² ´ μ ¶ ¸ Å Ä Ã Â Á À ¿¾½ ¼ » º ¹ ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ، وهي تجب كما ترى في الآية الكريمة بالحنث في اليمين، وذلك بأن يحلف أحد أن لا يفعل شيئا ً ففعله، أو أن يفعله فلم يفعله والله أعلم. ماذا على الرجل الذي حنث في يمينه ولم يكفر إلا بعد فترة من الزمن، وكانت يمينه على عدم فعل معصية ما ولكنه بعد حنثه كرر تلك المعصية عدة مرات ثم كفر يمينه وتاب، وبعد ذلك عملها مرة أخرى ولكنه تاب عنها نهائيا ً؟ يجزيه ذلك التكفير والله يقبل توبته والله أعلم. إذا وجبت كفارة مرسلة على شخص ولم يكن قادرا ً على الإطعام أو الكسوة، فهل يجوز له أن يصوم ثلاثة أيام متقطعة؟ لا بد من تتابعها والله أعلم. رجل حلف يمينا ً وهو حانث والله أعلم، ثم توفي. والآن أولاده يريدون أن يكفروا عن هذه اليمين، ويريدون من فضيلتكم الإفادة عن ذلك وكيف تكون الكفارة عن ا ليمين؟ لا مانع من ذلك، وتكون الكفارة مرسلة وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن تعذر ذلك كله فصيام ثلاثة أيام والله أعلم. ما حكم المرأة إن حلفت يمينا ً على شيء ثم أرادت أن تكفر عنها بأن تخرج صدقة لذويها، أو زوجها المحتاج بحجة أنه أقرب الناس إليها، وهل يجزي ذلك بأن تعطي مبلغا ً من المال شخصا ً واحدا ً فقط بدلا ً من عشرة مساكين إن لم تجد هؤلاء المساكين في وقت واحد؟ لا بد ّ من إطعام عشرة مساكين كما نص القرآن والله أعلم. هل يجوز صيام كفارة الحنث أي الثلاثة أيام متقطعة؟ لا في المشهور والله أعلم. ما قول سماحتكم في الكفارة المرسلة هل يجوز دفعها جملة ً لمسكين واحد مع وجود المساكين؟ وإذا أراد دفعها نقدا ً هل له ذلك؟ وكم مقدار ذلك للمسكين ا لواحد؟ لا يباح أن تعطى الكفارة إلا لعدد المساكين الذي عينوا لها بالكتاب أو السنة، وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين بنص الكتاب، وإطعام مسكين واحد طعام عشرة مخالفة لهذا النص، اللهم إلا إن تعذر وجود العشرة فلا بأس بإطعام من وجد طعام العشرة، وإن اقتضت مصلحتهم إعطاء قيمة الطعام أو الكسوة وكان ذلك أطيب لنفوسهم فلا مانع منه، ويكفي في الوقت الحاضر ريال ع ُ ماني فصاعدا ً لكل مسكين والله أعلم. رجل قال: أقسم بالله لأبلغن عن أشخاص معينين لأنه رآهم يفعلون شيئا ً ما لكنه عدل بعد ذلك عن هذا الأمر، فهل كفارته مغلظة أو مرسلة؟ الكفارة هي ما نص عليه القرآن، وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، والرقبة غير موجودة في وقتنا هذا، فيستطيع الإنسان إن يطعم عشرة مساكين أو أن يكسوهم، فإن تعذر عليه ذلك بحيث كان غير واجد للطعام ولا للكسوة ولا واجدا ً للثمن الذي يشتري به الطعام أو الكسوة فليعدل إلى صيام ثلاثة أيام، لأن الله تعالى يقول: ﴿ °± ² ³ ´ μ ¶ ¸ » º ¹ ¿¾ ½ ¼ À Á Â Ã Ä Å ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ، والله أعلم. امرأة حلفت أن لا تذهب إلى مكان ثم ذهبت إليه، فماذا عليها؟ عليها إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن عجزت عن ذلك بحيث كانت غير واجدة للطعام ولا للكسوة ولا للرقبة ولا تستطيع الوصول إلى ذلك قط فإنها تعدل إلى صيام ثلاثة أيام، وذلك لقوله تعالى: ﴿ °± ² ³ ´ μ ¶ ¸ º ¹ ¿¾½ ¼ » À Á Â Ã Ä Å ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ، فقوله تعالى: ﴿ ÀÁ  ﴾ قيد للعدول إلى الصيام بعدم الوجدان، والله تعالى أعلم. الكثير من الناس عندما يريدون أن يكفروا اليمين يقومون بصيام ثلاثة أيام، فهل يصح ذلك؟ وهل يصح إخراج النقود بدل ذلك وكم مقدارها؟ كفارة اليمين ليست بالصيام، وإنما هي كما دلت الآية القرآنية، فالله 4 يقول: ﴿ £¤ ¥ ¦ § ¯® ¬ « ª © ¨ ½ ¼ » º ¹ ¸ ¶ μ ´ ³ ² ± ° Í ÌË Ê É È Ç ÆÅ Ä Ã Â Á À ¿¾ ÏÎ ِ Ð Ñ Ò Ó Ô Õ Ö ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ، فجعل الله تعالى ر مخيرا ً بين ثلاثة أشياء، وهي أن يطعم عشرة مساكين من أوسط ما المكف يطعم أهله أو أن يكسوهم أو أن يعتق رقبة فإن لم يجد واحدا ً من هذه الأشياء الثلاثة فعليه صيام ثلاثة أيام، أما مع القدرة على واحد من الثلاثة فإنه لا يجوز أن يعدل عن ذلك إلى الصيام، إذ لا يعدل عن الأصل إلى البدل إلا مع عدم وجود ا لأصل. هذا والأصل في ذلك الإطعام سواء في الكفارات أو في فدية الصيام أو في فدية الإتيان بما لا يتفق مع مقتضيات الإحرام كحلق الرأس للضرورة، ومع اختلاف العلماء كثيرا ً في مقدار الطعام فإننا لا نجد داعيا ً إلى الالتفات إلى هذه الأقوال المتعدة مع وجود السنة التي بينت مقدار الإطعام، وذلك أن ا لنبي ژ عندما خير كعب بن عجرة ? لما أتى ما ينافي الإحرام وهو ّ الحلق للضرورة أمره أن ينسك بنسيكة أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع(١) ، وهذا دليل على أن مقدار الإطعام هو نصف صاع، ولا يتبين لي فرق بين الفدية والكفارة، فإن الذي يحتاج إليه المسكين في الفدية هو نفسه الذي يحتاج إليه في الكفارة، والمراد الإطعام الذي يسد حاجة المسكين، والحديث يؤخذ به في بيان مجملات القرآن الكريم، فالأولى العمل بهذا الحديث، واختلف العلماء في الوجبة من الطعام فذهب كثير من العلماء إلى أن الوجبة الواحدة غير مجزية، وقيل: بل تجزي إن كانت مأدومة وهذا القول أصح، نظرا ً إلى إطلاق القرآن والسنة، والأصل في الأمر المطلق أن تجزي فيه المرة الواحدة، فلا دليل على الوجبتين إلا من باب الاحتياط، ومن المعلوم أنه ينبغي للإنسان أن يأخذ بالأحوط، وينبغي له أن يخرج من عهدة الخلاف مهما أمكنه. ١) رواه الربيع في كتاب الحج باب في الهدي والجزاء والفدية رقم ( ٤٣٢ )، والبخاري في ) كتاب الحج قول الله تعالى: ﴿ ¸¹ º » ﴾ رقم ( ١٧١٩ )، ومسلم في كتاب الحج .( باب جواز حلق الرأس للمحرم رقم ( ١٢٠١ أما تحديد ذلك بالنقد فهو غير ممكن، أما أولا :ً فإن الأمر جاء بالإطعام ولم يأت بدفع النقود وأما ثانيا: فإن النقود لا يمكن أن ت ُ حدد نظرا ً إلى أن الطعام يغلو ويرخص بحسب اختلاف الأزمنة والأمكنة، فقد يكون في زمان أغلى منه في زمان آخر، وفي مكان أغلى منه في مكان آخر، مع أنه لا ينبغي للإنسان أن يعدل عما دل عليه النص وهو الإطعام إلى دفع النقد، اللهم إلا مع تعذر الإطعام بحيث لا يجد المساكين الذين يتقبلون الطعام، وأما مع وجودهم فلا يسوغ العدول عما دل عليه النص واستقر عليه السلف والله أعلم. انتشرت عادة بين الناس وهي أن من أراد أن يكفر عن يمين أو نحو ذلك بدلا ً أن يصوم ثلاثة أيام ويفطر، يصوم يومين وليلة، فهل يجوز ذلك؟ كفارة اليمين لا تكون من أول الأمر صياما ً إنما الصيام للذي لا يجد شيئا ً يدفعه، أما من كان واجدا ً فعليه أن يطعم عشرة مساكين أو أن يكسوهم أو أن يعتق رقبة، فالله تعالى يقول: ﴿ °± ² ³ ´ μ ¶ ¸ Å Ä Ã Â Á À ¿¾½ ¼ » º ¹ ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ، والصيام ثلاثة أيام، أما صيام يومين ونصف يوم فهذا مما يخالف النص القرآني الصريح، وهو من فعل الجهلة والعياذ بالله والله تعالى أ علم. من لزمته كفارة مرسلة ولم تتوفر لديه النقود للإطعام هل يجب عليه فورا ً الصيام أم يجزيه أن يوصي بها إلى أن تتوفر لديه النقود فيطعم؟ إن كان يرجو أن يتوصل إلى المال الذي يمكنه من الإطعام أو الكسوة أو عتق الرقبة والرقبة تكاد تكون مستحيلة اليوم فلينتظر وصول المال إليه، وإن كان غير واجد فلا عليه إن عج ّ ل في أداء ما عليه بصيام ثلاثة أيام والله أعلم. :IÓ°üdG ∑ôJ IQÉØc عند إخراج كفارة عن الصلاة هل تكفي كفارة واحدة عن صلوات كثيرة لا يدرك عددها؟ وهل تكفي كفارة واحدة عن أيام صوم كثيرة من رمضان لا يدرك عددها؟ وهل إذا حلف الإنسان بينه وبين ربه وعاهد الله على التوبة ثم عاد للمعصية تجب عليه التوبة والكفارة عن ا لحلف؟ لم يأت نص يوجب الكفارة في إضاعة الصلاة وإنما ذهب من ذهب إلى وجوب التكفير في إضاعتها قياسا ً على كفارة الصيام، والقياس في مثل ذلك ضعيف لعدم اتضاح العلة في وجوب كفارة الصيام حتى تقاس عليها الصلاة، وإنما الكفارات كالحدود أمور توقيفية لا يتجاوز فيه النص، وبناء ً على القول بوجوب كفارة الصلاة كالصيام فقيل: لكل صلاة كفارة، وقيل: تجزي واحدة لكل ما إضاع المكفر من الصلوات، وقيل: فيما زاد على الخمس تجزي خمس كفارات، وفيما دونها لكل صلاة كفارة، وأما الصيام فقيل لكل يوم كفارة، وقيل: في إضاعة كل شهر كفارة واحدة ولو أنه أضاع أياما ً متعددة، وقيل: تجزيه كفارة واحدة لإضاعة ما سلف من صيامه، وهذا أوفق بالتائب المنيب وأرفق. والكفارة إن كانت إ طعاما ً فهي إطعام ستين مسكينا ً لكل مسكين نصف صاع من طعام، والأرجح في كفارة الصيام الترتيب فالعتق أولا ً للواجد، والصيام لمن لم يجد، والإطعام لمن لم يستطع، ولا يجب إخبار المطعم أن ذلك من كفارة إن كان متأكدا ً استحقاقه وإنما إخباره أولى والله أعلم. ما هي كفارة من ضيع صلاة من الصلوات أو أكثر؟ وهل يجب عليه ّ صوم الشهرين كمن ضيع صيام رمضان؟ ّ في وجوب الكفارة على من ترك الصلاة عامدا ً خلاف، فأكثر العلماء يقولون بالوجوب قياسا ً لترك الصلاة على ترك الصيام، ولكن الراجح عدم الوجوب لأن الكفارات كالحدود تثبت بالنص لا بالقياس والله أعلم. :ó¡©dG IQÉØc عاهدت ا لله 4 على عدم فعل فاحشة من الفواحش، ولكنني في كل مرة أنسى وأقوم بفعل تلك المعصية، وسرعان ما أندم على فعلها فأتوب إلى الله 4 ، وأصلي ركعتين صلاة التوبة وأجدد عهدي مع الله تعالى على عدم فعل تلك المعصية بعد فراغي من صلاة التوبة، ولكن لضعف  إيماني ومع مرور الأيام أقوم بفعل تلك المعصية وأجدد التوبة والعهد مع الله تعالى مرة ثانية، وثالثة، ومرات عديدة لا يعلمها إلا هو، ماذا يلزمني فعله نتيجة عدم الوفاء بعهدي في كل مرة؟ وبعد أن من ّ الله علي واستطعت البعد عن تلك الفواحش تبت إلى الله توبة نصوحا ً ، فإن كان علي كفارة فهل هي مرسلة أم مغلظة؟ وما مقدارها إذا أردت أن أطعم ّ بإخراج أرز مثلا؟ ً نأسف أن يجرؤ أحد على أن يعاهد الله ثم يخيس في عهده الذي عاهده ربه 4 ، ولا يبالي بأن يكرر ذلك المرة بعد ا لمرة. وقد اختلف العلماء فيما إذا قال الإنسان: عاهدت ربي أن أفعل كذا فنكث في عهده هل تكفيه كفارة مرسلة؟ وهو قول طائفة من أهل العلم وهو الذي ذهب إليه ا لعلامة ابن بركة من علمائنا في القرن الرابع الهجري، وبه قال الإمام نور الدين السالمي 5 من علمائنا أ يضا ً في القرن الرابع عشر الهجري، وهذا القول يتأيد بأن ذلك هو المنصوص عليه في كفارات الأيمان وللعهد حكم اليمين كما جاء ذلك في قول الله تبارك وتعالى: ﴿ °± ² à  Á À ¿¾½ ¼ » º ¹ ¸ ¶ μ ´ ³ Å Ä ﴾ [ [المائدة: ٨٩ ، فالمكفر مخي ّ ر بين أن يطعم عشرة مساكين أو يكسوهم أو يحرر رقبة، فإن عجز عن كل ذلك ينتقل إلى وجوب صيام ثلاثة أيام. ومن العلماء من قال: بأن كفارة العهد كفارة مغلظة، ولربما قاس هؤلاء التغليظ على الظهار، لأن الظهار افتراء كذب على الله لقوله تعالى: ﴿ O UTSRQP ﴾ [ [الأحزاب: ٤ ، وحملوا عليه نكث العهد ونحوه لما فيه من مخالفة صريحة لحكم ا لله 4 وأعطوه حكمه. إلا أنهم لم يقولوا بأن هذه الكفارة حكمها كحكم كفارة الظهار بحيث لا يكون الانتقال إلى الأيسر إلا بعد العجز عن الأشد، وإنما قالوا: هو مخير ّ بين عتق رقبة، وصوم شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا ً. واختلف العلماء في قدر ما يعطى للمسكين، ولكن حديث كعب بن عجرة ? عندما أمره النبي صلى الله عليه وسل ّ م أن يفتدي بإطعام ستة مساكين لاضطراره إلى حلق رأسه في إحرامه أو أن ينسك بشاة أو أن يصوم أمره أن يطعم كل مسكين نصف صاع، فلذلك نأخذ بهذا لعدم الفرق في حاجة المسكين باختلاف الكفارات التي يجب له فيها الإطعام، والله تعالى أعلم. لقد أقسمت بالله وعاهدته على عدم الرجوع إلى معصية فعلتها وقلت: علي عهد الله وميثاقه ألا أرجع إلى هذه المعصية وإذا عدت إليها ّ لا ْ ُ ماني، ولضعف إيماني واتباعي تصدقن بمبلغ وقدره ألف ريال ع لوسوسة الشيطان لعنه الله رجعت إلى المعصية مرة أخرى، ثم عاهدت الله تعالى بمثل ذلك مرتين في كل مرة ارجع إلى المعصية تارة أخرى، ولم أقم بأداء الصدقة الواجبة علي على إثر الحنث، وبالتالي يكون ّ مجموع ما ألزمت نفسي به أربعة آلاف ريال ع ُ ماني، والسؤال: ١ نوع الكفارة يمين مرسلة أم مغلظة؟ وهل تجزي كفارة واحدة؟ وما مقدار الكفارة؟ وهل تصح نقدا ً وما مقدارها؟ ٢ هل يجب علي التصدق بأربعة آلاف ريال ع ُ ماني (أي مجموع ما ّ ألزمت نفسي به) علما ً بأن مجموع ما معي في الوقت الحاضر أقل من ثلاثة آلاف ريال ع ُ ماني؟ وإذا وجب علي أن أتصدق بنسبة معينة فكم تكون؟ ّ ١ كفارة عهد الله هي مغلظة عند جمهور أهل العلم، وذهب ابن بركة إلى أنها كسائر كفارات الأيمان مرسلة وهو الذي اختاره الإمام نور الدين السالمي 5 ، وبه نأخذ، وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يجد شيئا ً من ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام، واختلف فقيل: لكل يمين كفارة، وقيل: تجزي واحدة ما لم يكفر، وهذه رخصة تبذل للتائب والله أعلم. ٢ قيل: عليك ما ألزمته نفسك وهو معنى الأثر ا لمروي عن أبي ّ الشعثاء :ƒ من ألزم نفسه شيئا ً ألزمناه إياه، وقيل: يجزيه أن يكفر كفارة يمين، وهذه رخصة أيضا ً تمنح للتائبين دون المصرين والله أعلم. ما قولكم في رجل يعمل فاحشة (الاستمناء)، وكان يتوب ويعاهد الله على عدم فعلها، ولكنه يفشل في تركها في كل مرة، ويجدد توبته وعهده على عدم الرجوع إليها حتى تمكن من تركها، ماذا ترون عليه في نقض عهده مرات عديدة لأنه كان يضطر إلى قضاء شهوته؟ عليه أن يتوب إلى الله ويكفر كفارة مغلظة على قول أكثر علمائنا وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ً ، وقيل: تجزيه كفارة يمين مرسلة والله أعلم. رجل تعهد لفترة تقدر بأربعة أشهر، وقد خان العهد قبل أن تنتهي الفترة المذكورة، فهل عليه شيء من هذا ا لعهد؟ عليه التوبة إلى الله مع كفارة يمين إن عاهد الله على شيء فحنث، وشدد كثير من العلماء في العهد فألزم فيه كفارة مغلظة وهي: عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ً والله أعلم. ما مقدار ما ينفق للمسكين الواحد إذا أردنا أن نوزع أرزا ً؟ لكل مسكين نصف صاع ويقدر بكيلو غرام وأربعة وعشرين غراما ً ، ومن ضاعف ضاعف الله له والله أعلم. رجل منع زوجته من الذهاب معه إلى بيته، وذلك بسبب خلاف بينهما والقصد من منعها هو حل الخلاف على حضور أبيها، وبعد الأخذ والعطاء في الحديث قال الرجل: أعاهدكم عهد الله وميثاقه على أن آتي بها بعد كذا يوما ً على حضور أبيها وسنحل الخلاف، ومضت المدة المحددة ولم يأت بها إلا بعد مضي سنة وسبعة أشهر، فماذا يجب على هذا ا لرجل؟ عليه على نكث عهده كفارة مغلظة وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ً وقيل تجزى في ذلك كفارة مرسلة ورجحة بعض المحققين من المتقدمين والمتأخرين والله أعلم. رجل قال لأولاده: أعاهدكم عهد الله ورسوله لا آكل معكم ولا أسكن في سكنكم، ثم بعد ذلك أكل معهم وسكن في سكنهم، ماذا عليه؟ عليه كفارة مغلظة وهي عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا ً أو صوم شهرين متتابعين وقيل تجزيه كفارة مرسلة وهو الذي اعتمده العلامة ابن بركة في المتقدمين ونور الدين ا لسالمي في المتأخرين والله أعلم. ما قولكم في رجل يرتكب بعض الرذائل، وحاول مرارا ً ترك هذه العادة ولم يستذع، وفي إحداها عاهد الله على تركها ولكنه ما لبث أن عاد لضعفه، فما هو حكم الشرع في نقضه عهده مع ا لله؟ من عاهد الله أن لا يفعل شيئا ً ففعله فعليه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يجد شيئا ً من ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام، وهذا أرخص ما قيل في ذلك، ومن العلماء  من يرى عليه كفارة مغلظة وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ً ، وعليه مع ذلك التوبة إلى الله مما ارتكبه من محارمه والله أعلم. شخص عاهد الله بأنه لم يدخل معهدا ً ما عن صاحبه لقوة الصحبة بينهما، لكن قبل هو ولم يقبل صاحبه بالمعهد المذكور، ولكنه لم يبر بعهده لأنه نسيه ودرس بالمعهد، وبمرور الوقت تذكر العهد وندم لأنه درس وما زال يدرس، فماذا عليه أن يفعل كي يبر بعهده؟ يكفر كفارة مغلظة في أكثر الأقوال وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ً ، وقيل: تجزيه مرسلة كسائر الأيمان وهذا هو الأرجح والأول أحوط والله أعلم. :á«WÉ«àM’G IQÉØμdG ما قولكم في رجل توفاه الله في حادث سير وأراد ورثته بعد اتفاقهم بأن يؤجروا عنه كفارة صيام شهرين من نفقة ماله الذي خلفه قبل أن يقتسم وهو لم يوص بهذه الكفارة في حياته؟ كذلك أراد الورثة إنفاق مال بأن يؤجروا عنه حجة وعمرة من ماله قبل أن يقتسم، مع العلم أن من بين الورثة أيتاما ً لم يبلغوا ا لحلم؟ أما الكفارة فالأولى أن يطعموا عنه ستين مسكينا ً بدلا ً من أن يؤجروا عنه من يصوم عنه شهرين، وأما الحجة والعمرة فلا مانع من إنفاذهما من ماله شريطة أن يوفى حق اليتامى من الإرث وأن يكون إنفاذ ذلك من نصيب البلغ الراضين بالإنفاذ والله أعلم. ما هي كفارة الكبر وكيف تؤدى؟ وهل يجوز أن تؤدى بالصدقة؟ وكم تساوي بالريال العماني حاليا ً ؟. وما هي كفارة الصغر وكيف تؤدى؟ ُ وهل يجوز أن تؤدى بالصدقة وكم تساوي بالريال ا لعماني حاليا ً ؟ ُ لا معرفة لي بكفارة الكبر أو الصغر، ولم أسمع بهما قبل اليوم والله أعلم. قرأت ضمن فتاوي نور الدين السالمي بالعقد الثمين في باب التوبة عن كفارة الغشور، فما هي هذه الكفارة؟ وهل تجزي عما أضاعه المسلم من صلوات وزكوات وصيام قبل أن يذهب إلى الحج ويستقيم في أمور دينه؟ كفارة الغشور هي كفارة احتياطية وليست في شيء متعين لئلا يكون أضاع شيئا ً من الواجبات، وهي لا تجزي عما هو متعين عليه كالصلاة والصيام والزكاة، فإن هذه فروض لا تسقطها كفارة الغشور وإنما يلزم من أضاعها أن يقضيها مع الكفارة فيما فيه كفارة كالصيام والله أعلم. هل يجزي الحج عن الكتابة في الوصية لعدد من الكفارات؟ وإذا كان لا فما هو العدد المناسب لتلك ا لكفارات؟ الحج فرض برأسه والكفارات فروض مستقلة على من لزمته، ولا يجزي فرض عن فرض، فمن كانت عليه كفارة فعليه أداؤها ولا يجزي عنها الحج، والأصل أداؤها في حياته، وأما الإيصاء بها بعد موته فهو مجرد احتياط لئلا يفاجئه الموت قبل أدائها وهي تجب بحسب ارتكاب أسبابها من إضاعة الصيام أو الصلاة عند من يرى فيها الكفارة قياسا ً على الصوم أو قتل الخطأ أو الظهار أو الحنث في اليمين، ولكل كفارة من هذه حكمها والله أعلم. هل هناك قول بأن على المسلم صيام شهرين متتابعين كفارة لما بدر منه في حياته من أخطاء؟ لا، إلا إن ارتكب ما يوجب الكفارة كالقتل أو الظهار أو تعمد الإفطار في نهار رمضان بغير عذر شرعي والله أعلم. رجل يريد أن يصفي نفسه من الذنوب التي قد يكون ارتكبها وهو شاب من ترك الواجبات واقتراف الآثام، وعزم الآن على أن يتوب توبة نصوحا ً ، وعقد نية أن يصوم شهرين متتابعين، وبدأ ذلك ولكن بعض الناس أخبروه بأن إطعام المساكين أفضل من الصيام بسبب انتفاعهم بهذا الطعام حيث إنهم في إمس الحاجة إلى هذه المساعدات، على ضوء هذا نتوجه إلى سماحتكم بهذه ا لأسئلة: ١ هل هذا المسلك الذي سلكه هذا الرجل بأن يصوم هو المسلك الأمثل وإلا فبين لنا ما هو ا لصحيح؟ ّ إن كان صيامه كفارة واجبة شرعا ً فذلك راجع إلى نوع التكفير، ومعظم الكفارات يقدم فيها الصيام على الإطعام والله أعلم. ٢ هل ما يقوله الناس بأن إطعام المساكين أفضل من الصيام صحيح؟ وإذا كان الجواب بنعم، هل يمكنه أن يتوقف عن الصيام ويطعم ستين مسكينا ً كونه بدأ ا لصيام؟ يختلف ذلك باختلاف الباعث على العمل، هل هو كفارة واجبة كما سبق أو لا؟ وكذلك إن لم يكن ذلك كفارة واجبة ينبغي النظر في الملابسات التي تحيط بالعامل، فقد يكون الصيام خيرا ً لأحد ويكون الإطعام أفضل لغيره والله أعلم. بعض النساء يعتقدن أنه بعد بلوغهن سن اليأس مطالبات أن يصمن شهرين متتابعين، فنريد تصحيح هذه ا لفكرة؟ لا دليل على ذلك قط، فهي لا يجب عليها أن تصوم شهرين إلا إن وجبت عليها كفارة مغلظة يترتب عليها صيام شهرين متتابعين، أما إن لم تمارس شيئا ً مما يوجب عليها الكفارة فلا يجب عليها أن تصوم كما لا يجب ذلك على الرجل والله أعلم. :ÉgQGó≤eh ÉgOóY ` á¶∏¨ªdG IQÉØμdG ما هي الكفارة المغلظة وما مواقع وجوبها؟ الكفارة المغلظة قد تكون عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين، وقد تكون أيضا ً إطعام ستين مسكينا ً ، وقد يكون الانتقال فيها من العتق إلى الصيام ثم إلى الإطعام تخييرا ً ، وقد يكون تدريجا ً ، وتكون الكفارة المغلظة بسبب قتل الخطأ وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، وتجب بالظهار قبل المس بنص القرآن وهي عتق رقبة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين وإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ً ، وتجب بالفطر المتعمد من غير عذر في نهار رمضان، وهي أيضا ً بالترتيب المذكور آنفا ً والله أعلم. كفارة إطعام ستين مسكينا ً إذا كان الطعام أرزا ً فكم يكون للمسكين بالوزن الحالي وهو الكيلو؟ وهل يصح أن يعطى الشخص الواحد أزيد من وزنه؟ للمسكين الواحد كيلو أرز وأربعة وعشرون غراما ً والله أعلم. من عليه إطعام ستين مسكينا ً كم يكون مقدار ما يدفعه لكل مسكين؟ وهل يجب أن يكون ذلك في ستين يوما ً كل يوم يدفع لمسكين واحد فقط؟ وهل يصح أن يعطي هذا المبلغ خلال سنة أو أكثر؟ وماذا يقول لمن يدفع له هذا المبلغ؟ وهل يصح أن يعطيه لأحد ا لمخالفين؟ ٍ لا بد من إطعام ستين مسكينا ً طعام يوم ٍ واحد، ولا يجزي إطعام مسكين واحد ستين يوما ً ، كما أن أكثر العلماء لا يرون إعطاء القيمة وإنما ترخص في ذلك بعض المعاصرين، وينبغي أن تقيد الرخصة بالاضطرار، ولا يجب على ٍ المطعم أن يقول للمسكين شيئا ً وإنما يجب الإطعام، ويجزي إطعام أي أحد من مساكين أهل القبلة والأبر الأتقى أولى والله أعلم. ما رأيكم في كفارات إطعام ستين مسكينا ً إذا وجدنا ثلاثين مسكينا ً أو أقل من ذلك، هل نعطيهم ما للستين؟ وإن أرادوا أن نعطيهم دراهم بدلا ً من الأرز والحب وغير ذلك، فهل يصح ذلك؟ وكم للواحد منهم؟ وهل النساء والأطفال هم المساكين؟ وإن قلتم لا فنقول لا يوجد في هذا الوقت فقير ولا مسكين؟ إن لم يوجد العدد المطلوب من المساكين سواء داخل البلد أو خارجه فلا مانع بعد الاستقصاء والبحث قدر الإمكان من مضاعفة العطاء للعدد الموجود، ولا مانع من إعطاء النساء والأطفال غير الرضع، والمسكين كل من لا يكفي دخله لمصروفاته الضرورية والله أعلم. ذ ُ كر أن الشيخ المحقق سعيد بن خلفان الخليلي 5 حدد الصاع من الطعام بوزن ٩٨ قرشا ً بما يعادل ٢٧٤٤ غراما ً فيكون إطعام المسكين في الكفارة ثلث الصاع من الأرز، هل يجزي إعطاء المسكين ثلث الصاع أم هناك تعديل حسب المعيشة في زماننا هذا؟ وهل يلزم إطعام المسكين إفطارا ً وغداء وعشاء؟ وإذا كان كذلك فكم المقدار الذي يعطى من الأرز أو الثمن؟ وهل يصح أن تعطى الكفارة لمسكين واحد تحسب له كإطعام ستين مسكينا ً؟ لم تأت سنة تنص على مقدار ما يطعمه المسكين في الكفارات كما لم يشر إلى ذلك الكتاب العزيز، ولكن دل حديث كعب بن عجرة الصحيح على إطعام المسكين في فدية الحلق في حالة الإحرام نصف صاع من الطعام، وذلك حيث أمره النبي ژأن يطعم ستة مساكين ثلاثة آصع(١) ، فدل (١) تقدم تخريجه ذلك أن لكل مسكين نصف صاع، ولا فرق في ذلك بين فدية الحلق في الإحرام وفدية الصيام والكفارات والله أعلم. امرأة خل ّ فت قليلا ً من المال وأراد أولادها أن يؤدوا عنها منه كفارة مغلظة، فهل يحق لأولاد المتوفية وحالتهم ضعيفة أن يعطوا من هذه الكفارة حيث إن أحد أولادها عنده مجموعة من الأولاد وعمله سائق، وإحدى بناتها زوجها متوفى وعندها منه أولاد منهم الذي يعمل ومنهم الذي يتعلم ومنهم بدون عمل؟ من كان منهم مسكينا ً يستحق الزكاة والكفارة فلا مانع أن يعطى منها ما يعطى لغيره من المساكين والله أعلم. إذا أراد رجل أن يخرج كفارات فمن هو أحق بها؟ الكفارات للمساكين وهم الذين لا يكفيهم دخلهم لنفقاتهم الضرورية والله أعلم. بالنسبة للكفارة المغلظة صوم شهرين متتابعين، هل يصومهما متواصلين أم يفصل بينهما بيوم؟ يجب التتابع في صيام الكفارة ولا يجوز الفصل ولو بيوم والله أعلم. هل يشترط أن توزع الكفارة لستين مسكينا ً أو من الممكن أن تعطى لعائلة واحدة أو عائلتين؟ لا بد ّ من استيفاء العدد المحدد من المساكين والله أعلم. ما القول الراجح معكم فيمن أقام عنده فقير يطعمه ويكسيه ونوى أن ذلك الطعام من كفارة لزمته هل يجزيه ذلك؟ الكفارة حددت بإطعام عدد من المساكين فلا بد من استيفاء ذلك العدد والله أعلم. :IQÉØμdG »a ᪫≤dG ™aO من عليه إطعام ستين مسكينا ً أو كفارة هل يصح أن يدفع نقودا ً بدل الطعام؟ وكم مقداره؟ اختلف في إعطاء الثمن بدلا ً من الطعام في الكفارة، وعلى جوازه فهو ثمن طعام الغداء والعشاء لكل مسكين، وذلك يختلف باختلاف الزمان والمكان والله أعلم. أنوي أن أؤدي ما علي من كفارة مغلظة نتيجة ما فعلته في حياتي  من أخطاء ونسيان وتقصير وما أشبه ذلك والكفارة المغلظة هي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ً ، فكم هو مبلغ إطعام ستين مسكينا ً بالريالات هل هو ( ٤٥ ) أم ( ٦٠ ) ريالا؟ ً وهل هذا المبلغ أشتري به أرزا ً وأفرقه على ثلاثة أو أربعة بيوت؟ لأني أخاف إذا أعطيتهم المبلغ نقدا ً أن ينفقوه في غير الطعام، فما ا لعمل؟  إطعام المسكين بما يكفيه لطعام يوم، ولا يكفي الفرد أقل من ريال إن وزع عليهم نقودا ً وإن وزع عليهم طعاما ً فيكفي لكل فرد نصف صاع والله أعلم. هل يجوز في الكفارة المغلظة إخراج النقود بدل الإطعام؟ وإذا كان جائزا ً ، فما مقدار النقود وكيف تخرج؟ الأصل إخراج الطعام، فإنه الذي دلت عليه السنة، ولا يصار إلى النقود إلا مع تعذر قبول من قبل الفقراء، وفي هذه الحالة تخرج قيمة الطعام المفروض ولا تحدد القيمة بمقدار من النقد لأنها تعلو وتنخفض بحسب غلاء الأسعار ورخصها، وتختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والله أعلم. الكفارات ١٣٧ هل للمكفر بدلا ً من أن يطعم أن يخرج قيمة الوجبتين؟ وكم تقدرونه؟ الأصل هو الإطعام، فإن تعذر فليعط قيمة الوجبتين بحسب سعر السوق في الوقت ذاته، وذلك يختلف باختلاف الزمان والمكان والله أعلم. :≈dÉ©J ˆG ô«¨d QòædG هل يندرج النذر للأشجار أو عيون المياه أو غير ذلك من النذور في دائرة الشرك الذي لا يغفر كما جاء في قول الله تعالى: ﴿ r s t u v ~ ﴾ [ [النساء: ٤٨ ؟ } | { z y x w بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فلا ريب أن الله تبارك وتعالى هو الإله الواحد الفرد الصمد الذي يقصد في الملمات، ويطلب لقضاء الحاجات، فهو وحده القادر على كل ُ شيء، المصرف للوجود، والمدبر لهذا الكون، ولذلك عل ّ منا 4 أن نفرده بالاستعانة كما نفرده بالعبادة عندما قال عز من قائل: ﴿ 23 4 5 ﴾ [ [الفاتحة: ٥ ، تعليما ً لعباده كيف يوجهون إليه خطاب العبودية لمقام الربوبية وهم يفردونه في العبادة والاستعانة به في جميع أمورهم، ومعنى ذلك أن الإنسان كما لا يجوز له أن يعبد غير الله لا يجوز له أن يستعين بغيره تبارك وتعالى. وجاءت الآيات الكثيرة في كتاب الله سبحانه ناعية على المشركين الذين كانوا يتخذون مع الله آلهة أخرى، فيتقربون إليها بالقرابين والنذور وغيرها، ويشركونها في العبادة، ويعتقدونها وسائط بينهم وبينه تعالى، فالله 4 يقول: ﴿ [ZYXWVUTSRQPONML mlkjih gfedcba `_^]\ no p q r x w v u ts| { z y ﴾ [ [الرعد: ١٦ ، ويقول 4 ﴿ : t uvw x zy |{ } ~ ے ± ° ¯ ® ¬ « ª © ¨ § ¦ ¥ ¤ £ ¢ ¡ ¸¶μ´³²½¼»º¹ ﴾ [ [الزمر: ٣٨ ، وفي ذلك ما يدل على أن من انفرد بخلق كل شيء لا يسوغ أن يشرك معه غيره في العبادة أو الدعاء، ولهذا احتج القرآن على المشركين بما هو راسخ في نفوسهم، لا يمارون فيه في مجادلاتهم وهو أن الله وحده هو خالق السموات والأرض ومالكهما، فإبطل بذلك دع َاء َ هم لغير الله، وذلك في قوله: ﴿  Á Ñ ÐÏÎÍÌËÊÉÈÇ ÆÅÄà ÛÚÙØ×ÖÕÔÓÒ ﴾ [ [سبأ: ٢٢ ، وقوله: ﴿ ? > = Q P O N M L K J I H G F E D C B A @ ] \ [ Z Y X W VU T S R ^ ﴾[ [فاطر: ٤٠ ، ثم أتبع ذلك قوله: ﴿ ab c d e fhgi j k l m qp o n r s t u ﴾ [ [فاطر: ٤١ ، وقوله تعالى: ﴿ } | { ~ ے ´³²±°¯ ®¬«ª©¨ §¦¥¤£¢¡ μ¶ ¸ ¹ º » ﴾ [ [الأحقاف: ٤ ، ولئن كان الله يحتج بهذا على المشركين الذين لا يؤمنون بالقرآن لأن حجة ذلك قائمة عليهم من عقولهم فما بالكم بالمسلمين الذين صدقوا أن هذا القرآن حق من عند الله، كيف يتصاممون عن هذه الحجج بجانب تعطيلهم لمداركهم عندما يدعون غير الله دعاء من خلق السماوات والأرض. وتتوالى الآيات الكثيرة دالة على أن ا لله 4 وحده هو الذي يرفع الضراء ويبتلي من يشاء بما يشاء، فقد قال سبحانه: ﴿ Á Â Ã Ä Å ÊÉ È Ç Æ Ë Ì Í Î Ï Ð Ñ Ò ﴾ [ [الأنعام: ١٧ ، وقال: ﴿ ! " # $ % & ' ( *) + , - . / 0 ﴾ [ [يونس: ١٠٧ ، وقال: ﴿ VW X Y Z [ \ ] ^ a `_ bc d ﴾ [ [التوبة: ٥١ ، وقال: ﴿ «¬ ® ¯ ± ° Á À ¿ ½ ¼ » º ¹ ¸ ¶ ´³ ² ﴾ [ [فاطر: ٢ ، وهكذا ¾µ تتوالى الآيات لتبلور العقيدة الصحيحة والفكر السليم الذي يصل بين العبد وربه 4 من غير أن تكون بينهما واسطة، وهي دالة على حرمة أن يتقرب الإنسان بنذر أو قربان إلى غيره تعالى، كأن ينذر لعين أو لشجرة أو لحجرة أو لغير ذلك، وهذا ما أكده قول النبي ژ : وإذا سألت فاسأل الله وإذا » « استعنت فاستعن بالله(١) . لذلك نجد من العلماء من حكم بشرك من يفعل ذلك، وبحرمة زوجته عليه وأنها تخرج من عصمته إلا إن تاب ورجع إلى عقيدة الإسلام وتبرأ من هذه العقيدة الزائفة التي يعتقدها في الأشجار والأحجار ونحوها. وأنا أعجب كيف لا يفكر هذا الإنسان في أن هذه الكائنات بأسرها لا تملك منفعة ولا دفع مضرة عن نفسها، فكيف تستطيع أن تحققه لغيرها!!. ولا يختلف اثنان من العقلاء أن النبي ژ هو أفضل مخلوقات الله 4 ومع ذلك فإن الله تبارك وتعالى يقول له: ﴿ !" # $ % & ' () * +,- . / 6 5 4 3 2 1 0 ﴾ [ [الأعراف: ١٨٨ ، هذا مع أن ا لنبي ژ عندما أمر بأن يقول ذلك كان إبان حياته وملء ثيابه، فكيف بغيره ژ ، بل كيف بالأموات في القبور، والأشجار والأحجار وغيرها. فهذه القضية في منتهى الجلاء والوضوح ولكن تعمى عنها أبصار الذين على أبصارهم غشاوة. ١) رواه الضياء في المختارة رقم ( ١٢ )، والحاكم في المستدرك رقم ( ٦٣٠٣ )، والترمذي رقم ) .(٢٥١٦) هذا ومن المعلوم أ يضا ً أننا علينا أن نعتقد بأن قول الله: ﴿ u t s r } | { z y x w v ~ ﴾ [ [النساء: ٤٨ ، لا يعني تسويغ ما دون الإشراك من أنواع المعاصي، وأن المعصية التي هي دون الإشراك مغفورة، فإن الله تبارك وتعالى قد قطع دابر هذه الأماني عندما قال: ﴿ :9 J I H G F E D C B A @ ?> = < ; MLK ﴾ [ [النساء: ١٢٣ ، وهو القائل ناعيا ً على أهل الكتاب هذا المعتقد الخاطىء: ﴿ } ~ ے ¡ ¢ £ ¤ ¥ ¦ § ¨ ¼ » º ¹ ¸ ¶ μ ´ ³ ² ±° ¯ ® ¬ « ª © ½¾ ﴾ [ [الأعراف: ١٦٩ . وإنما هذه الآية الكريمة تكررت في سورة النساء مرتين، والسياق هو الذي يدل على معناها ويشخصه، فإنها مسبوقة في أحد الموضعين بقول الله 4 ﴿ : TU V W X Y Z [ \ ] ^ ` _ o n m lk j i h g f e d c b a p ﴾ [ [النساء: ٤٧ ثم تبع ذلك قوله: ﴿ r s t u v w x y z } | { ~ ﴾ [ [النساء: ٤٨ ، وسبقها في الموضع الآخر قوله تعالى: ﴿ > M L K J I H G F E D C B A @ ? PO N Q R ﴾، ثم تبعه قوله: ﴿ TU V W X Y Z _ ^ ] \ [ ` ﴾ [ [النساء: ١١٦ . ومعنى ذلك أنه تعالى لا يغفر الشرك ولو تاب المشرك من أي معصية من المعاصي، وإنما يغفر المعاصي كلها إذا تاب من الشرك، فإن الإسلام جب لما قبله، فهذه دعوة للدخول في الإسلام، مع تبشير الذي يدخلون فيه بأن ما سلف منهم من المعاصي يغفر بدخولهم في الإسلام، كما قال تعالى: ﴿ z y x w v u t s |{ } ~ ے ¡ ¢£ ﴾ [ [الأنفال: ٣٨ ، فالذين يتوبون من شركهم هم الذين شاء الله تعالى أن يغفر لهم ما سلف مما هو دون الشرك بدون توبة لأن الإسلام وحده كاف لئن يجب ما قبله. وبهذا ينتظم هذا النص مع سائر النصوص الأخرى التي تؤكد الوعيد الشديد على الكبائر في سلك واحد من المعنى فلا يكون بينها تنافر وتعارض وإنما وعد الله سبحانه أن يغفر الصغائر مع اجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر وذلك في قوله: ﴿ bc d e f gh i j k l m ﴾ [ [النساء: ٣١ ، والله المستعان. الزوجة عندما تعلم أن زوجها قدم قرابين للأشجار أو للمساجد واستمرت معه دون أن تنفصل عنه، هل معنى ذلك أنها مكثت مع رجل حرام عليها؟ نعم إذا كان يعتقد هذا المعتقد الخاطىء الباطل، يعتقد النفع والضر من قبل الشجرة أو الحجرة التي يتقرب إليها، أو من قبل العين التي يقرب إليها النذور، أو من قبل القبر أو صاحب القبر، أو الجني الذي يتعلق به لقضاء حاجته من تحقيق منفعة أو دفع مضرة، فالله تعالى يقول: ﴿ WX Y Z [ \ ] ^ _ ` a ﴾ [ [الجن: ٦ ، ومثل هذا ما يصنعه جهلة الناس وعوامهم عندما يصابون بشيء بحيث يأتون ببخور يتقربون به إلى الجن يقولون إن كان هذا لكم فخذوه وإن كان لغيركم فأوصلوه إليهم أو فأبلغوهم إياه، والله أعلم. كيف تكون توبة هذا ا لإنسان؟ توبته بالرجوع إلى عقيدة الإسلام الصحيحة، والتنصل من هذا الأمر، والتبرؤ من هذا المعتقد الباطل، واعتقاد أن غير الله تعالى لا يجدي نفعا ً ولا يدفع ضرا ً ، والله أعلم. وهل ينطق بالشهادتين مرة أخرى؟ نعم والله أعلم. وهل ترجع الزوجة إليه بدون عقد؟ نعم ترجع إليه برجوعه إلى عقيدة التوحيد كحكم المرتد، ومن العلماء من قال بأن المرتد يجدد عقد النكاح برجوعه إلى الإسلام، فكذلك من كانت ردته بهذا على هذا القول، والله أعلم. جماعة قاموا بتأدية نذر وقاموا بدعوة الأطفال والكبار لحضوره، وأخذوا لوازمهم من مأكل ومشرب مصطحبين معهم الرضيعة التي أقيم من أجلها هذا النذر، وذهبوا إلى مكان قريب من مكان وجود قبر لشخص يقال إنه مبروك ويخرج نور من قبره، وهناك افترشوا الأرض وجلسوا صغارا ً وكبارا ً ، وقامت امرأة عجوز من العائلة بعمل النذر، وأخذت معها كمية من الحلوى والخبز إلى مكان وجود القبر (جد من جدودهم) ثم أذن ُ للجميع بالأكل كيف يكون النذر لله؟ وكيف يكون النذر لغير الله؟ وما هو البرهان والدليل الشرعي على عدم الجواز لمثل هذه الحالة؟ ومن الذي يقع عليه الذنب في مثل هذه الحالة، هل الشخص الذي دعا الناس وقام بالنذر؟ أم الذين لبوا الدعوة وحضروا وأكلوا وشربوا من حلوى وخبز النذر وهم على علم بذلك؟ وما حكم من أكل من حلوى النذر ولكن بنية صادقة لوجه الله وليس للمشاركة معهم؟ وهل رفض الزوجة طاعة زوجها في المشاركة لهذا الأمر واجب؛ ولو وصل هذا الأمر إلى الطلاق بين ا لزوجين؟ النذر للقبور من البدع الضالة، بل إن اعتقد الناذر أن للقبر أو للميت المدفون فيه تأثيرا ً في تحقيق نفع أو دفع ضر كان ذلك من ضروب الإشراك بالله، والنذر لله ما ابتغي به وجه الله وكان على الوجه الشرعي بحيث لم يخرج من حدود الطاعة له تعالى، والنذر لغيره تعالى ما كان بخلاف ذلك، وإن طلب الرجل من امرأته المشاركة في ذلك فلا تجوز لها طاعته إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، بل ذهب بعض أهل العلم إلى أن َ مشاركة أحد الزوجين في هذه النذور تؤدي إلى حرمته على الآخر لأنه بمشاركته صار في عداد المشركين، ووقوع أحد الزوجين في الشرك الأكبر يحرمه على الآخر، ويشترك في الإثم الداعي وكل من أجاب الدعوة ومن أكل ولو كانت له نية صالحة، لأن في أكله تشجيعا ً لهم على الإقدام على هذا المنكر والله أعلم. ما قولكم فيمن نذر لابنه إن شفاه الله من المرض الذي ألم به أن يذهب ّ به وأمه وبعض العائلة إلى أماكن خارج البلدة التي يقطنونها كأماكن تجمع المياه أو المساجد أو غير ذلك من الأماكن التي تقدمها العامة، وأن يذبح هناك له ما يختاره من الأغنام والضإن، وتؤكل هناك مع الأرز ومشتقاته، فهل هذا جائز شرعا ً ؟ وهل من الضروري أن تذهب المرأة أم الابن برفقة ا لأب؟ من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه، فإن كان مراد هذا الرجل بنذره تعظيم المكان الذي يذبح فيه ويذهب إليه، ونوى الذبح من أجل ذلك المكان نفسه؛ فتلك بدعة وضلالة ولا يجوز له الوفاء بهذا النذر، وإن كان مراده إطعام الجائعين فيجب أن يفي به مع تجنبه جميع الشوائب ومن بينها اختلاط الرجال والنساء، لذلك لا أجد داعيا ً إلى حضور أهله بل يجب تجنب ذلك إن كان يؤدي إلى الاختلاط بين الجنسين، على أنه لا ينبغي التقيد بالإطعام في مكان ما بل يجزي في أي مكان والله أعلم. :áYÉ£dG QòæH AÉaƒdG ܃Lh إذا « أرز » نذرت لله تعالى بعمل عشر ذبائح وبقرة وعشر جونيات عيش شفيت ابنتي؟ فالبنت شفيت ولله الحمد، فهل يلزمني النذر؟ وإن كان يلزمني هل يمكن تعويضه بآخر مثل الصيام أو غيره؟ نعم عليك أن تفي بما نذرت لله والله أعلم. امرأة كانت مريضة وترقد بالمستشفى، وقد نذرت أنها إذا رأت نفسها في صحة وعافية فإنها سوف تفرق صدقة، وقد رقدت بالمستشفى مدة طويلة ثم خرجت، ولكنها لم تتمكن من عمل الصدقة؛ فقد ماتت بعد فترة قصيرة من خروجها، والآن يسأل أولادها هل يلزمهم الفاء بهذا ا لنذر؟ الوفاء بالنذر واجب إن لم يكن معصية، ومن مات وعليه نذر بصدقة أو حج فقام به أولاده بعد موته أجزاه والله أعلم. رجل أصيبت ابنته بحادث ونقلت على إثره إلى المستشفى للعلاج، ٍ وعندئذ قال أبوها: إذا ربي أعطى ابنتي الشفاء والعافية سوف أصوم عنها شهرا ً ، فماذا عليه أن يفعل؟ وما هي الأجرة في ذلك؟ إن كان نذر ذلك لله فعليه أن يصوم إن تحقق شفاء ابنته كما نذر والله أعلم. رجل نذر بذبح بقرة إن شفاه الله من مرضه، وبإذن الله تم شفاؤه، ولكن صعب عليه ثمن البقرة، فهل يجوز ذبح سبع من الغنم بدل البقرة؟ وهل يجوز لصاحب النذر أن يأكل منها هو وأولاه؟ بما أنه يملك ثمن سبع من الغنم فبإمكانه شراء بقرة، إذ قيمة سبع شياه تكفي لشراء بقرة ولو متوسطة الثمن، ولا يجوز لصاحب النذر أن يأكل من نذره لا هو ولا من يعوله والله أعلم. ما رأيكم في رجل طعن في نذره(١) الذي نذر به مع أنه يستطيع أن يقوم  بأداء ذلك ا لنذر؟ من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه، فإن كان هذا النذر الذي نذر به طاعة فلا بد من الوفاء به، وإن كان معصية فلا يجوز الوفاء به والله أعلم. نود إفادة سماحتكم بأن ولدي عندما كان يدرس بالمرحلة الإعدادية كان مستواه الأكاديمي متدنيا ً ، وقد نذر في نفسه بأنه إذا الله وفقه ونجح في دراسته يصوم لله تعالى شهرين متتابعين، والحمد لله قد وفق في دراسته وأكمل الثانوبة العامة، هل يجوز لي أن أوزع عنه مبلغا ً معينا ً بدلا ً من أن يصوم أم لا؟ وإذا كان الأمر كذلك كم مقدار المبلغ؟ علما ً بأن صيام الولد مشقة عليه وصوم شهرين متتابعين ليس هينا ً وخصوصا ً في هذا الوقت ا لحار؟ لا وإنما عليه الوفاء بنذره والله أعلم. ١) طعن في نذره أي: نكث ولم يوف ) ِ به. شخص نذر أن يعزم جميع أهله إذا أعفي من مبلغ واجب عليه من قيمة منزل وتم الإعفاء وباع الشخص المنزل وانتقل إلى منزل آخر ولم يوف بنذره، فماذا عليه؟ عليه أن يفي بنذره ولو بعد الانتقال إلى بيت آخر والله أعلم. امرأة قالت لابنتها: إذا شفاك الله 4 من المرض فسوف آخذك معي إلى العمرة لكن عندما شفاها الله لم يسمح لها زوجها بالذهاب إلى ا لعمرة؟ إن كانت نذرت ذلك وألزمته نفسها فإنها يجب عليها الوفاء به، وإن وجد ما يمنعها منه فإنه يبقى دينا ً في ذمتها إلى أن يمن ّ الله تعالى عليها بالفرصة للوفاء، والزوج لا يسوغ له أن يمنعها من الوفاء بالنذر لأنه واجب عليها، وأما إذا كان مجرد وعد منها لابنتها فلا يترتب عليها شيء إن أخلفت وعدها، اللهم إلا الإثم إن كانت قادرة على إنجازه والله أعلم. أم ّ نذرت بأن تصوم إذا عوفي ولدها من مرض فماتت، فهل يجوز لابنتها أن تصوم عنها؟ هذا من باب الوفاء بالنذر الواجب على الميت، وقد جاءت امرأة إلى النبي ژ وسألته عن مثل هذا وأمرها بالوفاء، وجاء رجل أيضا ً وذكر له أن أمه نذرت أن تصوم فأمره أن يصوم عن أمه التي ماتت ولم تف بنذرها(١) ، والله أعلم. ( ١) رواه الربيع في كتاب الأيمان والنذور باب الأيمان رقم ( ٦٥٩ ) :¿É°ùfE’G ∂∏ªj ’ ɪH hCG á«°ü©ªdÉH QòædG عندما كنت حاملا ً بطفلي الأخير نذرت بأني لن أنجب غيره حتى يتوقف زوجي عن شرب الخمر والتدخين، وبعد شهور قليلة من النذر توقف زوجي والحمد لله عن هذا المنكر ولكني لم أوف بوعدي له بالإنجاب، ولم أقم بأي شيء لمنع الحمل، بل تركت الأمور تسير بأمر طبيعي، وعمر أصغر أبنائي ( ١٠ ) سنوات)، فبماذا تنصحني فضيلتكم؟ لأني سمعت فتوى في التلفاز مفادها أن من ينذر بشيء يجب عليه أن يؤديه مهما حدث؟ ليس ذلك إليك، فإن الإنجاب وعدمه إنما هو بأمر الله، فما عليك بأس والله أعلم. من نذر بمعصية هل تلزمه كفارة النذر أم لا؟ بي ن لنا ذلك. ّ في ذلك خلاف بين العلماء، منهم من ألزمه الكفارة ومنهم من لم يلزمه، فأما الذين ألزموه الكفارة فقد استدلوا بأحاديث ضعيفة الإسناد، ومن أجل ضعفها لم ير الآخرون وجوب الكفارة عليه، أما الوفاء بالنذر فإنه من نذر أن يطيع الله فليطعه، » : لا يصح إن كان معصية، لأن ا لنبي ژ يقول « ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه(١) ،« لا نذر على عبد في معصية » : ، وفي رواية فكيف يسوغ الوفاء به في حالة كونه معصية؟ بل نفس النذر معصية إن كان بما يعصى الله به، واستدل الموجبون للكفارة أيضا ً بقياس النذر على اليمين ٍ بجامع أن في كل واحد منهما إلزاما ً للحالف أو الناذر بما لم يكن واجبا ً ١) رواه الربيع في كتاب الأيمان، باب الأيمان، رقم ( ٦٥٨ )، والبخاري في كتاب الأيمان ) .( والنذور، باب النذور في الطاعة، رقم ( ٦٣١٨ عليه من فعل أو ترك، فاليمين توجب عليه فعل ما حلف أن يفعله أو ترك ما حلف أن يتركه وكان مخيرا ً من قبل في ذلك، والناذر يوجب على نفسه شيئا ً لم يكن واجبا ً عليها من قبل والله أعلم. :QòædG »a ó°ü≤dGh ±ô©dG IÉYGôe لقد نذرت من مدة بأن أذبح جملين ولكن لم أقدر على شراء جملين مع بعض، ولقد اشتريت جملا ً واحدا ً أولا ً ثم اشتريت الجمل الثاني بعد فترة، وسؤالي أني في الجمل الأول لم أعزم عليه الناس في بيتي بل وزعته على الجيران والأقرباء المجاورين من حولنا، فهل النذر الذي نذرته يجب أن أعزم إليه الناس عندي أم أنه يكفي توزيعه كما فعلت؟ إن كنت نذرت أن تنحر الجملين فنحرتهما فقد وفيت بنذرك وليس عليك لزاما ً أن تدعو الناس إلى بيتك والله أعلم. ما قولكم في امرأة تتوالى الولادة عليها، وكانت تتمنى أن تنقطع عنها لمدة سنتين متواليتين، وكانت في جمع من النساء حين قالت: أنذرت أن أصوم من كل شهر ثمانية وعشرين يوما ً إن توقف عني الحمل لمدة سنتين متواليتين، فامتنع عنها الحمل لهذه المدة، فماذا عليها ا لآن؟ إن كانت نطقت بالنص الذي جاء في السؤال فلست أرى لزوم شيء فيما قالته وذلك لأمرين: والإنذار غير النذر فهو « نذرت » ولم تقل « أنذرت » : أولهما: أنها قالت وضعا ً بمعنى التخويف من أمر ٍ فيه خطورة، فلا ينعقد ا لنذر. والنذر الواجب ما خص بالله تعالى، فضلا ،« لله» ثانيهما: أنها لم تقل ً عن كون هذا النذر مما لا يطاق عادة والله أعلم. ما قول سماحتكم فيمن نذر أن يعتكف يوما ً في المسجد تقربا ً إلى الله تعالى، ونوى في قلبه يوما ً دون تحديد، أيكون هذا اليوم من طلوع الفجر إلى حضور الليل أم أنه يشمل اليوم والليلة معا ً؟ اليوم يصدق على النهار وحده وذلك من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ويصدق على مجموع الليل والنهار فيكون من غروب الشمس إلى غروبها في اليوم الثاني، وعليه فإن المعول في ذلك على قصد المعتكف نفسه، فإن قصد أن يعتكف ليلا ً ونهارا ً فليدخل معتكفه قبل غروب الشمس ليظل هنالك إلى أن تستكمل غروبها في اليوم التالي، وإن قصد النهار وحده فليدخل قبل طلوع الفجر وليستمر به إلى أن تغرب الشمس والله أعلم. رجل نذر أن يذبح شاة إذا شفاه الله سبحانه وتعالى، وقد شفاه الله فهل يذبحها ويوزعها على الفقراء أم يطبخها لأهله؟ يفهم من هذا أنه نذر أن يتقرب إلى الله بما نذر به، والأصل أن يكون تقربا ً إلى الله، فالله تعالى مدح الذين يوفون بالنذر، والنبي صلى الله عليه وسل ّ « من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه » : م قال(١) . لا نذر فيما لا يملك ابن آدم، » : وجاء في الحديث عنه أفضل الصلاة والسلام « ولا نذر في معصية(٢) . ولما كان النذر قربة فليبتغ القربة إلى الله وليتصدق ١) رواه الربيع في كتاب الأيمان والنذور باب الأيمان رقم ( ٦٥٨ )، والبخاري في كتاب ) .( الأيمان والنذور باب الوفاء بالنذور رقم ( ٦٣١٨ ٢) رواه مسلم في كتاب النذور باب لا وفاء لنذر في معصية الله رقم ( ١٦٤١ )، وروى الشق ) .( الأول البخاري في كتاب الأدب باب ما ينهى من السباب رقم ( ٥٧٠٠ بها على الفقراء والمساكين، لأنه إن أطعمها لنفسه ولعياله لم يزد على ما كان معتادا ً أن يفعله، فإنه لا بد من أن يطعم نفسه وعياله، بخلاف ما إذا تصدق على الفقراء والمساكين، هذا من أجل مراعة أصل النذر وإلا فإن ذلك يعود إلى نيته في حال نذره والله أعلم. امرأة نذرت في حملها الأول إن ولدت جنسا ً معينا ً أن تفعل شيئا ً ما ولكن ولدت بخلاف ما نذرت به، هل ينطبق هذا النذر كذلك في حملها ا لثاني؟ إن كانت ناذرة بالنظر إلى حملها الأول حسب نيتها في قرارة نفسها فلا ينطبق ذلك الحكم على الحمل الثاني، فإن حملت بعد ذلك وولدت كما كانت تتمنى وكما حددت في نذرها فلا يلزمها شيء لأنها حددت ما حددته بالنسبة إلى الحمل الأول، أما إذا كانت نذرت على الإطلاق فذلك يلزمها الوفاء به، أي إن نذرت بأنها إن رزقت ا بنا ً أو رزقت بنتا ً لتفعلن كذا فعليها الوفاء بما نذرت به إن كان ذلك في حدود طاعة الله، لأن النذر في المعصية لا يجوز الوفاء به والله أعلم. « من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه » امرأة تعبت في الحمل، وعندما وضعت قالت: إن شاء الله تعالى أني لا أحمل ثانية لمدة سنتين، وعندما تتحقق أمنيتي ولا أحمل لمدة سنتين أنوي أن أصوم شهرا ً كاملا، ً وقالت هذا الكلام في ساعة غضب، وبعد ذلك تحققت أمنيتها ولم تحمل لمدة سنتين، وبعد السنتين حملت مرة ثانية، فما قولكم سماحة الشيخ في هذا الكلام علما ً بأن هذه المرأة تعبت في هذا الحمل أكثر من السابق ولا تقدر على الصيام شهرا ً كاملا ً في هذه الفترة، هل يجوز أن تصوم بعد الولادة أم يكون هناك حل آخر؟ ينظر في قصدها، فإن كانت قصدت بهذا النذر فهو حسب قصدها، إذ النذر ليس مذكورا ً في عبارتها ذكرا ً صريحا ً وإنما يحتمله اللفظ فلا بد ّ من مراعاة القصد، وإن كانت غير قاصدة النذر فلا يلزمها الوفاء به، وبناء على أن الوفاء يلزمها فلا حرج عليها إن أخرت هذا الوفاء إلى أن تضع حملها، والله أعلم. رجل يشرب الخمر، فنذرت زوجته أنه إذا ترك تعاطي الكحول أن تصوم شهرا ً واحدا ً فقط، ترك زوجها تعاطي الخمور لمدة عام كامل ولم تصم زوجته خلال تلك الفترة التي ترك فيها زوجها تعاطي الكحول، ثم عاد الزوج إلى الكحول مرة ثانية، فما الحكم فيما نذرت عليه هذه المرأة خلال الفترة التي ترك فيها زوجها ا لكحول؟ العبرة بقصدها في نذرها، فإن كان غير مقيد بحيث لو ترك السكر ولو مؤقتا ً تلتزم نذرها فعليها الوفاء، وإن قصدت بأنها لو تركه دائما ً فلا يلزمها والله أعلم. ما قولكم فيمن حلف على سبب أنه لا يحلف مرة ثانية لهذا السبب، وقال: والله والله ثم والله بأنني إذا حلفت لهذا السبب سأصوم شهرين متتاليين، وفعلا ً حدث وحلف فماذا يفعل الآن؟ وإذا كان لا يستطيع أن يصوم شهرين متتاليين أيضا ً ماذا يفعل؟ عليه ما ألزمه نفسه من صوم الشهرين، وعليه إن عجز عن الصيام أن يطعم عن كل يوم مسكينا ً والله أعلم. :QòædG øe ó©j ’ Ée امرأة رأت في المنام أنها نذرت أن توزع خبزا ً وحلوى إذا ما شفيت أمها فهل هذا النذر يلزمها؟ ما كان في المنام لا يلزمها، والله أعلم. ما قولكم فيمن حلف على سبب أنه لا يحلف مرة ثانية لهذا السبب، وقال: والله والله ثم والله بأنني إذا حلفت لهذا السبب سأصوم شهرين متتاليين، وفعلا ً حدث وحلف فماذا يفعل الآن؟ وإذا كان لا يستطيع أن يصوم شهرين متتاليين أيضا ً ماذا يفعل؟ عليه ما ألزمه نفسه من صوم الشهرين، وعليه إن عجز عن الصيام أن يطعم عن كل يوم مسكينا ً والله أعلم. :√ô«Z hCG ¬°ùØf ™æªd Qòf øe طالبة نذرت إذا شاهدت سهرة في التلفزيون فسوف تصوم ثلاثة أشهر متتابعة، فالتزمت بهذا النذر ولكن في يوم من الأيام كانت نائمة فصحت فشاهدت السهرة ثم تذكرت وأغلقت التلفاز، ماذا تصنع؟ هذه المسألة وقع فيها خلاف بين أهل العلم، أي من ألزم نفسه شيئا ً لم يكن لازما ً عليه وإنما ألزمه نفسه لردعها عن أمر ما على أن يكون ذلك الذي ألزمه نفسه من جنس الطاعات كالصلاة والصيام والصدقة والحج، ويدخل في ذلك أن يكلف نفسه إن فعل شيئا ً ما أن يحج حافيا ً كما هو شأن كثير من الناس في وقتنا هذا. فمن العلماء من قال: بأن إلزام الإنسان نفسه شيئا ً يجعله في حكم اللازم عليه، وهذا هو مذهب الإمام أبي الشعثاء جابر بن زيد 5 الذي يقول: من ألزم نفسه شيئا ً ألزمناه إياه، وذهب فريق آخر إلى أنه لا يلزمه، لأنه أراد الامتناع فحكم ذلك حكم اليمين، وكفارة اليمين بينها الله تعالى في قوله: ّ ﴿ °± ³ ² ´ μ ¶ ¸ ½ ¼ » º ¹ Å Ä Ã Â Á À ¿¾ ﴾ [ [المائدة: ٨٩ فعلى هذا الرأي من ألزم نفسه شيئا ً عليه أن يكفر كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام، أو كسوتهم من متوسط الكسوة المعروفة المألوفة، أو أن يعتق رقبة، فإن تعذر عليه كل ذلك بحيث لم يجد الرقبة ولم يستطع أن يطعم المساكين ولا أن يكسوهم لفقره فعليه أن يصوم ثلاثة أيام، وكلا الرأيين له وجه من الصواب، أما قول من قال: من ألزم نفسه شيئا ً ألزمناه إياه فلعل صاحبه نظر إلى أن عددا ً من الأنبياء التزم بأشياء فكانت لازمة، كما قال الله تبارك وتعالى عن إسرائيل: ﴿ A @ ? > = < ; : 9 8 7 6 5 4 3 K J I H G F E DB ﴾[ [آل عمران: ٩٣ ، وهكذا C ما كان من أهل الكتاب، فإنهم التزموا بعض الأشياء فكانت لازمة عليهم كما ذكر الله تبارك وتعالى عن رهبانية النصارى، ولكن في شريعتنا ليس لنا أن نشرع شيئا ً لم يشرعه الله تعالى لنا، فلذلك شد ّ د الله في التحليل والتحريم، فليس للإنسان أن يحلل ويحرم من تلقاء نفسه كما قال: ﴿ {| } ~ ے §¦¥¤£¢¡ ¨ «ª© ¬ ¯® °± ² ³ ﴾ [ [النحل: ١١٦ ، وقال: ﴿ WX Y Z [ \ ] ^ _ ` k j i h g fe d c b a ﴾ [ [الأنعام: ١٤٠ ، وأما الذين ألزموه كفارة اليمين فقد اعتبروا قصده عندما قال إن فعل كذا فعليه كذا؛ فإنما أراد بذلك الامتناع وحكم ذلك حكم اليمين، فيتوسع بقول من قال بأنه تلزمها كفارة يمين لا غير، وعسى أن تجزي كفارة يمين بسبب صنيعها الذي صنعته والله أعلم. رجل قال: إذا ركبت في سيارة فلان تلزمني كفارة، ثم إنه ركب في هذه السيارة المذكورة، فهل تلزمه كفارة كما قال أم لا؟ وإذا كانت تلزمه فعلى أي نوع تنفيذها سواء كان من الأرز أو من غيره؟ من ألزم نفسه شيئا ً ألزم إياه، فإن ركب لزمته كفارة مرسلة وهي إما إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام والله أعلم. فيمن قالت: أصوم شهرا ً إن فعل فلان أمرا ً بدون إذني. ففعل ذلك الشخص الفعل دون إذنها، فهل عليها صيام شهر مع العلم بأنها لم تقل نذرت أو لله علي أو حلفت بالله وكان قولها الذي ذكرناه سابقا ً في ّ حالة غضب؟ وإذا ثبت صيام الشهر عليها، فهل يجوز لها أن تجزئه إلى فترات كسبع أو خمس أو غيرها؟ وهل هناك فرق في حالة السعة أو الاضطرار كمن كانت مرضعا ً؟ إن نوت إلزام نفسها ذلك فقيل: عليها ما التزمته، وقيل: كفارة مرسلة، وقيل: بالتخيير بينهما ويجوز لها تجزئته في الاضطرار دون الاختيار والله أعلم. ما قولكم فيمن حلف يمينا ً بالله إذا فعلت الشيء الفلاني علي حجة ّ وصيام شهرين؟ ومن قال: نذرت لله بحجة وصيام شهرين؟ ومن قال بغير قسم لله أو نذر بل قال بلغوى فقط: إذا فعلت الشيء الفلاني علي ّ ٍ حجة وصيام شهرين؟ فهل حكم هذه الثلاثة متساو أم أن هناك فرقا ً بين اليمين والنذر والقول بلغوى؟ من ألزم نفسه شيئا ً ألزمناه إياه، والنذر إن كان طاعة يجب الوفاء به ولا يبين لي فرق في حكم الصور الثلاث والله أعلم. امرأة قالت في حالة غضب: نذرا ً عل ّ ي أن لا أركب في أي حملة للذهاب إلى العمرة والحج، وذلك بسبب المشقة الكبيرة التي لاقتها في حملة ذهبت معهم ولم تكن مجهزة بوسائل الراحة وأهمها التكييف كما كانت تحمل أبناءها معها؟ فماذا عليها نرجو ا لتوضيح؟ الذي يبدو أنها أرادت أن تمنع نفسها من ذلك، والكلام الذي يدل على منع الإنسان نفسه من فعل أمر ما إن جعله واجبا ً عليه فذلك بمثابة اليمين، وعليه فإنها في هذه الحالة إن فعلت خلاف ما نذرته أي ما فرضته على نفسها فعليها كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم تجد شيئا ً من ذلك فلتصم ثلاثة أيام وكفى. :ó«≤ªdGh ≥∏£ªdG QòædG رجل نذر أن يصوم شهرا ً لله تعالى إن تم قبوله في عمل معين، والآن بعد أن تم اختياره لا يستطيع أن يصوم ما نذر به بسبب مشقة العمل أثناء فترة التدريب والتي تستمر قرابة السنتين، فهل يؤجل الصيام إلى ما بعد السنتين أم ماذا يفعل؟ علما ً بأنه لم يحدد شهرا ً بعينه وإنما قصد صيام شهر واحد؟ هذا النذر ليس واجبا ً على الفور وإنما متى ما أتى به يعتبر موفيا ً بنذره ّ ولا حرج عليه في ذلك والله أعلم. رجل نذر أن يعمل لزوجته ساعة من ذهب إن جاءه ولد، وبعد ذلك جاء الأولاد وبلغ عددهم ستة ولم يعمل شيئا ً ، فما ا لحكم؟ وقد نذر ،« من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه » هو بطاعة لأنه لا ريب يؤجر بإدخال السرور على أهله، فليدخل عليها السرور، وليوف بنذره والله أعلم. إذا لم يستطع مطلقا ً أن يوفي بهذا النذر، هل يبقى في ذمته؟ نعم الله أعلم. امرأة نذرت فعل شيء ما ولم تستطع بسبب الفقر، فما الحكم في ذلك؟ بما أنها نذرت، فإن النذر يبقى متعلقا ً بذمتها فمتى من ّ الله عليها بالقدرة عليه فإن عليها أن تفي به، وإن عجزت عنه فالله أولى بعذرها والله أعلم. امرأة نذرت بأن تتصدق بمائة ريال للفقراء إذا شفيت من مرضها، ولكن قبل أن تشفى قامت بتغيير النذر أو الرجوع عنه، فما رأيكم في ذلك؟ وماذا عليها؟ لا يملك أحد بعد النذر أن يتراجع عنه، ما لم يقيد ذلك في نفس الوقت الذي نذر فيه، أما إن قيده في نفس الوقت الذي نذر فيه فلا حرج عليه، والله أعلم. امرأة نذرت أن تصوم شهرا ً إن هي خرجت من البيت، أو خرج أبو زوجها بسبب مشاجرة وقعت بينهما، فتوفي أبو زوجها ولم تخرج حتى الآن، فهل يلزمها ما نذرت؟ لم يقع ما علقت نذرها عليه فلا يلزمها شيء، وإنما يلزمها لو وقع ما علقت عليه النذر والله أعلم. :IQÉØμdGh QòædG Ωƒ°U ™HÉàJ امرأة نذرت أن تصوم خمسة عشر يوما ً ، وبعد أن صامت عشرة أيام جاءتها الدورة الشهرية، وبعد انقضائها لم تكمل الخمسة الباقية مباشرة بعد الحيض، فما رأي سماحتكم في ذلك؟ هي أساءت في هذا، وقد كان عليها أن تتم ما بقي، ولكن إن فعلت ذلك جهلا ً تعذر، لا إن فعلته قصدا ً والله تعالى أعلم. امرأة نذرت أن تصوم كفارة شهرين متتاليين، ولكن الحيض يعترضها فكيف يكون صومها؟ هذا سؤال غريب، كيف يكون صيام نذر وصيام كفارة في وقت واحد، إذ النذر شيء والكفارة شيء آخر، فالنذر أن ينذر الإنسان لله تعالى تقربا ً إليه أن يفعل شيئا ً من الطاعة بسبب وقوع محبوب إليه، أو سلامته من سوء يخشاه ويتقيه، كأن يقول: إن جنبني الله هذا الشيء أفعل كذا من البر سواء ً كان صلاة أو صياما ً أو صدقة أو حجا ً أو عمرة أو غيرها، وأما الكفارة فتجب لذاتها فهي إما أن تكون بإضاعة الصيام أو بسبب يمين أو قتل أو ظهار، وهذه الكفارة أوجبها الله تعالى ولم يوجبها الإنسان على نفسه بنذر، وعلى أي حال فصيام الكفارة وصيام النذر إن اعترضه حيض فعلى المرأة أن تفطر ثم بعد ذلك تواصل الصيام مباشرة من غير فاصل، والله أعلم. فيمن يصوم في هذه الأيام الكفارة ويفصل العيد في هذا الصيام، هل يتجاوز أيام التشريق أم يصوم بعد العيد مباشرة؟ ليس له أن يصوم مع القاطع، عليه أن يؤخر الصيام إلى ما بعد العيد وبعد أيام التشريق، ويبدأ الصيام في وقت لا يمنعه مانع من مواصلة صيامه فيه، لأن الصيام صيام كفارة إلا لضرورة لا محيص عنها، وذلك كأن يمرض ولا يستطيع أن يواصل الصيام والله أعلم. خلال الشهرين لو أنه أفطر متعمدا ً في يوم من الأيام ماذا عليه؟ عليه أن يبدأ الصيام من جديد والله أعلم. :QòædÉH AÉaƒdG ∑ôJ نذرت على نفسي فقلت: عهد علي أمام الله بأنني إذا استطعت أن أنال ّ معدلا ً مرتفعا ً في الدراسة وأتحول من كلية العلوم إلى كلية الطب في هذا اليوم مثلا ً فإنني سأبدأ بالصوم من الباكر ولمدة شهر متواصل لا أتوقف عن صومه إلا في حالة العذر الشرعي، وذلك شكرا ً لله على ما تفضل ّ به علي  ، وفعلا ً تحقق ما رجوت من الله الكريم، وبدأت الصوم من الباكر مثلما نذرت، وصمت لمدة سبعة عشر يوما ً ولكني توقفت فجأة عن الصيام لا لعذر شرعي ولكن بدأت فترة الامتحانات النهائية، وفعلا ً أحسست بأني غير قادرة، مع العلم بأني أعاني من حصى في الكلية وقلت في نفسي أفطر أسبوع الامتحانات، وعندما تنتهي أبدأ إكمال الشهر الذي نذرته، مع العلم بأني قلت سوف أفطر ( ١٣ ) يوما ً وهي فترة الامتحانات وبعدها أواصل، فهل ما فعلته قد أخل بنذري؟ وهل يجوز ذلك؟ وإذا كان ما فعلته خطأ فما هو الحل؟ وماذا علي أن أفعله لكي أكفر عن ذنبي؟ ِ إن كنت وجدت نفسك مضطرة إلى الأفطار بسبب ما تعانينه من الأوجاع مع وطأة الامتحانات فلا حرج عليك والله يقبل منك والله أعلم. نذر رجل أن يختم القرآن مرتين خلال شهر رمضان المبارك إن تحقق لولده النجاح في دراسته، وفعلا ً تحقق ذلك لولده وأراد أن يوفي بنذره واستطاع كذلك الرجل أن يختم القرآن مرة واحدة خلال عشرين يوما ً ، واستطاع كذلك أن يقرأ ثمانية أجزاء في أربعة أيام وبعد ذلك اعتراه مرض منعه من الصيام ولم يستطع فعل شيء من شدة المرض، وقد لازمه هذا المرض حتى نهاية الشهر الفضيل، فماذا يجب عليه أن يفعل في الاثنين والعشرين جزءا ً المتبقية عليه من نذره؟ بما أنه لم يخصص شهر رمضان في عام بعينه فليقرأ القرآن مرتين في العام المقبل والله أعلم. ما حكم من أكل صوم النذر متعمدا ً؟ عليه أن يعيد الصيام من جديد والله أعلم. فيمن نذر أن يصوم يوما ً بعينه ولكنه تهاون في ذلك إلى أن فات ذلك اليوم، ماذا عليه؟ قيل: يجب عليه قضاؤه، وقيل: ذلك أمر فات وإنما تجب عليه التوبة من ٌ ٍ التهاون بالنذر، وذلك مبني على أن القضاء إنما يجب بأمر ثان غير الذي ّ وجب به الأداء، وتجب مع ذلك عليه كفارة يمين بناء على إلحاق النذر ً باليمين والله أعلم. فيمن قال: إذا تحقق لي كذا وكذا أذبح رأس غنم وتحقق، أيضا ً كرر نفس المقالة لشيء آخر وتحقق، ويريد ذبح رأس بقر، فهل يلزمه الوفاء بما قال؟ وإذا لزمه هل يكفيه رأس بقر بدل الغنمتين عن مقالته الأولى والثانية؟ إن كان نذر ذلك نذرا ً فعليه الوفاء كما حدد في نذره إذ لا يجوز أن يبدل ما نذره، وإن كان ليس نذرا ً وإنما هو قصد فهو مخير والله أعلم. ّ إذا نذر إنسان أن يعتكف في مسجد ما ولم يتمكن من الاعتكاف في ذلك المسجد، هل يجوز له أن يعتكف في أي مسجد شاء؟ لا مانع من ذلك إلا إن خصص مسجدا ً من المساجد الثلاثة المقدسة فعليه الوفاء بما نذر به والله أعلم. أنا امرأة نذرت لطفلي الصغير بأنه عندما يتزوج سأعطيه مجوهرات أملكها، علما ً بأن المجوهرات كانت تبلغ قيمتها ثلاثة آلاف ريال ع ُ ماني، والآن أريد أن أبيع تلك المجوهرات لحاجتي إلى المال، علما ً بأن الطفل كان صغيرا ً جدا ً والآن يبلغ من العمر أربعة عشر عاما ً ، فهل يجوز أن أبيع المجوهرات وعندما يتزوج ابني إن شاء الله أعطيه المبلغ أو أشتري له مجوهرات غيرها؟ فإذا كان يجوز ذلك، فهل أعطيه مبلغ الثلاثة آلاف ريال أم على ما بعته أم ماذا أفعل؟ ٍ إن كنت نذرت بمجوهرات بعينها فلا يسوغ أن تدفعي إليه غيرها، اللهم ٍ إلا إن تعذرت المحافظة عليها واقتضت الضرورة بيعها فلا مانع عندئذ من بيعها وتكون له قيمتها والله أعلم. من نذر بصيام ولم يوف بنذره ما حكمه، وما يجب عليه؟ هل هو نذر موقوت أو لا؟ فإن كان نذرا ً موقوتا ً وفات وقته قيل: عليه أن يقضيه وقيل: لا، فالقول الأول مبني على أن الأمر بالقضاء هو نفس الأمر بالأداء، والقول الثاني: مبني على أن القضاء يفتقر إلى أمر ثان غير الأمر بالأداء، واختلف إن فاته هل عليه كفارة يمين أو لا تلزمه كفارة، والله تعالى أعلم. امرأة كبيرة في السن نذرت أن تصوم شهرا ً ، فلما صامت أصابها مرض وتكلفت كثيرا ً ، وقد عجزت عن الصيام، هل يلزمها شيء أم لا؟ قيل: تفتدي بإطعام مسكين عن كل يوم، وقيل: يسقط عنها الوفاء والله أعلم. نذرت امرأة بتقسيم نوع من الملابس لنساء معينات ولكن إحدى هؤلاء النساء ماتت قبل أن يصل إليها النذر، فهل علي المرأة التي نذرت شيء؟ ليس عليها شيء، ولكن إن رأت أن توزع تلك الملابس إن قدرتها بمقدار على ورثة تلك المرأة فذلك خير، وإن رأت أن توزعها على بقية تلك النساء فذلك خير أيضا ً ، ولكن لا يلزمها شيء لأن المرأة توفيت قبل لزوم ذلك عليها، والله أعلم. امرأة نذرت أن لا تسمع الأغاني أبدا ً ، ولكنها لم توف بهذا النذر لأنها أحيانا ً يغلب عليها الشيطان فتسمعها، هل لهذا كفارة؟ وماذا عليها؟ عليها أن تتوب إلى الله تعالى وتستغفره وأن تلتزم أوامر ا لله 8 ، ويحسن أن تكفر كفارة مرسلة ككفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن عجزت عن كل ذلك فلتصم ثلاثة أيام لتجتنب سماع الأغاني، والله أعلم. نذر الأب أن يصوم شهرا ً عن ابنه وكان مريضا ً فلما شفي من المرض لم يستطع الأب الصيام لكبر سنه وعجزه فماذا عليه؟ إن كان مرادك أن الأب نذر لله تعالى أن يصوم شهرا ً إن شفي ولده فعجز عن الوفاء بنذره فعليه أن يطعم عن كل يوم مسكينا ً عند كثير من العلماء وقال بعضهم: يسقط أصل نذره بعجزه عن الوفاء به والله أعلم. عن امرأة نذرت تصوم عدة أيام إذا تحقق لها شيء معين، وعندما تحقق لم تستطع الصيام حيث إنها عندما تصوم غير شهر رمضان تصاب بحالات لا تحتملها، فكيف تكف ّ ر عن نذرها إذا كانت عليها كفارة النذر؟ قيل: عليها إطعام مسكين عن كل يوم، وقيل: يسقط عنها نذرها بالعجز عن الوفاء به والله أعلم. رجل نذر لله إذا تحقق له أمر ما أن يذبح بعيرا ً في اليوم العاشر من ذي الحجة من تلك السنة فتحقق له ذلك الأمر إلا أنه لما جاء اليوم العاشر من ذي الحجة لم يكن معه بعير ليذبحه، فما الذي يلزمه هل يذبح بعيرا ً متى تيسر له أم كفارة النذر أم لا يلزمه شيء؟ اختلف في الأمر بالقضاء هل هو نفس الأمر بالأداء أو لا؟ وبناء على ً هذا الاختلاف وقع الخلاف فيمن نذر بشيء وقته بوقت محدد فلما جاء وقته تعذر عليه الوفاء به فقيل: يلزمه قضاؤه بناء على مشروعية القضاء من ً الأمر بالأداء وقيل: فات بفوات وقته المحدد، فلا يعد الإتيان به بعد وقته وفاء، ذلك لأنه لم يرد دليل بقضاء النذر بعد فواته، والخروج من عهدة ً الخلاف أسلم وأحوط والله أعلم. أرأيت إن كان معه في يوم الوفاء بالنذر سبع شياه أو قيمة جمل ما الحكم في ذلك؟ إن كان عنده قيمة جمل فلماذا لا يشتري به الجمل؟ فإن ذلك واجب عليه والله أعلم. اطلعت على اختلاف العلماء في لزوم القضاء على من ترك الوفاء بنذره، وقد بنوا هذا الاختلاف على القاعدة الأصولية المشهورة: هل الأمر بالقضاء يجب بنفس الأمر بالأداء أم لا بد له من أمر ثان، فإن قلنا بالأول لزم القضاء، وإن قلنا بالثاني لم يلزم، هكذا قالوا: وأقول مذاكرة وسؤالا : إنه لا ينبغي أن يختلف في لزوم القضاء على كلا القولين، أما على القول بوجوب القضاء بنفس الأمر الذي لزم به الأداء فذلك ظاهر، لأن الأدلة من الكتاب والسنة ناصة على وجوب الوفاء بالنذر، كقوله تعالى: ﴿ Z[ \ ] ^ ﴾ ، وكلمة العقود لفظ عام يشمل كل عقد، ويقول ا لرسول ژ : من نذر أن يطيع الله » وأما على القول الثاني فلأن الأدلة ،« فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه من السنة قد دلت دلالة صريحة واضحة على وجوب القضاء، ومنها: ١ أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس @ قال: استفتى سعد بن عبادة رسول الله ژ فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر ولم تقضه، فقال رسول الله ژ : رواه الربيع « اقضه عنها » 5 ونحوه عند النسائي ومالك. ٢ ما رواه مالك من طريق ابن سيرين: أن رجلا ً كان جعل عليه أن لا يبلغ أحد من ولده الحلب فيحلب ويشرب ويسقيه إلا حج وحج به، قال: فبلغ رجل من ولده الذي قال: وقد كبر الشيخ، فجاء ابنه إلي النبي ژ فأخبره الخبر، فقال: إن أبي كبر وهو لا يستطيع الحج أفأحج عنه؟ قال: نعم. فهذا الحديث دال على قضاء النذر مع أن الرجل قد ترك الوفاء لعذر وهو الكبر، وهو قضاء عنه في الحياة، إلا أن الحديث فيه ا نقطاع. ٣ ما رواه البخاري ومسلم ابن عباس: أم امرأة قالت: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر؟ فقال: أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته والحديث معناه عند « فصومي » : أكان يؤدي ذلك عنها، قالت: نعم، قال الربيع 5 ولكنه في ا لحج. والعجب أن العلماء استدلوا بهذا الحديث على وجوب قضاء الصلاة والزكاة والحج وغيرها من الواجبات لمن جاء تائبا ً فما بال النذر يقال بعدم وجوب القضاء فيه؟! ٤ وقد روى الطبراني من طريق ابن عباس عن سنان بن عبد الله الجهني أن عمته حدثته أنها أتت ا لنبي ژ فقالت: يا رسول الله توفيت أمي وعليها مشي إلى الكعبة نذرا ً ، فقال ا لنبي ژ : هل تستطيعين أن » قالت: أويجزي ذلك ،« فامشي عن أمك » : قالت: نعم. قال .« تمشي عنها نعم أرأيت لو كان عليها دين ثم قضيته عنها هل كان يقبل » : عنها؟ قال قالت: نعم، فقال ا لنبي ژ «؟ منك : .« فالله أحق بذلك » ولا يعترض على هذه الأحاديث وغيرها أنها فيمن مات وعليه نذر، فهي في غير محل النزاع، لأنه يقال إذا لزم ذلك الغير فمن باب أولى يلزم صاحب الحق إن فوته، ولا يقال أيضا ً : إن هذه الأحاديث في قضاء النذر عن الميت، فقضاء الولي بمثابة الأداء، لأنه يقال: إنه باقتراب وقت موته تعين عليه الأداء، ففعل غيره لا يكون أداء، وقد يعترض أ يضا ً بأن المشهور أن حقوق الله تعالى لا يلزم أداؤها عن الميت ما لم يوص بها، وكذلك فقد أجازت طائفة من أهل العلم إخراج الإطعام بدلا ً من الصيام، وكل هذا يقدح في الاستدلال بظاهر هذه الأحاديث، ويمكن الجواب عن ذلك: بأن الكلام ليس في تفاصيل المسألة وإنما في لزوم القضاء بغض النظر عن متى يجب وهل يجزي عنه غيره، وأيضا ً فكما تقدم فقد استدل بتلك الأحاديث على وجوب قضاء غير النذر، والنذر مثلها إن لم يكن أولى. نرجو من سماحتكم النظر في هذه المسألة وإفادتنا هل لهذه المذاكرة وجه أم لا؟ وإن لم يكن لها وجه فكيف يجاب عنها؟ وما ترون سماحتكم فيها؟ نعم لهذه المذاكرة وجه وجيه، وما قلته له في الحق أصل أصيل، وهو إن دل على شيء فإنما يدل على ثاقب نظرك وصفاء فكرك، ولكن لمن ذهب إلى غير ما ذهبت إليه أن يتخلص من هذا الإلزام بأن ما ذكر في هذه الأحاديث لا يعدو أن يكون من جنس الأداء، لأن النذر المذكور فيها مطلق غير مقيد بزمان، وكلامنا إنما هو فيما كان مقيدا ً بوقت ففات الوقت، كأن يكون وق ّ ت لنذره صوم يوم الخميس ففات ذلك اليوم ولم يصمه، وقد قصد يوم خميس بعينه، أما ما ورد من الروايات التي فيها ذكر القضاء فلا يعدو أن يكون المراد ّ بالقضاء فيها هو نفس الأداء، لأن التفريق بين القضاء والأداء بأن الأداء فعل الشيء في وقته، والقضاء الإتيان به بعد وقته ا ستدراكا ً ، إنما هو اصطلاح حادث بعد عهد النبوة، فلا يحمل عليه ما ورد في القرآن والحديث من ذكر القضاء أو الأداء، كما هو واضح في قوله تعالى: ﴿ n o p wvutsrq ﴾ [ [البقرة: ٢٠٠ وقوله: ﴿ d ef g h i j k l ﴾ [ [النساء: ١٠٣ وقوله: ﴿ =<;:98A@?> ﴾ [ [الجمعة: ١٠ فلا بد ّ من أخذ ذلك في الاعتبار، فانظر فيه وأجب عليه والله أعلم. :ôeCG πªY iƒf øe امرأة لديها ابن، وكانت صائمة بداية شهر شعبان، وفي الليلة الثامنة من هذا الشهر جاءها خبر أن هذا الولد قد تعرض لحادث سير، وفي الطريق إليه نوت إن وجدته في صحة وبخير أن تكمل شهر شعبان نيلا ً للأجر وشكرا ً لله لسلامة ولدها، ولكونها مقبلة على شهر رمضان المبارك وخوفا ً منها ألا تعينها صحتها على وصال شهر شعبان بشهر رمضان، وكذلك للحالة النفسية التي كانت عليها حال وصول الخبر المفجع إليها، أفلا ترون لها رخصة بأن تصوم هذه الأيام من الشهر بعد شهر رمضان خوفا ً منها على شهر ا لفريضة؟ إن كانت نوت ولم تنذر فلا يلزمها الصيام، وإن كانت نذرت لله 8 لزمها الوفاء بالنذر والله أعلم. إثر حريق اندلع بمنى أثناء الحج نوت امرأة لحظتها أن تذبح بقرة صدقة لله تعالى إذا رجعت إلى ديارها سالمة هي وابنتها ورفاقها، فلم يصبهم أذى وعادوا سالمين إلى ديارهم، بعدها ذكرت المرأة أنها بيتت تلك النية لشدة الموقف وانزياغ العقل، فهل الآن يلزمها شرعا ً تأدية ما نوت به علما ً بأنها امرأة فقيرة وتعتمد على مبلغ الضمان الاجتماعي في معيشتها، وتطلب الفتوى الشرعية في هذه ا لمسألة؟ إن كانت نذرت ذلك لله 8 فعليها الوفاء بنذرها، وإن كانت نوته من غير نذر فذلك غير واجب عليها والله أعلم. نويت أن أصوم شهرين عندما يرزقني الله حجرة نأوي فيها أنا وأولادي بعد طلاقي من أبيهم، والحمد لله رب العالمين رزقنا الله بيتا ً ملكا ً لنا، وقد آن الأوان أن أوفي بما نويت ولكني غير قادرة على الصيام لمدة شهرين وذلك لظروفي الصحية، فهل يجوز لي أن أصوم شهرا ً واحدا ً والشهر الثاني أطعم عنه ثلاثين مسكينا ً أو كسوتهم؟ إن كان ذلك مجرد نية ولم يكن نذرا ً لم يجب عليك الوفاء به إلا إن شئت، وإن رأيت أن تفعلي أي معروف في مقابل ذلك فهو خير والله أعلم. رجل نوى أن يقيم مأدبة غداء لأهله إذا تم له أمر، وقد تحقق له ذلك إلا أنه لم يتمكن من تحقيقه بسبب وفاة أحد أفراد الأسرة ويرغب في التبرع بمبلغ لأحد الفقراء بدلا ً من المأدبة، فهل يجوز له ذلك؟ لا مانع من ذلك والله أعلم. ما قولكم في امرأة توفي والدها قبل حوالي شهر من حلول عيد الأضحى المبارك، وفي أيام العيد دخلت عليها بنات جارها وهن ّ في أحسن لبس من حلي وغيره، فنظرت إليهن بعدم احترام ولا تقدير لهن، ونوت في نفسها أن تتحنى في أيام العيد عند موت أبيهن، علما ً بأن الأب توفي من فترة وهي الآن لم تفعل شيئا ً احتراما ً وتقديرا ً للمتوفى وأقربائه؟ لا يلزمها شيء مما نوته؛ إذ النية لا يترتب عليها وجوب ما ليس بواجب والله أعلم. IÉcòdG PÉØfEG »a á«Yô°ûdG ¥ô£dGh íFÉHòdG الحمد لله الذي أحل لعباده الطيبات وحرم عليهم الخبائث، ووضع عن ّ هذه الأمة الآصار والأغلال التي كانت على من قبلهم؛ من ّ ة منه وتكريما ً ، فأحل بهيمة الأنعام وكل ما كان نافعا ً غير ضار من جنس الحيوان، وكرم ّ الإنسان فلم يجعله كالسباع الكاسرة يعدو على البهيمة ا فتراسا ً ويقضم لحمها إلتهاما ً ، بل شرع له الذكاة تطييبا ً للحم وإتماما ً للنعمة، والصلاة والسلام على رسوله الذي بعثه للعالمين رحمة وللثقلين هداية، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم ا لدين. أما بعد؛ فإن الله سبحانه اختص الجنس البشري بالتكريم والتفضيل من ّ ة منه سبحانه وابتلاء لهذا المخلوق أيشكر أم يكفر؟ ومن مظاهر هذا التكريم البالغ ما نشهده من تسخير ما في الأرض من أجل منفعته، بل تسخير ما في الوجود بأسره ليتحقق به استخلافه في الأرض، وليصل به إلى القيام بما نيط به من تكاليف وواجبات، وشرائع وأحكام تجعله فريدا ً بين أجناس الموجودات في الأرض في أهليته للاضطلاع بهذه الأمانة الملقاة على عاتقه والواجب الذي شد على حيزومه(١) ، والقرآن الكريم يعلن ذلك كله في قول الحق سبحانه: ﴿ _ihgfedcba` jko n m l ﴾ [ [الإسراء: ٧٠ ، وقوله تعالى: ﴿ ¾ Å Ä Ã Â Á À ¿ ﴾ [ [البقرة: ٢٩ ، وقوله سبحانه: ﴿ Ö× Ø Ù ÚÛ Ü Ý Þ ß ﴾ [ [الجاثية: ١٣ ، وقوله: ﴿ ÚÛ Ü Ý Þß à á â ã ä å æ ç ﴾ [ [الأنعام: ١٦٥ . ١) الحيزوم: الصدر وقيل: الوسط (كتاب لسان العرب: مادة حزم). ) ومن تسخيره تعالى ما في الأرض لمصلحة الإنسان تمكينه له من الحيوانات المختلفة سواء ما كان على أديم اليابسة أو ما كان في أعماق البحار والمحيطات، أو ما كان يسبح في الفضاء طيرانا ً ، وسواء ما كان منها صغير الحجم أو ضعيف القوة، وما كان عظيم الجسم قوي البنية مهيب السطوة، فإن سيطرة الإنسان عليها جميعا ً سيطرة غالبة وذلك بما منحه الله 8 من ملكات العقل ووسائل ا لتدبير. وقد جعل الله تعالى منافعها متفاوتة بحسب حاجة الإنسان إليها، وكيفية استغلاله لها، ومن بينها الغذاء الذي جعله الله قواما ً للأبدان، وهنا تتجلى وسطية الإسلام بين الإفراط والتفريط اللذين لا ينفك عنهما غيره من الأديان والأفكار والنظم، فهو يباين الديانة البرهمية التي تحرم على أتباعها أكل ذوات الأرواح جميعا ً ، كما يباين المذهب الإباحي الذي لا يتقيد في ذلك بقيد ولا يقف عند حد، إذ الإسلام إنما يبيح الطيب دون الخبيث والنافع دون الضار، فلذلك أحل منها ما أحل وحرم منها ما حرم بحسب ما تقتضيه الحكمة الربانية من تحقيق منفعة العباد وتجنيبهم كل ما هو ضار. على أن ما أباحه الإسلام من أجناس الحيوانات لم يكل إلى الإنسان إزهاق روحه بأي كيفية كانت، وإنما شرع لذلك أحكاما ً وحد حدودا ً تتلاءم مع الفطرة وتتواءم مع دواعي الرحمة التي تتدفق بها مشاعر الإنسان السليم، وبهذا ارتفع الإنسان عن دركات السبع الفتاك الذي يعدو على البهيمة فيفري أديمها ويمزع أشلاءها ويلتهم لحمها ولو لم تفارق الحياة جسمها، ويظهر ذلك جليا ً فيما أتى به الإسلام من أحكام الذكاة الشرعية التي فيها الرفق بالحيوان والسمو بالإنسان، كما يتحقق بها المصلحة وتندرىء بها ا لمفسدة. وبما أن كثيرا ً من الأحكام المتعلقة بالذكاة اختلفت فيها أفهام أهل العلم الذبائح ١٧٩ فصارت موضع أخذ ورد بين فقهاء الأمة رأى مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي ممثلا ً في شخص أمينه العام صاحب الفضيلة معالي الشيخ الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجه حفظه الله بحث بعض الموضوعات المتعلقة بذلك، وقد تكرم فضيلته فوجه إلي دعوة للمشاركة ّ .« الذبائح والطرق الشرعية في إنفاذ ا لذكاة » : ببحث في ذلك بعنوان وهو ينقسم حسب توجيه فضيلته إلى ثلاثة محاور: المحور الأول: التذكية الشرعية: شروطها وأحكام مخالفتها مما وقع إزهاق الروح فيه بالطرق ا لحديثة. المحور ا لثاني: حكم ما جهل إسلام ذابحه مما حل أكل لحمه. المحور ا لثالث: حكم اللحوم ا لمستوردة. ∫hC’G QƒëªdG وهو ينقسم إلى مقدمة وأربعة مباحث: :( k ÉMÓ£°UGh á¨d IÉcòdG ∞jô©J) áeó≤ªdG  أصل الذكاة لغة بمعنى التمام، كما نص عليه ابن منظور في اللسان، إذ قال: وأصل الذكاة في اللغة أنها إتمام الشيء، فمن ذلك الذكاء في السن والفهم، وهو تمام السن، قال: وقال الخليل: الذكاء في السن أن يأتي على قروحه سنة، وذلك تمام استتمام القوة، قال زهير: يفضله إذا اجتهدوا عليه تمام السن منه والذكاء(١) وبمثله قال من المفسرين الفخر ا لرازي(٢) وابن ا لعربي (٣)والقرطبي(٤) والسيد محمد رشيد رضا(٥) ، وعليه حمل القرطبي قوله تعالى: ﴿ 34 5 ﴾ [ [المائدة: ٣ ، أي أدركتم ذكاته على التمام. وهو يتفق مع ما نقله تقي الدين الحصني في كفاية الأخيار عن الإمام النووي، وقال: معنى ذكاة الشاة ذبحها التام المبيح، ومنه: فلان ذكي أي تام ا لفهم(٦) . غير أن القرطبي ذكر وجها ً آخر، وهو أن أصل التذكية التطييب، من قولهم رائحة ذكية، والحيوان إذا أسيل دمه فقد ط ُيب، لأنه يتسارع إليه التجفيف، وهذا الذي صدر به تقي الدين الحصني في كفاية الأخيار وتابعه ١) لسان العرب مادة ذكا ) : .٢٨٨/١٤ .١٣٥/ ٢) التفسير الكبير: ١١ ) .٥٤١/ ٣) أحكام القرآن: ٢ ) .٥١/ ٤) الجامع لأحكام القرآن: ٦ ) .١٤٣/ ٥) المنار: ٦ ) .٤٢٢/ ٦) تقي الدين الحصني، كفاية الأخيار: ٢ ) عليه كل من الدكتور عبد الله عبد الرحيم العبادي في كتابه الذبائح في الشريعة ا لإسلامية(١) ، والدكتور محمد عبد القادر أبو فارس في كتابه أحكام الذبائح في ا لإسلام(٢) ، وقد يتبادر أن ذلك صحيح، نظرا ً إلى شيوعه في استعمال الناس، ولكن عندما نعود إلى معاجم اللغة من أجل فهم المراد من ذكاء الرائحة نجد أنه بمعنى الشدة، سواء كانت من طيب أو نتن، كما نص عليه ابن منظور في اللسان، والزبيدي في تاج ا لعروس(٣) . أما الذكاة الشرعية فقد عرفها ابن ا لعربي (٤)والقرطبي(٥) بأنها عبارة عن إنهار الدم وفري الأوداج في المذبوح، والنحر في المنحور، والعقر في غير  المقدور عليه؛ مقرونا ً ذلك بنية القصد إليه، وذكر الله تعالى عليه. وعرف ضياء الدين ا لثميني 5 (٦) الذكاة بأنها قطع الحلقوم والمريء والودجين(٧) ، ويتبادر إلي أنه خاص بنوع من التذكية، وهو الذبح دون النحر والصيد. ّ . ١) الذبائح في الشريعة الإسلامية، ص ٢٠ ). ٢) أحكام الذبائح في الإسلام، ص ٣٤ )٣) انظر المرجعين مادة ذكا. ) .٥٤١/ ٤) أحكام القرآن: ٢ ) .٥٣/ ٥) الجامع لأحكام القرآن: ٦ )٦) ضياء الدين الثميني وهو العلامة المحقق الإمام عبد العزيز بن إبراهيم بن عبد العزيز ) الثميني، ولد في بني يسجن بوادي ميزاب بالجزائر سنة ١١٣٠ ه ، . نبغ في العلم الشريف حتى آلت آليه الإمامة العلمية بوادي ميزاب سنة ١٢٠١ ه ، له تآليف عظيمة ،« معالم الدين في أصول الدين » و « التاج المنظوم » و « النيل وشفاء العليل » منها كتاب توفي 5 سنة ١٢٢٣ ه ، انظر شرح النيل وشفاء العليل، ط مكتبة الإرشاد، جدة، السعودية. .٤٣٣ ،٤٢٣/ ٧) انظر النيل وشرحه: ٤ ) :á«Yô°ûdG IÉcòdG á«Ø«c »a :∫hC’G åëѪdG لا يخلو الحيوان المراد تذكيته إما أن يكون مقدورا ً عليه أو غير مقدور عليه، فالمقدور عليه وهو الإنسي وما وقع في قبضة اليد من الوحشي فتذكيته لا تكون إلا بنحر أو ذبح، وفيما يأتي بيان ذلك: :ôëædG `` 1 وهو طعن بآلة ذات نصل حاد في اللبة تحت العنق وفوق الترقوة، مع استحسان أن يكون الحيوان المنحور قائما ً على ثلاث، وقد عقلت إحدى يديه لقوله تعالى: ﴿ ے ¡ ¢ £ ¤¥ ¦ § ª © ¨ «¬ ® ﴾ [ [الحج: ٣٦ ، قال أ بو غانم(١) في مدونته: قلت لأبي المؤرج(٢) أخبرني قول الله تبارك وتعالى: ﴿ ے ¤£¢¡ ﴾، قال: حدثني أبو عبيدة(٣) عن جابر بن زيد(٤) عن ابن عباس أنه سأل عن ذلك فقال:  ١) هو العلامة بشر بن غانم الخراساني من أهل خراسان، انتقل إلى البصرة لطلب العلم ) على يد مشايخ أهل الحق والاستقامة، له المدونة الكبرى والمدونة الصغرى، جمعها من تلامذة أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة، وهو من علماء القرن الثاني الهجري، انظر المدونة الصغرى، ط وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة ع ُ مان. ٢) أبو المؤرج عمر بن محمد من تلامذة الإمام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة وقرناء ) الربيع بن حبيب 5 ، وتوفي في طريقه إلى فدم، انظر شرح الجامع الصحيح، والمدونة ا لصغرى. ٣) هو أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي بالولاء، توفي في ولاية أبي جعفر المنصور ) ٩٥ ٨٥١ ه)، وهو تابعي أدرك بعضا ) ً من الصحابة، أخذ العلم عمن لقيه من الصحابة، وعن جابر بن عبد الله الصحاري المعروف، وعن جابر بن زيد، وعن صحار العبدي وجعفر السماك، وحمل عنه العلم خلق كثير أشهرهم: الإمام ا لربيع بن حبيب صاحب المسند، حبس نفسه للتدريس والدعوة إلى الله وتوضيح معالم ا لإسلام. ٤) هو الإمام العظيم أصل المذهب الإباضي جابر بن زيد الأزدي، ولد في فرق بولاية نزوى، ) = إن قول الله: ﴿ ¤ ﴾ يعني بذلك قيام المعقولات(١) ، وقد أخرج ذلك عن ابن عباس ^ ابن جرير الطبري من طريق أبي ظبيان ومجاهد وغيرهما(٢) . وأمر الله نبيه ژ به في قوله: ﴿ Z[ \ ﴾ [ [الكوثر: ٢ ، ولا خلاف بين أهل العلم في مشروعيته في الإبل، وألحق بها كل ما كان مثلها في طول العنق كالزرافة، ووردت به السنة في الخيل كما في حديث أسماء بنت أبي بكر ^ : نحرنا على عهد رسول الله ژ فرسا » ً « فأكلناه(٣) ، ووردت به السنة أيضا ً في البقر كما سيأتي بيانه إن شاء ا لله. :íHòdG `` 2 وهو حز الرقبة من مقدمتها بسكين أو نحوها مما يفري وينهر الدم كما سبق نقله عن صاحب النيل في تعريف الذكاة وهي الكيفية المجمع على إجزائها في تذكية ما يذبح، واختلف فيما دونها على أقوال: الأول: أنه يكتفي بقطع الحلقوم والمريء، وعليه الشافعية والحنابلة، قال الإمام النووي نقلا ً الذبح الذي يباح به الحيوان المقدور » : عن الرافعي عليه إنسيا ً كان أو وحشيا ً ، أضحية كان أو غيرها هو التدقيق بقطع جميع = وانتقل بين البصرة وغيرها من حواضر الإسلام، تتلمذ على أكثر من سبعين صحابيا ً أخصهم ابن عباس ^ ، ثم السيدة عائشة # ، نبغ في العلم الأمة كلها، وأخص تلامذته أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة، توفي رحمه الله سنة ٩٣ ه. انظر شرح الجامع الصحيح. .٣٥٠/ ١) أبو غانم، المدونة الكبرى: ١ ) .١١٨/ ٢) ابن جرير الطبري، جامع البيان: ١٧ )٣) رواه البخاري في كتاب الذبائح والصيد في باب ( ٢٤ )، لحوم الخيل؛ ووراه النسائي في ) كتاب الضحايا في باب ( ٣٣ )، نحر ما يذبح، من طريقين في أحدهما وهي من رواية محمد بن آدم زيادة (ونحن بالمدينة). «(١) ، الحلقوم والمريء من حيوان فيه حياة مستقرة بآلة ليست عظما ً ولا ظفرا ً « وأما الفعل فيعتبر قطع الحلقوم والمريء » :« المغني » وقال ابن قدامة في(٢) ،  وهو قول لبعض علمائنا الإباضية(٣) كالإمام أبي العباس أحمد بن محمد بن بكر(٤) . الثاني: أنه يجزي قطع ثلاثة منها بدون تعيين وهو قول الإمام أبي لوجود الذكاة « فإن قطعها حل الأكل » :( حنيفة، ففي (الاختيار لتعليل المختار أي ثلاثة كانت « وكذلك إذا قطع ثلاثة منها »(٥) وذكر ا لعلامة ابن نجيم أنه (٦) قول أبي يوسف أولا ً . الثالث: أنه لا يجزي إلا أن يقطع من كل واحد منها أكثره، وهو قول محمد بن الحسن(٧) . الرابع: أنه لا يجزي إلا قطع الحلقوم والودجين وهو قول مالك بن أنس،  ٨٦ ؛ وانظر كذلك كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار، لتقي الدين / ١) النووي، المجموع: ٩ ) .٤٢٣/ الحصني: ٢ ٤٤ ، وانظر أيضا / ٢) ابن قدامة، المغني: ١١ ) ً ؛٥١/ المقنع مع الشرح الكبير بذيل المغني: ١١ .٤٤٥/ وبداية المجتهد: ١ .٤٣٥/ ٣) أطفيش، شرح النيل: ٤ )٤) هو العلامة المحقق المجتهد أ بو العباس أحمد بن محمد بن بكر من الطبقة العاشرة لعلماء ) المذهب الإباضي بالمغرب، صن ّ ف خمسة وعشرين مؤلفا ً منها: كتاب أصول الأراضين والسيرة في الدماء والجراحات، وجامع أبي مسألة، وغيرها، توفي 5 سنة ٥٠٤ ه؛ انظر طبقات المشايخ بالمغرب. ١١ ؛ وانظر كذلك المبسوط للسرخسي: / ٥) ابن مودود الموصلي، الاختيار لتعليل المختار: ٥ ) .٢٧٦٧/ ٢؛ وبدائع الصنائع للكاساني: ٦ /١٢ ١٩٣ ؛ وانظر أيضا / ٦) البحر الرائق: ٨ ) ً ٤٤ ؛ والشرح / ٤٤٥ ؛ والمغني: ١١ / بداية المجتهد: ١ .٥١/ الكبير بذيل المغني: ١١ .١٩٣/ ٢٧٦٧ ؛ والبحر الرائق: ٨ / ٧) بدائع الصنائع: ٦ ) قلت: أرأيت إن ذبح فقطع الحلقوم، ولم يقطع الأوداج أو فرى » : ففي المدونة الأوداج ولم يقطع الحلقوم أيأكله؟ قال: قال مالك: لا يأكله إلا باجتماع منهما ِ جميعا ً ، لا يأكل إن قطع الحلقوم ولم يفر الأوداج، وإن فرى الأوداج ولم يقطع الحلقوم فلا يأكله أيضا ً ، ولا يأكله حتى يقطع جميع ذلك؛ الحلقوم والأوداج، قلت: أرأيت المريء هل يعرفه مالك؟ قال: لم أسمع مالكا ً « يذكر ا لمريء(١) . الخامس: أنه لا يجزي إلا قطع الحلقوم والمريء وأحد الودجين، وهو قول أبي يوسف(٢) وهو يتفق مع ما في المصنف من كتب أصحابنا(٣) . السادس: أنه يجزىء قطع الحلقوم أو المريء وحده، لأن الحياة لا تبقى بعده، ذكره النووي وجها ً لأبي سعيد الاصطخري من الشافعية، وتعقبه بقوله: قال الأصحاب: هذا خلاف نص الشافعي وخلاف مقصود الذكاة، وهو »« الإزهاق بما يوهي ولا يعذب(٤) . السابع: أنه لا بد من قطع الأربعة جميعا ً ، وهو قول أكثر أصحابنا رواية عن « المغني » الإباضية كما سبق نقله عن صاحب النيل، وذكره في أحمد وعزاه(٥) إلى مالك وأبي يوسف، وعزاه إلى مالك أيضا ً ابن رشد(٦) ، وذكر القرطبي أنه حكاه عنه البغداديون، ونسبه أ يضا ً إلى أبي ثور(٧) ، وفي ١٣٣ ؛ وبداية المجتهد: / ٤٢٧ ؛ وانظر كذلك الذخيرة: ٤ / ١) الإمام مالك، المدونة الكبرى: ١ ) .٤٥/٤ .١٩٣/ ٢٧٦٧ ؛ والبحر الرائق: ٨ / ٢) بدائع الصنائع: ٦ ) .١٨٦/ ٣) الكندي، المصنف: ٩ ) .٨٦/ ٤) المجموع: ٩ ) .٤٥ ،٤٤/ ٥) المغني: ١١ ) .٤٤٥/ ٦) بداية المجتهد: ١ ) .٥٤/ ٧) الجامع لأحكام القرآن: ٦ ) « والمشهور أنه لا بد من قطع الأوداج والحلق والحقوم » : شرح النيل(١) ومراده بالحلق ا لمريء. الثامن: أنه يجزىء قطع الودجين وحدهما، ذكره ابن رشد قولا ً لمالك(٢) . والأصل في هذا ما أخرجه أبو داود عن أبي هريرة وابن عباس @ أن النبي ژ نهى عن شريطة الشيطان(٣) . وفسرت بأنها الذبيحة يقطع منها ُ الجلد ولا ت ُ فرى الأوداج وت ُ ترك حتى تموت، ويؤيده ما أخرجه الطبراني في من حديث حذيفة « الأوسط » ƒ اذبحوا بكل شيء فرى » : أن ا لنبي ژ قال « الأوداج ما خلا السن والظفر(٤) . ولفظة الأوداج تطلق تغليبا ً على الودجين والحلقوم والمريء، قال أما الحلقوم فهو مجرى النفس خروجا » : الإمام النووي ً ودخولا، ً والمريء مجرى الطعام والشراب وهو تحت الحلقوم، ووراءهما عرقان في صفحتي العنق يحيطان بالحلقوم، وقيل: يحيطان بالمريء يقال لهما الودجان، ويقال: « للحلقوم والمريء معهما ا لأوداج(٥) كنز الدقائق وشرحه البحر » ، وفي والمذبح المريء والحلقوم والودجان، لما روي عنه عليه أفضل ) :« الرائق ِ وهي عروق الحلق في ،« أفر الأوداج بما شئت » : الصلاة والسلام أنه قال المذبح، والمريء مجرى الطعام والشراب، والحلقوم مجرى النفس، والمراد .٤٣٦/ ١) أطفيش، شرح النيل: ٤ ) .٤٥٤/ ٢) بداية المجتهد: ١ )٣) رواه أبو داود من طريق أبي هريرة وابن عباس في كتاب الأضاحي في باب المبالغة في ) .( الذبح، رقم الحديث ( ٢٨٢٧ ٤) رواه الطبراني في المعجم الأوسط رقم ( ٧١٩٠ ) وفي الكبير ( ٧٨٥١ )، انظر حكم اللحوم ) . المستوردة وذبائح أهل الكتاب وغيرهم، عبد الله بن محمد حميد، ص ٩ .٨٦/ ٥) المجموع: ٩ )  بالأوداج كلها، وأطلق عليه تغليبا ً ، وإنما قلنا ذلك لأن المقصود يحصل بقطعهن، وهو إزهاق الروح وإخراج الدم، لأنه بقطع المريء والحلقوم يحصل الإزهاق، وبقطع الودجين يحصل إنهار الدم، ولو قطع الأوداج وهي العروق من غير قطع المريء والحلقوم لا يموت فضلا ً عن التوجه، فلا بد من قطعهما ليحصل التوجه، ولا بد من قطع الودجين أو أحدهما ليحصل إنهار ا لدم)(١) . وبما أن مشروعية التذكية من أجل تطييب اللحم مع مراعاة راحة الحيوان المذكى؛ يتبين رجحان القول السابع الذي يشترط في الذبح قطع الحلقوم والمريء والودجين جميعا ً ، فإن ذلك لا ريب أبلغ في إراحة المذبوح من شدة معاناة آلام الموت، وأكثر تطييبا ً للحم بإنهار دمه من كلا ودجيه، وهي الكيفية التي انعقد الإجماع على إجزائها في الذبح، وذلك أحوط في العمل بما دلت عليه السنة من فري الأوداج؛ لصدق مفهوم الأوداج على هذه الأربعة كلها. وهذا لا ينافي كون هذه الأقوال كلها لها وجه من النظر، ونجد في شرح توجيها « النيل » ً منصفا ً فإن قلت » : لغالب هذه الأقوال عندما قال الشارح كيف القول بإجزاء قطع أحدهما أي الودجين مع الحلق والحلقوم؟ قلت: لعله ساغ لهم الخلاف مع أن ذلك مأمور به في الحديث من حيث حمل الحديث على الإرشاد إلى المصلحة، والرفق بالدابة فإنه يسهل موتها بجميع ذلك ويسرع، ولم يحملوه كله على الوجوب، فمن أوجب قطع الحلق والحلقوم فقط اعتبر قطع النفس والأكل والشرب، وه ُ ن مادة الحياة فلا تصح الحياة مع عدمهن، ومن أوجب قطع الودجين فقط اعتبر ١٩٣ ؛ وانظر أيضا / ١) ابن نجيم، البحر الرائق: ٨ ) ً .٣ ،٢/ السرخسي، المبسوط: ١٢ أن تلك المجاري الثلاثة تنسد بقطعهما، ومن أوجب قطع الحلق والحلقوم وأحد الودجين جمع بين ذلك، ومن أوجب الكل راعى ظاهر الحديث، وهو الراجح. وقديوجه أيضا ً القول باغتفار بقاء ودج واحد مع قطع الحلق والحلقوم والودج الآخر باعتبارها الأكثر وإلغاء الأقل واعتبار أنه لا حكم  « للأقل(١) . هذا وقد شرع الذبح فيما لا ينحر كالغنم والطيور والأرانب، وما كان مقدورا ً عليه من أشباهها في الحيوانات الوحشية، واختلف فيما هو الأفضل في البقرة، فرجحت طائفة الذبح لقوله تعالى: ﴿ y x w v u t ﴾  [ [البقرة: ٦٧ ، وهو وإن كان خطابا ً موجها ً إلى من قبلنا إلا أنه محكي لنا، على  أن مشروعية التذكية في كل أمة من الأمم المخاطبة بشرع تتفق مع طبيعة المذكى، فلا ينبغي أن يكون في ذلك فرق بين أمة وأخرى.  ورجحت طائفة أخرى النحر؛ لحديث جابر ƒ نحرنا مع » : أنه قال « رسول الله ژ البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة(٢) ، وهو يدل على أن كلا ً من الإبل والبقر ينحر، ورد : بأن ذلك جرى مجرى المألوف في كلام العرب ُ عندما يعطفون خبرا ً على خبر مع تفاوت المعطوف والمعطوف عليه، بحيث يتعذر أو يبعد أن يكونا على وتيرة واحدة، وذلك أنهم يقدرون قبل المعطوف ما يتلاءم معه كما في قول ا لشاعر: ولقيت زوجك في ا لوغى متقلدا ً سيفا ً ورمحا ً فإنهم قدروا ومعتقلا ً رمحا ً ، لأن الرمح لا يتقلد، وقول آخر: علفتها تبنا ً وماء باردا ً .٤٣٥/ ١) شرح النيل: ٤ ) .( ٢) رواه الربيع في كتاب الحج باب في الهدي والجزاء والفدية رقم ( ٤٣٠ ) فإنهم قدروا وسقيتها ماء، لأن الماء لا يعلف وإنما يسقى، فكذلك يقدر في حديث جابر: وذبحنا البقر. ونسب ذلك الكاساني إلى عامة العلماء(١) ، إلا أن في رواية للدارمي عن أبي الزبير عن جابر جاءت بلفظ: « نحرنا مع رسول الله ژ البقرة عن سبعة »(٢) . وهي لا يتأتى معها ذلك التأويل. والذبح أنسب بطبيعة البقر لقصر أعناقها بخلاف الإبل، وقد أوضح وأصل ذلك أن المقصود بالذكاة » : حكمة هذا التفاوت ا لعلامة القرافي فقال الفصل بين الحرام الذي هو الفضلات المستقذرة وبين اللحم الحلال بأسهل الطرق على الحيوان، فما طالت عنقه كالإبل فنحره أسهل لزهوق روحه  لقربه من الجسد وبعد الذبح منه، والذبح في الغنم أسهل عليها لقربه من الجسد والرأس معا ً ، ولما توسطت البقر بين النوعين جاز الأمران، وأشكل على هذه القاعدة النعامة، ففي الجواهر أنها تذبح، ولم يحك خلافا ً مع طول عنقها، ولعل الفرق بينها وبين الإبل أن نحرها ممكن من جوفها، فنحرها « شق لجوفها(٣) . والظاهر أن عدم الخلاف في ذلك إنما هو في المذهب المالكي، وإلا فقد صرح الحنفية بنحر ما كان طويل الرقبة من الطيور كالوز والنعام(٤) . .٤٣١ ،٤٣٠/ ٢٧٦٦ ؛ وانظر كذلك شرح النيل: ٤ / ١) بدائع الصنائع: ٦ )٢) رواه الدارمي في سننه في كتاب الأضاحي في باب ( ٥)، البدنة عن سبعة والبقرة عن ) سبعة. .١٣٢/ ٣) القرافي: الذخيرة: ٤ )٤) د. عبد الله عبد الرحيم العبادي، الذبائح في الشريعة الإسلامية، ص ٤٤ ، نقلا ) ً عن حاشية ابن .٣٠٣/ عابدين: ٦ ?íHòj ɪ«a ôëædGh ôëæj ɪ«a íHòdG Çõéj πg `` 3 هذا مما اختلف فيه أهل العلم، فأكثرهم جوزوه وعزاه ابن قدامة في إلى عطاء والزهري وقتادة ومالك والليث والثوري وأبي حنيفة « المغني »والشافعي وإسحاق وأبي ثور، وإنما حكى عن داود الظاهري أن الإبل لا تباح إلا بالنحر، ولا يباح غيرها إلا بالذبح(١) ، وهو كما ترى يعزو إلى مالك رأي الجمهور القائلين بالجواز، مع أن المشهور من مذهبه خلاف ذلك كما نص قلت: هل ينحر ما يذبح، أو يذبح ما ينحر » : عليه في المدونة، إذ جاء فيها في قول مالك؟ قال مالك: لا ينحر ما يذبح، ولا يذبح ما ينحر، قلت: قال ابن القاسم: فالبقر إن نحرت أترى أن تؤكل؟ قال: نعم هي خلاف الإبل إذا ذبحت، قال: قال مالك: قال: والذبح فيها أحب إ لي، لأن الله تبارك وتعالى ّ يقول في كتابه: ﴿ tu v w x y ﴾ [ [البقرة: ٦٧ ، قال: فالذبح أحب إلي، فإن نحرت أكلت، قال: والبعير إذا ذبح لا يؤكل إذا كان من غير ضرورة، ّ لأن سنته النحر، قلت: وكذلك الغنم إن ن ُ حرت لم تؤكل في قول مالك؟ قال: نعم إذا كان ذلك من غير ضرورة، قلت: وكذلك الطير ما نحر منه لم يؤكل « في قوله؟ قال: لم أسأله عن الطير، وكذلك هو عندي لا يؤكل(٢) . هو الذي نصت عليه كتب المالكية كالذخيرة وبداية « المدونة » وما في المجتهد(٣) ، وهو يتنافى مع هذا الذي نقله عنه ابن قدامة، إلا أنه قال من وحكي عن مالك أنه لا يجزىء في الإبل إلا النحر، لأن أعناقها طويلة » : بعد « فإذا ذبح تعذب بخروج روحه، قال ابن المنذر: إنما كرهه ولم يحرمه(٤) ، .٤٧/ ١) المغني: ١١ ) .٤٢٨ ،٤٢٧/ ٢) المدونة الكبرى: ١ ) .٤٤٤/ ١٣٢ ؛ وبداية المجتهد: ١ / ٣) انظر الذخيرة: ٤ ) .٤٧/ ٤) المغني: ١١ ) وحمل ُ المنع على الكراهة دون التحريم بعيد؛ لما ذكرناه من كلامه في وإنما هو قول حكاه ابن رشد عن أشهب من أ صحابه ،« المدونة »(١) ، وحكي عن ابن بكير أنه فرق بين الغنم والإبل، فقال: يؤكل البعير بالذبح، ولا تؤكل الشاة بالنحر(٢) . هذا وأما ما حكاه ابن قدامة عن داود أنه لا يبيح نحر ما يذبح ولا العكس؛ فإن ابن حزم ذكر عن بعض أصحابه موافقة رأي الجمهور في الجواز، ولم يشر إلى داود إلا أنه أطال في رد قول مالك منتصرا ً لرأي المجيزين حتى اد ّ عى أنه لا سلف لمالك في المنع(٣) ، والخلاف في هذه وهل يؤكل إن نحر ما » : المسألة جاء في كتب مذهبنا الإباضي، ففي النيل ثالثهما الإبل تنحر » : قال شارحه ،« يذبح كعكسه وهو المختار أو لا؟ قولان  فإن ذبحت لم تؤكل، والبقر والغنم تذبح، فإن نحرت لم تؤكل، ورابعها جواز أكل الإبل إن ذبحت دون غيرها إن نحر، وكره بعضهم نحر الشاة قائمة « بلا تحريمها(٤) . ومع النظر يتبين أن القول الثالث هو عين القول الثاني، ويشكل ذكره فيه البقر مع الغنم أنها لا تؤكل إن نحرت، مع الاتفاق على جواز النحر في البقر، وإن رجح الأكثر فيها ا لذبح. ّ وجاز الكل للضرورة إجماعا » :« النيل » ثم قال مصنف ً « قال الشارح: وفي هذا دليل على جواز ذلك أيضا » ً في غير الضرورة، وأنه لا تحرم به .٤٤٤/ ١) بداية المجتهد: ١ )٢) المرجع السابق نفسه. )٣) المحل )  . ٤٤٥ ٤٤٦ / ى: ٧ .٤٣٢/ ٤) شرح النيل: ٤ ) الدابة، ولو كان لا يجوز في غير الضرورة وأنه في غير الضرورة لا تحل به الدابة لم يجز في الضرورة إلا إن اضطر إلى ميتة، ولما حلت بذلك بدون أن يضطر إلى ميتة علم أن ذكر النحر في الإبل إنما هو على سبيل الترجيح، لأنه أسرع في موتها لا على سبيل الوجوب، ولما كانت البقر بين الإبل والغنم ورد فيها الذبح والنحر على حد سواء، ولما سهل أمر الشاة ورد « ذبحها ولم يمتنع نحرها (١) . ابن رشد(٢) هذا الاختلاف إلى معارضة الفعل للعموم، فأما العموم ورد « ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا » : فقوله عليه أفضل الصلاة والسلام(٣) وأما الفعل فإنه ثبت أن رسول الله ژ نحر الإبل والبقر وذبح الغنم، وإنما اتفقوا على جواز ذبح البقر لقوله تعالى: ﴿ t u y x w v ﴾ [ [البقرة: ٦٧ وعلى ذبح الغنم لقوله تعالى في الكبش: ﴿ 9: ; ﴾ [ [الصافات: ١٠٧ . ولا ريب أن العموم مجمل هنا فهو بحاجة إلى البيان، وخير ما بينه فعل ّ  الرسول ژ فلا ينبغي العدول عنه. :∂dP áªμMh ≥∏ëdGh áÑ∏dG »a á«còàdG ô°üM `` 4 استقر العمل في الإسلام على تذكية المقدور عليه من الحيوان في الحلق واللبة، وثبت ذلك بالسنة والإجماع، فقد أخرج الدارقطني عن أبي هريرة ƒ قال: بعث رسول الله ژ بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق ألا إن الذكاة في الحلق واللبة، ولا تعجلوا الأنفس » : يصيح في فجاج منى ١) المرجع السابق نفسه. ) .٤٤٤/ ٢) ابن رشد بداية المجتهد: ١ )٣) رواه البخاري في كتاب الشركة باب قسمة الغنم رقم ( ٢٣٥٦ )، ومسلم في كتاب الأضاحي ) .( باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم رقم ( ١٩٦٨ « قبل أن تزهق، وأيام منى أيام أكل وشرب وبعال(١) ، وروى سعيد والأثرم بإسنادهما عن الفرافصة قال: كنا عند عمر فنادى: إن النحر في اللبة والحلق لمن قدر(٢) ، قال العلا وأما المحل فالحلق واللبة » :« المغني » مة ابن قدامة في وهي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر، ولا يجوز الذبح في غير هذا وإنما نرى أن الذكاة اختصت بهذا المحل » : إلى أن قال ،« المحل بالإجماعلأنه مجمع العروق، فتنسفح بالذبح فيه الدماء السيالة ويسرع زهوق النفس،  « فيكون أطيب للحم وأخف على ا لحيوان (٣) . وهذا يعني أن العدول عن هذه التذكية الشرعية إلى أي طريقة أخرى في إزهاق روح الحيوان تجعله ميتة غير حلال الأكل، وأما ما رواه أحمد وأصحاب السنن عن أبي العشراء عن أبيه أن ا لنبي ژ سأل: أما تكون الذكاة « لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك » : إلا في الحلق واللبة؟ فقال(٤) . فهي رواية متروكة لا عمل بها عند الأمة، وناهيكم أن الإجماع انعقد على خلافها، كما نص على ذلك ابن قدامة السالف وغيره من الفقهاء، وأبو العشراء هذا مجهول يروي عن مجهول، قال أحمد: أ بو العشراء هذا ليس بمعروف(٥) ، وقال « وضعفوا هذا الحديث لأنه رواية مجهول » : الخطابي(٦) ، وقال الحافظ في ١) رواه الدارقطني في سننه، في كتاب الأشربة وغيرها، باب الصيد والذبائح والأطعمة وغير ذلك، رقم ) الحديث في هذا الباب ( ٤٥ )، البعال: ملاعبة الرجل أهله. (انظر: القاموس المحيط، فصل ا لباء). .٤٤/ ٢) المغني، ابن قدامة: ١١ ) .١٩٣/ ٤٤ ، وانظر كذلك البحر الرائق: ٨ / ٣) المغني: ١١ )٤) رواه أبو داود كتاب الضحايا باب في ذبيحة المتردية رقم ( ٢٨٢٥ )، والترمذي في كتاب ) الأطعمة باب ما جاء في الذكاة في الحلق واللبة رقم ( ١٤٨١ ))، والنسائي في كتاب .( الضحايا باب ذكر المتردية في البئر رقم ( ٤٤٠٨ )، وأحمد رقم ( ١٨٩٦٧ .٤٤/ ٥) المغني: ١١ ) .١١٧/ ٦) الخطابي، معالم السنن: ٤ ) قد تفرد حماد بن سلمة بالرواية عنه على الصحيح ولا يعرف » :« التخليص »« حاله(١) . ولا يشك عاقل أن الخير في الاتباع لا في الابتداع، وأن خيرة العباد فيما أمرهم به الله ورسول ژ : ﴿ !" # $ % * ) ( ' & + , - . / 9 8 7 6 5 4 3 2 10 ﴾ [الأحزاب: [٣٦ . ولا مساغ للاجتهاد مع النص أو الإجماع، وقد تبين لنا باستقراء الأدلة الشرعية أن التذكية من أمور العبادات التي لا يسوغ فيها العدول عما شرع فيها، ولا تجاوز حدودها التي رسمت. غير أنا رأينا ا لعلامة السيد محمد رشيد رضا يجنح في تفسيره المنار   إلى أن الذكاة ليست من العبادات، ويومىء إلى أنه يسوغ للناس أن يعدلوا فيها إلى الوسائل المستجدة في إزهاق الروح، لأنها أسهل مما هو معهود من قبل، وهذا نص كلامه: ولما كانت التذكية المعتادة في الغالب لصغار الحيوانات المقدور » عليها هي الذبح، كث ُ ر التعبير به فجعله الفقهاء هو الأصل وظنوا أنه مقصود بالذات لمعنى فيه، فعلل بعضهم مشروعية الذبح بأنه يخرج الدم من البدن الذي يضر بقاؤه فيها لما فيه من الرطوبات والفضلات، ولهذا اشترطوا فيه قطع الحلقوم والودجين والمريء على اختلاف بينهم في تلك الشروط، وإن هذا لتحكم في الطب والشرع بغير بينة، ولو كان الأمر كما قالوا لما أحل ٌ الصيد الذي يأتي به الجارح ميتا ً وصيد السهم والمعراض(٢) إذا خزق لأن هذا الخزق لا يخرج الدم الكثير كما يخرجه الذبح، والصواب أن الذبح .١٣٤/ ١) التلخيص: ٤ )٢) المعراض: السهم الذي لا ريش عليه. ) كان ولا يزال أسهل أنواع التذكية على أكثر الناس، فلذلك اختاروه وأقرهم الشرع عليه أنه ليس فيه من تعذيب الحيوان ما في غيره من أنواع القتل، كما أقرهم على صيد الجوارح والسهم والمعراض ونحو ذلك، وإني لأعتقد أن ا لنبي ژ لو اطلع على طريقة للتذكية أسهل على الحيوان ولا ضرر فيها كالتذكية الكهربائية إن صح هذا الوصف فيها لفض ّ لها على الذبح، لأن قاعدة شريعته أنه لا يحرم على الناس إلا ما فيه ضرر لأنفسهم أو لغيرهم من الأحياء، ومنه تعذيب الحيوان بالوقذ ونحوه، وأمور العادات في الأكل واللباس ليست مما يتعبد الله الناس تعبدا ً بإقرارهم عليه، وإنما تكون أحكام العبادة بنصوص من الشارع تدل عليها، ولا يعرف مراد الشارع وحكمته في مسألة من المسائل إلا بفهم كل ما ورد بجملته، ولو كان إقرار الناس على شيء من العادات أو استئناف الشارع لها حجة على التعبد بها لوجب على المسلمين اتباع ا لنبي ژ في كيفية أكله وشربه ونومه، بل هنالك ما ٍ هو أجدر بالوجوب كالتزام صفة مسجده وحينئذ يحرم فرشه ووضع السرج والمصابيح فيه. وقد تأملنا مجموع ما ورد في التذكية ففقهنا أن غرض الشارع منها اتقاء تعذيب الحيوان بقدر الاستطاعة، فأجاز ما أنهر الدم وما مراه أو أمراه أو أمره، وهو دون معنى (أنهره) في معنى إخراجه أو أسالته، وأمر بأن تحد ّ الشفار وأن لا يقطع شيء من بدن الحيوان قبل أن تزهق روحه، وأجاز النحر والذبح حتى بالضرار أي بالحجارة المحددة، وبالمرو أي الحجر الأبيض، وقيل: الذي تقدح منه النار، وبشق العصا وهذا دون السكين غير المحدد بالشحذ، ولكل وقت وحال ما يناسبهما، فإذا تيسر الذبح بسكين حاد لا يعدل إلى ما دونه، وإذا تيسر في الذبح إنهار الدم يكون أسهل للحيوان وأقل إيلاما ً له فلا يعدل عنه إلى مثل طعن المتردية في ظهرها أو فخذها أو خزق المعراض وخدشه لأي عضو من البدن، والرمي بالسهم للحيوان « الكبير ذي الدم ا لغزير(١) . وقد نحا هذا النحو من أهل زماننا ا لعلامة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود، إذ قال في رسالته (فصل الخطاب في إباحة ذبائح أهل الكتاب): ليس عندنا ما يدل على قصر التذكية وحصرها في قطع الحلقوم والمريء »  حسبما شرطه الفقهاء، إلا أنها جرت العادة بذلك في الإسلام وزمن الجاهلية، ولأن هذه الكيفية أسرع وأسهل لإزهاق روح الحيوان، لكون الحلقوم والمريء هما مجرى النفس والطعام والشراب ولأن هذه الكيفية هي أبقى وأسلم للجلد الذي له قيمة في زمانهم، حتى كانوا يسلخون جلود « الميتة وينتفعون بها(٢) . وأرى أن العالمين الجليلين قد اشتطا كثيرا ً وأبعدا النجعة في هذه المسألة، وكفى بانعقاد الإجماع قبلهما على خلاف ما ذهبا إليه حجة ودليلا ً على شططهما، وقد علمنا من خلال استقرائنا لأدلة الشرع من نصوص الكتاب والسنة أن التذكية من الأمور التعبدية، وليست من الأمور العادية التي توكل إلى تجارب الناس وأذواقهم، فلا مقارنة بينها وبين اللباس وسائر الأمور الشكلية الموكولة إلى العادات، وكفى دليلا ً على ذلك أن الله تعالى قرن بين النحر والصلاة في قوله: ﴿ Z[ \ ﴾ [ [الكوثر: ٢ ، وكذلك قوله: ﴿ £¤ ¥ ¦ § ¨ © ª « ﴾ [ [الأنعام: ١٦٢ فإن النسك: الذبيحة في قول أكثر المفسرين، وأمر بأكل ما ذكر اسم الله عليه في قوله: ﴿ ÌÍ Î Ï Ð Ñ ﴾ [ [الأنعام: ١١٨ ، ونهى عن أكل ما لم يذكر . ١٤٤ ١٤٥ / ١) المنار: ٦ ). ٢) آل محمود، فصل الخطاب في إباحة ذبائح أهل الكتاب، ص ٧ )  اسمه عليه إذ قال: ﴿ PQ R S T U V W X Y ﴾ [الأنعام: [١٢١ ، وأمر بذكره عند نحر ا لب ُ دن إذ قال: ﴿ y x w v u ~}|{z ے ¤£¢¡ ﴾ [ [الحج: ٣٦ ، وحذر من أكل ما أهل َ به لغيره، كما في قوله تعالى: ﴿ !" # $ % & ' ( ) * + ﴾ [ [المائدة: ٣ . فإن قيل: ليس مطلق التذكية عبادة وإنما ينحصر ذلك فيما كان قربانا ً إلى الله كالهدي والأضاحي والنذور ونحوها. قلنا: هذا الحصر لا دليل عليه، بل الأدلة قائمة على خلافه، إذ لو أريد بالذبح مجرد زهوق الروح لما كان معنى لحصر الإباحة في ذبائح المسلمين وأهل الكتاب وحدهم دون المشركين، على أن المشرك قد يحسن الذبح كما يحسنه المسلم، ولم يحجر الدين على المسلم الانتفاع بما يعمله المشركون من الصناعات، فله أن يلبس مما ينسجون، وأن يستعمل كل آلة مما يصنعون، كركوب السيارات والقطارات والطائرات، ولو كان ذلك في أسفار العبادات كالحج والعمرة والجهاد؛ ولا يمنع من الصلاة بالثوب الذي نسجه المشرك والإحرام فيه، ومع هذا كله يمنع منعا ً باتا ً من أكل ما يذبحونه، ولو استوفى جميع الشروط الشرعية الواجب توافرها في ذبيحة المسلم، ولو كان تحت إشراف المسلم نفسه. وقد جاء النص القطعي بتحريم الموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما أدركت ذكاته، مع أن كل ذلك حيوانات زهقت أرواحها لأسباب ُ وقعت عليها، ولم تمت حتف أنفها، غير أنها شرعا ً ألحقت بما مات حتف أنفه في التحريم، فما الداعي لتحريمها لولا أنها لم يكن زهوق روحها بطريقة تعبدية خاطب الله بها العباد وألزمهم إياها في كتابه وعلى لسان رسوله ژ ؟ وليت شعري أي فارق بين أكيلة السبع التي حرمت بالنص وبين ما صادته الجوارح فمات في أثناء الصيد لولا اعتبار الجانب التعبدي في الصيد وهو النية والتسمية؟ ومثلها النطيحة في ذلك. ولئن قيل: بأن الموقوذة إنما حرمت من أجل ما حل بها من التعذيب المنافي لما يأمر به الإسلام من الرفق بالحيوان. فالجواب: أن هذه الحرمة كانت جديرة بأن تكون خاصة بالواقذ دون غيره، على أن الوقذ قد يكون من متعد غير مالك للحيوان، فيحرم به على مالكه إن لم يدرك تذكيته، ولو كانت الحرمة من أجل التعذيب وحده لما كان معنى لإباحة الموقوذة إن ُ أدركت ذكاتها، كما دل عليه الاستثناء في قوله تعالى: ﴿ 5 4 3 ﴾ [المائدة: [٣ ، على أن هذه الحرمة لم تنحصر فيما وقع عليه الأثر بفعل فاعل مكلف، إذ حرمت كذلك المنخنقة والمتردية، وقد يكون الانخناق بفعل الدابة نفسها، بحيث تلتوي بحبلها على عنقها إلى أن تختنق أنفاسها، وقد تتردى نفسها من شاهق من غير أن يدفعها أحد، على أنها لو تردت فوقعت على آلة حادة أصابت مذبحها أو منحرها، فقطعت منها ما يقطعه الذابح أو الناحر لما حلت بذلك، ولما خرجت عن حكم الميتة، فما هو الفارق بين هذه الصورة وبين التذكية إلا فقدان عنصر العبادة فيها؟ ألا إن » : وقد تضافرت الروايات الدالة على هذا المعنى، منها حديث وقد تقدم، ومنها أحاديث اشتراط ذكر اسم الله على « الذكاة في الحلق واللبة الذبح والنحر وإرسال السهم والجارحة، وسوف نذكر إن شاء الله ما تيسر ذكره منها في موضعه، كما يدل على ذلك أيضا ً ما أخرجه الترمذي وغيره عن أبي الدرداء وغيره :ƒ « أن النبي ژ نهى عن أكل المجثمة »(١) ، وأخرج .( ١) رواه الترمذي في كتاب الأطعمة باب ما جاء في كراهية أكل المصبورة رقم ( ١٤٧٣ ) « لا تحل ا لمجثمة » : النسائي والدارمي أن ا لنبي ژ قال(١) ، والمراد بها التي ت ُ صبر للنبل، ولم تحصر حرمتها على صابرها أو راميها فحسب. ويدل على ذلك أيضا ً حديث عدي بن حاتم عند الشيخين أنه سأل رسول لله ژ عن صيد المعراض، فقال له ژ : إذا أصبت بحده فك » ُ ل ْ ، وإذا « أصبت بعرضه فلا تأكل فإنه وقيذ(٢) . إذا أرسلت كلبك المعلم » : ومثله ما أخرجه الشيخان عنه أن ا لنبي ژ قال فاذكر اسم الله عليه، فإن أمسك عليك فأدركته حيا ً فاذبحه، وإن أدركته قتل ولم يأكل منه فكله، وإن وجدت مع كلبك كلبا ً غيره وقد قتل فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله، وإن رميت سهمك فاذكر اسم الله عليه، فإن غاب يوما ً ولم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت، وإن وجدته غريقا ً في الماء « فلا تأكله(٣) . فيه بيان قاعدة مهمة وهي أنه إذا حصل » : قال الإمام النووي في شرحه الشك في الذكاة المبيحة للحيوان لم يحل؛ لأن الأصل تحريمه، وهذا « لا خلاف فيه(٤) . ١) رواه النسائي في كتاب الضحايا باب النهي عن المجثمة رقم ( ٤٤٣٨ )، والدارمي في كتاب ) الأضاحي باب ما لا يؤكل من السباع رقم ( ١٩٨١ )، ولفظ الدارمي كلفظ ا لترمذي. ٢) رواه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب تفسير المنخنقة والموقوذة والمتردية ) والنطيحة، وكذلك في باب صيد المعراض رقم ( ٥١٥٩ )؛ ورواه مسلم في كتاب الصيد . والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة، بعدة طرق ١٩٢٩ ٣) رواه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب الصيد إذا غاب يومين أو ثلاثة رقم ) ٥١٦٧ )؛ ورواه مسلم في كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة رقم ) .(١٩٢٩) .٧٨/ ٤) صحيح مسلم بشرح النووي: ١٣ )  ومن أصرح الأدلة على كون التذكية عبادة ما ثبت عن علي كرم الله ّ « لعن الله من ذبح لغير ا لله » : وجهه أنه سمع ا لنبي ژ يقول(١) . هذا وقد ثبت طبيا ً أن الذكاة الشرعية هي أسلم طريقة وأبعدها عن التأثر بالمضار، فما قاله الفقهاء في تعليل التذكية ومشروعيتها في موضعها لم يكن تحكما ً في الطب، وسنبين ذلك إن شاء الله في موضعه. وأما ما ذكره ا لعلامة ابن محمود أن قصر التذكية وحصرها في قطع الحلقوم  والمريء أمر جرت به العادة في الإسلام وزمن الجاهلية، وأن من جملة أسبابه أن هذه الكيفية هي أبقى وأسلم للجلد الذي له قيمة في زمانهم، فقد تقدم فيما ذكرناه آنفا ً ما يدل على خلافه، ورد هذا التعليل الذي ذكره الشيخ العلامة عبد الله بن محمد بن حميد: بأنه منتقض بذبحهم لما لا ينتفع بجلده كالدجاج  والطيور ونحوها، فإنهم يذبحونها في حلوقها وليس لها جلد ينتفع به(٢) . هذا وهناك مسائل تتعلق بكيفية الذبح وقع الخلاف فيها بين أهل العلم نرى ضرورة إيرادها هنا: :᪰ü∏¨dG ™£b ΩóY `` 1 إن لم تقطع الغلصمة في منتصفها وخرجت إلى جهة البدن، فقد حكى ابن رشد عن مالك وابن القاسم أنها لا تؤكل، وعن أشهب وابن عبد الحكم وابن وهب جواز أكلها(٣) ، وقال الإمام الثميني 5 وكرهت :« النيل » في إن ذبحت ورجعت حنجرتها لما يلي المنحر لا بفساد، لجواز قطع الحلق ١) رواه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله رقم ) .(١٩٧٨) . ٢) ابن حميد، حكم اللحوم المستوردة وذبائح أهل الكتاب وغيرهم، ص ٢٤ ) .٥٤/ ١٣٧ ؛ وتفسير القرطبي: ٦ / ٤٤٦ ؛ وانظر الذخيرة: ٤ ،٤٤٥/ ٣) بداية المجتهد: ١ )  وأقره شارحه قطب ا لأئمة ،« والحلقوم من أصلهما أو وسطهما 5 ونقل كل الرقبة مذبح من الرأس » :« التاج » عنه أي مصنف النيل أنه قال في وظاهر كلام التاج » : ثم قال الشارح بعد كلام ،« إلى استفراغها من الأسفل أنه إن فصل الحلق كله إلى الرأس أو إلى الجسد ولم يقطع بعضه لم تحرم « على قول، والصحيح ا لفساد(١) ، وفي (بيان الشرع) نقلا ً عن كتاب الرقاع أنه لا حرمة بشيء من ذلك(٢) ، ونقل الدكتور العبادي جواز الأكل في هذه الحالة عن الشافعي وأبي حنيفة وأحمد لحصول المقصود بذلك(٣) ، ورد ابن رشد هذا الخلاف إلى اختلافهم في اشتراط قطع الحلقوم، فمن اشترطه منع أكلها، ومن لم يشترطه أجازه(٤) ، وذكر القرافي أن المنع مبني على مراعاة دلالة الحديث على قطعها التزاما ً والإباحة مبنية على أن انقطاع النفس حاصل بذلك، وهو كاف في زهوق ا لروح(٥) . :´ÉîædGh ¢SCGôdG ™«ªL ™£b `` 2 قلت: أرأيت إن سبقت يده في » : وقد اختلف فيه، ففي مدونة الإمام مالك ذبيحته فقطع رأسها، أيأكلها أم لا في قول مالك؟ قال: قال مالك: يأكلها إذا لم « يتعمد ذلك(٦) ، ومفهومه أنه إن تعمده لم يأكلها، وإن قال ابن القاسم: بأنه لم يحفظ في ذلك شيئا ً عنه، ونقل القرافي من المالكية عن ابن القاسم جواز أكلها وإن تعمده، وهو المنصوص عنه في المدونة، وعن اللخمي أنه لا تؤكل مع .٤٣٧ ،٤٣٦/ ١) شرح النيل: ٤ ) .١٦/ ٢) بيان الشرع: ٢٧ ). ٣) الذبائح في الشريعة الإسلامية، ص ٢٢ ) .٤٤٦/ ٤) بداية المجتهد: ١ ) .١٣٧/ ٥) الذخيرة: ٤ ) .٤٢٨/ ٦) المدونة الكبرى: ١ ) العمد(١) « وهي رواية عن عطاء » : ، وهو الذي نسبه النووي إلى مالك، وقال(٢) . ولا خلاف في المذهب عندنا أنه يعذر المخطىء في ذلك، وإنما الاختلاف ومن تعمد لقطع رأس الذبيحة » : في العامد، وقد جاء في (بيان الشرع) ما نصه فقطعت فقيل: إنها لا تؤكل، وإن لم يتعمد ذلك فسبقته الشفرة فلا بأس « بأكلها(٣) ، ونصت كتب الحنفية على كراهة ذلك من غير تحريم(٤) ، وعللت الكراهة في البحر الرائق وفي بدائع الصنائع بأن في ذلك زيادة تعذيب للحيوان، ونص النووي على أن مذهب الشافعي جواز أكل ما فعل به ذلك عمدا ً ، ونقل عن ابن المنذر أنه حكاه عن علي بن أبي طالب وابن عمر وعمران بن الحصين، وعطاء والحسن البصري والشعبي والنخعي والزهري، وأبي حنيفة وإسحاق وأبي ثور ومحمد، وحكى كراهتها عن ابن سيرين ونافع(٥) . وأرى أن المتشددين في هذه المسألة نظروا إلى أن قطع جميع الرأس يفضي قطعا ً إلى قطع النخاع، وهو يؤدي إلى الإسراع في الموت فيكون موت الدابة بعامل آخر غير تذكيتها، والخلاف واقع بين أهل العلم في نفس قطع النخاع هل يؤدي إلى حرمة المذبوح أو لا إن تعمده؟ فمالك كره ذلك ِ لأنه » : إذا تمادى في القطع ولم ينو قطع النخاع من أول الأمر، قال ابن رشد « إن نوى ذلك فكأنه نوى التذكية على غير الصفة ا لجائزة(٦) ، ومفهومه أنه إن .١٣٨/ ١) القرافي، الذخيرة: ٤ ) .٩١/ ٢) المجموع: ٩ ) .٤٤٠ ،٤٣٩/ ١٧ ؛ وانظر كذلك النيل وشرحه: ٤ / ٣) بيان الشرع: ٢٧ )٢٧٦٨ ؛ والبحر الرائق / ٢؛ وبدائع الصنائع للكاساني: ٦ / ٤) انظر المبسوط للسرخسي: ١٢ ) .١٩٤/ لابن نجيم: ٨ .٩١/ ٥) المجموع: ٩ ) .٤٤٦/ ٦) بداية المجتهد: ١ ) نواه تجاوز حكم الكراهة إلى ما هو أشد منها، وقال مطرف وابن ماجشون: (١) ، لا تؤكل إن قطعها متعمدا ً دون جهل، وتؤكل إن قطعها ساهيا ً أو جاهلا ً وفي الكنز وشرحه البحر من كتب الحنفية كراهة ذلك(٢) ، وهكذا في المجموع، ونقل عن ابن المنذر أنه حكى عن ابن عمر عدم جواز أكلها، وبه قال نافع، وكرهه إسحاق، قال: وكرهت طائفة الفعل وأباحت الأكل، وبه قال ّ النخعي والزهري والشافعي وأبو حنيفة وأحمد وأبو ثور، قال ابن المنذر: بقول هؤلاء أقول، قال: ولا حجة لمن منع أكله بعد ا لذكاة(٣) ، وأرى أن حجتهم ما ذكرته في قطع جميع الرأس، ثم وجدته منصوصا ً عليه في شرح « النيل »(٤) ، على أنه جاء في المسند الصحيح للإمام ا لربيع بن حبيب عن أبي سمعت ناسا » : عبيدة عن جابر بن زيد قال ً من الصحابة يروون عن النبي ژ « أنه نهى في الذبائح عن أربعة أوجه: الخزل والوخز والنخع والترداد(٥) ، وفسر الربيع النخع بكسر الرقبة، وذكر شارحه الإمام ا لسالمي 5 (٦) أن غير الربيع فسره أنه المجاوزة بالسكين منتهى الذبح إلى النخاع، وهو خيط أبيض داخل عظم الرقبة يمتد إلى الصلب يكون في جوف ا لفقار(٧) ، ومن ١) المرجع السابق نفسه. ) .١٩٤/ ٢) البحر الرائق: ٨ ) .٩١/ ٣) المجموع: ٩ ) .٤٤/ ٤) شرح النيل: ٤ ) .( ٥) رواه الإمام الربيع في كتاب الأحكام باب الذبائح رقم ( ٦٢٠ )٦) الإمام السالمي: هو المحقق نور الدين عبد الله بن حميد بن سلوم السالمي، ولد ببلدة ) الحوقين بولاية الرستاق عام ١٢٨٨ ه ، كان ذكيا ً فهما ً حافظا ً ، اتسمت تآليفه بالتحقيق والتأصيل العلمي، ترك أثرا ً عظيما ً في التاريخ ا لع ُ ماني بما قام به من جهود إصلاحية باهرة، من أشهر مؤلفاته: مشارق أنوار العقول، وشرح الجامع الصحيح، وتحفة الأعيان، وجوهر النظام، ومؤلفاته نافت على العشرين مؤلفا ً ، توفي 5 عام ١٣٣٢ ه. .٣٤١/ ٧) السالمي، شرح الجامع الصحيح لمسند الإمام ا لربيع بن حبيب: ٣ ) المعلوم أن الأصوليين مختلفون في النهي هل هو يدل على فساد المنهي عنه أو لا؟ فلا يستبعد أن يكون ذلك منشأ الخلاف ا لمذكور. :ÉØ≤dG øe íHòdG `` 3 اختلف فيه إن وصل الذابح إلى ما يجب قطعه في الذبح، فعن أحمد أنها لا تؤكل، وهو مفهوم كلام الخرقي، وحكي هذا عن علي وسعيد ابن المسيب ومالك وإسحاق، قال أبراهيم النخعي: تسمى هذه الذبيحة (القفينة)، وقال القاضي: إن بقيت فيها حياة مستقرة قبل قطع الحلقوم والمريء حلت وإلا فلا، ويعتبر ذلك بالحركة القوية، وهذا مذهب الشافعي(١) ، وصحح هذا معللا « المغني » الرأي صاحب ً إياه أن الذبح إذا أتى على ما فيه حياة مستقرة أحله كأكيلة السبع والمرتدية والنطيحة، وأنه لو ضرب عنقها بالسيف فأطار رأسها حلت بذلك حسبما نص عليه أحمد، إذ قال: لو أن رجلا ً ضرب رأس بطة أو شاة بالسيف يريد بذلك الذبيحة كان له أن يأكله، وقد روي عن الإمام علي كرم الله وجهه أنه قال: تلك ذكاة وحية. وأفتى بأكلها عمران بن الحصين، وبه قال الشعبي وأبو حنيفة والثوري، ونقل أبو بكر عن الإمام أحمد قولين فيها، وصحح أنها مباحة لأنه اجتمع قطع ما تبقى الحياة معه مع الذبح فأبيح، وعضد ذلك بما روي عمن ذكر ما لو ذبحها من « المغني » ع عنه صاحب إباحته، لأنه بمنزلة ما قطعت عنقه بضربة السيف، وإن كانت الآلة كال .٥٠/ ١) المغني: ١١ )   من الصحابة من غير مخالف، وفر قفاها فلم يعلم هل كانت فيها حياة مستقرة قبل قطع الحلقوم والمريء أو لا؟ أنه ينظر فإن كان الغالب بقاء ذلك لحدة الآلة وسرعة القتل فالأولى ة وأبطأ قطعه وطال تعذيبه لم يبح، لأنه مشكوك في وجود ما يحله، كما لو أرسل كلبه على الصيد فوجد معه كلبا ً آخر لا يعرفه(١) . وعند الحنفية أن ما ذبح من قفاه مكروه إن بقيت فيه الحياة حتى وصل الذبح إلى ما تتوقف التذكية على قطعه، وإلا حرم، وعللوا الكراهة   بما في ذلك من زيادة الألم(٢) ، وذكر ابن رشد من المالكية أنه لا خلاف في المذهب المالكي أن ذلك لا يجوز، وعزاه إلى ابن شهاب وسعيد ابن المسيب(٣) ، وقالت الشافعية بحلها مع مراعاة الشرط ا لمذكور(٤) ، ومذهبنا في ذلك كمذهب مالك في كونها لا تحل، سواء وقع ذلك عن طريق العمد أو الخطأ إلا إن كان بسبب انقلاب الآلة للقفا لتحرك المذبوح مع نية الذبح في المكان الشرعي(٥) وهو مبني على ما ذكرته من قبل من أن التذكية أمر تعبدي، والأمور التعبدية توقيفية، فإن جاء على خلاف ما أمر به الشرع ردت لقول النبي ژ : من عمل عملا » ً « ليس عليه أمرنا فهو رد(٦) من » ، وفي رواية « أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد(٧) ، ورد ابن رشد الخلاف في ذلك .٥١ ،٥٠/ ١) المغني: ١١ ) .٢٧٦٨/ ٣؛ بدائع الصنائع: ٦ / ١٩٤ ؛ المبسوط: ١٢ / ٢) البحر الرائق: ٨ ) .٤٤٦/ ٣) بداية المجتهد: ١ ) .٩١/ ٤) المجموع: ٩ )٧٧ ؛ جامع أبي ،٧٦/ ٤٣١ ؛ بيان الشرع: ٢٧ / ٤٣٨ ؛ الإيضاح: ٢ ،٤٣٤/ ٥) شرح النيل: ٤ ) .٢٢١/ الحسن: ٣ ٦) رواه الإمام ا لربيع بن حبيب في مسنده الجامع الصحيح باب ( ٧) في الولاية والإمارة، رقم ) الحديث ( ٤٩ )؛ ورواه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات .( الأمور رقم ( ١٧١٨ ٧) رواه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود رقم ) ٢٥٥٠ )؛ ورواه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور ) .( رقم ( ١٧١٨ إلى أنه: هل تعمل الذكاة في المنفوذة المقاتل أو لا؟ وذلك لأن القاطع لأعضاء الذكاة من القفا لا يصل إليها إلا بعد قطع النخاع وهو مقتل من المقاتل فتأتي الذكاة على حيوان أصيب مقتله(١) . :êGOhC’G âëJ øe íHòdG `` 4 هذا وقد كره أصحابنا إدخال آلة الذبح من تحت الأوداج بينها وبين النخاع وجرها إلى الأمام حتى تقطع الأوداج لما فيه من مخالفة المعهود من ّ الذكاة والوقوع فيما ورد من الوخز وزيادة إيلام ا لحيوان(٢) . :íHòdG »a »NGôàdG `` 5   ما ت ُؤول على سحنون، وقد ت ُؤول قوله على الكراهة. وحكى ابن رشد عن  أبي الحسن اللخمي أنه لو قيل عكس هذا لكان أجود، يعني أنه إذا رفع يده وهو يظن أنه قد أتم الذكاة فتبين له غير ذلك فأعادها أنها تؤكل؛ لأن الأول وقع عن شك، وهذا عن اعتقاد ظنه يقينا ً ، وبنى ابن رشد ذلك على أن من شرط الذكاة قطع كل أعضاء الذكاة، فإذا رفع يده قبل أن تستتم كانت .٤٤٦/ ١) بداية المجتهد: ١ ) .٤٣٨/ ٢) شرح النيل: ٤ ) لا أعلم خلافا ً بين أهل العلم في عدم جواز التراخي في الذبح من أجل الاستراحة، وذلك بأن يشرع الذابح في ذبح الحيوان ثم يتركه فترة من الزمن ثم يعود إليه، لما في ذلك من إطالة تعذيبه، وإنما اختلفوا فيما إذا رفع يده عن الذبيحة ثم عاد إليها سريعا ً ، فالأكثرون على أنها تؤكل، وقال سحنون من أصحاب مالك: لا تؤكل، وقيل: إن رفعها ا ختبارا ً هل تمت ذكاتها أو لا؟ وأعادها على الفور بمجرد ما تبين أنه لم تتم أكلت، وهو أحد منفوذة المقاتل غير مذكاة، فلا تؤثر فيها العودة لأنها بمنزلة ذكاة طرأت على المنفوذة ا لمقاتل(١) . :¬«∏Y Qhó≤ªdG ô«Z á«còJ وهو نوعان: : k É«°ûMh ¬∏°UCG ¿Éc Ée `` 1 كالظباء والوعول والبقر الوحشي والحمار الوحشي والطيور الوحشية، وحكم هذا النوع إن لم يقدر عليه بإمساكه وتذكيته كما تذكى الحيوانات الإنسية أن إذا أرسلت كلبك المعلم » : يصنع به ما دل عليه حديث رسول الله ژ عندما قال فاذكر اسم الله عليه، فإن أمسك عليك فأدركته حيا ً فاذبحه، وإن أدركته وقد قتل  ولم يأكل منه فكله، وإن وجدت مع كلبك كلبا ً غيره وقد قتل فلا تأكل فإنك لا تدري أيهما قتله؛ وإن رميت سهمك فاذكر اسم الله عليه، فإن غاب يوما ً ولم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت، وإن وجدته غريقا ً « في الماء فلا تأكله(٢) . وحاصل ذلك أن الله تعالى بفضله لم يكلف عباده في مثل هذا النوع من الحيوان أن يذكوه ذكاة الأهلي المقدور عليه، لما في ذلك من المشقة والعسر، مع أنه تعالى خلق للإنسان ما في الأرض جميعا ً ، وأباح له الانتفاع به في حدود المصلحة التي حددتها الشريعة، فلذلك جعل له سبيلا ً إلى الانتفاع بهذا النوع بالوسائل المشروعة التي جاء بها القرآن في قوله 8 : x w ﴿ v u t s r q p o n ml k j i .٤٤٧ ،٤٤٦/ ١) بداية المجتهد: ١ ) ٢) رواه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب الصيد إذا غاب عنه يومين أو ثلاثة رقم ) ٥١٦٧ )؛ رواه مسلم في كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب ا لمعل ) ّ .( مة رقم ( ١٩٢٩ yz { | { ~ ے ﴾ [ [المائدة: ٤ ، وقوله: ﴿ ®¯ ° ﴾ [ [المائدة: ٢ ؛ وجاءت بها السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام في هذا الحديث وأمثاله، وقد جعل الله تعالى في ذلك تذكية شرعية مبيحة لأكل لحمه إن لم تدرك حياته فيذكى كما يذكى ا لأهلي. وقد تعورف على تسمية هذه التذكية صيدا ً ، وعني الفقهاء ببحث أحكامها في دواوين الفقه بما يشفي الغليل ويكشف الغمة ويحدد المنهج السليم، وليس ذلك مما يتعلق ببحثنا هذا لأنه خارج عن موضوعه، وإنما ذكرناه لبيان ما يقابل المقدور عليه، وللتمهيد لما يأتي عما قريب إن شاء الله من بيان بعض ما يتعلق بموضوع بحثنا. : k É«∏gCG ¬∏°UCG ¿Éc Ée ` 2 فند ّ وتعذرت السيطرة عليه بأي حيلة فإنه يعامل معاملة الوحشي في قول جمهور أهل العلم، وعزي إلى علي بن أبي طالب وعائشة وابن مسعود وابن عمر وابن عباس من الصحابة رضوان الله عليهم، وبه قال طاوس وعطاء والشعبي والحسن البصري ومسروق والأسود بن يزيد والحكم وحماد والنخعي والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وأبو ثور والمزني وداود، وهو قول الشافعي وأصحابه(١) ، وهو الذي قال به بعض أصحابنا، منهم صاحب النيل وشارحه(٢) . وذهب مالك إلى أنه لا ينتقل عنه حكم الأهلي ولا يكون الاصطياد تذكية له، بل يجب أن يذكى بالذبح أو ا لنحر(٣) ، وبه قال ربيعة والليث بن سعد، ٤٢١ ، والبحر الرائق: / ٣٤ ؛ وكفاية الأخيار: ٢ / ١٢٦ ؛ والمغني: ١١ / ١) انظر المجموع: ٩ ) .٤٥٩/ ٢٧٧٢ ؛ والمحلى: ٧ / ١٩٤ ؛ وبدائع الصنائع: ٦ /٨ .٥١٥ ،٥١٣/ ٢) شرح النيل: ٤ ) .٥٦ ،٥٥/ ٤٥٤ ؛ وتفسير القرطبي: ٦ / ١٧٧ ؛ وبداية المجتهد: ١ / ٣) انظر الذخيرة للقرافي: ٤ ) وعليه أصحاب مالك إلا ابن حبيب، فإنه فرق بين البقر وبين الإبل والغنم، فأخذ برأي الجمهور في البقر دونهما، وعلل ذلك بأنها شبيهة بالصيد(١) ،  ويفهم من كلام النيل وشرحه أن قول مالك هو مذهب لبعض أصحابنا. وحجة الجمهور حديث رافع بن خديج قال: كنا مع النبي ژ في غزاة وقد أصاب القوم غنما ً وإبلا، ً فند ّ منها بعير فرمي بسهم فحبسه الله به، فقال رسول الله ژ : إن هذه البهائم لها أوابد كأوابد الوحش، فما غلبكم منها » « فاصنعوا به هكذا(٢) ، وذلك أن تسليط ا لنبي ژ على هذا الفعل دليل على أنه ذكاة، واستدلوا من جهة القياس  أيضا ً أن الوحشي إذا تأنس يعامل معاملة الأهلي، فهكذا الإنسي إذا توحش(٣) ، واحتج المالكية ومن وافقهم بأنه  مقدور عليه في غالب الأحوال، فلا يراعى النادر منه وإنما يكون ذلك في الصيد، وأجابوا عن حديث رافع بن خديج بأن قالوا: تسليط النبي ژ إنما ولم يقل: « فحبسه » على حبسه لا على ذكاته، وهو مقتضى الحديث وظاهره إن السهم قتله(٤) . ويستأنس لرأي الجمهور بتشبيه النبي ژ لأوابد البهائم الأهلية بأوابد الوحش، إذ في ذلك إشارة لطيفة إلى أنها يصنع بها كما يصنع بالوحشي، وألحق ُ عند الجمهور بالناد من بهيمة الأنعام ما وقع في بئر أو نحوها، فتعذر التوصل إلى تذكيته بالذبح أو ا لنحر(٥) . ١) انظر المراجع ا لسابقة. )٢) رواه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب ما ند من البهائم فهو بمنزلة الوحش رقم ) .( ٥١٩٠ )، ومسلم في كتاب الأضاحي باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم رقم ( ١٩٦٨ ) .١٢٣ ،١٢٢/ ٣) انظر المجموع: ٩ ) .٥٦/ ٤) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ٦ )٥) انظر المرجع السابق نفسه. ) :»còªdG á«∏gCG »a :»fÉãdG åëѪdG لا خلاف بين الأمة في كون المسلم الدائن بوحدانية الله 8 ، المؤمن برسالة الحق التي بعث بها رسول الله ژ، هو أولى من يقوم بالتذكية من أجل سلامة باطنه من الانحراف الفكري، وظاهره من الانحراف السلوكي، وهو أولى بأن يحافظ على الأمانة ويوفي التذكية حقها الشرعي، ولا خلاف بينها في أن المشركين من عبدة الأوثان والملاحدة الذين لا دين لهم لا تحل ذبائحهم، لأنها في حكم الميتة، ولا خلاف في أن لأهل الكتاب حكما ً خاصا ً مخالفا ً لأحكام المشركين في ذلك لقوله تعالى: ﴿ ° ²± ³´ μ ﴾ [ [المائدة: ٥ ، وإنما وقع الخلاف في أمور منها ما يعم المسلم والكتابي، ومنها ما هو خاص بالكتابي وحده. ومن حيث إن مساحة هذا البحث محدودة وموضوعه مقيد نقتصر على ذكر بعض ما وقع فيه ا لخلاف: ? k ÓbÉY »còªdG ¿ƒμj ¿CG •ôà°ûj πg `` 1 اختلف في ذلك، وبناء على هذا الاختلاف اختلفوا في ذكاة المجنون ً والسكران والصبي، فأجازها ا لشافعية(١) وأجاز الحنفية تذكية السكران والصبي إن ميزا، ومثلهما المعتوه حال تمييزه، دون ذكاة المجنون ومن لا يميز من السكارى والصبيان والمعتوهين(٢) ، ومنع الحنابلة والمالكية ذكاتهم لكنهم قيدوا ذلك بعدم ا لعقل(٣) ، وهو قريب مما قاله الحنفية، .٩/ ١) المجموع: ٩ ) .٢٧٧٦ ،٢٧٧٥/ ١٩٤ ؛ بدائع الصنائع: ٦ / ٢) البحر الرائق: ٨ ) .١٢٢/ ٥٦ ؛ والذخيرة: ٤ / ٣) المغني: ١١ ) ومنعت الظاهرية ذكاتهم مطلقا ً (١) ، وهو الذي ذهب إليه بعض أصحابنا(٢) ، وأجاز بعضهم ذكاة الصبي بشرط التمييز والاختتان، وأكثرهم على منع أكل ذبيحة السكران والمجنون وإباحة أكل ذبيحة الصبيان بشرط التمييز وحده(٣) . ومنشأ الخلاف هل النية شرط في صحة الذكاة؟ وذلك مبني على اختلافهم فيها هل هي من العبادات أو لا؟ وقد سبق ما يدل على أنها من العبادات، فالنية لا بد منها فيها، ومن أجل ذلك اتفق علماؤنا على منع ذبيحة السكران والمجنون، واختلفوا في إباحة ذبيحة الصبيان، وأكثرهم على إباحتها، لأنهم وإن لم يكلفوا بالعبادات إلا أنها تصح منهم، ولذلك جاء في السنة ما يدل على صحة إمامتهم في الصلاة كما في قصة عمرو بن سلمة الذي أم قومه وهو صبي، لكونه أكثرهم قرآنا ً ، وكان ذلك في عهد رسول الله ژ(٤) ، ولئن جازت إمامته في الصلاة وهي أهم ركن عملي من  أركان الإسلام فكيف لا تجوز ذبيحته؟ واستدل ابن حزم في منع ذبيحته وذبيحة السكران والمجنون بأنهم لا يشملهم خطاب الله تعالى بقوله: ﴿ 3 45 ﴾ [ [المائدة: ٣ ، وبأن الصبي لا يجوز إنكاحه لوليته ولا نكاحه ولا بيعه ولا ابتياعه ولا توكيله، وأنه لا تلزمه صلاة ولا صوم ولا حج(٥) وفي هذا الاستدلال نظر لا يتسع له ا لمقام. .٤٥٧/ ١) ابن حزم، المحلى: ٧ ) .٢٤ ،٢٣/ ٢) بيان الشرع: ٢٧ ) .٤٨٨/ ٣) شرح النيل: ٤ )٤) رواه أبو داود في سننه في كتاب الصلاة، باب من أحق بالإمامة، بعدة طرق، الأحاديث ) برقم ( ٥٨٥ ) و( ٥٨٦ ) و( ٥٨٧ )، والنسائي في كتاب القبلة باب الصلاة في قميص واحد .( رقم ( ٧٦٧ ٥) المحل )  .٤٥٧/ ى: ٧ :óJôªdG `` 2 منع أصحابنا والجمهور أكل ذبيحته، لأنه لا يقر على ردته ولو كانت ُ إلى اليهودية أو النصرانية، وأجازها إسحاق وكرهها ا لثوري(١) .  :ºéYC’G `` 3 اختلفوا في ذبيحته، فأجازها الجمهور إن فهمت إشارته، وعليه علماء المذهب عندنا بشرط أن يكون عارفا ً لربه، وذهبت طائفة من علمائنا إلى عدم الجواز لعدم تمكنه من ذكر اسم الله على ذبيحته(٢) ، وفي شرح النيل قول ثالث وهو كراهة أكل ذبيحته، والصحيح أنها مباحة لأنه مطالب بأن يذكر الله بقلبه كما يفعل في صلاته، وليست التذكية بأبلغ من ا لصلاة. :ÜÉàμdG πgCG øe ÜQÉëªdG `` 4 ذهب الجمهور إلى صحة تذكيته وهو قول بعض أصحابنا، وذهب أكثرهم إلى المنع من أكل ما ذكاه، كما لا تنكح نساؤهم ا لمحاربات(٣) ، دلي جراب » : ويؤيد قول الجمهور ما رواه الشيخان عن عبد الله بن مغفل قال من شحم من قصر خيبر، فدنوت لآخذه فإذا رسول الله ژ يبتسم إلي «(٤) فإن ّ ابتسامته ژ دليل إقراره على ذلك مع أن القوم كانوا محاربين. .٤٥٠/ ١) بداية المجتهد: ١ ) .٢٨ ،٢٧/ ٢) بيان الشرع: ٢٧ ) .٤٩٥/ ٣) شرح النيل: ٤ )٤) رواه البخاري في أبواب الخمس باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب رقم ) ٢٩٨٤ )، ومسلم في كتاب الجهاد والسير باب جواز الأكل من طعام الغنيمة في دار ) .( الحرب رقم ( ٧٢،١ :Üô©dG øe Oƒ¡J hCG ô°üæJ øe `` 5 s كبني تغلب وبهراء وتنوخ، اختلف في ذبائحهم فأباحها الجمهور، ومنعها عمر وعلي، وهو رأي للإمام الشافعي، واقتصر عليه وأيده النووي في المجموع(١) ، والقولان في المذهب عندنا(٢) ، وقيد قطب الأئمة شارح النيل جوازها بشرط أن يقرأوا الإنجيل، ليكونوا على علم بأحكام الحلال والحرام، ويتقيدوا في ذكاتهم بما هو مشروع عندهم، إلا أنه نص على أنه لا يشترط أن يقرأه كله وإنما يكفي لذلك بعضه(٣) ، وجاء نحو هذا في بيان ا لشرع (٤) . ابن رشد الخلاف في ذلك إلى الاختلاف في شمول اسم الذين ورد أوتوا الكتاب للعرب المتنصرين والمتهودين كما يتناول ذلك الأمم المختصة بالكتاب وهم بنو إسرائيل والروم(٥) ، والتحقيق أنه: يصدق عليهم جميعا ً لأن الروم أيضا ً لم يكونوا من الذين أوتوا الكتاب عندما أ ُ نزل الإنجيل على عيسى ‰ ، بل كانوا من الذين يحاربون الكتاب وأهله إلى  أن تنصر قسطنطين ملكهم وتابعه على ذلك الشعب الرومي، وقد خاطبهم النبي ژ خطاب أهل الكتاب عندما بعث إلى ملكهم هرقل كتابا ً منه ضمنه قوله تعالى: ﴿ : ; < E D C B A @ ? > = V U T S R Q P O N M L K J I H G F WX Y ﴾[ [آل عمران: ٦٤ (٦) . .٩٤/ ١) المجموع: ٩ ) .٤٩٦/ ٢) شرح النيل: ٤ )٣) المرجع السابق نفسه. ) .٢٦/ ٤) بيان الشرع: ٢٧ ) .٤٥٠/ ٥) بداية المجتهد: ١ ) ٦) رواه البخاري كتاب الإيمان، في باب بدء الوحي، الحديث ا لسادس. ) :∂∏ªj ’ Ée ≈∏Y …óà©j ¿CG `` 6 كالسارق والغاصب، اختلفوا في حلية ما ذكاه، فالجمهور على أنه حلال، وعزاه النووي إلى الزهري ويحيى بن سعد الأنصاري وربيعة ومالك وأبي حنيفة، وهو مذهب ا لشافعي(١) ، وذهبت الظاهرية إلى حرمته، ونسبه ابن حزم إلى طاوس وعكرمة وإسحاق وابن راهويه(٢) ونسب إليهم النووي القول بالكراهة، ولعلها كراهة تحريم كما هو معهود في عبارات السلف، ونسب ابن رشد التحريم إلى داود وإسحاق، وفي المذهب عندنا في ذلك ثلاثة أقوال: المنع وعليه الأكثر، والإباحة مطلقا ً ، والإباحة بشرط أن يكون الغاصب أو السارق سمع منه ذكر اسم الله تعالى على الذبيحة أو أخبر به ُ ثقة(٣) . واستدل ابن حزم لمنع ذلك بثلاثة أدلة: أولها: أن الله تعالى حرم أكل لحم الحيوان إلا بعد تذكيته، إذ قال 8 بقوله: ﴿ kl m n o ﴾ [ [البقرة: ١٨٨ ، وقول النبي ژ : إن » « دماءكم وأموالكم عليكم حرام(٤) ، ولا يشك مسلم أن المسروق والمغصوب إن ذبح أو نحر لا يكون ذبحه ونحره حقا ً ، وإنما هو باطل، والباطل لا يتوصل به إلى حل ما حرم، على أن الذكاة المشروعة حق مأمور به طاعة .٨٧/ ١) المجموع: ٩ ) .٤١٥/ ٢) المحلصى؛ ٧ ) ؛٢١٠/ ٤٧ ٦١ ؛ وجامع أبي الحسن: ٣ / ٤٩١ ؛ وبيان الشرع: ٢٧ / ٣) شرح النيل: ٤ ) .١١٩ ،١١٨/ ٤٥٤ ؛ وجامع ابن بركة: ١ / والإيضاح: ٢ ٤) رواه الربيع في كتاب الجهاد باب جامع الغزو في سبيل اا رقم (ط ٤٦ )، ورواه البخاري ) في كتاب العلم باب قول ا لنبي ژ رب مبلغ أوعى من سامع رقم ( ٦٧ )، ومسلم في كتاب الحج باب حجة ا لنبي ژ. لله، والاعتداء على مال الغير معصية لأمره تعالى والمعصية لا تنوب عن الطاعة، ولئن كانت الفروج المحرمة لا تحل إلا بالعقد المأمور به لا بالعقد المحرم، فكيف يباح الحيوان المحرم بالفعل المحرم؟ وما الفرق بين تصيد ّ ِ المحرم للصيد المحرم، وبين ذبح المعتدي لما حرم عليه ذبحه؟. ثانيها: ما أخرجه مسلم في صحيحه من طريق رافع بن خديج ƒ قال: كنا مع رسول الله ژ بذي الحليفة من تهامة فأصبنا غنما » ً وإبلا ً فعجل القوم  فأغلوا بها القدور فأمر بها رسول الله ژ فأكفئن ثم عدل عشرا ً من الغنم  « بجزور(١) ، ووجه الاستدلال أن النبي ژ لم يكن ليأمر بإكفاء ما في القدور لو كان حلال الأكل لأنه نهى عن إضاعة المال، وإنما يدل ذلك يقينا ً أنه حرام محض، وأن ذبحه ونحره تعد يوجب الضمان ولا يبيح الأكل لأنها غنائم لم تقسم. ثالثها: ما أخرجه أبو داود من طريق عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: خرجنا مع رسول الله ژ في سفر فأصاب الناس حاجة شديدة وجهد، فأصابوا غنما ً فانتهبوها فإن قدورنا لتغلي إذ جاء رسول الله ژ يمشي على قوسه فأكفأ قدورنا بقوسه، ثم جعل يرمل اللحم بالتراب ثم قال: « إن النهبة ليست بأحل من الميتة، أو إن الميتة ليست بأحل من النهبة »(٢) ، شك أ بو الأحوص راويه عن عاصم في أيتهما قال ‰ ، ووجه الاستدلال أن النبي ژ لم يكتف بمنع أولئك من أكل اللحم وإنما أفسده إذ خلطه بالتراب حتى لا ينتفع به آكل، ولو من ملاك الغنم أنفسهم(٣) . ١) رواه البخاري كتاب الشركة باب قسمة الغنم رقم (د ٢٣٥ )، ومسلم في كتاب الأضاحي، ) .( باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم رقم ( ١٩٦٨ .( ٢) رواه أبو داود في كتاب الجهاد باب النهي عن النهبة رقم ( ٢٧٠٥ ) .١١٩ ،١١٨/ ٤١٥ و ٤١٦ بتصرف ؛ وانظر في هذا جامع ابن بركة: ١ / ٣) المحلى: ٤ ) وهذه الأدلة في غاية القوة والوضوح ويتبين لنا منها رجحان القول بعدم حل ذبيحة المعتدي على غيره، على أن القائلين بخلافه لم نجد منهم دفعا ً لهذه الأدلة ولا استدلالا ً بحجة، ما عدا أن الأصل في ذبيحة المسلم الحل، غير أن ابن حزم ذكر أن بعضهم موه بخبر روي أيضا ً عن طريق عاصم ابن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: كنا مع رسول الله ژ في جنازة فاستقبله داعي امرأة فجاء وجيء بالطعام فوضع يده ثم وضع القوم أيديهم أجد لحم شاة أخذت » : فأكلوا ورسول الله ژ يلزك لقمة في فيه ثم قال  فأرسلت المرأة: يا رسول الله إني أرسلت إلى البقيع يشترى « بغير إذن أهلها لي شاة فلم أجد، فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة أن أرسل إلي بها ّ بثمنها، فلم يوجد، فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إلي بها. فقال رسول الله ژ : ّ « أطعميه ا لأسارى »(١) . وأجاب ابن حزم عنه بالعديد من الأجوبة لا يخلو بعضها من نظر(٢) ، وإنما أقواها أن تلك الشاة لم تؤخذ تعد ّ يا ً وإنما أخذت بوجه تعارف الناس على مثله عادة لا سيما الجيران، وقد كانت مضمونة على المرأة بثمنها كما .« ابعث إلي بها بثمنها » : دلت على ذلك الرواية من قول المرأة ّ :∫ÉLôdG øe ∞∏bC’G `` 7  ذهب جمهور علماء الأمة إلى حل ذبيحته، وذهب ابن عباس ^ إلى منع أكلها، وهو إحدى الروايتين عن الحسن ا لبصري(٣) ، وهو قول أصحابنا ١) رواه أبو داود السجستاني في سننه في كتاب البيوع، باب اجتناب الشبهات، رقم الحديث ) .(٣٣٣٢) .٤١٦ ،٤١٥/ ٢) المحلى: ٤ ) .٦٣٧/ ٧٨ ؛ وانظر فتح الباري: ٩ / ٣) المجموع: ٩ ) الإباضية باتفاق(١) ، إلا أنهم استثنوا من امتنع من الختان لعذر شرعي، كما استثنوا من هذا الشرط أهل الكتاب فلم يروا بأسا ً بذبيحتهم وإن لم يختنوا، وقيد بعضهم الاستثناء بالنصارى وحدهم، لأن الختان مشروع عند اليهود كالمسلمين(٢) . `` 8 º¡°ùØfCG ≈∏Y √ƒeôM hCG ÜÉàμdG πgCG ≈∏Y ≈dÉ©J ˆG ¬eôM Ée :√ƒcP óbh هل يحل للمسلم أكله أو لا؟ قيل: بالمنع منه مطلقا ً ، وهو معزو إلى ابن القاسم من المالكية، وقيل: بالإباحة، وهو ظاهر كلام أحمد والخرقي واختاره من أصحابه أبو حامد وأبو الخطاب، وهو مذهب ابن وهب وابن عبد الحكم من أصحاب مالك، وقيل: بمنع ما حرمه الله عليهم لا ما حرموه على أنفسهم، رواه أحمد عن مالك، ووصفه بأنه مذهب دقيق، وبه قال أشهب، وقيل: بالكراهة دون التحريم، وهو معزو إلى بعض ا لمالكية(٣) . ولعلماء مذهبنا في ذلك ثلاثة أقوال: المنع، والإباحة، والتفريق بين ما حرم عليهم أو حرموه بأنفسهم(٤) ، ورجح قطب ا لأئمة 5 (٥) هيميان » في .٢٧/ ٤٩٠ ؛ بيان الشرع: ٢٧ ،٤٨٩/ ٤٥٤ ؛ وشرح النيل: ٤ / ١) الإيضاح: ٢ ) .٤١ ،٤٠/ ٢) بيان الشرع: ٢٧ ) .١٢٧ ،١٢٦/ ٥٨ ؛ تفسير القرطبي: ٧ / ٤٥٢ ؛ المغني: ١١ ،٤٥١/ ٣) بداية المجتهد: ١ ) .٤٩٥/ ٣٩ ٢٤ ؛ شرح النيل: ٤ / ٤) بيان الشرع: ٢٧ )  ٥) هو قطب الأئمة محمد بن يوسف بن عيسى أطفيش، ولد في بني يسجن بوادي ميزاب ) بالجزائر سنة ١٢٣٦ ه ، كان حافظا بزغ في كل العلوم الإسلامية، وألف في جلها، ّ ً ذكيا ً بلغت مؤلفاته أكثر من ثلاثمائة مؤلف، وكان من رجال الإصلاح الإسلامي الحديث، توفي 5 سنة ١٣٣٢ ه؛ انظر شرح النيل، ط مكتبة الإرشاد جدة، ا لسعودية. ا لإباحة « الزاد(١) ، وهو القول الصحيح سواء فيما حرم عليهم أو فيما حرموه  على أنفسهم، أما ما حرم عليهم فإن ذلك كان شرعا ً موقوتا ً عقوبة لهم على سوء صنيعهم، وقد نسخ ذلك بشريعتنا، والكل متعبد بها، وأما ما حرموه على أنفسهم فذلك أبعد من أن يؤخذ به، لأنه مجرد افتراء ما أنزل الله به من سلطان. وحجة المانعين أن الله أباح طعامهم وذلك ليس من طعامهم، وتدخل في الإباحة على القول الراجح الشحوم ولو كانت حراما ً عليهم بدليل حديث عبد الله بن مغفل عندما دنا من أخذ جراب الشحم من قصر خيبر، فابتسم له رسول الله ژ إقرارا ً له، وهو قول جمهور العلماء، بل قيل: إنه لم يخالف في الشحوم إلا مالك وأصحابه، وهم فيها مختلفون، منهم من قال بكراهتها ومنهم من قال بتحريمها ومنهم من قال بإباحتها، ورد ابن رشد  الخلاف في ذلك إلى الخلاف في تبعض التذكية؛ بحيث يسري حكمها على بعض الحيوان دون بعض(٢) ، وهو مأخذ بعيد جدا ً ، وهو خاص بالشحوم، أما ما عداها وهو كل ذي ظفر فالخلاف مبني على الاختلاف في اشتراط اعتقاد المذكي تحليل الحيوان بتذكيته، فمن اشترطه لم يبحه لأنهم يعتقدون أن التذكية لا تحللها، ومن لم يشترطه تمسك بعموم الآية المحللة(٣) . :¬H ≈còj ɪ«a :ådÉãdG åëѪdG ينبغي للإنسان أن يحرص على الرفق بالحيوان وسعه في تذكيته فيختار .٣٢٥/ ١) هيميان الزاد: ٥ ) .٤٥٢ ،٤٥١/ ٢) بداية المجتهد: ١ )٣) المرجع السابق نفسه. )  له الآلة الأنسب التي تؤدي إلى الغرض مع تخفيف الألم عن المذكى بقدر المستطاع، ويدل عليه قول النبي ژ : إن الله كتب الإحسان على كل شيء، » فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته،  « وليرح ذبيحته(١) ، وعلى هذا الأساس يكون اختيار آلة التذكية، وقد وسع الله تعالى لعباده المجال في ذلك ليختاروا بأنفسهم ما يرونه أنسب، كما يدل عليه حديث رافع بن خديج ƒ عندما قال للنبي ژ : أنا لاقو العدو غدا ً وليس معنا مدى، فنذبح بالقصب؟ فقال ژ : ما أنهر الدم وذكر اسم الله » عليه فكل، ليس السن والظفر وسأحدثكم عنه، أما السن فعظم، وأما الظفر « فمدى ا لحبشة(٢) . فالحديث أطلق جواز التذكية بكل ما أنهر الدم، إلا أنه استثنى شيئين دل تعليله استثناء أحدهما على استثناء ثالث لهما عندما قال: أما السن فعظم، وهو دليل على عدم جواز الذكاة بالعظام كالأسنان والأظفار، ومع هذا النص الشريف لا أجد داعيا ً إلى مناقشة ما اختلف فيه الفقهاء من التذكية ببعض الآلات، وبحث اختلافهم في التذكية ببعض ما استثني، وفيما إذا انفصل الظفر والسن، فإن ذلك كله لا يعدو أن يكون اشتغالا ً بالإطالة فيما لا جدوى من وراءه، فإن الحديث واضح صريح، إذ أطلق الإباحة في استعمال كل ما يؤدي إلى هذه الغاية ما عدا تلك المستثنيات، ولم يقيد استثناءها بكونها غير منفصلة، وإنما يرجع إلى أهل الخبرة في معرفة الآلات التي يمكن بها قضاء هذا الوطر مع مراعاة الرفق بالحيوان، وإذ جاء نهر الله بطل نهر معقل. ١) رواه مسلم في كتاب الصيد والذبائح، باب الأمر بإحسان الذبح وتحديد الشفرة رقم ) .(١٩٥٥) ٢) تقدم تخريجه. )   :᫪°ùàdGh á«ædG »a :™HGôdG åëѪdG اتضح مما سبق أن التذكية من القربات إلى ا لله 8 ، والقربات لا بد  لها من نية؛ للحديث الصحيح عن رسول الله ژ : « إنما الأعمال بالنيات »(١) ، فلذلك كانت النية شرطا ً في صحة الذكاة، كما نص عليه ا لعلامة ا لشماخي(٢) « الإيضاح » في(٣) وشارحه قطب الأئمة في « النيل » ، والإمام الثميني في شرحه(٤) ، والإمام ابن العربي في أحكام ا لقرآن(٥) ، ويفهم من كلامه أنها مشروطة عند الشافعية؛ إذ ألزم إمام الحرمين باشتراطه لها كون الذكاة قربة، ولا أذكر » : ونسب ذلك ابن رشد إلى المذهب أي مذهب المالكية وقال «(٦) فيها خارج المذهب في هذا الوقت خلافا ً . وهوالذي يقتضيه كلام العلامة ومنها » : الكاساني الحنفي، حيث قال في شرائط التسمية المبيحة للذبيحة أن يريد بها التسمية على الذبيحة، فإن من أراد بها التسمية لافتتاح العمل لا يحل، لأن ا لله 4 أمر بذكر اسم الله تعالى عليه في الآيات الكريمة،  ولا يكون ذكر اسم الله عليه إلا ويكون يراد بها التسمية على الذبيحة إلى أن قال : وكذا لو سبح أو هلل أو كبر ولم يرد به التسمية على الذبيحة، » ١) رواه الإمام الربيع بن حبيب في مسنده الجامع الصحيح في باب ( ١)، في النية، تحت ) حديث رقم ( ١)؛ ورواه غيره. ٢) هو العلامة الإمام أ بو ساكن عامر بن علي بن عامر الشماخي، من علماء القرن السابع ) الهجري، ولد في جبل نفوسة بليبيا، بلغ من العلم شأوا ً كبيرا ً ، حتى أصبحت كتبه كالإيضاح مقدمة على غيرها عند الإباضية، ع ُ رف بإنشاء المدارس العلمية، تخرج على يديه فحول العلماء منهم: أبو القاسم صاحب (الجواهر المنتقاة) انظر كتاب ا لإيضاح. .٤٤٢/ ٣) الإيضاح: ٢ ) .٤٧٨ ،٤٧٧ ،٤٦٩/ ٤) انظر شرح النيل: ٤ ) .٧٥٠/ ٥) أحكام القررن: ٢ ) .٤٤٩/ ٦) بداية المجتهد: ١ ) وإنما أراد به وصفه بالوحدانية والتنزه عن الحدوث لا غير لا يحل لما « قلنا(١) ، فإن اشتراط القصد في هذا الكلام صريح، وهو عين النية المطلوبة،  وإنما يتميز الذكر على الذبح وغيره » : ويقرب منه ما قاله العلامة السرخسي « بقصد التسمية منه فإذا لم يقصد التسمية لا يحل(٢) . وأما ذكر اسم الله عند التذكية فلا خلاف في مشروعيته بين الأمة، وحكى « صحيح مسلم » الإجماع على ذلك النووي في شرحه على(٣) ، والحافظ ابن « فتح ا لباري » حجر في(٤) ، إلا أنهم اختلفوا في كونه شرطا ً لصحة التذكية وما يترتب عليها من حل لحم الحيوان على أقوال: أولها: أن ذكر الله شرط لصحة التذكية، فمن تركه عمدا ً أو نسيانا ً في  ذبح أو نحر أو صيد لم يكن فعله ذكاة شرعية، وحرم بذلك لحم المذبوح أو المنحور أو الصيد، وعزا القرطبي هذا القول إلى عبد الله بن عمر وعبد الله ابن عباس، وابن ربيعة ونافع وعبد الله بن زيد الخطمي وابن سيرين وأبي ثور وداود بن علي وأحمد في رواية(٥) ، وعزاه أبو الحسن البسيوي(٦) إلى ابن .٢٧٨٣/ ١) بدائع الصنائع: ٦ ) .٤/ ٢) المبسوط: ١٢ ) .٧٣/ ٣) شرح النووي على صحيح مسلم: ١٣ ) .٦٠١/ ٤) فتح الباري: ٩ ).٧٥/ ٥) تفسير القرطبي: ٧ )٢٠٨ ، الإمام أ بو الحسن البسيوي: هو ا لعلامة المحقق الشيخ / ٦) جامع أبي الحسن البسيوي: ٣ ) أبو الحسن علي بن محمد بن علي البسياني، ولد في بسيا بولاية بهلا بالمنطقة الداخلية بسلطنة ع ُ مان، وهو من علماء القرن الرابع الهجري، تلقى العلم في بداية حياته عن أبيه، ثم تتلمذ على العالم الفقيه المحقق ابن بركة، ومن أشهر مؤلفاته جامع أبي الحسن، وهو مؤلف عظيم وشامل لعلم الشريعة، ومن أحسن المؤلفات جمعا ً وتحقيقا ً ، واختصره في كتاب .« مختصر ا لبسيوي » وكتاب « جامع أبي الحسن البسيوي » انظر كتاب ،« مختصر البسيوي » عباس ^ ، وذكر أبو حيان(١) أنه رواية عنه، واقتصر عليه ابن حزم وانتصر له وعزاه إلى جماعة منهم عبد الله بن يزيد، ووصفه بأنه صحيح الصحبة، وإلى الشعبي(٢) « المغني » ، وقال ابن قدامة في(٣) : إنه تحقيق المذهب أي مذهب الحنابلة ، وعزاه في بيان الشرع(٤) إلى الإمام الربيع بن حبيب(٥) ، وعزاه ا لكاساني(٦) والفخر ا لرازي(٧) إلى الإمام مالك، وذكر ا لشوكاني(٨) أنه مروي عنه، وحكاه قولا ً له ابن كثير(٩) وذكر أنه اختاره من متأخري الشافعية أبو الفتوح محمد بن محمد بن علي الطائي، وعليه العمل عند أكثر علمائنا(١٠) . ثانيها: أن ذكر الله شرط لصحة التذكية، ولكن يسقط اشتراطه في حال النسيان، فيحل أكل المذكى دونه، أما في حالة العمد فلا تصح دونه التذكية، ولا يحل مع تركه المذبوح، وبه قال إسحاق وروي عن أحمد بن حنبل، وقاله في الكتاب مالك وابن القاسم، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه والثوري .٢١٢/ ١) البحر المحيط: ٤ )٢) المحل )  . ٤١٢ ٤١٤ / ى: ٧ .٣/ ٣) المغني: ١١ ) .١١/ ٤) بيان الشرع: ٢٧ )٥) هو الإمام المحدث الحافظ أبو عمرو الربيع بن حبيب الفراهيدي، من غطفان بأرض ) الباطنة من سلطنة ع ُ مان، أخص تلامذة الإمام أبي عبيدة، وتحم ّ ل من بعده إمامة المذهب الإباضي، أدرك الإمام جابر بن زيد وهو شاب، صنف مسندا ً في الحديث الشريف، انظر شرح الجامع ا لصحيح. .٢٧٧٨/ ٦) بدائع الصنائع: ٦ ) .١٦٤/ ٧) التفسير الكبير: ١٣ ) . ١٠ ١١ / ٨) نيل الأوطار: ٩ ) .١٦٩/ ٩) تفسير القرآن العظيم: ٢ ) .٢٠٨/ ٦ ٩؛ وجامع أبي الحسن: ٣ / ١٠ ) انظر بيان الشرع: ٢٧ ) والحسن بن حي وعيسى وأصبغ، واختاره ا لنحاس(١) ، وبه قال الناصر والقاسمية(٢) ، وعزاه في بيان الشرع(٣) إلى الإمام إفلح(٤) بن عبد الوهاب، وحكى أنه نسبه إلى الإمام أبي الشعثاء جابر بن زيد، واعتمده قطب الأئمة في ا لهميان(٥) ، ويجنح إليه كلامه في ا لتيسير(٦) ، ونسبه ابن كثير(٧) إلى جماعة منهم الإمام علي وابن عباس ^ من الصحابة، وسعيد بن المسيب وعطاء وطاوس والحسن البصري وأبو مالك وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وجعفر بن محمد وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وذكر ابن قدامة أن حنبل نسبه إلى أبيه الإمام أحمد إلا أنه نسب إلى الخلال أنه قال: سها حنبل في نقله، فإن في أول مسألته: إذا نسي فقتل لم يأكل(٨) . ثالثها: إن التسمية ليست بشرط رأسا ً ، فيحل أكل ما لم يذكر اسم الله عليه عمدا ً كان التك أو نسيانا ً ، وهو مذهب الشافعي وأصحابه(٩) ، ونسبه القرطبي إلى الحسن، وذكر أنه مروي عن ابن عباس وأبي هريرة وعطاء ٢١٢ ؛ وأحكام القرآن لابن / ٧٥ ؛ وانظر البحر المحيط لأبي حيان: ٤ / ١) تفسير القرطبي: ٧ ) ١٠٤ ؛ والاختيار: / ٤٤٨ ؛ والمنتقى للباجي: ٣ / ٧٤٩ ؛ وبداية المجتهد: ١ / العربي: ٢ .٢٧٧٨/ ١٩١ ؛ وبدائع الصنائع: ٦ / ١٠٩ ؛ والبحر الرائق: ١ /٥ .١٠/ ٢) نيل الأوطار: ٩ ) .١١/ ٣) بيان الشرع: ٢٧ )٤) هو الإمام أفلح بن عبد الوهاب بن عبد الرحمن الرستمي، ثالث أئمة الدولة الرستمية ) بتيهرت، كان شجاعا ً مقداما ً ، وكانت أيام إمامته أيام عدل وإنصاف واستقرار، دامت إمامته رحمه الله ستين عاما ً ، انظر: طبقات المشايخ بالمغرب. .٢٤٠/ ٥) هيميان الزاد: ٦ ) .٤٣٨ ،٤٣٧/ ٦) تيسير التفسير: ٣ ) .١٧٠/ ٧) تفسير القرآن العظيم: ٢ ) .٣/ ٨) المغني: ١١ ) .٧٣/ ١٠٢ ؛ وشرح صحيح مسلم النووي: ١٣ / ٩) المجموع: ٩ ) وحكى الزهراوي » : وسعيد بن المسيب وجابر بن أبي ليلى وقتادة، ثم قال عن مالك بن أنس أنه قال: تؤكل الذبيحة التي تركت التسمية عليها عمدا ً أو نسيانا ً«(١) ، وأضاف أبو حيان(٢) إلى هؤلاء ربيعة والأصم، وما ذكره أما » : قطب الأئمة في تفسيره التيسير يوحي بأنه يجنح إليه، وذلك أنه قال موحد ذكى بلا ذكر لاسم الله ساهيا ً أو عامدا ً « فلا بأس بذكاته(٣) ، إلا أنه   وذلك » : قال بعد ذكره لبعض الروايات التي عول عليها أصحاب هذا القول ّ محمول عندنا على من لم يذكر اسم الله نسيانا ً«(٤) ، ويفهم من كلام الإيضاح والنيل وشرحه أن الأقوال الثلاثة في ا لمذهب(٥) ، وذكر الحافظ ابن حجر أن للشافعية في العمد ثلاثة أوجه؛ وهي أنه يكره، وخلاف الأولى، ويأثم بالترك ولا يحرم الأكل(٦) . رابعها: إن ترك التسمية عمدا ً كره أكلها، قاله القاضي أبو الحسن والشيخ أبو بكر من علماء ا لمالكية(٧) . خامسها: تؤكل ذبيحة من تركها ولو عمدا ً إن لم يكن مستخفا ً بها، قاله أشهب والطبري(٨) ، ولست أرى فارقا ً بين هذا القول والقول الثالث إلا أن يكون لفظيا ً ، فإنه ليس من شأن المسلم ولو فاسقا ً أن يستخف باسم الله تعالى، ومن فعل ذلك فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه وصار في عداد ا لمرتدين. .٧٥/ ١) الجامع لأحكام القررن: ٧ ) .٢١٢/ ٢) البحر المحيط: ٤ ) .٤٣٧/ ٣) تيسير التفسير: ٣ )٤) المرجع السابق نفسه. ) .١٧١ ،١٧٠/ ٤٤٣ ؛ والنيل وشرحه: ٤ / ٥) انظر الإيضاح للشماخي: ٢ ) .٦٠١/ ٦) فتح الباري: ٩ ) .٧٤٩/ ٧) ابن العربي، أحكام القرآن: ٢ ) .٧٥/ ٨) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ٧ )  سادسها: ما ذهب إليه ابن العربي وتابعه عليه القرطبي وهو أن ترك أحدها أن يترك التسمية إذا أضجع » : التسمية لا يخلو من ثلاثة أحوال الذبيحة لأنه يقول: قلبي مملوء من أسماء الله وتوحيده فلا أفتقر إلى ذكر ذلك بلساني، فذلك يجزيه لأنه قد ذكر الله وعظمه، وإن قال: ليس هذا  موضع التسمية صريحا ً فإنها ليست بقربة فهذا يجزيه لكونه على مذهب ُ يصح اعتقاده اجتهادا ً للمجتهد فيه وتقليدا ً لمن قلده، وإن قال: لا أسمي « وأي قدر للتسمية؟ فهذا متهاون كافر فاسق لا تؤكل ذبيحته(١) ، ثم قال ابن إنما يتصور الخلاف في المسألة على الصورتين الأوليين، فأما على » : العربي « الصورة الثالثة فلا تشخيص لها(٢) . :É¡°ü«ëªJh ∫GƒbC’G √òg ádOCG åëH استدل أصحاب القول الأول بكثير من الأدلة من الكتاب والسنة، أما الكتاب فقوله تعالى: ﴿ ÌÍ Î Ï Ð Ñ ﴾ [ [الأنعام: ١١٨ ، فإنه دال بمنطوقه على إباحة أكل ما ذكر عليه اسم الله، ودال بمفهومه على المنع مما لم يذكر عليه اسمه، وقوله سبحانه: ﴿ PQ R S T U V W ﴾ [ [الأنعام: ١٢١ ، وهو دال بمنطقوه على المنع من أكل ما لم يذكر اسم الله عليه، وبمفهومه على إباحة أكل ما ذكر اسمه عليه، فمنطوق كل واحدة من الآيتين يعضد مفهوم الأخرى، وقوله: ﴿ !" # $ % & ' ( ) ﴾ [ [الأنعام: ١١٩ ، وهو زجر عن الامتناع عن أكل ما ذكر اسمه تعالى عليه. وتعتضد دلالة هذه الآيات بدلالة الآيات الأخرى التي تدل على الأمر بذكر اسم الله حال التذكية، وعلى أن ذكر اسمه تعالى مطلب يرتبط بما أنعم .٧٦/ ٧٥١ ؛ القرطبي، الجامع لأحكام القرآن: ٧ / ١) ابن العربي، أحكام القرآن: ٢ )٢) المصدر السابق نفسه. ) به على عباده من بهيمة الأنعام، وهي قوله تعالى: ﴿ x w v u ~}|{zy ے ¤£¢¡ ﴾ [ [الحج: ٣٦ ، وقوله: ﴿ x z y { | } ~ ے ﴾ [ [المائدة: ٤ ، وقوله 8 ﴿ : g f hi j k l m n o p q r s t ﴾ [ [الحج: ٢٨ ، وقوله: ﴿ N O P QR W V U TS XY Z ﴾ [ [الحج: ٣٤ . فهذا الاستعمال المتعاقب المتسلسل لاصطلاح » : قال الإمام المودودي التسمية في هذه الآيات دليل واضح على أن الذبح والتسمية كلمتان لا تدلان إلا على معنى بعينه في نظر القرآن، فلا نكاد نتصور ذبيحة مشروعة بدون « أن يذكر عليها اسم ا لله(١) . وأما السنة فمنها حديث عدي بن حاتم ƒ أمرر » : أن النبي ژ قال له « الدم بما شئت، واذكر اسم الله عليه(٢) ، ومن روايته أيضا ً أن ا لنبي ژ قال له: « إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل »(٣) ، وعنه أن ا لنبي ژ ما عل » : قال له ّ « مت من كلب أو باز ثم أرسلته وذكرت اسم الله عليه فكل(٤) ، ما صدت بقوسك » : ومنها حديث أبي ثعلبة الخشني أن النبي ژ قال له « فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك فذكرت اسم الله عليه فكل(٥) ، . ١) أبو الأعلى المودودي، ذبائح أهل الكتاب، ص ١٦ )٢) رواه أبو داود في سننه في كتاب الأضاحي، باب في الذبيحة بالمروة، رقم الحديث ) .( ٢٨٢٤ )، ورواه النسائي في كتاب الصيد والذبائح باب الصيد إذا أنتن رقم ( ٤٣٠٤ ) ٣) تقدم تخريجه. ) .( ٤) رواه أبو داود في سننه في الصيد، باب في الصيد، رقم الحديث ( ٢٨٥١ )٥) رواه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب صيد القوس؛ ورواه مسلم في كتاب الصيد ) والذبائح، باب الصيد بالكلاب ا لمعلمة. ما أنهر الدم وذكر اسم الله » : ومنها حديث رافع بن خديج أن النبي ژ قال « عليه فكلوا(١) ، إلى غير ذلك من ا لروايات. ووجه الاستدلال بهذه الروايات أنها جميعا ً تنوط إباحة الأكل بذكر اسم الله عند الذبح أو الصيد، وهذا يعني أن الإباحة معلقة على حصول هذا الشرط، وبانعدام الشرط ينعدم المشروط لا إباحة بدونه، قال الحافظ ابن المعلق بالوصف ينتفي عند انتفائه عند من يقول بالمفهوم، والشرط » : حجر أقوى من الوصف، ويتأكد القول بالوجوب بأن الأصل تحريم الميتة، وما أذن فيه منها تراعى صفته، فالمسمى عليها وافق الوصف وغير المسمى باق « على أصل ا لتحريم(٢) . وأجيب عن الاستدلال بالآيات: بأن أقواها دلالة على الغرض هو قوله تعالى: ﴿ PQ R S T U V W ﴾، وهو محمول على المنع من أكل ما أهل به لغير الله أو الميتة، أما حمله على أن المراد به ما أهل به لغير الله فدليله قوله تعالى إثره: ﴿ XY ﴾، وجاء بيان الفسق في قوله: ﴿ ¡ ¢£ ¤ ¥ ¦ ﴾ [ [الأنعام: ١٤٥ ، واعترض بأن قوله تعالى: ﴿ XY ،﴾ سيق مساق التأكيد لهذا الحكم والتغليظ على من خالفه، والضمير راجع فيه إلى الأكل المفهوم من قوله: ﴿ PQ ﴾، مثله في ذلك مثل قوله 8 : ﴿ ª« ¬ ® ﴾ [ [المائدة: ٨ ، فإن ضمير الفصل فيه عائد إلى العدل المفهوم من قوله: ﴿ ª ﴾ ولا اعتراض على هذا بما قاله بعضهم من أن الضمير عائد إلى عدم الذكر المفهوم من قوله: ﴿ S T ﴾ لأن الكلام سيق من أجل النهي عن الأكل، ومخالفة النهي الإلهي فسق. ١) سبق تخريجه. ) .٦٠١/ ٢) فتح الباري: ٩ ) ورد عليه: بأن ذلك لا يتم إلا مع جعل الواو عاطفة مع أن حملها على ُ  العطف هنا غير جائز، لعدم اتحاد الجملتين المعطوفة والمعطوف عليها، فالمعطوفة خبرية والمعطوف عليها إنشائية، ولا يجوز عطف الخبر على الإنشاء ولا العكس، وإذا تعذر العطف فلا محمل للواو إلا على الحال، ومن  شأن الحال أن تفيد تقييد الحكم الذي تليه، وهذا يعني أن النهي مقيد بحال كون المنهي عن أكله فسقا ً ، وهو ما أهل به لغير الله كما تقدم، ورد : بأن حمل الواو هنا على أنها واو الحال يقتضي أن ما يعطف على الجملة التي دخلت عليها له أيضا ً حكم الحال، فإن العطف يقتضي اشتراك الجمل المتعاطفة في أحكامها، وقد وليت هذه الجملة جملتان في قوله 8 ﴿ : \[ ]^ _ ` e d c b a ﴾ [ [الأنعام: ١٢١ ، وأي مكان للحال في هاتين الجملتين؟ على أن الجملة الحالية لا تكون إلا عارية في قوله: ﴿ « إن واللام » من التأكيد لاستغنلئها عنه، وماذا بعد التأكيد ب X  Y ﴾؟ ولو أريد ُ بها الحال لكانت: وهو فسق(١) . وأما حمله على أنه في الميتة فمعوله على ما أخرجه أبو داود والطبري والبزار عن طريق ابن عباس ^ ، أن اليهود جاءت إلى ا لنبي ژ وقالت: نأكل « ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه » مما قتلنا، ولا نأكل مما قتل الله؟ فنزلت(٢) ، ُ وهذا يعني أن الآية إنما نزلت في تحريم الميتة، فلا يحمل على حكمها غيرها. وأما الأحاديث التي ناطت الأكل من الصيد وغيره بذكر اسم الله عليه فهي محمولة على ا لندب(٣) . ١٦٩ ، وتفسير ابن ،١٦٨/ ١) انظر في مجموع ما قيل هنا: الفخر الرازي، التفسير الكبير: ١٣ ) .١٦ ،١٥/ ١٩٦ ؛ والألوسي، روح المعاني: ٨ / كثير: ٢ .( ٢) رواه أبو داود كتاب الضحايا باب في ذبائح أهل الكتاب رقم ( ٢٨١٩ ) .٧٤/ ٣) النووي، شرح مسلم: ١٢ ) وأما القول الثاني وهو قول من فرق بين حالتي العمد والنسيان فإن أصحابه استندوا في تشددهم حالة العمد إلى ما استند إليه أصحاب القول الأول، واستدلوا على عذر الناسي بقوله تعالى: ﴿ XY ﴾، مع ما علم من أنه لا يفسق غير العامد، كما استدلوا بقوله ژ : إن الله وضع عن » « أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه(١) ، وبما أخرجه البيهقي من طريق ابن عباس ^ المسلم يكفيه اسمه إن نسي أن يسمي » : ، أن ا لنبي ژ قال « حين يذبح فليذكر اسم الله وليأكل(٢) ، وبما رواه ابن عدي من طريق أبي هريرة ƒ جاء رجل إلى ا لنبي ژ فقال: يا رسول الله أرأيت الرجل منا » : قال يذبح وينسى أن يسمي؟ فقال ا لنبي ژ : « اسم الله على كل مسلم(٣) . وأما القول الثالث وهو قول من أباح ما لم يذكر اسم الله عليه عمدا ً كان ذلك أو نسيانا ً فقد استدل أصحابه بالقرآن والسنة؛ أما القرآن فقوله تعالى: ﴿ !" # $ % & ' ( ) * + 7 6 5 4 3 2 1 0 / . - , ١) رواه ابن ماجه في سننه في كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي، رقم الحديث ) .(٢٠٤٥) ٢) رواه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الصيد والذبائح، باب من ترك التسمية وهو ممن ) تحل ذبيحته، بطرق مختلفة، وفي ألفاظها بعض ا لاختلاف. ( ٣) رواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصيد والذبائح باب من ترك التسمية رقم ( ١٨٦٧٣ ) ؛١٧٠/ وابن عدي في الكامل رقم ( ١٨٧٠ ) وانظر ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: ٢ ١٥ ؛ وأطفيش، تيسير / ٧٥٠ ؛ واولوسي، روح المعاني: ٨ / وابن العربي، أحكام القرآن: ٢ ١٠٥ ؛ الكاساني، بدائع / ٤٧٠ ؛ والباجي، المنتقى: ٣ / ٤٣٨ ؛ وشرح النيل: ٤ / التفسير: ٣ ١٠ ؛ ابن رشد، / ٢٧٨٠ ؛ ابن مودود الموصلي، الاختيار لتعليل المختار: ٥ / الصنائع: ٦ ٤٤٩ ؛ أبو فارس، أحكام الذبائح في الإسلام، ص ٤٧ ؛ العبادي، ،٤٤٨/ بداية المجتهد: ١ . الذبائح في الشريعة الإسلامية، ص ٣٠ 89 ﴾ ] المائدة: ٣ [ وجه الاستدلال في هذه » : ، قال الدكتور أبو فارس الآية أن الله 8 « ذكر المحرمات ولم يذكر فيها متروك التسمية(١) ، وقوله سبحانه: ﴿ ij k l m n o p q r s t u v w ﴾ ] الأنعام: ١٤٥ [ ووجه استدلالهم به هو نفس ما ذكر من قبل(٢) ، وقوله عز من قائل: ﴿ °± ³ ² ´ μ ﴾ ] المائدة: ٥ [ ، قال وجه الاستدلال أن الله » : الدكتور أبو فارس 8 أباح ذبائح أهل الكتاب، « ولم يشترط التسمية منهم على ذبائحهم حتى تؤكل(٣) . وأما السنة فقد استدلوا منها بما أخرجه البخاري والدارقطني عن عائشة # ، قالت: إن قوما ً قالوا للنبي ژ : إن قوما ً يأتوننا بلحم لا ندري « سموا أنتم عليه وكلوه » : أذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال(٤) ، قالت: وكانوا حديثي عهد بالكفر، ووجه استدلالهم ما قاله المهلب: هذا الحديث أصل في أن التسمية على الذبيحة لا تجب، إذ لو كانت واجبة لاشترطت على كل حال، وقد أجمعوا على أن التسمية على الأكل ليست فرضا ً ، فلما نابت عن التسمية على الذبح دل أنها سنة، لأن السنة لا تنوب عن ا لفرض(٥) . وبما رواه أبو داود عن الصلت السدوسي مولى سويد بن ميمون وهو أحد التابعين قال: قال رسول الله ژ : ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله » . ١) أبو فارس، أحكام الذبائح في الإسلام، ص ٤٩ ) .٣٢ ، ٢٧٧٨ ؛ والعبادي، الذبائح في الشريعة الإسلامية، ص ٣١ / ٢) الكاساني: بدائع الصنائع: ٦ ). ٣) أحكام الذبائح في الإسلام، ص ٤٩ )٤) رواه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب ذبيحة الأعراب ونحوهم؛ ورواه الدارقطني ) في كتاب الأشربة وغيرها، باب الصيد والذبائح واوطعمة وغير ذلك، ورقم الحديث في .( هذا الباب ( ٩٩ .٦٣٥/ ٥) فتح الباري: ٩ ) « أو لم يذكر، إنه إن ذكر لم يذكر إلا اسم ا لله(١) . قال ابن كثير: هذا مرسل إذا ذبح المسلم فلم يذكر » : يعضد بما رواه الدارقطني عن ابن عباس أنه قال « اسم الله فليأكل فإن المسلم فيه اسم من أسماء ا لله(٢) . وهذه الأدلة كلها لا تقاوم أدلة من خالفهم ولا تدانيها، فأما ما استدلوا به من آيتي المائدة والأنعام فهو استدلال أوهن من أن يرقى إلى مراتب الأدلة الشرعية وأضعف من أن يحتاج إلى رد، فإن ذكر حكم من الأحكام في أعيان يتعلق بها لا يكون بحال دليلا ً على عدم تعلقه بغيرها حتى يرد به الدليل الدال على ذلك وإن كان نصا ً فيه. ولو كان الأمر كما قالوا لما كان وجه لتحريم الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها لعدم ذكره في الآيات التي تحدثت عن المحرمات من النساء في سورتهن، وخصوصا ً مع ما وليها من قوله 8 ﴿ : ./ 1 0 2 ﴾ ] النساء: ٢٤ [ لا تنكح المرأة على » : ، وهذا يعني إبطال مدلول حديث « عمتها(٣) ، مع أن الإجماع منعقد على الأخذ به، وكذلك يترتب عليه أن لا يحرم بالرضاع إلا الأمهات والأخوات فقط، لأنهن وحدهن المنصوص عليهن بالتحريم في سورة النساء، وهو أيضا ً يقتضي إسقاط الاستدلال بالأحاديث الدالة على أن كل ما يحرم بالنسب يحرم بالرضاع؛ مع انعقاد .( ١) رواه أبو داود في المراسل كتاب الجهاد باب ما جاء في الضحايا والذبائح رقم ( ٣٧٨ ) .١٦٩/ ٢) تفسير ابن كثير: ٢ )٣) رواه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، من طريق ) أبي هريرة، بطرق عدة وألفاظ مختلفة؛ ورواه الإمام الربيع بن حبيب في مسنده الجامع الصحيح، في كتاب النكاح، باب ( ٢٥ ) ما يجوز من النكاح وما لا يجوز، رقم الحديث ورواه كذلك ؛« لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها » : ٥١٧ )، بلفظ ) البخاري بهذا اللفظ في كتاب النكاح، باب لا تنكح المرأة على عمتها. الإجماع على الأخذ بها، ويستلزم أيضا ً رد كل ما جاءت به الأحاديث من تحريم الحمر الأهلية، وتحريم ذوات الناب من السباع والمخالب من الطير لعدم ذكرها في آيتي المائدة والأنعام ونظائرهما. بل يترتب عليه أيضا ً عدم الأخذ بما في آية المائدة من الزيادة التي لم تذكر في آية الأنعام، وهي تحريم المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، ويؤدي إلى الاسترسال في نقض كثير من الأدلة، وإنكار الكثير من الأحكام، كالرجم لعدم ذكره في سورة النور، وحرمة قذف المحصنين كقذف المحصنات ووجوب الحد عليهم، لأن ما في تلك السورة اقتصر على ذلك المحصنات وحدهن. هذا مع أن الأدلة التي عول عليها القائلون بحرمة ما لم يذكر اسم الله ّ عليه لا تحوم حولها ريبة ولا يدانيها لبس، فهي آيات محكمات واضحات وأحاديث صحيحة صريحة، وقد أجاد الإمام المودودي عندما قال بعد إنه لا يبقى أي مجال للشك بعد هذه الأحكام الواضحة » : ذكر طائفة منها الصريحة لله ورسوله في أن التسمية شرط لا بد من تحققه لحل الذبيحة، وأن كل حيوان يموت أو يقتل بدون أن يذكر اسم الله عليه هو حرام لا يحل أكله، ويا ليت شعري أي نوع من النصوص يجب أن يتوفر لثبوت حكم من الشريعة إذا كان هو لا يثبت بمثل هذه الآيات الواضحة والأحاديث « الصريحة(١) . وأما قوله تعالى: ﴿ °± ³ ² ´ μ ﴾، فهو لم يتعرض للتسمية سلبا ً ولا إيجاب الصريحة الدالة على اشتراطها؟ ودعوى أن أهل الكتاب لا يذكرون اسم الله على الذبح فارغة من كل دليل، لأنهم وإن . ١) أبو الأعلى المودودي، ذبائح أهل الكتاب، ص ١٧ ) شابوا اعتقادهم بوجود الله بما تراكم عليه من الضلالات التي حجبت نوره عن بصائرهم إلا أنهم لا ينكرون أنه خالق الوجود وباعث الرسل ومنزل الكتاب، فذكره معهود في أديانهم وشرائعهم، وما أبيحت ذبائحهم دون ذبائح المشركين إلا من أجل ما بقي عندهم من تعاليم الكتب التي بين أيديهم. لا يلزم من إباحة طعام أهل الكتاب إباحة أكل ما » : قال الحافظ ابن كثير لم يذكر اسم الله عليه، لأنهم يذكرون اسم الله على ذبائحهم وقرابينهم وهم متعبدون بذلك، ولهذا لم يبح ذبائح من عداهم من أهل الشرك ومن شابههم « لأنهم لا يذكرون اسم الله على ذبائحهم(١) . ُ وأما حديث عائشة # ، فقد أجيب عن استدلالهم به: بأن دلالته على منع ما لم يذكر اسم الله عليه أقوى وأوضح، فإن الذين سألوا رسول الله ژ عن هذا اللحم لم يكن الباعث على سؤالهم إلا ما استقر في أذهانهم وتعورف عليه فيما بينهم من أن التذكية تتوقف على ذكر اسم الله، وبدونه لا يكون الحيوان مذكى حلالا، ً وإنما كانت المبادرة إلى سؤالهم هذا بسبب ما اختلج في نفوسهم من الشك في حصول هذا الشرط من الأعراب الذين أسلموا من جديد، وقد أجابهم ا لنبي ژ بما يقطع دابر الشك ويجتث جذور الوسوسة، ومفاد جوابه أن أعمال المسلمين ولو دخلوا في هذا الدين من عهد قريب محمولة على أنها وفق شريعته، فلا داعي إلى الارتياب فيها والتوقف عن الاعتداد بها، وهو معنى أمره ژ لهم أن يسموا ويأكلوا(٢) . .٢٠ ،١٩/ ١) تفسير القرآن العظيم: ٢ )٦٣٥ ؛ أبو الأعلى / ٢١٣ ؛ ابن حجر، فتح الباري: ٩ / ٢) انظر عبد البر، الاستذكار: ١٥ ) . المودودي، ذبائح أهل الكتاب، ص ١٩ ويستفاد منه أنه ما يوجد في أسواق المسلمين » : قال الحافظ ابن حجر محمول على الصحة، وكذا ما ذبحه أعراب المسلمين لأن الغالب أنهم عرفوا « التسمية(١) ومن الظاهر كذلك أن اللحم الذي » : ، وقال الإمام المودودي يوجد في أسواق المسلمين في القرى والمدن أنى لكل واحد منا أن يمعن في التحقيق ويتبين عنه بكل دقة واستبصار أنه ذبح من الحيوان الحلال، وأنه قد روعي في ذبحه كل ما لتذكيته من الشروط، وأنه قد ذبحه رجل قديم العهد بالإسلام، وأن هذا الذابح كان عارفا ً بقواعد الشريعة للذبح؟ «؟ ومتى كلفتنا الشريعة بمثل هذا ا لتحقيق(٢) . وأما حديث الصلت السدوسي فلا حجة فيه لأنه مرسل ولا يمكن أن يعتضد بما رواه الدارقطني عن ابن عباس وإن قال به ابن كثير لأنه أيضا ً ليس بحجة فإنه موقوف عليه، والحجة إنما هي في ا لمرفوع. وأما القول الرابع وهو أن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه مكروه فيبدو أن من قاله حمل النهي في القرآن والسنة على الكراهة دون التحريم وهو بعيد، فإن الأصل في النهي أن يكون للتحريم، ولا يحمل على غيره إلا بدليل، ولا دليل على ذلك بل الدليل على خلافه، كيف وقد اقترن في النص القرآني بوصف المنهي عنه أنه فسق؟ وقد سبق أن القول الخامس لا يعدو أن يكون الخلاف بينه وبين القول الثالث لفظيا ً ، ويتبعه في الاستدلال والإيراد. وأما القول السادس الذي ذهب إليه ابن العربي وتابعه عليه القرطبي وهو الذي يفصل أحكام المسألة بحسب اختلاف صورها، فيذهب إلى الإباحة ّ .٦٣٥/ ١) فتح الباري: ٩ ). ٢) ذبائح أهل الكتاب، ص ٢٠ ) فيما إذا كان الترك من أجل اكتفاء الذابح باسم الله الذي يملأ جوانب قلبه وإن لم يفض ذكره على لسانه، أو من أجل أنه يرى التسمية لا تتناسب مع فعله لأنه ليس بقربة وهي أولى بها القرب، ويذهب إلى المنع إن كان الترك بباعث الاستخفاف باسم الله فإن ا نرى أن نعرض هذا القول على كلام ابن العربي نفسه، فالصورة الأولى وهي ما إذا كان ترك التسمية من أجل ما في القلب من أسماء الله قد تعرض لها ابن العربي نفسه عندما قال: (فإن قيل: المراد بذكر اسم الله بالقلب لأن الذكر يضاد النسيان، ومحل النسيان القلب  فمحل الذكر القلب، وقد روى ا لبراء بن عازب وغيره عن ا لنبي ژ : اسم الله » ولهذا تجزئه الذبيحة إن نسي التسمية ،« على قلب كل مسلم سمى أو لم يسم تعويلا ً على ما في قلبه من اسم الله سبحانه، قلنا: الذكر يكون باللسان ويكون بالقلب والذي كانت العرب تفعله تسمية الأصنام والنصب باللسان، فنسخ الله ذلك بذكر الله في الألسنة واستمر ذلك في الشريعة، حتى قيل لمالك: هل يسمي الله إذا توضأ؟ فقال: أيريد أن يذبح؟ إشارة إلى أن موضع التسمية وموضوعها إنما هو في الذبائح لا في الطهارة، وأما الحديث الذي تعلقوا به فحديث ضعيف لا تلتفوا إليه « اسم الله على قلب كل مؤمن » : في قوله (١) . هذا نص كلامه وهو صريح في أن الذكر المطلوب الذي يتوقف عليه حل الأكل لا بد من أن يكون باللسان، ولا يكتفي بما في القلب وحده، وهذا هو الذي يتفق مع نسق التشريع وتقتضيه سنن التعبد، فإن الله تعالى يصف القرآن بقوله: ﴿ cd e f g h i j k ﴾ ] العنكبوت: ٤٩ [ ، وقد فرض على عباده أن يقرؤوه بألسنتهم في صلاتهم ولا يكتفي من أحد إن قال: إن القرآن الكريم كله في قرارة نفسي وملء ذاكرتي، فلا داعي أن أقرأ شيئا ً منه في صلاتي. ولا تكون صلاته بذلك صحيحة بالإجماع. .٧٥٠/ ١) أحكام القرآن: ٢ ) وأما الصورة الثانية التي أسقط فيها اشتراط الذكر لحل المذبوح وهي أن  يقول الذابح: إن الذبح ليس قربة فلا داعي إلى ذكر اسم الله عليه، فنعرضها أيضا ً وهذه » : على كلامه بنفسه، فقد قال بعد ذكره لأدلة وجوب التسمية أدلة ظاهرة غالبة عالية وذلك من أظهر الأدلة وأعجب لرأس المحققين إمام الحرمين يقول في معارضته هذا: وذكر الله إنما شرع في ا لق ُ رب، والذبح ليس بقربة، قلنا: هذا فاسد من ثلاثة أوجه: أحدها: أنه يعارض القرآن والسنة كما قلنا. الثاني: أن ذكر الله مشروع في كل حركة وسكنة حتى في خطبة النكاح، وإنما تختلف درجاته بالوجوب والاستحباب. الثالث: أن الذبيحة قربة بدليل افتقارها إلى النية عندنا وعندك، وقد قال الله تعالى: ﴿ ¶ ¹ ¸ º » ¼ ½ ¾ ¿ À ﴾ ] الحج: ٣٧ [ (١) . ولئن كان مأخذ الذابح التارك لاسم الله هنا نظرة يعارضها القرآن والسنة وهما أصلا التشريع كما يفيده كلام ابن العربي بل ويعارضها الأصل الثالث وهو الإجماع، كما سبق نقله عن الإمامين النووي والحافظ ابن حجر، فما هو الأولى؟ هل هو ترك ما دلت عليه أصول الشريعة، والأخذ بما أفرزته أوهام البشر، وإقرار أخطائهم المعارضة لما دلت عليه الدلائل القطعية؟ أو أن الأولى أن يقتفى نهج الشريعة المتمثل في المتاب والسنة والإجماع، وترد إليها أخطاء الناس فتحكم فيها؟ مع أن الله تعالى يقول: ﴿ Ø × Ö Õ Ô Ó Ò ä ã â á àß Þ Ý Ü Û Ú Ù ﴾ ] النساء: ٥٩ [. .٧٥٠ ،٧٤٩/ ١) أحكام القرآن: ٢ ) :QÉàîªdG …CGôdG   إن الذي استقر في ذهني بعد استعراض هذه الأقوال وأدلتها وما يتوجه إلى كل منها من إيراد ودفع أن من تجرد في هذه المسألة من جميع العوامل النفسية، وأسلس القياد للدليل وحده لا يرتاب في أن القول الأول هو أصح هذه الأوقال وأعدلها وأبينها حجة وأوضحها محجة، ولو لم يكن عليه من دليل إلا قوله تعالى: ﴿ P Q R S T U V W X Y ﴾ لكفى، كيف والأدلة تكتنفه من كل جانب. أما ما تشبث به معارضوه من أن الآية مقيدة بجملة حالية وهي قوله: ﴿ Y X ﴾، فيجري حكمها في قيدها، ويحمل على ما أهل ُ به لغير الله، لأنه المنصوص عليه أنه فسق في العديد من الآيات؛ فهو تشبث بما  لا طائل تحته، لأنه مبني على أن جملة ﴿ XY ﴾ حال؛ وهو متعذر لأمرين: تأكيدها بإن واللام(١) ، والعطف عليها بما يتعذر حمله على الحال في قوله تعالى: ﴿ [\ ] ^ _ ` c b a de ﴾ ] الأنعام: ١٢١ [ ، فإن كل ذي ذوق ليدرك أنه لا معنى لتقييد النهي بحال وحي الشياطين إلى أوليائهم بمجادلة المؤمنين في هذا الحكم، والعطف بين الجمل يفيد اشتراكها في حكمها، فإن كانت الجملة المعطوف ١) راجع بعض طلبة العلم الباحث من حيث إن الجملة الحالية قد تقترن بالتأكيد بإن واللام ) كما في قوله تعالى: ﴿ ] ^ _ ` g f e d c b a ﴾ فإنه لا يرتاب في أن قوله: ﴿ cd e f g ﴾ حال، فأجابهم: بأن ذلك إنما هو في الحال الذي يقيد جملة خبرية كما في آية الأنفال، لأن التأكيد في مثل هذا يفيد تأكيد الخبر نفسه، وذلك بخلاف ما نحن بصدده كما في آية الأنعام، لأن قوله تعالى: ﴿ kl ﴾ إنشاء فلا يحتاج الحال بعده إلى تأكيد إذ لا أثر لتأكيده على تأكيد الإنشاء (سماحة ا لمفتي). عليها حالا ً فلا بد أن تكون المعطوفة مثلها وتفيد ما تفيده من التقييد، على أن ما ذكروه أمر لا يلتفت إليه الذهن بنفسه عند تلاوة هذه الآية كما يقول الإمام المودودي : إلا إن وطد الإنسان نفسه مقدما » ً على استحلال ذبيحة ٍ « لم يذكر عليها اسم الله، فإنه عندئذ يتكلف خلع هذا المعنى على ا لآية(١) . ولم يكن منشأ هذا التأويل البعيد إلا ما فهموه من منع العطف بين جملتين لم تتفقا في الخبرية والإنشائية، وهو أساس متداع ٍ فإنه وإن قال جماعة من النحويين بالمنع من هذا العطف منقوض بالشواهد الكثيرة التي تفيد الجواز، وإن تأول المانعون بعضها فإن غالبها يستعصي على التأويل، منها قوله تعالى: ﴿ ² ± ° ¯ ® ´³ µ ¶ ¸ º¹ »¼ ½ ¾ ﴾ ] البقرة: ١٢٥ [ ، فإن ﴿ ¨ ﴾ إنشاء معطوف على ﴿ ¯ ﴾، وهو خبر وعطف عليه خبر آخر وهو ﴿ 6 ﴾، ومنه قوله تعالى: ﴿ MLKJIHGFEDCB S R Q P ON X W V UT [ Z Y \ ﴾ ] البقرة: ٢٢١ [ ، وهو كما يظهر للجميع تضمن إنشاءين وخبرين، فقد عطفت ٍ ولأمة » جملة ٌ مؤمنة خير من مشركة « ولا تنكحوا » وهي خبر على جملة ٌ « ولا تنكحوا المشركين » وهي إنشاء، ثم عطف عليها جملة « المشركات ٍ ولعبد » وهي إنشاء، ثم جملة ٌ مؤمن ٌ خير من مشرك « وهي خبر؛ ومثله قوله ٌ تعالى: ﴿ onmlkjihg ﴾ ] النور: ٤ [ ، فإن اختلاف الجملتين في ذلك واضح، وكذلك قوله تعالى: ﴿ Ê ÌË Í Î ﴾ ] البقرة: ٢٨٢ [ ، وبهذا الذي قلناه قال جماعة من محققي النحويين، فقد ذكر الحافظ ابن حجر بأن سيبويه ومن تبعه من المحققين يجيزون ذلك . ١) ذبائح أهل الكتاب، ص ٢٢ ) ولهم شواهد كثيرة(١) ، ونسب الإمام محمد الطاهر ابن عاشور القول بالجواز إلى ا لمحققين(٢) ، وممن قال به الإمام المفسر النحوي أبو حيان(٣) . وحمل عليه عطف قوله تعالى: ﴿ !" # $ % ﴾ ] البقرة: ٢٥ [ على قوله: ﴿ ÕÖ ﴾ ] البقرة: ٢٤ [ ، واستشهد له بقول امرىء القيس: وإن شفائي عبرة إن سفحتها وهل عند رسم دارس من معول ّ وقول ا لشاعر: تناغي غزالا ً عند باب ابن عامر وكحل مآقيك الحسان بإثمد « المغني » وعزا ابن هشام في(٤) « الهمع » والسيوطي في(٥) إجازته إلى الصفار تلميذ ابن عصفور وجماعة، وأن الصفار استدل له بقول ا لشاعر: وقائلة خولان فانكح فتاتهم وأكرومة الحيين خلو كما هيا وأما دعوى أن الآية في الميتة تعويلا ً على حديث ابن عباس فهي مبنية على الأحذ بخصوص السبب وإلغاء ما يدل عليه عموم اللفظ من شمول الحكم لما هو خارج سببه، وذلك مخالف لما استقر عليه جمهور الأصوليين والفقهاء من أنه لا عبرة بخصوص السبب مع عموم اللفظ، وفي هذا ما يكفي لإسقاط هذه الدعوى فضلا ً عن كون الرواية نفسها غير صحيحة، وذلك من وجوه: .٦٢٤/ ١) فتح الباري: ٩ ) .٤١/ ٢) التحرير والتنوير: ٨ ) .١١١/ ٣) البحر المحيط: ١ ) .٤٨٨/ ٤) ابن هشام، مغني اللبيب: ٢ ) .١٤٠/ ٥) السيوطي، همع الهوامع شرح جمع الجوامع: ٢ ) أحدها: أن اليهود لا تستحل الميتة حتى تجادل فيها. الثاني: أن الآية في سورة الأنعام وهي مكية، والمجادلة بين المسلمين واليهود إنما كانت بالمدينة بعد ا لهجرة. الثالث: أن روايات أخرى دلت على أن الذين جادلوا من غير اليهود، فقد أخرج الطبراني من طريق عكرمة عن ابن عباس ^ ، قال: لما نزلت ﴿ PQ R S T U V W ﴾ ] الأنعام: ١٢١ [ ، أرسلت فارس إلى قريش أن خاصموا محمدا ً وقولوا له: فما تذبح أنت بيدك فهو حلال وما ذبح ا لله 8 بشمشير(١) من ذهب فهو حرام؟ فنزلت الآية: ﴿ \[ ]^ _ ` e d c b a ﴾(٢) وهذه الرواية تدل على أن ما نزل بسبب المجادلة هو آخر الآية، وأن أولها المفيد للمنع نزل قبلها؛ على أن هذه القصة نفسها بعيدة أيضا ً ، فإن القرآن الكريم إبان نزوله بمكة المكرمة لم يكن صيته يصل إلى بلاد فارس حتى يزعجهم فيكتبوا إلى « أتى أناس » قريش بهذه المجادلة. وروى الترمذي بلفظ(٣) ولم يذكر أنهم من اليهود، وكذلك رواه ابن جرير من طرق عن ابن عباس من غير ذكر لليهود، وما من شك في أنه مع مثل هذا الاضطراب تكون الرواية واهية ا لحجة. وأما ما عول عليه أصحاب القول الثاني وهم الذين فرقوا بين حالتي العمد والنسيان في إسقاط حكم المنع عما إذا كان ترك الذكر نسيانا ً من وبأن الناسي لا يفسق « رفع عن أمتي الخطأ والنسيان » الاستدلال بحديث فمدفوع بأن الآية ما جاءت بصيغة النهي عن الذبح « وإنه لفسق » حتى يقال ١) أسم سيف في بلاد فارس. ) .( ٢) رواه الطبراني في المعجم الكبير رقم ( ١١٦١٤ ) .( ٣) رواه الترمذي في كتاب تفسير القرآن باب ومن سورة الأنعام رقم ( ٣٠٦٩ ) بدون ذكر اسم الله، بل جاءت بصيغة النهي عن الأكل مما لم يذكر عليه اسم الله، فإن استيقن أحد أن لحما ً ما ذبح ولم يذكر عليه اسم الله عمدا ً أو نسيانا ً فأقدم على أكله فإنما يقدم على مخالفة نهي عن عمد فيصدق عليه أنه مرتكب لمنهي عنه؛ نعم لو وجد هذا اللحم بيد من تجوز ذبيحته شرعا ً ولم يكن يعلم أن ذابحه لم يذكر اسم الله عليه فلن يكون عليه حرج إن ِ أكله ا ستصحابا ً لأصل ا لحل فيه، ولا يصدق عليه في هذه الحالة أنه مرتكب لمنهي عنه. ومن أمعن نظره في هذه الآيات وغيرها وفي الأحاديث الصحيحة التي  ذكرنا جانبا ً منها لم يخف عليه أن ذكر اسم الله شرط لصحة الذكاة التي يترتب عليها حل اللحم، والشرط لا يسقطه النسيان لأنه يلزم من عدمه العدم، فهو من خطاب الوضع الذي لا يلتفت فيه إلى عمد أو خطأ أو ذكر أو نسيان، أرأيتم الصلاة وشروطها كالطهارة؟ فإنه لو نسي أحد شيئا ً منها وصلى لم تكن صلاته صحيحة، اللهم إلا أن استمر على نسيانه فإن الناسي معذور، لكنه لو قام إلى صلاته وهو متلبس بحدث أصغر أو أكبر فتذكر قبل دخوله فيها لم يكن له أن يدخل وهو بتلك الحالة، أو بعد الدخول لم يكن له أن يستمر على صلاته، فإن خالف كان مؤاخذا ً بعمده لأنه مضيع لفرضه. وليس اشتراط التسمية عند التذكية إلا لحكمة بالغة يجب أن لا تعزب عن المسلم، فإن الحيوان المذكى كائن ذو روح يحب الحياة والراحة ويكره الموت والألم بطبعه، والإقدام على ذبحه إزهاق لروحه وتنغيص لراحته وتفويت لحياته وما له فيها من متع، فلو لم يأذن به الله خالقه ومالكه لكان عدوانا ً وأي عدوان، إلا أن الله سبحانه الذي له الخلق والأمر، والذي جعل الإنسان خليفة في الأرض وسخر له ما سخر من منافعها ومنافع ما فيها أباح له هذا التصرف فأصبح أمرا ً مشروعا ً عندما يأتيه الإنسان من بابه ويقدم عليه بإذن من ربه، وليس هذا الذكر المشروع إلا إعلانا ً منه بأنه ما كان صنيعه هذا ا تباعا ً لهواه وعدوانا ً على ما خلق الله سبحانه وإنما هو استجابة لداعي الله تعالى الذي يحثه على الانتفاع بالطيبات ويمنعه من تحريمها على نفسه، فالذكر إذا ً هو الذي يضفي على عمله هذا صفة الشرعية ويصبغه بصيغة التعبد وينأى به عن تبعات الظلم والتعدي ويرفعه إلى درجات القربات، من صلى » : وحسبكم أن الذبح قرنه النبي ژ بالصلاة والقبلة عندما قال « صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو مسلم(١) ، فلا غرو مع ذلك كله أن أغلظ القرآن حكم ترك التسمية على هذا الأمر التعبدي فزجر عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه إلى حد إعلان أنه فسق، لأنه بلا ريب خروج عن طاعة ُ من له الطاعة، والفسق أصلا ً هو ا لخروج. أما استدلال الذين فرقوا بين حكم العمد والنسيان بحديث ابن عباس ^ : المسلم يكفيه اسمه إن نسي أن يسمي الله حين يذبح، فليذكر » فجوابه ما قاله الحافظ ابن كثير: من أن رفع هذا الحديث « اسم الله وليأكله خطأ أخطأ فيه مغفل بن عبيد الله الجزري، فقد أخرجه سعيد بن منصور من رواية عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن عكرمة عن ابن عباس من قوله(٢) ، ولئن ثبت أنه من قول ابن عباس فهو موقوف، والحجة إنما هي في المرفوع دونه، وأما حمل النهي في الآية الكريمة على الكراهة فهو كحمل أحاديث اشتراط التسمية لجواز الأكل على الاستحباب والندب، كل منهما مخالف للأصل بلا دليل، فإن الأصل في النهي التحريم، وفي الأمر الوجوب، إلا مع .( ١) رواه البخاري في كتاب الصلاة، باب فضل استقبال القبلة رقم ( ٣٨٤ ) .٧٣/ ٢) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم: ٢ ) قيام دلالة مقبولة شرعا ً على صرفهما عن أصلهما، والأدلة هنا كلها شاهدة على بقاء الأصل كما هو فلا مفر من الأخذ به. هذا وقد ذكر الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي أنه ذهب بعض العلماء إلى أن ذكر اسم الله لا بد منه ولكنه ليس من اللازم أن يكون ذلك عند الذبح بل يجزى عنه أن يذكره عند الأكل، فإنه إذا سمى عند الأكل على ما يأكله لم يكن آكلا ً ما لم يذكر اسم الله عليه(١) ، وذكر استدلال أصحاب هذا القول بحديث عائشة # ، أن الناس سألوا رسول الله ژ عن اللحم الذي يأتيهم ولا يدرون أذ ُ كر اسم الله عليه أم لا؛ فأمرهم ا لنبي ژ أن يسموا الله هم ويأكلوا. ُّ وقد سبق بيان المحمل الصحيح لهذا الحديث فلا داعي إلى إعادة القول فيه، ولم يبين الشيخ القرضاوي أ حدا ً من هؤلاء العلماء الذين ذهبوا هذا ا لمذهب. وقد كان استقر في نفسي منذ عقود من السنين أن هذا هو رأي الإمام ابن عبد البر، وذلك بسبب قراءتي لما نقله عنه الإمام القرطبي في تفسيره، إلا أني بعد اطلاعي على نص ما قاله ابن عبد البر في الاستذكار والمقارنة بينه وبين ما نقله عنه القرطبي اتضح لي أن القرطبي لم ينقل عبارته كاملة وإنما اقتضبها، فلذلك يتوه ّ م من اطلع على النقل أن ابن عبد البر يرى حمل مشروعية التسمية في الآية على حالة الأكل دون الذبح مع أن عبارة إنما قال لهم » : ابن عبد البر صريحة بخلاف ذلك، ومما جاء في كلامه رسول الله ژ ذلك ليعلمهم أن المسلم لا يظن به ترك التسمية على ذبيحته، ُ ولا يظن به إلا الخير، وأمره محمول على ذلك ما خفي أمره حتى يستبين ُ « فيه غيره(٢) ، وهذا هو الذي نقله أيضا ً الحافظ ابن حجر عنه في ا لفتح(٣) . . ١) الحلال والحرام في الإسلام، ص ٥٣ ) .٢١٤/ ٢) الاستذكار: ١٥ ) .٦٣٦/ ٣) فتح الباري: ٩ ) وقد اتضح من هذا التأويل الصحيح للحديث أن التسمية المطلوبة فيه عند الأمل غير التسمية المطلوبة عند التذكية بقوله تعالى: ﴿ RQP S T U V W ﴾ ونحوه، وهو مما يتبادر للذهن من أول لحظة، فإنه من المعلوم أن قوله: ﴿ ½ ¾ ﴾ نهي، والنهي حكمه مستقبلي إذ ﴿ ½ ﴾ الناهية تخلص المضارع للاستقبال، وقوله: ﴿ ST ﴾ نفي للذكر فيما مضى الجازمة، « لم » فإن المضارع تنصرف دلالته إلى الماضي عندما تدخل عليه ومثله قوله تعالى: ﴿ ÌÍ Î Ï Ð Ñ ﴾ فإنه أمر بالأكل ودلالة الأمر  مستقبلية، وقوله: ﴿ Ð Ï Î ﴾ دال على أن الذكر واقع بالمأمور بأكله قبل حالة الأكل، ولا حالة أنسب بذلك من حالة التذكية، وقد نص عليها القرآن في قوله 8 : ﴿ ے ¤£¢¡ ﴾، ونصت عليها الأحاديث التي ناطت إباحة الأكل بوقوع التسمية عند الذبح والصيد. á«Yô°ûdG á«còàdG ø«H ¥ôØdG »a á∏ªμJ ìhôdG ¥ÉgREG »a áãjóëdG ¥ô£dGh إن المقارنة بين هذه التذكية المشروعة وبين ما يجري في بلاد الغرب أو الشرق من إزهاق روح الحيوان بالطرق القديمة أو الحديثة متعذرة لبعد ما بينهما، فإن الحق والباطل لا يلزان في قرن، وشتان بين ما كان تعبدا ً ربانيا ً وما كان عادة بشرية مستمدة من إيحاءات نفوس شيطانية وأفكار ِ مأفونة (١)وفطر منحرفة عن سواء السبيل، على أن تلك الطرق التي يتبعونها في ذلك لا تزال امتدادا ً للتقاليد الوثنية التي كانت متبعة في عهود الرومان قبل اعتناق الإمبراطور قسطنطين للنصرانية(٢) . ولئن كانت تطورت شكليا ً بتطور وسائلها الحديثة فإن آثارها واحدة، فقد كانوا يستخدمون البلطة والمطرقة والمرزبة لتهشيم رأس الحيوان قبل ذبحه، وكثيرا ً ما يؤدي به ذلك إلى الموت من غير ذبح، كما كانوا يستخدمون المنفاخ الآلي بعد خرق حائط صدر الحيوان بين الضلعين الرابع والخامس إلى أن يختنق الحيوان بضغط الهواء على الرئتين؛ ولم يتركوا هذه الطرق إلا إلى مثيلاتها كاستعمال مسدس الطلقة المسترجعة وذلك بتوجيه طلقة إلى جمجمة الحيوان ونسيج مخه من أجل تدويخه، وهو مما قد يؤدي إلى موت الحيوان قبل الذبح، وقد لا يصلون بذلك إلى غرضهم من إفقاد الحيوان إحساسه فيستعينون بإدخال سلك فولاذي عدة مرات في الثقب الذي أحدثه المسدس في الجمجمة؛ أو استخدام التدويخ الكهربائي الذي شاع في دول ١) أي ضعيفة، والمأفون هو ضعيف العقل والرأي (كتاب لسان العرب: مادة أفن). )٢) العبادي، الذبائح في الشريعة الإسلامية، ص ٦٤ ؛ محمد بن عبد الغفار الشريف، الأطعمة ) . المستوردة، ص ٦٤ متعددة ونص عليه القانون البريطاني في عام ١٩٥٨ م، أو التخدير بثاني أكسيد  الكربون، وهي طريقة تعود أولى تجاربها إلى عام ١٩٠٤ م، إلا أن إدخالها في عالم صناعة اللحوم تمت في عام ١٩٥٠ م، في أحد مصانع اللحوم المحلية بأمريكا، ثم انتقلت إلى الدانمارك، ثم شملت معظم الدول ا لأوروبية. وهذه الطرق كلها بعيدة عن الذكاة الشرعية وما فيها من خصائص الرحمة والرفق والشعور بالمسؤولية أمام الله، ولا حاجة بنا في هذه العجالة إلى بحث ما في استخدام الطرق القديمة من مضار وإنما يكفينا أن نلم إلمامة خاطفة بالطرق ا لمستحدثة. فأولاها: وهي طريقة استخدام مسدس الطلقة المسترجعة، فتنتج عنها حالة باللحم تسمى بالتبقع الدموي، وهي نقط نزيفية أوبقع أو خطوط في أجزاء مختلفة من أعضاء ا لذبيحة. أما الطريقة الثانية: وهي التدويخ الكهربائي، فإن عدم الدقة والإتقان في استخدامها يؤدي إلى نتيجة سلبية حتما ً ، فعندما ينخفض التيار ي َش ُ ل الحيوان شل َلا ً تاما ً مع بقاء وعيه، وتسمى هذه بالصدمة الضائعة، وعندما يزداد التيار يصاب الحيوان بالسكتة القلبية القاتلة، وقد ع ُ دل عن استخدام هذه الطريقة في الطيور والدواجن منذ عام ١٩٧٠ م بإمرارها في حمام مائي مكهرب ليجتمع لها الغرق والصعق؛ على أن التدويخ الكهربائي في جميع أحواله يؤدي إلى إسراع التعفن في ا للحم. قال الدكتور عبد الله عبد الرحيم العبادي: إن دارسي علم وظائف الأعضاء يقدرون أن الذبح يحدث صدمة نزيفية بها يجتذب كل الدم « الفسيولوجي »السائل إلى دورة الدم ويهرب من خلال العروق المقطوعة، بينما يحدث العكس عندما ت ُ دوخ الحيوانات أولا، ً فالتدويخ بالإضافة إلى كونه مؤلما ً فهو طريقة أقل كفاية من النزيف (الإدماء)، ففي التدويخ لا يمكن إدماء الحيوان إذا لم يوضع تحت التحكم، وفي ذلك الحين يمكن أن يكون الحيوان ميتا ً (توقف قلبه بسبب الصدمة) ولا يكون جدوى من نزيف حينئذ؛ ٍ والتدويخ قد يكون أكثر رفقا ً من طرق القتل الجماعي التي وجدت في الماضي في الغرب ُ لكنه ليس أكثر رفقا ً من الذبح، ففي الذبح ينتج نزيف شديد مع أول قطع، وفائدته أن الحيوان ينزف منذ أول قطع حتى يتوقف قلبه، وبالتدويخ يطول وقت النزيف وأحيانا ً عدم وجود وقت للنزيف، فإن التدويخ قبل النزيف له عيب هو أن يحدث صدمة عصبية، وهي حالة يغادر فيها الدم ا لدورة(١) . ُ وقال أيضا ً : والحقيقة التي لا يمكن إنكارها والتي نخرج بها من تاريخ المدوخات الآلية هي أنه بعد أكثر من نصف قرن من التجارب لا يوجد مدوخ واحد استخدامه مأمون(٢) . وأما الطريقة الثالثة: وهي التخدير بثاني أكسيد الكربون، فمن أشهر عيوبها أنها تؤدي إلى سرعة فساد اللحم، كما قد تؤدي إلى اختناق الحيوان   وموته لعدم التحكم في كمية ا لغاز. هذا ومن المعلوم أن الذبح بالآلات الكهربائية يفتقد فيه عنصر التعبد ّ اللازم في الذكاة الشرعية؛ لأنه يؤدي إلى حصد ما لا يحصر من الحيوانات بطريقة آلية من غير أن يكون لأحد توجه بالقصد إلى تذكية شيء منها بعينه، ّ وقد عرفنا مما تقدم أن الذكاة الشرعية تتوقف على ا لنية. هذا ويتميز الذبح في الإسلام بالعديد من ا لمزايا: ١ أنه طريقة لإدماء الحيوان، فهو أقل ألما ً وأشبه بإدماء المتبرع بالدم: . ١) الذبائح في الشريعة الإسلامية، ص ٦٦ ). ٢) المرجع السابق، ص ٦٩ ) بعكس غيره فإن الحيوان يدمى حتى ا لموت. ٢ أنه يؤدي إلى سرعة موت الحيوان ويعجل بإخراج روحه نتيجة النزيف الشديد الناتج عن فري ا لأوداج. ٣ أنه أشبه بالتخدير، أي حالة إفقاد الشعور بالألم، بخلاف التدويخ إفقاد الوعي بضربة أو صدمة وهو الشكل البدائي الذي تخل ّ ى عنه الإنسان منذ سنين. ٍ ٤ أنه طريقة صحية إنسانية تمد ّ نا بلحم خال من الدم؛ فهو صحي ولذيذ(١) . ١) ي ) ُ راجع في هذا بتوس ّ ص ٦٤ « الذبائح في الشريعة الإسلامية » ع ما كتبه د. العبادي في كتابه ٧٠ ؛ وما كتبه موثقا ً بالصور الأستاذ محمد بن عبد الغفار الشريف في رسالته (الأطعمة . المستوردة: طبيعتها حكمها حل مشكلاتها)، ص ٦٤ ٦٧ »fÉãdG QƒëªdG ¬ªëd πcCG q πM ɪe ¬ëHGP ΩÓ°SEG π¡L Ée ºμM لا يخلو المجتمع الذي ت ُ جهل فيه هوية ذابح اللحم، إما أن يكون مجتمعا ً إسلاميا ً أو كتابيا ً أو يكون مجتمعا ً آخر كالمجتمعات الإلحادية والوثنية، فإن كان من النوع الأخير فالتحريم فيه ظاهر؛ لأنه مجتمع ليس له دين ت ُ ستباح به ذبيحته، وإن وجد في أوساطه مسلم أو كتابي فهو كالشاذ الذي لا يعتد به ما لم يتيقن أنه هو الذي تول ّ ى ا لتذكية. ُُ ِ إسلاميا ّ ُ وإن كان مجتمعا ً  ً فإن الأصل فيما يوجد بينه ا لحل ما لم يشتبه في حرمته، والأصل في ذلك ما أخرجه البخاري من حديث عائشة # :  أن قوما ً قالوا للنبي ژ : إن قوما ً يأتوننا بلحم لا ندري أذ ُ كر اسم الله عليه وقد سبق نقل ما قاله الحافظ ابن حجر أنه ،« سموا وكلوا » : أم لا؟ فقال ّ يستفاد منه أن كل ما يوجد في أسواق المسلمين محمول على ا لصحة(١) ، وإليه يومي كلام الحافظ ابن عبد البر، وقد تقدم، ونص عليه كثيرون ومنهم ّ الإمام المودودي الذي سبق نقل كلامه. ومثله حكم المجتمع الكتابي المحافظ الذي لم ينغمس في الإباحية والإلحاد، كما يدل عليه حديث عبد الله بن مغفل ƒ ، عند الشيخين قال: دلي جراب من شحم من قصر خيبر فدنوت لآخذه، فإذا رسول الله ژ يبتسم إلي، فإنه بالقطع لم يكن معلوما ً عين من ذبحه، ولكن بما أنه بين ّ اليهود الكتابيين ع ُ د في حكم ما ذبحه أهل الكتاب، وفي هذا تيسير للناس إذ الحكم إنما هو للأكثر الغالب؛ ولكن الإمام النووي نص على خلافه، ّ .٦٣٥/ ١) فتح الباري: ٩ ) ِ لو وجدنا شاة مذبوحة ولم ندر من ذبحها، فإن كان في بلد » : حيث قال فيه من لا تحل ذكاته كالمجوس، لم تحل سواء تمحضوا أو كانوا مختلطين َ بالمسلمين؛ للشك في الذماة المبيحة والأصل التحريم، وإن لم يكن فيه « ت(١) أحد منهم حل ّ . ويستفاد منه أن وجود واحد من هذا الصنف في مجتمع أغلبه مسلمون ٍ أو كتابيون كاف في تحريم ما لم يعرف ذابحه، ولا يخفى ما فيه من ُ التشديد، وهو يؤدي إلى حرج عظيم، وإن كان مبنيا ً على الأصل وهو حرمة اللحوم ما لم تثبت تذكيتها إلا أن هذا الأصل مدفوع بأصل آخر، وهو أن ما وجد في بلاد الإسلام محمول على موافقة الشريعة ا لإسلامية. ُ على أن الأخذ بما ذهب إليه النووي يؤدي إلى تحريم أن يتزوج أحد في بلد له فيها محارم مجهولة بالنسب أو الصهر أو الرضاع، ما لم يتيق ّ ن أن التي تزوجها ليست من محارمه، فإن الأبضاع الأصل فيها الحرمة ما لم ِ يثبت حل ّ ها؛ إلا أننا نجد من العلماء من نص على أن جهل النسب لا يؤدي ّ إلى حرمة الزواج ما لم يتبين موجبها(٢) ، وهو الأيسر والأرفق بالناس. ّ ٨٠ ؛ ويقرب منه ما في حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل: / ١) المجموع: ٩ ) ١٠ ، ط دار الفكر، إلا أنه حمل ذلك على ا لورع. ،٩/٣ . ٢) السالمي، مشارق الأنوار، ص ١٢٠ ١٢١ ) ådÉãdG QƒëªdG IOQƒà°ùªdG Ωƒë∏dG ºμM لا يخلو اللحم المستورد إما أن يستورد من بلاد الإسلام أو غيرها، فإن ِ كان استيراده من بلاد الإسلام، فلا شبهة في حل ّ ه لأن الأصل فيما كان عند ِ المسلم الحل، وأعمالهم محمولة على موافقة الشريعة إلا إن ثبت خلافها، وهذا هو عين ما دل ّ عليه حديث عائشة # السالف الذكر في ذبائح الأعراب، وإن كان استيراده من غير بلاد الإسلام فإن كان من بلاد غير كتابية كبلدان الهندوس والملاحدة وسائر الوثنيين؛ فلا خلاف في أن حكمه الحرمة، لأنه معدود في ذبائحهم المحرمة فهو ميتة قطعا ً ، وإن كان من بلاد كتابية وعرف أن الذبح من قبل أهل الكتاب أنفسهم مع محافظتهم على طرق الذكاة الشرعية، وكان من لحوم البهائم ا لمحل ّ لة فهو أيضا ً حلال، لأنه داخل في طعام أهل الكتاب الذي أحل ّ ه الله لنا. أما إن كان القطر الذي است ُ ورد منه اللحم يرفع شعار الانتساب إلى أهل الكتاب من أجل مصلحة سياسية، أو أغراض دنيوية مع انغماسه في الإباحية والإلحاد بسبب تلاشي العقيدة الدينية في نفوس أبنائه، كما هوالشأن في بلاد الغرب اليوم؛ فالواجب تمحيص مسألة اللحوم المستوردة منه والوقوف عندها طويلا ً من أجل استظهار الحق، ويزيد ذلك تأكيدا ً ما عرف عنهم من أنهم يت ّ بعون في الذبائح طرقا ً غير مشروعة في الدين، بل هي أقرب إلى أن تكون قتلا ً للحيوان. وإذا جئنا إلى ما قاله العلماء المعاصرون نجدهم في ذلك مختلفين إلى ثلاثة ا تجاهات: الاتجاه ا لأول: اتجاه من أباح أكل أكل هذه اللحوم على علا ّ تها نظرا ً إلى ما يوجد في تلك الأقطار التي تستورد منها من الكنائس التي هي رمز التدين عندهم وما فيها من الرهبان والقسيسين طبقات رجال الدين الذين ترجع إليهم قضايا الدين في تلك الشعوب، مع الاستناد إلى عموم قول الله تعالى: ﴿ ° ± ² ³ ´ μ ﴾، وممن نحا هذا المنحى الإمام محمد عبده في الفتوى الترنسفالية التي أحدثت ضجة كبرى في  مصر وغيرها، وتابعه على ذلك تلميذه ا لعلامة السيد محمد رشيد رضا في تفسير المنار وفي فتاواه، ووافقهما جماعة من أهل العلم منهم: العلامة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود، والشيخ الإمام إبراهيم بن عمر   بيوض في بعض فتاواه، والشيخ ا لعلامة عبد الرحمن بن عمر بكلي(١) ، وبه كان يفتي شيخنا إبراهيم بن سعيد العبري، وبه أخذ الدكتور يوسف القرضاوي(٢) . ولقد سألت عن النصراني » : واستأنس جماعة من هؤلاء بقول ابن العربي يفتل عنق الدجاجة ثم يطبخها هل يؤكل معه أو تؤخذ طعاما ً منه؟ فقلت: تؤكل؛ لأنها طعامه وطعام أحباره، وإن لم تكن هذه ذكاة عندنا، ولكن الله تعالى أباح طعامهم مطلقا ً ، وكل ما يرونه في دينهم فإنه حلال لنا في ديننا إلا ما كذ ّ بهم الله سبحانه فيه، ولقد قال علماؤنا إنهم يعطوننا أولادهم ونساءهم ١٩٩ ٩١٢ ، وفتاوى الإمام الشيخ بيوض، ص ٥٦٧ ٥٦٩ ؛ وفتاوى / ١) انظر تفسير المنار: ٦ ) ١٠٩ ؛ وفصل الخطاب في إباحة ذبائح أهل الكتاب للشيخ ،١٠٨ ، ٧٨ ٨٩ / البكري: ١ ٩، وما بعد ذلك إلى صفحة ٢٩ ؛ ورسالة الأطعمة ، عبد الله بن زيد آل محمود، ص ٨ المستوردة طبيعتها حكمها حل مشكلاتها، للأستاذ محمد بن عبد الغفار الشريف، . ص ٩٨ . ٢) الحلال والحرام في الإسلام، ص ٥٤ ٥٨ ) ملكا ً في الصلح، فيحل ّ لنا وطؤهن، فكيف لا تحل ذبائحهم، والأكل دون ُ « الوطى في الحل والحرمة(١) . الاتجاه الثاني: اتجاه من أباحها مع مراعاة الضوابط الشرعية التي تحل بها الذبيحة، منها أن يكون الذابح يهوديا ً أو نصرانيا ً وأن يكون ذبحه إياها ّ في رقبتها أو نحرا ً في لبتها حال كونها حية، وأن يذكر اسم الله عليها على ّ  رأي من يشترط ذلك في صحة الذكاة، وأن لا يذكر عليها غير اسمه تعالى، وأن لا تكون موقوذة بإطلاق مسدس عليها أو تسليط تيار كهربائي إلى أن تموت، وهو الذي نص ّ ت عليه الفتوى رقم ( ١٢١٦ ) الصادرة عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في الرياض بالمملكة العربية السعودية ٨٢ الصادرة / ١٣٩٦ ه ، ومثله جاء في الفتوى رقم ٥٦ /٠٣/ بتاريخ ٢٠ عن لجنة الفتوى في وزارة الأوقاف الكويتية بتاريخ ١٧ جمادى الآخرة ١٤٠٢ ه ، وهو قول جماعة من ا لعلماء(٢) . الاتجاه الثالث: اتجاه من تشد ّ د في هذه اللحوم وعد ّ ها في حكم الميتة المحرمة بالنص، وأفتى بحرمة الاتجار فيها كحرمة أكلها، وهو قول طائفة كبيرة ّ من أهل العلم منهم الإمام ا لمودودي(٣) ، والعلامة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد(٤) ، وع ُ زي إلى كل من الشيخ محمد الخضر حسين الذي كان شيخا ً للأزهر، والشيخ عبد العزيز الناصر الرشيد، والدكتور عبد الله عزام، والشيخ ٢٠٤ ؛ وفصل الخطاب في إباحة ،٢٠٣/ ٥٥٦ ؛ وانظر تفسير المنار: ٦ / ١) أحكام القرآن: ٢ ) . ذبائح أهل الكتاب، ص ٩؛ والحلال والحرام في الإسلام، ص ٥٦ ٢) انظر في ذلك الأطعمة المستوردة طبيعتها حكمها حل مشكلاتها، للأستاذ محمد بن ) .٨٠ ، عبد الغفار الشريف، ص ٧٩ ٣) تراجع في ذلك رسالته القيمة (ذبائح أهل ا لكتاب). ). ٤) حكم اللحوم المستوردة وذبائح أهل الكتاب وغيرهم، ص ٥٣ ) صالح علي العود، والشيخ عبد الله علي الغضية، والشيخ عبد اللطيف مشتهري، والدكتور محمد حميد الله، والدكتور عمر الأشقر، والدكتور محمد بن عبد الكريم، وهو الذي اعتمده المجلس الأعلى العالمي للمساجد في مكة المكرمة في دورته ا لرابعة(١) ، وهو الذي جزم به شيخنا ا لعلامة أبو إسحاق أطفيش في  تعليقه على جوهر ا لنظام(٢) ؛ وقد استند هؤلاء إلى أمور: ١ أن معظم شعوب هذه الدول قد تخل ّ ت في العصر الحديث عن الدين، ولم يبق له عندهم أي سلطان على حياة الناس العقدية والعملية، وإنما بقيت المحافظة على الكنائس في تلك الدول مظهرا ً لا أثر له في الفكر ولا في السلوك، ولم تعد الكنائس قادرة على مواجهة التيار الإلحادي الهادر، الذي يأتي على كل أثر من آثار التدين، وقد يكون استبقاء هذه ّ الكنائس لأغراض سياسية، فإنها من وسائل نفوذهم في الشعوب التي يسعون إلى غزوها بأفكارهم وتخديرها بمكرهم. وهذا هو الذي سج ّ له ا لكت ّ اب الأوروبيون بأقلامهم؛ ودونكم شهادة شاهد من أنفسهم، يقول الأستاذ (جود) الذي كان رئيس قسم الفلسفة وعلم النفس في جامعة لندن : سألت عشرين طالبا » ً وتلميذة كلهم في أوائل العقد الثاني من أعمارهم: كم منهم مسيحي بأي معنى من معاني الكلمة؟ فلم يجب بنعم إلا ثلاثة فقط، وقال سبعة منهم: إنهم لم يفكروا في هذه المسألة أبدا ً ، أما العشرة الباقية فقد صرحوا أنهم معادون للمسيحية. ويضيف إلى ّ ذلك الأستاذ جود قوله: أنا أرى أن هذه النسبة بين من يؤمن بالمسيحية ١) تراجع في ذلك رسالة الأطعمة المستوردة طبيعتها حكمها حل مشكلاتها، للأستاذ ) . محمد بن عبد الغفار الشريف، ص ٨٣ .١٧٥ ،١٧٤/ ٢) جوهر النظام: ٢ ) ويدين بها، وبين من لا يؤمن في هذه البلاد ليست شاذة ولا غريبة، نعم إذا وجه هذا السؤال إلى مثل هذه الجماعة قبل خمسين سنة أو عشرين كانت ّ « الأجوبة مختلفة(١) . هذه شهادة من أحد أبناء جلدتهم، وهو غير خارج عن ملتهم ولا مفارق لهم في بيئتهم، وقد قرر في كلامه أن هذه الأجوبة من أولئك التلاميذ إنما ّ كانت ناشئة من حال مجتمعهم، ولم تكن مجرد تصرف صبياني، كيف وهو ّ يقول بأن هذه النسبة في تلك البلاد ليست شاذة ولا غريبة.  وهاكم شهادة عادلة من رجل نشأ في هذه البيئة المتعف ّ نة ثم هداه الله لا شك أنه لا يزال » : للإسلام، وهو الأستاذ (محمد أسد) الألماني الذي يقول في الغرب أفراد يعيشون ويفك ّ رون على أسلوب ديني، ويبذلون جهدهم في تطبيق عقائدهم بروح حضارتهم، ولكنهم شواذ؛ إن الرجل العادي في أوروبا ديمقراطيا ً كان أو فاشيا ً ، رأسماليا ً كان أو ا شتراكيا ً ، عاملا ً باليد أو رجلا ً فكريا ً ؛ إنما يعرف دينا ً واحدا ً ، وهو عبادة الرقي المادي والاعتقاد بأنه لا غاية في الحياة غير أن يجعلها الإنسان أسهل، وبالتعبير الدارج: حرة مطلقة من ّ قيود الطبيعة؛ أما كنائس هذا الدين فهي: المصانع الضخمة، ودور السينما، والمختبرات الكيماوية، ودور الرقص، ومراكز توليد الكهرباء؛ وأما كهنتها فهم: رؤساء الصيارف، والمهندسون، والممثلات، وكواكب السينما، وأقطاب «(٢) التجارة والصناعة، والطيارون والمبرزون الذين يضربون رقما ً قياسيا ً . وفي هذا يقول المفكر الإسلامي الكبير الشيخ أبو الحسن الندوي: ١) ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، للأستاذ أبي الحسن الندوي، ص ٢٠٠ ٢٠١ ، نقلا ) ً عن الأستاذ جود في كتابه 115) - Guide to Modern Wickedness (p114 . ٢) المرجع السابق نقلا ) ً عن Islam At Cross Roades, P50 fifth Edition . وعلى كل حال فقد وقع المحذور وانصرف اتجاه الغرب إلى المادية بكل »معانيها وبكل ما تتضمنه هذه الكلمة من عقيدة ووجهة نظر نفسية وعقلية وأخلاق واجتماع وعلم وأدب وسياسة وحكم، وكان ذلك تدريجيا ً وكان أولا ً ببطء وعلى مهل، ولكن بقوة وعزيمة، فقام علماء الفلسفة والعلوم الطبيعية ينظرون في الكون نظرا ً مؤسسا ً على أنه لا خالق ولا مدبر ولا آمر، وليس ّ هناك قوة وراء الطبيعة والمادة تتصرف في هذا العالم وتحكم عليه وتدبر ّّ شؤونه، وصاروا يفسرون هذا العالم الطبيعي ويعل ّ لون ظواهره وآثاره بطريق ّ ميكانيكي بحت، وسموا هذا نظرا ً علميا ً مجردا ً ، وسموا كل بحث وفكر يعتقد ّ بوجود إله ويؤمن به طريقا ً تقليديا ً لا يقوم عندهم على أساس العلم والحكمة، واستهزؤوا به واتخذوا سخريا ً ، ثم انتهى بهم طريقهم الذي اختاروه وبحثهم ونظرهم إلى أنهم جحدوا كل شيء وراء الحركة والمادة، وأبوا الإيمان بكل ما يأتي تحت الحس والاختبار ولا يدخل تحت الوزن والعد والمساحة، فأصبح بحكم الطبيعة وبطريق اللزوم (الإيمان بالله وبما وراء الطبيعة) من .« قبيل المفروضات التي لا يؤيدها العقل ولا يشهد بها ا لعلم إنهم لم يجحدوا بالله إلى زمن طويل، ولم يجحدوا به كلهم، » : ثم يقول ولكن منهج التفكير الذي اختاروه والموقف الذي اتخذوه في البحث والنظر لم يكن ليتفق والدين الذي يقوم على الإيمان بالغيب وأساسه الوحي والنبوة ودعوته ولهجه بالحياة الأخروية، ولا شيء من ذلك يدخل تحت الحس والاختبار ويصدقه الوزن والعد والمساحة، فلم يزالوا يزدادون كل يوم شكا ً في العقيدة الدينية، ولكن رجال النهضة الأوروبية ظلوا قرونا ً يجمعون بين النظر المادي الجاحد والحياة المادية والطقوس الدينية المسيحية بالتقليد أو بتأثير المحيط الذي لا يزال في العالم النصراني أوبمصالح خلقية واجتماعية كانت تقتضي البقاء ولو بالاسم على نظام ديني يؤل ّ ف بين أفراد الأمة ويحفظها من الفوضى، حتى افتضحوا في الأخير وصعب الجمع  بينهما بسرعة سير الحضارة المادية وتخلف الدين والتقاليد وعجزها عن مسايرتها وما في الجمع بينهما من متاعب وضياع للوقت، وتكلف هم في غنى عنه، فطرحوا الحشمة ورموا برقع النفاق، ونهض الكت ّ اب والمؤلفون والأدباء والمعلمون والاجتماعيون والسياسيون في كل ناحية من نواحي أوروبا ينفخون صور المادية وينفثون بأقلامهم سمومها في عقل الجمهور وقلبه، ويفسرون الأخلاق تفسيرا ً ماديا ً ، تارة ينشرون الفلسفة النفعية، وطورا ً ّ فلسفة اللذة ا لأبيقورية(١) . ومع هذا الطغيان المادي لا يمكن أن تبقى القيم الدينية عند جمهور الشعوب، ولئن كان هناك من يتردد بينهم على الكنائس، فإن ذلك لم يكن بباعث عن عقيدة، وإنما هو لأغراض نفعية، على أن هؤلاء يتناقصون باستمرار، فقد كان عدد المحافظين على صلاتهم الأسبوعية في فرنسا عام ١٩٦٧ م يبلغ ٢١ ٪ من مجموع الشعب الفرنسي، وبلغت هذه النسبة بعد عشر سنوات ١٩ ٪، وقد حمل هذا الوضع بعضهم على وصف البلاد الغربية بأنها مرحلة ما بعد ا لنصرانية(٢) . ٢ أن ذبائح الغربيين اليوم لا تخرج عن كونها موقوذة أو منخنقة، وقد نص على تحريمها في القرآن، وذلك أنه تواتر اليوم أن هذه الدول تقتل ّ إما بواسطة الصعق الكهربائي أو بالمسدس أو بالبلطة أو بالغازات، وهذا ما نقله الثقات الذين زاروا مسالخ هذه الدول، ورأوا بأم أعينهم ما تقشعر ١٩٧ ؛ ويراجع بتوسع المرجع نفسه، ، ١) ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، ص ١٩٦ ) . ص ١٩٤ ٢١٢ ٢) محمد بن عبد الغفار الشريف الأطعمة المستوردة (طبيعتها حكمها حل مشكلاتها)، ) نقلا ً عن مجلة المعرفة التونسية، العدد ٣، سنة ١٩٧٩ م. منه الجلود من ارتكاب المخالفات التي لا يقرها الدين في إزهاق روح الحيوان(١) . ٣ أنه ثبت بالعيان تزوير الشهادات التي تلصق بغلف هذه اللحوم من أجل خداع الناس بأنها مذكاة على الطريقة الإسلامية، فقد جاء في رسالة موجهة من رئيس بلدية دولة الكويت الشقيقة إلى وزير الأوقاف الكويتي نود إفادتكم أن مسؤولين من المسلخ » : بتاريخ ٢٤ محرم ١٣٩٩ ه ما نصه المركزي قاموا بزيارة إلى كل من بلغاريا ورومانيا، وزاروا المسالخ في هذين البلدين للتحري عن مدى التزامها بطريقة الذبح، خاصة وأن المستوردين  يقد ّ مون شهادات من مفتي المسلمين تفيد بأن الذبح تم بحسب الشريعة الإسلامية، وعاد الوفد باقتناع تام، وهو أن الذبح يتم بطريقة لا تتمش ّ ى مع « الشريعة الإسلامية، وأن الشهادات ما هي إلا شكلية(٢) . وكثير من الناس اشتروا دجاجا ً ك ُ تب على غلافه مذبوح على الطريقة الإسلامية، وإذا به لا أثر به للذبح قط، وإنما هو مخنوق ولم يقطع جلده، فضلا ً عما يجب قطعه في الذبح من الأوداج، وقد جاء أحد هؤلاء إلي، ّ وأراني الدجاجة وغلافها والشهادة المطبوعة عليه. ٤ أن الأغنام والأبقار ت ُ ذبح في بلاد الغرب مع الخنازير، فتختلط لحومها، والخلطة في مثل هذه الحالة تؤدي إلى الحرمة، لتعذ ّ ر التمييز معها بين الحلال والحرام. ٥ أنه ثبت في تعاملهم الغش، فقد نقل عدد من الناس أنهم رأوا ١) انظر رقم ٣ في التعليقات على رسالة الأطعمة المستوردة (طبيعتها حكمها حل ) . مشكلاتها)، ص ٨١ . ٢) المرجع السابق، ص ٨٢ ) أسماكا ً معل ّ بة مكتوبا ً عليها (ذبح على الطريقة ا لإسلامية)(١) ، على أن هذا الغش قد يكون حتى من المستوردين في بلاد الإسلام، فقد قال الدكتور ٍعبد الله عزام: في عمان اكتشفت أمانة العاصمة قبل سنوات عند شركة ّ ملصقات ٍ كثيرة مكتوب عليها (مذبوح على الطريقة الإسلامية) حتى تلصقها على علب اللحوم فور وصولها، ولقد جاء إلى وزارة الأوقاف الأردنية وأنا فيها علبة لحم مكتوب عليها (مذبوح على الطريقة الإسلامية لحم بقر صاف ١٠٠ ٪) وفي الجهة المقابلة باللغة الألمانية أنها تحتوي على نسبة من « شحم ا لخنزير(٢) . وبعد هذه الجولة بين منحنيات هذه الحقائق لا يبقى ريب لمرتاب أن القول الثالث هو أقوم قيلا ً وأصح دليلا، ً على أن القول الثاني يعود إليه كما ذكر الأستاذ الشريف في رسالته لانعدام تلك الضوابط التي وضعها أصحاب هذا القول في اللحوم المستوردة من بلاد الغرب، وعليه فالخلاف بين القولين لا يعدو أن يكون لفظيا ً ، وإنما الخلاف بينهما وبين القول الأول الذي يبيح هذه اللحوم من غير مراعاة شيء من تلك الضوابط، ويستند إلى عموم قوله تعالى: ﴿ °± ³ ² ´ μ ﴾ وهو استدلال في منتهى البعد، وذلك يتضح بالنظر إلى هذه ا لأمور: أولها: أنه لا يكفي في إعطاء أحد حكم أهل الكتاب إلا أن يكون على عقيدة تقوم على الإيمان بكتابه، وأن ّ ى ذلك في أمة فقد َ سوادها الأعظم هذا الإيمان، واستولى عليها الإلحاد وتفش ّ ت فيها الإباحية كما تقدم ولا يغني عنهم انتسابهم إلى أصول تؤمن بالكتاب شيئا ً ، فإن الرجل الذي كان نفسه ١) المرجع السابق، نقلا ) ً . عن الاعتصام، محرم ١٤٠١ ه؛ والمجتمع، العدد ٥٤٢ ٢) المرجع السابق، نقلا ) ً . عن مجلة المجتمع، العدد ٥٤٢ على الإسلام وولد من أبوين مسلمين مؤمنين قانتين إن ارتد عن إسلامه والعياذ بالله لم يغن ِ عنه كل ذلك شيئا ً ، ولم يعط َ أحكام المسلمين في إباحة أكل ذبيحته ولا غيرها، وما الفارق في ذلك بين المسلم والكتابي؟ ثانيها: أن قوله تعالى: ﴿ °± ³ ² ´ μ ﴾ جاء إثر تحريم طائفة من الحيوان منها المنخنقة والموقوذة، فكيف يمكن أن يكون دليلا ً على إباحة المخنوق والموقوذ إن كانا على يد كتابي، مع أنهما حرام بالقطع إن كان الواقذ أو الخانق مسلما ً ؟ وهو مما يترتب عليه كون الكتابي أكرم   على الله من المسلم، لأنه أباح على يديه ما لم يبحه على يدي المسلم، ويأبى الله ذلك، فإن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه. ُ ثالثها: أنه يلزم هؤلاء أن يحلو بهذا لحم الخنزير إن كان على مائدة كتابي لأنه من طعامهم الذي ا ستحل ّ وه بهوى أنفسهم كما ا ستحل ّ وا المنخنقة والموقوذة جاء في نسق واحد مع تحريم الخنزير ومع تحريم الميتة والدم. رابعها: أن الآية الكريمة مصدرة بإباحة الطيبات، ولا يقول عاقل آتاه الله رشدا ً : إن المنخنقة والموقوذة وغيرها مما حرمه الله عليه ت ُ عد من جنس ّ الطيبات، وهل يطيبها أن يكون الواقذ أو الخانق من جنس الكفار الذين ّ رفضوا الاستجابة لدعوة كتابهم إلى الإيمان بخاتم الرسل عليه أفضل الصلاة والسلام، الذي يجدونه مكتوبا ً عندهم في التوراة والإنجيل؟ وهذه مغالطة للحقيقة ليس أبعد منها مغالطة، فكيف يكون الشيء الواحد خبيثا ً إن كان على يد المسلم وطيبا ً إن كان على يد غيره؟. ّ وقد استدل بعض أصحاب هذا القول لما ذهبوا إليه بحديث عائشة # في ذبائح الأعراب، وهو استدلال منتقض من أساسه، فإن أولئك الأعراب ما كانوا على ملة غير الإسلام، ولا ثبت أنهم يرتكبون مخالفات للشريعة في ذبحهم، وإنما وقع في نفوس بعض الناس شك في تسميتهم على الذبح لحداثة عهدهم بالكفر، فأجابهم النبي ژ بما يفيدهم أن أعمال المسلم وإن كان جديد عهد بالإسلام محمولة على موافقة الحق ما لم يثبت خلافه له. وأما ما استأنسوا به من كلام ابن العربي الذي يبيح أكل الدجاجة التي يفتل عنقها النصراني؛ فهو مدفوع بما نص عليه ابن العربي نفسه قبله بسطور ّ فإن قيل فما أكلوه على غير وجه الذكاة كالخنق وحطم » : معدودة، وهو قوله الرأس؟ فالجواب: أن هذه ميتة وهي حرام بالنص وإن أكلوها فلا نأكلها « نحن، كالخنزير فإنه حلال لهم ومن طعامهم، وهو حرام علينا (١) . فيا ترى هل نترك من كلامه ما وافق الدليل القرآني إلى ما خالفه؟ على أن أي أحد ولو بلغ ذرى المراتب في العلم والفضل لا يحتكم إلى كلامه ُ مع قيام الدليل الشرعي، بل ي ُ ّ م الشرع في كلامه لقوله تعالى: ﴿ ÓÒ  حك Ù Ø × Ö Õ Ô ﴾ ] النساء: ٥٩ [. أما محاولة الجمع بين الكلامين بحمل المنع على غير ما يعتقدونه ذكاة عندهم، والإباحة على ما اعتقدوه تذكية، فهي محاولة فاشلة؛ لأن الصورة واحدة، وهم هم أنفسهم، مع أنه يفيد كلامه أن ذلك يحرم علينا وإن كانوا في اعتقادهم له مستحل ّ ين، بدليل تمثيله بالخنزير، وقوله: أنه حلال لهم ومن طعامهم وهو حرام علينا. على أنا لا نسل ّ م أن الخنزير حلال لهم، فإنهم لم يأكلوه استنادا ً إلى ِ نص كتاب على حل ّ ه، ولكن بفتوى من أفتاهم بذلك من رهبانهم، ومثله الميتة ومنها المنخنقة والموقوذة إذ النصارى لم يبح لهم إلا ما أباحته .٥٥٥/ ١) أحكام القرآن: ٢ ) التوراة إلا ما كان تحريمه في التوراة وقتيا ً عقوبة لليهود على سوء صنيعهم  وشططهم في العناد ومكابرة ا لحق. ِ على أنه لو اد ّ عى أحبارهم ورهبانهم حل ّ ذلك لهم لم يصدقوا فيه، كما كيف يقبل قولهم بعد إخبار الله تعالى عنهم بأنهم حرفوا » : قال الإمام الرهوني ّ وبد ّ لوا حسبما أفصحت بذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتواترة إلى أن قال على تسليم تصديقهم تسليما ً جدليا ً فلا وجه في تصديقهم أن المنخنقة والمسلولة العنق والموقوذة المضروبة في الرأس بشاقور مثلا ً حلال عندهم، وعدم تصديقهم في أن الميتة والخنزير حلال عندهم، وما فرق به يعني أبا عبد الله الحفار المنتصر لرأي ابن العربي من أن الله قد كذبهم في الميتة والخنزير دون المضروبة بشاقور مثلا، ً وما ذكر معه لا يصح؛ لأنه إن عنى أن الله ِ كذبهم في إخبارهم بحل ّ يتها فليس في القرآن ولا الأحاديث شيء من ذلك، وإن عنى أن الله كذبهم بقوله: ﴿ !" # $ % & ﴾ فهذه مصادرة لأن الله قد كذبهم فيما زعم أنهم يصدقون فيه؛ لأنها إما منخنقة أو موقوذة، وقد ذكر الله حرمة كل واحدة منهما في الآية نفسها بقوله عز من قائل: ﴿ , - وأما قوله » : ﴾ الآية، وقد قال ابن العربي نفسه في الأحكام ما نصه « والمنخنقة فهي التي تختنق بحبل بقصد أو بغير قصد أو بغير حبل(١) . هذا وأما استدلال ابن العربي لحلية طعام الكتابي مطلقا ً بأنهم يعطوننا ّ أولادهم ونساءهم ملكا ً في الصلح فيحل لنا وطؤهن، فكيف لا تحل ذبائحهم، ِ والأكل دون الوطء في ا لحل ّ والحرمة، فهو غير مسل ّ م إن كان ذبحهم خنقا ً أو وقذا ً ؛ لمجيء النص القطعي بحرمة الموقوذة والمنخنقة، فهو قياس في مقابلة ١٢ ٣١ ؛ وانظر كلام ابن العربي / ١) حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل: ٣ ) .٥٣٨/ في المنخنقة في أحكام القررن: ٢ النص، على أنه يترتب على قوله أن تباح بسبب ذلك ذبائح المشركين، فإن ما ذكروه من حكم الأولاد والنساء لا ينحصر في أهل الكتاب دونهم. وللعلا ّ مة الرهوني في رد احتجاج ابن العربي هذا بحث موسع اكتفينا ّ عنه بما ذكرناه، فليرجع إليه من شاء الاطلاع والاستفادة(١) . هذا وللأمانة العلمية لا بد من ذكر أن من مشايخنا الذين يجنحون إلى القول بإباحة اللحوم المستوردة من بلاد الغرب من كان يتشد ّ د أحيانا ً في ذلك في بعض فتاواه، وهو الإمام إبراهيم بن عمر بيوض، فقد جاء في بعض ما أفتى به تقييد هذه الإباحة بكون الذابح من اليهود أصحاب التوراة أو النصارى أصحاب الإنجيل، وبكون الذبح على الطريقة المشروعة عندهم إن كانت هي تسليط » : بحسب شريعتهم، وقال في الذبح بواسطة الكهرباء التيار الكهربائي على الحيوان المراد ذبحه حتى يموت بتأثير التيار. فإن وقال في .« هذا قتل لا ذبح ولا نحر ولا ذكاة، فلا يحل به الحيوان المقتول إن كان قاتلا » : التخدير ً مميتا ً فإنه حرام قطعا ً تحرم به الذبيحة؛ إذ لا يجوز استعمال أي شيء لإزهاق روح الذبيحة أو للتعجيل به غير الذبح الأصلي المشروع أو النحر الأصلي المشروع كذلك فيما ينحر نحرا ً كالإبل، ثم تترك « الذبيحة على حالها حتى تبرد وتسكن حركتها فيشرع في سلخها(٢) . ُ وما من ريب أننا نتفق مع القائلين بالإباحة عندما نوقن أن القائم بالذبح من الذين يستمسكون بما عندهم من علم الكتاب ولا يتجاوزون فيه الحدود التي رسمها لهم كتابهم في التذكية، وكان الحيوان المذبوح من جنس ما يباح في الإسلام، مع علمنا اليقيني أن أحكام التذكية لا تختلف ١) حاشية الرهوني المذورة آنفا ) ً : . ١٤ ١٥ /٣ . ٢) انظر فتاوى الإمام الشيخ بيوض، ص ٥٦٩ ٥٧٥ ) فيما بيننا وبينهم، بدليل أن اليهود لا تختلف طرق التذكية عندهم عما هو عندنا، والنصارى متعبدون باتباع شريعة التوراة كاليهود، إلا في جزئيات ّ قليلة نسخت فيما أنزله الله على عيسى ‰ ، وهي التي يشير إليها ما يحكيه الله 4 عنه من قوله: ﴿ ¢£ ¤ ¥ ¦ § ﴾ ] آل عمران: ٥٠ [ ، ويعني بذلك ما كان تحريمه موقوتا ً عقوبة لليهود على ركوبهم متن العناد في مواجهة دعوات أنبيائهم وإصرارهم على الظلم الذي ن ُ هوا عنه، ولا تدخل في ذلك المنخنقة ولا الموقوذة. ومن أجل التزام اليهود بالطريقة الصحيحة في التذكية إلى وقتنا هذا؛ رأينا بعض مشايخنا يوصون التلاميذ الوافدين إلى بلاد الغرب إن لم يجدوا جز ّ ارين مسلمين أن لا يشتروا اللحم إلا من ا لجز ّ راين اليهود، ومن الذين كانوا يحرصون على ذلك شيخنا الإمام أبو إسحاق إبراهيم أطفيش 5 ، وقد عمل بذلك نفسه عندما دفعته الظروف إلى السفر إلى نيويورك في عانم منذ حللت » : ١٣٨٠ ه ، وكتب بذلك رسالة إلى أحد أصدقائه جاء فيها بنيويورك كنت آكل السمك وخليطا ً من الخضر وزيت الزيتون لغاية أربعين يوما ً ، حتى ع ُرفت ُ في المآدب الرسمية بأنني لا آكل إلا السمك، فكانت تلك ِ الأوانس يبادرون إ لي بالسمك والسلاطة الخضراء، أنا وسيف الإسلام اليمين ّ دون غيرنا، حتى وجدت مطعما ً باكستانيا ً لمسلم اسمه الحاج علي بهجت، وحيث إن القاديانيين يوجدون كثيرا ً في تلك النواحي خشيت أن يكون منهم، فاستوثقت أنه حنفي المذهب، وأنه يطبخ بلحم الكشير، وأنت تعلم أن ذبيحة الكتابي متى كانت ذكاة شرعية ذكر اسم الله عليها حل لنا أكلها، وهذه حال اليهود المتدينين، ومع الأسف أقول: إنهم لا يزالون على عهدهم هذا أكثر من المسلمين بهذه الربوع إلى أن قال ولقد امتاز الأسرائيليون بأمريكا دون سواهم بالانفراد بالذبيحة، وأما النصارى فبالآلة كما عندكم في الذبائح ٢٦ الراش، وذلك ميتة قطعا ً وهكذا إلى أن قال على أنني لما استوثقت من ّ الباكستاني أنه يطبخ اللحم الكشير، وهو عندهم الشرعي صرت آكل أحيانا ً عنده، ولم أضطر والحمد لله إلى زعم أن الضرورات تبيح المحظورات، « ولا الأخذ بعموم الآية لأن دعوى العموم باطلة، والحمد لله(١) . . ١) الشيخ إبراهيم أطفيش في جهاده الإسلامي للدكتور محمد ناصر، ص ١٩٣ ٤٩١ ) åëÑdG èFÉàf »a áªJÉN بعد هذه الجولة والتنز ّ ه في واحات العلم وتفيىء ظلالها الوارفة  واقتظاف ثمارها اليانعة والرشف من أنهارها المطردة نقدم بإيجاز أهم نتائجها: ١ إن كان الحيوان المذكى مقدورا ً عليه فذكاته إما أن تكون نحرا ً في اللبة أو ذبحا ً في الحلق، والأول في طويل الرقبة كالإبل، والثاني في قصيرها كالغنم، ويجوز في البقر الأمران باتفاق. ٢ الذبح المجمع على إجزائه هو قطع الحلقوم والمريء والودجين من قبل مقدمة العنق، وفيما عداه خلاف. ٣ يجزىء الذبح عن النحر والعكس في قول الجمهور، وقيل: بعدم  الإجزاء، لتعين كل واحد منهما بموضعه. ٤ التذكية أمر تعبدي، فلا يجزىء عنها غير ما أذن به الشارع، وإن ّ  ذهب إلى خلاف ذلك بعض ا لمعاصرين. ٥ ا خت ُ لف في بعض التجاوزات في الذبح هل تؤثر شيئا ً على حكم الذبيحة أو لا؟ منها: خروج الغلصمة إلى جهة البدن، وذلك بعدم وقوع الذبح عليها في منتصفها، ومنها: قطع جميع الرأس والنخاع، والذبح من القفا، والتراخي اليسير في لاذبح كما هو مفصل في ا لبحث. ّ ٦ تذكية غير المقدور عليه سواء ما كان أصله وحشيا ً أو ما كان أهليا ً فند أن يرمى بما ينهر الدم كالسهم، أو يصطاد بالجوارح كالكلاب، مع النية والتسمية على قول الأكثر، فإن أدرك حيا ً ذ ُ كي ذكاة المقدور عليه، وإلا كان ذلك تذكية له، ولا خلاف في ذلك فيما كان أصله وحشيا ً ، وإنما الخلاف  فيما كان أهليا ً فند، وألحق الجمهور بالناد ما وقع في بئر أو نحوها فتعذر   التوصل إلى تذكيته بالذبح أو ا لنحر. ٧ يشترط في المذكي أن يكون مسلما ً أو كتابيا ً ، ولا تجوز ذكاة سواهما من المشركين والملاحدة، واختلف في بعض الشروط كالعقل والبلوغ وعدم محاربة ا لإسلام. ٨ المرتد لا تحل ذبيحته عند الجمهور وإن ا رتد ّ إلى النصرانية أو اليهودية. ٩ من تهود أو تنصر من العرب حكمه كسائر أهل الكتاب عند ّّ الجمهور، ورأى بعض أهل العلم خلاف ذلك. ١٠ تباح ذبيحة الأعجم عند أكثر العلماء إن فهمت إشارته، وذهب آخرون إلى خلاف ذلك. ١١ ذهب جمهور أهل العلم إلى أن ذبيحة المعتدي كالسارق والغاصب  لا تحرم، وذهب آخرون إلى حرمتها، وهو الراجح بالأدلة. ١٢ اخت ُ لف فيما حرم على أهل الكتاب أو حرموه على أنفسهم، هل يباح للمسلم إن هم قاموا بالتذكية؟ والصحيح ا لإباحة. ١٣ تجوز التذكية بكل ما أنهر الدم ما عدا السن والظفر والعظم. ١٤ ا خت ُ لف فيما لم يذكر اسم الله عليه عمدا ً أو نسيانا ً هل يحل أكله أو لا؟ والصحيح ا لمنع. ١٥ الذبح بالطرق الحديثة أو القديمة المخالفة لطريقة الذكاة الشرعية تع َ َ د للحيوان، فلا يحل بها أكله، مع الفارق البين بين الذكاة الشرعية وبينها ّ من حيث إراحة الحيوان وطيب لحمه. ِ ١٦ ما جهل ذابحه في المجتمعات الإسلامية أو الكتابية ا لمحافظة ُ حلال ٌ أكله، وأما في سائر المجتمعات فلا يحل. ١٧ اللحوم المسترودة من بلاد الإسلام حلال أكلها ما لم يتبين ّ ما يوجب حرمتها، وكذلك ما استورد من أهل الكتاب الملتزمين بالذكاة الشرعية، مع ضمان كونها من جنس ما يجوز أكل لحمه، وما استورد من بلاد المشركين والملاحدة فلا يحل، واختلف العلماء المعاصرون في جواز أكل ما يستورد الآن من بلاد الغرب، والصحيح المنع إلا إن ثبت بما لا يدع مجالا ً للريب أنه مذكى ذكاة شرعية ممن تجوز ذكاته شرعا ً ، وأنه من جنس الحلال الطيب، ولا عبرة بما يلصق به من شهادات أنه ذبح على الطريقة الإسلامية. هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله عليه وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ¬HGOBGh íHòdG •hô°T بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فإن الله تعالى الذي استخلف الإنسان في الأرض بسط له من فضله، وأغدق عليه آلاءه ونعمه، ويتجلى هذا في التمكين الذي مكنه للإنسان، بحيث سخر له كل ما في الأرض تسخيرا ً لم يكن له مثيل في بقية العوالم الأخرى، بل جعل كل ما في الأرض مخلوقا ً له كما قال تعالى: ﴿ ¾¿ ÅÄÃÂÁÀ ﴾ ] البقرة: ٢٩ [ ، ومع هذا أيضا ً فإن كل ما في الكون هو مسخر للإنسان كما ينبىء بذلك قوله تعالى: ﴿ ÙØ×Ö ß Þ Ý Ü Û Ú ﴾ ] الجاثية: ١٣ [ ، ومن بين ما س ُ خر له الحيوانات التي ذللت له تذليلا ً ن الله تعالى الإنسان من الحيوانات ينتفع بها  ، فقد مك مطلق الانتفاع، فمنها ما يأكل لحمه، ومنها ما يأكل لحمه ويركب ظهره وحمل الأثقال عليه، ومنها ما ينتفع بركوبه وحمل الأثقال عليه، ومنها ما ينتفع به منافع أخرى كالعلاج وغيره، وقد أحل الله تعالى بهيمة الأنعام إلا ما استثني فقد قال ا لله 4 ﴿ : `a b c d e f g ﴾ ] المائدة: ١ [ ، والمراد بما يتلى علينا هو ما دل عليه قول الله تبارك وتعالى: ﴿ ! . - , + * ) ( ' & % $ # " /0 1 2 3 4 5 6 7 8 9 ﴾ ] المائدة: ٣ [ ، كما جاء الاستثناء في قوله 4 في سورة الأنعام: ﴿ ij k l m n o p q ~ } | { z y x w v u t s r ے ¡¢ £ ¤ ¥ ¦ ﴾ ] الأنعام: ١٤٥ [. ولئن تضمنت هذه الآيات مخصصات متصلة إثر ما فيها من عموم الإباحة فإن ثمت أيضا ً مخصصات خصصت هذا العموم من السنة النبوية، ولا بد من العمل بمقتضى هذه المخصصات كلها، فإن الله تعالى جعل في السنة النبوية تبيانا ً لإجمال ما في كتابه الكريم، ومن بين هذا التبيان تخصيص عموماته وتقييد مطلقاته وتفصيل مجملاته، وهذا التخصيص تضمنته روايات عن النبي صلى الله عليه وسل ّ م دلت على منع أكل الحمر الأهلية وأكل كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير، وإن كان للعلماء في حكم ذلك خلاف عريض الحاشية، إلا أننا نأخذ بما دلت عليه السنة من تخصيص عمومات الكتاب العزيز، لأن الخصوص وإن كان آحاديا ً مقدم  على العموم وإن كان متواترا ً. والحيوان الذي أحله الله تبارك وتعالى للإنسان هو من جنس الأحياء، يتألم كما يتألم الإنسان، ويحب البقاء ويكره الفناء، لذلك طبع على الفرار مما يهدد حياته، ففي ذبحه أشد الأذى له، ولكن بما أن الله تبارك وتعالى الذي خلقه فسواه وهو مالكه ومالك أمره هو الذي أحله كان للإنسان أن ينتفع به، وأن يقدم على ذبحه لا لقصد إيذائه وإنما لقصد الانتفاع الذي ُ أحله الله تعالى له. ولأجل هذا لا بد من أن يكون الذبح وفق ضوابط معروفة، فليس للإنسان أن يعدو على الحيوان كما يعدو السبع الفتاك فيفترسه وينهشه نهشا ً ، وإنما عليه أن يذبحه بطريقة فيها رفق ورحمة، ولذلك كان الذبح أمرا ً تعبديا ً ، إذ ليس المقصود إزهاق الروح فحسب، ولو كان المقصود مجرد إزهاق الروح لما ح َ رمت الموقوذة والمتردية، ولو وافق ترديها قطع ُ ما يؤمر بقطعه المذكي من الأوداج، فلو وقع الحيوان من أعلى فصادف سكينا ً قطعت أوداجه لما حل بذلك أكله، وإنما هو في حكم المتردية التي حرمها الله تعالى، ويدل على هذا أن الله تعالى في كتابه قرن بين النسك والصلاة، والنسك هو الذبح فقد قال تعالى: ﴿ £¤ ¥ ¦ § ¨© ª « ﴾ ] الأنعام: ١٦٢ [ ، ولذلك جاء التحذير البالغ في حديث رسول الله صلى الله عليه وسل ّ م عن الذبح لغير الله تعالى كما في حديث الإمام علي كرم الله وجهه وغيره(١) ، وكل ذلك مما يؤذن أن الذبح أمر تعبدي، ولما كان كذلك فإنه لا بد من أن يكون وفق الطريقة الشرعية التي جاءت في كتاب الله وفي هدي رسوله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام. هذا وفي كتاب الله تبارك وتعالى ما يدل على مشروعية النحر والذبح، فالله تعالى يقول: ﴿ t u v w x y ﴾ ] البقرة: ٦٧ [ ، وقال تعالى: ﴿ Z[ \ ﴾ ] الكوثر: ٢ [. أما الحيوانات غير الأليفة وهي الحيوانات الوحشية التي لا يمكن أن تذكى كما يذكى الإنسي من الحيوانات فحكمها الاصطياد، فيباح اصطيادها سواء كان بإرسال السهام أو كان ذلك بإغراء الجوارح كالكلاب والطيور ً الجارحة، فالله تعالى يقول: ﴿ z y x { | } ~ ے ﴾ ] المائدة: ٤ [ ، ويكون ذلك تذكية له إن لم تدرك ذكاته، والإنسي منه ما ينحر ومنه ما يذبح، فما ينحر كالإبل فإنه ينحر في اللبة وهي قائمة، كما قال تبارك وتعالى: ﴿ ے ¤£¢¡ ﴾ ] الحج: ٣٦ [. جاء في مدونة الإمام أبي غانم بشر بن غانم الخراساني 5 من رواية أبي المؤر ّ ج عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس ^ أنه قال: .( ١) رواه مسلم في كتاب الأضاحي باب تحريم الذبح لغير اا رقم ( ١٩٧٨ ) صواف أي معقولات(١) ، ومعنى ذلك أن تقف على ثلاث وتعقل يدها اليمنى وتنحر طعنا ً في ا للبة. ودلت السنة أن الذبح فيما يذبح يكون بقطع الأوداج، والأوداج تصدق على الحلقوم والمريء والودجين، وإن كان في وجوب قطع الحلقوم والمريء خلاف مشهور، إلا أنه مما ينبغي للمسلم أن يحرص على الخروج من عهدة الخلاف مهما أمكن، ولما كانت السنة جاءت بقطع الأوداج بصيغة  الجمع، ويغل ّ ب لفظ الأوداج فيطلق على الحلقوم والمريء والودجين فإنه مما ينبغي الأخذ بهذا فلا بد من قطعها جميعا ً. هذا وقد اختلف أهل العلم في وجوب ذكر اسم الله تعالى إلى ستة أقوال، ونحن نع ّ ول على أنه لا تذكية إلا بذكر اسم الله، وأن ما ت ُ رك ذكر اسم الله عليه سواء كان الترك عمدا ً أو نسيانا ً لا يؤكل لقوله تعالى: ﴿ QP RS T U V W ﴾ ] الأنعام: ١٢١ [ ، ولقوله: ﴿ ÌÍ Î Ï Ð Ñ ﴾ ] الأنعام: ١١٨ [ ، فإن الآية الأولى من هاتين الآيتين دالة بمنطوقها على النهي عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه، وبمفهومها على إباحة أكل ما ذكر اسم الله عليه، والآية الأخرى دلت بمنطوقها على ما دلت عليه هذه بمفهومها، وبمفهومها على ما دلت عليه هذه بمنطوقها، فالآيتان كل واحدة منهما تؤكد ما دلت عليه ا لأخرى. ومن أهل العلم من قال بأن قوله 4 ﴿ : PQ R S T U V W ﴾ ] الأنعام: ١٢١ [ مقيد بقوله تعالى: ﴿ XY ﴾ ] الأنعام: ١٢١ [ ، وعلى هذا فلا تؤكل في حالة كونها فسقا ً ، وهو مبني على أن الواو هنا هي واو الحال وليست عاطفة، والحال تفيد التقييد، أي لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه .(٣٥٠/ ١) مدونة أبي غانم الخراساني ( ١ ) حالة كونه فسقا ً ، والفسق بينته آية: ﴿ ¡ ¢ £ ¤ ¥ ¦ ﴾ ] الأنعام: ١٤٥ [ ، ولكن هذا ضعيف، لأن الأصل إلا تحمل الواو على الحال إلا عندما يتعذر العطف. أما قول من قال: بأنه يمنع عطف الخبر على الإنشاء فلذلك جعلت الواو للحال فليس بشيء، إذ من المعهود أن يعطف الخبر على الإنشاء ويعطف الإنشاء على الخبر كما حررته في موضع آخر(١) ، ومما يدل على أن هذه الواو ليست للحال قوله تعالى فيما بعد: ﴿ ^]\[ _ a` e d c b ﴾ ] الأنعام: ١٢١ [ ، فلو كانت الجملة التي دخلت عليها الواو جملة حالية، لكانت هذه الجمل التي عطفت عليها حالية أ يضا ً ، مع أن جعل هذه الجمل الأخرى حالية أمر تعذر، ولما كان ذلك متعذرا ً هنا فكذلك تلك ا لجملة. وهناك الكثير من الشواهد الدالة على جواز عطف الخبر على الإنشاء والعكس، من ذلك قول الله تعالى: ﴿ H GF E D C B WVUT SRQPONMLK JI X [ Z Y \ ﴾ ] البقرة: ٢٢١ [ فإن كلا ّ من النهي الأول والأخير إنشاء عطف عليه خبر، وكذلك قوله سبحانه: ﴿ ÎÍÌËÊ ﴾ ] البقرة: ٢٨٢ [ فإن فيه عطف الخبر على ا لأمر. وبهذا يتبين أن المنع من أكل مما لم يذكر اسم الله عليه كان الترك عمدا ً أو نسيانا ً هو القول الصحيح، لا يقال: بأن الناسي معذور، لأنه في حالة أكله ليس بناس ٍ بل هو ذاكر، وقد نهي أن يأكل ما لم يذكر اسم الله عليه، وهذا يعني أن ذكر اسم الله تبارك وتعالى شرط لحلية المذبوح والشروط من خطاب ا لوضع. ١) راجع بحث الذبائح ا لمتقدم. ) وخطاب الوضع يختلف عن خطاب التكليف، إذ لا يراعى فيه الذكر أو النسيان، والشرط كما سبق هو من خطاب الوضع وقد عرفه أهل الأصول بأنه: الذي يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده الوجود ولا العدم لذاته، فإن لم تكن هنالك قرينة أو دليل يدل على تقييد الشرط بحالة الذكر فإن الأصل في الشرط أن يكون على إطلاقه، لا يتقيد بحالة الذكر دون النسيان. ولا بد مع هذا كله أن يكون المذكي إما مسلما ً أو كتابيا ً ، أما كونه مسلما ً فإن الأصل في المسلم أن يأكل ذبيحة المسلم كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسل ّ من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل » : م « ذبيحتنا فذلك المسلم(١) أي ذبيحة المسلمين، وأما الكتابي فلقول الله تبارك وتعالى: ﴿ ª« ¬ ® ¯° ± ³ ² ´ μ ¶¸ ¹ ﴾ ] المائدة: ٥ [ ، وقد قال المفسرون إن المراد بالطعام هنا  الذبائح. غير أن العلماء اختلفوا هل ذبيحة الكتابي مباحة على الإطلاق أو بشرط أن يكون ذميا ً ؟ فمنهم من اشترط أن يكون من أهل الذمة وعليه فلا تحل ذبيحة أهل الحرب، وهذا القول له وجه وجيه، لولا أنا نجد في صحيح البخاري ما يدل على خلافه، وهو أن الصحابة @ تغذوا بجراب شحم اليهود الذين كانوا محاصر بهم حصن خيبر مع أنهم كانوا في ذلك الوقت محاربين(٢) . .( ١) رواه البخاري، كتاب الصلاة، باب القبلة رقم ( ٣٨٤ ) ( ٢) رواه البخاري في أبواب الخمس باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب رقم ( ٢٩٨٤ ) ومسلم في كتاب الجهاد والسير باب جواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب رقم .(١٧٧٢) ولكن لا بد من مراعاة أن يكون الذبح من الكتابي بطريقة شرعية لا مخالفة فيها للشرع، فإن الله تبارك وتعالى حرم الموقوذة سواء كانت ًّ موقوذة مسلم أو موقوذة كتابي، وما كان الله تعالى ليحرم موقوذة المسلم ويبيح موقوذة الكتابي لما في ذلك من تمييز الكتابي على المسلم، ويأبى الله ذلك فقد قال: ﴿ @A B C D E F ﴾ ] النساء: ١٤١ [ ، وحرم الله 4 المنخنقة سواء كان الانخناق بسبب أو بغير سبب، ومن الأسباب أن ً يخنقها إنسان سواء كان مسلما ً أو غير مسلم، ومن عجيب الكلام أن يقال: ً بأن المنخنقة التي خنقها الكتابي تباح، بينما المنخنقة التي خنقها المسلم لا تباح! وهذا من الأقوال المستبعدة التي لا ينبغي التعريج عليها، كما قال ابن العربي إن النصراني مثلا ً لو خنق الدجاجة فإن أكلها حلال، مع أن ابن العربي ناقض نفسه بنفسه في نفس كتابه (أحكام القرآن) إذ نص قريبا ً من هذا الكلام على أن الذبيحة من الكتابي يشترط أن تكون موافقة لأحكام الذبح في الإسلام، وألا تكون مخالفة ً لها. هذا ولا بد من التأكد أن الذابح كتابي إذ كثير من الناس الآن ربما ظ ُ نوا كتابيين وليسوا بكتابيين بسبب تفشي الإلحاد ونبذ الدين في عالم اليوم لا سيما بلاد الغرب، ومن هنا يتعين على المسلمين إن كانوا في بلاد أجنبية أن يتقيدوا بأكل ذبيحة المسلمين أو ذبيحة الكتابيين الذين ت ُ يقنت كتابيتهم مع التزامهم الذبح بطريقة شرعية مباحة في الإسلام، على أن الذبح الحلال هو ما يتقرب به إلى الله دون سواه، فإنه لم يشرع للذابح أن يذكر اسم الله تعالى عند الذبح إلا لأجل الإيذان بأنه إنما يذبح بحكم الله الذي أحل له هذا الذبح وأحل له الانتفاع بالحيوان لتنتفي عنه صفة التعدي على حياة حيوان يحب البقاء ويكره الفناء كما سبق والله أعلم. :íHòdG á«Ø«c يقوم بعض الذابحين بقطع ما يسمونه بالقفل أو النخاع، فهل صح هذا في ا لذبيحة؟ جاء في الحديث الذي رواه الإمام ا لربيع بن حبيب 5 من رواية أنس ƒ أن النبي صلى الله عليه وسل ّ م نهى في الذبح عن الوخز والخزل والنخع والترداد. فالوخز: أن يطعن الذبيحة بالسكين. والخزل: هو قطع كل ا لرأس. والترداد: هو أن يردد المدية في حلق الدابة كما يردد ا لمنشار. والنخع: هو قطع ا لنخاع. وهذا كله لأجل أن يكون ذبح الذبيحة بطريقة فيها رحمة وليس فيها تعذيب، ولئلا يكون قطع النخاع مساعدا ً على موتها، وإن كان للعلماء خلاف في حل أكل ما تعمد قطع نخاعه، ولا خلاف في أنها تحل إن كان ذلك على سبيل الخطأ كما قال الإمام ا لسالمي 5 : ولا يجوز قطع كل الرأس وما به الخطا من باس وإنما ينهى أن يتعمد الإنسان ذلك. في المصانع الحديثة التي تقوم بتصدير الدواجن والطيور يصف عدد منها ثم ينادي أحدهم على سكين مدورة باسم الله ثم تقطع الجميع، هل يكفي ذلك؟ ٍ يشترط ذكر اسم الله عند ذبح كل واحدة منها، ولا يجزي أن يكون عند ذبح أولاها، كما قال الإمام ا لسالمي: وليس يجزي ذابحا ً شاتين إن سمى في الأولى من ا لثنتين التسمية هل هي باللفظة المعروفة، أم يكفي أن يذكر الله بأي لفظ آخر؟ لو قال: الله أكبر، أو سبحان الله، أو سبحان الله والحمد لله، أو بسم الله أجزاه ذلك والله أعلم. غير العربي هل يجزي أن يذكر اسم الله بلغته؟ غير العربي له أن يذكر اسم ربه 4 بلغته والله أعلم. هل يشترط استقبال القبلة في حالة ا لذبح؟ لا يشترط استقبال القبلة عند الذبح والله أعلم. هلا ذكرتم لنا بعض آداب ا لذبح؟ يؤمر الإنسان بأن يحرص على الرحمة في حال الذبح، فالنبي صلى  الله عليه وسل ّ إذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح » : م يقول « وفي رواية فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته(١) . ومعنى ذلك أنه لا يذبحها بسكين كليلة وإنما يذبحها بسكين حديدة(٢) حتى لا تتعذب عند ا لذبح. وكذلك من الآداب التي يؤمر بها أن يخفي السكين عن الحيوانات عندما يأتي لذبحها، ومما ينبغي أيضا ً أن ت ُ سقى قبل الذبح حتى تذبح وهي مرتاحة والله أعلم. .( ١) رواه مسلم في كتاب الصيد والذبائحباب الأمر بإحسان الذبح والقتل رقم ( ١٩٥٥ )٢) حديدة: صيغة مبالغة تدل على شدة ا لحد ) ّ ة كقوله تعالى: ﴿ h g f ﴾ . ذكرتم بأن من الآداب أن يخفي السكين عن الذبيحة وذكرتم أيضا ً أنها تسقى، البعض يقوم بذر بعض الملح على ظهرها هل هذا من السنة؟ لم أجد ذلك في السنة، ولم أجد ذلك في آثار أهل العلم والله أعلم. هل من الآداب أن لا يذبح الواحدة بجنب ا لأخرى؟ نعم، ذلك مما ينبغي والله أعلم. هل يصح الذبح بالشمال؟ لا مانع إن كان الذابح معتادا ً أو يستعمل الشمال، وإن كان الأفضل له أن يذبح باليمين والله أعلم. هل يشترط في الذبيحة أن تتحرك بعد الذبح، أم إذا ذبحها ولم تتحرم تحل؟ أما النسبة إلى المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع فهذه إن أدركت ذكاتها ذكيت، ويعرف إدراك ذكاتها بتحركها، فإن حصلت منها حركة فإن تلك الحركة تدل على أن بها حياة، أما ما كان حيا ً غير مصاب بشيء من أول الأمر وذبح فإنه لا يشترط تحركه، لأن في تيقن حياته عند الذبح وعدم حدوث ما يعجل موته ما يغني عن هذا الشرط، وإن كان ليس من المعهود أن تذبح بهيمة من غير أن تتحرك والله أعلم. بالنسبة للأبكم هل يصح له أن يذبح؟ بناء على اشتراط ذكر اسم الله فأخرس اللسان والأبكم لا يباح لهما أن يذبحا والله أعلم. هل يشترط في السكين التي يذبح بها طول معين؟ طولها بمقدار ما تكون صالحة لتذكية ذلك الحيوان والله أعلم. ذكرتم خلافا ً في وجوب قطع الحلقوم فهل من اقتصر على قطع الودجين تصح ذبيحته؟ الذي نأخذ به أنه لا بد من قطع الحلقوم والمريء، وكثير من أهل العلم يرون الاقتصار على قطع الودجين والله أعلم. قال 4 : ﴿ P Q R S T U V W X ZY [ \ _ e d c b a ﴾ [ [الأنعام: ١٢١ ، ` ^ ]  أرجو من سماحة المفتي أن يوضح لنا معنى هذه الآية وما هو الهدف منها؟ وهل تنطبق هذه الآية على ما يستورد في هذه الأيام؟ وهل هنالك فرق بين ما يستورد من بلد إسلامي أو غير إسلامي؟ إن ا لله 4 قد ا مت َ ن على عباده بما أحل لهم من الطيبات، ومن هذه الطيبات التي أحلها لهم لحوم الأنعام وغيرها من الحيوانات المحللة للإنسان كالطيور والأسماك، ولا شك أن توصل الإنسان إلى الاستمتاع بهذه اللحوم من هذه الحيوانات مع أنها ذات حياة ومع أنها تتألم كما يتألم الإنسان إنما هو بحكم الله الذي شرف هذا الإنسان ومنحه الحق في تذكية الحيوانات ّ المحللة للتغذي والاستمتاع بلحومها، وعليه فإن توصل الإنسان إلى استباحة لحوم الطيبات إنما هو بطريق حكمه 4 ، فلذلك شرع ذكر اسم الله تعالى عند ذبح الذبيحة إعلاما ً بأن الذابح إنما استباح ذبح هذا الحيوان واستساغ أن يسطو عليه باسم الله وحده لا باسم غيره، ولقد جاء في القرآن الأمر بذكر اسم الله تعالى عند التذكية، والأمر بأكل ما ذكر اسم الله عليه والنهي عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه، فالأمر بذكر اسم الله تعالى هو في قول ا لحق 4 : ﴿ے ¡ ¢ £ ¤ ﴾ ] الحج: ٣٦ [ ، والأمر بأكل ما ذكر اسم الله عليه هو في قول الحق تعالى: ﴿ Ì Í Î Ï Ð Ñ ﴾ ] الأنعام: ١١٨ [ ، والنهي عن أكل ما لم ي ُ ذكر اسم الله عليه جاء في هذه الآية الكريمة: ﴿ RQP a` _ ^ ] \ [ ZY X W V U T S bc d e ﴾ ] الأنعام: ١٢١ [ ، وهذه الآية الكريمة تدل بمنطوقها على تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه كما تدل بمفهومها على إباحة أكل ُ ما ذكر اسم الله عليه، والآية الأخرى وهي قول الحق تعالى: ﴿ ÎÍÌ ÏÐ Ñ ﴾ ] الأنعام: ١١٨ [ دالة بمنطوقها على إباحة أكل ما ذكر اسم الله عليه وبمفهومها على النهي عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه، فما دلت عليه هذه ُ الآية بالمنطوق دلت عليه تلك بالمفهوم، ودلالة كل واحدة من الآيتين شادة من دلالة الآية الأخرى، والعلماء مع هذا كله اختلفوا من لدن الصحابة @ في أكل ما لم يذكر اسم الله تعالى عليه، منهم من أباح على الإطلاق أكل ُ الحيوان المحلل إذا ذبح من غير ذكر اسم الله تعالى، وقد روي هذا القول عن طائفة من الصحابة، منهم: ابن عباس وأبو هريرة @ ، وروي عن الإمام جابر بن زيد وغيره من التابعين وهو قول الإمام الشافعي. وذهب طائفة من الصحابة منهم: ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وطائفة من التابعين كمحمد ابن سيرين، وطائفة من أئمة العلم كالإمام مالك، وهو رواية عن الإمام أحمد، إلى تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله تعالى عليه من ُ غير أن يفرقوا بين أن يكون ترك ذكر اسم الله تعالى عمدا ً أو نسيانا ً ، وروي عن ّ الإمام مالك والإمام أحمد التفرقة بين حالتي العمد والنسيان كما روي أيضا ً عن الإمام أبي حنيفة وهو القول المشهور في المذهب الحنفي، وهذه الأقوال كلها موجودة عند أصحابنا رحمهم الله كما جاء ذلك في النيل وشرحه. وهناك قول آخر روي عن أشهب من أصحاب مالك وهو الكراهة إذا كان الترك من غير استخفاف بالاسم الكريم. وينبغي أن نناقش وجوه هذه الأقوال مع هذا النص الصريح في القرآن الكريم ومع الأحاديث الكثيرة عن رسول الله ژ التي هي صريحة في الأمر بذكر اسم الله تعالى عند الذبح أو عند إرسال السهم أو إغراء الكلب، كما جاء ذلك في أحاديث الشيخين من طريق عبادة بن الصامت وغيره، ومن ما أنهر الدم وقطع الجلد وذكر اسم الله عليه فكلوا ليس » : هذه الأحاديث « السن والظفر(١) ، فالحديث صريح في اشتراط ذكر اسم الله تعالى، والعلماء الذين بحثوا في هذا الخلاف مع وجود النص الصريح في القرآن الكريم على النهي عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه انقسموا إلى قسمين، فمنهم من نظر إلى المسألة من ناحية قواعد اللغة العربية، ومن هؤلاء أبو البقاء في الكليات، فقد صور مناظرة بين الشافعي وأبي حنيفة في هذه المسألة، وذلك أن الإمام أبا حنيفة أخذ يناقش الإمام الشافعي في إباحة إكل ما لم يذكر اسم الله عليه قائلا ً له: من أين لك ذلك مع أن الله تعالى يقول: ﴿ QP RS T U V W X Y ﴾ ] الأنعام: ١٢١ [ ، فأجابه: بأن النهي في الآية الكريمة مقيد بكون المذبوح فسقا ً ، والفسق قد بينته آية أخرى وهي قول الله تعالى: ﴿ ¡¢ £ ¤ ¥ ¦ ﴾ ] الأنعام: ١٤٥ [ ، وذلك أن الواو واو الحال وليست عاطفة، ومن شأن الحال أن تفيد التقييد، فأجابه الإمام أبو حنيفة: من أين لك ذلك مع أن جعلها للحال أمر مجازي لا يصار إليه إلا مع القرينة الصارفة لها عن حقيقتها وهي العطف، فأجابه: إن القرينة هاهنا قائمة وهي ّ ( ١) رواه البخاري في كتاب الشركة باب من عدل عشراف من الغنم بجزور رقم ( ٢٣٧٢ ) .( ومسلم في كتاب الأضاحي باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم رقم ( ١٩٦٨ امتناع عطف الخبر على الإنشاء، فأجابه: بأن ذلك ليس مجمعا ً عليه وأن وجود التأكيد في قوله ﴿ v ﴾ وفي قوله ﴿ Y ﴾ مما يدل على أن الجملة غير حالية لأن الحال لا يحتاج إلى تأكيد. وفي الواقع أننا إذا نظرنا إلى هذه المناقشة رأينا أنها تدور حول جعل الواو للحال أو جعلها للعطف، فمن جعلها للحال استند إلى أن الخبر لا يعطف على الإنشاء، فإن قول الله تعالى: ﴿ <= ﴾ إنشاء، وقوله: ﴿ XY ﴾ خبر، والخبر لا يعطف على الإنشاء، ولكن إذا رجعنا إلى الآية نفسها وجدنا ما يدل على أن الواو ليست هاهنا للحال فإن الله تعالى يقول بعد ذلك: ﴿ [\ ] ^ _ ` c b a de ﴾ ] الأنعام: ١٢١ [ ، ومن المعلوم أن قوله تعالى: ﴿ \[ ]^ _ ` ﴾ ] الأنعام: ١٢١ [ لا ي ُ راد منه الحال، إذ لو كان المراد منه الحال للزم تقييد النهي بهذه الحالة وهي حالة مجادلة الشياطين، ومن المعلوم أن الحرف العاطف إذا تخلل الجمل المتعاطفة يجعل حكمها كحكم الجملة الواحدة، وقول الله تعالى: ﴿ XY ﴾ عطف عليه قوله: ﴿ [\ ] ^ _ ` ﴾ فلو كانت الواو للحال فيه لزم أن ينسحب حكم الحال على الجمل المعطوفة على هذه الجملة، وأيضا ً فإن الخبر ها هنا في حكم الإنشاء لأنه سيق مساق التأكيد للإنشاء كما في قول الله تعالى: ﴿ onmlkjihg ﴾ ] النور: ٤ [ وإذا كان الخبر مسوقا ً مساق التأكيد للإنشاء أعطي حكم الإنشاء وجاز عطفه عليه، على أن الصحيح جواز عطف الخبر على الإنشاء مطلقا ً كالعكس كما بينته في غير هذا الموضع(١) ، والفريق الثاني من العلماء رد الخلاف إلى ١) راجع بحث الذبائح ا لمتقدم. ) مسألة أصولية لها ارتباط بهذه المسألة، ومن هؤلاء القرطبي في تفسيره، فقد رد الخلاف إلى القاعدة المشهورة عند الأصوليين وهي أن الحكم العام هل يكون مقصورا ً على سببه الخاص أو أنه لا تأثير لخصوص السبب في تخصيص عموم اللفظ؟ والمشهور عند الأصوليين والفقهاء أنه لا عبرة بخصوص السبب مع عموم اللفظ، إذ لو كانت العبرة بخصوص السبب للزم قصر عمومات كثيرة على أسبابها الخاصة، وبذلك يكون الحكم لا يتعدى الشخص الذي كان سببا ً لوروده، والذين قالوا بأن حكم العموم يقصر على سببه الخاص نظروا إلى أن هذه الآية الكريمة قد نزلت بسبب خاص، فإنه ورد في جامع الترمذي وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن سبب نزول الآية الكريمة أن المشركين احتجوا على المسلمين وقالوا: أنأكل ما قتلنا ولا نأكل ما قتله الله؟ (١)ومعنى ﴿ c ﴾ في الآية الكريمة أي أن أطعتموهم في تحليل الميتة، فهل تكون هذه الآية قاصرة على هذا السبب الخاص ويكون النهي فيها مقصورا ً على ما مات حتف أنفه ولم يذكر اسم الله عليه ولا يشمل ما ذبح ولم يذكر اسم الله عليه، أو ينسحب هذا الحكم على كل ما لم يذكر اسم الله عليه سواء مات حتف أنفه بدون ذبح أو مات ً بذبح؟، والذين يفرقون بين العمد والنسيان يحتجون بقول ا لرسول ژ : « رفع عن أمتي الخطأ والنسيان »(٢) ، كما يحتجون بحديث ورد موقوفا ً على ُ ابن عباس، وروي أيضا ً مرفوعا ً يجزي » : إلى ا لنبي ژ ووقفه هو الصواب « الذابح اسمه إذا لم يذكر اسم الله فليسم الله وليأكله(٣) ، وجاء أيضا ً : اسم الله » .( ١) رواه الترمذي في كتاب تفسير القرآن باب ومن سورة الأنعام رقم ( ٣٠٦٩ ) .( ٢) رواه ابن ماجة في كتاب الطلاق باب طلاق المكره والناسي رقم ( ٢٠٤٣ )٣) رواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصيد والذبائح باب من ترك ا لتسمية. ) « على قلب كل مسلم(١) ، ولكن الحديث موقوف على ابن عباس رضي الله تعالى عنهما إذ لم يثبت مرفوعا ً ، ولا حجة في الموقوف إن عورض برأي آخر من الصحابة، وقد عول على هذا المروي عن ابن عباس جماعة من العلماء فقالوا: إن اسم الله تعالى قار في قلوب المسلمين فهو يجزي عن ذكره بألسنتهم عند الذبح، وهؤلاء يرد عليهم بأن الله تعالى يقول في القرآن: ُّ ﴿ cd e f g h i j k ﴾ ] العنكبوت: ٤٩ [ ، ومع ذلك فإنه لا يجزي كونه آيات بينات في صدورهم عن تلاوتهم له في الصلاة، وكما  هو معلوم أن النهي لم يأت بصيغة ولا تذبح بدون ذكر اسم الله وإنما جاء بصيغة: ﴿ PQ R S T U V W ﴾، وهو يعم ما ترك ذكر اسم الله تعالى عليه عمدا ً أو نسيانا ً ، وبعض العلماء قالوا: إن الذبح إيلام والإيلام يتنافى مع ذكر اسم الله تعالى، وهذا شيء يخالف النصوص القاطعة، ولقد استنكر ذلك ابن العربي المالكي الفقيه المشهور فقال: وأعجب من رأس المحققين إمام الحرمين حيث قال: إن الذبح إيلام وهو يتنافى مع ذكر اسم الله تعالى، ومما احتج به من أباحوا أكل ما لم يذكر اسم الله عليه ما جاء في الحديث عن عائشة أم ا لمؤمنين # أنها قالت: سئل رسول الله ژ عن ذبائح سموا الله أنتم » : الأعراب وقيل له: لا ندري أذكروا اسم الله عليها أم لا؟ فقال « وكلوا(٢) وذكر بعضهم: بأن الحديث يؤكد وجوب ذكر اسم الله ولكنه يعين ذكر اسم الله تعالى وأنه في حالة الأكل لا في حالة الذبح، ولكن هذا الرأي مردود لأن الله تعالى يقول: ﴿ PQ R S T U V W ﴾ ] الأنعام: ١٢١ [ تصرفه إلى المضي وليست « لم » تخلص المضارع للاستقبال و « لا» و هنالك حالة في المضي قبل حالة الأكل إلا حالة الذبح، ومما يؤكد ذلك ١) رواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصيد والذبائح من ترك ا لتسمية. ) .( ٢) رواه البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب طبيحة الأعراب، رقم ( ٥١٨٨ ) قول الله تعالى: ﴿ ے ¤£¢¡ ﴾ ] الحج: ٣٦ [ ولا ريب أن ذلك في حالة النحر لا حالة الأكل، أما قول ا لرسول ژ : « سموا الله أنتم وكلوا »(١) فإنه إنما يدل على التسامح في ذبائح المسلمين وإن أسلموا من جديد أو كانوا من الأعراب حسن ظن بهم، فإن الأصل في ذبيحة المسلم أن تكون موافقة الطريقة المشروعة ا لجائزة. ويستخلص من هذا كله أن الراجح أن الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها تحرم سواء كان الترك عمدا ً أو نسيانا ً ، من دون تخطئة لمن لم يقل بهذا ً القول، أما الذبائح المستوردة من بلاد أخرى فالنظر إلى الجهة المستورد منها، هل هي بلد إسلامي أو غير إسلامي، فإن كان البلد الذي استوردت منه بلدا ً إسلاميا ً فيحكم على ذبائحهم أنها محللة كما قال رسول الله ژ سموا الله أنتم » : في ذبائح القوم الذين كانوا جديدي عهد بدخول الإسلام وأما إذا كانت مستوردة من بلد غير إسلامي فلا بد من ضامن يضمن ،« وكلوا ذبحها على الطريقة المشروعة في الإسلام، لا سيما في هذا الوقت الذي كثر فيه الذبح بالطرق غير المشروعة في الإسلام كالخنق وكالصعق الكهربائي، ومع ذلك فلا بد من أن يضمن هذا الضامن أن الذابح ممن تجوز ذبيحته في الإسلام والله 4 أعلم. كثير من الناس عندما يذبح الذبيحة يقطع عظمة الرقبة والبعض الآخر يقطع الرقبة كاملا، ً فهل يجوز ذلك أم لا؟ وإذا كان لا فكيف تكون الطريقة ا لصحيحة؟ ينهى عن ذلك ولكن، إن وقع ذلك خطأ فلا حرج، والطريقة الصحيحة ُ .( ونحوهم رقم ( ٥١٨٨ « ذبيحة الأعراب » ١) رواه البخاري في كتاب الذبائح والصيد باب ) هي قطع الودجين والحلقوم والمريء ويبقى ما بعد ذلك والله تعالى أعلم. ما رأيكم في قطع عظم الرقبة أثناء الذبح هل هو جائز أم أنه محرم أم مكروه؟ لا يجوز قطعه جميعا ً عمدا ً ، ومن أخطأ فلا حرج عليه، وإنما يجب قطع الحلقوم والمريء والودجين والله أعلم. في محلات الدواجن يتم الذبح بطريقة معكوسة، الرأس في الأسفل والأرجل في الأعلى، فما حكم هذا ا لذبح؟ هذه الطريقة لا تؤدي إلى حرمة الذبيحة والله أعلم. ما رأيكم في عقر البقرة واقفة؟ وهل حكمها كحكم الإبل في ا لعقر؟ اختلف في البقر هل تنحر كالإبل أو تذبح كالغنم، والثاني هو الراجح لقوله تعالى: ﴿ ty x w v u ﴾ ] البقرة: ٦٧ [ وعند من يختار النحر فإنها تنحر قائمة على ثلاث مع كف يدها والله أعلم. ما الذي يجب قطعه من رقبة الذبيحة عند الذبح في الذكاة الشرعية؟ وهل تموت الذبيحة بذلك؟ يجب قطع الودجين والحلقوم والمريء وبذلك تموت الذبيحة إن شاء الله والله أعلم. هل يجوز قطع العظم الذي يوجد في الرقبة (والذي يسمى عندنا بالقفل)؟ وهل تكون الذبيحة حلال إذا تم قطع ذلك ا لعظم؟ إنما يمنع قطع النخاع وما دون النخاع لا يمنع قطعه والله أعلم. شخص مرت عليه فترة طويلة وهو يقطع عظم الرقبة أثناء الذبح جهلا ً منه، فماذا عليه في الذبائح التي أكلها؟ ليس عليه في ذلك شيء فيما مضى، وليحذر قطع النخاع في المستقبل والله أعلم. ورد الخلاف بين الفقهاء في مسألة (الذبح من القفا) فعن الأصحاب رحمهم الله تعالى بأنهم يفرقون في حكم الذبيحة التي ذبحت من القفا بين الخطأ والعمد، ولكن ورد عن الشيخ ا لسالمي 5 في جوهره: ولا يجوز الذبح من قفاها وكل من يفعله ألقاها وظاهره التشديد في ذلك. فما معتمد الأصحاب في ذلك؟ وما هو القول الراجح في هذه ا لمسألة؟ الذبح من قفاها يؤدي إلى قطع النخاع المنهي عنه قبل قطع الأوداج، فلذلك شدد الإمام ا لسالمي 5 في ذلك والله أعلم. طلبة ع ُ مانيون في أمريكا يقولون: نواجه بعض الصعوبات في الحصول على محلات لبيع اللحم الحلال وإن وجدت فهي بعيدة جدا ً . والسؤال ما رأيكم في اللحوم المقدمة في المطاعم والمحلات غير ا لمسلمة؟ أولا :ً علينا أن ندرك بأن ذبح الحيوان لا بد أن يكون بطريقة لا تختلف عما شرع الله 4 ، والله سبحانه قد حرم في أحوال عديدة ما هو حلال في ّ الأصل وذلك لتلبسه بما أدى إلى حرمته، وهو ما نص عليه قوله تعالى: ﴿ !" # $ % & ' ( ) * + , - ./ 0 1 2 3 4 5 6 7 8 9 ﴾ ]المائدة: ٣ [ ، فلئن كانت هذه اللحوم مذبوحة بطريقة شرعية ممن تجوز ذكاته شرعا ً ، وذلك بأن يكون المذكي مسلما ً ، أو كتابيا ً مع تيقن كتابيته فإن أغلب الغربيين أصبحوا اليوم ملاحدة ولم يعودوا كتابيين ففي هذه الحالة لا مانع من أكلها إن لم تكن إماتتها بطريقة غير جائزة شرعا ً ، إذ لم يكن الله تعالى ليحرم الوقذ من مسلم ويبيح الموقوذة إن كان واقذها كتابيا ً ، فإن الموقوذة محرمة سواء كان الواقذ مسلما ً أو كان كتابيا ً أو غيرهما، وكذلك حرم الله ًّ تبارك وتعالى المنخنقة، سوءا ً كان الخانق كتابيا ً أو مسلما ً أو من سائر الملل أو اختنقت بنفسها من غير أن يخنقها أحد، وهكذا يحرم كل ما كان مذبوحا ً على غير الطريقة الشرعية، والله ا لمستعان. :ˆG ô«¨d íHP Ée بعض من الناس يذبحون في اليوم العاشر من رجب باعتباره عيدا ً فما حكم من أكل منه أو من ذبح في ذلك اليوم باعتقاده أنه إطعام؟ ليس هو بعيد واعتباره عيدا ً بدعة، وما ذبح للبدعة يجب التنزه عن الأكل منه، لأنه لم يذبح لله والله أعلم. أراد رجل أن يضحي بشاة في حرم مسجد من المساجد ثم يقوم بتوزيعها على من حضر من الفقراء والمساكين بالتساوي، فهل يجوز ذبح الأضحية في حرم ا لمساجد؟ يجب تنزيه المساجد من كل ما يلوثها، فلا يجوز الذبح في حرمه والله أعلم. :ó«°üdG ما رأيكم في بيع واستئجار كلاب ا لصيد؟ جاء في الحديث الصحيح النهي عن ثمن الكلب، ففي مسند الإمام الربيع ابن حبيب: أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي ژ أنه: نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن(١) . ورواه الشيخان عن أبي مسعود الأنصاري ƒ أن رسول الله ژ نهى عن ثمن الكلب.. إلخ، ورواه أصحاب السنن وغيرهم(٢) ، وهو محمول على التحريم لأنه الأصل في النهي ولم يفرق أكثر العلماء بين كلاب الصيد وغيرها لعموم النهي، ولأن حكم النجاسة شامل لها وهي علة النهي عندهم، وذهب عطاء والنخعي إلى جواز بيع كلب الصيد دون غيره، واستدل له بما أخرجه النسائي من حديث جابر بن عبد الله ƒ قال: نهى رسول الله ژ عن ثمن الكلب إلا كلب الصيد(٣) . ولئن ثبت هذا الحديث فلا مناص عن الاعتماد على تخصيصه لعموم النهي لأن الخاص مقدم على العام، ويسوغ أن يقاس عليه ما أبيح : اقتناؤه لمنفعة كما جاء في مسند الإمام الربيع من طريق عائشة # مرفوعا ً من اقتنى كلبا » ً قال جابر: « لا لزرع ولا لضرع نقص من أجره كل يوم قيراط « قيراطان » وفي رواية(٤) ورواه مالك في الموطأ والشيخان في صحيحيهما .( ١) رواه الربيع، كتاب الأشربة من الخمر والنبيذ، باب في المحرمات، رقم ( ٦٣٣ ) ٢) رواه البخاري، كتاب البيوع، باب موكل الربا، رقم ( ٩٨٠ )، ومسلم، كتاب المساقاة، باب ) تحريم ثمن الكلب، رقم ( ١٥٦٧ )، وأبو داود، كتاب البيوع، باب في حلوان الكاهن، رقم ٣٤٢٨ )، كتاب النكاح، باب ما جاء في كراهية مهر البغي، رقم ( ١١٣٣ )، والنسائي، ).( كتاب الصيد والذبائح، باب النهي عن ثمن الكلب، رقم ( ٤٢٩٢ .( ٣) رواه النسائي، كتاب الصيد والذبائح، باب الرخصة في ثمن كلب الصيد، رقم ( ٤٢٩٥ ) .( ٤) رواه الربيع، كتاب الأيمان والنذور، باب في الترويع والكلاب، رقم ( ٧١٢ ) من حديث سفيان ابن أبي زهير ƒ (١) ، وهو ظاهر ما في النيل وشرحه فقد قال صاحب ا لنيل 5 في ذكر مناهي البيوع: وثمن كلب غير معلم. قال القطب في شرحه: وأجاز الشيخ أن تأخذ ثمن الكلب إذا بعته لمن يكسبه لضرع وزرع أو صيد، ومراده بالشيخ صاحب الإيضاح غير أني لم أجد في الإيضاح هذا التفصيل، وإنما حكى فيه الخلاف في جواز بيع الكلاب ونصه: وأما ما كان فيه اختلاف العلماء فإن بيعه على قدر اختلافهم، فمن حرم حرم ومن حلل حلل ومن كره كره ولا يقطعون عذر من يفعل شيئا ً من ذلك، مثل ثمن الكلاب وغيرها من ذوات المخالب والأنياب ثم ذكر حديث ابن عباس ولعله فصل في مكان آخر. هذا ولئن ساغ بيع كلاب الصيد فلا ريب أنه يجوز أخذها بالأجرة إن كان ذلك لمدة معلومة وبأجر معلوم حتى ينتفي الغرر والله أعلم. ١) رواه البخاري، كتاب المزارعة، باب اقتناء الكلب للحرث، رقم ( ٢١٩٨ )، ومسلم، كتاب ) .( المساقاة، باب الأمر بقتل الكلاب، رقم ( ١٥٧٤ (1)äÉÑ«£dG πcCG يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ M N O P Q R S T ZYXWVU﴾ . :É¡∏Ñb ɪH ájB’G •ÉÑJQG هذه الآية فصلت عما سبقها ولم تعطف عليها لأجل ما بينهما من كمال الانفصال، ومهما يكن فإن التناسب بينها وبين ما سبقها واضح، ذلك لأن ا لله 4 أباح لعباده وهم مطلق البشر فيما سبق أكل الطيبات من الرزق، وحذرهم من اتباع مسالك الغي والضلالة بتقليد الآباء والرؤساء في تحريم ما أباح الله من الطيبات وتحليل ما حظر من الخبائث، وضرب مثلا ً لأولئك من ينعق بمن لا يسمع دعاء ولا نداء، ثم وجه هذا الخطاب ّ من بعد لعباده المؤمنين، والخطاب السابق وإن كان شاملا ً لجميع طوائف الناس، بحيث يدخل فيه المؤمنون وأهل الكتاب والمشركون على الصحيح، فإن تخصيص هذا الخطاب بالمؤمنين لأجل التنويه بمكانتهم، والتعريف بقدرهم، ومن ناحية أخرى فإنه يحتمل كما قال بعض المفسرين أن يكون وضع المؤمنين في الرغبة فيما عند الله واحتقار الدنيا بجانب الدار الآخرة التي هي منتهى الترحال، والتي أعد ّ الله فيها لعباده المتقين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، مما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، من دواعي الصدود عن تناول كثير من الطيبات التي خلقها ا لله 4 في هذه الأرض لعباده، فبينت لهم هذه الآية الكريمة أن الطيبات لا ينبغي ١) أصل هذه المادة تفسير الآية ( ١٧٢ ) من سورة البقرة من دروس التفسير التي يلقيها سماحة ) المفتي العام للسلطنة، أحببنا إلحاقها بالكتاب إتماما ً للفائدة. لأحد أن يتجنب تناولها تدينا ً وعفة، لأن ا لله 4 أباحها، وتناولها سبب من أسباب شكره 8 . وذكر الفخر الرازي أن الآيات السابقة من هذه السورة كانت تدور حول العقيدة، وأن هذه الآية وما بعدها دخول في جانب آخر من مقاصد القرآن وهو جانب التشريع، وسوغ الإمام محمد عبده ما قاله الفخر، وذكر أن ما ّ جاء في الآيات السابقة من ذكر الأحكام الشرعية إنما جاء عرضا ً واعتراضا ً ، والمحور الذي تدور عليه الآيات السابقة هو العقيدة، لأنها في الداعي وهو الرسول ژ وفيما أنزل عليه، وخطاب بني إسرائيل الذي أخذ جانبا ً كبيرا ً مما تقدم من الآيات لم يخرج عن ذلك، فإن كل ذلك لأجل تقرير أن هذه الدعوة التي بعث بها رسول الله ژ هي حق من عند ا لله 8 ، وأنها لا يشوبها شيء من شبه قد تغطي شيئا ً من جوهرها عن عقول ا لناس. أما هذه الآية وما بعدها من الآيات فإن المقصود فيها بالأصالة جانب التشريع، وذلك أن ا لله 4 بين بعدما أحل لعباده هنا الطيبات ودعاهم إلى ّ تناولها ما يحرم عليهم من أنواع المأكولات، ثم بعد ذلك تناولت الآيات جوانب متعددة من الأحكام التشريعية؛ كجانب الإنفاق والإيصاء والقصاص والصيام والحج والقتال والنكاح والعدة والإيلاء، وغير ذلك من الأحكام التي انتهت بقول ا لله 4 ﴿ : ^]\[ZY_ ﴾ ] البقرة: ٢٤١ [ ، ثم بعد ذلك كان سياق الآيات جانب آخر وهو جانب التاريخ وذلك في قوله تعالى: ﴿ jk l m n o p q r s t ﴾ ] البقرة: ٢٤٣ [ وهكذا استمرت الآيات تتناول تارة ً جانب التاريخ وتارة ً أخرى جانب التشريع، وعلى أي حال فإن التناسب الذي بين موضوع وآخر من الموضوعات التي يتناولها الكتاب العزيز كالتناسب الذي يكون بين آية وأخرى، فالقرآن الكريم لم ينزل مفككا ً بل أنزل مترابطا ً ، وجمع القرآن الكريم بتوقيف من ا لله 4 على لسان الشارع عليه أفضل الصلاة والسلام، الذي كان يأمر أن توضع كل آية من الآيات موضعها من السورة، وأن تكون السورة التي شاء ا لله 4 أن تكون فيها متناسقة في ترتيبها منسجمة في نظمها. :áªjôμdG ájB’G »a iOÉæªdG والنداء في قوله تعالى: ﴿ MN O ﴾ لمطلق المؤمنين، ولا أرى وجها ً للذي سوغه الإمام أبو حيان؛ وهو أن يكون خاصا ً وإن كان لفظه عاما ً بأهل المدينة، لأن خطاب القرآن الكريم خطاب يوجه إلى جميع ّ البشر، ويتخطى حدود الزمان والمكان، فلا يحصر في طائفة معينة من الناس، فهو تشريع مستمر وليس خاصا ً بأهل المدينة وحدهم، كيف وما ينطوي عليه حكم عام يشمل جميع المؤمنين، فلذلك كان هذا الخطاب على القول الصحيح متجاوزا ً لحدود الزمان والمكان، فهو يتجاوز حدود العصر الذي بعث فيه الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، ويتجاوز أ يضا ً حدود المكان الذي تنزلت فيه الآية ا لكريمة. :áªjôμdG ájB’G »a ôeC’G ºμM الأمر في قوله 4 ﴿ : P ﴾ هو أمر إباحة عند جمهور المفسرين، وسوغ بعضهم أن يكون للإباحة تارة وللندب تارة ً ، وللوجوب تارة ً أخرى؛ باختلاف المقامات، ذلك لأن مطلق الأكل مع غض النظر عن العوارض الذي تعرض له هو مباح، لأن منفعته دنيوية، ولكنه قد يكون مندوبا ً إليه إذا كان الأكل مع ضيف يشق عليه أن يأكل بنفسه، ويكون للوجوب إذا كان بدونه يضعف المسلم عن أداء الواجبات الشرعية التي كلفه الله بها وذلك لضعف بدنه إن لم يأكل، فيضعف مثلا ً عن إقام الصلاة والصوم وأداء مناسك ا لحج. وذهب الإمام محمد عبده إلى أن هذا الأمر للوجوب ونفى أن يكون للإباحة، ولم يفصل وجه كونه للوجوب، إلا أنه أتى ببعض الإشارات التي يفهم منها أن نزول هذا الأمر كان لأجل صرف المسلمين عن منهج القوم الكافرين، سواء أكانوا من أهل الكتاب أو المشركين، فإنهم قد ً حرموا على أنفسهم طيبات أحلت لهم، واعتبروا بأن عدم الأكل من هذه الطيبات من باب الدين، فكان أمر المسلمين بأن يأكلوا منها للاستقلال بهم عن مهيع أهل الكفر والخروج بهم عن الفكر الجاهلي العقيم، ولأجل تقرير عقيدتهم في حكم هذه الطيبات التي خلقها الله 4 لعباده، ولأن أولئك القوم الذين كانوا يحرمون هذه الطيبات إنما كانوا يستوحون هذا الحكم من وساوس الشياطين، وتقليد الرؤساء الحاضرين والغابرين، فكان فعلهم ذلك مخالفة صريحة لما حكم الله 4 به وشرعه لعباده، فلذلك كان الواجب على المسلمين أن يكون صنيعهم مخالفا ً لصنيع أولئك، واختار القطب في الهميان مذهبا ً آخر ولم يشر إليه في ا لتيسير وهو أن يكون في الآية تركيب مجازي وليس باستعاري بأن تكون هذه الآية سيقت مساق الأمر بالأكل من الطيبات مع أن المقصود بذلك النهي عن الأكل من الخبائث وحقيقة الأمر أن تحريم الأكل من الخبائث يستفاد من إباحة الطيبات، فإن المباح إذا كان محصورا ً فيما كان طيبا ً فلا ريب أن الخبيث خارج عن إطار هذا المباح، لعدم إمكان أن يكون الخبيث كالطيب. :É¡H OGôªdGh äÉÑ«£dG والمقصود بقوله 4 ﴿ : W ﴾ في هذه الآية الكريمة على القول الصحيح كل ما أحل الله 8 ، وبخلاف ذلك كل ما حرم الله فهو معدود من الخبائث، وقد أجاد ابن تيمية في بيان ماهية هذه الطيبات التي أباحها الله سبحانه، حيث قال: إن الطيبات التي أباحها الله تعالى لعباده ما كان غير ضار بالعقل والأخلاق، أما ما كان ضارا ً بهما فهو خارج من حيز الطيبات، وهو في تعداد الخبائث، ولذلك كانت تحريم الخمر أم الخبائث، لأجل إضرارها بالعقل ودفعها إلى أنواع من المنكرات، وعلى العبد أن يدرك أن كل ما أباحه ا لله 4 هو نافع غير ضار إذا تناوله بالطريقة الطبيعية المباحة، ولم يتعد في هذا التناول الحدود الشرعية المعقولة، أما ما كان من المحرمات فعلينا أن نقطع جازمين بأنه خبيث مهما بدا للناس أنه طيب لا مضرة فيه. والدليل على أن المقصود بالطيبات هنا ما أحل ا لله 8 أمران: أولهما: أن الله تعالى وصف رسوله ژ في سورة الأعراف بقوله: ﴿ WVU XY Z ﴾ ] الأعراف: ١٥٧ [. ثانيهما: ما رواه الإمام أحمد ومسلم والترمذي وابن أبي حاتم وابن المنذر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ژ : يا أيها الناس إن الله طيب »لا يقبل إلا طيبا ً ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: ﴿ qr s t u v w x y z { | ﴾ ] المؤمنون: ٥١ [ وقال: ﴿ MN O P RQS T ﴾ ] البقرة: ١٧٢ [ ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يرفع يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه « حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك (١) .( ١) رواه مسلم، كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة ( ١٠١٥ ) فسرد ا لنبي ژ هذه الآية الكريمة في معرض التحذير من الحرام دليل على أن المقصود بالطيبات فيها ما كان حلالا ً محضا ً. :¥RôdG ΩÉ°ùbCG وقد استدل بهذه الآية الكريمة جمهور الأمة الذين يقولون: بأن الرزق ينقسم إلى حلال وحرام، وذلك مخالف لقول المعتزلة الذين يقولون: بأن الرزق لا يكون إلا حلالا، ً وما كان حراما ً لا يعد رزقا ً ، وقد سبق أن تحدثت عن هذه المسألة في الدروس السابقة، ودونت ما ذكرته في الجزء الثاني من التفسير، ورجحت ما ذهب إليه الإمام ابن أبي نبهان من أن هذه المسألة لا تعد من مسائل الأصول التي يضلل فيها المخالف، وإن كان الراجح ما ذهب إليه الجمهور، ووجه دلالتها على ذلك دلالة ﴿ t ﴾ على التبعيض في قوله ﴿ TSRQPONM ﴾ ] البقرة: ١٧٢ [ ، ومعنى ذلك أن ما رزق الله منه ما يكون طيبا ً ومنه ما لا يكون طيبا ً ، والطيب هو الحلال، وغير الطيب هو الحرام، وكان تخلص المعتزلة من ذلك أن قالوا: بأن المقصود بالطيبات المستلذات كما ذهب إلى ذلك الزمخشري، وقد مال إلى هذا الرأي جماعة من المفسرين من غير المعتزلة، ومنهم من جعل ذلك مما يسوغ تفسيرها به، ولكن الآية الكريمة التي في سورة الأعراف وحديث ا لرسول ژ اللذان تقدم ذكرهما يدلان على أن المقصود بالطيبات الحلال. والأمر بالأكل من الطيبات، وإن كان من حيث لفظه محصورا ً في الانتفاع بالأكل إلا أنه من حيث معناه يشمل جميع جوانب الانتفاع، فلا يحصر في الأكل دون غيره، وإنما ذكر الأكل وحده هنا لأن قوام البنية به، وإلا فالله 4 أباح لعباده الانتفاع بأنواع الطيبات، فالمشرب الطيب والملبس الطيب والمركب الطيب والمنكح الطيب كل ذلك مباح، وكل ذلك إنما هو ما كان وفق حكم ا لله 4 ، أما ما كان مخالفا ً لحكمه فهو خارج عن إطار الطيبات ومعدود في ضمن ا لخبائث. :¬ª©f ≈∏Y ˆG ôμ°T بعدما أباح الله 4 لعباده الأكل من الطيبات في هذه الآية الكريمة أمرهم بشكره، والأمر بالشكر أمر وجوب وإن كان معطوفا ً على أمر إباحة عند من يقول إن الأمر السابق للإباحة ذلك لأن الشكر مقابل بالكفر، فالله 4 يقول: ﴿ Ë Ê É È Ç Æ Å ﴾ ] الإنسان: ٣ [ فمن لم يكن شاكرا ً للنعمة كان كافرا ً بها، وحكى ا لله 4 عن عبده سليمان ‰ أنه قال: ﴿ u v w x ﴾ ] النمل: ٤٠ [ ، وقال ا لله 8 فيما سبق من هذه السورة: ﴿ ½¾ ¿ À ﴾ ] البقرة: ١٥٢ [. فيستفاد من ذلك كله أن الشكر والكفر نقيضان، والنقيضان كما قيل لا يرتفعان معا ً ولا يجتمعان معا ً ، أي لا يمكن أن لا يوجد شكر ولا كفر، ولا يمكن أن يجتمع في آن واحد وبأمر واحد شكر على النعمة وكفر بها، والله 8 حض عباده على الشكر ووعدهم بالزيادة من نعمائه عليهم: ﴿ @ H G F E D CB A ﴾ ] إبراهيم: ٧ [. فلما كان المقابل للشكر أمرا ً متوعدا ً عليه بالعذاب الشديد فالشكر من الواجبات، لأنه إذا ارتفع الشكر بعدم القيام بواجب النعمة الذي فرضه الله 4 كان ذلك كفرا ً لها، ولا يعني ذلك أن يكون هذا الذي لم يشكر النعمة كافرا ً كفرا ً مليا ً بحيث يخرج من ملة الإسلام، وإنما هو كفر نعمة وهو ّ عدم القيام بواجب الشكر لهذه ا لنعمة. ومما يدعو إلى الاستغراب ما ذكره الفخر الرازي في تفسير هذه الآية الكريمة في معرض الحديث عن الشكر، حيث استبعد أن يكون الشكر اللساني والشكر البدني واجبين، وذلك أنه قال ما معناه : لئن قال قائل: َْ كيف يكون الشكر واجبا ً مع أن الشكر إن كان اعتقاد النعمة من المنعم فهذا أمر حاصل، والدعوة إليه تحصيل للحاصل، لأن العقلاء لا يفوتهم ذلك، وإن كان العزم على القيام بالشكر اللساني والبدني، فإن العزم على الشيء حكمه حكم ذلك الشيء، وبما أن الشكر البدني والشكر اللساني غير واجبين فكذلك العزم عليهما غير واجب، وبيان أن الشكر اللساني غير واجب أن الشكر اللساني هو الثناء على الشاكر والاعتراف له بالنعمة، وهو من غير الواجبات بل هو معدود في المندوبات ا تفاقا ً ، وأما الشكر البدني فهو أيضا ً غير معدود في الواجبات وإنما هو في حكم المندوبات، وخلص من ذلك إلى القول بأن الشكر الواجب المأمور به هو تعظيم الشاكر لأجل نعمته، وأما عبادة الشاكر للمنعم من أجل استشعار نعمته عليه، والاعتراف باللسان وإظهار ذلك بالجوارح أمر واجب عند دفع التهمة، وهذا من ا لغرائب. فإن الله 4 فرض علينا شكره وأمرنا به والأمر للوجوب ما لم يصرفه قرينة عنه، هذا من ناحية، ثم إنه 8 قابل الشكر بالكفر وجعلهما نقيضين حيث قال: ﴿ uv w x ﴾ ] النمل: ٤٠ [ ﴿ ÉÈÇÆÅ ÊË ﴾ ولا منزلة بين منزلتي الشكر والكفر، وبما أن الكفر متوعد عليه فالشكر من الواجبات لأنه نقيض للكفر، فكيف يكون الشكر غير واجب؟ على أن شكر النعمة في الحقيقة هو الوفاء بحقها، وذلك باستخدامها فيما يعود بالمصلحة على الذي أنعم ا لله 4 عليه بها وعلى أمته ومجتمعه، وذلك أمر لا ريب أنه واجب، فإذا لم تستخدم النعمة في الصالحات انقلب الأمر إلى ضد ذلك وكان استخدامها في السيئات، وقد قال العلماء: إن الشكر الأطعمة ٣٠١ هو وضع النعمة في موضعها واستغلالها فيما خلقت لأجله، والله 4 عندما خلق هذا الكون وسن نواميسه ثم شرع شرائعه، كانت الشرائع منسجمة مع نواميس الكون، فما فرضه ا لله 4 يعد محافظة تامة على سنن الله تعالى ونواميسه في هذا الوجود، وأحاديث الرسول ژ الكثيرة فيها الدعوة إلى شكر ا لنعمة. وذهب قطب الأئمة في التيسير في تفسير هذه الآية الكريمة إلى أن الشكر المقصود هنا هو الشكر اللساني، لأن ا لله 4 أتبع الأمر بالشكر بقوله: ﴿ WX Y Z ﴾ ] البقرة: ١٧٢ [ ، والعبادة تشمل جميع أنواع ا لشكر. فحمل الشكر على الشكر الشامل لاعتقاد الجنان وقول اللسان وفعل الأركان، يعني ذلك أن يكون المراد (اشكروا لله إن كنتم إياه تشكرون) وفي هذا ركاكة في التعبير، وأسلوب القرآن الكريم أجل وأسمى من ذلك، هذا حاصل ما قاله في التيسير، وما ذهب إليه في الهميان مخالف لذلك، فقد ذكر في الهميان أن المراد بالشكر في الآية الكريمة هو استخدام الجوارح التي تغذت بنعم الله وانتفعت بها في عبادته، وفي الإنفاق من هذه ا لنعمة. ومذهب الإمام محمد عبده أن الشكر المراد في هذه الآية الكريمة هو استخدام هذه النعم بحسب ما تقتضيه سنن ا لله 4 والانتفاع بها طبق نواميسه 8 ، مع الاعتراف بنعمائه سبحانه باللسان، واعتقاد تعظيمه بالجنان، واستخدام الأركان فيما يرضيه تعالى من أنواع الطاعات والبر. وأضاف إلى ذلك بعد أسطر بأن من الشكر أن ينفع الإنسان بنعمة الله سبحانه نفسه وأمته وجنسه. :Égôμ°ûd IÉYóe º©ædG »a ôμØàdG قد سبق أن ذكرت بأن الشكر على نعمة الله 4 من الواجبات كما تقتضيه الدلائل العقلية والشرعية، وهناك حوافز كثيرة تحفز الإنسان إلى الشكر، أهمها التفكر في آلاء ا لله 8 ومراحل أطوارها وحلقات أسبابها، ليدرك عظم نعمة الله تعالى التي أسبغها عليه، فإن النعمة التي تصل إلى العبد صفوا ً عفوا ً قد مرت بحلقات من الأسباب، ومرت بأطوار متعددة حتى وصلت إليه، فلقمة العيش التي يتناولها قد مرت بالكثير من الأطوار وتنقلت بين العديد من الأسباب، فالله 4 أنزل الماء من السماء وجعله مخزونا ً في الأرض، ثم هيأ 4 بحكمته من يغرس في هذه الأرض، وهيأ وسائل الغرس والزرع من دواب وآلات وغيرها، وقد مر كل ذلك بالعديد من الأسباب أيضا ً ، ثم إن الله تعالى هيأ من يستصلح هذا الزرع، ثم هيأ له من يحصده، ثم من ينقله إلى البلد الذي فيه من كتب له أن يكون رزقه، فقد ينقل المزروع من أقاصي الأرض في المغرب ليأكله من هو من أقاصيها في المشرق، فكم من فواكه ومطعومات تصلنا من أستراليا وأمريكا وغيرهما في بلاد الشرق والغرب، وقد هيأ ا لله 4 وسائل متنوعة للنقل من تلك البلاد البعيدة القاصية حتى تصلنا هذه المأكولات هنيئة مريئة. ثم إن من هذه المطعومات ما يمر بمراحل أخرى تستفرغ فيها طاقات من العمل كالدوس والطحن وغيرهما من أنواع الاستصلاح، ثم يأتي دور الطبخ، وقد هيأ الله 4 النار التي يطبخ بها كما هيأ الآلة التي يطحن بها، حتى يكون الطعام صالحا ً للأكل فيأكله من رزقه هنيئا ً مريئا ً ، فيتغذى الجسم بجوهره ويفرز فضلاته بكل سهولة ويسر، فهذه من أجل نعم الله 8 التي يجب على العبد أن يتفكر فيها، وأن لا يمر بها مرور الكرام من غير أن يمعن النظر في أسبابها ومراحلها، فلو شاء ا لله 8 إمساك قطر سمائه فبأي وسيلة يستطيع الإنسان أن يستنزل ما أمسك الله وبأي وسيلة يمكنه أن يغرس في هذه ا لأرض؟! ولو شاء الله 8 إمساك نبات أرضه كيف يكون هذا الإنبات؟! وإنما ذلك كله بمشيئة الله وحكمته 8 ، والله 8 يفتح عقول البشر على هذه الحقائق في آيات القرآن الكريم في مواضع عديدة، منها قوله 4 ﴿ : £ ¹ ¸ ❁ μ ´ ³ ❁ ± ° ¯ ® ❁ «ª© ¨ ❁ ¦ ¥ ¤ ❁ » ¼ ❁¾ ¿ ❁Á  ❁Ä Å Æ ﴾ ] عبس: ٢٤ ٣٢ [ ، وقوله تعالى: ﴿ ,+*)('&%$#"! . > ❁ < ; : 9 8 7 6 5 4 3 2 1 0 ❁ FEDCBA@? ﴾ ] المؤمنون: ١٨ ٢٠ [ ، ويقول 8 : ﴿ HI J K L M _^]\[ZY XW ❁ U T S R Q P O N c ba` g f e d ﴾ ] ١١ ، النحل: ١٠ [ ولم يكن تبيان ذلك في هذه الآيات وأمثالها إلا دعوة إلى التفكر في آلاء ا لله 8 . ولو فكر الإنسان في الثوب الذي يلبسه لأدرك عظم نعمة الله تعالى عليه، فإنه لم يتهيأ له لبسه إلا بعد أن مر بمراحل تسلسلت فيها حلقات من الأسباب التي أخذ بعضها بحجزة بعض، فقد غرست شجرة قطنه وسقيت واستصلحت، ثم بعد ذلك نسج بالآلات، ثم كانت الخياطة، والله 4 هو الذي هيأ الأيدي العاملة والآلات المتعددة في كل ذلك، وهيأ الأسباب من الماء وغيره، ومن صلاحية الأرض للنبات، فكل ذلك يستدعي شكر ا لله 8 على هذه النعمة، ولذلك عندما أراد الله تبارك وتعالى أن يذكر عباده بهذه النعم في سورة عبس ابتدأ ذلك بقوله: ﴿ ` a b c ❁ h g f e ❁ } | ❁ z y x w ❁ u t s ❁ q p o ❁ m l k j ~ ے ¡❁¦¥¤£ ﴾.. ] عبس: ١٧ ٢٤ [. ففي التفكر في آلاء ا لله 4 ما يحفز على شكرها، ومن فضل ا لله 8 على عباده أنه يرضى باليسير منهم، فقد جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم من طريق أنس ƒ إن الله ليرضى من العبد » : عن النبي ژ أنه قال « أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها(١) ، يرضى الله من عبده عندما يأكل الطعام أن يقول: الحمد لله، وعندما يتناول الشراب أن يقول: الحمد لله، هذا بجانب استخدام هذه النعم في القيام بالواجبات وعدم استخدامها في المعاصي ولم يكلف الله 4 عبده بعد كل شربة يشربها أو أكلة يأكلها أن يقوم فيصلي مئة ركعة أو أقل من ذلك أو أكثر أو نحو ذلك مما يشق على النفس، وهذا من فضل الله على عباده، ولو شاء ذلك لكان منه 4 عدلا .ً والشكر يتعدى بنفسه ويتعدى باللام. :áªjôμdG ájB’G áªJÉN اختتمت هذه الآية بقوله 4 ﴿ : ^ _ ` a ﴾ مع أن الشكر واجب على أي حال فلماذا اختتمت بذلك؟ أي إذا كنتم إياه تعبدون، واستبعد « إذ » بمعنى « إن » : قال بعض العلماء وإنما « إذ » بالكسر لا تأتي بمعنى « إن » ذلك أبو حيان، وهو بعيد، ذلك لأن بالفتح كما سبق، فقوله: ﴿ « أن » « إذ » التي تأتي بمعنى ^ _ ` a ﴾ .( ١) رواه مسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب استحباب حمد الله، ( ٢٧٣٤ ) ليس المراد به إذ كنتم إياه تعبدون، ومنهم من فسر العبادة هنا بالمعرفة ّ فقال إن المعنى: إن كنتم إياه تعرفون، ومنهم من فسرها بالقصد أي إن كنتم تقصدون إفراده 4 بالعبادة، وقد وصف الألوسي كل واحد من هذين القولين بالانحطاط. وعليه فما فائدة تعليق الأمر بشكر نعمته على كونه يعبدونه: ﴿ ^ _ `a ﴾ مع أنه من المعلوم قطعا ً أنهم مطالبون بالشكر سواء عبدوا الله أم لم يعبدوه، وهم لأنهم مؤمنون لا ريب أنهم إياه يعبدون، والجواب عن ذلك أن قوله سبحانه: ﴿ ^ _ ` a ﴾ سيق لأجل هز مشاعرهم وإيقاظ أحاسيسهم بأن الله 4 كما أنهم يفردونه بالعبادة عليهم أن يفردوه بالشكر، لأن الشكر من ضمن هذه العبادة، فإن من لم يشكر الله لم يعبده. وأما ما جاء في الحديث عن ا لنبي ژ : (من لم يشكر الناس لم يشكر الله)(١) ، فليس المراد بذلك أن يكون شكر الناس كشكر الله، لأن شكر ا لله 8 شكر عبادة وخضوع وانقياد وطاعة مطلقة، أما شكر العباد فهو الاعتراف بالجميل الذي يسدونه والدعاء لهم بالخير ومكافأتهم على هذا الجميل، وهذا الذي عناه الشاعر في قوله: أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير ا لمحجبا وشكر الله 4 هو عقيدة في القلب، بأنه هو وحده المنعم المتفضل على العباد، فما من نعمة حسية أو معنوية إلا وهو المنعم بها، والقيام بحق هذه النعمة إنما هو باستخدامها في طاعة الله والاستعانة بها على عبادته، والاعتراف بأنه تعالى وحده المنعم على هذا الشاكر الذي أسبغ عليه هذه ١) رواه أبو داود، كتاب الأدب، باب في شكر المعروف، ( ٤٨١١ )، والترمذي، كتاب البر ) .( والصلة، باب ما جاء في الشكر، ( ١٩٥٤ النعمة، فيتبين بهذا أن هذه الآية الكريمة سيقت خاتمتها مساق قول القائل إن كنت » ُ أخاك فأحسن إلي « مع أنه يطالبه بالإحسان على أي حال، ولكنه ّ إن كنت » : يريد أن يهز من عطفه، وأن يحرك مشاعره بقوله ُ أخاك فأحسن إلي .« فليس المقصود .« إن كنت سيدك فأطعني » : وكما يقول السيد لمملوكه ّ بذلك أنه لا يطالبه بهذه الطاعة إلا إذا كان سيدا ً له، ولكن المقصود بذلك أن ينبهه بأنه له سيد، وأن طاعته عليه واجبة. وقد ذكر الإمام محمد عبده بأن هذه الآية لا يتصور معناها ومغزاها إلا من اطلع على تاريخ الملل في وقت ظهور الإسلام وقبل ظهوره، وأحوال أصحاب هذه الملل، فإن الناس في ذلك الوقت كانوا أ صنافا ً سواء المشركون ً أو أهل الكتاب، وكانوا كثيرا ً ما يحرمون على أنفسهم الطيبات، لا لاعتماد ّ على حكم شرعي ولكن للانقياد للرؤساء والمتبوعين على طريق التقليد الأعمى، وقد كان النصارى من بين هؤلاء، يعتقدون أن التقرب إلى ا لله 4 لا يكون إلا بإحياء الروح، وأن الروح لا تحيا إلا بإهانة الجسد، فلذلك كانوا يجتنبون كثيرا ً من الطيبات، ومن اجتنابهم لهذه الطيبات أن بعضهم كان يجتنب جميع المآكل والمشارب اللذيذة لأجل إهانة الجسد، وهذه هي درجة القديسين عندهم، وقد يجتنب أيضا ً بعض هذه اللذائذ الطيبة كثير من القسيسين وغيرهم من علماء دينهم الذين لم يبلغوا إلى مرتبة القديسين، وهناك أيضا ً أعمال يقوم بها عامتهم فيها تحريم طيبات أحلت لهم تحريما ً موقوتا ً ، وذلك بالصيام، فقد كانوا يصومون صوم القديسين، ويصومون أ نواعا ً أخرى من الصيام، وهم في هذا الصيام كانوا تارة يحرمون على أنفسهم اللحم والسمن ويأكلون السمك، وتارة يحرمون أيضا ً بجانب ذلك السمك والبيض. وقد استوحوا ذلك من آبائهم السابقين الوثنيين الذين كانوا أيضا ً يمتنعون عن كثير من الطيبات لأجل إرهاق النفس بالتكاليف، وتقوية جانب الروح على جان بالجسد، وقد رأوا فيما تدعو إليه ديانتهم وفيما كان عليه السيد المسيح ‰ وحواريوه من الزهد والعزوف عن الدنيا ما يؤيدهم على هذا ا لمسلك. :äÉ¡Ñ°ûdG »bƒJ والله 4 بما أنه جعل هذه الأمة أمة وسطا ً لم يجعل شأنها شأن البهائم في التهام الملذات وتناول أنواع المطعومات على اختلافها، واتباع الشهوات بأصنافها، ولم يجعل أيضا ً شأنها شأن أولئك المحرومين من طيبات الجسد، وإنما جعلها أمة ً وسطا ً تراعي مطالب الروح ومطالب الجسد، فكلا المطلبين و ُ في حقه في ملة الإسلام: ﴿ <;: = @?> EDCBA ﴾ ] البقرة: ١٤٣ [ ، والمفروض على هذه الأمة أن تتحرى الحلال الطيب في طعامها وشرابها وملبسها، وفي كل شأن من شؤون حياتها وأن تتجنب الخبيث، واتقاء الشبهات من أكبر الوسائل للمحافظة على المباحات واجتناب المنهيات، ففي الحديث الذي أخرجه  الشيخان عن النعمان ابن بشير عن رسول الله ژ قال: (الحلال بي ّ ن والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعرفهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات ّ فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه)(١) وقد كان السلف الصالح أحرص ما يكونون على اتقاء الشبهات، بل كانوا يتركون أبوابا ً من المباحات خشية الوقوع في المحرمات، كما روي عن عمر ا لفاروق ? أنه قال: (كنا ندع سبعين بابا ً من الحلال مخافة الوقوع في الحرام)، فأين هذا المسلك من ١) رواه البخاري في كتاب البيوع، باب الحلال بي ) ّ ن، ( ١٩٤٦ )، ومسلم، كتاب المساقاة، باب .( أخذ الحلال، ( ١٥٩٩ مسلك عالم اليوم الذي ينساق وراء المحرمات على اختلاف أنواعها غير مبال بحكم الله تعالى، فضلا ً عن الشبهات التي يغرق فيها إلى ا لأذقان. نسأل الله تعالى العافية، ونسأله 8 أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، فإن ا لله 8 يقول كما جاء في الحديث الذي أخرجه الطبراني  والديلمي والبيهقي من طريق أبي الدرداء عن الرسول ژ : (إني والإنس والجن في نبأ عظيم، أخلق فيعبد غيري، وأرزق فيشكر غيري) (١) . .( ١) رواه البيهقي في شعب الأيمان، ( ٤٥٦٣ ) (1)åFÉÑîdG ºjôëJ قال تعالى: ﴿ ^]\_fedcba` rq p o n m l k j i hg :ΩGôëdG øe ™°ShCG ∫ÓëdG s t u v ﴾ [ [البقرة: ١٧٣ . هذه الآية جاءت بعد سابقتها التي أمر الله 4 فيها المؤمنين أن يأكلوا من طيبات ما رزقهم، وبما أن تلك الطيبات لم تفصل في الآية السابقة جاء تبيانها في هذه الآية ببيان أضدادها (وبضدها تتميز ا لأشياء). وهذا؛ لأن ا لله 4 حصر المحرمات في نطاق ضيق وأباح لعباده 4 ما وراءها، ولذلك كان التبيان بتعيين المحظورات حتى يتبين ما وراءها من المباحات، ومثل ذلك مثل السؤال الذي وجه إلى رسول الله ژ عما يلبسه المحرم، فأجاب بما لا يلبسه لينبه بذلك على أن ما وراء ذلك من أنواع اللباس هو مباح للمحرم، وإنما ينحصر الممنوع في الإحرام في تلك الأعيان التي ذكرها عليه أفضل الصلاة والسلام. :(ɪfEG) ô°üëdG IGOCG √ó«ØJ Ée  « الاستثنائية لإفادتها ما تفيد أنه عند اجتماعهما، فقوله سبحانه: ﴿ \] ^ _ ﴾ معناه: ما حرم عليكم إلا الميتة إلى آخره، ونحو ذلك قوله تعالى: إلا » النافية و « ما » كلمة (إنما) تفيد الحصر، فهي تجمع معنى ﴿ ¶ ¹ ¸ º ﴾ مفاده: ما هو إلا إله واحد، وكذلك قوله سبحانه: ﴿ KL ١) أصل هذه المادة تفسير الآية ( ١٧٣ ) من سورة البقرة من دروس التفسير التي يلقيها سماحة ) المفتي العام للسلطنة، أحببنا إلحاقها بالكتاب إتماما ً للفائدة. N M ﴾ ] فصلت: ٦ [ أي لست إلا بشرا ً مثلكم، وهكذا كل ما يأتي مصدرا ً بهذه الأداة المفيدة للحصر. وذهب القطب 5 إلى أن هذا الحصر إضافي « التيسير » و « الهميان » في بالنظر إلى الأعيان المحرمة، إذ المراد بذلك ما حرمه ا لله 4 من المأكولات والمطعومات، وإلا فقد حرم الله 4 الأنجاس على اختلاف أنواعها، وحرم الربا والميسر والغش والزنا، وحرم أشياء كثيرة، وأضاف إلى ذلك في أنه من المحتمل أن يكون هذا الحصر بالنظر إلى السعة؛ أي ما « الهميان »حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير إلا في السعة، وأما في غير حالة السعة وهي حالة الاضطرار فإنه لم يحرم ذلك عليكم، وهذا المحمل ضعيف. أن القصر بالنظر إلى المخاطبين، إما « التيسير » و « الهميان » وأضاف في أن يكون قصر قلب وذلك إذا كان المخاطبون بهذا المشركين الذين كانوا يحرمون طيبات ما أحل الله لهم ويحلون خبائث حرمها الله عليهم. وإما أن يكون قصر إفراد إذا كان المخاطبون بهذا المسلمين الذين منعوا أنفسهم بعض الطيبات التي أباحها الله تعالى لهم، وأضاف إلى ذلك في الهميان أيضا ً احتمال أن يكون هذا القصر قصر تعيين إذا كان المخاطبون بذلك الذين يترددون بين النظر إلى ما منعه المسلمون أنفسهم والنظر إلى ما حرمه المشركون على أنفسهم. وذهب الإمام ابن عاشور إلى أن هذا القصر قصر حقيقي وليس قصرا ً إضافيا ً ولا قصر قلب، نظرا ً إلى أن المخاطبين به هم المسلمون، والمسلمون لا يترددون في قبول حكم الله تعالى فيما شرع لهم، فهم لا يحرمون ما أحل الله، ولا يحللون ما حرم فليس هناك اعتقاد يخالف ما جاء من قبل ا لله 4 في نفوس هؤلاء ا لمسلمين. :ájB’G »a äGAGô≤dG  ِ قرىء: ( إنم َ ا ح ُ رم َ ع َل َي ْك ُ م ال ْم َ ي ْت َة َ( وهذه القراءة منسوبة إلى أبي جعفر بن ُ القعقاع، وهو أحد القراء الثلاثة الذين أضيفوا إلى القراء السبعة المشهورين، وعدهم بعض علماء القراءات من القراء الذين تواترت قراءتهم، وبناء على  هي أداة حصر، ويحتمل أن تكون « إنما » هذه القراءة فالميتة نائب فاعل، و هي اسمها وهي اسم موصول، أي إن « ما » و « ما » مستقلة بنفسها عن « إن »نائب الفاعل وهو العائد، « حرم » الذي حرم عليكم الميتة، والضمير الذي في ُُ  إن » ولا يشكل مجيء « على هذا المحمل، نظرا « ما » متصلة ب ً إلى أن كتابة القرآن الكريم لا تخضع للضوابط التي تواضع عليها علماء الرسم، فإن خط  المصحف الشريف توقيفي لا يقاس عليه، ونحو هذا قول ا لله 4 ﴿ : QP  S R ﴾ ] طه: ٦٩ [ إن » حيث جاءت « خطا « ما » موصولة ب ً اسمها « ما » مع أن  وكيد خبرها، إذ لم يقرأ قارىء: إنما صنعوا كيد َ ساحر وقرأ بعضهم ﴿ \  ] ^ _ ﴾ وهذه القراءة تنسب إلى أبي عبد الرحمن السلمي، وعلى القراءة المشهورة التي عليها السبعة القراء وبقية العشرة فالأظهر أن (إنما) أداة حصر، وفاعل (حرم) ضمير عائد إلى الله 4 ، و(الميتة) مفعول به، ويجوز بناء على هذه القراءة أن تكون (إن ّ ( مستقلة و(ما) اسمها، وعلى هذا لا تكون (ما) كافة، وإنما المفعول محذوف، وهو العائد، وجاز حذفه لأجل نصبه، والمعنى إن الذي حرم عليكم شيئا ً ، والميتة بدل منه، وهو ضعيف جدا ً ، فلا ينبغي أن تحمل على هذا هذه القراءة، والتبادر يحك ّ م في ُ أداة حصر. « إنما » مثل هذه الأشياء، ولا يتبادر هنا إلا أن :ºjôëàdG ≈æ©e والتحريم هو المنع الجازم، فإذا وردت لفظة الحرمة فمعناها المنع الذي لا تردد فيه، فلا يسوغ إتيان الممنوع بخلاف الكراهة، فقد تكون كراهة تحريم وقد تكون كراهة تنزيه، أما التحريم فليس هو إلا الحظر ا لقاطع. :á૪dG ∞jô©J والميت َة ُ كل ما فارقته الحياة والميت والميت، هذا قول ابن جرير، وبه َْ ّْ قالت طائفة كبيرة من علماء ا للغة. وذهبت طائفة منهم وتابعهم بعض المفسرين كابن عطية والقرطبي إلى التفرقة بين الميت بالتشديد والميت بالتخفيف، وهؤلاء اختلفوا أيضا ً ّْ في وجه التفرقة، فمنهم من قال: إن ا لميت بالتشديد ما شارف الموت ّ والميت بالتسكين ما حل به الموت، ومنهم من قال: إن الميت يصدق على ّْ ما مات وما لم يمت ولكنه شارف الموت، والميت بالتخفيف لا يطلق إلا ْ  على ما مات، واستدل هؤلاء لذلك بقوله تعالى: ﴿ ÖÕÔÓ ﴾ ] الزمر: ٣٠ [ لأنه ما خوطب بذلك إلا وهو حي، كما استدلوا له بقول ا لشاعر: ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء ْ ّْ وذكر ابن عطية وتابعه القرطبي، أنه لم يقرأ في القرأن ميت بالتشديد ّ إلا في ما حل به الموت ما عدا ما ذكره البزي عن ابن كثير أنه قرأ (و َ ي َأت ْ يه ِ ِ ٍٍ ال ْم َو ْت ُ من ك ِ ُل م َك َ ان و َم َ ا ه ُو َ بم َِي ْت ( والقراءة المشهورة عنه بمي ّ ت، ويتبادر من كلامهما أنهما عدا هذه القراء المشهورة وهي قراءة التشديد حجة لما ذهبا إليه، مع أنها ليست بحجة في ذلك، فإن المنفي هنا ليس هو مشارفة الموت وإنما هو الوقوع في ا لموت. والميتة في العرف الشرعي هي: كل ما مات بغير طريقة الذكاة ْ الشرعية فيما تشرع فيه التذكية، وهذا هو الذي ذهب إليه جمهور المفسرين، وعليه فإن العرف خصص هذا النوع من أنواع ا لميتات باسم ّ الميتة بالتخفيف مع وجود التاء الدالة على التأنيث ، وبناء على هذا ً فالمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، كله داخل في حكم الميتة، وإنما عطفت هذه الأشياء على الميتة في قوله تعالى: ﴿ !" # $ % & ' ( ) * + , -. ﴾ ] المائدة: ٣ [ .. إلخ. لأجل بيان الحكم الشرعي لأنه قبل شيوع هذا الحكم الشرعي ورسوخ هذا المعنى في أذهان الناس لم تكن لفظة الميتة شاملة لهذه الأنواع من الحيوانات التي ماتت بهذه الأسباب. ولابن عاشور رأي آخر وهو: أن الميتة كانت مخصصة بهذا النوع مما مات بالعرف الشائع في الناس قبل أن ينزل الشرع بذلك، ولكن ليس على صحة هذا الرأي دليل. :ºjôëàdG ≥∏©àe والميتة تعلق التحريم بها هنا، وهو من باب تعلق التحريم بالأعيان، ْ كما تعلق في قوله تعالى: ﴿ ST U V ﴾ ] النساء: ٢٣ [ إلى آخر الآية. بالأمهات والبنات، مع أن التحريم إنما يتعلق بأفعال العباد ولا يتعلق بالأعيان، وبناء على ذلك ذهب بعض الأصوليين ً كالكرخي إلى أن هذا من باب الإجمال الذي يحتاج إلى التفصيل والبيان، وذهب الجمهور من الأصوليين والفقهاء والمفسرين وغيرهم من سائر العلماء إلى أن هذا لا يعد إجمالا، ً لأن السياق والقرائن دليلان على ما يراد من التحريم، ففي نحو قول الله تعالى ﴿ TS U ﴾ لا يراد إلا تحريم الوطىء لأن هذه الآية الكريمة مسبوقة بقول الله 4 ﴿ : @A B C D E F G H I Q P O N M L KJ ﴾ ] النساء: ٢٢ [ فلا شبهة في أن المحرم إنما هو الوطىء، فإنه من المعلوم بداهة أن التحريم هنا لا يراد به تحريم محادثتهن أو مصافحتهن أو رؤيتهن، كيف وقد أبيح لهن أن يبدين من زينتهن لهؤلاء الذين حرمن عليهم ما لم يبح لهن ّ إبداؤه عند غيرهم، وكذلك الميتة لا يراد من تحريمها إلا ما يسبق إلى الأذهان قصده، وهو ما اعتيد عند الناس الانتفاع به في مثل هذه الأعيان المذكورة، ومع هذا فإن العلماء اختلفوا في متعلق هذا التحريم فقيل: هو الأكل، وهو قول طائفة من أهل التفسير، قالوا: المراد بحرمة الميتة إلى آخر ما ذكر هنا حرمة أكلها، ومن المفسرين من قال: إن الحرمة تشمل أنواع الانتفاع جميعا ً ، فقول الله تعالى: ﴿ !" # ﴾ أو ﴿ ]\ ^_ ﴾ المقصود به حرم عليكم الانتفاع بالميتة، فيدخل في ذلك بيع الميتة وأكل ثمنها وشرب ألبانها وشرب ما ذاب من شحومها وجميع أنواع الانتفاع، ومنهم من قال: بأن المتعلق الذي تعلق به التحريم هو التناول، أي إنما حرم عليكم تناول الميتة، فيدخل في التناول الشرب كشرب الألبان وشرب ما ذاب من الشحوم وهكذا. والذي يتبادر أن متعلق التحريم هو الأكل، وإنما يدخل غير الأكل من أنواع الانتفاع بالميتة بطريق الفحوى كما في قوله 4 ﴿ : T U V WX Y ﴾ ] النساء: ١٠ [ فالوعيد جاء على الأكل، ولكنه شامل لأنواع الإتلاف سواء الأكل وغير الأكل، وأكل الميتة هو القدر المشترك في تحريمه بين جميع فقهاء الأمة من غير خلاف بينهم. :á૪dG (1)áëØfEG ºjôëJ وإنما وقع الخلاف في أشياء أخرى من أنواع الانتفاع، من ذلك هل المحرم من الميتة هو لحمها فقط أو تدخل إنفحتها في ما حرم؟ فجمهور العلماء على أن الأنفحة داخلة في ما حرم من الميتة، وذهبت طائفة إلى عدم دخولها، واستدلوا بما روي عن أصحاب ا لنبي ژ أنهم كانوا يأكلون الأجبان التي ترد من فارس(٢) ، وهذه الأجبان لا بد من أن يوضع فيها قدر من الإنفحة في اللبن حتى يتحول إلى جبن، واعترض عليهم بجوابين: أولهما قاله كثير من المالكية: وهو أن هذه الأجبان معظمها لبن غير محرم، وإنما قدر يسير هو الذي يخلط بها من الأنفحة، وذلك القدر اليسير يتلاشى مع اللبن الكثير فلا يبقى له حكم. ورد الحنابلة على استدلال هؤلاء بأنه مما روي عن أصحاب رسول الله ژ لما غزوا العراق بقيادة خالد بن الوليد أنهم هاجموا الفرس، وكان الفرس قد دنوا على طعامهم، وعندما قضى المسلمون عليهم جاؤوا إلى الطعام فأكلوا منه، ولا ريب من أن الطعام مشتمل على اللحوم، فإذا أبيحت اللحوم فلأن تباح الإنفحة أحرى، وإنما أكل المسلمون من هذه اللحوم نظرا ً إلى أن القصابين الذين يذبحون في بلاد فارس كانوا من اليهود والنصارى ولم يكونوا من الفرس المجوس، قالوا: وإن لم يتيقنوا ذلك فإن اختلاط هؤلاء بهؤلاء يجعل النفس تطمئن إلى أن الذين يذبحون هم من أهل الكتاب، وليسوا من المجوس الذين تحرم ذبائحهم. ١) الأنفحة الحيوانية: جزء من معدة صغار العجول والجراء ونحوها من الحيوانات وحتى ) ن ا للبن.  الخنزير وهذه المادة بها خميرة خاصة تجب ٢) انظر المصنف لابن أبي شيبة رقم ( ٢٤٤١٩ ) وما قبله. ) :á૪dG Oƒ∏L ºμM ومما وقع فيه الخلاف ما بين علماء الأمة جلود الميتة؛ هل يصدق عليها حكم التحريم أو هي مباحة؟ وهل إذا كانت مباحة تباح بدبغ أو بغير دبغ؟ وإذا أبيحت بسبب الدباغ هل ذلك شامل لجميع أنواع الميتة أو هو محصور في بعض أنواعها؟ وقد وصل فيها الخلاف إلى سبعة أقوال، فمن أهل العلم من حرم الانتفاع بجلود الميتة تحريما ً نهائيا ً ، وقال: لا ينتفع بشيء منها، لأن حكم النجاسة سار فيها، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وروي عن الإمام مالك، وهو المعتمد عليه عند الحنابلة كما في المغني لابن قدامة، وقد روي هذا القول عن أربعة من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وهم عمر وابنه وعائشة وعمران بن الحصين، كما روي عن طائفة من علماء التابعين، وقد روي عن عمر وعائشة خلافه، وفي مقابل هذا القول المتشدد قول آخر معاكس له تماما ً : وهو أن جميع الجلود لا يصدق عليها حكم التحريم، ولا حكم النجاسة، فهي طاهرة، ويمكن أن يستفاد منها سواء دبغت أو لم تدبغ، من غير استثناء لنوع من أنواع الحيوانات، وهذا هو المروي عن الزهري، وبين هذين القولين أقوال، منها: التحريم مع عدم الدبغ والتحليل بشرط الدبغ، وهؤلاء اختلفوا فيما بينهم، فقيل: أي إيهاب دبغ فهو طاهر ولو كان إهاب خنزير أو كلب، وهو قول داود الظاهري، واستند في هذا إلى حديث ا لرسول ژ : (أيما إهاب دبغ فقد طهر)(١) وهو حديث مروي من طريق ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عند مسلم، وذهب أبو حنيفة إلى تحليل الانتفاع بأي إهاب كان إذا دبغ ما عدا إهاب الخنزير، واستثنى الإمام الشافعي ١) رواه الربيع كتاب الزكاة رقم ( ٣٨٩ ) ومسلم، كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة ) .( بالدباغ، رقم ( ٣٦٦ إهاب الكلب مع إهاب الخنزير، ومنهم من استثنى ما لا يؤكل لحمه، وهو القول المعتمد عليه في المذهب عندنا، وقال به الأوزاعي وأبو ثور وإسحاق وابن المبارك، وروي عن طائفة من علماء السلف الغابرين، ونجد في النيل وشرحه حكاية الاختلاف في جلود السباع، وأرى أن هذا الاختلاف مبني على الاختلاف في حكم السباع، لأن من العلماء من يرى إباحة أكل لحومها، ومنهم من يقول بتحريمها والذين قالوا بالإباحة سواء كانت مطلقة أو مقيدة ببعض أنواع الحيوانات استدلوا بحديثين رويا عن ا لرسول ژ : الحديث الأول: أن رسول الله ژ مر بشاة لمولاة ميمونة أعطيتها من الصدقة، فقال ! : (هلا انتفعتم بإهابها) فقيل له: يا رسول الله إنها ميتة؟ فقال رسول الله ژ : (إنما حرم أكلها)(١) . والحديث الثاني: حديث ابن عباس: (أيما إهاب دبغ فقد طهر) والحديثان صحيحان، وقد اختلفت المحامل عند العلماء للحديثين بحسب اختلاف نظرهم، فما ذهب إليه الزهري من القول بإباحة أي إهاب كان، دبغ أو لم يدبغ، إنما هو مبني على ظاهر قول ا لنبي ژ (هلا ّ انتفعتم بإهابها) ّ قيل له: يا رسول الله؛ إنها ميتة فقال ! : (إنما حرم أكلها) وقال: إذا كانت الميتة حرم أكلها، فكذلك الخنزير والكلب حرم أكلهما فقط، وعلى هذا فجلود هذه الحيوانات على اختلافها مباحة على أي حال. والذين قالوا بالتقييد نظروا إلى جنس الحيوان الذي قال فيه رسول الله ژ ذلك، فإنه كان مباح الأكل قبل موته، ونظروا أيضا ً إلى تحريم الخنزير على ١) رواه الربيع، كتاب الزكاة، رقم ( ٣٨٩ )، ورواه البخاري، كتاب الزكاة، باب الصدقة على ) موالي أزواج النبي، رقم ( ١٤٢١ )، ومسلم في كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة .( بالدباغ، رقم ( ٣٦٣ الإطلاق في هذه الآية الكريمة وفي غيرها من الآيات، والذين حرموا الانتفاع بالإهاب مطلقا ً دبغ أو لم يدبغ استدلوا بحديث عبد الله ابن عكيم الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود، وقال فيه الإمام أحمد: إنه جيد الإسناد، وهو أن رسول الله ژ كتب إلى جهينة: (كنت ژ رخصت لكم في الانتفاع بجلود الميتة فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب)(١) وكان ذلك قبل موته ژ بشهرين، وقالوا: إن هذا الحديث ناسخ لتلك الأحاديث المبيحة، وعضدوه بحديث آخر رواه أبو بكر الشافعي بإسناده إلى رسول الله ژ أنه قال: (لا ينتفع من الميتة بشيء)(٢) . والذين عارضوا هذا الحكم قالوا: إن حديث عبد الله بن عكيم لا يخلو من اضطراب في إسناده ومتنه، ومع هذا الاضطراب لا تترك الأحاديث الصحيحة ويعول على هذا الحديث ا لضعيف. ومهما يكن فإن الحيطة للمسلم إنما هي في الخروج من عهدة الخلاف، لذلك فإن الذي استحسنه البعد من الانتفاع بجلود الميتة، خروجا ً من عهدة الخلاف ورغبة في السلامة، والورع هو أن يجنح العبد إلى السلامة بترك ما فيه أي شبهة من شبهات الحرام، وهذا إنما هو في السعة وبالنسبة إلى السلوك الفردي للإنسان المسلم، أما الفتوى فإنها تبنى على التيسير ويعول فيها على الدليل الأقوى، ولا ريب أن قوة أدلة جواز الانتفاع بجلود الميتة بعد دباغها أقوى وهي الأصل ولا يرفع اليقين إلا يقين مثله. ١) رواه أبو داود، كتاب اللباس، باب من روى أن لا ينتفع بإهاب الميتة، والترمذي في كتاب ) .( اللباس، باب ما جاء في جلود الميتة، رقم ( ١٧٢٩ )، وأحمد رقم ( ١٨٨٠٧ .( ٢) رواه البيهقي في السنن الكبرى، رقم ( ٤٥٧٥ ) :iôNC’G á૪dG AGõLCG ¢†©H ºμM دلت هذه الآية كما قلت على تحريم الميتة، والجلد في الأصل هو من جملة أجزائها المحرمة، واختلف في أجزاء أخرى من الميتة هل يباح الانتفاع بها أو لا؟ منها العظام والأضراس والأخفاف والأظلاف والأظافر، وللعلماء في ذلك أخذ ورد وقيل وقال، وقد استدل المبيحون بأن رسول الله ژ اشترى لابنته فاطمة # سوارين من عاج(١) ، وبعض العلماء حمل العاج على غير هذا العاج المعروف المشهور، ومن أراد الاطلاع على أقوال العلماء في أحكام هذه الأشياء فليرجع إلى مظانها من كتب ا لفقه. ولننتقل الآن إلى بيان ما خصص من هذا ا لعموم. :áªjôμdG ájB’G »a á૪dG áª∏c ∫ƒdóe الآية الكريمة ذكرت فيها الميتة، والميتة اسم جنس وقد دخلته (ال) التي تدل على شموله لأفراد الجنس، وعلى هذا فأي جنس من أجناس الميتة يصدق عليه التحريم إلا ما خصص، ذلك لأن بعض العلماء يرى أن مدلول كلمة الميتة شامل في الأصل لما خصص أ يضا ً ، والقائلون أن مفهوم الميتة غير شامل لما خصص قالوا: المخرج لتلك الأشياء المخصصة من هذا المدلول العام العرف، وهذا الذي ذهب إليه الزمخشري، وتابعه عليه جماعة من أهل التفسير منهم أبو السعود، وجوز رأيه الألوسي، وعليه فإن السمك والجراد غير داخلين في مدلول الميتة في هذه الآية الكريمة، وقال الزمخشري: إن مثل ذلك مثل ما لو حلف أحد ألا يأكل لحما ً فأكل سمكا ً فإنه لا يحنث، مع أنه يصدق عليه لغة اسم اللحم فالله تعالى يقول: .( ١) رواه أبو داود في كتاب الترجل، باب ما جاء في الانتفاع بالعاج، رقم ( ٤٢١٣ ) ﴿ ³ ² ± ° ﴾ ] النحل: ١٤ [ ، ولكم العرف حصر اسم اللحم فيما يؤكل من حيوانات البر لا في حيوانات البحر، وعلى هذا فالسمك غير داخل في مدلول اللحم عرفا ً وإن دخل لغة، وكذلك لو حلف أحد أن لا يركب دابة فركب على ظهر كافر، فإنه لا يحنث مع أن الله تعالى قال: ﴿ r s t uv w x y z { ﴾ ] الأنفال: ٢٢ [. ورد هذا القول كل من أبي حيان والقطب، وحاصل قولهما: أن التخصيص هو الذي أخرج السمك والجراد من الحكم المدلول عليه بالآية الكريمة، وإلا لكان الحكم منطبقا ً عليهما، والدليل على ذلك أن النبي ژ « أحل لكم ميتتان ودمان، فالميتتان: السمك والجراد » : قال(١) فسماهما ميتتين، فلولا دخولهما من حيث المدلول لما سماهما ! ميتتين، وخروج ميتة البحر من هذا الحكم مدلول عليه بأدلة، منها قول الله تبارك وتعالى: ﴿ !" # $ % ﴾ ] المائدة: ٩٦ [ ، فإن أبا بكر ƒ وغيره من الصحابة فسروا الصيد بما يصاد والطعام بما يلقيه البحر من الأسماك وهو ميت، والحديث الشريف السابق أيضا ً يدل على ذلك، كما يدل عليه قول هو الطهور ماؤه الحل » : النبي ژ عندما سأل عن الوضوء من ماء البحر « ميتته(٢) ويدل على ذلك حديث جابر ? عندما كان مع أصحابه في غزوة سيف البحر وأكلوا حوتا ً ، ولما جاءوا إلى الرسول ژ وأخبروه سألهم عما إذا كانت عندهم بقية منه(٣) . .( ١) رواه الربيع، كتاب الأحكام، باب الذبائح، رقم ( ٦١٨ ) .( ٢) رواه الربيع، كتاب الطهارة، باب في أحكام المياه، رقم ( ١٦١ )٣) رواه الربيع في كتاب الزكاة، باب آداب الطعام والشراب رقم ( ٣٧٩ )، والبخاري في كتاب ) فضائل الصحابة باب غزوة سيف البحر رقم ( ٤١٠٤ )، ومسلم في كتاب الصيد والذبائح، .( باب إباحة ميتات البحر رقم ( ١٩٣٥ :ÅaÉ£dG ∂ª°ùdG ºμM  ولا خلاف في أن السمك لا يصدق عليه حكم الميتة ولو مات، اللهم إلا ما روي عن النبي ژمن طريق جابر بن عبد الله من النهي عن السمك الطافىء على ا لبحر(١) ، وقد تكلم العلماء في هذا الحديث، وجل ّ العلماء ضعفوه، حتى أن النووي حكى اتفاق الحفاظ على ضعفه، فإنه يدور في روايته على الضعفاء كيحيى بن سليم الطائفي، وقد ذكر ا لعلامة الشنقيطي أن صناعة علم الحديث « أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن » في تدل على أن الحديث غير ضعيف، ذلك لأن من هؤلاء الذين ضعفوا والذين تدور عليهم روايات رفع الحديث من هم من رجال البخاري ومسلم ومنهم يحيى بن سليم الطائفي، وإن قال فيه من قال: بأنه كان سيء الحفظ والذاكرة، والمشهور وقف هذه الرواية على جابر بن عبد الله، كما روي عن علي وابن عباس ^ أيضا ً ما روي عن جابر من النهي، ورأيت قطب ا لأئمة 5 يقول بعدم كراهة أكل السمك الطافىء وبإباحته إباحة مطلقة، وهذا هو قول جمهور الأمة، وإنما مذهب الإمام أبي حنيفة هو المنع، وقد حمل كثير من أصحابه هذا المنع على الكراهة لا على التحريم، والإمام نور الدين السالمي 5 حمل هذا النهي على الكراهة، غير أنه فسر الطافىء تفسيرا ً لم أجده لغيره وهو ما كان منتنا ً ، ونص كلامه في جوهره: والسمك الطافىء أرى النبيا عنه نهى فكن له أبيا وهو الذي قد صار فوق البحر ذا نتن والنهي لا لحجر والنهي عن الطافىء إن حمل على أنه مقيد بما إذا كان منتنا ً محمول .( ١) رواه أبو داود، كتاب الأطعمة، باب في أكل الطافي من السمك ( ٣٨١٥ ) على أنه نهي طبي وعليه فإن كان نتنه يسيرا ً بحيث لا يضر فهو مكروه وإن كان ضارا ً فهو حرام. :OGôédG ºμM أما الجراد فإنه لم يجمع على إباحته مع الروايات الكثيرة عن ا لرسول ژ التي تدل على ذلك، من هذه الروايات حديث عبد الله بن أبي أوفى عند البخاري ومسلم قال: غزونا مع رسول الله ژ سبع غزوات، كنا نأكل معه الجراد(١) ، وكذا الرواية التي أشرت إليها من قبل وهي رواية ابن عمر بلفظ: (أحل لنا ميتتان ودمان)(٢) ، والرواية مرفوعة حسبما روى الدارقطني وأحمد وابن ماجة وجماعة آخرون، ولكن كثير من المحدثين ضعفوا هذه الرواية المرفوعة من طريق ابن عمر، وقالوا: إن الصحيح وقفها عليه كما في رواية مالك في الموطأ من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن زيد بن أسلم عن ابن عمر موقوفا ً : (أحل لنا) وتعقب ذلك الشنقيطي بأن قول الصحابي أحل لنا ِ يعطى حكم الرفع، لأن ا لمحل لا يكون إلا ا لرسول ژ وهو مبلغ عن ا لله 4 ، ُ ويؤيد ذلك أن الإمام الربيع روى هذا الحديث من طريق ابن عباس ^ مرفوعا ً بلفظ: (أحل لكم ميتتان ودمان)(٣) وعلى هذا فإن ميتة الجراد كميتة السمك، وهذا هو رأي الجمهور، سواء أخذ الجراد حيا ً أو ميتا ً أو أخذ حيا ً وألقي به في الماء الساخن أو نحو ذلك، فله في جميع هذه الأحوال حكم المذكى، والجراد ليس هو من صيد البحر كما زعم بعضهم، وإنما هو من ١) رواه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب أكل الجراد رقم ( ٥١٧٦ )، ومسلم كتاب ) .( الصيد والذبائح باب إباحة الجراد رقم ( ١٩٥٢ .( ٢) رواه ابن ماجة في كتاب الأطعمة، باب الكبد والطحال رقم ( ٣٣١٤ )، وأحمد ( ٥٧٢٣ ) .( ٣) رواه الإمام الربيع، باب الذبائح رقم ( ٦١٨ ) صيد البر، إذ لا دليل على كونه من صيد البحر، وإنما هو رأي روي عن كعب الأحبار، وهو من الأوهام المروية عنه، وللمالكية في الجراد أقوال: فابن نافع وابن عبد الحكم رأيهما كرأي الجمهور، وروي عن الإمام مالك أن الجراد لا يؤكل حتى يؤخذ حيا ً ويقطف رأسه، وعنده أن قطف الرأس بمثابة التذكية له، وذهب بعض أصحابه إلى أنه يؤكل ولو قطعت رجله، وذهب أشهب من أصحابه إلى أنه يؤكل ولو رمى به في الغرائر، فإن إدخاله في الغرائر في حكم التذكية له، وقال بعضهم: لا يكفي في ذلك أن تقطع رجله أو نحو ذلك مما لا يؤدي إلى موته عادة، ولا إلى منع نفسه عادة حتى يفعل به ما لا تحتمل معه حياته، والأحاديث التي ذكرناها دالة على ا لإباحة. :ø«æédG ºμM والجنين الذي يخرج بعد موت الأم، إذا كان حيا ً فلا خلاف في أنه يذكى، ُٰ أما إذا كان ميتا ً فمذهب الإمام الشافعي والإمام مالك أن ذكاة الجنين ذكاة أمه، وهو قول أصحابنا، وقد روي في ذلك حديث عن الرسول ژ وهو حديث صحيح(١) ، وأبو حنيفة يرى خلاف ذلك، ويحمل هذا الحديث مع قوله بصحته على التشبيه البليغ أي على حذف أداة التشبيه فيكون المعنى: تذكية الجنين كتذكية أمه، أي أنه يذكى كما تذكى أمه، واستدل لذلك بورود التشبيه البليغ في القرآن وفي كلام العرب، فمما ورد في القرآن قول ا لله 4 ﴿ : ' ّ () * ﴾ [ [آل عمران: ١٣٣ فأداة التشبيه هنا محذوفة وكذلك: فعيناك عيناها وجيدك جيدها ١) رواه الحاكم في المستدرك ( ٧١٠٨ )، وأبو داود كتاب الضحايا، باب ما جاء في ذكاة ) ،( الجنين رقم ( ٢٨٢٨ )، وابن ماجة، كتاب الذبائح، باب ذكاة الجنين ذكاة أمه رقم ( ٣١٩٩ .( والترمذي كتاب الأطعمة باب ما جاء في ذكاة رقم ( ١٤٧٦ وهذا من أشعار العرب وهو دال على حذف أداة التشبيه فهو من التشبيه البليغ، وقد اعترض على قوله هذا باعتراضات كثيرة، منها: أن الحذف خلاف الأصل فلا يصار إليه إلا مع القرينة التي تدل عليه والتي تمنع من قصد غيره، ومنها: أن الجنين يكون جنينا ً إذا بقي في رحم أمه أما إذا خرج فلا يكون جنينا ً ، ومنها: أن ما خرج من بطن أمه وهو حي فلا خلاف في أنه يذكى، وهذا الحكم معروف فلا ينبه عليه ا لرسول ژ ، ومنها ُٰ أيضا ً : أن هذا يخالف القياس، فإن حكم الجنين كعضو من الأم في جميع الأحكام، ومن ذلك أن أ حدا ً لو قتل امرأة وفي بطنها جنين فألقت الجنين ميتا ً بعد أن ماتت هي فحكم ذلك الجنين كحكم الأم، فتكفي دية الأم للجنين، ولا يعطى الجنين دية مستقلة إلا إذا خرج ميتا ً قبل أن تموت الأم ثم ماتت الأم بعد ذلك، أو خرج حيا ً بعدما ماتت الأم ثم مات، ومن ذلك أيضا ً : أن أحدا ً لو أعتق امرأة وفي بطنها جنين، فحكم العتق يسري عليه، ولو باع أحد دابة وفيها جنين فحكم البيع يسري عليه وهكذا، فيتبين بذلك أن هذا الحكم وهو أن ذكاة الجنين ذكاة أمه شامل لما إذا كان الجنين بقي في بطن الأم ولم يخرج حتى أخرج، أو خرج بعدما ماتت الأم وكان ميتا ً ولم يكن حيا ً. وتحريم الميتة لما فيها من المضار، فإن الدورة الدموية إذا توقفت ترسبت في الجسم مفاسد من هذا الدم، وقد جعل الله سبحانه النحر والذبح إهراقا ً لهذا الدم وإخراجا ً له، فيبقى الجسم نظيفا ً من هذه الترسبات التي تبقى في جسم الميتة، ولأجل ذلك كانت ذكاة الجنين ذكاة أمه، لأن دم الجنين يخرج عادة مع دم ا لأم. :ΩódG áª∏c ∞jô°üJ وأما الشيء المحرم بعد الميتة في الآية فهو الدم، والدم معروف، ويلفظ به مخففا ً ومشددا ً ، وأصله قيل: دمي ودمو فحذفت لامه وألقيت حركتها على في « ياء » يقولون بأنها أبدلت « واو » العين، فالذين قالوا بأن لام الكلمة هي تصريف الكلمة، كما قيل: قوي َ يقو َ ى، مع أن قوي َ من القوة، وهكذا رضي « ياء » يرضى، لأن رضي من الرضوان فكذا قالوا في الدم، والذين قالوا بأنها نظروا إلى التصريف إذ لم ينظروا إلى مصدر لهذه الكلمة فيه واو كما هو الحال في الرضوان وفي ا لقوة. :ΩódG øe ¬«a íeÉ°ùàj Ée الأمة مجمعة على تحريم الدم سواء كان دم َ بشر أو دم حيوان، وإنما ذكر ابن خويز منداد أنه استثني من هذا التحريم ما كان التشديد فيه يستلزم إصرا ً من الآصار التي رفعت عن هذه الأمة، وذلك التوسع الذي جاء في دم عروق الذبيحة، فإن هذا الدم لا يحكم عليه بالحرمة، وقد جاء في حديث ِ عائشة # بأنهم كانوا يطبخون اللحم وكانت صفرة الدم تعلو القدر(١) ، وإذ قال الصحابي كنا نصنع كذا فمعنى ذلك أن ا لنبي ژ كان يقرهم على هذا الصنيع، وجعل من هذا الباب ابن خويز منداد الدم القليل الذي يصيب الثوب أو يصيب البدن فإنه لا يشد ّ د في الصلاة به لأجل أن التشديد يوجب ِ مشقة وكلفة، وذك َ ر أن ا لمحور في ذلك هو إسقاط التكليف بالتعبد بشيء إذا َ كان التعبد به يفضي إلى مشقة لا يمكن تحملها، ونقل القرطبي هذا الذي قاله ابن خويز منداد وأردفه بأن ما ذكره إنما هو يعود إلى الدم غير ا لمسفوح. .( ١) رواه عنها عبد الرزاق في المصنف رقم ( ٨٧٠٨ ) :ΩôëªdG ΩódG وقد أطلق الدم في هذه الآية الكريمة وقيد بالسفح في آية الأنعام، فقد قال ا لله 4 ﴿ : ij k l m n o p q r s t u v wx y z ﴾ ] الأنعام: ١٤٥ [ ، ومن المعلوم أن من القواعد المشتهرة عند الأصوليين أن الإطلاق يحمل على التقييد، وعليه فهذه الآية يحمل إطلاقها على التقييد الذي في آية الأنعام، وهذا القول وهو أن التحريم خاص بما كان مسفوحا ً فقط هو قول أصحابنا، وإنما نقل ا لقطب 5 في ٌ الهميان أن منهم من شذ فقال: بأنه يحرم غير المسفوح، وبقول أصحابنا قال جمهور الأمة، فبذلك قال المالكية والحنفية وغيرهم، وإنما ذهبت الشافعية  إلى أن هذا التقييد الذي في سورة الأنعام غير معتبر فيحرم الدم مسفوحا ً كان أو غير مسفوح، وعدوا ذلك التقييد لغرض أن العرب كانوا يسفحون الدم فيستعملونه بعد السفح، وعليه فالإطلاق لا ينافي التقييد عندهم، على أنه من المحتمل أن تكون آية البقرة نزلت بعد آية الأنعام، وآية الأنعام ليس فيها نفي لوجود محرم ما عدا الأصناف الأربعة، وإنما فيها نفي لأن يجد رسول ُ ّ الله ژ فيما أوحاه الله 4 إليه محرما ً غير تلك الأصناف، وذلك لا ينافي أن يوحي الله ُ 4 إليه بعد ذلك تحريم ما لم يكن أوحى إليه بتحريمه من قبل، َ وهذا القول الذي ذهبت إليه الشافعية حكى القطب عن ابن الحاجب بأن قلة نادرة ذهبت إليه أيضا ً من المالكية، ولكن الإطلاق والتقييد كالخصوص والعموم، فأينما وجد دليل مطلق ووجد معه دليل آخر مقيد فإن إلغاء القيد لا يصح، إذ لو لم يكن القيد مقصودا ً لما كان معنى للتقييد، وعليه فإذا تأخر الدليل المطلق على الدليل المقيد لم يكن في هذا التأخير ما يقتضي نسخ ذلك التقييد كما أن تأخر العموم عن الخصوص لا يقتضي إلغاء التخصيص، بل يقدم الخصوص على العموم سواء تقدم الخاص أو ا لعام. :Ωó∏d º¡à«∏gÉL »a Üô©dG πcCG ِ المشهور أن العرب في جاهليتها كانت تفص َ د الإبل وتأخذ منها الدم وتضعه في الأمعاء ثم تشوي تلك الأمعاء بالنار فتأك ُ لها مع الدم، وكانوا يسمون الأمعاء التي فيها الدم فصيدا ً لوجود الدم المفصود داخلها، ومن ّ الناس من ذكر بأنهم كانوا يأكلون الدم بعدما يفصدون الإبل فيجمدونه بالطبخ ثم يأكلونه كما يأكلون الطعام، وقد منعوا من ذلك كله. ُ ومن النكت التي يذكرها بعض القصاص أن اثنين من العرب حلا ِ ضيفين بأعرابي، ثم سأل أحدهما الآخر عن ا لقرى فقال له: ما ق ُ رت ولكن ف ُ لم ي » صد لي، فرد عليه بقوله ُح ْ رم من ف ُ أي من فصدت له راحلة « صد له َ وأصاب من دمها فإنه لم يحرم من القرى، وقد كانوا يستعملون ذلك في الأزمات في أيام الشدة، فقد كان الضيف ينزل بهم ولا يجد أحدهم إلا راحلة فقط، ولا يجد في نفسه دافعا ً إلى أن يضحي براحلته لشدة حاجته إليها فيكتفي منها بفصد الدم لأجل الضيف ا لنازل. :ΩódG ºjôëJ øe áªμëdG وقد حرم الدم في الإسلام هذا التحريم الجازم، فلا يجوز استعماله شربا ً كما لا يجوز تجميده وأكله بأي طريقة من الطرق، وإنما ح ُ رم الدم ّ في الإسلام لحكمة بالغة، ذلك لأن في الدم ترسبات تحصل عندما تتوقف الدورة الدموية، فعندما يموت الحيوات يذهب صفاء الدم بتوقف الدورة الدموية وتترسب في لحم ذلك الحيوان جراثيم مضرة من نفس ذلك الدم، ِ وإذا كان هذا يحصل في اللحم فهو أحرى أن يكون في الدم نفسه، فإن الدم بعدما يفصد ويؤخذ من الحيوان لا يكون له جريان كالجريان الذي يكون في العروق بسبب ضخ القلب له، وعندئذ تترتب على استعماله تلك المضار التي تحصل في الميتة نفسها، وذكر بعض العلماء أن الدم هو جوهر مرتكس عن الغذاء ولم يرق َ إلى الأعضاء فلذلك أشبه الميتة فكان محرما ً كحرمتها، وذكر ابن تيمية وغيره أن تحريم الدم لكونه مجمع القوى الشهوية والغضبية فمن استعمل الدم قويت في نفسه هذه القوى وقسا قلبه ولم يخش ا لله 4 وكان باطشا ً بالمخلوقين، واستدل لذلك بأن الدم هو مجرى الشيطان كما إن الشيطان يجري من ابن آدم » : ذكر عليه أفضل الصلاة والسلام في قوله « مجرى ا لدم(١) وهذه لطيفة تتعلق بالصحة النفسية، كما أن الحكمة السابقة المذكورة تتعلق بالصحة الجسدية وما ذكر من ذلك مش َ اهد في أقوام الشعوب ُ التي تعيش على شرب الدماء في أفريقيا، فإنها شعوب قاسية لا ترق أفئدتها ولا تعرف الرحمة ُ إلى قلوبها سبيلا .ً وبهذا يتبين أن الدم حرام سواء أخذ من حي أو كان دم ذبيحة أو خرج من ميتة بعد موتها، فبكل هذه الوجوه يكون الدم حراما ً. :ôjõæîdG ºjôëJ الشيء الثالث الذي حرمه 4 هنا هو لحم الخنزير، ولماذا عبر باللحم؟ ّ هل لأن الحرمة محصورة فيه وحده أو تتعدى اللحم إلى سائر أجزاء الخنزير كإنفحته وجلده وعظامه وسائر ما اشتمل عليه جسده. أجمعت الأمة ما عدا الظاهرية على أن الخنزير محرم وإنفحته محرمة كحرمة لحمه، وقد حكى الإجماع على ذلك من غير ذكر لرأي الظاهرية كل من ابن عطية والقرطبي، وتعقب كلام َ ابن عطية أبو حيان وسخر منه، ١) رواه البخاري كتاب بدء الخلق باب صفة إبليس وجنوده رقم ( ٣١٠٧ )، ومسلم في كتاب ) .( السلام رقم ( ٢١٧٤ ولا يبعد أن يكون أبو حيان عندما ألف تفسيره البحر المحيط لا يزال متمسكا ً بالمذهب الظاهري، إذ غير بعيد أن يكون تأليفه له عندما كان بالأندلس، فإنه كان بالأندلس ظاهريا ً ثم عندما انتقل إلى مصر تحول من مذهب الظاهرية إلى المذهب الشافعي، ورد أبو حيان في تفسير هذه الآية الكريمة على ابن عطية ردا ً شديدا ً لعدم اعتداده بخلاف داود الظاهري وأصحابه في هذه المسألة، ويفهم من كلام أبي حيان المذكور أنه يميل ميلولة ظاهرة إلى قول الظاهرية بحصر الحرمة في اللحم فقط، وقد أخذ جمهور العلماء الذين قالوا بأن الحرمة شاملة ٌ لل ّ حم والشحم وكل من انطوى عليه الخنزير حتى قال بعضهم: يحرم من الخنزير كل ما كان في عمق عظمه إلى ظاهر جلده أخذ هؤلاء يبررون ذكر اللحم هنا بمبررات متعددة، وقد درج مفسرو المالكية على الاستدلال لذلك بقول الإمام مالك: إن من حلف ألا يأكل لحما ً يحنث بأكله الشحم، ومن حلف أن لا يأكل شحما ً لا يحنث بأكل اللحم، وهم في ذلك بانون على قاعدة غير متفق عليها فإن مالكا ً خولف في ذلك، وممن خالفه الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور وأحمد فعندهم من حلف بأن لا يأكل لحما ً لا يحنث إن أكل شحما ً إلا إذا كانت له نية، وقريب من قول مفسري المالكية بأن مدلول اللحم يصدق على الشحم تفسير الزمخشري حيث قال: بأن الشحم داخل في اللحم لأنه يوصف به، ألا ترى أنه يقال لحم ٌ سمين ٌ أي شحيم، وقد تعقب كلامه هذا أبو حيان بأن هنالك فارقا ً بينا ً بين الصفة والموصوف، فيقال: رجل لابن ّ إذا كان عنده لبن ويقال رجل عالم إذا كان عنده علم، ولكن إذا جرد من الصفتين فقيل: رجل، لم يفهم من ذلك أنه رجل لابن أو رجل عالم. وبهذا فإن ما يوصف به اللحم من كونه سمينا ً لا يستدل عليه بنفس لفظ اللحم كما لا يستدل على أي صفة من صفات الرجل بإطلاق لفظ الرجل، ولما قاله الزمخشري إذا تؤمل وجه من النظر، فإن الشحم هنا من جنس اللحم، بخلاف العلم ووجود اللبن عند الرجل، فكل ٌ منهما ليس هو من جنس الرجل، بينما اللحم يمكن أن يوصف بأنه سمين وأن يوصف بأنه هزيل فإن كان سمينا ً فإنما سمنته بسبب الشحم الذي فيه، والأقرب من ذلك  أن ذكر اللحم هنا لأنه غالب ما يمكن أن ينتفع به من الخنزير، فإذا حرم غالب ما يمكن أن ينتفع به فلأن يحرم غيره أحرى، فإن الذين يأكلون لحوم الخنزير إنما يحرصون على لحمه حرصا ً يفوق حرصهم على شحمه وجلده وعظمه وأي مادة أخرى ينطوي عليها بدن ا لخنزير. وذكر ابن عطية بأن ذكر اللحم هنا لأجل التنبيه على أن الخنزير حرام بعينه سواء ذكي أو لم يذك، وهذا يعني أن التذكية لا تنفع فيه شيئا ً ، فعلى هذا يدخل في اللحم كل جزء من أجزائه كالغضروف والشحم وغيرهما، وتابعه على ذلك القرطبي، ورد ذلك كل من أبي حيان والألوسي وابن عاشور، وذهب الألوسي إلى أن ذكر اللحم هنا لأنهم كانوا يستطيبون لحمه ويتعذبون من تحريمه فإذا ذكر لهم تحريم اللحم ونص على ذلك كان في ذلك ما يقطع عليهم عذرهم، وأنكر بن عاشور ما قاله الألوسي وقال: إن الروم هم الذين كانوا يستطيبون لحم الخنزير ولم تكن العرب تستطيبه، لذلك لم ير وجها ً لقول ا لألوسي. ومهما يكن فإن كون ذكر اللحم هنا من أجل أنه غالب ما ينتفع به الذين يأكلون الخنزير هو أولى الوجوه بالاعتماد عليه. :ôjõæîdG AGõLCG πc ºjôëJ ≈∏Y áéëdG واستدل جمهور الأمة القائلون بحرمة جميع أجزاء الخنزير وعدم انحصار حرمته في اللحم بقول الله 4 في سورة الأنعام: ﴿ ~ے ﴾ ] الأنعام: ١٤٥ [ والضمير عائد على الخنزير ومعنى ذلك أن جميع بدنه رجس، وإذا كان الخنزير كله رجسا ً فهو حرام كله بجميع أجزائه لا يستثنى من ذلك شحم ولا عصب ولا عظم، ورد عليهم الذين قالوا خلاف هذا: بأن الأولى بالضمير أن يعود إلى المضاف لا إلى المضاف إليه، وعلى هذا فقوله: ﴿ ~ے ﴾ إنما يعود على اللحم لا على الخنزير، وتعقب هذا: بأنه لو أعيد إلى اللحم لكان في ذلك تكرار، فإن ا لله 4 بين حرمة اللحم وبذلك استقر الحكم فيه، فبقي ما عداه بحاجة إلى أن يبين حكمه وهو سائر ٍ الخنزير، وعندما يعود الضمير إلى الخنزير نفسه تستبان حينئذ الفائدة من قوله تعالى عقب ذلك: ﴿ ~ے ﴾ على أن القاعدة المذكورة وهي عود الضمير على المضاف لا على المضاف إليه قاعدة أغلبية منقوضة بكثير من الشواهد، منها قول الله تعالى: ﴿ UV W X Y Z ﴾ ] البقرة: ١٧٢ [ فقد عاد الضمير هنا إلى المضاف إليه لا إلى المضاف، وكذلك قول الله 4 : ﴿ b a c d ﴾ ] الجمعة: ٥ [ فالضمير الذي في يحمل عائد إلى الحمار وهو المضاف إليه لا إلى المضاف وهو ا لمثل. وبهذا يتضح أن القول الصحيح إن سلم بوجود خلاف في هذا هو القول بتحريم جميع أجزاء الخنزير، وبما أن الخلاف في هذه المسألة لم يعرف عن أحد قبل داود الظاهري، ولا ريب أنه جاء بعد عصري الصحابة والتابعين فإن الإجماع الذي حكاه كل من ابن عطية والقرطبي ليس مستنكرا ً ، إذ باتفاق الصحابة والتابعين على هذا الرأي يكون الإجماع منعقدا ً ، ولا ينقضه مخالفة أحد له بعد انقراض هذين العصرين الكريمين، ولا يلزم أن يكون كلامهما مبنيا ً على قول الجويني: إن وفاق الظاهرية لا يعتد به في إجماع الأمة ولا خلافهم ناقض للإجماع، وإن حمل أكثر الذين جاءوا بعد ابن عطية كلامه على هذا الأصل الذي ذهب إليه إمام الحرمين الجويني، وبهذا يتبين أن كل ما يصنع من إنفحة الخنزير فحكمه الحرمة، لأنه يصدق عليه أنه رجس، وكثيرا ً ما تغش الآن المواد المستهلكة المسترودة من الغرب بإنفحة الخنزير سواء المطعومات منها وغيرها، بل كثير من أنواع الصابون ومعجون الأسنان اشتهر بأنه يحتوي على مادة من إنفحة الخنزير وهذا يعود إلى إهمال المسلمين للإنتاج واتكالهم على غيرهم والله ا لمستعان. :ádÉëà°S’G IóYÉb  تساهل كثير من الناس فحللوا ما كان مخلوطا ً بالمواد المحرمة في صنعه كالذي يستخلص من الخنزير ا ستنادا ً على قاعدة الاستحالة في إباحة ما كان حراما ً إن استحال عن طبعه وحجتهم واهية، فإن استحالة ما كان نجسا ً بذاته إلى حكم الطهارة بتصنيع البشر لا يؤثر تغييرا ً على القول الصحيح في حكمه وإن تغيرت طبيعته واستحالت ذاته إلى شيء آخر، ألا ترون أن البول بما أنه نجس لذاته لو حول إلى مادة أخرى تختلف عن مادة البول بالتنقية لما كان جائزا ً استعماله بحال من الأحوال ولو لم تشم منه رائحة البول وكان كالماء القراح، وكذلك العذرة لو حولت إلى مادة تختلف طبيعتها ورائحتها وطعمها ولونها عما كانت عليه لا يتحول حكمها إلى الإباحة، نعم ما كانت الحرمة فيه طارئة والقول بالنجاسة فيه غير مستند على دليل قاطع إذا استحالت مادته إلى مادة أخرى وتغير طبعه فإن حكمه يتغير بتغير الطبع، وذلك كالخمر فإن الخمر إذا استحالت خلا حلت على القول الصحيح، لأن العلة التي حرمت من أجلها الخمر غير موجودة في الخل، وقد حرمت الخمر لإسكارها، وإذا ارتفعت هذه العلة ارتفع المعلول بارتفاعها. ?á°ùéf ôªîdG πg وذات الخمر على القول الصحيح غير نجسة، فإن الاستدلال على نجاستها بقول الله تعالى: ﴿ !" # $ % & ' ( )* + , ﴾ ] المائدة: ٩٠ [ ضعيف، بدليل عطف الميسر والأزلام والأنصاب عليها، ولا يمكن أن يقال: بأن لذات الميسر والأنصاب والأزلام نجاسة حسية، وإذا كانت هذه النجاسة الحسية متعذرة فيها فهي أيضا ً متعذرة في الخمر، فإن الميسر والأنصاب والأزلام عطفت في هذه الآية الكريمة على الخمر، والمعطوف والمعطوف عليه حكمهما واحد فيما أخبر به عنهما فلا يمكن أن يحمل حكم الرجس في أحدهما على معنى وفي غيره على معنى آخر، على أن الخمر نفسها تصنع من مادة محللة غالبا ً ، وإنما ينقلها إلى الحرمة ما يطرأ عليها من الإسكار، فإذا ارتفع الإسكار ارتفع هذا الحكم، وذلك بخلاف حكم الخنزير والميتة والدم وما كان نحو ذلك، وإنما قلت: أن ما استحال بصنع أحد من هذه الأشياء لا يختلف حكمه عما كان عليه للاحتراس مما استحال بصنع ا لله 4 وحده، بحيث لا يكون في ذلك دخل لأي مخلوق، كاستحالة الدم إلى لبن، واستحالته إلى جسم، فإن الجنين يمر بأطوار في الرحم منها أنه يكون قطعة دم، فهذه الاستحالة التي تكون بنواميس طبيعية هيأها ا لله 4 يختلف حكمها عن حكم ما كانت استحالته بصنع أحد من ا لناس. :ôjõæîdG ô©°ûH (1)RôîdG ºμM هذا وقد أجاز كثرة كاثرة من العلماء الخرز بشعر الخنزير: واستدل لذلك ١) خ ) َرز الجلد ونحوه خرزا ً أي خاطه ُ. َْ ابن خويز منداد بأن الخرز كان معهودا ً في عهد رسول الله ژ وفي عهد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ولم يثبت نهي عن ذلك عن الرسول ژ ولا عن أحد من الصحابة، ولو كان ذلك محرما ً لنهي عنه الرسول ! ، ولكن في ذلك نظرا ً لأنه لم يأت في رواية قط بأن الخرز كان بشعر الخنزير، ولو وجدت بذلك رواية صحيحة لارتفع الخلاف، وأصحابنا والشافعية لا يرون جواز الخرز بشعر الخنزير، فلا ينتفع من الخنزير بشعره كما لا ينتفع بجلده ولا بلحمه ولا بعظمه ولا بشحمه ولا بأي جزء من أجزاءه الأخرى. :ôjõæîdG ºjôëJ øe áªμëdG حرم الخنزير في الإسلام لحكمة بالغة، فإن فائدة تحريمه تعود على المحافظة على الصحة البدنية وعلى سلامة النفس، أما سلامة النفس فمن حيث إن الخنزير حيوان خسيس جدا ً ، ومن طبيعته عدم العفة وعدم الغيرة، ومن شأن الطعام أن يؤثر على نفسية الإنسان، فإذا اعتاد أحد أكل لحم حيوان له طبيعة خاصة فإن تلك الطبيعة تنتقل إلى نفس الآكل، فمن أكل لحم خنزير تطبع على عدم الغيرة وعدم العفة، وهذا أمر مشاهد في البلاد التي يأكل أهلها لحم الخنزير كبلاد الغرب، فقد بلغ بهم فقدان الغيرة والعفة إلى أن صاروا يتعاورون النساء كما يتعاورون يتبادلون المتاع، وهذا دليل ما وصلت إليه نفوسهم من الدناءة وتطبعت عليه من الخسة بسبب تغذيتهم بلحم الخنزير وانتقال طباعه إليهم. وأما المحافظة على الصحة البدنية فتتجلى فيما اكتشف مأخرا ً من المضار العظيمة التي تنشأ عن أكل لحم الخنزير، فإن الخنزير من طبعه أن يأكل القاذورات، وتتكون من هذه القاذورات في جسمه حشرة من الحشرات إذا أصابت آكل لحمه كانت سما ً قتالا، ً وهي تسمى الدودة الوحيدة، وينشأ عنها كثير من الأمراض، منها ما يكون في الرأس ومنها ما يكون في المعدة، فمن ذلك أن المعدة تصاب بسوء الهضم ولا يشتهي صاحبها الطعام، وأحيانا ً ينقلب الأمر بعكس ذلك فيكون لا يشبع من الطعام، وكذلك يصاب بالإسهال والقيء وعلل أخرى متنوعة ذات صلة بالبطن، وأما آلام الرأس الناشئة عن تأثير هذه الحشرة فهي متنوعة أيضا ً ، منها الدوار وسوء الفكر واضطراب الحال وتترتب على ذلك نوبات الصرع وتشنج الأعصاب، كما أن هناك أيضا ً ما يسمى (بدودة الشعر الحلزونية) التي تؤدي إلى الهلاك والعياذ بالله سببها أكل لحم الخنزير، ومضار الخنزير من غير ما ذكرته كثيرة ومتنوعة نسأل ا لله 4 العافية، وفي كل وقت يكتشف الأطباء أمراضا ً جديدة تنشأ عن تناول لحم الخنزير، وفي هذا ما يدل على حكمة الإسلام وإعجاز تشريعه، فإن الله 4 الذي شرع هذه الأحكام قد أحاط بكل شيء علما ً ، فكانت أحكامه المشروعة كلها على سنن علمي أوحاه ا لله 4 إلى خاتم رسله عليه أفضل الصلاة والسلام. :¬H ˆG ô«¨d πgCG Ée ºjôëJ ثم ذكر ا لله 4 عقب ذلك تحريم ما أهل به لغير ا لله. والإهلال في الأصل كما قال كثير من العلماء هو: رفع الصوت، وكثير منهم يقولون: بأن العادة جرت عند العرب أن يرفعوا أصواتهم عندما يتراءون الهلال، فكأنهم أخذوا كلمة الإهلال من رفع الصوت عند رؤية الهلال، ثم أطلقت بعد ذلك على مطلق الصوت، كما يقول الشاعر في وصف ا لمطر: ظلم البطاح له الهلال خريصة أي صوت خريصة: سحابة تسكب في ا لأرض. ويقول ا لنابغة: عن درلا صدفية غواصها بهج متى يرها يهل ويسجد يهل: أي يرفع صوته بذكر ا لله 4 ، ويسجد شكرا ً له تعالى على نيل هذه الدرة. ويقول غيره: يهل بالفرقد ركبانها كما يهل الراكب ا لمعتمر ُ ومن هذا الباب صار الناس يطلقون على من رفع الصوت بالتلبية أنه مهل كما جاء في هذا البيت، ولذلك قالوا: أهل بحجة أو أهل بعمرة، وقد كان من عادة العرب عندما يتقربون إلى أصنامهم بنحر ما ينحر أو ذبح ما يذبح من الحيوان أن يرفعوا أصواتهم بأسماء تلك الأصنام، فيقولون: باسم العزى وباسم اللات وباسم مناة، وهذه العادة لم تكن عند العرب وحدهم، فاليونان أيضا ً كانوا عندما يذبحون لآلهتهم يتقربون إليها بذكر أسمائها. :≈dÉ©J ˆG ô«¨d íHP Ée ولا ريب أن ذبح الحيوان أو نحره فيه إيلام له بجانب ما يترتب عليه من تفويت متعة الحياة عنه، والأصل في العقل والشرع منع إيلام الغير أو الإضرار به، ولكن بما أن ذلك الحيوان هو ملك ا لله 4 إذ هو الذي خلقه وسخره، فإقدام الإنسان على ذبحه أو نحره إنما أحل له بحكم ا لله 4 الذي أباح للإنسان الانتفاع بذلك الحيوان، فمن هنا كان إقدامه على ذبحه يلزم أن يكون مقرونا ً باسم الله تعالى، إشعارا ً بأن هذا الذبح ليس هو اعتداء منه وإنما هو بحكم الله الذي إباحه للإنسان، لذلك شرع الله سبحانه ذكر اسمه على الذبح والنحر فقال: ﴿ے ¡ ¢ £ ¤ ﴾ ] الحج: ٣٦ [ وأمر بأكل ما ذكر اسم الله عليه في قوله: ﴿ Ì Í Î Ï Ð Ñ ﴾ ] الأنعام: ١١٨ [ ونهى عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه في قوله: ﴿ PQ R S T U V W ﴾ ] الأنعام: ١٢١ [ ، وعلى هذا فإن كل من قصد بالذبيحة التي يذبحها غير وجه الله تعالى يعد فعله حراما ً ، وتكون الذبيحة مما أهل به لغير الله حتى ولو كان ذلك بمجرد النية وحدها، وقد أدرك ذلك السلف، ومن ذلك ما روي عن فقيه الصحابة ومفتيهم الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه أفتى في عهد خلافته بتحريم النحائر التي نحرها غالب أبو الفرزدق مفاخرة لسهيم ابن وثيل الرياحي وقال: إنها مما أهل به لغير الله، فألقيت في الفلوات وكانت مائة جزور فكانت تأتيها السباع والطير فتنهشها ولم يأكل منها أحد، لأنه لم ينحرها لوجه الله سبحانه وإنما نحرها رثاء وفخرا ً ، وذكر ابن عطية ً من هذا الباب الباب أنه اطلع فيما اطلع عليه عن التابعي الحسن البصري أنه سئل عن امرأة من المترفين كانت لها ل ُ عب، فزاوجت بين لعبها ونحرت من أجل ذلك جزورا ً ، فأفتى بأن ذلك مما أهل به لغير الله ژوأن تناوله حرام، فإذا كان ما ينحر لأجل المفاخرة يعد حراما ً وما ينحر في سائر أبواب الترف كما فعلت تلك المرأة يعد حراما ً فأحرى بالحرمة وأن يكون مما أهل به لغير الله ما يتقرب به إلى الجن أو الشياطين أو الأشجار أو القبور أو نحو ذلك مما يفعله الجهلة لقصد كسب خير أو دفع ضر. وقد أجاد الأستاذ الإمام محمد عبده حيث شدد في هذه المسألة وقال: ٍ بأن كل ذكر لاسم غير اسم الله سبحانه أو قصد وجه غير وجهه تعالى في الذبح يعد من باب الإهلال لغير وجه الله فهو داخل في الحرمة، وذكر من أمثلة ذلك: ما يجري في أرياف مصر من قول أحدهم إذا ذبح شاة نذر: باسم الله الله أكبر يا سيد. تقربا ً بذلك إلى السيد البدوي ليتقبل ذلك النذر وليقضي حاجة ذلك المتقرب إليه به، وعد ّ هذا من باب الإشراك لأنه من باب قصد غير وجه ا لله 4 وتقديم العبادة إلى غيره، وذكر القطب أن من هذا الباب أيضا ً ومما يصدق عليه هذا الحكم ما يذبح من أجل حفر بئر  أو لأجل بناء دار مما يعد تقربا ً إلى الجان لدفع ضررهم، فكل ذلك مما أهل به لغير الله، وتصدق عليه هذا الحرمة التي ن ُ ص عليها في هذه الآية  الكريمة، وقد جاء في صحيح مسلم من رواية أبي الطفيل عامر بن واثلة أنه قال: كنت عند علي بن أبي طالب فجاء إليه ءجل وقال له: ما الذي أسره إليك رسول الله ژ ؟ فغضب، وقال: ما كان رسول الله ژ يسر إلي شيئا ً يكتمه الناس، وإنما حدثني بأربع كلمات، قال له: ما هن يا أمير المؤمنين؟ قال: قال رسول الله ژ : لعن الله من لعن والديه، ولعن الله من ذبح لغير الله، » ولعن الله من أوى محدثا ً « ، ولعن الله من غير منار ا لأرض(١) وقد قال الإمام ّ النووي في شرحه لصحيح مسلم عند شرحه لهذا الحديث: من فعل ذلك أي من ذبح لغير الله من المسلمين كان في عداد المرتدين، وقوله هذا في غاية الوضوح والقوة، لأن ا لله 4 قرن النسك بالصلاة في قوله: ﴿ qp y x w v u t s r {z |} ~ ے ¡ ❁ ´ ³²±°¯® ❁ « ª © ¨ § ¦ ¥ ¤ £ μ¶ ﴾ ] ١٦٢ ، الأنعام: ١٦١ [ وجعل إخلاصهما له هو حقيقة الإسلام فعلى المسلم أن لا يقصد من نسكه غير وجه الله كما أنه لا يقصد بصلاته غير وجهه تعالى، ومن نسك لغير الله كان كمن صلى لغير ا لله 4 . َ واختلف العلماء فيما إذا ذكر النصارى اسم المسيح مع اسم الله سبحانه وتعالى في الذبح هل تؤكل ذبائحهم أو لا؟ فروي عن الإمام علي بن أبي .( ١) رواه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله رقم ( ١٩٧٨ ) طالب أنه قال: (إذا أ هل ّ أهل الكتاب لغير الله فلا تأكلوا من ذبائحهم، وإن لم تعرفوا عنهم فكلوا فإن الله أحل ذبائحهم وهو أعلم بما يقولون) أي إن قالوا ذلك خفية بحيث لا يطلع أحد على ما يسرونه من أمرهم، أما إذا رفعوا أصواتهم بذكر غيره تعالى حتى سمعهم المسلم كأن يذكر اسم المسيح عند النصارى أو يذكر اليهود اسم عزير ففي هذه الحالة لا تحل ذبائحهم، وهذا القول وهو حرمة ذبائحهم إذا ذكروا عليها اسم غير الله سبحانه ولو مع ذكر اسمه تعالى هو المنقول عن أبي حنيفة ومالك والشافعي وزفر وأبي يوسف والأزاعي وجماعة آخرين، ونقل عن الحسن وعطاء وابن المسيب وغيرهم الإباحة، وصدر القطب في الهميان بالإباحة وفي التيسير بالمنع، والمنع هو الصحيح لانطباق حكم ما أهل لغير الله على ذلك، وهذا هو الذي ذهب إليه الإمام محمد عبده حيث قال: كما أن المسلم إذا ذكر مع اسم الله اسم ا لرسول ژ وقال يسم الله وباسم محمد مثلا ً فإن ذبيحته لا تؤكل لأنها يجب أن تكون خالصة لله، كذلك النصراني إذا ذكر اسم الله وذكر اسم المسيح فإن ذبيحته يلزم أن لا تؤكل أيضا ً. :º¡«∏Y ΩôM Ée ºjôëJ »a √OÉÑ©H ˆG ≥aQ بعد أن ذكر الله تعالى الأصناف الأربعة المحرمة في الآية الكريمة استثنى من ذلك حالة الاضطرار، وهذا أمر تقتضيه سنة ا لله 4 فيما شرع ٍ من الأحكام في دينه الإسلام، فإن الإسلام دين يسر جاءت شريعته السمحة لرفع الأغلال والآصار عن الإنسانية، ولتيسير صلتها بالله 4 ، وما تحريم هذه الأصناف الأربعة إلا دليل رفق ا لله 4 بالعباد، وفي حالة الاضطرار فإن الإسلام يقدر هذا الاضطرار قدره فيبيح فيه ما لا يبيح في حالة الاختيار، يقول الله 4 ﴿ : v u t s rq p o n m l k j i ﴾ ] البقرة: ١٧٣ [ ، أي من ألجأته الضرورة إلى تناول شيء من أصناف هذه المحرمات المذكورة في الآية الكريمة وهي: الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، ولم يجد مناصا ً عن ذلك، فإن الله 4 يتجاوز عن فعله هذا لمغفرته ورحمته بالعباد، وقد جعل 4 جميع الأحكام التي شرعها في الإسلام تتمشى ومصلحة العباد، سواءا ً عرفوها أم جهلوها. :QGô£°V’G ≈æ©e واضطر على وزن افتعل، وصيغ منه هذا الوزن لأجل البناء للمجهول، والاضطرار افتعال، والافتعال يدل على الشدة، والمعنى: من ألجأته شدة الضرورة. وقد قرأ حمزة وعاصم بكسر النون فمن ِ اضطر، وقرأ أبو عمرو بفتحها فمن َ اضطر، وقرأ سائر السبعة فمن ُ اضطر بضمها، لأجل أن همزة الوصل التي سقطت مضمومة وقد ألقيت ضمتها على النون من قبلها، ولأجل إتباع هذه النون للحركة التي في الطاء، والحاجز بين الحرفين حرف ساكن قهو حاجز غير حصين كما قالوا. وقد أبهم الاضطرار في هذه السورة الكريمة كما أبهم في سورة الأنعام في قول ا لله 4 ﴿ : ij k l m n o p q r s t u z y x w v { | } ~ ے ¡ ¢ £ ¤ ¥ ¦§¨ © ª « ¬ ® ¯ ° ± ² ﴾ [ [الأنعام: ١٤٥ ، ولكنه بي ّ ن في سورة المائدة في قول الله 4 ﴿ : Z Y X W [ \ ] ﴾ [ [المائدة: ٣ ، فالاضطرار إنما يكون في الغالب بالمخمصة (أي المجاعة) ولذلك حمل غالب المفسرين هذا الإجمال الذي في هذه الآية الكريمة والذي في آية الأنعام على البيان الذي في آية المائدة، وذهب مجاهد إلى أن هذا الاضطرار يكون بالإرغام، فمن اضطره عدو فأرغمه على تناول الميتة أو الدم أو لحم الخنزير أو ما أهل لغير الله به، وخشي على نفسه الهلاك، فله أن يتناول من ذلك ما يدفع به شر عدوه، وذكر جماعة منهم ابن عطية والقرطبي مثل هذا القول عن سعيد بن جبير، وقول الجمهور أقوى، لأن خير ما بين به القرآن الكريم هو القرآن نفسه، وذلك لا ينافي أن يكون الاضطرار ُّ المبيح لتناول المحرم يشمل الاضطرار بسبب إرغام العدو وغيره من أنواع الاضطرار، وذكر المخمصة في آية المائدة لا ينافي شمول حكم الاضطرار لغير المخمصة، لأن الاستدلال بذكر المخمصة على عدم انطباق حكمها على غيرها هو من باب الاستدلال بمفهوم المخالفة، ومفهوم المخالفة تشترط حجيته بشروط منها أن لا يكون منطوقه جاريا ً مجرى الأغلب ،ﺩﺎﺘﻌﻤﻟﺍ ﻝﻮﻘﻳ ﻡﺎﻣﻹﺍ ﺭﻮﻧﻦﻳﺪﻟﺍ 5 : ﻞــﻴﻟﺪﻟﺎﺒﻓ ﺏﺎــﻄﺨﻠﻟﻪﻤــﺳ ً ﻥﺇﻭ ﻦــﻜﻳ ﺎــﻔﻟﺎﺨﻣﻪــﻤﻜﺤﻟ ﻡﻮﻗ ﺕﻮﺒﺛ ﻢــﻜﺤﻟﺍ ﻪﻨﻣﺎﻓﺮﻋﺎﻓ ﻪــﺘﺒﺛﺃ ﻡﻮــﻗﻼــﻴﻟﺩًﻰــﻔﻧﻭ ﻊﻨﻤﻳ ﻦﻣ ﺺﺼﺨﺗ ﻢﻜﺤﻟﺍﻰﺿﺮﻟﺍ ﻪﻃﺮــﺷﻭ ﻻﺃ ﻥﻮــﻜﻳﻰــﻀﺘﻘﻣ ﻲﻓ ﻮﺤﻧ ﻥﺃ ﻱﺮﺠﻳ ﻯﺮﺠﻣﺐﻠﻏﻷﺍ ﻙﺍﺫﻭ ﻮــﺤﻧ ﺓﺩﺎــﻋﺏﺮــﻌﻠﻟ لذلك لم ير جمهور الأمة تقييد بعض أحكام الكتاب بما ظاهره التقييد، ٍ لأن ذلك التقييد جار مجرى الأغلب المعتاد، ومن ذلك قول الله 4 ﴿ fg h i j k l m n ﴾ ] النساء: ٢٣ [ فلم يأخذوا بالتقييد الوارد في قوله سبحانه: ﴿ gh i ﴾ ] النساء: ٢٣ [ لأنه جار مجرى الأغلب المعتاد، وعليه فالربيبة ولو لم تكن في حجر زوج أمها تحرم عليه ما دام داخلا ً بأمها في قول جمهور السلف والخلف، والقول بخلاف ذلك ت ُ نوسي ولم يعد يعمل به ولا يذكره إلا القليل، فكذلك قول الله سبحانه: ﴿ WX Y Z ﴾ ] المائدة: ٣ [ ، فإن غالب الاضطرار إنما يكون بالمخمصة لذلك ينطبق حكمه ولو كان بغير سبب ا لمخمصة. والله 4 من رفقه بعباده ورحمته بهذه الأمة أباح لها التقية، وعليه فإن الذي اضطر بسبب إكراه العدو الباطش الشديد إلى أكل المحرم له أن يأكل مما أرغمه العدو على أكله من هذه الأصناف المحرمة، وهذا الذي عليه أكثر الأمة وبه قال أكثر أصحابنا. :ΩGôëdÉH …hGóàdG ومن هذا الباب ما جاء أ يضا ً من اختلاف أقوال العلماء فيما لو اضطر أحد إلى التداوي بهذه الأصناف المحرمة، فمن أهل العلم من أجاز التداوي بها مع الاضطرار إن لم يجد دواء آخر ومنهم من منع ذلك، والمانعون استدلوا لما ذهبوا إليه من التشديد في ذلك بحديث رسول الله ژ الثابت في « إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم » : الصحيح(١) . والمترخصون في ذلك قالوا: إن حالة الاضطرار تسقط حكم الحرمة، وفالله 4 يقول: ﴿ * + , - . / 3 2 1 0 ﴾ ] الأنعام: ١١٩ [ ، فما اضطر إليه العبد لأجل التداوي من مرض يزعجه ولم يجد مناصا ً من ذلك، بحيث لا يوجد علاج آخر فإنه على قول طائفة من العلماء يدخل فيما يباح لأجل هذه الضرورة التي نبهت عليها هذه الآية الكريمة، والذين شددوا قالوا: بأن دفع الضرر بالتداوي غير متيقن بخلاف دفع الضرر بالأكل وكثيرا ً ما ينقلب الدواء إلى ضده، ونجد في آثار العلماء الأقدمين ما يدل على وجود الخلاف بينهم في هذه المسألة منذ أمد بعيد، وقد جاء في بعض أجوبة شيخنا العبري أن في كتاب التاج للإمام ضياء الدين الثميني خلافا ً .( ١) رواه ابن حبان في صحيحه رقم ( ١٣٩١ )، والبيهقي في السنن الكبرى رقم ( ١٩٤٦٣ ) في التداوي بالحرام إذا كان أ كلا ً أو تضميخا ً للجسم، ومثل هذا نجده أ يضا ً في كلام المحقق الخليلي في جوابه لمن سأله، وقد عزا ذلك إلى الإمام أبي نبهان حيث قال بعد ذكره ا لخلاف: قولان بالمنع أو التحليل كذا عن ا لعلامة ا لخليلي الشيخ جاعد بلا تبديل  والذي يجب أن يؤخذ به في هذا أن العلاج إذا كان مظنون المنفعة ولم يكن متيقنا ً نفعه فالاحتراز أولى وكذلك إذا كان لتلك العلة علاج آخر يغني عن هذه الأجناس المحرمة، أما إن كان بخلاف ذلك بحيث تعذر العلاج إلا بها وكان نفعها في علاج تلك العلة مجربا ً مضمونا ً فلا حرج فيه. :ôNB’ ¢üî°T øe ΩódG π≤f ºμM هذا وقد ثبت ثبوتا ً لا ريب فيه أن تغذية جسم المريض إن نقص دمه بدم الجسم الصحيح قد تكون فيه منفعة وإنقاذ للمريض، ولا ريب أن الضرورة تقدر بقدرها، وقد أصبح هذا من المسلمات في هذا العصر الحديث، فلا ينبغي أن يختلف في تحليله عند الحاجة، وقد ثارت ثائرة جدال في هذه المسألة في العقد التاسع من القرن الرابع عشر الهجري، فكان فيها أخذ ورد بين مشايخ العلم في هذه البلاد، وقد شاركت في بحثها ببضاعتي المزجاة من العلم، وكان الذي يدور عليه منع المانعين محورين: المحور الأول: قياس الدم على العضو، فكما أنه لا يجوز أن يسمح أحد بأن يبتر عضو من أعضائخ ليتبرع به لفاقده، كذلك لا يجوز أن يؤخذ دمه ُ إلى جسم شخص آخر من أجل حاجته إليه. والمحور الثاني: هو نجاسة الدم وحرمته. وقد فرقت ُ في بياني للمسألة بين العضو والدم من ثمانية، أوجه منها: أن العضو لا يعوض عنه بخلاف ا لدم. ومنها: أن العضو لا يزيد عن حاجة الإنسان الضرورية والدم يفضل عن حاجته الضرورية، ولذلك أجيزت الحجامة بالسنة والإجماع وأجيز الفصد بالإجماع، والأمر في العضو بخلاف ذلك، فلا يجوز لأحد أن يسمح ببتر عضوه لمثل هذا لأن العضو لا يزيد عن حاجته. ومنها: أن العضو المقطوع هو في حكم ميتة الإنسان ولميتته الحرمة، بخلاف الدم فإنه لا تكون له حرمة الميتة فهو يراق، والعضو إن قطع من الإنسان يجب دفنه. ومنها: أن العضو يبقى متحيزا ً له مكانه الخاص من الجسم بخلاف الدم فإنه يسري في الجسم ويختلط بالدم الطبيعي في جسم المريض، ولا يبقى له جوهر مستقل. وأما تعل ُل ْ القائلين بالمنع بأن النجاسة معروفة الحكم في الدم ولا يجوز التغذي بالحرام فكذلك لا يجوز التداوي بالدم. فالجواب عنه: أن ا لله 4 أباح هذه المحرمات مع الاضطرار، وأي اضطرار أشد من اضطرار من يكاد يشرف على الموت لنزيف أصابه أو فقر دم وكان بحاجة ملحة إلى دم يحيا به، وأظن أن الناس أصبحوا يدركون هذه الحقيقة بمعايشتهم للطب الحديث، وما أصبحوا في حاجة إلى الإقناع بجواز التداوي بنقل الدم من الجسم الصحيح إلى الجسم العليل، وقد سألني أحد المشايخ عن وجه الإباحة مع أن دم الإنسان له حرمة جسمه وليس له أن يتصرف في جسمه بشيء، ومن ناحية أخرى فإن الإنسان ليس له أن ينقذ نفسه بأكل جيفة إنسان، فكيف ينقذ نفسه بدمه؟ فأجبته بهذه الفوارق التي ذكرتها وبغيرها، وأجبته أيضا ً : بالتفرقة بين تغذية المعدة وتغذية الجسم، فما تغذي به المعدة يتحول إلى عذرة، وذلك ينافي حرمة الإنسان، وما يغذى به الجسم من الدم لا يتحول عن طبيعته وإنما يختلط بسائر الدم الذي في ذلك ا لجسم. وبما أن الشيء بالشيء يذكر فما ذكرته من حرمة أكل ميتة الإنسان للمضطر إنما هو قول جمهور الأمة، الذين لا يبيحون أن ينقذ الإنسان نفسه بميتة الإنسان، وذهب إلى جواز ذلك الشافعية وبعض الحنفية، وقال بهذا أبو الخطاب من الحنابلة، والقول بالمنع هو ا لصحيح. :ΩGôëdG πcC’ í«ÑªdG QGô£°V’G §HÉ°V والاضطرار الذي ذكره الله 4 هنا وفي سائر الآيات الأخرى التي تناولت هذه القضية إنما هو بتيقن الهلاك أو ظنه إذا لم يتناول من هذه الأصناف المحرمة، وقد يكون ا ضطرارا ً أيضا ً إذا كان يقطع مفازة وهو متيقن أنه إذا لم يتزود فيها من لحم الميتة فإنه لن يجد ما يتغذى به فيها، وهذه المسألة فيها خلاف سنتعرض له فيما يأتي إن شاء الله ، وقال العلماء: ليس الاضطرار أن يشرف الإنسان على الموت فإن الإشراف لا ينفع معه التغذي، بل كما قال الإمام النووي: قد يكون حكم الميتة وغيرها من الأصناف المحرمة في هذه الحالة حراما ً لعدم جدوى تناولها، وإنما جواز أكل الميتة عندما يتيقن الإنسان الهلاك إن لم يحيي نفسه بالأكل منها. :ájB’G »a ¿Ghó©dGh »¨ÑdG ≈æ©e قيد ا لله 4 في هذه الآية الكريمة الإباحة وعدم الحرمة بكون المضطر ّ غير باغ ولا عاد، وقد جاء تبيين البغي والعدوان في سورة المائدة في قول الله 4 ﴿ : WX Y Z [ \ ] ﴾ ] المائدة: ٣ [ والمتجانف هو المائل كما يقول ا لشاعر: تجانف عن حجر اليمامة ناقتي وما قصدت من أهلها بسوائكا ومع ذلك فإن للعلماء خلافا ً كثيرا ً في الباغي والعادي وفي المراد بهذا التقييد في الآية الكريمة، فمنهم من قال: بأن المراد بقوله 4 ﴿ : kl m n ﴾ ] البقرة: ١٧٣ [ أي غير باغ بقصده إلى تلك الميتة لذاتها، ولا عاد ٍ متجاوز في تناوله لها حد الضرورة وهو مروي عن ابن عباس ^ وغيره. ومنهم من قال: بأن المقصود بالباغي هنا هو: الخارج عن طاعة إمام المسلمين، والعادي: هو الذي يعدو على جماعة المسلمين ببطشه ويقطع السبيل عليهم، وهو مروي عن مجاهد، وقال جماعة من العلماء: بأنه يلحق بذلك كل عاص، فالخارج في سفر معصية كقطع رحم، وقصد الإضرار بالمسلمين، والتمتع بالمحرمات كالخمر والزنا، وقد أخذ أموال الناس بغير حق إلى ما وراء ذلك من أنواع الأسفار التي تقصد فيها معصية الله سبحانه لا يباح له إن اضطر أن يأكل من الميتة ولا أن يأكل من أي نوع من أنواع المحرمات، وهذا القول هو الذي ذهب إليه أصحابنا وقالت به الحنفية، وهو إحدى الروايتين عن الإمام مالك، وأحد وجهي مذهب الشافعي، وهو أحد القولين المرويين عن الإمام أحمد، ومن أهل العلم من ذهب إلى خلاف ذلك وقال: بأن المسافر الذي خرج في معصية الله 4 لا يحل له بحال من الأحوال أن يقتل نفسه، وامتناعه من الأكل من هذه المحرمات لإنقاذ نفسه إنما هو قتل لنفسه، وكما يمنع الواقع في معصية أن يقع في معصية أخرى، كذلك يمنع هذا من تعريض نفسه للتلف، وقد خطأ ابن العربي المالكي من قال بهذا القول، وقال: لا ينبغي أن يقال بإباحة ذلك له، ومن أباح له فقد أخطأ، لأن في ذلك تشجعا ً للمسافر في المعصية على عصيانه لله 4 ، وانتقد كلام ابن العربي غير واحد من علماء المالكية من بينهم القرطبي، وقال بخلافه أيضا ً ابن خويز منداد وهو أحد علماء المالكية وقد شدد هؤلاء النكير على ابن العربي، لأن العاصي كما قالوا لا يجوز له أن يعرض نفسه لمعصية أخرى وقتل النفس معصية، غير أن الذين ذهبوا مذهب المنع قالوا: بإمكان هذا العاصي أن ينقذ نفسه بعد أن يتوب إلى الله 4 وأن يقلع عن بغيه وعدوانه، فإن التائب يباح له أن يتناول من الميتة ومن سائر المحرمات لأجل دفع ضرورته، فمن الذي يحول بينه وبين التوبة والله يسرها له ودعاه إليها. ومن العلماء من فسر الباغي بأنه: الذي يأكل من غير اضطرار والعادي هو الذي يتجاوز حد الضرورة، وبناء على هذا اختلف العلماء في المقدار الذي يباح للمضطر أن يأكله من أصناف هذه المحرمات، فقيل: يباح له بقدر ما يسد الرمق فحسب، وهو ما ذهب إليه أصحابنا، وهو قول للإمام الشافعي وللإمام مالك وإحدى الروايتين عن أحمد، وهو الذي يفهم من كلام الإمام محمد عبده أنه يرجحه ويميل إليه، حتى أنه ذكر أن الفاصلة التي جاءت في خاتمة الآية الكريمة إنما تناسب هذا القول كما سيأتي إن شار الله بيان ذلك ، وقيل: بإباحة ما زاد على سد الرمق، وعليه فيباح له أن يأكل إلى حد الشبع كما صرح بذلك الإمام مالك، وأباح أيضا ً أن يتزود من هذه الأصناف المحرمة إذا كان في سفر وكان يقطع مفازة لا يرجو أن يجد فيها طعاما ً محللا، ً ولعله لا يجد من أصناف الأطعمة المحرمة ما يسد به حاجته مع الاضطرار إليها، ومن أهل العلم من أباح له الأكل إلى الشبع من غير أن يتزود، وذهب جماعة من الشافعية إلى حصر الإباحة في مقدار ما يسد الرمق، واختاره المزني ورجحه القفال وصححه النووي، قال به جمع غفير منهم كما ذكر ذلك الإمام النووي. وبجانب ذلك نجد من الشافعية من يفصل تفصيلا ً دقيقا ً في هذه المسألة، فإمام الحرمين وتلميذه أبو حامد الغزالي يفرقان بين حالة وأخرى، بحيث يريان أن من كان في مفازة بحيث لو لم يأكل إلى أن يشبع من الميتة لم يستطع المشي ومواصلة السير ولا يرجو أن يجد طعاما ً إذا لم يأكل بقدر ما يشبع ويتزود منها ففي هذه الحالة يباح له التزود، أما إذا كان في العمران بحيث يرجو أن يجد الطعام الحلال فلا يباح له إلا أن يأكل بقدر ما يسد رمقه ويدفع ضرورته، وإذا كان في العمران ولكنه لا يرجو أن يجد الطعام الحلال فهنا يتردد القول بين الإباحة والتحريم، وهو تفصيل حسن، فإن الله 4 إنما أراد بإباحته هذه المحرمات للمضطر أن يدفع الضرر عن عباده، ومن كان في مفازة لا يرجو أن يجد فيها ما يسد حاجته الضرورية فأنى له أن يقدر على قطعها إن كان لا يأكل إلا بمقدار ما يسد الرمق، على أن الذين قالوا بإباحة ما زاد على ذلك استدلوا بروايات رويت في هذا، وإنما ينبغي أن ينظر في أسانيدها والتأكد من ثبوتها، منها: حديث الفجيع العامري الذي سأل ا لنبي ژ عن جواز أكله للميتة، فسأله ا لنبي ژ عن رزقه أي عن طعامه، فقال: إنه يصطبح ويغتبق بكأس من اللبن، أي يشرب في صباحه وفي مسائه كأسا ً من اللبن، فالعلماء الذين أباحوا قالوا: إن الكأس من اللبن يمسك الرمق من الصباح إلى المساء ومن المساء إلى الصباح، ومنها: حديث سمرة عند أبي داود أن رجلا ً ت ُ ركت عنده ناقة وكان نازلا ً بجانب من المدينة المنورة فنفقت تلك الناقة وماتت، فقالت له امرأته: ألا تسلخها فنقدد لحمها ونتغدى به فقال: لا؛ حتى أسأل ا لرسول ژ. فجاء إلى ا لنبي ژ ، فقال له ا لنبي ژ : فقال له: لا. فأباح له الأكل من تلك ا لناقة. « هل لك غنى يغنيك » وفسر الإمام ابن عاشور قوله تعالى: ﴿ n m l k ﴾ تفسيرا ً عجيبا ً لم أجده لغيره، وذلك أنه قال: بأن المقصود بغير باغ ولا عاد تعليل هذه الإباحة، أي أن ا لله 4 إنما أباح أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله لمن كان إذا ترك الأكل سيدفعه اضطراره إلى البغي والعدوان فلأجل دفع البغي والعدوان أباح الله سبحانه له الأكل من هذه الأصناف المحرمة، ثم خلص من ذلك بأن هذا الميزان هو الذي يوزن به قدر الضرورة، فمن كان ليس من شأنه العدوان ولا البغي وكان مضطرا ً إلى تناول هذه المحرمات فقد ّ ر في حال نفسه أنه لو لم يأكل منها لاضطر إلى البغي والعدوان مع أنه َ ليس من شيمته ذلك فهو الذي يباح له أن يأكل من هذه الأصناف بقدر ما يسد ضرورته، وأما إذا لم يكن بالغا ً هذا المبلغ فلا يباح له ذلك. :ô«¨dG ∫Ée ΩCG á૪dG ô£°†ª∏d Ωó≤j ɪ¡jCG  إن كانت الميتة أبيحت مع كونها مئنة الضرر لأجل دفع الضرر الأكبر وهو الهلاك أو ما كان نحو ذلك كهلاك عضو أو هلاك منفعة، كفقد السمع والبصر وانهيار القوة والضعف عن المشي والانقطاع عن الرفقة مع عدم وجود الزاد فإن هذه الضرورة تندفع مع وجود مال الغير، وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء، أي إذا لم يجد المضطر إلا ميتة أو مال الغير فأيهما يقدم؟ هل يأكل الميتة أو يأكل مال الغير؟ روي عن مالك أنه قال: إن كان تناوله لمال الغير لا يؤدي به إلى سوء ظن الناس به حتى يقام عليه حد السارق فيأكل مال الغير، وإذا كان يخشى أن يجده صاحب المال ويأخذه إلى الحاكم ويقضي عليه بحد السارق وهو: قطع يده فيقدم الميتة في هذه الحالة لأجل الحفاظ على سلامة نفسه، والحنابلة يرجحون أن الأكل من الميتة خير من الأكل من مال الغير، ويستدلون لذلك بأن الميتة أبيحت بالنص ومال الغير أبيح بالاجتهاد، وما أبيح بالنص ليس كالذي أبيح بالاجتهاد، وقد أعجبني قول ابن حبيب من المالكية في هذه المسألة، فإن قوله فحل وهو لا يصدر إلا عن العالم الفحل، فقد قال: إن من وجد مال الغير وهو مضطر إليه فليأكل منه، وإذا منعه صاحب المال فليقاتله لأن له حقا ً في إنقاذ نفسه من مال الغير، وعلى صاحب المال أن ينقذ هذا المضطر بإعطائه من ماله بقدر ما يسد ضرورته، ومن العلماء من قال: بأنه إن اضطر إلى المقاتلة وكان يخشى منها أن يقتل فليأكل من ا لميتة. ُ والصحيح أنه يأكل من مال الغير إن اضطر إليه ولم يجد سواه إلا ميتة لأن مال الغير إنما حرم لعارض والميتة حرمت لذاتها، ولأننا نجد في كتاب الله سبحانه ما يدل على أن للمضطر حقا ً في مال الغير، فإن المضطر محروم، وقد قال ا لله 4 ﴿ : kjihg ﴾ ] الذاريات: ١٩ [ وقال: ﴿ cd g f e ❁i j ﴾ ] ٢٥ ، المعارج: ٢٤ [ وقال في خصال البر: ﴿ 45 6 7 8 9 : ; ﴾ ] البقرة: ١٧٧ [ وأي مسكنة أشد من مسكنة المضطر إلى إنقاذ نفسه ولا يجد ما يسد به ضرورته وما يشبع به جوعته، على أنه جاء في أحاديث ا لرسول ژ ما يدل على إباحة تناول مال الغير في حال الاضطرار، ومن ذلك ما رواه ابن ماجة عن عباد بن ّ شرحبيل أنه جاء إلى المدينة المنورة في عام مخمصة ودخل حائطا ً لأحد من الناس فأخذ سنبلة وفركها ثم أكلها وأخذ بعضا ً منها في ثوبه، فجاء صاحب الحائط فضربه وأخذ منه الثوب، فذهب عباد إلى رسول الله ژ وأخبره، فدعا ّ رسول الله ژ بصاحب الحائط وقال له: هلا أطعمته إن كان ساغبا ً أي جائعا ً هلا علمته إن كان جاهلا، ً فأمر له رسول الله ژ بوسق أو نصف وسق(١) ، وجاء أيضا ً في حديث أبي هريرة أن رسول الله ژ سئل عما يباح من إبل ١) رواه ابن ماجه رقم ( ٢٢٨٩ ) باب: من مر على ماشة قوم أو حائط هل يصيب منه. ورواه ) ّ النسائي بلفظ ّ قريب رقم ( ٥٣١٤ ) في باب ا لاستعداء. « كل ولا تتزود واشرب ولا تتزود » : الغير مع الحاجة فقال(١) ، وجاء مثل ذلك في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند الترمذي: أن رسول الله ژ سئل عن الثمر المعلق، فأباح رسول الله ژ لذي الحاجة أن يأخذ منه بقدر حاجته غير متخذ خبنة(٢) ، والروايات في ذلك متضافرة يشد بعضها بعضا ً . ومن هنا ندرك أن مال الغير أبيح بالنصوص ولم يبح بمجرد الاجتهاد، وإذا كان لهذا الذي اضطر إلى مال الغير أن يتناول من مال الغير بقدر ما يسد ضرورته، فإن الضمان يسقط عنه في هذه الحالة على الراجح، وللعلماء في هذه المسألة قولان فمنهم من قال: بأن الضمان يلزمه، لأن الأصل في مال الغير عدم الإباحة، ومنهم من قال: بعدم لزومه لأجل الإباحة المشروعة له، ولأجل أن صاحب المال إن حضر وجب عليه أن ينقذ حياة المضطر بقدر ما يسد حاجته وضرورته من ماله، لذلك كان القول بسقوط الضمان هو الراجح كما تقدم ، فإن الرسول ژ ما ألزم هؤلاء ضمانا ً ، ولا يؤخر النبي ژ البيان عن وقت الحاجة إليه. :ΩGôëdG πcCÉH áμ∏¡dG ±ƒN óæY ¢ùØædG PÉ≤fEG ܃Lh ظاهر هذه الآية الكريمة أن تناول هذه الأصناف المحرمة يباح في وقت الضرورة، ولكن بعض العلماء قالوا: إن هذه الإباحة تتجاوز إلى الوجوب، بحيث يجب على الإنسان إذا رأى نفسه معرضة للهلاك إن لم يأكل أن ينقذ حياته بتناوله لهذه المحرمات، ولا يكون الحكم مع تيقن الهلاك محصورا ً في حدود الإباحة، وهذا القول مروي عن مسروق، فقد روي عنه رقم ( ٢٣٩١ ) باب النهي أن « كل ولا تحمل واشرب ولا تحمل » ١) رواه ابن ماجه بلفظ ) يصيب منها شيئا ً إلا بإذن صاحبها. ٢) خبن الطعام: خبأه وادخره للشدة. ) أنه قال: (من اضطر إلى الميتة أو الدم أو لحم الخنزير أو ما أهل به لغير الله فلم يأكل حتى مات دخل النار) وهذا هو الذي قال به غير واحد من علماء المالكية ومن علماء الشافعية كالكيا الطبري وهو إحدى الروايتين في مذهب أحمد، وقال به أصحابنا من غير خلاف فيما وجدت في نصوصهم، واستدلوا لذلك بقول ا لله 4 ﴿ : Q P O N M LK J I _ ^ ] \ [Z Y X W V U T S ❁ ` ﴾ ] النساء: ٢٩ [ وبقوله تعالى: ﴿ xwvu¯ ﴾ ] البقرة: ١٩٥ [ . أما الذين قالوا بخلاف هذا القول فإنهم استدلوا بفعل أحد الصحابة رضوان الله عليهم وهو عبد الله بن حذافة السهمي الذي وقع في يد طاغية الروم فحبسه في بيت وترك معه خمرا ً مختلطة بالماء وترك له لحم خنزير مشويا ً ، فظل ثلاثة أيام ممتنعا ً عن تناول اللحم والخمر، حتى انحنت رقبته من الشدة التي كان يلقاها ثم أخرج بعد ثلاثة أيام لئلا يموت، فقال لطاغية الروم: إن الله أحلهما لي لاضطراري إليهما، ولكنني لم أكن لأشمتك بالإسلام، فكان امتناعه من إحياء نفسه بهما لئلا يشمت الطاغية بالإسلام، وهذا اجتهاد من هذا الصحابي الجليل، وما تدل عليه النصوص من وجوب إنقاذ النفس أولى بالاتباع من اجتهاد صحابي، مع تقدير الموقف الجليل الصلب الذي وقفه أمام ذلك الطاغية ا لعنيد. :á૪dG ΩCG ó«°üdG ΩôëªdG ô£°†ªdG Ωó≤j ɪ¡jCG اختلف العلماء في المحرم إن اضطر إما إلى صيد البر وإما إلى الميتة، فمنهم من أباح له الميتة دون الصيد في حال الاضطرار، لأن الصيد يكون ميتة فيجمع المصطاد الذي يأكلها بين حرمتين، بين حرمة الاصطياد وحرمة أكل الميتة وهو قول الأكثرين، ومنهم من قال: بإباحة الصيد لأن الصيد لو لم يكن صائده محرما ً تعمل فيه الذكاة، وإذا وجد المضطر ميتة ودما ً ولحم خنزير وما أهل لغير الله به، فقيل: يتناول من أيها شاء، وقيل: يقد ّ م الميتة ثم الدم ثم ما أهل به لغير الله ثم لحم الخنزير، لأن الميتة كانت حلالا ً لو لم تمت حتف أنفها، ولو لم تمت بإمكانه تذكيتها لتحل بخلاف الدم ولحم الخنزير، وقدم الدم على لحم الخنزير لأن حكم الدم الطهارة ما لم يسفح، وإنما ينجس إذا سفح بخلاف لحم الخنزير فإنه نجس لذاته، ثم ما أهل به لغير الله لأنه قصد به تعظيم غير الله تعالى، ثم الخنزير، لأنه في الأصل لا يحل بحال من الأحوال إلا من اضطرار، وهذا القول هو الذي ينبغي أن يعتمد عليه. ﴿ op q ﴾ ] البقرة: ١٧٣ [ نفى أن يكون عليه إثم لأن الضرورة هي التي رفعت ا لإثم. :áªJÉîdG ﴿ st u v ﴾ ] البقرة: ١٧٣ [ تذييل أفاد تعليل رفع الإثم، أي رفع الإثم لأنه 4 غفور ورحيم، فهو غفور يغفر ذنوب عباده التائبين ورحيم بهم، ومن رحمته بهم أنه أباح لهم هذه المحرمات في حالة الاضطرار إليها، وقد قال الإمام محمد عبده: إن هذه الفاصلة هنا جاءت في محلها لمناسبتها قوله 4 ﴿ : ij k l m n ﴾ [] وذلك أن الذي خارت قواه من الجوع لا يستطيع أن يضبط بدقة مقدار ما يأكل، فقد يأكل فوق ما يباح له، وهو إنما يباح له أن يأكل بمقدار ما يسد الرمق فحسب، وبما أن هذه الحالة لا يمكن أن يضبطها الإنسان ضبطا ً دقيقا ً كانت مئنة لتجاوز الله سبحانه عن تجاوزها، لذلك ختم الله 4 الآية بقوله: ﴿ vuts ﴾ ] البقرة: ١٧٣ [ لأجل تطمين العباد بأنهم لو تعدى أحدهم مقدار سد الرمق بلقمة أو لقمتين فإن ذلك مما يعفو ا لله 4 عنه بفضله على عباده. :á«ë°VC’G هل يصح نقل الأضحية من بلد إلى آخر؟ وهل بين هذه المسألة ومسألة التضحية في بلد آخر فرق من حيث ا لحكم؟ الأضحية شرعت من أجل تذكير المسلم بقصة نبي الله إسماعيل ‰ وما كان من تدارك الله إياه بلطفه، حيث إن الله تعالى أنقذه بتلكم التضحية، وقد جعل الله فيها منافع، فالمضحي ينتفع بها وكذلك غيره، ومن أجل أنها شرعت لأجل نفع الناس فإن ا لنبي ژ في أول الأمر نهى أن تدخر الأضاحي ثم بين بعد ذلك بأنه نهى عن ذلك من أجل الدافة أي من أجل الأعراب ّ الذين يأتون إلى المدن والقرى(١) ، وبناء على هذا فإنه لا مانع إن كان هناك من هو أحوج إليها ممن هو في مكان بعيد خارج البلد أن ينقل إليه بعض هذه الأضحية مع إبقاء بعضها من أجل انتفاع المضحي بها والله أعلم. هل يصح توكيل المؤسسات والجمعيات الخيرية بالتضحية عن الغير، والقيام بصرف اللحوم في وجوهها الشرعية؟ وإن جاز فهل هناك شروط معينة يلزم توافرها في مثل هذه الجمعيات؟ وهل هناك فرق بين الجمعيات الربحية والخيرية؟ ٍ هذه الجمعيات لا بد أن تكون في أيد أمينة بحيث يكون القائمون عليها من الأمناء الفقهاء العارفين بكيفية التصرف في هذه الأضاحي، وما هي الأضحية التي تجزىء من حيث السن والجنس والوصف، ثم بجانب ذلك لا بد من مراعاة أن تكون الأضحية في ميقاتها الشرعي بحيث يضحون بعد أن يصلي من يضحى عنه لا قبل ذلك، وبعد ذلك لا مانع من أن تتولى هذه ١) رواه الربيع في كتاب الأحكام، باب الذبائح، رقم ( ٦٢١ )، ومسلم في كتاب الأضاحي، ) .( باب ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي، رقم ( ١٩٧١ الجمعيات صرف هذه الأضحيات إلى الفقراء والمساكين الذين هم بحاجة إليها والله أعلم. ما حكم استبدال القيمة بالأضحية وخاصة في وقت الأزمات التي تواجهها بعض الدول كمنعهم من التضحية، أو لانتشار الأمراض في ا لحيوانات؟ أما عند الاختيار فلا يعدل إلى القيمة بحال، إذ لم يأت دليل قط على ذلك، ولكن مع تعذر الأضحية وذلك كأن تكون دولة ما تمنع المسلمين من التضحية كما حصل في الأندلس وذلك عندما سيطر النصارى عليها حتى صاروا يراقبون كل مضح في يوم الأضحى فيحكمون عليه بالقتل، وكذلك عندما تتعذر الحيوانات الخالية من الأمراض فإنه في هذه الحالة يعدل إلى القيمة من أجل إعطاء الفقراء ما فيه مصلحتهم، ففي ذلك خير إن شاء الله، لا لأجل أن القيمة تقوم مقام الأضحية، ذلك لأن من جملة مقصود الأضحية نفع هؤلاء الفقراء فإذا تعذر نفعهم بالأضحية فلا أقل من أن ينتفعوا بالقيمة والله أعلم. أيهما أولى أن يضحي المرء في بلده الأصلي أو في الدولة التي يقيم مؤقتا ً فيها؟ بما أنه يؤدي العبادات التي يؤديها وهو في تلك الدولة التي يقيم فيها فإن الأضحية أيضا ً تكون في ذلك المكان إن تيسر له ذلك والله أعلم. ما رأيكم لو لم يستطع المرء أن يضحي في بلده لارتفاع قيمة الحيوانات فيها، هل يضحي في بلد آخر، أو يوك ّ ل من يضحي عنه إن كانت قيمة الأضحيات هناك أرخص؟ إن تعذر عليه أن يضحي في بلده فلا حرج أن يوكل شخصا ً آخر ليضحي عنه مع مراعاة شروط الأضحية والله أعلم. هل للمرء أن يترك التضحية في بلده، ويضحي في بلد آخر بسبب رخص المواشي هناك؟ لا، فما دام متعبدا ً بالأضحية فإما إن يضحي وإما أن لا يضحي، إلا إن تعذر عليه أن يضحي في بلده وأراد أن لا يفوته هذا الفضل فله أن ينيب غيره في بلد آخر والله أعلم. ولو لم يستطع التضحية في بلده بسبب قهري، واضطر أن يضحي في بلد آخر، فهل يعتبر قيمة الأضحية في بلده، أو البلد التي ينوي أن يضحي فيها، بحيث أن لو كانت الأضحيات في تلك الدولة التي سيضحي فيها أرخص؛ هل بفعله ذلك يعتبر أدى ما عليه من شعيرة، أو لا بد من أن يدفع نفس القيمة التي تدفع في بلده حتى ولو يشتري أضحيتين؟ إن تعذر أن يضحي وأناب من يضحي عنه في غير بلده فإن المراد حصول الأضحية فإن حصلت بشروطها المشروعة فلا عبرة بالقيمة قلة وكثرة، إنما العبرة بالأضحية نفسها والله أعلم. هناك من أفتى بجواز الأضحية بالطيور، هل لكلامه وجه؟ وما الذي ترونه في هذه المسألة وخاصة بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية في بعض الدول مما يصعب عليهم شراء ا لمواشي؟ هذا مما لم نجده إلا عن بلال بن رباح ƒ فإنه ضحى بديك، أما بقية العلماء فيرون أن تكون من بهيمة الأنعام من الإبل أو البقر أو الماعز أو الضأن دون غيرها من أنواع الحيوانات الأخرى والله أعلم. هناك فائض كبير في الجلود وخاصة ما تخلفه الجمعيات التي تذبح الآلاف من الضحايا، وقد لا يعرف بعض الناس كيف يستفيد منها؛ هل يصح بيعها والاستفادة بأثمانها في مشاريع خيرية؟ أما بيع المضحي لجلد أضحيته فذلك مما لم يأت دليل شرعي على إباحته، والأصل أن تكون الأضحية خارجة بكل ما فيها من ماله، نعم له أن يستفيد من ذلكم الجلد بنفسه، وأما أن تباع هذه الجلود لئلا تضيع لمصلحة الفقراء فذلك خير والله أعلم. ذكر الفقهاء بأنه لا يضحى بالعرجاء لأنها تتأخر عن القطيع فيفوتها الرعي الطيب؛ فإذا كانت بعض المواشي لا ترعى رعيا ً طبيعيا ً حتى أن لحمها يكون غير طيب في الغالب، وقد يعافه بعض الناس أفلا يعد ذلك عيبا ً يمنع الإجزاء كما يمنع ذلك الكثير من العيوب التي تعد نقصا ً سواء كان في عضو أو صفة، وأضرب على ذلك مثالا ً الخراف الأسترالية؛ فما رأيكم في التضحية بها؟ إن كانت هذه الخراف بهذه الحالة حيث إن لحمها غير جيد لسوء تغذيتها فإن الأولى بها أن يمنع من التضحية بها والله أعلم. هل تجزي العجول المسمنة والتي لم تبلغ السن المقرر شرعا ً ولكنها أوفر لحما ً من غيرها بسبب نموها السريع، وإذا تبين أن هذه العجول إذا بلغت السن المقرر شرعا ً قد يكون لحمها لا يصلح للأكل لأنها نمت نموا ً غير طبيعي فما الحكم فيها؟ حدد النبي ژ السن المجزى في الأضحية وكان فيما حدده أن البقر لا يجزي منها إلا المسنة وبهذا نأخذ والله أعلم. ما حكم توزيع اللحوم إلى مستحقيها بعد طبخها، وخاصة بعض الناس يفضلون أن تكون مطبوخة، بل هناك عادة عند بعض المسلمين في أوروبا يدعون الناس من المسلمين وغيرهم إلى مكان ما ويقدمون لهم الطعام مطبوخا ً ؛ فهل من مانع شرعي في ذلك؟ لا مانع من أن توزع هذه اللحوم مطبوخة أو غير مطبوخة ما دام يقصد بها الفقراء، فإن في ذلك تحقيقا ً لما يراد من هذه الأضحية، ومما يؤكد ذلك أن ا لنبي ژ أمر أن لا تدخر لحوم الأضاحي من أجل الدافة، ومن المعلوم أن هذه الدافة تأكل ما طبخ والله أعلم. بالنسبة للوقت هل ينظر في ذلك إلى مكان الأضحية أم مكان ا لمضحي؟ ينظر إلى مكان المضحي لأنه لا بد من أن يكون قد أدى الصلاة والله أعلم. نرى كثيرا ً من الناس يتقدمون إمامهم في ذبح الأضحية، فما قولكم في ذلك؟ ذلك خلاف السنة، إلا إن كانوا لا يعلمون وقت تضحية الإمام والله أعلم. بالنسبة للذبائح التي تذبح أيام عيد الأضحى المبارك هل تسمى أضاحي؟ وإذا كان كذلك هل يجب عليه الالتزام بحديث رسول الله ژ بأنه لا يقص شعرا ً ولا ظفرا ً في الأيام الأولى من ذي الحجة؟ وكيف يتم توزيعها بالنسبة في هذه الأيام؟ وإذا لم تكن أضاحي فماذا تسمى؟ وهل ملزم الإنسان بالذبح في تلك ا لأيام؟ إن نواها أضحية وتوفرت فيها شروطها وذبحها بعد الصلاة فهي كما نواها، وينبغي له أن لا يزيل التفث في الأيام العشر عملا ً بالسنة، وإن لم ينوها أضحية أو لم تتوافر فيها شروطها فهي شياه لحم والله أعلم. ما هي شروط ا لأضحية؟ الأضحية هي من بهيمة الأنعام، ويشترط فيها إن كانت من الضأن أن يكون المضحى به جذعا ً أي قد أتم العام، وإن كانت من المعز أن يكون ثنيا ً أي قد أتم العامين، ولا تجزىء قبل الصلاة بل بعدها، وأن تكون سالمة ً من العيوب الظاهرة كالعوراء ا لبين عورها والعرجاء ا لبين عرجها والعجفاء ّّ والله أعلم. هل يشترط التعيين في الأضحية بأن يعين مثلا ً أضحية معينة، فإذا ما عينها هل يصح له أن يتصرف فيها بعد ذلك؟ أما الأضحية فإن عينها فعليه أن يحرص على ذبح التي عي نها، لكن إن ّّ لم يعينها فله أن يذبح أي حيوان صالح لأن يضحي به، ولا يشترط التعيين ّ والله أعلم. ما قولكم في الأسنان المجزية في الأضحية في كل من الغنم والإبل والبقر؟ وهل يجزىء أقل من هذه ا لأسنان؟ يجزي الثني من الماعز وهو ابن عامين، والجذع من الضأن وهو ابن عام واحد، ومن الإبل والبقر بقدر أسنانها، فقد ذكر علماؤنا أن كلا ً من ابن مخاض أو ابنة مخاض يجزي عن واحد وكذلك ابن لبون وابنة لبون والحق والحقة، والجذع والجذعة يجزيان عن خمسة، والثني والثنية عن سبعة، وكذلك البقر فجذعة البقر عن ثلاثة والثنية عن خمسة والمسنة عن سبعة والله أعلم. امرأة تعيش بنفسها فهل تتأكد في حقها ا لأضحية؟ إن كانت واجدة فهي كالرجل والله أعلم. :äGô°ûëdG πcCG :Üô°ûdGh πcC’G ÜGOBG . هل يجوز أكل حشرة (الفنزوز) كما يطلق عليها في ع ُمان؟ نعم إن لم تكن ضارة، وأما الضار فمحظور والله أعلم. الأكل بالشمال أهو حرام أم مكروه؟ لا خلاف بين الأمة في مشروعية الأكل باليمين والنهي عن الأكل بالشمال، وأن ذلك مما مضى عليه الهدي النبوي الشريف، وإنما خلاف في حكمه؛ أهو واجب فيحرم الأكل بالشمال أم هو مندوب إليه ويعد من آداب الأكل فيسوغ الأكل بالشمال مع الكراهة ولو لغير ضرورة؟ والصحيح وجوب الأكل باليمين وحرمة ضده، لما ثبت من تأكيد النبي ژ ذلك بأمره حتى الصبية أن يأكلوا بالأيمان، وزجره كل من أبصره يخالف ذلك، ففي الصحيح عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي ژ قال: كنت غلاما ً في حجر النبي ژ وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله ژ : يا غلام » فما زالت تلك طعمتي بعد « سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك (١) ولئن كان ا لنبي ژ ينشىء على ذلك الصبية منذ بداية وعيهم فكيف يسوغ للكبار مخالفة ذلك؟ على أن الأمر للوجوب ما لم تصرفه قرينة، ولم تأت قرينة هنا صارفة له عن هذا الأصل، وإنما جاءت مؤكدة له، ففي صحيح مسلم من حديث سلمة بن الأكوع أن ا لنبي ژ رأى رجلا ً يأكل بشماله فقال: ١) رواه البخاري، كتاب الأطعمة، باب التسمية على الطعام، ( ٥٠٦١ )، ومسلم، كتاب الأشربة، ) .( باب الأكل باليمين ( ٣٢٧٦ فما رفعها إلى فيه بعد « لا استطعت » : قال: لا أستطيع، قال « كل بيمينك »(١) ، وروى الطبراني عن عقبة بن عامر ƒ أن النبي ژ رأى سبيعة الأسلمية فمرت « وإن » : فقال: إن بها قرحة قال « أخذها داء غزة » : تأكل بشمالها فقال بغزة فأصابها طاعون فماتت(٢) ، وعن ابن عمر وجابر ^ عند مسلم ليأكل أحدكم بيمينه وليشرب بيمينه فإن الشيطان يأكل » : أن ا لنبي ژ قال « بشماله ويشرب بشماله(٣) وناهيك بهذا زاجرا ً عن الأكل بالشمال، فإن عمل الشيطان لا يكون إلا حراما ً ، على أنا نشاهد شياطين الإنس في زماننا يأكلون بشمائلهم، فإن هذا هو ديدن الكفار من الملاحدة وأشياعهم، والمسلم مأمور ومن تشبه بقوم فهو » بأن يربأ بنفسه عن التشبه بهم والانخراط في سلكهم « منهم(٤) ، ومهما قيل في معنى الحديث فإنه يدل على أن الأكل بالشمال من عمل الشيطان، سواء قيل: بأن شياطين الجن يأكلون حقيقة بشمائلهم أو قيل: بأن من أكل بشماله هو شيطان، لهذا كله لا أرى وجها ً للعدول عما دلت عليه هذه الروايات من أن الأكل باليمين واجب وضده حرام، والله أعلم. هل يصح الشرب على اليد مباشرة من هذه الأنابيب المستحدثة في زماننا هذا أم يعمها النهي كما ورد في غيرها عن رسول الله ژ ؟ النهي عن الشرب من في (٥)القربة(٦) للحوطة والحذر من كل ما يؤذي .( ١) رواه مسلم، كتاب اوشربة، باب آداب الطعام والشراب ( ٢٠٢١ ) .( ٢) رواه الطبراني في المعجم الكبير ( ٨٩٧ ) .( ٣) رواه مسلم، كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب ( ٢٠٢٠ ) .( ٤) رواه أبو داود، كتاب اللباس، باب في لباس الشهرة ( ٤٠٣١ )٥) أي: فم. )٦) رواه الربيع في كتاب الزكاة، باب في آداب الطعام والشراب رقم ( ٣٨٢ )، والبخاري في ) .( كتاب الأشربة باب الشرب من فم السقاء رقم ( ٥٣٠٤ الشارب، ويدل على ذلك ما في بعض الروايات أن سبب النهي أن رجلا ً شرب من فم القربة فإذا بحية تلج جوفه مع الماء، وعليه فإنني لا أتوقع شيئا ً من هذا المحذور في الشرب من أفواه المواسير المستحدثة خصوصا ً إذا كان الشرب من الكف فلا يشمل النهي ما كان هذا سبيله والله أعلم. ما قولكم فيمن يأكل بالملعقة ويداه صاحيتان؟ ليس في ذلك مانع إن كان إمساك الملعقة باليمين ولم يقصد التشبه بالمشركين، والأكل باليد أولى وأهنأ وأسلم والله أعلم. ما قولكم في الأكل والشرب قائما ً ؟ يكره ذلك كراهة تنزيه من غير حرمة والله أعلم. ُ :IQhô°†∏d ΩôëªdG πcCG ما قولكم فيمن أكره على أكل الميتة أو الدم أو لحم ا لخنزير؟ نص القرآن الكريم على تحريم هذه الثلاثة الأنواع ومعها ما أهل به لغير الله إلا لمن اضطر غير باغ ولا عاد، وأطلق الاضطرار في البقرة والأنعام والنحل وقيدها بالمخمصة في المائدة حيث قال: ﴿ WX Y Z ﴾ ] المائدة: ٣ [ والأصل في الإطلاق أن يحمل على التقييد كما هو معروف، ولكن القيد هنا يوهن أثره وروده مورد الأغلب، مع أن الذي درج عليه أهل العلم سلفا ً وخلفا ً أن المنطوق إذا ورد مورد الأغلب المعتاد لا يعتد بمفهومه المخالف، لذلك أطلقوا حرمة الربائب على أزواج أمهاتهن وإن لم يكن في ُ حجورهن وألغوا القيد الذي في ظاهر قوله تعالى: ﴿ fg h i ﴾ ] النساء: ٢٣ [ مراعاة لهذا المعنى، فإن غالب الربائب يكن في حجور أزواج أمهاتهن، ومن هذا الباب قوله تعالى: ﴿ ³´µ ¶¸ ﴾ [ [الأنعام: ١٥١ وقوله: ﴿ NMLKJ ﴾ ] الإسراء: ٣١ [ فإن قتل الأولاد حرام بلا خلاف ولو لم يكن من إملاق ولا خشية إملاق. وممن عول على الإباحة في ذلك ابن بركة فقد أنزل ضرورة الإكراه منزلة ضرورة المخمصة حيث قال: فإن أخذه الجبار بشرب الخمر أو الميتة أن يأكلها هل له فعل ذلك؟ قيل له: نعم، إذا خاف على نفسه، لأن الله جل ّ ذكره قد أباح ذلك في الاضطرار بقوله 8 ﴿ : WX Y Z [ \ ] ﴾ ] المائدة: ٣ [ وقال 8 ﴿ : n m l k j i ﴾ ] البقرة: ١٧٣ [ ا ه. وحكى الإمام السالمي رحمه الله تعالى الخلاف وجنح إلى الجواز وذلك في قوله: وأما السبب المختلف فيه فهو الإكراه على أكل المحرم، بحيث لا تكون نجاته إلا في أكله، ذهب بعض إلى الإباحة قياسا ً على ضرورة الجوع وآخرون إلى منع ذلك لأن التقية عندهم لا تجوز بالفعل وهذا فعل فلا يحل بالتقية، ولأن إباحة ذلك خصت بضرورة الجوع صرح بذلك الكتاب العزيز بقوله: ﴿ WX Y Z ﴾ ] المائدة: ٣ [ قلنا: ولا دليل في الآية على المطلوب إلا بمفهوم المخالفة، ومفهوم المخالفة لا يعول عليه إلا إذا كملت شروطه، ومن شورطه أن لا يخرج مخرج الأغلب المعتاد، وهو هنا خارج ذلك المخرج، لأن أغلب أحوال الناس لا تلجئهم ضرورة إلى أكل الميتة إلا ضرورة الجوع الشديد. ا ه. وأقول: إن الأفعال ليست سواء في حكم التقية، فإن منها ما يضر بالغير كالقتل والضرب وكذلك الزنا، فإن القتل والضرب مضران بالنفس والزنا مضر بالشرف والعرض فلذلك لا تجوز التقية فيها، وأما الإلجاء قسرا ً إلى تناول الحرام لإنقاذ النفس من الهلكة فلا يؤدي إلى هذه المضار لذلك كان الراجح جوازه، على أن الأقوال أيضا ً ليست سواء في حكم التقية، أرأيتم أن لو أكره أحد بأن يشهد على أحد بباطل ليقتل المشهود عليه أو ينال بعذاب، هل تسوغ الشهادة عليه؟ كلا، فإنه لا يحل لأحد أن ينقذ حياته بإتلاف غيره والله أعلم. هل يجوز أكل لحم الثعالب؟ لأني رأيت كثيرا ً من الناس يأكلون هذا اللحم؟ قال الله تعالى: ﴿ i j k l m n o p q r s t u z y x w v { | } ~ ے ¡ ¢ £ ¤ ¥ ¦ ﴾ ] الأنعام: ١٤٥ [ ، في هذه الآية الكريمة حصر للمحرمات من المطعومات ٍ في هذه الأصناف، ولكنها خصصت بمخصصات كثيرة، منها: تحريم الخمر بالنص القرآني القاطع، وتحريم الصيد على المحرم بالنص القرآني القاطع أيضا ً ، ومنها: تحريم صيد الحرم بالسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، فهذه المخصصات كلها تخص حصر المحرمات في هذه الأصناف المخصوصة المذكورة في الآية الكريمة، كما جاء في الحديث الشريف عن رسول الله ژ تحريم ذوات الناب من السباع، والمخالب من الطير، فقد روى الإمام الربيع 5 عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي هريرة @ أكل كل » : عن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام أنه قال « ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام(١) ، والحديث قد رواه أئمة ١) رواه الربيع في كتاب الزكاة، باب آداب الطعام والشراب رقم ( ٣٨٧ )، وروى الشق الأول ) .( منه مسلم في كتاب الذبائح، باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع رقم ( ١٩٣٤ الحديث من طريق أبي ثعلبة أ يضا ً ولكن روايتهم محصورة في الشطر الأول وهو تحريم ذوات الناب من ا لسباع(١) ، وإنما جاء في رواية غير الربيع عن ابن عباس ^ أنه قال: نهى رسول الله ژ عن أكل كل ذي ناب من السباع ومخلب من ا لطير(٢) ، ولا ريب أن النهي يحمل على التحريم ما لم تصرفه قرينة عنه، ولكن العلماء اختلفوا في ذلك فذهب بعضهم إلى ترجيح مدلول الآية الكريمة فأباح ذوات الناب من السباع والمخالب من الطير، ومنهم من ذهب إلى أن الحديث ناسخ للقرآن الكريم، ولكن التحقيق في المسألة أن الحديث مخصص لعموم القرآن وليس بناسخ له لأنه لم يرفع جميع حكمها، ولا غرو في تخصيص عمومات القرآن بالأحاديث الأحادية كما ثبت ذلك في غير موضع، ومن المعلوم أن العام ظني الدلالة وإن كان قطعي المتن فلذلك صح تخصيصه بالظني كالخبر الآحادي والقياس وغيرهما، واختلف في الثعلب أهو من السباع أم ليس منها؟ وسبب الخلاف اختلافهم في السبع أهو ما يعدو ويفترس أم أنه ما يفترس ولو لم يكن يعدو؟ والمسألة تحتاج إلى بحث طويل، وقد جاء في حديث رواه الحاكم وأبو داود عن ابن عباس ^ الضبع صيد وفيه » : أن ا لنبي ژ قال في الضبع « كبش مسن(٣) وقد قيس عليه الثعلب على رأي بعض العلماء بجامع أن طبيعتهما واحدة، والمسألة تحتاج إلى مزيد من البحث كما قلت، ولكن ١) رواه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب أكل كل ذي ناب من السباع ( ٥٤٤ )، ومسلم ) .( في كتاب الذبائح، باب تحريم أكل ذي ناب من السباع ( ١٩٣٢ ٢) رواه مسلم في كتاب الصيد والذبائح باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع رقم ) .(١٩٣٤) ٣) رواه الترمذي في كتاب الأطعمة باب ما جاء في أكل الضبع رقم ( ١٦٩١ )، والنسائي في ) المجتبى كتاب الصيد والذبائح باب الضبع رقم ( ٤٣٢٣ )، وابن ماجة في كتاب المناسك .( باب جزاء الصيد رقم ( ٣٠٨٥ )، والحاكم رقم ( ١٦٦٣ الأحوط هو الامتناع من أكل الثعلب وغيره من السباع سواء كانت تعدو أو ً لا تعدو والله أعلم. هل أكل لحم الفيل حلال أم حرام؟ وكيف يتم ذلك؛أي طريقة النحر أو الذبح)؟ في أكل لحم الفيل خلاف، وبناء على حله يجوز ذبحه ونحره والله أعلم. ً ما حكم تناول ما له دم سائل وهو حيوان مستأنس غير طائر ولا داجن؟ الأصل في الأطعمة الحل لقوله تعالى: ﴿ ij k l m n o p qr s t u v w ﴾.. ] الأنعام: ١٤٥ [ وإنما يخرج من هذا الأصل ما ثبت استثناؤه سواء كان بمخصص متصل وهو الميتة والدم ً ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله التي ثبت خروجها من هذا العموم بنص الاستثناء في الآية الشريفة، أو خصص بمخصص منفصل من القرآن كتحريم الخمر وتحريم الصيد على المحرم والنهي عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه، أو من السنة الشريفة كالنهي عن ذوات الناب من السباع أو المخالب من الطير، وكذلك النهي عن الحمر الأهلية على خلاف بين أهل العلم في ذلك لا يتسع المقام لشرحه، وهكذا كل ما ثبت النهي عنه، وما عدا ذلك لا يحرم أكله إن ذكي ذكاة شرعية ولو كان له دم سائل، فإن الأنعام وغيرها لها دم سائل ولكن تحل بالذكاة الشرعية، فإن كان هذا الحيوان المستأنس ليس من جنس ما خصص من عموم الآية فلا مانع من تناول لحمه بعد تذكيته والله أعلم. :≥°SÉØdG hCG ∑ô°ûªdG ¬©æ°U Ée πcCG هل يجوز أكل الطعام الذي قام بطبخه أناس تاركون للصلاة أو الأكل معهم في نفس ا لطبق؟ لا مانع من ذلك إن كانوا غير منكرين وجوبها والله أعلم. هل يجوز الأكل من عند الذي يخلط الحلال والحرام؟ كل ذي يد أولى بما تحت يده، فحكم ما بيده في الظاهر أنه ملكه والله أولى بسريرته، لذلك لا يمنع من الأكل مما بيده والله أعلم. يوجد بسكويت مرسوم فيه رسومات آدمية وحيوانات مثل الكلاب والقرود وفيه رسومات أصنام في الغلاف الخارجي للبسكويت، فهل يجوز أكله أم نمتنع وننهى أولادنا عن أكله؟ لا مانع من أكل ما صور من الطعام في صورة إنسان أو غيره إن كان في أصله حلالا، ً لأنه ليس أكلا ً لصاحب الصورة ولا يراد بالصورة التعظيم والله أعلم. في المطاعم التي يعمل بها عمال لا يدرى مسلمهم من مشركهم، هل علينا في ذلك من بأس؟ إذا اختلط المسلمون والمشركون غلب الإسلام، والحوطة أسلم، والله أعلم. رجل وعائلته مسلمون ولهم جيران من البانيان ويقدم لهم هؤلاء الجيران بعض المأكولات النباتية مثل الخضروات والأرز من غير اللحوم كالأغنام، فهل يجوز لهم أن يأكلوا هذه الأطعمة مع أن طابخيها ليسوا مسلمين؟ إن كانوا لا يباشرونها بأيديهم وسائر رطوباتهم فيجوز أكلها وإلا فلا والله أعلم. ما حكم العمل في المطابخ التي تقدم فيها لحوم الخنزير إن كان من يباشرها غير ا لمسلمين؟ لا يجوز ذلك إن شارك في طبخها أو أعان عليه بأي شيء أو رضي بذلك والله أعلم. :ô«¨dG ∫Ée πcCG s عند الضرورة هل يجوز حلب ماشية الغير والأكل من الثمار بدون إذن؟ الأصل في مال الغير حرمة تناوله بدون إذن مالكه، لقوله تعالى: ﴿ k onml ﴾ ] البقرة: ١٨٨ [ ، وقوله: ﴿ 9: ; < I HG F E D C B A @ ? > = X W V U T S ❁ Q P O N M LK J _ ^ ] \ [Z Y ` ﴾ ] ٣٠ ، النساء: ٢٩ [ ، وقوله في اليتامى: ﴿ IJ K ML N O P Q R ﴾ ] النساء: ٢ [ ولقول النبي ژ : « القليل من أموال الناس يورث النار »(١) كل المسلم على المسلم » : وقوله « حرام دمه وماله وعرضه(٢) وروى البيهقي وابن حبان والحاكم عن أبي .( ١) رواه الربيع في كتاب الأيمان والنذور في الوعيد والأموال رقم ( ٦٩٠ ) .( ٢) رواه مسلم، كتاب والصلة، باب تحريم ظلم المسلم ( ٢٥٦٤ ) حميد الساعدي مرفوعا ً : لا يحل لامرىء أن يأخذ عصى أخيه بغير طيب » « نفسه(١) وروى الدارقطني عن أنس مرفوعا ً : لا يحل امرىء مسلم إلا بطيب » « نفسه(٢) . غير أن الله تعالى جعل في الأموال حقوقا ً للمحتاجين، فقد قال في وصف المحسنين: ﴿ k j i h g ﴾ ] الذاريات: ١٩ [ ، وقال: ﴿ gfedc ❁ i j ﴾ ] ٢٥ ، المعارج: ٢٤ [ ، ومن أحق بهذا الحق من المضطر الذي يشارف الهلاك جوعا ً ومخمصة؟! فإن كان بين جماعة لزمهم إنقاذ حياته ودفع ضرورته من أموالهم على الكفاية: ﴿ 6 78 9 : ; ﴾ ] المائدة: ٣٢ [ وإن كان مع أحد بعينه ولم يحضر غيره تعين ذلك على من كان معه، ولم يكن له محيص عن إنقاذه إن كان قادرا ً عليه، وإن لم يكن صاحب المال حاضرا ً أو امتنع أن يعطيه شيئا ً جاز له أن يأخذ بنفسه بقدر ما يسد رمقه، ويدل عليه حديث أبي هريرة عند ابن ماجه قال: بينما نحن مع رسول الله ژ في سفر إذ رأينا إبلا ً إن هذه الإبل » : بغضاة الشجر فثبنا إليها فنادانا رسول الله ژ فرجعنا إليه فقاللأهل بيت من المسلمين هو قوتهم ويمنهم بعد الله، أيسركم لو رجعتم إلى «؟ مزاودكم فوجدتم ما فيها قد ذهب به أترون ذلك عدلا ً قالوا: لا، فقال: كل » : قلنا: أفرأيت إن احتجنا إلى الطعام والشراب؟ فقال « إن هذه كذلك »« ولا تحمل واشرب ولا تحمل(٣) . وفي سنن ابن ماجه أيضا ً : أنبأنا أ بو بكر بن أبي شيبة أنبأنا شبابة (ح) ١) رواه ابن حبان، كتاب الرهن، باب الجنايات ( ٥٩٧٨ )، وأحمد ( ٢٣٠٩٤ )، والبيهقي كتاب ) الغصب، باب من غصب لوحا ً .(١١٧٣٧) .( ٢) رواه البيهقي في السنن الكبرى رقم ( ١١٣٢٥ ) والدارقطني في كتاب البيوع رقم ( ٩١ )٣) رواه ابن ماجه، كتاب التجارات، باب النهي أن يعيد منها شيئا ) ً .(٢٣٠٣) وحدثنا محمد بن بشار ومحمد بن الوليد قالا: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي بشر جعفر بن إياس قال: سمعت عباد بن شرحبيل رجلا ً من بني غ ُبر قال: أصابنا عام مخمصة، فأتيت المدينة فأتيت حائطا ً من َ حيطانها فأخذت سنبلا ً ففركته وأكلته وجعلته في كسائي، فجاء صاحب ما » : الحائط فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت رسول الله ژ فأخبرته فقال للرجل أطعمته إذ كان جائعا ً أو ساغبا ً ولا علمته إذ كان جاهلا «ً فأمره النبي ژ فرد عليه ثوبه وأمر له بوسق من طعام أو نصف وسق(١) . قال القرطبي: هذا حديث صحيح اتفق على رجاله البخاري ومسلم إلا ابن أبي شيبة فإنه لمسلم وحده، وعباد بن شرحبيل الغبري اليشكري لم يخرج له البخاري ومسلم شيئا ً وليس له عن ا لنبي ژ غير هذه القصة فيما ذكره أبو عمر ا ه. إذا أتى أحدكم » : وروى أبو داود عن الحسن عن سمرة أن النبي ژ قال على ماشية فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه فإن أذن له فليحتلب وليشرب وإن لم يكن فيها فليصوت ثلاثا ً فإن أجابه فليستأذنه فإن أذن له وإلا « فليحتلب وليشرب ولا يحمل(٢) . وروى الترمذي عن يحيى بن سليم عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ^ من دخل حائطا » : عن ا لنبي ژ قال ً « فليأكل ولا يتخذ خبنة(٣) قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سليم. ١) رواه أبو داود، كتاب الجهاد، باب في ابن السبيل ( ٢٦٢٠ )، والنسائي، كتاب آداب القضاة، ) .( باب الاستعداء ( ٥٤٠٩ )، وابن ماجة، كتاب التجارات، باب من مر على ماشية، ( ٢٢٩٨ ٢) رواه أبو داود، كتاب الجهاد، باب في ابن السبيل ( ٢٦١٩ )، والترمذي كتاب البيوع، باب ) .( ما جاء في احتلاب المواشي ( ١٢٩٦ .( ٣) رواه الترمذي، كتاب البيوع، باب ما جاء في الرخصة في أكل الثمرة ( ١٢٨٧ ) قلت: ويحيى بن سليم هذا قال عنه البيهقي: كثير الوهم سيء الحفظ. وذلك مما يؤثر في روايته وإن أخرج له ا لشيخان. وروى الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن من أصاب منه من ذي حاجة غير » : النبي ژ سأل عن الثمر المعلق، فقال « متخذ خبنة فلا شيء عليه(١) وقال فيه الترمذي: حديث حسن، وأحاديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فيها مقال لعلماء الحديث، إلا أن هذه الروايات يقوى ضعيفها بقويها وهي في عمومها دالة على جواز الأخذ لذي الحاجة من مال الغير لدفع الضرورة الحاصلة من غير حمل، وهو معنى: .« غير متخذ خبنة » وبمعناه ما روي من طريق ابن عمر ? : إذا أمر أحدكم بحائط فليأكل » « ولا يتخذ خبنة(٢) وما جاء من إطلاق في بعضها فهو محمول على تقييد ذلك بالحاجة والضرورة كما قال أبو عبيد: وإنما يوجه هذا الحديث أنه رخص فيه للجائع المضطر الذي لا شيء معه يشتري به ألا يحمل إلا ما كان في بطنه قدر قوته. قال الإمام نور الدين السالمي رضوان الله عليه: واختلف القائلون بهذا في وجوب الضمان عليه فبعض أوجبه وبعض لم يوجبه، دليل الأولين: أن هذا مال للغير، وكل مال للغير مضمون بالإتلاف فهذا مضمون بالإتلاف، وإنما أبيح له التناول للضرورة فقط، ودليل الآخرين: أن لهذا المضطر حقا ً في هذا المال، لأنه لو حضر صاحبه لزمه أن يحييه فلما لم يحضر كان لهذا أن يأخذ حقه من ذلك المال غير باغ ولا عاد ا ه. ١) رواه أبو داود، كتاب اللقطة، ( ١٧١٠ )،، الترمذي، كتاب البيوع، باب ما جاء في الرخصة، ) .(١٢٨٩) .( ٢) رواه ابن ماجه في كتاب التجارات، باب من مر على ماشية ( ٢٣٠١ ) والراجح فيما أرى عدم وجوب الضمان، لنص القرآن على هذا الحق في قوله تعالى: ﴿ k j i h g ﴾ ] الذاريات: ١٩ [ ، وقوله: ﴿ dc g f e ❁ i j ﴾ ] ٢٥ ، المعارج: ٢٤ [ ولما سبق من الروايات التي يشد بعضها بعضا ً ، وهي دالة على جواز الأخذ في حال الاضطرار من غير تقييد ذلك بضمان، والمطلق على إطلاقه ما لم يرد ما يفيد تقييده، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه، فلو كان عليه ضمان لبينه ! ، على أن هذا من البر الواجب الذي نص عليه قوله تعالى: ﴿ 8 7 6 5 4 <;:9 => ﴾ ] البقرة: ١٧٧ [ ولئن كان برا ً واجبا ً على صاحب المال فيما فضل من ماله عن حاجته فإن وجوب الضمان له بسببه لا وجه له، والخلاف مذكور عند غيرنا في هذه المسألة كما هو مذكور عندنا، وقد عرفت الراجح بالدليل فاشدد به يدا ً. هذا واختلفوا كذلك في المضطر إن أمكنه أن يدفع ضرورته بتناول المحرمات كالميتة ولحم الخنزير ووجد مال الغير، فبعض ذهب إلى أنه يأكل من الأول لأنه لا تبعة عليه في أكله وآخرون إلى أنه يأكل من الثاني ويعتقد الضمان، وبأكله من المحرمات دون مال الغير قال سعيد بن المسيب وزيد بن أسلم، وهو حاصل مذهب أحمد بن حنبل وأصحابه، وبعكس ذلك قال عبد الله بن دينار وجماعة، ونسبه ابن بركة إلى أكثر العلماء، وفرق مالك ففي الموطأ: وسأل مالك عن الرجل يضطر إلى الميتة أيأكل منها وهو يجد ثمرا ً أو زرعا ً أو غنما ً بمكانه ذلك؟ قال مالك: إن ظن أن أهل ذلك الثمر أو الزرع أو الغنم يصدقونه بضرورته حتى لا يعد سارقا ً فتقطع يده رأيت أن يأكل من أي ذلك وجد ما يرد جوعه ولا يحمل منه شيئا ً ، وذلك أحب إلي من أن يأكل ّ الميتة، وإن هو خشي أن لا يصدقوه وأن يعد سارقا ً بما أصاب من ذلك فإن أكل الميتة خير له عندي، وله في أكل الميتة على هذا سعة، مع أني أخاف ٌ أن يعدو عاد ممن لم يضطر إلى الميتة يريد استجازة أموال الناس وزروعهم وثمارهم بذلك بدون اضطرار، قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت. ا ه. وأشار إمام الحرمين إلى أن هذا الخلاف مأخوذ من الخلاف في اجتماع حق الله تعالى وحق ا لآدمي. هذا وللشافعية في ذلك ثلاثة أوجه وقيل: ثلاثة أقوال أصحها: يجب أكل الميتة، والثاني: يجب أكل الطعام، والثالث: يتخير بينهما. والصحيح فيما أرى أنه لا يعدل إلى أكل الميتة ونحوها من وجد مال الغير، لما ثبت له من حق شرعي فيه بنص الكتاب والسنة، فإن الضرورة إلى أكل الميتة مندرئة في هذا الحالة لإمكانه أن يحيي نفسه بما هو حلال له، بل قيل: بأن له أن يقاتل صاحب المال إن منعه منه وهو ا لحق. قال الإمام السالمي: وقد عرفت أن ما كان حراما ً لغيره أخف حرمة مما حرم لعينه فهو الأولى بالقصد وإلا وجب عند الضرورة ا ه. أما إن ترجح أنه إن أخذ من مال الغير ستقطع يده أو يصاب بأذى شديد لعدم وجود مظلة عادلة تحميه من وهج الجور وشيوع التعسف في الأحكام وعدم المبالاة بحقوق الضعفاء في أموال الأغنياء فله أن يأكل الميتة حفاظا ً على سلامته والله أعلم. :IOQƒà°ùªdG ¿ÉÑLC’Gh áëØfE’G ما حكم الأجبان المحتوية على منفحة ا لعجل؟ هي محرمة إن لم يذك ّ العجل ذكاة شرعية والله أعلم. تعلمون سماحتكم بأن الكثير من الدول العربية والإسلامية تستورد الكثير من المواد الغذائية لتغطية الطلب المستمر عليها في السوق وتلبية لحاجات المواطنين من مأكل ومشرب، ومعظم مصانع الألبان والأجبان في البلدان الأجنبية تستخدم في صناعتها (منفحة العجل)، وتعتبر مادة أساسية في صناعة الألبان ومشتقاتها، علما ً بأن بعض الدول العربية والإسلامية تستخدم هذه المادة في صناعة الأجبان، وتقوم بعض الدول الأوروبية بإنتاج أجبان جاهزة تحتوي على هذه المادة لصالح شركات عربية، فما رأي سماحتكم في هذه ا لمسألة؟ إن كانت هذه الإنفحة من الحيوانات التي لا تحل كالخنزير أو من غير المذكاة كالتي تذبح في البلاد الغربية وغيرها من غير بلاد الإسلام بأيدي أناس لا تحل ذكاتهم شرعا ً أو بطريقة لا يقرها الإسلام ففي جميع هذه الأحوال تحرم المواد الممتزجة بهذه الإنفحة والله أعلم. ما رأيك بالجبن الذي يأتينا من الدول الإسلامية والتي يذكر أن أحد المحتويات أنفحة ا لعجل؟ إن كان مصنوعا ً في بلاد إسلامية فهو حلال ما لم تتبين حرمته والله أعلم. ما تقول في الجبن الذي يحوي أنفحة ا لخنزير؟ الخنزير حرام أكله بالنص القاطع، لذلك نرى حرمة هذا الجبن والله أعلم. ما حكم منفحة العجل الموجودة في بعض ا لأجبان؟ إن كان العجل مذكى فهي محللة، وإن كان غير مذكى فلا تحل، وإن كان مجهول الأمر فينظر هل الاستيراد من بلاد إسلامية أو لا؟ فما كان من بلد إسلامي حل، وما كان من بلد غير إسلامي فلا يحل؛ إلا بضمان ممن يقبل ضمانه شرعا ً أنه مذكى والله أعلم.  :ÜÉàμdG πgCG íFÉHPh IOQƒà°ùªdG Ωƒë∏dG كنا نأكل لحم الدجاج المستورد من خارج البلاد، وبما أنني أداوم على سماع برنامجكم ا لقيم سمعت تحذير سماحتكم من أكل هذه اللحوم، ّ ومنذ ذلك الحين منعتها عن أسرتي، ولكن زوجي لا يوافقني في ذلك ويقول: إن جميع المسلمين يأكلونها، كذلك يأكلها حجاج بيت الله الحرام، ثانيا ً : يستند على ما جاء في الآية الثالثة من سورة المائدة، وفي الآية مائة وثلاثة وسبعين من سورة البقرة، وحجته نحن مضطرون، ثالثا ً يقول: إن طعام أهل الكتاب حل ٌ لنا، رابعا ً يقول: يوجد حديث « لا تجتمع أمتي على ضلالة » : عن ا لرسول ژ يقول(١) وترى المسلمين مجتمعين على أكله، خامسا ً يقول: هل من المعقول أنه يوضع عليه أنه ذبح على الطريقة الإسلامية للتضليل؟ والغربيون ع ُ رفوا بالصدق والأمانة، وأرجو كذلك أن توضح لي هل اللحم الهندي حلال علينا أكله أم حرام؟ يقول الرسول ژ : الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور » مشتبهات ّّ ٌ لا يعرفهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، .( ١) رواه الربيع باب في الأمة ( ٣٩ ) ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك « أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه(١) ، فالحلال بين والحرام بين، ولكن بين الحلال والحرام أ مور مشتبهة يجب على ٌٌّّ ٌ المسلم أن يتجنبها لئلا يقع في الحرام، ولا ريب أنني أغبط هذه السيدة السائلة على تجنبها ما تخشى أن يكون حراما ً ، وأريد أن أوضح لها ولغيرها أنني لست أحرم كل لحم مستورد، بل أقول: إن اللحم ينقسم إلى أقسام، وذلك أن الله 4 بين لنا في محكم كتابه ما يحل وما يحرم، فقد حرم ّّ سبحانه علينا في سورة المائدة أشياء من المأكولات إذ قال عز من قائل: ﴿ !" # $ % & ' ( ) * + , - ./ 0 1 2 3 4 5 6 7 8 9 ﴾ ] المائدة: ٣ [ ، وجاءت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ژ تضيف إلى قائمة المحرمات أشياء أخرى منها: ذوات الناب من السباع وذوات المخالب من الطير(٢) ، ومنها: الحمر الأهلية(٣) ، وجاء أيضا ً في كتاب الله تعالى تحريم الصيد مطلقا ً على المحرم، كما ثبت أ يضا ً تحريم صيد الحرم على المحرم والمحل على السواء، هذه هي المحرمات من جنس الحيوانات وما عداها فهي محللة ولكن بشرط أن تذكى على الطريقة الشرعية، إما بالصيد فيما لا يمكن أن يذبح أو ينحر، وإما بالذبح فيما يذبح أو بالنحر فيما ينحر، ولا بد مع ذلك كله أن يذكر اسم الله تعالى عند إرسال السهم أو إغراء الكلب أو عند الذبح أو النحر على السواء، لقول الله تعالى: ﴿ PQ R S T U V ١) رواه البخاري في كتاب البيوع باب الحلال بين رقم ( ١٩٤٦ )، ورواه مسلم في كتاب ) .( المساقاة باب أخذ الحلال وترك الشبهات رقم ( ١٥٩٩ .( ٢) رواه الربيع باب أدب الطعام والشراب رقم ( ٣٨٧ ) .( ٣) رواه الربيع باب أدب الطعام والشراب رقم ( ٣٨٨ ) c b a` _ ^ ] \ [ ZY X W e d ﴾ ] الأنعام: ١٢١ [ ، ولقوله سبحانه: ﴿ |} ~ ے ﴾ ] المائدة: ٤ [ ، ولقوله تعالى: ﴿ ے ¡ ¢ £ ¤ ﴾ ] الحج: ٣٦ [ ، وهذه الآيات كلها تفيد اشتراط ذكر اسم الله، ولقد ورد ذلك في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ژ وهناك شرط آخر وهو أن يكون المذكي إما مسلما ً وإما كتابيا ً ، فإذا كان الذبح على غير الطريقة التي يباح بها أكل المذبوح فلا يصح أكل لحمه سواء كان الذابح مسلما ً أو كتابيا ً ، وذلك كما إذا كان بالصعق الكهربائي الذي هو معروف الآن في كثير من أقطار العالم، فلا يعطى الحيوان بذلك حكم المذكى سواء كان الصاعق مسلما ً أو غير مسلم؛ لأن الصعق الكهربائي ليس هو الذبح الشرعي الذي يبيحه الله تعالى والذي دلت عليه السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام في شيء، وبهذا يتبين أن اللحوم التي ت ُ ستورد من هنا وهناك لا بد من مراعاة توافر شروط فيها؛ فإن كانت تستورد من بلد إسلامي فإنها يحل أكلها إلا إذا ع ُ لم أنها ذ ُ بحت بطريقة غير شرعية أو أنها أصلا ً من جنس ما لا يحل من الحيوانات، وأما ما ٍ است ُ ورد من بلد غير إسلامي فلا بد من ضمانة مقبولة؛ تفيد أن الذابح لهذه الذبيحة ممن يحل أكل ذبيحته، ولا بد من ضمانة أيضا ً تفيد أن هذه الذبيحة قد ذ ُ بحت على الطريقة المشروعة في الإسلام، وبهذا يكون أكلها محللا، ً أما إن خلت من هذا الشرط فلا سبيل إلى تحليلها. وأما دعوى أن الإجماع منعقد على إباحتها لأن المسلمين يأكلون هذه الذبائح وهم متفقون على ذلك فهي مردودة، وذلك أن الإجماع الذي هو حجة قاطعة هو: اتفاق علماء الأمة على استحصال حادثة بشرع، وهو ثالث الحجج في الإسلام بعد كتاب الله وسنة نبيه ژ ، والحديث عن ا لنبي ژ يفيد أن الأمة لا تجتمع على ضلال، فقد قال ا لنبي ژ : لا تجتمع أمتي » « على ضلال(١) ، ولكن هذا الاجتماع الذي يعنيه الحديث الشريف هو الإجماع الشرعي الذي لا يشذ عنه أحد ممن يعتد به في الأمة، ولا بد من أن يكون مبنيا ً في الأصل على حكم في كتاب الله أو في سنة رسول الله ژ كان الحكم من الآية أو الحديث واضحا ً أو غامضا ً ، فإن الإجماع يجعل الحكم الغامض كالواضح، ولكن أن ّ ى لأحد أن يد ّ عي أن الإجماع حاصل على جواز أكل هذه اللحوم مع أن الأحاديث النبوية بل الآيات القرآنية تشترط شروطا ً في حلية أكل الذبيحة، ومن المعلوم أن اللحوم التي تستورد من بلاد أهل ّ الكفر والتي ت ُ صعق فيها الحيوانات لا تعد مذبوحة على الطريقة الشرعية التي يرضاها الله تعالى ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام. وأما الاستدلال بما ورد في كتاب الله من إباحة المحرمات للمضطر فهو مردود، وذلك أن إباحة المحرمات في حال الاضطرار إنما هي لدفع الهلاك عن الإنسان، وفي المحللات في وطننا هذا سعة والحمد الله، فبإمكان الإنسان أن يحترز عن المحرمات ولا يفضي به الحال إلى ا لهلاك. وأما دعوى أن هذه من طعام أهل الكتاب، وأهل الكتاب حل ٌ لنا طعامهم فهي مردودة بأن أهل الكتاب الذين يتمسكون بكتابهم قد أصبحوا قلة اليوم في العالم، فمعظم الناس قد كذبوا بكتبهم وانحرفوا عن أديانهم وضلوا عن طريقتهم التي كانوا عليها من قبل، وأيضا ً فهل كل طعام أهل الكتاب حل ٌ لنا؟ فإن من طعامهم الخنزير فهل يجوز لنا أكله؟ وهل الكلب إذا كان على موائدهم حل ٌ لنا؟ لا أظن عاقلا ً يؤمن بالله واليوم الآخر يقول إن آية ﴿ ° ± ³ ² ´ μ ﴾ على عمومها في كل شيء بحيث تشمل الخنزير وغيره، وأما دعوى أن هؤلاء الناس قد ع ُ رفوا بالصدق والأمانة فهي دعوى ١) تقدم تخريجه. ) لا تصدر إلا ممن في قلبه مرض، فإن الله تعالى يقول وهو أصدق القائلين: ﴿ " 1 0 / .- , + *) ( ' & % $ # A @ ? > = < ❁ : 9 8 7 6 5 43 2 BC D E F G ﴾ ] المائدة: ٥٢ [ ، فما من أحد يصف هؤلاء القوم بالصدق والأمانة إلا وفي قلبه مرض، كيف والله تعالى قد حذرنا منهم ومن الركون إليهم، حيث قال عز من قائل: ﴿ ÓÔ Õ Ö × Ø Ù à ß Þ Ý Ü Û Ú ﴾ ] آل عمران: ١٠٠ [ ، وقال أيضا ً: ﴿ ^ j i h g f e d c b a ` _ kl m n o p q r ﴾ ] البقرة: ١٠٩ [ ، وكما نهى الله تبارك وتعالى عن موالاة أهل الكتاب نهى عن موالاة جميع الكافرين فقال: ﴿ ! 0/.-,+ * )('&%$#" @ ? > = < ; : 9 8 7 6 54 3 2 1 Q P O N M LK J I H G F E D C BA _ ^ ] \ [ Z Y X W V U ❁ S R ` a ﴾ ] الممتحنة: ١ ٢ [ ، فأنت ترى أنه تعالى يبي ّ ن أن أولئك يودون لو كفرنا كما كفروا وتلك صفتهم وهذا ديدنهم، ومن الذي يقول إنهم متصفون بالصدق والأمانة وشواهد الحال تدل على عكس ذلك؟! فكم هي الشواهد الدالة على شيوع الكذب في أقوالهم وانتشار الخيانة في معاملاتهم، ولئن كان من المسلمين من لا يلتزم الصدق في كلامه وهو يظهر أنه يتخذ الإسلام دينا ً فكيف بمن يتخذ غير الإسلام دينا ً يقال عنه إنه يلتزم الصدق؟! وكيف يقال فيمن اتخذ مع الله إلها ً آخر أو عبد هواه أو كذب بيوم الدين أو كذب بالقرآن أو كذب بالنبي عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام أنه متصف بالصدق والأمانة؟! لعمري إن هذا من قلب الموازين وعكس الحقائق وتبديل المقاييس، وهذه كلها من ثمار الغزو الفكري الذي أثر على أفكار كثير من المسلمين؛ والعياذ بالله تعالى. وأما اللحوم المستوردة من الهند فقد أخبرني واحد من الإخوان الذين زاروا الهند ووقفوا على الذبح هنالك أن الذابحين مسلمون وأن الذبح على الطريقة الإسلامية، ولقد سألت بعض علماء الهند فأجابوا بأنهم يضمنون أن اللحوم التي تصدر من الهند إلى أي بلد إسلامي هي مذبوحة على الطريقة الشرعية بخلاف اللحوم الموجودة في الفنادق أو التي تقدم على الموائد في الطائرات الهندية، وقد وثقت بقوله واعتمدت عليه، لذلك لا أرى حرجا ً في أكل اللحوم المستوردة من الهند، كما إنني لا أرى حرجا ً في أكل اللحوم المستوردة من أي بلد آخر إذا صح أن الذبح على الطريقة الإسلامية وأن الذابح ممن تؤكل ذبيحته في الإسلام والله تعالى أعلم. لقد كثر الأخذ والرد في مسألة اللحوم المستوردة، وانقسم الناس إلى طائفتين؛ إحداهما تتجنب أكل هذه اللحوم، والطائفة الأخرى ترى حليتها، وهل استيرادها من البلاد الكتابية يعطيها الحلية ا ستنادا ً إلى قوله تعالى: ﴿ °± ³ ² ´ μ ﴾ [ [المائدة: ٥ وهل تصدير اللحوم إلى البلاد الإسلامية يعطيها الحلية وحكم ا لإباحة؟ لقد سبق أن أجبت مرارا ً أن اللحوم المستوردة يختلف حكمها باختلاف حكم البلاد التي استوردت منها، فإن استوردت من بلدة مسلمة فالأصل فيها الحل حتى يثبت أنها محرمة بوجه من الوجوه، وإن استوردت من بلدة غير مسلمة فحكمها عكس ذلك، وهو أن الأصل فيها الحرمة حتى تثبت حليتها بحجة مقبولة شرعا ً ، وذلك أن يضمن مسلمان مقبولان أو مسلم واحد على الأقل ضمانا ً شرعيا ً بأنها ذكيت ذكاة شرعية من قبل من تجوز ذكاته شرعا ً ، ولا يكفي أن يكتب على الغلاف أنها (مذبوحة على الطريقة الإسلامية)، فإن هذه خدعة خادعة اكتشفنا زيفها مرارا ً ، فكم وجدنا دجاجا ً مخنوقا ً ليس على عنقه أثر للجرح وقد كتب على غلافه ذلك، ودعوى أن هذه اللحوم من طعام أهل الكتاب فهي محللة لنا مردودة من وجهين: أولهما: أن العالم الغربي بعد أن تفشى فيه الإلحاد واستخف أهله بجميع قيم الدين لم يعد عالما ً كتابيا ً بل هو عالم إلحادي ولا يعبأ بوجود الكنائس فيه، فالكنائس موجودة حتى في البلاد الشيوعية، وإذا كانت الأكثرية ملحدة فلا عبرة بالأقلية. ثانيهما: أن الحرام حرام سواء كان على يد كتابي أو مسلم أو غيرهما فالمنخنقة والموقوذة وأمثالهما محرمة بالنص سواء كان الخنق والوقذ بيد مسلم أو بيد كتابي، وهل يعقل أن يحل الله على يد كتابي ما حرمه على يد المسلم؟ هذا وقد ثبت بالمشاهد أن الحيوان في البلاد غير المسلمة لا يذكى ذكاة شرعية بل ربما اعتبروا الذكاة إجراما ً وإنما يتم قتل الحيوان في تلك البلاد إما بالصعق الكهربائي أو الخنق أو الطرق على الرأس بمطرقة أو رميا ً بالرصاص، وكل هذه الوسائل غير محللة. أما كون هذه اللحوم تصدر إلى البلاد الإسلامية فهو لا يعطي حكما ً بالإباحة، فإن بلاد الإسلام يصدر إليها لحم الخنزير والخمور، فهل يقال: إن تصديرها إليها يقتضي تحليلها؟ ﴿ «¬®¯ ﴾ ] النور: ١٦ [ وإنما هذه المجادلات من شأن أولئك الذين أعمى الله بصائرهم وطمس عقولهم فلا هم ّ لهم إلا في جر غيرهم إلى الضلال، قال الله تعالى: ﴿ ÇÆ Å Ä ÌËÊÉÈ ﴾ ] المنافقون: ٤ [ والله أعلم. لقد سبق السؤال عن اللحوم المستوردة من الخارج، وذلك من الدول غير الإسلامية بشأن حرمتها، فمع عدم وجود الدليل القاطع لذبحها على الطريقة الإسلامية توقفنا عن أكلها لتجنب الشبهات منذ فترة طويلة. ولكننا الآن وجدنا أدلة تثبت على أن في الدول التي تصدر اللحوم تذبح على الطريقة الإسلامية، فمن هذه الأدلة قام بعض الإخوة الذين نثق بهم بزيارة مسالخ اللحوم في إحدى هذه الدول فوجدوا عاملين مسلمين يقومان بالذبح عن طريق اليد مع ذكر الله، كما قام بعض الإخوة بالاتصال هاتفيا ً بمكتب اتحاد المجالس الإسلامية الذي يشرف على ذبح وتصدير اللحوم إلى دول الشرق الأوسط، هذا وقد بعثوا لنا برسائل تثبت صحة الذبح على الشريعة الإسلامية، وعلى هذا نرجو من سماحتكم التكرم بالنظر فيما إذا كانت هذه اللحوم المستوردة حلال أم يلزم تجنب أكلها، حيث إننا نعمل في الصحراء وقد نلبث أياما ً عديدة قد تتجاوز الخمسة عشر يوما ً دون أكل اللحم، لأنه لا يتوفر اللحم المحلي؟ إن اطمأننتم بقول الذين أخبروكم عن ذبح هذه اللحوم بالطريقة الإسلامية فليس عليكم حرج في أكلها، فإن البر ما اطمأنت إليه النفس والإثم ما حاك في الصدر، واستفت قلبك وإن أفتوك وأفتوك، هكذا قال رسول الله ژ (١) . .( ١) رواه أحمد ( ١٨٠٣٥ ) هل المراد بأهل الكتاب الذين تحل ذبائحهم الذين في الذمة أم عامة أهل ا لكتاب؟ أكثر قول أصحابنا أن أهل الكتاب الذين تحل ذبائحهم هم الذين في ذمة المسلمين، وذهب صاحب الإيضاح ووافقه الإمام السالمي 5 إلى أن ذبائح مطلق أهل الكتاب تحل، ولكن لا بد من مراعاة أن يكون الذبح وفق تعاليم الشريعة لا أن يكون خلاف ذلك والله أعلم. ما حكم اللحم المستورد من الهند؟ وما حكم الدجاج المستورد من البرازيل مذبوحا ً؟ ما استورد من البلاد الإسلامية فالأصل فيه الحل حتى يثبت خلافه، وما استورد من بلاد الكفر فالأصل فيه الحرمة حتى يثبت خلافها، وعليه فلا يجوز تناوله إلا إن ضمن مسلم موثوق به أنه حلال النوع والعين لكونه من الحيوانات المحللة، وقد ذكي ذكاة شرعية ممن تجوز ذكاته شرعا ً ، هذا وأما اللحم الهندي فقد ذكر لنا علماء المسلمين بالهند أنه حلال مذكى، وأما الدجاج البرازيلي فلا أعرف عنه شيئا ً والله أعلم. ما تقول شيخنا في أكل اللحوم الواردة من الخارج إلى دار الإسلام وهي لحوم البقر والغنم والدجاج، وفي هذا الوقت صار اعتماد الناس عليها وذلك لقلة لحوم الوطن وارتفاع سعرها، وتدعو الضرورة إلى أكل هذه اللحوم المستوردة خصوصا ً في حالة السفر، وذلك لأن أصحاب المقاهي أكثر استعمالهم منها، بين لنا ا لجواب؟ ّ إن كانت هذه اللحوم مستوردة من بلاد أهل التوحيد جاز أكلها ما لم يعرف أنها حرام، وإن كانت مستوردة من غير بلاد المسلمين منع أكلها إلا بضمانة مقبولة شرعا ً بأنها من صنوف المحللات من الحيوانات، وأن الذابح مقبول الذبيحة شرعا ً وقد ذبحها بالطريقة الشرعية والله أعلم. ما قولكم في الدجاج المستورد من بلاد غير إسلامية تحت إشراف مركز إسلامي؟ إن ضمن المركز الإسلامي بأنه مذبوح على الطريقة الإسلامية فلا مانع من أكله والله أعلم. لو وجد مكتوبا ً على اللحم المستورد من الخارج أنه ذبح على الطريقة الإسلامية وختم عليه فما هو موقف الإسلام من ذلك؟ أما إذا كان الختم من جهة يطمئن إليها القلب بحيث تكون معروفة بالتثبت والتحقق لا بالتسرع في وضع مثل هذه الأختام وكانت تلك الجهة جهة إسلامية فلا بأس بأكل هذا اللحم والله أعلم. :É¡eÉμMCGh á«fGƒ«ëdG ¿ƒgódG ما حكم وضع الدهنيات بعد الوضوء أو قبله؟ إن كانت هذه الدهون لا تحتوي إلا على المواد الطاهرة فلا مانع من استعمالها والله أعلم. دهن نباتي مستورد من بلاد المشركين، وفيه كمية قليلة من دهن حيواني فما حكمه؟ وهل يجوز أكله؟ إن لم يتبين أن الحيوان مذكى فهو غير جائز الاستعمال والله أعلم. غذاء مركب من مكونات كلها طاهرة ما عدا واحدة نجسة لكنها قليلة بل استحالت كلية في الغذاء، فما حكمه؟ وهل يجوز أكله؟ الاستحالة غير معتبرة عندنا وعند كثير من غير أصحابنا كالحنابلة، فالنجس يظل نجسا ً كما هو والله أعلم. ما حكم الأغذية والأدوية التي يدخل في صناعتها الجيلاتين التي تصنع من عظام ركبة ا لخنازير؟ قال النبي ژ : الحلال بين والحرام بي » ن وبينهما أمور مشتبهات ّّ لا يعرفهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى «.. يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه(١) وإذا كان هذا الحكم في الشبهات فما بالك فيما تيقنت حرمته كالجلاتين الذي ثبت بالتواتر أنه لا يخلو من عظام الخنزير وأدهانه، ومع ذلك فهو مما يستورد مختلطا ً بكثير من المواد الاستهلاكية من أغذية وغيرها، مع أن فما أحرانا بالحيطة ،« كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به » : الحديث يقول والحذر من كل المستوردات من غير بلاد الإسلام، فإن ما استورد منها لا يخلو إما أن تكون حراما ً محضا ً أو مشتبها ً (وحسبك من أمرين أحلاهما مر)، وهذا الذي جعل دعاء الناس لا يرفع والعياذ بالله، فإن من شرط إجابة الدعاء أن يكون طعام الداعي حلالا ً لا شبهة فيه، وهو الآن أعز من الكبريت الأحمر، فإنا لله وإنا إليه راجعون، نسأل الله ا لعافية. ١) رواه البخاري في كتاب البيوع باب الحلال بين رقم ( ١٩٤٦ )، ورواه مسلم في كتاب ) .( المساقاة باب أخذ الحلال وترك الشبهات رقم ( ١٥٩٩ ما قولكم في التلقيح الاصطناعي؟ حيث إن العملية تتم بإدخال الملقح يده في الفتحة العليا (المستقيم) من دبر البقرة وذلك لإمساك عنق الرحم (الحيا) في نفس اللحظة، للتأكد من مجاوزة الإبرة عنق الرحم لصب محتوياتها في الرحم، وإدخال اليد هنا ضرورة، مع العلم بأن معظم اللحوم والألبان ومنجاتها الموجودة بالسوق نتاج هذه ا لعملية؟ هذه العملية مخالفة للآداب الإسلامية ومجانفة للحياء والفطرة، ولكن لا يترتب عليها حكم من حيث حلية الألبان واللحوم فلا يحرم ما كان حلالا ً من قبل والله أعلم. :¬æe ódƒJ Éeh ôjõæîdG لحم الخنزير حرام كما هو معلوم من الدين، نرجو ذكر الأدلة الواردة في ذلك؟ الأدلة على حرمة لحم الخنزير كثيرة وهي قطعية لا شبهة في دلالتها على ذلك، منها ما هو من الكتاب ومنها ما هو في السنة مع الإجماع القطعي من الأمة، فمن المتاب قوله تعالى: ﴿ \ ] ^ _ ` a b ﴾ ] البقرة: ١٧٣ [ ، وقوله: ﴿ !" # $ % & ... ﴾ ] المائدة: ٣ [ ، وقوله تعالى: ﴿ ij k l m n o p q r s tu v w x y z { | } ﴾ ] الأنعام: ١٤٥ [ ، واستفاضت بمثله الروايات الصحيحة عن ا لنبي ژ ، ولم يخالف في ذلك أحد من الأمة، فمن خالف ذلك فحكمه حكم المصادم للنصوص القاطعة من غير تأويل في خروجه عن ملة الإسلام والله أعلم. توجد آلات لغسل الأواني والصحون بعد استعمالها، وبعض هذه الأواني والصحون استخدمت لتقديم لحوم الخنزير عليها، فهل تنجس جميع الأواني والصحون بسبب ذلك؟ إذا طهرت طهارة كاملة فلا تنجس بمجرد تنظيفها بالآلة والله أعلم. هل يؤثر على اللحم الحلال وجود لحم الخنزير بجانبه داخل ثلاجة واحدة؟ إن كان اللحم الحلال لا يتصل بلحوم الخنزير المحرمة فلا ينسجها التقارب بينها والحوطة والورع في البعد عن ذلك والله أعلم. ماذا تقول فيمن يجد في نفسه القدرة على أكل لحم ميتة الخنزير وعلى تركها أيضا ً ، وذلك مع الضرورة، هل من الواجب تنجية نفسة من الهلاك مع كراهيتها أكل ميتة الخنزير أم يترك نفسه تهلك ولا إثم عليه؟ ذهب جمهور العلماء من أصحابنا وقومنا إلى وجوب تنجية المرء نفسه بأكل هذه المحرمات المنصوص عليها عند الاضطرار، وهي الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، ولم يجعلوا ذلك جائزا ً فحسب ا ستدلالا ً بقوله تعالى: ﴿ IJ K ﴾ ] النساء: ٢٩ [ ، وقوله: ﴿ wvu¯ x ﴾ ] البقرة: ١٩٥ [ ، والأمر للوجوب، وصرحوا أنه إن ترك التنجية لنفسه حتى مات كان هالكا ً والله أعلم. أيهما أخبث أكل لحم الخنزير أم شرب ا لخمر؟ كل محرم خبيث بدليل قوله الله: ﴿ UV W X Y Z ﴾، وإنما نجاسة الخنزير أشد من نجاسة الخمر لأنها ثابتة بالنص والإجماع، أما الخمر فمختلف في نجاستها مع الإجماع على حرمتها والله أعلم. قال 4 : ﴿ !" # $ % & ' ( ) * + ﴾ [ [المائدة: ٣ ، فإذا وضع لحم الخنزير واللحم الحلال المحلل في الإسلام في ثلاجة واحدة وقد اختلط ماؤها ببعضها البعض، فما الحكم في اللحم المحلل في الإسلام بعد اختلاطه بسائل لحم الخنزير؟ وما واجب البائع في ذلك؟ لا يصح أبدا ً أن نخلط اللحم المحلل باللحم المحرم، وإذا اختلط اللحم المحلل باللحم المحرم وتأثر بالسوائل التي تسيل منه فقد أصبح حراما ً مثله، وعلى المسلم أن يتجنب بيع لحم الخنزير كما يتجنب أكله، فما حرم أكله حرم بيعه، ولذلك يحرم بيع الخمر كما يحرم شربها، فقد جاء في الحديث عن ا لنبي ژ : « إن الذي حرم شربها حرم بيعها »(١) ، وثبت عن النبي عليه أفضل ّّ لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة » : الصلاة والسلام أنه قال « إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها(٢) وكما يستحق هؤلاء اللعن بسبب الخمر فكذلك يستحق اللعن بسبب الخنزير كل من تسبب في وجود لحم خنزير باستيراده أو بيعه أو ابتياعه أو الترويج له أو أكل ثمنه وكذلك طاهيه ومقدمه وحامله إلى آكله، وعلى المسلم أن يتجنب ذلك والله تعالى أعلم. تقدم لحوم الخنازير لغير المسلمين في نفس القاعة التي يأكل فيها المسلمون فما حكم جلوس المسلمين في هذه ا لقاعة؟ لا يجوز لهم ذلك إلا في حال الاضطرار والله أعلم. .( ١) رواه الربيع في كتاب الأشربة باب في الأشربة الخمر والنبيذ رقم ( ٦٢٤ ) .( ٢) رواه الربيع في كتاب الأشربة باب في الأشربة الخمر والنبيذ رقم ( ٦٢٥ ) :»aÉ£dG ∂ª°ùdG ºμM ما حكم السمك ا لطافي؟ كل ما كان من الحيوانات البحرية فاصطيد من البحر أو قذف به البحر فحكمه الح ِ ل، لقوله تعالى: ﴿ !" # $ % & ' ( ﴾ ] المائدة: ٩٦ [ فصيده ما اصطيد وطعامه ما رمى به، كما ذكره البخاري في تفسير الآية عن عمر ? هو » : ، ويعتضد ذلك بقول ا لنبي ژ في البحر « الطهور ماؤه والحل ميتته(١) رواه الربيع عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس @ ، ورواه أيضا ً مالك في موطئه وأحمد في مسنده وأصحاب السنن والدارقطني والبيهقي في سننها والحاكم في المستدرك وابن الجارود في المنتقى وصححه البخاري والترمذي وابن حبان وابن خزيمة، وهو يفيد بصريح عبارته ما أفادته الآية الكريمة بإجمالها من حل ميتة البحر، وهو حجة لتفسير الطعام في الآية بالميتة الموقوف على عمر ƒ وغيره من الصحابة، وبعموم دلالة الآية والحديث أخذ أكثر أهل العلم فقالوا بإباحة أكل ميتة البحر مطلقا ً سواء في ذلك الطافي وغيره، وعليه مالك والشافعي وأحمد، وذهب أبو حنيفة إلى إباحة ميتة البحر سواء ما قتله أحد ٌ أو حسر عنه البحر فمات إلا ما مات حتف أنفه وطفا على الماء فإنه يقول بكراهته، لما في سنن أبي داود قال: حدثنا أحمد بن عبده، حدثنا يحي بن سليم الطائفي، حدثنا إسماعيل ابن أمية عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: ١) رواه أبو داود، كتاب الطهارة، باب الوضوء، ماء البحر ( ٨٣ )، الترمذي كتاب أبواب ) ،( الطهارة، باب ما جاء في ماء البحر، ( ٦٩ ). والنسائي كتاب الطهارة، باب ماء البحر، ( ٥٩ وابن ماجة، كتاب الطهارة سننها، باب الوضوء بماء البحر ( ٣٨٦ )، ومالك في الموطأ، .( باب الطهور للوضوء ( ٤١ قال رسول الله ژ : ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه وما مات فيه وطفا فلا » « تأكلوه(١) . وأجيب بأنه حديث ضعيف باتفاق الحفاظ كما قال النووي في شرح المهذب فلا يجوز الاحتجاج به ولو لم يعارضه شيء، فكيف وهو معارض بما دل ّ عليه الكتاب والسنة وما روي من أقوال الصحابة رضوان الله عليهم، على أن راويه أبا داود نفسه قال: روى هذا الحديث سفيان الثوري وأيوب وحماد عن أبي الزبير أوقفوه على جابر.ا ه. ما نصه: أخبرنا « باب من كره أكل الطافي » وفي سنن البيهقي في أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنبأنا علي بن عمر الحافظ حدثنا محمد بن إبراهيم بن فيروز، حدثنا محمد بن إسماعيل الحساني، حدثنا ابن عمير، ّ حدثنا عبيد الله بن عمر، عن أبي الزبير، عن جابر ƒ ما » : أنه كان يقول « ضرب به البحر أو جزر عنه أوصيد فيه فكل وما مات فيه ثم طفا فلا تأكل وبمعناه رواه أيوب السختياني وابن جريج وزهير بن معاوية وحماد بن سلمة وغيرهم عن أبي الزبير عن جابر موقوفا ً ، وعبد الرزاق وعبد الله بن الوليد العدني وأبو عاصم ومؤمل بن إسماعيل وغيرهم عن سفيان الثوري موقوفا ً ، وخالفهم أبو أحمد الزبيري فرواه عن الثوري مرفوعا ً وهو واهم فيه، ثم أورد البيهقي رواية أبي أحمد بإسنادها، وأتبعها بقوله: قال سليمان: لم يرفع هذا (٢) الحديث عن سفيان إلا أبو أحمد، ثم ذكر حديث أبي داود المذكور أولا ً . وقال أبو داود أيضا ً : وقد أسند هذا الحديث من وجه ضعيف عن ابن أبي ذئب عن أبي الزبير عن جابر عن ا لنبي ژ ا ه. .( ١) رواه أبو داود، كتاب اوطعمة، باب في أكل الطافي من السمك ( ٣٨١٥ ) .( ٢) سنن البيهقي الكبرى، كتاب الصيد، باب من كره أكل الطافي ( ١٩٥١٥ )  هذا وقد بين البيهقي علة هذا الحديث في إسناده حيث قال: يحيى بن ّ سليم الطائفي كثير الوهم سيء الحفظ، قال: وقد رواه غيره عن إسماعيل بن أمية موقوفا ً على جابر، قال: وقال الترمذي: سألت البخاري عن هذا الحديث فقال: ليس هو بمحفوظ ويروى عن جابر خلافه، قال: ولا أعرف لأثر ابن أمية عن أبي الزبير شيئا ً. قال البيهقي: وقد رواه أيضا ً يحيى بن أبي أنيسة عن أبي الزبير مرفوعا ً ويحيى بن أبي أنيسة متروك لا يحتج به، قال: ورواه عبد العزيز بن عبيد الله عن وهب بن كيسان عن جابر مرفوعا ً وعبد العزيز ضعيف لا يحتج به، قال: ورواه بقية بن الوليد عن الأوزاعي عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا ً ، ولا يحتج بما ينفرد به بقية فكيف بما يخالف. ا ه. والخلاصة أن حديث جابر هذا لا يعدو أن يكون موقوفا ً عليه لعدم ثبوت رفعه، ورأي الصحابي لا يعترض به على رأي صحابي غيره إلا بمرجح، فكيف يعارض به ما دل عليه الكتاب وثبتت به ا لسنة؟. هذا وقد حاول أحد المعاصرين تأييد رفع حديث جابر، وهو ا لعلامة بما حاصله: أن « أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن » الشنقيطي صاحب يحيى بن سليم الذي وهموه هو من رجال البخاري ومسلم في صحيحهما، وكذلك الزبيري الذي رفع الحديث من طريق الثوري هو محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر بن درهم الأسدي ثقة ثبت وإن قال ابن حجر في التقريب: إنه قد يخطىء في حديث الثوري، وأن بقية بن الوليد الذي رواه مرفوعا ً من طريق الأوزاعي عند البيهقي هو من رجال مسلم في صحيحه وإن تكلم فيه كثير من ا لعلماء. وهذه المحاولة ليست ناجحة فإن كون بعض رجال الإسناد ممن أخرج لهم الشيخان في صحيحيهما لا يعني أنهم مبرأون مما يقال فيهم من العلل، ٍ ومن حفظ حجة، والجرح مقدم على التعديل، وكم من راو أخرج له الشيخان وفيه من العلل عند رجال النقد ما يكفي لرد روايته، على أن ما ألصق بهؤلاء من العلل لم يكن من الأمور المجملة التي تندرج في عمومات الأوصاف، وإنما هو نص تفصيلي على أمور قادحة ككثرة الوهم وسوء ا لحفظ. ومما يعجب منه تعويل الحنفية على هذا الحديث مع معارضته للقياس وهم أصحاب الرأي الذين يركنون إلى جانب الدراية أكثر مما يعولون على جانب الرواية، ومعارضته بالقياس من حيث تفريقه بين ما مات بسبب جزر البحر له أو قذف البحر له وبين ما مات في البحر فطفا عليه مع عدم ظهور علة تشي بالتفرقة ما بين ا لنوعين. فإن قيل: بأن ط ُف ُ وه على الماء يدل على طول عهده وهو مظنة ضرره ّ بآكله. قلت: بأن الرواية لا تدل على ذلك، على أن ما يخشى ضرره يؤمر باتقائه أيا ً كان وعلى أي وصف وجد، ويدل على ذلك ما رواه الطبري في ّ تفسيره من طريق أبي بكر بن حفص عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿ ! " # $ % ﴾ ] المائدة: ٩٦ [ قال: طعامه ميتته إلا ما قذرت منها، وذكره البخاري عنه بدون إسناد، ويدخل في ذلك الطافي وغيره مما يستقذر لذاته أو لما يعرض له من النتن، ولهذا قيد الإمام ا لسالمي 5 النهي عن الطافي بما إذا كان ذا نتن حيث قال: والسمك الطافي أرى النبيا عنه نهى فكن له أبيا وهو الذي قد صار فوق البحر ذا نتن والنهي لا لحجر فهو يوافق الحنفية في كراهته إلا أنه يقيدها بكونه ذا نتن. وأقول: بأن النتن إن كان خفيفا ً بحيث تستقذره النفس فهو مكروه، وإن زاد على ذلك حتى صار ذا ضرر فهو محرم، لوجوب اتقاء المضار والله أعلم. :Iƒ¡≤dG Üô°T ºμM  ما هي القهوة البنية؟ وهل هي نجسة أم لا؟ فقد وجدت في بعض جوابات أشياخنا المتأخرين أن القهوة نجسة وكل نجس حرام والله أعلم. وماذا يعني بالقهوة أنها نجسة؟ إن كان كل نجس حرام، فهل كل حرام نجس؟ القول بنجاسة القهوة مبني على القول بتحريمها وهو مردود، فإن حرمتها لا دليل عليها فلا تلتفت إليه والله أعلم. ما حكم شرب القهوة؟ فإني قد وجدت في كتاب الشيخ درويش بن تحريم شرب القهوة، « الدلائل في اللوازم والوسائل » جمعة المحروقي نرجو ا لإفادة؟ هذا كان قول طائفة كبيرة من علماء الأمة، وقد اعت ُ مد في ذلك الوقت بلا خلاف بين علماء ع ُ مان، وأول من قال بحليتها من علماء ع ُ مان ا لعلامة الصبحي 5 ولكن الناس لم يلتفتوا إلى قوله بل اشتد عليه النكير من الناس بسبب فتواه هذه، حتى جاء الإمام الرباني أبو نبهان 5 فأظهر لهم أدلة إباحتها، وأخذوا يتحولون بعد ذلك عن رأيهم الأول واستقروا على إباحتها قولا ً وتطبيقا ً ، وقد وجدت فيما اطلعت عليه أن الدولة العثمانية كانت تجلد على شرب القهوة كما تجلد على شرب الخمر، ولعل منشأ القول بتحريمها ما يوجد في الكتب القديمة من ذكر تحريم القهوة، ولكن ليس المراد بها هذه القهوة المعروفة الآن وإنما هي الخمر، لأن القهوة اسم من أسمائها، فالتبس ذلك على من لم يعرف المراد بها، ويحتمل أنهم بنوا قولهم هذا على مذهب من يقول بأن القياس بين أمر وآخر في الحكم قد يكون باتحاد اسميهما كما هو مذهب ابن بركة وبشر المريسي وهو قول ضعيف جدا ً ، ويحتمل أن يكونوا نظروا إلى أنها اتخذت عوضا ً عن الخمر عند هواتها فأداروها كهيئة إدارتها، وسموها باسمها، حتى إنهم أطلقوا على ما تبقى من عصارة البن اسم الخمرة كما هو معروف، وكان هذه علة موقوتة وباختفائها اختفى حكمها والله أعلم. :É¡eÉμMCGh ôªîdG هل يجوز للمسلم تناول الطعام في الفنادق التي ت ُ قدم فيها الخمر؟ وما حكم ذلك؟ أما في نفس الصالة التي يحضر فيها الخمر فلا يجوز تناول الطعام فيها مع إحضار الخمور، اللهم إلا أن يكون ذلك في حالات الضرورة التي لا مناص عنها، وأما في غيرها من الغرف الخالية من الخمور فلا حرج من تناول الطعام فيها والله أعلم. ما حكم الجاهل بتحريم ا لخمر؟ يعذر الجاهل بأي محرم ما لم يأت فيه خلاف الحق قولا ً أو عملا ً أو اعتقادا ً ، وهو ما دل عليه الأثر المحكي عن الإمام أبي الشعثاء جابر بن زيد رضوان الله عليه حيث قال: يسع الناس جميعا ً جهل ما دانوا بتحريمه ما لم يرتكبوه أو يصوبوا راكبه أو يتبرأوا ممن تبرأ من راكبه أويقفوا عنه بدين، وقد اتفق علماؤنا رحمهم الله على الأخذ بهذا الأثر الشريف، فمن جهل حكم الخمر كان معذورا ً إلا أن شربها أو سقاها لغيره أو حملها أو حملت إليه برضاه أو اشتراها أوباعها أو أكل ثمنها لثبوت لعن هؤلاء كلهم ٍ في الحديث الشريف، فعندئذ يضيق جهله ولا يعذر به، وكذلك إن صوب أحدا ً ممن فعل ذلك بحيث تولاه على فعله المخالف للحق، وكذلك إن تبرأ ممن أقدم على البراءة من هؤلاء أو وقف عنه وقوف دين بسبب براءته تلك، لأنه في جميع الأحوال ي ُعد ّ مخالفا ً للحق، ومثل ذلك إن اعتقد حلها أو قال ذلك؛ لما فيه من مخالفة صريحة للحق، وإذا قامت عليه الحجة بحرمتها بما في كتاب الله أو سنة رسوله ژ أو بمن نقل إليه من الثقات ٍ العدول حكمها منهما أو من أحدهما فلا يسعه عندئذ الإخلاد إلى الجهل والله أعلم. هل الخمر نجسة؟ اختلف العلماء في الخمر وجميع المسكرات هل هي نجسة؟ فذهب جمهور أهل العلم من أصحابنا وغيرهم إلى نجاستها مستدلين بقوله تعالى: ﴿ ! " # $ % & ' ( ) ﴾... ] المائدة: ٩٠ [ وبما كان من كسر دنانها وإراقتها بعد تحريمها، ولست أرى في ذلك دليلا ً لما ذهبوا إليه، أما الرجس فقد بي ّ نه قوله تعالى: ﴿ *+ , ﴾ ] المائدة: ٩٠ [ وهو لا يدل على النجاسة الحسية، كيف وقد اقترنت بالميسر والأنصاب والأزلام ولا تعقل نجاسة شيء من ذلك، وإلا كان ما اكتسب بطريق الميسر من المال ينجس من لامسه، وكذلك الأنصاب والأزلام، وأما إراقتها في حين تحريمها فهو لا يعبر إلا عن المسارعة إلى امتثال أمر الله والإذعان لحكمه، وليس في ذلك ما يدل على نجاستها، بل دلالته على خلاف هذا الحكم أظهر، فإنها عندما أريقت جرت أنهارا ً في طرق المدينة، وما كان لأصحاب النبي ژ أن بنجسوا طرق المسلمين مع ما عرفوه من وجوب صونها عن كل أذى، وأي أذى أشد من تنجيسها، وما كان للنبي ژ أن يقرهم على ذلك، فبهذا اتضح أن الصحيح عدم نجاسة ذاتها وإن كانت محرمة، إذ ليس كل حرام نجسا ً وإلا لنجست الأموال المكتسبة من الربا والرشوة والبغاء ونجس ثمن الخمر نفسها وثمن الكلب وحلوان الكاهن والمال المسروق والمغصوب، والله أعلم. تقوم بعض الشركات بتقديم هدايا لزبائنها وهي عبارة عن عبوة بلاستيكية على شكل منزل صغير بداخل العبوة بعض الخمر، ويقوم بعض الناس بتزيين المنزل الخاص به بهذه العبوات علما ً بأنها تحتوي على ا لخمر. هل يجوز له أن يدخل إلى بيته شيئا ً من الخمر مع كونه لا يشربه؟ ُ كلا، فإن نفس حمل الخمر موجب للعنة الله كما في الحديث فكيف بإدخالها البيت؟ والله أعلم. هل يجوز أن يدخلها إلى بيته بعد أن يفرغها من ا لخمر؟ كلا، فإنها مظنة السوء وقد كسر الصحابة @ دنان الخمر بعد إراقتها منها عندما حرمت، فما بال هذا يدخل آنيتها بيته ويجر على نفسه تهمة السوء؟ والله ا لمستعان. ما حكم الشراب المسمى بالبيرة حيث إنه مكتوب عليه بدون كحول، هل هذا الشراب حلال أم حرام؟ الحديث عن ا لنبي ژ : الحلال بين والحرام بي » ن وبينهما أمور مشتبهات ّّ الأطعمة ٣٩٧ لا يعرفهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن لذلك فإن البيرة ،« يقع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه وإن زعموا أنها خالية من الكحول فإن أقل ما يقال فيها إنها مسترابة لذلك أرى تجنبها والله أعلم. هل هو حلال أم لا؟ « خل البكر » ما قولكم في إن كان لا يسكر فهو حلال، أما إذا أسكر فهو حرام والله أعلم. º«MôdG øªMôdG ˆG º°ùH الحمد لله البر الكريم، العزيز الحكيم، الرؤوف الرحيم، الذي أ حل ّ لعباده الطيبات بمنته، وحرم عليهم الخبائث بحكمته، وجعل في حلاله سعة لهم ّ عن الحرام، وفي طاعته غنية لهم عن الآثام، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي العربي، الذي بعثه الله برسالة الرحمة الجامعة المانعة، المنطوية على إباحة كل صالح للأنام، ونافع للعقول والأجسام، وتحريم كل ما أدى إلى الضرر والأسقام، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه ا لغر ّ الميامين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فقد وافاني من أحد الإخوة الأعز بجمهورية موريتانيا الشقيقة سؤال عن التدخين وحكمه. ها هو ذا كما تضمنته رسالته. ١ هل التدخين حلال أم حرام؟ وما هي النصوص الدالة على ذلك؟ ٢ هل الأصل في الشجرة هو الحرمة أو ا لحلية؟ ٣ ولو أضيفت إليه مادة حرام بالنجس؟ هل هي مكروهة أو غير مكروهة؟ ٤ ما حكم من حرم حلالا ً أو أحل حراما ً بدون بينة؟ ثم أتبع ذلك بيان اختلاف فتوى العلماء الذين استفتوهم بين قائل بالكراهة وآخر يذهب إلى ا لتحريم. هذا وإني أستعين الله على إجابته على كل هذه الفقرات بقدر ما يسنح للخاطر، ويتسع له المقام، ولو كان ذلك باختصار فإن التوسع في الإجابة عليها يفضي إلى إطالة لا يتسع لها الوقت، ولا تسمح بها الظروف، والله نعم المعين وبيده ا لتوفيق. الفقرة الأولى: جوابها أن التدخين شر غير مقرون بخير، وضرر لم يمتزج بمنفعة، ومفسدة لا تخالطها مصلحة، فهو مضر بالجسم والعقل، والمال والنسل، ومفسد للدين والمروءة، بل هو ذاهب بخير الحياة جميعا ً ، ومكدر لصفوها، ومقلق لأمنها، فهو بلاء يسوقه المدخن إلى نفسه، وحتف ينساق إليه بقدميه، وسم زعاف يتناوله بيده ويتجرعه بفيه، فضرره أظهر من أن يحتاج إلى بيان، وأثبت من أن يفتقر إلى برهان، فكفى بالصيحات المدوية التي تنطلق من حناجر الأطباء، تكاد تنشق منها حيازيمهم، منذرة للعالم بأسره بخطر هذه الآفة القاتلة، التي تحصد الأرواح حصدا ً ، وتهد الصحة هد ّ ا ً ، وتقلب الحياة إلى جحيم لا يطاق، وتعطل المواهب، وتميت الملكات، وتقضي على الطاقات، ولا يختلف في ذلك اثنان من الذين خبروا الطب أو درسوا ما حرره الأطباء في ذلك، فكم من طبيب كادت أنامله تتآكل مما أمسك القلم، ليرسل صيحات الإنذار إلى العالم من عاقبة هذا الخطر الذي يهلك الحرث والنسل، ويدمر الإنسان والبيئة. وقد تضافرت جهود المنظمات الصحية الإقليمية والعالمية على بيان ما اكتشف وما يزال يكتشف يوما ً بعد يوم، وساعة إثر ساعة من مضار هذا الداء العضال، ولا تكاد تكون قضية مسل ّ مة لدى الأطباء جميعا ً من غير فرق بين مسلم وكافر وبين بر وفاجر وبين معافى ومبتلى كقضية التدخين، وضرره على المدخن وغيره، وانعكاس أثره على البشر والبيئة، حتى أنه لو جمع ما حرروه في ذلك لكان وحده كافيا ً لأن يملأ مكتبات ضخمة. وحسبي أن أشير إلى ما صدر من منظمة الصحة العالمية، ومن مؤتمرات وندوات طبية وبيئية، وكتابات أعدت من مهرة الأطباء درسوا هذا الخطر عن كثب، كالدكتور محمد علي البار والدكتور نبيل صبحي الطويل والدكتور سلامة ا لسقا والدكتور أسامة أمين الخولي والدكتور فاضل حسن وغيرهم، ّ فضلا ً عما حرر بأقلام غير عربية بشتى ا للغات. ولست الآن بصدد تعداد هذه المضار المهلكة، والأمراض القاتلة الناشئة عن هذه الآفة، فإن ذلك يؤدي إلى أن يكون هذا الجواب كتابا ً ضخما ً ، وإنما حسبي أن أقول: بأن التدخين يسري داؤه في جميع خلايا جسم المدخن حتى لا تبقى حجيرة في جسمه إلا وقد غمرت بهذا الداء، لذلك يؤدي إلى الإضرار بكل الطاقات الجسمية، وإضعاف جميع الملكات النفسية والعقلية، للدكتور دويرانكة « التدخين، القلب، الجنس » وناهيك ما جاء في كتاب اكناسوفة أن ما يدخنه المدخن المعتدل لمدة ثلاثين عاما ً يحتوي على ٍ ثمانمائة غرام من مادة النيكوتين، وهو كاف لتسميم مدينة سكانها عشرة آلاف نسمة. على أن هذه المادة ليست هي السم الوحيد في الدخان بل فيه سموم أخرى لا تقل عنها ضررا ً وفتكا ً كما بينه ا لأطباء. واستقصاء ما ذكره الأطباء من الأمراض المتولدة من التدخين ولو بمجرد التعداد من غير تفصيل يستدعي إفرادها بمؤلف، وكفى العاقل تنفيرا ً عنه أن أنواعا ً من السرطان القاتل تتولد منه أشدها سرطان الرئة، وهذا مما لا يتنازع فيه اثنان، وكذلك أنواع من الجلطات المهلكة منشؤها الدخان، من بينها جلطة ا لقلب. وللتدخين تأثير على جميع أعضاء الجهاز الهضمي، بداية من الفم بكل ما احتواه إلى المعدة والأمعاء والكبد والبنكرياس، وله أثر على جميع أعضاء الجهاز التنفسي من الأنف إلى الرئتين، ومن آثاره عليها سرطان الرئة كما تقدم والسل الرئوي وله آثار خطيرة على الجهاز الدموي، فهو يؤثر على القلب والشرايين والأوردة الدموية، ومن آثاره أمراض ضغط الدم، وله آثار شديدة الخطر على الجهاز العصبي، حتى تفقد الأعصاب قدرتها على أداء وظيفتها، وله آثار على الجهاز البولي، من بينها أمراض ا لك ُ لى مع ما فيها من خطورة، وكذلك يؤثر على العضلات وعلى الغدد الصماء: كالغدة النخامية والغدة الدرقية والغدة التاجية، وله تأثير على الحواس الخمس، فلكل منها نصيبه من هذا الخطر ا لوبيل. ومن مضاره التي تتعدى إلى الغير، أنه من مهلكات النسل لأنه يضعف أجهزة التناسل عند الرجال والنساء، كما ينعكس أثره على سلامة الأجنة، فكثيرا ً ما يكونون بسببه عرضة للإجهاض، كما تعتريهم أمراض تسري إليهم من تدخين آبائهم وأمهاتهم، ويعتري المواليد الذين تكونوا من آباء مدخنين أو أمهات مدخنات الضمور والضعف بما جناه عليهم آباؤهم وأمهاتهم، وهم عرضة للأمراض أكثر من غيرهم. ولا ينحصر شر التدخين في المدخنين وذويهم بل يتعداهم إلى المجتمع، فإن التدخين عدوان على البيئة وسلامتها؛ إذ دخان التبغ يحتوي على أكثر من ثلاثة آلاف مادة كيماوية، وهو مما يؤدي إلى تسمم الأجواء بأنواع من السموم، مثل أكسيد الكربون وغاز الهيدروسيانيد وغاز الإكرولين والاستدلادهيد والأمونيا وغيرها، وهي كافية والعياذ بالله لنشر الأوبئة الفتاكة من خلال تسميمها الأجواء، وهذا من الفساد في البر والبحر المعني بقوله تعالى: ﴿ ÐÑ Ò Ó Ô Õ × Ö Ø Ù Ú ÞÝÜÛ ﴾ ] الروم: ٤١ [. وما هذه إلا نماذج من مضار الدخان، وما هي إلا قطرات من محيط ما ذكره الأطباء وغيرهم من ذوي الاختصاص فيما دونوه من مضاره، وقد آثرنا عرضها إجمالا ً اكتفاء بذلك عن الكم الهائل من التفصيل الذي تدفقت به أنهر من أقلام الكتاب المختصين على اختلاف معتقداتهم الدينية وتباين نظرتهم إلى فلسفة الحياة، وكلها تصب في ذلك المحيط الواسع الذي أشرت إليه. ولئن كات التدخين بهذا القدر من الخطورة فما هو مقدار ضحاياه الذين يموتون سنويا ً بسبب تجرعهم سمومه فضلا ً عن الذين يكابدون عنت الأمراض ومشقة الأتعاب بسببه؟ إن النسبة لم تقف عند حد وإنما هي في نمو مطرد، ففي الطبعة الأولى الذي نشره المكتب الإقليمي للشرق المتوسط لمنظمة « الهدي الصحي » من الصحة العالمية مصحوبا ً بالحكم الشرعي في التدخين، كان إحصاء هؤلاء الضحايا أكثر من مليونين ونصف مليون يطويهم الفناء سنويا ً في هذا العالم بسبب تعاطيهم هذا السم الزعاف، وفي الطبعة الثانية زادوا على أربعة ملايين، ولم يكن بين الطبعتين إلا ثلاثة عشر عاما ً فحسب، ومعنى ذلك أن الزيادة في هذه المدة بلغ مقدارها ستين في المائة، وقد أفاد أخيرا ً قبيل تحرير هذا الجواب القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية أن العدد ارتفع إلى خمسة ملايين كما جاء ذلك منشورا ً على موقع هذا القسم من شبكة المعلومات العالمية، وأفاد المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون العربية بالخليج أن نصيب الدول الغربية التي تصدر هذه السموم من هذه الضحايا لا يتجاوز ٣٠ ٪، بينما نصيب بقية الدول وهي ما يسمى بدول العالم النامي بلغ ٧٠ ٪ وهي نسبة تنذر بخطر كبير، فإنها لا تدل إلا على فقدان الوعي وانطماس البصيرة وعدم المبالاة بالعواقب الوخيمة، وقد دلت الدراسات على أنه بعد أمد غير بعيد سيبلغ عدد ضحايا التدخين في كل عام عشرة ملايين نسمة، وجاء فيما نشره البنك الدولي عن التنمية في حيز التطبيق كبح جماح » منظمة الصحة العالمية تحت عنوان إذا استمرت أنماط التدخين على ما هي عليه الآن فإنه » : ما نصه « الوباء من المقدر أن يلقى حوالي خمسمائة مليون إنسان من الذين يعيشون اليوم على سطح الكرة الأرضية حتفهم بسبب استعمال التبغ، وسيكون أكثر من وأخيرا ،« نصف هؤلاء من الأطفال والمراهقين ً جاء في موقع القسم العربي التدخين » بهيئة الإذاعة البريطانية في شبكة المعلومات العالمية تحت عنوان يقتل خمسة ملايين شخص سنويا ً « ويقول باحثون من كلية هارفرد » : ما نصه للصحة العامة في بوسطن أن الطريقة الوحيدة لوقف زيادة أعداد الوفيات تتمثل في تحسين مستويات التعليم وسبل مكافحة التدخين، ونظر الباحثون إلى معدل الوفيات الناجمة عن التدخين في جميع أنحاء العالم بما فيها الدول النامية التي تقدر فيها وفيات التدخين بحوالي تسعمائة وثلاثين مليون وفيما أصدره البنك الدولي عن ،« شخص من ١,١ مليار مدخن في العالم يقتل التدخين سنويا » : منظمة الصحة العالمية جاء ما نصه ً واحدا ً من كل عشرة بالغين في جميع أنحاء العالم في الوقت الحاضر، وبحلول عام ٢٠٣٠ وربما قبل ذلك بقليل سوف تصبح النسبة واحدة من كل ستة بالغين، أو عشرة ملايين وفاة في كل عام، أي أكثر من أي سبب آخر بمفرده من أي .« أسباب ا لوفاة ولئن كان التدخين بهذا القدر من الإضرار بالنفس والعقل والنسل والمال فأي ريبة تبقى في تحريمه، فإن الإضرار بأي واحد منها من المحرمات المجمع عليها، والمحافظة على سلامتها هي محور الشريعة الغراء، لذلك كانت من مقاصدها. أما النصوص الدالة على حكم الدخان وحرمة تعاطيه فهي كثيرة في الكتاب العزيز، إذ جميع النصوص الدالة على حرمة قتل النفس والتأثير على العقل وتبذير المال وقتل الأولاد هي داخلة فيما يدل على حرمة التدخين بعدما ثبت ضرره بجميع ذلك، وإليكم طائفة مما جاء منها في كتاب ا لله: ١ قوله تعالى: ﴿ 9: ; < = > ? O N M LK J I HG F E D C B A @ \ [Z Y X W V U T S ❁ Q P ]^ _ ` ﴾ ] ٣٠ ، النساء: ٢٩ [ فإنه نص في حرمة أكل المال بالباطل وقتل الإنسان نفسه كيفما كان هذا القتل سواء بإلقاء نفسه في النار أو ترديه من مكان عال أو أن يفتك بها بسلاح كأن يطلق على نفسه النار أو يطعن نفسه بنصل أو أن يتناول سما ً قاتلا ً سواء كان سريع التأثير أو بطيئه، وهو ما يدل عليه حديث أبي هريرة عند الشيخين وغيرهما كما سأتي إن شاء الله ولذلك أجمع علماء الأمة على حرمة أكل الطين لأنه يؤدي إلى الموت وإن كان بطيئا ً. وقد يجادل مجادل في دلالة هذا النص على ماذكرناه من حيث إن جمهور المفسرين حملوه على قتل الناس بعضهم بعضا ً وإن كان ضمير الخطاب يوحي بأنه يعني قتل الإنسان نفسه، وما ذلك إلا لأجل التنبيه على أن الجنس البشري لما جبل عليه من العلاقات الاجتماعية كان واجبا ً عليه أن يحافظ على جميع أفراده، فإن الفرد كالجمع لما بينهم من العلائق التي تشد بعضهم إلى بعض. وجوابه: أنه وإن كان دالا ً على تحريم قتل الناس بعضهم بعضا ً إلا أن دلالته على حرمة قتل الإنسان نفسه أشد وأبلغ إذ مسؤولية الإنسان عن نفسه أشد من مسؤوليته عن غيره، وبقدر ما يكون الغير أقرب إليه وألصق به تتضاعف مسؤوليته عنه. ومن أدلة شمول هذا النهي لقتل الإنسان نفسه وانطباق ما صحبه من الوعيد عليه استدلال عمرو بن العاص بالآية الكريمة على صحة ما فعله عندما سأله ا لنبي ژ عن سبب تركه الاغتسال من الجنابة واكتفائه عنه بالتيمم مع إمامته بالمصلين عندما كان أميرا ً عليهم في غزوة ذات السلاسل، فاعتذر بأنه خشي على نفسه من شدة البرد مع ما عرفه من عدم جواز إقدامه على ما يضر بنفسه من الآية الكريمة، وقد أقره النبي ژ على هذا الاستدلال ولم يعنفه(١) ، فكان له حكم ا لرفع. على أن المدخن لا يقتل نفسه فحسب بل هو متسبب في قتل غيره أيضا ً ، إذ ما من مدخن إلا ويحلو أن ينفث سمومه في أوساط الناس فلا يتورع أحدهم عندما تكون السيجارة بين أنامله، وقد أمتلكته نشوة التدخين أن ينفر الدخان في وجوههم ويخنق به أنفاسهم، ولو كان في مجلس أكل أو شرب، وما من شك أن ذلك من أسباب الإضرار بهم، وقد يؤدي مع استمراره إلى إتلاف حياتهم وهو ما أثبتته الفحوص الطبية، فقد جلس عشرون شخصا ً من غير المدخنين مع مجموعة من المدخنين لمدة ساعة في غرفة لا تهوية فيها، وإذا بنتيجة ذلك أن أولئك العشرين جميعا ً عندما فحص دمهم تبين أن أول أكسيد الكربون في مجرى دمائهم قد ارتفع كأنما كل واحد منهم دخن سيجارة واستنشق دخانها وهذا ما أثبتته وحدة الأبحاث للإدمان التابعة لمعهد لندن للطب النفسي، وأفادت دراسة أخرى أن غير المدخن إن كان بين عشرة مدخنين فإن ما يستنشقه من الدخان لا يقل عن نصيب واحد منهم، على أنه جاء فيما أصدره المكتب الإقليمي للشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية ما يدل على أن هذا النوع من التدخين هو أشد ضررا ً ولعل من أسوأ أنواع التدخين » : ، وها هو ذا بنصه ذلك الذي يقال له (التدخين القسري) ويعني به استنشاق الشخص غير .( ١) رواه الربيع في كتاب الصلاة باب الزجر عن غسل المريض رقم ( ١٧٢ ) المدخن لسجائر الغير قسرا ً رغم أنفه سواء في المكتب أو في وسائل المواصلات أو في المنزل، وفي نهاية الثمانينات من القرن الماضي كان التدخين القسري كل عام يسبب عددا ً يتراوح بين أربعة آلاف وخمسة آلاف وفاة في الولايات المتحدة، وحوالي ألف في بريطانيا، وخمسمائة وفاة في كندا، كما أن النساء غير المدخنات والمتزوجات من رجال مدخنين يتعرضن إلى سرطان الرئة بنسبة أكبر كثيرا ً من النساء المتزوجات من وجاء فيما أصدره البنك الدولي عن منظمة الصحة ،« أشخاص غير مدخنين ويؤثر التدخين أ يضا » : العالمية ً في صحة غير المدخنين، فالأطفال الذين يولودون لأمهات مدخنات يولدون ناقصي الوزن ويواجهون قدرا ً أكبر من الإصابة بالأمراض التنفسية، وهم أكثر عرضة للوفاة بمقارنة وفاة الرضع المفاجئة من الأطفال الذين يولدون لأمهات غير مدخنات، كما أن البالغين من غير المدخنين يواجهون خطرا ً قد يكون قليلا ً ولكنه يتزايد باستمرار فينتهي بهم إلى مرض قاتل أو مرض يحدث عجزا ً بدنيا ً بسبب تعرضهم .« لدخان ا لآخرين هذا وقد دل هذا النص على أن تعاطيه من الكبائر لترتب الوعيد عليه في قوله تعالى: ﴿ Z Y X W V U T S [ \ ] ^_ ` ﴾ ] النساء: ٣٠ [ وكل ما توعد عليه في القرآن أو في السنة فهو كبيرة. ٢ قوله تعالى: ﴿ xwvu¯ ﴾ ] البقرة: ١٩٥ [ فإنه دال بعموم حكمه على حرمة تعاطي الدخان لما فيه من إلقاء اليد إلى التهلكة، وهو وإن نزل لسبب خاص فإنه لا عبرة بخصوص السبب مع عموم ا للفظ. ٣ قوله تعالى: ﴿ ,+* -543210/. ﴾ ] البقرة: ٢١١ [ ووجه دلالته على ذلك أن الصحة والعقل والنسل والمال كلها نعم أنعمها الله على من يشاء من عباده، ومن أنعم الله عليه بنعمة وجب عليه أن يحافظ عليها ولا يهدرها، فإن إهدارها تبديل لها، وهذا الذي توعد الله به من بدل نعمته، وهل يشك عاقل بعد كل الذي سبق أن التدخين هو تبديل لهذه النعم وتبديد لها. ٤ قوله تعالى: ﴿ ¤¥ ¦ § ¨ © ª « ¬ ﴾ ] النساء: ٥ [ فإن معظم المفسرين جعلوا الآية دليلا ً على عدم جواز تمكين السفيه من ماله لتبذيره وإضاعته، لمنافاة التبذير للرشد الذي هو مناط تمكين اليتيم من ماله بعد بلوغه، لقوله تعالى: ﴿ ½¾ ¿ À Á  à ﴾ ] النساء: ٦ [ وعليه فإن إضافة ضمير الأموال إلى المخاطبين لأجل ما سبق ذكره من أنه يجب على الأمة أن تكون في تكافلها واجتماعها كالفرد، بحيث يرعى كل مصلحة غيره كما يرعى مصلحة نفسه، فإنه وإن كان كل فرد مختصا ً بملك ماله، إلا أن المجتمع في تداخله يتأثر بما يكون من خسار على أي واحد من أفراده، ومن الذي يزعم أن المدخن غير سفيه، أرأيتم لو أبصرتم أحدا ً لا يدخن قط ولكنه يأخذ على رأس كل سنة من ماله مقدار ما ينفقه المدخن في تدخينه فيضرم فيه النار، أيقال إن ذلك سالم العقل حسن التصرف، مع أنه لم يتلف بتصرفه هذا غير هذا المال، إذ لم يضر بصحته ولا بصحة ولا بصحة غيره، بخلاف المدخن الذي يحرق ذلك المقدار من ماله لأجل أن يتجرع سموما ً يتلف بها حياته، وينشرها في أجواء بيئته فيفسدها ويضر بها ما لا يحصى عددا ً من الناس، على أنه إن كانت وراء ذلك مصلحة مادية فلمن هي يا ترى؟ فمن المستفيد من وراء تصدير هذه الأوبئة إلى الشعوب والأمم؟ لا ريب أن المستفيد الأول هو الصهيونية العالمية، التي تتضاعف أرباحها المادية بقدر ما يكون من استهلاك لهذه المواد السامة التي تصدرها وبقدر ما تتضاعف أرباحها تزداد ضراوة على أمة الإسلام وإمعانا ً في الفتك بها إذ هي بمثابة الوقود لنار فتنتها، وهذا لأن معظم الشركات المصنعة للتبغ هي من المؤسسات الصهيونية، وقد قرأت منذ شهور أن إحدى هذه الشركات العملاقة المصنعة للتبغ تربح في كل عام أكثر من مليار دولار لتكون سلاحا ً في يد الصهيونية العالمية ضد هذه الأمة، ومن أين تتدفق هذه الأموال يا ترى؟! إنها ثروات الأمة التي يهدرها المدخنون في سبيل إشباع شهوتهم في التدخين مع ما يترتب على ذلك من خسارة لصحتهم، وإهلاك لأنفسهم، على أن ما كان من هذه الشركات ليس ملكا ً للصهيونية فهو ملك لأمها وحاضنتها الصليبية العالمية، التي تقف جنبا ً إلى جنب مع الصهيونية في محاربتها للإسلام. ٥ قوله تعالى: ﴿ ÉÈÇ ❁ Ñ ÐÏ Î Í Ì Ë Ó Ô ﴾ [ [الإسراء: ٢٦ ووجه دلالته على هذا الحكم ما فيه من النهي عن تبذير المال، والنهي دال على الحرمة، ولأنه نص على أن المبذرين إخوان للشياطين، وعمل الشيطان هو حرام، كما بين أن الشيطان ّ كان لربه كفورا ً ، ومعنى ذلك أن المبذر كافر بنعمة ربه، وهل بقي شك في أن المدخن مبذر لماله بعد كل الذي تقدم. ٦ قوله تعالى: ﴿ )* + , -. / 1 0 ﴾ ] الأعراف: ٣١ [ ووجه دلالته على ذلك أن الله تعالى نهى عن الإسراف وهو الخروج عن حدود الاعتدال حتى في الأكل والشرب مع كونهما قواما ً للبنية، وقد شد ّ د العلماء بناء على دلالة الآية في تناول أي شيء من الطعام بعد الشبع وعد ّ وه حراما ً لدخوله في الإسراف وكذلك الشرب بعد الري، ولئن كان ذلك في الطعام والشراب مع ما فيهما من المتعة واللذة ومع كونهما من أهم ضرورات الحياة، فكيف بإنفاق المال في الدخان الضار للجسم والعقل والمال والنسل والفرد والمجتمع والإنسان وغيره. ٧ قوله تعالى في عباد الرحمن: ﴿ ÉÊ Ë Ì Í Î Ï ﴾ ] الفرقان: ٦٧ [ ووجه دلالته أن الإسراف ليس من شيمة عباد الرحمن الذين يجزون الغرفة بما صبروا وإنما هو شأن أضدادهم وهم أتباع الشيطان، وقد اتضح بما لا مرية فيه أن الإنفاق في التدخين إسراف؟ لأنه إتلاف للمال فيما يضر ولا ينفع ويدمر ولا يعمر. ٨ قوله تعالى في نبيه ژ : ﴿ UV W X Y Z ﴾ ] الأعراف: ١٥٧ [ فالدخان إما أن يكون من الطيبات التي يحلها النبي ژ بأمر ربه وإما أن يكون من الخبائث التي يحرمها عليهم، وهل يقول ذو روية وعقل بأنه من الطيبات بعد ثبوت هذه المضار منه، مع كونه خبيث الرائحة والطعم، لا يعقب إلا الأسقام والأوجاع والبلاوى. ٩ قوله تعالى: ﴿ c b a ` f e d g h i jk ﴾ ] الأحزاب: ٥٨ [ فإنه وإن نزل لسبب خاص إلا أن ذلك لا يقيد إطلاق لفظ الإيذاء، فهو شامل لكل من يؤذي مؤمنا ً أو مؤمنة، إذ لا يصلح لتقييد المطلق ما لا يصلح لتخصيص ا لعام. ومن القواعد الأصولية المشهورة أنه لا عبرة بخصوص السبب مع عموم ٍ وهل بقي ريب أن « كل مؤذ في النار » اللفظ، ويؤيد ذلك ويؤكده حديث ٍ المدخن مؤذ لغيره من المؤمنين والمؤمنات وغيرهم، ولو لم يكن من أذاه لهم إلا أنه يسمم بيئتهم ويلوث أجواءهم لكفى، فإن أثر ذلك ينعكس على البشر والحيوان والنبات. وكفى المدخن إثما ً إيذاؤه لجليسه بحيث لا يبالي أن ينفث في وجهه الدخان بخبث رائحته وكثرة سمومه، ولا يبالي بما يسببه ذلك من إزعاج وما ينشأ عنه من صداع وما يولده من أمراض، وقد سبق بيان أن أشد التدخين ضررا ً الذي « الهدي الصحي » التدخين القسري، كما جاء ذلك في نشرته منظمة الصحة العالمية، على أن غير المدخن قد يضطر اضطرارا ً إلى مجالسة المدخن لحاجة في نفسه لا مناص له عن قضائها، على أن أذى المدخن لجليسه لا ينحصر في إبان تدخينه بل كثيرا ً ما يكون اقترابه من غيره مزعجا ً لذلك الغير بما ينبعث من فيه وخياشيمه من رائحة كريهة، ويشتد ذلك عندما يكون قريب عهد بالتدخين، ولربما صف في الصلاة مع المصلين فيؤذي من كان قريبا ً منه حتى يذهب بخشوعه، ويحرمه من لذة مناجاته لربه، وقد وقع ذلك لي كثيرا ً عندما أبتلى بمدخن يقف بجنبي في الصلاة فيشغلني ما يأتيني من روائحه عن الأقبال على صلاتي، حتى أتمنى اختصار الصلاة لأني أبقى متوتر الأعصاب إلى أن يسلم منها ا لإمام. ولئن كان النبي ژ نهى من أكل الثوم أو البصل من قربان المسجد(١) مع ما فيهما من المنافع فكيف بشارب الدخان الخبيث؟ على أن رائحة الثوم والبصل وإن كانت كريهة لا تداني رائحة الدخان في ا لأذى. ١٠ قوله تعالى: ﴿ YXWVUTSRQ ^]\[Z_ ﴾ ] البقرة: ٢٠٥ [ ووجه دلالته أن المدخن يفسد في الأرض بتلويثه البيئة، ومن خلال ذلك يكون قد أسهم في إهلاك الحرث والنسل، وهو ما ثبت علميا ً ولا يجادل فيه إلا جاهل أو متجاهل. ١١ قوله تعالى: ﴿ Z Y X W[ \ ] ^ ﴾ ] الأنعام: ١٤٠ [. ١) رواه البخاري في كتاب صفة الصلاة باب ما جاء في الثوم النيىء رقم ( ٨١٥ )، ومسلم في ) كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب نهي من أكل ثوما ً .( رقم ( ٥٦١ ١٢ قوله تعالى: ﴿ ¢£ ¤ ¥ ¦ §¨ © ª « ¬ ® ﴾ ] الأنعام: ١٣٧ [. ١٣ قوله تعالى: ﴿ ¢ £ ¤ ¥ ¦ § ©¨ ª « » º ¹¸ ¶ µ ´ ³ ²± ° ¯® ¬ ¼ ﴾ ] الأنعام: ١٥١ [. ١٤ قوله تعالى: ﴿ UTSRQPONMLKJ V W X ﴾ ] الإسراء: ٣١ [. ووجه دلالة هذه الآيات على حرمة التدخين أن المدخن يقتل أولاده وإن لم يكن قتله مباشرا ً ، وذلك لما سبق بيانه من أن تدخين الأب أو الأم له أثر سلبي خطير على الأجنة والمواليد قد يفضي إلى إجهاض الجنين وموت المولود، لأن أولاد المدخنين والمدخنات هم عرضة للأوبئة الفتاكة والأمراض المهلكة فضلا ً عن كونهم أضعف قوة واحتمالا ً من غيرهم، ولا يقال بأن النهي في بعض هذه الآيات اقترن بالإملاق أو خشيته، فهو مقيد بهما، لأن هذا الاقتران إنما هو وارد مورد الأغلب المعتاد، وما كان كذلك فلا يعتد بمفهومه المخالف، فلا يفيد ذلك تقييدا ً لإطلاقه. هذا ما حضرني من الأدلة القرآنية على تحريم التدخين من غير استقصاء لها. أما السنة النبوية فأدلتها على ذلك كثيرة، منها ما سبق الاستشهاد به في معرض تبيان أدلة الكتاب، وإليكم ما حضرني الآن مما عداها: ١ أخرج البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة عن ا لنبي ژ قال: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا » ً مخلدا ً فيها أبدا ً ، ومن تحسى سما ً فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا ً مخلدا ً فيها أبدا ً ، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا ً مخلدا ً فيها أ بدا ً«(١) :« بحديدة » وأخرجه النسائي بزيادة بعد قوله « ثم انقطع على شيء جاء مثل نصل ا لسهم »(٢) وأخرجه أبو داود ولفظه عنده: «(٣) من حسا سما » ً فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا ً مخلدا ً فيها أبدا ً . ووجه دلالة هذا الحديث على هذا الحكم ظاهرة، فإنه لم يبق ريب في نفس عاقل أن التدخين سم ناقع لا يهلك المدخن وحده، وإنما يهلك معه من ابتلى بأذاه. ٢ روى البخاري عن أبي هريرة ƒ الذي يخنق » : أن النبي ژ قال « نفسه يخنقها في النار، والذي يطعن نفسه يطعنها في ا لنار(٤) وبما أن التدخين يؤدي إلى تعطيل الجهاز التنفسي فهو بمثابة ا لخنق. ٣ روى الترمذي عن أبي برزة الأسلمي ƒ لا » : عن النبي ژ أنه قال تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس، عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وماذا «؟ عمل فيما علم(٥) ووجه دلالته على هذا الحكم من وجوه: ٭ أولها: أن العبد مسؤول عن عمره فيم أفناه؟ إذ لم يخلق هملا ً ولم يترك سدى، وإنما خلق لغاية سامية بينها قوله تعالى: ﴿ C D E ١) رواه البخاري في كتاب الطب باب شرب السم رقم ( ٥٤٤٢ )، ومسلم في كتاب الإيمان ) باب غلظ تحريم قتل النفس رقم ( ١٠٩ )، ورواه الترمذي في كتاب الطب باب ما جاء .( فيمن قتل نفسه رقم ( ٢٠٤٣ .( ٢) رواه النسائي في كتاب الجنائز باب ترك الصلاة على من قتل نفسه رقم ( ١٩٦٥ ) .( ٣) رواه أبو داود كتاب الطب في الأدوية المكروهة رقم ( ٣٨٧٢ ) .( ٤) رواه البخاري في كتاب الجنائز باب ما جاء في قاتل النفس رقم ( ١٢٩٩ ) .( ٥) رواه الترمذي في كتاب صفة القيامة باب ما جاء في شأن الحساب رقم ( ٢٤١٧ ) FG H ﴾ ] الذاريات: ٥٦ [ ويدخل في ضمن عبادة الله كل ما يعمله الإنسان بعد أداء فروضه مما فيه مصلحة لنفسه إو لجنسه مع خلوص نيته، أما إذا صرف العمر فيما ينافي ذلك أو أضاع جزءا ً منه في السوء والضر والفساد فإنه يتحمل تبعة ذلك أمام الله سبحانه، فالمدخن الذي يقضي جانبا ً من وقته في ارتشاف الدخان القاتل والإضرار بنفسه وغيره لم يعط هذا العمر حقه، بل أضاعه في الفساد وتسبب لإتلافه. ٭ ثانيها: أنه يسأل عن شبابه سؤالا ً خاصا ً لما في مرحلة الشباب من القوة والفتوة، فهو ريعان العمر وزهرته، يجب عليه أن يحافظ عليه وأن يستغله استغلالا ً حسنا ً بتفجير طاقاته فيما يعود بالمصلحة على نفسه وعلى دينه وأمته، وقد أضاعه من أهدره بتجرع هذه السموم ا لقاتلة. ٭ثالثها: أنه مسؤول عن ماله كسبا ً وإنفاقا ً ، لأنه مال الله سبحانه، فلا يجوز تضييعه فيما لا جدوى فيه، وما هو إلا مؤتمن عليه ومستخلف فيه، فلذلك كان من الواجب عليه أن ينفقه فيما ينفع لا فيما يضر وفيما يعمر لا فيما يدمر وفيما يصلح لا فيما يفسد، ولأجل ضرورة المحافظة عليه كان مأمورا ً بالتوسط والاعتدال في إنفاقه حتى في سبل الخيرات، فما بالك إذا أنفقه ثمنا ً إن الله كره » : لسموم يهلك بها نفسه وأمته، وقد جاء في الحديث « لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة ا لمال(١) . ٤ روى الطبراني في الأوسط من طريق أنس ƒ بإسناد حسن أن من آذى مسلما » : النبي ژ قال ً « فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى ا لله(٢) وقد سبق ١) رواه الربيع في كتاب البيوع باب ما ينهى عنه من البيوع رقم ( ٥٦٧ )، والبخاري في كتاب ) الزكاة باب قول الله تعالى: ﴿ }~ے ¡ ﴾ رقم ( ١٤٠٧ )، ومسلم في .( كتاب اوقضية باب النهي عن كثرة المسائل رقم ( ١٧١٥ .( ٢) رواه الطبراني في المعجم الأوسط رقم ( ٣٦٠٧ )، والصغير رقم ( ٤٦٨ ) بيان إيذاء المدخن للمسلمين بنتن رائحته والإضرار بهم وببيئتهم، وذلك إيذاء لله ولرسوله كما دل عليه الحديث، وقد قال تعالى: ﴿ QR S T ^]\[ZYXWVU.﴾ ٥ نهيه ژ عن كل مسكر ومفتر كما أخرجه أحمد وأبو داود من طريق أم المؤمنين أم سلمة # (١) ، والدخان إن لم يكن مسكرا ً فهو مفتر، وقد سبق بيان تأثيره على الجهاز ا لعصبي. ٦ قول ا لنبي ژ : « لا ضرر ولا ضرار في ا لإسلام »(٢) وقد روي مسندا ً ومرسلا ً وطرقه يقوي بعضها بعضا ً وهو من قواعد الفقه المجمع عليها، ولا أظن أن ا رتيابا ً بقي في نفس عاقل أن في التدخين ضررا ً كبيرا ً. ٧ الأحاديث التي دلت على وعيد المنتحر كحديث جندب بن عبد الله ƒ عند الشيخين فيمن جرح فجزع فأخذ سكينا ً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى « بادرني عبدي بنفسه فحرمت عليه الجنة » : مات، فقال الله(٣) وحديثي أبي هريرة وسهل بن سعد ا لسعدي ^ عند الشيخين في قصة الرجل الذي كان أكثر الناس بلاء في الجهاد فجرح فقتل نفسه، وقد أخبر عنه ا لنبي ژ أنه من أهل ا لنار(٤) ، ودلالة هذه الأحاديث على هذا الحكم من حيث إن الانتحار لا فرق بين وجوهه وصوره بأي وسيلة كان، فكله حرام وتلك هي عاقبة أمره والله ا لمستعان. .( ١) رواه أبو داود كتاب الأشربة باب النهي عن المسكر رقم ( ٣٦٨٧ )، وأحمد رقم ( ٢٦٦٧٦ )٢) رواه الحاكم في المستدرك رقم ( ٢٣٤٥ )، وابن ماجة في كتاب الأحكام باب إذا تشاجروا ) .( في قدر الطريق ( ٢٣٤٠ ٣) رواه البخاري في كتاب الأنبياء باب ما ذكر عن بني إسرائيل رقم ( ٣٢٧٦ )، ومسلم في ) .( كتاب الإيمان باب غلط تحريم قتل الإنسان نفسه رقم ( ١١٣ ٤) رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير باب لا يقال فلان هشيد رقم ( ٢٧٤٢ )، ومسلم في ) .( كتاب الإيمان باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه رقم ( ١١٢ هذا وبجانب ما ذكرناه فإن التدخين يؤدي إلى كثير من المضار التي لم نذكرها، منها أن المدخن يصبح أسير هذه العادة السيئة فهي تسخره وتقوده إلى كثير من المحارم والمكروهات، لعجزه عن الفكاك عنها، وقد جسد ذلك أحد الشعراء المدخنين في شطر بيت إذ قال في ا لسيجارة: تخذتها أمة فصرت لها عبدا ً لذلك يحرص المدخن أن يوفر من أجل التدخين ولو كان ذلك بتقتيره على عياله في الإنفاق وحرمانهم من بعض ضرورات الحياة وحاجاتها، وقد يدفعه الحال إلى أن يستجدي غير مبال بإذلال نفسه وإراقة ماء وجهه، ولربما بلغ به الأمر إلى الاحتيال والسرقة وكل ذلك مما يأباه الإسلام على أتباعه. لهذا كله أفتى أولو البصائر من جميع المذاهب الإسلامية منذ بداية ظهور هذه العادة السيئة في بلاد الإسلام بأن التدخين حرام، وما كان من مخالفة لهم من بعض أهل الفتيا فإنه راجع إلى عدم تصور حقيقة التدخين ومضاره الكثيرة، ولئن كان الاختلاف فيه شاع عند معظم أصحاب المذاهب الإسلامية في العصور السابقة فإن علماء مذهبنا(١) لم يختلفوا قط في هذه المسألة بل اتفق مشارقتهم ومغاربتهم من أول ظهور هذه الآفة في بلاد الإسلام على حرمة التدخين، بل وحرمة استعمال التبغ بأي طريقة كان سواء كان سعوطا ً في الأنف أو مضغا ً بالفم أو رشفا ً لدخانه، وقد كان من توفيق الله لهم أن تنبهوا لأخطاره ومضاره قبل أن يكتشفها الأطباء وغيرهم، فهذا الإمام نور الدين السالمي رحمه الله تعالى يقول في جوهر النظام الذي ألفه قبل قرن من ا لزمن: ١) يعني المذهب ا لإباضي. ) والبنج والأفيون ثم التتن محرمات شربها مستهجنلأنها معروفة بالسكر فالسكر في الوصف زوال ا لفكر وهو تغير على العقل طرا فعد ما أحدث ذاك مسكرا فقول من خالفنا في المذهب في التتن المعروف لم يصوب قال بأنه مرقد ولا يسكر قلت أذهب ا لتعقلا والغرض المشروع من ذا ا لباب حفظ عقولنا عن الذهاب لو لم يصح سكره لكانا محرما ً لضره عيانا فمائة وبعدها عشرونا من علل في ذاك يذكرونا يصفر اللون وينتن الفما يسود الأضراس أيضا ً فاعلما ويورث السل مع ا لوباء ويخرق الكبد من الأحشاء إلى أن يقول: يفتر الشهوة في ا لجماع ونحو هذا سائر الأنواع مع أن تأثير التدخين على القوة الجنسية كان محل اختلاف ونظر عند الأطباء إلى وقت قريب. وبعد أن تجلت الحقيقة وثبت بالدلائل القاطعة ما ثبت من مضار التدخين وجدنا العلماء يكادون يجمعون على حرمة تعاطيه ولا يكاد يجادل في ذلك إلا القليل، ومن بينهم هؤلاء المشايخ ا لأجلاء: ١ الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، شيخ الأزهر ا لراحل. ٢ الشيخ محمد ا لغزالي. ٣ الدكتور يوسف ا لقرضاوي. ٤ الدكتور نصر فريد واصل. ٥ الشيخ عبد الجليل شلبي. ٦ الشيخ حامد جامع. ٧ الشيخ زكريا ا لبري. ٨ الشيخ عطية صقر. ٩ الشيخ مصطفى محمد الحديدي ا لطير. ١٠ الشيخ عبد الله المشد. ١١ الدكتور أحمد عمر هاشم. ١٢ الدكتور حسيني عبد المجيد هاشم. ١٣ الشيخ محمد ا لزحيلي. ١٤ الشيخ مهدي عبد الحميد مصطفى. وعلى ذلك اتفقت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية ا لسعودية. أما القلة التي تجادل في ذلك فإن مجادلتها لم تنبعث إلا عن هوى في نفسها، فهي بين مدمن على التدخين لا يجد سبيلا ً إلى الفكاك عنه فيحاول تبرير فعله، وآخر في نفسه حاجة يريد قضاءها ولا يرى سبيلا ً إلى ذلك غير هذه الفتوى، ومن عجيب ما اطلعت عليه لبعض هؤلاء أن أحد الذين أصبحوا أسارى لعادة الإدمان على التدخين زعم أن التدخين غير حرام مع اعترافه بمضاره، مدعيا ً أن تحريمه يسلتزم تحريم الشحوم والسكريات وغيرها من المواد الغذائية الضارة لثبوت ضررها أيضا ً ، وهذه مغالطة عجيبة ومكابرة للحق فشتان بين التدخين والمواد ا لغذائية. وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل إذ لا بد للإنسان من غذاء، وذلك يختلف باختلاف عمله وكدحه، ولا بد لأي أحد من أن يكون غذاؤه مركبا ً من السكريات والدهنيات وغيرها، وقد أفادني أحد الأطباء المتخصصين أن الغذاء المثالي للإنسان هو ٥٩ ٪ مواد وألياف، و ٣٠ ٪ دهنيات، و ١١ ٪ بروتين، وأن معدل « سكريات » كربوهيدراتية احتياج الإنسان اليومي من الطاقة ٢٣٠٠ كيلو سعر حراري للرجل المتقاعد و ١٩٠٠ للمرأة المتقاعدة و ٢٢٠٠ لربة البيت و ٢٥٠٠ لموظف المكتب و ٢١٠٠ لموظفة المكتب و ٣٢٠٠ لعامل المصنع و ٢٤٠٠ لعاملة المصنع و ٣٦٠٠ للعامل اليدوي، ومعنى ذلك أن هذه المواد من ضرورات قوام الجسم وهي لا تضر إن كانت بقدر حاجته وإنما الضرر في الخروج عن حدود الاعتدال وذلك غير جائز شرعا ً ، ولذلك أمر الله سبحانه بالاعتدال في الأكل والشرب ونهى عن الإسراف فيهما حيث قال: ﴿ +*) , ﴾ ] الأعراف: ٣١ [. ولئن كانت هذه المواد من ضرورات حياة الإنسان فكيف يقاس عليها الدخان الخبيث الذي هو كله ضرر وسموم قاتلة، ويكفي في هذا ما جاء في الصادر عن منظمة الصحة العالمية المكتب الإقليمي لشرق « الهدي الصحي »ولعله من أوضح مظاهر العدوان على الصحة الفردية » : المتوسط، ونصه والجماعية التدخين، فليس سرا ً عندما يزيد على أربعة ملايين شخص في العالم يموتون كل عام بأمراض أساسها التدخين مثل سرطان الرئة والتهاب القصبات المزمن والانتفاخ الرئوي وأمراض شرايين القلب وسرطان المثانة وهذا يعني وقوع أكثر من ١١ ألف حالة وفاة يوميا ً ، وأنه لمما يلفت النظر أن أحدا ً في العالم كله لم يستطع أن يكتشف منفعة واحدة للتدخين، فالتبغ مادة ضارة كل الضرر بالفرد وبأسرته وبمجتمعه، وهذا يجعل التبغ مادة فريدة بين المواد التي يتعاطاها الناس بكثرة في العالم، فحتى الخمر قال عنها الله سبحانه: ﴿ ´ µ ¶ ¸ ¾ ½ ¼ » º ¹ ¿À Á  à ﴾ ] البقرة: ٢١٩ [ فذكر للخمر بعض المنافع، ولكنه جعلها محرمة تحريما ً كاملا ً بسبب تفوق الأضرار التي تنجم عنها على فوائدها، فما قولنا بالتبغ الذي ليس له نفع يذكره له أي إنسان، بل إن .« المدخنين أنفسهم مجتمعون على ضرره وأذاه ومن خلال هذا يتبين أن ضحايا التدخين يفوقون ضحايا المخدرات بنسبة هائلة كما يفوقون ضحايا مرض فقدان المناعة المكتسب، ومع ذلك كله نرى العالم مع إجماعه على محاربة المخدرات والتشديد فيها حتى بلغت عقوبة الاتجار فيها وترويجها الإعدام في بعض الدول يتساهل هذا التساهل العجيب في أمر التدخين مع أنه لو ساغت إباحة التدخين لساغت إباحة المخدرات إذ لا فرق بينهما، على أن الإدمان على التدخين هو طريق للإدمان على المخدرات لأن أنواعا ً منها تتعاطى عن طريق التدخين كالتبغ وبسجائر لا تختلف كثيرا ً عن سجائر التبغ، فما هذا التناقض الفاضح الذي وقع فيه عالم اليوم وهو يرخي العنان ويفتح الأبواب ويعبد الطرق لانتشار ّ التدخين الذي يهلك الحرث والنسل ويأتي على الأخضر واليابس مع شن الحرب الشعواء التي لا هوادة فيها على ا لمخدرات؟! الفقرة الثانية: جوابها أن كل ضار محرم ولو كان شجرا ً مما ينبت، فهذه المواد المخدرة هي محرمة شرعا ً ، وقد أطبق على محاربتها جميع الأمم حتى غير المتدينين من الناس، مع كونها مما ينبت من الأشجار، وعليه فنبات التبغ هو حرام لا يجوز استعماله بحال، وقد ثبت من قول الأطباء المتخصصين أنه لا نفع فيه فلا وجه لإباحة استعماله بأي وجه، نعم لو ثبت أن فيه منفعة في مداواة الجروح مثلا ً بوضعه عليها من غير أن تترتب على ذلك مضرة فإنه تباح عندئذ منفعته مع اتقاء ضرره، لأن الأصل في المنافع الإباحة لقوله تعالى: ﴿ ÅÄÃÂÁÀ¿¾ ﴾ ] البقرة: ٢٩ [. الفقرة الثالثة: جوابها أن إضافة مادة محرمة إلى التبغ تضاعف من حرمته، وقد تبين أنه نفسه حرام لما ثبت من ضرره وتأثيره ا لسلبي. الفقرة الرابعة: جوابها أن تحليل الحرام وتحريم الحلال كل منهما كبيرة عظيمة، لأنه افتراء كذب على الله؛ فقد قال تعالى: ﴿ }|{ ~ ے «ª©¨§¦¥¤£¢¡ ¬ ¯® °± ² ³ ﴾ ] النحل: ١١٦ [ ، وقال: ﴿ l m n p o q r z y x w v u t s { |} ~ ے ¡ ﴾ ] يونس: ٥٩ [ ، وقد قرن الله تحريم الحلال بالإشراك به وعده من صفات المشركين، حيث قال: ﴿ /0 1 2 3 4 5 6 7 8 9 : ; < ﴾ وقال أيضا ً ﴿ : $ # " ! (' & % ) *+ , . ;:9876543210/ ﴾ ] النحل: ٣٥ [. هذا والإقدام على تحريم ما ثبت حله بالنص القطعي هو من الإشراك المخرج للإنسان من المل ّ ة، وذلك كالنكاح والبيع والأكل والشرب واللباس في غير إسراف ولا مخيلة وكذلك تحليله ما دل النص القطعي على تحريمه كالزنا والخمر والميسر وقتل النفس المحرمة بغير حق وقتل الأولاد سفها بغير علم وعقوق الوالدين وقطعية ا لأرحام. هذا، والتقول على الله بغير علم هو نفسه من كبائر الإثم ولو صادف القائل الحق فيما يقوله، فقد قرن الله ذلك بالإشراك عندما قال: ﴿ PQ R d c b a ` _ ^ ] \ [ Z Y X W V U T S e f g h i j k l ﴾ ] الأعراف: ٣٣ [ ، وهو مما يأمر به الشيطان من أجل إضلال الناس فقد قال سبحانه: ﴿ ËÌ Í Î Ï ÕÔÓÒÑÐ ﴾ ] البقرة: ١٦٩ [. هذا ما حضرني جوابا ً على هذه الأسئلة أيها الأخ الكريم وأسأل الله لي ولك ولكل مسلم التوفيق لما يحبه ويرضاه والوقاية من كل ما يسخطه ويأباه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم الإسلام في ا لتدخين؟ الإسلام يحرص على أن يكون الإنسان سليما ً في كل شيء، في عقله، وجسمه، ودينه، وعرضه، والدخان مضر بكل هذه الأشياء، فهو مضر بصحة الإنسان، وكم من مرض سببه التدخين، ويكفي أن السرطان الفتاك القتال سببه التدخين، فكيف يحفر العاقل عن حتفه بظلفه فيدخن؟ بجانب هذا فإن التدخين فيه إيذاء؛ إذ يؤذي الإنسان به نفسه إيذاء محسوسا ً ، كما يؤذي به غيره من خلال الروائح الكريهة، فأنا إذا شممت رائحة الدخان وكنت في طائرة لا أنزل إلا وأنا مصدوع من أثر الدخان الخبيث، والله 4 بعث الرسول ژ ليحل الطيبات ويحرم الخبائث، فهل الدخان من الطيبات أو هو من الخبائث؟ الشيء الذي فيه هذه المضار كلها أليس هو من الخبائث؟ وهو بجانب ضرره بجسم الإنسان يضر بماله، إذ لو أخذ المدخن يحسب ما ينفقه في التدخين في العام، فوجد أنه في العام ينفق عشرة ريالات ع ُ مانية فحسب ليس غيرها، فلو أتلف هذه العشرة ريالات بغير تدخين ومن غير أن يؤذي بها جسمه ولا عقله ولا صديقه ولا أحدا ً من الناس وإنما هو في يوم معين من كل سنة يأخذ عشرة ريالات ويشعل فيها النار هل يعد عاقلا ً أو يعد سفيها ً ؟ هذا بجانب عدم الإضرار بالجسم أو بالعقل أو بالعرض أو بأي شيء إلا الإضرار بالمال فقط، فكيف مع ذلك إذا جمع ما بين هذه المضارالمختلفة من خلال التدخين أليس هو أولى بصفة السفه؟ من هذا يدرك الإنسان أن الدخان لا يجوز وهو حرام، فمن الذي يستطيع أن يقول بأن الدخان من الطيبات مع ما ثبت من ضرره النفسي والاجتماعي؟!! والله المستعان. أصبحت ظاهرة تعاطي الشيشة أو الرشبة آخذة في الاستفحال في مجتمعنا، وهي لا شك عادة غريبة لم نعرفها إلا في وقت متأخر فما حكم الإسلام فيها؟ وما هو واجب كل مسلم تجاه هذه الظاهرة وهل هي أقل ضررا ً من ا لدخان؟ هي شر مستطير، لأنها مما يضر بالصحة، وفيها إتلاف للمال وإضاعة ٌ للوقت وتعريض النفس للخطر، وهي بجانب ذلك تتنافى مع الأخلاق، لأن الخلق السليم يجعل الإنسان يبتعد عن كل ما يؤذي الآخرين، والذي يجلس بجانب متعاطي الشيشة (الرشبة) يتأذى من الرائحة الكريهة التي تنبعث منها، وقد تنتشر رائحتها فتصل إلى مكان بعيد، وفيها هدر للأخلاق من ناحية أخرى، إذ لا يجتمع عليها إلا السفهاء، فيقضون الوقت في تناول عرض هذا وهتك عرض ذلك، وفيما يؤدي إلى الحماقات، ثم مع ذلك كله لا يؤمن أن تؤدي إلى خطر أكبر وهو انتشار المخدرات، فلا يؤمن أن يكون صاحب الشيشة الذي يجتذب الزبائن من شركاء تجار المخدرات، بحيث يضع فيها شيئا ً من المخدرات حتى يؤدي الأمر إلى الإدمان، ومن هنا فإن تعاطي الشيشة أخطر من تعاطي الدخان، فإن ضرر التدخين ضرر كبير، وضحاياه في كل عام يزيدون على خمسة ملايين يموتون بسبب الإدمان عليه، ولكن أمر المخدرات أكبر وأخطر، إذ لا يؤمن أن يكون تعاطي الشيشة طريق موصل إلى إدمان الشباب على المخدرات، فلذلك يجب على جميع المسؤولين في الدولة أن يقوموا بمكافحة هذا الخطر الداهم كل حسب مسؤوليته، وعلى المجتمع أن يقف في وجهه سدا ً منيعا ً لأجل المحافظة على الشباب، ونرجو من خلال ذلك التخلص من هذه العادة السيئة والسلامة من شرها إن شاء الله تعالى. ما الفرق بين شجرة ا لزق ّ وم والغليون؟ شجرة الزقوم هي شجرة تنبت في أصل الجحيم، والغليون ينبت في الدنيا والله أعلم. رجل ذهب إلى الحج، وعندما رجع من الحج استعمل الغليون، فهل حجه باطل أم لا؟ إن تاب يقبل حجه والله أعلم. ¢Sô```¡ØdG á``````eó`≤e QhòædG `` äGQÉØμdG `` ¿ÉªjC’G :∫hC’G º°ù≤dG ¿ÉªjC’G اليمين لا تمنع أعمال البر .................................................................................. ١١ اليمين بين اللغو والانعقاد ................................................................................ ٢٤ اليمين وأنواعها .................................................................................................... ٣٦ يمين الصبي ......................................................................................................... ٣٩ يمين اللغو ........................................................................................................... ٣٩ من حلف على شيء ثم رأى غيره خيرا ً منه ..................................................... ٤٠ ما يلحق باليمين .................................................................................................. ٤٩ من حلف ليمنع نفسه عن أمر ............................................................................ ٥٠ من حلف على فعل معصية ................................................................................ ٥١ من حلف بطاعة .................................................................................................. ٥١ من عجز عن فعل ما حلف عليه ........................................................................ ٥٥ من حلف أو حنث ناسيا ً أو مضطرا ً ................................................................. ٥٦ تحريم الحلال وتحليل الحرام ......................................................................... ٥٨ اليمين المقيدة .................................................................................................... ٦٨ اليمين الغموس .................................................................................................. ٦٩ الحلف بغير الله .................................................................................................. ٧٦ الاستثناء في اليمين ............................................................................................ ٧٩ الحلف بالقرآن ................................................................................................... ٨٣ تعدد اليمين أو المحلوف عليه ......................................................................... ٨٥ مراعاة العرف والقصد في اليمين ..................................................................... ٨٨ ما لا يعد ّ من اليمين .......................................................................................... ٩١ äGQÉØμdG أنواع الكفارات .................................................................................................. ٩٧ كفارة قتل الخطأ ................................................................................................ ٩٩ كفارة إضاعة الصيام ....................................................................................... ١١٦ كفارة اليمين المرسلة ..................................................................................... ١١٩ كفارة ترك الصلاة ........................................................................................... ١٢٤ كفارة العهد ..................................................................................................... ١٢٥ الكفارة الاحتياطية .......................................................................................... ١٣٠ الكفارة المغلظة عددها ومقدارها ............................................................... ١٣٣ دفع القيمة في الكفارة .................................................................................... ١٣٦ QhòædG النذر لغير الله تعالى ........................................................................................ ١٤١ وجوب الوفاء بنذر الطاعة ............................................................................. ١٤٨ النذر بالمعصية أو بما لا يملك الإنسان ....................................................... ١٥١ مراعاة العرف والقصد في النذر .................................................................... ١٥٢ ما لا يعد من النذر ......................................................................................... ١٥٥ من نذر لمنع نفسه أو غيره ............................................................................ ١٥٦ النذر المطلق والمقيد ..................................................................................... ١٥٩ تتابع صوم النذر والكفارة .............................................................................. ١٦١ ترك الوفاء بالنذر ............................................................................................ ١٦٢ من نوى عمل أمر ........................................................................................... ١٧٠ ø«NóàdG `` ᪩WC’G `` íFÉHòdG :»fÉãdG º°ù≤dG íFÉHòdG الذبائح والطرق الشرعية في إنفاذ الذكاة ...................................................... ١٧٧ المحور الأول ................................................................................................. ١٨٠ تكملة في الفرق بين التذكية الشرعية والطرق الحديثة في إزهاق الروح ....... ٢٤٥ المحور الثاني ................................................................................................. ٢٤٩ المحور الثالث ................................................................................................ ٢٥١ خاتمة في نتائج البحث .................................................................................. ٢٦٦ شروط الذبح وآدابه ........................................................................................ ٢٦٩ كيفية الذبح ..................................................................................................... ٢٧٦ ما ذبح لغير الله ............................................................................................... ٢٨٨ الصيد ............................................................................................................... ٢٨٩ ᪩WC’G أكل الطيبات .................................................................................................... ٢٩٣ تحريم الخبائث ............................................................................................... ٣٠٩ الأضحية ........................................................................................................... ٣٥٤ أكل الحشرات ................................................................................................. ٣٦٠ آداب الأكل والشرب ...................................................................................... ٣٦٠ أكل المحرم للضرورة .................................................................................... ٣٦٢ أكل لحوم السباع ............................................................................................ ٣٦٤ أكل ما صنعه المشرك أو الفاسق ................................................................... ٣٦٧ أكل مال الغير ................................................................................................. ٣٦٨ الإنفحة والأجبان المستوردة .......................................................................... ٣٧٤ اللحوم المستوردة وذبائح أهل الكتاب ......................................................... ٣٧٥ الدهون الحيوانية وأحكامها ........................................................................... ٣٨٤ الخنزير وما تولد منه ...................................................................................... ٣٨٦ حكم السمك الطافي ...................................................................................... ٣٨٩ حكم شرب القهوة .......................................................................................... ٣٩٣ الخمر وأحكامها ............................................................................................. ٣٩٤ ø«NóàdG