∫hC’G ó∏``éŸG١٤٣٤غمي٢٠١٣م لا يجوز نسخ أو استعمال أي جزء من هذا الكتاب في أي شكل من الأشكال أو بأية وسيلة من الوسائلسواء التصويرية أو الالكترونية ،بما في ذلك النسخ الفوتوغرافي أو سواه وحفظ المعلومات واسترجاعهاإلا بإذن خطي من الناشر. ∫hC’G ó∏``éŸGô`````jó`°ü`J لك ل مذهب من مذاهب الفقه الإسلامي  مدوناته الرئيسة ،وأعلامه الكبار، ولا يدرس العقل الفقهي بمنهجية علم ية إلا بعد القيام بخريطة مسح ية تتناول غني بتراثه المذخور هذه المؤلفات ،وتعرض لهؤلاء الأعلام ،والفقه الإباضي  في الأصول والفقه وعلم الكلام والتأريخ وغيرها ،وبأعلامه الذين ساهموا في صناعة الحضارة ورفع بناء الفقه ،وكانت حواراتهم مع بعضهم البعض ،أو مع نظرائهم من علماء المذاهب الإسلامية الأخرى ،من أهم العوامل في إغناء الفقه الإباضي وتنوعه وخصوبته .من هنا جاءت فكرة )مائة كتاب إباضي( والتي خضعت للاختيار الدقيق ،وفق ا لمعايير الأهمية والتأثير ،ولتقدم للقارئ المعاصر ذخيرة ح ية في المجالات الفقهية والأصولية والكلامية والتاريخية؛ بل وفي التراجم والنوازل ،فتكون دليلا إرشاديا يعيد التوازن المعرفي للعلم بتراث المذهب واجتهادات علمائه. جهد نرجو من ورائه إفادة العقل الفقهي المعاصر ،وهو يتجه نحو تراثه إنه لإنجاز مدوناته الثقافية ،وعلومه التشريعية ،في سبيل نهضة مبتغاة ،وتفاعل مأمول وتنوع التفاصيل والأنساق الجزئية. بين كافة المذاهب ،في إطار وحدة الأصول ، وعلى االله قصد السبيل. o``````jó`≤`J ?GPÉ`ad ...»`°VÉHEG ÜÉàc áFÉe 1 لم يكتب بعد التاريخ العقلي لمذاهب الفقه الإسلامي ،رغم تنوع مصادره، وثراء أحكامه ،وكثرة نوازله ،فهو يحتاج إلى سبر أغوار لحظات التحول ،من آراء مفردة للصحابة ،وفتاوى مميزة للتابعين إلى مدارس فكرية لها اتجاهاتها العامة ،ومذاهب فقهية لها مؤسس وتلاميذ ،ولها أصول وفروع ،ولها وثائق ومؤلفات .وكل ذلك لم ترصد معالمه بدقة ،ولم تحدد طرق التعامل معه بموضوعية .ولا زالت أحداث التاريخ الإسلامي ومعارك السياسة والفكر، ودوائر الجدل والمناظرة ،تلقي بظلالها الكثيفة على كل محاولة جادة لكتابة هذا التاريخ الأهم في الحياة العقلية للحضارة الإسلامية. ولعل أنسب المناهج العلمية لدراسة هذا التطور الفريد في تاريخ البشر تأتي من استيعاب إنتاجه الفقهي والثقافي حيث تتفاعل الحيوات الاجتماعية تتكون الأصول وتعمل ،وتتوالد الفروع وتتكاثروالعقلية والسياسية ،وحيث وتتحرك ،ويصبح الواقع الاجتماعي ميدا نا تموج فيه النوازل ،وتتنافس في إنتاج حلوله مذاهب الفقهاء .إنها لحظة انطلاق نحو أفق واسع ورحيب لا يكتب تاريخنا العقلي والثقافي دون الارتفاع إلى مستواه ،والقدرة على استيعاب تراثه الفقهي والتحليق عبر آفاقه العقلية الممتدة. ذات مساء في مدينة بشمال لندن ألقى الصحفي البريطاني الذائع الصيت كتابا غيرت العالم« ،وذلكاللورد »هيلفن براج« محاضرة بعنوان »اثنا عشر مائة كتاب إباضي8 كتابا انجليز يا يرى تلخيصا لإثني عشراعتمادا على كتاب حديث له يضم اللورد »هيلفن براج« أنها غ يرت العالم .يقول الكاتب الأمريكي »جاي باريني« وكان من الحضور في هذه الأمسية الصيفية ،لقد تملكني الغيظ ساعتها وبدأت كتابا تغيير أمريكا في عدة جوانب هامة ،وهكذاأفكر كيف استطاع اثنا عشر غيرت أمريكا«. كتابا أصدر »جاي باريني« كتابه »أرض الميعادثلاثة عشر وفحوى هذه السطور أن تحولات الواقع هي من ثمرات الأفكار الكبيرة والمؤلفات العظيمة ،ومن أخطائنا نحن المسلمين المعاصرين أننا ننظر إلى ماضينا بنظرتين متباعدتين ،منا من ينظر إلى الماضي بسخط واستهانة ،ومنا من ينظر إلى الماضي بتقديس واستكانة ،والماضي جزء من الزمن الإنساني فيه ما في الحياة الإنسانية من نهوض وتعثر ،ومن ازدهار وجمود ،ومن انتصار وتأثيرا هي مجالات الإبداعوانكسار ،ولكن أكثر الجوانب الإنسانية ديمومة العقلي .من هنا جاءت أهمية قراءة إنتاجها ،والعمل على تقديم زبدته للناس وتدعيما للحاضر ،واستشرافا للمستقبل. تعريفا بالماضي، لقد تراجعت أهمية الكتاب في حياتنا المعاصرة ،فلم نعد الشعب العربي القارئ ،ولا المجتمع الإسلامي المثقف ،وفي عالم متغير في الأدوات والإمكانات تصبح العودة إلى عقل الأمة الرشيد هي »العواصم من القواصم« على حد تعبير »ابن العربي« الفقيه المالكي في كتابه التراثي المشهور والذي دافع فيه عن الإسلام ورسول الإسلام ،ودفع الكثير من الشبه عن سنة رسول االله ژ وعن تاريخ المسلمين. والعودة إلى الكتابوهو الرفيق والعمدةكما وصفه »الجاحظ«هي عودة إلى روح حضارتنا ،وعودة إلى الروح الأصيلة في حياة أمتنا ،وقد اخترت بروح علمية مجردة مائة كتاب من المذهب الإباضي باعتبارها نماذج رفيعة وفكرانطل من خلالها على العقل الفقهي الإسلامي وهو فيفقها المستوى ذروة انطلاقه ،وقمة تطوره. 9تقديم لقد اخترت المذهب الإباضي عن عمد وسبق إصرار لأنهلأسباب تاريخية وثقافيةلم يحظ بدراسات عميقة تستوعب أعلامه ،وتنظر في أصوله وفروعه ،وتقترب من تراثه الفقهي الخصيب ،ونحن اليوم أحوج ما نكون لهذه القراءة المنصفة نستعيد بها عافيتنا الثقافية ،ونعتمد فيها على تراثنا المذخور، لا أقصد بالضرورة جزئيات أحكامه وتفاصيل قضاياه ،وإنما أعني بالدرجة الأولى مناهجه في التفكير ،وأساليبه في البحث والحوار والمتابعة ،وطرائقه في التنزيل والتمكين ،لأن العلم طريقة قبل أن يكون حقيقة. 2 في مدينة البصرة عاش الإمام »جابر بن زيد التابعي« الجليل ومؤسس المذهب الإباضي ،وقد أشار إليه »ابن حزم« باعتباره ممن ثبتت عدالته من العلماء ،وكان ثقة في الفتيا رغم الخلاف مع مذهبه »لأنه من أهل العلم والفضل والاجتهاد«. وبحكم الجغرافيا والتكوين انتمى »جابر بن زيد« إلى مدرسة الرأي؛ فهو عراقي النشأة والدراسة رغم رحلاته الكثيرة إلى مكة والمدينة ،وكان شديد الإعجاب بمنهجية »عمر بن الخطاب« في التشريع ،والتي حملها »عبد االله بن مسعود« إلى أغلب علماء العراق ،خاصة في الكوفة والبصرة ،وهي منهجية تنفتح على النص ولا تقف عند ظاهره ،بل تبحث عن علله وغاياته ومآلاته، عقليا صرفا كبعض وعن المصالح الكامنة فيه .ولكن »جابر بن زيد« لم يكن فقهاء المعتزلة ،ولا نقل يا صرفا مثل بعض الحنابلة ،ولكنه جمع بين العقل والنقل في توازن يعطي لكل مصدر ميدانه ومجالاته ،وهو في ذلك أشبه بأستاذه »عبد االله بن عباس« في موقفه من النقل وموقفه من العقل على حد سواء ،يقول »مهنى التواجيني« في مؤلفه »أشعة من الفقه الإسلامي« ج» :٣إن البحث في شخصية الإمام »جابر بن زيد« يكشف أن استخدام العقل هو أحد مائة كتاب إباضي10 العوامل المميزة لفكره ...وليس هو العامل الوحيد ،ذلك أن »أبا الشعثاء« كان رجل أثر ،فهو تلميذ »ابن عباس« أحد المكثرين من رواية الحديث ،وتلميذ السيدة »عائشة«#التي كان يسألها عن كل شيء ،خاصة عما يتعلق بفقه النساء والعلاقات الزوجية ،وقد استفاد من مجاورته بالمدينة من »ابن عمر« واستفاد من توجيهاته؛ فقد روي أنه قال له :بلغني يا أبا الشعثاء أنك من فقهاء ن إلا بقرآن ناطق ،أو سنة ماضية ،فإنك إن فعلتالبصرة ،وأنك تستفتى فلا تفتي  غير ذلك هلكت وأهلكت .وقد كان »عبد االله بن عمر« هذا من أقوى الشخصيات تأثيرا في مدرسة الحديث بالمدينة ،لا يأخذ بالرأي وإنما يتتبع النصوص، غالبا عند ظواهرها ،ولا يستعمل رأيه فيما لا نص فيه .وكانت شخصيتهويقف العلمية بارزة من كثرة الجمع ودقة النقل ،لا كثرة الاستنباط ووفرة الفتوى. وقد تلقى الإمام »جابر بن زيد« العلم والحديث على غير هؤلاء ،فقد نسب إليه القول :إنه أخذ العلم عن »سبعين بدريا« من صحابة رسول االله ژ ؛ مما السنة بالبصرةجعله يتبوأ مكانة عالية بين أصحاب الحديث ،ويعتبر من أئمة  بلا منازع ،فقد وثقه جميع نقاد الحديث ،وأجمعوا على عدالته ،بل اعتبر من أصح رجال الأسانيد .وبامتلاك الإمام »جابر« للحديث يكون قد خفف من غلواء النزعة العقلية في تفكيره ،وعادل بين العقل والنقل ،وبذلك يكون وإن تأثر بمدرسة العراق في استخدام الرأي إلا أنه تردد ...في استعمال القياس ،فقد طبع فقهه بالآثار التي رواها عن أساتذته بالعراق«. لقد كان الإمام »جابر بن زيد« الفقيه الإباضي الأول ،ونقل علمه كل فقهاء دون في فقه الإباضية،الإباضية الكبار الذين جاؤوا من بعده ،بل إنه أول من  فقد نقلت بعض أجوبته وفتاويه ،وكان »مسلم بن أبي كريمة« أحد حفظة ديوان العلم كما دونه »جابر بن زيد« عن شيوخه. والباب مفتوح أمام الدارسين للفقه الإباضيوقد فعل ذلك بعضهم ليجمعوا كل الروايات المنقولة عن الإمام »جابر بن زيد« في كتب الإباضية 11تقديم وكتب المذاهب الأخرى ،حتى نكتشف خصائص التدوين المبكر للفقه الإباضي عند المؤسس الأول له الإمام »جابر بن زيد« ،خاصة أن المنهجية والسنة ،وترتيب المصادر الأصولية ،فيها خصائص التي اختارها لفهم الكتاب جديدة تميزه عن فقه غيره من التابعين ،ولا تزال منخلال تلاميذه الكبار هي الحاكمة لمنهجية الفقه الإباضي عبر تاريخه الطويل .بل إن حياة الإمام »جابر« بالبصرة وهي مدينة إسلامية النشأة ،إسلامية التفكير ،قد طبعت فقه الإمام »جابر بن زيد« بطابع اجتماعي ،يجعل الفقه الإسلامي يتحرك على مساحة واسعة من العمران البشرى ،مما أسس لطبيعة المذهب الإباضي، وخصوصية نظمه الاجتماعية ،وبرامجه الدراسية ،ومناهجه في التدوين والتفكير .والرأي عندي أن مدرسة اجتماعية متكاملة في الفقه تجد أسس تكوينها ،وأصول نسقها كامنة فيما ينقل عن فقه »جابر بن زيد« بما يستدعي دراسة متكاملة تضع هذا الفقيه الكبير في سياقه العلمي المتميز. لقد ترك الدنيا »جابر بن زيد« سنة ثلاثة وتسعين للهجرة بعد حياة علمية حافلة ،أنشأ خلالها مدرسة علمية هي الأولى من نوعها ،وصنع على عينه عدد من التلاميذ الأعلام ،ويكفي أن في مقدمة تلاميذه »مسلم بن أبي كريمة« والذى حمل لواء العلم الإباضي وقاد حركته المذهبية والسياسية ،وكان له أكبر الأثر في الجيل الذي أسس الدولة الرستمية ،وهي الدولة الإباضية الأولى في التاريخ. 3 على الرغم من الولادة المبكرة للمذهب الإباضي والتي تعود إلى القرن الهجري الأول ،وعلى الرغم من إرهاصات التصنيف الفقهي التي تأكدت نسبتها إلى الإمام »جابر بن زيد« ،و»مسلم بن أبي كريمة« خاصة في رسالته عن »الزكاة« ،إلا أن السمة العامة للعلم بالمذهبخاصة لدى أصحاب مائة كتاب إباضي12 المذاهب الفقهية الأخرىظلت على النحو الذي أشار إليه الأستاذ »دنكان مكدونالد« والذي كتب عام ١٩٠٣مأي :في أوائل القرن العشرينفي كتابه المهم »تطور الفقه ،والشرع والنظرية الدستورية في الإسلام« يقول» :إننا نعلم القليل نسب يا عن الفقه الإباضي؛ فالدراسة الشاملة للفقه الإباضي ذات أي من أهمية قصوى ،لأنه يعود في تسلسل نشأته إلى ما قبل تأسيس  المذاهب الأخرى«. ورغم هذه الدعوة إلى التعرف على الفقه الإباضي ،إلا أن ذات الشكوى تتردد في الأطروحة المتميزة التي كتبها المفكر الإباضي الراحل »عمرو خليفة نامي« عام ١٩٧١م إلى جامعة لندن حيث يقول فيها» :إن الدراسة الشاملة التي دعا إليها ماكدونالدلم تجد منذ ذلك الوقت ما كان هذا العالم البحاثة وبدلا من ذلك فقد عومل الفقه الإباضي من قبل الذين درسوا ذلك الفقهيأمل، بالقليل من الاهتمام ،وكان يشار إليه على الدوام بأقوال عامة قليلة القيمة«. ولا نعدو الحقيقة إذا قلنا إن قراءة الفقه الإباضي والدعوة إلى الاستفادة منه لدى الباحثين المحدثين ،لا يمكن أن تفهم إلا من خلال مدرسة الإمام »محمد عبده« الذي تبادل الرسائل العلمية مع معاصره الفقيه الإباضي الكبير العلامة »السالمي«؛ فقد عكف على قراءة واحدة جعلتهم يشيدون بالمذهب في أبحاثهم الجامعية ،ويستهدون بمنهجية الإمام الأكبر الشيخ »محمد مصطفى المراغي« ،وهي منهجية في التقنين تنفتح على كل المذاهب الإسلامية ،وتوجب الأخذ من أحكامها عند إعداد التشريعات المعاصرة في كل ما يحقق مصالح العباد .فمنهجية التقنين تنظر إلى الفقه الإسلامي باعتباره وحدة متكاملة لا تفاريق مذهبية ،وتعطي كافة المذاهب مشروعية الأخذ من ودرءا للمفاسد .وهذه نظرة مقاصدية لها منجلبا للمنافع آرائها الجزئية التأسيس العقلي نصيب ،ولها تأصيل مبكر عند الفقهاء الإباضية في العصور الأولى ،حيث دعا إليها »أبو المؤثر الصلت بن خميس الخروصي«» ،وابن 13تقديم العلامة »السالمي« في مقاصد الشريعةأصيلا في منهجية جزءا بركة« ،وكانت أمرا من أمور الحياة اليومية إلا وهيأت لهالإسلامية وهي منهجية لا تترك أمرا من أمور الحياة اليومية ممنو عا إلاأسباب الوجود إذا كان مشرو عا ،ولا وألقت به في عوادي العدم. وقد فتحت الحياة الثقافية في مصر منذ أوائل القرن الماضي أبوابها لظهور المؤلفات الإباضية إلى عالم النشر ،بل وأصبحت هناك مطابع خاصة مثل المطبعة البارونية ،ومجلات خاصة مثل »مجلة المنهاج« ،وازدانت الحياة الفقهية بظهور مؤلفات كثيرة إباضية مثل »النيل« »للثميني« ،و»شرح النيل« »لأطفيش« ،وشرح »طلعة الشمس« »للسالمي« ،وغير ذلك من الكتب والأبحاث والمقالات. أرضا لقد هيأت البيئة الفقهية المصرية وهي تتطلع إلى الاجتهاد والتجديد خصبة لحوار فقهي يدور بين علماء جميع المذاهب ،في عمق وجدية جعلت وأسلوبا من أساليب وسياجا أمام دعوات الفرقة،منه أداة من أدوات التجديد، مقاومة الهجمة الغربية ،في جانبيها الفكري والتشريعي. 4 مبكرا منذ »جابر بن زيد« ،و»أبيقلنا :إن التدوين في الفقه الإباضي جاء متميزا في دواوين الأشياخ،تطورا عبيدة مسلم بن أبي كريمة« ،لكنه شهد وفي تأسيس حركة حديثية ،جاء في قمتها »مسند الربيع بن حبيب« ،إلا أن التطور الملموس في حركة التدوين الفقهي ظهر في القرن الثالث الهجري وبالتحديد في كتاب »المدونة« »لأبي غانم بشر بن غانم الخراساني« ،وقد درس على تلاميذ »أبي عبيدة« .وأهمية المدونة لا تكمن فقط في كونها وآراءبل إن تقديمها إلى الإماممخز نا للفقه الإباضي المبكرتدوي نا مائة كتاب إباضي14 مصنفاالرستمي الثاني »عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم« جعل منها مبكرا يمثل المرجعية الرئيسة للدولة الرستمية الأولى ،وهو حقيقةتشريعيا تاريخية تؤصل لبدايات التخصيص المذهبي لآراء الفقهاء على النحو الذي طلبه الخليفة »هارون الرشيد« من قاضي القضاة »أبي يوسف« ،وما تم قضائيا للأمة ،وفي كلكتابا التفكير فيه لاعتماد »موطأ« الإمام »مالك« الأحوال فإن الأسبقية هنالهذا الاعتماد التشريعييعطيها التاريخ لمدونة »أبي غانم«. والقارئ لهذه المدونة يراها تستوعب أبواب الفقه المختلفة ،والتي تحتاج يوميا حياة المسلم .وفيها من الأبواب ما يلي: إليها كتاب الطلاقكتاب الصلاة كتاب الهبة والهديةكتاب الزكاة كتاب الوصاياكتاب الصوم كتاب الأقضيةكتاب النكاح كتاب البيوعكتاب الشهادات كتاب الأشربة والحدود مبكرا بين المادة الفقهية التي تتصل انفصالاونظرة إلى هذه الأبواب نجد ترتيبا للأبواب الفقهية ظلبالفروع والمادة الكلامية التي تتصل بالعقائد ،ونجد يتردد صداه عند المتأخرين من فقهاء الإباضية ،ونجد اتسا عا في النطاق التشريعي يشمل كل جوانب الحياة اليومية. 15تقديم وقد تطور منهج التأليف عند الإباضية مع القرن الرابع الهجري ،خاصة من خلال كتابات كل من »ابن بركة« ،و»أبي سعيد الكدمي«. ويكاد يجمع المؤرخون الإباضيون وغيرهم على أهمية كتاب »الجامع« »لأبي محمد عبد االله بن بركة« ،والذي يقوم على منهجية واضحة في الاستنباط الفقهي تعود إلى عدة أمور أساسية: الأول :تحليل النصوص الشرعية في المسألة محل البحث ،ومحاولة إدراجها نازلة مفردة يستوعبها الدليل الأصولي. الثاني :قراءة النص في سياقه اللغوي ،وهي منهجية حرص عليها مفسرو بعيدا عن اللغة القرآن الكريم من الإباضية وبقية المذاهب؛ لأن قراءة النصوص هو »التفسير المستكره« بلغة »الراغب الأصفهاني« ،أي :الذي يرغم النص على أن ينطق بما ليس فيه ،أو بما لا تحتمله قوانين اللغة وقواعدها. الثالث :الاستعانة بعلم الخلاف ،كما يقول »مهنى التواجيني« ،وبيان أسباب اختلاف المجتهدين ،والجمع بين القول الفقهي ودليله الشرعي ،من قرآن أو سنة أو قياس أو غيرها من أصول التشريع المعتمدة مرتبة حسب قوتها في الدلالة والاحتجاج. الرابع :المقارنة بين المذاهب الإسلامية المختلفة ،وقد وصل »ابن بركة« في هذا المجال إلى مرتبة متقدمة تجعله من رواد الفقه المقارن ،وتستدعي دراسة مستقلة لفقهه في ضوء هذه الريادة مع تحليل قواعدها وضوابطها، وأهدافها وغاياتها عنده. الخامس :المنهج النقدي ،والذي استخدمه »ابن بركة« بفعالية كبيرة ،سواء بالنسبة لآراء فقهاء الإباضية السابقين ،أو بالنسبة لآراء المذاهب الإسلامية الأخرى ،واستخدم »ابن بركة« منهجه النقدي بنزاهة كاملة رغم العواصف السياسية التي عاشتها المجتمعات الإسلامية في هذا الفترة الزمنية الساخنة. مائة كتاب إباضي16 ويقدم »أبو سعيد الكدمي« في تراثه الفقهي المتعددوالذي بقي منه نموذجا للفقيه الذي لحسن الحظ عدد وافر من الكتابات في ميادين متعددة يندمج مع المجتمع. أخيرا ربما كان الاهتمام الواعي الذي نلاحظه عند »أبي سعيد الكدمي« تقعيدا .والذي ظهورا وأتم بفقه النوازل جعل البناء المقاصدي في فقهه أكثر يتابع الفتوى عنده يرى أنها تتضمن العناصر الثلاثية الرئيسة للمصطلح المقاصدي ،وهي :التعليل ،والمصلحة ،ومآلات الأفعال ،إضافة إلى القواعد كثيرا في الفتاوى مثل قاعدة »لا ضرر ولا ضرار«المقاصدية التي يستخدمها أصولا في الأعرافوقاعدة »العادة محكمة« ،وكل القواعد التي نجد لها والعادات والمصالح. خلاصة القول أن القرنين الثالث والرابع ازدحما بعشرات من الفقهاء صافيا إلى الأجيال التالية وفي مقدمتهمالإباضيين الذين حملوا العلم وأورثوه »سعيد بن عبد االله بن محبوب« ،و»أبو عثمان بن راشد« ،و»أبو الحسن جميعا البسيوي« إضافة إلى »ابن بركة« و»أبو سعيد الكدمي« .وم هد هؤلاء لظهور الموسوعات الكبرى في المذهب الإباضي ،عند »العوتبي« صاحب »الضياء« ،و»أبي عبد االله محمد بن إبراهيم الكندي« صاحب »بيان الشرع«، و»أبي بكر أحمد بن عبد االله الكندي« صاحب »المصنف« ،وفي المغرب العربي ظهرت اتجاهات جديدة من تأصيل الفقه الإباضي وتقعيده ،مثل» :الإيضاح« للشماخي ،و»قواعد الإسلام« للجيطالي ،و»الدليل والبرهان« للورجلاني ،بل الأرضين«بكرا في الدراسات الفقهية مثل» :أصولتناولت موضوعات تعتبر للفرسطائي ،وقد وصلت هذه المصنفات قمة التحرير المذهبي عند »خميس بن سعيد الشقصي« في »منهج الطالبين« بمختصراته الكثيرة ،وعند الإمام العلامة »عبد االله بنعبد العزيز الثميني ،وبعده الإمام القطب ،وأخيرا عند الإمام  حميد السالمي« مجدد المذهب في القرن الرابع عشر الهجري ،وأحد العلامات 17تقديم البارزة في تاريخ التجديد الفقهي الحديث ،في مجالات الفقه والأصول والقواعد والتاريخ واللغة والعروض ،وغير ذلك من فنون التأليف ،والتي له فيها كتابات مفردة مطولة ومتوسطة وموجزة ،وكلها ذات منهجية عالية تجمع بين الأصول والنقد ،وبين العرض والتأصيل ،بأسلوب سهل ممتنع يكاد يتفرد به بين معاصريه من العلماء. ومن ثراء المذهب الإباضي وكثرة علمائه وخصوبة تراثه الفقهي في الأصول والفروع ،وفي المقاصد والقواعد ،وفي الفتاوى والنوازل ،ولما فيه من منهجية متغيرا ،ودنيا متقلبة عالما علمية يحتاج إليها العلم الفقهي اليوم وهو يواجه الأحوال والأفكار ،وأيضا لتقاعس المسلمين من أهل المذاهب الأخرى من الانفتاح على المذهب ،وقراءة أصوله ،والتعرف على علمائه ومكتبته وما تضمه من ذخائر ونفائس؛ من أجل ذلك كله جاءت فكرة »مائة كتاب إباضي« تستلهم من إحساس بعض الغربيين بتأثير تراثهم فكتبوا عن كتب خالدة ،وعن مؤلفات رائدة، وبتأثير من محاولة »اليونسكو« في كتاب »القيم الثقافية العربية« ،لقد جاء هذا تعريفا بمائة كتاب إباضي في التفسيرالمشروع ليكون دليلا إرشاد يا ،يقدم والحديث ،وفي العقائد وعلم الكلام ،وفي الأصول والفقه ،وفي الفتاوى والنوازل، وفي السياسة الشرعية والتاريخ :مائة كتاب تم اختيارها بعناية ،وتم عرض مادتها بدقة ،لكي تكون طريق الباحثين إلى عالم من الفقه ،يعتبر عدم الإلمام به نقيصة معرفية .وهي في ذات الوقت تقدم مكتبة متكاملة لعلماء المذاهب المختلفة، تخرج بهم من ضيق المذهب الواحد إلى سعة العقل الفقهي المتنوع في كل المذاهب ،بل يمثل دعوة إلى البحث عن الفقه المتعدد في ظل الأصول الواحدة، إننا نعتبر هذا المشروع ونظائره هي الطرق العملية للوحدة الثقافية والتشريعية للعرب والمسلمين ،وللنهضة المنشودة التي يرنو إليها العالم العربي والإسلامي في ظل عوالم متصادمة ،وعولمة مزاحمة ،ليشرق على العالم نور الإسلام. وفي الختام فإن هذا الدليل الإرشادي إلى مكتبة إباضية متكاملة ما كان له مائة كتاب إباضي18 أن يتحول من فكرة إلى كتاب إلا بالتشجيع المتواصل من معالي الشيخ عبد االله ابن محمد السالمي وزير الأوقاف والشؤون الدينية بما له من أفق واسع ورغبة دائمة في تفعيل الحركة الفقهية والثقافية ،فله الشكر والتحية. وإلى الأستاذ الدكتور عبد الرحمن السالمي لحرصه على إنجاز هذا المشروع ،والعمل على تهيئة كل السبل لنجاحه برؤيته حول الكتب المختارة وبرأيه فيما كتب. وأخيرا فإن هذا الدليل الإرشادي الذي تم إنجازه عن مائة كتاب إباضي ما كان له أن ينجز كسابقه الدليل الإرشادي إلى مقاصد الشريعة إلا بعون صادق وعروض متميزة قامت بها باقتدار وتم يز الأستاذة الدكتورة منى أحمد أبو زيد أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة حلوان. والحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات أ .د .محمد كمال الدين إمام 19 ó`jR øH ôHÉ`L ΩÉeE’G ¬`≤a ) (AÉã©°ûdG ƒHCG) (✽)ójR øH ôHÉLت ٩٣ه٧٧١/م( تقديم وجمع وتخريج :يحيى محمد بكوش دار الغرب الإسلاميبيروتلبنان ،ط١٤٠٧ ،١ه١٩٨٦/م. عدد الصفحات ٧٢٩ :صفحة بابا .ويذكر المقدم أن موضوع هذايتكون الكتاب من مقدمة ،وإحدى عشر الكتاب قد أثار انتباهه منذ ما يزيد على عشرة أعوام ،فقد وجد في بطون أقوالا عديدة للإمام جابر بن زيد ،سواء ذلك في كتب الإباضية أو فيالكتب غيرها من كتب المذاهب الأخرى .كما أن له روايات منبثة هنا وهناك في كتب )(١ الحديث ،فانقدح في ذهنه فكرة جمع ما يتيسر له من هذه الأقوال والأحاديث. وقد كان يعتقد المقدم أن الإمام جابر بن زيد هو شيخ الإباضية وحدهم ،ولكن تبين له بعد ذلك أنه عالم من علماء المسلمين العظماء، وأنه يحتل ثقة المسلمين من جميع المذاهب ،فرووا عنه أقواله مقرونة بأقوال أنداده من العلماء وأئمة الفقه الإسلامي ،وأبرزوا أسانيده عالية من السنة. بين أسانيد أهل  وكانت للإمام جابر بن زيد مدرسة علمية ،وسلوك سياسي ،ونظرية في الحكم تميزت بالجانب العملي والتنظيم المحكم ،ترتب عليها نشوء دول عديدة وإقامة نظم سياسية في مختلف الأقطار الإسلامية. وهذا الكتاب يلتزم بالجانب الفقهي عند الإمام جابر ،مع إشارات عابرة )✽( اختلفوا في تاريخ وفاته فقيل٩٦ :ه٧١٥/م ،وقيل١٠٣ :ه٧٢٢/م. مائة كتاب إباضي20 إلى جانبها السياسي ،ومع عرض تلك المسائل وتحقيقها ومقارنتها وردها إلى مصادرها من كتب الفقه القديم. واتخذ المقدم طريقة المقارنة الفقهية وسيلة لعرض المسائل ،وذلك لأن المسألة قد تطرح في أحد المصادر دون أن تكون مدعمة بدليل فلا يتسنى للقارئ استيعابها إلا إذا وجدت دليلها ،وهذا الدليل لا يوحي بالطمأنينة إلا إذا وضع إلى جانب الدليل المقابل. العمانية، الباب الأول عن »حياة الإمام جابر بن زيد« وهو من قبيلة اليحمد والجوفي نسبة إلى درب الجوف بالبصرة حيث استقر جابر مع أسرته .كان مولده في مدينة »فرق« في المنطقة الداخلية من عمان ،وهي أرض زراعية تقع على سفوح الجبل الأخضر بالقرب من مدينة »نزوى«. ولم تحدد كتب السيرة تاريخ مولده ،ولكن يمكن تحديده بين عامي ،١٨ ٢٢للهجرة ،أما بالنسبة لوفاته فتختلف المصادر حول تاريخ وفاته ،إذ يذكر بعض الرواة أنه توفي في نفس الأسبوع الذي توفي فيه أنس بن مالك ،وقد مات هذا الأخير في عام٩٣ه،بينما يرى البعض الآخر أنه توفي عام ١٠٣ه. موجودا ومعروفا وأبو الشعثاء كنيته ،هو اسم ابنته ،وقيل :إن قبرها لا يزال إلى الآن في بلدة »فرق«. وكان بيته بيت علم ورواية ،فقد وجدت للإمام جابر بن زيد رواية عن أبيه في كتاب» :أحكام القرآن« لأبي بكر الجصاص ،وهي الرواية الوحيدة التي صحابيا. يستشف منها انتساب جابر إلى بيت علم ،ولعل أباه كان أخذ الإمام جابر معارفه الأولى ،وحفظ القرآن في موطنه الأصلي عمان قبل أن يقوم برحلته العلمية إلى البصرة وهو في عنفوان الشباب ،وكانت البصرة حينذاك بوابة العراق للتجارة. 21فقه الإمام جابر بن زيد السير بأن التجار العرب من إباضية البصرة كانت لهم رحلاتوتفيدنا كتب إلى بلاد الصين. وكانت العراق من أكبر الأقاليم الإسلامية ميدا نا للحروب والفتن في عهد الدولة الأموية ،فمنذ مقتل الإمام عثمان وهو مشتعل ،وذهبت عائشة وطلحة والزبير إلى البصرة ،فذهب علي3إلى الكوفة وكانت بين البصرة والكوفة موقعة الجمل. وذهب الحسين3إلى الكوفة فكان بها مقتله ،وخرج المختار الثقفي بالكوفة يطالب بثأر الحسين ،وكان من أثر ذلك أن يتساءل الناس من المخطئ علي في التحكيم؟ومن المصيب؟ هل أخطأ قتلة عثمان أم أصابوا؟ هل أصاب هل يصح الخروج على عبد الملك وظلم واليه الحجاج وسفكه للدماء؟ وهل أصاب من فعل ذلك؟ كل هذه الأسئلة كانت تثار ،وكانت تثار بكثرة حتى في دروس الأساتذة منبعا للكثير من المذاهب الدينية. طبيعيا أن يكون العراق في المساجد ،فكان وقد نزل في البصرة عدد كبير من الصحابة ،أشهرهم في العلم أبو موسى وتخرج من مدرسة البصرة هذه عدد كبير منالأشعري ،وأنس بن مالك، العلماء منهم الحسن البصري ،ومحمد بن سيرين. انتشارا وأوسعها ميدا نا ،وإن أكثر وكانت الحركة الدينية أكثر الحركات العلماء الذين ظهروا في هذا العصر كانوا علماء دين ،والسبب في ذلك هو أن الدين ملك على الناس أمرهم ،ورأوا فيه سبب وحدتهم وعلة نهضتهم ،لولاه وأحزابا فهو عزهم في الدنيا وخلاصهم في الآخرة.شيعالظل العرب ففي هذا الجو الذي كان يعج بالعلماء وطلاب العلم ،عاش جابر بن زيد خصوصا وأنه كان قد اختار كنف الصحابي الجليل عبد االله بن عباسوترعرع، مائة كتاب إباضي22 بالإضافة إلى علاقته بالصحابة الآخرين من أمثال عبد االله بن عمر ،لينهل من معينهم ويتحلى من سلوكهم ،ويفرغ كل ذلك في أتباعه وتلاميذه. سؤالا :هل كان جابر بن زيد المقدموفي إحدى مسائل هذا الباب يطرح إباضيا؟ إن الشكوك فيما يتعلق بانتساب الإباضية إلى جابر بن زيد أو انتساب جابر إليهم ترجع إلى ما رواه محمد بن سعد الواقدي في كتابه» :الطبقات الكبرى« عن عروة وعن ثابت البناني. المقدم أن نفي العلاقة بين الإباضية وجابر بن زيد عملية مقصودةولكن يرى تدخل في إطار الحصار والتشويه الإعلامي المضروب على هذه الحركة منذ أقدم العصور ،ويستدل على ذلك بعدة أمور ويرد عليها .وينتهي إلى أن المصادر الإباضية تجمع على أن جابر بن زيد هو مؤسس المذهب الإباضي ،وإمام الإباضية بدون منازع ،وقد سجنه الحجاج ثم نفاه إلى عمان لعلاقته بالإباضية. ويبدو أن قضية إنكار جابر لعلاقته بالإباضية كما توردها بعض الروايات السنة الذين كانوا يرون السنية إنما اخ ترعت من ق بل بعض رواة في المصادر  ومحدثا ثقة؛ وبالتالي فيجب عدم إلصاق »تهمة« الإباضية جليلافي جابر شيخ ا خاصة وأن نقاد الحديث قد رفضوا روايات أصحابمجرحا، به حتى لا يعتبر أيضا أن نقدةالبدع ،واعتبروا اتباع الخوارج والشيعة من هؤلاء ،ومن المحتمل السنة لم يعرفوا معتقد جابر الحقيقي لاستعماله التقية الدينية،الحديث من  ولذلك شكوا في نسبته إلى الإباضية. وترجع علاقة جابر بن زيد بالحركة الإباضية إلى وقت مبكر من شبابه. فقد اتصل بزعيمها الإمام عبد االله بن وهب الراسبي ،وقيل :إنه أخذ عنه العلم وكانت له معه صحبة. ويذكر المؤرخون واقعتين تؤكدا انضمام جابر بن زيد إلى الإباضية منذ عهد زياد: 23فقه الإمام جابر بن زيد الواقعة الأولى :ما يروى عن حرصه على التردد إلى مكة والتقائه بابن عباس ،وكان يذهب بصحبة شخص يدعى فقاس بن الأسود الذي كان معروفا أنه من أعضاء تلك الجماعة. الواقعة الثانية :يذكر أن شيخ ا من القعدة أخذ عبيد االله بن زياد وجلده ليدله قريبا منه، على أحد من المسلمين )القعدة( فلم يفعل .قال جابر بن زيد :وكنت وما كنت أنتظر إلا أن يقول :هذا هو .فعصمه االله. ويبدو من الروايات أن نجم جابر أخذ يتألق في سماء الحركة الإباضية قبل عام ٦١ه،وهو العام الذي قتل فيه أبو بلال مرداس .والقعدة اتفقوا على أن يتولى جابر أمرهم وتنظيم دعوتهم منذ المراحل الأولى لتطور الدعوة في واعتمادا على معرفته العميقة في العلوم الدينية، البصرة ،إيما نا منهم بذكائه، وخاصة ما يتعلق بالتفسير وعلم الحديث. خاصا به لنشر مبادئه وأفكاره ،وهذا المنهج هومنهجا واختار جابر بن زيد اتخاذه طريق بث العلم وسيلة لترويج آرائه ،وذلك عن طريق تلاميذه ومريديه، مستعملا أسلوب )التقية( ،وكان يأمر أصحابه إذا ترك أحد أتباعه مذهبه وتخلى عن مبدئه دون أن يطعن فيه أو يفشي أسراره ،أن يتبرأوا منه دون أن يتعرضوا واحدا من المخالفين الموحدين الذين لا تحل دماؤهمله بأذى ،وأن يعتبروه إلا إذا بدأوا هم بالعدوان. ولكن إذا خرج عن الفرقة أحد أتباعها وعاب عليهم وطعن في معتقدهم وأفشى أسرارهم فقد وجب قتله وحل دمه. ثم إن جابر بن زيد تجنب أي احتكاك معادمع السلطة الحاكمة ،ولم ينقل عنه أنه تعرض لأي أذى قبل تولي الحجاج السلطة في العراق. قسما من جهوده إلى إقناع بعض آل المهلبوقد وجه جابر بن زيد مائة كتاب إباضي24 للانضمام إلى حركته ،ولم تقتصر جهوده على الرجال وحدهم ،بل تعداهم إلى النساء ،فهناك ما يؤكد وجود عدد من المهلبيات في صفوف الحركة الإباضية، وأموالا طائلة لمساعدة المحتاجين منهم.جهودا كبيرة لنصرتها وأنهن بذلن وامتدت مخططات جابر إلى عمان وغيرها من مناطق الأمصار الإسلامية، حيث كانت يبعث بالدعاة فاشتدت بفضله الحركة في اليمن وحضرموت وخراسان ،وغدت الدعوة الإباضية عبارة عن حركة إسلامية شاملة اجتذبت عناصر مختلفة من قبائل وأجناس متعددة ،ولم تعد الدعوة مقصورة على العنصر الأزدي أو التميمي ،فدخل فيها الموالي والخراسانيون وغيرهم. ويحتل الإمام جابر مكانة مرموقة بين علماء الإسلام العارفين بالقرآن ،فقد احتج بأقواله مجموعة من المفسرين ،وأشادوا بآرائه في هذا المجال ،على أنه لم ينقل إلينا أنه كتب في التفسير كتابة خاصة. وقد اعتمد الطاهر بن عاشور في تفسيره رواية جابر بن زيد بالنسبة لترتيب نزول سور القرآن ،وعن ذلك يقول: وأما ترتيب نزول السور المكية ونزول السور المدنية ففيه ثلاث روايات، إحداها رواية مجاهد عن ابن عباس ،والثانية رواية عطاء الخراساني عن ابن عباس ،والثالثة رواية لجابر بن زيد ،ولا تكون إلا عن ابن عباس وهي :التي جرينا عليها في تفسيرنا هذا. أيضا من أصحابعالما بالتفسير فحسب ،بل كانولم يكن جابر بن زيد جابرا له قراءات متعددة ،ويتميز القراءات .فإن مراجعة كتب التفسير تفيد بأن تفسير الإمام جابر بأنه يجنح إلى المأثور المروي عن ابن عباس، 3كما أنه بالبعد عن الأساطير والإسرائيليات ،والميل إلى المدلول اللغوي. يتميز السنة في البصرة بلا منازع ،وقد وثقه جميع ويعتبر جابر بن زيد من أئمة  25فقه الإمام جابر بن زيد نقاد الحديث ،وأجمعوا على ضبطه وعدالته ،بل يعتبر من رجال أصح الأسانيد، بالرغم مما حام حوله من »تهمة« الإباضية. ويعتبر سند الإمام جابر ،عند الإباضية ،في الذروة العليا من مرتبة الإسناد، وقد اختلف فيما إذا كان جابر ممن يكتب الحديث أو ممن يمتنع عن كتابته، فذهب الأستاذ الخطيب إلى أن جابر بن زيد كان ممن يمتنع عن كتابة جابرا كان عنده أحاديث مكتوبة.الحديث ،وذهب الأستاذ الأعظمي إلى أن السنة ،ويعتبر من جملةوكان جابر يتتبع المظان التي توجد فيها كتب  أصحاب مدرسة الحديث بالعراق ،التي تتميز بقلة الرواية ،والتشكك في رواية الحديث بصفة عامة ،ولكنه يتميز عنهم بالخصائص التالية: ١ يتميز بعلو السند ،فهو معدود بين كبار التابعين وأوائلهم. ٢ أنه كثير التنقل للحجاز ،ومن هنا استطاع أن يروي أحاديث مكة والمدينة، ويتصل بالصحابة الذين لم يعرفوا العراق. ٣ أنه محل ثقة الجميع ،سواء بالعراق أو الحجاز. كبيرا من الصحابة الذين روى عنهم،عددا ٤ أن كتب الحديث حفظت لنا إما مباشرة ،وإما عن طريق الإرسال ،وأكثر روايته عن ابن عباس 3 لكثرة ملازمته له ،وتعدد رحلاته إليه. قاضيا ،ولم ينقل إلينا أنه أما عن جابر بن زيد والقضاء فلم يكن جابر ذهب ذات يوم للفصل في الخصومات ،ولكنه عرض عليه القضاء ،كما عرض على الأئمة من قبله ومن بعده فاحتال للتنصل منه. وتتحدث المصادر التاريخية عن أن الإمام جابر بن زيد كان يستفتى في البصرة ،وفي موسم الحج وفي مناسبات أخرى ،وكان الخاصة من الحكام يستفتونه حتى عندما يكون داخل السجن ،وكانت ترد إليه مراسلات من بعض مائة كتاب إباضي26 الولاة يسألون فيها عن مسائل تتعلق بالتيسير المالي أو الإجارات أو الطلاق أو المعلومات. فقيها أما عن فقهه فقد كانت لنشأة جابر بن زيد في العراق ما جعل منه منتسبا إلى أهل الرأي ،ولكن التزامه لعلماء الحجاز ،وخاصة ابن عباس جعله يجمع بين المدرستين ،فقد كان يلتزم في فتواه الثابت من نصوص الكتاب والسنة لا يحيد عنهما.  عاما من حياته لمجاورة السنة أن الإمام أبا الشعثاء خصصوقد أثبتت كتب  أيضا يلجأ إلى القياس فيما لا حكم له فيالقبر الشريف في المدينة ،وكان والسنة ،كما يفيد استعراض فتاواه أنه حيث كان يجد شبهة في أمر فإنهالكتاب يبادر إلى وصفه بالكراهية ليرغب السائل عنه. ضخما تعرض فيه لمسائل الفقهوتدل الأخبار على أنه ترك ديوا نا والأحكام ،وهذا الديوان لم يصل إلينا ،ولكن الشيء المؤكد أن له رسائل متفرقة موجودة اليوم في خزائن الكتب. ولعل فتاواه المتداولة في بطون الكتب أثر من آثار ذلك الديوان العظيم، ملحا في السؤال على أدقلقد كان جابر شديد الشغف في طلب العلم ،وكان أحوال النبي ژ للتأسي والاقتداء. فقد ورد في كتاب »المجموع« من كتب الشافعية أن أبا الشعثاء كان يسأل عائشة من وراء الحجاب ،وكان يسألها عن أخص أحوال النبي ژ،وهذه الواقعة روتها كتب الإباضية الأولى. وكان لجابر نظرة خاصة للإسلام وتعاليمه ،وكان يتنزه عن اللجوء في فتاواه إلى الحيل الشرعية ويرى بطلانها .وكان له هدف من فتواه هو الرفق مس بحق منبالناس والتوسعة عليهم ،دون إخلال بأحكام الشريعة أو حقوق االله. 27فقه الإمام جابر بن زيد ويتناول الباب الثاني »مسائل القرآن وعلومه« .ومن هذه المسائل: مسألة :كتاب المصحف بالأجر: اختلف السلف في هذه المسألة ،فذهب الإمام جابر بن زيد إلى أن ذلك جائز ،وإلى أنه من الكسب الحلال. نزولا:مسألة :في معرفة أول القرآن قال جابر بن زيد :أول ما أنزل االله من القرآن بمكة اقرأ باسم ربك ،ثم ن والقلم ،ثم يا أيها المزمل ،ثم يا أيها المدثر ،ثم الفاتحة ،ثم تبت يدا أبي لهب، وأنزل بالمدينة سورة البقرة ،ثم آل عمران ،ثم الأنفال ،ثم الأحزاب ،ثم المائدة إلى آخره ،ثم خاتمة القرآن. مسألة :في قوله تعالى& % $ # " ! ﴿ : ' ﴾ ]البقرة.[٦٢ : اختلف العلماء في »الصابئين« فقال أبو الشعثاء جابر بن زيد :الصابئون فرقة من أهل الكتاب يقرأون الزبور .وسبب الاضطراب في مسألة الصابئين هو اشتباه أحوالهم وتكتمهم في دينهم وما دخل عليهم من التخليط بسبب قهر الأمم التي تغلبت على بلادهم فالقسم الذي تغلب عليهم الفرس اختلط دينهم بالمجوسية ،والذين غلب عليهم الروم اختلط دينهم بالنصرانية. مسألة :في قوله تعالى﴾ % $ # " ! ﴿ : ]البقرة.[٢٣٨ : اختلف علماء السلف في الصلاة الوسطى أي صلاة هي؟ وقال جابر بن زيد :هي صلاة الصبح .وهي وسطى باعتبار أنها لا تقصر ،وهي بين صلاتين رباعيتين مقصورتين ،ولأنها جاءت بين صلاتي ليل جهريتين وصلاتي نهار سريتين. الباب الثالث في »الطهارات« .ومن أهم المسائل التي عرضها جابر بن زيد: مائة كتاب إباضي28 مسألة :الحكم في الأبوال: اختلف العلماء في هذه المسألة .فذهب الإمام جابر بن زيد إلى أن الأبوال كلها أنجاس. الخلاف في طهارة المسك: اختلف العلماء في طهارة المسك وفي جواز استعماله ،فروي عن الإمام جابر بن زيد أنه قال بطهارته وبجواز استعماله ،ولكنه يمنع للإحرام فقط ،وهو قول عامة العلماء وسائر المذاهب ،واستدلوا على ذلك بقوله ژ » :أطيب الطيب المسك« ووجه الاستدلال من هذا الحديث أنه ژ مدح المسك ولم يذكره بنجس ،فتبادر إلى الذهن أنه حلال .وقد روي عن الشيعة أنهم قالوا بنجاسة المسك وعدم جواز بيعه. مسألة :حكم الماء إذا خالطته نجاسة: تغير أحد أوصافه بالنجاسة فهو نجسذهب معظم العلماء إلى أن الماء إذا كثيرا .ثم اختلفوا فيما إذا وقعت النجاسة في قليلا ذلك الماء أوسواء كان الماء ولم يتغير .فذهب بعضهم إلى أن الماء في هذه الحالة طهور لا ينجسه شيء ،وهذا مذهب جابر بن زيد. ويتناول الباب الرابع مسائل »في الصلاة« ،منها: مسألة» :الصلاة على ما ليس من الأرض« إذا كان المرء في الطين والماء ،ولم يمكنه السجود على الأرض إلا بالتلوث بالطين والبلل بالماء ،فله الصلاة على دابته ،يومئ بالرجوع أيضا ،ولم يلزمه السجود علىراجلا أومأ بالسجودوالسجود ،وإن كان الأرض. وقد روي عن جابر بن زيد أنه صلى على دابته في ماء وطين. 29فقه الإمام جابر بن زيد مسألة» :قتل الحية والعقرب في الصلاة« رخص عامة أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم في قتل الأسودين الحية والعقرب في الصلاة ،ومنهم جابر بن زيد ،فإنه قال :إذا قربت الحية والعقرب من رجل يصلي أنه يقتلها إن أمكنه ذلك .وقالوا :إن في معنى الحية والعقرب: كل ضرار مباح القتل كالزنانير ونحوها. مسألة» :في الجهر بالبسملة في الصلاة« السنة في البسملة الجهر بها في موضعمذهب الإمام جابر بن زيد :أن  الجهر ،والإسرار بها في موضع الإسرار ،وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على عدة مذاهب: المذهب الأول :وهو ما تقدم ،وإليه ذهب الشافعية والإباضية. السنة في البسملة الإسرار بها مطلقا. المذهب الثاني :ذهب إلى أن  سرا. جهرا ولاأصلا ،لا المذهب الثالث :يرى أن لا تقرأ البسملة المذهب الرابع :يرى أن المصلي إن شاء جهر بالبسملة ،وإن شاء أسر. ويرجع السبب في اختلاف الفقهاء في هذه المسألة ،بالإضافة إلى ما تقدم إلى الاختلاف في كون البسملة آية من أم الكتاب وحدها ،أو من كل سورة ،أو ليست آية لا من أم الكتاب ولا من كل سورة. فمن رأى أنها آية من أم الكتاب أوجب قراءتها بوجوب قراءة أم الكتاب عنده في الصلاة. ومن رأى أنها آية من أول كل سورة وجب عنده أن يقرأها مع السورة. ومن قال إنها ليست آية من الفاتحة ولا من أول كل سورة منع من قراءتها. والمسألة خلافية ،ولكن أجمعت الأمة على أنه لا يكفر من أثبتها ولا من مجمعا عليه. نفاها لاختلاف العلماء فيها ،بخلاف ما لو نفى حرفا مائة كتاب إباضي30 الباب الخامس» :في الزكاة« ،ويشتمل على عدة مسائل ،منها: مسألة» :في تعريف الفقير والمسكين« اختلف في تحديد مفهوم كل من الفقير والمسكين ،فروي عن الإمام جابر ابن زيد أنه قال :الفقير هو الذي لا يسأل ،والمسكين هو الذي يسأل. مسألة» :تقييم العروض لعدة سنين« اختلف العلماء في عروض التجارة تقيم لعدد من السنين ،فقال جابر بن زيد :تقوم عند رأس الحول وتخرج زكاتها لكل سنة ما أقامت. الحلي« مسألة» :في زكاة الحلي المحظورة ،وهي كل ما حرماتفق أهل العلم على وجوب الزكاة في نظرا للإسراف المقتضي للتحريم،استعماله واتخاذه من الذهب والفضة ،وهذا الحلي المباح ،ويرىويستوي في ذلك الرجال والنساء ،ولكنهم اختلفوا في الإمام جابر بن زيد وجوب الزكاة فيه. الباب السادس» :في الصوم« ،وفيه مسائل متعددة ،منها: مسألة» :في الهلال يرى نهارا« نهارا هل هو من الليلة المقبلة أم من الماضية؟اخ تلف في الهلال يرى نهارا فهو لليلة المقبلة، فروي عن الإمام جابر بن زيد أنه قال :إذا رئي الهلال ولا فرق بين رؤيته قبل الزوال أو بعده. مسألة» :استقبال رمضان بيوم أو يومين وصوم يوم الشك« اختلف العلماء في هذه المسألة على النحو التالي: فقد روي عن الإمام جابر بن زيد أنه يكره أن يتقدم رمضان بصوم إلا أن صوما كان يصومه أحد. يكون ذلك وأصل الخلاف ما رواه أبو هريرة عن النبي ژ أنه قال» :لا تقدموا 31فقه الإمام جابر بن زيد صوما كان يصومه أحدكم«.الشهر بيوم ولا بيومين ،إلا أن يوافق ذلك بأسا من صيام يوم الشك تطو عا .وقالت طائفةأما الحنفية فكانوا لا يرون أخرى :لا يصام يوم الشك عن فرض ولا تطوع .وذهب الزيدية إلى أنه :يستحب صوم يوم الشك ،وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم تبت رؤية الهلال في ليلة لأجل الغيم. مسألة» :صوم رمضان في السفر« روي عن الإمام جابر بن زيد أنه كان يصوم في السفر ،فقال» :يصوم من أمرا يش ق عليه ،وإنما أراد االله تعالى بالإفطاريشاء إذا استطاع ذلك ما لم يتكلف التيسير على عباده«. ناسيا« مسألة» :حكم من أكل أو شرب في رمضان اختلف علماء السلف في هذه المسألة على أقوال: فروي عن الإمام جابر بن زيد أنه قال :لا شيء عليه ،أي :لا قضاء ولا كفارة .وهذا هو قول جمهور الأئمة من الشافعية والحنفية والحنابلة. واستدل هؤلاء بما روي عن الرسول ژ أنه قال» :من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه ،فإنما االله أطعمه وسقاه«. صومه وعليه القضاء دون الكفارة،وذهب فريق آخر إلى أن الناسي يف سد وهو قول مالك والزيدية. وذهب فريق ثالث إلى التمييز بين من أفطر بالجماع ،وبين من أفطر ناسيا ،فقال :يجب القضاء والكفارة في الجماع دون الأكل والشرب،بغيره وهو قول أحمد. مسألة» :في كفارة الشيخ المفطر في رمضان« الشيخ الهرم الذي لا يستطيع الصيام يجوز له أن يفطر ولا قضاء عليه ،لأنه مائة كتاب إباضي32 ليست له حال يصير إليها يتمكن فيها من القضاء .ولكن هل يجب عليه إذا أفطر أن يطعم؟ اختلف العلماء في هذه المسألة: فقال بعض العلماء بوجوب الفدية ،جاء ذلك عن الإمام جابر بن زيد ،فقد روي أن امرأة كبرت ،فأمر ولديها بالصوم عنها أول الأمر ،ثم بقيت حية إلى سنة أخرى ،فأمرهما بالإطعام عنها ،وفي رواية أخرى أنه أمر بالإطعام أول الأمر ،ثم أمر بالصوم عنها. مسألة» :حكم من مات وعليه صيام« اختلف علماء السلف في هذه المسألة ،وجملة ذلك أن من مات وعليه صيام فلا يخلو حاله من أمرين: أولهما :أنه يموت قبل إمكان الصيام ،إما لضيق الوقت ،أو لعذر من مرض أو سفر ،أو عجز عن الصوم ،فهذا لا شيء عليه .فقد روي عن الإمام جابر بن زيد أنه قال :من مات في رخصة االله فليس عليه شيء ،لأن االله تعالى حبسه عن الصوم. ثانيهما :أن يموت بعد إمكان القضاء ولم يقض ،وقد اختلف العلماء في هذه الحالة: فذهب قوم إلى أنه يصوم عنه وليه ،وذهب آخرون إلى أنه لا يجوز لأحد أن يصوم عن أحد ،كما لا يصلي أحد عن أحد ،وقالوا :يطعم عنه مكان كل يوم مسكي نا. مسألة» :في تعجيل قضاء رمضان« مذهب الإمام جابر بن زيد :أنه يجب التعجيل ،ولا يرى تأخيره لقوله تعالى] ﴾ O N M L K J I H G F E ﴿ :البقرة [١٨٤ :فإن االله أعلمهم أنه إنما وضع عنهم الصوم للتيسير عليهم ،فإذا ذهب عنهم المرض والسفر ،كانت عليهم عدة من أيام أخر ،فقد وجب عليهم صومها ،فإذا أخروا ولم يصوموا فقد تركوا ما عليهم ولهم إليه سبيل. 33فقه الإمام جابر بن زيد وذهب آخرون إلى جواز تأخير القضاء بشرط أن يقضي قبل دخول رمضان من العام القابل ،وإنه لا شيء عليه ،فالقضاء موسع عليه في الأشهر العشرة، ولكنه يتعين عليه في شعبان .فإذا فات رمضان ولم يصم فعليه القضاء مع الفدية ،وهو مذهب الجمهور. متتابعا أو متفر قا« »قضاء رمضان متتابعا اختلف العلماء في قضاء الأيام المفطرة في رمضان ،هل يجب أن يكون متتابعا، أم يجوز قضاؤها متفرقة؟ فقد روي عن الإمام جابر بن زيد وجوب قضائه السنة على من أفطر في رمضان عدة من أيام أخر،وهو الراجح عند الإباضية ،ولأن  مسافرا فقد وجب عليه الصوم ،فليس له أن يدعفكل من أصبح فيه ولم يكن ما وجب عليه إلى ما لا يعلم أيبلغه أم لا .فإن تركه وله عدة من أيام أخر ومات لم يجز الصوم عنه ،لأن االله تعالى قالM L K J I H G F E ﴿ : مسافرا فقد وجب عليه الصوم ،ولو لممريضا ولا ] ﴾ O Nالبقرة [١٨٤ :وهذا ليس يجب الصوم في كل يوم يكون فيه وهو صحيح مقيم ما وجب عليه حتى يموت. مسألة» :نية صوم التطوع« اختلف العلماء في هذه المسألة: فروي عن الإمام جابر بن زيد أن صوم التطوع لا يصح إلا بتبييت النية من الليل ،كالفرض وحجتهم في ذلك ما قاله ژ » :من لم يجمع الصيام مع الفجر فلا صيام له«. وقال أبو حنيفة والشافعي وابن حنبل :لا يجب تبييت النية في التطوع ،وأنه لو نوى في أي وقت من النهار أجزأه. والباب التاسع» :في الحج« ،ويشتمل على مسائل ،منها: مسألة :في قوله تعالى] ﴾ 0 / . - ﴿ :البقرة.[١٩٧ : اختلف العلماء في المعنى المراد من الجدال على أقوال: مائة كتاب إباضي34 فروي عن الإمام جابر بن زيد أنه قال :الجدال هو المراء ،أي :أن تماري صاحبك حتى تغضبه ،وينتهي ذلك إلى السباب. وقال آخر :الجدال هو أن يختلف الناس أيهم صادف موقف إبراهيم ، ‰ كما كانوا يفعلون في الجاهلية ،حين كانت قريش تقف في غير موقف سائر العرب ،ثم يتجادلون بعد ذلك. مسألة» :هل تجوز العمرة أكثر من مرة في السنة؟« اختلف العلماء في هذه المسألة ،ورأى جابر بن زيد أنه لا تكرر العمر في السنة ،وأجاز آخرون العمرة في سائر العام إلا في أشهر الحج ،وهو قول الإباضية. مسألة» :أي النسك أفضل :الأفراد أم التمتع أم القران؟« لا خلاف بين أهل العلم في أن الإحرام يقع بأي النسك الثلاثة :إما التمتع، وإما الإفراد ،وإما القران .ولكنهم اختلفوا في التفضيل بينهم ،فروي عن جابر بن زيد اختيار التمتع. مسألة» :هل و قت النبي ژ لأهل المشرق ميقاتا؟« روي عن الإمام جابر بن زيد أن النبي ژ لم يوقت لهم شي ئا ،وقال :إن ميقات أهل العراق يرجع إلى الاجتهاد. مسألة» :هل يجوز للمحرم أن يغطي وجهه؟« أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من تخمير رأسه ،ولكن هل يعتبر تابعا للرأس فيمنع بالتالي تغطيته؟ الوجه روي عن جابر بن زيد أنه يرى جواز تغطية الوجه باعتبار أن ما رد الحاجبان وما فوقهما فقط هو من الرأس .وذهب آخرون إلى عدم جواز ذلك، واعتبروا الوجه من الرأس. 35فقه الإمام جابر بن زيد مسألة» :حكم تقبيل المحرم زوجته ومباشرتها دون الجماع« اتفق العلماء على أن المحرم يحرم عليه مجامعة زوجته ،وأنه إن فعل ذلك فسد حجه إن وقع بغيوب الحشفة ،ولكنهم اختلفوا فيما دون ذلك ، وفرقوا بين حالتين :حالة الإنزال وحالة عدم الإنزال. ١ إذا وقع الإنزال: روي عن الإمام جابر بن زيد أن الحج لا يفسد بإتيان شيء في حال الإحرام، وإن أنزل إلا الجماع .وقال الإباضية» :ولا يتلذذ بنظر لامرأة ،وإن زوجة ،أو سرية يمس ما تحت ثيابها ،فإن فعل ذبح شاة بمكة ،وتم حجه ،إلاله ،ولا يق بلها ولا إن أنزل« .وحجة هؤلاء أنه إنزال من غير مباشرة ،فأشبه إذا فكر من غير نظر. ٢ أما إذا لم يقع الإنزال: اتفق الفقهاء على أنه لا يفسد حجه ،وقال الإباضية :إن لم ينزل لزمه ذبح بمكة ،وقالوا :يلزم الدم بكل ما حرك الذكر ،ويفسد حجه بكل إنزال. الباب الثامن» :في النكاح والطلاق وما يتبعهما« ،وفيه مسائل كثيرة ،منها: يزوج ابنته البكر بغير رضاها؟« مسألة» :هل للأب أن زوجها أبوها بغير رضاها أن نكاحها اتفق العلماء على أن البنت الثيب إذا ولي غير الأب أنه لا يجوز مردود ،واتفقوا على البنت الثيب أو البكر إذا كان لها  النكاح عليها إلا برضاها ،فأما الصغيرة غير البالغة :فقد روي عن الإمام جابر بن زيد أنه كان يجيز تزويج الصبيان ،ويرى أن تزويج النبي ژ عائشة هو من خصوصياته. وأما الصغيرة البالغة :فعن جابر أنه لا يجوز نكاح الأب على ابنته إلا برضاها. كاملا بالخلوة وإرخاء الستور«مسألة» :وجوب المهر كاملا بالدخول أو الموت.اتفق العلماء على أن الصداق يجب للمرأة واختلفوا هل من شرط وجوبه مع الدخول الوطء أم ليس ذلك من شرطه؟ مائة كتاب إباضي36 فقال جابر بن زيد :إن مجرد الخلوة والكشف عن العورة يكفي لإيجاب كاملا والعدة. الصداق مسألة» :الشهود في النكاح« روي عن جابر بن زيد أنه يقول :لا ينعقد النكاح إلا بشاهدين .قال الترمذي :والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي ژ ومن بعدهم التابعين وغيرهم ،فإنهم قالوا :لا نكاح إلا بشهود. مسألة» :في نكاح السر ،هل هو جائز؟« اتفق العلماء على أنه لا يجوز نكاح السر ،واختلفوا فيما إذا أشهد شاهدان ووصيا بالكتمان ،هل هو سر أم لا؟ فروي عن الإمام جابر بن زيد أنه كره نكاح السر .واستدل على ذلك بما روي عنه ژ أنه قال» :أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في المساجد ،واضربوا عليه بالدفوف«. مسألة» :اشتراط الولي في النكاح« إذا كانت المرأة بالغة عاقلة حرة ،فهل يصح أن تتولى عقد زواجها بنفسها ولي يتولى العقد عليها؟ أم أنه لا بد من  ذهب الإمام جابر بن زيد إلى أن الولي شرط في عقد النكاح ،وأنه لا يجوز إلا به ،وهذا مذهب الأئمة ،مالك والشافعي وابن حنبل ،ويرون أن الولي ركن من أركان العقد ،وأنه لا نكاح إلا بولي ،ولا تملك المرأة تزويج نفسها ،فإن فعلت لم يصح النكاح. وخالف أبو حنيفة ،فقال :إن نكاح الحرة البالغة العاقلة ينعقد برضاها ،وإن ولي. لم يعقد عليها  مسألة» :طلاق السكران« اختلف العلماء في هذه المسألة .فقال جابر بن زيد في القول الراجح عنه، 37فقه الإمام جابر بن زيد بعدم وقوعه .وقالت طائفة أخرى بوقوع طلاق السكران ،وهي رواية أخرى عن جابر بن زيد نقلها ابن حزم. مسألة» :في طلاق المكره« هل للإكراه تأثير على الرضا؛ وبالتالي هل يقع إلغاء لفظ الطلاق أم لا؟ اختلف علماء السلف في هذه المسألة: فذهب جابر بن زيد إلى عدم وقوع طلاق المكره ،وإلى هذا ذهب مالك والشافعي وابن حنبل والجعفرية والزيدية والظاهرية. ويرى الفريق الآخر ،وقوع طلاق المكره ،وهي رواية أخرى للإمام جابر بن أيضا مذهب الأحناف.زيد وهو مسألة» :حكم الطلاق الثلاث بلفظ واحد« روي عن الإمام جابر بن زيد أن الطلاق لا يتبع الطلاق ،وإنما يقع مرة واحدة فقط ،وهو قول الإباضية ،سواء نوى الطلاق ثلاثا أو لم ينوه .واستدل هذا الفريق بما وقع في حديث ابن عباس عن رجل أنه طلق امرأته ثلاثا في شديدا فسأله النبي ژ » :كيف طلقتها؟« فقال: مجلس واحد فحزن عليها حز نا ثلاثا في مجلس واحد .فقال له ژ » :إنما تلك واحدة فارتجعها«. مسألة» :أين تعتد المتوفى عنها زوجها؟« روي عن الإمام جابر بن زيد أنه قال :لا سكنى لها ،وأن لها أن تعتد حيث ساءت. مسألة» :في عدة الحامل متى تنتهي؟« قال جابر بن زيد :إذا وضعت حملها فقد انقضت عدتها. الباب التاسع» :في المعاملات« ،وفيه مسائل ،منها: مسألة» :حكم بيع جلود الأضاحي« مائة كتاب إباضي38 ذهب الإمام جابر بن زيد إلى جواز بيعها. مسألة» :هل يجب الإشهاد على البيع؟« روي عن الإمام جابر بن زيد :أن الإشهاد على البيع واجب ،لا يجوز تركه، وحجة ذلك قوله تعالى] ﴾ 1⁄4 » o ﴿ :البقرة.[٢٨٢ : مسألة» :هل تجب كتابة الدين؟« روي عن الإمام جابر بن زيد أنه قال بالوجوب ،وأنه لا يحل لمسلم إذا باع أو اشترى إن كان إلى أجل ،إلا أن يكتب ويشهد إن وجد كاتبا. مسألة» :حكم أخذ اللقطة« يروى عن الإمام جابر بن زيد في هذه المسألة قولان: القول الأول :أنه يكره أخذ اللقطة ،وأن الأفضل تركها وعدم التعرض لها ،نقل هذا السالمي في شرحه للجامع الصحيح .وقال :لعله إنما كره ذلك لما رأى من شدة ميل الناس إلى الأطماع العاجلة ،فقل من يقصد بأخذها الحفظ لربها. القول الثاني :رواه عنه ابن حزم ،ويرى وجوب أخذ اللقطة. الباب العاشر» :في الأقضية والأحكام« ،ومن مسائل هذا الباب: مسألة» :حكم الشهادة بين الأقارب« روي عن الإمام جابر بن زيد أنه تجوز شهادة الولد لأبيه وأمه وأخيه وجده وجدته وامرأته ،وأنه تجوز من بعضهم لبعض واستثني من ذلك الوالد فلا مغرما. تجوز شهادته لولده فيما يجر إليه مالا ،أو يدفع عنه مسألة» :حكم شهادة النساء« روي عن الإمام جابر بن زيد أنه يرى قبول شهادة النساء في النكاح والعتاق إلى جانب الرجل. 39فقه الإمام جابر بن زيد وذهب الحنابلة إلى أن ما ليس بعقوبة ولا يقصد به مال؛ كالنكاح، والرجعة ،والطلاق ،والعتق ،والإيلاء ،والظهار ،والنسب ،وأشباه هذا فلا يثبت إلا بشاهدين ذكرين ،ولا تقبل فيه شهادة النساء بحال. وخالف ذلك جماعة من الفقهاء :فذهبوا إلى قبول شهادة النساء منفردات في كل شيء حتى في الحدود ،فتقوم شهادة كل امرأتين مقام شهادة رجل واحد. مسألة» :متى تقبل شهادة النساء وحدهن؟« ذكر عن جابر بن زيد أن شهادة النساء وحدهن جائزة في الرضاع، وفي العذراء والرتقاء والولد المنفوس هل خرج ح يا ،وفيما لا ينظر إليه الرجال ،وهذا قول معظم أهل العلم .إن الذي تقبل فيه شهادتهن منفردات خمسة أشياء :الولادة ،والاستهلال ،والرضاع ،والعيوب تحت الثياب، وانقضاء العدة. أما الباب الحادي عشر والأخير فهو» :في الزكاة والأطعمة والكفارات والنذور والوصايا والمواريث والعتق«. مسألة» :في ترك التسمية على الذبيحة« أجمع المسلمون على مشروعية التسمية عند الذبيحة وعند الإرسال للصيد، ولكنهم اختلفوا في وجوب التسمية أو عدم وجوبها ،فذهب الإمام جابر إلى أن التسمية سنة وليست واجبة. مسألة» :الحلف بالطلاق وبالحدود هل يجوز؟« يروى عن الإمام جابر بن زيد أنه كان يكره أن يحلف المرأة بالطلاق ،أو بحد من حدود االله تعالى. مسألة» :الحكم فيمن تصدق بكل ماله« روي عن جابر بن زيد أنه قال :إن كان المال المتصدق به كثيرا وهو ألفان مائة كتاب إباضي40 تصدق بعشرة ،وإن كان متوس طا ،وهو ألف تصدق بسبعة ،وإن كان قليلا وهو خمسمائة تصدق بخمسة. مسألة» :وجوب الوصية للقريب غير الوارث« الأصل أن الوصية لا تجب إلا على من عليه دين أو عنده وديعة أو عليه واجب يوصي بالخروج منه؛ لأن االله تعالى فرض أداء الأمانة وطريقه في هذا الباب هو الوصية فتكون واجبة عليه .ولكن هل تجب الوصية فيما عدا هذه الحالات؟ روي عن الإمام جابر بن زيد وجوب الوصية للأقربين الذين لا يرثون والدين أو غيرهما. 41 á«¡≤ØdG ójR øH ôHÉL ΩÉeE’G QÉKBG áYƒ°Sƒe ) (AÉã©°ûdG ƒHCG) ójR øH ôHÉLت ٩٣ه٧١١/م( تحقيق وتعليق :إبراهيم بن علي بو لرواح مكتبة مسقطسلطنة عمان ،ط١٤٢٧ ،١ه٢٠٠٦/م. عدد الصفحات ١٥٥١ :صفحة )جزءان( يضم هذا الكتاب آراء الإمام أبي الشعثاء جابر بن زيد5الفقهية، وهو واحد من أشهر كبار التابعين ،وواحد من كبار الأئمة الذين تبلور الفقه الإسلامي على أيديهم ،وصار لهم في الآفاق أتباع يتبعون خطاهم ويقتفون أثرهم. ولئن ح ظي جل أئمة المذاهب المعروفة بالدراسة ،فإن الإمام جابر بن زيد واحد من أولئك الذين لم ينالوا نصيبهم الوافي بعد من تلك الدراسات والأبحاث ،ولعل أهم ما يعوق الدارسين هو عدم توفر مادة علمية كافية ،بسبب ضياع جل آثار الإمام التي أ لفها بنفسه جراء العدوان الخارجي على الأمة الإسلامية ،والتعصب المذهبي داخلها. وأهم ما ترك الإمام جابر هو ذلكم الديوان الذي صب فيه درر محفوظاته عن أساتذته ،وهو من أوائل المؤلفات عند المسلمين ،إن لم يكن أولها ،ولكن شاء القدر أن يفقد هذا الكنز الثمين منذ وقت مبكر من تاريخ هذه الأمة، ولا يوجد في الأفقبعدأي أمل في إمكانية الحصول عليه. غير أن هذا المؤلف الثمين وغيره من آثار الإمام تداركها القدر فنقلت مشافهة وامتلأت بها الكتب على اختلاف موضوعاتها من حديث وتفسير وفقه، حكرا على أحد. وعلى اختلاف وجهاتها المذهبية ،إذ لم يكن الإمام جابر مائة كتاب إباضي42 بعيدا أن تكون تلك المرويات في بطون الكتب قد نقلت مباشرةوليس مما تركه الإمام نفسه ،غير أن الأمر الذي لا مرية فيه أن الكثير منها قد نقل وحفظ.بالرواية وعليه فقد اتجه المحقق إلى جمع هذه المرويات من خلال أربعة روافد: أولا :جمع مرويات جابر وآرائه في كتب المذهب الإباضي ،خاصة الذي يعتبر الإمام جابر مؤسسه الحقيقي. ثانيا :جمع مروياته وآرائه في كتب الحديث التي لم تغفل ذكر عدد من روايات الإمام جابر التابعي الثقة. ثالثا :جمع مروياته وآرائه في كتب التفسير وعلوم القرآن ،لكون الإمام جابر من أئمة التفسير. جابرا رابعا :جمع مروياته وآرائه في كتب الفقه الإسلامية العامة؛ لأن كان للجميع. وبعد ذلك يضم المحقق الكل ،ويكون موسوعة لآثار الإمام. قسم المحقق هذه الموسوعة إلى كتب فقهية ،وحاول ترتيبها وفقوقد ما هو معروف في المؤلفات الفقهية ،وهذه الكتب كالآتي :كتاب التفسير وعلوم القرآن ،ثم كتاب العلوم والقواعد الفقهية والحديثية ومسائل العقيدة ،ثم كتاب الطهارات ،ثم كتاب الحج ،ثم كتاب الأضاحي والزكاة والأطعمة والأشربة ،ثم كتاب النكاح والفرق الزوجية وما يترتب عنها والنفقة والرضاع ،ثم كتاب المعاملات ،ثم كتاب الأيمان والنذور والكفارات ،ثم كتاب الأقضية والأحكام والحدود والديات ،ثم كتاب الوصايا والمواريث ،ثم كتاب الرقائق )الفضائل، والأذكار ،والمواعظ ،والآداب ،والحقوق( ،ثم كتاب البيعة والجهاد ،ثم كتاب والسير. الطب ،ثم كتاب الرقيق ،ثم كتاب المغازي 43موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية أما جابر بن زيد فهو أبو الشعثاء الأزدي اليحمدي ،الجوفي البصري، العماني. الحرقي ، بعمان .أصله من الجوف ،وكان ينزل البصرة في الأزدالجوفي ناحية عمان : في موضع يقال له :درب الجوف. وكان مولده بالحرقة ناحية بالقرب من عمان ،فاستوطن بالبصرة ونزل بها في الأزد. ولد جابر بن زيد لسنتين بقيتا من عهد عمر بن الخطاب، 3والحسن رجلا من الصحابةالبصري كذلك .فقد ولد سنة ثماني عشرة .ولقي سبعين ممن شهد موقعة بدر ،وحمل عنهم العلم .وتوفي سنة ست وسبعين ،وقيل: مات سنة ثلاث ومئة ،أو ثلاث وتسعين مع أنس بن مالك. وقد التقى جابر بالسيدة عائشة#فأقبل يسألها عن مسائل لم يسأل عنها من قبل أحد .سألها عن جماع النبي ژ كيف كان يفعل؟ وكان جبينها يتصبب عرقا وتقول :سل يا بني ،ثم قالت له :ممن أنت؟ قال :من أهل المشرق ،من بلد يقال لها :عمان. وكان جابر يقوم بتدوين العلم ،ويكتب ما يسمعه من بعض شيوخه ،وذكر من رآه يكتب في درس عبد الرحمن بن سابط .وكان شيوخه من أهل بدر وأهل العلم ،فأخذ عن ابن عباس ،وعائشة،#وعن الصحابة @ . رجلا قال لحذيفة :يا أبا عبد االله ما النفاق؟ قال :أن تتكلموقد ذكر جابر أن بالإسلام ولا تعمل به. وروي عن جابر بن زيد3أنه لما حضرته الوفاة دخل عليه ثابت البناني، فقال له :أي شيء تشتهي يا أبا الشعثاء؟ قال :ملاقاة الحسنوالحسن إذ ذاك مستخف من الحجاجفجاء ثابت فأخبره ،فقال الحسن :كيف الوصول؟ فقال مائة كتاب إباضي44 ثابت :اركب بغلي .وأرجو ألا يعرض لك ،ففعل حتى دخلا عليه ،فقال الحسن: مرارا ،فقال لهيا أبا الشعثاء قل لا إله إلا االله ،فسكت جابر، 3فقالها الحسن جابر :يا أبا سعيد ،أنا من أهلها في الدنيا ،وقد طال ما قلتها إن قبلت ،ولكن أعوذ باالله من غدو ورواح إلى النار ،يا أبا سعيد أخبرني عن آية خروج نفس برد يجده على قلبه ونفسه طامعة .فقال جابر :الل ه مالمؤمن ،فقال له الحسن : بردا على قلبي ونفسي طامعة في ثوابك وكرمك.إني أجد ثم يذكر المحقق تلاميذ جابر ،ومن روى عنه ،ومن سمعه ،ومن رآه ،ثم جلوسه للفتوى وإنكاره لكتابة ما يصدر عنه من رأي مخافة الرجوع عنه ،وتثبته في الرواية والفتيا ،وتحفظه من الإسناد إلى الرسول ژ،ومناظرته للعلماء. الخلقية والخ لقية ومناقبه ،والتي منها:ثم يحكي المؤلف عن صفات جابر تخوفه من الشرك ،وحرصه على شهود موسم الحج ،وعدله بين أزواجه ،وما قيل في علمه وفي منزلته العلمية ،وتوثيق المحدثين له ،ودوره في الأحداث التي عاصرها ،وعلاقته بالسلطة الأموية وأسفاره. أما عن نسبته إلى الإباضية وعلاقته بأهل الدعوة ،فقيل لجابر بن زيد :إن الإباضية يزعمون أنك منهم ،قال :أبرأ إلى االله منهم .وهناك من الإباضية من صرح بانتسابهم إلى الإمام جابر ،فقد حمل الربيع عن جابر بن زيد ،وحمل جابر عن عائشة وعمر. وأول ما نجده من آثار جابر بن زيد في هذا الكتاب هو كتاب التفسير وعلوم القرآن .فقال في تفسير سورة الفاتحة :إن االله8قال :قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ،نصفها لي ونصفها لعبدي ،ولعبدي ما سأل. وفي قوله تعالى] ﴾ $ # " ! ﴿ :الفاتحة [١ :قال جابر :اسم االله الأعظم )االله( ،إذا دعي به أجاب ،ألم تروا أنه يبدأ به في القرآن قبل الأسماء كلها. 45موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية وفي تفسير الآيات الأولى من سورة البقرة ،قال جابر :المرجئة يهود أهل القبلة لأنهم يعدون أهل المعصية الجنة ﴿ V U T S R Q ] ﴾ Wالبقرة [٨٠ :كما قال اليهود والنصارى. وعن تفسير آية ﴿ ! " ﴾ , + * ) ( ' & % $ # ]البقرة [١٨٢ :قال جابر :الجور في الوصية بلا تعمد للجور والإثم :الإيصاء بالجور عندما يعلم أنه جور ،والإصلاح الذي ذكره االله: 8أن يرد الإمام أو إلى الولي ما جار به في الوصية إلى كتاب االله8 وسنة نبيه فذلك له. وعن تفسيره لقوله تعالى﴾̄ ® ¬ « a ©̈ § ﴿ : ]البقرة [١٨٥ :فقد فسرها عندما سأله أحد الرجال عن الفطر أثناء سفره في رمضان، فصم ،فإن كانت مشقة وعسر فافطر ميسرا لصوم فقال :إذا سرت في رمضان وكنت حتى ترجع إلى دارك التي فيها قرارك ،فإن االله يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر. راكبا وسئل جابر بن زيد عن الصلاة عند القتال ،فقال :يصلي الرجل وماشيا حيث كان وجهه ،وذلك من تيسير االله على عباده ،إنه يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر. وفي قوله تعالىÄ Ã Â Á À ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o 1̧ ﴿ : ] ﴾ Ç Æ Åالبقرة [١٩٦ :كان جابر بن زيد5يرى فدية من صيام أو صدقة أو نسك :الصيام ثلاثة أيام ،والطعام لستة مساكين إلى عشرة ،والنسك شاة، والشاة يتصدق بلحمها ولا يأكل منها شي ئا ،وذلك للمحرم يصيبه الأذى في رأسه فيحلقه أو يعممه ،أو في جسمه فيتداوى بداء فيه طيب ،أو يدهن بدهن فيه طيب ،أو يحلق شي ئا من شعره ،فكفارة ذلك أحد هذه الخصال التي سمى االله تعالى. وتتناول الموسوعة ترتيب نزول القرآن وأسماء السور ،وتفسير سورة النصر ،وسورة الإخلاص ،وسورة الفلق ،وهي مكية. مائة كتاب إباضي46 ويأتي كتاب العلم والقواعد الفقهية والحديثية ومسائل العقيدة بعد كتاب تفسير القرآن ،ويبدأ الكتاب في مسألة العلم وطلبه وفضله وإخلاص الطلب الله، قولا عن الرسول ژ أنه قال: وفي فضل العالم على العابد يذكر جابر بن زيد ليوم واحد من العالم الذي يعلم الناس أفضل عند االله من عبادة العابد مائة سنة، وأن العالم الذي يعلم الناس العلم يستغفر له أربعة أشياء :الملائكة في السماء، والطير في الهواء ،والهوام في البر ،والحيتان في البحر ،وأن العالم الواحد أشد على إبليس من ألف مؤمن عابد ،وأي شرف يزيد على شرف من يشتغل ملائكة السماء ودواب الأرض به ،فهو مشغول بنفسه وهم مشغولون بالاستغفار له. والعلم علمان :علم باللسان ،فذلك حجة االله على ابن آدم ،وعلم بالقلب فذلك العلم النافع. ومن أدى إلى االله فرائضه وكف عن محارمه أبصر وانتفع بعلمه ،فإنما يصاب العلم والعمل أجمع بالقلوب من قبل العقل. وهناك خمسة لا تسألوهم عن أمر دينكم شي ئا :غني أبطره غناه ،ومن أحزن مسته حاجة إلى الخلاء.بماله ،ومن كان سكران ،ومن كان عاشقا ،ومن وقال جابر :إن من حق العالم الرجوع عن فتواه إذا وجد اختلافا فأباح تغيير الفتوى والرجوع عنها ،وإذا وجد ما هو أفضل منها ،وهو يؤنب الفقهاء الذين يخالطون الجورة من الحكام. ويصرح جابر أن الفتوى لا تكون إلا بكتاب ناطق أو سنة ماضية ،فإذا فعل المفتي غير ذلك فقد هلك وأهلك. وروي عن جابر أنه قال :لليل حديث وللنهار حديث ،فأما حديث الليل فالدعاء والرغبة والموعظة والتخويف ،وأما حديث النهار فالفقه في الدين ،وذكر ما وقعت فيه الأمة من الاختلاف والضلال والفتنة وشرخ الإسلام وبيان الحق. 47موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية ونادى جابر بالحرص في طلب العلم عن كل صغيرة وكبيرة .والعلوم التي ينبغي طلبها ،وأيها أولى ،وفي رأس العلم وغرائبه .ويذكر أن رسول االله ژ خرج ذات يوم إلى المسجد فوجد أصحابه يتذاكرون فنون العلم ،فأول حلقة وقف عليها وجدهم يقرؤون القرآن فجلس إليهم فقال» :بهذا أرسلني ربي« ،ثم قام إلى الثانية فوجدهم يتكلمون في الحلال والحرام فجلس إليهم ولم يقل شي ئا ،ثم قام إلى الثالثة فوجدهم يذكرون توحيد االله8ونفي الأشباه والأمثال كثيرا ،ثم قال» :بهذا أمرني ربي« ،قال جابر :لأن التوحيدعنه فجلس إليهم معرفة االله، 8ومن لا يعرف توحيد االله فليس بمؤمن. ويضع جابر بن زيد معرفة االله وتوحيده على رأس العلوم الواجب معرفتها، وأن االله لا يعرف بالأمثال ،ولا بالأشباه ،وإنما يعرف بالدلائل والأعلام الشاهدة على ربوبيته النافية عنه آثار صنعته .إن االله لا كيف له غير الخلق ،خلق الخلق وهو خالق لكيفيتهم وهو بكل مكان. ثم يجب على الإنسان بعد تعلم التوحيد تعلم القرآن وتعليمه ،لقوله ژ : »علموا أولادكم القرآن ،فإنه أول ما ينبغي أن يتعلم من علم االله هو«. ترتيلا ،فإن االله يحب أن تسمع الملائكة لذكره.وإذا قرئ القرآن فيرتل ومثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعلقة إن عاهد عليها أمسكها ،وإن أطلقها ذهبت. ومن المسائل التي عرضها جابر بن زيد مسألة الإيمان والإسلام ومعناهما، وأن الإيمان قول وعمل .فالإيمان هو :أن تؤمن باالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ،والقدر خيره وشره .والإسلام هو :إقامة الصلاة ،وإيتاء الزكاة، سبيلا.وصيام شهر رمضان ،والاغتسال من الجنابة ،وحج البيت من استطاع إليه ويذكر جابر معنى الإحسان :أن تعمل الله كأنك تراه ،فإن لم تكن تراه فإنه يراك. مائة كتاب إباضي48 كافرا ،قال :من أشركمشركا أوأما عن الشرك والكفر وما يكون به المرء عملا أشرك فيه غير االلهساعة أحبط عمله ،فإن تاب جدد له العمل .ومن عمل فهو له كله .والشرك يكون بالقلب ،أما باللسان فقد أباحه االله لمن أ كره. وفي إطلاق اسم الكفر على مرتكب الكبيرة ،فيذكر جابر عن ابن عباس عن النبي ژ » :ليس بين العبد والكفر إلا تركه الصلاة« .ومن قال :لا إله إلا االله كلمة أ لف بها بين قلوب المؤمنين ،فمن قالها وأتبعها بالعمل الصالح فهو مؤمن ،ومن قالها وأتبعها بالفجور فهو منافق .والمؤمن إذا أصبح ف ه مه االله وفرجه ودنياه. والنار ،وأما المنافق إذا أصبح ف ه مه بط نه والجنة ويطرح جابر مسألة :إذا أسلم أحد الأبوين وبينهما ولد صغير هل يلحق بالمسلم أم بالكافر من أبويه؟ ويجيب :أي الأبوين أسلم وله ولد صغير لم يقبل من الولد الصغير إلا دين والده المسلم ،وإلا قتل. وعن الجزاء بالعمل أم بالنية فيورد جابر عن عبد االله بن عباس قولا بالنيات ولكل امرئ ما نوى«.لرسول االله ژ » :إنما الأعمال وعرض مسألة عدم المؤاخذة بالوهم والخطأ والنسيان ،ورفع الإثم عن خطأ اللسان ،ولا يعذر المرء على الجهل؛ لقوله تعالى- , + * ﴿ : ] ﴾ 0 / .النحل ،[٤٣ :ومن ترك السؤال لم يعذر فيما أخطأ به. وما يقطع به العذر بين العالم والجاهل ،وإذا قال العالم للجاهل اعلم مثل علمي وإلا برئت ،قطع عذر العالم .وإذا قال الجاهل للعالم ارجع إلى منزلة ضعفي وجهلي قطع االله عذر الجاهل. ومن القواعد التي تعرض لها جابر بن زيد قاعدة» :الضرورات تبيح المحظورات« ،وقد تناولها عند السؤال عن علاج الطبيب الأجنبي للمرأة عند الضرورة ،وذلك عندما ابتليت امرأة بكسر ،فلم يجدوا لها بدا من الطبيب، فستر كل شيء منها إلا ذلك الموضع ،ويحضرها أولياؤها. 49موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية كما عرض جابر بطلان الحيل لاستحلال الحرام .فالحيلة :أن يقصد سقوط الواجب ،أو حل الحرام ،بفعل لم يقصد به ما جعل ذلك الفعل له ،أو ما شرع، فهو يريد تغيير الأحكام الشرعية بأسباب لم يقصد بها ما جعلت تلك الأسباب له ،وهو يفعل تلك الأسباب لأجل ما هو تابع لها ،لا لأجل ما هو المتبوع المقصود بها ،فلم يفعل السبب لما ينافي قصده من حكم السبب ،فيصير بمنزلة من طلب ثمرة الفعل الشرعي ونتيجته وهو لم يأت بقوامه وحقيقته ،فهذا خداع الله ،واستهزاء بآيات االله ،وتلاعب بحدود االله ،وقد دل على تحريمه والسنة ،وإجماع السلف الصالح ،وعامة دعائم الإيمان ومباني الإسلام،الكتاب ودلائل لا تكاد تنضبط ،ولكن ننبه على بعضها مع أن القول بإبطال مثل هذه الحيل في الجملة مأثور عن عمر بن الخطاب وجابر بن زيد. ثم يعرض الكتاب لأول ما خلق االله ،أو بدء الخلق ،فيذكر جابر العرش والماء والقلم. ثم سئل عن العلم ،فقال :رأس العلم معرفة االله حق معرفته ،وهي أن تعرفه آخرا ،لا كف أ له .فتلك معرفة االله أولا ظاهرا باط نا ، واحدا أحد، بلا مثل ولا ند، حق معرفته .ومعرفته لا تتم بالأمثال ولا بالأشباه ،وإنما يعرف بالدلائل والأعلام الشاهدة على ربوبيته ،النافية عنه آثار صنعته. أما مسألة القضاء والقدر فقد عرض لها جابر ،وطرح مسألة هل ينافي الحذر الإيمان بالقدر؟ وهل يمنع الحذر القدر؟ كما عرض مسألة حرمة دماء المسلمين ،ورد على مستحلي دماء المسلمين المخالفين لهم ،فقد كان جابر يأتي الخوارج فيقول لهم :أليس قد حرم االله دماء المسلمين بدين؟ فيقولون :نعم ،وحرم االله البراءة منهم بدين؟ فيقولون :نعم، فيقول :أو ليس قد أحل االله دماء أهل الحرب بدين بعد تحريمها بدين؟ فيقولون :بلى ،فيقول :وحرم االله ولايتهم بدين بعد الأمر بها بدين؟ فيقولون: نعم ،فيقول :هل أحد ما بعد هذا بدين؟ فيسكتون. مائة كتاب إباضي50 ويشير جابر إلى طريق أهل الاستقامة في الدين ،الذين فارقوا أهل الإرجاء صوب رأيهم أو تولاهم أو تولى لهم،وجميع الجبابرة ومن دان بطاعتهم أو أحدا قال بغير يبينون للناس ضلالة قومهم وبدعة من خالفهم ،ولم يتولوا قولهم ،ومضوا على الحجة التامة والإجماع بلا فرقة بينهم ،ولا تنازع في دينهم. مرددا أما مسألة الولاية والبراءة فهما من المسائل التي أشار إليها جابر بعض الأحاديث عن الرسول ژ من خلال ابن عباس ،ومن هذه الأقوال »من حمل علينا السلاح فليس منا« .و»من غشنا فليس منا ،ومن حمل علينا السلاح فليس منا ،ومن انتهب مالنا فليس منا ،ومن لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا، فليس منا ،ومن ضرب الحدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية فليس منا«. إلا أن البراءة من دم المسلم ليست من الأمور السهلة ،ولكن يجب التثبت والتحري وعدم التسرع .والتحذير من لعن من لا يستحقه .وفي وعيد من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر .والوعيد لمن انتهك محارم االله. ومن هذه المحارم التي ذكرها جابر بن زيد :وعيد المخنث والديوث ،ولبس القسي والمعصفر والذهب ،ولبس الحرير ،وإسبال الثوب ،والنهي عن الأكل بالشمال ،والمشي في نعال واحد ،ووعيد الشرب في آنية الذهب والفضة ،وأكل ذوات الأنياب والمخالب ،والنهي عن التداوي بما حرم االله ،وفي وعيد عدم التنزه من رشاش البول ،وفي وعيد ترك الصلاة ،وفي حرمة بيع المسلمين ،وفي وعيد انتهاك حرمة أموال المسلمين ،والكسب الحرام والتغذي به. أما شروط الساعة فيذكر جابر أن الرسول ژ قال» :لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول :يا ليتني كنت مكانه ،ولا تقوم الساعة حتى يسود كل أمة منافقوها«. وجابر بن زيد من المثبتين لعذاب القبر ونعيمه وسؤال الملكين .فإذا وضع وسوى عليه فإنه يسمع نعال القوم حين ينصرفون عنه ،لأنهالميت في قبره 51موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية حمل من بيته وروحه مع الملائكة ،فإذا وضع في قبره يأتيه ملكان أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف فيقعدانه فيقولان له :يا هذا من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فإن كان مؤم نا قال :االله ربي والإسلام ديني ومحمد نبيي ،فيقال له :على هذا أحييت وعليه أمت وعليه تبعث ،انظر عن يسارك فيفتح له باب في قبره إلى النار ،فيقال له :هذا منزلك لو عصيت االله ،فأما إذ قد أطعته فانظر عن يمينك ،فيفتح له باب في قبره إلى الجنة فيدخل عليه برد سعيدا نم نومة منزله ولذته ،فيريد أن ينهض فيقال له :لم يأت أوان ذلك ،نم العروس ،فما شيء أحب إليه من قيام الساعة حتى يصير إلى أهل ومال وإلى جنة النعيم. إن نسمة المؤمن طائر يعلق في شجرة الجنة حتى يرجعه االله إلى جسده يوم يبعثه .وخلق الإنسان من عجب الذنب ،وبداية تركيبه منه يوم البعث .فكل ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب ،فإنه منه خلق ومنه يركب. ومن مظاهر يوم القيامة الحوض ،والشفاعة ،ويرد جابر على من أنكر الشفاعة وردد حديثا عن النبي ژ يقول» :ما منكم من أحد يدخل الجنة إلا بعمل صالحه وبرحمة االله وشفاعتي« .والشفاعة ليست لأهل الكبائر. ومن أبواب الكتاب »باب الطهارات« ،ومن موضوعات هذا الباب :فصول )قل أو كثر( وفيما ينجس به .وفي الماء في طهارة الماء ،وهل ينجس الماء الدائم ،والتبول فيه والتطهر منه .وفي طهارة المسك ،وفي حكم الأبوال ،وفي بول الصبي وأبوال الإبل والبهائم. فصولا عن النجاسة ،فيعرض مسائل نجاسة دمكما يتناول هذا الباب الحيض والنفاس والاستحاضة ونجاسة المني والمذي والودي .والقذارة التي تصيب ثوب المرأة إذا طال .وفي طهارة الهر ،وولوغ الكلب في الإناء ،وكيفية إزالة النجاسة من الثوب. مائة كتاب إباضي52 كما عرض المحقق بعض مسائل الوضوء التي ذكرها جابر بن زيد ،منها: هل للرجل أن يجلس في المسجد على غير وضوء؟ في فرض الوضوء ،وفضله وعدده. في التحذير من الوسواس عند الوضوء. في التوضؤ والاغتسال بماء البحر. في الوضوء والاغتسال بفضل المرأة والرجل وفي وضوئهما واغتسالهما من إناء واحد. في التسمية على الوضوء. في التخليل بين الأصابع. في المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة. في الاستنشاق والمبالغة فيه. هل يجزي مسح بعض الرأس. واجبا. في مسح الرأس والأذنين بغرفة واحدة ،وكان جابر لا يرى مسح الأذنين وفي إيصال الماء إلى العراقيب وبطون الأقدام ،فيذكر عن النبي قوله ژ » :ويل للعراقيب من النار ،وويل لبطون الأقدام من النار« ،وكان النبي ژ يعرك رجليه بالماء ويبالغ في غسلها. في التوضؤ وعلى الرأس عمامة أو غيرها. في المسح على الجبائر والعصائب. أما من قرح رأسه فطلاه كله بالدواء ،وأراد أن يتوضأ وقد تغطى الشعر، فعليه أن يمسح عليه. في الوضوء بعد الغسل من الجنابة. هل ينقض الطعام الوضوء؟ ويجيب أنه لا يتوضأ من طعام أهل االله. 53موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية فيما ينقض الوضوء من المعاصي مثل :الكذب ،النميمة ،الغيبة ،القهقهة في الصلاة ،والوضوء من حدث اللسان ،والوضوء من مس الفرج. ويعرض جابر لمسألة الغسل للجمعة هل هو واجب أم لا؟ فيورد عن عائشة أنها قالت :إن الرسول ژ كان يقول» :الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم«. ثم بحث مسألة كيفية الغسل ،وما ينبغي غسله ،والماء الكافي للاغتسال ،كما ومسهم المصحف.بحث قراءة الجنب والحائض والنفساء وغير المتطهر القرآن ، درج تحت باب الطهارة مسألة التيمم وفرضهومن المسائل التي ت ومشروعيته ،وفي إجزاء التيمم عند وجود العذر وإن طال الزمان .والتيمم عند كل صلاة ،وكيفية التيمم ،وهل يجوز مسح تراب التيمم عن الوجه .وفيمن تيمم وصلى ،ثم بلغ الماء بعد فوات الوقت. ومن موضوعات الموسوعة الصلاة ،وهي تتناول مسائل عديدة ،منها: في فضل الصلاة والخشوع فيها ،وتأكيد الفضل في صلوات على أخرى. في ابتداء فرض الصلاة .فقد فرضت الصلوات الخمس قبل هجرة النبي ژ بسنتين ،وصلى ! إلى بيت المقدس بعد هجرته سبعة عشر شهرا ،وكان الأنصار وأهل المدينة يص لون إلى بيت المقدس نحو سنتين قبل قدوم النبي ژ إليهم ،وكان النبي ژ يصلي إلى الكعبة بمكة ثماني سنين إلى أن أسري به إلى بيت المقدس ،ثم تحول إلى قبلته. وفي عدد ركعات الصلوات في الحضر والسفر. هل تجوز الصلاة على الكعبة؟ في الصلاة في الكعبة وفي حجرها. في الصلاة في المقبرة والمنحرة ومعاطن الإبل وقارعة الطريق. في الصلاة على الراحلة. مائة كتاب إباضي54 في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها :وهي عند طلوع الشمس أو عند غروبها .كما تعرض الموسوعة آراء جابر بن زيد في صلاة المرأة منتقبة، وذكر أنه كره أن تصلي المرأة وهي منتقبة أو تطوف وهي منتقبة. كما تتناول الموسوعة أحكام الجنائز ،فتعرض مسائل منها: فيمن حضرته الوفاة ما يقول ،وما يقول من حضره ،وآية خروج نفس المؤمن ،وفيما يشعر به المحتضر من الأوجاع. في قراءة سورة الرعد لمن حضر الميت. في البكاء على الميت. في أن المرء إذا مات عرض عليه مقعده من الجنة. في نعي الميت للناس. فيمن هو أحق بغسل الميت. في غسل الميت الزوج الحي زوجه الميت. في المسك وفي حنوط الميت. في الكفن. في صلاة الجنازة على بعض الجسد. في الصلاة على السقط )الطفل الذي لم تعرف حياته(. في الصلاة على الغائب وعلى المقبرة. ومن موضوعات الموسوعة كذلك موضوع الزكاة والخراج والصدقات. وبحث فيها جابر وجوب الزكاة ووعيد مانعها ،ووجوب الزكاة في مال اليتامى والصبيان والمجانين .ووجوب الزكاة في الحلي المتخذ من الذهب والفضة. وأصناف الحرث التي تجب فيها الزكاة .وزكاة الإبل والبقر ونصابها والمقدار المخرج منه. 55 ¿GƒcP øH odÉ°S Iô«°S ) (✽)»dÓ¡dG ¿GƒcP øH odÉ°Sت ٩٩ه٧١٧/م( ملحق بكتاب THE EPIST LE RIS TLE OF SALIM IBN DHAKWAN. OXFORD UNIVERSITY P. CRONE AND F. W. ZIMMERMANN .PRESS, 2001 عدد الصفحات ٤٠٧ :صفحات بعمان ،أحدمؤلف السيرة هو سالم بن ذكوان الهلالي ،من مواليد »توام« التابعين ،ومن أركان الحركة الإباضية في عهد نشأتها ،فقد كاتف الإمام جابر )(١ ابن زيد ،وخليفته أبا عبيدة مسلم. ولكفاءته العلمية والسياسية اختاره أبو عبيدة ليكون ضمن الوفد الذي يتفاوض مع الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز3لما رأوا فيه حسن نية في إصلاح الأوضاع ،من إماتة البدع والظلم الذي تفشى في المجتمع ،وإحياء السنن المهجورة فتوصلوا إلى نتائج إيجابية. وهذه السيرة تعرف ب»سيرة سالم بن ذكوان« يعرض فيها المبادئ الأساسية التي يقوم عليها مذهب أهل الدعوة والاستقامة. القراء المشهود لهم بالعلم ،وقد روى عن عبد االله بن عامر الشامي.وهو أحد  يبدأ سالم بن ذكوان كتابه بالحمد الله وتقوى االله تعالى حيث قد أوصانا 8 قائلاu t s r q p ﴿ :في كتابه الحكيم كما أوصى من قبلنا ~ } | {z y x w vے ¡̈ §¦ ¥ ¤ £ ¢ © ] ﴾ « aالنساء.[١٣١ : )✽( ويقال :إنه توفي )١٠١ه٧١٩/م(. مائة كتاب إباضي56 ولذا يدعو المؤلف عباد االله المؤمنين بتقوى االله ،والمسارعة إلى رضوانه، وأن تكون تقواه تعالى في السر والعلانية قبل أن يأتي يوم تحاسب فيه كل نفس عما عملت. ويدعو سالم بن ذكوان المسلمين باتباع السيرة الحسنة وهي السيرة التي سار بها نبي االله وأولياء االله .حيث إن الجنة تؤتى من سبيل واحد هو أداء جميع فرائض الإيمان ،أما النار فتؤتى من سبل شتى. واصفا إياها بأنها من ويتحدث المؤلف عن فريضة الجهاد في سبيل االله ثوابا ،وهي التجارة التي لا تبور ،والتي تنجي أشرف الأعمال عند االله وأفضلها من عذاب النار. ويقارن المؤلف بين المجاهدين في سبيل االله والقاعدين عن الجهاد ،مبي نا أن االله قد فض ل المجاهدين على القاعدين ،بالأجر العظيم والدرجات والمغفرة والرحمة ،وقد أورد4هذا في العديد من الآيات مثل قوله تعالىs r ﴿ : ❁ } | { ❁ y x w v u tے ¡ ﴾ ]محمد،[٦ - ٤ : وقال تعالى2± °̄ ® ¬ « a ©̈ § ﴿ : À ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o1̧ ¶ μ́ 3 Ï ÎÍ Ì Ë Ê É ÈÇ Æ Å Ä Ã ÂÁ ] ﴾ Ò Ñ Ðالتوبة ،[١١١ :وقال تعالىu t s r q p o ﴿ : ~ } | { ❁ y x w vے ¡̈ § ¦ ¥¤ £ ¢ © ] ﴾ « aالصف.[١١ - ١٠ : ولذا ينادي المؤلف عباد االله المؤمنين أن يخرجوا للجهاد حين يحين وقته. ولا يتقاعسوا عن ما عاهدوا االله به ،لأن القعود لن يخلدهم ،ولا يؤخر آجالهم إذا حضرت .والجهاد في سبيل االله لا ينقص أعمارهم ،ولا يعجل لأحد الموت دون أن تنقضي أيامه التي كتب االله له. 57سيرة سالم بن ذكوان وتحدث المؤلف عن الأنبياء والرسل السابقين لمحمد ژ،فجميعهم جاء محمدا يدعو إلى ما دعا لرفع كلمة الحق ،ولإقرار الإيمان وعبادة االله ،ثم بعث إليه السابقون .وبعثه االله إلى الأبيض والأسود ،والعربي والأعجمي ،والحر والعبد ،والذكر والأنثى على فترة من الرسل وانقطاع من الزمان. شديدا من قومه، أذى وقد دعا محمد ژ قومه إلى اتباع الحق ،إلا أنه لقي قائلا¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 ﴿ :وتكذيبا ،وأحزنه كفرهم وضلالتهم ،فخاطبه ربه ] ﴾  Á Àالأحقاف.[٣٥ : ومكث محمد ژ ما شاء االله يدعو الناس إلى الإسلام غير مكتوب عليه القتال .يبشر من أطاعه بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للذين آمنوا باالله نارا وقودها الناس والحجارة .ثم كتب االله عليه ورسله ،وينذر من عصاه وكذبه القتال وأمره بمحاربة المشركين ومجاهدتهم .وكان محمد يومئذ معه نفر قليل، ولم يمنعه من القتال تفوق أعداد المشركين مقارنة بأعداد المسلمين. وشرع محمد يقاتل المشركين ،ويؤمن من اعتزله منهم وكف عنه ،ويعاهد من عاهدهم منهم على أن لا يظاهر عليه عدوه. بعضا ،ولم ينزل جملة واحدة ،فقد نزلت آيةولما كان القرآن ينسخ بعضه عهدا ،وأمر االله ناسخة للتي قبلها ،نزلت آية البراءة ممن كان بينه وبين نبي االله بقتال المشركين كافة. فدعا محمد ژ قومه مشركي العرب إلى الإسلام ،وكانوا يومئذ أبعد الناس عن الحق ،وأخبرهم أن من دخل منهم في الإسلام فإن االله لا يؤاخذه بشيء عما كان عليه قبله ،وأنه يجب له مثل حق المسلمين وعليه مثل ما عليهم ،ومن تركه منهم قاتله .وحرم على المسلمين مناكحتهم ولا موارثتهم ،ولا أكل أبدا حتى يدخلوا في الإسلام. ذبائحهم ،ولا الوفاء بعهودهم أما من كان من غير الكفار أمثال المجوس ،فقد دعاهم محمد إلى الإسلام، مائة كتاب إباضي58 فإن رفضوا دفعوا الجزية مقابل تحريم دماءهم ،ولا تجوز مناكحتهم ولا موارثتهم ولا أكل ذبائحهم حتى يدخلوا الإسلام .ويبرر المؤلف سبب قبول محمد ژ الجزية من المجوس وغيرهم ورفضها من مشركي العرب؛ لأن المشركين كانوا يدعون إلى إثارة الفتن ضد الإسلام .أما أهل الكتاب فدعاهم إلى الإسلام وإلى التصديق بالذي جاء به من االله ،فمن أقر بالإسلام كان من المسلمين ووجب له مثل حقهم وعليه مثل الذي عليهم ،وفرض االله على من محمدا أن يعطي الجزية مقابل تحريم دمه وتأمينترك الإسلام منهم وكذب أهله وماله. وأحل الإسلام للمسلمينحين يعطونهم الجزيةنكاح نساء أهل الكتاب وأكل ذبائحهم ،وحرم نكاح رجالهم وموارثتهم والوفاء بعهودهم. ويبرر المؤلف سبب تحليل زواج المسلمين بنساء أهل الكتاب دون نساء أهل المجوس وعبدة الأوثان بإقرارهم ببعض ما أنزل االله إليهم ،فقد آمنوا باالله وكفروا بالإسلام ،أما المجوس وعبدة الأوثان فهم يكفرون باالله. وهكذا كانت سيرة نبينا محمد ژ مع المسلمين وغيرهم ،حتى أكمل ورفع إلى الدين وأتم النعمة ورضي بالإسلام دي نا ،وقبضت روحه الكريمة بسنة إماما ،واقتدى السماء ،وتولى أبو بكر الصديق الخلافة فاتخذ القرآن نبي االله ،وعمل فيهم بالحق ،ولزم فيهم العدل. ثم استخلف أبو بكر3عمر بن الخطاب عن مشاورة المؤمنين ،فعمل بسنة أبي بكر ،ثم نزلت به أموربسنة رسول االله وأخذبكتاب االله ،واقتدى أخرى لم يكن فيها قرآن ناطق ولا سنة من رسول االله ژ،ولم يسن فيها أبو بكر قبله ،فكان أول من حكم في أشياء من فرائض الميراث ،وكتب إليه عامله بالشام أن الخمر كادت تغلب على كثير من الناس ،فجلد عليها ثمانين جلدة. 59سيرة سالم بن ذكوان ن عمر بن الخطاب سن نا في أمور كثيرة حين نزلت به عن مشاورةوس  المسلمين واجتهاد رأيه ،وكان حقا على كل مسلم أن يرضى بها ويعمل بها؛ لأن االله تعالى هو القائلÕ Ô Ó Ò ÑÐ Ï Î Í Ì Ë Ê ﴿ : ﴾ ä ã â á àß Þ Ý Ü Û Ú Ù Ø × Ö ]النساء.[٥٩ : ثم جاء بعده عثمان بن عفان عن مشاورة المسلمين ورضا منهم ،فمكث السنة وأحدث البدعة وجعلغير  وسنة نب يه ،ثم ما شاء االله يعمل بكتاب االله المال بين أقاربه ،فتعدى في هذا حكم االله وحكم فيه بغير ما أنزل االله ،وقال االله: ﴿ ] ﴾ | { z y x w v u tالمائدة .[٤٤ :فلما رأى المؤمنون تركه حكم االله ورغبته عن سبيل من هدى االله في تعطيله الحدود وإدالته المال ،وحرمانه المؤمنين حقهم من فيء االله الذي أفاءه عليهم ،ووضعه الصدقة في غير ما وضعها االله فيه ،وإخراجه المؤمنين من ديارهم وبلادهم ساروا من كل الأرض ليقاتلوه .وعندما أيقن من ذلك أرسل إلى المؤمنين من المهاجرين والأنصار» :إني أتوب إلى االله ،وأرد المظالم على أهلها ،وأقيم الحدود« فقبلوا ذلك منه ورجع الجيش عنه ،فلم ينزع عن معصية كان يعمل حدا .وكتب إلى عامله على مصر أنبها ،ولم يرد مظلمة على أهلها ،ولم يقم  يقتل من يعود ،فاطلع المسلمون على كتابه إلى عامله على مصر .فرجعوا إلى عثمان بالكتاب .فقالوا :ألم تزعم أنك ستتوب؟ قال :بلى .قالوا :فما لهذا الكتاب؟ .قال :لا أدريقالوا :فإن كنت بري ئا فسل كاتبك لم كتبه ،فقد عرفنا خاتما حتى يختم على هذا الكتاب ،وسل هذا البريدخطه ،وانظر من أعطيته من بعثه؟ ولما ضاقت عليه المعاذير ولم يستطع الإجابة ،وقال :لا علم لي بهذا كله .فلما تبين للمؤمنين أنه صاحبه وأبي أن يقر به ،وبينما هم يراجعونه وتختلف بينهم الرسل رمى رجل بسهم فقتله. وبايعوا عل يا ،وأخذوا عليه العمل بكتاب االله والاتباع لمن سن نبيهم مائة كتاب إباضي60 والخليفتين بعده فلم يستطع أحد من الناس يومئذ أن يقول إنه جار في حكم حدا أو قسم فلم يعدل ،ولكن طلحة والزبير وأتباعهما طالبوا بدمأو أضاع  عثمان ،وخرجا عليه في يوم الجمل. وخرج معاوية ومعه أهل الشام وشيعته متولين لعثمان ،فدعاهم المسلمون شديدا إلى الحق وذكروهم باالله والإسلام .فتعدوا عليهم ،فاقتتلوا بصفين قتالا ولم ينفذ علي حكم االله فيمن خرج على الإمام ،وكانت فتنة ،وعطلوا حكم االله، وحرفوا كلام االله عن مواضعه ،وتأولوا القرآن على غير ما أنزل االله ،وخرج عليه جماعة لا يرضون إلا بحكم القرآن ،ويرضون بحكم االله مفارقين لعلي في تركه حكم االله. ثم تتابعت على ذلك خوارج المسلمين يح كمون االله وحده ،ويرضون سبيل من مضى قبلهم من المسلمين ،لا يقتلون ذرية قومهم ،ولا يستحلون فروج نسائهم ،ولا يستعرضونهم ولا يخمسون أموالهم ولا يقطعون الميراث منهم، ويؤدون الأمانة إليهم وإلى غيرهم ويوفون بعهودهم ،ويأمن عندهم الكاف والمعتزل من قومهم ،ويصلون الرحم ،ويعرفون حق الجار والصاحب واليتيم وابن السبيل وما ملكت أيمانهم ،ويتولى ماضيهم قاعدهم ،ويعرف قاعدهم بعضا لماضيهم الفضيلة التي أعطاه االله ،يتحابون بحب االله ،ويتولى بعضهم ابتغاء مرضاة االله. ومضى على هذا الأمر بشر كثير من المؤمنين ،ثم خرج من بعدهم ابن الأزرق وأصحابه فمكثوا فترة يسيرون بسيرة من كان قبلهم من الخوارج، ووصفوا بقية المسلمين بمنزلة عبدة الأوثان ،ورفضوا ميراثهم ،وحرموا مناكحتهم ،واستحلوا سبي قومهم واستنكاح نسائهم وغنم أموالهم وقتل ذراريهم .وأبوا أن يجيروا من استجارهم من قومهم ،وكفروا قعدتهم واستحلوا دماءهم وأموالهم ،وحرموا ولايتهم والاستغفار لهم. 61سيرة سالم بن ذكوان وجاء من بعدهم قوم من أهل اليمامة نجدة وأصحابه ،فشهدوا على قومهم أنهم بمنزلة عبدة الأوثان ،واستحلوا نكاح نسائهم وأكل ذبائحهم ما حرم االله من نساء المشركين وذبحائهم .وزعموا أن عليهم هجرة من دار قومهم كهجرة النبي وأصحابه من مكة مع أن الهجرة قد انقطعت عام الفتح ،وصار الأمر إنما هو جهاد .وقد قال رسول االله ژ » :لا هجرة بعد اليوم ،ولكن جهاد ونية« ،وزعم النجدات أن عليهم الهجرة من أرض الفتنة ،وهي هجرة تشبه الهجرة الأولى. واستحلوا سبي قومهم وقتل ذراريهم وأخذ أموالهم غنيمة وقطع الميراث منهم ولم يحكم من يتولون من المسلمين يوم قتلوا عثمان ويوم الجمل ،ومن يتولون من الخوارج الأولى بشيء من هذه الأحكام. والنجدية هم أتباع نجدة بن عامر ،وهو القائل بأن التقية جائزة ،والقعود جائز والجهاد إذا أمكن أفضل .وجعل الدين معرفة وإقرار .وهذا القدر من الدين هو إقرار بما جاء من عند االله ،ومعرفته تعالى ومعرفة رسله هو الأصل في الدين. ويرى المؤلف أن ابن الأزرق وأصحابه ونجدة وأصحابه قد خالفوا أهل الحق؛ لأنهم حرفوا كلام االله8عن مواضعه ،وصدوا عن سنة نبيهم ژ ، وأحدثوا من البدع في قومهم ،ومن بدعتهم :قطع الميراث من قومهم إذا خرجوا وأظهروا أمرهم ،وكانوا يستحلون موارثتهم ما كانوا بين أظهرهم. ومن ضلالهم نكاح نساء المشركين ،وأن لا يأخذوا من المشركين أيضا وفاءهم بعهود قوم مشركين ،فكلالجزية ،ويأكلون ذبائحهم ،ويضلهم هذا من بدعهم. إن سيرهم هذه المتفرقة وبدعهم المحدثة إنما أضلهم فيها شهادتهم بالشرك على قومهم ،ثم انتقاضهم شهادتهم بعد في سيرتهم ،ثم دان ناس آخرون بالإرجاء ليس لهم أسلاف يتبعون سبيلهم ،ولا أولياء يقتدون بهداهم. مائة كتاب إباضي62 وينقد المؤلف من قال بالإرجاء .ذلك أن عل يا خرج إلى أهل الكوفة فدعاهم إلى فراق عثمان والبراءة منه وقتال من طالب بدمه ولم يروا عمل عثمان ولم يحضرهم إلا ما بلغهم من شهادة المسلمين. وخرج طلحة والزبير إلى أهل البصرة فدعوهم إلى موالاة عثمان ،والمطالبة بدمه وقتال علي وشيعته فأجابوهما ولم يحضروا شي ئا مما اختلفوا فيه ،فقد غيبا .وأجازوا عليهكفر أهل الكوفة وأهل البصرة حين أجابوا إلى أمر كانوا عنه مسلما إن كان الإرجاء ح قا .وكفر علي والزبير وطلحة بدعائهم شهادة من يرونه قوما إلى أمر لم يحضروه يستحلون عليه دماء المسلمين ،وبراءتهم ممن لم يجب إليه ،وذلك أنهم خالفوا الإرجاء إن كان الإرجاء دين االله على من غاب عنه أمر أو لم يدركه. قوما خالفوا دينهم وخالفوا سبيلأيضا بإرجائهم ويكفر المؤلف المرجئة من هدى االله قبلهم ،وردوا شهادة المسلمين بشهادة الضلال. ومن الضلالات التي ينسبها المؤلف إلى المرجئة قطع البراءة من الملوك الفاسدين وفراقهم ،وترك الاستغفار لهم إن كانوا مؤمنين ،ويضلهم إن كانوا غير مؤمنين تسميتهم إياهم مؤمنين ،وتوليهم من زعم منهم أنهم مؤمنون، قوما يجيبونهم إلى فراق عدوهم ،ويضلهم اختلاف شهادتهمويضلهم توليهم وسيرتهم ،ويضلهم تأويل كتاب االله على غير ما أنزل االله .فأولوا الإرجاء قوله تعالى﴾ Ö Õ Ô Ó Ò ÑÐ Ï Î Í Ì Ë ÊÉ È Ç Æ ﴿ : ]البقرة.[١٣٤ : قائلا :إن اجتهاده وتأويله هو ويعرض المؤلف لمعتقداته ومعتقدات طائفته تابع لاجتهاد وتأويل الصحابة الأوائل قبل حدوث الفتنة .ويقر بحق الوالدين، وحق ذي القربى ،وحق اليتامى ،وحق المساكين ،وحق أبناء السبيل ،وحق فجارا. أبرارا كانوا أو الصاحب ،وحق الجار ،وحق ما ملكت الأيمان، 63سيرة سالم بن ذكوان ومن الحقوق أداء الأمانة إلى من استأمنه عليها من الناس كلها من المسلمين أو من غيرهم ،والوفاء بعهود أهل الذمة ،والرد على الذمة ما يقع عليهم من ظلم من قومه ومن غيرهمإن استطاعواويجيروا من استجاروا من قومه ومن غيرهم ،ويأمنهم عند حضرة القتال الكاف المعتزل حتى يخلو إليهم الأمر ،فإذا خلا إليهم الأمر دعاهم إلى كتاب االله ومعرفة الحق وموالاة أهله ومفارقة الباطل. ومن أنكر حق االله منهم فارقته هذه الطائفة وقاتلته حتى يفيء إلى أمر االله ستحل سباؤهم وقتلأو يهلك على ضلالته ،دون إنزاله منزلة عبدة الأوثان أو ت ذراريهم واغتنام أموالهم ،وقطع الميراث منهم دون الفتك بقومه ،وقتلهم في السر ما داموا بينهم. أحدا ممن مضى من أولياء االله في الأممويصرح المؤلف أنه لا يعلم الماضية استحل شي ئا من ذلك حتى يكون قدوة يقتدون بها ،بل لم يفعل أحد من المسلمين ممن كان بمكة بأحد من المشركين هذا حتى يفعله أهل القبلة ببعضهم البعض .فالكل مسلمون ،وللمسلم على المسلم حق حماية دينه وعرضه وماله ونفسه ،فإذا كان يفيء المسلم بهذا لغير المسلم فإن الأولى أن يفيء به مع من يشترك معه في الدين. ويكره المؤلف أن يتكلف أحد من المسلمين مع ملوك قومه ما كانوا على ضلالتهم وذلك أن الرجل المسلم إذا هو غزا معهم فدعا أعداءهم إلى طاعتهم إنما يدعو إلى طاعة قوم يشهد أنهم كفار فلا ينبغي له أن يدعو الناس إلى طاعتهم ،فإن أجابوا إليهم برئ منهم وإن فارقوه عليها استحل قتالهم. ويصير المقاتل معهم على أحد منزلتين :إما على ولايتهم والرضا بأمرهم، أو على نصرهم وتسديد سلطانهم. ويرى المؤلف أن مناكحة قومه وموارثتهم لا تحرم على جماعته ما داموا مائة كتاب إباضي64 يستقبلون قبلتهم؛ لأن المسلمين قد كانوا يناكحون المنافقين ويوارثونهم وهم يعلمون. ولا يرى المؤلف كذلك استعراض قومه ما داموا يستقبلون القبلة من قبل أن يدعوهم إلى مراجعة الحق والأخذ به؛ لأن االله رضي الدعاء لنبيه وأمره به وأهل الإيمان ،حين قالn m l k j i h g f ﴿ : ] ﴾ t s r qp oآل عمران.[١٠٤ : ولا يرى المؤلف صحة قتل صغير من أهل القبلة لا ذنب له ،ولم يفعل شي ئا مما اختلف فيه بذنب آخر كبير قد عقل أمر االله وعلم الأمر الذي اختلف الناس فيه ،ثم ضل بعد العلم. وسنة نب يه ولا يرى المؤلف أن يستحل فرج امرأة رجل تزوجها بكتاب االله حتى يطلقها زوجها أو يتوفى عنها ،ثم تعتد عدة المطلقة أو المتوفى عنها زوجها ،وأن من فعل هذا يجب البراءة منه؛ لأنه عمل معصية أوعد االله عليها بعذاب عظيم. وكذلك لا يرى المؤلف انتحال الهجرة من دار المسلمين ،أو أن يقال إنه يجب أن يهاجر كما هاجر النبي وأصحابه من دار قومهم؛ لأنه لم يهاجر ،ولكن مجاهدا في سبيل االله على طاعته. خرج ومن الآراء التي صرح بها المؤلف أن تتولى المرأة والمملوك على الخروج إذا علم منهما القدرة على الخروج ،والرضا بالحق ،والمعرفة له ،والموالاة عليه .ولم تخرجهما إلا الرغبة في الإسلام والأثرة على ما سواه. ولا يرى المؤلف للنفر من المسلمين أن يبايعوا إمامهم إلا على الجهاد في سبيل االله ،والطاعة في المعروف حتى يهلكوا على ذلك أو يظهروا على عدوهم ،فيولوا الأمر أفاضلهم وأن يتولى ماضيهم قاعدهم ،وأن يعرف قاعدهم فضل ماضيهم. 65سيرة سالم بن ذكوان وأن يتبرأ من أئمة الظلم الذين لم يدركهم بشهادة المسلمين ،ويرضى من ملوك قومه أن يتقوا االله ولا يتبعوا أهواءهم إذا خالفها الحق ،ولا يجحدوا سنة، ولا يصروا على ذنب بعد معرفة ،ويضعوا الصدقة والفيء حيث أمرهم االله. ويرضى من الخوارج أن يتقوا االله ،ولا يغشموا في دينهم ،ولا يرغبوا عن قوما ويخالفوا أعمالهم ،ولا يفارقوا على سيرةسبيل من هدى االله ولا يتولوا قوم يتولونهم. ويرضى من المرجئة أن يتقوا االله ربهم ،وأن يؤمنوا للمؤمنين في ولاية من لم يدركوا من المسلمين ،والبراءة ممن لم يدركوا من أئمة الظلم ،ويرضى من الفتنة أن يتقوا االله ،وأن يقروا بحكم القرآن ،ويوقنوا بوعيده ،وأن يستحلوا من أهل البغي والعداء ما أحل االله من فراقهم وقتالهم حتى يتوبوا. بسنة رسول االله ،وأن يتولواويرضى من البدعية أن يتقوا االله ،وأن يعملوا على العمل بها. تبعا ويرضى من سائر المسلمين أن يتقوا االله ربهم ،ولا يجعلوا حكمه لحكم قومهم ،وأن لا يمسكوا بعهد قوم يعصونه ،فإن االله لم يأذن لأحد أن يعطي عهده من يعصي أمره .فهذا هو الأمر الذي يدعو إليه المؤلف وجماعته. 66 TM«HôdG ΩÉeE’G óæ°ùe ` í«ë°üdG TMeÉédG ١٧٥) (✽)...ó«gGôØdG Ö«ÑM øH TM«HôdGه٧٩١/ه( وزارة الأوقاف والشؤون الدينيةسلطنة عمان ،ط١٤٣٢ ،١ه٢٠١١/م. عدد الصفحات ٢٠٦ :صفحات يتكون الكتاب من مقدمة وعدة أبواب ،ثم فصول يسمى كل فصل »كتاب«، )(١ كل كتاب يختص بشعيرة من شعائر الإسلام. كتب المقدمة الشيخ عبد االله بن محمد بن عبد االله السالمي ،وتتناول حياة مولدا العماني الربيع ومسنده .فهو أبو عمرو الربيع بن حبيب الفراهيدي علما وإقامة ،ولد سنة ٨٠ه أو قبلها بقليل في ناحية الباطنة من عمان.والبصري أمضى طفولته المبكرة والمتوسطة في موطنه الأصلي عمان منفى الإمام جابر بن زيد )ت ٩٣ه٧١١/م( ،ثم انتقل إلى البصرة لطلب العلم من مركز أهل الدعوة الأساسي ،وتثبت المصادر أنه أدرك الإمام جابر بن زيد وروى عنه في المسند حديثا. وقد نزل الربيع في محلة يقال لها) :الخريبة( وكانت عامرة بصغار الصحابة ،كأنس بن مالك ،وكبار التابعين وصغارهم وتابعيهم ،وأخذ العلم خاصة عن الإمام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة )ت ١٤٥ه٧٦٢/م(. لقد أدرك المدرسة الإباضية في البصرة في أوجه عطائها فعرف العلم في مجالس أبي عبيدة وتخلف بأخلاق أهل الدعوة ،وارتقى بين أقرانه في درجات )✽( ويقال :إن وفاته كانت ١٨٠ه٧٩٦/م. 67الجامع الصحيحمسند الإمام الربيع القدرة على القيادة والريادة .وكان إمام الجميع يهيئه لذلك في مجالسه الخاصة والعامة ،من ذلك أنه ذكر عنده الربيع فقال عنه» :فقيهنا وإمامنا وتقينا«. ومن ذلك أنه أنابه عنه لقيادة موسم الحج عندما أصيب بالفالج في آخر عمره ،ولم تكن آنذاك قيادة موسم الحج مجرد إفتاء في مسائل الحج ،وإنما هي بحق في جميع شئون الأمة المتمثلة في الربط بين جميع أهل الدعوة شرقا وغربا ،والتعريف بمسلك أهل الاستقامة عند مختلف الفرق والمذاهب الناشئة جميعا على بلاد االله الحرام. تلك التي تقبل وينتقل الإمام أبو عبيدة إلى الرفيق الأعلى بعد سقوط إمامة الظهور بطرابلس ،فتختار جماعة أهل الدعوة الربيع ليخلفه في إمامة الكتمان هذه بمركز الدعوة في البصرة ،فيكون خير خلف لخير سلف ،ويضطلع بهذه الأمانة كأحسن ما يكون ،ويصدق فيه حدس شيخه. ويتجلى هذا في أخباره وآثاره العلمية التي بقي أحدها أحسن دعامة تثبت سنية المدرسة الإباضية رغم ما يرميها به بعض الناس من أنها تنتمي إلى الخوارج أهل البدع والأهواء .من هذه الأخبار: جميعا. الخبر الأول :مراقبة أحوال أهل الدعوة الخبر الثاني :الاستمرار على موقف أبي عبيدة في البراءة ممن يقولون بالقدر. الخبر الثالث :إرسال المدد المالي إلى الإمام عبد الرحمن بن رستم عندما أعلن الإمامة. يستنتج من هذه الأخبار ما يلي: ١ العمل على إحصاء دقيق لكل من يعيش من أهل الدعوة في البصرة، والتعرف على أحوالهم ،وهذا لا يقوم به إلا من أرست المسؤولية على عاتقه. مائة كتاب إباضي68 ٢ أن هذا الإحصاء بمثابة الديوان لضبط الأعطيات ،ولإعانة أصحاب الحاجة ،ولجمع أموال الزكاة. بالهين ،فهم ٣ أن هذا الإحصاء أثبت أن عدد أهل الدعوة في البصرة ليس كبيرا من المجتمع البصري.جانبا يمثلون ٤ سعة أفق الربيع في تمكين يتامى كانت أمهاتهم إباضيات تزوجن من مخالفين من أموال الزكاة حتى ينشأوا في كنف أمهاتهم في محيط أهل الدعوة ،ويكونوا من أنصارهم. ٥ أن إعلان البراءة من جماعة خالفوا في قضية كلامية شائكة لا يكون إلا من مركز القيادة ،والربيع في هذا الموقف يتابع مسيرة شيخه الإمام أبي عبيدة لما علما ما تورثه هذه القضية من اضطراب في صفوف الجماعة، بلاء مبي نا في صفوف إباضية المغرب،وفعلا لقد أحدثت هذه النزعة سببا من أسباب انقسام الجماعة إلى قسمين ،عرفذلك أنها كانت أحدهما ب »الوهبية« نسبة إلى الإمام عبد الوهاب ،و عرف الثاني ب »ال نك ار« لأنهم أنكروا إمامة الإمام عبد الوهاب. ٦ اختيار الإمام الربيع مسلك المرونة مع ابن عطية ،وهو أحد المخالفين من أهل الشام ممن اشتهروا بإثارة قضية القدر لما رأى منه من رغبة في السكوت عن قضية القدر في مجلسه. ٧ نزوله عند طلب أهل الدعوة في البراءة من ابن عطية لما رأى من بناء على ما صدر من الرجل من بث لذلكإجماعهم على ذلك الموقف الفكر ،وهذه سمة من سمات القيادة تتمثل في تغليب رأي الجماعة على الرأي الذاتي إذا كان فيه وجه من وجوه الصواب. ٨ متابعة أحوال أهل الدعوة حيثما حلوا ،والسعي إلى إيصال المساعدة إليهم مهما بعدت الشقة .وليس من اليسير أن تصل ثلاثمائة أحمال من المال من قل أن تغفل عن كل شاردة وواردة.البصرة إلى تاهرت وعيون العباسيين 69الجامع الصحيحمسند الإمام الربيع ٩ لولا حماس الإمام الربيع لما تجمع مثل هذا القدر من المال. ١٠ حرص القيادة على أن يوضع هذا المال في نصابه ،وذلك أن لا يسلم إلا بعد التثبت في أحوال الإمام ،مع العلم أن مؤسس الإمامة الرستمية كان رفيق الدرب في حلقات أبي عبيدة. ١١ استمرار مركز الدعوة في توفير المدد المالي عند الاطمئنان إلى حسن السيرة ،ورفض مركز إمامة الظهور هذا المدد؛ لأن أصحابه من أهل الكتمان أولى به ،ولعل الأولى أن يكون العكس؛ لأن الكتمان أخذ من الظهور والعكس لا يكون. هذه سمات تدل دلالة واضحة على حسن اضطلاع الربيع بإمامة الكتمان هذه ،بالإضافة إلى ما تذكره المصادر من عدد التلاميذ الذين تخرجوا على يديه ،وخاصة منهم حملة العلم إلى بلد عمان الذي تأصل بهذا المذاهب واستمر يعطي ثماره زكية عبر الزمن إلى يومنا هذا. وبقي الإمام الربيع السلطة العليا للإباضية حتى وإن قامت إمامة الظهور في المغرب ،وبلغت أوجها في الازدهار ،وكان المرجع في الفتوى عندما تختلف المواقف وتتضارب الآراء. وقد ورد نص الرسالة التي كتبها الإمام الربيع ليحسم الخلاف بين الإمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم ،والذين أنكروا إمامته عندما رضوا به حكما بينهما ،وذلك في العقد الثامن بعد المائة. وبهذا استطاع الإمام عبد الوهاب أن يقف بكل حزم أمام الذين وقفوا هذا الموقف، لكن جانب الفتنة غلب واستمر أثرها في أوساط إباضية المغرب إلى وقت متأخر. خبرا آخر يثبت أمر هذه السلطة العليا التي كانير الس ثم نجد في كتب  يحظى بها الإمام الربيع في أوساط أهل الاستقامة ،ويتمثل في استشارة الإمام عبد الوهاب الإمام الربيع في أداء فريضة الحج مع عدم الاطمئنان من كيد مائة كتاب إباضي70 العباسيين ،فأشار عليه بأن ينيب عنه لعدم توفر الأمن .واختار الإمام عبد الوهاب الربيع وأرسل بالمال ليحج به عنه. ذاك هو الربيع بن حبيب إمام أهل الدعوة الثالث في مرحلة الكتمان في البصرة ،شهد له شيوخه وأقرانه بالفضل والورع والتقوى ،فاختاروه لقيادة الجماعة في طريق الخير والفلاح ،فكان خير خلف لخير سلف ،وقد أثبتت الجماعة بحق ثباتها على المبدأ الذي نافحت من أجله ،ألا وهو أن الجماعة حكرا على عصبية دون عصبية ،وإنما يتولاها منلا تكون وراثية ،وليست حبشيا .فكان الإمام الأول عرب يا عمان يا، توفرت فيه شروطها وإن كان أسود والإمام الثاني تميم يا بالولاء أسود ،والإمام الثالث عرب يا عمان يا لا تربطه بالإمام الأول رابطة نسب إلا من بعيد .إنه اختيار أهل الحل والعقد. فعلا أن يواصل المسيرة وأن يرعى أمته موزعة شرقاوقد استطاع الإمام الربيع عوضا عن إمامة الكتمان ،وبذلك ينتهي دور مدرسةوغربا أقامت إمامة الظهور البصرة لتحل محلها الإمامة في عمان التي استطاعت أن تصارع الزمن قرو نا وقرو نا ،والإمامة في »تاهرت« التي صارعت الزمن قر نا وثلث قرن ،ليعود الأمر إلى الكتمان في بلاد المغرب ،وليقوم نظام الحلقةعلى غرار ما كان الأمر بالبصرة مقام إمامة الظهور محاف ظا على مسيرة أهل الاستقامة في كثير من ربوع تلك البلاد. تحمل الإمام الربيع أعباء الإمامة ،ولم يمنعهأما اتباع الربيع العلمي :فقد ذلك من المشاركة الفعالة في ميدان التدوين ،ذاك أنه لم يكن ليقدم ما تحتاج اعتمادا على الرأي ،وإنما كان ديدنه أن يقدم النص علىإليه الأمة من حلول بسنة الإمام ژ فإن لم يجد فأقوالومثنيا كل رأي مبتد ئا بالكتاب العزيز الصحابة رضوان االله عليهم ،فإن لم يجد فأقوال شيوخه وخاصة منهم الإمامين طويلا في تدوينجابرا وأبا عبيدة ،وبعد ذلك يصل إلى الرأي؛ لذلك كان باعه جميعا. آثار هؤلاء 71الجامع الصحيحمسند الإمام الربيع ومن آثاره كتابات في الفقه ،مثل »إجابات حول أسئلة في فقه العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية« وردت في مدونة أبي غانم الخراساني .وآراء جل مصادر الإباضية الفقهية والأصولية ،إذفقهية وكلامية وفتاوى مبثوثة في لا يخلو مصنف منها من الاستشهاد بأقواله. فتايا الربيع ،وهي إجابات عن أسئلة في مختلف فروع الفقه. فقد كان الإمام الربيع السلطة الروية الأولى في المحيط الإباضي في زمانه. وكان المرجع للجميع في المسلمات .فشخصية كهذه في محيط البصرة حيث تتولد القضايا الشائكة كل لحظة في ذلكم المحيط المتموج لا يمكن لها إلا أن كون الفقيه المحنك الذي يفتي للناس بما هم في أشد الحاجة إليه حتىت يواكبوا تيار العصر ،وتلك هي مهمة الفقيه التي تؤكد نجاعة الفقه الإسلامي وسماحة الدين الحنيف وصلاحيته لكل زمان ومكان. مرسي قواعد المدرسة الفقهية الإباضية ،وإنما كان والربيع بن حبيب لم يكن الحلقة الثالثة بالنسبة إلى هذا المذهب ،فقد درج حينئذ على مسلك شيخيه جابر بن زيد وأبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ،ومن عاصرهما من أهل الفقه والصلاح. فرط،وهذه المدرسة هي وسط بين النقل والعقل ،فهي لم تفرط ولم ت  والمتتبع للأسس التي أقامها الشيخان :جابر ،وأبو عبيدة يجد أنها تقوم على ما يلي: ١ الأخذ بالقرآن الكريم. ٢ الأخذ  بالسنة الشريفة. ٣ القول بالإجماع. ٤ القول بالاجتهاد :القياس ،والمصالح المرسلة ،والاستصحاب ،وسد والعرف. الذرائع ، مائة كتاب إباضي72 فالربيع حينئذ مق لد لشيخيه ،متبع لما أرسياه من أسس واضحة المعالم، زاخرا يتكامل مع ما قدمته بقية عطاء فقه يا ظلت تتبلور عبر الزمن لتثمر المذاهب الإسلامية عبر الزمن ،وهو عطاء تجاوز كل عطاء في باب التشريع للناس لما يستقيم به نظام حياتهم في كنف الدين الإسلامي الحنيف. والمطلع على فتاوى الربيع يتبين أنها تدل دلالة واضحة على أن الإمام التحري ،وذلك هو شأن الفقيه العالم يتحمل مسؤوليته دون أنيبدو في غاية يتورط في التشديد أو كثرة الترخيص ،ولكل مجتهد نصيب ،فمن اجتهد وأصاب فله أجران ،ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد .والأساس في ذلك كله الإخلاص الله تعالى. أما أهم آثار الربيع وأشهرها ،فكان وما يزال »المسند« .والمسانيد كتب في الحديث النبوي ،مرتبة على أصحاب الصحابة ،ومروياته في المسند عن شيوخ كثيرين. وللمدرسة الإباضية عراقة في باب الكتابة والتدوين عامة ،وتدوين الحديث خاصة .فهذا الإمام جابر يجمع كل ما أوتي من علم في ديوانه ،وكذا الإمام أبو عبيدة يحافظ على ذلكم الديوان وينميه. ولا شك في أن الديوان كان بين يدي الإمام الربيع ،ولكنه لم يكتف معتمدا بذلك ،بل سلك مسلكه الخاص في تخصيص تدوين للحديث الشريف في ذلك على نقله المباشر عن شيخه جابر وأبي عبيدة ،وخاصة عن أبي عبيدة إذ كانت معايشته للإمام جابر بن زيد قصيرة المدى. ويضم المسند ما مجموعه ) (٧٤٣حديثا .ويعتبر المسند بين أقدم كتب الرواية .فالإمام الذهبي )ت ٧٤٨ه( يقول في »تاريخ الإسلام« تحت العام )١٤٣ه( أنه حوالي ذلك الوقت بدأ تدوين الحديث والتفسير واللغة والفقه، سائر أمصار الإسلام. 73الجامع الصحيحمسند الإمام الربيع السنة والحديث إحدى صيغتين ،صيغة المسند ،وصيغةواتخذ تدوين  المصنف )على أبواب الفقه( وهكذا فإن مسند الربيع ،والذي ص نفه في الأعم الأغلب أواسط القرن الثاني الهجري يعتبر بين أوائل ما صنف من المسانيد. إن النقل المباشر أغنى الربيع عن الرحلة في طلب الحديث سوى رحلته المواصلة إلى الحج كل سنة ،تلك التي م كنته من الاتصال بأهل الحديث، والمقارنة بين ما عندهم مما زاده يقي نا في صحة ما نقله عن أبي عبيدة ومكانته، ويكفيه أنه لا يفصله عن الرسول ژ إلا حلقتان :إحداهما عمرها الإمام جابر ابن زيد المحدث الثقة بإجماع أهل الحديث .والثانية أصحاب رسول االله ژ ، وفي مقدمة هؤلاء الأصحاب حبر الأمة وبحرها عبد االله بن عباس. ودونه الإمام الربيع في مسنده كان قد أخذ جله هكذا يتبين أن ما رواه مشافهة ومباشرة عن شيخه أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة عن شيخهما أبي الشعثاء جابر بن زيد عن الصحابة ،وهذا النوع من التحمل هو ما يسمى عند إملاء أو تحديثا ،أو من حفظه علماء مصطلح الحديث بالسماع من لفظ الشيخ أو كتبه وهو أعلى درجات التحمل عندهم. ولذلك جاءت سلسلة إسناده سلسلة ذهبية؛ لأنها قصيرة ،وقريبة الاتصال بالنبع المحمدي الصافي ،ولشهرة رجالها بقوة الحفظ والضبط ،وكمال الصدق والصيانة والأمانة. أما عن محتوى مسند الربيع بن حبيب ،فيضم كتاب الجامع الصحيح مسند أبي عمرو الربيع بن حبيب الأزدي البصري بين دفتيه خمسة أحاديث حاليا ليست هي النسخة وألف حديث ) ،(١٠٠٥ونسخة هذا الكتاب المتداولة الأصلية ،فأبو يعقوب يوسف بن إبراهيم بن مناد الوارجلاني )٥٧٠ه١١٧٤/م( هو الذي أعاد ترتيبها وعنونها بترتيب المسند. مفيدا وقد عمد الوارجلاني إلى ترتيب المسند على أبواب الفقه لجعله مائة كتاب إباضي74 فحوله بترتيبه إلى مصنف ،وهو بأقدميته وصحةلطلاب الفتاوى والأحكام؛  أسانيده وعلوها كان وما يزال في طليعة كتب الصحاح. العلامة نور الدين السالمي في التنبيه الثالث على فضل مسند الربيع:قال  »اعلم أن مرتب الكتابوهو أبو يعقوب الوارجلاني ،قد ضم إلى المسند آثارا احتج بها الربيع على مخالفيه في مسائل الاعتقاد وغيرها ،وهي أحاديث المرتب في الجزء الثالث من الكتاب.صحاح يعترف الخصم بصحتها وجعلها ثم أنه ضم إلى ذلك روايات محبوب بن الرحيل عن الربيع ،وروايات الإمام أملح بن عبد الوهاب عن أبي غانم بشر بن غانم الخراساني ،ومراسيل جابر بن زيد .وجعل الجميع في الجزء الرابع من الكتاب ،فكانت أجزاء الكتاب أربعة: الأولان في أحكام الشريعة من أولها إلى آخرها بالسند العالي«. ومسند الربيع جعله الوارجلاني في أربعة أجزاء: الجزآن الأولانوهما أصل الكتابفي أحكام الشريعة إلى آخرها بالسند العالي وجاء فيها عن: ١ عائشة أم المؤمنين: #ثمانية وستون حديث ).(٦٨ ٢ عبد االله بن عباس: 3خمسون ومائة حديث ).(١٥٠ ٣ أنس بن مالك: 3أربعون حديثا ).(٤٠ ٤ أبي سعيد الخدري: 3ستون حديثا ).(٦٠ ٥ أبي هريرة: 3اثنان وسبعون حديثا ).(٧٢ ٦ جابر بن زيد الأزدي :ثمانون ومائة حديث ).(١٨٠ ٧ أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة :ثمانية وثمانون حديثا ).(٨٨ ٨ أبي يعقوب الأنصاري، 3وعبادة بن الصامت وابن مسعود الأنصاري وغيرهم :اثنان وتسعون حديثا ) ،(٩٢فيكون بذلك ما جاء في المسند 75الجامع الصحيحمسند الإمام الربيع الأصلي )الجزآن الأول والثاني( خمسون وسبعمائة حديث ).(٧٥٠ أما الجزء الثالث والرابع فقد ضمهما إلى المسند الأصلي المرتب الوارجلاني ،فما جاء في الجزء الثالث :آثار احتج بها الربيع على مخالفيه في مسائل مختلفة من الاعتقادات وغيرهم. وقد شرح المسند: ١ المحشى )محمد بن عمرو بن أبي ستة( )ت ١٠٨٨ه١٦٧٩/م( حاشية على الترتيب ،وهو مسند الربيع بن حبيب بترتيب أبي يعقوب الوارجلاني .وقد طبع طبعة أولى بدون تحقيق بزنجبار ،و طبع طبعة ثانية بعمانوزارة التراث والثقافة ،و طبع طبعة ثالثة بالجزائربدون تحقيق سنة ١٩٩٥م. ٢ عبد االله السالمي )ت ١٣٣٢ه١٩١٤/م( :شرح الجامع الصحيح .طبع بعمان في ثلاثة أجزاء. واستنادا إلى عدة مخطوطاتقد العلامة نور الدين السالميفقد كان  قام على نشر المسند بترتيب الوارجلاني ،وهي طبعة علمية خالية من السقط والتحريف ،وهي هذا الكتاب الذي نعرضه هنا. هذا الكتاب يثبت أن الربيع بن حبيب محدث ثقة وأمانة ،وهذا مسنده صحة ومتانة ،وتلك هي جهود خلفه دقة ورصانة ،كل ذلك يثبت سنية مذهب وبعده عن البدعة والخيانة.أهل الاستقامة ، ومن الأبواب التي تضمنها الكتاب: النية ١ باب في وفيها روى حديث» :نية المؤمن خير من عمله« .وحديث» :إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى«. مائة كتاب إباضي76 ٢ باب في ابتداء الوحي فقد سئل الرسول ژ:كيف يأتيك الوحي يا رسول االله؟ قال» :أحيا نا يأتيني علي فيصم عني وقد وعيت ما قال ،وأحيا نامثل صلصلة الجرس وهو أشده رجلا فيكلمني فأعي ما يقول«.يتمثل لي الملك ٣ باب في ذكر القرآن من أحاديث هذا الباب قوله ژ » :ع لموا أولادكم القرآن ،فإنه أول ما ينبغي أن يتع لم من علم االله هو«. ترتيلا ،ولا تغنوا به ،فإن االله يجب أنوقوله ژ » :إذا قرأت القرآن فرتله تسمع الملائكة لذكره«. ٤ باب في العلم وطلبه وفضله ذكر عن النبي ژ قال» :اطلبوا العلم ولو بالصين«. رضا لما يطلب«.وقال ژ » :إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم سهل االله له طري قا إلى الجنة«.علماوقال ژ » :من سلك طري قا يلتمس فيه وقال ژ » :تعليم الصغار يطفئ غضب الرب«. خيرا فقهه في الدين«. وقال ژ » :من أراد االله به ٥ باب في طلب العلم لغير االله تعالى ،وعلماء السوء »ويل لمن لا يع ل م ولم يعمل مرة ،وويل لمن يع ل م ولم يعمل مرتين«. قال ژ : وقال ژ » :من أفتى مسألة أو ف س ر رؤيا بغير علم كان كمن وقع من السماء بئرا لا قعر لها ولو أنه أصاب الحق«.إلى الأرض فصادف ٦ باب في الأمة أمة محمد ژ قال ژ » :ما كان االله ليجمع أمتي على ضلال«. 77الجامع الصحيحمسند الإمام الربيع وقال ژ » :ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة؛ كلهن إلى النار ما خلا واحدة ناجية ،وكلهم يدعي تلك الواحدة«. وقال ژ » :لعن االله من أحدث في الإسلام حد ثا أو آوى م حدثا«. ٧ باب في الولاية والإمارة قال ژ » :لا يزال هذا الأمريعني :الولايةفي قريش ما دام فيهم رجلان بالملك«. وأشار بإصبعيهولكن الويل لمن افتتن وقال ژ » :من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ر د«. ٨ باب في الرؤيا جزءا جزء من ستة وأربعينقال ژ » :الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح من النبوة«. وقال ژ » :إنه ليس يبقى من بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة«. ٩ باب في الإيمان والإسلام والشرائع قال ژ » :الإحسان أن تعمل الله كأنك تراه ،فإن لم تكن تراه فإنه يراك«. ١٠ باب في ذكر الشرك والكفر قال ژ » :من أشرك ساعة أحبط عمله ،فإن تاب جدد له العمل«. وقال ژ » :من قال لأخيه :يا كافر .فقال له :أنت الكافر ،فقد باء بالكفر أحدهما والبادي أظلم«. وقال ژ » :الرياء يحبط العمل كما يحبطه الشرك«. ١١ باب في الحب قال ژ » :يقول االله تبارك وتعالى يوم القيامة :أين المتحابون لأجلي ،اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي«. مائة كتاب إباضي78 ويقول ژ » :قال االله: 8إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه ،وإذا كره عبدي لقائي كرهت لقاءه«. ١٢ باب في القدر والحذر والتطير والكيس«. العج ز قال ژ » :كل شيء بقضاء وقدر حتى ص فر«. دوى ولاوقال ژ » :لا هامة ولا ع ١٣ باب في الفتنة غنما يتبع بها شغف الجبال قال ژ » :يوشك أن يكون خير مال للمسلم ومواضع المطر ،يفر بدينه من الفتنة«. وينقسم كتاب مسند الربيع إلى عدة كتب داخلية ،وتحت كل كتاب منها عدة أبواب وهي: كتاب الطهارة :وتحتها أبواب في :الاستجمار ،وباب في آداب الوضوء وفرضه ،وباب في فضائل الوضوء ،باب ما يجب منه الوضوء ،باب في النوم الذي ينقض الوضوء ،وباب في المسح على الخفين ،وباب جامع الوضوء، وباب فيما يكون منه غسل الجنابة ،باب في كيفية الغسل من الجنابة ،وباب جامع النجاسات ،وباب في أحكام المياه ،وباب فرض التيمم والعذر الذي يوجبه ،وباب الزجر عن غسل المريض. كتاب الصلاة ووجوبها :وفيه أبواب عن :الأذان ،وفي أوقات الصلاة، وفي فرض الصلاة في الحضر والسفر ،وصلاة الخوف ،وصلاة الكسوف في سبحة الضحى وتبردة الصلاة ،والإمامة في النوافل ،واستقبال الكعبة وبيت المقدس ،والإمامة والخلافة في الصلاة ،وصلاة الجماعة والقضاء فيها ،وابتداء الصلاة ،والقراءة في الصلاة ،والركوع والسجود وما يفعل فيهما ،والقعود في الصلاة والتحيات ،والجواز بين يدي المصلي ،والسهو في الصلاة ،والقرآن في الصلاة ،والمساجد وفضل مسجد رسول االله ژ،والثياب في الصلاة فيها وما 79الجامع الصحيحمسند الإمام الربيع يستحب من ذلك ،وصلاة الجمعة وفضل يومها ،وفضل الصلاة وخشوعها، وجامع الصلاة. كتاب الصوم :وفيه أبواب هي :في صيام رمضان في السفر ،وصوم يوم عاشوراء والنوافل ويوم عرفة ،وما يفطر الصائم ووقت الإفطار والسحور ،وليلة القدر ،والنهي عن صيام العيدين ويوم الشك ،وفضل رمضان. كتاب الزكاة والصدقة :ومن أبوابه :في النصاب ،وما لا يؤخذ في الزكاة، وما عفي عن زكاته ،والوعيد في منع الزكاة ،وفي الصدقة ،وفي أفضل ما يتصدق به والبركة في الطعام ،ومن تكره له الصدقة والمسألة ،وجامع الصدقة والطعام ،وأدب الطعام والشراب. كتاب الحج :ويضم العديد من الأبواب ،منها :في فرض الحج ،وفي المواقيت والإحرام ،وفي غسل المحرم ،وما يتقي المحرم وما لا يتقي ،وفي عرفة والمزدلفة ومنى ،في الهدي والجزاء والفدية ،وفي التمتع والإفراد وغيرها. كتاب الجهاد :ومن أبوابه :في البيعة ،وفي عدة الشهداء ،وفي فضل الشهادة ،وفي الخيل ،وجامع الغزو في سبيل االله. كتاب الجنائز :ويضم أبواب :في الكفن والغسل ،وصلاة الجنائز ،وفي القبور. كتاب الأذكار :ويشمل أبواب :في الدعاء ،وآداب الدعاء وفضيلته ،وفي التسبيح والصلاة على رسول االله وغيره. ومن الأبواب التي ضمها مسند الربيع وأورد فيها أحاديث عن الرسول ژ عن النكاح ،والطلاق والخلع والنفقة ،والبيوع ،والأحكام ،والذبائح ،والأشربة من الخمر والنبيذ .ويختم بالحديث عن الأيمان والنذور الذي يتضمن موضوعات :الديات ،والمواريث ،والعتق ،والوصية ،والضيافة ،والوعيد في الأموال ،وآداب المؤمن في نفسه والسنن وغيرها. 80 iôÑ`μdG áfhó`adG ) (✽)»fÉ°SGôîdG ofÉZ øH ô°ûH ofÉZ ƒHCGت ٢٠٠ه( تحقيق وترتيب :يحيى بن عبد االله النبهاني وإبراهيم بن محمد العساكر مكتب الجيل الواعدمسقطسلطنة عمان ،ط١٤٢٧ ،١ه٢٠٠٦/م. عدد الصفحات ٥٢٤ :صفحة تعد مدونة أبي غانم الخراساني أحد الأعمال الأولى للإباضية ،وهو كتاب دون فيه مؤلفه ما وصل إليه من أقوال علماء المذهب الإباضي الذين عاصرهم )(١ أو كانوا قبله ،وقد أشار إلى ذلك فيما كتبه في أول مدونته. وغالبا ما تعرف في السير، كتابا كما تناقلتهتتكون من اثني عشروالمدونة الس ير على أنها تقييدات أبي غانم لما رواه تلاميذ أبي عبيدة عن شيخهم،كتب  وهذا ما يلاحظ على الخط الأساسي للمدونة ،إذ يحرص الراوي على معرفة رأي الشيخ أبي عبيدة في المسألة ،وإذا لم يحصل ذلك أشار إلى أنه لم يحفظ قولا ،وقد يلتبس رأي التلميذ برأي الشيخ.للشيخ فيها والهدف الأساسي الذي يبدو أن أبا غانم رمى إليه هو معرفة آراء أبي عبيدة وجابر لأنهما يشكلان المرجع الأساسي للمدرسة دون أن يغفل ذكر آراء الآخرين من المعاصرين لجابر وأبي عبيدة ،فمن أبرز العلامات على ذلك اقتران عبارة »وهو قول أبي عبيدة« ب »والعامة من فقهائنا« ،وكذلك عبارة »وهو قول أبي عبيدة وجابر بن زيد« ب »والعامة من فقهائنا«. )✽( اختلف المؤرخون في تاريخ وفاته فذكر البعض أنها سنة ٢٠٥ه،بينما يرى أحد الباحثين أنه من أعلام الطبقة الخامسة )٢٥٠ - ٢٠٠ه( بحيث تكون وفاته في النصف الأول من القرن الثالث الهجري من دون تحديد تاريخ بعينه. 81المدونة الكبرى وعليه يمكن إعطاء تعريف موسع للمدونة بأنها :كتاب ص نفه أبو غانم الخراساني ق يد فيه روايات تلاميذ أبي عبيدة عن شيخهم من آراء وفتاوى وأحاديث عن الرسول ژ وعن الصحابة رضوان االله عليهم ،مع اشتمالها على شيوخا قبله وهم أقوال لبعض العلماء الآخرين من غير أبي عبيدة ،سواء أكانوا شيوخا من التابعون؛ كجابر بن زيد وإبراهيم النخعي والحسن البصري ،أم شيوخا من تلاميذه. طبقته ،أم والمدونة إحدى الأعمال الفقهية التي يزخر بها الموروث الفقهي ،وقد أخذت مدونات الفقه والأصول مسميات شتى بحسب موضوعاتها في الغالب، أو نسبة إلى أصحابها في أحيان كثيرة ،فعرفنا موطأ الإمام مالك ،وديوان الإمام جابر بن زيد ،والفقه الأكبر لأبي حنيفة النعمان ،وغيرها من آثار علماء الإسلام. وقد يأخذ الكتاب اسم المدونة ،إبقاء على أصل الكلمة ،وهو التدوين وحفظ الآثار ،مثل »المدونة الكبرى« لابن القاسم المالكي. كما تفاوتت حظوظ المدونات المحفوظة من حيث عناية الناس بها وإقبالهم عليها ،فقد نال كتاب »الموطأ« نصيب كبير ،واهتم به تلامذة الإمام مالك وأتباعه ،وانتفع به الناس عبر القرون ،ولا يزالون. كما تأتي »المدونة الكبرى« لابن القاسم في مقدمة مصادر الفقه التي حفظت آراء الإمام مالك وتلامذته ،إذ جردت المسائل عن الأخبار والآثار، واستخلصت عصارة ما سبقها من مصادر ،وعرضت المسائل في صورة حوار. وصارت المدونة عمدة المذهب المالكي في الفقه والقضاء ،وغدت الأصل الثاني بعد »الموطأ« ،بل إنها حازت قصب السبق ونالت ما لم ينله غيرها من كتب المالكية ،من حفظ وشرح وتعليق واختصار. وكان حظ ديوان جابر على خلاف ذلك ،إذ ذهبت به الأيام وظل خبره مائة كتاب إباضي82 يتردد في المصادر دون أن تكتمل به أعين الناظرين ،وإن ضمت مصادر التراث كثيرا من آراء جابر وفتاواه ،وحفظ تلامذته مجمل فقهه ودونوه فيالإسلامي كتبهم ،فروتها الأجيال واستنارت بها في معرفة الحلال والحرام. فما هي هذه المدونة؟ ومن هو صاحبها؟ وما قصته وقصتها؟ ولدت مدونة أبي غانم في أحضان مدرسة فقهية أصيلة وعريقة في تاريخ الإسلام ،وهي مدرسة الإمام جابر بن زيد إمام الإباضية الفقهي .وإن نسبوا بغير اختيار منهم إلى عبد االله بن إباض لزعامته السياسية ،وبروزه في ساحة منافحا عن أصحابه ،وعن مواقفهم وآرائهم في قضاياالمناظرات والجدل، ومفندا مزاعم الخوارج وتطرفهم ،ومبي نا انحرافهم عنالساحة الساخنة آنذاك، النهج الوسط الذي يرفض ظلم الحكام واستبدادهم بالأمر دون شورى ،كما يرفض ظلم الرعية واستباحة الدماء والأموال بمبررات وهمية لا تستند إلى سندا من شرع ولا عقل.أصل ولا تجد لها الك تاب في تاريخ التشريع أن القرن الثاني ومن المتعارف عليه لدى للهجرة هو بداية العصر الذهبي للفقه الإسلامي وهو يمتد إلى منتصف القرن الرابع ،ويسمى بدور المجتهدين ،وفي هذا الدور نما الفقه وازدهر وكثرت مسائله على نحو لم يعهد مثله من قبل. السنة النبوية الشريفة ،ولم ينته هذا الدور إلا وقد دونت وفي هذا العصر وجمعت أشتاته ،وأ لفت الكتب في مسائله ،وصاروضبطت قواعدهدون الفقه قائما بنفسه ،وأكبر علامات هذه المرحلةمتميزا عن غيرهبناؤه شامخ ا وعلمه ظهور المدارس أو المذاهب الفقهية. غير أنه قبل بداية هذا العصر ظهرت البوادر الأولى للمدرسة التي سميت بعد حين من الدهر ب »المدرسة الإباضية« من مجانبة الصواب النظر إليها بصورة فقهية مجردة شأنها شأن المذاهب الفقهية الأخرى؛ ذلك لأنها نشأت 83المدونة الكبرى أثقالا من أوزار الفتنة الكبرى ،فشقت طريقها وسطوهي تحمل على كاهلها زحام من الآراء المتطرفة التي كانت ردة فعل طبيعية لتلك الأحداث التي أعقبت اغتصاب الخلافة الراشدة. وفي أحضان هذه المدرسة الإباضية التي أسسها جابر بن زيد ولدت مدونة أبي غانم الخراساني ،وشاءت الأقدار أن تظل محفوظة إلى اليوم ،تتناقلها الأجيال ،وترويها ،وتصدر عنها في الفقه والأحكام لما حوته من آراء أئمة الإباضية الأوائل ،كما غدت معتمد اللاحقين في مجال الفتوى والقضاء ،وإن لم تبلغ مبلغ مدونة سحنون في الشهرة والذيوع ،لأسباب تاريخية وفكرية صاحبت مسيرة الإباضية عبر القرون ،إذ كان الحصار الفكري والسياسي نصيبهم في تلك المسيرة ،فطوقت كتبهم بستار حديدي حال دون استفادة عموم المسلمين منها، والسنة ،ولكنه الجهل الذي أثمر القطيعة، رغم أنها كتب تصدر عن الكتاب وسوء الظن الذي فرق المسلمين ،وكتابهم يدعوهم إلى الوحدة. ومدونة أبي غانم بشر بن غانم الخراساني كتاب يضم آراء كبار فقهاء الإباضية الأوائل ،إذ حفظ أبو غانم فتاواهم التي سمعها منهم مباشرة ،أو فدونها في كتابه هذا ،وهي فتاوى متفاوتة في الحجمبواسطة من أخبره بها ، وفرة وكثرة ،وتعتبر هذه المدونة صورة لفقه المدرسة الإباضية في أصوله ومعالمه ،ومنهجه وخصائصه. نظرا لموقعه البكر ،وتقدمه وجدير بالذكر أن هذا الكتاب يتبوأ أهمية بالغة الزمني بين مصادر التراث الإسلامي ،إذ ينسب إلى نتاج القرن الثاني الهجري، عصر التأسيس لعلوم الإسلام ،وعصر بدايات التأليف في أعظم علوم الشريعة؛ علوم الفقه والأصول ،والتفسير والحديث. ومؤلف المدونة هو الإمام الحافظ الفقيه أبو غانم بشر بن غانم الخراساني، ولم تذكر المصادر عن اسمه أكثر من هذا. مائة كتاب إباضي84 ونسبته إلى خراسان موطنه الأصلي ،إذ كانت من البلاد التي انتشر فيها الإباضية ،ونشأ فيها عدد من علمائها ،منهم أبو غانم ،وأبو عيسى الخراساني. قدم أبو غانم إلى البصرة لتلقي العلم عن الإمام أبي عبيدة مسلم بن أبي يسيرا ،فما لبث أن توفي أبو عبيدة سنةكريمة ،لكنه لم يحظ بمعاصرته إلا زم نا ١٥٠للهجرة ،ولم يقض أبو غانم نهمته من العلم ،فكان له في تلاميذ أبي عبيدة عوض عما حرمه من التعلم على يديه. ولا تمدنا المصادر بتفاصيل عن حياة أبي غانم ،ولا تشير إلا إلى محطات معدودة من مسيرته لا تكاد تشفي الغليل ،إذ تذكر أنه لبث في البصرة زمن التعلم ،حيث كانت مزدهرة بتلاميذ أبي عبيدة ،وحين خفت الإشعاع العلمي بها إثر وفاة الإمام الربيع بن حبيب )توفي حوالي سنة ١٧٠ه( أحد أبرز تلاميذ أبي عبيدة الذي خلفه في الرئاسة العلمية بالبصرة ،حينها توجه أبو غانم إلى بلاد المغرب في رحلة علمية. مر بمصر ،وفيها لقي ابن عباد المصري ،أحدوفي طريق رحلة أبي غانم ضمنها مدونتها. فقهاء الإباضية بمصر ،فأفاد من لقائه آراء علمية فقهية ثم اجتاز على جبل نفوسة )ليبيا حال يا( ولقي بها عمروس بن فتح المساكني )ت ١٨٣ه( واستودعه نسخة من المدونة ،ثم أكمل المسيرة إلى »تاهرت« حيث لقي الإمام عبد الوهاب. وذكر معجم أعلام الإباضية أن أبا غانم عرض على الإمام مدونته ،فكانت تلك النسخة من نصيب مكتبة المعصومة بتاهرت .ب ي د أن الدرجيني لم يشر إلى نسخة ثانية للكتاب غير التي استودعها في جبل نفوسة. ولما رجع أبو غانم إلى نفوسة طلب من عمروس وديعته فردها إليه بعد أن نسخ منها نسخة لنفسه. 85المدونة الكبرى وواصل أبو غانم طريقه صوب المشرق ،ولا تفيدنا المصادر عن وجهته ولا منتهى رحلته ،ولا تذكر شي ئا عن تفاصيل حياته إثر عودته من بلاد المغرب. أيضا بتاريخ محدد لوفاته ،وإن ذكر بعض الباحثينكما لا تسعفنا المعاصرين أن وفاته كانت سنة ٢٠٠ه للهجرة. وتنسب المصادر إلى أبي غانم صفات الرجل العالم الحق ،الذي تحلى بالصبر ،وتذرع بالمثابرة في طلب العلم ،حتى بلغ فيه درجة عالية. ومن بين خصاله التي بوأته هذه المنزلة المتميزة بين أعلام الإباضية التواضع ،والأمانة ،والحرص على التحصيل ،وهو ما تشهد به مدونته في مثالا للطالب المجد والملازم لأستاذه ،لا يمل منمواضع عديدة ،إذ نجده سؤاله في استعطاف وتواضع ،ليستدر أخلاق شيخه ،فينفحه بدرر العلم وفوائده ،ويفيض عليه بما لا يمنح لكل طالب ،بل يختص به النابهون المجددون والنجباء. وتحمله الأمانة على التصريح بالرأي إذا سمعه من صاحبه مباشرة ،واستيقن ونبه إليه تفاد يا للتدليس. منه ،فإن شك في الأمر نص على ذلك ، وقد ذكرت المصادر لأبي غانم عدة آثار ،وهي: ١ »المدونة« :اشتهر أبو غانم بمدونته التي نحن بصددها. موجودا ببلاد المغرب ٢ كتاب» :اختلاف الفتوى« :وقد ظل هذا الكتاب إلى القرن السادس ،وكان معتمد الناس في الفقه. بيد أنه ورد في بداية كتاب النكاح من المدونة الصغرى عبارة» :كتاب الطلاق من اختلاف الفتيا تأليف بشر بن غانم الخراساني« ،وجاء في آخر الكتاب» :تم كتاب اختلاف الفتيا رواية أبي غانم بشر بن غانم الخراساني«. وجاء في المدونة الصغرى عنوان» :باب البيوع والأحكام مختلطة« ،وكتب مائة كتاب إباضي86 قبل العنوان عبارة »هذا كتاب اختلاف الفتيا رواية أبي غانم بشر بن غانم الخراساني« وبهذا يترجح أن هذه الكتب جزء من المدونة ،أو أنها أدرجت فيها لاحقا ،وأن مادة الكتاب محفوظة غير ضائعة. ٣ كتاب» :الطلاق« :ذكر الشيخ أطفيش هذا الكتاب في شرح النيل، ويوجد هذا المخطوط بعنوان» :كتاب الطلاق الأول« لأبي غانم بشر بن غانم، أيضا. ولكنه متضمن في المدونة ٤ »الديوان المعروض« :ويسمى هذا الكتاب باسم» :الديوان المعروض على علماء الإباضية« ويوجد نسختان منه بجربة ،ونسخة ثالثة بدار الكتب المصرية بالقاهرة ،أصلها مغربي جيء بها من جربة. عددا من الروايات من مصادر مختلفة لعلماء وفقهاء إباضيةوهو يحتوي من البصرة والكوفة والمدينة المنورة ،وتتناول هذه الروايات موضوعات فقهية متعددة. أيضا تداخل بعض الكتب مع ما في المدونة الكبرى ،مثلكما يلاحظ أيضا كتاب» :الصيام« الموجود بنفسه في المدونة ،وكتاب» :القسمة« الموجود في المدونة ،وفي نسخة دار الكتب وحدها ،ويتبين من هذا أن »الديوان المعروض« عبارة عن كتب ليست من وضع أبي غانم ،بل هو تجميع لها ليس إلا ،وهي تختلف عن المدونة في أسلوب العرض والسؤال والجواب ،وفي مصادر مادتها الفقهية ،إذ ليست كلها عن شيوخ أبي غانم ،ولا كانت من صياغته أو صناعته ،بل هي من تأليف غيره ،وربما كان له فضل جمعها في كتاب واحد. وقد أثر الإمام جابر بن زيد على تلاميذه ،فقد كان الإمام جابر همزة وصل بين الصحابة وتلاميذه من أئمة الفقه الإباضي ،وقام الفقه الإباضي على هذه والسنة ،وأقوال الصحابة ،ثم الرأي. الأصول التي اعتمدها الإمام جابر :القرآن، 87المدونة الكبرى وتشدد بعض تلامذة جابر في استعمال الرأي ،فلم يبيحوه إلا عند الضرورة القصوى ،من ذلك أن أبا عبيدة ل ما سمع أن أهل عمان يستعملون الرأي قال: »إنهم لم يسلموا من الفروج والدماء«. وقد اتفقت المصادر في نسبة القول بالرأي إلى الإمام جابر بن زيد ،وأنه والسنة والرأي ،وإن كان يعتقد أن كان يرى مصادر التشريع متمثلة في الكتاب رأي الصحابة أفضل من رأيه الشخصي ،فهو مقدم في الاعتبار. أما مصطلح الرأي فلم يكن أول الأمر محدد المعالم لكثير من مصطلحات واسعا تندرج تحته أصول عدة ،تشمل القياسعلم الأصول ،وكان مفهومه أيضا الإجماعوالاستحسان والمصالح المرسلة وغير ذلك ،بل يضاف إليه يعبر عنهما أوائل الإباضية بالرأي؛ لأنهما يستمدان منه.والاجتهاد اللذين كان وقد ثبت عن جابر قوله بالرأي في مسائل عديدة ،وما كان ينكر إلا الرأي الذي يخالف الأثر ،ويفضل اجتهاد الصحابة على من بعدهم للعلة التي أوضحها ،وهي مصاحبتهم للرسول ومشاهدتهم للتنزيل ،وإذا خلت المسألة من وس م عت كلمته. نص أو أثر فس ح حينئذ للرأي مجاله ، ولكن أبا عبيدة مسلم بن أبي كريمة ،تلميذ جابر وردت عنه مواقف قولا بخلافعموما ،ومن القياس على وجه التحديد ،واعتبرهمتشددة من الرأي والسنة والآثار ،وأيده في هذا الاتجاه تلميذه محبوب بن الرحيل.الكتاب والسنة ،وإن كل قوم جدالا بخلاف الكتابوكان أبو عبيدة يعتبر القياس أعطوا الجدل منعوا العمل ،ومن اتبع القياس كان إمامه وقائده. أيضا تلميذه الربيع بن حبيب وجماعة ممنكما شايع أبا عبيدة في موقفه عرفوا بالتزامهم الشديد بالأثر ،وكان لهم موقف مخالف ومتحفظ من زملائهم القائلين بالقياس. مائة كتاب إباضي88 وقد لقي اتجاه الربيع صدى لدى أتباع المذهب في بلاد المغرب ،وقد أربك هذا الاختلاف الدارسين في التعرف على موقف الإباضية الحقيقي من القياس أول الأمر ،وأصبح من غير اليسير إلحاق المدرسة الإباضية في أيامها الأولى بأحد الطرفين :القائلين بالقياس أو المنكرين له. ويقرر ابن بركة أن أصحابنا اختلفوا فيه فرآه بعض ،ولم يره آخرون ،ومنهم محبوب بن الرحيل. والذي يبدو جل يا من القضية أن أبا عبيدة ومن معه لم ينكروا القياس جملة مخالفا لما تقرر فيهما منوالسنة، مضاهيا للكتاب وتفصيلا ،بل أنكروه إذا قام قواعد وأحكام. وقد حسمت المدونة الموقف ،وأوردت نماذج عديدة لعمل الإباضية الأوائل بالقياس ،وتأكد الأمر في المصادر التالية للقرن الثالث ،إذ تحدث عنه مستفيضا ،وأكد كون القياس من مصادر الأحكام.ابن بركة في جامعه حديثا وفصل الحديث عن مسائله بإسهاب ،وعلى نفسونظر له الوارجلاني، الخط سار اللاحقون حتى العصر الحديث ،إذ بلغ الذروة لدى السالمي في كتابه» :شرح طلعة الشمس« ،وفيه كل المسائل التي تطرق لها الأصوليون في مباحث القياس. وفي المجال التطبيقي توسع الإباضية في هذا الدليل ،فلم يقصروه على المعاملات ،بل أجروه كذلك في مجال العبادات والكفارات. ويرى د .مصطفى باجو أنه يمكن تشبيه موقف الإباضية الأوائل من القياس بموقف الصحابة من الرأي ،فبعض اعتمده وبعض رده وذمه ،ووردت عنهم أقوال متناقضة في مجال العمل بالرأي ،ثم تبين أن الرأي المستند إلى أدلة الشرع محمود معتبر ،وما خالفهما فهو مذموم مردود. 89المدونة الكبرى أما مدونة أبي غانم فهي كتاب فقه جمع فيه آراء سبعة من كبار تلاميذ الإمام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ،وأكثر من روى عنهم ابن عبد العزيز وأبو المؤرج. كتابا على قدر وتذكر المصادر التاريخية أن المدونة كانت لدى المشارقة كبير من الأهمية ،وكان أبو غانم ضني نا بها ،وقد احتفظ بها لنفسه ،ولعله كان يهدف إلى تنقيحها وضبط مسائلها قبل نشرها؛ لأن الأحكام الفقهية أمانة مصدرا أساس يا لآراء أئمة يتحمل المفتي مسئولياتها بين يدي االله .وظل الكتاب الإباضية الأوائل من لدن جابر بن زيد إلى عصر أبي غانم. مؤخرا وجود كتابين للمدونة:وقد شاع بين المتعاملين مع التراث الإباضي أحدهما يعرف بالمدونة الصغرى ،والثاني بالمدونة الكبرى ،وكلاهما لأبي غانم الخراساني. جزءا مؤخرا على مدونة أكبر ،تضم اثني عشرثم تداول هؤلاء خبر العثور )كتابا( هي أوسع مما بين يدي الناس اليوم. كتابا ،فهي موضوعات المخطوط ،وهي مقسمة إلىأما قصة الاثني عشر عددا من كتب ،على عادة الفقهاء في تصانيفهم ،وكل كتاب منها يحتوي الأبواب والكتب هي بالعناوين التالية: ١ كتاب الصلاة. ٢ كتاب الزكاة. ٣ كتاب الصيام. ٤ كتاب النكاح. ٥ كتاب الطلاق. ٦ كتاب الهبة والهدية. ٧ كتاب الوصايا مائة كتاب إباضي90 ٨ كتاب الديات. ٩ كتاب الأشربة والحدود. ١٠ كتاب الشهادات. ١١ كتاب البيوع. ١٢ كتاب الأحكام والأقضية. والذي يعكر على هذا التصنيف عدم تطابقه مع النسخ المتوفرة للمدونة سواء الصغرى منها أو الكبرى؛ إذ تذكر أحيا نا اسم الكتاب ،وأحيا نا اسم الباب ،فأبواب الصلاة لم تذكر تحت اسم كتاب الصلاة ،وكذلك الزكاة والحج، وإن كانت هذه الموضوعات موجودة بكاملها في المدونة مع تفاوت في فضلا عن تضمنها كتب أخرى مثل كتابالترتيب بين الصغرى والكبرى، الشفعة ،وكتاب الإعتاق. إلا أن المصادر القديمة لم تذكر اسم المدونة الكبرى أو المدونة الصغرى، ولم تورد إلا اسم المدونة ،أو مدونة أبي غانم ،أو الغانمية ،ثم ظهر هذا التميز في النسخ الحديثة بعد ترتيب القطب للمدونة ،وقد نسب بعضهم التسمية إلى القطب نفسه ،إذا جعل المدونة الأصلية صغرى ،وأما التي رتبها وأضاف إليها تعليقاته فسماها المدونة الكبرى. فصلا عنونه بقوله» :تكملة خارجة عنوأضاف القطب في آخر المدونة المدونة« ضمنها ترجمة لرجال المدونة. وأ يا ما كان فإن الكتاب في أصله واحد ،والخلاف بين الكبرى والصغرى يتعلق بعدة فصول اختصت بها الصغرى دون الكبرى ،وببضعة أبواب أضيفت إلى الكبرى وليست في الصغرى .منها أبواب عديدة في كتاب الطلاق ،وفي كاملا.كتاب الصوم ،إضافة إلى كتاب القسمة 91المدونة الكبرى وهي أبواب تختلف في صياغتها ومضمونها عن أسلوب ونهج المدونة الأصلية ،وبخاصة منها أبواب الصلاة ،حيث نجد عليها سمات التدوين في الأعصر اللاحقة للمدونة ،وينعدم فيها أسلوب الحوار بين التلميذ وشيوخه، كما سادها أسلوب الخطاب المباشر الموجه إلى الجماعة ،بلهجة وعظية متكلفة ،لم تعهد في كتب الصدر الأول ،مع عناية بالغة بتفاصيل الأحكام ،في باب الاستنجاء والطهارات والتمييز بين الرجل والمرأة في ذلك. أما الأعمال التي تتابعت على المدونة ،فقد كان من اهتمام الإباضية بالمدونة أن نقلوا نصوصها واعتمدوها في مؤلفاتهم ،ونجد في أجوبة ابن خلفون نماذج ومغربا. لاقتباسات عديدة من المدونة ،وهو أمر سارت عليه مؤلفات الإباضية مشرقا أما عن القيمة العلمية للمدونة فتعد مدونة أبي غانم أهم وأقدم مصدر بعد مسند الربيع بن حبيب ،حفظ لنا آراء الإمام جابر بن زيد وتلاميذه. والمدونة كتاب فقه وحديث شمل كل أبواب الفقه الإسلامي التي عالجها فقهاء الإباضية آنذاك .وتقدم لنا صورة واضحة لنتاج هؤلاء الفقهاء ،كما تضمن معالم اجتهادهم وقواعدهم في استنباط الأحكام. كان هدف أبي غانم من تدوين كتابه رصد آراء فقهاء سلفه وحفظها للأجيال ،ضما نا لاستمرار نفعها ،وتبصير الناس بأحكام دينهم. وكان موقعه موقع التلميذ الحافظ ،والسائل المتفقه ،والراوي الأمين، لا يتجاوز حدوده تلك ،إلا فيما ندر ،فلا نجد له آراء خاصة في الكتاب ،بل طابع الكتاب العام كان أسئلة من التلميذ وأجوبة من المشايخ والفقهاء ،ومن مجموع ذلك كانت المدونة. ولعل انشغال أبي غانم بالرصد والتدوين حال دون اهتمامه بالترتيب ودونه ،فجاء الكتاب غير متناسب في ترتيب أبوابه ومسائله. والتنسيق لما جمعه  مائة كتاب إباضي92 مستقلا،كراسا ويرجح بعض الباحثين أن أبا غانم كان قد وضع لكل باب ثم جمعت تلك الكراريس بعد ذلك من قبل تلامذته ،أو يكون أبو غانم قد قام بضم بعضها إلى بعض بنفسه. ويفتقر هذا الرأي إلى دليل مقنع ،فإن نسخ المدونة التي بين أيدينا تكشف عن تداخل الأبواب وتناثر المسائل ،فرغم وجود تصنيف عام للأبواب بأسمائها مشوشا إلى حد كبير،المعروفة في كتب الفقه ،إلا أن توزيع المسائل عليها كان إذ قد نجد مسألة في الصلاة في باب المعاملات ،ومسألة في النكاح في باب الجنايات ،وظل الكتاب بحاجة إلى استدراك لضم المتناسب وتفريق المتباين. أما عن الجانب الفقهي والأصولي في المدونة ،فإن الكتاب بما احتواه من واستدلالا للآراء،فهما لنصوص الشارع،مسائل وآراء في غاية الأهمية ، واعتمادا على الحوار العلمي القائم على الحق والبرهان ،قاعدته الذهبية» :إن مدعيا فالدليل«. كنت ناقلا فالصحة ،وإن كنت أيضا حول قضاياوقد عرضت المدونة بوضوح آراء الإباضية ،وآراء غيرهم الساعة التي عرفها المجتمع المسلم آنذاك ،وأوردت وجهات نظر هؤلاء العلماء ،واختلافهم ،والحجج التي ساقها كل فريق لتأييد رأيه .كما تضمنت المدونة بواكير القواعد الأصولية ،وأصول الاستنباط عند الإباضية. ففي أحضان المدونة نجد المصطلحات الأصولية ،ومفاهيمها لدى أئمة السنة وحجيتها ،وكيفية الترتيب بين الإباضية الأوائل ،وتحديدهم لمصطلح  فضلا عن القياس والرأي وإجماعالأدلة ،وطريقة إزالة التعارض بينها إذا وقع، الصحابة والاختلاف ،وغيرها مما يعد بدايات التدوين في موضوعات علم الأصول ،ثم تواصل مساره ،واكتمل بناؤه على أيدي اللاحقين من العلماء. فقد تمازج الفقه وأصوله في ثنايا المدونة ،بما عرضت من مسائل واجتهادات ،كشفت عن عناية بالتأصيل واعتماد الدليل ،إذ نجد في المدونة 93المدونة الكبرى فضلاتوظيفا لقواعد الاجتهاد ،وضب طا لأسسه ،وترتيب أدلته عند التعارض، عن العناية بمقاصد الشريعة ،واعتبار مآلات الأفعال عند تنزيل الاجتهاد على أرض الواقع ،وهذا ما تفيده حوارات تلاميذ أبي عبيدة حول عديد من القضايا. وتسعفنا المدونة بصورة جلية لهذا التفاعل الحي بين العقل والوحي، والمراوحة بين النص والواقع في رحاب الفقه الإسلامي الأصيل. وكشفت المدونة عن أصالة الفكر الاجتهادي لدى المدرسة الإباضية، ورسوخ النظرة النقدية الفاحصة لدى فقهائها ،إذا لم يأسروا أنفسهم في حدود اجتهاد رجل بعينه ،مهما علا قدره ورسخ قدمه؛ لأن معتمدهم الدليل لا أقوال والسنة. الرجال ،ومرجعهم الكتاب وأبو غانم في مدونته لم يكن حبيس آراء الإباضية لا يعدوها ،بل تضمنت المدونة آراء فقهاء المسلمين؛ كإبراهيم النخعي ،والحسن البصري ،وغيرهما. أنموذجا للفقه ومن الإنصاف القول :إن مدونات الفقه الإباضية كانت المقارن منذ الصدر الأول ،فيها تأصل منهجه وطبقت قواعده ،ونما غرسه عبر القرون ،فرأينا موسوعات فقهية متقدمة. ميز اجتهاد هؤلاء العلماء النظرة الواقعية ،وربط الاجتهاد بمشاكلومما الملحة ،وتلك سمة غلبت على الفقه في عصورهالناس اليومية وقضاياهم فقها واقع يا لا افتراض يا ،وكان الفقهاء مشغولين بتلبية حاجة الأولى ،فكان الناس لمعرفة أحكام الدين ،ولم يكن لهم متسع لافتراض مسائل نادرة لم تقع، وإعنات العقل بالبحث في حلول لنوادر المسائل. والطريف أن نجد في المدونة معالجة لقضايا نحسبها من إفرازات عصرنا، فإذا بها نتاج تلك الفترة ،فقد عرفها الناس من قديم ،وذلك مثل قضية زواج نظرا لضغوطالمسيار ،الذي تتنازل فيه الزوجة عن حقوقها في النفقة والسكنى ، مائة كتاب إباضي94 الواقع ،وشيوع ظاهرة العنوسة في المجتمعات المعاصرة ،نتيجة عوامل اجتماعية واقتصادية قاسية ،فكان في زواج المسيار بعض حلولها. ولئن تضمنت المدونة آراء فقهاء الإباضية الأوائل ،سواء إمام المدرسة جابر بن زيد ،أو خليفته أبا عبيدة مسلم ،أو تلاميذه ،فإن ثمة تفاو تا في حجم تلك الآراء بين مقل ومكثر ،والسبب يرجع إلى ملازمة أبي غانم لبعضهم أكثر من بعض ،فكان نصيب الأسد لآراء ابن عبد العزيز وأبي المؤرج. مصدرا غن يا للرواية الحديثية بما حوته أما الجانب الحديثي فتعتبر المدونة من أحاديث مرفوعة إلى النبي ژ وآثار موقوفة ،وأقوال للصحابة في مختلف أبواب الفقه. اكتفاء كثيرا، ولكن الملاحظة البارزة عدم اهتمام أبي غانم في رواياته بالسند بثقته بمن يروي عنهم ،فكان كثير منها في صورة مراسيل ومقاطيع وبلاغات. وأحاديث المدونة مروية عن عدد كبير من الصحابة ،وطريقة رواية عددا لا بأسأساسا ،كما نجدالأحاديث في المدونة كانت عبر فقهاء الإباضية به من رواة غيرهم .وعلى الرغم من هذا الكم من الأحاديث والرواة ،إلا أن اهتمام أبي غانم لم يكن بالصناعة الحديثية؛ لأن غايته من المدونة كانت مجال الفقه دون الأخبار ،وتبين نصوص المدونة أن أبا غانم كان مطمئ نا إلى رواتها غالبا ،أو إلى شهرة تلك الأحاديث إن كانت في محل الاحتجاج ،وأحيا نا مفتوحا يوردها على سبيل النقد وعدم الثقة بها فيحكم بعضها ،أو يترك المجال لمن أراد أن يستوثق .وفي كل الأحوال كان أمي نا في الرواية ،فما بلغه متصل معضلا ذكره كذلك.منقطعا أو مرسلا أوالسند ذكره بسنده ،وما بلغه ورغم هذه المآخذ فلا ينكر فضل المدونة في حفظ هذه الروايات ،سواء منها أحاديث المصطفى، ‰أو أقوال الصحابة والتابعين الكرام ،وأئمة الصدر الأول للإسلام. 95المدونة الكبرى فالهدف الذي سعى إليه صاحب المدونة هو الحفاظ على فقه الأئمة الأوائل ممن أدركهم أو أدرك تلاميذهم ،مع التركيز على فقه الإمام أبي عبيدة. وعليه فاعتبار أعمال أبي غانم المصدر الأساسي للمذهب الإباضي من الناحية الفقهية أمر لا غبار عليه؛ إذ لا شك أن الفقه الإباضي تبلور على يد أبي عبيدة وتلاميذه ،ومن جاء بعدهم إنما سار على ضوء أقوالهم من دون الجمود عليها ،وهذا ما يلحظه الباحث في الفقه الإباضي. وهذا الأمر يعطي للمدونة قيمة علمية عالية لا يضاهيها كتاب فقهي إباضي آخر إلا ما جاء من رسائل متفرقة لبعض الأئمة الأوائل ،وجمع رسائل هؤلاء مع مدونات أبي غانم والفتاوى التي نقلت عن الأئمة. إن للمدونة أهمية عظيمة لكونها تبين لنا الصورة الواضحة للفقه الإباضي في بداية عهوده ،قبل أن يتأثر بالمدارس الفقهية الأخرى ،بل قبل أن يتأثر بآراء الذين جاءوا بعد ذلك من الإباضيين أنفسهم. كما أن المدونة وأمثالها هي المصدر الأساسي لمن أراد أن يستنبط أو يطلع على منهج المدرسة الفقهية الإباضية ،خالية من تدخل الفقهاء اللاحقين سواء ترجيحا أو تعليقا أو زيادة .فلدى الباحثين مجال خصب لمعرفة منهج الإباضية والسنة النبوية وفي رأيهم في النسخ والإجماع، في التفاعل مع القرآن الكريم وفي موقفهم من مذهب الصحابي ،وفي قضية التعامل مع المخالفين في الرأي، وفي استعمالهم للمصطلحات العقدية والأصولية والفقهية ،وفي منهجهم في الفتوى ،وفي طرق الترجيح ،وفي الجرح والتعديل ،وفي استخدامهم لأدوات مبكرا ،وغير ذلك من المسائل الكثيرة والمهمة. منهج الفقه المقارن وللمدونة أهمية أخرى هي أنها كتاب تفقه ومطالعة وتربية؛ لإيراد أبي غانم كل الأجواء التي تحيط بالمسألة من حركات وانفعالات وإيماءات مما يضفي على كتابه نسمة من الحيوية قلما توجد في كتاب فقهي آخر. مائة كتاب إباضي96 كبيرا بالمدونة ،وكتبت عليها التعليقات اهتماما ولقد أبدى علماء الإباضية باللغتين العربية والبربرية ،وأشهرها تعليقات الشيخ محمد بن يوسف أطفيش الذي أعاد ترتيب المدونة ،وأضاف إليها مسائل أخرى. وطريقة التأليف في المدونة هي منهج السؤال والجواب ،وأغلب الأسئلة من أبي غانم كانت موجهة إلى ابن عبد العزيز ،ثم أبي المؤرج ،ثم الربيع. وقد قسم أبو غانم المدونة إلى كتب وأبواب ،منها: كتاب الصلاة :ويضم أبواب :الوضوء ،والتيمم ،والمسح على الخفين، وافتتاح الصلاة ،والتكبير ،والركوع والسجود ،والتشهد ،والتسليم ،ونواقض الصلاة ،ومكروهات الصلاة ،والسهو في الصلاة ،والقنوت والدعاء في الصلاة، بالإضافة إلى مسائل متفرقة في الصلاة. أبوابا في :صلاة الجماعة ومن ينبغي أن يؤمأيضا ويضم كتاب الصلاة الناس ،والاستدراك في الصلاة ،وصلاة المسافر ،وصلاة المريض ،وصلاة الخوف ،والصلاة في السفينة ،وعلى ظهر الدابة ،وصلاة الجمعة ،وصلاة الفطر والأضحى ،والغسل في اليدين ،والأكل فيهما ،وصدقة الفطر، والذبائح ،والأضاحي ،والصلاة على الجنائز ،وغسل الميت والكفانة، وصلاة الكسوف. أبوابا في :زكاة النقدين، ثم يأتي بعد كتاب الصلاة كتاب الزكاة ،ويضم الحلي ،وزكاة الأنعام. وزكاة أبوابا في :الأهلة ،والسحور ،وفي ما يحل للصائم،أما كتاب الصوم فيضم وفي ما يكره للصائم ،والغسل من الجنابة في رمضان ،وباب الصيام في السفر، وباب قضاء الصوم. أبوابا في :الصداق ،والأولياء وقبول المرأة ،والشرط،وكتاب النكاح يضم 97المدونة الكبرى والعيوب ،وما يحرم من النساء والرجال ،وتحريم الجمع بين المحرمتين، ونكاح المحرم ،ونكاح الأمة ،ونكاح الكتابيات .وغيرها من أبواب. السنة، أبوابا في :طلاق  ثم يأتي بعد كتاب النكاح كتاب الطلاق ،ويتناول والطلاق من قبل الدخول ،والطلاق المعلق ،والطلاق بالمشيئة ،والرجل يجعل أمر زوجته بيدها ،وغيرها من مسائل عن المتعة والعدة والنفقة. أبوابا في :الهبة ،والنحلة ،والصدقة ،والحبس أما كتاب الصدقات فيحوي في سبيل االله ،والعتق ،والكتابة .ثم كتاب الوصايا ،وكتاب الأشربة ،وكتاب الأحكام. ويختم المؤلف كتابه» :المدونة« بكتاب البيوع الذي يتحدث فيه عن الربا وأصنافه وما ينهى عنه من البيوع ،والعيوب في البيع ،وبيع الشرط ،وبيع أبوابا عن السلف ،والسلم ،والقرض،الخيار ،والاختلاف في البيع ،كما يتناول والدين ،وغيرها من مسائل تندرج تحت موضوع البيوع. 98 á«°VÉHEG ô¶f á¡Lh øe ¬îjQÉJh ΩÓ°SE’G (...ôé¡dG ådÉãdG ¿ô≤dG) »°VÉHE’G ΩÓ°S øHG تحقيق :ر .ف .شفارتز ،وسالم بن يعقوب دار اقرأ للنشر والتوزيع والطباعةلبنان ،ط١٤٠٥ ،١ه١٩٨٥/م. عدد الصفحات ١٨٢ :صفحة يتكون الكتاب من مقدمة التحقيق ،ونص الكتاب المحقق .تذكر المقدمة أن الفضل في ذكر أول نبأ عن أقدم مؤلف إباضي لتأريخ المغرب يرجع إلى المؤرخ الإباضي أبي العباس أحمد بن سعيد الشماخي )ت ٩٢٨ه١٥٢٢/م( »الس ير« عدة روايات مأخوذة من كتاب ابن فقد ذكر في كتابه المسمى بكتاب  أيضا سلام ،تتناول تأريخ الدعوة الإباضية في شمال إفريقيا ،ومن خلالها نعرف أن ابن سلام عاش في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري. وأول من أشار من الباحثين المعاصرين إلى أهمية ابن سلام كأقدم مؤرخي الإباضية هو العالم البولندي تادبوش ليفتسكي الذي لم يعرف إلا تلك الشواهد في س ير الشماخي. وعدا ذلك فإن كتاب ابن سلام كان يعد من المفقودات حتى تم اكتشاف مخطوط سنة ١٩٦٤م يحتوي نص الكتاب ،أو على الأقل جل نصه ،وقد تم الاكتشاف على يد العالم الشيخ سالم بن يعقوب الجربي في إطار بحثه الموسع عن التراث الإباضي. وقد م هد الشيخ سالم بن يعقوب لنشر هذا الكتاب ،كما اشترك في بعض كبيرا من علماء الإباضية اهتماما التحقيقات المتعلقة به ،فإن المخطوط وجد المعاصرين. 99الإسلام وتاريخه من وجهة نظر إباضية ولا يعتبر كتاب ابن سلام أقدم ما كتب عن التاريخ عند الإباضية المغربية فحسب ،بل هو أقدم مؤلف تاريخي للمغرب الإسلامي بأسره ،علاوة على ذلك فإن قيمة هذا الكتاب تتمثل في أنه يعتبر من المحاولات الأولى لغير العرب ،أو بالأحرى لسكان البلاد الأصليين لوصف أسس الحياة الدينية وللتعريف بتاريخ الإسلام ،وهذا في إطار هذا الدين الجديد وبواسطة اللغة العربية الإسلامية. متواصلا ،بل هو مجموعة نصوص ناقصةومخطوط هذا الكتاب ليس لا يمت النص الواحد للنص الآخر بصلة ،وقد جمعت في المخطوط .ويبدأ أولا عن مضمون النص والوحدات التي يتألفالمحققان تحقيقهما بالحديث منها لتثبت من خلاله وحدة هذا الكتاب كتصنيف متصل قبل الحديث عن صاحبه. وليس من أهداف المحققين من هذا النص كتابة بحث منفصل فيما يحتويه من الأخبار التاريخية والتوجيهات العقدية ،ولكنهما يريدان أن يعطيا القارئ صورة عابرة عن مضمونه وبنائه ليكون ذلك حجة يحتجان بها في إثبات فرضهما أن النص كله من تصنيف مؤلف واحد. أما مضمون النص فإن النص يتألف في صورته الحالية من أربعة أجزاء رئيسة ذات حجم مختلف ،وتقع في تتابع مضبوط حسب محتوياتها. ١ في الثلث الأول من المخطوط يأتي التعريف بأسس العقيدة الإسلامية، وما يميز المؤمنين الحقيقيين عن غيرهم ،كما يشار إلى مجموعة من الصحابة الذين أخ ذت حياتهم كمثل أعلى. وفي هذا المضمون يرد الكثير من الأحاديث النبوية التي تس ند لكل من: أيضا عبد االله بن مسعود ،وعبد االله بن عباس ،والحسن البصري ،وهؤلاء هم المرجع في بعض المسائل المهمة للعقيدة. مائة كتاب إباضي100 ودليلا لأقوال مهمة ظهرتأساسا وقد فسرت آيات قرآنية عديدة لتشكل في النص وذكرت إلى جانب ذلك تفسيرات مختلفة لمفسرين آخرين. ٢ ويلي ذلك عرض ل »شرائع الدين« التي تنظم حياة الفرد الدينية، مستفيضا ،ثم يعرض شرحا ويشرح الكاتب ما يتعلق بالتصرفات الأخلاقية قواعد دينية تنظم حياة المجتمع الإسلامي. ويأتي هذا التعريف بالفئات المختلفة من المحدثين ومن أهل الكتاب، ويتبع ذلك الخصال التي يجب توافرها في »إمام المسلمين« ،والقاضي، والمفتي ،ثم الشروط التي تفرض مقاومة الحاكم الجائر. ٣ في الجزء الثالث نجد إبراز جور الخلفاء الأمويين والعباسيين وفسقهم، يأتي هذا كمقدمة لإلقاء نظرة على فجر الإسلام. مرت بها الأمة الإسلاميةإن تقييم الإباضية لبعض الأحداث الحاسمة التي يظهر من خلال ذكر تنظيم عمر بن الخطاب للخلافة من بعده ،وذكر فترة ولاية وأيضا ذكر دور قبيلة قريش في قيادة الأمة. عثمان بن عفان، ٤ ثم يأتي ذكر علماء المذهب الإباضي وفقهائه وزعمائه بالمشرق وبمصر ،ويتبع ذلك أخبار تاريخية مهمة بخصوص إمامين من أئمة الإباضية سبقا عبد الرحمن بن رستم الفارسي مؤسس دولة »تاهرت« ،وهما :أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري وأبو حاتم يعقوب بن حبيب الملزوزي، تعبر عن »فضائل البربر« وتقطع العرض التاريخي،وتتخلل هذه الأخبار أحاديث ثم ترد تسمية »فقهاء أصحابنا« في مدينة القيروان وما حولها وفي مدينة طرابلس ،وبعدها رسالة أبي عيسى الخراساني إلى إخوانه المغاربة زمان الإمامين عبد الوهاب وابنه أفلح ،وبه ينتهي ما لدينا من كتاب ابن سلام. وما سبق من وصف عابر لمحتويات النص يثبت وجود ما يشبه خطة مهمة 101الإسلام وتاريخه من وجهة نظر إباضية وشاملة من الممكن أن يكون المؤلف قد تبعها :من أهدافه أن يعطي القارئ صورة واضحة وحقيقية لنشأة الإسلام وشرائعه ،وأن يصف القواعد الأساسية التي تنظم حياة الفرد والمجتمع. ولا بد في هذا المضمون أن يعرف المسلم ما هي الأسس والأصول لتلك المبادئ الدينية الحقة؛ لكي يحفظها سالمة من التحريف والبدع؛ ولذلك يجب عرف القارئ المؤمن بسلسلة أهم رواة الدين الذين حافظوا علىعلى المؤلف أن ي  تعاليمه ،وساروا على صراطه المستقيم ،حتى إلى المعاصرين الذين يمكن أن يقتدي بهم المؤمنون في جميع المسائل التي تعترضهم في حياتهم .فإن نتيجة عرض التباين بين سيرة المسلمين الحقيقيين وبين الذين ينتحلون الإسلام قولا مع عرضا لتأريخ الدعوة الإسلامية ،يعني تاريخ الإباضية.عملا ليست إلاانحرافهم عنه سؤالا :هل بين يدينا مصنفأما عن وحدة النص فإن المحققين يطرحان ذو طابع واحد كتبه مؤلف واحد أم مجموعة من التصانيف لعدة مؤلفين؟ فربما يكون هناك شك في وحدة النصبصرف النظر عن أن المخطوط قد وصل إلينا دون عنوان أو خاتمة؛ لأن المضمون يبدو غير كامل في بعض الفقرات، كما أن الأسلوب اللغوي يظهر كأنه على مستويات مختلفة. في النصف الأول من النص قبل بداية رسالة الإمام الرستمي عبد الوهاب، منتظما يسير على منوال واحد بالرغم من تصنيفايمكننا أن نلاحظ أن هناك بعض التكرار وعدم الاستمرار في مراعاة تنسيق التفسير الخاص بمسائل العقيدة ،ولكن يليه افتتاحية الرسالة المذكورة التي تتطابق حرف يا مع »شرائع الدين« الواردة في الفقرات السابقة بالتفاسير والتعاليق عليها. وإذا كانت رسالة الإمام عبد الوهاب قد جاءت متناسقة مع سياق النص إلا مستقلا عما يرد في المخطوط فصلاقدم لها بالبسملة وبعنوان كما لو كانتأنه  قدم لرسالة الفقيه أبي عيسى الخراساني بالبسملةمن النصوص الأخرى .كذلك  مائة كتاب إباضي102 سردا وبعنوان خاص .ولكن ليس للرسالة أية علاقة بالفقرة السابقة التي تتضمن لأسماء عدة فقهاء مغاربة. أيضا علاقة بالأخبار التاريخية السابقة له .كما نجدوهذا السرد ليست له مجموعة من الأحاديث في »فضائل البربر« بلا تناسب واضح لما يحيط بها من أخبار ولاية الإمام ابن الخطاب المعافري. أما فيما يتعلق بالأسلوب اللغوي فإنه ليس على مستوى واحد في جميع تبعا لما تحتويه ،ولكن بلغةأجزاء الكتاب ،بل استخدمت أساليب مختلفة عموما. واضحة وسلسة وبذلك تنتهي أهم البراهين التي ترجح أنه تم جمع نصوص مستقلة من تصانيف عدة مؤلفين ،والتي تستبعد وجود مؤلف واحد أو جامع واحد قد وضع كتابه حسب خطته الشاملة. وفرضا هو أن النص الذيولكن يرجح المحققان أن الأمر على غير ذلك، ويعد من بين يدينا قد كتبه وجمعه مؤلف واحد ولكنه لم ينقحه نهائ يا ، خصوصا في التآليف التاريخية العربية وظاهرتها هي جمعالمصنفات المنتشرة أجزاء الكتاب من مصادر مختلفة ،بحيث يرتبها الجامع حسب تسلسل حديثه المعين ،ويعيد تنسيق أسلوبها اللغوي ،وأحيا نا يضيف الجامع إلى ذلك تعاليقه وتقييمه فتكون التكميلات من تأليفه الشخصي .فإن ما أمامنا يماثل هذه الكتب التأريخية وتنقيحه كما يتجاوز مضمونه مجال التاريخ. فالظاهر أن نسخة من هذا التصنيف الذي يبدو لنا في بعض أجزائه كأنه ومهما مسودة الكتاب وجدت في زمن غير معلوم في أيدي من اعتبرها شيقا متواصلا ،ويشيرواحدا كتابا معتبرا النص كلهللأجيال المقبلة ،فقام بنسخه واضحا ،وإبراز فصول النص بكتابة عناوينهإلى ذلك استخدامه  خطا متساو يا الجانبية أو بعض تعابيره بالمداد الأحمر. 103الإسلام وتاريخه من وجهة نظر إباضية وقد تكون المقدمة للنص من تأليفه ،والتي يعطي القارئ بها فكرة عن محتويات الكتاب بأسره ،وتنتهي هذه المقدمة بقوله :إنه »من تأليف بعض أصحابنا المتقدمين«. أما الشماخي الذي وقعت عيناه على نسخة لهذا الكتاب فقد استقى منه جل أخباره التاريخية المتعلقة بأئمة الإباضية بالمغرب ،وعلى أساس ذكره المستمر لابن سلام كمصدر له نستطيع أن نقول :إن الشماخي كان يعتبر الثلث راجعا لهذا المؤلف. الأخير من هذا النص ومن أهم الدلائل التي قدمها المحققان لتأييد القول بوحدة هذا النص غير المنقح تلك التي تستند إلى عدة أوصاف شكلية نجدها في مواضع عديدة من فقرات النص المختلفة ،كما تستند إلى محتوياته. مهما من تعاليم الإسلام، ويتضح أن هدف الكاتب هو عرض ما رآه  ونشأته ،وكذلك وصف المؤمنين الحقيقيين في تطبيقهم لأوامر االله باد ئا بمحمد ژ حتى العصر الذي عاش فيه الكاتب ،وأراد توضيح أسس العقيدة كما جاءت عند نزول الوحي بها ،والتعريف بمن نقلها من الصحابة والثقات. إن معرفة أحكام الدين وحدها ليست بكافية عند الجدال مع المخالفين إن أيضا أسس الدين ونشأته وعمن نقلت شرائعه ،كما يجبلم يعرف المؤمن معرفة هؤلاء المسلمين الذين سلكوا الصراط المستقيم واتبعوا تعاليم الدين الصحيحة ،ولقنوها من خلفهم دون تحريف. وعلى المؤمن أن يعرف أئمة المسلمين وزعماءهم في عصره؛ لكي يتجه إليهم ويهتدي بهم ،وعليه أن يعرف من هم الأسانيد الذين يعتمد عليهم هؤلاء الأئمة والفقهاء في تعاليمهم وتوجيهاتهم؛ وبذلك يستطيع الفرد تجنب وسوسة »ذوي الجهل« الذين من شأنهم تضليل »ضعفاء العقل« ،وبه ينبغي وضع حد بين المؤمنين الحقيقيين وبين الذين يعصون االله في قولهم وعملهم. مائة كتاب إباضي104 ثم يتناول المحققان هيكل الكتاب وبناءه بالتفصيل ،أما شكل بعض الفقرات ومضمونها فيدل على أنها نقلت من مؤلفات أخرى من مجالات علوم التفسير والحديث والتراجم والتاريخ ،أو أنها ألفت على منوالها .ولكن يبدو أن المؤلف لم يجد ما يعتمد عليه لسد احتياجاته إلا في مؤلفات تدخل في مجالي :التفسير ،والحديث. ويبدو من خلال فصول النص تشابه دون تبعية مباشرة بالمجموعات الإباضية القديمة للأحاديث .أما في مجال التفسير فلم يكتشف بعد أي مصدر إباضي يظهر أن يكون لفصول النصوص المعنية تشابه ملحوظ به. أما فيما يتعلق بتاريخ صدر الإسلام في فصول النص فيقتصر على ذكر مبادئ وأقوال مهمة بخصوص العقيدة والشريعة ،وتنسب إلى كبار الرجال والأحداث الحاسمة دون الاهتمام بالتاريخ بالذات. أيضا على سرد أسماء الصحابة والتابعين الذين يعدون منويسري هذا أسلاف الإباضيين الذين نهجوا سيرة النبي ژ،كما يسري بعد ذلك على سرد أسماء أهم زعماء الإباضية في أول تاريخها بالعراق ،ولا يكاد يظهر تشابه بكتب التراجم والطبقات في ذكر السلف الصالح. ولا يبدأ التأليف التاريخي في معناه الحقيقي حتى في الفقرات الخاصة بتاريخ الإباضية المغربية ،وهو يأتي في شكل سرد الأخبار المنفردة أو الملاحظات القصيرة أو ذكر أعلام الناس. ويسري هذا الوصف على ذكر الكاتب للمعاصرين له أو لأبيه بالحجاز تماما من خلال بعض الفقرات التي تمتاز بأهمية كبرى عندومصر ،فإنه واضح البحث في تاريخ أصحاب هذا المذهب في طرابلس وإفريقية أن الكاتب لم يستند هنا إلى أي مصدر مدون من كتب التراجم والتاريخ ،بل نقل جميع المعلومات عن مخبريه أو ذكر ما شاهده شخص يا. 105الإسلام وتاريخه من وجهة نظر إباضية وفي مسألة النقل الشفوي للأحاديث الواردة في الكتاب والمرفوع عن النبي ژ والصحابة والتابعين فيرجح أنها منقولة عن مصادر مدونة في معظم الأحوال ،وقد ذكر المؤلف في موضع واحد الكتاب الذي أخذ عنه حديثا معي نا ،وهو كتاب »الرد على الروافض« لعبد االله بن يزيد الفزاري. كاملا لأي من الأحاديثإسنادا وعدا ذلك فلم يحاول الكاتب أن يعطينا نادرا ،وسلسلة الرواة ولا تزيد الأسماء المذكورة ضمن الأسانيد على اسمين إلا دائما بمن حضر الحادث أو شاهد القول الوارد في متن الحديث .وفيمتصلة المرة الوحيدة التي يذكر فيها اسم الشخص الذي روى عن المؤلف لا يذكر إسنادا يدل على كيفية الرواية. بعد ذلك الاسم ومن المحتمل أن ترجع تلك الأحاديث المنسوبة إلى المسلمين الأولين إلى مصادر مدونة وجدها مدمجة في الفترات التي تعتبر منقولة هي بذاتها عن المدونات .فهناك أحاديث أخرى وهي طويلة إلى حد يصعب أن تكون منقولة شفو يا .وقد نقل ابن سلام الأحاديث في الغالب عن مصادر مدونة. أما مؤلف الكتاب ابن سلام ،فقد ذكر الشماخي بعض المعلومات المأخوذة رجلا يسمى سلام بنعن الكتاب ،ولم يخبرنا عن هوية هذا المؤلف ،لكنه ذكر خبرا عن المؤلف فيعمرو الذي يرجح أنه والد ابن سلام .وكذلك لا نجد كلمة الناسخ المقدمة للكتاب. فالمصدر الوحيد للاطلاع على حياة ابن سلام هو كتابه نفسه ،ويقتصر ما نجد فيه من المعلومات عن المؤلف على ذكر عدة تواريخ ،وذكر الأمكنة التي التقى فيها بشخصيات معينة. وكانت أسرة ابن سلام مرتبطة ارتبا طا وثيقا بتاريخ إباضية المغرب القديم. لقد كان ك ل من عمه يحيى بن عمر ،وجده عمر بن تمطنين ممن اشترك مع الإمام أبي الخطاب في موقعة »مغمداس« .وكان جده من المدافعين عن الحكم مائة كتاب إباضي106 الإباضي ،ولم ي ع د ابن سلام جده عمر من بين القتلى في تلك الهزيمة؛ ولذلك فمن المحتمل أنه عاش بعدها. ونجد في رسالة وضعها مؤلف مجهول هو يعود إلى بداية القرن السابع سردا لأسماء الشيوخ الإباضيين الدهريينالهجري )الثالث عشر الميلادي( حسب نسبهم القبلي ،ويظهر من بينها اسم سلام بن عمرو اللواتي عامل الإمام عبد الوهاب )ت ٢٠٨ه٨٢٤ - ٨٢٣ /م( على سرت ونواحيها. ويبدو أن الشماخي نقل نفس الملاحظة عن رسالة المجهول إلى كتابه ،قد بدلا من »ابن عمر« الذي كان موافقا سمى ابن سلام أباه »سلام بن عمرو« لاسم جده عمر بن تمطنين .ومن المحتمل أن سلام العامل هو بالفعل أبو المؤلف ،ويبدو ذلك مما يتضح لنا من روابط ابن سلام العديدة في مناطق طرابلس ،وكان عمل سرت على حدود طرابلس الشرقية. ومن ناحية أخرى تشير تفاصيل موجهة إلى أبيهوقد ذكرها ابن سلام إلى اتصال سلام بن عمرو بإباضية مصر بالفسطاط ،ومع إثبات كون سلام بن عمر اللواتي أبا للمؤلف يثبت انتماء ابن سلام إلى لواته وهي من أكبر قبائل البربر. وبعد سنة ٢٦٠ه )المنتهية ٨٧٤/١٠/١٥م( وصل ابن سلام إلى مدينة أجدابية وهو في طريق عودته من الحج ،ولقي بأجدابية عمار بن أحمد بن الحسين الطرابلسي ،وكان عمار وأخوه يسكنان طرابلس ،وهما من أبناء العالم المجتهد الشهير بابن الحسين الطرابلسي. وكان المؤلف ابن سلام متحف ظا في مسائل الخلاف ،واجتنب مناقشة كل ما يهدد وحدة كلمة المذهب الدينية والدنيوية ،وكان من أهدافه في تأليف سندا لكي يهتدوا به. الكتاب أن يعطي المسلمين ويبدأ أول الكتاب بكلمة الناسخ توضح محتوى النص ،ويبتدئ النص 107الإسلام وتاريخه من وجهة نظر إباضية الذي هو من تأليف ابن سلام بعنوان جانبي ،ويتبعه حديث نبوي مطول في مبادئ الدين ،ومن المحتمل أن يكون قد نقل عن مصدر مدون. ثم يورد المؤلف خمسة أسئلة يبتدئ كل واحد منها بصيغة »إذ قيل لك شرحا لما تتناوله هذه الأسئلة.ما «...وتأتي النصوص القرآنية مع تفسيراتها ويبدأ الكتاب بباب »ما جاء في تفسير الإيمان والإسلام والعز والإحسان«. ويورد المؤلف هنا ما قاله النبي ژ عن الإيمان إنه» :أن تؤمن باالله وملائكته وكتبه ورسله ،والبعث واليوم الآخر والموت ،والقدر خيره وشره من االله .« 8 أما شرائع الدين فيقول عنها المؤلف :إن ديننا دين االله الذي شرع لنبيه محمد ژ في قوله تعالى] ﴾ M L K J ﴿ :الشورى [١٣ :أي :ب ين لكم وفرض عليكم من الدين. واحدا في فدين االله وشريعته ومنهاجه الذي شرع لخلقه وب ين لهم دي نا الأولين والآخرين ،وهو توحيد االله والدينونة له بالطاعة. وإذا قيل لك :ما الدين وما الإسلام؟ ومن المؤمن ومن المسلم؟ فقلH ﴿ : ] ﴾ L K J Iآل عمران [١٩ :في كتب االله .قال االله تعالى في أهل بيت لوط ﴾ G F E D C B A ❁ ? > = < ; : ﴿ : ‰ ]الذاريات [٣٦ - ٣٥ :فأخبر أن المؤمن هو المسلم. وإذا قيل لك :ما شرائع الإسلام؟ فقل :شرائع الإسلام شهادة أن لا إله إلا االله وحده ،وإقام الصلاة ،وإيتاء الزكاة ،وصيام رمضان ،وحج البيت من استطاع سبيلا ،وهي الزاد والراحلة على قدر بعد البلدان وقربها من مكة،إليه والاغتسال من الجنابة ،فهذا دين االله ورسوله ژ ودين أبي بكر وعمر ^ . ثم يذكر المؤلف فضائل بعض الصحابة ،وفي مقدمتهم أبي بكر الصديق، إسلاما من رجال قريش ،وذلك أن النبي ژ أول نبوته لقيوكان أول الناس مائة كتاب إباضي108 أبا بكر ففرح له الجمل فجذبه ،وقال له» :يا أبا بكر واالله إنك لأحب أهل إلي ،وإنك لأخي وبري وصديقي وخليلي دون قريش كلهمالأرض كلهم كلاما وأخبرني أني رسول االله إلىأخبرك أنه جاء ملك من الملائكة وعلمني الناس كافة ،فأمرني أن أكفر بالجن والشيطان وأكفر باللات والعزى«. ثم يذكر المؤلف ما جاء في الأثر من فضل عمر بن الخطاب، 3وهو الفاروق الذي فرق بين الحق والباطل خليفة أبي بكر3على المسلمين، حتى حضرته الوفاة من طعنة ابن لؤلؤة المجوسي. ودون الدواوين قبل أن يموت بعام واحد،وعمر هو الذي جند الأجناد وعمر قرشي من بني عدي بن كعب بن لؤي ،وهما الخليفتان اللذان قبراهما خلف قبر رسول االله في داخل مسجده‰بالمدينة خلف منبر النبي‰في شرقي مسجده بالمدينة ،وهي يثرب اسمها في القرآن وتسمى طيبة. ثم يتناول المؤلف أمر المشاورة ،وقال االله تعالى﴾ ? > = ﴿ : ]آل عمران [١٥٩ :يعني :مما ليس عندك فيه من االله عهد ،فإن ذلك مما يعرفون إكرامك لهم .يقول :إذا شاورتهم عرفوا أنك ترفعهم وتكرمهم ،فكان النبي ‰ إذا جاءه أمر من الأمن أو الخوف التفت إلى أبي بكر وعمر ^ فاستشارهما تخير من قوليهما. فإن اتفقا على أمر لم يخالفهما ،وإن اختلفا فقد أمر االله تعالى بذلك ليكون سنة بعده ،وإنما المشاورة في الأمر الذي لم يأتهم فيه أمر من االله ،فإذا جاء الوحي من االله ذهبت المشاورة ،وكان المضي لأمر االله ليس فيه تشاور ،وإذا كان فيه أمر نزل من السماء فالتشاور فيه معصية الله. وتحت عنوان »ديننا دين الجماعة من أصحاب النبي‰من المهاجرين والأنصار ،ودين ما اجتمعوا وتآلفوا عليه قبل افتراق الأمة واختلافها« يذكر المؤلف أنه بلغنا أن النبي‰قال» :من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه«. 109الإسلام وتاريخه من وجهة نظر إباضية وبلغنا عنه ژ أنه قال» :آمركم بخمس خصال :السمع ،والطاعة ،والجماعة، والهجرة ،والجهاد في سبيل االله .فمن خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من رأسه ،ومن دعا بدعوة الجاهلية فهو من جثي جهنم«. قلت :فما تفسير السمع والطاعة؟ قال :السمع والطاعة الله ولرسوله ‰ وسنة نب يه .‰ على العسر واليسر ،والمنشط والمكره ،وهو اتباع كتاب االله قلت :تفسير الجماعة على ما هو؟ قال :ما أجمع عليه المهاجرون والأنصار من السنن والشرائع قبل افتراق الأمة ،فمن خالف ذلك في الحال والسيرة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه. ذنبا من سرقة قطع يده، قلت :فما تفسير الحديث ومن آواه؟ قال :من أذنب مسلما نفسا بغير حق ،أو قذف أو تلصص ،أو قطع السبيل على الناس ،أو قتل مسلما فأراد إمام المسلمين أن ينفذ فيه حكم االله ويقيم فيه أو مسلمة ،أو خرج والسنة ،فمن آواه أو منعه من إمام الحد الذي أوجب االله عليه في القرآن المسلمين أن يقيم فيه حد االله فقد آوى محدثا ،وهو الذي استوجب اللعنة. قلت :فما تفسير الهجرة؟ قال :أراه يعني في ذلك أن يهاجر الشر كله ،وهو اجتناب جميع المحارم ،والكف عن الشبهات. قلت :فما تفسير من دعا بدعوة الجاهلية فهو من جثي جهنم؟ قال :كل رجل مظلوم دعا إلى قومه فقال :يا آل فلان ،ويا آل بني فلان فهي من دعوة الجاهلية. وتحت عنوان »باب ما جاء في الأثر من تفسير دين االله الذي هو دين الجماعة« يقول المؤلف :إن االله قد عهد للمسلمينالذي اعتقد عليه الميثاق وحدودا حدها من فرائض الإسلام وأمر بها وأكملها ،إذ يقولشرائعا شرعها االله تعالى في كتابه العزيز الذيn m lk j i h g f e d c ﴿ : مائة كتاب إباضي110 ] ﴾ p oفصلت] ﴾ N M L K ﴿ [٤٢ :المائدة [٣ :يقول :أكملت لكم مجتهدا في إكمالا ،يعني :للنبي ژ وأصحابه بأن أمنتم من عدوكم وممن كان قتلكم وتبديل دينكم ،فأنتم اليوم من ذلك آمنون. وزعم بعض أهل التفسير أنما نزلت هذه الآية والنبي‰بموقف في رجلا من اليهود سمعها من رجل يقرأها،عرفات في حجة الوداع .وبلغنا أن عيدا فقال :لو كانت هذه الآية في التوراة لاتخذنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه إلى يوم القيامة. وتحت عنوان »تفسير شرائع الدين والولاية عليه والبراءة« يذكر المؤلف أن محمدا عبده ورسوله ،وما جاء بهشرائع الإسلام :شهادة أن لا إله إلا االله وأن حق ،والإيمان بما أنزل االله ،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وإقام سبيلا ،وصيام رمضان،الصلاة ،وإيتاء الزكاة ،وحج البيت من استطاع إليه وبالوالدين إحسا نا ،وبذي القربى واليتامى والمساكين ،والجار ذي القربى له ثلاثة حقوق :حق القرابة ،وحق الجوار ،وحق الإسلام .والجار الجنب له حقان: حق الجوار ،وحق الإسلام .والجار الذي له حق واحد هو الذمي اليهودي أو النصراني له حق الجوار. ومن حق الجوار أن تبذل له معروفك وتكف عنه أذاك .وحق الصاحب بالجنب ،وهو رفيقك في السفر له حق صحبته ،وحق ابن السبيل وهو الضيف إذا نزل بك وحق ضيافته ثلاث ليال ،وما فوق ذلك فضيافته صدقة. وحق ما ملكت اليمين من الخدم أن تطعمهم مما تأكل ،وتكسو ظهورهم، وتلين لهم الكلام ،ولا تحمل عليهم من العمل ما لا يطيقون. وندين بترك الدخول بغير إذن في البيوت؛ لأن االله تعالى قالÅ Ä ﴿ : السنة في ] ﴾ Ê É È Ç Æالنور ،[٢٧ :قال الحسن البصري : الاستئذان ثلاثا. 111الإسلام وتاريخه من وجهة نظر إباضية فيذكر المؤلف بعض اعتقاده فيقول: وندين بالنكاح بالرضا عن البينة والفريضة بإذن الولي والصداق ،ولا يجوز النكاح إلا بأربعة :ولي يوجب تزويجها ،وزوج يزوجها له الولي ،وشاهدين برضاء من المرأة. وندين باعتزال النساء في المحيض والاغتسال من الجنابة وذكر اسم االله على الذبيحة ،وأداء الأمانة إلى جميع الناس :البار منهم والفاجر ،والحكم بين الناس بالعدل ،والتناجي بالبر والتقوى والتعاون على البر والتقوى ولا نتناجى بالإثم والعدوان ،وغيرها من مسائل يذكرها المؤلف من اعتقاد وشرائع المسلمين وآدابهم. ثم يذكر المؤلف بعض الفقهاء والأئمة الذين تروي عنهم جماعته بعد عهد النبي ژ والصحابة والتابعين بإحسان من فقهاء وأهل البصرة ،وأهل الكوفة، وأهل اليمن وأهل المدينة ،وفقهاء مكة ،و عمان ،وحضرموت ،وخراسان. 112 TM```eÉ````é`dG ) ...QGƒëdG øH π°†ØdG ï«°ûdGت ٣ه( وزارة التراث القومي والثقافةسلطنة عمان١٤٠٦ ،ه١٩٨٥/م. عدد الصفحات :ج ٢٩٢ :١صفحة ج٢٦٢ :٢صفحة ج ٢٣٢ :٣صفحة يتكون الكتاب من ثلاثة أجزاء ،يشتمل كل جزء على عدد من الأبواب. يبدأ المؤلف الكتاب بباب عن »أمر الولد ولزومه الوالدات« وهو يتناول إثبات ولدا ثم مات والده ،وأنكر بعض الورثة وجودالولد لوالده .فإذا ولدت سيدة هذا الوريث فيرى المؤلف أنه يثبت على ورثته ما كان يثبت عليه لو كان ح يا، وكان قولها هو الضامن على هذا ،وليس عليها أن تأتي بقابلة تشهد أنها ولدته، لأنها يكفيها أنها كانت زوجة المتوفى. كذلك إذا ادعت هذه الزوجة أن الولد لأبيه ،فأنكر الوالد ذلك ولم يتهمها أيضا الولد. بالزنى لزمه الولد ،وإن رماها بالزنى لاعنها ،ويلزمه ويتناول المؤلف في باب تال»الوالدة إذا طلبت الولد« ،ويبحث المؤلف في ولدا في مدينة ثم طلقت ،ورحلت إلى مدينة أخرى،هذا الباب مسألة امرأة أنجبت فليس لها أن تحمل ولدها إلى المدينة الأخرى ،بل يجب أن يبقى في حضانة أبيه. كما يتناول المؤلف تحت هذا الباب بعض المسائل المتعلقة بالنفقة ،وما يفرض للمرأة مقابل رعايتها لطفلها من مطلقها .وأن مقدار هذه النفقة يختلف قدره من والد فقير إلى والد غني. ومن مسائل هذا الباب يطرح المؤلف مسألة :ثلاث نسوة خرجن حبالى ،فولدن 113الجامع ثلاثة غلمان ،ثم هلكت النسوة ،وكان من هؤلاء النسوة مسلمة ونصرانية ويهودية، ولم يعلم أي ولد لأي امرأة؟ فيرى المؤلف أنه :إن لم يسبق إليهم فالإسلام أولى بهم ،أي :إذا لم يعرف ديانة كل غلام من هذه الغلمان فيكون الإسلام دينهم. ويعرض المؤلف في باب آخر »نفقة المرأة وموتها وما يجب لها غير ذلك« فيشير المؤلف إلى أن الصداق حق للمرأة عند الزواج ،وللمرأة أن تمنع الزوج عنها إذا لم يؤد هذا الصداق؛ وإذا دخل بها فيكون الصداق دي نا عليه أن يؤديه، وأن تحدد له أجل لدفع هذا الصداق. أما النفقة فهي تلزم الرجل ،وعليه أن يؤديها إلى زوجته ،فإذا قام بالإنفاق قصر عن الذي يجب عليه لها لم يكن عليها حقلزمها أن تؤدي حقوقه ،وإن حتى يقوم بأداء التزاماته. ومن الحقوق التي يحددها المؤلف للمرأة في هذا الباب أن الرجل لا يحج ولا يصوم تطو عا إلا بعد أن يستأذن زوجته .فيرى المؤلف أن في الحج يستحب المسلمون أن يستأذن الرجل زوجته إذا كان قد حج تطو عا ،ولها أن تمنعه. وأما الصلاة والصوم فلا بأس عليه أن يصلي ويصوم من غير إذنها إلا أن يكون لا يؤديبطول قيامه وبكثرة صيامهلا يؤدي ما يلزمه من حقها ،فليس له ذلك. وقيل :على الزوج أن يخدم زوجته إذا كانت ممن يخدم أو يخدمها بنفسه، أو يستأجر لها من يخدمها ،أو يستعين لها من يسعها أن تستخدمه في مثل ذلك. وعليه لها الكسوة أربعة أثواب لكل سنة .وهناك من قال :ستة أثواب. هذا عن حقوق الزوجة ،أما واجباتها فإن عليها ألا تخرج من منزله إلا بإذنه ولا تمنعه نفسها إلا من عذر ،وليس عليه أن يضارها في نفسها. وكل امرأة لم يكن لها مال فلها أن تأخذ من صداقها الأجل لكي تحج به عن نفسها حجة الفريضة التي عليها ،وتحج عن أبيها وتأخذ من أجلها لما مائة كتاب إباضي114 أيضا يلزمها من نفقة والدها وأولادها الذين تعولهم وتلزمهم نفقتهم .وتأخذ خادما لوالدها. خادما لها أو ما تشتري به ومن عجز من الأحرار عن نفقة زوجته وكسوتها أجبر حتى يطلقها، ولا نفقة على زوج الصغيرة حتى تبلغ الجماع. ويعرض المؤلف في باب آخر »مؤنة الزوجة« .وتناول فيه مسألة رجل بينه وبين امرأته شقاق ،فأراد أن يحولها إلى منزله وعليها كسوة مما ساق إليها من يأجرها فإذا أحضر الرجل كسوة من ماله كان عليها معاشرته وأسكنها سكن مثلها. وفي أبواب تالية يتناول المؤلف نفقة الأمة وكسوتها ومؤنتها ،ومؤنة زوجة العبد ،ونفقته على سيده ،كما تناول المؤلف مؤنة الأولاد ،ونفقة المطلقة، ونفقة الأمة المطلقة ،ونفقة الوالدين ،ومن لم يكن له مال ،وصدقات النساء، وغير هذا من مسائل. ويختم المؤلف هذا الجزء من الكتاب بباب» :في الشفع« .ويورد المؤلف كثيرا من المسائل التي ترد في الشفاعة سواء في شفاعة امتلاكفي هذا الباب الدور ،أو في شفاعة امتلاك مياه الري أو غيرهما من مسائل كانت مثارة في عهد المؤلف ،وجاء ببعض هذه المسائل من كتابات سابقة وأورد الأجوبة التي أعقبت هذه المسائل ،وآراء الأعلام حول هذه الأجوبة. ومما يوجد عن أبي الشعثاء :سئل عن شفعة الغائب .فقال :هي له حتى يعرض على وكيله فإن اشتراها وإلا باع لمن يشاء. والشفعة تكون في الحائط ،وفي النخل المجتمعة في مكان واحد ،ولها ماء واحد قد قسمت النخل والأرض لم تقسم كانت فيها الشفعة .أما أهل مكة فيزعمون أن الشفعة لا تكون إلا في المال الذي لم يقسم .وأما مال قد قسم فلا مجتمعا. شفعة فيه ولو كان 115الجامع وقد قال بعض الفقهاء :إن الشفعة في الحيوان .وقال من قال :لا شفعة فيه، ولا شفعة فيما يكال ويوزن ،ولا شفعة في الصوافي ولا شفعة لها. قال أبو الحواري :الصافية تش فع ولا تش فع .والثمرة التي بين أهل الأرضين في ذلك إلا الشريك في الأصل ،وليس فيما يباع إلا بالنداء شفعة ،ولا في الإقالة شفعة ،ولا في الشروى .وإذا مات طالب الشفعة أو المطلوبة إليه لم يكن لورثته أن يطلبوها من بعده ،وقيل :الشفعة لا تورث .والصافية تشفع، ولا تشفع الثمار التي بين أصحاب الأصل والعمال. أما الجزء الثاني من الكتاب فيبدأ المؤلف بباب» :العامل سبب والمدرك حق«. وهو عن الرجل يبني في أرض امرأته ثم يموت أو يطلق .فإن ما بناه أو زرعه هو لهما. فسلا في أرض رجلآخر حتى صار نخلا فله أن ينزعأما إذا زرع رجل ترابا ،أو لو شاء أن يترك هذا النخل ويأخذ قيمته منهذا النخل ويعيد الأرض صاحب الأرض ،وإن كان وضعها في الأرض بغير إذن صاحبها ،فالخيار ترابا حتى يمتلئ ،وإن شاء رد لصاحب الأرض إن شاء قلعت عنه ورد صاحبها قيمة النخلة وكانت النخلة لها. وهناك من قال :على صاحب الأرض أن يعيد للآخر قيمة الفسلة أو مثلها؛ لأنها إنما حيت في مال هذا. ويتناول المؤلف في باب آخر من هذا الجزء »أمر اليتيم وما يعطى من ماله ،وغير ذلك كالأعجم والمعتوه والناقص العقل« .ويستشهد المؤلف بقول عن أبي جعفر محمد بن جعفر أن للحاكم وللوصي والوكيل أن يجري على كل وبعض من هؤلاء من ماله لنفقته وكسوته ما يكفيه على قدر سعة ماله. ويعطى له أجر المعلم ،ويضحى لهوقيل :اليتيم يكسى الكسوة الحسنة ، واسعا. ويتخذ له المرضع ،وكل ذلك من ماله إذا كان مالهويخدم ،في النحر ، وكذلك الأعجم ،والمعتوه ،والمنقوص العقل. مائة كتاب إباضي116 وإن لم يكن في ماله سعة فليس لهم إلا نفقتهم وأدمهم وكسوتهم ،ولكن يعطى عنهم أجر المعلم الذي يعلمهم القرآن إن كانوا من أهل التعليم. هذا عن مال اليتيم ،أما عن تربيته فتقع على عاتق والدته وإخوته إذا كان يعقل ،ولا بأس أن يؤدبوه بلا إسراف ولا ضرب يؤثر فيه. واليتيم إذا لم يكن له رحم جعله الحاكم حيث يؤمن عليه وعلى ماله ولو بأجر ،فإن لم يكن له مال أنفق عليه من مال االله ،وإذا احتاج اليتيم إلى النفقة فرض له ما يستحق مع والدته. فإذا ذهبت أمه بموت أو غيبة فالأب أولى به ،فإذا ذهب الأبوان فالجدات أولى به .وهناك من قال :الجدات أولى من الأب ،وهناك من قال :الجدة أم الأب أولى من الجدة أم الأم ،في حين ذهب اتجاه آخر قال :الجدة من قبل الأم أولى ،وأرحام الأم أولى من أرحام الأب من النساء ،ثم الأخوال أولى من الأعمام الذكور والإناث ،والخالة أولى من العمة ،والعمة أولى من الخال. ويتناول المؤلف في أحد أبواب هذا الجزء »القسم وغير ذلك« ،أي :أن ينظر المال للذي يقسم المال من هذا الفلج من الأرض والنخل ،والقيمة بين القياس للأرض ،والنظر في قسمة النخل ،ثم يزاد على المواضع والسهام على ما يتفاضل البقاع. ويتناول المؤلف في باب آخر مسائل خاصة بالحروب والردة .ويورد المؤلف جواب أبي عبد االله محمد بن محبوب :عن المرتدين هل عليهم سبي أهل مصر كانوا أو غير أهل مصر لحقوا بأهل الحرب أو لم يلحقوا من العرب كانوا أو غير العرب؟ فأما ما ولد من ذريتهم وآباؤهم مسلمون بلا سبي .وأما ما ولد منهم من بعد ردة آبائهم فأولئك عليهم السبي ،وذلك إذا حاربوا .وأما إذا لم يحاربوا فإنه يعرض على البالغين من الرجال والنساء الرجوع إلى الإسلام. 117الجامع فإن تابوا أو رجعوا إلى الإسلام قبل منهم ،وإن ثبتوا على الردة قتلوا ولا تسبى ذراريهم ولكن ينتظرهم حتى البلوغ .فإن بلغوا عرض عليهم الإسلام، أيضا كما قتل آباؤهم. فإن قبلوه ودخلوا فيه قبل منهم ،وإن ثبتوا على الكفر قتلوا فأما العرب فلا سبي فيهم إلا أن يكونوا أهل ذمة حاربوا بعد المسالمة فأولئك عليهم السبي فيمن ولد من ذراريهم بعد المحاربة .فأما من ولد وهم على عهدهم وسلمهم ثم حارب آباؤهم فأولئك لا سبي عليهم. كما تناول المؤلف في أحد أبواب هذا الجزء مسألة »المضار« .فيذكر مسألة عن نخلة لرجل مائلة على ساقية قوم وقعت على وجين واتكأت على وجين الساقية الثاني ،وطلب أصحاب الماء صرف تلك النخلة. وأما النخلة إذا ضرت بأصحاب المال فلهم أن يعزلوها عن ساقيتهم بالقطع حتى ترجع ساقيتهم كما كانت ،ولا ضمان عليهم فيها ،وكذلك ما كان من المضار مثل ذلك في الطريق صرف ذلك ،ولا ضمان على من أخرجه. ويستشهد المؤلف برأي أبي جعفر في أحكام المضار أن للحاكم أن يأمر بصرف المضار عن طريق المسلمين والمساجد ومال الأيتام والأغياب ،وليقيم بعضا. لذلك من يقوم به ويحجر الناس أن يضر بعضهم ومن المضار أن يدخل الشجرة في أرض غير صاحبها ،فإن أصر أهلها قطعت حتى لا يضر بماله .ويقطع من العيدان والخشب ما دخل فوق منازل الناس وفي أموالهم .وكذلك النخلة إذا مات حتى تقع على جدار إنسان أو ماله فيدخل في سمائه فإنها تقطع إلا أن يدخل الخوص والشجر .وقد تكون النخلة مخوفة على المال ،ولم يدخل فتلك لا تقطع إلا أن تتصدع الأرض من تحتها، فإذا انصدعت وخيفت فإنها تقطع. عرفه المؤلف بأن »حريم البحر أربعونوي  وهناك باب بعنوان »في الحريم« . مائة كتاب إباضي118 ذرا عا لمرافق الناس« .وقيل :حريم البحر أربعون ذرا عا من حد ما يصل مد البحر ،ثم الطريق ثم البيوت بعد ذلك. وحريم النهر ثلاثمائة ذراع ،وقال البعض :خمسمائة ذراع ،وحريم البئر أربعون ذرا عا. كما يتناول المؤلف تحت هذا الباب حدود النهر والحجر والأرض المزروعة وغيرها من حدود ،فيجب أن تحفظ لها هذه الحدود. ويبدأ المؤلف الجزء الثالث من كتابه بباب» :في المجاري والمسقى والجوار ،وغير ذلك«. ويتناول المؤلف في أحد أبواب هذا الجزء الثالث من الكتاب مسألة »حفر الأنهار« .ويرى أن يجب على أهل أي بلد إصلاح أنهارهم التي لهم ،حتى لا يحدث فيها الفساد .وأن ما يقترح عليه هذه العناية ليس له أن يلزمهم بذلك إلا أن يتفقوا على هذا الإصلاح لأنه في صالحهم. وتقع تكلفة الحفر على جميع أهالي المنطقة الحاضرين منهم والغائبين، البالغين الراشدين ،والأيتام ،ك ل على قدر حصته. فإذا كان الصفا يمنع الماء عن جريه ويحبسه كان إخراج هذا الصفا واجب على الجميع ،ويجبرون على ذلك. كما يعرض المؤلف في باب آخر لمسألة الإجارة ونحوها ،ويتناول مسألة كراء أعمالا يكره فيها أخذ الأجرة ،مثال :يكره العمل ،أي :الأجرة ،فيرى المؤلف أن هناك بيع المصاحف ،وأجر كتابتها ،وأجر عرضها ،وكان يكره نقط المصاحف بالأجرة للحن. ويرى المؤلف أن الإجارات الفاسدة التي ورد النهي عنها لا يجوز إتمامها، ولا الحل فيها. وتراضي الناس بذلك يوجب تضعيف العقوبة من االله تعالى مثل ذلك. 119الجامع ويستشهد المؤلف بما روي عن النبي ژ عن »مهر البغي ،وحلوان الكاهن، وهو ما يعطى للكاهن على كهانته«. فأما مهر البغي فهو ما تأخذه الفاجرة على فرجها أمة كانت أو حرة .وأما حلوان الكاهن فهو ما يعطى للكاهن على كهانته .ويعتبر المؤلف أن هذا النوع من الأجرة يعتبر من الأجرة المرفوضة والمكروهة ولا يعتد بها. ومن المسائل المهمة التي يتناولها المؤلف في هذا الجزء مسألة »الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر« ،ويستشهد المؤلف بما روي عن الرسول ژ أنه قال» :لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا من كان فيه ثلاث خصال: رفيق فيما يأمر ،رفيق فيما ينهى. عدل فيما يأمر ،عدل فيما ينهى. عالم بما يأمر ،عالم بما ينهى«. ويوضح المؤلف أنه يمكن للمرأة أن تنكر بقلبها ،وليس عليها أن تنكر بلسانها حيث يلزم هذا أحيا نا استخدام القوة في تقرير المعروف ومنع المنكر، وبالتالي لا تلزم المرأة القيام بهذا ويكفيها الإنكار بالقلب. ويقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أئمة العدل وأمرائهم ،وعليهم إنكار سائر المنكرات ،وهناك أمور أخرى للمسلمين يقروا الحق فيها فيأمرون إصلاحا للمسلمين بالمعروف وينهون عن المنكر ،فما يراه الأئمة وأولوا الأمر عامة ،وما يعود للمسلمين بتعزيز دولتهم فيباح لهم ذلك. ويذكر المؤلف بعض صور هذا المنكر ،منها :التشبيه بالنساء في هيأتهن ولباسهن ،ويحرم على النساء التشبه بهيئات الرجال ،ومنع الجهال والفساق من حمل السلاح وإظهار آلة اللهو في أسواق المسلمين ،مثل الطبل والدف وبيع الشراب للسكارين ،ومنع الخمر أن تجلب إلى بلاد المسلمين أو تباع في أسواقهم، وأن لا يظهر أهل الذمة الخمر ،والاجتماع على الريب من الشراب ،وغيره. 120 õjõ©dG ˆG ÜÉàc ô«°ùØJ ٢٨٠) »°SGQhC’G ...QGƒ¡dG oμëe øH Oƒg ï«°ûdGه( تحقيق وتعليق :بالحاج بن سعد شريفي دار البصائر للنشر والتوزيعالجزائر ،ط١٤٢٦ ،١ه٢٠٠٥/م. عدد الصفحات :ج ٥٢١ :١صفحة ج ٤٨٣ :٢صفحة ج ٤١٢ :٣صفحة ج ٥٠٠ :٤صفحة العلامة هود الهواري ،الذي ظل لأكثر من أحد عشر قر نا منس ياهذا تفسير  مغمورا ،يحتفظ به أبناء وادي ميزاب جنوب الجزائر .وكانت المصادر الإباضية القديمة هي وحدها التي أشارت إلى وجود هذا التفسير ،وذكرته بصفة موجزة جدا .وهي تتفق بشأنه على أمور ثلاثة: أولها :صاحب هذا التفسير هو الشيخ هود بن محكم الهواري. السير والتاريخ اسم المؤلف في الطبقة السادسة منثانيها :أثبتت كتب  طبقات العلماء ،وهم الذين عاشوا في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي. ثالثها :ينتسب هذا العالم إلى قبيلة »هوارة« البربرية التي كانت تسكن بعض عائلاتها ولا تزال جبال أوراس ونواحيها بغرب أفريقية الإسلامية ،بلاد الجزائر. وهكذا يعتبر الكتاب من التفاسير الأولى التي ظهرت في أوائل عهد كاملا.التدوين عند الإباضية ،وهو أقدم تفسير جزائري وصل أما الشيخ هود الهواري فهو العالم الجليل هود بن محكم بن هود .من قبيلة هوارة التي جاورت قبيلة نفوسة بالجبل الذي ينسب إليها ،جنوب طرابلس الغرب. 121تفسير كتاب االله العزيز عقودا من القرن الثالث الهجري ،في ظل الدينوهنالك قضت أسرة عالمنا الإسلامي الذي اعتنقه أسلافها منذ الفتح الإسلامي في القرن الأول الهجري. وفي تلك المواطن من جبل أوراس نشأ الشيخ هود بن محكم الهواري، يقدر أن يكون في العقد الأول أو الثانيولا يعرف بالتحديد عام مولده ،ولكن من القرن الثالث الهجري. وأخذ العلم في طفولته عن والده ،فحفظ كتاب االله ،وتفقه في مجالس العلم وحلقات الدروس التي كانت تعقد بالمساجد ،وفي ظل هذه الحياة قضى الشيخ هود فترة صباه ،وشي ئا غير قليل من شبابه. أيضا بالتحديد في أي مصدر،أما عن سنة وفاة الشيخ هود ،فلم تذكر وربما كانت في العقد الثامن أو التاسع من القرن الثالث الهجري ،أي :حوالي سنة ثمانين ومائتين للهجرة. أما عن تفسير الشيخ هود الهواري ،فقد ذكره كتاب »السيرة وأخبار الأئمة« لأبي زكرياء .وكان تفسير ابن سلام البصري أصلا لتفسير الشيخ هود. إن تفسير ابن سلام ظهر في أوائل القرن الثالث الهجري ،وكان التفسير الجديد الكامل الذي طبقت شهرته أفريقية الإسلامية وذاع صيته ،وكون مؤلفه إغراء بالاطلاع بصريا استوطن القيروان تمنح الكتاب ميزة خاصة تزيد الناس عليه ،وهذه القيمة العلمية إنما اكتسبها من قبل أن مؤلفه بصري المنشأ والتعلم، ازدهارا عاش ريعان شبابه وكهولته في وسط من أكثر الأوساط الإسلامية ونشا طا في علوم القرآن والحديث ،واللغة والأدب. معجبا به ،ولا يريد أن وقد اطلع الشيخ هود على تفسير ابن سلام ،وكان مستقلا بذاته .ولعله كان من أولئك الذين يتهيبونتفسيرا من عنده، يؤلف يتأولوا كلامه على غير وجوهه .وكأنهيتقولوا على االله أو التفسير مخافة أن  مائة كتاب إباضي122 متداولا ،فليعد هو كتابته على ما يعتقد أنه الحقتفسيرا مرويا ما دام قد وجد جل التفسير،والصواب .ويبقى على ما ارتضاه ووافق أصول عقيدته ،وهو ويصحح أو يحذف ما يراه غير صواب ،ويضيف من علمه ومعارفه ما يرى فيه فائدة للقارئ المستفيد. إن الشيخ الهواري لا يفتأ يؤكد في كل مناسبة على أن الإيمان بالقول وحده لا يكفي ،بل لا بد له من العمل الذي يحققه ويتم به .وهو يرد بذلك على كل من يقول بالإرجاء ،وإن لم يصرح بلفظه. وكان ابن سلام قد رمي بالإرجاء ،وإن أقسم أنه بريء منه حسبما روي عنه ،ومهما يكن فإن وقوف الشيخ هود ضد من يقول بالإرجاء شيء بارز في ثنايا الكتاب ،وهي من إحدى ميزاته. مثلا في قوله تعالى من سورة النحل الآية ٩٣وعندما يقول ابن سلام ﴿ ! "﴾ % $ #قال الحسن :كما صنع المنافقون ،فلا والد خل إظهارتصنعوا كما صنع المنافقون ،فتظهروا الإيمان وتسروا الشرك ، وغدرا كما صنع المنافقونالإيمان وإسرار الشرك .يقول الهواري :أي خيانة الذين خانوا االله إذ نقضوا الإيمان فقالوا ولم يعملوا وتركوا الوفاء بما أقروا الله به ،والدخل الخيانة. وإذا قال ابن سلام في ريب المنافقين الذي ورد في الآية٤٥من سورة التوبة ﴿ ﴾ r q؛ أي :شكت في االله4وفي دينه ،قال الشيخ الهواري :أي :وشكت قلوبهم في أن لا يعذبهم االله بالتخلف عن الجهاد بعد إقرارهم باالله والنبي .ولم يكن ارتيابهم ش كا في االله ،وإنما كان ارتيابهم وشكهم في أن لا يعذبهم االله بتخلفهم عن نبي االله بعد إقرارهم وتوحيدهم. وفي تفسير قول االله تعالى من سورة فاطر ،الآية 1̧ ﴿ :١٠ ﴾ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » oيكتفي ابن سلام بقوله :إليه يصعد 123تفسير كتاب االله العزيز الكلام الطيب ،أي :التوحيد ،والعمل الصالح يرفعه التوحيد ،لا يرتفع العمل إلا بالتوحيد. يزيد الشيخ الهواري :ولا التوحيد إلا بالعمل؛ كقوله تعالى7 ﴿ : ] ﴾ ; : 9 8الإسراء ،[١٩ :والإيمان قول وعمل ،ولا ينفع القول دون العمل. وأحيا نا ما نجد الشيخ الهواري يضيف زيادات لتأكيد هذا المعنى ،وربما بالغ أحيا نا فحمل الآية ما لا تحتمل .لنستمع إليه يعلق على الآية٢٧من سورة الأنعام ﴿ ﴾ õ ô ó ò ñ ð ï î í ì ë ê é è ç æ خاصا .قال :وقال بعضهم:فهو يرى في معنى التكذيب الذي ورد في الآية رأيا تكذيبا بالبعث ،ولكنه بالعمل الذي لم هم المنافقون ،وليس تكذيبهم هذا يكملوه ،ولم يتموا فرائضه .ومن قال :إنها في المنافقين فيقول :التكذيب تكذيبان :تكذيب بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال ،وهو تكذيب المشركين، والمنافقون منه براء .وتكذيب آخر ،هو تكذيب المنافقين ،وهو ترك الوفاء وانتقاص الفرائض التي لا يكون أهلها مؤمنين إلا باستكمالها .فالمنافقون مكذبون بهذه الجهة ،وبهذا المعنى ،لا على الإنكار والجحود ،لكن على ترك الوفاء واستكمال الفرائض كان تكذيبهم. إن من تدبر هذه الآية من سورة الأنعام يدرك أنها لا تعني المنافقين مثلا أو غيرها منصورا منه في سورة براءةبالمعنى العام للتعاقد ،الذي نقرأ السور .فإن السورة هنا مكية ،وسياق الآيات قبلها وبعدها يوحي بأنها نزلت في مشركي قريش الذين ينكرون نبوة سيدنا محمد‰ورسالته ،وينكرون البعث ويكذبون به .ولكن الشيخ يرى في هذا التكذيب هنا انتقاص الفرائض ،ويسمى أصحابه منافقين ،وهو معنى بعيد متكلف لا ينتزع من الآية إلا باقتسار. وهناك زيادات أخرى يضيفها الشيخ الهواري القصد منها إيضاح معنى مائة كتاب إباضي124 يغمض ،أو دحض شبهة تعترض ،أو إسناد رأي إلى قائل به ،وهذه أمور يجدها القارئ في أجزاء التفسير كلها ،خاصة في تفسير آيات الأحكام ،وهي زيادات مهمة تدل على فقه واسع لدى الشيخ الهواري ،وإدراك عميق لأسرار التشريع. أما ما يتعلق بحذف الشيخ الهواري لأحاديث وأخبار وردت في تفسير ابن سلام ،فالملاحظ أنه يحذف الأحاديث التي لم تصح عنده ،والتي لا تتفق وأصول مذهبه .لقد حذف أحاديث في تفسير قوله تعالى من سورة مريم ،الآية ﴾ | { z y x w v u t ﴿ :٨٧وهي أحاديث في الشفاعة ،وحذف أحاديث متتابعة في تفسير قوله تعالى من أوائل سورة الحجر: ﴿ ) * ] ﴾ / . - , +الحجر [٢ :وهي أحاديث حول من سموا بالجهنميين أو بعتقاء الرحمن ،لم تصح عنده كذلك. إذا كانت هذه الزيادات المفيدة والآراء الخاصة التي تنبئ عن فكر الهواري مهما في تفسير الهواري ،فمن جانبا إيجاب يا  وعن شخصيته العلمية تمثل الإنصاف أن نقول :إن حذف المؤلف لأسانيد الرواة هو جانب من جوانب النقص فيه .لقد اختصر المؤلف أغلب سلاسل الإسناد أو حذفها ،واكتفى بذكر الصحابي الذي روى الحديث عن رسول االله ژ.أما عن أسماء التابعين وتابعيهم وعن شيوخه فلا نعلم عنهم إلا قليلا. وكان الهواري يبدأ الكلام أحيا نا بقوله» :قال بعضهم« أو »ذكر عن بعضهم«، ثم يأتي بالخبر .وربما قال أحيا نا» :بلغني كذا وكذا ،فيظن القارئ أن العبارة من قوله هو .ولكن عند المقارنة يتبين أن العبارة لابن سلام .وهذا خطأ منهجي ما كان ينبغي أن يقع فيه الهواري ،خاصة وهو يؤلف في عهد كان فيه الإسناد والرواية من العلوم التي يعنى بها عناية بالغة. وهناك جانب نقص آخر :هو التكرار الممل أحيا نا ،أو وجود بعض عبارات حدا لا يليق بمستوى تفسير كتاب االله.في التفسير بلغت من البساطة  125تفسير كتاب االله العزيز أما عن منزلة هذا التفسير فهو يعد بحق أول مختصر لتفسير ابن سلام البصري .ولو لم يكن له من مزية إلا أنه حفظ لنا تفسير ابن سلام في صورته وفضلا؛ لأن مخطوطات ابن سلامفخرا الكاملة أو القريبة من الكمال لكفاه لا تزال ناقصة. وإذا ما قورن تفسير الهواري بتفسير ابن أبي زمنين ،فإنه يعتبر أقدم حجما ،وأغزر مادة ،وأكثر فائدة،عهدا منه ،وأقرب إلى زمن المؤلف ،وأكبر لأنه حوى من الآثار ومن الأخبار المفيدة ما لا يوجد في تفسير ابن أبي زمنين ،وهذا لا يتبين إلا لمن تتبع المختصرين بالقراءة المتأنية ،والمقارنة الدقيقة المستوعبة. ويبدأ الشيخ هود الهواري الجزء الأول من تفسيره بالحديث عن أول سورة نزلت من القرآن الكريم وآخر سورة .فذكر أن أول سورة نزلت على النبي ژ ﴿ ] ﴾ O N M L Kالعلق .[١ :ويذكر عن النبي ژ أنه قال :جاورت في جبلا بمكة ،وكان جوار أهل الجاهلية .فنوديت فنظرت خلفيحراء ،يعني وأمامي ،وعن يميني ومن شمالي ،فلم أر شي ئا ،فرفعت رأسي إلى السماء ،فإذا هويعني :جبريل‰ قاعد على العرش بين السماء والأرض ،فحممت منه، علي ﴿ |باردا ،فأنزل االله ماء علي فأتيت خديجة فقلت :دثروني ،وصبت } ﴾ ]المدثر.[١ : بي بن كعب قال :آخر ما نزل من القرآن هاتان الآيتان في سورةوذكروا عن أ  براءة ~ } | ﴿ :ے ¡ ] ﴾ ¥ ¤ £ ¢التوبة[١٢٨ : إلى آخر السورة .وذكروا عن الكعبي قال :آخر ما نزل من القرآنË Ê ﴿ : ] ﴾ Ù Ø × Ö Õ Ô Ó Ò Ñ ÐÏ Î Í Ìالبقرة.[٢٨١ : وذكروا أن أول من كتب المصاحف أبو بكر الصديق حين قتل أهل اليمامة. وأول من جمع الناس على مصحف واحد عثمان بن عفان. مائة كتاب إباضي126 وذكروا أن جبريل‰كان يأتي النبي، ‰فيعرض عليه القرآن كل عام عرضة ،وأنه أتاه في العام الذي قبض فيه فعرضه عليه عرضتين .فقال بعضهم: فكانوا يرون العرضة الآخرة قراءة ابن عفان .وقال بعضهم :فكانوا يرون العرضة الآخرة قراءتنا هذه. ويشمل الجزء الأول من هذا الكتاب تفسير فاتحة الكتاب ،وتفسير سورة البقرة ،وتفسير سورة آل عمران ،وتفسير سورة النساء. ومرددا معتمدا على تفسير ابن سلام،ويفسر الشيخ الهواري تفسير الفاتحة ما قاله الصحابة عن رسول االله ژ في تفسير كلمة )الرحمن( فيقول» :قال االله: أنا الرحمن ،شققت الرحم من اسمي فمن وصلها وصلته ،ومن قطعها قطعته«. وذكروا عن الرسول ژ أنه قال» :إن االله خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة ،كل رحمة منها طباقها السماوات والأرض ،فأنزل االله منها رحمة واحدة فبها تتراحم الخليقة حتى ترحم البهيمة بهيمتها ،والوالدة ولدها .فإذا كان يوم القيامة جاء بتلك التسع والتسعين رحمة ،ونزع تلك الرحمة من قلوب الخليقة فأكملها مائة رحمة ،ثم يضعها بينه وبين خلقه ،فالخائب من خيب من تلك المائة رحمة«. ويضم الجزء الثاني من الكتاب تفسير سورة الأعراف وهي مكية كلها إلا آية واحدة ،وتفسير سورة الأنفال وهي مدنية كلها ،وتفسير سورة التوبة وهي مدنية كلها ،وتفسير سورة يونس وهي مكية كلها ،وتفسير سورة هود وهي مكية كلها ،وتفسير سورة يوسف وهي مكية كلها ،وتفسير سورة الرعد وهي مدنية كلها ،وتفسير سورة إبراهيم‰وهي مكية كلها ،وتفسير سورة الحجر وهي مكية كلها ،وتفسير سورة النحل وهي من أولها إلى صدر هذه الآية: ﴿ ] ﴾ É È Ç Æ Å Ä Ã Âالنحل [٤١ :مكية وسائرها مدني ،وتفسير سورة بني إسرائيل وهي مكية كلها ،وتفسير سورة الكهف وهي مكية كلها. 127تفسير كتاب االله العزيز قوما قد آمنوا، ويتحدث المؤلف عن سورة »أهل الكهف« فيذكر أنهم كانوا ففروا بدينهم من قومهم ،وكان قومهم على الكفر ،وخشوا على أنفسهم القتل، ودخلوا الكهف في أول النهار ثم ناموا عدد من السنين ،ثم استيقظوا على أمة غير تلك الأمة التي هربوا منها فقد بادت ،وخلفت من بعدهم أمة أخرى، وكانوا على الإسلام .ثم إنهم اختلفوا في البعث ،فقال بعضهم :يبعث الناس في أجسادهم وهؤلاء المؤمنون ،وكان الملك منهم ،وقال بعضهم :تبعث الأرواح بغير أجساد فكفروا ،وهذا قول أهل الكتاب اليوم .فاختلفوا فبعث االله أصحاب الكهف آية ليعلمهم أن الناس يبعثون في أجسادهم. طعاما ،وهم فلما بعث أصحاب الكهف صاحبهم بالدراهم ليشتري بها يظنون أنها تلك الأمة المشركة الذين فروا منهم ،أمروا صاحبهم أن يتلطف أحدا. ولا يشعرن بهم فلما دخل المدينة ،وهي مدينة بالروم يقال لها) :فسوس( وكان ملكهم يقال له) :دقيانوس( ،فأخرج الدراهم ليشتري بها الطعام است نك رت الدراهم ،ف أخذ و ذهب به إلى ملك المدينة ،فإذا الدراهم دراهم الملك الذي فروا منه ،فقالوا :هذا كنزا فلما خاف على نفسه أن يعذب اطلع على أصحابه .فقال لهمرجل وجد الملك :إن االله قد ب ين لكم ما اختلفتم فيه ،فأعلمكم أن الناس يبعثون في أجسادهم. فركب الملك والناس معه حتى انتهوا إلى الكهف ،وتقدمهم الرجل حتى إذا دخل على أصحابه فرآهم ورأوه ماتوا ،لأنهم قد أتت عليهم آجالهم. ويتناول الجزء الثالث من الكتاب :تفسير سورة مريم وهي مكية كلها، وتفسير سورة طه وهي مكية كلها ،وتفسير سورة الأنبياء وهي مكية كلها، وتفسير سورة الحج وهي كلها مدنية إلا أربع آيات مكية ،وتفسير سورة المؤمنون وهي مكية كلها ،وتفسير سورة النور وهي مدنية كلها ،وتفسير سورة الفرقان وهي مكية كلها ،وتفسير سورة الشعراء وهي مكية كلها ،وتفسير سورة مائة كتاب إباضي128 النمل وهي مكية كلها ،وتفسير سورة القصص وهي مكية كلها ،وتفسير سورة العنكبوت ،وتفسير سورة الروم وهي مكية كلها ،وتفسير سورة لقمان وهي مكية كلها ،وتفسير سورة السجدة وهي مكية كلها ،وتفسير سورة الأحزاب وهي مدنية كلها ،وتفسير سورة سبأ وهي مكية كلها ،وتفسير سورة الملائكة وهي مكية كلها ،وتفسير سورة ۤيس وهي مكية كلها ،وتفسير سورة الصافات وهي مكية كلها. ويتناول المفسر في هذا الجزء البعث ،فيذكر أن الرسول ژ قال» :إذا كان يوم القيامة بعث االله مع كل امرئ عمله ،بعث مع المؤمن عمله في أحسن ريحا ،لا يرى شي ئا جمالا ،وأطيبهصورة رآها قط ،أحسنه حس نا ،وأجمله يخافه ،ولا شي ئا يردعه إلا وقال :لا تخف وأبشر بالذي يسرك ،لا واالله ما أنت مرارا قال له :من أنت ،أصلحك الذي يراد ،ولا أنت الذي يعنى .فإذا قال له ذلك ريحا ،ولا أحسن منكوجها ،ولا أطيب منكاالله؟ واالله ما رأيت أحسن منك لفظا ،فيقول :أتعجب من حسني؟ فيقول :نعم .فيقول :إني واالله عملك .إن عملك واالله كان حس نا ،إنك كنت تحملني في الدنيا على ثقلي ،وإني واالله لأحملنك اليوم ،فيحمله. ريحا،قبحا ،وأنتنه أما الكافر فيبعث عمله في أقبح صورة رآها قط ،أقبحه منظرا .لا يرى شي ئا يخافه ولا يروعه إلا قال :يا خبيث أبشر بالذي يسوءك. وأسوأه مرارا قال له :أعوذ باالله منك، أنت واالله الذي يراد ،والذي يعنى .فإذا قال له ذلك ريحا.واالله ما رأيت أحد ا أسوأ منك لفظا ،ولا أقبح منك وج ها .ولا أنتن منك فيقول له :أتعجب مني؟ فيقول :نعم ،فيقول :أنا واالله عملك الخبيث .إن عملك واالله قبيحا ،إنك كنت تركبني في الدنيا ،وإني واالله لأركبنك في الآخرة«. كان كما يعرض المفسر لموضوع »عذاب القبر« ،فيذكر أنه يلتئم على صاحبه حتى تختلف أضلاعه .ذكروا أن الرجل المؤمن إذا وضع في قبره فانصرف عنه 129تفسير كتاب االله العزيز الناس ،أتاه صاحب القبر الذي وكل به ،فأتاه من قبل جانبه الأيمن .فقالت له الزكاة التي كان يعطي :لا تفزعه من قبلي اليوم ،ثم أتاه من قبل رأسه فقال له القرآن الذي كان يقرأ :لا تفزعه من قبلي اليوم .ثم جاءه من قبل رجليه فقالت الصلاة التي كان يصلي :لا تفزعه من قبلي اليوم .ثم جاءه من جانبه الأيسر فأيقظه إيقاظك الرجل الذي لا تحب أن تفزعه فقال له :من ربك؟ فقال :االله وحده لا شريك له ،ثم قال له :من نبيك؟ قال :محمد ژ،قال :فما دينك؟ قال: الإسلام ،قال :وعلى ذلك حييت وعلى ذلك مت؟ قال :نعم وعلى ذلك تبعث به قال :نعم ،قال :صدقت. فيفتح له في جنب قبره ،فيريه منزله من الجنة وما أعد االله له من الكرامات فيشرق وجهه وتفرح نفسه .ثم يقال له :نم نوم العروس الذي لا يوقظه إلا أعز أهله عليه. ويأتي الكافر فلا يجد شي ئا يحول دونه :لا صلاة ولا قراءة ولا زكاة ،فيوقظه إيقاظ الرجل الذي تحب أن تفزعه .ويفتح له في جنب قبره فيريه منزله من النار وما أعد االله من العذاب ،ويضربه ضربة يتناصل منها كل عظم من مفصله. ۤ أما الجزء الرابع والأخير من الكتاب فيبدأ من تفسير سورة »ص« حتى تفسير سورة »الناس«. خبر أخبر االله به ويذكر الشيخ هود في تفسير سورة الفيل أن هذا النبي، ‰وذلك أن العرب ،أهل الحرم ،هدموا كنيسة للحبشة ،وهم نصارى، فقال أبرهة بن الصباح :لنهدمن كعبة العرب كما هدموا بيتنا. وكان أبرهة بن الصباح من أهل اليمن م لكته الحبشة عليهم ،فبعث بالفيل وجنوده ،فجاء ،حتى إذا انتهى إلى الحرم ألقى بجرانه فسقط .فوجهوه نحو منازلهم فذهب يسعى .قالوا :فإذا وجهوه إلى الحرم ألقى بجرانه ولم يتحرك. وقيل :إن ذلك هو العام الذي ولد فيه رسول االله ژ . مائة كتاب إباضي130 سودا ،طوال الأعناق ،لهاطيرا من البحر وذكر بعضهم أن االله أخرج عليهم أحجارا كهيئة الحمص ،مكتوب فيها اسمخراطيم ،يحمل كل طائر منها صاحبها الذي يموت بها .ولم تر تلك الطير قبل ذلك ولا ترى بعد ذلك .وكلمة )سجيل( وهي بالفارسية ،أولها حجر وآخرها طين .وكان إذا وقع الحجر منها سيلاعلى الرجل سقط جلده .وكان ذلك في أول ما كان .ثم أن االله أرسل فألقاهم في البحر. وسار أبرهة بالفيل يريد الكعبة ،حتى إذا كان بالحرم من قبل عرفات أرسل طيرا أبابيل ،أي :متتابعة ،ترميهم بحجارة من سجيل ،أي :من طين.االله عليهم وفي تفسير سورة قريش ،يذكر الشيخ هود أن قريش ا كانت قد تعودت رحلتين فصليتين :إحداهما في الشتاء ،والأخرى في الصيف .فمكثوا بذلك زما نا حتى اشتد العسر ،ثم أخصبت )تبالة( و)حرش( وهما على شاطئ البحر من اليمن ،فحمل أهل الساحل إلى مكة في البحر ،ثم حمل أهل اليمن على الإبل فنزل أهل الساحل بجدة ،ونزل أهل اليمن ب)المحصبة( ،وكانت رحلة الشتاء إلى اليمن لأنها حارة ،وأخرى إلى الشام في الصيف لأنها باردة. أما تفسير سورة الكوثر ،فيذكر أن النبي ژ قال» :بينما أنا في الجنة إذا أنا بنهر حافاته قباب اللؤلؤ المجوف فضربت بيدي إلى مجرى الماء فإذا مسك أذفر .فقلت :ما هذا يا جبريل؟ فقال :هذا الكوثر الذي أعطاك ربك .من شرب ورودا فقراء المهاجرين الذين تفتح منه شربة لم يظمأ بعدها أبد ا .أول الناس لهم أبواب المتع ،الذين يعطون الذي عليهم ،ولا يعطون الذي لهم«. 131 á«aÉ°üdG áfƒæjódG ∫ƒ°UCG ) »°SƒØædG íàa øH ¢ShôaY ¢üØM ƒHCG ï«°ûdGت ٢٨٣ه( تحقيق :حاج أحمد بن ح مو كروم مراجعة :مصطفى بن محمد شريفي ،ومحمد بن موسى بابا عمي وزارة التراث القومي والثقافةمسقطسلطنة عمان ،ط١٤٢٠ ،١ه١٩٩٩/م. عدد الصفحات ٢٠٣ :صفحات يتكون الكتاب من مقدمة المحقق ،وثلاثة أقسام .يبدأ التقديم بعبارة» :إن كان أبو حفص في شيء من هذا البلد فهذا السؤال منه« .كلمة عظيمة من إمام عظيم في إمام عظيم. إن هذه العبارة لهي شهادة علمية رفيعة المستوى ،وإجازة من الإجازات العلمية العالية منحها واحد من أقطاب العلم وعظماء الإسلام ،ذلكم هو الإمام محمد بن محبوب بن الرحيل3إلى واحد من عباقرة العلم وعلماء الإسلام، وهو أبو حفص عمروس بن فتح المساكني النفوسي . 3 إن علامية عمروس ودقة فهمه وقوة استنباطه لمسائل العلم وقضاياه جعلت من الإمام الكبير محمد بن محبوب أن يظهر إعجابه بهذا النابغة المغربي الذي سبقته شهرته العلمية إلى المشرق العربي ،ولا سيما في عمان عندما تم اللقاء بينهما في مكة المكرمة حرسها االله تعالى ،حتى أخذ الحديث بالإمامين الكبيرين شجو نا وشؤو نا كل مأخذ. إن هذه الحادثة اللقائية المكية ترشدنا إلى ما لعمروس من منزلة عظمى في العلم ودرجة عليا في الفهم؛ لذلك نجد إمام المنقول والمعقول أبا يعقوب الوارجلاني3يورده في كتابه» :الدليل والبرهان« من بين الأئمة العشرة الذين نقل عنهم مسائل عقدية تعتبر قواعد في علم العقيدة ،فلا غرو مائة كتاب إباضي132 أن تأتي »الدينونة الصافية« صافية من غير كدر ،نقية من أية شائبة ،عذبة المورد سائغة للشاربين. على أن الدينونة معناها الدين ،وهو دين الإسلام الحنيف ،مشتقة من دان عدوه من يدين ،وهي كلمة ليست لها صيغة تصريفية عند العرب ،وإنما مما  النوادر وقليل النظائر. إن هذا العمل الجليل هو واحد من نتاج فكر عمروس ووحي عبقريته الفذة ض منه دقيق مسائل العبادات وواضح قضايا الأحكام. القسم الأول :حول حياة المؤلف .وهو الشيخ عمروس بن فتح ،من قافلة نفوسة ،ولد في القرن الثاني للهجرة وفي أواخر العقد السادس. وقبيلته هي قبيلة نفوسة البربرية التي نسب الجبل الغربي لطرابلس إليها بليبيا ،ولد في قرية »قطرس«. أولا في مسقط رأسه »قطرس« مبادئ العلوم الدينية واللغوية ،ثمدرس عاما. انتقل إلى المغرب ليتعلم هناك مدة عشرين عينه أبو منصوراشتغل الشيخ عمروس في وظيفة القضاء مدة قصيرة ،حيث إلياسوالي جبل نفوسةعلى قضاء الجبل ،ثم استقال من المنصب بسبب مخالفته آراء بعض علماء عصره إذ إنه كان مر نا في أحكامه وفتاواه ،وهم يرفضون هذه المرونة خشية الفتك بعرى الدين بالنزوع إلى الرخص ،وكما جاهد الشيخ بلسانه وقلمه ،فإنه لم يهمل نصيبه من الجهاد بالسيف حيث شهد موقعة »مانو« بين نفوسة والأغالبة ،وكان في آخر المعركة يحمي الناس ويذود عنهم ،ولم يقدروا عليه. وهناك اختلاف طفيف بين المراجع في تحديد سنة الواقعة التي توفي فيها الشيخ عمروس بن فتح.5فالمصادر الإباضية متفقة على سنة ٢٨٣ه،أما 133أصول الدينونة الصافية المصادر غير الإباضية فهي تشير إلى السنة ٢٨٤ه،أي :بعد عام من وقعة طويلا.وبناء على هذا التاريخ يتبين لنا أن الشيخ قد ع مر »مانو«، لقد اشتهر الشيخ بفتاواه مثبوتة في بطون كتب المذهب الإباضي في الأصول والفروع؛ ولذلك احتل مكانة مرموقة في تاريخ أعلام المذهب، ولعل انفراده ببعض هذه الفتاوى جعل العلماء يصفونه بأنه »بلغ درب الاجتهاد في الدين«. ومن أهم الحسنات التي سجلها له التاريخ ،هو استنساخه لمدونة أبي غانم بشر بن غانم الخراساني ،هذا العالم الذي مر بالشيخ عمروس بجبل نفوسة، فأودع عنده مدونته التي رواها عن حملة العلمتلاميذ أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمةفي الفروع ،وهو قاصد وجهة بغداد المغربتيهرتلزيارة الإمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن ،فأفتى عمروس لنفسه باستنساخ الوديعة رغم أنه لم يستأذن صاحبها ،وعندما رجع أبو غانم إليها اكتشف ذلك ،بعلامة وقعت على الأصل ،وهي نقطة حبر لم يتنبه إليها عمروس ،أو تعمدها ،فقال أمرا. إخبارا لا له» :أسرقت هذه؟« قال» :نعم س ماني سارق العلم« وكأنه بهذا يشير إلى جواز استعمال وديعة من هذا النوع بمثل هذه الطريقة، إذا كانت في صالح المسلمين. ويقال :إنه لما حضرت الوفاة أ م عمروس أوصت بوصايا وأشهدت عليها.. فقيل :إلى من تفوضين تنفيذ هذه الوصايا؟ قالت :إلى ذلك الذي في مهدي، فأشارت إلى عمروس الرضيع ..فلما بلغ أشده شرع في تنفيذ الوصايا في وجوهها ،إلا وصيتها بالحج فتوقف عنها .لماذا؟ لأنه لا يعرف منزلة أمه من الولاية والبراءة ..وجعل يسأل في جهات من نفوسة عن أحوالها ،فلم يجد من يعرف حالها وتولاها غير امرأة واحدة ،فتولاها لذلك ،وحج عنها. ويريد من هذا العمل أن يرشدنا إلى أمور مهمة في مجال العقيدة: مائة كتاب إباضي134 أأن الحجة في ولاية الدين يمكن أن تقوم بشهادة الناس والعبيد إذا كانوا ممن قبل قوله وتقوم به الحجة. بأن الذي يحج عن غير متولفإنه غير مرضي الفعل ولا مشكور الحال. جوالثالثة تتمثل في جواز استخلاف الوارث على تنفيذ الوصية ولو كان في المهد صب يا. وتتجلى في الشيخ عدة مميزات :الورع والتقوى ،وكان له الحافز على العدل في القضاء ،كما أنه لم يسمح لنفسه بالحج عن أمه حتى يجد من ز كاها له في الولاية. والذكاء والاجتهاد :ويتجسد ذلك من خلال آرائه في مجال القضاء والفتاوى. حب العلم والدليل هو :المدة التي قضاها في التعلم ،ثم تخصصه في الفتوى ،وكذا استنساخه للمدونة. تقدير العلماء :ويشهد بذلك ما ذكره عنه علماء عصره واللاحقون عليه. والقسم الثاني :عرض لنص المخطوطة الذي ينقسم إلى ثلاثة أبواب رئيسة هي: ١ باب العقيدة. ٢ باب العبادات. ٣ باب المعاملات. وفي كل باب تظهر عناوين مهمة جامعة لمعلومات ذات محور واحد تمتاز بما يلي: اعتمادا أضبط الحكم مباشرة ولو بدون دليل شرعي في بعض الأحيان، على الدليل العقلي الموضوعي. بأن أسلوب الجدال والرد على مناقض رأي المذهب الإباضي ،ومقارعة 135أصول الدينونة الصافية الحجة بالحجة كان سيد الموقف في أغلب الأبواب ،ولكنه كان أكثر وضوحا في باب العقيدة؛ لأنه الميدان الخصيب لذلك النوع من الأساليب. أيضا في نصوص هذا الكتاب هو تسلط الضوء على بعضجومما يلاحظ القضايا التي كانت محل خلاف أو اعتناء في أوساط الإباضية خاصة سكان جبل نفوسة؛ بحيث إذا عرضناها على واقع هذه المنطقة اتضح لنا فمثلا :نجد مسألة الزكاة على الأنعام وقع فيها الإطنابوجه الموافقة، والتوضيح بصورة ملفتة للانتباه ،والسبب واضح في أن المنطقة كانت منطقة رعي ورعاة وزهاد. واسعا أكثر عرضا والمثال الآخر :يتضح لنا جل يا في عرض فريضة الحج من جميع الفرائض الأخرى ،وخاصة مسألة »منهيات الإحرام وكفاراته«، أيضا إلى واقع نفوسة التي وصف أهلها »بأنهم أكثرلعل السبب يرجع نهجا ،حتى أنهم كانوا يحجون بالنساء والذرية«. الناس حج ا وأزكاهم دكما يلاحظ أن هذه الأحكام قد اعتنت بجانب كبير من المعاملات المالية وإيجابامثل الغنائم والمواريث التي تنتج عن كثير من الحروب سلبا التي خاضتها نفوسة في جبل نفوسة وفي تيهرتبالجزائروأكثر إمدادات الحروب إلى الحكم الرستمي كانت من شرارة نفوسة الشجعان. كما أن تفصيل الكلام في قضية قطاع الطرق والقصاص يبين لنا الأجواء التي كانت تعيشها منطقة المغرب بصفة عامة من كثرة الغارات والاعتداءات على الأموال والأنفس والثمرات ،سواء بين القبائل في الداخل أو مع الجيران في الخارج كالأغالبة. هوالملاحظة الأخيرة على الكتاب هو غياب الترتيب التسلسلي لمسائل بعض الفصول والأبواب ،مثل وجود »مسألة سنن الختان والأذان« في آخر الكتاب ،رغم أنهما من مسائل الطهارة والصلاة. مائة كتاب إباضي136 ويمكن حصر القيمة العلمية لهذا الكتاب في أربع نقاط أساسية ،هي: ١ تساهم في كشف جوانب مهمة عن التأليف عند الإباضية في عهد الدولة الرستمية ،هذه الدولة التي أبيدت معالمها من الجذور بعد أن أحرق الفاطميون مكتبتها »المعصومة« العظيمة ،لولا وجود كتب محفوظة هنا وهناك يتوارثها الأبناء عن الآباء في جو من السرية والحيطة المتناهيين، إلى أن وصلنا مثل هذا الكتاب. ٢ أنها توضح لنا جوانب عن شخصية أحد الأعلام المغمورين في التاريخ الإسلامي للقرن الثالث الهجري ،هذه الشخصية التي ظلت مضرب المثل عبر القرون. ٣ لها فضلها في الحفاظ على نصوص من مدونة أبي غانم الخراساني ،بل تلخيصا يتناسب مع طريقة التأليف في المغربتلخيص بعضها الإسلامي ،إذ أنها تعرض الإسلام على قوم عجم ليس لهم باع عريض في اللغة العربية. ٤ نصوص الكتاب لا تفتقد المنهجية العلمية ،إذ أنها :تعتمد الدليل الشرعي والعقلي في أحكامها ،وتستعمل السندولو كان عا مافي إثبات الترجيحات والاجتهادات الخاصة لكل مدرسة ،واختيار العبادات الواضحة ،حتى يتمكن العامي من فهمها. وقد حلل الشيخ عمروس في هذا الكتاب ثلاث مسائل أساسية ،هي: مواقف الإباضية من المؤمنين والمشركين والمنافقين. مواطن الخلاف بين الفرق :المرجئة ،والصفرية ،والمعتزلة ،وأهل الحديث ،مع ذكر الأدلة باختصار. وتحليل ما لا يسع جهله طرفة عين ،وما يسع جهله من الإيمان والعمل حتى يحل وقته. 137أصول الدينونة الصافية كما عرض في الفروع مسائل العبادات ،والمعاملات ،والنكاح ،والمواريث. وتعتبر قيمة هذا النص في أنه من أقدم ما وصلنا مما كتب في العقيدة في بلاد المغرب ،وإن سبقته مؤلفات أخرى لكنها لم تصلنا .كما يذكر »النامي« أنه أول نص مغربي تبنى تسمية الإباضية بالإباضية؛ لأن النصوص المتقدمة عليه تستعمل التسميتين الأوليين للفرقة وهما» :أهل الدعوة« ،و»أهل الاستقامة«. أما القسم الثالث من الكتاب فهو عن النص المحقق »أصول الدينونة الصافية«. الباب الأول :مسائل في العقيدة. أول ما يبحثه المؤلف في هذا الباب هو الإقرار الله بالوحدانية ،وأنه محمدا عبده ورسوله ،والإقرارلا يشبهه شيء من خلقه ،وليس له شريك ،وأن بما جاء به أنه الحق من االله .فمن أمر بهذا فقد خرج من الشرك. ويفصل الشيخ عمروس بين التوحيد وجميع ملل الشرك الخمسة ،وهم: )المشركون ،واليهود ،والنصارى ،والمجوس ،والصابئون(. وقد عرض الرسول ژ على أهل هذه الملل ،فمن أسلم منهم أطلق عليه كذب أو عمل الكبائر بعد إسلامه فيسمى منافقا .وهم منمؤم نا ،ومن المؤمنين ،جرت بينهم الحقوق من المناكحة والموارثة ،وأكل الذبائح ،وقبول الشهادة ،والقيام على جنائزهم والحج معهم ،فهم بإقرارهم من المسلمين في الأحكام لا يبطل منهم بنفاقهم إلا ما أبطله القرآن من تحريم ولايتهم. ويقسم المؤلف الناس إلى ثلاث منازل :منزلتان في الكفر ،ومنزلة في الإيمان هي منزلة أهل الوفاء بالقول والعمل. فهذه ثلاث منازل في الخلق معروفة بأسمائها ،مختلفة في أحكامها ومنازلها ،وهي: مائة كتاب إباضي138 المشرك :المنكر للقول والعمل. والمنافق :المقر بالقول ،المضيع للعمل. والمؤمن :الموفي بما أقر به من القول والعمل. ولا يسمى أهل النفاق بالشرك ،وإن كان يجمعهم اسم الكفر ،كما يسمى أهل الشرك بالنفاق ،وإن كانت النار تجمعهم واسم الكفر ،ولا هم مع المؤمنين في الاسم والثواب ،ولا هم مع المشركين في الحكم والسيرة. ويتحدث المؤلف عن معاملة أهل الكتاب مع المجوس ،ومع المشركين، ومع المنافقين. وأما المنافقون ،فهم في ملة الإيمان ،ويجري عليهم ملتهم التي ادعوا وأقروا بها ،وليسوا بملة كملة اليهود والنصارى ،ولكنه إدغال في الدين ،إما شهوة في محرم ،أو تحريف في التأويل ،وإنما أصابوا النفاق بمعاص دون الشرك. فلا يجوز استحلال دمائهم ،أو غنيمة أموالهم وسبي أبنائهم ،ويسمى كفرهم كفر نفاق. ويتناول المؤلف ما لا يسع الناس جهله طرفة عين :وأول ما يلزم أهل الحق هو الإقرار باالله ربا وبمحمد نب يا ،وبما جاء به حق ،وهذا ما لا يسع جهله طرفة عين. وأما الذي يسعهم جهله حتى يأتيهم وقت فعله وما يرضي االله عليهم من الصلاة قبل وقتها ،والزكاة وقت وجوبها ،وصيام شهر رمضان قبل مجيئه ومحضره في أهله ،والحج والعمرة ،والبر بالوالدين ،وصلة الرحم ،وحق الجوار ،وما ملكت اليمين ،وشأن القبلة والولاية لأهل الطاعة ،والعداوة لمن وقع عليه اسم الكفر ،وغض البصر ،وحفظ الفروج ،وصدق الحديث ،وحق ابن السبيل ،والاغتسال من الجنابة ،والاستئذان في البيوت ،والأمر بالمعروف، النية ،والعمل والقول ،وأداء الأمانة ،والوفاء والنهي عن المنكر ،والإخلاص في 139أصول الدينونة الصافية بالعهد ،وذكر اسم االله على الذبيحة ،وحق الإيمان ،والجهاد في سبيل االله، والتوبة من الذنوب ،فهذه ونحوها مما أمر االله بفعله يسع الناس جهله ما لم يأت وقت فعله ،فإذا جاء وقت فعله لزمهم العلم والعمل به. وأما الذي يسعه جهله من الإيمان حتى يحل له تفسيره ،مما كان من تفسير التوحيد مثل إنفاذ الحدود عن االله والأقطار ،وإثبات القدرة له والعلم وجميع المخلوقات مصنوعة يضاف إليه أنه صانعها ومحدثها ،وتصديق كل ما جاء عنه من خبر عما هو كائن أو يكون. وما لا يسع جهله من التوحيد ما أخبر االله من ذكر الجنة والنار ،والبعث والحساب ،والملائكة والكتب والرسل ،فهذا أو أشباهه من تفسير التوحيد، ولا يدعى في الجملة إلى هذا التفسير ،وهو داخل في جملة التوحيد ،والمنكر لتفسير التوحيد منكر لجملة التوحيد ،كما أن الإيمان بجملته إيمان بتفسيره، وكذلك الكفر بتفسيره كفر بجملته؛ لأن المنكر لشيء من هذا أن يضيفه إلى االله منكر لتوحيد االله ،لأنه منكر لصفته. ومن أنكر شي ئا من صفات االله أنكر االله ،ومن أنكر االله فهو مشرك .فمن أنكر شي ئا مما تفرد بصنعته أشرك باالله ومن أنكر شي ئا مما أضافه االله إلى بعض خلقه فأنفى االله من صنعه نافق؛ لأنه متأول مخطئ. أبدا ما لم يكذب ويتقول على االلهفي حال جهلهموأما الذي يسع جهله حلالا ،أو يواقعوا فعل ما يضلهم ،أوحراما أو يحرمون فيه الكذب فيحلون يلقوا الحجة فتخبرهم بها ،فلا يؤمنون بها ،ولا يصدقونها ،فما حرم االله عليهم من الميتة والدم ولحم الخنزير والزنى والربا وقتل النفس التي حرم االله وأكل الأموال الحرام والسرقة ،والفساد في الأرض ،والأمر بالمنكر والظلم والبغي، ودخول البيوت بغير إذن ،والنظر إلى ما حرم االله ،وإتيان النساء في الحيض، وكل ما حرم االله ونهى عنه. مائة كتاب إباضي140 الباب الثاني :في العبادات ،ويشتمل هذا الباب على خمسة فصول ،وبدأ بفصل الصلاة .فتحدث عن مواقيت الصلاة ،وصلاة الجماعة التي يقال عنها: ضعفا.إن صلاة أحدكم في الجماعة يزيد عن صلاته وحده أربعة وعشرين ومن ترك صلاة النهار حتى يدخل عليه الليل ،أو ترك صلاة الليل حتى يدخل عليها النهار من غير عذر ولا نسيان ضل وكفر. والصلاة في الحضر أربع ،وفي السفر ركعتان .والوتر ركعة وهي سنة، ويستحب أن يوتر بسبع ركعات ،ومن الناس من يقول :الوتر ثلاث ركعات لا يفصل بينهم تسليم ،والمعمول به في مذهب المؤلف ركعة. ثم عرض المؤلف لموضوع الطهارات ،وهي فريضة الوضوء .والوضوء من التنزيل ،وس ن رسول االله ژ المضمضة والاستنشاق ،وهما واجبتان لا يسع تركهما ،ولا تجوز الصلاة إلا بهما. وس ن مسح الأذنين مع الرأس مقدمهما ومؤخرهما ،وقال بعضهم :مقدم الأذنين ومؤخرهما من الرأس .وما عليه المؤلف أنهما من الرأس. ترابا طيبا ،يعنيصعيدا أما التيمم فمن كان على سفر ولم يجد الماء تيمم نظيفا .والتيمم :التعمد ،والصعيد :التراب ،والطيب :النظيف. ومن نسي صلاة حتى يذهب وقتها فليصلها حين يذكرها ،إلا حين تطلع الشمس أو حين تغرب ،إذا طلع منها شيء أو غاب منها شيء ،وكذلك من صلاها بغير وضوء أو ثوب لا يصلى به. والفصل الثالث عن فريضة الزكاة .وهي من التنزيل مقرونة بالصلاة ،ثم السنة كيف كان قسمها ومن كم تجب؟ ومن أي نوع تجب؟ وعلىفسرت  السنة ،وب ين االله تعالى في التنزيل أهلها الذين كم؟ والحول ..كل ذلك من  فيهم تقسم. 141أصول الدينونة الصافية وتجب الزكاة في الذهب والفضة ،والحبوب من البر والشعير والذرة والتمر ،والزبيب ،والغنم والإبل والبقرة. وزكاة الفطر يؤديها من كان له ما يقوته سنة ،وهي سنة ،الأخذ بها فضيلة، والسنة سنتان: وتركها ليس بخطيئة. سنة في غير فريضة ،الأخذ بها فضيلة وتركها ليس بخطيئة. وسنة في فريضة ،الأخذ بها هدى وتركها ضلالة. الفصل الرابع :فريضة الصيام .وصيام شهر رمضان فريضة من كتاب االله 8 على كل بالغ صحيح العقد إذا شهد الشهر في أهله. والمسافر إن شاء أكل وإن شاء صام ،فليس عليه الإفطار بواجب ،ولكن إن صام فمأجور وإن أكل فمعذور. والصيام من الليل إلى الليل ،فإذا انفجر الفجر حلت الصلاة ،ووجب الصوم ،وحرم الأكل والشرب. واختلف الناس في الاغتسال من الجنابة ،فقال البعض :إنما جاء الاغتسال لعلة الصلاة ،ولم ينزل لعلة الصوم ،فمن أصبح ولم يغتسل لا يبطل صومه؛ لأن االله أجاز لنا الأكل والشراب والمباشرةوهي الجماعحتى يتبين لنا الصبح. أما مذهب المؤلف وما عليه أصحابه من الإباضية أن من توانى بغسله حتى أصبح فلا صوم له يومه ،ويستأنف ما مضى من شهره. السنة. الفصل الخامس :فريضة الحج .وقد فرضه االله في كتابه ،وفسرته بعد ذلك  والاستطاعة في الحج هي استطاعة السبيل :الزاد والراحلة .ليس الناس ملك الزاد والراحلة بأحوج إليهم من أمان الطريق ،فإن وجدوا الزاد ،والراحلة ملكوا ذلك ،ووجدوا أمان الطريق ،مع كشف الآفات التي تحل بالجسم يكون منها الموانع؛ فإذا اجتمع لهم ذلك وجب عليهم الحج. مائة كتاب إباضي142 وعرض المؤلف في هذا الفصل عدة مسائل عن فريضة العمرة ،والإحرام: سننه ونواهيه ،وحكم صيد الحرم وجزاؤه ،وإحرام المرأة ،وفدية المحرم المريض ،ومستحبات الإحرام والتلبية ،ومناسك العمرة ومناسك الحج ،وأنواع الغسل في الحج ،ومواقيت الحج ،ومنهيات الإحرام ،وأحكام الإحرام، ومبطلات الحج ،ومخالفات الحاج وكفاراتها. والباب الثالث» :مسائل في المعاملات« .يبدأ المؤلف هذا الباب ببحث وتفسير المظالم والمحاربة ،ويرى أن من أسلم ثم أشرك )المرتد( فإنه يقتل لقوله تعالى] ﴾ o n m l k j i h ﴿ :البقرة.[٢١٧ : والمحاربة هو من حارب وقطع الطريق ،فأصاب في محاربته الأموال والأنفس ،أنه يقتل إذا قدر عليه ،ومن أصاب الأموال ولم يقتل قطعت يده ورجله )من خلاف( يده اليمنى ورجله اليسرى. ومن قطع الطريق من أهل الشرك ثم قدر عليه ،وقد أصاب الأموال والأنفس فإنه يصلب ،ولا يصلب أحد من أهل الإقرار. تائبا قبل أن يقدر عليه هدر عنه ما أصاب في محاربته .ولا يهدروإن جاء عن أحد من الإقرار ما أصابه في محاربته ،فإن طلبه الإمام فامتنع فهو باغ، لا يقارب ولا يترك حتى يسلم لحكم االله ،ويقاتل على امتناعه ،فما أصاب في امتناعه من الأنفس وما دونها من الجراحات يهدر عنه ولا يؤخذ به؛ لأنه لا قصاص بينه وبين المسلمين ،لا يقيدوه من أنفسهم فيما أصابهم منه. وأما النفي الذي ذكره االله فهو أن يطلبهم الإمام والمسلمون بإقامة ما حكم االله بينهم وعليهممن القتل والقطع والصلب ،فيهربون فلا يؤمنون في شيء من بلاد المسلمين ،وليس ذلك على معنى ما يقول من يقول :إن الإمام فيهم مخير إن شاء قتلهم ،وإن شاء قطعهم ،وإن شاء نفاهم. أما عن أحكام القطع في الإسلام ،فيذكر المؤلف أن القطع حكم جرى على 143أصول الدينونة الصافية الأحرار والعبيد ،والذكور والإناث ،والموحد والمشرك إذا أخرج المال من الحرز. يقطعأي :يقام حد قطع اليدإذا كان الذي أخرج من المال يساوي قيمة فصاعدا .وقال بعضهم :خمسة دراهم .وقال بعضهم :عشرة دراهم.أربعة دراهم والذي عليه المؤلف أن القطع في أربعة دراهم. ولا يقطع المختلس ولا الخائن ،ولكن يعاقب .والمختلس الذي يسرق من المرعى أو من الجبال أو من البراري ،ما لم يخرج من الدوار والمرابض. ثم عرض المؤلف موضوع القصاص والديات والفتك والعذر ،وباب القتل الخطأ .وأما الخطأ المحض الذي تعقله العاقلة :فهو أن يهوي الرجل بضربة أو رمية إلى صيد أو دابة أو إنسان فيصيب غيره ،أو يسقط منه شيء فيصيب به صائحا فيقع إنسان من أجل صيحته.إنسا نا ،أو يسقط هو بنفسه ،أو يصيح وأما الخطأ العمد :فالذي يتعمد الضربة بغير حديد ،بما لا يقتل مثله ،يقال له» :خطأ العمد«؛ لأنه تعمد الضربة ،ويقال له» :خطأ ،لأنه لم يتعمد القتل، فالدية فيه في مال الجاني ،ولا تعقله العاقلة«. كما عرض المؤلف لموضوع المواريث ،وقد بينها االله تعالى في أربع آيات من كتابه ،والخامسة لأولي الأرحام ..فمن جميع علومها على كثرة ما فيها من الفنون، وبين جميعها في أقصر ما يكون وأقصد.واختلاف الأصناف ،وسعة المعالم ، وتحدث المؤلف عن عدة النساء ،وإذا طلق الرجل زوجته ثلاثا ،فلا يحل له رجعة ،ولا يطلقها إلا على طهر ،فمن فعل فقد عصى ربه .وللمطلقات النفقة والسكنى في عدتها ،وليس للمتوفى عنها نفقة ولا سكنى. 144 á«°VÉHEG πFÉ°SQ çÓK ٢٩٠) (✽)܃Ñëe øH óaëe øH ô«°ûH QòæadG ƒHCGه٩٠٣/م( تحقيق وتقديم :عبد الرحمن السالمي ،و ويلفرد مادلنغ فيسبادنألمانيا٢٠١١ ،م. عدد الصفحات ٨٠ :صفحة مؤلف الكتاب هو بشير بن محمد بن محبوب ،أبو المنذر القرشي المخزومي ،ولد في العقد الثالث من القرن الثالث الهجري الموافق للقرن )(١ التاسع الميلادي ،أما وفاته فكانت سنة ٢٩٠ه٩٠٨/م. وأبو المنذر فقيه عالم ،أخذ العلم عن والده ،وحفظ عن أبي معاوية كثيرا ،وتوجه بالسؤال إلى الفضل بنعزان بن الصقر ،وكان يروي عنه الحواري .وله أخ يضارعه في العلم ،هو عبد االله بن محمد بن محبوب .وقد كتب إليه لما كان بمكة أن يبيع له مالا بها. عاصر أبو المنذر الفتنة آخر أيام الإمام الصلت بن مالك ،كما عاصر الأحداث بعد ذلك .وكان مرجع عصره في العلم والقضاء وعلم الأحكام. وعاش آخر عمره في مكة حتى مات. وله العديد من الآثار العلمية ،ولكن أكثرها مفقود ،ومن آثاره العلمية: أسماء الدار وأحكامها :وهي رسالة تناولت موضوعات شتى ،أهمها :بيان نطاق إعمال العقل ،وحدوث العالم ،وتوحيد االله ،وإثبات صدق الرسول ژ ، والسنة؛ من نسخ ومحكم ومتشابه ،ونحو ذلك ،ووجوبوأحكام القرآن )✽( تتراوح وفاة بشير بن محمد بن محبوب )أبو المنذر( بين٢٨٠و٢٩٠ه٩٠٣ - ٨٩٣/م(. 145ثلاث رسائل إباضية الإمامة ،وبيان متى يطلق على دار ما بأنها دار كفر ،وبيان بعض أحكام أحكامها .وتقع الرسالة في أربعة وأربعين صفحة. جواب طويل إلى من كتب إليه يسأله عن أحداث الفتنة .ويوجد ضمن س ير علماء المسلمين ،ويقع في ثماني صفحات. ويضم هذا الكتاب ثلاث رسائل للإباضية لأبي المنذر .الأولى بعنوان: والس نة ،والإمامة، »الرصف في التوحيد ،وأحكام القرآن ،والأسماء ،والأحكام ، وأسماء الدار وأحكامها ،وحدوث العالم«. وتضم هذه الرسالة سبعة أبواب: الباب الأول :في »القول في الحدوث« .ويقول المؤلف :إن الناظر في الأشياء يجدها تنقسم إلى قسمين :موجود ومعدوم ،ومعلوم ،والموجودات على ضربين :جوهر ،وعرض. والعرض مرتبط بالجوهر لا يفارقه ،ولا توجد الأعراض بدون جواهر. عرف المؤلف معنى الجوهر أنه »المجتمع المفترق« .أما العرض فهو اللازموي  له .والأعراض أنواع ،وقد تخلو الأجسام عن كثير من الأعراض سوى الأكوان الأربعة التي هي الاجتماع والافتراق ،والحركة والسكون .وهذه الأكوان أو الأعراض يجمعها حكم الحدوث ،وما لم ينفك عن الحادث فهو حادث. فإذا كانت الأجسام لا تظهر إلا مجتمعة أو مفترقة ،فتظهر بعرض الاجتماع أيضا حادث. والافتراق ،وهذان العرضان حادثان .فيكون الجسم المرتبط بهما وقد استخدم هذا الدليل من قبل لدى كثير من الفرق الكلامية غير الإباضية من أمثال :المعتزلة ،والأشاعرة ،والماتريدية للتدليل على حدوث الأجسام ،للوصول إلى حدوث العالم ،ثم استخدام هذا الدليل كمقدمة للتدليل على وجود االله. والباب الثاني» :في التوحيد« .وبعد أن يثبت أبو المنذر حدوث العالم يعود عرف المؤلفوي  ومحدث . إلى تفسير الموجودات ،ويقسمها إلى نوعين :قديم، مائة كتاب إباضي146 المحدث أنه ما كان بعد إذ لم يكن ،أي :أنه الموجود بعد العدم .وهذا يطلق على كل موجودات العالم ،فهي موجودة بعد أن كانت عدم. أما القديم وهو المحدث ،وهو االله تعالى .ويرى المؤلف أن لفظ )المحدث( هو أحسن الأسماء وأمدح الصفات في إطلاقها على االله؛ لأنها لا تستلزم التشبيه أو التضاد ،ولا تنافي لتأويلها. وهذا اللفظ )المحدث( يبين مفارقة االله عن المشابهة لمخلوقاته ،وعدم مماثلته لها؛ إذ إن االله تعالى] ﴾ 3 2 1 ﴿ :الشورى.[١١ : ثم يعرض المؤلف لموضوع الصفات الإلهية والأسماء .ويقسم الصفات إلى قسمين :صفات ذات وصفات أفعال .أما صفات الذات فهي ما يزال متصفا بها ،ومن الصفات التي يجب تنزيه االله عنها ،والتي قد يوحىالموصوف الاتصاف بها التشبيه ،مثل :صفات الهيئة ،والتأليف ،والسكون ،والحركة، واللون ،والكليات ،والأبعاض ،والجواهر ،والأعراض .فمن نفى عن االله هذه الأوصاف منع عنه التشبيه .ويكفي وصفه بأنه قادر سميع حي مريد. أما صفات الأفعال فواجب التسمية الله بالأسماء الفعلية من اللغة قبل مجيء السمع بما قد يتفق للمعنى الواحد اسمان ،فيختار من هذه المعاني ما لم يؤد إلى تشبيه له بالأجسام ،مثل قوله :إنه حي وعالم وقادر ومريد. ويتحدث المؤلف عن علم التوحيد ،وكيف يتم العلم به ،فيشير إلى أن العلم ضربان :حس ،وقياس .فأما علم الحس فالأدوات الحسية فيه بالسواء لا خيار فيه لحاسة ،ولا نهي له بالعدول عنه ولا مأمور به ،وإنما وقع النهي للمكلف عن القصد بالحاسة إلى محسوسه .وهذا النوع من العلم لا يصلح استخدامه لمعرفة التوحيد؛ ولذا وجب استخدام العلم بالقياس. أما القياس فالقياس الصحيح هو ما شهد المحسوس بصحته ،وجاز العقل به والتعبد به ،فالمحسوس هو الشاهد الدليل على توحيد االله وحكمته ،والقياس هو الاستدلال على ذلك به. 147ثلاث رسائل إباضية موجبا .وكان العبد الذي سببا دليلا كان الاستدلال بهولما كان ذلك يستخدم هذا الطريق في العلم بمعرفة االله وإثبات توحيده ،كان هذا العلم مكتسبا من العبد وصل إليه باجتهاده .ولكن لما كان المكلفون متساوين في عقولهم فربما قام النزاع بينهم في حقيقة ما يصلون إليه بعقولهم ،وربما اختلفوا وتنازعوا ،من أجل هذا أرسل االله لهم الرسل لكي تهديهم إلى طريق الصواب. واالله تعالى أرسل الرسل بآيات ودلائل تفوق مقدور العقول البشرية ،وهي المعجزات التي لم تجر بها العادة ،وهذه المعجزات هي إعجاز للعقول ،ودلالة ظاهرة على صدق الأنبياء ،عندما يأتون بأشياء لم تجر عليها العادة ،مثل :إلقاء إبراهيم‰في النار ،وعصا موسى، ‰وحديث عيسى‰في المهد ،ومعجزة محمد ژ الكبرى القرآن ،فكلها معجزات دالة على صدق نبوته ،إذ ليس في قوى الخلق أن يأتوا بها ولا أن يساووه فيها ،ولا جرت العادة فيهم بمثلها. ويشير المؤلف إلى أن العقل حجة الله على خلقه ،ولما كان كذلك شرع التحسين والتقبيح العقليين ،فإذا أكمل االله عقولهم فلا بد أن يعرفهم كيف يستدلون وينظرون ،وعلى الرغم من وجود هذا العقل الذي يتيح لمن لم يصله الدين أن يعرف الحسن والقبح ،إلا أنه لم يحاسب الإنسان إلا بعد أن يصل إليه هذا الأمر عن طريق »السمع« و»الدين« حتى لا يدعي العبد بعد ذلك أنه لا يعرف ما هو الحسن والقبح ،وإذا أتاه النبي بعد ذلك بالأمر بالحسن والنهي عن المنكر الذي وصل إليه من قبل بعقله أدرك صدق هذا النبي حيث لم يأمره إلا بالإحسان. والباب الثالث» :في أحكام القرآن« .ويرى المؤلف أن االله4أنزل على كتابا مبي نا ،ناسخ ا لما قبله من كتب ،ولم يتنازع الناس في بيان عبده محمد ژ تنزيله ومحكم تفصيله ،ولكن تنازع الناس في تأويله وتصريف آياته ،وأيها فيه مجاز وتشبيه ،وما هو المحكم منها. ولما كان القرآن قد نزل بلغة العرب ،وهي لغة بها المجاز والتشبيه، مائة كتاب إباضي148 والمحكم والمتشابه ،وفيه دقة المعاني التي قد تتنازعها العقول ،حدث الاختلاف بين المكلفين في فهم بعض آياته. والقرآن الكريم كتاب بالغ الحكمة في بيانه ،ومحصول أقسامه من جملة تأليفه ونظامه ،وهو يضم أوامر وزواجر ،وإخبار عن مخبرات ،ودلالة على أسماء االله وصفاته ،ونواسخ ومنسوخات ،وأسماء وأحكام ،وخاص وعام. فأما الأخبار فثابتة بهيئاتها والنسخ لها غير جائز عليها؛ لأن االله تعالى لا يخبر إلا وهو عالم بما أخبر عنه .فمخبرات االله صحيحة وأخباره صادقة فصيحة؛ ولذلك استحال البداء. والمحكم هو ما اجتمع أهل العلم على تأويله ،والعلم ثابت بمنصوصه، وانقطع العذر في العمل به؛ لأنه واضح جلي ،لا يختلف فيه. أما المتشابه فهو ما اختلف في معانيه .ويتورع من إثبات الخصوص فيه. والناسخ ما قام في المأمور به حجته ،والمنهي عنه كقيام حجة منسوخه قبل نسخه؛ لأن الحكيم من صفته أنه لا يلزم أمره إلا بمحجة يقطع بها عذر المأمور .والناسخ كان في بعض الأحكام التي تدرج فيها الأمر ،فلم يرد االله أن يأمر الناس ببعض الأفعال دفعة واحدة ،حيث إن نفوسهم لم يتأكد فيها الإيمان بعد ،فأخذهم بالتدريج في بعض الأحكام ،حتى استقر بهم الإيمان وقوي، فتغيرت هذه الأحكام و نسخت. أيضا عموم الآيات وخصوصها ،وهي أمور داخلة في جملة متأولهوهناك ومنصوصه .والمنصوص ما لا تنازع فيه ولا اختلاف في معانيه ،أما المتأول منه ففيه اختلاف. والباب الرابع» :في الأسماء والأحكام« .ويقسم المؤلف الأسماء إلى ثلاثة أقسام :فمنها أوضاع من اللغة على مسميات بها ،ومن أسماء مشتقة من 149ثلاث رسائل إباضية أفعال لفاعليها ،ومن أسماء من الكتاب سمى االله بها على أفعال ليس في اللغة ذلك لها. فأما الأسماء التي لها أوضاع من اللغة لا على قياس فيها فإنما هي لأغراض معانيها. وأما ما اشتق من أفعالهم ووضعتها اللغة عليهم فإنها أسماء يفرق بها بين أجناس أفعالهم ،فتلك أسماء على قسمين. وبأفعال الناس تثبت منازلهم ومكانتهم وأحكامهم؛ لقوله تعالى~ ﴿ : ے ¡ ] ﴾ ©̈ § ¦¥ ¤ £¢الأنعام [٥٧ :فكل من وجب له بإجماع المسلمين اسم أو حكم ،ثم صدر منه فعل أو قول لم يزل عنه ذلك الاسم والحكم إلى غيره من الأسماء والأحكام إلا بإجماع من المسلمين ،فلا يخرجه من الإيمان إلى الكفر قول صادر من شخص ،وإنما يخرج من منزلة والسنة من شرائط الكفر بناء على ما جاء في الكتابالإيمان إلى منزلة الكفر وانطبقت عليه ،ومن إجماع المسلمين .إذ يرى المؤلف أن أصول التشريع والسنة ،والإجماع ،وبهذه الثلاثة تثبت والأحكام من ثلاثة مصادر :الكتاب، الأسماء ،وتجري الأحكام. السنة الواردة »السنة« ،ويقسم  ويتناول المؤلف في الباب الخامس موضوع  عن رسول االله ژ إلى ضربين :فريضة ،وفضيلة. فالفرض لازم فعله ،ويخرج من الإيمان تاركه .والنقل لا يأثم تاركه ولا يلزمه فعله ،فما فرض فعله فهو مأمور به وواجب النهي عن تركه بعد قيام الحجة، نفلا ففضله فعله ،والأمر به والنهي عن تركه.وعلى تاركه الإعادة ،أما ما كان ويقسم المؤلف أداء الفرض إلى قسمين :أحدهما :واجب على كل مكلف في خاص نفسه ،والآخر :إذا قامت به طوائف من الأمة أجزأ عمن لم يقم به، وهو ما يعرف باسم فرض كفاية ،إذا قام به البعض سقط عن الآخرين. مائة كتاب إباضي150 والسنة جاءت لوجوه ،الأول :لتفسير ما أجمله القرآن ،ولا يعرف تأويله بلفظه ،ولا يصل أحد إلى علمه بدون توضيحه ،مثل قوله تعالى« ﴿ : عرفنا ¬ ﴾ ]الأنعام [٧٢ :فلم يحدد كيفية إقامتها ،وحددها الرسول ژ عندما كيفية الصلاة ،وقوله تعالى] ﴾ ¥ ¤ £ ¢ ﴿ :البقرة ،[١٩٦ :وكذلك قوله: ﴿ ] ﴾̈ § ¦ ¥البقرة.[٢١٨ : وأحكاما على فروضا والوجه الثاني :من فرائض السنن ما زاد االله به أهل الإسلام لسان محمد ژ نحو رجم الزناة المحصنين ،وفي حد قاذف المحصنين من المؤمنين. والوجه الثالث :أن من سنة رسول االله ژ ما هو لأحكام القرآن ناسخ ،مثل قوله ژ » :لا وصية لوارث« بعد نطق الكتاب بها للوالدين والأقربين .وما س نه فيمن أسلم من نساء المشركين أنهم لا عوض لمن حل منهن للمسلمين بعد قوله» :فآتوا الذين ذهبت أزواجهن مثل ما أنفقوا« ،وغيرها من أمور. ومن السنن الواردة عن الرسول ژ ركعتا الفجر بعد الظهر وبعد المغرب ،وركوع الضحى ،وأربع قبل العصر .ومن فرائض السنن :الاستنجاء من البول والغائط وغيرها. والباب السادس» :في وجوب الإمامة« .فقد ذكر8في محكم آياتهÇ ﴿ : Ø × Ö Õ Ô Ó Ò ÑÐ Ï Î Í Ì Ë Ê É È ] ﴾ ß Þ Ý Ü Û Ú Ùالنساء .[٥٩ :والمقصود بأولي الأمر هم الحكام ،فإن االله قد فرض الطاعة من الرعية للحكام .وعليهم العدل فيهم ،وأمر برد ما فيه التشاجر إلى كتاب االله وسنة رسوله. مرضيا، أميرا بلدا أمر عليها السنة المجمع عليها أن رسول االله ژ كان إذا افتتح ومن  حاجا أو غاز يا ،فكان أمراؤه في البلاد مشهورين بالعدل، وكذلك كان يفعل إذا خرج وعقد الولاية لهم ،وأمر بطاعتهم وهو ژ قائم بالأمر والنهي والحدود والأحكام. ثم نسج الخليفة أبو بكر الصديق على هذا المنوال بعد رسول االله ژ ، 151ثلاث رسائل إباضية فولى الأمراء ،وقبض الخراج ،وأقام الحدود ،ونفذ الأحكام بإجماع المسلمين متبعا في ذلك قوله تعالىË Ê É È Ç Æ Å Ä Ã Â Á ﴿ : ] ﴾ Î Í Ìالأحزاب [٢١ :والعدل هو شرط تولي الإمامة. أميرا على سريةواليا ولاوالأمة مجمعة على أن رسول االله ژ لم يول مرضيا ،وكان مسلما عدلاولا جيش ولا بلد منذ بعثه االله إلى أن توفاه ژ إلا وس نة رسوله ،وأعلمهم أنهوليا أمره بتقوى االله والعمل بكتاب االله إذا ولى »لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق«. فتب ين من ذلك أنه لا بد للأمة من إمام تجري على يديه أحكامهم وآراؤهم، ووجب تولية العدل الثقة منهم ،وأن يفعلوا كفعله ،ويمضوا على سنته ژ . وحدودا فروضا أمر بها، أيضا على وجوب الإمامة أن اللهومن الأدلة أوجبها ،لا يقوم بها المصيب لها ،وأنه لا ولاية لا يقوم بها إلا الأئمة فيهم أو أمراؤهم؛ ولذا كان فرض الإمامة لإقامة الحدود. أما الباب السابع والأخير فهو» :باب القول في أسماء الدار وأحكامها«. وهي الأسماء التي تطلق على دار الإيمان ،أو دار الحرب ،وقد يقصد بها أرض الإسلام ،أو أرض المشركين ،وغيرها من أسماء. وتسمى الدار باسم ساكنيها ونحلهم وأفعالهم .ويذكر المؤلف أنه لا يجب عددا فيها؛ لأن اسم الإيمان والكفر للدار بالأغلب من أهلها عليها ،وأكثرهم الدار إذا لزمها اسم الكفر لزم جميع من بها والحكم بالقتل عليهم ،إلا من اعتصم بذمة منهم .فإذا دخل الق لة المؤمنين في حكم الأكثرية الكفار فهو ظلم لهم من القائل بالأغلب في أسماء الدار وأحكامها. والرسالة الثانية بعنوان» :المحاربة« ،وتشتمل هذه الرسالة على :مقدمة، وثلاثة أبواب .يذكر المؤلف في المقدمة بإيجاز دليل الحدوث كأحد الأدلة اعتمادا على القول بالجزء الذي لا يتجزأ. التي تثبت وجود االله تعالى مائة كتاب إباضي152 كما ضمت المقدمة بعض أخبار النبي ژ في مكة التي أقام بها بعد نزول سرا ثلاث سنين،الوحي بضع عشرة سنة يدعو إلى توحيد االله ،منها الدعوة  جهرا بأفصح الكلام وأحسن البيان ،وجادل أهل مكة بالتي هي أحسن،وعشرا وقهرهم بآيات القرآن ،ثم أمر المؤمنين بهجرة دارهم والخروج إلى إخوانهم من الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم ،ثم فرض عليهم الجهاد في سبيل االله بأموالهم وأنفسهم ،فلما هاجر رسول االله ژ ومن معه كان أول ما أوحي إليه من ذكر القتال أن] ﴾ % $ # " ! ﴿ :الحج ،[٣٩ :ثم قال: نهيا عن قتال من ﴿ ] ﴾ È Ç Æ Å Ä Ã Â Áالبقرة [١٩٠ : لم يقاتلهم ،ثم أمرهم بقتال من يليهم منهم ،ثم نهاهم من ذلك عند المسجد الحرام حتى يقاتلوهم فيه ،ونهى عن ذلك في الشهر الحرام. ولما وصلت دعوته ژ إلى أقطار الأرض ،وقامت فيها الحجة أمر االله نبيه بقتال المشركين كافة بعد التعدي عليهم ،وبعد انتهاء العهد بينهم ،وأنزل االله في ذلك أول سورة براءة ،وأمهلهم أربعة أشهر ،فإن اعتدى أحد منهم في الأربعة فلا أمان له؛ لقوله_ ^ ]\ [ Z Y X W ﴿ : ` ] ﴾ f e d c b aالبقرة.[١٩٤ : واستثنى الرسول ژ أهل الكتاب إذا دفعوا الجزية وحقنوا دماءهم وأموالهم بها ،فأما المرتدون عن الإسلام فلن يقبل منهم إلا الرجوع إليه أو قتلهم. ويحدد المؤلف الأصناف التي تقتل وتشن عليها الحروب ،وهي أصناف ثلاثة :عبدة الأوثان والنيران ،وكفرة أهل الكتاب ،والمرتدون عن اسم الإسلام. وهؤلاء يطلق عليهم اسم المشركين ،وحكم الحرب لهم واجب بحدود االله التي ضربها فيهم ،وشروطه التي كتبها على مجاهدتهم. والجهاد فريضة على المسلمين ،ولكن ليس بفرض على امرأة ولا عبد ولا على من لم يبلغ الحلم ،ولا من لا مال له .والثابت عن رسول االله ژ أنه 153ثلاث رسائل إباضية رد في بعض غزواته ابن أربع عشرة سنة ،وأجاز ابن خمس عشرة سنة. السنة« ،ويذكر المؤلف أن رسول االله ژعنوان الباب الأول» :في التأويل من  من سنته أن »لا حرب إلا بعد دعوة« ،و»نهى عن الغلول« ،و»المثلة« و»عن قتل الشيخ الفاني والنساء والصبيان«. وس ن رسول االله ژ أن يجير المسلمون أدناهم ،ولا صلح بين المسلمين وأهل الحرب بالموادعة من غير إذعان منهم لهم بالصغر والاستسلام لحكم االله بالجزية، وإذا وقع بينهم عهد وصلح فعلى المسلمين الوفاء به .وإن عدا أهل الكفر في دار نقضا منهم بعهدهم ووجبت به الحرب عليهم.الإسلام بعدوان كان ذلك وحرم وأحل االله من أهل الكتاب أكل ذبائحهم ونكاح المحصنات من نسائهم ، ذلك من المجوس .ومنع استرقاق أهل الأوثان من العرب ،حيث »لا رق على عربي« ،في حين أباحه على أهل الكتاب من العرب وعبدة الأوثان من العجم. أما المرتدون من أهل الإسلام فقد أجمع المسلمون على أنهم من ارتد إلى السنة ألا يقتلوا إلا بعد الاستتابة لهم ،ولا حرب الشرك بعد الإيمان .وجرت  إلا بعد حجة يدعى بها المحاربون إلى ترك ما يحارب عليه .واخ تلف في حربا عليهم ،فقال بعضهم :قتله من المرتد في دار الإسلام ما لم ينصب الحدود ،يقوم به الأئمة العدل. والباب الثاني هو» :باب القول في الأمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر« .وهذا الأمر على ضربين :المنكر واجب إنكاره ،والأمر بالمعروف فرض فيما فرض االله فعله. ودليل هذا الأمر موجود في آيات الكتاب الحكيم أو في سنة الرسول ژ ، وفي إجماع الأمة عليه ،بالإضافة إلى حجة العقل على ذلك. فأما دليل فرضه من كتاب االله قوله تعالى= < ; : 9 ﴿ : > ? @ L ❁ J I H G F ED C B A مائة كتاب إباضي154 ] ﴾ V U T S RQ P O N Mالمائدة ،[٧٩ - ٧٨ :وتدل هذه الآية على وجوب اللعنة بترك النهي عن المنكر ،وأنه اعتداء ومعصية. وأما ما كان في ذلك من سنة رسول االله ژ أن الأمة مجمعة على أنه ژ أمر بالإيمان باالله ،ونهى عن الشرك به ،وحارب هو وأصحابه على ذلك ،وأمر بالصلاح ،ونهى عن الفساد. وأجمعت العلماء على أن من سنته الأخذ على أيدي السفهاء ،ومنع المعتدين سبيلا حتى عصىمن الظلم والاعتداء ،وأن من ترك أن يمنع من ذلك وهو يجد إليه االله بالعدوان والظلم لعبادهأنه شريك للظالم في ظلمه والمعتدي في عدوانه. وأيضا من الإجماع اتفاق الأمة على أن للأئمة وأمرائهم الدعاء بالعدل لهم أن يقوموا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإنصاف مظلوميهم ،والأخذ على أيدي ظالميهم ،ومنع أهل الفساد عن فسادهم وعصيانهم لربهم ،وأن يعاقبوا من ظفروا به منهم على قدر استحقاقهم ،وعلى المؤمنين التمسك بذلك. والباب الثالث هو» :باب القول في حرب أهل البغي« .وفيها قال االله تعالى: ﴿ v u t s r q po n m l k j i ] ﴾ } | { z y x wالحجرات ،[٩ :وهذا أمر عام لجميع المسلمين أن يتكاتفوا بقتال الفئة الباغية. والرسالة الثالثة من هذا الكتاب عن »سيرة الشيخ بشير بن محمد بن بعمان« ،إذ كان لأبي المنذر بشير بن محمد بنمحبوب في الحدث الواقع محبوب موقف من الفتنة التي ظهرت أواخر أيام الإمام الصلت بن مالك ،كما عاصر الأحداث بعد ذلك في عهد الإمام عزان بن تميم ،فكان يبرأ من موسى ابن موسى وراشد بن النظر ،ويقف عن الأحداث التي جرت في عهد الإمام عزان بن تميم .وقيل :إنه رجع عن البراءة إلى الوقوف ،وأخذ يبكي على الذين قلدوه في البراءة من موسى بن موسى وراشد بن النظر. 155 á`jÉ ̈dG ≈¡àæeh ájÉæ ̈dG õæch ájGQódG ájBG áFÉa°ùaN ô«°ùØJ »a ájÉØμdG ƃ∏Hh »°VÉHE’G »fÉa©dG o ...QGƒëdG øH óaëe ...QGƒëdG ƒHCG ΩÉeE’G تحقيق وتعليق :د .محمد محمد زناتي عبد الرحمن مكتبة الاستقامةمسقطسلطنة عمان ،ط١٤١١ ،١ه١٩٩١/م. ج ٢٢٧ :٢صفحةعدد الصفحات :ج ٢٤٦ :١صفحة العلامة الإمام أحمد بن حمد الخليلي ،الذييبدأ الكتاب بتصدير بقلم  يشير إلى أن العناية بالقرآن وعلومه من أولى اهتمامات هذه الأمة منذ نشأتها؛ لأنه مصدر هدايتها ونور حياتها وروح وجودها ،أخرجهم االله به من الظلمات إلى النور ،ومن الشتات إلى الوحدة ،ومن الضعف إلى القوة ،ومن الجهل إلى العلم ،فكانوا خير أمة أخرجت للناس ،ولم يعرف التاريخ كتابا سماويا أو غير سماوي لقي من العناية في حفظه ونقله وتدوينه وتفسيره ما لقيه القرآن الكريم. هذا وقد تنوعت اتجاهات المعنيين بتفسيره بحسب تنوع علومه؛ ومنهم من قصر اهتمامه على آيات خاصة في التفسير كآيات الأحكام ،وقد سلك هذا المسلك جماعة من العلماء ،وذلك من عنايتهم بالفقه في الشريعة الإسلامية، العلامة المجتهد »أبو الحواري محمد بن الحواريوممن نحا هذا النحو  تفسيرا العماني الإباضي« ،فقد اهتم بتفسير آيات الأحكام وهي خمسمائة آية مبس طا ليكون في متناول طلاب المعرفة. أما محقق الكتاب فيذكر في مقدمته أن القرآن الكريم هو حبل االله الممدود، وعهده المعهود ،وصراطه المستقيم ،هو الفصل ليس بالهزل ،من تركه من جبار قصمه االله ،ومن ابتغى الهدى في غيره أضله االله. هو الواضح سبيله ،الراشد دليله ،من استضاء بمصابيحه أبصر ونجا ،به يعلم مائة كتاب إباضي156 االله الجاهل ،ويعمل العاقل ،ويتنبه الساهي ،ويتذكر اللاهي ،قال تعالى> ﴿ : ?@HGFEDCBA ❁ S R Q P O N M K J I _ ^ ]\ [ Z Y X W V U ` ] ﴾ f e d c b aالمائدة.[١٦ - ١٥ : وإنما يفهم بعض معانيه ،ويطلع على أسراره ومبانيه من قوي نظره ،وتأمل فيه وتدبره ،وامتد باعه ،ورقت طباعه ،وقوي في فنون الأدب ،وأحاط بلغة العرب. رجالا من سلف الأمة وخلفها ،كانوقد ق يض االله تعالى لهذا الكتاب القرآن شغلهم الشاغل ،أعملوا فيه عقولهم ،فوقفوا على كثير من أحكامه ومواعظه وأمثاله ،وما أودعه االله سبحانه من أسرار وأنوار يهدي به من يشاء إلى يوم القيامة. قال تعالى﴾ J I H G F E D C B ﴿ : ]ص ،[٢٩ :وقال سبحانهV U T S R Q P O NM L K ﴿ :ۤ ] ﴾ X Wالنساء.[٨٢ : وقد ترك لنا السابقون من رجالات الإسلام ،العديد من شتى العلوم القرآنية ،في التفسير ،وعلوم القرآن .وتعددتفي تفسير القرآنمناهجهم، حيث سلك كل منهم طريقا معي نا ،يغلب عليه طابع معين. تفسيرا يغلب عليه الطابعفمنهم من طغت عليه الناحية اللغوية ،فترك لنا تفسيرا يغلب اللغوي ،ومنهم من طغت عليه الناحية الفقهية والأحكام فترك لنا عليه طابع الأحكام الفقهية .ومنهم من طغت عليه الناحية المذهبية والفلسفية، تفسيرا يغلب عليه هذا الطابع ،ومنهم من غلبت عليه الناحية الصوفية،فترك لنا فترك لنا التفسير الصوفي ،ومنهم من بهرته الناحية العلمية والكونية في الآيات القرآنية ،فترك لنا التفسير العلمي. 157الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية ومنهم من تناول موضوعات معينة في القرآن الكريم ،وأفردها بالبحث والتأليف ،بحيث يعمد المفسر فيه إلى ذكر الآيات المتعلقة بموضوع واحد يشرحها ،ويفصل القول فيها ،ويسمى »التفسير الموضوعي« .ويدخل في هذا الاتجاه كتب تفسير آيات الأحكام ،مثل كتاب» :الدراية وكنز الغناية« للإمام  العلامة العماني الإباضي ،ويعتبر من أقدم الكتب في تفسير آيات الأحكام.أبي الحواري وهذا الكتاب يتناول تفسير خمسمائة آية من آيات الأحكام في القرآن الكريم ،يقول ابن عباس ^ » :خمسمائة آية من كتاب االله في الحلال والحرام، لا يسع المسلمين إلا أن يعلموا تفسيرهن ويعملوا بهن«. وقد سماه مؤلفه » 5الدراية وكنز الغناية في منتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية«. ومؤلف الكتاب هو الإمام أبي الحواري محمد بن الحواري ،من قرية »تنوف« الواقعة على السفح الجنوبي للجبل الأخضر ،وهي قريبة من مدينة »نزوى« المشهورة ،ب ي د أنه عاش حياته في »نزوى« ولعله استقر بها منذ أيام دراسته. أمرا حدث له بعدوقد كان أعمى ،ولا يعلم أكان عماه منذ صغره ،أم كان ذلك في حياته ،ويأتي بعد ذكر اسمه ،أنه المعروف بالأعمى ،والظاهر أن العمى قد طرأ له تدريج يا. وانتقل الإمام أبو الحواري إلى نزوى ،حاضرة العلم ،ومقر الدولة الإسلامية الميمونة ،فأخذ العلم عن الأئمة الأعلام ،وهم :محمد بن محبوب ،وسعيد بن محرز ،وأبو المؤثر الصلت بن خميس الخروصي ،وغيرهم. بيد أنه أكثر ما حمل العلم عن أبي المؤثر ،يدل على ذلك قوله» :وأما أبو المؤثر، 5فقد كنا ممن يباطنه ،ومن خاصته« إلى قوله» :فهذا الذي عرفنا من أبي المؤثر ،وسمعنا منه في آخر عمره«. مائة كتاب إباضي158 وقد تبوأ أبو الحواري5مكانة علمية بين معاصرين وأقرانه ،فأصبح مدار الفتيا والحل والعقد في عمان ،وشهد له الإمام أبو سعيد الكدمي ،بأنه حملا للفقه والعلم ،وأن له منزلة علمية لا يبلغها إلا أقلةمن أكثر العلماء الرجال. على أن في قول أبي سعيد ،وخاصة في أحكام الحلال والحرام ،دليل على رسوخ قدم أبي الحواري في هذا التخصص العلمي. وما كتابه» :الدراية في تفسير خمسمائة آية« إلا دليل مادي ،وشاهد على وصف أبي سعيد . 5 وقد عاش أبو الحواري في آخر القرن الثالث وأول القرن الرابع الهجريين، لكن لا يوجد على وجه التحديد تاريخ مولده ولا تاريخ وفاته ،حيث عاشت جساما ،وهي عزل الإمام الصلت بن مالك،عمان في تلك الفترة أحداثا وأحداث موسى بن موسى وراشد بن النظر ،وما نتج عن ذلك من تدخل العباسيين في حكم عمان ،بعد أن استنجدت بهم القبائل النزوانية. وافترق علماء عمان إلى فرقتين :أحدهما :عرفت بالنزوانية ،والثانية :عرفت بالرستاقية ،وبرهنت تلك الأحداث على حسن إدراك أبي الحواري للأمور، وسعة أفقه لاحتواء تلك الأحداث ،حيث كان رأيه الوقوف عن تلك الأحداث قائلا» :وأما أبو الحواري محمد بنوأصحابها ،فقد روى عن أبي سعيد الحواري المعروف بالأعمى ،فالذي بلغنا عنه أنه كان يقف عن موسى بن موسى ،وراشد في تلك الإمامة ،ولا يبرأ منهما«. ومن ابتلاء االله تعالى للمؤمنين أن ابتلاه باستهداف القتل من قبل عامل العباسيين على نزوى ،فقد جاء في التاريخ أن »بيجرة« وهو عامل العباسيين على نزوى ويكنى أبا أحمد قد أمر بقتل هذا الإمام. 159الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية فقد قيل له :إن أبا الحواري ومن معه من الأصحاب يبرأون من موسى بن قاعدا في محرابموسى ،فأرسل إلى أبي الحواري جنديا ،فوجده الجندي مسجد ابن سعيد ،المعروف بأبي القسام ،بعد صلاة الفجر ،ويقرأ القرآن. فقال :إن أبا أحمد يقول لك سر إليه ،فقال أبو الحواري :ليس لي به حاجة، متحيرا لا يدري كيف يفعل به حتى جاء رسولوأخذ في القراءة ،فبقي الجندي »بيجرة« ،فقال له :لا تحدث في أبي الحواري حدثا ،فرجع عنه ،ولم يفعل به شي ئا ،وذلك ببركة القرآن العظيم. وقيل :إن الجندي قال :إنما دعوته ليقوم لئلا يطيش دمه في المحراب .وهذا يدل على جور وظلم ذلك الحكم الجائر الذي عاشت فيه عمان في فترة من ماضيها. أما عن تلاميذه فقد كانت له دروس ملقاة وتآليف ،فقد اعتاد العلماء الأجلاء أن يقدموا للأمة عصارة فكرهم ،وتفاعل معلوماتهم ،وقد التف حول دروسه العديد من طلبة العلم الشريف ،ليأخذوا عن شيخهم ما كان عنده من العلوم. ولا ريب أن أبا الحواري كان عنده طلبة علم يأخذون عنه أمور دينهم ومعارفهم ،منهم :أبو الحسن محمد بن الحسن النزوي ،وإبراهيم محمد بن سعيد بن أبي بكر ،وأبو الحواري محمد بن عثمان ،وغيرهم. أما مؤلفاته فقد أسهم أبو الحواري5بالمؤلفات التالية: كتاب» :جامع أبي الحواري« ،وقد قام بعض العلماء بجمع فقه وأجوبة أبي الحواري و طبع تحت عنوان» :جامع أبي الحواري« في خمسة أجزاء ،وحقه أن يطلق عليه :فقه الإمام أبي الحواري ،أو :جوابات أبي الحواري. جوابا لأسئلة من »سيرة أبي الحواري إلى أهل حضرموت« ،كتبها إباضية حضرموت ،بين فيها مبادئ المذهب ،وقد نشر ضمن مجلدين كبيرين بعنوان» :السير والجوابات لأئمة وعلماء عمان«. مائة كتاب إباضي160 »الدراية وكنز الغناية في تفسير خمسمائة آية« ،وهو الكتاب المعروض. ومن مظاهر شيوع آثاره العلمية على من جاء بعده من أهل العلم أنك قد كتابا في الأحكام إلا وقد نقل آراء وأقوال أبي الحواري ،وهي أكثر منلا تجد أن تحصى. يبدأ المؤلف كتابه بالسؤال عن معنى الإيمان والإسلام .والإيمان هو أن يؤمن الإنسان بما في القرآن ،فقد آمن بجميع ما أمر االله ،فذكر الإيمان في القرآن في السورة التي يذكر فيها البقرة. وفي أصل الإيمان الذي في القرآن قوله﴾ . - , + * ﴿ : صدق بتوحيد االله واليوم الآخر الذي فيه جزاء الأعمال،]البقرة [١٧٧ :يعني :من  ويصدق بالملائكة أنهم حق ،ويصدق بكل كتاب أنزله االله أنه حق ،ويصدق بالنبيين كلهم أنهم حق .فهذا من أصل الإيمان. محمدا أما عن الإسلام فيقول المؤلف :إنه هو شهادة أن لا إله إلا االله وأن عبده ورسوله ،والإقرار بما جاء به االله بالطاعة .والإحسان أن تعمل الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ،قال تعالى9 8 7 6 5 ﴿ : ] ﴾ > = < ;:الأنعام.[١٠٣ : مستشهدا بقول الرسول ژ :وانتقل المؤلف إلى العبادات ،وتناول الصلاة »الصلاة عماد الدين ،فمن ترك الصلاة فقد هدم الدين« ،وهذا ما يؤيده من القرآن الكريم في قوله تعالى] ﴾ # " ! ﴿ :البقرة [٢٣٨ :المكتوبة في مواقيتها بوضوء تام ،والحفاظ على الصلوات الخمس في مواقيتها. وأفضل الصلاة التطوع بالليل في نصف الليل إلى آخره حتى طلوع الفجر، وأفضل الصلاة بالنهار بين صلاة الأولى والعصر .وقد جعل الليل خلفا من النهار من كانت له حاجة أو اشتغل بالنهار فليتعبد بالليل ،وجعل النهار خلفا 161الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية من الليل لمن نام الليل فليتعبد بالنهار ،أي :الذكر الله وصلاة التطوع ،ومن صلى التطوع وبجنبه من يصلي فلا يجهر بالقراءة ليغلط على الذي بجنبه ،ومن قاعدا فلا بأس. صلى تطو عا ثم عرض المؤلف للوضوء ،وقد ذكره االله تعالى ]في سورة المائدة ،آية[٦بقوله: ﴿ ! "﴾ ' & % $ #؛ يعني :إذا أردتم أن تقوموا إلى الصلاة وأنتم على غير وضوء ،فعلمهم كيف يصنعون ،قال) ( ﴿ : *﴾ . - , +يعني :امسحوا من الماء برؤوسكم. ﴿﴾ 1 0 /فيها تقديم ،يعني :واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين، فهذه الفريضة في الوضوء بالماء ،فمن ترك شي ئا من هذا الذي ذكره في كتابه فليغسل ذلك الموضع ،ولا يعيد الوضوء ،ومنهم من يرى أن يعيد إذا يبس كله. أما تفسير الاستنجاء بالماء ،فقد جاء ذكره في ]سورة التوبة :آية M ﴿ :[١٠٨ ،﴾ U T S RQ P O Nوذلك أن الأنصار كانوا يستنجون بالماء من غير أن يؤمروا فأثنى االله عليهم في هذه الآية ،فأتاهم النبي ژ وطائفة منهم في مسجد قباء بالمدينة. أما عن كيفية تفسير الاغتسال من الجنابة فقد جاء في قوله تعالى ]في سورة المائدة :آية﴾ 6 5 4 3 ﴿ [٦أي :إن إصابتكم جنابة فاطهروا، جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا،يعني :فاغتسلوا بالماء ،ولا تأتوا الصلاة جنبا إلا عابري سبيل حتى تستغلوا فهذاولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ،ولا لمن لم يجد الماء وهو صحيح .فمن كان على سفر ولم يجد الماء فيجزئه التيمم. والتيمم يتم بالتراب للغسل والوضوء ،قال االله تعالى ]في سورة المائدة :آية [٦ جرحا .يقول :من كانو]سورة النساء :آية﴾ = < ; : 9 8 ﴿ :[٤٣يعني: مجروحا ،والجدري والقروح بمنزلة الجروح ،فأصابته جنابة فخشي من شر الماء ،وهو يجد الماء فليتمم بالتراب ،ليدع الماء. مائة كتاب إباضي162 وتبدأ الصلاة بالاستعاذة كما جاء في قوله تعالى ]في سورة النحل :آية m ﴿ :[٩٨ ﴾ o nيعني :في الصلاة ﴿﴾ t s r q pقال :مفتاح الصلاة الوضوء والتكبير ،وتحريمها التكبير الأول ،وتحليلها التسليم ،فمن ترك التكبيرة الأولى فليس في الصلاة. فمن أراد أن يكبر التكبيرة الأولى في الصلاة ،فليقل في نفسه :سبحانك اللهم وبحمدك ،تبارك اسمك ،وتعالى جدك ،ولا إله غيرك ،ثم يك بر ،فإذا كبر فليقل :أعوذ باالله من الشيطان الرجيم ،إن االله هو السميع العليم ،بسم االله الرحمن الرحيم ،وليجهر بفاتحة الكتاب إن كان في صلاة فيها قراءة. استنادا إلى قوله تعالى ويفسر المؤلف القراءة في الصلاة ]في سورة الأعراف :آية﴾ ¶ μ́ 3 ﴿ [٢٠٥بذكر القراءة في الصلاة تضر عا وخوفا من عذابه] ﴾ B A @ ? > ﴿ .المزمل [٢٠ :يعني :فاقرءوا إماما فليبدأ في الصلاة ما تيسر منه ،ولم يوقت؛ فمن صلى وحده ،أو كان بفاتحة الكتاب ،ثم يقرأ ما يشاء من القرآن معهما في الركعتين الأولتين ،ويقرأ في الركعتين الأخيرتين فاتحة الكتاب وحدها بلا جهر. أما الركوع والسجود في الصلوات فجاء من قوله تعالىf e ﴿ : ] ﴾ i h gالحج.[٧٧ : فإذا كان في صلاة الأولى وفي صلاة العصر فليقرأ فاتحة القرآن ،كما يقرأ إذا كان وحده ،ومن نسي القراءة خلف الإمام ،أو فاته فقد أجزأه قراءة الإمام. ثم يختم الصلاة ويدعو في آخرها ،كما جاء في قوله﴾́ 3 2 ﴿ : ]الشرح [٧ :يقول :إذا فرغت من القراءة والركوع والسجود وأنت جالس في آخر الصلاة قبل أن تسلم »فانصب« في الدعاء إلى االله. ثم يتناول المؤلف صلاة المسافر والتقصير فيها بقوله تعالىÑ Ð Ï ﴿ : 163الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية ] ﴾ Ù Ø × Ö Õ Ô Ó Òالنساء [١٠١ :يعني :إذا سرتم في الأرض فلا حرج عليكم أن تقصروا في الصلاة ما خلا صلاة المغرب فليس فيها تقصير. وكان النبي ژ يجمع بين صلاة الأولى وصلاة العصر ،وجمع بين المغرب وصلاة العشاء في السفر ،كان يؤخر صلاة المغرب ويقدم صلاة العشاء جميعا. فيصليهما إماما فليتخفف في تمام الركوع والسجود ،فإذا سلم فليدع لأمرومن كان الدنيا والآخرة ،وأما في التطوع فليدع بما شاء على أي حال كان .وإن كان إماما ،إذا سلم فليتحول عن مجلسه من ساعته ويقوم. أما صلاة الخوف فقد ذكرت في قوله تعالى ﴾ f e d ﴿ :يعني: صلاة الخوف ﴾ h g ﴿ ،باللسانn ml k j i ﴿ ، ﴾ oيعني :إذا أقمتم في بلادكم ﴾ q p ﴿ ،يعني :فأقيموا الصلاة الكاملة ﴿ ] ﴾ y x w v u t sالنساء.[١٠٣ : وقال :فإن كان الخوف أشد فذلك في السورة التي يذكر فيها+ * ﴿ : ] ﴾ . - ,البقرة [٢٣٩ :يعني :فصلوا على أرجلكم أو على دوابكم ركعتين حيث كان وجهه ،فمن لم يستطع السجود على الأرض فليومئ برأسه أينما كان ،على دابة أو على غير ذلك ،يجعل السجود أخفض من الركوع ،ولا يضع جبهته على شيء. ويتناول المؤلف تفسير صلاة الجمعة ،إذ جاءت في قوله تعالى! ﴿ : "﴾ & % $ #يعني :صلاة الجمعة ﴿ ' ( ) * + ] ﴾ - ,الجمعة [٩ :يعني :فامضوا إلى الصلاة المكتوبة الركعتين مع الإمام، مسلما. فهي فريضة واجبة من االله إذا كان الإمام مائة كتاب إباضي164 ثم يعرض المؤلف لتفسير الصلوات الخمس في الجماعة ،وتفسير صلاة الضحى تطو عا وليست بفريضة ،وتفسير القبلة وما نسخ من قبلة بيت المقدس حيث قال تعالى] ﴾ f e d ﴿ :البقرة [١١٥ :وذلك أن النبي ژ لما هاجر إلى المدينة أمره االله أن يصلي نحو بيت المقدس ،لئلا يكذب به اليهود إذا صلى إلى قبلتهم ،مع ما يجدون من نعته في التوراة ،فصلى النبي وأصحابه شهرا نحو بيت المقدس ،فخرج أناس منأول ما قدموا المدينة تسعة عشر المسلمين في السفر ،فحضرت الصلاة يوم غيم ،فتحروا القبلة ،فمنهم من صلى قبل المشرق ،ومنهم من صلى قبل المغرب ،ثم استبان لهم القبلة ،فلما قدموا المدينة سألوا النبي عن ذلك فنزلت فيهمj i h gf e d ﴿ : ] ﴾ l kالبقرة [١١٥ :يعني :أينما تحولوا وجوهكم في الصلاة فثم وجه االله. فقال النبي ژ لجبريل» :وددت أن ربي صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها، فقال جبريل :إنما أنا عبد مثلك مأمور ،فسل ربك ذلك« ،وصعد جبريل إلى السماء ،وجعل النبي يديم النظر إلى السماء ،رجاء أن يأتيه جبريل بما سأل االله، فأتاه جبريل بما سأل ،فصارت قبلة بيت المقدس منسوخة ،نسختها هذه الآية: ﴿﴾ q p o n m lيعني :تديم نظرك إلى السماءs ﴿ ، ] ﴾ u tالبقرة [١٤٤ :يعني :فلنحولنك قبلة ترضاها ،يعني :الكعبة ،لأنها أحب إليك من بيت المقدس. فلما صرفت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة اختصم اليهود والمسلمون في أمر القبلة وفضلوا بيت المقدس على الكعبة ،فأكذبهم االله ،ونزل في السورة التي يذكر فيها آل عمران. وتناول المؤلف تحت باب »الصلاة« مسائل أخرى تندرج تحتها ،مثل حكم المرور بين يدي المصلي ،ومسألة بناء المساجد والصلاة فيها ،وتفسير الأذان ومشروعيته ،واتخاذ الزينة عند كل مسجد ،وصلاة المنافقين وأوصافهم. 165الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية ثم انتقل المؤلف إلى عبادة أخرى ،وهي الزكاة ،وتناول المؤلف أحكام الزكاة ،فعن النبي ژ أنه قال» :إن أول ما يحاسب به العبد في الآخرة ،الإيمان، ثم بعد الإيمان الصلاة ،ثم الزكاة ،ثم سائر الأعمال كذلك يحاسب« .وكذلك يسأل عن حق القرابة والجيران والمملوكين وغيرهم ،فأمر بالإحسان وأداء الحقوق إلى جميع هؤلاء. أما الزكاة المفروضة فقد جاء ذكرها في ]سورة المزمل :آية[٢٠في قوله تعالى: ﴿ ^ _ `﴾ aيعني :وأعطوا زكاة الأموال .وكان ذلك بمكة يوم فرضت الصلوات الخمس المفروضة ،والزكاة غير موقتة ،فلما هاجر النبي ژ وبين وقتها ،فنزلت بالمدينة في السورة التي يذكرإلى المدينة فرضت الزكاة ، فيها البقرة. وإذا بلغت الدراهم والفضة مائتي درهم ،وبقيت عند صاحبها سنة ،ففيها خمس دراهم ،فإن هي نقصت عن المائتي درهم واحد فليس فيها شيء ،إلا أن يعطي من قبل نفسه شي ئا ،وإن زادت على المائتي درهم ،ففي كل أربعين درهما درهم ،وليس فيما دون الأربعين ،في الكسور شيء إلا أن يعطي صاحبه مثقالا ،وبقيت عند صاحبها سنة ففيهاما شاء ،والدنانير إذا بلغت عشرين نصف مثقال ،وإن نقصت عن عشرين فليس فيها شيء ،وإن زادت على عشرين ففي كل أربعة دنانير عشر دينار ،وليس فيما دون الأربعة دنانير شيء ،إلا أن يعطي صاحبها ما شاء. وتحت باب الزكاة تناول المؤلف مسائل متعددة ،منها :زكاة الذهب والفضة ،وحكم زكاة الزروع والثمار ،وتفسير صدقة الغنم ،وبيان صدقة البقر، وبيان صدقة الإبل ،وتفسير الصدقة المفروضة ،ومصارف الصدقات ،وبيان حكم الذي يبخل بالزكاة ،وبيان صدقة التطوع مع الفريضة وحكم الإخلاص في الصدقات ،وغيرها من مسائل. مائة كتاب إباضي166 ويقدم المؤلف عبادة الصوم من خلال ]سورة البقرة :الآيتان[١٨٤ ،١٨٣قوله تعالى: ﴿ ﴾> = < ; : 9 8 7 6 5 4 3 وذلك أنهم كانوا يصومون قبل شهر رمضان عاشوراء ،فنزلت ﴿ ﴾ 7 6 يعني :فرض عليكم الصيام ﴿﴾ > = < ; : 9يعني :على أهل الإنجيل أمة عيسى﴾ @ ? ﴿ ‰يعني :لكي تتقوا الطعام والشراب والجماع بعد صلاة العشاء ،وبعد النوم ،ثم قال ﴾ C B ﴿ :يعني :أيام شهر رمضان ﴿﴾ O N M L K J I H G F Eفكان كتب االله تبارك وتعالى علينا في أول الإسلام ،إذا غابت الشمس في شهر رمضان حل للصائم ما يحل للمفطر ،فمن صلى العشاء الآخرة ونام قبل أن يفطر حرم عليه ما يحرم على الصائم بالنهار إلى القابلة ،وهكذا كان كتب على الذين كانوا من قبلنا من أمة عيسى، ‰فاشتد ذلك الصوم على المسلمين. ثم إن عمر بن الخطاب صلى ذات ليلة صلاة العشاء الآخرة ،ثم واقع شديدا، بكاء امرأته ليجعل االله في ذلك رخصة للمسلمين ،فلما فرغ ندم فبكى وتضرع إلى االله ،ورغب إليه بالدعاء .فلما أصبح أتى النبي ژ فقال: يا رسول االله أعتذر إليك من نفسي هذه الخطيئة واقعت أهلي بعد صلاة العشاء جديرا بذلكالآخرة ،فهل تجد لي من رخصة ،فقال رسول االله ژ » :لم تكن يا عمر« ،فرجع عمر حزي نا. ثم جاء للنبي ژ صرمة بن أنس ،وسأله ژ » :ما لك يا أبا قيس أمسيت طليحا؟« فقال :يا رسول االله ،ظللت أمشي نهاري كله في حديقتي أعالج فيها، علي فلما أمسيت أتيت أهلي .فأرادت امرأتي أن تطعمني شي ئا سخ نا ،فأبطأت علي الطعام وقد أجهدني الصوم.بالطعام ،فرقدت فأيقظتني وقد حرم قال :واعترف رجال من المسلمين بذلك ،بل كانوا يصنعون بعد صلاة العشاء عند النوم ،فقالوا :يا رسول االله ما توبتنا وما مخرجنا مما عملنا؟ فنزلت 167الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية فيهم ﴿ » 1⁄4 1⁄2 3⁄4 ¿﴾ Àأجيبهم ﴿ ﴾ Í Ì ]البقرة [١٨٦ :يعني :لكي يهتدوا ،ثم صار ما كان تحرم على المسلمين من بعد حلالا حتى طلوع الفجر.الصلاة ،ومن بعد النوم بالليل في شهر رمضان وتناول المؤلف تحت »أحكام الصوم« مسائل أخرى مثل :بيان فضل السحور ،وبيان صوم التطوع ،وفضل ليلة القدر ،وأحكام الاعتكاف ،وغيرها من مسائل. ثم انتقل المؤلف إلى عبادة الحج والعمرة وتفسير البيت الحرام ،جاء في قوله تعالى ]في سورة البقرة :آية ﴾ ' & % $ # " ! ﴿ :[١٢٧ وذلك أن االله8ل ما أغرق قوم نوح رفع البيت الحرام الذي كان على عهد آدم إلى السماء ،فهو البيت المعمور اسمه الصراح ،و ع ماره الملائكة ،يدخله كل ليلة سبعون ألف ملك يصلون فيه ،أو ما شاء االله ،وهو حيال البيت لو رمي منه لوقع على البيت المعمور. قال :بنيت الكعبة من خمسة جبال ،على حجر من جبل طور سيناء ،وحجر من جبل طور زيتون ،وحجر من الجودي ،وحجر من جبل لبنان ،وقواعده من جبل حراء. وكان بين خلق البيت وخلق آدم ألف سنة أو ما شاء االله ،وكان يحج البيت قبل آدم ،والبيت نزل من السماء ،وكان موضع البيت زبدة على ظهر الماء قبل أن يخلق الخلق ،فلما كان الطوفان رفع االله البيت إلى السماء ،وأوحى إلى إبراهيم أن يبني على أساس ذلك البيت فناء فجاءت سحابة فقامت حياله فبنى إبراهيم وإسماعيل البيت الحرام على ذلك الأصل. فل ما فرغا من بناء البيت قالا﴾ / . - , +* ) ( ﴿ : ]البقرة [١٢٧ :فجاءه جبريل حتى دله على الحجر الأسود فاستخرجه من جبل أبي قبيس ،وهو الجبل الذي الصفا في أصله ،فوضعه ،ثم صعد إبراهيم على جبل مائة كتاب إباضي168 أبي قبيس ،فنادى في الناس ،فسمع نداء إبراهيم كل مؤمن بالتلبية ،فالتلبية جواب الله عن نداء إبراهيم خليل الرحمن. والحجر الأسود كان أبيض ،ويعود كما كان أبيض ،ولولا ما مسه من أنجاس أيدي المشركين ،ما مسه ذو عاهة إلا شفاه االله ،يجيء وله يوم القيامة مخلصا ،فأوحى االله تباركعينان ،وشفتان يشهدوا بالوفاء لأهله لمن استلمه وتعالى إليه ﴿ ] ﴾ h g fالحج [٢٨ :يعني :مغفرة لذنوبهم يوم عرفة. وتناول المؤلف تحت باب »الحج والعمرة« مسائل مثل :تفسير ما يوجب الحج .مسألة تمام الحج والعمرة ،والمواقيت ،والتلبية ،والإحرام بالحج قبل العمرة ،والطواف بالبيت العتيق ،والسعي بين الصفا والمروة ،والمشعر الحرام والذكر فيه ،وتفسير منى وأيام النحر والطواف الواجب ،ورمي الجمار ،وتعظيم شعائر االله والذبائح ،وحكم التعجيل في أيام التشريق ،وجزاء قتل الصيد في الإحرام ،وحكم الإحصار بالحج أو العمرة ،والفراغ من المناسك ،وغيرها من مسائل. ثم يعرض المؤلف أحكام المواريث ،وهي ما جاء ذكره ]في سورة النساء :آية [٧ في قوله تعالى* ) ( ' & % $ # " ! ﴿ : ﴾ , +وذلك أن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون النساء والولدان الصغار شي ئا ويجعلون الميراث لذوي الأنساب من الرجال. ثم بين قسمة المواريث في الآية﴾ h gf e d c ﴿ : ]النساء [١١ :يعني :الصغير ﴿﴾ k j iيعني :للصغير والكبير مثل حظ الأنثيين ﴿﴾ o n mيعني :بنات ﴿﴾ q pيعني :أكثر من اثنتين ،إذ كن اثنتين ليس معهن ذكر ﴿﴾ u t s rالميت ،والبقية للعصبةw ﴿ . ﴾ { z y xوالبقية للعصبة. وتناول المؤلف تحت هذا الباب ميراث الأبوين ،وميراث الرجل من 169الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية زوجته ،وميراث المرأة من زوجها ،وميراث الإخوة لأم ليس معهم من الأب، وميراث الإخوة الأشقاء. وتناول المؤلف كذلك بعض الأحكام الخاصة باللعان والزنا وبيان حكم الجلد ،وحكم القذف وحد القاذف ،وبيان آيات الإفك على عائشة، #وبيان منزلة عائشة#بين النساء ،وحد السرقة وإثم السارق ،ودية المقتول خطأ. وعرض المؤلف الكبائر ،وما أعد االله لمن اجتنبها ،كما جاء ]في سورة النجم :آية[٣٢في قوله تعالى ﴾ q p o n m ﴿ :يعني: كل ذنب أوجب االله عليه النار في الآخرة لمن عمل به ،والحد في الدنيا نظيرها ،في ﴿ ! ❁ ] ﴾ #الشورى [٢ - ١ :يعني :الذنب الذي بين الذنبين، ما يوجب عليه في الآخرة النار ،ولا حد في النار. ثم تناول المؤلف التوبة عن الذنوب ،فكل ذنب يعمله المرء وهو جاهل فهو جهل منه ،فإذا مات دون أن يك فر عن الذنوب فقد قيل عنهc b ﴿ : ] ﴾ g f e dالنساء [٣١ :يعني :أن االله نهى عنه ،ونحمل عنكم ذنوبكم التي دون كبائر ما لم يوجب عليه حد في الدنيا ،ولا نار في الآخرة. صر على ذنب واحد،ومن تاب من الكبائر ومن السيئات قبل الموت ،ولم ي ولم يستحقره وتاب من جميع الذنوب ،وعمل ما أمر االله به ،ومات دخل الجنة، وإن لم ي تب من قبل أن ينزل به الموت دخل النار. ويقولون :إنما وعد االله النار على الكبائر ،فر غبهم االله في القليل من الخير أن يعملوه ،فإنه يوشك أن يكبر وحذرهم اليسير من الشر فإنه يوشك أن يكبر. ويكتب لكل بار وفاجر بكل سيئة سيئة ،وبكل حسنة عشر حسنات للمؤمن إذا تائبا ،فإذا كان يوم القيامة ضاعف االله حسنات المؤمن.خرج من الدنيا وعرض المؤلف بعد ذلك حكم من ترك الحرام مخافة االله ،والمحرمات من النسب والمصاهرة ،وتحريم نساء الأبناء على الآباء ،وتحريم ميراث النساء مائة كتاب إباضي170 كرها ،وتحريم الزواج بأكثر من أربعة نسوة ،وحكم زواج المتعة ،وحكم تزوج الزانية من أهل الكتاب ،وتحريم زواج المشركات من غير أهل الكتاب ،وغيرها من مسائل. ويبدأ المؤلف الجزء الثاني عن تفسير الحكم بين الرجل وامرأته ،ونشوز السنة ،وطلاقالزوج على المرأة ،وأحكام الطلاق ،والعدة والمراجعة ،وطلاق  الضرار ،وبيان الطلاق بالثلاث ،وحكم المحلل والمحلل له ،وبيان سكنى المطلقة من الحرائر ،ورخصة التعريض للمرأة في العدة من غير تزويج ،وحكم المهر والمتعة التي لم يس م لها ،وتفسير المختلفة ،وتفسير الإيلاء ،وتفسير ما يحرم الرجل من امرأته وجاريته على نفسه ،وغيرها من مسائل خاصة بالزواج والطلاق. وعن تفسير كفارة الأيمان العمد يذكر المؤلف قوله تعالى ]في سورة البقرة :آية ﴾ Í Ì Ë Ê É È Ç ﴿ :[٢٢٥ ،٢٢٤ وذلك أن الرجل كان إذا حلف على أمر في قطيعة رحم أو معصية يقول: يوما أو يومين ،ثم وجد لا يحل لي أن أبر القسم ،فمن صام من كفارة اليمين درهما ما يطعم فليطعم وليجعل صومه تطو عا ،ومن كانت له عشرون أو ثلاثون فعليه أن يطعم إن لم يكن عليه دين ،أو عيال كثيرة. قال أبو الحواري :قال بعض الفقهاء :الشعير مثل الحنطة نصف صاع لكل مسكين ،واليمين الكاذبة مع الحكم بالتغليظ. قال :ولا يمين في معصية ،وفي قطيعة الرحم ،ولا فيما يطيق إلا كفارة اليمين. قال أبو الحواري :المعمول به من قول المسلمين أنه لا عتاق ولا طلاق إلا بعد الملك ،وإذا حلف بصدقة ماله على الفقراء ،ثم حنث فعليه عشر ماله كان كثيرا أو لا كفارة عليه. قليلا أو 171الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية كما تناول المؤلف في هذا الباب حكم الاستثناء في الحلف ،وأحكام النذور ووجوب الوفاء به ،وأحكام  الدين والكتابة فيه ،وبيان ما أمر االله من المكاتبة. فسر المؤلف آيات الاستئذان في بيوت المسلمين .قال االله تعالىكما  ]في سورة النور :آية﴾ Æ Å Ä Ã Â Á ﴿ :[٢٨ ،٢٧أن النبي كان إذا أراد رد السلام دارا لبعض المسلمين يسلم ثلاثا من خارج الدار ،فإذاأن يدخل استأذن ،فإن أذن له دخل ،فإن لم يرد السلام رجع إلى مكانه ،ولم يزد على ثلاث تسليمات. ويسلم القليل على الكثير ،والصغير على الكبير ،والراكب على الماشي، والماشي على القاعد ،والماشيان أيهما بدأ بالسلام خير ،وإذا سلم الرجل على الجماعة ،فرد أحدهم فقد أجزى عنهم ،وإذا كانوا جماعة فيسلم أحدهم ،فقد أجزى عنهم. ومن المسائل التي قدمها المؤلف وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن أحب االله ،وأبغض من أبغض االله ،وحبب نفسك إلى الناس،أحب منالمنكر: ولا تبغض نفسك إلى أحد من الناس ،وأعط الحق من نفسك ،وإن سمعت ما تكره وأتى إليك بعض ما لا تحب فأصبر نفسك على ذلك ،وأكرهها فإنك على الهوان قادر. قال تعالى] ﴾ 1⁄2 1⁄4 » o 1 ﴿ :لقمان [١٧ :ولا تحلف بالكذب، ولا تشهد الزور ،ولا تكن ذا لسانين وذا وجهين ،ولا تجر بكل ريح مثل السفينة التي تجري في البحر بكل ريح ،إنه من علامات النفاق ،ولكن استقم على سبيل واحد. يا بني :لا تمار السفهاء ،ولا تجالس المستهزئين ،ولا تهم في هم الخاطئين. يا بني :جالس أهل الذكر والفقه والعلم بأمر االله ،وليكونوا هم إخوانك وخلطاؤك. مائة كتاب إباضي172 يا بني :الضحك طرف من الجهل ،وبعض الحياء طرف من الدين، والسكوت بيت الخزانة. يا بني :عليك بالصمت إلا في ذكر االله؛ فإن في اللسان عاقبة الخطايا. وقد كان يقال :إنما الكلام في ثلاث :إما أن تذكر ربك ،أو تأمر بصنيعتك، فعود لسانك الصمتأو تسأل عن شيء فتخبر به ،واعلم أنك ما ص مت سلمت ، قل ووقارا ،فإذا أكثرت الصمت حلما عن كثير الكلام ،فإن فيه مع ذلك الكذب ،واعلم يا بني أن المصيبة باب الإثم والسكينة ،واللسان باب القلب، فإذا ضيعت الباب دخل من لا تريد أن يدخل ،وخرج من لا تريد أن يخرج. فإذا حفظت الباب حفظت الخزانة كلها ،واستوثق لسانك بتلاوة القرآن، واشغله بالحكمة عن قول الزور والرفث والبهتان. يا بني :إنه من حفظ لسانه فقد أكرم نفسه ،فإن اللسان يكرم به المرء ويهان، كف ومن حفظ لسانه فقد أكرم نفسه ،ومن سلط لسانه فقد أضاع نفسه ،ومن لسانه ويده ونفسه عن الناس فقد أصاب حظ نفسه ،فإن باللسان ترفع وتضع، وتكرم وتهين ،فإذا حفظت لسانك أكرمت نفسك ،وإنك إن أهنتها لم تكرم قادرا. على أحد بعدك ،وكنت على الهوان يا بني :لا تأمر الناس بالبر وتنسى نفسك ،فإن مثل ذلك مثل المصباح الذي يضيء للناس ويحرق نفسه. يا بني :إن دعاء الجار ،وبكاء اليتيم ،وصوت المسكين المستضعف المظلوم يصعد إلى السماء. يا بني :إن االله يطلب الظالم أينما كان ،ويأخذ للضعيف المظلوم من شدة ظالما. الظالم فلا تكونن يا بني :لا تجازي المسيء بسوء عمله ،ولكن كله إلى االله فهو يجازيه. 173الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية يا بني :إذا صمت فاغسل وجهك وادهن رأسك ،وارفع صوتك عند الملأ، حتى لا يعلموا أنك صائم ،فإن إلهك الذي تعمل له في السر هو يجزيك في العلانية ،فإن الصيام لو لم يكن منه شيء إلا أنه مقطعة لكثير من الشهوات والخطايا لحقيق أن يسارع فيه ،واستكثر منه ،فإنك لا تزال في عبادة حسنة راقدا أو في ضيعتك. صائما ،وإن كنتما دمت وعرض المؤلف مسائل أخرى مثل تفسير ما أحل االله للمسلمين ،وحكم ذبائح أهل الكتاب ،وحكم صيد الكلام المعلمة ،وحكم الصلاة على النبي ژ ، وفضائل التسبيح والتكبير والتهليل ،وفضائل الدعاء في الخير والنهي عن الشر، وصفات أهل الجنة ،وصفات المؤمنين ،وتحريم الرياء في العمل ،ووجوب الجهاد في سبيل االله ،وغيرها من مسائل. 174 TM```eÉ````é`dG ...ƒcRC’G ôØ©L øH óaëe ôHÉL ƒHCG ¬«≤ØdG áeÓ©dGs )ت :القرن الرابع الهجري( تحقيق :عبد المنعم عامر وزارة التراث القومي والثقافةمسقطسلطنة عمان١٩٨١ ،م. عدد الصفحات :ج ٤٦٨ :١صفحة يتكون الكتاب من مقدمة المحقق ،ونص الكتاب .يشير المحقق في المقدمة العمانية،كبيرا في المخطوطاتإلى أن الكتب والمصنفات الفقهية تم ثل قطا عا وهذه المؤلفات ذات تنوع وتمايز في منهجها ،وفي أعمارها وفي أحجامها، فمنها الكتب الأمهات الضخمة التي تحوي أجزاء عديدة ،مثل كتاب» :بيان مجلدا، جزءا ،وكتاب» :الكفاية« في سبعينالشرع« الذي يقع في أكثر من سبعين جزءا. مجلدا ،وكتاب» :قاموس الشريعة« في تسعينوكتاب» :الخزانة« في سبعين ومنها الكتب الجوامع ،مثل :جامع ابن بركة ،وجامع أبي الحسن البيسوي، وجامع ابن جعفر الأزكوي. العمانيون من أسبق الناس إلى التأليف في العلوم الدينية،والمؤلفون فكتاب» :ديوان الإمام جابر بن زيد« يعتبر أول كتاب ألف في الإسلام ،ويقال: إنه كان في حجمه حمل بعير. العمانيون في تصانيفهم على طرائق عجيبة وعديدة،ولقد تفنن العلماء العمانيين بعيدا ،حتى أنه ليروى أن أحد الفقهاءشأواوبلغوا في هذا المضمار كتابا ذا موضوع كتابا في علم الأصول ،يقرأ من اليمين إلى اليسارقد أ لف خاصا في موضوع آخر ،ويقرأكتابا خاص ،ويقرأ من الأعلى إلى الأسفل رابعا. كتابا كتابا ثالثا ،وإذا قرئ في مجموعه كله كانسطورا معلومة بأرقام 175الجامع أجل من أن تحصى ،وبخاصة في العلوم الشرعيةالعمانية إن المؤلفات والأدبية والتاريخية والأصولية والعلمية والفلكية ،ولولا حريق الرستاق الذي العمانية لوجد الباحثون أمامهم ثروة ضخمة من نتاجتلف فيه عديد من الكتب أمجادا شامخة في مختلفالعماني تضفي على العقل العربي والإسلاميالفكر العلوم والفنون. ويعتبر كتاب» :جامع ابن جعفر« من أهم مراجع الفقه الإسلامي على المذهب الإباضي ،وقد تناول فيه مؤلفه في الباب الثالث »باب الولاية والبراءة ومعاني ذلك« ،وهي من المسائل التي تميز بها هذا المذهب. إن المذهب الإباضي أقدم المذاهب الإسلامية ،فقد كان شيخه ومنشئه جابر بن زيد )٩٦ - ٢١ه( من كبار التابعين الذين نشروا الثقافة الإسلامية في مجاهدا في سبيل االله ،لإحياء سنة رسوله الأمين بالقول القرن الأول الهجري، والعمل ،لتكون أمة محمد ژ خير أمة أخرجت للناس. ولقد أخذ جابر بن زيد العلم عن عبد االله بن عباس ،وعن عائشة أم المؤمنين، وعبد االله بن عمر بن الخطاب ،وعن غيرهم من الصحابة .ويروى عن ابن عباس ^ علما بما في كتاب أنه قال :لو أن أهل البصرة نزلوا عند قول جابر بن زيد لأوسعهم أحدا أعلم بالفتيا من جابر بن زيد. االله .وقال عمرو بن دينار :ما رأيت والإباضية رجال تقييد لا تقليد ،وأهل اعتماد على الحق لا على الخلق، يتعبدون بما جاء في كتاب االله ،وفي سنة رسوله ،فليس لهم مذهب خاص تبعا لعالم خاص من علماء المسلمين.يتقيدون به والمذهب الإباضي منتشر في بلاد عديدة ،في العراق ،وفي الأردن ،وفي الإمارات الخليجية ،واليمن وحضرموت ،وفي زنجبار ،وفي أفريقية الشرقية والوسطى ،وفي بلاد المغرب العربي ،ولكنه في عمان أعرق منه في غيرها من بلاد الإسلام. مائة كتاب إباضي176 والإيمان عند الإباضية قول وعمل واعتقاد ،وهو عزيمة القلب بوجود االله، علما أزل يا وبأنه المعبود دون سواه ،وبأنه الف عال لما يريد ،العالم بكل شيء باقيا أبديا. ويعتمد الإباضيون على ما جاء في كتاب االله وفي سنة رسوله الأمين، وعلى الصحيح من الأوامر الشرعية متبعين سنن الخليفتين :أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب ،وفي اعتبارهم أن الولاية والبراءة هما محور الإيمان ،وبهما تقوم دعائمه. وللإباضية آراء في التطورات التي حدثت في صدر الإسلام ،فهم يرون أن عثمان بن عفان قد حاد عن الطريق القويم في الفترة الأخيرة من خلافته ،ولهذا وجبت البراءة منه ،وأن الذين اشتركوا في الثورة على عثمان كانوا على حق، وأن هؤلاء الثائرين انتخبوا علي بن أبي طالب خليفة للمسلمين ،وانضموا تحت رايته ،والتزموا بطاعته ،وحاربوا معه أصحاب الجمل. وتجمع المصادر الإباضية على أن عائشة كانت شريكة طلحة والزبير في علي ،ولكنها ندمت وتابت ،وقبل المسلمون توبتها. خلافهما مع علي بن أبي طالب وساندوهأيضا أن المسلمين قد تولواويرى الإباضيون حتى وقت قبوله التحكيم ،وبعد ذلك رأوا أنه أخطأ فيما عمل من تحكيم خلعا منه لنفسه من منصبه الشرعي الرجال في أمر من أمور االله ،فكان عمله هذا الذي بايعوه عليه؛ ولهذا وجبت البراءة منه ومحاربته ،وبخاصة بعد أن رفض إعلان التوبة ،والانضمام إلى الجماعة الذين انتخبوا عبد االله بن وهب الراسبي إماما لهم. وكان جابر بن زيد يندد في دروسه بالذين انحرفوا عن دين االله ،ويبارك الثورة التي تطيح بالظلم وتنزع الحكم من أيدي الظالمين الضالين المبتدعين. واستطاع جابر بسياسته وقدرته الفائقة أن يستفيد من الظروف التي كانت 177الجامع تمر بها الدولة الأموية ،فأفلح في جمع الناس حوله بعد أن أقنعهم بمبادئه وآرائه ،رغم طغيان الأمويين الذين كانوا يلاحقون الإباضية في كل مكان ،ولم يمت جابر إلا وقد غدت الدعوة الإباضية حركة إسلامية شاملة اجتذبت عناصر مختلفة من قبائل وأجناس متعددة. ولما توفي جابر بن زيد وخلفه أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة استمر في مجتمعا متماسك ا تسوده الألفة أداء المهمة التي اضطلع بها سلفه ،وخلق والمحبة والتعاون ،وطور التنظيمات السرية للحركة الإباضية ،وأوجد نو عا من الحكومة الثورية السرية في البصرة ،كما أنشأ مدرسة سرية لتعليم الدعاة وتدريبهم ،وقد أرسلهم إلى الأمصار الإسلامية للتبشير بمذهبهم ،وكان لهؤلاء الدعاة الذين عرفوا باسم »حملة العلم« فضل كبير في نشر الدعوة الإباضية في المناطق التي أوفدوا إليها ،وخاصة في تلك البلاد الواقعة على أطراف الدولة الإسلامية البعيدة عن مراقبة السلطة المركزية. وفي أواخر العقد الثالث من القرن الثاني الهجري اشتغل مشايخ الإباضية بالمشاكل التي واجهتها الدولة الأموية ،وأوعزوا إلى أتباعهم لإعلان الإمامة في بعض المناطق ،واستطاع الإباضيون تأسيس إمامة إباضية في كل من حضرموت واليمن و عمان. ضي على إمامة اليمن وحضرموت،طويلا ،وق ولكن هذه الإمامات لم تع مر بينما قضى العباسيون على إمامة عمان الأولى في عام ١٣٤ه،ب ي د أن إباضية عمان استمروا في تنظيم أنفسهم ،وأخذوا يتحينون الفرص لإعلان الإمامة من جديد ،واستطاعوا تحقيق هدفهم بإعلان الإمامة الإباضية الثانية في عام ١٧٧ه. ومنذ ذلك التاريخ أصبح تاريخ عمان مرتب طا ارتبا طا وثيقا بالمذهب الإباضي ،ولا يزال معظم سكان عمان ينتمون إلى المذهب الإباضي حتى وقتنا الحاضر. مائة كتاب إباضي178 وقد قام الإباضية بجهود مضنية في سبيل انتصار دعوتهم في الجزء الغربي من الخلافة الإسلامية ،وهي البلاد التي تعرف اليوم باسم :ليبيا وتونس والجزائر والمغرب .واستطاع أتباع الفرقة الإباضية تأسيس الدولة الرستمية الإباضية عام )١٦٢ه( ،وقد عمرت هذه الدولة نحو ثلاثين ومائة عام .وقضى عليها الفاطميون عام )٢٩٧ه(. قائما في مناطق متعددة وعلى الرغم من ذلك فقد بقي المذهب الإباضي كون أتباعه مجتمعات خاصة بهم في مناطقمن بلاد المغرب العربي ،حيث نائية بعيدة عن متناول السلطة. وسنة وتقوم الأحكام الشرعية في مذهب الإباضية على كتاب االله رسوله ژ،والإجماع ،ثم على القياس ،والاستدلال ،والاستحسان، والاستصحاب. بالسنة فقد اقتصر الإباضية من الأحاديث على ما رواه منوأما ما يتعلق  يتولونه من الصحابة ،فالأحاديث عندهم هي ما خرجت للناس قبل الفتنة ،أما بعدها فإن الإباضية لا يحتجون برأي أحد ممن يبرأون منه. وعلى هدي من هذه الأسس يقوم الفقه الإباضي ،في العبادات وفي المعاملات على أبوابها المختلفة مما نجده مطبقا في كتاب جامع ابن جعفر، وفي غيره من الكتب الأخرى. والمؤلف ابن جعفر صاحب كتاب» :الجامع« الشهير في عمان وفي غيرها العلامة الفقيه أبو جابر محمد بن جعفر الأزكوي منبجامع ابن جعفر ،هو  بلدة »أزكى« في )داخلية( عمان ،وهي نفس موطن موسى بن موسى أصل الفتنة التي وقعت في عمان في الربع الأخير من القرن الثالث الهجري سببا في اختلاف الآراء وتزايد المحن ،وعظمالتاسع الميلادي ،والتي كانت القيل والقال. 179الجامع ولم تزل الفتن تتراكم بين أهل عمان ،وتزيد فيهم ،وقد صار أمر الإمامة وبغيا وهوى ،حتى أنهم عقدوا في عام واحد ست عشرة بيعةولهوا، لعبا بينهم إلى أن بلغ الكتاب أجله .فسلط على أهل عمان عدوهم عامل البحرين من قبل الخليفة العباسي. العمانيون في هذه الفترة ينقسمون إلى فئتين ،فئة محايدة، وكان العلماء وتتمثل فيما يعرف بمدرسة نزوى ،وفئة ترفض إمامة الإمام راشد بن النظر، ويمثلها أصحاب مدرسة الرستاق. وفي هذه الخلفية التاريخية كانت حياة العالم الفقيه أبي جابر محمد بن جعفر الأزكوي مؤلف »الجامع« ،وهو واحد من أتباع مدرسة الرستاق ،ب ي د أنه يستشهد بتوسع فيما يحويه كتاب» :الجامع« بوجهة النظر المحايدة التي كان ينادي بها محمد بن الحواري ،ورغم أن ابن الحواري عاد فانضم إلى أصحاب مدرسة الرستاق ،ورفض تأييد إمامة راشد بن النظر ،لكن ابن جعفر ظل متمسك ا بآرائه وموقفه ،كما يدل على هذا ما اقتبسه من مؤلفات أبرز المؤيدين المعاصرين وهو الفضل بن الحواري. وقد عاش ابن جعفر في أواخر القرن الثالث الهجري وأوائل القرن الرابع، امتدادا للرعيل الأول من الرواد الذين تأثروا بمن سبقهم في الطبقة وكان الأولى ،والذين نالوا العلم من فقهاء الطبقة الثانية ،وكلهم من مشاهير العلماء العمانيين الذين أثروا الفكر الإسلامي بما ص نفوه من كتب ذات قيمة كبيرة. ومما لا ريب فيه أن ابن جعفر كانت له مكانته بين نظرائه ،وأنه قد أدى كاملا في إيمان وتقى ،وفي أمانة ورضا ،وأنه خلف من بعده مصنفهدوره منارا تشع منه أنوار الفقه الإباضي في المشرق العربي ،وفي بلاد»الجامع« المغرب العربي. ونال كتاب جامع ابن جعفر عناية فقهاء الإباضية ،فوضع له العالم ابن مائة كتاب إباضي180 وافيا ،وأ لف الشيخ أبو سعيد الكدمي كتابه المسمى» :المعتبر« على شرحابركة حذو من تصنيف جامع ابن جعفر ،ولا يكاد يوجد كتاب إباضي يخلو من الإشارة إلى جامع ابن جعفر كمصدر مهم من المصادر التي يعتمد عليها المؤلفون. ولم يقتصر أمر كتاب جامع ابن جعفر على الإباضيين المشارقة ،بل إنه مرجع هام للحركة الفقهية في بلاد المغرب العربي. ولعل انتشار كتاب جامع ابن جعفر وتعدد نسخه في بلاد عديدة كان حفا ظا له من الضياع والتلف وبخاصة في الحريق الذي شب في الرستاق في أوائل القرن الثامن عشر الميلادي ،والذي أتى على أكثر من تسعة آلاف كتاب ،خلفها علماء عمان. ويتكون الجزء الأول من كتاب» :الجامع« لابن جعفر من سبعة أبواب: ويوحد، الباب الأول» :في طلب العلم وفضله ،وفضل طالبه« .فبالعلم يعرف االله ويعبد ،وهو إمام والعقل تابعه ،والعمل تابعه يصاحبه .والعلماء ورثةوبه يطاع الأنبياء ،وملح الأرض ومصابيح الدنيا ،وهم الأدلة عند العمى ،والمشهورون والسنة ،وقواد في الأرض والسماء ،لأنهم الأئمة وربانيو الأئمة ،والعلماء باالله الناس إلى الجنة. وأول العلم أن يعرف المخلوق خالقه ،وأنه االله الذي أحياه ورزقه ،وأنه لا يعرفه قلب إلا خشع ،ولا بدن إلا خضع .وقد سئل النبي ژ عن العلم، فقال» :العلم كله القرآن ،وهي الأصل والتنزيل ،وما بعده من العلم تفسير له عالما فليعمل بما سمع من العلم. وتأويل« .فمن أراد أن يكون الباب الثاني :في جملة الإسلام ،وذكر ما يسع جهله وما لا يسع ،وفي الدعاء ،وفي السلام ،وفي صلة الأرحام وغير ذلك من أبواب البر ،وفي شيء من صفات االله ،وفي تفسير بعض الآيات. 181الجامع محمدا عبده والإسلام :شهادة أن لا إله إلا االله وحده لا شريك له ،وأن ورسوله ،والإيمان باالله وملائكته ،وكتبه ،ورسله ،واليوم الآخر ،والبعث، والحساب ،والجنة والنار ،وأن الساعة آتية لا ريب فيها ،وأن االله يبعث من في القبور ،والأمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر ،والتعاون على البر والتقوى، وإقام الصلاة لوقتها بحسن ركوعها وسجودها والتحيات التي لا تجوز الصلاة إلا بها ،وإيتاء الزكاة بحقها وصدقها وقسمها على أهلها ،وصيام شهر رمضان سبيلا ،وبالوالدينبالحلم والعفاف ،وحج البيت الحرام من استطاع إليه إحسا نا ،وبذي القربى واليتامى والمساكين ،والجار ذي القربى ،والجار الجنب، والصاحب الجنب ،وابن السبيل ،وحفظ الفروج عن المحارم ،وستر الزينة التي أمر االله بسترها إلا ما ظهر منها ،والاستئذان في البيوت ،والتسليم على أهلها، والاغتسال من الجنابة ،والنكاح بالفريضة ،والبينة العادلة ،ورضاء المرأة ،وإذن الولي ،والطلاق بالشهود والعدة والمواريث بفرائض القرآن ،واجتناب الكذب، والتوبة إلى االله من جميع الذنوب والخطايا ،والشهادة على أهل الضلال والبغض لهم والبراءة منهم ،والولاية لأهل طاعة االله على طاعته.بضلالهم ، فمن أقر للمسلمين بهذه الأعمال والحقوق ثبتت ولايته ،ووجب حقه، وكان له ما للمسلمين ،وعليه ما عليهم ،إلا أن يحدث حدثا ،فإن أحدث حدثا حميدا. كان حدثه على نفسه ،ولن يضر االله شي ئا ،وكان االله غن يا ويرى المؤلف وجوب البراءة من الخوارج؛ لأنهم ادعوا على االله الكذب، واعتدوا على المسلمين ،وسموهم مشركين ،حلال سباؤهم وغنيمة أموالهم، وهم المستحلون للحرام ،المحرمون للحلال ،وقد ظهر منهم الكذب بالادعاء على االله ،ونقض الحق ،فعلى من عرفهم البراءة منهم. أبدا :شهادة أن لا إله إلاعرف المؤلف الإيمان الذي لا يسع الناس جهلهوي  محمدا رسول االله ژ،والإقرار بما جاء به عن االله ،فهذا الإيمان الذياالله ،وأن أبدا ،على حال من الأحوال. لا يسع الناس جهله مائة كتاب إباضي182 وكل ما وراء هذا يسع الناس جهله إلا أن يلزمهم االله فعل شيء أو تركه، فلا يفعلونه في الحال التي أوجب االله عليهم فيها فعله ،ولا يتركونه في الحال التي أوجب االله عليهم فيها تركه. فأما الذي يسعهم جهله حتى يجيئهم فعله من االله :فالصلاة ،والزكاة ،وحج سبيلا ،وصيام شهر رمضان ،والاغتسال منالبيت الحرام م ن استطاع إليه الجنابة ،وأشباه ذلك. ذاكرا أن في القرآن ما يدل على فضل الدعاء وتحدث المؤلف عن الدعاء ، كثيرا .والذي وكبر منزلته ،واختلف الناس في إجابة االله من يدعوه اختلافا ثوابا وغفرا نا وغير ثواب .وقد تكون يختاره المؤلف :أن الإجابة قد تكون للمؤمن وغير المؤمن بحسب ما يعلم االله جل ثناؤه ،في فعل ذلك من الصلح للحجة ،وأن االله يحب من قال :يا االله ،وهو اسم االله الأعظم. أما الولاية ،فإن االله جعل الولاية فيما بين أهل دينه عليهم فريضة واجبة، لازما ،لا يعذرهم بتضييعه ،ولا التقصير عن حفظ ما استحق عليهم منح قا فريضة الولاية والألفة ،والمحبة ،والتراحم ،والاستغفار ،والمودة. وحق الولاية التسمية بالإسلام والإيمان ،وإيجاب الاستغفار والمعرفة له والمودة والمحبة والتضحية ،وحسن الظن بأهل الدين ،والبراءة نفي الإيمان والتسمية بالكفر ،وتحريم الاستغفار ،والمعرفة له باستيجاب اللعنة والغضب، والسخط والبغض والعقوبة لمن استحق ذلك في نار جهنم ،كما جعل االله مفروضا ،أمر به المؤمنين في واجب تنزيل الكتابالولاية فريضة واجبة ودي نا المحكم فريضة البراءة ،والعداوة ،وتحريم الاستغفار والولاية ،وتحريم حقوق الولاية كلها من الولاية والمحبة ،فيمن زال عنه اسم الإيمان والإسلام ،ولزمه اسم الكفر والنفاق. وكما فرض االله على المؤمنين الولاية فيما بينهم ،وفرض لبعضهم على 183الجامع بعض الولاية والاستغفار ،وجعلهم أولياء فيما بينهم بعضهم لبعض ،فكذلك فرض عليهم تحريم الولاية لمن زال عنه اسم الإيمان ،ولزمه اسم الكفر والنفاق ،وتحريم الاستغفار ،واستوجب البراءة منهم. وقد جعل االله الولاية والبراءة فريضتين واجبتين ،لا يصل العباد إلى ما وعد االله من ثواب أهل الجنة ولا ينجون من عقاب النار إلا بمعرفتها ،وما كلف العباد من حفظهما ووجب عليهم أداؤها مع الذي كلفهم من طاعته مما سوى ذلك. عذرا للمسلمين ،ورحمة اختصهم بها،والتقية رخصة من االله جعلها االله واستنقذهم بها من الهلكة ،والولاية متصلة بين المسلمين على صفة الإسلام ولا تثبت الولاية والاستغفار لأحد في حال التقية ،وفي حكم الجور إلا من مخالفا كفوا عنه عرفوه بالخلاف لهم ،ومن لم يعرفوه موافقا لهم ،ولا ولا يبرأون ،ولا يتولون حتى يعرفوه ،ويشهدوا عليه. أما الباب الثالث فهو بعنوان» :في الولاية والبراءة ومعاني ذلك ،وفيه بعض السير« .ويذكر المؤلف أن مما يدين به المسلمونوهو لازم لهمالولاية عبدا في لأولياء االله والحب لهم ،والبغض لأعداء االله والبراءة منهم ،ومن أحب االله فكأنما أحب االله ،وذلك من أشرف أعمال البر وأعظمها. ومن ثبت ولايته بما عرف من صلاحه فهو على ولايته ،ولا يزول عنها إلا بحدث يستحق به ذلك. ومن ثبت ولايته ثم عمل من المعاصي مكفرة كبيرة يجب عليه فيها حد في الدنيا ،أو عذاب في الآخرة سقطت ولايته من حين ما آتاها ،واستحق البراءة ،وعلى المسلمين أن يستتيبوه ،فإن أدى ما لزمه وتاب رجع إلى منزلته، وكذلك إن تاب وقال :إنه يؤدي ما لزمه من ذلك ،إن كان شي ئا يلزمه الخلاص منه ،وإن لم يتب فهو على البراءة منه. مائة كتاب إباضي184 وإن كانت معصية صغيرة غير كبيرة وقف عنه ،ولم يبرأ منه حتى يستتاب، فإن تاب رجع إلى منزلته ،وإن أصر واستكبر وخلع وبرئ منه .والإصرار يكفر، وأصر عليها، من ظلم حبة فما فوقها ،أو كذب كذبة إذا دعي إلى التوبة يأبى، أكفره الإصرار بذلك وانخلع من ولاية المسلمين. وقذف المسلمين من الكبائر ،وكذلك إن تكلم بكلام أهل القدر والإرجاء ودان به ،أو تولى من دان به ،وبرئ من المسلمين ،وقال بذلك ،ودان به ،أو تولى من برئ من المسلمين وضللهم ،وقد علم ببراءته من المسلمين ،ففي كل هذا أو نحوه ومثله فيبرأ منه قبل أن يستتاب. وضعفاء المسلمين الذين لا علم لهم بما تجب به الولاية ،والبراءة، ولا بكثير من الأمور التي يجب عليه فرض العمل بها ،والانتهاء عنها ،فأولئك إذا قالوا بقول فقهاء المسلمين من أهل الدعوة ،وعملوا بأعمالهم ،ودانوا بدينهم على الاستحلال منهم لما أحلوا ،والتحريم منهم لما حرموا وتولوا أولياءهم ،وعادوا أعداءهم في الجملة عند التسمية للموافق لهم على معرفتهم فيه ،وسلموا لهم فيما دانوا به من الحق في ذلك ،ولم يخالفوا عليهم بإقدام منهم على البراءة ممن تولوه ،ولا على ولاية من برئوا منه ،وتولوهم على ما أقروا من دين االله ،وإن لم يعلموا جميع ما دانوا به من العذر ،فأولئك بهذا سالمون بالتسليم منهم لأهل دين االله فيما يسعهم رد علمه إليهم ،فهم في ولاية المسلمة في السعة عندهم ،ما لم ينقضوا ذلك بحدث منهم ،فإذا نقضوا تضييع شيء مما أوجب االله فرض العمل به في ذلك ،فجاء ذلك الوقت فلم يعملوا به، حرم االله ،وأوجب عليهم الانتهاء عنه.وارتكبوا شي ئا مما ويتناول المؤلف في الباب الرابع »الطهارات والنجاسات« والدم المسفوح ينقض قليله وكثيره ،إذا صلى المصلي وهو في ثوبه وقيل هو دم المذبوح من كل ما له دم ،ومن غيره ،فإذا وجد الدم في الثوب أو البدن ،ولا يعلم ذلك الدم ،مسفوح أو نجس غير مسفوح ،أو ليس بنجس ،فيخرج ذلك على أقاويل: 185الجامع قيل :هو طاهر بطهارة الثوب والبدن حتى يعلم بنجاسته بوجه من الوجوه، مسفوحا أو غير مسفوح ،وقيل :هو دم مسفوح يفسد قليله وكثيره. وقيل :هو على الأغلب من أمور الدماء في ذلك الوقت الذي يجده المبتلى به .فإن كان الأغلب من أمر ذلك الدم يصح على أحد الأمور أنه منه فهو على الأغلب من أمور. والباب الخامس عن »الوضوء وما ينقضه وما لا ينقضه ،وأحكام ذلك« .قال االله تعالى) ( ' & % $ # " ! ﴿ : * 5 4 3 21 0 / . - , + ] ﴾ 6المائدة.[٦ : إن الوضوء بفتح الواو اسم الماء ،وبضم الواو الفعل ،ووجدت أن المضمضة حركة الماء في الفم بالمضمضة .ولا يحافظ على الوضوء منافق، ولا تقبل صلاة بغير طهور .والوضوء لا بد أن يذكر اسم االله عليه ،ثم يبدأ بكفيه فيغسلهما ،ثم يتمضمض ،ثم يستنشق ،ثم يغسل وجهه ،ثم يغسل يديه إلى المرافق ،ثم يمسح رأسه ،ثم أذنيه ،ثم يغسل رجليه إلى الكعبين ،كل عضو ثلاثا ،وإن زاد أو نقص فلا بأس ،إذا أسبغ الوضوء. قيل للماء شيطان اسمه الولهان ،يولع الإنسان به لكثرة استعمال الماء لغير الوضوء ،واستعمال الشكوك مكروه ومتروك لأنه من عوارض الشيطان ،ويقال :كثرة الوضوء من الشيطان؛ لأن في ذلك الأذى للإنسان والانقطاع عن طاعات الرحمن، وربما أدى إلى تضييع الصلوات وذهاب الأوقات ،وصد عن إيقاع العبادات. ومن نسي جارحة من حدود وضوئه ،ثم ذكرها بعد أن فرغ أعاد غسلها وحدها؛ لأنه مأمور بغسل كل عضو ،فما أتى به سقط عنه فرضه ،وما بقي عليه ففرضه باق عليه إلى أن يأتي به. رطبا نقضا ،مسلما من أهل الولايةوأهل الإسلام لا ترى على من يمس مي تا مائة كتاب إباضي186 يابسا ،قبل الغسل أو بعده ،إلا أن تقع يده على أذى ،وقد يوجد منكان أو يقول :إن من غسل الميت يتوضأ ،وذلك عند المؤلف بسبب حال الأذى ،وأما إذا كان من أهل الولاية ولم يمس الفرج ،ولا الأذى فلا نقض على وضوئه ،وأما مسه قبل أن يطهر وهو رطب أو يابسمن ليست له ولاية من أهل القبلة ،فمن مسه بعد أن يطهر وهو رطب أو يابس.انتقض وضوؤه ،ولا نقض على من مسه فقد انتقضوكذلك الخمر ولحم الخنزير حرام ،قليله وكثيره ،ومن ومس الفروج كلهاعند المؤلفينقضوضوؤه ،ومفسد لما وقع فيه، مس الدواب.الوضوء إلا والباب السادس في »التيمم وأحكامه« .قال االله تعالىJ I H G ﴿ : طيبا صعيدا نق يا من الأرض ،يعني :] ﴾ L Kالمائدة [٦ :أي :فتصعدوا ،يعني: حلالا ،وهو أن يضع كفيه على الأرض فيمسح بهما وجهه مرة ،ثم يضعها على الأرض مرة ثانية فيمسح بها الظاهر من كفه إلى الكوع ،يبدأ بالأيمن ثم الأيسر. والباب السابع في »الغسل من الجنابة ،وأحكام ذلك« والغسل من الجنابة فريضة في كتاب االله تعالى ،لا عذر لمن جهلها ،وهي أمانة يسأل االله عنها العبد يوم القيامة. أولا بغسل كفيه ،ثم ليغسل اليد ثم يتوضأ وضوءومن اغتسل من إناء فيبدأ الصلاة ،فإذا طهر الأذى فلا بأس أن يمس بدنه ويعركه بيده ،ويردها إلى ذلك الماء ،فإن وقع في نهر ،فبدأ بالغسل قبل الوضوء فلا بأس ،ولو فعل إذا اغتسل فسادا ،وقد ترك ما أمر به إذا أمكنه ،وأحب لمن يغتسل منمن الإناء ثم أبصر الجنابة أن يبدأ بعد المضمضة والاستنشاق بغسل شق الرأس الأيمن ثم الأيسر. وإن قدم جارحة قبل الأخرى فلا بأس. 187 TM``eÉ````é`dG ...ƒ∏¡ÑdG ácôH øH óaëe øH ˆG óÑY óaëe ƒHCG ï«°ûdG ) (✽)»fÉa©dGت ٣٤٢ه٩٥٣/م( o تحقيق وتعليق :عيسى يحيى الباروني وزارة التراث القومي والثقافةمسقطسلطنة عمان١٤٢٨ ،ه٢٠٠٧/م. ج ٦١٥ :٢صفحةعدد الصفحات :ج ٦٤٠ :١صفحة صاحب الكتاب هو عبد االله بن محمد بن بركة السليمي الأزدي .لم تحدد المصادر العام الذي ولد فيه ،فجميع المصادر التي ترجمت له أغفلت هذا الأمر واقتصر بعضها على أنه عاش في القرن الرابع الهجري ،وربما ولادته )(١ كانت ما بين عام ستة وتسعين ومائتين وعام ثلاثمائة للهجرة. وقد نشأ الإمام ابن بركة في مدينة بهلى ،وبها قضى أيام صباه وطفولته. قديما تعرف لعمان .وكانت ومدينة بهلى هي إحدى مدن المنطقة الداخلية بمنطقة »الجوف«. أما وفاة الإمام ابن بركة فربما هي واقعة ما بين عام اثنتين وستين وثلاثمائة للهجرة وعام ثلاثة وستين وثلاثمائة للهجرة. وما أن بلغ الإمام ابن بركة مرحلة الشباب حتى رحل إلى مدينة )صحار( العلامة أبي مالك غسان بن محمد بن الحضر الصلائي،طالبا العلم من شيخه  وهو من علماء النصف الأخير من القرن الثالث الهجري. ويعد الإمام ابن بركة أحد أقطاب المذهب الإباضي ،وأحد المجددين لفقه هذا المذهب في القرن الرابع الهجري. )✽( ويقال :إنه توفي سنة )بين٣٤٢و٣٥٥ه ٩٥٣/و ٩٦٦م(. مائة كتاب إباضي188 ويبدو من قراءة سيرة حياته أنه كان شغوفا بطلب العلم ومح با له ومك با عليه ،دفعه طلبا للعلم ،على يد شيخه أبي مالك.حبه للعلم أن يخرج في مقتبل عمره من بلدته وقد صار لفقهه صدى كبير عند من جاء بعده من علماء المذهب الإباضي، فلا يكاد يخلو كتاب من كتب العلماء المتأخرين عنه من نقل أقواله ،وتدوين وأصل كثير من القواعد في الفقه.فتاواه ، حريصا على النظر والتأمل عند الاستدلال ، نابذا للتقليدوقد كان الإمام ابن بركة داعيا إلى التحرر من أغلاله وقيوده ،ومن كلامه في ذلك:المذموم وراء ظهره ، »ونحن نعوذ باالله من غلبة الأهواء ومسامحة الآراء وتقليد الآباء«. »واتباع الحجة أولى من اتباع الرأي الذي ليس بحجة«. »والدليل هو حجة االله على الخلق« ،و»لا حظ للنظر مع النص«. وكان الإمام ابن بركة عميد »المدرسة الرستاقية« ،تلك المدرسة التي تنعى على موسى بن موسى وراشد بن النظر خروجهما على الإمام الصلت بن مالك بلا موجب للخروج عليه. وقد حرر الإمام ابن بركة وجهة نظر هذه المدرسة في هذه القضية ،وأبرز آراءها ،فكان لما قاله وقع عظيم في النفوس لم يمت بموته ،بل ظلت له تأثيرات وشواهد حية بعد وفاته في الواقع الملموس زم نا ليس بالقصير. أما كتابه» :الجامع« فيعد أهم إنتاج علمي وصل إلينا حتى الآن لهذا الإمام، فقد أفرغ فيه عصارة فكره وخلاصة استنتاجاته الفقهية بعد أن استفرغ فيه جهده ،وأشبع معظم مسائله بحثا وتدقيقا. وقد برزت أهمية كتاب» :الجامع« للإمام ابن بركة من بين الكتب الجوامع الأخرى عند فقهاء الإباضية المشارقة من حيث: أولا :أن مؤلفه الإمام ابن بركة قد م هد له بمقدمة اشتملت على نصيب من 189الجامع ومنفذا ينفذ من خلاله إلى الفقه، مدخلامسائل علم أصول الفقه ،جعلها ولا غرابة في ذلك ،فإن علم أصول الفقه هوبلا شكالقواعد والأصول التي يبنى عليها الفقه ،وتستخرج جزئيات مسائله في ضوئها. وقد ب ين الإمام ابن بركة نفسه الدافع الذي دفعه إلى وضع هذه المقدمة وأهميتها في صدر كتابه حين قال» :فالواجب عليهأي :الفقيهإذا أراد علم الفقه أن يتعرف أصول الفقه وأمهاته ،ليكون بناؤه على أصول صحيحة ،ليجعل كل حكم في موضعه ،ويجريه على سنته ،ويستدل على معرفة ذلك بالدلالة الصحيحة والاحتجاجات الواضحة«. ثانيا :وجود الفقه المقارن فيه :إذ حاول الإمام ابن بركة أن يجعل من كتابه: كتابا في الفقه المقارن في عصرنا هذا ،فعنايته البالغة بفقه »الجامع« ما يشبه مذهبه الذي ينتمي إليه لم تكن تمنعه من ذكر آراء الفقهاء من الصحابة والتابعين وفقهاء المذاهب الإسلامية الأخرى. وهذا يعطينا دلالة واضحة على أن الإمام ابن بركة قد اطلع على بعض كتب المذاهب الإسلامية الأخرى ،واشتغل بقراءتها ،فنقل أقوال أصحابها في كتابه، ويدل على ذلك من أسماء بعض الكتب التي طالعها ،وأمعن النظر فيها ،مثل كتابه» :اختلاف الفقهاء« للإمام الطبري وغيره ،حيث كان معظم الفقهاء الذين ذكرهم في كتابه يعيشون في العراق ،وقد كان الاتصال بين عمان والعراق معتادا بحكم قيام سوق التجارة بينهما. أمرا خاصة البصرة منهافي ذلك الوقت اهتماما ثالثا :عنايته بفقه المذهب الإباضي :وقد أولى الإمام ابن بركة هذا الجانب خاصة وعناية كبرى .وقد جاء ذلك انطلاقا من الغاية والهدف الذي حمله على تأليف هذا الكتاب؛ ولهذا فقد بذل جهده ليجعل من كتابه »الجامع« مرآة عاكسة يستشف القارئ من خلالها الفقه الإباضي بمعالمه واتجاهاته وتصوراته ومعالجة فقهائه للقضايا الفقهية من لدن أقطاب المذهب الأوائل الذين قامت أسسه ودعائمه على أيديهم. مائة كتاب إباضي190 وبإلقاء نظرة فاحصة على كتاب» :الجامع« يمكن إبراز وتلخيص وجوه اهتمام الإمام ابن بركة بفقه المذهب الإباضي فيما يلي: أنه حاول تنقية وغربلة مسائل فقه المذهب الواردة في كتب الجوامع الفقهية في المذهب الإباضي السابقة عليه ،وتبسيطها بأسلوب يقرب إلى والبعد عن الإطالة والتفريعات الفقهية التي عنيت بها الكتب الاختصار ، الجوامع المتقدمة عليه. أنه اعتنى بإبراز المسائل الفقهية التي ورد فيها الاتفاق بين علماء المذهب حتى العصر الذي يعيش فيه ،كما أبرز بالمقابل أيضا نظائرها من المسائل الفقهية التي وقع الخلاف فيها بين علماء المذهب الإباضي حتى تلك الحقبة من الزمن. ولم يكتف الإمام ابن بركة بعرض مواطن الاتفاق والاختلاف بين علماء المذهب في المسائل الفقهية فحسب ،وإنما كان يشير أحيا نا إلى ذكر معتمد المذهب الإباضي في المسائل الخلافية في العمل والفتيا ،وما تجري به الأحكام عند علمائه، وبيان الشاذ والمتروك من الأقوال ،كما تعرض لذكر بعض اختيارات شيخه أبي مالك، وإلى ذكر بعض الآراء الفقهية التي لم يسمع بوجودها في المذهب كمسألة عدم اشتراط النية في الوضوء ،ومسألة عدم جواز الصلاة بطهارة حتى يتيقن أنه لم يحدث، ومسألة جواز الصلاة الفريضة داخل الكعبة ،ومسألة القول بعدم وجوب الوصية للقريب غير الوارث ،ومسألة القول بتكافؤ الدم بين الذكر والأنثى في القصاص. كثيرا من آراء علماء المذهب الإباضي المتقدمين على عصره ممنأنه حفظ لنا لم تصل إلينا مؤلفات لهم .كما نقل آراء لبعض إباضية البصرة وخراسان والموصل. ولا شك أن الإمام ابن بركةبحكم قربه من عصور هؤلاء العلماءاطلع على مؤلفات بعضهم ،إن لم يكن جميعهم ،ونقل آراء منها. أنه اهتم بتدوين وصياغة كثير من القواعد والضوابط الفقهية على هيئة نصوص قصيرة. 191الجامع فريدا من نوعه بين ولهذا كله ولسواه جاء كتاب» :الجامع« للإمام ابن بركة كتب الإباضية المشارقة المعروفة ب»الجوامع« ،وصار ذا أهمية عند علماء المذهبخاصة فقهاء عمانإذ صاروا يعكفون عليه دراسة وبحثا ،ويكثرون من النقل عنه؛ ولذا يذكر بعض العلماء المعاصرين أن هذا »الجامع« يعرف في العماني ب»الكتاب« ،فإذا وجد في شيء من كتب المشارق ك »بيانالأثر الشرع« و»المصنف« قولهم :من »الكتاب« فالمراد بذلك كتاب »الجامع«. وهناك ملاحظتان تلفتان النظر عند تأمل كتاب» :الجامع« لابن بركة ،وهما: أولا :أن مسائل الكتاب لم ترد مبوبة حسب الترتيب الموضوعي الفقهي المعروف ،فهناك مسائل في الأحكام وفي المعاملات وفي الحدود عرضت قبل مسائل في باب الصلاة ،وهناك مسائل في باب الطلاق والعدة والعتاق جاء عرضها بين مسائل في باب البيوع ومسائل في باب الإيجارات ،إلى غير ذلك من الأمثلة التي تظهر عدم الترتيب والتنسيق. ثانيا :أن هناك مسائل عديدة في كتاب» :الجامع« حظيت بالتكرار والإعادة، وهي على قسمين: ١ مسائل كررت وأعيدت بعرض مغاير لورودها السابق في الكتاب ،ومن أمثلة ذلك ما يلي: مسألة »الوضوء مما مسته النار«. مسألة »حكم تارك الصلاة«. مسألة »بيع الرجل مال ولده«. تقريبا ،ومن أمثلة ذلك: ٢ مسائل كررت وأعيدت بنفس ألفظاها مسألة »حكم لزوم تعدد الغسل للمرأة التي تصيبها الجنابة من جماع ثم تحيض بعدها«. مسألة »اعتراض الخاص على العام«. مائة كتاب إباضي192 منهجا استدلال يا أما عن منهج ابن بركة في كتابه» :الجامع« ،فقد كان عموما عن مناهج نظرائه من فقهاء المسلمين من أهل مذهبه أو غيرهملا يخرج في الاستدلال إلا فيما يعرض فيه الخلاف بين الفقهاء في جزئيات ومفردات مسائل علم أصول الفقه. ويمكن القول بأن توافق منهج الإمام ابن بركة في الاستدلال مع منهج غيره من الفقهاء يعود إلى الاتفاق على مصادر التشريع الأصلية والتبعية، والسنة النبوية فالإمام ابن بركة تخرج من مدرسة فقهية ترى في القرآن الكريم الشريفة ،والإجماع والقياس والاستصحاب والاستحسان أدلة يمكن بواسطتها معرفة الحكم الشرعي لكل حادثة ونازلة حسب الأولوية في سلم هذه الأدلة. ولذا فقد جاء منهج الإمام ابن بركة الاستدلالي على النحو التالي: المطلب الأول :الكتاب :يعتبر القرآن الكريم المصدر الأول للتشريع ،وقد قام ابن بركة في مقدمة كتابه بإبراز بعض مزايا القرآن الكريم من حيث إعجازه وحسن نظمه وبلاغته ،وعدم قدرة الخلق على محاكاته والإتيان بمثله. كما أبرز الإمام ابن بركة الحكمة من وجود المحكم والمتشابه في القرآن متشابها ليستبق محكما ،وبعضه الكريم ،وهي أن االله تعالى جعل بعض القرآن الخلق في إعمال عقولهم وأذهانهم في مدلول آياته؛ ليظهر بذلك مقدار تفاضلهم في استنباط الأحكام الشرعية. كما أبرز الإمام ابن بركة الحكمة من تكرار الألفاظ وسرد القصص فيه، وهي أن الرسول ژ كان يبعث إلى القبائل المتفرقة بالسور المختلفة فلو لم تكن القصص مكررة لوقعت قصة موسى‰إلى قوم ،وقصة عيسى‰إلى قوم ،وقصة نوح‰إلى قوم ..فكانت الحكمة من تكرارها هي نشر هذه القصص في أطراف الأرض ،وإلقاؤها على كل سمع ،وبثها في كل قلب زيادة في الإفهام والإنذار. 193الجامع وأما من حيث تكرار الألفاظ الواحدة في القرآن الكريم؛ مثل قوله تعالى: ﴿ ] ﴾ i h g f ❁ d c bالتكاثر [٤ - ٣ :وغيرها ،فقد علل الإمام ابن بركة ذلك بأن القرآن الكريم نزل على لغة العرب ،ومن مذهبهم في التخاطب التكرار. يرى الإمام ابن بركة أن النسخ يقع في القرآن الكريم ،ولذا فهو يورد في أول كتابه أمثلة عديدة على وقوع النسخ في القرآن الكريم. ويقع النسخ عند الإمام ابن بركة في الأوامر والنواهي والأخبار التي معناها نهيا فلا يصح نسخها؛أمرا أو الأمر والنهي .أما الأخبار التي لم ترد مورد التكليف كبيرا. علوا لأن ذلك يستلزم إسناد صفة الكذب إلى االله، 8تعالى االله عن ذلك السنة النبوية الشريفة ،و تعد عند ابن بركة أصل قائم بنفسهالمطلب الثاني : ونهيا عبادة ومعاملة. أمرا كالقرآن الكريم ،مستقل في كثير من الأحيان بالتشريع السنة في كتابه ،ومن ذلكولذا فقد أكثر الإمام ابن بركة من التنويه بمكانة  »والسنة عمل بكتاب االله ،وبه وجب اتباعها«. قوله: ويضع الإمام ابن بركة شرو طا ثلاثة لقبول الخبر ،وهي: أعدالة رواة الإسناد. بعدم المعارضة. جعدم قيام دلالة على فساد الخبر »العلة القادحة«. مقياسا وبناء على هذه الشروط الثلاثة المذكورة التي جعلها الإمام ابن بركة لمعرفة الحديث الصحيح من غيره ،فقد قرر أن كل من صح معه حديث لتوفر شروط الصحة عنده فيه يجب عليه العمل به. ومن حيث النظر إلى شروط عدالة الرواة التي يجب توفرها في رجال الإسناد خاصة ينتقد الإمام ابن بركة منهج جمهور الأصوليين القائلين بقبول مائة كتاب إباضي194 عدولا ،بلالحديث إذا ورد من طرق كثيرة تبلغ حد التواتر ،ولو لم يكن رواته كانوا متهمين فساقا ،بناء على ما قرره جمهور الأصوليين من أنه لا يمكن لهؤلاء الرواة الكثيرين الاتفاق على الكذب إذا جاءوا متفرقين. أولا عند ورود خبر ما عن عدالةويرى الإمام ابن بركة أنه يجب البحث رواته ،فإن لم يعثر للحديث طريق رواته عدول ضابطون فينبغي طرحه، ولا يكفي وروده بطرق كثيرة رواتها غير عدول. ويبرز الإمام ابن بركة منهجه في روايات المخالفين لمذهبه التي تفردوا بها ،ويقرر أن تلك الروايات لا ينبغي طرحها ما لم يعلم فسادها بوجه من الوجوه التي يعرف بها فساد الحديث وعدم صحته. المطلب الثالث :الإجماع :يعتبر الإجماع الأصل الثالث من أصول التشريع عند الإمام ابن بركة ،وهوعندهإحدى حجج االله تعالى على خلقه ،فهو يقول في ذلك» :إن الإجماع حجة االله ،وحجج االله لا يلحقها الفساد ،ولا يجوز عليها بعد ثبوتها الانقلاب«. أيضا على عدم جواز إعمال الفكر والنظر ،واللجوء إلى القياسكما ينص والاجتهاد عند وقوع الإجماع. ويبرز منهج الإمام ابن بركة في الاستدلال بالإجماع كما يلي: مستقلا بإثبات حكم شرعي جديد ابتداء؛ وذلك لأنيأتي الإجماع عنده ومخصصا لعموماتالإجماع عنده أصل ثالث من أصول التشريع، والسنة. القرآن يأتي الإمام ابن بركة إلى القول بتنزيل اختلاف الأمة على قولين في مسألة منزلة الإجماع ،ويفرع على ذلك عدم جواز إحداث قول ثالث؛ لأن الحق عنده لا يخرج من أحد القولين اللذين صارت إليهما الأمة. 195الجامع ومعتبرا عدم صحيحا لا يشترط الإمام ابن بركة لكي يكون الإجماع تقديم الخلاف في المسألة المجمع عليها لاحقا ،بل متى ما وقع الإجماع من الأمة في أي عصر من العصور كان حجة عنده ،ولو تقدم هذا الإجماع خلاف من قبل. انفرد الإمام ابن بركة من بين علماء المذهب الإباضي بعدم الاعتداد بخلاف التابعي لما أجمع عليه الصحابة. المطلب الرابع :القياس :يأتي القياس عند ابن بركة في المرتبة الرابعة بعد دليلا شرع يا بأن النبي ژوالسنة والإجماع .ويبرهن على اعتبار القياس الكتاب قد أرشد الأمة إلى استعمال القياس فيما لا نص عليه. فالقياس عنده دليل صحيح ومعتمد يحتاج إليه المجتهد لاستنباط الحكم الشرعي لكل حادثة لم ينص عليها؛ ولذا فقد وصف الإمام ابن بركة منكر القياس بقوله» :والمانع من القياس قد ترك المناصحة لنفسه«. المطلب الخامس :الاستصحاب .وهذا دليل يأتي عند الإمام ابن بركة بعد حكما على مسألته الآتية من الأصول الثلاثة،القياس؛ لأن المجتهد إذا لم يجد قياسا، والسنة والإجماع ،ولا صورة تشبهها يمكن إرجاعها إليهاوهي :الكتاب فإنه يلجأ إلى الاستصحاب ،وهو إبقاء الشيء على حالته التي هو عليها ليتيقن ذلك حتى يصح الناقل له عن ذلك. المطلب السادس :الاستحسان :يعد الاستحسان أحد الأدلة الشرعية التبعية عند الإمام ابن بركة ،ومن الأمثلة التي عرضها المؤلف في كتابه» :الجامع« :أنه معا ،وأراد كل منهما القيام به فإنه يعطياه إذا تشاجر رجلان في منبوذ وجداه معا إذا قاما بما يجب له ،وتقاربت دورهما ،فإن تباعدت دورهما ،فإنه استحسن أن يقرع بينهما ،فمن خرجت له القرعة أخذ المنبوذ دون الآخر. المطلب السابع :المصالح المرسلة :تعتبر المصالح المرسلة من الأدلة مائة كتاب إباضي196 الشرعية التبعية عند الإمام ابن بركة ،ومن الأمثلة التي قدمها :النهي عن بيع أمهات الأولاد زمن عمر بن الخطاب . 3 المطلب الثامن :شرع من قبلنا :وظاهر كلام الإمام ابن بركة اعتبار »شرع دليلا شرع يا يمكن التعويل عليه .ومن الأمثلة التي قدمها على هذا:من قبلنا« استدلاله على جواز عقد النكاح بالصداق المجهول بقصة زواج موسى‰من ابنة شعيب، ‰وكان مهرها قيام موسى‰برعي غنم شعيب‰ثماني عشرا ،وهذا المهر لا يخلو من جهالة عنده. سنوات أو دليلا شرع يا المطلب التاسع :العرف :يرى الإمام ابن بركة اعتبار العرف يمكن الاستناد إليه عند الاستدلال ،ومن أمثلته :أن من حلف ألا يسكن بي تا فسكن بي تا من شعر ،لأن البيوت المقصودة المتعارف عليها عند أهل الحواضر والمدن هي المبنية من حجر. المطلب العاشر :الأخذ بدلالة الاقتران .ومن أمثلة ذلك عنده أن الأذن ليس بفرض ،والواقع على أنه إذا أم الأصغر من هو أسن منه جازت الصلاة ،فدل هذا على الأمر في قوله» :وليؤمكم أسنكم« خارج على غير الوجوب. المطلب الحادي عشر :الأمر المطلق يقتضي فعل المأمور به مرة واحدة، ما لم يقدم دليل على إرادة التكرار ،ومن أمثلة ذلك :أن الأمر بالحج جاء مطلقا من غير دليل يدل على التكرار فيكفي إتيانه مرة واحدة في العمر. المطلب الثاني عشر :ورود الأمر بعد النهي يقتضي الإباحة ،ومن أمثلة ذلك عنده أن الأمر بالانتشار في الأرض الوارد في قوله تعالى: 9 8 ﴿ : ; < = ﴾ ]الجمعة [١٠ :محمول على الإباحة لأنه جاء بعد حظر ،وهو منع الانتشار لأجل حضور صلاة الجمعة الذي يدل عليه قوله تعالى" ! ﴿ : ] ﴾ / . - , + * ) ( ' & % $ #الجمعة.[٩ : 197الجامع المطلب الثالث عشر :الأخذ بمفهوم المخالفة ،ومن أمثلة ذلك عنده :أن مفهوم قوله تعالى] ﴾ 1̧ ¶ μ́ ﴿ :المائدة [٩٥ :الواردة في بيان حكم جزاء قاتل الصيد حالة الإحرام ،وتقييده بالتعمد يدل على أن القاتل المخطئ ليس عليه جزاء. المطلب الرابع عشر :اللفظ العام المخصص حجة في باقي أفراده ،يرى الإمام ابن بركة أن اللفظ العام إذا خصص تناول التخصيص الأفراد التي ورد ودليلا. بها ،وبقي اللفظ العام حجة المطلب الخامس عشر :الفعل إذا سبقه نفي فهو عام .في جميع الأفراد التي يتناول ذلك الفعل المنفي .مثال قوله ژ » :لا يرث المسلم الكافر« عام فينفي إرث مقتولا. المسلم للكافر ،فلا يرث ماله ،ولا حق القصاص والقود من قاتله إذا مات المطلب السادس عشر :الاستدلال بالشواهد اللغوية المنظومة ،لتأييد ما يذهب إليه من آراء أو تفسيرات لبعض المعاني الواردة عنده. أما منهج عرض المسائل الفقهية عند ابن بركة من خلال كتابه» :الجامع« متشابها عند بدايته لطرح مسائله الفقهية ،غير أن واحدا منهجا فهو لم ينهج غالب ما جرى عليه هو استهلال المسألة بقوله» :اختلف أصحابنا« ،أو »اتفق أصحابنا« ،أو »اختلف الناس« ،أو »أجمع الناس«. يصدر المسألة بآية قرآنية أو حديث نبوي ،ثم يقوم بعد ذلك وقد يصدر باستخلاص أهم ما ينطوي تحت كل واحد منهما من أحكام فقهية ،كما المسألة في أحيان أخرى بحكم فقهي يتبعه بما يدل عليه. وقد سلك الإمام ابن بركة عند عرضه للمسائل التي يذكرها في كتابه: »الجامع« مسلك المقارنة في كثير من المواضع بين آراء فقهاء المذهب الإباضي وفقهاء المذاهب الإسلامية الأخرى ،إذ يورد عاد ة رأي المذهب الإباضي في مائة كتاب إباضي198 المسألة أو خلاف علمائه في تلك المسألة عند وجود الخلاف فيما بينهم ،ثم يذكر عقب ذلك ما يحفظه من آراء الفقهاء الآخرين في تلك المسألة ،ويتبع غالبا بذكر أدلة كل رأي مع بيان وجه الدلالة من كل دليل.ذلك وكثيرا ما يحاول الإمام ابن بركة أثناء مناقشته للأدلة أن يبين مخالفة بعض أصلوه من قواعد وفروع فقهية. الفقهاء فيما ذهبوا إليه لما ونجد الإمام ابن بركةعند ترجيحه لما ذهب إليه واختاره ومناقشة أدلة مخالفيهلا يكتفي بالرد والاعتراض على ما نقله من أدلة معارضه ،بل يفترض أحدا من مخالفيه يقوم بالاعتراض على أدلته هو وتفنيدها ،فيحاول الإجابةكأن على تلك الاعتراضات. وكان الإمام ابن بركة لا يجازف في رد استدلال مخالفه ،بل يحاول أن وجها من الصحة ما دام مذهب المخالف مبن يا على حجة مقبولة.يحتمل له أما عن أبواب الكتاب وموضوعاته ،فقد تناول الإمام ابن بركة في كتابه كثيرا من المسائل الفقهية في أبواب شتى من أبواب الفقه الإسلامي.»الجامع« وقد قام الإمام ابن بركة بعرض هذه المسائل الفقهية واختلف عرضه لها بين إطناب وتوسع في التحليل لبعضها ،وإيجاز واختصار لبعضها الآخر. كثيرا من مسائله الفقهية ،التي أوردها بالأدلة ،وب ين وقرن الإمام ابن بركة حسب ما أداه إليه نظره واجتهادهصحيحها من سقيمها ،وراجحها من مرجوحها ،سواء بموافقته لبعض آراء من تقدمه من الفقهاء ،أو بخروجه برأي جديد من عنده لم يسبق إليه. الباب الأول عن الأخبار ،ويتناول ابن بركة الأخبار المروية عن النبي ژ ، وذم التقليد ،والناسخ والمنسوخ من القرآن ،والمحكم والمتشابه ،وحكم تكرير القصص والألفاظ ،وباب الإضمار والكناية ،والخاص والعام. 199الجامع ثم يعرض بعض مسائل التوحيد في باب فيما يوجب العقل في باب التوحيد وإثبات النبوة. كما يعرض لبعض مسائل القياس ،واختلاف الناس فيه على أربعة أضرب، ثم يذكر ترتيب ما نزل من الأحكام في القرآن ،ويذكر بعض المسائل التي اختلف فيها عن أصحابه. وينتقل إلى موضوع »الوضوء« ويتناوله من خلال مسائل كثيرة تعرض الفرائض التي لا تتم الصلاة إلا بها ،ثم ينتقل إلى باب المياه وأحكامها ،وباب التيمم ،وباب فيما ينقض الطهارة ،ثم غسل الميت ،وباب في الحائض والنجاسات ،وغير ذلك مما ينقض الطهارة. وفي موضوع الصلاة يتناول الأذان ،وأوقات الصلاة ،والأوقات المنهي عنها في الصلاة ،واللباس وستر العورة ،والتوجه إلى الكعبة في الصلاة ،وصلاة الجماعة، وفرائض الصلاة ،وسجدتي السهو ،وأنواع الصلوات وأوقاتها ،وصلاة التراويح. كما يتناول ابن بركة موضوع الزكاة ،ويعرض فيها عدة مسائل :منها وجوب الزكاة ،وأنها واجبة في مال كل امرئ مسلم بالغ كان أو غير بالغ ،والصدقة في الإبل ،والجزية. أما الصيام ،فقد تناوله في مسائل محدودة عرض فيها مسألة الوصال في الصوم ،ومسألة في حكم من أخر الغسل من الجنابة إلى الصبح في شهر رمضان. ويعرض بعد ذلك زكاة الفطر ،والحج والعمرة .ثم يعرض مسائل أخرى متنوعة في كفارة الظهار والإيمان والصيام والنذور ،والزواج والطلاق، والأحكام والبيوع ،وغيرها من مسائل فقهية. 200 ôÑà`©adG (`g361 ä) »eóμdG ó«©°S ƒHCG ΩÉeE’G وزارة التراث القومي والثقافةمسقطسلطنة عمان١٩٨٥ ،م. عدد الأجزاء ٤ :أجزاء العلامة الكبير أبو سعيد محمد بن سعيد بنمؤلف هذا الكتاب هو الإمام  محمد بن سعيد الناعبي الكدمي ،إمام التخريج ،وإمام علم الولاية والبراءة. وهو من قبيلة النعب التي هي من قبائل قضاعة بن مالك بن حمير ،وهم موجودون الآن في بلدان عدة من عمان ،وعلى هذا فقبيلة النعب من القبائل سرا علمية. بعمان وذات الأصالة فيها ،وقد أخرجت هذه القبيلة أالقديمة وكان للشيخ أبي سعيد شيوخ عديدون ممن كانوا أئمة في الدين وسادة وفضلا وخلقا وور عا ،فهو العالم الزاهد ،فقدعلما للمتقين ،فانعكس ذلك عليه ضاربا أروع الأمثال في ذلك،زهد في الحياة وملذاتها وترفع عن حطام الدنيا، حيث اكتفى في حياته بنخلة واحدة وشجرة عنب واحدة يطعم منهما .ويبيع لما يلزمه من شراء الكسوة. وقد عاصر الشيخ أبو سعيد5ثلاثة من الأئمةأي :أئمة الحكم المبايعين بالإمامةوهم: ١ الإمام سعيد بن عبد االله. ٢ الإمام راشد بن الوليد. ٣ الإمام حفص بن راشد. 201المعتبر فبالنسبة للإمام سعيد بن عبد االله فقد بويع له بالإمامة سنة ٣٢٠ه عندما مناهزا البلوغ ،وقد أوكل إليه الإمام كان الشيخ الكدمي في بداية شبابه مسؤولية السجن لما توسمه فيه من الأمانة وتحمل المسئولية .وقد تابع أبو سعيد عهد الإمام سعيد بن عبد االله في سلمه وحربه ،ورصد سيرته ،وعرف ثناء العلماء عليه ،فهو الذي نقل تاريخ عهد ذلك الإمام أولا بأول. وبعد الإمام سعيد بن عبد االله صار في الإمامة الإمام راشد بن الوليد ،وكان ودون سيرته والأحداث التي جرت فيثناء حس نا ، الشيخ أبو سعيد يثني عليه عهد هذا الإمام منذ العقد عليه بالإمامة وحتى سقوط إمامته سنة ٣٤٢ه،كما عاصر أبو سعيد الإمام حفص بن راشد ،وقد بلغ في عهد هذا الإمام النضج الفكري وسمو المنزلة في العلم ،بل احتل المرجعية العلمية ،يظهر ذلك من خلال توليه القيام بالجوابات عن الإمام في القضايا الفقهية ،فقد أجاب عن الإمام في القضايا الفقهية ،وأجاب عن الإمام حول زكاة مال الغائب ،واليتيم قائلا» :في مال الغائب أنه يوقف عند بعضهم حتى يحضر الغائب ثم يخرج ما عليه ،وقيل :يجوز للشريك أن يسلم زكاة مال الغائب واليتيم إلى الفقراء أو إلى الإمام«. والإمام حفص بن راشد هو من أئمة القرن الرابع لا كما جاء في مساقات العماني بأنه من أئمة القرن الخامس الهجري ،وأنه ابن الإمامكتب التاريخ راشد بن سعيد وبعده؛ لأنه معاصر لأبي سعيد. ويتميز فكر الإمام أبي سعيد5بالشمولية والسعة والتوسع ،فهو العقدي المتكلم ،والأصولي ،والفقيه ،والمؤرخ ،والناظم للشعر ،تدل على ذلك القيمة المفيدة. عباراته ،وتشهد بذلك مؤلفاته وله عبارات مأثورة تعتبر قواعد في مجالاتها ،منه قوله» :من تشجع بعلم كمن تورع بعلم« ،وقوله» :الأمر إذا ضاق اتسع ،وإذا اتسع ضاق«. مائة كتاب إباضي202 وللشيخ أبي سعيد مؤلفات ذات قيمة علمية كبيرة وذات فائدة عظيمة ،ويكفي أن مؤلفاته صارت من أهم المراجع في المذهب الإباضي ،فلا تمر مسألة أو يذكر موضوع إلا وأبو سعيد له في ذلك حضور بالاعتماد على أقواله واستحضار آثاره. ومن هذه المؤلفات كتاب »المعتبر« وكانكما يقالفي تسعة أجزاء، ولم يبق منه سوى جزأين في مجلدين .وقد طبعتهما وزارة التراث القومي والثقافة في أربعة أجزاء .وسمى المؤلف هذا الكتاب »المعتبر«؛ لأنه اعتبر وممحصا ،يقول الشيخ السالمي: ومضيفاومتعقبا ناقلا جامع ابن جعفر، أيضا ،اعتبر فيه الآثار ،وتعقب به جامع ابن جعفر»وكتاب المعتبر لأبي سعيد ففصل المجملات وأوضح المشكلات«. مهما للتشريع الإسلامي والمكتبة الإسلامية،مصدرا ويعد كتاب »المعتبر« خصوصا ما يتعلقالجزآن الأول والثاني يتحدثان عما يخص أصول الدين، بالولاية والبراءة .أما الجزآن الثالث والرابع فإن معظمهما كان في أبواب من الطهارة ،ولم يكن للصلاة حظ فيهما إلا في أواخر الجزء السابع. إظهارا لموقع كتاب »المعتبر« بين كتبولقد ذكر سماحة  العلامة المفتي الفقه الإباضي» :أن من بين الكتب الفقهية المعتمدة في القضاء والإفتاء عندنا في عمان كتاب »الجامع« للإمام أبي جابر محمد بن جعفر الإزكي المتوفى في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري ،وقد عني الإمام الكبير أبو محمد بن سعيد الكدمي5بهذا الكتاب فأولاه عناية خاصة إذ أخذ يحلل مسائله ويجري أحكامه في كتاب واسع أسماه المعتبر«. ومن موضوعات هذا الكتاب :موضوع» :العلم كله من كتاب االله تعالى« استهل الشيخ الكدمي كتابه بقضية هي أساس القضايا ومحورها ،إذ عليها تبنى القواعد ،ومنها تنطلق المفاهيم ،ومن خلالها يصح الإيمان ،تلك هي مسألة ثبوت العلم كله من كتاب االله تعالى. 203المعتبر وقد كان دقيقا في عبارته حين استهل الموضوع بقوله» :معناه :أن الأصل كله من القرآن ،والحق كله خارج بأسره من حكم التنزيل عن االله تبارك وتعالى«. ثم راح يدلل على نظريته هذه من خلال قضية حقيقية تتلخص في أن والسنة ،والإجماع ،ويتبع ذلك الأصول التي يعود إليها الحق ثلاثة :الكتاب، حجة العقل مما وافق هذه الأصول الثلاثة ،إذ إن الأحكام منها ما هو منصوص عليها في كتاب االله تعالى من غير تأويل ،ومنها ما يخرج من خلال التأويل، والسنة كلها تأويل لكتاب االله ،وهكذا الإجماع والرأي من أهل الرأي كل ذلك من التأويل ،فالعلم إذن مرده من القرآن. ثم راح يدعم ما ذهب إليه من أن الحق إنما يدرك من كتاب االله تعالى ،وأن والسنة والإجماع والعقل ،وقد الأصول كلها مردها إليه ،بنصوص من الكتاب السنة من لا يشكل لدى الناظر أمر حجية الكتاب أن الحق منه ولا ثبوت  أيضا ،إلا أنه قد يشكل ثبوت حجية العقل كتاب االله ،ولا ثبوت إجماع الأمة منه من كتاب االله تعالى. عددا من النصوص تثبت أن العقل مما هو وقد ساق أبو سعيد الكدمي مستند إلى المصلحة وروح التشريع مرده إلى الكتاب ،فقد ساق قوله تعالى: ﴿ ] ﴾́ 3 2الحشر [٢ :وقوله تعالى} | { z ﴿ : ~ ے ﴾ ]الأعراف.[١٨٥ : ويرى أبو سعيد الكدمي أن الاعتبار والتدبر والتفكر لازمة لكل متعبد في كتاب االله ،وهذا الكتاب مما يثبت لزوم التدبر والفكرة والاعتبار ،ومحال أن يلزم االله عباده بشيء لغير معنى. كما استطرد في ذكر الشواهد على ثبوت حكم الرأي من الكتاب من مثل قوله تعالىr q p o n m l k j i h g ﴿ : مائة كتاب إباضي204 ] ﴾ | { z y xw v ❁ t sالأنبياء.[٧٩ - ٧٨ : وكأنه يشير بهذا الاستشهاد إلى ما اجتهد به سليمان هو مما أقره عليه الوحي الإلهي ،ولكن لا يقول قائل :إن هذا شرع من قبلنا لا يلزمنا. الموضوع الثاني» :خطأ العالم« .نقل الإمام الكدمي في باب طلب العلم عن بعضهم ولم يسمه؛ إذ صدر ما نقله بصيغة التجهيل ،فقال» :وقيل خطأ العالم الذي يجوز له أن يقول بالرأي مرفوع عنه ،وصوابه مأجور عليه«. ثم علق على ذلك بقوله» :أما قوله خطأ العالم فمضى أن الخطأ في هذا خطآن ،خطأ ضلال وهو أن يقول بالرأي فيما لا يجوز فيه الرأي ،مما جاء فيه الحكم من كتاب االله أو من سنة رسوله ،أو من إجماع الأمة ،أو ما أشبه ذلك، فإذا قال في هذا بشيء من رأيه مما يخالفه ولو كان ممن يجوز له القول بالرأي فأخطأ فيه فهو هالك ضال فيما قال؛ لأنه قال بالرأي في غير موضع الرأي، وليس مرفو عا عنه خطؤه ،ولا نعت عين ،بل آثم في ذلك ظالم«. وإذا قال بالرأي في موضع الرأي وهو ممن يجوز له القول بالرأي باجتهاده مصيبا ،وإن خالف الصواب باجتهاد رأيهمأجورا بالرأي فوافق الصواب كان قريبا ،لا فرق بينه وبين منمعذورا ،ومن الحق كانوهو من أهل ذلك كان أصاب الحق على الحقيقة الذي طلبه ،كما لا فرق بين من تحرى القبلة عند عدم معرفتها بالعين أو بالشواهد الدالة عليها فتحرى القبلة ،وأدى لازمه من الصلاة ومعه غيره يتحرون مثل ذلك ،كأن كل منهم يجتهد رأيه فأصاب بعض وجه القبلة باجتهاد ،وأخطأ بعضهم وصلوا الصلاة على ذلك ،ففي الإجماع أنهم مسلمون ،متفقون غير مختلفين. والقول المنقول الذي قرر رفع المؤاخذة عن العالم المؤهل للفتيا برأيه إذا أخطأ بفتواه ،وأنه مأجور في حالة صوابه على وجه العموم ،وقد فصل الشيخ بديعا ولم يجعل حالة الخطأ واحدة،تفصيلاالكدمي القول في هذا الموضوع 205المعتبر بل جعله خطآن؛ خطأ ضلال وذلك حين يجتهد المجتهد برأيه فيما لا مجال السنة أو فيه للرأي إذ إن أمور الشرع التوقيفية التي يكون مستندها الكتاب أو  إجماع الأمة المعصومة عن الخطأ لا مجال للرأي فيها ،فالخطأ في مثل هذا الرأي يوقع المجتهد في الضلال والهلاك. أما الخطأ الثاني فهو الواقع في موضوع يجوز للرأي أن يعمل فيه ،ومثل هذا يكون في الأمور الاجتهادية التي لا نص فيها ولا إجماع إنما تثبت بالقياس أو المصلحة أو الاستحسان أو غير ذلك من أدلة الشرع الاجتهادية ،فإن وافق معذورا ولا فرق بينه وبين من أصابمأجورا وإن أخطأ كان الصواب كان الحق كما ذكر الشيخ الكدمي في الجزء الأول من كتابه »المعتبر«. الموضوع الثالث :موضوع »الولاية والبراءة« .والولاية لغة :القرب ،مأخوذ من ولاية أمر اليتيم وهو القيام بأمره والاهتمام بمصالحه ،وهو معنى ولاية االله لأوليائه ،كما جاء في قوله تعالى] ﴾ $ # " ! ﴿ :البقرة [٢٥٧ :؛ أي: ناصرهم ومتولي أمورهم وحافظهم. والولاية شر عا :إيجاب الترحم والاستغفار للمسلمين ،والولاية بهذا المعنى واجبة عند فقهاء الإباضية ،بل حقيقة الإيمان ،فمن لم يدن بها فلا دين له ولا ولاية له عندهم ،واستدلوا على ذلك بأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع.  البعد عن الشيء والخروج منه .أما معناها شر عا:أما البراءة :فإنها في اللغة : فإنها إيجاب الشتم واللعن للكفار ،أو مخالفة الفاعل والتبري منه ،وهي واجبة، والسنة النبوية. ودليل ذلك القرآن الكريم والبراءة فرض على كل مكلف أن يتبرأ من جميع أعدائه من الأولين والآخرين من الجن والإنس أجمعين إلى يوم الدين من غير مقصد إلى أحد بشخصه ،وهذا ما يطلق عليه الإباضية »براءة الجملة«. مائة كتاب إباضي206 وقد اتجه الإمام الكدمي إلى ما اتجه إليه غيره من علماء الإباضية من تفسير معنى الولاية والبراءة ،وإيجابهما على كل مكلف ،وصرح بهذا قائلا: »كذلك الولاية لأولياء االله وأهل طاعته ،والعداوة لأعداء االله وأهل معصيته أنهما فريضتان«. وتنقسم الولاية والبراءة عند الإمام الكدمي إلى ثلاثة أصول ،هي: ١ أصل الحقيقة. ٢ أصل الشريعة في الولاية والعداوة. ٣ أصل حكم التعبد بحكم الظاهر. وحكم الحقيقة أن الولاية للمؤمنين والبراءة من العاصين في جملة المسلمين واجبة دون النظر إلى أفرادهم ،لكن لو قامت الأدلة الصحيحة عن أحدا من الناس سعيد أو شقي ،أو أنه من أهلاالله تعالى أو عن رسوله ژ أن الجنة أو النار ،فإن المسلم لا يسعه إلا أن يشهد له بما صح في هذا المقام فسيشهد لمن ثبتت سعادته أنه سعيد ،ولمن ثبت أنه في الجنة بالجنة. وقد بسط الإمام الكدمي الحديث في أصل الحقيقة ،أما الأصلان الثاني والثالث فقد أوجز القول فيهما ،وقد وعد أن يبسط القول بالشرح والتفصيل في هذين الأصلين ،وقد أفاض في نهاية الجزء الأول وفي كثير من الجزء الثاني من كتابه ،لكنه مع هذا لم يكن للأصلين نصيب مثلما كان للأصل الأول من بسط وتفصيل. وبعد أن انتهى الإمام الكدمي من بيان حكم الحقيقة راح يعقد الأبواب أولا فطرة المولود على الإسلام ،إذ إنه من الثابتلكل ما له صلة بذلك ،فذكر شر عا أن كل مولود يولد على الفطرة بما جاء في النصوص المؤكدة لهذا. وأوضح الإمام الكدمي أن العهد الذي أخذه االله على بني آدم وهم في 207المعتبر ظهور آبائهم ،وأشار إليه بقوله> = < ; : 9 8 7 6 ﴿ : ? @ P O N M L K J IH GF E DC B A ] ﴾ R Qالأعراف.[١٧٢ : وإذا كان الأمر كذلك فإن جميع المولودين هم على الفطرة وعلى الإسلام في ظاهر الأحكام. بابا لاتفاق أحكام المولودين في معاني الأحكام،ثم عقد الإمام الكدمي وبابا للأطفال من أولاد أهل الشرك والنفاق ،ب ين فيه اختلاف القول فيهم. وجعل من المسلمات الجمع عليها التي لا يجوز الاختلاف عليها عنده أن أولاد المؤمنين الصغار مؤمنون مثلهم. أما صغار المشركين فهم من أهل الجنة ينعمون ويثابون كما يثاب أولياء االله ،لأنهم أوليائه وأهل طاعته ،أما ما كان من آبائهم من شرك فإنهم غير مؤاخذين عليهم لقوله تعالى3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o 1 ̧ ¶ μ́ 3 ﴿ : ¿ ﴾ ]الإسراء.[١٥ : كذب وتولى ،وهؤلاء لم يحصل منهموقد جعل االله الشقاء على من تكذيب ولا قول عن الإيمان؛ لأن القلم مرفوع عنهم بالنصوص الواردة في ذلك ،وقد قام الإجماع على عدم مؤاخذتهم وعدم الاعتداد بقولهم ،ومن هنا فإنه لو أسلم أحدهم قبل بلوغه لا يعتد به بل عليه أن يكرر إسلامه بعد بلوغه كما لو تكلم الصبي المسلم بما ينافي الإسلام لا يخرجه عن إسلامه. وقد ذهب الكدمي إلى أن النصوص قد قامت على إثبات أن الداخلين ثوابا لهم ،لكن هناك من يدخلها تفضلا من االله تعالى يعد ذلكالجنة بأعمالهم على كل عمل كما هو الشأن في الولدان الحور. ثم تناول الإمام الكدمي موضو عا عن »الفرق بين حجة المسموعات مائة كتاب إباضي208 والمعقولات« وبحثه في أحد أبواب الجزء الأول من كتابه »المعتبر« ووافق في هذا الموضوع رأي جمهور أهل العلم من أهل التوحيد ،في أن المسموعات لا تقوم حجتها بالخواطر القلبية حتى لو حاطت بجميع أحكامها ،فالخواطر القلبية مهما اتسعت دائرة إحاطتها بالأحكام فإنها لا تصلح أن تكون حجة لها، لكن الذي يمكن أن تقوم الخواطر القلبية وتقبل فيها حجة العقول هي الأحكام المتعلقة بالصفات. وفي أحد أبواب كتاب »المعتبر« باب بعنوان» :الصلاة على النبي ژ والولاية والبراءة بالطاعة دون القول باللسان« بحث فيه الإمام الكدمي مسألة لها أهميتها في تحقيق الولاية الله تعالى والبراءة من سواه ،ورجع إلى كل ما يقوم مقام الجملة من الطاعات يكفي لتحقيق الولاية والبراءة حتى ولو كان ذلك من أفعال القلوب ،فالصلاة على النبي والاستغفار للمؤمنين والبراءة من الظالمين ،كل ذلك يخرج مخرج القول ،فيكفي لإثبات الولاية به الله رب العالمين. معبرة عنوأن الصلاة على النبي ژ باللسان تعني الاستغفار له ،وتكون الولاية له والبراءة من أعدائه؛ لأنها تعني الالتزام المطلق بأوامره ونواهيه ،ومن هنا فإنه إلى جانب ذلك قرر أن إحداث أي خلل يتقاطع مع هذا التوجه وهذا الالتزام فإنه يجعل تلك الصلاة غير محققة للولاية. وقد تشدد الإمام الكدمي في هذا ،فجعل أية مخالفة في دينه مهما كانت سلبا على هذه الولاية ،فقال» :لو صلينا عليه ژ بألسنتنا صغيرة أو كبيرة تؤثر واستغفرنا له وخالفنا دينه في حرف واحد ما كنا بالمصلين عليه ولا بالمستغفرين له؛ لأنا من أعدائه ولسنا من أوليائه ،بل نحن ممن حاربه وعصاه بالذنب الواحد من مخالفتنا لدينه«. بابا خصصه لما يسع جهله من أحكام الولاية والبراءة.وعقد الإمام الكدمي 209المعتبر والجملة التي دعا إليها محمد ژ،ودعا بها من جاء بعده :الإقرار بالوحدانية الله، محمدا عبده ورسوله وما جاء به هو الحق.وأنه ليس كمثله شيء ،وأن وهذه الجملة الإيمانية هي القدر من الإيمان الذي لا يسع أحد من البالغين مسلما العاقلين ممن هو متصل بالأرض جهله في حال من الأحوال ،ولا يعد من لم يعرف هذا القدر من واجبات المعرفة ،يستوي في ذلك الرجال والنساء، والعبيد والأحرار ،ومن كان في سفر أو حضر ،وفي السراء والضراء ،والفقر والغنى ،والليل والنهار ،ولا يستثنى من ذلك سوى من ورد استثناؤه من قبل الشارع ،إذ قال» :القلم مرفوع عن ثلاثة :عن النائم حتى يستيقظ ،وعن الصبي حتى يشب ،وعن المعتوه حتى يعقل«. منقطعا في جزيرةوقد نسب إلى السلف القول بأنهم رأوا الرخصة لمن كان في بحر ،معللين ذلك بأنه منقطع عن الأرض فهو معذور ،ومن هنا فإن غير من ورد ذكرهم في الحديث الشريف وغير من كان يعيش في جزيرة في بحر مكلف بمعرفة هذه الجملة ،وعليه أن يعلم أن من علم هذه الجملة ،وأمر بها مطيعا الله ،أما من خالفها أو شك فيها أو ردها فقدولم يبدل تفسيرها فإنه يعد عصى االله وغضب االله عليه؛ لأنه لا يسعه هذا في حال من الأحوال. ثم تحدث الإمام الكدمي في الجزء الثاني من كتابه »المعتبر« فيمن يستحق البراءة في حكم الظاهر ،فقرر أن كل من يحدث في دين االله تبارك السنة أو لإجماع لأمةفإن مخالفا للكتاب أو وتعالىسواء كان الإحداث مرتكبه يستحق العداوة والبراءة منه ،ويشمل ذلك مما يستوجب البراءة منه في دين االله بحكم الظاهر ،ولا تتوقف البراءة عند أصحاب هذا الرأي على استتابة مسبقة. كما تناول الإمام الكدمي في الجزء الثاني من كتابه »المعتبر« معنى الأمة تحت باب بعنوان» :ثبوت معنى الأمة« فنحى بمعناها منحى مجاز يا غير ما هو مائة كتاب إباضي210 وعرف الأمة بما هو أخص ،فقال» :الأمة في كل شيءالمتبادر عند الإطلاق ، من الأشياء المنفرد به دون غيره ،الثابت له حكمه من قليل أو كثير«. قائما به يصح منفردا بالشيء وهذا المعنى لا يرتبط بعدد ،فالواحد إذا كان إطلاق هذا اللفظ عليه ،كما هو سائد في الكثرة التي يطلق عليها هذا اللفظ. وكرر الشيخ الكدمي تعريف الأمة بهذا المعنى بصيغة أخرى قائلا :وإنما المعنى في الأمة الخلوص بالشيء. واستشهد لما ذهب إليه من القرآن الكريم ،إذ جاء في وصف إبراهيم أبي الأنبياء‰قوله تعالى> = < ; : 9 8 7 6 5 ﴿ : ? ﴾ ]النحل.[١٢٠ : كما أن لفظ »الأمة« يطلق على المحق في كل عصر وزمان ،فقد روي هذا مفسرا المعنى في قول النبي ژ في قيس بن ساعدة» :أنه يحشر أمة واحدة« ذلك بأنه كان محقا في زمنه وحده. ويؤكد ذلك ما روي عن ابن عباس ^ أن »الأمة المحق ولو واحد على رأس جبل«. منفردا ببطلانه يمكن أن يطلق عليه هذا اللفظ،بل المبطل بالشيء إذا كان وعلى هذا تكون الأمة أمتين :أمة صدق وأمة فسق ،أو أمة باطل وأمة حق. ويبدأ الإمام الكدمي القسم الثاني من قسمي كتاب »المعتبر« )الجانب الفقهي( ببيان أحكام الطهارات ،ويتكلم عن أحكام الحائض والمستحاضة ،وأفاض في وفصل جميع أحكامها ،بما في ذلك أحكام الخنثى وميراثها.ذلك ووسع ، ثم انتقل بعد ذلك إلى الطهارات وأحكامها ،فذكر طهارة الثوب والمطبوخات وباقي الطهارات إذا تنجست ،ثم تعرض للاستنجاء ،وسؤر الأنعام وما شابهها ،وطهارة بعض الحيوانات. 211المعتبر أعقب ذلك بالحديث عن الوضوء وما يتعلق به من أحكام .ثم الغسل من الجنابة ،وما يتعلق به ،استغرق ذلك معظم الجزأين الأخيرين من الكتاب المطبوع ،ثم بدأ في نهاية الجزء الرابع بالكلام عن الصلاة وأحكامها .لكن لم يتناول من ذلك سوى الجزء اليسير ،ويبدو أن تتمة الكلام في الأجزاء المفقودة يتكون من ثمانية أو من المخطوطة ،إذ أشار محققه إلى أن كتاب »المعتبر« تسعة أجزاء مخطوطة لم يعثروا من ذلك إلا على مجلدين. وقد بنى الإمام الكدمي الطهارة والنجاسة على أصل من أصول التشريع المختلف فيها؛ وهو :أصل استصحاب الحال ،واستصحاب الأصل ،وهو مبدأ قرره الأصوليون ليقرر قاعدة أخرى هي »أن اليقين لا يزول بالشك«. فقد افترض الكدمي افتراضات: أشخص أصاب نجاسة فغاب مدة أمكنه طهارة النجاسة بوجه من الوجوه. مس صب يا أو مسه الصبي ،ولم تكن هناك نجاسة مرئية أو ما يدل عليها. بشخص فإنه في الحالين غير ملزم بغسل موضع النجاسة من ثوبه أو بدنه ،لأنه لم يقع في عمله نجاسة شيء من ذلك ،وأنه يبقى على أصل طهارته حتى يعلم أن مثلا قد مسه بشيء نجس لا شك فيه.الصبي فهو كما هو واضح يقرر أن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يعلم خلاف ذلك ،ولا يكتفي بالشك بالطهارة وبقائها ليزيل به العلم اليقين بها. معكوسا ،وكانت النجاسة هي المتيقن منها،وهكذا الشأن فيما لو كان الأمر والطهارة هي المشكوك فيها ،فإن النجس نجس حتى يعلم طهارته ،لكن الإمام إلى جانب هذه القاعدة يرى أن المفسدة أوهن من مفسدة ،فيقرر أن الثوب المشكوك بطهارته يصلى فيه إذا لم يجد المصلي غيره ،فذلك خير من أن يصلي عار يا ،لكنه رفض الصلاة بثوب نجس لا يحتمل له طهارة بوجه من الوجوه. مائة كتاب إباضي212 واستطرد في ذكر مسائل مختلفة تتعلق بكيفية تطهير ما أصابته النجاسة ،إلى أن ومراعيا قاعدة» :أخف الضررين« جاء إلى مسألة للضرورة فيها مدخل في استنباط الحكم مع قاعدة» :ضمان المتلفات« فيها ،وتتلخص في أن المضطر إذا وقع بين خيارين: أحدهما :أنه وجد شي ئا من المحرمات يعصم حياته ويبقي عليها. وثانيهما :أنه وجد شي ئا من أموال الناس الحرام ،الذي لا يحل له بوجه من وجوه الحلال من بيع أو هبة أو غيرها. ولم يكن لديه دليل على أنه لو استعمل المحرم الذي أباحه له الشرع فإنه سيحيي نفسه بذلك ،فهل يجوز له أن يأكل من أموال الناس؟ أجاب :بأنه لا يأكل من أموال الناس ،وعلل ذلك بأن الميتة المحرمة أباحها الشارع للضرورة ولا يلزمه فيها ضمان ،بينما أكل أموال الناس أباحه الشارع له للضرورة ،ولكنه يلزمه فيه الضمان. وبالموازنة نجد أن الاثنين محظوران شر عا إلا للضرورة ،لكن الأول يباح عند الضرورة ولا يتعلق به حكم آخر .بينما الثاني يتعلق فيه الضمان فكان استعمال الأ ولى أ ولى. ولم تظهر قاعدة اليقين في هذه المسألة من فقه الكدمي وحدها ،إنما في مسائل شتى: بللا في إحليله فوقعفقد ذكر في باب الاستنجاء والطهارة منه .أن من وجد نجسا ،وكان المعتاد له في هذه الحال أنه يجد شي ئا قدفي ظنه أن ثوبه أصبح خرج ،وربما نظر في بعض الأحيان فلم ير شي ئا ،فتردد حاله بين إخراج منه شيء في مثل هذه الحال ،وبين عدم الخروج فلم يقع في علمه شيء من ذلك، فإنه لا بأس عليه ولا يحكم بنجاسة ثوبه؛ لأن الأصل طهارته فهو اليقين أما نجاسته فشك يزول باليقين. 213المعتبر وبعد أن انتهى الإمام الكدمي من بيان أحكام النجاسات الخارجة من الإنسان شر عا يتحدث عن أسآر الحيوانات وأرواثها ،فبدأ بسؤر الأنعام من الخيل والإبل والبقر والغنم والحمير وأرواثها بكلام مفصل طويل ،ثم تحدث عن الجلالة من الدواب )التي تعلف النجاسات( ،ثم عن قيء الجمال المسمى بسلح الإبل والشرر الذي يطير من بولها ،ثم سؤر الطير وكناستها ،ثم الدجاج والجعل وما يخرج منها ،وما يتعلق بذلك من أحكام. بعد ذلك تناول بالشرح والتفصيل السباع من الدواب والنواهش من الطيور وما يتعلق بسؤر كل منها بما في ذلك السنور والفأرة ونحوهما ،وشمل البحث الحيات والخنازير وما يشبهها ،وكذلك العقارب والذباب والضفادع ،ثم تحدث عده بين كونه بريا وبين أن يكون بحريا. عن بعض ما يتردد وذكر الإمام الكدمي في ميتة السنور والفأر أن الاتفاق قائم على أنهما من الميتة النجسة الحرام المفسدة للطهارات ،وعلل ذلك بأنهما من ذوات البرية ومن ذوات الدماء الأصلية ،ولا فرق في ذلك بين أن يقعا في طاهر ثم يموتا فيه ،وبين أن يموتا خارج الإناء الطاهر ثم يقعا فيه ،ففي كلا الحالين فإنهما مائعا من الطاهرات. مفسدان لطهارة كل ما مسهما ،هذا فيما كان أما الجامد منها فإنه لو مات شيء من الدواب المفسدة للطهارة فيه أو خارجه ثم وقعت فيه فإنها لا تفسد ذلك الجامد كله ،بل تفسد منه ما مسته تلك الميتة ولصق بها ،أما ما لم يمسها ولم يصل إلى بشرتها فلا يكن نجاسته، بمثل هذا وغيره من التفصيلات. جامدا فإنه مائعا أو أما حين يشكل الأمر فيما وقعت فيه النجاسة :هل يحسب يحكم به على أصله مما كان أصله من المائعات كالسمن والعسل وغيرهما ،فإن استصحابا للأصل حتى يعلم أنه قد جمد، الجمود طارئ له فيحكم أنه مائع ولا يخرج عن أصله حتى يكتسب معنى جديد يطمئن القلب فيه إلى حال الجمود. مائة كتاب إباضي214 وما كان أصله من الجامدات فإنه يحكم به على أصله حتى يصح أنه مائع، هكذا إ ذا يعود الشيخ الكدمي في حال الاشتباه على أصول الأشياء في الحكم حكما آخر لغيرها حتى يتيقن منعليها ،ولا يخرجها عن أصلها ويعطيها خروجها عن ذلك الأصل. جامدا بالتمر المكنوز والطحين المعجون عجي ناوقد م ثل لما كان أصلها مائعا وبعض الحلوى وغير ذلك ،غير أنه في موضع آخر لم يأخذجامدا لا بمبدأ الاستصحاب فقد ذكر في مسألة الجنب الذي صلى صلاة أو عدة صلوات ثم شك في غسل الجنابة فلم يقع في علمه أنه كان قد اغتسل ،كما أنه لم يستوثق أنه لم يغتسل ،فقرر أنه في مثل هذه المسألة يعد في حكم الصلوات من كان قد اغتسل حتى يعلم يقي نا أنه لم يغتسل. وأكد الشيخ الكدمي هذا الاتجاه في الشك في الوضوء ،فقال :وكذلك إن شك صلاها بوضوء أو غير وضوء خرج عندي أنه لا إعادة عليه في معنى الحكم حتى يعلم أنه صلى بغير وضوء أو لم يصل. كما أنه أكد هذا الاتجاه بطريق آخر إذ جعل الشك فيما لم تجر به العادة ،وأنه غير متكرر من الحقوق ،فإن حاله لا تسمح بالتذكر ولا بوقوع الفعل في الغالب. وقد درج مع قاعدة عامة أكد فيها أن كل أصل يبقى على حاله ما لم يأت أصل آخر يزيله ،فقال» :ومعي أن كل شيء من الأشياء وأمر من الأمور هي دين االلهتبارك وتعالى،وكل حكم في حلال ما أحل االله وحرمة ما حرم ،وكل حق من الحقوق المبينة في شرع االله سبحانه ثاب تا على أصوله ،ولا يزول إلا بحكم ثابت مثله يزيله. وإذا زال حكم من أحكام هذه الحقوق فأصوله زائلة حتى يثبتها أصل مثلها. وفي نهاية الجزء الرابع بدأ الشيخ الكدمي الحديث عن الصلاة وأحكامها، فقد تحدث عن مشروعيتها ومعنى الصلاة الوسطى في قوله تعالى! ﴿ : 215المعتبر " ] ﴾ ( ' & % $ #البقرة [٢٣٨ :ومعنى القنوت، أحكاما في الصلاة وشروطها.وعن بعض الآيات الأخرى التي تناولت وتكلم عن حدود الصلاة ،وأن تكبيرة الإحرام حد ،والقيام حد ،والقراءة حد ،وقال من قال :قراءة فاتحة الكتاب حد ،وقراءة القرآن فيما فيه قراءة حدان. وقال من قال :كل القراءة حد ،والركوع حد ،والسجود حد ،وقال من قال :إن كل سجدة ،وقال من قال :السجدتان كلتاهما حد واحد ،والقول الأول هو الأكثر ،والقعود والتحيات في الصلاة حد ،وتكبير الركوع في الصلاة حد، وقول :سمع االله لمن حمده في الصلاة كلها حد ،والتسبيح في السجود كله حد. جاهلا فلا يسعه جهل ذلك ،ولا يجوزعمدا أو حدا من هذه الحدودفمن ترك  عامدا. ناسيا أو ترك حد من حدود الصلاة وأفعالا أقوالاوالذي يلفت النظر أنه استعمل الحد بمعنى الركن ،فقد ذكر جاهلا،عامدا أو حدودا لها ،ورتب على تركها أو بعضهافي الصلاة أسماها الوقوع في الإثم ،ولم يصرح ببطلان الصلاة ،لكن ذلك مفهوم من قاعدة: »النهي يقتضي فساد المنهي عنه«. إن من أبرز مقومات هذا المؤلف أنه لم يخرج عن دائرة من سلف في تقعيد القواعد والاعتماد عليها لتفريع الفروع الفقهية ،فقد أعمل قواعد كثيرة مثل» :اليقين لا يزال بالشك« ،وقاعدة» :الخراج بالضمان« ،وقاعدة: »الاستصحاب والعودة إلى الأشياء بأصولها« ،وغير ذلك من القواعد التي استقرارا واطمئنا نا حين يعسر وجود نص فيها، جعلت من الجزئية الفقهية أكثر مما يشير إلى أنه من القائلين بأعمال العقل ،وتغليب النظر والفكر للتوصل إلى الأحكام الشرعية ما دام ذلك ينسجم مع مقاصد الشريعة الغراء. 216 áeÉ`≤à°S’G ) »eóμdG ó«©°S ƒHCG ΩÉeE’Gت ٣٦١ه( وزارة التراث القومي والثقافةسلطنة عمان١٩٨٥ ،م. ٣أجزاء عد كتاب »الاستقامة« من أبرز كتب الإمام أبي سعيد ،بل من أصعبهاي  وأعمقها ،ففيه ج لى قضايا مفصلية في الفكر الإباضي ،ولعل سلامة هذا العمانيين ،ومنها كتب أبي سعيد الأخرى منالكتاب مما نال معظم مؤلفات إضافات النساخ وتعليقاتهم وزياداتهم المدونة بنحو قولهم) :ومن غيره( و)من غير الكتاب( ،والمختومة بقولهم) :رجع( ما يشير إلى علو مستوى الكتاب عن أفهام كثير من النساخ ،وارتقاء عباراته عن أن يصلوا إلى مغزاها بما يفتح المجال لهم للإضافة والتعليق؛ ولذا نراهم أحجموا عن ذلك خشية أن يودعوا كتابا في العقيدة شي ئا من العبادات وشي ئا آخر من المعاملات. ولهذا فإن كتاب »الاستقامة« سلم من تلك الزيادات ،وهو من الكتب القليلة التي لم تنلها أقلام النساخ بما يذهب برونقها وحسن ترصيعها ،وواضح أن عبارة الإمام أبي سعيد عبارة جزلة المعنى قوية الرصف سواء في كتابه هذا أو في غيره ،وبه يمكن أن نفسر ندرة إضافات النساخ على كلامه ،في سائر كتبه عندما يتحدث عن أصول الدين. وكتاب »الاستقامة« يتكون من ثلاثة أجزاء :قواعد الولاية والبراءة، وأحكامها ،وتطبيقاتها. وسبب تأليف هذا السفر المفيد أنه وقع خلاف كبير بين الإمامين :أبي 217الاستقامة سعيد ،وابن بركة في قضية موسى بن موسى ،وراشد بن النضر ،والإمام الصلت بن مالك ،وهو حدث وقع قبل وجود هذين العالمين بزمن طويل، العلامة ابن بركة الذي جاء بعد وسار العلماء فيه على نهج مخالف لقول  انقراض عصر أولئك العلماء الذين شاهدوا الحدث ،وذلك أن الإمام الصلت بن الرجلين ،وليس من قبلمالك ،كان قد كبر وضعف ،وكان ضعفه من قبل السمع والبصر ،والعقل واللسان ،فهو متمتع بهذه الحواس ،وإنما كان ضعفه من قبل رجله فكان إذا أراد المشي صعب عليه ،واعتمد على قناة بين رجلين يحملانها ،وكان الشيخ موسى بن موسى يطعن على الإمام ،ولا يوضح على قاصدا »نزوى«. الإمام حدثا أحدثه ثم خرج هو ومن معه من أزكى ولما نزل بفرق ،بلغ الإمام خروجه ،فخرج من بيت الإمامة إلى بيت ولده، إماما، ولما بلغ موسى بن موسى خروج الصلت بن مالك بايع راشد بن النضر ثم ارتحلوا إلى »نزوى«. ظلالا متباينة على علماء ذلك الزمان ،فهم ما بينوقد ألقى هذا الحدث العلامة مقول ،ومتبرئ ،وواقف ،ولما كانوا في لجة ذلك الحدث وغمرته جاء  ابن بركة فلم ير إلا البراءة من موسى وراشد ،لأنهما عنده باغيان بخروجهما على الإمام ،ولا يسع إلا البراءة منهما ،فألزم الناس ذلك ،وض يق على المسلمين ما وسعهم ،وبرئ ممن لم يبرأ ،وتابعه على ذلك عدد من علماء زمانه ،أشهرهم تلميذه الشيخ أبو الحسن البسيوي وسميت فرقتهم »الرستاقية« بدءا وأيده العلامة أبي سعيد الكدمي لرد هذه المقالة ،وجعلهاثم تصدى  وعضده في ذلك ثلة من العلماء ،منهم الشيخ محمد بن روح بن عربي، وسميت فرقتهم »النزوانية«. العلامة نور الدين السالمي كتاب »الاستقامة« بقوله» :كتاب وقد وصف  الاستقامة لمفتي الأمة ومنقذها من الظلمة أبي سعيد محمد بن سعيد الكدمي: مائة كتاب إباضي218 أ لفه في الرد على من خالف سيرة السلف في الحكم على بعض الخارجين في كتابا زمان الصلت بن مالك ،وأوسع فيه القول ،حتى خرج عن المقصود ،وصار مستقلا في أصول الدين ،تحتار فيه الأفكار ،وتقصر عن درك كنهه الأنظار، قديما وحديثا فصار بركة عامة ،ونعمة خاصة بأهل الاستقامة .وقد أطبق المشايخ على الثناء عليه ،مع ما فيه من طول ،غير أن تحت ذلك الطول فوائد ،وتحت كل حرف فرائد ،فأبقوه على حاله ،كلما تحرك متحرك للاختصار قصرت به همته بعد النظر ،فهو كرامة لمؤلفه ،ونعمة على اتباعه ،وقد أشاد به ونوه بفضله العلامة الفقيه ناصر بن خميس الحمراشدي من علماء القرن الثاني عشر.  العلامة سلطان بن محمد بن صلت بن سلطان البطاشي كتابوقد وصف  قائلا» :كتاب الاستقامة الكريم الجامع لجميع أصول المذهب»الاستقامة« الحقيقي القويم المشار إليه باهدنا الصراط المستقيم ،تصنيف العالم الرباني العماني«. أبي سعيد محمد بن سعيد الكدمي وللكتاب أهمية كبيرة ولا شك ،ومواضيعه التي تطرق إليها من القضايا الكبرى في العقيدة والفكر ،فإنه تناول بالتفصيل بعض ما يتعلق بقيام الحجة، وبعض ما يتعلق بالإمامة ،وما يسع جهله ،وأنواع المحللات والمحرمات، كثيرا وأسهب وأطنب فيما يتعلق بالولاية والبراءة وتأصيلاتهما وأفاض وتفريعاتهما وأقسامهما. قل ما يخلو كتاب ألف من بعده تطرق إلى موضوع الولايةولهذا نرى أنه وفصولا بأكملها تنقل مننصوصا والبراءة إلا وأبو سعيد فارس الميدان ،إذ نجد كتبه ،كما هو الحال في »بيان الشرع« ،و»المصنف« ،وغيرها من الكتب اللاحقة. والمتتبع لمثل »بيان الشرع« يمكنه أن يستخلص منه مادة كبيرة من مادة كثيرا من مندرجا تحت موضوع الولاية والبراءة نجدكتب أبي سعيد ،وما كان مادة كتاب »الاستقامة« بصورة واضحة. 219الاستقامة وأغلب الكتاب يتحدث عن قضايا الولاية والبراءة وأقسامها وشروطها، وربما كانت قضية الإمام الصلت هي المثال الذي تتكرر أوجهه وتتعدد تفاصيله وتطبيقاته ،الأمر الذي يؤكد أنه إنما جرده للرد على من خالف الحق في حكمه على هذه القضية ،ولبيان الموقف من سائر أنظار العلماء فيها ،ويتأيد ذلك بأمور: الأول :مناقشة الإمام أبي سعيد في كتابه لبعض القضايا التي لم يثرها إلا معارضة الإمام ابن بركة ،وبعده تلميذه أبو الحسن كمثل قضية السؤال المعروفة. جاعلا منالثاني :الحوار الذي يجري في كثير من الأحيان في كتابه »الملبسة المتكلفين« و»العماة المتعسفين« خصمه الذي يناظره. الثالث :تحذيره من اتباع هذه البدعة والضلالة كنحو قوله» :فيا معاشر المسلمين ويا معاشر أهل الدين ،ويا معاشر المتمسكين اتقوا االله ،واحذروا بدعة هؤلاء الملبسين وضلالة هؤلاء المتكلفين وإلا فليأتوا على بدعتهم هذه ببرهان مبين من كتاب مستبين ،أو سنة من سنن الرسول الأمين ،أو من إجماع عن أحد من المهتدين ،أو عن رأي يصح عن أحد من علماء المسلمين ،ولن سبيلا«.دليلا ،ولن يجدوا إليه يجدوا على ذلك إن شاء االله كل هذه الأمور تدعو إلى غلبة الظن بأن الكتاب إنما خصه مؤلفه لبيان الصواب في أمر الإمام الصلت والقائمين عليه أو وضع ضوابط تمنع من تكرار هذه المصيبة ،وعودة الخلاف فيما يشاكلها من أحداث. ترتيبا أما محتويات الكتاب المطبوع في ثلاثة أجزاء ،فقد رتبه المحقق توخيا منه إلى جمع المتفرق ،وترتيب المبعثر،يختلف عن الترتيب الأصلي له وجعل الأجزاء الثلاثة موزعة على ما يلي: الأول :جمع فيه ما يتعلق بأسس وقواعد الولاية والبراءة. الثاني :أحكام الولاية والبراءة. الثالث :تطبيقات الولاية والبراءة. مائة كتاب إباضي220 والحقيقة أن الكتاب مترابط متشابك ،ومن الصعوبة فصل جزء عن جزء؛ ولهذا نجد أن الجزء الأول الذي أفرده محققه للقواعد والأسس التي تضبط قضايا الولاية والبراءة قد احتوى ما يمكن أن يصرف إلى التطبيقات ،وذلك ما جاء تحت عنوان »باب اختلاف الدعوة والأحداث الواقعة في عمان«. يقصد المؤلف بذلك حادثة الإمام الصلت والثائرين عليه. وأما محتويات الكتاب فهي منصبة على الولاية والبراءة والوقوف ،وأقسام كلها ،إضافة إلى بعض مباحث التوحيد والجملة ،ومتى تلزم الحجة على ذلك، وأحكام الدور ،والإمامة وأحكامها ،وما يسع جهله وما لا يسع جهله من الدين، وأخيرا والفتن وأنواع المحرمات والمحللات ،والاختلاف في ذلك ،والذنوب، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أما الملامح العامة للكتاب ،فهو يتسم بقوة المنطق ،وحسن تصنيف العبارة ،وقوة الحجة والتعبير عن غزارة علم مؤلفه ،كما يعكس مدى فهم مؤلفه بعلوم الشريعة ،وإمامته في فنونها ،والقدرة على انتزاع دليل ،وشموله للآثار الواردة عن السلف الصالح ،وهناك بعض الأمور التي يمكن أن ت  عد تفردات للمؤلف من خلال عبارات كتابه ،فكانت له عنايته الفائقة بقضية بدلا من مصطلحالولاية والبراءة ،وركز على مصطلح »أهل الاستقامة« »الإباضية« مع استعماله أحيا نا نادرة هذا الأخير ،إضافة إلى مصطلح »أهل الدعوة« و»جماعة المسلمين«. والذي يظهر أن مصطلح »أهل الاستقامة« من المصطلحات التي فرضت وجودها في الصف الإباضي من خلال الإمام أبي سعيد ،فبعد أن كان »أهل الدعوة« و»جماعة المسلمين« سائدين عن من تقدم ،نجد أن أبا سعيد5يركز كثيرا ،ويستعمله أكثر من غيره ،وهذا لا يمنع أن يكون على »أهل الاستقامة« موجودا من قبل ،لكن ليس بهذه الكثرة في الاستعمال. 221الاستقامة سرا يربط عنوان الكتاب »الاستقامة« بمصطلح »أهلولعل هناك الاستقامة« ،وربما أراد مؤلفه بكلا الأمرين عطف العنوان إلى قضية السلوك، والعناية بجانب العمل ،فكان هذا التركيز دعوة ملحة من مؤلف الكتاب إلى ما يدعو إليه قوله سبحانه] ﴾ [ Z Y ﴿ :هود ،[١١٢ :وقوله ژ » :قل آمنت باالله ،ثم استقم«. ويبدو أن التسمية ليست خارجة عن محور هذا المصطلح ،ولا عن محور الكتاب ،لأن الولاية والبراءة من أقوى عوامل السيطرة على النفس ،وضبط السلوك ،سواء من جانب من تقع عليه أحكام الولاية والبراءة بالنظر إلى سلوك أو من يتوجه إليه الخطاب بالتكليف بهما. إن مبدأ التحرز وإيجاد الاحتمالات ،والتماس الأعذار ،وهذا ظاهر في مثل ولاية الشريطة ،وبراءة الشريطة ،وفي موقفه عن العلماء الذين اختلفوا في الإمام الصلت والقائمين عليه ،وجعل مواقفهم دعاوى محتملة. وإعطاء الموضوع حقه وضرب الأمثلة عليه ،وفهم نفسية القارئ ،إذ يستقرئ المؤلف حال القارئ ،فيذكر ما يمكن أن ينقدح في ذهنه أو يعتلج في نفسه من التساؤلات فيجيبه عليها. أما عن بنية الكتاب ،فالكتاب قائم على قضية واحدةكما مضىوهي الولاية والبراءة وأحكامهما ،وهي مستمدة من الحدث الذي جرى في زمان الإمام الصلت بن مالك. جما وقد اختلفت مواقف العلماء في ذلك الوقت من هذه الحادثة اختلافا  أدت إلى تفرق وتشتت واختلاف شديد ،وقد هدأت القضية شي ئا قليلا ،حتى واحدا وقطع عذر من خالفه ،وأ لف في جاء الإمام ابن بركة فأوجب فيها قولا ذلك كتاب »الموازنة« في تأييد ما ذهب إليه ،وتفنيد ما احتج به مخالفوه، وشدد النكير عليهم. مائة كتاب إباضي222 تحريرا للنزاع في تلك القضية ،وبيا نا للحق في فكان كتاب »الاستقامة« وردا على ما أبداه ابن بركة وغيره من حجج فيما ذهبوا إليه. الاختلاف فيها ، ومواضع هذا الكتاب عائدة في أغلبها إلى هذه المسألة ،ومدارها على أمر فرع الإمامرئيس ،وهو» :متى تلزم الحجة بالولاية أو البراءة؟«؛ ولذلك أبو سعيد عليها تفريعاتها المعروفة ،كولاية الجملة وبراءة الجملة التي تلزم كل مكلف ،وولاية الحقيقة لمن بلغه يقي نا خبر سعادته ،وكذلك براءة الحقيقة، وولاية الشريطة التي لا تقضي فيها معرفة المكلف بالحدث إلا على الشرط، وكذلك براءة الشريطة الل ه م إذا ثبت الحدث بطرائقه المعروفة كالشهرة الصحيحة العادلة ومعاينته ،والعلم باستحقاق مرتكبه للبراءة ،فحينئذ تكون براءة الظاهر وولاية الظاهر ،وعليه فما كان على سبيل الدعاوى فمحتمل. ويعود إلى هذا الأصل قضية السؤال عن الحدث ،هل يلزم المكلف البحث عن الحدث لمعرفته؟ والسؤال عن الحكم التكليفي فيه ،وعن حكم من بلغه حدث شخص ما. ورجع إلى هذا الأمر الآخر ما تطرق إليه الإمام أبو سعيد من صفة التجسس والفرق بينه وبين السؤال الذي يتعبد المكلف له وما يسع جهله وما لا يسع جهله من الدين مما يجب على المكلف أن يعلمه .ويعود إلى الحلال والحرام والفرق بينهما ،وبين سائر المعاصي من الذنوب والتوبة منها ،واعتبار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الواجبات. فصل فيه الإمام أبو سعيد من وجوه اختلاف المعنيين عائد إلى معنىوما  الدعاء في كثير من معاني الأحداث ،وإلى معنى اختلاف الأدلة وكيفية استنباط الحكم فيها ،وأنظار المعنيين بالنظر إلى حال السائل ،ونحو ذلك. وقضية الكتابكما سبق الإشارةهي قضية الإمام الصلت الذي بويع سنة سبع وثلاثين ومائتين من هجرة النبي ژ،وسار سيرة عادلة حمده 223الاستقامة عليها العلماء والناس ،وأقام دولة لها كيان عظيم أعز االله فيها جند الحق، وأذل جند الباطل. وفي سنة اثنتين وسبعين ومائتين خرج موسى بن موسى ومعه عدد من العلماء إلى مقر الإمامة بنزوى ،وخرج الإمام الصلت من دار الإمامة ثم نصب إماما. موسى بن موسى راشد بن النضر وقد تباينت مواقف العلماء في هذا الحدث ،فمنهم من عذر موسى ومن معه ،ومنهم من لم يعذره ،وكثر الأخذ والرد في القضية حتى قيل :إنهم اختلفوا إلى سبع فرق. ودونت في هذه الحادثة عدد من السير والرسائل والردود هي في حد ذاتها مادة علمية ثمينة استفاد منها من جاء بعدهم ،وحفظت أخبار تلك الفترة من العماني ومن كتب في هذه القضية ،أبو المؤثر الصلت بن خميسالتاريخ الخروصي في رسالة »الأحداث والصفات«. وكان الحوار يدور في البداية حول الإمام الصلت والثائرين عليه ،لا يتجاوز إلى مواقف الآخرين ،ويتلخص خلافهم حينئذ في أمر واحد وهو :هل يعذر موسى ومن معه أم لا؟ ويحتج كل فريق بما يؤيده ،فالذين يعذرونه يقولون بأن الإمام الصلت بلغ مبلغا من الضعف ،وأنه سلم طواعية مظاهر الإمام كالخاتم والقلنسوة. عذرا ،ويردون الأخباروالذين لا يعذرون الصلت لا يرون في خروج موسى أخبارا متناقضة. التي تعذره ،ويروون في ذلك وصنف آخر من الناس يقف عند القضية؛ ولذلك يرون أنهم مع اختلاف مواقفهم وما كان يبرأ بعضهم من بعض ،لأنها دعاوى محتملة. واستمر الأمر على ذلك حتى جاء الإمام ابن بركة فقال بخطأ من عذر موسى وقطع العذر في ذلك ،وألزم الجميع أن يبرأوا منه وممن معه. مائة كتاب إباضي224 من هنا جاء موقف الإمام أبي سعيد المناقض لابن بركة مبي نا أن المسألة ما دامت تخرج مخرج الدعوى فلا سبيل إلى قطع العذر مع جواز أن يكون للمرء موقف خاص بنفسه لا يلزم به غيره .وبظهور ابن بركة ومن وافقه كتلميذه أبي الحسن البسيوي ظهرت المدرستان الفكريتان في الكيان الإباضي المعروفتان :بالنزوانية التي يقودها أبو سعيد ،والرستاقية التي يقودها ابن بركة. ذكر أبو سعيد تفاصيل الحادثة ،ومواقف العلماء منها في كتابه »الاستقامة«، وبين أن تلك المواقف لا تقطع فيها الأعذار ،قال: تخريجا حس نا ، وخرجها  »فوجدنا جميع من ينتحل دين الإباضية أهل الاستقامة من المسلمين في الأحداث بعمان في أمر الصلت بن مالك وموسى بن موسى ،وراشد بن النضر،التي جرت وعزان بن تميم منازل ثلاثا من لدن الحدث في ظواهر الأمور إلى يومنا هذا. كل من كان من أهل هذه المنازل يظهر التوحيد من أهل المنزلة الأخرى، ويظهر منهم العتاب على الأخرى من غير أن يتبع من أحد منهم في الأخرى خلاف بدينونة في أمر تلك الأحداث التي سلفت ،وإن كانت مقالتهم في ذلك قد اختلفت فإن مذهبهم في ذلك قد ائتلفت«. فأسس وق عد وضبطوعلى هذه القضية بنى الإمام أبو سعيد »الاستقامة« ، وأصل. وفرع ويبدو أنه كتب في موضوع الولاية بما لا يسبقه إليه ،إذ لا نجد قبله من اعتنى بها هذه العناية. كما نجد أن لكل من موسى بن علي ومحمد بن محبوب اللذين يجعلهما أثرا عليه في تشربه معاني هذه المسألة. كثيرا الإمام أبو سعيد ويمثل بهما أيضا مواقف في قضايا الولاية والبراءة ،لا سيما محمد بنولكل منهما محبوب الذي كان قد ع لق على رسالة عيسى بن فورك الصغرى التي برئ فيها وغرب.وشرق  225الاستقامة جداإضافة إلى هذه المسألة فإن خصائص المذهب الإباضي لها دور كبير في اشتغال الإمام أبي سعيد بهذه القضية ولا يكاد يخلو كتاب إلا وللحديث عنها مجال. متميزا جانبا فكريا وعقديا وسلوك يا وقد كانت هذه القضية ولا تزال تمثل عند الإباضية. ويبدو أن التكوين العلمي لأبي سعيد جعلته واعي النظرة لمسألة الولاية والبراءة .وهذا جلي من الجيل الذي ذكره على أنه تلقى عنه علومه مثلا في عدد من أهل العلم .وهم بدورهم تلقوه عن زمرة من أمثالهم ،وهكذا إلى قضية الصلت بن مالك .كل معنى نجد أثره جل يا في كتابه »الاستقامة« حيث استطاع أن يبرز تلك الأسس الرائعة في الولاية والبراءة وتوابعها. أما مصادر أبي سعيد في الاستدلال ،فكان في مقدمتها القرآن الكريم، وسنة رسول االله ژ،وإجماع الأمة هي المصادرولا ريب أن القرآن العزيز الأصلية لكل حكم نبع من لسان عالم من علماء المسلمين. غير أن الأمر يتسع ويضيق من عالم إلى آخر في كثرة الاستدلال ،أو في العلم بالدليل ،أو في وضوح الدلالة ،ونحو ذلك. قليلا من الآيات الكريمةعددا ولو تتبعنا نصوص القرآن الكريم لوجدنا تتحدث عن الولاية والبراءة بالنظر إلى التفاصيل الموجودة عند عامة الإباضية تابعين في ذلكفي أغلب الأقوالالإمام أبا سعيد الكدمي. ورغم ذلك فإننا نلحظ نزعة الاستدلال بالقرآن عند أبي سعيد واضحة .لا سيما بالسنة النبوية لديه ،فإن الأمر فيما نص عليه القرآن .ولا يعني ذلك ندرة الاستدلال  سيان في هذه القضية ،وإنما هي نصوص عامة كلية تندرج تحتها تفريعات جزئية، ولهذا تكثر التفريعات عند الإمام أبي سعيد ،وهو أمر عام في سائر كتبه. مائة كتاب إباضي226 ومن ناحية أخرى نجد الوجهة الأثرية قائمة عند أبي سعيد ،خاصة كتابه ماثلا بكل وضوح في كل قضية ،فإنه تناول هذه»الاستقامة« وإن كان رأيه ومؤسسا ،لكأنما أمام علم بذاته في كتابه هذا ،لكن العناية مواصلاالمسألة بالأمر وأقوال العلماء لها محل واسع عند الإمام أبي سعيد. ولعل مرد ذلك إلى اتساع أفق الإمام أبي سعيد الذي تمثل في موقفه المنطقي من قضية الصلت وموسى ،فلقول كل عالم عنده نصيب من الصواب والاحترام. أما العقل فلا شك أن أبا سعيد جعله حجة في القضايا المتعلقة بوجود االله لتوجه الخطاب التكليفي إلى كل عاقل بالغ بتوحيد االله . 4 كما يمثل كتاب »الاستقامة« ثروة تاريخية جيدة ،خاصة في الحقبة التي تمتد من بداية القرن الثالث إلى زمن أبي سعيد ،مع أنه لم يخل من ذكر أشياء في القرنين :الأول ،والثاني الهجريين. أما فيما يتعلق بقضية الصلت ومواقف العلماء فيها فإن كتاب »الاستقامة« مرجعا أساس يا في معرفة أصيلا في الموضوع ،ويمكن أن يكونمصدرا يعد توقف كل عالم عاش زمن الحادثة أو بعدها حتى زمن أبي سعيد. تماما أن ثبوت الحدث التاريخي سمة تتميز بها روايات الإمام أبيوواضح حكما ثاب تا ،بل يكون ذلك سعيد ،وما كان عنده غير ثابت فإنه لا يبنى عليه بمحامله المعروفة .وهذه نادرة من الاتجاهات عند المؤرخين الذين لا يهمهم ثبوت الحادثة بقدر ما يهمهم الحدث نفسه ،وما يمكن أن تنبني عليه من التفسيرات. أبوابا تاريخية في وقد أفرد الإمام أبو سعيد بعض الأبواب التي تمثل مضمونها ،مثل: ١ باب ذكر الإمامين سعيد بن عبد االله وراشد بن الوليد. 227الاستقامة ٢ باب ذكر السلف ومذاهبهم في الحدث ،وذكر أهل العلم من أئمتنا من المسلمين ومذاهبهم في الحدث الواقع وولايتهم. ٣ باب اختلاف أهل الدعوة والأحداث الواقعة في عمان. ٤ ما ذكره فيما يتعلق بالفتنة أيام الخليفتين :عثمان ،وعلي. وبعض المأثور عن الإمام جابر من أقوال تؤكد بعض القضايا التي يبحثها، وبعض ما يتعلق بنافع الأزرق ،ومما يذكر بصيغة الثبوت قوله» :وقد صح معنا أن أهل عمان كانوا على غير الاستقامة ،وأحسب أنهم كانوا على دين الصفرية«. وهذا الجزم بالصحة يصور تثبت الإمام أبي سعيد مما ينقله بمثل هذه الصيغة ولعله يعني في الفترة التي كان فيها عمران بن حطان يتنقل فيها بين أحياء العرب باحثا عن ملجأ ،وذلك إثر هروبه من الحجاج بن يوسف الثقفي، محبوبا من حتى جاء عمان وجدهم يعظمون أمر أبي بلال .وقد كان أبو بلال كل الأزارقة والصفرية والإباضية ،كما كان عمران بن حطان صفريا. فلعل الإمام أبا سعيد يعني هذه الحادثة ،ويستشهد لذلك بقوله من بعد: قليلا ،لا توجد الآثار فيها ولا العلماء .وكان الفقهاء والعلماء»وكان العلم فيهم يخرجون في التماس العلم إلى العراق .ويأتون فيعلمون الناس ما جهلوا من خروجا إلى البصرة«. أحدا من الناس دينهم ،ولم يلزموا ٥ كما نجد ذكر بعض أحداث قضية أبي سفيان محبوب ،وهارون ابن اليمامة. ذكرا لأسماء نقلة العلم إلى عمان. ٦ ونجد كتابا اسمه »التاريخيات« تبين لناوإذا علمنا أن للإمام أبي سعيد الكدمي أن له عناية بالتاريخ ،ودراية بالكتابة والتصنيف فيه .وقد حفظ لنا الإمام أبو سعيد بعض الأحداث مما يصعب أنه توجد عند غيره؛ كذكره الإمام راشد بن الوليد ،وثنائه عليه. 228 :ÜÉàc ≈∏Y »eóμdG ó«©°S »HCG äGOÉjR {...QƒHÉ°ù«ædG QòæadG øH’ z±Gô°TE’G ) »eóμdG ó«©°S ƒHCGت ٣٦١ه( تحقيق :إبراهيم بن علي بو لرواح وزارة الأوقاف والشؤون الدينيةسلطنة عمان ،ط١٤٣٢ ،١ه٢٠١١/م. عدد الصفحات :ج ٦٠٨ :١صفحة ج ٦٢٣ :٢صفحة ج ٦٠٧ :٣صفحات ج ٥٩١ :٤صفحة أصل هذا الكتاب هو كتاب» :الإشراف« لمحمد بن إبراهيم المعروف السنة والفقه في ب»ابن المنذر« النيسابوري )ت ٣١٨ه( ،من كبار علماء  كثيرا ،واشتهر من بينالقرنين :الثالث ،والرابع .وقد أ لف في  السنة والفقه السنة والإجماع« ،وهو كتاب مزدوج الغرض :يوردمؤلفاته كتاب» :الأوسط في  من جهة )وعلى أبواب الفقه( كل المرويات الصحيحة التي تشكل سنة متبعة، ومن جهة أخرى يذكر آراء العلماء المختلفين في كل مسألة ،أو يورد أهمها مع ذكر عللهم وأدلتهم؛ ولذا فإن هذا الكتاب هو كتاب في الاجتهاد الفقهي ،وهو من جهة ثانية مؤلف في الاختلاف الفقهي ،والإجماعات الفقهية. وبسبب المميزات التي يحتويها الكتاب أقبل العلماء على شرحه أو إيجازه أو الزيادة عليه؛ ولذلك فقد أقبل أبو سعيد الكدمي من القرن الرابع الهجري على كتابه فقدم »زيادات« على ابن المنذر في كل باب من أبواب الفقه. انصب جهد الكدمي في» :الزيادات« على التقريب بين العلماء بذكر آرائهم على قدم المساواة ،وتجديد الحركة الاجتهادية بعرض وجهات نظر متعددة في سائر الأمور. إماما للمذهب ،وكانت شخصيته شخصية توفيقية؛والمعروف أن الكدمي كان في عصره ولذلك قالوا عنه :إنه »رتق الفتق ،ولم الشعث في عمان« ويظهر في فتاواه سعة اطلاع على أمور المذهب الكلامية والفقهية ،وحرصه على رعاية الناس وتوجيههم. 229زيادات أبي سعيد الكدمي على كتاب» :الإشراف« لابن المنذر النيسابوري وكتاب» :الإشراف على مذاهب العلماء« هو مختصر من كتاب» :الأوسط« في السنن والإجماع الذي بدوره هو مختصر من كتاب» :المبسوط«حسب غالب الظنوكل هذه الكتب الثلاثة من تأليف الإمام ابن المنذر النيسابوري الشافعي. وقد طبع هذا الكتاب عدة طبعات ،وهذه الطبعة الأخيرة رغم استيعابها أبواب الكتاب إلا أنها تنقصها بعض الأبواب الساقطة من أصل المخطوطات المكتشفة مما اضطر المحقق إلى إكمالها من كتاب» :الأوسط« ،وما كان من تدار كه من »الأوسط« ،فقد أكمله من ناقصا ولم يمكن للمحقق»الإشراف« كتب مختلفة نقلت عن »الإشراف« مثل »المجموع« للنووي ،و»المغني« لابن قدامة ،و»فتح الباري« لابن حجر ،وغيرها. العماني الإباضيومن جهة أخرى فقد قام الإمام أبو سعيد الكدمي المتوفىفيما يبدوبين سنتي٣٦١و٣٦٢ه بتتبع كتاب» :الإشراف«، وعرض ما فيه على ما عند الإباضية فكان عمله بمثابة حاشية وتعليقات وزيادات على كتاب» :الإشراف«. أيضاكتاب أبي سعيد الكدمي ،ولم تبق منهوقد شاء االله تعالى أن يفقد إلا الأبواب المتضمنة للمعاملات ،والاستبراء وأحكام العبيد )الإباق ،والتدبير(، إلا أن العناية الإلهية قد شاءت أن تنقل المصادر الإباضية الموسوعية من كتاب أبي سعيد مادة علمية كثيرة ،تبين بعد جمعها أنها تمثل نحو نصف الكتاب. كتابا .الكتاب الأول عن الطهارة، يشتمل الجزء الأول على ثلاثة عشر والثاني عن المياه ،والثالث عن آداب الوضوء ،والرابع عن صفة الوضوء، والخامس هو كتاب المسح على الخفين ،والسادس عن التيمم ،والسابع عن الاغتسال من الجنابة ،والثامن هو كتاب طهارات الأبدان والثياب ،والتاسع عن الحيض ،والعاشر عن الدباغ ،والكتاب الحادي عشر هو كتاب المواقيت، والثاني عشر عن الصلاة ،والكتاب الأخير في هذا الجزء عن صلاة الجمعة. مائة كتاب إباضي230 ويتضمن كتاب الطهارة الحديث عن فرضيتها ،وأبواب عن الأحداث التي والسنة واتفاق علماء الأمة ،ووجوب تدل على وجوب الطهارة من الكتاب الاغتسال المأخوذ فرضه من الكتاب ،ووجوب الاغتسال من المحيض ،وما يوجب الوضوء مأخو ذا من ظاهر الكتاب. ويشير المؤلف على أن أهل العلم أجمعوا على وجوب الطهارة عند الملامسة ،واختلفوا في كيفية الطهارة التي تجب فيها. كما يطرح المؤلف مسائل حول أمور ذهب البعض فيها إلى وجوب الوضوء ،ومن هذه الأمثلة والمسائل :الوضوء من الضحك في الصلاة ،ويشير أبو سعيد الكدمي إلى ما ذكره كتاب» :الإشراف« أن أهل العلم قد أجمعوا على وضوءا ،وأجمعوا على أن الضحك في غير الصلاة لا ينقض طهارة ولا يوجب أن الضحك في الصلاة ينقض الصلاة .ويشير أبو سعيد إلى أن هذا يخرج عندهعلى قول أصحابه في هذين الشيئين. واختلفوا في نقض طهارة من ضحك في الصلاة ،فأوجبت طائفة عليه الوضوء ،ومن هؤلاء الحسن البصري ،وقالت طائفة :ليس على من ضحك في الصلاة وضوء ،وروي هذا القول عن جابر بن عبد االله وأبي موسى الأشعري. كما عرض المؤلف مسائل في الوضوء من الكذب والغيبة وأذى المسلم. ورأى أن علماء الأمصار قد أجمعوا على أن القذف وقول الكذب والغيبة وضوءا ،كذلك مذهب أهل المدينة وأهل الكوفةلا تنقض طهارة ولا توجب من أصحاب الرأي وغيرهم. وفي كتاب المياه تناول المؤلف اختلاف أهل العلم في الوضوء بماء البحر ،ويرى أبو سعيد أن قول أصحابه إثبات إجازة التطهير بماء البحر ،وأنه من الماء الطهور المطهر ،ولا معنى للمعارضة للقول في ماء البحر ،لأن الماء كله ماء. 231زيادات أبي سعيد الكدمي على كتاب» :الإشراف« لابن المنذر النيسابوري وإذا وجد الماء الطهور فهو أ ولى من المياه المضافة ومياه الأشجار وغيرها، ووجد الماء المشبه للماء الطهور ،بمعنى يستبدل بهوإذا لم يوجد الماء الطهور أنه يزيل معنى ما يزيل الماء الطهور أو يقوم مقامه في غسل نجاسة أو وضوء، فلا معنى لتركه بعد وجوده؛ لأنه قد أشبه بالاسم والمعنى المراد. واختلفوا في الطهارة بالنبيذ عند عدم وجود الماء ،فقالت طائفة :لا يجوز الوضوء إلا بالماء خاصة ،فإن لم يجد الماء تيمم ،لا يجزيه غير ذلك. واختلفوا في البئر تقع فيها النجاسة على آراء ،فقال أبو سعيد :لا أعلم فيما قالوا شي ئا في قول أصحابنا يشذ عما يخرج معناه في أحكام الطهارات في الماء في معاني تواطؤ الأمور في ذلك .وبعض هذه الأقاويل إلى معاني قول أشباها. أصحابنا أقرب وتناول المؤلف مسألة :الوضوء بالماء النجس لا يعلم به المصلي إلا بعد الصلاة .فيذهب أبو سعيد أنه إذا ثبتت نجاسة الماء والوضوء به وهو نجس، فإن عليه الإعادة إذا علم بذلك في الوقت أو بعد الوقت .والأقرب أن يكون مخاطبا بإعادتها عند علمه بذلك في وقتها.المصلي ومن آداب الوضوء :تباعد من أراد الغائط عن الناس ،وترك التباعد عن الناس عند البول ،والاستتار عن الناس عند البول والغائط ،والنهي عن استقبال القبلة واستدبارها بالغائط والبول. كما تناول المؤلف في هذا الكتاب أبواب الاستنجاء ،مثل الاستنجاء من البول ،والاستنجاء بغير الحجارة ،ومن استنجى بحجر واحد له ثلاثة أوجه، والأشياء المنهي عن الاستنجاء بها ،والاستنجاء بالماء وفضله ،والدليل على فضل الاستنجاء بالماء. وفي كتاب صفة الوضوء يعرض المؤلف اختلاف العلماء في وجوب مائة كتاب إباضي232 التسمية عند الوضوء ،فاستحب كثير منهم أن يسمي االله عند وضوئه ،وقال عامدا فلا شيء عليه. أكثرهم :إن تركه قال أبو سعيد :أما ثبوت الطهارة للصلاة فذلك مما لا يدفع ،وثبوت ذلك وسنة نبيه ،وإجماع الأمة إلا من شذ لمخالفة في شيء لا حجة لهمن كتاب االله فيه .وأما ترك التسمية على الوضوء فقد جاء الاختلاف في انعقاد الوضوء بترك التسمية مع تواطؤ الأمر على الوضوء ،وصحة الخبر عن النبي ژ أنه أمر بذلك واجبا، وفعله ،ومع صحة ذلك عنه فلا ينعقد الوضوء على تركه إن كان الأمر أدبا فقد ينعقد الوضوء على تركه ،ولم يأت فيه خبر أنه أمر واجب.وإن كان فلعله من أجل ذلك اختلف فيه. أما الجزء الثاني من كتاب» :زيادات أبي سعيد الكدمي« فيشتمل على ستة بابا .يبدأ بكتاب الإمامة ،وينتهي بكتاب الاعتكاف.كتابا أو عشر والإمامة التي قصدها المؤلف في هذا الجزء من الكتاب هي الإمامة في تشديدا الصلاة ،حيث إن صلاة الجماعة واجبة ،فيذهب أبو سعيد إلى أن هناك في أمر الجماعة ومعاني ثبوتها. ويتحدث المؤلف عن الأعذار التي من أجلها يصح التخلف عن الجماعات ،والتي منها أن للمريض أن يتخلف عن الجماعات. أما من يستحق الإمامة فإن أحق القوم أن يؤمهم أقرؤهم لكتاب االله ،فإن السنة سواء فأقدمهم بالسنة ،فإن كانوا في  كانوا في القراءة سواء فأعلمهم  هجرة ،وإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم س نا. أخيرهم وأفضلهم ،فإن استووا في الفضلويرى أبو سعيد أنه يختار للإمام فأقرؤهم لثبوت القراءة في الصلاة ،وأنه لا تجوز الصلاة إلا بها ،فإن استووا بالسنة لأن الصلاة لا تقوم إلا بعلم ،فإن استووافي الفضل والقراءة فأعلمهم  فقيل أسنهم وهو حسن .فليس من التوقير أن يؤم الكبير ،بل يطلب منه أن يؤم. 233زيادات أبي سعيد الكدمي على كتاب» :الإشراف« لابن المنذر النيسابوري ثم يتناول المؤلف إمامة غير البالغ .فلا يؤم الصبي في الفرائض كلها، وذلك أن النبي ژ خاطب أصحابه البالغين أن يختاروا لإمامتهم أفضلهم وأخيرهم. أما إمامة الأعمى فقد أباح أهل العلم إمامته .فممن كان يؤم وهو أعمى فقد استخلف النبي ژ ابن أم مكتوم على المدينة يصلي بالناس. أما حجة من ذهب إلى عدم جواز إمامة الأعمى أن الأعمى إنما هو في الأصل استقبل القبلة على وجه التحري والذين من خلفه من البصراء استقبلوا القبلة على علم ويقين ،ويخرج في معاني الاتفاق أنه لا يجوز اتباع المتحري القبلة لمعنى تحريه ،ولو كان المتبع له إنما هو يتحرى ،إلا على علم .وأما إجازة إمامته فلمعنى دخوله في جملة المسلمين ،ولأنه مع من صلى معه على يقين ،فإذا حضر الأعمى والبصير من المسلمين كانت إمامة البصير إذا استويا في حالهما أحسن ،وإذا فض له الأعمى كانت إمامة الأعمى أحب ،لثبوت تقديمه في جملة المسلمين وثبوت الفضل. ومن أبواب هذا الجزء :موضوعات عن العيدين ،وصلاة الاستسقاء ،وصلاة المسافر ،والصلاة عند العلل والأمراض ،وصلاة الخوف ،وملابس الصلاة وستر العورة ،وفضائل المساجد وبنائها وتعظيمها ،وسجود القرآن ،وصلاة الكسوف ،وصلاة الجنائز. وفي موضوع الجنائز تناول المؤلف مسائل عن غسل الميت ،وغسل الزوجين كل واحد منهما صاحبه ،وغسل الرجل أمه وابنته ،وأم ولد الرجل تغسله ويغسلها ،ويذهب ابن المنذر النيسابوري إلى أن العلماء قد اختلفوا في أم ولد الرجل تغسله ويغسلها فرخصها البعض ،ورفضها البعض الآخر. ويقول أبو سعيد الكدمي :تغسل النساء للمرأة إذا كن من نسائها المسلمات، أولى من غسل جميع أرحامها من الرجال ما خلا زوجها .وكذلك غسل الرجل مائة كتاب إباضي234 للرجل أولى من جميع أرحامه من النساء ،ما خلا زوجته ،فإذا لم يوجد الرجل للرجال ،ولا النساء للنساء ،فذوو الأرحام من ذوات المحارم يقمن مقام الرجال في تطهير الرجل ،وكذلك الرجال من ذوي المحارم يقومون في غسل المرأة مقام النساء ،إذا كانت من ذوات المحارم منهم ،وإن غسل ذوو المحارم من الرجال ذات محرم منهم مع وجود النساء خرج ذلكعندهمخرج الكراهية شبيها بالجائز ،لأنهم كلهم سواء. وكان ذلك ثم يذكر المؤلف غسل الشهيد فيرى أن العلماء قد اختلفوا فيه ،فقال عامة وسئلأهل العلم :لا يغسل .وذهب آخرون إلى أنه يغسل ،فإن كل ميت يجنب . وصل ي عليه، ابن عمر عن غسل الشهيد فقال :قد غسل عمر ،وكفن وحنط ، شهيدا .ويرى أبو سعيد الكدمي :أن شهيد المسلمين من قتل منهم في وكان المعركة في المحاربة أنه لا غسل عليه. كما تناول المؤلف مسألة نهي النساء عن اتباع الجنائز ،وإن كان الحسن بأسا أن تصلي النساء على الجنازة ،وكان مالك لا يرى بذلكالبصري لا يرى بأسا وكره ذلك للشابات. ويذهب أبو سعيد الكدمي :أنه يخرج من معاني قول أصحابنا كراهية اتباع النساء ،وفي ذلك معاني التشديد في بعض القول حتى يروى في »أنهن يرجعن مأزورات غير مأجورات« .وفي بعض القول :إنهن يرجعن من الوزر بمثل ما يرجع به الرجال من الأجر. كما تناول المؤلف الصلاة على القبور ،ورأى أن مذهب أصحابه على اختلاف ،والمدة التي إليها يصلي عند القبر ،والصلاة على الجنائز في المسجد ،والصلاة على الجنائز بين القبور ،وتقديم جنائز الرجال على جنائز النساء إذا اجتمعن. بابا عن الزكاة .فقد أجمع أهل العلم على أيضا ويتضمن هذا الجزء 235زيادات أبي سعيد الكدمي على كتاب» :الإشراف« لابن المنذر النيسابوري وجوب الصدقة في الإبل والبقر والغنم إذا كانت سائمة .وأجمعوا أن لا صدقة فيما دون خمس من الإبل ،وثبت أن رسول االله ژ قال» :ليس فيما دون خمس صدقة«. وأجمع أهل العلم على أن في خمس من الإبل شاة ،وفي العشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه ،وفي عشرين أربع شياه ،وفي خمس وعشرين بنت مخاض ،فإن لم يكن بنت مخاض فابن لبون ذكر ،إلى خمس وثلاثين. وصدقة البقر مثل صدقة الإبل؛ لأنها مثلها في كتاب االله تبارك وتعالى ،ففي خمس من البقر معهم شاة ،وفي العشر شاتان ،وفي كل خمس شاة إلى خمس وعشرين ،ثم فيها صدقة ،وما دون الصدقة من الإبل والبقر هو معهم شنقة ،ففي خمس وعشرين ،وما زاد على ذلك إلى خمس وثلاثين ،ففيها جذعة ،وهي سن بنت مخاض عندهم من الإبل ،وفي الست والثلاثين ثنية من البقر ،ثم على ترتيب معنى صدقة الإبل يكون معنى ترتيب صدقة البقر ،والجذعة من البقر عند المؤلفتقوم في موضع سن بنت مخاض ،والثنية تقوم مقام بنت لبون، والرباع يقوم مقام حقة ،والسدس يقوم مقام الجذعة من الإبل. أما صدقة الغنم فيشير المؤلف إلى أن ما يحفظه من أهل العلم أن في أربعين شاة شاة ،إلى عشرين ومائة ،فإذا زادت على عشرين ومائة ففيها شاتان إلى أن تبلغ مائتين ،فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه ،فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاه. ويعرض المؤلف ما يجب فيه الصدقة مما أخرجت الأرض ،فقد أجمع عوام أهل العلم على أن الصدقة واجبة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب، واختلفوا في وجوب الصدقة في سائر الحبوب والثمار ،فقالت طائفة :لا صدقة إلا في هذه الأربعة الأشياء .وفيه قول ثان هو ضم نوع من الشعير إلى الأصناف الأربع ،وفيه قول ثالث ،وهو ضم :الذرة إلى الحنطة. مائة كتاب إباضي236 ويشير ابن المنذر النيسابوري إلى إجماع أهل العلم على أن الإبل لا يضم إلى الغنم ولا إلى البقر ،وأن البقر لا تضم إلى الإبل ولا إلى الغنم، وعلى إسقاط الزكاة على كل صنف منها حتى يبلغ المقدار الذي يجب أخذ الصدقة منها. وكذلك لا يجوز ضم ثمر النخيل إلى الزبيب .واختلفوا في ضم سائر الحبوب ،فقالت طائفة :لا يضم منها نوع إلى نوع غيره ،ولا يجب فيها الزكاة حتى تكمل من كل نوع منها خمسة. وقالت طائفة :يضم القمح إلى الشعير ،ولا يضاف القطاني إلى القمح والشعير. كما تناول المؤلف في أحد أبواب هذا الجزء الحديث عن زكاة الفطر، وأجمع عوام أهل العلم على أن صدقة الفطر فرض ،وأنها سنة ثابتة عن النبي ژ . وأجمعوا على أن صدقة الفطر تجب على المرء إذا أمكنه أداؤها عن نفسه وأولاده ،والأطفال الذين لا مال لهم ،واختلفوا في الأطفال الذين لهم أموال، حيث قال أبو سعيد :إن على الوالد أن يخرج عن ولده الصغير زكاة الفطر ،إذا كان ممن تجب عليه إخراج ذلك. واختلفوا في وجوب الزكاة على اليتيم الذي له مال ،ورأى أبو سعيد أنه واجب في مال اليتيم زكاة الفطر عنه وعن عبيده من ماله إذا كان في ماله سعة لذلك. أما كتاب الصدقات فالمؤلف يستهل هذا الكتاب بقولهr q ﴿ : ] ﴾ t sالتوبة [٦٠ :واختلفوا في معنى قوله تعالى هذا .فقيل :إن المساكين الطوافون ،والفقراء فقراء المسلمين ،والفقراء فقراء المهاجرين، والمساكين الذين لم يهاجروا .وقيل :إن الفقراء من لا مال له ،ولا حرفة تقع 237زيادات أبي سعيد الكدمي على كتاب» :الإشراف« لابن المنذر النيسابوري سائلا كان أو غير متعفف ،والمسكين من لهموقعا منا قويا كان أو غيره،منه سائلا كان أو غير سائل.موقعا ولا تغنيه،مال أو حرفة لا تقع منه قوما من أهل الكتاب أهلويشير أبو سعيد إلى أن المساكين كانوا سهما ،والفقراء فقراء أهل القبلة من كان منهممسكنة ،وكان االله قد جعل لهم يلحقه اسم الفقر ،فسهم المساكين متنقل في أحكام القسمة إلى فقراء المسلمين ،ولا شيء لأهل الذمة في زكاة المسلمين ،وهو مطروح كنحو ما قيل في المؤلفة. ويستدل المؤلف على وجوب الاعتكاف بقوله جل ذكرهW V ﴿ : ] ﴾ [ Z Y Xالبقرة.[١٨٧ : فرضا الله ،إلا أنوأجمع أهل العلم على أن الاعتكاف لا يجب على الناس نذرا فيجب عليه؛ لأن النبي ژ قال» :منيوجب المرء على نفسه الاعتكاف نذر أن يطيع االله فليطعه ،ومن نذر أن يعصي االله فلا يعصيه« ،وثبت أن رسول االله ژ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه االله. واختلف أهل العلم في الاعتكاف بغير صوم ،فقالت طائفة :لا اعتكاف إلا فرضا؛ لأن االله جل ثناؤه لمبصوم ،وقالت فرقة :المعتكف لا يجب عليه الصوم نذرا. يوجبه ولا الرسول ،إلا أن يوجبه المعتكف على نفسه ويرى أبو سعيد أن الاعتكاف لا يكون إلا بصوم ،ولا اختلاف بين أصحابه في هذا الفصل .وقد قال االله تبارك وتعالى بما يشبه الدلالة على نحو هذا قوله فيما ينهي عن الوطء ويبيح ،قال] ﴾ A @ ? > = ﴿ :البقرة [١٨٧ :يعني: في شهر رمضانM L K J I H G F E D C ﴿ ، ] ﴾ [ Z Y X W V UT S R Q P ONالبقرة[١٨٧ : فقد ثبت معنى صوم شهر رمضان كله لقول االله تعالىj i h ﴿ : ] ﴾ m l kالبقرة [١٨٥ :من بعد فرض الصيام ،وكان صوم الشهر كله مائة كتاب إباضي238 لازما ،وهو النهار خاصة دون الليل ،وكان فيه الاعتكاف في معنى اللازم واجبا في الليل والنهار ،والصوم النهار ،وفي معنى التقرب ،وكان الاعتكاف لازما فيه خاصة في النور ،فنهى عن الوطء في صوم النهار واعتكاف الليل، ولو لم يكن في النهار والاعتكاف بالليل والنهار ففي الليل والنهار سواء، والصوم خاص في النهار ،ولولا هذا هكذا لكان يلزم الصوم في الليل والنهار لقوله] ﴾ 8 7 6 ﴿ :البقرة ،[١٨٣ :ثم قال.﴾i h ﴿ : ثم يعرض المؤلف للمساجد التي يجوز الاعتكاف فيها ،ووقت دخول المعتكف في اعتكافه وما أبيح للمعتكف أن يخرج من أجله مثل شهود الجمعة، والجنائز ،وعيادة المرضى ،والخروج للعشاء ،ولغير علة ،وغيرها من مسائل. بابا ،يبدأ كتابا أو ويشتمل الجزء الثالث من الكتاب على ثلاثة وستين بكتاب الحج ،وينتهي بكتاب الرهن. ويستدل ابن المنذر على فرضية الحج بقوله جل ثناؤهY X W ﴿ : ] ﴾ d c b a ` _ ^ ] \ [ Zالحج ،[٢٧ :وقال جل ثناؤه] ﴾ ¥ ¤ £ ¢ ﴿ :البقرة ،[١٩٦ :وقال تبارك وتعالى} | ﴿ : ~ ے ¡ ] ﴾ ¥ ¤ £ ¢آل عمران.[٩٧ : وأجمع أهل العلم على أن على المرء في عمره حجة واحدة ،حجة نذرا فيجب عليه الوفاء به.الإسلام ،إلا أن ينذر المرء واختلف أهل العلم في معنى قوله] ﴾ ¥ ¤ £ ¢ ﴿ :آل عمران[٩٧ : فقالت طائفة :الآية على العموم ،وكل مستطيع الحج يجد السبيل إليه ،بأي وجه كانت الاستطاعة للحج على ظاهر الآية. أما أبو سعيد فيرى أن معنى الاستطاعة عند أصحابه تخرج على وجهين: مستطيعا ،ولا يلزمه معنى الاستطاعة بعضا قال :لا يكون المرء أحدهما :أن 239زيادات أبي سعيد الكدمي على كتاب» :الإشراف« لابن المنذر النيسابوري إلا بوجود الزاد والراحلة لمعنى الرواية الثابتة عن النبي ژ قال» :الاستطاعة الزاد والراحلة« ويخرج معنى تفسير ذلك كله من ملكه المال ،فقالوا في معنى ذلك :إنه ليس إلى الزاد والراحلة بأحوج من صحة البدن التي تبلغه إلى الاستطاعة ،إلى معنى ما يقوى به على البروز ،وللزاد والركوب على الراحلة، وليس إلى هذا كله بأحوج منه إلى أمان الطريق الذي يثبت بمعنى الخوف زوال الفرائض اللازمة. وقالت الطائفة الثانية :الاستطاعة بظهور المعنى في الآية أنه ببلوغ القدرة بمال أو احتيال ،وإذا ثبت معنى هذا القول :إن عليه في معنى الاستطاعة الاحتيال ،دخل في كل هذه الأقوال ،وثبت فيه كل هذا الاعتلال ،لأن الاحتيال يدخل فيه جميع الوجوه من طلب القدرة على الوصول إلى ذلك. ويضم كتاب الضحايا عدة مسائل منها :الأضحية والاختلاف فيها هل تجب فرضا أم لا؟ ووقت ذبح الأضاحي ،واختلاف أهل العلم في تفضيل الصدقة على الأضحية ،وذبح الرجل عنه وعن أهل بيته بقرة واحدة أو شاة ،ومسألة: الأضحية ببقر الوحش وحمر الوحش ،وغيرها من مسائل. كتبا عن الشفعة ،والشركة ومعانيها ،والرهن،كما يضم هذا الجزء الثالث وغيرها من أمور تقع تحت المعاملات. كبيرا من الكتب الداخلية عددا ويضم الجزء الرابع من الكتاب المطبوع التي يختص كل كتاب منها بموضوع ،غير أن المحقق يذكر بعض عناوين هذه الكتب دون أن يدرج تحتها مسائل. ويبدأ الجزء الرابع بكتاب »المضاربة« وينتهي بكتاب »الغصب«. ويشير ابن المنذر إلى أنه لم يجد للقراض؛ أي :المضاربة في كتاب االله ذكرا ولا في سنة نبي االله ژ.ووجدنا أهل العلم قد أجمعوا علىج ل وعلا مائة كتاب إباضي240 إجازة القراض بالدنانير والدراهم ،فوجب إذا كان الأمر كذلك أن نجيز منه ما أجمعوا عليه ،وإجازة ما اختلفوا فيه منه. قراضا ،وذهب أبو سعيد إلى فمما اختلفوا فيه دفع التبر من الذهب والفضة أنه إذا كان يعني بالقراض القرض فكل ذلك جائز ،وإن كان يعني القراض المضاربة فكل ذلك جائز. واختلفوا في دفع الفلوس مضاربة ،فكره ذلك البعض ،واستحسن آخرون جائزا .ورأى أبو سعيد أن كل ذلك جائز .والقول الأول أصح.أن يكون ذلك وقال أصحاب الرأي :لا تجوز المضاربة بالسيوف والرصاص .وذهب ابن المنذر إلى أنه لا تجوز المضاربة إلا بالدنانير والدراهم .وهذا ما يتفق عليه أبو سعيد؛ لأنه أصل النقود في الأمصار كلها من أمصار العرب وبلدان العجم، ولا اختلاف بين الناس في نقد الدنانير والدراهم في موضع من المواضع ،إذا كانت الدنانير عي نا ،والدراهم نقاء صحيحة من التخاليط. ويعرض هذا الجزء الرابع لمشروعية الحوالة والكفالة ،والكفالة في الحدود وبالنفس ،فيذهب ابن المنذر إلى أن الأكثر من علماء الأمصار لا يرون الكفالة في الحدود جائزة إذ غير جائز أن يحد الضامن ،ولا يؤخذ بفعل غيره ،وممن قال :لا كفالة في الحدود الحسن البصري وغيره. أما أبو سعيد الكدمي فيرى أنه لا كفالة في الحدود ،إذ توجب الحدود على الكفيل ،فلما بطل ذلك كانت الكفالة فيما لا يجوز باطلة ،ولكن إذا كفل بإحضار الذي قد لزمه الحد لعلة توجب ذلك من تأخير الحد عنه أو لمعنى شيء قد صح عليه لزمه ما كفل به من إحضار المكفول عنه ،فإذا مات بطلت الكفالة عنه ،وقد قيل :لا كفالة في ذلك ،لأنه يوجب الحدود. واختلفوا في الرهن في الكفالة .فقال الثوري :لا يكون ره نا حتى يغرم 241زيادات أبي سعيد الكدمي على كتاب» :الإشراف« لابن المنذر النيسابوري المال ،وأجاز عبد االله بن الحسن الرهن في ذلك ،ويرى أبو سعيد الكدمي أن كل ذلك جائز. ومعنى الكفالة بالنفس أن نفس الذي عليه الحق ،وهو أن يكفل بنفسه؛ أي: بإحضاره فذلك جائز؛ لأن ذلك موجود وهو من الحقوق ،وإذا كان إحضاره واجبا ،فإن مات أو غاب غيبة من المصر فلا شيء على الكفيل حتىح قا يحضر الغائب ،وقد تدخله العلة ببطلان الكفالة ،لأنه يعدم فيبطل إحضاره. ثم يعرض المؤلف لموضوع »الحجر« ودفع المال لليتيم عند بلوغه ،قال االله تعالى± °̄ ® ¬ « a ©̈ § ¦ ¥ ¤ ﴿ : ] ﴾́ 3 2النساء.[٥ : ويرى ابن المنذر :الرشد الصلاح في الدين وحفظ المال ،وقد اتفقوا على أن مال اليتيم يجب دفعه إليه إذا بلغ النكاح وأونس منه الرشد .وقد اختلفوا في وجوب دفع ماله إليه على غير ذلك. ومن موضوعات الجزء الرابع من هذا الكتاب موضوع »التفليس«، و»المزارعة« و»المساقاة« ،و»الإجارات« ،و»الوديعة« ،و»اللقيط« ،و»اللقطة«، وغيرها من موضوعات. ويدرج المؤلف تحت كل موضوع من هذه الموضوعات العديد من المسائل الجزئية التي يضمها كل موضوع. وهناك موضوعات أخرى يذكرها المحقق دون أن يدرج تحتها موضوعاتها الجزئية حيث إن هذه الطبعة رغم استيعابها لمعظم أبواب الكتاب ،إلا أنها تنقصها بعض الأبواب الساقطة من أصل المخطوطات المكتشفة؛ ولذا ينهي المحقق هذا الكتاب ببعض العناوين التي لا تحتوي تحتها مسائلها التفصيلية. وقد تعددت تسميات العمل الذي قام به الإمام الكدمي على كتاب: مائة كتاب إباضي242 »الإشراف« ،ولعل ذلك بسبب فقدان مخطوطات الأجزاء الأولى منه ،أو لأن أبا سعيد نفسه لم يضع عنوا نا لما قام به ،ومن التسميات التي وردت: كتاب الأول في البيوع من كتاب الإشراف. كتاب الإشراف وكتاب البيوع ،وبه رد الشيخ الرضي المرضي أبي سعيد. كتاب الإشراف من كتاب البيوع ،وغيرها من تسميات. كتاب الإشراف كتاب البيوع ،به رد الشيخ أبي سعيد محمد .5 والملاحظ أن الاسم الذي ذكرته أغلب المخطوطاتعلى اختلاف عباراتهاهو »الرد« ،وهو مصطلح يعني به التعليق أو الحاشية أو الزيادة ،وقد اختار الإمام السالمي لهذا الكتاب عنوان» :زيادات أبي سعيد الكدمي على كتاب الإشراف لابن المنذر النيسابوري« وقد اشتهر الكتاب على الألسن بهذا العنوان أكثر من التسميات الأخرى. 243 ...ƒ«°ùÑdG ø°ùëdG »HCG TMeÉL ) ...ƒ«°ùÑdG »∏Y øH óaëe øH »∏Y ø°ùëdG ƒHCGت ٣٦٤ه٩٧٥/م( إعداد ومراجعة :د .عبد االله النجار ،وخميس بن راشد العدوي طبع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة عمان ،بالتعاون مع الأزهر الشريف ،ط١٤٣١ ،٢ه٢٠١٠/م. عدد الصفحات :مج ٧٢٣ :١صفحة مج ٥٣٣ :٢صفحة مؤلف الكتاب هو أبو الحسن البسيوي ،أحد أقطاب العلم في القرن الرابع تقريبا ،وهذا يعني أنه قد شهد أوجالهجري ،فقد توفي5في منتصف هذا القرن الازدهار العلمي في عمان ،حيث نضج التأليف في علمي :الكلام ،وأصول الفقه، وكان هذا النضج ثمرة مدرستين فقهيتين متنافستين في العلم ،إحداهما تميزت بالتأصيل ورد الفروع إلى الأصول وترجيح أحد الأقوال على غيرها ،وكان عمدة هذه المدرسة الإمام أبا محمد عبد االله بن بركة البهلوي ،عرفت بالطائفة الرستاقية نسبة إلى مدينة »الرستاق« في عمان ،وأما الثانية فقد تميزت بتوسيع دائرة الرأي، واستخراج الأقوال العديدة في المسألة الواحدة ،وكان رأس هذه المدرسة الإمام أبا سعيد محمد بن سعيد الكدمي ،و عرفت بالطائفة النزوانية ،نسبة إلى »نزوى« العمانية في ذلك الوقت ،وكان البهلوي والكدمي متعاصرين.العاصمة تتلمذ أبو الحسن البسيوي على يد ابن بركة البهلوي؛ ولذلك كان من منتصرا لشيخه في أكثر منالطبيعي أن ينعكس منهج شيخه عليه ،وقد بدأ موقف ،في حين كان يرد على بعض آراء الكدمي. إلا أن أبا الحسن البسيوي في كتابه» :الجامع« قد استفاد إلى حد ما من طريقة الكدمي ،فقد توسع في الأقوال أكثر من شيخه ابن بركة البهلوي. وقد حاز البسيوي عند أهل عمان منزلة كبيرة ،فقد كان مدار الفتوى في مائة كتاب إباضي244 عمان إلى عصور متأخرة على كتابه» :مختصر البسيوي« ،وهو كتاب اختصر فيه مسائل الفقه ،حتى يمكن أن يقال :إن ما ذكره في كتابه هو آراء المذهب الإباضي في الفقه ،بينما غيرها آراء في المذهب. تميز كتاب» :الجامع« للبسيوي بالانفتاح على المدارس الإسلامية،وقد وقد ظهر ذلك في أمرين :الاستفادة من الأقوال التي تتناسب مع المنطق الأصولي الذي يعتنقه المؤلف ،والرد على ما لا يتناسب مع منطقه بما يراه ملزما من الحجة والبرهان. شاملا فرعي الشريعة :أصول الدين ،والفقه ،حيث شك لتكما أنه جاء مباحث علم الكلام »أصول الدين« ما يقارب ربع الكتاب ،في حين شغلت أمهات العبادة :الصلاة والزكاة ،والصوم ،والحج الربع الثاني منه ،والبقية في سائر أبواب الفقه. يتميز الكتاب في عمومه بتسلسله المنطقي في عرض المسائل ،وهذا يعد تقدما منهج يا في التأليف الفقهي في ذلك الوقت ،ومن يقارن بينه وبين جامع جليا ،إلا أنه لا يعني ذلك الالتزام الكامل بهذا ابن بركة يجد هذا الفارق التسلسل؛ إذ شهد في بعض الأحيان شي ئا من التداخل في المسائل ،إلا أنها جاءت ضمن الباب الواحد. مدللا عليها ،وقد تفاوتتأما من ناحية الاستدلال فقد جاءت القضايا الأدلة الشرعية التي احتج بها أبو الحسن بحسب المقام ،ففي علم الكلام جاء التركيز في المقام الأول على أدلة القرآن الكريم ،ثم العقل ،ثم اللغة ،ولم وغالبا ما يكونتحظ هذه المباحث إلا بالقليل من الاستدلال الروائي، الاستدلال من الروايات المتفق عليها ،وذلك راجع إلى أن منهج الشيخ البسيوي في تقرير مسائل الإيمان الاعتماد على الأدلة القطعية. السنة النبوية، أما في مسائل الفقه فإن الاحتجاج اعتمد على القرآن ،ثم  245جامع أبي الحسن البسيوي السنة المتفق عليها بين الأمة ،وبين الروايات واضحا التفريق بين  وقد بدا غالبا ما يرد المختلف فيه إلى دلالات القرآن ،أو المشهورالمختلف فيها ،وكان السنة والسيرة النبوية ،وإلى ما جرى عليه العمل بين الصحابة ،وإلى من  دلالات اللغة. ظهر في جامع أبي الحسن البسيوي بعض المصطلحات التي اشتهرت عند المدرسة الإباضية أكثر من غيرها ،ومن ذلك على سبيل المثال :مصطلح »الكفر« الذي يشمل كفر الشرك ،ويعني :الخروج من الم لة الإسلامية ،والذي يكون في أحكامه الدنيوية التمايز التام بين المسلمين والمشركين ،وكفر النعمة الذي يعني :الغش والنفاق ،والذي يكون المتلبس به في أحكامه الدنيوية كبقية المسلمين؛ له ما لهم وعليه ما عليهم إلا عن ظلمه وفجوره فإنه لا يعان ،بل يمنع قدر الاستطاعة ،وأما في الأحكام الأخروية فهو مع الكافرين إلا إن تاب قبل موته ،وكفر النعمة عرف عند بعض المدارس الإسلامية ،ولا سيما أهل الحديث بالكفر دون الكفر. ومن هذه المصطلحات مصطلح »الجملة« الذي يعني :شهادة أن لا إله محمدا رسول االله ،وأن ما جاء به النبي حق من عند االله،إلا االله ،وشهادة أن وهذا ليس له أثر كبير في الأحكام ،وإنما هو تقسيم مدرسي لتسهيل دراسة مسائل علم الكلام ،ولفرز ما يسع جهله من الدين مما لا يسع جهله ،ولمعرفة مسائل الدين ومسائل الرأي. بعيدا عن جاء أسلوب الكتاب بليغا متماسك ا ،سهل العبارة ،قريب المأخذ ، سائلا يسأل ،فيقول علىغالبا ما تبدأ مسائله بطرح افتراضي تمثل فيهالتكلف ، سهل رأس كل مسألة» :سأل فقال« ،ثم يعقب على ذلك بقوله» :قيل له« ،وهذا كثيرا عملية تبويب الكتاب وتقسيمه. غالبافي غنى عنكما أن أسلوبه السهل غير المتكلف يجعل القارئ مائة كتاب إباضي246 الرجوع إلى قاموس لغوي يسعفه على فهم لغته ،على الرغم من تقادم الزمن. تقريرا ويتكون هذا الكتاب من :مقدمة التحقيق ،ومجلدين .تضم المقدمة  علم يا كتبه د .عبد االله النجار ذكر فيه أن منهج الكتاب في العرض قائم على طرح السؤال والإجابة عنه ،وفقا لما تقتضيه تلك الإجابة من وجوه الاستدلال وإنزال وجوه الدلالة منها على واقعة السؤال؛ ولهذا كان تأليفه ينمي في المحتوى العلمي جهة الواقع العلمي والتطبيقي. وقد أحسن المؤلف حين سماه ب »الجامع« ،فإن تلك التسمية تكشف عن أمانته في العرض واحترامه لنفسه ولعقول قرائه من الفقهاء والباحثين وطلاب العلم ،وفيها ما يبرر عدم التعرض لكثير من موضوعات الأبواب الفقهية التي انطوى عليها كتابه ،حيث جاء عرض مسائل الكتاب وفقا للأسئلة المطروحة وليس وفقا لما يقتضيه العرض الفقهي التقليدي. وقد اتسم أسلوب المؤلف في الإجابة عن الأسئلة المطروحة عليه باليسر والسلالة التي تساعد على اتساع نطاق الاستفادة منه ،وجاءت إجابته مستندة إلى أدلة صحيحة من مصادر التشريع الإسلامي ،وبناء على فهم صحيح لوجوه بناء على قواعد الترجيح التي سار عليها الدلالة منها ،والوصول إلى الحكم الأئمة السابقون والفقهاء الخبيرون بمسائل الموازنة والترجيح. ويصف د .النجار المؤلف بأنه التزم جادة الصواب ،فلم يتكلف رأ يا ،ولم يجعل مادة كتابه العلمية والفقهية أداة للترويج لما شاع من الأحكام الفقهية لبعض التيارات المذهبية ،أو الفرق الدينية التي نحت الفقه منحى يتواءم مع ميولها الفكرية أو عقيدتها السياسية ،فكان موضوع يا في عرضه ،وأمي نا في نقله. خروجا على مبادئولم يرد ضمن المحتوى العلمي لهذا الكتاب ما يمثل الدين الإسلامي ،أو ينافي الأحكام الشرعية المعلومة من هذا الدين بالضرورة؛ ولذا يصف د .النجار هذا الكتاب بأنه يمثل في مجمله قيمة علمية وفقهية تفيد 247جامع أبي الحسن البسيوي القراء والباحثين ،وتضيف لبنة طيبة في صرح المعرفة الصحيحة بدين االله، وأحكام شرعه الحنيف. المجلد الأول من الكتاب يشتمل على قضايا الشهادتين وما يتعلق بهما، وقد جاء تحت مسمى كتاب أصول الدين ،وعلى كتاب الصلاة ،وكتاب الزكاة، وكتاب الصوم ،وكتاب الحج. والمجلد الثاني :يشتمل على بقية القضايا الفقهية التي ناقشها المؤلف، وهي :كتاب القربات ويضم أبواب الاعتكاف والأيمان والنذور ،وكتاب الميراث والوصية ،وكتاب العتق ،وكتاب النكاح ،وكتاب الذبائح ،وكتاب البيوع ،وكتاب الغصب ،وكتاب الكبائر والحدود ،وكتاب الجهاد ،وكتاب الإمامة ،وكتاب التوبة. خصصه المؤلف لبيان موضوعاتيبدأ المجلد الأول بكتاب »أصول الدين«  وبين معنى التشبيه، الفقه الأكبر ،فتحدث بعد المقدمة عن المعرفة باالله تعالى ، ومعنى بعض أسماء االله تعالى ،ومعنى أنهسبحانهواحد أحد ،ومعنى الاستواء، وتحدث عن أسباب اختلاف الناس في صفات االله تعالى ،وولاية االله لخلقه، بابا في خلق الأفعال ،تكلمخصصوولاية المؤمنين الله ،ومدلول اسم الكفر ،ثم  فيه عن معنى الجبر والاختيار ،وأفعال العباد ،والقضاء والقدر ،وعن الاستطاعة، والإيمان والإسلام ،والجهل ،وما لا يسع جهله عن الإسلام ،والشك وما لا يجوز الشك فيه ،وأنواع من الشك ،والالتزام بتعريفات القرآن للأشياء والخلق. وعن نعم االله تعالى على خلقه يذكر البسيوي أنه أكثر من أن تحصى ،فأما أولها :فخلقه إياهم إحياء؛ لأن بالحياة ينالون الملاذ والنعم والمنافع؛ لأن من لم يكن ح يا لم يجد لذة ولا نعمة ،وقد قال االله تعالى@ ? > = < ﴿ : ] ﴾ Aالنحل ،[١٨ :فهي ما لا يحصى ،غير أن الحياة من أول النعم. وأما أفضلها :فهو العقل الذي حسن االله به الحسن ،وقبح به القبح ،وبه مائة كتاب إباضي248 وجب الحمد والذم ،وبه لزم التكليف؛ لأن االله تعالى إنما خاطب العقلاء بما يعقلون ،ومن لم يكن له عقل سقط عنه التكليف ،بالإجماع من الأمة. فالعقل أفضل نعمة ،ومن حرم العقل فقد حرم النعمة ،وتمام النعمة على هذه الأمة الإسلام الذي أنعم االله عليهم به ،ورضيه لهم دي نا ،وأكمله لهم وأتم عليهم نعمته. وكذلك قال االله تعالى في كتابهP O N M L K ﴿ : ] ﴾ U T S R Qالمائدة ،[٣ :وقال﴾ L K J I H ﴿ : ]آل عمران ،[١٩ :فلا دين أرضى عند االله من الإسلام ،فمن سلكه اهتدى ،ومن تركه ن االله عليهم بقبوله ،والعمل به،ضل وغوى ،وهو واضح سبيله عند من م  والتدبر في معانيه ،واتباع فرائضه ،واجتناب محارمه. وحق االله على عباده أن يعرفوه ويوحدوه على ما أنعم ،ويعبدوه ويشكروه ولا يكفروه؛ لأن على العبد أن يعرف المنعم عليه ،ويشكره على ما أنعم عليه، ويعترف له بحقه الواجب عليه ،ويطيعه فيما أمره ونهاه. وأوجب عليهم الشكر والذكر والاعتراف له بحقه الذي أوجبه عليهم من المعرفة به ،وأنه لهم خالق ورازق ،وهاد ومنعم ،وأنه بهم رؤوف رحيم. فأول معرفة به أن لهم خالقا ورازقا على وجه الفكر والنظر والاعتبار ،لأن االله تعالى ليس بمشا هد ،ولا مرئي ولا محسوس .فكانت معرفته تعالى بالاستدلال عن طريق النظر والعبرة ،وعن طرق استدلال الشاهد على الغائب. وقد نسج البسيوي على نفس المنوال الذي سار عليه غيره من متكلمي الإسلام في طريق الاستدلال على وجود االله بالحدوث ،أو ما يعرف بحدوث الخلق ،فإذا كانت الموجودات مخلوقة محدثة ،ثبت بالدليل أن لها محدث هو االله. فعرف معنى الأسماء فقال :إنه الحيثم تناول المؤلف أسماء االله الحسنى ، 249جامع أبي الحسن البسيوي القيوم؛ أي :الحي :الذي لا يموت ،والقيوم :الدائم الذي لا يزول ،فاالله هو الحي الذي لم يزل كما وصف نفسه ،والقيوم الذي لا يزول ،ولو لم يكن ح يا لوصف بضد الحياة. كما أنه عالم وعليم ،وقادر وقدير ،وسميع وبصير ،مالك الملك ،وغيرها من أسماء وصف االله تعالى بها نفسه. وتكلم المؤلف عن الوعد والوعيد ،فقال :الوعد :ما وعد االله أهل طاعته من صرين على معصيته منالم الثواب في الآخرة فهو حق ،وما أوعد أهل الكبائر عذابه ،فالوعد ثواب ،والوعيد عقاب. وقد وعد أصحاب الجنة بالجنة ،فثبت أن الجنة لكل تائب ،والوعد له صر ،والوعيد له لازم ،والعذاب عليه واصب إذا لقي االلهواجب ،والنار لكل م وحد الحدود ،وأوجب الحقوق،حرم المحارم، على معصيته؛ لأن االله تعالى قد فكل من ركب المحارم ،وتعدى حدود االله ،وترك فرائض االله ولم يؤمن باالله، ولم يتب ولقي االله على ركوب المعاصي ،والإصرارعلى الصغائر التي أوعد النار كما قال. النار ،فلهم صرين عليهاالم صالحا ثم اهتدى فذلك نصوحا ،وتاب وآمن وعمل وأما من تاب توبة مغفور له ،واالله أصدق الصادقين ،قد أوجب المغفرة والرحمة ،وهو أنه يرحمهم ويغفر لهم إذا تابوا من قريب قبل أن ينزل بهم الموت ،ولم يجعل التوبة لمن صرا أصر حتى يحضره الموت .فالعذاب الأليم لمن مات م كافرا ،ولا لمنمات غير تائب ،ولقي االله على الكفر. وفسر المؤلف مسألة القضاء والقدر أنها تعني أن االله لم يجبر عباده ،ولكن كان قضاؤه وقدره على ما علم من أفعال خلقه ،ولم تكن معصية العاصي لغلبة، ولا طاعة المطيع على كرهه وجبره ،تعالى االله وجل. مائة كتاب إباضي250 والإيمان بالقدر خيره وشره واجب يجب الإيمان به؛ لأن القدر كله خلق االله ،ويجب الإيمان بأن االله هو الخالق والخلاق العليم. فكما أنه العليم والخلاق والقادر والمقتدر ،فالقدر كله حق من االله ،ويجب الإيمان به على كل ما علم وسبق في علمه ،وجرى على الخلق من الخير والشر ،والنفع والضر ،والغنى والفقر ،والإيمان والكفر ،ولا مخرج للعباد من علم االله وقدره .ولم يكن العلم ساقهم إلى ما عملوا ولا اضطرهم إلى ذلك، وزين لهم الشيطان أعمالهم ،حتى كان منهم ما علمسولت لهم أنفسهم ، ولكن االله منهم من المعاصي ،وأما الطاعات فبفضل االله وتوفيقه لهم ،على ما كان وكونه. سبق في علمه ،وقدر ذلك لهم  ويفسر المؤلف الاستطاعة بأنها لفظة تسمى بها أشياء كثيرة ،وهي اسم لمعان؛ فالصحة والغنى ونحو ذلك تسمى استطاعة .قال االله تعالى في الصوم: ضعيفا من مرض﴿ ] ﴾ x w v u t sالمجادلة [٤ :فمن كان لا يستطيع الصوم زال عنه فرض الصوم بزوال اسم الاستطاعة التي معناها الصحة .ووجود المال يوجب استطاعة الطعام. الصحيح الجسم تنفى عنه الاستطاعةفالاستطاعة اسم لمعان ،وقد يكون في فعل من الأفعال لعدم ذلك الفعل ،وقد قال الخضر لموسى j i ﴿ : ‰ صحيحا فنفى عنه الاستطاعة ] ﴾ m l kالكهف [٦٧ :وقد كان موسى معدوما كانت الاستطاعة كذلك معدومة.لعدم الفعل ،لأن صبره لما كان ويذهب المؤلف إلى أن الاستطاعةعندهقد تجوز أن تنسب في رجل صحيحا ففيه صحة ،وتسمى وتنفى عنه في حالة واحدة؛ لأن الرجل إذا كان استطاعة بصحة ،وهو تارك لبعض الأفعال ،ويقال :هو غير مستطيع لهذا الفعل، كما أن موسى كان في استطاعة صحة الجوارح ،وكان غير مستطيع للصبر؛ لأن فاعلا له في تلك الحال .فثبت أن لا يقال للإنسان :يستطيع هذاالصبر لم يكن موجودا. الفعل؛ إلا أن يكون الفعل 251جامع أبي الحسن البسيوي وينكر المؤلف أن يكون االله قد أجبر العباد على أفعالهم؛ لأن الجبر استكراه المجبور على الفعل ،واالله تعالى قد عذر من أكره ،وإنما أثابهم وعاقبهم على ما كسبوا ،وذلك لقولهèç æ å äã â á à ﴿ : ] ﴾ ì ë ê éفصلت [٤٦ :فنفى عن نفسه أن يظلم عبيده. عرف المؤلف الإيمان ،فيذكر أنه :التصديق باالله8والإيمان بما أمر به فيوي  صدق بقلبه ما أقر به لسانهكتابه :فالمصدق بالشيء مؤمن به أنه حق كذلك ،فمن سمي مؤم نا ،قال تعالى] ﴾ f e d c b a ﴿ :الحجرات [١٤ :أي :لم تصدقوا بقلوبكم بالإيمان الذي تستكملون به الثواب ،ومعنى :استسلمنا خشية على دمائنا ،ولم يجعلهم مؤمنين حتى يصدقوا بقلوبهم الطاعة التي أمر االله بها. وسئل المؤلف :هل الإيمان يزيد وينقص؟ فذكر أن الناس قد اختلفوا في وأقر زيادته ،فأما نقصانه فلا نقص فيه؛ لأنه لو نقص من تصديقه شيء مما أمر به به من الجملة لانتقض إيمانه ولم يسم مؤم نا؛ لأن أصل ذلك التصديق ،فمن لم أقر بها. يصدق بشيء مما جاء به عن االله لم يؤمن حتى يصدق بالجملة التي ويرى المؤلف أن االله تعالى8قد أكمل دينه وتنزيله على لسان نبيه محمد ژ،فلا نقصان فيه بعد تمامه ،ومن قال بنقصان ذلك بعد كماله فقد خالف كتاب االله ،ولا يزاد في الإيمان بعد كمال التنزيل ،ولا يجعل فيه ما ليس منه؛ لأن االله قد أكمل دينه وأمره ونهيه على لسان نبيه ،فهو لا ينزل فيه زيادة، ولا يجوز أن ينقص منه شيء. وسئل المؤلف عن الإسلام ما هو؟ قال :هو الاستسلام الله ،والانقياد له بالطاعة ،والإقرار بها ،والمسلم هو المستسلم لأمر االله وطاعته ،وهو الاستسلام لأمر االله ،والإخلاص له بالطاعة .والمسلم هو السليم من الذنوب ،والمسلمون والمقر الله بدينه مسلم ،والمسلم هو الصالح. هم المخلصون الله بطاعته، وسئل المؤلف عن جملة دعوة النبي ژ،فأجاب هي الدعوة التي مائة كتاب إباضي252 لا يختلف فيها ،ودعوة النبي ژ في الجملة :هي شهادة أن لا إله إلا االله وحده محمدا عبده ورسوله ،وأن ما جاء به محمد ژ عن االله هولا شريك له ،وأن الخير ،وخلع الأصنام والأنداد والأوثان والنيران ،وأن يعبدوا االله وحده لا شريك له ولا إله إلا هو ،وإقام الصلاة ،وإيتاء الزكاة ،وصيام شهر رمضان، سبيلا ،وبر الوالدين ،وصلة الأرحام ،وإيتاءوحج البيت الحرام من استطاع إليه ذي القربى حقوقهم ،والأمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر ،والجهاد في سبيل االله ،والولاية لأولياء االله ،والبراءة من أعداء االله في الجملة ،مع ما دعا إليه من الفرائض ،والعمل باللازم والانتهاء عن المحارم. وسئل المؤلف :عمن أقر بالجملة التي دعا إليها رسول االله ژ ثم ركب الكبائر ،هل يعصمه إقراره من الكفر؟ أجاب :لا يعصمه ذلك من الكفر ،وقد سمى االله المنافقين كفرة ،فقال] ﴾ m l k j ﴿ :النساء ،[١٣٧ :وسمى القذفة كفرة ،وكل من كان من أهل الفجور والفجرة فهم كفرة ،وفي هذا نقض لقول المعتزلة الذين قالوا :إن الفاسق ليس بكافر ،وهو معاقب ومعذب ،وكل أيضا قول الحشوية الذين معذب ترهقه الغبرة والقترة فهو من الكفرة ،وينتقض قالوا :هو مؤمن إيمان ،فاسق بكبيرته ،وليس بكافر. وسئل المؤلف عن الإمامة؟ فقال :تثبت الإمامة بالرضا من المسلمين ،وتكون البيعة مع الرضا والمشورة ،فأمر تعالى بالمشورة ومدح أهلها ،وأثنى عليهم في التناصر عند البغي ،ولا تكون المشورة إلا في الأفضل ،وتقديم من يكون أجمع للكلمة ،وأقوى على إقامة الأمر ،وأنكى للعدوان ،إن كان غيره أفضل منه في العلم. وأما أهل الفجور فلا تصلح لهم الإمامة ،ولا لأهل المعاصي .ألا ترى وس نتي ،فاسمعوا لهقوله ژ » :إن وليكم حبشي مجدع ،فأقام فيكم كتاب االله وأطيعوا« فهذا يدل على أن الإمامة لا تصلح إلا في الأفضل من المسلمين من قريش وغيرهم؛ لأنه قال» :في قريش« ولم يقل لا تجوز في غيرهم. 253جامع أبي الحسن البسيوي وقد وقع الإجماع على الأفضل ممن يصلح للإمامة ،ولم يتفق لغير الأفضل ،والاتفاق هو الحجة ،والاختلاف مردود إلى حكم المتفق. وسئل المؤلف :عما انتحل الخوارج من الهجرة ،واستحلوا من قتل أهل القبلة من غير حدث ،وسبائهم وتسميتهم بالشرك ،فأجاب :القائل بذلك من الخوارج ضال عن سواء السبيل ،فأما الهجرة بالاتفاق من السلف أن النبي ژ بعد فتح مكة قال» :لا هجرة أفواجا، بعد الفتح« ،أو قال» :بعد اليوم« ،وقد كان الناس بعد ذلك يدخلون في دين االله ويرجعون إلى بلادهم ،ويسمون مسلمين ،ولهم الولاية والمودة ،وعليهم النصر. وقد كان يقبل الإسلام ممن يأتيه ،وممن خرج إليه فأسلم ،أو صالح أو أعطى جزية من أهل ذمة قبل منه وأعزه في بلاده وعلى دينه ،فذلك ما يبطل قولهم في الهجرة بعد الفتح. وأما تسميتهم إياهم بالشرك والكفر من غير ذنب ولا ارتداد فذلك خطأ عظيم ،وقد قال رسول االله ژ خلافا لذلك» :أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا علي دماؤهم وأموالهم إلا بحقها« فهذا ما يبطللا إله إلا االله ،فإذا قالوها ح رمت  قولهم في الهجرة ،وفي تحليل أموال أهل القبلة. وسئل المؤلف في دماء أهل القبلة ما يحل من ذلك وما يحرم ،أجاب :لا يحل من دماء أهل القبلة شيء بعد إقرارهم بالإسلام ،إلا ما أحل االله ورسوله ،وقد حرمها إلا بالحق .فدماء المسلمين والمعاهدين وأهلحرم االله قتل النفس التي وحكم عليه بحكمه. الذمة ومن دخل بأمان حرام ،إلا من أحدث حدثا أخذ به ، وقد أمر االله بقتال الفئة الباغية حتى تفيء إلى أمر االله وأوجب على المسلمين ذلك ،وإذا بغت الفئة ثم امتنعت عن الرجوع إلى الحق والفيئة إلى أمر االله قوتلت قتالا لا قصاص فيه بينهم وبين المسلمين في حال القتال ،فمن فاء من بغيه قبل يحل منه غير ذلك كما أحل االله ،ولا تسبى ذريته ولا نساؤه ،ولا يؤخذمنه ،ولا ماله ،ولا تحرق منازله ،ولا تقطع نخله وشجره ،ولا تقطع مثمرة ولا تخرب عمارة. مائة كتاب إباضي254 ويقتل إن قدر عليه ولم يتب ،وقاتل النفسوكذلك المرتد يقتل إن قاتل ، باغيا يقاتل حتى يفيء إلى أمر يق تل بالقصاص ،وإن امتنع بما يجب عليه صار االله لا يستحل منه غير ذلك ،وكل من امتنع بحق يجب عليه ف طلب منه أن باغيا يقاتل حتى يفيء إلى أمر االله ،ويعطي يعطيه وامتنع وقاتل عليه صار ما وجب عليه من حق االله الذي أوجب فيه قتاله. وسئل المؤلف عن فضل الجهاد في سبيل االله ،فأجاب :إن الجهاد في سبيل االله أفضل الأعمال ،وإن سائر أعمال البر كلها مع الجهاد في سبيل االله ،وجهاد العدو هو فرض على الكفاية ،وذلك إذا قام به البعض أجزى عمن لم يقم به. ثم ينتقل المؤلف إلى كتاب الصلاة ،وفيه أبواب :الأول :في الطهارة، والثاني :في الصلاة ،والثالث :في أعمال الصلاة وأنواع الصلوات المختلفة. أما كتاب الزكاة ففيه أبواب؛ باب في الذين لا تلهيهم أموالهم ،تكلم فيه المؤلف عن موضوعات الزكاة والغنيمة والجزية وزكاة الفطر ،وصدقة الثروة الزراعية ،وصدقة النقود والعروض التجارية ،وصدقة الثروة الحيوانية ،والحقوق في المال ،مثل حق الوالدين والأرحام ،وحق القرابة والجار. والنية، أما كتاب الصوم فتكلم فيه عن فريضة الصوم ،وبدء الصيام ،وصيام الشك والقضاء والكفارة في الصوم ،وصوم المسافر ،وعرض في أحد أبواب هذا الموضوع لأسباب اليسر في الصوم ،والعذر من الصيام ،وصوم التطوع والوصال ونحوهما. وختم المجلد الأول بالحديث عن الحج ،فعرض أحكامه ومناسكه ،وتكلم عن الإحرام والطواف والسعي والهدي والأضاحي ،وزيارة المدينة المنورة. أما المجلد الثاني من هذا الكتاب فيشتمل على الموضوعات الآتية: الباب الأول :في النكاح .ب ين فيه ما يحل ويحرم من التزويج ،والفروج، والنساء ،والحجاب ،وحسن الصحبة للنساء ،والرضاع. 255جامع أبي الحسن البسيوي الباب الثاني :في الطلاق .ب ين المؤلف أنواعه ،والرد ،ثم تكلم عن الإيلاء والظهار والعدة ،وما يجوز للمطلقة والمنبتة. الباب الثالث :في الفرائض وقسم المواريث .تكلم فيه عن ميراث الأبوين، وما يجب للزوجين ،وأصول الفرائض وقسمها ،والعدل ،ووصية الميت ،ووصية الأقربين ،والعتق. الباب الرابع :في الذبائح .ب ين فيه ما يحرم من لحوم البهائم وما يحل، والأضاحي ،والصيد ،والكلاب المعلمين. كما عرض في أحد الأبواب لموضوع البيوع :ب ين فيه النهي عن الضرر، والمضاربة ،والزراعة ،وتحريم الأموال ،وأكل مال اليتيم ،والتطفيف ،والربا. وعرض في باب آخر لموضوع الحدود ،ب ين فيه معنى الحدود وإقامتها، والأشربة وتحريمها ،وحد القذف والسرقة ،والمرتد عن الإسلام والقصاص. وختم المؤلف هذا المجلد بالحديث عن الجهاد ،وب ين فضله وأهميته، وعلى من يجب ،وتكلم عن أحكام البغاة ،ثم عرض لموضوع الإمامة ووظيفة الإمام التي يأتي على رأسها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،ومواجهة الاستبداد ،وختم المؤلف بالحديث عن التوبة. عرف المؤلف التوبة بأنها الرجوع عن المعصية ،والندم على ما كان منوي  العبد من فعل المعصية ،وترك العمل بها ،والاعتقاد أنه لا يرجع إليها، والاستغفار من ذلك بلسانه ،وإن كان ذنبه ح قا للعباد خرج إليهم منه. السنة ،فمن بلي بشيء من ونية واتباع  والإيمان :قول وعمل مجتمع عليه ، الكفر أخرجه من الإيمان لا يسمى مؤم نا إلا بالرجعة والتوبة ،والرضا بحكم كافرا. كتاب االله عليه ،وليس بين الكفر والتقوى منزلة .فمن لم يكن مؤم نا كان وبالتوبة من الذنوب والإقلاع عنها يتجاوز االله لأهلها عنها ،فعلى هذا يكون الثواب لأهله. 256 ø«ØdÉîadG TM«aL ≈∏Y OôdG )(ádõà©adG ` áÄLôadG ` êQGƒîdG ) ±ÉàdR øH Ó ̈j Qõ`N ƒHCGت ٣٨٠ه٩٩٠/م( تحقيق :د .عمرو خليفة النامي تقديم وتعليق :الحاج سعيد مسعود بن إبراهيم ،وكروم الحاج أحمد بن حمو )د.ند .ت(. عدد الصفحات ١٠٨ :صفحات يتكون الكتاب من تمهيد ،ومقدمة ،ونص الكتاب المحقق .يبدأ المعلق بتحديد عنوان الكتاب ،فيشير إلى أن المصادر المعتمدة في فهارس مؤلفات كتابا ينسب لأبي خزر بهذا العنوان ،فنجد النساخ يتصرفونالإباضية لم تذكر في العنوان ،فبعضهم يكتبه بعنوان» :كتاب فيه الرد على جميع المخالفين«، وآخرون لا يكتبون العبارة كاملة ،بل يكتفى بعبارة» :كتاب فيه رد الشيخ أبي خزر يغلا بن زلتاف على من زعم أن أسماء االله مخلوقة« ،وعليه فالعنوان الذي اختاره الدكتور النامي هو عنوان مفيد ومناسب من وضع النساخ لا من وضع واضعا له عبارة »من المعتزلة والخوارج والمرجئة وغيرها« ،ليتضحالمؤلف، للقارئ م ن المقصود بالمخالفين. أما عن نسبة المخطوط إلى المؤلف فقد ذكر أبو القاسم البرادي في رسالته تعرض فيها لمؤلفات الإباضية في المشرق والمغرب في القرن التاسعالتي الهجري في بلاد الجريد وغيرها ،فقال» :وكتاب الشيخ أبي خرز يغلا في الكلام مختصر وقفت عليه« .وفي رواية أخرى قال :وكتاب الشيخ أبي خزر 3 في الكلام رأيته ،والمؤلف من أهل القرن الرابع. ثانيا، كتابا ولم يذكر البرادي ولا غيره من المؤرخين للشيخ أبي خزر وبالتالي تكون نسبة الكتاب إلى المؤلف نسبة صحيحة لا طعن فيها 257الرد على جميع المخالفين )الخوارجالمرجئةالمعتزلة( خاصة وأن البرادي وصف محتواه بعبارة» :في الكلام مختصر«.ولا اختلاف، كما أن الذين جاءوا من بعده من المتكلمين مثل الشيخ أبي الربيع سليمان بن يخلف المزاني )ت ٤٧١ه( في كتابه» :التحف المخزونة« ،والشيخ أبي عمار عبد الكافي )ت قبل ٥٧٠ه( في كتابه» :موجز المقال ،«..والشيخ أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني )ت ٥٧٠ه( في كتابه» :الدليل لأهل العقول «..فقد كانوا عالة عليه حيث حللوا ووسعوا جميع المسائل التي أجاب نصوصا كاملة من هذه بها شيخ المعتزلة وغيرها في زمانه ،بل وقد نقلوا الرسالة للاستشهاد والتحليل. أما عن أسلوب المؤلف ،فقد اختار في هذه الردود أسلوب الحوار المنطقي والجدال بالحجة القوية لإقناع الخصم وإفهام الأنصار ،وأثناء ذلك كان يستعمل مصطلحات وألفاظ جديدة مثل» :ما يدخل عليهم« معناه» :ما يرد عليهم« في أكثر من موضع ،ولفظ» :وفي وجودنا« معناه» :وفي نظرنا« ،كما أنه كان يرجح إلي« ،وفي بين المسائل كمجتهد غير مقلد فيقول مثلا» :والجواب الأول أحب نفس الصفحة يقول لمخاطبه» :فعلى مثل هذا فأجب في مثل هذه المسألة، وتثبت في الجواب«.وتفهم السؤال ومما يلفت انتباه القارئ لهذه الردود هو: ١ تغير ضمير الخطاب :فمرة نجد الشيخ هو الذي يسأل ،ومرة أخرى خصم مجهولا ،وقد يفتعلأو تلميذ يسأل الشيخ ،وتارة أخرى نجد السائل المؤلف السؤال بلفظ» :أخبرونا«. ٢ وجود تسع خاتمات للكتاب ،بينما نهاية الكتاب بدون خاتمة. ورغم أن الكتاب فيه تنسيق بين مواضيعه وتكرار قد برره المؤلف ،إلا أنه يظهر أن المؤلف قد ص نفه على شكل رسائل منفصلة ،ثم ضمها إلى بعضها البعض ،أو أن الأصل في هذه الردود هم المعتزلة حيث ناقشهم في أكثر من مائة كتاب إباضي258 عرضا بدليل أنعشرين مسألة ،وخصص لهم أكثر من باب ،والباقي جاء المؤرخين يذكرون عنه أنه كان يتصدى لمناظرات المعتزلة ،ويحوز فيها قصب السبق سواء عندما كان ب)الجريد( في تونس ،أو في مصر. وقد ناظر المؤلف معتزل يا في أواخر أيامه بمصر وعليه ،فقال ذلك المعتزلي شابا بالمغرب وهذا الشيخ« ،فقال لهمناظرا قطعني إلا في النهاية» :ما ناظرت أبو خزر» :إن الفتى هو الشيخ ،والشيخ هو الفتى«. ٣ غزارة مادته العلمية واتساع أفقه ،ومنطقه السليم في الرد على أكثر من عشر فرق )المعتزلةالمشبهةالمجبرةالمثبتةالنجاريةاليزيدية مجتهدا إماما الخوارجالجهميةالمرجئةوغيرهم( ،ويمكن أن يكون كما ذكره أبو يعقوب الوارجلاني. أما مؤلف الكتاب فهو شيخ قديم من إباضية المغرب هو أبو خزر يغلا ابن زلتاف ،المتوفى سنة ٣٨٠ه،يعرض فيها مسائل في الكلام ر دا على آراء الفرق الأخرى. عددا من مسائل الدين والكلام ،وتكتسب أهميتهاوهذه الرسالة تناولت العلمية في أنها تحفظ لنا آراء مبكرة لأحد أعلام إباضية المغرب ،ليس ذلك فحسب ،ولكنها تنتمي إلى فترة زمنية لم يصلنا منها إلا القليل النادر من المؤلفات ،وندرة هذه المادة الأساسية التي تعين الدارس المتخصص على أمرا ذا أهمية. استجلاء آفاق تلك المرحلة ،تجعل ظهور مثل هذه الدراسة فهذه الرسالة إضافة إلى أهميتها العلمية زودتنا بآراء كلامية فقهية إباضية، فهي: مبررا للمستوى التعليمي الفكري من تلك الحقبنموذجا ح يا تعد نزرا قليلا.الغابرة لمسلمي مناطق المغرب العربي التي لا نعرف عنها إلا 259الرد على جميع المخالفين )الخوارجالمرجئةالمعتزلة( تجلى لنا فكرة الوسطية والاعتدال التي عهدها الفكر الإباضي كمنهج جميعا. أصيل في تناول آراء علم الكلام ،والاعتقادات والفقه ،والسلوك إن هذا المنهج هو منهج أصيل عهده الإباضيون منذ القديم ،وهو طابعهم حتى الآن .وسر صمودها واستمرارها أن منهجها منهج الوسطية والاعتدال الذي عرفت به بين الناس ﴿ @ ? > = < ; : ] ﴾ Aالبقرة .[١٤٣ :فأخذ الإباضية بأوسط الأقاويل وأعدلها وأصوبها مما وافق وسنة نبيه محمد ژ .كتاب االله تعريفا لمؤلف الكتاب ،وهو :أبو خزر يغلا بن زلتافويقدم المحقق الدسياني ،وزلتاف اسم أمه ،واسم أبيه أيوب ،عاش في صدر القرن الرابع الهجري ،وهي فترة زاخرة بالأحداث السياسية والحروب والنشاط العلمي ،وقد جميعا بنصيب وافر.أسهم هذا الشيخ فيها وأبو خزر من أبناء )الحامة( من بلاد )الجريد( من القطر التونسي ،نشأ بها ،وتلقى العلم على جملة مشايخ عصره .تعلم الأدب وعلم اللسان وعلم الفروع ،كما أخذ علم الأصول ،وبعد أن أخذ كفايته من التعليم تصدر المجالس للتعليم. ويمكن تقسيم حياة أبي خزر إلى ثلاثة أطوار متميزة: الطور الأول :وهو طور التعليم. الطور الثاني :وهو طور النشاط السياسي والعسكري الذي قاد فيه الثورة المسلحة ضد العبيديين. الطور الثالث :وهو طور الاستقرار في مصر إلى أن وافاه أجله فيها، صدرا من حياته في التعليم برفقة زميله أبي القاسمحيث أمضى يزيد بن مخلد ،فكانت تقصدهم طلبة أهل الدعوة من كل جهة ،يقرؤون القرآن والحديث والأصول والفقه وعلم العربية والسيرة. مائة كتاب إباضي260 وقد ساهم في تدعيم هذه الحركة التعليمية ما كان عليه أبو قاسم بن مخلد من اليسر وسعة ذات اليد ،حيث يقوم بأمر الطلبة وما يحتاجون إليه من نفقة. وكان من سيرة الشيخين التنقل في أحياء »مزاتة« مع طلبتهم في فصل الربيع ،ينزلون ضيوفا على تلك الأحياء ،يعلمون العلم ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر كما هي عادة الأشياخ والطلبة. ولا نعلم مدة هذه المرحلة من حياة أبي خزر ،إلا أنها بلغت نهايتها حين ارتاب السلطان العبيدي في نوايا أبي القاسم بن مخلد ،وشعر فيه بما أقلقه ،إذ توجس منه القيام ضده والوثوب عليه ،لما يراه من طاعة جموع الإباضية له والتفافهم حوله ،ولما كان عليه من الجاه والعلم والفضل بين إباضية المغرب. ويظهر أن أسباب النفور من سلطان العبيديين كانت متأصلة في أهل أفريقية ،فقد واجه العبيديون قبل ذلك ثورة جامعة قادها ضدهم أبو يزيد مخلد، فاكتسح معظم مناطق نفوذهم وحصرهم في المهدية ،ولكنه أساء السيرة خصوصا الإباضية الوهبية وارتكب شنائع كثيرة جعلته محل نقمة الناس فوقفوا من ثورته موقف المحايد الذي يرى الفريقين سواء في فساد السيرة وتنكبهم للسيرة القويمة في الحكم ،ومخالفة أحكام الإسلام في ذلك. وقد أحس سلطان العبيديين شي ئا من الخطر في تحركات أبي القاسم، والتفاف الإباضية حوله لما له من مقومات الرئاسة ،وقد قام السلطان بالتدبير حاسما للأمر قبل أن يتفاقم ،فأمر واليه بقتل أبي يزيد ،فنفذ الوالي الذي يظنه هذا الأمر بعد تردد منه ،وقضى هذا التدبير على الشخصية الإباضية الأولى حقيقيا على السلطان. خطرا التي كانت تمثل وبدلا من أن يؤدي هذا التدبير إلى إرهاب الإباضية ،وإلى سكونهم لحكم الدولة العبيدية ورضوخهم له ،تسببعلى العكس من ذلكفي جمع كلمة الإباضية ،فاتفقوا على القيام ضد الحكم العبيدي ،والأخذ بثأر أبي القاسم 261الرد على جميع المخالفين )الخوارجالمرجئةالمعتزلة( يزيد بن مخلد ،وكان الساعي في ذلك والقائم به أبو خزر يغلا بن زلتاف. فقد أرسل أبو خزر رسله إلى بلاد الإباضية في جبل نفوسة وجزيرة جربة إماما وورجلان يسألهم العون والمدد ،واجتمع الناس على أبي خزر وبايعوه على الدفاع على أن يتموا له البيعة إذا انتصروا على عدوهم. وقد حاول الحاكم العبيدي أن يتحاشى المواجهة العسكرية مع الإباضية على أن يقتنعوا بالاستقلال بما كانت عليه حدود الدولة الرستمية ،ويكتفي العبيديون بما وراء ذلك ،ور غب أبا خزر في ذلك ،ولكن جمهور العامة رفضوا ،ودارت المعركة ،وانهزم أبي خزر وجيشه ،وتفرقت جماعته ،واعتصم يوما حتى انقطع عنه البحث،أبو خزر في جبل من جبال أفريقية مدة أربعين ثم واصل رحلته إلى جبل نفوسة حيث أقام به في حماية حاكم الجبل آنذاك. ثم رحل أبو خزر إلى مصر ،وأمضى بها بقية حياته ،وكان في حال الرخاء وطيب العيش ،حتى أنه كان يتمنى أن يكون عنده عشرون من طلبة أهل الدعوة يعلمهم وينفق عليهم. وتوفي أبو خزر بمصر بعد حياة مليئة ،ولم يترك من المؤلفات شي ئا غير هذا الكتاب ،وبعض الأقوال والمناقشات المنثورة هنا وهناك في كتب الفقه والسير والكلام. عددا من مسائل »أصول الدين« ،أو بعبارةأما هذا الكتاب ،فهو يتناول أخرى مسائل »علم الكلام« .وتكتسب أهميتها العلمية من أنها تحفظ لنا آراء مبكرة لأحد أعلام إباضية المغرب ،ليس ذلك فحسب ،ولكنها تنتمي إلى فترة زمنية لم يصلنا منها إلا القليل النادر من المؤلفات. ورغم كثرة الإشارات في كتب السير والتراجم إلى المؤلفات والرسائل التي تناولت مسائل علم الكلام ،والتي كتبت في تلك الفترات المتباعدة بين القرنين الأول والرابع ،فإن القليل النادر منها وصل إلى أيدينا ،ومن عنوان هذا مائة كتاب إباضي262 الكتاب نكتشف أن المؤلف وضعها في الرد على المعتزلة وغيرهم من الفرق. وتذكر المصادر التاريخية أن جماعات من )الواصلية( كانت تعايش إباضية المغرب في عاصمة دولتهم ،وأن مناظرات عديدة كانت تعقد بين الفريقين، يضاف إلى ذلك ما طرأ من خلافات كلامية بين فرق الإباضية أنفسهم ،فقد وقعت بينهم مسائل شغلت العديد من مؤلفات ذلك العصر وما بعده. وتذكر المصادر أن الإمام أبا اليقظان محمد بن أفلح )٢٨١ه( كتب أربعين كتابا في »مسألة الاستطاعة« وحدها ،بالإضافة إلى رسالة »في خلق القرآن« وبعض الرسائل والأجوبة الأخرى ،ووصل إلينا من هذه المؤلفات كلها رسالته في خلق القرآن. وقد ساهم أبو خزر يغلا بن زلتاف في هذا الحقل بهذا الكتاب ،وقد أسهم في التأليف في هذا الميدان رفيق أبي خزر وتلميذه ،أبو نوح سعيد بن زنغيل، كتابا له يحمل اسمه ،ولكنه مفقود. الذي تذكر المصادر طورا أكثر حيوية ونشا طا ،ظهرت فيه العديد منوقد دخلت هذه المرحلة تبويبا ،ولحسن الحظ أنتنظيما ،وأدق المؤلفات الموسعة ،وبصورة أحسن كثيرا من المؤلفات التي ظهرت بعد عصر أبي خزر لا تزال موجودة ،ويوجد من بعضها نسخ متعددة تعطي صورة أوضح لهذا المجال من النشاط العلمي في شمال أفريقية في عصوره المختلفة. عددا من المسائل التي أما عن موضوعات هذا الكتاب ،فقد تناول المؤلف يكثر حولها الخلاف بين فريق وآخر من أهل الكلام في الإسلام ،فتناول أولا مسألة أسماء االله هل هي مخلوقة؟ وانتقل إلى مسألة الوقوف ،وهي من البحوث المتصلة بموضوع الولاية والبراءة ،ووقع الخلاف فيها مع النكار ،ثم انتقل إلى الكلام على مسألة المرأة المؤتاة فيما دون الفرج ،والحديث في تكفيرها بفعلها ذلك ،والخلاف فيها مع الحسينية وغيرهم من فرق الإباضية. 263الرد على جميع المخالفين )الخوارجالمرجئةالمعتزلة( ومن بحوث هذا الكتاب بحث »ما لا يسع جهله« ،وهو مبحث نجد له واسعا في المؤلفات التي جاءت بعده ،وقد أشبعه أبو يعقوب الوارجلانيصدى بما لا مزيد عليه في كتابه» :الدليل والبرهان لأهل العقول« وتتبع فيه أقوال الأئمة الذين سبقوه في المسألة. وناقش هذا الكتاببعد هذامسألة خلق الأفعال ،وهي من المسائل التي خالف فيها المعتزلة ،وناقش كذلك مسألتي :الاستطاعة ،والإرادة. ثم بحث المؤلف في باب الإيمان قول المرجئة ،وكذلك أقوال الصفرية من الخوارج ،فب ين موضع الخلاف بينه وبين أصحاب هذه المقالات ،ثم يختم بعد ذلك الكلام على مسألتي» :التولد« ،و»الكف«. وقد لخص أبو مخزر مباحث كتابه ومنهجه في تلك المناقشات في هذه العبارة الموجزة» :فقد ذكرنا ما اعتلت به المشبهة وأبطلنا اعتلالهم ،وذكرنا ما اعتل به جهم ،وما اعتلت به المعتزلة ،فأخذ أصحابنا بأوسط الأقاويل وسنة نبيه محمد ژ والقياس الذيوأعدلها وأصوبها ،مما وافق كتاب االله واحدا، فاعلا،لا يقدر مبطل على نقضه ،فنفينا عن االله التشبيه فأثبتناه ح يا، ليس كمثله شيء ،ولا يشبهه شيء ،وأبطلنا ما اعتل به جهم ،وما اعتلت به المعتزلة من تثبيت جهم القدرة الله حتى ألزمه الجور ،ونفى المعتزلة الجور عن االله حتى نفوا عنه القدرة على أكثر الأشياء ،ومن لا يقدر على شيء فهو عاجز عنه ،ومن يعذب من لم يظلم فهو جائر ظالم.«.. والمسألة الأولى التي بدأ بها المؤلف كتابه هي :الرد على من زعم أن أسماء االله مخلوقة ،وهي مسألة بحثها علماء الكلام وانقسموا فيها إلى ثلاثة اتجاهات :اتجاه يقول :إن أسماء االله مخلوقة ،وكان من أصحاب هذا الاتجاه: القدرية والجهمية والمعتزلة ،واتجاه يقول :إن أسماء االله قديمة ،وهو اتجاه أهل السنة وفرقة الصفاتية التي قالت :إن أسماء االله سبعة وهي قديمة ،وهي :العلم، مائة كتاب إباضي264 والإرادة ،والقدرة ،والحياة ،والسمع ،والبصر ،والكلام ،واتجاه قال :إنها أسماء االله فقط ،وتوقف فلم يقل بالقدم أو الحدوث. وترتب على مسألة أسماء االله تعالى مسألة »خلق الكلام« أو »خلق القرآن«، وكانت محنة عظيمة عرفت أيام الخليفة المأمون باسم محنة »خلق القرآن«. قائلا :فلزم من قال :الأسماءويرد المؤلف على من قال بخلق الأسماء مخلوقة أن يقول الرحمن غير االله ،فيلحق بمقالة المشركين ،وذلك أن الرحمن من أسماء االله ،فمن زعم أنها مخلوقة يجري عليه العدد والتغاير ،فيكون ر دا على االله. وإذا كان من يدل على أن أسماء االله مخلوقة أنها وردت في القرآن عن طريق الخبر ،والخبر يعني الحدوث والخلق ،فهي مخلوقة من جهة أنها تخبر عن الذات .فيرد المؤلف بأن هذا لا يصح لأنه لا يوجد في أسماء االله البعض مخلوق والبعض غير مخلوق؛ لأن ورودها وصلتها باالله واحدة. أما إذا قصدوا أنها مخلوقة لأنها تأتي من خلال الألفاظ والحكايات وهي مخلوقة ،فيرد المؤلف على هذه الحجة أن القرآن قد أخبرنا أن المقصود هو المعنى وليس اللفظ ،والمعنى قديم غير مخلوق وإن كثرت الألفاظ فالمعنى واحد. ويشير المؤلف إلى اجتماع الأمة على أن االله لم يزل ،واجتمعوا على أنه الخالق ،وأن ما سواه خلق من خلقه ،واجتمعوا أن اسمه الرحمن الرحيم ،فمن زعم أن االله الرحمن اسمان مخلوقان فقد نقض ما جاء به القرآن؛ لأن االله يقول: ﴿ _ ` ] ﴾ b aالزمر.[٦٢ : ومن المسائل التي يتناولها المؤلف في كتابه مسألة »خلق الأفعال« ،وهي من المسائل التي رد فيها على المعتزلة. 265الرد على جميع المخالفين )الخوارجالمرجئةالمعتزلة( وسنة تثبت أن االله خالق الأفعاليذكر المؤلف أن الأدلة النقلية من قرآن كلها ،بدليل قوله تعالى ﴾ b a ` _ ﴿ :ولم يستثن في هذه الآية شي ئا ،كما أن الأدلة العقلية ،والتي منها القياس تؤيد هذه الحجة. وأما ما بلغنا من سنة النبي ژ أنه دعا الرجل فقال في دعائه» :ال ل ه م ن ق ه من الذنوب والخطايا ،كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس« والعباد يغسلون الثياب. وقيل له ژ:سعر لنا يا رسول االله ،فقال» :إن االله هو المسعر«. وأما القياس الذي يضطر سامعه إلى الإقرار به أنا وجدنا الأفعال شي ئا ،وهي قديم غير مخلوق لجاز أن يكون محدثشيء محدثة بإجماع ،فلو جاز أن يكون غير مخلوق ،ووجدنا الأفعال لا تبقى أكثر من حالأي :أكثر من وقتين، وأنها لا ترى ،وأنها لا تقوم بنفسها ،وأن كيفيتها لا يعرفها الفاعل إلا بدليل. ويورد المؤلف الآيات التي احتجت بها المعتزلة مثل قوله تعالىP O ﴿ : ] ﴾ Qفصلت ،[٤٠ :وقوله تعالى] ﴾̧ ¶ μ́ 3 2 ﴿ :المائدة،[٣٠ : وقوله تعالى] ﴾ ì ë ê é ﴿ :الأحقاف ،[١٤ :وقال± °̄ ® ﴿ : ] ﴾ 2النحل .[٣٢ :فهذه الآي تدل على أن الإنسان يفعل بقدرته. كما يورد المؤلف بعض الأدلة التي احتجت بها المجبرة ،مثل قوله تعالى: ﴿ ] ﴾ y x w vالنحل ،١٠٨ :محمد ،[١٦ :وقوله تعالى/ . - ﴿ : ] ﴾ 0البقرة.[٧ : ويرى المؤلف أن هذين الاتجاهين متطرفان ،أما هو فقد أخذ من ذلك بالاتجاه الوسط ،وهو أعدل القولين وأصوبها ،فنفى عن الإنسان ما ليس من فعله وأضافه إلى االله بالمعنى الذي يحسن به الإضافة إليه ،وأثبتت الله القدرة على الأشياء والتدبير لها ،وأنه مالكها وربها وإلهها ،ولم يصفه بما وصفته به علوا المعتزلة من خروج أكثر الأشياء من تدبيره وقدرته وسلطانه ،تعالى االله كبيرا عما يقوله المبطلون. مائة كتاب إباضي266 كذلك نفى المؤلف الجور ،ولم يصفه بما وصفته به المجبرة أنه يثيب العباد الثواب الجزيل ،ويعاقبهم العقاب الأليم على غير ما فعلوا. ولذا فإن مذهبه هو نفي الظلم والجور عن االله تعالى ،أو أن يكون يأمر العباد وينهاهم عن فعله ،ثم يعاقبهم ويثيبهم على ما فعل بهم .بل الأصح هو أن إثبات الأمر والنهي هما دليلان على إبطال الجبر .وفي هذا حجج كثيرة ولكن المؤلف يكتفي بما أورده هنا للتدليل على موقفه من الجبر والاختيار. وعرض المؤلف في باب آخر موضوع الاستطاعة ،وأشار إلى اختلاف المتكلمين فيها إلى وجوه تنحصر في اتجاهين: الأول :أخذت به جميع المعتزلة ،ومن وافقهم على قولهم :إن الاستطاعة قبل الفعل؛ لأن االله الحكيم الرؤوف بعباده لم يكلفهم إلا ما يستطيعونه. مستطيعا أحدا إلا وقال فريق آخر :إن الاستطاعة مع الفعل ،واالله لم يكلف لأخذ ما كلف به وتركه ،فالاستطاعة لا تبقى. أما الرأي الذي يأخذ به المؤلف ،فهو أن الإرادة مع المراد ،لا قبل ولا بعد، وذلك أن الإرادة علة للمراد ،ومحال أن تفارق العلة المعلول .والإرادةعنده تعني :العزم وإرادة التمني. ثم يعرض المؤلف موضوع الإيمان ،ويورد رأي المرجئة القائلين :إن محمدا عبده ورسوله ،وماالإيمان هو الإقرار بأن االله واحد لا شريك له ،وأن جاء به حق. ومما تحتج به المرجئة قوله تعالى\ [ Z Y X W V U T ﴿ : ] ^ _ ` ﴾ ]النساء ،[١١٦ :وقالوا :إن الكبائر التي هي دون الشرك، فإن االله يغفرها بلا توبة. ويرد المؤلف على هذه الحجة بآية أخرى؛ أن االله تعالى قد قال¢ ¡ ﴿ : 267الرد على جميع المخالفين )الخوارجالمرجئةالمعتزلة( ] ﴾ ¥ ¤ £الزمر [٥٣ :فدخل في الجميع الشرك وغيره من الذنوب ،فلو أيضا مغفورا بلا توبة ،ولو حصلص لت هذه الآية على ظاهرها لكان الشركح  هذا على ظاهره لغفر لليهود والنصارى بلا توبة ،وكذلك المنافقين. أما الصفرية ،فقد ذهبت إلى أن الإيمان كله الإقرار والعمل ،فكل إيمان توحيد ،والترك لشيء من ذلك شر ،وأبطلوا أن يكون ترك الفرائض والعمل بالكبائر شرك. كما رد المؤلف على المشبهة والمجسمة في إثبات الجسمية الله تعالى، حي بلا جسم ،ودليل ذلك ما ورد عنه ونفي الجسمية ،ورد عليهم بأن االله  بالخبر الصادق الذي لا يدخله خلل ولا شبهة ،ممن أقر باالله أنه موجود .والدليل على وجوده مخلوقاته ،ومصنوعاته ،فبطل أن تكون صنعة صنعت نفسها. وكما رد المؤلف على المشبهة وأدلتهم ،كذلك رد على آراء جهم بن صفوان ،وما اعتلت به المعتزلة ،وأخذ بمذهب أصحابه ،وهي أوسط الأقاويل وسنة نبيه محمد ژ،والقياس الذي وأعدلها وأصوبها مما وافق كتاب االله لا يقدر مبطل على نقضه ،فنفى عن االله التشبيه ،وأثبت أنه حي وفاعل ،واحد، ليس كمثله شيء ،ولا يشبهه شيء ،وأبطل حجة المشبهة ،وأبطل ما تعلل به جهم ،وما اعتلت به المعتزلة. 268 ¬≤ØdGh ∫ƒ°UC’G »a ô°üàîe ` TM°VƒdG (Ω11/`g5 ¥) »fhÉæédG ô«îdG »HCG øH ≈«ëj ÉjôcR ƒHCG ΩÉeE’G تقديم :أبو إسحاق إبراهيم أطفيش مطبعة الفجالة الجديدةالقاهرة ،ط) ،١د .ت(. عدد الصفحات ٢٥٤ :صفحة يتكون الكتاب من مقدمة بقلم أبي إسحاق أطفيش ،ونص كتاب» :الوضع«. تعريفا بالكتاب والمؤلف ،كما تقدم نبذة عن تاريخ جبل نفوسة.المقدمة تقدم يذكر أبو إسحاق أطفيش أن كتاب» :الوضع« مختصر في فنه ،مفيد في وضعه وترتيبه ،وبالنسبة إلى كتب الفقه له رتبة ممتازة في الفتوى ،حيث إن مؤلفه من فحول العلماء البارزين في التحقيق ،وتحرير الفروع. وقد اعتبر العلماء هذا المختصر من أهم ما يقدم في المأخوذ به بعد كتاب: »الإيضاح« للإمام »الشيخ عامر الشماخي« الذي هو بلا منازع مرجع الفتوى حتى قبل ديوان »الأشياخ« ،وديوان »العزابة« اللذين هما كدوائر المعارف ،إذ القائمون بتأليف الأول عشرة من العلماء ،وتأليف الثاني سبعة من الفقهاء. وكتاب» :الوضع« تأليف يستفيد منه المبتدئ ،ويرى به الفتح الرباني، وذلك لإخلاص المؤلف في تحريره وتبويبه. العلامة أبو زكرياء يحيى بن أبي الخير الجناوني النفوسي منوالمؤلف هو  العلماء الأجلاء ،وقد قال فيه المحشي المحقق أبو ستة محمد القصبي الجربي: »إنه الغاية القصوى في سائر العلوم ،وله عدد من المؤلفات ،وقد نسب بعض أصحابنا هذا الكتاب إلى أبي زكرياء يحيى بن إبراهيم« .وذكر البدر الشماخي 269الوضعمختصر في الأصول والفقه ير« أن بعضهم نسب هذا المختصر لأبي زكرياء يحيى الجاوني،»الس في  والتحقيق ما ذكره الإمام أبو القاسم البرادي أنه لأبي زكريا الجناوني. أما المكان الذي عاش فيه هذا العالم ،فهو جبل »نفوسة« ،وهم جزء من شمال إفريقيا ،وسكانها الأصليون يقال لهم :البربر ،وهم في الحقيقة من الحميريين رغم اختلاف المؤرخين في أصلهم ،والذي يبدو للباحث المدقق بربرا لأن أنهم من الموجات المهاجرة من اليمن بعد سيل العرم .وإنما سموا قائد المهاجرين قال لهم وهم سائرون للبحث عن الاستقرار بمكان يختارونه: بر بر ،يعني :خذوا طريق البر. والبربر هم أدرى بتاريخهم ،وكل أمة أدرى بتاريخها عن سواها ،وكل قوم أعلم بأصولها من غيرهم ،وقد كانوا يقولون عن أنفسهم :إنهم من الحميريين، كما ذكره من المؤرخين ابن خلدون. و»نفوسة« لها في الإسلام تاريخ حافل بالعظمة الدينية والعلمية والكرامات، حتى كانت بلادهم جديرة بأن تسمى جبال الأولياء والأبدال ،وقد اشتهرت بلاد نفوسة بكرامات الأولياء والأخيار وصفوة الصالحين ،أينما ذهب المسلم شاهد تلك المناقب التي تشرق كالأنوار المتألقة بين مزن السماء ،بل لها إشراق النجوم والأقمار بما لا يستطيع العاقل جحوده. وقيل :سموا »نفوسة« لأنهم أسلموا بأنفسهم ولم يكن منهم على الإسلام كرها .فعندما بلغ الفتح الإسلامي طرابلس ،وكان أمير الجيش الإسلامي »عمرو بن العاص« قدم عليه ستة نفر من البربر ،محلقين الرؤوس واللحى، فقال لهم عمرو :من أنتم وما الذي جاء بكم؟ فقالوا :رغبنا في الإسلام فجئنا له فوجههم عمرو إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ،وكتب إليه بخبرهم، فلما قدموا عليه وهم لا يعرفون العربية كلمهم الترجمان على لسان عمر ،فقال لهم :من أنتم؟ فقالوا :نحن بنو مازيغ ،فقال عمر لجلسائه :هل سمعتم قط مائة كتاب إباضي270 بهؤلاء؟ فقال شيخ من قريش :يا أمير المؤمنين هؤلاء البربر من ذرية بر بن قيس بن عيلان. وقدمهم على من سواهم منوأكرمهم عمر بن الخطاب ،ووصاهم ، الجيوش القادمة عليه .وكتب إلى عمرو بن العاص أن يجعلهم على مقدمة المسلمين .وكانوا منذ ذلك العهد خير عنصر مجاهد في سبيل االله ،ففتح االله بالبربر سائر البلاد ،وظهر منهم الإخلاص الله ولرسوله والوفاء والعمل بالدين. وفي أوائل القرن الثاني للهجرة المصطفية ژ ظهر انتكاس في سيرة العمال الأمويين. وثار أهالي نفوسة ثورة عارمة بسبب العنصرية التي يعاملهم بها الأمويون. وفدا إلى الخليفة بالشام ،فبقي مدة ينتظر الإذن له في مقابلة الخليفة ووجهوا ليبلغوا إليه شكواهم ،فلم يؤذن لهم .هنالك وفد إليهم من البصرة وفد على رأس سلمة بن سعد البصري من أصحاب الإمام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ،فدعاهم إلى الحق ،وأفهمهم أن ما يشاهدونه من الظلم هو من حيف وبين لهم الهدايةالولاة لا دخل فيه للعرب ولا للإسلام ،فإنه لا عصبية فيه . المحمدية الكاملة ،فأخذوا بها وسكنوا لهم ،وتبين لهم الرشد من الغي، فانتشرت تلك الهداية التامة بين البربر إلى أقصى المغرب ،فتمك ن منهم الإسلام الكامل ،مذهب أهل الحق والاستقامة. إماما يسوسهم بالعدلفلما أنسوا من أنفسهم القوة والمنعة بايعوا والقسطاس ،وانتخبوا الإمام الحارث الكندي ،واختاروا صاحبه عبد الجبار قاضيا له .فقام الإمام الحارث بالأمر ،وساس البلاد خير سياسة ،وكانالكندي لهما شأن عظيم في صيانة البلاد من العبث والإخلال بالأمن وإقامة العدل. وكان أهل نفوسة أهل ثبات على منهج الخلفاء الراشدين ،في التسامح والعناية بالعدل والعلم ،والتحلي بالخ لق الكريم ،يفتحون صدورهم لكل من 271الوضعمختصر في الأصول والفقه تقدم لطلب الحق ،ورأى الحاقدون أن يختلسوا منهم غرة لهدم الإمامة، فاغتالوهما ،فوجد الناس سيف أحدهما في رقبة الآخر ،فحصل الخلاف بين الناس فتفككت تلك الوحدة المتينة التي جعلت »نفوسة« وما حولها كتلة واحدة. وفدا توجه إلى أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمةوكادت الطامة تقع لولا أن لطلب حل هذه المشكلة ،فأفتى أن يتركوا على الولاية الأصلية؛ لأن الأصل فيهم الولاية .والقضية في الأصل قصد بها إيجاد التفرقة بين تلك القوة العتيدة التي لم تفت في عضدها الجيوش .فكان أول إمام بويع بالمغرب هذا الإمام. وسندا لها ،ولم تكن الإمامة في و»نفوسة« كانت في عهد الإمامة قو ة تيهرت تعتمد في قوة الأمنالجيش والشرطةإلا على نفوسة ،وقد اشتهر علماء نفوسة بطول الباع في العلوم والتأليف ،وامتلأت الخزائن في عصور مديدة بمؤلفاتهم في سائر العلوم العقلية والنقلية والرياضية. ويدل على ذلك ما قال في شأنها ابن خلدون» :لقد ترامت إلينا في هذا العهد من تلك البلاد دواوين ومجلدات من كلامهم ،في فقه الدين وتمهيد عقائده وفروعه ،ضاربة بسهم في إجادة التأليف والترتيب«. ولنفوسة الفضل في رسوخ الإسلام في العنصر البربري ،وذلك أن نفوسة نقلت العلوم من البصرة إلى بلادها ،حتى بلغ فيهم أئمة جهابذة ،وظهر فيهم أساطين العلماء الذين أبرزوا ذخائر العلوم ما فاقوا به ،كعلماء المشرق :عمان، والبصرة ،والكوفة واستفرغوا الجهد لاستنباط الأحكام في كثير من القضايا فعرفت نفوسة بآرائها في شتى من المسائل فيقال :هذا مذهب أصحابناالفقهية . من أهل المغرب. وفضل »نفوسة« في دخول الإسلام إلى السودان لا ينكر ،وصلة »نفوسة« بالسودان منذ الإمامة الرستمية ،وذلك بطريق التجارة ،يستجلب الراحلون من البلاد النفوسية إلى مملكة »مالي« حاصلات تلك البلاد. مائة كتاب إباضي272 ويتكون الكتاب من عدة أبواب ،يطلق المؤلف على كل باب اسم »كتاب«، ويبدأ كتابه بالحديث عن »التوحيد«. ويشير المؤلف في مقدمته للكتاب بأن ما دفعه إلى كتابة هذا المؤلف هو أبوابا من أصول الدين والمسائل الشرعية، طلب بعض أصدقائه أن يلخص لهم ليكون له المجموع من ذلك يلجأون إليه ليسعفهم بآرائه ،فقدم لها المؤلف هذا التلخيص للاعتماد عليه في أصول الدين والأصول والفقه ،وأسماه »الوضع«. أول أبواب الكتاب عن التوحيد ،ويذكر المؤلف أن االله تعالى شهد لنفسه بالوحدانية وشهدت له الملائكة كما شهد له العالمون ،واستدل على ذلك بقوله تعالىD C B A @? > = < ; : 9 8 7 6 5 4 ﴿ : ] ﴾ F Eآل عمران.[١٨ : ويرى المؤلف أن الإقرار بالتوحيد هو أمر واجب على كل بالغ مكلف من ذكرا كان أو أنثى ،فإذا تعين على العبد فرض التوحيدعبدا ، حرا كان أوعباده ، وجب عليه أن يعرف خالقه مع أول البلوغ. ثم يقسم المؤلف الموجودات إلى ضربين :قديم ،ومحدث ،والقديم هو االله4المنفرد بالوحدانية والألوهية والربوبية ،أما المحدث ،أي :المخلوق فهو ضربان :جسم وعرض. تضم الأعراض :الحركة والسكون .والأجسام منها ما هو مرئي ،ومنها ما هو غير مرئي كالهواء والرياح. ثم يتناول المؤلف الأدلة على وجود الخالق ،فيستخدم دليل الصنعة أو الصانع والخالق ،فيرى أن كل مخلوق له خالق ،وكل صنعة لها صانع، ويستشهد على ذلك بقوله تعالى﴾ a ©̈ § ¦ ¥ ﴿ : ]إبراهيم.[١٠ : 273الوضعمختصر في الأصول والفقه ويحدد المؤلف أنواع المعارف والعلوم الواصلة إلى العباد ،وأنها في ثلاث طرق هي: ١ الحس :وهو ينقسم إلى :حس متصل كاللمس والذوق ،وحس منفصل كالرؤية والسمع. ٢ والعقل :وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام منها :واجب كمعرفة الفاعل بعد ثبوت العقل .ومن الواجبات في العقل ثبوت القدرة لمن ثبت له الفعل، وثبوت العلم لمن ثبتت له القدرة ،وثبوت الحياة لمن ثبت له العلم. أيضا بعض الحقائق ،مثل استحالة اجتماع الضدين،ومن الواجبات واستحالة وجود شيء واحد في مكانين ،واستحالة تحرك الجسم إلى جهتين مختلفتين وغيرها من أمور واجبة. ٣ والشرع :المسموع ينقسم إلى ثلاثة أقسام :أصل ،ومعقول أصل، واستصحاب حال الأصل. والمقصود بالأصل؛ أي :المصادر الأصلية ،وهي تشتمل على :الكتاب، والسنة ،والإجماع.  أما معقول الأصل فهو ثلاثة أقسام :لحن الخطاب ،وفحوى الخطاب، ومعنى الخطاب. وينقسم استصحاب حال الأصل ثلاثة أقسام :براءة الذمة ،وشغل الذمة ويع رف المؤلف الاستحسان بأنه قول بتقليد لا تقييد ولا دليلوالاستحسان . ولا برهان .أما لحن الخطاب فهو الضمير الذي لا يتم الكلام إلا به ،كقوله تعالى: ﴿̧ ] ﴾ à  Á À ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o 1البقرة [١٩٦ :؛ يعني :إن حلق. ثم عرض المؤلف لموضوع الصفات الإلهية ،ويرى أن االله اسم تبنى عليه الصفات ،وصفاته تعالى هي :العلم والقدرة والإرادة والحياة والكلام والسمع والبصر. مائة كتاب إباضي274 ومعنى الوصف له بهذه الصفات النفي لأضدادها ،فاالله تعالى حي ليس بميت، كبيرا. علواعالم ليس بجاهل ،قادر ليس بعاجز ،تعالى االله عما يقول الظالمون  وينتقل المؤلف إلى تعريف الإسلام ،ونجده يقارب ويطابق بين الإسلام والإيمان فيقسم الإسلام إلى قسمين :قول ،وعمل .والقول ينقسم على ثلاثة أقسام :القسم الأول :الإقرار باالله أنه لا إله إلا هو القديم بلا بداية ،الدائم بلا نهاية ،وغيرها من اعتقادات جاء الإسلام ليعترف ويقرب بها كل المؤمنين. وهي العقائد الست التي جاء بها الإسلام ،وهي :الإيمان باالله ،وملائكته ،وكتبه، ورسله ،واليوم الآخر ،والقدر خيره وشره. أما العمل الذي هو من الإيمان فكل ما أمر االله بامتثاله من فرض ونافلة. والسنة والإجماع .فمن الكتاب: والمأمور به ينقسم ثلاثة أقسام :من الكتاب وجوب الصلوات الخمس والزكاة في أنواعها ،وصيام رمضان ،والاغتسال من سبيلا ،والجهاد في سبيل االلهالجنابة ،والوضوء ،وحج البيت لمن استطاع إليه وفرائض الميراث ،وتحريم جميع المحرمات والحدود الواجبة ،وغيرها. السنة :عدد الصلوات ،مقادير فرائض الزكاة ،ورجم الزاني المحصن،ومن  وصلاة الوتر ،والمضمضة ،والاستنشاق ،ومسح الأذنين وغيرها. ثم يذكر المؤلف مواقف الفرق في معنى الإيمان حيث قد اختلفوا على قولين: القول الأول :قالت المرجئة :الإيمان هو ما أمر االله به من توحيده ،ونفي الأشباه عنه والأمثال ،وما لا يليق به من صفات خلقه فقط ،وما سوى ذلك من أوامر الطاعة ونواهي المعصية ،فليس عندهم إيمان. وانقسمت فرق المرجئة إلى ثلاث فرق: • فرقة قالت :الإيمان معرفة دون إقرار ،وهو قول جهم بن صفوان ومن شايعه. • وفرقة قالت :الإيمان إقرار ومعرفة ،وهو قول أبي حنيفة ومن شايعه. 275الوضعمختصر في الأصول والفقه • وفرقة قالت :الإيمان إقرار دون معرفة ،وهو قول مروان بن غيلان ومن شايعه. القول الثاني :قول سائر الأمة حيث قد أجمعوا على أن الإيمان قول وعمل خلافا لقول المرجئة ،واختلفوا بعد ذلك على خمسة مذاهب: • مذهب الصفرية :من أتى بالقول وضيع العمل فهو مشرك كافر فاسق، ليس بمسلم ولا بمؤمن. • بعض المرجئة :من أتى بالقول وضيع العمل فهو مؤمن مسلم ليس بمشرك ولا كافر. • القدرية :من أتى بالقول وض يع العمل ،فهو فاسق عاص ،ليس بمؤمن ولا بمسلم ،ولا بمشرك ولا كافر. • الأشعرية :من أتى بالقول وض يع العمل فهو مؤمن مسلم عاص مذنب، ليس بمشرك ولا كافر ،ولا ضال ولا فاسق ،إن شاء االله عذبه وإن شاء رحمه. • الإباضية والزيدية والشيعة تقول :من أتى بالقول وض يع العمل فهو كافر منافق ضال فاسق عاص ليس بمؤمن ولا بمسلم ولا بمشرك ،وأحكامه أحكام الملة الإسلامية. والدين والإيمان والإسلام :أسماء مختلفة لشيء واحد ،وهو طاعة االله تعالى ،يقال :كل إيمان دين ،وكل إسلام دين ،ولا يقال :كل دين إسلام ،ولا كل دين إيمان. ويعرض المؤلف مسألة الوعد والوعيد ،حيث اتفق الموحدون كلهم على أن االله صادق في وعده ووعيده ،أما المرجئة فقد نقضت قولهم بزعمهم أن االله يخلف وعيده ولا يخلف وعده ،وهذا ما يرفضه المؤلف. كما يعرض المؤلف موقفه من مسألة »المنزلة بين المنزلتين«؛ أي :منزلة مائة كتاب إباضي276 النفاق بين منزلة الإيمان ومنزلة الشرك .فقد زعمت المرجئة أن لا منزلة بين شرا. توحيدا ،وجعلوا الكفر كله منزلة الشرك والإيمان ،وجعلوا الإيمان كله وأما قولهم :لا منزلة بين المنزلتين؛ أي :لا منزلة بين منزلة الإيمان ومنزلة الشرك بدليل قوله تعالى] ﴾ Ë Ê É È ﴿ :الإنسان [٣ :أي :إما مقر بالوحدانية ،وإما جاحد لها. يهودا لتهويدهمويفسر المؤلف حقيقة بعض الأسماء .فيرى أن اليهود سموا عند قراءة التوراة. وسمي النصارى نصارى لنزولهم قرية تسمى ناصرة ،وقيل :لقولهم نحن أنصار االله. وسمي الصابئون صابئين لصبوهم من دين إلى دين. قطعا. وسمي المرجئة مرجئة لإرجائهم أهل الكبائر ،ولم يقطعوا فيهم والإرجاء في اللغة التأخير. وسمي القدرية قدرية :لنفيهم القدر على أفعالهم. وسمي المعتزلة معتزلة :لاعتزالهم مجلس الحسن البصري ،وقيل: لاعتزالهم أحد القولين. ويحلل المؤلف معنى الدين وأركانه وقوائمه ومسالكه وحدوده ومجاريه. فقوائم الدين أربعة :العلم ،والعمل ،والنية ،والورع. وأركانه أربعة :الاستسلام لأمر االله ،والرضا بقضاء االله ،والتوكل على االله، والتفويض إلى االله. ومسالكه أربعة :الظهور كأيام أبي بكر وعمر ،والدفاع كأيام عبد االله بن وهب الراسبي ،والكتمان كأيام أبي عبيدة مسلم وجابر بن زيد ،والشراء كأيام أبي بلال مرداس. 277الوضعمختصر في الأصول والفقه والسنة ،والإجماع. ومجاريه ثلاثة :الكتاب، وحدوده ثلاثة :علم ما لا يسع الناس جهله طرفة عين كالتوحيد ،وفعل ما لا يسع الناس تركه كالفرائض .وترك ما لا يسع الناس فعل كالمعاصي. وأفرازه ثلاثة :وفاء المؤمن ،وتضييع المنافق ،وجحود المشرك. وأحرازه ثلاثة :ولاية المؤمن الموفي ،وبراءة المنافق والمشرك ،والإمساك عن الجهول حتى يعلم. ويعرض المؤلف مسألة الولاية والبراءة .ويقع وجوبهما مع أول البلوغ في حال التكليف .أما الولاية فتنقسم إلى أربعة أقسام: أحياء وأموا تا ،معلومين القسم الأول :ولاية جملة المؤمنين من الثقلين أو مجهولين. القسم الثاني :ولاية المعصومين الممدوحين في كتاب االله تعالى الموصوفين بالطاعة والإحسان. القسم الثالث :ولاية إمام العدل وجميع من شملته ما لم يظهر من أحد ما يبرأ منه. القسم الرابع :ولاية المخصوص بنفسه المعين بشخصه إذا ظهر لنا منه الوفاء بدين االله تعالى. وتنقسم البراءة إلى أربعة أقسام: أحياء أو أموا تا ،معلومين الأول :البراءة من جملة الكافرين من الثقلين أو مجهولين. والثاني :البراءة من الإمام الجائر ومن أطاعه في جوره. والثالث :البراءة من المذمومين في كتاب االله ،الموصوفين بالإساءة والمعصية ،المخصوصين بأسمائهم. مائة كتاب إباضي278 والرابع :البراءة ممن عرفناه بعينه إذا ظهر لنا فعل يوجب البراءة. والعلم كما يحدده المؤلف يقسمه إلى ثلاثة أنواع: علم ما لا يسع الناس جهله طرفة عين ،مثل :التوحيد والشرك فهي أمور واجب معرفتها ومعرفة حدودها لكل بالغ. علم ما لا يسع جهله إلى الورود وقيام الحجة ،وذلك كصفات االله تعالى ،أو نبي أو ملك قامت به الحجة ،أو ما أشبه ذلك. أبدا ،فهو كقسم المواريث ،وقصاصوأما العلم الذي يسع جهله الجراحات ،وجميع المحرمات ما خلا الشرك ،يسع جهلها ما لم يتقول على االله الكذب ،وما لم يقارف الحرام من ذلك. ثم ينتقل المؤلف إلى موضوعات فقهية ،ويبدأ بالحديث في باب »الوضوء«، ويبدأ هذا الباب بقوله تعالى( ' & % $ # " ! ﴿ : ) * ] ﴾ 1 0 / . - , +المائدة.[٦ : واختلف الناس في معناها ،فقال بعضهم :معنى الآية :إذا أردتم القيام إلى الصلاة وأنتم على غير طهر ،وقال بعضهم :معناها إذا أردتم القيام إلى الصلاة وأنتم على طهر ،فأوجبوا الوضوء عند كل صلاة ،ولو من غير حدث .ويميل المؤلف إلى القول الأول ،ويرى أنه هو المعتمد في مذهبه. ولا يصح الوضوء إلا بعد ثلاثة شروط .أحدها :وجود الماء المجزي في الوضوء ،ورفع الحدث ،والثاني :وجود الأسباب الموصلة إلى الماء ،والثالث: إزالة جميع الأنجاس من بدنه قبل الشروع في الوضوء. والوضوء في اللغة :النظافة والطهارة .والوضوء في الشرع :فعل المأمور به. وفي الوضوء أربع فرائض ،وأربع سنن .أما الفرائض :فغسل الوجه ،وغسل اليدين إلى المرفقين ،ومسح الرأس ،وغسل الرجلين إلى الكعبين. 279الوضعمختصر في الأصول والفقه وأما السنن :فالتسمية عند الشروع في الوضوء ،والمضمضة ،والاستنشاق ومسح الأذنين. والمستحب في الوضوء ثلاثا لكل جارحة ،فإن اقتصر على واحدة أجزأت عم الجارحة بالماء.إذا وأعقب حديث المؤلف عن الوضوء الحديث عن الاغتسال والتيمم .وقد وضع للتيمم أربعة شروط :الأول :دخول وقت الصلاة ،والثاني :طلب الماء، والثالث :عدم الماء بعد الطلب ،والشرط الرابع :العذر المانع من استعمال الماء كالمرض ،أو الخوف من زيادة المرض ،أو الخوف من تأخير البرء .والتيمم يكون بالتراب. ويتناول المؤلف في أحد أبواب الكتاب »الأذان« وأشار إلى أن الأذان قد ذكر في كتاب االله ولم يأمر به ،وكان سبب ابتدائه أنه لم يكن للمسلمين ما يجمعهم إلى صلاة ،فاستشار النبي ژ المسلمين فيما يجمعهم إلى الصلاة، فقال بعضهم :تنصب راية فوق ظهر المسجد عند الصلاة ،فإذا رأوها أذن نارا على ظهر المسجد، بعضا ،فلم يعجبه ذلك .وقال بعضهم :نوريبعضهم وقال :نتخذ قر نا مثل قرن اليهود ،فكرهه النبي ژ.وقال بعضهم :نتخذ الناقوس ،فكرهه ژ من أجل النصارى ،فقال عبد االله بن زيد :فرأيت في تلك ناقوسا :فقلت :يا عبد االله رجلا عليه ثوبان أخضران يحملالليلة في المنام، أتبيع الناقوس؟ قال :وما تصنع به؟ قلت :ندعو به الناس إلى الصلاة ،فقال :أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ قلت :بلى ،قال :قل االله أكبر االله أكبر ،أشهد أن لا إله إلا االله ،إلى آخر الأذان ،فاستيقظ وأخبر الرسول ژ بهذا المنام، فقال ! » :إنها رؤيا حق إن شاء االله ،فألقها على بلال فإنه أندى منك صوتا«. ثم تناول المؤلف باب الصلاة وذكر أنها فريضة من فرائض الإسلام ،وركن »بني الإسلام على خمس« على أن يوحد االله تعالى ،وإقاممن أركانه ،لقوله: ‰ مائة كتاب إباضي280 سبيلا؛الصلاة ،وإيتاء الزكاة ،وصوم شهر رمضان ،وحج البيت لمن استطاع إليه ولقوله » : ‰الصلاة عماد الدين ،فمن ترك الصلاة فقد هدم الإيمان« ،وقوله : ‰ »لا إيمان لمن لا صلاة له« ،ولقوله » : ‰ليس بين العبد والكفر إلا تركه الصلاة«. ويفسر المؤلف معنى كلمة صلاة بأنها سميت الصلاة صلاة؛ لأنها صلة بين العبد وربه ،وقيل :سميت صلاة ،لإنحناء الصلوين عند الركوع والسجود، والصلوان عرقان يكتنفان عجم )عجب( الذنب ،وقد قيل :إن أصل الصلاة الدعاء؛ لأن الصلاة في اللغة الدعاء ،قال تعالىv u t sr q ﴿ : ] ﴾ wالتوبة.[١٠٣ : ثم عرض المؤلف فضل الصلاة ،ووصفها بأنها الحسنات التي يذهبن السيئات ،والحسنات :هي الصلوات الخمس يكفرن السيئات لمن اجتنب الكبائر ،وأن أول ما ينظر من أعمال العبد الصلاة ،فإن وجدت تامة قبلت وقبل ورد سائر عمله. سائر عمله ،وإن وجدت ناقصة ردت عليه واختلف الناس في تارك الصلاة على أربعة أقوال ،فقال بعضهم :يستتاب نكالا.تارك الصلاة ثلاثا ،فإن ارتدع وتاب وإلا قتل .وقال بعضهم :يضرب ويسجن.تعزيرا .وقال بعضهم :يؤدب وقال بعضهم :يضرب ولا يستحق ثواب الصلاة إلا المقيمون للصلاة ،والمقيمون هم المحافظون على الصلاة في أوقاتها ،بوظائفها وخشوعها؛ لأن المصلين كثيرون ،والمقيمين قليلون. وإن أفضل الأعمال كلها الصلاة لوقتها؛ لأن الصلاة تتضمن طاعة المتعبدين المجتهدين من الملائكة ومن الإنس والجن. والصلاة تنقسم إلى ثلاثة أقسام :قسم فرائض ،وقسم سنن ،وقسم نوافل. أما الفرائض :فكل صلاة نص االله تعالى على وقتها ،وقد ورد فرض الصلاة في 281الوضعمختصر في الأصول والفقه فبينها رسول االله ژ بحدودها ،وركوعهامجملا غير مفسر ،كتاب االله تعالى وسجودها ووظائفها وقراءتها ،وتسبيحها وتعظيمها ،وقعودها وتشهدها وتسليمها ،وجعلها ژ سبع عشرة ركعة على المقيم ،وإحدى عشرة ركعة على المسافر .والأمة كلها مجتمعة فيما تناهى إلينا على هذا العدد. وأما صلاة السنن فهي على ثلاثة أقسام :سنن واجبات ،وسنن مؤكدات، وسنن مرغبات .أما الواجبات فصلاة الوتر ،وصلاة الجنائز. وأما المؤكدات :فركعتان بعد صلاة المغرب ،وركعتان قبل صلاة الفجر وصلاة العيدين ،وقيام رمضان ،وركعتا الطواف خلف المقام. وأما المرغوبات :فصلاة الضحى ،وصلاة الكسوف ،وصلاة الخسوف وصلاة الزلزلة. وأما النوافل :فكل تطوع صلاه المرء الله تعالى من غير ما ذكرنا .والنفل في اللغة :الزيادة. ثم يعرض المؤلف أنواع الصلوات ،مثل صلاة الفريضة التي منها صلاة الحضر وصلاة السفر ،وصلاة الخوف ،وصلاة المسايقة ،وصلاة المريض والصلاة في الماء ،أو على ظهر البحر في السفينة ،والجمع بين الصلاتين، وصلاة الجماعة. ثم ينتقل المؤلف إلى الحديث عن باب الصوم ،ويؤكد على أنه فرض من الفروض وقاعدة من قواعد الإسلام .ومعناه في اللغة :الإمساك؛ تقول العرب: صامت الريح .إذا أمسكت عن الهبوب ،وصامت الخيل :إذا وقفت وأمسكت عن السير. ويذكر المؤلف بعض أبيات الشعر الخاصة بالصوم ،كما يذكر أدلة وجوبه مفروضا على المسلمين وسنة ،وأن الصوم ليس من خلال الأدلة النقلية قرآن مائة كتاب إباضي282 فقط ،بل فرض من قبل على النصارى ،فيذكر أن النصارى فرض عليهم صوم رمضان فشق عليهم صيامه؛ لأنه ربما أتاهم في الحر الشديد ،فيضربهم في أسفارهم وطلب معايشهم ،فاجتمع رأي رؤسائهم وعلمائهم على أن يجعلوا صومهم في فصل من السنة بين الشتاء والصيف ،وزادوا فيه عشرة أيام كفارة يوما. لما صنعوا ،فصار أربعين ويشير المؤلف إلى أن أول صيام فرض على هذه الأمة صوم يوم عاشوراء، فكان النبي ژ والمسلمون يصومونه ،ويصومون ثلاثة أيام من كل شهر ،حتى نزل فرض شهر رمضان قبل قتال بدر بشهر وأيام. واختلف العلماء في معنى رمضان :فقال قوم :اسم من أسماء االله تعالى، ويقال :شهر رمضان ،كما يقال :شهر االله .وقال قوم :سمي رمضان لرمض الفصال فيه من الحر ،وقال قوم :لرمض الحجارة فيه من الحر ،والرمضاء: ويذهبها .وقيل:الحجارة المحمات ،وقيل :لأنه يرمض الذنوب ،أي :يحرقها فسمي هذا الشهر رمضان؛ لأنهالرمض مطر يأتي في الخريف يغسل الأرض ، تطهيرا. غسلا ،ويطهر قلوبهميغسل الأبدان من الذنوب ثم يعرض المؤلف فضائل شهر رمضان وما يجب به الصوم .وما لا يصح الصوم إلا به ،والأيام المنهي عن صومها ،وأنه لا يصح الصوم إلا بالنية ،ثم ذكر مفسدات الصوم ومكروهاته والرخصة فيه ،ومن المرخص لهم ،والصوم في السفر ،وكيفية القضاء وأحكامه وغيره من مسائل تتفرع عن فريضة الصيام. ويأتي باب الزكاة بعد باب الصوم .ويفسر المؤلف معناها ،بأنها سميت زكاة؛ لأن المال يزكو بها وينمو ،والزكاة في اللغة النماء والزيادة والطهارة، ويورد المؤلف أقوال بعض الحكماء في الصدقة .وأن لها عشر خصال محمودة: خمس في الدنيا ،وخمس في الآخرة. فصلا في وعيد مانع الزكاة ،الذي يكنز المال ،وقد اختلفثم يعقد المؤلف 283الوضعمختصر في الأصول والفقه العلماء في معنى الكنز ،فقال بعضهم :كل ما فضل عن حاجتك فهو كنز ،وقال ابن عمر :كل ما أديت زكاته فليس بكنز ،وإن كانت تحت سبع أرضين .وكل ما لم تؤد زكاته فهو كنز ،وإن كان فوق الأرض. والزكاة أوجبها االله تعالى في كتابه الكريم ،وأجمل الحق الواجب في فبين رسول االله ژ سننها ،وأحكامها ،ورسم حدودهاالأموال على العموم ، ومعالمها ،ووضع النصاب فيها. وأما النصاب فينقسم إلى ستة أقسام :أولها :نصاب الذهب ،والثاني :نصاب الفضة ،والثالث :نصاب الإبل ،والرابع :نصاب البقر ،والخامس :نصاب الغنم، والسادس :نصاب الثمار والحبوب ،ولا زكاة في ذوات القرون ،ولا في ذوات الحوافر ،ولا الحنابل ،ولا التين ،ولا الزيتون ،ولا في جميع الفواكه، ولا الخضروات ،ولا زكاة كذلك في اللآلئ ،ولا في الجواهر ،ولا في الطيب، ولا العسل ،ولا الألبان ،إلا أن تكون هذه الأشياء للتجارة ،فتكون الزكاة في قيمتها دون أعيانها. ولا تحل الصدقة لأربعة :لا لمشرك ،ولا منافق ،ولا غني ولا عبد ،ولا تحل الصدقة إلا لخمسة :عامل عليها ،أو مشتريها ،أو من أهديت له ،أو غازفي سبيل االله ،أو فقير متعفف. ويتناول المؤلف بعد ذلك »باب الحج« ،والحج في كلام العرب يعني: القصد ،يقال :حججت البيت :إذا قصدته ،أحجه حج ا ،ويسمى السفر إلى بيت االله الحرام حج ا دون غيره من الأسفار ،لكثرة اختلاف الناس إليه؛ ولذلك سمي الطريق الأعظم محجة لكثرة اختلاف الناس منه. وروي عن الربيع بن حبيب أنه قال :من وجب عليه الحج ولم يحج ،فهو دين عليه ما دام ح يا ،فإن حضره الموت أوصى به أن يحج عنه ،فإن لم يوص كافرا. به ومات ،وهو مضيع غير تائب ،مات مائة كتاب إباضي284 ثم يحدد المؤلف شروط الحج في عشرة :أحدها :البلوغ ،والثاني :العقل، والثالث :الحرية ،والرابع :الإسلام ،والخامس :أمن الطريق ،والسادس :إمكان المسير ،والسابع :زاد الكاف ،والثامن :راحلة تبلغه ،والتاسع :قوة مؤدية، والعاشر :عدم العوائق. وقد اختلف الناس في الاستطاعة على أربعة أقوال :فقال بعضهم :صحة البدن لا غير ،وقال بعضهم :الاستطاعة زاد وراحلة .وقال البعض :مال واحتيال وأمن في الطريق ،وقال البعض :زاد وراحلة وأمن الطريق والأصحاب. ثم بحث المؤلف في أمور خاصة بالحج والعمرة وإتمامهما .وما يفعله العازم عليهما ،والإحرام ومواقيته وكيفيته ،وما يفعل المسلم عند بلوغ الميقات، والشروط التي لا يتم الحج إلا بها وكيفية الإحرام بالحج وشروطه ،وما يجتنبه المحرم من اللباس والأفعال ،وحكم الصيد في الإحرام. ثم ينتقل المؤلف إلى تناول شعائر الحج الأخرى التي منها الطواف والسعي بين الصفا والمروة وما يفعل فيه ،ثم يعرض مناسك العمرة ،وحكم المتمتع وشروطه وما يفعله الحاج في منى وعرفات والمزدلفة وعند رمي الجمار ،وأيام التشريق والوداع ،وغيرها من أمور تتناول كافة مناسك الحج. ومن أطرف فصول هذا الباب حديث المؤلف عن معاني أسماء تذكر في أقوالا لبعض العلماءالحج مثل مكة ،والصفا والمروة ،ومنى ،وعرفات .فيذكر أن مكة سميت بهذا الاسم لقلة مائها؛ تقول العرب :مك الفصيل ضرع أمه وسميت بكة لأن الناس يتباكون فيها؛ أي:وامتكه إذا مص ما فيه من اللبن . بعضا. يزدحمون فيبك بعضهم وقيل :سميت بكة؛ لأنها تبك أعناق الجبابرة ،أي :تدقها ،ولم يقصدها جبار قط بسوء إلا قصمه االله .وقال البعض :بكة البيت وما حوله من المطاف، ومكة الحرم كله. 285الوضعمختصر في الأصول والفقه وسميت أم القرى؛ لأن الأرض دحيت من تحتها ،وقد خلقها االله قبل السماء والأرض بألفي عام ،وكانت زبدة بيضاء على وجه الماء ،فدحيت الأرض من تحتها. وأما الصفا والمروة :فهما جبلان بمكة ،والصفا في اللغة :الصخرة الصلبة الملساء .والمروة في اللغة حجر لين. فسميت منى لما ي م نى فيها من الدماء ،تقول العرب :منى لكوأما منى : الماني؛ أي :قدر لك المقدر. أما الباب الأخير من هذا الكتاب فهو باب الأيمان ،والأيمان مذكور في كتاب االله، 8وقد أوعد االله تعالى الكاذبين في أيمانهم بالعذاب الأليم. واليمين على ضربين :مستقبل وماض .ويجوز للرجل أن يحلف باالله صدقا؛ والسنة قد أباحا ذلك .وقد كره الإباضية الحلف باالله ولو علىلأن الكتاب وتعظيما الله . 8 توقيرا الصدق، 286 ogQÉÑNCGh áaFC’G ô«n °Sp ) AÉjôcR »HCG ïjQÉàH ±hô©adGت ٤٧١ه١٠٧٨/م( )✽( أبو زكرياء يحيى بن أبي بكر بن سعيد اليهراسني الوارجلاني حققه ووضع هوامشه :إسماعيل العربي دار الغرب الإسلاميبيروت ،ط١٣٩٩ - ١ه ،١٩٧٩/ط١٤٠٢ - ٢ه١٩٨٢/م. عدد الصفحات ٣٠٨ :صفحات يتكون الكتاب من مقدمة وضعها إسماعيل العربي ،بالإضافة إلى نص )(١ كتاب سير الأئمة وأخبارهم لأبي زكرياء. يذكر في المقدمة أن قصة الخوارج ترجع إلى أخطر شقاق ظهر في الإسلام في خلافة علي بن أبي طالب3عقب معركة صفين ،حين فارقه الخوارج الذين استنكروا قبوله لمبدأ التحكيم مع معاوية. بعد فشل هذا التحكيم نتيجة لمناورة عمرو بن العاص لحساب معاوية، كثيرا من الحلم وسعة الصدر والميل إلى المهادنةواستئناف القتال ،أبدى علي سندا قويا لقضيته ،ولكن بدون جدوى،مع العناصر الثائرة التي كانت تمثل معا. حيث إن الحركة قد اتخذت موقف العداء السافر تجاه الحزبين وقائدا زعيما وكذلك أعلن الخوارج مبادئ حزب جديد واتخذوا لأنفسهم هو عبد االله بن وهب الراسبي ،ومن اسمه أخذت الطائفة نسبة »الوهبية« ،ونادوا بشعارهم المشهور» :لا حكم إلا الله« الذي رد عليه الإمام علي بقوله :كلمة حق أريد به باطل ،ثم انسحبوا إلى قرية حرورة التي تقع غير بعيدة عن الكوفة، ومنها أخذ الخوارج الأوائل اسم الحرورية. )✽( ويقال :إن وفاته كانت بعد )٤٧٤ه١٠٨١/م(. 287سير الأئمة وأخبارهم ومع مرور الأيام كثرت جموع الخوارج ،واشتدت شوكتهم بالتحاق كثير من أتباع علي ممن أغراهم مبدأ المساواة الذي أعلنوه بجيش عبد االله بن وهب مهما على الضفة اليسرى لنهر دجلة.موقعا استراتيج يا  الذي احتل وتعصبا وتصم ونتيجة لشعورهم بالقوة أخذت حركة الخوارج تزداد تطرفا علي وعثمان ،وكذلك اتخذتبالكفر والردة كل من لا يرى رأيها ولا يتبرأ من طابعا استفزازيا ،ولم تتورع بعض العناصر منها على قتل الصحابةأعمالها الأبرياء والنساء )عبد االله بن خباب وزوجته( بدون سبب سوى رفضهم تكفير علي بن أبي طالب. قائلا» :ادفعوا إلينا قتلة إخواننا فلما بلغت هذه الأحداث عل يا بعث إليهم منكم أقتلهم بهم« ،ولكن الخوارج ردوا عليه قائلين» :إنهم متضامنون في الأفعال التي يرتكبونها«. وقد حاول عدد من الشخصيات ممن كانوا يحرصون على حقن دماء المسلمين ،وفي مقدمتهم قيس بن سعد وأبو أيوب الأنصاري القيام بمساع علي لمواجهةللصلح ولرأب الصدع ،وناشدوا الخوارج العودة إلى صفوف العدو المشترك في الشام ،ولكن هذه الجهود باءت بالفشل. وفي نفس الوقت كان علي بن أبي طالب3يواجه ضغو طا قوية في صفوفه حيث ارتفعت أصوات قوية من أنصاره تطالبه بالعمل لتأمين مؤخرة جيشه، ولتصفية الموقف بينه وبين الخوارج ،قبل أن يقدم على مواجهة جيوش الشام. واضطر الخليفة إلى أن يتخذ عدته للقضاء على الخطر المستشري ،فأعطى أبا أيوب الأنصاري راية الأمان ،ونادى الخوارج للانضمام عليها .وعقب ذلك علي الخوارج فيما أصبح يعرف بعد ذلك بموقعة النهروان ،والتيزحف على فضلاكثيرا من التضحيات، نصرا مبي نا ،ولكن كلفه أحرز فيها الخليفة الرابع نهائيا على حركة الخوارج. عن أنه لم يقض مائة كتاب إباضي288 وهذه الحركة لم تلبث أن ظهرت من جديد على مسرح الأحداث في سلسلة من الفتن المحلية قبل أن يتوج نشاطها عبد الرحمن بن ملجم باغتيال علي بن أبي طالب. وفي العصر التالي واجهت الدولة الأموية ثورات هنا وهناك قام بها الخوارج ،ولا سيما في الكوفة والبصرة ،وأهم هذه الثوراتبدون شكهي ثورة مرداس بن أبي حدير ،أبي بلال ،التي لم يتمكن جيش عماد بن علقمة المازاني من قمعها إلا بالغدر. وقد زادت شوكة الخوارج حدة وقويت جموعهم واتسعت حركتهم خصوصا أثناء الاضطرابات التي أعقبت وفاة يزيد بن معاوية ،وفي هذه الأثناء تفرقت حركة الخوارج إلى عدة فرق ،يقول المؤرخون أنها تجاوزت عشرين فرقة لا تجمع بينهم سوى نظريتين :نظرية الخلافة التي لم يعودوا يشترطون أن جزءا من الإيمان. تكون من قريش ،ونظرية اعتبار العمل خصوصا ،فرقة الأزارقة )أتباع نافع بن الأزرق( وقد اشتهر من هذه الفرق، كثيرا عن الأزارقة ،من حيث إنهم يكفرون والصفرية الذين لا يختلفون المسلمين ما عداهم ،والإباضية نسبة إلى عبد االله بن إباض زعيم الطائفة الذين تتكون منهم الأغلبية الساحقة من الخوارج في المغرب. والإباضية طائفة تمتاز بالاعتدال في نظرتهم إلى مخالفيهم ،حيث إنهم لا يحكمون بتكفيرهم ،بل إنهم يعتبرون التزاوج والميراث مع غيرهم من حلالا ،وهم لا يستبيحون قتل غير الخوارج من المسلمين إلا فيالمسلمين حالة إعلان الحرب )عكس الأزارقة( خرج عبد االله بن إباض عن المتطرفين من موقفا يختلف عن موقفهم تجاه أهل التوحيد.الخوارج باتخاذه وبعد مقتل أبي بلال الذي قاد ثورة سنة ٦١ه،تسلم زمام رئاسة الطائفة عبد االله بن إباض الذي وصفه الشماخي بأنه »إمام أهل التحقيق والعمدة« وكان 289س ير الأئمة وأخبارهم وبعد نظر سياسي سيضمن لطائفته فترة من السلامعبد االله يتسم بحصافة والاستقرار هي أشد الحاجة إليها. وبعد عبد االله بن إباض حمل لواء الدعوة في البصرة أبو الأشعث ،جابر بن زيد الأزدي الذي ولد في سنة ١٨ه،ويعتبر بشهادة أبي زكرياء نفسه من أكبر علماء المذهب. وقصارى القول :إن جابر بن زيد الذي يصفه الشماخي ب»بحر العلوم العجاج« ،وسراج التقوى ،وأصل المذهب« هو الذي أقام دعائم المذهب الإباضي على الأسس التي وضعها عبد االله بن إباض. وانطلاقا من القاعدة السياسية التي أرساها سلفه جابر في السنوات الأولى من معاملته على سياسة ودية تجاه الأمويين ،وارتبط بعلاقات وثيقة مع الحجاج بن يوسف الثقفي ،بحيث عرض عليه عامل بني أمية على العراق القضاء ،وقد كانت الواسطة بينهما هو يزيد بن أبي مسلم الثقفي. وكان من أعلم تلامذة »جابر بن زيد« أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة، والشيء الذي ميز التلميذ عن شيخه أنه تعرض لاضطهاد الأمويين ،وعرف سجون الحجاج بن يوسف وما تنطوي عليه من ألوان التعذيب. معهدا كان مركز الإمامة الإباضية في البصرة ،وهناك أنشأ أبو عبيدة للدراسات الإباضية ،كان هو نفسه يشرف عليه ويعلم الطلبة ويدربهم على القيام بنشر الدعوة ،ثم يبعث بما يسمى »حملة العلم« إلى مختلف البلدان. وكانت التعليمات التي يزود بها هؤلاء تقضي بأن يقوموا بعمل سياسي وبنشر الدعوة في السر حتى يخلقوا الظروف الملائمة ويجتمع لديهم عدد كاف من الأنصار والمؤيدين ،ثم يعلنوا »حالة الظهور«. ولما قامت الدولة العباسية استمر الإباضيون على نشاطهم الذي وجد تشجيعا ،بل ورعاية من بعض الشخصيات البارزة في الدولة الجديدة ،وفي مائة كتاب إباضي290 مقدمتهم عمة الخليفة المهدي ،وزوجها ،عبد االله بن الربيع الذي اعتنق المذهب ميلا إلى الطائفة الإباضية.الإباضي ،بل إن الخليفة أبا جعفر نفسه كان يبدي ولكن بعد وفاة أبي عبيدة في سنة ١٤٥ه دخل نشاط المذهب الإباضي في مرحلة من الركود النسبي ،ولو أن وجود الطائفة استمر تحت إمامة الربيع ابن حبيب البصري الذي خلف أبا عبيدة ،بل إن هذا الإمام حاول إحياء التقليد الذي س نه أبو عبيدة بإرسال البعثات من »حملة العلم« إلى الأقطار. على أن علماء المذهب لم يلبثوا أن أخذوا في الهجرة جماعات من البصرة إلى عمان ،ولو أن وجود الطائفة استمر في الكوفة ،طوال القرن الثاني الهجري، وكذلك تحول مركز الثقل في الإباضية الآن إلى عمان ،بفضل الأثر الذي تركه هناك جابر بن زيد وغيره من زعماء المذهب الذين لحقوا به. وخصوصا إلى ومن عمان انطلق إشعاع المذهب في اتجاه الهند والصين، مركزا للدراسات الإباضيةشواطئ إفريقيا الشرقية المجاورة ،كما أصبحت مصر لا يقل أهمية عن البصرة سابقا. حاسما في لكن الدور الذي سيلعبه رجال المذهب في المغرب سيكون المراحل الأولى من تاريخ الإسلام في هذه البلاد .فأول من حمل الدعوة إلى المغربكما ذكر أبو زكرياءهو سلامة بن سعد وعكرمة بن عبد االله )الذي يعزى إليه نشر مذهب الصفرية( في أوائل القرن الثاني الهجري. نجاحا ملحو ظا، بكرا ،فنالت دعوته أرضا ويبدو أن نشاط سلامة وجد حيث إنه لم يكد يمضي على دخوله إلى الغرب عشرون سنة حتى تكونت جماعة معتبرة من الإباضيين في طرابلس يتزعمها رجل يدعى عبد االله بن مسعود التجيبي. وبعده تحولت زعامة المذهب إلى عبد الجبار بن قيس المرداي ،ومعه الحارث بن تليد الحضرمي ،وتحت رئاسة هذين الزعيمين أصبحت 291س ير الأئمة وأخبارهم طرابلس قاعدة المذهب ،ثم انهارت الدولة الإباضية الأولى في طرابلس، وذلك على الرغم من بقاء بعض العلماء في طرابلس ومن تمسك من سكان المنطقة بالمذهب. وعقب هذه المرحلة عادت إلى المغرب بعثة »حملة العلم« وتمكن أبو الخطاب من الاستيلاء على مدينة طرابلس وولايتها ،ثم اتجهت الجيوش الإباضية إلى مدينة القيروان ،حاضرة أفريقية. مرورا وبذلك أصبحت الدولة الإباضية قوية وتمتد حدودها من برقة بطرابلس ونفوسة حتى حدود الجزائر الشرقية ،على أن دولة أبي الخطاب لم جيش عباسي.طويلا حيث قضى عليهاتعمر وعقب هذه الهزيمة التي ضمنت للعباسيين السيطرة على ولاية طرابلس وأفريقية ،انسحب الإباضيون في اتجاه جنوب طرابلس وتونس والمغرب الأوسط ،وقد كان في مقدمة الفارين عبد الرحمن بن رستم ،الذي أسس الدولة الرستمية. وموضوع الدولة الرستمية عالجه أبو زكرياء وقدم في هذه الصفحات ما يعتبر المرجع )مع تاريخ ابن الصغير( ،وإلى جانب عبد الرحمن بن رستم كان يوجد علماء إباضيون آخرون بقوا في جبل نفوسة. وتحت الأئمة عبد الرحمن ،وابنه عبد الوهاب ،وحفيده أفلح ،بلغ المذهب أساسا لحضارة لم يشهد لها الإباضي أوج عظمته العلمية والسياسية ،حيث كان مثيلا من قبل؛ لأن الأسرة الرستمية التي استطاعت أن تفرضالمغرب الأوسط سلطانها على القبائل المضطربة تمكنت بفضل عنايتهم بالفنون والعلوم، حرصهم على إقامة العدل ،واعتمادهم في السياسة منهج الشورى واحترام رأي كثيرا وكلفتهم الأغلبية ،وباختصار تلك المبادئ ناضل الإباضيون من أجلها تضحيات باهظة عبر العصور ،ولم يتمكنوا من تطبيقها في المشرق. مائة كتاب إباضي292 وفي سنة ٢٢٤ه نجح الأغالبة في تحطيم هذا الحصار ،باحتلال المضيق الذي يربط »تيهرت« بطرابلس ،وكان ذلك بفضل حملة قادها عيسى بن ريعان. وفي منتصف القرن الثالث منيت »تيهرت« بالشقاق ،وهذه أحداث يتناولها أبو زكرياء باستفاضة. وفي هذه الأثناء تكونت دويلة إباضية في جبل نفوسة الذي لم يقتحمه العبيديون إلا في وقت متأخر بزعامة عالم يسمى أبو يحيى زكرياء الإرجاني، وخلع عليه لقب »الإمام المدافع« وقد دامت هذه الدولة نحو١٥سنة .وهذا هو الحاكم الإباضي الوحيد الذي أخذ لقب »الإمام« بعد الرستميين. والإباضيون في الوقت الحاضر لا يزالون متمسكين بتراثهم ومميزاتهم التي ورثوها عبر القرون ،وهم يعيشون في جماعات متضامنة منطوية على نفسها ثقاف يا ،ولكنها ترتبط بعلاقات تبادل تجاري وتعيش في وئام مع مختلف الجماعات الدينية في المغرب .والمناطق الأساسية التي يعيشون فيها هي ورجلة ووادي ميزاب في الجزائر ،وفي جبل نفوسة في ليبيا ،وفي جربة في تونس ،حيث توجد أقلية تمثل النكارية. عرف مقدم الكتاب شخصية مؤلف الكتاب وهو أبو زكرياء .ويرى أنوي كتب التراجم الإباضية التي تعرضت لسيرة أبي زكرياء تعود كلها إلى أصل واحد ،وهو طبقات أبي العباس الدرجيني )ت ٦٧٠ه( التي تصنف أبا زكرياء ضمن علماء الطبقة العاشرة )٥٠٠ - ٤٥٠ه( الدرجيني مع أخيه زكرياء ومع أبي الربيع سليمان بن يخلف المزاني ،وأبي سليمان يوسف. أبو زكرياء يحيى بن أبي بكر ،وأخوه أبو يحيى زكرياء كانا من الأفاضل حية ،وطرق البر ناهجة ،وطلبالمقتفين لآثار الأوائل ،لم تزل الديانة بحياتهما علوم المذهب ،ولهما علوم النظر أطول باع بأدلة ذات إقناع. ير« فإن المستشرق الألماني »إدوارد ساخو« يخبرنا أن»الس أما كتاب : 293س ير الأئمة وأخبارهم مصدرا للأخبار التي تتعلق بإباضية المغرب .وأنالكتاب قد اعتمده المشارقة المؤلف المجهول لكتاب» :كشف الغمة في سير أئمة عمان« إنما أخذ مادته عن رجال المذهب في شمال أفريقية من كتاب »السير« لأبي زكرياء. ير« المصدر الأساسي مع سير أبي الربيع»الس وقبل ذلك كان كتاب  الوسياني الذي استقى منه الدرجيني مادة طبقات الذي اشتمل على عشرات الصفحات الملخصة أو المقتبسة حرفيا من كتاب : »الس ير« ،وكذلك استفاد منه كثيرا من روايات أبي زكرياء أبو الربيع الوسياني الذي عاش في القرنونقل السادس في سيره. وأما الشماخي فيبدو أنه لم يطلع على نص الكتاب ،ولكنه مع ذلك ينقل عنه كثيرا في كثيرا بواسطة طبقات الدرجيني ،وكذلك استفاد منه سليمان الباروني كتابه» :أزهار الرياض« )الجزء الثاني( الذي أرخ فيه لتيهرت وللأئمة الرستميين. وكتاب أبي زكرياء هو المصدر الإباضي الأول والوحيد الذي يمكن أيضا من المراجع التيبواسطته وضع صورة تركيبية للدولة الرستمية ،وهو لا يمكن كتابة تاريخ المغرب دون الاستعانة بها. وبالفعل ،فإن المؤرخين الأوروبيين الذين كتبوا عن المغرب في غضون ير« إلى الفرنسية ،إنما أخذوا مادتهم »الس القرن الماضي ،منذ ترجمة كتاب : الأساسية عند عدد من الموضوعات ،والتي قام بترجمتها ماسكاري. وبعد مرور ما يقرب من قرن على ظهور ترجمة ماسكاري لكتاب : »الس ير« قام المؤرخ لوتورنو في سنة ١٩٦٠م بمحاولة إعادة ترجمة الكتاب. ير« قد احتل المكانة اللائقة به بين المراجع التاريخية منذ إن كتاب» :الس ظهور ترجمته ،ولكن ما هي نوعية المساهمة التي يقدمها أبو زكرياء بن أبي بكر للبحث التاريخي؟ مائة كتاب إباضي294 في المكان الأول يعرفنا الكتاب بعدد من مراكز إشعاع المذهب الإباضي، مثل قنطرارة ،وقفصة ،ووارجلان ،وتيهرت ،وما كان يجري فيها من نشاط في التعليم والجدال والجهاد والإفتاء ...إلخ ،في الوقت الذي ترجم فيه لعدد من أئمة المذهب ومشايخه ويقدم إلينا عنهم صفحات مؤثرة ،تبرز إلى جانب علمهم ،فضلهم وتقشفهم وميولهم إلى العدل ،والتمسك بأهداف الدين الحنيف ،وهو في كل ذلك يتحدث عن شخصيات معاصرة له ،أو هي قريبة حية وذكراها عاطرة في نفوس الناس. العهد به ،ولا تزال مآثرها لم يكن أبو زكريا من مؤرخي القصور ،ولم يلتمس رضا سيد من الأسياد، وإنما هو عالم يدفعه إلى تسجيل سير أشياخه ليكونوا قدوة للأمة ،نفس الإيمان الراسخ الذي حمل أسلافه على الوقوف في وجه أمواج القوة المتعاقبة. والصفحات التي خصصها المؤلف لثورة أبي يزيد الخارجي مفعمة فضلا عن أن الكاتب يفند زعم القائلين بأن الإباضيينبالتفاصيل المثيرة ،وذلك مظلوما« ،حيث إنه »ظالما أو متضامنون بطريقة العصبية وينصرون أخاهم لا يتردد في استنكار الفظائع التي ارتكبها هذا الثائر ،ويصفه بأنه »عدو االله«. أيضا »أعداءوفي نفس الوقت ،فإن وصف المؤلف للعبيديين بأنهم هم االله« ،لم يمنعه من أن يخصص صفحات من كتابه ،لينقل إلينا صورة فريدة عن معاملة المعز لدين االله لأبي نوح سعيد بن زغيل ،ولأبي القاسم بن يزيد بن مخلد ،الإمامين الإباضيين اللذين قادا ثورة فاشلة ضده ،وقد بلغ به الأمر في حرصه على إرضائهما وإرضاء أتباعهما أنه عرض عليهما إعادة ملك تيهرت إلى الطائفة الإباضية. أما ما ذكره أبو زكرياء عن الأئمة الرستميين فهو بالتأكيد أدق وأغنى ير« سيظل المرجع ما وصل إلينا من المعلومات عن هذه الدولة ،وكتاب »الس الأول والأخير عنها. 295س ير الأئمة وأخبارهم ولكن هذا لا يعني أن الكتاب يخلو من فجوات هنا وهناك ،فالكاتب يقدم كثيرا عن دولةإلينا صفحات ثمينة عن العبيديين في المشرق ،لا يذكر قليلا أو الأدارسة ،ولا عن علاقات هذه الدولة بالرستميين الذين كانت تتعايش معهم في سلم ووئام. كما لا يعطينا الكتاب سوى صورة غامضة عن تيهرت في أيامها الأخيرة، قبل أن يدمرها العبيديون. والكتاب لا يذكر شي ئا عن علاقات تيهرت بالخلافة الأموية في الأندلس، تلك العلاقات التي كانت نتيجة لظهور قوة العبيديين ولرغبة قرطبة في إقامة حواجز بينها وبينهم في أبعد نقطة ممكنة. ومن جهة أخرى ،أهمل المؤلف كلية تاريخ الأغالبة ،وما شهدته دولتهم من الثورات في القارة وحروبهم في صقلية ،وإنما يذكرهم لأول مرة لدى مرور جيوشهم بجبل نفوسة في طريقهم إلى تيهرت ،حيث دخلوا في معركة حاسمة في تاريخ الإباضية )مانو(. بل إن أبا زكرياء لم يتعرض في روايته لافتتاح أبي عبد االله للجنوب التونسي، وخصوصا لقسطيلية وقفصة ،وهما معقلان إباضيان من الدرجة الأولى. هذا بالإضافة إلى ظاهرة أخرى تظهر في كتاب» :السير« لأبي زكرياء ،وفيما ير الإباضية ،وهي خلوها من تواريخ ميلاد المترجم لهالس كتب بعده من  وتاريخ وفاته ،ومن التواريخ بصفة عامة ،وخلوها كذلك من الحقائق المجردة، ومن تسلسل أنساب المترجم لهم إلى ما فوق الأب والجد ،وعدم إيرادها أية مراجع تاريخية لغير الإباضيين. ومهما يكن من أمر يجب ألا يغيب عن أذهاننا أن تاريخ أبي زكرياء إنما هو تاريخ إباضي ديني في المقام الأول ،يرتكز على س ير العلماء والأئمة الذين مائة كتاب إباضي296 يقتصر على إيراد الحوادث التي وقعت لهم أو شاركوا فيها ،دون أن يهتم بسياقها التاريخي العام في المغرب. ويبدأ أبو زكرياء كتابه» :السير« بأن سبب تأليفه هذا هو البحث عن سبب ظهور مذهب الإباضية ببلاد المغرب ،وكيف كان الخمسة الأوائل من »حملة العلم« ،ووصولهم إلى أرض المغرب ،وكيف كان ابتداء الإمامة إلى انقراضها، ثم ما يتلو ذلك من أخبار المشايخ وأخبار أهل الدعوة ،وكيف كان قيام من قام عنهم ،قر نا بعد قرن ،وما يتبع ذلك من أحاديث أهل الدعوة ونشر مآثرهم، وطلب مخابرهم خلف عن سلف ،وخلف عن خلف. ويتناول المؤلف ذكر فضائل الفرس من العجم وفضائل البربر من العجم، ثم ينتقل منها إلى الحديث عن »حملة العلم الخمسة« ،وأحدهم أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري من العرب ،وعبد الرحمن رستم الفارسي، وعاصم السدراتي ،وإسماعيل بن درار القدامي. ثم عرض أخبار عبد الرحمن بن رستم ،وإمامة أبي الخطاب عبد الأعلى، وعرض سير ابن الأشعث إلى أفريقية ،ومقتل أبي الخطاب وأصحابه ،ثم ولاية ابن حاتم ومقتله وإمامة عبد الرحمن بن رستم. كما تناول المؤلف أول افتراق للإباضية وسببه ،فأما سبب افتراق الإباضية فقد أخبر به بعض الإباضية ،وذلك أن عبد الوهاب لما ولي أمر المسلمين وكانت رغبته في أهل الخير واستعمال أهل العلم والبصيرة من الدين في أمور المسلمين ،فعمد إلى رجال ليست لهم رغبة في الولايات ،فولاهم الأمور. وكانوا أقل منه قدر وقدرة ،فاختلط قولهم وتفاقم أمرهم وكثر التنازع ،تارة يقولون لا تصلح ولاية رجل ،إذا كان في جماعة المسلمين من هو أعلم منه، وتارة يقولون بل كانت ولايته على الشرط. أما الافتراق الثاني بين الإباضية فقد حدث عندما أراد الإمام التوجه إلى 297س ير الأئمة وأخبارهم رجلا ،فأرادتيهرت اجتمع إلى جوامع أهل طرابلس ،وطالبوه أن يولي عليهم الإمام تولية بعض وزرائه عليهم ،ولم يحبوا ذلك ،وأراد الإمام أن يولي عليهم وحسن وزيره ،السمح بن عبد الأعلى ،ولما رأوا من محبة الإمام له وإيثاره له شأنه ،وهو ابن إمامهم ،قبل ذلك. فلما حضرت الوفاة السمح اجتمع إليه أصحابه ،وطلبوا منه أن يوصيهم بشيء ،فقال لهم :أوصيكم ونفسي بتقوى االله والاتباع لما أمركم به ،والانتهاء مستقيما على الحق عما زجركم عنه ،وطاعة إمامكم عبد الوهاب وتأييده ما دام الذي عليه سلفكم ،وجاهدوا من خالفه. فلما توفي السمح و لى الناس ابنه خلف بن السمح ،وظنوا أن ذلك أوفق لأمير المؤمنين ،فرد ذلك عليهم من له علم في الدين وبصيرة ،وقال :ليس ينبغي أن تسبقوا إمامكم إلى شيء من أموركم. فلما وصلت الإمام كتب أهل طرابلس بوفاة عامله السمح ،وتولية بعض خلفا ،فأرسل إليهم بعزل خلف بن السمح ،ولما وصل كتاب الإمامالناس ابنه إلى طرابلس اجتمع أهلها عليه .فكتبوا إليه مرة ثانية يطلبون أن يجيز لهم كتابا أفرده فيه ،يأمره خلفا ،فأرسل الإمام إلى خلفما فعلوه من توليتهم وحرم على من يدفع لهبتقوى االله والاعتزال لأمور المسلمين والكف عنها، فحرم عليه أخذها حتى يعتزل أمور المسلمين.صدقات من ماله ، كتابا ثم إن الإمام اجتهد في النظر لأمور المسلمين بغاية الاجتهاد ،فأرسل وكتابا آخر فيه إلى الخاصة من جماعة المسلمين الذين كانوا في طرابلس استعمال خلف ،وأمرهم أن يدفعوا له الكتاب الأول الذي فيه عزل خلف ،فإن وكف عنها وأطاع إمامه ،ولم تكن له رغبة فيقرأه واعتزل عن أمور المسلمين الأمور ،أن يدفعوا له الكتاب الثاني الذي فيه توليته ،وإن أبي الاعتزال أن يتركوه في غيه وزيغه ،حتى يحكم االله وهو خير الحاكمين. مائة كتاب إباضي298 فلما وصلت كتب الإمام إلى طرابلس دفعوا لخلف بن السمح الكتاب ولوه فلما وصلهم كتاب الذي فيه عزله ،فلما قرأه أبي الاعتزال .وأما الذين  كتابا إلى المشرق ،إلى أبي سفيان الإمام فلم يمنعهم عزل الخلف ،وأرسلوا فرد عليهم بكتاب محبوب بن الرحيل ،وهو إذ ذاك رأس الدعوة في المشرق ، يخطئ من ولى خلفا ،وإصابة من لم يوله ،وأمرهم باتباع إمامهم عبد الوهاب. فلما وصل جواب محبوب إليهم تركوه ،وزعموا أن عبد الوهاب ليس بإمامهم ،بغير حدث ولا بدعة ،وزعموا أن إمامهم خلف. أما الافتراق الثالث من الإباضية فكان نتيجة خروج سعيد بن أبي يونس ليتعلم عند الإمام ،فأراد الإمام أن يوليه أحكام المسلمين ،إلا أن خديعة تمت أدت إلى عدم توليه هذا الأمر بسبب إنكار ثقات له. وعرض المؤلف الافتراق الرابع من الإباضية ،وتكلم عن أخبار أبي الربيع سليمان بن زرقون النفوسي ،وكذلك عرض المؤلف الافتراق الخامس من الإباضية ومناظرات أبي نوح بين يدي أبي تميم التي فيها أسئلة عن الدليل على الصانع ومسألة الأسماء ،وغيرها من مسائل. 299 èé`ëdGh π`F’ódG ) »eô°†ëdG ˆG óÑY øH o«gGôHEG ¥Éë°SEG ƒHCG ï«°ûdGت :بعد ٤٧٥ه١٠٨٢/م( تحقيق :أحمد بن حمو كروم ،وعمر بن أحمد بازين مساعدة :مصطفى بن محمد شريفي ،ومحمد بن داود تمزغين تقديم :سماحة الشيخ /أحمد بن حمد الخليلي وزارة التراث القومي والثقافةمسقطسلطنة عمان ،ط٢٠١٢ ،١م. عدد الصفحات ٨٠٧ :صفحات )جزآن( يشير سماحة الشيخ الخليلي في تقديمه إلى أن الفقه في الدين أنفس ويطاع ،ويقام ما تتنافس في تحصيله الأفهام ،إذ هو البصيرة التي يعبد االله بها بها ميزانه القسط بين عباده ،ويحكم بها منهاجه العدل في أرضه؛ لذلك تبارت همم طلاب الهدى في طلبه منذ الرعيل الأول عن رسول االله ژ أمانة العلم. وقد كان لأهل الاستقامة القدح المعلى في ذلك ،فتركوا من مواريث الفقه كنوز ا لا تقدر بثمن؛ لأنها ترجح بالدنيا وما فيها ومن هذه الكنوز للعلامة أبي إسحاقالغالية والجواهر النفيسة كتاب »الدلائل والحجج« إبراهيم بن عبد االله الحضرمي، 5الذي عاش في القرن الخامس الهجري، مطمورا رغم نفاسته ومزاياه الكثيرة ،حتى تم مهملافظل أثره العملي هذا تحقيقه وطبعه. إن مما يشد المطالع من مزايا هذا السفر الكريم ما فيه من قرن المسائل بأدلتها ،فهو لا يكتفي بإيراد الأقوال من غير أن يتبعها بدلائل الآثار ما يشد أزرها ،وهو بخلاف ما درج عليه كثير من المؤلفين في عصره وغير عصره ،إذ كثيرا ما يعنون بسرد الأقوال من غير بيان لأصولها من الأدلة .كما أن لتقادم أيضا كثيرا ما يفيد قارئهعهده قيمة خاصة تزيده مزية وترفعه درجة؛ على أنه بنسبة الأقوال إلى أصحابها. مائة كتاب إباضي300 ويتناول المحققان في المقدمة التعريف بالمؤلف والكتاب ،فيتحدثان عن: الإباضية في حضرموت و عمان ،وعصر الكتاب في الحياة الإسلامية العامة، وتحقيق اسم المؤلف وترجمته ،وتحقيق عنوان الكتاب ،وغيره. تتكون من كلمتين :هما: وحضرموت :اسم مركب لمدينة في بلاد اليمن »حضر« و»موت« ،ومعناه يختلف بين المصادر ،وهي تقع جنوب الجزيرة العربية ،تسكنها قبائل العرب العاربة القحطانية. ولقد تسابق الناس فرادى إلى الإسلام من هذه المناطق منذ أيامه الأولى، فبعد أن أرسل الرسول ژ سفراءه إليها توافدت القبائل وملوكها في السنة أفواجا، العاشرة للهجرة إلى الرسول ژ تعلن إسلامها ،وتدخل في دين االله وجباة للزكاة ،ومعلمين وقضاة. عمالا للحكم ،وعين لهم الرسول ژ ومنذ ذلك العصر تعاقبت عليها حكومات مختلفة في العهدين :الأموي، والعباسي من مختلف القبائل ،ومن المذاهب الإسلامية ،مثل :القرامطة، والزيدية ،والإباضية. لقد كان أول ظهور للإباضية في هذه المناطق النائية من الجزيرة العربية عند قيام عبد االله بن يحيى الكندي )طالب الحق( سنة ١٢٩ه لمقاومة ظلم الحكام الأمويين فيها ،في ثورة شملت مكة والمدينة. وقد عرف الحضارمة المذهب الإباضي قبل هذا العصر ،وعرفت أرض اليمن ظهور علماء أجلاء من أبنائه ،واستمرت الإباضية في حركتها في سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومقاومة الباطل ،إلى أن برز فارس الميدان الشاعر الثائر أبو إسحاق إبراهيم بن قيس الحضرمي الشاري5في النصف جيوشا لمواجهة علي بن محمدالثاني من القرن الخامس الهجري ،فقاد الصليحي داعية الشيعة الإسماعيلية بحضرموت ،إلى أن قتل الصليحي سنة ٤٥٩ه. 301الدلائل والحجج وبعد قرن من الزمان انحسرت الإباضية عن حضرموت واليمن ،واجتمع العمانية بالجزيرة العربية إلى تاريخ اليوم. شملها في الدولة وكان التواصل في جنوب الجزيرة العربية بين إباضية عمان وحضرموت أشكالا مختلفة ،فيظهر أحيا نا على شكل تحالفات سياسيةقديما ووثيقا يأخذ لتوحيد الحكم بينهما ،أو يأخذ شكل تعاون بين إمامتين منفصلتين ،وحيث يتم التعاون بين الطرفين لرد الهجمات الخارجية على حضرموت أو عمان، وأحيا نا يظهر على شكل مناقشات فكرية حول مسائل فقهية وأجوبة عقدية. ووجد كتاب» :الدلائل والحجج« في القرن الخامس الهجري /الحادي عشر الميلادي ،أي :في العصر الذهبي للفقه الإسلامي ،عصر القوة والنضج الذي يمتد من منتصف القرن الرابع الهجري إلى منتصف القرن السابع الهجري، وهو العصر العباسي الثاني الذي برز فيه أئمة مجتهدون أناروا الفكر الإسلامي القيمة ومناظراتهم الفكرية .كما عايش كتابنا في الحياة السياسية ببحوثهم الإسلامية تنازع البويهيين والسلاجقة على الخلافة الإسلامية في بغداد خلال السنة والشيعة على القرن الخامس الهجري ،حيث برز الصراع جل يا بين أهل  السلطنة ،كما عاصر استيلاء الفاطميين العبيديين على شمال إفريقيا ،يديرون شؤون الحكم فيها من القاهرة بمصر وهم يتأرجحون بين القوة والضعف .أما في الأندلس فقد عاصر سقوط الدولة الأموية وقيام دولة الطوائف سنة ٤٢٢ه١٠٣١/م ،وتأسيس دولة المرابطين في جنوب المغرب. وفي خضم هذه الأحداث والتقلبات السريعة بين شرق الإسلام وغربه يسطع نجم هذا الكتاب من المناطق الجنوبية للجزيرة العربية من أجل أن جمعا لكلمة مرجعا للشريعة والفتوى في وطن المؤلف )حضرموت(يكون جنبا إلى جنب مع صنوه السابق: وإحياء لسنن المرسلين ،ليعملالمسلمين، »مختصر الخصال« فأكرم به من عمل نبيل. مائة كتاب إباضي302 ومؤلف الكتاب هو إبراهيم بن عبد االله بن إبراهيم بن محمد بن سليمان ابن قيس الحضرمي ،أبو إسحاق ،فقيه من أهل حضرموت باليمن ،ينتمي إلى أسرة علمية عريقة ،ومن نسبه يتضح أن جده هو ابن عم الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن قيس بن سليمان بن قيس ،صاحب كتاب» :مختصر الخصال«. عاش الحضرمي خلال القرن الخامس الهجري /الحادي عشر الميلادي، نشأ بحضرموت ،وفيها تلقى تعليمه الأول ،وزار عدة مدن في عمان. ولم تذكر المصادر التاريخية شي ئا عن حياته ولا عن وفاته ،ومن المؤكد أنه توفي بعد سنة ٤٥٢ه،وهو آخر تاريخ مذكور في هذا الكتاب. يحتوي الكتاب مقدمة ومجموعة من الأبواب الفقهية .وتتجلى منهجية المؤلف في تصنيف هذا الكتاب فيما يأتي: والسنة والإجماع. ١ جمع الأدلة المختلفة للمسألة الواحدة من الكتاب ٢ استعراض الآراء المختلفة والترجيح بينها. ٣ المحافظة على رأي القاضي محمد بن إبراهيم بن قيس الحضرمي الذي مخالفا لاختياراته.عرض عليه الكتاب ،ولو كان ٤ محاولة استقصاء جميع المسائل الفرعية في كل باب. ٥ الاختصار في الكلام وعدم التطويل. ٦ الأمانة العلمية في نسبة الأقوال إلى أصحابها ،ولو بلا ذكر أسمائهم. ٧ استعمال الأسلوب السهل الواضح. ٨ عدم ذكر السند في الحديث ،إلا في حديث واحد. ٩ ترجيح ما كان في حضرموت من الاختيارات الفقهية إذا لم تخالف والسنة. الكتاب 303الدلائل والحجج السنة السنة الصحيحة والمشهورة في العمل ،وعدم رواية ١٠ محاولة التزام  وسنته قائلا» :ولم أكتب من أخبار النبي ژالمتروكة ،وهو ما صرح به إلا ما رأيتهمرحمهم االلهيعتمدون على صحته«. أما عن القيمة العلمية لهذا الكتاب وخصائصه فيذكر المحققان ما يلي: انفراده من حيث المضمون بأحاديث الأحكام بالنسبة للتراث الإباضي، حيث لا يوجد كتاب مؤلف على منواله. انتماؤه إلى عصر متقدم نسب يا في التأليف في هذا الفن. الاعتماد على المشهور والمتفق عليه من الأحاديث والآثار ،حسب تصريح المؤلف ،مع الإشارة إلى خلوه من الأسانيد ،فكل الأحاديث واردة بصيغة :روي عن رسول االله ژ،أو ما يقربها ،وهي الطريقة المتبعة في معظم كتب الإباضية المتقدمين. سرد الأحاديث المختلفة في المسألة الواحدة ،بما يعرف ب» :مختلف الحديث«. شموله لمعظم أبواب الفقه ومسائله ،دليل على سعة الاطلاع الفقهي لدى المؤلف ،وبلوغه مستوى عال في الشريعة الإسلامية. الأمانة في نقل الأقوال وعزوها إلى أصحابها. عرض الكتاب على الفقيه القاضي قبل التدوين. إيراد الفضائل وبعض الآداب قبل ذكر أحاديث الأحكام في كل باب. بروز ما يمكن تسميته بالفقه العملي ،حيث حرر بعض الأحكام بعد ذكر وقائع وحوادث ،وهنا تبرز القيمة التاريخية للكتاب ،حيث يشير إلى معلومات تاريخية لا توجد في غيره. توسع المؤلف في فقه العبيد والموالي ،ومسائل الديات والقصاص، وأحكام الجهاد ،استجابة لحاجة المجتمع إليها في عصره. مائة كتاب إباضي304 جمع الكتاب لكثير من فقه الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب . 3 أمانته في اختصار كتاب» :الجامع« لأبي الحسن البسيوي )ت ٣٦٤ه(، والدليل على ذلك التطابق الواضح بين عناوينهما في جميع أبواب الكتاب ،إلا كتاب العقيدة فقد تجاوزه المؤلف ،وربما لوجود كتب أخرى قد وسعت فيه بما فيه الكفاية ،مثل كتاب» :الجامع« لابن بركة )ق ٤ه( ،و»مختصر الخصال« للحضرمي )ق ٥ه(. ترتيبا يجمع شتات المسائل المتوزعةإبداعه في ترتيب الكتابين السابقين بين أبوابهما المختلفة ،فأحيا نا تجد المسألة في غير بابها المفترض. بناء على ويصنف المحققان هذا الكتاب ضمن كتب أحاديث الأحكام ، ما سبق ذكره في قيمة الكتاب ،بالإضافة إلى الاعتبارات الآتية: السنة الشريفة بجميعجمعه الكم الهائل من الأحاديث والأدلة من  أنواعها :موصول ،ومرفوع ،ومسند ،ومقطوع ،ومرسل ،موقوف ،سنة: قولية ،وعملية ،وتقريرية. ورب م بلغ تحمل هذه الأحاديث وتبليغها ،اعتماد طريق الوجادة في أوعى من سامع. إجازة رواية الحديث بالمعنى ،ما لم تعارض النص المروي عند كتب الحديث. إذا تحقق من الصحابي الراوي للحديث فإنه يذكره باسمه ،وإذا لم يتحقق منه اكتفى بعبارة :روى. أقوال الصحابة الموقوفة عليهم ينسبها إلى من رويت عنه ،وهم أكثر من ٧٠صحاب يا ،وكذلك أقوال التابعين المقطوعة عليهم ،وهم١٥تابع يا. اختار المؤلف طريقة العرض التي هي من أحسن الطرق التي يضبط بها الراوي أحاديثه واختياراته الفقهية. 305الدلائل والحجج اختار القاضي الفقيه أبا عبد االله محمد بن إبراهيم؛ لأنه هو العالم بالأحكام وتنتهي إليه القضايا الشرعية. اختياره لهذا العرض على القاضي يدل على اجتهاده في تحري الصحيح من الروايات الواردة في الكتاب ،بحيث لو كانت غير صحيحة لأشار إلى تركها ،وربما هي محذوفة أصلا. يناقش المؤلف آراء غيره ،ويرجح بينها ،مما يؤكد المنحى الفقهي لهذا الكتاب. يقسم المؤلف الكتاب إلى أبواب الفقه ومسائله للتوفيق بين مدرستي الرأي وأهل الحديث. ومن أجل هذا يعتبر هذا الكتاب كتاب رواية للحديث باعتبار الكم الهائل السنة المشرفة التي يأمر من حين لآخر باتباعها. الذي جمعه من نصوص  ويبدأ المؤلف كتابه بباب الإيمان ،ومن الأحاديث التي تروى في هذا الباب ما روي عن النبي ژ أنه قال» :أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا االله ،ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة«. وروي أن رجلين من أهل الكتاب سألا النبي ژ عن ﴿ | } ~ ﴾ ]الإسراء [١٠١ :فقال لهم النبي ژ » :لا تشركوا باالله شي ئا ،ولا تقتلوا النفس التي حرم االله إلا بالحق ،ولا تسرقوا ،ولا تزنوا ،ولا تسخروا ،ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا المحصنات ،ولا تفروا من الزحف ،ولا تمشوا ببريء إلى السلطان ليقتله ،وعليكم يا يهود خاصة ألا تعدوا في السبت«. ويلي باب الإيمان باب الطهارة ،ويتناول فيه مجموعة من المسائل ،منها: الوضوء وقضاء الحاجة ،وما قيل من الطهارة. مسألة فيما ينقض الوضوء. مسألة في أدب حاجة الإنسان. مائة كتاب إباضي306 مسائل في الاغتسال وأحكام المياه. مسائل في التيمم. تناو ل المؤلف لمسائل تدخل تحت باب الصلاة ،فيتحدثب ذلكويعق عن فريضة الصلاة ،ومنزلتها من الإيمان .فقد روي عن ابن عباس3عن النبي ژ أنه قال» :الصلاة عماد الدين ،فمن ترك الصلاة فقد هدم الإيمان«. وقال ژ » :أول ما يحاسب عليه العبد الإيمان ،ثم الصلاة ،ثم الزكاة ،ثم سائر الأعمال« .وقال ژ » :لا إيمان لمن لا صلاة له« .وقال ژ » :فرق ما بين الكفر والإيمان ترك الصلاة«. ويعرض المؤلف تحت باب الصلاة عدة مسائل خاصة بالأوقات ،منها ما هو في فضل تأخير صلاة العشاء ،كما بحث مسائل في الأذان والإقامة واللباس والمكان والقبلة ،وأقوال الصلاة وأفعالها ،وما يكره في الصلاة وما يباح ،وأحكام صلاة الجماعة ،والصلوات المسنونة. كما يتناول المؤلف فريضة الزكاة في أحد أبواب الكتاب ،ويذكر أحاديث عن الحث والترغيب في الفريضة ،منها ما روي عن النبي ژ أنه قال» :ما قام يخطب إلا ويأمر بالصدقة وينهي عن المثلة« .وقال ژ » :ما انتقص مال من صدقة«. وقال ژ يمدح المتقربين إلى االله تعالى» :ورجل تصدق بصدقة أخفت شماله ما أنفقت يمينه« ،فلهذا الخبر ذهب بعض إلى أن إخفاء الصدقة أفضل. وقال آخرون :إن إبداءها أفضل لقوله ژ » :ليس لك من دنياك إلا ثلاث: ما أكلت فأفنيت ،أو ما لبست فأبليت ،أو تصدقت فأبديت« لم يقل :أخفيت. وتحدث المؤلف عن زكاة الغنم والإبل والحيوان ،وجواز تقديم الصدقة عن وقتها ،ومسألة منع الزكاة عن آل محمد ومواليهم ،وجواز ميراث الصدقة، وكراهية الرجوع في الصدقة وشرائها. 307الدلائل والحجج وعرض المؤلف في كتابه للأحاديث المروية في فريضة الصيام وفضله والنية في الصيام. ووجوبه ،ورؤية الهلال، كما تحدث المؤلف عن أحكام الصوم ونواقضه ،وصوم المسافر والمريض وما يقال في صوم السفر ،وما يفسد الصوم ،والرخص ،وما رخص للنساء في الصوم ،كذلك ما رخص لغير النساء من المسافرين والمرضى. ويلي ذلك الحديث عن باب زكاة الفطر وصوم التطوع .حيث لا يفطر يوما غير اليوم الناس إلا بشهادة عدلين ،أو رجل وامرأتين ،أو تمام ثلاثين الذي شهد به العدل الواحد ،أو الشهرة التي لا تدفع. سرا ،ومن نظر قبل الليل آخر يوم من رمضان،ومن رأى الشهر وحده أفطر  فأفطر قبل الليل أبدل يومه ،وإن لم تصح رؤية الهلال إلا بعد الزوال يوم الفطر ،فقد قيل :يخرجون في ذلك اليوم ،وقيل :من الغد. أناسا من الأنصار أن يخرجوا من الغد. وقد قيل :إن رسول االله ژ أمر للسنة فوافقه الفطر مخالفا ومن اعتمد على الإفطار آخر يوم من رمضان فقد قيل بالكفارة. ويتناول المؤلف في باب الحج عدة مسائل :منها ما قيل في فضيلة الحج، ماشيا إلى أن يرجع كتب االلهحيث روي عن النبي ژ أنه قال» :إن من حج مكة له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم«. أما عن الاستطاعة فذكر أن النبي ژ قال» :الاستطاعة زاد وراحلة«، والاختلاف في ذلك كثير بين المسلمين. زادا وراحلة وجب عليه الحج من فضلة المال.فقد قال قوم :من وجد وقال آخرون :يبيع من الأصل إذا كان يبقى منه ما يكفي عياله عليه إلى أن أولا ،ويحج إذا بقي منه ما يبيعون ويأكلونيحج .وقال آخرون :يبيع من المال مائة كتاب إباضي308 إلى أن يحج .وقال آخرون :الاستطاعة مال واحتيال .وقال آخرون :صحة الأبدان .وذلك مع الوجود. وتناول المؤلف في هذا الباب مسائل عن الحج عن الغير من الأحياء أو من الأموات ،وضمان الحج عن الغير ،وحج الصبيان. أحكاما عامة للحج والعمرة ،والمواقيت والإحرام، كما تناول المؤلف وكيفية الإحرام ،والتلبية ،وحرم الحرم ،وما لا يجوز فعله للمحرم ،وصيد الحرم ،وغيرها من مسائل تخص السعي والطواف ،والوقوف بعرفات ،والقدوم والإفاضة والأضحية. ويختم المؤلف الجزء الأول من كتابه عن آداب الاعتكاف والأيمان والنذور والكفارات والمواريث والوصايا والهبات. ويبدأ المؤلف الجزء الثاني من الكتاب عن الحقوق ،فيذكر شي ئا من حقوق الوالدين ،وحقوق الجار ،والرحم والإخاء في االله. ومن الأحاديث التي ذكرها المؤلف للنبي ژ في حقوق الوالدين قوله ژ : »من أسخط والديه فقد أسخط االله ،ومن أغضبهما فقد أغضب االله«. ومن الأحاديث التي قيلت في صلة الرحم روي أن النبي ژ قال : »صلوا أرحامكم ولو بالسلام«. ومن حق الجار أن النبي ژ ذكر» :ما زال حبيبي جبريل يوصيني بالجار حتى حسبت أن يورثه كالولد«. بابا عن النكاح والرضاع .ومن الأحاديث التيويضم هذا الجزء من الكتاب يذكرها المؤلف في النكاح قول الرسول ژ » :لا نكاح إلا بولي« .ويعني :القرابة من قبل الأب ،ويكون ذلك بحضور أربعة :الناكح ،والمنكح ،والشاهدين .وقد قيل :يجوز بحضور ثلاثة إذا كان الولي هو المتزوج ،والعمل على الأول. 309الدلائل والحجج وروي أنه ژ قال» :المرأة لا تعقد على نفسها عقد ا« .وروي عن النبي أنه قال» :البكر إذا زوجها أبوها وكرهت فلا عقد عليها«. وروي عن النبي ژ قال» :تستأذن البكر في نفسها فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت فلا يجاز عليها«. وعن عمر3أن امرأة رفعت إلى النبي ژ بعقد أبيها عليها بغير إذنها فرد نكاحها. وفي الأثر :أن الاختيار إليها ،وأنها ما لم ترض به لم يتم ،إلا للصبية التي زوجها أبوها ،وبعضهم لم ير لها رجعة .وجابر بن زيد5ومن يقول بقوله جائزا ،وهو عندهم موقوف إلى البلوغ.لا يرى تزويج الصبيان .وقد يراه البعض ويعرض المؤلف للطلاق والنفقة في باب من أبواب الجزء الثاني ،ويذكر حديثا عن النبي ژ أنه قال» :إن االله يكره الطلاق من غير عذر«. كما يعرض لمسألة المختلعات فذكر المؤلف أن المختلعة لا يجوز أن تفتدي بأكثر من صداقها. وفي مسائل الفقه يذكر المؤلف أن على الوالد نفقة ولده الذكر ما لم يبلغ الحلم ،فإذا بلغ الحلم فلا نفقة عليه ،إلا أن تكون به علة تمنعه من الكسب فعليه نفقته وكسوته ،ونفقته مد من بر ،ومن تمر ،وكسوته ثوبان في السنة ،وإن لم يكن للأب مال أطعمهم وكساهم مما يجد. وأما الأنثى فنفقتها على أبيها ما دامت في حجره ،وإن كانت بالغة ،فنفقتها كنفقة الذكر ،وكسوتها أربعة أثواب في السنة :إزار ،ودرع ،وخمار ،وجلباب. وإن اعتزلت أباها وكرهت أن تكون معه فلا نفقة لها عليه ،وإن كان الكاره لها فعليه نفقتها وكسوتها. وأما إذا تزوجن ثم طلقن أو مات عنهن أزواجهن ففيه اختلاف .قال بعض: إن لم تقدر على المكسبة لزم أباها نفقتها وكسوتها ،وإن قدرت فلا شيء عليه. مائة كتاب إباضي310 وأما الوالدان فإذا لم يكن لهما مال وكان لأولادهما مال أنفق الولد عليهما وإن كانا صحيحين .وإن لم يكن لولدهما مال فلا شيء على الولد إلا أن يكونا في حال العجز عن المكسبة لمرض أو ضعف وكان الولد يقدر على ذلك قام بأمرهما. والأم أ ولى بولدها ،ومؤنته على أبيه ما لم ترتد الأم أو تتزوج. ويعرض المؤلف لمسائل في الأطعمة والذبائح والصيد والمعاملات المالية والأحكام والأموال والمزارعات والإجارات. وخصص المؤلف أحد الأبواب لعرض مسائل الجهاد ،وروى أن النبي ژ قال» :مثل المجاهد من أمتي في سبيل االله كمثل جبريل وميكائيل6في الملائكة«. وروي أنه ژ قال» :كل حسنات بني آدم تحصيها الملائكة الكرام الكاتبون، إلا حسنات المجاهدين في سبيل االله ،فإن جميع الملائكة الذين خلقهم االله يعجزون عن حسناته ،ولو زيد أضعافهم ،وتعدل حسنات أدناهم جميع حسنات العابدين من أول الدنيا إلى انقطاعها«. ويقال :إن المقتولين في سبيل االله يأتون يوم القيامة متقلدين السيوف دما على لون الزعفران ورائحة المسك ،ويقولونوجراحهم تنضح للخلائق :أفرجوا لنا الطريق ،فنحن الذين أرقنا دماءنا ،وأيتمنا فيه أبناءنا، وأرملنا فيه نساءنا. ويتناول المؤلف الإمامة في أحد أبواب الجزء الثاني ،فيذكر أن الإمامة واجبة ،ولا تجوز إلا عن تراض. وروي أن النبي ژ قال» :إن وليكم عبد حبشي مجدع ،فأقام فيكم كتاب وس نتي فاسمعوا له وأطيعوا«. االله 311الدلائل والحجج وقيل :إن عل يا قال» :إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه وأتقاهم الله تعالى فيه«. وحددوا أوجبها ،لا يقومفروضا أمر بها، وما اجتمعت عليه الأمة أن الله بها المصيب لها على نفسه ،وإنما يقوم بها الأئمة وأمراؤهم ،وهذا يدل على وجوبها. أيضا على وجوب الإمامة أن أهل النهروان يوم فارقوا عل يا لم ومما يدل إماما مرض يا ،وذلك عبد االله بن وهبيخرجوا إلى النهروان حتى أقاموا الراسبي .والإمام هو الأفضل ممن يقع عليه التراضي بعد المشورة. ويذكر المؤلف أن الذي وجده في آثار المسلمين المتقدمين من قومه :إن المسلمين إذا أرادوا أن يعقدوا الإمامة لرجل قدم إليه ستة رجال .وقد قيل: خمسة من أفاضل المسلمين في الفضل والورع يبايعونه ،ثم يبايعه الناس. ويستحب أن يكون الإمام شار ياولا تكون البيعة إلا بالصفقة على يده . قد قطع الشراء ،فإن لم يكن قطع الشراء قبل الإمامة فقد وجد في جامع رجل قد قطع الشراء ،ثم يبايعه المسلمونالشيخ أبي الحسن5أنه يبايع بيعة الإمامة. ويبايعونه على طاعة االله وطاعة رسوله ،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،والجهاد في سبيل االله ،وإقامة الحق على القوي والضعيف ،والوضيع والشريف ،والقريب والبعيد ،والبغيض والحبيب وإقامة حدود الإسلام. ويختم المؤلف كتابه بمسائل في الحدود والجنايات ،والقصاص والديات. 312 ΩÉ`μMC’G »a ìÉ°†jE’G ) ó«©°S øH ≈«ëj AÉjôcR ƒHCG ï«°ûdGق ٥ه( وزارة التراث القومي والثقافةسلطنة عمان١٤٠٤ ،ه١٩٨٤/م. عدد الصفحات :ج ٢٧١ :١صفحة ج ٣٩١ :٢صفحة ج ٢٧٧ :٣صفحة ج ٢٥٨ :٤صفحة مؤلف الكتاب هو الشيخ أبو زكرياء يحيى بن سعيد ،والظاهر أنه من قدماء العلماء في القرن الخامس .وقد استطاع بغزير علمه ،وواسع اطلاعه ،ودقة تفكيره ،وطول بحثه ،واستمرار مثابرته أن يتتبع أحكام القضاء في فروعها الاجتماعية والتجارية والزراعية وغيرها ،وما يتعلق بالحكام والولاة والقضاة، وما يجب عليهم في المواقف القضائية .وافترض المواقف المشهورة وغير المشهورة والمظنونة ،حتى المواقف بعيدة الاحتمال. وقد ب ين حكم الشرع الإسلامي في كل مسألة عرضها ،وهذا يدلنا على أن المؤلف أراد أن يوضح للمسلمين حكم االله في كل مواقفهم حتى يكونوا على ب ينة من أمرهم ،ويجدوا ما يحتاجون إليه من أحكام في كل موقف يعرض لهم ،فلا يقعون في محظور ،ولا يعيشون في حرام ،ولا يتصرفون تصرفا يندمون عليه. وقد أتى المؤلف بالأحكام القضائية في صورة أسئلة والرد عليها، وتفريعات الأسئلة وما يخصها من أحكام في أسلوب واضح ،بألفاظ مألوفة سهلا ،ومعرفة الأحكام ميسورة.للجميع ،مما يجعل استيعابه والمؤلف يمتاز بالأمانة العلمية في إثبات الآراء ،وفي الوصول إلى الأحكام حتى لا يتحمل وزر المخطئ ،ولا وزر القاضي الذي يصدر الأحكام 313الإيضاح في الأحكام شاملا للمشرعين،مرجعا من غير تأكد من صحة الدليل .فجاء الكتاب وموسوعة علمية في القضاء الإسلامي ،وحجة للقضاة ،ومدرسة للمتعلمين. يبدأ المؤلف كتابه عن »أدب القاضي« ،ويذكر سمات القاضي الشخصية متعاطفا رحيما، متناقلا حليما، الواجب التحلي بها ،ومنها أن يكون متثب تا سليما ،ويسوي بين القوي والضعيف ،والوضيع والشريف ،والرفيع والخفيض، والحبيب والبغيض ،وألا يحكم وهو غضبان. وأن يكون مقصد القاضي الله تعالى في حكمه من غير أن يعبأ بكلام أحد من الناس ،ولا يحفل بالعواقب والبأس .فقد قيل :إن ترك العمل لأجل الناس رياء ،والعمل لأجلهم شرك. حكم لها .والحاكم:أما مفهوم القاضي في اللغة فيعني :القاطع للأمور ،الم المانع من الظلم ،ومنه سميت حكمة الدابة ،لأنها تمنعه وتقومه .والقاضي الحاكم ،والجمع القضاة ،والقضية الحكم ،يقال :عدل في قضيته؛ أي :في حكمه. وسمي الحاكم بذلك؛ لأنه ينصر المظلوم على الظالم ،وإنما قيل للقاضي: حكم وحاكم لعقله وكمال أمره. والحاكم :المانع للناس من كل ما لا ينبغي لهم فيه .والحاتم :القاضي، ومنه الحتم ،والحتم إيجاب القضاء. واحدا وجماعة ،يقال :هم خصم وهو خصم ،والجمعوالخصم يكون الخصماء والخصوم. والشهادة على أربعة معان: يقال :شهد الرجل إذا حضر ،وهو ضد الغيبة ،كما يقال :شهد فلان هذا الأمر وغاب فلان. وشهد إذا علم ،ومنه قول االله ﴾ 5 4 ﴿ :أي :علم. مائة كتاب إباضي314 وشهد بمعنى حلف. وشهد بمعنى قال ،وهذه هي الشهادة المعروفة ،قال االله تعالى` ﴿ : ] ﴾ d c b aيوسف.[٨١ : ومما لا يجوز للقضاة ويستقبح منهم الكذب ،فالكذب قبيح ،لكن من القضاة أقبح. قريبا منه ولا يساره، أحدا من الخصماءالسنة لا يجلس القاضي ومن  كره وي أحدا ،ولا يقضي وهو مريض؛ لأن المرض يذهب ذهنه ،ولا يمازح للحاكم أن يضيف أحد الخصمين دون الآخر ،لما روي عن علي أنه قال :نهانا رسول االله أن نض يف الخصم إلا ومعه خصمه .ولا يرفع الحاكم صوته على أحد الخصمين بما لا يرفعه على الآخر. وتحدث المؤلف عن الشهادة ،فذكر أن القاضي ينفذ الحق بإقرار أو بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين .ولا يحكم الحاكم بشهادة غير العدل من الرجال والنساء في الحكومات كلها على اختلافها وصنوفها إلا ما قد اختلف فيه من شهادة غير العدلة من النساء تشهد بالرضاع على فعل نفسها. ويحكم بشهادة العدلين البالغين الحرين المسلمين ،أو رجل وامرأتين كذلك في جميع الحكومات كلها على جميع الملل كلها إلا في الزنى فإنه على ما فرض االله8من شهد الأربعة العدول من الرجال لا نساء معهم؛ لأنه لا يجوز في الزنى شهادة النساء وحدهن ولا مع الرجال. ويحكم بشهادة الاثنين من الرجال على الإحصان ،وبالمرأتين مع الرجل. ويحكم شهادة النساء وحدهن في ما لا يمكن الرجال أن يشهدوا به من المحظور عليهم ،ويجوز بينهم في ذلك شهادة امرأتين. وتجوز شهادة العدول من الرجال والنساء من كل ملة على ملتهم على 315الإيضاح في الأحكام ما لا يجوز من ذلك بين أهل الصلاة في جميع الحكومات ،ولا فيما عاد في المعنى عليها. وفيما يجب على الشهود ،يذكر المؤلف أن للرجل ألا يشهد إذا وجد غيره، فإذا اضطر إليه ولم يجد من يثق به غيره فلا بد من أن يشهد ،وإذا شهد فليقم بالشهادة على من كانت عليه من أب أو ابن أو غير ذلك .ولا يحل لأحد أن يكتم شهادة عنده إذا دعي إليها ،بل عليه أن يقوم بها على من كانت. ولا تجوز شهادة أهل الذمة على شهادة المسلمين لذمي ولا لمسلم ،وتجوز شهادة المسلم على الذمي للذمي ،وتجوز شهادة المسلم عن الذمي على الذمي ،ولا تجوز على المسلم. ولا تجوز شهادة النساء عن الرجل الميت؛ لأنه لا تجوز شهادة امرأة عن رجل ،وذهب آخرون :بأنه تجوز شهادة امرأتين عن رجل ميت. وتجوز الشهادة عن شهادة الأعمى والمعتوه إذا شهدوا عن شهادتهم وهم أصحاء على ما يعرف بالبينات على ما شهدوا عليه ،أو بمعاينة المشهود عنهم على عين رجل أو دابة أو مال حدده لهم وهم أصحاء .وكذلك الذين إذا شهدوا وهم أصحاء ،وأشهدوه عن شهادتهم على عين صاحب الحق الذي عليه، وكذلك في الحقوق والنكاح والرضاع إذا شهدوا وهم أصحاء ،وأشهدوا عن شهادتهم وهم أصحاء. وعن من لا تجوز شهادته ،يذكر المؤلف أنه لا تجوز شهادة العبيد من الرجال والنساء في شيء من الأشياء كلها إلا في الولاية ،فإنها تثبت بشهادة الواحد منهم والمرأة والأمة إذا أبصروا ذلك وكانت له ولاية. ولا يحكم بشهادة من أخذت ولايته وعدالاته عن من لا تجوز شهادته فيما شهد به وإن كانت له الولاية والعدالة ،ولا من عدله ولا من تولاه .ولا تجوز مائة كتاب إباضي316 شهادة الأخرس بالإشارة والإيماء ،ولا المجنون الذي لا يفيق .وتجوز شهادة الذي يفيق أكثر أوقاته في حال صحة عقله. ولا تجوز شهادة السكران ولا الصبيان ولا الشريك فيما يشهد به، ولا السيد لعبده ،ولا من ادعى إليه في شيء في يده فأقر بغيره ،وشهد به له، مغنما. مغرما أو يجر ولا تجوز شهادة من يدفع وتجوز شهادة الوصي لليتيم ،وتجوز شهادة الحاكم على حكم نفسه، وشهادة الزوج على زوجته جائزة وتتم بها الحدود ،وشهادة كل أهل ملة على بعضهم بالإسلام جائزة. ويحكم بشهادة النساء وحدهن فيما لا يمكن للرجال أن يشهدوا ،ويجوز في ذلك ب ينتهم وهي شهادة امرأتين .والقابلة وحدها إذا كانت عدلة فإنه تجوز شهادتها وحدها في الولد ،ولا تجوز في الاستهلال والموت والذكر والأنثى .والقابلة هي التي تقبل الولد عند الولادة ،وتجوز شهادة النساء في السقط والعذراء والرتقاء وموت المرأة وهي في النفاس ،وخروج الصبي وبه حياة .وإذا كان عند امرأة في ميلادها قابلتان ،وماتت المرأة في ميلادها فقالت إحدى القابلتين :خرج الولد ح يا، ومات بعد ولادته ،وقال الأخرى :خرج مي تا .فالقول قول التي شهدت الحياة. ولا تجوز شهادة العبيد من الرجال والنساء في شيء من الأشياء كلها إلا في الولاية ،فإنها تثبت بشهادة الواحد منهم ،والأمة إذا أبصروا ذلك وكانت له عدولا.ولاية .ويجوز أن تقبل شهادة العبيد إذا كانوا ولا يحكم بشهادة من أخذت ولايته وعدالته على من لا تجوز شهادته فيما شهد به وإن كانت له الولاية والعدالة ،ولا من عدله ولا من تولاه. ويذكر المؤلف أنه »يجوز شهادة قومنا على المسلمين في كل شيء إذا عدولا إلا بما يوجب الكفر للمسلمين بشهادتهم«.كانوا 317الإيضاح في الأحكام ويتناول المؤلف مسألة التعديل .وهو تزكية الشهود ،وهذه مسألة لم تكن عن الرسول ژ ولا عن أصحابه ،وقال عمر بن الخطاب: 5المسلمون عدول بعضهم على بعض. وقد نهى االله تعالى عن التفتيش عن عورات الناس ،والتجسس عليها .إن صر على شيء منالعدل هو الذي يؤتمن على الأمانات ،ولا يعرف أنه م الجنايات ،مسارع إلى الخيرات ،مجانب للشبهات ،مأمون على ما حمله من الشهادة وقام به ولو لم تعرف منه الموافقة في القول ما تجب به الولاية من انتحالا لدين غير دين المسلمين ،وهو في ذلكالمحبة ،ولم نعرف منه ذلك يظهر التماسك بقول المسلمين في صلاته وزكاته وولايته وبراءته فهذا هو العدل في بعض قول المسلمين. وأما الثقة فهو المأمون على ما حمل من الشهادة التي شهد بها في صدقه في الحديث ،ووفاء عهده إذا عاهد ،وأمانته إذا اؤتمن ،وإنصاف من نفسه إذا عامل ،وانقطاعه إلى الخيرات ،واجتنابه للشبهات .فهذا ثقة فيما حمل من الشهادة فإذا كان هكذا جازت شهادته فيما اؤتمن عليه من الشهادة التي هو أمين فيها ،ولا يلحقه فيها تهمة بوجه من الوجوه. والولي الذي يعرف منه هذا الذي عرف من العدل الثقة في موافقته عدلا وثقة وول ياللمسلمين في جميع ما يستحق به الولاية .فإذا كان أجيزت شهادته. ويعرض المؤلف مسألة» :توقيف الحاكم المال« فيذكر أن توقيف المال حكم من الحاكم ،فإذا رأى الحاكم توقيف المال وقفه ولو لم يطلب أحد الخصمين؛ لأن ذلك من الحكم الذي يلزم الحاكم النظر فيه. وتناول المؤلف في أحد الأبواب مسألة »الحبس بالتهمة« فذكر أن المسلمين مختلفا ،والتهم مختلفة في الدماء وغيرها.حبسا قد حبسوا على التهم مائة كتاب إباضي318 فأما القتل فإذا وجد القتيل فيه الأثر لا يدري من قتلهم فاتهم ورثته أخذ لهم من اتهموه .فإن كان على المتهم بسبب يشبه الدلالة من شهود لا يعدلون طويلا.أو عبيد أو صبيان ،أو أدرك المقتول ح يا فاتهمه بذلك حبسه والتهم في الجروح على قدرها ،وقدر ما يحتجون على المجروح إذا برئ في الجراحة الشديدة ،وللولي أن يرفع المتهمين في القتل والدماء إلى الأئمة، وللإمام أن يجعل حبسهم معه. وكذلك التهمة في السرقة .وإذا ظهر للمسروق سبب من نقب بيت أو فتح باب أو صائح على سارق فرآه الناس وسرقه ويدعي فيظهر منه شيء ،وأشباه ذلك ،فإن حبسهم على قدر كثرة السرقة وقبح فعل السارق ،وبيان السرقة، ويكون طول حبسه وقصره .والتهم تلحق كل متهم إلا العدل. وقد يكون المتهمون بالسرقة مختلفين في العقوبة ،فالذي عرف بالسرقة، والسبب أطول عقوبة ممن لم يعرف بالسرقة ،والرجل والمرأة والعبد في ذلك سواء. فأما الصبيان فليس عليهم حبس حتى يبلغوا ويراهقوا ويقووا على الحبس، وكذلك في السرقة على قدر كثرة المسروق وبيانه ،وقدر السارق. وينبغي للولي والإمام إذا حبس من يطول حبسه أن تثبت معه صفة ذنبه وتاريخ يوم حبسه لئلا ينسى إذا طال ذلك عليه أو زال عن ولايته فيجيء غيره ويتعاهد من في حبسه .ويتعاهد ما في كتابه لينظر في حبسه من حبس متى حبسه وما ذنبه فينظر فيه. ومن أشد الأحداث :القتل والحرم والدماء ،وهي أطول عقوبة وأشهدها في الحبس والقيد والضرب. وإنما يضرب من صح عليه ما اتهم به ،ويكون الضرب على قدر شدة أقل الحدود. الحدث .وأكثر التعزير أنقص من 319الإيضاح في الأحكام وأقل الحدود أربعون سو طا ،حد العبد المملوك في الخمر إلى الخمسة، والثلاثة أقله من أن يجهل على الناس بلسانه ،مثل قولك للرجل الخائن والثور والكلب ،وإن قال ذلك لمسلم كان أشد عقوبة وأكثر. غريبا لا يعرف له ولي ،ولا له طلب يتهم به فإنه يؤخذ رجلاوإن قتل قاتل به قاتله إذا ظهرت تهمته. وصح عليه بينة عدل طول عقوبته .وإذاويعاقب على قدر تهمته ،فإن أقر كفيلاكتابا بالحق ،وأخذ عليه استقصى عقوبته ثبت عليه الحق .وكتب عليه متى ما صح له وارث أخذ له بحقه. وكذلك من قتل ولم يطلب أولياؤه إليه عاقبه الحاكم ،ولا يدع الناس يقتل بعضا .ويكون ولي من لا يطلب إليه.بعضهم متهما وغالب الطالب فرأى أنه قد استفرغ حبسه ولم يجدهوإذا حبس كفيلا مل يا متى ما حضر خصمه أحضره ،فإن لم يحضرهفيحتج عليه أخذ عليه فما لزمه من حق فهو له عليه بجرحه. وقد حفظ عن المسلمين أن الإمام إذا أرسل من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر في إقامة الحقوق مع الباطل ،فأخطأوا طريق الحق وزلوا عنه إلى غيره فلا حبس عليهم ،وغرمه في بيت مال المسلمين. ويخصص المؤلف مساحة من كتابه للحديث في »الوكالة« .والوكالة عقد ضمان بين الإنسان وبين وكيله ليقضي ذلك الضمان من تلك العين ،فإذا بطل ذلك من جهة هلاكه لم يكن له أن يدفع إلا بأمر ثان. غلاما أو غيره فهلك المال بعد الشراءوإذا دفع إلى الوكيل ما لا يشتري له به ضمن الوكيل في قول جميع أصحابنا ،ويكون البيع للوكيل؛ لأنه ضمن لمخالفته والأمر للموكل ،وكان عليه أن يعقد البيع على الثمن المأمور به بالشراء به. مائة كتاب إباضي320 ولا تجوز الوكالة في القود ولا في الحدود. ومن الأبواب التي عرضها المؤلف باب» :في الملكة« ،أي :في الامتلاك للعبيد. ثم ينتقل المؤلف إلى باب» :في اختلاف الشهادة« .ويذكر أن كل من أشهد على نفسه بحقوق مختلفة ليست متواطئة إلى أوقات مختلفة أو وقت واحد واحدا ،وأشهد بهافإنه يؤخذ بجملة تلك الحقوق التي أشهد بها ولو كان وق تا كله في وقت واحد. ويتناول المؤلف مسألة» :الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر« في أحد ذاكرا أن الرسول ژ قال» :لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلاالأبواب ، من كان فيه ثلاث خصال :رفيق بما يأمر ،ورفيق بما ينهى ،عدل فيما يأمر، عدل فيما ينهى ،عالم بما يأمر ،عالم بما ينهى«. وذكر البعض أن على المرأة أن تنكر بقلبها ،وليس عليها أن تنكر بلسانها. ولجملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أقسام تفترق: منها ما يجب على الكافة مقدار الطاقة. ومنها ما يجب على أئمة العدل وأمرائهم دون العامة. وليس ذلك للعامة دون الأئمة إلا بالموعظة والتخويف لعقاب االله .فأما ما يجب على الكافة من ذلك ،أمرتهم به الأئمة أو لم تأمرهم ،فإنه إغاثة المستغيثين من الظالمين لهم في أنفسهم وحرمهم وولدانهم واغتصاب أموالهم، وإخافة سبلهم حتى يحولوا بينهم وبين ظالميهم. فذلك ما لم يكن على سبيل ما يتحاكم الناس فيه إلى سلطانهم أو يدعون فيه إلى فقهائهم بالدعاوى منهم .فإن لم يستحيلوا لهم عن ظلمهم بدون الجهاد لهم من الإنكار عليهم ،وكان فيهم أئمة عدل أو أحد من أمراء ولاتهم بما يستحقونه في العدل معهم. 321الإيضاح في الأحكام وإن لم يكن أحد من الأئمة والأمراء بحضرتهم ،ولم يمتنعوا لهم عن ظلمهم إلا بجهاد ذلك لهم .وإن امتنعوا أجبروا ،وهذا الضرب من الإنكار يلزم كافة أهل الصلاة. وجائز الاستعانة عليهم بالسلطان الظالم منهم؛ لأن الجميع داخلون في الأمر العام به ،ما لم يوجد السبيل إلى منع ذلك بغيره ،ولم يكن متعارف منه الظلم في ذلك. وهذا إنكار واجب ،وإن لم يأمر أحد من السلطان به لأنه لم يخرجه من واجبا. السنة ،فهذا كان عموم الأمر به لهم بآيات الكتاب حجة ،والإثبات من  فأما أئمة العدل وأمراؤهم فإنهم مخصوصون بالقيام به ،وإنما على الرعية إنكاره بالموعظة فهو نحو ما يتحاكم الناس فيه إلى سلطانهم ،ويتطالبونه منهم له من بعضهم على بعض ،حتى يخرجوا مما يلزم بعضهم لبعض بالتأديب والحبس والتوثيق. خاصا لهم وأيضا ما يكون الناس يفعلونه لأنفسهم ظالمين فيما تعدوا كإضاعتهم لصلاتهم وزكواتهم ونحو ذلك من فرض ربهم عليهم ،وركوب محارمهم التي زجرها عنهم ،والتهمة لأهلها؛ لأنها في مواضع الريب منها ونحوها على الأئمة وأمرائهم إنكاره عليهم ،والعقاب لهم بما زجرهم عنه. وأدعى إلى التوبة منهم. وعليهم إنكار سائر المنكرات ،ونحو أخذ أهل الذمة بما يتركونه من الزي السنة فيهم. والهيئة التي أمرهم المسلمون بها وجرت  وكذلك النهي عن زيهم ولهيئات أهل الجهل والسفه من الخيلاء في لأز ر على أقدامهم ،والشعور بلا فرق على ظهورهم .وإطالةمشيهم وإرخاء ا شواريهم وقص لحاهم ،وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال منهم في مائة كتاب إباضي322 هيئاتهم ولبساهم وزيهم ،وما هو قبيح من المسلمين فيما بينهم من إتيان النساء وبيع الأنبذة في أسواقهم وعلى طرقهم. وأيضا حمل السفهاء السلاح في مدنهم ،والغش في سلعهم وصناعتهم ومكاييلهم وموازينهم والتطفيف بها ،وما جاء عن رسول االله ژ في بيوعهم بيع الغصوب فيها ،وما فيه الضرر بينهم في أوديتهم وحدودهم ،وغرس نخيلهم وشجرهم ومنازلهم ودوابهم ،وكل ما فيه الضرر بينهم. قال النبي ژ » :لا ضرر في الإسلام ولا ضرار«. وكذلك الأذى لبعضهم البعض بأقوالهم وأفعالهم ،وما يتولد الأذى منه مثل الروائح الكريهة في طرق المسلمين. وكذلك ما يجلب من الخمر والخنازير إلى أرض المسلمين ،وما يحمل من السلاح من أرضهم إلى أرض حربهم من المشركين .وكل ما تراه الأئمة إصلاحا للمسلمين عامة من صنع احتكار الأطعمة وحملها عند الحاجةوالأمراء إليها منهم ،وما يعود للمسلمين لتعزز دولتهم وكسر شوكة أهل حربهم عنهم فهو يسع ذلك لهم. وعليها إطفاء البدع في شريعتهم .وعلى عوام المسلمينمع عدم أئمتهم وأمرائهمإنكار ما ظهر لهم من ذلك بالموعظة الحسنة. فأما ما كان من المنكرات أذى للمسلمين وظلم لهم ،من ذلك نحو ما تدعو إليه المذاهب من سوء السبيل ،ونحو ما ينتهي به من العباد ،وضرب المزامير وأيضا ما يحدث فيها عليهم مما هو أذى في طرقهم ومساجدهم وأسواقهم، لهم. وكذلك اجتماع أهل الشراب عليه في منازلهم ،والفجور فيها لبعضهم بعضهم؛ لأن ذلك ظلم منهم لبعضهم بعض ،فإنكار ذلك يكون بالجبر لهم على 323الإيضاح في الأحكام تركه ،والهجوم عليهم في منازلهم بإنكاره ما لم يزجروا عن ذلك بالموعظة .فإن لم يمتنعوا من ذلك إلا بحبسهم عنه جاز حبسهم لا على جهة العقاب لهم. فأما ما يتصل من المنكرات أذى للمسلمين فالوعظ لهم إنكاره لهم عليهم مع عدم أئمتهم ،فإذا حضرت الأئمة والأمراء دفع ذلك إليهم ،وكان لهم ذلك بما يراه من الهجوم عليهم والعقاب لهم مثل كسر ملاهيهم وإبطالها عن حال ما يتلهون به منها وإن لم يكن في ذلك أذى كبير. أيضا كسر هذه الملاهي مع الأذى لهم بها مع عدم إمامهم .وليسوللرعية ضرب أحدمن أهل المنكرات إلا منللرعية في إنكارها يو م رأى أمراؤها لا يمتنع من المنكر. ويمنع الجهال والسفهاء من حمل السلاح وإظهار آلة اللهو في أسواق المسلمين مثل الطبل ،وبيع الشراب ،ومنع الخمر أن تجلب إلى بلاد المسلمين أو تباع في أسواقهم. وأن يظهر أهل الذمة الخمر والاجتماع على الريب من الشراب وغيره .وترك السنة من جز النواصي وقتل الفراخ ،والركوب على السروج،ما يلزمهم من  وعلى أهل الذمة ألا يظهروا المناكر في بلاد المسلمين ،وينهون عن ذلك. أبوابا عن النفقة ،سواء كانت نفقة الزوجة ومؤنتها أيضا ويتضمن الكتاب وما يجب لها أو نفقة الأمة وكسوتها ،أو نفقة الأولاد ،أو نفقة المطلقة ،وغيرها. ثم ينتقل المؤلف إلى الصدقات ونحوها ،وصدقة النساء وكيف القضاء، وغيرها من موضوعات تندرج تحت هذا الباب. 324 ∫É`°üîdG ô`°üàîe AÉa∏Y øe) »eô°†ëdG »fGóa¡dG ¢ù«b øH o«gGôHEG ΩÉeE’G (...ôé¡dG ¢ùeÉîdG ¿ô≤dG دراسة وتحقيق :عبد الرحمن بن محمد بن نبهان الخروصي مكتبة مسقطسلطنة عمان ،ط١٤٣٢ ،١ه٢٠١١/م. عدد الصفحات ٤٤٠ :صفحة استكمالا لمتطلبات الحصولعرض هذا الكتاب في رسالة علمية قدمت على درجة الماجستير في الفقه وأصوله في كلية الدراسات الفقهية والقانونية بجامعة آل البيت. يتكون الكتاب من :مقدمة ،ودراسة ،ونص كتاب» :مختصر الخصال« .يشير اهتماما بالغا من قبل علماء المحقق في المقدمة إلى أن الفقه الإسلامي لاقى الإسلام على اختلاف مذاهبهم وتباين أعصارهم وأمصارهم ،وكان لعلماء الإباضية إسهامات في هذا المضمار ،فتعددت تصانيفهم فيه وتنوعت أساليبهم فيها بين المطولة التي تصل إلى عشرات المجلدات ،وبين المختصرة التي تحمل رسالة وغاية. وكتاب» :مختصر الخصال« من بين المختصرات الفقهية الإباضية التي تبوأت مكانة رفيعة بين علماء المذهب بما حواه من أسلوب فريد رصين ،وجزالة في التصنيف ،واستقصاء للضوابط والقواعد الفقهية الدقيقة ،وتتبع للخصال والاستثناءات ،وحسن التقسيم والتعداد للوجوه ،وشموله لكثير من أبواب الفقه. وتعرض المقدمة دراسة لكتاب أبي إسحاق ،والتعرف على سماته وخصائصه ،وأهميته العلمية ،وتلمس مصطلحاته ومنهجه للتعرف على مناهج الفقهاء في تصانيفهم. 325مختصر الخصال ويرى المحقق أن هذه الدراسة لها أهميتها ،وذلك للأسباب الآتية: ١ أهمية الكتاب نفسه. ٢ تعد دراسة منهج الإمام أبي إسحاق الحضرمي في الفقه أمرا ذا بال؛ نتعرف من خلاله على منهج فقهي إباضي ،ونتلمس فيه السمات الفقهية، والخصائص العامة المميزة له. ٣ وتأتي هذه الدراسة لتكشف عن طور من أطوار التصنيف الفقهي المشرقي في المذهب الإباضي ،في القرن الخامس الهجري. ومؤلف الكتاب هو إبراهيم بن قيس بن سليمان الهمداني ،وكنيته» :أبو إسحاق« على الشهرة ،وهذه هي الكنية التي صاحبت المؤلف من أول ديباجته لكتابه» :مختصر الخصال« وحتى آخر فقرة من فقرات الكتابة. أما عن ولادته فلا تسعفنا المصادر التاريخية بتاريخ ولادة أبي إسحاق على جهة التعيين والتحقيق ،لكنها تشير إشارات واضحة إلى أنه عاش في القرن الخامس الهجري ،وهناك آراء ترجح أن ولادته كانت بين سنة ٤٠٩ه وسنة ٤٢٥ه. ولا تعرف معلومات كافية عن طفولة أبي إسحاق ونشأته ،وما ذكر في هذا كبيرا وذا ثروة واسعة ،ومكانة مرموقة ،مسموععالما الشأن أن والده كان عظيما في تربية ابنه إبراهيم، مجهودا الكلمة ،مطاع الأمر والنهي ،وقد بذل جأشا، جاها ،وأوسع اطلا عا ،وأثبتحتى صار أعلى من أبيه شأ نا ،وأعظم إقداما ،فأبو إسحاق كان يلقى عناية خاصة من قبل والده ،ونجد أباوأشد إسحاق يعرف لأبيه هذا الفضل ،فيصفه بطيب الصفات. ونراه في كتاب» :مختصر الخصال« يسطر لأبيه مسائل فقهية بلغت قرابة موضعا ،ونلحظ في أقوال والده الفقهية جزالة وعمقا.الثلاثة والعشرين مائة كتاب إباضي326 والإمام أبو إسحاق إباضي العقيدة والمذهب ،بل هو أحد أعلام الإباضية في زمنه ،وما كتابه» :مختصر الخصال« إلا برهان صدق على انتمائه لمذهب الإباضية ،فهو يقول في ابتدائه» :فقد دعاني إلى تصنيف هذا الكتاب خشية انطماس أصول الإباضية ،لق لة انتشارها في الأمصار ،وتقييدها في الأسطار«. ويذكر أن اصطلاحه في كتابه أنه إذا ذكر )المسلمون( فيعني بذلك الإباضية ،قال أبو إسحاق» :المسلمون الذين نذكرهم الإباضية«. أما عن مؤلفاته العلمية فإن ما وصل إلينا من آثار أبي إسحاق في الفقه كتابه» :مختصر الخصال« ،وقد ذكر في نهايته أنه عازم على شرح كتابه إن مد االله في عمره ،ولكن لم يتمكن من ذلك ،وفي هذا يقول الإمام السالمي: »ولم نقف له على شرح ،فلعله لم يفرغ لذلك؛ لاشتغاله بالحروب الكثيرة وقيامه بأمر الأمة ،أو أنه صنف الكتاب في آخر عمره ،فلم يتسع عمره بعد ذلك ،بل مات قبل أن يشرحه«. وقد يكون قد ص نف ما وعد به ولم ينشر ،ولعل االله يكتب له الظهور بعد ذلك ،هذا فيما يتعلق بنتاجه في الفقه. أما ما يتعلق بنتاجه في الأدب ،فقد ترك أبو إسحاق ديوان شعر أسماه: »ديوان السيف النقاد« تم تحقيقه في أطروحة علمية. وكانت شاعرية أبي إسحاق دفاقة بما خطه في ديوان شعره الموسوم ب »السيف النقاد« ،وما إن نشر ديوانه ،وقرأه الأدباء ،حتى لهجت ألسنتهم بعبارات الثناء تنهال عليه ،فمن ذلك قول الإمام السالمي» :وديوانه5مشهور بين الخواص والعوام ،مقبول بين جميع الأنام ،وله خاصية :ما قرئ في مجلس إلا وتشوقت النفوس إلى الجهاد ،وتشجع الجبان ،واحترق قلب الشجاع، حازما« .وقال عنه مصطفى لطفي المنفلوطي: قائما ،والمهمل وصار القاعد به شعرا جزءا من هذا الديوان البليغ ،ديوان ابن قيس الحضرمي ،فرأيت »قرأت 327مختصر الخصال يمتزج بأجزاء النفس رقة ،ويذكر بعهد حبيب وأبي عبادة رونقا ومتانة ،ويملك مضطربا ،ولقد كان مذهبا ولا على النفس مشاعرها حتى لا تجد من دونه يخيل لي أثناء ترديدي النظر فيه كأني أرى سيوفا تصطخب ،وعوامل تضطرب، وأرضا تموج بالنجيع الأحمر ،وكأن ابن قيس فارس هذاوسماء تشرق بالعثير، الميدان ،كما هو فارس ذلك البيان«. وقد شهد القرن الخامس الهجري )عصر الإمام أبي إسحاق( ظهور دول جديدة في اليمن ،والتعرف عليها يمثل أهمية كبرى في معرفة الواقع الحضرمي الذي عاشه المؤلف .ففي سنة )٤١٢ه( ظهرت دولة بني نجاح التي قامت السنة ،حيث كان على أنقاض دولة بني زياد في تهامة ،وقد شجع )نجاح( أهل  هو نفسه شافعي المذهب ،وانتهت هذه الدولة في حدود سنة )٤٥٤ه( وظهرت الدولة الصليحية الفاطمية ،واستمرت هذه الدولة حتى سنة )٥٣٢ه( ،ثم قضى عليها الأيوبيون سنة )٥٦٩ه(. والذي يقرأ ما ذكره المترجمون عن حياة أبي إسحاق الحضرمي يرى أنه لم يكن ممن تسيرهم الأحداث السياسية في بلده ،حيث اتجهت وسارت ،بل كثيرا منها. كانت له يد في سير مجراها؛ فقد كان يصنع كبيرا في إمامة حضرموت ،وتولى ذلك في وقت مبكروورث أبو إسحاق عب ئا من حياته ،حيث الإباضية بها في قوة ومنعة ،وأول ما يطالعنا من سياسته الخارجية استغلاله لانتصارات راشد بن سعيد اليحمدي الأزديإمام عمانفبادر أبو إسحاق وفدا يحمل التهنئة. في مد حبال المودة ،وبعث إلى نزوى عاصمة الإمامة بعمان وفي سنة )٤٤٥ه( توفي إمام عمان راشد بن سعيد اليحمدي ،وتولى بعمان الخليل بن شاذان الخروصي ،وفي السنة ذاتها شهدت حضرموتالإمامة قلاقل واضطرابات ،مما جعل أبا إسحاق يشد الرحل إلى )نزوى( حيث عاصمة الإمامة ،فزار عمان. مائة كتاب إباضي328 ونتج عن هذا اللقاء تلبية الإمام الجليل لدعوة أبي إسحاق فم كنه من المال والرجال ووجه به إلى حضرموت ،فسار حتى احتلها باسم الإمام في مبشرا له بذلكيوما ،وخاطب أبو إسحاق الإمام الخليل بن شاذانأربعة عشر في قصيدة. إلا أن الحال لم يبق على ما هو عليه فبدأت الدولة الصليحية في الظهور باليمن ،وهي ذات ميول شيعية إسماعيلية ،ومتحالفة مع الدولة الإسماعيلية الفاطمية في مصر ،وكانت حضرموت آخر ما استولت عليه ،لبعدها عنها، ولكنها استطاعت إخضاعها سنة )٤٥٥ه( بعد معارك وقتال عنيف شرس ،قاده الإمام أبو إسحاق. هذه بعض ملامح عصر الإمام الحضرمي من الناحية السياسية ،حارب فيها الإمام دفا عا عن عقيدته وفكره ،ذابا عن مبادئه وقيمه. معاصرا له العديد من العلماء والفقهاء، أما عن الناحية العلمية ،فقد كان مركزا للإباضية ،وكان فيها علماء إباضية قبل أبيفقد كانت حضرموت إسحاق وبعده. وقال الشاطري» :وللإباضية علماؤهم وزعماؤهم الدينيون ،وإن لم يحفظ لنا التاريخ كل أفرادهم«. ويطلعنا كتاب» :مختصر الخصال« على أحد شيوخ أبي إسحاق ،وهو أبوه قيس بن سليمان ،حيث انبثت أقواله على مواضع متعددة من كتابه ،بلغ عددها موضعا. ثلاثة وعشرين بعمان وأئمتها وثيقة ،وتجلت ملامح هذه الصلةوكانت صلة أبي إسحاق لعمان زمن تولي الخليل بن شاذانفي كثير من قصائده ،وقد سافر بنفسه الخروصي الإمامة سنة )٤٤٥ه( ،وسفره هذا وإن كان هدفه سياس يا عسكريا 329مختصر الخصال شخصا كالإمام أبي إسحاق لن يدع الفرصة تفوته عنبالدرجة الأولى ،إلا أن اغتنامها ،وأن يجني ثمارها علم يا ،ويتزود منها بزاد العلم ،وقد ظهرت في كتابه» :مختصر الخصال« إشارات من اهتمامه بأقوال أهل عمان على جهة الخصوص؛ فمن أمثلة ذلك قوله: ١ وأما أصحابنا من أهل عمان فقالوا» :لا تجب لهأي :للواليولاية باستعمال الإمام له إلا من أحد الأربع خصال ،وإن كان ليس للإمام أن يولي إلا عدلا«. تخريجا من قول ٢ في الخصلة الثانية عشرة مما ينقض الوضوء» :ما أقوله كبيرا مما يدين بتحريمه ،أو ممنصغيرا أو ذنبا أهل عمان أن من واق ع لم يصل إلى التأويل فيه أفسد وضوءه«. ٣ ما ذكره في ميراث الجدة» :وأهل عمان يورثونها مع ابنها على قول عمر وابن مسعود«. وإذا علمنا ق لة من ينص الإمام على ذكرهم من علماء في كتابه ،واقتصاره على ذكر أعلام المذهب الإباضي المؤسسين) :جابر بن زيد ،وأبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ،والربيع بن حبيب الفراهيدي( في مسائل معدودة ،نجد أنه ذكر علماء عمانيين في مواضع متعددة ،من ذلك قوله: ١ في باب اللغو في الأيمان» :الثاني :ما وجدته عن أبي جابر محمد بن عليقاضي عمانقال :سمعت أخي موسى يقول :لا ،بل اللغو من الكلام ،يقول :لا واالله ،وبلى واالله ،ونحو ذلك«. ٢ قوله في باب ذكر بيان أحكام الربا» :لأني وجدت في كتاب الشيخ أبي محمد عبد االله بن محمد بن بركة5ذكر علل قومنا في الربا ،ثم قال: وعلى نحو هذا يختلف علماؤنا في البيوع«. ٣ ذكره لأقوال الشيخ محمد بن محبوب . 5 مائة كتاب إباضي330 وقد تولى أبو إسحاق الإمامة في حضرموت ،ودانت له بالطاعة ،يدل على ذلك ما سطره في ديوانه» :السيف النقاد«. وكما لم تسعفنا المصادر بتعيين سنة ولادته ،كذلك الشأن بالنسبة لسنة وفاته، ويقدر وفاته في الربع الأخير من القرن نفسه ،أي :بين عامي )٤٧٥ه( و)٥٠٠ه(. أما كتابه» :مختصر الخصال« فهو يدور حول الخصال ،ومعناها اللغوي هو جمع مفرده خصلة ،وجاء في لسان العرب :الخصلة :الفضيلة والرذيلة تكون في الإنسان ،وقد غلب على الفضيلة ،والخصلة :الخلة .والخصلة :حالات الأمور: تقول :في فلان خصلة حسنة ،وخصلة قبيحة ،وخصلات كريمة. أما مفهوم )الخصال( الشرعي ،فهي لم تختلف عن معاني الخصال في الاصطلاح الشرعي عن معانيها اللغوية ،بل جاءت حاوية لها مع تضمينها معان شرعية يعينها السياق الذي تكون فيه. للسنة النبوية المطهرة نجد في سنة الرسول ژ عشرات الأحاديثوبالتتبع  التي تذكر )الخصال( في شتى الموضوعات الشرعية؛ مما يجعلنا نقول بأن أساس فكرة الخصال مأخوذة من أقوال المصطفى ژ . وكما وردت كلمة )الخصال( في كلامه، ‰فقد وردت على لسان الصحابة الكرام ،وعلى ألسنة التابعين ،وفي كتب أهل العلم من بعدهم كذلك. أما مفهوم )الخصال( عند أبي إسحاق :فقد أكسب أبو إسحاق لفظة )الخصال( دلالات فقهية بتعدد السياقات التي ساقها فيها ،وبتسليط الأحكام أحكاما شرعية ،بنوعيها: عليها أخذت مدلولاتها ،فالخصال في كتابه أخذت التكليفية ،والوضعية. أولا :الحكم الشرعي التكليفي الس نة :فقد أكسب مصطلح )الخصال( معنى )السنن( :مثال ذلك قوله:أ 331مختصر الخصال »وسنن الجمعة تسع خصال :أحدها :السواك ،[..وقوله» :والسنن التي من عامدا لم يتم وضوءه أربع خصال«.ترك فيها شي ئا بالمستحب :كقوله» :والمستحب له :أن يستقبل بأذانه وإقامته القبلة ،إلا في خصلتين :إحداهما :إذا قال :حي على الصلاة التفت يمي نا.«.. جالمكروه :مثاله قوله» :وست خصال مكروهة عندنا ،مما جعله قومنا سنة«. دالواجب :مثاله قوله» :والواجب من التكبير أربع خصال :إحداها :تكبيرة الإحرام.(... هالجواز ،وعدم الجواز» :وجائز الصوم في كل يوم عن واجب أو تطوع ،إلا في ست خصال :إحداها :يوم الفطر.«... وقوله» :ولا يجوز السلم إلا بأربع خصال :إحداها :المكيل.«... ثانيا :الحكم الشرعي الوضعي أالأركان :كقوله» :وأركان الحج؛ الذي لا يتم إلا بها خمس خصال«. بالشروط :كقوله» :ولا تجب الحجة ولا يجوز فعلها إلا بوجود أربع خصال :إحداها :أن تكون دعوة المسلمين ظاهرة مع إمام أو سلطان عادل، وقد قيل :ليس من شروطها السلطان العادل.«... جالموجب :كقوله» :وخمس خصال توجب الغسل على الرجال« ،وكقوله: »والذي يوجب الحجر به سبع خصال«. دوالنواقض :كقوله» :وينقض الأذان والإقامة ثماني خصال :إحداها: الارتداد «...وكقوله» :والذي ينقض الوضوء أربع عشرة خصلة«. هالبطلان :كقوله» :ومن تثبت قضيته في شيء محكم فحكمه نافذ ،ولا يبطل إلا بأربع خصال«. مائة كتاب إباضي332 أيضا: والمفسد :كقوله» :والذي يفسد الاعتكاف ست خصال« وكقوله »وسبعون خصلة مفسدة للصلاة«. زالموانع :كقوله» :والذي يستحق به الميراث خمس خصال ..الثاني :أن لا يكون مباي نا له في الملة ،الثالث :أن لا يكون قاتلا له«. كما جاءت )الخصال( في سياقات: ١ الأجزاء :كقوله :ولا يجزئ أقل من صاع عن كل نفس ،إلا في خصلة واحدة«. ٢ الرخص الشرعية :كقوله» :وعشر خصال رخص فيها ترك الجماعة: إحداها :البرد الشديد «..وكقوله» :ولا رخصة في الجمع إلا بأربع خصال: إحداها :السفر الذي يجب فيه القصر.«.. ٣ الأعذار الشرعية :كقوله» :ولا يجوز التيمم مع وجود الماء في السفر ولا في الحضر ،إلا في خمس خصال :إحداها :المرض.«.. ٤ العيوب :كقوله» :والعيوب التي في الرجال أربع خصال :إحداها: الجنون.«.. ٥ الآداب :كقوله» :ولأدب قضاء الحاجة خمس خصال«. وقد يأتي مصطلح )الخصال( بمعنى كل مما يأتي: ١ المسقط للفرض :لقوله» :ولا يجوز ترك السجود مع القدرة في الفريضة إلا في ثلاث خصال«. ٢ الموضع والمكان :كقوله» :والأرض كلها على أصل الطهارة ،ما لم يعلم أنها نجسة ،إلا في أربع خصال :إحداها :أن تكون مقبرة.«.. ٣ الأوقات :كقوله» :وثلاث خصال لا تجوز الصلاة فيها ،وإن قضى فيها فرضا لم يجز :إحداها :عند قيام الشمس.«.. 333مختصر الخصال كما يستعاض مصطلح )الخصال( في كتاب أبي إسحاق ببعض الكلمات؛ كالآتي: ١ الصنف :كقوله» :والذي يحرم من النساء أربعة وعشرون صنفا«. ٢ الأنواع :كقوله» :والإجارات على ثلاثة أنواع«. ٣ الأشياء :كقوله» :وألفاظ النكاح التي لا يجوز سواها أربعة أشياء،«.. وكقوله» :وعلى كل بالغ معرفة ثلاثة أشياء.«.. أما موضوعات كتاب» :مختصر الخصال« فقد جاءت شاملة لجوانب العقيدة الإسلامية والفقه الإسلامي ،وذلك جر يا منه على عادة غالب مصنفات المذهب الإباضي ،من اقتران العقيدة بالفقه ،ولا غرو فالعقيدة من الفقه في الدين ،بل إن الإمام أبا حنيفة سمى كتابه في علم الكلام ب» :الفقه الأكبر«. لذا يقول الإمام أبو إسحاق في مقدمة كتابه» :وضمنته جميع أصناف الفقه في الدين ،وبدأت في أوله بذكر ما لا يسع جهله« إلى أن قال» :ثم أتبعته سائر ترتيبا حس نا«. صنفا صنفا،ذلك خصالا ينبغي أن يتخلق بها العالم ،تمثلتوج كتابه بديباجة ضمنهاوقد  المنهج السلوكي الخلقي للعالم في حياته اليومية ،وهي وإن كانت لكل مسلم إلا أن العالم أولى ،فقال» :العالم أحق بأن يبدأ بتأديب نفسه ،وعرفان مصلحته.«.. ثم ثنى بمقدمة ب ين فيها أسباب تصنيفه للكتاب وبيان خطته فيه ،ووضع فيها مدلولات بعض مصطلحات كتابه. كتابا ،تحت كل كتاب منهامشتملا على عشرينثم شرع في كتابه فجاء أبواب قد تزيد وتتعدد ،لتصل إلى عشرات الأبواب ،وقد تنقص حتى يكون الكتاب من باب واحد فقط ،كما هو الحال في كتاب صلاة المريض ،وفي كل مائة كتاب إباضي334 باب منها جملة خصال ،وقد تزيد فتصل إلى سبعين خصلة ،كما في باب ذكر ما يفسد به الصلاة ،وقد تقل لتكون خصلة واحدة فقط ،كما في باب ذكر بيان ما يهدر الرهن. كتابا ،وبلغت جملة أبوابه أربعمائةوقد جاء الكتاب حاو يا لعشرين بابا. وخمسين والكتاب قسمه الإمام أبو إسحاق إلى جزأين ،وقد قسم كتاب الزكاة منه إلى جزأين ،وجاءت كثير من الأبواب مترابطة فيما بينها تراب طا منطق يا. وتظهر قيمة )الخصال( العلمية للإمام أبي إسحاق باستحضار الأسباب التي دعت أبا إسحاق لتصنيف هذا الكتاب ،والتي ذكرها في مقدمة كتابه ،ومنها: ١ خشيته من انطماس أصول الإباضية ،فصنف كتابه لبعض متفقهي المذهب ،حتى لا يكون منهم استخفاف بمسائل الخلاف ،فقد أ لف كتابه لترسخ الأصول في أماكنها ،ويتعلق بها أهل دعوتها ،ويرغب فيها من أكثر النظر فيها. ٢ ص نف أبو إسحاق كتابه هذا؛ ليعالج إشكالية علمية لاحظها ولمسها في مصنفات المذهب الإباضيةحتى وقت تصنيفه للكتابهذه الإشكالية أن يجعل كل باب منه على شكل خصال ليسهل على المتعلم الحفظ والفهم ،ولينتفع العالم من نظمه. وقد تجسدت قيمة )الخصال( العلمية في وظيفتين أساسيتين قام عليهما عماد الكتاب: ١ الوظيفة الأولى :تتبع الأثر ،وهو ما نقل من أقوال العلماء من أعلام المذهب الإباضي ،وجمعه ،ثم صهره في قوالب متناسقة ،وقد وفق أبو إسحاق في ذلك حتى لكأنك تشعر وأنت تقرأ في مختصره أنه 335مختصر الخصال تلخيص محكم لموسوعات الفقه الإباضي ،التي بسطت ألوف المسائل من منثور آثار علماء الإباضية. ٢ الوظيفة الثانية :القياس والتخريج على أقوال المذهب ،بما يتفق مع أصول المذهب. وتتبع الأثر هو الأصل في »مختصر الخصال« والسبيل إليه التتبع، والاستقراء ،والقياس ،والتخريج على الأثر هو الركن الثاني المكمل للكتاب، وهو قائم على الاستنباط ،وإلحاق النظير بنظيره. ويمكن أن نلاحظ في كتاب :مختصر الخصال لأبي إسحاق الحضرمي ملاحظتين هما من الأهمية بمكان: الملاحظة الأولى :أن أبا إسحاق الحضرمي عندما تصدر منه التخريجات على أقوال المذهب الإباضي ،فإنها تصدر ممن هو أهل لذلك ،فقد استكمل أبو إسحاق شرائط الاجتهاد والاستنباط ،وتمرس أقوال علماء المذهب وأصولهم في الاستنباط. الملاحظة الثانية :أن التخريج على أقوال المذهب الإباضي يتصف بطابع خاص ،يرجع إلى إحدى الخصائص في الفقه الإباضي ،وهو تعدد المجتهدين فيه ،وعدم انحصار أقوال المذهب في آراء عالم واحد؛ لذا فإن تخريج أبي إسحاق في هذا الكتاب قائم على القياس والتخريج على المنقول عن أعلام المذهب الإباضي ،ممن سبق أبا إسحاق. أما ملامح الاهتمام بمختصر الخصال في المذهب الإباضي ،فقد اكتسب »مختصر الخصال« مكانة علمية كبيرة في الفقه الإباضي ،ظهرت معالمها فيما يأتي: ١ الاهتمام بنشر الكتاب :فقد انتشر »مختصر الخصال« في الأماكن والبلدان ذات الوجود الإباضي :فقد انتشر في عمان ،وزنجبار ،والجزائر، وتونس ،ومصر. مائة كتاب إباضي336 ٢ وضعت حاشية عليه. ٣ القيام بنظم المختصر في أرجوزة. وقد نظم الإمام السالمي )ت ١٣٣٢ه( مختصر الخصال في منظومته: »مدارج الكمال بنظم مختصر الخصال« ،إلا أنه ترك نظم كتاب ما لا يسع اكتفاء بمنظومته في العقيدة. جهله ،الذي يتعلق بالعقيدة، ثم إن الإمام السالمي شرح نظم هذا في كتابه »معارج الآمال« وصل فيه إلى باب الاعتكاف ،ولم يكمله لحلول أجله دون بلوغ الأمل. إن كتاب »مختصر الخصال« في الفقه الإباضي كتاب فريد في تصنيفه بين كتب المذهب ،وفيه يقول الإمام السالمي في معارجه» :وقد ص نفرحمة االله عليهمختصر الخصال على منوال حسن ،وطريقة جيدة ،لم يسبق إلى مثلها في الأقدمين ،ولا أتى أحد بمثل ما جاء به في المتأخرين«. أما الخصائص والسمات العامة لمختصر الخصال فهي: ١ السهولة وعدم التعقيد في ألفاظه ،بحيث تصل معانيه سهلة ميسرة ،وجاء خلوا من تعقيدات الألفاظ التي اتصفت بها كثير من متون الفقه الإسلامي. ٢ التزم خطة الاختصار والابتعاد عن الإطالة ،وهو يترك الخلاف خشية الإطالة. ٣ قام الكتاب في أكثر أبوابه على الأسلوب الإحصائي للخصال الفقهية، وهو منهج استقرائي قائم على تتبع أفراد مسائل الفقه واستقصائها، ونظمها في باب واحد ،ليأتلف منها المفهوم الفقهي. ٤ اعتمد كذلك على أسلوب تقعيد القواعد ،ثم إخراج المستثنيات منها؛ رحبا لاقتناص القواعد والضوابط مجالاولذا يعتبر »مختصر الخصال« الفقهية للمهتمين بهذا الشأن. وبشكل عام فإن »مختصر الخصال« مليء بالقواعد والضوابط الفقهية ،فلا 337مختصر الخصال يكاد باب من أبوابه يخلو من قواعد واستثناءات ،إذ إن عماد لغة المؤلف في كتابه قائم على العموم ،يتبعه التخصيص. وفي هذا الكتاب ظهرت لنا بوضوح القدرة الفائقة لدى أبي إسحاق في احتوائه للكليات ،ثم إخراج الاستثناءات منها ،بحيث يجمع فيها ما شرد عن الذهن من دقائق المسائل الفقهية ،والنوادر الفرعية. ٥ امتاز الكتاب بالإكثار من ذكر التقسيمات ،وقرن أبو إسحاق حسن التقسيم فيه بحسن المثال لكل قسم من الأقسام. ٦ استخدم الأسلوب الحواري في أكثر من موضع :فنجده يفترض الرأي المخالف ويجيب عليه. غالبا ،كما لم يع ن الكتاب بذكر العلل ٧ لا يذكر الأدلة الشرعية للأحكام نادرا. الفقهية للأحكام إلا نادرا؛ ولذا فعدد العلماء الذين ذكرهم في٨ عدم نسبة الأقوال لقائليها إلا كتابه محدود. ٩ لا يعنى الكتاب بالتعريفات الفقهية الاصطلاحية إلا في النادر ،وذلك تمشيا مع الاختصار. ١٠ ظهور شخصية المؤلف في كثير من المسائل؛ إذ إن الكتاب وإن كان قائما على تتبع الأثر ،إلا أن أبا إسحاق أجاد في التخريج والقياس على الأثر ،وبرزت فيه شخصيته وعبقريته. يعبر عن رأيه واجتهاده وإن خالف ما رآه أصحابكذلك نجد أبا إسحاق مذهبه مع ما يكنه لهم من تقدير وإجلال. ١١ تكرر منه الإحالة على ما ذكره في كتابه ،سواء كان ذلك لما ذكره أو لما أيضا نابع من منهج الاختصار.سيذكره ،وهذا مائة كتاب إباضي338 ١٢ يتسم كتاب »مختصر الخصال« بالفقه الواقعي لا النظري ،إذ لا وجود للمسائل الافتراضية فيه ،كما لا وجود لما يسمى ب» :الحيل الشرعية«. ١٣ معالجته لأخطاء مجتمعه ،وتقويمها على وفق الشرع ،فالكتاب وإن كان يعنى بالأثر والتخريج عليه ،إلا أن أبا إسحاق يغتنم الفرصة للتنبيه على ما يراه من أخطاء ويسعى لإصلاحها. ١٤ اطردت عادة أبي إسحاق في كتابه الإكثار من عبارة) :قال أبو إسحاق( في طليعة كل باب من أبواب كتابه. ١٥ تكررت أقوال أبيه قيس بن سليمان في مواضع متعددة من كتابه ،مع أن عادة الكتاب عدم نسبة الأقوال لقائليها. وقد اعتمد أبو إسحاق في كتابه على الأدلة الشرعية ،ولئن كان من خصائص »مختصر الخصال« عدم الاستطراد بذكر الأدلة الشرعية للأحكام الفقهية ،إلا أنه تلوح لنا هذا الاعتماد ،حيث اعتمد على ما اعتمده جمهور والسنة ،والإجماع ،والقياس، علماء الأمة من الأدلة الشرعية الأصلية :الكتاب، والعرف، كما توجد إشارات لبعض الأدلة التبعية :الأخذ بالمصالح ، والاستحسان. )السنة( ،الأصل الثاني من أصول التشريع الإسلامي،وهو في اعتماده على  بالسنة، السنة ،وأوجه أخذ الأمر والنهي منه ،وهو إذ يأخذ  عني ببيان أقسام  بالسنة الثابتة عن رسول االله ژ،أما ما كانت روايته ضعيفة فلا يعتد فإنما يأخذ  به. وقد حاز )الإجماع( على اهتمام أبي إسحاق ،من حيث تعريفه وبيان أقسامه ،والتمثيل له .ونراه يوضح منزلته من أصول التشريع الإسلامي ،وأنه السنة. يتلو  339مختصر الخصال أما )القياس( وهو من الأصول المختلف فيها من أصول التشريع الإسلامي، أصلا من أصول التشريع ،وكذا الشأنفجمهور الأمة يجمعون على اعتماده مصدرا للتشريع متى صحت أركانه،بالنسبة للمذهب الإباضي ،فقد اعتمده وشروطه ،وانتفت موانعه ،ونجد أن أبا إسحاق يعول عليه في كثير من المسائل والخصال. و)المصالح( ظهر استحضار أبو إسحاق لها واهتمامه بها في ديباجة كتابه، إذ يقول فيما ينبغي أن يتحلى به العالم هو استحضار مصالح العباد ،فله أهميته عند استنباط الأحكام ،وله دوره في ترجيح الأقوال عند تعددها. و)العرف( يرجع إليه في كثير من المسائل ،وقد ذكر منها أبو إسحاق في باب أحكام الإجارات نقلا عن أبيه. وتعرض أبو إسحاق )للاستحسان( في ثنايا مقدمته ، قائلا» :وذكرت فيها إشارة مما حضرني من تنازعهم فيما يجوز التنازع فيه ،على سبيل الاجتهاد طلبا لإصابة العدل ،والاحتياط في ذلك ،إن شاء االله«.والاستحسان؛ أما عن مصطلحات كتاب» :مختصر الخصال« فإن المتتبع لما ورد في كتاب أبي إسحاق من مصطلحات نجدها منقسمة إلى ضربين :ضرب عين وبينها لنا صريحة واضحة ،سواء في مقدمته ،أو في سطور كتابه،المراد منها ، والضرب الثاني أطلقها ،ولم يوقفنا على مراده منها. ومهما يكن فإن اصطلاحاته الخاصة في كتابه قليلة ومتكررة ،وذات مدلولات محددة ،منها: )أصحابنا( :يقصد بهم في كتابه علماء المذهب الإباضي ،مذهب المؤلف، وهو مصطلح لم ينفرد به المؤلف ،بل هو مصطلح شائع لدى بقية المذاهب الفقهية ،يعنون به أتباع مذهبهم. مائة كتاب إباضي340 )قومنا( :يقصد بهم بقية المذاهب الإسلامية من غير الإباضية ،فهو مقابل لمصطلح )أصحابنا(. )المسلمون( :قال أبو إسحاق :المسلمون الذين ذكرهم الإباضية. )دعوة المسلمين( :يقصد به الإباضية. )فقهاء المسلمين( :يقصد بهم فقهاء الإباضية. )على قول( :يقصد أنه قول ثابت في المذهب الإباضي ،وذلك في كل موضع يذكره في كتابه. وقد أثنى كثير من العلماء على هذا الكتاب ،وقال في حقه الإمام السالمي في مقدمة كتاب »معارج الآمال«» :الكتاب الجامع للقواعد ،الحاوي للفوائد، المسمى بمختصر الخصال؛ لاختصاره خصال الشريعة ،وجمعها في أبواب وكتب ،المنسوب إلى الإمام الشاري أبي إسحاق إبراهيم بن قيس بن سليمان مذهبا«. نسبا ،الحضرمي مسك نا ،الإباضي الهمداني 341 ø«°VQn C’G ∫ƒ°UCGh áa°ù≤dG »FÉ£°SôØdG ôμH øH óaëe øH óaMCG ¢SÉÑ©dG ƒHCG ï«°ûdG (Ω1111/`g504 ä) »°SƒØædG تحقيق وتعليق وتقديم :د .محمد صالح ناصر والشيخ بكير بن محمد الشيخ بلحاج مكتبة الضامريسلطنة عمان ،ط١٤١٤ ،١ه١٩٩٢/م. عدد الصفحات ٥٢٨ :صفحة يتكون الكتاب من مقدمة ،ونص الكتاب المحقق .يذكر المحققان في المقدمة أن العمارة الإسلامية لم تعالج في التراث الفقهي الإسلامي معالجة شرعية يعرضها على الحقوق والواجبات التي جاءت بها الشريعة الإسلامية ،إذ الموضوع يتعلق بتخطيط المدن والمنازل وغرس الأشجار والنخيل ،ومد السواقي ،وحفر الآبار .وقبل هذا وذاك شق الطرق والأزقة ،وحقوق الناس وواجباتهم إزاء كل ذلك من وجهة الشريعة الإسلامية. السف ر القيم الفقيه الشيخ عبد العزيز الثمينيولعل أول من استفاد من هذا  الأرضين« في )ت ١٢٢٣ه١٨٠٨/م( الذي اختصر كتابي» :القسمة« ،و»أصول كتاب بعنوان» :التكميل لبعض ما أخل به كتاب النيل« ،وهو وإن لم يشر إلى ذلك إلا أن المرء يستطيع أن يدرك هذا من خلال محتويات كتابه وتسلسل عناوين موضوعاته. وقد أشار محقق التكميل وناشره الشيخ محمد الثميني إلى علاقة التكميل بكتاب أبي العباس أحمد حيث يقول :إن الشيخ عبد العزيز الثميني إنما اعتمد في مادة كتابه هذا على كتابين سابقين. ونجد إلى جانب التكميل مخطو طا للشيخ أطفيش محمد بن يوسف قطب الأئمة ،استقى مادته العلمية من كتاب» :أصول الأرضين« ولكنه لم مائة كتاب إباضي342 تقليدا كل يا ،وإنما اقتصر على بعض المسائل المتداولة في المجتمع يقلده الميزابي مثل ما يتعلق بحقوق »الميزاب« من فوق وتحت ،ومقاسمة النخل والأرض ،وغير ذلك. وقد أشار إلى هذا الكتاب الباحثون المستشرقون ،وفي مقدمتهم البولونيان القيم .غير أن موتلانسكي تاديوش لفتكسي ،وموتلانسكي ،وأشادوا بموضوعه في بحثه بالفرنسية المعنون ب »بيلوغرافيا ميزاب« أو كتب المذهب الإباضي، جزءا ،ويقول :إنه يقول :إن كتاب» :أصول الأرضين« يحتوي خمسة وعشرين رأى العديد من هذه الأجزاء ولكنه لم يحددها ،وربما اختلط عليه الأمر مما قرأه في طبقات الدرجيني حيث يقول :إن مصنفات أبي العباس تبلغ خمسة مصنفا. وعشرين طويلا في الستينياتوقد قام الأب بيار كوبرلي الذي أقام بميزاب وأوائل السبعينيات ببحث دقيق ومفصل حول هذا المخطوط ونشر عنه دراستين كاملتين. وقد نشر البحث الأول تحت عنوان» :مؤلف قديم حول العمارة بوادي ميزاب« ما لبث أن أتبعه ببحث أعمق وأشمل تحت عنوان» :العمارة والحياة الاجتماعية في القرن الحادي عشر الميلادي« من خلال كتاب لم ينشر »تلخيص القسمة ،وأصول الأرضين«. والمتأمل في الكتاب يلحظ أهميته لما يحتويه من قوانين وأعراف تبين حقوق الناس وواجباتهم نحو بعضهم في المجالين :الريفي ،والحضري .من تخطيط شوارع المدن ،إلى بناء المنازل ،وحفر الآبار ،إلى حقوق الأشجار والنخيل والسواقي ،والشوارع والطرق المؤدية إليها. كل هذا من وجهة نظر الشريعة الإسلامية ،مما يدل دلالة قاطعة على الحس الحضري المدني الممتاز الذي عرفت به تلك المجتمعات التي قد يخيل لبعض 343القسمة وأصول الأ رضين الناس أنهم ما كانوا يعرفون هذه القوانين والمعاملات ،وإنما هم بدو رحل لا فكر لهم ولا علم لديهم .وأن هذه القوانين جاءت المجتمع الإسلامي الحديث من الغرب اللاتيني بحكم الاحتكاك والاستعمار. ويشير الأستاذ مهنى بن عمر التيواجني في تقديمه لهذا الكتاب إلى أن الدراسات المعاصرة للفكر الإباضي قد اقتصرت ،من جملتها ،وإلى حد اليوم على المواضيع التحقيقية والتاريخية أو تحقيق بعض المؤلفات الفقهية ،إلا أن مهما من هذا الإنتاج الفكري لم ينشر بعد ،في وقت نحن في أشدجانبا  الحاجة إليه للمساهمة في بعث المشروع الحضاري الإسلامي على كل الواجهات منطلقين مما أنتجه السلف بتوفيقهم بين التجربة الإنسانية والشرع نصوصا وقواعد عامة ومقاصد شرعية ،وبتعبير آخرإن صحالفكرالإسلامي الإسلامي العملي من حقل المدينة والعمران. وكتاب» :أصول الأرضين« لأبي العباس أحمد بن محمد بن بكر الفرسطائي ،واحد من مؤلفات قيمة تأخر بعضها ونفض الغبار عنها ،وهو من أيضا من المؤلفات القليلة التي عالجت بتوسع موضوع الأموال وقسمتها ،وهو الأعمال النادرة في موضوع العمارة من وجهة النظر الإسلامية ،وقد حرر أبو العباس هذه المواضيع من التبعية لفقه المعاملات ،وجعله يستقل بنفسه حين بسط فيه الحديث عن الأموال وأقسامها وكيفية قسمة كل نوع ،وتعرض لكل جوانب العمارة وإصلاح الأرض ،ودور الإنسان فيها ،وما يتعلق بكل ذلك من أحكام ،ما يجوز فعله وما لا يجوز ،مما يمنع التنازع بين الناس. وكتاب» :أصول الأرضين« ثري بالمعلومات عن العمارة الإسلامية التي عرفتها البيئة الإباضية في القرن الخامس وما قبله ،فتحدث فيه صاحبه عن »القصر«نمط خاص للعمارة البربرية في الخط الجنوبي لشمال إفريقياوما قائما إلى الآن .وما زالت هذه الكلمة تطلق على كثير من يزال طابعها الخاص مائة كتاب إباضي344 القرى المنتشرة في المنطقة ،فللقصر معنى خاص عند أهلها ،ويذكر الغرف والبيوت والفنادق والمسجد والقنطرة والجسر والزراوب .فيحدد مراده من كل معتمدا في ذلك القواعد الشرعية ذلك ،ثم يبين ما يتعلق بها من حقوق وأحكام من قبيل» :لا ضرر ولا ضرار في الإسلام« ،و»الضرر يزال« ،و»دفع المضرة مقدم على جلب المصلحة« ،و»مصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الفرد عند التعارض« ،ومبدأ »سد الذريعة« ،و»الوسائل تأخذ حكم المقاصد« ..وغيرها من أصولا لأحكام الأموال وعمارة الأرض.القواعد التي اتخذها أبو العباس صحيح أنه لم يصرح بهذه الأصول إلا أنها ظاهرة لمن أراد أن يستنطق النص. إن كتاب» :أصول الأرضين« نبع ثري يمكن أن يستفيد منه المهندس المسلم في معرفة الأصول الفنية للعمارة الإسلامية ،وهو يهم القاضي في معرفة الأصول التي يحكم بها في المنازعات المتعلقة بقضايا الأموال ،واستعمال الطرق وإنشائها ،ومعرفة حريم البناء ،وحقوق الأجوار بأهل البلدة في استعمال المرافق. ويؤكد صاحبا التقديم على أن الكتاب وثيقة مهمة لدراسة المستوى الحضاري للجماعة التي ينتمي إليها صاحب الكتاب ،وتحليل لغة الكتاب ودراستها يقودنا إلى الكشف عن مستوى اللغة العربية في القرن الخامس الهجري ،وفي بيئة يتكلم أهلها اللغة البربرية .في حين كانت العربية لغة الإدارة والعلم فقط ،وهذا الأمر يهم إلى حد بعيد المختصين بالألسنية ،وبظاهرة تعريب بربر المنطقة ،وهي ظاهرة غريبة لم تدرس بعد. وصاحب الكتاب هو أبو العباس أحمد بن محمد بن بكر الفرسطائي النفوسي ،نشأ في أحضان أسرة مشتهرة بالعلم والعلماء ،كان من أبرزها أبوه العالم الفقيه محمد بن بكر بن أبي عبد االله الذي وضع نظام العزابة ،ذلك النظام الديني الذي ما يزال حتى يومنا هذا محل إعجاب الدارسين والباحثين من علماء الإسلام ومن غيرهم. 345القسمة وأصول الأ رضين وهو مثل غيره من علماء السلف القدامى نجهل سنة مولده بالتحديد ،بل نجهل مكان ولادته ،فإن كتب السير التي اهتمت بترجمة حياته لا تقدم لنا التفاصيل التي تسمح لنا بمعرفة رحلاته وتنقلاته ،بل لا نعرف الكثير الضروري من أخبار ،الل ه م إلا ما نجده في »طبقات المشايخ بالمغرب« للدرجيني، أو ما نقله عنه كتاب» :السير« للشماخي. وقد نشأ هذا العالم الجليل في بيت يشتهر بالعلم والورع والتقوى والصلاح ،وتدل أحداث حياته أنه عاش فيما بين )٥٠٤ - ٤٢٠ه( ويعده الشيخ أطفيش من علماء النصف الثاني من القرن الخامس الهجري. والذي تتفق حوله المصادر القديمة هو أنه قضى شبابه في جنوب تونس، حيث كان يطلب العلم في حلقة عالم زمانه الشيخ أبي الربيع سليمان بن يخلف المزاتي الذي تخرج في حلقته العديد من علماء الإباضية. وتعد الفترة التي قضاها بجانب هذا العالم وجهته إلى الشريعة الإسلامية، فتضلع بها ،وجعل شيخه يتنبأ له بالنبوغ في ميدان العلم. باذلا في سبيل ذلك وكان إلى جانب هذا النبوغ مح با للعلم والتحصيل ، كل رخيص وغال ،يتحمل المشاق والسفر والتغرب من أجل تحقق مسألة علمية أشكل عليه أمرها. ويبدو من خلال ما رواه الدرجيني والشماخي أن المرحلة الخصبة في ميدان التأليف والتصنيف هي المرحلة التي قضاها في »تمولست« ،حيث أ لف مؤلفا في الفقه الإباضي ،ولعل هذه المرحلةفي هذه الفترة أكثر من عشرين جاءت بعد وفاة والده. والذي يبدو أن شهرة أبي العباس كانت في أخريات حياته بعد انتقاله إلى ومرجعا أريغ ،حيث أقام إلى أن توفي .وكان في هذه المرحلة شيخ ا للجماعة مائة كتاب إباضي346 للفتوى ،كما نستنتج ذلك من أخباره التي ترويها المصادر ،ولا سيما ما جاء عنه في : »س ير المشايخ« للوسياني. وإلى جانب مكانته المعتبرة في العلم والفقه التي أهلته ليكون مرجع الأصاحب وحلال مشاكلهم ،فإنه كان »إمام دفاع« ،إذ يذكر الشماخي حادثة وقعت سنة ٥٠٢ه،أي :قبيل وفاة أبي العباس قاد فيها حملة دفاعية ضد غاز قد نزل هذا الغازي بأريغ ،فحشد عليه أبو العباس قبيلة )مغراوة( فردوه ،ثم نزل ثانية فحشدهم فردوه وهزموه. بعيدا ،وأصبح شأوا أما عن مكانته العلمية فقد بلغ أبو العباس في العلم لمؤهلاته هذه مرجع الناس في الفتوى ،بل مرجع الفقهاء المعاصرين له ،كما تدل على ذلك الأخبار المروية عنه في كتب السير ولا سيما سير الوسياني الذي يؤرخ للمرحلة التي لحقت وفاة أبي العباس. ومما يؤكد منزلته الرفيعة في العلم إلى جانب مؤلفاته ما يرويه الدرجيني مشاركا في من أن» :ديوان العزابة« عندما أ لف عرضت بعض أجزائه عليه وكان تأليف أحد أجزائه وهو الجزء المتعلق بالحيض .وكان الكتاب يقع في خمسة جزءا انفرد الشيخ بكتاب ،وجاء تأليفه أحسن من تلك التآليف رتبة،وعشرين وأكثرها فائدة. وكان أبو العباس إلى جانب علمه يتمتع بعقل رصين ورأي سديد أهلاه لأن يكون زعيم قومه بعد أبيه ،ولعل مكانته هذه لم تتبلور إلا بعد استقراره في أريغ في السنين الأخيرة من حياته ،ولعل انقطاعه إلى العلم والتأليف بصفة مؤخرا. خاصة لم تسمح له بالاهتمام بشئون الزعامة إلا إن الأخبار المروية عنهعلى ق لتها وندرتهاتدل على أن أبا العباس كان يتمتع بشخصية عظيمة ،ونفس مؤمنة تثق بقضاء االله وقدره. 347القسمة وأصول الأ رضين ولأبي العباس نظرات في شؤون الناس وحياتهم تدل على بعد نظر وسداد رأي وعمق تجربة ،فمما لا شك فيه أن الظروف العصيبة التي جعلته يتحمل بعيدا عن الأهل والأقارب ،إضافة إلى ما عرفه عصره من فتنشظف العيش وقلاقل طبعت الحياة بالخوف والتوجس .هذه الظروف الخاصة والعامة أكسبته دروسا. تجربة وعلمته أما عن آثاره ومؤلفاته فيعد أبو العباس أحمد من أهم المؤلفين المتخصصين كتابا بعضها في الفقه الإباضي ،فقد ترك في هذا المجال حوالي خمسة وعشرين وصل إلينا ،وبعضها الآخر ضاع مع ما ضاع من التراث القيم. والناظر إلى هذه المؤلفات يدرك بجلاء ما يتمتع به أبو العباس من مواهب في التخطيط والتشريع ،وما يتحلى به من عقل منظم وفكر رصين ،فهو إذا ناقش مسألة فقهية ما اهتم بكل التفاصيل والجزئيات ،ووقف عند جوانب القيم القضية المعالجة موقف الخبير المتبصر ،ولا أدل على ذلك من كتابه الذي يعد بد عا في الفقه الإسلامي قاطبة »أصول الأرضين« ،ومن خلال كتابيه: »مسائل في التوحيد« ،و»تبيين أفعال العباد« تتجلى موهبته القوية في الحجاج والمناظرة ،واطلاعه على أصول الفقه وأصول الدين. ومن هذه المؤلفات: ١ كتاب» :في مسائل التوحيد مما لا يسع الإنسان جهله« ،وغير ذلك من مسائل الكلام. ٢ كتاب» :سيرة الدماء أو السيرة في الدماء« ،وهو يبحث في مواقف الشريعة الإسلامية في هذا الباب الخطير الدقيق من قصاص ومثل وضمان ،وهو الكتاب الذي اختصره الشيخ عبد العزيز الثميني في كتاب» :النيل« الذي يعتبر المعتمد الأساسي في الفقه الإباضي ،كما شرحه قطب الأئمة الشيخ أطفيش فيما شرح ضمن كتاب» :النيل«. مائة كتاب إباضي348 ٣ كتاب» :تبيين أفعال العباد« )مخطوط( يبحث في الأخلاق والسلوك الإسلامي إلى الآخرة ،وما ينبغي أن يتحلى به المرء من صفات وخلال سواء في تعامله مع الناس أو في علاقته مع ربه. ٤ كتاب» :الجامع« أو »الجامع في الفروع« ،وهو يقع في جزأين يتناول فقه العبادات .وقد طبع لأول مرة في زنجبار بالمطبعة السلطانية .ولعله الكتاب الوحيد الذي عرف طريقه إلى الطبع من تراث أبي العباس، وطبعته الأولى تمتاز بحاشية للشيخ أطفيش ،وقد أعيد طبع هذا الكتاب بمدينة قسطنطينة سنة ١٩٨٤م. ٥ كتاب» :الألواح« ،هذا الكتاب هو آخر ما أ لف أبو العباس ،كما تدل على كتابا، ذلك المصادر ،فقد ذكر الدرجيني »أنه ص نف خمسة وعشرين وكتابا آخر تركه في الألواح« أي :تركه في المسودة ،ثم رتبه بعض تلامذته من بعده ،وهو في موضوع الفقه. ٦ كتاب» :تلخيص القسمة« وهو مخطوط قيم الفائدة عظيم المنفعة لأنه يتناول موضوع نظرة الشريعة الإسلامية إلى بعض المعاملات التجارية بين الشركاء وكيفية القسمة بينهم قسمة عادلة إذا احتاجوا إلى ذلك، وهذا المخطوط يوجد في أغلب النسخ مرتب طا بمخطوط» :أصول الأرضين«. وهكذا يتبين لنا مما تقدم فضل أبي العباس على الفقه الإسلامي بما تركه لنا من نفائس ما تزال في حاجة إلى التحقيق والنشر لأن غالبها بقي للأسف الشديد مخطو طا لا يستطيع الاستفادة منها إلا من استطاع الوصول إلى هذا التراث المتناثر هنا وهناك في ليبيا وتونس والجزائر. أما عن منهج الكتاب فيشير المحققان إلى وجود ثمة إشكالية تتعلق بأجزاء الكتاب ،لاحظها كل الذين تكلموا عن المخطوط من العلماء أو الباحثين ،وهي 349القسمة وأصول الأ رضين ابتداء الكتاب وما تعلق منه بالعمارة أو أصول الأرضين بالجزء الثالث ،إذ ليس فيه الجزء الأول أو الثاني .وهذه إشكالية جعلت بعض الباحثين يذهبون إلى أن المخطوط ناقص لأنه يبتدئ بالثالث بدل الأول؛ لذا يذهب البعض إلى أن الجزأين الأولين ضائعان. أما المحققان فيريان أن الكتاب كامل ،ويستند هذا الرأي على عدة دلائل: أولها :أن بداية المخطوط تدل دلالة قاطعة على أنها بداية طبيعية لموضوعه الذي هو أصل الأرضين. مهادا وذلك لمنافع فإن هذه البداية التي تبدأ بالحمد الله الذي جعل الأرض خلقه بداية طبيعية لموضوع عمارة الأرض .وأول تخطيط في عمارة الأرض يبدأ بالطريق قبل بداية البناء ،وأسلوب الحمد له في حد ذاته أسلوب تعرف به بدايات المؤلفات في ذلك العهد. هذا من جهة ،ومن جهة ثانية فإن هذا الجزء يبدأه المؤلف بموضوع الطرق ومسالكها ،وما يجوز ،وما يمنع ،وهو دليل موضوعي على أن المؤلف بدأ موضوع كتابه بما ينبغي أن يبدأ والطريق هي الأصل ،ثم أخذ بعد ذلك في التدرج شي ئا فشي ئا ،بدأ بالطرق وحقوقها ،فالبيوت وحقوقها ،فالقصور )أي: المدينة( وحقوقها ،وهكذا من الجزء إلى الكل ،أو من الأصل إلى الفرع، فالبداية بالطريق عندئذ تكون بداية طبيعية لأنها أول ما يختط في تصميم المدن حتى عصرنا الحديث. ثانيا :أن الخطأ في الترتيب يرجع إلى ال نساخ ،فالمحاور الرئيسة من الكتاب من الوجهة الموضوعية هي: ١ الشركة والقسمة. ٢ حقوق الطرق ومسالكها. مائة كتاب إباضي350 ٣ حقوق إنشاء القصر وبنيانه. ٤ حقوق السقي بماء المطر. ٥ حقوق حرث الأرض. ٦ نزع المضرات وإثباتها. ٧ حقوق الحريم وغرس الأشجار. ٨ حقوق المشاع. فالموضوع كما هو واضح ب ين المعالم ،كامل الأطراف مستوعب لكل كلياته، وتحت كل محور مسائل متعددة تتفرع عن المحور أو الباب كما يسميه المؤلف. حضرا يجدها لا تخرج عن هذاوالمتأمل في عناصر عمارة الأرض ريفا أو النطاق ،وهي حقوق المدينة بطرقها ودورها ،وحقوق الريف بأشجاره وزرعه وآباره وسواقيه ،وبما أن الناس في تعاملهم اليومي قد يقع منهم التعدي على حقوق بعضهم البعض فإنه لا بد من تبيان الكيفية التي ترفع بها النزاعات من بينهم نز عا للمضرة أو إثبا تا لها .وهناك أرض مملوكة وأخرى غير مملوكة ،وهو ما يطلق عليه المشاع ،ولها حقوقها هي الأخرى. والملاحظ أن الشيخ عبد العزيز الثميني الذي جاء بعد المؤلف أبي العباس أبدا على هذه المحاور رغم أنه سمىأحمد بتسعة قرون كاملة لم يضف شي ئا كتابه» :التكميل لبعض ما أخل به كتاب النيل« اقتنا عا منه بأن أبا العباس تناول الموضوع من كل أطرافه. والمتأمل في التقسيم الذي اختاره الشيخ الثميني لكتابه» :التكميل« يلحظ كيف قسمه إلى ثمانية كتب تتسلسل كالتالي: الكتاب الأول» :في الشركة والقسمة«. الكتاب الثاني» :في الطرق«. 351القسمة وأصول الأ رضين الكتاب الثالث» :في إنشاء المنازل والقصور«. الكتاب الرابع» :في العران بماء المطر«. الكتاب الخامس» :في الحرث«. الكتاب السادس» :في ثبوت المضرة ونزعها«. الكتاب السابع» :في الحريم والغرس«. الكتاب الثامن» :في المشاع«. ومن هنا يتأكد أمرين: أولا :أن »التكميل« هو اختصار لكتاب» :القسمة وأصول الأراضين« ،وإن لم يصرح مؤلف التكميل بذلك. ثانيا :أن التقسيم الحقيقي لمؤلف أبي العباس هو الذي اختاره الشيخ الثميني لكتابه »التكميل«؛ لأنه يتماشى بكل دقة وموضوعية مع محتويات الكتاب. إن المؤلف أبا العباس أحمد له منهج فكري واضح سلكه في كل أجزاء كتابه ،فقد قسم الكتاب إلى أجزاء ،والأجزاء إلى أبواب ،وتحت كل باب مسائل كثيرة متفرعة عن الباب. وعند تتبع هذه الأبواب يمكن ملاحظة منهجها الفكري المنتظم ،فلا نكاد تكرارا للمسائل ،بل نجد مسألة واحدة في غير محلها من الباب ،وقلما نجد لا نجد مسألة واحدة خارجة عن محورها داخل الباب. ويبدأ المؤلف كتابه بعد المقدمة بباب »في شركة المنافع وتصحيح القسمة فيها« .وشركة المنافع مثل ما استوى إليه الناس من المجازات والمياه والمروج والمراعي وجميع المساكن في الفحوص التي استووا إليها ويحتاجون إليها لمواشيهم ،وغير هذا مما يشبهه .فالسابق إلى هذه المعاني أولى من غيره .فإن مائة كتاب إباضي352 جميعا المنافع معا حيث يستوفى إليها .فإن أمكنهملم يتسابقوا ،أو جاءوا إليها بعضا على هذا الحال. بعامتهم فليتفقوا كما أمكنهم ولا يجوز لبعضهم أن يمنع وإن كان لا يمكنهم الانتفاع لعامتهم فليتفقوا فيما بينهم ويقسموا المنافع. والقسمة جائزة بين الشركاء في جميع الأموال التي تمكن فيها القسمة، ويدركها بعضهم على بعض بالجبر ،وسواء في هؤلاء الشركاء من تجوز أفعاله ومن لا تجوز. معا، والشركاء إنما يتداركون القسمة في جنس واحد لا في أجناس مختلفة وذلك الجنس مثل النخل بأصنافها ،والزيتون بأجناسها ،وكذلك العنب على اختلافها ،وكذلك الحيطان فيما بينهم ،والأرضون إذا كانت بيضاء ليس فيها شيء جنس واحد ،وكذلك الغنم كلها جنس واحد. ومن العلماء من يقول :الأصل كله جنس واحد ،والأرض وما اتصل بها جنس واحد .والغيران والآبار والجب صنف واحد .وقيل في الأرض وما اتصل واحدا، جنسا أيضا أن تكون واحدا .وقيل في الحيوان جنسا بها أن تكون وكذلك الأواني فيما بينها على كثرة اختلافها ،وكذلك في الثياب. ويتناول المؤلف في هذا الباب ما تجوز به القسمة وما لا تجوز به. ويعرض تحته مسائل ،منها :لا يجوز لأحد من الشركاء أن يأخذ من المشترك شي ئا إلا بإذن شركائه ،ومسألة :في قسمة الأصل ،ومسألة :في قسمة الغلة ،وفي الغبن ،وفي قسمة المنافع في المشترك ،ومسألة :في قسمة ما اختلط من الأمانات ،ومسألة :إذا اختلط مال التاجر مع تاجر آخر ،ومسألة :في قسمة ما اختلط من الحيوان ،وغيرها من مسائل. ويعرض المؤلف مسألة :قسمة المشاع .والمشاع إنما يكون في الأرض وما اتصل بها من الدور والغيران والأشجار والعيون وأشباه ذلك ،ولا يكون في غير ذلك من الحيوان ،ولا في جميع المقبوض. 353القسمة وأصول الأ رضين والمشاع هو ما اختلط بين قوم حتى لا يصلوا إلى فرز ما لكل واحد منهم، وإنما يكون ذلك في شيء تلف لهم فيه الميراث ولا يصلون إلى معرفة جميع الورثة ،ولا يوجب عند أحد من العلماء معرفة تهم كل واحد منهم. ويجوز لأهل المشاع أن يقسموا منافع مشاعهم مثل قسمة الأرض للحرث، والبيوت للسكنى ،وما أشبه ذلك من المنافع ،فإنما يقسم هذا المشاع البالغ من أصحابه دون الأطفال والنساء ،ويدخل معهم في القسمة المولى واللقيط. وقسمة المواريث يسع الناس في جهلها ما لم يتقولوا على االله فيها الكذب، حلالا أو يلقوا الحجة فلا يسلموا لها ،وكذلك القصاصحراما ويحرموا فيحلوا ودقائق الربا على هذا الحال. ويتناول المؤلف ضمن باب» :القسمة« مسائل قسمة المنافع في المشترك، وقسمة ما اختلط من الأمانات ،وقسمة ما اختلط من الحيوان ،وقسمة الماء ،وغيرها. ويبدأ الكتاب كما سبق أن أشرنا بالجزء الثالث ،ويستهله المؤلف مستدلا على ذلكمهادا وذللها لمنافع خلقه، بالحمد الله الذي جعل الأرض ]الملك [١٥ :يعني: بقوله تعالى﴾ < ; : 9 8 7 6 5 4 ﴿ : في طرقها وفجاجها ،وجائز للرجل أن يجوز في الأرض القفار التي لا تنسب إلى أحد بنفسه وجميع مواشيه ،سواء آثر الطريق فيها أو يؤثره ،ويكون له ذلك إن أراد دون غيره من الناس. وأما الأرض التي تنسب إلى أحد من الناس وهي قفار لا عمارة فيها ،فإنه أيضا بطريقه لنفسه ومواشيه ،آثر الطريق أو لم يؤثره ولا يشتغليجوز فيها بمنع أربابها. وأما الأرض التي كانت بقرب الناس وحواليهم ،غير أنها لا عمارة فيها فجائز له أن يسلك فيها بنفسه ومواشيه ،ولكن لا يؤثر الطريق فيها ولا يشتغل مائة كتاب إباضي354 بحجر صاحبها ومنعه ،وأما الأرض التي عمرها أربابها فجائز له أن يسلك حيث لا يضر بأربابها ويشتغل بمنع أربابها وحجرهم ،وأما إن كان لا يمر فيها إلا بفسادها ،فلا يشقها إلا إلى إصلاح ما يخاف فساده ،إذا لم يقصد في ذلك فسادها يمر عليه ،وليس عليه شيء فيما أفسده في مروره ورجوعه. وأما طريق العامة فلا يشتغل بمنع من منعه ،ولا حجره ،ويقصد في سلوكه إلى عمارة أرضه وفدادينه إن أراد ولا بأس عليه ،إلا إن كان في سلوكه طريق أيضا أن العامة ما يضر بأهله فجائز لهم منعه عما يضرهم ،ولا يفعل هو ذلك يضر بالعامة وإن لم يمنعوه. عددا من المسائل منها: ويدرج المؤلف تحت هذا الجزء الثالث مسألة» :فيمن أراد أن يمنع من يسلك طريقه«. مسألة» :في تحويل الطريق«. مسألة» :في الطرق كم من وجه كانت عليه«. مسألة» :في إثبات الطرق«. مسألة» :في القناطر« ،ومسائل أخرى. ويتناول المؤلف في الجزء الرابع من كتاب» :الأصول« باب :فيما يتمانع منه أهل القصر من المضرة .فإذا أراد رجل أن يحدث في السور مما يقابل بيته ما يضعف به حائط السور ،مثل أن يضرب الأوتاد أو يحدث فيه مخز نا أو كوة خشبا فيما يليه ،عليه ألا يفعل شي ئا من سواء نفذت منه أو لم تنفذ ،أو يجعل جميعا ،وكذلك الحيطان التي بين بيوتهم إن أرادذلك إلا إن اتفقوا عليه أحدهم أن يحدث فيما بينهم ما يضعفها على هذا الحال ،وكذلك من أراد منهم أن يزيد إلى بيته من الساحة التي وسط القصر )المدينة( ،أو أراد أن يبني فيها شي ئا ،فلا يفعل ذلك سواء في الساحة أو الساحة كلها لصاحب البيت ،فإنهم يتمانعون في كل ما يحدث في تلك الساحة مما يضر ،مثل من أراد أن يحفر 355القسمة وأصول الأ رضين موضعا بئرا ،أو يتخذ فيها معد نا للحجر أو الطين ،أو مرب طا لدابته ،أو فيها مرحاضا ،وأما ما لا يستغنى عنه فإنهم يجمع فيه الكناسة ،أو يجعل فيها لا يمنعونه من وضعه مقدار ما يبنى فيه. ويقدم المؤلف في الجزء الخامس حديثا عن ماء المطر ،وعمارة الأرض بماء المطر ،وقد روي عن النبي ژ أنه قال» :الناس مشتركون في ثلاثة :في الماء ،والنار ،والحطب« ،وقيل» :في الماء والكلأ والحطب« ،واشتراكهم فيها في المنافع دون الملك ،وماء المطر لا يدخل في ملك أحد إلا من قبضه في أوعيته ،وكل ما حواه من هذا في إنائه فقد دخل ملكه وجاز فيه فعله من منع وبيع وهبة ،وغير ذلك مما يوجب إخراج الملك ويجري فيه الميراث، ولا يجوز لمن ينتفع بذلك إلا بإذن صاحبه. وإذا أراد قوم أن يعمروا أرضهم على ماء المطر ومساقي الأرض التي أرادوا عمارتها منها فإنه يكون ذلك بينهم ،كما اشتركوا في أرض المساقي، وإن كانت المساقي لغيرهم فليعمروا على مائها على قدر اتفاقهم أو كيفما تسابقوا إليها بأنصبائهم ،وإن كانوا في ذلك الماء سواء ،فيكون بينهم ،كما اشتركوا في تلك الأرض التي تجري إليها تلك المساقي ،وإن لم يدع تلك المساقي أحد. ويعرض الجزء السادس موضوع حرث أرض المشاع بالتعدية .حيث إن الزرع لأهل المشاع على قدر اختلافهم في غلة المشاع ،ولا يكون عليه من ضمان الأرض شيء إذا انتفعوا بمقدار ذلك النقصان أو أكثر منه ،ومنهم من يقول إنما يأكل تلك الغلة الفقراء والمساكين ،ويغرم نقصان الأرض لأهل المشاع. أما الجزء السابع من الكتاب فهو عن »نزع المضرات وإثباتها«. ولا مضرة إن اتفقوا أن يجعلوا الحريم فيما بينهم أو أدركوه عند أوائلهم ،ثم مائة كتاب إباضي356 أرادوا أن ينزعوه ،فإنهم ينزعونه إن اتفقوا على ذلك وهم خواص ،وأما إن أدركوا العمارة عند أوائلهم ولم يكن لها حريم ،فلا يجوز لهم أن يجعلوا لها الحريم بعد ذلك إلا باتفاقهم .وكذلك إن عمروا بغير الحريم ثم أرادوا بعد ذلك أن يجعلوا الحريم فيما بينهم فلا يجوز ذلك إلا باتفاقهم ،وهذا إذا كانوا خواص ،وأما إن أدركوا فيها عمارة أو عمروها بأنفسهم ،ثم أرادوا أن يعمروا غير ذلك قال :لا يعمرون فيها إلا ما يوافق عمارتهم الأولى أو دونها، وأي عمارة تكون مضرتها أكثر من مضرة العمارة الأولى فلا يصبونها ولو في أرضهم. وأما قوم عمروا أرضهم ولم يجعلوا الحريم فيما بينهم ولم يكن ذلك باتفاقهم ،وكانت الدعوى بينهم أن لا يعمروا في أرض فلا تثبت عليهم هذه العمارة على كل حال ،ووفت ما أرادوا أن ينزعوا منه تلك العمارة نزعوها عند الذين عمروا أو عند من كان خلفهم ،وليس لذلك نهاية إذا كانت الدعوة قبل العمارة أو مع العمارة ،ولا تثبت العمارة على الداعي. عددا من المسائل منها: وفي هذا الجزء يدرج المؤلف أرضا فعمرها ولم تعرف له بالشراء ،ولا بالميراث، مسألة» :رجل دخل ولا بوجه من وجوه الملك«. مسألة» :رجل أحدث المضرة في أرض لم تعرف فعمرها مقدار ما يقعد فيها«. مسألة» :في البيع الموقوف«. مسألة» :رجل أحدث المضرة في أرضه على أرض رجل«. أرضا وما اتصل بها من الأشجار والحيطانمسألة» :رجل اشترى وغيرها ،فأحدث له جاره مضرة«. أيضا مسائل عن الاستحقاق وبيعكما يتناول المؤلف في هذا الجزء 357القسمة وأصول الأ رضين المضرة ،وفي حريم عروق الشجر ،وحريم الطرق ،وحريم الساقية ،وحريم العيون ،وحريم الآبار ،وحريم الوادي ،وحريم البحر ،وغيره. أما الجزء الثامن والأخير من الكتاب فعن »غرس الأشجار وعمارة الأرض« ،وكيفية غرسها ،وما يفعل في ذلك وما لا يفعل ،والواجب عليه ألا يغرس من الغروس إلا ما يعلم أنه حلال ،ويعلم أصل الأرض التي أراد أن والنية .ويقصد في ذلكيغرس فيها أنه حلال ،لا يستعمل فيها شي ئا إلا بالنوى ذخرا في الآخرة ،وينتفع به في دنياه ،ويستر به على ما عند االله ،وما يكون له نفسه ،ويجتهد ويرغب في طلب الحلال لئلا يكون عالة على غيره. غرسا لم تكن قبل ويرى المؤلف أنه يجوز للرجل أن يحدث في الأرض ذلك ،ويجوز له أن يقطع الغراس من موضعها ويردها في مكان آخر ،ما لم يكن للفساد في ذلك ،سواء في هذا أعمله من ماله أم من مال غيره .ويجوز أيضا أن ينزع أيضا لمن أذن له في ماله ،إذا لم يكن الفساد في ذلك ،ويجوز له من الغراس ما فيه من مضرة لغيرها ولو كان لا ينتفع بها إذا نزعها ،وجائز للرجل أن يعمل في أرضه بما شاء وكيف شاء ما لم تكن في عمارته مضرة لغيره ،ويمنع أن يعمر أرضه التي كانت في الرهن. ويكمل المؤلف العديد من المسائل حول حقوق غرس الشجر بين أهل القصر وحدود كل واحد منها ،وما يترتب عليه من فوائد أو مضار وحقوق كل منهم فيها ،والواجب عليه في هذا المجال. 358 ¿É`«ÑdGh á`dOC’G ¿ô≤dG øe ∫hC’G ∞°üædG) »Wƒ°û∏adG ≈°ù«Y øH øjQƒ ̈ÑJ (Ω12/...ôé¡dG ¢SOÉ°ùdG تحقيق وتعليق :أبو موسى سليمان بن إبراهيم بابزيز الوارجلاني مسقطعمان١٤٢٥ ،ه٢٠٠٤/م عدد الصفحات ٥٠ :صفحة يتكون الكتاب من مقدمة التحقيق ،ونص كتاب »الأدلة والبيان« .يشير المحقق في مقدمته إلى أن من أعظم العلوم التي دعا إليها القرآن ،وحرص عليها الرسول الكريم ژ علوم الفقه وأصوله؛ لأنه بهما تقوم شريعة االله، وتعيش الأمة حياة سعيدة طيبة حينما تحقق قوله تعالى® ¬ « ﴿ : ̄ ] ﴾ μ́ 3 2 ± °الأنفال.[٢٤ : وإن عمدة أصول الفقه معرفة استنباط الأحكام الشرعية من النصوص المنقولة وما يؤول إليها ،ولا يدرك ذلك إلا بالفهم الجيد للنص ،وسبر أغواره، ومعرفة أساليب بيانه وطرق دلالاته على المعاني المختلفة ،فتتنوع درجات وضوح وخفاء تلك الألفاظ ،فيعرف الحكم بصريح العبارة ،أو بإشارة تومئ إلى المعنى ،أو باقتضاء لفظ أو غير ذلك ،ولا يلزم العمل على المكلفين حتى تكون لهم القدرة على فهم النص أو يبينها لهم من له القدرة على فهم معانيها. وقد كان كتاب »الأدلة والبيان« في مقدمة الكتب التي صنفت في هذا الفن ،واعتنت به كتصنيف مستقل بذاته ،ووضع لها مؤلفها مصطلحات ومعان وعرفها بما يراه كثيرة ،تناولها بصورة واضحة جلية ،حدد فيها اصطلاحاتها ، والسنة. مستدلا على ذلك بنصوص من اللغة والكتابصائبا مؤد يا لمعناه، وهذا المؤلف من أهم المؤلفات الأولى التعريفية لمصطلحات أصول الفقه 359الأدلة والبيان وتفريعاتها ،وقد غفل عنه كثير من القدامى والمحدثين ،ولم يجد المحقق من أشار إليه أو اعتمده إلا المتأخرين منهم ،رغم ما فيه من غرر لامعة ،ودرر نادرة ،ولا يدرى سبب إغفاله طيلة تسعة قرون ،وهذا من أهم البواعث التي حفزت المحقق على تحقيق هذه الرسالة وإبرازها للباحثين لدراستها والاستفادة منها ،إضافة إلى ذلك نسبتها إلى أحد أعلام القرن السادس الهجري البارزين في الفقه الإباضي. يتناول المبحث الأول :نسبة الكتاب ،والتعريف به .يذكر المحقق أن جميع النسخ التي اتفقت على تسمية الكتاب باسم» :الأدلة والبيان تأليف أهل المغرب« ،ولم يجد من نسبه إلى عالم بعينه ،وهذا سبيل بعض العلماء الورعين ،إذ يخفون أسماءهم ور عا وخشية من الرياء ،وما يعتور النفس من لذة الذكر والشهرة ،أو خوفا من قهر أعداء متغطرسين ،أو أذى حاسدين متربصين، وقد عاش الشيخ في فترة من فترات الكتمان عند الإباضية ،وليس هناك ما يدعو إلى إغفال اسمه لخوف أو أذى ،بل يظهر أنه كان لورع وإخلاص في نفع الآخرين ،ورجاء الأجر والثواب عند من لا يخفى عليه شيء في الأرض نظرا للمصلحة التي يراها في ذلك الوقتوالسماء ،أو أنه كتم كتابه عن الأعين حتى يحين وقته ويحضر زمنه ،كما وقع لكتاب مثله في نفس العصر ،وهو أيضا بعضكتاب »المعلقات في أخبار وروايات الدعوة« وقد نسبه إليه ير الشماخي )ق ٨ه( ،وجواهر البرادي المعاصرين رغم سبق ذكره في س )ق ٩ه( ،وغيرهما ،لكن بغير نسبة. عالما أو ناسخ ا ينسبه ،ولم يحض حتى فهذا الكتاب لم نظفر من القدامى بالذكر في تقييدات البرادي قبله ضمن كتاب الأصحاب التي ذكرها في كتابه: »الجواهر المنتقاة«. وأول من ق يده ونسبه إلى الشيخ تبغورين الملشوطي هو الشيخ السالمي )ت ١٣٢٢ه( في كتابه» :اللمعة المرضية« حيث يقول» :وكتاب الشيخ مائة كتاب إباضي360 أيضا :كتاب »الجهالات في الكلام« ،وله تبغورين بن عيسى في الكلام ،وله أيضا كتاب» :الأدلة في البيان في أصول الفقه«. أيضا في كتاب »مشارق أنوار العقول« عند تعريفه للعقل وتبعه ونقل منه على ذلك كل من الشيخ عبد الرحمن بن عمر بكلي )ت ١٤٠٦ه( في تعليقه على كتاب »القواعد« ،والشيخ سالم بن حمد الحارثي في »العقود القصية« ،ثم تبعهم الذين جاءوا من بعدهم. ومن خلال المادة المعروضة في هذا الكتاب لا نجد أية دلالة تشير إلى مؤلفه أو علامة تدل على عصره أو من أخذ عنه .ويميل المحقق إلى نسبة الكتاب إلى الشيخ تبغورين لعدة أسباب ،منها: ١ طريقته في التأليف ،وأسلوبه الجميل من حيث السلاسة والوضوح والاهتمام بأصل الألفاظ ومعانيها والاستدلال عليها. ٢ انفتاحه وسبقه المبكر على كتب الآخرين والاستفادة منها ،والمشاركة في بناء الصرح الفكري والنقدي على المستوى الواسع. ٣ إبداعه في التأليف وتأصيل المسائل ،واعتماده الكبير على الأصول اللغوية للكلمة ،والالتزام بمنهج واحد في جميع الكتاب. ٤ تقديم المادة العلمية مركزة من غير اختصار أو تطويل ممل ،بعيدة عن الحشو والإسهاب في ذكرها. أخيراولعله ما جعل المؤلفين ينسبونه إليههو ذكر كتاب »أصول الدين« ٥ مرتبا بعده في جميع النسخ ،وهذا الكتاب مجمع على نسبته إلى الملشوطي، وجاء بصيغة التشابه والإلحاق لكتاب الأدلة بلفظ »كتاب آخر في الأصول من تأليف أهل المغرب من وضع الفقيه تبغورين بن عيسى الملشوطي«. ونظرا لما تقدم من الميل إلى كون الشيخ تبغورين هو مؤلف هذا الكتاب فلا بد من ذكر نبذة مختصرة عن حياته. 361الأدلة والبيان والمبحث الثاني :عن التعريف بمؤلف الكتاب ،وهو العالم الفقيه الشيخ تبغورين بن عيسى بن داود الملشوطي ،ينسب إلى ملشوطة ،وهي قرية من قرى ورجلان ،عاش في النصف الثاني من القرن الخامس والأول من القرن السادس الهجري. ولد في أسرة فاضلة كريمة ،من أبوين صالحين ،غرسا فيه حب العلم قدرا والفضيلة ،والسعي وراء الباقيات الصالحات ،فصار من أجل العلماء ذكرا ،وكتب االله لمؤلفاته البقاء ،رغم ما وقع لأكثر أخواتها منوأبقاهم تلف وضياع. متنقلا في طلب العلم واغترافه بين:نشأ في أسرة علم وفضل وصلاح، أريغ ،وورجلان ،وبلاد سوف ،والزاب ،ودرجين ،وجربة ،ونفوسة ،وغيرها من مناطق المغرب العربي الآهلة بالإباضية في ذلك الحين. وقد أخذ العلم عن ثلة كبيرة من علماء عصره المتضلعين في مختلف المعارف الإنسانية ،والذين كانت لهم القدم الراسخة في توطيد دعائم المذهب ونشره في حنايا المغرب الإسلامي ،وخرج في طلب العلم والتزم حلقة أبي الربيع سليمان بن يخلف المزاتي )ت ٤٧١ه( ،فل ما تفقه أراد المسير إلى أهله. ورغم الدرجة العلمية الرفيعة التي كان يتمتع بها الشيخ تبغورين ،إلا أنه لم يسلم من لوم أصحابه واتهامهم له ،في أشياء حكموا بها عليه بالبراءة والهجران حتى يتوب إلى االله ويرجع ،فسافر إلى »تينوال« ليعلن توبته مما ب إليه بين يدي مشايخها الكبار ،ويبين لهم وجهة نظره ،ويوضح ما عيب نس عليه من الآراء والأقوال ،وقد كان الحق بجانبه دون أي ريب ،فلما تفهمه المشايخ واستوعبوه تابوا عليه واستعاد الشيخ مكانته ،وتعاظم في أعين ومرجعا متمك نا في علم الكلام والفقهكريما، عزيزا الناس ،وعاش بين أهله والأصول والأخبار. مائة كتاب إباضي362 أما مؤلفاته :فكان الشيخ تبغورين من أبرز العلماء الذين سلمت مؤلفاتهم من تقلبات الزمان وأهله ،ووصلت إلينا بعد قرون ،وقد ترك لنا ثروة علمية جليلة ،وتآليف مفيدة كانت نواة لتصانيف لاحقة ،وتآليفه تدل على غزارة علمه ،وعلو شأنه ،وتضلعه في شتى الفنون ،وله كتاب أجمع المؤلفون على نسبته إليه ،ومنها ما نسبه إليه المحدثون ،ومؤلفاته هي: ١ كتاب »أصول الدين« في علم الكلام ،يشتهر ب»عقيدة تبغورين« ،مطبوع. أيضا ،قام بشرحه أبو عمار عبد الكافي٢ كتاب »الجهالات« في علم الكلام التناوتي )ق ٦ه( مطبوع. ٣ كتاب »الأدلة والبيان« في أصول الفقه ،وهو الذي نحن بصدده. ٤ كتاب »المعلقات في أخبار وروايات أهل الدعوة« ،كتاب في السير والأخبار والروايات عن علماء أهل المغرب ،حيث يذكر البلدان التي كانت آهلة بالإباضية ،ثم يذكر مشايخها وآراءهم في الفقه والأصول والحكم وغيرها من الروايات. ويتناول المحقق في المبحث الثالث :وصف النسخ المعتمدة. أما المبحث الرابع فهو عن منهج تحقيق الكتاب. أما الكتاب فهو يشتمل على تسعة أبواب. عرف المؤلفالباب الأول :عنوانه »بيان التكليف والعقل والفهم والفقه« .ي  التكليف بأنه :هو الأمر والنهي اللذان تعبد االله بهما الخلق ولأجلهما خلق الجنة والنار. وحده بعض أهل العلم بأنه إرادة المكلف من المكلف ما يشق عليه. ويستدل المؤلف على وجوب التكليف بقوله تعالىm l k j ﴿ : ] ﴾ nالقيامة [٣٦ :والسدى الذي لا يؤمر ولا ينهى. 363الأدلة والبيان أما معرفة التكليف وأدلته فتدرك من وجهين :أحدهما :السمع ،والثاني :العقل. السنة والإجماع أو القياس، فأما السمع :فهو ما ثبت عليه بالكتاب أو  والسنة أصل للإجماع ،والإجماع أصل للقياس.السنة، فالكتاب أصل  واختلف في العقل؛ فقال الشافعي :هو آلة خلقها االله في عباده يميزون بها بين الأشياء وأضدادها ،ركبها فيهم سبحانه ليستدلوا بها بين الأمور الغائبة، بالعلامات التي نسبها لهم منة ونعمة. وقال قوم :هو معنى في القلب ،وسلطانه في الدماغ؛ لأن أكثر الحواس في الرأس؛ ولذلك قد يذهب بالضرب على الدماغ. وقال آخرون :هو قوة وبصيرة في القلب منزلته منه منزلة البصر من العين، مانعا للنفس عن فعل ما تهواه؛ مأخوذ من عقال الناقة:عقلا لكونهويسمى المانع لها أن تذهب حيث شاءت؛ وهو مخلوق في الإنسان يزداد وينتقص، وجميع المعلومات بحس وغيره إليه مرجعها ،وهو يميزها ويقضي عليها، وحجته مأخوذة من قبل االله تعالى. ثم الأشياء فيه على ثلاثة أقسام :واجب :كشكر المنعم ،وممتنع :كالكفر، ومجوز :كسائر الشرعيات. عرف المؤلف الفهم بأنه :عبارة عن إتقان الشيء والثقة به ،على الوجهكما ي  الذي هو به عن نظر ،ولذلك يقال :نظرت ففهمت ،ولا يقال في صفات االله تعالى فهم. أيضا بأنه :المعرفة بالمعنى الذي لأجله وجب عرف المؤلف الفقهكما ي  حكم الشيء ،وحده في اللغة :عبارة عن كل معلوم يتبينه العالم به عن فكر، وحده في الشرع :عبارة عن اعتقاد علم الفروع في الشرع؛ ولذلك لا يقال في صفات االله سبحانه :فقيه. مائة كتاب إباضي364 مستدلا على ذلك بقولوحقيقة الفقه كما يراها الشيخ أطفيش »الاستنباط« االله ] ﴾ o n m l ﴿ : 8النساء.[٨٣ : والباب الثاني :عنوانه» :الكلام في العلم والجهل والظن والشك والتقليد«، والمؤلف هنا يتكلم عن درجات المعرفة ،لأن المعرفة من الأمور المهمة التي دعا إليها القرآن ،قال تعالىÏ Î ÍÌ Ë Ê É È Ç Æ Å ﴿ : ] ﴾ Ñ Ðالزمر.[٩ : عرف المؤلف العلم بأنه :درك المعلوم على ما هو به ،وقيل :الإدراكوي  والإحاطة والاستبانة ،وهو الصحيح. وينقسم العلم إلى ضربين :ضروري ،ومكتسب .الضروري هو فعل االله سبحانه ،أما العلم المكتسب فهو ما وقع بالاستدلال. خبرا. وأما الجهل :فهو اعتقاد الشيء على خلاف ما هو به ،وأن لا يحاط به وأما الشك :فهو الوقوف بين صفتي الشيء من غير ترجيح لأحداهما على الأخرى ،ولا يتعلق به حكم. وأما الظن :فهو تغليب إحدى الصفتين على الأخرى ،أو ترك ما عداها ،فإذا قوي ذلك سمي :العلم الظاهر ،وتعلقت به الأحكام. وأما التقليد :فهو قبول قول القائل من غير دلالة ولا حجة ،وقيل :الرجوع إلى قول من لا يؤمن عليه الخطأ ،فيما قاله. ويتناول الباب الثالث :الكلام في الدلائل وأشباهها ،وبيان الشبهة والبرهان والحجة. ويقدم المؤلف في هذا الباب تعريفات للمصطلحات الواردة في عنوان الباب. فالدليل وأشباهه :يشتمل على عشرة ألفاظ :دليل ،ودال ،ودلالة ،ومدلول به ،ومستدل به ،ومدلول ،ومستدل ،ومدلول عليه ،ومستدل عليه ،واستدلال. 365الأدلة والبيان فالدليل والدال واحد :وهو من فعل الدلالة ونصبها ليستدل بها. والدلالة والمدلول به والمستدل به واحد :وهو ما أمكن الاستدلال به على ما نصب دلالة ،كالعلم في الطريق :يدل على القصد؛ لأنه نصب لذلك. مدلولا فيوالمدلول والمستدل واحد :وهو الناظر في الدلالة ،ويسمى ومستدلا في حال نظره.حال ما رفع له للعلم، ومدلول عليه ومستدل عليه واحد :وهو العلم الواقع على النظر في الأدلة. وأما الاستدلال :فهو اسم النظر في الأدلة ،ويتجوز ببعض هذه الألفاظ على بعض. وأما الشبهة :فهو التخ يل إلى الناظر في الباطن أن ما نظر فيه دليل ،وهو بخلاف ذلك. وأما البرهان :فهو ما أثبت المعنى في النفس. وأما الحجة :فهي ما يقع به للناظر حقيقة الشيء المنظور فيه من قول :حج وم حج ة. يحج ،إذا قصد ،ومنه سمي الطريق القاصد :حجة ويتناول المؤلف في الباب الرابع تعريف كل من الاستحسان ،والمعقول، والنظر ،والجدل ،والاجتهاد. فأما الاستحسان :فهو شهوة النفس والميل بالهوى إلى الشيء ،فإن قارن محمودا ،وإذا هوته النفس كقول االله تعالىt s ﴿ :ذلك دليلا كان ] ﴾ uالبقرة [١٤٤ :أي :تؤثرها وتهواها .والدليل على الاستحسان قوله ژ : »ما رآه المسلمون حس نا فهو عند االله حسن« ،فجعل إجماعهم حجة ،وإن كان بغير دليل فهو مذموم ،لنهي االله سبحانه عن ذلك بقولهà  Á À ﴿ : ] ﴾ Ì Ë Ê É È ÇÆ Å Äالنجم.[٢٣ : أما المعقول :فهو ما سبق إلى الفهم من حكم الخطاب ،لأصول تقدم مائة كتاب إباضي366 حكمها له من غير ذي علة ولا استنباط معنى ،ومنه فحوى القول ولحنه ،ودليله السنة قوله ژ في أدب القاضي» :لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان«،من  أي :لا يحكم في حال الغضب؛ لتغير طبيعته. وأما الجدل :فهو تردد الكلام بين المتناظرين ،وهو ترجمان عن نظر، مأخوذ من الجدل ،وهو :الفتل الجيد ،يقال :حبل مجدول؛ أي :جيد الف تل، صريعا؛ أي :غلبته ،ومنه سمي المجادل؛ لأنأيضا :الغلبة ،يقال :جدلته والجدل كل واحد منهما يروم صحة قوله ،وفساد مذهب مجادله ،وقيل :الجدال مأخوذ من الجدالة ،وهي :الأرض. وأما الاجتهاد :فهو حمل النفس على ما يشق عليها؛ مأخوذ من الجهد، مجهدا أو يقال :جهد في عمله ،وأجهده السير ،ويسمى الحاصل من ذلك مجتهدا ،لما يلحق القلب من ذلك التعب.مجهودا ،ويسمى الناظر: وأما النظر :فهو استعمال الفكر في قوة الدلالة. والقياس مثله ،وقيل في القياس حده :حمل الفرع على الأصل بضرب من الشبه. وعنوان الباب الخامس» :الكلام الواقع به البيان« .ويتحدث المؤلف عن الكلام المفيد بأنه الخطاب ،والمراد به هو :الجمل ،وأقلها ما اجتمع فيه اسم واسم ،أو اسم وفعل ،أو اسم وحرف يقتضي معنى الفعل ،ثم يدخل على لفظ استخبارا. نهيا ،وعلى الخبر لفظ الاستفهام فيكونالأمر حرف النفي فيكون ويتكون الكلام المفيدكما يرى المؤلفمن أربعة أقسام :أمر ،ونهي، أقساما كثيرة على حسب المرادوخبر ،واستخبار .ثم ينقسم كل قسم منها بالخطاب ،وما يدخل من الحروف. وندبا. ونداء، وعرضا، ودعاء، وطلبا، وسؤالا،أمرا، فيكون الأمر : 367الأدلة والبيان وتهديدا. وزجرا ،وإغلا ظا،نهيا، ويكون النهي : وتلهفا. وجحودا ،ومجازات،وتمنيا، خبرا، ويكون الخبر : ومثلا.وقسما، وتعجبا، واستفهاما، استخبارا، ويكون الاستخبار: حقيقة ،ومجاز ا.فصار الكلام كله على وجهين: فالحقيقة :ما أريد به ما وضع له متضم نا لمعناه من غير زيادة ولا نقصان. والمجاز :ما أريد به ما لم يوضع له في اللغة؛ كقوله تعالىR Q ﴿ : ] ﴾ U T Sالأحزاب [٥٧ :أي :الذين يؤذون أولياء االله ،وكقولهH ﴿ : ] ﴾ Iالبقرة .[٩ :ومثل هذا في مجاز اللغة كثير. ويقدم الباب السادس» :الكلام في البيان والحكمة« .ومعنى البيان :هو إخراج الشيء من الإشكال إلى الوضوح ،وسميت المعجزات بينات ،لأن بها يتبين المراد ،وسمي الشهود بينة؛ لأن بهم يقع البيان في الأحكام ،ودليل البيان قوله تعالى] ﴾ < ; : 9 8 ﴿ :النحل.[٤٤ : وينقسم البيان على خمسة أقسام: أحدها :المؤكد في بيانه؛ كقوله تعالىàß Þ Ý Ü Û Ú Ù Ø ﴿ : ] ﴾ ã â áالبقرة.[١٩٦ : والثاني :تخصيص العام. والثالث :بيان المجمل. والرابع :ما أبانه النبي ژ من غير نص كتاب ،وذلك يقع من ثلاثة أوجه: بالقول ،والفعل ،والترك. ابتداء ،والثاني :جواب والبيان بقوله ژ يقع بثلاثة أوجه :أحدها :قوله ژ عن سؤال ،والثالث :أن يكون الجواب لا يستقل بنفسه ،فلا بد من ذكر السؤال معه حتى يتم الكلام. مائة كتاب إباضي368 تفسيرا لما في كتاب االله تعالى .أو البيان بالترك. وأما البيان بالفعل :فإما أن يكون وأما البيان بالإجماع :فالإجماع ينعقد بقول تارة ،وبفعل تارة ،وبترك تارة. والبيان الخامس :هو ما علم بالقياس. السنة لقوله تعالىf e d c b ﴿ :وأما الحكمة :فهي  أيضا على العلة في] ﴾ j i h gالأحزاب ،[٣٤ :وتطلق الحكمة باب القياس ،ويطلق على المصلحة المترتبة على الفعل. وأما الحق :فهو ما اطمأن القلب إليه عند التفكر فيه ،والتدبر فيه ،والباطل ضده ،وهو ما نفر القلب منه عند التفكير فيه والتدبر فيه ،وقيل في التفسير: الحق هو الصحيح ،والباطل هو الفاسد. ويقدم الباب السابع» :الوجوه التي يدرك بها علم الشريعة« .وهي الحلال والحرام ،وهي تدرك عن طرق الشريعة أو السمع من أربعة أوجه :الكتاب، والسنة ،والإجماع ،والعبرة. فأما الكتاب :فيثبت من أحد وجهين :أحدهما :الإعجاز ،والثاني :الإجماع. السنة :فتثبت بالخبر ،وهي على ضربين :تواتر وآحاد.وأما  معا ،ويلزم القطع عليه وصفته ما نقلتهفالتواتر :يوجب العلم والعمل والمخبر عنه ،ما لا يصح عليهمجماعة عن جماعة ،متصلة فيما بين المخبر التواطؤ ولا التساعي ،ولا اتفاق الهمم ،ولا دعاهم إلى ذلك اعتقاد مذهب ولا إلحاد ،يكون أصل علمهم بذلك عن مشاهدة ،فحينئذ يوجب علم الضرورة عند بعض الناس ،وذلك كأعداد الصلوات المكتوبات ،وكثير من صفاتها، السنة ونحو ذلك،ومقادير بعض الزكاة ،ومواضع المناسك ،ووقت الصيام من  ولا يعتبر في ذلك عدد المخبرين ولا صفاتهم من عدالة ولا غيرها. واتفقوا على اعتبار وجود العقل فيهم ،وأنه لا يقع بخبر أربعة ،واختلفوا فيما عدا ذلك. 369الأدلة والبيان وأما أخبار الآحاد :فإنها على ثلاثة أقسام :مسند ،ومرسل ،ومنقطع. فالمسند :ما رواه الثقات المعروفون فيما بين رسول االله ژ والسامع له، ولا يعتبر ذلك عدد بحال تعتبر العدالة والاتصال؛ وموجبه :يوجب العلم والعمل الظاهر دون الضروري .وأكثر أحكام الشريعة متعلقة بهذا النوع .وقد قيل :أكثر ما صح عن النبي ژ ثلاثة آلاف حديثا بالطرق الصحاح ،والرجال الثقات ،والأسانيد المتصلة .وقال الشافعي :مدار الإسلام على أربعمائة حديث، وقال غيره :على أربعة أحاديث ،هي: »بني الإسلام على خمس.«...الأول :قوله ژ: والثاني :قوله ژ » :لا يحل دم امرئ مسلم إلا بأحد ثلاث«. والثالث :قوله ژ » :إنما الأعمال بالنيات.«... والرابع :قوله ژ » :لو أعطي الناس بدعواهم لأصبح قوم يدعون بدماء قوم ،ولكن شاهداك أو يميته«. وأما المرسل :فهو ما روي عن رسول االله ژ،ولم يتصل سنده لترك الراوي رجلا في الوسط أو أكثر ،وذلك على ضروب أقواها إرسال الصحابة بعضهم عن بعض ،وذلك والمسند سواء لقوله ژ » :أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم«. وأما المنقطع :فهو ما لم يتصل برسول االله ژ،بل بصحابي أو تابعي أو من دونهم. عرف المؤلف »الإجماع« ويقسمه على ضربين :إجماع يستوي فيه العامةوي  والخاصة؛ كأعداد الصلوات والزكوات. والضرب الثاني :ينفرد به الخاصة وهم العلماء ،فذلك يقع على وجهين: أحدهما :من طريق النص. والثاني :من طريق الاجتهاد. مائة كتاب إباضي370 وأما العبرة :فمعناها اعتبار المعاني في الأشياء ،فكل أمر في الشرع أو النهي فله معنى لأجله حظر أو أبيح ،غير أن ذلك على ضربين: ما عقلنا في الجملة أنه مصلحة للمكلف ،واستأثر االله تعالى بعلم معناه على التفصيل ،لأنه لا يرى القياس عليه ،فعلمنا أن كل ما نهى عنه في قياسا عليها. الجملة فواجب لوجوبها ومنه ما ورد النص بمعناه. أما ما عقل بالاستنباط فله أربعة شروط :أصل ،وفرع ،وعلة ،وحكم ،وذلك على ضروب: أقواها :الفحوى كقوله تعالى] ﴾ z y x w ﴿ :الإسراء ،[٢٣ :فيعلم أن كل ما كان في معناه أو أكثر منه في الاستخفاف لا يجوز. ثم يليه قياس النبيذ على الخمر ،ثم يليه قياس الشبه والأوصاف. أما الجملة :فهو ما حصل فيه المعنى ،وتم الكلام فيها. والأصل :ما عرف به حكم غيره. والفرع :ما عرف حكمه بغيره. ويتناول الباب الثامن» :الكلام في أدلة الشرع وأقسامها« في الأحكام وهي على قسمين :أصل ،ومعقول أصل. فأصل الأصل :على عشرة أقسام :مجمل ،ومفسر ،وعام ،وخاص ،ومحتمل، ونص ،ومطلق ،ومقيد ،وناسخ ،ومنسوخ. فأما المجمل :فهو ما لا يعقل المراد به من لفظه؛ كلفظة :الصلاة والزكاة، والجزية ،ونحو ذلك من الألفاظ .ولا يمكن الاستدلال بظاهره ،بل هو مفتقر إلى بيان من كتاب أو سنة أو إجماع أو غيره. 371الأدلة والبيان فصاعدا؛ وأما العام :فهو كل خطاب عقل من ظاهره أنه يحتمل اثنين كالمؤمنين والمشركين ،ومنه عام لا خصوص فيه ،وعام يراد به العام ،وعام صص بدليل شرعي.يجمع العام والخاص ،وعام يراد به الخاص ،وعام خ  أما المطلق :فهو كل لفظ عقل المراد منه بلفظه ،وجرى على ظاهره. وأما المقيد :فهو ما اعترض به على المطلق فمنع من جريانه على ظاهره. وأما المحتمل :فهو لفظ عام يقع على العموم ،ويقع على الخصوص، وعلى المطلق والمقيد. نصا وأما النص :فهو ما تأويله تنزيله وظاهره باطنه ،وقيل :إنما سمي  لظهوره ووضوحه ،ولأنه مرفوع في بيانه. وأما التقييد :فهو بيان المطلق وتفسير المراد منه ،وقد يدخل ذلك في فصاعدا. الأعيان والأزمان والأعداد ،ويكون التقييد المشتمل على شيئين فصاعدا ،فما فوقها. والمراد بالمطلق :اللفظ المشتمل على عين والتخصيص :إخراج بعض ما يصلح له اللفظ العام من الأسماء من الحكم، والتقييد بعض صفات المطلق. داخلا تحت الكلاموأما الاستثناء :فهو أن يخرج من الكلام ما لولاه لكان ومستوعبا له .ويجوز الاستثناء من الاستثناء؛ كقوله تعالىW V U T ﴿ : ] ﴾ b a ❁ _ ^ ] \ [ Z ❁ Xالحجر.[٦٠ - ٥٨ : ويجوز الاستثناء المنقطع؛ كقوله تعالى% $ # " ! ﴿ : & ﴾ ]النساء [٩٢ :يعني : عمدا. ويجوز أن يستثنى من الجملة أكثرها؛ كقوله تعالىë ê é ﴿ : ❁ ۤ ﴾ð ï î í ]ص.[٨٣ - ٨٢ : أما الباب التاسع والأخير :فهو »في معقول الأصل« ويقسمه المؤلف على مائة كتاب إباضي372 أربعة أوجه :فحوى القول :وهو أعلاها ،ويسمى التنبيه ،وذلك مثل قوله تعالى: ﴿ ﴾ c b a ` _ ^ ❁ \ [ Z YX W ]الزلزلة .[٨ - ٧ :وقيل :إن الحبة الواحدة تزن ألف ذرة وأربعة وعشرين ذرة. والثاني :لحن القول؛ كقوله تعالى :فقلنا ﴿ ﴾ : 98 7 6 ]الشعراء ،[٦٣ :أي :فضرب ،فحذف ذلك لأنه مفهوم. والثالث :دليل الخطاب؛ كقوله تعالى2 1 0 / . - , ﴿ : ] ﴾ 4 3الطلاق [٦ :د ل ذلك على أن الحامل لا نفقة لها. نخلا قد أبرت ،فتمرتها للبائع« يدل على كونها قبلوقوله » : ‰من باع الإبار للمشتري ،وقوله» :في السائمة الزكاة« دل على سقوطها عن المعلومة. ومن أبي القول بدليل الخطاب له أن يقول على ذلك بأنه لا نفقة ولا زكاة ولا تمرة للبائع لانتقال الأصل عنه ،فأبان ژ أن في هذه الأحوال ينتقل الحكم، وما عدا هذه الأحوال فالحكم مبقى على أصله. والرابع :معنى القول؛ كقوله تعالى في الخمر إنها تصد عن ﴿ > ? @ ] ﴾ Aالمائدة.[٩١ : ويختم المؤلف كتابه بالحديث عن شرائع الإسلام التي تجمعها عشر خصال :أولها :التوحيد ،وإقام الصلاة ،وإيتاء الزكاة ،وصيام رمضان ،وحج البيت ،والجهاد ،والأمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر ،ولزوم الجماعة، والعاشرة :الطاعة الله تعالى ،وجميع ما أمر به ونهى عنه. 373 o`FÉ```Yó`dG ) ( ) »fÉa©dGالقرن السادس الهجري( o ✽ ô¶ædG øH óaMCG ôμH ƒHCG ï«°ûdG تحقيق :عبد المنعم عامرشرح :الشيخ محمد بن وصاف وزارة التراث القومي والثقافةسلطنة عمان١٩٨٢ ،م. ج ٥٨٠ :٢صفحةعدد الصفحات :ج ٤٣٠ :١صفحة يتكون الكتاب من :مقدمة المحقق ،ومقدمة الشارح ،ونص الكتاب .يشير المحقق في مقدمته إلى معنى العنوان» :الدعائم« .والدعائم في اللغة جمع دعامة بالكسر ،وهي عماد البيت والخشب المنصوب للتعريش ،وتقول :دعمت مائلا فأقمته ،وقد استعار العالم الفقيه الشيخ محمد بنالأمر بالفتح ،إذا كان اسما لديوان جمع فيه ما نظمهوصاف هذا اللفظ من معناه الأصلي ليكون عالم زمانه وفقيه عصره »ابن النظر« في أبواب الفقه الإسلامي على المذهب الإباضي ،وذلك لوجه الشبه بينهما ،فإن العلم بما في هذه الأبواب من أحكام ومسائل دعامة للمسلم ،يقوم عليها سلوكه الديني ،حتى ينال رضاء ربه وخالقه )(١ في حياتيه :الدنيا ،والآخرة. عديدا من أمهات الكتب الفقهية ذات الأجزاءالعماني ولقد حوى التراث مجلدا ،أو خمسين ،أو سبعين،واحدا وأربعينالكثيرة التي تبلغ أعداد بعضها مجلدا ،مثل كتاب» :المصنف« للكندي ،وكتاب» :منهج الطالبين«أو تسعين للشقصي ،وكتاب» :قاموس الشريعة« للسعدي ،وهي نماذج يسيرة من المؤلفات العمانية العديدة في العلوم الشرعية التي عني فيها فقهاء أهل عمان ببيان السنة المحمدية ،وفي الحلال والحرام ،وفق ما جاء في القرآن الكريم وفي  )✽( يكتب أحيا نا ابن النضر. مائة كتاب إباضي374 أعمال الخليفتين :أبي بكر الصديق ،وعمر بن الخطاب ،وفيما يجري عليه الإجماع ،والقياس ،والاستدلال ،والاستحسان ،والاستصحاب ،وذلك تبيا نا مرجعا للمسلم في تفاوته ،يستشرف منهلأمور الدين ،حتى تكون مؤلفاتهم المنهج القويم للإيمان والذي دعا إليه الإسلام. وقد استطاع ابن النظر في مهارة فائقة أن يجمع في منظومات شعرية يسيرة كل ما تحتويه هذه المصنفات. خاصا لعالم من علماءمذهبا ويذكر المحقق أن المذهب الإباضي ليس المسلمين؛ كأبي حنيفة ،أو أحمد بن حنبل ،أو الشافعي ،أو مالك ،وإنما هو مذهب جماعة من المسلمين هم أهل استقامة ورجال تقييد ،يعتمدون على وسنة الرسولالحق لا على الخلق ،ولا يتقيدون إلا بما جاء به القرآن الكريم الكريم محمد ژ.وقد نشأ مذهبهم هذا من قبل أن تنشأ المذاهب الإسلامية المعروفة ،وكان ذلك في النصف الثاني من القرن الأول الهجري على يد واحد من كبار التابعين هو أبو الشعثاء ،جابر بن زيد الأزدي. وقد أخذ جابر بن زيد العلم عن عبد االله بن عباس ،وعائشة أم المؤمنين، واستطاع أن يجمع علم سبعين من الصحابة الذين شهدوا غزوة بدر ،وقد وقيدومهد الأصول ،ودون ،وح قق ودقق ،أدركهم ،فبلغ في العلم غايته ،وأ لف الفصول ،وضبط الفقه ،فكان له السبق والفضل. وقد عاش جابر بن زيد ينشر علمه في المساجد بالبصرة ،وهي إذ ذاك مراد العلم والعلماء ،وفي المجامع ،يثبت الخلق الحميد بين الناس ،ويدعو إلى التمسك المتين بالدين القويم ،والمحافظة على أصوله وفروعه ،ويفتي في سرا وعل نا إلىالمشاكل التي تعرض للناس في حياتهم المعاشية ،وكان يدعو  أن الأمة الإسلامية يجب أن تحافظ على شريعة االله لتكون خير أمة أخرجت للناس. 375الدعائم وقد خلف من بعده من ساروا على هديه ،منهم عبد االله بن إباض التميمي داعيا إلى االله ،وقد اشترك في الدفاع عن الذي شاع أمره في الأقطار الإسلامية ، الكعبة المشرفة إلى جانب ابن الزبير ضد الجيش الأموي عام ٦٣ه )٦٨٢م( احتسابا في الجهاد ضد الأمويين ،ونصرة للحق. وكان ابن إباض قد ذهب من البصرة إلى مكة مع نجدة بن عامر ونافع بن الأزرق وغيرهم مدفوعين برغبتهم في الدفاع عن البيت الحرام ،على الرغم من اختلافهم مع ابن الزبير في المبادئ ،وعندما انسحب الجيش الشامي عقب وفاة يزيد بن معاوية حاول ابن إباض ومن معه إقناع ابن الزبير بوجهة نظرهم، ووعدوه بالنصرة والمساعدة إن وافقهم ،ولكن ابن الزبير خالفهم فتركوه وعاد ابن إباض ومن معه إلى البصرة حيث دار نقاش حاد حول الخطوة التالية الواجب اتخاذها حيال التطورات التي تمر بها الدولة الإسلامية آنذاك ،وهل الخروج واجب ،أم أن البقاء بين أظهر المسلمين والتعايش معهم هو الأحسن في تلك الفترة؟ وقد استقر رأي زعمائهم على الخروج .وفضل ابن إباض القعود ،وفارق ابن الأزرق وأتباعه؛ وأدى هذا الانقسام في الموقف السياسي إلى تباين فكري وعقدي ،فقد نادى الذين آثروا الخروج بآراء متطرفة وتبنوا مواقف مغالى فيها تجاه بقية المسلمين بمن فيهم الذين آثروا القعود. واختار الذين آثروا القعود ابن إباض ليكون المجادل باسمهم ضد الأزارقة وغيرهم من الفرق التي تطرفت ،فأصبح ابن إباض زعيم حركة المعارضين ضد وتكونت الفرقة الإباضية ،ونسبت تكوينها إلى ابن إباضالمتطرفين في الدين، نفسه ،ب ي د أن الإمام الروحي وفقيه الإباضية هو جابر بن زيد الذي بلور الفكر متميزا عن غيره من المذاهب الإسلامية ،ولا توجد لابنالإباضي بحيث أصبح إباض مسألة واحدة تؤثر عنه في المذهب الإباضي. مائة كتاب إباضي376 وانتشر المذهب الإباضي في أماكن كثيرة من بلاد المسلمين ،وانتصرت الدعوة الإباضية في تأسيس الإمامة في جنوب الجزيرة العربية ،وفي حضرموت ،وفي اليمن ،وفي شمال إفريقيا ،في المغرب وتونس وليبيا ،وفي شرق إفريقيا ،في زنجبار ،ودخل الإباضيون مكة بدون قتال ،واستسلمت لهم الطائفة دون عناء ،واستولوا على المدينة المنورة ،وبقيت العقيدة الإباضية سائدة في كثير من الأنحاء حتى عام ٤٥٥ه. وعندما انتهت الحركة الإباضية في حضرموت واليمن وشمال إفريقية توجهت أنظار الإباضيين إلى عمان لتكون المركز الذي ينطلق منه صوت الدعوة العلني؛ وذلك لأن عمان كانت مؤهلة للقيام بهذه المهمة بحكم ظروفها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية ،وبحكم ولاءات أهلها المذهبية التي تدين في معظمها للمذهب الإباضي. ومنارا للمذهب مرادا للحركة الإباضية، وصارت عمان من بعد ذلك الإباضي ،وعكف علماؤها على الدرس والتحصيل لأمور الدين في مصادره كثيرا من الكتب في علوم الفقه والحديث والأصول ،وقدالأصلية ،وأ لفوا وجدت هذه الكتب طريقها في بلاد الإسلام ،وعكف على دراستها أهل المذهب في شتى البلاد. ولا تكاد أصول الفقه الإباضي وفروعه ومسائله تختلف عما هو معروف من أمور الدين في المذاهب الإسلامية الأربعة المعروفة ،فالأصل فيها وسنة رسوله ،والإجماع ،وإن كان هناك من فروق فإنها الفوارق التيكتاب االله ، لا تقدح في الدين أو تمس جوهره ،ومبادئه العامة. ومؤلف كتاب» :الدعائم« هو ابن النظر واحد من جملة هؤلاء العلماء الفقهاء ،وقد استطاع في مهارة فائقة أن ينظم أصول المذهب الإباضي وفروعه ومسائله في منظومات شعرية لم تغادر صغيرة ولا كبيرة ،فجاء ديوانه» :الدعائم« 377الدعائم جديدا في المنهج التأليفي ،يجد فيه القارئ بغيته في كل ما يهمه منمنطلقا أمور دينه في يسر وسهولة ،وفي لفظ واضح مبين ،ويستطيع الإنسان إن هو حفظ الديوان أن يكون على دراية شاملة بأمور دينه؛ إذ إن الشعر أسهل في الحفظ من النثر ،وأهل عمان لهم هواية مميزة بالشعر على مختلف مناهجه وطرائفه؛ ولذا فقد اختار ابن النظر النظم في التأليف. ولقد غلبت على ابن النظر شاعريته الدافقة في نظم هذه القصائد الفقهية، فنجده في بعض الأحيان يستفتح بعض القصائد أو يختمها بأبيات بالغة الروعة خيالا وصو غا.في الفن الشعري، ولقد انتشر صيت ديوان الدعائم في شتى البلدان وقام بشرحه والتعليق عليه كثير من العلماء والفقهاء من أهل عمان ومن غيرها ،وتسابق الناس على واحدا من المراجع المهمة في كثير من المكتبات العامةنسخه وحيازته ،فأصبح والخاصة في بلاد المسلمين ،مخطو طا بأقلام وخطوط مختلفة. العماني الشيخ أحمد بن عبد االلهولقد شرح هذا الديوان كل من الفقيه في القرن التاسع عشر ،والفقيه الإباضي الشيخ محمد بن أطفيش في القرن العشرين. وابن النظر هو الفقيه أبو بكر أحمد بن سليمان بن عبد االله بن أحمد، ومن سلالة العالم الكبير الخضر بن سليمان ،ومن قبيلة بني النظر التي نسب إليها لشهرتها. وحياة ابن النظر غير معروفة ،ومن الباحثين المؤرخين من يرى أنه عاش في منتصف القرن الخامس الهجري )الثاني عشر الميلادي( ،ومنهم من يرى أنه عاش قبل تولي الإمام محمد بن غسان الذي نجح في تحقيق الوحدة الوطنية، ومنهم من يربط تاريخ حياته بإمامة خنبش بن محمد ،وكل هذه استنتاجات غير محدودة المعالم. مائة كتاب إباضي378 وعلى أية حال فإن حياته كانت تحت حكم ملوك بني نبهان ،و عمان آنذاك تعيش فترة من أسوأ ما شهدته من فترات الجور والظلم ،فقد كان الملوك من العمانية ،وكان الأئمة يقيمون في بلدانملوكا في بعض من البلدانبني نبهان كبيرا. أخرى ،وكان التناحر بين الفريقين ونشأ ابن النظر في هذه الفترة ،وكان نابغة ،فحفظ من الشعر العربي ما يقرب من أربعين ألف بيت ،غير القصائد الطوال التي حفظ منها بس ير العرب وتواريخهم ومحاوراتهم.ما لا يحصى له عدد ،وبرع في العلم وظهرت شاعريته ،فنظم الشعر وهو صغير دون الثانية عشرة من عمره، ويقال :إنه كان ينظم القصيدة الطويلة في ليلة واحدة. وكان له ديوان من الشعر أكثره في الغزل ،ولكن بعد أن تبحر في علوم فرق ديوانه ،وانصرف إلىالدين ،ووقف على دقائق العلم وتوسع في فنونه نظم علوم الشريعة .وقد انتشرت منظوماته وقصائده في شتى البلدان ،ولكن أكثرها قد ذهب وضاع ،ومما ذهب من شعره قصيدته في الولاية والبراءة .وله قصائد أخرى في الصلاة ،وفي الأحكام. ولم تقف قدرات ابن النظر عند حد النظم والشعر فقد عني بالتأليف، فكان له كتاب» :سلك الجمان في سيرة أهل عمان« مجلدان ،وكتاب» :الوحيد في نقد التقليد« مجلدان ،وكتاب» :قوى البصر في جمع المختلف من الأثر« أربع مجلدات. أما شارح كتاب» :الدعائم« الشيخ محمد بن وصاف ،فهو من علماء عدن، ويذكر الشيخ في مقدمته أنه نظر فيما أ لفه أهل العلم من الكتب ،وص نفوه من ودونوه من الرجز والشعر ،وآثروه من النظم والنثر ،فوجد العلم والآداب ، العماني من أحسنكتاب» :الدعائم« المضاف إلى أبي بكر أحمد بن النظر تفسيرا وتصنيفا ،وأنه لم يجد لهذا الكتاب وتأليفا ،وأدلها معنىنظما الكتب 379الدعائم أجل الكتبمع علو درجته ،وسمو مرتبته ،وأنه لما رأى هذا الديوان وهو من قد استولى عليه التبديل والتصحيف ،والتغليب والتحريف ،فقد شحذ فيه خاطره ،وفسر منه ما خفي على المتعلمين والناشئين والمقلدين من العلم ،وقد اعتمد في تفسيره وشرحه على بطون الكتب والدفاتر وسؤال أهل العلم محتجا على ما يقوله في شرحه بأشعار العرب من أهل الجاهلية،والبصائر، والمخضرمين ،وكذا المحدثين. ويرى بعض النقاد أن ابن وصاف قد عني في شرحه لديوان ابن النظر بالناحية اللغوية والنحوية ،حتى طغت على الناحية الفقهية ،وهو رأي غير وإعرابا. صحيح؛ لأن المعاني لا تستبان إلا إذا وضحت ألفاظها لغة سبعا وعشرين قصيدة .وقد تضمن الشرح أبيات القصائدويحتوي الكتاب واحدا أو اثنين أو ثلاثة أو أكثر حسب ما يقتضيه الذكر ويتكاملكلها ،إما بي تا به المعنى المراد شرحه. القصيدة الأولى :في التوحيد وتفسير آيات من القرآن .وفي هذه القصيدة تناول المؤلف موضوعات العلم والذات الإلهية والصفات ،فتحدث عن صفة الكلام. وأما كلام االله فهو كتابه ،وكتابه كلامه ،واالله تعالى كلم موسى، ‰ويجوز أن يكون حكمه بالوحي منه إليه ،وقد سمى االله التوراة كلامه. متكلما، واختلف الناس في كلام االله لموسى، ‰فقال قوم :أسمعه نفسه وقال آخرون :أسمعه صو تا ،أفهم به الكلام ،وقال قوم :إنه كلمه بالوحي ،ومنه قوله تعالى] ﴾ Ö Õ Ô Ó Ò Ñ Ð Ï Î Í Ì Ë ﴿ :الشورى.[٥١ : وفي الوحي معانجليلة ،وتفاسير طويلة ،فمن وحي الرسالة ،قولهË ﴿ : ،﴾ Ö Õ Ô Ó Ò Ñ Ð Ï Î Í Ìفهذا وحي الرسالة. مائة كتاب إباضي380 وأما وحي الإلهام فقوله تعالى] ﴾ Z Y X W ﴿ :النحل [٦٨ :وهذا وحي الإلهام ،أي :أنه أعرفها وب ينها. وأما قوله تعالى] ﴾ | { z y ﴿ :المائدة [١١١ :ألقيت في قلوبهم وإليهم الحيرة ،المتحير الذي لا يهتدي طريقا. القصيدة الثانية :في معرفة الخالق .ومعرفة الحجة على الخلق الله تعالى وهو الخالقموجودة فيهم بالحكمة من الآيات والبينات إن سأل سائل فقال :ما أوجب االله عليك فعل المعرفة به ،ومن لا يعرفه فليس بموحد له ،ومن ليس بموحد فهو ملحد فيه. والصانع هو االله تبارك وتعالى ،صنع الخلق ،أي :خلقهم ،والشاهد في الأرض من الآيات التي فيها الجبال ،والأشجار ،والأنهار ،واختلاف الليل والنهار ،والشمس ،والقمر ،والنجوم ،وغير ذلك ،والقدرة في الإنسان من خلق االله تعالى ،وهو الذي خلقها فيه ،وأعطاه إياها. ورد علىوتحدث المؤلف عن خلق القرآن ،والقصيدة الثالثة :في القدر: القدرية في ذلك ،وتكلم في الاستطاعة. والقضاء هو إيجاد االله تعالى للمخلوقات على الوجه الأكمل ،والقدر هو علم االله في الأزل ،ما ستكون عليه الموجودات فيما يزال ،وتسجيل ذلك في اللوح المحفوظ ،قال االله تعالىۤ ] ﴾ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o 1 ﴿ :يس،[١٢ : وقال سبحانه] ﴾ Ç Æ Å ❁ à  Á À ﴿ :البروج ،[٢٢ - ٢١ :وقال ﴿ :ے ¡ ] ﴾ °̄ ® ¬ « a ©̈ § ¦ ¥ ¤ £ ¢الحديد،[٢٢ : وقال] ﴾ ] \ [ Z Y X W V ﴿ :التوبة.[٥١ : ولقد شغلت مسألة القدر أو الجبر والاختيار ،أو أفعال العباد ،عقول الناس منذ أن كان الدين ،وإذا أثيرت مسألة القدر في أي وسط مهما كان عدده فإنها تقسمه إلى قسمين ،يقول أحدهما بالجبر ،والآخر يقول بالاختيار. 381الدعائم ولقد أثارها اليهود ففرقت بينهم في دينهم ،وأثيرت في النصرانية فكان النزاع والجدل والاختصام .وأراد رسول االله صلوات االله وسلامه عليه أن يتلافى دائما عن إثارتهاانشقاق الأمة الإسلامية بسبب إثارة هذه المسألة فكان ينهي وعن الجدل فيها .ولم تثر هذه المسألة في عهد الخليفتين :أبي بكر ،وعمر ^. وفي عصر بني أمية نشأ مذهبان متقابلان في الرأي ،وفي حكمهما ،أحدهما: يقول إن الإنسان لا اختيار له وهو مذهب الجبر ،وثانيهما :يقول إن الإنسان مختار في أفعاله ،حر الإرادة ،وهو مذهب الاختيار وصاحبه غيلان الدمشقي. ولما جاء واصل بن عطاء زعيم المعتزلة في أواخر العصر الأموي ذهب مختارا في أفعاله. إلى الرأي القائل بجعل الإنسان ويفرق المؤلف بين نوعين من أنواع الكفر ،فالكفر نقيض الإيمان .ويقال وك ف رلأهل دار الحرب :قد كفروا؛ أي :عصوا وامتنعوا ،والكفر نقيض الشكر ، النعمة؛ أي :لم يشكرها. والقصيدة الرابعة :في فتنة خلق القرآن ،وقد بدأت هذه الفتنة أيام الخليفة العباسي المأمون )٢١٨ - ١٩٨ه( ،وقد قال بها المعتزلة ،وكان لهم نفوذ في الخلافة ،فأجابوا دعوة المأمون إلى القول بخلق القرآن ،وقد عارضهم أحمد بن السنة يرون أن القرآن كلام االله ،وأنه قديم. حنبل ،وكان أهل  ويسمى القرآن فرقا نا ،لأنه فرق بين الحق والباطل ،وبين المؤمن والكافر. وشمالا.وسميت صحيفة لأنها تصفح يمي ناوالصحف :جمع صحيفة وهي الكتب ، والقصيدة الخامسة :في الطهارات والغسل والجنابة ،وتكلم المؤلف في الوضوء والتيمم ،وغسل النجاسات والاغتسال من الجنابة وأحكام الكفارات. والعمد :القصد إلى الشيء من غير خطأ ولا نسيان .ومن صلى بثوب فيه متعمدا لذلك ،ثم تاب وندم كان عليه البدل والكفارة لجميعدم ،أو نجاسة مائة كتاب إباضي382 الصلوات .وقال بعضهم :عليه كفارة واحدة ،وأما إذا صلى بثوب نجس على الخطأ والنسيان كان عليه البدل ،ولا كفارة عليه. والنجس الذي ليس بطاهر ،والأنجاس الأخباث ،وأنجس الأنجاس :البول، ثم العذرة ،ثم الدم ،ثم الجنابة. والقصيدة السادسة :في غسل الميت وتكفينه ،والصلاة عليه ،وصلاة العيد، وصلاة الجمعة ،وأجمع فقهاء المسلمين على أن صلاة العيدين سنة في الأمصار ،والقراءة والجماعة ،ولا ينبغي أن تترك. واجبا أمرا ولو اجتمع قوم من أهل الأمصار على تركها كانوا قد تركوا يأثمون فيه ،ولو تركه واحد أو جماعة بعد أن يقوم به غيرهم رجونا ألا يكونوا مأثومين. وقيل :إذا اجتمع يوم العيد ثلاثة ،اثنان والإمام صلوا جماعة ،وقيل :حتى خمسة ،وقيل :حتى يكونوا سبعة ،وقيل :حتى يكونوا عشرة. وإذا أتى قوم والإمام يخطب ،فليصلوا طاعة ،فإن كان الإمام قد فرغ من الخطبة ،فليصل بهم أحدهم ويخطب بهم ،وإن خطب بهم وصلى في الموضع الذي صلى فيه القوم فلا بأس. وإن لم يحضر مع الإمام إلا نساء أو عبيد صلى بهم صلاة العيد ،وخطب فيهم ،ويكونون بدورهم إلى موضع مجتمعين في مخرجهم. ومن صلى بقوم صلاة ،ثم حضر بعد ذلك رجال ونساء لم يجز أنه يصلي بهم ثانية .ويذكر الشارح أن الإباضية يصلون قبل العيد ما شاءوا ولا يصلون بعده ،وأجاز من أجاز منهم بعد الفطر ،ولم يصل بعد النحر. والقصيدة السابعة :في الصيام وأحكامه .والصوم في اللغة :الإمساك .وقول مريم عليها السلام] ﴾ / . - , ﴿ :مريم [٢٦ :أي :صم تا. 383الدعائم أيضا :الفطر وخير الشهور رمضان ،وخير الأيام يوم الجمعة ،وقيل والأضحى ،وقيل :سيدات الليالي سبع :أولهن ليلة من رجب ،وليلة من رمضان ،وليلة القدر ،وليلة الأضحى ،وليلة عاشوراء ،وليلة الفطر ،وليلة عرفة. ووجدت في بعض الكتب :أن االله تبارك وتعالى أنزل القرآن في شهر وسميت ليلة القدر؛ لأنه يقدر رمضان في ليلة القدر جملة إلى سماء الدنيا ، فيها أحكام السنة ،وفيها من الآجال والأرزاق ،وما يكون في كل سنة فيها شهر رمضان ،وليلة القدر. والصوم :الإمساك .والفطر :الاسم من الإفطار .والفطر :القوم المفطرون، يوما ،ولم يروا هلال شوال ،فليس لهم أنفإذا صام الناس بقول الثقة ثلاثين تقليدا ،فإذا صح العلم بوجوبها ،وثبوت عقدها يفطروا ،لأن الثقة مقبول قوله لم يزل إلا بعلم مثله يزيل حكم ما وجب من فرضها. ويقول الشارح :إن صيام شهر رمضان بالصمت والحلم وترك الكلام القبيح ،والنظر إلى المحارم ،واجتناب الكذب والزور ،وما يؤدى من قول وفعل ،إلى وزر وإثم ،لا بالجوع والعطش. والقصيدة الثامنة :في الزكاة والغنائم .وتكلم المؤلف في الزكاة ووجوبها، والغنائم والجزائر والصوافي وأحكام ذلك ،وزكاة الفطر ،وما يؤخذ من نصارى العرب. والقصيدة التاسعة :في الحج .وتناول المؤلف الحج والمناسك ،ورمي الجمار ،والإحرام ،والطواف ،والسعي ،والذبح ،والحلق ،والوداع ،وغير ذلك، والوقوف بعرفة ،ومنى ،والزيارة ،والهدي ،والضحايا ،وما يلزم في قتل الصيد من الضحايا ،وغير ذلك. وقد اختلف الناس في أشهر الحج ،فقال قوم :ثلاثة أشهر :شوال ،وذو مائة كتاب إباضي384 القعدة ،وذو الحجة .وقال قوم :شهران وعشرة أيام :شوال ،وذو القعدة ،وعشر من ذي الحجة ،وبهذا يقول الإباضية. وعلى الحاج أن يدع قتل الصيد ولا يحل لحمه ،وغشيان النساء ،وكل الطيب مثل دهن الطيب وغيره ،وقال أبو المؤثر :ويستحب له أن يتقي الطيب قبل أن يحرم بيومين ،ولا يطيب ثيابه قبل إحرامه ،ولا عند إحرامه ،ولا يعد، ويتقي الرفث والفسوق والعصيان والجدال. والعمرة لزوم المكان والإقامة فيه للعمارة والصلاح ،والمعتمر سمي بذلك محرما بعمرة في أشهر الحج ،فالهدي لازم له، لهذا المعنى ،ومن دخل مكة محرما محرما بحجة في أشهر الحج فالهدي لازم له ،وإن دخلوإن دخل بحجة في أشهر الحج أو في غيرها ،فلا هدي عليه ،ويكون على إحرامه ،إلى أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر. القصيدة العاشرة :في كفارة الأيمان ،وقال في كفارة الأيمان ،وما يجب فيها من حنث وما لا يجب ،وفي الصدقة والعتق ،والحج ،وفي معنى ذلك ،وفي من يحلف باللعنة والقبحة ،واشتباههما ،وما يجب ذلك. والقصيدة الحادية عشر :النذور والاعتكاف. وأما القصائد الباقية فقد عرضها الكتاب في الجزء الثاني ،وهي تتناول موضوعات :الفرائض ،والرضاع ،والنكاح ،والعتق ،والمكاتبة والولاء ،والطلاق، والظهار والإيلاء ،والخلع ،والحيض والغسل وأحكامهما ،والأشربة والخمر والنبيذ وأحكامها ،والربا وأحكامه ،والسلم ،والبيع وأحكامها ،والذبائح والتذكية ما يجوز من ذلك وما لا يجوز ،والدماء والجراحات. 385 ́ô`°ûdG ¿É`«H ) ...óæμdG o«gGôHEG øH óaëe odÉ©dGق ٦ه١٢/م( تحقيق :لجنة من علماء عمان بإشراف سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مراجعة :عبد الحفيظ شلبي وزارة التراث القومي والثقافةسلطنة عمان١٤٠٢ ،ه١٩٨٢/م١٤١٤ :ه١٩٩٣/م. عدد الأجزاء ٧٢ :جزء. يشير الخليلي في مقدمة التحقيق إلى أن هذا الكتاب قد أ لفه الشيخ أبو عبد االله محمد بن إبراهيم بن سليمان الكندي السمدي النزوي ،وهو كتاب حسن في العلم تصنيفه ،وازدهر في الأعين تأليفه ،وفاق في الكتب وضعه ،وجاوز كثرتها جمعه ،بوفرة مسائله وسهولة مداخلة ،واتضاح مناهجه وكثرة فروعه وأبوابه .وسمي هذا الكتاب ب »بيان الشرع« لتضمنه معان من الأصل والفرع. يبدأ الجزء الأول بباب» :في العلم« ،وفيه فصلان :الأول :في مدح العلم وأهله ،والثاني :في الحث على طلب العلم .والعلوم أربعة :علم الأبدان ،وعلم الإنسان ،وعلم اللسان ،وعلم الأديان .ويورد المؤلف أقوال عن علماء كثيرين منهم العرب وغير العرب في فضل العلم والتعلم .فيذكر عن أرسطوطاليس قوله: من طلب العلم بغير تكلف مؤونة واحتمال نصب ،فقد التمس ما لا يجد ،ويذكر تعبا(. نصبا )أي :علما ازدادقول أبقراط :كثرة العلم بكثرة الأذى ،فمن ازداد والباب الثاني» :في أصول الفقه« .ويؤكد المؤلف على أهمية التفقه، والتعرف على أصول الفقه وأمهاته على العالم ليكون بناؤه على أصول صحيحة ،ليجعل كل حكم في موضعه ،ويجري به على سنته ،وليستدل على معرفة ذلك بالأدلة الصحيحة والاحتجاجات الواضحة. مائة كتاب إباضي386 ويذكر المؤلف أنواع الأخبار المروية عن النبي ژ التي تتعلق بالأحكام، واختلاف الفقهاء في تأويلها وتنازعهم في صحة الحكم في معانيها ،فمنها: أخبار المراسيل ،وأخبار المقاطيع ،والأخبار الموقوفة ،وأخبار المتن ،وخبر الصحيفة ،والخبر الزائد على الخبر الناقص ،والخبر المعارض لغيره من خاصا والآخرالأخبار .والخبران يردان من طريق أو طريقين يكون أحدهما منسوخا. عا ما ،والخبران يكونان أحدهما ناسخ ا والآخر أما الإجماع فيعرفه المؤلف بأنه اجتماع مجتهدي الأمة في عصر على حكم في حادثة ،وهو حجة لا تجوز مخالفتها ،وكل من خالف الحجة فهو محجوج ،فمن شهدت له حجة االله أنه محق في الظاهر في دين االله محق ،ومن شهدت عليه أنه مبطل فهو في الظاهر في دين االله مبطل. وقيل :الإجماع من كل أهل زمان من المسلمين إجماع إذا كانوا أهل رأي، والاختلاف اختلاف ،ولو كان رجل واحد سبق على قول ،وكان عالم أهل زمانه كان حكمه قد سبق الإجماع ،وكان على من خلفه اتباعه على ذلك. السنة أو الإجماع فلا يكون قوله حجة،والفقيه إذا أفتى بما خالف الكتاب أو  وليس لأحد قبوله منه. أما القياس فهو حمل مجهول الحكم على معلومه لعلة جامعة بينهما، والسنة ولا يصار إليه إلا مع علم النص؛ لأن الحق الأخذ بما جاء به الكتاب والآثار عمن مضى من الفقهاء ،فما خالف هذا اجتهد القاضي فيه جهده. والقياس لا يجوز إلا على ع لة ،ولا يجوز أن يقاس إلا على معلول ،وهو أن يرد حكم المسكوت عنه إلى حكم المنطوق؛ لعلة تجمع بينهما ،ولا يجوز تسليم العلة لكل من ادعاها ،ولا تسلم إلا بدليل .ولو جاز تسليمها بغير دليل لجاز لكل أحد أن يدعي ما يشاء ويعتل به. واختلف الناس في القياس على أربعة أضرب :فذهب بعضهم إلى إثباته 387بيان الشرع جميعا ،وذهب آخرون إلى إثباته في التوحيد ونفيه فيفي التوحيد والأحكام الأحكام ،وذهب آخرون إلى إثباته في الأحكام ونفيه في التوحيد ،وذهب جميعا. آخرون إلى نفيه في الحالين ويتناول المؤلف موضوع »الفتيا« في أحد الأبواب ،ويجب أن يكون المفتي من الثقات ،أي :من يعرف عنه الأمانة في دينه؛ لأنه لا يدخل فيما لا يسعه بجهل ولا بعلم .وجازت شهادته إذا أمن على ذلك .وهو العدل الثقة الذي يصر على صغيرة يعرف بأداء الفرائض والانتهاء عن المحرم ،ولم يكن ولا يرتكب كبيرة ،وهو المسارع إلى الخيرات ،المحافظ على الجماعات ،وإذا سأله أحد عن شيء لم يكن له به علم يقول :لا أدري ،أو لا أعرف ،أو لا أعلم، أو العلم عند االله. والسنة ،ولكنه يرى استنادا إلى أدلة كثيرة في القرآن ويذم المؤلف التقليد أن تقليد الصحابة جائز في باب الأحكام ،وما كان طريقه طريق السمع، ولا يجوز التقليد لأهل الاستدلال والبحث .ويجوز للعامة تقليد العلماء والاتباع لهم فيما هو لا دليل لهم على التفرقة بين أعدل أقاويلهم في باب الشرع وما طريقه طريق الاجتهاد. ويعرض المؤلف في أحد فصول الكتاب مسألة »خلق القرآن« ،وهي من المسائل التي بليت بها هذه الأمة بعد أن اختلط فيها الحابل بالنابل ،وتلبست بكثير من الأفكار الدخيلة نتيجة انضمام كثير من الشعوب إلى حظيرة الإسلام، ورد وهي لا تزال متلبسة بمعتقداتها القديمة ،حريصة على مواريثها الفكرية . المؤلف على من قال :إن القرآن مخلوق ،ورأى أن كلام االله كان قبل اللوح وقبل الكلم. ثم يعرض المؤلف في الأبواب التالية من الجزء الأول أحكام القرآن، والمحكم والمتشابه ،والإضمار والكناية ،والناسخ والمنسوخ ،وقراءات القرآن مائة كتاب إباضي388 العشر .وقيل :إن القرآن على عشرة أوجه :أمر ونهي ،ووعد ووعيد ،ومحكم ومتشابه ،وناسخ ومنسوخ ،وأخبار وأمثال .فأما الوعد والوعيد والمحكم والمتشابه والأخبار والأمثال فلا يجري عليه نسخ وهو بحاله ،وأما الأمر والنهي فهو الذي يجري عليه النسخ. واختلف الناس في أول سورة أنزلت ،فقال البعض :أول سورة ﴿ L K ] ﴾ O N Mالعلق [١ :وآخر سورة أنزلت ،فقال البعض :أول سورة أنزلت المائدة ،وآخر آية أنزلتÕ Ô Ó Ò Ñ ÐÏ Î Í Ì Ë Ê ﴿ : ] ﴾ Ù Ø × Öالبقرة ،[٢٨١ :وقال آخرون :آخر آية أنزلت| ﴿ : } ~ ے ¡ ] ﴾ ¥ ¤ £ ¢التوبة.[١٢٨ : أما الجزء الثاني فيبدأ بباب في تفسير أسامي الرب جل وعلا ،ثم باب في التوحيد ،ويستدل المؤلف على إثبات وجود االله عن طريق حدوث العالم وأجزائه ،وهو ما عرف عند المتكلمين باسم نظرية» :الجزء الذي لا يتجزأ«. ويتكلم عن الأكوان والحركة والسكون ،والأجسام والأعراض. والتوحيد هو القول :إن االله واحد ﴿ ] ﴾ 3 2 1الشورى،[١١ : ﴿ ] ﴾ > = < ;: 9 8 7 6 5الأنعام،[١٠٣ : وأنه ليس بجسم ولا بجوهر ،ولا يوصف بالإجماع والافتراق والحركة والسكون ،ولا يحل في شيء ،ولا تحويه الأقطار ،ولا يتصور في الأوهام، ولا يخطر بالبال. وإذا وصف االله تعالى بالعدل فهو أنه تعالى عدل كريم ،رؤوف رحيم، لا يظلم العباد ،ولا يجور عليهم ،وأنه أرحم بهم من أنفسهم وآبائهم وأمهاتهم، لا يأتي بالخير إلا هو ،ولا يصرف الشر سواه. والوعد والوعيد ،هو القول بأن االله صادق في خبره ،لا خلف في خبره بنعمته ،فهو بنعمه لا محالة أصدق الصادقين ،وأحكم الحاكمين. 389بيان الشرع وكذلك المنزلة بين المنزلتين ف ساق أهل الصلاةفيما يرى المؤلف لا يقال :إنهم مشركون ،ولا يقال :إنهم مؤمنون ،وهم في منزلة بين المنزلتين. ويتحدث المؤلف عن القدر في أحد أبواب هذا الجزء ،فيقول إن القدر هو الخلق ،تقول :قدر االله ،وخلق االله ،هو القدر ،وخيره وشره كل خير وكل شر، يلزم العباد أن يعلموا ويصدقوا ويؤمنوا أن االله خلق كل شر ،وكل خير ،والكفر من الشر ،والإيمان من الخير. ويفسر المؤلف معنى »العقل« في أحد الأبواب ،فيذكر أن الفقهاء قد اختلفوا في العقل ،فقال بعضهم :إن كل مكلف عاقل؛ لأن القلم رفع عن الصبي والمجنون ،ووقع التكليف على العقلاء. وقال بعضهم :العاقل هو المطيع الله ،وقال بعضهم :العقل هو العلم، واحتجوا بقوله تعالى] ﴾ { z y x ﴿ :العنكبوت.[٤٣ : أما الإيمان فهو يزيد ولا ينقص؛ لأنه إذا انتقص منه شيء فقد بطل كله، ولكنه يضعف ،والكفر يزيد وينقص ،وكل طاعة الله فهي من الإيمان ،ولا يقال: كل طاعة الله هي إيمان .وليس كل طاعة إيمان؛ لأن فيها الوسائل ،وترك الوسائل كفرا. لا تكفره .والإيمان إذا ترك كان تركه وتناول المؤلف »الاستطاعة« ،وأورد موقف المعتزلة من الاستطاعة :أن الاستطاعة قبل الفعل ،ولو كانت الاستطاعة قبل الفعل لم يكن منهم اهتمام فاعلا.مستطيعا لكان بمعصية ،ويعزم عليها ،ثم يدع ما عزم على فعله ،فلو كان والاستطاعة عند المؤلف وفرقته محدثة مع الفعل ،وليس هي قبله ولا بعده ،ولا هي استطاعة واحدة ،ولكن هي استطاعات كثيرة ،لكل فعل ف ع له استطاعة ،للطاعة استطاعة ،وللمعصية استطاعة ،واستطاعة الطاعة غير استطاعة المعصية. مائة كتاب إباضي390 أما التكليف فدليله قول االله تعالى﴾ ¬ « a ©̈ § ﴿ : ]البقرة [٢٨٦ :أي :لا يؤاخذها ويطالبها إلا بطاقتها .ويجب التكليف على العبد إذا بلغ ،وصح عقله ،وزالت عنه الآفات ،وأول أحوال التكليف أن يعرف خالقه. وأول ما افترض االله على عباده معرفته وشكره على نعمته ،ونفي الأشباه عنه ،ثم الإقرار بأنبيائه وملائكته ،والتصديق بجميع ما أتت به ،وأنزله في كتبه ،وما كلفهم عليه، ومطلب معرفة ذلك من كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ويدور الجزء الثالث من الكتاب حول الولاية والبراءة .ويعتبرهما المؤلف فرضين ،وأن االله8افترضه على عباده .فمن شك في فرض الولاية والبراءة بتأويل ضلال من غير رد منه لتنزيل ،ولا لمنصوص سنة ،وهو عنده كافر نعمة، منافق ،فاسق عن دين االله ،ويجب البراءة منه إلى أن يتوب. والولاية على أربعة وجوه :ولاية االله ،وولاية رسوله ،وولاية المؤمنين، وولاية النفس .والبراءة من الولي على خمسة وجوه :يبرأ منه بكفر أو بشهادة عدلين أنه عمل كبيرة ،أو إقراره بأنه عمل كبيرة ،أو علم أنه رضي بكفر غيره، أصر على صغيرة .وتثبت الولاية بعمل الطاعة الله ،وتثبت البراءةأو علم أنه على أهلها بعمل المنكر وارتكاب المحارم والعمل بالمعاصي. ومن الفرق التي يرى المؤلف البراءة منها »فرقة المرجئة« ،وهم الذين يقولون :إن الإيمان قول بلا عمل .وهم يزعمون أنهم إذا شهدوا أن لا إله إلا االله محمدا رسول االله ژ،وأن ما جاء به محمد حق ،وبرئوا من اسم الشركوأن فهم زعموا أنهم مؤمنون إيمانهم تام كامل كإيمان الملائكة والرسل ،ولو زنوا تعمدا وسرقوا وقتلوا النفس التي حرم االله بغير الحق وتركوا الصلاة المفروضة لغير عذر وارتكبوا كل حرمة حرمها االله ما خلا الشرك الذي يخرجهم من التوحيد ،إلا أن هذا فيما يرى المؤلف لا يوجب لهم الإيمان ،ويجب على المسلمين تكذيبهم في ذلك ،والبراءة منهم. 391بيان الشرع ويبين المؤلف اختلاف مذهبه عن مذهب الخوارج ،حيث تقول الخوارج: كل مشرك مقر بالإسلام عاص الله فهو عابد للشيطان .أما الإباضية فتقول :ليس مشركا ،ولكنه منافق كافر نعمة. المقر بالإسلام الداخل فيه العامل بالمعصية وخالف الإباضية الخوارج كلهم وبرئوا منهم على تسميتهم من أقر باالله وملائكته ورسله واليوم الآخر بالشرك. ويبحث الجزء الخامس فضل الاستغفار والتوبة من المعاصي ،وفي أحكام مصر على ذنب ،وفي ذنوب الأنبياء.الإصرار عليها ،وفيمن يعمل طاعة وهو ويذكر المؤلف شيء من أخبار الصحابة والأئمة الصالحين ،وفي الملائكة الكرام ،وفي الزهد والورع ،وفي فضل الأعمال ،وفي التكفير والعبادة ،وفي إجابة الدعاء وصفته ،وفي الخوف والرجاء ،وفي الغضب وما يورث قساوة القلب ،وفي الطيب والزينة ،وفي لبس الحرير ،وفي السنن والتواضع ،وسنن الفطرة ،وفي أحكام الختان والجار وابن السبيل ،وفي صلة الرحم ،وفي آداب دخول المنازل ،وتحية أهل الذمة ومخالفتهم ،وفي الاستئذان في البيوت ،وفي المساكنة والسلام ورده ،وفي المحارم والأرحام ،ومعاني ذلك. وعن الاستغفار يقول المؤلف :لكل شيء نور ،ونور المذنبين قول: أستغفر االله ،وإذا سكن الاستغفار باللسان غشي القلب الحياء من االله ،ويكفي أن يقول :أستغفر االله من كل شيء. مصر على معصيته ،حتى ولو كانت صغيرة ،ولا ينفعولا هلاك إلا على المصر قضاء دينه بعد موته ،وإن وجب على الورثة أن يقضوه عنه ،فإنه يلزمهم يقضون على أنفسهم من مال الميت ما يلزمهم في ذلك بحكم الحق ،وإن كان صرا. لا ينفع الميت ذلك إذا مات م  وكل من يدين بالإسلام ،وبما يلزمه من حقوق الإسلام ديانة الصادقين، صر ،ولو لم يوص بذلك ،لأنه لعله نسي ،أو لم تمكنه الوصية ،فإنفهو غير م مائة كتاب إباضي392 كان له ولاية في الدين مع أحد من المسلمين فهو على ولايته ،ولو كان تلزمه دية نفس مؤمنة مما سوى ذلك. ويتناول المؤلف في الجزء السادس باب الاعتقادات ،ويبدأ باعتقاد النية على الجملة ،يقول :من أراد أن يعتقد النية جملة :الل ه م إني قد نويت واعتقدت في مقامي هذا في ساعتي هذه أن كل صلاة صليتها وفريضة فعلتها من جميع الفرائض أو صوم صمته أو عطية أعطيتها أو نفقة أنفقتها أو صدقة تصدقت بها أو ذكر الله تعالى ذكرته ،أو قول قلته ،أو فعل فعلته ،أو خروج خرجته ،أو حركة مشيا في حاجة أو غير حاجة أو غير ذلك منقعودا أو قياما أو تحركتها كانت جميع ما أمر االله8به ورسوله في جميع العبادات وسائر الطاعات من فرض وسنة وندب واستحباب وأدب وغير ذلك ،وقد اعتقدت ونويت أنه ما كان منه فرض فهو أداء للفرض طاعة الله وقربة ،وما كان سوى ذلك من سنة ونافلة وغير ذلك فهو قربة الله تعالى. والنية فرض في جميع أعمال الطاعات كلها .والنية عقد بالقلب ،وعزيمة على الجوارح ،وهي لب العمل .فيجب على العبد إحكامها .والنية هي القصد إلى الفعل طاعة الله تعالى ولرسوله ژ . أمورا تتعلق بالمعاملات ،منويتناول المؤلف في بعض أبواب هذا الجزء المشي والجري ورفع الصوت والقمار واللعب ،وما أشبه ذلك .كما تناول موضوعات الرزق والتمني والمداراة والمكر والخديعة ،والعتب والعفو، والمحبة والبغض ،والصدق والكذب ،وفي سفر المرأة ،والتقية ،وغيرها. ويتناول المؤلف في الجزء الثامن :المياه وأحكامها ،والماء المستعمل ،وفي الوضوء بالنبيذ والخل واللبن وما أشبه ذلك ،وفي تطهر الرجل بفضل المرأة، وتطهر المرأة بفضل الرجل ،وفي الاستنجاء ،والوضوء. والفرائض في الطهارة للصلاة ست خصال :الماء الطاهر ،والنية ،وغسل 393بيان الشرع والسنة في الوضوء للصلاة ستالوجه واليدين ،ومسح الرأس ،وغسل القدمين. خصال :التسمية ،وغسل اليدين ،والاستنجاء ،والاستنشاق ،ومسح الأذنين. ولا تقبل صلاة بغير طهر. ولا تجوز الأعمال إلا بالنيات ،والوضوء عمل مما يلزم فيه النية مع العمل. وأما التيمم فيخرج مخرج الوضوء .والذي ينبغي للإنسان إذا أراد الوضوء للصلاة أن يذكر اسم االله قبل أن يدخل يده في الماء .ويستحب للمتطهر إذا أراد أن يغسل يده للطهارة من حدث ألا يدخلها في الماء حتى يغسلها ثلاثا .وهذا عند المؤلف من باب الندب لا الفرض. ويستكمل المؤلف في الجزء التاسع موضوع الغسل من الجنابة .أما كيفية أولا بغسل كفيه ،ثم ليغسل الأذى ،ثم ليتوضأ وضوء الصلاة،الغسل ،فيبدأ وإذا طهر الأذى فلا بأس أن يمس بدنه ،ويعركه بيده ،ويردها إلى الماء. كما يعرض المؤلف في هذا الجزء مسائل ،مثل :منع الجنب والحائض والمشرك الدخول في المساجد وغيرها من قراءة القرآن ،وما أشبه ذلك ،ثم يلي ذلك ذكر مسائل تحت التيمم .فقد أجمع أهل العلم على أن من تطهر بالماء قبل دخول وقت صلاته فإن طهارته كاملة ،واختلفوا في الوقت الذي تجزي المسافر في أن يتيمم فيه .ويرى المؤلف أن من تيمم وصلى ،ثم وجد الماء بعد خروج وقت الصلاة فلا إعادة عليه. ويتناول المؤلف في الجزء العاشر فريضة الصلاة .ويذكر أن أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة .واختلفت الآراء في بدء فريضة الصلاة كيف افترضت؟ فقال البعض :افترضت في ابتدائها صلاة السفر ركعتين ،ثم زيد في صلاة المقيم، وتركت صلاة المسافر بحالها. أربعا ،ثم حطت عنوقال بعضهم :افترضت في الابتداء صلاة المقيم المسافر ،ففرضت ،وتركت صلاة المقيم بحالها. مائة كتاب إباضي394 والذي يراه المؤلف :أن الصلاة افترضها االله في كتابه القرآن جملة ،ثم ب ين بالسنة ،وب ين أن الفرض في الجملة على المقيم رسول االله ژ هذه الجملة  ما هو ،وما هو عليه الناس من صلاة المقيم والمسافر. والصلاة عماد الدين ،وبها يستوجب االله رضاه ،إذا راقبه في القيام بها واتقاه وأطاعه في جميع ما أمره ونهاه وخافه في جميع أموره ورجاه ،وتوكل عليه في جميع الأمور .واجتهد الله في العمل بطاعته ،وحاز الإيمان بكماله وحقيقته، واستقام على منهج الحق وطريقته ،وتوجه إلى االله في جميع مذهبه وإرادته. والصلاة فرائض وسنن وخشوع وفضائل ،يجب علمها والعمل بها إذا كانت لازمة لهم في كل يوم وليلة خمس صلوات لا بد منها بكمالها، ولا عذر بجهلها. وجميع المسلمين في الصلاة طبقات: طبقة فقهت عن االله وعن رسول االله ژ فطلبت علم ذلك ،فأدركته. كثيرا مما يجبوطبقة تؤدي الصلاة وتجتهد بغير علم ،فقد ضيعت عليهم العمل به. وطبقة تؤدي الصلاة مجازفة يشهد عليها جميع العلماء أن عليها الإعادة لأنها لا تتم ركوعها ولا سجودها. وطبقة لا تصلي الصلاة ولا تبالي بها ،فمن صلى وق تا فإنما هو خوف من الناس ،فهؤلاء كفار بتركها .وقال كثير من العلماء :من ترك الصلاة استتيب ،فإن تاب وإلا قتل. ويبدأ المؤلف الجزء الحادي عشر بباب في فضل الأذان .وقد اختلف أهل العلم في سنة الأذان .وقال بعض العلماء :إن أذان بلال كان للسحور ،وقد أجمعوا على أن الأذان دعاء إلى الصلاة ،وحث عليها وإعلام لوقتها ،ولا يجوز أن يعلم بها ويدعو إليها قبل وقتها ،ولا ينبغي للمؤذن أن يؤذن إلا على طهارة. 395بيان الشرع ويأخذ المؤلف في تفسير التوجيه وتكبيرة الإحرام والاستعاذة ،وتفسير الركوع والسجود وما يقال فيها ،وتفسير التحيات ،وتفسير فاتحة الكتاب، والإمامة ،ورفع اليدين في الصلاة ،والقراءة في الصلاة ،والجهر في الصلاة والسر فيها ،والركوع والسجود ،وغيرها. أما صلاة السهو فقد ثبت أن رسول االله ژ سجد في السهو ،وقد اختلف فيه :فقال البعض بالتشهد في سجدتي السهو ،وقالت طائفة :ليس فيها تشهد. أما الشك في الصلاة فقد تناوله المؤلف في الجزء الثاني عشر سواء كانت بزيادة أو نقصان ،وفي العذر الذي يجوز للمصلي أن يقطع به صلاته ،وفي الناعس هل يجوز أن يوقظ للصلاة أم لا؟ والعمل في الصلاة والعبث والاستماع ،وفيمن لا تقبل له صلاة ،ومن تكلم في الصلاة أو ضحك ،وفيمن تفكر في صلاته بشيء من أمر الدنيا والآخرة ،وفي البكاء في الصلاة ،والنعاس في الصلاة .وما ينقض الصلاة بالنظر ،وصلاة المرأة وحدها ،وصلاتها وهي مكشوفة الرأس ،وصلاة الرجال بالحلي ،وما تجب فيه كفارة وما لا تجب فيه. أما من لا تقبل له صلاة ،فقيل :ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم؛ رجل يؤم قوما وهم له كارهون ،وعبد آبق حتى يرجع إلى مواليه ،وامرأة بات زوجها عاتبا عليها في حق وجب عليها .وأضاف البعض إلى هؤلاء الثلاثة ثلاثة آخرين ،منهم :المرتكب الكبيرة من المعاصي ،والمصر على الصغيرة ،فهذان أيضا ،ولا عمل صالح.لا تقبل لهما صلاة ويعرض المؤلف في الجزء الرابع عشر أحكام صلاة الوتر ووقته ،وركعتي الفجر ،وصلاة التطوع ،وأحكام صلاة السفر والقصر وما يجوز فيها ،وما يمتنع من نية وطول مسافة وغير ذلك ،وفي اتخاذ الأوطان ،وفي صلاة المريض والمبطون ،ومن يعالج عينيه في الصلاة في السفينة ،والمسجون ،والمغمى عليه ،والمجنون ،وغير ذلك. مائة كتاب إباضي396 ويذكر المؤلف أن على كل مسافر أن يختار بين الجمع والقصر والإفراد، قصرا، إن شاء قصر وصلى كل صلاة في وقتها ،وإن شاء جمع بين الصلاتين جمعا في وقت،قصرا صلى الظهر والعصر فمن أراد أن يجمع بين الصلاتين كل واحدة منهما ركعتين ،كلما فرغ من واحدة منهما سلم ،يبدأ بالظهر ثم العصر ،ولا يركع بينهما ركعتي الظهر ،وكذلك العشاء ،والعتمة ،إن أراد أن جمعا في وقت واحد ،يصلي المغرب ثلاثا والعتمةيصليهما بالجمع صلاهما اثنين ،كلما صلى واحدة منهما سلم. وللمسافر أن ينوي في صلاة الجمعة وغيرها من الصلوات أنه يصلي بصلاة الإمام ،وليس عليه أن ينوي ،إلا أنه يصلي بصلاة الإمام ،وإذا أراد المسافر تأخير صلاة الأولى إلى الآخرة في السفر .وكذلك يقول في صلاة المغرب والعشاء الآخرة. ويستكمل المؤلف في الجزء الخامس عشر فريضة الصلاة ،فيبدأ هذا الجزء بباب عن »صلاة الجمعة« ،ويتحدث فيه عن فرائض الجمعة ،والخطبة، والنداء بالصلاة ،فالحجة في لزوم ثباتها .أما عن أفضلية يوم الجمعة ،فيذكر المؤلف أنه قيل :إن االله خلق آدم يوم الجمعة ،وأسكنه الجنة يوم الجمعة، وتاب االله عليه يوم الجمعة ،وتقوم الساعة يوم الجمعة ،وهو صفوة االله من الأيام ،وهو يوم عيد المسلمين. ومن الصلوات التي عرض لها المؤلف صلاة العيدين ،فتحدث عن التكبير عند الخروج إلى صلاة العيد ،والاغتسال يوم العيد ،والأكل يوم الفطر قبل الغدو ،والمكان الذي يؤتى منه الأعياد ،وفي خروج النساء إلى الأعياد، والاغتسال يوم العيد ،والأكل يوم العيد وغيرها من مسائل تندرج تحت صلاة العيد وسننه. وفي الجزء السادس عشر يعرض المؤلف لأحكام الميت ،وصفة غسله، 397بيان الشرع وتكفينه ،والصلاة عليه ،وتشييعه ودفنه ،وما يلزم من حنوط ،وفي صفة القبر وكيفية الدفن والتعزية ،وفي المواعظ بذكر الموت ،ومعاني ذلك. والمستحب للمصاب بمصيبة الموت أن يقول ما روت أم سلمة زوج النبي ژ أنه قال» :إذا أصابت أحدكم مصيبة فليقل إنا الله وإنا إليه راجعون«، وكذلك يستحب لجار الميت وأقاربه أن يتخذوا لورثته من أهل المصيبة يعد طعاما .وجائز البكاء على الميت ،إلا من طريق النوح والقول المحرم .ويستحب لمن حضر الميت وهو يجود بنفسه. ويبدأ المؤلف من الجزء العشرين في عرض فريضة »الصيام« .إذ إن من شرائع الإسلام ما فرض االله من الصيام ،وهو شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، سببا للغفران والرضوان ،وفضل فيه أمة محمدوأكرم االله به أهل الإيمان ،وجعله على جميع الأمم ،فليله نور ،ونهاره طهور ،وصائمه مأجور ،وله رحمة االله عند السحور ،وقد رضي االله عنه عند الفطور ،وفيه تفتح الأبواب ،ويضاعف فيه الثواب. وفي كل ليلة من شهر رمضان ينادي مناد :ألا هل من تائب فيتاب عليه؟ ألا هل مستغفر فيغفر له؟ ألا هل من طالب فيعطى سؤاله؟ فإذا كان آخر ليلة من شهر رمضان أعتق االله فيها مثل ما أعتق فيما مضى من الشهر. ويعرض المؤلف في هذا الجزء واجبات الصيام وفرائضه ومندوباته ،وفي فضل ليلة القدر ،وفي نية الصيام ،وفي صوم يوم الشك ،وصيام الجنب والحائض والنفساء ،وفي صيام المسافر ،وإعذار الصوم كالكبر والمرض والحمل ،وأحكام العبيد والمشركين والصبيان والمغمى عليه ،وفيما ينقض من الكذب ،وفيما يفطر الصائم وما لا يفطره. ويتناول المؤلف في الجزء الحادي والعشرين الصيام فيما ينقضه وما لا ينقضه ،وفي الفطر ،وفي صوم المسافر وصوم المريض ،وحكم من مات مائة كتاب إباضي398 وعليه صيام من شهر رمضان ،وفي قضاء شهر رمضان عن الغير ،وفضائل صيام الأيام والليالي ،وزكاة الفطر ولمن تعطى وكيف تعطى ،والوقت الذي تخرج فيه زكاة الفطر. ويعرض المؤلف في الجزء الثاني والعشرين لفريضة الحج ،وضرورة الإسراع في أداء فريضة الحج لمن توفر له ذلك .ومن أراد الحج فليبدأ بالخلاص من تبائعه ،وخلاص ديونه ،ويكفر أيمانه ووفاء نذوره ،وصلة أرحامه، ويعتب من وجد عليه من جيرانه وأرحامه ،ويوسع من زاده ليتسع خلقه. قال االله تعالى ~ } | ﴿ :ے ¡ ] ﴾ ¥ ¤ £ ¢آل عمران[٩٧ : وسئل عن الاستطاعة ما هي؟ فقيل :الزاد والراحلة .وقال آخرون :الاستطاعة مال ،وذهبت طائفة أخرى أنها :صحة البدن .ويرى المؤلف أنه إذا قدر الإنسان على زاد وراحلة لزمه الحج. وبحث فيمن يجب عليه الحج ومن لا يجب ،وفرائض الحج وسننه ،وفيمن يرى الهلال وحده ،وفي صفة الحج ،والمواقيت ،والإحرام ،والاغتسال والوضوء لمناسك الحج ،وأحكام المحرم ،وشعائر الحج ،وغيره من أمور. ويستكمل المؤلف في الجزء الثالث والعشرين مسائل الحج من طواف وسعي ووقوف بعرفة ،وفي الجمار والذبح والزيارة والطواف ،والوداع والإفاضة ،وغيرها من شعائر. أما الجزء الخامس والعشرون فهو عن النذر والرجوع عنه قبل وقوعه، والنذور بالصلاة ،والنذر بالصيام ،والنذور بالحج وبالمشي إلى بيت االله ،وفي نذر العبيد ،وغيرها. كما يضم هذا الجزء حديثا عن الاعتكاف ،ومتى يدخل المعتكف المسجد، وأيضا الكفارات ،ومعرفة كفارة كل نذر ،وفيما تجب وما يجوز للمعتكف فعله، 399بيان الشرع به كفارة التغليظ ،وكفارة اليمين المرسلة ،وكفارة الأيمان ،وكفارة الصلاة والصيام والأيمان. ويعرض المؤلف في الجزء السادس والعشرين للأيمان .والأيمان على أربعة معان :المعنى ،والتسمية ،والتعارف ،والنية ،وأحكام الأيمان وما يثبت منها وما لا يثبت ،وفي أنواع الأيمان التي يلزم فيها التكفير والتي لا يلزم، وأيمان الصبيان والعبيد ،والأيمان بالمعاصي والطاعة ،وفي المجيء والذهاب والتزويج والنكاح ومعاني ذلك ،وفي الاستثناء في الأيمان ،وجعل الحلال حراما ،وفي الأيمان بالدهور والسنن ،ومعاني ذلك. ويتناول الجزء الثامن والعشرون آداب القاضي ،وجلوس الحاكم للقضاء، وما يفعل في مجلسه ،وأين يجلس ،وما يجوز فعله للقاضي ،وفي الولاة ،وفي آداب القاضي والتسوية بين الخصمين وما أشبه ذلك ،وفيمن يجوز أن يولى ومن لا يجوز أن يولى ،وفي ديوان الوالي ،وما يؤمر به الإمام والقضاة والحكام. ويعرض المؤلف في الجزء الثلاثين لمعرفة المدعي والدعاء عليه ،وما ينبغي للحاكم فعله ،وفي طلب الخصم وإحضاره ،وفي الصلح عند الحاكم وعصيان ورفع الخصوم ،وفي رفع الشيء الذي يتداعى فيه ،وفي أنواع الدعاوى وتقلبها بين الخصوم ،وفي الحيل في الأحكام ومعاني ذلك. أما الجزء الحادي والثلاثون فهو تابع لأجزاء الأحكام :أحكام الشهادات وما يجوز منها وما لا يجوز ،ومن تجوز شهادته ومن لا تجوز ،وفي تعديل الشهود وحمل البينة ،وفي صفة تأدية الشهادة ومعاني ذلك. ويعرض الجزء الثالث والثلاثون للأيمان في الأحكام والدعاوى ،ومن تلزمه اليمين ومن لا تلزمه ،وفي ألفاظ الأيمان في اليمين بالمصحف ،وفي أيمان المشركين ،وفي اليمين بين الوالد وولده ،والعبد وسيده ،وفي دعوى مائة كتاب إباضي400 الوطء في الحيض والدبر ،وفي يمين الأجير ،وفي الأيمان في السرقة والحدود والغصب والضرب ،وفي الوكالة في اليمين ،وأحكام الوكيل ،وصفة الوكالة، وإقرار الوكيل ومعاني ذلك. واستعرض المؤلف في الجزء الرابع والثلاثين أحكام الإقرار وما يثبت منه وما لا يثبت في شتى أنواعه من إقرار في أصول وفي ديون ،وفي توقيف الحاكم للشيء المتنازع فيه ،وفي الدعوى بالشراء ،والدعوى في الأصول ،وفي خروج المرأة إلى الحاكم ،وفي الحكم بين الأزواج ،وفي إنكار الزوجين بعضا ،وفي الحكم بين العبيد وسادتهم ،وفي الأمانة ،والوديعة،لبعضهما والعارية ،وفي اللقطة ،وفي الحكم بين المسلم والمشرك ،وفي المتولي عن الحكم ،وغيرها من معان. والجزء التاسع والأربعون يبحث أحكام الصداق ومقداره ،وما لا يتم الواجب إلا به ،وفي التزويج إذا وقع على غير صداق معلوم أو غير معلوم، وفي اختلاف الزوجين في الصداق ،وفيما يبطل به الصداق ،وفي عطية المرأة لصداقها بطلب من زوجها أو غير طلب ،وفي الضمان بالصداق. بعضا من معاشرةويتضمن الجزء الخمسون حقوق الأزواج على بعضهم وقسمة وكسوة ونفقة ،وعمل المرأة لزوجها ،وفي ضرب الرجل زوجته وهجرها وتأديبها إن وجب الحال ذلك ،وفي سفره عنها وسفرها عنه ،وفي الوطء وآدابه، وفيما يحل للمرأة قتل زوجها بسببه وامتناعها عنه أو الاقتداء منه ،وفيمن وجد امرأة في فراشه فوطئها غل طا ،وفي المفاوضة بين الزوجين. ويعرض المؤلف في الجزء الحادي والخمسين لموضوع »الطلاق وأقسامه، وما يقع به الطلاق وما لا يقع« وفي الطلاق بنية وبغير نية ،وفي طلاق الصريح والكناية ،وفي وطء المطلقة ،وفي الجبر والإكراه على الطلاق ،وفي طلاق الأعجم والمجنون ،وفي الاستثناء في الطلاق ،وفي تفويض الزوج المرأة أن 401بيان الشرع تطلق نفسها ،وفي الطلاق بالأوقات ،وفي الأيمان بالطلاق ،وفي بيع الطلاق. أما الجزء الثاني والخمسون فيبحث أحكام الخلع والبرآن في الصحة والمرض من الصبي والمجنون والعاقل ،وما يثبت من ذلك وما لا يثبت ،وفي الجائز منه وغير الجائز بأكثر من الصداق أو أقل أو مساو له ،وفي أحكام الخلع والإيلاء والخيار ومعاني ذلك. والجزء الثالث والخمسون يبدأ بعدة الميتة وغير الميتة ،وعدة المطلقة الميتة ،وفي المرأة التي تحيض والتي لا تحيض ،والعدة ،والإيلاء ،والظهار، ورد المطلقة وغيرها من مسائل مثل المختلعة ، وردوالتعريض للميتة والمطلقة ، ورد الصبية من خلع أو طلاق.المطلقة بدون صداقها ، والجزء الرابع والخمسون عن الحيض ،وصفة دم الحيض ودم الاستحاضة، وحيض المرأة كبيرة السن ،وفي الاستنجاء من الحيض ،ومن وطء الحائض، وفي صيام الحائض وأحكامه ،وفي غسل المستحاضة وصلاتها وصلاة الحائض ،وأحكام النفاس. والجزء الخامس والخمسون في العتق ،وتزويج الإماء والعبيد بالأحرار والعبيد ،وفي طلاق العبيد والصداق اللازم لهم. أما الجزء السادس والخمسون فهو في باب الولد وفصاله ومن أحق به، وشرط الرباية والنفقة على الأم من الزوج عند الفراق ،وخدمة الولد وغيره، والإقرار بالولد ،وما يجب على الوالدين على ولدهما ،وباب في حق الولد على والديه من نفقة ،وعلى الأخوة ،وغيرها. ويتناول المؤلف في الجزء الحادي والستين الوصية للمسلمين ،والوصية في سبيل االله ،والوصية للشراة ،والوصية للطرق ،وصلاح المال والأفلاج وحفر الآبار والوصية للقبور والموتى والكفن ،والوصية للولد ولما في البطن، مائة كتاب إباضي402 والوصية للجار ،والوصية للورثة أو للزوجة ،ووصية الأقربين ،وكيفية تطبيق الوصية وحدودها وأحكامها. ويستكمل المؤلف في الجزء الثاني والستين بقية أحكام الوصية ،وفي الموصي والوكالة للوصاية ،وفي دين الهالك ،وفي الحجة على الورثة ،وفي الوصية إذا تلف المال ،أو تلف شيء منه ،أو تلف ما أوصى به. ويبدأ الجزء الثالث والستون بباب الحث في تعليم الفرائض ،ومن أجمع على توريثه ،وفي معرفة الفروض ومن يستحقها من غير حجب ،وفرائض معا الصلب ،وفرائض النساء المشتركة ،وميراث الأولاد ،وميراث الأخوات للأم الإخوة للأب أو الأب والأم ،وميراث الزوج والزوجة ،وميراث المطلق والمطلقة ،وطلاق الضرار ،وميراث مطلقته ،وميراث القاتل ،وميراث الأرحام، وميراث الأخوال والأعمام. والجزء الرابع والستون في الأمانة ،وما يلزم فيه ضمان الأمانة وما لا يلزم فيه .وأمانة الصبي والعبد والمجنون .وباب في العارية ،وباب في بيع المستعير للعارية ،وباب في عارية الحلي ،وعارية الأصول ،وعارية المال ،وعارية الدواب ،وباب في اللقطة وغيرها ،والضمان ومسائله. ويستكمل المؤلف في الجزء الخامس والستين مسائل الضمان .والجزء السادس والستون في باب القتل وفي تفسيره وفي كفارته ،وأنواع الجروح، وأحكام الدماء ،والقود والقصاص ،وقود المرأة ،والحدود وكيفية إيقاعها. ويعرض المؤلف في الجزء التاسع والستين لموضوع الجهاد .والجهاد في جميعا لكفروا ،وقيلسبيل االله فريضة من الفرائض التي لو تركها أهل الإسلام في قيام من قام بذلك من المسلمين عذر المتخلفين ،ولن يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يوالي في االله ويعادي في االله ،فمن أمكنه وكان في الموضع الذي ينكر الله بيده وإلا بلسانه ،ومن لم يمكنه ذلك فبقلبه. 403بيان الشرع والجزء السبعون في دعوة أهل الشرك ومحاربتهم ،وأهل العهد والصلح عندما ينكثون ،ومتى تستحل دماؤهم ،وفي السباء وأسرى المشركين ،والأمان في الحرب ،والداخل في أهل الحرب بأمان ،والمهزوم في الحرب ،والمواضع التي يجوز الاحتصان فيها ،والاستعداد للحرب من سلاح ودواب وغيرها. أما الجزء الأخير من هذا الكتاب فيدور حول أحكام المرتدين ،من استحلال أموالهم ومحاربتهم .وما يجب على المرتد قبل محاربته ،وفيمن يجوز له أن يقيم الحدود ،وصفة إقامة الحدود وأنواعها ،وفي الشهادة والقذف واللعان وحد السرقة وغيرها من حدود. 404 »fÉ«°SƒdG ô«n `p °S »fÉ«°SƒdG ¿É°ùM øH ΩÓ°ùdG óÑY øH ¿Éa«∏°S TM«HôdG ƒHCG )ت ٥٥٧ه١١٦١/م( دراسة وتحقيق :د .عمر بن لقمان حمو سليمان بو عصبانة وزارة التراث القومي والثقافةمسقطسلطنة عمان ،ط١٤٣٠ ،١ه٢٠٠٩/م. عدد الصفحات ١٢٣٣ :صفحة ) ٣أجزاء( يتكون الكتاب من قسمين :قسم دراسة ،وقسم للنص المحقق .ويقدم ذاكرا أن التاريخ يعد من أهمالدراسة والكتاب الشيخ أحمد بن سعود السيابي العلوم ،إن لم يكن أهمها على الإطلاق ،وقد لقبه بعضهم بأبي العلوم ،وذلك عبر وعظات ،لكونه إطار الحركة البشرية وسيرورتها عبر الحقبلما فيه من والأزمان منذ بدء الخليقة على هذا الكوكب الأرضي ،فهو السجل المعتمد والمحكم لتفاعلاتها وتدافعها في الحياة ،ومن هنا تكون العبرة والعظة والمنفعة الإيجابية للاقتداء والاهتداء ،مصداقا لقوله تعالىÁ À ¿ 3⁄4 1⁄2 ﴿ : ] ﴾ à Âيوسف.[١١١ : من هذا المنطلق كان اهتمام أهل الإسلام بالتاريخ رواية وتدوي نا؛ لكي يستفيدوا ع برا وعظات من أحوال من سبقهم من الأمم ،ولعله كان ذلك هاديهم ومرشدهم وقائدهم إلى الاهتمام بتاريخ نبيهم وسيدهم محمد ژ في جميع أحواله وأطوار حياته. وقد أطلق على ذلك التاريخ فيما بعد اسم »السيرة« ،أي :سيرة النبي ژ ، علما أو حقيقة عرفية على تاريخ سيدنا وحبيبناحتى أصبحت لفظة »السيرة« محمد ژ . وصحب الاهتمام بكتابة السيرة النبوية العطرة الاهتمام بتدوين التاريخ 405س ير الوسياني أيضا ،حتى ظهرت كتب التاريخ العام التي أرخت للبشرية منذ بدء الخليقة، وللمسلمين منذ عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق، 3وكان للإباضية نصيب من ذلك ،سواء كان في الكتابة عن السيرة النبوية ،أو عن التاريخ العام والإسلامي. أحزابا اهتم شيعا ،وتحزبت وعندما تفرقت الأمة الإسلامية فرقا ،وتشيعت علماء ومؤرخو كل مذهب بالتراجم لعلماء مذاهبهم ،وعرفت كتب التراجم الس ير أو كتب الطبقات. تلك بكتب  وإزاء ذلك كان لا بد للإباضية من الكتابة عن علمائهم ،فظهرت كتب الس ير والطبقات ،لا سيما لدى إباضية المغرب العربي الإسلامي. القيمة ،فعنه وكتاب »الس ير« للوسياني يعتبر من المراجع المهمة ،والمصادر مرجعا أخذ الكثيرون ،واعتمد عليه من جاء بعده ،وهو بالإضافة إلى كونه أيضا ذخيرة فقهية ،حيث يورد في ترجمة كل عالم أفكارهومصدرا تاريخ يا فهو العقدية وآراءه الفقهية والمسائل التي ينفرد بها. ويستعرض المحقق في قسم الدراسة حياة المؤلف وبيئته والعوامل المؤثرة فيه بالإضافة إلى أهمية الكتاب ،وصحة نسبته إلى صاحبه ،وموقعه من المصادر الإباضية المغاربية السيرية السابقة والمتزامنة واللاحقة. والمؤلف هو أبو الربيع سليمان بن عبد السلام بن حسان بن عبد االله ويحتمل أنه ولد بها .يعده الدرجيني من الطبقةالوسياني ،عاش في قصطالية ، الثانية عشرة )٦٠٠ - ٥٥٠ه١٢٠٣ - ١١٥٥/م(. ذكرا لم تورد المصادر أسماء المشايخ الذين تتلمذ عليهم بقدر ما نجد متفرقا في كتابه للذين روى عنهم بعض مروياته. وقد عاش الوسياني بين الجريد وأريغ ووارجلان ،فالمنطقة كلها صحراوية مائة كتاب إباضي406 قارية ،بعضها الآن في القطر التونسي ،والآخر في القطر الجزائري ،فمناخها شتاء ،والأمطار فيها قليلة. حار صيفا ،بارد وتعتبر شخصية الوسياني نتاج أصول دينية وتاريخية ،فإذا علمنا أن مذهبه هو المذهب الإباضي السائد آنذاك في المنطقة التي كان يعيش فيها .فعلينا إذن أن نعرف مذهبه ،وبعض رجاله المشهورين ،وأهم معتقداته. نشوءا ،ومن أقربها إلى منابع فالمذهب الإباضي كان من أسبق المذاهب السنة .فقد أخذ إمام المذهبجابر بن زيد3 العلم عن عائشة أم المؤمنين#وعن سبعين بدر يا ،ومن بينهم عبد االله بن عباس ^،وقد عاش جابر بن زيد من سنة ١٨ه٦٣٨ /م إلى سنة ٩٣ه٧١١/م. مرجحا وقرب جابر بن زيد إمام المذهب من ينابيع الإسلام الصافية يكون لصواب ما ذهب إليه دون القدح فيما ذهب إليه غيره. والسنة لقد اعتمد الإباضيةولا شكمثل غيرهم على القرآن الكريم المطهرة ،وكان لهم اجتهاد من علمائهم مثل غيرهم من المذاهب الإسلامية الأخرى. ويعرض المحقق ثلاثة أفكار عقدية للإباضية ،وهي: الاعتقاد بخلود أهل الكبائر إذا ماتوا دون توبة مع كونهم من الموحدين. نفي الشفاعة لأهل الكبائر دون توبة. نفي رؤية الباري في الدنيا والآخرة. QÉædG »a Oƒ∏`îdG `` 1 لقد اعتمد الإباضية ومن وافقهم من غيرهم من العلماء في فهمهم للخلود في النار للموحد الذي عصى االله ولم يتب ،ومات على ذلك 407س ير الوسياني اعتمدوا على آيات من القرآن الكريم .ولعل هذا المعتقد يرجع إليهم بالتحري في أعمالهم فيجعلهم يخافونأكثر من غيرهممغبة يوم الحساب ،والركون إلى مصير مجهول. áYÉ`Ø°ûdG `` 2 يعتقد الإباضية أن الشفاعة تكون لأصحاب الطاعة وليست لأصحاب المعاصي ،وذهب إلى قولهم علماء من غيرهم .إذ إن الشفاعة لأصحاب المعاصي تعني عكس المقصود من دعوة الإسلام إلى العمل الصالح ،ولن ينفع أي شخص أتى المعاصي أن يشفع فيه نسبه الشريف ،أو قول كلمة التوحيد دون العمل. وإن الذين يوردون آراءهم حول شفاعة رسول االله ژ في أصحاب المعاصي والكبائر ،أو يأتون بأحاديث موضوعة أو ضعيفةليوهنون من غرض الاستقامة في الدين ،ويوهنون من قول القائلين :الاستقامة قول وعمل واعتقاد. 8 ˆG ájDhQ `` 3 يعتقد الإباضية بعدم رؤية الباري، 8لا في الدنيا ولا في الآخرة ،كما يذهب إلى ذلك من غيرهم بعض المذاهب كالمعتزلة ،ومن العلماء القدامى كالطبري في تفسيره .ولم يجد الإباضية ومن ذهب إلى قوله الدليل الكافي الصريح على أن االله تعالى يرى في الآخرة. ويعد الوسياني من الذين يعتقدون بعدم رؤية الباري وتجسيمه ،وأن للعصاة الشفاعة ليست لأهل الكبائر الذين ماتوا بدون توبة ،وبالخلود في النار المصرين الذين ماتوا بدون إنابة إلى االله. ير« ،واهتمامه بالجانب »الس وهذا ما يفسر لنا اتجاه الوسياني في كتابه : مائة كتاب إباضي408 للمترجم لهم ،والذي يتجلى في الورع الشديد والخوف من العواقبالعملي الأخروية ،وهذه الظاهرة غالبة في أتباع المذهب الإباضي. أما عن البيئة الثقافية التي عاش فيها الوسياني ،فهي بيئة اهتم فيها الإباضية بالتفقه في الدين ،مع التدوين والكتابة. فأول إمام للإباضية هو التابعي الجليل جابر بن زيد ،إذ إن جميع كتب الإباضية الفقهية تصدر عنه وترجع إليه. كتابا سمي» :ديوان جابر« ،وضاع الديوان ،ولكن أقواله لا تزال مبثوثةأ لف بين المصنفات الفقهية والعقدية. كما أن أبا عبيدة مسلم بن أبي كريمة روى أحاديث رسول االله ژ عن جابر؛ ولذا فإن أحاديثه ثلاثية السند ،تعد من أصح الأحاديث لقربها من رسول االله ژ . وعن أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة تخرج علماء كثيرون ،حملوا العلم إلى المشرق ) عمان ،واليمن ،وخراسان( ،وإلى المغرب )طرابلس ،والقيروان، وتاهرت.(.. ويعد العصر الذي عاش فيه الوسياني من أزهى عصور المنطقة ثقافة ،فقد تأثر الوسياني بتلك البيئة ،والدليل على ذلك اهتمامه بتأليف كتاب يتحدث سببا في وجودعن مناقب ذلك الوقت ،ويبرز المشايخ الذين سبقوه ،وكانوا المناخ الذي عاش فيه. شائعا ،فمنذ أبي عبد االله محمد بن بكر الفرسطائيلقد كان نظام العزابة النفوسي )٣٤٥ه٩٥٦/م٤٤٠ه١٠٤٨/م( منشئ حلقة العزابة إلى عهده، كان نظام التعليم هو نظام العزابة ،وكانت كثرة المراكز العلمية متوزعة من جبل مرورا بالجريد ظاهرة للعيان. نفوسة إلى جربة ،إلى وارجلان، 409س ير الوسياني كما أن الاهتمام بالعلم أدى بكثير من الناس إلى الرجوع إليه ،فصار البعيد عن الحق يعد من الدنيويين المهتمين بدنياهم .والراجعون إلى التعليم يعدون من التائبين ،فيقال لإنسان دنياوي تاب ورجع إلى العزم ،أي :إلى طلب العلم. كما أن المكتبات كانت زاخرة بالمصنفات الدنيوية خاصة ،والاهتمام بأمور الدين والأخلاق في مضمونها أكثر بكثير من الاهتمام بأمور الدنيا. كان كذلك وفي بيئته التي عاش فيهامنطقة الجريدحركة علمية من المذهب المالكي ،وربما بقايا من المذهب الشيعي. أما حالة المجتمع التي أثرت في الوسياني فهي: :á«°SÉ«°ùdG IÉ«ëdG :’hCk G أمن الناحية النظرية إن النظرة السياسية عند الإباضية كانت لا تعد أربعة مسالك: ١ مسلك الظهور مثلما كان ذلك في عهد الرسول ژ بعد إسلام عمر بن الخطاب ،وبعد هجرته ! إلى المدينة ،حيث أسس دولته ،وربط الألوية وأقام الحدود ،وأظهره االله وأيده بنصره. ففي مثل هذا المسلك كانت الإمامة تقيم الحدود في تاهرت الرستمية، وتشيع العدل في ربوعها فآب الناس إليها من البصرة والكوفة والأندلس والقيروان وغيرها. ٢ مسلك الكتمان هذا المسلك قد تسمى بالإمامة الصغرى ،ويكون في حالة الضعف إذ يتعذر الظهور فكانت الحالة لا تستدعي إقامة الحدود مثلما كان ذلك مع الرسول ژ في مكة قبل الظهور مع من آمن به من المستضعفين فكانت مائة كتاب إباضي410 الحكمة تحاشي الأعداء والمحافظة على أنفس المسلمين وعقيدتهم وأموالهم. وهذا ما اهتدى إليه أبو عبد االله محمد بن بكر الفرسطائي النفوسي تعويضا لإمامة )ت ٤٤٠ه١٠٤٨/م( ،إذ أنشأ نظام العزابة ،فكان هذا النظام الظهور ولكن دون إقامة الحدود ،فهو نظام اجتماعي وسياسي حيث إن الحكم فيه يكون روح يا ،والسلطة الروحية في العزابة تكون للعلماء فقط والشيخ هو صاحب النفوذ وبدل أن يحكم بقوة الحدود يعمد إلى نظام الولاية والبراءة؛ لأن من شروط إقامة الحدود مبايعة الإمامة العادل. ويركز الإباضية في مرحلة الكتمان على جانبين: أعلى التنظيم الداخلي للمجتمع في المجال الديني والاجتماعي والتربوي والاقتصادي. بعلى علاقات المجتمع بغيره من الطوائف والمذاهب. ٣ مسلك الشراء وهو أن يبيع ثلة من الغيورين على دينهم أنفسهم الله تبارك وتعالى حينما يكثر الفساد ،وذلك مثل ما كان في عهد عبد االله بن يحيى بن عمر )أبو يحيى( الشهير ب »طالب الحق« )ت ١٣٠ه٧٤٧/م( إمام الشراة ،وأحد أقطاب المذهب شخصا وأن لا يتأخروا عنالإباضي في عهود تأسيسه وأن لا يقلوا عن أربعين أداء مهمتهم إلا إذا بقي منهم ثلاثة ،وأن لا يغدروا بالآمنين ولا يتعرضوا لهم. ٤ مسلك الدفاع أهلا لذلك حينماوهو أن يعقد لواء الدفاع أهل الحل والعقد لشيخ يرونه سوءا فإن شاءوا عقدوا له بيعة الظهور بعد انتصاراته،يداهمهم عدو أراد بهم عينوا غيره .ومن موجبات الدفاع: وإن شاءوا أمداهمة العدو للأمة. بتفشي الفساد ،وانحراف الإمام عن الجادة. 411س ير الوسياني وفي ظل هذه النظرة السياسية الاجتماعية عاش الوسياني وبنو واسين الذين كانوا مضرب المثل في الدفاع عن حوزتهم فلو قدر لهم النصر لتغير وجه التاريخ ،ولما تمكن رابع خلفاء الدولة الفاطمية من مغادرة المغرب ،ولما أغارت قبائل بني هلال وبني سليم على الشمال الإفريقي. بمن الناحية التطبيقية لقد ظهرت من بني واسين شخصيات علمية وفي آن واحد قامت بدور سياسي بارز ،ولا شك أن أكثر ما يؤثر في الوسياني أقرب الناس إليه مسك نا تغير مذهبه بعد حين، ومذهبا وزما نا ،ويلي ذلك أقرب الناس إليه مسك نا ولو مؤثرا فيه ولو من بعيد؛ أثرا لذلك من هو من غير مذهبه فقد يكونثم يلي فهناك حدثان بارزان يمكن أن يكونا قد أثرا في الوسط الذي عاش فيه البعد الزمني بينهما ،فالأول :كان من قبل الوسياني ،ويحتمل أنه تأثر بهما رغم تأثيرا لتبرؤ الإباضية من أعماله .والثاني: أبي يزيد )٣٣٦ه٩٤٧/م( ،وهو أقل كان من قبل أبي القاسم يزيد بن مخلد الوسياني )ت ٣٥٧ه٩٦٧/م( ضد المعز أثرا ،لكون القائمين به مشايخ وعلماء ،لهم أثرلدين االله الفاطمي ،وهو الأقوى واضح في أتباعهم من الطلبة والعوام. á«YÉaàL’G IÉ«ëdG :É«k fÉK أما عن الحياة الاجتماعية فإنها بدورها تتأثر بكل المؤثرات السالفة الذكر، ولعل المؤثر الاجتماعي عند الإباضية يندرج تحت المؤثر الديني. سائدا في تلك المنطقة ،وإن مسلكوحيث إن المذهب الإباضي كان الكتمان الذي كان أحد مسالكه يعمد إلى تطبيق الولاية والبراءة ،والخطة بديلا عن تطبيق الحدود في مسلك الظهور ،فإن المراقبة الصارمةوالهجران، والرادع الهجائي وإقامة التعزير كل هذه جعلت المجتمع يسير في اتجاهه الإسلامي الصحيح. مائة كتاب إباضي412 صارما يتحكم به فينظاما كون وكل مجتمع من المجتمعات الإسلامية أفراده استطاع بذلك أن يشبع فيه الطمأنينة والسعادة ،أضف إلى ذلك مداومة أمارة بالسوء إلاالعلماء على التذكير والوعظ والإرشاد ،وذلك لأن النفس ما رحم ربي. كما أن التكافل الاجتماعي مع ق لة الموارد الطبيعية ،مع الزهد عما في أيدي الناس ،جعلت المحتاجين بعيدين عن الغصب والاستغلال. والوسياني نتاج هذه المعتقدات ،وتلميذ هذه المدارس العريقة التي أخذت علومها من تلامذة أم المؤمنين عائشة#وعن الصحابة البدريين ،وعن ابن جميعا. عباس حبر الأمة @ يتألف كتاب» :سير الوسياني« من ثلاثة أجزاء ،أو من مجموعة واحدة يضم أغلبها ثلاثة كتب نسبت إليه. من خلال عنوان الكتاب يبدو جل يا أن غرض المؤلف من تأليف كتابه هو إظهار مناقب السلف حتى يتأسى بهم الخلف. بدءا من رواة ير كثير من العلماء، ولقد سبق وأن أ لف في موضوع  الس الحديث رضوان االله عليهم .وكان القرآن أسبق من البشر إلى هذا المنهج ،فقد تحدث عن الرسل والأنبياء من لدن آدم‰إلى خاتم الأنبياء والمرسلين ژ . فالمنهج القرآني في طرحه القصص كان يعمد إلى إبراز شيء واحد ،وهو القضية التي هي مناط الاعتبار. ونجد أن القرآن يسلط الضوء عند ذكر القصة على الحادثة وعلى آثارها دون التفصيل في سرد الأسماء وذكر الزمن بالسنوات ،وذكر المكان بالتحديد، كما يفعل البشر في سرد أحداثهم ،والمراد من ذلك عدم شحن الذاكرة حتى واضحا. يبقى الهدف جل يا 413س ير الوسياني ير فهو متأثر بمنهج المحدثين ،فقد اعتمدوا علىالس أما منهج مؤرخي  وضع السند حتى يثق بهم من يقرأ عنهم ،فلقد كان المحدثون مهتمين بالسند أيما اهتمام ،وبالراوي ،وبمنزلته العلمية ،وحتى عن حالته العقلية في آخر عمره ،خوف الاختلاط والنسيان ،وعن وجوده والتقائه مع الشيخ الذي روى عنه .هذا المنهج نجده قد انتقل إليهم بسبب التحري الذي ساد عند المحدثين خوف الافتراء على رسول االله ژ . أما المؤرخون الذين يكتبون عن سائر الناس ،ويوردون الأحداث العادية والقصص المسلية ،فقد أهملوا هذا الجانب ،فصاروا يوردون الحوادث دون عزوها ،ويجمعون ما قد لا يقبله العقل في بعض الأحوال. ترو لقد كانت الأخبار المروية في كتب التاريخ القديمة تنقل دون  وتمحيص ،إذ خالطتها بعض الأساطير ،وكان الناس يقبلونها عن أغلب رواتها، خاصة إن رويت عن مؤرخ عالم مشهور. وكان الوسياني في هذا الخضم من المناهج قد اختار أوفقها ،فخوفا من رفض حديثه بدأ كتابه بعبارة تنم عن صدق نواياه ،حيث قال في مقدمة كتابه: »فإني نظرت إلى الآثار قد ا محت ،وإلى أخبار دعوتنا قد انطمست ،فأحببت أن كتابا مما بلغني وصح عندي« فهو بهذا يبين غرضه من إظهارأؤلف لكم منها الآثار التي عفا عليها الزمن ،ومن إبراز الأخبار التي طواها النسيان .كما أنه التزم بما صح عنده ولم تخالجه الشكوك فيه ،فيبين أنه التزام بإيراد السند مع تعمد الاختصار عند عدم ذكر شيخه .وب ين أنه مع ذلك لا يرضى أن يحمله الناس تبعات ما قال؛ لأنه بهذا التأليف كان قد لبى غرض طلب من يعز عليه رده. ويطلب ممن رأى شط طا في كلامه أو غل ظا ،له حق التصرف الكامل في وقل أن نجد من المؤلفين من يطلب ذلك.ذلك ، كما أنه لم ينتهج في تأليفه التقسيم الزمني ،بأن أورد التراجم حسب مائة كتاب إباضي414 تسلسلها حسب المنهج الحولي ،بل جمع من اشتهر من الرجال في منطقة بعينها .وأورد أهم الروايات التي تخدم الناحية الأخلاقية ،وتظهرفي حالات حائرا في تصديقها. كثيرةالكرامات التي قد يتوقف الإنسان أما محتوى الجزء الأول من كتاب الوسياني ،وما ورد في الجزأين الآخرين لمجموعة الوسياني فهو: أالجانب الشرعي في المجموعة لقد اهتم الجزء الثاني من مجموعة الوسياني بذكر سلسلة نسب الدين، فكان بهذا العمل قد بين لمن لا يعرف أصل المذهب الإباضي منبعه ومصبه، من لدن مؤسسه جابر بن زيد عن عائشة أم المؤمنين#عن رسول االله ژ ، إلى آخر عالم تلقاه ،فأورد كلامه. ويب ين الوسياني من خلال نصوصه المختلفة كيف انتقل المذهب من المشرق ،أرض النبوة الطاهرة ،إلى أرض المغرب ،ولماذا حرصت مجموعة على إيراد هذا السند ،كما أوردت مجموعة الوسياني بعض الأقوال على لسان متخصصا في الفقه العلماء ،تفصح عن المعتقد الإباضي ،رغم أن الكتاب ليس ولا في العقيدة ،بل هو كتاب لم يصنف بعد ضمن المصادر المعتمدة للاستفادة من آراء العلماء الموجودة فيه ،سواء من قبل المغاربة أو المشارقة ،لا لشيء إلا لكونه لم ير النور بعد .فلكي نفتح آفاقا للبحث ،نأتي ببضعة أقوال وآراء ،فهي نماذج ذكرت خلال النصوص قد تضع صورة مريبة من حقيقة الكتاب. نورد حديثا جرى بين أبي زكرياء ،وأبي محمد كموس الزواغي ،وهو على فراش المرض وقد وسوسه الشيطان ،ويقول له» :كيف ربك؟ وأين ربك؟ فقال له أبو زكرياء» :واالله لا تكيفه العقول ،ولا تبلغه الأوهام ،ولا تمثله النفوس، ولا تحيط به الآراء ،ولا تدركه الأبصار6 5 43 2 1 ﴿ ، ] ﴾ 7الشورى.[١١ : 415س ير الوسياني كلاما عن الملائكة أنهم »معصومون من الذنوبكما يورد في الجزء الثاني كلها ،فمن وصفهم بالعصيان أشرك .خلقتهم واحدة ،وموتهم واحد« .وأن الملائكة لا تشق عليهم الطاعة مثل المكلفين الذين يشق عليهم فعل الأمر. نصا عن تطبيق الحدود في عهدوعند ذكر الوسياني للجانب التطبيقي يورد  عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم. مشتركا بين وما من شك في أن هذا الجو السائد من الاهتمام بالدين كان العلماء والحكام ،وبين البسطاء من العوام ،فاتخذ هؤلاء أماكن لعبادة االله ،إما جماع يا أو فرادى. فأبو عبد االله محمد بن بكر له غار للتعليم والعبادة ،وكان لا يأنف أن يجمع بين إمامة الصلاة وتدريس العزابة ،والاشتراك معهم في الأعمال. وكانت الغيرانبالنسبة لبعض المشايخأماكن ينقطعون فيها للعبادة، بعيدا عن الحياة وزخرفها .وقد يبادر الميسرون إلى بناء مسجد لائق ،حتى ييسروا للمسلمين أداء شعائرهم ،كما أنهم يهتمون بعمارتها وتنظيفها والقيام بما يصلح بها. كما اتخذت الغيران أماكن لتلقي العلم منذ عهد أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة بالبصرة .فبدأ طلبة العلم يلتفون حول العلماء في هذه المدارس البسيطة، ويبرعون في شتى فنون المعرفة ،بل نجد حتى النساء يبرعن في فنون المعرفة مثل الرجال. دورا لإيوائهم ،وأجروا عليهمواعتنى المشايخ بأمور الطلبة فخصصوا لهم موائد بكرة وعشية ،واعتنواإلى جانب تعليمهمبحسن مراقبتهم ومحاسبتهم، فصاروا يقبلون على التعلم بشغف واهتمام ،فانتظمت الحلقة ،وأتت بثمارها المرجوة .فتعددت المسائل الفقهية وكثرت ،حتى لأننا نجد فيها التنوع لتنوع مائة كتاب إباضي416 اهتماما مصادر السائلين .ونجد بعض الحالات تبين أن هناك في ذلك العصر بتطبيق تعاليم الشريعة الإسلامية ،والقيام بالفرائض والمناسك أحسن قيام. مثلا ،يهرع كثير من الناس إلى أداء مناسكهم دونففي موسم الحج الاكتراث بصعوبات الطريق ،واصطحاب النساء والأطفال معهم ،وقد ولد لهم فضلا عن الإناث.في طريق ثلاثمائة طفل ذكر، أيضا ينوه بكثرة الذهاب إلى الحج .ومن فوائد الحج المذكورةكما نجد الوسياني أيضا ذلك في طريقهم إلى الحج. التقاء العلماء المغاربة بالمشارقة .كما نجد نصوصا كثيرة تتحدث عن الصلاة ،بداية من الطهارةونجد للوسياني نصوصا مختلفة ،منها ما يبينوالاستعداد لها ،إلى أدائها بخشوع تام ،إذ نجد مدى مستوى الخشوع ،وكيف يعرف المصلي ذلك. ويأتي بنص غريب عن وصول الإنسان بخشوعه مرتبة يفقد فيها إحساسه، فلا يتحرك .ويورد الوسياني أنه من الأدب تقديم أهل الفضل في الصلاة بسنة والفتيا .كما ورد أن أهل جبل نفوسة لا يقدمون إلا الأسن ،أسوة طبعا إذا استووا في جميع الصفات المشترطة في الإمام.رسول االله ژ،وذلك واحدا للصلاة. ثوبا ومما يذكر عن تحريهم في الطهارة أن بعضهم يخصص أيضا تتحدث عن ذلك ،منهانصوصا فمثلا نجدأما الحديث عن الزكاة، مسألة عن امرأة غنية تريد أن تدفع زكاتها لزوجها الفقير ،فأجاز لها ذلك .وهذه نماذج فقط من الجانب الشرعي. بالجانب التاريخي في المجموعة )التراجم والأحداث التاريخية(: ١ التراجم لقد اهتم الوسياني بالأحداث التاريخية ،وذكر التراجم بصفة خاصة ،حتى مهما لا غنى عن تحقيقه والرجوع إليه ،وخاصة فيما لممصدرا  صار كتابه 417س ير الوسياني يذكره أبو زكرياء ،حيث غطى الفترة التي بينه وبين أبي زكريا. اختار الوسياني إيراد كثير من التراجم التي لا نجدها عند غيره ممن سبقوه، وترك بعضها ،ولعل ذلك لشهرتها ،أو لمنهج انتهجه ،كتركه منطقة تاهرت بكاملها ،فلم يخصص لها روايات خاصة بها مثل غيرها .كما أنه لم يخصص روايات عن حملة العلم وأئمة طرابلس ،وذلك لأن أبا زكرياء كفاه مؤونة ذلك. فابتدأ بمنطقة نفوسة ،فاختار منها عشر تراجم أساسية ،وأورد روايتها. ثم منطقة القصور ،اختار منها أربعة تراجم أساسية. ثم منطقة أسوف وأريغ. ثم منطقة وارجلان. والملاحظة الملفتة للنظر هي عدم اهتمام الوسياني بمنطقة وارجلان ،فلم يخصص لها إلا ترجمتين ،ولم يترجم لبعض المشايخ المشهورين المعاصرين له ،ولعل ذلك راجع إلى معاصرتهم له. ولم يخصص روايات عن الشيخ الذي روى عنه .ونجد المهتم بهم في س ير الوسياني هم المشايخ الذين ذكروا ولهم كرامات ،أو فتاوى فقهية ،أو زمرا من الأسماء المذكورة فيمواقف تدعو إلى التأسي والاعتبار ،ثم نجد سلسلة السند ،التي يؤكد بها الوسياني صدق رواياته. كما أننا نجد إلى جانب العلماء وأصحاب السند فئات تميزت بكونها من الولاة ،أو القضاة .والزيادات التي أتى بها الوسياني عما أتى به أبو زكرياء تعد ذات أهمية بالغة. أما الجزء الثاني فنجد أغلب تراجمه عن مشايخ جبل نفوسة ،وأورد بعض التراجم ونسبها إلى قراهم المشهورة بالعلم والصلاح ،وعن مشايخ قنطرارة ونفراوة وجربة. مائة كتاب إباضي418 وسمي بالجزءأما الجزء الثالث الذي سبق أن وجد ضمن مؤلف أبي زكرياء الثاني فتراجمه قليلة ،واهتم بذكر أخبار ستة تراجم فقط .وهو ما لا يمكن مقارنته بالجزأين الأولين للفارق الزمني ،ولعدم الوثوق من نسبته للوسياني ،بل السير إلى بعضها. أقحم من قبل ال نساخ إما غفلة ،أو قصد ضم كتب ٢ بعض الأحداث والتواريخ التي عني الوسياني بذكرها ذكر الوسياني عدة وقائع ،منها: تفاصيل وقعة مانو الشهيرة. حصار المسودة لجبل نفوسة اثنتي عشرة سنة. مهاجمة الصنهاجيين لوارجلان وحصارها سنة ٥٠٢ه١١٠٦/م. هزيمة عسكر صنهاجة سنة ٤٣٣ه١١٤٨/م. أخذ المهدية سنة ٥٥٥ه١١٦٠/م. نجد كذلك ذكر بعض السنوات دون ترتيب لها ،وذلك حسب الضرورة والسياق .وبهذا نجد أمامنا ق لة من التواريخ ،ولكن ذكر بعض الأحداث لا يعني أن المادة الخبرية ناقصة ،فالقيمة تكمن في الإتيان بحقائق جديدة. ٣ أحداث متميزة ذكرها الوسياني تخص غرب إفريقيا: مما يمكن أن يزيد الجانب التاريخي لكتاب الوسياني قيمة ،ما ذكره عن وجود الإباضية بغرب إفريقيا ،إلى جانب ما ذكرته بقية المصادر الإباضية عن وجودهم في وقت مبكر هناك .وما يفسر اتصال بغرب إفريقيا ،ويضم حقائق سلما في تلك الأصقاع.مهمة عن التجارة إلى هناك ،وأسباب انتشار الإسلام 419 ô`°üà≤adG ô`gƒédG »fGhõædG ...óæμdG ≈°Sƒe ˆG óÑY øH óaMCG ôμH ƒHCG ï«°ûdG )ت ٥٥٧ه١١٦٢/م( تحقيق :د .سيدة إسماعيل الكاشف وزارة التراث القومي والثقافةسلطنة عمان١٤٠٦ ،ه١٩٨٥/م. عدد الصفحات ١٦٦ :صفحة يتكون الكتاب من :مقدمة المحققة ،ونص كتاب» :الجوهر المقتصر« .وهذا العمانيين المسلمين منذ العصور الإسلامية الأولىالكتاب يكشف عن جهد في البحث عن »الذرة« أو »الجوهر المقتصر« ،وهم في بحثهم عن الجوهر وفي كافة بحوثهم يؤكدون للعالم أن الانطلاقة الفكرية والحضارية الكبرى للإسلام نبعت من الدين الحنيف الذي كرم الإنسان وحثه على البحث والنظر والتعلم. ألف كتاب» :الجوهر المقتصر« أو »الكتاب الجوهري« العالم العماني الجليل والشيخ الفقيه أبو بكر أحمد بن عبد االله بن موسى الكندي النزواني الإباضي المحبوبي .ينتسب إلى »سمد نزوى« أحد أقسام مدينة »نزوى« التي كانت تسمى تحت ملك العرب ،والتي سميت »بيضة الإسلام« حيث كانت مقرا لأئمة عمان ،وحين انبعثت منها شمس الحضارة الإسلامية. والمؤلف من علماء القرنين :الخامس ،والسادس الهجريين )الحادي عشر، والثاني عشر الميلاديين(. وكتاب» :الجوهر المقتصر« يؤكد أن علماء عمان قد شاركوا في مختلف أنواع العلوم والفنون والآداب ،وكان لهم السبق في كثير من ميادين العلوم والفنون والآداب ،ونهضوا مع علماء سائر ديار الإسلام لإرساء قواعد غذت العالم أجمع،الحضارة الإسلامية الأصيلة ،ولتطوير تلك الحضارة التي  مائة كتاب إباضي420 وأمدت العالم كله بالعلم والمعرفة ،ووسائل النهوض بالحياة وبالفكر البشري وبالإنسان. والمؤلف أبو بكر أحمد بن عبد االله بن موسى الكندي النزواني ،من علماء عمان وفقهائها ،وممن نبغوا في علم الكلام .كان من أهم تآليفه هذا الكتاب ،و»المصنف«، والس ير. و»الذخيرة« ،و»سيرة البررة« ،و»الاهتداء« ،وغير ذلك من الكتب  والمؤلف يبدأ كتابه عن »الجوهر المقتصر« بمقدمة بسيطة لا تتجاوز الصفحة ونصف الصفحة ،ثم يكتب بعدها ما قصد إليه من الكتاب. فيذكر في الباب الأول هدفه من هذا الكتاب ،وأن أصحابه قد توزعوا في مسألتين من الدين ،إحداهما في السؤال عن »القدرة على قسم الجوهر«، والأخرى في »الشهادة لمن مات على المذهب الإباضي«. بناء على موقفه من هاتين المسألتين ،واتهموا وقد اتهم المذهب الإباضي في المسألة الأولى بالخطأ والهلاك .وفي مسألة الجوهر اتهموا بالكفر والإشراك ،ووصفهم الخصوم باتهامات لا تجوز في مجال الاجتهاد ولا في مجال الأخلاق؛ لأن المجتهد لو فرض وأخطأ فهو يعذر ولا يكفر ،فالتكفير ليس من آداب المسلمين ،ولا أخلاق العلماء ،فيجب أن يكون الرد بالعلم وليس بالاتهام. ولهذا وضع المؤلف هذا الكتاب المحقق ،وأسماه» :الجوهر المقتصر«، وأقامه على الحجة والدليل ،حيث يحذر أصحابه من التقليد في أصول الدين، بل يوجب الاجتهاد لمن استطاع ذلك. أفكارا ويتناول المؤلف من الباب الثاني حتى نهاية الباب الثاني والعشرين معظمها في مسألة »الجوهر« ،ومن الباب الثاني والعشرين إلى الباب الثاني والثلاثين يتكلم المؤلف عن المذهب الإباضي والدين الإسلامي ،وإذا كان 421الجوهر المقتصر الإباضية حين يذكرون »الإباضية« يعنون »المسلمين« فإن من بينهمومنهم مؤلفناحين يقول »الدين الإباضي« فإنه يعني »الدين الإسلامي«. أما في حديث المؤلف عن »الجوهر المقتصر« فهو يعني به »الذرة« بلغة العلم الحديث .والجوهر المقتصر هو الجوهر المنتهي ،من كلمة أقصر وقصر وتقاصر بمعنى انتهى ،أي» :الجزء الذي لا يتجزأ« ،أو الجواهر الواحد الذي لا ينقسم ،أو الجزء الواحد ،أو الجوهر الفرد. فقد بحث علماء المسلمين منذ القرن الثاني الهجري مسألة الجوهر الفرد الذي لا ينقسم قبل أن نسمع من علماء العصر الحديث عن »الذرة« ،وقد تبنى تلك النظرية علماء الكلام المسلمون ،وكان علم الكلام ،أو علم التوحيد وأصول الدين يتضمن الدفاع عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية. عالما وكان المؤلف أبو بكر أحمد بن عبد االله بن موسى الكندي النزواني ضليعا من علماء الكلام ،كذلك ينص المؤلف في كتابه أن من مصادره مؤلفات علماء من »أهل الكلام«. وأبو بكر الكندي النزواني ،يبين الفرق بين الجوهر والعرض ،ويثبت عدم إمكانية انقسام أو تجزؤ الجوهر ،كما يتكلم عن القدرة وتأثيرها على المقدورات. قائما بذاته عن »الجوهر المقتصر« فإنهوإذا كان المؤلف قد أ لف كتابا يشير في أحد صفحات هذا الكتاب إلى تناوله مسألة» :الجوهر والعرض« في كتاب له اسمه» :الذخيرة«. وكان للقول ب »الجوهر المقتصر« ،أو »الجوهر الواحد« ،أو »الذرة« شأن كبير في علم الكلام ،إذ إن هذا القول كان يثبت بالأدلة العقلية القدرة الإلهية عددا ،والتي تعلم كل شيء وتحيط بكل شيء.التي كانت تحصي كل شيء مائة كتاب إباضي422 كما أن القول بالجوهر المقتصر يثبت قدم االله تعالى ،وحدانية الخالق والصانع، وأن للموجودات »نهاية« ،وأن المخلوقات حادثة متناهية. وإن كان أبو بكر الكندي النزواني ،مؤلف »الجوهر المقتصر« ينتمي إلى القرن السادس الهجري إلا أنه اعتمد على مصادر عمانية إباضية ترجع إلى القرن الثالث الهجري وما قبل ذلك القرن وما بعده. ومن أهم مصادره التي أشار إليها المؤلف في كتابه» :الجوهر المقتصر« كتاب» :المحاربة« لأبي المنذر بشير بن محمد بن محبوب ،وأبو المنذر بشير بن محمد بن محبوب من علماء عمان الأجلاء في القرن الثالث ،وهو من أحفاد الإمام محبوب بن الرحيل ،ومن أسرة اشتهرت بالعلم والفضل. العمانيين ساهموا في العصر الإسلامي فيوهذا الكتاب يثبت للعالم أجمع أن نشر الحضارة ،كما ساهموا من قبل في العصور القديمة ومن بعد في العصر العمانيين شاركوا مشاركة جدية ف عالة في كافة العلوم ،وأضاءوا الحديث ،وأن الشعلة حيث كان الظلام ،ولم يشر أحد من العلماء المعاصرين في الشرق والغرب العمانيين في »الذرة« أو في »الجوهر المقتصر« في العصر الإسلامي.إلى بحوث وكل ما عرفه علماء الغرب الحديث والعرب في عصرنا هذا وحتى الآن أن المعتزلة والأشاعرة هم أول من تكلم في »الذرة« أو في »الجوهر الفرد« من المسلمين، وخصوا بالذكر أبا الهذيل العلاف )توفي٢٢٧أو ٢٣٥ه ٨٤١/أو ٨٤٩ه( ،وأبا إسحاق إبراهيم بن سيار النظام )توفي بين عامي٢٢١و٢٣١ه ٨٣٥/و ٨٤٥م( الذي نقد فكرة »الذرة« وأ لف كتابا في الجزء الذي لا يتجزأ. ويتناول الباب الثاني مسألة »هل يقدر البارئأن يقسم الجوهر أم لا؟ وهذا السؤال يطرح مسألة في حدود القدرة الإلهية ،وهل يمكنها تقسيم المادة إلى ما لا نهاية ،أم أنها تقف عند حد يسمى الجزء الذي لا يتجزأ« وهو الذرة؟ ويؤكد المؤلف أن قدرة االله لا نهاية لها ،ولكنه يقف بقدرته عند حدود 423الجوهر المقتصر تقسيم المادة إلى حدود »الذرة« أو »الجوهر المقتصر« ويجعل هذا أحد أدلة إثبات وجوده تعالى؛ إذ به يثبت االله تعالى حدوث العالم وأن له محدثا هو، ويكون السؤال الصحيح إذن ليس عن حدود القدرة الإلهية ،فهي لا متناهية، وإنما يكون السؤال في تقسيم الجسم إلى نهاية وأجزاء لا تتجزأ. والباب الثالث عن »أدب الفتى عند السؤال ،وما يجب عليه عند الفتوى من المقال« .ويبيح المؤلف للعلماء التوقف عن إجابة الأسئلة العبثية أو الأسئلة التي لا يعلمون لها إجابة؛ لأنه لا فتوى بدون علم ،ويرى أن وقوف العلماء عما يسألونه ليس بعيب ،إذ لم يعلموا فقد وقفت الملائكة الكرام ،وفعل ذلك النبي ژ فقالوا] ﴾ W V U T S R Q ﴿ :البقرة.[٣٢ : وعنوان الباب الرابع »بيان معنى السؤال وحقيقته ،وذكر قواعده ومعرفته«. ويشير المؤلف إلى أن السؤال هو عبارة عن جملة مركبة من ثلاثة ألفاظ ،لا تتم إلا باجتماعها: الأول :لفظ يراد به الاستفهام ،ينبغي تقديمه أمام الكلام ليستدعي من المخاطب الجواب ويتميز به من معاني الخطاب. الثاني :لفظ يبين تفسير الخبر المطلوب ليتميز به من بين الأخبار الخارجة أخبارا كثيرة وصفات شتى.عن حد النهاية ،لأن لكل شيء مخبر عنه الثالث :لفظ يتعين به المستخبر عن خبره من بين الأشياء المخبر عنها؛ إذ الخبر المطلوب يخبر به عن أشياء كثيرة. فهذه قواعد السؤال التي لا تتم إلا باجتماعها ،فمتى نقص أحد الثلاثة أو صحيحا. سؤالااختل بطل أن يكون والباب الخامس في »بيان السؤال وأقسامه ،وصفة مصروفه وأحكامه«. والسؤال ينقسم إلى ثلاثة أقسام :سؤال صحيح ،وسؤال فاسد ،وسؤال محتمل. مائة كتاب إباضي424 فأما السؤال الصحيح فحده الاستخبار عن خبر ممكن ،والجواب عنه واجب على مقتضى استفهام ،وهذا لا خلاف فيه. وأما السؤال الفاسد فهو الذي لا مطابقة بين خبره المطلوب والمخبر عنه، وحده الاستفهام عن خبر غير ممكن. أما السؤال المحتمل فهو أن يكون لفظ الخبر المطلوب أو لفظ الشيء المطلوب خبره يشتمل على معنيين :أحدهما يطابق ،والآخر ينافي. ويعرض المؤلف في الباب السادس »بيان العالم ،وحقيقة العلم به والقدرة عليه والتحديد لأجزائه« .وفي هذا الباب يتكلم المؤلف عن حدوث العالم وأجزائه الحادثة ،وأن له عوارض متغيرة تدل على تغ ير الأجسام .والتغ ير دليل الحدوث والخلق. ويرى المؤلف أن مسألة »الجوهر المقتصر« ،أو »الذرة« من المسائل العويصة؛ لأن فيها معان دقيقة ومقاصد عميقة يقتصر عن دركها أكثر العقلاء؛ لذا فهو يفسر هذه المسألة في هذا الكتاب. والباب السابع في »بيان حدوث العالم« .ويقسم المؤلف العالم إلى قسمين لا ثالث لهما :الجواهر ،والأعراض .فالجواهر :يراد بها الموصوفات من المخلوقات ،والعرض :يراد به صفة الموصوفات من المخلوقات ،كما نقول: الجوهر متحرك وصفته التي هي الحركة عرض .والعالم حادث ،وحدوثه يعني وجوده بعد عدم ،وحدوثه إيجاده بعد عدمه. المحدث ما لوجودهوقد اختلفت عبارات العلماء في حد المحدث ،فقيل: أول ،أو الموجود بعد أن لم يكن. وحدوث الأجسام وجود بعد ما لم تكن ثم كانت .والإحداث بمعنى أيضا الخلقالاختراع والإبداع .ويضيف المؤلف إليهما أن الإحداث هو 425الجوهر المقتصر والجعل والفعل والابتداع والإنشاء ،وكلها بمعنى واحد ولا فرق بينها ،وأجزاء العالم جواهره ،وواحد الجواهر جوهر. وقد اختلفت عبارات المتكلمين في حد الجوهر ،فقال بعضهم :هو الجرم المتحيز ،والمراد بالمتحيز الشاغل للجهة الحاصل فيها. أصلا للجسم ،قالوا :ولذلك قالتوقال بعض :حد الجوهر أن يكون العرب :فعل فلان يدل على جوهرية فيه. وقيل :الجوهر ما يعرض فيه العرض ويتغير به من حال إلى حال، وهذا صحيح. حجما ،قال البعض :وهذاوقيل :الجوهر ما كان أقل قليل وأصغر صغير أشد العبارات في معنى الجوهر؛ لأنه جامع مانع. وقال بعض :حقيقة الجوهر الواحد عند أصحاب الأصول هو الجزء الذي لا يتجزأ. والجواهر كلها متماثلة في أنفسها ،وتختلف أحوالها إلى ما يحل فيها من الأعراض ،فإذا اختص بعضها بالسكون كانت هذه الأعراض ساكنة ،وإذا اختص بعضها الآخر بالاجتماع وصفت بأنها مجتمعة ،وهكذا في بقية الأعراض التي هي الألوان والطعوم والملموسات والروائح وغيرها. ثم يبحث المؤلف في الباب الثامن »الأعراض وضروبها« ،والباب التاسع في »بيان مراتب الجواهر والأعراض«. والجوهر الواحد ،وهو عند العلماء بمنزلة »النقطة« التي لا طول لها وس م ي خ طا، ولا عرض ولا عمق ،فإذا انضاف إليه جوهر ثان حدث لهما طول ومن هنا أول رتبة الاجتماع ،ولا يكون الاجتماع في أقل من اثنين. فإذا انضاف إلى الجوهرين جوهران صار خطين ،والخطان إذا اتصلا فهما مائة كتاب إباضي426 سطح لهما طول وعرض ولا عمق لهما ،فإذا اتصل بالسطح سطح آخر كان العمق ،وهذا هو الجسم. ويتناول المؤلف في الباب العاشر »المجاورة والمداخلة« .وفي الباب الثاني عشر يتحدث عن »الجزء الذي لا يتجزأ« .ويعرض في بعض الأبواب التالية مسائل خاصة بالجوهر ،واتخاذه دليلا من أدلة حدوث العالم. وابتداء من الباب الثالث والعشرين يتناول المؤلف مسائل خاصة بمذهب سؤالا :هل كل من مات على المذهب الإباضيالإباضية .ويطرح في هذا الباب مقطوع بأنه من أهل الجنة أم لا؟ ويجيب المؤلف على هذا بأنه أمر مقطوع بصحته ومسألة لا يرتاب فيها. والقول في بيان هذه المسألة يشتمل على ثلاثة فصول: الفصل الأول :في بيان درجات المختلفين من الأمم المكلفين ،وهي أربع درجات :الدرجة الأولى من درجات أهل الكفر الجاحدين بدين االله أصلا، المثبتين لقدم العالم ،وهم :الدهرية ،والزنادقة ،والثنوية ومن وافقهم على ذلك من البراهمة .ولأهل هذه الدرجة أقاويل مختلفة متناقضة منها قولهم بجحد الربوبية والرسالة النبوية. ويرد عليهم المؤلف بأن إثبات الربوبية يأتي عن طريق إثبات حدوث العالم من خلال الجوهر المقتصر والجزء الذي لا يتجزأ الذي هو أصل الأجسام. أما الرد عليهم في جحد الرسالة النبوية فيكون من وجهين :عقلي ،وسمعي. والدرجة الثانية هي درجة المقرين ببعض دين االله ،وهم الجاحدون بنبوة نبينا محمد ژ وما جاء به ،مع إقرارهم بالربوبية وتصديقهم للرسالة النبوية، وهؤلاء هم اليهود والنصارى ،ومن وافقهم من المجوس القائلين بنبوة 427الجوهر المقتصر جميعا زرادشت .ولهذه الدرجة مقالات مختلفة منحرفة عن الحق ،يجمعهم الجحد بنبوة محمد خاتم النبيين ژ وعلى آله أجمعين .وللمسلمين في دحض أباطيلهم ونقض حججهم كتب مصنفة وآثار مؤلفة. وأما الدرجة الثالثة فهي درجة الخارجين عن الحق بعدولهم عن الصواب، للسنة والكتاب ،مع إقرارهم بالدين وتصديقهم بنبوة نبينا وسوء تأويلهم  محمد ژ خاتم النبيين أجمعين. وهؤلاء هم فرق أهل القبلة الجاري عليهم حكم الملة ،وهم اثنتان وسبعون فرقة ،وقد قال النبي ژ » :ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة« .ويرى المؤلف أن أصحابه هم أهل تلك الفرقة ،ولأهل هذه الدرجة مقالات معروفة ومذاهب موصوفة ،وأن من مات على خلاف ما دانت فح ك م عليه بالخزي والخلود في النار. به الإباضية وأهل هذه الدرجة الثالثة مصنفة في أربعة أصناف: الصنف الأول في الروافض ،وهم فرق كثيرة .وهؤلاء مجتمعون على القول بالوصاية إلى علي بن أبي طالب ،ويدين أكثرهم بالبراءة من الخليفتين الصالحين أبي بكر وعمر رحمهما االله. والصنف الثاني هم المرجئة والشكاك في حكم الآخرة ،ولأهل هذه الدرجة أسماء وألقاب ،وتنازع في مذاهبهم ،وقد روي عن النبي ژ أنه قال» :المرجئة يهود هذه الأمة«. وأما الصنف الثالث فهم المعتزلة والقدرية والمجبرة ،وهم أحزاب متباغضون ،وأضداد متناقضون ،منهم من قال :إن االله لم يخلق أفعال العباد ولم يردها ،وإن العباد مفوضة إليهم الأمور يفعلون ما شاءوا من خير أو شر ،وليس الله في أفعالهم مشيئة ،وهؤلاء هم القدرية. مائة كتاب إباضي428 ومنهم من قال :إن االله تعالى جبر العباد على الطاعة والمعصية ،وإنه سبحانه يعذبهم على فعله بهم لا على أفعالهم. وأما الصنف الرابع فهم الخوارج المارقة المعروفون بالأزارقة وجماعة صنوفهم المنتحلين للهجرة وتشريك من خالفهم من أهل القبلة ،واستحلالهم الاستعراض للناس بالسيف وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم ،وهم أحزاب وفرق كثيرة. ويشهد المؤلف بأن كل من مات على مذهب هؤلاء بالنار المعدة للفج ار. فهذه جملة فرق أهل الضلال والكفر التي ظهرت قبل عبد االله بن إباض . 5 أما الدرجة العليا ،والتي يرى المؤلف أنها خاصة بأهل الحق والصواب بالسنة والكتاب ،وهم الأخيار الإباضيون والأفاضلفهم المتمسكون  المرضيون ،المفارقون لأهل الجحود والشرك ،الخالعون لأهل الضلال والإفك، والمتبرئون من أهل الإرجاء والشك ،المتمسكون بحقائق الدين ،السالكون سبيل المهتدين ،فهم الذين حكموا بالحق فعدلوا ومضوا على سنة الرسول فما بدلوا ،أهل الشراء والتحكيم ،والقول الأعدل المستقيم. وابتداء من الباب السابع والعشرين ب ين المؤلف »قواعد الدين ومعانيه«. وهو يحتوي ثلاث قواعد: القاعدة الأولى أربع مسائل: المسألة الأولى :في أن الله تعالى دي نا تعبد به المكلفين من عباده على ألسن أنبيائه. 1الدليل على ذلك قوله تعالى5 4 3 2 1 ﴿ : ] ﴾ > = < ; : 9 8 7 6التوبة.[٣٣ : المسألة الثانية :أن معنى دين االله الذي تعبد به طاعته سبحانه فيما أمر به ونهى ،والدليل على ذلك قول االله سبحانه﴾ L K J I H ﴿ : ]آل عمران .[١٩ :والإسلام في اللغة الاستسلام والانقياد ،وهو في الحقيقة الطاعة؛ 429الجوهر المقتصر لقول االله تعالى] ﴾ ± °̄ ® ¬ ﴿ :الزمر [٥٤ :أي :انقادوا له بالطاعة. المسألة الثالثة :في أن هذا الدين الذي تعبد االله به عباده لا تخلو أرض االله من قائم به مطيع فيه لربه ،داع للمكلفين إلى موجبه فهو الحجة فيه على جميع مخالفيه .فلم يخاطب االله سبحانه بطاعته أولي الأمر إلا مع عدم وجود الرسول ووجود ولي الأمر ،فقال تعالىÏ Î Í Ì Ë Ê ﴿ : ] ﴾ Ðالنساء.[٥٩ : المسألة الرابعة :في أن القائمين بدين االله تعالى العاملين به الداعين له من قطعا. هؤلاء المتضادين مستوجبون لرضا االله ورحمته وثوابه وكرامته ،وهي الجنة والدليل على ذلك قول االله تعالى°̄ ® ¬ « a ﴿ : ﴾ » o 1̧¶ μ́ 3 2 ± ]النساء.[١٣ : مطيعا الله تعالى إلا بالقيام بجميع دينه ،فإن طاعته فيما أمرولا يكون العبد ونهى فهو من أهل الجنة .أما معصية االله يقع عليهم اسم الكفر والفسق مصرا على خطيئتهوالفجور .فكل من عصى االله ولم يتب من معصيته ومات فهو من أهل النار خلافا للمرجئة الزاعمين بأن أهل الكبائر يدخلون الجنة ظلما في الجنة. بالشفاعة ،وأن القاتل والمقتول قائما، وأما القاعدة الثانية :فهي في الدين الذي كان عليه نبينا محمد ژ وعاملا به ،حتى مات ،وهو دين االله تعالى ،وكل من مات على دينوداعيا إليه، رسول االله ژ من أمته فهو من أهل الجنة ،مستحق لجميع تلك الأسماء ،ومن مات على غير دينه من أمته فهو من أهل النار. وعلى جحد هذه القاعدة استحق أهل الدرجة الثانيةمن اليهود والنصارى، ومن وافقهم على ذلكاسم الشرك. مائة كتاب إباضي430 وأما القاعدة الثالثة فهي تحتوي على ثلاث رتب: الرتبة الأولى :في أن الدين الذي كان عليه أبو بكر وعمر رحمهما االله في حكم الظاهر هو دين رسول االله ژ بعينه ،والذي عليه فهو من أمة محمد ،ومن قطعا .ومن مات على خلاف دينمذهبأبي بكر وعمر من أمةأهل الجنة قطعا. محمد ژ فهو من أهل النار وعلى جحد هذه القاعدة فارق المسلمون الروافض وخالفوهم وشهدوا عليهم بالكفر :كفر نفاق لا كفر شرك ،إذ هم مخطئون في التأويل لا التنزيل. الرتبة الثانية :في حكم من مات على ما دان به أهل النهروان رحمهم االله تعالى ،وهم :المحكمة والشراة ،في حكم الظاهر هو دين أبي بكر وعمر الذي سرا مات عليه في حكم الظاهر بعينه ،وهو دين الرسول ژ الذي مات عليه وجهرا. الرتبة الثالثة :في حكم من مات على الدينالمذهبالإباضي :وهو المذهب الذي يرى المؤلف أنه الصحيح ،والذي جاء به عبد االله بن إباض ، 5 وكان عليه حتى مات في حكم الظاهر ،وهو حكم المحكمة والشراة ،وهم أهل النهروان ومن كان على سبيلهم ،وهو مذهب أبي بكر وعمر رحمهما االله ،ومن كان على سبيلهما ،وهو دين رسول االله ژ . 431 )✽( ¿ÉaoY áaFCGh AÉa∏©d äÉHGƒ`édGh ôn«`°u ùdG ) ...óæμdG ≈°Sƒe øH ˆG óÑY øH óaMCG ôμH ƒHCGت ٥٥٧ه١١٦٢/م( تحقيق :د .سيدة إسماعيل كاشف وزارة التراث القومي والثقافةسلطنة عماندار جريدة عمان للصحافة والنشر ،ط١٤١٠ ،٢ه١٩٨٩/م. ج ٥١٢ :٢صفحةعدد الصفحات :ج ٤٣٥ :١صفحة العمانية الإسلامية هذا الكتاب يفصح عن الكثير من جوانب الحضارة )(١ ويدون تاريخها الإسلامي العظيم.الزاهرة ،كما يثبت دون هذا التاريخ أئمة وعلماء عمان من القرن الأول إلى القرن السادس الهجري )السابع إلى الثاني عشر الميلادي( ،وذكروا أنهم يريدون أن يفيد منها الأعقاب والذرية ،كما أفادوا هم من أسلافهم. دونه أبناء عمان وهذا الكتاب يقدم تاريخ أئمة علماء الصحيح الذي ير والجوابات .وهو ضرورة لربط الماضي العريقالس أنفسهم من خلال  بالحاضر المتطور الناهض. ويتكون الكتاب من مقدمة ،وعدة س ير .تذكر المحققة في المقدمة أن عمان قطر عربي أصيل له جذور ممتدة في أعماق التاريخ قبل الإسلام بآلاف السنين. كبيرا في ظل الإسلام ،وقامت بنشر الإسلامازدهارا وازدهرت عمان والحضارة الإسلامية في أجزاء متفرقة ونائية في المعمورة بفضل أئمتها وعلمائها وتجارها وعامة شعبها. الس ير هو أبو بكر الكندي. )✽( ترجح المحققة أن جامع هذه  مائة كتاب إباضي432 عبر عن وتراث عمان الإسلامي ضخم ووفير ومتنوع ،وهو في مجموعه ي صفحة مشرقة ناصعة ومشرفة في تاريخ العروبة والإسلام. ير والجوابات التي قام بنشرها وكتابتها أئمة وعلماء عمانيونالس وهذه  إباضيون في فترة تبدأ منذ أوائل العصر الإسلامي ،من القرن الأول الهجري والس ير منسوبة إلى ك تابها وأحيا نا لا تنسب لأحد؛ إلى القرن السادس الهجري، لعدم معرفة أسماء كاتبيها. العمانيين خاصة والإباضية الس ير بما روي عن الأئمة والعلماءوتعنى هذه  عامة ،من قول وفعل ،فمن رواية للأحداث التاريخية أو الحروب في سبيل الاستقلال عن الدول المستبدة والحكام المستبدين ،أو المعاملات الاقتصادية والسياسية ،أو تقرير لمبادئ وقواعد دينية ،أو شرح للعقيدة والأحكام الإسلامية ،أو بحث وتفسير قيام الخلافة والإمامة وحقوق الأئمة وواجباتهم، تفصيلا دقيقا لمعاملةأو بيان مفصل للجهاد وأحكامه ،كذلك نجد فيها المسلمين لأهل الذمة وللمشركين ،إلى غير ذلك مما يسجل تاريخ شعب أولا بأول. وأما الجوابات فهي ردود على الاستفسارات التي كان يرسلها المسلمون والعمانيين ،عن حقيقة المذهب الإباضي ،وعنإلى الأئمة والعلماء الإباضية العقيدة الإسلامية ،وعن التوحيد ،وعن المعاملات ،وعن الجهاد ،إلى غير ذلك من مسائل الدين وأمور السياسة والحرب ،ومشكلات الاقتصاد ،وشئون السياسة الخارجية ،والمعاملات المختلفة في الحياة. ير والجوابات رسائل الأئمة والعلماء إلى من لا يصلالس ولا تتضمن هذه  إلى مرتبتهم في السياسة والعلم والمسئولية ،أو إلى من هم دونهم في مستوى أيضا تتضمن كتابات بين العلماء فيما بينهم لتفسيرالفكر والعلم فقط ،وإنما مسائل معينة ولتبادل الرأي مثل سيرة من أبي المؤثر الصلت بن خميس إلى 433الس ير والجوابات لعلماء وأئمة عمان  أيضا سيرة الإمام عبد االله بن إباض إلىأبي جابر محمد بن جعفر .وهناك عبد الملك بن مروان ر دا على كتاب عبد الملك له. الس ير التي وردت في هذا الكتاب٣٤سيرة ،مقسمة إلى جزأين:وعدد  الجزء الأول ويبدأ من السيرة الأولى إلى نهاية السيرة الثامنة عشرة ،وذلك الس ير ببعضها البعض.لارتباط بعض  أما الجزء الثاني فيبدأ من السيرة التاسعة عشرة إلى نهاية السيرة الرابعة والثلاثين. ير والجوابات،الس ولم يتبين على وجه التحقيق من الذي قام بجمع هذه  الس ير التي كتبت منذ ولا في أي عصر جمعت ،ولكن الغالبية العظمى من هذه  القرن الثالث كتبها أئمة وعلماء عمانيون من الفرق الرستاقية ،أي :من هؤلاء الذين كانوا يستنكرون ما قام به موسى بن موسى ومن معه ،من عزل الإمام الصلت بن مالك وتولية راشد بن النظر. الس ير والجوابات هو نفسه مؤلف كتاب» :الجوهرمما يرجح أن جامع هذه  المقتصر« ،وكتاب» :الاهتداء« ،أي :العالم الفقيه أبو بكر أحمد بن عبد االله بن موسى الكندي النزواني. ير والجوابات ،نجد أحيا نا أكثر من سيرة أو كتاب للعالمالس وفي هذه  الواحد ،وأحيا نا نجد مشاركة العالم لغيره من العلماء في سيرة بعينها. ير والجوابات« منهج علمي يستند قبل كل»الس ومنهج الكتابة في هذه  شيء إلى القرآن الكريم ،وإلى الأحاديث النبوية ،كما يستند إلى كافة الأصول والمصادر التاريخية. الس ير طريقة طرح الأسئلة وإعطاء أجوبتها.ويتبع بعض ك تاب هذه  »الس ير والجوابات« بشرح المذهب الإباضي ،وهم يؤكدونواهتم أصحاب  والسنة النبوية. أن هذا المذهب هو الإسلام القائم على القرآن الكريم مائة كتاب إباضي434 ير والجوابات أن العثمانيين عملوا على إماتة كل بدعةالس ويتضح من  خارجة على الإسلام. إن تاريخ عمان يب ين أن الإباضية في عمان وقفوا ضد الآراء الدخيلة على العمانيون القول بخلق الإسلام ،وضد البدع ،وضد التطرف والغلو ،فلم يقبل القرآن الذي فرضه المأمون على العالم الإسلامي ،وتكاتفوا على الوقوف أمام محنة خلق القرآن .ووقف إباضية عمان ضد القرامطة ،كما وقفوا ضد غلاة الخوارج ،وضد أصحاب الفرق والمذاهب الغالية. ولم يكن وقوفهم ضد هذه البدع والنحل والفرق عن جهل أو تعصب، وإنما كان عن تدين ووعي ودراسة وعلم. العماني ،ما نشر منه وما لم ينشر بعد ،بعلماء درسوا وقد أمدنا التراث الفرق المختلفة التي ظهرت في الإسلام ،وقبل الإسلام لدى الأمم والشعوب العمانيين دراسات علميةوغربا .وكانت دراسات أولئك العلماءالقديمة شرقا الك تاب المعاصرون يعرفون عنها شي ئا ،وإنما اكتفوا بكتاباتجادة لم يكن الأشعري ،وابن حزم ،والبغدادي ،والشهرستاني ،وغيرهم من أصحاب الكتب المتداولة المعروفة. الك تاب وإن كان تاريخ عمان في العصر الإسلامي لم يحظ بعناية والمؤرخين المعروفين مثل :اليعقوبي ،والطبري ،والمسعودي ،وابن الأثير وغيرهم ،فهذا أمر طبيعي ،لأن مثل هؤلاء المؤرخينالذين وصلت إلينا مصنفاتهم منذ القرن الثالث الهجريأرخوا للدولة الحاكمة وللبلاد الخاضعة لها ،أو أنهم أرخوا لتاريخهم القومي مثل مؤرخي مصر الإسلامية والشام والمغرب. العمانية الإسلامية التي تكتب عنومن هنا كانت الأهمية البالغة للمصادر تاريخها القومي بيد أبنائها وعلمائها. 435الس ير والجوابات لعلماء وأئمة عمان  ير ،كانت الس العمانية ومن بينها كتب  كثيرا من المصادر والمعروف أن معاصرة للأحداث التي ترويها :علمية كانت ،أو دينية ،أو سياسية ،أو اقتصادية، أو اجتماعية ،أو أدبية ،أو فنية ،أو حربية ،فهي سجل لتاريخ عمان في العصور الإسلامية المختلفة. والعمانيون أقدر من غيرهم على تسجيل تاريخهم ومواقفهم البطولية وجهادهم للحفاظ على استقلال عمان ،وعلى تسجيل وقوفهم ضد تيارات التطرف والبدع الغريبة على الإسلام ،وعلى مساندتهم للدول التي تقوم على أساس إسلامي خارج قطرهم ،والعمل على نشر الدين الحنيف مهما نأت البلاد وقست الأجواء. الس ير التي قدمها هذا الكتاب نعرف أن الإباضية أو »المسلمين«ومن خلال  كانوا يؤكدون على وحدة الدين وليس على وحدة العصبية القبلية. ولهذا كانت الصلة وثيقة بين عمان وبين إباضية جميع العالم الإسلامي، العمانيين في القرن وفي سيرة الشيخ محبوب بن الرحيل ،وهو من العلماء واحدا لو حكم رجل من المغربالثاني الهجري ،يقول» :وكانت المحكمة تولاه من كان منهم بالمشرق ،ولو حكم بالمشرق تولاه من كان بالمغرب«. الس ير أنه كان من واجبوكذلك يتضح من هذا الكتاب ومن دراسة هذه  الإباضية أو »المسلمين« الدعوة خارج المصر إلى الدخول في دين االله ،كما نجد في سيرة محمد بن محبوب إلى جماعة من كتب إليه من المسلمين من أهل المغرب. وظهر ذلك صراحة في سيرة الشيخ أبي المؤثر الصلت بن خميس فيقول: »فإن استطاعوا أن يتعدوا مصرهم إلى غيرهم وجب ذلك عليهم كلما قدروا عليه ،فليدعوا الناس إلى الدخول في دين االله والتسليم للعدل«. مائة كتاب إباضي436 وقد فرق الإباضية بين »السائر والقاعد« ،أو بين الذين يقعدون عن الجهاد والذين يسيرون للجهاد. وتظهر مسألة »الدعوة والجهاد« في س يرهم المختلفة ،ففي سيرة محمد بن محبوب إلى جماعة من كتب إليه من المسلمين من المغرب يب ين الواجب على »الدعاة السائرين في الأرض المجاهدين«. ونساء ،في رجالاوليس أبدع من وصف منير بن النير الجعلاني للشراة العماني غسان بن عبد االله )٢٠٧ - ١٩٢ه( فقد وصفهم بأنهمسيرته للإمام »أنوار في الأرض« ،وأفاض في ذكر تمسكهم بالدين وجهادهم في الإسلام، رجال ونساء ،كما أعطانا صورة صادقة لمعيشتهم وسلوكهم في الحياة ،وتنظيم جيوشهم ،ومؤدبي ومعلمي أفراد تلك الجيوش. والعطاء المخصص لكل فرد من المجاهدين والمجاهدات ،وتسابقهم في ونساء ،كما رجالاالإنفاق ،وفي دفع الزكاة ،ولم ينس أن يصف ملابسهم استشهد بأسماء بعض الإباضية ،إلى غير ذلك من التفاصيل الدقيقة. وإذا كان مؤرخو ديار الإسلام قد كتبوا عن الخلافة والإمامة مثلما فعل السيوطي في» :تاريخ الخلفاء« ،وإذا كان الفقهاء قد درسوا الخلافة والإمامة مثلما كتب الماوردي في» :الأحكام السلطانية« ،وإذا كان أصحاب تلك الفرق والنحل قد تعرضوا للكلام عن الخلافة والإمامة كما فعل البغدادي وغيره ،فإننا ير والجوابات« العديد»الس العمانية ،وفي هذا الكتاب :نجد في المخطوطات من الأبحاث عن الخلافة والإمامة. وقد عني الخوارج والإباضية بموضوع خلافة وإمامة المسلمين ،فهم أول علي بن أبي طالب بعد قبوله التحكيم ،وأعلنوامن أعلن الخروج على خلافة إمامة عبد االله بن وهب الراسبي. 437الس ير والجوابات لعلماء وأئمة عمان  »الس ير والجوابات« العديد من الأبحاث عن الإمامة ،فكيف يكونوفي هذه  »التأميم« أو اختيار الإمام ،وكيف تكون صيغة عقد البيعة ،وأخلاق الإمام، والشورى في انتخابه ،وأثناء إمامته وواجبات الأئمة وحقوقهم تجاه الشعب، والإباضية يفرقون بين الإمام العالم وبين الإمام غير العالم ،بل إنه وردت في الس ير ،سيرة بأكملها حول هذا الموضوع. ولا تجوز بيعة الإمام غير العالم إلا بشروط ،أما الوالي الذي هو دون عالما فلا بد من وجود مشرف عالم إلى جانب الوالي الذيالإمام فإذا لم يكن ليس له علم وبصر وفيه جلدة وقوة. وحرص الإباضية على عدل الأئمة ونزاهتهم وأكدوا أنه يجب أن يختار الأئمة الولاة ،ولا يختارون الولاية للولاة ،وأنه يجب على الإمام أن يولي الحرب من يعرف سيرة الحرب في العدو ،وأن يولي الصدقات من يعرف عدلها ولا يأخذها إلا بحقها ويضعها في أهلها ،وأن يولي الحكم بين الناس من يحسن الحكم. كذلك أكد الإباضية على أنه ليس للإمام حق في جباية صدقة أو جزية ممن لا يحميه. الس ير موضوع استقالة الإمام أو إقالته ،وأنه لا يجوز قيام إمامين فيوب ينت  القطر الواحد أو المصر الواحد ،وأنه لا يكون أمير مؤمنين واحد »حتى يملك أهل القبلة كما ملك أبو بكر وعمر«. عرضا دقيقا »الس ير والجوابات« عرضوا لموضوع الإمامةوالواقع أن ك تاب  الس ير اهتمام الإباضية بالإمامة ،فقد شاملا ،من جميع نواحيه ،ووضح من وافيا قالوا إن »الإمامة من الدين« ،و»لا أمان إلا للإمام ،ولا أمان دون الإمام« ،كما ذهبوا إلى »أن الأئمة أمناء االله وخلفاؤه في أرضه«. مائة كتاب إباضي438 أيضا الاهتمام بولايتهم ير الاهتمام بالأئمة ،وضحالس وكما وضح في  وقضاتهم وبيان مصادر أحكامهم. ير موضوع نقل العلم ،وأحكام الأخبار والرواياتالس كذلك نقرأ في  واختلاف أحكامها. العماني لهو ير والجوابات« إلى جانب كافة التراث »الس والحق أن كتاب  أصدق ما يقدم للباحثين والمؤرخين المحدثين تاريخ عمان ،وأصدق ما ينقض العماني إما للجهل بتاريخه أو لعدمالزيف ويكمل النقص الذي ارتبط بالتاريخ الاكتراث به ،أو للتعصب الأعمى ضده. »الس ير والجوابات« هي كتاب» :الأحداثالسيرة الأولى المدرجة في كتاب : والصفات« تأليف أبي المؤثر الصلت بن خميس ،الذي يذكر أن كتابه هو كتاب اقتداء بأفاضل الناس ،إذ إن االله تعالى قد ذكر قصص النبيين لأن فيها عظة وهدى واقتداء .قال تعالى﴾ Ä Ã ÂÁ À ¿ 3⁄4 ﴿ : ]الأنعام ،[٩٠ :وليس الاقتداء بعامة من صلى وصام ،ولكن القدوة بأهل العلم حملهم االله وسنة نبيه ژ،وآثار السلف من أولي الأمر الذينبكتاب االله ، الحكمة ،وجعلهم للناس أئمة يفرقون بين الحق والباطل بقول مشروح وباب مفتوح ،لا يلبسون الحق بالباطل ،ولا يكتمون الحق وهم يعلمون. يمضي على ذلك أولهم ويقفون على آثارهم آخرهم ليس بينهم فرقة ولا اختلاف ولا يدينون بالإرجاف ،ولا بالاعتساف ،حجتهم واضحة ،ودعوتهم شارحة .فكلما مضى منهم قرن خلفهم بعدهم من هو دونهم بالفقه والعلم ،إلا حرمه لهم. أن الديانة واحدة لا يستحل آخرهم شي ئا يحرم منهم الخلف شي ئا أحله السلف ،وإن اختلفوا في الرأي فيولا المسائل فليس بينهم اختلاف في الدين ،وليهم واحد ،وعدوهم واحد ،يتولى بعضا ،ويبرأ بعضهم من محدث على أمر واحد .ولربما وقف ضعفاءبعضهم 439الس ير والجوابات لعلماء وأئمة عمان  المسلمين من غير أن ينصبوا الوقوف دي نا ،وهم مع ذلك يقولون قول المسلمين ودينهم دينهم ،على ذلك تبايعوا وتشايعوا وتواصلوا ولم يتقاطعوا، إلى أن انتهى الأمر إلى قرن من أهل عمان فيهم بقية من أهل العلم والرأي والصلاح والحلم. ومنهم أناس من أهل العلم والفضل وإن لم يبلغوا مبلغهم في العلم ،وقد إماما ،وسلم الناس لهم ،وسمعوا وأطاعوا. بايعوا الصلت بن مالك وقدموه وسار بهم الصلت بن مالك بسيرة يعرفونها إلا ما قد يكون من الهفوة والزلة. وقد كان متماسك ا ،وهو في ذلك دون من كان قبله من أهل الفضل من أئمة العدل ،والآخر دون الأول إلا أن المسلمين كانوا متمسكين بولايته يلون له إذا ولاهم ،ويعينونه إذا استعان بهم. ثم خلف من بعدهم خلف قليل ،فجعل الصلت يولي ولاة يسير بهم، ويشكون ويرتاب فيهم بعض المسلمين ،وينهونهم من غير أن يصح عليهم بينة عادلة فتقوم الحجة على الصلت ،وتلزمه اللائمة أن يعزلهم. وقد كان يولي ويعزل وينصح له ويقبل ،وربما دافع إذا لم تقم ب ينة على ما يستحقون به العزل فتلحقه بذلك اللائمة ،وهو مع ذلك لم تنقطع مع عامة إماما ثابتة إمامته ،إلا أن يكون أحد منهم المسلمين ولايته ،ولم يزل معهم اطلع على شيء لم يعلم ولم يشهد ،إلى أن برز موسى بن موسى ،فجعل يتكلم ويدعي أنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ،ولا يسمي بحدث منه ولا ذنب مكفر ولا حجة يقيمها على الإمام تعلمها العامة .إلا أنه كان يطلب عزل بعض الولاة وعزل بعض الوزراء ،وعزل بعض المعدلين ،وأن يولي بعض الناس. وكان يقول موسى بن موسى :إن الدولة في أيدي الفسقة ولا يسمي فسقهم ،وهمالذنب الذي به فسقوا ،وكان ح قا عليه أن يسمي ذنوبهم قبل أن ي مائة كتاب إباضي440 في ذلك يلقونه ويأتونه ويقرب مجالسهم إذا أدنوه ولا يبعدهم ،حدثهم إن كان لهم حدث. ويذكر صاحب هذه السيرة أن الإمامة لا تكون إلا عن مشورة من علماء جائزا لمن حضر من فقهاء المسلمين أنالمسلمين ،ولو أن الإمام مات لكان إماما ولا ينظروا من غاب ،وكان ح قا على من غاب أن يسلم لمن حضريقدموا من فقهاء المسلمين .فأما إذا كان إمام يعزل أو يحارب فليس إلا بمشورة من شهودا عليه وحجة ،ثم يكون ح قا علىالمسلمين من أهل المصر حتى يكونوا عامة المسلمين الرعية اتباعهم أو تصديقهم. ومن شروط هذا الإمام معرفة التأويل وهذا هو الحجة ،واالله لا يهدي القوم الظالمين للحجة ،لأن الظالم لا يلقى حجة ،فإن احتج بحجة الباطل غلبته حجة الحق ،قال تعالىi h g f e d c b ﴿ : ] ﴾ jالأنبياء ،[١٨ :وقال جل شأنه﴾ ó ò ñ ð ï î í ﴿ : ]الصف [١٤ :بالحجة لا بالدولة .وما بعث االله نب يا إلا بحجة ،ولا خرج خارج من المسلمين إلا بحجة ب ينة .فمن لم يعتد بكتاب االله ،ولم يكن على سنة رسول االله ژ،ولا سنن المسلمين فليس هو من المسلمين بإمام ،وإنما هو إمام البغاة. قص وخطب ودعا ور غب ،إنما الإمام في الدينوليس الإمام في الدين من وسنة الرسول ژ،وف قه س نن المسلمين ،وآثار أهل الفضل من علم التأويل ، في الدين .وقال , + * ) ( ' & % $ # " ﴿ : 8 876543210/.- BA@?>=<;:9 N M L K J IH G F E D C ] ﴾ W V U TS R Q POالبقرة.[١٧٧ : 441الس ير والجوابات لعلماء وأئمة عمان  قيل في تأويل ﴿:﴾ ) ( ' & % $أن يقوم المصلي يصلي على غير تقوى. إن من دين االله الإمامة ،وهي حق الله ،واجب لعباده؛ لإقامة الحدود، وإنصاف المظلوم ،والحكم بالعدل بين الناس عامة .وقد قال f ﴿ : 4 s r qp o n m l k j i h g ] ﴾ tآل عمران [١٠٤ :وقال ﴾ N M L K J ﴿ : 8 ]السجدة .[٢٤ :فإذا ظهر المسلمون اجتمع في الأرض فقهاؤهم وذوو الرأي وأهل رجلا طاعة الله لا لطاعتهم،الفضل منهم ،واجتهدوا الله في النصيحة ،واختاروا ولا يريدون أن يملكوه ويعملوا ما شاءوا ،ولكن أرادوه أن يملك الأمور بالعدل والاتباع لمرضاة االله. ثم يختارون الله أفقههم وأعلمهم وأقواهم على الأمر بالمعروف والنهي عن والذب عن الحريم ،وعلى المنكر ،وعلى الحكم بالعدل ،وعلى محاربة العدو ، فقيها ،فلا بد من عالما جباية مال االله من حله وإنفاقه في أهله ،وإن لم يجدوا هذه الخصال ،وأقل ما يكون من علم الإمام والوالي أن ينظر الولاية والبراءة، ثم مع ذلك لا يدع التعليم ،ولا يدع مشاورة أهل الفقه من المسلمين .فإن شاءوا بايعوه على الشراء ،وإن شاءوا بايعوه على الدفاع ،وفيهما شروط لا يعلمها كثير من أهل هذا الزمان ،وما ضيعنا من صفتهما إلا ليقضي الأمور دون المسلمين ،ولا يقوم رجلان يختلسان الإمامة أو يغتصبانها ،كما روى من روى ،وأبطلوا الشورى بروايتهم ،واالله تعالى يقول﴾ p o n ﴿ : ]الشورى [٣٨ :فإذا اجتمع أهل العلم وأهل الفضل فبايعوه لزمتهم طاعته ،وكان ح قا على العامة من الرعية أن يسمعوا ويطيعوا للإمام ،وأن يسلموا لأهل العلم من المسلمين. جمعا ونظر المسلمون في حدثه ،فإنخارج جمع فإن خرج على الإمام مائة كتاب إباضي442 كان أحدث حدثا من سفك دم وأخذ مال فإن أمكنوهم للحجة لم يعجل المسلمون عليهم حتى يحتجوا عليهم ويدعوهم إلى إعطاء الحق الذي امتنعوا به. فإن أجابوا إلى ذلك حكم عليهم بكتاب االله ،ولم يعرض لهم إلا سبيل خير ،وإن كرهوا وحاربوا قوتلوا حتى يفيئوا إلى أمر االله .وإن كان اجتماعهم وفدا من صلحاء المسلمينبغير حدث يكون منهم أوفد المسلمون إليهم وجها من الحق أجابوهميحتجون عليهم ويسألونهم ماذا يطلبون ،فإن طلبوا إلى ذلك ،فإن لم يكن لهم حق إلا المكابرة والبغي بعث المسلمون إليهم جيش ا يسايرونهم ولا يبدأوهم بالقتال حتى يحدثوا حدثا فحينئذ يحتجون عليهم ويسألونهم رد الحدث. كل هذا والمسلمون لا يبدأون بالقتال .فإذا قاتلوهم فظفر االله المسلمين بالقتال على عدوهم ووضعت الحرب أوزارها لم يقتلوا مولى ولم يجهزوا مالا ،ولم يسلبوا ،ولم يدخلواعلى جريح ،ولم يعقروا دابة ،ولم يغنموا قفلا ،ولم يهدموا بي تا ،ولم يجبروا الناسمنزلا إلا بإذن أهله ،ولم يكسروا على القتال ،ولم يعترضوا الناس بالقتال على غير دعوة يبينون لهم فيها ذنبا ،فهذه سيرة المسلمين في حربهممذنبا حتى يعرفوه الحق ،ولا يعاقبون في أهل قبلتهم. فإن أحدث الإمام حدثا نظر المسلمون في حدثه ،فإن كان حدثا مثل قذف زنا أو شرب أو سرقة ،لم يكن بد من إقامة الحد عليه ،ولا يقيم الحد عليه إلا إماما يقيم عليه الحد ،ثم يستتيبونه الإمام ،فحينئذ تزول إمامته ويبايع المسلمون فإن تاب قبلت توبته وقد زالت إمامته. وإن كان حدثه من غير الحدود مثل الجور في الحكومة واغتصاب أموال الناس ،نظر المسلمون في حدثه ثم استتابوه فإن تاب قبلت توبته على رد 443الس ير والجوابات لعلماء وأئمة عمان  ما غصب ،والعدل فيما جار ،وعدل للظالمين والإنصاف بينهم إذا صحت أصر على ذنبه وامتنع عن التوبة أظهر عليهم الحقوق لمن تعدوا عليه ،وإن أصر عليها إلى عامة رعيته حتى يكون حينئذ المسلمون حدثه وذنوبه التي شهودا عليه ،ولا يقتلونه خلسة ،ولا يعزلونه خلسة ،فمتى فعلواعامة الرعية ذلك به لزمتهم التهمة مع عامة الرعية. أحدا، فإذا شاعت أحداثه في رعيته ساروا إليه واستتابوه ما لم يقتل منهم فإن تاب قبلت توبته وفي أنفسهم عليه ريبة ،فإن كابر المسلمين عزلوه إن قدروا وإن قاتلوهم قاتلوه حتى يقتلوه كما فعل المسلمون بعثمان. والسيرة الثانية» :سيرة تنسب إلى أبي قحطان خالد بن قحطان« الذي يبدأ سيرته بداية عقدية يذكر فيها الذات الإلهية والصفات التي يجب أن تتصف بها قائلا :بأن مما لا يسع جهله ولا ينكر عدله العلم بأن االله واحد فرد صمد ليس له صاحبة ولا ولد ،دائم حي قيوم لا تأخذه س نة ولا نوم ،ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ولا تحيط به الأفكار ،ولا تكلفه الأقطار ولا يحويه مقدار، ولا تحويه الأمكنة ولا تغيره الأزمنة ،ولا تقع عليه الحواس ولا يقاس بالناس، رف ولا يك يف ،لا تدور عليه الدوائر في الدنيا ولا فيي و حد ولا ي ب عض ،ي ع قديرا بائ نا في ذلك عن صفة بصيرا سميعا قيوما عالما ح يا الآخرة ،لم يزل خلقه ،لا يوصف في ذلك باختلاف ولا تكييف ،ولا بشبيه ولا بمثيل ،فيقال فيه ما يوصف في سواه .فهو عالم بعلم ،وحي بحياة ،وقادر بقدرة ،وسميع بسمع ،وبصير ببصر ،واالله تبارك وتعالى عن ذلك. بل هو العالم لا بعلم غيره ،والحي لا بحياة غيره ،والقادر لا بقدرة غيره، عالما بما قد كان وبما هو كائن إلى آخر والسميع لا بسمع غيره ،لم يزل ما يكون .المبتدئ خلق الأشياء لا من شيء ،ولو شاء تبارك وتعالى لخلق كل شيء من لا شيء لأنه إذا أراد شي ئا أن يقول له :كن فيكون. مائة كتاب إباضي444 تحدث المؤلف عن علم االله تعالى ومعرفته لكل ما هو كائن ،ومعرفتهثم لمن سيتقي أو لا يتقي إذ قال في كتابه الناطق على لسان نبيه الصادق! ﴿ : " 21 0 / . - , + * ) ( ' & % $ # ] ﴾ > = < ; : 98 7 6 5 4 3النساء [١ :ثم إن االله اختبر الملائكة وإبليس لطاعته ليعلم منهم الصادق في حالة علمه ،والعاصي في حال علمه ،وقد سبق بذلك علمه بسعادة من سعد من خلقه وشقاوة من شقي منهم، أحدا على علمه فتكون له الحجة عليه حتىولكنه تبارك وتعالى لا يعذب يحتج عليه ويعذر ،فعرض االله الإسلام على الملائكة وإبليس والسجود لآدم. وكان إبليس قد عبد االله ما شاء قبل خلق آدم ،فجعل السجود لآدم طاعة له لا لآدم ،فمن أطاعه فيما أمره نجا من عقابه ،ومن عصاه وقع في عذابه .فسجد الملائكة كلهم أجمعون ،واستكبر إبليس فلم يكن من الساجدين ،وكذلك كان في علم االله أنه لا يطيع وأنهم يطيعون. فكفر إبليس يومئذ بمعصية االله إذ ترك ما أمر به كفر نعمة ونفاق لا كفر مشركا بعد ذلك لما دعا شرك؛ لأنه لم يكن ذلك الوقت أشرك باالله ،وإنما صار إلى عبادة نفسه وعبادة الأوثان .فلم يعجل االله عليه لما ارتكب معصيته وض يع أمره أن دعاه إلى التوبة ،فقال تبارك وتعالى ́ 3 2 ± °̄ ® ﴿ : ]ص .[٧٥ :قال إبليسÅ Ä Ã ÂÁ À ¿ ﴿ :ۤ ﴾ 1⁄4 » o 1̧ ¶μ وأصر ] ﴾ È Ç Æص .[٧٧ :فلم يعتذر من ذنبه ،ولم يتب إلى ربه، واستكبر ،وتولى وأدبر ،فأحبط االله علمه ،وقال له❁ Î Í Ì Ë Ê ﴿ : ۤ ﴾Õ Ô Ó Ò Ñ Ð ]ص.[٧٨ - ٧٧ : حسدا منه لآدم وذريته لكي يعصوافطلب إبليس النظر إلى يوم البعث صرين من الخلق أجمعين .فمنللم إماما فحرم االله عليه رحمته فصارمعصيته ، ضيع أمر االله فقد كفر أمره االله بطاعته أو نهاه عن معصيته فارتكب نهي االله أو 445الس ير والجوابات لعلماء وأئمة عمان  وأصر عليه أحبطكما كفر إبليس ،فإن لم يتب ويندم على الذنب الذي واقعه االله عمله وكان مع إبليس في لعنة االله تبارك وتعالى حكم في عباده. ثم تناول المؤلف قصة آدم وحواء ،وكيف أنهما عصيا االله ووقعا في الغواية، فلم يعجل االله عليهما كما لم يعجل على إبليس قبلهما لما واقعا الذنب لأن حكمه في عباده عدل غير جورß Þ Ý Ü Û Ú Ù Ø ﴿ : *)('&%$#"!❁åäãâáà ] ﴾ , +الأعراف.[٢٣ - ٢٢ : صرا ،ولم يدبرا فتاب عليهما االلهفاعترفا بذنبهما وأنابا إلى ربهما ولم ي فصارا إمامين للتائبين .ولو لم يتوبا لكانا من الخاسرين .ولكن التوبة نجاة من االله لعباده جعل االله ذلك رحمة منه ،وكل من أمره االله بطاعة أو نهاه عن معصية صر كما تابفارتكب نهي االله أو ضيع أمر االله فقد عصى االله ،فإن تاب ولم ي آدم وحواء ،تاب االله عليه لأن االله يحب التوابين. ويستنتج المؤلف من هاتين القصتين :قصة إبليس ،وقصة آدم وحواء ،أصل من أصول الدين ،وهو أنه لا صغير من الذنب مع إصرار ،ولا كبير مع استغفار. أصر على الذنوب كان ح قا على االله أن يحبط عمله ويلحقه بإبليس .ومنومن مخلصا كان ح قا على االله أن يلحقه بآدم وحواء وليس منزلةتاب من الذنوب غير هاتين. ويرد المؤلف على مزاعم من قال :إن أمة محمد ژ لا تخلد في النار ،وأنه يأتي على النار وقت تصفق أبوابها ليس فيها موحد ،وهذا ما يرفضه المؤلف، ويرى أنه قد يكون مسلم ولكنه ارتكب الذنوب ولم يتب عنها ،فوجب أن تكذيبا لقولهم9 8 7 6 ﴿ :يخلد في النار؛ إذ إن االله تبارك وتعالى قال ] ﴾ E D C B A @ ?> = < ; :آل عمران،[٢٤ : وقال في آية أخرى[ Z Y XW V U T S R Q ﴿ : مائة كتاب إباضي446 \ ] ^ _ ` m l k ❁ i h g f e d c ba ﴾ x w v ut s r q p o n ]البقرة.[٨١ - ٨٠ : ذم االله لهم من قال هذا القول؛ لأن لا تقول أمة محمد ژ مثل ما قالوإنما م ن قبلهم ،فلم ينفعهم االله بذلك الذي قد علمه منهم ،وجعلوا لأنفسهم عند االله منزلة لم تكن لأبيهم آدم، ‰لو لم يتب ما شم رائحة الجنة ،وإنما كان أخطأ فلولا التوبة للحق بإبليس لعنه االله ،ولكن االله أنقذه بالتوبة. مر بالمسلمين من حوادثوعرض المؤلف أبو قحطان في بقية رسالته ما مر بها من أحداث في الخلافة التالية،سواء في صدر الرسالة المحمدية ،أو ما سواء كانت خلافة أبي بكر الصديق أو خلافة عمر بن الخطاب ^ . ثم انتقل المؤلف إلى عرض الأحداث التاريخية التي صاحبت خلافة عثمان بن عفان ،وعمل عثمان ست سنين ،وكان في ذلك دون صاحبيه ،فلما كان في الست الأواخر من عمره أحدث أحداثا يكرهها المسلمون ،ولم يعرفوها من سيرة النبي ژ ولا من سيرة أبي بكر وعمر رحمهما االله. فلما رأى المسلمون ما نزل بعثمان رأوا لأنفسهم أنه لا يسعون إلا دون أن ينكروها عليها فكانوا ينكرون عليه. فلم يعجل عليه المسلمون ولم يغتنموا عثرته ولا زلته ،بل أعذروا إليه واحتجوا عليه ،وطلبوا منه الرجوع إلى الحق بأن ينصف من نفسه ويصبر للحق ،وينزل نفسه حيث أنزله الحق .فمرة يعدهم أنه يعطيهم الرضى من نفسه، ومرة يمتنع ،حتى كان آخر ذلك أنهم ساروا إليه من أطراف الأرض يسألونه التوبة والاعتزال عن أحكامهم .فقبل لهم بالرجعة إلى الحق ورد المظالم إلى أهلها والإنصاف من نفسه ،فقبلوا منه ورجعوا عنه حتى ينظروا فعله ،وكذلك في الحق عليهم ألا يردوا التوبة على أهلها. 447الس ير والجوابات لعلماء وأئمة عمان  وأصر وظهر كفره في الدار والدعوة ،ولم يتب أحدفلما امتنع من التوبة خليعا من من المسلمين في قتاله فقاتلوه فظفرهم االله به ،فهزموا أصحابه فقتلوه خارجا منه بحكم القرآن؛ لأن المسلمين إنما قتلوه بحكم كتاب االله،الإيمان لأن االله يقول﴾ a ©̈ § ¦ ¥ ¤£ ¢ ¡ ﴿ : ]التوبة.[١٢ : فلما نكث عثمان عن دينه وطعن في دين المسلمين قتلوه بكتاب االله، كذلك كان في علم االله أنه يكون فكان ،فلم يغنم المسلمون ماله ولا سبوا ذريته ،ولم يستحلوا منه سوى أن يعزلوه ،فلما امتنع وحاربهم قاتلوه .فلما أظهر إماما االله المسلمين على عدوهم لم يكن لهم بد من القيام بدين االله وأن يقدموا وسنة نبيه ژ . يقوم بالحق ويعمل به ،فبايعوا عل يا بن أبي طالب على كتاب االله وكان طلحة والزبير ممن بايع عل يا بن أبي طالب من بعد قتل عثمان .فقام علي بن أبي طالب بأمر المسلمين فولي الأمصار واستتاب ولاة عثمان ،ولم أحدا من ولاة عثمان إلا بعد التوبة من ولاية عثمان.يكن يولي ثم إن طلحة والزبير نكثا نكثا ببيعتهما وأغريا أم المؤمنين وقالا لها إن عثمان قتل من بعد ما تاب ،وإن عل يا ابتز الإمامة لنفسه من غير مشورة من المهاجرين والأنصار .فلم يزالا بها حتى خدعاها وغراها وأخرجاها من بيتها، علي والمسلمين ،وكانت في ذلك موقعة الجمل.ودعوا الناس إلى قتال فلما أظهر االله المسلمين على عدوهم استتابوا الناس من بيعة طلحة والزبير لعلي والدخول في طاعته فخمد الكفر وأضاءوعائشة وردوهم إلى الولاية الإسلام ،ولم يغنموا مالا ولم يسبوا ذرية. بعلي فإن قالت الخوارج :السبي من أهل القبلة والغنيمة حلال ،واحتجوا علي وأبي بكر ،لأن الوالي الذي وصل إنماوبوالي أبي بكر ،فقد كذبوا على سبى أهل دبا وغنم أموالهم برأيه ،لم يكن برأي أبي بكر. مائة كتاب إباضي448 لعلي بن أبي طالب خرج عليه معاوية بن أبي سفيان يدعوفلما استقر الأمر علي ،ويظهر أنه ليس يطلب الخلافة ،وإنما يطالب بدم عثمانالناس إلى قتال حتى يدفع إليه قتلة عثمان فيقتلهم بكتاب االله ،ويرد الأمر شورى بين المسلمين وعلي حتى وقعخدا عا منه يطلب الملك وصحبه عمرو بن العاص .فاقتتل هو ألوف القتلى ،ثم حدث التحكيم والخديعة. بين الفريقين إذ تقدم أبو موسى الأشعري فخلع عل يا ومعاوية ،وقام عمرو بن العاص أهلا واختلفا فيفخلع عل يا وأثبت معاوية ،فاتفقوا على خلع علي ،وكان لذلك علي لم يرض الحكم الذي أوجبه على نفسه وطلب قتالمعاوية ،فلما خلع معاوية ،وخذله الناس. الملك واستقام الأمر لمعاوية وظهرت دعوة أهل البغي ،فلما خلص له استخلف على الناس ابنه يزيد ،فسار يزيد بسيرة أبيه ،قتل المسلمين بقتلى مشركي بدر ،ثم تتابعت الخلافة بالجبرة والسيرة المخالفة للحق وأهله. فلما كثر القتل في المسلمين والأذى خرج المرداس بن حدير وأصحابه واحتسابا لرجاء الثواب يوم القيامة. غضبا رحمهم االله بائعين أنفسهم الله قليلا في خلق كثير ،وإنما ولم يكن خروجهم لفريضة لزمتهم لأنهم كانوا فرض الجهاد على المسلمين إذا كانوا نصف عدوهم ،فحينئذ لا يسعهم المقام ويجب عليهم الخروج. ولولا قتال أهل النهروان وأهل النخيلة والمرداس وأصحابه لطفئ الإسلام، ولكن االله تبارك وتعالى لا يجمع أمة محمد على ضلال فهداهم االله لما ضلت الخلائق وهدى بهم ،فأحيا سنن الإسلام بموتهم .وماتوا على إحياء دين االله وسنة رسوله ژ . ير »الس أما الكتابات الباقية والتي تشغل الجزء الأول من كتاب: والجوابات« فهي: 449الس ير والجوابات لعلماء وأئمة عمان  كتاب» :البيان والبرهان رد على من قال بالشاهدين« تأليف أبي المؤثر. سيرة لبعض فقهاء المسلمين إلى الإمام الصلت بن مالك. سيرة منير بن النير الجعلاني إلى الإمام غسان بن عبد االله. سيرة من أبي المؤثر الصلت بن خميس إلى أبي جابر محمد بن جعفر. سيرة محبوب بن الرحيل إلى أهل عمان في أمر هارون بن اليمان. رسالة هارون بن اليمان إلى الإمام المهنا بن جيفر في شأن محبوب بن الرحيل. العماني إلى أهل عمان. سيرة أبي الحواري محمد بن الحواري جوابا من محمد بن الحسن.من آثار أهل نزوى سيرة السؤال في الولاية والبراءة لبعض فقهاء المسلمين. سيرة لبعض فقهاء المسلمين. شروط شرطها القاضي أبو عبد االله محمد بن عيسى السري على راشد بن علي وأصحابه. علي الحسن بنعلي على عمل القاضي أبيتوبة الإمام راشد بن أحمد بن نصر الهجاري. جواب من أبي عبد االله محمد بن عيسى إلى الإمام راشد بن علي فيما رد عليه فيها .وغير هذه من س ير وجوابات. سأله عن هذه التوبة وما »الس ير والجوابات« بتناول »سيرة عن الشيخ ويبدأ الجزء الثاني من كتاب : أبي الحسن علي بن محمد البسياني في حفص بن راشد أيام خروجه على المطهر بن عبد االله وعقده الأول«. وتبدأ هذه السيرة بسؤال :ما موقف حفص بن راشد إن تاب ورجع وجددت إمامته ،أيرجع إمام المسلمين أم لا؟ فإن عقد له من متعلمي أصحابنا وثقاتهم مائة كتاب إباضي450 خمسة تنعقد له الإمامة ،وإن بلينا به وطلب منا النصرة والخدمة ما نعمل؟ وما يكون قولنا له؟ يجيب المؤلف :أما العقد الأول فإنه لم يصح ،وقولنا في ذلك قول المسلمين ،ونحن نتوب إلى االله من كل خطأ .وأما إن اجتمع أمر المسلمين والمشورة على شيء ووقع التراضي على إمامته ،فبعد التوبة وإظهار ذلك والإنصاف أو حجة جائز أن يعقد له إن تاب. السيرة التالية عن »القاضي أبي بكر أحمد بن عمر بن أبي جابر المنحي«. رجلا من المسلمينوقد سأل مؤلف هذه السيرة عن إمام غير ثابت الإمامة ألزم المدخل عنده في أسباب ،وكان يأمره أن يكتب إطلاق الجبايات؟ أجاب المؤلف :إن كان إطلاق هذا الرجل لهذا المال على سبيل الاحتساب أنه يطلقه للفقراء أو ابن السبيل ،وكان اعتماد هذا الرجل على هذه النية لا ليمضي أمر هذا الإمام ولا يعمل برأيه ،وإنما هو على قد ما يرى من يستحق هذا المال لفقره لا غير ذلك. »الس ير والجوابات«» :سيرة من الإمام أبي ويتناول الجزء الثاني من كتاب  زكريا يحيى بن سعيد إلى أبي عبد االله محمد بن طالوت النخلي« .ويتناول فيها مسألة التوبة ،فيقول :إن الإخوان ما لم يميلوا إلى الأهواء أو يركنوا إلى الضلالة والإغواء ،فمتى مالوا إلى الهوى الضال واتبعوا سوء الفتنة والمقال ب ين لهم الحق ودعوا إلى التوبة فإن أجابوا قبلت توبتهم ومعذرتهم ،وأقيلت هفوتهم وعثرتهم ،ولم ينظر في الذنب الذي ارتكبوه ،وأزيل عنهم حكم ما كانوا اكتسبوه .قال االله تعالىÛ Ú Ù Ø ×Ö Õ Ô ﴿ : ] ﴾ ã â á à ß Þ ÝÜالحجرات .[١١ :ومتى لم يتوبوا مما وأصروا على الظلم ونكثوا ارتفع عنهم حكم المحبة والولاء ،وأزيلأحدثوا، عنهم حكم المشايعة والإخاء. 451الس ير والجوابات لعلماء وأئمة عمان  ثم يقدم الكتاب »سيرة للشيخ هاشم بن غيلان إلى الإمام عبد الملك بن حميد« .ويتناول المؤلف في هذه السيرة الحديث عن منهج الإباضية وانتمائهم إلى أئمة المسلمين المعتدلين فيقول :أعلمك رحمك االله أنه كان قبلك من أئمة المسلمين أدركنا من أدركهم ،وأخبرونا أنه أول شيء ساروا به في الناس أن علموهم دينهم وأظهروا لهم نسب الإسلام ،وب ينوا لهم ما يأتون مما أمرهم به من طاعته ،وما يتقون مما نهاهم عنه من معصيته ،ومن كان على غير دين المسلمين من أصناف الخوارج والشكاك وغيرهم. ويفرق المؤلف بين مذهب الخوارج ومذهب الإباضية ،وأن منهجهم المعتدل ساعد على نشر الإسلام ،فيقول هناك» :من دخل في الإسلام على أيديهم وألسنتهم بالصدق منه والرغبة في دين المسلمين ،حتى أماتوا كل بدعة وكل دين على خلاف الإسلام .وكانوا رحمة االله عليهم إذا بلغهم من أحد أنه على غير دين المسلمين أرسلوا إليه وعرضوا عليه دينهم ،فإن قبله كان له ما لهم وعليه ما عليهم ،وإن أبي إلا أن يظهر غير ما عليه دين المسلمين أمروه بالخروج من بلادهم ،فإن خرج تركوه ،وإن لم يتب ولم يخرج لم يقروه على ذلك«. ويتناول الكتاب بعد ذلك تعليقا عن الشيخ أبي المنذر سلمة بن مسلم بن إبراهيم. وسيرة عن الشيخ الفقيه وائل بن أيوب. وسيرة في الرد على محمد بن سعيد ،وهو جواب الشيخ أبي الحسن. وسيرة عن الشيخ أبي الحسن ،وقد تناول فيها المؤلف عدة أصول للإباضية ،منها: أأصل ما اختلفت فيه الأمة بعد نبيها ژ.وهي في القدر والتوحيد وأسماء أهل الكبائر وإثبات الوعيد وقتال أهل البغي .واختلفوا في أصحاب مائة كتاب إباضي452 النبي ژ وافترقت الخوارج واختلفت .ويذكر المؤلف آراء فرق الخوارج والاختلاف حول آرائها. ويعرض المؤلف لفرقة المرجئة ،وهم الذين لم يثبتوا الوعيد وتأولوا القرآن على غير تأويله ،تأولوا قول االله| { z y x w v u t s r ﴿ : } ~ ﴾ ]النساء ٤٨ :و [١١٦وقالوا :ما دون الشرك المغفور. ويرد المؤلف عليهم بإيراد حجة من قوله تعالى# " ! ﴿ : 5 4 32 1 0 / . -, + * ) (' & % $ ] ﴾ 9 8 7 6المائدة .[١٨ :فلو كان قوله يغفر ما دون ذلك فإنه يغفر إذن لليهود والنصارى على كفرهم وشركهم .فإن قالوا :يغفر لمن يشاء لمن تاب منهم قيل له :كذلك يغفر لمن يشاء من أهل الكتاب لمن تاب منهم ،وقد قال االله تعالى] ﴾ m l k j i h g f e ﴿ :طه.[٨٢ : ثم عرض المؤلف لفرقة القدرية ،ويرى أنهم زعموا أن العباد مفوضة إليهم الأمور يعملون ما يشاءون ،وليس الله في أعمال العباد مشيئة .ويرفض المؤلف مستشهدا بأن القرآن يكذبهم بقوله تعالى ﴿ :ے ¡ ¤ £ ¢هذا القول ] ﴾ °̄ ® ¬ « a ©̈ § ¦ ¥الحديد [٢٢ :وقد علم أهل العقل أن قتل الأنبياء من أعظم المصائب ،وقد أخبرنا االله أنها مصيبة مخلوقة مكتوبة قبل أن تخلق ،وقال لنبيه\ [ Z Y X W V ﴿ : ] ﴾ ]التوبة.[٥١ : كما عرض المؤلف لفرقة المعتزلة حين اعتزلوا فتكلموا في القدر أشياء، زعموا أن من أثبت القدر فهو مشرك ،وأرادوا أن يصفوا االله بالتنزيه ،فوصفوه بالعجز. أيضا :إن أهل القبلة ليسوا بمؤمنين ولا كافرين ولا منافقين،ومن قولهم ولكنهم ضالون فاسقون ،وقالوا :لا يعرفون إلا ثلاث فرق ،مؤمن وكافر وفاسق، 453الس ير والجوابات لعلماء وأئمة عمان  ويرد المؤلف عليهم بأن االله تعالى سمى الكفر والفسوق عصيان ،فإن زعموا إنه لا من الكفر ولا من الفسوق ،فقد هدموا قولهم ،وألحقوا أهل منزلة من منازل أهل النار ،وإن قالوا :هو من الكفر ومن الفسوق ،قيل لهم :كذلك الفسوق من الكفر ،من عصى االله فقد فسق ،ومن فسق فقد كفر. ورد على حججهم .كما تناول ثم عرض المؤلف لفرقة الرافضة من الشيعة عددا مزاعم المشبهة التي قالت :إن االله خلق آدم على صورته ،وأورد المؤلف من الحجج لتفنيد آراء تلك الفرقة. بثم تناول المؤلف أصل آخر من أصول فرقته العقدية ،وهو أصل: مستشهدا بقوله تعالى3 2 1 0 / . ﴿ :»الأمر بالمعروف« ] ﴾ 7 6 5 4آل عمران .[١١٠ :فجعلهم على ذلك خير أمة، ولا يكونون خير أمة إلا بالأفضل من العمل ،وقد أثنى االله عليهم فقال: ﴿ ' ( ) * 0 /. - , + ] ﴾ 1التوبة.[١١٢ : عرف المؤلف مقصوده بالمعروف :هو ما أمر االله به في كتابه من الطاعةوي  معروف ،وما نهى عنه في كتابه من المعصية منكر .ومن أمر بالمعروف فقد نهى عن المنكر؛ لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده. جكما تناول المؤلف أصل الإمامة .وعن طرق إثباتها ساق المؤلف وسنة نبيه وإجماع الأمة .فأما من كتاب االله فقوله الأدلة الآتية من كتاب االله السنة قول تعالى] ﴾ N M L K J ﴿ :السجدة .[٢٤ :ومن  الرسول ژ » :أطيعوا ولاة أموركم« .وأما الإجماع :فقول المهاجرين والأنصار حين اختلفوا فيما بينهم في الإمامة ،فقال الأنصار :منا أمير ومنكم أمير ،وقال المهاجرون :منا الأمراء ومنكم الوزراء ،فثبتت الإمامة من والسنة. الكتاب مائة كتاب إباضي454 كما عرض الكتاب: سيرة الشيخ الفقيه محمد بن محبوب. وسيرة الشيخ الفقيه. وكتاب الموازنة عن الشيخ أبي محمد عبد االله بن محمد بن بركة، وغيرها من س ير وجوابات. 455 ∞æs `°üadG ...óa°ùdG q...óæμdG ≈°Sƒe øH ˆG óÑY øH óaMCG ôμH ƒHCG ٥٥٧) ...hõædGه١١٦٢/م( تحقيق :عبد المنعم عامر ،و د .جاد االله أحمد وزارة التراث القومي والثقافةسلطنة عمان١٩٧٩ ،م. ج ٣٣٦ :٢صفحةالمجلد الأول :ج ٤٥٢ :١صفحة كتاب» :المصنف« واحد من المؤلفات الدينية الجامعة لأصول الشريعة الإسلامية وفروعها ،وقد صنفه مؤلفه الشيخ أبو بكر أحمد بن عبد االله الكندي جزءا إبان القرن السادس الهجري ،وجمع فيه العديد منفي واحد وأربعين كثيرا من الحكم والمواعظ،المسائل المفيدة في الأصول والفروع ،وحشد فيه والقصص التاريخية ،والشواهد في اللغة العربية ،والأشعار النافعة ،وغير ذلك مما يجد فيه القارئ المتعة الروحية ،واللذة العقلية ،والثقافة الدينية المحيطة وسنة رسوله الأمين ،فكان الكتاب موسوعة دينيةبكل ما في كتاب االله الكريم ، حافلة بمسائل الفقه وعلوم الدين ،يستغنى بها في مجال الثقافة والمعرفة عن عديد من الكتب. ومؤلف كتاب» :المصنف« هو الشيخ أبو بكر أحمد بن عبد االله بن موسى بن سليمان بن محمد بن المقداد الكندي السمدي النزوي ،واحد من العمانيين الذين عاشوا في القرن السادس الهجري.العلماء وكان القرن السادس الهجري في عمان يمثل فترة عصيبة سادها الفساد ملوكا في بعض وانتشرت فيها الفرقة ،وافترقت فيها الكلمة ،وكان بنو نبهان العمانية ،وكانوا الأئمة في بلدان أخرى ،وكان العلماء في عمانمن البلدان منقسمين على أنفسهم إلى طائفتين :الطائفة النزوانية ،نسبة إلى نزوى ،وكانت مائة كتاب إباضي456 عاصمة عمان في وقت الأئمة ،والطائفة الرستاقية ،نسبة إلى الرستاق ،وكانت إماما تقاوم به الطائفة الأخرى ،وتحاول بهكل طائفة من الطائفتين تنصب لها الغلبة على الدولة. وكان الشيخ أبو بكر أحمد بن عبد االله بن موسى الكندي ،مؤلف كتاب: واحدا من أئمة الطائفة الرستاقية ،رغم أنه من أهل نزوى ،وفيها»المصنف« كانت نشأته. ويروي الشيخ نور الدين السالمي في كتابه» :تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان« أن الشيخ أبا بكر أحمد بن عبد االله بن موسى الكندي مؤلف كتاب: »المصنف« هو الذي عقد الإمامة للإمام محمد بن خنبش بسوني ،وهي بلدة من أعمال الرستاق ،وأنه قد أقام عند الإمام المذكور ستة أشهر ،ثم عرض له المرض الذي مات فيه ،فانحدر إلى أهله بنزوى ،ولبث عندهم عشرة أيام ،مات بعدها ،وقد قبر بنزوى .وكانت وفاته عشية الإثنين لخمس عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة خمس وخمسين وخمسمائة هجرية )١١٦٢م(. ولقد ولد المؤلف في أواخر القرن الخامس الهجري ببلدة نزوى ،وفيها كانت نشأته ،وأخذ العلم عن الجهابذة الأعلام ،فكان ثالث ثلاثة من أهل بيته، ذوي حظ كبير في العلم ،وأصحاب مؤلفات قيمة :أولهم :ابن عمه مؤلف كتاب: »بيان الشرع« الشيخ محمد بن إبراهيم بن سليمان بن محمد بن عبد االله بن مقداد الكندي ،وثانيهم :ابن عمه صاحب كتاب» :الكفاية« ،وكتاب» :جلاء البصائر« الشيخ محمد بن موسى بن سليمان بن محمد بن عبد االله بن مقداد الكندي. عديدا من الكتب ،منها: وثالثهم :صاحب كتاب» :المصنف« ،وقد أ لف »التخصيص في الولاية والبراءة«. »الاهتداء« ،وقد أ لفه في افتراق أهل عمان إلى نزوانية ورستاقية ،وأطال فيه المقارنة بين الفريقين. 457المصنف كتاب» :التسهيل في الفرائض«. كتاب» :سيرة البررة«. كتاب» :التيسير« ،وقد أ لفه في علم النحو. كتاب» :الجوهر المقتصر« ،وقد أ لفه في علم الكلام ،وكان سبب تأليفه الكلام في قسمة الجوهر الفرد. كتاب» :الذخيرة«. وقد كان للشيخ أبي بكر أحمد بن عبد االله بن موسى المؤلف لكتاب: »المصنف« فضل جمع كتاب »بيان الشرع« الذي أ لفه ابن عمه الشيخ أبو عبد االله مبعثرا في أوراق محمد بن إبراهيم ابن سليمان الكندي ،فقد كان هذا الكتاب متفرقة ،وغير مرتب على أجزاء أو أبواب ،فرتبه صاحب كتاب» :المصنف« وأصلح خلله ،وأكمل النقص في بعض أبوابه بما وجده من قطع مكتوبة بخط مؤلفه ،وقد قدم كتاب» :بيان الشرع« بمقدمة بليغة تدل على مكانته في الإبانة والقول ،وقدرته على نظم الشعر. جزءا نشر منها في هذا وكتاب» :المصنف« مخطوط يقع في واحد وأربعين الكتاب الجزآن الأول والثاني. وأنه لمما يلفت النظر أن تحتوي مخطوطة الجزء الأول من كتاب: »المصنف« المقدمة التي كتبها المؤلف ،وقدم بها كتاب» :بيان الشرع« الذي أ لفه أستاذه ،بينما لا توجد مقدمة أخرى لكتابه كتاب» :المصنف« .وإنما بدئ الكتاب مباشرة بالباب الأول بعد نهاية مقدمة كتاب» :بيان الشرع« ،الأمر الذي يوحي بأن هناك شي ئا ما بين الكتابين ،وعلى كل حال فإن كتاب» :المصنف« متكامل الأبواب ،وفق الحصر الذي تتضمنه مخطوطة الجزء الأول المشار إليها ،وإن أية علاقة بين الكتابين تتطلب الوقوف على كتاب» :بيان الشرع«، دائما يعترف به للمتقدم ،وأن الأوائل لموإن كان من المسلم به أن الفضل مائة كتاب إباضي458 يتركوا للأواخر ما يبتدعونه ،وبخاصة في المنهج التأليفي لأمور الدين التي وسنة رسوله الأمين. ينتظمها أصل واحد ،هو كتاب االله الكريم وعلى أية حال فإن كتاب »المصنف« في عرضه لأمور الدين وفق أبوابه وافيا في ترسيخ آداب الدين الإسلامي ،وفي بيان النصوصنموذجا يعتبر القرآنية والأحاديث النبوية التي تدعم هذه الآداب وتهدي المسلم إلى أقوم السبل التي ينالون بها رضاء خالقهم8في الحياة الدنيا وفي الحياة الآخرة. الباب الأول :في مدح العلم وبيان فضله .ويورد المؤلف أدلة من القرآن والسنة تدل على فضل العلم ،فيقول االله تعالى في كتابه0 / . ﴿ : ] ﴾ = < ; : 9 8 7 6 5 4 32 1النمل ،[١٥ :وقال االله تعالى لنبيه ژ ﴾ Ô Ó Ò Ñ Ð ÏÎ Í Ì Ë Ê ﴿ : ]النساء ،[١١٣ :وقال سبحانه3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o1̧ ¶ μ ﴿ : ¿ ] ﴾ Á Àالبقرة.[٢٦٩ : السنة ما روي عن النبي ژ،أنه قال» :تعلموا العلم فإن تعليمه اللهومن  خشية ،وطلبه عبادة ،والبحث عنه جهاد ،وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة ،وبذله لأهله قربة؛ لأنه معالم الحلال والحرام ،وهو منار سبيل الجنة ،والأنيس في ويعبد، ويطاع االلهالوحدة ،والصاحب في الغربة ،بالعلم يعرف االله ويوحد ، وهو إمام العمل ،والعقل تابعه ،يلهمه االله السعداء ،ويحرمه الأشقياء«. وقال ژ » :فضل العلم أحب إلى االله من فضل العبادة ،وخير دينكم الورع )الحكيم(«. وأفضل العلوم التي يتعلمها الإنسان أصول الدين ،ويتعلم الحلال والحرام من المسائل والأحكام ،وأن يأخذ من كل فن أحسنه. وقد سئل رسول االله ژ عن العلم ،فقال» :العلم كله القرآن ،وهو الأصل والتنزيل ،وما بعده من العلم تفسير له وتأويل«. 459المصنف وقد ذكر علي بن أبي طالب :كفى بالعلم شرفا أن كل واحد يدعيه وإن لم يكن من أهله ،وكفى بالجهل خز يا أن كل واحد يتبرأ منه وإن كان به موسوما .وقيل :لا خير في عبادة من غير تفقه ،وقيل :الفقه خير من كثرة العبادة .وقيل :إن أعمال البر كلها عند الجهاد في سبيل االله كتفلة في بحر، وأعمال البر كلها والجهاد في سبيل االله عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .والعلماء ورثة الأنبياء وملح الأرض ،ومصابيح الدنيا ،وهم الأدلاء عند العمى والمشهورون في الأرض لأنهم الأئمة وربانيو الأمة .والعلماء باالله والسنة وقواد الناس إلى الجنة.  والباب الثاني :في صنوف العلم وأقسامه وأحكامه .والعلم أصناف كثيرة وضروب مختلفة كلها شريفة ،ولكل علم منها فضيلة ،والإحاطة بجميعها محال .وعن النبي ژ أنه قال» :العلم أكثر من أن يحصى ،فخذوا من كل شيء أحسنه«. وقيل :العلم على ثلاثة منازل ،فمن بلغ المنزلة الأولى استكثر ما علمه، ومن بلغ المنزلة الثانية استقل ما علمه ،والمنزلة الثالثة لم يبلغها أحد. وعن النبي ژ أنه قال» :العلم أربعة :علم الأديان ،وعلم الأبدان ،وعلم اللسان ،وعلم الإنسان ،فعلم الأديان علم الحلال والحرام ،وعلم الأبدان علم الطب ،وعلم اللسان الفصاحة ،وعلم الإنسان الإنسان«. وقيل :العلوم ثلاثة :علم دنيوي ،وعلم دنيوي وأخروي ،وعلم لا دنيوي ولا أخروي .فالعلم الدنيوي الطب والنجوم وما أشبه ذلك ،وأما العلم الأخروي فهو القرآن والفقه ،وأما العلم الذي لا دنيوي ولا أخروي فهو الشعر. وقال بعض العلماء :العلم علمان ،علم ديني ،وعلم دنيوي ،فالعلم الديني هو قصد العلماء الذين أرادوا به الآخرة والنجاة ،والعلم الدنيوي فهو قصد من أراد اكتساب الأموال والمراتب في الدنيا. مائة كتاب إباضي460 والعلم الديني ينقسم إلى قسمين :علم عام ظاهر ،وعلم خاص باطن خفي، فالعلم العام الظاهر الجليل كالعلم في الحلال والحرام ،والفرائض والسنن والأحكام ،وحفظ الكتب والأخبار والحديث ،وغير ذلك فقد اشترك فيه الخاص والعام. والعلم الخاص الباطن الخفي فهو علم الأنبياء والصديقين والأولياء المخصوصين ،فقد خص به قوم دون قوم ،وهو في كل أمة مثل تأويل الكتب وأسرار الأنبياء والرسل ،وما كان بينهم وبين أوليائهم ،فهذا العلم الخاص الذي كان بين الأنبياء وأوليائهم المخصوصين دون عوام الناس. ثم ينقسم الخاص إلى قسمين :قسم بين الأنبياء وخواصهم ،وقسم خص االله به الأنبياء وهو بينهم وبين االله، 8أطلعهم عليه دون سائر الناس من علم الغيب. أيضا ذلك العلم إلى قسمين :علم بين االله تعالى وأنبيائه ورسوله، ثم ينقسم أحدا من خلقه ،فقال جل وعلا Á ﴿ :وعلم تفرد به، 8فلا يطلع عليه ] ﴾ Ñ Ð Ï Î Í ÌË Ê É È Ç ÆÅ Ä Ãالأعراف.[١٨٧ : والعلم الدنيوي ينقسم إلى قسمين :علم روحاني ،وعلم جسداني .فالعلم الروحاني هو علم لطيف ،مثل علم النجوم ،والحساب ،والطب ،والهندسة ،وما أشبه ذلك .وأما العلم الجسداني فهو علم الصناعات ،مثل :البنيان ،والدوائي، والبحر ،والحديد ،وغير ذلك من الصناعات .والفقه علم الفرائض وعلم الشروط وغيره. والباب الثالث :في الحث على طلب العلم وتعليمه .فقد ذكر االله تعالى هذا علما قائلا] ﴾ D C B A @ ? > ﴿ :القمر[٣٢ :؛ يعني :هل من طالب فيعان عليه. 461المصنف وقال النبي ژ » :تعلم العلم فريضة على كل حالم« .وقال ژ » :عليكم بالعلم ،فإن أحدكم لا يدري متى يختل عليه«. وقيل :لو كان الذي يعلم الدين في مشرق الأرض والذي يتعلمه ويجب عليه العمل بحق االله في مغرب الأرض لكان عليه أن يخرج إليه ويتعلم منه دينه الذي يعبد االله به ،ولو حبى على بطنه. والباب الرابع في فضل طلب العلم ومدح طالبيه .أما الباب الخامس فهو في مدح العلماء وبيان فضلهم ،وروي عن النبي ژ أنه قال» :سألت جبريل، ‰فقلت :أي الجهاد أفضل؟ فقال :طلب العلم ،قلت :بعد العلم، شرف االله قلوب العلماء ،فساوى بينهم وبينقال :زيارة العلماء« .وقال بعضهم : اللوح المحفوظ. والباب السادس في مراتب العلماء ودرجاتهم .والعلماء ثلاثة ،فمنهم عالم لنفسه وغيره ،فهذا أفضلهم ،ومنهم عالم لنفسه محسن ،ومنهم عالم لا لنفسه ولا لغيره ،فذلك أشر القول. وسبعة من العلماء يصلون بأعمالهم النار ،عالم يخزن علمه ،ويرى أنه إن حدث به فقد ضيعه ،وهو في الدرجة الأولى من النار .وعالم يتخير بعلمه وجوه الناس وأشرافهم ولا يرى المساكين لعلمه أهلا ،فهو في الدرجة الثانية من النار. وعالم يأخذ على علمه كأخذ السلطان ،ويغضب إن قصر في شيء من حقه أو يزد عليه شيء من قوله ،فهو في الدرجة الثالثة من النار. وعقلا ،وعالم إن وعظ ع نف ،وإن وعظ أنف،وعالم يتخذ علمه مروءة وعالم ينصب نفسه للناس ،ويقول :استفتوني فيفتي بما لا يعلم فيكتب عند االله من المتكلفين ،وهو في الدرجة السادسة من النار .وعالم يتكلم كلام مائة كتاب إباضي462 اليهود والنصارى يغزر به علمه ،ويكثر به حديثه ،وهو في الدرجة السابعة من النار. ومن تعلم العلم ليباهي العلماء ،ويماري به السفهاء ،أو ليأكل به الأغبياء ،أو يستخدم به الفقراء ،أو ليصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده في النار. ويحدد المؤلف للعلماء خمس خصال :لا يأسفون على ما فاتهم، ولا يحزنون على ما أصابهم ،ولا يرجون ما لا يجوز فيه الرجاء ،ولا يفشلون عند الشدة ،ولا يبطرون عند الرخاء. والباب السابع في الحث على العمل بالعلم وتحذير العلماء عن حب عالما ،فليعمل بما يسمعه من العلم.الدنيا .فيذكر المؤلف فيمن أراد أن يكون وذكر جابر أن النبي ژ قال :ويل لمن لا يعلم مرة ،وويل لمن يعلم ولا يعمل به سبع مرات. والباب الثامن في نسخ الآثار والزيادة فيها ،والباب التاسع في الحث على العلم وتعليمه ودراسته والمذاكرة فيه ،والباب العاشر في العلم والمتعلم وما يجب عليهما واستحب لهما. متعلما ومن أدب العلماء النصح لمن علموا والرفق بهم ،وألا يعنفوا طالبا، ناسيا ،ولا يستصغروا مبتد ئا .ومن آدابهم ألا يمنعوا ولا يحقروا متعلما. راغبا ،ولا يؤيسوا ولا ينفروا صبرا ،وأجملهم لقاء،صدرا ،وأكثرهموينبغي للعالم أن يكون أوسع الناس وأحسنهم أخلاقا؛ لأن المتعلمين منه والمتحملين عنه يأخذون خلائقه، ويهتدون طرائقه ،فيجب أن يكون لهم محسن الأفعال ،ويجب على العالم أن أيضا. يوقر المتعلم كما يجب على المتعلم ذلك 463المصنف ويتناول المؤلف في البابين :الحادي عشر ،والثاني عشر الأخبار المروية عن النبي ژ . والباب الثالث عشر وما يليه في تناول مصادر التشريع ،فيتناول الخاص والعام ،والإجماع ،والقياس ،ودفع الحجج. وقيل :الإجماع من كل أهل زمان من المسلمين إذا كانوا أهل رأي، والاختلاف اختلاف ولو كان كل رجل واحد سبق على قول ،وكان عالم أهل زمانه كان حكم سبق على الإجماع. والسنة ولا تقاس الأصول بعضها ببعض ،والأصول ما جاء من الكتاب والإجماع ،ويقاس ما لم يأت في الأصول على الأصول .والأصول مسلمة على ما جاءت. ف في كيفية الإجماع ،فقالت طائفة منهم :يؤلف االله بين قلوبهم، واخ تل فيجمعهم على حكم ،وقالت طائفة :يجتمعون عن طريق التوفيق من الرسول ژ،وإذا ظهر الإجماع علم أنه توفيق ،وإن لم يكن التوفيق الذي من أجله أجمعوا عليه ،والدليل على أن الإجماع توفيق. وحقيقة معنى الإجماع في عبادة أهل اللغة استفاضة القول وانتشاره في جماعة الذين ينسب الإجماع إليهم .فإذا ثبت أن كل واحد منهم قد قال أو قال به بعضهم فلم ينكره الباقون أضيف القول فيه إلى جماعتهم على معنى التقدير منهم له والرضاء به. والقياس لا يجوز إلا على علة ،ولا يجوز أن يكون القياس إلا على المعلول ،وهو أن يرد حكم المسكوت عنه إلى حكم المنطوق به لعلة تجمع بينهما ،ولا يجب تسليم العلة لكل من ادعاها ،ولا تسلم إلا بدليل. والقياس لا يصح إلا على أصل متفق عليه .وقد روي عن النبي ژ أنه مائة كتاب إباضي464 قاس واجتهد في بعض الحوادث .وكثير من الصحابة قالوا بالقياس في الحوادث ،واجتهدوا آراءهم فيها. وابتداء من الباب السادس عشر وحتى نهاية الجزء الأول في الباب الثاني والثلاثين يتناول المؤلف دفع الحجج وقيام الحجة بالعلماء .ومن يجوز قبول فتياه ،وفي جواز الفتيا للمفتي ،وفي الفتيا من الكتاب والأخذ بها ،وفي قبول الفتيا والأخذ بالحجة وغيرها. بابا .يتناول الباب الأول:أما الجزء الثاني من الكتاب فيضم سبعين الفرائض ومعانيها .والفريضة واحدة الفرائض ،وأصل الفرض الحز في العود فرضا للزوم العمل به ،كلزوم الحز في الشيء. وغيره فسمي الفرض وسميت الفرائض فرائض لأنها أعلام وحدود حدت وثبتت بمنزلة هذا الحز في القدح والسهم وغيره ،ومنه الفرض التي ترسوا بها السفن ،والجمع فروض وفراض ،وهي تلك المشارع والحدود. وأول ما يلزم العبد من الفرائض التي لا يسع جهله معرفة االله تعالى، ومعرفة نفسه ،ومعرفة العدو إبليس ،لعنه االله ،ومعرفة الإخلاص الله. ويلزم العبد البالغ العاقل في كل يوم وليلة أربع وعشرون فريضة ،وبيانها في كتاب االله بشرحها من سنن الرسول ژ . أولها :ذكر االله باللسان والقلب ،واعتقاد معاداة إبليس ،لعنه االله. الثاني :ستر العورة لأداء الفرائض؛ لقوله تعالى' & % $ ﴿ : ( ﴾ ]الأعراف.[٣١ : الثالث :الوضوء؛ لقوله تعالى] ﴾ ' & % $ ﴿ :المائدة.[٦ : الرابع :الصلاة المكتوبة؛ لقوله تعالىw v u t s ﴿ : ] ﴾ y xالنساء [١٠٣ :يقول : فرضا مفروضا. 465المصنف الخامس :الصدق؛ لقوله تعالى] ﴾ ...: 9 8 ﴿ :الأنعام[١٥٢ :؛ يعني: فاصدقوا. السادس :الغذاء الحلال؛ لقوله تعالىI H G F ﴿ : ] ﴾ Jالأعراف.[١٦٠ : السابع :غض البصر عن المحارم؛ لقوله تعالىQ P O N ﴿ : ] ﴾ Rالنور.[٣٠ : الثامن :حفظ الأذنين عن استماع الباطل؛ لقوله تعالىQ P O ﴿ : ] ﴾ S Rالقصص.[٥٥ : التاسع :احتراس القلب عن الظنون الردية؛ لقوله تعالىË Ê É ﴿ : ] ﴾ Ñ Ð Ï Î Í Ìالإسراء.[٣٦ : العاشر :حفظ اللسان عن الغيبة والبهت والكذب والشتم؛ لقوله تعالى: ﴿ ] ﴾ 2 1 0 /الحجرات.[١٢ : الحادي عشر :اجتناب الظن؛ لقوله تعالى﴾ ' & % $ ﴿ : ]الحجرات.[١٢ : الثاني عشر :اجتناب السخرية؛ لقوله تعالى﴾ Á À ¿ 3⁄4 1⁄2 ﴿ : ]الحجرات.[١١ : الثالث عشر :التجسس؛ لقوله تعالى﴾ 2 1 0 / . - ﴿ : ]الحجرات.[١٢ : الرابع عشر :التوكل على االله؛ لقوله تعالى: 9 8 7 6 ﴿ : ; ﴾ ]الفرقان [٥٨ :فالتوكل فرض ،ومعناه :الانقطاع إلى االله تعالى ،وترك الاعتماد على المخلوقين ،والثقة به وحده ،وحسن الظن والتيقن أنه لا رازق غيره ،جل وعز. مائة كتاب إباضي466 الخامس عشر :الرضا بقضاء االله8والصبر تحت الأحكام؛ لقوله تعالى: ﴿ ] ﴾ Ó Ò Ñالطور [٤٨ :يعني :ارض بقضاء ربك. السادس عشر :الشكر الله على ما وهب؛ لقوله X W V U ﴿ : 8 ] ﴾ Z Yالبقرة ،[١٧٢ :ومعنى الشكر :أن تطيع االله بجميع جوارح كلها لرب العالمين. السابع عشر :الصبر عند الشدائد؛ لقوله تعالى] ﴾ À ¿ ﴿ :آل عمران.[٢٠٠ : الثامن عشر :التوبة من الذنوب؛ لقوله تعالىÑ Ð Ï Î Í ﴿ : ] ﴾ Òالنور [٣١ :مع مواضع كثيرة فرضها. التاسع عشر :النهي عن التلمز؛ لقوله تعالى﴾ Ó Ò Ñ ﴿ : ]الحجرات.[١١ : العشرون :النهي عن التنابز بالألقاب؛ لقوله تعالى﴾ Ö Õ Ô ﴿ : ]الحجرات.[١١ : الحادي والعشرون :إخلاص العمل الله8؛ لقوله تعالىå ä ã â ﴿ : ] ﴾ é è ç æالكهف.[١١٠ : الثاني والعشرون :الاستعداد للموت مع حسن اليقين به؛ لقوله تعالى: ﴿ ] ﴾ = < ; : 9البقرة.[١٩٧ : الثالث والعشرون :إظهار الفاقة والفقر إلى االله تعالى ،والتبرؤ من الحول والقوة ،والإقرار بالعجز والضعف؛ لقوله y x w v u ﴿ : 8 ] ﴾ zفاطر [١٥ :والافتقار إلى االله تعالى في جميع الأحوال. والاستقامة على هذه الأربع والعشرين خصلة فريضة مع بر الوالدين؛ لقوله تعالى] ﴾ V U T S R Q ﴿ :لقمان.[١٤ : ويتكلم المؤلف عن التوبة من الذنوب ،وما يجب على العبد في حال التوبة .والذنوب جمع ذنب ،والذنب الإثم والمعصية. 467المصنف والذنوب عند المسلمين على منزلتين :ذنوب يهلك بها صاحبها عند مباشرتها ومواقعتها ،وهي الكبائر ،وذنوب يهلك بها صاحبها بترك التوبة منها والمقام عليها ،وهي الصغائر. وقال المسلمون :كل ما أوجب االله تعالى فيه الحق في الدنيا والعذاب في الآخرة فهو من الكبائر ،وقال البعض :ما قاد أهله إلى النار فهو كبير. وقال ابن عباس :كل ما عصي االله به فهو كبائر حتى الطرفة؛ يعني :النظرة، واللطمة من كبائر الذنوب لأنها فيها الأرشأي :الدية والعوض،وسوء الظن بالمسلمين من الكبائر ،والإصرار ضد التوبة ،وهو الامتناع عن الرجوع إلى الحق ،واعتقاد الإقامة على المعصية ،وأنه لا يتوب منها، ويقال :أصر على الأمر إذا أجمع عليه ،ومن ذلك صرة الدراهم ،لاجتماع الدراهم فيها. والباب الثاني في السنن وأحكامها ،والباب الثالث :في السواك والخلال، والباب الرابع :في الشارب واللحية وسائر الشعر. وينتقل المؤلف من خلال فصول متعددة تتناول السلوك والهيئة ،وما ويكره من القول والعمل وأدب النفس .وذكر بعض الحكماء أن الأدبيستحب أدبان :أدب شريعة ،وأدب سياسة ،فأدب الشريعة ما أدى الفرض ،وأدب السياسة ما ع مر الأرض ،وكلاهما يرجع إلى العدل ،ويقال :الأدب أدبان ،أدب نفس وأدب درس ،فأدب النفس أفضل ،والإنسان إليه أحوج ،وهو به أحسن، وله أزين .والأدب صورة العقل. ومن الأدب ترك هجر القول ،ومن حق النفس على الإنسان أن يأخذها بالآداب الجزلة والأفعال الجميلة فهي أوجب الحقوق عليه وأليق الأشياء إليه، ومن الأدب ألا تقضى الذمم في مجالس الملوك إلا لصاحب المجلس أحدا فلا تسأله من أين جئت ولا أين تريد ،لعلهلا لغيره ،ومن الأدب إذا لقيت مائة كتاب إباضي468 لا يحب أن يعلم .وإذا رأيت رجلين في حديث فلا تقم عندهما ولا تدخل واحدا دون الثاني ،وإن كنتم أربعة فلا بينهما ،وإن كنتم ثلاثة فلا تناجين تناجين اثنين دون الثالث. ويستشهد المؤلف بقول الفلاسفة في الأدب ،فيذكر قول أرسطوطاليس: ينبغي للأديب أن يأخذ من جميع الآداب أجودها ،كما أن النحل تأخذ من كل زهر أجوده .كما يذكر قول أفلاطون :لا ينبغي للأديب أن يخاطب من لا أدب له .كما لا ينبغي للصاحي أن يخاطب السكران ،وينبغي للأديب أن يجتنب كل عيب فعنده المانع ،وهو الأدب الذي أبانه االله تعالى عن جهالة الجاهل ،وليأت الذي هو أشبه في حال الأدب. ومن الأدب ترك الإعجاب فإنها آفة الألباب ،وليجتنب المدح فإنه من أسباب الإعجاب .فقد قال النبي ژ » :المادح والمادحة في النار« .وقال ابن المقفع :قابل المدح كمادح نفسه. ومن الأدب إذا دخلت مع رجل منزله أن تدخل بعده ،فإذا خرجت  محدثا أومعه خرجت قبله .ومن الأدب الإقبال على الجليس ،كان المحدث من سوء الأدب ،والإقبال على المعرضمحدثا ،والإعراض عن  ليس من الأدب ،ومن الأدب إذا حضر قوم أن يتكلم الأكبر منهم .ومن الأدب اجتناب النعاس عند الناس ،فإنه من سوء الأدب ،وفيه ثلاث :إما تاركا أن يكون من صاحبه حدث ،أو تمر كلمة نافعة فتفوته ،أو يكون حرمة الجلساء. ويعرض المؤلف في أبواب أخرى حسن الخلق ،وآداب المجالسة ،واللباس والتجرد ،والتزين والكحل والدهن ،والعزلة عن الناس ومخالطتهم ،والزيارة، وكل ما يقوم بين الناس من علاقات ،يتناولها من خلال ما ذكر فيها من شعرا مع التأكيد عليها من نصوص قرآنية أو أحاديث نبوية ،أو ما قيل فيها 469المصنف خلال أقوال الحكماء .بحيث أصبح الكتاب موسوعة في الآداب والأخلاق مدللا عليهوالأعمال والهيئات والسلوك ،وضعه المؤلف في أسلوب رشيق بالنصوص الدينية وبالأقوال الحكمية .فكان يشبه مؤلفات الجاحظ من حيث رشاقة الأسلوب وغزارة المعلومات وحسن العبارات ،مما يشوق القارئ إلى مطالعته أكثر من مرة. 470 (IAGôÑdGh áj’ƒdG »a) ¢ü«°üîàdG ) ...óæμdG ˆG óÑY øH óaMCG ôμH ƒHCG ï«°ûdGت ٥٥٧ه١١٦٢/م( دراسة وتحقيق :حمود بن عبد االله بن سليمان الراشدي وزارة التراث القومي والثقافةسلطنة عمان ،ط١٤٣٢ ،١ه٢٠١١/م. عدد الصفحات ٢٦٣ :صفحة يتكون الكتاب من :مقدمة ،وقسمين .كتب المقدمة د .رضوان السيد الذي للعلامة أبي بكر أحمد بن عبد االله الكنديأشار فيها إلى أن كتاب» :التخصيص«  )ت ٥٥٧ه( مسألة شغلت الفكر الإسلامي منذ القرن الثاني الهجري ،وهي تتعلق بسلوك الصحابة والتابعين في الفتنة الأولى ،وما ترتب عليها من خلافات سقط خلالها الخليفتان :عثمان بن عفان )ت ٣٥ه( ،وعلي بن أبي طالب )ت ٤١ه( ،ومئات من الصحابة والتابعين ،وأحدثت تلك الانقسامات التي مستمرا حتى اليوم. لا يزال بعضها رق فقد نظروا إلى تلك الخلافات باعتبارها أما المؤرخون وبعض أهل الف حكما أسبابا ونتائج؛ ولذا اعتبروا أنه ينبغي الحكم عليها اختلافات سياسية دين يا )الولاء والبراء( ،في حين رأت أكثر الفرق الكلامية التي شارك أسلافها أسبابا دينية واعتقادية. في تلك الأحداث أن لها والم ح ك مة الأوائل ،الذين نشأ مذهبهم الديني والفكري والسلوكي في خضم تلك الأحداث المؤسية ،ممن يرون أن الأسباب والنتائج دينية الطابع؛ ولذلك دأب أخلافهم )ومنهم الإباضية( على الدفاع عن الموقف الذي اتخذه علي ،ثم من شرعية السلطة في أزمنة الخلافة،أسلافهم من عثمان ،ولاحقا من ومن مسألة الشرعية ذاتها وكيف تتحقق أو تنتفي في الدول التي أقاموها .وقد 471التخصيص )في الولاية والبراءة( الس ير ،وتعرضوا لها عالجوا هذه المسألة في سائر مؤلفاتهم المبكرة مثل كتب  في كتبهم الفقهية والكلامية. عرضا العلامة الكندي صاحب كتاب» :المصنف« هذه المسألةوقد عالج  خصها برسالة سماها» :التخصيص«.في سائر مؤلفاته ،لكنه  ويستخدم الشيخ الكندي على مدى الرسالة حجتين أو دليلين :أحدهما تاريخي فقهي ،هو الإجماع ،والآخر تأويلي يعنى بتخصيص الآيات القرآنية التي جاءت عامة في فضل الصحابة على اختلاف مواقفهم وسلوكهم في وعلي. الأحداث اللاحقة على عثمان يذكر الكندي أن المسلمين أجمعوا على أبي بكر وعمر ،وأجمعوا على مخالفا فيسلوكا مبايعة عثمان ،ثم أجمعوا على التبرؤ منه عندما سلك السنوات الأخيرة من خلافته .ثم ينصرف المؤلف في تخصيص الآيات التي مستخدما أساليب علماء الفقه جاءت في فضل الصحابة على وجه العموم، والأصول في الخصوص والعموم ،وهو يزري على بعض الفرق والفئات التي ما سلكت هذا المسلك ،وتولت الجميع على اختلاف مواقفهم؛ إما لأن صحيحا ،أو لأنهم تابوا عن الأخطاء والذنوب التي ارتكبوها. مسلكهم كان العمانية تزخر بتراث ثر لم ويشير المحقق في مقدمته إلى أن المكتبة يكشف عنه النقاب حتى يومنا هذا .وإذا كانت دراسة كتب أصول الدين تتم بطريقتين ترادف إحداهما الأخرى ،فالمحقق فضل الخوض في غمار الطريق الثانية المتمثلة بتحقيق التراث؛ لكونها المادة الأساسية لأصحاب الطريقة أو المنهج الأول. وتكمن أهمية هذا الكتاب في الشهرة الكبيرة التي نالها الكندي خلال تاريخه الحافل ،ومن خلال نتاجاته العلمية ومؤلفاته التي خدمت الدين الإسلامي خصوصا ،وعلى رأسها كتاب» :التخصيص«.عموما ،والمذهب الإباضي مائة كتاب إباضي472 ومن المعلوم أنه قد تعاقب علماء الإباضية المتبحرون منذ القرون الهجرية الأولى على الاضطلاع بواجب الكتابة في أصول الدين ،حتى زخر التراث الفكري الإباضي ببحوث معمقة في هذا الكتاب. ويتناول كتاب» :التخصيص« عقيدة )الولاء والبراء( .وتعتبر هذه العقيدة من تميز بها المجتمع المسلم ،بل هي واحدة من الروابط التيالخصائص التي تربط بين أفراده ،ضامنة له عدم التحلل والذوبان في المجتمعات الأخرى ،وقد عني الإباضية في عمان كغيرهم ببيان هذه العقيدة والكشف عن أهميتها ومكانتها ،مضمنين هذه المباحث كلها كتبهم ،إلى حين الفتنة التي وقعت أيام العمانيون إلى طائفتين كبيرتين:الإمام الصلت بن مالك ،وافترق على أساسها الأولى يقال لها :النزوانية ،والأخرى :الرستاقية. وقد أخذت كل فرقة تكيل الاتهامات للفرقة الأخرى ،حتى بلغ بها الحال والك تاب إلى إعلان البراءة من بعضها البعض ،الأمر الذي استفز طاقات العلماء نحو بحث هذا الخلاف ،والتأصيل له ،وتحريره والتأليف فيه. ولعل من أهم الكتب التي بحثت موضوع الفتنة ،والحديث عن الولاية والبراءة وأقسامها :كتاب» :الاستقامة« لأبي سعيد الكدمي ،وكتاب» :المعتبر« »الس ير والجوابات« المنسوب لأحمد بن عبد االله الكندي،للمؤلف نفسه ،وكتاب  فصل العلماء الحديث عن هذه القضايا في كتب عامة تميزت بالعمقوقد والشمول والاختصار. ومن أهم الكتب التي تناولت موضوع الفتنة الواقعة بين الصحابة ،وربط بينها وبين الفتنة في عمان كتاب» :التخصيص« )في الولاية والبراءة( للشيخ العلامة أحمد بن عبد االله الكندي ،الذي ضرب فيه مؤلفه بسهم وافر في هذا المجال ،تبعه بعد ذلك المحقق سعيد بن خلفان بن أحمد الخليلي ،في كتاب ينسب إليه ،يعرف ب »كرسي الأصول في الولاية والبراءة«. 473التخصيص )في الولاية والبراءة( ويتكون الكتاب من قسمين ،القسم الأول يتمثل في دراسة كتاب: »التخصيص« ،ويضم فصلين اثنين: الأول :تناول شخصية مؤلف الكتاب .ومؤلفه هو  العلامة المجتهد أبو بكر أحمد بن عبد االله بن موسى بن سليمان بن محمد بن عبد االله بن المقداد الكندي. ويعتبر الشيخ أحمد ثالث ثلاثة في هذا البيت من خيرة علماء عصره، الأول :الفقيه محمد بن إبراهيم بن سليمان الكندي ،صاحب كتاب» :بيان جزءا ،والآخر :الفقيه محمد بن موسى بن سليمان الكندي،الشرع« في ٧٢ أيضا كتاب» :جلاء البصائر وينسب إليه جزءا ، صاحب كتاب» :الكفاية« في ٥١ في الزهد والمواعظ« .والصحيح أن هذا الكتاب يعود إلى الشيخ موسى بن محمد بن عبد االله الكندي، 5وهو من علماء النصف الثاني من القرن التاسع الهجري. العمانيين يجد من بينهم المؤرخين والمتتبع لأعيان هذا البيت المذكور من والعلماء والأئمة والفقهاء والشعراء وال نساخ ،بحيث يصعب ذكرهم كلهم ،وقد خلد التأريخ أعمالهم منذ القرون المتقدمة إلى عصرنا هذا. ولد الكندي ببلدة نزوى في أواخر القرن الخامس الهجري ،وفيها نشأ وترعرع وقضى أطوار حياته .ولا يعرف سنة ولادته على وجه التحديد ،إلا ما ورد أنه ولد في أواخر القرن الخامس الهجري /الحادي عشر الميلادي .وأن ولادته كانت في المدينة التاريخية الشهيرة )نزوى( ،وبالتحديد ينتسب مؤلفنا قديما؛ إلى منطقة )سمد( ،وهذا معنى لقبه :السمدي ،ونزوى هي عاصمة عمان وذلك لأن الأئمة قد اتخذوها عاصمة لهم في أغلب العصور منذ أواخر القرن الثاني الهجري ،ولم تتغير أهميتها رغم اتخاذ بعض الأئمة والسلاطين عواصم أخرى لدولهم؛ كالرستاق ومسقط ،أو في فترات يتعدد فيها الحكام ،كل حاكم مائة كتاب إباضي474 مسؤول عن جزء من عمان ،كما هو الحال في زمن آل نبهان ،بحيث يتخذ كل حاكم مقره عاصمة الإقليم الذي شمله ملكه ،وهي بيضة الإسلام ،سميت بذلك في عهد الإمام غسان بن عبد االله ،ولم تزل تلك التسمية شائعة ذائعة، يتوارثها الأجيال ،ويرددها الشعراء. العمانيين عاشفي هذه الأرض المباركة ذات القداسة الخاصة في نظر مؤلفنا5وتربى في أحضانها ،ينهل مع أترابه من طلبة العلم المعارف من لدن آبائه وأشياخه الذين كان لهم الفضل في تشجيع الناشئ القادم إلى حظيرة العلم بكل شجاعة وصدق ،ومعلوم أن الطريقة التي درج عليها العثمانيون في تعليم أبنائهم كانت بتوجيههم للانكفاء على ملازمة علماء عصرهم ،أو بضمهم إلى بعض المدارس الدينية التي يتلقى فيها الدارس علوم القرآن الكريم، والفقه ،والنحو ،ومن بين هذه المدارس التي اشتهرت في نزوى وحدها في ذلك القرن العديد من المدارس ،وكذلك حلقات الدروس العلمية والفقهية النحوية ،فهي كثيرة. وقد كان طلبة العلم يطرقون هذه الحلقات ويترددون عليها؛ كي ينهلوا من عظيما فيمعينها .وكان من بين هؤلاء الذين وفقوا في سلوكهم ،ونالوا  حظا الفقه بأمور الدين ومعرفة الأحكام ،والإحاطة بقواعد اللغة العربية وعلوم الآلة شيخنا الكندي رحمه االله تعالى رحمة واسعة. طالبا للعلم ،وذلك في المرحلة الأولى ،ثم مشاركتهوقد بدأ المؤلف حياته في الحياة الدينية والسياسية ،وهذه المرحلة اللاحقة ،وذلك حين تعمق في مرجعا يشار إليه بالبنان ،وتظهر تلك المكانة لهذا العالم من العلم ،وأصبح ير تاريخية ،وكتابين نحويين، خلال مؤلفاته التي تكونت بين كتاب فقهي ،وس وردود علمية مختلفة. وفي هذا الكتاب يرد الشيخ الكندي على مسألة عويصة تتعلق بأحداث 475التخصيص )في الولاية والبراءة( الصحابة ،وقد أحيل إليه السؤال من أحد رجال عصره ،كما أن في هذا الكتاب حوارات مع علماء وفقهاء معروفين تثبت العلاقة الوشيجة بين الشيخ وغيره، ومن خلال كل ذلك ندرك مكانته العلمية والدينية. مشاركا في الحياة السياسية من خلاليضاف إلى ذلك أن المؤلف كان علاقته بالأئمة الذين أدركهم ،والذين شارك في نصب بعضهم ،ومن الثابت تاريخيا أن مؤلفنا عقد الإمامة للإمام محمد بن خنبش بن محمد بن هشام، أحد أئمة الطائفة الرستاقية سنة ٥١٠ه،وقد مكث مع هذا الإمام ستة تقريبا. أشهر ونظرا لكون الكندي من العلماء المعدودين للطائفة الرستاقية؛ فإنه مما لا شك فيه ،بل مما ظهر في ردوده ومخاطباته أنه كان من العمد التي كانت تنافح عن آراء المدرسة التي ينتمي إليها بالسنان واللسان. أما مؤلفاته فهي: ١ المص نف :من المصادر الفقهية المهمة التي ألفت في القرن السادس وتبويبا، الهجري ،وهو من أشهر كتب إباضية المشرق ،وأجودها تأليفا وأوضحها عبارة ،وأسهلها مطالعة. جزءا ،والكتاب واحد من المؤلفات الدينيةيقع المصنف في واحد وأربعين وانتهاء بالحدود ابتداء بالعلم وفضله، الجامعة لأصول الشريعة وفروعها، والديات والجروح. وقد اتسمت مادته بالتوسع في العرض مع العمق ،ولفته بالقوة ،مع الاعتناء بالشواهد ،كما تميز بحسن الترتيب والتبويب والتصنيف ،والرصانة ،مع الأمانة في إحالة النقولات ،ويبدو من تصفح الكتاب أن ال نساخ قد أضافوا إلى أصله نقولا من أمهات كتب المذهب مما لم يذكره الكندي في موطنه. مائة كتاب إباضي476 وهذه الظاهرة ليست قاصرة على »المصنف« فحسب ،بل إنها عامة في كثير من المطولات الفقهية ،كبيان الشرع ،والمنهج ،والضياء وغيرها. ٢ الاهتداء :يقع الكتاب المطبوع في قسمين :الأول من تأليف الكندي، يدور حول إنكار ما قام عليه موسى بن موسى من عزل الصلت بن مالك عن إماما ،وهذا القسم من الكتاب يقع في اثنينالإمامة ،وتقديم راشد بن النضر بابا. وعشرين الس ير المجموعة بوساطة الكندي.أما القسم الثاني فعبارة عن مجموعة من وبعد فإن كتاب» :الاهتداء« كتاب حافل بأخبار ومرويات ونقولات من علماء كبار ،وأثبت في المذهب الإباضي .وقد صيغت لغته بأسلوب سهل وواضح ،يفهمه العالم والجاهل ،كما اعتمد الجدل والمناظرة ،والسؤال والجواب ،والسرد القصصي في كثير من أبوابه وأقسامه. ٣ الجوهر المقتصر :يبحث الكتاب مسألة لها شأن كبير في علم الكلام، وهي الجوهر المقتصر ،ويعني به »الذرة« بلغة العلم الحديث ،أو الجزء الذي لا يتجزأ بلغة المتكلمين المسلمين في العصور الكلاسيكية ،وسبب أهمية هذه عددا ،والتي المسألة أنها تثبت بالأدلة القدرة الإلهية التي تحصي كل شيء تعلم كل شيء ،وتحيط بكل شيء. كما أن القول بالجوهر المقتصر يثبت وجود االله تعالى وأنه قديم ،ويثبت وحدانيته ،وهو الخالق والصانع ،وأن للموجودات نهاية ،وأن المخلوقات حادثة متناهية. بابا ،ولغته رصينة تكشف اللثام عن مقتدريقع الكتاب في اثنين وثلاثين على تصريف الكلام ،وسبكه وتدبيجه ،وكيف لا يكون ذلك كذلك ومؤلفه عالم ضليع من علماء الكلام ،ورجل من رجال العربية العظام ،وقد أفصح 477التخصيص )في الولاية والبراءة( في كتابه هذاشأنه شأن الكتب الأخرىعن قدرة جدلية هائلة ،وخلفية واسعة بالمنطق. الس ير والجوابات لعلماء عمان وأئمتها :ويشمل هذا الكتاب عدد )(٣٤٤  سيرة ،من القرن الأول الهجري إلى قرن الكندي ،وقد اهتم أصحابها بشرح والسنة المذهب الإباضي ،وهم يؤكدون أنه مذهب قائم على القرآن الكريم العمانيين عملوا على إماتة كلالنبوية الشريفة ،ويظهر من خلال قراءتها أن بدعة خارجة عن الإسلام. الس ير نعرف أن الإباضية كانوا يؤكدون على وحدة الدين،ومن خلال هذه  وليس على وحدة العصبية القبلية ،كذلك يتضح من قراءتها أنه كان من واجب الإباضية الدعوة خارج المصر إلى الدخول في دين االله ،..وقد فرقوا بين بديعا للشراة من وصفاالمجاهد والقاعد عن الجهاد ،ونلمح من خلال ما كتبه الرجال والنساء ،الذين وصفواعلى حد تعبير بعضهمبأنهم أنوار تمشي على الأرض ،وفي الكتاب أبحاث كثيرة عن الإمامة والخلافة. ٥ سيرة البررة :رد بها على اعتراض شيخه أبي بكر أحمد بن محمد بن صالح على حربهم مع الإمام محمد بن أبي غسان لأهل العقر من نزوى، فتناول سيرة شيخه جملة جملة ،فناقش ببيان وعارض بحجة ،ودافع عن الإمام المذكور وانتصر له. تسهيلا على طالب هذا٦ التسهيل في الفرائض :كتاب مخطوط ،أ لفه تفصل القول في أحكام الميراث ،وتندرجالعلم ،وجعله في مقدمة وأبواب تحت كل باب عدد من المسائل. ٧ التقريب :كتاب مخطوط في علم النحو ،يقع في جزء واحد. ٨ التيسير في النحو. مائة كتاب إباضي478 ٩ قصيدة في الاعتكاف :من بحر الكامل على قافية الفاء ،تقع في ٤٩ بي تا ،تناول فيها أهم أحكام الاعتكاف. ١٠ قصيدة في تقريظ كتاب» :بيان الشرع« ومدح مؤلفه :من بحر البسيط على قافية الباء ،وتقع في١٨بي تا ،وقد صدر بها ناظمها كتاب» :بيان الشرع«. وتوفي المؤلف في نزوى ،وكانت وفاته عشية الإثنين ،لخمس عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول ،وقيل :ربيع الآخر ،سنة سبع وخمسين وخمسمائة لهجرة المصطفى ژ . وعنوان الكتاب »التخصيص« ،والتخصيص :مصدر خصص يخصص، وخصه بالشيء :أعطاه وأفرده ،ويقال :اختص فلان بالأمر وتخصص له إذا انفرد ،وخص غيره واختص به. وفي اصطلاح الأصوليين :هو إخراج بعض ما يتناوله لفظ العموم بدليل مخرج له عن دخوله تحت تناوله ،وذلك الدليل المخرج :إما لفظ وارد عن الشارع في الكتاب أو في الحديث ،وإما غير لفظ ،والمراد به العقل والإجماع والقياس والتقرير ،والخصوص يرادف التخصيص ،ويطلق على معناه. والتخصيص أو الخصوص الذي عناه المؤلف في عنوانه هو المعنى الذي تواضع عليه الأصوليون ،فقد بنى المؤلف الكتاب على مناقشة أحداث الصحابة من حيث المخصصات التي خصصت عموم القرآن فيهم. ومعرفة العموم والخصوص في القرآن من أهم الأمور التي تعين الإنسان على فهم مقصود االله وتنزيله على خلقه التنزيل الصحيح. موضعا من الكتاب ،مرة بلفظوقد وردت كلمة )التخصيص( في )(٥٩ موضعا ،أما كلمةموضعا ،ومرة )تخصيص( في )(٢٠ )التخصيص( في )(٣٩ موضعا، )خصوص( محلاة بالألف واللام وغير محلاة فقد وردت في تسعين 479التخصيص )في الولاية والبراءة( موضعا. وكلمة )مخصص( في موضعين ،ومخصوص مقتر نا بالضمير في )(١٢ والحديث عن علاقة كتاب» :التخصيص« بكتب المؤلف الأخرى يبدو في بعض الأمور التي يمكن أن تشكل راب طا يصل تلك المؤلفات بالتخصيص. وهذه النقاط هي: ١ وحدة المصادر المذكورة في هذه المؤلفات تدل على أمرين ،الأول: أن مؤلفها واحد ،والثاني :أن المؤلف يحتفي كثيرا بعلماء بلده ،وبالتحديد أولئك الذين كان لهم تأثير كبير في تكوينه الفقهي ،وإن كانوا سابقين لعصره، وذلك من خلال ما خلفوه من نتاج علمي أفاد منه مؤلفنا . 5 ٢ التشابه في منهج التأليف :يظهر ذلك من خلال الخطب التي كان يلتزم بها في مقدمات كتبه ،والنهايات التي يضعها في ذيل الأبواب ،والتي عاد ة ما تشتمل على الدعاء بالقبول والتوفيق ،كما أنه يربط بين المسائل ،وينبه إلى ورودها سابقا ،أو إلى مزيد من التفصيل فيها فيما سيأتي. وأخيرا هناك التقسيم والتجزئة والتشظية التي هي السمة المميزة لأسلوب كثيرا في »الجوهر المقتصر« ،و»الاهتداء« ،وفيالكندي في الكتابة ،يظهر ذلك »التخصيص«. ٣ التماثل :يتجلى ذلك من خلال حضور القرآن الكريم بقوة في جميعا ،بل يتماثل أسلوب الاستدلالاحتجاجاته واستدلالاته وتمثيله في كتبه وطريقته عند المؤلف ،فهو يسرد الأدلة مرة ،ويقسمها ثانية ،ويأتي بالآيات متمثلا في معرض آخر ،وهكذا ،كما أن التماثل يظهر من خلال تشابه بعض المفردات في تلك الكتب. ٤ مصادر الكتاب :ذكر المؤلف في كتابه عدة كتب رجع إليها ،صرح بأسماء ثلاثة منها فقط وفي مواضع مختلفة منه ،وهي على النحو الآتي: مائة كتاب إباضي480 أتفسير الكلبي :وهو مشهور بين العلماء ،رغم تحفظ بعضهم من الأخذ بروايته. بتفسير أبي بكر النقاش )ت ٣٥١ه( :وهو معروف عند الخاصة ،ولم يسلم من النقد ،وفيه مناكير نبه إليها العلماء. جكتاب الضياء :لسلمة بن مسلم العوتبي الصحاري )ت ٤٥٠ه( في الفقه. وعاد ة ما يعتمد مؤلفنا على هذا الكتاب ،يظهر ذلك من خلال مؤلفاته مثلا في الفقه وأجوبته الأخرى ،لكن موضوع الجوهرالأخرى؛ كالمصنف أو الجزء الذي لا يتجزأ موضوع كلامي بحت ،فلا بد أن يكون الكندي قد اعتمد فيه على كتب سابقة في المذهب ولدى الفرق الإسلامية الأخرى. أما موضوعات الكتاب فهي كثيرة ،يمكن تحديدها في النقاط الآتية: الطرق التي تصح منها موجبات الولاية والبراءة. البراءة بالحقيقة وأقسامها. الخصوص والعموم في القرآن. الموقف من الصحابة المحدثين. صور الخطاب القرآني الذي تناوله الصحابة. استحلال المعارضة لاستحالة اجتماع الأمة على خطأ. فضل الصحابة. الآيات الواردة في ذلك وتخصيصها. وفيما يلي تفصيل ذلك: الباب الأول :مقدمة في موجبات تبرؤ بعض الصحابة من بعضهم البعض، جوابا لسؤال حول موجب البراءةوتبرؤ العوام منهم .جعل المؤلف هذا الباب 481التخصيص )في الولاية والبراءة( من الصحابي المحدث ،مع ما له من سابقة فضل ،وكيف أجاز الصحابة فضلا عن عوام الناس ،مع علم الرعيللأنفسهم ذلك فيما بين بعضهم البعض، الأول ويقين من أتى بعدهم بمكانة كل واحد منهم .فالأنصار يعلمون ما للمهاجرين من سبق بالإيمان ،وترك للأوطان في سبيله ،والمهاجرون يعلمون ما للأنصار من مكانة وشرف ،فقد نصروهم حين خذلهم الناس، وأمدوهم حين حرمهم أقرب الخلق إليهم ،وآووهم حين طردهم أهل بلدهم، وكلا الفريقين يدرك موقع صاحبه من رسول االله ژ،وأما اللاحقون فهم أولى بثبت المحامد للقرن الراشد الذي صحب رسول االله. والباب الثاني :مقدمات في الولاية والبراءة ،ومعاني كل منهما ،وما يترتب عرف المؤلف الولاية بأنها :الحب للولي ، ووده ،والقيامعليهما من أحكام. تحدثوعرف البراءة بأنها :التبرؤ من العدو ومن حدثه ،وبغضه ،ثمبحقه ، بإيجاز عن طرق كل قسم؛ كالشهادة والعلم بموجب الولاية أو بما صدر عنه من حدث. والولاية والبراءة شهادتا علم لا ينبغي للمكلف تجاوز علمه ،ولا الشك في يقينه وحكمه ،ولذلك تطبيقات كثيرة لا في الأصول فحسب بل حتى في الفروع ،لم يذكرها المؤلف. وتحدث المؤلف عن مستحق الولاية فقال :الولاية لا يستحقها إلا من استكمل الطاعة ،واجتمعت له ،وفيه خصال الخير كلها من أداء الفرائض كلها، واجتناب المحارم كلها .وأما البراءة فيستحقها الخارج من الدين ولو بخصلة واحدة؛ لأنه بذلك يستحق اسم ظالم وفاسق في الحقيقة إذا مات على ذلك. ثم ناقش قول من ي مصرا على ذلك، دخل مرتكب الكبيرة الجنة مع موته وساق الآيات التي تدلل على خلاف ذلك. الباب الثالث :الطرق التي تصح فيها موجبات الولاية والبراءة : صدر مائة كتاب إباضي482 المؤلف هذا الباب بجعل الخير قرين الولاية ،والشر قرين البراءة ،ثم ذكر الجهات الموجبة لكل أمر. الباب الرابع :الولاية والبراءة بالحقيقة ومجاريهما وأقسامهما :بدأه المؤلف بتقسيم الولاية والبراءة إلى قسمين ،بحسب الظاهر ،وحسب ما ورد في الكتاب السنة ،ولا مدخل للإجماع في هذا النوع.أو  الباب الخامس :القول في بيان النص على فريق معين من الناس :حشد كبيرا من الآيات التي فيها النص على فريق بعينه المؤلف في هذا الباب عددا وتحدث المؤلف عنمن الناس جملة واحدة .وفيهم يقع العموم والخصوص. ضرورة فحص هذا العموم وذاك الخصوص .وعلل ذلك بأنه من قبيل السؤال الذي وقعت فيه المعارضة. البابان السادس والسابع :بيان العموم والخصوص ،ومعاني كل نوع والدليل عليه :في الباب السادس أخذ المؤلف يحدد المفهومين الواردين في الباب السابق ويشرحهما ويمثل عليهما .وفي الباب السابع من الكتاب ب ين معاني كل غالبا للمقصود ،وقد فرع ذلك نوع من الأنواع المذكورة ،مع التمثيل والشرح جديدا لمناقشة فصلا في فصول متعددة ،اختتمها بشرح الخصوص ،ثم عقد وفصلا آخر في دليل العموم ،وقطع بأنما شك المعارض في تخصيصه، المسألة ليست بمسألة دين؛ لوجود الخلاف فيها. الباب الثامن :البراءة من المحدثين بحسب الظاهر :تكلم فيه عن الأحداث مستثنيا من صحت الولاية له بالحقيقة، الموجبة للبراءة من راكبيها ،وقطع ذلك يقول» :المحدثون من الصحابة قد صح منهم أحداث توجب البراءة عند من صحت معه ،فلا يسعه الشك في البراءة منهم ،ولا يمنع هذا الحكم إلا صحة ولاية الحقيقة لهم«. الباب التاسع :الخطاب بالجملة ومرده :وضح فيه أن الخطاب إذا وقع 483التخصيص )في الولاية والبراءة( بالجملة فإنه يرجع إلى حكم الصفة التي وقع فيها المدح والذم ،لا لكل واحد على الانفراد ،ثم استدل على ذلك ،ورفده بالأمثلة الموضحة. الباب العاشر :في الوصف بالانفراد لبعضهم بالنصرة والهجرة :استهل المؤلف الباب بسؤال يتضمن المعنى المقصود في العنوان ،وأبان أن للمهاجرين والأنصار حالين :الحقيقة والظاهر ،ثم بنى على ذلك توجه الخطاب إلى أحدهما ،وأن مصائر الخلق يستأثر بعلمه االله ،والمستحق بصفة الهجرة والنصرة ذلك المقام :المخلص الثابت على الإيمان إلى أن يلقى االله ،ولا يصل إلى علم إخلاصه إلا االله ،أو من أطلعه على ذلكسبحانهوأطلق بأنه ليس لأحد أن قطعا بنجاة فرد بعينه ،أو إخلاصه حقيقة ،إلا بنص فيه ،وحيث لا نصيحكم لفرد بعينه فلا يمكن القطع بذلك ،مهما كانت سابقته وموقعه ومكانته ،وانتهى إلى أن الخطاب قد توجه على سبيل الإجمال إلى المهاجرين والأنصار ،دون الالتفات إلى التغيير والتبديل ونحو ذلك. الباب الحادي عشر :احتمال التخصيص عن الخطاب بالمهاجرين والأنصار: فصل المؤلف في هذا الباب الوجوه الثلاثة التي ذكرها المؤلف سابقا ،والتي على أساسها بنى التفصيل في الأبواب اللاحقة ،وهو كون المهاجرين والأنصار أمة ،وذلك يعني احتمال التخصيص فيها. الباب الثاني عشر :سكوت النبي وأصحابه عن هذا الحكم :وهو الوجه الرابع المانع من ولاية المحدثين ،وذلك أنهمكما يقول المؤلفلم يظهر ذلك بينهم ،والمعلوم أنهم أدركوا فضل السابقة فيما بينهم ،وفضل البدريين وشهدائهم ،ثم ناقش من قال بأن ذلك مما يسع جهله ،ولا يلزم علمه ،وأنه لا تعبد عليهم بالظاهر. الباب الثالث عشر :استحالة المعارضة لاستحالة إجماع الأمة على خطأ: رأى المؤلف في هذا الباب أن الحكم بولاية الجميع على الانفراد يقتضي مائة كتاب إباضي484 تكفير الأمة؛ لأن الأمة اختلفت في المحدثين بين مصوب ومخطئ .وبدأ تمثيله على ذلك بعثمان بن عفان ،كيف أنهم استتابوه حين بدت منه بعض الأحداث المخالفة ،ثم استمروا على استتابته ،ثم وقع المحذور فقتل ،فانقسمت الأمة بين ثلاث فرق :منكرة لقتله متبرئة من قاتليه ،ومصوبة لقتله متبرئة من حدثه، واقفة عن الجميع. الباب الرابع عشر :فضل الصحابة هل يمنع البراءة من المحدثين منهم :استهل المؤلف الباب بسؤال حول :كيف جازت البراءة ممن ثبت أنه حجة؟ وأجاب عن ذلك بأنه إنما وجبت البراءة فيما فارقوا فيه الحجة ،لا فيما هم فيه حجة ،وعلل مبطلا ،أوذلك بأن اختلاف الصحابة لا يخلو أن يكون أحدهم فيه مح قا والآخر يكونوا كلهم محقين أو مبطلين ،واستبعد الأخيرة؛ لقيام الحجة. الباب الخامس عشر :القول في الآيات المقدم ذكرها في السؤال على الجملة :قدم لذلك بأن الولاية بالحقيقة لا تثبت إلا بالتوقيف ،وأن ما قيل في المحدثين فمحض اجتهاد ،ثم رأى أن الآيات التي ساقها المعترض لا بد أن فصلا أجمل فيه الحديث عن الآيات وتفصيلا ،وعقد لذلك جملةتناقش المذكورة والمعاني التي اشتملت عليها ،ويدخل في ذلك ما فيه من حقيقة ومجاز ،وعموم وخصوص ...إلخ. الأبواب من السادس عشر إلى العشرين :مناقشة الآيات على الانفراد :في هذا الباب استعرض المؤلف الآيات الخاصة ،وناقشها على الانفراد آية آية ،من ذلك آية توبة االله على المهاجرين والأنصار الذين اتبعوا النبي ساعة العسرة في الباب السادس عشر ،وآية رضا االله عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ،في الباب الذي يليه ،وآية التابعين لهم بإحسان في فصل آخر ،وآية الفقراء الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ،وآية الذين أووا ونصروا. الأبواب من الحادي والعشرين إلى الخامس والعشرين :تخصيص الآيات 485التخصيص )في الولاية والبراءة( بآيات مثلها :أتبع المؤلف في هذا الباب الآيات العامة آيات أخرى خصصها وب ين بعض مجملاتها .وهذه الآيات وما أشبهها لا تخلو أن تكون خاصة أو عامة ،فإن كانت خاصة فالآيات الأخرى أحرى بالتخصيص ،وإن كانت عامة فقد دخلت على المهاجرين والأنصار وغيرهم من الخليقة ،حتى لا يجب الرضا عند االله إلا للذين استقاموا ،ولم يبدلوا ،ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ،ولم يحدثوا خالصا الله، حدثا يبطل أعمالهم ،وكانوا متقين في جميع أمورهم ،وكان دينهم ظلما حتى لقوا االله بقلوب سليمة.ولم يحملوا وقد عرض المؤلف في كتابه القواعد الفقهية والأصولية الكلامية ،منها: أقواعد خاصة بموضوع الولاية والبراءة. بقواعد خاصة بنظرية العموم والخصوص. غالبا بالجزئيتين السابقتين. جهناك بعض القواعد العامة التي ترتبط الاهتمام بالتفسير والقراءات واللغة والنحو والسيرة :ظهر ذلك جل يا من خلال الاستعراض العجيب لتفسير الآيات التي يطول في أحيان كثيرة إلى صفحات. وقد اعتمد المؤلف على الاستدلال العقلي والنقلي ،وأكثر من الأخير، اعتمادا كل يا ،ففي هذه الرسالة الموجزة هناك أكثر من١٥٨آية بل اعتمد عليه بين مثال واستدلال ،وهذا كاف في بيان مدى تعويله على القرآن الكريم في ير والأحاديث في المقاموالس المقام الأول ،وعلى المباني الروائية والأخبار الثاني ،وعلى التحليل العقلي في المقام الثالث. ولم يمتنع المؤلف من عرض الأدلة المخالفة وتفصيلها ،فقد احتلت مساحة ليست بالهينة من رسالته ،وكان من عادته التقدم للردود بالش به دليلا دليلا.والاعتراضات المثارة ،ثم يتولى الإجابة عليها مائة كتاب إباضي486 وقد اعتمد المؤلف الاختصار في كتابه ،يظهر ذلك من خلال حجم الكتاب ثانيا ،ومن تصريحه فيأولا ،ومن تركه للمباحث اللغوية المتعلقة بالحدود كثيرا بالحدود؛ بعض المسائل بالاقتصار على الحد الذي ذكره ،فهو لم يعتن لأن الكتاب عبارة عن رد علمي رصين ،لا يتحمل العناية بمثل هذه الجزئيات، وتمكن من معالجة موضوع مهم وخطير خلال التطبيق على نظرية العموم والخصوص المعروفة في علم أصول الفقه ،وتهيأ له مناقشة كثير من الآراء من خلال تفعيله لهذه النظرية التي م كنته من تحقيق مبتغاه. 487 ¿É`gôÑdGh π`«dódG ٥٧٠) »fÓLQGƒdG o«gGôHEG ∞°Sƒj ܃≤©j ƒHCGه١١٧٥/م( تحقيق :الشيخ سالم بن حمد الحارثي نشر وزارة التراث القومي والثقافةسلطنة عمان ،سنة ١٤٠٣ه١٩٨٣/م. عدد الصفحات :ج ٨٥ :١صفحة ج ١٤٨ :٢صفحة ج ٣٣٩ :٣صفحة هذا الكتاب للشيخ أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم السدراتي الإباضي. والوارجلاني أحد الأقطاب والعلماء المجتهدين الأحرار .أخذ العلم من شيوخه بسدراتة من وارقا بجنوب الجزائر على الغرب من وادي ميزاب الذي كان معمورا ولا يزال يزخر بالعلماء الإباضية ،ولا تزال هذه البلاد وسائر الوادي بهم إلى يومنا هذا ،وقد خرج منها علماء مشهورون بالفقه والتأليف. ويصنف الدرجيني أبا يعقوب ضمن الطبقة الثانية عشرة من مشايخ وعلماء الإباضية ،وينسب إلى »وارجلان« وهي مدينة في الصحراء الجزائرية ،وهي جدا ،يعود تاريخها إلى ما قبل الفتح الإسلامي .وتميزت وارجلانمدينة قديمة بعيدا عن المراكز العمرانية بموقعها الجغرافي في قلب الصحراء الكبرى للمغرب الإسلامي ،وتوسطها لمسالك التجارة بين مدن التل وبلاد السودان. ولقد كان لهذه الوضعية المتميزة أثرها البارز في حياة وارجلان السياسية وإيجابا .وارتبطت سلبا وسائر مناحي الحياة الأخرى الاقتصادية والاجتماعية وارجلان بالمذهب الإباضي منذ دخوله إلى المغرب ،وانتصرت وارجلان لمحاولات إقامة دولة إسلامية وفق تعاليم المذهب عبر تاريخها. ير الإباضية أن الإمام يعقوب بن أفلح لما وصل وارجلانالس وتذكر كتب  وأكرم أهلها وفادته طلبوا منه أن يولوه عليهم ليحيوا به الإمامة ،فأجابهم قائلا: مائة كتاب إباضي488 مثلا؛ أي :أن الإمامة لا تقوم على كواهليستتر الجمل بالغنم ،وصارت كلمته أناس ضعاف قلائل قد أنهكتهم الحروب وتعقبهم الأعداء. وينتمي أبو يعقوب الوارجلاني إلى المذهب الإباضي الذي هو المذهب السائد في وارجلان .وقد ارتبط تاريخها في العصر الإسلامي بهذا المذهب. وينسب المذهب الإباضي إلى عبد االله بن إباض التميمي ،ولكن الإمام الحقيقي الذي وضع قواعد الفقه والاجتهاد لهذه المدرسة هو التابعي جابر بن زيد الأزدي تلميذ ابن عباس وغيره من الصحابة الكرام. وقد سموا الإباضية أنفسهم أهل الدعوة والاستقامة ،ولكنهم رضوا في الأخير بالأمر الواقع من تسميتهم بالإباضية ،وظهر ذلك لأول مرة في كتبهم أواخر القرن الثالث الهجري. نظرا وينكر الإباضية حشر أصحاب المقالات لهم في زمرة الخوارج ، للاختلافات الأساسية بين الطرفين ،وقد تبرأ أئمتهم من الخوارج ومنكراتهم، ومنهم أبو يعقوب الوارجلاني. وتميز أبو يعقوب الوارجلاني شأن العلماء المخلصينإلى جانب غزارة وتواضعا رفع مكانته إلى مصاف الأعلام العلم وسعة الأفقدماثة في الخ لق والمربين البارزين ،وملك بذلك قلوب الناس. وقد رحل الوارجلاني إلى كل من الأندلس والسودان والمشرق ،ومكث بالأندلس زم نا غير قصير دام عدة سنوات ،وسكن بقرطبة ،ونبغ في العلوم فضلا عن علومالعقلية والرياضية ،وأتقن علوم اللغة من نحو وبلاغة وأدب، الشريعة من تفسير وقراءات وحديث وفقه. ولسعة ما حوى من علم فقد شبهه الدرجيني بأنه بحر العلم الزاخر المسخر للنفع ،الجامع لفضائل كل أمة ،المحتوي على علوم جمة ،كان التوحيدي ينظر إليه في وصفه للقاضي أبي حامد. 489الدليل والبرهان مهما في عنصرا  ثم رحل إلى السودان ،ثم إلى المشرق ،وكانت رحلته هذه تكوين شخصيته العلمية وفي اكتساب الهيبة والاحترام .وهو ما جعل طلاب العلم يحرصون أشد الحرص على تحقيقها ،ويرون فيه السبيل الأمثل إلى المجد العلمي. هذا من الناحية العلمية ،وأما من الناحية الدينية فإن في المشرق قبلة المسلمين ومهبط الوحي وأرض الحرمين ،وتلك عوامل تجعل من التوجه إلى تلك الربوع أمنية غالية ،ولأجل هذا كله شد أبو يعقوب الرحال صوب البقاع أولا ،وللتعرف على المجتمعات الإسلاميةالمقدسة لأداء فريضة الحج ثانيا .والرجل شغوف بالدراسات الاجتماعيةوعواصم المشرق العالمية والجغرافية ،ونهم للاستزادة من العلم. وبعد أن طاف الوارجلاني أرجاء العالم الإسلامي عبر رحلاته العلمية والدينية حط عصا الترحال ببلده ،واستقر ليتفرغ للتدريس والتأليف ،وقدم عصارة علمه وتجاربه لطلابه. ومن أهم المؤلفات التي قدمها أبو يعقوب الوارجلاني: أالتفسير تفسيرا للقرآن الكريم ،وصفه أبو القاسم البرادي بأنه: ترك أبو يعقوب سفرا أضخم منه ولا أكبر كبيرا ،ولا رأيت قط سفرا كتاب عجيب رأيت فيه منه ،فيه تفسير الفاتحة والبقرة وآل عمران. وقد سلك الوارجلاني في تفسيره منهج الجمع بين المنقول والمعقول ،وهو مسلك محمود في مناهج المفسرين ،فأول ما يذكر إعراب الآية ويستقصيه ،ثم يذكر اللغة فيستقصي تصاريف الفعل من الكلمة ،ثم يذكر الأحاديث المتعلقة بالآية من سبب نزول أو تبيان حكم ،ثم يورد آراء الفقهاء والمفسرين فيناقشها. مائة كتاب إباضي490 بالحديث :وله فيه: ١ ترتيب المسند :تناول الوارجلاني كتاب» :مسند الإمام الربيع بن حبيب« فأعاد ترتيبه وفق أبواب الفقه. ٢ رسالة حول رجال المسند :اهتم أبو يعقوب بعلم الحديث ورجاله أيام دراسته بالأندلس .وقرأ بقرطبة جملة من كتب الحديث .وربما تأثر بما خ لفه حافظ المغرب ابن عبد البر الأندلسي. جأصول الفقه: أ لف أبو يعقوب في أصول الفقه كتابه المسمى» :العدل والإنصاف في معرفة أصول الفقه والاختلاف« ،ويقع في ثلاثة أجزاء .وقد حظي بعناية خاصة من علماء الإباضية ،فتناولوه بالشرح والاختصار. دالفقه: كتابا في الفقه ،ولم يذكر نقل الشماخي عن بعض الطلبة أن للوارجلاني عنوانه أو محتواه أو حجمه ،وللوارجلاني أجوبة وفتاوى عديدة قال عنها معتبرا. الشماخي :لو جمعت هذه الفتاوى لأ لفت كتابا هأصول الفقه: اهتم الوارجلاني بميدان أصول الدين فأ لف فيه كتابه» :الدليل والبرهان« كاملا هو» :الدليل لأهل العقول لباغي السبيل بنور الدليلوعنوان الكتاب وتحقيق مذهب الحق بالبرهان والصدق« ،ويقع في ثلاثة أجزاء ،وقد أ لفه بعد كتاب» :العدل والإنصاف«. وقد ناقش الوارجلاني قضايا علم الكلام بطريقة جدلية متماسكة ،أظهر بها خصائص المدرسة الإباضية في علم الكلام بصورة واضحة ،والكتاب أشبه بصورة مصغرة لدائرة معارف إسلامية لعصر الوارجلاني. 491الدليل والبرهان كتابا عنوانه» :الاقتصاد في الاعتقاد« في أصول الدين فيوذكر الوارجلاني كتابه »الدليل والبرهان« ،ولكن لا يوجد لهذا الكتاب أثر. والفلسفة :وله: ١ كتاب» :مرج البحرين« ،وهو في علم المنطق والحساب والهندسة ،وهذه العلوم كانت حتى ذاك الحين ضمن مواضيع الفلسفة. ٢ كتاب» :مروج الذهب« ،وقد نسبه الأستاذ الجيلالي إلى الوارجلاني، ويذكر أنه قد ترجم إلى أكثر لغات أوروبا نظرا لأهميته. والس ير: زالتاريخ  كتابا في التاريخ بعنوان» :فتوح ينسب الشيخ أبو اليقظان للوارجلاني المغرب« ويسمي الشيخ عبد الرحمن بكلي وعادل نويهض هذا الكتاب» :كتاب المغ رب في تاريخ المغرب« ،ولكن المستشرق شاخت يذكر أن اسم الكتاب هو »التاريخ الكبير لوارجلان«. ير محبوب بن الرحيل« وكتاب ابن الرحيل من أيضا كتاب» :شرح سوله المصادر المشرقية لتاريخ الإباضية عني به المغاربة عناية كبيرة. ويتكون الجزء الأول من كتاب» :الدليل والبرهان« من مقدمة وباب في اختلاف الناس في الأمة .يعرض المؤلف في المقدمة الحديث النبوي الشريف القائل» :ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهن إلى النار ما خلا واحدة ناجية« وكلهم يدعي تلك الواحدة .ولأصحاب الحديث عكسهيرون أن الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلهن إلى الجنة ما خلا واحدة إلى النار، ولأصحاب الحديث حظهم ،وقد وردت أحاديث كثيرة في الأمة يخص بعضها بعضا ،ويعم وينسخ ويفسر. رسل إليه رسول االله ژ من الجن والأنسوقال البعض :إن الأمة جميع من أ مائة كتاب إباضي492 والأحمر والأسود ،ودخل في جملة هذا جميع المشركين من السوفسطائية والدهرية والثنوية والمرقونية وأصحاب الطبائع والخرمية ويأجوج ومأجوج، واليهود والنصارى ،والذين أشركوا ،وجماعة الموحدين أجمعين. وقالت طائفة :إن أمته من آمن به من الموحدين والمشبهة والرافضة والمجسمة والشيعة ،وطائفة يقولون :إنما أمته من آمن به وصدقه وصح توحيده، وطائفة يقولون :إن أمته الفرقة المحقة وك ل صدقوا. ويعرض المؤلف فضائل هذه الأمة لما قاله جل وعلا0 / . ﴿ : ] ﴾ 2 1آل عمران ،[١١٠ :وقال » : ‰أمتي أمة مرحومة« ،وقال» :لا تزال أمتي بخير ما تباينوا فإذا تساووا هلكوا«. أما عن آفات هذه الأمة فهي الخلاف .قال رسول االله ژ » :ستفترق أمتي« ،وقال » : ‰هلاك أمتي رجلان :عالم فاجر ،وعابد جاهل« .وقال: »صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي يوم القيامة :إمام ظلوم غشوم ،وغال في الدين مارق«. أما عن آفات الأمة في دينها ،فأولها زلة عالم .فأما زلة عالم فمثل زلة عثمان حين زل عن طريقة صاحبيه بعدما وقع الإجماع عليها ،وزل في أربعة أمور ،أولها :استعمال الخونة ،والثاني :حين صرف مال الفيء إلى من اشتهى من أقربائه دون مستحقيه من أهله ،والثالث :ضرب أبشار وهتك أستار الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ،والرابع :في البغي في أحد الأفعال. ويعرض المؤلف منهجه في هذا الكتاب بأنه يعتمد فيه على الحق من وسنة رسول االله ژ،والإجماع ،وآثار الصحابة رضوان االله عليهمكتاب االله8 أجمعين ،ومن دليل العقل والحس والقياس والحدس. ويثبت المؤلف وجود االله عن طريق الحدوث بالنظر في الكون ،وعن طريق واعتمادا على قوله تعالى& % $ # " ! ﴿ :الحس والعقل 493الدليل والبرهان '()*6543210/.-,+ DCBA@?>=<;:987 ] ﴾ K J I H G F Eالبقرة.[١٦٤ : وعقلا لقوله" ! ﴿ :حسا ووجه الدليل على أن هذه الآية تقتضي الحدوث  ﴾ % $ #وإنما تدرك خلقتهما بالمشاهدة أو بالعقل ،فقد عقب االله تعالى بذكر اختلاف الليل والنهار؛ لأن اختلافهما يدرك بالحس ،فمجيء حسا ،وذكر جريان الفلك لحدوث المنافع ،ونزول ماء السماءهذا مرور هذا  بعد أن لم ينزل لحياة الأرض بعد موتها. ويؤكد المؤلف أن الحدوث ظاهر بالحس ضرورة ،ومن أنكره أنكر الضروريات الحسية ،فإذا ثبت الحدوث ثبت المحدث واقتضاه عقلا. وقد طالب النبي ژ بالاقتداء باللذين من بعده ،فلم يكن من بعده إلا أبو بكر وعمر ^ . وقد أجمع الصحابة على أبي بكر ،وأطلقوا عليه اسم خليفة رسول االله ژ ، وحسبه اسمه عند االله الصديق الأكبر ،وثاني اثنين إذ هما في الغار. والدليل على ولاية عمر بن الخطاب3إنباؤها على الأصل الصريح، والسنة والإجماع وله شركة مع أبي بكر الصديق في جميع دولته من القرآن نسقا بنسق. والدليل على ولاية عثمان بن عفان ،فولايته حق لانطباق أهل الشورى عليه ،وعزله وخلعه وقتله لانتهاكه الحرم الأربع. وأما علي بن أبي طالب فإن ولايته حق عند االله تعالى ،وكانت على أيدي أصحابه وبقية الشورى ،ثم قاتل طلحة والزبير وعائشة أم المؤمنين . # فقتاله حق عند االله تعالى لشقهم عصا طاعة الأمة ،وسفكوا الدماء ،وأما مائة كتاب إباضي494 معاوية ووزيره عمرو بن العاص فهما على ضلالة لانتحالهما ما ليس لهما بحال ،ومن حارب المهاجرين والأنصار فرقت بينهما الدار ،وصاروا من أهل النار. ويتناول المؤلف أهم الفرق الكلامية :منها القدرية ،الذين زعموا أن أفعالهم خلق لهم لم يخلقها االله. قولا للرسول ژ بأن »المرجئة والقدرية مجوس هذه الأمة«،ويذكر المؤلف لادعائهم إلهين اثنين .وأن المرجئة يهود هذه الأمة لادعائهم الخروج من النار كقول اليهود ﴿ ] ﴾> = < ; : 9آل عمران .[٢٤ :وقوله :لعنت القدرية على لسان سبعين نب يا .وأما المرجئة فزعموا أن من قال لا إله إلا االله دخل الجنة ،وأنه المأمور به وما سواه فليس بإيمان ،وأن جميع ما أمر االله تعالى من طاعته ليس بإيمان ،وجميع ما توعد االله تعالى عليه العقاب من الأعمال ليس بكفر .فحلوا عرى الإسلام وأبطلوا فائدة الحلال والحرام. والس ن ية تستقي من مذاهب المرجئة ،فحلوا جميع ما توعد االله تعالى عليه به العباد على المعصية من العذاب الأليم ،والخلود المقيم في جهنم أبد الآبدين. وأما المارقة فإنهم زعموا أن من عصى االله تعالى ولو كان في صغير من الذنوب وكبير أشرك باالله العظيم ،وتأولوا قول االله d c b ﴿ : 8 ] ﴾ eالأنعام [١٢١ :فاستحلوا قتل الرجال ،وأخذ الأموال ،والسبي للعيال. فهذه الأفخاذ الثلاث هي التي نص عليها رسول االله ژ . وأما الشيعةروافضهم وغاليتهمفقد قدحوا في الإسلام والنبوة والألوهية ،فزعم بعضهم أن عل يا إمام مطاع لا يأمر بشيء إلا كفر تاركه. وأما المشبهة فحسبهم القدح في آلهتهم ورجوعهم إلى شبه الأوثان التي 495الدليل والبرهان تعبد آباؤهم من قبل .ومذاهبهم في جميع ما أخبر الرب عن نفسه مثل اعتقادهم في أنفسهم من الجوارح والآلات .فذهبوا بقوله] ﴾ * ) ( ' ﴿ :الفتح[١٠ : إلى الجارحة. ويشير المؤلف إلى أن الاجتهاد في الرأي سائغ لهذه الأمة ،وله أمكنة: أولها :في جميع النوازل التي تنزل على العباد مما ليس لهم عهد من كتاب االله، 8ولا سنة رسول االله ژ،فيسوغ لهم الاجتهاد بين مخطئ ومصيب. والكل محمول عليهم. وسنة رسول االله ژ،فهذا والثاني :مذاهبهم في التفسيرتفسير القرآن كالأول سائغ لهم ،كما ذهبوا إليه على الشرط المتقدم. الثالث :معنى أباح االله لهم القول فيه ،فإن أصابوا لم يؤجروا ،وإن أخطأوا لم يوزروا ،وكلامهم على قدر عقولهم وآرائهم ،ليس عليهم فيه نظر .والقول في العرش والحملة والحفظة والسماوات والكواكب والنجوم والشمس والقمر والآثار العلوية يتناوله المتكلم فيما لا يتعلق به الشرع. ويتناول المؤلف في أحد فصول هذا الجزء الرد على الأشعرية ومن ذهب مذهبهم في صفات الباري سبحانه .ويذكر أن الأشعرية بنت مذاهبها في الباري سبحانه وصفاته وأسمائه وتشبيهه بخلقه على الهروب الواضح إلى المشكل. وقد اتفق الإباضية وهم على تنزيه الباري سبحانه ،ونفوا عنه شبه الخلق من كل الوجوه وأقروا بالوحدانية لا شريك له. ثم يتناول المؤلف مسألة وجوب الثواب والعقاب للطائع على االله . 8 ويقول :إن االله8أمر عباده من الملائكة وبني آدم بعبادته ،وزجرهم عن معصيته .فوعد لهم الثواب على امتثال الطاعة ،وأوعدهم بالعقاب على فعل فضلا؛ لأن في إيجاب العقابالمعصية ،فكان الثواب في حق الملائكة ما يدعوهم إلى عمل الطاعة دون تركها ،لسهولة عمل الطاعة عليهم. مائة كتاب إباضي496 ويرى المؤلف أن الباري سبحانه لا يجب عليه شيء ،لأنه لا موجب عليه، وإنما الوجوب في حق الحكمة واجب عليه ،والثواب في حق الحكمة والعقاب كذلك ،غير أن العقاب لا بد منه أصلا ،والثواب منه بد في حق آخرين. والذي يظهر من الملائكة أنهم في طاعة االله في الدنيا والآخرة ،فهم في خدمة أوليائه المسلمين .وأما الصنف الثاني من المكلفين :بنو آدم والجن، فهؤلاء من واجب الحكمة أن يجب لهم الأجر والثواب على االله تعالى ،من موجب الحكمة ومقتضاها لا من جهة إيجاب موجب؛ لأنهم في جهاد عظيم. وأما الصنف الثالث من الحيوان ،وهم أصناف البهائم من الأنعام والدواب والطير والسباع والحشرات والنمل والنحل والهدهد ومن الجماد عجب عجيب ،وإنما يقع التكليف منهم إليهم ،لا بينهم وبين االله ،وربما لا يعلم الغيب إلا االله. ويقدم المؤلف في الجزء الثاني مقدمة لتوكيد الحق الذي سبق وأشار إليه أصلاونبه على ما فيه من الاختلاف والائتلاف ،ويجعل الحقفي الجزء الأول واسما بين مذاهبه وبين الأمة. والعقل برهان والشرع تبيان ،فإنه ينبغي للعاقل المحق أن يحاسب نفسه عقلا ،وأثبتهكما يحاسب غيره ،ويذكر المؤلف أن االله تعالى شرع الدين ،وكلفه إسلاما ،ولن تختلف الأمة في هذا. اعتقادا في واختلفوا في الإيمان ،ومن ذهب مذهب التصديق ،وأثبته الضمير لا غير .ومن ألحق به النطق أثبته تصديقا للاعتقاد الذي في الصدور، عضدا للاعتقاد فشمل الكل اسم الإيمان والتصديقومن ألحق به الأفعال ثبته حقيقة ومجاز ا من جهة الشرع. وتحت عنوان» :الاختلاف في الإيمان واعتقادات الضمائر« يقول المؤلف :اعلم أن الاعتقادات في الضمائر والصدور خمس: 497الدليل والبرهان أولها :الإيمان الذي هو التصديق بوجود الباري سبحانه ،واعتقاد السمع والطاعة له ،كما قالوا :سمعنا وأطعنا. والثاني :اعتقاد الأفراق. الثالث :اعتقاد المذاهب. الرابع :اعتقاد الخطأ. الخامس :اعتقاد المباح. ويفسر المؤلف معنى الإيمان بأنه تصديق بالقلب ،وتصديق باللسان، وتصديق بالأفعال .فيقول :إن التصديق بالقلب هو أمر معهود معلوم بين الناس. حاكيا عن إخوة يوسف بينهم وبين أبيهمH G F E ﴿ :وقال االله تعالى ] ﴾ K J Iيوسف [١٧ :فهذا تصديق الاعتقاد في القلب والضمير. وأما التصديق باللسان فأن تقول للواحد :صدقت فيما أخبرت به ،وضده التكذيبكذبهإذا رد عليه خبره وقوله. سبعا .فإن قمت أما تصديق الفعل ،فمثل أن يقول لك رجل :إن وراءك وهربت من موضعك ،وأخذت حذرك فقد صدقته. عرفه المؤلف بأنه يعني السمع والطاعة ،والأديان إنما تكون بينأما الدين في  أهل الإسلام وأهل الشرك والملل .وكذلك ملة الإسلام ودين الإسلام ،وملة الشرك ودين الشرك ،ولا يقال :دين القدرية ،ولا دين المرجئة ،ولا دين المارقة. وأما الأفراق فيجوز ذلك على أفراق الأمة .قال رسول االله ژ » :ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة« فيصلح هذا الاسم لكل فرقة .فنقول :فرقة المعتزلة ،وفرقة القدرية ،وفرقة المرجئة ،وفرقة المارقة. وأما المذاهب ،وهي طريقة الأمة في الشريعة من الفقهاء ومذاهبهم في مائة كتاب إباضي498 التفسير ،وما يؤول إلى ذلك ،ولا تفسيق ولا تضليل ،وهو سائغ الأخذ به والعمل للخاصة والعامة التخيير بين المذاهب. ويتناول المؤلف موضوع اختلاف الناس في الإيمان والكفر .ويشير إلى أن عموما اعتقادا ونطقا ،وفي الناس الناس قد اختلفوا في الذي يجب من الإيمان وخصوصا قالت طائفة :ليس إلا أن ينطق بالشهادة ويعتقدها ،وزاد بعضهم ما جاء به حق .فهذا الإيمان الذي يلتزمه المؤلف ويعتقده. ويتناول المؤلف مسألة اختلاف الناس في الكفر والكبيرة والمعصية والسيئة والخطيئة .ويشير إلى أن الناس قد اختلفوا في الأفعال ،فأثبته بعضهم الس ن ية والمعتزلة ،ومن أثبته الإباضية والخوارج. وأبطله آخرون .فمن أبطله  وعقلا.كتابا وسنة ،ورأ يا ويؤكد المؤلف ذلك بأن كفر الأفعال ثابت لغة وشر عا ، أما في اللغة .فالعرب تقول لمن أنكر نعمتك عليه ،أو لمن لم يكافئك جميعا جحود أو منع عنعليها :كفر نعمتك ،وكفر إحسانك .وفي الوجهين مكافأتك. وأصل الكفر الاستفساد إلى ولي النعمة فقضوا عليه من أجل اللغة أنه كفر. والشكر في الأفعال أظهر وضده الكفر .وفي منع المكافآت أكثر. وأما كفر الأفعال فمن كتاب االله تعالى8قوله ~ } | ﴿ :ے ¡ ] ﴾ ® ¬ « a ©̈ § ¦¥ ¤ £ ¢آل عمران [٩٧ :فقصره أهل الإقرار والإنكار على الإقرار والإنكار ،وأطلقه أهل الجميع إلى الجميع .وهذه التسمية تتوجه إلى الفعل الظاهر. ويتناول المؤلف ذكر المذاهب والآراء ،والاختلاف والائتلاف في أحد أبواب هذا الجزء .ويرى أن االله تعالى قد وعد هذه الأمة بالهداية إلى الحق في كل أمر مختلف فيهلا بد لبعضهم أن يهتدي إلى الحق. 499الدليل والبرهان ويشير المؤلف إلى أن الأمم الماضية لم يطلق االله أيديهم في الشرائع بالرأي ،ليس لهم إلا المنصوص شر عا ،فخص العرب بهذا اللسان ،وجعلهم أئمة لجميع العجم الذين دخلوا في الإسلام ،وفارقوا دين الآباء والأجداد. ن عليهم بلغتهم التي هي أفضل سائر اللغات.وذلك أن االله تعالى م  عرف الاجتهاد بأنه استفراغ الوسعوي ثم يتناول المؤلف الاجتهاد في الرأي . في استغراق الحكم .وقيل :هو استفراغ الجهد في استخراج الحق النازلة بمقتضى الشرع ،وليس هذا القول بصحيح. وصفة الاجتهاد أن ينظر في أوصاف النازلة ،وما يليق بها ،وما يقرب معناها مجتهدا أن يقال من أحكام االله8وأحكام سنة رسول االله ژ فيقيس هذا بهذا رضي االله تعالى ،والحكم الذي لو شرعه كان حقا عند االله تعالى وعند رسول االله ژ . وأما العقل فلا حظ له في جواز الإذن إلا بعد ما ورد به الشرع ،فهي من السنة فقد قال رسول االله ژ :الجائزات لا يقطع العقل فيه بشيء ،وأما من جهة  »إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران :أجر اجتهاده ،وأجر إصابته ،وإن أخطأ  وحط االله عنه المأثم«.فله أجر اجتهاده، ولا ينبغي للمجتهد إلا أن ينظر إلى االله تعالى بعين الخشية في أمر قد كلفه االله تعالى ،وأمره فيه بالاجتهاد .فإن ض يع عصى ،وإن اجتهد فكتم عصى ،وإن نصيبا ،فإن اجتهد فأظهر خلاف ما رأى عصى ،ولا يجعل للشهوة في رأيه وفعلا.اجتهد ورأى رأ يا إن كان يجوز أن ينتقل عنه إلى رأي غيره فتوى أما صفة المجتهد فيحدد له المؤلف عدة شروط: وتاليا له. أولها :أن يكون قار ئا لكتاب االله ، 8 والثانية :أن يكون عارفا بتصاريف لغة العرب ،ومعرفة الاسم من الفعل والحرف منهما. مائة كتاب إباضي500 والثالثة :معرفة النحو ووجوه الإعراب. والرابعة :معرفة وجوه القراءات. والخامسة :أن يقف على تفسير مفسري القرآن الذين اعترفت لهم الأمة توقيفا. بالتفسير .وقولهم حجة لأنهم أخذوه والسادسة :أن يكون قد شذ بعض أحكام الشريعة وراعى زلل شواذ الفقهاء المتقدمة. والسابعة :أن يحصل مقاليد أقفال الكتاب. فمن لم تكمل له هذه الصفات فلا يوثق بشيء من علمه ،ولا بعلم من تعلم منه ،وإنما هو معدم أو مقلد ،فالقائد والسامع بمثابة واحدة لا طائل لهما. ويتناول المؤلف مسائل للأئمة العشرة .ويضع في مقدمة هؤلاء الأئمة: جابر بن زيد الأسدي، 3وهو قوله :لا يحل لعالم أن يقول لجاهل :اعلم مثل علمي وإلا قطعت عذرك ،ولا يحل لجاهل أن يقول للعالم :اجهل مثل جهلي وإلا قطعت عذرك. والإمام الثاني :أبو معاوية عزان بن الصفر ،فيما ذهب إليه من المسائل التي لا يسع الناس جهلها في قول بعض الفقهاء .وسع في قوله حين وسع جهل البعث والقيامة والجنة والنار والأنبياء والملائكة والرسل والكتاب في أمثالها فغرضه ومراده. والإمام الثالث :لواب بن سلام، 3ذكر لواب فيما يعتري الإنسان من الوسواس في صفة الباري سبحانه ،وما يخطر على القلوب من توهيمه أنه فوق، وأنه في السماء ،وعلى العرش وأنه معنى. والإمام الرابع :الربيع بن حبيب. 3فالربيع قد أثبت لجميع المشركين ما غنموه وحازوه من أموال المسلمين في الرقيق والمكاتب والمدبر وجميع الأموال .وأثبت الأنساب بين المشركين ونساء الموحدين. 501الدليل والبرهان والإمام الخامس :أفلح بن عبد الوهاب بن عبد الرحمن الفارسي. 3وعن صغيرا أو جميع من تبعه من المسلمين .قال :إن من الناس من يجهل العلم كبيرا .والغالب على هذه الأمة التقليد. ينكره الإمام السادس :عمرو بن فتح3القائل :إن ما يقيم الحجة في دين االله العالم الغاية الذي لا يوجد على قوله مزيد. الإمام السابع :أبو القاسم يزيد بن مخلد . 3 الإمام الثامن :أبو محرز يغلا بن زلتاف. الإمام التاسع :محمد بن محبوب ،وله أقوال في الربا ،والأصل الذي اجتمعت عليه الأمة بخلاف قول عبد االله بن العباس ،وذلك أن ابن عباس عول في الربا على النسيئة وتأول قول رسول االله ژ » :إنما الربا في النسيئة« ،وأبطله فيما وراء ذلك. الإمام العاشر :الشيخ مصالة، 3وقال :ليس الله علينا أن نكون حفظة لا ننسى ،اعلم أن النسيان للإنسان أمر غالب ،وربما يكون عن أسبابه فيؤخذ به .ولم ترد فيه شدة إلا في ناسي القرآن. ويتناول المؤلف فائدة النطق والمنطق ،فيقول :إن فائدة النطق إيصال المعاني إلى جلب العقول فتقضي فيها بالصواب والعدل. وفائدة المنطق :إيضاح الحق بالقياس الصحيح المؤيد بالبرهان الصريح، ليكون المرء على ثقة من نفسه وبصيرة من أمره ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة. وبفائدة المنطق حاج االله المشركين في القرآن من أوله إلى آخرها ،وفزعهم ببراهينه وحججه والأنبياء صلوات االله عليهم أجمعين بالأثر ،والأولياء على أسلوبهم @ فمن استمسك بحكم النطق والمنطق فاز بحلية الحق والصدق، ومن اقتصر على أحدهما صار أحول بين الخلق. مائة كتاب إباضي502 ويتناول الجزء الثالث من كتاب »الدليل والبرهان« مقدمة في توكيد البرهان .وتمهيد طرقه التي تنقسم إلى ثلاثة :ذكر ما يوصل إلى معرفة المعاني .وذكر العلوم العقلية واللغوية والشرعية وأقسامها ،وذكر ما يوجب اختلاف المتناظرين. ويتناول المؤلف في أحد الأبواب الحق بحسب اعتقاده ،والرد على من خالفه .فيذكر عدة مسائل ،منها :مسألة أبي الحسن علي بن أبي طالب .وذكر ألقابا لدينها .وذكر من قال :كل مجتهد مصيب. الألفاظ التي استعملتها الأمة وذكر أحكام الدماء والاختلاف فيها ،وذكر أحكام المخالفين ،وذكر الملوك وأحكامهم ،وذكر الاختلاف الواقع في خزائن الملوك. وفي أحد الأبواب يتناول باب الغزو والجهاد .ويذكر المؤلف أنه يجوز الغزو مع المخالفين والجهاد والقتال والمحاربة لجميع المشركين الذين حل قتالهم .كما ذكر أحكام المحاربين وما يتصل بهم من أهل الفتن .والفتن التي تقع بين أهل التوحيد .وذكر حال المسلمين مع أهل الخلاف وأهل التدين والسلاطين الجورة. وفي أحد الأبواب نبه المؤلف إلى أنه لا يجوز لأحد أن يتخذ دار الشرك ورسلا ،ودعاة إلى الإسلاموط نا له .ويجوز دخولنا عليهم عيو نا وجواسيس وإلى الصلح ،أو نقض الصلح ،أو لأمر يحدث مما للمسلمين فيه فرج ومخرج. وإن طلبوا منا الأمان للتصرف في بلادنا للتجارة أو للإسلام أو رسل إلينا، فجائز لنا تركهم .وإن افتتح المشركون بلاد المسلمين ،لأن أهل البلاد جائز لهم الكون معهم وتحتهم ،وتجري عليهم أحكامهم .وإن خرج أحد من المسلمين من بلاده من خوفهم ،فهو مثل من لم يسكنها قط. وإن كان المشركون أهل الكتاب؛ كاليهود والنصارى فللمسلمين مخالطتهم ومبايعتهم ومؤاكلتهم ،ويأكلون ذبائحهم وسمونهم ما لم يظهروا على حرام. 503الدليل والبرهان وكذلك طبخهم وطعامهم وشرابهم ليس الخمور .وإن غصبونا نساءنا وبناتنا، فإنا على الأصل لا تحرم علينا نساؤنا إذا رجعن إلينا ،وإن دخلنا بلادهم بأمان فإنا لا نخون ولا نغدر .وإن دخلنا أسارى ،فإن قدرنا على الهروب هربنا، ونسوق معنا من أموالهم ما قدرنا عليه .وإن دخلنا عليهم في بلادهم بأمان أو رسلا أو لافتكاك أسرانا فإنا لا نخون ولا نغدر. ويتناول المؤلف أحكام فسقة أهل الإسلام ،ويشير إلى أن الذنوب التي يأتيها العباد على وجهين :ذنب بين العبد وبين ربه ،وذنب بينه وبين العباد. فأما الذنوب التي بينه وبين العباد هي المظالم .كما يتناول المؤلف طبقات التائبين ،وهي: الأولى من الطبقات :فاسق لم يترك الله حرمة إلا انتهكها ولا معصية أتاها ظلما والربا والفحش وغيرها .ثم من سفك الدماء المحرمة ،وأكل أموال الناس ن عليه بالتوبة ،فانخلع على ما كان عليه من المعصية ،ورجعأن االله تعالى م  إلى الطاعة وإصلاح جميع ما سفك وأفسد. والثانية :من فقد أصحاب الجنايات والحقوق وأرباب المال بعد إصلاح ما أصلح ،فهذا ينفق على المساكين جميع ما عليه من ذلك من الأموال غدا يوموالديات والحقوق ،فيحيل أصحاب تلك الأموال على المساكين القيامة كاللقطة من الأموال تنفق على الفقراء لأربابها. الطبقة الثالثة :الناسي لما عليه من تبعات العباد وحقوقهم .فإن علم االله تعالى منه النية والاجتهاد جعل أجور ما تصدق به في الدنيا لأرباب الحقوق وأحالهم عليها ،لأن االله تعالى قال في كتابه حكاية عن أوليائه1̧ ¶ ﴿ : ] ﴾ 1⁄2 1⁄4 » oالبقرة [٢٨٦ :فإن كانت له حسنات أخذوا منها ،وإن لم تكن له حسنات تحملها عنه مولاه ،وأدخله الباري سبحانه الجنة بإيمانه وتوحيده وحسن نيته.لربه مائة كتاب إباضي504 الطبقة الرابعة :المعسر الذي لا مال له ،فإن هذا سيتحمل االله عنه جميع ما عليه من تبعات العباد وحقوقهم ،ويرتضي االله تعالى عنه جميع أهل الحقوق بغرف يطهرها لهم في الجنة .ويتناول المؤلف بعد ذلك بقية الطبقات بالعرض. وفي أحد الأبواب يعقد المؤلف مقارنة بين مذهبه ومذهب الأشعرية ويبين عشرة مواطن اختلف فيها مع الأشعرية ،ثم يعرض باب أحكام الطعن في دين المسلمين ،ويشير إلى رسائل إخوان الصفاء .وبعض المسائل الخاصة بالنبي ژ وأزواجه وأولاده ،ومسائل خاصة بالجغرافيا مثل الحديث عن خط الاستواء. وغيرها من مسائل. 505 ¬≤ØdG ∫ƒ°UCG áaô©e »a ±É°üfE’Gh ∫ó©dG ±ÓàN’Gh ٥٧٠) »fÓLQGƒdG o«gGôHEG øH ∞°Sƒj ܃≤©j ƒHCG ΩÉeE’Gه١١٧٥/م( وزارة التراث القومي والثقافةسلطنة عمان ،طبع دار نوبار القاهرة١٤٠٤ ،ه١٩٨٤/م. ج ١٨٣ :٢صفحةعدد الصفحات :ج ١٩٥ :١صفحة يتكون الكتاب من مقدمة ،ووصية ،ومجموعة من الأبواب .يذكر المؤلف في المقدمة أن مفتاح الباب أصول اللسان وأصول الجنان ،فأصول اللسان اللغة والنحو ،وأصول الجنان المنطق والفقه .وهذه الأصول الأربعة لا غنى بسبيل الهداية عنها؛ إذ باللغة يكون البيان ،وبالنحو يكون التبيان ،وبالمنطق تظهر حجج البرهان ،وبأصول الفقه معاني القرآن .فنسبة صياغة المنطق إلى العقول في المعقولات كنسبة صياغة النحو إلى اللسان في المقولات. فأما معرفة الفقه وأصوله فإنها غير مضبوطة لكثرة الاختلاف في فصولها وق لة الاتفاق على أصولها وكثرة التنازع في محصولها؛ لأنها بنيت على أمارات وإشارات وعلامات .وبراهينها مقصورة على تلويحات وتنبيهات ،ولم تكن براهينها عقليات مطردات منعكسات ،فحججها غير مقطوع بها، ولا متفق عليها. ويشير المؤلف في المقدمة إلى المنهج الذي يعتمد عليه في هذا الكتاب، فيقول» :أردنا أن نشير إلى الطريقة الوسطى ،ونستعمل الجواز ،ونطرح الشواذ، مستقيما بين الغلو والتقصير ليقرب المأخذ على المقتصد،ونسلك مسلك ا وتهون المشقة على المجتهد«. ويعتمد المؤلف في منهجه على أمرين :أحدهما خبر ،والآخر نظر :أما الخبر مائة كتاب إباضي506 فقول رسول االله ژ » :يحمل هذا العلم النافع من كل خلف عدوله ينفون عنه تأويل الجاهلين وتحريف الغالين ،وانتحال المبطلين«. وأما النظر فاستعمال الأمة كل شيء من العلوم في موضعه ،وإعطاء كل ذي وعول على الأصول التي اجتمعت عليها الأمة.حق حقه ، بعضا، ومنارا كمنار الطريق ،لا يكذب بعضهضوءا، وقد جعل االله للإسلام واجتنب التقليد فيما يخالف التقييد والمنكر في الصدور والشواذ في الأمور، والدين بين الغلو والتقصير ،واستعمل الحذر في مظان التهم ،والعلم في حنادس الظلم ،ذلك أن سعادة الآخرة العلم ،ثم الإيمان ،ثم العمل ،ثم التوفيق، ثم حسن الخاتمة. أما الوصية فهي لأهل الأدب والنهى والطلب ،يقدمها المؤلف لطلاب أولا لتحقيق مآربهم العلوم ،فإن طلاب العلوم تدعوهم أنفسهم إلى المذاكرة وتصحيح مطالبهم ،فإذا دخلوا فيها وتوغلوا وارتقوا إلى المناظرة دعتهم أنفسهم إليها فنعما ما رواه حتى إذا حصلوا جمحت أنفسهم إلى المجادلة في الذب عن الدين والدعاءالميدان ،ولكن الغلبة والنضال واعتقاد النفوس فيها  إلى الحق المبين. فالمذاكرة من شأن الطلبة المجتهدين ،والمناظرة دأب الفقهاء المحققين، والمجادلة ديدن السفهاء الجاهلين ،فإن جادلوا فقل االله أعلم بما تعملون .وقال تعالى] ﴾ ) ( ' & % $ # " ﴿ :العنكبوت ،[٤٦ :وقال أيضا8لرسوله ژ~ ﴿ :ے ¡ ] ﴾ ¢النحل ،[١٢٥ :وقال : 8 ﴿ ] ﴾ / . - , +الكهف.[٥٤ : فينبغي للطلبة إذا أرادوا ركوب هذه السفينة المنجية ،وخوض لجة هذه البحار المهلكة أن يقدموا بين أيديهم تقوى االله8؛ فإن التقوى رأس كل بر وسبب كل خير وحاصل خير الدنيا والآخرة ،والثانية :إخلاص النية الله 8 507العدل والإنصاف في معرفة أصول الفقه والاختلاف خالصا فيما تحاول وتناول فإن االله8لن يتقبل من العمل إلا ما أريد به وجهه مخلصا ،والثالثة :قبول الحق ممن جاءك به والاعتراف له والإقرار به والإذعان له ،وأن يستنكف عن صفات من وصفه االله8بالاستنكاف عن الحق، والرابعة :أن لا ي ع ود نفسه المجادلة في كل شيء ،قال , + ﴿ : 8 .﴾ / . -المجادلة تدعو إلى اللجاجة ،وتدعو اللجاجة إلى المجاحدة وإلى إغماض الناس وإعجاب النفوس وهو حبالة إبليس .والخامسة :أن يراعي العدل والإنصاف بينه وبين خصمه ،فلن تتم مروءة أحدكم ما لم يجتمع فيه هاتان الخصلتان .وقد العدل والإنصاف ميزا نا بين كل خصمين ،فمن جازه حاذاه أداءه وخابت حجته ،والسادسة :أن يحسن خلقه ويستعمل الأدب بين يدي الرب ،ويستعمل الوقار والحلم والتقى والعلم ،فأول ما يحسن أدبه مع االله8يسمع كلامه ،ويظهر إجلاله وإعزازه ،ويصغ إلى الفائدة منه ،وإنما ظهرت فوائده على قدر عقولنا لأن فيه علم الأولين والآخرين ،وقد قال علي بن أبي طالب» :ما من شيء إلا وفي القرآن علمه ،ولكن عقول الرجال تعجز عنه«. الباب الأول من الكتاب يخصصه المؤلف لأقسام العلوم ،ويقسم طرقه إلى ثلاثة :حس مطبوع ،وعقل مجموع ،وشرح مسموع. فالحس المطبوع ينقسم ثلاثة أقسام :حس متصل ،وحس منفصل ،وحس بنية ،فالحس المتصل كاللمس والذوق ،والحس المنفصل هو الرؤية والسمع والشم ،وحس البنية ما يجده الإنسان من نفسه من غير طريقة الحاسة كالألم، واللذة ،والفرح ،والحزن ،والوجود والعدم ،والحدوث والقدم. وتنقسم العقليات ثلاثة أقسام :واجب ،وجائز ،ومستحيل .فأما الواجب فهو ما لا بد من كونه؛ كمعرفة الفاعل بعد ثبوت الفعل .قال االله تعالى¦ ¥ ﴿ : §̈ © ] ﴾ aإبراهيم.[١٠ : مائة كتاب إباضي508 أيضا ثبوت القدرة لمن ثبت له العقل ،وثبوت العلم لمنومن الواجبات ثبت له القدرة ،وثبوت الحياة لمن ثبت له العلم ،وثبوت الوجود لمن ثبت له الحياة .فهذه مقتبسة من أوائل العقول. وأما المستحيل فكاجتماع الضدين ،ووجود شيء واحد في مكانين ،وتحرك الجسم إلى جهتين .ومحال فاعل غير قادر ،وقادر غير عالم ،وعالم غير حي، وحي غير موجود. وأما الجائز ما عرى منهما ،ويسوغ في العقل وجوده وعدمه. وينقسم الشرع المسموع ثلاثة أقسام :أصل ،ومعقول أصل ،واستصحاب حال والسنة ،والإجماع .وينقسم معقول الأصل .وينقسم الأصل إلى ثلاثة أقسام :الكتاب ، الأصل ثلاثة أقسام :لحن الخطاب ،وفحوى الخطاب ،ومعنى الخطاب وهو العبرة. وينقسم استصحاب حال الأصل ثلاثة أقسام :براءة الذمة ،وشغل الذمة ،والاستحسان. فأما براءة الذمة فإن الأصل في الفرائض براءة الذمة منها لا فرض إلا بثبوت الشرع عليه .فمن ادعى شغلها فعليه الدليل .وما ثبت من الفرائض، فالأصل شغل الذمة ،ومن نفاه بعد ثبوته فعليه الدليل. وأما الاستحسان فقول بتقليد لا تقييد ولا دليل ولا برهان. وأما فحوى الخطاب فالذي يقتضيه المعنى المذكور دون ما ذكر؛ كقول االله ] ﴾ | { z y x w ﴿ : 8الإسراء [٢٣ :فالشتم والضرب والأذى والقتل أولى. وأما لحن الخطاب فالضمير الذي لا يتم الكلام إلا به؛ كقوله تعالى ̧ ﴿ : ] ﴾ Á À ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o 1البقرة.[١٩٦ : وأما معنى الخطاب الذي هو العبرة ،فيستعرضه المؤلف في موضع الخطاب فيما بعد. 509العدل والإنصاف في معرفة أصول الفقه والاختلاف وتحت باب »ترتيب العلوم« يقسم المؤلف العلم إلى قسمين :محدث، وغير محدث .فغير المحدث علم القديم سبحانه ،والمحدث علم المحدث. ومكتسبا .فالضروري ينقسم والعلم المحدث ينقسم قسمين :ضرور يا، أقساما أولها :علم البنية ،وهو علم الإنسان ،والثاني :ما علمه من العقليات: الواجبات والجائزات والمستحيلات ،فهذه العلوم ضرورية .وربما يقع في نفس الإنسان من أول وهلة ،وربما يقع بعد تردد الخاطر فيها ،والثالث :ما علمه من جهة الحاسة فكلها ضرورية :أما من جهة البصر فالأدوات والألوان .وإما من جهة السمع فالأصوات بأصنافها .وإما من جهة الذوق فالطعوم بأصنافها ،وأما من جهة الشم فكالروائح الطيبة والخبيثة وغيرها ،وأما من جهة اللمس مثل الحار والبارد وغير ذلك ،وربما يقع الغلط في هذه الحواس ،وإن كان علمها ضروريا .والرابع من الضروريات :ما يعلمه من جهة الأخبار المتواترة ،وهو يتوزع بين الضروري وبين المكتسب ،فبدايته كسب ونهايته ضرورة ،وهذا كالأخبار عن القرون الماضية المشهورة. ويتناول المؤلف علوم الكسب في باب ،ويذكر أنها تقع على أوجه :أولها: ما يقع من جهة الاستدلال ،والثاني :ما وقع به من جهة النظر والبحث في علوم الشرائع وهو الفقه ،وهي علوم مظنونة كعلوم الفقه والشرائع والطب والعبادة والفتوى .والثالث :ما وقع العلم به من جريان العادة في علم الصناعات والحرف ،واختلف الناس في حد العلم على ثلاثة أقوال .فقولنا :حد العلم معرفة الشيء على ما هو به ،والأحسنفيما يرى المؤلفدرك الشيء على ما هو به .وبعضهم يقول في حد العلم هو معرفة المعلوم على ما هو به وهو قول الأشعرية .والثالث منهم :من يقول لا حد له هو أظهر من أن يجد .وإنما قال هذا القائل هذا القول لتعذر حصره وعظم خطره. ويعرض المؤلف معنى الروح والعقل في أحد أبواب الجزء الأول من هذا مائة كتاب إباضي510 الكتاب ،فيذكر الروح بأنها أمر رباني نسب االله معرفة علمه إليه ،ولا سبيل إلى القول فيه إذا لم يأذن االله تعالى لنبيه‰فيه .قال àÁ À ﴿ : 8 ] ﴾ Î Í Ì Ë Ê É È Ç Æ Å Äالإسراء.[٨٥ : وأما العقل فقد اخ تلف فيه على أربعة أقوال: أحدها :أنه غريزة في القلب يتهيأ بها درك العلوم النظرية والاستدلالية والاختيارية ،والإشارة في هذا إلى الطبيعة. الثاني :أنه جوهر روحاني بسيط نوراني مركوزة في جبلته العلوم العقلية المنسوبة إليه ،الفطرية تعلمها لا بتعليم ولا تعلم ولا يخالجه الشك فيها. الثالث :أنه العلوم العقلية نفسها من الواجبات والجائزات والمستحيلات. الرابع :أنه العلوم التجريبية والنظرية ،وهو من أفعال القلب ،غير أن هذه كسب ،وتلك ضرورة .فالأولان جوهران ،والآخران عرضان ،والأصح أنه جوهر روحاني بسيط مركوزة فيه علومه الجبلية ويستعملها للعلوم التجريبية والنظرية، وتنفرد عن البهائم بذكر ما مضى وبعلم ما يأتي. والفقه في الدين والأحكام والاستنباط علم الفقهاء وأهل الفتاوى والوعظ، والحكم علم العلماء باالله، 8والأصول علم المتكلمين .والواجب منهما علم المنطق فهو علم المتكلمين والأصوليين. والعبادة علم الرؤيا وعلم الخضر‰منوط بعلم الملائكة وليس على الشرعيين من علمه شيء ،ولا عليه من علم الشرعيين شيء ،وعلومه مرتبطة به يتلقاها من لدن االله، 8وليس عليه من إنكار المنكر الظاهر شيء. ويعرض المؤلف أقسام الأفعال في الشرع ،ويقسمها إلى خمسة :واجب ومندوب ومباح ومحظور ومكروه ،وزاد بعضهم الصحيح والفاسد. فالواجب هو الفرض ،وهو اللازم ،وهو الحتم ،وهو المكتوب .وحده 511العدل والإنصاف في معرفة أصول الفقه والاختلاف ما كان في فعله ثواب وفي تركه عقاب .وذهب الآخرون إلى أن الواجب منزلة وحد من الفرائض ،والمندوب في قبالة المكروه واستعملوه لأوكد السنن. وحد المندوب ما كان فيالمحظور ما في تركه ثواب وفي فعله عقاب. وحد المكروه ما في تركه ثواب وليساكتسابه ثواب وليس في تركه عقاب. في فعله عقاب. وأما الصحيح والفاسد فمن مواضعات الفقهاء بينهم البين ،فما أمروا فيه بإنفاذه قالوا :صحيح كالصلاة في الدار المغصوبة ،وما أمروا فيه بإعادته قالوا: فاسدة كالصلاة للحاقن. وعن أحكام الخطاب الوارد من االله، 4ومن الرسول ژ،ومن الأئمة الخلفاء الراشدين الهادين المهتدين ،فالحقيقة كل لفظ استعمل لما وضع له، والمجاز كل ما وضع لغير ما استعمل له كقول العرب :هذا أسد للشجاع ،وبحر للسخي. ومفصلا ،فالمجمل ما لا يفهم به المراد مجملاوالحقيقة تنقسم قسمين: محتملا وغيرمن لفظه ويفتقر في بيانه إلى غيره .وينقسم المفصل قسمين: محتمل ،فغير المحتمل هو النص وهو ما رفع في البيان إلى أقصى غاياته. ظاهرا وباط نا ،فالظاهر سبحانه الفرائض ولما يعرفه، والمحتمل ينقسم قسمين: وقال بعضهم :ليس النظر عليه بفرض ولكن لا بد له أن ينظر .وهذا القول طبعا. فرضا ويحتمليحتمل مقدورا لفاعله حد الفعل ،فقالت القدرية :ما كانوقد اختلف الناس في  قبل وجوده على أصلهم في القدرة على الفعل ،وحد الفعل عند المحققين أنه الموجود بقدرة فاعله على أصل الإباضية في أن القدرة مع الفعل وفيه حد الفعل ما لم يكن ثم كان ،واالله تعالى خالق أفعالنا فهي من االله خلق ومنا فعل خلافا للمعتزلة والجهمية .أما المعتزلة فقالوا :هي لهم دون االله .وأما مائة كتاب إباضي512 الجهمية فقالوا :هي الله دوننا ،وأهل الحق يقولون :هي بين بين كانت منا فعلا ومن االله خلقا. وأفعال المكلفين على ضربين :ظاهر وباطن .أما الظاهر فالحركات والسكون .وأما الباطن فكالاعتقادات والإرادات .واالله الخالق المبتدع المنشئ المخترع ،والعبد هو الفاعل الكاسب المريد المختار ،فحواسه كلها أجسام، ونطقه وكلامه وقوله كلها أفعال وهي أعراض. وتنقسم أفعاله كلها إلى ثلاثة أقسام :قسم اختياري ،وقسم ضروري ،وقسم كراهة .فأما الاختيار :فما اختاره هو ما سبق إلى النفوس. فصاعدا، عم شيئين وخاصا ،فالعام ما عاما والظاهر ينقسم قسمين : والخاص إخراج بعض ما رسمه اللفظ من الحكم العام. والعام والخاص ينقسمان إلى قسمين :أمر ،وخبر .فالأمر إذا دخلت عليه )لا( صار نه يا ،والخبر إذا دخلت عليه )ألف( صار استخبار .وهذه الأربعة المعاني إليها تؤول لغة العرب كلها. ويتناول المؤلف مفهوم اللغة ويتساءل هل هي توقيف أم مواضعة؟ ويشير إلى اختلاف العلماء في هذا السؤال .فالأشعرية تقول :توقيف ،وبعض القدرية يقول: وعقلا. ومواضعة توقيفا مواضعة ،والأصل أن المعنيين سائغان ،يجوز أن تكون فأعمها على مذاهب المؤلفوأخصها، أعم الأسماء واختلف العلماء في شيء ،وعند الأشعرية معلوم ومذكور. واختلف الناس في أقل الجمع ،فقال عثمان بن عفان وزيد بن ثابت :أقل الجمع اثنان ،وقال ابن عباس :أقل الجمع ثلاثة. واختلفوا في القرآن هل فيه مجاز أم هو كله حقيقة لا مجاز فيه؟ قال بعضهم :هو كله حقيقة لا مجاز فيه لأن المجاز باطل ،وكيف يكون الحق مجاز ا. 513العدل والإنصاف في معرفة أصول الفقه والاختلاف وجميع ما في القرآن عربي ،والدليل قوله ﴾ u t s ﴿ : 8 ]الشعراء ،[١٩٥ :وقوله تعالى] ﴾ X W V U ﴿ :الزخرف [٣ :واستدل من أجاز أن يكون فيه غير العربي من سائر اللغات العجم. والمجمل في القرآن قوله ﴾ « a © ̈ § ¦ ¥ ﴿ : 8 ]الأنعام .[١٤١ :فالمجمل كل كلام بالعربية لا ينفهم للعرب ظاهره حتى يرد بيان بمراده .واختلفوا في الصلاة والزكاة والحج والصوم والأسماء الشرعية كلها. فقال بعضهم :إن هذا كله مجمل لأنه لا يتوقف على حقيقة إلا بالشرع الوارد ببيانه؛ ولهذا قال بعضهم :إن هذه الأشياء المذكورة كلها مفصلة لا مجملة وهو الأصح ،وإنما المجمل المجهول الجنس ،وهذه الأمور تحتوي التحريم تعرفها العرب بأن الصلاة عندهم دعاء ،والزكاة طهارة ،والصوم إمساك ،والحج قصد، والتحريم الظاهر في سورة النساء النكاح والعقد ،وك ل معروف مراده. والمفصل هو المبين ،والبيان هو الإيضاح والإعلام والدلالة والإشارة والهداية والأبدان ،فجميع الوجوه التي تنفهم منها المعاني لأهل اللسان فهو والسنة والأثر وجميع الكلام.بيان لما في القرآن ويقع البيان بأوجه :أولها :البيان القرآن .والبيان الثاني :بيان القرآن ،والثالث: بالظاهر دون الباطن إلا أن منع من الظاهر نص أو عقل أو قياس ،والرابع :العام ما لم يقع تخصيص ،والخاص لأحكام العموم ،والخامس :بيان المجمل من والسنة والأثر ،والسادس :البيان بالعقل ،والسابع :الإجماع.الكتاب قصه ويتناول المؤلف بيان القرآن في باب من هذا الجزء .ويرى أن البيان المبين ما االله تعالى علينا ونصه علينا من أخبار القرون الماضية والأمم الحالية ونبأ المرسلين. واجتمعت الأمة على أنه لا يجوز تأخير البيان عند وقت الحاجة ،واختلفوا في تأخيره عند وقت ورود الخطاب ،فأجازه بعضهم وأبطله آخرون ،فعامة الفقهاء قد أجازوه ،ومنعت منه القدرية. مائة كتاب إباضي514 واختلف الناس في العموم والظاهر وأخبار الآحاد إذا تعارضت أيها أقوى. قال بعضهم :إن أخبار الآحاد أقوى من الظاهر ،وقال بعضهم :العموم أولى ،ألا ترى إلى عمر كيف أبطل حديث فاطمة بنت قيس ،وقال :لا ندع كتاب االله 8 إلى قول امرأة لا ندري أصابت أم أخطأت ،فأوجب النفقة والسكنى للمبتوتة، والظاهر والعموم وأخبار الآحاد وهي طرق مستعملة ،فإذا تقاومت غلبوا عليها الرأي والقياس واستصحاب الأحوال. وعن الأمر والنهي يذكر المؤلف أن الجميع قد اتفق أن الأمر لا يفيد حسن المأمور ،ولا النهي قبح المنهي عن أن هذا حسن وأن هذا قبيح .وإنما يعلمان أيضا من جهة المصلحة خلافا للقدرية الذين يقولون من جهة الشرع ولا يعلمان إن االله8لا يكلف عباده إلا من جهة المصلحة. الح سن وقد يكون التكليف والأمر ابتلاء ويكون رحمة ،فمن الشرع يقتبس ح سن وقبح القبيح ،لا من جهة العقل إلا ما يتعلق بالعقل من جهة الواجبات وأخواتها، الح سن والقبح ،كما أنه خارج عن حد الطاعة والمعصية. والمباح خارج عن حد وقد اجتمعت الأمة أن رسول االله ژ بعث إلى الإنس كافة والجن كافة، أحدا أكثر من مقدرته ،فمن شاهده أبلغه ،ومن غاب كتب وأرسلولم يكلف إليه وأوصى. ويتساءل المؤلف :هل يصح أن يكلف االله عباده ويأمرهم وينهاهم بأوامره ونواهيه ولا عقوبة ولا مثوبة؟ وهل يسوغ أن يأمرهم وينهاهم ويجعل مثوبتهم ترك عقابهم إن أطاعوا ،وأما إن عصوا فيعافيهم أو عكس ذلك؟ وهل يسوغ في منقطعا كما ينقطع العمل؟ أو يجعل إحدى المثوبتينالعقل أن يكون الجزاء منقطعة والأخرى دائمة الجواب؟ إن هذا كله سائغ في العقل لا استحالة له، وليس فيه شيء يبطل الحكمة. متعبدا عارفا باالله 8 سؤالا آخر :هل كان رسول االله ژويطرح المؤلف 515العدل والإنصاف في معرفة أصول الفقه والاختلاف وبدينه قبل مبعثه؟ وهل هو متعبد بشريعة أحد ممن كان قبله من الرسل صلوات االله عليهم أجمعين؟ ويجيب المؤلف :أن بعض الفقهاء تكلموا في هذا على قدر حدسهم ف دينه الذي يخصه قبل مبعثه.ف االله8و ع ر وخلقهم .قالت الأشعرية :قد ع ر وقالت المعتزلة :أمر أدركه بعقله من معرفة توحيد ربه وما يقتضي العقل ،وقال جميعا. بالوقف أهل الوقف وأجاز الآخرون الأمرين متعبدا بشريعة أحد من الأنبياء حين أرسل إليه قبلوهل كان رسول االله ژ أن تشرع له شريعة؟ وهل نسخت شريعته كل شريعة كانت قبله ،أو نسخت الشرائع التي قبله؟ الجواب :اختلف العلماء في هذه المسائل .قال بعضهم :إنه أمر أول وهلة بشريعة نوح، ‰بدليل قوله تعالى) ( ' & % $ # " ﴿ : * ] ﴾ +النساء .[١٦٣ :وقال بعضهم :بل تعبد بشريعة عيسى. ‰وبقول رسول االله ژ » :أنا أحق بعيسى ابن مريم لأنه لا نبي بيني وبينه« ،وقال أولا بشرائع أولي العزم من الرسل وأمر باتباعهم ،بدليل قولهبعضهم :بعث تعالى] ﴾  Á À ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 ﴿ :الأحقاف .[٣٥ :وقال بعضهم :بل تعبد بشريعة موسى، ‰ألا تراه ليلة المعراج كيف حط عنه من ثقل الصلوات .وقال بعضهم :بل تعبد بشريعة أبيه إبراهيم الخليل صلوات االله عليه، بدليل قوله » : ‰جئتكم بالحنفية السهلة السمحة«. إن رسول االله ژ بعث إلى الناس كافة فنسخت شريعته كل شريعة كانت قبله إلا ما لا ينسخ من مكارم الأخلاق والتوحيد؛ ولذلك أمره االله تعالى بعد ذكره الأنبياء صلوات االله عليهم فقال] ﴾ Ä Ã ﴿ :الأنعام [٩٠ :يريد ما هم عليه من التوحيد ومكارم الأخلاق ،وما ذكره االله8حكاية عنهم في القرآن لم ينسخه. مائة كتاب إباضي516 ويتناول المؤلف في الجزء الأول من الكتاب مسألة »هل يدخل رسول االله ژ مع أمته في الأمر الوارد في القرآن أم لا؟«. ويرى المؤلف أن من الأوامر ما يخص النبي ژ دون أمته كقول االله : 8 ﴿ ] ﴾ Q P O N M L K Jالمائدة ،[٦٧ :ونحو قوله ❁ } | ﴿ :ے ¡ ﴾ ]المدثر ،[٢ - ١ :و﴿ ! " ﴾ ]المزمل ،[١ :وما أشبه ذلك لا يدخل معه أحد في ذلك الاسم. وعموما لأمته كقوله تعالى# " ! ﴿ :خصوصا له وربما يرد الخطاب ] ﴾ ) ( ' & % $الطلاق ،[١ :وأما الاسم الجامع له ولأمته فداخل الخطاب معهم كقوله > ﴿ ،﴾ D C B ﴿ : 8 ? ﴾ ،و﴿ @،﴾ Aو﴿ .﴾́ 3 وتناول المؤلف الظاهر والباطن ،والمحكم والمتشابه ،ويشير إلى أن أحكام المحكم والمتشابه قد اندرجت في أحكام الظاهر والباطن؛ لأن المحكم بعض الظاهر ،والمتشابه بعض الباطن ،وقد اختلف الناس في المحكم والمتشابه على أربعة أقوال :قال بعضهم :المتشابه حروف المعجم التي في أوائل السور وهي سر االله تعالى في كتابه ،والمحكم ما فيه أمر ونهي ،وخبر واستخبار. والحاجة ماسة إلى الأوامر والنواهي وبيانها تمثيل العباد ما رسم لهم ،ومحال أن يرسم لهم ما يتشابه عليهم. وحد الظاهر ما سبق النفوس معناه ،والباطن بخلافه ،وقيل إن الظاهر ما له تأويلان أحدهما أظهر من الآخر. واختلف الناس في الظاهر والباطن أيهما أولى بالاستعمال .قال بعضهم: الظاهر أولى من الباطن وهو مذهب الفقهاء وداود بن علي ،فأما الفقهاء فذهبت إلى تغليب الظاهر على الباطن ما لم يأت شرع أو عقل يمنع منه .وأما داود بن علي وابنه ومن تابعهما من أهل فارس فغلبوا الظاهر على الباطن. 517العدل والإنصاف في معرفة أصول الفقه والاختلاف وقال البعض :إن الباطن أولى من الظاهر ،وإنما نزل القرآن والمراد فيه الباطن ،وهم الباطنية ،وهم غالية الشيعة والقرامطة .وقالت الأشعرية بالوقف وهو خلاف الفقهاء. ويصف المؤلف مذهب المشبهة في ظواهر القرآن بأنها أنجاس ،وهم الذين حملوا ظواهر القرآن وجميع أوصاف االله8على ما يعقلونه من أنفسهم وأرواحهم ،وذلك أن االله سبحانه لا تدركه الأبصار وهو اللطيف الخبير ،والرب سبحانه لا يشا هد بالحواس ولا يقاس بالناس ،ووصف الباري سبحانه نفسه بما يليق به من الصفات فقصروها على ما يعقلونه من أنفسهم على أنهم يشهدون على الأصل الأول وهو قوله6 5 43 2 1 ﴿ : ] ﴾ 7الشورى.[١١ : والسنة .أما تخصيص ويعرض المؤلف مسألة التخصيص بالإجماع للقرآن القرآن بالإجماع فكثير .قال االله j i h gf e d c ﴿ : 8 ] ﴾ kالنساء [١١ :فخص الإجماع منها العبيد. السنة المشرك والقاتل وما قول االله ¤ £ ﴿ : 8وخصت  ®¬«a© ̈§¦¥ ̄ ﴾ ]المائدة.[٤٥ : وأجمعت الأمة أن هذا في المكلفين ،وأجمعوا أن الأطفال والمجانين ليس بيننا وبينهم قود ولا قصاص ،وأجمعت الأمة أن ليس بيننا وبين البهائم قصاص .وأجمعت الأمة أن الأموات لا يرثون من الأحياء شي ئا ،فإجماعهم هذا خص آية المواريث.قد السنة بالكتاب فأجازه البعض وأبطله آخرون،واختلفوا في تخصيص عموم  فمن أجازه استعمل قول االله ] ﴾ U T S R Q P ﴿ : 8الأنعام،[٣٨ : وبقوله ] ﴾ D C B ﴿ : 8النحل ،[٨٩ :وبعض الفقهاء يجعل عموم القرآن مائة كتاب إباضي518 وأخبار الآحاد تتعارض ،ومنه خبر أبي هريرة» :لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها« ،وهي للإجماع أقرب. ويرى المؤلف أنه إذا تعارض عمومان فإن نظر في التاريخ كان الآخر ناسخ ا للأول ،فإن لم نعلم التمسنا الدليل في غيرهما ،فإن قدرنا على جميعا ،وأن نجعل لكل واحد منهما ح ظا في الاستعمال فعلنا .وإذااستعمالهما تعارض عمومان أحدهما يخصه العقل والآخر يطلقه فليس هناك تعارض مثل قوله ] ﴾ Ó Ò Ñ Ð ﴿ : 8البقرة ،[٢٨٢ :وقوله تعالى1 0 ﴿ : ] ﴾ 7 6 5 4 3 2محمد [٣١ :فإن كان المعنى حتى نعلم موجودا .فالتأويل صحيح. ذلك كائ نا واختلف الناس فيما ينبغي أن يعتقده سامع العموم إذا سمعه هل يجريه على عمومه أو حتى يبحث ويرى ما يخصه ،فإن لم ير أجراه على عمومه .قال أهل الوقف بالوقف ،وأما من قال بالعموم فهم ضربان :ضرب يقول بالتعميم مطلقا ،وضرب يقول بالتعميم غير أنه يقول لا بد من البحث .فإن عدم التخصيص في بحثه أجراه على عمومه .وقال بعضهم :أما في الصدر الأول وما يقرب منهأي :صدر الإسلامفينبغي البحث والتوقف؛ لأن الناس حديثو قليلا انقطع العذر ولا بد من البحث،عهد بحدوث الشريعة ،فإن تطاول الأمر رجلاوهذا مذهب جابر بن زيد3حين قال عبد الملك بن مروان وقد قتل تزوج زوجة أبيه فقال :لا جهل ولا تجاهل في الإسلام ،فقال جابر بن زيد: أحسن عبد الملك ،أو قال :أجاد. وفي باب »الاستدلال بحروف الحصر« يشير المؤلف إلى أن ألفاظ الحصر أربعة تدل على نفي الحكم عن غير المنصوص عليه وهو نوع من دليل الخطاب ،وهي )إنما( ،ثم )ذلك( ،ثم )ألف واللام( التي لاستغراق الجنس ،ثم )الإضافة(. 519العدل والإنصاف في معرفة أصول الفقه والاختلاف أما )إنما( كقول االله ] ﴾ K J I H ﴿ : 8النساء [١٧١ :فإنها تدل على نفي الحكم عن غير المنصوص .وقوله ژ » :إنما الأعمال بالنيات« أراد حصر الأعمال إلى النية وإبطالها في غير النية. وأما )الألف واللام( التي لاستغراق الجنس في قوله » : ‰البينة على المد عي واليمين على المدعى عليه«. وأما »الإضافة« فقوله » : ‰تحريمها التكبير وتحليلها التسليم«. وأما لحن الخطاب من قوله j i h g f ﴿ : 8 u t s r q p o n m l k ] ﴾ vالنساء [٢٣ :وأجمعوا على أن الربيبة التي في غير حجورنا محرمة كسائر الربائب. وتناول المؤلف »الأخبار« وحد الخبر ما يدخله الصدق والكذب .وقالت كذبا فجاحدهم على الأشعرية :حد الخبر هو الكلام لا بد من كونه صدقا أو أصلهم في الكلام ،وإنما هربوا من كلام االله8أن يدخله الكذب. والمتواتر من الأخبار علمه ضروري كالإخبار عن القرون الماضية؛ كعاد وثمود والأقاليم المشهورة؛ كالصين وخراسان والعراق واليمن والشام. ولعلم التواتر ثلاثة شروط :أولها :العقل ،والثاني :المشاهدة ،والثالث :العدد، فإذا أخل شيء من هذه الشروط اختل التواتر؛ لأن أخبار المجانين والصبيان والذين لا يعقلون لا يوثق بأخبارهم .وإن أخبار من لم يشاهد لا يوثق بها كالمقلدين من الأمم للآباء والأسلاف ما ليس لهم به علم ،ولم يشاهدوه ،ولا بد من العدد أن يكون كثرة عن كثرة إلا ما شاهد ورأى ممن يؤمن عليه الخطأ. والأخبار الصادقة التي يقع لنا العلم أنها صادقة عند االله تعالى تقع من ستة أوجه: مائة كتاب إباضي520 أولها :أخبار االله تعالى التي نصت عليها المعجزات الخارقات للعادات. استشهادا على الثاني :خبر الأنبياء المؤيدين بالمعجزات الخارقات للعادات صدقهم فيما أخبروا عنه. الثالث :من أخبر الصادق بصدقه كالذي يصدقه النبي ويقول :إنه صادق حدث به ،أو ما أخبرنا عنه من أن أمته لا تجتمع على ضلالة.فيما ي الرابع :أن تحكى عن جماعة كثيرة وليس في مستقر العادة سكوتهم. حدث عن رسول االله ژ بحضرته ولا ينكر عليه فيثبت عندنا.الخامس :أن ي السادس :ما تلقته الأمة من مستفيض حديث رسول االله ژ بالقبول وجاوز حد الآحاد وإن لم يبلغ حد التواتر .والمتواتر أولى بالصدق. والأخبار قد وردت عن رسول االله ژ من عشرة أوجه :فخمسة منها صحاح، وخمسة ضعاف ساقطة .والصحيح :الخبر المتواتر ،ثم أخبار الآحاد وهي الأخبار المسندة ،ثم الأخبار المراسيل ،ثم أخبار الصحيفة ثم الموقوفة ،وأما الخمسة الأخر :فالخبر الضعيف ،ثم المقاطيع ،ثم الشواذ ،ثم المناكير ،ثم الكذب. وقد اختلف الناس في الصحابة على ثلاثة أقوال :منهم من قال بتعميم العموم ،وأن يكونوا على عمومه فيشهدون لهم بالعدالة وهم أصحاب الحديث السنية ،ولم يؤولوا ولم يعرجوا على عموم مثلها والمرجئة والحشوية وسائر  يناقضها ولا على استخصاصات تخصها. ومنهم من قال بالتعميم إلى أقل الجمع وهو ثلاثة ،فينبغي أن يراعوا أبا بكر وعمر وعثمان ،فيتوقف عما سواهم إلى اثنين ،وهو أقل الجمع. عرف المؤلف »الصحابي« أنه كل من أدرك رسول االله ژ ورآه وآمن به،وي  وأما إن كان رآه قبل أن يبعث أو بعد ما بعث ولم يؤمن به إلا بعد موته ،فهو البعد فلم تمكنه رؤيته فاختلف فيه؛من التابعين ،ومن آمن به وحال بينه وبينه 521العدل والإنصاف في معرفة أصول الفقه والاختلاف كالنجاشي ،وأما الأعمى الذي لا يبصر وقد سمع كلامه أو كان بموضع لا يسمع كلامه ،أو رآه لكنه أصم لم يسمعه إلا أن هؤلاء كلهم عقلوه ورأوا من هديه شي ئا ،فإن هؤلاء صحابة ،ومن رآه من الأطفال وعقله أو عقل عنه شي ئا من أقواله وأفعاله فهو من الصحابة. ويتناول المؤلف »التعديل والتجريح« في أحد الأبواب ،ويذكر أن الناس قد اختلفوا في التعديل والتجريح ،وأجمعوا على أن الكفر والشرك مما يجرح به الراوي ،واختلفوا في التفسيق فقال بعضهم :أما الفسوق التي هي المعاصي فليس فيها تجريح ،وأما فسوق البدع فهو التجريح ،وقال بعضهم بعكس هذا، السنية .وأما الإباضية والقدرية فالفسوق كلها تجرح بها لا منوهذا اختلاف  المعاصي ولا من البدع ،ومن الإباضية من يجيز عدالة أهل الفسق من جهة خصوصا. البدع لا من جهة المعاصي في الأحكام وقالت الخوارج :لا يعدل أحد فارق مذهبهم وقضوا عليه بالشرك .وفي السنية تقبل رواية متشبها .وجل  جميع معاصي من عصى االله تعالى متدي نا أو القدرية عن رسول االله ژ وتجيز اجتهاد الرأي للجميع. والعدل الذي يجب قبول خبره أن يكون ظاهر العدالة غير ساقط المروءة، أما ظهور عدالته فإنه يدين بدين الحق وينطق بلسان الصدق في حديث الخلف، وملاك الأمر الورع ،والدين غير المبتدع .فأما في أمور الشهادات الشرعية أنه تقوده ديانته وتسلم أمانته .واعلم أن الناس في أول الإسلام قبل أن تختل الأمانات وتتغير الديانات فظهور العدالة بظاهر الإسلام .فلما تغيرت الأمانة على عهد عمر ،وفشت فيهم الخيانة أحدث لهم المزكين فلما وقعت الفتنة أصبح الناس وقد مزجت عهودهم وأمانتهم وجب التوقف. كما تناول المؤلف الناسخ والمنسوخ ،و عرف النسخ في لغة العرب بأنه على ثلاثة أوجه :الأول :الإزالة ،والثاني :الإبطال ،والثالث :النقل. مائة كتاب إباضي522 فالأول :من قول العرب :نسخت الشمس الظل ،وهو زوال المنسوخ بإثبات الناسخ. جميعا ،كما تقول العرب :نسختوالثاني :الذي هو الإبطال ،وهو أن يبطلا جميعا. الريح الأثر ،ونسخ المطر الأثر ،أي :ذهبا والثالث :الذي هو النقل ،وهو نسخ الكتاب من الكتاب. وحد النسخ إزالة حكم ثابت بشرع متقدم بشرع متأخر عنه لولاه لكان ثاب تا ،وقيل :بيان انقضاء مدة العبادة ،وقيل :رفع الأول بأمر ثانلولاه لكان ثاب تا .ويؤكد المؤلف على أن البدء والنسخ والاستثناء والتخصيص أربعة معان تجوز على االله8كلها إلا البدء فإنه لا يجوز على االله8خلافا للرافضة الذين أجازوه على االله . 8 وقد اختلف الناس في النسخ ،فقال بعضهم :لا ناسخ ولا منسوخ .وقالوا: ليس من الحكمة جواز النسخ على االله8لأنه بداء وهو قول اليهود. وفسره ابن عباس :أن الحفظة تكتب ما حفظت من أفعال العباد وتلتقي في السماء مع الملائكة يكتبون ما صح للعبد مما يؤخذ به ويثاب عليه مما هو مكتوب في اللوح المحفوظ فتقابل النسختان فيثبت جميع ما صح في اللوح المحفوظ ،ويتلاشى ما سواه. واختلف الناس فيما يقع فيه النسخ .قال بعضهم :لا يجوز إلا في الأمر والنهي. وقال بعضهم :إن النسخ يلحق الأمر والنهي والطاعة والمعصية. وقال بعضهم :إن النسخ يلحق الأمر والنهي والطاعة والمعصية والثواب والعقاب؛ لأن الثواب تبع للطاعة ،كما أن العقاب تبع للمعصية؛ لأنه محال زوال الأمر وتبقى الطاعة ،أو زوالهما ويبقى الثواب. 523العدل والإنصاف في معرفة أصول الفقه والاختلاف ولا يجوز النسخ في معرفة االله تعالى ولا الإباحة ولا الندب ولا النسخ في الأمور العقلية كلها؛ لأن الشرع لا يأتي بخلافها ،وأما من قصر التكليف والنسخ على المصلحة وهو قول القدرية فهو ما يرفضه المؤلف. السنة بالقرآن ،ونسخ بالسنة ،ونسخ  والسنة  وجائز نسخ القرآن بالقرآن، بالسنة ،وأخبار الآحاد بأخبار الآحاد ،والأخبار المتواترة بأخبار الآحاد،القرآن  والأخف بالأثقل ،والأثقل بالأخف ،والنسخ إلى غير بدل ،ونسخ التلاوة معا ،وأن ينسخ كل وبقاء الحكم ،ونسخ الحكم وبقاء التلاوة ،ونسخهما واحد صاحبه. والسنة تنسخ القرآن ،كل واحد منهما ينسخ الآخر، السنة، والقرآن ينسخ  وهو ما يأخذ به المؤلف. ذاكرا أن الإجماع في لغة ويتناول المؤلف »الإجماع« في أحد أبواب كتابه العرب على وجهين :تقول أجمعت على شيء إذا عزمت عليه ،والإجماع الآخر جميعا. اتفاق ،وقد نطق بهما القرآن ولفظ الإجماع تجمع على الحق والباطل والخطأ والصواب ،لكن هذه الأمة ثبتت من سائر الأمم ،وثبت أن إجماعها كله صواب وحق .وما ملة من الملل ولا أمة من الأمم إلا وقد اجتمعت على خطأ وباطل غير هذه ،لكن هذه الأمة إذا أطلقت اسم الإجماع إنما يريدون انعقاد الحجة. والإجماع إجماعان :إجماع تستوي فيه الخاصة والعامة؛ كالمتواتر من والجمع والأيام .فهي السنن والصلوات وأعدادها وأوقاتها ووظائفها والشهور الأصول التي يبنى عليها الدين ،والعامة تخطب في حبل الخاصة ،وليس للعامة مخالفة العلماء في شيء منها. واختلف الناس في المدة التي ينعقد فيها الإجماع ،قال بعضهم :إذا اجتمع مائة كتاب إباضي524 أهل العصر على الحادثة فرأوا رأيهم واتفق رأيهم على قولة واحدة فإنه يجوز لمن كان معهم في عصرهم خلافهم ،ولمن أتى في عصرهم ما لم ينقض العصر ولا يراعى من غاب عن النازلة. كما يتناول المؤلف في أحد أبواب الجزء الثاني من الكتاب »مسألة عرف الاجتهاد بأنه استفراغ الوسع في طلب علموي  الاجتهاد والاختلاف« ، الحادثة ،ولا يكون الاجتهاد إلا لمن بلغ منه الأمر الجهد فهو الاجتهاد .وكل ما ليس في كتاب ولا سنة ولا إجماع فمختلف فيه .قال بعضهم :الحق في جميعهم ،وقال بعضهم :الحق في واحد ،وقد ضاق عن الناس خلافه. وقال أهل الحق في واحد ولا يضيق على الناس خلافه .ويشير المؤلف إلى أنه لا يسوغ الاجتهاد إلا في فروع الشريعة ،وأما أصولها فلا .والأصول كل مستخرجا مجمو عا عليه ،أو في سنة ما جاء في كتاب االله  8 نصا أو رسول االله ژ مقطو عا بها أو اجتمعت عليه الأمة. وقال بعض أصحاب أبي حنيفة :كل مجتهد في فروع الشريعة مصيب في اجتهاده وفي فتواه وفي حكمه ومأجور عليه ،واختلف عن مالك .وقال أهل الحق :إن الاجتهاد مأمور به ومأجور عليه ومأجور على إصابته الحق وفتواه والحكم به ،وأما إذا أخطأ الحق عند االله فهو مأجور في اجتهاده ،ومأجور في كل شيء غير استخراجه. ويحدد المؤلف الأقسام والوجوه التي يجوز فيها الرأي والاجتهاد فيقول: إن العالم الذي يجوز له الاجتهاد والاختلاف واستخراج أحكام النوازل من لسنة رسول االله ژكان حاف ظا لكتاب االله8ولجميع معانيه ،وكان حاف ظا ولجميع معانيها ،وكان حاف ظا لآثار من كان فقد صدقه ،هكذا ينبغي أن يكون العالم .غير أن تتعذر هذه الصفة إلا في الق لة من الأمة. ويعرض المؤلف في أحد الأبواب أحكام الفتنة واختلاف الناس فيها، 525العدل والإنصاف في معرفة أصول الفقه والاختلاف واختلاف الناس في الخروج على السلاطين الجورة وتولية عمالهم ،ويعرض في أحد أبواب هذا الجزء من الكتاب الصدقات والزكوات ،والقياس وأقسامه، ويفرق بين الحكم العقلي والحكم الشرعي .وباب عن الخروج من الأمة ،ثم يفرق بين الإسلام والدين والإيمان كما يفرق بين الكفر والنفاق والشرك، وغيرها من موضوعات تتعلق بالفقه وأصوله. ويختم المؤلف أبواب كتابه بباب عن اختلاف الناس في القرآن ،وهو مرتبط بمشكلة عقائدية تعرف باسم »محنة خلق القرآن« ،والتي أثيرت حول قوما قد ذهبوا إلى أنه قديم أزلي قديما .فيشير إلى أن كون القرآن مخلوقا أو وهم المالكية والشافعية والحنابلة على اختلاف أنواعهم .وذهب آخرون إلى أنه وكل يحتج محدث وهم المعتزلة والإباضية والشيعة على افتراق مذاهبهم، ويصوب رأيه ويخطئ مخالفه ،وربك أعلم بمن هوبزعمه ويستدل لمذهبه سبيلا.أهدى ¢Sô```¡``Ø``dG تصدير معالي وزير الأوقاف الشيخ عبد االله بن محمد السالمي ٥ ................................ تقديم :مائة كتاب إباضي لماذا؟ ٧ ................................................................................................................ فقه الإمام جابر بن زيد ١٩ ............................................................................................................................. موسوعة آثار الإمام جابر بن زيد الفقهية٤١ ........................................................................................ سيرة سالم بن ذكوان ٥٥ .......................................................................................................................................... الجامع الصحيحمسند الإمام الربيع٦٦ .............................................................................................. المدونة الكبرى ٨٠ ................................................................................................................................................... الإسلام وتاريخه من وجهة نظر إباضية ٩٨ ........................................................................................... الجامع ١١٢ ........................................................................................................................................................................ تفسير كتاب االله العزيز١٢٠ ................................................................................................................................... أصول الدينونة الصافية ١٣١ ................................................................................................................................. ثلاث رسائل إباضية ١٤٤ ........................................................................................................................................ الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية١٥٥ ................................................................................... الجامع )الأزكوي( ١٧٤ .......................................................................................................................................... الجامع )ابن بركة( ١٨٧ ....................................................................................................................................... المعتبر ٢٠٠ ........................................................................................................................................................................ الاستقامة ٢١٦ .................................................................................................................................................................. مائة كتاب إباضي528 زيادات أبي سعيد الكدمي على كتاب» :الإشراف« لابن المنذر النيسابوري ٢٢٨ ....................................................................................................................... جامع أبي الحسن البسيوي ٢٤٣ ...................................................................................................................... الرد على جميع المخالفين )الخوارجالمرجئةالمعتزلة( ٢٥٦ .................................. الوضعمختصر في الأصول والفقه ٢٦٨ ............................................................................................. س ير الأئمة وأخبارهم ٢٨٦ ...................................................................................................................................... الدلائل والحجج ٢٩٩ ............................................................................................................................................ الإيضاح في الأحكام٣١٢ .................................................................................................................................... مختصر الخصال ٣٢٤ ............................................................................................................................................. القسمة وأصول الأراضين ٣٤١ ........................................................................................................................... الأدلة والبيان٣٥٨ ...................................................................................................................................................... الدعائم ٣٧٣ ....................................................................................................................................................................... بيان الشرع٣٨٥ ............................................................................................................................................................ س ير الوسياني٤٠٤ ....................................................................................................................................................... الجوهر المقتصر ٤١٩ ............................................................................................................................................. الس ير والجوابات لعلماء وأئمة عمان ٤٣١ ......................................................................................... المصنف٤٥٥ .................................................................................................................................................................... التخصيص )في الولاية والبراءة( ٤٧٠ ......................................................................................................... الدليل والبرهان ٤٨٧ ............................................................................................................................................... العدل والإنصاف في معرفة أصول الفقه والاختلاف ٥٠٥ ...................................................... الفهرس ٥٢٧ ........................................................................................................................................................................