ÊÉãdG ó∏``éŸG ١٤٣٤غمي ٢٠١٣م لا يجوز نسخ أو استعمال أي جزء من هذا الكتاب في أي شكل من الأشكال أو بأية وسيلة من الوسائل سواء التصويرية أو الالكترونية ،بما في ذلك النسخ الفوتوغرافي أو سواه وحفظ المعلومات واسترجاعها إلا بإذن خطي من الناشر. ÊÉãdG ó∏``éŸG5 ¢ü«î∏Jh ∫GDƒ°ùdG π«°üëJ »a õ`LƒadG ±ÓîdG πgCG ≈∏Y OôdG »a ∫É≤adG ) »°VÉHE’G »aÉμdG óÑY QÉaY ƒHCGت ٥٧٠ه١١٧٤/م( تقديم ودراسة وتحقيق :د .عمار طالبي الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر١٣٩٨ ،ه١٩٧٨/م. ج ٣٠٨ :٢صفحاتعدد الصفحات :ج ٤٣٦ :١صفحة يتكون الكتاب من مقدمة للدكتور عمار طالبي) ،(١ونص كتاب »الموجز في تحصيل السؤال وتلخيص المقال في الرد على أهل الخلاف« لأبي عمار عبد الكافي بن أبي يعقوب التنواتي).(٢ يشير د .طالبي في مقدمته إلى أن الخوارج لم تدرس آراؤهم العقائدية والسياسية دراسة تقارب الدراسات الكثيرة التي قام بها الباحثون عن فرقة المعتزلة وآرائها الكلامية والفلسفية ،أو عن فرقة الأشاعرة التي أخذت من الاعتزال بطرف ،ومن السلفية بطرف آخر ،وتوسطت بين المنهج القرآني ومنهج الحديث من جهة ،وبين المنهج الفلسفي الذي أغرق فيه المعتزلة، وحاولوا تطبيقه على المجال الغيبي ،كما حاولوا استخدامه في المجال الطبيعي وفي المجال الإنساني من جهة أخرى. ويرى د .طالبي أن بعض المستشرقين قد اهتم بدراسة الخوارج ،وتتبع حركتهم ولكن اصطبغت أغلب دراستهم بصبغة تاريخية أو إخبارية ،وكاد أن ) (١يذكر د .عمار في مقدمته أن عبد الكافي توفي سنة ٦٨٠ه ،وفي معجم أعلام الإباضية من القرن الأول إلى العصر الحاضر نشر الغرب الإسلامي ج) ٢قسم المغرب( ص ٢يذكر أنه توفي قبل ٥٧٠ه١١٧٤/م وهو ما اعتمدنا عليه. ) (٢مذكور في معجم أعلام الإباضية ج) ٢قسم المغرب( أن اسمه التناوتي. مائة كتاب إباضي6 مقصورا عليها .ويبين لنا ذلك ما قام به »فلهوزن« في بحثه التاريخييكون النقدي لحركتي الخوارج والشيعة ،وما قام به »موتيلفسكي« من أبحاث وتحقيق نصوص تتعلق بالإباضية ،وقد كاد أن يتخصص في دراسة عقائد الإباضية ،وفي تاريخهم السياسي والاجتماعي ،سواء في ذلك ما يتصل بإباضية المغرب الإسلامي في الجزائر وتونس وليبيا ،أو في زنجبار ،أو فيما يتعلق أيضا الآنسة »جواشون« في دراستهابالمشرق وخاصة عمان ،وما عملته المستفيضة عن حياة المرأة الإباضية الاجتماعية بجنوب الجزائر. وقد خصص شيخ المستشرقين »جولدتسيهر« قطعة من كتابه »العقيدة والشريعة في الإسلام« للحديث عن الخوارج عامة ،وعن الإباضية خاصة ،وجاء مهما عن العلاقة بين الإباضية في شمال إفريقيا وبين»نلينو« :فكتب مقالا  معتمدا على نصوص منالمعتزلة ،وتفطن إلى ما يوجد بينها من أوجه الاتفاق، كتب الإباضية نفسها. اتجاها بالإضافة إلى عدد من المقالات والبحوث الأخرى التي تتجه كلها واضحا إلى النواحي التاريخية والسياسية والاجتماعية ،والتي اهتم بها الأوروبيون في النصف الأول من القرن العشرين الذي كانوا مسيطرين فيه على أغلب البلاد الإسلامية .فاتجهوا إلى دراسته من أجل معرفة السبيل العلمي الصحيح في قيادة هذه الشعوب التي هيمنوا عليها بالقوة ،إذ لا يستطيع أن تكون هيكلهمقوما إذا لم يعرف معرفة علمية دقيقة الحقائق التي يحكم حاكم عبر عن ذلك بعض الدارسين منالاجتماعي ،وحياتهم العقلية والعقدية ،كما المستشرقين في المغرب الإسلامي صراحة دون مواربة. أيضا ،لكنأما المسلمون المعاصرون فقد حاولوا أن يكتبوا عن الخوارج يغلب على ما كتبوا الطابع التاريخي السياسي أو الإخباري .فقد أ لف الخطيب مؤلفا في أخبارالهاشمي كتاب النهروان ،وص نف الشيخ محمود سليم 7الموجز في تحصيل السؤال وتلخيص المقال في الرد على أهل الخلاف الخوارج إلى عهد المهلب بن أبي صفرة ،وكذلك فعل علي يحيى معمر الذي أ لف عن الإباضية. ويرجع د .طالبي إلى القدماء من المسلمين ممن كتب عن الخوارج ،ويشير إلى أنهم قد اعتنوا بهم ،وأ لفوا في أخبارهم وفي عقائدهم كتبا مفردة ،ويحدثنا ابن النديم أن أبا مخنف لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف الأسدي قد ص نف »كتاب صفين« ،وكتاب »أهل النهروان والخوارج« ،وكتاب »مقتل علي« ،وكتاب »حديث الأزارقة« ،وغيرهم. وأشار ابن حجر العسقلاني إلى أن كتاب أبي مخنف في الخوارج لخصه الطبري في تاريخه ،أما المبرد فقد جمع أخبار الخوارج في كتابه الكامل ،إلا أنه حذف الأسانيد .وأ لف اليمان بن الرباب الخارجي في مقالات الخوارج وغيرهم ،وكذلك الحسين بن علي الكرابيسي ،وكذلك نقل عنهم الأشعري في مقالاته. ب عن الخوارج ،أو ولا يقصد د .طالبي من هذا العرض إحصاء ما كت ما كتبوه هم عن أنفسهم ،وإنما يريد أن يشير إلى أن أكثر هذه المؤلفات قد فقد وخاصة أوائلها وأقدمها؛ ولذلك فإن الباحث يجد صعوبات جمة فيما إذا أراد أن يركب مذهب الخوارج في نسق واضح ،وأن يبين معالمه الأساسية في صورة متكاملة. ويشير د .طالبي إلى أن لحركة الخوارج أهمية تاريخية عقدية من حيث إنها تركت دويا هائلا ،ومن حيث إنها اتسمت بالواقعية وبالنزعة العملية في ونظرا لعدم وجود دراسة متكاملة لمذهب الخوارج ولآرائهمفلسفتها وآرائها الكلامية ،فقد اختار هذا الموضوع لتقديم دراسة متكاملة لمذهب الخوارج ولآرائهم الكلامية. وتتكون هذه المقدمة من جزأين ،اشتمل الجزء الأول على محاولة لتحديد مائة كتاب إباضي8 مفهوم الخارجية ،وعلى مواقف المسلمين المختلفة من فرقة الخوارج ،وعلى دراسة موضوع نشأة الخوارج ،وبيان الأسباب المتعددة التي أدت إلى نشوء الخارجية في المجتمع الإسلامي ،سواء في ذلك الأسباب الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ،أو الفلسفية الغنوصية. أما عن مذهب الخوارج فيرى د .عمار طالبي أن من الصعب أن نتحدث عن مذهب واحد للخوارج ،قائم الدعائم مستقر؛ لأنهم لم يلبثوا أن انقسموا إلى فرق وتشعبوا إلى شعب ،كل شعبة تقوم على آراء مخالفة ،وأخرى موافقة لغيرها من الشعب ،إذ يتميز رئيس كل فرقة برأي به يعرف. وبين نتائجهما التي ثم بحث د .طالبي واقعة صفين ،ومسألة التحكيم ، أدت إلى تعميق مذهب الخوارج السياسي والفقهي ،وإلى الإعلان عن دولة جديدة قائمة على الأسس التي يراها الخوارج جديرة بتحقيق المثل الأعلى في مجال الحكم والأخلاق. أيضا التأويل ،وواضح أن الخوارج هم أول من فتحويتناول هذا الجزء باب التأويل في الأمة الإسلامية ،وتجاوزوا ظواهر النصوص ،وأوردوا فيه نصوصا كثيرة ،تشهد لهذا الزعم وتدعمه. ثم وقع تقسيم آراء الخوارج الكلامية إلى ما يتعلق بالإنسانيات وإلى ما يتعلق بالإلهيات ،فدرس مسألة الإمامة ورأي الخوارج السياسي الذي يعتمد على الانتخاب ،وعلى أن كل فرد من أفراد المسلمين إذا توفرت فيه شروط الإمامة فهو يستحقها ،ولا فرق في ذلك بين لون ولون ،ولا بين جنس وجنس، نص على أن الخلافة في قريش؛ لأنهم اعتبروهحيث لم يأخذوا بالحديث الذي حديث آحاد ،وحديث الآحاد لا يحتج به عندهم. ويتكلم د .عمار في هذا القسم عن رأي الخوارج في الإمامة ،ويعتبر أنهم ممثلون للنزعة الاجتماعية أو الاتجاه الجمهوري في الفقه السياسي ،وهي نظرة 9الموجز في تحصيل السؤال وتلخيص المقال في الرد على أهل الخلاف قرآنية؛ لأن مصدر السلطة في الشريعة الإسلامية إنما هو اختيار الأمة وانتخابها، ومبدأ الشورى نص عليه القرآن بلا منازع ،ولا فرق في ذلك بين مسلم ومسلم. ويقدم عند الخوارج للإمامة من كان أبصرهم بالحرب ،وأفقههم في الدين، وأشدهم اضطلا عا بما حمل .بهذا انطلق معاذ بن جوين الخارجي في طائفة من أصحابه عزموا على الثورة وعلى انتخاب أمير لتلك الثورة. فالإمامة في تصور الخوارج مسألة إنسانية وليست إلهية ميتافيزيقية؛ لأن الإنسان هو الذي يختارها ،والمجتمع هو الذي يجمع عليها ،ومن ثم فهي عنصرا ثاب تا في الوجود، خاضعة لتقلب الزمن وأعراض الدهر وأحداثه ،وليست بل إنها خاضعة للصيرورة والتغير والعزل ،وغاية ما هنالك أنها تهتم بتطبيق العدالة والأحكام والقوانين التي نص عليها القرآن ،فالجانب الإلهي فيها إنما هو ارتباطها الوثيق بدستور إلهي من جاوزه فقد انحرف واستحق العزل أو الخلع لأنه جار وظلم ،وتعدى حدود االله التي أنزل لعباده .وتنكر الخوارج فردا معي نا أو يتناول نسلا معي نا دون نصا يتناول النص على الإمامة ،سواء كان  بيان أنه فلان أو فلان. وتعطي الخوارج للإمامة أهمية كبيرة؛ ولذلك يمتازون بأنهم أهل إمامة وجماعة ،ودار ،وسيف ،وسموا دارهم دار الهجرة ،ودار المخالفين لهم من المسلمين دار حرب وكفر ،بخلاف الشيعة ،فإنها لم يكن لها في العهد الأول إمام ولا جماعة ولا دار .أما الإمامية من الشيعة فترى أن الدار إذا غلب عليها الإيمان فهي داره ،وإذا غلب عليها الكفر فهي داره ،وبما أن الإمامة حق مشاع قياما بين المسلمين ،وصالحة لكل مؤمن من الناس ،ويستحقها أكثرهم علما بها ،فإن الموالي والعجم من المسلمين يكونونوالسنة وأوسعهم بالكتاب أكثر ميلا إلى هذه النزعة الجمهورية. كما تكلم د .طالبي في هذا القسم على رأي الخوارج في السلوك الإنساني، مائة كتاب إباضي10 وما يتعلق به من الوعد والوعيد ،ومن مرتكب الكبائر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ثم انتقل البحث إلى الكلام عن الإلهيات ،فدرس مسألة التوحيد ،وذكر فيه كيف أن الخوارج يتفقون مع المعتزلة في التوحيد؛ أي :في نفي الصفات ،وكيف أنهم اتفقوا معهم في خلق القرآن ،وفي إنكار الرؤية وتأويل الصفات الخبرية وبينتأويلا مجازيا ،وكذلك تأويل ما ورد في الحديث بما يفيد ظاهرة التشبيه ، لنا ذلك كله أن الخوارج لم يكونوا من أهل الظاهر ،وإنما كانوا عقلانيين ،حيث وأولوها بما يتفق مع أصولهم. إنهم سلطوا عقولهم على النصوص ، وتناول البحث العلاقة بين العقل والنقل عند الخوارج ،وأوضح أنهم متفقون في ذلك مع المعتزلة ،ويطبق د .عمار ذلك في مجالين :مجال أخلاقي، ويتمثل في فكرة التحسين والتقبيح العقليين ،ومجال الاجتهاد. أيضا أثر الخلاف في الاعتقاد بين الفرق في رواية الحديث،كما تناول وأتى بنموذج إحصائي لذلك ،وتكلم عن العناصر الدخيلة في مذهب الخوارج، والسنة ،ولا عن حياة المسلمين. حيث بين أنها ليست صادرة عن القرآن وعالج البحث مسألة الزهد عند الخوارج ،وأوضح أنهم أول الزهاد والعباد، وأن زهدهم وتعبدهم قائمان على عنصر الخوف ،وأنه ليس في زهدهم ما يعتبر عنصرا دخيلا ،كما نجد عند المتصوفة بعد ذلك. ثم أشارت المقدمة إلى العلاقة بين الخوارج والشيعة ،وإلى أنهما كانا في معسكر واحد ،ثم افترقا بعد التحكيم ،وأصبحا متعارضين يتمسك أحدهما بالمبدأ وبالكلمة أشد التمسك ،ويتشبث الآخر بالإمام أشد ما يكون التشبث. معتمدا وانتقل البحث بعد ذلك إلى بيان مسألة مؤلفي الخوارج ومؤلفاتهم في ذلك على ابن النديم والأشعري والشهرستاني ،وعلى البرادي الإباضي )من 11الموجز في تحصيل السؤال وتلخيص المقال في الرد على أهل الخلاف تقييدا في كتب الإباضية خاصة ،حيث جعلهأهل القرن التاسع( الذي أ لف صاحب البحث ملحقا بهذه الدراسة. عرف د .طالبي الإباضية بأنها فرقة تنسب إلى عبد االله بن إباض ،وقدوي  اختلف المؤرخون في اسمه مما يدل على أنه غير معروف تمام المعرفة ،حتى بلغ الأمر بأبي حزم أن قال بأن أصحابه لا يعرفونه في عهده ،ويقول الإباضيون في عصرنا هذا إن إمامهم الأول هو أحد كبار التابعين جابر بن زيد الأزدي، وما عبد االله بن إباض عندهم إلا مجتهد في المذهب ،ومدافع عنه؛ ولذا فإن مؤرخي الإباضية لم ينصب اهتمامهم على شخصية عبد االله بن إباض بقدر ما اهتموا بجابر بن زيد ،وبأبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة المعاصر لواصل بن عطاء ،وهو من أعظم تلاميذ جابر بن زيد والناقلين عنه ،وكان يبث تعاليمه في مدرسة سرية بالبصرة. وتنسب إلى عبد االله بن إباض رسالة بعث بها إلى عبد الملك بن مروان يشرح فيها مذهب الخوارج ،وينص نشوار الحميري نقلا عن عبد االله بن أحمد الكعبي أن عبد االله بن إباض ترك مذهبه ورجع إلى الاعتزال ،ويبدو أن هذه الرواية قائمة على مجرد ما يوجد بين الإباضية والمعتزلة من أوجه الشبه والاتفاق في بعض المسائل الكلامية فظن الكعبي أو أصحابه الذين نقل عنهم أنه رجع إلى الاعتزال. كثيرا من آراء عبد االله بن إباض ترجع إلى عبد االله بنويرى »سخاو« أن معتمدا في ذلك على كتاب »الجواهر« للبرادي ،وكذلك إذا رجعنا إلىعباس كتاب »المسند« للربيع بن حبيب فإننا نرى أنه يسند أشياء كثيرة إلى ابن آخذا عن ابن عباس وعن جابر بن زيد ،ومنعباس ،وبهذا الاعتبار فإنه يكون ثم فإن مذهبه مذهب سلفي في هذه التعاليم التي أخذها عنهما ونقلها معه أصحابه من بعده. مائة كتاب إباضي12 أما رسالة عبد االله بن إباض إلى عبد الملك بن مروان ،فلم يذكر مؤرخو السنة والشيعة أن عبد االله بن إباض كتب إلى عبد االله بن مروان رسالة،أهل  ولا أشاروا إلى ذلك ،ولكن نجد الأشعري والشهرستاني يذكر أن نجدة بن ب عبد الملك بن مروان فرضي عنه ،وبسبب ذلك نقم عليهعامر الحنفي كات أصحابه ،وطالبوه بالتوبة فتاب. وإنما روى ذلك ثقات الإباضية كالقلهاني ،ذلك أن البرادي يذكر في تقييده لكتب أهل الدعوة عند سرده لكتب الإباضية نسبة هذه الرسالة إلى عبد االله بن إباض ،كما روى ذلك صاحب »كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة«، حيث أورد نص الرسالة ،وبفحصها تبين أن الآراء التي جاءت فيها لا تختلف عن آراء الإباضية. وتشتمل هذه الرسالة على الآراء الأساسية للخوارج :من الإنكار على والسنة، علي ،وتأييد أهل النهروان والقول بالرجوع إلى الكتابعثمان ،وعلى وفيها تركيز شديد على أحداث عثمان ،وشرح مستفيض لأنظار الخوارج فيها جملة وتفصيلا اعتمد صاحبها في ذلك على آيات كثيرة من القرآن ،ونصت أيضا على أنه لا مانع من أن يكفر صحابي بعد إيمانه ،فحبل االله إنماالرسالة هو الكتاب وليس الرجال. ودعت الرسالة عبد الملك بن مروان إلى التدبر في القرآن ،وإلى الاستدلال به؛ لأنه الحجة في الدنيا والآخرة .ويذكر مؤلف الرسالة أنه أدرك معاوية ورأى سيرته وأعماله ،ونقم عليه لأنه لم يحكم بحكم االله ،وأنه سفك الدماء ،وذكر أنه إن لم يكن يسفك من الدماء إلا دم ابن سمية لكفى ذلك في أيضا استخلافه لابنه يزيد التابع لهواه. الحكم عليه بالكفر ،ونقم عليه وتوجد في الرسالة فكرة البراءة التي نجدها عند الإباضية ،ويبدو أن عبد الملك كتب إليه يحذره من الغلو في الدين ،وذكر له أن الغلو منهج 13الموجز في تحصيل السؤال وتلخيص المقال في الرد على أهل الخلاف الخوارج وسبيلهم .ثم يدافع صاحب الرسالة عن الخوارج ،وينفي عنهم الغلو الذي نسبه إليهم عبد الملك بن مروان وأعلن أنه موال لهم ،وعدو لأعدائهم باليد واللسان والقلب ،ولكنه عاد فبرئ من ابن الأزرق وأتباعه وحكم عليهم بالكفر ،ثم نصح عبد الملك بالرجوع إلى الكتاب والحكم به؛ لأن ذلك هو السبيل الواضح والصراط المستقيم ،وحذره من اتباع الهوى ،وآراء الرجال، فالإمام إما إمام هدى وهو الذي يحكم بما أنزل االله ،ويتبع كتابه ويقيم الدين، وإما إمام ضلال وهوى لا يحكم بما أنزل االله ولا يرجع إلى كتابه ولا إلى سنة نبيه ،وليس بعد الحق إلا الضلال ،ولا بعد الهداية إلا العماية. وقرر أن من لم ينفعه القرآن لم ينفعه غيره ،ثم ذكر له أنه لا يرغب في أمرا من أمورها ،وهذا يذكرنا برواية ابن الدنيا ،ولذا رجاه أن لا يعرض عليه الأثير التي نقل لنا فيها أن عبد الملك بن مروان عرض على نجدة بن عامر الحنفي ولاية اليمامة إذا ما أطاعه ،مما يؤكد لنا أن الرسالة لنجدة وليست لعبد االله بن إباض. ويطرح د .طالبي سؤالا :هل الإباضية خوارج؟ مذهبا خارج يا أشد ويجيب :ينكر الإباضيون المتأخرون أن يكون مذهبهم الإنكار ،ويتبرأون من الخوارج أشد البراءة معارضين في ذلك ما كتبه أصحاب المقالات ،فرفضوا أن يطلق لفظ الخوارج على الإباضية ،ونسبوا ذلك إلى المغرضين من المخالفين وإلى دعايتهم الناشئة عن التعصب السياسي والمذهبي. ويكاد يتفق مؤرخ الإباضية المعاصر علي يحيى معمر مع ما ورد في »تحفة الأعيان« أن الإباضية أبعد الناس عن الخوارج وأشدهم عليهم ،ولعل من أعظم ما يؤاخذ به الإباضية فرق الخوارج المختلفة هو استحلالهم لأموال المسلمين ودمائهم. مائة كتاب إباضي14 السنة )من السلفية ويضاف إلى ذلك أن الإباضية أقرب الفرق إلى أهل  والأشاعرة والمعتزلة( وإلى الزيدية من الشيعة. أيضا أن الإباضية قاتلوا الصفرية بالقيروان عندما احتلوها، وقد ثبت وقاوموهم مقاومة عنيفة ،فهم لا يتفقون معهم في بعض آرائهم ،ومن ناحية أخرى فإن ابن حزم يروي لنا أن عبد االله بن إباض رجع إلى آراء الثعالبة ،وهي فرقة من فرق الصفرية فبرئ منه أصحابه ،ويذكر لنا الأشعري أن الخوارج تبرأوا من الإباضية. ثم يعرض الباحث آراء الإباضية بإيجاز ،والتي منها: تنكر الإباضية التحكيم ،وتك فر المخالف تكفير نعمة لا تكفير إشراك، ويذهبون إلى قول المعتزلة والفلاسفة في سلب الصفات والتوحيد بينها وبين الذات ،ويرون خلق القرآن بالاعتماد على آيات من القرآن نفسه ،وينكرون الرؤية في الدنيا وفي الآخرة لاستلزامها الجهة ،والحصر أو التحيز والمكان، أيضا الشفاعة لأهل الكبائر الذين ماتوا قبل التوبة ،ويرون إنفاذ الوعدوينكرون والوعيد ،ويتولون أبا بكر وعمر وعل يا قبل التحكيم ،ويكفرون عثمان ،ولكن المتأخرين من الإباضية يرون عدم الخوض في النزاع الواقع صدر الإسلام ويقولون :إن الموقف الذي ينبغي اتخاذه هو التوقف. وأول واجب عند الإباضية معرفة االله ،وليس النظر كما هو الأمر عند الجويني وابن فورك من الأشاعرة ،وتجب معرفة االله عندهم بمجرد التمييز لا عند البلوغ ،ولا يجوز الجهل باالله ولا الشك فيه ،وهو ما يؤدي إليه في نظرهم القول بأن أول واجب هو النظر أو القصد إليه. ويرون أن الإيمان قول وعمل ،واستدل على ذلك الربيع بن حبيب في مسنده بأحاديث كثيرة ،ثم علق على تلك الأحاديث بقوله» :فهذه الأحاديث كلها تدل على الإيمان أنه قول وعمل ،ومن قال غير ذلك فقد كفر بمقالته«. 15الموجز في تحصيل السؤال وتلخيص المقال في الرد على أهل الخلاف وفيما يتعلق بالحرية أو الجبر فقد انقسم الإباضية في ذلك ،وأغلبهم يؤمن بالقدر على نحو ما يؤمن به من الأشاعرة وهو الكسب باعتباره مقارنة القدرة للمقدور دون تأثير .ويرى جمهور الإباضية أن الاستطاعة تكون مع الفعل لا قبله ،ويتبرأون من القول بالجبر ،وتدعو الإباضية للمساواة بين الطبقات الاجتماعية المختلفة. وتشعبت الإباضية إلى فرق ،منها :الحفصية ،والحارثية ،والزيدية ،كما هو معلوم في كتب أهل المقالات ،وأن الإباضية في المغرب تشعبوا إلى فرق صغيرة ليس بينها كبير خلاف. وفيما يتعلق بالأصول العملية )أصول الفقه( فإن الإباضية تأخذ بالكتاب والسنة والإجماع والقياس إلا شعبة من الإباضية ،وهي السكاكية فإنها تنكر السنة والرأي ،وتزعم أن الدين إنما يؤخذ من القرآن فحسب ،وأنه ليس من بالسنة ،وترى هذه الفرقة أن صلاة الجماعة بدعة.الواجب العمل  وإذا أطلق الأمر فإنه ي ح مل على الوجوب عند الإباضية ،ومن ثم فإن »موتيلنسكي« أخطأ حين نسب إلى الإباضية عامة إنكار القياس والإجماع تعبر به الإباضية عن القياس والإجماع في كتبهاوتعويضهما بالرأي؛ لأن الرأي القديمة ،وسبب ذلك أنه غاب عن موتيلنسكي هذا الاصطلاح ،ولم يتفطن إليه ،مع أنه خبير بالإباضية خبرة دقيقة. أما عن الآراء الطبيعية للإباضية فيشير الباحث إلى أنه لا توجد آراء كثيرة للإباضية عن الآراء الطبيعية ،إلا عند أبي عمار عبد الكافي الذي يعتبر كتابه تقريبا للمذهب الإباضي الكلامي.»الموجز« الصورة النهائية وقد ذكر الأشعري رأي الإباضية في الجزء الذي لا يتجزأ ،وفي الجسم والعرض ،ولكن المستشرق الإيطالي »نلينو« كتب مقالا في بيان العلاقة بين المعتزلة والإباضية ذلك المقال الذي ب ين فيه أن الإباضية والمعتزلة تشتركان مائة كتاب إباضي16 في عدة آراء كلامية ،ولم يشر إلى أنهما يتفقان في بعض الآراء الطبيعية ،ذلك أن مذهب الإباضية في الجزء الذي لا يتجزأ يتفق في بعض جوانبه فيما يذكر الأشعري مع مذهب الحسين الصالحي محمد بن مسلم المعتزلي. أما الجزء الثاني من الكتاب فهو عبارة عن تحقيق لكتاب »الموجز« لأبي عمار عبد الكافي الإباضي الجزازي )من أهل القرن السادس الهجري(. ومؤلف كتاب »الموجز« هو أبو عمار عبد الكافي بن أبي يعقوب التناوتي، نسبة إلى »تناوت« وهي قرية من قرى وارجلان ،وهو من أكثر مؤلفي الإباضية علما ،ولا يعلم عن نشأته شي ئا ذا بال ،وغاية ما نعلم عنه أنه نشأ في وارجلان في القرن السادس الهجري ،وكانت في ذلك الحين مزدهرة في ميدان المعارف الدينية وغير الدينية ،وأخذ في تلك المدينة عن أستاذه الكبير المتكلم الإباضي أبي يعقوب الوارجلاني. وبعد أن أخذ أبو عمار عن شيخه أبي يعقوب ارتحل إلى تونس ودرس هناك على أساتذة كثيرين ،وكانت تونس في عهد الموحدين في غاية النشاط العلمي والثقافي ،فاستفاد من تلك البيئة العلمية الزاخرة ،وأخذ علوم اللسان العربي وآدابه والعلوم الإسلامية المختلفة ،و عرف في أخذه ذلك بالجد والنشاط. أما فيما يتعلق بتاريخ وفاته فإنها غير معروفة ،ولكنها تقع في الراجح قبل سنة ٥٧٠ه١١٧٤/م ،وهي السنة التي توفي فيها شيخه أبو يعقوب الوارجلاني، ذلك أنه قد وردت إلى أبي عمار رسائل من عبد الوهاب بن محمد ابن غالب بن نمير الأنصاري ،وتوفي أبو عمار قبل أن يتمكن من الجواب عنها، فتولى الإجابة عن ذلك شيخه أبو يعقوب الوارجلاني قبل أن يتوفاه االله سنة ٥٧٠ه١١٧٤/م. وكان للإباضية نشاط واسع من الناحية الدينية والثقافية والاقتصادية في إفريقيا فكانوا يقومون بتجارة التبر ،والدعاية للدين بالفعل والقول. 17الموجز في تحصيل السؤال وتلخيص المقال في الرد على أهل الخلاف تأليفا أما مؤلفاته ،فيعتبر أبو عمار من الذين أحيوا المذهب الإباضي وتعليما ،وهو من أعظم مؤلفي الإباضية مقدرة على الجدل والنظر ،وأكثرهم وتنظيما للمذهب في نسق عقلي دقيق متماسك ،وهو لا يقلعمقا في التفكير عن متكلمي المعتزلة والأشاعرة والشيعة مقدرة على التأليف ،وإحاطة بالمذهب ،ودفا عا عن المذهب ،ونصرة له. وينسب إلى أبي عمار أنه أ لف كتاب »الاستطاعة« ،وقد أشار إليه في آخر كتابه »الموجز« إشارة تستحق أن يفرد لها كتاب ،ونسب إليه البدر الشماخي أيضا كتاب »شرح الجهالات« ،وهذا الكتاب عبارة عن أسئلة وأجوبة في العقائد وغيرها على طريقة المذهب الإباضي. ومن أهم مؤلفاته كتاب »الموجز« في علم الكلام نسبه إليه البدر الشماخي، حيث وصف أبا عمار بأنه آية في علم الكلام ،وبأنه أ لف فيه الموجز في الرد على كل من خالف الحق في جزأين. ولم يشك أحد من الإباضية أن الكتاب لأبي عمار عبد الكافي ،بل أن البرادي ذكره في تقييده لكتب الإباضية ،وأضاف إلى ذلك نسبة كتبه الأخرى كتابا في مثل كتاب شرح الجهالة )الجهالات( ،وكتاب الفرائض ،ويذكرون الفروع من تأليفه. أما عن تحليل كتاب »الموجز في تحصيل السؤال ،وتلخيص المقال في الرد على أهل الخلاف« فهو مختصر أو ملخص أ لف بقصد الرد على المخالفين ،وبفحص النصوص أو الموضوعات التي اشتمل عليها الجزء الأول منه تبين أن المؤلف رام أن يثبت فيه التوحيد ،وأن يرد على المخالفين لملة الإسلام من الفلاسفة واليهود والنصارى ،وضم المشبهة إلى أهل الإلحاد، أيضا مذهب الجهمية والمجسمة ،وتكلم عن صفات االله تعالى.ونقض المؤلف استهل عبد الكافي الحديث في الجزء الأول من كتابه عن أصول الملحدين مائة كتاب إباضي18 التي حصرها في أربعة أصول :في الدهريين ،وفي الثنوية ،وفي المنكرين للرسالة أو الوحي ،وفي أهل التشبيه ،وقسم الكلام على كل أصل من هذه الأصول إلى ثلاثة فصول. استهل المؤلف الجزء الأول من كتاب »الموجز« بالحديث عن الدهريين، وعن نقض آرائهم في قدم العالم في ثلاثة فصول :فصل في المنجمين ،وفصل في الطبائعيين ،وفصل في مذهب أرسطو وأصحابه من المشائيين. وتكلم عن الثنوية ،وهو الأصل الثاني من أصول الملحدين حسب تقسيمه، أيضا ،فصل في المانوية ،وفصل في الديصانية ،وفصل فيفي ثلاثة فصول المرقيونية. تحدث عنهم في فصول ثلاثة أخرى ،فصل فيأما المنكرون للنبوة فقد مذهب البراهمة ،وفصل في المجوس ،وأضاف إلى ذلك الرد على أهل الكتاب الذين أنكروا رسالة محمد ژ خاصة. وكتب عن الأصل الرابع من أصول الملحدين ،وهم المشبهة في ثلاثة فصول ،فصل في القائلين بالتجسيم على محض التجسيم وحقيقته ،وفصل في القائلين بالتجسيم بالاسم دون أن يتورطوا في التشبيه ،وفي الفصل الأخير بين مقالة المشبهة الذين أخطأوا في التأويل ورد عليهم. فجملة ما تحدث فيه مما يتعلق بالملحدين اثنا عشر فصلا مندرجة تحت أربعة أصول. أما الجزء الثاني من كتاب »الموجز« فقد تعرض المؤلف فيه لأقوال المخالفين من أهل القبلة ،وللرد عليهم في خلافهم ،وذكر أنه اقتفى في ذلك آثار السلف ،وأخذ بآراء الخلف ،ولم يبتدع في ذلك بدعة جديدة ،ولم يخرج وبينوه. أصلوه عما  19الموجز في تحصيل السؤال وتلخيص المقال في الرد على أهل الخلاف تحدث فيها عن النظر وقوانينه وقدم قبل الرد على المخالفين بمقدمة السبعة ،وما يتبعها من المعارضة والإلزام ،والتسليم ،فحدد لنا السؤال والجواب ،والعلة ،والدليل ،وقلب السؤال ،وطرد العلة في المعلول ،وبرهان الخلف ،ويقرب كلامه في هذا المجال مما يعرف بآداب البحث والمناظرة عند المتأخرين من المتكلمين والأصوليين والفقهاء. وبين معاني مصطلحات أخرى تدخل تحت عنوان )إلهيات( ،فحدد هيئة الشيء ،وهيئة الموجود ،وهيئة المعلوم ،وغيرها من المصطلحات التي استخدمها في كتابه كالعرض ،والمخلوق ،والقديم ،والحادث ،والجسم. وتكلم عن مصطلح لم يوجد عند غيره من المتكلمين ،وهو اصطلاح عرف طائفة من المصطلحات تدخل تحت مصطلح »الفئات«،»الفئات« ،فقد فعرف »فئة الاستطاعة« مثلا بأنها »ما يوجد الفعل«. وعرف المؤلف عدة مصطلحات أخرى من قبيل ما يسميه بالفئة :فحدد فئة الحلول ،وفئة الغير ،وفئة الضد ،وفئة الحركة ،وفئة النقلة ،وفئة السكون. فعرف كيفيةوتكلم عن مجموعة أخرى من المصطلحات سماها بالكيفيات الحدوث ،وكيفية الخلق ،وكيفية الكسب ،وكيفية الاختيار ،وكيفية الجبر ،وما على ذلك من الكيفيات التي أوردها في هذه المجموعة. ووضع تحديدات لنوع آخر من الاصطلاحات سماه بالعينيات فأوضح عين التوحيد ،وعين الشرك ،وعين الإيمان ،وعين الكفر ،وغيرها من الاصطلاحات الشرعية. كما أتى المؤلف بمجموعة أخرى من المصطلحات أطلق عليها اسم أيضا عن وجهة نظر الإباضية في مفاهيمها»الكليات« وهي اصطلاحات تعبر ومعانيها ،من ذلك أنه عرف عدة معان مرتبطة بعلاقة المساواة الكلية من جهة، مائة كتاب إباضي20 وبالخلاف من جهة أخرى أو مرتبطة بالمساواة من كل جهة ،ووضع تعريفات لاصطلاحات فلسفية أخرى تتعلق بالاسم والمسمى ،والصفة والموصوف، والتسمية والوصف ،أطلق عليها المائيات ،كما حدد اصطلاحات متعلقة بالجهات أو الاعتبارات المختلفة لعدة مفاهيم فلسفية ،كجهات الحدث وجهات الجسم وجهات العرض ،وجهات العقل. وختم أبو عمار الكلام على المصطلحات بتحديد طائفة منها سماها فعرف حقيقة العلم ،والجهل ،والشك ،والظن ،والفهم ،والتقليد،بالتحقيقات : والبرهان ،والقياس ،والحجة ،والجدل ،وغيرها من الحقائق المتصلة بنظرية المعرفة وبالمنطق ،وهو في كل ذلك يقرب من وجهة نظر المعتزلة في تعريفاتهم لهذه المعاني الفلسفية. ثم تناول المؤلف باب »القدر« وذكر في هذا الباب مذهب المعتزلة والجهمية ،وأن الناس انقسموا في آرائهم إزاء الأفعال الطبيعية وأفعال الإنسان إلى ثلاث طوائف ،فذهبت طائفة إلى أن أفعال الطبيعة ما لا ذم فيها ولا حمد، ليست أفعالا الله ولا أفعالا للإنسان ،وإنما هي أفعال الطبائع التي صدرت عنها. وذهبت طائفة ثانية إلى رأي غريب ،وهو أنها غير صادرة عن فاعل ،فهي وجوزت وقوع أفعال بلا فاعل ،ووجود أحداثأفعال لا محدث لها ،ولا فاعل ، بلا محدث. وفصلت جماعة ثالثة بين أفعال الطبيعة وبين أفعال الإنسان ،فالأولى خلقها االله ودبرها ،والثانية ترجع إلى اكتساب الإنسان وفعله. ثم عرض رأي أهل القبلة من الخوارج والإباضية والشيعة والمرجئة في العالم بأسره :جواهره ،وأعراضه ،وما فيه من خير وشر ،وطاعة ومعصية، خلقه االله ودبره ،وأن االله مقدر كل ذلك ،وصانعه ،ولا شيء من ذلك بخارج عن قدرته وإرادته وعلمه وتقديره سواء في ذلك ما يضاف إلى العباد ،وما 21الموجز في تحصيل السؤال وتلخيص المقال في الرد على أهل الخلاف لا يضاف ،وليس في أفعال الإنسان مضافة إليه بالكسب والاختيار ،ما يزيل تدبير االله لها ،وخلقه إياها؛ لأن االله هو الذي أحدثها وجعلها دالة على حدوث ما حلت به من الأجسام. ونقد المؤلف رأي المعتزلة الذين أنكروا أن يكون فعل واحد صادر عن فاعلين؛ لأنه لو جاز أن يصدر فعل واحد عن فاعلين لجاز أن يكون مكان واحد لمتمكنين ،وحركة واحدة لمتحركين ،وقول واحد من قائلين. خاصا بصفة الإرادة ،لما وقع فيها من اختلاف بينوعقد المؤلف فصلا الفرق الإسلامية ،فعرض مذهب المعتزلة الذي يتلخص في أن الإرادة فعل من أفعال االله ،وهي عين الأمر؛ إذ لا يأمر بشيء لا يريده. ويرى أبو عمار عبد الكافي أن الإرادة ذاتية ،وأنها غير المراد ،كما أن العلم غير المعلوم ،والقدرة غير المقدور عليه ،وقرر أن الإرادة صفة ذاتية ،وأكد أنه لا يلزم من أزلية الإرادة أزلية الأشياء المرادة؛ لأن الإرادة ليست علة في كون الأشياء ،ولكن العلة في كون الأشياء هي علة أخرى من الأشياء نفسها. وتناول المؤلف موضوع العدل في أحد أبواب كتابه ،وشرح في هذا الباب قدر جميع وجهة نظر الجبرية والقدرية ،ثم بين مذهب أهل الحق ،وهو أن االله  أحدا على ما كان منه من الأفعال وخلقها ،وليس معنى ذلك في نظره ،أنه أجبر طاعة أو معصية ،كما أنه لا يجوز أن ينسب تقصير أحد في الطاعة إلى االله أيضا ،بل إن العبد يختار أفعاله ويقصد إليها ،فالقول بالجبر يؤدي إلى إبطال كل الأوامر والنواهي ،ويهدم الشريعة من أساسها. وفي باب »القول في الإيمان« شرح المؤلف مذهب المرجئة ،ورد عليهم، كما عرض مذهب الإزارقة والإباضية والزيدية والمعتزلة والحشوية وأوضح أنه لا خلاف بين الحشوية وغيرها في اعتبار الفرائض من الإيمان ،غير أن الحشوية فرضا من الفرائض مؤم نا ،ويتفقون في ذلك مع المرجئة.في نظره يسمون من ترك مائة كتاب إباضي22 ثم اتجه للرد على الجهمية الذين زعموا أن الإيمان معرفة بلا إقرار، وكذلك فعل مع من زعم أن الإيمان إقرار فحسب ،فنقض قولهم بأدلة عقلية ونقلية ،ورد على من اعتبر الخوارج كافرين مارقين ،ولم يعتبر مرتكب كافرا. الكبيرة كما بحث المؤلف مسألة »الوعد والوعيد« ،وهي مسألة ترتبط بالإيمان، وقرر أن المؤمن عند المرجئة والحشوية ،واجب له الوعد بالثواب في المعاد، أيضا أنهم توقفوا بالنسبة للوعيد المتعلق بمرتكب الكبيرة ،واضطربتوبين كلمتهم فيه ،ثم شرح مذهب الإباضية ومن وافقهم في الوعد والوعيد ،وذكر أن االله منجز وعده ووعيده ،واحتج على ذلك بأن االله عدل حكيم لا تتخلف أخباره ،ولا تتناقض أحكامه ،ولا يسوي بين الكافر والمؤمن ،ولا بين الطائع والعاصي ،وفي هذا الباب أنواع الاستدلال على مذهب الإباضية بما لا يوجد في غيره من كتب علم الكلام ،والمعتزلة قد اشتركوا مع الإباضية ومع الخوارج عامة في هذا الميدان. وبين المؤلف في هذا الباب مذهب الصفرية والأزارقة ،ومذهب الإباضية والزيدية ،فذكر أن الصفرية والأزارقة ذهبوا إلى أن مرتكب الكبيرة مشرك، وذهبت الزيدية والإباضية إلى أنه كافر كف ر نفاق ،لا كفر شرك ،وأنه ليس محتجا للإباضية والزيدية بقوله تعالى` _ ﴿ : بمؤمن ،كما أنه ليس بمشرك، ] ﴾ c b aالمجادلة.[١٤ : تحدث عن »خلق القرآن« ور د على من أنكر ذلك ،وقال بقدمه،كما واستدل على حدوثه وخلقه بأن القرآن شيء من الأشياء ،وإذا كان كذلك فهو لا يخلو من أن يكون محدثا أو غير محدث ،وبطل أن يكون غير محدث لأن االله صرح بأنه محدث ،فقالD C B A @ ? > = < ; ﴿ : ] ﴾ Eالشعراء ،[٥ :وإذا ذهب ذاهب إلى القول بقدمه فإنه يلزم بعد ذلك أن 23الموجز في تحصيل السؤال وتلخيص المقال في الرد على أهل الخلاف يلتحق بأصحاب الاثنين ،أي :القائلين بإلهين ،وهو في هذا الرأي يتفق مع المعتزلة والجهمية الذين تمذهبوا بخلق القرآن. كافوتناول المؤلف في باب »حجة االله على خلقه« ،أن العقل بانفراده غير لأن يكون حجة قائمة على الناس في معرفة االله ،وفي معرفة شرائعه ،وأخذ في الرد على المعتزلة الذين يقولون بالواجبات العقلية ،وبأن العقل يصل بمفرده إلى معرفة االله ،وإلى معرفة التكاليف ،وقرر أن هذا المذهب مذهب للمعطلة وللبراهمة ،ثم ذكر أن الواجب هو معرفة االله ،وليس النظر ،وأن العقل في معارفه محتاج على تنبيه من االله؛ ليصل إلى تلك المعارف. وتحت باب »فيمن قال :إن حجة رسول االله لا تقوم إلا بسماع« يشير المؤلف إلى أن الإباضية قد اختلفوا في هذه المسألة ،فذهب عبد االله بن يزيد وأصحابه إلى أن حجة رسول االله ژ ،لا تقوم إلا على من سمع بها ،وبلغته، وأنها قائمة على البالغين والأصحاء سواء سمعوا بها أو لم يسمعوا ،ولا يعذر أحد بجهالة رسول االله ژ .أما غالبية الإباضية فقد ذهبت إلى ما ذهب إليه سعيد الحذاء الذي هو في نظر أبي عمار أقرب إلى الرشد ،حين زعموا أن حجة الرسل ساقطة من الناس ،بما يجدونه في أفكارهم من المعارف. »الملل المخالفة لملة الإسلام« ،وذكر في هذا الباب إجماعثم تناول المؤلف الملل المخالفة لملة الإسلام مشركون يحكم عليهم بأحكامالأمة على أن أهل أهل الشرك من القتل والسبي وأخذ الجزية من أهل العهد منهم ،إلا أنه قد خالف الإباضية شعث بن عمير ،وابن أبي المقداد ،وهما إباضيان ،وذهبا إلى عدم تسمية المخالفين لملة الإسلام بالمشركين ،ومن ثم فإن خلافهم في التسمية لا غير ،ويبدو أنه يقصد بالأمة في حكايته الإجماع ،الآخذين بالمذهب الإباضي. وحلل المؤلف في باب »أسماء االله وصفاته« معنى الاسم والصفة ،وما وتحدث عن مسألة ولاية االله وعداوته ،وحبهيجوز أن يسمى به االله في الأزل، مائة كتاب إباضي24 فعرف الاسموبغضه ،وسخطه ورضاه ،وهل هي صفات ذاتية أم صفات أفعال ، والصفة بتعريف واحد. واتجه المؤلف للرد على من زعم أن صفات االله أو أسماءه مخلوقة محدثة، وذكر أن أحد دعاة الإباضية الكبار ،وهو عيسى بن علقمة المصري تصدى للرد على الأشاعرة في كتابه »التوحيد« وألزمهم فيه بأنهم قالوا بما قال أصحاب الهيولي ،وقرر أن الصفات التي تعتبر من صفات الأفعال ليست محدثة كما يزعم بعض الفرق ،وإنما هي صفات أزلية. ثم تناول المؤلف )الإمامة( في باب وضعه ذيلا للكتاب ،كما فعل أبو بكر الباقلاني في كتابه» :التمهيد« وهذا شيء غريب لأن الإباضية تعطي للإمامة أهمية. كثيرا ،وأن الناسوذكر المؤلف أن الأمة تنازعت في مسألة الإمامة نزا عا أكثروا الكلام فيها ،ولكنه ذكر أنه تعرض إلى ما تمس إليه الحاجة منها فحسب .وأثبت بالأدلة النقلية والتاريخية في هذا الباب إمامة أبي بكر وعمر، ورد على الزيدية قولهم أن عل يا سلم حقه لأبي بكر ،وذكر أن عل يا بايع كل من وبين أن الزيدية تناظر الإباضية وتتشبه بها في مذاهبها،تولى من الخلفاء قبله ، وأنها لا تختلف عن الإباضية إلا في ثلاث مسائل :في قولهم في الإمامة بالأولى مع تركهم التخطئة لكل من ولي ،ثم تجويزهم لعلي تحكيم الحكمين، وقولهم بتشريك أهل التأويل ممن يزعم أن االله يرى يوم القيامة ،على مقالة طائفة من الإباضية في التشريك. وشرح رأي النجدات من الخوارج في قولهم بعدم الحاجة إلى نصب إمام، وذكر أن جماعة من الإباضية وافقوا النجدات في هذا المذهب ،ثم ر ده وبين أن إنكار الإمامة يؤدي إلى تعطيل حدود االله ،وإلى تضييع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن الأمة أجمعت على أن هذه الحدود لا تقام إلا بالأئمة 25الموجز في تحصيل السؤال وتلخيص المقال في الرد على أهل الخلاف أيضا إبطال لحدود االله ،وفي القول بعدموولاتهم ،وفي إبطال الإمامة وجوبها تعطيل للأحكام وإضاعة لها. وذكر أن الإمامة تحق متى بلغ عدد المسلمين نصف عدد المخالفين في القوة والمال والعلم ،وإذا لم يقوموا بنصب إمام في هذه الحال فإنهم بمثابة وعلما ،فإن من أمات دين االله ،أما إذا لم يبلغوا نصف عدد المخالفين قوة ومالا أحب الأمور وأولاها عند علماء الإباضية البقاء في حال الكتمان ،الل ه م إلا إذا قام أهل الدعوة بما يسمى بحال الشراء ،ولكن الشراء غير واجب الظهور وإقامة الدولة ،ثم تصدى للرد على غلاة الهجرة الذين ذهبوا إلى وجوب الهجرة أو إلى عدم جواز الإقامة بين ظهراني المخالفين ،واستشهد على ذلك بفعل الرسول ،حيث أقام برهة من الزمان بمكة بعد نزول الوحي. ثم تكلم المؤلف في هذا الباب عن مذهب الإباضية في »تفسيق أهل التأويل« والمخطئين في التأويل ،كمن لا يعتقد خلق القرآن أو رؤية االله في الآخرة ،فذهب إلى أنه يتبرأ من تأويل ذلك التأويل ،وإلى أنه كافر كف ر نعمة ،لا كف ر إشراك. بابا آخر ذكر فيه حكم من أخل بعمل من الأعمال الواجبةوعقد المؤلف في الدين ،أو ارتكب ما نهي عنه من الكبائر ،وذلك كترك الصلاة أو الزكاة، فذكر أن حكم من فعل ذلك الكفر ،كفر النعمة لما ورد في ذلك من الوعيد، واحتج على ذلك بآيات قرآنية ،وبأحاديث نبوية ،وذكر أن مذهب الإباضية في هذه المسألة يتفق مع مذهب الزيدية والمعتزلة ومع كل من أثبت الوعيد ،ثم استرسل في ذكر عدة كبائر وفي ذكر حكم من ارتكبها. وبهذا ختم كتابه ،مبي نا أنه اقتصر فيه على أصول الدين ،وعلى أمهات المسائل فيها ،وعلى عيون الأدلة وواضح الحجج. 26 ¿É`«ÑdGh ∞`°ûμdG »JÉ¡∏≤dG ...ORC’G ó«©°S øH óaëe ˆG óÑY ƒHCG ï«°ûdG )النصف الثاني من القرن السادس الهجري( تحقيق وشرح :د .سيدة إسماعيل الكاشف نشر وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان ،سنة ١٤٠٠ه١٩٨٠/م. ج ٥٥٦ :٢صفحةعدد الصفحات :ج ٣٧٧ :١صفحة يتكون الكتاب من مقدمة للمحقق ،ونص مخطوطة »الكشف والبيان« ،التي العماني أبي عبد االلههي من تصنيف وتأليف الشيخ الجليل والعالم الإباضي محمد بن سعيد الأزدي القلهاتي. العماني تذكر الأستاذة المحققة أنه يحق للتراث الإسلامي عامة ،وللتراث خاصة أن يفخر بعدد كبير من المؤلفات في علم التاريخ ،حيث كان للدين الإسلامي أثر كبير في نشأة علم التاريخ عند العرب وتطوره ،حتى فاق المسلمون في هذا العلم غيرهم من الأمم ،فالقرآن الكريم نبه الناس إلى التاريخ الماضي وإلى تاريخ الأنبياء والرسل. كذلك كان علم التاريخ يهدف في البداية إلى دراسة سيرة النبي ژ وأعمال الصحابة والجماعة الإسلامية الناشئة ،وأخبار الغزوات والجهاد ،ونشأة الفرق المختلفة في الإسلام ،واتصل علم التاريخ عند المسلمين بالتطور الثقافي العام في الدولة العربية ،فجاء مرتب طا بعلم الحديث والفقه واللغة والأنساب والأخبار والسير والمغازي والآداب وعلم الكلام والعقائد والمنطق والفلسفة الإسلامية والفلسفة اليونانية .وقدم التاريخ الإسلامي أكبر ما يمكن من نتائج الآداب والعلوم والفنون. كبيرا ،فهي في ازدهارا عجيبا أن تزدهر عمان منذ فجر الإسلامولم يكن ذلك مكملة لمسيرتها الحضارية عبر آلاف السنين ،وقد دفع الإسلام عمان 27الكشف والبيان دفعة قوية نحو التطوير والحضارة ،وساهم مساهمة فعالة في إثراء الفكر العمانية ،وأصبحت عمان العربية الإسلاميةالعماني ،وفي إرساء الحضارة الفعال والواضح فيمهما في الدولة الإسلامية ،وظهر دورها مركزا علم يا  مختلف نواحي الحضارة الإسلامية دون أن تفرط في علاقاتها مع سائر الدول والشعوب ،التي اتصلت بها منذ أقدم العصور ،حتى العصر الحاضر ،بحكم موقعها الجغرافي وصلاتها البحرية والتجارية والسياسية والثقافية. العمانيين أكبر الفضل في الإبقاء على التراثللك تاب والمؤرخين وكان العماني الإسلامي ح يا ،لا يستطيع الزمن مهما طال أن يبعد بين ماضيالقومي أمة عمان الإسلامية وبين حاضرها. العماني الشيخ أبو عبد االله ومؤلف كتاب» :الكشف والبيان« هو العالم محمد بن سعيد الأزدي القلهاتي .والقلهاتي ينتسب إلى مدينة »قلهات« في عمان ،كما أنه ينسب إلى قبيلة الأزد اليمنية. وتشير المحققة إلى أنها حاولت أن تتعرف على التاريخ الذي عاش فيه تحديدا دقيقا ،فرجعت إلى كثير من الكتابات التي تعنى القلهاتي ،وأن تحدده بطبقات الإباضية وبتاريخ الإباضية ،فلم توفق إلى تحديد هذا التاريخ ،ولا إلى تاريخ كتابته لسفره الجليل »الكشف والبيان«. أما في أثناء تحقيق هذا الكتاب استطاعت المحققة أن تهتدي إلى العصر الذي عاش فيه القلهاتي ،وإن كانت لم تهتد إلى المدة التي عاشها ولا إلى سنة وفاته ،ولا إلى ترجمة وافية عنه. فيذكر القلهاتي شيوخه الذين أدركهم ،وهم :أبو مالك ،وأبو مروان ،وأبو يحيى ،وأما الإمام سعيد بن عبد االله بن محمد بن محبوب فقد كانت بيعته في سنة ٣٢٠ه ،أما استشهاده فكان في سنة ٣٢٨ه ؛ أي :أن القلهاتي كان من العلماء البارزين في أوائل القرن الرابع الهجري والعاشر الميلادي. مائة كتاب إباضي28 وذكر حميد بن محمد بن زريق في كتابه» :الفتح المبين في سيرة السادة العمانية« فقال :ومنهم البوسعيديين« القلهاتي تحت عنوان» :ذكر مشاهير العلماء الشيخ العالم الفصيح أبو عبد االله محمد بن سعيد الأزدي القلهاتي صاحب كتاب» :الكشف والبيان« ،وكتاب» :الكلوية« ،ولكن ابن زريق لم يحدد الزمان العمانيين. الذي عاش فيه القلهاتي أو غيره من العلماء أما علم القلهاتي وثقافته فإن كتابه» :الكشف والبيان« خير من يكشف عنه، العمانية في صدر وليس من شك في أن هذا الكتاب مرآة للنهضة العلمية الإسلام .فالقلهاتي ومن عاصره من العلماء في عمان ،ومن سبقهم ومن لحقهم، هم رمز للحضارة الإسلامية الأصيلة التي استمدت أصولها من القرآن الكريم والسنة النبوية الكريمة والحديث الشريف.  والقلهاتي حلقة في سلسلة طويلة عريضة من العلماء المسلمين في عمان، وفي غيرها من ديار الإسلام ،أسدت إلى المجتمع الإنساني كله العلم والعمل، والفكر والإيمان والخلق. وظهر من كتاب» :الكشف والبيان« أن القلهاتي ملم بالقرآن الكريم والتفسير وعلم الحديث وعلم التوحيد ،كما أنه ملم بعلوم اللغة العربية وآدابها، وهو يستشهد بالشعر والأمثال ،ويشرح في أحيان كثيرة معاني الكلمات الغريبة، أو المعاني المقصودة بالذات في بيت شعر أو في رواية. والكتاب يبرز مدى إلمام القلهاتي بالعقائد ومذاهب الفرق الإسلامية ،التي وأيضا إلمامه بالعقائد التي وجدت قبل الإسلام،نشأت بعد ظهور الإسلام، فضلا عن أنه يلم بمذاهب اليهودية والمسيحية ،فهو العالم بالدراسات الدينية، وهو الفيلسوف ،وهو المؤرخ ،وهو اللغوي والأديب ،وهو تارة يمثل الفكر السياسي الإسلامي البحت ،وتارة يمثل الفكر الإسلامي المستفيد من الثقافات والعقائد السابقة على الإسلام. 29الكشف والبيان ومن ناحية التاريخ فإن القلهاتي نظر إلى التاريخ مثله مثل سائر المؤرخين والك تاب في ديار الإسلام نظرة عالمية إسلامية تبدأ قبل الإسلام ،وتستمر معبرا بذلك عن فكرة وحدة الأمة العربية الإسلامية ،ولكنه اتجهبعد الإسلام، اتجاها عقديا ،إذ اهتم بصفة خاصة بتاريخ عمان ،كما اهتم بتوضيح أسس المذهب الإباضي في عمان. ويبدو القلهاتي في كتابه» :الكشف والبيان« أنه من الذين أدركوا أهمية الدراسات التاريخية للدراسات الدينية والفقهية. والقلهاتي إباضي متحمس أشد التحمس لمذهبه ،لا يخفى ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر ،وهو يعمد في كثير من الأحيان إلى إثبات وجهة نظره بطرح أسئلة ،ثم يبين أجوبتها الصحيحة ،وأهمية كتاب» :الكشف والبيان« أنه يبين لنا نشأة المذهب الإباضي في تسلسل تاريخي حتى عصر القلهاتي. وفي زمن القلهاتي كان الإباضية يقبلون تسميتهم بالخوارج بمعنى »المسلمين« ،أو بمعنى »الخروج في سبيل الإسلام« .وكانوا يقبلون تسميتهم »المحكمة«؛ أي :الذين قالوا» :لا حكم إلا الله« .وكانوا يتسمون بالشراة لقولهم: شرينا أنفسنا لدين االله فنحن لذلك شراة .أو من الآية الكريمة ﴿ §̈ © a « ¬ ®̄ ̧ ¶ μ́ 3 2± ° Å Ä Ã ÂÁ À ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o1 ] ﴾ Ò Ñ Ð Ï ÎÍ Ì Ë Ê É ÈÇ Æالتوبة.[١١١ : كما أن الإباضية يقبلون تسميتهم الحرورية ،وهم الذين رفضوا أن يدخلوا الكوفة مع علي بن أبي طالب بعد موقعة صفين ،وبعد أن قبل التحكيم، ودخلوا حروراء ،كذلك يذكر القلهاتي أن الإباضية هم أهل النهروان ،أو أهل إماما وهو عبد االله النهر الذين اعتزلوا علي بن أبي طالب ،وقدموا على أنفسهم ابن وهب الراسبي. مائة كتاب إباضي30 وكان الإباضية يتسمون أحيا نا باسم الفرقة الوهبية ،نسبة إلى عبد االله بن وهب الراسبي. وبالرغم من أن أبا عبد االله محمد بن سعيد الأزدي القلهاتي إباضي المذهب ،أو استقامي المذهب ،فإنه يذكر بموضوعية وحيدة تامة الانحرافات وتبرؤ الإباضية منها. التي حدثت بين الخوارج  والحق أن المذهب الإباضي في عمان أقدم من اسمه ،كما أن الإباضية في عمان قديمة ق دم الإسلام فيها ،كذلك تعتبر عمان الوطن الأم للإباضية في العالم الإسلامي. ولم ينتسب الإباضية إلى أية شخصية من فقهائهم قبل عبد االله بن إباض الذي عاصر معاوية بن أبي سفيان )٦١ - ٤٠ه( مؤسس الدولة الأموية، وعبد الملك بن مروان )٨٦ - ٦٥ه( مؤسس الدولة الأموية الثاني. ويتبرأ الإباضية المعاصرون من اسم الخوارج بعد أن أسيء فهم المذهب وك تاب الفرق والعقائد فضلا عن سائرالإباضي ،وبعد أن جمع جل المؤرخين الك تاب ،بين الإباضية وبين الغلاة والمتطرفين والخارجين على الإسلام ،إما عن جهل ،أو عن تعصب ،أو عن رغبة في تدمير كيان المسلمين وتحطيم قوة الإسلام. وتؤكد المحققة أن دعوى الإباضية أو الخوارج في سبيل الإسلام ،ما هي في الحقيقة إلا ظهور أول الفرق الإسلامية التي تعتمد على القرآن الكريم السنة الشريفة وعلى الاجتهاد .ويصف القلهاتي الإيمان بقوله» :ولا ينفعوعلى  الإيمان إلا بالعمل كما قال المسلمون :الإيمان تصديق بالقلب ،وإقرار باللسان، وعمل بالأركان«. ومن يطالع كتاب» :الكشف والبيان« يرى أن المسلمين في عهد الرسول ژ آمنوا بما أنزل على الرسول ژ ولم يكن لهم حاجة إلى تأويل القرآن أو بحث 31الكشف والبيان المتشابه فيه ،وبعد وفاة الرسول ژ ،وبعد انتشار الإسلام ،أخذت الجماعة الإسلامية تحاول فهم العقيدة الإسلامية ،وتحاول شرحها ،وطبيعي أن يختلف المسلمون في فهم العقيدة الإسلامية وفي شرحها. وحين ظهرت الفتنة الأولى في الإسلام بعد السنين الست الأولى من خلافة عثمان بن عفان ،وحين قبل علي بن أبي طالب التحكيم بينه وبين معاوية بن أبي سفيان اتسع خلاف المسلمين ،وبدأ المسلمون يتساءلون عن المسلم الحقيقي ،وعن الإيمان ،وعن جوهر العقيدة الإسلامية ،وعن مسؤولية الإنسان عن فعله ،وعن إرادة االله .وطبيعي أن المسلمين الأوائل كان تفكيرهم خالصا ،ثم اتصل الفكر العربي بتراث البلاد التي فتحها العرب،إسلام يا عرب يا وبدأ يظهر في تفكير المسلمين استيعابهم للفلسفة والفكر والدراسات القديمة السابقة على الإسلام. والحق أن القلهاتي ،وهو يبين جوهر المذهب الإباضي ،يرد على أصحاب الفرق والعقائد الأخرى الذين لم يفهموا الإباضية ،والذين خلطوا بين الإباضية فصل الكلام عنوبين الغلاة .بل إن القلهاتي في كتابه »الكشف والبيان« وهو ي الدين الإسلامي والتشريع الإسلامي ،يرد على تأويل الآيات القرآنية من ق بل أهل الغلو والتطرف. وتشير المحققة إلى أن القلهاتي قد استند في كتابه» :الكشف والبيان« إلى مصادر عمانية وغير عمانية ،وهو يذكر أحيا نا أسماء الكتب دون مؤلفيها ،وهو كثيرا من التفسير والأحاديث النبوية عن عبد االله بن عباس عالم وفقيه أهلينقل السنة ،والذي يعتبره الإباضية هو وصحابة رسول االله ژ الحلقة الأولى لسلسلة المذهب الإباضي. السنة مثل مجاهد ،وابن شهاب الزهري،أما رواة القلهاتي فهم من أهل  ومحمد بن السائب الكلبي ،أو من الإباضية مثل شبيب بن عطية الخراساني، مائة كتاب إباضي32 كما يستعين القلهاتي بالشعر في مواضع مختلفة للدفاع عن الإباضية .ومن الشعراء الإباضية الذين يعتمد عليهم في» :الكشف والبيان« بجزأيه الشاعر الفقيه أحمد بن النظر. أما كتاب» :الكشف والبيان« فهو عبارة عن جزأين ،وكل جزء ينقسم إلى بابا .وأحيا نا يقسم الأبواب إلى فصول .وفي الجزء الأول يرد القلهاتي خمسين على أصحاب الفرق الإسلامية ،مثل :الحشوية ،والقدرية ،والمرجئة ،والمعتزلة. وهو في رده يستشهد بآيات القرآن الكريم ،وبالأحاديث النبوية الشريفة .وقد خصص القلهاتي الأبواب من التاسع والثلاثين إلى الباب الثاني والأربعين لمناقشة القول بخلق القرآن ،والرد على من قال بخلق القرآن. وقد أفرد القلهاتي في الجزء الأول خمسة أبواب لبيان فضل العلم والعلماء. وكذلك عمد في الجزء الأول إلى تفسير بعض الآيات القرآنية الكريمة ،مثل تفسير قوله تعالى] ﴾ ò ñ ð ï ﴿ :القلم.[٤٢ : كذلك يبحث القلهاتي في الجزء الأول كلام االله تعالى لسيدنا موسى ، ‰ ويتناول موضوع ما نزل من القرآن في مكة ،وما نزل منه في المدينة ،ويبحث في التأويل والتفسير ،والناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم ،والكتب التي أنزلها االله تعالى على أنبيائه صلوات االله عليهم . والقلهاتي يذكر في الغالب رواة سنده ،وكذلك الكتب التي اعتمد عليها، ومن تلك الكتب كتاب» :الضياء« ،وكتاب» :مفتاح الشريعة« ،وكتاب» :الأكلة وحقائق الأدلة«. يتناول الباب الأول من الجزء الأول :الحث على طلب العلم ،حيث يقول ويعنى به، القلهاتي :إن االله 4خلق فنون العلم ،وجعل له من خلقه من يحفظه ويذب عنه ويحميه .وأفضل العلوم تعليم كتاب االله المعجز الذي عجزت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله. 33الكشف والبيان والعلم خير من المال ،المال تحرسه ،والعلم يحرسك ،والعلم يحكم لك، والمال يحكم عليك ،والمال تنقصه النفقة والعلم يزداد على الإنفاق ،وقال ابن مطلوبا. عباس : 3تذللت طلبا فعززت وقيل :إن نقلة العلم أربعة هم الذين نقلوه من البصرة إلى عمان ،وهم موسى بن أبي جابر الأزكوي ،وبشير بن المنذر النزواني ،ومحمد بن المعلا قل ما يسلم حاملوهالفسخي ،ومنير بن النير الجعلاني .وقيل :الفقه علم جليل من العجب ،وفي العلم وفضائله كثير. ويعرض الباب الثاني لذم الجهل ،ويستشهد القلهاتي بكتاب» :الضياء« في هذا الموضوع ،حيث ذكر فيه أن الجهل نقيض العلم .والجهل مأخوذ من الأرض التي لا أعلام لها ،والجهل مستقبح بإجماع .وقيل الجهل داء والعلم دواء ،والجهل عورة تستر والعلم زينة تظهر .والجهل نقيصة يستعاذ منها .ومن علامة الجاهل أنك تجده للعالم معاد يا ،وعليه زار يا ،وعن رأيه منحرفا ،وعن قوله منصرفا. اعتمادا على كتاب» :الضياء«، عرف القلهاتي العقل في الباب الثالثوي  فيذكر أن العقل أفضل ما أنعم االله تعالى به على العبد؛ لأن به عرف الحسن والقبح ،وبه وجب الحمد والذم ،وبه يلزم التكليف ،لأن االله 2خاطب العقلاء بما يعقلون ،ومن لم يكن له عقل سقط عنه التكليف .قال االله : 8 ﴿ ] ﴾́ 3 2الحشر .[٢ :والعقل من أفضل النعم ،ومن حرم العقل فقد حرم .والعقل هو العلم ،والعلم هو العقل؛ لأن من علم عقل ،ومن عقل علم .وقد روي عن النبي ژ أنه قال» :لكل شيء دعامة وآلة ،وأن آلة المؤمن ودعامته العقل«. ويتناول الباب الرابع تفضيل العلماء وإجلالهم وإعظامهم وإكرامهم .وفي الباب الخامس حديث عن مراتب العلماء وأفعالهم وأقوالهم. مائة كتاب إباضي34 أما الباب السادس فيتناول التوحيد الذي هو وصف الله . 4ويعرض الباب السابع الرد على الثنوية القائلين بأن الإله اثنين ،ويتناول الباب الثامن أسماء الذات الإلهية ،وأسماء الصفات .إذ إن الله سبحانه أسماء ذات وأسماء صفات، فمن أسماء الذات الرحمن الرحيم الحي القيوم الملك القدوس ...وأسماء االله من صفات االله 8من ذاته .فالصفات الذاتية قديمة. ويذكر القلهاتي في الباب التاسع أسماء االله تعالى واشتقاقها من كتاب: »مفتاح الشريعة« .ويبين الباب العاشر فضل قول» :لا إله إلا االله ولا حول ولا قوة إلا باالله« .أما الباب الحادي عشر فهو عن نفي التشبيه عن االله 8 اعتمادا على كتاب» :الضياء« .وتتناول الأبواب من الثاني عشر حتى التاسع عشر موضوعات عن النفس والوجه والعين واليد والقبضة والحجاب والتجلي والزوال والمجيء .والنظر والرؤية ،حيث إن مسألة رؤية االله تعالى قد أثارت العديد من المناقشات بين علماء العقيدة في الإسلام. ردودا على الحشوية في الوعد والوعيد.ويقدم القلهاتي في الباب العشرين حيث قالت الشكاك والحشوية في وعد االله ووعيده :إنا وجدنا الكريم فيما تبينا إذا توعد بعقوبة ثم عفا كان أحسن في صفته وأبلغ في مدحه .وقد قال عبد الملك بن مروان» :الإفراط في العفو أحمد من الإفراط في العقوبة«. وتتناول الأبواب التالية الحديث عن الصراط والميزان والرد على الحشوية، وتفسير قوله تعالى] ﴾ ò ñ ð ï ﴿ :القلم ،[٤٢ :وفي الاستواء والكرسي والرد على الحشوية ،وفي تأويل القيام ،وتأويل قوله تعالى[ Z Y ﴿ : \ ﴾ ]طه ،[٥ :وفي تفسير قوله تعالى] ﴾ | { z y ﴿ :النور،[٣٥ : وفيما يجوز له تعالى من الصفات حقيقة ومجاز ا. عرف وي  أما القضاء والقدر فيتناوله القلهاتي في الباب الثاني والثلاثين . القضاء لغة بأنه على أربعة وجوه :قضاء خلق ،وقضاء حكم ،وقضاء أمر ،وقضاء 35الكشف والبيان إخبار وإعلام .والقدر في كلام العرب هو التقدير ،يقال :ق درت الشيء وق درته بالتثقيل والتخفيف. علي بن أبي طالب أن االله تعالى لم يجبر العباد على طاعته،ومعنى كلام ولم تكن معصية العاصي لغلبته ،ولا طاعة المطيع على كره وجبر ،تعالى كبيرا .وقوله قدرية هذه الأمة مجوسها ،أما القدرية فإنهم علوا االله 8وعلا يكذبون بالقدر ويقولون لا قدر ،وشبههم بالمجوس لأنهم ضاهوا المجوس في قولهم حين قالوا :إن االله خلق الخير ولم يخلق الشر ،تعالى االله خالق كل شيء ولا خالق سواه . 8 ثم يعرض القلهاتي في بعض الأبواب التالية لموضوعات خلافية بينه وبين القدرية ،فيرد عليهم في موضوعات الإرادة والمشيئة وخلق الأفعال ،وإعادة الخلق والاستطاعة .كما رد على القدرية والمعتزلة في مشكلة خلق القرآن. أما الباب السابع والأربعين ،فيتناول القلهاتي التفرقة بين التأويل والتفسير، حيث قد اختلف الناس في معنى التأويل؛ فقال قوم هو التفسير بعينه ،وقال آخرون :بل هو غير التفسير .ويرى القلهاتي أن التفسير ما ترويه العامة ،أما التأويل فهو معاني غامضة لطيفة لا يعلمها إلا العلماء المتيقنون. ويعرض القلهاتي في الباب الثامن والأربعين أحكام القرآن من كتاب: »الضياء« ،حيث قد طعن قوم من الملحدين في القرآن باختلاف القرآن، واختلاف أهل العلم في قول الرسول ژ » :أنزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف« ،فلا معنى لطعن الملحدين في هذا الوجه ،وليس بمستحيل أن كتابا يأمر بحفظه ودرسه ،ويبيح في قراءته الوجوه الصحيحة.يترك الحكيم وتفسير قول الرسول ژ » :أنزل على سبعة أحرف« قال بعض أهل العلم بالقرآن :ذهب إلى سبعة أحرف :وعد ،ووعيد ،وحلال ،وحرام ،ومواعظ، وأمثال ،واحتجاج .وقال بعضهم :حرام ،وحلال ،وأمر ،ونهي ،وخبر ما كان مائة كتاب إباضي36 بعد ،وأمثال .وقال قوم :هي سبعة أوجه من اللغات متفرقة في القرآن؛ لأنه لا يوجد فيه حرف قرئ على سبعة أحرف .وقال بعضهم :هي سبع لغات في وبينوا معاني قولهم الكلمة .وقد تكلم أهل العلم في هذا المعنى وأكثروا بالاحتجاج الصحيح ،وهو معروف في آثارهم. ويتناول القلهاتي في الباب التاسع والأربعين مسألة الناسخ والمنسوخ، ويرى أن النسخ على ثلاثة أوجه ،فوجهان منها مفهومان عند العامة ،فأحدهما انتساخ الشيء من كتاب كان قبله إلى كتاب آخر ،والآخر نسخ الشيء وتحويله، والثالث أن يحصى الشيء على عامله نحو قوله 1̧ ¶ μ ﴿ : 8 ] ﴾ oالجاثية.[٢٩ : والنسخ لا يقع إلا في الأمر والنهي ،ولن يجوز ذلك في الخبر؛ لأنه لا يجوز أن يقول الصادق جل ذكره لشيء إنه يكون ثم يقول :إنه لا يكون، وكذلك الماضي لأن هذا لا يجوز على االله ، 4والأخبار ثابتة بهيئتها والنسخ لها غير جائز عليها؛ لأن الحكيم لا يخبر إلا وهو عالم بما أخبر عنه ،وأخباره صادقة لاستحالة البداء مع علم العواقب .وكذلك الوعد والوعيد من االله تعالى واجبان في ذلك. أما الباب الخمسون وهو الأخير في الجزء الأول من كتاب» :الكشف والبيان« فقد خصصه القلهاتي لذكر الكتب التي أنزلها االله تعالى على أنبيائه صلوات االله وسلامه عليهم .ويذكر عن وهب بن منبه أنه قال :أنزل مائة كتاب وأربعة كتب .خمسون صحيفة أنزلت على شيث بن آدم صلوات االله عليهما، وثلاثون صحيفة أنزلت على إدريس صلوات االله عليه .وعشرون صحيفة أنزلت على إبراهيم صلوات االله عليه .وهذه مائة .والتوراة على موسى ، ‰والزبور على داود صلوات االله عليه ،والإنجيل على عيسى صلوات االله عليه ،والفرقان العظيم على نبينا محمد ژ . 37الكشف والبيان بابا .ويبدأ أما الجزء الثاني من كتاب» :الكشف والبيان« فهو خمسون القلهاتي هذا الجزء بالكتابة عن مبتدأ خلق السماوات والأرض ،ثم هبوط آدم وحواء من الجنة إلى الأرض ،ثم يتكلم عن ظهور الأنبياء بعد آدم ‰إلى مبعث سيدنا محمد ژ . ومن أحسن ما جاء في هذه الأبواب ما خص االله تعالى به الرسول ژ من دون الأنبياء .وقد تناول هذا الموضوع في الباب العاشر من الجزء الثاني. ويكتب القلهاتي من الباب السابع إلى الباب الرابع عشر عن مولد النبي ژ وسيرته ،ومبعثه ،وهجرته ،وفضائله ،ومغازيه ،وألفاظه ،وكلامه الذي لم يسبقه إليه أحد ژ . كذلك يكتب القلهاتي في الجزء الثاني من» :الكشف والبيان« عن خلافة أبي بكر الصديق ،وخلاقة عمر بن الخطاب ،وخلافة عثمان بن عفان ،وخلافة علي بن أبي طالب .ثم يحدثنا في خلافة علي بن أبي طالب عن خروج طلحة والزبير والسيدة عائشة @ ،وخروج معاوية ،وخروج أهل النهروان .ثم يتكلم عن تنازل الحسن بن علي بن أبي طالب عن الخلافة ،ثم اجتماع الأمر لمعاوية ابن أبي سفيان. ويسهب القلهاتي في الكلام عن الأحداث التي أحدثها عثمان بن عفان، علي ومعاوية. وفي التحكيم بين ويكتب القلهاتي من الباب الخامس والعشرين إلى الباب الرابع والثلاثين عن فرق المجوس ،وعن الصابئة ،وعن الفلسفة اليونانية ،وعن آراء العرب في الجاهلية ،ويكتب عن مذاهب أهل الهند ،وعبدة الشمس والقمر ،ثم يحدثنا عن فرق اليهود والنصارى. ويتكلم القلهاتي من الباب الثامن والثلاثين إلى الباب التاسع والأربعين مائة كتاب إباضي38 عن الفرق الإسلامية ،وما تفرع عن كل فرقة ،وتتضح لنا ثقافة القلهاتي الواسعة، وغزارة علمه وسعة اطلاعه من الأبواب المختلفة في الجزأين ،فضلا عن إلمامه الواسع بالعقائد المختلفة التي وجدت قبل الإسلام. وقد اعتمد القلهاتي فيما اعتمد في أبواب الجزء الثاني على كتاب: »الضياء« وعلى كتاب» :الأنبياء« وعلى كتاب أبي المؤثر» :في سيرة المسلمين في أهل الذمة«. ويختم القلهاتي الجزء الثاني في الباب الخمسين »في ذكر فقه أهل والسنة والإجماع، الاستقامة« .ويسميها الفرقة المحقة التي هي على الكتاب وهي الإباضية لمكانة إمام المسلمين عبد االله بن إباض بن تيم بن ثعلبة ، 5 وهو الذي فارق جميع الفرق الضالة عن الحق من المعتزلة ،والقدرية، والصفاتية ،والجهمية ،والخوارج ،والروافض ،والشيعة. وهو أول من ب ين مذاهبهم ،ونقض فساد اعتقادهم بالحجج القاهرات، والآيات المحكمات النيرات ،والروايات البينات الشاهرات. كما يذكر القلهاتي من عقائد أهل الاستقامة أن االله 4لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ،ولا تحويه الأقطار ،وهو االله لا إله إلا هو الواحد القهار، ليس كمثله شيء ،خالق كل شيء ،ومحيط بكل شيء ،وعالم لكل شيء ،وهو بكل شيء عليم ،لا تحويه الأمكنة ولا تغيره الأزمنة ،ذو العزة والملكوت والقوة والجبروت ،الحي الباقي الذي لا يموت. العالم لا باكتساب ولا اضطرار ،الدائم لا بزمان ولا بمقدار ،المطلع على خفيات الأسرار ،لا تراه العيون والأبصار ،العالم بما يكون قبل كونه أن يكون، إنما أمره إذا أراد شي ئا أن يقول له :كن فيكون ،فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون. 39الكشف والبيان ثم يتناول القلهاتي معنى الإسلام والإيمان ،فيرى أن الإسلام هو شهادة أن محمدا عبده ورسوله ،أرسله بالهدى ودين لا إله إلا االله وحده لا شريك له ،وأن الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ،وأن ما جاء به محمد بن عبد االله فهو الحق المبين ،لا شك فيه ولا ارتياب ،وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن االله يبعث من في القبور. ثم يذكر القلهاتي ما لا يتم الإسلام إلا به ،وهي الصلاة بحدودها وفرائضها وسننها والعلم بوجوبها ،والطهارة والوضوء لها وإقامتها لوقتها ،وعلى البقعة الطاهرة ،واستقبال القبلة بها ،والمواظبة عليها ،وترك ما يناقضها من قول وعمل ،ومعرفة أصولها وصلاة الحضر من صلاة السفر ،وصلاة الجمعة كما فرضها االله ، 4وصلاة العيدين ،وصلاة الميت ،والكسوف ،والوتر ،والنوافل، وغير ذلك مما سنه رسول االله ژ . والزكاة مما أوجب من صنوف الأموال التي تجب فيها الزكاة ،والعلم بوجوب فرضها ودفعها إلى أهلها من بعد استكمال النصاب ،وإخراج الخ مس من الغنائم ودفعه إلى أهله ،وزكاة الفطر عن كل مولود مما يقتات وإخراجه إلى الفقراء. وصيام رمضان بالحلم والعفاف ،واستكمال طرفي المفترض منه مع اجتناب ما نهى االله عنه ورسوله فيه بوجوب فرضه. والحج إلى بيت االله الحرام ،والعمل في الحج بفرائضه وسننه ،وتحريم الرفث والفسوق والجدال في الحج ،والإحرام من الميقات والوقوف بعرفات وسنته، وزيارة البيت والسعي والطوف ،ورمي الجمار ،ومعرفة وجوب فرضه وما يلزم من الجزاء فيه من قتل الصيد وقطع شجر الحرم. وصلة الأرحام وبر الوالدين ،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،والجهاد في سبيل االله ،وإيتاء ذوي القربى حقوقهم والجار وابن السبيل ،وأداء الأمانة، مائة كتاب إباضي40 والقيام بالشهادة ،والقول بالقسط والعمل بالحق ،وغض النظر عن المحارم، وحفظ الفروج ،وترك القول بالزور ،وترك العمل بالفجور ،وترك الخيانة. وتحريم الحرام واستحلال الحلال ،وطاعة ذي الجلال ،والانتهاء عما نهى االله عنه ورسوله ،والغسل من الجنابة ،والغسل من الحيض والنفاس ،وترك المواعدة في العدة ،وتحريم الشهادة بغير علم ،والإشهاد على البيع ،وتحريم قذف المحصنين ،وتحريم أكل مال اليتيم ،وتحريم أكل أموال الناس بالباطل، وتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير ،وتحريم شرب الخمر ،وتحريم شرب المسكر من كل شراب ،وترك الارتياب والوقوف عن الشبهات ،وقتال أهل البغي بعد إقامة الحجة عليهم حتى يفيئوا إلى أمر االله. وقتال المحاربين الممتنعين عن الحق حتى يؤاخذوا بما وجب عليهم أو ينفوا من الأرض ،وإقامة الحدود على السارق والقاذف ،والزاني وقاتل النفس لغير حق ،وتحريم عقوق الوالدين ،والوفاء بعهد االله على طاعته ،والولاية لأهل طاعة االله الله وفي االله ،والولاية لجميع أولياء االله والبراءة ،وتحريم ما أهل لغير االله .وغيرها من اعتقادات يراها القلهاتي أنها واجبة على المسلم ،وأخذ بها أهل الاستقامة. وفي أحد فصول هذا الباب تناول القلهاتي فضل الصحابة @ ،فهؤلاء الذين أخذنا عنهم ديننا وقبلنا قولهم فيما غاب عنا وآثارهم حققنا وأقوالهم والسنة والإجماع. صدقنا ،وهم الأمناء عندنا فيما نقلوه من الكتاب 41 Qƒ`````æ``dG ) o°UC’G ˆG óÑY »HCG øH ¿ÉaãY ¬«≤ØdGت ٦٣١ه١٢٣٤/م( وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان ،مطبعة عيسى البابي الحلبي مصر١٤٠٤ ،ه١٩٨٤/م. عدد الصفحات ٥٢٣ :صفحة يشتمل هذا الكتاب على أكثر من ثلاثمائة باب ،وهو في علم التوحيد وما تفرع عنه من مسائل .ويبدأ المؤلف كتابه بباب عن التوحيد واختلاف الناس في الباري . 8 فقال الموحدون ،أهل العدل :إنه تعالى واحد ليس كمثله شيء. وقال الدهرية بالنفي المطلق؛ أي :أنها أنكرت وجود الآلهة ،وقالوا :نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر. وقال الثنوية :إن الآلهة اثنان ،إله النور وإله الظلمة. وقالت النصارى :الآلهة ثلاثة. ثم اختلف من قال بالتوحيد على وجهين :الوجه الأول :من أثبتوا التنزيه الله تعالى قائلين :إنه ليس كمثله شيء ،وهم أهل العدل .والوجه الثاني :هم المشبهة ،وإن اختلفوا في كيفيته. وينتمي المؤلف وأصحابه إلى قول أهل العدل في أن االله تعالى واحد ليس كمثله شيء ،والتوحيد هو الإقرار باالله والوصف له ،والتسمية بأنه تبارك وتعالى واحد .ومعنى التسمية للموحدين بأنهم موحدون :أنهم يثبتون معبودهم أنه واحد .فإذا اكتفوا بأنه واحد فقط فيراهم المؤلف بأنهم ليسوا من الموحدين، بل يجب أن يقروا أنه تعالى ليس كمثله شيء. مائة كتاب إباضي42 وكل من خالف هذا الرأي في التنزيه ينسبه المؤلف إلى الإلحاد ،والإلحاد: هو الانحراف والميل عن التوحيد الله ، 8بأنه واحد ليس كمثله شيء ،فإذا ملحدا؛ لأن مال وعدل عن هذا التوحيد الذي هو اعتقاد أهل العدل سمي الإلحاد في اللغة هو الانحراف عن الشيء ،فكأن الملحد عدل عن التوحيد إلى الشرك ،وعن الإثبات إلى التعطيل ،ومال عن الحق إلى الباطل. والاستدلال على وجود الباري يحدده المؤلف من خلال طريقين :من كتاب االله 8؛ أي :من خلال الطريق النقلي ،ومن حجة العقل؛ أي :من خلال الطريق العقلي. ومن الأدلة النقلية لإثبات وجود االله ،قوله تعالى[ Z Y X ﴿ : \ ] ﴾ ]يونس ،[١٠١ :فإذا علم أن جميع الأشياء محدثة أحدثها االله واخترعها من العدم إلى الوجود عرف أنه موجود .قال تعالىÁ À ﴿ : ] ﴾ Ê É È Ç Æ Å Ä Ã Âفصلت .[٥٣ :فلم يرد الباري 8 أن يريهم بالعين خاصة ،دون الفكرة بالعقل. وأما دليل وجوب الاستدلال على االله 8من جهة العقل ،وما أمر به من أحدا من عباده الاستدلال والتفكر من العقل :لو أن رجلا لم يشاهد كتاب االله ،ولا لما كان له عذر عن معرفة االله ،فعليه من حجة العقل أن يعلم أن له خالق خلقه. فالإنسان مخاطب بعقله لمعرفة االله قبل نزول الكتب؛ ولذا يرى المؤلف أن أول ما افترض االله على عباده المكلفين العقلاء البالغين :معرفته 8أنه االله الذي لا إله إلا هو ،الفرد الصمد ،ليس كمثله شيء .وصارت معرفته تعالى أول المفترضات ،ولا تصح عبادة االله إلا حين يعرف االله .قال ژ » :أفضلكم إيما نا أفضلكم معرفة«. كسبا؟ فذهب البعضاضطرارا أم واختلف الناس في معرفة االله تعالى :أتقع إلى أن معرفة االله تعالى اضطرارية ،جبلت في قلب الإنسان ،معلقة بالعقل لا تنفصل لاستحالة انفصالها عن العقل. 43النور وذهب آخرون إلى أن معرفة االله تعالى معرفتان :أولاهما :اضطرارية ،وهي غريزة ،والثانية :اكتسابية. ودليل من قال :إن معرفة االله تعالى اكتسابية أن االله تعالى لما نصب عليها الدلائل ،وأمرنا بالنظر العلمي ،وأعد الثواب لمن امتثل ذلك ،والعقاب على ثوابا، المفرط ،دل أنها اكتسابيات؛ لأن الاضطراريات لا يعد االله تعالى عليها عقابا. ولا يتوعد عليها ومن الأدلة التي يستخدمها المؤلف للاستدلال على وجود االله دليل القياس القائم على الاستدلال بالشاهد على الغائب ،بالإضافة إلى ما جاء به الرسل من أدلة تثبت وجود االله تعالى ،حيث أيدهم االله بمعجزاته لتكون دلالة على أنهم مبعوثون من عنده تعالى. كما يستدل المؤلف على وجود االله تعالى بدليل حدوث العالم ،وهو أحد الأدلة التي اعتمدها المتكلمون لإثبات وجود االله .والحدوث يعني أن الأشياء عدما ،والذي أوجدها هو غيرها ،وهو الخالق القديم.قد وجدت بعد أن كانت فلكل فعل فاعل .ولا بد للبناء من بان بناه ،ولا بد للكتابة من كاتب ،وهكذا. ويستدل المؤلف على وحدانية االله تعالى بدليل عرف عند المتكلمين باسم دليل التمانع .وفحواه :أنه لو كان خالق الأشياء اثنين لكان لا يخلو أحدهما من قادرا على منع الآخر ،مما يريد أن يعمله ،أو غير قادر على منعه ،فإنأن يكون قادرا على منع الآخر ،فالآخر المقدور عليه عاجز ،والعاجز ليس بإله .فلماكان فسد هذا دل أن محدث الأشياء واحد ،ليس كمثله شيء ،وهو االله الواحد القهار. ويرد المؤلف على المذاهب المخالفة التي ذهبت إلى القول بقدم العالم، وأنكرت الخلق من عدم مدعية بأن لا نطفة إلا من إنسان ،ولا إنسان إلا من نطفة .وهكذا تأخذ بالتسلسل والدور إلى ما لا نهاية .وهو ما يرفضه المؤلف ويرد فيه على الدهرية. مائة كتاب إباضي44 وهذا الاتجاه م ثله الدهرية ،وجماعة من الهند ،وأصناف اليونانية ،والمنانية، والديصانية ،والمرقونية ،والمجوس ،وعبدة الصور ،والصابئون ،وغيرهم من الملحدة ،ممن أنكر حدوث العالم وقالوا بقدمه. وكما رد المؤلف على المخالفين للمسلمين في فهمهم الله تعالى ،كذلك رد على بعض المسلمين ممن قال بأن الإله واحد ،ولكنه خالف أهل العدل في القول بالتشبيه ،والتشبيه أن يشبه االله تعالى ببعض خلقه فيما يصفه به ،أنه تعالى يبصر ببصر ،أو يسمع بسمع ،أو يعلم بعلم كالخلق ،فذلك هو التشبيه. وقد قالت المشبهة :إن االله تعالى خلق آدم على صورته ،وكذبوا على االله رب العالمين .ويرد المؤلف على المشبهة ،ويذهب إلى أن االله ليس كمثله جسما من الأجسام لكانشيء؛ لأنه تعالى ليس بذي جسم ،لأنه تعالى لو كان عريضا ،لا يخلو من الحدود والنهايات والأعراض ،فهذه صفة الجسم.طويلا كما ينفي المؤلف عن االله تعالى الجوارح ،مثل العين .ويشير المؤلف إلى أن العين في كلام العرب تطلق على معان مختلفة :فمنها يراد به الجارحة التي في الرأس ،ومنها ما يراد به الحفظ والمشاهدة ،ومنها ما يراد به الدلالة ،ومنها ما يراد به العقوبة ،ومنها ما يراد به الجودة. فأما العين التي يراد بها الجارحة ،فهي عن االله منفية ،من قبل أن كل جارحة محدودة .واالله تعالى ليس بمحدود ،ولا مختلف بعضه عن بعض .إذ لا أبعاض له فيختلف ،ولا متغاير ،إذ لا جسم له. وأما العين التي يراد بها الحفظ ،كقولهم :أنت بعين االله؛ أي :أنت في حفظ االله ،أي :ليس تخفى على االله .وأما قول االله تعالى﴾ > = < ﴿ : ]طه [٣٩ :أي :بعلمي وحفظي .وقوله] ﴾ \ [ ﴿ :القمر [١٤ :أي :بحفظنا وعلمنا ،حيث لا يخفى. 45النور وجها حقيق يا ،تعالى االله عن أما الوجه فالمؤلف يرد على من قال :إن الله ذلك .والوجه في لغة العرب يطلق على معان كثيرة :أحدها :أن يراد به الشيء نفسه. والوجه :هو الوجه الذي في الرأس ،وهو من المعاني المنفية عن االله؛ لأن الوجوه التي في الرأس لا تكون إلا في الأجسام والصور ،واالله تعالى ليس بجسم ولا صورة .وقوله تعالى] ﴾ < ; : 9 ﴿ :الإنسان [٩ :أي :لطلب ثواب االله .وهكذا يؤول المؤلف ما ذكر من جوارح نسبت إلى االله تأويلا ينفي كبيرا. علوا التشبيه والتجسيم ،تعالى االله عن ذلك  ثم ينتقل المؤلف إلى مسألة رؤية االله تعالى والنظر إليه ،والرد على من أضافه إلى االله تعالى .ويذكر أن النظر في كلام العرب يطلق على معان كثيرة: منها نظر على وجه الانتظار ،ومنها على وجه الاتكال ،ومنها على وجه الاختيار ،ومنها على وجه الحكم ،ومنها على وجه التثبيت ،ومنها على وجه الصلة والعائدة والرحمة ،ومنها على ما هو علم. وأما نظر الجهرة ،فهو معاينة الشيء ورؤيته ،والإدراك له ،والإحاطة به، وذلك عن االله منفي ،تعالى االله عن ذلك ،إذ الباري ليس بجسم محدود، ولا يمكن الإحاطة به ،ولا جوهر محدود ،ولا ذي شخص محدود ليقع عليه النظر ،ولا له تعالى كيفية ليقع النظر على تلك الكيفية ،والأبصار لا تدرك إلا ما يشبهها في الكيفية والحدود ،والباري ليس كمثله شيء. وكما أنكر المؤلف رؤية االله في الدنيا ،أنكر كذلك رؤيته في الآخرة .فنظر أهل الجنة إلى ربهم إنما هو انتظارهم إلى رزقه ،وإكرامه وخيره. كما رد المؤلف على من أثبت الله يدا ،وذكر أن اليد في لغة العرب تطلق على معان كثيرة .منها :ما يراد به الشيء نفسه ،والملك والقدرة ،والعطية والمنة. وأما اليد المركبة في الجسد فهي منفية عن االله تعالى؛ لأنها جارحة من جوارح مائة كتاب إباضي46 المتكون من أعضاء مجتمعة ومتألفة ومكونة للجسد ،ويحتاج بعضهاالجسد إلى بعض تعالى االله عن ذلك. أما من سمى االله تعالى أنه نور ،مستدلين في ذلك على قوله تعالىy ﴿ : ] ﴾ | { zالنور [٣٥ :فالمؤلف ينكر أن يكون االله نور من الأنوار، نورا على المجازوجسم من الأجسام النورانية ،وإنما سمى االله تعالى نفسه وعرضا ،واالله تعالى توسعا ومجاز ا ،إذ كان النور محدثا دون الحقيقة ،بل لا يشبه المحدثات. وتوجد مسألة اختلف فيها المتكلمون والعلماء ،وهي مسألة العرش، فزعمت المشبهة أن االله تعالى فوق العرش على سبيل الاستقرار والجلوس، علوا وأنه ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا ،تعالى االله عن ذلك  كبيرا؛ لأن الذي يكون فوق العرش يكون العرش أقوى منه وأقدر؛ لأنه حامل له ،والحامل أقوى من المحمول. والاستواء على معان: فمنها :استوى على العرش ،على ما هو عليه. ومنها :استواء التدبير. ومنها :استواء الملك .فلما كان من صفة االله أنه غير محدود ولا يش به بخلقه؛ كاستواء الشيء على الشيء دل على أن استواء الباري تعالى على العرش ،بالملك والتدبير والقدرة ذل له العرش ،واستوى له 8كل شيء. وقيل :استوى على العرش؛ أي :استولى على العرش بالملك والتدبير تشريفا لذكره.والقهر ،وقد استولى على جميع العالم ،وخص العرش بذلك وقيل :إن العرش هو العلم ،والكرسي هو العلم .وقولهÅ Ä ﴿ : ] ﴾ Ç Æالبقرة [٢٥٥ :أي :وسع علمه .وقيل :إن الكرسي هو العرش، 47النور ويقال :الكرسي خلق من خلق االله ،أعظم من السماوات والأرض ،واالله غني عن العرش والكرسي. ومن المشكلات التي أثارها علماء الكلام مسألة» :كلام االله« .فقد اختلف تكليما، الناس في كلام االله 8لموسى بن عمران .فقال بعضهم :إنه تعالى كلمه كما قال ، 8وذلك حق من االله. وقال بعضهم :إن الكلام من االله لموسى ‰إلهام ،أسمعه صو تا ،أفهمه به متكلما. الكلام ،ولم يسمعه نفسه ويأخذ المؤلف برأي القائل :إن موسى ‰سمع كلام االله تعالى بغير صوت ولا حرف ،كما يرى الأبرار ذات الصلة ،بالعلم واليقين ،بأعين قلوبهم، لا بأعين رؤوسهم. والباري يعلم بعلم اليقين ،وقد سئل النبي ژ :هل رأيت ربك؟ فقال» :لن تراه العيون .ولكن تراه القلوب بحقائق الإيمان« .وأما رؤية العين التي في الرأس فذلك لا يجوز. وقال بعضهم :إن االله تعالى يقولÔ Ó Ò Ñ Ð Ï Î Í Ì Ë ﴿ : ] ﴾ Ý Ü Û Ú Ù Ø × Ö Õالشورى [٥١ :وهذا خبر. والأخبار لا يجوز عليها النسخ .فيجوز أن يكون كلمه بالوحي منه. وبالجملة :إن كلام االله تعالى ليس بحروف ،ولا صوت؛ لأن الكلام لا يكون إلا باصطكاك حرفين والباري 8ليس بجسم ليصطك حرفان في فيه للكلام. وإنما جعل االله الكلام والحروف لنا نحن ،لحاجتنا إلى الصوت والحروف ،فليس كلام االله بحروف ،ولا صوت ،إذ لا يحتاج إليها تعالى االله كبيرا. علوا عن ذلك  مائة كتاب إباضي48 ويعقد المؤلف مقارنة بين الخالق والمخلوق .ويفرق بينهما .والفرق :أن المحدث منالخالق قديم ،والمخلوق محدث ،والقديم لا يشبه المحدث ،إذ فعل القديم. الفرق الثاني :بين صفات الخالق وبين صفات المخلوق :فصفات الباري تعالى قديمة ،وصفات المخلوق محدثة ،والمحدث لا يشبه القديم. الفرق الثالث :بين قدم الباري وقدم خلقه .والقديم على الحقيقة هو االله الذي لا شيء قبله ،ولا شيء بعده ،ولا لقدمه أول ،ولا له آخر ونهاية ،وقدم خلقه مجاز؛ لأن قدمهم إلى نهاية وبداية. الفرق الرابع :بين علم الباري وعلم خلقه .فعلم البارئ تعالى علم إحاطة عالما بعلم ،بل عالم بذاته، بالأشياء العالم بها ،قبل كونها ،وبعد كونها ،وليس لا بعلم هو غيره .والمخلوق عالم بعلم هو غيره وعلمه يعلمه بعد جهل. الفرق الخامس :بين قدرة الخالق وقدرة خلقه .فالخالق قادر بنفسه لا بشيء غيره .والمخلوق قادر بقدرة ،هي غيره ،وهي عرض. الفرق السادس :بين حياة الباري وحياة خلقه ،فاالله تعالى حي بذاته لا بحياة هي غيره .ولم يزل ح يا .ولا يزال ح يا .والعبد حياته بحياة هي غيره ،بل من فعل االله يحييه ويميته. الفرق السابع :بين وجود الباري وبين وجود خلقه .فوجود الباري أنه موجودا كذلك .والعبد إنما وجوده موجودا ،ولا يزال الموجود بذاته ،لم يزل مشاهدته وتحديده .وهكذا وجود بعد عدم ،وعدم بعد وجود. الفرق الثامن :بين عدل االله وعدل خلقه .والفرق أن االله 8عدل بذاته، وهي صفات ذات عائدة إلى العلم .فلا يفعل القبيح والظلم والجوهر إلا أيضا :أنه عدل فيجاهل بقبحه ،أو محتاج إليه ،واالله غني عن ذلك .ويوصف 49النور فعله .ويرجع إلى أحكام الفعل ،وصفات الأفعال ،فيكون ذلك صفة فعل، لا صفة ذات. الفرق التاسع :بين أفعال الباري وأفعال خلقه .أفعال البارئ :أن يقول لما يشاء :كن فيكون ،بلا عقد وضمير ،وقوة عرض. وأفعال العباد :نيات وحركات ،وضمائر وخطرات ،وأعراض طارئات. الفرق العاشر :بين الواحدين الباري 8واحد في المعنى والاسم ،من غير أبعاض متآلفة وأشخاص مرئية .وأما خلقه فواحد شخص ،إما جوهر ،أو جسم متآلف ،إذا رفع تأليف صار شي ئا ذا أبعاض. الفرق الحادي عشر :بين الأسماء القديمة والمحدثة .فأسماء االله القديمة صفاته ،وهي موجب وصف الواصفين ،إذ لو لم يكن ما وصف نفسه ولا سمى، ولا وصف أحد من خلقه .وصفاته الذاتية لا يدخلها التضاد .والمحدثة :خلق ورزق ،وأحيا وأمات. الفرق الثاني عشر :بين خلود البارئ وخلود خلقه ،خلود البارئ وبقاؤه :أنه تعالى خالد باق بذاته ،لا ببقاء مبق أبقاه .وخلود خلقه :أنهم خلدوا وبقوا ببقاء مبق أبقاهم أخلدهم ،فبقوا ببقائه ولم يبقوا بذواتهم. مسير إلى فعل المعاصي و تعد مشكلة الفضاء والقدر ،وهل الإنسان مخير عليهما إحدى المشكلات المثارة في علم الكلام .وللمؤلفوالطاعات أم يعبر فيه عن أصحابه ،وهو موقف قريب من المعتزلة .فيذكرموقفه الذي المؤلف هذا الموقف قائلا :إن علم االله تعالى لم يسق العباد إلى ما عملوا من المعاصي ،وإنما سولت لهم أنفسهم ،وزين لهم الشيطان أعمالهم ،حتى كان منهم ما علم االله. الدليل على ذلك :أن علمه لو ساق العباد إلى ما عملوا ما استحق المطيع مائة كتاب إباضي50 عقابا ،إذ هو مجبور .والمجبور لا يستحقثوابا ،إذ هو مجبور ،ولا العاصي على ما جبر شي ئا .ولم يكلف االله العباد ،ويعاقبهم ويثيبهم على ما علم ،وأثابهم وعاقبهم على الأمر والنهي الاختياري ،لم يعاملهم على العلم .ولو عاملهم على العلم لعذبهم قبل أن يعملوا لعلمه أنه لو بسط الرزق عليهم لبغوا في الأرض ،ولعذبهم على هذا البغي الذي علمه منهم قبل أن يعملوا تعالى االله كبيرا . علوا عن ذلك  وتكلم المؤلف عن الاستطاعة ،وأنها تعني في اللغة :القدرة على الشيء. والاستطاعة اسم لمعان ،والأصل فيها القدرة .والقدرة في الإنسان :هي عرض في الجسم .ولا تثبت وقتين. كل فعل باستطاعة ،محدثة مع الفعل للفعل ،بتوفيق االله. وحقيقة الكسب : وأما من فعل بقدرة قديمة فهو غير مكتسب .فالاستطاعة من العبد للفعل مع الفعل ،لا قبل ذلك ولا بعد. ويقترب المؤلف في موقفه هذا من القائلين بنظرية الكسب من الفرق الإسلامية ،مثل الأشاعرة والماتريدية ،وهو بهذا يخالف المعتزلة ،والمؤلف يتوسط بين المذاهب في الفعل الإنساني ،يتشابه مع المعتزلة في أمور ويخالفهم في أمور ،ويتفق مع الأشاعرة والماتريدية في أمور ويشذ عنهم في أخرى ،ونجده ينقد كلا من مذهب المجبرة والقدرية. يقول المؤلف في نقده للجبرية :اعلم أن أهل الجبر ،زعموا أن االله تعالى جبر خلقه ،تعالى االله عن ذلك ،وأنه تعالى إنما يعذب العباد على فعله ،لا على أفعالهم. والحجة عليهم في ذلك :أنه لو كان يعذبهم على فعله ما قال تعالىg ﴿ : ] ﴾ j i hالزمر ،[٢٤ :ولا قال تعالى] ﴾ _ ^ ] \ ﴿ :الحج،[١٠ : ﴿ ] ﴾ 3 2 ±الأنفال [٥١ :وقالæ å äã â á à ﴿ : ] ﴾ çفصلت.[٤٦ : 51النور وكذلك ينقد المؤلف المعتزلة قائلا :ضلت المعتزلة والقدرية بقولهم :إن أحدا من المشيئة مفوضة إلى العباد ،وقال المسلمون :إن االله تعالى لم يجبر خلقه من المكلفين ،ولا فوض إليهم ،وهذا هو مذهب المؤلف وأصحابه .وأن قوله تعالى] ﴾ L K J I H G ﴿ :الكهف [٢٩ :فليس في هذا تفويض الأمور إلى العباد ،ولكنه تهديد من االله تعالى. ويعرض المؤلف المذاهب الباحثة في الفعل الإنساني ،فيذكر أن الناس اختلفوا على ثلاث فرق: فرقة قالت :العبد مكتسب ،وكسبه خلقه لأفعاله ،ولا تعلق بقدرة القديم بأفعال العباد ،وهي المعتزلة ،فجعلوا العبد خالقا ،مختر عا لأفعاله. وفرقة قالت :ليس بمكتسب لشيء ،ولا قدرة له ،فهو كالباب ،إذا ح رك تحرك. وفرقة قالت :إن االله تعالى خلق أفعال العباد ،مختر عا لها .والعباد مكتسبون مكتسبا في زمن واحد ،وهو لها .فعل هذا الأصل ،يكون الفعل الواحد مخلوقا مذهب المؤلف. فمن قال :إن الفعل خلق العباد ،جعل مع االله خالقا غيره .واالله تعالى يقول: ﴿ ] ﴾ Î Í Ì Ë Êفاطر] ﴾ , +* ﴿ ،[٣ :الأنعام.[١٠٢ : ومن نفى القدرة عن العباد بالكلية أسقط تكاليف الشرع؛ لأن الشرع راعى القدرة في التكليف ،قال االله تعالى﴾ ¬ « a ©̈ § ﴿ : ]البقرة .[٢٨٦ :ومساق مذهب هؤلاء :أنه لا فرق بين تكليف الصلاة ،وتكليف الطيران في الهواء. وأما القائلون :إن العبد مخترع لأفعاله فقولهم باطل؛ لأنهم جعلوا أنفسهم شركاء الله في الخلق .واالله تعالى يقول] ﴾ Î Í Ì Ë Ê ﴿ :فاطر.[٣ : مائة كتاب إباضي52 ولكن أفعال العباد من االله :خلق ،ومن العباد :اكتساب عمل وكسب ،واالله خالق كسبهم ،في حال ما يكسبون لا قبل ذلك ،ولا بعد ،فهذا قول المسلمين، أي :قول الإباضية. والدلالة من كتاب االله 8على أن العمل مخلوق ،والأفعال التي يفعلها العبد كلها مخلوقة خلقها االله تعالى ،فهي من االله :خلق ،ومن العباد :عمل. والدليل على خلق الأفعال من كتاب االله :قوله تعالىq p o n ﴿ : ] ﴾ x w v u t s rالتوبة [٥٢ :فثبت أن االله يصيب الكافرين بأيدي المؤمنين ،فيكون فعل المؤمنين بالكفار ،من القتل والجراحة، مصيبة أصابهم االله بها ،فأضاف ذلك إلى االله أنه أصابهم بها ،فذلك فعل االله: إصابته إياهم بتلك المصيبة ،وهو فعل للمؤمنين .فدل أن الأفعال من االله خلق، ومن العباد عمل. أما عن حق االله على عباده فحقه عليهم :أن يعرفوه ،ويوحدوه ،ويعبدوه، ويشكروه ،ولا يكفروه. واالله تعالى لا يكلف العباد ما لا يطيقون .قال االله تعالى©̈ § ﴿ : ] ﴾ ¬ « aالبقرة .[٢٨٦ :والدليل على أن االله تعالى لم يكلف العباد فوق طاقتهم قوله تعالى] ﴾ z y x w ﴿ :التغابن ،[١٦ :وقوله| { z ﴿ : } ~ ے ¡ ﴾ ]الحج [٧٨ :يعني :من ضيق .ولو كان كلفهم ما لا يطيقون ،لكان قد جعل عليهم أكبر الضيق؛ لأنه لا ضيق أكبر من تكليف ما لا يطاق. أما أدلة العقل في أن االله لا يكلف العباد ما لا يطيقون ،فيذكر المؤلف منها: أنا وجدنا االله تعالى قد قبح ذلك في عقولنا ،لا لعلة من نهي أو غيره ،بل لنفسه .فلم يكلف الأعمى النظر. ويرى المؤلف أن أول حجة االله على العباد :العقل .فحجة االله في الأرض: 53النور والسنة ،والرسل .والدليل على الحق :الهدى،العقل ،والاستطاعة ،والكتاب، والرسل ،والميثاق ،والإجماع .والدليل على أن العقل حجة قوله تعالى: ﴿ ] ﴾́ 3 2الحشر [٢ :فهذا يدل على أن الاعتبار يؤدي إلى معرفة الحق ،وقوله تعالى] ﴾ } | { z yx ﴿ :الغاشية.[١٧ : خصص المؤلف عدة أبواب للحديث عن الرسل ،ونبوةومن أبواب الكتاب  محمدا محمد ژ ،والرد على من أنكر نبوته والحجة في ذلك .والدليل على أن رسول االله ،وأنه صادق ،من وجهين :القرآن ،والمعجزات التي لا يقدر عليها أحد إلا االله . 8والقرآن الذي أتى به لم يقدر أحد من الخلق أن يأتي بمثله ،لقوله تعالى9 8 7 6 5 4 3 2 1 0 / . - , ﴿ : ] ﴾ > = < ; :الإسراء ،[٨٨ :وغير ذلك موجود في القرآن. ذاكرا أن الوعد :وعد االله أهل الطاعةويتحدث المؤلف عن الوعد والوعيد من الثواب في الآخرة ،وهو حق .والوعيد :ما أوعد االله أهل الكفر والفسوق على المعاصي والعقاب في الآخرة ،وهو حق. أما رأي المرجئة القائلة في وعيد االله :إ نا وجدنا الكريم فيما بيننا ،إذا توعد العقوبة ،ثم عفا كان أحسن في صفته ،فإذا كانت العرب تفتخر بالصفح عن الجرائم فاالله تعالى أولى بالصفة الجميلة ،وهذا رأي يرفضه المؤلف قائلا :إن هذا لا يجوز على االله .وإلا كان يحسن أن يعفو عمن جحده وكفر به ،وجعل إلها غيره ،وجعل له الصاحبة والولد فإنه لا يعفو عن أحد من هؤلاء ،ممنمعه أشرك به وجحده ،وعلى هذا لا تساو بين الخالق والمخلوق في هذه الصفة. وبالتالي فإن من فعل المعاصي صغائر وكبائر ،ولم يتب عنها قبل الموت فهو مستحق الخلود في النار؛ لقوله تعالى[ Z Y X W ﴿ : \ ❁ ^ _ ` ] ﴾ c b aالزلزلة [٨ - ٧ :فلو كانت الصغائر تغفر بلا توبة ،إذا اجتنبت الكبائر ،لم يكن قوله.﴾ Y X W ﴿ : مائة كتاب إباضي54 وتكلم المؤلف عن الشفاعة ،وذكر أنها حق ،ولكنها للمؤمنين الذين رضى االله عن عملهم؛ لقوله تعالى] ﴾ M L K J I ﴿ :الأنبياء،[٢٨ : وقوله سبحانه] ﴾ a ©̈ § ¦ ¥ ¤ ﴿ :طه.[١٠٩ : فمن قال :إن الشفاعة لأهل الكبائر فقد كذب االله 8في قوله: ﴿ : ; < = > ? @ ﴾ ]غافر.[١٨ : كما تناول المؤلف مسألة عذاب القبر .فذكر أن عذاب الآخرة لا شك فيه. كثيرا في معنى عذاب القبر .فهناك من أثبته،ولكن اختلف الناس اختلافا وهناك من نفاه .وحجة من قال بعذاب القبر قوله تعالىU T S ﴿ : ] ﴾ W Vغافر.[١١ : فالميتة الأولى :التي تقع بهم في الدنيا بعد الحياة .والحياة الأولى :إحياء االله إياهم في القبر. والميتة الثانية :إماتة االله إياهم بعد المسألة .والحياة الثانية :إحياؤهم االله للبعث. وحجة من أنكر عذاب القبر قوله تعالىg f e d c b ﴿ : ] ﴾ o n m l k j ❁ hالمؤمنون.[١١٣ - ١١٢ : وأما الخبر الذي روي عن النبي ژ أنه قال :إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه .فهذا خبر غير موافق للكتاب ،لأن االله تعالى يقولÍ Ì Ë Ê ﴿ : ] ﴾ Îالأنعام ،[١٦٤ :وقال] ﴾ 2 1 0 ﴿ :العنكبوت.[٤٠ : وفي مسألة أطفال الكفار والمنافقون أمؤمنون هم أم كافرون؟ يجيب المؤلف :أنهم لا مؤمنون ولا كافرون؛ لأنهم لم يكفروا باالله ،ولم يؤمنوا به. وإنما ولدوا على الفطرة ،والدين والإسلام يحكم عليهم بالكفر إذا بلغوا وكفروا بسوء اختيارهم. 55النور ويميل المؤلف إلى القول بأن هؤلاء الأطفال يدخلون الجنة بما يصيبهم من الآلام في الدنيا ،لو لم يكن أصابهم من الآلام إلا ألم الموت وحده كفى ألما من سبعين ضربة بالسيف علىذلك .إن ألم عرق واحد عند الموت أعظم الأنف؛ ولذا خالف المؤلف من قال :إن أطفال المشركين والمنافقين مع آبائهم في النار ،في حين ذهب المؤلف إلى أنهم يدخلون الجنة. 56 Iô«`°ü``Ñ`dG ) o°UC’G ˆG óÑY »HCG øH ¿ÉaãYóaëe ƒHCGت ٦٣١ه١٢٣٤/م( وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان، ج١٤٠٢ :١ه١٩٨٢/م .ج١٤٠٤ :٢ه١٩٨٤ /م. ج ١٦٠ :٢صفحةعدد الصفحات :ج ٢٤٤ :١صفحة يتكون الكتاب من :مقدمة ،وعدة أبواب .والكتاب في الفقه قسم العبادات. كثيرا من الأحكام الشرعية من الفرائض والسنن وقد جمع فيه العالم الفاضل والفضائل بما لا يستغني عن معرفتها والحاجة إليها مسلم .وقد ذكر المؤلف في كتابه الكثير من الآراء والأقوال الفقهية. ضخما إلا أنه حوى من العلوم والمعرفة لكلمجلدا والكتاب وإن لم يكن من أراد أن يتفقه في دينه ويعرف أحكامه عبادته. الباب الأول :في »البيوع ،وما يجوز منها وما لا يجوز« ويستشهد المؤلف ردا على المشركين حينبقوله تعالى] ﴾ ; : 9 8 7 ﴿ :البقرة [٢٧٥ : قالوا :إنما البيع مثل الربا. ولفظ البيع عند بعض علماء المسلمين :مثل قول قائل :أنت يا فلان قد بعت لي هذا الشيء أو بعت هذا الشيء لي. والبيع بيعان لا ثالث لهما :بيع بنقد ويد ب يد يتفقان عليه ،وبيع بتأخير الدراهم والدنانير ،وما يقع البيع عليه .فبيع النقد جائز في جميع الأصناف كلها في البيوعات المعلومات كلها غير المجهولة ،لا نقض فيها إذا كانت حاضرة معروفة ،والبائع والمشتري عالمين بما تبايعا عليه ،وهما :رجلان بالغان عاقلان 57البصيرة مميزان يعرفان المبايعات ،لا في عقلهما نقص ،ولا طفلان ،ولا مملوكان ،فهذا البيع جائز ممن باع واشترى في العروض ،والأصول ،والحيوان ،والرقيق، بيعا بكيل ،ووز نا بوزن ،أو والإماء ،والطعام ،والثياب والأمتعة ،والإدام ،كان كيلا بكيل ،أو كيلا بعدد ،أو جزافا بجزاف. وجائز في النقد خلاف النسيئة؛ أي :الصبر بيع الأصول بالأصول، والأصول بالعروض ،والعروض بالأصول ،والعروض بالعروض ،والأصول بالدراهم بعد المعرفة. وجائز :بيع العدد بالعدد ،والحيوان بالحيوان ،بالنقد والحضرة والمعرفة، والحيوان بالدراهم لا خلاف ،واللحم باللحم ،والسمك باللحم ،والدهن بالسمك ،واللبن باللبن جائز ،وذلك كله بعضه ببعض ولا خلاف في ذلك إذا جميعا ،والمباع ما يباع به وما يباع من ذلك بالنقد بالدراهم وإن لم حضرا تحضر الدراهم وتأخرت ،فكل ذلك جائز لا ينقض. وأما التأخير فكلما كان من البيوع المعلومة حضرت أو غابت بالدراهم والدنانير جائزة إذا كان البائع والمشتري عالمين بما يتبايعان عليه بالرؤية ،أو حاضرا ،فإن غابت الدراهمعلى الصنعة ،أو المعرفة المتقدمة إذا كان المبيع أيضا الدراهم ،فإن البيع جائز غائبا وقد علم ،وإن لم تحضر وكان المبيع بالتأخير إلى الأجل القريب والبعيد ،والبيع لا ينقض ،إلا الحيوان لا يثبت بيعه عند الأكثر حتى يحضر عند البيع. وكل البيوع في ذلك جائزة ،غير منتقضة ،ولا تنازع فيها. وأما ما لا يجوز من البيوع بتأخير بعضه ببعض فجائز بالنقد ،فإنه لا يجوز بيع شيء موزون بموزون من جميع الأطعمة ولا العروض ولا الأمتعة ،ولا غير ذلك موزو نا بموزون إلى أجل وتأخير وزيادة ،وجائز ذلك بالنقد بعضه ببعض على ما اتفقا عليه من ذلك مع حضرته ،ولا يجوز بيع ما أنبتت الأرض مائة كتاب إباضي58 بما أنبتت الأرض من الطعام بعضه ببعض من المكيل بالمكيل ،ولا الموزون بالموزون ،ولا بالمكيل إلى أجل وزيادة في البيع ،وكل ذلك في البيوع بالنقد وحضرته بعضه ببعض جائز ،مثلا بمثل أو زيادة في أحد النوعين إلا بالدراهم والدنانير ،فإنها أثمان للأشياء. ولا يجوز بيع الفضة والذهب بعضه ببعض إلى أجل بالزيادة ،ولا يجوز بيع الحيوان بالحيوان إلى أجل من جنس واحد ،ولا إذا اختلف الجنسان؛ لأن ذلك غائب ،ولا يجوز بيعه بالدراهم وهو غائم. والذي لا يجوز بيعه كل ما كان من البيوع المجهولة التي لا تعلم عند البيع ،ولا يعرفها البائع ولا المشتري ،فإن هذه البيوع المجهولات كلها لا تجوز ما كانت من كل بيع ،وبيع كل غائب من المشتري لا يعلمه في الوقت ولا كان عالما به من قبل ،ولا نظر الجنس منه ولا أبصره فلا يثبت بيعه .وبيع المجهولات هو كل شيء لا يحيط العلم به من المشتري بمعرفته ولا يعرفه، أيضا؛ لأنه غيرفإنه مجهول عنده ،فلا يثبت بيعه عليه ،وبيع الغرر كله لا يجوز ظاهر ولا يعلم. وكذلك العيب الذي يكون في الحيوان ،والرقيق ،والثياب ،ولا يجوز كتمانه في ذلك ،مثل العوار في الثياب ،والانخراق والرفافة ،وما كان لا يعلم فعليه إعلام المشتري. أما في باب الشركة فيذكر المؤلف أن الاختلاف في المشاركة وما تجوز به المشاركة بالمال والقول في ذلك كالاختلاف في المضاربة ،فمما جاز به المضاربة جاز أن يتشارك به ،ولو اختلف النوعان. وأما الشركة بالأبدان ففي جوازها اختلاف أجازها بعض ولم يجزها آخرون .وقال البعض :إن الشركة لا تكون إلا بدراهم كلها أو دنانير كلها؛ أي: من صنف واحد. 59البصيرة ومن الموضوعات التي تضمنها الجزء الأول من الكتاب موضوع النكاح وما يحرم من النساء ،فحرام تزويج الأمهات وأمهاتهن ،وإن علون ،والبنات وبناتهن وإن سفلن ،وبنات الأخ وإن سفل ذلك ،وبنات الأب وإن بعدن، والعمات والخالات حرام ،وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ،والأخوات من الرضاعة ،ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ،وأمهات نسائكم فأم الزوجة حرام ،وما علا من ذلك ،والربائب التي دخل بأمهاتهن حرام تزويجهن ،وما أيضا ونساء ولدن وإن سفلن ،وإن لم يدخل بأمهاتهن فحلال تزويجها ،وبناتها الأبناء على الآباء حرام. ولا يحل عند الإباضية النكاح بلا شهود ،وإن أشهدوا بعد ذلك ،وحل منه عندهم تزويج المتعة؛ لأن النهي ورد فيها ،وحرام التزوج تحلة للمطلق ،وحرام التزويج في العدة وحرام المواعدة في العدة ،للتزويج حتى يبلغ الكتاب أجله، وتنقضي العدة ،وتكره السريرة كراهية لا تحريم ،إلا أن يكون بلا ولي ولا شهود ،فذلك حرام تزويجه على هذا ،وتزويج الصغار بعضهم ببعض نكاحا وأوجبه على نفسه بصبية لا يثبت عليهم ولا بينهم ،وأما البالغ إذا عقد برأي وليها فذلك ثابت عليه ،ومراعى به بلوغ الصبية ورضاها ،فإن رضيت تم ذلك وإن لم ترض به انتقض ،فإن كان قد جاز بها أخذت صداقها منه وخرجت بلا طلاق. ولا يجوز تزويج امرأة لها زوج شاهد ،ولا غائب وإن غاب وطالت المدة حتى يصح موته ،ولا يجوز تزويج امرأة مفقود زوجها حتى ينقضي الفقد وتعتد، ولا يجوز تزويج المشركات من غير أهل الكتاب ،ولا يجوز أن يعقد نكاح على مجنونة ،ولا مغلوبة على عقلها ،ولا معتوهة ،ولا منزوعة العقل في حال ذلك حتى تفيق ،أو تصح وترضى ،ولا يجوز تزويج الرجل بخامسة وعنده أربع، ولا يجوز له إذا طلق الرجل الرابعة أن يتزوج حتى تنقضي عدة التي طلق ،وإن طلق زوجته لم يجز له تزويج أختها حتى تنقضي عدتها منه ،ثم يتزوج. مائة كتاب إباضي60 وإن كانت امرأته مفقودة لم يتزوج الأخت حتى ينقضي الفقد من أختها، ولا يجوز أن ينكح جاريته التي قد نكح أمها ولا بناتها. وليس لولي المرأة أن يزوجها إلا برضاها ،ورضا البكر سكوتها ،والثيب تعلم بلسانها ،ولا يجوز أن يحمل أمر النكاح على الكراهية إذا كرهت، ولا يثبت التزويج إلا بولي وشاهدين وزوج ورضا المرأة وقبول الزوج ،وصداق مسمى عند ذلك؛ لأنه لا يجوز استباحة فرج بغير عوض ولا وصي في التزويج. وكل من لم يسم صداقا رجعت إلى صداق المثل ،فإن تزوج على دراهم ودنانير جاز ،وعلى حق آجل جاز ،وإن كان عاجلا جاز ،وإذا تزوج على صداق كثير إن جاز بها وإن لم يقدر فأقل من ذلك. ولا تعقد المرأة لنفسها عقد النكاح ،ولا لأحد من بناتها ولا أخواتها ،وإن كانت وصية في تزويج نفسها أو وكيلة في تزويج غيرها أمرت من يزوج من الرجال بالرسم الذي جعل لها من الوصاية في ذلك والوكالة إذا علم ذلك وصح ذلك. وعرض المؤلف للصداق في باب ذكر فيه أن كل من تزوج امرأة ثم طلقها ترك له ،فإن نظر وي قبل الدخول بها :فعليه نصف الصداق إلا أن ي ع فى عنه مسه ثم طلق فقد وجب عليه الصداق كله بالمس والنظر؛ لأنها زوجة.الفرج أو سترا فقد وجب عليه بابا أو أرخى عليهاومن تزوج امرأة ثم أغلق عليها الصداق في الحكم إلا أن تصدقه .وتقول :إنه لم يمسها ولا نظر إليها ،فإن كرها أو نظرتصدق في الصداق وليس لها إلا النصف ،ومن مس فرج امرأة ويحكم على الرجل بنفقة زوجته متى جاز بهاإليه ،فعليه قول من قال بالتوبة ، أو أجابته إلى أن يجوز بها فحين ذلك تلزمه النفقة ،وإذا لم يجز لم تلزمه ،وإن طلبت النفقة فطلب الجواز فامتنعت ذلك حتى يوفيها عاجل الصداق بذلك دد في ذلك مدة قدر ما يرى الحاكم ،فإن انقضتلها ،وإن تأخر ولم يؤد م  61البصيرة وم د د في ذلك المدة ولم يؤد وطلبت النفقة حك م بعد المدة عليه بالنفقة ، ما شاء ،وعليه النفقة في ذلك والكسوة. ونفقة المرأة في ذلك الوسط من ذلك نفقة شاري ربع صاع من الحب لكل يوم ،في وقت التمر تمر ،وفي وقت البر بر ،وفي وقت الذرة ذرة ،وإن أبدا فلها البر. كانت ممن يأكل البر أيضا عليه معها ،ونفقة خادما إن كانت ممن تخدم ،ونفقة الخادم ويحضرها طعاما معمولا مما تشبع فذلك جائز ،وإن أولادها معها ،وإن شاء أن يحضرها أحبت أن تتولى طعامها فذلك لها ،وإن أبت فعليه إحضار ذلك ،وعليه الكسوة لها. للسنة في الطلاق الذي يملك فيه رجعتها لازم للمطلق م نونفقة المطلقة  وربع لكل يوم ما كانت في عدة منه حتى تنقضي ،والسكنى عليه لها في العدة حتى تنقضي العدة ،ولا نفقة على المطلق في طلاق الثلاث ،ولا المختلعة، ولا نفقة عليه لكل بائن منه بحرمة ولا طلاق. أيضا إلا الحامل ،فإن النفقة لكل حامل على زوجها أوولا نفقة للميتة مطلقها أو على تزويج لغلط ،أو وطء بخطأ لها ،أما النفقة للميتة فلا نفقة للميتة على زوجها ،والنفقة لكل امرأة مرضعة كانت زوجة أو مطلقة ،فلها في حال الرضاع النفقة. السنة قد قال فيه ! ﴿ : 4ثم يعرض المؤلف للطلاق ،ويذكر أن طلاق  " / .- , + *) ( ' & % $ # ] ﴾ 9 8 7 6 5 4 3 2 1 0الطلاق [١ :؛ يعني: لطهرهن ،فإذا أراد الرجل أن يطلق زوجته طلقها واحدة بعد أن تطهر من حيضها قبل أن يجامعها ،ثم تكون في بيته ونفقته ،ولا يخرجها إلا أن تأتي بفاحشة بينة من شتمه أو قذفه ،أو زنى ،فإذا كان ذلك فله إخراجها ،فإن أراد مراجعتها راجعها في العدة بشاهدي عدل ما لم تنقض العدة ،وتكون معه على ما بقي من الطلاق. مائة كتاب إباضي62 وكذلك المختلعة له مراجعتها بشاهدين في العدة ،إذا اتفقا برأيها ورضاها، وإن لم يراجعها حتى تنقضي العدة لم تجز له إلا بنكاح جديد ،وإذا كان زوجا غيره، الطلاق بائ نا فلا سكنى لها ولا نفقة ،ولا مراجعة بينهما حتى تنكح زوجاوكذلك المختلعة إذا بانت بالثلاث ،لم تكن له مراجعتها حتى تنكح غيره ،والمختارة مثل ذلك. والإيلاء :هو الألية باليمين ،أن يحلف الرجل بطلاق زوجته على فعل. والإيلاء :أن يحلف الرجل بطلاق زوجته ،أو إعتاق أو باالله أو بالصدقة أو يمين غير ذلك ،ما كان من الأيمان تردعه عن وطء زوجته ،ومن ذلك أن يحلف بطلاقها إن لم يفعل كذا وكذا ،فإن فعل ذلك قبل أن يمضي أربعة أشهر فقد بر مريضا ولا شيء عليه ،وينبغي له إذا بر أن يفيء إلى زوجته ويطأها ،وإن كان مسافرا أو مسجو نا أو في سبب لا يمكنه أن يفيء إليها أنه يشهد أنه قد فاء أو إلى زوجته ولم يمنعه عن وطئها إلا ما هو فيه. رد المطلقة والمختلعة والمتبرئة فإن أكثر القول فيه يكون في باب لفظأما المراجعة .وأما المطلقة فترد ،وإن كرهت والمختلعة لا يرد إلا برأيها ،فإذا أراد رد المطلقة ومراجعتها ردها بشاهدي عدل ،ولفظ الرد أن يقول :اشهدوا أني قد رددت زوجتي فلانة بنت فلان ،بحقها ما بقي من طلاقها. وأما رد المختلعة فإذا قال :اشهدوا أني قد رددتها بحقها على ما بقي من طلاق جاز إذا رضيت بذلك. وتزاد المتبرئة ولا تنقص ،والمطلقة جائز أن ترد بلا حق بما اتفقا عليه، والمختلعة إن حضرت فجائز ،وإن غابت أعلمها الشاهدان في الرد من الخلع والطلاق ،والمطلقة إن كان الطلاق ليس بعلمها جاز له أن يراجعها بلا علمها، وإن كان الطلاق بعلمها لم يكن بد لها أن يعلمها بالمراجعة بشاهدين بحضرتها أو بعلمها أو يعرفانها. 63البصيرة والمطلقة واحدة أو ثلاثا أو المختلعة من الزوج بالفدية ،إذا كانت ممن تحيض فعدتها ثلاث حيضات تامة ،أقل كل حيضة ثلاثة أيام ،وهي مصدقة في انقضاء العدة في ذلك ،إذا قالت إنها قد انقضت عدتها صدقت ،وقبل يوما على أنهاشهرا أو تسعة وعشرين قولها إذا خلا لها شهر ،أقل ما قالوا ثلاث حائض وعشر طاهر ،وثلاث حائض وعشر طاهر ،فذلك تسعة يوما. وعشرون يوما هذا أقل ما تصدق فيه المرأة في انقضاء العدة وقد قيل :تسعة وثلاثون في الحيض. وإذا قالت :إنها قد حاضت ثلاث حيضات انقضت عدتها قبل قولها في ذلك ،وإذا استمر بالمرأة الدم ،ولم ينقطع عنها فعلى قول :إنها تعتد ثلاثة أيضا ،والذي يقول ثلاثةأشهر ،على أن في كل شهر حيضة ،وقد قيل أكثر أشهر يحتج بقول االله تعالى] ﴾ ¶ μ́ 3 2 ﴿ :الطلاق.[٤ : وإن كانت المرأة كبرت وأيست من المحيض ،أو جارية لم تحض فعدة كل واحدة ثلاثة أشهر ،والحامل عدتها أن تضع حملها ،وهو أجلها في العدة ،فإذا وضعت انقضت عدتها ،وهي مصدقة متى قالت :إنها قد انقضت عدتها بسقط أو ولد قبل قبولها. والمرأة التي لم تحض وهي امرأة ،ثم طلقت أنها في الاحتياط تعتد سنة، تسعة للحمل ،وثلاثة أشهر للعدة ،لتخرج من الشبهة لأنها امرأة لم تحض .وأما الصغيرة فعدتها ثلاثة أشهر. والمطلقة لا تخرج من بيتها ولا تبيت في غيره حتى تنقضي عدتها ،وعلى الزوج المطلق لها النفقة ما دامت في العدة ،ولا يحل له أن يخرجها من بيتها، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ،والفواحش هي الزنى والقذف. مائة كتاب إباضي64 وإن غاب ثم طلقها وتركها تأكل من ماله بحق الزوجية ،ولم تعلم حتى خلالها أكثر من انقضاء العدة. والمطلقة تلبس ما شاءت من الثياب ،وتطيب وتلبس الحلي والحرير في العدة ،وجائز ولا حرج عليها ألا تخرج من بيتها حتى تنقضي عدتها، ولا يحل لها أن تواعد في التزويج ،وهي في حال عدتها ،حتى تنقضي العدة، أحدا في عدتها لم يجز له أخذها ،ولا يحل لها ،فإن تزوجها فيفإن واعدت أبدا. العدة ف رق بينهما ،ولا يجتمعان وعدة المميتة أربعة أشهر وعشر ،إذا مات زوجها تربصت عن التزويج وعشرا ،ولها أن تلبس ثياب الصبغ والزعفران ،ولا تمس الطيبأربعة أشهر ولا الكحل ولا الزينة ،ولا تلبس ثياب الحرير ،إلا أن تكون من ضرورة، وتكتحل لدواء ،ولا يحل لها أن تأكل من مال الميت شي ئا؛ لأنه حين مات زال ماله إلى الورثة ،وإن كانت حاملا فلا نفقة لها إلا في حصتها ،فإن لم تكن لها حصة لم تأكل من مال ورثة الهالك شي ئا. مستشهدا بقوله تعالى] \ ﴿ : وعرض المؤلف لموضوع القذف ^ _ ` n m lk j i h g f e d c b a ] ﴾ oالنور [٤ :فكل من قذف محصنة ،أو رمى محص نا فعليه الحد، والإحصان هاهنا :العفة ،فعليه الحد ،بالجلد ثمانين جلدة ،عقوبة لقذف المسلمين ،إلا أن يأتي على تصديق قوله ذلك بأربعة شهداء رجالا عدولا، يشهدون معه في مجلس الحكم في مقام واحد درئ عنه الحد. وإن لم يأت بأربعة شهداء على قذفه لزمه الحد ثمانون جلدة ،يضرب بين الضربين، ويفرق الضرب على جسده ،ولا يمد بين الرجلين ،ولا يضرب فرجه ولا وجهه. ومن قال لرجل» :يا زان« فعليه الحد ،فإن قال» :يا زان يا ابن الزانية« فعليه الحد :حدان حد لقذفه للرجل ،وحد لقذفه لأمه. 65البصيرة وتحدث المؤلف عن شرب الخمر ،وذكر أن من شرب جرعة من الخمر حراما ،وعليه الحد ثمانون جلدة دونفما فوقها فقد عصى االله تعالى ،وشرب ويجلد على ثيابه التي عليه ،ويفرق الجلد على جسده ،وإنماالزاني والقاذف ، الحد على من صح عليه بإقرار ولم يرجع ،إذ شهد عليه بذلك شاهدا عدل. ويبدأ الجزء الثاني من الكتاب بباب» :في تعليم القرآن الكريم والعلم« وتعليم القرآن الكريم والعلم فريضة على كل مسلم ،وهو على الكفاية ،إذا قام به البعض سقط على من لم يقم به ،وأن الذي لم يقم به قد قام بما لا يسعه جهله ،مأخوذ من باب الفريضة من الكفاية. وأول ما يلزم العبد الله من الفرائض التي لا يسع جهلها معرفة االله تعالى، ومعرفة نبيه محمد ژ ،ومعرفة نفسه ،ومعرفة العدو إبليس لعنه االله ومعرفة الإخلاص الله. ويلزم العبد البالغ والعاقل في كل يوم وليلة أربع وعشرون فريضة ،وبيانها في كل كتب االله ، 8وموجودة لشرحها من سنن الرسول ژ ،وذكر االله باللسان والقلب ،واعتقاد معاداة إبليس لعنه االله . والثاني :ستر العورة ،لأداء الفرائض؛ لقوله تعالى' & % $ ﴿ : ( ﴾ ]الأعراف.[٣١ : والثالث :الوضوء؛ لقوله تعالى] ﴾ ' & % $ ﴿ :المائدة [٦ :المكتوبة مفروضا. لقوله] ﴾ y x w v u t s ﴿ :النساء [١٠٣ :يقول فرضا والرابع :الصدق؛ لقوله تعالى] ﴾ : 9 8 ﴿ :الأنعام [١٥٢ :يعني فاصدقوا. والخامس :القدر الحلال؛ لقوله] ﴾ À ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 ﴿ :البقرة.[٥٧ : والسادس :غض البصر عن المحارم؛ لقولهQ P O N ﴿ : ] ﴾ Rالنور.[٣٠ : مائة كتاب إباضي66 والسابع :حفظ الأذنين من سماع الباطل؛ لقولهR Q P O ﴿ : ] ﴾ Sالقصص.[٥٥ : والثامن :احتراس القلب من الظنون الرديئة؛ لقولهÌ Ë Ê É ﴿ : ] ﴾ Ñ Ð Ï Î Íالإسراء.[٣٦ : والتاسع :حفظ اللسان عن الغيبة والكذب والشتم؛ لقوله1 0 / ﴿ : ] ﴾ 2الحجرات.[١٢ : والعاشر :اجتناب الظن لقوله] ﴾ ' & % $ ﴿ :الحجرات.[١٢ : والحادي عشر :اجتناب السخرية؛ لقوله تعالى﴾ Á À ¿ 3⁄4 1⁄2 ﴿ : ]الحجرات.[١١ : والثاني عشر :النهي عن التجسس؛ لقوله تعالى1 0 / . - ﴿ : ] ﴾ 2الحجرات.[١٢ : والثالث عشر :التوكل على االله تعالى ؛ لقوله9 8 7 6 ﴿ : ] ﴾ ; :الفرقان [٥٨ :فالتوكل فرض ومعناه :الانقطاع إلى االله تعالى ،وترك الاعتقاد على المخلوقين ،والثقة به وحده ،وحسن الظن واليقين أنه لا يرزق غيره . 8 والرابع عشر :الرضا بقضاء االله 8والصبر تحت الأحكام؛ لقوله تعالى: ارض بقضاء ربك! ﴿ ] ﴾ Ó Ò Ñالطور [٤٨ :يعني : والخامس عشر :الشكر الله تعالى على ما وهب؛ لقوله W V U ﴿ : 8 ] ﴾ Z Y Xالبقرة [١٧٢ :ومعنى الشكر أن تطيع االله بجميع جوارحك كلها لرب العالمين. والسادس عشر :الصبر عند الشدائد؛ لقوله تعالى3⁄4 1⁄2 1⁄4 ﴿ : ¿ ] ﴾ Àآل عمران ،[٢٠٠ :والتوبة من الذنوب؛ لقوله تعالىÎ Í ﴿ : ] ﴾ Ð Ïالنور [٣١ :مع مواضع كثيرة عرضها. 67البصيرة والسابع عشر :النهي عن التلمز؛ لقوله تعالى﴾ Ó Ò Ñ ﴿ : ]الحجرات.[١١ : والثامن عشر :النهي عن التنابذ بالألقاب؛ لقوله تعالىÓ Ò Ñ ﴿ : ] ﴾ Ö Õ Ôالحجرات.[١١ : والتاسع عشر :إخلاص العمل الله تعالى؛ لقوله ﴾ æ å ä ã â ﴿ : 8 ]الكهف.[١١٠ : والعشرون :الاستعداد للموت مع حسن اليقين؛ لقوله تعالى9 ﴿ : ] ﴾ = < ; :البقرة.[١٩٧ : والحادي والعشرون :العمل بحجة االله عليكم ،ولا تعملوا عملا في السر والعلانية إلا بحجته فإنه 8يقولË Ê É È Ç ﴿ : ] ﴾ Ìالبقرة.[١١١ : والثاني والعشرون :إظهار الفقر والفاقة إلى االله تعالى ،والتبرؤ أو الحول والقوة ،والإقرار بالعجز والضعف؛ لقوله y x w v u ﴿ : 8 ] ﴾ zفاطر [١٥ :والافتقار إلى االله تعالى في جميع الأحوال والاستقامة على هذه الأربع والعشرين الخصلة فريضة مع بر الوالدين؛ لقوله تعالىQ ﴿ : ] ﴾ V U T S Rلقمان.[١٤ : وتجب على كل حال التوبة من الذنب كما قال االلهÑ Ð Ï Î Í ﴿ : ] ﴾ Ô Ó Òالنور .[٣١ :الذنوب جمع ذنب ،والذنب الإثم والمعصية، أيضا النصيب من كل شيء.والذنوب بفتح الذال ملء دلو من ماء ،ويكون والذنوب عند المسلمين على منزلتين ،فذنوب يهلك بها صاحبها عند مباشرتها ومواقعتها وهي الكبيرة ،وذنوب يهلك بها صاحبها بترك التوبة منها والمقام عليها وهي الصغائر. وقال المسلمون :كل ما أوجب االله تعالى فيه الحد في الدنيا والعذاب في مائة كتاب إباضي68 الآخرة فهو من الكبائر ،وقال البعض :ما قاد أهله إلى النار فهو كبيرة ،وكل ما يعصى االله به فهو كبائر حتى الطرفة؛ أي :النظرة ،واللطمة من كبائر الذنوب. والإصرار ضد التوبة؛ وهو الامتناع من الرجوع إلى الحق ،واعتقاد الإقامة على المعصية ،وأنه لا يتوب منها. والثالث والعشرون :العمل بحجة االله ،ولا تعملون عملا في السر والعلانية إلا بحجة فإنه 8يقول] ﴾ Ì Ë Ê É È ﴿ :البقرة.[١١١ : والفرائض التي إذا قام بها البعض أجزى عمن لم يقم بها فهي :الجهاد، والسنة ،والعلم وصلاة الجماعة ،وغسل الموتى وتكفينهم وتعلم القرآن، والصلاة عليهم ومواراتهم .فهذه الفرائض لو تركها جميع الناس كفروا. وفرائض العبد على نفسه هي ألا يستعمل جوارحه إلا فيما يجوز له، ومثل ذلك ألا ينظر إلا إلى ما يجوز له ،ولا يسمع إلا ما يجوز له، ولا يتكلم إلا بما يجوز له ،ولا يأكل ويشرب إلا ما يجوز له ،ولا يأكل حراما إلا عند الاضطرار. وعن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يذكر المؤلف أن على كل مقر باالله تعالى وبرسوله ،ويؤمن باالله ورسوله القيام بالقسط حتىمسلم واجبا عليه ،فإن لم تبلغ قدرته ،فإن قدر عليه بيده ولسانه وقلبه كان كل ذلك يقدر باليد كان باللسان ،وإن لم يقدر باللسان فبالقلب يقدر أن ينكر بقلبه وإلا فمن لم ينكر بقلبه كفر وهو ضعيف الإنكار. وأما ما يسع جهله حتى يحضر وقته فمثل الصلاة والصيام وأمثال ذلك من الأعمال بالمواقيت للصلاة ،ووقت صلاة الظهر منذ ينتهي الحر إذا توسطت الشمس في كبد السماء ،ولم يبق للإنسان ظل نصف النهار ،فإذا زالت الشمس فقد دخل وقت صلاة الظهر والمرء يصلي على استرجاء الوقت إذا برد وصار 69البصيرة الظل نصف قدم أو أكثر ،فإذا صار الظل سبعة أقدام شيء ،ولو قل ذلك فقد دخل وقت العصر ،والمرء يحتاط بقدم. وتحدث عن فرائض الوضوء وتناول المؤلف الطهارات والوضوء في باب. وسننه ،وأما الوضوء بالماء الطاهر غير النجس والمضاف إلى غيره والمستعمل مرة أخرى ،ولا يتوضأ بماء الأشجار ،ولا بالنبيذ ،ولا الخل ،ولا اللبن ،وكل ترابا. شيء خالطه الماء فلا يتوضأ به ،إلا أن يكون الذي خالطه وجائز الوضوء بماء البحر والبرد والندى إذا كانا يجريان كالماء الجاري، وإلا فلا يتوضأ بهما ،ومن شك في وضوئه كله فلا يرجع إلى الشك ،وأما ق وضوؤه ولم يكن صلى.النسيان فيغسل ما نسي إذا لم يكن ح  أبدا كانت ميتة أو حية ،ولا ينجس ما ماتتوكل دابة لا دم لها فلا تنجس فيه ولا ما وقعت فيه ،وكل دابة لها دم فهي نجسة إلا السمك ،فقد أحل االله ميتته ودمه لمعاشه في الماء الطاهر ،وغذائه الحلال ،وكل دابة ليس لها دم ليست بنجسة وإن كان لها دم فهي نجسة. وكل نجاسة قائمة العين ،فلا تصح طهارتها إلا بزوال تلك العين .وكل نجاسة ذهبت بأول ضربة من الماء ،فإنها تطهر بالثلاث ،وقيل بالاثنين فقد طهرت بالواحدة ،وإن زالت في الاثنين فحتى يغسلها ثلاثا ،وإن زالت في الثالثة فقد طهرت. تحدث المؤلف عن الصلاة وحدودها وفرضها وسننها ،وصلاة المريض،ثم وصلاة الجماعة ،وصلاة الجمعة ،وصلاة القصر ،وصلاة المسافرين وغيرها ،ثم انتقل إلى فريضة الصيام وشروطه وفروضه وأحكامه وما يندرج تحته. 70 Üô` ̈adÉH ïjÉ°ûadG äÉ≤ÑW ) »æ«LQódG ó«©°S øH óaMCG ¢SÉÑ©dG ƒHCG ï«°ûdGت ٦٧٠ه( تقديم :عبد الرحمن بن عمر بكلي تحقيق :إبراهيم طلاي البليدة الجزائر١٣٩٤ ،ه١٩٧٤/م. عدد الصفحات ٥٤٦ :صفحة خاصة تونس والجزائر .ويشيريتناول الكتاب س ير وتاريخ مشايخ المغرب، الشيخ عبد الرحمن بكلي في مقدمته إلى أن دراسة سير الأولين وأيامهم الزاهرة تنير سبيل الحياة أمام المتأخرين .فقد كان للأسلاف تاريخ مجيد حافل بالمكارم والأعمال البناءة .ومن الغباوة بالمتأخرين أن يتجاهلوها أو يغفلوا عن سالما كاملا. عبرها ،على أن تاريخهم لم يصل إليناالاستفادة من ومن ذلك ما كان لرجال الإباضية في القرون الأولى للهجرة من صيت ذائع وحياة روحية رائعة في مختلف نواحي المغرب الأوسط )الجزائر( وما جاوره. مجتمعا إسلام يا في عقيدته وأخلاقه وسمته.كان مجتمعهم في المغرب غن يا برجاله وعلمائه وجيشه .وكانت النواحي الآهلة بهم كالزاب ،وأريخ، وجبال أوراس ،وبادي بني مصعب )ميزاب( تعج بهم عج ا .فكانوا إلى ذلك على اتصال وثيق بإخوانهم إباضية جبل وسلات ،وجبل دمر ،وجربة، وطرابلس ،وجبل نفوسة. وكان بينهم تجاوب في الآراء العلمية ،فيقال :قال علماء جبل نفوسة كذا، وقال علماء بغاي كذا ،وقال علماء جربة كذا .وكانت لهم خطة متحدة الأهداف وصدا لهم عن القضاء عليهم،قسما للظلم، في كفاح الجورة الحاكمين بأمرهم كما هي سياسة الحكام الشيعيين يومئذ. 71طبقات المشايخ بالمغرب كانوا يعيشون عيشة الروح لا عيشة الجسد ،لا يحفلون بالقشور ،ولا يميلون إلى الترف والنعيم ،بل صرفوا كامل عنايتهم إلى الاضطلاع بدين االله ،إلى تصحيح العقيدة ،إلى نشر تعاليم الإسلام بين الجماهير وحملهم عليها قولا إيثارا للآجلة على العاجلة، وعملا ،فانساقوا في هذه السبيل سبيل الآخرة وساعدهم على ذلك تحررهم من مهام الملك التي تستنزف الجهود والأوقات، وتحملهم على الانغماس في الحياة المادية طو عا أو كر ها. تماما عن الحياة المادية إلا أنهم يحيون حياة هزيلة،إنهم وإن لم يعرضوا لا تعدو على عمومها فلاحة الأرض إلى شيء من تجارة عمادها المقايضة. وإذا قدر لأحد الأشياخ مثلا أن يكون ذا ثروة فإنه يفنيها في كفالة الطلبة الذين احتسابا لما يأمر ينقطعون لخدمة العلم وإقامة شعائر الدين ،والوعظ والإرشاد به الدين ويدعو إليه القرآن الكريم .الأمر الذي حفظ للدين تعاليمه .وللعلم منهاجا ،فكثرت جيوش العلماء وكثر تنقلهم من ناحيةحقائقه .ولحسن السلوك إلى أخرى. وقياما بواجب الأمر بالمعروفوتصحيحا للأخطاء، وإصلاحا لذات البين، وبعد المسافات ،ناهيك أنهموالنهي عن المنكر ،على صعوبة المواصلات ، كانوا يسافرون في قوافل من العلماء بتلاميذهم ومعهم مدرستهم المتنقلة. وتتألف هذه المدرسة من أقسام :قسم للصلاة ،وقسم للشيخ ،وقسم للنساء، وبيوت للتلاميذ ،وكل ما يخصه إلى آخر ما تستلزمه هذه الحركة .والحق أنهم إرضاء عجيبا على مجابهة خشونة العيش ،وترك حظوظ النفسصبرا أوتوا واستعدادا لحمل الأمانة التي عرضها االله على السماوات والأرضلربهم والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان. يقصرون أول حياتهم على التعلم حتى إذا ما نبغوا تصدوا للتعليم ،وعقد الرحلات للدعوة إلى االله وتفقد أحوال المسلمين ورأب صدعهم ،وجمع مائة كتاب إباضي72 كلمتهم وتصنيف الكتب في مختلف العلوم ،وانفردوا في ذلك الوقت بأنهم كانوا أول من سبق إلى التأليف الجماعي كما هو الشأن في تأليف الموسوعات العلمية في العصر الحاضر. أشياخا يأتون من نواح متعددة فيجتمعون على تأليف موسوعة فقهيةفنجد كما فعل مؤلف» :ديوان الغار« بجربة في القرن الرابع ،وكما هو شأن مؤلفي ديوان العزابة أو الأشياخ في القرن الخامس ،فقد جاءوا من نفوسة وغيرها موجودا إلى اليوم. فأ لفوا هذا الديوان في خمسة وعشرين كتابا لا يزال ولولا الفتن الداخلية والخارجية والحروب المتوالية التي تسلطت عليهم، وأتت على ما هنالك من تراث علمي ،لأبقت تلك القرائح الوقادة والعقول عاليا بين أمم التاريخ.الراجحة لنا وللمكتبة الإسلامية ما يرفع رأس الجزائر ويبهر .قال الشماخي» :تاجديت« ..موضع قصت علينا الس ير ما يدهش وقد  اجتمع فيه من أهل الدعوة والعلماء والطلبة وأهل الصلاح ما لم يوجد في وعد فيها مائة عالم لا يرد أحدهم مسألة إلى الآخر إلا من جهة الأدب.غيرها . تواءما ،وسائر الطلبة كثير. طالبا وفيها مائتان يحفظون مائتي كتاب ،وثمانون قل أن يخلو موطن من مواطنهم من علماء عاملين ،وصالحينوبالجملة ذوي كرامات ساطعة الأنوار رغم بغي البغاة من أمراء وقبائل ومن فتن داخلية. فكانت بمثابة جسم قوي يتمتع بحصانة صحية ،حتى إذا ما ضعف الجسم ظهرت العوارض من جديد. وهكذا ينقرض المذهب الإباضي من هذه المواطن العديدة .فبموت علمائهم ومفكريهم فشا الجهل في ناشئتهم وعامتهم ،وفقدوا من يأخذ بأيديهم إلى صراط مستقيم .فعصفت بهم رياح الزيغ وابتلعهم خضم المجتمع. ونحن إذا استثنينا البقية الباقية ب »ورجلان« وجدنا المذهب الإباضي بالمغرب الأوسط ينحصر في بادية بني مصعب )ميزاب(. 73طبقات المشايخ بالمغرب واستطاعوا أن يحققوا الأهداف الآتية: ١ وقوفهم ضد نشر الزيغ والإلحاد ،ولولا هذه المقاومة لأتت دولة بني عبيد على معالم الإيمان الصحيح في المغرب. ٢ إبقاؤهم معالم حضارة رائعة في سدراتة ونواحيها. ٣ إنشاؤهم مجموعة قرى هي مدن ميزاب آخر معقل للإباضية بالجنوب الجزائري ،وأن ما يمتاز به أهله من الاستقامة بصفة عامة لشاهد صدق. إن ازدهار الإسلام في عهوده الذهبية التي استطاع فيها إنقاذ العباد من عبادة العباد .وتحرير الشعوب المستعبدة من براثن الاضطهاد والاستبداد ،إنما كان بإقامة الدين والتخلق بخ لق القرآن الكريم .وسوس الرعية بالعدل: لا محسوبية ولا محاباة ولا عصبية ،بل رضا الخالق والمخلوق. المقدم أنه لا شك أن نهضة علمية ظلتأما عن كتاب» :الطبقات« فيذكر خصبا يغني المكتبة الإسلامية عنقرو نا متصلة الحلقات تترك ميراثا أدب يا اللجوء إلى مصادر غيرها لمعرفة تاريخها. والس ير والتاريخ :سير أبي زكرياء يحيى ومن الكتب التي تعرضت للطبقات ير أبي سهل إبراهيم، الوارجلاني ،وسير أبي عمار عبد الكافي التناوتي ،وس وس ير أبي نوح صالح بن إبراهيم ،وغيرهم. فإذا اقتصرنا على ذلك فإنه لا يعطينا إلا صورة مصغرة لا كاملة لتلك الس ير ولم يصل إليها ككتاب:الحياة الخصبة ،أما غيرها مما أشارت إليه كتب  »المغرب في تاريخ المغرب« للإمام أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني قيل عنه :إنه في بعض مكاتب أوروبا. ومن بين الكتب الباقية التي نشرت صحائف ناصحة عن رجال الإباضية العاملين بالشمال الإفريقي إلى حدود القرن السابع للهجرة كتاب: مائة كتاب إباضي74 ير الشماخي الذي يعتبر المرجع الرئيس في »الطبقات« من مصادر س التعريف برجال الإباضية. والشيخ أبو العباس أحمد الدرجيني من علماء القرن السابع الهجري ،ومن أسرة علم وتقوى وكفاح ،وكان لها المكان الأسمى في توجيه الجماهير ومشيخة العلم. أما تاريخ ولادته فهو في مطلع القرن السابع ،أخذ العلم عن أبي سهل يحيى بن إبراهيم أحد علماء وارجلان وأئمتها المشاهير في القرن السابع .وكان نسيجا وحده ،ذك يا ،مقبلا بكليته على التحصيل ،عاملا بوصية أبيهأبو العباس إلى طلب العلم والجد فيه. هذا وقد صرح في صدر كتابه أنه قسمه إلى جزأين :جزء التاريخ ،وجزء الس ير ،كما قسم كل قرن إلى طبقتين ،الخمسين الأولى ،والخمسين الثانية. وقد سد بهذا التقسيم ثغرة طالما شكا منها الباحثون ،وهي خلو المراجع غالبا من تاريخ الميلاد أو الوفاة ،فانبهم لذلك عصر كثير من رجالالأولى التاريخ على الباحثين فكان في طريقة الدرجيني تخفيف من مؤونة البحث، وترسم خطى أبي زكرياء ،ب ي د أنه فصل في طبقاته ما أجمله أبو زكرياء في س يره. على أننا إذا تصفحنا الكتاب لا نجده يقتصر على ذلك ،بل يسير على نهج الس ير السابقين ،لا تخلو تراجمهم من استطرادات مهمة ،ومحاوراتعلماء علمية قيمة ،لا سيما إذا كانت تتلى بالمترجم له مباشرة ،أو بسبب قريب الأمر الذي كانت به كتب التراجم مشحونة بالأبحاث العلمية ،وقد يشغل مجموعها أحيا نا الحيز الأكبر من الكتاب. وهكذا ينتقل بنا من تاريخ على سيرة إلى مسائل شرعية وبيان أحكامها، إلى غير ذلك مما يجعل الكتاب سائغا. 75طبقات المشايخ بالمغرب وبالجملة فكتاب» :الطبقات« يعطينا صورة إجمالية عن رجال الإباضية إلى حدود القرن السابع ،والدارس للتاريخ الإسلامي في المغرب الإسلامي القيم. لا يمكن أن يستوفي معلوماته دون الاطلاع على هذا الكتاب أما الكتاب فيبدأ المؤلف بمقدمة يذكر فيها سبب تأليف كتابه وطريقته في التأليف .فيشير إلى أنه عمد إلى جمع من س ير الأسلاف وأخبارهم ما تيسر له جمعه، ووضع ذلك في تصنيف ،وأحرز كل خبر بما يليه من كتاب أبي زكرياء يحيى بن أبي بكر ،استخلص وانتقى منه ،ويضيف إلى ذلك ما لا بد من خطبه وشعر غير مشهور. عددا من الألفاظ التي اصطلحأول موضوعات الكتاب يذكر فيها المؤلف عليها أهل الطريق .ومن هذه الألفاظ ما يلي: لقبا لكل من لازم الطريق العزابة :وأحدهم »عزابي« ،هذه اللفظة تستعمل ير أهل الخير ،وحافظ عليها وعمل بها ،فإن حسن جميع وطلب العلم وس هذه الصفات سمي عزاب يا .وإن حافظ على السير والعمل بها فقط سمي به، وإن حصل العلم دون الس ير والعمل بها والمحافظة عليها لم يسم بهذا الاسم. البعد عنه ،فاستعير لمن وهذا الاسم مشتق من العزوب عن الشيء وهو بعد عن الأمور الدنيوية الشاغلة عن الآخرة .وأول ما استعمل هذا اللقب في أيام أبي عبد االله محمد بن أبي بكر لما أسس الحلقة ورتب قوانينها. الس ير الحلقة :اسم لجماعة تشتمل على الشيخ يعلمهم العلم ،ويلقنهم  ويبصرهم في الدين بحسب ما يفتح االله على كل واحد منهم ،تحصيل البعض ،وإن أعياه الكل ،فكأنهم محلقون. التلميذ :اسم للواحد المبتدئ عند الدخول في الطريق سواء كان طالب فنون أو مقتصر على الصلاحية ،وأصل هذه اللفظة فارسي. الختمة :اجتماعهم لذكر االله والدعاء عند طلوع الشمس وعند غروبها بشيخ أو بغير شيخ ،وكأنهم يختمون به عمل الليل وعمل النهار. مائة كتاب إباضي76 المجتمع :والجمع والميعاد ،ألفاظ مترادفة على معنى واحد ،وهو أن يجمعهم الشيخ على وعظ يفيدهم ،أو لتذكير أمر مهم يكون شورى من إصلاح فساد أو تلافي فوات ،أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر ،فمع الاختيار أن يكون ذلك يوم الإثنين ويوم الخميس ،ويكون في أي وقت دعت إليه الحال ،ليلا أو نهارا ،في أي يوم كان. الهجران والإبعاد :ألفاظ مترادفة على معنى واحد ،وذلك متى أجرم جرما ،أو ظهرت عليه جزية أو أتى بنقيصة فيواحد من أهل الطريق قول أو عمل أو تضييع ،فإنه يهاجره كل أهل الصلاح ،فلا يكلم ولا يحضر جماعة ،ولا يؤمن ولا يؤاكل ولا يجالس .وكانت خطة حالت بينه وبين أهل الخير ،فإن تاب واستغفر قبل منه ورجع إلى الجماعة. وكان بقاؤه في وحشة الهجران بقدر عظم الجرم وصغره ،وتوبة المجرم وإصراره .وترك الاستغفار. الظهور :تولية إمام عدل تسند إليه الأمور. سرا بلا إمام. الكتمان :ملازمة الأمر  ولاية الدفاع :أن يدهم أهل الكتمان بداهمة ،فيولوا عليهم من يدفع عنهم العدو. يبدأ المؤلف بذكر الطبقة الأولى الذين اجتمعت عليهم الخمسون من المائة الأولى ،وهم أصحاب رسول االله ژ ،فهم نجوم الهدى ومصابيح الدهماء، وممن اشتملت عليهم الخمسون الأخرى من المائة الأولى :جابر بن زيد الأزدي ،وعبد االله بن إباض المدني ،وعمران بن حطان الشيباني ،وغيرهم. وممن اشتملت عليهم الخمسون الأولى من المائة الثانية :أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي ،وضمام بن السائب ،وأبو مودود حاجب الطائي ،وغيرهم. 77طبقات المشايخ بالمغرب وبربرا عربا ومن هنا انتشر المذهب بالمغرب ،وكان رجاله شرقيين وغربيين تلامذة أبي عبيدة ،وغيرهم :الربيع بن حبيب ،ووائل بن أيوب الحضرمي ،وأبو غسان مخلد بن المفرد ,وعبد السلام بن عبد القدوس ،ونظراؤهم كثير. وممن اشتملت عليهم الخمسون الأولى من المائة الثالثة :أفلح بن عبد الوهاب ،وأبو مرداس ،وإبان بن وسيم ،ونظراؤهم كثر. وممن اشتملت عليه الخمسون الأخيرة من المائة الثالثة :محمد بن أفلح وابنه يوسف ،وسعد بن أبي يوسف ،وعمروس بن فتح ،ونظراؤهم كثير. وهكذا يأخذ المؤلف في ذلك أهم الأعلام التي اشتملت عليها القرون السبعة من الهجرة ،حتى التاريخ الذي عاصره ،ويذكرهم قائلا :فهؤلاء أشياخنا أعلاما للهدى ،وجنبنا باتباعهم سبيل وقادتنا وأئمتنا وساداتنا جعلهم االله الموبقات ،وحشرنا أجمعين في زمرة أوليائه المتقين. ثم يأخذ في ذكر الأمم ،فالأمم من أخبار المتقدمين ،ويأتي بعده بمناقب الصالحين ،وربما اندرج ذكر بعض المناقب في أثناء التاريخ والأخبار. ومن هنا بدأ المؤلف في استخراج سبب مصير مذهب الإباضية ببلاد المغرب وابتداء أمرهم ،ونقلته من أرض المشرق وأخبار حملة العلم الخمسة. وحدث أكثر من واحد عن الإمام أفلح عن ابنه عبد الوهاب عن جده عبد الرحمن بن رستم أنه قال :أول من جاء بطلب مذهب الإباضية بالقيروان سلامة بن سعيد ،قدم من أرض البصرة ومعه عكرمة مولى ابن العباس ،فسلامة يدعو إلى مذهب الإباضية ،وعكرمة يدعو إلى مذهب الصفرية. ويأخذ المؤلف في عرض تاريخ هؤلاء الخمسة ،فيذكر أولا أخبار منجما ،وكان يرى فيعبد الرحمن بن رستم ،فكان مولده بالعراق ،وكان أبوه علم مدخر عندهم أن ذريته ستلي أرض المغرب. مائة كتاب إباضي78 تلقى عبد الرحمن العلم على يد أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة ،ومكث عنده عدة سنين ،ثم أرسله إلى المغرب مع أبي الخطاب عبد الأعلى بن السمح ،الذي اهتم هو وأصحابه بأمور الناس ومصالح المسلمين. ويتناول المؤلف مسألة حدث فيها الخلاف ،والخلاف الذي في المسألة قديما حديثا أصله في الولاية المعينة ،هل تنتقل إلى الوقوف أم لا؟ ويرى المؤلف أن هذه المسألة مبنية في العقائد وفي الفقه على اليقين ،هل يدفعه الشك؟ فيقول :عند أصحابنا إن اليقين يدفع الشك ولا يدفعه الشك، فالولاية لا تنتقل إلى الوقوف ،وعند الزيدية أنها تنتقل إلى الوقوف ،ولهم في ذلك إشكالات. ثم يتحدث المؤلف عن ولاية أبي حاتم يعقوب بن لبيب المروزي الهواري ،فيذكر أن أصحابه قد أخبروا عنه أنه ولي مدينة طرابلس ومكث فيها أربع سنين ،وكانت ولايته ولاية دفاع وطلب الحق ،يرسل ثقاته بما يجتمع من مال الصدقة إلى عبد الرحمن قبل ظهوره. ولما هزم أبو حاتم أعداؤه ،وقد كان معه من عوام البربر من لا نظر له في تسليما لأمور المسلمين ،فعمدوا إلى أسلاب القتلىأمور الدين ،وإنما حضروا فنزعوها عنهم ،فغضب أبو حاتم لذلك ،وقال :ليس من سيرة المسلمين إذا قتلوا من بغى عليهم من أهل التوحيد أن يسلبوه ،بل يقولون لأهل المدينة: ارجعوا أهل قتلاكم فادفنوهم وخذوا ثيابهم .ثم استشهد أبو حاتم بعد ذلك. ثم عرض المؤلف إمامة عبد الرحمن بن رستم ،وسبب اختياره أن أهل الخير والصلاح وذوي الآراء السديدة من جماعة أهل الدعوة رأوا أن لهم قوة تجب معها عليهم تولية إمام ،فتشاوروا فيمن يرون لذلك أهلا من القبائل، فوجدوا من كل قبيلة رأس أو رأسين .فكل منهم أهل لذلك ،فقال فضلاؤهم: إن عبد الرحمن بن رستم ممن لا تجهلون فضله ،وهو أحد حملة العلم وعامل 79طبقات المشايخ بالمغرب الإمام أبي الخطاب ،وقد كان المسلمون عرضوا عليه الإمامة قبل تولية أبي الخطاب فأعرض عنها ودفعها عن نفسه ،فهو أهل للإمامة لدينه وعمله وسابقته ومكانته ،وغير ذلك من حميد أوصافه. وسنة جميعا على توليته ،فبايعوه على الإمامة بكتاب االله فاتفق رأيهم رسوله ژ وآثار الخلفاء الراشدين ،فأحسن السيرة في إمامته ،ولم ينتقم عليه أحد في حكومته ،ولم يكن في أيامه اختلاف ،والإباضية يومئذ مجتمعة متآلفة لم يثر فيها ثائر. ثم يتناول المؤلف إمامة عبد الوهاب بن عبد الرحمن .ويشير إلى أن الناس عندما أرادوا مبايعة عبد الوهاب ،فعارضه ابن فندين وأصحابه بالقول :نبايعه أمرا دون جماعة معلومة ،فاعترض عليه ابن مسعودعلى شرط أن لا يقضي الأندلسي ،وتقدم لمبايعة عبد الوهاب ،وبايعه الناس بعد ذلك بيعة عامة، وحملوه إلى دار الإمارة ولم يتخلف عن بيعته أحد حتى نجم بن فندين وأصحابه. ثم يعرض المؤلف أول افتراق في الإباضية :فيذكر أن عبد الوهاب لما ولي المسلمين استعمل على ولايته كلها أهل الورع والزهد ،واستعان بأهل العلم والبصائر في الدين ،ولما رأى ذلك ابن فندين وأصحابه وتحققوا من مخالفة ما يرجحونه من إيثاره إياهم ندموا على مبايعة عبد الوهاب ،وأخذوا في العلل والأباطيل في نفوس الجهال ،وأشاعوا أنه حابى عليهم بعض الناس ،وولاهم الأمور دونهم ،وزعموا أنهم بذلك أولى من سواهم ،وأنه لا ينبغي أن يلي أمر جماعة المسلمين أحد إذا كان في الجماعة من هو أعلم منه ،فتفاقم أمرهم، وكثر النزاع. أما الافتراق الثاني للإباضية :فقد حدث عندما توجه الإمام عبد الوهاب إلى واليا يوليه عليهم ،فولى »تاهرت« واجتمعت جموع أهل بلاد طرابلس فسألوا مائة كتاب إباضي80 ولدا اسمه »خلف« ولشدةالسمح بن أبي الخطاب ،فصلحت أحوالهم .وخلف محبة الناس في »السمح« وعظم مكانته فيهم أحسنت العامة الظن ب»خلف«، وأراد من ليست له بصيرة في العلم توليته عليهم ،فقال أهل البصائر :لا ينبغي لكم أن تفتأتوا على إمامكم في شيء مما قلده االله من أموركم وولاه من صالح جمهوركم ،وقال ذوو العقول القاصرة :أما إن فعلنا ذلك رجونا أن يكون وفق إرادة إمامنا ،وغلبت العامة وولوه من غير إذن الإمام ولا رضى من أهل الصلاح .وعندما وصل جواب الإمام أهل بلاد طرابلس ،وتخطئة من ولى »خلفا« ،وتصويب من توقف عن توليته كتبوا إلى الإمام يراجعونه في أمر خلف ،فلما وصلهم جواب »محبوب« بما خالف مواقفهم نبذوه وأخذوا في سلك طرق الضلال ،حتى أعلنوا نبذ إمامة عبد الوهاب ،وقالوا :ما هو لنا بإمام، وإنما إمامنا خلف ،إذ هو في حوزتنا ،والحافظ لجماعتنا ،والجامع لكلمتنا وأما عبد الوهاب فإنه في حوزة غير حوزتنا ،وغير أهل لجماعتنا ،فبرأ منهم أهل الدعوة. الافتراق الثالث في الإباضية :هو عن خروج »نفاث« وهو فرج بن نصر، الذي طعن في الإمام ،وأشاع أنه أضاع أمور المسلمين ،فبلغ الإمام طعنه فيه، وأرسل إليه بأن يحضره. وله مسائل انتحلها لا أصل لها ،منها :زعمه أن الخطبة بدعة ،ومنها قوله: إن ابن الأخ الشقيق أولى بالميراث عن الأخوة للأب ،وأنهم يحجبونه ،ولما انتشر ذلك عنه ،وسمعه مشايخ أهل الدعوة ،قالوا :لو لم يكن له جرم إلا فتياه هذه لكان بها أهلا للضلال ،فكيف والضلال محيط به في جميع الأحوال. ثم عرض المؤلف إمامة محمد بن أفلح بن عبد الوهاب ،وبعدها إمامة يوسف بن محمد بن أفلح حتى انقراض الإمامة في جبل نفوسة ،وانتشار مذهب الرافضة وسقوط تاهرت على يد الفاطميين. 81طبقات المشايخ بالمغرب أما الافتراق الرابع في الإباضية :فهو بسبب رجل يكنى أبا سليمان وله أصحابه ،والذي صح عنهم من المسائل الشرعية التي أفتى بها بخلاف ما عليه المذهب سبع مسائل :إحداها:الفرت ،والثانية :تحريم الجنين ،والثالثة والرابعة: تنجيس عرق الجنب وعرق الحائض ،والخامسة :نجاسة دم العروق المستبطنة للظهر بعد ذكاة الشاة .والسادسة :صوم يوم الشك .والسابعة :الزكاة للأقرب. أما الافتراق الخامس في الإباضية :فهو خبر السكاك وانتحاله مذهبه السنة ورأي المرذول ،ويقال له :سبع مسائل خالف فيها جميع أهل الحق :أبطل  المسلمين ،أولي العقول والألباب بكتابه العزيز ،فليس من رأي ولا من سنة، والثانية قوله :إن صلاة جماعة بدعة ،والثالثة قوله :إن الأذان بدعة ،والرابعة :أن الصلاة عندهم لا تجوز بما لا يعرف معناه وتفسيره من القرآن ،والخامسة قوله: إن الجنات مما ينبت في سماد بني آدم ،كل ذلك نجس بنجاسة ما نبت عليه، والسادسة :أن الصلاة لا تجوز بثوب فيه قمل ،والسابعة :أن بول الدواب في الأندر حين درسها إياه بنجس ،فلا يطهر ما بالت عليه إلا بالغسل. ويذكر المؤلف جملا من أخبار أبي عبد االله محمد بن بكر ،وترتيبه الحلقة، وتبيينه حدودها ،وتأسيسه قواعدها ،وتحريره قوانينها .فيقول :كان أبو عبد االله علما وور عا وله السبق في أنواع كثيرة من الفضائل ،وهو أولمن أكثر الناس من ألهم سلوك الطريقة التي حفظ االله بها هذا المذهب ،ووضح طريق الغي وطريق الرشاد. وأراد أن يتعاطى من العلوم حتى يحصل الكفاية من العلم الفصاحة فقصد مدينة القيروان ،وأقام بها مدة يتعلم اللغة والنحو حتى اكتفى من علم الفصاحة فصدر عن القيروان ،وبعد ذلك دارت عليه الحلقة. رسما يقتدى به أن وكان مما رتبه أبو عبد االله من سير الحلقة فبقي جعل للعزابي الذي نظمه هذا الاسم في سلك المتدينين .ومنها أن أول مائة كتاب إباضي82 أبدا، ما يتجرد من طريقة أهل الدنيا بحلق شعر رأسه ،ثم لا يتركه يطول ثوبا مصبو غا إلا البياض، فالعزابة من شأنهم عدم الشعور ،ومنها أن لا يلبس ثم إن اقتصر على عباءة أو ملحفة لم يشنه ذلك ،وإن لبس ذلك على قميص كان أكمل ،ما لم يكن مبتد ئا ،وإن اعتم فالتلحي على ما جاء في الأثر ،وليس لبس العمامة بلازم ،ولا بأس باستغنائه عنها. وأهل الحلقة صنفان :آمر ،ومأمور .فالآمر اثنان :شيخ الحلقة أو مستنابه، والعريف .فالعريف اثنان :منفرد ،وغير منفرد ،والمنفرد اثنان :عريف أوقات الختمات والنوم ،وعريف العرفاء ،وهم من حملة القرآن يكون منهم من يكتب عددا. عليه طلبة القرآن ألواحهم ،ويصححونها ويحفظونها ،فهؤلاء لا يحصون واحدا ،وربما أكثر. والعريف على أوقات الدراسة ربما كان والعرفاء من حملة القرآن يرتبط بكل واحد منهم جماعة من أصحاب الألواح .طلبة القرآن يملي عليهم أو يصحح ألواحهم .ويأخذهم بالحفظ عن ظهر .فالجماعة التي ترتبط بكل حافظ يكون أكثرهم عشرة وأقلهم اثنين ،وهذا بحسب الاختيار وفي الأمر الأشهر العام .وأما مع الضرورات وعدم الرجال فلا حد لكثرتهم ولا لق لتهم. ويذكر المؤلف بعض الأخبار من نجباء التلاميذ ،فإذا كانوا كلهم نجباء عمت عليه بركته ،وأينعت في العلوم ثمرته.أخيارا ما منهم إلا من فضلاء فمنهم زكرياء ويونس ابنا الشيخ أبي زكرياء .وكان زكرياء ويونس من أفضل وكرما. وخ لقا علما وور عا زمانهما أيضا أبو الربيع سليمان بن يخلف الذي أتقن علمومن التلامذة النجباء عظيما ،ثم انتقل إلى جربة ليقرأ بها علم الأصول والنظر ،وبلغ في ذلك مبلغا الفروع على فقهاء بني يراسن. وكان أبو الربيع تنصل من مخالفة الشيوخ ،وكان يقول للطلبة :جدوا 83طبقات المشايخ بالمغرب واجتهدوا واالله معينكم .فأخذوا في الاجتهاد فلم يعدموا من شيوخ بني يراسن معونة على طلب العلم بالإفادة ورفع الكلف والمؤونة. أما الجزء الثاني من الكتاب فهو عن ذكر الطبقات وس يرهم ومناقبهم .وفيه يذكر المؤلف طبقات الشيوخ جيلا بعد جيل منذ الطبقة الأولى التي هي طبقة أصحاب رسول االله ژ ،وأن فضيلتهم أشهر ،ومزاياهم وأسماءهم أظهر من أن تحتاج إلى تسمية. يقول المؤلف عن هذه الطبقة :إن الصحابة رضوان االله عليهم تحصل من يرهم وأخبارهم في الدواوين ،ومن آثارهم محفو ظا في صدور الراوين، س ما أغنى عن تكلف تصنيف وانتحال تأليف ،وحسبهم أن قال فيهم رسول االله ژ »لا يشقى من رآني« ،وقوله ژ » :أفضل أمتي قرني ،ثم الذين يلونهم ،ثم الذين يلونهم« ،وأحاديث كثيرة عن فضلهم. ويذكر المؤلف من هؤلاء »عبد االله بن وهب الراسبي« الذي نحى من أمر الحكمين ،وانحياز من انحاز من الفريقين .وتبين الاعتدال والعدل عن كلا الطرفين .وكان يقول :نعوذ باالله من الرأي الدبري ،فبايعوه وكان ذا رأي وحزم ودين وعلم ،وقع به الائتلاف ،وارتفع في أيامه الاختلاف ،فلم يزل يقول بالحق ويحكم بالعدل ،ويلطف بالرعية ،ويقسم بالسوية حتى قبض رحمة االله عليه. أما حرقوص بن زهير السعدي ،فكان من أهل النسل والعبادة والتقشف والزهد ،وكان أحد أمراء الأجناد في أيام عمر ، 3وهو الذي فتح الأهواز في أيام عمر .وكان له آراء سديدة وآثار حميدة. وشهد حرقوص صفين ،وأبى تحكيم الحكمين. ومن رجال الطبقة الثانية )١٠٠ - ٥٠ه( :جابر بن زيد الأزدي ،بحر العلوم، مائة كتاب إباضي84 وسراج التقوى ،أصل المذهب الذي قام عليه نظامه ،ومنار الدين ومن انتصبت به أعلامه .صاحب ابن عباس 3وكان  أبر من صحبه وقرأ عليه. ولما مات جابر بن زيد بلغ موته أنس بن مالك فقال :مات أعلم من على أيضا أنه قال: ظهر الأرض .أو قال :مات خير أهل الأرض .وعن ابن عباس عجبا لأهل العراق كيفجابر بن زيد أعلم الناس ،وعنه أنه كان يقول: يحتاجون إلينا وعندهم جابر بن زيد لو قصدوا نحوه لوسعهم علمه ،وله آثار كثيرة مذكورة وكرامات ومقامات في العلم. أيضا عبد االله بن إباض ،وكان أمام أهل الطريق،ومن رجال الطبقة الثانية وجامع الكلمة لما وقع التفريق فهو العمدة في الاعتقادات ،والمبين لطرق الاستدلالات والاعتمادات ،والمؤسس لأبنية هي مستندات الأسلاف ،والمهدم لما اعتمده أهل الخلاف .وكان رأس العقد ،ورئيس من البصرة وغيرها من الأمصار وكان قدوة لأهل الفضل .فإليه النسبة اليوم في العقائد .ولابن إباض فضائل مشهورة في الآفاق ،وآثار حميدة في بطون الأوراق. والطبقة الثالثة من )١٥٠ - ١٠٠ه( ،ومنها :أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة كبير تلامذة جابر ،ومما حسنت أخباره ،تعلم العلوم وعلمها ،ورتب الأحاديث وأحكمها ،وحافظ في خفية على الدين حتى ظهر على يد الخمسة الميامين، عالما مع الزهد في الدنيا ،والتواضع مع نيل الدرجات العليا. وكان ومن هذه الطبقة ضمام بن السائب المفزوع إليه في النوازل ،وانكشفت بأجوبته ظلم المشكلات ،وكان ذا رفق وتلطف ،واجتهاد وتقشف. ومنهم أبو مودود حاجب الطائي ،كان بالاجتهاد موصوفا ،وبالزهد والورع معروفا ،وفي ماله حق للسائل والمحروم ،على أنه ليس بالأعلى في تحصيل العلوم ،ب ي د أنه في الأفاضل معدود ،ورسمه في أكثر آثارهم موجود. 85طبقات المشايخ بالمغرب ومنهم أبو عبيدة عبد االله بن القاسم ،أحد فضلاء من أقام بالأمصار ،وفقهاء تلك الأعصار ،والمستعين على إقامة الدين من أولئك الأنصار ،وكان ممن طبع على القصد والاقتصار. الطبقة الرابعة )٢٠٠ - ١٥٠ه( ومنهم :الربيع بن حبيب 5طود المذهب الأشم ،وعلم العلوم الذي يلجأ إليه في معظم الأمور .ومن تشد إليه حبال الرواحل وتزم .صحب أبا عبيدة فاغترف من بحره الزاخر ،ولزم مجلسه فكان الأول والآخر .روي عنه »المسند« المشهور ،المتعارف على مر الدهور .وله في الفروع كل قول ومذهب ،وأجوبته من المعتمدة في المذهب .باين من خالف من محاضريه أهل العدل والصواب ووقف في الإمامة والولاية والبراء عند السنة والكتاب ،والصواب عند المؤلف في كل ذلك جوابه.موافقة  ومنهم وائل بن أيوب الحضرمي ،صنو الربيع وتلوه ،ومن له حلية الفضائل ،فإنهما رضيعة لبن التفقه في العلوم ،فما منهما إلا له فيه مقام معلوم، وإن كان لأبي عمرو فضل وزيادة وشهرة في الإفادة ،فإن لوائل أنوا عا من حميد وخ لق كريم ،فبركته شاملةالصفات ،أحيا االله بها على يده أعظم الدين الرفات ، في حياته وبعد الموت ،وآثاره بالعراق والمغرب و عمان وحضرموت ،فله الحظ الأوفر في طريقة المتفقهين .ومن أقواله :إنما الفقيه الذي يعلم الناس ما يسع ضيق عليهم فكل من شاء أخذ بالاحتياط.الناس فيه مما سألوه عنه ،وأما من ومنهم محبوب بن الرحيل ، 5أحد الأخيار ،ومن سبق إلى تخليد س ير السلف الأخيار ،وجمع في سلك واحد بين غرائب الفقه وعجائب الأخبار، ونبه على مثالبوذكر مناقب المجتهدين من مجاهدين في سبيل االله وأنصاره ، من بدأ منه إقصار .واعتذر عمن قام عذره واستحق قبول الاعتذار ،ومن أقواله: كافرا ،فليتب إلى من أنزله »اتقوا االله ولا تجعلوا كل من نزل به بلاء من االله كافرا ،فإن العامل تلك المنزلة ،فإنه يصير على ما ترك من طاعة االله فاسقا مائة كتاب إباضي86 للمعصية كالتارك للطاعة .فأذكركم االله العظيم لأنفسكم لما اعتقدتم ذلك ،فإن حكما ،ولكل حد عقوبة«» ،إن خير الإخوانلكل منزلة سيرة ،ولكل شهادة الناصحون حين يتناصحون ،وأفضل الإخوان الراشدون في المضلات، المذكرون من الغفلات«. الطبقة الخامسة )٢٥٠ - ٢٠٠ه( ومنهم :أبو عبيدة عبد الحميد الجناوني ، 5وأبو زكرياء التكوتي ،وأبو مرداس رحمهما االله. أيضا أبو ميمون الجطالي ،من نفوسة الجبل ، 5ممن له فيومنهم الآخرة رغبة وترغيب ،ولم يكن له في دنياه أكثر نصيب ،وكان ذا جد في العلم والاجتهاد وسعي في العبادة ،ومنافع العباد ،وكان ممن يعد في الشيوخ ،وممن قدمه في العلم ذا رسوخ ،وكان ذا تفقد لمواضع المعروف وذا إيثار على ما كان عليه من الإقلال والافتقار. ومنهم إيان بن وسيم النفوسي ، 5طود العلم الشامخ وحصن الورع الباذخ ،ودع أهل الدنيا بعد حين ،ورجع إلى االله فهو في حلبة المفلحين ،وأحيا السنة من البلى وذلك ببركة الصالحين .وكان أمضى من الحسام متى أفتى، جامعا من المحامد لمعان شتى ،وقد أوتي من كرامات الأولياء ما أوتي أمثاله، لم تزل ملازمة الصلاح أحواله ،مصدقة أقواله لأفعاله. رخص للناس في ثلاث مسائلومما شكره عليه الشيوخ بجبل نفوسة أنه أفتى فيها وشهد له فيها كلهم بالصواب: الأولى :أن النساء قد كن في رمضان متى كن في انتظار أيام الحيض إذا أقبل الليل يوقدن النار الليل كله خشية أن يفاجئهن الأمر ولا علم عندهن، ونصبا .فقال لهن إبان :أيما امرأة منكن أحست تعبا فكان ذلك أشد شيء عليهم علما ،فكل ما رأت على علمها بعد الصبح فاستدلت بهشي ئا من ذلك فلتجعل حكمت بذلك ويجزيها. 87طبقات المشايخ بالمغرب والثانية :أن نساءهن المرضعات كن يرين أن وضوءهن منتقض بأفواه الرضع. أولاهن ،فمتى أرضعن أعدن الوضوء في كل وقت صلاة لأجل أفواه فقال لهن :أيما امرأة حفظت فم ولدها ومسحته فأرضعته وهي متوضية فلا ينتقض وضوؤها. والثالثة :أنهن إذا عملن غزلا قد صبغها اليهودي ،فمسته رأين أن وضوءهن مست صباغلمسه؛ لأن اليهودي نجس ،فقال لهن :أيما امرأة قد انتقض اليهودي فليس عليها إلا غسل يديها ،وليس عليها إعادة وضوء. ومنهم أبو زكرياء يحيى بن يونس ،وكان من أهل الورع والزهد ،وممن داعيا إلى طرق الفلاح ،هاد يا ساعيا في الصلاح ،أخذ نفسه بالمعهود والجهد مغيرا للفساد. إلى الرشاد، غما،الطبقة السادسة )٣٠٠ - ٢٥٠ه( :وهم الذين تبدلوا بعد راحة الأنفس  وصاروا بعد صفو العيش إلى كدره ،وكل ذلك بقضاء االله وقدره .كانوا في ظل عدل الإمامة ،فصاروا يغتبطون لساعة يجدون فيها السلامة ومع ذلك فلم يضرهم ما هم فيه على الاجتهاد في سخط ما أسخط االله ،وبذل الاجتهاد فيما يرتضيه ،فمنهم الإمامان :محمد ابن أفلح وابنه. الطبقة السابعة )٣٥٠ - ٣٠٠ه( ،ومنهم :الشيخ أبو مسور يسجا . 5خدم الدين فخدمته الدنيا ،ورفضها فنال منها الدرجة العليا ،طلب العلوم فحوى عيونها ،وورد مناهل الخير والصلاح فحاز معانيها ،فكان موئلا للمقاصد ومنهلا للموارد ،والهادي إلى طريقه الرشاد ،بيته في المذهب أكبر البيوتات. ومن رجال هذه الطبقة الشيخ حسنون بن أيوب ،وأبو الخطاب وسيل، والشيخ أبو القاسم مخلد ،وغيرهم. الطبقة الثامنة )٤٠٠ - ٣٥٠ه( ومنهم :أبو نوح سعيد بن زنغيل ،وأبو صالح بكر بن قاسم ،وأبو زكرياء فصيل بن أبي ميسور .وأبو نوح سعيد بن مائة كتاب إباضي88 الس ير والآثار .وأخذيخلف ،وهو من سلك مسالك الأخيار ،وحافظ على إحياء  نفسه بما تلقى عن ذلك الأبرار ،وكان ذا سعة في العلم والمال ،رحيب الصدر منها عند السؤال ،ولا يضجر من المسائل. الطبقة التاسعة )٤٥٠ - ٤٠٠ه( ،ومنهم :أبو عبد االله محمد بن بكر ،أسس قواعد السيرة ،وله في كل فن تآليف كثيرة ،وأكثرها الحجج والبرهان؛ لأنه كان فيها ركن الأركان ،وحفظ عنه في الأخلاق حكم قد خلدت في بطون الأوراق ،وله الدعوات التي ترتجى ،و تنتقى عواقبها ،وهي باقية لذريته يتوارثها بدورها وكواكبها. ومنهم الشيخان :أبو يحيى زكرياء ،وأبو القاسم يونس ،ولكل واحد من هذين الشيخين مزايا ،وسجايا ،وحسن سلوك الطريقة ،وحفظ علوم الحقيقة. الطبقة العاشرة )٥٠٠ - ٤٥٠ه( ،منهم :أبو الربيع سليمان بن يخلف، كتابا بعد الأصولي الفقيه ،أفتى في الدراسة أيام الشباب ،وفي حفظ كتب الفقه وبعدت عنه محابته ،وخرج من تلامذته كل نجيب ،وقيد عنهكتاب حتى برز كل جواب مصيب ،وتصنيف عجيب. ومنهم أبو سليمان داود بن أبي يوسف ، 5أخذ عن المشايخ المذكورين، والفقهاء المشهورين ،استفاد وأفاد ،وخدم حتى ساد ،فكان شيخ حلقة ،يعرف يرا حميدة و تقى ،ولا يجتنبه الطالب،كل أحد حقه ،وسعهم علما وخ لقا ، وس ولا يخيب أمل الراغب. الطبقة الحادية عشرة )٥٠٠ - ٥٠٠ه( ومنهم :عبد الرحمن بن معلا ،وأبو زكرياء يحيى بن أبي زكرياء ،وأبو محمد عبد االله اللواتي ،وغيرهم. الطبقة الثانية عشرة )٦٠٠ - ٥٠٠ه( ،ومنهم :الشيخ أبو عمار عبد الكافي، والشيخ أبو يعقوب يوسف السدراتي وابنه ،وأبو يعقوب يوسف بن خلفون ،وغيرهم. 89 ΩÓ`°SE’G ó`YGƒb ) »dÉ£«édG ≈°Sƒe øH π«YÉa°SEG ôgÉW ƒHCG ΩÉeE’Gت ٧٥٠ه( صححه وعلق عليه :بكلي عبد الرحمن بن عمر مكتبة الاستقامة سلطنة عمان ،ط ،٤سنة ١٤٢٢ه٢٠٠١/م. ج ٢٨٩ :٢صفحةعدد الصفحات :ج ٣٨٦ :١صفحة هذا الكتاب للإمام الجيطالي ،وهو حجة الإسلام الإمام أبو طاهر إسماعيل بن موسى الجيطالي النفوسي ،نشأ في مدينة »جيطال« الذاخرة وقتئذ بالعلماء كغيرها من مدن نفوسة وقراها. العلامة الشماخي في س يره أما تاريخ مولده فلم يعثر عليه ،ولم ينص عليه  الجامع لتراجم الأشياخ ،ب ي د أنه ولا شك من علماء الخمسين الثانية للقرن السابع والأولى من القرن الثامن. أخذ الإمام الجيطالي العلم عن العالم الكبير أبي موسى عيسى بن عيسى عددا الطرميسي المتوفى سنة ٧٢٢ه ،صاحب المدرسة العظيمة التي أخرجت غير قليل من العلماء في ذلك العصر. وتنقل الشيخ الجيطالي لنشر الدعوة ،والقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في شتى الميادين حتى في الأسواق .وأمضى حياته الأولى ومذكرا على عادة علمائه وداعيا ومربيا مدرسا في التنقل بين مدن الجبل رحمهم االله .فأقام مدة ب »مزغورة« ،والتقى في مسجدها الكبير بالشيخ أبي عزيز والشيخ يدراش ،ثم غادر مزغورة بعد وفاة أبي عزيز ،وسكن »فرسطا« من بلاد الجبل لمدة تسعة أعوام ،وحملهم على الطريق المستقيم. مائة كتاب إباضي90 نظرا لعلمه وقوة نشاطه ومن المفروض أن يكون للشيخ الجيطالي تلاميذ بارزون لا سيما بعد أن استقر ب»جربة« ،والتف حوله الطلبة ،ولكنه لم أعلاما يكن محظو ظا من هذه الناحية كزميله أبي ساكن عامر الذي ترك بعده تصدروا مجالس العلم ،وانتهت إليهم الفتوى ،وأبقوا لنا تآليف قيمة فكانوا همزة وصل بين الأوائل والأواخر :جددوا ما اندرس من معالم الدين ،وأحيوا ما مات وانطمس .أمثال :ابنه أبي عمران موسى بن عامر ،وابن ابنه سليمان، والشيخ أبي القاسم البرادي ،وأبي يعقوب موسى بن مصباح ،والشيخ ابن محمد بن الشيخ ،وأبي عمران موسى بن يوسف ،وأبي زكرياء يحيى بن زكريا، والشيخ أيوب الجيطالي ،ونوح بن حازم المرساواني ،وأبي عبد االله محمد بن التفجاني وأبي الضياء ابن يسفلو الطرميسي وغيرهم. وللإمام الجيطالي تآليف جليلة أحيا بها المذهب ،منها: القواعد. القناطر ،في أجزاء كثيرة. شرح النونية ،في ثلاثة أجزاء في أصول الدين. كتاب الحساب. كتاب الحج والمناسك. ومنها ما جمع من أجوبة الأئمة في ثلاثة أجزاء. وقد ترك الإمام الجيطالي بجانب هذه المؤلفات ثروة كبيرة من الجهاد العلمي الجاد المثمر الذي تعد أرفع الجهود العلمية وأخصبها ،وبها صورة جلية لتلك الآفاق الرحبة التي ارتادها هذا العالم الجلل في ميادين المعرفة الإسلامية .ثم توفي 5بجربة سنة ٧٥٠ه . ودفن بمقبرة الجامع الكبير. ويتكون الكتاب من ثلاثة محاور أساسية بالإضافة إلى مقدمة المحقق. 91قواعد الإسلام الأول :تفصيل القول في العقيدة. الثاني :العبادات وأقسامها. وتركا ،وكل شيء ونهيا ،فعلا أمرا الثالث :الكلام على حقوق االله والعباد من آداب السلوك. ويشير المحقق في المقدمة إلى أن الإمام الجيطالي قد تأثر إلى حد بعيد بمسلك الإمام الغزالي في »الإحياء« من استشهاده بالأحاديث الضعيفة والموضوعة أحيا نا في باب الترغيب والترهيب عن عمد تجوز ا. سلك الجيطالي هذا المسلك على بينة منه .وهاهو ذا يوضح رأيه في نهاية قنطرة الصوم من كتابه »قناطر الخيرات« فيقول» :اعلموا أرشدكم االله أني إنما أوردت الأحاديث المتقدمة في فضل صلاة الأيام وغير ذلك من أحاديث فضل العلم والتعلم ،وما أوردت من الأحاديث ههنا في فضل رمضان وغيره من صوم الأيام المتقدمة ،وما سنورده من الفضائل إن شاء االله وإن كان أكثرهم غير مستفيض عند أصحابنا ،ولا موثوق بصحتها ،فإني إنما فعلت ذلك لحديث رأيته في آثار أصحابنا عن أبي عبيدة مسلم ، 5وذلك أنه قال :بلغني عن ابن عباس 3أنه قال» :من بلغه حديث في الرغائب والفضائل في العمل فاجتهد فيه قال :فإن كان الحديث على نحو ما بلغه كان له أجران :أجر حفظ الحديث وطاعته فيه ،وأجر عمله به ،وإن كان الحديث على غير ما بلغه كان له أجره على نحو ما بلغه ،لأن االله لا يضيع أجر المحسنين ،فلا يذهب اجتهاده الله ونصيحته لربه ما لم يكن اجتهاده في بدعة«. ويشير المحقق إلى أن الإمام الجيطالي قد أفاض القول في شرح العقيدة، واستقراء مباحثها بما يثلج له صدر المسلم الصادق النزعة ،وإن طال في بعضها كأبواب الولاية والبراءة ،وفساد حكمه فيها أحيا نا. ويؤكد المحقق لهذا الكتاب أنه لو سوغ للإمام الجيطالي ولمعاصريه منطق مائة كتاب إباضي92 عصرهم بعض هذه القساوة ،كما هي النزعة السائدة وقتئذ بين المذاهب الإسلامية ،فإن وحدة المسلمين التي ضعفت أسبابها في أيامنا تقضي على بني الإسلام أن يتفاهموا بالحسنى ولين القول ،ويسلكوا مع بعضهم مسلك الإفهام جانبا ،محافظة على البقية والإقناع ،وأن يتركوا التراشق بالكلمات الجارحة الباقية من هذه الوحدة ،وإلا فعدوهم المشترك بالمرصاد. وقد حشى على الكتاب »قواعد الإسلام« الشيخ أبو ستة محمد بن عمر القصبي الجربي ،من علماء القرن الحادي عشر المشهور عند إباضية المغرب بالمحشى لكثرة حواشيه ،وحاشيته هذه مطبوع على هامشها كتاب »القواعد« طبعة حجرية بمصر سنة ١٢٩٧ه. معا القطب أطفيش 5في كتاب سماهكما اختصر الكتاب والحاشية »الذهب الخالص المنوه بالعالم القانص« وطبع بالمطبعة السلفية سنة ١٣٤٣ه. المحور الأول من الكتاب عن العقيدة .يتناول فيه المؤلف عدة موضوعات تندرج تحت التوحيد ،ويعرض الحديث عن سبعة أركان تحتوي على جمل من الفرائض والمظالم التي يلزم بها الإنسان ،وكل ركن منها يشتمل على أبواب مرتبة مبانيها ،وفصول مشروحة معانيها تكون لسالكي هذا المنهج من التحف المخزونة والدرر المكنونة ،يقل على الناظر لفظها ،ويسهل على القارئ حفظها، وتكون للمسترشدين ملجأ يلجأون إليه ،وعصمة يعتصمون بها. الركن الأول في معرفة االله ، 8وهذا الركن يحتوي على مقدمة وأبواب ثلاثة .أما المقدمة فهي :أن االله سبحانه خلق الدنيا وح فها شهوات ،وملأها آفات ،وأسكنها الثقلين من عباده ،وسخر لهم كل ما في بلاده أكلا وانتفا عا ولبسا واستمتا عا ليبلوهم أيهم أحسن عملا ،وأسرعهم إلى طاعته قبولا وفعلا وامتثالا ،ثم ركب فيهم عقول غريزية يتعلق التكليف بكمالها. وقد جعل االله 4الإنسان أصلا لشريعته ،وجعل أحكام الدنيا مدبرة 93قواعد الإسلام بواسطته ،وأ لف به بين خلقه ،وساوى بين أهله في التكليف وأداء الحق، وجعل ما تعبدهم به مأخو ذا من واجب عقلي ورد الشرع بتأكيده ،ومسمو عا من خطاب نقلي لا يمنع العقل من جوازه. ثم يعرض المؤلف في مقدمة هذا الركن أدلة معرفة االله تعالى ،إذ قدم معرفته على العبد في الدنيا على سائر المفروضات ،كما قدم السؤال عنها في الآخرة قبل سائر السؤالات. واشتهر من أهل التفسير في قوله ] ﴾ a ` _ ﴿ : 8الفجر [١٤ :يعني: ملائكة يرصدون العباد على جسر جهنم عند القناطر السبع المحابس ،فيسأل مخلصا جاز إلى الثاني ،فيسأل عن العبد عن أولهن عن الإيمان فإن جاء به الصلاة فإن جاء بها تامة جاز إلى الثالث ،فيسأل عن الزكاة فإن جاء بها تامة جاز إلى الرابع ،ثم يسأل عن الصوم فإن جاء به تا ما جاز إلى الخامس ،فيسأل عن العمرة فإن جاء بها تامة جاز إلى السادس ،فيسأل عن الحج فإن جاء به أحدا جاز إلى الجنة. تا ما جاز إلى السابع ،فيسأل عن المظالم فإن لم يكن ظلم ويشتمل الباب الأول في هذا الركن الذي هو في معرفة االله ، 8وهو الواجب على كل عاقل سلم عقله من الآفات عند حال بلوغه على ثلاثة فصول: الفصل الأول :في معرفة االله سبحانه وتعالى. والفصل الثاني :في معرفة الرسول ‰والإقرار به. والفصل الثالث :في معرفة ما جاء به الرسول والإقرار به أنه حق من عند ربه. وينقسم الفصل الأول في معرفة االله 4إلى قسمين: وجوبا وإثبا تا. القسم الأول :فيما يجب على العبد أن يعتقده في االله 8 نفيا واستحالة .أما الأول فيجب علىوالقسم الثاني :فيما يجب أن يعتقده واعتقادا بالجنان .ويعقد في قلبه أن العبد معرفة ربه والإيمان به نطقا باللسان مائة كتاب إباضي94 لا إله إلا االله ،واحد غير منقسم ،ولا معه ثان في ألوهيته .موجود بغير مشاهدة، نفيا عن االلهقديم بلا بداية .والقسم الثاني فيما يجب على العبد أن يعتقده سبحانه ،وذلك أن يعتقد أن االله سبحانه يستحيل عليه الحدوث والعدم والتغير والفناء في الحال والأزل ،فهو موجود على الإطلاق غير مقيد بزمام ولا مخصوص بجهة ولا مكان. الفصل الثاني :في معرفة الرسول ، ‰وذلك أنه يجب على المكلف نطقا واعتقادا أن يعرف أنه محمد بن عبد االله بن عبد المطلب ،وهو عبد االله الأمين، ورسوله المبين إلى الثقلين أجمعين ،وأنه خاتم النبيين وأنه بلغ رسالة رب العالمين .جمع االله له السيرة الفاضلة والسياسة الكاملة والأخلاق التامة. الفصل الثالث :في معرفة ما جاء به محمد ژ .وهذا الفصل يحتوي على قسما .أما المقدمة فهي أن تعلم أنه يجب على كل مكلف مقدمة وستة عشر من الأنام معرفة ما جاء به الرسول ‰من الدين والإسلام ،والأمثال والحدود والأحكام ،وأنه صادق في جميع ما نطق به من كلام. أما الأقسام التي تجري عليها الأمهات من وظائف الاعتقادات فهي ستة قسما :الأول :أن ورود الموت على كل العباد .الثاني :في قيام الساعة. عشر الثالث :في اعتقاد كون البعث بعد الموت .القسم الرابع :في الحساب .القسم الخامس :في الثواب .القسم السادس :في العقاب .القسم السابع :في الملائكة. القسم الثامن :في الأنبياء والرسل .القسم التاسع :في الكتب المنزلة .القسم العاشر :في الإيمان بالقدر .القسم الحادي عشر :في معرفة التوحيد والشرك. القسم الثاني عشر :في فرز ما بين كبائر الشرك والنفاق .القسم الثالث عشر :في أن يعلم المكلف أن دماء المسلمين وغنيمة أموالهم وسبي ذراريهم محرمة بالتوحيد الذي معهم ،وذلك لقول الرسول » : 1أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا االله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ،فإن فعلوا ذلك منعوا مني 95قواعد الإسلام دماءهم وأموالهم إلا بحقها« ،ووقع الإجماع على هذا من جميع الأمة لأنه نص من القرآن لقوله تعالى ~ } | ﴿ :ے ﴾ ]التوبة .[٥ :ومن استحل دماء المسلمين وأموالهم بغير تأويل ،وزعم أنها حلال فقد أشرك وإن ذنبا فهو مشركتأول فهو منافق .وذلك مثل الصفرية الزاعمة أن كل من عمل حلال دمه وسبي ذريته وغنيمة ماله. القسم الرابع عشر :في الأمر والنهي .والقسم الخامس عشر :في المنن أيضا مما يجب على المكلف معرفتهما مع أول بلوغه ،وهو أنوالدلائل ،وهما صغارا أطوارا ،وأفاض عليهم النعم يعلم الإنسان أن االله سبحانه خلق خلقه إظهارا لقدرته وتحقيقا لما سبق وفرضا ،بل خلقهم وجوبا وكبارا م نا وفضلا ،لا من إرادته .والقسم السادس عشر :في الخوف والرجاء ،وهما فريضتان واجبتان معا في حال البلوغ ،وعليه أن يعتدلا في قلبه اعتدالا لا يميل على المكلف أحدهما بالآخر. والباب الثاني :في الولاية والبراءة وأحكامها ،وهي تشتمل على معنى الولاية وتقسيمها ،وفي البراءة وتقسيمها وفي الوقوف. والباب الثالث :في الملل وأحكامها .وهذا الباب يشتمل على ثلاث جمل من الأحكام :إحداها :في أحكام ملة الإسلام ،والثانية :في أحكام ملل أهل الشرك والأصنام .والثالثة :في القواعد والأركان التي يبنى عليها الدين الإسلامي. وفي هذه الجملة الثالثة يذكر المؤلف أن االله سبحانه شرع للعباد دينه، وجعل له قواعد يبنى عليها ،ولا تصح العبادة للمكلف إلا بأحكامها .وهن الأربعة التي هي أصل التقوى ،ومنها تفرعت أركان الدين الأخرى. فالقواعد الأربعة :إحداها :العلم المؤدي إلى بيان حد المأمور بامتثاله. والثانية :العمل الذي يؤدي إلى الحد الذي لا يرضى الأمر به في امتثال أوامره. والثالثة :النية هي أس العمل ولبابه .والرابعة :الورع عن المحارم التي تحبط مائة كتاب إباضي96 العمل عند ارتكابها .فهذه قواعد الدين التي لا يبنى إلا عليها ،ومنها تفرعت الأركان الأربعة ،والتي هي :الاستسلام ،والرضى والتوكل وتفويض الدين في واعتقادا بقضائه. رضاء بأحكامه جميع الأمور المحور الثاني من الكتاب أو الركن الثاني فهو في العبادات ،ويبدأ المؤلف بالحديث عن الصلاة وشروطها وما فيها من السنن والآداب ،ويسبق هذا بالحديث عن الطهارة المشروعة من الإحداث. ويتناول الطهارة المشروعة للصلاة ،ويقسمها إلى أربعة أقسام :إحداها :الطهارة من الأنجاس .والثانية :طهارة الوضوء من الإحداث .والثالثة :الطهارة بالتيمم عند عدم الماء ،وهي بدل من الوضوء .والرابعة :الطهارة من الإحداث والجنايات. ويتناول الصلاة وأقسامها وفرائضها وسننها وما يتعلق بها من الفضائل، ويشتمل هذا الركن على مقدمة وثلاث جمل .أما المقدمة فتشتمل على ذكر أقسام الصلاة من الفرائض والمسنونات ومتطوعها من الفضائل والمستحبات. والصلاة تنقسم إلى خمسة أقسام :أحدها :قسم فروض ،وهو نوعان :فرض على الأعيان كالصلوات الخمس وفرض على الكفاية كالجمعة على من تعينت عليه في مصر الإمام ،وكصلاة الميت على من حضرها من الأنام. والثاني قسم سنن وهي ثلاثة أنواع» :واجبات« كالوتر وصلاة الميت أربع تكبيرات .و»مؤكدات« كرعتي صلاة الفجر ،وركعتين بعد المغرب ،وصلاة العيدين ،وركعتي الطواف ،وقيام رمضان وسجود القرآن ،و»مرغوبات« ككسوف الشمس والقمر والزلزلة وصلاة الاستسقاء وقيام الليل إلى آخره .والثالث :قسم فضائل :كتحية المسجد ركعتان ...والرابع :قسم تطوع .والخامس :قسم ممنوع الصلاة ،وهي عند طلوع الشمس وعند غروبها وعند توسطها في كبد السماء قبل أن تزول ،والصلاة بعد طلوع الفجر ما خلا صلاة الصبح وركعتين وغيرها. 97قواعد الإسلام الجملة الأولى في الصلوات الخمس وفرائضها وسننها وفضائلها .يؤكد المؤلف على أن الصلاة قد بنيت على أركان وفرائض لا تصح إلا بها ،وعلى سنن لا تتم إلا بامتثالها ،وفرائضها مع صحة شروطها عشرون :عشرة قبل الدخول فيها وعشرة قبل التلبس بها. فاللواتي قبل الدخول فيها :إحداها :الطهارة من الإحداث بالوضوء والاغتسال .الثانية :إزالة النجس قبل الطهارة .الثالثة :طهارة الثوب وطهارة المصلى عليها .الرابعة :دخول الوقت لأدائها .الخامسة :الستر للعورة فيالبقعة جملتها من الركبة إلى السرة للرجل ،وللمرأة الحرة جميع جسدها ما خلا الوجه والكفين من زينتها ،والسادسة :القيام مع القدرة في حال عملها. والسابعة :استقبال القبلة في جميعها ،والثامنة :النية بالقلب عند التلبس بها. والتاسعة :استصحاب حكم النية في سائرها .والعاشرة :العلم بكيفية امتثالها. وأما العشرة التي بعد الدخول فيها .فإحداها :الإحرام بلفظ التكبير ،والثانية: فصاعدا ،والثالثة :الركوع فيها ،والرابعة :الاعتدال في الركوع القراءة بأم القرآن والرفع منه ،والخامسة :السجود بعد الركوع ،والسادسة :الفصل بين السجدتين والاعتدال فيهما ،والسابعة :الجلوس بعده ،والثامنة :التحيات على الاختلاف بين الأئمة في أيتهما الفريضة الأولى والأخيرة منهما ،والتاسعة :ترتيب الأفعال في جميعها ،والعاشرة :استصحاب الخشوع فيها من أولها إلى آخرها. الجملة الثانية :في تفصيل فرائض الصلاة وسننها على ما ينبغي. وبعد أن ينهي المؤلف عرض كل الجزئيات المتعلقة بالصلاة ينتقل إلى الحديث عن »الزكاة« ،ويشير إلى أن االله 8شرع الزكاة في أموال الأغنياء، واجبا للفقراء ،حكمة أ لف بها بين قلوب العباد لتثبيت المودة بين وجعلها ح قا ذوي الفاقة والأغنياء في أقطار البلاد ،ويقع منهم التعاون والتناصر على الحق وسبيل الرشاد. مائة كتاب إباضي98 إذ لو انقطعت حاجة الفقراء من ذوي الأموال لسقطت بذلك من قلوبهم هيبة الإجلال ،ووقع بينهم من أجله التباغض والتنافر ،واستحكم فيهم التقاطع والتدابر ،فيئول ذلك إلى خراب الدنيا وانقطاع سكانها ،ولكن االله تعالى جعل وتكفيرا وتطهيرا للقلوب من درن الآثام، الزكاة ذريعة إلى تواصل الأنام، وتضعيفا للحسنات.للذنوب ،ومثراه للأموال، وبينها رسول االله ژوقد أنزل االله الزكاة وفرضها في المدينة مجملة ، بحدودها وأركانها ،وأوضحها برسومها ومعالمها ،وجعلها مشروعة في ستة أشياء :أحدها :زكاة الأنعام .والثاني :زكاة الحبوب والثمار .والثالث: زكاة النقدين )الذهب والفضة( .والرابع :زكاة التجارة المتخذة للنماء والزيادة .والخامس :زكاة المعادن والركاز الجاهلية .والسادس :زكاة الفطر المشروعة للأبدان. ثم يعرض المؤلف لعبادة الصوم .ويشير إلى أن االله سبحانه قد أوجب فرض الصيام على كل مكلف منقطع عذره من جميع الأنام ،وقدمه في ترتيب الفروض الشرعية على الزكاة وغيرها من واجب الحقوق المالية. ويبين المؤلف أنه قدم الزكاة على الصوم في ترتيب أركان هذا الكتاب؛ لأنه إذا كانت مقرونة بالصلاة في القرآن وفي أحاديث الرسول الموكل إليه البيان ،وفرض سبحانه الصوم على ذوي الفاقة والأغنياء لكسر شهوة النفس التي هي دابة الشيطان ،وليعرفوا إذا صاموا رمضان ما يقاسيه ذوو الفاقة من شدة المجاعة طول الزمان فترضى أنفسهم حينئذ بدفع الزكاة وغيرها من الحقوق الواجبة عليها. واجبا يتعلق العقاب بتركه ،وهو ما يجبثم إن االله تعالى جعل في الصوم لنفس الزمان كصيام رمضان ،ومنه ما يجب لعلة الحنث في الإيمان كصوم الكفارات من القتل والظهار وغير ذلك ،ومنه ما يجب بإيجاب الإنسان على 99قواعد الإسلام مندوبا نفسه كصيام النذر الواجب عليه ،ثم جعل االله تعالى في الصوم مسنو نا إليه تتعلق الفضيلة بامتثاله ،ولا يتوجه الوعيد إلى تاركه. ولا يتضمن هذا الكتاب من أقسام واجب الصوم إلا رمضان .وينحصر الكلام فيه في ثمانية أبواب :الأول في حكمة الصوم ومعناه .أما حكم الصوم والسنة وإجماع الأمة ،وأما معناه فهو على وجهين: فهو الوجوب بظاهر الكتاب لغوي وشرعي .فاللغوي هو الإمساك ،والشرعي هو الإمساك عن الطعام والشراب والجماع وغيره من جميع ما يفسد الصوم. الباب الثاني :في أسباب الصوم .والباب الثالث :في أركان الصوم .والباب الرابع :في حكم من أفسد رمضان بإحدى مفسداته .والباب الخامس :في شرائط صحة الصوم .والباب السادس :في مبيحات الإفطار ،وهي السفر والمرض والحمل والرضاع وغير ذلك .والباب السابع :في الصوم المندوب إليه .والباب الثامن :في الاعتكاف وهو يعني الاعتكاف في المسجد للعبادة. ثم يعرض المؤلف للركن الخامس من الكتاب وهو في العمرة ،والسادس في الحج .ويقول عنهما :إنهما فرضان على العبد مأمور بإتمامهما ،إلا أن العمرة قد اندرجت تحت الحج واشتمل عليها. ويؤكد المؤلف على أن االله سبحانه فرض الحج والعمرة على المستطيعين من العباد ،فكان في السفر إليهما تذكرة لسفر الآخرة وأهوال المعاد ،إذ الخارج إليهما منخلع عن الأهل والأولاد ،قل ما يخلو من ثوبه وأحكام وصيته ،وكان ركوبه للراحلة مثلا ركوبه لنعش الجنازة ودخوله البادية ،وقطعه عقباتها إلى الميقات تذكرة للخروج من الدنيا بالموت إلى ميقات القيامة ومشاهدة تلك الأهوال والمطالبات ،فكان انفراده عن الأهل في البر وما يكابده من قطاع الطريق وسباعه مثلا لخلوته في القبر مع ديدانه وأفاعيه، مخالفا لزيه وهيئة لباسه تذكرة بثياب الكفنوكان التفافه لثوبي إحرامه مائة كتاب إباضي100 وقدومه على ربه بزي مخالف لزي الدنيا ،إذ كلاهما غير مخيطين ملفوفا فيهما العبد في كلتا الحالتين. وكان تلبيته للرب تعالى عند الميقات تذكرة لإجابة الداعي من الأجداث يوم ينفخ في الصور ،وكان دخول الحرم أشعث أغبر مثلا لقيامه من القبر شاخصة أبصاره مع الناس ،ذاهل العقل عاري البدن من اللباس فكان انصبابه إلى مكة مع جملة الزائرين مثلا لانصباب الناس في القيامة إلى جهة الجنة آملين في دخولها مكان دخوله إلى البيت وتعلقه بأستاره ميلا لحضرة الملك يقصده الزوار من كل فج عميق متواضعين لرب البيت خضو عا لجلاله واستكانة لعزته. وكان وقوفه بعرفات مع جملة الحجيج وارتفاع أصواتهم بالبكاء والضجيج اقتداء بهم في امتثال المناسك ،مثلا واتباع الفرق أئمتهم في التردد على المشاعر طمعا منهم إليه في الشفاعة.للوقوف على عرصات القيامة ،واقتداء كل أمة بنب يها ويتناول المؤلف هذا الركن في ثلاثة أبواب :الأول :في مقدمات الحج، والثاني :في مقاصده ،والباب الثالث :في لواحقه. والكلام في مقاصد الحج ينحصر في جملتين ومقدمة .أما المقدمة فهي في مفردا عار يا كيفية الإحرام ،وصفاته ثلاث :إحداها :الإفراد ،وهو أن يحرم بالحج معا،من صفات التمتع والقران ،والثانية :القران ،وهو أن يحرم بالحج والعمرة والثالثة :التمتع وهو أن يحرم بالعمرة مفردة في أشهر الحج ولها ستة شروط. والجملة الأولى من المقاصد في محظورات الإحرام .الجملة الثانية في أفعال الحج والعمرة. والباب الثالث :في لواحق الحج والعمرة .وهذا الباب يتوزع على فصول: الفصل الأول :في الخلق .الفصل الثاني :في رمي الجمار .الفصل الثالث :في الهدي والضحايا وأحكامهما. 101قواعد الإسلام أما المحور الثالث والأخير فهو عن »الحقوق ومظالم العباد« ،وغير ذلك من المحارم والكبائر التي يسأل عنها العبد في المعاد .والكلام في هذا المحور ينحصر في ثلاثة أبواب :الأول :في الحقوق ،والثاني :في المظالم ،والثالث :في المحرمات. الباب الأول يشتمل على عشرة فصول تتناول :حقوق القرابات ،وحقوق الأزواج بعضهم على بعض ،وحقوق المماليك ،وحقوق الجار ،وحقوق الضيف وابن السبيل ،وحق الصاحب وحق اليتامى والمساكين ،وحق الأخوة بين المسلمين .يقول االله تعالى] ﴾̄ ® ¬ ﴿ :الحجرات .[١٠ :فأوجب االله تعالى بمقتضى الأخوة حقوقا في النفس والمال والقلب واللسان ،ويجب عليهم القيام بها ،وحقوق الأخوة في الإسلام كثيرة. ثم يعرض المؤلف حقوق المسجد والمجلس ،لقوله تعالىj i ﴿ : ] ﴾ q p o n m l kالتوبة .[١٨ :كما يعرض لحقوق عبدا استعمله في الأوقات الفاضلة الجمعة ،ويقال :إن االله تعالى إذا أحب بفواضل الأعمال ،وإذا مقته استعمله فيها بسيء الأعمال؛ ليكون أوجع في عقابه وأشد لمقته بحرمانه بركة الوقت وانتهاكه حرمته .وحقوق الأيام كلها أنه لا يعصي االله تعالى فيها من ترك حق ،ولا ارتكاب محرم .ويقال :من حقوق الجمعة أن يبيت المرء ليلتها على الصيام. ويعرض المؤلف لحق الطريق ،ويذكر عن الرسول ژ أنه قال» :ملعون من آذى المسلمين في طرقاتهم« ،وقال » : ‰إياكم والقعود في الطرقات ،فإن كان ولا بد فاعطوا الطريق حقه« .قالوا :وما حق الطريق؟ قال» :غض البصر ،وكف الأذى ،ورد السلام ،وأمر بمعروف ،ونهي عن منكر وذكر االله تعالى«. ومن حقوق الطريق بجانب غض البصر إرشاد الضال ،وهداية الأعمى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،ونصرة المظلوم وإغاثة الملهوف وعون الضعيف ،وإعطاء السائل ،وأن لا تحدث فيه مضرة من إهراق ماء ووضع تراب مائة كتاب إباضي102 أو حجارة أو شوك أو تضييقه بالبنيان ،أو ربط الدواب فيه بحيث يضيق على المارة ،أو ما أشبه ذلك لأن الطرق مشتركة المنافع بين الناس. وتناول المؤلف كذلك حق البهائم .ويذكر قوله تعالى5 4 3 ﴿ : ] ﴾ 9 8 7 6الزخرف ،[١٢ :وفي الحديث عن النبي ژ » :أنه نهى أن تتخذ ظهور الدواب كراسي« أي :ينام عليها. ومن حق الدابة على صاحبها أن يرفق بها ويحسن علفها وسقيها ويعرضها على مر عليه ،ولا يحملها ما لا تطيق ،ويلين ذات رحله ،ولا يضرب وجهها؛الماء إذا لأنه قيل :من آذى البهيمة بضرب أو حمل ما لا تطيق طولب بذلك في القيامة. ويعرض المؤلف كذلك في الباب الثاني من هذا المحور للمظالم ،ويذكر قوله تعالىÈ Ç Æ ÅÄ Ã Â Á À ¿ 3⁄4 1⁄2 ﴿ : ] ﴾ Éالشورى [٤٢ :فأجمل الظلم في الأموال والأعراض والحقوق وغيرها. ويستشهد بقوله ژ » :الظلم ظلمات يوم القيامة«. والكلام في المظالم ينحصر في أربعة فصول :الأول :في مظالم الأموال .والثاني: في مظالم الأبدان .والثالث :في مظالم الفروج .والرابع :في مظالم الأعراض. وجراحا ،وهي على ويشير المؤلف إلى أن الجناية في الأبدان تسمى قتلا ثلاثة أوجه :عمد متفق عليه ،وشبه عمد مختلف الحكم فيه ،وخطأ محض متفق على حكمه. عمدا وحده أن تخرج الرمية أما العمد فقد اتفقوا على إيجاب القتل فيه، من يد عاقل مكلف نافذ الأحكام على شخص معروف يتكافأ دمه دم القتال من كل الوجوه مما لا يحل له قتله. أما مظالم الفروج فهي على وجهين :مظلمة سفاح ونكاح .فالسفاح يلزم فيه للحرة العقر بالإكراه مع وجوب الحد على الزاني واستحقاق الكفر .وأما 103قواعد الإسلام بالمطاوعة فلا يلزمه إلا الكفر والحد .وأما الأمة والصبية والمجنونة فإنه يلزم العقر والحد والكفر بالمطاوعة والإكراه ،وما خلا الأمة في إسقاط العقر عنه بإذن سيدها دون الحد والكفر. ويتناول المؤلف مظالم الأعراض ،ويقصد بها ما عرف بالقذف والاغتياب أحدا والطعن .أما القذف فهو الرمي للإنسان بأمر هو منه بريء ،وكل من قذف كبيرا فهو هالك .وأما صغيرا أو ذكرا كان أو أنثى، عبدا ، حرا كان أو من الناس  الاغتياب والطعن في الأعراض فليس فيها وجوب حد في الدنيا لكن يلزم فيها الكفر ،وانهدام الصوم والوضوء واستحقاق العقاب في الآخرة في اغتياب أهل شبه االله تعالى اغتياب المؤمن بأكل لحمه ،وتمزيق الأعراض أشدالولاية .وقد على النفوس من تمزيق اللحوم. ولما كان الظلم في المال يستوجب للإنسان الكفر ولو ظلم حبة فما دونها معلوما بالضرورة ،وأمن ظلم المسلم في عرضه أعظم في النفس من أكلكان حبة من ماله بغير إذنه. ويختم المؤلف كتابه بحديث عن الآداب ويتناولها في الركن الثامن من أركان الكتاب ،ويسميها أدبيات الأغذية وغيرها من آداب اللباس والغشيان ومعاشرة أصناف البرية ،إذ بتناول الأقوات تصفو سلامة الأبدان لعمل الطاعة فينبغي للإنسان أن لا يهمل نفسه في تناول الأغذية إهمال البهائم المرعية ،بل يلجمها بلجام الورع ويزن شهواتها في الغذاء بميزان الشرع. وإذا كانت النفس لا بد لها من تناول الغذاء وقمع الشهوة التي هي أعدى الأعداء .فيعرض المؤلف لهذا الركن في خمسة فصول :أحدها :في آداب الطعام وأكله ،والثاني :في آداب الشراب وتناوله ،والثالث :في آداب اللباس وهيئته، والرابع :في آداب الجماع ومستحباته ،والخامس :في آداب المعاشرة مع سائر الخلق. 104 äGô«`îdG ô`WÉæb »°SƒØædG »dÉ£«édG ≈°Sƒe øH π«YÉa°SEG ôgÉW ƒHCG ΩÉeE’G )ت ٧٥٠ه١٣٤٩/م( تحقيق :سيد كسروي حسن ،وخلاف محمود عبد السميع دار الكتب العلمية بيروت لبنان ،ط١٤٢٢ ،١ه٢٠٠١/م. عدد الصفحات :ج ٤٤٠ :١صفحة ج ٤٠٠ :٢صفحة ج ٥٢٨ :٣صفحة إن كتاب» :قناطر الخيرات« كتاب جمع الكثير من الآيات والأحاديث والآثار التي تربي النفس على تصويب النظرة إلى الحياة الدنيا وبيان أنها فانية لا محالة .وهو كتاب نفيس وإن كان مؤلفه سطر أغلب الآيات والأحاديث فيه من حفظه وذاكرته فخالفه أحيا نا كثيرة .وهذا طبع بشري لا يسلم منه إلا من رحمه االله .والدليل على ذلك كلامه في باب» :حكايات الأسوياء« حيث يقول: قديما ،فحفظي فيها مضطرب ،ولعلي إن لم آت بصريحوهذه الحكايات قرأتها ألفاظها فقد أتيت معناها. وأما الأحاديث :فأدخل الشيخ كلامه مع متن الحديث ،فساق الحديث شرحا له مع نسبة ذلك للنبي ژ ؛ ولذا حرص المحققان علىوكأنه بمعناه أو تصويب ذلك. ثم إن الشيخ قد نقل من بعض الكتب نقلا بالنص دونما تصرف فيه مثل كتاب »إحياء علوم الدين« وعزا ذلك في أحيان قليلة للإمام الغزالي ،وفي الغالب لم يعز إليه حتى أنه ليخيل للقارئ أنه من كلام المؤلف. ومن أمثلة ذلك رده على الشيخ الغزالي في إجازته الرحال إلى قبول الصالحين ويطعن في تدليله بحديث شد الرحال .وهذا الإنكار وهذا الطعن هو كلام الإمام الغزالي في الإحياء. 105قناطر الخيرات كما اعتمد الشيخ في كتابه هذا على ما نقله في أغلب الأحيان عن بعض الكتب منها :كتاب» :الإحياء« ،وكتاب» :سراج الملوك« ،وكتاب» :قوت القلوب«، وكتاب» :الجواهر« ،وكتاب» :منثور الحكم« ،وكتاب» :محجة السعادة«. والمؤلف هو إسماعيل بن موسى الجيطالي النفوسي ،واشتهر بأبي طاهر، و ل قب بالجيطالي. ولم يحدد تاريخ ميلاده بدقة ،ويقال :إنه من علماء الخمسين الثانية للقرن السابع والأولى في القرن الثامن. أخذ المؤلف العلم من أكابر علماء عصره أمثال موسى بن عيسى الطرميسي المتوفى سنة ٧٢٢ه ،صاحب المدرسة العظيمة ،كما صاحب أبا عزيز ،وكان 5قوي الحافظة ،حفظ ديوان الدعائم لابن النظر ،ومقامات والسنة ،وكان يحفظ كتاب» :العدل الحريري في الأدب العربي ،والأشعار، والإنصاف« للإمام أبي يعقوب الوارجلاني ،وجمل الزجاج في النحو. اشتغل الشيخ الجيطالي بالتنقل والترحال لنشر الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسافر إلى طرابلس ،لكن عامل طرابلس عقد له مناظرة شعرا يمدح فيه صاحبفظهر فيها على العلماء فكادوا له حتى سجن ،فكتب القيروان ،فأطلق سراحه وخرج إلى جربة ،وتلقاه علماؤها في أحسن لقاء، واجتمع عليه الطلب فقرأ وص نف في آخر حياته. وقد ترك لنا المؤلف تآليف جليلة ،منها: ١ القواعد. ٢ شرح النونية أي :نونية أبي ساكن في أصول الدين للشيخ أبي نصر فتح بن نوح القلموشاني. ٣ كتاب» :الفرائض« الذي وضع فيه الحساب بالضرب والتقسيم. مائة كتاب إباضي106 ٤ كتاب» :الحج والمناسك«. ٥ مجموع فتاوى الأئمة في ثلاثة أجزاء. ٦ كتاب» :مجموع في الرسائل«. ٧ قصائد فقهية تدل على ملكته الشعرية. ٨ كتاب» :قناطر الخيرات«. ٩ كتاب» :قواعد الإسلام«. أما كتاب» :قناطر الخيرات« ،فقد قسمه المؤلف إلى عدة قناطر ،كل قنطرة كثيرا من لعدة أبواب ،وقد تحتوي الأبواب عدة فصول ،كما أن الكتاب احتوى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار ،والحكايات التي تخدم مواضيع عديدا من فصول وأبواب كتاب الإمام الغزالي فيالكتاب ،كما أخذ الكتاب »إحياء علوم الدين« بالنص ،ولم يتصرف فيها المؤلف إلا في أحيان قليلة. يبدأ المؤلف كتابه بمقدمة يحدد فيها أنه قد انكشف لأرباب القلوب بحقائق الإيمان وأوضح محكمات القرآن ،أن لا وصول للعبد إلى السعادة الأبدية إلا بالعلم وامتثال العبادة الدينية ،وهما بضاعة الأولياء ،ومنهاج الأقوياء ،هما دين االله القويم ،ولكنه طريق صعبة المسالك ،كثيرة العوائق والموانع. تكليفا، ضعيفا فحمله ثقل الأمانةومع ذلك فإن االله سبحانه خلق الإنسان وقل السالكون للطريق، وأوجب عليه إتقان حمل تلك الأمانة بالعلم والعمل ، بالجد والتحقيق ،ومنهم من بذل في بدء أمره من النفس بعض المجهود ،فطال عليه التعب ،فانقطع ،ولم يصل إلى المقصود إلا الأصفياء المخلصون. ويشير المؤلف إلى أن طريق الخلاص لما كان بالغ المشقة وكثير العوائق ،فقد أ لف هذا الكتاب ليم كن السالكين للعبور من خلال )قناطر( هي أجزاء الكتاب. 107قناطر الخيرات ثم يرتب المؤلف »قناطر الإسلام« ،ويبدأ ب »قنطرة العلم بخالقه ،وهي القنطرة الأولى«. ويستدل المؤلف بالصنعة على الصانع؛ لأن كل صنعة لا بد لها من صانع، والخلق لا بد له من خالق ،وما أفاض عليه من أصناف النعم من الحياة والعقل والفهم والسمع ،وغير ذلك مما لا يحصى كثرة من المعاني. صانعا، فإذا أمعن النظر بعين البصيرة لا عين البصر ،علم أن لهذه الصنعة عالما بأسرارها ،فيعرف بعقله وتلزمه الحجة منعما ح يا رازقا ولهذه النعمة وسنة رسوله ژ .وينقطع عذره بما ورد من حجج في كتاب االله القنطرة الثانية :هي قنطرة الإيمان بهذا الصانع :الخالق المنعم الرزاق ،وأن يعرف هذا الإنسان ،ويؤمن به إيما نا يقين يا بالقلب واللسان. خالصا يرى به الأمور كلها من الخير والشر ،النفعتوحيدا وأن يوحد االله والضر ،رؤية يقطع بها التفاته إلى الوسائط .وهذا التوحيد هو الإيمان والعلم. ووحده ،وآمن به تيقن أنه قد أوجب عليه خدمتهفلما عرف العبد سيده، وكلفه شكر نعمته ،ولكنه لا يدري كيف يعبده؟ وماذا يلزمه من خدمته بظاهره وباطنه بعد حصول هذه المعرفة به؟ ويورد المؤلف العبادات التي هي تكليفات للعبد من االله ليؤدي شكره ونعمته الله. القنطرة الثالثة :هي قنطرة الصلاة :ويشير المؤلف إلى أن الصلاة مقدم فرضها على الصيام في نزول الوحي أول الإسلام لا في حال التكليف والإلزام؛ لأن العبد مأمور بجميع الفرائض ،منهي عن جميع المعاصي في حال البلوغ ،فلا عبادة تجمع الخضوع والخشوع والابتهال إلى االله سبحانه والتضرع إليه مثلها. مائة كتاب إباضي108 فيجب على العبد الوقوف بين يدي سيده للخدمة بالطهارة الكاملة، والخشوع التام ،فبذلك يحظى عنده ،ويرضى عنه ،فإذا واظب على الصلاة أورثه ذلك لين الفؤاد ،وتمرين الجسد ،وتذلل النفس إجلالا لخالقها ،فإذا أتى راهبا استقبلته. راغبا الصلاة مقدما القنطرة الرابعة :هي قنطرة الصوم :عند حلول شهره ،ووجوب فرضه، أيضا؛ لأن النفوس على الأموال أشح ،وفيمافرضه في النزول على الزكاة يتعلق بالأبدان أسمح ،وذلك الصلاة والصيام؛ لأن في إيجاب فرض الصيام حثا على رحمة الفقراء وإطعامهم؛ لأن الصوم يقهر النفس ويكسر شهواتها المستولية عليها؛ ولهذا قال ! » :يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ،ومن لم يستطع فليصم ،فإن الصوم له وجاء«. فوجب على العبد إحكام الصوم بجميع شروطه ،وكف جوارحه عن ظاهرا وباط نا ،لأن المقصود من الصوم عند أهل التحقيق التخلق المحرم عليه بخلق من أخلاق الملائكة ،في الكف عن الشهوات بحسب الإمكان؛ لأنهم منزهون عن الشهوات ،والإنسان رتبته فوق رتبة البهائم ،بقدرته بنور العقل مبتلا على كسر شهوته ودون رتبة الملائكة لاستيلاء الشهوات عليه ،وكونه بمجاهدته ،فكلما انهمك في الشهوات انحط في أسفل سافلين ،والتحق بالبهائم ،وكلما قمع الشهوات ارتفع إلى أعلى عليين والتحق بأفق الملائكة المقربين إلى االله تعالى. فهذه حقيقة الصوم عند أهل التحقيق ،فإذا أتى العبد بفريضة الصوم على الكمال استقبلته: القنطرة الخامسة :هي قنطرة الزكاة .وقد ورد في الخبر :الزكاة قنطرة الإسلام سفرا قدم االله تعالى فرضها على فرض الحج؛ لأن في الحج مع إنفاق المال شاقا ،فكانت النفس إلى الزكاة أسرع إجابة منها إلى الحج ،فكان في إيجابها 109قناطر الخيرات مواساة للفقراء ،وتمرين النفس على السماحة ،ومجانبة الشح المذموم؛ لأن السماحة تبعث على أداء الحقوق ،والشح يصد عنها ،واالله تعالى امتحن عباده حين ادعوا محبته ،أن ينفقوا من أموالهم المحبوبة عندهم ،فيكون ذلك تصديقا لدعواهم؛ ولذلك قال] ﴾ ' & % $ # " ! ﴿ :آل عمران[٩٢ : فاستنزالهم عن المال الذي هو معشوقهم وعن النفس التي هي غاية محبوبهم، فقال تعالى°̄ ® ¬ « a ©̈ § ﴿ : ] ﴾ ±التوبة [١١١ :وذلك بالجهاد ،وهو مسامحة النفس بالمهجة شوقا إلى االله تعالى ،المسامحة بالمال أهون .فإذا أخرج العبد من ماله فريضة الزكاة بكمال حقوقها إلى المستحقين لها استقبلته. أخر االله سبحانه فرضه على العباد؛القنطرة السادسة :هي قنطرة الحج :فقد  لأنه يجمع عملا على بدن ،وح قا في المال ،جعل فرضه بعد استقرار فرائض الأبدان ،وفرائض الأموال ليكون استئناسهم بكل واحد من النوعين ذريعة إلى تسهيل الجهاد عليه ،لأنه يجمع النفس ،والمال كالحج ،وكأن في إيجابه الحج تذكيرا لسفر الآخرة ،في مفارقة المال والأهل وخضوع العزيز والذليل في الوقوف بالحشر بين يديه ،واجتماع المطيع والعاصي في الرهبة منه ،والرغبة قل من حج ،وأحدث توبة منإليه ،وإقلاع أهل المعاصي عما اجترحوه ،لأنه ذنب ،وإقلا عا من معصية ،فإذا أدى العبد فريضة الحج على الكمال خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. »بني الإسلام علىفهذه الخمس قناطر :قواعد الإسلام ،كما صح في الخبر : خمس .«...وهي أصل العبادة ،والإتيان بهن على الكمال علامة السعادة. ولا يتعرض المؤلف هنا لقنطرة الجهاد؛ لأنه من فروض الكفاية وداخل في فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على قدر درجاته الثلاث. وهذه الفرائض الخمس أصلها ،وأساسها الذي تبنى عليه هو :التوحيد، مائة كتاب إباضي110 والإيمان ،والإخلاص؛ لأنه لا تصح العبادة إلا بالإيمان ،ولا يصحان إلا بالعلم ،ولا يصح العلم إلا بالطلب ،ولا يصح الطلب إلا بالإرادة ،ولا تصح الإرادة إلا بباعث يبعث عليها ،والباعث الرغبة في ثواب االله ،والرهبة من عقابه، ولا يصح ذلك إلا بالوعد والوعيد ،ولا يصحان إلا بالشرع. فلما استكمل العبد هذه الفرائض ،وتحقق له الطريق انبعث قلبه ليتجرد للعبادة. قنطرة التوبة هي القنطرة السابعة :ويرى المؤلف أن هذه القنطرة ضرورية حتى يتأهل الإنسان لأداء العبادة ،إلا أن التوبة قد يقابلها عوائق ،يحددها المؤلف في أربع: إحداهن :قنطرة الدنيا؛ لأن الدنيا والآخرة ضرتان ،إن أسخط إحداهما أرضى الأخرى ،وبقدر ما يميل إلى إحداهما يعرض عن الأخرى ،ويبعد عنها فاحتاج إلى قطعها بالزهد فيها. الثانية :قنطرة الخلق :أهل الرغبة والبطالة ،وأهل الشر والجهالة ،فيحتاج إلى قطعها بالتفرد عنهم ،أو خشي هلاك دينه أو يعتزل أعمالهم بقلبه وفعله. الثالثة :قنطرة الشيطان :فيحتاج إلى قطعها بالقهر والمحاربة والاستعاذة باالله منه ،والمخالفة؛ لأنه عدو ،ولا مطمع فيه لمصالحة ،لأنه لا يقنعه إلا إهلاك العبد أصلا. الرابعة :قنطرة النفس :وهي أعدى الأعداء وأشدها على العبد إذ هي بين أيضا في موافقتهاجنبيه ،ولا يمكن التجرد عنها مرة لأنها مطية ،ولا مطمع على ما يقصده من الإقبال على العبادة ،إذ هي مجبولة على ضد الخير ،أ مارة بالسوء والشر ،فيستعملها في المصالح ويمنعها عن المهالك. فلما فرغ من هذه القنطرة وقطعها بحسن عونه وتوفيقه ،رجع إلى العبادة، فنظر ،فإذا عوارض تعترضه عن العبادة ،وتشغله عنها كما ينبغي فتستقبله. 111قناطر الخيرات ويتحدث المؤلف عن العوارض التي تمنع الإنسان عن العبادة ،ويحددها في أربعة :أحدها :الرزق ،الثاني :الأخطار ،الثالث :الشداد والمصائب، والرابع :القضاء. فلما قطع هذه القنطرة رجع إلى العبادة ،واحتاج إلى سائق يسوق النفس إلى الخير والطاعة ،وإلى زاجر يزجرها عن الشر والمعصية ،فتستقبله حينئذ بواعث. ويسمي المؤلف هذه القنطرة باسم »قنطرة البواعث« والتي منها :قنطرة العبادة، قنطرة القوادح ،قنطرة الحمد والشكر ،قنطرة خوف الخاتمة ،قنطرة الموت. ويحدد المؤلف هذا الطريق بأنه مسلك الطريق الذي يسلكه الإنسان على طريق خطوات ،تختلف باختلاف الأجسام وضعفها ،إلا أن الطريق المقصود هو طريق روحاني تسلكه القلوب ،فتقطعه بالأفكار على حسب العقائد والبصائر. أصله نور سماوي ونظر إلهي يقع في قلب من سبقت له من االله العناية الأزلية فينظر نظرة فيرى بها أمر الدارين بالحقيقة. ويحتوي الكتاب سبعة عشر قنطرة: القنطرة الأولى» :قنطرة العلم« .وهي تحتوي على مقدمة في بيان العقل، وعشرة أبواب في تفصيل العلم: الأول :في بيان فضله. الثاني :في فضل التعلم والتعليم. الثالث :في فرض العين. الرابع :في فرض الكفاية. الخامس :في بيان حد الفقه والكلام في علم الدين ،وبيان الآخرة من علم الدنيا. السادس :في طرق العلم وتقاسيمه. السابع :في أدب المتعلم والعالم. مائة كتاب إباضي112 الثامن :في آفات العلم والعلماء. التاسع :في بيان جنس العلم المذموم وأسماء العلم المحمود. العاشر :في العلاقات المميزة بين علماء الدنيا والآخرة. ويتناول المؤلف في مقدمة القنطرة الأولى بيان حقيقة العقل وفضله؛ لأن العقل آلة لدرك العلوم وأس الفضائل ،وينبوع للآداب وأصل للتكليف ،وعماد للدنيا ،فالعلم يجري منه مجرى الثمر من الشجر ،والنور من الشمس ،والرؤية من العين. وشرف العقل مدرك بالضرورة ،وكيف لا يشرف ما هو وسيلة إلى السعادة في الدنيا والآخرة. كلاما من الغزالي في حقيقة العقل ،فيشير إلى أن الناس قدوينقل المؤلف اختلفوا في تفاوت العقل ،وأن غريزة العقل في أول مبادئها مثل :نور يشرق على النفس عند التمييز ،فلا يزال ينمو ويزداد إلى أن يتكامل بقرب الأربعين سنة ،ومثاله نور الصبح ،فإن أوائله يخفى خفاء يشق إدراكه ،ثم يتدرج في الزيادة إلى أن يكتمل بطلوع قرص الشمس. وتفاوت نور البصيرة كتفاوت نور البصر ،ويدل على تفاوت العقل من جهة النقل ما روي عن رسول االله ژ في حديث طويل وصف فيه عظيم العرش ،وأن الملائكة قالت» :يا ربنا هل خلقت شي ئا أعظم من العرش؟ قال :نعم ،العقل، قالوا :وما بلغ من قدره؟ قال :هيهات لا يحاط بعلمه ،هل لكم علم بعدد الرمل؟ قالوا :لا ،قال : 8فإني خلقت العقل أصناف شتى كعدد الرمل ،فمن الناس من أعطي حبة ،ومنهم من أعطي حبتين ،ومنهم من أعطي الثلاث ،ومنهم من أعطي الأربع ،ومنهم من أعطي فر قا ،ومنهم من أعطي أكثر من ذلك«. وتحت قنطرة العلم يتناول المؤلف مسألة أن العلم والعمل جوهران، لأجلهما كان جميع ما ترى وما تسمع من تصنيف المصنفين وتعلم المتعلمين؛ 113قناطر الخيرات بل لأجلهما أنزلت الكتب وأرسلت الرسل ،بل لأجلهما خلقت الدنيا والآخرة. والعلم أولى بالتقديم ،لأنه الأصل ،والدليل لذلك قال » : ‰العلم إمام العمل، والعمل تابعه«. عرف المؤلف الفقه وهو مرتبط بمصالح الدنيا لسياسة الأخلاق ،كما أنوي  علم الطب موضوع لاعتدال صحة الجسد في الدنيا .وعلم الفقه علم شرعي وهو مستفاد من النبوة .ولا يستغني عنه أحد من سالكي طريق الآخرة ،وعلم الفقه مجاور لعلم الآخرة؛ لأنه نظر في عمل الجوارح ،ومصدر الأعمال ومنشأها صفات القلب ،فالمحمود من الأعمال يصدر عن الأخلاق المحمودة المنجية في الآخرة ،والمذموم يصدر من المذموم ،وليس يخفى اتصال الجوارح بالقلب. ويقسم المؤلف العلوم كما قسمها الغزالي إلى قسمين: أحدهما :علم معاملة :وهو علم بأحوال القلوب. والثاني :علم مكاشفة وهو علم الصديقين والمقربين ،وهو عبارة عن نور يظهر في القلب عن تطهيره وتزكيته عن صفاته المذمومة. أما علم الكلام فهو علم المتكلمين الذين يتكلمون في تحرير الأدلة لإثبات التوحيد والصفات ،وتفصيل السكون والحركات ،والجواهر، والحدوث والقدم. عرفها المؤلف بأنها هي من علوم حكماء الأوائل المنكرينأما الفلسفة ،في  لشريعة الإسلام وهم الفلاسفة .وذكر الغزالي في كتابه :أنهم يصدقون بالصانع، أمورا تخالف نصوص الشرع، والنبوة ،ويصدقون النبي ژ ،ولكنهم يعتقدون ويقولون :النبي محق فما قصد بما ذكره لإصلاح الخلق ،ولكن لم يقدر على التصريح بالحق ،لضعف أفهام الخلق عن دركه .قال :ويجب القطع بتكفيرهم في ثلاث مسائل: مائة كتاب إباضي114 الأولى :إنكارهم لحشر الأجساد ،والتعذيب بالنار ،والتنعيم في الجنة بالحور العين. قال :الثانية :قولهم :إن االله سبحانه لا يعلم الجزئيات ،وتفصيل الحوادث، وإنما يعلم الكليات ،والجزئيات تعلمها الملائكة السماوية. والثالثة :قولهم :إن العالم قديم ،وإن االله سبحانه متقدم على العالم بالرتبة، مثل تقدم العلة على المعلول ،وإلا فلم يزل في الوجود متساويين. أما طرق العلم ،فيشير المؤلف إلى أنها محصورة في ثلاث طرق، وقيل في أربع :إحداها :الحس ،والثانية :العقل ،والثالثة :السمع ،والرابعة: البديهة. والقنطرة الثانية هي »قنطرة الإيمان والتوحيد« ،وتدور حول معرفة ذات االله تعالى ،ويشتمل على خمسة أبواب: الباب الأول :معرفة ذات االله تعالى. الباب الثاني :في معرفة صفاته في ذاته. الباب الثالث :في أفعاله تعالى. الباب الرابع :في تصديق الرسول ژ . الباب الخامس :في شرع بعض أسماء الشريعة. ويعتمد المؤلف على إثبات وجود االله تعالى بالنظر في خلق السماوات والأرض ،ويستخدم الدليل المعروف عند المتكلمين باسم دليل الحدوث، فيقول :إن العالم حادث ،وبرهانه أن أجساد العالم لا تخلو عن الحركة والسكون ،وهما حادثان ،وذلك مشاهد في جميع الأجسام .وإذا ثبت حدوثه كان افتقاره إلى محدث ،أي :إلى االله. عرف المؤلف بعض أسماء الشريعة ،ومنها :التوحيد :ومعناه إثبات الواحدوي  115قناطر الخيرات جل جلاله ،ونفي ما سواه من إله أو شريك أو ولي أو طاغوت ،فكل ما يعبد سوى االله يجب نفيه والكفر به والتبرؤ منه. ولا يثبت التوحيد لأحد إلا بالإثبات بثلاث كلمات وهن :الإيمان باالله أنه رب ،وبمحمد أنه رسول ،وأن ما جاء به حق من عند االله. التوحيد لا يكون العدول فيه حجة دون العقل ،وهم حجة مع العقل، ولا يجوز التقليد في جميع الديانات باتفاق الأمة ،وهذا في جميع ما يكون الحق فيه في واحد .وقد نهى االله 8عن التقليد في ذلك. ومن أسماء الشريعة التي يشرحها المؤلف )الإيمان( ويحدد له ثلاث مقامات: لغة وشر عا.أحدها :انطواء القلوب ،وضمير النفوس على اعتقاد التوحيد المقامة الثانية :الإقرار باللسان نطقا والإعراب عن الضمير وفقا وصدقا، وهذا دون الأول. وسمعا. المقامة الثالثة :من الإيمان هو العمل بالأركان وتحقيقه بالأفعال شر عا ثم ينتقل المؤلف إلى القنطرة الثالثة »قنطرة الصلاة« فيعرض لوظائفها والطهارات ،ويحدد للطهارة أربع مراتب ،وتشتمل هذه القنطرة على ثلاثة أبواب: الباب الأول :في طهارة الأخبار ،ويشتمل على ثلاثة فصول :الفصل الأول: في المزال وهي النجاسات ،والفصل الثاني :في المزال به النجاسة ،والفصل الثالث :في كيفية الإزالة. الباب الثاني :في الطهارة ،ويعرض المؤلف في هذا الباب قول العلماء في اللحية. الباب الثالث :في طهارة الأحداث ،وينحصر هذا الباب في أربعة فصول: الفصل الأول :في آداب قضاء الحاجة ،والفصل الثاني :في فضل الوضوء، والفصل الثالث :في كيفية الغسل ،والفصل الرابع :في كيفية التيمم. مائة كتاب إباضي116 ويتطرق لذكر أسرار الصلاة وفضائلها ،ولها ستة أبواب: الباب الأول :في فضل المسجد ،وفضل الأذان ،وفضل الصلاة. الباب الثاني :في كيفية الأعمال الظاهرة من الصلاة. الباب الثالث :في الشروط الباطنة من أعمال القلب في الصلاة. الفصل الرابع :في صلاة الإمامة وما على الإمام من وظائفها. الباب الخامس :في فضل الجمعة وآدابها وسنتها وشروطها. أما الباب السادس والأخير في هذه القنطرة فهو باب :في المندوب إليها من الصلوات. ويعرض المؤلف :قنطرة »أسرار الصوم« ،وهي القنطرة الرابعة .وقد فرض االله الصيام على عباده ،وقدمه على زكاة الأموال لتعلق الصيام بالأبدان ،فكان في إيجابه الصوم عليهم ح ثا على رحمة الفقراء وإطعامهم وسد جوعاتهم لما قد قاسوه من شدة المجاعة في حال صومهم ،ثم لما في الصوم من قهر النفس وإذلالها ،وكسر الشهوة المستولية عليها ،وإعلام النفس بأنها محتاجة إلى يسير من الطعام والشراب تسد به فاقتها. وتشتمل قنطرة الصوم على خمسة أبواب: الأول :في فضيلته. وسنته المترتبة. الثاني :في شروطه الواجبة الثالث :في مفسداته ولوازم إفساده. الرابع :في أسراره الباطنة. الخامس :في صوم المتطوع وفضيلته. والقنطرة الخامسة هي »قنطرة الزكاة« ،وهي تقع في الجزء الثاني من الكتاب .ويذكر المؤلف أن االله تعالى شرع الزكاة في الأموال بعد فروض 117قناطر الخيرات واجبا في أموال الأغنياء حكمة أ لف بها بين قلوبهمالأبدان ،وجعلها ح قا لتبعثها على التعاون في إدراك مطلوبهم ،ونيل محبوبهم. وينحصر الحديث عن الزكاة في خمسة أبواب: الأول :في فضل الزكاة ،ووعيد تاركها. الثاني :في أنواع الزكاة ،وأسباب وجوبها. الثالث :في أدائها ،وشروطها الباطنة والظاهرة. الرابع :في قابضها ،وشروط استحقاقها وآداب قبضه. الخامس :في صدقة التطوع ،وآداب أخذها وإعطائها. ويذكر المؤلف أن الزكاة قنطرة الإسلام وطهارة للعبد عن الآثم ،قرن االله 4 تنبيها على أنهما من أعظمفرضها بالصلاة ،وأفردهما بالذكر عن سائر الخيرات، القربات ،فقال تعالى] ﴾ e d c b a ` _ ^ ﴿ :المزمل.[٢٠ : والقنطرة السادسة هي »قنطرة الحج« .يقول المؤلف :اعلم أن االله سبحانه فرض الحج على كل من استطاع إليه سبيلا بعد استقرار سائر الفروض على الأبدان والأموال ،فكان في سفر الحج تذكير لسفر الآخرة ،وما هنالك من الأخطار والأهوال ،فكان الحج من بين أركان الإسلام ومبادئه عبادة العمر وختام الشرع بما يقتضيه وبه كمال الدين وتمامه إذ فيه أنزل االله سبحانهK ﴿ : ] ﴾ U T S R Q P O N M Lالمائدة.[٣ : وتشتمل هذه القنطرة على ثلاثة أبواب: الباب الأول :في فضائل الحج ،وفضائل مكة والبيت ،وفضيلة المقام بها، وفضل المدينة ،وشروط وجوب الحج. الباب الثاني :في أعماله الظاهرة على الترتيب .من مبدأ السفر إلى الرجوع. الباب الثالث :في آدابه الدقيقة ،وأسراره الخفية ،وأعماله الباطنة. مائة كتاب إباضي118 ويعرض المؤلف الجهاد هنا باعتبار ارتباطه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنه القطب الأعظم في الدين ،وهو أهم الأهداف الذي بعث االله من أجله النبيين أجمعين ،إذ لولا ذلك لطوي بساط الديانة ،وعمت الفتنة وفشت الضلالة ،وشاعت الجهالة ،وخربت البلاد ،وهلكت العباد. تقربا بها وقد كان السلف الصالح من المسلمين يبيعون أنفسهم وأموالهم إلى رب العالمين ،فيخرجون مجاهدين في سبيل االله ،ولا يخافون لومة لائم في ذات االله. منفردا من بين الخلق بإحياء فريضة فمن سعى في إحياء هذه الفريضة كان أفضى الزمان إلى أماتتها. ويعرض المؤلف هذه القنطرة في خمسة أبواب: أحدها :في فضل الجهاد. والثاني :في فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والثالث :في أركانه وشروطه. والرابع :في بيان المنكرات المألوفة في العادات. والخامس :في أمر الأمراء والسلاطين بالمعروف ونهيهم عن المنكر. ثم يعرض المؤلف بعد ذلك القناطر الآتية: القنطرة السابعة :قنطرة التوبة. القنطرة الثامنة :قنطرة الدنيا. القنطرة التاسعة :قنطرة الخلق. القنطرة العاشرة :قنطرة الشيطان. ويستكمل المؤلف استعراض باقي القناطر في الجزء الثالث من كتابه ،فيذكر: القنطرة الحادية عشرة :قنطرة النفس. 119قناطر الخيرات القنطرة الثانية عشرة :قنطرة العوارض. القنطرة الثالثة عشرة :قنطرة الخوف والرجاء. القنطرة الرابعة عشرة :قنطرة العبادة. القنطرة الخامسة عشرة :قنطرة القوادح في الطاعات. القنطرة السادسة عشرة :قنطرة الحمد والشكر. القنطرة السابعة عشرة :قنطرة الاجتهاد مخافة سوء الخاتمة ،وذكر الموت والقبر ،وما بعد ذلك من أمور الدنيا. 120 ìÉ````°†`jE’G ) »NÉa°ûdG »∏Y øH ôeÉY ï«°ûdGت ٧٩٢ه١٣٨٩/م( مكتبة مسقط سلطنة عمان ،ط١٤٢٥ ،٥ه٢٠٠٤/م. عدد الصفحات :ج ٦٩٩ :١صفحة ج ٦٥٠ :٢صفحة ج ٦٤٢ :٣صفحة ج ٦٢٤ :٤صفحة مؤلف الكتاب هو أبو ساكن عامر بن علي بن عامر بن سيفاد الشماخي، وكلمة »سيفاد« كلمة بربرية معناها المضيء أو المنير .وكلمة »شماخي« نسبة إلى جبل شماخ ،وهو ربوة مرتفعة تقع في أرض الرياينة الآن .و تنسب إليها مقرا لها ثم انتقل إلى )يفرن(. أسرة الشماخي لأنها كانت  نشأ الشماخي في أسرة مشهورة بالصلاح والتقوى ،فتأثر بها منذ صغره، متعلما فقد كان جده الأعلى قد عمر طويلا ،وقضى كل حياته في جبل نفوسة ومصلحا. ومعلما وكانت الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في زمن الجد غير مستقرة في القرن الثامن /الرابع عشر بجبل نفوسة .فكان الشيخ علي جد عامر »يعدي القوافل من اللصوص والمحاربين .ويخبرنا عامر نفسه في مقدمة كتاب: »الإيضاح« بذلك. لكن رغم ذلك فقد استطاع أبو موسى عيسى الطرميسي )٧٢٠ه١٣٢١/م( أن يحرص على إحياء ما اندرس ،وذلك بالاقتداء بمؤسس نظام العزابة بالمغرب أبي عبد االله ابن بكر الفرسطائي )٤٤٠ه١٠٤٩/م( فأسس مدرسته همهالشهيرة ،وطبق فيها نظام التعليم كما طبقه أبو عبد االله من قبل ،وكان همها مد الأكبر إلى جانب إحياء ما أسسه الأول بعث حركة علمية جديدة 121الإيضاح المدرسة الإباضية بعطاء علمي زاخر يستفيد مما سبق ويضيف إليه ما تحتاج إليه المجموعة الإباضية لتحافظ على كيانها أمام محاولات الاستئصال التي تخرج انتابتها من هنا وهناك ،ولقد تحقق للشيخ الطرميسي ما كان يصبو إليه إذ أجل علماء الإباضية ،هما :الشيخ الجيطالي على يديه عالمان من )٧٥٠ه١٣٤٩/م( وعامر الشماخي هذا. وسنة وقد تلقى عامر الشماخي تعليمه الأولي في مدرسة »البخابخة« قرآ نا ومتو نا ،والتحق بعدها بمدرسة الشيخ الطرميسي .وبعد أن نهل من هذا المحيط الإيماني الزاخر بالعلوم الإسلامية والتجربة العلمية إذ طلبة هذه المدارس يأخذون عن شيوخهم ويشاركونهم في التدريس والتأليف والسهر على شئون الأمة في إطار نظام الحلقة الذي يسوس المشرفون عليها جميع أمور الأمة. وكون مدرسته الشهيرة التيوبعد أن أتم دراسته رجع إلى بلده )يفرن( ، لا تزال مبانيها باقية إلى اليوم ،ولا يزال المسجد على حاله التي كان عليها في عهده في القرن السابع الهجري ،بعد أن رتب المدرسة وأسند تدريس المواد إلى بعض المشايخ من زملائه وطلابه الكبار ،وأسند إدارتها إلى من يثق في كفاءته منهم. ثم انتقل الشماخي إلى مدرسة )مزغورة( ،وتعاون مع صديقه أبي عزيز في تنظيم المدرسة وأقسامها الداخلية ،ولما انتظمت فيها الدراسة وسارت على منهج ثابت ترك إدارتها إلى بعض طلابه الكبار ،وانتقل إلى )ميتيون( وأسس وتخرج هناك مدرسة عامرة ،وبقي بها ثلاث عشرة سنة حتى عمرت المدرسة من طلابها من يقوم بأمرها .وأحس الشيخ بالحنين إلى مسقط رأسه )يفرن(، فرجع إلى بلده واستقر في مدرسته ومسجده يوالي العمل حتى توفي في )٧٩٢ه١٣٨٩/م(. والمدرسة في المحيط الإسلامي هي المسجد حيث محور حياة الأمة؛ مائة كتاب إباضي122 لذلك فشيخها والمشرف عليها هو قطب الرحى في الفتوى والتوجيه والإصلاح بين الناس وفض الخصومات ،وما إلى ذلك من الشئون الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ،ومن ذلك أن منطلق مواسم الزرع والحصاد وما إلى ذلك لا تطلق إلا بإذن شيخ المسجد. ويأتي كتاب» :الإيضاح« على رأس مؤلفات الشماخي بجانب كتاب: »الديانات« وقصيدة» :في الأزمنة«. »الديانات« أن طلبته قد أحسوا أن كتاب» :الإيضاح«وسبب تأليفه لكتاب ف الفقهاء تصدير كتبهم به على أساس أن الفرع لا يفهمينقصه الباب الذي أ ل إلا بأصله ،وهو باب العقيدة ،لذلك طلب منه أحد تلاميذه أن يكتب في هذا »الديانات« ،وهو مختصر في غاية الاختصار أثبتالفن ،فلبى طلبه وجاء كتاب فيه عقيدة الإباضية الوهبية. »الديانات« قائلا» :وإنما جاء اختلاف الناسويبدأ الشماخي هذا الكتاب من ق بل تسعة أصول ،وهي :التوحيد ،والعدل ،والقدر ،والولاية ،والبراءة، والأمر والنهي ،والوعد والوعيد ،والمنزلة بين المنزلتين ،وألا منزلة بين المنزلتين ،والأسماء والأحكام«. »الديانات« ،لأن صاحبه يبدأ كل وسمي بكتاب :وهكذا اتضح مضمونه ، معتقد بقوله ندين ،مثل» :ندين بأن االله واحد ليس كمثله شيء في صفة ولا في ذات ولا في فعل«. أما قصيدة» :في الأزمنة« فهي منظومة في حساب الشهور والفصول. ويأتي كتاب» :الإيضاح« في مقدمة مؤلفات الشماخي ،ويبدأ مؤلفه ببيان هدفه من تأليف هذا الكتاب قائلا» :فإنه قد دعاني إلى إيضاح ما أ لفت في هذا الكتاب من مسائل الصلاة ووظائفها بجميع الأسباب ،وما عليه عولت إن 123الإيضاح شاء االله وقدر سلامة وأعان على هداه مما قد اعتنيت به وأ لفته ،من أقوال أصحابنا )الإباضية( خاصة جمعته ،بدلائل مسموعات مستندات ،وقياسات مستنبطات مستخرجات ،طلبي لمرضاة االله تعالى وابتغاء ما عنده لا لشيء ومتبعا سبيل من سلك هذه الطريقسواه .وأن أكون في ذلك عو نا للمتعلمين، من صالح المؤمنين؛ لأن االله تعالى قالÆ Å Ä Ã Á À ¿ ﴿ : ] ﴾ È Çالمائدة.«[٢ : ثم يقول مبي نا منهجه في التمييز بين المواقف» :ولنقل في كل موضع قلت في كتابي هذا فعندي ،واالله أعلم أن سبب اختلافهم أو الع لة كذا وكذا أنه عندي في غالب الظن لا بمعنى علم مسموع قد ثبت واستن ،وكذلك إذا قلت: والدليل كذا وكذا وإن العلة كذا وكذا ،فإنما هو في الأكثر استدلال واعتلال أسى«. مني لا من صاحب القول الذي على طريقته يبدأ الجزء الأول من »الإيضاح« بباب »في إيضاح الصلاة بدلائلها وجميع وظائفها المعلقة بأصولها ومسائلها«. ويبدأ باب في »أدب الإنسان« و»الاستنجاء بالماء« ،ثم ينتقل إلى باب والسنة والإجماع. »الوضوء« ويذكر أنه فريضة ،والدليل على فرضه الكتاب أما الكتاب فقوله تعالى' & % $ # " ! ﴿ : ( ) * ﴾ ]المائدة [٦ :يعني :إذا أردتم أن تقوموا إلى الصلاة وأنتم محدثين؟«. السنة فما روي عن طريق ابن عباس ^ أن النبي ‰قال» :لا إيمانوأما  لمن لا صلاة له ،ولا صلاة لمن لا وضوء له ،ولا صوم إلا بالكف عن محارم االله« .وما روي أنه قال » : ‰لا صلاة بغير طهور«. وأما الإجماع فإنه لم ينقل إلينا عن أحد من المسلمين في ذلك خلاف .وأما من يجب عليه فإنه يجب على كل من لزمه فرض الصلاة ،وهو البالغ العاقل. مائة كتاب إباضي124 النية ،ويرى أن النية شرط في صحة الوضوء،ثم يتناول الشيخ عامر مسألة والدليل قوله تعالى] ﴾ o n m l k j i h ﴿ :البينة .[٥ :وما روي أن النبي ‰قال» :إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى« أراد حصر الأعمال إلى النيات وإبطالها بغير نية. ثم يعرض الشماخي أركان الوضوء :من التسمية ،وغسل البدن ،والمضمضة، والاستنشاق ،وغسل الوجه وغيرها ،ثم ينتقل إلى أحكام المياه. ويص نف الشماخي المياه إلى ثلاثة :ماء مضاف إلى مكان قائم فيه ،وماء مضاف إلى شيء واقع فيه ،وماء مضاف إلى شيء خارج منه. فالمضاف إلى مكان قائم فيه مثل ماء الأمطار ،وماء العيون والآبار ،وماء البحار ،فقد أجمع العلماء أن هذه المياه تزيل النجاسات وترفع الأحداث. وإضافتها إلى المكان لا يسلبها حكم التطهر ولا يخرجها عند الإطلاق؛ لأنها لا بد لها من مكان. والثاني :عن الماء المضاف إلى شيء واقع فيه ،والواقع فيه على وجهين: جميعا ،وإما طاهر يسلبه حكم التطهرإما نجس يسلبه حكم الطهر والتطهير وغيرت أوصافه أنه نجس،فقط .اتفق العلماء في الماء إذا خالطته نجاسة غيرت إحدى أوصافه ،قال بعضهم :نجس ،وقال آخرون :حتىواختلفوا إذا غير لونه وطعمه ورائحته.تجتمع الأوصاف الثلاثة ،وبعضهم قال :إلا ما ويفضل الشماخي القول الأول. ويتناول الشماخي موضوع »غسل الجنابة« ويشير إلى أن غسل الجنابة فرض ،والدليل على فرضه قوله تبارك وتعالى﴾ 6 5 4 3 ﴿ : جميعا .وإنما يهلك بتركه عند خروج ]المائدة [٦ :وهو فرض للصلاة والصوم وقت الصلاة ،وأما قبل الصلاة ففرضه واسع. 125الإيضاح كما يعرض الشماخي في هذا الجزء لموضوع »الحيض« .ويشير إلى أن الأصل في هذا الباب قوله تبارك وتعالى﴾ v u t sr q p ﴿ : حيضا إلا الدم الفائض من]البقرة [٢٢٢ :والحيض في اللغة الانفجار ،ولا يكون حيضا حتى يفطر ،ومنهم من يقول حتىالفرج ،وفي الأثر :ولا يكون الدم يفيض قليلا كان أو كثيرا. ثم عرض أحكام الحيض والاستحاضة ،وأنواع الدماء ،وغيرها من المسائل. ثم انتقل الشماخي إلى باب »التيمم« .وقد اتفق العلماء أن التيمم بدل من الطهارة الصغرى ،واختلفوا في الكبرى ،والقول الذي يأخذ به الشماخي ويعتمد عليه هو قول أصحابه )الإباضية( إن هذه الطهارة بدل من الطهارتين تكون بدلا من الصغرى ،وتكون بدلا من الكبرى .والدليل قوله تبارك وتعالى! ﴿ : " ] ﴾ ' & % $ #المائدة .[٦ :وذكر في ابتداء الآية أنواع الطهارة بالماء فلما قال] ﴾ = < ; : 9 8 ﴿ :المائدة [٦ :أراد أن تقوم طهارة التيمم مقام الطهارة بالماء. ثم عرض مسألة النجاسات وما يتعلق بها ،حيث إن غسل النجس واجب لأجل الصلاة؛ لأنه مأمور أن لا يصلي إلا بثوب طاهر ،وجسد طاهر ،وعلى موضع طاهر ،ويسعه جهل ذلك كله ما لم تحضر الصلاة ،فإذا حضرت فلا يسعه أن يخرج الوقت إلا صلى كما أمر ببدن طاهر وثوب طاهر على بقعة طاهرة ،والدليل على هذا من الكتاب قوله تعالى] ﴾ § ¦ ﴿ :المدثر.[٤ : والذي يستحب عند أهل المعرفة أن يحفظ الإنسان نفسه وثيابه من النجاسة ما قدر عليه ،وإن نجس له شيء عجل بغسله عند وجود الماء ،أو بالمسح في البدن عند عدم الماء ،ولا ينام الرجل مع نجاسة في ثوبه أو في فراشه أو في موضع رقاده أو في بدنه ما قدر لئلا يجده الموت على غير طهارة. وأعظم من هذا النائم بالجنابة؛ لأن الأرواح إذا خرجت من الجسد عند مائة كتاب إباضي126 النوم عرجت حتى تنتهي إلى العرش فتسجد لرب العالمين إلا روح صاحب الجنابة ف ترد من باب السماء. وإن وصل النجس إلى شيء من ماله من جميع المنتقل ما ل ه روح وما ليس له روح ،وأراد أن يبيعه فإنه يبيعه حتى يخبر به المشتري بأنه نجس ،وإن لم يخبره فهو عيب وغش يرد به .إلا ما كان من مواضع النجس في الإنسان والبهائم فإنه ليس بعيب ،وليس عليه أن يخبره به لأنه معروف ،ورخص بعضهم إذا كان النجس في موضع ليس فيه ضرر من الأطراف مثل القرن وغيره عيبا عند البيع في المواضععيبا ،وكذلك في الدور يكون النجس أن لا يكون التي يحتاج فيها إلى نفعها واستعمالها. ولا يستحب للإنسان أن يعامل النجس بيده ما دام يجد غير ذلك ،وكذلك ثيابه على هذا الحال إلا عند الضرورة ،ولا يحل له أن ينجس أشياء الناس لأن بالحلذلك ضرر والضرر لا يحل ،وإن نجسها فعليه الخلاص من تباعة ذلك أو بالعزم. ويعرض المؤلف في كتابه الصلاة ووظائفها .والأصل في هذا الباب قوله تعالى] ﴾ y x w v u t s ﴿ :النساء ،[١٠٣ :وهي معروفة عند المسلمين ،وقد بينها رسول االله ژ جعل لكل صلاة وق تا .وأن الوقت المختار من هذه الأوقات أول الأوقات .فالمستحب أول الوقت .وقال بعضهم: يستحب تأخير وقت الظهر في وقت الحر الشديد إلى الإبراد ،وكذلك العتمة عندهم يستحب تأخيرها. ويستكمل المؤلف في الجزء الثاني من الكتاب الحديث عن الصلاة، فيحدد كيفية اتخاذ الوطن ،حيث إن الصلاة في الوطن هي صلاة كاملة ،أما الصلاة خارج الوطن ينطبق عليها صلاة القصر والجمع. واتخاذ الوطن يكون بالنوي ويكون باللفظ ،ونزعه لا يكون إلا بالنوي 127الإيضاح جميعا ،والفرق بين أخذ الوطن ونزعه عند الشماخي :أن نية أخذ الوطنواللفظ ونية الترك أضعف من نية الفعل ،لأن ونية نزعه نية ترك ، إنما هي نية فعل ، الترك عند بعضهم ليس بفعل؛ ولذلك كانوا يعضدونها بالقول حتى تقوم نية أخذ الوطن التي هي نية فعل ،وقيل :إنه ينزعه بالنوى ،كما كان يأخذه بالنوى. ولا ينزع الرجل وطنه حتى يتخذ لنفسه وط نا آخر ،إلا إن كان له أوطان متفرقة ،فإذا نزع وطنه فإنه يصلي صلاة المقيم في الموضع الذي نزع منه خارجا من الأميال. وطنه ،ما لم يقصر منه الق ران في الصلاة لمعان معلومة:ويجوز أحدهما :السفر لعلة التخفيف ،وقد كان علماء الإباضية يقولون :الجمع في السنة. السفر إحياء  والثاني :السحاب إذا غطت السماء وحال الغمام دون المواضع التي يصل قياسا على السفر؛ لأن علة الجمع في السفرفيها إلى معرفة أوقات الصلاة التخفيف من المشقة التي تلحق المسافر. أما صلاة الخوف ،فالأصل فيها قوله تعالى% $ # " ! ﴿ : &'()*0/.-,+ :987654321 ;< = > ? @ G F E D C B A W V U T S R Q P O N M L K J IH ] ﴾ b a ` _ ^ ] \[ Z YXالنساء.[١٠٢ : أما سجود السهو في الصلاة ،فهما سجدتان سنة سنهما رسول االله ژ ،وهما من تمام الصلاة ،وهما سجدتان يعظم فيهما كتعظيم الصلاة ،في كل سجدة قياسا على سجدتي الصلاة ،ثم يسلم كما يسلم من الصلاة.ثلاث تعظيمات مائة كتاب إباضي128 وهما يجبان على كل من وجبت عليه الصلاة ،ويجبان على الإمام والمأموم ،فإذا وه م الإمام سجدهما وحده ،إلا أن وه م المأموم معه يسجدهما أيضا وحده ،لأن السجود إنمامعه ،وإن وهم المأموم دون الإمام سجدهما يجب على من وه م. وعرض المؤلف تحت باب الصلاة :نواقض الصلاة ،والقضاء في الصلاة، وصلاة الوتر ،وركعتي الفجر ،وسجود التلاوة ،وقيام رمضان وصلاة العيدين وصلاة الكسوفين ،وكلها من صلوات الفروض ،أما صلاة النوافل فهي مر غب فيها لقوله ژ » :الصلاة خير موضوع؛ فمن شاء فليقلل ومنصلوات شاء فليكثر«. وصلاة النوافل إنما تصلى ركعتين ركعتين ،ويفصل بينهما بالتسليم. وشروط النوافل هي بنفسها شروط الصلاة المكتوبة :من الطهارة ،واستقبال القبلة ،والثياب الطاهرة ،والقيام فيها ،وغير ذلك من جميع الشروط. وتحدث فيه عن حقوق الأموات علىويتناول المؤلف موضوع الجنائز، الأحياء وأول ذلك يستحب أن يلقن الميت عند الموت الشهادة ،شهادة »أن لا إله إلا االله«. وغسل الميت واجب قبل دفنه على من حضره لقوله » : ‰اغسلوا موتاكم« .وغسل الميت فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، والواجب من ذلك غسلة واحدة والمستحب ثلاث غسلات. يغسل الميت ،فإنهم اتفقوا على أن الرجال يغسلونأما من يجوز له أن  الرجال ،والنساء النساء ،واختلفوا في المرأة تموت مع الرجال ،والرجل يموت مع النساء ،ما لم يكونوا زوجين .قال بعضهم :يغسل كل واحد منهم صاحبه فوق الثياب ،أعني الرجال المرأة ،والنساء الرجل ،وقال قوم :يتيمم كل واحد منهم لصاحبه؛ لأن الغسل فيه وثوقة من مخافة الإنجاس. 129الإيضاح ثم عرض أكفان الموتى ،وصلاة الميت ،وصفة الصلاة عليه ،وشروط صلاة الميت ،وختم هذا الموضوع بدفن الأموات وكيفيته. ثم انتقل إلى موضوع الزكاة .والزكاة فريضة واجبة من التنزيل مقرونة بالصلاة، وقد بين رسول االله ژ قسمتها وما تجب فيه من الأموال ،وكم تجب ،ومن كم والسنة والإجماع. تجب ،ومتى لا تجب ،والدليل على وجوبها من الكتاب  وقد أجمع العلماء على أن الزكاة تجب في أربعة أنواع من الحبوب :وهي الحنطة ،والشعير ،والتمر ،والزبيب ،واختلفوا فيما سوى ذلك من الحبوب، ونوعين من المعدن وهما :الذهب ،والفضة ،واختلفوا فيما سوى ذلك من المعمول ،وثلاثة من الحيوان ،وهي :الإبل ،والبقر ،والغنم. أما من كم تجب الزكاة في الحبوب ،فإنها لا تجب فيما دون خمسة أ و ساق. والوسق معروف :ستون صا عا ،والصاع :أربعة أمداد ،والمد :رطل وثلث. أما متى تجب زكاة الحبوب ومتى لا تجب ،فإنهم اختلفوا في ذلك :قال بعضهم :إذا دخلها الإدراك ولو أقل القليل ،وقال بعضهم :لا تجب فيها الزكاة حتى يدرك منها مقدار خمسة أوساق ،وقال بعضهم :لا تجب الزكاة إلا فيما أدرك دون ما لم يدرك. وقد أجمعوا :أنه لا تجب فيها الزكاة قبل بدء الإدراك ،فإجماعهم على هذا يقضي على اختلافهم :أن علة وجوب الزكاة الإدراك ،فمتى لم تدرك فهي علف تمرا .والزكاة إنما وجبت في الحبوب والتمر لا في العلف.لا تسمى ح با ولا العشر .وشروطها ثلاثوالذي يجب عليه في زكاة الذهب والفضة ربع الم لك ،واستكمال الحول. خصال :استكمال النصاب ،واستقرار وبعد أن ينهي المؤلف الحديث عن الزكاة ومسائلها ينتقل إلى الصوم. ويقسم الصوم إلى قسمين :واجب ،ومندوب. مائة كتاب إباضي130 فالواجب ينقسم ثلاثة أقسام :واجب للزمان بعينه ،وهو صوم رمضان، وواجب لعلة؛ وهو صوم الكفارات .وواجب بإيجاب الإنسان ذلك على نفسه؛ وهو صوم النذر. أما صوم رمضان فإنه واجب على كل بالغ عاقل حاضر صحيح ،إذا لم تكن فيه الصفة المانعة من الصوم ،وهي دم الحيض والنفاس للنساء. والصوم من طريق اللغة :الإمساك ،ومن طريق الشرع :الإمساك عن المطعوم والمشروب ،ويجب على الصائم أن يصوم عن جميع المفطرات زمان الصوم. وزمان الصوم ،اتفقوا :أن آخره غروب الشمس ،واختلفوا في أوله، فالذي عليه المؤلف وأصحابه ،وهو قول الجمهور :أنه طلوع الفجر الثاني المستطير الأبيض. وأما المفطرات التي يجب على الصائم الإمساك عنها زمان الصوم ،منها الطعام والشراب ،واختلفوا في غير المطعوم والمشروب مثل الحصى والحديد وغير ذلك مما لا يؤكل. واختلفوا فيمن ق بل امرأته وهو صائم ،قال بعضهم :أفطر ،وقال آخرون :لم يفطر .واختلف الإباضية في الكذب المتعمد عليه ،قال بعض :لا ينقض الصوم، وقال بعض :ينقض. النية والإمساكأما الصوم المندوب ،فشروطه كشروط الصوم الواجب في عن المفطرات ،وجميع ما ينقض الصوم الواجب ينقض الصوم المندوب. والأيام التي يستحب فيها صوم المندوب يوم سبعة وعشرين من رجب، أيضا صيام يوم خمسة وعشرين من ذي الحجة ،واليوم الأول والتاسعويستحب ويستحب صيامأيضا صيام رجب ، ويستحب من ذي الحجة وهو يوم عرفة . ستة أيام من شوال ،وصيام التسع الأوائل من ذي الحجة ،وهن الأيام 131الإيضاح ويستحب صيام الأيام البيض من كل شهر ،وهن الثالث عشرالمعلومات . والرابع عشر والخامس عشر. ولا يصام ستة أيام من السنة :يوم الفطر ويوم الأضحى ،وأيام التشريق، وهن الثلاثة التي بعد يوم الأضحى ،واليوم الذي تشك فيه أنه من رمضان، وهو آخر يوم من شعبان .وأما صوم الدهر فقد نهانا عنه الرسول ژ قائلا: »لا صوم لمن صام الدهر« ولعل هذا من باب خشية الضعف والمرض. والسنة ،وشروط وجوبهوالحج واجب بشروطه بإجماع الأمة والكتاب منها :الاستطاعة؛ لقوله تعالى] ﴾ ¥ ¤ £ ¢ ﴿ :آل عمران [٩٧ :واختلف زادا وراحلة فقد وجب المسلمون في الاستطاعة ما هي؟ قال قوم :من وجد عليه الحج ،وقال آخرون :الاستطاعة :مال ،واحتمال ،وقال آخرون :الاستطاعة: صحة البدن ،وذلك مع الوجود لذلك .وسبب اختلافهم :هو اختلافهم فيما يدل عليه اسم الاستطاعة؛ ولذلك اختلفوا. ويختار المؤلف استطاعة السبيل :الزاد والراحلة ،وأمان الطريق مع كشف الآفات التي تحل بالجسم ويكون منها الموانع ،فإذا اجتمع لهم ذلك وجب عليهم الحج. ومن شروط الحج :البلوغ ،والصحة ،أي صحة الإسلام؛ لأن حج المشرك أيضا :ترك الجماع في الحج ،فإنغير صحيح بشركه .ومن شروط الصحة جامع فسد حجه ،وعليه حجة أخرى. ومن شروط الإحرام :الزمان والمكان .أما المكان :فهو الذي يسمى مواقيت الحج .وأما الزمان :الذي هو شرط في الإحرام بالحج ،فالأصل فيه قوله تعالى: ﴿ ! " ] ﴾ #البقرة [١٩٧ :ومجاز الآية :وقت الحج أشهر معلومات، وقد اختلف الناس في أشهر الحج ،فقال قوم :ثلاثة أشهر :شوال ،وذو القعدة، وذو الحجة .وقال آخرون :شهران وعشرة أيام ،وهي :شوال ،وذو القعدة ،وعشرة أيام من ذي الحجة ،وبهذا يقول المؤلف وأصحابه. مائة كتاب إباضي132 ومن الموضوعات التي يتطرق إليها المؤلف في الجزء الثاني موضوعات: الأيمان والكفارات ،والذبائح ،والحقوق. ومن الحقوق :حقوق الوالدين على أولادهما ،فهي فريضة ،وحقوق الولد على الوالدين ،وحقوق القرابة ،وحقوق اليتامى ،وحق المساكين ،وحقوق الجيران ،وحق ابن السبيل ،وحق المسلم على المسلم ،وحق الضيوف ،وحق السيد على عبده ،وحقوق المسجد. ويبدأ المؤلف في الجزء الثالث من الكتاب بموضوع البيوع والإجارات ومعرفة أنواعها ،ومعرفة أسباب الفساد وأسباب الصحة ،ومعرفة أحكام الصحيح منها والفاسد. والإجارات جائزة بين الناس ،للخبر الوارد عن النبي ژ أنه قال» :أعطوا الأجير أجرته قبل أن يجف عرقه«. والإجارات على ثلاثة أوجه :جائز ،وغير جائز ،ومختلف فيه .أما الإجارات غير الجائزة فهي أجرة كل منفعة كانت في شيء محرم العين ،وكذلك كل منفعة كانت محرمة بالشرع ،مثل أجرة الكهان والعراف والساحر ،وكل شيء من الملاهي والمنكرات. وبالجملة :كل أجرة عن جميع ما حرم االله لا تجوز ،فمن أخذها على ذلك عطي ،وإنعليه أن يرد ما أخذ ،وينفق مثله ،وكذلك من أعطاها ينفق مثل ما أ رجع إليه ما أعطي بنفسه فلينفقه أيضا. وكذلك لا تجوز أجرة كل منفعة كانت على الإنسان بالشرع ،مثل الصلاة ،والصوم ،والأذان ،وتعليم العلم كله ،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،والقيام بالحق كله من وصول الشهادات وأخذها ،وغسل الموتى وتكفينهم ومواراتهم. 133الإيضاح ومع ذلك؛ فإن الأذان اختلف العلماء فيه ،هل هو فريضة أم نافلة؟ وكذلك أيضا :الأجرة على وجه المراء لا تجوز ،ولا يجوز ذلك للمعطي ،ولا للآخذ مثل ما يتمارى الناس فيما بينهم من المسابقة بالخيل والإبل ،والقطع بالسيوف عمودا من موضع إلى موضع ،وأن حجرا أو والرمي بالسهام ،وأن يرفع رجل طعاما معروفا ،فلا يجوز أخذ الأجرة على شيء من هذا؛ لأنه من بابيأكل أكل أموال الناس بالباطل. ويستكمل المؤلف في الجزء الرابع بعض مسائل الأجرة ،ثم ينتقل إلى موضوع »الشركة« فيتناول المضاربة وشروطها ،وما يجوز منها وما لا يجوز، وإن اشترط المضارب الربح كله ،فهو ضامن لجميع المال ،وهذا دين إلا على قرضا ،وهما على الأمرقول من قال :لا يتحول القرض مضاربة ،ولا المضاربة الأول ،حتى يقبضه منه ،ويرده كما أراد ،فيكون ذلك إحسا نا من رب المال. رب المال فهذه بضاعة لرب المال ،ولا ضمان علىالربح كله  وإن اشترط رب المال على المضارب الضمان؛ أعني :ضمان المال كله المضارب .وإن اشترط  قرضا على المضارب والربح له بما ضمن.أو بعضه فالمضاربة فاسدة ،ويكون وللمضارب أن يشترط على رب المال أن يتجر في أجناس معلومة، وفي ضرب من التجارة معلوم ،وفي بلد معلوم ،وبلدان معلومة ،ولرب طا رسمه له ،فإنالمال عليه مثل ذلك من الشروط ،وليس له أن يتعدى شر تعدى كان ضام نا. كما عرض المؤلف لموضوع الشفعة .والأصل فيها قوله » : ‰الجار أحق بصقبه« .وقوله » : ‰الشفعة للجار ،ما لم تقم« فإذا قسمت وضربت الحدود فلا شفعة. وفي الأثر :الشفعة للجار الخليط دون الملاصق ،فإذا وقعت الحدود بين الشركاء فلا شفعة. مائة كتاب إباضي134 ويرى المؤلف أن أصل الشفعة لدفع الضرر ،وذلك أن أصل الشفعة على ما ذكره ابن قتيبة :كان الرجل في الجاهلية ،إذا أراد بيع منزل أو حائط أتاه الجار أو الشريك أو الصاحب ،فشفع إليه فيما باع ،فش فعه وجعله به أولى ممن شفيعا ،وجعل النبي ‰الشفعة ح قا وس مي طالبها فس ميت شفعة ، بعد سببه ، لقوم دون قوم ،من ذوي الأسباب. وفي الأثر :الشفعة تجب بوجهين :أحدهما :أخذها من الشريك ،والآخر: من المضرة ،ووجوه المضرة التي تجب فيها الشفعة :اشتراك الطرق والمراسي للدور والبيوت والفدادين ،إذا لم يكن طريق غيرها ،واجتماع الماء في الجسور والسدود. وأما البساتين والقصور والأسواق ،فليس في شيء منها شفعة ،إلا للشريك الذي لم يقاسم ،فليس تجب فيه الشفعة بالوجوه التي ذكرت من المضرات، فهذا يدل من قولهم إنهم ضعفوا الشفعة للجار في هذه المواضع؛ لأن الشفعة إذا كانت تجب للجار لدفع المضرة ،فالمضرة في هذه المواضع غير زائلة بالشفعة ،فإذا لم تكن زائلة بطلب الشفعة فيها إلا للشريك ،إذن ليس لهم في هذه المواضع مندوحة عن اشتراك المضرات. أما الهبة ،فهي جائزة لقوله » : ‰لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة نفسه«؛ ولهذا قالوا :من وهب هبة بطيبة نفس كان للموهوب أخذها ،فهذا يدل على أن الهبة لا تحل إلا بطيبة نفس ،وقد أحال جوازها ‰إلى طيبة النفس ،فمتى لم تطب نفس بها فهي غير جائزة ،ولا يغني عنها اللفظ ،لكن ذلك إنما يعرف بالدلائل والقرائن. أما الهبة لغير الثواب ،فهي التي لم يتبين سبيلها ،فلا خلاف في جوازها، وإنما اختلفوا في أحكامها؛ وذلك أن بعضهم قال :الهبة لا تصح إلا بالقبول والقبض ،والحجة في ذلك لهم أن أبا بكر 3وهب لعائشة #نخلا كان في 135الإيضاح المدينة ،فلما حضرته الوفاة جعله ميراثا ،فتكلمت فيه عائشة ،فقال لها أبوها: يا بنية إنك لم تقبضيه ،وإنه الآن للورثة«. وقال بعضهم :تجوز الهبة بلا قبض ولا قبول ،وقال البعض :تجوز بالقبول وإن لم تقبض. ويختم المؤلف الجزء الرابع من كتابه بموضوع الوصايا .والوصية للأقرب واجبة على كل إنسان بالغ صحيح العقل إذا كان له مال يوصي به ،والدليل على وجوب ذلك قوله ¶ μ́ 3 2 ± °̄ ® ﴿ : 8 ̧ ] ﴾ ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4» o 1البقرة [١٨٠ :والخير هنا فلما بين االله في سورة النساء ميراث الوالدين ،فكانت وصيتهما منسوخةالمال ، وثبتت وصية الأقربين على حالها. وإذا أراد الرجل أن يكتب وصيته فليقل :هذا ما أوصى به فلان ابن فلان الفلاني في صحة من عقله وجواز من أمره :أوصى وهو ممن يشهد أن لا إله محمدا عبده ورسوله ،وما جاء به محمد ژ هوإلا االله وحده لا شريك له ،وأن الحق من عند االله ،وأوصي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وبر الوالدين فجارا ،وصلة الرحم ،وحق الجار ،وما ملكت اليمين ،والقيامأبرارا كانا أو بالحق ،وأن يطاع االله ولا يعصى ،وأن يذكر ولا ينسى ،ثم يوصي للأقرب وما عليه من تبعات الناس وما يجب عليه بينه وبين االله ،مثل الزكاة والحج والعتق والكفارات وما أشبه ذلك ،ثم يوصي بما أراد أن يوصي به ،ولاحتياط ما عليه مما لم يتيقن. 136 ¬H πNCG Ée ΩÉaJEG »a IÉ≤àæadG ôgGƒédG äÉ≤Ñ£dG ÜÉàc ) ...OGôÑdG o«gGôHEG øH o°SÉ≤dG ƒHCG ï«°ûdGت ٨١٠ه١٤٠٧/م( طبعة حجرية بارونية ،القاهرة مصر١٣٠٢ ،ه١٨٨٥/م عدد الصفحات ٢٣٩ :صفحة البرادي هو أبو الفضل أبو القاسم بن إبراهيم البرادي بن سليمان بن دمر ،والبرادي لقبه الذي اشتهرت بهالدمري ،نسبة إلى إبراهيم بن أبي عمران أسرته )٨١٠ - ٧٢٠ه١٤٠٧ - ١٣٢١/م(. موطنه :جبل دمر سلسلة جبلية تمتد من جنوب طرابلس إلى جنوب قابس، وهي امتداد لجبل نفوسة ،ويطلق على سكانها :أيت دمر. وتأتي أخبار أسرة البرادي وعلى رأسها أبو القاسم التي كان لها الدور الفعال في تثبيت الإباضية هنالك .وبانقراض البراديين انقرض المذهب من هناك ،ويعتبر العدالي أن البراديين عايشوا الطور الثالث من أطوار الإباضية بجبل دمر ،وهو طور التقلص والانقراض. نشأ البرادي في حدود ٧٢٠ه١٣٢١/م بجبل دمر ،وقد تأصل الإباضية فيه من وقت مبكر فنهل مما بقي في المحيط من علوم هي حفظ القرآن الكريم والسنة الشريفة ،ومتون العقيدة ،والفقه ،واللغة ،وما إلى ذلك .ولم تشر المصادر عمن أخذ هناك ،وهي عادة فئة من المؤدبين ،لا يخلو منها محيط من المحيطات الإسلامية يحافظ على كيانه ،قادرة على تزويد الناشئة بهذه الأسس الأولية في العلوم الإسلامية. 137الجواهر المنتقاة في إتمام ما أخل به كتاب الطبقات ورحل البرادي في طلب العلم عندما أفل نجم دمر ،ولم يجد فيها ما يشفي غليله من العلوم ،فيمم نحو معقلين من معاقل العلم عند الإباضية وهما جبل نفوسة وجزيرة جربة ،وإن قدم الشماخي جبل نفوسة فالقرائن تجعل أن الرحلة إلى جربة متقدمة ،ومهما يكن من أمر فالثابت أنه نهل من الموطنين. في جربة :قرينتان تدفعان إلى أن نعتبر أن الابتداء بجربة أقرب إلى الواقع، فالجزيرة أقرب من حيث المسافة من جهة أولى ،وللشيخ »يعيش« الذي قصده البرادي صلة بجبل دمر. وما من شك في أن أبا القاسم كان يتردد على المدارس العلمية بجربة مدرسة الجامع الكبير ،وقد كانت عامرة بإسماعيل بن موسى الجيطالي )٧٥٠ه١٣٥٠/م(. وحط الرحال بمدرسة جامع وادي الزبيب ،وهي مدرسة ناشئة في عنفوان منافستها للمدارس الأخرى؛ لأنها أسست من أجل شيخه »يعيش« قرب مسكنه وربحا للوقت إذ المسافة بين بحومة جعبيرة لتخفيف عناء التنقل اليومي كيلومترا .فكان أبو القاسم باكورة عطاء هذه الجامعين تقارب خمسة عشر المدرسة النامية التي نافست بسرعة بقية المدارس خاصة عندما استقر بها أبو القاسم بعد حين. والراجح أن تكون هذه الإقامة لطلب العلم بجامع وادي الزبيب في حدود )٧٤٠ه١٣٤٠ /م( إذ كانت وفاة »يعيش« شيخه في حدود سنة )٧٥٠ه١٣٥٠/م( أما »يفرن« بجبل نفوسة فهي مدينة كبرى منبسطة على الجبل .والمنطقة التي تقع فيها هذه المدينة تعتبر من أجمل مناطق الجبل أرضا ،وأجودها تربة ،وألطفها هواء ،وأعذبها ماء.وأخصبها في هذا المحيط الآمن الذي يقع شرقي جبل نفوسة في المدرسة التي أسسها عامر الشماخي )٧٢٢ه١٣٢٢/م( ،وحط أبو القاسم الرحال لينهل مما مائة كتاب إباضي138 أوتي الشماخي من علوم أبرزها تضلعه في الفقه ،وكتابه» :الإيضاح« يشهد بذلك إذ يرمز إليه ب »الكتاب« في المؤلفات الفقهية التي جاءت بعده في المغرب والمشرق. وأقام البرادي في هذه المدرسة على مسلك الإباضية في نظام الحلقة الذي يجمع المتعايش فيه بين التضلع في مختلف فنون العلوم الإسلامية ،وبين اكتساب الأخلاق الفاضلة القائمة على الانضباط المحكم ،ولولوع البرادي بهذه التجربة التربوية حرص على نقلها فيما بعد في كتابه» :الجواهر«. ورجع البرادي إلى بلده في أواخر العقد الخامس من القرن السابع الهجري/ ملائما الثالث عشر الميلادي لينشر ما وهبه االله من علم ،لكن المحيط لم يكن ولا يمكن من بعث ما اندرس ،وقد طغى التيار المالكي على هذه الربوع. لذلك ما إن توفي شيخه يعيش بعد سنة )٧٥٠ه١٣٥٠/م( حتى انتدب للاضطلاع بجميع مهام مدرسة جامع وادي الزبيب ،حيث استقر نهائ يا هناك. وعرفت الجزيرة زمن شباب أبي القاسم أحداثا جمة ،ذاك أنها ظلت تتراوح بين أيدي الحفصيين والمرينيين والنصارى ،فكان المساكين )أهل جربة( بين نارين ،سيطرة النصارى المحتلين لأرضهم من جهة ،ومطالبتهم من طرف الحملات الحفصية بدفع الخراج للدولة على حد عبارة محمد المرزوقي )١٤٠٢ه١٩٨١/م( محقق كتاب» :مؤنس الأحبة«. وظلت جربة على هذه الحال إلى أن انتزعها أبو العباس أحمد الثاني الحفصي )٧٩٦ - ٧٧٢ه١٣٧٥ - ١٣٧٠/م(. وقد كان لمدرسة جامع وادي الزبيب دور فعال في هذه الأحداث ،ذاك أن مؤازرا لبقية المدارسالجامع بني لغرض علمي ولغرض دفاعي ليكون الأخرى ،خاصة منها مدرسة الجامع الكبير وجامع تاجديت وجامع مدراجن 139الجواهر المنتقاة في إتمام ما أخل به كتاب الطبقات التي كانت قلا عا على الواجهة الشرقية ،بينما كان هذا الجامع على الواجهة الغربية ،مع العلم أنه بني في مكان استراتيجي في منخفض يبعد أقل من مسافة قصيرة عن أعلى نقطة في جربة ،وبسرعة تفطن له النصارى ،واعتبروه من المراكز الدفاعية المهمة. لم تذكر المصادر للبرادي مشاركة فعلية في هذه الأحداث ،لكن اكتفت بذكر دوره العلمي ،وما كانت مثل هذه الأحداث أن تفت في نشاط الحياة إذكاء. العلمية بالمدرسة ،بل كانت تزيدها وكان للبرادي دور فعال في حفظ نظام العزابة وعمل على تطبيقه والسهر عليه لما رأى فيه من فائدة عملية وعلمية ،وقد أعد الجامع لهذه المهمة ليأوي الطلبة من داخل الجزيرة وخارجها .ثم إنه كان إلى جانب التدريس والتأليف يشارك في حل المشاكل الاجتماعية إذ كان يحضر الاجتماعات الدورية التي يشرف عليها أسن الجماعة ،وهو الشيخ سعيد بن علي يأمون )٨٠٠ه١٣٩٧/م(. مولعا بجمع إن أبا القاسم زار وادي أريغ سنة )٧٧٦ه١٣٦٤/م( فقد كان الكتب ،ومثل هذه المهمة تقتضي التجوال والترحال ،وهو بذلك يكون قد مر بمن بقي من الإباضية عبر قسطيلية ،ووادي سوف ،ووارجلان ،عسى أن ينقذ ما يمكن أن ينقذ. تقريبا. وقد توفي البرادي في )٨١٠ه١٤٠٧/م( أما مؤلفاته فهي: ١ رسالة» :الحقائق وحدود العلوم الشرعية والاعتقادات« ،وقد حققها العدالي تحقيقا علم يا سنة ١٩٨٤م. وقد تضمنت مقدمة تطرق فيها للأوضاع الاجتماعية والسياسية ناع تا إياها بالاضطراب والوحشة ،ثم ب ين في عنصر أول آفات طلب العلم ،وبعد ذلك مائة كتاب إباضي140 عرض جملة الحقائق ،وهي في جملتها خمس مجموعات تتوزع بين علم الكلام ،وعلم أصول الفقه ،والفقه ،واللغة ،وفي الأخير تأتي الخاتمة قائمة على أسلوب رمزي تضمنت ما أسماه البرادي بالأقاليم السبعة. ٢ له في أصول الفقه :البحث الصادق والاستكشاف عن حقائق أسرار معاني كتاب »العدل والإنصاف« لأبي يعقوب يوسف الوارجلاني :يحتوي الجزء الأول من الكتاب )وهو الذي شرحه البرادي( مقدمة وتسعة أبواب: احتوت المقدمة تسعة مسائل أهمها معرفة الفقه وأصوله: الباب الأول :العلم واستعمال الاثنتي عشرة. الباب الثاني :أقسام العلوم ،وفيه ثلاثة عشر فصلا. الباب الثالث :القول في الروح والعقل ،وفيه ثلاثة عشر فصلا. الباب الرابع :في الأفعال ،وفيه فصلان. الباب الخامس :أقسام الأفعال في الشرع. الباب السادس :أحكام الخطاب. الباب السابع :الكلام ،ويحتوي عشرة فصول. وقد ب ين أن قصده من هذا الشرح تيسير ما عسر من هذا الفن على الطلبة. ٣ له في العقيدة والفقه :كتاب» :شفاء الحائم في شرح بعض الدعائم«، العماني )أو ابن النظر( )ق ٥ه١١/م(وكتاب» :الدعائم« تأليف ابن النضر منظومة تعليمية تضمنت ٤١قصيدة ،طبع ضمن مجموع سنة ١٤٠٠ه١٩٨٠/م. يقول الشماخي :وكتاب» :شرح الدعائم« لم يكمله ،السفر الأول إلى الطهارات وهو المتداول وجمع من الألواح من بعده إلى الزكاة. وهذه عناوين القصائد التي شرحها البرادي: الدعامة الأولى :في التوحيد. 141الجواهر المنتقاة في إتمام ما أخل به كتاب الطبقات الدعامة الثانية :في الحجة على الخلق ومعرفة الخالق من المخلوق ٧٠بي تا. الدعامة الثالثة :منظومة في خلق الأفعال ١٢٨بي تا. الدعامة الرابعة :في الرد على من يقول بخلق القرآن ٧٥بي تا. الدعامة الخامسة :في الوضوء والتيمم ١٦٠بي تا. شرح تعليمي تعرض للقضايا الكلامية المذكورة في المتن مع وقفة عند الطهارات ،مع الإلحاح على الشرح اللغوي .مع العلم أن البرادي استفاد من شرحين سابقين للدعائم :أحدهما :لابن وصاف )ق ٦ه١٢/م( ،والثاني: للرقيشي )ق ٩ه١٥/م( .وقد تناول كتاب» :الدعائم« بالشرح كل من أبي زكرياء الشماخي ،ومحمد أطفيش )١٣٣٢ه١٩١٤/م( بعد البرادي. ٤ »الأجوبة« :الجواب الأول :حول الإقرار والعطية ،ويقر فيه البرادي أمورا متعلقة بطريقة الحصول على الأموال .فالإقرار يعني الإشهاد أو الصدقة أو العطية باعتبارها طرقا مختلفة لتلقي الأموال .وقد تعرض فيها لقضايا سياسية واجتماعية واقتصادية مهمة. الجواب الثاني :الوصية وأحكامها ،وهي في الفرائض. الجواب الثالث :أثبت فيه كيفية إنفاق أوقاف المساجد. كتابا عنوانه» :جواب أهل الخلاف« ويذكر ٥ ويورد العدالي أن للبرادي أنه لم يطلع عليه .ويرجح من خلال العنوان أنه آخر تأليف البرادي. ٦ أما الكتاب الذي بين أيدينا فهو بعنوان» :الجواهر المنتقاة في إتمام ما أخل به كتاب الطبقات« )يعني طبقات الدرجيني(. معبر عن سبب التأليف ذاك أن البرادي لاحظ أنإن عنوان الكتاب الدرجيني تحاشى الوقوف عند أحداث الفتنة الكبرى؛ لأن ظروف بلاد الجريد لا تسمح بذلك؛ فتدارك هذا النقص لما لمسه من حاجة المجتمع الإباضي مائة كتاب إباضي142 لذلك ،خاصة في أوساط الطلبة والعلماء فيما يتعلق بالمسائل الخلافية ،وقد شجعه ذلك على الإقدام على هذا العمل الذي م ثل أول كتاب أ لفه بجبل دمر. وقد تضمن الكتاب مقدمة بها عناوين :الحمد والشكر ،وفضل العلم وشرفه ،وسبب تأليف الكتاب ،وفصول في سيرة الرسول ژ ،وخلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن وأهل النخيلة ،وجملة من مآثر أهل الطبقة الأولى ،ثم ذكر أهل الطبقة الثانية ،وأورد رسالة الإمام محمد بن »لمعا من سيرة الحلقة«، أفلح حول مسألة خلق القرآن ،ثم ذكر فصلا سماه: وأورد رسالة تآليف أهل المغرب والمشرق ،وختم بفصلين :الموت ،وعذاب القبر وأحواله. وقد عالج الكتاب جملة من المسائل السياسية والكلامية والفقهية واللغوية والاجتماعية والاقتصادية. والكتاب إلى جانب تحليله لأحداث الفتنة الكبرى من وجهة نظر الإباضية جمع وثائق نادرة من الأهمية بمكان: أ رسالة عبد االله بن إباض)٨٦ه٧٠٥/م( إلى عبد الملك بن مروان ،وهي من أقدم الوثائق التي وصلتنا بنصها ،وقد سكت عنها جميع المؤرخين من أمثال الطبري وغيره. ب رسالة الإمام محمد بن أفلح الرستمي )٢٨١ - ٢٦١ه٨٩٩ - ٨٧٤/م( في خلق القرآن ،وقد بين فيها حجج الإباضية النقلية والعقلية على أن القرآن كلام االله مخلوق .وقد ظلت هذه الرسالة عمدة الفكر العقدي عند الإباضية إلى يومنا هذا. ج لمع من سيرة الحلقة :اقتبس هذا النص من كتاب »طبقات الدرجيني« ،وتناوله بالتحليل مثب تا به جهود الإباضية في ميدان التربية والتعليم ونشر الدعوة. 143الجواهر المنتقاة في إتمام ما أخل به كتاب الطبقات وبين أنها رسالتان :واحدة د رسالة التآليف :وقد حققها عمار الطالبي ، مختصرة ،وثانية أوسع منها ،وقد ذكر فيها أسماء ما وصله وما سمع عنه من كتب إباضية المشرق وأهل جبل نفوسة وأهل المغرب .وقد ظلت هذه الوثيقة عمدة الباحثين في التراث الإباضي ولا تزال. ويفرق البرادي بين الحمد والشكر .ويذكر آراء الناس فيهما واختلافهم حولهما .فقال قوم :الحمد هو الشكر ،والشكر هو الحمد .وقال قوم :الحمد هو الثناء يقابل اللوم ،والشكر عرفا يقابل الكفر وهو الصحيح. فالحمد باللسان خاصة .والشكر باللسان والقلب والجوارح ،واختلفوا فيهما أيهما أعم وأيهما أخص ،فقال قوم :الحمد أعم والشكر أخص .ووجه هذا القول أن الحمد يكون ولو في غير النعمة .وقال آخرون :الشكر أعم؛ لأن الشكر يكون باللسان والجوارح والقلب ،والحمد باللسان خاصة ،وقوله» :الحمد الله الذي خلق السماوات والأرض« خبر بمعنى الأمر. ثم ينتقل المؤلف إلى الحديث عن فضل العلم ،فالعلم هو الذي يقود إلى السعادة الأبدية ورضاء االله سبحانه ،ولا ينال خير الدنيا والآخرة إلا بالعلم والآيات والأحاديث والآثار في فضل العلم أكثر. ويورد المؤلف اختلاف الناس في العلم الذي قال فيه رسول االله ژ » :طلب العلم فريضة على كل مسلم« فذهب أصحاب الكلام وأصحاب الفقه والمحدثين والمفسرين والمتصوفة وغيرهم إلى أن العلوم ثلاثة أقسام :علم التوحيد ،وعلم السر ،وهو علم القلب وما يتعلق به ،وعلم الشريعة .هذه الثلاثة مفروض طلبها. ويبدأ المؤلف حديثه عن الطبقة الأولى من العلماء ،وهي طبقة الرسول ، ‰ويأخذ بذكر جملة من صفات رسول االله ژ ،فيذكر أنه كان ژ ليس بالطويل البائن ولا بالقصير المتضامن ،ليس بالأمهق ولا بالأدم ،ليس بالجعد ولا بالسبط .بعثه االله على رأس أربعين سنة من عمره فأقام عشر سنين مائة كتاب إباضي144 بمكة وعشر سنين بالمدينة .وتوفاه االله على رأس ستين سنة ،وليس في وجهه ورأسه عشرون شعرة بيضاء. وكان ژ سهل الخلق دائم البشر ليس بفظ ولا غليظ ،ولا فحاش ولا عياب ،ولا صخاب ولا فراح .ترك نفسه من ثلاثة :المراء ،وما لا يعنيه، يعيره ،ولا يطلب عورته. أحدا ،ولا والإكثار ،وترك الناس من ثلاثة :لا يذم لا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه. أما بداية الوحي فذكرت السيدة عائشة #أنها قالت :أول ما بدأ رسول االله ژ من الوحي الرؤيا الصالحة ،وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ،ثم حبب االله إليه الخلاء ،وكان يخلو بدار حراء يتحنث فيه الليالي ذوات العدد أي يتعبد فيه حتى جاءه الحق وهو فيه. ويتكلم المؤلف عن ابتداء التاريخ العربي ومن أرخه ،وأن أول من كتب التاريخ عمر بن الخطاب ، 3وذلك أن رجلا أتاه يوما فقال له :أرخوا ،فقال أمرا في شهر كذا وكذا منله عمر :وما أرخوا؟ قال :شيء تفعله الأعاجم تكتب سنة كذا وكذا .فقال عمر :حسن واالله فأرخوا ،وقد كانت العرب قبل ذلك لا تؤرخ على أصل معلوم ،إنما يؤرخون بالقحط. وشاور عمر 3بعض أصحاب رسول االله ژ في التاريخ؛ ومن متى يؤرخون ،فقال بعضهم :بل اكتبوه من المحرم فإنه ينصرف الناس من حجهم وهو شهر حرام ،فاتفقوا على المحرم ،فقدموه في التاريخ من قبل الهجرة بشهرين واثنتي عشرة ليلة ،وذلك أن رسول االله ژ هاجر في ربيع الأول وقدم وولد يوم الإثنين المدينة يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول . ومات يوم الاثنين ،كلاهما لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول ،فنزل بقباء، فأقام بها يوم الإثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس ورحل من قباء يوم الجمعة ،فجمع ببني سلمة وهي أول جمعة جمعها رسول االله ژ ،وكان ژ 145الجواهر المنتقاة في إتمام ما أخل به كتاب الطبقات خيرا ،ويقول» :اتركوا دارا يدعونه إلى النزول ،فيقول :دارا يمر بدور الأنصار ناقتي فإنها مأمورة« حتى انتهى إلى موضع مسجده اليوم فبركت ناقته عنده. مسجدا يصلون فيه ،فلما خرج رسول االله ژوكان المسلمون يومئذ قد بنوا فيه من المسجد تعلقت به الأنصار فنزل على أبي أيوب. مرت بالمسلمين في المدينة في السنةويذكر المؤلف بعض الأحداث التي الأولى للهجرة وما حصل فيها ،وفي السنة الثانية ،والسنة الثالثة ،والسنة الرابعة ،والسنة الخامسة ،وفي هذه السنة تزوج الرسول ژ زينب بنت جحش، أيضا حدث خسوف القمر.وفي هذه السنة كما ذكر المؤلف بعض أحداث السنة السادسة من الهجرة ،مثل كسوف الشمس ،وفي السنة السابعة من الهجرة حدثت غزوة خيبر ،وفي السنة التاسعة من الهجرة غزوة تبوك ،وفي السنة العاشرة من الهجرة حجة الوداع ،وفيها حج رسول االله ژ ومعه نساؤه كلهن. سبعا وعشرين غزوة ،وبعوثه ثلاثا وعشرينوكانت مغازي رسول االله ژ بعثة .وفي بعض هذه البعوث أخرج رسول االله ژ عمرو بن العاص فغنم وأسرع سرورا فرجوت أن أكونالرجعة ،فقال عمرو :فرأيت رسول االله ژ قد امتلأ أحب الناس إليه .فقلت يا رسول االله :من أحب الناس إليك؟ فقال» :عائشة«. فقلت :لست أسألك عن النساء وإنما أسألك عن الرجال؟ فقال» :أبوها«. وفي سنة إحدى عشرة من الهجرة مرض رسول االله ژ في يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر وتوفي لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول في يوم الإثنين حين زاغت الشمس ،وكان مقامه بالمدينة عشر سنين. ويتناول المؤلف ذكر فرض صلاة الجمعة فهي فريضة على كل مسلم إلا على ثمانية :المرأة ،والصبي ،والكبير الفاني ،والأعمى الذي لا قائد له، والمجنون والمحبوس ،والمسافر ،والمملوك. مائة كتاب إباضي146 ويذكر المؤلف أن من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير عذر طبع االله على قلبه ،وتارك الجمعة أقبح حالا من تارك الصلاة؛ لأن تارك الصلاة المكتوبة إذا تاب يقضيها بمثلها ،وتارك الجمعة إذا تاب لا يقضيها بمثلها. ويتناول في الجمعة ثلاثة أشياء في فرضها ،وعلى من فرضت ،وأين فرضت: أما فرضها مع الإمام العادل فمتفق عليه ،وتاركها معه ثلاث مرات هالك .وفرضها مع الإمام العادل باتفاق الأمة وهي فرض عين. والنظر الثاني على من فرضت ،وهو من وجدت فيه خمسة أوصاف: البلوغ ،والعقل ،والحرية ،والذكورية ،والإقامة احتراز ا من السفر والأنوثية والعبودية ،وعدم العقل ،والطفولية ،فمن وجدت فيه الأوصاف الخمسة فهو مخاطب بقوله تعالى] ﴾ - , + * ﴿ :الجمعة.[٩ : النظر الثالث :أين فرضت .إما مع الإمام العادل ففي كل مكان حيث ما أقامها فهي فريضة معه ،أو مع أئمة الجوهر فإن المذهب عند الإباضية أنها واجبة خلفهم خلافا للنكار الذين قالوا لا جمعة خلف الجبابرة .وقد صلاها خلف الجبابرة الأئمة الراشدون الهادون المهتدون عمار بن ياسر وعبد االله بن مسعود بالكوفة خلف الوليد بن عقبة ،وأبو الشعثاء خلف الحجاج. ويعرض المؤلف لأهم الأحداث التي حدثت بعد وفاة الرسول ژ في السنة الحادية عشرة .وما ذكر في خلافة أبي بكر الصديق من ارتداد العرب، وما حدث في الثانية عشرة من الهجرة ،والسنة الثالثة عشرة من الهجرة وما حصل فيها ،ثم وفاة أبي بكر وخلافة عمر بن الخطاب ،وفتح بيت المقدس، وموقعة اليرموك. كما ذكر المؤلف خلافة عثمان بن عفان حيث بويع في غرة المحرم سنة 147الجواهر المنتقاة في إتمام ما أخل به كتاب الطبقات خمس وعشرين من الهجرة ،وما ذكر في أمر الفتنة واختلاف الناس فيها ،وعزله عمال عمر من غير حدث وتولية أقاربه ،وذكر اجتماع المسلمين لعزل عثمان، وقدوم المسلمين لعثمان واستتابته. وانتقل المؤلف إلى ذكر خلافة علي بن أبي طالب بعد عثمان ،وذكر موقعة علي ومعاوية وما حصل فيها. الجمل وما حصل فيها ،وموقعة صفين بين كما ذكر التحكيم ومن أنكره وما حصل في ذلك ،ومن أنكر التحكيم وأدلتهم ،وذكر اجتماع المسلمين في منزل عبد االله بن وهب ومبايعته. كما يتناول الكتاب مقاتلة أهل النهروان وما حصل ،وذكر اختلاف الناس علي بن أبي طالب ومن قتله .كما عرض لبعضفي الفتن .كما ذكر وفاة أخبار الصحابة. وينتقل المؤلف إلى ذكر أهم الأعلام في التاريخ الإباضي ،من أمثال: عبد االله بن وهب الراسبي ،والإمام جابر بن زيد ،وعبد االله بن إباض ،وأحوالهم. ويورد بعض أخبار جابر بن زيد ، 3وأنه ولد سنة ثماني عشرة ،ومات سنة ثلاث وتسعين من الهجرة .أما عبد االله بن إباض 3فإليه النسبة، وأباضي فتح الهمزة الريب رأس العقد أمام القوم الذي كأنه استحق أن يعقد التاج على رأسه. والنسبة إلى إباض يعني الإباضية إمامهم عبد االله ،ونسبوا إلى أبيه إباض لأنه أعرف من عبد االله وأشهر منه. كما نسبت الصفرية إلى الصفار ،والأزارقة إلى الأزرق .ومن آثار عبد االله بن إباض كتابه إلى عبد الملك بن مروان. من المعارك العقائدية التي يتناولها الكتاب ما أثير حول مسألة كلام االله تعالى ،والتي عرفت باسم» :محنة خلق القرآن« .ويذكر المؤلف أن الأمة قد مائة كتاب إباضي148 اجتمعت على أن القرآن كلام االله .وكلام االله شيء ،ولا يخلو هذا من ثلاثة أوجه :لا يخلو إما أن يكون هو االله ،أو أن يكون بعض االله كالجزء من الكل ،أو يكون غير االله .ويرى المؤلف أنه كلام االله وأنه غير االله ،وهذا الكلام لا يخلو أن قديما ،فهذا يعني أنه كان مع االله قديما أو شي ئا محدثا .فإن كان شي ئا يكون شي ئا وهنا يتعدد القدماء .وينتهي إلى أن كلام حادث والمحدث غير القديم. والمحدث هو المخلوق المحتاج إلى من أحدثه وأ لفه ووجدت فيه آثار الصنعة، ومن آثار الصنعة الحاجة والتغاير .وكل هذا موجود في القرآن ،فالقرآن مخلوق، مؤيدا في ذلك بعض المذاهب الإسلامية التيوهذا ما انتهى إليه المؤلف أخذت بهذا الرأي مثل المعتزلة. 149 ô«n `u`°ùdG óMGƒdG óÑY øH ó«©°S ¿ÉaãY »HCG øH óaMCG ¢SÉÑ©dG ƒHCG ) »NÉa°ûdGت ٩٢٨ه١٥٢٢/م( دراسة وتحقيق :د .محمد حسن دار المدار الإسلامي بيروت لبنان ،ط٢٠٠٩ ،١م. عدد الصفحات ١١١٢ :صفحة ) ٣أجزاء( ير« الذي لم يكن مجرد توثيق»الس تنوعت المادة التاريخية في كتاب : تراجعا لأعلام الإباضية ومشيختها مثلما أراد ذلك مؤلفه ،في حقبة شهدت أساسيا للدراسات التاريخية والحضارية مصدرا لأتباع المذهب .إنما أضحى والفكرية في مشرق البلاد ومغربها. اعتمد أبو العباس أحمد الشماخي في كتابه على مصادر إباضية عديدة ير ،كما أورد عدة أخبار والس ومتنوعة ،في الفقه وعلم الجدل ،أو في التاريخ السنة وغيرها من المذاهب.مأخوذة من كتب أهل  ومؤلف الكتاب هو أبو العباس بدر الدين أحمد بن أبي عثمان ،الشماخي بلدا .وهو مؤرخ وعالم إباضي مشهور ينسب إلى موطنه الأصلينسبا ،اليفرني بجبل شماخ ،الواقع غرب »يفرن« وقبلة الرياينة. نشأ الشماخي بمدينة »يفرن« ،وتوفي والده وهو في سن الشباب ،وبعد طلبا ردحا من الزمن بجربة تحول في مرحلة أولى إلى »تطاوين« ،واستقر وفاته مركزا علم يا بارز ا لدى أتباع المذهب للعلم ،وذلك بعد أن أضحت الجزيرة ببلاد المغرب طيلة العهد الحفصي ،ثم واصل طريقه إلى حاضرة الحفصيين، مدينة تونس ،التي درس بها مدة طويلة. مائة كتاب إباضي150 والتقى فيها بسلطان أفريقية ،وتحاور معه في مسائل فقهية .كما تقابل في العماني ،ونقل عنه عدةإحدى رحلاته مع الفقيه محمد بن عبد االله السمايلي أخبار تتعلق بإباضية عمان والمشرق .وتوفي الشماخي سنة ٩٢٨ه١٥٢٢/م. مهما من الكتب في أغراض متنوعة،عددا أ لف أبو العباس أحمد الشماخي متميزا بالاعتدال ،وأهمها: منهجا متبعا متعلقة بتاريخ الإباضية وفقهها ، ير« :ثروة ومادة ،أشاد جل الباحثين في التاريخ والحضارة كتاب  »الس بأهميته. »شرح العقيدة« :يتضمن المسائل الأساسية في التوحيد من وجهة نظر إباضية. مختصر كتاب» :العدل والإنصاف« )في ثلاثة أجزاء( لأبي يعقوب الوارجلاني المتوفى سنة ٥٧٠ه١١٧٥/م :وهو مقدمة في أصول الفقه. وقد ص نف لغرض المبتدئين من الطلبة والمتعلمين لأصول المذهب. شرح كتاب» :مرج البحرين« في الفلسفة والمنطق والرياضيات لأبي يعقوب يوسف الوارجلاني. إعراب مشكل الدعائم. شرح على متن الديانات. رسالتان :كتبت الأولى في أربع صفحات مخطوطة ،وأجاب بها أحد والمسمى بالنسبة إلى االله .وخصت الثانية طلبته حول العلاقة بين الاسم التي وردت في صفحة واحدة موضوع صفات االله. رد على صولة الغدامسي :يتناول فيه قضايا خلافية بين الإباضية والمالكية ،دون أن يخلو رده من التهجمات على صاحب الرسالة. ير« ،فقد اعتمد الشماخي على مصادر عديدة»الس أما مصادر كتاب : ومتنوعة: 151الس ير أ المصنفات الإباضية يتضح أن أبا العباس كان على اطلاع على عدد كبير من المصنفات الإباضية ،ذات الصبغة الفقهية والعقدية ،من المشرق أو من المغرب ،وقد ذكر البعض منها بطريقة عرضية. منهجا تأليف يا حاول فيه المراوحة بين مختلف وقد توخى المؤلف المصنفات التي كانت بحوزته في فترة تميزت باستفحال الاضطرابات الداخلية والغزو الخارجي .وقد وفق إلى حد كبير في اختزال أهم الأحداث التاريخية وتلخيص ما ورد في أمهات الكتب في أسطر قليلة. »الس ير« إحدى الحلقات الأخيرة لسلسلة من المصنفات في هذاعد كتاب : وي  الباب ،تلك التي عنيت بتاريخ المجموعات الإباضية وتراجم أعلامها حيثما وجدوا ،في جبال نفوسة ودمر وجزيرة جربة أو في واحات الفزان والجريد والعبر .وهو ما عناه مفهوم السيرة، ووارجلان ،وهي تراجم لا تخلو من المواعظ بكونها تسجل التسلسل في طبقات العلماء وتأريخهم ومآثرهم ومناقبهم. ير الإباضية مع الأخطار التي كانت تحدق بهذهالس واقترن ظهور كتب  الجماعات بجنوب أفريقية ،وتهدد وجودها في كثير من الأحيان ،مفضية إلى انحسار تدريجي لها في مجال ضيق. ويعد مص نف أبي الربيع سليمان بن يخلف المزاتي )ت سنة »الس ير«، ٤٧١ه١٠٧٨/م( من بين المصنفات الأولى التي حملت تسمية كتاب : وإن ابتعد كل يا عن نمط التراجم .وقام طلبته بتدوين ما كان يمليه في الألواح وتنظيم مادته إلى أن تجمعت نحو ٢١٨رواية ،نسبت ج لها إلى أصحابها، باستثناء ٤٦منها ،وتفرعت إلى ثلاثة فصول :تناول الأول أهمية العلم وتحصيله ،والثاني فساد الأوضاع في آخر الزمان ،والثالث الآداب والقيم ير ،غير أن الأخبارالس المساعدة على خدمة العلم .وقد م ثل فاتحة لكتب  مائة كتاب إباضي152 الواردة فيه قليلة والمادة التاريخية نادرة وهو ما يفسر محدودية اعتماد أبي العباس أحمد عليه. أما أبو الربيع سليمان بن عبد السلام الوسياني المنحدر من وسيان من الجريد ،والمتنقل بين موطنه ووارجلان في النصف الأول من القرن السادس الهجري /الثاني عشر الميلادي ،فقد خص تراجم أعلام الجريد ووارجلان رئيسا للشماخي، مصدرا ويعد هذا الكتابير« . »الس بالقسط الأكبر من كتاب : إذ اعتمد عليه عشرات المرات. واستهل أبو العباس أحمد الدرجيني )ت سنة ٦٧٠ه١٢٧١/م( مرحلة جديدة من الكتابة في هذا الشأن ،إذ اهتم لأول مرة بترتيب تراجم أعلام المشرق والمغرب حسب الطبقات ،وبالتعريف بهم دون أن يقتصر على مجال عبر عن مرحلة جديدة من التعريب اللغوي ،المتميز بسلامة اللغةمحدد .وقد وبق لة العبارات الواردة باللسان البربري ،ويمكن فهم هذه الرواية الشمولية للتأريخ »لأهل الدعوة« في عمان وأفريقية ،بمتانة العلاقات التي تربط بين المجالين. وعلى ضوء هذه الاعتبارات ،فقد خص الشماخي كتاب الطبقات بمكانة أولى في تأليفه ،فذكره ١٠١مرة في تراجمه. ب المصادر غير الإباضية لئن أغفل الشماخي ذكر مصادر أساسية قريبة من الأحداث بالنسبة إلى تاريخ الإباضية بالمشرق خلال القرنين الأول والثاني الهجري /السابع والثامن الميلادي ،مثل كتاب» :أنساب الأشراف« للبلاذري ،فإنه أورد عدة أخبار مأخوذة السنة. من كتب أخرى لأهل  ولم يحظ »تاريخ الرسل والملوك« للطبري بأهمية معينة ،إذ لم يذكر إلا 153الس ير مرة واحدة ،فيما كانت لكتاب» :مروج الذهب« للمسعودي مكانة خاصة، لا تقل عن المرتبة التي أفردها ابن خلدون للكتاب .وقد اعتمده الشماخي في ذاكرا إياه عدة مرات ،مستعملا عبارة» :قال المسعودي«،سرد أحداث المشرق ، في حين أنه اقتصر على النقل منه وتلخيصه في بقية الفصول المتعلقة بفترة النبوة والخلافة الراشدة ،دون التنصيص عليه .ثم يتضاءل الاعتماد على هذا مقصورا على الأحداث الكبرىابتداء من قيام الدولة الأموية ،ويصبح المصدر التي شارك فيها الإباضية بالمشرق. ويعد »تاريخ الأئمة الرستميين« لابن الصغير أهم مصنف يخص تاريخ الإمارة الرستمية بتاهرت ،باعتبار أن مؤلفه كان ناقلا للروايات الخاصة بتاريخ الرستميين تارة ،وشاهد عيان للأحداث الدائرة رحاها بالمدينة في النصف ونادرا ما ذكر مصادرهطورا، الثاني من القرن الثالث الهجري /التاسع الميلادي المعتمد عليها .وقد حرص هذا المؤرخ الذي لا ينتسب إلى الإباضية على الحياد في مواقفه. مصدرا أساس ياأما تاريخ ابن الرقيق )ت بعد سنة ٤١٧ه١٠٢٦/م( فقد كان اعتمده جل المؤرخين ،لتدوين تاريخ أفريقية ،ومنهم الشماخي. أما المصادر المسكوت عنها ،فهي كثيرة ،إذ فضل أبو العباس أحمد بن مقتصرا سعيد التغاضي عن ذكر كل من ابن الأثير وابن عذاري وابن خلدون، على الرجوع إلى المصدر الأصلي ،وهو ابن الرقيق. ومن الجلي أن الاعتبار المذهبي كان له دوره في عدم ذكر صاحب كتاب: »السير« للمصنفات الشيعية .غير أن ذلك لا يعني بأية حال من الأحوال جهله لهذه الكتب أو عدم الاطلاع عليها .وقد تعامل مع سائر المصنفات المتوفرة بعيدا عن الانغلاق المذهبي .وقد بدا فيلديه بكيفية انتقائية وبنوع من المرونة ، حريصا على ذكر مصادره في كل ترجمة لعلم ،بل في كل رواية أحيا نا.الجملة مائة كتاب إباضي154 وقد سلط في بعض الأحيان النقد على رواياته ،مقار نا بينها ،أو ملتج ئا إلى المعاينة لما ذكره ،كي ينفيه أو يؤكده. ج المؤلفات اللغوية والنحوية دأب الطلبة القادمون من الأوساط الإباضية على الإقبال على دروس اللغة والأدب ،وعلى العكوف عن دروس الفقه المالكي بمدينة تونس ،ويبدو أن هذه التقاليد ظل معمولا بها منذ العهد الحفصي إلى حد الفترة الحديثة .فكان »الس ير« تكوين لغوي متين ،تلقاه بمدينة تونس ،وكان له الأثرلصاحب كتاب : الكبير في ذكر عدد من المصادر النحوية واللغوية ،التي يعود جلها إلى الحقبة العباسية أو إلى القرن السادس الهجري /الثاني عشر الميلادي ،وذلك في سياق ترجمته لبعض الأعلام المتأخرين. د المصادر الشفوية تكون المصادر الشفوية أغلب مادة هذه التراجم ،ويمكن القول إن القسم الأخير من الكتاب الخاص بتراجم أعلام القرنين :الثامن ،والتاسع في جبل أساسا على الروايات الشفوية التي وصلته عننفوسة وجربة قد اعتمد فيها طريق مشايخ أسرة الشماخي وأهل بلده »يفرن«. »الس ير« فقد احتوى: أما نص كتاب  بداية تاريخ الإباضية في المشرق. مشايخ الإباضية بالمغرب ويتضمن هذا القسم عدة محاور. تاريخ نشر المذهب الإباضي في المغرب ،والأئمة الأولين له. تاريخ الرستميين .يتخلله ذكر س ير بعض مشايخ الإباضية بالمغرب. س ير مشايخ المغرب من القرن الثاني الهجري /الثامن الميلادي حتى التاسع الهجري /الخامس عشر الميلادي ،دون وجود ترتيب زمني 155الس ير واضح أو أبجدي أو غيره ،وقد أورد الشماخي داخل هذا القسم فصلا ذكر فيه بعض أهل الكرامات. واحتوى ذيل الكتاب ثلاثة وثائق مهمة ليست من تأليف الشماخي: »الس ير« عدة موضوعات منها: وقد تناول كتاب  :o¡J’Ééeh zo∏©dG á∏aM{ ∂dÉ°ùe `` 1 الم ح كمة الأولى أ البصرة موطن لخص أحد القدامى موضع البصرة التي كانت أول مركز التجأت إليه الم ح كمة ،وانتقلت إليها القبائل من وسط نجد والأطراف الشرقية من شبه الجزيرة العربية ،وقد أسهم بعضها في نمو الملاحة والنشاط التجاري بالمدينة، رئيسا انطلقت منه الحركة الإباضية في اتجاهات عديدة منذ مركزا كما أضحت القرن الأول ،فانتشرت بمواضع أخرى بالعراق ،مثل الكوفة والسماوة وغربا إلى مصر وأفريقية والموصل ،ثم تسربت شرقا إلى الأهواز وخراسان وجنوبا إلى عمان وحضرموت واليمن. وكان لأزد عمان الدور الفاعل في نشر هذا المذهب في شتى أرجاء البلاد، وذلك عن طريق »حملة العلم« القادمين إليها من البصرة ،ولم تتضح معالم بعمان إلا بعد حركة »طالب الحق« ونهاية الدولة الأموية.انتشار هذا المذهب ب عمان بوابة الخليج العربي لا شك أن المعطيات الجغرافية كان لها دور في تفسير اقتران تاريخ بعمان ،إذ مثلت أشبه ما يكون بجزيرة تفصلها رمال الصحراء عن بقيةالإباضية أرض الجزيرة العربية ،وتميزت بتضاريسها المتغيرة. واحتمت قبائل أزد عمان بجبالها الشاهقة كلما هددها خطر ،فإنها قد رنت ببصرها وقت السلم إلى إقامة علاقات وطيدة مع سواحل المحيط الهندي مائة كتاب إباضي156 وسائر البلاد الآسيوية وصولا إلى الصين ،دون أن تنسى عمقها في جزيرة وخصوصا بلاد المغرب.العرب وبلاد الرافدين ،وسائر البلاد العربية الإسلامية دمر ونفوسةج جبال تعد هذه الجبال الواقعة غرب طرابلس البؤرة الرئيسة للمذهب الإباضي جنوبا، ببلاد المغرب ونقطة انطلاق الدعاة في اتجاه الواحات وبلاد السودان وأفريقية شمالا ،والمغرب الأوسط والأندلس غربا. د جزيرة جربة اكتسبت أهمية فائقة في الطرقات البرية والبحرية طيلة العصر الوسيط ،إذ كانت ترسو بمرافئها السفن المبحرة من أفريقية إلى الإسكندرية والقسطنطينية وغيرها من المدن التجارية ،كما مثلت سوقا تتجمع فيها بضائع المجالات مركزا الداخلية ،وأضحت منذ القرن الخامس الهجري /الحادي عشر الميلادي زاخرا. مكتوبا علم يا أنتج تراثا ه الواحات بجنوب أفريقية ،على طريق بلاد السودان تسيطر المجموعات الإباضية على المجال جنوب خط قابس قفصة .وكان لواحاتها مكانة كبرى في تاريخ هذا المذهب منذ مطلع القرن الثاني الهجري/ ابتداء من انتصاب الثامن الميلادي ،ولم تتراجع جذوة هذا المذهب إلا التصوف المالكي بها في نهاية القرن السادس الهجري /الثاني عشر الميلادي. و »الجزر« الإباضية بوسط أفريقية »الس ير« أن مؤسس استقرت عدة جاليات إباضية بها .ومما ورد في كتاب : نظام العزابة أبا عبد االله محمد بن بكر الفرسطائي كان بالساحل في جماعة لزيارة »أهل المذهب«. 157الس ير ز مجالات المغرب الأوسط وقد كانت في اتصال مباشر مع المدن الأندلسية ،وذلك عن طريق المواني الساحلية الواقعة قبالتها ،كما أنها لم تكن في معزل عن سائر المجالات الإباضية الأخرى. {:zô«n °ùdG uÜÉàc »a »°SÉ«°ùdG ïjQÉàdG `` 2 لا يقل هذا الباب أهمية عن سابقيه ،إذ اعتبر كتاب أبي العباس أحمد ملما بجل الشماخي الحلقة الأخيرة من مجموعة كتب سير الإباضية ،فجاء  المعطيات التاريخية الحاصلة بين القرن الأول والتاسع الهجري /السابع منفردا بذكر عدة أحداث لا نجد لها صدى في سائروالخامس عشر الميلادي، المصنفات التاريخية ،ورغم قلة التاريخ واعتنائه خاصة بتراجم العلماء ،فإنه تناول بالدرس عدة مواضيع تخص بالذكر الأحداث العسكرية والسياسية والمؤسسات الجبائية ،وتطور الفكر السياسي العربي الإسلامي. الس ير ،مصدر لنشأة الحركة الإباضية بالمشرق أ كتاب  علي التحكيم هو السبب تتفق جل المصادر والدراسات على أن قبول الم ح كمة الأولى من القراء .ويذهب الشماخي إلى أن هؤلاءالمباشر لظهور القراء قد حذروا عل يا من قبول التحكيم قبل وقوعه .والثابت أن خروجهم علي من علي لذلك ،وعاد أنصار حصل بعد قراءة كتاب التحكيم ،وقبول صفين إلى الكوفة ،والنقاش محتدم بين شق قابل للتحكيم وآخر رافض له، الم ح كمة ،ونزل هؤلاء رافعين شعار» :لا حكم إلا الله« ،فأطلق عليهم تسمية بقرية »حروراء« ،وذلك قبل وصولهم الكوفة فسموا الحرورية ،ثم وصلوا وعلى رأسهم عبد االله بن وهب الراسبي النهروان ،لكنهم انهزموا هناك أمام علي بن أبي طالب سنة ٣٨ه ،وكانت بداية أليمة لمعارك بين الخليفةجيش علي بن أبي طالب والحرورية. مائة كتاب إباضي158 علي وانتقالهموقد أطلقت عليهم تسمية الخوارج بسبب خروجهم على من الكوفة إلى النهروان ،وأما القول بأنهم سموا بذلك لخروجهم عن الأمة، متأخرا؛ إذ إن عل يا لم ينعت الخوارج بالكفر والمروق ،ولما فيبدو أنه جاء سئل عنهم أجاب» :بل من الكفر فروا ،وإنما قصدوا الحق فأخطأوه« .ومثلما حصل الاختلاف في تسميتهم فقد اختلفت الفرق والمذاهب في مفهوم الخوارج والموقف المتخذ في شأنه. وظل الخوارج منذ فارقوا عل يا على إثر موقعة صفين سنة ٣٧ه٦٥٧/م على رأي واحد ،لا يختلفون إلا في صغائر الأمور ،إلى حد سنة ٦٤ه٦٨٣/م تاريخ قيام حركة عبد االله بن الزبير الذي سانده في البداية زعماء الحرورية في البصرة ،وما إن آنس من نفسه القوة في مواجهة بني أمية ،حتى ابتعد عنهم نظرا إلى الاختلاف الجوهري بين الطرفين حول مسألة الحكم ،فلئنوحاربهم ، حصره ابن الزبير في أشراف قريش فقد وسع الخوارج اختيار الإمام إلى كل عجما. عربا كانوا أو أفراد الأمة ، وتميزت الحقبة الممتدة بين سنتي ٦٤ - ٤١ه٦٨٣ - ٦٦١/م بقيام عدة للم ح كمة بالبصرة ،تصدى لها زياد بن أبيه )٥٣ - ٤٥ه٦٧٣ - ٦٦٥ /م(حركات مهددا كل من تعاون معهم أو آواهم ومنكلا بنسائهم ،وهوببطش وشدة، ما جعل طائفة منهم تختار طريق الخروج والغلو ،وأخرى تجنح إلى السلم وعدم مواجهة العنف بمثله. والم ح كمة :بدأت تتضح معالم المذهب الإباضي ،منذ الحركة الزبيرية قيام الحركة الزبيرية واندلاع أزمة الخلافة الثانية بين سنتي ٧٣ - ٦٤ه٦٩٢ - ٦٨٣/م ،ول ما انتقل الق ع دة من البصرة إلى الحجاز ،وتحالفوا مع عبد االله بن الزبير ،مشاركين في التصدي للأمويين عند محاصرتهم لمكة سنة ٦٣ه٦٨٢/م .وعند وفاة يزيد بن معاوية سنة ٦٤ه ،اختلفوا في الخطة 159الس ير مغايرا من كل من موقفا متخذا المتبعة ،فاختار ابن إباض البصرة وجهته، عبد االله بن الزبير ونافع بن الأزرق ،وكذلك من نجدة بن عامر الذي انتقل إلى إماما. اليمامة لمبايعته ظلت الأمور هادئة في البصرة في فترة حكم ولاية عبد االله بن الزبير ،لكن تغيرت عند تولي الحجاج بن يوسف الحكم سنة ٧٥ه٦٩٤/م .وانقسمتالأوضاع الآراء إلى من يدعو إلى محاربة الحجاج )وهو رأي من سينتسب إلى الصفرية( وبين من يرفض ذلك ،ممثلا موقف الفرقة المعتدلة التي فضلت القعود بالبصرة. وأفرز الجدل الذي كان يدور بين هذه الأطراف أسس هذه المذاهب .فقد ص نف أصحاب الفرق أتباع عبد االله بن إباض وجابر بن زيد ضمن الخوارج، وهو ما رفضه المنتمون إلى هذه الفرقة معلنين البراءة من النجدات والصفرية والأزارقة ،وقد جاء ذلك في رد ابن إباض على رسالة ابن الأزرق التي يدعو فيها الق ع دة إلى الخروج. أما التسميات الأخرى الخاصة بهم ،فقد سموا الحرورية ،فيما كانوا يطلقون على أنفسهم المح كمة وجماعة المسلمين وأهل الدعوة وأهل الحق وأهل الاستقامة .وفيما يخص تسمية الإباضية التي شاعت ،ويمكن تفسيرها بدور عبد االله بن إباض في تشكل النواة الأولى للفكر السياسي. »الس ير« ب أولوية تاريخ الإباضية بالمغرب في كتاب : شهدت بلاد المغرب سيرورة طويلة من التطورات السياسية والمذهبية، انحسرت على إثرها التجمعات الإباضية بجبل نفوسة وجربة والميزاب. :á«YÉaàL’Gh ájOÉ°üàb’G IOÉadG `` 3 لم تقتصر أهمية الكتاب على موضوع نشأة الإباضية بالمشرق وانتشارها ببلاد المغرب ،إنما احتوى مادة تاريخية ثرية متنوعة. مائة كتاب إباضي160 المادة الاجتماعية والاقتصادية :حاضرة في كل ترجمة لعلم ،إذ تعرضت إلى مختلف الفئات الاجتماعية وحياتها اليومية ونشاطاتها وعلاقاتها ومشاغلها، ومن الجدير بالملاحظة أن المرأة لم تكن مغيبة في هذه اللوحات الاجتماعية، دورا فاعلا في حياة المجموعات البدوية والقرى الجبلية .كمابل نراها تلعب يزخر هذا المصنف بالمعطيات الاقتصادية الخاصة بهذه المجتمعات ،التي تعتمد في معاشها على الزراعة والري ،ويمثل فيها الترحال قيمة حضارية مهمة. نموذجا :كانت السفن تبحر من الشرق التجارة البحرية والصحراوية الأقصى إلى موانئ عمان بكيفية مباشرة منذ فترة ما قبل الإسلام. أما في بلاد المغرب ،فقد أضحت التجارة الصحراوية أهم ركيزة لاقتصاديات هذه المجموعات الإباضية .وظلت نقاط الماء الموجودة على طول الطريق هي المتحكمة في اتجاه المسالك الرابطة بين بلاد المغرب وبلاد السودان وفي وابتداء من نهاية القرن الأول ومطلع القرن الثاني الهجري شهدت هذهفاعليتها. جديدا من النمو ،تجسد في كثرة السفارات بين المجالين. عهدا العلاقات سير المشايخ بجبل نفوسة :يحتوي مصنف أبي العباس أحمد الشماخي مادة صالحة لدراسة الحياة اليومية وأوجه النشاط الزراعي والحرفي والتجاري الذي يمارس في هذه المجتمعات الإباضية ،والأحوال الاقتصادية من علم وتعليم .ومثلت الترجمة لمشايخ المذهب أساس هذا الكتاب. :»ÑgòadGh »aÉ≤ãdG ÖfÉédG `` 4 ير« لتراجم أعلام المذهب بالمشرق والمغرب،»الس خصص كتاب: ولمختلف مواقفهم الفكرية والمذهبية .ولذا كثرت الإشارات إلى نظرية الحكم السياسي وتعدد الفرق والمذاهب ،والمناظرات القائمة بينها ،والتيارات الثقافية بين المغرب من جهة ،والمشرق وبلاد السودان والأندلس من جهة ثانية، 161الس ير وتنظيم المجموعات الإباضية الثقافي )نظام الحلقة( والمعتقدات والطقوس، بما فيها التأثيرات الثقافية القديمة. ولئن عرف القرن السادس فترة طفرة علمية وتآليف في شتى المجالات، خصوصا كتاب» :الدليل والبرهان« لأبي يعقوبيغلب عليها المنطق ،جسدها يوسف الوارجلاني )ت ٥٧٠ه١١٧٤/م( ،و»الموجز« لأبي عمار عبد الكافي، فقد اتسمت الفترات اللاحقة بتدعيم المذهب المالكي والفكر الأشعري، وبتراجع الإباضية. أ موقف الإباضية من بقية الفرق مثلت الرسالة التي بعث بها عبد االله بن إباض إلى عبد الملك بن مروان فاتحة المناظرات الشارحة لمبادئ المذهب وآرائه .فقد رأى الإباضية في تلك وخصوصا ما تعلق منها المرحلة الحاجة إلى الإفصاح عن آرائهم ومعتقداتهم، بموقفهم من غلاة الخوارج مثل الأزارقة وبقية الفرق الإسلامية. مغايرا من الأزارقة ،مستنكرين غلوهم ،فقد موقفا ومثلما اتخذ الإباضية اختلفوا في آرائهم عن الصفرية ،وتبلور هذا الاختلاف في القرن الثالث الهجري /التاسع الميلادي. ب التواصل بين المشرق والمغرب تتعدد مظاهر التواصل الفكري بين المجالين ،منذ أن انتقل »حملة العلم« الخمسة من المغرب إلى البصرة ،لأخذ تعاليم المذهب عن أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي .وما إن أنشئت الإمارة الرستمية حتى أضحت الرسل تفد بانتظام إلى بلاد المغرب ،إذ أوفد إباضية المشرق إلى تاهرت بعثتين لدعم الإمارة الناشئة. خصوصا عن طريق التجار في مواسمواستمرت هذه العلاقات نشيطة، الحج ،وكانت تصانيف أهل المشرق تصل إلى المغرب بكيفية منتظمة. مائة كتاب إباضي162 ج نظرية الإمامة تعد هذه القضية حجر الزاوية في الفكر السياسي في الحضارة الإسلامية خصوصا .ومنذ النصف الأول من القرن الثاني الهجري/عموما ولدى الإباضية الثامن الميلادي ،اختلف »أهل المذهب« في المغرب حول إمامة الحارث بن تليد الحضرمي ،وعبد الجبار ابن قيس المرادي. وقد تبلورت في هذه الظروف إمكانية حصول إمامة مزدوجة :إمامة الدفاع وإمامة الظهور ،ومثل ما حصل بالنسبة إلى الدولة الأموية ،فقد تم الانتقال من نظام حكم قائم على الشورى والبيعة إلى نظام وراثي انحصر فيه الحكم في أسرة الرستميين .وقد تميز تاريخ هذه الإمارة بظهور حركات معارضة تجسدت في تعدد الفرق الإباضية :النكار ،والخلفية ،والنفاثية ،وغيرها .وقد نسبت السنية إلى الإباضية فرقا لا نجد لها أي ذكر في مصادر أهل المذهب.المصادر  د نشأة الفرق الإباضية بالمغرب: الوهبية والنكار انقسم أتباع هذا المذهب إلى فرقتين :الوهبية ،نسبة إلى عبد االله بن وهب أيضا بالعسكرية وأهل المذهب وأهل الحق والعزابةالراسبي ،وتسمت والمسلمين .والفرقة الأخرى التي أطلق عليها أنصار عبد الوهاب تسميات عديدة :النكار؛ لإنكارهم إمامة عبد الوهاب ،والنكاث؛ لنكثهم لبيعته. ومثلت مسألة الإمامة أساس هذا الجدل الفكري والمذهبي بين التيارين، ولم تعدم هذه الحقبة من حوار بين طرفين ،وإن ندر ذكرها في المصادر. الحركة الخلفية تنسب هذه الفرقة إلى خلف بن السمح المعافري الذي خرج عن سلطة تاهرت ،وذلك بسبب اختيار عبد الوهاب بن رستم أبا عبيدة عبد الحميد الجناوني عاملا على جبل نفوسة ،فيما كان ينوي وراثة أبيه في هذا المنصب. 163الس ير والحقيقة أن هذا الانشقاق لم تكن له خواص مذهبية تميزه عن الوهبية في البدء ،غير أن أتباعه تواجدوا في قسم من جبل نفوسة. دعوة نفاث بن نصر القنطراري تعترف المصادر الوهبية بالثقافة الواسعة لفرج بن نصر الويغري المعروف بنفاث بن نصر القنطراري ،وبتبحره في علوم الفقه والكيمياء والهندسة ،وتفسر دعوته بأغراض ذاتية وأخرى موضوعية .وانتقل نفاث إلى المشرق ،وإن ظلت حية حتى القرن الخامس الهجري /الحادي عشر الميلادي.الدعوة النفاثية :äGôXÉæadG øeR `` 5 تتنزل المناظرات ضمن نشاط فكري وثقافي قائم ببلاد المغرب خلال العصر الوسيط متعدد الأوجه ،منها الزيارات والتحركات لنشر دعوة مذهبية عن طريق الإقناع والإغراء ،أو كتابة التقارير والمراسلات ،أو تأليف المصنفات والدواوين وغيرها. كثيرا ما تزامنت مع تجسيدا للطفرة الثقافية عصرذاك ،فإنها ولئن مثلت تحولات تاريخية ومنعرجات سياسية وعسكرية ،فسبقت تارة الحروب ،وكانت وعبرت في حالات أخرى عن تعايش سلمي بينفاتحة لها أو عقبتها المجموعات البشرية داخل المجالين :الحضري ،والبدوي. تعبر عن شرخ اجتماعي بقدر ما تدعو إلى حوار بين النخبة العالمةوهي لا لمحاولة إيجاد أرضية فكرية مشتركة ،عن طريق الإقناع أو تكريس حق الاختلاف .وقد تدور في أجواء هادئة داخل المسجد الجامع أو قصر الأمير أو في فضاء مفتوح ،وتتحول أحيا نا إلى مقابلة بين فريقين ،تتم تعبئتهم وتكون في الآن نفسه مناظرة علمية ،وفي جانب آخر مبارزة عسكرية لفارسين. ونظرا إلى الحركة الثقافية المميزة لتلك الحقبة في كامل المجال العربي مائة كتاب إباضي164 خصوصا ،فقد تعددت المناظرات في الإمارتين:عموما والمغربي الإسلامي الرستمية ،والأغلبية سواء بين الفرق الإباضية نفسها ،أو بينها وبين بقية الفرق من جهة ثانية. عبرت هذه المناظرات الكلامية من زمن الدعوة إلى المذهب أو تجديدها وتثبيتها إزاء ظهور المذاهب والفرق المنافسة ،ومثلت في تطور طرق التفكير خلال العصر الوسيط المتقدم. ومن هذه المناظرات مع بقية الفرق: المناظرة بين المعتزلة والإباضية وقد جسدت تطابقا بين الإباضية والمعتزلة في مسائل خلق القرآن ،والوعد والوعيد ،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وذلك باستثناء مسألة المنزلة بين المنزلتين التي تنفرد بها المعتزلة. الس نة المناظرات بين الإباضية وأهل  حدث تحالف سني إباضي ضد الخصم الفاطمي المشترك ،وإن ظل هذا السنة أفتوا بالتصدي للفاطميين ،فيما اشترطتهشا ،ذلك أن علماء التحالف  الإباضية تشريكها في السلطة بعد الانتصار .ولم تحصل مناظرات بين الإباضية والشيعة إلا بعد هزيمة الطرف الأول سنة ٣٥٨ه٩٦٨/م. والحصيلة :اقترنت هذه المناظرات الكلامية بظروف تاريخية معقدة، تداخل فيها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي مع الثقافي ،جسدت تارة مرحلة الدعوة للمذهب وأخرى طور الحفاظ على الأمر الواقع .وخصت ثلاثة محاور ،ذات علاقة بتأويل النص الديني ،وهو الخالق )مثل مسائل خلق القرآن والتشبيه( ،وعلاقة الإنسان به )مثل مسألة الجبر والاختيار( ،والعلاقة بين الإنسان الإنسان )منها مسألة الإمامة والموقف من بقية الفرق( .ودلت على خصوصا. عموما ،والمغاربية تطور طرق التفكير بالبلاد العربية الإسلامية 165الس ير وتزامنت مع دعوات ومذاهب جديدة تارة ،وأسست لقاعدة التعايش بين طورا ،فكانت طاقة متجددة للفكرة ناجمة عن التنوع البشري، مختلف الفرق وحركة الترجمة ،والتطور العلمي ،والاحتكاك بالثقافات الأخرى .على أن هذه السيرورة الفكرية التي تحدها في كثير من الأحيان قوة السلطة وسلطة القوة لم ترق إلى مؤسسة فكرية متواصلة التأثير على المجتمع المغربي ،وتحولت في كثير من الأحيان إلى تعبير عن انقسامية داخل المجتمع تتجاذبها مصالح متباينة ومواقف متعارضة. 166 ø«ÑZGôdG ÆÓHh ø«ÑdÉ£dG è¡æe »bÉà°SôdG »°ü≤°ûdG Oƒ©°ùe øH »∏Y øH ó«©°S øH ¢ù«aN )١٠٧٠ه١٦٠٦/م( مكتبة مسقط سلطنة عمان ،ط١٤٢٧ ،١ه٢٠٠٦/م. عشرون جزء ،عشر مجلدات. العلامة الفقيه خميس بن سعيد بن علي بنمؤلف الكتاب هو الشيخ  مسعود بن عبد االله بن زياد الشقصي ،نسبته إلى أبي الشقص ،وهو جد لهم. وأصل الشيخ 5من نزوى ،واستوطن الرستاق ،ولذلك ينسب إليها، فيقال :الرستاقي. أما عن ولادته ،فلا يوجد نص يحدد لنا العام الذي ولد فيه الشيخ الشقصي 5فجميع المصادر التي ترجمت له لم تذكر هذا الأمر ،غير أنه تقريبا ،أي :في نهاية القرن العاشر يقال :إن ولادته كانت في عام )٩٩٠ه( استنادا لما ظهر في بداية القرن الحادي عشر من حركة علميةالميلادي ،وذلك في المنطقة التي يقطنها الشيخ 5مما يعني أنه ثمرة من ثمار تلك الحركة. وإن كان التاريخ أغفل ولادة الشيخ الشقصي ،فإن أعماله الجليلة تكشف عن صفحة حياته ،فمن المؤكد أن الشيخ الشقصي 5عاش عهد إمامة الإمام ناصر بن مرشد اليعربي ١٠٥٩ - ١٠٣٤) 5ه( ،وأن نشأته العلمية كانت قبل ذلك؛ لأنه عندما شارك في تنصيب الإمام ناصر كان قدوة العلماء في تلك الفترة ،بل كان هو الباعث لقيام تلك الدولة ،وهكذا نشأ الشيخ في بلدته )قصرى( من قرى الرستاق. 167منهج الطالبين وبلاغ الراغبين تع لم الشيخ الشقصي 5القرآن الكريم ومبادئ اللغة ،والعلوم الدينية في بلدته قصرى ،ثم نزل مدينة الرستاق ليتوسع في العلوم على يد علمائها، مركزا لتلقي العلم والمعرفة ،ولا يستبعد رحيل وكانت رستاق في ذلك الوقت هذا الشيخ إلى )نزوى( لاستكمال تعليمه كما جرت عادة طلبة العلم من شد الرحال إليها. ويعد الشيخ خميس الشقصي 5من كبار علماء القرن الحادي عشر، وأحد الفقهاء الذين حفظوا لنا تراث المذهب الإباضي ،وكان قدوة للعلماء في زمانه ،ورك نا من أركان دولة الإمام ناصر بن مرشد ،كما كان قاضي قضاته. كما تبرز مكانته جلية في ثناء العلماء عليه ،وعلى كتابه الفذ» :منهج الطالبين وبلاغ الراغبين« ،فقد قال عنه أحد معاصريه وهو الشيخ عبد االله بن محمد الخراسيني» :وإذا سألتم عن العلماء الذين هم من أهل عمان ،وأولهم ومقدمهم الشيخ محمد بن عمر بن أحمد بن المداد ،والشيخ مسعود بن رمضان ،والشيخ القائم بالحجة ،العالم بالمحجة خميس بن سعيد الرستاقي، فهؤلاء عليهم المدار ،وأهل الدرجة العليا.«.. كما اعتبره الشيخ أحمد بن مسعود الس يابي أنه صاحب مدرسة فكرية مستقلة؛ لأنه جمع بين المدرسة النزوانية والمدرسة الرستاقية ،ليخرج لنا المدرسة الشقصية. كانت عمان في زمن الشقصي 5مقسمة إلى دويلات صغيرة ،على رأس كل واحدة منها تسلط حاكم يأخذ بزمامها ،وكانت الحروب بين الدويلات المتناحرة تسوم أهلها سوء العذاب ،فضلا عما يقع على كاهل الرعية من ظلم ومذلة ،سأموا حالها وتمنوا زوالها ،وبسبب هذه الفرقة كان الغزو البرتغالي على سواحل البلاد لا يجد من يصد عدوانه ،ويمنعه من احتلال البلاد. تنبه الشيخ الشقصي 5وغيره من العلماءفي ظل هذه الظروف الصعبة مائة كتاب إباضي168 لخطورة هذا الموقف ،وأدركوا ضرورة تنصيب حاكم عادل يجمع كلمة العمانيين ويوحد صفوفهم ضد عدوهم ،وينصر المظلوم ،ويأخذ ب يد الظالم. اجتمع العلماء بعد ذلك في الرستاق ،وقدوتهم يومئذ خميس الشقصي، وأجمعوا على مبايعة الإمام ناصر بن مرشد اليعربي ،فبايعه شيخنا الشقصي ،وبايعه تبعا لذلك ،فكان للشيخ فضل إعادة الإمامة بعد أفول نجمها برهة من الزمن.العلماء العمانيين ،وكانتوجه الإمام ناصر بعد مبايعته لتوحيد البلاد ،و ل م شمل الشيخ الشقصي 5ساعده الأيمن في حروبه التي خاضها من أجل ذلك؛ إذ ملازما للإمام في فتحه لحصن الرستاق ،وغيرهاتذكر المصادر أن الشيخ كان من بلاد ،لحكم الإمامة ،وهكذا شارك في توحيد البلاد ،وتثبيت دولة الإمام. وتولى الشيخ الشقصي منصب قاضي الإمام ناصر ،وبعد وفاة الإمام ناصر )ت ١٠٥٩ه( عقدت البيعة للإمام سلطان بن سيف ،فكان الشيخ الشقصي ومؤيدا جهاده ضد البرتغاليين. ومؤازرا، ناصرا له وحد الإمام ناصر البلاد تحت راية الحق وجه جهوده في التخلصوبعد أن  من الاحتلال البرتغالي القابع على سواحل عمان. وبالرغم من أن الشيخ الشقصي 5كان يشغل منصب القضاء ،إلا أنه كان له دور بارز في تطهير البلاد من المحتلين ،فقد وجهه الإمام لتأديب البرتغاليين في مسقط ،لرفضهم دفع الجزية المفروضة عليهم ،وإساءتهم في معاملة المسلمين بعد أن اتفقوا مع الإمام على خلاف ذلك. قاصدا مسقط ،حتى إذا وصل )بوشر( سمعفسار الشيخ الشقصي بالجيش البرتغاليون بالخبر ،فأرسلوا إليه يطلبون الأمان والسلام ،ولكن الشيخ واصل مسيره حتى بلغ )مطرح( ،مما اضطر البرتغاليين إلى عقد اتفاق جديد مع العمانيين كان  أشد عليهم من سالفهم. 169منهج الطالبين وبلاغ الراغبين كما تمكن الشيخ الشقصي من تحرير )صور( و)قربات( من البرتغاليين، وطردهم عنها بعد أن أرسله الإمام لذلك. ولا يوجد نص يحدد لنا العام الذي توفي الشيخ الشقصي فيه ،إلا أنه وفي آخر حياته كتب وصيته بخط يده في يوم الجمعة لثماني ليال بقين من شهر جمادى الآخرة ،سنة سبعين وألف من الهجرة النبوية )١٠٧٠ه( ويوافقه ) ١٧من إبريل سنة ١٦٠٦م(. وهكذا توفي الشيخ في تلك السنة أو بعدها بقليل ،بعد حياة ملؤها العلم والتعليم والجهاد والإصلاح. أما كتابه» :منهج الطالبين وبلاغ الراغبين« فهو كتاب موسوعي ،أودع فيه عصارة فكره ،وما توصل إليه من آثار السابقين ،ثم اختصره في كتاب آخر، أطلق عليه» :منهج المريدين«. وهذا الكتاب كتاب نفيس ،عظيم الفائدة ،يجمع أصول الفقه والدين ،وهو قديما وحديثا. من أفضل كتب المذهب الإباضي التي حظيت باهتمام العلماء ولم يختلف المؤرخون الذين ترجموا للشيخ خميس بن سعيد الشقصي الرستاقي في صحة نسبة هذا الكتاب إليه ،وهو أهم موروث علمي وصلنا عن الشيخ ، 5وقد جرى إباضية المغرب على تسميته »منهاج الطالبين« كما أ لف مختصرا عليه ،وهو الشيخ عبد العزيز الثميني ،وسماه »التاج أحد علمائهم المنظوم من درر المنهاج المعلوم« فسماه ب »المنهاج«. ويرى بعض المؤرخين أن الشيخ الشقصي 5أ لف كتابه »منهج الطالبين وبلاغ الراغبين« بعدما تهيأت له الظروف ،وبعد تنصيب الإمام ناصر اليعربي ،وإتمام توحيد تقريبا بعد )١٠٥٠ه(؛ وذلك لأنه البلاد ،وبعدما استقرت الأوضاع في عمان ،أي: اشتغل أولا بالتعليم ،ثم اشتغل بإقامة الدولة ،وبعد ذلك لجأ إلى التأليف. مائة كتاب إباضي170 بينما يرى الباحث سلطان الشيباني أن الشيخ الشقصي 5فرغ من تأليف الكتاب في حياة الإمام ناصر اليعربي )١٠٥٩ - ١٠٣٤ه( ،ويستدل على ذلك بأدلة. يعد كتاب »منهج الطالبين« من أفضل كتب المذهب الإباضي التي ألفت في القرن الحادي عشر؛ ولذلك حظي بمكانة كبيرة عند فقهاء المذهب ،كما يتبين ذلك جل يا من ثناء العلماء عليه ،وحرصهم على الاعتناء به ،فنجد الكتاب لم يأخذ فترة طويلة حتى انتشر ووصل إلى إباضية المغرب. ومما يدل على مكانة الكتاب أن الشيخ عبد العزيز الثميني قام باختصاره وتقريب معانيه في كتاب سماه» :التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم«. ومن الثناء على الكتاب ما قاله الشيخ السيابي» :وإذا شئت التروي فعليك بقاموس الشريعة ،ومنهج الطالبين«. كذلك ما ينقل عن الإمام السالمي أنه كان يثني على كتاب »منهج الطالبين« ،وذلك لشموليته. وعن الإمام الخليلي 5أنه كان يقول عنه» :ليت هذا الكتاب يطبع« ،وما ذلك إلا حرص منه أن يستفيد طلبة العلم من هذا السفر الثمين. جزءا ،أما المطبوع فقد صدر فيويتكون الكتاب الأصلي في عشرين عشرة مجلدات. يقول المؤلف في مقدمة الكتاب عن سبب تأليفه» :أما بعد :فإني لما رأيت قل طلبه ،وتقاصر أكثر الناس عن الرغبة فيه ،وك لت الهمم عنالعلم قد الوصول على مقامات السلف الماضين ،وعجزت عن درك مقاصد السابقين استعملت خاطري في تصنيف مختصر أجمع فيه معالم الشريعة ،وأنظم فيه وأبين أصله وفرعه ،وأجعل مسائله مشروحة مجموعة ،متجاوزةشتات الفقه ، متتابعة مشروعة. 171منهج الطالبين وبلاغ الراغبين فجمعت فيه بغاية الإيجاز الذي لا يكون معه ملال ،واختصار لا يزري به إقلال ولا إخلال ،وسميته كتاب »منهج الطالبين وبلاغ الراغبين«. ضروبا من علوم الشريعة ،وفنو نا منجزءا ...يحتوي وجعلته مجزأ عشرين معلما بالأقوال ،ومفصلا بالفصول؛ لمطالعة المسائل،العلم مجموعة ،وجعلته تقريبا عن الإطالة والملالة«. الجزء الأول: عرف المؤلف العلم لغة بأنهفي العلم وصنوفه والحث على تعليمه ودرسه .ي  هو :المعرفة والفهم ،ومن المجاز :هو علم ما أثره الأولون ،وحفظه عنهم الآخرون. وأما العلم الحقيقي :فالذي هو غير مكتسب ،ولا يتغير ولا يتبدل هو علم االله ج ل وعلا وهو علم الغيب والشهادة .والعلم عند أهل الكلام ،وما يعقله الناس :هو نقيض الجهل .والعلم بنفسه :هو تمييز حقيقة الأشياء على ما هي عليه ،ووضع الأمور على أماكنها من غير تغاير ولا تناقض. علما ،لأنه علامة يهتدي بها العالم إلى ما قد جهل به الناس،وسمي العلم وهو بمنزلة العلم المنصوب على الطريق. والعلم أصناف كثيرة ،وضروب مختلفة ،وكلها شريفة ،ولكل علم منها فضيلة ،والإحاطة بها ،وبجميعها محال ،قال النبي ژ » :العلم أكثر من أن يحصى ،فخذوا من كل شيء أحسنه«. ومن ظن أن للعلم غاية فقد بخسه حقه ،ووضعه في غير منزلته التي وصفه االله بها ،قال تعالى] ﴾ Î Í Ì Ë Ê É ﴿ :الإسراء.[٨٥ : والعلم ثلاث درجات :فمن بلغ الدرجة الأولى استكثر ما علمه ،فإذا بلغ استقل ما علمه ،والدرجة الثالثة :لم يبلغها أحد. الثانية: وقال بعض الحكماء :العلم علمان :علم ديني ،وعلم دنيوي؛ فالعلم الديني مائة كتاب إباضي172 هو قسط العلماء الذين أرادوا به الآخرة ،والنجاة من سخط االله تعالى ،والعلم الدنيوي ،وهو ما أريد به اكتساب الأموال في الدنيا. والعلم الديني ينقسم إلى قسمين :ظاهر عام ،وخاص باطني خفي .فالعلم الظاهر :كالعلم في الحلال والحرام ،والفرائض والسنن والأحكام ،وحفظ الكتب والحديث ،وأمثال ذلك قد اشترك فيه الخاص والعام. والعلم الخاص الباطن الخفي :هو علم الأنبياء ،والصديقين ،والأولياء خص به قوم ،وهو في كل أمة مثل :تأويل الكتب ،وأسرارالمخصوصين ،قد الأنبياء والرسل ،وما كان بينهم وبين أوليائهم ،دون عوام الناس. وأما العلم الدنيوي فينقسم على قسمين :علم روحاني ،وعلم جسماني، فالعلم الروحاني ،مثل علم النجوم ،والحساب والطب ،وما أشبه ذلك ،والعلم الجسماني هو علم الصناعات. أما عن أصناف العلماء ودرجاتهم .فقد قال تعالىÝ Ü Û Ú ﴿ : ] ﴾ â á à ß Þالمجادلة .[١١ :واتباع العلماء واجب ،وجعل االله العلماء حجة في الأرض بينه وبين عباده ،وأمرهم أن يقبلوا قولهم ،ويهتدوا بهداهم ،فقال ج ل وعلا] ﴾ 0 / . - , + * ﴿ :النحل.[٤٣ : وينبغي للعالم أن يوفي العلم حقه بلزوم التقوى الله ،والعمل بعلمه .وتعليم الجاهل على العالم فرض وليس بتطوع. معلما، من آداب العلماء :النصح لمن علموا ،والرفق بهم ،فلا تعنفوا صدرا ،وأكثر متعلما .وينبغي للعالم أن يكون أوسع الناس ناسيا ولا تحقروا لقاء ،وأحسنهم خلقا؛ لأن المتعلمين منه والمتحملين عنهصبرا ،وأجملهم  يأخذون خلائقه ،ويحتذون طرائقه ،ويجب على العالم أن يوقر المتعلم ،كما أيضا. يجب على المتعلم ذلك 173منهج الطالبين وبلاغ الراغبين أيضا موضوعات الفتيا ولزوم الحجة،ثم يعرض المؤلف في هذا الجزء وتعليم القرآن ،واختلاف العلماء في خلق القرآن ،وفي المحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ منه ،وفي تفسير شيء منه. كما تناول المؤلف في هذا الجزء بعض موضوعات علم الكلام مثل التوحيد ،ومعرفة االله تعالى ،وأسمائه وتفسيرها ،ونفي الشبه عنه ،والرؤية، والكلام ،والوعد والوعيد ،والمشيئة والإرادة ،وخلق الأفعال ،والاستطاعة ووجوب التكليف ،والعلم ،والهدى والضلال ،والصراط والميزان ،والاستواء، والموت والقبر والبعث والحساب ،والجنة والنار ،وفيما يسع جهله ،وما لا يسع جهله ،وفي الإيمان والإسلام والكفر والنفاق ،وذكر الملائكة والجن وإبليس لعنه االله ،وفي ذكر العلماء وأسمائهم ،وفي رفع مذهب أهل الاستقامة. والتوحيد لغة هو معرفة االله تعالى ،وهو ما يجب على كل عاقل سالم عقله من الآفات؛ أن يعتقد أن االله سبحانه إله واحد لا شريك له ،متفرد لا ند له، قديم لا أول له ،مستمر الوجود لا آخر له ،ليس بجسم مصور ،ولا بجوهر مقدر ،ولا يماثل الأجسام ،ولا تجزئه الأقسام. وينبغي أن يلقن الصبي هذه العقيدة في أول نشأته ،ليحفظها حف ظا ،ثم لا يزال ينكشف له معناها في كبره شي ئا فشي ئا .فابتداؤه :الحفظ ،ثم الفهم ،ثم الاعتقاد ،ثم الإتقان ،والتصديق بها ،ثم لا بد من تقويته بتلاوة القرآن، وتفسيره ،وقراءة الحديث ،وفهم معانيه. ويقدم المؤلف أدلة وجود االله ويكتفي بما أرشد إليه القرآن من أدلة مثل قوله تعالى] ﴾ a ©̈ § ¦ ¥ ﴿ :إبراهيم.[١٠ : وأن االله قديم وجد قبل الخلق ،ولا نهاية لوجوده .وهو واحد لا شريك له، فرد لا ند له ،انفرد بالخلق والإبداع ،وتوحد بالإيجاد والاختراع ،لا مثيل له يساويه ،ولا ضد له ينازعه. مائة كتاب إباضي174 أما التوحيد فمعناه :إفراد الرب سبحانه عن الخلق ،وجميع معانيهم، وترك التسوية بينه وبين العباد في جميع أفعالهم وصفاتهم. وأما الشريك :فمعناه المساواة بين الأشياء في الأدوات ،والصفات ،ومعناه في االله تعالى :هو التسوية .والشريك على وجهين :جحود ،ومساواة. وما يجب على المكلف :أن يعلم أن االله تعالى أمر بطاعته وأوجب عليها عقابا ،ويعلم الإسلام والمسلمين، ثوابا ،ونهى عن معصيته ،وأوجب عليها والكفر ،والكافرين ،ويعلم تحريم دماء المسلمين ،وأقوالهم وسبي ذراريهم بالتوحيد الذي معهم ،ويعلم تحليل ما ذكرنا من المشركين بالشرك الذي معهم، الملل وأحكامهاومعرفة الولاية والبراءة في الجملة حال بلوغه ،وعليه أن يعرف في أول حال بلوغه. ومعنى التوحيد :إثبات الوحدانية الله تعالى ،ونفي ما سواه من إله ،أو شريك ،أو ولي ،أو طاغوت ،فكل ما يعبد ما سوى االله يجب نفيه ،والكفر به، والتبرؤ منه. وقد نهى 8عن التقليد ،وذم من ق لد ،وأما الذي يجوز فيه التقليد للعالم الأمين ،فهو كل ما يسع جهله مما تعبد االله عباده ،ما لم ينص عليه في كتاب ظاهرا يدل على مراده ،ولم ينصب عليه دليلا من كتاب ولا سنة،نصا  ولا إجماع من الأمة ،ورد الحكم فيه إلى العلماء المستنبطين؛ ليجتهدوا في استخراج الحكم به. أما أقسام التوحيد :فقد ذكر بعض العلماء أنها على ثلاثة أقسام :قال :إن االله أوحى إلى داود : ‰يا داود تعلم العلم النافع ،قال :إلهي ،وما العلم النافع؟ قال :أن تعرف جلالي ،وعظمتي ،وكبريائي ،وكمال قدرتي على كل شيء؛ فإن إلي. هذا هو الذي يقربك  175منهج الطالبين وبلاغ الراغبين ويقدم المؤلف أدلة وحدانية االله ،وأنه لا إله غيره ،وأنه لا شريك له في الملك ،قال تعالى5 4 3 2 10 / . - , + * ) ( ' ﴿ : ] ﴾ ; : 9 8 7 6المؤمنون [٩١ :فلا إله غيره ،ولا خالق سواه. والدليل على أن االله خالق الأشياء ومحدثها :لو أن نطفة وضعت بين أيدي نشرا شعرا ،ولا لحما ،ولا عظما ،ولا جميعا ،لم يقدروا أن يخلقوا لهاالخلائق ولا حياة ،ولا قدرة؛ فكيف إذا كانت في ظلمة الرحم؟ وبينها وبينهم الحجب الكثيرة ،فعلمنا أن من جعل النطفة خلقا :هو االله الواحد الذي ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير. ويقسم المؤلف أسماء االله تعالى إلى قسمين :أسماء ذات ،وأسماء صفات. فمن أسماء الذات :الرحمن الرحيم الحي القيوم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز .فهذه الأسماء ،وأمثالها من أسماء الذات. وأما أسماء الصفات :خالق بارئ مصور رزاق محيي مميت باعث ناشر مجاز ،وما كان مثلها. استنادا على قوله تعالى2 1 ﴿ :وينفي المؤلف التشبيه عن االله ، 8 ] ﴾ 7 6 5 43الشورى[١١ :؛ فنفى أن يشبهه شيء من خلقه. أما الصفات الخبرية ،مثل :الوجه ،والعين ،واليد وغيرها فيؤوله المؤلف. فيذكر أن )الوجه( عند العرب يقال على معان مختلفة أحدها :يراد بها الوجه نفسه ،والثاني :تقول ما أعرض وجه فلان ،ولفلان وجه مشرق يراد به الانبساط في تجارته ،والقدر عند قدومه. وكل هذه المعاني :عن االله 8منفية إلا أن المعنى الأول ،وهو :أن وجه الشيء وهو الشيء نفسه لا غيره ،ولا يجوز أن يكون الله تعالى )وجه( على ما يفعل من وجوه الأجسام؛ لأن االله تعالى ليس بجسم. مائة كتاب إباضي176 والعين على معان :هي الجارحة من الحيوان ،وهي العين المركبة في الرأس ،والعين :الحفظ ،والمشاهدة ،والعين :الدلالة ،والعين :العقوبة ،والعين: الجودة .والعين :الجاسوس ،والقبلة وغيرها .والعين :التي هي الجارحة المركبة في الرأس منفية عن االله تعالى. وقولهم :أنت بعين االله؛ أي :في حفظ االله ،ولا تخفى عليه ،وهو معك يحفظك ،وقولهم :أصابتك عين من عيون االله؛ أي :عقوبة ونقمة من نقماته. أما اليد :فعلى معان :منها :الملك ،والقدرة ،والم ن ،والعطية ،ويد الشيء: هو الشيء نفسه .فأما اليد التي هي الجارحة من جوارح المخلوقين فهي منفية عن االله تعالى ،وقوله تعالى] ﴾ à  Á ﴿ :المائدة [٦٤ :يعني :نعمته وقدرته دائمتان ،ولا يقبضهما شيء. ثم يعرض المؤلف موضوع رؤية االله تعالى ،وقد أثار هذا الموضوع جدالا واسعا بين علماء الكلام ،حول إمكانية النظر يوم القيامة .ويذكر المؤلف أن النظر في لغة العرب يطلق على معان :نظر على جهة الانتظار مثل قولهم :انظر الفرج من االله تعالى ،ثم على يد فلان بمعنى النظر ،ونظر على جهة الإمكان. ونظر :على جهة الاختيار ،ونظر من جهة الحكم من قولهم :ونظر على جهة العائدة والرحمة .ورأى المؤلف أنه ليس لأحد من الخلق أن ينظر إليه جهرة لا في الدنيا ولا في الآخرة؛ لأن الأبصار لا تدرك إلا الأجسام المحدثة. وقيل :معنى الرؤية هي المعرفة ،إلا ما كان يدرك من جهة الأبصار ،فذلك رؤية جسم ،وما سواه فالرؤية بمعنى المعرفة ،قال االله تعالى` _ ^ ] ﴿ : ] ﴾ c b aالفيل [١ :وقد مدح االله نفسه فقال8 7 6 5 ﴿ : ] ﴾ > = < ;: 9الأنعام [١٠٣ :وقد نفى االله 8أن تدركه الأبصار ،وأن يرى جهرة ،فهو : 4لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة. ويورد المؤلف رأي الإباضية في »الوعد والوعيد« فيقول :قال أهل 177منهج الطالبين وبلاغ الراغبين الاستقامة من أمة محمد ژ :إن االله تعالى وعد من عمل بطاعته الجنة ،لا خلف وأصر عليها، لوعده ،وأعد من عصاه النار؛ إذا مات غير تائب من معاصيه، ولا خلف لوعيده ،ولا مبدل لقوله. والوعد :هو ما وعد االله به أهل طاعته من الثواب في الآخرة ،وهو حق، والوعيد :ما أوعده االله ]به[ أهل الكفر ،والمعاصي من العقاب في الآخرة ،وهو حق. أما القضاء والقدر ،وهي من المسائل التي أثارت جدلا كبيرا في علم التوحيد ،فقد عرض لها المؤلف ،وعرف القضاء لغة بأنه :على وجوه قضاء خلق ،وقضاء حكم ،وقضاء أمر ،وقضاء إخبار ،وقضاء إعلام. وأما القدر :فهو الخلق ،فالمقدور فعل االله ،والمقدور فعل العبد ،ويجب الإيمان بالقدر خيره وشره .واالله تعالى لا يعذب على القدر ،وإنما يعذب على شرا عوقب عليه.خيرا حمد عليه ،وإن فعل المقدور الذي هو فعل العبد ،إن فعل والجزء الثاني: في الولاية والبراءة ،وصنوف ذلك ومعانيه. وفي صغائر الذنوب وكبائرها. وفي التوبة وفضلها وتهذيب النفس وتقويمها ،وأعمال القلب وما تستقيم به العبادة وإخلاص العمل. وفي ذنوب الأنبياء والملائكة . 1 وفي فضائل نبينا محمد ژ وأصحابه وأمته ،وفضائل الذكر. وفي الجنة والنار ،والدنيا والآخرة ،وذكر الطيب ،وستر البدن ،وأدب الأكل والشرب والجماع ،وما يستحب من القول وجواز التقية ،والعتب والعذر ،والحب والبغض ،وحسن الجوار والمعاشرة ،وصلة الأرحام، والاستئذان في البيوت ،والسلام ورده ،وما يجوز للرجال والنساء من بعضهم لبعض ،وحق الوالد على الولد. مائة كتاب إباضي178 وفي الفرائض والسنن ،وفي النيات وألفاظها ،وفي الشك المعارض للعبد في حلاله ،وفي مسائل في البحر ،وما جاء في الجبابرة وعمالهم ومن ابتلي بهم. ويرى المؤلف أن الولاية والبراءة فريضتان من فرائض االله تعالى .والولاية بالفتح النصرة ،وبكسر الواو الإمارة ،وأصل هذه الكلمة بمعنى القرب. والولاية على معان :ولاية إيمان ،وولاية الهجرة ،وولاية النصرة ،وولاية معاقدة ،وولاية إرث ،وولاية نسب ،كولاية النكاح ،وولاية نبوية. والبراءة هي اعتقاد عداوة على فعل ما نهى االله عنه .ولا تكون البراءة إلا على حرمها االله أو على الرضا بها وتصويب فاعلها والولاية عليها.الأفعال السيئة التي فولاية االله لعباده لا تزول ولا تنتقل؛ لأنه العالم بهم وبأعمالهم وبما يكونون إليه مصيرهم قبل أن يخلقهم ،وكذلك براءته منه. وأما ولاية العباد لبعضهم بعض ،فهي تنتقل بانتقالهم في الأعمال من حال إلى حال لما يظهر من أعمالهم الحسنة أو السيئة. إن الولاية على أربعة أوجه :ولاية االله ،وولاية رسوله ،وولاية المؤمنين، وولاية المرء ،والولاية بالشهرة والخبرة الرفيعة. وأما الولاية في الجملة فهي أن يتولى االله ورسوله والمؤمنين ،ويبرأ منهم برئ منه االله ورسوله والمؤمنون. والولاية والبراءة على ثلاثة أصناف :ولاية حقيقية وبراءة حقيقية ،وولاية شرطية وبراءة شرطية ،وولاية حكم وبراءة حكم. ويرى المؤلف أن الولاية واجبة على جميع المؤمنين ،فعليهم أن يعرفوا االله ويوحدوه ويطيعوه وينصروا أولياءه ،ويعترفوا له بنعمه ،وأنه ولي جميع أمورهم ومقدر لهم جميع مقدراتهم ،فولاية االله تعالى واجبة على كل حال. 179منهج الطالبين وبلاغ الراغبين وأما ولاية االله للمؤمنين فإنه يهديهم للإيمان ويوفقهم للحق ،وينصرهم على عدوهم ،ويهديهم إلى صراطه المستقيم ،ويدخلهم الجنة التي عرفها لهم. وأما ولاية المؤمنين لرسول االله ژ فهي أن يؤمنوا به ويصدقوه فيما جاءهم به ويعظموه ويوقروه ،ويصلوا عليه ،ويحبوه ويعملوا بسنته ويدينوا بدينه ويعرفوه. وعلى أهل كل زمان ولاية االله تبارك وتعالى ،لا يسع جهل ولاية رسول االله ژ ،والمؤمنون من أهل زمانه وغيرهم ،وليس على الجميع ولاية أنبياء االله ورسله في الجملة. وأما البراءة من أهل الأحداث ،فإنها تعرف وتقوم بها الحجة بمعاينة المحدث بركوب الحدث المكفر ،أو إقرار المحدث بركوب الحدث المكفر، والشاهدين العدلين على الحدث المكفر ،من أحدثه وشهرة الحدث المكفر لمن ارتكبه. والبراءة هي التبري من الفعل المكفر ومفارقة أهله عليه والتخطئة لهم والإنكار عليهم والكراهية لهم وترك الرضا بفعلهم. الجزء الثالث: في المياه ،الطهارات ،والنجاسات ،وفي الحيض ،والاستحاضة، والنفاس ،والغسل من الجنابة. وفي صلاة الحائض ،وصومها. وفي الوضوء والتيمم ،وغسل الميت ،والصلاة عليه ،وذكر القبر، والتعزية في الموتى. وفي شيء من الأسفار. الجزء الرابع: في الصلاة ووجوبها ،وجميع صنوفها ،وضروبها ،وما يجب على العبد فيها. مائة كتاب إباضي180 الجزء الخامس: في الزكاة ،وصنوفها ،ومن تجب له. وفي الجزية ،والصوافي ،والأموال المنسوبة إلى أولاد نبهان من عمان، وحكم المسلمين فيها. الجزء السادس: في الصوم ،وزكاة الفطر. وفي الأيمان وكفارتها ،وفي النذور وكفارتها. وفي الاعتكاف ،وتحريم الحلال ،وتحليل الحرام ،ومن جعل نفسه هد يا أو نحيرة. وفي صنوف الكفارات ،وفي الذبائح ،والصيود ،وما يحل منها. وفي الأشربة ،وما يحل منها ،وما يحرم ،وتصنيف جميع ذلك. الجزء السابع: في الحج ،ومن يجب عليه ،ومن لا يجب عليه ،وفي الضحايا ،وصفتها، وما أشبه ذلك. الجزء الثامن: في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،والعقوبة بالحبس والتعزير. إماما ،وفي أحداث عساكر وفي الإمامة وشروطها ،ومن يجوز أن يكون الأئمة ،وما يجب على الأئمة ورعاياها ،ومن يجوز عزله وخلعه. وفي الجهاد ،ومحاربة أهل الشرك والباغين. وفي الغنائم وأحكامها ،وأقسامها ،وفي الأسارى ،والمرتدين ،ومخيفي الطرق على الناس. وفي الولاة ،وما يجوز لهم ،ومن يجوز أن يولى. وفي الحدود وأحكامها ،ومن تجب عليه ،ومن لا تجب عليه. 181منهج الطالبين وبلاغ الراغبين الجزء التاسع: في الدعاوى ،والأحكام ،وإنفاذ الحكم على الحاضر ،والغائب ،وما أشبه ذلك. الجزء العاشر: في الشهادات ،وألفاظها ،ومن تجوز شهادته ،ومن لا تجوز. وفي ألفاظ الصكوك ،وفي الأيمان ،والنصب وألفاظ ذلك. وفي الوكالات وأحكامها ،وما يثبت في ذلك وما لا يثبت. الجزء الحادي عشر: في الديون ،والحوالة والضمان ،والكفالة والخلاص من ذلك. وفي الدماء وأروشها ،والديات عليها. وفي القتل ،وما يجب على العاقلة منها ،وفي القسامة ،وما أشبه ذلك. الجزء الثاني عشر: في القسم ،والشفع ،وفي العمل ،وفي الأصول والأعمال ،وفي الصنائع، والإجارات ،ومن يلزمه الضمان ،ومن لا يلزمه. وفي أجرة الدواب ،والعبيد ،والمنازل والسفن وأحكام ذلك. الجزء الثالث عشر: في الأنهار ،والآبار ،والطرق ،والسواقي ،والمنازل ،وقياس النحل. وفي المباينات والمفاسلة ،ومعاني ذلك. وفي تحليل الأموال ،وتحريمها ،والعرف ،والعادة بين الناس. وفي الغصوب ،والخلاص منه ،والخلاص من السرقة ،والضمان، والتبعات ،والاستحلال من ذلك. مائة كتاب إباضي182 وفي الضمان الذي لا يعرف ربه ،وما يجوز به الانتفاع من الأموال والمنازل. وفي الراكبين في السفن ،وما يجوز لهم فيها من الانتفاع ،وما أشبه ذلك. وفي المساجد ،وفضلها ،ومن تلزمه عمارتها والقيام بها ،وبأموالهم ،وبنائيها. وفي الرسوم ،وأحكامها ،والإحداث فيها ،والانتفاع منها. وفي الفلوات ،والصحاري ،والأودية ،وما ينبت ،والجبال. وفي مال الفقراء ،والسبل ،والغائب ،والوقوف ،والمقابر. الجزء الرابع عشر: في البيوت وصنوفها ،وما يحل منها وما لا يحل. وفي الأحكام فيها ،وفي العيوب وما يحرم منها. وفي الصرف ،والقرض ،والسلف ،والمضاربة والرهن. الجزء الخامس عشر: في النكاح ،وجوازه ،ومن يجوز تزويجه من النساء ،ومن لا يجوز ،وما تحرم به الزوجة على زوجها. وفي الأولياء ،والوكالة في التزويج ،وفيمن الأولى له من النساء. وفي تزويج المتعة. وفي الرضاع. وفي الصدقات ،وما جاء فيها ،وأحكام ذلك. الجزء السادس عشر: في معاشرة الأزواج ،وما يجب في ذلك :من نفقة وكسوة ،ومعاشرة ،وما يجب للمطلقات ،وللمميتات ،والبائنات ،ونفقة الزوجة. وفي سفر الرجل برأي زوجته ،وغير رأيها. 183منهج الطالبين وبلاغ الراغبين وفي القسمة بين النساء. وفي الطلاق ،والخلع ،والبرآن ،والإيلاء ،والظهار وتحريم الزوجات، وتخييرهن. وفي عدة النساء المطلقات والبائنات والمميتات ،وغيرها. الجزء السابع عشر: في الأولاد وتربيتهم من أحق بهم ،ووجوب نفقتهم ،ونزعة أموالهم، وتصرف الوالد في مال ولده ،وفي لحوق الوالد ،وفي أدب الصبيان، وفي أم الولد وغيرها. الجزء الثامن عشر: في الإقرار والعطية ،والعمرى ،والرقبى ،والسكنى ،والعارية والأمانة، والهدية والصدقة ،واللقطة والضالة. الجزء التاسع عشر: في الوصايا وأحكامها وفروعها ،وأقسامها ،وما كان من معانيها. الجزء العشرون: في المواريث وقسمها بين أهلها ،وشرح ما يتعلق على فنونها وأحكام ذلك. 184 Ö«JôàdG á«`°TÉM »fÓLQGƒdG o«gGôHEG ∞°Sƒj ܃≤©j »HCG áeÓ©∏dszÖ«JôàdG{ ÜÉàc العلامة أبي عبد االله محمد بن عمر الشهير بالمحشىمحشو بحاشية  )ت ١٠٨٨ه١٦٧٧/م( وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان١٤٠٢ ،ه١٩٨٢/م. عدد الأجزاء ٨ :أجزاء هذه حاشية الشيخ العالم الفقيه أبي عبد االله محمد بن عمر المغربي الوهبي الإباضي حمل فيها الأحاديث النبوية والأخبار المصطفوية المضمنة بالكتاب المسمى بالترتيب المنظوم في سلك عجيب من العالم الأجل أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم المغربي الوهبي الإباضي الوارجلاني. وعلم الأحاديث من أنفس ما يقتنى ،وأعز ما يشتغل بتوصيله ،ص نف فيه الحفاظ مصنفات كثيرة لاشتماله على المنافع الدنيوية والدينية ،وكان من أصحها رواية تصنيف أبي يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني وكتابه: »الترتيب« ،وهو مروي عن أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي ژ . يشتمل الجزء الأول والثاني على الطهارة والصلاة ،ويقعان في ثمانية بابا .تبدأ بباب في» :النية« .والنية أحد أقسام كسب العبد ،فإنهوأربعين يكون القلب والجوارح واللسان ،وهي تكون عبادة بانفرادها بخلاف القسمين الأخيرين. والنية لغة هي القصد الذي عززه القلب ،وشر عا قصده المقترن بالفعل. والكفارات عند الإباضية يجوز تقديم النية على الشروع في العقل 185حاشية الترتيب ويستحب عندهم وعند الشافعية وبعض أصحاب مالك مساعدة اللسان خلافا للمشهور من مذهب مالك. والنية محلها القلب ،وقيل :الدماغ ،والأدلة السمعية دالة على الأول كقوله تعالى: ﴿ ] ﴾ o n m l k j i hالبينة [٥ :والإخلاص إنما يكون بالقلب. النية جمع الهمم في تنقية العمل للمعمول له .وقال بعضهم:وقال بعضهم : ونية الجهال التخصيص عننية العوام في طلب الأغراض مع نسيان الفعل ، ونية ونية أهل النفاق التزين عند االله وعند الناس ،سوء القضاء ونزول البلاء ، ونية أهل التصوف ترك ما يظهر منهم منالعلماء لحرمة ناصبها لا لحرمتها ، ونية أهل الحقيقة في ربوبية تولدت عن عبودية.الطاعات ، تنظيفا وعبادة،النية لتمييز العبادة من العادة كالغسل يكون للجنابة وشرعت أو لتمييز العبادات بعضها عن بعض كالتيمم يكون للجنابة والوضوء. فرضا ونفلا ،وكذلك الصوم والحج. وصورتهما واحدة .والصلاة تكون والباب الثاني في ابتداء الوحي ،وكيف كان يأتي الرسول ژ .والوحي يتعرف على ثمانية أوجه على الإرسال؛ كقوله % $ # " ﴿ : 8 & ] ﴾ ...النساء [١٦٣ :والذي أوحى إليهم الأعمال بالنيات. والثاني :بمعنى الإلهام؛ كقوله] ﴾ Z Y X W﴿ :النحل [٦٨ :أي ألهمها. والثالث :على الأمر قوله تعالى] ﴾ | { z y ﴿ :المائدة[١١١ : أي :أمرتهم. والرابع :على معنى البيان؛ كقوله تعالى+ * ) ( ' & ﴿ : ] ﴾ . - ,طه [١١٤ :أي :بيانه. والخامس :الوسوسة؛ كقوله تعالىF E D C B A ﴿ : ] ﴾ Gالأنعام [١١٢ :أي :يوسوس. مائة كتاب إباضي186 والسادس :على معنى القرآن؛ كقوله تعالى﴾ $ # " ! ﴿ : ]الأنبياء [٤٥ :أي :بالقرآن. والسابع :على معنى الإيمان والإشارة؛ كقوله » o 1̧ ﴿ : 8 1⁄4 1⁄2 ﴾ ]مريم [١١ :أي :أوحى. والثامن :على معنى الاستقرار؛ كقوله تعالى﴾ N M L K ﴿ : ]الزلزلة [٥ :أي :أمرها فاستقرت لها أي :إليها ،وهدأت وسكنت عن الحركة والزلزلة التي أصابتها ،وقال :أوحى لها القرار فاستقرت .والوحي أصله الكلام الخفي. والباب الثالث» :في ذكر القرآن« .وكانت قراءة النبي ژ وهو المب ين عن االله 8 لم يكن فيها تطريب ولا ترجيع ،وإنما كانت مدا .وأما ما احتج به المخالف من قوله » : ‰زينوا القرآن بأصواتكم« ،فقالوا :إنه ليس على ظاهره وإنما هو من باب القلب ،أي :زينوا بالقرآن أصواتكم. والباب الرابع :في العلم وطلبه وفضله .ويذكر الكتاب قوله ژ » :اطلبوا العلم ولو في الصين« .والمراد من هذا الحديث التحريض على طلب العلم وإن بعد محله ،وأنه فريضة على كل مكلف. والعلم الذي يكون طلبه فريضة على كل مكلف هو :علم ما لا يسع جهله من توحيد وغيره كما هو معلوم ،وأما سائر علوم الديانات فإنه من فروض الكفايات إذا قام به البعض أجزأ عن الباقين. والباب الخامس :في طلب العلم لغير االله وعلماء السوء .واختلف العلماء فيمن أفتى مسألة بغير علم فأصاب :فقال قوم :يهلك في القول والفعل ،وقال قوم: يهلك في القول ويعصى في الفعل ،وقال قوم :يعصى في القول ولا ينبغي له التقدم في الفعل ،وقال قوم :لا ينبغي له القول بما لم يعلم ،وأما الفعل فلا بأس. 187حاشية الترتيب والباب السادس» :في الأمة ومدحها وبيان حالها« .والباب السابع» :في البيعة و لايةالرجل البلد ووالي الولاية والإمارة« .فالأول من ول ي الوالي بالكسر فيهما ،والثاني من أ مر بالتشديد إمارة بالكسر ،ومنه قراءة بعضهم: ﴿ ] ﴾ Ç Æالإسراء [١٦ :أي :جعلناهم أمراء. والباب التاسع» :في الإيمان والإسلام والشرائع« .وأراد بالشرائع دين الإسلام .وهذه الألفاظ الثلاثة اخ تلف فيها هل تعني مراد واحد أم أن بينها تباي نا؟ والإيمان في وضع اللغة عبارة عن التصديق ،والإسلام عبارة عن الاستسلام والإذعان والانقياد وترك التمرد والعناد والإباء ،ومحل التصديق القلب ،واللسان ترجمان .أما الاستسلام فيتعلق بجميع أعضاء الإنسان من القلب والجوارح واللسان ،فإن كان تصدي قا بالقلب فهو تسليم له ،ويصح أن يستسلم ظاهره وباطنه ممتنع ،وهو فعل المنافقين ،فإن لفظ الإسلام المطلق جميعا ،فيكون الإسلام على هذا أعم ،وإن أطلق الإسلاميتناول القلب واللسان على الاستسلام بالجوارح ،وأطلق الإيمان على الإيمان بالقلب تباين اللفظ جميعا. والمعنى والمحل والباب العاشر» :في ذكر الشرك والكفر« .والمرتد فيه ثلاثة أقوال إذا رجع إلى الإسلام :منهم من يقول :لا يبطل عمله ولا ثوابه حتى يموت على ذلك، وهو مذهب الشافعي ،واستدل بظاهر قولهm l k j i h ﴿ : ] ﴾ o nالبقرة ،[٢١٧ :ومنهم من يقول :بطل ثواب عمله ولا يطالب بالإعادة إلا في الحج ،وهو مذهب مالك ،ومنهم من يقول :بطل عمله وثوابه ،ويطالب بالإعادة ،وهو الراجح عند أصحابنا. والباب الحادي عشر» :في الحب« .وقوله ژ » :إذا أحب االله عبد ا« .والباب الثاني عشر» :في القدر« .والقدر فيه لغتان ،تقول العرب :ق در االله وق دره بفتح الدال وجزمها سكونها وهو القضاء المؤقت إلى آخره. مائة كتاب إباضي188 وفي كلام الحكماء :القضاء عبارة عن وجود جميع المخلوقات في الكتاب المبين واللوح المحفوظ مجتمعة مجملة على سبيل الإبداع ،والقدر عبارة عن مفصلة منزلة في الأعيان بعد حصول الشرائط ،كما قال ع ز وعلا:وجودها ﴿ ] ﴾ V U T S R Q P O N M Lلحجر [٢١ :وقريب منه ما يقال :القضاء ما في العلم والقدر ما في الإرادة .وقد يقال :إن االله تعالى إذا أراد شي ئا قال له :كن .فهناك شيئان :الإرادة ،والقول ،فالإرادة قضاء ،والقول قدر. والباب الثالث عشر» :في الفتنة« .والفتنة :الامتحان والاختبار .نقول :فتنت الذهب لتنظر ما جودته ،ودينار مفتون .وأصل الفتن إدخال الذهب النار لتظهر جودته من رداءته .وتستعمل في إدخال الإنسان النار ،وتطلق على العذاب. والباب الرابع عشر» :في الطهارة بالاستجمار« .والباب الخامس عشر» :في آداب الوضوء وفرضه« .و»لا صلاة لمن لا وضوء له« يعني :أن الوضوء شرط في صحة الصلاة ،والمشروط ينعدم بانعدام شرطه ،وهذا بالنظر إلى القادر عليه كما هو معلوم. ثم يتحدث الكتاب عن »فضائل الوضوء« في الباب السادس عشر ،وأنها يمحو االله به الخطايا .كناية عن غفرانها والعفو عنها ،وقد يكون محوها من كتاب الحفظة ،وقيل عفوه تعالى عمن كتبت عليه. ويرفع بالوضوء الدرجات ،أي :المنازل في الجنة ،ويحتمل أن يريد رفع درجة الدنيا بالذكر الجميل وفي الآخرة بالثواب الجزيل ،وقيل :هي أعلى المنازل في الجنة .والأبواب التالية عن بقية الوضوء والغسل ،ويختم الجزء الأول بالباب السادس والعشرين في الزجر عن غسل المريض. أما الجزء الثاني من الكتاب فيبدأ بالباب السابع والعشرين ،وهو »في الأذان« .والأذان لغة الإعلام ،واشتقاقه من الأذن بفتحتين ،وهو الاستماع، وشر عا الإعلام بوقت الصلاة بألفاظ مخصوصة. 189حاشية الترتيب ويحصل من الأذن الإعلام بدخول الوقت ،والدعاء إلى الجماعة ،وإظهار شعائر الإسلام .والحكمة في اختيار القول دون الفعل سهولة القول وتيسيره لكل أحد في كل زمان ومكان. واختلف أيهما أفضل الأذان أو الإقامة ،واختلف في الجمع بينهما .والباب الثامن والعشرون »في أوقات الصلاة« .ويذكر الكتاب وجوب صلاة الجماعة نقلا عن البخاري وأنها فرض عين ،والذي عليه الإباضية والجمهور من غيرهم أنها فرض كفاية .واختلف العلماء من الصحابة ،ومن بعدهم في الصلاة الوسطى .فقال قوم :هي صلاة الفجر مستدلين على ذلك بقوله تعالى& ﴿ : ' ( ﴾ ]البقرة ،[٢٣٨ :والقنوت طول القيام ،وصلاة الفجر مخصوصة بطول خصها في آية أخرى من بين الصلوات .وقوله تعالى:القيام وبالقنوت؛ لأن االله  ﴿ ] ﴾ K J I H G FE Dالإسراء [٧٨ :يعني :تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار ،وهي مكتوبة في ديوان الليل وديوان النهار ،ولأنها بين صلاتي جمع ،وهي لا تقصر ولا تجمع إلى غيرها. وذهب قوم إلى أنها صلاة الظهر؛ لأنها وسط النهاروهي أوسط صلاة بالنهار. وذهب الأكثرون إلى أنها صلاة العصر؛ لأنها بين صلاتي نهار وصلاتي ليل، وقد خصها النبي ژ بالتغليظ .ولم ينقل عن أحد من السلف أنها صلاة العشاء. تحريضا وقال بعضهم :إحدى الصلوات الخمس لا بعينها ،أبهمها االله تعالى للعباد على المحافظة على أداء جميعها كما أخفى ليلة القدر في شهر رمضان، وساعة إجابة الدعوة يوم الجمعة ،وأخفى اسمه الأعظم في الأسماء ليحافظوا على جميعها. والباب التاسع والعشرون» :في فرض الصلاة في الحضر والسفر« ،والقصر في السفر رخصة وتخفيف؛ لأن السفر له تأثير في التخفيف كالفطر في رمضان وغيره من التخفيف للمسافر. مائة كتاب إباضي190 ومن الباب الثلاثين إلى الباب الثامن والأربعين نهاية الجزء الثاني من الكتاب عرض لأنواع الصلوات ،منها صلاة الخوف ،وصلاة الكسوف ،وصلاة الجمعة ،وما يصاحب الصلاة من أمور مثل القراءة والركوع والسجود وغيرها. ويجوز عند الإباضية الجمع بين الصلاتين لأسباب خمسة :أحدها :المسافر، والثاني :المريض ،والثالث :من خفيت عليه أوقات الصلاة بالسحاب ،والرابع: الواقف بعرفة يوم عرفة للحج ،والخامس :البائت بجمع إذا أفاض من عرفات. ويتناول الجزء الثالث عبادات »الصيام« ،و»الزكاة« ،و»الحج« .وقد قدم الكتاب الصيام على الزكاة لتقدم فرضيته على فرضية الزكاة؛ لأنه فرض في حولت القبلة.السنة الثانية من الهجرة لليلتين خلتا من شعبان وفي نصف شعبان  أيضا في السنة الثانية من الهجرة بعد وأما الزكاة ففيها خلاف :قيل فرضت زكاة الفطر ،وقيل :في الرابعة ،وقيل :في الهجرة وبينت بعدها. وبعضهم يقدم الزكاة على الصوم كما فعل صاحب »الإيضاح« ،وصاحب »القواعد« رحمهما االله تعالى ،قال في »القواعد« :وإنما قدمنا الزكاة على الصوم في ترتيب أركان هذا الكتاب إذ كانت مقرونة بالصلاة في القرآن وفي أحاديث الرسول الموكل إليه البيان. والصيام له معنيان في اللغة ،ومعنى في الشرع ،فمعناه في اللغة الإمساك، وفي الشرع :إمساك مخصوص عن شيء مخصوص في زمن مخصوص بشرائط بالنية من الليل عن تناولمخصوصة .والمناسب أن يقال :إمساك المكلف المطعم والمشرب والجماع والاستنماء والاستقاء وجميع الكبائر من الفجر إلى المغرب. وي ف طر بضم الياء وفتح الفاء وكسر الطاء مشددة ،من فطر بالتشديد ،يقال: تفطيرا. أفطر الصائم وفطرته أ نا 191حاشية الترتيب وفيما يتعلق بالإفطار :ينبغي أن يكون بالتمر أو بالماء قبل الصلاة. ولا يستكثر من أكل الحلال وقت الإفطار حتى يمتلئ ،فما من وعاء أبغض إلى االله 8من بطن مليء من حلال ،وكيف يستفاد من الصوم قهر الشيطان وكسره الشهوة إذا تدارك الصائم عند إفطاره ما فاته ضحوة نهاره .فروح الصوم تضعيف القوى التي هي وسائل الشيطان فيقود الإنسان إلى الشرور ،ولن يحصل ذلك إلا بالتقليل وهو أن يأكل أكلته التي كان يأكلها كل ليلة لو لم يصم. ويتحدث الكتاب عن ليلة القدر ،وقيل :إنها ذات قدر لنزول القرآن فيها، ول ما يقع فيها من نزول الملائكة .ول ما ينزل فيها من البركة والرحمة والمغفرة، وأن الذي يحصيها يصير ذا قدر ،ولأن الأرض تضيق فيها عن الملائكة. وقيل :القدر هنا بمعنى الق در بفتح الدال الذي هو مؤاخي القضاء ،والمعنى: السنة لقوله] ﴾ 4 3 2 1 0 ﴿ :الدخان .[٤ :ولهاأنه يقدر فيها أحكام تلك  علامات أكثرها لا يظهر إلا بعد أن تمضي :منها أن الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها ،وفي رواية :مثل »الطست« وفي :رواية إنها طفية ،وفي رواية :وإنها طلقة لا حارة ولا باردة تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة ،وفي رواية :إنها قمرا ساطعة ساكنة صاحبة لا حر فيها ولا برد. صافية بلجة كأن فيها وأن من أمارتها أن الشمس في صبيحتها تخرج مستوية ،ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر ،لا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ .وفي رواية :أن الشمس تطلع كل يوم بين قرني الشيطان إلا صبيحة ليلة القدر .وفي رواية :إن رسل فيهاملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى ،وفي رواية :لا ي شيطان ولا يحدث فيها داء ،وفي رواية :يقبل االله التوبة فيها من كل تائب، ويفتح فيها أبواب السماء ،وهي من غروب الشمس إلى طلوعها. الكتاب الزكاة ،وهي كما قال بعضهم :لغة التطهير والإصلاح وغيرها، وذكر بالنية. وشر عا اسم لما يخرج من مال أو بدن على وجه مخصوص لطائفة مخصوصة مائة كتاب إباضي192 وهي مأخوذة من زكا الزرع إذا نما فإن إخراجها يستجلب بركة في المال، وللنفس فضيلة الكرم ،أو من الزكاة بمعنى الطهارة فإنها تط هر المال من الخبث ،والنفس من البخل. ولها في الشرع أسماء :الزكاة والصدقة والنفقة والماعون والحق والعفو كما هو ظاهر من كتاب االله تعالى. ثم لها ركن وهو الإخلاص ،وشرط هو السبب وهو ملك النصاب الحولي، وشرط من تجب عليه ،وهو العقل والبلوغ والحرية ،ولها حكم ،هو سقوط الواجب في الدنيا وحصول الثواب في الآخرة ،وحكمة وهي التطهر من الأدناس ورفع الدرجة واسترقاق الإحرام. كما يتناول الكتاب في هذا الجزء فريضة الحج ،والحج في اللغة العربية هو القصد إلى البيت الحرام بأعمال مخصوصة .ووجوب الحج معلوم من الدين بالضرورة ،وأجمعوا أنه لا يتكرر إلا العارض كالنذر ،واختلف هل هو على الفور أم على التراخي .وقد فرض سنة تسع وحج ژ سنة عشر وهو دليل من قال إنه على التراخي. ويقدم الكتاب في الجزء الرابع موضوع »الجهاد« و»النكاح« و»الطلاق و»الخلع« و»النفقة« و»البيوع« و»الأذكار«. شهيدا« ،فقيل: ومن الأمور التي قدمها الكتاب »سبب تسمية الشهيد لأنه حي ،وكأن أرواحهم شاهدة؛ أي :حاضرة. لأن االله وملائكته يشهدون له بالجنة. لأنه يشهد عند خروج روحه ما أعد له من الكرامة. لأنه شهد له بالأمان من النار. لأنه لا يشهده عند موته إلا ملائكة الرحمة. 193حاشية الترتيب لأنه الذي يشهد يوم القيامة بإبلاغ الرسل. لأن الملائكة تشهد له بحسن الخاتمة. لأنه شاهد الملائكة عند احتضاره. لأنه شاهد الملكوت من دار الدنيا ودار الآخرة. وقيل :المقتول دون ماله شهيد؛ يعني :في الآخرة إذا كان القاتل له على ذلك أهل التوحيد ،وأما شهيد الدنيا والآخرة الذي لا يغسل بل يزمل في ثيابه كما ورد في الحديث فهو المقتول في حرب الكفار؛ أي :المشركين .والشهادة المذكورة هنا جائزة له لا واجبة عليه. ويتناول الكتاب في الجزء الخامس :الرجم والحدود ،والضالة واللقطة والذبائح والأشربة ،والأحكام في هذه الأمور. والأحكام هي جمع حكم ،والمراد بيان آداب شروطه وأحكامه .والحكم الشرعي عند الأصوليين خطاب االله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء والتخير ،ومادة الحكم من الإحكام وهو الإتقان للشيء. والذبائح جمع ذبيحة وهي فعيلة بمعنى مفعولة مشتقة من الذبح وهو الذكاة ،والذكاة في اللغة هي الشق وفي الشرع :قطع الحلقوم والمريء والودجين ،وتسمى وتدعها حتى تبرد. والحلقوم موضع النفس ،والمريء الذي يدخل منه من كل حي من بشر أو بهيمة فإذا بانا فلا حياة بعد إبانتهما ،والودجان معدودان في صفحتي الحلقوم. والخمر سميت خمر لأنها تركت فاختمرت ،واختمارها تغير ريحها. وسميت بذلك لمخامرتها العقل .وقد نزل تحريمها ثلاث مرات ،والخمر في الأصل مصدر خمره إذا ستره سمي بهما عصير العنب والتمر إذا اشتد وغلى مائة كتاب إباضي194 مسكرا لأنه يسكره؛ أي :يحجره وهو حرام مطلقا،كأنه يخمر العقل كما سمي وكذا كل ما أسكر عند أكبر العلماء. واختلفوا في الخمر :هل هي خاصة بعصير العنب أم لا؟ والصحيح أنها غير خاصة؛ لحديث عمر ، 3فقد خطب في الناس فقال :الخمر نزل تحريمها وهي من خمسة أشياء :من البر ،والشعير ،والتمر ،والزبيب ،والعسل ،والخمر ما خامر العقل. ويتناول الجزء السادس» :الأيمان والنذور« .والأيمان بفتح الهمزة جمع يمين وأصل الأيمان في اللغة اليد وأطلقت على الحلف؛ لأنهم كانوا إذا كل بيمين صاحبه ،وقيل :لأن اليد اليمين من شأنها حفظ الشيء.تحالفوا أخذ و عرفت شر عا بأنها توكيد الشيء بذكر اسم االله أو صفته. والنذور جمع نذر وأصله الإنذار بمعنى التخويف. ولا يجوز الحلف بغير االله بالإجماع .فقد أجمع العلماء على أن اليمين بغير االله مكروهة منهي عنها لا يجوز لأحد الحلف بها ،والخلاف موجود عند الشافعية ،أما عند الإباضية فهي مكروهة. ويضم هذا الجزء حديثا عن الديات ،والديات بتخفيف الياء جمع دية مثل عدات وعدة وأصلها ودية بفتح الواو وسكون الدال .والعقل الدية إنما سميت بذلك لأن الإبل كانت تعقل بفناء ولي المقتول ثم كثر استعمالهم هذا حتى قالوا عقلت المقتول إذا أعطيت ديته دراهم ودنانير. ويتناول الكتاب في أحد أبواب الجزء السادس موضوع »المواريث«. والمواريث جمع ميراث بمعنى :الإرث .وهو لغة الأصل وشر عا حق قابل للتجزي ،يثبت لمستحق بعد موت من له ذلك لقرابة بينهما وله أسباب وموانع. فأسبابه عند الإباضية :نكاح ،وهو عقد الزوجية الصحيح وإن لم يحصل وطء ولا خلوة ،وقرابة ،وهو الأبوة والبنوة والإدلاء بأحدهما. 195حاشية الترتيب موانعه ثلاثة :أحدها :الرق ،وهو عجز حكمي يقوم بالإنسان بسبب الكفر وهو مانع من الجانبين فلا يرث الرقيق ولا يورث ،والثاني :القتل ،والثالث: اختلاف الدين بالكفر والإسلام. والوصايا جمع وصية كالهدايا ،وتطلق على الموصي وعلى ما يوصى به من مال أو غيره من عهد ونحوه ،فتكون بمعنى المصدر وهو الإيصاء ،وهي في الشرع عهد خاص مضاف إلى ما بعد الموت وقد يصحبه التبرع. وسميت وصية لأن الميت يصل بها ما كان في حياته بما بعد مماته ،ويقال: وصية بالتشديد ووصاه بالتخفيف بغير همز. أيضا على ما يقع به الزجر عن المنهيات والحث على المأمورات.و تطلق شر عا ولا تصح الوصية للوارث أصلا ،وعلى تقدير نفاذها من الثلث ،لا تصح الوصية له ولا لغيره بما زاد على الثلث ولو أجازه الورثة. ويتحدث الكتاب عن أدب المؤمن في نفسه .والأدب استعمال ما يحمد وعبر عنه بعضهم بأنه الأخذ بمكارم الأخلاق ،وقيل :الوقوف معقولا وفعلا المستحبات ،وقيل :هو تعظيم من فوقك والرفق بمن دونك. ويأتي الجزء الثامن من الكتاب ليكون تمام حاشية الترتيب .ومن موضوعات هذا الجزء موضوع التوبة .والتوبة اسم جامع لستة معان: أولها :الندامة على ما مضى. والثاني :العزم على ترك الرجوع إلى الذنب. والثالث :أداء كل فريضة ض يعها فيما بينه وبين ربه. والرابع :رد المظالم إلى المخلوقين. والخامس :إذابة كل شحم ولحم نبت من سحت. والسادس :إذاقة ألم الطاعة كما ذاق حلاوة المعصية. مائة كتاب إباضي196 أيضا موضوع» :الشفاعة« ،ويؤكد الكتاب علىومن موضوعات هذا الجزء أن الشفاعة حق لا تكذيب فيها ،وأنها للمؤمنين المطيعين دون أهل الكبائر. والشفاعة زيادة في الثواب وتشريف في المنازل. 197 πFÉ`°SƒdGh ΩRGƒ∏dG »a πF’ódG ) »bhôëadG ôaY øH á©aL øH ¢ûjhQO ï«°ûdGالقرن الحادي عشر( تحقيق :عبد المنعم عامر ،و د .محمد الهادي هارون وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان١٩٨٠ ،م. عدد الصفحات ٤٧٧ :صفحة يتكون الكتاب من :مقدمة التحقيق ،ومتن كتاب »الدلائل في اللوازم والوسائل« .يشير المحققان في مقدمتهما إلى أن هذا الكتاب مؤلف من غير أسلوبا ودلالة ،فقد عمد فيه مؤلفه إلى اللفظ السهل اللين ،فنظمالمصنفات الدينية منه تراكيب كلامية مبينات تستهوي القارئ ،وتدفعه إلى مزيد من القراءة ،ح با في عرضا شائقا، وطلبا لاستيعاب المادة الفقهية التي عرضها المؤلفالعلم والمعرفة، وانطلق بها لسانه على الأوجه التي تنفتح لها العقول وتنشرح بها الصدور. والمؤلف الشيخ درويش بن جمعة بن عمر المحروقي قد اطلع على العديد من أمهات الكتب الفقهية التي سبقت عصره ،واستوعب مادتها ،وأدرك بابا، بوبه في ستة وستين متآلفا ،أحكامها ،ووعى مسائلها ،فاختار منها نسقا وقد رتب هذه الأبواب في تسلسل وفق ما يلزم الإنسان من مولده إلى طفولته، ومن طفولته إلى شبابه إلى كبره ومماته ،وفي حال عسرته وحال يسره. تمهيدا سيكولوج يا نفس يا ،يقصد به تهيئة القارئويم هد المؤلف لكل باب لتقبل أمور دينه ،من فرائض وسنن ،في منطق سليم متكامل القضايا ،لا يملك الإنسان أمامه إلا التسليم والإذعان .وقد بانت أمامه طرق الهداية وسبل الطاعة لأوامر خالقه ،وظهرت له الدلائل في كل ما يلزمه من وسائل توصله إلى جنة النعيم في يوم الخلود ،يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى االله بقلب سليم. مائة كتاب إباضي198 والمؤلف متأثر إلى حد ما بكتاب» :جامع ابن جعفر« أكثر من تأثره بأي كتاب آخر ،سواء كان هذا التأثر مرجعه إلى الأسلوب أو إلى القضايا الفقهية العامة. ومؤلف هذا الكتاب هو الشيخ درويش بن جمعة المحروقي ،وأصله من بلدة أدم من قبيلة المحاريق ،وقد عاش في القرن الحادي عشر الهجري /السابع العماني نور الدين السالمي في كتابه» :تحفة عشر الميلادي ،ويذكر المؤرخ الأعيان بسيرة أهل عمان« أن وفاة الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي كانت بعد وفاة الشيخ درويش بن جمعة مؤلف كتاب» :الدلائل« ،وأن وفاة الإمام سلطان كانت ليلة ست عشرة من ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وألف ) ٢٢من نوفمبر سنة ١٦٤٩م( ،وذلك دون ذكر أو تحديد الفترة الزمنية الواقعة بين تاريخي وفاة كل منهما. واليا للإمام سلطان بن أيضا أن الشيخ درويش كان ويذكر السالمي مالك ،وأنه أي :السالمي قد وجد في كتاب »التبيان« أن مؤلفه هو الشيخ درويش بن جمعة. وعلى هذا يمكن القول بأن الشيخ درويش بن جمعة قد ولد ومات في الفترة الزمنية بين عامي ١٦٤٩ ،١٥٧٠م ،وأنه قد أ لف كتابه» :الدلائل على اللوازم والوسائل« حوالي عام ١٦٣٦م ،وهذا كله على وجه التقريب ،لا على سبيل اليقين والتحديد. العمانية ،ففيهويعتبر العصر الذي عاش فيه المؤلف من أزهى العصور استقرت الأحوال ،واعتمرت عمان وازدهرت ،واستراحت الرعية ،ورخصت الأسعار ،وجنى الناس ثمار الظفر والنظر والفتح الذي أعز االله به المسلمين في عهد الإمام سلطان بن سيف بن مالك. فقرب إليه أهل المعرفة من العلماء وقد كان هذا الإمام مح با للعلم، 199الدلائل في اللوازم والوسائل والفقهاء ،ووسع عليهم أبواب أرزاقهم فعكفوا على التأليف والدراسة ،فكانت العمانية التي تناولت شتى المعارف والعلوم. أيامهم العصر الذهبي للمؤلفات واحدا من هذه المؤلفات ويعتبر كتاب »الدلائل على اللوازم والوسائل« نتاجا ينتفع به الناس في كل أمور دينهم المتصلة التي أثمرها هذا العصر ، بأطوار حياتهم الزمنية والمعاشية. العماني يجب أن يعلم الناس أن من وينوه المحققان بأنه في مسائل الفقه  شروط تأديته الفرائض الدينية أن تكون نفسه طاهرة من كل دنس كما يكون بدنه طاهرا من كل رجس وقذر ،وأن فريضة صوم رمضان فريضة متكاملة ،إذا فسد جزء منها فسد الكل ،فالكذب مثلا ناقض للوضوء ،وإفطار يوم رمضان على العمد يفسد ما سبقه من صوم أيامه ،وعلى المسلم الإعادة أو الكفارة ،وغير هذا كثير على نمطه ومنواله ،إذ إن الدين الإسلامي نقاء كله وطهارة مادية وروحية وسنة وإجماع وقياس ،وإن من أراد الفلاح في تفرضها أصول الدين ،من كتاب دنياه ورضوان ربه في أخراه فعليه أن يلزم حدود دينه ،وأن يهتدي بتعاليمه ،وأن يأخذ من الدلائل اللوازم والوسائل التي توصله إلى مرضاة خالقه ،رب العالمين. يشير المؤلف في مقدمة كتابه إلى أن هذا الكتاب قد جمعه وأ لفه من معاني آثار المسلمين ،وجمع فيه فوائد لا يستغني عنها طالب العبادة ،وجمع فيه فرائد تدل على الزهد .وهو مرتب ومبوب على ما يلزم الإنسان في حياته منذ شبابه إلى كبره ،وفي حالة يسره وعسره. الباب الأول» :في طلب العلم وفنونه« .ويذكر المؤلف أن العلم حادث، ويتم للإنسان عن طرق الاكتساب والتعلم ،والجد والاجتهاد .والعلم هو الطريق إلى معرفة االله الواحد الأحد. كما أن العلم هو الطريق إلى أداء جميع الفرائض المفروضات من الطهارات ،والصلوات ،والصيام. مائة كتاب إباضي200 والباب الثاني :عن »الطهارة والختان« ،ويذكر المؤلف أن الختان واجب لا يجوز تركه للرجال ،ولا ينبغي تأخيره عن قدر السبع سنين إلى الثمان، ولا تجوز الصلاة للرجال إلا به ،ولا ينبغي تركه إلا من عذر ،وأما النساء فليس بواجب عليهن ،إلا أنه مكرمة لأزواجهن. والباب الثالث :في توحيد االله تعالى ،ونفي ما لا يجوز عليه من الصفات، وذكر بعض أسمائه وصفاته وما يجوز منها وما لا يجوز ،وتفسير بعض أسمائه تعالى ،ومعرفة االله تعالى فرض واجب على كل عاقل بالغ من الآدميين ،لا عذر له من ذلك. ومعرفة االله تتم عن طريق الشرع وطريق العقل ،أما في طريق الشرع فأصل التوحيد هو أن تعرف االله ،أنه واحد ليس كمثله شيء ،وهو السميع البصير. ومعرفة االله 8لا تدرك قياس شيء لا بتشبيه ،ولا بتمثيل ،ولا يجوز أن جميعا ،وإنما الدلالة عليه بمخلوقاته. نصفه بشيء من صفات المخلوقات مميزا وأما طريق العقل فلا يحصى ذلك إلا من رزقه االله تعالى عقلا يتفكر به فيما خلق االله ، 8مما يعجز الواصف عن صفته. والباب الرابع :في الولاية والبراءة ،وما بها من الإيمان والإسلام .ويرى المؤلف أن الولاية فريضة واجبة من فرائض االله لمن امتحن بها وعرف معناها وفهم المراد منها. بعضا والولاية والبراءة فرضان ،وهما كالصلاة .ألا ترى أن الصلاة تخص وتسقط عن بعض ،وتلزم في وقت وتسقط في وقت. فأما سقوطها فإنها تسقط عن الحائض أو النفساء ،والصبي والمجنون، بعضا دونوتخص غير هؤلاء ،وكذلك الولاية والبراءة إنما يخص فرضها بعض ،فعلى من خصه فرضها القيام به في لزومه. 201الدلائل في اللوازم والوسائل ويعرض المؤلف في الباب الخامس :موضوع »النجاسات والطهارات ،وما يتعلق بمعناها من ذلك« .ويذكر أن أنجس الأنجاس :البول ،ثم العذرة من الإنسان ،ثم الدم ،ثم الجنابة. وأما ما احتمل طهارته ،ونجاسته فهو طاهر ،وما احتمل حلاله وحرامه فهو حلال .وإذا أردت الطهارة الجيدة الحسنة ،للدنيا والدين ،فطهر أولا قلبك من الغل والحسد لإخوانك ،والحقد عليهم ،وأحبب لهم ما تحب لنفسك :وطهر عينيك من نظر ما لا يجوز لك نظره ،ومن شم أنفك مما لا يجوز لك شمه من الأشياء ،وط هر سمعك من استماع ما لا يجوز لك استماعه من الغناء ،وطهر لسانك من قول الغيبة والنميمة ،والكذب وشهادة الزور ،وكل كلام يخرج من غير ذكر االله تعالى. ويتناول المؤلف في الباب السادس :موضوع الوضوء وصفته .فالوضوء امتثال لأمر االله تعالى بقوله( ' & % $ # " ! ﴿ : ) ﴾ ]المائدة.[٦ : فإذا فرغ الإنسان من الوضوء ومعانيه فلا بد ألا يكون مسرفا بإكثار الماء، فقيل :إن ما زاد عن الثلاث الغسلات ،أو المسحات سرف ،والسرف مجاوزة الحد ،ولا خير فيه .وإسباغ الوضوء مأمور به بغير مجاوزة الحد ،حتى قيل :إن من توضأ فأسبغ الوضوء تسقط عنه الخطايا. النية والباب السابع :في ذكر الأذان للصلوات ،ومعرفة أوقاتها ،وفي ذكر لها ،والإقامة والتوجيه ،وتكبيرة الإحرام ،والقراءة ،والركوع والسجود. والباب الثامن :فيما ينقض الوضوء وما لا ينقضه من فعل الإنسان وغيره. والباب التاسع :في صلاة الجماعة وصفتها. وصلاة الجماعة فرض على الكفاية ،وهي تزيد في الفضل عن صلاة المنفرد بخمس وعشرين صلاة ،وقيل في موضع آخر :لكل ركعة بمائة وخمسين صلاة. مائة كتاب إباضي202 والصلاة عند الإمام العدل أفضل وأزكى ،والحجة في ذلك أنه إذا كان الناس لا يقلدون أموالهم وأماناتهم إلا أهل الأمانة والثقات من الناس فالصلاة أ ولى ألا يقلد فيها إلا أهل الثقة في دينهم ،لتكون الصلاة خلفه أفضل وأزكى، ثوابا. وأطيب وأرغب ،وأتم وأحب ،وأثمر عند االله ويعرض الباب العاشر :الصلاة المريض .والمريض إذا لم يقدر على أن نفسا إلا وسعها، قائما فاالله رحيم كريم رءوف بالعباد ،ولا يكلف االله يصلي قعودا ،وله أن يركع ويسجد في قعوده ،وإن لم يقدر فله أن يشير ،كأن فالصلاة يطأطئ رأسه للركوع ويخفضه للسجود ،أكثر من خفضه للركوع ،أو أن يصلي مستلقيا ،مستقبلا القبلة. نائما أو والمريض إذا كانت ثيابه التي عليه غير طاهرة ،وقدر على نزعها عنه طاهرا ثوبا ثيابا طاهرة ،وإن لم يقدر على نزعها فيجعل فوقه فلينزعها ويلبس ويصلي ،وكذلك الفراش إن كان غير طاهر ،وقدر أن يتحول عنه ،وإلا فليصل كلما أمكنه وقدر. ويتناول المؤلف صلاة السفر في الباب الحادي عشر ،وتناول صلاة الجمعة في الباب الثاني عشر .وصلاة الجمعة فريضة لمن لحقه شرطها ،وهي لا تكون إلا خلف أئمة العدل ،ولا تكون صلاة الجمعة على امرأة ،ولا صبي ،ولا عبد مملوك ،ولا على مسافر ،إلا أن يحضرها المسافر ،ويرغب في صلاتها. والباب الثالث عشر :في لزوم البدل ،والكفارات ،وصفة إنفاذ الكفارات عن الصلوات. عمدا في حضر ،أو سفر ،أو مرض تقدر أن تصلي فيهفإذا تركت الصلاة عامدا. بما أمكنك ،فلم تصل فعليك بدل ما تركت والكفارات لكل صلاة :تبدل مثلها ،وكفارة صيام شهرين متتابعين إن أردت 203الدلائل في اللوازم والوسائل ونساء مسلمين ،فقراء لا أغنياء، صياما ،أو إطعام ستين مسكي نا ،رجالا تمرا عبيدا ،تطعمهم أكلتين غداء ،وعشاء كبارا ولا صغارا ولا ولا مرضى ،ولا وخبزا أو غيرهما. والباب الرابع عشر :في ذكر غسل الميت ،والخامس عشر :في صفة الصلاة على الميت ،ولا يصلى عليه ،ولا يدفن إلا في الوقت الذي تجوز فيه الصلاة. وصلاة الميت أربع تكبيرات طاعة الله ولرسوله ،ثم الباب السادس عشر :في صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر. ويبدأ المؤلف من الباب السابع عشر :في عرض أحكام العبادات الأخرى، فيتناول في الباب السابع عشر والثامن عشر :الزكاة ،فيتحدث عن صفة أداء الزكاة من ثمار ونقود وماشية ،والحث عليهما ،وزكاة الماشية ،ومن كم يؤخذ من الغنم. أما الباب التاسع عشر :فهو عن صوم شهر رمضان ،وما ينقضه ،وما لا ينقضه ،وفي ذكر صلاة التراويح فيه. ويذكر المؤلف أن شهر رمضان هو شهر معروف عند العرب ،مشهور عند البدو والحضر ،وفي البر والبحر ،وهو شهر مبارك ،تضاعف فيه الحسنات و تمحى عن صائمه على الوجه الصائب السيئات ،و تجاب فيه للمتقي الدعوات، وتنزل فيه البركات. والباب العشرون :عن صلاة العيد .ووقت صلاتها :من طلوع الشمس إلى نصف النهار ،ويؤمر الناس بالخروج في ذلك حتى النساء ،ولا ينبغي لأحد أن يتخلف عنه إلا من عذر ،وينقض صلاة العيد ما ينقض غيرها من الصلوات، وإن انقضت صلاة العيد تصلى في الوقت جماعة ،وبعد فوات الوقت فرادى. والباب الحادي والعشرون :في صفة لزوم الحج ،ومعرفة أشهر الحج ،وصفة مائة كتاب إباضي204 الإحرام ،وما يجب على المحرم ،وغير ذلك .وأشهر الحج :شوال ،وذو القعدة، وتسع من ذي الحجة .وفرائض الحج التي لا يتم إلا بها عرضها المؤلف في الباب الثاني والعشرين ،ومنها :الإحرام ،والوقوف بعرفات عشية يوم تاسع ذي الحجة ،وزيارة البيت في يوم العاشر إن أمكن وإلا ففي أيام التشريق. وأما العمرة ففيها اختلاف ،قيل :هي فرض ،وقيل :سنة ،وقيل إنها من أسباب الحج. والسعي بين الصفا والمروة ،قيل فريضة ،وأكثر القول :إنه سنة ،وحلق الرأس عند الإحلال سنة ،ويبدأ بشق رأسه الأيمن ،ويستقبل القبلة. والدعاء عند الأركان مستحب ،والتكبير والتسبيح في الطواف سنة ،ورمي الجمار سنة ،والدعاء بعرفات ليس هو بشيء محدود ،إلا ما فتح االله ،وما كان منه أكثر فهو أفضل ،والوقوف عند المشعر الحرام سنة ،والبعض قال :هو فرض ،والذكر عند المشعر الحرام فرض. واجتناب قتل الصيد على المحرم واجب ،فإن قتل شي ئا من الصيد وهو المحرم فعليه الجزاء على ما يحكم به الحكمان العدلان ،إلا أنمحرم أو في ذلك على قدر الصيد. وأقل ذلك» :عام مسكين فيما يجب فيه الحكم ،أو نصف درهم. مس الطيب ،ولبس الحلي والحرير ،والثياب المصبوغة،ويجتنب المحرم ويتجنب الرفث والفسوق والجدال في الحج ،ولا يلبس القميص، ولا السراويل ،ولا العمامة ،وعلى ترك الوداع دم ،وفي المبيت ليالي منى بمكة دم ،وفي ترك الإحرام من الميقات دم ،إن لم يرجع إلى الميقات ،ليحرم منه، وفي ترك الحجارة عليه لكل جمرة ترك رميها دم ،وفي كل يوم دم. أيضا تجتنب الطيب ،والثياب المصبوغة ،والزينة والحلي ،وتلبسوالمرأة 205الدلائل في اللوازم والوسائل الخفين والنعلين ،وليس عليها هرولة ،ولكن تسرع المشي بين الصفا والمروة. ثوبا وقاية والمرأة الحائض ،إذا بلغت الميقات ،فإنها تغتسل ،وتجعل لثياب إحرامها ،ثم تهل بالحج والعمرة ،وتحرم ،وتصنع كما يصنع الحاج في كل شيء ،إلا الطواف بالبيت ،فإنها لا تطوف بالبيت ،حتى تطهر ،فإذا طهرت اغتسلت ،طافت بالبيت لحجها ،وعمرتها ،ومنهم من قال :طواف واحد يجزيها عن حجها وعمرتها ،ومنهم من قال :طوافان ،طواف للحج ،وطواف للعمرة، وتقف مع الناس بعرفات ،وترمي الجمار ،وتفعل كما يفعل الحاج ،إلا الطواف للزيارة والعمرة ،حتى تطهر وتطوف بالبيت ،وتودع. وأما المستحاضة فإنها تغتسل ،وتفعل كما يفعل الحاج من :الإحرام، والطواف ،والوقوف ،ورمي الجمار ،وكل ما يلزم الحاج ،وهي كمثل الطاهر، ليس كمثل الحائض. والباب الثالث والعشرون :في زيارة قبر النبي ژ ،والباب الرابع والعشرون: في صفة شيء من الذبائح. أما الباب الخامس والعشرون :فهو في الأيمان .ويحذر المؤلف المسلم أن كاذبا أو صادقا ،فالترك من الحلف خير له .كما يحذر من يحلف باالله تعالى كاذبا الحلف بالكذب؛ لأنه إثم عظيم ،وهو من الكبائر .فلا يحلف صادقا ولا بالملائكة والأنبياء ،ولا بالعرش ،ولا بالكرسي ،ولا السماء ،ولا البيت الحرام، ولا بالكعبة ولا بالمساجد ،ولا بالقبور ،ولا بالبشر ،ولا بالدواب ،ولا بالبحور، ولا بالرياح ولا بالسحاب. والباب السادس والعشرون :عن النذر ،وما يلزم فيه .والباب السابع والعشرون :فيما يستحب للإنسان .ويتكلم المؤلف عن الخبائث ،وهي :جميع حرمه االله تعالى في كتابه ،ورسوله ژ في سنته ،من النكاح ،والذبائح،ما والأنجاس ،والميتة ،والقرد ،والخنزير ،وأكل أموال الناس ،وكل ذي ناب من مائة كتاب إباضي206 السباع ،ومخلب من الطير ،والخمر ،وجميع الدواب البرية ،ذوات الدماء، ميتها حرام. ويعرض الباب الثامن والعشرون :شي ئا من الأدب للإنسان في نومه ويقظته، ويخاطب المؤلف أخيه المسلم قائلا :وليس الأدب فيما بينك وبين االله تعالى إلا بامتثال أمره ،والانتهاء عن زجره ،والقيام بما فرضه عليك من وشكرا لنعمه ،واعترافا بالعجز جميع الفرائض ،اعترافا له بالم نة ،وخضو عا له، قصرت فيه من أمره،والتقصير ،عما وجب له عليك ،وطلب العفو منه لما وترك العود إلى ما ارتكبت مما نهاك عنه. عرفويتحدث المؤلف عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،في  المعروف بأنه :هو ما أمر االله تعالى به ،ورسوله ،والعلماء ،والصالحون ،من أداء جميعا :من صلاة ،وزكاة ،وصيام ،وحج ،وإيمان ،وسلام وتوحيد،الفرائض وورع عن جميع أموال الناس ،وعن أكل جميع ما حرم االله ،وعن ظلم العباد: في أبدانهم وأموالهم ،وخروجهم ،وعن القول بما لا يجوز فيهم. وأما المنكر فهو جميع ما نهى االله عنه ورسوله ژ ،وعلماء المسلمين عنه من :الزنى ،والسرقة ،وشرب الخمر ،وأكل الربا ،وشرب البنج )المخدر(، وضرب الدفوف ،وكل ما يتلهى به من جميع ما اتخذ لذلك. ويذكر الباب التاسع والعشرون :شي ئا من التزويج ،وما يحرم من النساء ،وما يستحب .والباب الثلاثون :في ذكر شيء من حقوق الأزواج والزوجات. والفصول التالية عن موضوعات خاصة بالحيض ،والولادة ،وأحكام النفاس، وحقوق الزوجين على بعضهما. أما الباب الرابع والثلاثون :فيخصصه المؤلف لموضوع الخلع ،والطلاق على المال ،ثم ذكر الإيلاء والظهار. 207الدلائل في اللوازم والوسائل عرف الخلع بأنه الفدية ،وهو أن تفتدي المرأة نفسها من زوجها ،إذاوي  كرهته ،أو رأت منه في المعاشرة ما لا تقدر عليه بما ساقه إليها ،أو ببعضه. والخلع تطليقة واحدة. وبحث في أبواب تالية موضوعات؛ كالإجارات ،والبيوع ،والربا، والمضاربة ،والسلف ،والضمانات ،واللقطة ،والنذور ،والأمانة ،وأحكام التعدي والغصب ،والقيام بالأيتام ،وتقسيم الأموال الموروثة بين الأيتام ،والشفعة، وغيرها من أحكام تخص العبادات والمعاملات ،ويشعر القارئ فيها أنه جالس في حضرة واعظ رجل فاضل آتاه االله العلم والمعرفة ،ونذر نفسه للموعظة الحسنة والمجادلة الطيبة. 208 {záHôL AÉa∏Y المسمى» :رسائل الشيخ سليمان بن أحمد الحيلاتي الجربي في ذكر علماء جربة ،وأماكن أضرحتهم ،والحوادث التي وقعت في أيامهم، ومجالسهم العلمية رحمهم االله تعالى« ) »HôédG »JÓ«ëdG óaMCG øH ¿Éa«∏°S ï«°ûdGت ١٠٩٩ه١٦٨٩/م( دار الغرب الإسلامي بيروت ،ط.١تحقيق :محمد قوجه عدد الصفحات ١٦٠ :صفحة يتكون الكتاب من ثماني رسائل للشيخ الحيلاتي ،بالإضافة إلى مقدمة التحقيق .يورد المحقق في المقدمة ترجمة للتعريف بالشيخ سليمان الحيلاتي، ويذكر أن التوصل إلى ضبط ترجمة وافية للشيخ ليس بالأمر الهين؛ لأنه وإن كان من بين الأواخر الذين اهتموا بتدوين سير أعلام جزيرة جربة وتراجمهم تدون من السلف الصالح ،إلا أنه لم يحظ بما حظي به أسلافه من العناية ،ولم عرف به التعريف الوافي ،باستثناء بعض الإشارات التي أوردهامآثره بما ي  الشيخ سعيد بن الحاج بن علي بن حمزة بن تعاريت )المتوفى سنة ١٢٨٩ه١٨٧٢ - ١٨٧١/م بالإسكندرية( الذي سلك مسلك الحيلاتي في تتبع ير شيوخ جربة في رسالته المعروفة الآثار والتنقيب عن مآثر الماضي ،وس ب »رسالة ابن تعاريت« ومما ورد في رسائل الحيلاتي نفسه من أخبار تتعلق بالمؤلف وببعض جوانب حياته العلمية والعائلية. ينتسب الشيخ أبو الربيع سليمان بن أحمد الحيلاتي إلى أسرة الحيلاتيين التي تقيم بحومة جعبيرة بجربة .وقد اشتهرت هذه العائلة بحرص العديد من مقتصرا أفرادها على طلب العلم والتضلع فيه ونشره .ولم يكن هذا الاهتمام على العلوم الدينية فحسب ،بل كان يتعدى ذلك إلى كل فنون العصر من علم الكلام والمنطق وعلم المعقولات ،وقد ذاع صيت هذه الأسرة خاصة خلال 209»علماء جربة« القرن العاشر ه١٦/م ،والشيخ سليمان بن أحمد الحيلاتي صاحب الرسائل الذي عاش خلال القرن الحادي عشر ه١٧/م. ومما يؤكد الحظوة التي كانت عائلة الحيلاتي تتمتع بها في جربة ما ذكره عنها الشيخ سعيد بن تعاريت في تصنيفه ،إذ عدها من بين قواعد الجزيرة و ع مدها. أما ما ورد في رسائل ابن تعاريت من إشارات تخص الشيخ سليمان الحيلاتي فتفيد أنه كان أحد الأعلام البارزين في الجزيرة خلال القرن الحادي عشر الهجري١٧/م ،وذا مكانة علمية مرموقة. وكان أبوه أحمد محمد الحيلاتي المتوفى سنة ١٠٥٨ه )في يوم الخميس السادس من شهر رمضان ١٦٤٩ - ١٦٤٨م( رجلا تق يا ومحاف ظا، وكان دأبه العبادة وزيارة المساجد. أما مؤلفات الشيخ الحيلاتي فإن ما وصلنا من إنتاجه يدفعنا إلى أن نعتبر »الرسائل« أهم عمل أنجزه في ميدان التأليف .إلا أنه ترك أعمالا أخرى متفرقة ومختصرة .ويشير ابن تعاريت إلى وثيقة مهمة تؤرخ لمجالس العزابة في جزيرة جربة بداية من القرن السابع إلى القرن الحادي عشر الهجريين )١٣ه١٧/م(، عرف بأبرز أعضائها من شيوخ العلم والشورى والحكم.و ت  مهتما بجمع الوثائق وتدوينها ،وهذا إن في هذا ما يبين أن المؤلف كان يبرز في أسلوبه لكتابة الرسائل ،فهو بعيد في منهجه عن المحش ى مثلا الذي معاصرا له ،إذ قلما نجده في رسائله يعلق أو يشرح أو يخوض في قضيةكان فقهية أو عقدية ،إلا إذا استثنينا ما أورده من آراء الإباضية حول مسألتي :خلق القرآن ،ورؤية االله عند حديثه عن الفتنة التي نشبت بين الأخوين :عبد الرحمن، وسعيد بن جلود ،بل كان يؤرخ ليحمي آثار أهل الدعوة ،ويجمع الوثائق ليقدمها إلى القارئ في شكلها الخاص ،فنراه أحيا نا يورد تواريخ غير مطابقة مائة كتاب إباضي210 للأحداث التي تنطبق عليها ،خاصة عندما يتعلق الأمر بالصراع الجربي النصراني في مراحله الأولى بداية من القرن السادس ه١٢/م. إلا أن هذه النواقص لا تقلل من قيمة العمل الذي أنجزه الحيلاتي، دونها بأسلوبه الخاص ،لما احتوت عليه منولا تضعف من شأن الرسائل التي إشارات ومتقطفات تفيد المؤرخ والدارس. أيضا في المجالات التي كانت ثم إن الشيخ سليمان الحيلاتي كتب تستقطب اهتمام المثقفين في عصره كالفقه والأحكام ،إذ يذكر ابن تعاريت في رسالته أنه رأى له أجوبة لأسئلة في الفقه والأحكام شافية .وهذا أمر ليس العلامة أبي عبد االله محمد بن عمر بن بالغريب ،فشيخنا كان معاصرا للشيخ  أبي ستة الشهير بالمحش ى المتوفى سنة ١٠٩٨ه في أواسط شهر ربيع ملازما له. الثاني١٦٧٨ - ١٦٧٧/م ،وكان ويخبرنا الحيلاتي في آخر الرسالة التي يذكر فيها الحروب الواقعة في أيضا من وثائق وجدها بخط الفقيه إبراهيم بن ثابت،جربة أنه أخذ معلوماته وفي مناسبة أخرى أنه يستقي معلوماته من كبار السن المعاصرين له ،هذا زيادة على مشاهداته الشخصية التي يؤكدها لنا كلما سنحت الفرصة. أما عن وفاته فيذكر المحقق أنه ورد تاريخ وفاة سليمان أحمد الحيلاتي 5مرتين في رسائله ،المرة الأولى في المقدمة بقلم أحد ال نساخ: »توفي الحيلاتي سنة ١٠٩٩ه بعد وفاة الشيخ محمد بن عمر بن أبي ستة المشهور بالمحش ى سنة ١٠٨٨ه« والمرة الثانية قائلا» :ومات الشيخ سليمان ابن الشيخ الحيلاتي ،نفعنا االله بهما ،الجامع لهذا الكلام عام ١٠٩٩ه« ،وهي قطعا إضافات ساهم بها أحد نساخ هذه الرسائل. ولو أردنا التعريف برسائل سليمان الحيلاتي لقلنا :إنها مجموعة من الفصول يمسح كل واحد منها حقبة من تاريخ جزيرة جربة ،ويعرض أهم 211»علماء جربة« الأحداث التي جرت خلالها في أسلوب يبدو بسي طا؛ لأن المؤلف يكتفي في أغلب الأحيان بذكر الحدث وتاريخ وقوعه ،وقلما يتوسع في التعريف بالمعلومة التاريخية ،أو يرتبها في نسق تسلسلي واضح. إلا أن هذه الخاصية لا تقلل من قيمة هذه الرسائل باعتبارها تمثل وثيقة تاريخية ذات أهمية بالغة في تاريخ جزيرة جربة ،لما تتضمنه من إشارات ومن معلومات تفيد الباحث على مستويات عديدة تخص التاريخ الاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي للجزيرة ،وتسد العديد من الثغرات في تاريخ جربة ،خاصة وأن أغلب النصوص التي اعتمدت حتى الآن ويتناول تاريخ جزيرة جربة هي من تأليف أجنبي عن الجزيرة باستثناء كتاب» :مؤنس الأحبة«. أما بقية الوثائق وهي أوروبية )إيطالية ،وإسبانية ،ولاتينية ،وفرنسية ،وألمانية( وهي في الغالب تنطلق من موقع عدائي ،باعتبار أن علاقة جربة بالقوى الأوروبية كانت على مدى أربعة قرون على الأقل )من القرن السادس إلى القرن العاشر الهجري ١٢/إلى ١٦م( علاقة عدوانية سيطرت عليها الحروب والصراعات الدامية والطموحات الاستعمارية .أما الوثائق العربية التي تحدثت عن جزيرة جربة فهي تتسم في أغلبها بالسطحية ،وبعدم الإلمام بحقيقة الأوضاع فيها ،ولا تفي بحاجة الباحث المدقق. فإن كانت هذه الرسائل تفتقر إلى ما يتوفر في الكتب عاد ة من تماسك وتواصل ،ومن متانة لغة ودقة معان ووحدة تأليف ،فإنها تكتسي أهمية على مستوى المعلومات التاريخية التي تتضمنها ،والمرحلة التاريخية التي تغطيها، فهي تساهم في سد ثغرة من تاريخ جزيرة جربة لا تتوفر حولها الوثائق تخص أساسا بداية الفترة العثمانية الطرابلسية ثم التونسية ،وما صاحبها من صراعات داخلية كان لها الأثر البعيد في تحديد التركيبة الاجتماعية في الجزيرة بداية من القرن العاشر الهجري١٦/م. مائة كتاب إباضي212 ومن أبرز القضايا التي تثيرها هذه الرسائل نجد خاصة: الصراع الجربي ضد الاحتلال النصراني الصق لي والإسباني. الصراع التقليدي بين الوهبية والنكار. موقع الجزيرة في الصراع العثماني الأوروبي من أجل السيطرة على سواحل شمال إفريقيا. التركيبة الاجتماعية للجزيرة :وهبية ،ومستاوة ،و»عرب«. الحركة الثقافية في الجزيرة :المدارس العلمية ،والمساجد ،والشيوخ. الحياة الاقتصادية :الفلاحة ،والمجاعات ،والتجارة. الحياة السياسية :مؤسسة المشيخة ،والعائلات الحاكمة. الحياة الدينية والنظام الاجتماعي :نظام العزابة. العادات والتقاليد :الموت ،ومشاهد القبور ،والمقابر. التراجم. أما عن الفترة التاريخية التي تمسحها كل رسائل الحيلاتي فإنها تمتد بداية من القرن السادس الهجري١٢/م إلى نهاية القرن الحادي عشر الهجري١٧/م، وبالتحديد بداية من سنة ٥٢٩ه١١٣٥ - ١١٣٤/م تاريخ أول احتلال نورماني لجزيرة جربة إلى سنة ١٠٩٩ه١٦٨٩ - ١٦٨٨/م( تاريخ وفاة المؤلف نفسه. واشتمل هذا الكتاب على ثماني رسائل منفصلة يختلف ترتيبها من نسخة إلى أخرى .أما فيما يخص الترتيب الذي اعتمده المحقق فإنه اختار الالتزام بما ورد في نسخة جمعية صيانة جزيرة جربة؛ لأنها أكثر اكتمالا. وهذه الرسائل هي رسائل مختصرة سجلها المؤلف من مشاهدته ،ومن كثيرا من الوقائع وثائق قديمة ،ومما سمع من ثقات أهل زمانه .وقد ذكر والحروب الصليبية بجربة ،ومن قاد جنودها لمواجهة الأعداء المغيرين ،وما وقع بسببها من تخريب وقتل للأبرياء. 213»علماء جربة« الرسالة الأولى :تتناول هذه الرسالة أحداثا متنوعة عاشتها جزيرة جربة بين سنة ٩٠٨ه١٥٥١/م تاريخ احتلال الأتراك لمدينة طرابلس .وسنة ١٠٩٩ه١٦٨٩ - ١٦٨٨/م تاريخ انتحار عبد الرحمن بن جلود ،وتولية الشيخ محمد بن صالح البجلودي على جربة ..وفي هذه الرسالة ذكر الشيخ سليمان بن أحمد الحيلاتي علماء جربة ،وأماكن أضرحتهم ،والحوادث التي وقعت في أيامهم ،ومجالسهم العلمية. الرسالة الثانية :وعنوان هذه الرسالة» :تاريخ استيلاء النصارى دمرهم االله على مدينة وهران وبعدها بجاية ومدينة طرابلس ،وورودهم إلى جربة سنة ٩١٦ه١٥١٠/م«. ويذكر المؤلف في هذه الرسالة أن المسلمين لما اتصلوا بأهل المغرب وعلموا استيلاء النصارى على الأندلس هالهم ذلك وأحزنهم لعلمهم أنهم لا محالة يستولون على مدينة وهران ،وأنهم إن فعلوا فالباقي من بلاد المغرب في خطر عظيم ،فصاروا يتوقعون ذلك وينتظرونه ،حتى استولوا عليها في شهر المحرم من سنة خمس عشرة وتسع مائة. نحوا من عشرين سفينة أو أزيد ليختبروا ويعلمواثم أرسل الصليبيون للجزيرة ما عليه أهلها وشيوخها ،فوردت السفن للجزيرة ،ووصل خبرها إلى الشيخ أبي زكرياء شيخ الجزيرة ،ودار بينه وبين النصارى مراسلات ،وطلبوا من الشيخ شرو طا يأبى طبعه عن إعطائها أو قبولها ،وأوهموه أنه إن لم يقبل فليتهيأ للحرب والقتال. وعندما لم يكترث الشيخ بهم غضبوا لذلك ،وداروا بسفنهم إلى قشتيل الوادي وبعثوا بعض سفنهم إلى القنطرة ،ونصبوا عليها راية .وأخذ الشيخ في التهيؤ للقائهم والتحريض لرعيته في الرباط والجهاد وجمع الناس. وذل النصارى وأعطوا بالأدبار مرة واحدة .فصارت خيلوالتقى الفريقان ، كثيرا، المسلمين توهن والرجال تقتل حتى وصلوا البحر وقتلوا منهم في البحر مائة كتاب إباضي214 ومات من المسلمين نيف وعشرون رجلا ،ومن النصارى عدد لا يحصى .ثم ريحا حبستهم عن الوادي ،ولم يجدوا إلى الخروج منه سبيلا.سلط االله عليهم واستولى المسلمون على جميع عدة القتلى ،وأكثرهم عدة الغرقى ،ولباسهم، ذهبا وفضة إسلام يا وغير إسلامي مما لا تحصى له قيمة.وكثير من المسك ك الرسالة الثالثة :وعنوان هذه الرسالة» :بدء في ذكر الحروب الواقعة في جزيرة جربة بين مستاوة ووهبية ،وكم أخذتها النصارى«. وتناولت هذه الرسالة أحداثا مختلفة ومتفرقة ،وهي: الاحتلال النورماني الأول للجزيرة سنة ٥٢٩ه١١٣٥ - ١١٣٤/م. الحملة النورمانية الثانية ضد جربة سنة ٥٤٨ه١١٥٣/م. حملة اللحياني الحفصي على جربة سنة ٧٠٦ه١٣٠٦/م. وقائع بين الوهبية ومستاوة خلال القرن السابع الهجري. بعض أحداث الاحتلال الصقلي للجزيرة سنة ٦٩٩ه١٣٠١ - ١٣٠٠/م. الحكام الحفصيون لجربة. الأوبئة والمجاعات التي حلت بجربة خلال القرن السابع الهجري١٣/م. وقائع مع الإسبان خلال القرن السابع هجري١٣/م. الرسالة الرابعة :لا تحمل هذه الرسالة عنوا نا ،وتروي لنا أحداثا عايشها الحيلاتي عن قرب تتعلق خاصة ببداية الحكم التركي الطرابلسي في جربة ،وما انجر عنه من تقلبات سياسية واجتماعية ومن صراعات حول مشيخة الحكم في الجزيرة ،وبقضية تبعية جربة إما لأتراك طرابلس أو لأتراك تونس ،وهو صراع كلف الجربيين تضحيات جسيمة ومآس أليمة. وإن كانت الرسالة قصيرة ومقتضبة فإنها مفيدة خاصة فيما يتعلق بانتقال مشيخة الحكم في جربة من عائلة السمومني إلى عائلة ابن جلود ،وبالسياسة الشرسة التي توخاها الموالون لأتراك طرابلس في تسيير أمور الجزيرة. 215»علماء جربة« وأهم الأحداث المذكورة في هذه الرسالة: هزيمة الأسطول الإسباني في جربة سنة ٩٦٧ه١٥٦٠/م. مشيخة مسعود السمومني. حكم درغوث باشا وتوليته لموسى بن الجلود. احتلال الإسبان لمدينة تونس. وفاة موسى بن الجلود. ثورة الجربيين على بني الجلود. عثمان داي يخلص جربة من النفوذ التركي الطرابلسي ويلحق جربة بإيالة تونس سنة ١٠١٤ه١٦٠٤/م. الأوبئة التي تفشت في الجزيرة خلال القرن الحادي عشر الهجري١٧/م والعلماء الذين ماتوا بسببها. الرسالة الخامسة :وهي رسالة طريفة من حيث المحتوى ،إذ يتعرض فيها الكاتب إلى مسائل تتعلق بالفلاحة والأمطار ،وبغرائب الأخبار حول محاصيل زيت الزيتون والنكبات الطبيعية التي حدثت سنة ١٠٧٨ه١٦٦٨ - ١٦٦٧/م. أيضا عن فتور الحركة العلمية في جربة خلال القرن ١١ه١٧/موتحدثنا بسبب موت عدد من العلماء ،وتخبرنا عن تواريخ وفاة مجموعة منهم. ومن بين الأحداث التاريخية المهمة التي توردها الرسالة مثلا :إقامة أول صلاة جمعة في جامع الشيخ بحومة السوق ،وكان ذلك في شهر صفر ١٠٧٩ه١٦٦٩ - ١٦٦٨/م. الرسالة السادسة :لا تحمل هذه الرسالة عنوا نا ،وتروي حادثة تورط فيها أحد أفراد عائلة البربوشي التي حكمت الجزيرة لفترة قصيرة خلال النصف الثاني للقرن الحادي عشر١٧/م ،يستنتج منها أن سيرة الحكام البروشيين لم تكن مرضية. مائة كتاب إباضي216 أيضا بدون عنوان ،وتتحدث هذه الرسالة بإطناب عنالرسالة السابعة :وهي قائما بين سعيد بن جلود شيخ جربة وأخيه عبد الرحمنالصراع الذي كان منافسه على السلطة ،وذلك بداية من سنة ١٠٩٥ه١٦٨٤/م ،حيث سلط باي أمرا بمنع المواد الغذائية )خاصة القمح والشعير( على أهلتونس علي بن مراد جربة بسبب سوء تصرف حاكم الجزيرة سعيد بن جلود في توزيع هذه المواد، إذ كان يؤثر »عرب ورغمة« ،وهي القوة التي كان يعتمد عليها في بسط نفوذه، ويحرم سكان جربة منها ،وتمادى المنع حتى سقوط علي بن مراد. متعرضا للأسباب التي جعلتويذكر لنا الحيلاتي بتفصيل أحداث الواقعة هؤلاء »العرب« يتحالفون مع عبد الرحمن بن الجلود فيبرز الدوافع المصلحية البحتة التي كانت تجعل هذه القبائل تتواطأ في مثل هذه الغارات وتطمع في مؤكدا في نفس الوقت على دور الخلفيات الفكريةسبي أهل الجزيرة ونهبهم، والأحقاد المذهبية العدائية في تغذية طموحاتهم؛ لذلك استغل المؤلف الفرصة ليبين بعض نقاط الخلاف التي كانت تفرق بين المجموعتين :فحدثنا عن قضية »رؤية االله« ،وعن مسائل تتعلق بالعقيدة. الرسالة الثامنة :تناولت الرسالة في البداية مقدمة ب ين فيها المؤلف أهمية المساجد في جزيرة جربة وضرورة الاعتناء بها وزيارتها وزيارة قبور المشايخ وافيا لمواقع قبور أبرز أعلام جزيرة جربة. جردا والعلماء ،ثم قدم لنا وإضافة إلى ذكر مواقع القبور وما يقتضي ذلك من ضرورة التعريف بأصحابها ،فإن الحيلاتي يقدم لنا قائمة لأبرز المقابر والروضات المشهورة في جزيرة جربة ،وهي منسوبة إما إلى أعلام مرموقين أو إلى عائلات عريقة. مستشهدا بما ثم تناول الحيلاتي في آخر الرسالة موضوع زيارة المساجد دأب عليه الشيخان :أبو زيد نوح الصدغياني ،وإلياس بن داود الهواري )القرن ١١ه١٧/م( وجماعتهما في هذا المجال ،وذكر أسماء المساجد التي تتم زيارتها والترتيب الذي يتبعه الشيخان في مسلكهما. 217 áeC’G QÉÑNC’ TMeÉédG áas̈dGo ∞°ûc ) ...ƒcRC’G ó«©°S øH ¿ÉMô°S ï«°ûdGبعد ١١٦٧ه١٧٥٤/م( دراسة وتحقيق :د .حسن محمد عبد االله النابودة دار البارودي بيروت لبنان ،ط١٤٢٧ ،١ه٢٠٠٦/م. عدد الصفحات ١٢٨٠ :صفحة )جزآن( العماني ،وذلك لكونهيعد كتاب» :كشف ال غ مة« من أهم مصادر التاريخ لعمان منذ فترة ما قبلأوسع عمل تاريخي محلي غطى جميع الحقب التاريخية الإسلام وحتى عام ١١٤٠ه١٧٢٨/م ،كما أنه المصدر الرئيس الذي استقى منه العمانيون تاريخ المنطقة ونقلوا منه في كثير من الأحيان حرف يا؛ وبذلك كسب »كشف الغمة« سمعته هذه ،وبقي المصدر الرئيس لتاريخ عمان. وقد اختلف المؤرخون في نسبة هذا الكتاب إلى مؤلفه ،فبعضهم نسبه إلى مؤلف أو أكثر ،والآخرون اختلفوا في اسم مؤلف الكتاب. ويؤكد محقق الكتاب أن هذا الكتاب بفصوله المختلفة هو لمؤلف واحد، وهو مصنف متكامل أ لفه أحد شيوخ المذهب ،وهو »سرحان بن سعيد الأزكوي« .وأنه لا يمكن لكتاب بهذا الحجم والأهمية أن يكون مجهول المؤلف ،ومن الواضح أنه كان معروفا بين مشايخ المذهب الإباضي في عمان الك تاب في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ،الأمر الذي جعل يتحدثون عنه ويشيدون بمادته التاريخية. وقد حصر مؤرخ عمان المعاصر »سالم بن حمود السيابي« الإسناد لعمان في ثلاث شخصيات ،هم :سرحان بن سعيد الأزكوي ،وابنالتاريخي رزيق ،والإمام السالمي. مائة كتاب إباضي218 العماني المشهورة هي ثلاثة فقط ،وأهمهاإن مصادر التاريخ الحولي »كشف الغمة« لكونه أقدمها وأكثر شمولية؛ ولأن الاثنين الآخرين ينقلان عنه في الحديث عن الفترة التي أرخ لها ،ويستكملان الفترة اللاحقة له. العماني؛ لذلكفكتاب »كشف الغمة« يأتي إذن في مقدمة كتب التاريخ بعمان باهتمام الباحثين منذ القرن التاسع عشر الميلادي.حظيت أجزاؤه الخاصة بابا ،يتفاوت عدد أوراقه وفقا لنوعويقع كتاب» :كشف الغمة« في أربعين وحجم الخط ،يبدأ الأزكوي بمقدمة قصيرة يبين فيها الأسباب التي دفعته إلى تأليف الكتاب ،فيقول» :لقد دعتني الهمة إلى جمع هذا الكتاب وتأليفه وتلخيص معانيه وتصنيفه ..وذلك لما رأيت أكثر أهل زماننا قد غفلوا عن أصل مذهبهم الشريف ،وأقبلوا على أئمة مذهبهم بالتعنيف والتعسيف«. هكذا يب ين الأزكوي الدافع الرئيس لتأليف كتاب» :كشف الغمة« ،فالقارئ المتصفح يلاحظ أن الروح المذهبية والمحلية واضحة جلية فيه ،فقد جعل مؤلفه هذا النهج محور اهتمامه في كتابة التاريخ بشكل عام ،والإباضي بشكل خاص .وجعل له مكانة دينية بحيث جعل »ظاهره في القصص والأخبار ،وباطنه في المذهب المختار«. خاصا بسيرة قادة المذهب ،خاصة الذين قتلوا منهماهتماما كما أنه أ ولى في ساحات الحرب ،فهم نبراس يقتدى به ،ومنهم تستمد البطولة والروح القتالية العالية دفا عا عن الشرع. هذا المقياس الديني الإباضي ليس بجديد ،فقد سار عليه مؤلفو الإباضية ونجده عند جميع المؤرخين الذين سبقوا الأزكوي أو جاءوا بعده، العماني ير« ،وبخاصة ابن رزيق والسالمي ،والمؤرخ »الس وخاصة كتاب: المعاصر »السيابي«. 219كشف ال غ مة الجامع لأخبار الأمة وأهم ما يتميز به مؤلف »كشف الغمة« إسهابه في القضايا الدينية كبيرا من كتابه ،فكان لهذا المعيار الديني أثر جزءا الكبيرة التي شكلت كبير في اختصار أخبار تواريخ الخلفاء الأمويين والعباسيين ،وحوادث تاريخية مهمة كثيرة. سار الأزكوي على نهج من سبقه من المؤرخين المسلمين في كتابته للتاريخ .ففي الأبواب الأولى يستعرض أساطير وأخبار قديمة لملوك اليمن، وشي ئا من أخبار العرب في الجاهلية وأديانهم ،وملوك العرب والعجم ،استقى معلوماتهم من المصادر العربية الأولى دون أن يذكر أ يا منها. ففي الباب الأول :يذكر بدء عبادة الأصنام واعتقادات أهل الشرك والضلال، ويجعل فصولا في ذكر فرق اليهود والنصارى والمجوس ،ومذاهب الفلاسفة. ويذكر المؤلف في هذا الباب أن أول من خالف وطغى وتمرد وعصى إبليس اللعين حين قال االله للملائكة :اسجدوا لآدم ،فسجدوا خاضعين إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ،فصار من الكافرين. ثم لما أسكن االله آدم وزوجه 6الجنة وسوس لهما الشيطان حتى أكلا من الشجرة التي نهاهما االله عن أكلها ،فأخرجهما من الجنة إذ عصيا ،ثم تاب آدم وحواء لما أهبطا إلى الأرض فتقبل االله منهما ،وتاب عليهما؛ لأن االله يقبل جميعا. التوبة عن عباده ،ويعفو عن السيئات ،ويغفر الذنوب ولم يزل دين االله على الاستقامة حتى قتل قابيل هابيل ،وكان ذلك بسبب كافرا ،ولم يكن له عقب ليقع في الناس اختلاف.الحسد ،فمات قابيل مستقيما حتى عبدت الأصنام ،فوقع بين الخلق الاختلاف،ولم يزل الدين وسبب عبادة الأصنام أنه عندما مات أحد أبناء آدم جاء إبليس ووسوس لهم أن يصور لهم صورة الأخ المتوفى في جميع الآفاق لكي ينظروه ،فصوره لهم في مائة كتاب إباضي220 جميع الأقطار ،ولم يزل إبليس كلما مات واحد من أبناء آدم الأربعة صوره لهم ،وتناسل أولاد هؤلاء الأربعة فكان كل منهم يطوف على جده. ولما تطاولت المدة جاءهم إبليس فقال :إن آباءكم كانوا يعبدون هذه الأصنام ،فافترق الناس يومئذ فرقتين فكذبه قوم ،وهم المخلصون لما سبق في علم االله أنه ليس له عليهم سلطان؛ لقوله تعالىn m l k j ﴿ : ] ﴾ t s r q p oالحجر ،[٤٢ :واتبعه الغاوون وأطاعوه فعبدوا تلك الأصنام المصورة ،وصدقوا ما قال لهم ،وقالوا :صحيح لأننا وجدنا آباءنا يطوفون بها ،فمن ذلك اليوم والناس في عبادة الأصنام. نوحا كان يحرسوقيل :إن الأصنام عبدت من عهد نوح ، ‰وذلك أن نوحا وقال :أنا أصنعقبر آدم ‰على جبل بالهند فجاء إبليس إلى من خالف لكم صورة آدم وأولاده لئلا يفخر عليكم نوح ومن تابعه ،فنحت لهم الأصنام الخمسة فعبدوها. فلما كان زمان الغرق اندفنت هذه الأصنام ،فلم تزل مندفنة حتى أخرجها إبليس لعنه االله للعرب في أول جاهليتهم ،ود لهم عليها ،وسماها لهم. والباب الثاني :في آراء العرب في الجاهلية وما كانوا عليه ،وهم أصناف شتى :صنف أنكر الخالق والمخلوق والبعث والإعادة ،وقال :بالطبع ،فالطبع المحيي والدهر المفني ،وهو الذي أخبر االله عنهم@ ? > = < ; ﴿ : ] ﴾ F E D C B Aالجاثية.[٢٤ : وصنف منهم أقر بالخالق وابتداء الخلق ونوع من الإعادة ،وأنكر الرسل وعبد الأصنام وزعم أنها شفعاؤهم في الآخرة عند االله وحج إليها ،ونحر لها وحرم. وأحل ،وقرب القرابين ،وتقرب إليها بالمناسك والمشاعر،الهدايا ، ومنهم من كان يعبد الملائكة ويقول :هم بنات االله. 221كشف ال غ مة الجامع لأخبار الأمة ومنهم من كان يقول :ما لهذا الرسول يأكل الطعام ،ويمشي في الأسواق. وشبهات العرب مقصورة على هاتين الشبهتين :إحداهما :إنكار البعث بالأجساد ،والثانية :جحود البعث. والباب الثالث :في ذكر ملوك العجم والعرب .والباب الرابع :في ذكر انتقال الأزد إلى عمان ،وإجلاء الفرس عنها .ويسهب المؤلف في تفاصيل الحروب التي خاضها مالك بن فهم ضد الفرس ،وعن هجرات القبائل الأخرى ،ولا يذكر العماني، المصادر التي اعتمد عليها .وهذه سمة تغلب على مصادر التاريخ كل عمن سبقه حرف يا ،وقلما يذكر اسم المصدر.حيث ينقل ينتقل الأزكوي بعد ذلك إلى عهد الرسول ژ ،ويخصص الأبواب من السادس إلى الثاني والعشرين للتأريخ عن هذه الفترة ،ويعطي تفاصيل مطولة لبعض الحوادث مع التركيز على بعض القضايا ذات الصلة التاريخية بالإباضية، ومثال ذلك قصة إسلام »سلمان الفارسي« في السنة الأولى للهجرة. كما يسهب في الحديث عن معركة بدر ،لما لها من أهمية كبيرة لدى جميع الفرق والمذاهب الإسلامية .ثم يتابع حديثه وفقا للنظام الحولي بعناوين رئيسة لسنوات الهجرة ،وتغلب العاطفة الدينية في كتابته لتاريخ صدر الإسلام؛ لذلك أوقع المؤلف نفسه في إشكالية الإسهاب في مواضع دينية ،كوصف الجنة، وذكر أحاديث وروايات كثيرة عنها ،مما يدفع إلى عدم إعطائها قيمة تاريخية. والأزكوي لا يخرج عن الإطار التقليدي في رواياته الخاصة بعهد الرسول ژ والخلفاء الراشدين الذين خصص لهم الأبواب من الثالث والعشرين إلى السادس والعشرين ،ورغم عدم ذكره للمصادر فإنه ينقل حرف يا فقرات كاملة من كتب المؤرخين أمثال :الطبري ،وابن كثير ،وابن الأثير ،وغيرهم. ويرجع إسهابه في الحديث عن تاريخ رسول االله ژ والخليفتين من بعده: مائة كتاب إباضي222 امتدادا لهذه الفترة. أبي بكر وعمر إلى إيمان الإباضية بأن تاريخهم يشكل لذلك نجد أنه عند انتقاله إلى عهد عثمان يفصح عن رأي المذهب الإباضي في عثمان ،ولا يتردد في استخدام بعض الألفاظ الجارحة التي اقتضى الأمر التعليق والرد عليها. وفي الباب السابع والعشرين :يورد الأزكوي الرسالة المنسوبة إلى »عبد االله بن إباض« ،التي ورد ذكرها في المصادر الإباضية التي سبقت الأزكوي ،وقد ناقشها »مايكل كوك« ،وشكك في أصالتها وصحة نسبها ،إلا أن الأزكوي يعطي تفاصيل كثيرة حول قضية الخلاف بين الأطراف المتحاربة في الفتنة الأولى ،وهي تعبر عن رأي الخوارج والإباضية وهو مما لا نجده في المصادر الأخرى ،ويذكر أسباب الخلاف بين علي بن أبي طالب والخوارج ،لكن في الوقت نفسه لا يتعرض لشخصية علي بن أبي طالب مثلما فعل في حديثه عن عثمان بن عفان. ووفقا للمعيار الديني الذي وضعه لكتابة التاريخ فقد خصص الأزكوي كبيرا للفرق الإسلامية في البابين :الثامن والعشرين ،والتاسع والعشرين،جزءا وينقل حرف يا من كتب الملل والنحل مع عدم ذكره لهذه المصادر ،وقد أرجع افتراق الأمة إلى عهد عثمان بن عفان ،وموقفها من قتله. عرف المؤلف إمام الهدى قائلا :إنه الذي »يحكم بما أنزل االله ،ويقسموي  بقسمه ،ويتبع كتاب االله ،ويقيم الدين« ،قال االلهM L K J ﴿ : ] ﴾ T S R QP O Nالسجدة ،[٢٤ :وهؤلاء أولياء المؤمنين الذين أمر االله بطاعتهم ونهى عن معصيتهم. قسم قسم بغير ما وي  وأما إمام الضلالة :فهو »الذي يحكم بغير ما أنزل االله ، االله ،ويتبع هواه بغير سنة من االله ،فذلك كفر كما سمى االله ،ونهى عن طاعتهم، وأمر بجهادهم« ،وقال﴾ ©̈ § ¦ ¥¤ £ ﴿ : ]الفرقان [٥٢ :فإنه حق أنزله بالحق ،وينطق به ،وليس بعد الحق إلا الضلال. 223كشف ال غ مة الجامع لأخبار الأمة وفي الباب الثامن والعشرين :ذكر الفرق الإسلامية ،وهي ثلاث وسبعون فرقة ،وذكر اعتقاد كل فرقة منها ،ويشتمل هذا الباب على أربعة فصول ،ويذكر المؤلف أن العلماء والأخبار والرواة للأخبار أجمعوا على أن النبي المختار قال» :ستفترق أمتي من بعدي على ثلاث وسبعين فرقة ،كلها ضالة مضلة إلا فرقة واحدة ناجية ،وكل فرقة من تلك الفرق تدعي أنها هي الناجية«. صف لنا الناجية من الفرق؟ قال» :من اتبع كتاب االلهوروي أنه قيل للنبي : بس نتي«. وعمل فالناجي من الفرق من أطاع االله ورسوله ،وعمل بما أمر االله به ،والهالك من عصى االله ورسوله ،وعمل بمعاص ،ولا يقبل االله الإسلام إلا بكماله ،فليس من مسلما محمدا رسول االله« كان قال بلسانه» :أشهد أن لا إله إلا االله وأشهد أن مطيعا ،مستح قا لثواب االله؛ حتى يستكمل وظائف الإسلام ،ويعمل بها لا كما ظلما ،وإنهم قال الحشوية :إن لهم الجنة ولو سفكوا الدماء وأكلوا أموال العباد مؤمنون ولو لم يصلوا ولم يصوموا. مستقيما وعلى نظام واحد ،والمسلمون ويرى المؤلف أن الإسلام كان كلمتهم واحدة حتى ولي الأمر عثمان بن عفان ،فكان منه ما كان ،فعند ذلك أنكر عليه المسلمون ،وطلبوا منه الاعتزال ،فأبى ،فقاتلوه حتى قتلوه ،فافترقت الأمة من بعده على ثلاث فرق :فرقة قتلته ،وفرقة وقفت عنه وعن قتله ،وهم الشكاك ،وفرقة طالبت بدمه ،وهم العثمانيون. ولما ح كم علي بن أبي طالب الحكمين ،افترقت الفرقة القاتلة لعثمان فرقتين :فرقة خرجت عنه فسموا الخوارج ،وفرقة شايعته فسموا الشيعة. فهذا أصل افتراق الفرق الإسلامية ،وهي أربع فرق ،ثم افترقت كل فرقة إلى فرق حتى ثلاث وسبعين فرقة. مائة كتاب إباضي224 فالقدرية ،والمعتزلة ،والجهمية ،أصلها من الشكاك ،والمشبهة والصفاتية والحشوية أصلها من العثمانية. علي. والخوارج من الفرق الخارجة على والروافض والشيعة من الذين شايعوا عل يا. وفرق الخوارج ،وهي الفرقة الثالثة من الفرق الأربع :وهم ست عشرة فرقة: علي بن أبي طالب لما ح كم الحكمين ،وذلك أنهموهم الذين خرجوا عن عاتبوه ،ومنعوه ،واحتجوا عليه ،فتاب ،وأظهر لهم توبته ،فتابعوه بعد التوبة، وآزروه وقبلوا منه ،ثم رجع إلى التحكيم بعد التوبة ،وذلك أنهم أشاعوا أن كفرا ،ونهضعل يا رجع إلى التحكيم ،ورأى الحكومة ضلالا ،والإقامة عليها إلى حرب معاوية بالشام ،فأتى من أتى إلى علي ،وقال له :إن معاوية قد وفى لك بما عاهدك عليه ،ولكن معاوية استمر على الحكومة ،وخطب بالناس، وقال :إني لم أتب عن الحكومة ،ومن زعم أني رجعت عنها فقد كذب ،فخرج جماعة من المسلمين من عنده ،وفارقوه ،وح كموا االله ،وقالوا ~ ﴿ :ے ¡ £¢ ] ﴾ ©̈ § ¦¥ ¤الأنعام.[٥٧ : أرضا يقال لها :حروراء .لا يخافون فيفخرجوا من عنده ونزلوا من الكوفة االله لومة لائم ،قاتلوا الفتنة حتى مضوا على الهدى ،ولم يزالوا على ذلك إلى أن مرق عنهم نافع بن الأزرق ،فشتت كلمتهم وخالف أمرهم ،وحاد عن أمورا خالف فيها أهل الاستقامة في الدين.اعتقادهم ،وأحدث وافترقت الخوارج على ست عشرة فرقة بفرقة أهل الاستقامة ،وهي الفرقة الأولى :الوهبية :المنسوبون إلى عبد االله بن وهب الراسبي ،وهو أول إمام عقد علي بن أبي طالب؛ وكذلك :الإباضية :إمامهم عبد االله بن إباض ،وهماله بعد فرقة واحدة؛ وهي الفرقة المحقة. أما ابن الأزرق صاحب فرقة الأزارقة فهو أول من خالف اعتقاد أهل 225كشف ال غ مة الجامع لأخبار الأمة وفرق جماعتهم ،وانتحل الهجرة ،وسبى أهلالاستقامة ،وشق عصا المسلمين ، القبلة ،وغنم أموالهم ،وس ن تشريكهم ،وتبرأ من القاعد ولو كان عارفا لأمره، تابعا لمذهبه ،وانتحل اعتراض الناس بالسيف ،وحرم مناكحتهم ،وذبائحهم وموارثتهم ،وابتدع اعتقادات فاسدة وآراء خالف فيها فقهاء أهل الاستقامة في الدين ،وخرج من البصرة إلى الأهواز ،وغلب عليها ،وعلى ما والاها من بلاد فارس وكرمان وسجستان. وكل هذه الفرق انتهوا ولم تبق إلا الفرقة المحقة التي هي على الكتاب والسنة والإجماع وهي :الإباضية لمكان إمام المسلمين عبد االله بن إباض . 5 ويخصص المؤلف الباب التاسع والعشرين للحديث عن »اعتقاد الفرقة الوهبية الإباضية« ،ويذكر أنها الفرقة المحقة ،وسميت إباضية نسبة إلى إمامهم عبد االله بن إباض ،الذي فارق جميع الفرق الضالة عن الحق ،وأول من ب ين مذاهبهم ،ونقض فساد اعتقادهم بالحجج القاهرات والآيات المحكمات. نشأ عبد االله بن إباض في زمان معاوية بن أبي سفيان ،وعاش إلى زمن ير المشهورة ،والنصائح المعروفة بالس عبد الملك بن مروان ،كتب إليه  المذكورة. رفع المذهب عن عبد االله بن العباس ،وأبي الشعثاء جابر بن زيد ،ونقل عن أهل النهروان والنخيلة عن التابعين من أهل صفين والجمل ،وعن الصحابة. وفارق عبد االله بن إباض جميع أهل الفرق الضالة ،وقال :إن الإيمان قول السنة ،وأن ليس فيه اعتلال على أحد من الناس ،ولا ميلولة إلىوعمل واتباع  هوى ،وإنما هو اتباع سبيل التقوى ،وأن يؤمن باالله وملائكته ،وكتبه ورسوله، وجنته وناره ،ووعده ووعيده ،والبعث والحساب ،واليوم الآخر تصديق ما جاء به الأنبياء عن ربهم ،وأن القرآن كلام االله ووحيه وتنزيله أنزله على نبيه محمد وعقابا لا يشبهه عقاب ،وأن يؤمن ثوابا لا يشبهه ثواب، رسول االله ژ ،وأن الله مائة كتاب إباضي226 بالقدر خيره وشره ،وأن االله خالق كل شيء لا خالق سواه ،وأن االله لا يخلف وعده ،ولا يبطل وعيده ،وأنه صادق فيما يقول ،وأن كل ما جاء به محمد بن عبد االله من عند االله ،وأن االله سبحانه لا تدركه الأبصار في الدنيا ولا في الآخرة، وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ،لا تحويه الأقطار وهو االله لا إله إلا هو. والإسلام من الإيمان ،وهو :شهادة أن لا إله إلا االله وحده لا شريك له ،وأن محمدا عبده ورسوله ،أرسله بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله ،ولو كره المشركون ،وأن ما جاء به محمد بن عبد االله من عند االله فهو الحق المبين، لا شك فيه ،وأن الساعة آتية لا ريب فيها ،وأن االله يبعث من في القبور. وأما ما لا يتم الإسلام إلا به فهي :الصلاة بحدودها وفرضها وسننها، والعلم بوجوبها ،والطهارة والوضوء لها ،وإقامتها لوقتها ،وعلى البقعة الطاهرة، واستقبال القبلة لها ،والمواظبة عليها ،وترك ما ينقضها من قول وعمل ،ومعرفة أصولها ،ومعرفة صلاة الحضر من صلاة السفر ،وصلاة الجمعة كما فرضها االله سبحانه وس نها رسوله ،وأئمة الهدى من بعده في الأمصار ،وخلف أئمة العدل، وصلاة العيدين ،وصلاة الميت ،والكسوفين ،والوتر ،والنوافل ،وغير ذلك مما سنه رسول االله ژ . والزكاة فيما وجبت فيه من صنوف الأموال التي تجب فيها الزكاة ،والعلم بوجوب فرضها ،ودفعها إلى أهلها بعد استكمال النصاب ،وإخراج الخ مس من الغنائم ،ودفعه إلى أهله ،وزكاة الفطر عن كل مولود صاع مما يقتات ،وإخراجه إلى أهله من الفقراء. وصيام شهر رمضان بالحلم والعفاف ،واستكمال طرفي المفترض منه مع اجتناب ما نهى االله ورسوله عنه .والعلم بوجوب فرضه. والحج إلى بيت االله الحرام من استطاع إليه سبيلا ،والإحرام من الميقات، والوقوف بعرفات ،وزيارة البيت ،والسعي ،والطواف ،ورمي الجمار ،ومعرفة 227كشف ال غ مة الجامع لأخبار الأمة وجوب فرضه وسننه ،وما يلزم من الجزاء فيه من قتل الصيد ،وقطع شجر الحرم. وصلة الرحم. وبر الوالدين. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والجهاد في سبيل االله ،وإيتاء ذي القربى حقوقهم ،والجار وابن السبيل. وأداء الأمانة ،والقيام بالشهادة ،والقيام بالقسط ،والعمل بالحق ،وغض النظر عن المحارم ،وحفظ الفروج ،وترك القول بالزور ،وترك العمل بالفجور، وترك الخيانة ،وتحريم الحرام ،واستحلال الحلال ،وطاعة ذي الجلال، والانتهاء عما نهى االله عنه ورسوله ،والغسل من الجنابة ،والغسل من الحيض والنفاس ،وترك المواعدة في العدة ،وتحريم الشهادة بغير علم ،والإشهاد على البيع ..وغيرها. والبراءة ممن قال بالجور وعمل بالفجور ،وجعل كل آثم كفور ،والولاية ذكرا ،أو كان غير مذكور. ممن عمل بالحق كان له والبراءة ممن أثبت الإيمان لمن لا يجتنب محارم االله وانتهكها ،وشك في وعد االله ووعيده ،وهم الصفاتية. أياما معدودة ،ثم يخرجهم ويدخلهم والبراءة ممن زعم أن االله إنما يعذبهم الجنة ،ويتولاهم بعد الغضب عليهم ،وهم المرجئة وأشياعهم. والبراءة ممن زعم أن االله فرض عليهم معرفة الأوصياء ،والطاعة لهم، والولاية ،وإن كانوا أهل ضلال ومعصية ،وأن من تولاهم وأطاعهم فهو مغفور له ،وهم الشيعة. ظاهرا وباط نا ،وعلم ظاهره عند الناس ،وعلم والبراءة ممن زعم أن للقرآن مائة كتاب إباضي228 باطنه عند الأوصياء ،وأنهم يوحى إليهم أنه لا تخلو الدنيا من نبي أو وصي يوحى إليه ،وهم الإسماعيلية من الروافض. والبراءة ممن برئ من أبي بكر وعمر ،وزعموا أنهما ظلما الأوصياء بمنعهما من الإمامة وقولهم خروج رجل منهم في آخر الزمان ،وهو المنتظر عندهم ،وهم الرافضة. والبراءة ممن زعم أن كل دار يحكم فيها بغير ما أنزل االله لا يقبل االله من ثوابا ،ولا يغفر لأحد فيها خطيئة ،وأنأحد فيها حسنة ولا يستوجب أحد فيها أحدا بالمقام حتى يهاجر ..وأن دار الهجرة ليس فيها منافق االله لا يعذر ولا فاسق ،وأن ليس فيها ما كان في دار رسول االله ژ ،مع إنكارهم الرجم، وجلد شارب الخمر ،وهم الأزارقة وأصناف الخوارج. والبراءة ممن زعم أن أهل الكبائر لا مؤمنون ولا كافرون ،واالله يعذب غير الكافرين مع قولهم :إن االله لم يخلق عملهم ،وأنهم هم خلقوها ،وأن االله لا يهدي المؤمنين ،وأن الهدى والضلال إليهم ،وهم القدرية والمعتزلة ،وغيرهم من صنوفهم. والبراءة ممن زعم أن االله جبر العباد على الطاعة والمعصية ،وأن االله لم عالما بالأشياء قبل كونها؛ وهم الجهمية وأشياعهم.يكن والبراءة ممن برئ من المسلمين وطعن في دينهم ،وممن وقف عن المسلمين ولم يتولهم ،والولاية للإمام الصادق الشكور ،ولكل من عمل مذكورا أو غير مذكور. بالحق ،كان هذه سنن وفرائض يرى المؤلف أنها هي العقيدة الوهبية التي آمن بها الإباضية ،نقلها إليهم صادق عن صادق ،متبعين في ذلك قوله تعالىB ﴿ : ] ﴾ I H G F E D Cالتوبة.[١١٩ : ويختصر الأزكوي تاريخ الأمويين والعباسيين في باب واحد هو الثلاثون، 229كشف ال غ مة الجامع لأخبار الأمة ورغم اختصاره هذا إلا أنه يمثل أهمية خاصة فهو يكتب تاريخ ا س ن يا بوجهة نظر إباضية ،وهو إذ يختصر مرحلة من أهم مراحل التاريخ العربي الإسلامي، فإن هذا الاختصار يحمل أكثر من معنى ،حيث يبين الكاتب كيف عانى الإباضيون في ظل هاتين الدولتين ،وهو يرى أنه صراع بين العدل والتجبر، ويعبر عن ذلك بظهور الإمام العادل أو الأئمة الذين يواجهون سلطان الجور مر بها المذهب الإباضيومرورا بالأدوار التي بدءا بعبد االله بن إباض،والظلم منذ نشأته في البصرة حتى حياة المؤلف. مرورا أما ما يتعلق بالدولة الأموية فإن الأزكوي يمر على ذكر خلفائها جزءا وعد فترة حكم ابن الزبيرسريعا ،مبد يا رأيه الديني في أمر خلفائها، من الفترة الأموية .وفي تعرضه لأحداث الفتنة الثانية نجد الكاتب يقف ميزه عنمعارضا من الجميع ،وهذا يعكس إيمانه بمذهبه الذي موقفا جميع الفرق والتيارات المذهبية والسياسية .ويعد قيام الدولة الأموية في امتدادا لدولتهم في المشرق ،ويعطي تفاصيل أكثر عن أمرائها،الأندلس ويثني على بعضهم. يسيرا من أخبارهم ،ومماعدد خلفاءها وذكر شي ئا أما الدولة العباسية فقد يلفت النظر ذكره لسنوات خلافة كل واحد من الخلفاء العباسيين. وعدد خلفاءها ،مع حرصهأما الدولة الفاطمية فقد سماها الدولة العبيدية ، على ذكر سنوات حكمهم وانتقالهم من المغرب إلى مصر. ويعد الباب الحادي والثلاثون من الأبواب المهمة التي لم تنشر بعد ،حيث خصص الكاتب هذا الباب لأئمة المذهب سماه» :في ذكر الأئمة الذين باعوا أنفسهم في إنكار المنكر« وقائد هذا المذهب جابر بن زيد. يعدد بقية قادة الحركة الإباضية الأوائل ،ويذكر شي ئا من أخبارهم.ثم مائة كتاب إباضي230 ويخصص الأزكوي الباب الثاني والثلاثين للحديث عن انتشار المذهب الإباضي في بلاد المغرب ،ويتكلم عن »نقلة العلم« وعن المناطق التي انتشر فيها المذهب الإباضي .ثم ينتقل إلى الدولة الرستمية ومؤسسها عبد الرحمن بن رستم الفارسي ،وهو »أحد حملة العلم« .ويعد الدولة الرستمية إباضية المذهب، ويؤكد على استمرار علاقة أئمتها بأئمة المذهب في الشرق ،وتعاونهم خاصة في موسم الحج. ويختم الأزكوي هذا الباب بفصل طويل يتحدث فيه عن علماء الإباضية بالمغرب ،ويسهب في الحديث عن علمهم وورعهم ،ولا يعطي تفاصيل ذات مهما لمثل مصدرا  شأن عن سيرة حياتهم أو أخبارهم ،ورغم ذلك فإنه يبقى هذه المعلومات. ويسرد الأزكوي من الباب الثالث والثلاثين إلى الباب الثامن والثلاثين »تاريخ عمان من أول إسلامها حتى وقوع الفتنة« .وهو يسرد التاريخ وفقا لسنوات الهجرة ويفصل أحيا نا ويختصر أحيا نا أخرى. ويعد الباب الثالث والثلاثون أهم أجزاء »كشف الغمة« فقد خصصه لتاريخ عمان وس ماه» :في أخبار أهل عمان من أول إسلامهم إلى اختلاف كلمتهم« ،لذلك حظي باهتمام واسع لدى المختصين ،واعتمد عليه كبيرا ،فأصبح بذلك المصدر الرئيس لكتابةاعتمادا العمانيون المؤرخون تاريخ عمان عبر العصور الإسلامية .رغم هذه الأهمية يظل هذا الباب في لعمان ،ولا يعطيناقصا فهو لا يغطي جميع حقب التاريخ الإسلامي مجمله تفاصيل كثيرة للأحداث. ويذكر الأزكوي أن عمان وأهلها في مقدمة المناطق التي سارعت إلى الإسلام وآمنت برسالة محمد ژ وحملت لواءه ،ثم يستطرد في حديثه عن إسلام أهل عمان ،ولا يجد أمامه غير الاعتماد على الرواية التقليدية التي ذكرها 231كشف ال غ مة الجامع لأخبار الأمة المؤرخون المسلمون ،وهي إرسال الرسول ژ عمرو بن العاص لأهل عمان يدعوهم إلى الإسلام. ويمضي الأزكوي بعد ذلك في الحديث عن تاريخ عمان في صدر الإسلام، وينفرد بإعطاء بعض التفاصيل حول الصراع الذي دار بين أهل عمان والحجاج بن يوسف الثقفي. العماني بشكل عام،ويبدو الأزكوي دقيقا في ذكره لأخبار الأئمة والتاريخ لكنه يقع في أخطاء عند الحديث عن تاريخ الإباضية خارج عمان ،ومرد ذلك أن الأزكوي كتب مص نفه هذا في عمان. ويبقى المعيار الديني »الصراع بين العدل والتجبر« هو المحور الأساسي لتاريخ عمان في منهج الكاتب ،فالأئمة الإباضيون ومن سار على نهجهم يمثلون العدالة الإسلامية ،وهم الذين أحسنوا السيرة في عمان وتاريخهم العماني، يستحق الذكر ،فقد أهمل الأزكوي فترة مهمة من أطول فترات التاريخ وهي فترة حكم النبهانيين التي استمرت قرابة خمسمائة عام ،ولا شك أنها كانت فترة حافلة بأحداث كبيرة. ويعدد الأزكوي في الباب التاسع والثلاثين تواريخ بعض الصحابة وعلماء الإباضية ،ورغم أهمية هذا الباب إلا أن الأزكوي لم يعط أية تفاصيل عن الأعلام الذين ذكرهم في هذا الباب. ويختم الأزكوي عمله الضخم بالحديث عن بعض قضايا الخلاف الديني بين السنة حول مسألتي :عذاب القبر ،ورؤية االله 8يوم القيامة ،وكأنهالإباضية وأهل  السنة. يريد توجيه رسالة تحمل دفا عا عن رأي الإباضية ،وترد على رأي أهل  232 ó«MƒàdG áàμf ≈∏Y ó«°†ædG ó≤©dG ) »JÓàdG »HôédG ¿É°†eQ øH hôaY ï«°ûdGت ١١٨٧ه١٧٧٣/م( تحقيق ودراسة :جمال معطا االله الكتاب منشور ضمن أطروحة مقدمة لنيل درجة الماجستير في تحقيق التراث والمخطوطات معهد البحوث والدراسات العربية قسم البحوث والدراسات التراثية المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة لجامعة الدول العربية القاهرة١٤٣٤ ،ه٢٠١٢/م. عدد الصفحات ٣٢٨ :صفحة تتكون الأطروحة من :مقدمة ،وقسمين :الأول قسم الدراسة ،والثاني متن النص المحقق. خصوصا أن وموضوع الكتاب يتصل بالعقيدة الإسلامية وأركانها، المواضيع العقدية كانت محل الكثير من النقاشات التي دارت بين المسلمين على اختلاف طوائفهم ،في إطار ما يسمى بعلم الكلام. ودراسة هذا الكتاب يرمي إلى إلقاء الضوء على جانب من المذهب الإباضي من خلال صاحب الكتاب »عمرو بن رمضان الجربي التلاتي«، واحدا من أهم أعلام هذا المذهب ،وكذا إماطة اللثام عن الكثير منباعتباره الحقائق التي ما زالت غائبة عن الكثيرين بشأن المذهب الإباضي .وبالتالي فهما لوجهة نظر الآخر كان ذلك وسيلة للتقارب وتجنبكلما كان الإنسان أكثر الأحكام المسبقة. بالإضافة إلى التعرف على امتدادات المذهب الإباضي وحدوده الجغرافية تحديدا ،على اعتبار أن صاحب المخطوط ينتمي إلىوفي منطقة شمال إفريقيا هذه المنطقة ،فهو من مدينة جربة التونسية. ولم يحظ صاحب المخطوط الشيخ عمرو بن رمضان الجربي التلاتي بالعناية 233العقد النضيد على نكتة التوحيد والاهتمام الذي نلاحظه عند غيره من العلماء الإباضيين في وقته وحتى من جاؤوا بعده ،رغم أن قامته في العلم كانت عالية  جدا بشهادة الكثير من بني عصره. ويشير المحقق في المقدمة إلى أن أهم قيمة للكتاب من وجهة نظره وما ضمن فيه بعضميزه عن باقي الشروح الأخرى أنه يمكن أن يكون قد التوافقات المذهبية بين الأشاعرة والإباضية ،إذ نجده يستعين بقدر غير قليل من الأبيات لمنظومة »جوهرة التوحيد« للشيخ إبراهيم اللقاني ،وكذا شرح الجوهرة المسمى ب»فتح القريب المجيد بشرح جوهرة التوحيد« للشيخ الأجهوري )١٠٧٠ه( ،وقد بلغ عدد تلك الأبيات في متن المخطوط حوالي عشرين بي تا ،وهي إشارة واضحة من المؤلف إلى نبذ التعصب بين المذاهب. القسم الأول :وهو قسم خاص بالدراسة ،ويشتمل على ثلاثة فصول: الفصل الأول :علم الكلام والعقيدة ،وهو بمثابة فصل تمهيدي لرسم إطار لموضوع المخطوط ،ومحاولة التعريف بشكل مختصر عن خلفيات هذا العلم ونشأته ،ولأجل ذلك أدرج المحقق تحته مبحثين: المبحث الأول :التعريف بأهم الفرق الإسلامية كالمعتزلة والأشاعرة والخوارج. المبحث الثاني :الإباضية وعقائدها وانتشارها في شمال إفريقيا ،وفي مدينة خصوصا. جربة وفي هذا المبحث يشير المحقق إلى أن مخالفي الإباضية يعدونهم من فئة الخوارج ،في حين نجد أن الإباضيين ينفون عن أنفسهم صفة الخارجية، ويتهمون مخالفيهم بمحاولة إلصاقها بهم. الإباضية كما ورد في معجم مصطلحات الإباضية بكسر الهمزة أو فتحها، ويقول القطب أطفيش» :الإباضية كسر الهمزة على أنه الأصح«. مائة كتاب إباضي234 ويبدو أن الاتفاق لم يحصل حول نسبة المذهب ،أهو منسوب إلى عبد االله بن إباض التميمي )٨٦ه( أم إلى أبي الشعثاء جابر بن زيد الأزدي )٩٣ه( ،ولو أن الكثير من المصادر تكاد تتوافق في أن النسبة هي لعبد االله بن إباض ،إلا أن التأسيس والنشأة ارتبطت بالزعيم الروحي للمذهب الإباضي ،ألا وهو جابر بن زيد ،كما يظهر ذلك من خلال العديد من المصادر الإباضية وغير الإباضية. والإباضية تسمية تطلق على أتباع الإمام أبي الشعثاء جابر بن زيد الأزدي، علي أكبر ضيائي يتحدث عن الإباضية ،ويقول :إن إمامهم هوونجد أن أبو الشعثاء جابر بن زيد الأزدي )ت ٩٦ه( على الأرجح ،وقيل) :ت ٩٣ه(، ونسب أتباع هذا المذهب إلى عبد االله بن إباض التميمي )ت ٨٦ه( وكان معاصرا لمعاوية ،وعاش إلى أواخر أيام عبد الملك بن مروان. و»المللوالأمر نفسه نكاد نجده متفقا عليه في كتابي» :الفرق بين الفرق«، والنحل« فيما يتعلق بإمامة عبد االله بن إباض للمذهب الإباضي ،وفي هذا نجد الدرجيني يقول» :فإليه يقصد ابن إباض النسبة في العقائد ،معدولا بها عن طلبا للتخفيف واختصاص الأشهر ،وذلك في اللغةاسم الولد إلى اسم الوالد ، معروف ولا ينكر. ويذكر ابن النديم )ت ٣٨٠ه( في كتابه» :الفهرست« أن عبد االله بن يزيد منسوبا الإباضي من أكابر الخوارج ومتكلميهم ،ولم يحدد ما إذا كان المذهب كتبا ،منها :كتاب» :التوحيد« ،وكتاب» :الرد على المعتزلة«، إليه أم لا ،ويذكر له وكتاب» :الرد على الرافضة« ...الخ. وكان ابن إباض لا يصدر في رأيه إلا عن رأي الإمام جابر ،وكان جابر آنذاك في الكتمان؛ لذلك لم يعرفه كتاب »الملل والنحل والمقالات« ،كما لم يطلع أصحاب الطبقات على انتمائه المذهبي وإن عرفوا قدره وعلمه ولم ينسبوا المذهب إليه. 235العقد النضيد على نكتة التوحيد ويرجع المحقق نشأة المذهب الإباضي إلى أعظم شقاق حصل بين الأمة وتحديدا عقب معركة صفين ،والتي الإسلامية أيام خلافة علي بن أبي طالب، فارقه معظم من كانوا معه على خلفية قبوله مبدأ التحكيم مع معاوية ^ ؛ علي إلى فريقين ،فريق رضي التحكيم وآخر أنكره،وبالتالي انقسم جيش وعلى الرغم من أن ابن عباس استطاع أن يستميل بعض أولئك المنكرين على كبيرا يقدر بعشرات الآلاف ظلواعلي ، 3من خلال مناظرتهم ،إلا أن عددا على عنادهم ،محاولين تصعيد الأزمة ،ووصل الصراع إلى ذروته في »حروراء« علي 3أن يناقش المنكرين للتحكيم،بالكوفة ،عندما حاول أمير المؤمنين وفيما كان يجب عليهم أن يسمعوا ويطيعوا ،ولكن يبدو أن الأمر تقاذفته بعض الدسائس من جهة ،والوشايات والشعوبية من جهة أخرى ،فانقسم الجميع إلى ثلاثة أقسام حول موضوع الخلافة باعتباره جوهر القضية المتنازع عليها: شيعة بني أمية ،والتي كانت ترى أن لا خلافة خارج إطار قريش ،وأن بني أمية هم أحق بها. علي بن أبي طالب ،وكانوا ببلاد العراق وقليل منهم بمصر، شيعة وكانوا يرون أن تكون الخلافة في قريش وأن عل يا وأولاده من بعده أحق المسلمين بها. الخوارج ،وقد كانوا على شقاق مع الفريقين ،فناصبوهما العداء، واستحلوا دماءهم. كل هذا إن د ل على شيء فإنما يدل على أن المناخ السائد وقتئذ كان له بالغ الأثر في معتقدات الإباضيين ومبادئهم. أما فيما يتعلق بقضية انتماء الإباضيين للخوارج أم لا ،فهنالك من يعتبر أن الذين كتبوا عن المذهب الإباضي من غير الإباضيين اضطربوا في تحديد علاقتهم بالخوارج ،فأغلبهم ينسبهم للخوارج ،ومنهم من قال هم أعدل مائة كتاب إباضي236 الخوارج ،ومنهم من وصفهم بالتقوى ،وبعضهم حاول إنصافهم فقال بأنهم السنة. أقرب الفرق إلى أهل  لقد عرف أتباع الإباضية في التاريخ منذ صدر الإسلام ،وقد كانت جماعتهم تسمى أهل الحق والاستقامة ،ولم تختر لنفسها اسم الإباضية ،إنما أطلقه عليها مخالفوها ،نسبة إلى عبد االله بن إباض ،ثم قبلته نزولا عند الأمر الواقع ،وكان الإباضيون ينسبون أنفسهم إلى الفكرة لا إلى زعيم بعينه، ويعتقدون أن منهجهم هو الصحيح للإسلام. أما الصورة المجملة لأصول الإباضية في العقيدة ،فالأصل العام عندهم هو التنزيه المطلق للباري جل وعلا ،وكل ما ظاهره التشبيه من الآيات القرآنية الكريمة، أو الأحاديث النبوية الثابتة يجب تأويله بما يناسب المقام ولا يؤدي إلى التشبيه. وكما كان للإباضيين أصول في العقيدة والكلام ،فقد كانت لهم أصول في السياسة كذلك ،فهم يعمدون إلى الدعوة والإقناع ،مبتعدين عن العنف واستخدام السلاح ،إلا في الحالات التي يقتضي فيها الأمر كذلك ،بمعنى ما لم يكن الدفاع بالسلاح ضرورة ملحة وحتمية. وكان لعلاقات الإباضية مع بعضهم البعض دور كبير في انتشار المذهب، وانتقاله من حدود عمان والبصرة إلى مصر وبلاد المغرب ،وساعدت الكثير من العوامل في ذلك منها اضطهاد البربر في المغرب من ق بل بني أمية .وهو ما دعى البربر إلى الترحاب الكبير بالدعاة الذين قدموا من البصرة و عمان، لنشر تعاليم الإباضية ،هذا ولا ننسى عامل التجارة الذي كان يفرض الترحال دفعا قويا والتجوال بين عمان والبصرة ومصر والمغرب ،وهو ما دفع الإباضية للأمام ،حتى انتشر المذهب بين كثر من المصريين ،واعتنقه عدد هائل من البربر في بلاد المغربين :الأوسط ،والأدنى ،مما أدى في النهاية إلى قيام دولة إباضية في هذه البلاد. 237العقد النضيد على نكتة التوحيد وبخلاف سلطنة عمان والبصرة ومصر وبلاد المغرب نجد أن المذهب الإباضي انتشر في الشرق الإفريقي ،وبداية ذلك أن الحجاج بن يوسف لما عنيفا ،وأدى الحال بعد هزائم متلاحقة قاتل سعيد وسليمان ابني عباد قتالا إلى هزيمة هذين القائدين ،ولجئا إلى الشرق الإفريقي ،وقد بدأ منذ ذلك الوقت ينتشر المذهب الإباضي ،وظل كثير من علماء الإباضية يتعاقبون في شتى المناطق. وتعاقب الأمر كذلك حتى جاءت دولة اليعاربة ،وحكمت الشرق الإفريقي، ثم خلفتها دولة آل بوسعيد ،وتعاقب كثير من علماء الإباضية هنالك ،ولا تزال مجموعة من الإباضية باقية إلى يومنا هذا .وقد ورد في فترة من السنين أن إريتريا يوجد فيها طائفة الإباضية ،ولا يبعد أن يكون هؤلاء من النازحين من إفريقيا الشرقية أو أنهم وصلتهم الدعوة من طريق الإباضية في إفريقيا الشرقية. سريعا انتشارا نجد أن المذهب وعلى غرار مصر وبلاد المغرب انتشر في تونس بسبب حفاظ الدعاة إليه على صفاء الرسالة الإسلامية ،فلم تلتصق به الشبهات ولا البدع ولا الخرافات ،ولم يشنه ظلم الطغاة من الولاة ،ولقد كان للداعية المسلم الكبير »سلمة بن سعد« كبير الأثر في نشر تلك الدعوة ،من خلال محاولته إقرار الصورة الصحيحة والفهم السليم للإسلام في الإيمان فهما لهذه والعبادة والمعاملة ،ولعل السكان في القطر التونسي كانوا أكثر الدعوة ،وتعلقا بها ،واستجابة لها آنذاك. أما تاريخ وجود فرق الإباضية بجزيرة جربة إلى أوائل القرن الثاني للهجرة، فقد اعتنق مبادئهم العادلة التي جاء بها سلمة بن سعد أكثر سكان شمال إفريقيا لخلوها من التكلف المصطنع والاستبداد في الحكم ،بل تجعل الأمر شورى بين الناس فاستقامت أحوالهم ،واعتزوا باستقلالهم. ويتناول الفصل الثاني :مكتبة مؤسسة الشيخ عمي سعيد. مائة كتاب إباضي238 ويعرض الفصل الثالث :دراسة عن الكتاب ومؤلفه .وهو  العلامة الفقيه بدر الدين أبو حفص عمرو بن رمضان بن مسعود بن أبي بكر الجربي التلاتي ،ولد في حومة تلات بجزيرة جربة في البلاد التونسية ،وإليها ينسب. أما كلمة »تلات« فهي كلمة بربرية الأصل معناها مجمع الشعاب التي أحدثتها مياه الأمطار المنحدرة من الهضاب والتلال ،وفي جبال نفوسة جهة تسمى »تلات« لنفس المعنى المذكور. أخذ المؤلف العلم في البداية عن أبي الربيع سليمان الحيلاتي ،وكان آية في جمع الفنون من علم المنقول والمعقول .كما أخذ عن مشايخ جزيرة جربة، ثم انتقل إلى مصر وكان انتقاله إليها مع أسرة الغول وهي أسرة جربية معروفة حيث استقر بالقاهرة ،ودرس في المدرسة الإباضية بجامع ابن متصدرا للتدريس بها آنذاك الشيخ محمد بن قاسم البلازطولون ،وكان الجربي )ت ١١٣٦ه(. كما استفاد من غير الإباضية ،فتتلمذ على علماء الأزهر الشريف ،وعاصر بعض مشايخ ميزاب ،ودارت بينهما مباحثات ومراسلات .وقد ساعده وجوده أيضا علىفي مصر على التواصل مع العلماء من غير مذهبه ،كما ساعده الاستفادة من ذخائر أوقاف وكالة الإباضية في حي ابن طولون بالقاهرة. أما عن هجرته إلى مصر فكانت قصد العلم ،وقد هاجر إليها خفية دون أن يستأذن أهله خشية أن يمنعوه ،فكان ذلك بالتقريب سنة )١١٣٣ه( وفي السنة نفسها قصد بيت االله الحرام للحج ،ثم حج سنة )١١٥٩ه( عن والده ،وربما كانت بعد وفاته ،وحج ثالثة سنة )١١٦٢ه( ومعه والدته ،وكانت حجته الرابعة ولعلها الأخيرة سنة )١١٦٤ه( وقد استقر بمصر أكثر من ستين سنة إلى أن أدركته المنية .وكان إذا ذكرها قال» :حماها االله تعالى ،وأدام سكناي بها إلى الممات«. 239العقد النضيد على نكتة التوحيد أما عن جانب التأليف والمؤلفات فقد كانت غزيرة غزارة ما تلقاه من علوم ومعارف ،فقد أ لف العديد من الشروح والحواشي والمختصرات ،ومصنفاته تقارب الثلاثين. وبالنظر في مؤلفات عمرو بن رمضان الجربي التلاتي سنجد أنه يغلب عليها التنوع والتعدد ،فنجده يكتب في النحو والبلاغة والأدب والأخلاق تميز في بعضوالإجماع ،وكذا في أصول الفقه والمنطق والعقيدة والكلام ،كما مؤلفاته إلى النزوع نحو الشروح والحواشي والمختصرات على من سبقه من العلماء من مذهبه ،ومن هم على خلاف مذهبه. شرحا لمتن عقيدة أما كتاب» :العقد النضيد على نكتة التوحيد« فيمثل التوحيد عند الإباضيين للشيخ عمرو بن جميع )ق ٧ه( هذا الأخير أخذ العلم مشهورا إماما عن الشيخ أبي العباس أحمد الدرجيني صاحب الطبقات وكان منظورا ،وكان من كبار المدرسين بجامع تيفروجين.وعالما وعمرو بن جميع من الطبقة الخامسة عشرة التي هي طبقة الخمسين الأولى كثيرا من القرن الثامن .ثم إن تأخر انتشار اللغة العربية في شمال إفريقيا جعل الك تاب يؤلفون كتبهم باللغة البربرية ،سواء أكان ذلك في العقيدة أممن الشريعة أم سيرة الرسول ژ ،وفي كل ما يجب على الناس معرفته من أمور الدين ،ولربما كان هذا المتن آخر ما نقل من البربرية إلى العربية. وكثير من المصادر تثبت أن كتاب» :العقد النضيد على نكتة التوحيد« شرحا لمتن »عقيدة التوحيد« لعمرو بن جميع ،ولا أدل على صحة هذهباعتباره النسبة من كلام المؤلف نفسه. إن كتاب» :العقد النضيد على نكتة التوحيد« هو شرح لمتن عقيدة التوحيد لعمرو بن جميع .ويقول المؤلف في بداية الكتاب» :لقد شرحت فيما مضى النكتة المسماة بالتوحيد« ومن خلال الشرح نجد أن المؤلف عمد إلى شرح مائة كتاب إباضي240 المسائل التي وردت في المتن مسألة مسألة سواء ما تعلق بالأمور العقدية أو الأمور الفقهية ،كما يبرز ذلك في مقدمة الكتاب. وتتمثل تلك المسائل فيما يلي: الكلام على ما يوجد به الإسلام والإيمان ،والتوحيد الناقص والكامل، وعلى قواعد الإسلام وأركانه ،وكذا قواعد الكفر وأركانه ،وعلى أسهم الإسلام وما يحرز وما يحد به ومسالكه ،وعلى الصلاة والولاية والبراءة والملل الست، والسنة والكفر والإلزام ،والملائكة وأهلوالكتب المنزلة والأنبياء والرسل، الأعراف والمسلمين والجن ،والأشهر الحرم وأشهر المدة والحج ،والأيام المعلومات والمعدودات ،والكبائر ،والمؤمن والمنافق والمشرك ،ومن لم يكن ول يا عند أهل المذهب ،ومن لم يعرف المعبود ،ولم يوف بالعهود. وجدير بالذكر أن المؤلف أطال التقديم قبل أن يعرض لخلاصة المسائل التي يناقشها في كتابه ،ولربما كانت تلك عادة العلماء الموسوعيين ،إذ نجد واصطلاحا مع وتحدث فيها لغةالواحد منهم لا يكاد يترك شاردة ولا واردة إلا حشد القرائن والأدلة وضرب الأمثلة حتى ليكاد يخيل للقارئ أحيا نا أن المؤلف يستطرد في كلامه ،ولكن سرعان ما يعود إلى الموضوع قيد الدراسة. وقد استعان المؤلف بالعديد من المصادر والمراجع في مختلف المجالات، بما يتيح له الإحاطة بالجوانب التي قصد شرحها ،سواء من الناحية العقدية أو الفقهية ،أو الجوانب اللغوية والبلاغية ،وحتى ما تعلق بالجوانب التاريخية. عبرت المصادر التي اعتمدها المؤلف عن سعة اطلاعه وإلمامهلقد بكثير من العلوم بدليل تعمقه الدقيق في أغلب ما يأتي على كتابته .ونلاحظ أن المؤلف قد صرح بأسماء بعض المصادر التي اقتبس منها ،وغض الطرف عن البعض الآخر ،في حين نجده يذكر أسماء الأعلام من غير ذكر المصدر أحيا نا أخرى. 241العقد النضيد على نكتة التوحيد السنة، كثيرا من الشواهد سواء كانت من الكتاب أو وقد استخدم المؤلف شاهدا من الأحاديث شاهدا قرآن يا ،وحوالي عشرين فهناك ما يربو عن ثمانين الشريفة والقدسية ،وهذا في حد ذاته مؤشر على محاولة التركيز على صريح المنقول وبعدها الانتقال إلى صحيح المعقول. كما لا يغفل المؤلف الاعتماد على الشواهد الشعرية من مختلف المتن والأراجيز ،وكذا الاستعانة ببعض أشعار فطاحل الشعراء. واستفاض الشارح في التحليل والتفسير اللغوي للمصطلحات الغامضة، وحتى تلك التي تبدو غير ذلك. وحرص الشارح على توضيح الفروق بين المسائل الجدلية والخلافية في المسائل الكلامية والفقهية ،كما هو الحال مثلا بالنسبة لقضية الإيمان والاعتقاد، ومسألة النبوة والرسالة ،وغيرهما من المسائل. ومن الأمور التي تحسب للشارح أنه أبدى موضوعية كبيرة في تعامله مع منحى جدل يا وخلاف يا ،فنجده رغم توجهه الإباضي المواضيع التي تأخذ يستعين بأكثر من بيت من منظومة التوحيد للشيخ إبراهيم اللقاني وشرحها للشيخ الأجهوري ،رغم مذهبهما الأشعري ،والمنظومة أصلا خاصة بعقيدة تجريحا منه لفرقة معينة أو مخالفة في الرأي ،إلا الأشاعرة ،كما لم نلمس ما كان مجرد نقل منه على لسانه ،وهو الأمر الذي لم يلتزم به كثير من العلماء في مناقشاتهم وردودهم على مخالفيهم. ويبدأ الكتاب بالحمد والبسملة ويشرح معناهما والفرق بينهما ،ثم ينتقل للحديث عن أسماء االله الحسنى ،وأي منهم هو الاسم الأعلى ،ثم يتكلم عن الصفات الإلهية. ويعرض الشارح معنى الدين وأساسه ،وهو الطاعة التي هي غير التوحيد، مائة كتاب إباضي242 أما التوحيد فهو اعتقاد أن االله تعالى واحد في ذاته وصفاته وأقواله وأفعاله وعبادته وباقي كمالاته ،والنطق بما يدل على ذلك الاعتقاد ،وهو لا إله إلا االله محمد رسول االله ،وما جاء به محمد حق من عند االله. ولا يخفى أن المراد من كون التوحيد أصل الدين أنه الجزء الأعظم منه لتركبه منه ومن سائر العبادات ،فقولهم :التوحيد أصل الدين ،والدين هو التوحيد. والإسلام إذا قيل في مقابلة الإيمان يراد به العمل الصالح؛ أي :امتثال المأمورات واجتناب المنهيات؛ أي :الإذعان للأوامر والنواهي وعدم ردها والعمل بها. وأنه في اللغة هو الانقياد والخضوع ،وأن الإيمان فيها مطلق التصديق، وفي الشرع تصديق نبينا ژ في حمل ما علم مجيئه به من الدين بالضرورة؛ أي :فيما اشتهر بين أهل الإسلام وصار العلم به يشابه الحاصل بالضرورة بحيث يعلمه العامة من غير افتقار إلى نظر واستدلال. وقال جمهور الأشاعرة :إن الإيمان هو التصديق فقط والنطق بالشهادتين من القادر عليه شرط في إجراء أحكام المؤمنين الدنيوية عليه؛ لأن التصديق القلبي وإن كان إيما نا إلا أنه باطني خفي ،فلا بد له من علامة ظاهرة دالة عليه لتناط به تلك الأحكام. أعم من الإيمان والإسلام لانفراده عنهما فيأما التوحيد عند الشارح فهو تحدث عن الرسل ،وذكر أنهم بلغوا ثلاثمائة وثلاثة عشر ،والكتبالمنافق ،ثم هي :التوراة ،والإنجيل ،والزبور ،والفرقان ،وصحف آدم ،وصحف إدريس وإبراهيم .والرسول أخص من النبي ،فإنه إنسان حر ذكر من بني آدم أوحى إليه بشرع وإن لم يؤمر بتبليغه ،وجملة الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا. والرسول أخص ،والإرسال من الصفات الشريفة التي لا ثواب فيها ،وإنما الثواب على أدائه لرسالته التي حملها ،وأما النبوة فمن قال :إن النبي هو الذي 243العقد النضيد على نكتة التوحيد نبأ عن االله تعالى قال :يثاب على إنبائه لأنه من كسبه ،ومن قال بما ذهب إليه الأشعري من أنه الذي نبأه االله تعالى قال :لا ثواب له على إنبائه إياه .وكم من صفة شريفة لا يثاب عليها ،والعلماء اختلفوا في نبوة الرسول ورسالته ،فقال بعضهم :نبوته أفضل من رسالته لتعلقها بالحق تعالى ،وتعلق الرسالة بالخلق، وقال بعضهم :رسالته أفضل من نبوته لجمعها للتعلقين كما هو ظاهر ،وهذا هو الصحيح الذي يراه المؤلف ،وأنه لا خلاف في أفضلية الرسول على النبي. وأما العمل؛ أي :الفعل الذي هو حركة البدن أو تعلق القدرة الحادثة بالمقدور فالامتثال والقيام بجميع الفرائض والعبادات المفروضة الواجبة، فالفرائض هي جمع فريضة بمعنى مفروضة حميدة ،فعلية مقطوع بها لدلالة والسنة والإجماع. الأدلة القطعية من الكتاب يجوز له جازما بأن لم طلبا والفرض هو الفعل المطلوب من المكلف الشارع الطالب له منه تركه كالصلاة وهو والواجب مترادفان عند المؤلف جازما. طلبا أي :اسمان لمعنى واحد هو الفعل المطلوب من المكلف والمراد بالفرائض ما يشمل العينية؛ كالصلوات الخمس والكفاية كصلاة الميت ،وأما العمل فالإتيان بجميع الفرائض. ولا يأتي التوحيد كاملا إلا إذا أذعن الإنسان بعشرة أشياء ،وهذه الأشياء هي :أولها الإيمان بالملائكة ،وأما الثاني فالأنبياء الرسل ،والثالث الكتب المنزلة على بعضهم ،ورابعها الموت ،وخامسها البعث ،وسادسها يوم القيامة، وسابعها الحساب والعقاب ،وثامنها الجنة ،وتاسعها النار ،وعاشرها ما كان وما يكون وما هو كائن. والإيمان بالبعث؛ أي :إحياء االله تعالى الخلق كلهم يوم القيامة بعد فنائهم بأن يعيد أبدانهم بأجزائها الأصلية وهي الموجودة فيهم حال نفخ الروح كاليد والرجل وعوارضها كما كانت بعد إعدامها على الصحيح ،وقيل :بعد تفرقها، مائة كتاب إباضي244 ويدخل فيها الأرواح بأن يأمر االله تعالى إسرافيل بالنفخ في الصور بعد جمع الأرواح فيه ،فينفخ فيه ،فتذهب كل روح إلى بدنها .والمراد بالإيمان به التصديق بأنه سيوجد بلا شك ،وبأنه حق ،وبأنه بإرادته تعالى وقدرته ،ومنه لا من غيره .ويبعث كل الخلائق من غير فرق بين من يحاسب منهم ،ومن لا يحاسب وهم الإنس والجن والملائكة. 245 zá«fƒædG{ Ió«°üb ìô°T ,Qƒ`ædG »FÉ°û∏adG ìƒf øH íàa ô°üf »HCG ï«°û∏d شرح :عبد العزيز الثميني )ت ١٢٢٣ه١٨٠٨/م( المطبعة البارونية مصر١٣٠٦ ،ه. عدد الصفحات ٥٣٦ :صفحة كتاب النور في التوحيد ،اختصر فيه الثميني شرح التلاتي للقصيدة المشهورة بالنونية للشيخ أبي نصر فتح بن نوح الملشائي )ق ٧ه(. وشارح القصيدة هو ضياء الدين عبد العزيز بن الحاج بن إبراهيم الثميني أحد أعلام الجزائر ،وأحد أعلام المسلمين على مذهب الإباضية. ولد الشيخ عبد العزيز الثميني كما هو مجمع عليه سنة ١١٣٠ه ،ووقع ذلك إما في شهر المحرم منها فيكون مولده سنة ١٧١٧م ،أو في غيره من شهورها فيكون سنة ١٧١٨م. لقد نشأ ضياء الدين 5في عائلة كريمة ذات نعمة ورخاء في أملاك والده بورجلان ،فلما ختم القرآن في صباه اشتغل بالتجارة والفلاحة وهو بها ،ولقد شابا وكهلا. مولعا بركوب الخيل اشتهر عنه أنه كان لقد كان مشغوفا بالعلم ،ولكنه لم يتح له منه حظ إلا من بعد تجاوز السابعة والعشرين من عمره. عظيما مكتمن الفؤاد ،ولقد صار هذا الحب يستحوذلقد كان حبه للعلم عليه بعد رؤيا مشهورة يقصها بنفسه فيقولون عنها» :قد كنت في بلاد ورجلان.. خاليا من نيل حظ من العلم ،غير أني مشغوف به من قبل اليوم ،فكنت نحو مائة كتاب إباضي246 سنة ،قبل طلوع ذلك البدر كلما سرى النوم إلى أجفاني أصادف مرآة في يدي أنظر فيها وجهي وشأني ،فلا تنفك مني في غالب الأحوال في المنام وكنت أتعجب من تلك الرؤيا ومن تعبيرها ،حتى بزغ البدر على الأنام. فانتقل إلى شيخه حوالي سنة ١١٦٠م وغيره قد تجاوز السابعة والعشرين سنة ،وكانت المبادئ التي أخذها في الكتاب ،وما استطاع أن يلتقطه من أفواه العلماء القليلين ،قد هيأته للتعلم ،وجعلت أبواب العلم سهلة لديه. تعبر بوضوح عن شغف الإمام الثميني بالعلم ،وعنإن الرؤيا المذكورة استعداده لطلبه بكل قواه ،والتبحر فيه وفي فنونه بما يجعله من أعلامه. ولقد ساعده في ذلك اكتسابه عدة مميزات ،منها المواهب العقلية، والصفات النفسية العظيمة ،وأنه لم يكن من ذوي الخصاصة لما كان عليه أهله من الغنى وسعة العيش ،فاستطاع أن يدرس مطمئن البال ،وأن يأخذ عن شيخه الأفضلي وعن غيره أعز ما لديهم من فنون العلم ،واستطاع أن يصير العبقري الذي وفقه االله ليرسي مع شيخه أسس النهضة العلمية والإصلاحية في جنوب الجزائر عامة ،وفي ربوع »مزاب« خاصة بعد ظلام من الجهل والفتن ،ومهد السبيل لمن أتى بعده من العلماء المؤلفين والمرشدين. تحدثوا عنه أن أبا أما عن شيوخه فيكاد يجمع الذين كتبوا عن الثميني أو زكرياء يحيى بن صالح الأفضلي هو شيخه. تلميذا له بعد أن رجع من جربة إلى بني يزجن حواليلقد صار الثميني سنة ١١٥٧م ،واضطر الثميني لأجل هذا ،وأثر الرؤيا المشهورة أن يغادر ورجلان مستقرا بها. إلى بني يزجن بعد ثلاث سنوات من قدوم شيخه إليها ليلازمه ولد أبو زكرياء في الخمسين من القرن الثاني عشر في بلدة بني يزجن )مزاب( ،وقد قصر عمره على ستة وسبعين من الأعوام. 247النور ،شرح قصيدة »النونية« وإنه وإن لم يقع إجماع في تحديد تاريخ ميلاده فإنه يمكننا أن نحدده بدقة بناء على أن الراجح أنها كانت سنة ١٢٠٢ه هذا من جهة ،ومن جهة أخرى فإن عمره عند الوفاة كان ستة وسبعين من الأعوام كما ذكره صراحة أحد المعاصرين له .فيكون ميلاده بناء على ذلك سنة ١١٢٦م ،وهو ما يذهب إليه يوسف بن بكير الحاج سعيد ،أما مذهب يحيى بن صالح بو تردين في أن ميلاد الأفضلي كان سنة ١١٢٠ه ،فلا يوجد له سند. قاصدا جزيرة جربة رحل الأفضلي في سن تتجاوز الخمس عشرة سنة، مغتربا أكثر من ١٢سنة ،ثم رجع إلى مسقط رأسه مع بدايةبتونس ليمكث العقد الأربعين من عمره حوالي سنة ١١٥٧ه. لقد كان حضور الأفضلي إلى مسقط رأسه بداية لشروعه في إعداد الأجيال، ونشر الأخلاق والآداب الإسلامية ،ومحاربة البدع بالحكمة البالغة ،ويبدو أنه جهودا ضخمة في خدمة المجتمع ،وبما أن خدمة المجتمع تأخذ الكثيربذل من وقت صاحبها ولا تسمح له بالتفرغ إلى غيرها ،فإنه لم يؤثر عليه أنه أ لف كتابا إلا ما وجد له من إشارات أنه قد كتب رسائل وحرر أجوبة ومسائل. فالأفضلي صاحب مكانة مهمة بين الناس ولدى طلبته ،وصاحب مكانة علمية رفيعة. ويذهب البعض عند الحديث عن وفاة أبي زكرياء الأفضلي أنها كانت في نفس الشهر والسنة التي توفي فيها الثميني ،شهر رجب ،عام ١٢٢٣ه ،وهو و ه م يرجع فيما يبدو إلى قول القطب أطفيش في وفاة الثميني إنها كانت في العشرة الوسطى من رجب عام ١٢٢٣ه ،كشيخه يحيى بن صالح ،غير أنه مات في العشرة الأخيرة منه. فكاد التشبيه الذي جاء به أطفيش في هذا النص لا يريد به تشبيه وفاة الثميني بوفاة شيخه من حيث الشهر والسنة ،وإنما يري به الشهر فقط. مائة كتاب إباضي248 هو ذا أبو زكرياء يحيى بن صالح الأفضلي شيخ الثميني المباشر الذي تأكد بطرق عديدة كما يذكر ذلك أكثر من كتب عنهما ،وأما أن يكون له شيخ آخر ككون أبي حفص عمرو بن رمضان التلاتي شيخ ا له ،فهو أمر لم يرد إطلاقا. وأبو حفص عمرو بن رمضان بن مسعود بن أبي بكر التلاتي ،ولد في جربة بحومة تلات ،وإليها تنسب أسرة التلاتي. يعرف عنه أنه سافر إلى مصر واستقر بالقاهرة ،ودرس في المدرسة الإباضية بطولون ،وتطوع بدروس في الجامع الأزهر حيث كانت له سارية مختصة به لا يدرس فيها غيره .وكان علماء الأزهر يهابونه ويحسبون له حسابه. وهو صاحب مؤلفات تزيد على العشرين في كل فن ،وقد امتاز بالتبريز في سائر العلوم التي تدرس في ذلك الوقت ،وظهر نبوغه في اللغة وفنونها ..وكان آية في المنطق والتفسير والحديث والتوحيد والفقه ،وله نظم من الشعر يزيد على العشرين ألف بيت منها ديوانان :أحدهما كبير ،والآخر صغير ،وهو الذي ينقل عنه  العلامة البناني في حاشيته. كثيرا ،فاستفاد من مؤلفاته وقد تتلمذ الثميني على التلاتي ،وأعجب به أيضا بعد أن اكتسب قدرة وخبرة فيوهو حديث العهد بالدراسة ،واشتغل بها التأليف ،وأنه قد كاتبه بكل تقدير وإجلال. إن الثميني من بعد هذا كله اشتغل بكتب التلاتي ،وبكتب جاءته من قبله من أول عهده بالتفرغ للعلم والمعرفة إلى آخر عمره .وله كتب لشيخه نسخها بيده للاستفادة منها ،منها: أولا :كتاب» :اللآلئ المنثورات على نظم الموجهات« ،ويبدو أن الثميني قد نسخه قبل سنة ١١٧٧ه. 249النور ،شرح قصيدة »النونية« وثانيا :كتاب» :الدرر التلاتيات على نظم الموجهات« ،وقد بين التلاتي في مقدمة الكتاب دوافع نظم الشرح ،ودوافع شرحه. ولقد اهتم الثميني وعمره حوالي ٨٠سنة وبعد أن اكتسب خبرة كبيرة في التأليف بكتابين للتلاتي فاختصرهما ،وهما: كتاب» :اللآلئ الميمونة على المنظومة النونية« في التوحيد. وكتاب» :الأزهار الرياضية على المنظومة الرائية« في الصلاة. وقد راسل الثميني شيخه التلاتي الذي كانت له وهو بمصر مراسلات إلى أهل وادي مزاب ،كما كانت لأهل وادي مزاب رسائل إليه ،وقد صدرها بمقدمة بليغة تزخر بمعان استفادها من الكتب التي جاءته منه ونسخها بيده. بعضا منها، كتبا للتلاتي أو لشيوخه ،ونسخ وبما أن الثميني قد درس وراسله ،وكان بالتالي تلميذ له .وقد توفي التلاتي سنة ١١٨٧ه١٧٧٣/م. أما تلاميذ الشيخ الثميني فيصعب علينا أن نحصر عددهم ،وهو ما يميل غفيرا من جمعا إليه الشيخ أبو إسحاق أطفيش حين ذكر أن للثميني كان التلاميذ. أما ما قام به الثميني في المجتمع من المساعدة للناس وإصلاح ذات بينهم فإنه موضوع لأخبار عدة تفيد كلها أنه كان خير ملجأ يؤوي إليه للحد من الفتن القائمة ،أو لحماية المظلوم ،أو لمواساة المحتاجين. ومما روي عنه أنه اعتزل محيطه مدة من الزمن بعد قتال وقع بين طائفتين ،غلبت فيه إحداهما فلجأت إلى بلدته ،وقبلهم أهل الحل والعقد فيها ،ولكنهم لم يحموهم كما طلب الثميني منهم ،وخانوا جوارهم إذ سلموهم إلى محتالين قضوا عليهم. لقد أثرت هذه الحادثة على الثميني فاعتزل الناس والتزم داره مدة لا تقل عن سبع سنين كان لا يفتح فيها بابه إلا لمن شاء. مائة كتاب إباضي250 شخصا يعرفه خبرا بلغه هو الذي أخرجه من بيته ،وفحواه :أن ويظهر أن أسيرا في قبضة قطاع الطرق بعد فتنة وقعت بين فريقين ،وأنه لمجيدا وقع يصبر لذلك ،فامتطى فرسه وخرج إليه ففك إسار الشخص ،ثم جمع الناس بالمسجد .وخطب فيهم لإصلاح ذات بينهم. أما المسئوليات التي تولاها الثميني فهي متعددة ،ومنها :أنه تولى مشيخة بلدته ،وأنه تولى رئاسة مجلس عمي سعيد )ت ٨٩٨ه١٤٩٢/م(. وقد اشتهر عنه أنه تولاهما دون شيخه أبي زكرياء ،وهو ما يؤكده كثير من أيضا أن مشيخة البلدة أسندت إليه سنة ١٢٠١ه١٧٨٦ /م،المراجع التي تذكر وأن مشيخه لمجلس عمي سعيد كانت بعد ذلك. كبيرا في توليه الرئاسة الدينية أكانت قبل عزلته بيئته ف اختلافا ولقد اخ تل أيضا في مدة عزلته من سبع سنين إلى ثماني عشرة سنة، ف أم بعدها؟ واخ تل والذي يثير الاهتمام مؤلفاته ،وخاصة منها )النيل( هل كتبها في مدة العزلة أم في غيرها؟ أما رئاسته مجلس عمي سعيد ،فإن أغلب المراجع تؤكدها .ولا يستبعد البعض أن الإمامة العلمية في المنطقة قد انتهت إليه. هذه هي حياة الثميني ،وهذا هو كفاحه لإصلاح أحوال الناس في عصره، وهي حياة سخرها لتنوير العقول ،وكفاح قام به ليخدم المجتمع ،ويرشد إلى سواء السبيل. آثارا علمية رفيعة المستوى ،فلقد راسل، لقد عاش الثميني طويلا وخلف ونظم ،وأ لف ،إلا أنه قد وقع خلاف في هذه المؤلفات؛ وبالتالي يعوق معرفتها بدقة عاملان: أحدهما :الاختلاف الواقع في بعض مؤلفاته من حيث التأريخ بصفة خاصة. 251النور ،شرح قصيدة »النونية« وثانيهما :عدم وجود دراسة دقيقة شافية حول الموضوع. بالإضافة إلى مراسلاته ،إذ إن مراسلات الثميني نادرة ،إذ كان الذي يقوم بها في حياته نيابة عنه وعن العلماء وأولي النهي تلميذه وابن أخته الحاج إبراهيم بن عبد الرحمن ،سواء كانت مراسلات أخوية أو علمية أو سياسية، أو كانت مراسلات موجهة إلى المناطق القريبة لوادي مزاب بجنوب الجزائر، أو كانت موجهة إلى العاصمة حيث السلطة التركية ،أو موجهة إلى الخارج كجربة بتونس ،ونفوسة بليبيا ،طولون بالقاهرة ،وإلى عمان .ومثال ذلك إشرافه حوالي سنة ١٢٠٥ه على عدة أجوبة بعثت مع ركب الحجيج. وللثميني زيادة على مراسلاته من الشعر نظم في فنون شتى ،والذي وجدناه منه :منظومة »في بيان نزول القرآن من المكي المتفق عليه ،والمدني المتفق أيضا ،والمختلف فيه منهما ،ومعاني القرآن ،وعدد آيات الأحكام المذكورةعليه فيه« ،عدد أبياتها ستة وثلاثون بي تا. ومقطوعة في عدد بناة الكعبة المشرفة في سبعة أبيات. مرثية في إبراهيم بن محمد بن الشيخ بلحاج القراري تقع في خمسين بي تا سماها )الباترات الوجدية(. وواحد وعشرين بي تا في أهمية علم النحو. وثمانية عشر بي تا في الحساب الفلكي ،ومواقع البروج. وثلاثون بي تا في الجمع على توالي الأعداد. وأبيات شعرية مفرقة منها: حصر أولاد يعقوب 1في بيتين. ومدحه نسب المصطفى ژ في بيتين. مائة كتاب إباضي252 وحديثه عن مكانة أجداد الرسول ژ في بيتين. وكتاب النور هو شرح للقصيدة المشهورة بالنونية ،وهي قصيدة لها شروح، منها شرح التلاتي الذي سماه »اللآلئ الميمونة على المنظومة النونية«. ولما تحصل الثميني على هذا الشرح واستوعبه بدا له اختصاره ،وفي ذلك العلامة التلاتي ..سنح لي أنيقول» :لما جلت بصري وأمعنت نظري في شرح  أتطفل على وليمته وأجمع من فوائده ما مست الحاجة إليه ،وأقبلت النفس ومضيفا إليهومقتصرا على المهم منه دون إكثاره،تاركا لبعض تكراره، عليه ، مسميا له بالنور«. زوائد مناسبة لمحلها مما هو محتاج إليه.. ويفسر زيقمونت تسمية الثميني كتابه بالنور ،بقوله :إنه اختصار لشرح التلاتي ..والاختصار من قبيل نور يلقى على الموضوع فيستجلي مضمونه، مسميا له بالنور ولكن الثميني يعترض على هذا التبسيط بقوله :إنما كنت: ونورا يسعى بينونورا في محشرنا، نورا في قبرنا رجاء من االله ..أن يجعله لنا ونورا نفوز به عند لقاء مولانا ،ولكل من تعاطاه بعين الرضا ،وإخلاصأيدينا، العمل بما فيه ،وقد فرغ صاحبه منه عشية يوم الأحد لسبع بقين من شعبان من سنة تسع ومائتين بعد تمام الألف. ويبدأ الكتاب بالكلام على البسملة وما يتعلق بها ،فقال :ابتداء كتابه اقتداء بالقرآن العزيز وعملا بحديث »كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه باسمبالبسملة االله الرحمن الرحيم فهو أقطع أو أبتر أو جذام«. ولفظ الجلالة )االله( هو علم على الذات الواجب الوجود لذاته المستحق لكل الكمالات التي لا تحصى ،وهو الاسم الأعظم عند أكثر العلماء. ويفسر الثميني عدم الاستجابة لكثير مما يدعو به لعدم احتوائه على شروط الاستجابة ،تلك التي من جملتها إهلال الحلال. 253النور ،شرح قصيدة »النونية« وتحدث الثميني عن أسماء االله تعالى ،وكذا صفات ذاته ،ورأى أنها قديمة، أي :أن أسماء االله الجليلة الدالة على مجرد ذاته كاالله أو باعتبار الصفة كالعالم والقادر قديمة. تحدث الثميني عن الروح ،وذكر الآراء المختلفة التي قيلت فيها ،فهيثم عند البعض هي النفس ،والروح من الأمور التي استأثر االله تعالى بعلمه بدليل قوله﴾ Î Í Ì Ë Ê É È Ç Æ Å Ä Ã Á À ﴿ : ]الإسراء [٨٥ :وهي من غير مادة. فالإنسان لم يعلم حقيقة الروح التي بين جنبيه مع قطعه بوجودها ،فيرد علمه الله 4مع إقراره بعجزه عن إدراك ما لا يطلعه االله عليه. ويتناول الثميني التعريف بعلم العقائد ،ويصفه بأنه العلم المتعلق بالأحكام الواجب اعتقادها كثبوت العلم الله تعالى ،وإثبات الوحدانية له تعالى ،ونفي الشريك عنه ،وإرسال الرسل ،وإنزال الكتب ،والولاية للوفي بالدين ،والبراءة لغيره ،وإثبات البعث ،والتحريم لبعض المخازي مثل الزنى والظلم. وعلم العقائد كما يحدده الثميني هو علم الكلام ،وهو علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية على الغير وإلزامها إياه بإيراد الحجج ،ودفع الشبه، وهذه هي وظيفة هذا العلم. ونبه الثميني في هذا التعريف بصيغة الاقتدار على القدرة التامة ،إذ يشترط في المتخصص في هذا العلم على الإحاطة بجميع العقائد وطرق إثباتها وأدلتها ،ورد الشبه عنها. وطرق التدليل على هذه العقائد يكون بالعقل والنقل ،ولا يستطيع العقل وحده الانفراد بالإثبات ،لأن موافقة الشرع للعقل هي العروة الوثقى. عرف الثميني معنى »العقائد الدينية« بأن »العقائد« يقصد بها نفسوي  الاعتقاد دون العمل ،و»الدينية«؛ أي :المنسوبة إلى دين سيدنا محمد . ‰ مائة كتاب إباضي254 وعلم الكلام يبحث فيه عن ذات الباري عز وعلا وصفاته وأحواله الممكنات في المبدأ والمعاد على قانون الإسلام. ويرى الثميني أن هذا العلم قد اضمحل في زمنه بإهمال القراء ،وإن وجد هذا العلم في الكتب؛ ولذا كان هذا الشرح محاولة منه لإحياء هذا العلم. كما يضم هذا الكتاب مسائل فقهية ،مثل المسائل المترتب عليها حصول ما يتعيش به الإنسان من نحو :المأكول والمشروب ،ومسائل البيع والشراء والشفعة والقسمة والعتق والطلاق والنكاح ونفقة الزوجات وقسمة التركات، ونحوها من مواضع الخصومات. عرف الثميني الفقه أنه يعني في اللغة الفهم ،والمراد به هنا المسائل وي  المترتب عليها حصول ما يتعيش به .وفي اصطلاح الأصوليين هو :العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب عن أدلتها التفصيلية ،أي :الإدراك لجميع النسب التامة ،كإثبات الوجوب للصلاة ،المأخوذة من الشرع المبعوث به النبي الكريم. وأصول الدين هي علوم العقائد ،المسمى بهذا الاسم المشعر بمدحه بابتناء الدين عليه؛ لأن الأصل ما يبنى عليه غيره ،فالأصول جمع أصل، والدين ما شرعه االله تعالى لعباده من الأحكام؛ )كإيجاب( الصلاة ،و)تحريم( الزنى ،و)كراهة( الشرب ،و)ندب( صلاة ركعتين في جوف الليل ،و)إباحة( نحو أكل البطيخ .وهذه هي الأحكام الخمسة :الوجوب ،والتحريم ،والكراهة، والندب ،والإباحة. وأصول العقائد الواجب على الإنسان اعتقادها هو التوحيد؛ أي :أن أول واجب على المكلف في أول أحوال بلوغه هو اعتقاد بالوحدانية والإقرار بها، وأنه تعالى واحد في ذاته وصفاته وأفعاله ،وسائر كمالاته له ،لا يشاركه فيها أحد ،ولا يماثله فيها مخلوق. 255النور ،شرح قصيدة »النونية« والتوحيد لغة :الإفراد ،ومعناه :إفراد االله تعالى في ذاته وصفاته وأقواله مفردا في ذلك كله لا يشاركه وأفعاله وعبادته ،وسائر كمالاته ،أي :اعتقاد كونه محمدا عبد االله الأمين فيه شيء ما بأي وجه كان مع الإقرار بذلك ،واعتقاد أن ورسوله المبين إلى الإنس والجن أجمعين ،وأنه خاتم النبيين ،وأن ما جاء به حق من عند رب العالمين ،وأنه بلغ ما أرسل به إلى الأنام. موحدا ومن أقر بهذه الأمور عند أول أحوال البلوغ ،واعتقدها وأقر بها كان عند االله وعند الخلق ،وتجري عليه أحكام الموحدين. أيضا أن يعلم المرء أن الله جملة الملائكة الكرام ،ويقصدومن المعتقدات إلى جبريل منهم ، ‰فيعلمه باسمه ،ويتولاه ويعلم أنه رسول االله إلى محمد ژ بالدين والقرآن والإسلام. أيضا بوجود الرسل ،ويعلم أن الله جملة الأنبياء والرسل ،وأنهموأن يعتقد المرء من بني آدم ،وهو أول الرسل ،وإلى سيدنا محمد ، ‰ويعلم أنه آخر الرسل. ويقصد بها جملة الكتب المنزلةأيضا الإيمان بالكتب ، ومن المعتقدات حتى القرآن. أيضا الإيمان بوجود الموت والبعث والحساب والعقابومن المعتقدات ثوابا والجنة والنار بأسمائها هذه ،وأن الله أمر بطاعته ونهى عن معصيته ،وأن الله وعقابا لا يشبهه عقاب ،وأنهما لا ينقطعان ولا يتغيران.لا يشبهه ثواب، ومن العقائد التي أخذ بها الإباضية العلم بالفرق بين كبائر الشرك وكبائر النفاق ،وتحريم دماء المسلمين وأموالهم ،وسبي ذريتهم بسبب التوحيد الذي أتوا به ،ووجوب الولاية والبراءة. ويتحدث الثميني عن أفضلية الأنبياء على الملائكة .ورأى أن أفضل المخلوقات نبينا ژ ،وأن الأنبياء يجب أن يعتقد أنهم يتبعونه في الفضل، مائة كتاب إباضي256 فمرتبتهم فيه بعد مرتبته ،وبعدهم في الفضل ملائكة االله ،ومرتبتهم تلي مرتبة الأنبياء . 1وأن فضله ‰على سائر الأنبياء والرسل بتفضيل من االله تعالى لا لأوصاف وجدت فيه دونهم. ويرى الثميني أن الصفات الإلهية هي معان اعتبارية موصوف بها االله تعالى من نحو العلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام والحياة، مغايرة للمعاني الحقيقية القائمة بخلقه ،وصفاته تعالى ليست زائدة على ذاته تعالى ،قائمة بها كزيادة نحو علم المخلوق وقدرته وإرادته وغيرها من صفات. البعد ،وشر عا :البغض بالجنان والشتم واللعن باللسان ،وأن والبراءة لغة : الولاية لغة :القرب ،وشر عا :الحب بالجنان والثناء بالخير والدعاء بالرحمة باللسان ،وأن المراد بالمسيء المسيء في حق االله تعالى بعدم امتثاله أمره واجتنابه نهيه بأن ترك المأمور به في حق االله أو في حق عباده أو نفسه أو في حق الكل. والسنة ،منها في الولاية وأدلة وجوب الولاية والبراءة كثيرة في الكتاب قوله تعالى] ﴾ å ä ã â ﴿ :محمد [١٩ :أي :اطلب المغفرة من ذنبك لك وللمؤمنين والمؤمنات من ذنوبهم ،وقوله تعالى: ﴿ ¿] ﴾ ÂÁ Àالمائدة [٢ :وقولهd c b a ﴿ : ] ﴾ eالتوبة.[٧١ : أيضا متعددة منها قوله تعالى1 0 / ﴿ :والأدلة القرآنية على البراءة ] ﴾ 3 2المائدة ،[٥١ :وقوله تعالى﴾ R Q P O N M ﴿ : ]الممتحنة ،[١٣ :وقوله تعالى﴾́ 3 2 ± °̄ ® ¬ ﴿ : ]آل عمران.[٢٨ : وكما أورد الثميني أدلة من الكتاب على البراءة والولاية ،أورد كذلك أدلة 257النور ،شرح قصيدة »النونية« السنة النبوية تثبت وجودهما ،وأن الولاية والبراءة الواجبتين باتفاق الأمةمن  هما ولاية الجملة وبراءة الجملة ،وأن ولاية الأشخاص وقع فيها الاختلاف أوجبها الإباضية لوجود العلة المقتضية لولاية الجملة فيها وهي الوفاء بالدين، ولم يوجبها بعض أهل الخلاف مطلقا ،وأوجبها بعضهم في المنصوص عليه. 258 ΩÉμMC’G ¢VÉjQ »a ΩÉ°ùÑdG OQƒdG o«gGôHEG êÉëdG øH õjõ©dG óÑY ï«°ûdG øjódG AÉ«°V ΩÉeE’G ) »æ«aãdGت ١٢٢٣ه١٨٠٨/م( وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان١٤٠٥ ،ه١٩٨٥/م. عدد الصفحات ٤٧٤ :صفحة يتكون الكتاب من فاتحة ،ومقدمة ،وعدد كبير من الأبواب .يتناول محمد ابن صالح الثميني التعريف بالكتاب والمؤلف في فاتحة الكتاب. نشأ مؤلف الكتاب 5شغوفا بالعلم ،ولو عا بإحياء الشريعة الغراء ،ومع مفطورا على حب ذلك لم تفته صفة ،وهي وليدة العبقرية والنبوغ ،فشب الإتقان والكمال. ول ما فرغ من تأليف كتابه الجليل» :النيل« ،وكانت همته متوجهة إلى تأليف )معلمة( شرعية يستغني بها العالم والمتعلم عما سواها ،ثناه بكتاب» :التكميل«، ثم ثلثهما ب»الورد« فكان عمله حقيقا بالإكبار والإعظام. ولو لم يكن له أثر إلا هذا لكفاه شرفا ،لكن العبقرية والنبوغ لا يقفان عند حد ،فقد أ لف سوى ذلك في أصول الدين وفروعه» :معالم الدين« ،و»التاج«، وغيرهما من الكتب الجليلة النافعة. اعتمد المؤلف في تأليف غالب كتاب» :الورد« على كتاب الأحكام من »ديوان المشايخ« رحمهم االله لكنه لم يلتزم طريقتهم ،في الترتيب والتبويب، أبوابا عديدة. كما أنه لم يقتصر على ما جاءوا به في كتابهم ،بل زاد عليه ومما يمتاز به »الورد« عن أصله حسن الترتيب والتبويب ،وجمال التعبير، 259الورد البسام في رياض الأحكام وبتصفح الكتابين يصدق الخبر الخبر ،فقد ضم كل باب إلى مناسبه ،ورتبه ترتيبا طبيع يا. ويعرف المقدم بأصل الورد ،ويذكر أنه قد تأسست جمعية من العلماء ،في جزيرة )جربة( أيام إشراق ربوعها بشمس العلوم والمعارف ،واجتمعوا في غار يسمى كتابا ،في فروع الفقه بقسميه :العبادات ،والمعاملات .وسموهبغار )جماع( فأ لفوا ب»الديوان« واشتهر بعد ذلك ب»ديوان المشايخ« نسبة إلى الشيوخ الذين أ لفوه. طبعا حجريا ،كتاب »الطهارات« فقط ،وتوجد منهوقد طبع منه في مصر بعض نسخ تامة في جربة ،وكتاب »الأحكام« منه الذي هو من أصول الورد، مقسم إلى ثلاثة أجزاء صغيرة: الأول :ينتهي بآخر أبواب الدعوى. والثاني :يبتدئ بباب »الإقرار« ،وينتهي بباب »ضمان الحاكم«. والثالث :يبتدئ بباب »الإيمان« ،وينتهي بباب »ما تتم فيه مدة الحيازة«. أما مؤلفو الأصل ،أي :المشايخ الذين أ لفوا »الديوان« فهم سبعة ،وهم من أقطاب العلم ،وأعلام الدين في جربة وجبل نفوسة. عنوان الباب الأول» :التنزه عن القضاء« .يب ين المؤلف في هذا الباب اعتمادا على الحديثخطورة مهمة القضاء ،وأنها ليست من المهمات السهلة النبوي الشريف» :القضاة ثلاثة ،اثنان في النار ،وواحد في الجنة .رجل عرف الحق فقضى به ،فهو في الجنة ،ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار في الحكم ،فهو في النار ،ورجل لم يعرف الحق ،فقضى للناس على جهل ،فهو في النار«. وبناء على ذلك ينبغي للرجل أن يتنزه عن القضاء ،لما يغشى القاضي من الأمور العظام التي يخاف منها على نفسه من الخطأ والزلل ،والحكم بغير مائة كتاب إباضي260 الحق ،وإن حكم بالحق وعمل به فهو مأجور .وفضل الحكم بالعدل عظيم، وضده فيه إثم مبين. ويتناول المؤلف في الباب الثاني» :من يصلح للقضاء« ،ويذكر أن من يولي القاضي :الإمام أو الجماعة ،أو من أذن له .وأول القضاة» :عمر« بتولية »الصديق« إياه ^ . جوز له .وإن لم يكنولا يتقدم للقضاء أحد إلا بإذن الإمام .إلا إن فالجماعة ،ولا يوليه أحدهم دونهم ،إلا إن وكلوه ،ولا النساء والعبيد والمشركون وأهل الكبائر ،ولو موافقين. قاضيا شاور الصلحاء والعلماء ،وكذلك الجماعة،وإن أراد الإمام أن يولي وعليهم أن يجتمعوا وأن يتشاوروا ،وإذا اتفق رأي الإمام أو الجماعة ولوا والسنة ،ويندب أن لا يتولى القضاء ،ويتحملعالما بالكتاب أمي نا ور عا، والسنة .العفيف ،الورع ،السخي ،الناطق ،الفطنالأمانات إلا العالم بالكتاب بالأمور ،الصادق اللسان ،الصابر البدن ،الموافق في الدين ،الذي لا يخاف في االله لومة لائم. مسلما دونه ،إن وجدوه ،وإلا ولوا رجلا من أهلفإن لم يجدوه اختاروا أمرا دون الجماعة ،وأن يكون عار يا من الكبائر.الجملة بشرط أن لا يقطع فإن فقدوه تولوا أمورهم بأنفسهم ،حتى يتفقوا على لائق بهم ،وإن اتفق رأي الصلحاء ،فلا عبرة بمخالفة غيرهم لهم. أما عن طريقة عزل هذا القاضي يشير المؤلف إلى أن من ع ينه عليه أن يعزله أو عليه أن يعزل نفسه إذا علم من الجماعة اختلافا عليه ،وخاف الفتنة، احتسابا ،وليجتهد معهم فيمن يولونه. ويرد لهم أمانتهم من الأقضية ويرى المؤلف أنه يمكن أن يتعدد القضاة ،فيكون قاض لكل مدينة ،أو 261الورد البسام في رياض الأحكام قاضيا قائما لهم ،وجاز لهم أن يولواقاض واحد لعدد من المدن إن لم يجدوا للنساء وآخر للمسافرين ،وآخر للمعاملات ،وهذا أشبه ما يعرف في هذا الزمان باسم القضاء المتخصص ،فيكون :قضاء مدني ،وقضاء تجاري ،وآخر قضاء للأسرة ،وهكذا. ويعرض المؤلف في الباب الثالث :رواتب القضاة تحت عنوان» :في أرزاق القاضي« ،ويرى أنه يجوز للإمام أو الجماعة أن يجعل للقاضي ما يعينه على راتبا من بيت المال ،إن ويعطى العيش هو وأولاده من كل ما يحتاجون إليه ، لم يستغن ليتفرغ لأمورهم .فإن استغنى عن بعض ،جعل له ما لم يستغن عنه. حتى يتنزه عما في أيدي الناس ،وليصرف على نفسه وعياله ،مما أعطي له بلا سرف في شهوات وتوسيع. ولذا كان على الجماعة أن يخرجوا للقاضي راتبه من بيت المال إن كان وإلا فمن أموالهم ،لئلا يشتغل بالاكتساب ،فتضيع أمورهم. ويقدم الباب الرابع» :أدب القاضي« ،ويورد المؤلف من كتاب العلماء ما ذكر في أدب القاضي .ومن هذه الآداب عدة خصال: إذا تقدم إليك الخصمان فعليك بالبينة العادلة ،واليمين القاطعة. أدن إليك الضعيف حتى ينشط قلبه ولسانه. وتعاهده فإنك إن لم تعاهده ترك حقه ،ورجع إلى أهله ،وضيع حقه. وعليك بالصلح بين الناس فيما لم يتبين لك فيه فضل القضاء. ويكره للقاضي أن يحكم بما لم يفهم ،ولا بما لم يعلم ،أو يتكلم برفث أو فسوق ،أو بجهل ،أو باطل. واحدا دون آخر ،أو يلتفت إليه ،أو ويندب له أن يلين للخصمين ،ولا يدني يبتسم ،أو يساره ،أو يكلم إليه ،أو يرفع صوته عليه. مائة كتاب إباضي262 ويعرض الباب الخامس» :ما يكره للقاضي أن يفعله« ومن ذلك :أن يلي البيع والشراء في سوق يحكم فيه ،وليتعفف عنه ،ولا بأس له أن يعامل من لا يداريه ،أو لا يعرفه .وقد قيل :إن القاضي إذا اتجر في محل يحكم فيه فهو ملعون. و ندب له إن اتجر أن لا يتجر في محله ،وكذا مأذونه في التجارة، ورخص له فيما يشتريه خدمه من طعام ونحوها من مصالح البيت. ولا حرج عليه في القيام على ما في يده من أموال الغياب والأيتام والتركات ،ونحو ذلك بالبيع ونحوه. أيضا أن لا يقبل هدية من غير قرابته ،وقد قيل :إن قبولها من من ذلك الحاكم رشوة في الحكم ،فهي فيه كفر ،ولا يحل له أخذ ما يجعل له على بطلان الحق ،ولا بأس له فيه إذا لم يستنر به .ولا يحل له أخذ الرشوة من أحد ،على أن يحكم له بحقه .ولا يعطي للحاكم أكثر من واجب الحق. ويحدد المؤلف في الباب السادس» :الأوقات التي يكره له القضاء فيها« فلا يحكم بعد الأذان الأول ،في يوم الجمعة ،حتى يفرغ من صلاتها ،ولا بليل إلا في حبس أو يمين. ولا يتكلم عند اشتغال به ،ولا في مسجد ،ويجوز له التكلم بين الخصمين بعد سماع الشهود وغيره ،ولا يغيب وجهه عن الخصمين ،وله أن يقعد في مضطجعا أو متك ئا أو واقفا ،فإنماشيا ،أو راكبا أو مرتفع ،ولا يتكلم بينهما وقع جاز الحكم. ويجيز المؤلف للقاضي أن يقضي بين المشركين إن طلبوا منه ذلك، ويجوز له الإعراض عنهم لقوله تعالى] ﴾ ' & ﴿ :المائدة .[٤٢ :أما إن كان الخصوم من الموحدين حكم بينهم بالحق. 263الورد البسام في رياض الأحكام ويعرض الباب السابع» :ما يندب للقاضي أن يفعله في المجلس« ،ومن بنية صادقة ،وذهن حاضر ،وليأخذ بالسكينةاحتسابا ذلك أن يكون قعوده فيه والوقار .وجوز له أن يرشد من رأى منهما لا يقوم بحجته لغي فيه ،ويلقنه حتى يستقيم في دعواه. وعنوان الباب الثامن» :في الترجمان« .ويتناول المؤلف في هذا الباب مسألة اعتماد القاضي على ترجمان إذا كان لا يعرف لغة الخصمين ولا يفهمها، حرا ويكون له اثنان من المترجمين يشترط أن يكونا حرين بالغين عاقلين ،أو  وحرتين؛ لأنه يحكم بقول الترجمان. كاتبا ،وهو ما يقدمه المؤلف في البابوعلى القاضي أن يتخذ لنفسه حرا بالغا ،يجلس يسار الحاكم عالما  التاسع ،وهذا الكاتب يكون أمي نا ور عا من حيث يراه ،ويعلم ما يكتب ،ويقرأ على الحاكم ما كتب بحضور الخصمين ،ويكتب الشهادة وأصحابها كذلك ،ويقرأه عليهم أيضا ،ويكتب ما يحكم به الحاكم. والباب العاشر» :في كتابة القاضي لآخر« .أما الباب الحادي عشر فهو عن »فيما يحكم به الحاكم« ،وهو أن يحكم بما علمه في مجلس الحكم، وجوز إن كان يقضي فيه ،ولا بما علمه ولو بعد أنلا بما علمه في منزله، استقضى اتفاقا. واختلف في معنى المجلس؛ فقيل :هو مكان جلوسه للقضاء ،وقيل :هو ما أقر به المدعى عليه ،بعد دعوى المدعي عند الحاكم .وله أن يختار من الأقوال ما كان عنده أقرب إلى الحق ،ويعتمده. عالما بأمور الأحكام ودقائقها حين و ندب للقاضي أن يقعد إلى جنبه أمي نا، يتكلم بين الخصمين ،ويقتدي به فيما أفتى به ،فإن لم يجده حكم بما أخذه من الثقاة ،وأن يشاور جليسه وحاضره من الفقهاء. مائة كتاب إباضي264 وإن نزلت عليه مسألة لا يعلم حكمها أرسل أمينين ،فمن لا نصيب له في الخصوم ،ولا يتهم بحيف إلى أحد الخصمين إلى أمين عنده ،عالم به، وإن علم حكم المسألة ،وأراد أن يؤخره ،ليعلم المأخوذ به ،أو من يحكم عليه من الخليفة ومستخلفه ،أو خاف داخلا عليه في المسألة ،أو أراد حضور الشهود للحكم ليقوى جاز له ،وجاز أن يؤخره ،حتى يبعث إليه من يفتي له من العلماء. متواترا» :البينة ويتناول المؤلف في الباب الثاني عشر» :الدعاوى« .فقد روي على من ادعى ،واليمين على من أنكر« ويحكم للأول بحقه ،إن أتى ببيانه، وإلا حلف له منكره. وعلى المدعي أن يجيب داعيه إليه كل وقت ،إلا من عذر ،كخوف فوت الوقت لصلاة حضرت ،أو كان فيها ولو نافلة ،أو تجهيز ميت ،أو إصلاح ما خيف فساده أو إفساده ،وإن دعاه اثنان ،فليجب الأول إن سبق ،وإلا أجابهما معا ،إن دعواه إلى قاض واحد .وليجب أولا داعيه الأمين إن دعاه الآخر إلى غيره .وإن كانا أمينين أجاب الأقرب ،وإن استويا أجبر عند المتيسر منهما. ويتناول الباب الثالث عشر» :ما تجوز فيه الدعوى وما لا تجوز« .وتجوز معدوما ،والمجهول تجوز فيه إن كان بتعدية غائبا ،أو الدعوى في المعلوم ،ولو أو خيانة ،وأما في معاملة فمنه ما تجوز فيه ،ومنه ما لا تجوز ،وكذا في أمانه. ويعرض البابان الرابع عشر والخامس عشر» :الدعوى في البيوع« .ومن ادعى على أحد أنه باع له شي ئا من ماله ،وأنكر له ،فعليه البيان ،وإن لم بعضا من المشاكل التي تثار في البيوع وطرق حلهايأت به ،وقدم المؤلف عند القاضي. ويتناول المؤلف في الباب السادس عشر» :الدعوى في العيوب« فكل بائع ما يرد بعيب ،ولو عن ولي أمره ،أو كان طوافا ،أو وكيلا على البيع ،فظهر العيب 265الورد البسام في رياض الأحكام فيه ،فطلب مشتريه رده عليه به ،فأنكره ،فليبين المشتري إثباته ،أو العيب فيه ،وإن مات البائع أو جن ،فظهر فيه عند مشتريه ،فادعى أنه اشتراه ،وهو فيه ،ولم يعلم به ،فجحده الوارث أو الخليفة فعليه البيان على دعواه ،فإن بين ثبت له حقه. أما الباب السابع عشر فهو عن» :الدعوى في الشفعة« .فمن ادعى على أحد أنه اشترى ما له فيه شفعة ،فجحد فالبيان عليه ،فإن أتى به ،فاختلفا في تسمية ما اشترى ،فادعى الشفيع أنه نصيب شريكه ،وقال له المشتري :إنما اشتريت نصف نصيبه فقط ،أو قال له الشفيع :اشتريت نصيب شريكي .وإن اختلفا في الثمن فالمشتري مدع. ويعرض الباب الثامن عشر» :الدعوى في الرهن« ومن ادعى على أحد أنه معلوما في دين عليه ،فليبين إذ هو مدع .وإن ادعى الرهن ذلك ،وأنكرهرهن له المرتهن فعليه البيان .وكذا إن ادعى :أن هذا رهن في يده ،لمن ولي أمره ،أو مال من ذكر رهن بيده ،من قبل خليفته له كانت قبله فادعى شي ئا لأحدهما :أنه رهنه موروثه لموروث الآخر ،فهو مدع في ذلك. وإن اختلف الراهن والمرتهن في وقت وقع فيه الرهن ،أو في غلته ،فقال الراهن :هي قبله ،ليأخذها ،وادعى المرتهن تأخير الوقت والغلة فهو مدع ،وإن اختلفا ،فما رهن فيه ،أو في ق لته أو كثرته قبل قول المرتهن. وفي بعض الأبواب التالية يتناول المؤلف الدعوى في الديون ،والحمالة، والهبة ،والنسب ،والمواريث ،والقسمة ،والقصاص ،والنكاح والطلاق، والأمانات ،والعتق ،والإفساد. وفي أبواب أخرى يتناول المؤلف الإقرار في :الإقرار وما اتصل به، والميراث والنسب ،والحرية ،فمن أقر بعتق عبده أو أمته ،جاز عليه ،وإن في مرض ،وما فيها من حمل في ذلك الوقت فهو حر ،وكذا إن أقر بعتقها من أيضا. وقت معين فإنها تحرز فيه ،وما ولدته بعده مائة كتاب إباضي266 كما عرض المؤلف في أبواب تالية :الإقرار في المرض ،والإقرار على من ولي عليه ،وتناول الصلح في أحد الأبواب .ويرى المؤلف أن الصلح من الأمور التي أمرنا االله بها ،إذ قال تعالى﴾ ' & % $ # " ﴿ : ]النساء ،[١١٤ :وقوله] ﴾ . - , + * ﴿ :الأنفال.[١ : وإصلاح ذات البين مطلوب شر عا ،لا يكون إلا بإقرار الحق في نصابه، ودحض باطل المتلبس به ،أما ما يفهمه بعض ضعفاء العقول من أن الإصلاح يكون بإسكات الناطق بالحق ،والإغضاء والسكوت عن الناطق بالباطل خوفا من تفاقم شره ،فذلك لعمر الحق ،لا ينتج إلا عكس المقصود. حراما ،أو حرم حلالا ،وهووقد أمر الإسلام بالصلح وأجازه إلا أن أحل سيد الأحكام ،وفيه عشر خصال :سلامة القاضي من الجور ،والشهود من الزور، والمزكي من الإثم ،وخفة المؤونة على الحاضرين ،وبركة لأهله ،وحسن العشرة، وطرد الشيطان ،وتحرز الملائكة عنه ،ومرضاة الرب سبحانه ،ومضاعفة الأجر. ويطلب الصلح بين الأحرار البلغ العقلاء ولو نساء ،أو مشركين ،في جميع الحقوق في نفس ،أو ما دونها ،أو مال في معاملة ،أو تعدية ،أو مجهولا ،أو لم يحل أجله ،أو غير معين ،أو بوفاق ،أو خلاف ،ويجب على الحاكم فيما اشتبه عليه. ويعرض الباب السابع والأربعون» :فيمن دعى إلى تحمل الشهادة أو إلى تبليغها« ولا يضيق على من دعى إلى تحملها أن يجيب إليه ،إلا إن لم يوجد غيره ،وكان التحمل في غيره .وقيل :لا يلزمه أن يجيب إن احتيج إليه ،ولا بأس عليه أن يركب دابة من دعاه إلى تحملها ،أو يأكل طعامه ،بشرط ألا ينتفع أيضا :لا يأخذ مقابل معروفه حتى لا يقال :إنبشيء من مال داعيه إليه ،وقيل أجرا على تحملها أو تبليغها. فعله من أجلها ،ولا يأخذ ويحدد الباب الثامن والأربعون» :من تجوز شهادته ،ومن لا تجوز« فقد جازت من حرين أمينين عاقلين في الأحكام والحدود ،مما سوى الزنى ،ومن 267الورد البسام في رياض الأحكام أمينتين حرتين عاقلتين مع أمين في الأحكام ،وترد من النساء وحدهن إلا فيما لا يباشره ويعرفه الرجال ،فيجوز فيه من أمينتين ،وهي المسائل التي لا تطلع عليها إلا النساء فقط. والشهادة في النسب تثبت بمعرفة الولادة ،على فراش الرجل من زوجته أو سريته ،أو بشهادة عدلين ،أو عدل وعدلتين ،فإذا ثبت نسبه بمن ذكر ،فلا يشتغل بمن يحوله منه ،ولو كان أمي نا. كما تناول المؤلف في بعض الأبواب التالية :اختلاف الشهادات ،وأنواع الشهادات ،وشهادة الزور ،وكتمان الشهادة ،واستيداع الشهادة وغيرها ،والرجوع في الشهادة. أما الباب السبعون فهو عن» :الإيمان« ،وهو كل ما جاز فيه دعوى مدع ،في نفس ،أو مال ،أو نكاح ،أو طلاق ،أو عتق ،أو نحو ذلك ،فإنه يدرك فيه اليمين على منكره. وليس في الحدود يمين أصلا ،ولا فيما إذا ادعى أحد على آخر :أنه وليه، عبدا يسمى فلا نا ،ليأتي به إلى الحاكم ،أن يأخذ منه حقه ،في أو أن له ول يا ،أو كذا وكذا من التعديات ،أو على وليه ،إن له مالا لينفقه .ففي ذلك ونحوه لا يمين فيه على المدعى عليه. وكذا إن ادعى عليه دي نا ،فادعى الإفلاس ،فإن لم يبينه فلا يحلف المدعي أن له مالا ،وإذا وصلت الدعوى إلى الحاكم ،وجازت عنده ،فاسترد المدعى عليه الجواب ،فأجاب بالإنكار فعلى المدعي البيان ،فإن لم يجده ،وطلب يمي نا من المدعى عليه حلف له ،وإن لم يطلبه فلا إلا بإذنه. وندب للقاضي أن يكون عنده مصحف ،لا يحلف بلوح أو دفتر ،إن لم يكن فيهما القرآن ،ولا بغيره من الكتب .وقيل :يحلف اليهود برب التوراة، مائة كتاب إباضي268 والنصارى برب الإنجيل ،والمجوس برب النار .ويكلف المدعى عليه ،أن يأتيه طاهرا عند إرادة التحلف ،ويأخذه بالمصحف إن لم يكن عنده ،وأن يكون بيمناه ويفتحه. وكل ما باشره أحد من بيع أو شراء ،أو تولية أو إقالة ،أو هبة أو رهن ،أو قسمة ،أو نكاح أو طلاق ،أو تعدية فليحلف في ذلك على البينات .وكذا يحلف على عيب بائع ،متا عا ،أو حيوا نا ،أنه لم يكن فيه ذلك العين حين باعه .وكذا في كل أمانة أو معاملة وفي كل ما يدعي على أحد. وقيل :إنما يحلف على علمه في كل ما يدعى عليه من قبل معاملة فقط، ومن استمسك بأحد عند الحاكم فأنكر ،فحلف له ،ثم أتى بالبيان ،فإن اليمين الفاجرة أحق أن ترد له ،وهي لا تقطع حق مسلم. ويجبر الحاكم المدعى عليه إن أبى أن يحلف ،بعد أن لزمه اليمين ،وقيل: يحبسه حتى يحلف ،أو يقر ،وقيل :يحكم عليه بما ادعاه عليه المدعي في المال ،إن كان بغير تعدية ،ويحبسه حتى يحلف ،أو يقر فيه في مال أو نفس وفي نكاح وطلاق وعتق ونحو ذلك .ويحكم عليه في كل ذلك ،فيكون نكوله كإقراره ،وإن جحد ما عليه ،فحلف بمصحف ،ثم تاب ،فليغرمه ،وليكفر يمينه، فإنها لا تسقط ما لزمه من الحق. ويتناول المؤلف موضوعات الإجبار والحبس والحجر ،فقد ندب للإمام أو الجماعة اتخاذ موضع للحبس في وسط المدينة ،ويختار بحيث لا يخاف فيه من يكسره بشراء من بيت المال ،أو بعطية من مالكه أو بشراء من أموالهم، وإن لم يكف حبس زادوا بقدر الحاجة. وللنساء حبس وحدهن ،ولا يحبسن مع الرجال ،أو في حبسهم ولو لم يكونوا فيه ،وتحبس أمة في حبسهن ،وإن تعدد جعل لكل حبس وحده، ولا تحبس حامل حتى تضع حملها. 269الورد البسام في رياض الأحكام وجاز لهم أن يحبسوا في جب أو بئر إن لم يكن فيهما ماء ،وهي مطمورة، أو غار ،أو بيت ،وإن لم يجدوا ذلك ،فليربطوا في الحديد ،وليقفلوا على حجرا أو نحوه. المربوط ،ولا يربطوا على ركبتيه ولا يجعلوا في بطنه ثم يعرض المؤلف الحدود في عدد من الأبواب مثل :إقامة الحد على المريض ،وحد الجلد ،وحد القاذف ،وقطع اليد ،وحد الشارع ،والحد على المرتد ،وغيرها من حدود. كما تناول المؤلف بعض المعاملات والشركات في عدد من الأبواب ،كما عرض الحيازة وأحكامها ،والضمانات وغيرها من موضوعات تثار في المحاكم، ومطلوب من القاضي أن يصدر فيها أحكامه. 270 π«∏`©dG AÉØ°Th π«æn dG ١٢٢٣) »æ«aãdG õjõ©dG óÑY øjódG AÉ«°V ΩÉeE’G ï«°ûdGه١٨٠٨/م( صححه وعلق عليه :بكلي عبد الرحمن بن عمر الجزائر ،ط١٤٢٣ ،١ه٢٠٠٢/م )تصوي را على الطبعة الثانية ١٢٨٧ه١٩٦٧/م( عدد الصفحات ١١٢١ :صفحة ) ٣أجزاء( يتكون الكتاب من تصدير ،ومقدمة ،ومجموعة من الكتب الأبواب . يشير الأستاذ بكلي عبد الرحمن بن عمر في تصديره لهذا الكتاب بأن الطبعة السابقة من الكتاب قد ظهرت منذ ما يزيد عن ثمانين سنة ،وأن إعادة طبعه هو كثيرا ما تحول بين أبناء المذاهب الإسلامية،محاولة لرفع الحواجز التي وتجعل كل طرف لا يعرف الطرف الآخر حق المعرفة من مصادره الأصلية. ويقدم هذا الكتاب محاولة لإزالة كثير من الشكوك والأوهام الناشئة عن الاكتفاء بأخبار الرواة فيما سبيله التحقيق والتبيين وأن وضعية العالم الإسلامي اليوم تحتم على أبناء الإسلام أكثر من كل عصر مضى أن يسووا صفوفهم، ويوحدوا جهودهم ،ويهدفوا إلى غاية واحدة هو صد تيار الإلحاد الذي جاشت غواريه من كل صوب يتهدد شبابنا الناهض. بعضا ويرى الأستاذ بكلي أن أول خطوة في هذا السبيل هو أن نعرف مستمدا من نتائج علمائنا المجتهدين ،وآرائهم السديدةببعض تعرفا حقيق يا التي لا يختلف غالبها في الغاية .وليكن التفهم في جو مشبع بروح التسامح والأخوة والرحمة تحقيقا لقوله تعالى] ﴾ + * ) ( ' ﴿ :الفتح[٢٩ :؛ وبذلك نقضي على خصومة الحق والفضيلة. أما عن كتاب» :النيل« وقيمته فيعتبر هذا الكتاب معتمد المذهب الإباضي 271النيل وشفاء العليل في الفتوى بالمغرب ،مثل كتاب الشيخ خليل في المذهب المالكي ،إنه لمؤلف عظيم يجد فيه عشاق الفقه المقارن بغيتهم المنشودة ،ونافذة يطلون منها على حقيقة الفقه الإباضي الذي ظل مغموط الحق ،مغمور الجانب ،يكاد يكون مجهولا من أبناء الإسلام وهو من إرث أسلافهم الخالد. ويأتي كتاب» :النيل« على رأس قائمة الكتب التي تقدم خلاصة الفقه درساالإباضي ،وكان موضوع اهتمام وعناية من علماء الإباضية وغيرهم ونظما وترجمة .وآتاه االله إلى ذلك قبولا من وشرحا وقضاء وإفتاء وتدريسا مختلف طبقات الطلاب ،فلا تكاد تجد دار علم في ميزاب على الأخص إلا وكتاب النيل على رأس قائمة كتبها المقررة على شدة إيجازه الذي يبلغ أحيا نا حد التعقيد ،ورغم ذلك فهو مستساغ مطلوب لجمعه شتات الفقه .بالإضافة أنه الكتاب الوحيد الذي عرضه المؤلف على أستاذه ،فأقره وباركه دون سائر مؤلفاته الكثيرة. وقد أ لف الشيخ الثميني هذا الكتاب أول مرة ،فل ما أتمه راجعه فوجده في حاجة إلى مزيد تنقيح واختصار ،فأوجزه ثانية فثالثة ،وهذه الثالثة هي النص النهائي للكتاب. وقد طبع هذا الكتاب في مصر سنة ١٢٠٥بالمطبعة البارونية ،وقد شرحه يتمه،شرحا مطولا أول مرة فلم قطب الأئمة الشيخ محمد بن يوسف أطفيش ثم شرحه ثانية في عشر مجلدات ضخمة تبلغ صفحاته عدا الفهارس والترجمة ٦٥٨٢صفحة من القطع الكبير ،طبعت أجزاؤه السبعة الأولى بالمطبعة البارونية بمصر ،وأكمل طبع الثلاثة الباقية الشيخ أبو إسحاق إبراهيم أطفيش وحشى بعض أجزائه الشيخ الحاجبمصر سنة ١٢٤٢بالمطبعة السلفية، صالح بن عمر اليسجني ،ولا تزال هذه الحاشية محفوظة في خزانة. نظمه الشيخ محمد بن سليمان بن دريسو في أكثر من ثلاثة آلاف بيت، مائة كتاب إباضي272 العماني كذلك مع بعض زيادات في سفرين تبلغوالشيخ خلفان بن جميل أبياتها زهاء ٢٨ألف بيت ،وسماه» :سلك الدرر الحاوي غرر الأثر« طبع بمصر في مطابع دار الكتاب العربي سنة ١٢٨٠ه١٩٦١/م. أما الترجمة فقد ترجمه إلى الفرنسية المستشرق زاييس .ترجم قسم الطلاق من باب »النكاح« ،وقسم الخصومات من باب »الأحكام« و»الفرائض« ،وكانت محاكم استئناف الفرنسية تعتمد على هذه الترجمة بالجزائر في القضايا الإباضية التي ترفع إليها وقت الاحتلال. وترجم باب »الوصاية« منه إلى الفرنسية السيد أبو معقل الحاج صالح بن محمد الفرداوي ،وهو أحد تلاميذ قطب الأئمة أطفيش ،وبفضل مساعيه تأسست محاكم الإباضية في الجزائر وقسطنطينة. اختصارا عندما رأى انصراف الناس عن فقه الشريعة، وقد قدم المؤلف وفتور هممهم بسبب المؤلفات الجامعة المطولة ،فبدا له أنه يقوم بعمل مزدوج يتلافى به هذا ،فعمد إلى بعض أمهات كتب المذهب التي كانت معتمدة في الفتوى فاختصرها وجمعها في كتاب واحد ليكون المرجع الوحيد ،فجاء ح قا بابا في العبادات والمعاملات ،بماجامعا مشتملا على اثنين وعشرين كتابا فيها الأحوال الشخصية والآداب الشرعية والأحكام ،ثم يختم الكل بخاتمة موجزة في صحة العقيدة ،وسلوك طريق الحقيقة. أما مؤلف الكتاب فهو الشيخ ضياء الدين عبد العزيز بن الحاج بن إبراهيم، ولد في سنة ١١٢٠ه وتعلم القرآن والمبادئ الأولية ،وعاصر فترة انقسام الأمة إلى معسكرين بداعي العصبية ،وظهور الطائفية ،وتولى الحكم رؤساء جهلة متعصبون ،الأمر الذي جعل مهمة الذين يتصدون لتصحيح العقيدة ونشر العلم، وحمل الجماهير على إقامة الدين ،وتحكيمه في فصل قضاياهم شاقة ،فشعر إزاء هذه الحالة بوجوب تصديه لإصلاحها. 273النيل وشفاء العليل أخذت هذه الفكرة تتحرك في قرارة نفسه ،وتعمل عملها الباطني ،فتحقق أن الوسيلة الوحيدة التي تبلغه غايته هو العلم ،فأصبح شغله الشاغل. وسط مزقت وحدته الفت ن الداخليةغماروخاض إلى جانب شيخه وساد ه سلطان الهوى ،فظل الصراع فيه عنيفا بين أنصاروالمنازعات القبلية، الحق وأنصار الباطل. وقد اشتهرت في أيامه عادات فاسدة ،كعدم احتجاب المرأة ،و ك فش و الوشم بين جهارا ،وكعدم توريث المرأة النصيبالرجال والنساء ،وتعاطي السعوط )الشمة( واستكبارا. إصرارا المفروض إلى غيرها ،فكان صوته يزداد ارتفا عا كلما ازدادوا ثم اعتزل الناس مدى ثماني عشرة سنة انكب على التأليف ،وأخرج ذخائر علمية ،ولم يخرجه من عزلته إلا حادث مهم ،كاد يذهب ضحيته جماعة لولا لذبحوا ذبح الأغنام.وساطته انتهت إليه الإمامة العلمية ،وأسندت إليه رسم يا مشيخة المسجد ببلدته سنة رئيسا لمجلس تنتهي إليه قضايا الأمة، ١٢٠١ومشيخة ميزاب بأجمعها ،و ع ين وهو أسمى هيئة تجمع بين سلطتيها التشريعية والتنفيذية .أما مؤلفاته ،منها: ١ »النيل« ،وهو الكتاب المعروض في هذه الصفحات. ٢ »التكميل لما أخل به كتاب النيل« اختصره من كتاب» :أصول الأرضين« في الفن المعماري. ٣ »الورد البسام في رياض الأحكام« في الأحكام والمعاملات ،فكلاهما جعله تتمة ل»النيل«. ٤ »التاج في حقوق الأزواج« كتاب جامع للنظام العائلي والحقوق الزوجية. أجل كتبه المعتمدة في عشرة ٥ »التاج« في التوحيد والفقه ،وهو من مجلدات اختصر فيه كتاب» :منهاج الطالبين وبلاغ الراغبين«. مائة كتاب إباضي274 ٦ »المصباح« مختصر كتابي أبي مسألة والألواح. ٧ »النور« شرح النونية في علم الكلام. ٨ »الأسرار النورانية« شرح الرائية في الصلاة. ٩ »معالم الدين« في الفلسفة وأصول الدين .سلك فيه طريقة المواقف للعضد الإيجي ،والكتاب في مجلدين. ١٠ »تعاظم الموجين شرح مرج البحرين« في الفلسفة والمنطق والهندسة، أفرغه في قالب من البيان بديع ،ولم يتمه. ١١ »مختصر حاشية مسند الربيع بن حبيب« في الحديث ،في ثلاثة مجلدات. هذا عدا فتاواه العديدة ،وقد امتاز الشيخ عبد العزيز على شيخه بأمور: ١ تولية المشيخة الرستمية لبلدته دون شيخه. ٢ رئاسة مجلس يشرف على حياة ميزاب من مختلف نواحيه. ٣ كثرة مباشرته لأمور الأمة وشدة ابتلائه بالعامة أكثر من شيخه. ٤ انفراده بالتأليف. ويبدأ المؤلف بكتاب »الطهارات« :يتناول فيه آداب قضاء الحاجة ،والأماكن التي لا تقضى فيها ،والاستنجاء ،وأحكام المياه ،والمياه التي لا يستنجى بها، وكيفية الاستنجاء. أما باب الوضوء فيتناول المؤلف فيه فرض الوضوء لصلاة الفرض والجنازة إن تعينت ،ولطواف العمرة ،وطواف الإفاضة ،وسنن لصلاة السنن ،ولطواف ومس المصحف ،والنوم بجنابة ،وندب له مطلقا ،وللقراءة والدعاء،الوداع، ودخول المسجد ،وأبيح لكل مخوف كركوب البحر. أما عن فرضية الوضوء ،فيذكر المؤلف أنه لزم المكلف بدخول وقت 275النيل وشفاء العليل الصلاة بنية رفع الحدث به بالماء المطلق ،وهو من فرائضه المتفق عليها كالنية عند التلبس به ،واستمرار حكمها ،وغسل الوجه باستيعاب ،واليدين للمرفقين معا ،ومسح الرأس وغسل الرجلين مع الكعبين. وسنته التسمية أولا ،وغسل اليدين ،والمضمضة ،والاستنشاق ،وتخليل اللحية والأصابع ومسح ظاهر الأذنين وباطنهما ،والتثليث ،والترتيب. ومندوباته ترتيب المسنون على المفروض ،والسواك قبله ،والتوضؤ باليمين ،والمبالغة في الاستنشاق لغير صائم ،والابتداء من مقدم الرأس، وتقليل صب الماء مع الذكر والدعاء في أثنائه. وكره الإكثار من صب الماء فيه ،والزيادة على الثلاثة في المغسول وعلى المرة في الممسوح ،والوضوء في محل الخلاء ،والكلام بغير الذكر والاقتصار على المرة لغير العالم ،والوضوء من المشمس ،أو من إناء ذهب أو فضة أو صفر ،وقيل من الأولين حرام ،والتوضؤ عريا نا وإن بخلوة أو ظلمة ،أو بمضاف لم يتغير ،المسح بمنديل أو نحوه ،ولطم الوجه بالماء ،ونقض اليد ،ومن تعمد ترك المضمضة والاستنشاق أعاد اتفاقا ،ومن رعف واستنشق بلا قصد يغسل الأنف أولا. وفي وجوب ترتيب الأعضاء خلاف ،والأكثر على الجواز إن لم يقصد السنة ،وتجب الموالاة بالقدرة مع الذكر ،وصح البناء على المقدم ولوخلاف  طال إن فقد أحدهما لا بتجديد النية وعذر في نسيان أول لا في ثان فيه. وينقض الوضوء بخارج من مخرج إنسان أو مداخليه ،وفرض الغسل من ومس المصحف على الأكثر ،وسن للجمعةالجنابة للصلاة والصوم والقراءة والإحرام ،ودخول مكة ،والعيدين ،والحجامة ،وندب للوقوف بعرفات، وللمزدلفة ،والطواف والسعي ،وغسل الميت والاستحاضة عند انقطاع الدم، ومن الواجب :النية عند التلبس به ،واستصحاب حكمها فيه ،وتعميم الجسد مائة كتاب إباضي276 بالقصد وإمرار اليد ،أو نائبها بالمطلق والموالاة مع الذكر ،والمضمضة والاستنشاق على الراجح ،بالإضافة إلى عرض مسائل أخرى عن الوضوء والطهارة والمياه. عرف المؤلف التيمم لغة بأنه القصد ،وشر عا طهارة ترابية ضرورية بأفعالوي  مخصوصة تستعمل عند العجز أو عدم الماء ،وهو مما خصت به الأمة كالوضوء والصلاة على الميت ،والوصية بالثلث ،والغنائم ،وحكمته :اللطف بها والجمع لها في عبادتها بين ما هو مبدأ إيجادها وسبب حياتها ،وشروطه كغيره :البلوغ، نائما، ساهيا ،ولا ذاكرا لا والعقل ،والإسلام ،ودخول الوقت ،وكون المكلف مكرها بلا مانع حيض أو نفاس. ولا وفروض التيمم :طلب الماء قبله ،والنية أوله .وضربة للوجه وأخرى لليدين وسنتهإلى الرسغين والموالاة ،وعموم الوجه بالمسح كالكفين بالصعيد الطاهر ، تقديم مسح الوجه ،وتجديده للكفين ،ونفض ما تعلق بهما برفق ،والتسمية. وأبيح التيمم لمريض ومسافر عدم ماء بإجماع ،والخلف في عدمه :هل يتيمم إن خاف فوت الوقت ويصلي؟ أم يطلبه وإن فات؟ قولان. والمريض المباح له ذلك :كل مضنى واهي الأعضاء عاجز عن تناول الماء مجروبا، جريحا ،أو أو خائف من استعماله زيادة مرض ،أو تأخير برء ،أو كان مجدورا ،أو علة يتضرر بها معه .والسالم بعض أعضائه مخاطب به ،والفرضأو لازم له ،والخلف في العليل :هل يمسح بالماء ولو على الجبائر؟ وعليه العمل، أو يغسل السالم ويتيمم للعليل كل عضو بفرضه ،أو سقط عنه فرض العليل ،أو الوضوء ولزمه التيمم؟ أقوال. تعليما والنية فرض عند الأكثر ،وقيل فضيلة ،فمن تيمم لا بها ،أو بها للغير ،أو لفائتة ،أو معصية لم تجزه لحاضرة عند الأكثر ،وفي الطلب الخلف: فاقدا دون طلب؟ أو حتى بطلب؟ وهو المختار.هل يسمى 277النيل وشفاء العليل ويقول المؤلف إنه :جاز التيمم بتراب نقي منبت إجما عا ،وهو الأصح خشبا ،وبكل ثلجا أو شبا ،أو نورة ،أو عندنا وبغيره وإن حصى أو زرنيخ ا أو متولد على الحلف لا بتراب نجس ،أو من بيت مشرك أو مغصوب ،أو فضلة تيمم ،أو ثرى لا يفترق بعد ضمه إن أرسل حتى يصل الأرض ،ولا بطين، ثوبا ،وجاز ولا بحجل لا يصلى عليه كقبر .ولا بتراب وضع على منجوس وإن بماء لمن وجد فيه قليلا لا يكفي أعضاءه بابتداء به من وجهه ثم من اليدين، ثم إلى حيث بلغ ،ولا شيء على الباقي. ويلي كتاب الطهارة كتاب الصلاة ووظائفها :والصلاة ركن من أركان الدين، فرضت على من بلغ وصح عقله إجما عا خمسة والخلف في الوتر؛ فقيل: واجب ولزم تاركه الكفارة ،وهو من السنن الواجبة كالرجم والختان والاستنجاء ،وقيل :لا ،وهو الأصح ،وتصح كغيرها ويثاب عليها بالعلم بوجوبها وشخصها ووقتها عند حضورها .قيل :ويومها وشهرها وسنتها في التاريخ والأصح لا .وبوجوب الثواب عليها وبكيفية امتثالها وهو العمل كما أمر به وكما ألزم. وتصح الصلاة بلباس ،وأقله ثوب طاهر ساتر عورة جسمه ،وظهره وصدره من صوف ،أو قطن ،أو وبر ،أو شعر ،أو نبات ،وندب الأبيض ،وصحت بخف طاهر أو قرق ،وفي النعلين »قولان« وندب النزع احتيا طا ،وحرم على الرجل وجوز قدر أوقية من حرير بثوب وإن لباس الحرير والإبرسم والذهب مطلقا فيها بلامس ،وقيل بمنع أكثر من أربعة دراهم. وجاز الحرير والذهب للنساء مطلقا ،ولا يصلى بجلود غير فرو وإن دبغت وجوز ،وفي ثوب ذي تصاوير »قولان« والمنع أصح ولا بغيرما وجد غيرها، ساتر لقصر ،ولا بثوب مشرك أو بخياطته ،أو نسجه قبل غسله ،أو به شعر خنزير أو قرد ،أو بالغ أقلف ،أو حائض أو جنب ،وصحت بهما بعد غسل. مائة كتاب إباضي278 وتصح الصلاة باستقبال القبلة ،ولزم العلة به عند حضورها ،وهي »الكعبة، البيت الحرام« ،وهي قبلة المسجد ،وهو قبلة مكة ،وهي قبلة الحرم ،وهو قبلة الآفاق بالوجه والقلب والجوارح بتقرب ورجاء الخوف. والقبلة ما رد مطلع الشمس في الاعتدال ،وتجزى الجهة إن لم تبصر الكعبة ،ويدل عليها بقبول المسلمين ومساجدهم. ووجب على قادر قيام على رجليه باعتدال بلا مباعدة بينهما بأكثر من قصبة ،أو قدر أربعة أصابع ،وتخالف بتقديم وتأخير مصر ،واستناد على شيء وأماما، كحائط ،وندب له رد البصر بمحل السجود بلا التفات يمي نا وشمالا وفسدت إن رأى م ن خلفه ،أو رفع بصره نحو السماء ،وتقديم يسراه ببنانها على يمناه كتقدم إمام صلى بواحد ،أو اثنين من يمينه بقليل ،ولا يضر رجلا تسوية رجليه ،وندب لامرأة مع ضم ،وإن قدم يمناه أخرها لمحل لائق بها. ثم تناول المؤلف قيام الصلاة وهيأتها وحالات المصلي ،وصلاة العاجز، وصفة القعود والتكييف ،وصفة الإيماء ،وكيف يصلي راكب السفينة التوجيه، والاستعاذة وتكبيرة الإحرام ،والقراءة والبسملة ،واللحن الذي يفسد الصلاة، والركوع وصفته ،وصيغة التسبيح ،وصفة القعود ،والتشهد ،وغيرها من أمور تندرج تحت الصلاة. كما يعرض المؤلف أنواع الصلوات ،مثل صلاة الجماعة ،وصلاة الجمعة، وصلاة الخوف ،وصلاة المسافر ،وصلاة الجنائز ،وغيرها. وينتقل المؤلف بعد ذلك إلى عرض كتاب الزكاة :والزكاة فرض قرن بالصلاة ،وتجب على كل حر بالغ ،عاقل مسلم ،مالك النصاب ملك ا تا ما إجما عا في بر وشعير وتمر وزبيب ،وفي النقدين إن لم يصنعا ،وفي إبل وبقر وعبدا وذم يا ،وناقض الملكيتيما ومجنو نا وغنم إن كانت سائمة ،وفي لزومها كمن له أو عليه دين خلاف ،مثاره :هل هي عبادة كغيرها؟ أم حق لمحتاج على 279النيل وشفاء العليل غني؟ والصحيح وجوبها على اليتيم ،والمجنون دون العبد فإنه وماله لسيده، ودون الذمي فإنما عليه الجزية ،إن لم يكن من نصارى العرب ،فإن عليهم ضعف ما على المسلمين ،وهو الخمس فيما لزمهم فيه العشر ،ونصفه في ربعه، وكذا في النعم ولا جزية عليهم ،والأصح وجوبها في دين إن حل أجله ولم يكن على مفلس. أما مصارف الزكاة فتعطى لثمانية أصناف ،وقد نص االله عليها في ﴿ q ] ﴾ s rالتوبة [٦٠ :أما الفقراء والمساكين فقيل :سواء ،وقيل :الفقير أحسن حالا ،وقيل :عكسه ،ولا تعطى لغني ،والغني من له خمسون درها تامة وجوز لها بيده وليس بمدين ولا ذي عيال .ولا يعطي زكاة ماله لأبيه ولا لأمه، إن كانت تحت زوج ،ولا لزوجته أو طفله ،وجاز لبالغ وإن بن تا. كما تعطى الزكاة للعامل عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين، وفي سبيل االله وابن السبيل. كما يعرض المؤلف في هذا الكتاب لأمر الصدقة ،ولمن تدفع ،وطريقة تقسيمها ،والموضع الذي يضع فيها الإمام هذه الصدقة ،حيث جاز للإمام شراء دواب وعبيد وعدة وسلاح وخيل وبيوت لخزين من بيت المال ،ومؤاجرة ذلك ومؤنته وعياله منه بنظر الصلحاء والعلماء قدر ما يكفيه لا بحد ،وإن احتاج وتسلف منه بمشورة لزمه الرد فيه. وزكاة الفطر فرض ،وقيل :نفل مرغب فيه وهو المختار :يخرجها المرء عن مشركا ،وبن تا ولو بلغت ،أو نفسه ،وعمن لزمته نفقته كزوجة وولد وعبد ولو تزوجت ما لم تجلب ،لا عن ابن بالغ ،وقيل :لا عن زوجة كديونها ،ولا عن مطلقة حامل اتفاقا ،ولا عن عبد التجارة ،وقيل :تلزم المشترك على قدر الشركة، وقيل :لا عن زوجة مشركة وعبد مشرك ،وهي صاع على كل غني. وتجب بغروب آخر رمضان ،أو بطلوع فجر الفطر ،وفائدتهما :فيمن مائة كتاب إباضي280 حدث من ولد أو زوجة أو مملوك تلزم عنه إن كان قبل وقت الوجوب لا أن حدث بعده ،وفيمن خرج من ملك أو عصمة أو مات فبعكس ذلك .وندب إخراجها يوم الفطر قبل الصلاة ،وجاز بعدها وقيل :إلى الأضحى ،وتعجيلها في رمضان كالزكاة. ثم يتناول المؤلف بعد ذلك الصوم :وهو :إما واجب أو مندوب :والأول: إما في معين كرمضان ،أو لمعنى ككفارة ،أو لإيجاب كنذر. وصوم رمضان فرض على كل بالغ عاقل حاضر صحيح بلا مانع من حيض أو نفاس ،وصح كغيره بعلم وعمل ونية .أما العلم فيجب على كل مكلف إذا دخل رمضان أن يعلم أنه يلزمه صوم ،وكيفية امتثاله ،ووجوب الثواب عليه، والعقاب على تركه. والعلم بدخول الشهر يحصل :بالرؤية ،والخبر ،وإكمال العدة .أما الرؤية سرا إن فبمشاهدة المرء بنفسه الهلال لزمه صومه وإن لم يشاهده غيره ،ويفطر  شهد شوالا ولو وحده؛ إذ لا يصدق كل مدع إباحة محرم إلا بيان ووقت اعتبارها الغروب ،فإن رئي الهلال فمن الغد اتفاقا ،وإن رئي قبل الزوال خلف الشمس فمن الماضية ،وإن بعده فمن المقبلة ،وهو الأصح وعليه الأكثر. وأما الخبر فقد اتفقوا أنه إذا شهد عدلان أنهما أبصرا الهلال فإنه يصام بهما ويفطر وفي الصوم بالواحد قولان .فإن صام الناس وهو الأصح أكملوا ثلاثين بغير اليوم الذي شهد أنه من رمضان إلا إن صح هلال شوال. علما .والبلاد إن لم تختلف مطالعها كلوشهادة العدلين توجب عملا لا الاختلاف وجب حمل بعضها على بعض في الرؤية ،وقيل :كل بلد برؤيته ولو علما وعملا معا.تقاربت ،وإن بلغ الخبر حد التواتر لم يحتج لشهادة لإيجابه ومن ثم جاز مشهور أهل الجملة في رؤية الهلال وهو ثلاثة فأكثر . 281النيل وشفاء العليل ويذكر المؤلف من يباح له الإفطار ومتى ،فقد أبيح الإفطار لمريض عجز طعاما وعجز صوما .وقيل :إن كان لا يشتهي عن أكل مبلغ ليلا غير مطيق به نائيا :وهو عن الصوم ،ولمسافر في مباح إذا جاوز فرسخين ،وقيل :من سافر رخصة والصوم فيه أفضل ،وليس كالصلاة للفرض الظاهر. نائيا حتى يجاوز فرسخين مع انتهاء إلى حد أبيح فيه ولا يفطر المسافر وهو ما تقدم ،وقيل :يباح له إذا برز من منزله للنائي وجاوزهما ،وإن أفطر مسافر وقد أصبح في بلده يوم خروجه ،أعاد ما مضى وعليه الأكثر ،وقيل :يومه ويبيت نية الإفطار من الليل إذا صار في حد السفر قبل الفجر كالمريض ،وإن أفطر بعد ما أصبحا صائمين بلا خوف على أنفسهما فسد صومهما. ويلزم الصوم لكل بالغ عاقل قادر حاضر لا مانع له ،وأحكامه مختلفة إن أفطر لاختلاف موجبه وجهاته :كعمد ،ونسيان ،وإكراه ،فمن تعمد إفساده بجماع لزمه القضاء والعتق إن وجد ،والصوم شهرين متتابعين ،فإن عجز أطعم ستين مسكي نا ،وبذلك جاء الخبر. وإمساكا عن ثم يعرض المؤلف للصوم المندوب ،وهو الثاني كالواجب نية ونقضا؛ فمن دخل صوم تطوع ثم قطعه قضاه إن تعمدهكل مفطر وخلافا إفطارا. لا لعذر ،وقيل مطلقا ،وقيل لا مطلقا ،وإن نوى وندب صوم عاشوراء ،والسابع والعشرين من رجب ،والخامس والعشرين من ذي القعدة ،والأول والسابع والتاسع من ذي الحجة ،وشهر رجب ،وستة من شوال ،والتسع الأوائل من ذي الحجة :وهي المعلومات ،وهي بيوم النحر المتممة لأربعين ليلة ،والثالث والرابع والخامس عشر من كل شهر وهي البيض. ولا يصام في ستة من السنة :يومي الفطر والأضحى ،وثلاثة بعده ،وهي أيام التشريق ،ويوم الشك ،وشدد في الأولين أكثر ،ونهى عن صوم الدهر، وروي لا صوم لصائمه. مائة كتاب إباضي282 وقد سن الاعتكاف وندب ،والأكثر على لزوم الصوم فيه ،ومن ثم لو نذر أحد أن يعتكف ليلا ثم لم يلزمه ،وجوز بدونه وكونه بمسجد يصلي فيه بجماعة ،واعتكاف المرأة ببيتها أفضل ،وصح بمسجد بستر مع زوج أو محرم، نائما وفي فساده بحضورذاكرا أو قار ئا أو مصل يا أو وندب أن لا يكون إلا جنازة أو عيادة مريض قولان .والصحيح لا يفسده خروجه لما لا بد منه كحاجة الإنسان وطعام لا غنى عنه وإتيان بيته لأكل أو شراب أو وضوء أو حضور جماعة لفرض ،أو على ميت لزمه حضور كأب وولد وأخ وزوجة بلا وقوف لتعزية أو كلام في طريق .وكل خروج مخير فيه مفسد ،ولا يعمل دنيويا باختيار كبيع وشراء .وليكن عمله وهمته آخرته. فمن نذر اعتكاف شهر دخل المسجد قبل الغروب من ليلة شهره ،وخرج بعده ،وكذا إن عده بالأيام ،وإن نذر عدد أيام كعشرة دخل قبل الفجر ليبيت أيضا إلا لضرورة كمريضصوما من ليله ،ويخرج بعد الغروب .وشرطه التتابع مانع من مسجد ،أو احتياج لمعالجة نفساء ،وليخرج لبيته ويعالج ،ويأكل إن اضطر ،ويبني إذا صح في حينه ،وهو كرمضان في صحة البناء. ويعرض المؤلف الحج وشروطه :وهو كالصوم والزكاة والصلاة مما ينبني الإسلام عليه كالتوحيد ،وعلم من الدين ضرورة ،والأكثر على أن العمرة فرض كالحج ،ويجب ببلوغ وعقل وإسلام وحرية واستطاعة. واستطاعة الحج فعله ،وهي حركة الفاعل وسكونه في أيامه ومشاهده، وهي غير استطاعة السبيل :وهي المال وانتفاء الموانع ،والخلف في الزاد والراحلة هل هما من فضلة المال؟ ولا خلاف في أنه بعد نفقة العيال وقضاء نكاحا لخوف العنت فإنه يحج ،وإنالدين ،ومن له مال يكفي حج ا حضر ،أو لزم امرأة حجت مع زوج ،أو محرم إن وجد ،وإلا فمع ثقات يمنعونها كأنفسهم ،وإن أرادت نفلا ،أو إعادة لخلل فمع زوج أو محرم فقط .ويعيده 283النيل وشفاء العليل عبده بعد عتق ،وصبي بعد بلوغ ،ويصح بإسلام وترك جماع ويعيده مفسده به من قابل. ويقد م المؤلف موضوع الأيمان والكفارات بعد الحج .واليمين :إما لغو ،أو منعقد ،وهو إما مباح أو غيره ولا إثم في الأول ،ولا كفارة لسقوطه وعدم الاعتداد به .والمختار أنه ما سبق إليه اللسان لوصل الكلام بسرعة لا بعمد وعقد نية. وقيل :هو اليمين على قطعي في ظن الحالف ،ثم يتبين خلاف ما حلف عليه .وقيل :مخالفة النطق للعقد ،وغير المباح وهو الحلف بغير االله. والمباح المكفر أربعة :أحدها :أن يحلف باالله ،ورب الكعبة ،والمسجد، والعرش والسماوات ،والأرض ،والقرآن ،وبكل لفظ له يقصد اليمين. وثانيها :أن يحلف بخارجة مخرج الإلزام والشرط كالحلف بحج ،ومشي للبيت ،أو بصدقة ،أو عتق ،أو طلاق ،وهي من أيمان الفساق. وثالثها :أن يحلف بما يخرجه من الإسلام كأنه يهودي أو نصراني أو عابد شمس أو من الظالمين أو المنافقين ونحوها إن فعل كذا فتلزمه مغلظة إن حنث ،وقيل مرسلة. ورابعها :أن يحلف بمكنى اليمين فيرد لنواه كأقسمت عليك ،أو حلفت ،أو علي شهيد فتلزمه مرسلة إن أراد يمي نا فحنث ،وقيل :لا يمين أعوذ باالله ،أو االله فيه ولا لزوم. ويخصص المؤلف با با أو كتا با للذبائح :والأصل فيها قوله تعالى! ﴿ : " ] ﴾ #المائدة ،[٣ :وهي ما مات من محلل لأكل غير جراد ،أو سمك ،أو بخنق ،أو ضرب ،أو سقوط في هوة كبئر أو من جبل ،أو ذبح لغير االله. والحيوان المشروط ذكاته :إما مقدور عليه ،أو لا .فالأول :إنما يحل بتذكية مائة كتاب إباضي284 ن في الإبل النحر ،وفي الغنم والطير الذبح ،وفي البقروس  شرعية في حنجرة . الوجهان اتفاقا. ومن شروط الذكاة التسمية والنية واستقبال القبلة .وما لا يؤكل من الذبائح، هل هي ما لا يسمى عليه مطل قا ،أم ما ترك بعمد ،أم ما ذبحه مشرك لصنم لا لغيره؟ وتجزئ وإن بغير العربية لمن لا يعلمها إن كان ثقة. جنبا أو عريا نا حائضا أو وتصح ذكاة موحد بالغ عاقل وإن أنثى أو رقيقا أو غاصبا أو سارقا أو سكرا نا أو مجنو نا ،وفي الصبي قولان .والأرجح الجوازلا إن أحسن ،وإن لم يختن. يوما في الصيف ،ومثلها فيولا تصح من بالغ أقلف ويعذر في أربعين الشتاء ،وصحت من قلفاه مطلقا ،ومن خصي ومجبوب ومستأصل ،وقيل: لا تؤكل إن خصي بدق ،وكذا ما ذبح بمغصوب ،أو منجوس ،أو بمدية مجوسي أو وثني ،وإن حبست غنم لذبح كعيد ،أو عرس فذبح منها ذابح بلا أمر جاز إن لم يؤمر بذلك غيره. ثم يتناول المؤلف الحقوق في باب تال :ومن هذه الحقوق البر بالوالدين، وإن كانا كافرين ،وحق الولد على الوالدين ،وصلة الرحم ،وحقوق اليتيم ونفسا ،وحق الجوار ،وحقوق الجار،وتصرفات القائم به ،وحفظ المسلم مالا وحق الصاحب بالجنب ،وحق المسلم على المسلم ،وحق ابن السبيل من الإحسان ،وحقوق الضيف ومن تجب ضيافته ومن لا تجب ،وحقوق العبيد على أسيادهم من الإحسان ،وحقوق المسجد ،وغيرها من حقوق. ويتحدث المؤلف في موضوع النكاح :ويبدأها بخصوصيات الرسول ژ في النكاح .كما تناول المؤلف في هذا الموضوع عدة مسائل منها :ذوات المحارم التي يحرم نكاحهن ،والمحرمات من الرضاع ،وحرمة الجمع بين محرمتين ،وحرمة نكاح المزنية. 285النيل وشفاء العليل ثم ينتقل المؤلف إلى موضوع الخطبة ،حيث نهي الرجل أن يخطب على خطبة مسلم ،أو يساوم على سومه ،وامرأة أن تسأل طلاق مسلمة ،وكره لخاطب امرأة نكاح أمها أو جدتها أو تسريها لا ابنتها وما تحتها ولا ابنها ومن تحته. وتباح الهدايا بعد إباحة الخطبة وقبلها كالتعريض فيمن خطب فأهدى ،ثم ترك فليس له عليها رد .ولزمها إن أبت ،وكذا إن أهدت إليه ،وإن وجد بأحدهما عيب كان قبل الهدايا ،أو حدث بعدها فبدأ للآخر ،ورد المعيوب ما أخذ، ولا يرد عليه ما أعطى. ومحصل ذلك أن العيوب ثلاثة :قسم يرد المعيوب فيه ما أخذ ولا يرد عليه ،وهي الأربعة التي ترد في النكاح .وقسم وجوده كعدمه فالراجع به يرد ولا يرد عليه ،وهو ما سوى الأربعة والرتق والفتل فالامتناع آت من الراجع، وقسم يرد به ويرد عليه إن امتنع صاحبه من الدخول على ذلك العيب لإمكان استمتاع معه في الجملة؛ وهو الفتل والرتق ،واستحسن أن يلزم رد في آت من ق بل االله إن حدث بعد الهدايا. ويستشهد المؤلف ببعض الأحاديث النبوية على استثمار النساء ،فقد شهر عنه » : ‰لا نكاح إلا بولي« ،و»أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل قالها ثلاثا« .فيجب تزويجها من مختارها إن كان كف ئا لها لقوله : ‰ »الأيم أحق بنفسها من وليها« ،وقوله» :استأمروا النساء في أبضاعهن وألحقوهن بأهوائهن«. وأولى الأولياء بالنكاح :الأب ،فالجد ،فالأخ ،فابنه ،فالعم ،فابنه ،والأكثر على أن الأخ أولى به. وقد فرض الصداق لمشقة الحمل والرضاع والتربية .أما عن قيمته ففيه خلاف وكره السرف فيه .وروي أنه ‰ما تزوج ولا زوج بأكثر من اثنتي عشر قهرا مرة أو أوقية .ومن تزوج بلا صداق فلها منعه حتى يصدقها .فإن وطئها مائة كتاب إباضي286 بمطاوعة فلا تمنعه بعد ،ولها منعه إن أصدقها عاجلا حتى يؤديه ولو بعد وطء بقهره ،وكره إكراهها. ومن المسائل التي يتناولها المؤلف في باب النكاح ضرورة الإعلان عنه، وهل يلزم الولد بالدخول أم بالعقد ،واعتبار شروط النكاح ،وعيوب النكاح، واستبراء الأمة ،وفسخ النكاح ،ومسألة لحوق الولد وغيرها من مسائل. كما يتناول المؤلف موضوع البيوع :ويتناول فيه بيع المحرمات وما نهي عنه ،ومن تحرم أجرتهم ،والبيوع المنهية ،وبيع الذرائع ،وبيع الملامسة ،ومنع الاحتكار وحكمه ،وبيع المريض ،وحكم البيع الفاسد ،وغيرها من مسائل. ثم يعرض المؤلف لموضوع الإجارات :والإجارة بذل مال بعناء ،وهي إما من شيء محرم كثمن خمر ،أو خنزير ،أو محرم كأجرة كاهن ونائحة .وتصح توبة آخذها بالرد لربها عن علم ،وإلا فبإنفاقها ومثلها ،وينفقها معطيها إن ردت إليه. ويتناول المؤلف الإجارة الجائزة وشروطها ،والإجارة المطلقة وما يوجبه عقد الأجرة ،ومتى تحل الزيادة ،وأحكام الطوارئ على العقد والأجرة ،وضمان الأجير والمكترى ،والمضاربة وشروطها ،وأحكام القراض ،وضمان التلف، وشركة المفاوضة وشركة الأبدان وغيرها. وينهي المؤلف الجزء الثالث من كتابه ببعض الموضوعات منها :كتاب الهبة ،وكتاب الوصايا ،وكتاب الأحكام ،وكتاب النفقات ،والدماء ،وكتاب الديات والفرائض .ويختم الكتاب بالحديث عن الأفعال المنجية من المهلكات والالتزام بأركان الدين التي منها الاستسلام لأمر االله والتفويض إلى االله، والتوكل على االله ،والإخلاص في التقرب الله ،والشكر ،والصبر ،والكف عن الذنوب والتوبة. 287النيل وشفاء العليل فقد فرض الكف عن الذنوب مع البلوغ ،ولزمت معرفة فرضيته ،ومن جهل أشرك كمن جهل فرض الكف عن الشرك بقصد ،وينافق بغيره ،ولا يسع جهل الكف عما دان به ناقض ما دنا به ،ولا يسع الشك في تخطئته وما دان به. وتجب التوبة من ذنب صدر ومضى لا في حال وقوعه بل لزم فيه الكف عنه ،ولزم المكلف حال بلوغه أن يستغفر لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات ولو لم يكن للكل ذنب وأن يواليه ،وجاز سؤال الغفران من االله تعالى عما كان من معلوما أو مجهولا .ومعناه السترة والنجاة. ظاهرا وباط نا الذنوب وما يكون ولزم المذنب أن يتوب ويستغفر وإن لم يعلم أن فعله ذنب ،ولا تلزمه معرفته بفعله ،كما لا يحط عنه التوبة منه جهله إن فعله ،ومن أقدم على فعل فرضا لزمته التوبة. صغيرا أو تطو عا ،لا مباحا أو وإن كان ومعنى التوبة :الإقلاع ،واعتقاد عدم العود للفعل ،والندامة عليه ،والاستغفار منه ،فإن كان فيه تباعة مال أو نفس وجب العزم. 288 ¢SQGóadGh óLÉ°ùadG ΩÉμMCG áæ°üëadGh ,É¡eÉ°ùbCGh ¢SQGóadGh É¡eÉμMCGh óLÉ°ùadG øa°V É¡eGƒbh ) »°UhôîdG ¢ù«aN øH óYÉL ï«°ûdGت ١٢٣٧ه١٨٢٢/م( تحقيق :سليمان بن عبد االله الهميمي ،وناصر بن عبد االله ناصر الشقصي ،وعبد االله بن يعقوب بن حمود النظيري ،وسعيد بن مبارك بن عبد االله الراشدي إشراف :د .مهنى بن عمر التيواجني ضمن بحث تخرج من معهد القضاء الشرعي والوعظ والإرشاد وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مسقط سلطنة عمان ،السنة الدراسية ١٤١٩ - ١٤١٨ه. القسم الأول ٢٩٨ :صفحةالمقدمة ١٤٨ :صفحة القسم الثاني ١٢٣ :صفحة القسم الثالث ١٦١ :صفحة يتكون الكتاب من :مقدمة التحقيق ،ونص الكتاب .والمؤلف هو الشيخ وينسب إلى قبيلة جاعد بن خميس بن مبارك بن يحيى بن عبد االله الخروصي ، بني خروص التي اشتهرت بالعلم والفضل ،وتقلد كثير من أفرادها الإمامة فأظهروا العدل وقاموا بين الناس بالقسط ،ونبغ منهم كثيرون ،منهم الشيخ أيضا. جاعد .وشعراء ولد الشيخ جاعد في سنة سبع وأربعين ومائة وألف للهجرة في بلد العلياء من ولاية العوابي ،وكان ذلك في عهد الإمام سيف بن سلطان اليعربي. وكني بأبي نبهان، لقب بالشيخ الرئيس؛ لكونه مرجع العلماء في عصره ، وتربى في أسرة كريمة على الخلق والفضل والآداب الرفيعة ،وكان سباقا إلى 289أحكام المساجد والمدارس بعيدا عما يخل بالشرف والمروءة .فبدأ متصفا بفعل الصالحات ، فعل الطاعات دراسته على يد والده ،حيث كان له نصيب من العلم ،وبعدما زاد شوقه إلى العلم تلقاه من علماء آخرين. كان الشيخ أبو نبهان ممن يشار إليه بالبنان في زمانه ،فقد بلغ المرتبة العليا؛ ولذلك لقب بالشيخ الرئيس .كما عرف بلقب العالم الرباني ،ثم أطلق أيضا بعد ذلك على الشيخ سعيد بن خلقان الخليلي ،وقد اشتهرتهذا اللقب مكانته العلمية بين الخاص والعام في عمان وغيرها ،وسلم جميع الفقهاء في عصره وبعده. وكما كان يتلقى العلم عن شيوخ العلم فكذلك تلقى عنه فيما بعد تلاميذ وحملوا عنه العلم ،وتجمع عنده من التلاميذ عدد ليس بالقليل أو الهين حتى قيل :إنه تجمع عنده نحو خمسين من التلاميذ ،وذلك كان في مسجده ببلدة العليا من وادي بني خروص ،ومن اشتهر من حمل عنه العلم أبناؤه ،وبخاصة ناصر بن أبي نبهان. أما مؤلفاته فله مؤلفات عديدة منها ما وصلنا من مطبوع ومخطوط ،ومنها ما لم يصل إلينا وهو مفقود .ومن أهم كتبه» :إيضاح البيان فيما يحل ويحرم من الحيوان« ،و»أحكام المساجد والمدارس« وهو الكتاب الذي بين أيدينا. وناهز الشيخ التسعين من عمره عند وفاته ،وكانت تآليفه نتيجة ذلك كثيرة مبكرا من الشباب حتى هذا العمر الكبير .وقد توفي يومنظرا لابتدائه التأليف الخميس الثالث من شهر ذي الحجة لعام سبعة وثلاثين ومائتين وألف للهجرة. أما نسبة الكتاب إلى الشيخ فهي نسبة صحيحة ،إذ وجدنا النسخ التي بين أحدا ممن ترجم للشيخ 5أيدينا كلها متفقة على نسبته إلى المؤلف ،ولم نجد إلا وذكر أن من مؤلفاته كتاب» :المساجد والمدارس« .وحيث إنه لم يوجد أحد يدعي النسبة للكتاب إلى غير أبي نبهان مع تواتر الروايات أنه عنه ،فهو كذلك. مائة كتاب إباضي290 هذا من جهة ،ومن جهة أخرى فإن أسلوب الكتاب يؤكد صحة نسبته إلى أبي نبهان ،ذلك لأنه من المعروف عند كل من اطلع على مؤلفات الشيخ أو شيء منها يجد فيها السجع المتوالي وكثرة الضمائر وصعوبة التركيب في بعض الأحيان. ومن حيث أهمية الكتاب :فالكتاب ذو أهمية من بين مؤلفات أبي نبهان شأنه شأن كتاب الحيوان من مؤلفاته المعنون ب» :إيضاح البيان فيما يحل ويحرم من الحيوان«؛ وذلك لأنه لا يوجد مؤلف مستقل في أحكام المساجد بابا بكامله فيوالمدارس ،وإذا كنا نجد بعض الأحكام أو بعض المسائل أو مؤلفا مستقلا في هذا الموضوع،شتى المؤلفات الفقهية الإباضية ،لكنا لا نجد فقد نقل الشيخ عمن سبقه من السلف مسائل أو فتاوى تتعلق بالمساجد .وأما المدارس فلا تجد أحكامها مذكورة بتفصيل في مؤلفات من سبقه من الفقهاء، ناهيك عن أحكامها المذكورة بتفصيل في مؤلفات من سبقه من الفقهاء ،ناهيك عن أحكام الأسوار والتحصينات التي أطلق عليها المحصنة ،وكذلك الأبراج والقلاع ،فمثل هذه الأشياء قلما تجد أحكامها مفصلة ومرتبة في الكتب التي سبقت أبا نبهان .وبحق فإن هذا الكتاب مهم للقارئ والباحث والمبتلين العمانية الإباضية خاصة،بالقضاء والفتوى ،وهو إضافة مهمة إلى المكتبة وللمكتبة الإسلامية بصفة عامة. يبدأ الباب الأول في القسم الأول من الكتاب في المساجد وأحكامها ،والمدارس والقول فيها ،وانتهى عند الباب الثاني في الحديث عن الوصية للمساجد. ويطرح المؤلف في بداية الباب الأول سؤالا مفاده :هل كل مسجد يسمى صغيرا في بلد صغير أو منطقة صغيرة؟ أم أن ذلكمسجدا جامعا؟ ولو كان خاص في المواضع التي يصلى فيها الجمعة أو البلدان الكبار العظام؟ 291أحكام المساجد والمدارس ويجيب المؤلف أن هذا الأمر غير متفق عليه ،ويرى أن ما جمع أهل القرية جامعا يتقربون فيه إلى االله وينفذون فيه عبادته من في مساجدهم واتخذوه جمعة أو جماعات كان هو الجامع ،وعنده أنه لو لم يصل فيه الجمعة. ودليله على ذلك أن الجامع إذا كان هو ما تصلى فيه الجمعة لم يكن بعمان إلا جامع واحد ،ولا تحل عن أهل البلد بناء جوامعهم ،ولجاز تركها لو خربت .لذا فإن كل مسجد يجتمع فيه أهل القرية سواء لصلاة الجمعة أو لصلاة غيرها ،ويقيموا فيه صلاة الجماعة فهو في نظره جامع. وصفة هذا الجامع هو كل مسجد يجمع أهل المحلة فهو جامع ،ويجب على الناس عمارته ،وإعادة بنائه إذا انهار وخرب ،وإصلاحه إذا لحق به ضرر. ويعرض المؤلف مسائل في فضائل المساجد أو ما به يؤمر فيه أو ينهى عنه .ويروي حديثا عن رسول االله ژ أنه قال» :جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم«. والصبي هو من لم يبلغ .وإن قيل :إنه على الخصوص ،فالمقصود به الصغار الذين لا يستطيعون الحفاظ على نظافة المسجد ،أو على من لا يتقي الأنجاس ولا يؤمر على غسل النجاسة ،ويحتمل معناها لوجود الشاغل من البيان على من يتنسك من البالغين في المساجد. وإن قال قائل بالعموم في كل صبي ومجنون لم يبعد حتى يبلغوا؛ لأن الصبيان غير مخاطبين بعمارة المساجد ،ولا بأداء شيء من دين االله. ويجب على الناس أن يحافظوا على طهارة المسجد من النجاسة ،وأن يتجنبوا رفع الأصوات وإشهار السلاح .ولا يجوز إخراج بساط المسجد خارجه إلا للصلاة فقط .وأن يدخل المصلي المسجد ببدن طاهر وثياب طاهرة. وقد ذكر فضل المساجد في قوله تعالىn m l k j i ﴿ : مائة كتاب إباضي292 ] ﴾ q p oالتوبة .[١٨ :وفي هذه الآية ما يدل على فضلها؛ لأنه 8قد اختصها من بين البقاع فأمر بها أن ترفع وتصان من الأذى ،وتنزه عن أمر الدنيا أجمع فتعمر بالصلاة ،أو ما يكون في الطاعة من ذكر أو تلاوة قرآن ،وقراءة علم ،أو سماع ،أو ذكر. ألا وإن في إضافتها إليه تعالى ما دل على عظم شأنها من غير شك ،وكيف لا تكون كذلك وقد ظهر في العالم أنها موضع لعبادة عالم الغيب والشهادة، فينبغي أن تعظم وتطهر من جميع ما عداها. وقد أخبر االله تعالى أن من يعمرها من عبيده من آمن به وباليوم الآخر، وعمل بما أمر به من صالح الأعمال ليسلم من عذابه ويفوز بثوابه .وهذا هو »عمارها« من غير شك. المراد من كما يورد المؤلف بعض الأحاديث النبوية الدالة على فضل المساجد ،منها قوله ژ » :أحب البلاد إلى االله مساجدها ،وأبغض البلاد إلى االله أسواقها«. وقال » : ‰خير البقاع المساجد« ،ولن يجوز في هذا أن يقبل النزاع؛ لأنها أمكنة التعبد الله في الإجماع. وقال ژ » :إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان« ،وفي هذا ما يدل على مثل ما في النص عن االله من بيان. وقال » : ‰إن المساجد سوق من أسواق الآخرة ،وأهلها ضيف االله«. وقال ژ » :إنما جعلت لذكر االله والصلاة«. خيرا أو وقال ژ » :ومن غدا أو راح إلى المسجد لا يريد غيره ،ليتعلم غانما«. ليعلمه ،ثم رجع إلى بيته كان كالمجاهد في سبيل االله يرجع السنة ما يدل على فضل المساجد حيثوفي هذه الأدلة سواء من القرآن أو  293أحكام المساجد والمدارس وي تق رب إلى االله بالنوافل. يتم فيها الاستغفار ويحصل الثواب وتؤدى العبادات ، ويرى المؤلف أن المساجد كلها ليست على مستوى واحد من الفضل ،بل بينها اختلاف ،والدليل على ذلك قوله ژ » :لا يشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد :مسجدي هذا ،والمسجد الحرام ،ومسجد إيليا« أي :المسجد الأقصى في بيت المقدس .وما سوى هذه الثلاثة من المساجد فكلها على السواء. أيضا مسائل فيما يجوز في المساجد منويتناول المؤلف في هذا القسم الأعمال .سواء كانت صنعة ،مثل الخياطة والخرازة ،أو يصنع الخوص أو يفتل الحبال ،أو غير ذلك. ويرى المؤلف أن المساجد بنيت للعبادة ،وإن كان الصانع قد دخل المسجد وعنده متسع من الوقت بين الصلوات ،وأراد أن يعمل بعض الأعمال فله ذلك دون أن يؤذي المصلين أو ينجس المكان ،ودون أن يتخذ من المسجد دكاكين للصنعة .ويجب تنزيه المساجد عن البيع والشراء. إن المساجد بيوت االله في أرضه ،لا يجوز أن تتخذ مساكن ولا طرقا، ولا تستعمل لحوائج الدنيا ،وإنما جعلت كما قال االله Ø × Ö Õ Ô ﴿ : 8 ] ﴾ Ü Û Ú Ùالنور ،[٣٦ :ولا تثبت عليها عادة ولا تجري عليها الأملاك ،وهي بحالها إلى يوم القيامة. أيضا من القسم الأول مسائل في» :كسحويتناول المؤلف في هذا الباب المسجد أو النضح له بالماء ،والقول في حصره ومائه« .ومسائل في »السراج والوقيد في المسجد والمراوح« ،ومسائل في »الصلاة والغرف المتخذة للصلاة«. حيث يخصص البعض غرفة للصلاة ،فهل يكون لها حرمة المسجد ،فلا يدخلها الجنب والحائض؟ ويرى المؤلف أن هذه الغرف بمنزلة المصليات في التنزيه ،وليس بمنزلة مائة كتاب إباضي294 المساجد في صلاة الجماعة .أما النوم وأعمال الدنيا فإنهما جائزان فيهن ،وما لا يجوز في المساجد ففيهن مكروه بلا حجر .ولا يدخلها الجنب والحائض، وكذلك الأصنام إذا اتخذت هذه الغرف مصليات. ويتناول الباب الثاني» :الوصية للمسجد ،والإقرار والعطية ،والقول في ماله« .حيث يصح أن يكون للمسجد مال خاص به ابتداء ،أو تخصيص غلة وربح أو إيجار للصرف عليه .وقد يوصي إنسان ببعض ماله للمسجد ،أو يوقف أموال أو أملاك خاصة يصرف منها على المسجد. ويتناول القسم الثاني من الكتاب: ١ مسائل في مال المسجد وضمانه ،وما يجوز فيه أو لا. ٢ مسائل في الشراء للمسجد والبيع لماله أو القياض به والمقسامة لشركائه. ٣ مسائل في قعادة مال المسجد. ٤ مسائل في قرض المسجد والاقتراض منه. ٥ مسائل في ما جعل من مال المسجد لمأكله أو للسائل أو تفرقته أو على رأي الجماعة. ويطرح المؤلف في المسألة الأولى سؤالا» :فيمن له حق لبيت المال والمسجد ونسيه أهو بمنزلة حقوق االله في سلامته من عذره بنسيانه أم بمنزلة حقوق الناس ،ويلحقه الاختلاف في ذلك كما يلحق في حقوق الناس أم لا؟ ويجيب المؤلف :هو عليه واجب مثل ما عليه من حقوق الناس إلا أن يكون الذي لزمه من الأموال التي في يد المسلمين فإن هذا يخص الغني والفقير ،وإن كان من الوصايا التي أريد بها وجه الخلاص أو أمر الصدقة ولم يكن هو من الفقراء فهو أشد .وأموال المساجد بمنزلة أموال العباد في الخلاص. ومن المسائل التي طرحها المؤلف في الشراء من المسجد والبيع بماله، 295أحكام المساجد والمدارس أمورا مثل :فيمن اشترى للمسجد مالا ومات قبل أن يأخذ من غلتهيطرح المؤلف بقدر ثمنه ولا ضمان عليه إذا كان فيه صلاح للمسجد ،وفعله أولى من تركه. ومنه فيمن أوصى لجملة مساجد منها له كثير ومنها له قليل ،ومات الموصي وخلف يتامى وبالغين فباع الوصي من أموال الموصي للمساجد بيع خيار لكل منهم على قدر حقه إلى مدة ثلاث سنين ،ثم بيع هذا المال بيع قطع على الناس ،فكيف يكون الوضع؟ ويرى المؤلف أن البيع على المسجد لا يثبت في الحكم ،وأما على نظر الصلاح فيرد أمره على القوام بأمره إذا كانوا أهل علم ،وأما قبض القائم من غلة الشراء والتبس عليه علم المقبوض من الدراهم ،ولم تعرف لمن هي فإنها موقوفة إلى أن يعلم فيها الصواب. ومن المسائل التي يضمها هذا القسم :مسائل »في قعادة مال المسجد«، ويذكر المؤلف أنه قد جاء في آثار المسلمين اختلاف في قعادة الأرض بحب معلوم أو بدراهم معلومة .فالبعض أجاز ذلك ،والبعض لم يجزه ،ولم يجز إلا المشاركة أو المنحة .فإن كانت القعادة غير مجهولة فعليه أجرتها ،وإن كانت الأجرة مجهولة ،وقد حجر عليه أرضه بسبب القعادة ولم يخبره فيجب أن يكون عليه أجرة مثل تلك الأرض. كما بحث المؤلف في هذا القسم مسائل »في قرض المسجد والاقتراض من ماله« .ويشير المؤلف إلى أنه لا يجوز أن يقترض على مال المسجد مخافة الحدث ،فإن اقترض ولم يحدث عليه حدث أو ذهاب ثمره فله أن يرد منها. ولا يجوز الاقتراض من مال المسجد إلا أن يكون مع الإشهاد في ضمان من الناس ،حتى لا يخشى ذهاب المال. مسجدا كان له مال كثير لعماره ،وله ذهب ودراهم ويذكر المؤلف أن كثيرة ،وله وقف ،وأراد عمار المسجد أن يقترضوا من دراهم المسجد التي مائة كتاب إباضي296 للعمار ،ويسترهنوا به مالا ،أو يشتروا به ما يصلحون به المسجد ،فإن هذا جائز؛ لأنه في إصلاح المسجد إحياء له حيث يجتمع فيه الجماعة للصلاة؛ ولذا يجوز الاقتراض لإصلاح المسجد. وإذا كان المسجد تجري فيه سنن سالفة من فطور وغير ذلك من جملة ماله ،ثم نقصت الغلة ،فيرى المؤلف أن هذا الأمر مثله مثل الوصايا يقسم ما يحصل من الغلة بين السنن بالقسط ،فيكون جزء للطعام وللعلم وغيره بحسب النسب المحددة له .ويقسط بين هذه السنن بالقسط والحساب فلا تقام سنة وتغفل أخرى ،بل توزع الأموال عليهم كما هي محددة بنفس النسبة ،وإن قل موردها عما قبل. ومن المسائل التي عرضها المؤلف في القسم الثالث من الكتاب :مسائل: »في فطرة المسجد من ماله أو لا؟« ويذكر إذا كانت فطرة المسجد من جملة ما له ،لكل ليلة شيء معلوم من التمر ،ما يصنع بالنوى؟ ويجيب :يجعل في تمر ،أي :يشترى به تمر ،ويؤكل في المسجد كما تؤكل الفطرة منه ،أو يؤتجر به من يقوم بالفطرة ،وإن رد في مال المسجد جاز. ويتناول هذا القسم من الكتاب مسائل في »وكيل المسجد ،والمحتسب له، والعامل في ماله«. تمرا لفطرة الصائمين في ويطرح المؤلف سؤالا :إذا اشترى وكيل المسجد المسجد قبل حضور شهر رمضان بأشهر ،ثم رخص التمر من بعدما اشترى ذلك؛ أيلزمه غرم ما نقص فيما بينه وبين االله أم لا يلزمه إذا لم يتعمد ذلك؟ ويجيب المؤلف :أنه لا يلزم الوكيل شيء على هذه الصفة؛ لأن الوكيل الذي يكلف بهذا يكون على ثقة وعلى أمانة ،ولا يتصور أن يشتري شي ئا يلحق الخسارة بالمسجد؛ ولذا فلا ضمان عليه إذا تغير السعر بالنقصان. والباب الثالث يخصصه المؤلف للمدارس ،وأموالها ،والقول في المتعلمين فيها. 297أحكام المساجد والمدارس ويرى المؤلف أنه قد يوصى لإعمار المدارس كما يوصى لإعمار المساجد قياسا على الوصية للمسجد. وإصلاحها ،وهذه الوصية صحيحة ومن المسائل التي يتضمنها هذا الباب والخاصة بالمدارس: مسألة :كيفية إنفاذ وصية المدرسة. مسألة :في قطع النخل من مال المدرسة. مسألة :هل للمعلم أن يقطع من مال المدرسة؟ مسألة :هل يجوز للمعلم أن يستقرض من مال المدرسة؟ مسألة :هل يعطى المعلم من الوصية إذا كان يعلم بمال المدرسة؟ مسألة :الوصية وقت الإنفاذ أم وقت الموت؟ مسألة :هل يجوز أن يستأجر للتعليم بالوصية؟ مسألة :هل يجوز للمعلم الأخذ من غلة المدرسة الموصى بها له؟ مسألة :هل يستحق المعلم مال الوصية عن التعليم؟ مسألة :هل يجوز بيع مال المدرسة بالخيار؟ مسألة :هل يجوز للمعلم أخذ ماء المدرسة الزائد؟ مسألة :حكم الثمرة إذا كانت بين معلمين. مسألة :هل يجوز للمعلم أخذ غلة المدرسة وثمرتها؟ مسألة :هل يجوز تعليم القرآن بالأجرة أو ما يكون من غلة مال المدرسة؟ ويذكر المؤلف رأ يا للإمام عبد الوهاب بن عبد الرحمن المغربي :أنه يجوز للمعلم أن يأخذ الأجرة عن التعليم وحبسه نفسه ،وقد رخص بعض العلماء ذلك ،وقال :أحق ما أخذ عليه الأجرة كتاب االله ،وذهب البعض الآخر إلى تحريم أخذ الأجرة عن تعليم القرآن ،وصرح البعض بجوازها .أما عن الكتابة مائة كتاب إباضي298 والآداب والرسائل ونحوها من أنواع التعاليم فلا يمنع فيه من أخذ الأجر، ويجوز له ذلك. أما المؤلف فيرى أن أخذ المعلم أجر على القرآن لا يجوز ولا يحل ،وكل ما اشترط من ذلك فاسد ،وشهادته على هذا الوجه ساقطة؛ لأنه اشتراط ما لا يحل له شرطه إلا أن يكون لم يشترط على تعليم القرآن ،وإن اشترط الأجر على جلوسه لأدبهم أو لتعليمهم الخط ،فإن كان هكذا فهو جائز ولا بأس عليه .أما الولاية والبراءة ،فهل يتولى أو يبرأ منه ،فإن هذا مما يختلف الناس فيه بالرأي ،ولا يرى المؤلف أن تجب به البراءة؛ لأن هذا من الأمور المؤكدة التي تقع بها البراءة .ولذا فإن أجازه المعلم على تعليم القرآن حرام لا تحل. ويطرح المؤلف سؤالا في تعليم القرآن :هل هو من الفرائض في الجملة على من قدره في كل زمان أم لا؟ ويجيب :أنها فريضة على كل بالغ عاقل ،إلا أنه على الكفاية ،فإذا قام به البعض سقط به البعض عمن لم يقم به .وتعليمه لغير البالغ ليس بفرض على جميع من قدره ،ويجب أن يكون هذا المعلم مأمو نا على من يولى عليه .وألا يضرب المعلم تلاميذه إلا إذا أذن له آباؤهم ،ولكن له أن يزجرهم ويحثهم على التعلم. ويجوز للمعلم أن يعلمهم أشعار العرب ،ويمزح معهم ،وأن يتوقف إذا ضجر بقدر ما يتنفس ،ويقرأ في المدرسة كتاب الأثر وأخبار المتقدمين ،ويبين لهم ذلك ،ويجتهد فيهم كلهم بالتساوي ،ولا يتحدثوا ويشتغلوا به عن التعليم والقراءة ،ولا يشتغل عنهم بحديث أحد ولا كتابة ولا صنيعة ،ولا يرسلهم في صنيعة ،وعليه أن يصلحهم ويصلح ألسنتهم .ولا يجوز أن يتوقف عن التعليم لو ضجر عن التعليم ،ولا يقرأ كتاب أثر ولا غيره إذا كان يشغله عن تعليمهم، فهو يخصص كل وقت التعليم لإفادة طلابه ،فلا ينشغل عن تعليمهم بشيء 299أحكام المساجد والمدارس مباشرا .وأن يعدل في تقسيم وقته بينهم ،وأن يفيد كل واحد نفعا لا ينفعهم منهم إفادة تامة حتى يتقن القراءة والكتابة ،ويجوز له أن يؤدبهم وينهاهم عن اللعب ويزجرهم ولا يؤذيهم. طمعا لأن يكونوا من أهل الصلاح فيأمرهم كلصحيح أن له أن يؤدبهم واحد منهم بقدر ما أطاقه من الأعمال الجميلة الداعية إلى الفلاح ،وينهاهم عن الأفعال الرذيلة فيزجرهم عنها خوفا من أن ينشأوا على شيء من خصالها الموجبة لعدم النجاح ،وربما تعلق بما يكون من أمر الدنيا في منفعة أو مضرة فيلزمه تارة ويجوز له أخرى. وإذا استأذن آباء الصبيان في أدبهم بالضرب؛ فلا بأس عليه أن يضربهم ضرب الأدب كلما سكتوا عن القراءة من غير عذر ،وكذلك إن أذى بعضهم بعضا بضرب أو كلام وليس له أن يضربهم إلا أن يأذن آباءهم .وإذا استأذن ضربا غير مبرح على شيء فيه آباءهم أو وصى اليتيم في ضربهم ،وضربهم ضربا صلاحهم من التعليم فلا ضمان عليه ولو بكى الصبي .وإن ضربهم مبرحا وهو المؤثر فعليه الضمان ،وإذا أبراه والدا الصبي ففيه اختلاف. والباب الرابع :في المحصنة وبناء سور البلد .والمحصنة هي المكان أو المبنى الذي يتحصن فيه لقتال العدو ،وهو ما يسمى الآن بالحصون والقلاع. ويذكر المؤلف أنه ليس من أمر الدين ولا من قول أهل الإيمان جبر الناس على الحرس في الحصون ،وبناء القلاع المحصنة هي مصلحة للجميع أن يتحصنوا بها على حرب العدو ،ولمن يرغب العمل بها أن يعمل ،ولمن لا يرغب فيها أن لا يعمل. فقيرا كان أو غن يا ،وهذا وعمارة الحصن واجبة على كل من له بيت يختلف عن عمارة المسجد ،حيث إن إعمارها على الأغنياء دون الفقراء .وقول أهل العلم في بناء السور أنه على كل حر بالغ عاقل حاضر من الذكور ،وله مائة كتاب إباضي300 شيء من الدور أو مال يحميه فيمنعه أهل الجور .ولا يجوز على امرأة ولا صبي ولا شيخ كبير ،ولا عبد ولا مريض ولا مسافر ولا أعمى ضرير ،لما لهم من العذر عن الجهاد في قول من به خبير .وفي قول آخر إنه على كل ذي منزل ما يليه من غني أو فقير .وقيل :على الجميع من أهلها حتى اليتيم والغائب والمرأة. إن السور الذي يجمع الناس الداخل منهم والخارج في وقت الخوف، والدور الكبار فهو على كل حر بالغ مقيم ،وله مال يحميه السور ،إلا الغريب الذي لا يسكن في الدار ،فلا عليه بنيان السور الذي يجمع الناس في الخوف. 301 ø«dhC’G ≈∏Y IOQGƒdG QÉKB’G ÜÉÑd QÉ«NC’G øjôNCÉàadGh ) ...ó«©°SƒÑdG óaëe øH ¿ÉØ∏N øH Éæ¡eت ١٢٥٠ه( تحقيق :عبد الحفيظ شلبي وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان١٤٠٤ ،ه١٩٨٤/م١٤٠٧ :ه١٩٨٧/م. عدد الأجزاء ١٤ :جزء العلامة الفقيه السيد أبو زهير مهنا بن خلفان بن محمدمؤلف الكتاب هو  ابن عبد االله بن محمد آل بوسعيدي ،ولد في القرن الثاني عشر من الهجرة، قائما بالأعمال الإداريةوعاش بمسقط حينما كان والده خلفان بن محمد والمالية للسيد الإمام أحمد بن سعيد ،وعلى هذا أطلق على خلفان بن محمد اسم »الوكيل«. مجتهدا في طلب العلم ونشره ،حتى صار ممن يشارنشأ السيد مهنا 5 معاصرا وفقها ،ويرجع إليه الناس في حل مشاكلهم .وكانوزهدا إليه ور عا للعلامة جاعد بن خميس الخروصي ، 5وبينهما تبادل آراء في مسائل علمية. قائما بأعمال الخير وأكثر أوقاته فيوقد عاش السيد مهنا طيلة عمره المسجد الذي بناه أبوه بمسقط سنة ١١٨٢ه ،والذي يعرف الآن بمسجد الوكيل. وقد أجاب على كثير من المسائل الفقهية رويت عنه ورتب »جامع ابن ترتيبا علم يا ،وقد شرع في تأليف كتاب» :لباب الآثار« بهمة عالية فيجعفر« جمع الكتب وترتيب فتاوى العلماء يضم كل مسألة في بابها ،وقد طلب من ملازما ليقوم بكتابة كتاب: الشيخ الفقيه سعيد بن عامر الطيواني أن يكون »اللباب« حيث إن السيد مهنا كان في آخر عمره أعمى البصر فاتح البصيرة، مائة كتاب إباضي302 فأجاب الشيخ سعيد طلبه ،وتوفي المؤلف السيد مهنا 5عام الخمسين بعد مائتي سنة وألف سنة. وكتاب» :لباب الآثار« مجموع في أربع قطع ،وتلقاه علماء عصره بالتقدير والقبول ،وتناولته أقلام النساخ لتدوينه حيث تكاثر الطلب عليه؛ لأنه كتاب جامع في الأديان والأحكام ،مشحون بأقوال العلماء وآرائهم. يبدأ الجزء الأول بباب» :في طلب العلم وفضله« وفي مدح طالبه .وفي الفتيا وقبولها ،وفي ضمان المفتي ،ومن يرفع عنه الخطأ ومن لا يرفع ،وما أشبه إلى ذلك. ويورد المؤلف في مستهل هذا الباب بعض النصوص الدينية الدالة على فضل العلم ،منها قوله تعالى1⁄2 1⁄4 » o1̧ ¶ μ ﴿ : 3⁄4 ¿ ] ﴾ Á Àالبقرة .[٢٦٩ :ومن الأحاديث النبوية الدالة على شرف العلم قوله ژ » :تعلموا العلم فإنه تعليمه الله خشية ،وطلبه عبادة ،والبحث عنه جهاد ،وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة ،وبذله لأهله قربة؛ لأنه معالم الحلال والحرام ،وهو منار سبيل الجنة ،والأنيس في الوحدة ،والصاحب في الغربة، ويعبد ،وهو إمام والعمل تابعه ،يلهمه االلهويطاع ويوحد ، بالعلم يعرف االله السعداء ،ويحرمه الأشقياء«. وما عند االله شيء أفضل من العلم والفقه ،ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ،والعلم كله القرآن ،وهو الأصل والتنزيل ،وما بعده من العلم تفسير له وتأويل ،وكفى بالعلم شرفا أن كل أحد يدعيه ،وإن لم يكن من أهله. وسئل أحد العلماء عن الجهاد على العيال وهل طلب الحلال أفضل أم التعليم أفضل؟ فأجاب :إذا كان طلب المعاش فريضة ،وطلب العلم فضيلة، فالفرض أولى من الفضيلة ،وإذا وجد العبد قوت يومه ،فكان هذا فضيلة. 303لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار ويورد المؤلف مصادر التشريع ،أو ما أطلق عليها الأصول ،فيذكر أن هذه والسنة الأصول لا تتساوى بعضها ببعض ،فلا تقاس الأصول بعضها ببعض ،فالكتاب  والإجماع في مقدمة هذه الأصول ،ويقاس ما لم يأت في الأصول على الأصول. والإجماع حجة لا تجوز مخالفتها ،وكل من خالف الحجة فهو محجوج، فمن شهدت له حجة االله أنه محق فهو في الظاهر في دين االله محق ،ومن شهدت له أنه مبطل فهو بظاهر دين االله مبطل. ومن الحجج التي يوردها المؤلف على حجية الإجماع قوله تعالى: ﴿D C B A @ ? > = < ; : ] ﴾ Eالبقرة [١٤٣ :فقد جعلهم االله شهداء على الناس ،كشهادة الرسول ژ ، السنة قوله ژ » :لا تجتمع أمتي على ضلال«.ومن  وعن مسألة :اشتقاق القرآن من أي المعاني؟ قيل :لاقتران حروفه وآياته وسوره ،وقيل :لاجتماعه وائتلافه ،وسمي مجمع الدم في رحم المرأة قرء لتجمعه من الحيضة إلى الحيضة. وسئل عن تعليم القرآن ،أهو فرض على الجميع أم من فروض الكفاية؟ ويجيب المؤلف أنه قيل :إنه من فروض الكفاية إذا قام به البعض أجزى عمن لم يقم به بشرط أن يتلوه بلسانه ويفهم معناه ،ويعقل أحكامه ،ويصير حجة على غيره من العالمين. ويجب على المسلم المؤمن أن يقصد إلى رضا االله تعالى ،وإصابة الحق كما أمر االله تعالى ،ولا يقصد الرخص ولا التشديد ،وإنما يقصد الحق ،وما يراه أقرب للحق ،باجتهاد منه لرضا االله وطاعته ،ولا ينبغي له أن يأخذ بالرخص، وقصدا لرضا النفس ،ولا ينبغي له أن ويعتقدها دي نا يدين به ميلا إلى الراحة، يأخذ بالتشديد ،ويضيق على نفسه فيما وسع االله في أمر دينه ،ويكون قصده موافقة الحق لا غير ذلك. مائة كتاب إباضي304 ويطرح المؤلف موضوع أسماء االله من ذاته وصفاته ،أهي مخلوقة أم غير مخلوقة؟ وهل يسع جهل علم ذلك؟ وهل القرآن مخلوق أم غير مخلوق؟ وهي المسألة التي أثيرت بين علماء الكلام ،وكانت إحدى مشكلات هذا العلم. ويرى المؤلف أن االله تبارك وتعالى قديم ،وما سواه محدث من جميع الأشياء ،وهو لا يشبهه شيء ،ولا يشبه شي ئا في جميع الأشياء ،من ذاته ولا صفاته ولا أسمائه. والقرآن في تنزيله ،وكتابه وأحداثه من هذه الألفاظ الملفوظة ،والحروف الملحوظة المكتوبة المسموعة المنظورة ،فهي محدثة. وتناول المؤلف مسألة» :الناسخ والمنسوخ« ،وذكر أنه كان في كتاب االله، لأجل ما أراد االله من الرفق لعباده ،والصلاح لهم ،وأنزل شي ئا بعد شيء ،ولم ينزل جملة واحدة ،لأنه لو نزل جملة واحدة لم يجز أن يكون فيه ناسخ ولا منسوخ ،إذ كان غير جائز أن يقول البارئ في وقت واحد :افعلوا ولا تفعلوا. فأنزله االله تعالى شي ئا بعد شيء؛ ليتم مراده في تعبد خلقه ،ثم ينقلهم من ذلك تخفيفا عليهم في ذلك كله لما فيه من الصلاحالتعبد إلى غيره في وقت آخر، لهم ،فلو أنزل القرآن جملة واحدة لصعب العمل به. ويدور الباب الثاني من الجزء الأول عن »التوحيد وأحكامه« .ويعرض لشيء من الأصول ،وما هو ما يسع الجهل به وما لا يسع ،وفيما يجوز فعله ولا يسع تركه .ومن ع ب د االله على الرجاء فهو مرجي ،ومن عبده على الخوف فهو حروري، ومن عبده بالحب فهو زنديق ،ومن عبده بالثلاثة فهو مستقيم ،أي :أنه يعبد االله لأنه مستحق العبادة ،وليعطي الربوبية ويرجو إن استقام في تلك العبادة ثواب االله ،ويخاف على تضييعها عقاب االله ،فهذا الذي ع ب د االله بالثلاث. ويتحدث المؤلف عن معنى »لا ضرر ولا ضرار« في الإسلام ،فيذكر أن 305لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار بعضا ،والإضرار الذيالضرر الذي يتولد من فعل بني آدم ما يضر به بعضهم يتولد من غير فعل بني آدم كمضرة الأشجار. ويذكر المؤلف أن أصول الدين خمسة هي :التوحيد ،والعدل ،والوعد والوعيد ،والمنزلة بين المنزلتين في الاختلاف في كيفية الفساق ،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .فالتوحيد أن االله ليس كمثله شيء ﴿ 6 5 ] ﴾ > = < ;: 9 8 7الأنعام ،[١٠٣ :وأنه ليس بجسم ولا بجوهر ،ولا يوصف بشيء من صفات خلقه تعالى .وأما العدل فإن االله عدل كريم رؤوف رحيم ،لا يظلم العباد ولا يجور عليهم ،وأنه أرحم بهم من أنفسهم وآبائهم وأمهاتهم ،لا يؤتي الخير إلا هو ،ولا يصرف الشر إلا هو ،فهذا هو العدل .وأما الوعد والوعيد :أن االله صادق ،فمن أخبر بعذابه فهو يعذبه لا محالة، ومن أخبر بنعيمه فهو ينعمه لا محالة ،وهو أصدق القائلين .وأما المنزلة بين فساق أهل الصلاة عند المؤلف ومذهبه لا يقال عنهم :إنهمالمنزلتين : مشركون ولا مؤمنون ،وهم في منزلة بين المنزلتين. ويعرض المؤلف في الباب الثالث لموضوع» :الولاية والبراءة« ،وفيما يجوز من الكلام للولي وغير الولي وما لا يجوز ،وأحكام ذلك .ويشير المؤلف أن الولي فيه اختلاف ،البعض قال :إن ولاية الدين لا ينتقل عنها صاحبها إلا ببراءة الدين ،وهذا هو رأي إباضية المغرب ،أما الإباضية من غير أهل المغرب فقالوا: ينتقل الولي من ولاية الدين إلى ولاية الرأي ،ووقوف الرأي ،ووقوف السؤال، ووقوف الإشكال. والأئمة المشهورون بالاستقامة على العدل ،وكذلك العلماء المشهورون بالاستقامة على العدل واجبة ولايتهم على من بلغته شهرة عدلهم وفضلهم، مستقيما على الحق في أقواله وأفعاله ،ولم وكذلك من عاينه المرء بنفسه ورآه يلحقه عنده تهمة بارتكاب شيء من المعاصي. مائة كتاب إباضي306 ويفرق المؤلف بين الولي والثقة والعدل .فيقول :إن صفة الولي من عرف بالأعمال الصالحات ،والمسارعة إلى الخيرات ،واجتناب الشبهات، ولي ،وعندهم عدل،والموافقة في الديانة من القول والعمل ،فهو للمسلمين والثقة في دينه هو الذي تظاهرت منه الأمانة في دينه ولم يتظاهر منه التهم في دينه ،أنه يدخل فيما لا يسعه بجهل ولا بعلم .وأما الأمين فهو الذي يؤمن صر على الشيء .وأما العدل فهو الذي يؤمن على الأمانات ولا يعرف أنه م على شيء من الخيانات ،وهو مسارع إلى الخيرات ،مجانب للشبهات، مأمون على حمل الشهادات. ولو لم يعرف منه الموافقة فتجب له الولاية ،ولو لم يعرف منه انتحال غير دين المسلمين ،وهو يظهر التمسك بقول المسلمين في صلاته وزكاته ،وولايته وولي. وبراءته ،فهذا عدل ،وهناك من قال :إنه عدل ويذكر المؤلف أن الأصول التي يجب أن يلتزم بها المسلمون ثلاثة ،هي: والسنة ،والإجماع ،فمن خالف أحد هذه الثلاثة برأيه أو بدينه فقدالكتاب، أخطأ وضل ،وخرج من دين المسلمين ،وكفر بفعله هذا كفر نعمة ،لا كفر شرك ،وأما الاختلاف بين المسلمين بالرأي فهو جائز ،ولا يجوز لأحد منهم أن يخطئ من خالفه في ذلك دي نا. و»الرأي« هو كل حادثة عدم الحكم فيها من هذه الأصول الثلاثة :الكتاب، والسنة ،والإجماع .فللعلماء أن يجتهدوا في تلك الحادثة ،ويتحرى كل منهم بقياسه واجتهاده في ذلك ،فيحل هذا العلم برأيه شي ئا ويحرمه الآخر برأيه، وكلهم في الاختلاف سواء ،من أخذ بقول أحد من المسلمين في الرأي فجائز له ،وهو غير هالك ،وكل رأي المسلمين صوابه ويجوز اتباع العلماء في الرأي ولو اختلفوا في رأيهم ،وتجوز ولايتهم كلهم في ذلك ،وإنما لا يجوز الاختلاف في الدين خاصة دون الرأي؛ لأن االله إذا حكم لعباده في حادثة بحكم ،لم يكن 307لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار لأحد من الخلق أن يخالف حكم االله برأيه ولا بدينه؛ لأنه يصير بمخالفته ذلك حاكما بغير ما أنزل االله ،وقال تعالى{ z y x w v u t ﴿ : | ﴾ ]المائدة.[٤٤ : ويتناول الجزء الرابع من الكتاب ما يجب على المحرم ،وما يمتنع عليه فعله ،من التطيب والتزين ،وما يؤمر به المحرم عند قدومه مكة أن يفعله من الطواف ،والأفضل أن يدخل المسجد من باب »بني شيبة« بلا إلزام ،وأن يكون دخوله إلى الحجر من باب العراق .كما تكلم عن الحج والعمرة ،والميقات، والهدي ،والتمتع ،والإحرام بالحج يوم التروية ،والخروج إلى »منى«. وتحدث المؤلف في هذا الجزء عن العمرة ،فذكر أن البعض قال :إنها فريضة ،وقال آخرون :هي من شروط الحج ،وهي في أشهر الحج متعة ،ومن متمتعا ،وإن كانت في غير أشهر الحج كانت تامة، اعتمر في أشهر الحج كان والإحرام فيها واجب كالإحرام في الحج ،والطواف بالبيت والسعي والإحلال والحلق والتلبية في الإحرام سنة ،والنية فرض في الأعمال كلها من فرائض الحج وغيره ،فالنية واجبة ،والطواف للزيارة بالبيت فرض ،والتسبيح والتكبير الذي يقال في الطواف سنة ،والدعاء مستحب ،والوقوف بعرفات إلى الليل فرض ،والدعاء والذكر فيه سنة .والإفاضة من عرفات بعد غروب الشمس سنة، فمن أفاض قبل الغروب لم يتم حجه؛ لأن الوقوف إلى الليل فرض ،والإفاضة سنة ،والوقوف عند المشعر الحرام سنة ،ومن تخ لف حتى تطلع الشمس لزمه فيه الجزاء ،ورمي الجمار سنة ،ومن لم يرم جمرة العقبة لزمه دم ،ومن حلق قبل أن يحل إحرامه لزمه دم لحلقه حتى يرمي جمرة العقبة ،ثم يذبح ثم يزور أخر ذلك لم البيت ،ويؤمر ويرمي بتعجيل الزيارة يوم النحر للفريضة ،وإن  يلزمه شيء إذا زار ،فإذا ذبح وحلق فقد حل من إحرامه وحل له الحلال إلا النساء والصيد حتى يزور البيت. مائة كتاب إباضي308 ويورد المؤلف مسألة» :فيمن يحج عن غيره« ،ويذكر أن المسلمين قد اختلفوا فيها .فقد اختلفوا في الذي يحج بالأجرة عن غيره قبل أن يحج عن نفسه .وأما الذي قد لزمه فرض الحج وتعلق عليه لزومه فأكثر القول :إنه لا يجوز له أن يحج عن غيره حتى يقضي هو فرض نفسه. وعن الضحايا وما يجوز أن يضحى به ،وفي الهدي وتقليده وإشعاره وحمله ،وكيفية نحره ،فقال :لا يجوز في الأضحية العوراء ولا العرجاء ولا العجفاء ،ولا مقطوعة الذنب ،ولا مكسورة القرن ،وأجاز بعضهم إذا بقي من الذنب أو القرن الثلث ،والعجفاء المهزولة ،وقيل :يجوز أن يضحي ببقر الوحش ،وأما الظبي وغيره فلا. ويبدأ المؤلف في الجزء الخامس بباب النذر والاعتكاف وثبوت الوفاء به، ونذر الصبي والمشرك ،ونذر المعصية ،ويذكر أنه قد ثبت وجوب الوفاء بالنذر لقوله تعالى] ﴾ / . - , + * ) ﴿ :الإنسان [٧ :إذا كان النذر في طاعة االله ،أما إذا كان النذر في شيء من المعاصي فقد اختلف فيه وقيل: لا يلزمه الوفاء ولا كفارة فيه لقوله ژ » :من نذر أن يطيع االله فليطعه ،ومن نذر أن يعصيه فلا يعصيه« ،وقول :عليه الكفارة. والمشرك إذا نذر أن يفعل شي ئا من الطاعات قبل أن يسلم ثم أسلم ،فقيل: إن بقي بنذره فعليه أن يوفي به بعد إسلامه. فالنذر ينعقد في الطاعة ،وينحل في المعصية ،ويختلف فيمن ينذر بجميع حكما ثاب تا بمنزلة الدين .ويرى ماله ،فقيل :يثبت كله كما نذر ،ولا يحكم به البعض أنه بمنزلة حقوق االله ،مثله مثل الزكاة والجبر على الصلاة. أيضا موضوع الاعتكاف .والاعتكاف هوويتناول المؤلف في هذا الجزء حبس الرجل نفسه في المسجد طاعة له ،ولا يكون إلا بصوم ،وأجمعوا على جواز الاعتكاف في مسجده ، ‰وفي المسجد الحرام ،واختلفوا في غيرهما 309لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار من المساجد ،فقول :لا يكون إلا في المسجد الجامع إلا أن ينوي عند نذره في مسجد معروف ،وقول :أن يعتكف حيث شاء من المساجد ،وقول :لا يجوز إلا في المساجد التي فيها صلاة الجماعة لجميع الصلوات المكتوبة بالأذان. ويعرض المؤلف للأيمان في باب ،يتناول فيه معاني الأيمان وأحكامه في الكفارات وأقسامها .كما يعرض للذبائح في باب آخر ،حيث يذكر أنه يستحب أن يتولى الذبح من يحسنه بشفرة حادة ورفق ورحمة ،ويستقبل القبلة بعد أن جزا ،فإن لم يستقبل يضجعها ويذكر اسم االله عليها ،ويشحط شح طا ،ولا يجز  عمدا فقد قيل :إنها لا تفسد ،وقد أساء. القبلة بالذبيحة عند الذبح ومن نسي أن يذكر االله عند ذبيحته قيل :لا تؤكل؛ لقوله تعالىP ﴿ : ] ﴾ W V U T S R Qالأنعام ،[١٢١ :وقيل :جائز أكلها وإن حرك لسانه بذكر االله أجزأه ولو لم يجهر به ،وإن لم يحرك لسانه فلا يجزئه ،وبأي لغة ذكر االله من اللغات أجزأه ولو لم يحسن العربية. ويورد المؤلف مسألة عن البنج والأفيون ،هل يجوز أكلهما ،وهل تجوز شهادة من يأكلهما؟ فيجيب :إن البنج والأفيون حرام ،وإن أكلهما أحد فلا تجوز شهادته؛ لأن الأفيون مضر بالإنسان ،وهو من أنواع السموم المضرة. ومن المسائل الطريفة التي طرحها المؤلف عندما سئل عن حكم تحريمها أو تحليلها مسألة» :القهوة البنية« فقال :لم يبين لي مع ضعف بصري حكم إذ لم يرد فيها نص بحكم من كتاب االله رب العالمين ،ولا من سنة نبيه الأمين، ولا صح معنا إجماع على حكم فيها من آثار الأقدمين عن الفقهاء السالفين. وهناك خلاف بين المتأخرين في هذه المسألة ،وذلك راجع إلى أنها من سببا المسائل المستحدثة في زمانهم .ومن ذهب إلى تحريمها لا يرى المؤلف لهذا التحريم سوى حجة يوردها هؤلاء يحتجون بها على تحريمها أن هذا المشروب يستعمله السفهاء في مجالس اللهو ،وهذا ليس بحجة؛ لأن المجالس مائة كتاب إباضي310 لا يصح بها تحويل حكم إذا ما صح حلاله وثبتت طهارته فهو على حكم الثابت له ،لا يتغير عن حاله باختلاف المواضع .ثم إن التحريم لا يصح إلا بأصل ثابت. حرم شرب القهوة إذا كان حب البن قبل طبخهويتناول المؤلف دليل من طاهرا، أيضا حلالا طاهرا ،والماء الذي خلط به وخلطه بالماء كان حلالا واستخدام النار فيه لم تخرجه من الحلال إلى الحرام ،بل بالطبخ ازداد طهارة فوق طهارته .وينتهي المؤلف إلى أن هذه المسألة مسألة رأي واجتهاد لا إجماع فيها على القولين :التحريم أو التحليل. ويبدأ المؤلف الجزء الثامن بباب في الضمانات والخلاص من قبل التعدي والنصب والحل وألفاه ،وما يجوز فيه الحل وما لا يجوز .ويطرح مجموعة المسائل تثار تحت هذه العناوين ،فمنها مسألة :جماعة اتفقت على قتل رجل أو وقصاصا .وإن رجعوا إلى الدية قودا جميعا أكثر على سبيل الفتك ،وقد قتلوا به فعلى كل واحد من الجماعة دية تامة لهذا القتل. ومسألة الحصون التي توجب الضمان :ما حد الحصون في الأموال التي عليها الأبواب المغلقة والجدر التي لا يتسورها الداخل ،هل هي على من أخذ منها وهي محصونة بما لا قيمة له ضمان أم لا؟. فيجيب المؤلف :إن صفة المال المحصون إذا كان عليه جدار لا يقدر الماشي بخطوة ،ويقتحمه إلا أن يمسك الجدار ،ويكون على ذلك المال غلق مع الباب ،وأما أخذ ما لا قيمة له ففي ذلك خلاف .وأما إذا كانت أموال غير محصونة وأهلها لا يرضون للناس يدخلون فيها ،فإن تنزه عن ذلك فهو أحسن حراما. في باب الورع وإن دخل ولم يضر شي ئا فلا يقال :إنه ارتكب ويتناول المؤلف في الجزء الثاني عشر موضوعات عن العدة وأحكامها، ورد المطلقات ،وصفة الزوج الذي تحل به المطلقة لمطلقها ثلاثا .ويورد 311لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار مجموعة من المسائل حول هذه الموضوعات ،ومن هذه المسائل مسألة المميتة المعتدة بالوفاة )الأرملة( أيجوز لها لبس الملابس التي فيها شيء من الحرير؟ فيجيب المؤلف :إذا كان الملبس ليس للتزين وإنما لستر العورة فلا بأس، وإذا كانت لا تريد بهذا الثوب التزين ،وإنما هي من أهل الشرف ممن يلبسون الحرير ،مثل بنات الملوك ونسائهم ففي ذلك اختلاف :فقيل :إذا كان الثوب ليس للزينة ،ومصبوغ فلا بأس ،ويجوز أن تلبسه ،ورأي آخر يقول :إنها لا تلبس الثوب الحرير إلا لضرورة. كما يعرض لمسائل في الخلع والاعتداد ،والطلاق ،والنفقة والميراث، وغيرها من المسائل .وفي باب آخر يعرض لمسائل الحيض وأحكامه وصنوفه وأقسامه ،وفي النفاس ومعرفة أيامه وما جاء فيه ،وفي الوطء في الحيض والدبر وغيره .كما عرض في باب ثالث لأحكام التسوية بين الأولاد في النفقة والميراث ،ويذكر مسائل في الغائب والمفقود ،وحدهما وأحكامهما ،وفي الشهادة على الغيبة والموت والفقد. وذكر المؤلف أن مدة الغائب هي أجله ،وقيل :إنه ثمانون سنة منذ ولد لا منذ غاب ،وقول :مائة سنة ،وقول :مائة وعشرون ،وقول :حتى يموت أترابه، وقول :حتى يصح موته ،فبأي قول من أقوال المسلمين ممن يجوز فيه الاختلاف بالرأي حكم به الحاكم حكمه ،ولم يجز مخالفته. قاصدا إلى بلد معروف ولم يصح أن السفينة كسرتأما الذي ركب سفينة إلا أنه لم يصل إلى ذلك البلد الذي هو قصده ،قيل عنه :مفقود ،وقيل :إنه بمنزلة الغائب. أما الجزء الثالث عشر فيبدأ بباب» :في اليتامى والقيام بهم والاحتساب لهم ،وفي بلوغهم وإيناس رشدهم ،وفي الأصم والأعجم والأعمى ،والخنثى، والمجذومين ،وزائل العقل ،وما أشبه ذلك«. مائة كتاب إباضي312 والقيام بأمر اليتامى فرض لو اجتمع الناس على تركه لم يسعهم ،وذلك واجب لازم لمن لزمه بولاية أو وصاية أو وكالة ،فإن عدم ذلك أقيم له وكيل يقوم بأمره. ويعرض المؤلف في هذا الجزء مسائل تدور حول اليتامى وغيرهم من أصحاب الحاجات ،ومن يتولى رعايتهم وأحكامهم. كما ضم الكتاب مسائل في الإقرار وأقسامه وألفاظه وأحكامه ،وما يثبت منه وما لا يثبت ،ومن يجوز منه الإقرار ،ومن لا يجوز ،والوصية تكون بعد تبعا لقول رسول االله ژ . الموت ،ولا تثبت إلا في الثلث ويبدأ المؤلف في الجزء الرابع عشر بباب» :في الوصي وصفة من تجوز الوصاية له ،وفي إنفاذ الوصاية وعرضها ،وفي بيع مال الهالك وما يجوز من ذلك«. ويذكر المؤلف أن الذي يعرض عليه الوصاية لا يكون إلا من أهل المعرفة بعدلها وباطلها ،وأما الذي لا معرفة له ما لا إعراض عليه لا نفع فيه. وأما الكاتب لها فلا يحتاج أن يكتب .لا يؤاخذ بما فيها حتى يعرض على المسلمين إذا كان من أهل المعرفة ،وإنما يكتب ذلك قليل المعرفة .وأما الكاتب إذا كان وص يا بنفسه وسمع من الموصي لف ظا ثاب تا فجائز له إنفاذها ولو لم يعرضها على أحد وإن كان لم يكتب لفظ الهالك ،وإنما هو يكتفي لفظ ما كتب في الوصية ،فإن كان له معرفة بعدل ذلك وإلا عرضها المسلمين غيره من أهل المعرفة. ويجوز للوصي الأمر والقيام بالوصية ما دام له عقل صحيح ،ولا يجوز فعل المأمور وقضاؤه بعد موت الآمر ،ولا يجوز له أن يسلم من مال الموصي أجرة ما أمر له من تصويم من بعد ما مات الموصي الأجرة لمن استأجره للصيام. 313لباب الآثار الواردة على الأولين والمتأخرين الأخيار وفي باب آخر يعرض المؤلف لموضوع» :وصية الأقربين ،وصفة قسمها، ومعرفة الأقربين ودرجاتهم ،وفي المواريث وأحكامها«. والباب الثالث في »الدماء وأحكامها والجراحات وأقسامها ،والأروش والديات والقصاص ،والقود والغنائم والجهاد والعاقلة« .وذكر المؤلف أن الجهاد فرض على الكفاية لا يجب فرضه إلا بالعلم به والقدرة عليه ،والعدة والنيات له والإمام إذا قدر عليه ،والإجماع .وأجمعوا أنه ساقط على النساء والصبيان والعبيد والأكابر من الزمناء )الشيوخ المرضى( ،والخنثى المشكل والأعمى والأعرج والمريض والفقير الذي لم يجد ما ينفقه في طريقه فضلا عن نفقة أولاده ،إلا أن يعطيه الإمام ما يحتاج إليه من ركوب ونفقة ،فيجب عليه قبول ذلك. وأدلته على أهمية الجهاد وفضيلته بأدلة نصية نقلية ،منها :قوله » : ‰كل حسنات بني آدم تحصيها الملائكة الكاتبون إلا حسنات المجاهد« ،و»حرمة امرأة الغازي في سبيل االله كحرمة نساء النبي ،وإن هلك استوجب الجنة« ،وقوله تعالى﴾ q p o n m lk j i h g f e d ﴿ : ]آل عمران.[١٦٩ : ويجب على المجاهد عند الخروج أن ينوي أن خروجه في سبيل االله وابتغاء مرضاته ،وأن تكون كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة االله هي العليا، لا يريد شي ئا من أغراض الدنيا ،ولا له فيها حاجة ،ولا له إليها رجعة .قد ألقى ماضيا على علائقها من قلبه ،ورغب في الآخرة ،وتجرد في الوصول إليها، إمامة لا ينثني عن الحق حتى يلقى االله ويودع أهله ويعد أنه لا رجعة له إليهم، فهذه شروط الصادقين. ويجب على المجاهد أن يحافظ على عشرة خصال :لا يخرج للجهاد إلا بإذن والديه ورضاهما ،ويؤدي ما افترض االله عليه من صلاة وزكاة وحج ،وغير مائة كتاب إباضي314 ذلك من جميع المفترضات ،ويدع لأهله وفاء إلى رجوعه ،وتكون نفقته من عبدا حبش يا ،ويؤدي إلى كل ذي الحلال ،ويطيع ويسمع للأمير العادل ولو كان حق حقه ،ولا يدخل دار مسلم إلا بإذنه ،ولا يفر من الزحف؛ فإنه من الكبائر، ولا يغل من الغنيمة قليلا ولا كثيرا ،وأن تكون نيته إعزاز دولة المسلمين ،فإن مات أو قتل على هذا دخل الجنة بغير حساب. 315 á©«°SƒdG É¡bôW ...hÉëdG á©jô°ûdG ¢SƒeÉb ) ...ó©°ùdG ¢ù«aN øH π«aL áeÓ©dGت ١٢٨٥ه١٨٦٨/م(s وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان١٤٠٣ ،ه١٩٨٣/م. عدد الأجزاء ٩٢ :جزء. مؤلف هذا الكتاب هو عالم فقيه ،عاش في القرن الثالث عشر الهجري، من بلد القرط ،نشأ في وقت كانت في الباطنة مزدهرة بالعلم والصلاح وعاصر الكثير من العلماء وله مراسلات مع المحقق الخليلي. العلامة جميل بن خميس السعدي في تصنيفه فيهذا الكتاب بدأ مؤلفه  منتصف القرن الثالث عشر الهجري وذلك بعد أن مارس الدرس والتحصيل ويعد كتابعاما ، بطلب العلم ،وتمنى معرفة كل فن طريف ،نحو ثلاثين قاموس الشريعة أوسع كتاب ألف في المذهب الإباضي من حيث عدد الإجزاء. وتناول المؤلف كتاب» :بيان الشرع الجامع للأصل والفرع« ،وجعل أبوابه وموضوعاته عمدته في كتابه بعد أن أضاف إليها بالزيادة ما رآه ضرورة أحكاما تجاوزها صاحب بيان الشرع ،فأثبتها المؤلفللإيضاح والشرح ،أو رأى جزءا ،أو أوجز ،فحذف منه التكرار،في قاموسه الذي بلغ أكثر من تسعين وخالف بين بعض مسائله في التقديم والتأخير كما يقول للاستقرار ،يعني: ما تكرر لف ظا لا معنى ،مما رأى عنه الكفاية والغنى ،فوافق بين أندادها ،وفارق بين أضدادها. كثيرا من مسائل المتقدمين والمتأخرين،أيضا ووضع في كتابه وما استحسنه من أسفار علماء المذهب ،وزاد في بعض أجزائه من كتب أهل مائة كتاب إباضي316 الملل المخالفين ،وأكثر زيادته في الكتاب عن متأخري أصحاب عمان ،وخاصة عن العالم أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصي. يبدأ الجزء الأول بباب في الحث على طلب العلم والأمر بتعليمه. ويستشهد المؤلف في مستهل هذا الباب بقوله تعالىq p o n ﴿ : ] ﴾ t srالقمر [١٧ :وقيل معناه :هل من طالب علم فيعان عليه .وبالعلم وي و حد وبه يطاع ويعبد ،وهو إمام العمل والعقل تابع ،يلهمه االله يعرف االله السعداء ،ويحرمه الأشقياء. ويفسر المؤلف قوله ژ » :عليكم بالعلم فإن أحدكم لا يدري متى يختل إليه« أي :يحتاج إليه والخلة الحاجة .والمعنى في ذلك :أن النبي ژ أمر المؤمنين أن يستعدوا لما يعتيهم قبل أن ي عنيهم ،إشفاقا منه عليهم أن يقعوا فيما لا يجوز لهم فيهلكوا من حيث لا يشعرون. مستشهدا ويذكر المؤلف أصناف طلاب العلم ،ويمدح العلم ويرغب فيه في ذلك بقوله تعالى 8في كتابه6 5 4 32 1 0 / . ﴿ : ] ﴾ = < ; : 9 8 7النمل ،[١٥ :وقوله ̧ ¶ μ ﴿ : 4 ] ﴾ Á À ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o1البقرة .[٢٦٩ :وقيل :الأحياء العلماء ،والأموات الجهال .وقيل :الأحياء المؤمنون ،والأموات الكفار. وفي أحد الأبواب يتناول المؤلف أصول الفقه وأهميته .ويرى أن الواجب على من أراد التفقه في العلم أن يتعرف أصول الفقه وأمهاته ليكون بناؤه على أصول صحيحة ،وليجعل كل حكم منها في موضعه ويجريه على سنته، ويستدل على معرفة ذلك بالأدلة الصحيحة. وفي باب آخر يتحدث المؤلف في أصول الدين ومعرفة الإجماع ،ويرى أنه هو ما جاء فيه حكم من كتاب االله تعالى ،أو من سنة نبيه محمد ژ ،أو من إجماع المهتدين من علماء الأمة. 317قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة وقيل :الأصل ما عرف به حكم غيره ،والفرع ما عرف حكمه بغيره .وقيل: الأصل مقدمة العلوم ،والفرع نتيجته ،فالواجب على من أراد التفقه في العلم أن يعرف أصول الفقه وأمهاته ليكون بناؤه على أصول صحيحة ،ليجعل كل حكم في موضعه ،ويجريه على سنته ،وليستدل على ذلك بالأدلة الصحيحة. والسنة ،والإجماع فهو أصل ،وما لم يوجد والأصول الثلاثة هي :الكتاب، فهو فرع ،ويقاس عليها ما لم يذكر في أحدهم .وأحكام الشريعة كلها مأخوذة السنة من طريق واحد وأصل واحد ،وهو كتاب رب العالمين ،فوجب اتباع  وبالسنة التي هي من أيضا بعلم بكتاب االله تعالى بكتاب االله تعالى ،والإجماع كتاب االله؛ لأن الإجماع توقيف ،والتوقيف لا يكون إلا عن الرسول ژ . ويبدأ الجزء الثاني بالحديث عن الاجتهاد في الحوادث والاختلاف فيها، عرف المؤلف الاجتهاد بأنه :استفراغ الوسع في طلب الحادثة ،ولا يكونوي  الاجتهاد إلا لمن بلغ منه الجهد. والاجتهاد كله في العقليات سائغ ،والحق في كل واحد وكل ما ليس في كتاب ولا سنة ،ولا إجماع مختلف فيه .ولا يسوغ الاجتهاد :إلا في فروع الشريعة وأما في أصولها فلا .والتفرقة بين الأصول والفروع ،أن مجمعا عليه ،أو مستخرجا الأصول :كل ما جاء في كتاب االله  ، 8 نصا أو في سنة رسول االله ژ مقطو عا بها ،أو اجتمعت عليه الأمة ،والأصل أن بعضا ،والفروع بخلافها ،وهو ما طريقه عليهالمجموع ما يؤثم فيه بعضهم الظن والاجتهاد. وقد نهى االله 8عن التقليد ،وذم من قلد فيه .فلا يجوز التقليد في جميع الديانات ،باتفاق الأمة .وأما الذي يجوز فيه التقليد للعالم الأمين فهو كل ظاهرا يدل نصا ما يسع جهله مما تعبد االله به عباده ،مما لم ينص عليه في كتابه  على مراده فيه ،ولم ينصب عليه دليلا من كتاب ولا سنة ولا إجماع من الأمة. مائة كتاب إباضي318 والسنة والإجماع أو حجة ولا يجوز التقليد عند وجود الدليل من الكتاب العقل ،لأنه معنى للتقليد هناك؛ لأن حقيقة التقليد هو قبول قول القائل بغير دليل ولا برهان. والتقليد على وجهين :أحدهما :لا يجوز ،وهو ما يكون الحق فيه في واحد من أقاويل المختلفين؛ لأن االله تبارك وتعالى إذا تعبد بشيء نصب عليه الأدلة، وقد نهى االله 8عن التقليد ،وذم من قلد فيه. حكما يدل والوجه الآخر من التقليد :ما لم ينص االله تعالى عليه في ظاهره عليه ولا على مراده فيه ،ولم ينصب عليه دليلا من كتاب ولا سنة ،ولا إجماع ورد حكمه إلى العلماء ليجتهدوا في طلب حكمه مثل :الأروش،من الأمة ، والقيم ،ومتعة المطلقة قبل الدخول بها ،ولم يكن فرض لها صداقا ،ونحو ذلك ،ويرجع فيه إلى قول أهل العلم لعدم النص عليه. ويعرض الجزء الثالث لموضوع المجادلة ،وما يجب على المجادلة ،وجواز المجادلات ،وبيان الاستحسان المعقول والنظر والجدل والاجتهاد .ثم ينتقل للحديث عن أقسام الكلام ،ودليل الخطاب والمحكم والمتشابه من القرآن. عرف المؤلف »المحكم« أنه ما كان معلقا بظاهره ،ولا يحتمل وجهينوي  مختلفين كقوله تعالى﴾ 2 1 0 / . ❁ , + * ) ﴿ : ]الإخلاص ،[٤ - ٣ :وقولهW V U T S ﴿ : ] ﴾ Xالنساء ،[٢٣ :ونحو هذا. والمتشابه :هو الذي لا يعلم المراد به في ظاهر تنزيله ،وإنما يرجع في حقيقة ذلك من وجوه التأويل المحكم كقوله جل ذكره﴾ \ [ ﴿ : ]القمر ،[١٤ :وقوله] ﴾ μ́ ﴿ :ص] ﴾ d c b ﴿ ،[٧٥ :الأعراف،[١٠٠ : ﴿ 1⁄2 3⁄4 ¿ ﴾ ]الصف.[٥ : 319قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة وقد اختلف العلماء في المحكم والمتشابه ،فقال بعضهم :المحكم الناسخ الذي يعمل به ،والمتشابه :المنسوخ الذي يؤمن به ولا يعمل به .وقيل :المحكم ما لا يحتمل من التأويل غير وجه واحد ،والمتشابه ما احتمل من التأويل أوجها .وقيل :المحكم ما عرف العلماء تأويله وفهموا معناه ،والمتشابه ما ليس لأحد إلى علمه سبيل ما استأثر االله بعلمه. ويبدأ الجزء الرابع بالحديث عن التوحيد ونفي الأشباه والتحديد على الباري ،ووصفه بما يليق من التحميد ،مع ذكر أسماء االله الذاتية والفعلية ،وما يجوز أن يوصف به في الأزل وما لا يجوز ،وتفسير أسماء االله تعالى ،وما يجوز أن يوصف به تعالى من الأسماء والصفات. ومعرفة االله تعالى أول المفترضات ،وبها تصح العبادات ،ومن لم يكن باالله عارفا كان به جاهلا ،ومن كان جاهلا لم يكن له عاملا ،ومن لم يكن له عاملا مستوجبا .ولا يوصفكان لأوامره مهملا ،ومن كان لأوامره مهملا كان لعذابه االله تبارك وتعالى إلا بما وصف به نفسه. ويجب على كل عاقل سلم عقله من الآفات أن يعتقد أن االله سبحانه إله واحد لا شريك له ،منفرد لا ند له ،قديم لا أول له ،مستمر الوجود لا آخر له، ليس بجسم مصور ،ولا بجوهر مقدر ،ولا يماثل الأجسام ،ولا يجزئه الانقسام، ولا تحله الجواهر والأمراض ،ولا تحويه الأقطار والجهات ،منزه عن التغير والانتقال ،حي جبار قاهر ،لا يعتريه عجز ولا قصور ،ولا تأخذه س نة ولا نوم، له الملك والملكوت ،عالم بجميع المعلومات ،لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. ويعرض الجزء الخامس للفعل الإنساني ،ويستعرض المؤلف مذهب أهل الجبر ،وينقده ،ويتحدث عن التكليف ومعناه .والتكليف على معنيين :معنى تجوز إضافته إلى االله سبحانه ،والآخر لا يجوز. مائة كتاب إباضي320 فالذي يجوز هو أن يكلفهم حسب طاقتهم ليبلغوا منافع لهم دون بارئهم، والذي لا يجوز هو أن يكلفهم لحاجته إلى ما كلفهم إياه تعالى االله عن ذلك؛ إذ لم يزل الباري غن يا عن جميع خلقه. وقد اجتمعت الأمة في بدء الإسلام على أن االله خالق وما سواه مخلوق، واختلفوا بعد ذلك في إثبات القدر وإبطاله ،فذهبت المعتزلة بأسرها إلى أن أفعال العباد مخلوقة لهم ،تفردوا بها دون مالكهم ،واحتجوا في إضافة الأفعال إلى العباد ،بإثبات حمد االله إياهم على الطاعة ،وذمه لهم على المعاصي والسيئات، واختلفوا فيما بينهم على أفعال غير المكلفين من حركات الاضطرار وسكونها. وعمدت المجبرة إلى ربهم ،فوصفوه بالظلم والعدوان ،وبرأوا أنفسهم من الإساءة والإحسان ،فهدموا بذلك قاعدة الإجماع من الأمة أن االله عدل لا ينسب إليه الجور ،فزعموا أنهم مطبوعون على أعمالهم ،مجبورون على أفعالهم، وزعموا أن ليست لهم أفعال على الحقيقة إلا على مجازات اللغة. ويرد المؤلف على كلا الاتجاهين ،لأن الخير والإيمان من العباد بعون االله، أبدا إلا واالله على ذلك الخير عون ،ولا يكون عملولا يكون العبد عاملا بخير العبد قبل عون االله ،ولا يعين االله العبد قبل أن يعمل ،وإنما يقع عون االله للعبد على الإيمان ومع الإيمان في حال واحد. أبدا إلا وهو أبدا إلا من العبد ،ولا يعمل بالكفر ولا يكون الكفر والضلال مخذول من عون االله ،والكفر منه ،غير أن االله قد علم ما هو كائن من عمله ،فهو كائن كما علم من غير أن يكون علم االله عملا. ويبدأ الجزء السادس من الكتاب بباب الوعد والوعيد .ومذهب أهل الاستقامة من أمة محمد ژ :أن االله تعالى وعد من عمل بطاعته الجنة، وأصر ولا خلف بوعده ،وأوعد من عصاه النار إذا مات غير تائب من معاصيه، عليها ،ولا خلف لوعيده ،ولا مبدل لقوله. 321قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة والوعد هو ما وعد االله أهل طاعته من الثواب في الآخرة ،وهو حق، والوعيد ما أوعد أهل الكفر والمعاصي من العقاب في الآخرة وهو حق. وقد اختلف الناس في إثبات الوعد والوعيد على ثلاثة أقوال: قالت المرجئة :كل من أثبتنا له الإيمان بالقلب واللسان ،مع انهماكه في غدا في الجنة،العصيان وتعطيله العمل بالأركان ،فلا بد له من وعد االله وثوابه عرض على النار ،ولا يجري عليه الوعيد إلا من قارنه الإشراك.ولا ي وقالت الحشوية وسائر الأشعرية بإثبات الوعد لمن أوفى إيمانه على غدا في المآل .فقالوا: الكمال ،وتوافقوا في إنفاذ الوعيد على مرتكب الكبيرة مرجعه إلى مشيئة االله ،إن أوقع عليه العقاب فبعدله ،وإن أسقطه عنه فبفضله، وليس للوعيد تأثير على الكبير من الذنوب ولا الصغير. وقالت الإباضية وغيرها من الصفرية والزيدية والمعتزلة ،بإنفاذ الوعيد في كل كبيرة قارنها الإصرار ،وعارضها التوبة والاستغفار ،وما شاكلها من المصائب ،وشفاعة المصطفى ژ ،وقطعوا أنها في علم االله حتم أن العبد مأخوذ بها مع إبطال جميع طاعة راكبها ،ومحله في النار على الدوام وأنه ليس في غير علم االله معنى يكفر به الخطايا والعصيان ،إلا ما أشار به القرآن ،ودلت السنة النبوية. عليه  ويتناول المؤلف في الجزء السابع الفرق بين حجة المسموعات والمعقولات .وأجمع أولو الألباب أن الإنذار وقيام الحجة بعد بلوغها .ومن لم مدركا بها الهداية ،ولا يهلك إلا بقيام الحجة. تبلغه الحجة التي يكون ويعرض المؤلف لمذاهب الفرق في معنى الإيمان: مذهب السلف :أن الإيمان اعتقاد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالأركان، وأرادوا بذلك أن الأعمال شرط في كماله. مائة كتاب إباضي322 والمرجئة قالوا :هو اعتقاد ونطق فقط. والكرامية قالوا :هو نطق فقط. والمعتزلة قالوا :هو العمل والنطق والاعتقاد. والفارق بينهم وبين السلف :أن السلف جعلوا الأعمال شر طا في كماله، فالمراد من النطق عندهم الإتيان بالشهادتين ،ومن العمل ما يعم القلب والجوارح لتدخل الاعتقادات والعبادات. ومراد من أدخل العمل في تعريف الإيمان ،ومن نفاه إنما هو بالنظر إلى ما عند االله تعالى وأحكام الآخرة ،وإلا فأحكام الدنيا تترتب على النطق بالشهادتين إجما عا. ويعرض المؤلف في الجزء الثامن »الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر«، ويرى أنهما فريضتان من فرائض االله ،على من قدر على ذلك ،وحد القدرة أن يأمن على نفسه وماله ،ممن يقوم عليه بذلك ،ومن مواد ما يخاف منه من التولد من ذلك ،فإذا كان يجد القدرة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو معذور بعلم المنكرات والمعروف ،والمعروف طاعة االله ،والمنكر معصية االله. وتناول المؤلف في هذا الجزء موضوع الولاية .وقال :إن الإمام إذا شهر في الدار أنه من أهل دعوة الحق وجبت ولايته ،حتى يظهر جوره ،ولأجل ذلك كانت براءة الدعاوى سريرة. والإمام مأمون أنه لا يستعمل إلا من يجوز له استعماله ،وقوله مقبول إن ادعى بذلك على بعض القول ،وإذا استعملهم الإمام وولاهم ،وقاموا في ولايتهم بالعدل ،ولم يخونوا أمانتهم التي ائتمنوا عليها ،ولم تقم عليهم حجة يكونون فيها مبطلين ،فلا سبيل عليهم فيما هم فيه محقون ،وإنما السبيل على 323قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة من استعملهم قبل التوبة ،وعلى الإمام التوبة من استعمالهم ،وأما هم فلا توبة عليهم بعد قيامهم بالحق بطاعتهم للإمام ،وإنما عليهم التوبة لأجل حدثهم. ولا بد لسيرة الإمام في أهل مملكته من أحد أمرين :إما سيرة جهل ،وإما سيرة عدل ،فإذا ظهرت منه السيرة فيهم بالعدل لزمتهم ولايته ،ولا يسعهم جهل بولايته ،ولا تركها ،ولا بجهل ما يلزمهم من طاعته ،ولا تركها كذلك إن سار فيهم بشيء من الجهل ما يخالف حكم العدل ،ولو في باب واحد من أبواب الجور ،لزمهم خلعه ومعاداته إن لم يتب. معا وتأويل؛ ذلك أنه لا تحل البراءةوجاء الأثر بأن البراءة وحد السيف من إمام عدل ،ولا من إمام جور إلا مع استحلال دمه ومحاربته ،ومن امتنع عن الحق وأقام على الجور ،ولو في باب واحد من الحق ،وجب على المسلمين معاداته ومحاربته ،إذا قدروا على ذلك ،وإن لم يقدروا على ذلك برئوا منه في سريرة للتقية. أبدا من ثلاثة وجوه :حكم الحقيقة، وأحكام الولاية والبراءة لا تخرج وحكم الشريطة ،وحكم الظاهر ،فمن حكم الناس بهذه الوجوه اهتدى في حكمه فيهم. إن حكم الحقيقة أن يصح في أحد من الناس عن االله في كتابه ،أو عن أحدا من أهل الجنة لم رسوله أنه سعيد ،أو أنه شقي ،فمن صح معه عن االله أن يسعه إلا أن يشهد له بالجنة ،فإن شك في ذلك هلك. وحكم الشريطة أن يتولى االله كل مسلم ،وأن من يبرأ الله من كل كافر، فالمسلمون في حكم الشريطة يتولون الله كل سعيد غاب عنهم صحة سعادته، ويتبرأون الله من كل شقي غاب عنهم صحة شقاوته ،وهم دائنون الله في حكم الشريطة بولاية أوليائه وعداوة أعدائه ،فهم على ذلك يبرأون ممن ظهر منهم الموافقة للمسلمين ،ووجب عليهم ولايته. مائة كتاب إباضي324 وحكم الولاية والبراءة بالظاهر أن يظهر من أحد من الناس فسق ،أو يظهر منه رشد ،فلكل من ظهر منه فسق فعلى المسلمين أن يبرأوا الله منه بما ظهر إليهم من فسقه ،فإذا وقفوا على حرمة حدثه ،وليس على من لم يبلغ علمه إلى معرفة حرمة حدثه أن يبرأ منه ،فإذا لقيته الحجة لزمه أن يبرأ منه باسمه وعينه. ويعرض المؤلف في مستهل الجزء التاسع لأصول الولاية والبراءة ،وأنهما السنة ،ونسخته آثار الأئمة الذين هم حجةفريضتان ،نطق بذلك القرآن ،وأكدته  االله في دينه. وكل من ضيع فريضة من فرائض الإسلام على التعمد بغير عذر فلا ولاية له عند المسلمين حتى يرجع عن الباطل إلى الحق ،والإيمان بمنزلة الوضوء متعمدا من غير عذر فهو بمنزلة والصلاة ،فمن ترك جارحة من جوارح الوضوء من ترك الوضوء. والسنة ويؤكد المؤلف على إجماع المسلمين من مذهبه ،واتفاق الكتاب على الدينونة بالولاية والبراءة ،ولم يبطل ذلك إلا بعض المبتدعين من المسلمين ممن قال :إن الإيمان قول بلا عمل ،وإنما سائر أهل القبلة غير أهل الإرجاء .أما عند مذهب المؤلف فالولاية والبراءة فرضان صحيحان ،افترضهما االله تعالى على عباده .ومن شك فيهما بتأويل ضلال من غير رد منه لتنزيل ولا بمنصوص من سنة فهو في نظره كافر نعمة ،منافق فاسق عن دين االله. ويختم المؤلف هذا الجزء بالحديث في الولاية والبراءة والوقوف ،وفي القذف ،والاستتابة ،وولاية المقصر ،أو المتعاون بشيء من سنن الإسلام ،وفي اختلاف الوليين. ويعرض المؤلف في الجزء العاشر لموضوع التوبة ،والتوبة في اللغة بمعنى الرجوع؛ لقول العرب :تاب؛ أي :رجع ،والتائب إلى االله هو الراجع عن نهي االله إلى أمره ،وعن معصيته إلى طاعته ،وعما يكره إلى ما يرضى ،وعن غير االله 325قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة إلى االله ،فالعبد تائب إلى االله ،واالله تائب على العبد ،قال االله 8 7 ﴿ : 8 ] ﴾ @ ? > = < ;: 9التوبة ،[١١٨ :وقال لعبادهÏ Î Í ﴿ : ] ﴾ Ðالنور.[٣١ : انكسارا وخشية منه قبلها ،فإنه إذا وينبغي أن يكون العبد بعد التوبة أشد عجب بتوبته أبطل العجب توبته ،وبقيت الذنوب في ذمته .والتوبة النصوح ثلاثة أشياء :الإقرار باللسان ،والإضمار أن لا يعود إلى الذنب بالقلب ،والإقصار عنه بالجوارح .والتوبة النصوح هي :أن تنصح فيها نفسك ،وتنصح جميع من سواك ،وتحب أن يتوب الجميع من ذنوبهم شفعة. والتوبة من المطيع تأتي من فضل االله على الجميع ،فتمحو ما صغر من صر على ما كان من ذنبه، ذنوبه أو كبر ،فلا هلاك على من تاب إلى ربه ولم ي أصر على ما فعله وأبى أن يرجع عنه فكفر .والتوبة إقلاع المذنبولا نجاة لمن عن ذنبه ،والندم عليه بقلبه ،والتوبة منه إلى ربه ،والاستغفار من ذلك بلسانه، والاعتقاد لترك العود إلى عصيانه. ويتناول المؤلف صفة الكبائر من الصغار .والكبائر ما ذكر االله في سورة النساء إلى قوله﴾ j i h g f e d c b ﴿ : ]النساء .[٣١ :وقال بعض الصحابة :إن الكبائر ما ذكر االله في سورة )النور( من أولها إلى قوله﴾ Ô Ó Ò Ñ Ð Ï Î Í ﴿ : حرم االله جميع]النور [٣١ :فأوجب لهم الفلاح مع التوبة من جميع الذنوب ،وقد ظلما ،وهما كبيرتان. الأموال والدماء كلها ظلما ،وأكل الربا والتطفيف والخيانة ،وجميعوكذلك أكل أموال اليتامى ما يجري فيه الظلم من ارتكاب نهي االله ونهي رسوله ،وانتهاك محارمه من الأموال والدماء ،والفروج ،والفواحش من الزنى ،والقذف ،وشرب الخمر، وانتهاك المحارم في السمع والبصر ،والكلام وظلم المواريث ،وظلم الحقوق مائة كتاب إباضي326 والسرقة والخيانة ،والغلول والشرك ،والفرار من الزحف في الجهاد في سبيل االله ،وأكل الأمانة ،ونقض العهود التي في الدين وبين العباد وبين ربهم ،وقول الزور والشهادات بالزور ،والأيمان الكاذبة وأكل الحرام من الميتة والدم والمطاعم والمناكحات المحرمة ،وكل ما نهى االله عنه في كتابه وحذر انتهاكه، والكذب المتعمد عليه ،وغيبة المسلمين والبهتان والشرك باالله والتشبيه له بخلقه ،فكل هذه الذنوب تجب التوبة منها ،والإقلاع عنها قبل نزول الموت. كما تناول المؤلف في هذا الجزء شي ئا من التصوف وصفات النفس من معاني علم الحقيقة ،ورأى أن عمل أهل التصوف تجريد النفس المجردة المقدسة بنور العلم ،والإيمان بدرجات وسائل أنوار التجريد ،وقد تمسكوا بشدة قوة المراقبة الله تعالى إلى أحوال نفوسهم ،وصفاتها الذميمة لإماتتها وخلائها منها. وتحدث المؤلف عن بعض أحوال الصوفية من ذم الدنيا ،والصبر ،ومدح التواضع ،والفقر والزهد والقناعة واليأس ،وكراهة الحسد والرياء والكبر. ومبتدأ الدخول في الزهد أن النفس تقطع فصول الشهوات عنها ،من الطعام دثارا .والصوم أقوم وأسرعشعارا ،والعطش لها والشراب ،حتى يصير الجوع لها به إلى السير .فإن شهوة الفضول ظلمة حب الدنيا ،وإذا مضى به يوم وقد علم االله منه صدق النية ،وصدق اليقين أخرج من قلبه طائفة من ظلمة حب الدنيا ،وأدخل مكانها نور الزهد ،وإذا مضى به يوم آخر وهو على ذلك يروض نفسه ويؤدبها أيضا طائفة من ظلمة حب الدنيا، لتنقطع عنها شهوة الفضول ،أخرج من قلبه وأدخل مكانها نور الزهد ،فلا يزال كل يوم يمر عليه وليلة يخرج من قلبه ظلمة، يوما ،لم يوما ،فإذا تم عليه أربعون نورا حتى يأتي عليه أربعون ويدخل مكانها نورا يزهر ،قد نورا ،فيصير قلبه يبق في قلبه ظلمة إلا أخرجها االله ،وجعل مكانها تمكن فيه نور الزهد ،فهو حينئذ الزاهد في الدنيا ،فلا يطلبها مع الطالبين. 327قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة ويعرض المؤلف في الجزء الحادي عشر للسنن وأحكامها ،فيتكلم عن السواك ،وقصر الشوارب والشعر وسائر البدن ،والختان ،واللحية ،وآداب الجماع والأكل ،وغير ذلك من الآداب مما يجب على الإنسان فعله ،وما يستحب له من ذلك. كما تحدث عن مخابرة المرأة ومصافحتها ومعانقتها لأحد من أرحامها. والاستئذان وخروج النساء وتبرجهن ،والخلوة بين النساء ،وشعر المرأة مع الرجال ،وقص المرأة شعرها والواصلة لها. ثم تحدث المؤلف عن باب الحقوق ،مثل حق الجار وصلة النساء بعضا ،وصلة الجيران والأرحامأرحامهن ،وحقوق الأبوين والولد لبعضهما مستشهدا في ذلك وحقوقهم ،وحق الصاحب والمسافر ،وحقوق أخوة الإسلام، بقول النبي أن للمسلم على المسلم ثلاثين ح قا لا براءة له منها يوم القيامة. ويتناول المؤلف في الجزء الثاني عشر بعض المعاملات والأخلاق ،مثل الصدق والكذب والغيبة والنميمة والسخرية واللمز ،وإفشاء السر ،وإخلاف الوعد ،والتجسس ،وغيرها. وفي بعض أبواب هذا الجزء يتناول المؤلف موضوع النية .وصدق النية تهيج من نقاوة القلب ،ونقاوة القلب تحصل بالإنابة إلى االله وترك التزين والتصنع للناس ،والرغبة في ترك الشهوات والزهد في الدنيا ومعاداة الشيطان والاستعداد للموت ،والعزلة عن الخلق والإقبال على االله بالكلية والرضا بالقضاء ،واليقين بوعد االله ،والمواظبة على ذكر االله ،والصبر على البلايا، والأنس باالله ،فإذا حصلت هذه الخصال في قلب عبد هاج منه صدق النية، ولا يصلح العمل إلا بتقوى االله والخشية وإخلاص النية. والن ية فرض في أعمال الطاعات كلها ،والنية عقد بالقلب ،وعزيمة على الجوارح ،وهي لب العمل ،فيجب على العبد أحكامها ،والنية هي القصد إلى مائة كتاب إباضي328 الفعل طاعة الله تعالى ولرسوله ژ .وكل عمل خلا من النية فهو باطل، ولا يصح عمل شيء من الطاعات إلا بتقديم النيات ،والن ية إذا انفردت لم يجب بها حكم ،وكذلك الفعل إذا انفرد لم يجب به الحكم .والصحيح في وقوع الحكم إذا اجتمع القول والنية. ويعرض المؤلف في الجزء الثالث عشر لموضوع الزكاة ،وما يسعه جهله منها وما لا يسع ،ومتى لا يجوز للإمام أخذها ،وفي خلاص الجابي لزكوات الناس على غير الوجه الجائز ،وإلى من يتخلص للزكاة. أما الجزء الرابع عشر فيبدأ بموضوع الطهارة ،والطهارة من الطهر ،وهو اسم جامع لمعاني النظافة استدلالا بقول االله تعالى﴾ C B A @ ﴿ : ]البقرة.[٢٥ : والطهارة اسم يقع على معنيين: أحدهما :إزالة النجاسة. والآخر :إنفاذ عبادة. والطهر والتطهر اسمان لمعنى واحد ،والطهر طهران :طهر هو غسل الأعضاء ،وطهر غسل سائر البدن الذي فيه الأعضاء ،فأعم الطهارتين مجتمعين عليها ،والأخرى مختلف منها ،ولا أداء فرض إلا بطهارة اتفق الكل على تأدية الفرض بها ،وهو الغسل. ويتناول المؤلف في الجزء الخامس عشر وجوب الغسل من الجنابة، والجنابة تعني :النجاسة ،وهي ضد الطهارة .وقال ﴾ ¥ ¤ £ ¢ ﴿ : 8 طاهرا؛ لأن جنبا إذا لم يكن ]القصص [١١ :أي :عن بعد وتجنب ،وإنما سمي جنبا لذلك. النجس بعيد عن الطهارة ،بعيد عن االله فسمي والغسل من الجنابة فريضة في كتاب االله ،وإنما يجب في شيئين :وإن لم 329قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة ينزل الماء :إذا التقى الختانان ،أو جاز على ذلك وجب الغسل ،ومن الجنابة احتلاما أو غيره. يجب الغسل ،وإن لم يجامع ،ولو كان ويتناول المؤلف في باقي هذا الجزء أحكام الغسل وصفته ،ودخول المسجد للجنب إذا لم يجد مغسلا ،وفي قراءة القرآن للحائض والنفساء ،وفي ذكر ما يجوز للجنب والحائض. ويعرض المؤلف في الجزء السادس عشر لفريضة الوضوء ،ووجوب النية فيها وذكر اسم االله ،وما يفعل عند القيام في الوضوء :من المضمضة، والاستنشاق ،وغسل الوجه ،وغسل اليدين ،ومسح الرأس ،ومسح الأذنين، وغسل الرجلين ،والمسح على الخفين. كما تحدث عن النية في الوضوء والشك فيه ،ووضوء المنكسر وصاحب الجبيرة والمتجرح ،في نقض الوضوء بالارتداد والشرك .ونقض الوضوء بالغيبة ،والكذب ،والكلام القبيح ،والضحك ،والنظر ،والمس ،والنوم ،وغيره من مسائل تندرج تحت مسائل الوضوء. ويتحدث المؤلف في هذا الجزء عن أحكام المياه وما جاء فيها ،وأنواع المياه ،وفي الآبار وما ينجسها وما بقي من نجسها ،وفي نزحها وتطهيرها ،وما جاء في طهارة البرك والآبار ،وفي بول الرضيع ونجاسة المني والبول ،وصفة الشرار. كما تناول المؤلف في هذا الجزء »الاستجمار والاستنجاء« وشروطهما ونواهيهما .وعرض لموضوع »التيمم« .وأصل التيمم في اللغة القصد ،قال االله ] ﴾ ¦ ¥ ¤ £ ﴿ : 8المائدة [٢ :فمعناه :ولا قاصدين .ومن لم يجد مسافرا .ويشير المؤلف إلى رأي مقيما كان أو الماء فعليه أن يتيمم بالصعيد بعض أصحابه إلى أن التيمم لا يجب إلا للمسافر دون المقيم ،والمؤلف يرى أن التيمم إنما هو على صفة العليل والمسافر ،والمؤلف على ظاهر الآية في ذلك. مائة كتاب إباضي330 ويتناول المؤلف الصلاة وأحكامها وأركانها في الجزء الثامن عشر ،قال االله تعالى] ﴾ % $ # " ! ﴿ :البقرة [٢٣٨ :المحافظة عليها فعلها كاملة ،بشرائطها ،وإتمام أركانها ،وقيل :الحفاظ على وقتها. واختلف السلف والخلف في الصلاة الوسطى ،فقيل :إنها الصبح؛ لأنها بين صلاتي النهار وصلاة الليل ،وقال قوم :هي صلاة المغرب؛ لأنها وسطى باعتبار أنها لا تقصر ،وهي بين صلاتين رباعيتين مقصورتين ،وقال قوم :هي صلاة الظهر؛ لأنها وسط النهار ،ولم تكن صلاة أشد على الصحابة منها ،وقال قوم :هي صلاة العصر ،والمؤلف على هذا الرأي. ويبدأ الجزء التاسع عشر بالحديث عن فضل الأذان وتفسيره ،والإقامة، والتوحيد ،وتفسير تكبيرة الإحرام والاستعاذة ،وتفسير فاتحة الكتاب والركوع والسجود ،وقول :سمع االله لمن حمده ،وتفسير التحيات ،وكيفية تأدية الصلاة، والنية فيها ،والوقوف في القران والإقامة والتوجيه ،وتكبيرة الإحرام ،وغيرها من مسائل تضمها فريضة الصلاة. والجزء العشرون فيما ينقض الصلاة وما لا ينقضها. وهكذا يستمر المؤلف في تخصيص مجلد أو أكثر لعرض موضوع من مستشهدا فيه بآراء السابقين واللاحقين من المذاهب الإسلامية موضوعات الفقه الأخرى ،ومقارنة ذلك بما ورد عند الإباضية. 331 OQGƒ°T ó««≤Jh ¿ÉajE’G óYGƒb ó«¡aJ ¿ÉjOC’Gh ΩÉμMC’G πFÉ°ùe ) z≥≤ëadG{`H ô«¡°ûdG »∏«∏îdG ¿ÉØ∏N øH ó«©°S ΩÉeE’Gت ١٢٨٧ه١٨٧١/م( تحقيق :حارث بن محمد بن شامس البطاشي مكتبة الشيخ محمد بن شامس البطاشي للنشر والتوزيع مسقط عدد الأجزاء ١٥ :جزءسلطنة عمان ،ط١٤٣١ ،١ه٢٠١٠/م. جزءا ،أما الجزآن الرابع عشر والخامس عشريتكون الكتاب من ثلاثة عشر فيحويان مجموعة من الفهارس المتخصصة ،بالإضافة إلى مقدمة التحقيق التي تحتوي التعريف بالمؤلف وبالكتاب. العلامة المحقق المجتهد الشيخ سعيد بن خلفانومؤلف الكتاب هو الإمام  ابن أحمد بن صالح بن أحمد بن عامر بن ناصر بن عامر بن بو سالم بن أحمد. وينتهي نسب المحقق إلى بيت شريف النسب جليل القدر تسلسل منه أئمة أطهار وعلماء أخيار ورجال أهل حل وعقد تركوا مآثر حميدة كانت شاهدة على عظمة أفعالهم. العمانية الشهيرة مهد الإمامة في عمان.وآل الخليل فرع من خروص القبيلة ويذكر الشيخ محمد بن عبد االله السالمي 5أن آباء وأجداد المحقق الخليلي وآباء الشيخ جاعد بن خميس الخروصي من عنصر واحد ،تجتمع سلسلة العلامة شاذان ابن الإمام الصلت بن مالك.نسبهم بالإمام الخليل ابن  تختلف الروايات في سنة ولادة المحقق الخليلي وإن اتفقت على المكان الذي ولد فيه وهو بلدة بوشر الولاية المعروفة اليوم بمحافظة مسقط .ولد سنة ١٢٣٦ه ، وكانت وفاته سنة ١٢٨٧ه١٨٧١/م عن عمر يناهز الثانية والخمسين سنة. مائة كتاب إباضي332 ويلقب المؤلف بالمحقق ،واشتهر بهذا اللقب لشهرته بتحقيق المسائل وتأصيلها واقترانها بالأدلة. ومن يطالع آثاره ويتتبع تعقيباته وتعليقاته على المسائل والمباحث الفقهية واللغوية ،وينظر في استدراكاته على العلماء السابقين والمعاصرين له يعلم يقي نا أنه أحد فطاحل المذهب المبرزين. تعود جذور أسرة المحقق الخليلي 5إلى ولاية »بهلاء« الولاية العريقة التي خرج منها الجمع الكثير من العلماء ،وقد استوطنها آل الخليل وبنو خروص من قديم الزمان واستقروا بها .ولم يزلوا في دعة من العيش وأمن من الخوف حتى نكبهم الدهر بجبروت بني نبهان .فنزح آل الخليل وبني خروص عن ولاية بهلاء .ورحل آل الخليل إلى بوشر. بلدا غير بوشر بعد نزوحهم إليها،ولم يستوطن أحد من آباء المحقق الخليلي وكأنهم ألفوا المكان وطاب لهم فيه المقام .وأول من اتخذ له وط نا آخر من هذا ثانيا. البيت هو المحقق الخليلي نفسه ،حيث استوطن »سمائل« وجعلها وط نا يتيما في كنف جده الشيخ أحمد بن صالح إذ توفيعاش المحقق الخليلي والده وهو صغير ،فكفله جده وأحسن تربيته وتعليمه. والمحقق الخليلي كان عصام يا في تلقيه العلم ،وكان اعتماده على نفسه كثيرا؛ لذلك لم يكن له شيوخ كثر ،وهم على ق لتهم لا تجد لهم تراجم وافية، كثيرا بعلم التراجم فلا تعجب عموما لم يعتنوا العمانيين وهذا ليس بغريب لأن إذا سمعت بعالم طبقت شهرته الآفاق ولم تجد من اعتنى بتدوين تاريخ حياته أو حتى سنة ولادته أو وفاته ،فضلا عن ذكر تراجم شيوخه وتلاميذه. وتذكر المراجع أن المحقق الخليلي أخذ العلم على ثلاثة شيوخ أجلاء، وكان بينه وبين أقرانه صلة وثيقة ،حيث شهد عصر المحقق الخليلي بروز 333تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان العماني ساهمت بفاعلية في النهضة العلميةشخصيات مؤثرة في المجتمع آنذاك ،وتعددت أدوار كثر منها إلى ممارسة العمل السياسي ،وهو ما أدى في نهاية الأمر إلى إحياء الإمامة من جديد بعد كفاح مرير وعمل دؤوب. وقد بلغ المحقق الخليلي 3مكانة عالية أهلته لأن يكون المرجع الأول في العماني وتتعداه عمان دين يا وسياس يا ،وكانت تصدر منه الفتاوى إلى أطراف القطر في أحيان عديدة إلى خارج الحدود إلى الشرق الإفريقي وإلى بلاد المغرب العربي ،وله مراسلات وجوابات فقهية مصدرة للخارج ،وفي هذا دليل على رسوخ قدمه وعلى شهرته في الأمصار الإسلامية ،وثقة الناس في أقواله وتقريراته. ومما ينبئ عن رسوخ قدم المحقق الخليلي في العلم وبلوغه درجة الاجتهاد فيه اشتغال كبار العلماء المحققين بالرد عليه والتعقيب على آرائه واجتهاداته ،لقد استدرك الإمام القطب على المحقق الخليلي في عدة مسائل أرسلت إلى المحقق من الجزائر ،فأجاب عليها المحقق ،ثم عرضت على الإمام القطب فتعقبها مسألة مسألة إلا أنه اشتد في مواضع من تعقيبه على المحقق الخليلي ،ووصفه بما لا يتناسب ومكانته العلمية. ثناء يليق بجلالةعلى أن الإمام القطب 5أثنى على المحقق الخليلي قدره في مواضع عدة من كتبه وعده من كبار علماء عصره. وخلاصة القول في مكانة المحقق الخليلي العلمية :أنه كان أحد المراجع الدينية الكبار في العالم الإسلامي آنذاك .وكانت ترسل إليه مشكلات المسائل من عمان ومن خارجها ،وإنه بلغ في العلم درجة الاجتهاد المطلق بدليل تحقيقاته الرضية على المسائل ،واستدراكاته على كبار العلماء المحققين وعلى الفطاحل من أئمة المذاهب الربانيين. أما عن آثاره العلمية ،فقد عني المحقق الخليلي 5بالتأليف في سن مبكرة من حياته ،وشرع فيه وهو لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره. مائة كتاب إباضي334 لقد كان لموسوعية المحقق الخليلي العلمية دور في تعدد مجالات التأليف لديه ،فقد طرق في تأليفه أبواب العلوم الإسلامية لا سيما الفقه وأصوله وأصول الدين ،وأ لف في علوم اللغة العربية كتبا قيمة ،واهتم بالتصوف مهما. كتابا والسلوك فوضع فيه وهذه المؤلفات منها المنثور ومنها المنظوم ،وكانت لدى المحقق ملكة شعرية جعلته في مصاف الشعراء الكبار ،فاستغل ما أوتيه من فصاحة المنطق وقوة البيان في نظم العلوم الشرعية واللغوية ،وله ديوان شعر أكثر فيه من شعر الاستنهاض والفتوح والسلوك. وثمة ميزة ظاهرة في مؤلفات المحقق الخليلي ،وهو أنه انتقل بالتأليف من منهجية النقل والاعتماد على أقوال العلماء السابقين وسرد آرائهم دون أن يكون للمؤلف أثر واضح أو رأي جلي في المسألة كما هو حال كثير من المؤلفات العمانية التي كانت موجودة في عصر المحقق الخليلي أو كانت سابقة عليه إلى التأليف الذي يعتمد مناقشة الآراء وتحقيق الأقوال والاجتهاد في جزئيات المسائل ،وهي سمة ملحوظة في مؤلفات المحقق الخليلي ،وهو ما يفسر إطلاق لقب المحقق عليه من ق بل معاصريه. وأهم مؤلفات المحقق الخليلي هي: ١ إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وهو يبحث في السياسة الشرعية وفي وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،ومن يلزمه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن لا يلزمه ،وفي الحسبة والاحتساب ،وفي القسامة وأحكامها ،وفي العقوبات وأنواعها ،وفي التأديب والسياسة الخارجة عن حد العقوبات السلطانية ،وفيما يسع جهله وما لا يسع جهله ،وفي صفة القائم وما يؤمر به وما ينهى عنه. 335تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان وقد جعل الكتاب في مقدمة وثلاثة أبواب ،الأول :في الأدلة على فرضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،والثاني :فيمن يلزمه أو لا يلزمه وهل يسع جهله؟ والثالث :في صفة القائم وما يؤمر به وما ينهى عنه ،وكل باب من الأبواب الثلاثة تندرج تحته العديد من الفصول. وقد وفق المؤلف في جمع أهم المباحث المتعلقة بالموضوع ،متناولا كل مسألة تفصيلا ،ومناقشة كل قول فيها ليخرج بالراجح عنده. ٢ لطائف الحكم في صدقات النعم :وهو كتاب للمحقق الخليلي شرح فيه قصيدة لبعض المخالفين تتناول أحكام زكاة الأنعام بشيء من التفصيل ،كما تطرق إلى عيوب الأنعام وطباعها وأسنانها وأسمائها ،وذكر الخلطة وأحكامها، ولم يقتصر المحقق على الشرح فقط ،بل هذب القصيدة بالزيادة والتصحيح. ٣ كرسي أصول الدين في الولاية للمؤمنين المتقين والبراءة من الكافرين والمنافقين ،والحجة على الملحدين الضالين :وموضوع الكتاب ظاهر من خلال عنوانه ،فهو يبحث في أحكام الولاية والبراءة وأقسامهما .وقد تكلم فيه عن ولاية الحقيقة وبراءة الحقيقة وولاية الظاهر وبراءة الظاهر وتحدث عن الشهرة وأحكامها وأنواعها ،وعن الشهادات وأدائها وتعارضها ،وعن أحكام الوقوف ،وغيرها من المسائل. ٤ النواميس الرحمانية في تسهيل الطرق إلى العلوم النورانية :وهو في علم الحروف والأسرار والأوفاق وخواص السور القرآنية وفوائد تلاوة الأذكار وعلاج بعض الأمراض النفسانية. ٥ مقاليد التصريف :وهي ألفية في علم الصرف نظمها المحقق الخليلي أثناء طلبه العلم ،وهي أول ما مارس من التأليف. ٦ شرح مقاليد التصريف :وقد تناول في كتابه هذا شرح ألفيته في علم الصرف وذلك بطلب من شيخه. مائة كتاب إباضي336 ٧ مظهر الخافي بنظم الكافي في علمي العروض والقوافي :والكتاب عبارة عن نظم لكتاب الكافي في علمي العروض والقوافي لأبي العباس الخواص ،وكان المحقق الخليلي قد طرح في مقدمة منظومته أنه أ لفها بناء على رغبة شيخه. ٨ شرح الخافي بنظم الكافي في علمي العروض والقوافي :وهو شرح وضعه على منظومته مظهر الخافي جعله في قسمين :القسم الأول :في علم العروض وقدم له بمقدمة ،ثم أتبعها بالباب الأول وهو ألقاب خاصا بأسماء البحور وضروبها.الزحافات والعلل ،وجعل الباب الثاني أما القسم الثاني؛ من الكتاب :فتناول فيه علم القوافي ،وجعله في خمسة أقسام. ٩ رسالة في أحكام الجهاد :وهي في أحكام الجهاد وما يتعلق به من مسائل ،وتقع في حدود مائة صفحة ،وموجودة ضمن التمهيد في الجزء الثالث .وانتهج المحقق الخليلي في تأليفها طريقة السؤال والجواب، وهي في ثلاثة فصول: الفصل الأول :في الجهاد ومعناه ،ومن يجب عليه ومن يعذر منه ،والفصل جميعا ،والفصل الثالث:الثاني :في بيان أن الجهاد يجب بالنفس والمال فيما يجوز للإمام جبر الرعية عليه من أمور الجهاد. ١٠ الرد على الشيخ محمد بن المنذري :وهو جواب طويل موجود في الجزء رد فيه المحققالثالث عشر من التمهيد يقع في حدود مائة صفحة ، العلامة محمد بن علي المنذري ،والرد يشتمل على خمسةالخليلي على  فصول ،وعدة مباحث ،وخاتمة. ١١ مسألة في أخذ الخراج من الساحل :وهي موجودة في الجزء الثالث عشر من التمهيد ،وقد جعلها المحقق في أربعة فصول :الفصل الأول :في قعد الساحل 337تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان إذا احتاج الإمام إليه ،والفصل الثاني :في جواز أخذ الزكاة من الساحل، والفصل الثالث :في أموال المشركين إذا كان الأخذ من الساحل على معنى القعد أو الزكاة ،والفصل الرابع :في حكم مسكه والأخذ من الساحل. ١٢ رسالة في حكم أموال الجبابرة :وقد ناقش في هذه الرسالة مسألة ما يجده الإمام العادل ساعة ظهوره في أيدي الجبابرة أو عمالهم من جباياتهم المحرمة ،وما الذي يجب عليه فعله تجاه تلك الأموال والجبايات. وهي تشبه رسالة الجهاد في منهجية التأليف إذ إنها على مبدأ المحاورة، والرسالة موجودة كاملة في الجزء الثالث عشر من التمهيد. خاصا في  ١٣ تفسير سورة الفاتحة :لم يكتب المحقق الخليلي 5 كتابا التفسير سوى هذه الرسالة المشتملة على تفسير سورة الفاتحة ،ويظهر أنه أ لفها أيام الصغر ،ولم يرد لها بعد ذلك أن تظهر وتنتشر بين الناس. وهي رسالة صغيرة في حدود ١٥صفحة موجودة في الجزء الثالث عشر من التمهيد. ١٤ الدرة النورانية في الأحكام القرآنية :قصيدة لامية من بحر الطويل ،تقع في ١٨بي تا في أحكام قراءة القرآن الكريم وتجويده لم يتبق منها إلا العلامة السيفي في التمهيد .والقصيدة مع شرحهاأبيات يسيرة أوردها  موجودة في الجزء الثالث عشر من التمهيد. ١٥ ديوان شعر :ترك المحقق الخليلي 5ديوان شعر يشتمل على قصائد في السلوك والاستنهاض ،وفتوح الإمام عزان بن قيس. صغيرا في حجمه وقليلا في عدد قصائده إلا أنه منوالديوان وإن كان الأهمية بمكان ،وتكمن أهميته في مضمونه وما احتواه من ألفاظ ومعان بلاغية العماني ،وجعلت للمحقق قصب السبق على شعراء مبرزين.بوأته صدارة الشعر مائة كتاب إباضي338 والمحقق الخليلي استخدم شعره في الجهاد ،وفي إعلاء دين االله واستنهاض الأمة من غفوتها وسباتها ،فنراه يؤرخ لوقائع الإمام عزان بن قيس ،ويذكر فتوحاته الباهرة وانتصاراته على الباغين والخارجين على حد الشرع الحنيف. فهو يسيل شعره على المارقين كما يشحذ سيفه على رقابهم ،وهو يدعو الأمة إلى نصرة إمامها ويحذرها من عواقب الخذلان والنكوص. ومن بليغ شعر المحقق الخليلي قصيدة عينية يخبر فيها عن حال زمانه ويبدو أنه أنشدها قبل تنصيب الإمام عزان بن قيس ،ويشكو إلى االله تعالى فيها ضعف المسلمين وتسلط أهل الجور ،وتعطيل الحدود والأحكام، وانتهاك الحرمات. أما كتابه الأكبر ،فهو» :تمهيد قواعد الإيمان« أو »جوابات المحقق الخليلي« ،وهما اسمان مترادفان لكتاب واحد أصله أشتات جوابات وبحوث وردود عن المحقق الخليلي وعن غيره من علماء عصره فيها بعض المؤلفات العلامة محمد بنالمذكورة سابقا ،قام بجمعها وضمها إلى بعض الشيخ  خميس السيفي. ويشير  العلامة السيفي في مقدمته على التمهيد أنه زاد على ما جمعه فيما اصطلح على تسميته بالجامع الصغير ،وأن المجموع الجديد أصبح الجامع الكبير ،حيث يقول والحديث عن الجامع الصغير :لكن جاء غير مستوعب المسائل والأبواب ،ولم يفهم دليل القول فيه من لحن الخطاب ،ولم يشتمل أبوابا كتابا ،وأؤلفه ن لي أن أجمع غيره منها على كيفية النهاية والإتمام ،ع  ليسهل على المطالع إن أسفرت من المطالع ...وسميته» :الجامع الكبير لكتاب تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان«. أما مضمون كتاب» :تمهيد قواعد الإيمان« ،فإنه عبارة عن مجموع لجوابات العلامة محمد بن خميس السيفي ،وقدالمحقق الخليلي ،والجامع لها هو  339تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان جعلها في أربع قطع كبيرة ،ورتبها على حسب الأبواب الفقهية ،فجعل تحت عموما ما يناسبه من المسائل المجموعة، كل باب من أبواب الفقه أو الشريعة وربما كرر المسألة الواحدة في أكثر من باب إذا كانت معانيها تحتمل ذلك. كتبا وبحوثا ورسائلوأضاف الشيخ السيفي إلى جوابات المحقق الخليلي مستقلة بذاتها للمحقق الخليلي فدمجها مع الجوابات تحت عباءة التمهيد، وذلك من قبيل كتاب» :إغاثة الملهوف« فإنه ورد بأكمله في التمهيد ،ولكنه لم يرد في موضع واحد ،وإنما جاء مفرقا في غير موضع ولم يلتزم فيه الشيخ السيفي بترتيب المحقق الخليلي ،فقدم  وأخر. وكذلك رسالة الجهاد أضافها الشيخ السيفي إلى جوابات المحقق وأدخلها كتابا مستقلا. في التمهيد مع أنها من حقها أن تكون ومثلها رسالة »أخذ الخراج من الساحل« ،و»تفسير سورة الفاتحة« ،وكتاب: »الدرة النورانية« ،وغيرها مما أودعه الشيخ السيفي كتاب» :التمهيد« مقرو نا بالجوابات وهو ليس منها .وقد عمل في التحقيق على تمييز هذه الكتب خاصا بها هو جزءا والرسائل والردود عن جوابات المحقق الخليلي فأفرد لها الجزء الثالث عشر. ومن ضمن ما اشتمل عليه كتاب» :تمهيد قواعد الإيمان« جوابات ورسائل من غير المحقق الخليلي ،لا سيما جوابات الإمام أبي نبهان والشيخ سلطان بن محمد ،والشيخ ناصر بن جاعد ،جعلها مرتب التمهيد الشيخ السيفي متداخلة مع جوابات المحقق الخليلي لا تتمايز عنها إلا بعبارة :ومن غيره ،أو مما هو مضاف إلى التمهيد ،أو مما هو مضاف إلى شيخنا البطاشي ،ونحوها من العبارات التي يفهم منها أن الكلام التالي لها ليس عن المحقق الخليلي ،وفي أحيان عديدة تسقط هذه العبارات فيلتبس الأمر على القارئ ولا يميز كلام المحقق من كلام غيره من العلماء الآخرين. مائة كتاب إباضي340 وهذه الإضافات عن العلماء المذكورين لا يخلو منها باب من أبواب كتاب كبيرا ضمت بعضها إلى بعض،جزءا التمهيد ،وهي في مجموعها تؤلف وسميت باسم الزيادات.ووضعت في نهاية الباب ، يبدأ الجزء الأول من كتاب» :تمهيد قواعد الإيمان« بباب أول في العلم وفي طلب العلم ،وفي العلم النافع ،وفي خلق القرآن ،والناسخ والمنسوخ منه، وشواهدها من كتاب االله تعالى. ويورد المحقق الخليلي الكثير من الأدلة النقلية الدالة على أهمية العلم كثيرا من الأخبار والآثار في مدح العلماء وعلو شرفهم،والتعليم ،كما يذكر حيث مدحهم االله تعالى بفضل العلم ،وجمعهم معه ومع الملائكة في الشهادة على وحدانيته وعدله ،حيث استنبطوا من كتابه العزيز الحجج الساطعة والبراهين القاطعة ،وهم علماء العدل والتوحيد الذين جعلهم ورثة أنبيائه، والقوام بالعدل في أرضه ،وهم علماء الآخرة لا علماء السوء المبتدعين. وعن القرآن الكريم يذكر المحقق الخليلي أن القرآن قد أنزل باللسان العربي في البيان ،فجرى في بديع خطابه لأفهامهم على أساليب كلامهم ،وفي لسانهم الحقيقة والمجاز ،والتورية والكنابة والإشارة والإبهام والألغاز ،إلى غير ذلك مما سبقت لهم من دوحة البلاغة. ولما به في أسرار البلاغة من عظيم الإعجاز ،خاطبهم بما حسن في لسانهم وجاز؛ ولهذا حين تقاصرت الأفهام ،وتكاثرت الأوهام ،ضل به قوم فتاهوا في مناهج التأويل ،واهتدى آخرون من أعلامه بواضحة الدليلx w v u ﴿ : ~ } | { z yے ¡ ] ﴾ ¢آل عمران.[٧ : وأما الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه فلا يغترفون من بحر أنواره إلا ما يهدي إلى أقوم سبيله ،فلا لبس في الحقيقة ،ولا وهم لمن آتاه االله في معانيه الفهم ،وأي داع إلى تصور فاسد التأويل ،مع دعوى احتماله ولا لبس. 341تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان وعن »معاني الحروف المقطعة في استفتاح بعض السور« مثل :حم عسق وكهيعص طرح على المحقق الخليلي سؤالا في معناها ،فكان جوابه :اختلف المفسرون في ذلك ،فقيل :هي أسماء للسور ،وقيل :هي من أسماء االله تعالى، فالحاء من حكيم ،والميم من مجيد ،والعين من عليم ،وهكذا إلى آخرها. وقيل :إنها حروف أقسم االله بها ،وقيل :أقسم االله بالأسماء الدالة عليها كالكاف من كافي ،والهاء من هادي .وقيل :مثالا ،أنه ذكر هذه الحروف على سبيل التعديد تحد يا لمعجزة المعارض مع كون النبي الآتي بها أم يا لا يحسن شي ئا من ذلك ،فأتاهم من حروف المعجم نصفها الأشرف. فكأنه تحداهم بالحروف كلها ،وكأنما خاطب أهل الأسرار الحرفية من الكتب القديمة ،مما ذكره من الحروف النورانية المعروفة عندهم ،وأضرب عن الحروف الظلمانية كلها. جدا ،والمجتهد في العقليات مثل ما ذهبأما علامات الساعة فهي كثيرة إليه بعض المعتزلة والأشاعرة إلى أن كل مجتهد في المسائل الشرعية الفرعية التي لا قطع فيها مصيب .وهذا الاختلاف مبني على اختلافهم في أن الله في حكما معي نا ،وحكمه في المسائل الاجتهادية ما أدى إليه رأيكل حادثة المجتهدين ،وتحقيق هذه الأبحاث أن المسائل الاجتهادية إما أن لا يكون من االله تعالى عليه دليل أو يكون ،وذلك الدليل إما قطعي وإما ظني ،فذهب إلى كل احتمال جماعة ،والمختار أن الحكم معين ،وعليه دليل ظني إن وجده المجتهد فقد أصاب ،وإن فقده أخطأ ،والمجتهد غير مكلف بإصابته لغموضه مأجورا. معذورا ،بل وخفائه؛ فلذلك كان المخطئ وتناول المحقق الخليلي مسألة »عصمة الأنبياء« ،ويذكر أن رأيه ورأي جماعته :لا يجوز على الأنبياء خلف في القول في وجه من الوجوه. عاما ،والأغلب في إرسال وقد بعث نبينا محمد ژ على رأس أربعين مائة كتاب إباضي342 أيضا أن يكونالرسل بلوغهم الرشد وهو أربعون سنة ،ومن شروط الرسالة النبي أعلم من جميع من يبعث إليهم بأحكام الشريعة التي بعث بها أصلية حكما شرع يا. وفرعية ،ولم يتعلم موسى من الخضر 6 وأما ما يتعلق بأمور الدنيا للصرفة فلا يضرهم عدم اتفاق على طريق ما يتقنه ،ولا يجوز أن يقال :إنهم لا يعلمون شي ئا من أمور الدنيا؛ لأنه بما يوهم البله والغفلة ،وهم منزهون عن ذلك .وهم معصومون من الكفر قبل النبوة. أيضا على امتناع وأما الكبائر ،ومنها اللسانية والجنانية فقد أجمع الناس صدورها عنهم ،واختلفوا في دليل امتناعها ،فقيل :السمع ،وقيل :العقل. جوزها عليهم جماعة من السلفعمدا؛ أي :قبل البعث فقد  وأما الصغائر وغيرهم ،ومنعها المحققون من الفقهاء والمتكلمين ،وبه جزم في النظم ،فهم عمدا ،كما أنهم معصومون من الكبائر.معصومون من الصغائر أما الباب الثاني ،فيتناول فيه المحقق الخليلي موضوعات في »التوحيد وما يجوز من الصفات الله تعالى وما لا يجوز حقيقة ومجاز ا«. وفي الجزء الثاني من الكتاب يتناول المحقق الخليلي في الباب الأول منه مسألة الولاية .ويذكر أن الولي في الجملة من قال :ربي االله ثم استقام ،وولي الحقيقة من ثبت له القول بما يوجب السعادة الأبدية من كتاب االله تعالى ،أو على لسان أحد من أنبيائه أو رسله صلوات االله عليهم ،وولي الظاهر من وافق اعتقادا وقولا وعملا ،وتظاهرت له البراءة من التهمات والتجنبالمسلمين للشبهات ،وأداء المفترضات والمسارعة إلى الخيرات ،بالمواظبة على الأعمال الصالحات ،فإذا دام على ذلك و عرف به ،فهو الولي العدل ،والثقة والأمين والمؤمن ،والمسلم والمحسن ،والتقي والبر الزكي ،وهي صفة من تجنب ولايته على أهل الدار من خصه علم ذلك بخبره أو صحيح شهرة ،أو رفيعة ممن تجوز رفيعته في موضع وجوب ذلك ،أو بفتيا أهل العلم بذلك إذا شرح لهم الصفة. 343تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان وفي الباب الثاني من الجزء الثاني يعرض المحقق الخليلي مسألة في ير والفتوى والقياس وأحكام الرأي ،وفي التقية وما يسع جهلهوالس الأصول وما لا يسع ،ومعاني ذلك. ويتحدث المحقق الخليلي عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،ويرى أنهما أصلان عظيمان من أصول الدين ،ومن عرف حكم ذلك وقدر عليه فقد قيل :إنه لا يسعه جهله في موضوع وجوبه؛ لأنه مما تقوم به حجة العقل ،ويلزم المكلف به كلزوم الصلاة والقيام وغيرهما من الفرائض. كما تناول المحقق الخليلي موضوع التقية ،ويرى أن مذهب أصحابه هو: أن التقية جائزة في القول دون الفعل. تفسيرا لبعض من الأحاديث ويعرض المحقق الخليلي في الجزء الثالث النبوية والألفاظ العربية ،مثل حديث» :نزل القرآن على سبعة أحرف« ،وحديث: يوما« ،وحديث» :عفي عن أمتي الخطأ والنسيان«،»من أخلص الله أربعين وغيرها من أحاديث. أيضا مسائل عن الزهد والتوبة،كما تناول المحقق الخليلي في هذا الجزء وفضل الأعمال في السنن والآداب ،والاستئذان في دخول المنازل. النيات وأحكامها ،وفي النية للصلاة والسفر وركوب البحر،وبحث في وفي الرياء وأحكامه ،وفي الغيبة والنميمة والعجب والوساوس ،وما يجوز فيه التقية وما لا يجوز .وفي الطهارات وأحكام النجاسات ،وفي صفة الغسل من الجنابة ،ومن الحيض والنفاس. ثم عرض المحقق الخليلي الوضوء وأحكامه وما ينقضه وما لا ينقضه، وصفة التيمم وما يجوز منه وما لا يجوز ،والأذان والإقامة والتوجيه وتكبيرة الإحرام. مائة كتاب إباضي344 ويبدأ المحقق الخليلي الجزء الرابع بالحديث عن الصلاة وما ينقضها وما لا ينقضها وفرائضها وسننها ومعرفة الأوقات ،وصلاة الجماعة وأحكامها ،ومن تجوز الصلاة خلفه ومن لا تجوز ،وصلاة الوتر وركعتي الفجر ،وسجدتي الوهم والسهو وسجود القرآن ،وصلاة السفر وصلاة المريض ،وغيرها. ويعرض المحقق الخليلي في الجزء الخامس الصيام وما يجوز فيه وما لا يجوز ،وما ينقضه وما لا ينقضه ،ثم ينتقل إلى الزكاة من النقود والذهب والفضة والحبوب والحيوانات ،ثم يتناول الحج وفرائضه وسننه ،والذبائح والصيد ،وما يحل منه وما يحرم ،وما يجوز أكله وشربه وما لا يجوز. ويختم هذا الجزء بالحديث عن الأيمان والكفارات .وفيه مجموعة من الأسئلة طرحت على الخليلي أجاب عنها في موضوعات شتى عن الكفارات. أما الجزء السادس فيبدأ بالحديث عن »الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر« ويشرح المحقق الخليلي الحديث الوارد في هذا الأمر ،ويشترط فيمن يقوم به العلم بما يأمر به وما ينهى عنه ،فإنه إن كان جاهلا فلا يؤمن أن يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف ،فيعود ذلك إلى مخالفة أمر االله. وأما اشتراط أن يكون عدلا في الأمر والنهي لئلا يتجاوز للناس إلى ما فيه الشطط في حال الغضب والغيظ ،وأما الرفق فيما يأمر وينهى أن يكون ذلك على سبيل التعليم والموعظة الحسنة والإرشاد إلى سواء السبيل والنصيحة للمسلمين والشفقة عليهم ،فمن رأى من أحد ما يخالف قواعد يتقرب ولطفا به الشرع فعليه تعليمه وإرشاده ونصيحته رحمة وشفقة عليه ذلك إلى االله تعالى. كما يتناول المحقق في هذا الجزء العقوبات والتهم وأحكام التهم، والحبس والقيد والإطلاق والتعزير وأحكام ذلك ،والشهادات وتأديتها إلى أهلها وفيمن تجوز شهادته ومن لا تجوز .ويتحدث عن الديون والحوالة 345تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد مسائل الأحكام والأديان والضمان والكفالة والوكالات وغيرها من صرف المضار والجنايات والأحداث وأحكام الجدر والمباني ،وما يجوز قتله من الدواب المؤذيات. ويعرض المحقق الخليلي في الجزء السابع مسائل خاصة بالمساجد والمدارس والأموال الموقوفة للمتعلمين ،ومسائل في البحر وحريمه والأنهار والآبار والطرق والسواقي والإجارات والعمال والزراعات والمساقاة ،والأسمدة وأحكامها ،والشركة وتقسيم الأموال وما يجوز القسم فيه وما لا يجوز، والشفعة وأحكامها. ويتناول الجزء الثامن البيوع وأصنافه ،والربا ،وتسعير البيع ،والأشياء التي نقدا يدا بيد ،والبيوع نقدا أو نسيئة والتي لا يجوز إلا يجوز بيعها بعضها ببعض الفاسدة والمنتقضة والمجهولة ،وبيع الغرر وغيرها ،والسلف والقرض والصرف والمضاربة والرهن. ويقدم المحقق الخليلي في الجزء التاسع الضمانات والتعارف والإباحة، والسرقة وأحكام الغصوب ،وأموال الجبابرة وهداياهم وعطاياهم وفي أخذ الجائزة منهم ،والأموال المجهولة والمستغرقة من المظالم التي حكم بها الإمام لبيت المال أو لم يحكم بها ،والأموال الموقوفة للفقراء. ويعقد المحقق لموضوع النكاح والطلاق الجزء العاشر ،فيعرض لمسائل النكاح والأولياء والأكفاء ،ومن يجوز تزويجه ومن لا يجوز وفيما يحرم تزوجه من الرضاع ،وزواج المتعة ،ونكاح الصبي واليتيم والمجنون والمعتوه، وصدقات النساء ،والطلاق وأحكامه ،والخلع والإيلاء والظهار. والجزء الحادي عشر عن لحوق الولد وأحكام الولد والوالد ،والأيتام والاحتساب لهم ،والصبي وأحكامه واللقيط واليتيم ،والأمانة والوديعة والعارية، والإقرار والهبة والعطية .والعطايا بين الزوجين ،والصكوك وأحكامها. مائة كتاب إباضي346 ويقدم الجزء الثاني عشر مسائل الوصايا والمواريث وأحكامها ،والديات والقصاص .كما يضم هذا الجزء مسائل في الإمامة وأحكامها وولاة الأئمة وحكام العدل ،والجهاد وأحكامه ومن يجب عليه الجهاد ومن لا يجب، ومحاربة أهل الشرك وأهل البغي ،والحدود. أما الجزء الثالث عشر والأخير من الموضوعات ،فيضم كتاب» :إغاثة الملهوف« ورسالة في الجهاد وبعض الردود التي أوردها المحقق الخليلي، بالإضافة إلى رسالة في »أخذ الخراج من الساحل« ،ورسالة في »حكم أموال الجبابرة« ،و»تفسير سورة الفاتحة« ،وكتاب» :الدرة النورانية في الأحكام القرآنية«. 347 ôeC’G »a ôcòadG ∞«°ùdÉH ±ƒ¡∏adG áKÉZEG ôμæadG øY »¡ædGh ±hô©adÉH ) z≥≤ëadG{`H ô«¡°ûdG »∏«∏îdG ¿ÉØ∏N øH ó«©°Sت ١٢٨٧ه١٨٧١/م( دراسة وتحقيق :صالح بن سليم بن صالح الريخي ضمن رسالة ماجستير في الفقه وأصوله ،كلية الدراسات الفقهية والقانونية جامعة آل البيت الأردن١٩٩٨ ،م. عدد الصفحات ٢٨٥ :صفحة يتكون الكتاب من قسمين :القسم الأول دراسة حول كتاب» :إغاثة الملهوف« ،والقسم الثاني :تحقيق متن الكتاب. يشتمل القسم الأول على أربعة فصول :الفصل الأول عن »أوضاع عمان في عصر المؤلف« فقد كان عصر الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي حافلا بكثير من الأحداث والتغيرات على مجرى الحياة في عمان .ويتناول :تقسيم الدولة العمانية :المبحث الأول عمان قبل إمامة عزان بن قيس ،والمبحث الثاني :إمامة عزان بن قيس ،ثم تدهور أوضاع دولة الإمامة. العلامة سعيد بنويتناول الفصل الثاني »الحديث عن مؤلف الكتاب  خلفان« الذي ولد سنة ١٢٣١ه أو سنة ١٢٣٦ه .نشأ ببلدته التي ولد فيها وتحت رعاية جده حيث توفي والده وهو صغير. وقد تمتع الشيخ سعيد بن خلقان الخليلي بمكانة عالية وسلطة سياسية واجتماعية ودينية ،وذلك بسبب رسوخه في علم الشريعة واللغة العربية، واتصافه بشخصية قيادية ،وقد نال هذه المكانة نتيجة لجهوده المتعددة ،وأهمها: أ التدريس :فقد استقدم الطلاب وأنفق عليهم ،وبذل ما في وسعه في سبيل تربيتهم ،وقد نجح في هذا المجال أيما نجاح حيث تخرج على يديه عدد مائة كتاب إباضي348 كبير من العلماء والدعاة والقادة الأفذاذ ،فكان لهم التأثير البالغ على مجرى الحياة السياسية والاجتماعية في عمان. وشعرا ،وفي ب التأليف :وكان من المكثرين في مجال التأليف والكتابة نثرا مجالات العلوم المختلفة ،على الرغم من مشاغله واهتماماته الأخرى. ج محاربته للبدع :كان شديد الغيرة الله ورسوله ،يدعو إلى العودة لكتاب االله محاربا لأية بدعة دخيلة على الإسلام،وسنة رسوله ،لذلك فقد وقف والمثال على ذلك :رأى بدعة »الزار« منتشرة بين عوام المجتمع بدعوى العلاج من الأمراض والعلل ،فأخذ يحاربها ويحذر الناس من خطرها. د جهوده في مجال الدعوة :كان يدعو إلى االله على بصيرة وبالتي هي أحسن، وعلى قدر الاستطاعة ،وأن لا يؤدي محاولة تغيير المنكر إلى مفسدة أعظم من المنكر المراد تغييره ،لذلك أ لف كتابه» :إغاثة الملهوف« كمنهج علمي لفقه الدعوة صب فيه خبراته وتجاربه. وس نة رسوله ژ :فقد ه سعيه لإقامة الدولة الإسلامية التي تحكم بكتاب االله حدد الوسائل والأهداف للدولة التي يرنو إليها ،ويسعى لتحقيقها ،كما حاول رسم هيكلها التنظيمي بعدما قامت ووضع لها التصورات لتسيير دفتها ،وسهر على صياغة القرارات اللازمة لها. لهذه الأسباب انهالت عليه عبارات الثناء من العلماء ،ومنها ثناء  العلامة محمد بن يوسف أطفيش حيث يذكر اسمه في عداد العلماء ،ويذكره قائلا: العلامة سعيد بن خلفان ،ويشهد له بأنه جامع المعقول»ومن أهل عصري  والمنقول ،كما أطلق عليه بأنه إمام المذهب الإباضي في زمانه« .ومثل هذه الشهادات كثيرة  جدا. والشيخ الخليلي من العلماء الذين أثروا المكتبة الإسلامية بتآليف كثيرة وفي مجالات عديدة ،وأهم مؤلفاته هي: 349إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أولا :مؤلفاته في العلوم الإسلامية: ١ »تمهيد قواعد الإيمان وتقييد شوارد الأحكام والأديان« ،والكتاب ذو قيمة علمية كبيرة ويعتبر من الموسوعات الإسلامية. ٢ »النواميس الحرمانية في تسهيل الطرق إلى العلوم الربانية« ،وموضوعه في :بيان الطرق الموصلة إلى العلم ،وخواص الآيات والسور ،وفوائد التلاوة للقرآن الكريم ،وفي علم أسرار الذكر وبركة الدعاء ،وفوائد تكرار أسماء االله الحسنى ،وأثر ذلك كله على علاج الأمور النفسانية والعقلانية، وبيان شروط من يلزم هذا الطريق. ٣ »لطائف الحكم في صدقات النعم« ،وهو عبارة عن شرح لأرجوزة نظمها أحد العلماء. وتتكون هذه الرسالة من ثلاثة فصول: ٤ »أحكام الجهاد«: الفصل الأول :في الجهاد ومعناه ،ومن يجب عليه ومن يعذر منه. الفصل الثاني :في بيان أن الجهاد يجب بالنفس والمال. الفصل الثالث :فيما يجوز للإمام جبر الرعية عليه من أمور الجهاد. ٥ كرسي الأصول ،واسمه الكامل» :كرسي أصول الدين في الولاية للمؤمنين المتقين والبراءة من الكافرين والمنافقين والحجة على الملحدين«. ويتكون كتاب »كرسي الأصول« من بابين: الباب الأول :في الولاية وأقسامها وعلائقها ،ويتفرع من هذا الباب فصول ومسائل. الباب الثاني :في البراءة وأحكامها ،ويتفرع من هذا الباب خمسة مباحث. ٦ الرد على الشيخ علي بن محمد المنذري ،وموضوع الكتاب يتعلق مائة كتاب إباضي350 بمسائل الاجتهاد والترجيح والفتيا ،حيث اختلف المؤلف مع الشيخ المنذري في قضايا تتعلق بهذه الأمور. ثانيا :مؤلفاته في علوم اللغة العربية ،ومنها: ١ »مقاليد التصريف« ،وهو في علم الصرف. ٢ »سمط الجوهر الرفيع في علم البديع« ،وموضوع الكتاب الفنون البلاغية. ٣ »التيسير في شيء من الصرف اليسير«. ٤ »فتح الدوائر« :أرجوزة في علوم العربية وبحور الشعر. يتكون من ) (١٣قصيدة. ٥ ديوان شعر: ٦ »مظهر الخافي بنظم الكافي في علمي العروض والقوافي« ،وهو يتناول علم العروض. ويتناول الفصل الثالث :التعريف بالكتاب ويعرض موضوعات تختص بتحقيق الكتاب ونسبته إلى مؤلفه ،ومحتوياته ،وترتيبه ،ومصادره ،وقيمته التاريخية ،وذكر نسخ الكتاب وأماكن وجودها ،ومنهج التحقيق. ويعرض الفصل الرابع من القسم الأول للكتاب» :موقف المذاهب من الأمر والنهي ،وعلاقة الحسبة والنصيحة بهما«. ويشتمل هذا الفصل على مبحثين :الأول :في مفهوم الأمر والنهي وعلاقة الحسبة والنصيحة بهما. ومعنى الأمر بالمعروف هو الأمر باتباع محمد ژ ودينه الذي جاء به من أيضا ما قبله العقل وأقره الشرع ووافق كرم الطبع.عند ربه ،وهو أما النهي عن المنكر فهو طلب الكف عن فعل أو قول ما ليس فيه رضى االله تعالى ،ويقصد منه :زوال المنكر ،وردع الناس عنه. 351إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أما الحسبة فهي »أمر بالمعروف إذا ظهر تركه ،ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله« وعلاقة الحسبة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤدي إلى أن الحسبة إحدى تطبيقات الأمر والنهي ،وتختص بالمنكرات الظاهرة ،كما يكون للحسبة ولاية ونظام مستقل مثلها في ذلك مثل سائر مؤسسات الدولة الإسلامية كولاية الشرطة والقضاء والمظالم وغيرها. ويتناول المبحث الثاني :التكييف الشرعي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،فقد أجمع علماء المسلمين على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وإن لم يقل أحد بخلاف ذلك. نصت عليه الشريعة الإسلامية ،بل إن المعتزلةأساسا للدين بل اعتبروه خامسا من أصول العقيدة، اتخذوا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصلا وبعد اتفاقهم على حكمه اختلفوا في :مصدر وجوبه هل هو العقل أم النقل؟، وفي نوعه هل هو عيني أم كفائي؟ ثم في وسائل تنفيذه. إن الذين قالوا بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين نظروا إلى وجوبه من حيث الاعتقاد بأنه من مستلزمات التوحيد ،فإذا أمر شخص غير المنكر باليد أو باللسان أصبح البقية مغيرين معهواحد بالمعروف أو بالقلب ،فيكون بذلك اشترك الجميع في القيام بهذا الواجب؛ لأنهم لا يلزمون كل واحد أن يأمر التارك للمعروف وينهى العاصي عن معصيته إذا قام به البعض حصل منه المطلوب. أما حدود تغيير المنكر باليد فكان موقف العلماء يتمثل في الآتي: ١ الأدلة التي توجب السمع والطاعة لهم تحمل على الذين لا يجاهرون بالمعصية ولا يتعدى جورهم إلى غيرهم ،وتجب لهؤلاء النصيحة إن تابوا ،أما إذا أصروا على فسقهم وجاهروا به أو تعدى جورهم إلى الرعية فتسقط عندئذ طاعتهم ،ويجوز خلعهم إن أمكن. مائة كتاب إباضي352 ٢ إذا كان جورهم بالتعدي على أحكام الدين ،وبفرض القوانين المخالفة السنة ويعملون بالبدعة ويؤخرون الصلاة عن وقتها،للشرع كمن يطلقون  فلا صبر ولا سمع ولا طاعة بنص الحديث. وكذلك إذا كان جورهم يتعلق بحقوق العباد كالاعتداء على الأنفس والأموال؛ لأن من الواجب على المسلمين دفع الاعتداء عنهم عند القدرة وانتزاع حقوقهم؛ لأن الساكت على الظلم معاون للظلم ،وراكن إليه ،يؤدي إلى اختلاف أحوال المسلمين وانتكاس أمور الدين وعاقبة ذلك دمار البلاد وهلاك العباد. القسم الثاني من الأطروحة العلمية عن تحقيق كتاب »إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر« لسعيد بن خلفان الخليلي. ويبدأ المؤلف كتابه بمقدمة صاغها على طريقة انتهجها بعض العلماء حيث يتناولون فيها ذكر مصطلحات العلم الذي يكتبون فيه ،يوظفونها بشكل فني تصورا عن الموضوع الذي سيكتبجيد ،يشد انتباه القارئ ،ويعطيه من خلالها فيه ،وكمثال يقول المؤلف في بداية مقدمته :الحمد الله الذي يأمر بالعدل والإحسان والمعروف ،وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي المخوف ،قاصم رقاب من حاد عن شرعة الهدى. ومن الألفاظ الدالة على موضوع الكتاب ،مثل :الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،والعدل ،والإحسان ،والمعروف ،والفحشاء ،والمنكر ،والبغي، والتمكين ،والسيف ،والجنة ،والمجاهد ،والرحمة. وهكذا سار في مقدمته حتى النهاية ،وقد اتسمت بالسجع ،وجزالة اللفظ، ومعظم جملها عبارة عن اقتباس من القرآن الكريم أو الحديث النبوي الشريف. وهذه المقدمة وإن خلت من المنهج المنطقي حديثا ،إلا أنه قد ذكر فيها فرضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وأنه لا عذر لمسلم في تركهما 353إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا في جهله بهما ،كما أنه ب ين الأسباب الدافعة إلى تأليف هذا الكتاب. الباب الأول :ويشتمل على الأدلة النقلية الدالة على فرضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .ويشتمل هذا الباب على ثلاثة فصول: أما الفصل الأول ،فقد خصصه المؤلف لبيان الأدلة من القرآن الكريم ،وقد ساق في هذا الفصل سبع عشرة آية ،ثم ختمه ببيان أن في الكتاب العزيز الكثير من الآيات في هذا الشأن ،وأنه لم يقصد الحصر ،وإنما ذكر ما تتم به الفائدة. ومن هذه الأدلة قوله تعالىQ P O N M L K ﴿ : ﴾ [ Z Y XW V U T S R ]النحل.[٩٠ : مخبرا عن لقمان في وصيته لابنه1̧ ¶ μ ﴿ :وقال تعالى ] ﴾ Ç Æ Å Ä Ã ÂÁ À ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » oلقمان.[١٧ : أيضاo n m l k j i h g f ﴿ :وقال ] ﴾ t s r qpآل عمران.[١٠٤ : وكم في أمثالهن من آيات الكتاب الحكيم وفي هذا مقنع لمن تدبره من دل على نصيحة أو إصلاح أو جهاد أو دفاع أو رباط أوأهل العقول وإن كل ما معاونة على البر والتقوى وتحريض على سبيل الهدى وأضدادهن في أمر لازم أو نهي جازم أو أمر مرغب إليه بالندب عليه. ويتناول الفصل الثاني شواهد على هذا الأمر من خلال الحديث النبوي. والمروي منه ژ كثير ،فمنها قوله ژ » :لتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليسلطن االله عليكم شراركم ،ثم يدعون خياركم فلا يستجاب لهم«. وقال في حديث آخر» :مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ،فإن ذلك لا يقرب أجلا ولا يقطع رز قا«. مائة كتاب إباضي354 وقد أورد المؤلف في هذا الباب سبعة عشر حديثا ،وإن لم يبلغ بعضها درجة الصحة إلا أن كثرة الصحيح منها كافية للاستدلال. وأما الفصل الثالث :فهو لبيان الأدلة من خلال الآثار المروية عن السلف أثرا .وقد أمكن تخريج بعض هذه الآثارأيضا سبعة عشر الصالح @ ،وعندها بسند صحيح مرفوع إلى النبي ژ . وبعد أن أورد هذه الفصول خرج بخلاصة يوضحها بقوله :ألا وأني على أثر جميع ذلك لأقول :إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ثبت أصلهما وسنة رسوله ژ مع الإجماع على ذلك وشاهد العقلمن كتاب االله تعالى السليم ،فلا يماري فيه ذو بال ولا يحجه عاقل بحال. ثم يؤكد هذا الاستنتاج بأن لنا في هذا الفهم أئمة ،ما علينا إلا الاتباع والاقتداء بهم ويأخذ في توضيحهم على النحو التالي: فالإمام الأول هو :االله رب العالمين؛ لأنه »يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذوي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ،ولأنه ما أنزل الكتب ولا أهبط الأرواح الملكية ،ولا أرسل الرسل البشرية ولا جعل النبوة والعلم جميعا إلا لبيان أمره ونهيه«. وأما الإمام الثاني فهو :كتاب االله تعالى؛ لأنه ما أنزله إلا لإظهار كلمة الحق وإماتة الباطل ،ولأن كل آية منه شاهدة بثبوت هذا الأصل العظيم ،وكذلك سائر الكتب السماوية. والإمام الثالث :ملائكة االله؛ لأنهم أول من أمر ونهى من المخلوقين ،فكانوا رسول االله إلى أنبيائه. والإمام الرابع :الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ،وأن الحكمة من بعث النبي الأمر والنهي وسيرتهم دليل على ذلك. 355إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإمام الخامس :هم الخلفاء الراشدون ،ومن اقتفى أثرهم من أئمة المسلمين. والإمام السادس :علماء المسلمين الأعلام. جميعا؛ لأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.والإمام السابع :المؤمنون والإمام الثامن :صالحات الأعمال بدليل قوله تعالى¶ μ́ ﴿ : ̧ ] ﴾ o 1العنكبوت.[٤٥ : الباب الثاني :فيمن يلزمه أو لا يلزمه ،وهل يسع جهله أم لا؟ وهذا من أهم أبواب الكتاب وأطولها ،قسمه إلى عشرة فصول ،يتخللها عناوين فرعية ،ومسألتان ومقالتان ،وهي بمثابة مباحث متفرعة من الفصول حسب منهج البحث العلمي الحديث. الفصل الأول :في كشف حقيقة المعروف والمنكر من حيث الإجمال: والمؤلف يذهب فيه إلى أن فرضيتهما تقوم بحجة السمع لا العقل ،وأن الأصل الجامع في ذلك قوله تعالى] ﴾ O N M L K ﴿ :النحل [٩٠ :فالعدل هو اللازم المفروض والإحسان هو المندوب ،وما اعترض بينهما فحسب اقترابه من أحدهما ،وكذلك بالنسبة للمنكر فهو إما واجب الترك أو مكروه فعله ،ويبين بأن الأصل في تقسيم المنكر هو قوله تعالىU T S ﴿ : ] ﴾ Vالنحل.[٩٠ : ثم يوضح معنى الفحشاء والمنكر ،ويبين أقوال العلماء في ذلك ،ويشير وجوبا إلى الإعجاز القرآني من أن الآية الكريمة شملت أحكام الأمر والنهي وعموما. وخصوصا وترتيبا وتدرجا، وندبا ،وإجمالا وتفصيلا ،وحسن نسق نموذجا ويختم هذا الفصل بقوله :وبهذا يعرف أن ما تعرضنا لذكره ليس إلا توضيحا لوهم يحذر منه الالتباس ،وإلا فلا سبيل هنا إلى تفصيلللقياس ،أو جميع أبوابه. مائة كتاب إباضي356 الفصل الثاني :في بيان الآمر والناهي والمأمور والمنهي .وتناول فيه بأن كل قريب حاضر أحق بالأمر والنهي من كل بعيد غائب ،ثم يقرر بأنه ليس لأحد أن يضيع نفسه لإصلاح غيره. ويذكر الآمر والناهي بأخذ الحذر من أمراض النفوس ،ومهلكات الأخلاق والكبر وحب الثناء،كالشح والهوى والإعجاب بالنفس والحقد والحسد والرياء كما ولا ينسى ذكر الدواء لهذه الأمراض والذي يتمثل في :إخلاص النصيحة، والتواضع ،وإصلاح النية ،واحتقار النفس ،وحب االله وأن التعاطي لهذه الأدوية واجب في خاصة النفس ،وعلى سبيل الإرشاد والنصح بالنسبة للغير ،مع مراعاة أحوال الناس ،وأن يكون ذلك على سبيل التدرج. ولا يخفى أن مطلق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه كلام شامل جميعا لكونه عا ما للشريعة والحقيقة ،من الاعتقادات والنيات للظاهر والباطن والأقوال والأفعال. والفصل الثالث :في المحتسب على الغير :وهو »المباشر بالمعروف والناهي عن المنكر« فالاحتساب واجب فريضة من االله على من اكتملت فيه ستة شروط: البلوغ ،والعقل ،والحرية ،والقدرة ،والتوحيد ،وعدم الاكتفاء عنه بغيره. فلا يجب على صبي لعدم التكليف ،لكن يجوز له بلا وجوب عليه ،فلا يمنع الصبي من إراقة الخمر؛ لأنه نوع قربة يثاب عليه كالصلاة والصيام والحج. ولا على مجنون لانحطاط التكليف عنه ،ولا على عبد مملوك ،لأنه لا يقدر على شيء ،وليس له الاشتغال بذلك عن خدمة مولاه إلا أن يكون مأذون له. وأما القدرة فهي الشرط الأعظم لانحطاطه عن العجز عنه بمرض ،أو عذر بتقية على نفس أو مال .فالنفس كأن يكون في محل الخطر على نفسه أو ولده 357إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو قريبه خوفا من قتل أو جرح أو ضرب أو أسر ،أو تنقيص به في عرض أو دين ،بحيث يحذره على نفسه. فإن قدر على تغيير المنكر ومقاومة أهله ،ومنع نفسه وماله وعلائقه وجب الأمر والنهي ،وإن قدر على تغيير المنكر وعجز عن منع نفسه أو ماله لم يجب عليه ،ولكن يجوز له ،فيكون وسيلة ينال بها الثواب على الأمر والنهي ،وعلى الرضا والصبر والتفويض والتوكيل .ولا يمنع منه مخافة الضرر بدلالة الأمر على الصبر في قوله تعالىÀ ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o 1 ﴿ : ] ﴾ Áلقمان.[١٧ : ولأجل تفاوت الناس في القدرة عليه كانوا فيه على ثلاث مراتب: قدرة على الإنكار باليد ،فواجب عليه تغيير المنكر. وعاجز عن اليد قادر على القول باللسان ،فالقول واجب عليه حيث يرتجى النفع ،ولا يخشى الضرر ،وله في ذلك أربع حالات: • إما أن يبطل المنكر بأمره بلا توقع الضرر عليه في نفس ولا مال، فالاحتساب واجب. • وإما أن يبطل المنكر بأمره مع توقع الضرر عليه أو على مثله فهو المخير ولا وجوب عليه. • وإما أن لا يبطل المنكر ولا يتوقع الضرر ،فالاحتساب أفضل بلا وجوب لعدم الجدوى ولكن ﴿ ] ﴾ 5 4 3 2 1الأعراف.[١٦٤ : • وأما أن لا يبطل المنكر ولكن يتوقع الضرر فالاحتساب له لا عليه، ولا مانع منه ،بدلالة جواز الحسبة في مواضع الضرر الخطر. ومن عجز عن اليد واللسان وجب عليه الإنكار باليد ،وما من مكلف إلا وهو قادر عليه .فهي المرتبة الثالثة. مائة كتاب إباضي358 كما يناقش هذا الفصل عدة قضايا أخرى تندرج تحت عنوان هذا الفصل ،منها: • دور المرأة والضوابط التي يجب مراعاتها عند قيامها بفرضية الأمر والنهي. • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة شرعية ،وبالتالي فلا حاجة إلى أخذ الإذن من الحكام للقيام بهذا الواجب. • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفاية. الفصل الرابع :في »شروط ما يجب فيه الحسبة« ،وله ثلاثة شروط: صريحا لا محتمل فيه ،فإن تطرق الاحتمال إليه لممنكرا أولها :أن يكون مندوبا إليه ،وقد يتأكد الندب في مواضع ،فمن رأى رجلايجب ،بل قد يكون نهارا في شهر رمضان ولم يعلم أنه متوطن أم مسافر لم يجبصحيحا يأكل عليه السؤال ،فإن علم أنه في موضع من وطنه وهو صحيح فقد يحتمل أن متعمدا ،فالسؤال غير واجب ،ولكنه من الندب الأكيد ،فإن كانناسيا أو يكون في محل تهمة أو كانت تلك عادة له وجب النهي في الثاني إلا أن يصح له عذر. ظاهرا ،فإن التجسس لا يجوز في المستور إلا إذا أدىوثانيها :أن يكون إلى فساد العالم ،وتعذر قطعه ،ذلك كالسرقات وسفك الدماء فلا بد من العناية بكف الأذى ودفع المظالم ،سرها وجهرها ما أمكن. وأما ما لا يتعدى شره عن الفاعل فإذا استتر به في بيته ولم يصح ذلك عليه بعلم يقين من شهوة أو شهادة أو سماع أو نظر أو نحوه من مؤديات العلم ،فلا يخترق ستره ،ولا يتولج عليه في بيوتاته ،فإن اقتحام بيوت الناس بغير موجب معصية محضة. وثالثها :حضور المنكر في الحال لا قبله ،لأن الوقوع غير معلوم بالقطع فإن المنكر قد زال ،ولو أدركوا بعد الفراغ من المنكر فقد زال الاحتساب وبقي 359إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجوب الأدب ،وذلك إلى السلطان خاصة أو من يمكنه هو فيه ،أو من يقوم مقام السلطان في موضعه بوجوب القدرة على ذلك ،وظهور تجرده لمثل ذلك. الفصل الخامس» :في صفة الحسبة« وهي بكسر الحاء اسم من الاحتساب. قال ژ » :لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فيه هذه الخصال: رفيق بما يأمر ،رفيق بما ينهى ،عدل فيما يأمر ،عدل فيما ينهى ،عالم بما يأمر ،عالم بما ينهى«. ولا بد من جميع الأوامر والنواهي أن تكون في دائرة العدل ،ومن قال بما لا علم له به فلربما يفسد أكثر مما يصلح ،وقد نهي عن الإغلاظ في قوله تعالى] ﴾ 7 6 5 4 3 2 1 0 ﴿ :آل عمران.[١٥٩ : ثم يذكر المؤلف الحالات التي لا يصلح معها الرفق ،ولا بد فيها من متدرجا على ثلاث مراتب:الغلظة ،ولكن انتقال يجب أن يكون الأولى :التعليم والنصيحة بالتي هي أحسن. الثانية :إظهار الفظاظة والزجر والتهديد والشتم والتوبيخ. الثالثة :الدفع عن المعصية وبما يتأدى به الواجب المطلوب ،ولا يتجاوز عن ذلك. الفصل السادس» :في صفة التدرج في القيام بالعدل« .ويوضح المؤلف فيه عظم هذه المهمة ،وأنه لا يمكن تحقيق الهدف دفعة واحدة ،أو بين عشية وضحاها ،فلا بد من الصبر على التدرج ،ولا بد من ترتيب الأولويات ،والسير في ذلك على خطوات مدروسة وبرامج محددة. فقد اختلف الناس في ذلك مع وجود الإمام ،إذا كان في حال التقية ورجاء القدرة والقهر ،إذا أتاها على الترتيب شي ئا فشي ئا ،حتى يميت االله به البدع ويحيي به السنن. مائة كتاب إباضي360 الفصل السابع» :في الأدب والعقوبات« .ويبدأ المؤلف الحديث ببيان أن العقوبات مما يختص به السلطان دون الرعية ،خاصة الحدود ،ثم يناقش مسألة حكم إنفاذ الحدود من ق بل الحاكم الجائر أو من ق بل السيد على عبده ،ويرجح هو عدم الجواز لأن الجائر لا يزيد منزلة على واحد من أراذل الرعية ،وإن كان ظاهر الغلبة والقدرة فما هي في الحق إلا نوع قصور من ق بل الأمة ،وهذا خلاف العقوبات الأخرى التي يمكن أن يقوم بها من يقوم مقام الحاكم الرئيس في عشيرته. ويؤكد بأن تنفيذ هذه العقوبات واجب شرعي ليس لأحد إبطاله فعدم معاقبة أهل الفساد متعارض مع الإرادة الإلهية ،إضافة إلى أنه يؤدي إلى الإضرار بالمجتمع والجرأة على فعل المنكرات ،وفي هذا كله فلا بد للقائم من نية حسنة ،وأن يكون هذا التنفيذ في سبيل االله ،وأن لا يستعجل بالعقاب قبل قطع الأعذار ،مع شرط عدم التجاوز لما أذن له شر عا من المقدار ،حتى ظالما. لا يعود في عدله ثم يقسم العقوبات إلى ما كان من حقوق االله ،وهذا يكفي فيه النصيحة والتعليم إذا صدر من فاعله على معنى الجهل أو الغلط ،وإذا تاب وأخلص وأعطى الحق من نفسه. أما إذا كان الحق متعلقا بحقوق العباد كالحبس على شتم أو ضرب فهو من النوع الواجب وليس للحاكم التخيير ،وإن كان له التشديد والتخفيف. ثم يتناول المؤلف أنواع العقوبات في مسألتين: الأولى :في الحبس وصفاته وفيها يب ين: معنى السجن والحبس. مواصفات السجن وشروطه. 361إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والثانية :في تفصيل ما يجوز للحاكم الحبس فيه ،وهي ثلاثة أنواع: الحبس إلى إنفاذ الحكم. حبس المتهم. العقوبات في الحبس. كما تناول بالتفصيل من ضمن ما يتعلق بالتهم: القسامة وصفتها وأحكامها. النية وصفة توزيعها ،وذكر من تجب عليه. الفصل الثامن» :العقوبات في الحبس« .يبدأ المؤلف الحديث بأنه لا بد من بينة عدل أو ما يتأدى به العلم من :سماع أو نظر أو شهود ،أو خبر ،أو إقرار صحيح حتى تثبت العقوبة على مرتكب المنكر. ويتناول تعريف أنواع العقوبات :القيد ،والضرب ،والصلب ،والنفي، مرجحا ما يتبين ذاكرا أقوال الفقهاء وكذلك الأحكام المتعلقة بكل نوع، له الأرجح. وللحاكم أن يعاقب على الحدث الواحد بنوع واحد ،وما زاد عليه من نوعين أو ثلاثة على حسب عظم الحدث وحال المحدث ورعاية المصالح، ولهذا فيجوز له العفو والعقاب والتخفيف والتغليظ في زمان واحد على حدث واحد ،ولكن بشرط النظر إلى الأصلح ،لا لاتباع هوى ،ولا شفاء لغيظ نفس ولا لإيثار الحب. الفصل التاسع» :في التأديب والسياسة الخارجة عن حد العقوبات السلطانية« .وفيه يعدد من يحق لهم ممارسة هذا النوع من العقوبات ،وهم: الإمام ،والسيد ،والزوج ،والولي والنائب عن الولي ،وهو :وصي ،ووكيل، ومحتسب ،ومعلم ،فأولهم الإمام :وقد قيل :إن له أن يؤدب عسكره فيما يريد مائة كتاب إباضي362 زجرهم عنه أو له فيما فيه صلاح الدولة ،وشد العضد ،واستقامة الأمر وإصلاح تأديبا لموافقة أمره والمبادرة إليه على ما فيه مصلحة الإسلام وأهله.أنفسهم واختلفوا في حد الأدب فقيل :فيه ثلاث ضربات غير مؤثرات ولا مبرحات، ورووا في ذلك حديثا عن النبي ژ . وثانيهما السيد :وله أن يؤدب عبيده ويزجرهم عن سوء الطباع ،ويقهرهم بالسياسة تحت الجائز من أمره ونهيه مما تحتمله قواهم وتقبله فطرهم، ويسعهم في الدين فعله أو يجب عليهم دي نا من أوامر االله تعالى أو أمر سيدهم الأصغر ،فإن تهاونوا بشيء من واجبات ذلك لا لعذر أو من غير الواجب في الأصل ،ولكن مما ينحط به عن ربقة الأدب ،ويفضي إلى إضاعة الاحترام ،فإن له أن يمنع من ذلك ،فإن في نقصان آدابهم ،وق لة مبالاتهم به نقصان أثمانهم وانحطاط أقدارهم عند العارف بهم ،وفي ذلك إضاعة ماله. وإن أمر بالحلم والرفق والإغضاء والصفح والعفو عند القدرة ،وقبول المعذرة وترك الاستقصاء والتكليف ليكون من ﴿ 87 6 5 4 3 ] ﴾ ; : 9آل عمران .[١٣٤ :فإن هذا مما له في موضع جوازه. وثالثهم الزوج :فالتزويج نوع ملك ،وله في الواسع أن يحتسب في تأديب أهله بالعدل على حد الجائز؛ كالرئيس في عشيرته ،إن كان له على قهرها قدرة، بلا ممانعة تقوم بها عليه الحجة في دين ،وليس ذلك بالواجب عليه لانحطاطه عن مرتبة الحاكم إلى محل المطالب بالإنصاف منه ،مع الإنكار عليه إن لم يصح ما يوجب ذلك شر عا. وأما في الواسع فبالنص الصريح ﴿ ! " ] ﴾ $ #النساء،[٣٤ : جميعا .وإن الأدب لنوع واحد منفهم القوامون بمصالحهن الدينية والدنيوية تلك المصالح .ولا شك أن له أن يحجرها عن التعرض للتهم والتبرز للفساد جميعا. واستباحة المنكرات 363إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وليس من المروءة كشف الأستار بالترافع إلى الحكام وغيرهم ،فإن إبرازهن إلى مجالس الحكم نوع مهانة وقلة حياء ،وضعف مروءة وشائبة عار ،وكل ذلك مما ينزه الحر الكريم عنه ،وكيف والغيرة على الحرم مما يؤمر بها في مواضع لأجل الصون والحفظ مع ما في ذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ضربا غير مؤثر ،وقيل :غير مبرح ،وفيوقيل في النشوز :إن له أن يضربها قول آخر ليس يخرج تأويل الضرب في الآية الكريمة إلا على معنى الإغلاظ في القول بما يكفي عن الضرب. نسبا من ذكر لم تتوسط أنثى ورابعهم الولي :وهو الأب أو من اتصل به بينهما وجائز للأب تأديب ولده الصبي ،وزجره عن ركوب الفواحش والمنكرات ،وتعليمه مكارم الأخلاق من غير الواجبات وعلى حسب ما تقبل من ذلك فطرته ،ويصلح في الاجتهاد له ولا ضمان عليه ولا إثم ،بل له الأجر والفضل على قيامه بالعدل. وقيل إن الأدب على ضربين: إما خارج على معنى الزجر عن المنكر الحاضر في الحال ،كإتلاف نفس ،أو مال لم يمتنع عنه بغير ذلك من زجر أو تهديد ،فهذا واسع. وإما خارج على معنى نظر الصلاح له كالتعليم والمؤاخذة بحسن الخلق ،فهذا أقرب إلى الحجر وأشبه بالمنع ،وكأن في مفهوم اللفظ دلالة على المنع. ويرى المؤلف أن الصحيح هو الجواز على نظر المصلحة ،وقد عمل المسلمون به ،والآثار مشحونة أن ابن عشر يضرب على الصلاة. وخامسهم النائب عن الولي :وهم أربعة :وصي ،ووكيل ،ومحتسب ،ومعلم. فالوصي على اليتامى أو من في حكمهم له فيهم ما للولي ،وقيل :إنه أقدم من سائر الأولياء ،وقيل بتقديم الأولياء عليه. مائة كتاب إباضي364 والوكيل قد يكون من الأب في حياته أو من الحاكم بعد موت الأب مع عدم الأولياء أو من جماعة المسلمين مع عدم الحاكم أو من السلطان ولو جائرا مع عدم الجماعة ،وقيل :السلطان أحق بالتوكيل من الجماعة ،إلا أن يكون الجماعة هم سلطان الموضع. فالطفل إذا مات أبواه ولم يقم به أحد هلك لا محالة ،وفي معناه :المجنون إذا صار بتلك الحالة ،وفي هذا الحد يجب الاحتساب على كل قادر عليه. والمعلم قد أجيز له الأدب للصبي بأمر والده ،واليتيم يأمر وليه أو القائم به ،والقول فيه كما مضى من الأقوال ،وله أن يستبيح في ضربه. الفصل العاشر» :في ما يسع الجهل به أو لا يسع من هذا الشأن« .ويبدأ المؤلف هذا الفصل بتأكيد فرضية الأمر والنهي لمن ثبت عليه التكليف ،ثم يقسم الناس على أساس هذا الواجب إلى :أهل علم ،وأهل جهل ،ويبين فرضية ودور كل منهما ،وأن الإنسان الجاهل يسعه جهل حكم شرعي ما لم يرتكب المحرم ،أو يفوت الواجب عليه ،فإذا وقع في واحدة منهما أثم ،ولا يعذر يعبر له مراد الشارع ،وحتى في هذهبسبب جهله إلا إذا تعذر عليه وجود من الحالة عليه البحث. الباب الثالث :في صفة القائم وما يؤمر به وما ينهى عنه .وقد تناول المؤلف فيه بالتفصيل الصفات التي يجب أن يتحلى بها القائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،فهو مأمور بالاستقامة على الأفضل في حقه على حد الاستطاعة. قائما مستقيما في الظاهر ، ويبين بأن القاعدة المهمة في ذلك :أن يكون متحليا بالمكرمات ،وإن سليما من الآفات، بالواجبات مسار عا إلى المندوبات، استقامة القائم من أشد الشروط لتحقيق الهدف من الأمر والنهي ،لأن لسان الحال أصدق من لسان المقال ،وإذا خرب الباطن فخراب الظاهر لا محالة كائن. 365إغاثة الملهوف بالسيف المذكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويشير إلى تأثير الحاكم على الرعية ،لأن االله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن والحاكم بحق محط النظر ،والاقتداء؛ لأنه بمنزلة الأبوين مع الأبناء. ويذكر في الأخير للقائم بشأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظيفتين: وبنية العبادة والتقرب إلى االله لا من أجل الجاه أو أن يكون قيامه الله الشهرة أو المال. وأن لا يكون مطلبه الإمارة ولا حبه لها ،ولا سعيه من أجلها إلا أن مطلوبا لذلك ،ثم يستدرك بأنه في بعض الحالات يجب علىيكون المسلم أن يسعى للإمارة لأنها من العبادات ،ويستدل على ذلك بطلب يوسف الصديق ‰لها. وبعد عرض الكتاب كما وصل إلينا نوه المحقق إلى أن المؤلف لم يتمكن من إكماله بدليل قوله» :وكل هذا لا بد له من خصوص وعموم وبداية ونهاية، وجد يؤذن فيه وطرق يمنع منه ،وإن ذلك يختلف على حسب العوارض والأحوال ،ونحن نذكر إن شاء االله ما فتح االله من ذلك ،إعانة الطالب وتعليما للراغب«. وكذلك لعدم وجود خاتمة للكتاب ،وهو خلاف ما عليه بقية الكتب المكتملة للشيخ سعيد بن خلفان الخليلي. 366 á«fÉ£ë≤dG áØ«ë°üdG ) »∏îædG â«î`H øH ≥jRQ øH óaëe øH ó«aMت بعد١٢٩٠ه١٨٧٣/م( تحقيق :حسن محمد النابودة دار البارودي بيروت لبنان ،ط١٤٢٩ ،١ه٢٠٠٨/م. عدد الصفحات :ج ٥٥٧ :١صفحة ج ٤١٤ :٢صفحة ج ٧١١ :٣صفحة يتكون الكتاب من مقدمة التحقيق ،ونص كتاب »الصحيفة القحطانية« .يشير المؤلف في مقدمته إلى أن عمان شهدت عبر عصورها التاريخية المختلفة ولادة عدد كبيرا ،لولاه لطمست حقائق تاريخيةثقافيا من المؤرخين والعلماء الذين تركوا إرثا ومعلومات ثقافية كثيرة ،فإليهم يعود الفضل في استمرارية العطاء الفكري والثقافي في مصدرا مه ما اعتمد عليه الباحثون والمختصونعمان ،ولقد صار هذا الإرث الثقافي في دراسة أحوال عمان وتاريخها عبر العصور المختلفة ،فظهرت أعداد كبيرة من الأبحاث والدراسات التي انتشرت بين الأوساط العلمية والثقافية عرب يا وعالم يا. ومن أوائل الذين اهتموا بتراث عمان وتاريخها بعض المسؤولين الإنجليز الذين تولوا مناصب مختلفة في عمان والخليج العربي في القرن التاسع عشر الميلادي ،ولقد فتحت هذه الدراسات المبكرة آفاقا جديدة للمستشرقين كبيرا؛ اهتماما والرحالة الغربيين الذين أولوا تاريخ المنطقة والكتابة عنها فظهرت نتيجة لذلك عشرات الأبحاث والدراسات التي اتسعت دائرة تخصصاتها لتشمل الخليج والجزيرة العربية. العماني يزخر بكثير من الكنوز ،ومنهاورغم ذلك لا يزال التراث »الصحيفة القحطانية« لابن رزيق ،بما لها من أهمية تاريخية وغنى بالمعلومات عن الأحداث التي شهدتها المنطقة عبر عصورها المختلفة. 367الصحيفة القحطانية مؤلف الكتاب هو »حميد بن محمد بن رزيق بن بخيت« ولد لأسرة ميسورة الحال وعاش حياة كريمة في عصر شهدت فيه عمان تطورات سياسية حافزا قويا له كثيرا في نشأته وصقلت موهبته ،وكانتكبيرة ،لا شك أنها أثرت لدراسة العلم وقراءة كتب التاريخ والأدب. يتضح ذلك في غزارة إنتاجه العلمي والأدبي ،وخاصة كتابه الموسوعي: ضروبا شتى من الأخبار والأشعار والأنساب،»الصحيفة القحطانية« التي ضمت وتواريخ الأمم والشعوب القديمة ،وربما كانت له مكتبة خاصة جمع فيها تلك المؤلفات والمصادر المتنوعة في الأدب والشعر والتاريخ والفقه والحديث وغيره التي اعتمد عليها في كتابة» :الصحيفة القحطانية«. وقد عاصر حميد بن محمد بن رزيق بن بخيت فترة ازدهار دولة البوسعيد وامتداد نفوذهم السياسي إلى إفريقيا زمن السيد سعيد بن سلطان ابن الإمام أحمد بن سعيد )١٨٥٦ - ١٨٠٦م( والتي تعد فترة حكمه من أزهى فترات العمانية أقصى العماني سياس يا واقتصاديا وعسكريا ،وصلت فيها الدولة التاريخ امتدادها وتوسعها الآسيوي والإفريقي في القرن التاسع عشر .رافق ذلك التوسع السياسي والعسكري نشاط ثقافي وفكري ساهم في تطور الحياة الثقافية في عمان ،وخاصة عاصمتها مسقط التي كانت وجهة كثير من الرحالة والتجار، وكانت تعقد فيها مجالس الأدب ،حيث أشار ابن رزيق إلى أنه حضر أحد هذه المجالس عام ١٢٥٢ه١٨٣٦/م ،وشارك في إلقاء بعض قصائده التي لقيت استحسان الحضور وإعجابهم. كبيرا في كافة مناحي الحياة اليومية تطورا في هذه الظروف التي شهدت وأديبا حظي باهتمام أصحاب السلطة؛ ومؤلفا موظفا آنذاك نشأ ابن رزيق فتقرب إليهم ونال من سخائهم وكرمهم ما لم ينله كثير ممن عاصروه من الأدباء والعلماء؛ فكان لذلك دور مهم في توسع معارفه واطلاعه على أسرار مائة كتاب إباضي368 الدولة وأخبارها ،وحصوله على كثير من المصادر والمراجع التي أفاد منها في الكتابة والبحث. تطورا ثقاف يا ورغم المكانة التي نالها ابن رزيق في عصر شهدت فيه عمان كبيرا ،إلا أن سيرته وحياته الخاصة لم تحظ باهتمام معاصريه،وحضاريا ولا نعرف عنه إلا ما ذكره ابن رزيق نفسه في مؤلفاته من أنه ولد في بداية الثمانينيات من القرن الثامن عشر )حوالي ١٧٨٢م( في مسقط لعائلة مشهورة ذات مكانة اجتماعية مرموقة. مهما ،فقد كان يشرف على الصادراتمنصبا  وكان جده رزيق يشغل والواردات في ميناء مسقط ،وأبقاه السلطان أحمد بن سعيد )١٧٨٣ - ١٧٤٤م( مؤسس دولة البوسعيد في منصبه ،وكانت تربطه به علاقة حميمة قبل تولي ومستشارا له ،وبعد وفاة جده رزيق ،ورث والده محمدمقربا منه الإمامة ،وكان الوظيفة وعمل فيها ،وظل على علاقة قوية بالسلطان. وعاش ابن رزيق حياة حافلة بالأحداث والشخصيات ،أما وفاته فمن المرجح أن تكون بعد عام ١٨٧٣م. ومن مؤلفات ابن رزيق: ١ »الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين« .والكتاب يعرض تاريخ مهما مصدرا  عمان منذ العصر الإسلامي إلى عام ١٨٥٦م ، ويعد للأحداث التي وقعت في القرنين :الثامن عشر ،والتاسع عشر ،وقد أضاف موجزا لعمان من ١٨٧٠ - ١٨٥٦في ترجمتهإليهما »بادجر« تاريخ ا للكتاب ،وهو أول كتاب في تاريخ عمان يعرفه الغربيون. ٢ »الشعاع الشائع باللمعان في ذكر أئمة عمان« .وهو عبارة عن مجموعة من القصائد الشعرية نظمها المؤلف في أحداث عمان منذ القرن الثاني الهجري /الثامن الميلادي ،إلى القرن الثامن عشر 369الصحيفة القحطانية الميلادي ،حيث يذكر القصيدة ثم يشرح الأحداث التاريخية التي أشار إليها فيها. ٣ »الصحيفة العدنانية« ،كتبها ابن رزيق على نفس نسق الصحيفة القحطانية، ولا تختلف عنها في الأسلوب وطريقة الكتابة ،فهي تراجم وتاريخ في إطار النسب تضمنت سيرة الرسول ژ وخلفائه من بعده ،وتراجم مختلفة لشخصيات تنحدر من نسب عدنان ،وحجمها أصغر من حجم الصحيفة القحطانية. ويعتقد أنه أ لفها في الرد ٤ »القصيدة القدسية النورانية في مناقب العدنانية« ، على القصيدة الحورانية المنسوبة إلى محمد بن سعيد القلهاتي صاحب كتاب» :الكشف والبيان« ،وفيها معلومات كثيرة عن الحروب الأهلية زمن اليعاربة. ٥ »الصحيفة القحطانية«. شرع ابن رزيق بكتابة هذه الصحيفة بعد انتهائه من كتابة» :الصحيفة العدنانية« التي ذكر فيها أنساب القبائل المنتسبة إلى عدنان ،على اعتبار أن الرسول ژ من عدنان؛ جر يا على العادة التي اتبعها علماء النسب من قبله ،إلا وسي را أنه أتى بأسلوب جديد في كتابة التاريخ ،حيث إنه كتب أحداثا تاريخية ، مضيفا إليها قضايا فقهية وموضوعاتتراجم في إطار نسب اليمن وقحطان متفرقة للفرق الإسلامية وآرائها واختلافاتها. و»الصحيفة القحطانية« عمل موسوعي ابتعد فيه ابن رزيق عن النظام الحولي التقليدي المتبع لدى المؤرخين المسلمين وعلماء الأنساب ،فعمله هذا قائم أساسا على التعريف بالقبائل اليمانية من أهل عمان ،من حيث أصولها وأنسابها سي را مضيفا إليهما والأدوار التاريخية التي قامت بها وعلاقاتها بالقبائل الأخرى، وتراجم لمشاهير من أصول قحطانية عاشت في عصور مختلفة ومناطق متفرقة. مائة كتاب إباضي370 وتتكون الصحيفة القحطانية من مقدمة ذكر فيها ابن رزيق سبب اهتمامه مرورا وكتابته لها ،وثمانية أبواب تبدأ بالتعريف بأصول القبائل القحطانية وس ير وتراجم المشهورين بملوكها القدماء وشعرائهم في الجاهلية والإسلام ، وانتهاء بأئمة عمان من أنساب قحطان ،وكأنه يعرض لأمجاد هذه القبيلةمنها، إيحاء باستمرار الملك والسلطان فيمنذ أقدم الأزمنة إلى عصره ،وفي ذلك نسب القحطانيين. ومعروف أن أزد عمان وهم من القحطانيين كانوا سادة عمان عبر عصورها المختلفة ،وقد نشأ ابن رزيق في ظل دولة البوسعيد ،وكان على صلة وثيقة بحكامها ،فأراد أن يذكر بالأمجاد التاريخية للقبيلة التي ينحدر منها البوسعيد ،من خلال تتبعه للفرع الأصلي قحطان ،والقبائل التي تشعبت منه، كتابا آخر هو: وخاصة قبيلة الأزد التي ينتسب إليها البوسعيد الذي خصص لهم »الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيديين«. ير علماء إباضيين ،وشخصيات أخبارا مهمة لس كذلك احتوت الصحيفة وأسر عمانية لم يرد ذكرها في المصادر الإباضية الأخرى ،كما ضمنها ابن رزيق بعض رسائلهم الفقهية والعقدية ،ولعل هدفه من ذلك هو إبراز إسهامات علماء عمان في الحضارة الإسلامية عبر عصورها المختلفة. وأخبارا أيضا معلومات وتحتوي الأجزاء الأخيرة للصحيفة القحطانية مهمة ،نقل ابن رزيق بعضها عن والده وعن غيره ممن كان يكبره س نا وقد ذكر فدونها في كتابه هذا أسماءهم ،وبعض هذه الأحداث عاصرها ابن رزيق بنفسه  المسمى» :الصحيفة القحطانية«. ولم تقتصر تلك المعلومات على الأحداث والتطورات السياسية والعسكرية ،بل شملت أحوالا وقضايا اجتماعية واقتصادية بما في ذلك الجفاف والأمطار والعملة المستخدمة ،وبروتوكول السلطان أحمد بن سعيد مؤسس 371الصحيفة القحطانية دولة البوسعيد ،والصادرات والواردات ،وميزانية الدولة ،وعدد الجنود ،وغير ذلك من المعلومات ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي والعسكري. ضمن ابن رزيق الصحيفة القحطانية قصائد مطولة ،منها ما نظمه هوكما عدد فيها مناقب ناصر بننفسه في مدح أو رثاء أو غير ذلك؛ كالقصيدة التي مرشد في الباب الثامن ،وسماها» :المسترشد الهادي في مناقب سيرة الممجد ناصر بن مرشد« ،ومنها قصائد متنوعة فيها أخبار علماء وحكام وأئمة إباضيين لا تقل أهمية عن الأخبار التاريخية التي احتوتها الصحيفة القحطانية. كبيرا من الأشعارعددا كما تكمن أهمية الصحيفة القحطانية في احتوائها جزءا في الباب والقصائد لبعض مشاهير عمان وشعرائها الذين خصص لهم العمانيين الذين اتصل علمي بهم وأحاط بهمسماه» :شعراء اليمنيين السابع العمانيين، فهمي« .وقد سار ابن رزيق على خطى من سبقه من المؤلفين فالمنهج العام للكتابة عندهم يقوم على فكرة تداخل العلوم ،حيث لا يتم الفصل بين التاريخ والشعر والفقه والحديث وعلم الكلام وآراء الفرق ،فالهدف الأساسي هو تثبيت أصول المذهب الإباضي ،وتعميق أفكاره ومبادئه ،والتذكير به وبدور علمائه ومكانتهم ومؤلفاتهم ،والأحداث التي وقعت في عمان عبر عصورها المختلفة. ضخما في الأدب والشعرعد »الصحيفة القحطانية« عملا موسوع ياو ت  والأنساب القحطانية ،تعكس لنا مدى سعة معرفة ابن رزيق واطلاعه على المصادر الإسلامية ،وقد أشار إلى كثير منها في ثنايا صحيفته بعبارات تدل على اطلاعه عليها بشكل مباشر أو غير مباشر. مكونة من :مقدمة ،وثمانية أبواب على النحو التالي: و»الصحيفة القحطانية«  المقدمة :في فائدة الاطلاع على علم الأنساب وما فيه من حصول الآداب، تحدث فيها عن أهمية تدوين التاريخ وعلم الأنساب ومكانته عند العرب ،ثم مائة كتاب إباضي372 مستشهدا تحدث عن القبائل المنتسبة لقحطان ،وانتشارها في جزيرة العرب ببعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ذات العلاقة بهذا الموضوع. ويذكر ابن رزيق في المقدمة أن العرب كانت تحفظ أنسابها كحفظها أرواحها ما لم تحفظه أمة من الأمم ،حتى أن الرجل منهم ليعلم ولده نسبه كتعليمه بعض منافعه ،وهو فعلهم في قديم الدهر ،لئلا يدخل الرجل منهم في غير قومه ،ولا ينتسب إلى غير قبيلته ،ولا ينتمي إلى غير عشيرته ،أحاطوا بذلك أحسابهم ،وحفظوا به أنسابهم ،ولا يرى ذلك في غيرهم من الأمم. حض النبي ژ م ن ب ع ده على تعليم النسب ومعرفة أنساب العرب؛وقد  ليصلوا بذلك ما أمر االله تعالى بإيصاله ،وينتهوا عما نهى االله عنه ،وقد أخذ هذا المعنى بعض الشعراء. الباب الأول :في معرفة أنساب القحطانية ،تناول المؤلف في هذا الباب تشعب القبائل القحطانية إلى :حميرية ،وكهلانية ،وفيه يعدد أهم القبائل المنتسبة لهذين الفرعين وما فيها من بطون مشهورة ،مع ذكر أهم العلماء والشعراء الذين خرجوا من هذه القبائل والبطون. الباب الثاني :ذكر الأنبياء المتصلة سلسلة نسبهم بالقحطانيين ،وهم :هود، وصالح ،وشعيب ،يتناول فيه سلسلة نسبهم وأخبارهم. الباب الثالث :في ملوك بني قحطان وما لهم من مناقب ،يبدأ بيعرب بن قحطان بن هود ثم بقية الملوك المنتسبين للقحطانية وقصصهم وأساطيرهم التي ينقلها من كتاب» :خلاصة السيرة الجامعة« لنشوان الحميري. الباب الرابع :في ذكر أخبار ملوك القحطانيين الصحيحة المشعرة عن مناقبهم الصريحة ،ويستكمل فيه ذكر بقية ملوك القحطانيين. وتحدث المؤلف في هذا الباب عن مأرب وجنتها وسدها ،وكانت مدينة 373الصحيفة القحطانية مأرب مدينة عظيمة عليها سور من الصخر لا ينقل الصخرة إلا خمسون رجلا، وكان السور مسيرة عشرة أيام من قصر مشيد إلى ظل ممدود إلى سور متصل، سدا يحبسون به الأمطار إذا جاءتهم،وكان الأقدمون من أجدادهم قد بنوا فكانت الأمطار لا تأتيهم ،إنما يأتيهم سيل لا يدرون من أين هو يغشى أرضهم فيحييها ،وقد ذكرها االله تعالى في كتابه} | { z y x w ﴿ : ~ ے ¡ ] ﴾ ¦ ¥ ¤ £ ¢السجدة.[٢٧ : وكانت جناتهم من وراء السور ،وقصورهم داخل الجنتين ،وفي الجنتين كل شجرة تؤتي أكلها كل حين بأمر ربها ،وكان أحدهم إذا أراد الماء رفع من بابا ،فخرج الماء إلى جداول تخترق في قصورهمتلك الأبواب التي تلي جنته وجناتهم وحدائقهم ،وإذا استغنى أرسل الباب ،وكانوا قد غرسوا بذلك الماء الجنتين اللتين ذكرهما االله تعالى في كتابه عن يمين وعن شمال ،وظللوهما حتى كان لا تدخلها شمس ولا ريح .وكان من أمرهم كما ذكر االله تعالى. وكانت أزكى أرض االله يومئذ وأهلها أخصب أهل اليمن ،وكان شربهم من أعلى الوادي من عين تخرج من ذلك الجبل ،فإن شاءوا سدوا ذلك الثقب فأمسكوا الماء ،وإن شاءوا فجروه .وكانت الكهنة تخبرهم أن هلاك واديهم من ق بل سيل يجيئهم من عين شربهم ،فبنوا على تلك العين بنيا نا بالحجارة والرصاص ،لا يخرج إليهم من الماء إلا بقدر ما خرقوا من السيل. فكانت الجنتان عن يمين الوادي وشماله ،وكان الوادي ملتفا بالشجر، وكانت المرأة تخرج من مأرب إلى بلد الشام تريد بيت المقدس ومغزلها في يدها ومكتلتها على رأسها بلا زاد ،فإذا أرادت الأكل أصابت مكتلتها مملوءة في كل ثمرة مما ألقته الريح من غير أن تجنيه فتأكل ،ولم يكن في بلدهم حية ولا شيء من الهوام يخاف منه ،قال االله تعالىU T ﴿ :سبع ولا c b a `_ ^ ] \ [ Z Y X W V مائة كتاب إباضي374 onmlkjihg❁ed ] ﴾ pسبأ.[١٩ - ١٨ : الباب الخامس :في ذكر أصحاب النبي المختار من الأنصار ،وتكلم فيه ابن رزيق عن أشهر الصحابة والصحابيات من الأنصار من الأوس والخزرج من قحطان. الباب السادس :في ذكر التابعين وتابعي التابعين من الأعيان المنتسبين إلى قحطان ،ذكر فيه مجموعة من العلماء والمشهورين بدأه بمالك بن أنس ،ثم كثيرا في الكلام عنه ،فأورد أخباره وبعض رسائله. جابر بن زيد الذي أسهب جابرا كان فريد زمانه ووحيد عصره وأوانه في العلم وذكر المؤلف أن والسنة الشريفة ،مسكنه »فرق« من عمان المزونية ،ثم انتقل إلىبالكتاب البصرة ،فصحبه بها الشيخ الفقيه الزاهد الحسن البصري ،وتوفي الشيخ جابر بالبصرة قبل أن يتوفى الحسن البصري بها. وكانت وفاة الشيخ جابر بن زيد يوم الجمعة من شهر صفر ،سنة ثلاث وسبعين ،وقيل :سنة ثلاث ومائة من الهجرة. مريضا ،قال :مات أعلم ولما بلغ أنس بن مالك موت جابر بن زيد وكان من على الأرض. أيضا أنه قال :مات خير أهل الأرض.ومما روي عن الحسن البصري كثيرا ما يروي الحديث النبوي عن عائشة وابن وكان الشيخ جابر بن زيد العباس رحمهما االله وغيرهما من الصحابة ،عن النبي ژ . وشهد جابر عائشة ، #وسألها عما جل ودق من أمر الدين فأخبرته. جزءا لعلماء عمان المنتسبين ويخصص ابن رزيق في نهاية هذا الباب 375الصحيفة القحطانية للقحطانية يسميه» :علماء اليمنية الماضين من عمان الذين اتضح لي نسبهم«، أشعارا مطولة لهم، واحدا ،ويورد ضمن تراجمهمواحدا ثم يبدأ بذكرهم ورسائل في التفسير والفقه. ويضم هذا الباب أجزاء من كتاب» :الترتيب« الذي يضم موضوعات مختلفة ،من هذه الموضوعات موضوع »الشفاعة« ،فيذكر عن حديث الشفاعة أن أهل الإيمان يحبسون في الموقف بعدما قد بشروا عند الموت ،وعندما أحلوا عند المحنة في القبور ،إن االله ربهم قد غفر لهم وأخذهم كتبهم بأيمانهم وابيضت وجوههم وأثقلت موازينهم ،فأراد االله أن يدخلهم الجنة بالشفاعة، والشفاعة مخزونة لا يصل إليها نبي ولا ملك ،حتى يفتحها رسول االله ژ . قال أهل العلم :هو المقام المحمود الذي يحمده الأولون والآخرون حيث نجاكم االله من ذلك المقام ،ويحمده الأولون بما فتح لهم من الشفاعة ،وكانت مخزونة لا يصل إليها أحد ،حتى يفتحها رسول االله ژ ،فإذا شفع االله ، 4ثم شفع الأنبياء كل نبي يشفع لأمته ويشفع المؤمنون ،وكذلك من شاء االله أن يدخل المؤمنين الجنة بالشفاعة ،حتى بلغني أن الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته ،إذا كانوا مؤمنين متقين. جزءا لعلماء عمان المنتسبين ويخصص ابن رزيق في نهاية هذا الباب للقحطانية يسميه» :علماء اليمنية الماضون من عمان الذين اتضح لي نسبهم«، أشعارا مطولة لهم، واحدا ،ويورد ضمن تراجمهمواحدا ثم يبدأ بذكرهم ورسائل في التفسير والفقه. الباب السابع :في ذكر »أسماء شعرائهم الجاهلية والإسلامية على ما اتصل علمنا به« .بدأ المؤلف هذا الباب بذكر امرئ القيس وغيره من الشعراء ،ثم العمانيين من الأصول اليمنية.ختمه بذكر الشعراء العمانية وملوكهم السلاطين الأساطينالباب الثامن :في ذكر الأئمة اليمنية مائة كتاب إباضي376 القحطانية ،وما كان في أيامهم من الكوائن الشائعة في القرى والمدائن ،بدأه بذكر الحملة التي أرسلها الحجاج بن يوسف إلى إقليم عمان ،ومحاولة إخضاعه للسلطة الأموية ،وأخبار الجلندي بن مسعود ،ثم بقية تاريخ عمان، والأئمة الإباضيين والملوك والسلاطين الذين تعاقبوا على حكم عمان حتى عهد السيد سلطان ابن الإمام أحمد بن سعيد. العمانيين ويذكر المؤلف أن روايات الثقات الإخباريين عن أئمة الأزد والسلاطين الأساطين القحطانيين قد اتفقت ،ودخل كل منهم في بعض بالإبرام والنقض ،فاختلفوا لف ظا واتفقوا معنى وحف ظا على الشأن الذي ح م ل الأزد العمانيين على نصب الإمامة وسل السيف على المخالفين لأهل مذهب الاستقامة. ويختم المؤلف كتابه قائلا» :وقد وقع الفراغ من تحريري لهذا الكتاب يوم الأربعاء السادس والعشرين من شهر المحرم سنة ١٢٦٩على يد مؤلفه الحقير حميد بن محمد بن رزيق بخط يده«. 377 ¿OÉ©adG ¿ƒ«Yh øFGõîdG ¿ƒæμe ) ...ô°ûÑdG ≈°ù«Y øH ≈°Sƒe ¬«≤ØdGت القرن ١٣ه١٩/م( وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان١٤٠٣ ،ه١٩٨٣/م. عدد الأجزاء ١٤ :جز ءا. هذا الكتاب مختصر انتخبه المؤلف من كتاب سابق له عنوانه» :خزائن الأسرار« وكان يقع في سبع قطع ،أما الكتاب الجديد وهو »مكنون الخزائن وعيون المعادن« فيقع في ثلاث قطع. بابا .يبدأ المؤلف في الباب الأول والثانييتكون الجزء الأول من ستة عشر  عرف العلم أنه هو: بالحديث عن العلم والعلماء والمتعلمين وفضل العلم .في  المعرفة والفهم ،وعلى المجاز :حفظ ما آثره الأولون ،وحفظ عنهم المتأخرون، وهو العلم المكتسب بالتعليم والعقل والدرس. وأما العلم الحقيقي الذي هو غير مكتسب ،ولا يتغير ،ولا يتبدل ،هو علم االله ، 8وهو عالم الغيب والشهادة ،وهو العليم الخبير .والعلم عند أهل أحدا بعلم شيء فقدالكلام ما يعقله الناس وهو نقيض الجهل ،وكل من وصف نفى عنه الجهل به ،والعلم بنفسه هو تمييز حقيقة الأشياء على ما هي عليه، ووضع الأمور في أماكنها بغير تمايز ولا تناقض. ويعبد ،وهو إمام للعمل والعقل تابعهوحد ،وبه يطاع وي وبالعلم يعرف االله يلهمه االله السعداء ،ويحرمه الأشقياء .والعلم بأنواع العبادة بعالم الغيب والشهادة ،وهو الموصل لطريق السعادة ،لما به في دين الإسلام من معالم الحلال والحرام الموجبة لهداية من أراد االله والدار الآخرة. مائة كتاب إباضي378 ويفسر المؤلف قول الرسول ژ » :العلماء ورثة الأنبياء« أن المراد به ما قد ورثوه من العلم والعمل والنصيحة للخلق ،والدعاء لهم إلى طاعة الملك الحق، والتعريف في الطريقة بأنواع من الظاهر والحقيقة ،فورثوه ح قا ،فهم ورثة الأنبياء في مثل هذه الأشياء صدقا ،لا في غيره من المال على حال. والعلم النافع هو ما يزيد في خوفك من االله ،ويزيد في بصيرتك بعيوب نفسك ،ويزيد في معرفتك بعبادة ربك ،ويقلل من رغبتك في الدنيا ،ويزيد في رغبتك في الآخرة ،ويفتح بصيرتك بآفات أعماله حتى تحذر منها ،ويطلعك على مكائد الشيطان وغروره ،وكيفية تلبيسه على علماء السوء ممن اتخذوا العلم وسيلة إلى أخذ أموال السلاطين ،وصرف هممهم طول نهارهم إلى طلب الجاه والمنزلة في قلوب الخلق. والباب الثالث من الأخبار المروية عن سيد البرية وهي التي تتعلق بأصول الشريعة من الإجماع والقياس وهي أمور اختلف الفقهاء في تحديدها، وتنازعوا في صحة الحكم بها؛ لأنها قواعد الفقه وأصول دين الشريعة؛ وذلك لحاجة المتفقه إلى ذلك ،وقلة استغنائه عن النظر فيها ،والاعتبار في معانيها. فالواجب على من أراد التفقه في العلم أن يتعرف أصول الفقه وأمهات كتبه؛ ليكون بناؤه على أصول صحيحة ،وليجعل كل واحد منها في موضعه، ويجريه على سنته ،ويستدل على معرفة ذلك بالأدلة الصحيحة. وحقيقة الإجماع في عبارة أهل اللغة :استفاضة القول وانتشاره في الجماعة الذين ينسب الإجماع إليهم؛ فلهذا ثبت أن كل واحد منهم قد قاله أو قال به بعضهم فلم ينكره الباقون. والإجماع حجة لقوله تعالى? > = < ; : ﴿ : @ ] ﴾ E D C B Aالبقرة.[١٤٣ : 379مكنون الخزائن وعيون المعادن واختلفوا حول الإجماع هل يثبت بأخبار الآحاد؟ فأجازه البعض ومنعه آخرون ،والصحيح أن الإجماع يثبت بأخبار الآحاد كما ثبت به السنن .وقال بعضهم :السنن مضبوطة والإجماع غير مضبوط ،فلا يثبت الإجماع بأخبار السنة والإجماع يثبت بأخبار الآحاد إلا ما خص االله تعالىالآحاد .والصحيح أن  به القرآن الحكيم ،حيث جمع عليه القلوب. والإجماع هو قول أو فعل صح لأمة محمد ژ ولا يؤخذ فيه مخالف منهم .وقال أكثر أهل العلم إذا انقرضوا على الذي أجمعوا عليه كان ذلك شرط صحة الإجماع ،وقول :إذا وقع الإجماع مرة صار حجية وإن لم ينقرض أهل العصر عليه. أما القياس فقد اختلف الناس فيه ،فذهب بعضهم إلى جوازه وإثباته في جميعا ،وذهب بعضهم إلى إثباته في التوحيد ونفيه في التوحيد والأحكام الأحكام ،وذهب آخرون إلى إثباته في الأحكام ونفيه في التوحيد ،وذهب آخرون إلى نفيه في الحالتين. والباب الرابع في الفتيا ،والفرق بين التقليد والاتباع ،وفي ناسخ الآثار. والباب الخامس في المحاولة والحكم والمشابه ،والناسخ والمنسوخ في خلق القرآن .والباب السادس في التوحيد .وفي هذا الباب يعرض المؤلف لبعض آراء شيوخ الإباضية في معنى التوحيد ،والصفات الإلهية ،ثم يليه باب »في نفي الصفات الجسمانية عن االله تعالى« ،حيث اتفق سلف الأمة قبل ظهور البدع والأهواء واضطراب الآراء أن االله واحد ليس كمثله شيء من الأشياء ،وليس له شبه ولا غاية ولا انتهاء ،ويلجأ المؤلف إلى تأويل الآيات والأحاديث التي قد يوحي ظاهرها بالتشبيه أو التجسيم. ويتناول المؤلف في الباب الثامن موضوع» :القضاء والقدر والمشيئة والاستطاعة وخلق الأفعال« .ويفسر المؤلف معنى قول :إن االله تعالى قضى مائة كتاب إباضي380 المعصية على العبد ،وأن معناه خلق المعصية من مكتسبها ،وقضاء الطاعة أمر بها وحث عليها .والقضاء يتصرف على وجوه ،يقال :إنه قضى عليه الكفر ،أي: متناقضا ،أما إذا قصد أنه قضى مذموما فاسدا قبيحا أنه خلق الكفر من الكافر عليه؛ أي :جبره عليه أو أمر به أو رضيه منه فهذا ما لا يقبله المؤلف. ويعرض المؤلف في الباب التاسع لموضوع الشرك والإيمان .وقد اختلف الناس في معنى الإيمان والإسلام .فقال بعضهم :إنهما شيء واحد ،وقال بعضهم :إنهما شيئان ،وقال بعضهم :هما شيئان ولكن يرتبط أحدهما بالآخر، ولكل قول أصل يبنى عليه. وقيل :الإسلام القول ،والإيمان الفعل ،فمن لم يصدق القول بالعمل فليس بمؤمن .والإيمان هو التصديق لما أخبر به المخبر من أمر الغيب؛ لأن االله تعالى أضاف الإيمان إلى القلب .قال االله تعالىr q p o n ﴿ : ] ﴾ sالمائدة ،[٤١ :وأما محل الإسلام من الإيمان كمحل الضوء من الشمس، فكل شمس ضوء وليس كل ضوء شمس ،فكذلك الإيمان إسلام ،وليس كل إسلام إيما نا إذا لم يكن تصديقا؛ لأن الإسلام هو الخضوع والانقياد. والباب العاشر عنوانه» :في نسب الإسلام ،والمذهب الإباضي وذكر محمدا الأعلام« والإسلام هو شهادة أن لا إله إلا االله وحده لا شريك له ،وأن عبده ورسوله ژ ،والإيمان باالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ،والبعث والحساب ،والجنة والنار ،وأن الساعة آتية لا ريب فيها ،وأن االله يبعث من في القبور ،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،والتعاون على البر والتقوى، بحسن ركوعها وسجودها ،والتحيات لا تجوز الصلاة إلاوإقام الصلاة لوقتها بها ،وإيتاء الزكاة بحقها وصدقها ،وقسمها على أهلها ،وصيام شهر رمضان بالحلم والعفاف ،وحج بيت االله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا ،وبالوالدين إحسا نا ،وذوي القربى واليتامى والمساكين ،والجار ذي القربى والجار الجنب، 381مكنون الخزائن وعيون المعادن والصاحب بالجنب وابن السبيل ،وما ملكت أيمانكم إن االله لا يحب كل مختال فخور ،وغيرها من الأمور. والباب الحادي عشر »في ذكر الحجة في الجملة« ،والباب الثاني عشر »فيما يسع جهله وما لا يسع« ،والباب الثالث عشر »في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر« ،ويذكر المؤلف أنهما فريضتان من فرائض االله على من قدر على ذلك. وحد القدرة أن يمن على نفسه وماله ممن يقوم عليه بذلك. والباب الرابع عشر يستكمل فيه المؤلف ما يسع الجاهل جهله من الدين وما لا يسع من ركوب المحارم .والباب الخامس عشر في ذكر الخطاب وضمان الفتيا .أما الباب السادس عشر والأخير في الجزء الأول فهو عن الولاية والبراءة. والولاية هي الحب لأولياء االله ،والبراءة هي البغض لأعداء االله ،وهما فريضتان على من قامت عليه حجتهما في خصوصها وعمومها .ودليلها من القرآن قوله تعالى] ﴾ e d c b a ﴿ :التوبة ،[٧١ :وقوله تعالىT S R Q P O N M L K J ﴿ : ] ﴾ Z Y X W V Uالأنفال ،[٧٢ :فهذا في الولاية. وأما في البراءة فقوله تعالىd c b a ` _ ^ ] \ ﴿ : ] ﴾ g f eالأنفال ،[٧٢ :وقوله تعالىy x w v u t s ﴿ : ~ } | { zے ¡ ] ﴾ ¢الممتحنة.[٤ : أما الولاية والبراءة في الحقيقة فهي لكل من صحت ولايته أو براءته من كتاب االله أو على لسان رسول االله ژ ،وأما شهادة الشاهدين عن لسان رسول االله فإنها تقوم في ذلك مقام الحكم بالظاهر ،وأما الشهرة عن لسان رسول االله فحكمها حكم الحقيقة في الولاية والبراءة .وأما الولاية والبراءة في الشريطة فهما الولاية والبراءة في الجملة ،وذلك أن يتولى كل ولي الله ويبرأ من كل عدو الله. مائة كتاب إباضي382 ويبدأ المؤلف في الجزء الثاني بباب التوبة .والتوبة في اللغة بمعنى الرجوع؛ لقول العرب :تاب؛ أي :رجع ،والتائب إلى االله هو الراجع عن نهي االله إلى أمره ،وعن معصيته إلى طاعته ،وعما يكره إلى ما يرضى ،وعن غير االله إلى االله ،فالعبد تائب إلى االله ،واالله تائب على العبد .قال االله تعالى9 8 7 ﴿ : ] ﴾ @ ? > = < ;:التوبة.[١١٨ : والتوبة فضل من االله ،مبسوطة لكل من أرادها من العباد ،لا تمنع على حال في نوع من الفساد ،وهي النجاة من هلكة الكبائر الموجبة في كونها لما دونها من الصغائر في حق من ارتكبها عن علم أو جهل في دين أو رأي، لا في حق من تركها فاجتنبها فإن سيئاته مكفرة إلا أن يكون مع الإصرار ،فإن صر في النار. الم وفي أحد أبواب هذا الجزء يتناول المؤلف موضوع »النية ،وفضلها وصفتها وحكمها والأمر بها« ،و»النية« بالتشديد والتخفيف .وقيل :من حسنت نيته استقامت طريقته ونزه نفسه وملك هواه ،وقيل :من ملك هواه فهو الرجل ،وقال بعض الحكماء :القصد بالقلوب أبلغ من حركات الجوارح .وباب الحسنة حسن النية ،وباب السيئة سوء النية .ومن الواجب على كل مسلم تقديم النية في كل عمل من لازم أو فضيلة أو مباح ليخلص له الإخلاص في جميع أعماله وعبادته. والنية فرض في أعمال الطاعات كلها ،والنية عقد بالقلب وعزيمة على الجوارح ،وهي لب العمل ،فيجب على العبد إحكامها ،والنية هي القصد إلى الفعل طاعة الله ولرسوله ژ .وقيل :إن النية مستدامة ،والعمل والنية هي القصد إلى الفعل طاعة الله تعالى ولرسوله ژ .وقيل :النية خشية االله والعمل ،والنية لا يدخلها الرياء والعمل يدخله الرياء ،وكل عمل خلا من النية فهو باطل، ولا يصح عمل شيء من الطاعات إلا بتقديم النيات ،والنية إذا انفردت لم يجب بها حكم ،وكذلك الفعل إذا انفرد لم يجب به حكم ،فإذا عقب النية 383مكنون الخزائن وعيون المعادن بالفعل الموضوع لذلك المعنى وقع موقعه ،ولا تنازع بين أهل العلم في وقوع الحكم إذا اجتمع القول والنية. وفي الأبواب التالية يتناول المؤلف بعض الآداب والسنن ،مثل استعمال السواك ،وقص الشعر ،وتقليم الأظفار ،والتسليم ،والاستئذان ،وتزويج النساء، وحق الوالد والولد ،والحب ،والرحمة ،والضيف ،وغير ذلك من آداب .كما يعرض لبعض مسائل الطهارة في أبواب أخرى. ويستكمل المؤلف في الجزء الثالث موضوعات الطهارة ،فيعرض لطهارة الأنواع الحيوانية وما تولد منها ،وطهارة ما تنجس من الأواني وحكم ما فيها ،وطهارة الماء ونجاسته ،وطهارة البئر ،وبول الصبيان ،وبول الأنعام، وطهارة النوع الإنساني ونجاسته ،وفي دخول الخلاء ،وغيرها من مسائل تدور حول الطهارة. ثم ينتقل المؤلف إلى الحديث عن الجماع وما يخرج منه ،وفي صفة الغسل من الجنابة ،ويستكمل المؤلف جوانب هذا الموضوع في الجزء الرابع من كتابه. ففي الجزء الرابع يعرض المؤلف بقية موضوعات الغسل وأحكامه وحكم النوم والأكل والشرب للجنب ،وحكم ملامسته للقرآن ،والمصافحة والسواك، وأحكام الجنب والحائض والنفساء. ويتناول في بعض أبواب هذا الجزء أحكام الوضوء وكيفيته ،وفي معنى النية ،وذكر البسملة وكيفية الوضوء من أوله إلى آخره ،وفي آية الوضوء والنية والشكر فيه .وفي وضوء من به نجاسة في بدنه وأشباه ذلك .وفيمن يكون به سلس بول أو جروح أو دم مسترسل ،وفي الجبائر على مواضع الوضوء. ويتناول المؤلف في الجزء الخامس موضوع »التيمم« .وأصل التيمم في اللغة القصد ،قال االله تعالى] ﴾ ¦ ¥ ¤ £ ﴿ :المائدة [٢ :فمعناه: مائة كتاب إباضي384 ولا قاصدين .والتيمم للصلاة عند فقد الماء فريضة؛ لأن االله تعالى قد أمر به في قوله] ﴾ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o 1 ﴿ :النساء [٤٣ :فأوجبه بدلا من الماء في رفع الحدث لعدم وجوده أو ما أشبهه في حالة شهوده على من تعبده به، ولأداء ما عليه من صلاة أو صوم ،فهو من الفرائض على من لزمه ،والتيمم لغة: اسما لهذه الفريضة .والصعيد هو ما صعد على وجهالقصد في الأصل ،ثم صار الأرض من ترابها ،والطيب هو الحلال الطاهر. ويعرض المؤلف »للصلاة« في بعض أبواب هذا الجزء ،فيذكر فرائض الصلاة وسننها وحدودها والأوقات التي لا تجوز فيها ،والبقاع المنهي عنها ،والقيام والنية للصلاة والدخول فيها والهيئة لها ،والقبلة وذكرها ،وفي غروب القمر وطلوعه، وفي الأذان وفضله والإقامة والتوجيه وتكبيرة الإحرام وما بعدها من الصلاة إلى التمام ،وفي الإمام إذا كان لا يحسن القراءة ،وفي سجدتي السهو ،وفي الشك والنسيان ،والزيادة والنقصان في الصلاة ،وما يعرض للمصلي من الحوادث التي يجوز له بها قطع الصلاة .وصلاة الجماعة وفضلها ،وفي إمامة المرأة مع الرجل وعكسه ،وفي صلاة الرجال مع النساء خلف الإمام وما أشبه ذلك ،ويذكر المؤلف أن الصلاة في الجماعة هي سنة ،وهي العبادة العظمى ،وقيل :الصلاة في الجماعة هي الجهاد الأكبر ،والانتظار من الصلاة إلى الصلاة الرباط الأكبر. والمرأة لا تؤم النساء ولا الرجال في الصلاة المكتوبة ،ولا في شيء من واجبا ،وإذا حضرت الواجبات من السنن ،إذ ليس عليهن ذلك في الأصل الجنازة ولم يحضرهن أحد من الرجال؛ قيل :لا صلاة عليهن ،وقيل :يصلين عليها وتؤمهن واحدة منهن .وكذلك في شهر رمضان قد قيل :إنهن تصلي بهن واحدة منهن ،وتكون في وسط الصف المقدم منهن ،ولا تتقدمن كهيئة الإمام في الرجال ،كذلك في صلاة الجنازة .وليس للنساء أن يصلين الصلاة المكتوبة بإمام منهن ،وقيل :تؤم المرأة النساء في الفريضة والنافلة ،وقيل :تصلي بالنساء النافلة ،ولا تصلي بهن الفريضة ،وهكذا اختلفت الآراء حول هذه المسألة. 385مكنون الخزائن وعيون المعادن ويتناول الجزء السادس موضوع الزواج ،ويستكمله المؤلف في الجزء السابع فيعرض لمسألة :فيمن يرد به التزويج من العيوب ،وفيمن تزوج بخامسة ،وفي الشغار والأقلف والأعجم ،وفي المرتد والسبايا من النساء، وفيمن تزوج من بلد فيه نساء محرمات عليه ،وفي المرأة إذا تزوجت بأزواج عدة ،وفيما يحرم الزوجين بعضهما من بعض ،وفيمن يطلب من رجل أن يطلب امرأته ليتزوجها. وفي باب آخر يعرض المؤلف لعدة المطلقة ،وبيان من يحلها لزوجها ومن لا يحلها وفي الأحكام بين الزوجين في الدخول والوطء والصداق ،وفي المرأة إذا طلبت من زوجها النفقة والكسوة وعجز عن ذلك ،وشرح معاني ذلك كله، وفي صدقات النساء والأحكام فيها ،وفيما على الزوجين ولهما ولبعضهما من أي وجه ،وبعض أحكام أولادهما وغير ذلك. ويستكمل المؤلف في الجزء الثامن موضوعات أحكام الأولاد من نفقة وميراث ،ويبدأ بباب الحمد والمنة ،ويليه أبواب في ذكر الطلاق ودقائقه ،واليمين بالطلاق ،وطلاق المريض والعبد والمجنون والمشرك والمكروه ،وغير ذلك. والسنة في الطلاق أنه يطلق الرجل امرأته طلقة واحدة إذا طهرت من الحيض بشاهدي عدل ،قبل أن يجامعها ،ثم يتركها حتى تنقضي عدتها ،فإن أراد مراجعتها في العدة أشهدها مسلمين حرين. السنة رجعي بظاهر قوله تعالى﴾ N M L K J I ﴿ :وطلاق  وأيضا فمن طلق ثلاثا فأي عدة تحصى، ]الطلاق [١ :فأي أمر يحدث بعد الثلاث، وأي أمر يحدث ،وذلك خلاف أمر االله تعالى. ويعرض المؤلف في الجزء التاسع لموضوعات :البرآن ،والخلع ،والخيار، والإيلاء ،والظهار .والاطلاع على المحرمات لا يصح ،وكذلك الخلع على المجهول باطل؛ لأنه يوجب ح قا ،ويوجب المطالبة للزوج به ،وإذا كان مجهولا لم يصح مائة كتاب إباضي386 المطالبة به ،والخلع يقع على ثلاثة أوجه :فخلع يقع على شيء بعينه ،وخلع يقع على شيء في الذمة ،ويكون حالا ،وخلع يقع على مال معلوم ،ولا تنازع في ذلك. وقد فرض االله تعالى العدة على النساء دون الرجال من الناس ،وذلك لقوله تعالىU T S R Q P O N L K J I H ﴿ : ] ﴾ W Vالبقرة [٢٢٨ :والثلاثة قروء :هي ثلاث حيض. ويبدأ الجزء العاشر ببقية كتاب »الجماع« في العدد ومعانيها وأحكامها، وبهذا الجزء من الكتاب يختم المؤلف القطعة الثانية من كتابه ،ليبدأ الجزء الحادي عشر بالقطعة الثالثة والأخيرة من هذا الكتاب. ويتناول المؤلف في الباب الأول من الجزء الحادي عشر :الحيض والاستحاضة والإنابة والوطء في ذلك ،وفي الدبر ،وفي وطء الصبي والمعتوه والسكران ،وفي وطئها من فوق الثوب ،وفي حيض الحامل وفي النفاس وأحكامه ،والغسل وصفته. والحيض الانفجار ،يقال :حاضت الشجرة إذا انفجر منها شيء يسيل، كحيض الدم ،والمحيض اسم يراد به الحيض ،وهو خروج الدم من فرج المرأة، لا كل خروج دم ،وهو أصل في نفسه ،يقال :لا اشتقاق له .والحائض في الأصل اسم يسمى به كل فائض .وكل دم جاء من مخرج البول فليس بحيض ،وإنما الحيض ما جاء من موضع الولد والجماع. وفي باب آخر في هذا الجزء يتناول المؤلف موضوعات تزويج العبيد والموالي من الحرائر والإماء ،وطلاقهم وإيلائهم وظهارهم ،وردهم في الإمام وأحكامها ،وفي نفقتهم وكسوتهم ،وأولادهم ،وفي عبيد المشركين إذا أسلموا، وفي إملاء العبيد وعقوبتهم وأدبهم وخدمتهم. ويبدأ المؤلف في الجزء الثاني عشر بموضوعات عن الأولاد وحقوقهم، 387مكنون الخزائن وعيون المعادن وفي القذف واللعان ،وفي عطية الأولاد ورضاعهم .ومن مسائل هذا الباب أن المطلقة لها التربية على أب ولدها الذي ترضعه ،ويجبر الأب على تسليم التربية ،وإن أبت أن ترضعه فلها ذلك ،إلا إن يوجد للولد من يرضعه غيرها ،أو كان لا يقبل ثد يا غير ثدي أمه ،فإنها تجبر على إرضاعه ،ولها التربية على أبيه، وأما المطلقة الحامل فلها النفقة منذ طلقها زوجها. ويعرض المؤلف لاختلاف الناس في مسألة تزويج الصبية وأحكامها .إن الصبية إذا مات عنها زوجها البالغ أنها موقوف أمرها إلى بلوغها ،ولا عدة عليها ،ولا ميراث لها ،ولا تزويج لها حتى تبلغ ،فإذا بلغت ،فإن رضيت بالتزويج الذي كان لها ،وأراد ورثته يمينها كان لهم عليها يمين االله أنه لو كان زوجا ،ثم كان لها الصداق كاملا والميراث .وكانزوجها فلان ح يا لرضيت به عليها حينئذ عدة المتوفى عنها زوجها ،فإن جهلوا ذلك ،واعتدت عدة المتوفى عنها لزوجها أو لم تعتد ،وتزوجت فتزويجها موقوف إلى بلوغها ،فإذا بلغت كان لها الخيار في الزوجين ،فإن رضيت بالأول كان لها منه الميراث والصداق بعد اليمين إن طلب الورثة اليمين على ذلك. وإن رضيت بالزوج الآخر قبل الزوج الأول انفسخ عنها نكاح الزوج الأول، قابضا لها ولا ميراث لها منه ولها عليه الصداق ،وإن كان وطئها أو جاز بها الصداق بالوطء ،وكان لها من الآخر الصداق والميراث ،وكان زوجها هو. جميعا في وقت واحد انفسخت أحكام التزويج الآخر،وإن رضيت بهما وثبت نكاح الأول؛ لأنه أول عقدة ،وكان لها منه الصداق والميراث والعدة، وتلزمها العدة بعد بلوغها ورضاها بالتزويج. جميعا لم يكن لها من أحدهما ميراث ،فإن كانا قدوإن غيرت تزويجها زوجا دخلا بها ،فلها الصداق بالدخول ،وعليها عدة المطلقة ممن لم ترض به جميعا كان عليها منهما عدة المطلقة للوطء للوطء .وكذلك إن غيرت نكاحهما مائة كتاب إباضي388 إن كانا وطآها أو أحدهما ،وكذلك إن كان الأزواج أكثر من اثنين. ومن طلق زوجته ثلاثا عند حضور الموت ولم يدخل عليها ،فإن كان يعلم أنه إنما طلقها لئلا ترثه فليس له ذلك ولا يصلح ،ويرى المؤلف أن لها ميراثها ومهرها منه ،وعليها عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام .وقال البعض الآخر :لها صداقها كاملا ولا عدة عليها ولا ميراث لها .وقال آخرون: إن لم تتزوج واعتدت منه فلها صداقها ،ولها الميراث ،وإن تزوجت ولم تعتد فلها نصف الصداق ،ولا ميراث لها .وهذه مسألة اختلف فيها الفقهاء. ويستكمل المؤلف في الجزء الثالث عشر ميراث الأولاد ،وإقرار الموروث .أما الجزء الرابع عشر فيبدأ المؤلف فيه بباب» :فيمن ابتلي بغصب شيء من أموال العباد على الجبر منه لهم والعناد ،ثم أراد الخلاص« .وفي باب آخر يتناول المؤلف مسألة» :فيمن غصب شي ئا من مال فغيره عماله من الحال على التحريم والاستحلال«. أما في الباب الأخير في هذا الكتاب فيتعرض فيه المؤلف ل »من دعته نفسه الأمارة بالسوء إجابة داعي الشيطان لجناية الخراج من الناس للسلطان« ،فيرى المؤلف أن هذا من الظلم ،ومن التعاون على العدوان والإثم ،وهو حرام بنص والسنة والإجماع في دين الإسلام ،ولا يوجد أحد من أهل العلم يذهبالكتاب إلى إباحة قليل الظلم ولا كثيره ،لا في نفس ولا في مال في عموم ولا خصوص لأحد من أهل الإقرار ،ولا من ذوي الأفكار على الأبد في كل زمان ،وكل مكان؛ لأن هذا موضع الهلاك لما أتاه في ديونه أو انتهاك ،وعلى من اقترف شي ئا من هذه الذنوب أن يبادر بالتوبة في الحال من غير تأخير لها في إهمال ،فإن الإصرار على الذنوب الصغيرة نوع من الكبائر ،وإذا لم يستطع أن يؤديها في حياته لغير مقدرة مالية أو خلافه ،فعليه أن يوصي ورثته أن يؤدوها عنه. وبهذا تمت مجلدات كتاب» :مكنون الخزائن وعيون المعادن« بقطعه الثلاث التي وضعها المؤلف ،وبأجزائه الأربعة عشر المطبوعة. 389 »adÉ°ùdG ΩÉeE’G äÉHGƒ`L ) »adÉ°ùdG ó«aM øH ˆG óÑY øjódG Qƒf ΩÉeE’Gت ١٣٣٢ه١٩١٤/م( تنسيق ومراجعة :د .عبد الستار أبو غدة إشراف :عبد االله السالمي سلطنة عمان ،ط١٤١٧ - ١ه١٩٩٦/م ،ط١٤٢٢ - ٣ه٢٠٠١/م. ج ٥٩٧ :٢صفحةعدد الصفحات :ج ٩٢٦ :١صفحة يضم هذا الكتاب موسوعة فتاوى الإمام نور الدين عبد االله بن حميد السالمي )١٣٣٢ - ١٢٨٦ه١٩١٤ - ١٨٦٨/م( وهي فتاوى في مختلف الفنون الشرعية .وقد كانت هذه الفتاوى مخطوطة في ثمانية أجزاء بمكتبة الإمام السالمي ببدية .وقد تمت عدة محاولات لجمعها من قبل حتى تم هذا العمل ومرجعا فقه يا في صورته المتكاملة؛ ليكون معي نا يرد إليه كل باحث ومتعلم، سهل التداول والإفادة منه. ويتكون الكتاب من مقدمة التحقيق ،ثم نص الكتاب .تتناول المقدمة ترجمة للمؤلف ،فهو نور الدين ،أبو محمد ،عبد االله بن حميد بن سلوم بن عبيد ابن خلفان بن خميس السالمي الضبي. ولد في )الحوقين( من قرى الرستاق عام )١٢٨٦ه( ألف ومائتين وست وثمانين للهجرة ،وجاء في بعض التراجم المكتوبة عنه تحديد ولادته بعام )١٢٨٤ه( أو )١٢٨٨ه(. كف بصره وعمره عشر سنوات أو اثنتا عشرة سنة ،وقد عوضه االله بقوة عجيبة في الذاكرة وشدة في الذكاء والفطنة. ثم تتناول المقدمة نشأة المؤلف ورحلاته العلمية .فقد قرأ القرآن عند والده مائة كتاب إباضي390 في )الحوقين( ،ثم انتقل إلى قرية )قصرا( في الرستاق ،ثم إلى الباطنة ،ثم الشرقية بقصد طلب العلم .وكان الرستاق يزخر بالعلماء والمكتبات النفيسة، حتى عرف علماؤها بالمدرسة الرستاقية ،وقد ازدادت الشهرة العلمية للرستاق. ثم رحل للحج عام )١٣٢٣ه( والتقى خلال تلك الرحلة بكثير من العلماء مبكرا ،حيث أ لف وهو في السابعة وأخذ عنهم ،وبدأ في التأليف والتدريس عشرة من عمره منظومة في النحو »بلوغ الأمل« ،وظهر نبوغه في العشرين من عمره حتى فاق بعض أشياخه ،وأصبح مدار الفتيا ومورد الوقود والتلاميذ لتلقي العلم عنه ،حيث كانت له دروس في أصول الدين والتفسير والحديث مولعا بجمع الكتب وأصول الفقه والنحو والمعاني والبيان والمنطق ،كما كان النادرة ،والعكوف على الاطلاع عليها. وقد قسم محقق »روض البيان« حياة المؤلف إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى :منذ ولادته إلى آخر إقامته بالرستاق عام ١٣٠٧ه. المرحلة الثانية :ما بين ١٣١٤ - ١٣٠٨ه زمن هجرته إلى الشرقية والتحاقه بشيخه لما سمع عن مسعاه في إعادة الإمامة ،وخلال تلك المرحلة تهيأ له الجو العلمي ببلدة )القابل( للتدريس والتأليف. المرحلة الثالثة :ما بين ١٣٣٢ - ١٣١٥ه؛ أي :بعد وفاة شيخه ،وقد قام بدور أساسي في نشر العلم والدعوة لتوحيد الصف وإعادة الإمامة بعد أن برز التدخل الأجنبي. وقد أثنى عليه علماء عصره ،ووصفوه بالتعمق في العلم والتدقيق في مسائله ،من ذلك قول الأستاذ عز الدين التنوخي )عضو المجمع العلمي العربي بدمشق( في مقدمته لتحقيق شرح الجامع الصحيح للمؤلف :انتهت إليه رئاسة بعمان ،وظهر ذلك في تآليفه الجامعة في مختلف الفنون الشرعية والعربيةالعلم مع التحقيق في مسائلها والإجادة في تأليف كتبه ورسائله. 391جوابات الإمام السالمي وقال عنه الشيخ أبو إسحاق إبراهيم أطفيش في تقديمه لكتاب »جوهر النظام« للمؤلف» :كان معروفا بغزارة العلم والاجتهاد ،إليه انتهت رئاسة العلم بعمان ،وظهر ذلك في تآليفه الجامعة في مختلف الفنون«. فيما بلغنا تكريما للمؤلف آراء العلماء المعاصرين الذين وفي الندوة التي عقدت كتبوا عنه ،وعلى رأسهم سماحة مفتي عمان الشيخ الخليلي )عضو مجمع الفقه الإسلامي بجدة(. أما مواقفه العامة فقد كان شديد الغيرة على الدين ،كثير الاهتمام بأمر الأمة والسعي لوحدتها ،وكان ذا همة إصلاحية تحققت في جميع الأمة وإرساء دعائم جهودا كثيرا من البدع التي تقادم أمرها وبذل في سبيل ذلكالشرع .وقد أبطل كثيرا في فتاواه :إبطال الوقف لقراءة القرآن على علمية كثيرة ،ومنها كما تردد القبور ،ودعوته لقراءته في المساجد ،وتنديده ببيع الخيار المتخذ حيلة للانتفاع بالثمن ،وغير ذلك من المسائل. ومن مواقفه المشهورة اختلافه في الرأي مع أحد شيوخه ،وهو ماجد بن خميس العبري ،وكان المؤلف قد ذهب لتوضيح رأيه في مسألة الوقف للقراءة على القبور التي خالف فيها شيخه ،حيث قال المؤلف ببطلان ذلك الوقف، وتحول إلى القراءة في المساجد ،وفي طريق رحلته اصطدم بغصن شجرة فسقط عن راحلته و نقل إلى بلدة )تنوف( وظل خلال إقامته بها يحاور شيخه في الموضوع بالمراسلة إلى أن توفي بعد أن حصل التقارب بين الرأيين. أما عن مؤلفات الإمام السالمي ،فقد أ لف في مجالات شتى ،شملت العقيدة والفقه وأصوله ،والحديث ،وعلم اللغة العربية ،والتاريخ ،وغير ذلك، وكان يجمع في كتاباته بين النقل والعقل ،ويلحظ الاتجاهات المختلفة في عصره ،ويستمد من كتب الفرق المتعددة ،وقد ساعد على ذلك إتقانه لأصول الفقه الذي تمتزج فيه أقوال شتى المذاهب والاتجاهات. مائة كتاب إباضي392 في أصول الدين ،منها: • أنوار العقول ،أرجوزة في علم الكلام في ) (٣٠٠بيت. • بهجة الأنوار ،شرح مختصر لأرجوزته »أنوار العقول«. • مشارق أنوار العقول ،شرح مطول واف على أرجوزته »أنوار العقول«. • غاية المراد في الاعتقاد ،قصيدة لامية. • رسالة في التوحيد ،وهي في بيان العقيدة باختصار. • الشرف التام في شرح دعائم الإسلام. • اللمعة المرضية في أشعة الإباضية ،رد فيها على من قالوا :إن الإباضية تكون المذاهب الأربعة ،وأنه لا يوجد لهملم يكن لها وجود إلا بعد  مؤلفات قديمة. • كشف الحقيقة في الرد على من جهل الطريقة ،أرجوزة في حقيقة المذهب. • روض البيان على فيض المنان. في أصول الفقه ،منها: • شمس الأصول ،منظومة في أصول الفقه في ألف بيت. • طلعة الشمس ،شرح منظومته »شمس الأصول«. رد فيه على من ادعى الاجتهاد• الحجة الواضحة في الرد على التلفيقات ، بدون أهلية له. وفي الحديث ،له: • شرح الجامع الصحيح ،وهو شرح لمسند الإمام الربيع بن حبيب. في الفقه ،له مؤلفات منها: • جوابات وفتاوى ،وقد عقد بعضها باسم »العقد الثمين في نماذج من فتاوى نور الدين«. 393جوابات الإمام السالمي • مدارج الكمال. مجلدا. • معارج الآمال شرح »مدارج الكمال« في ١٨ • جوهر النظام ،أرجوزة تزيد عن ) (١٤٠٠٠أربعة عشر ألف بيت مطبوع في أربعة أجزاء. • تلقين الصبيان ،رسالة فيما يجب على الإنسان من الاعتقاد. • الحجج المقنعة في أحكام صلاة الجمعة. بالإضافة إلى مؤلفات أخرى في النحو والعروض والتاريخ والشعر. وكانت وفاته ليلة الخامس من شهر ربيع الأول سنة ١٣٣٢ه )اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وألف للهجرة( وذلك إثر اصطدامه بغصن شجرة وسقوطه عاما. عن راحلته ،وقد ظل مدة توفي بعدها عن ستة وأربعين أما عن موضوع الكتاب فقد قام المؤلف في كتابه هذا بالإجابة عن مسائل في مختلف العلوم الشرعية والعربية ،وإن كان الغالب على مسائله الفقه ،وقد شمل القضايا العملية والنظرية. يتكون من ثمانية أجزاء تفاوتت في الحجم ،وأصغرهاوكان في الأصل الجزء الثامن )الأخير منها(. والأجزاء جميعها تضم مسائل متناثرة من أبواب مختلفة ،باستثناء الجزء مرتبا ،وقد صاغ أسئلته تلميذ المؤلف ،وعرضها علىالرابع منها ،فإنه وقع شيخه فأجاب عنها. أما عن خصائص هذا الكتاب فلقد اهتم المؤلف في إجاباته على الأسئلة أي اهتمام بالربط بين الفقه وأدلته من المنقول والمعقول ،وهو في فتاواه ذو نزعة أيضا العناية الشديدة بنسبة الآراء تجديدية إصلاحية للفقه ،ويلاحظ فيه والمقولات إلى أصحابها ،فإن لم تسعفه الظروف لمراجعة الكتب أشار إلى ذلك. مائة كتاب إباضي394 كثيرا ما يعلق جوابه على النظر في مآخذ الرأي ،وأحيا نا يختلف رأيهوهو تبعا لإعادته النظر في الموضوع ،فلا يأنف من التصريحفي المسألة الواحدة برجوعه عما قال به سابقا ،وفي بعض الأحيان يعود إلى ما كان قد عدل عنه. ولا يتقيد أحيا نا بالمشهور في المذهب؛ بل يحقق ويجتهد ويرجح بالأدلة مراعيا مقاصد الشريعة وقواعدها الكلية وأصول الفقه ،وقد طبق في ذلك ما صرح به في مقدمة شرح منظومته في الأصول حيث قال» :معرفة الفقه متوقفة على معرفة أصول الفقه«. يبدأ المؤلف أبواب كتابه بباب »الطهارة« حيث تطرح مجموعة من الأسئلة حول الطهارة ،منها أن الأصل الطهارة في المجهول أصله .وحكم ما لمسه أهل الكتاب أو غصبوه ،وشرح حديث النهي عن الاستنجاء من الريح ،وعدم ثبوت النجاسة إلا باليقين وطهارة ما وقعت فيه فأرة ،وحكم تصرفات الأقلف. ومن المسائل التي وردت على المؤلف في هذا الباب سؤال عن الصلاة بالغسل دون الوضوء بعده ،إذ قد طرح عليه سؤال :الأثر من أن الجنب إذا أزال النجس عن موضعه وغسله وتوضأ على ما هو أمر جاز له أن يصلي بذلك الوضوء ،فهل هو توضؤ على نجاسة ،والنبي يقول» :إن تحت كل شعر جنابة« أم للحديث معنى غير ظاهر؟ ويجيب الشيخ السالمي قائلا :جواز الصلاة بذلك الوضوء بعد أن يغتسل السنة النبوية وليس هو وضوء على نجاسة لأن بدن الجنب طاهر إلاوردت فيه  مست منه النجاسة ،والغسل من جميع البدن تعبد غير معقول المعنى إلاما لزواله نجاسة في البدن. أما الحديث المصرح بأن تحت كل شعرة جنابة فليس المراد بالجنابة فيه النجاسة ،وإنما المراد من الحديث المبالغة في تنقية البشرة ،والمعنى اغسلوا البدن غسلا عا ما بالغا كل مبلغ كغسلكم له حين تعمه النجاسة. 395جوابات الإمام السالمي أيضا: ومن المسائل التي أجاب عنها الشيخ السالمي في باب الطهارة مسألة التوضؤ من آنية غير المسلمين ،ومسألة تطهير الأشياء من الجنب بعد غسل يده ،ومسألة حكم الشعر المنزوع من الجلد وأثره في الوضوء ،ومسألة كيفية النية في التيمم ،ومسألة تطهير الواقع فيها وزغ ،ومسألة العفو عن الدم في ضماد المصلي ،ومسألة التطهر من الماء البالغ أربعين قلة ،ومسألة ترك الاستجمار بعد الخلاء ،ومسألة مسح اليد من اللحم قبل الصلاة ،ومسألة الإمامة من المتيمم للجرح ،ومسألة نجاسة الدم ،ومسألة تعليل طهارة الميتة والدم للمضطر ،ومسألة عن دليل نجاسة الخمر ،ومسألة عدم اشتراط تحديد سبب النجاسة للتطهير ،ومسألة عدم الأخذ بالشك بعد التطهر ،ومسألة الاستبراء بمسح العضو بالحجارة دون حملها ،مسألة تطهير العسل إن مات فيه فأر ،ومسألة الوضوء والتيمم للعجز عن تطهير النجس ،ومسألة ما يعفى عنه من الدم في الصلاة ،ومسألة عن تطهير الآبار المستجرة والقليلة الماء. كما يعرض المؤلف مسائل وردت عن النجاسة ،منها :استعمال العطر المصنوع من غير المسلمين والسكر به ،ومسألة العفو عن نجاسة بعر الفأر، ومسألة التداوي بالأدوية النجسة ،ومسألة الخرازة بشعر الخنزير ،ومسألة تنجس البئر بالميتة ،ومسألة تأثير النجاسة في الثوب ولو كانت في جانبه. كما يعرض المؤلف مسائل في دليل نجاسة القمل ودم البعوض وآثار وطء الكلبة على الأرض الرطبة ،والدم الحاصل من استعمال السواك. و طرح على الإمام السالمي سؤالا :من تسوك وخرج من أسنانه دم وأصاب السواك شيء من الدم فغسله ،هل يطهر بذلك غسل فمه؟ ويجيب الشيخ السالمي :يطهر المسواك بالغسل ،وغسله حتى يزول دمه لأنه زيادة ،ولا يضره ما دخل بين أسنانه من أفلاذ السواك؛ لأن الدم لا يعم جميع المسواك. ومن مسائل الوضوء التي طرحت على الشيخ السالمي :مسألة قلع شعرة أو مائة كتاب إباضي396 جلدة أو أخرى بعد الوضوء ،ومسألة النية في الوضوء وصلاة المنفرد أمام الجماعة ،وكان فحوى السؤال :من توضأ ولم يعقد نية الوضوء لا بقلبه ولا بلسانه هل عليه إعادة وضوئه أم لا؟ وفيمن جاء لصلاة فوجد جماعة منفردا هل عليه إعادة يصلون في صرح المسجد فدخل داخل المسجد فصلى صلاته أم لا؟ وأجاب الشيخ السالمي :اخ تلف في الوضوء بلا عقد نية ،والصحيح عنده أنه لا يصح إلا بها؛ لقوله ژ » :إنما الأعمال بالنيات« وعلى هذا فيجب عليه إعادة الوضوء مرة أخرى. وأما المصلي أمام الإمام فقيل :لا بأس عليه في صلاته لأنه لا يصح له أن يصلي معه جماعة وهو قدامه ،وكل موضع لا تصح فيه الصلاة بصلاة الإمام، فصلاة المنفرد فيه على هذا القول جائزة حال إقامة الجماعة. ومن المسائل التي طرحت على الإمام السالمي في باب الوضوء مسائل مثل: مسألة :إعادة الوضوء للرعاف. مسألة :صلاة من توضأ واستنشق مع بقاء نجاسة بأنفه. مسألة :اندراج الوضوء في الغسل. مسألة :عدم الاستنجاء لتجديد الوضوء. مسألة :الاجتزاء بوضوء الجنابة للصلاة. ومس العورة على الوضوء.مسألة :أثر لمس الزوجة مسألة :الاكتفاء بالوضوء مع غسل الجنابة. مسألة :ترك تطهير مقدار يسير من مواطن فرائض الوضوء. 397جوابات الإمام السالمي مسألة :الاغتراف أو الترطيب لمسح الممسوحات. مسألة :تعليم من لا يحسن الوضوء .وغيرها من مسائل أخرى وردت كثيرة وردت على الإمام السالمي في باب الوضوء ،وأجاب عنها. وبعد باب الوضوء يأتي باب التيمم .وقد طرحت على الإمام السالمي العديد من المسائل التي تقع تحت باب التيمم ،منها: مسألة :إجزاؤه عن الوضوء والغسل. مسألة :التيمم أول الوقت أو آخره. مسألة :الجمع بين توضئة بعض الأعضاء والتيمم لبعضها. مسألة :تيمم الجنب لضيق الوقت. مسألة :التيمم للجرح ولو مع الضرر. ومن المسائل التي عرضت على الإمام السالمي مسألة :الماء إذا اجتمع في الصفا بقدر قلة أو قلتين أو أقل هل يجوز للإنسان أن يتيمم إذا خاف أن يرجع الذي من جوارحه إلى الصفا .ولم يكن عنده إناء يغترف منه؟ وأجاب الإمام السالمي عن هذا السؤال قائلا :عليه أن يتوضأ ولا يجوز له التيمم ولا يضره الراجع ما لم يستهلك جميع الماء ،وذلك أن يغلب عليه، وكيف يغلب عليه هو قدر قلة أو قلتين؟ كلا إنما يتوضأ بربع الصاع فلا ماء أكثر منه. يستهلك ويأتي بباب الغسل بعد التيمم ،ومن المسائل التي أثيرت في هذا الباب: مسألة :تأخير غسل الرجلين في وضوء الغسل. مسألة :الغسل المجزئ ،ومعنى تحت كل شعر جنابة. مائة كتاب إباضي398 مسألة :تارك الغسل جهلا وحكم عبادته. مسألة :كيفية النية في غسل الجنابة. مسألة :اغتسال المرأة من دفق الماء بغير جماع. مسألة :تأخير الغسل من الجنابة للشك بها. كما طرح على الإمام السالمي سؤالا حول :ندب الغسل تاسع ذي الحجة، ومفاد السؤال :الغسل يوم تاسع ذي الحجة هل هو مندوب إليه كما يعتقده العوام أم لا؟ وأجاب الإمام السالمي :أما الغسل يوم عرفة لغير الحاج فلا نعلم استحبابه، السنة.وأما الحاج فلعله قد قيل إنه يؤمر به ،ولم أجد له أصلا من الكتاب ولا من  ومن المسائل التي طرحت تحت باب الحيض: مسألة :وطء الحائض الجاهلة بحكمه مع جهل الزوج بحالها ،إذا لم يعلم الزوج أنها حائض ولم تخبره هي بذلك فلا بأس عليه من ق بل االله ولا من ق بل قطعا لأنه لا يسعها جهل بذلك ،وعليها أنالزوجة ،وأما المرأة فعليها التوبة تعلم ما يلزمها من أحكام الحيض ،وعليها أن تمتنع من زوجها في حال حيضها ،ولها أن تقيم مع زوجها لأنها جاهلة بحكم الحيض ،فهي أعذر من المتعمدة لذلك. طرحت على الإمام كذلك مسألة علامات زوال الحيض وحكم رجوعهو بعد انقطاعه ،فأجاب :أن الحكم في الطهر بالقصة لمن تعودتها ،وبالجفاف لمن تعودته واحد ،وكان يجب على هذا الرجل أن يمتنع عن زوجته حتى تتم حيضها. ووجه إلى الإمام سؤال مفاده :وجه قولهم في المرأة الحائض إذا أراد زوجها جماعها أنها تقتله إذا أعلمته فلم يمتنع؟ 399جوابات الإمام السالمي فقال الإمام السالمي :وجهه قوله تعالى| {z y x w ﴿ : } ~ ے ﴾ ]البقرة [٢٢٢ :فهذه الآية نص على تحريم الوطء في الحيض، وأجمعت على ذلك الأمة. فإذا أعلمته بحيضها كانت حجة عليه ،فإن لم يمتنع دافعته عن منكره الذي أراده في نفسها ،فإن أبى دافعته بما أمكن ولو أفضى إلى قتله. ومن المسائل التي طرحت على الإمام السالمي في هذا الباب وأجاب عنها: مسألة :وطء الزوجة المتوقعة للحيض يومها. مسألة :قراءة الحائط أو الجنب القرآن. مسألة :حكم الوطء في الحيض. ويرى الإمام السالمي أن تحريم الوطء في الحيض مما اجتمعت عليه والسنة .قال االله تعالىsr q p ﴿ :الأمة ،وقد ورد به نص الكتاب ~ } | {z y x w v u tے ﴾ ]البقرة .[٢٢٢ :وفي حائضا في فرجها ،أو امرأة في دبرها،الحديث عن رسول االله ژ قال» :من أتى أو كاه نا ،فقد كفر بما أنزل على محمد«. وروي عن ابن عباس أنه قال :كانت اليهود إذا حاضت المرأة فيهم لم يواكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوهن في البيوت ،فسأل أصحاب رسول االله ژ عن ذلك ،فأنزل االله 8قولهu t sr q p ﴿ : ،﴾ vفقال رسول االله ژ » :اصنعوا كل شيء إلا النكاح« ،فبلغ ذلك اليهود فقالوا :ما يريد هذا أن يدع من أمرنا شي ئا إلا خالفونا فيه .وأخبر بعض الصحابة فتغير وجه رسول االله ژ حتى ظننا أنه قد وجد عليهم فخرجواالنبي عن ذلك ، فاستقبلتهم هدية من لبن إلى رسول االله ژ فأرسل في آثارهم فسقاهم فعرفوا أنه لم يجد عليهم. مائة كتاب إباضي400 وأما الإجماع فإن الأمة من موافق ومخالف مطبقون على تحريم الوطء في الحيض ،ولم يخالف في ذلك أحد؛ بل صرح ابن حجر الهيتمي بأن الوطء في الحيض كبيرة ،و نقل ذلك عن الشافعي. وبيان ذلك أنهم أجمعوا على تحريم الوطء في الحيض ،فإن فعل فاعل عمدا أجمعوا على عصيانه ثم اختلفوا في فساد زوجته عليهم ،فمنهم منذلك أفسدها عليه وأمر بالتفريق بينهما لعصيانه ،إذ من تعجل شي ئا قبل أوانه عاقبه االله بحرمانه ،ومنهم من لم يفسدها عليه وأباح له المقام معها ،وعليه التوبة والإنابة مما فعل ،ومنهم من وقف ،فمن أخذ بقول من هذه الأقوال وتمسك به لا يبرأ منه لأنه محل رأي بخلاف المسألة الأولى فإنه مجمع عليها. وقد طرحت على الإمام السالمي عدة مسائل وسؤالات حول النفاس ،منها: مسألة :ثبوت النفاس بإسقاط علقة أو مضغة. مسألة :صلاة النفساء في الطهر المتخلل. مسألة :تخلل الطهر في مدة النفاس. ومن أبواب هذا الجزء الأول من الكتاب :باب الأذان ،وباب الصلاة ،وباب سجدة السهو ،وباب جمع الصلاة ،وباب صلاة الجماعة ،وباب صلاة الجمعة، وباب صلاة التراويح ،وباب صلاة العيد ،وباب صلاة المسافر ،وباب صلاة المريض ،وباب صلاة الجنائز ،وباب عن المسجد ،وغيره. ومن المسائل التي طرحت على الإمام السالمي في باب الصلاة :مسألة الإقبال على المصلين بعد التسليم ،فقد سئل :كيف جاز للإمام ترك الانحراف على الجماعة في الصلاة بعد التسليم من الفريضة فيصلي ما شاء االله من السنن أحدا من والنوافل ،ثم ينحرف على الباقين منهم بعد ذلك ،وربما لا يجد الجماعة بعد ذلك؛ لأن فيهم الفارغ والشغيل ،وقد ورد في الحديث أن 401جوابات الإمام السالمي النبي ژ كان إذا سلم من الصلاة لا يقعد إلا بقدر ما يقول» :ال ل ه م أنت السلام ومنك السلام وإليك يرجع السلام ،فحينا ربنا بالسلام ،وأدخلنا الجنة دار السلام تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام« ،لم ينحرف عليهم ،فهذا ثبت فعلا عن النبي ژ ،فكيف يجوز العدول عن سنته إذ لا حظ للنظر مع وجود الأثر ،وقد قال ژ » :صلوا كما رأيتموني أصلي« أليس الاتباع والاقتداء به أولى من الابتداع؟ وأجاب الإمام السالمي قائلا :نعم الاتباع أولى من الابتداع ،وأصحابنا رحمهم االله ممن يتبع ولا يبتدع ،وهم القائلون لا حظ للنظر مع ورود الأثر. كثيرا حسن أن والإقبال على الجماعة يختلف باختلاف الأحوال ،فإن كانوا يقبل عليهم بعد الفراغ من التسليم ،وإن كانوا قليلا جاز أن يقبل عليهم بعد المؤكدات الرواتب التي تصلى في المساجد؛ لأن الكل قد اشتغل بها، ولا يشتغل بصلاة النوافل الزائدة على الرواتب ،فإن أقبل عليهم بعد الفريضة كان حس نا كثرت الجماعة أو ق لت ،ولا يلزمهم انتظار انحرافه ،بل يصح لهم الخروج قبل ذلك ما لم يكن في الجماعة نساء ،فإن كان فيهم نساء فإنهم يمكثون حتى تخرج النساء ،بعد ذلك من شاء خرج. وعن أم سلمة قالت :كان رسول االله ژ إذا سلم قامت النساء حتى يقضي يسيرا قبل أن يقوم ،قالت :فنرى واالله أعلم أن تسليمه وهو يمكث في مكانه ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال. والحديث يدل أنه يستحب للإمام مراعاة أحوال المأمومين ،ولا يعارض حديث عائشة قالت :كان رسول االله ژ إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: »ال ل ه م أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام« ،لأن هذا محمول على ما إذا كانوا كلهم رجالا ليس فيهم نساء ،أو على بعض الأحوال دون بعض. مائة كتاب إباضي402 وقد وردت أحاديث تدل على استحباب الذكر بعد الصلاة في موضع الإمام ،وهي معارضة لحديث عائشة وجمع بينها بحمل مشروعية الإسراع على مقيدا بذلك منالغالب ،كما يشعر به لفظ كان ،أو يحمل على عدا ما ورد الصلوات ،أو على أن اللبث مقدار الإتيان بالذكر المقيد لا ينافي الإسراع ،فإن اللبث مقدار ما ينصرف النساء ربما اتسع لأكثر من ذلك. فالأحاديث الواردة عنه ژ مختلفة يدل بعضها على المكث ،وبعضها يدل على التعجيل ،وبعضها على مراعاة أحوال الجماعة ،وذلك يدل على أن الكل جائز وليس فيه سنة معينة يجب اتباعها ،فمن راعى أحوال الناس والجماعة بالسنة ،ومن تعجل لأجل ما سمع من أحاديث التعجل فقد أتىفقد تأسى  بالسنة .ولا يزيد على الذكر المسنون أو الصلاة الراتبة ،ومراعاة الأحوال أفضل  بالنسبة للإمام السالمي. أبوابا عن الزكاة ،وصدقة الفطر ،والصوم، ويتناول الجزء الثاني من الكتاب والحج ،والأيمان ،والكفارات ،والنذور ،والذبائح ،والأضحية ،والأطعمة والأشربة ،واللباس ،والحلي ،والآنية ،والنكاح الذي اختتم به أبواب كتابه. ويقع تحت كل باب من هذه الأبواب عشرات المسائل التي طرحت في شكل أسئلة أجاب عنها الإمام السالمي .حيث وجدت جواباته مستغنية عن التعليق عليها؛ لأنه عني بتحرير العبارات وإيضاح المراد ،وجاءت فتاواه على وفق ما اختاره من مقررات المذهب ،فلم يبق مساغ للمقارنة بما في كتب المذهب؛ لأن المكتوب للفتوى غير المكتوب للتعليم وتدوين المقولات الفقهية. وهكذا كل جزء من أجزاء الكتاب الباقية يعرض فيها المؤلف مجموعة من الموضوعات الفقهية ،وما ورد فيها من مسائل وفتاوى يجيب عنها ،مقار نا في كثير من الأحيان بين موقف الإباضية بموقف من يوافقهم من أصحاب المذاهب الإسلامية الأخرى. 403 ∫ƒ`≤©dG QGƒfCG ¥QÉ°ûe »adÉ°ùdG ó«aM øH ˆG óÑY óaëe ƒHCG øjódG Qƒf ΩÉeE’G تعليق :سماحة مفتي سلطنة عمان فضيلة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي تحقيق :عبد المنعم العاني دار الحكمة دمشق سورية ،ط١٤١٦ ،١ه١٩٩٥/م. عدد الصفحات ٥٩١ :صفحة هذا كتاب» :مشارق أنوار العقول« للإمام نور الدين أبي محمد عبد االله بن حميد بن سلوم السالمي ،وضعه بعد دراسة متأنية وفهم حقيقي بسنة نبيه محمد ژ .وعرض فيه مجمل آراءلكتاب االله ، 8والتزام كامل ومعتقدات المدارس الفكرية بأسلوب واضح ،وناقش فيه آراء المعتزلة ،ودرس جميعا ،ولم تصورات الأشاعرة ،وعرض أفكار الفرق الأخرى ،وناقش هذا يمنعه اختلافه مع أية فرقة من هذه الفرق أن يقول الحق بشكل جلي وواضح، واضعا نصب عينيه قوله تعالىy x w v ﴿ :متأدبا بما يقول، وكان ] ﴾ | { zالنحل.[١٢٥ : هذا وقد ذاع صيته في ربوع عمان ،وفي كافة أرجائها حتى قال عنه صاحب كتاب» :نهضة عمان«» :كان 3 السالمي شديد الغيرة على محارم االله تعالى ،يقول الحق وينطق بالصدق مشهور بالبسالة والصلابة ،كثير الرد على من خالف م لة الإسلام ،مشغول البال بأمته ،يفرح بما ينفعها ،ويحزن لما معتمدا في يضرها ،وإنه ليكتئب إذا أصيب أحد من الأمة بحدث ولو بالصين، ذلك على قوله ژ » :مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى«. يبدأ المؤلف كتابه بتنبيه يذكر فيه أنه عندما يذكر لفظ )الإمام( فالمراد به مائة كتاب إباضي404 الإمام أبو سعيد محمد بن سعيد بن محمد بن سعيد الكدمي .وعندما يذكر )أفاضل عصرنا( فالمراد به شيخه الصالح صالح بن علي ،وعندما يطلق لفظ )القطب أو قطب الأئمة( فمقصوده هو الإمام محمد بن الحاج يوسف المصعبي أطفيش. اقتداء ويتناول المؤلف الحديث عن البسملة فيذكر أنه بدأ بالبسملة بالكتاب العزيز ،فإنه قد ورد أن أول ما نزل من القرآن ﴿ ] ﴾ M L Kالعلق،[١ : بالسنة قولا وفعلا .أما القول فهو ما روي عنه ژ أنه قال» :كل أمر ذيوعملا  بال لا يبدأ فيه ببسم االله فهو أبتر« ،وفي رواية »أقطع« ،وفي أخرى »أجذم«. والمراد بذي بال :ذو شأن في الشرع ولم يكن بذكر محض ،والمراد بذي الشأن في الشرع :هو الواجب فعله ،أو المندوب إليه ،أو المباح المتحول بإصلاح النية طاعة. وأما الفعل فلأنه كان ! يكتب باسمك الل ه م فلما نزلت آية هود كتب بسم االله ،فلما نزلت] ﴾ _ ^ ] \ [ Z ﴿ :الإسراء [١١٠ :كتب بسم االله الرحمن ،فلما نزلت آية النمل كتب بسم االله الرحمن الرحيم. أمرا في البدء بالبسملة عند قول الشعر ،وذهاب البعضويعرض المؤلف إلى تحريم ذلك ،أما المؤلف فيقول :إن الممنوع من ابتدائه بالبسملة هو الشعر المحرم ،كالذي قصد به مدح كافر أو هجو مؤمن ،أو المكروه كالتغزل في غير معنى ،وأما ما قصد به إظهار حكمة أو تدوين علم ،فيندب إلى ابتدائه بالتسمية، أولا« لأنه خلاف الأولى.كما صنع الشاطبي في قوله» :بدأت بسم االله والحمد ثم قسم المؤلف البسملة إلى أربعة مقاصد: المقصد الأول :في الباء قيل :إنها للاستعانة ومعنى الاستعانة هنا كون ما بعد الباء معي نا للفاعل في إنشاء الفعل وآلة له فيه كالقلم للكاتب ،واستشكل هذا من وجهين: 405مشارق أنوار العقول الأول :أنه يلزم عليه أن يكون الرب تعالى مستعي نا باسمه ،والاستعانة بالنظر إلى الخلق لا إلى الخالق. والثاني :أنه يلزم عليه أن يكون ما بعد البسملة أشرف منها؛ لأنه المقصود المتوصل به إليه .وإذا لم بالذات ،ولا يخفى أن المقصود بالذات أشرف من يبدأ القارئ بالبسملة فالناقص في القراءة هو فعل القارئ لا السورة. المقصد الثاني :في اسم وهو مشتق من السمو؛ أي :العلو؛ لأنه يسمو بمسماه هذا مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أنه مشتق من وسم بمعنى علم. ويستشهد المؤلف بقول القرطبي :إن من قال الاسم من السمو يقول :لم يزل االله تعالى موصوفا قبل وجود الخلق وبعد وجودهم ،وعند فنائهم وبعد البعث لا تأثير لهم في أسمائه وصفاته. أما المؤلف فيرى أنه إن أريد بالاسم اللفظ أو التسمية فهو حادث؛ لأنه كان االله ولا شيء معه ،وإن أريد به مدلوله فهو عين المسمى لا غيره ،لكنه لا يطلقه هكذا على الحقيقة إلا على المسمى ،وإطلاقه على اللفظ والتسمية مجاز ا. المقصد الثالث :االله علم على الذات الواجب الوجود لذاته المستحق لجميع المحامد، واستشكل هذا التعريف من وجهين: أحدهما :أنه يوهم أن قوله :واجب الوجوه إلخ تكميل للذات والذات العلية لا نقص بها حتى يلزم تكميلها ،ورد بأنه تخصيص للذات لا تكميل لها. وثانيهما :أن وضع العلم لشيء إنما هو فرع إدراك ذلك الشيء بالعقل ،أو معا ،وواجب الوجود لا إدراك له بشيء من ذلك.بالحاسة ،أو بهما مائة كتاب إباضي406 والإجماع في أن الواضع لاسم االله هو االله لا غيره ،وإن اختلفوا في غير هذا اللفظ الكريم. المقصد الرابع :الرحمن الرحيم صفتا ذات إن أريد بهما مريد الرحمة ،وصفتا فعل إن أريد بهما المحسن إلى خلقه .فهما من ذات الوجهين من الصفات باعتبارين وعلى كلا الوجهين، فمحال أن يراد بهما في حقه تعالى حقيقتهما اللغوية التي هي بمعنى الرقة والعطف ،لكنهما في حقه تعالى حقيقتان شرعيتان ،على ما أطلقتا عليه ،فالرحمن الرحيم مثلا حقيقة شر عا في إرادة الخير للمرحوم على اختيار الأشعري ،وفي إيصال النعم إلى المرحوم كما هو اختيار الباقلاني ،وثمرة الخلاف هل يصح أن يقال لهم :اجعلنا في مستقر رحمتك ،فعلى الأولى لا ،وعلى الثانية نعم. ثم ينتقل المؤلف إلى بحث وتفسير )الحمد الله( من خلال ثلاثة مقاصد: واصطلاحا المقصد الأول :في تعريف )الحمد( لغة يستشهد المؤلف بقول الباجوري في حواشي »الجوهرة« :إن الحمد لغة الثناء بالكلام على الجميل الاختياري على جهة التبجيل والتعظيم ،سواء كان في مقابلة نعمة أو لا. وأقسام الحمد الأربعة :هي حمد قديم لقديم ،وحمد قديم لحادث ،وحمد حادث لقديم ،وحمد حادث لحادث. ويعترض المؤلف على هذا بقوله :وهذا الشمول إنما يصح على مذهب الأشاعرة وهم القائلون بقدم الكلام ،أما على مذهب المؤلف فلا يصح لأنه إما أن يبنى على مذهب من لا يثبت الكلام النفسي أصلا ،وإما أن يبنى على مذهب من أثبته .وعليه فالكلام النفسي عندهم هو صفة ذاتية ،يعتبر بها نفي قائما بالذات كما هو مذهبضدها وهي آفة الخرس ليست معنى حقيق يا الأشعرية في سائر الصفات الذاتية. 407مشارق أنوار العقول المقصد الثاني) :ال( في الحمد فيه ثلاث احتمالات :أحدها :أن يكون للعهد ،والثاني :أن يكون للاستغراق، والثالث :أن يكون للجنس ،وعلى كل فاللام في »االله« إما للتخصيص وإما للاستحقاق وإما للملك ،ومعنى حمده لنفسه اتصافه بالصفات المحمودة في الأزل ،ومعنى حمده لأوليائه رضاؤه عنهم ،هذا إذا جعل الرضاء صفة ذاتية. وأما على مذهب من جعلها صفة فعلية ،فيصح ذلك الوجه في حمده تعالى لأوليائه؛ لأن المانع من جوازه إنما هو كون القديم لا بملك ،وقد تقرر أن صفات الأفعال محدثة .وأرجح الاحتمالات جعل )ال( للاستغراق بدلالة قوله تعالى] ﴾ Ñ Ð Ï Î Í Ì ﴿ :النحل ،[٥٣ :وجعل اللازم للتخصيص بدلالة التقديم في قوله] ﴾ - , + * ﴿ :التغابن.[١ : المقصد الثالث :في جملة الحمدلة تحتمل أن تكون خبرية لف ظا إنشائية معنى وأن تكون خبرية لف ظا ومعنى، واستشكل الثاني بعدم حصول المطلوب به ،وهو الثناء على آخره ،والإخبار عن الشيء ليس عينه ،بل غيره .ومحل ذلك ما لم يكن من أفراده ،وهو حمد صريحا. حمدا صريح ،هذا في الاسمية وأما الفعلية المضارعية فليست ويقسم المؤلف الكتاب إلى أربعة أركان .الركن الأول» :عن العلم وما يشتمل عليه« ،ويشتمل هذا الركن على أربعة أبواب .الباب الأول »في العلم وأقسامه وأحكامه« وقد قدمه المؤلف على سائر أبواب الركن لشرفه عليها ،ولكونه هو ونقيضا للجهل، غالبا للسؤال والفتوى، مستلزما المقصود بالذات ،ولما كان العلم ووضع للأول الباب الثاني ،وللثاني الباب الثالث ،وللثالث الباب الرابع. والعلم هو صفة يتحلى بها المعلوم على ما هو عليه ،وقيل :إدراك الشيء على حقيقته ،وقيل هو المختار عند البدر الشماخي :إدراك الشيء بحيث مائة كتاب إباضي408 لا يحتمل النقيض ،فالإدراك جنس يشتمل العلم .ثم يتناول المؤلف المعاني المرتبطة بالمعرفة والإدراك بالشرح ،و»الاعتقاد« هو وصول النفس إلى معنى يحتمل النقيض لو ذكر ،وهو حق إن طابق الواقع ،وباطل إن لم يطابق. و»الظن« هو رجحان المعنى المدرك على نقيضه. و»الوهم« هو رجحان نقيض المعنى المدرك عليه. و»الشك« هو تردد النفس بين المعنى المدرك ونقيضه من غير رجحان لواحد منهما ،وهو معنى قولهم .والشك تساويهما ،فخرج جميع الأشياء بقوله بحيث لا تحتمل النقيض ،فانطبق الحد على المحدود. فمما ات ف ق عليه من الاصطلاح إطلاق العلم على العلم اليقيني الذي أيضا إذا كان صدقا،لا إشكال معه ،وعلى الاعتقاد إذا كان ح قا ،وعلى الظن أيضا في هذه المنظومة. كما يعرف بالوقوف على مصنفاتهم ،وكذلك ويتناول المؤلف فكرة تقسيم العلم إلى قديم ومحدث ،وذلك من خلال قوله: ومحدث العلم ضروري بلا تأمل ونظري تؤملا فيذهب الشيخ الخليلي في التعليق على هذا أن العلم ضربان :قديم، ومحدث ،فالقديم هو صفة ذات االله تعالى ،والمحدث هو علم ما عداه تعالى، فخرج بقيد المحدث العلم القديم لأنه لا يتنوع ،وإن حكى بعض أكابر أهل الخلاف أن علمه تعالى متعدد بتعدد المعلومات فهو باطل .وإن قيل :معناه أن االله عالم بجميع المعلومات لا أن علمه تعالى متنوع لأن نفس ذلك الإطلاق في حق علمه تعالى باطل؛ لإيهامه التنوع فيعلمه تعالى ،ولاستلزام ظاهره حدوث علوم له تعالى فيستلزم الجهل بها قبل حدوثها ،والكل باطل. وطرق العلم ثلاثة؛ أحدها :العلم المحض كإدراكنا أن الواحد نصف وعبر عنه بعضهمالاثنين .وثانيها :الوجدان وهو ما يجده الإنسان في نفسه 409مشارق أنوار العقول بالحس الباطل ،وذلك كإدراكنا الجوع والشبع والألم والراحة والحب والبغض. وثالثها :الحس الظاهر. فأما المدرك بالوجدان فلا يكون إلا ضروريا ،وأما المدرك بالعقل والحس رابعا وهي التجربة ،وجعلهافبعضه ضروري وبعضه نظري ،وزاد بعضهم طري قا مركبة من الحس والعقل. ويرى المؤلف أن هذا الطريق داخل تحت العقل .وذهب البعض إلى ذكر أيضا. طريق خامس وهو النقل ،ويذكر المؤلف أن هذا الطريق داخل تحت السمع والباب الثاني في السؤال :والسؤال لغة :الطلب ،وفي الاصطلاح :ما يبرهن به في العلم .وللسؤال أربع تقسيمات كل تقسيم منها باعتبار: التقسيم الأول :باعتبار السائل. التقسيم الثاني :باعتبار حكم الشارع. التقسيم الثالث :باعتبار لفظ السؤال. التقسيم الرابع :باعتبار المسؤول عنه. ويتناول الباب الثالث »الاجتهاد والفتوى« والاجتهاد لغة :مشقة في أمر، يقال :اجتهد فحمل صخرة ،ولا يقال :اجتهد فحمل ذرة .وفي الاصطلاح: استفراغ الفقيه الوسع في استحصال حادثة بشرع أو عقل. والفتوى بالفتح والواو في آخرها أو الضم والياء الف تيا ،هي تبيين نصا منالعالم للحكم ،وكل واحد من الاجتهاد هو فيما لم يجد العالم فيه  كتاب أو سنة أو إجماع ،وأراد العمل به أو الفتوى فعليه أن يجتهد وينظر في أصول تلك القضية ،حتى يستنبط الحكم فيها ،والواجب من الفتوى هو فيما إذا سئلت عن مسألة لا يسعك كتمانها فيجب عليك تبيينها. والمحرم من الاجتهاد هو فيما إذا اجتهد في مصادمة نص قطعي أو عقلي. مائة كتاب إباضي410 فالأول :كاجتهاده في جعل الصلاة مندوبة من قوله تعالى﴾ 1⁄4 » ﴿ : ]البقرة ،[٨٣ :والثاني :كاجتهاده في تجويز صحة رؤية الباري ،والمحرم من الفتوى عقليا. شرعيا أو أيضا سواء كان قطعيا هو ما صادم ثم يتناول المؤلف أصول التشريع بقوله: والأصل للفقه كتاب الباري إجماع بعد س نة المختار ويعرف الشيخ الخليلي أن المراد )بالفقه( هنا هو معرفة النفس ما لها وما عليها ،فيشمل الاعتقاديات وعلم الأخلاق والفروعيات؛ لأن جميعها مستنبط من هذه الأصول الثلاثة وما خالفها ،أو خالف شي ئا منها فهو باطل ،وإنما أطلق اسم الفقه على هذه العلوم الثلاثة ،بناء على طريقة بعض الأقدمين ،حتى أن فقها أكبر لذلك. بعضهم سمى الكلام وما يقصده المؤلف من )كتاب الباري( أي :الخالق ،والمراد به هاهنا: القرآن العظيم ،وهو النظم المنزل على نبينا محمد ژ للإعجاز المنقول عنه السنة ،فإنها وإن كانت وح يا من عنده تعالى ،لكنها تواترا فخرج بالمنزل  لا بطريق الإنزال ،بل بطريق الإلهام. وقوله) :إجماع( هو في اللغة :العزم والاتفاق ،وفي الاصطلاح :اتفاق مجتهدي أمة محمد ژ على أمر في عصر ،وله شروط وأقسام وأحكام ،أما شروطه فهي نوعان :متفق عليه ،ومختلف فيه .وأما أقسامه فهي شيئان :قطعي، وظني ،فالقطعي هو الذي لم يختلف فيه أصلا ،والظني هو الذي ثبت في أصله خلاف :هل هو إجماع أم لا؟ وأما حكمه فهو أنه حجة قطعية في المجتمع عليه يكفر به من خالفه ،وحجة ظنية في المختلف فيه أي لا يكفر من خالفه. والسنة )سنة المختار(؛ أي :أصلية الإجماع بعد سنة النبي ژأما قوله : بالضم :هي ما صدر عن النبي ژ من قول أو فعل أو تقرير ،أما القول فيختص السنة القولية ،والفعل معروف بالحديث ،فإنه لا يطلق عند المحدثين إلا على  411مشارق أنوار العقول وأما تقريره فهو أن يرى قولا أو فعلا صدر من أحد أمته فلم ينكر عليه وسكت، فهو تقرير منه له عليه. السنة إلى قطعية وظنية ،فالقطعية هي المتواتر منها ،والمتواتر ما رواه وتنقسم  جماعة عن جماعة لا يجوز تواطؤهم على الكذب عادة .وأما الظنية فهي التي لم يبلغ نقلها حد التواتر وهو نوعان :إما أن تزيد نقلتها على ثلاثة وتتلقى بالقبول أو لا .فالأول :المستقبض ،وقد اختلف فيه .والثاني :الآحاد وهو إما أن يتصل سنده إلى رسول االله ژ فهو المسند المتصل ،أو يسقط في سنده صحابي فهو المرسل، أو يوقف بسنده على الصحابي فهو الموقوف ،أو يسقط التابع فهو المنقطع. عرف المؤلف الاجتهاد وأصوله قائلا:وي  والاجتهاد عند هذي منعا وهالك من كان فيه مبدعا عالما بالقدر المحتاج إليه والمجتهد هو فاعل الاجتهاد ،وشرطه أن يكون السنة ،وبالقدر المحتاج إليه من من الكتاب ،وبالقدر المحتاج إليه من  الإجماع ،وبالقدر المحتاج إليه من النحو واللغة والتصريف والبلاغة وأصول الفقه ومواضع الاجتهاد. وأما أصول الديانات فليس بشرط وإن ذكره البدر الشماخي لأنه يكفي مقلدا مثلا؛ لأن المحذور منه إنما هو فيه أن يكون صحيح الاعتقاد ،ولو كان ميله إلى الاعتقادات الفاسدة .وبهذا القدر يصح التحرز من ذلك المحذور. عالما بجميع معاني الكتاب، واشترط الإمام أبو الربيع في المجتهد أن يكون السنة ،وصححه بعضهم واختلفوا في تحري الاجتهاد؛ أي :فيماجميع معاني  عالما في بعض الأحكام دون بعض ،هل له أن يجتهد فيماإذا كان المجتهد يعلم أم لا حتى يعلم الجميع قولان أصحهما. ثم يعرض المؤلف أنواع الاجتهاد ،والأخذ بالرأي الأعدل في الفتوى ،فإذا اجتهد المجتهد في حادثة فرأى الأعدلية لأحد الأقوال الموجودة فيها وجب مائة كتاب إباضي412 عليه الأخذ بذلك القول الأعدل ،وحرم عليه الأخذ بالقول المرجوح ،خلافا جوزوالجماعة ،منهم :أحمد بن حنبل ،وسفيان الثوري ،وابن راهويه ،حيث تقليد العالم مطلقا. وقد أسس المؤلف قاعدة كلية ،وهي :أن كل مجتهد لا يجوز له العمل بخلاف اجتهاده ،وشرع يبين ما استثني منها ،فذكر ثلاثة أشياء: أحدها :واجب الأخذ به ،وهو ما إذا حكم عليه حاكم يجب عليه اتباعه بما يرى أنه الأهزل في نظره ،وجب عليه أن يلزم قول حاكمه ،ويترك لذلك نظره، لا إذا حكم له بذلك فإنه لا يحل به أن يأخذ ما يرى أنه حرام. الثاني :جائز الأخذ به وتركه ،وهو ما إذا كان في الأخذ بالأعدل تأس بكافر ،وكان في فعله وهن في الدين جاز له أن يترك الراجح إلى المرجوح ودفعا لتلك المفسدة .واستدل عليه بفعل رسول االله ژرعاية لتلك المصلحة مر عليه اليهودي في القعود عند دفن الموتى بعد أن كان يقوم عند ذلك ،فل ما كذلك ،وأخبره بأن أحباره يفعلون ذلك جلس رسول االله ژ وأمر أصحابه بالجلوس مخالفة لليهود. الثالث :ما فيه مخالفة الراجح مندوب إليها بأن يكون فيترك الراجح زهدا والعدول إلى المرجوح نوع زهد ،كما إذا رأى تحليل أكل السباع فتركها وتأدبا لنهيه ژ عنها. عرف الجهل لغة أنه نقيضويتناول الباب الرابع» :الجهل ومعناه ومجاله« في  العلم ،وفي الاصطلاح قسمان :بسيط وهو عدم العلم بالشيء أصلا عما من شأنه العلم ،بحيث لم يتصوره ولم يخطر بباله ،ومركب وهو اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه في الواقع. والجهل منه الاعتقادي ،ومنه العملي .فالجهل الاعتقادي إما أن يكون في 413مشارق أنوار العقول معرفة االله تعالى ،أو في معرفة رسله ،أو في معرفة ملائكته أو في وعده أو في وعيده ،أو في القضاء والقدر ،أو في الولاية والبراءة أو الوقوف ،فهذه عشرة. والجهل العملي إما أن يكون في المأكولات أو المشروبات أو المنكوحات أو الملبوسات ،أو في فاعل شيء من ذلك .وكل واحدة من الثلاثة الأول ،وهي المأكول والمشروب والمنكوح إما حرام لعينه كالميتة والخمر ،وإما حرام لغيره كنكاح قسما. المشركة ،فتلك ستة أقسام مضروبة في قسمي الجهل فتحصل له بها اثنا عشر أما الركن الثاني من الكتاب فهو )في بيان الجملة وتفسيرها وما يشتمل عليها( وفيه ستة أبواب: الباب الأول في بيان الجملة وبيان كيفية لزومها .فإن أول ما يجب على صانعا صنعه ،وأنه هو الإله ،وأنه ليس كمثله شيء ،وأنالمكلف أن يعلم أن له له رسولا يسمى محمد بن عبد االله بن عبد المطلب القرشي ،وفي لزوم معرفة جده ونسبه قولا. وعليه أن يعلم أن االله تعالى قد كلف العقلاء بتكاليف ،وجعل للتكاليف شرو طا: أحدها :صحة العقل ،فإن المجنون ونحوه غير مكلف. ثانيها :قيام الحجة بالمكلف به على المكلف ،فمن لم تقم عليه الحجة بشيء من فرائض االله تعالى من أوامر ونواه لم يكن عليه فيه تكليف ،ولو قامت عليه الحجة بغيره ،وسواء في ذلك الاعتقادي وغيره .فإذا عرفت هذا عرفت أن الجملة لا يكلف بها إلا بعد قيام الحجة بها كغيرها من سائر اللوازم؛ لأن االله 8حكيم لا يصح عليه التخلف في أحكامه ،فلا يكلف ببعض العبادات بحجة وبعضها بدون حجة ،فيسع جهل الجملة ما لم تقم الحجة بها. والجملة التي كان يدعو رسول االله ژ مشتملة على جميع الدين ،فجميع الفرائض من اعتقاد وغيره داخل تحت معانيها ،وبيان تفسير لها ،ولذا قال ژ : مائة كتاب إباضي414 »إلا بحقها« فإنه لما كان من حقها تأدية الواجبات والانتهاء عن المحرمات حلت دماء من ضيع شي ئا من المفترضات ،أو ارتكب شي ئا من المحرمات إذا كابر عليه ،فلولا أن جميع ذلك من حقها لما حل قتل فاعل شيء منها. ويجب الاعتقاد بأن االله واحد في ذاته وصفاته وأفعاله ،بمعنى :أنه لا يشبه شي ئا في جميع ذلك ولا يشابهه فيه شيء لقوله تعالى﴾ 3 2 1 ﴿ : ]الشورى ،[١١ :وأن الموت حق لقوله تعالى] ﴾ q p o n ﴿ :آل عمران،[١٨٥ : الصور ،وبهاوأن الساعة حق ،وهي النفخة الأولى التي ينفخها إسرافيل ‰في  يميت االله كل حي ،لقوله تعالى] ﴾ Á À ¿ 3⁄4 1⁄2 ﴿ :لقمان.[٣٤ : وأن البعث حق ،وهو عبارة عن النفخة الثانية التي ينفخها إسرافيل ‰في الصور ،وبها يحيي االله كل ميت ﴿ ~ ے ¡ ] ﴾ ©̈ § ¦ ¥¤ £ ¢التغابن[٧ : وأن الحشر حق ،وهو عبارة عن جمع الحيوان إلى موقف الحساب ﴿ h g ] ﴾ r q p o n ❁ l k j iمريم .[٨٦ - ٨٥ :وأن الحساب لقوله تعالى﴾ O N M LK J I H G F E D ﴿ : ]الأنبياء .[٤٧ :وأن حساب االله تعالى مخالف لحساب الخلق؛ لأن حسابه فصل وتمييز لأعمال العباد فيبين للمطيع طاعته وللعاصي معصيته ،ويميز بينهما. وأن الله جملة الملائكة ، 1وهم أجسام نورانية خلقها االله للعبادة، وحملتهم غير جملة الإنس والجن ،فلا يوصفون بذكورية ولا بأنثوية، ولا يأكلون ولا يشربون ،لا يعصون االله ما أمرهم ،ويفعلون ما يؤمرون ،وهم نوعان :روحانيون وكروبيون ،فمن الروحانيين الرسل إلى الأنبياء ،وهم السفرة بين االله وبين رسله ،وأما الكروبيون فهم الذين خلقهم االله 8للعبادة فقط. وأن الله أنبياء من بني آدم عليه وعليهم السلام ،وقد اختلف في عددهم، والمشهور أنهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا ،وقيل :مائتا ألف وأربعة وعشرون ،ومنهم الرسل .والإيمان بجميع الأنبياء والرسل مجملا مجز من غير 415مشارق أنوار العقول ملاحظة إلى عدد إلا من قامت عليه حجة بمعرفة نبي بعينه كالمسمين في الكتاب العزيز ،فيجب عليه أن يؤمن به خاصة بعد قيام الحجة عليه ﴿ q p ] ﴾ { z y x w v u t s rالبقرة.[٢٨٥ : ويستكمل المؤلف موضوعات الإيمان الواجب على المسلم التسليم والإذعان لها ،فبعد أن ذكر االله وصفاته وأن ليس كمثله شيء ،وبعد أن تحدث عن اليوم الآخر ،والملائكة والرسل انتقل إلى ضرورة الإيمان بالكتب ،أي: بالكتب التي أوحاها االله إلى رسله وأنبيائه وهو كلام خلقه االله فيما شاء، والحكمة في إنزاله تعليم الناس ما لهم وما عليهم. ويأتي بعد ذلك ضرورة الإيمان بالقضاء والقدر ،ومعرفة الشرك وما يترتب عليه من الأحكام ،ومعرفة التوحيد وما يترتب عليه ،واعتقاد الخوف والرجاء والولاية والبراءة والوقوف. ويتناول الباب الثاني من الركن الثاني )في التوحيد( وفيه أربعة فصول وخاتمة. الفصل الأول) :في نفي الأضداد والأنداد والتجسيم عن االله تعالى( بالإضافة إلى إخلاص العبادة الله ،وتنزيه االله تعالى عن صفات الأجسام. ويقدم الفصل الثاني :البراهين العقلية الدالة بقطعيتها على نفي الأشباه والشركاء عن المولى ج ل وعلا ،ونفي الشريك الله تعالى. ويعرض الفصل الثالث :لصفاته تعالى ،فيتحدث عن الصفات الذاتية والفعلية. ويتناول الفصل الرابع :موضوع الرؤية الله تعالى ،ويأخذ المؤلف بالرأي الذاهب إلى نفي رؤية االله تعالى ويبين استحالتها عقلا ،ثم يعرض الأدلة النقلية في ذلك ،ويورد في ذلك آيتين :إحداهما قوله تعالى﴾ 7 6 5 ﴿ : ]الأنعام ،[١٠٣ :والأخرى قوله تعالى] ﴾̄ ® ﴿ :الأعراف.[١٤٣ : مائة كتاب إباضي416 أما حكم معتقد الرؤية فيذكره المؤلف قائلا: ومن يدن بها بكفر النعم فاحكم له والشرك أن يجسم أي :أن من يعتقدها دي نا فهذا حكمه ،وكذلك من يعتقد ثبوتها على سبيل الاجتهاد ،حيث لم يحظ مخالفه فيها ،فإنها ليست من المسائل الاجتهادية. ويرى المؤلف أن معتقدي الرؤية صنفان: أحدهما :قالوا :إن االله تعالى يرى في الدنيا والآخرة ،وهؤلاء صنفان :فمنهم من قال :إنه يراه في الدنيا والآخرة كل ولي شاء االله أن يراه ،وهؤلاء مشركون لمصادمة الكتاب ،وصنف منهم خصوا الرؤية في الدنيا لمحمد ژ ،وهؤلاء محمدا ژ رأى ربه ليلة منافقون لتأولهم الكتاب بحديث وضع لهم أن فخصصوا بهذا الحديث قوله تعالى﴾ 7 6 5 ﴿ :الإسراء، ]الأنعام .[١٠٣ :وهذا التخصيص باطل؛ لأن هذا الخبر خبر آحاد لا يثبت به الاعتقادان لو صح عن راويه. الصنف الثاني :من معتقدي الرؤية قالوا :إن االله لا ي رى في الدنيا أصلا أيضا صنفان:لا لولي ولا لنبي ،وإنما ي رى في الآخرة خاصة ،وهؤلاء أحدهما :قالوا :إنه يرى في الآخرة عن جهة وحيز ،وله جسم ووجه ويد كأجسامنا أو أوجهنا وأيدينا ،وهؤلاء مشركون لمساواتهم ربهم بخلقه .فهم صنما يزعمونه ربا. يعبدون وثانيهما :تستروا عن هذا التشبيه ،فقالوا :نراه في الآخرة بلا كيف؛ أي: بلا هيئة ولا حالة تكيفها ،وهذا فرار من صريح التشبيه مع الوقوع فيه معنى. وحكم هؤلاء عند المؤلف أنهم منافقون لتأولهم الكتاب وتعلقهم به، وذلك أنهم تأولوا قوله تعالى ﴾ 7 6 5 ﴿ :بنفي الإدراك في دار الدنيا لقوله تعالى] ﴾ / . - ❁ + * ) ﴿ :القيامة.[٢٣ - ٢٢ : 417مشارق أنوار العقول ويعرض الباب الثالث موضوعات عن الرسل والملائكة والكتب ،وفيه مقاصد: المقصد الأول :في جواز بعث الرسل والحكمة من بعثهم يذهب المؤلف إلى أن بعث الرسل شيء جائز عقلا ،أي :من الجائز في حقه تعالى بعث الرسل لا من الواجب عليه تعالى خلافا للمعتزلة والفلاسفة، ولا من المستحيل عليه خلافا للبراهمة والسمنية ،ونحوهم. أما المعتزلة فأوجبوا بعثة الرسل على االله تعالى؛ لأن صلاحية أمر المعاش والمعاد متوقفة على وجودهم ،فلا يتم نظامها إلا بهم وهو مبني على مذهبهم الفاسد بوجوب رعاية الأصلحية على االله تعالى ،ووجوب مراعاة الأصلحية ورد الشرع إليه ،وقد تقدم إبطاله. مبني على قولهم بتحكيم العقل ، وأما الفلاسفة فقد أوجبوا ذلك على االله تعالى بطريق الع لة أو الطبيعة وبطلان مذهبهم ظاهر لأن االله تعالى هو الصانع المختار لا العلة ولا الطبيعة. أما القائلون باستحالة البعثة فمنهم من ذهب إلى أنها مستحيلة لذاتها لاحتمال أن يكون ذلك الخبر الذي جاء إلى هذا البشر إنما هو من إلقاء الجن علما يدرك به أن ذلك الخبرإليه ،وأجيب بأنه يخلق االله في البشر الموحى إليه من عند االله ،لا من عند الجن والشياطين. ومنهم من زعم أنها مستحيلة لاستحالة التكليف مع إمكانها في نفسها. ومنهم من زعم أنها مستحيلة لاستحالة خرق العادة عقلا ،وأجيبوا بأن خرق العادة ليس هو بأشد من إبداء خلق السماوات والأرض. ومنهم من قال بجوازها وأنكر وقوعها ،وأجيبوا بوجود المعجزات الدالة على وقوع النبوة حيث لا معارض. وبعث الرسل؛ أي :إرسال الرسل إلى الخلق مبشرين ومنذرين أيضا من الجائز عليهمقرونين بالمعجزة الدالة على صدقهم ،وكذلك مائة كتاب إباضي418 تعالى الإيحاء إلى نبي لم يأمر بالتبليغ فيختص باسم النبي دون الرسول؛ لما بينهما من فروق. ثم يتحدث المؤلف عن المعجزة ،وأن المعجزة لغة :مأخوذة من العجز، وهو ضد القدرة ،و عرفا :أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي الذي هو دعوة الرسالة أو النبوة مع عدم المعارض ،وقال سعد الدين التفتازاني :هي أمر يظهر بخلاف العادة على يد مدعي النبوة عند تحدي المنكرين على وجه يعجز المنكرون عن الإتيان بمثله ،وقد اعتبر المحققون فيها سبعة قيود: تركا :فالأول كالقرآن ،والثاني كنبع الماءالأول :أن تكون قولا أو فعلا أو من بين أصابعه ژ ،والثالث كعدم إحراق النار لسيدنا إبراهيم. الثاني :أن تكون خارقة للعادة ،وهي ما اعتاده الناس ،واستمروا عليه مرة بعد أخرى ،وخرج بذلك غير الخارق ،كما إذا قال :آية صدقي طلوع الشمس من حيث تطلع وغروبها من حيث تغرب. الثالث :أن تكون على يد مدعي النبوة أو الرسالة ،وخرج بذلك الكرامة، وهي ما يظهر على يد عبد ظاهر الصلاح والمعونة. حكما بأن الرابع :أن تكون مقرونة بدعوى النبوة أو الرسالة حقيقة أو تأخرت بزمن يسير ،وخرج بذلك الإرهاص ،وهو ما كان قبل النبوة والرسالة تأسيسا لها كإظلال الغمام له ژ قبل البعثة. الخامس :أن تكون موافقة للدعوى ،وخرج بذلك المخالف لها كما إذا قال: آية صدقي في انفلاق البحر فانفلق الجبل. السادس :أن لا تكون مكذبة له ،وخرج بذلك ما إذا كانت مكذبة له كما إذا قال :آية صدقي نطق هذا الجماد ،فنطق أنه مفتر كذاب. السابع :أن تتعذر معارضته ،وخرج بذلك السحر ،ومنه الشعبذة وهي خفة في اليد ترى أن لها حقيقة ولا حقيقة لها كما يقع للحواة. 419مشارق أنوار العقول وزاد بعضهم ثام نا :وهو أن لا تكون في زمن نقض العادة كزمن طلوع الشمس من مغربها ،وخرج بذلك ما يقع من الدجال كأمره للسماء أن تمطر فتمطر ،وللأرض أن تنبت فتنبت. والمقصد الثاني :فيما يجب للرسل وما يستحيل عليهم ،وما يجوز في حقهم وفي حكم ذلك .فما يجوز للرسل أن لهم صفات جائزة وأخرى واجبة وثالثة مستحيلة. والمقصد الثالث :في تفضيل الأنبياء بعضهم على بعض ،وهو مقصور على السماع؛ أي :ليس لأحد أن يدخل هذا الباب باجتهاد منه؛ لأنا لسنا أهلا للحكم في ذلك ،وقد اختلفت الطرق في تفضيل بعضهم على بعض ،مع الاتفاق أن وبعضهم نوحا، وبعضهم بعضهم بعده آدم، أفضل الكل نبينا ژ ،ففضل وبعضهم إبراهيم. وبعضهم عيسى، موسى، فنوحا قال القطب :وهو الصحيح في نظر الشيخ الخليلي أنه فض ل موسى فعيسى ،وبعضهم فضل عيسى على نوح فقال :هكذا أفضل الأنبياء نبينا فإبراهيم جميعا الصلاة والسلام ،وهذا ما يستفاد من قول المؤلف:فموسى فعيسى فنوح عليهم أفضلهم نبينا ثم الخليل ثم الكليم بعده عيسى الجليل وبعدهم نوح فباقي الرسل فالأنبياء ذوو المقام الأكمل المقصد الرابع :في نسخ شرائعهم )الرسل( بشرائع نبينا. ويتناول المقصد الخامس :الملائكة ،ويشير المؤلف أنه لا نزاع في أفضلية أيضا لا نزاع في تفضيل الأنبياءنبينا محمد ژ على جميع الخلق ،وكذلك على الملائكة السفلية الأرضية ،وأما تفضيلهم على الملائكة العلوية ،فذهب إليه جمهور الإباضية وجمهور الأشعرية مستدلين بأدلة .وذهب الزمخشري إلى تفضيل جبريل على نبينا عليهما الصلاة والسلام. مائة كتاب إباضي420 وذهبت المعتزلة وأبو عبد االله الحليمي والقاضي أبو بكر الباقلاني إلى أن الملائكة أفضل من الأنبياء ،واستدلوا على ذلك بوجوه عقلية ونقلية. واختلف القائلون بتفضيل الأنبياء على الملائكة :هل الملائكة أفضل من سائر المؤمنين ،أم المؤمنين أفضل منهم؟ واحتج من قال بأفضلية الملائكة بقوله تعالى: ﴿ ] ﴾ : 9 8الأنبياء [٢٦ :وفيه أن وصفهم بالإكرام لا يقتضي نفيه عن غيرهم ،وبقوله تعالى] ﴾  Á À ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » ﴿ :التحريم.[٦ : واستدل القائلون بتفضيل المؤمنين على الملائكة بقوله تعالى حكاية عنهم: ﴿ ] ﴾ ; : 9 8 7 6 5فصلت[٣١ :؛ أي :نخدمكم فيهما، أحدا لا يستلزم أن يكون المخدوم أفضل منه ،فإن سيد القوموفيه أن يخدم خادمهم ،ولأن رسول االله ژ ربما خدم غيره كما هو مشهور. المقصد السادس :في الكتب والإيمان بها :ويجب الإيمان بالذي أنزله خصوصا ،وهي مائةعموما ،وبالقرآن الرحمن من الكتب السماوية إلى أنبيائه كتاب وأربعة كتب كما في حديث أبي ذر 3خمسون منها على »شيث«، وثلاثون على »إدريس« ،وعشرة على إبراهيم ،وعشرة على موسى قبل التوراة، والأربعة هي التوراة على عيسى ،والزبور على داود ،والإنجيل على عيسى، والفرقان على نبينا محمد ژ ،وهو ناسخ لكتابتها وتلاوتها وبعض أحكامها أيضا ،ويليه التوراة فالإنجيل فالزبور وهو كلام عبري ،والتوراةوهو أفضلها عبراني ،والإنجيل رومي ،والزبور سرياني. أما الباب الرابع من الركن الثاني فهو عن »الوعد والوعيد« ،وفيه أربعة فصول: عرف المؤلف الموت بأنهوي  الفصل الأول :في الموت والبعث والحساب . ض وعرفه بعضهم بأنه انقطاع الحياة ،وبعضهم ع ر مفارقة الروح للجسد ، تضمحل به الحياة ،وبعضهم بأنه كيفية مخلوقة في الحي .ودليل هذين التعريفين قوله تعالى] ﴾ . - , ﴿ :الملك.[٢ : 421مشارق أنوار العقول والبعث؛ أي :رد الروح إلى الجسد ،وفيه تصريح بأن الإعادة هي للروح وأجسادها التي كانت في الدنيا خلافا لمن زعم من الكفار أنها تعاد في أجسام هي مثل الأجسام الأول لا عينها ،لمن قال :إن الأرواح هي المعادة دون الأجسام. وشرا؛ أي: خيرا والحساب لغة :هو العدد ،وفي الاصطلاح :هو تمييز العمل تبيين عمل الخير لصاحبه وتبيين المقبول منه والمردود ،وتبيين مقدار عقابه، شرا ،قولا خيرا كانت أو وعرفه بعضهم بأنه توقيف االله الناس على أعمالهم  كانت أو فعلا ،تفضيلا بعد أخذهم كتبها. ثم يذكر المؤلف أن الأمر اختلف في وجود الجنة والنار الآن ،فذهب جمهور الإباضية والأشاعرة وبعض المعتزلة إلى أنهما موجودان الآن ،واستدلوا بقصة آدم وحواء ، 6وإسكانهما الجنة وإخراجهما منها بالزلة. والقول بأن الجنة التي كان فيها غير الجنة الموعودة في الآخرة تحكم من كثيرا منها قائله إذ لا دليل عليه ،والأخبار الصحيحة سالكة هذا المسلك ،فإن ما يدل على وجودهما الآن. ويتناول المؤلف في الفصل الثاني) :الميزان والصراط( ،والفصل الثالث )الشفاعة( ،ويرى المؤلف أن شفاعة الرسول للتقي ،أي :شفاعة نبينا محمد ژ مقصورة على التقي من المكلفين ،والتقي هو من جانب المحرمات وأدى الواجبات فلا شفاعة لغيره من الأشقياء لقوله تعالىL K J I ﴿ : ] ﴾ Mالأنبياء ،[٢٨ :وقوله تعالىË Ê É È Ç Æ Å Ä Ã Â ﴿ : ] ﴾ Í Ìالبقرة ،[٤٨ :وقوله تعالى﴾ @ ? > = < ; : ﴿ : ]غافر .[١٨ :وهذه الآيات عامة فيها تصريح بأن الشفاعة مقصورة على من ارتضاه االله ،وفي الثالثة دليل على نفيها عن الظالم وهو اسم لكل من ظلم نفسه أو ظلم غيره ،فلا تخص المشركين كما زعموا. مائة كتاب إباضي422 فإن من ثبتت له الشفاعة في دخول الجنة لا يدخل النار فضلا عن أن يخلد فيها ،ويخالف المؤلف الأشاعرة الذين أثبتوا الشفاعة لأهل الكبائر تعويلا على حديث رووه »شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي« ويرد عليهم بوجوه: أحدها :أنه خبر واحد لا يعارض القطعي. وثانيها :أنه لو لم يعارض قطع يا لما أوجب العلم. وثالثها :أنه عارضته رواية مثلها ،ونصها» :لا تنال شفاعتي أهل الكبائر من أمتي«. ويتناول الفصل الرابع :الخلود في الجنة والنار ،ويتناول مذاهب الناس فيه: المذهب الأول :وهو قول الأشعرية إن أهل الشرك مخلدون في النار ،وأهل الكبائر مما عدا الشرك إما أن يعفى عنهم فلا يدخلونها ،وإما أن يعذبوا بقدر أعمالهم ثم يخرجون منها. المذهب الثاني :أن أهل النار مشركهم وفاسقهم غير مخلدين فيها ونسب هذا إلى طائفة خرجت عن الإسلام. قطعا ،وإنما العذاب لأهلالمذهب الثالث :أن أهل الكبائر غير معذبين الشرك خاصة ،ونسب هذا إلى مقاتل وبعض المفسرين. المذهب الرابع :أن الجنة والنار فانيتان بعد دخول أهل كل واحد منهما فيها ،و نسب هذا إلى جهم بن صفوان. المذهب الخامس :وهو مذهب أهل الاستقامة والمعتزلة أن أهل الكبائر دائما ،وأهل الطاعة ممن عصى االله كانوا مشركين أو فاسقين مخلدون في النار دائما ،لكن أهل الاستقامة يقول :إن التعذيب بعدل االلهمخلدون في الجنة وبفضله ،والمعتزلة يقولون بوجوب ذلك عليه تعالى بناء على أصلهم الفاسد في التحسين والتقبيح العقليين. 423مشارق أنوار العقول ويعرض الباب الخامس من الركن الثاني »القضاء والقدر« والإيمان بهما، وحكم الخوض فيهما ،والإيمان بالقضاء والقدر يعني :أن نصدق على وجه الإذعان والتسليم بالقضاء والقدر. وبين لنا عاقبة ويرى المؤلف أن االله تعالى خ يرنا في فعل الخير والشر ، الأمرين فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ،وجعل لنا قدرة على اكتساب أيهما شئنا لا على خلقه ،فإنه هو الذي يخلقه فينا حال اكتسابنا له ،وبهذا التخيير وهذا الاكتساب ارتفع الاتصاف بالجبر فلا يقول :إنه تعالى مجبر لنا على فعلها لقوله تعالى] ﴾ Å Ä Ã Â Á À ﴿ :الأنبياء [٢٣ :على أنا نعلم أنه هو الخالق لفعلنا ،والخالق لقدرتنا التي نكتسب بها ،والخالق لاختيارنا الذي اخترنا به سلوك إحدى الطريقين. ويختم المؤلف هذا الركن بالباب السادس وهو في )الإيمان والإسلام(. ويوافق المؤلف رأي المعتزلة على ترادف الإيمان والإسلام الشرعيين ،وأن الشرع نقلهما إلى الإتيان بالواجبات .فسمى إتيان الأمور به دي نا ،والدين هو الإسلام ،وما ليس بإسلام فليس بدين. والركن الثالث )في الولاية والبراءة ،وما يشتملان عليه ،وما يتوالدان منه( أي :يتسببان منه كالوفاء بالطاعة سبب للولاية ،وارتكاب الكبيرة سبب للبراءة، والمراد بقوله :وما يشتملان عليه كأقسامهما وأحكامهما وأحكام الولي والعدو والوقوف عمن لم يعلم منه خير ولا شر ،فإنهما مشتملتان عليه. وثمرة هذا التوصل إلى رضوان االله في موالاة أوليائه ومعاداة أعدائه ،وهو الفوز الأكبر والمقام الأفخر .ومن ثمرته ائتلاف المؤمنين واجتماع شملهم فينتظم أمرهم ،ومجانبة الفساق واعتزالهم والسلام من مخالفتهم. قائما علما ويشير المؤلف إلى أن علماء مذهبه قد جعلوا علم الولاية والبراءة بنفسه وأفردوا فيه مصنفات عديدة ما بين مطول ومختصر ،ولذا فالمؤلف خصص مائة كتاب إباضي424 في منظومته الركن الثالث لهذا الموضوع لعلمه أنه نوع من علم الاعتقاد. ويشتمل الركن الثالث على ستة أبواب: الباب الأول :في وجوب الولاية والبراءة ،وأقسامهما. الباب الثاني :في الولاية والبراءة بحكم الظاهر. الباب الثالث :في أقسام الوقوف ،وأحكامه. الباب الرابع :في الصغائر والكبائر ،وأحكام ذلك ،وأقوال العلماء في الولي المرتكب للذنب. الباب الخامس :في ذكر شيء من الكبائر ،وفي أحكام القاذف. الباب السادس :في انقسام الكبائر إلى كفر جحود وكفر نعمة ،وأحكام المشركين. أما الركن الرابع والأخير من الكتاب فهو )في التوبة وأحكامها( ويشتمل هذا الركن على أربعة أبواب: الباب الأول) :في التوبة وأقسامها وأحكامها( أي :في بيان حقيقة التوبة ما هي ،وفي بيان انقسامها إلى واجب وغير واجب ،وإلى سر وجهر ،وفي بيان أحكامها متى تكون مقبولة ،ومتى لا تكون مقبولة ،وممن تقبل وممن لا تقبل. وأركان التوبة الشرعية ،كما روي عن ابن عباس 3أنه قال» :التوبة النصوح الندم بالقلب والاستغفار باللسان والإقلاع بالبدن ،والإضمار على أن لا يعود« .وبعضهم جعل هذه الأشياء ما عدا الرجوع عن الذنب شرو طا للتوبة لفظيا. لا أركا نا لها ،وجعل بعضهم الخلاف في كونها أركا نا أو شرو طا الباب الثاني) :في حالات التائب( ويبحث المؤلف في هذا الباب أمرين: مضيعا لحق من حقوق االله 8ماذا عليه؟ وثانيهما :ما إذاتائبا أحدهما :إذا كان كان عمل الطاعة في حال إصراره هل يعطى ثواب تلك الطاعة إذا تاب من تلك المعصية؟ 425مشارق أنوار العقول الباب الثالث) :في توبة المحرم والمستحل( ويبحث المؤلف فيه أمرين: أحدهما :كيفية توبة كل واحد من المستحل والمحرم إجمالا وتفصيلا، حرمه في دينه وثانيهما :في التبعات والضمانات المتعلقة بالمنتهك لما وبالمستحل لما فعله. وذكر الشيخ الخليلي أن المحرم المنتهك هو من يأتي الأشياء المحرمة في دينه على غير اعتقاد لها باستحلال ،والمستحل هو الذي يأتي الأشياء اعتقادا منه أنها حلال متمسك ا على ذلك بشبهة منالمحرمة في دين االله تعالى كتاب أو سنة أو إجماع ،فهو جازم بتلك الشبهة ،ومعتقد أنه الدليل القاطع، ويلتزم بها تخطئة من خالفه في ذلك دي نا ،أما إذا لم يكن بهذه المثابة فليس هو بالمستحل. ويتناول الباب الرابع) :الأمور التي لا تجب التوبة منها( أي :الأمور المعفو عنها إذ إن عفو االله تعالى بم نه وكرمه عنها على لسان رسول االله ژ حيث قال: »إن االله تعالى تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه« .وفي حديث آخر» :أن االله تعالى تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به«. فدل هذان الحديثان على أن العفو والتجاوز منه تعالى إنما هو لأربعة أمور: الخطأ ،والنسيان ،والاستكراه ،وحديث النفس .وقد عقد المؤلف لكل واحد واحدا. فصلافصلا ،وعقد للنسيان وحديث النفسمن الاستكراه والخطأ 426 ∫ƒ°UC’G ¢ùa°T ìô°T ,¢ùa°ûdG á©∏W ) »adÉ°ùdG ó«aM øH ˆG óÑY øjódG Qƒfت ١٣٣٢ه١٩١٤/م( تحقيق :عمر حسن القيام مكتبة الإمام السالمي ولاية بدية سلطنة عمان توزيع دار الراشد للطباعة والنشر والتوزيع بيروت ،لبنان ،ط٢٠٠٨ ،١م. ج ٤٨٣ :٢صفحةعدد الصفحات :ج ٥٨٨ :١صفحة قدم تصدير هذا الكتاب معالي الشيخ عبد االله بن محمد السالمي وزير الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة عمان .وأشار إلى أن هذا الكتاب قد كتب في السنوات الأولى للقرن العشرين ،وما اقتصر المؤلف على استيفاء مباحث الأصول التقليدية لدى شيوخ المذهب الإباضي ،بل قارن تلك الأصول في سائر الأبواب بأصول المذاهب الفقهية الأخرى .وأضاف لذلك تعليقات مستفيضة ومستنيرة خطرت له نتيجة لهذا الجهد المقارن. ويؤكد الشيخ عبد االله السالمي أن الرائع في هذا النص تلك المقارنة بالعودة إلى سائر المصادر ،ثم عدم الخضوع للتقليد المذهبي أو المقارن .إذ قد يصل الشيخ لرأي ذكره السابقون ،فلا يتردد في الأخذ به لقوة الدليل وغلبة الظن وإيثار التحقيق .وقد اتبع فيه الإمام الطريقة المقارنة التي جمعت تراث الأصول الفقهية كلها دونما إخلال أو تعقيد. ويتكون الكتاب من مقدمة للتحقيق ،وترجمة للمؤلف ،ومنهج الإمام يتكون القسم الأول من خمسةالسالمي في كتابه» :طلعة الشمس« ،وقسمين: أركان .كل ركن يتناول أحد مصادر التشريع التي يعتمد عليها الإباضية .أما القسم الثاني من الكتاب فهو في الأحكام ،وفيه أربعة أركان. يذكر المحقق في مقدمته أن هذا الكتاب» :طلعة الشمس شرح شمس 427طلعة الشمس ،شرح شمس الأصول الأصول« للفقيه المحقق أبي محمد عبد االله بن حميد السالمي أحد أعيان وتصنيفا ..واحد من أهم كتبوإفتاء تدريسا علماء المذهب الإباضي الأصول في المذهب. وهو كتاب دقيق المسلك ،محكم البناء ،عميق الغور لم يكتف فيه المصنف بالنقول المجردة عن علماء الأصول ،بل سلك فيه مسلك أهل الاجتهاد في صوابا أصولا وفرو عا. مناقشة الآراء والترجيح بين الأقوال ،واختيار ما يراه وقد لقب نور الدين السالمي بعدة ألقاب تدل على عظم مكانته بين أقرانه  والعلامةالعلماء وعند طلاب العلم ،ف لقب بشمس العصر ،وبوحيد الدهر، المحقق فخر المتأخرين. وللإمام السالمي مؤلفات متعددة ،جمعت بين العقل والنقل ،والاطلاع على الاتجاهات المختلفة في عصره ،مع اطلاع على كتب الفرق المتعددة ،وقد خرج فيه أقوال شتىساعده كل ذلك على إتقان علم أصول الفقه الذي المذاهب والاتجاهات ،وهو ما ظهر بوضوح في كتابه» :طلعة الشمس«. عد علم أصول الفقه ،وهو موضوع هذا الكتاب من أهم العلوم الشرعية،وي  وأولاها بالاعتناء ،وتنبع أهمية هذا العلم من كونه الطريق الذي من خلاله يتمكن المجتهد من الوصول إلى استنباط الأحكام من الأدلة. ود ون قبل علم أصول الفقه ،الذي كانت له أصولوضع علم الفقه وقد وضوابط وقواعد يعرفها العلماء ،ومستقرة في نفوس المجتهدين ،يسيرون في ضوئها ،وإن لم يصرحوا بها. ويعتبر كتاب» :الرسالة« للإمام الشافعي أول المصنفات التي نعرفها في هذا العلم ،الذي افترق العلماء إزاءه إلى اتجاهين ،تميز كل منهما بطابع وأسلوب في تناول مسائل علم أصول الفقه: مائة كتاب إباضي428 الاتجاه الأول :مدرسة المتكلمين ،أو ما عرف بطريقة الشافعية التي كانت تعتمد على تقرير القواعد الأصولية مدعومة بالأدلة والبراهين ،دون التفات إلى موافقة أو مخالفة هذه القواعد للفروع الفقهية المنقولة عن الأئمة المجتهدين. وهو اتجاه نظري غايته تقرير قواعد هذا العلم كما يدل عليها الدليل. الاتجاه الثاني :اتجاه مدرسة الفقهاء ،أو ما عرف بطريقة الحنفية ،والتي كانت تعتمد على تقرير القواعد على مقتضى ما نقل عن الأئمة من فروع فقهية ،وامتاز هذا الاتجاه بالطابع العملي ،فهو دراسة عملية تطبيقية للفروع الفقهية المنقولة عن أئمة المذهب ،ويقوم على استخراج القوانين والقواعد والضوابط الأصولية. السنة ،وهذه وتتفق الإباضية في أصول التشريع مع بقية مذاهب أهل  والسنة ،والإجماع ،والقياس ،والاستدلال الذي يندرجالأصول هي :القرآن، تحته الاستصحاب ،والاستحسان ،والمصالح المرسلة. عد الشيخ السالمي من دعاة الوحدة الإسلامية ،ويرى أن ما نشأ منوي  اختلاف بين المسلمين ،وتفرقهم إلى مذاهب واتجاهات يعود في تاريخه الأول إلى الخلاف الذي بدأ منذ عصر علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، وسببه التحاسد والتباغض وطلب الرئاسة والاستبداد بالأمر ،ونشأ عن هذا الخلاف اختلاف في المذاهب. ويهدف السالمي إلى جمع شمل الأمة بعد تشعب الخلاف ،وأقرب الطرق لتحقيق هذا هو دعوة الناس إلى ترك الألقاب المذهبية ،وحثهم على التسمي بالإسلام ،فإذا استجاب الناس إلى هذه الخصلة العظيمة ذهبت عنهم العصبية المذهبية .فوحدة المسلمين محققة لهم بفضل وحدة عقيدتهم وعبادتهم. أساسا أما الاختلاف الموجود بين المذاهب السياسية في الإسلام فيعود إلى المصالح الدنيوية ،وادعاء كل فرقة أنها على حق وصواب وغيرها في ضلال ،فأدى هذا إلى الفتنة الكبرى التي وقعت بعد ذلك بين المسلمين. 429طلعة الشمس ،شرح شمس الأصول كما نتج عن هذا الاختلاف عدم احترام رؤية الآخرين ،فاستغل الخصم هذه الحالة ،يضاف إلى هذا ترك المسلمين الأصول الواضحة في القرآن بعضا ،وهذا الكريم ،والتمسك ببعض الجزئيات ،والذهاب إلى تكفير بعضهم بعينه هو الخروج عن الإسلام الصحيح. كتابا في شرح علم أصول الفقه على المذهبويعتبر كتاب» :طلعة الشمس« الإباضي ،وقد وضع الإمام السالمي أرجوزة في الأصول في مرحلة شبابه ،ثم عددا عاد إلى هذه الأرجوزة مرة أخرى لشرحها واستيفاء بعض المسائل ،وعقد من المقارنات في سائر الأبواب بأصول المذاهب الأخرى. وقد تميز هذا الكتاب بالاستيفاء لجميع المباحث ،وعقد المقارنة بالعودة إلى سائر المصادر ،مع عزو الأقوال إلى أصحابها ،كما يشير إلى المراجع التي استفاد منها ،وتلك الأقوال والمراجع كثيرة في هذا الكتاب. ولم يكتف الإمام السالمي بالرجوع إلى المؤلفات الأصولية؛ بل إنه استفاد من كل المراجع التي يعتمد عليها علم الأصول من كتب تفسير ،وشروح للحديث ،وكتب اللغة والعقيدة ،وغير ذلك ،ولم يقتصر على مجرد النقل ،بل كان يرجح ما هو راجح في عبارة سهلة لا غموض فيها ،بلا تعصب لأحد من العلماء الأصوليين على حساب آخر. وفي بعض الأحيان يقوم بتذييل بعض المسائل ببعض التنبيهات ،فيما يحتاج إلى ذلك ،وعندما يعرض لمسألة لغوية أو بلاغية يتحرى النقل الصحيح عن أئمة اللغة والبلاغة ،كما فعل ذلك في مسألة الترادف وحروف المعاني، والحقيقة والمجاز ،وغير ذلك. كما امتاز كتاب السالمي بتحرير محل النزاع في حالة ما احتاج الأمر إلى كثيرا من المصطلحات لأهل العلم في مدوناتهمأيضا بأنه وضح ذلك ،وامتاز ومؤلفاتهم ،بالإضافة إلى عدم خضوعه للتقليد ،واعتماده المنهج المقارن. مائة كتاب إباضي430 تتويجا لنصوص الأئمة المتقدمين ،كماولهذا فإن نص »طلعة الشمس« يأتي وتجديدا في علم أصول الفقه. إسهاما يأتي وقد اتبع الإمام السالمي في هذا الكتاب الطريقة المقارنة التي جمعت تراث علم أصول الفقه من غير تعقيد ،فهو كتاب دقيق محكم ،لم يكتف فيه بالنقول المجردة عن علم الأصول؛ وإنما برزت مهارته في مناقشة الآراء صوابا أصولا وفرو عا. والترجيح بين الأقوال ،واختيار ما يراه ونرى في كتاب السالمي نقولا من مذاهب أخرى ،فهو لم يكتف بالنقل عن مذهبه الإباضي ،بل استفاد من المذاهب الفقهية الأخرى ،حيث إن عقيدة السنة في الكثير ،وتختلف في القليل.الإباضية تتفق مع أهل  والسنة كمصدر للعلوم الدينية ،ويقولونفالإباضية يعتمدون على القرآن دون الحديث النبوي ،وأول من قامبالرأي ويأخذون بالإجماع ،وهم أول من  بذلك إمامهم جابر بن زيد )ت ٩٣ه( ،حيث جمع الحديث في كتاب أسماه: »ديوان جابر« ،ولكن هذا الديون قد فقد ،ثم سار على منواله الربيع بن حبيب الفراهيدي الذي عاش حوالي منتصف القرن الثاني ،وكتابه معروف باسم: »مسند الربيع بن حبيب« ،وهو مطبوع ومتداول. وقد امتاز كتاب» :طلعة الشمس« في أسلوبه وجمعه بين مذاهب الأصوليين ومذاهب غيرهم كالزيدية .أما ما انفرد به هذا الكتاب فهو تحريره لمسائل أصولية وفروعية ،ولم يسلك مسلك القدماء من الإيجاز في العبارة والغموض ،وإدخال قضايا المنطق في كثير من المسائل التي احتاجت في فك رموزها إلى حواش وتعليقات ،فكان أسلوب الكتاب واضح بنفسه ،لا يحتاج إلى حواش أو تعليقات .فهو سهل العبارة ،يمكن فهمها من جمهور الناس، وإدراك معانيها والمقصود منها .وبالكتاب تحقيقات في بعض المسائل التي انفرد بها الشيخ السالمي. 431طلعة الشمس ،شرح شمس الأصول وقد اعتمد الإمام السالمي على كثير من المصادر الأصولية ،مثل» :منهاج الأصول« لابن المرتضى الزيدي ،و»شرح البدر الشماخي على مختصره«، و»حاشية الأزميري« ،كما أنه اعتمد على »شرح الإمام المحلي لجمع الجوامع«، و»حاشية البناني عليه« ،و»التلويح على التوضيح« للتفتازاني. وقد رجع السالمي إلى كتب أخرى تعد من أمهات كتب الأصول ،لكنه لم يعتمد عليها اعتماده على ما ذكره من الكتب المتقدمة ،ومن أمثلة هذه الكتب: كتاب »الإحكام في الأصول الأحكام« للآمدي ،و»مختصر المنتهى« لابن الحاجب ،و»المحصول في علم الأصول« للإمام الرازي ،و»اللمع والتبصرة« لأبي إسحاق الشيرازي ،و»المستصفى من علم الأصول« للإمام الغزالي، و»حصول المأمول من علم الأصول« لصديق حسن حسان ،و»نهاية السول شرح منهاج الوصول للبيضاوي« للإسنوي. كما رجع الشيخ السالمي إلى مصادر أخرى في غير علم الأصول ،مثل: كتاب »غاية البيان« ،و»الإتقان في علوم القرآن« للسيوطي ،و»فتح الباري« لابن حجر ،بالإضافة لنقله عن شيوخ الإباضية ،مثل :البدر الشماخي ،وابن بركة العماني ،وأبي سعيد الكدمي ،وغيرهم. أيضا دراسة لمنهج الإمام السالمي في كتابه» :طلعة وتتضمن المقدمة الشمس« بقلم د .محمد زين العابدين ،الذي يصف فيها الكتاب بإيجاز ،من حيث موضوعه ونظمه وأسلوبه وموضوعيته وطريقته في الرد على مخالفيه، وما امتاز به الكتاب على غيره ،ومصادر شرح الألفية المسمى بطلعة الشمس، وما ورد في الكتاب من أعلام المذهب الإباضي. ويتناول الإمام السالمي بعض مسائل الأصول ،أكثرها وافق فيها الجمهور، وقليل منها خالفهم ،فقد وافق الحنفية في بعض المسائل ،وتفرد بمسائل أخرى، كما أنه خالف مذهبه في بعض المسائل ،ونعرض نماذج من هذه المسائل: مائة كتاب إباضي432 المسائل التي وافق فيها الجمهور :هناك مسائل وافق الإمام السالمي فيها الجمهور ،منها: المسألة الأولى :ترجيح أن القياس الصحيح مثبت للأحكام ،فيما لم يرد فيه نص من كتاب أو سنة ،لا كاشف عن الأحكام ،حيث قال :اعلم أن الناس قد اختلفوا في ثبوت التعبد بالقياس على مذاهب ،الأصح منها ما عليه الجمهور من العلماء أن القياس الصحيح مثبت للحكم الشرعي ،فيما لم يرد فيه نص من كتاب أو سنة ،فالقياس على هذا أحد أدلة الشرع. المسألة الثانية :ترجيح مراعاة قيد الحيثية في موضوع أصول الفقه ،حيث قال :موضوعه هو الأدلة الشرعية من حيث إثباتها الأحكام الشرعية ،والأحكام الشرعية من حيث ثبوتها بالأدلة الشرعية ،ولا بد من مراعاة حيثية إثبات الدليل للحكم ،وحيثية ثبوت الحكم من الدليل؛ لأن البحث في هذا الفن إنما هو في أحوال الأدلة التي يثبت بها الحكم ،وفي أحوال الأحكام التي تثبت بالأدلة، لا في نفس الأدلة والأحكام. المسألة الثالثة :دلالة العام على أفراده .فقد رأى الإمام السالمي أن دلالة العام على أفراده دلالة ظنية ،وهو في هذا يتفق مع الحنفية على أن حكم العام إثبات الحكم في جميع ما يتناوله من الأفراد ،إلا أنه اختلف عنهم في كيفية هذا الإثبات ،فمذهب السالمي ،ومذهب جمهور الفقهاء والمتكلمين :أن إثبات قطعا ويقي نا ،وعلى ذلك الإمام الشافعي. ذلك الحكم في الأفراد يكون ظ نا لا وقد وافق الإمام السالمي العلماء في هذه المسألة ،وخالف جمهور الحنفية. يعم الأمة؟ اختار الإمامالمسألة الرابعة :الخطاب الخاص بالنبي ژ هل يعم الأمة بطريقالسالمي الرأي الذاهب إلى أن الخطاب الخاص بالنبي ژ لا الوضع ،وإنما يعمها من جهة الشرع ،حيث قال :إذا ورد الخطاب الشرعي وخاصا به فلا يعمنا معشر الأمة معه بطريق الوضع؛متوجها لنبينا محمد ژ 433طلعة الشمس ،شرح شمس الأصول لأنه خطاب مفرد ،ولا يتناول خطاب المفرد غيره معه ،وأما من جهة الشرع فقيل :إن العرف الشرعي قضى بعموم نحو ذلك الخطاب بدليل .وقد اختار الإمام السالمي قول أكثر الشافعية والأشعرية وبعض الحنابلة ،وقول المعتزلة. المسألة الخامسة :العام بعد التخصيص هل يبقى حجة بعد التخصيص؟ وقد اختار السالمي أن العام بعد التخصيص يبقى حجة فيما لم يدخله ،إلا إذا خص بمجمل ،حيث قال :اختلف في جواز التمسك بالعموم المخصص، وجعله حجة في أفراده الباقية بعد التخصيص على مذاهب ،المختار منها ما عليه الجمهور ،وصححه »البدر« ويقصد البدر الشماخي من أن يكون حجة ودليلا في ذلك الباقي إلا إذا خص بلفظ مجمل .وما اختاره الإمام قوما ادعوا الإجماع على ذلك. السالمي هو قول الجمهور ،وقد قيل إن المسألة السادسة :جواز البيان بالأدنى :اختار الإمام السالمي أن البيان لا يجب أن يكون كالمبين في القوة ،حيث قال :اعلم أن البيان قد يكون أقوى من المبين ،وقد يكون مثله في القوة ،وقد يكون أدنى منه قوة ،فلا يجب إذا مشهورا أن يكون البيان مثله ،بل يجوز أن يكون بيان متواترا أو كان المب ين المتواتر أحاديا .وما اختاره الإمام السالمي هو قول جمهور العلماء. المسألة السابعة :حجية الإجماع السكوتي :يرى السالمي أن الإجماع السكوتي حجة ظنية ،والإجماع السكوتي أن يقول بعض المجتهدين قولا، ويسكت الباقون بعد انتشاره من غير أن يظهر منهم اعتراف أو رضا به أو إنكار له .فيقول السالمي :وأما حكم الإجماع السكوتي فهو حجة ظنية توجب العمل، ولا تفيد العلم ،مثل خبر العدل ،فمن خالف الإجماع السكوتي لا يحكم بفسقه على الصحيح .وقد خالف الإمام السالمي في هذا المذهب غالب الحنفية، فإنهم يقولون :إنه حجة قطعية. المسألة الثامنة :تقديم الخبر على القياس :مثال الخبر المخالف للقياس مائة كتاب إباضي434 قوله ژ » :لا تصروا الإبل ولا الغنم ،فمن ابتاع بعد فإنه يخير بعد أن يحلبها إن شاء أمسكها ،وإن شاء ردها وصا عا من تمر« .فرد التمر بدل اللبن مخالف للقياس فيما يضمن به المتلف من مثل أو قيمة. وقد ذهب الإمام السالمي إلى تقديم خبر الآحاد على القياس ،فيكون العمل به أولى من العمل بالقياس ،فيبطل القياس ،قال السالمي :وهو قول الأكثر من أصحابنا والمتكلمين ،وهو قول عامة الفقهاء من قومنا .وقد استدل له بأدلة متعددة .وما اختاره السالمي هنا هو مذهب جمهور الأصوليين. المسألة التاسعة :العمل بخبر الواحد فيما تعم به البلوى :وقد اختار الإمام السالمي العمل بخبر الواحد فيما تعم به البلوى في فروع الدين ،حيث قال: بعضهم اشترط في قول خبر الواحد أن يكون في غير ما تعم به البلوى؛ لأن ما تعم به البلوى تتوفر الدواعي إلى نقله ،فيستلزم كثرة الناقلين فيشتهر بين الصحابة فلا يختص بنقله واحد دون الآخرين ،ونحن نقول» :إن ذلك مسلم في أصول الدين ..وأما في فروعه الظنية فلا نسلم اشتراط ذلك«. وما اختاره السالمي من وجوب العمل بخبر الآحاد فيما تعم به البلوى هو قول جمهور العلماء ،على أن الحنفية لا يقبلون خبر الآحاد فيما تعم به البلوى. المسألة العاشرة :العمل بخبر الواحد في الحدود :وقد اختار الإمام السالمي العمل بخبر الواحد في الحدود ،وما اختاره هو رأي جمهور الأصوليين. المسألة الحادية عشرة :عمل الراوي بخلاف روايته :وقد اختار الإمام السالمي رد حديث الآحاد إذا عمل راويه بخلاف روايته ،فقال :إن من روى موجبا لتهمته ،إما في الرواية وإما في رواية ثم عمل بخلاف مدلولها كان ذلك مساهلة العمل ،وجميعها مخل بقبول الرواية إن لم نحكم بسقوط عدالته حسن ظن به لاحتمال أن يكون قد اطلع على ناسخ لها. 435طلعة الشمس ،شرح شمس الأصول وما اختاره السالمي هو قول جمهور الحنفية وبعض المالكية ،على أن معظم المالكية والشافعية يقبلون حديث الآحاد. مسائل خالف فيها الجمهور :هناك مسائل خالف الإمام السالمي فيها الجمهور ،ومنها: المسألة الأولى :المطلق والمقيد هل هما من الخاص؟ وقد اختار الإمام السالمي أن المطلق والمقيد من باب الخاص ،حيث قال» :يشمل الخاص المطلق والمقيد ،والأمر والنهي ،بمعنى أن هذه الأشياء من أقسام الخاص«. وقد خالف السالمي جمهور العلماء حيث إنهم جعلوا المطلق والمقيد قسمين خارجين من الخاص ومن العام ،لكنهما قريبان من الخاص والعام؛ ولذلك ذكرهما ابن الحاجب والبيضاوي. المسألة الثانية :الأمر بعد الحظر :اختار الإمام السالمي أن الأمر بعد الحظر للوجوب ،فقال» :حكم الأمر إن ورد بعد الحظر أو بعد الندب هو كحكمه إن ورد ورود ابتداء ،أي :إذا حرم االله تعالى شي ئا ثم أمر به ،فالأمر به للوجوب إلا لقرينة تصرفه عن حقيقته .وقد ذهب أكثر الفقهاء والمتكلمين إلى أن الأمر بعد الحظر يفيد الإباحة. المسألة الثالثة :الأمر بالشيء هل هو نهي عن ضده؟ اختار الإمام السالمي نهيا عن ضده؛ لأن »لا يدل الأمر بالشيء على النهي عنأن الأمر بالشيء ليس ضد ذلك الشيء المأمور به«. المسألة الرابعة :النهي عن الشيء هل يدل على فساد المنهي عنه؟ اختار الإمام السالمي أن النهي عن الشيء لا يدل على فساد المنهي عنه إلا إذا د ل عليه دليل ،فقال :وإذا تأملت هذه الأقوال كلها ،وطلبت الأرجح منها ،رأيت أن الأرجح هو المذهب الأول ،وهو أن النهي لا يقتضي الفساد مطلقا ،وإن اقتضاه في بعض المواضع فذلك إنما هو لدليل خارج عن النهي لا لنفس النهي. مائة كتاب إباضي436 المسألة الخامسة :وقوع الاجتهاد من النبي ژ في أمور الشرع :وقد رأى السالمي أن اجتهاد النبي ژ في أمور الشرع لم ينقل إلينا ،حيث إن المختار من هذه المذاهب كلها جواز تعبده ژ بالاجتهاد مطلقا في الأحكام الدينية والآراء السياسية ،لكنه لم يقع منه في الأحكام الدينية ،وإنما وقع منه في الآراء السياسية في حروب الأعداء ،بمعنى :أنه لم ينقل إلينا وقوع ذلك إلا في الحروب ،وما اختاره الإمام السالمي مخالف لما عليه جمهور العلماء. المسألة السادسة :تطرق الخطأ إلى اجتهاد ژ :اختار الإمام السالمي منع الخطأ في اجتهاده ژ ،حيث قال :في تجويز خطئه ژ نظر ،وما اختاره أيضا من العلماء ،أمثال الشافعي وابن فورك ،وهو مخالف لماالسالمي أخذ به عليه الأكثر من العلماء. المسألة السابعة :هل يحتاج الصحابة إلى تزكية أم هم عدول ،فلا يبحث عن عدالتهم؟ اختار السالمي احتياج الصحابة @ إلى التزكية والتعديل بعد الفتن ،خاصة من لم يعلم منه البقاء على السيرة التي كان عليها رسول االله ژ جميعا حيث قال :والقول الفصل بين الخصوم في هذا المقام أن نقول إنهم عدول ،إلا من ظهر فسقه منهم قبل الفتن ،أما بعد الفتن فمن علم منه البقاء على السيرة التي كان عليها رسول االله فهو عدل مطلقا .ومن لم يعلم منهم البقاء على تلك السيرة فلا يسارع إلى تعديل. المسألة الثامنة :في تعارض النص والإجماع :اختار الإمام السالمي أن النص والإجماع إذا كانا ظنيين فإنه يقدم النص على الإجماع ،حيث قال :إن كان كل واحد من النص والإجماع ظن يا ،كما هو شأن المتعارضين ،فتقديم النص أولى؛ لأنه نقل عن الشارع ،والإجماع نقل عن غيره. المسائل التي انفرد بها الإمام السالمي :وهي مسائل خالف فيها السالمي الأئمة السابقين من أئمة الإباضية؛ كابن بركة والشماخي ،وبعضها يخالف فيها 437طلعة الشمس ،شرح شمس الأصول المذهب نفسه ،ومنها مسألتين :إحداهما :لما خالف فيه المذهب ،وهو أن الإمام المتأول ،ويخالف في ذلك ابن بركة. المتأول والفاسق السالمي يقبل رواية الكافر والمسألة الثانية :ما خالف فيه بعض علماء مذهبه ،وهي مسألة بيان المجمل بالمساوي والأضعف ،منع البدر الشماخي من بيان المجمل بالمساوي له في القوة والأضعف ،فلا يبين الآحاد بالآحاد ،ولا المتواتر بالآحاد. ويرى الإمام السالمي جواز بيان المجمل بالمساوي والأدنى ،قال في: »طلعة الشمس«» :اعلم أن البيان قد يكون أقوى من المبين ،وقد يكون مثله في مشهورا أن متواترا أو القوة ،وقد يكون أدنى منه ،فلا يجب إذا كان المبين يكون مثله ،ومنع بدر العلماء أبو العباس أحمد بن سعيد الشماخي أن يكون البيان مساو يا أو أدنى منه ،وقد سبقه إلى هذا المنع ابن الحاجب«. أيضا اشتراط معرفة المجتهد سيرةومما انفرد به الإمام السالمي النبي ژ وسيرة صحابته @ ،حيث قال :يشترط معرفة كل من لا يستغني عنه المجتهد في استنباط الأحكام ،فينبغي أن يكون عارفا بالسيرة النبوية؛ لأن فيها معرفة أفعاله وأحواله ژ ،وأن يكون عارفا بسير الصحابة وأحوالهم؛ وس نة الخلفاء بس نتي لأن الدين ما عليه الصحابة ،حيث قال ژ » :عليكم الراشدين بعدي«. مسائل وافق فيها الحنفية :هناك مسائل وافق الإمام السالمي فيها الحنفية ،منها: المسألة الأولى :من المسائل التي وافق فيها الإمام السالمي الحنفية: تقسيمات الأصول ،فالحنفية قسموا الأصول إلى قسمين :الأدلة ،والأحكام، القسم الأول :الأدلة :يشمل الكلام على الأدلة المتفق عليها والمختلف فيها، ويتبع الأدلة جميع مباحث الألفاظ ،من أمر ونهي ،وخاص وعام ،ومطلق ومقيد ،ومجمل ومبين ،وجميع أنواع الدلالات من جميع جهاتها كجهة ظهورها وخفائها. مائة كتاب إباضي438 والقسم الثاني :الأحكام :ويشمل الكلام فيه على أربعة أركان :الركن الأول: في الحكم ،والركن الثاني :في الحاكم ،والركن الثالث :في المحكوم به، والركن الرابع :في المحكوم عليه. المسألة الثانية :من المسائل التي وافق فيها الإمام السالمي الحنفية :موضوع أصول الفقه .فقد اختلف الأصوليون في موضوع هذا العلم ،فذهب الجمهور إلى أن موضوعه الأدلة الإجمالية .وقد وافق الإمام السالمي الحنفية في موضوع أصول الفقه ،حيث قال» :موضوعه هو الأدلة الشرعية من حيث إثباتها الأحكام الشرعية بالأدلة الشرعية«. المسألة الثالثة :من المسائل التي وافق فيها الإمام السالمي الحنفية :عدم صحة إطلاق المشترك على معنييه أو معانيه في استعمال واحد .وقد وافق الإمام السالمي في المنع ،حيث قال» :القول بالمنع من إطلاق المشترك على وجمعا«. ومفردا معنييه حقيقة ومجاز ا، المسألة الرابعة :من المسائل التي وافق فيها الإمام السالمي الحنفية :الكلام على حروف المعاني بتوسع .وقد أفاض الإمام في حروف المعاني ،فذكرها جميعا واستغرق شرحها ستين صفحة من كتاب» :طلعة الشمس«. السنة :المبحث الأول :مبحث الوحي،المسألة الخامسة :في مباحث  السنة. السنة .وقد وافق السالمي الحنفية في تقسيم  والمبحث الثاني :في تقسيم  المسألة السادسة :فعله ژ الذي لم تعلم جهته على ما يحمل .وقد اختار السالمي أنه يحمل على الندب ،حيث قال :ونحن نقول :إن حمله على الندبية هو الصحيح؛ لأن أفعاله ژ شرع له ولغيره ،إلا ما قام الدليل بخصوصيته. تأكيدا لقوله تعالى﴾ È Ç Æ Å Ä Ã Â Á ﴿ :وذلك ]الأحزاب.[٢١ : 439طلعة الشمس ،شرح شمس الأصول وما اختاره الإمام السالمي هو قول الحنفية والمعتزلة .أما جمهور العلماء فقد اختاروا الوقف. المسألة السابعة :إحداث قول ثالث بعد أن استقر الخلاف من الأمة على قولين :اختار السالمي جواز إحداث قول ثالث مطلقا ،حيث قال :والصحيح عندي من الأقوال الثلاثة :القول بجواز إحداث قول ثالث مطلقا ،سواء رفع القولين السابقين أو لم يرفعهما؛ لأن المحرم إنما هو خلاف الإجماع دون ما عداه من الخلاف. وما اختاره الإمام السالمي هو قول الظاهرية وبعض الحنفية. مسائل ليس فيها اختيار :وهناك مسائل حكى فيها الإمام السالمي اختلاف العلماء دون اختيار أو ترجيح لبعض الأقوال على الباقي ،منها :مسألة معارضة القياس لخبر الواحد ،ومسألة جواز حذف بعض الخبر مع ذكر الباقي ،ومسألة رواية العدل عن مجهول الحال ،هل ذلك تعديل له أم لا؟ الركن الأول» :في مباحث الكتاب« .يعرف الإمام السالمي الكتاب بأنه: »القرآن الكريم« ،وأنه النظم المنزل على نبينا محمد ژ .ويشير المؤلف إلى أن غرض الأصوليين من الكتاب هو استنباط الحكم الشرعي من الدليل، ويكون ذلك الدليل آية ويكون حرفا ،فهم يطلقون اسم الكتاب على المجموع من كتاب االله تعالى ،وعلى الآية وعلى الحرف منه. بالسنة. السنة«؛ أي :في بيان الأحوال المختصة الركن الثاني» :في مباحث  بالسنة :هي البحث عن كيفية اتصالها بالنبي ژ والمراد بالمباحث المختصة  وأنها بطريق التواتر أو الشهرة أو الآحاد .والقرآن لا طريق له غير التواتر ،فلا السنة في شيء من ذلك .والبحث عن حال الراوي :وأنه معروف ،أويشارك  مجهول ،أو مستور الحال ،أو مجروح .والبحث عن شرائط الراوي :من العقل والضبط والعدالة والإسلام. مائة كتاب إباضي440 السنة في اللغة والاصطلاح .فهي في اللغة:عرف الإمام السالمي معنى وي  الطريقة والعادة .وفي اصطلاح الفقهاء :هي العبادات النافلة .وفي اصطلاح المحدثين والأصوليين :ما صدر عن النبي ژ غير القرآن من قول ،أو فعل ،أو تقرير .والأول مختص باسم الحديث .والمراد بالتقرير :هو أن يرى فعلا أو قولا صدر من أمته ،أو من بعضهم ،فلم ينكره ،وسكت عليه مع القدرة على إنكاره. الركن الثالث» :في الإجماع« :وهو في اللغة :العزم .والإجماع في عرف الأصوليين والفقهاء وعامة المسلمين :عبارة عن اتفاق علماء الأمة على حكم في عصر ،وقيل :اتفاق أمة محمد ژ في عصر على أمر ،وزاد بعضهم :ولم يسبقه خلاف مستمر. وصورة الإجماع :هي أن ينطق كل واحد من المعتبرين بأنه يجب كذا ،أو يحرم أو يندب أو يكره ،أو يباح ،أو أن يفعل كل واحد من المعتبرين فعلا يواطئ في ذلك فعل صاحبه ،نحو أن يصلوا على الجنازة بأربع تكبيرات لا يزيد بعضهم عليها ،ولا ينقص ،أو يتفقوا على ترك شيء ،نحو أن يتركوا الأذان في صلاة العيد ،أو نحو ذلك ،فيكون إجما عا على أنه غير واجب فيها، أو يقول بعضهم قولا أو يعمل عملا ،ويسكت الباقون بعد انتشار ذلك القول أو العمل فيهم ،ومع القدرة على إنكاره ،فلا ينكرون بل يسكتون عليه. والإجماع حينئذ نوعان :أحدهما :إجماع قولي ،وهو ما فيه اتفاق أقوالهم أو تواطؤ أفعالهم على شيء واحد .والنوع الثاني :سكوتي ،وهو ما فيه قول بعضهم أو عمله مع سكوت الباقين عليه بعد انتشار ذلك فيهم ،ومع القدرة على إنكاره ،ولكل واحد من النوعين حكم يخالف حكم الآخر. أما حكم الإجماع القولي :فهو أنه حجة قطعية يفسق من خالفها عند الجمهور. الركن الرابع :في مباحث القياس :والقياس في اللغة هو التقدير .ويذكره الإمام السالمي بقوله: 441طلعة الشمس ،شرح شمس الأصول حكما على معلوم حكم قد ع قل أما القياس فهو حمل ما جهل وللأصوليين في تعريف القياس الاصطلاحي حدود وتعاريف ،أجودها ما ذكره المصنف وهو :أن القياس حمل مجهول الحكم على معلوم الحكم بجامع بينهما ،كالخمر فإن حكمه معلوم بنص الكتاب على تحريمه ،ويسمى في اصطلاحهم أصلا ،ومجهول الحكم كالنتن ونحوه ،فإنه لم ينص على حكمه كتاب ولا سنة ولا إجماع ،ويسمى فر عا. ثم أخذ في بيان الع لة فقال :اختلف الأصوليون في تعريف العلة الشرعية المعرف بكسر الراء ،بمعنى  العلامة الدالةعلى أقوال ،أجودها :أن الع لة هي: على وجود الحكم ،فكأنها هي التي أعلمت بوجود الحكم في صورة الأصل. وقد فرقوا بين الع لة الشرعية والع لة العقلية بخمسة وجوه :الوجه الأول :أن الع لة العقلية موجبة للحكم الذي علل بها .والعلة الشرعية غير موجبة لمعلولها، وإنما هي أمارة تدل عليه. الوجه الثاني :أن العلة العقلية لا يصح أن تعلم إلا بعد أن قد علم الحكم الموجب عنها؛ لأنه هو الطريق إلى إثباتها والدليل عليها .والعلة الشرعية قد تعلم قبله. الوجه الثالث :أن العلة العقلية لا تفارق معلولها ،أي :أن يكون وقت وجودها واحدا لا يصح اختلاف الوقت ،إذ توجبه لما هي عليه في ذاتها.وثبوت معلولها الوجه الرابع :أن العلة العقلية لا تقل في إيجابها المعلول على شرط سوى وجودها ،ووجودها ليس بشرط لإيجابها ،وإنما هو شرط لحصولها على صفتها. الوجه الخامس :أن العلة القاصرة ،وهي :التي لا تتعدى إلى فرع تصح في عالما لذاته .فيقال :هو عالم لذاته ،فلا يصح فيالعقليات؛ كتعليل كونه تعالى غيره ،وفي صحة الع لة القاصرة في العلل الشرعية خلاف. مائة كتاب إباضي442 الركن الخامس :في مباحث الاستدلال :الاستدلال في اللغة :طلب الدليل. العرف :عبارة عن إقامة الدليل .وفي اصطلاح الأصوليين :اسم لنوع خاصوفي من الأدلة ،وهو ما ليس بنص ولا إجماع ولا قياس. والدليل الخامس من الأدلة الشرعية ،وهو الاستدلال .والمراد به :ما ليس بنص ولا إجماع ولا قياس. كثيرا من الأحكام الشرعية خارجة عن ظاهرويشير الإمام السالمي إلى أن تلك الأدلة ،بمعنى :أنه لم يوجد من واحد من الأدلة ما يدل على حكم فيها، استدل العلماء على ثبوت أحكامها بأمور ،منها: استصحاب حال الأصل. والاستقراء. والمصالح المرسلة. والاستحسان. ثم أخذ في بيان الاستحسان فقال: ومنه الاستحسان أن ينقدحا في ذهن ذي العلم دليل وضحا من الاستدلال :الاستحسان ،وقد قال به المعتزلة والحنفية ،وحكاه ابن الحاجب والبدر الشماخي عن الحنابلة ،وأنكره الشافعية وبشر المريسي من شرع ،أي :من قال بحكم من الأحكامالحنفية ،قال الشافعي :من استحسن فقد  الشرعية بالاستحسان فقد أحدث شريعة غير شريعة رسول االله ژ .وهذه مبالغة في تقبيح القول بالاستحسان. أما القسم الثاني من الكتاب فهو في الأحكام ،وفيه أربعة أركان: الركن الأول :في الحكم ،وبيان حقيقة الحكم ،وانقسام المقصود من الحكم إلى دنيوي وأخروي. 443طلعة الشمس ،شرح شمس الأصول والركن الثاني :في بيان الحاكم ،وأنه الشرع لا العقل على الصحيح، وفيه بيان مذهب المعتزلة واحتجاجهم على أن الحاكم العقل ،وبيان الاحتجاج عليهم. والركن الثالث :في المحكوم به ،وفيه بيان الفرق بين حقوق االله وحقوق العباد ،وانقسام حقوق االله إلى أصول وفروع ،وأحكام ذلك. والركن الرابع :في المحكوم عليه وهو المكلف .ويذكر المؤلف في هذا الركن العوارض التي تعتري الأهلية ،وهي نوعان :سماوية ومكتسبة .من العوارض السماوية :الجنون ،والنسيان ،والسهو ،والنوم ،والإغماء ،ومنها :الرق، والمحيض ،والنفاس ،والمرض ،والموت. أما العوارض المكتسبة فمنها :الجهل ،وهو على أقسام أربعة .ومنها :السكر، والهزل ،والسفر ،والخطأ ،والجبر ،وهو الإكراه. ويتناول المؤلف في كتابه مبحث الاجتهاد ،ويب ين فيه حقيقته ،ويذكر أن كثيرا من الأصوليين يجعلون مباحث الاجتهاد من جملة مباحث أصول الفقه نظرا منهم إلى أن أصول الفقه :معرفة أدلة الفقه الإجمالية ،وأن مباحث الاجتهاد من بعض شروط تلك المعرفة ،فأدخلوها في أصول الفقه. وبعض الأصوليين رأى :أنها خارجة عن حقيقة أصول الفقه .وللاجتهاد معنيان :لغوي ،واصطلاحي .فأما معناه اللغوي :فهو استعمال القدرة الحادثة في تحصيل أمر على وجه يشق. وأما معناه الاصطلاحي :فهو ما أشار إليه بقوله: الاجتهاد هو أن يستحصلا حادثة بحكم شرع نزلا أي :أن الاجتهاد في اصطلاح الأصوليين هو :أن يطلب الفقيه حصول حكم حادثة بشرع ويبذل في ذلك مجهوده ،بحيث لا يمكنه المزيد عليه في الطلب. مائة كتاب إباضي444 عالما بالنحو ،والمراد أن يكون عارفا بأحكام ومن شروط المجتهد :أن يكون وإعرابا .والكلمات التي تكون موجودة في الأدلة الشرعيةبناء أواخر الكلمات : والسنة ،والكلمات التي تمس الحاجة إليها في استنباط الأحكام.من الكتاب عالما باللغة؛ أي :عارفا بمعاني الكلمات العربية،ومن شروطه :أن يكون وعارفا بمسمياتها. ومن شروطه :أن يكون عال ما بالصرف ،أي :عارفا بتغير أبنية الكلمات العربية ،وعارفا بمقتضى كل صيغة منها. ومن شروطه :أن يكون عارفا بالأصول ،والمراد بها :أصول الديانات، وأصول الفقه .فأما أصول الديانات فهو :معرفة العقائد الإسلامية ،ويشترط منه في هذا المقام ما يكون حاف ظا للمجتهد من التلبس بالعقائد الضالة. وأما أصول الفقه ،فيشترط منه ما يكون المجتهد متمك نا به على استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها. عالما بالكتاب ،وأن عالما بالبلاغة ،وأن يكون ومن شروطه :أن يكون بالسنة عالما  يكون عارفا بالآيات التي تستخرج منها الأحكام ،وأن يكون وبأحكامها وناسخها ومنسوخها ،وخاصها وعامها ،وآحادها ومتواترها ،إلى غير ذلك من الأحكام. عالما بالمسائل التي اجتمعت عليها الأمة ،لئلاومن شروطه :أن يكون يخالف اجتهاده الإجماع ،لأن الإجماع أحد الأدلة الشرعية ،وهو مقدم على القياس ،فليس للمجتهد أن يخالفه. تتويجا لنصوص أئمة الإباضية المتقدمين في الأصول،وهكذا جاء الكتاب تجديدا في هذا العلم الشريف.إسهاما كما يأتي 445 ¿ÉaYo πgCG Iô«°ùH ¿É«YC’G áØëJ ) »adÉ°ùdG ó«aM øH ˆG óÑY ï«°ûdGت ١٣٣٢ه( مكتبة الاستقامة سلطنة عمان١٤١٧ ،ه١٩٩٧/م. ج ٣٤١ :٢صفحةعدد الصفحات :ج ٤١٥ :١صفحة مؤلف الكتاب هو نور الدين أبو محمد عبد االله بن حميد بن سلوم السالمي العماني ،ولد سنة ١٢٨٦ه ببلدة )الحوقين( من توابع )الرستاق( في سلطنة عمان. انتهت إليه رئاسة العلماء في عمان ،وكان كثير السعي في إصلاح الأمة وجمع الشمل. كان شديد الغيرة على الإسلام ،دائم اليقظة على تطورات السياسة في العالم الإسلامي وخاصة عمان ،ويرجع إليه الفضل في إعادة الإمامة إلى عمان، نظاما لحكامها إلا في فترات نادرة.وهي لم تعرف سوى الإمامة يشير المؤلف في مدخل كتابه إلى أن »علم التاريخ« مما يعين على الاقتداء بالصالحين؛ لأن فيه ذكر أخبار من مضى من صالح وطالح ،فإذا سمع العاقل أخبار الصالحين اشتاقت نفسه إلى اقتفاء آثارهم .وإذا سمع أخبار الطالحين أشفقت نفسه أن يكون من جملتهم. وجودا بعد الصحابة في وحيث كان العدل وسيرة الفضل في عمان أكثر سائر الأمصار ،كتب المؤلف هذا الكتاب؛ ليقتدي الطالب لآثارهم. يبدأ المؤلف الجزء الأول من كتابه ب»مقدمة في تعريف عمان« ،وينقل من كتب المؤرخين القدماء ،أمثال :ابن خلدون والمسعودي وغيرهما ،ما ذكر في جغرافية وتاريخ عمان. مائة كتاب إباضي446 إن عمان بعض جزيرة العرب المشتملة على بلدان اليمن والحجاز وحضرموت .وهي إقليم سلطاني منفرد على بحر فارس ،وبحر الهند ،وغربها بلاد حضرموت ،وشمالها البحرين ،كثيرة النخل والفواكه. وفي عمان الجبل الأخضر» ،ويقال له :رضوى« ،وهو من عجائب الدنيا وسئل بعض أهله عن وصفه فقال :هو جبلمملوء بالفواكه ،وفيه الرياحين ، عظيم الارتفاع ،صعب الامتناع ،كأنها الجنة في القياس ،تسفح من هذا الجبل تسعة أودية ،وكل واد له طريق مؤدية. أما عن فضائل أهل عمان ،فيذكر المؤلف رواية تقول :إن نسوة من نساء أهل عمان استأذن على عائشة #فأذنت ل